You are on page 1of 45

‫الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‬

‫وزارة التربية الوطنية‬


‫المفتشية العامة للبيداغوجيا‬
‫أسس البناء في اطار بيداغوجيا المقاربة بالكفاءات‬
‫( الوضعيات)‬

‫مفتش التربية الوطنية‬


‫السنة الدراسية ‪2011/2012:‬‬ ‫حساني عثمان‬
‫مقدمة‬
‫من سمات بيداغوجيا الكفاءات‪ ،‬أنّها تفتح المجال أمام‬
‫المتعلم كي يتعلّم بنفسه وين ّمي قدراته ذات الصلة بالتفكير‬
‫الخالّق والذكي‪ ،‬وتجعله مركز النشاط في العملية التعليمية‪/‬‬
‫التعلمية‪ ،‬وذا دور إيجابي أثناء تعلّمه داخل المدرسة‬
‫وخارجها ‪.‬‬
‫إن التلميذ يتعلّم حينما يكون أمام وضعية أين يمكنه‬ ‫ّ‬
‫تطبيق خبراته وتحويلها حسب الر ّد الذي يتلقّاه على عمله‪.‬‬
‫وهذا يستدعي تشجيع التعلم الذاتي وفق إمكانيات الطفل‬
‫ومستواه من ناحية وبناء األنشطة على التجربة المعرفية‬
‫والمهارات التي يملكها الطفل من ناحية أخرى‪ ،‬ما يحقّق التعلّم‬
‫المرغوب‪.‬‬
‫ول ّما كان التعلم عملية بنائية يساهم فيها المتعلم بنفسه‬
‫ووفق ميوال ته وتوقّعاته ومعارفه وأهدافه‪.‬‬
‫إ ّن مه ّمة المدرس تتمثّل في إيقاظ هذه الرغبة عن طريق‬
‫تصور وضعيات‪/‬مشاكل‬ ‫ّ‬ ‫تلغيز المعرفة‪ ،‬أي عن طريق‬
‫صعبة وقابلة للتجاوز‪ ،‬ترفع من احتمال حدوث التعلم‬
‫باعتبارها وضعية ديداكتيكية نقترح فيها على المتعلم‬
‫مه ّمة ال يمكن أن يُنجزها إنجازا جيدا دون تعلّم يشكّل‬
‫الهدف الحقيقي للوضعية ‪/‬المشكل‪ ،‬وال يتحقّق هذا‬
‫الهدف‪/‬التعلم إالّ بإزاحة العوائق أثناء إنجاز المه ّمة‪.‬‬
‫وعلى المدرس أن يدرك بأن بناء الوضعية‪ /‬المشكل‪-‬‬
‫التي تع ّد فرصة الختبار مدى قدرة المتعلم على التعلم ثم‬
‫اإلدماج‪ -‬يتطلّب منه تحديد ما يريد تحقيقه بدقّة مع المتعلم في‬
‫اطار العملية التعلمية‪ /‬التعليمية ومراحل التفاعل بين عناصر و‬
‫مكونات المثلث التعليمي ‪.‬‬
‫و عملية البناء في اطار المقاربة بالكفاءات تكتسي طابع‬
‫حيوي و في الممارسة التعلمية التعليمية ‪.‬‬
‫و بما ان الوضعيات التعلمية‪ /‬التعليمية تعتبر ايضا اساس‬
‫بيداغوجية التدريس بالمقاربة بالكفاءات لذا يجب تحديد اسس‬
‫البناء لهذه الوضعيات ‪.‬‬
‫أوال‪ -‬تعريف الكفاءة وخصائصها‬

‫* تعريف روجيرس ‪Xavier ROEGIERS‬‬


‫الكفاءة حسب "روجرس" هي " قدرة الشخص على تعبئة‬
‫مجموعة مدمجة من الموارد بهدف حل وضعية‪ -‬مسألة‬
‫تنتمي إلى فئة من الوضعيات"]‪[1‬‬

‫‪[1] - ROEGIERS.X, Une pédagogie de l'intégration, Bruxelles, De Boeck Université, 2000,‬‬


‫‪p:66‬‬
‫يتضح مما سبق عرضه أن هناك مجموعة من الخصائص‬
‫المرتبطة بمفهوم الكفاءة يتفق بشأنها حاليا جل الباحثين في هذا‬
‫المجال‪ ،‬نذكر منها ما يلي‪:‬‬
‫▪‪-01‬تعبئة مجموعة موارد مندمجة ‪::‬‬
‫إن التمكن من الكفاءة يعني امتالك معارف ومهارات‬
‫وخبرات وتقنيات وقدرات‪ ... ،‬تتفاعل فيما بينها ضمن مجموعة‬
‫مدمجة‪ .‬وال يعتبر توفر التلميذ على كل الموارد الخاصة بكفاءة ما‬
‫ضروريا‪.‬‬
‫‪-02‬الوظيفية‪ :‬إن امتالك التلميذ معارف ومهارات ومواقف يبقى‬
‫دون معنى إذا لم تستثمر في نشاط أو إنتاج محفز‪ ،‬أو في حل‬
‫مشكلة تعترضه في المؤسسة التعليمية أو في حياته العامة‪ .‬وهكذا‬
‫تمكنه الكفاءة من ربط التعلمات بحاجاته الفعلية‪ ،‬والعمل على تلبية‬
‫هذه الحاجات باستقاللية تامة‪ ،‬ووفق وتيرة خاصة‪.‬‬
‫‪ -03‬العالقة بفئة من الوضعيات‪ :‬إن ممارسة الكفاءة ال يمكن أن‬
‫يتم إال في إطار حل فئة من الوضعيات المتكافئة‪ .‬فالكفاءة في‬
‫مجال ما (مادة أو مواد مدمجة) تعني قدرة التلميذ على حل‬
‫مشكالت متنوعة باستثمار األهداف (المعرفية والحس‪-‬حركية‬
‫والوجدانية) المحددة في البرنامج‪ .‬وتصبح ممارسة الكفاءة‬
‫عبارة عن اختيار الموارد المالئمة للوضعية وترتيبها‬
‫واستثمارها في اقتراح حل أو حلول متعددة للمشكلة‪.‬‬
‫‪-04‬االرتباط بمحتوى دراسي‪ :‬ويتجلى في كون الكفاءة مرتبطة‬
‫بفئة من الوضعيات‪ ،‬يتطلب حلها استثمار موارد مكتسبة عبر‬
‫محتوى دراسي معين‪ .‬ويمكن أن يندرج هذا المحتوى ضمن‬
‫مادة دراسية واحدة أو ضمن عدة مواد‪.‬‬
‫‪-05‬القابلية للتقويم‪ :‬تتمثل قابلية الكفاءة للتقويم في إمكانية قياس‬
‫جودة إنجاز التلميذ (حل وضعية‪ -‬مشكلة‪ ،‬إنجاز مشروع‪،‬‬
‫‪ .)...‬ويتم تقويم الكفاءة من خالل معايير تحدد سابقا‪ .‬وقد‬
‫تتعلق هذه المعايير بنتيجة المهمة (جودة المنتوج‪ ،‬دقة اإلجابة‪،‬‬
‫‪ ،)...‬أو بصيرورة إنجازها (مدة اإلنجاز‪ ،‬درجة استقاللية‬
‫التلميذ‪ ،‬تنظيم المراحل‪ ،)... ،‬أو بهما معا‪.‬‬
‫صياغة كفاءة‬
‫إن صياغة كفاءة تتم باعتبار دقة المصطلحات والطابع‬
‫اإلدماجي للكفاءة‪ .‬وتساهم دقة المصطلحات في توحيد فهم‬
‫الكفاءة من لدن عدة أشخاص‪ .‬بينما يعمل الطابع اإلدماجي‬
‫على تمييز الكفاءة عن هدف تعلمي كالمهارة مثال‪ .‬ولتحقيق‬
‫ذلك‪ ،‬يمكن األخذ بعين االعتبار االقتراحات التالية ‪:‬‬
‫‪ ‬تحديد ما هو مطلوب من التلميذ ‪:‬‬
‫‪ ‬نوع المهمة المرتقبة ‪ :‬حل وضعية‪-‬مشكلة‪ ،‬إنتاج جديد‪ ،‬إنجاز مهمة‬
‫عادية‪ ،‬التأثير على البيئة‪... ،‬‬
‫‪ ‬ظروف اإلنجاز ‪ :‬معامالت الوضعية (سياق‪ ،‬معطيات‪ ،‬موارد خارجية‪،‬‬
‫‪ ،)...‬صيرورة اإلنجاز‪ ،‬اإلكراهات‪ ،‬المراجع‪... ،‬‬
‫‪ - ‬الصياغة التقنية ‪:‬‬
‫‪ ‬تعبئة مكتسبات مدمجة‪ ،‬وليست مضافة بعضها إلى البعض‪.‬‬
‫‪ ‬اإلحالة إلى فئة من الوضعيات محددة من خالل معامالت‪.‬‬
‫‪ ‬تجسيد الكفاءة في وضعيات ذات داللة (بعد اجتماعي مثال)‪ ،‬لتصير ذات‬
‫معنى‪.‬‬
‫‪ ‬ضمان إمكانية بناء وضعية جديدة للتقويم‪.‬‬
‫‪ ‬التمركز حول مهمة معقدة‪.‬‬
‫‪ ‬القابلية للتقويم‪.‬‬
‫‪ ‬المالءمة للبرنامج الرسمي‪.‬‬
‫الوضعية‪-‬المشكلة ‪Situation problème‬‬
‫تعتبر الوضعية‪-‬المشكلة‪ ،‬في إطار المقاربة بالكفاءات‪ ،‬عنصرا مركزيا‪ .‬وتمثل المجال‬
‫المالئم الذي تنجز فيه أنشطة تعلمية متعلقة بالكفاءة‪ ،‬أو أنشطة تقويم الكفاءة‬
‫نفسها‪.‬‬

‫‪ 2‬مفهوم الوضعية‪-‬المشكلة‬
‫تتكون الوضعية‪-‬المشكلة حسب روجيرس من ‪:‬‬
‫وضعية )‪ : (situation‬تحيل إلى الذات )‪(Sujet‬في عالقتها بسياق‬
‫معين)‪ ،(contexte‬أو بحدث )‪ ،(évènement‬مثال ‪ :‬خروج المتعلم إلى‬
‫نزهة‪ ،‬زيارة مريض‪ ،‬اقتناء منتوجات‪ ،‬عيد األم‪ ،‬اليوم العالمي للمدرس‪...،‬‬

‫مشكلة )‪ : (problème‬وتتمثل في استثمار معلومات أو إنجاز مهمة أو تخطي‬


‫حاجز‪ ،‬لتلبية لحاجة ذاتية عبر مسار غير بديهي‪( .‬مثال ‪ :‬المشاكل المقترحة‬
‫في العلوم)‪.‬‬

‫وتحدث الوضعية‪-‬المشكلة‪ ،‬في اإلطار الدراسي‪ ،‬خلخلة للبنية المعرفية للمتعلم‪،‬‬


‫وتساهم في إعادة بناء التعلم‪ .‬وتتموضع ضمن سلسلة مخططة من التعلمات‪.‬‬
‫وظائف الوضعية‪-‬المشكلة‬
‫للوضعية‪-‬المسألة وظائف عديدة‪ ،‬منها ما يرتبط بالمادة‬
‫المدرسة‪ ،‬ومنها ما له عالقة بتنشئة المتعلم بصفة عامة‪ .‬فالنسبة‬
‫للمادة المدرسة‪ ،‬يمكن للوضعية‪-‬المشكلة أن تؤدي ‪:‬‬
‫وظيفة ديدكتيكية ‪:‬‬
‫وتتمثل في تقديم إشكالية ال يفترض حلها منذ البداية‪ ،‬وإنما‬
‫تعمل على تحفيز التلميذ النخراطه الفاعل في بناء التعلم‬

‫وظيفة تعلم اإلدماج ‪:‬‬


‫ويتعلق األمر بتعلم إدماج الموارد (التعلمات المكتسبة) في سياق‬
‫خارج سياق المدرسة‪.‬‬
‫وظيفة تقويمية ‪:‬‬
‫وتتحقق هذه الوظيفة عندما تقترح وضعية‪-‬مسألة‬
‫جديدة‪ ،‬بهدف تقويم قدرة التلميذ على إدماج التعلمات في‬
‫سياقات مختلفة‪ ،‬ووفق معايير محددة‪ .‬ويعتبر النجاح في‬
‫حل هذه الوضعية‪-‬المشكلة دليال على التمكن من الكفاءة‪.‬‬
‫كما أن للوضعية‪-‬المشكلة وظائف أخرى‪ ،‬منها‬
‫بناء وتحويل وتنمية القيم واالتجاهات‪ ،‬ودعم التفاعل بين‬
‫المواد‪ ،‬وتنمية القدرة على الخلق واإلبداع من خالل‬
‫األسئلة المفتوحة‪.‬‬
‫مميزات الوضعية‪-‬المشكلة‬
‫تتمثل أهم مميزات الوضعية‪-‬المشكلة في كونها ‪:‬‬
‫‪ -01‬تمكن من تعبئة مكتسبات مندمجة وليست مضافة بعضها‬
‫لبعض‪.‬‬
‫‪ -02‬توجه التلميذ نحو إنجاز مهمة مستقاة من محيطه‪ ،‬وبذلك تعتبر‬
‫ذات داللة تتمثل في بعدها االجتماعي والثقافي‪...‬‬
‫‪- 03‬كما أنها تحمل معنى بالنسبة للمسار التعلمي للتلميذ‪ ،‬أو بالنسبة‬
‫لحياته اليومية أو المهنية‪.‬‬
‫‪-04‬تحيل إلى صنف من المسائل الخاصة بمادة أو بمجموعة مواد‪.‬‬
‫‪ -05‬تعتبر جديدة بالنسبة للتلميذ عندما يتعلق األمر بتقويم الكفاءة‪.‬‬
‫وتعمل هذه المميزات على التمييز بين التمرين التطبيقي لقاعدة أو‬
‫نظرية من جهة‪ ،‬وبين حل المشكالت المتمثل في ممارسة الكفاءة من‬
‫جهة أخرى‪.‬‬
‫مكونات الوضعية‪-‬المشكلة‬
‫تتكون الوضعية‪-‬المشكلة من عنصرين أساسيين‪ ،‬هما ‪:‬‬
‫‪-01‬السند أو الحامل ‪ :‬ويتضمن كل العناصر المادية التي تقدم للتلميذ‪ ،‬والتي‬
‫تتمثل في ‪:‬‬
‫‪‬السياق ‪ :‬ويعبر عن المجال الذي تمارس فيه الكفاءة‪ ،‬كأن يكون‬
‫سياقا عائليا أو سوسيوثقافيا أو سوسيومهنيا‪ ...‬ويتم تحديد السياق‬
‫عند وضع السياسة التربوية (التوجهات واالختيارات التربوية)‪.‬‬
‫‪‬المعلومات ‪ :‬التي سيستثمرها التلميذ أثناء اإلنجاز‪ .‬وقد ال يستغل‬
‫بعضها في الحل فتسمى معلومات مشوشة‪ ،‬تتمثل أهميتها في تنمية‬
‫القدرة على االختيار‪.‬‬
‫‪‬الوظيفية( الداللة ) ‪ :‬وتتمثل في تحديد الهدف من حل الوضعية‪،‬‬
‫مما يحفز التلميذ على اإلنجاز‪.‬‬
‫‪ -02‬المهمة ‪:‬‬
‫وتتمثل في مجموع التعليمات التي تحدد ما هو مطلوب من‬
‫المتعلم إنجازه‪ . .‬ويستحسن أن تتضمن أسئلة مفتوحة‪ ،‬تتيح‬
‫للتلميذ فرصة إشباع حاجاته الشخصية‪ ،‬كالتعبير عن الرأي‪،‬‬
‫واتخاذ المبادرة‪ ،‬والوعي بالحقوق والواجبات‪ ،‬والمساهمة في‬
‫الشأن األسري والمحلي والوطني‪ ،‬الخ‪.‬‬
‫واعتبارا لهذه المكونات‪ ،‬تأخذ الوضعية‪-‬المشكلة داللة بالنسبة للتلميذ حيث‬
‫إنها ‪:‬‬
‫‪ ‬تتيح له فرصة تعبئة مكتسباته في مجاالت حياته‪ ،‬التي تعتبر مراكز‬
‫اهتمامه‪.‬‬
‫‪ ‬تشكل تحديا بالنسبة التلميذ‪ ،‬ومحفزا على التعلم الذاتي‪.‬‬
‫‪ ‬تتيح له فرصة االستفادة من مكتسباته‪ ،‬بنقلها بين سياقات مختلفة‪.‬‬
‫‪ ‬تفتح له آفاق تطبيق مكتسباته‪.‬‬
‫‪ ‬تحثه على التساؤل عن كيفية بناء وصقل المعرفة‪ ،‬وعن مبادئ وأهداف‬
‫وسيرورات تعلمه‪.‬‬
‫‪ ‬تمكنه من الربط بين النظري والتطبيقي‪ ،‬وبين مساهمات مختلف المواد‬
‫الدراسية‪.‬‬
‫‪ ‬تمكنه من تحديد حاجاته في التعلم‪ ،‬من خالل الفرق بين ما اكتسبه‪ ،‬وما‬
‫يتطلبه حل الوضعية‪-‬المشكلة‪.‬‬
‫صياغة وضعية ‪ -‬مشكلة‬
‫يتم اكتساب الكفاءة من خالل التمكن من الموارد الممثلة في‬
‫األهداف التعلمية‪ ،‬والتمرن على إدماج هذه الموارد باعتماد‬
‫وضعية‪-‬مسألة مرتبطة بالكفاءة‪ .‬وتحدد فئة الوضعيات المسائل‪،‬‬
‫أو الوضعيات‪-‬المشكلة المتكافئة‪ ،‬الخاصة بكفاءة بواسطة وسائط‬
‫(برامترات ‪ )paramètres‬تدقق نوع وعدد وطبيعة مكونات‬
‫الوضعية كالسياق أو المعلومات (المكتسبة من خالل التعلم أو‬
‫المقترحة في شكل وثائق) أو المهمة أو ظروف إنجازها‬
‫والمعايير التي ستعتمد في تقويم إنتاج التالميذ‪ .‬وغالبا ما تتم‬
‫اإلشارة لهذه الوسائط أو لبعضها عند صياغة الكفاءة‪ ،‬وذلك‬
‫إلتاحة الفرصة للفاعلين التربويين إلعداد وضعيات‪-‬مسائل‬
‫مرتبطة بكفاءة ما‪.‬‬
‫معايير صياغة كفاءة‬
‫بناء على مجموعة من النماذج المرتبطة بصياغة الكفاءة‬
‫واستحضارا للخصائص المميزة لها‪ ،‬يمكن القول‪ :‬إن صياغة‬
‫كفاءة ما ترتبط بمجموعة من الشروط‪ ،‬أهمها‪:‬‬
‫‪ ‬الصياغة اللغوية السليمة‪.‬‬
‫‪ - ‬الوضوح والدقة‪ ،‬بحيث ال يختلف اثنان في تفسير نص‬
‫الكفاءة‪.‬‬
‫‪ - ‬الواقعية‪ ،‬بحيث تكون ممكنة التطبيق الرتباطها بالبرنامج‬
‫الدراسي من جهة ومراعاتها مستوى التالميذ ومحيطهم من جهة‬
‫أخرى‪.‬‬
‫‪ - ‬الشمولية‪ ،‬بحيث تشمل جميع جوانب الشخصية‪ ،‬وال تقتصر‬
‫على مجال دون غيره‪.‬‬
‫‪ ‬الوظيفية‪ ،‬بحيث تكون ذات داللة بالنسبة للتلميذ وتمكنه من تعبئة‬
‫موارده وتوظيفها لمواجهة مشكالت أو انجاز مهام ترتبط بحياته‪.‬‬
‫‪ ‬أما بالنسبة للعناصر التي ينبغي توفرها في نص الكفاءة فيمكن تلخيصها‬
‫فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -1 ‬المحتوى التعليمي (المعارف والمهارات واالتجاهات والمواقف)‬
‫التي نرغب من المتعلم اكتسابه كنتيجة للعملية التعليمية‪ -‬التعلمية‪.‬‬
‫‪ -2 ‬المهمة المتوقع القيام بها بعد عملية التعلم والتي تعتبر دليال على‬
‫تحقيق الكفاءة‪ .‬وتتجسد هذه المهمة من خالل فعل مركب (معقد) مرتبط‬
‫بسياق معين‪.‬‬
‫‪ -3 ‬الظروف أو الشروط الواجب توفرها في سياق المهمة المطلوبة‬
‫والتي تشير بشكل ضمني إلى فئة الوضعيات المرتبطة بالكفاءة‪.‬‬
‫‪ -‬معيار األداء المطلوب وهو المعيار الذي في ضوئه يكون‬
‫األداء مقبوال ( بشكل جيد‪ 5 ،‬إلى ‪ 10‬فقرات‪ ،‬بنسبة ‪.)80%‬‬
‫المراحل األساسية لتخطيط التعلمات‬
‫المرحلة األولى‪ :‬تحديد الكفاءة وصياغتها وفق معايير علمية‬
‫‪ ‬قبل الحديث عن أي من العمليات المرتبطة بتنمية وتطوير‬
‫كفاءة ما ( بناء الموارد‪ ،‬اإلدماج‪ ،‬حل الوضعية المشكلة‪،). . .‬‬
‫ال بد من تحديد هذه الكفاءة كخطوة أولية وأساسية لتوجيه تلك‬
‫العمليات‪ .‬وتعود مهمة صياغة الكفاءات وتحديدها إلى السلطة‬
‫المكلفة بالتربية وذلك في شكل "إطار مرجعي للكفاءات"‪.‬‬
‫‪ ‬اإلطار المرجعي للكفاءات وثيقة مرجعية تحدد بشكل منظم‬
‫الكفاءات التي يستهدفها تكوين ما في مرحلة معينة من المسار‬
‫التعليمي‪.‬‬
‫المرحلة الثانية‪ :‬تحديد وبناء مكونات المحتوى المرتبط بالكفاءة‪.‬‬
‫‪ ‬يشكل المحتوى المرتبط بالكفاءة مجموع المعارف والمهارات‬
‫والسلوكات الالزم توافرها لدى المتعلم لتحقيق الكفاءة المطلوبة‪.‬‬
‫ويتم ترتيب هذه المكونات ترتيبا هرميا بنائيا تبعا ألولوياتها‬
‫وإسهاماتها في تحقيق الكفاءة‪.‬‬
‫‪ ‬عادة ما تصاغ هذه المكونات في شكل عبارات تصف ما يتوقع‬
‫أن يكتسبه المتعلم من معارف أو مهارات أو سلوكات بعد عملية‬
‫التعلم‪ ،‬وتشكل هذه العبارات ما يسمى باألهداف التعلمية‪.‬‬
‫‪ ‬يتم بناء المحتوى التعليمي المرتبط بالكفاءة (معارف ومهارات‬
‫ومواقف واتجاهات) عبر ثالثة أنواع من األنشطة‪:‬‬
‫هدف نوعي = قدرات × مضامين‬

‫كفاءة = قدرات × مضامين × وضعيات‪ -‬مسائل‬

‫‪ x‬وضعيات – مسائل‬ ‫كفاءة = أهداف نوعية‬


‫تصنف القدرات حسب المجاالت الثالثة للشخصية إلى‪:‬‬

‫تحليل‪ ،‬استدالل‪ ،‬مقارنة‪ ،‬ترتيب‪ ،‬ربط‬ ‫‪ ‬قدرات معرفية ‪:‬‬


‫برهنة‪ ،‬تجريد …‬
‫رسم‪ ،‬تلوين‪ ،‬تشريح‪،‬مناولة‪...‬‬ ‫‪ ‬قدرات حس – حركية‪:‬‬

‫‪ ‬قدرات وجدانية ‪ :‬اتخاذ مواقف‪ ،‬تقدير‪ ،‬تقبل‪ ،‬رفض‪ ،‬حياد‬


‫موافقة‪ ،‬الدخول في عالقة‪...‬‬
‫االتجاهات‬ ‫المهارات‬ ‫العمليات‬
‫والميول‬ ‫األدائية‬ ‫العقلية‬
‫(الوجداني االنفعالي)‬ ‫(النفسحركية)‬ ‫(المعرفية)‬
‫العمليات العقلية ( حسب بلوم )‬
‫المرحلة الثالثة‪:‬أنشطة التعلم‬

‫في إطار المقاربة بالكفاءات‪ ،‬يعتبر التلميذ الفاعل األساسي في بناء‬


‫التعلمات‪ ،‬وإدماجها من خالل وضعيات ذات داللة‪ .‬كما تعتبر القدرة‬
‫على إدماج هذه التعلمات مؤشرا على امتالك الكفاءة المستهدفة‪.‬‬
‫وتتمثل أهم األنشطة التعلمية فيما يلي ‪:‬‬
‫‪ ‬أنشطة تعلمية جزئية )‪ ،(apprentissages ponctuels‬يتمكن‬
‫خاللها التلميذ من تحقيق األهداف المسطرة لكل نشاط‪.‬‬
‫‪ ‬أنشطة بنينة المكتسبات )‪ (structuration des acquis‬في إطار‬
‫السياق المدرسي (االرتباط بالمادة)‪ ،‬كإدماج مختلف األهداف المحققة‬
‫في حل تمرين توليفي‪.‬‬
‫‪ ‬أنشطة تعبئة المكتسبات في حل وضعية‪-‬مشكلة مدمجة خارج السياق‬
‫المدرسي (تعلم اإلدماج ‪.)intégration‬‬
‫ويمكن تناول هذه األنشطة بطريقة يكون فيها التلميذ محور كل اهتمام‪،‬‬
‫والفاعل األساسي لمجموع اإلنجازات التي يمكن أن تتم بشكل فردي‬
‫أو جماعي‪ .‬مع التركيز على المحطات التالية‪/‬‬
‫التقديم )‪ : (présentation‬يتم خاللها توضيح المكتسبات التي‬
‫سيحصلها التلميذ بعد التعلمات‪ ،‬فيزداد اهتمامه‪ .‬ويمكن أن تتضمن‬
‫هذه المرحلة ‪:‬‬
‫‪ ‬طرح وضعية‪-‬مشكلة جديدة يتم حلها الحقا‪.‬‬
‫‪ * ‬تقديم األهداف المتوخاة من الحصة‪.‬‬
‫‪ * ‬تقديم وثيقة (صورة‪ ،‬رسم‪ ،‬نص‪ )... ،‬أو شيء (آلة‪ ،‬جسم مادي‪،‬‬
‫‪ )...‬للمالحظة‪.‬‬
‫‪ ‬مالحظة التالميذ للوضعية ومحاولة تملكها‪.‬‬
‫‪ - ‬البحث عن المعطيات ومعالجتها وتحليلها وتركيبها الكتساب المفاهيم‬
‫والمعارف الجديدة‪.‬‬
‫‪ ‬التطوير )‪ :(développement‬وتتمثل في استثمار القدرات العقلية‬
‫والحس – حركية للتلميذ‪ ،‬بهدف التوصل إلى التعلمات األساسية‪ ،‬وفهم‬
‫دالالتها‪ ،‬ودمجها مع التعلمات السابقة‪ .‬وينجزها التلميذ بمساعدة‬
‫األستاذ أو باستعمال الكتاب المدرسي أو موارد أخرى‪ ،‬في إطار‬
‫جماعي أو فردي‪ .‬ويمكن استثمارها في‪:‬‬
‫‪ * ‬استخالص موضوع التعلم في إطار تعميم ما هو خاص (عالقة‪،‬‬
‫قانون‪ ،‬قاعدة‪ ،)...،‬مع تجنب التعميم السريع المبني على حالة واحدة‪.‬‬
‫‪ * ‬إضافة معلومات ومعطيات جديدة‪.‬‬
‫‪ * ‬استنتاج موضوع التعلم من العام إلى الخاص (تعريف‪ ،‬قاعدة‪،‬‬
‫قانون‪.)... ،‬‬
‫‪ * ‬تقديم توضيحات خاصة (أمثلة‪ ،‬صور‪.)... ،‬‬
‫‪ * ‬البرهنة على نتيجة أو محاكاة إنجاز‪.‬‬
‫‪ * ‬تنظيم وتثبيت موضوعات التعلم وربطها بالتعلمات السابقة‪.‬‬
‫(مأسسة هذه المعارف أي استنتاج القواعد التي تتحكم في استعمالها‬
‫‪ ‬التطبيق )‪ : (application‬وتتمثل في تطبيق التعلمات‬
‫المكتسبة من خالل إنجاز ‪:‬‬
‫‪ * ‬تمارين تطبيقية تتعلق بمعرفة الموضوع واستعماله داخل‬
‫وخارج المؤسسة التعليمية‪.‬‬
‫‪ * ‬تمارين لتقويم فهم التلميذ لموضوع التعلم‪.‬‬
‫‪ * ‬أنشطة االستدراك‪ ،‬خاصة بموضوع التعلم أو بمكتسبات‬
‫سابقة‪.‬‬
‫‪ * ‬أنشطة التقويم‪ ،‬وخصوصا التقويم التكويني والتقويم الذاتي‪.‬‬
‫الرابعة‪ :‬إدماج التعلمات المرتبطة بالكفاءة‬ ‫المرحلة‬

‫بناء الكفاءة مرتبط بشكل وثيق بالقدرة على الفعل‪،‬‬


‫وإنجاز مهام تتجاوز التطبيق اآللي الميكانيكي للمعارف‬
‫المكتسبة‪ .‬فمرحلة اإلدماج هي مرحلة تحدد قيمة وفعالية ما‬
‫اكتسبه المتعلم من منطلق أن التعلم الفعال هو الذي يتيح‬
‫للمتعلم إمكانية توظيفه لمواجهة وضعيات جديدة ومعقدة‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار يمكن الحديث عن نوعين من اإلدماج‪:‬‬
‫‪ -1‬اإلدماج الجزئي للتعلمات‬
‫"‪"Intégration intermédiaire‬‬
‫تتوج أنشطة هذا النوع من اإلدماج ما سبقها من أنشطة البناء‬
‫والتدريب وتتيح للمتعلم ربط تعلماته السابقة بالجديدة وتمكنه‬
‫من تعبئة جزء من موارده المرتبطة بالكفاءة واستثمارها في‬
‫وضعيات‪-‬مشاكل تتدرج من حيث الصعوبة والمعنى‪ .‬ويمكن‬
‫لهذه األنشطة أن تكون كذلك مناسبة لتعلم اإلدماج وبنائه‬
‫تدريجيا‬
‫‪ -2‬اإلدماج النهائي للتعلمات المرتبطة‬
‫بالكفاءة‬

‫يمكن‪ ،‬إضافة ألنشطة اإلدماج الجزئي‪ ،‬تصور أنشطة لإلدماج‬


‫النهائي تتيح للمتعلم تعبئة كل الموارد المرتبطة بالكفاءة‬
‫لمواجهة وضعيات جديدة ومعقدة‪.‬‬
‫المرحلة الخامسة ‪ :‬تقويم الكفاءة‬
‫‪ ‬يمكن الحديث في هذا اإلطار عن نوعين من التقويم‪:‬‬
‫‪ -1 ‬التقويم الجزئي‬
‫‪ ‬يرتبط هذا النوع من التقويم بفترة اإلدماج الجزئي‪ .‬ويكون‬
‫هدفه تقويم مدى تحكم المتعلم في التعلمات الجزئية المرتبطة‬
‫بالكفاءة من جهة‪ ،‬و مدى قدرته على إدماجها من جهة ثانية‪.‬‬
‫‪ -2 ‬التقويم النهائي (تقويم الكفاءة)‬

‫يرتبط هذا النوع من التقويم بفترة اإلدماج النهائي ويتيح‬


‫للمتعلم تعبئة موارده لتقويم مدى قدرة المتعلم على إدماجها‬
‫لحل وضعية – مشكلة‪ ،‬ومدى تحكمه في الكفاءة المستهدفة‪.‬‬
‫وعلى هذا األساس‪ ،‬تكون وضعيات التقويم مشابهة‬
‫للوضعيات المقدمة خالل أنشطة اإلدماج النهائي‪.‬‬
‫يعتبر التقويم نشاطا مندمجا في صيرورة التعليم‬
‫والتعلم‪ .‬وتتنوع أساليبه وتقنياته وأدواته تبعا لألهداف التي‬
‫يروم تحقيقها‪ .‬وغالبا ما يتعلق الهدف من التقويم بقرار يتم‬
‫اتخاذه على ضوء نتائج التقويم‪ ،‬كتنظيم حصص للدعم‬
‫والتقوية لفائدة مجموعة من التالميذ‪ ،‬أو السماح لتلميذ‬
‫باالنتقال إلى مستوى أعلى‪ ،‬أو إلزام تلميذ بتكرار المستوى‪،‬‬
‫الخ‪ ...‬ونظرا لخطورة بعض القرارات المبنية على نتائج‬
‫التقويم‪ ،‬يتم العمل على توخي الموضوعية التامة‪ ،‬مما‬
‫يستدعي اعتماد معايير تتالءم وهدف التقويم‪ .‬وفيما يلي‬
‫تدقيق ألهم هذه المفاهيم‪.‬‬
‫خاتمة‬

‫كخالصة نستنتج انه لتحقيق وضعية من وضعيات‬


‫التعليم والتعلم يتطلب االمر بالضرورة تفاعل دائم ومستمر‬
‫بين عناصر المثلث التعليمي‪ :‬المدرس‪ ،‬والتلميذ‪ ،‬والمادة‬
‫الدراسية‪ ،‬وكذا السياق الذي تتم فيه تلك العمليات والوسائل‬
‫المساعدة على ادائها‪.‬وبتحقيق ونجاح الوضعية التعليمية‬
‫التعلمية يكون المدرس قد حقق مجموعة من االهداف‪ ،‬بحيث‬
‫يشكل كل عنصر من عناصر هذه الوضعية وسيلة لتنفيذ‬
‫وتحقيق تلك االهداف‪.‬‬
‫شكرا على حسن‬
‫تتبعكم‬

You might also like