You are on page 1of 116

‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬

‫جامعة محمد خيضر بسكرة‪ -‬قطب شتمة‬

‫كلية العلوم اإلنسانية واالجتماعية‬

‫قسم العلوم اإلنسانية‬

‫شعبة التاريخ‬

‫االحتالل اإليطالي والمقاومة الليبية‬


‫‪1191-1111‬‬
‫مذكرة مكملة لنيل شهادة الماستر تخصص تاريخ معاصر‬

‫إشراف األستاذ‪:‬‬ ‫إعداد الطالبة‪:‬‬

‫محمد الطاهر بنادي‬ ‫‪ -‬شريفة أمين قاضي ‪-‬‬

‫السنة الجامعية‬

‫‪.4102 -4102‬‬
‫بهذا العمل أضع جزءا من التاريخ اللييب بني يدي القارئ وال‬
‫أدعي الكمال فيه كما قال الناظم‪:‬‬

‫وما بها من خطأ ومن خلل * أذنت يف اصالحها ملن فعل‬

‫لكن بشرط العلم واإلنصاف * فذا وذا من أمجل األوصاف‬

‫واهلل يهدي سبل السالم * سبحانه حببله اعتصامي‬


‫شكر وعرفان‬

‫أشكر اهلل عز وجل على منه وفضله‬

‫و الصالة والسالم على سيدنا حممد‬

‫عليه السالم‬

‫أتقدم بالشكر اجلزيل إىل استاذي املبجل حممد الطاهر بنادي‬


‫الذي كان خري عون لي بكل صدق ومل يبخل علي‬

‫مبالحظاته اهلادفة ووقته الثمني وتساحمه اجلميل‬

‫إىل كل أساتذتي الذين رافقوني يف دراسيت‬

‫كل االمتنان والتقدير‬

‫إىل كل من مد لي يد املساعدة من قريب أو بعيد‬

‫كل احلب والشكر‬


‫اإلهداء‬
‫إىل كل من أخذوا بيدي حنو آفاق العلم واملعرفة إىل‬
‫كل من هلم الفضل ‪ -‬بعد اهلل تعاىل ‪ -‬يف إجناز هذه‬
‫املذكرة‬

‫إىل روح والدي رمحة اهلل عليه ووالدتي أطال اهلل يف‬
‫عمرها وإخوتي وأخواتي وأزواجهم وأبنائهم أدامهم اهلل‬
‫مجيعا بالصحة والعافية‬

‫أهدي مثرة جهدي‪.... .‬‬


‫مقدمة‬
‫مقدمة‬

‫في الربع األول من القرن ‪ 91‬بدأت تتعرض أقطار المغرب العربي إلى ضغوطات‬
‫كبيرة من قبل الدول االستعمارية التي تكالبت على بسط سيطرتها المطلقة على األقطار‬
‫المغربية التابعة للدولة العثمانية‪ ،‬ونجحت فرنسا في احتالل (الجزائر ‪ -‬تونس) وبريطانيا‬
‫(مصر‪ ).. .‬لدوافع كثيرة ومتعددة سياسية واقتصادية خاصة بالنسبة لفرنسا وايطاليا هته‬
‫األخيرة التي كانت ترغب في إعادة أمجاد روما‪ ،‬وذلك بتوسيع وجودها بحصولها على‬
‫مناطق جديدة بالقارة‪ ،‬حيث وجدت في ليبيا التي اعتبرتها شاطئها الرابع المكان المناسب‬
‫لتكون مستعمرة مهمة لدواعي إستراتيجية‪.‬‬
‫فاالستعمار الذي حتمت ميالده شروط الرأسمالية وضروراته‪ ،‬بل وقوانينه في التوسع‬
‫واالستم اررية لم يستهدف إعادة هيكلة االقتصاد والمجتمع ليغدو قابلين لالندماج ضمن آلياته‬
‫فحسب‪ ،‬بل حرص أيضا على المساس بالهوية الليبية وشخصية شعبها التاريخية‪ ،‬وجعلها‬
‫كأداة لتثبيت حركته وترسيخ قيمته‪ ،‬مقتنعا‪ ،‬أو على األقل هكذا كان يعتقد أن في إجهاد‬
‫واضعاف معنويات الليبيين تثبيطا لعزائمهم‪ ،‬بل تكبيال إلرادتهم في التحرر واسترداد السيادة‬
‫الوطنية‪.‬‬
‫واالستعمار في كل لحظة من لحظات تقدمه على طريق التوسع‪ ،‬كان يجدد تفكيره‬
‫لتوفير كل األطر النظرية والعملية‪ ،‬التي يرى من خاللها تثبيتا وجوده وضمانا الستم ارريته‬
‫متخذا من ليبيا مختب ار لنظرياته في االحتالل‪.‬‬
‫فوجد هذا األخير ردود فعل شعبية تجلت في أعظم مقاومتين للشعب الليبي وهي‬
‫مقاومة الحركة السنوسية وعمر المختار اللذين شكال معسكرات للمقاومة رغم قلة إمكانياتهم‪،‬‬
‫لكن إيمانهم القوي بقضيتهم وحبهم للشهادة والحرية‪ ،‬مكنهم في نهاية المطاف من الحصول‬
‫على حريتهم‪ ،‬وتقرير مصيرهم بأنفسهم ونالوا االستقالل الذي أقرت به هيئة األمم المتحدة‬
‫سنة ‪ 9199‬م‪.‬‬

‫أ‬
‫مقدمة‬

‫أسباب اختيار الموضوع‪:‬‬


‫األسباب الذاتية‪:‬‬
‫الميول الشخصي لدراسة تاريخ ليبيا‪ ،‬التي تعتبر امتدادا حقيقيا لشمال إفريقيا‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫الرغبة في دراسة الظروف التي أدت إلى استعمار ليبيا‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫محاولة الباحث الوقوف على األسباب التي أدت إلى هذا االحتالل‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫دور العوامل الشخصية لدى القادة الليبيين خصوصا (رجال الحركة السنوسية ‪ -‬عمر‬ ‫‪‬‬
‫المختار ) وقيادتهم للمقاومة ضد االستعمار‪.‬‬
‫الرغبة والميل النفسي في تناول حركات التحرر في الوطن العربي وخصوصا ليبيا‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫األسباب الموضوعية‪:‬‬
‫أهمية موضوع الدراسة الذي ميز بين القوة والحكمة برغم قلة العتاد والعدة إال أن‬ ‫‪‬‬
‫االستقالل كان من نصيب ليبيا‪.‬‬
‫تناول كفاح الشعب الليبي كنموذج عن مقاومة الشعوب المستضعفة ضد التيار‬ ‫‪‬‬
‫االستعماري االمبريالي‪.‬‬
‫دراسة الظروف واألسباب التي ساهمت في احتالل ليبيا‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ادراك أهمية تناول الوعي التحرري والمقاومة بالدراسة وذلك بالتعرض لمراحله‬ ‫‪‬‬
‫المختلفة وأساليبه وأشكاله حسب طبيعة االستعمار وسياسته‪.‬‬
‫إن مستعمرة ليبيا تمثل نموذج للكفاح الوطني ضد اإلمبريالية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ليبيا جزء من شمال إفريقيا الذي كان محل صراع وتكالب دولي عنيف بين مختلف‬ ‫‪‬‬
‫القوى األوروبية‪.‬‬

‫ب‬
‫مقدمة‬

‫طول فترة كفاح الشعب الليبي‪ ،‬الذي بدأ منذ أن وطئت أقدام المستعمر أرضه‪ ،‬الذي‬ ‫‪‬‬
‫يعكس في حد ذاته الصمود الكبير وحب الوطن والشهادة لنيل االستقالل‪.‬‬
‫إشكالية الموضوع‪:‬‬
‫لقد تعرضت القارة اإلفريقية إلى هجمة استعمارية أوروبية شرسة عامة وايطالية‬
‫خاصة‪ ،‬هذا ما يؤكد أهمية المنطقة مما دفعها للتكالب عليها واقتسامها‪ ،‬فكان اهتمامنا بليبيا‬
‫كبلد إفريقي عربي إسالمي‪ ،‬الذي نال نصيبه من االضطهاد االستعماري وقد عنونا هذا‬
‫الموضوع كما يلي‪:‬‬
‫* االحتالل اإليطالي والمقاومة الليبية (‪ ) 0120 - 0100‬م‪:‬‬
‫فتناول هذا العمل مسار ليبيا التاريخي في هته الفترة مما دفعنا لطرح اإلشكال التالي‪:‬‬
‫‪ -‬ما هي دوافع االحتالل اإليطالي لليبيا وكيف واجه الليبيون ذلك ؟‬
‫واندرجت تحت هذه االشكالية عدة تساؤالت‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫ما هو وضع ليبيا في العهد العثماني ؟‬ ‫‪‬‬
‫فيما تمثلت أسباب االحتالل اإليطالي ؟ وكيف كانت سياسته ؟‬ ‫‪‬‬
‫فيما تجسدت المقاومة الليبية ؟ وكيف كانت مظاهرها ؟‬ ‫‪‬‬
‫عرض الموضوع‪:‬‬
‫و لإلجابة على هذه اإلشكاالت قسمت الموضوع إلى مقدمة وفصل تمهيدي وفصلين‬
‫وخاتمة‪.‬‬
‫الفصل التمهيدي‪:‬‬
‫تطرقت فيه إلى التركيبة الجغرافية والسكانية أما المبحث الثاني تناولت فيه أوضاع‬
‫ليبيا في العهد العثماني درست من خالله العهد التركي األول الذي حكم من ( ‪- 0220‬‬

‫ج‬
‫مقدمة‬

‫‪ ) 0100‬م الذي تليه األسرة القرمانية من ( ‪ ) 0382 - 0100‬م ليرجع الحكم العثماني‬
‫من جديد لتدوم فترته من (‪ )0100 - 0382‬م‪.‬‬
‫الفصل األول‪:‬‬
‫تطرقت فيه إلى أسباب وسياسة االحتالل اإليطالي لليبيا‪ ،‬حيث تضمن المبحث األول‬
‫أسباب االحتالل السياسية والتاريخية‪ ،‬في حين خصصت المبحث الثاني للسياسة التي‬
‫انتهجتها الحكومة اإليطالية في الجانبين االقتصادي واالجتماعي‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫سلطت فيه الضوء على المقاومة الليبية ومظاهرها مقسمتا إياه إلى ثالث مباحث‪،‬‬
‫المبحث األول ذكرت فيه مقاومة الحركة السنوسية‪ ،‬أما الثاني فتناولت فيه مقاومة أسد‬
‫الصحراء عمر المختار‪ ،‬أما المبحث األخير تضمن الطريق نحو االستقالل من خالل‬
‫الخطوات المختلفة لتحقيق ذلك‪.‬‬
‫وخلصت في النهاية إلى خاتمة حاولت من خاللها الوقوف على أهم النتائج التي تم‬
‫التوصل إليها من خالل هته الدراسة‪.‬‬
‫منهج البحث‪:‬‬
‫بما أن الموضوع تاريخي بحت والذي يتناول االحتالل والمقاومة‪ ،‬كونها من‬
‫المقاومات التي كان لها صدى على الساحة الوطنية والدولية‪ ،‬وتعتبر من الحركات الفاعلة‬
‫في التاريخ المعاصر‪.‬‬
‫لهذا السبب اتبعنا المنهج التاريخي الوصفي‪ ،‬وهذا من خالل تتبع خطوات المقاومة‬
‫الليبية وسرد أحداثها ووصفها‪ ،‬والتعرف على مجرياتها ورجاالتها وما قدموه من بطوالت‪.‬‬
‫والمنهج التحليلي والذي يعتمد على جمع الحقائق التاريخية ثم تحليلها للوصول إلى‬
‫األسباب التي أدت إلى هذا االحتالل‪:‬‬

‫د‬
‫مقدمة‬

‫أهداف الدراسة‪:‬‬
‫إبراز أهمية وشخصية الرجال الذين قاموا ضد الطغيان اإليطالي‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫اظهار سياسة االستعمار اإليطالي على الشعب الليبي‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫كشف اللبس عن المقاومة الليبية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫من خالل المراجع والمصادر التي تناولتها لم تكن تتحدث باستفاضة عن االحتالل‬
‫وردود الفعل الليبية إال قليال‪ ،‬لهذا كان هدفي هو جمع تلك الحقائق والمعطيات في هذه‬
‫الرسالة لتكون مرجعا ولو بسيطا للدراسة عن هذا البلد ومقاومته‬
‫تقديم دراسة أكاديمية تكون بمثابة إثراء علمي للدراسات القادمة للطلبة والباحثين‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫مصادر ومراجع الموضوع‪:‬‬
‫اعتمدت في دراستي لهذا الموضوع على جملة من المصادر والمراجع التي كان لها‬
‫دور في مساعدتي باإللمام بجوانب البحث ومن أهمها‪:‬‬
‫‪ .0‬المصـــــــادر‪:‬‬
‫‪ ‬تاريخ ليبيا العام من القرن األول إلى العصر الحاضر لمؤلفه محمد بن مسعود الذي‬
‫تناول فيه أصل التسمية لمنطقة ليبيا‪.‬‬
‫‪ ‬وكتاب جهاد األبطال في طرابلس الغرب لمؤلفه الطاهر أحمد الزاوي الذي استنبطت منه‬
‫أسباب االحتالل السياسية وكذا التاريخية‪.‬‬
‫‪ ‬وكتاب الحلقة األخيرة من الجهاد الليبي لنفس المؤلف‪ ،‬حيث كان متتبع ألخبار الشيخ‬
‫عمر المختار‪ ،‬فكان من أهم المصادر التي تعرضت ألسره واعدامه بالتفصيل كما تطرق‬
‫إلى المفاوضات التي جرت بين عمر المختار والطليان‪.‬‬
‫‪ ‬كتاب عمر المختار لمؤلفه الطيب بن إدريس األشهب الذي تناول حياة الشيخ عمر‬
‫المختار من الطفولة حتى االستشهاد‪ ،‬كونه صاحب لهذا األخير‪.‬‬

‫ه‬
‫مقدمة‬

‫‪ .4‬المراجع‪:‬‬
‫أما بالنسبة للمراجع فقد اعتمدت على الكثير منها أخص بالذكر ما يلي‪:‬‬
‫تاريخ أقطار المغرب السياسي الحديث والمعاصر لمؤلفه أحمد إسماعيل راشد‪ ،‬الذي‬
‫ساعدني كثي ار في الفصل التمهيدي والفصل الثاني‪ ،‬كذلك كتاب المرجع في تاريخ المغرب‬
‫الحديث والمعاصر (الجزائر‪ ،‬تونس‪ ،‬المغرب‪ ،‬ليبيا ) لمؤلفه مقالتي عبد اهلل‪ ،‬الذي ألم تقريبا‬
‫باألحداث التي مرت بها ليبيا من الغزو الصليبي إلى غاية االحتالل اإليطالي‪.‬‬
‫ومؤلف محمد على الصالبي‪ :‬الثمار الزكية للحركة السنوسية في ليبيا‪ ،‬الذي تناول‬
‫فيه الحركة السنوسية معرفا بها وبمؤسسها‪ ،‬كذلك كتابه عمر المختار الذي تحدث فيه عن‬
‫المولد وأبرز أعماله‪.‬‬
‫‪ .8‬الموسوعات‪:‬‬
‫التي كان لها دور هي األخرى في إثراء هذا البحث من الناحية الجغرافية‪ ،‬وكذا‬
‫التعريف بالشخصيات أخص بالذكر‪ :‬الموسوعة السياسية للكيالني‪ ،‬الموسوعة الجغرافية‬
‫لبلدان العالم لمؤلفيه عبد الوهاب وآمنة أبو حجرو الذي ساعدني في إيضاح الموقع الجغرافي‬
‫لليبيا‪.‬‬
‫‪ .2‬المذكرات‪:‬‬
‫التي كان لها دور هي األخرى في خدمة الموضوع ولو بالشكل البسيط أخص‬
‫بالذكر‪ :‬البعد الجهادي المغاربي للحركة السنوسية لسعود دحدي‪ ،‬الذي تطرق فيها للتعريف‬
‫بالحركة السنوسية‪.‬‬

‫و‬
‫مقدمة‬

‫صعوبات البحث‪:‬‬
‫من الطبيعي أنه‪ ،‬ال يخلو أي بحث أكاديمي من العراقيل الروتينية المعهودة‪ ،‬من‬ ‫‪‬‬
‫تشتت المادة العلمية في المكتبات‪ ،‬كذا تقارب المعلومات في المراجع لطرحها بنفس المادة‬
‫العلمية‪....‬‬
‫لم أجد كتب متخصصة تتكلم باسترسال على الموضوع ‪ ،‬فكان من الصعوبة أن‬ ‫‪‬‬
‫أجمع شتات هذه األفكار وأن أخذ منها ما احتاجته لبحثي‪.‬‬
‫أما بالنسبة ألسباب االحتالل‪ ،‬فلم تتطرق المراجع لألسباب بشكل واضح بل تناولوها‬ ‫‪‬‬
‫بشكل عام‪ ،‬فكانت مهمتي أن أمحص وأستنبط األسباب التي أدت إلى هذا االحتالل‪.‬‬
‫كثرة األحداث المتعاقبة وصعوبة ذكرها كلها‪ ،‬فكان من الصعوبة اإللمام بأهم‬ ‫‪‬‬
‫األحداث وذكرها دون أن يكون هناك إخالل بالموضوع‪.‬‬

‫ز‬
‫الفصل التمهيدي‪:‬‬
‫لمحة تاريخية عن ليبـــيا‬
‫قبل ‪ 0100‬م‬
‫لمحة تاريخية عن ليبيا قبل ‪ 1111‬م‬ ‫الفصل التمهيدي‬

‫المبحث األول‪ :‬التركيبية الجغرافية والسكانية‬


‫‪ -0‬أصل التسمية والموقع والمساحة‪:‬‬
‫أ‪ -‬أصل التسمية‪:‬‬
‫لقد اختلفت المواقف والتحليالت بين المؤرخين في أصل التسمية لليبيا فكانت كالتالي‪:‬‬
‫فقد تضاربت األقوال أن لفظ ليبيا غير عربي ولم يعثر بعد عن حقيقة اللغة التي أخذ‬
‫منها غير أن هيرودوت يقول‪ ":‬أنه في األصل كان اسم إلمارة بقبيلة من سكان إفريقية"‪،‬‬
‫ويقول غير هيرودوت من المؤرخين‪ " :‬معناها األرض الصحراء التي ليس فيها ماء "‪ .‬وقد‬
‫عرفت بهذا االسم من أيام الفراعنة القدماء‪.‬‬
‫وفي الزمان األول ي قبل مجيئ المسيح عليه السالم كانت بعض االمم تريد بها جميع‬
‫البلدان المغربية أو جزءا كبي ار من الشمال اإلفريقي(‪ ،)1‬وهناك من يقول أن اسم ليبيا‪ :‬في‬
‫معناه الحديث والمعاصر هو من إبداع اإليطاليين الذين استعاروه من الجغرافية القديمة‪ ،‬فقط‬
‫أطلق اليونانيون القدماء اسم ليبيا على شمال إفريقيا قاطبة‪ ،‬بينما استعمل اإليطاليون هذه‬
‫(‪)2‬‬
‫الكلمة على المناطق الواقعة بين مصر وتونس‪ ،‬وهي طرابلس الغرب‪ ،‬برقة وفزان‪.‬‬
‫كما كان االغريق القدماء يسمون كل الشمال اإلفريقي إلى الغرب من مصر‪ ،‬ليبيا‬
‫والمناسبة الوحيدة قبل العشرين التي أطلق فيها اسم ليبيا علي مناطق بعينها كانت حوالي‬
‫(‪) 3‬‬
‫في الجزء‬ ‫‪033‬م‪ ،‬عندما كون اإلمبراطور ديو فلنتان واليتي ليبيا العليا وليبيا الدنيا‬

‫)‪(1‬‬
‫محمد بن مسعود‪ :‬تاريخ ليبيا العام من القرن األول إلى العصر الحاضر‪ ،‬تقديم‪ :‬فاضل المسعودي‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫طرابلس الغرب المطبعة العسكرية‪ ،9191 ،‬ص‪.2‬‬
‫)‪(2‬‬
‫أحمد إسماعيل راشد‪ :‬تاريخ أقطار المغرب السياسي الحديث والمعاصر ( ليبيا‪ ،‬تونس‪ ،‬الجزائر‪ ،‬المغرب‪ ،‬موريتانيا)‪.‬‬
‫دار النهضة العربية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،2339 ،‬ص‪22‬‬
‫)‪(3‬‬
‫عبد اللطيف محمود البرغوثي‪ :‬التاريخ الليبي القديم من اقدم العصور من الفتح االسالمي الجزء األول‪ ،‬تامغناست‪ ،‬ب‬
‫س‪ ،‬ص‪.6‬‬

‫‪9‬‬
‫لمحة تاريخية عن ليبيا قبل ‪ 1111‬م‬ ‫الفصل التمهيدي‬

‫الشمالي من برقه‪ ،‬ولكن كلمة ليبيا كانت مقبولة دائما كمرادف جغرافي لطرابلس أو بالد‬
‫البربر للداللة عن الجزء االوسط من الشمال اإلفريقي‪ ،‬ولم تتوحد والية طرابلس ووالية برقة‬
‫إال سنة ‪ 9109‬م‪ ،‬وعندما أكمل اإليطاليون عملية احتاللهم لهما وأسميا هما مستعمرة ليبيا‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫وطلت محتفظة بهذا االسم بعد االستقالل ‪.9199‬‬
‫كما أطلق اليونانيون اسم ليبيا على البقاع األولى التي تعرفوا عليها من‬
‫المناطق الواقعة غربي مصر‪ ،‬ويعتقد بأن االسم مشتق من كلمة (ليبي) التي كانت تعني‬
‫الشعوب التي تسكن الحدود المشتركة بين ليبيا ومصر‪ ،‬ومن المحتمل أن تكون هذه التسمية‬
‫مشتقة من اسم (لواته‪ ،‬لبتاتة‪ ،‬ليبو)‪ .‬أـما في العهد الروماني فإن كلمة ليبيا تعني جزءا كبي ار‬
‫(‪)2‬‬
‫من إفريقيا الشمالية‪ ،‬لكن دون تحديد جغرافي‪.‬‬
‫ب‪ -‬الموقع والمساحة‪:‬‬
‫تحتل ليبيا موقعا استراتيجيا هاما يتمثل في الربط بين المشرق العربي وبالد المغرب‬
‫حيث‪ :‬تقع ليبيا في شمال إفريقيا في أقصى شرق المغرب العربي بين خطي عرض ‪°23‬‬
‫و‪ ° 00‬شماال وخطى طول ‪ °29 -°1‬شرقا‪ ،‬تطل من جهة الشمال على البحر المتوسط‬
‫بجهة بحرية يبلغ طولها ‪ 9193‬كلم ويحدها من جهة الشرق مصر ومن الجنوب الشرقي‬
‫السودان‪ ،‬ومن جنوب تشاد والنيجر ومن الغرب تونس والجزائر‪ ( )3( .‬ينظر‪ ،‬الملحق رقم ‪،9‬‬
‫ص‪.) 18‬‬
‫كما تشغل مساحة ‪ 9.863.333‬كلم‪ 2‬في شمال القارة اإلفريقية‪ ،‬ويقطع الوطن الليبي‬
‫في الشمال اإلفريقي من الجهة الغربية للوطن الكبير‪ ،‬ويأتي بين مصر شرقا وتونس والجزائر‬

‫)‪(1‬‬
‫عبد اللطيف محمود البرغوثي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.6‬‬
‫)‪(2‬‬
‫إتوري روسي‪ :‬ليبيا منذ الفتح حتى سنة ‪ 9199‬م‪ ،‬ترجمة وتقديم‪ :‬خليفة محمد التليسي‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ،‬الدار العربية‬
‫للكتاب‪ ،9119 ، ،‬ص ‪.29‬‬
‫)‪(3‬‬
‫جمال مشري‪ :‬جغرافية الجزائر والمغرب العربي‪ ،‬المعهد التربوي الوطني‪ ،‬الجزائر‪ ،9118 ،‬ص ‪.993‬‬

‫‪10‬‬
‫لمحة تاريخية عن ليبيا قبل ‪ 1111‬م‬ ‫الفصل التمهيدي‬

‫غربا‪ ،‬والبحر األبيض المتوسط شماال في حين يتاخمه عدد من الدول من الحدود الجنوبية‪،‬‬
‫وهي السودان‪ ،‬تشاد‪ ،‬النيجر وليبيا ذات موقع متميز وثروة طبيعية هائلة‪ ،‬وصحراء‬
‫(‪)1‬‬
‫واسعة‪.‬‬
‫كما أن أراضيها تتوغل جنوبا في الصحراء الوسطى حتى حدود جمهورية النيجر‬
‫وجمهورية تشاد‪ ،‬وتتالقى حدودها مع حدود السودان على طول ‪ 933‬كلم في أراضي‬
‫صحراوية قاحلة(‪ ،)2‬اعتبرت من أكبر الصحاري في العالم حسب توزيع المساحات(‪ ،)3‬أما‬
‫حسب المراتب تعتبر ليبيا رابع أكبر البلدان مساحة في إفريقيا والسادسة عشرة على مستوى‬
‫(‪)4‬‬
‫العالم‪.‬‬
‫حيث جعل منها هذا الموقع وهاته المساحة همزة وصل‪ ،‬بين المغرب العربي والشرق‬
‫األوسط وبين إفريقيا الشمالية وافريقيا السوداء‪ ،‬وبين إفريقيا وأوروبا بسبب شواطئها على‬
‫(‪)5‬‬
‫طول البحر األبيض المتوسط‪.‬‬

‫)‪(1‬‬
‫عبد السالم جمعة‪ :‬مسار المصالحة الوطنية والسلم االجتماعي ليبيا‪ ،‬دار زهران للنشر والتوزيع عمان‪ ،‬األردن‪،2390 ،‬‬
‫ص‪.21‬‬
‫)‪(2‬‬
‫إسماعيل العربي‪ :‬حاضر الدول اإلسالمية في القارة اإلفريقية‪ ،‬المؤسسة الوطنية للكتاب‪ ،‬الجزائر‪ ،1994 ،‬ص ‪.92‬‬
‫)‪(3‬‬
‫قاسي الصديق وآخرون‪ :‬الجغرافية االقتصادية للعالم المعاصر‪ ،‬المعهد التربوي الوطني‪ ،‬الجزائر‪ ،9116 ،‬ص‪.1‬‬
‫)‪(4‬‬
‫محمد الهادي العروق‪ :‬أطلس الجزائر والعالم‪ ،‬دار الهدى للنشر والتوزيع‪ ،2333 ،‬ص ‪.91‬‬
‫)‪(5‬‬
‫جمال مشري‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.999‬‬

‫‪11‬‬
‫لمحة تاريخية عن ليبيا قبل ‪ 1111‬م‬ ‫الفصل التمهيدي‬

‫التضاريس والمناخ‪:‬‬ ‫‪-4‬‬


‫هناك تقسيمين لتضاريس ليبيا تقسيم من‪ ،‬حيث الجهات ومن‪ ،‬حيث المناطق‬
‫التضاريس‪ :‬من‪ ،‬حيث الجهات‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫بالرغم من كون ليبيا جزءا من الصحراء إال أنها تشتمل على أنواع مختلفة من‬
‫التضاريس ففي جنوبها توجد هضبة تاسيلي والقباب البركانية لتبستي التي يصل إرتفاع‬
‫إحدى قممها ( جبل مروي) إلى ‪ 0993‬م‪.‬‬
‫أما الوسط فتحتله أحوض يتخللها عرق مرزوق وتبستي وسهول شاسعة مثل سرير‬
‫الصحراء الليبية‪ ،‬في حين تتكون الهضاب من األجزاء المرتفعة من السطح كالحمادة الحمراء‬
‫التي تغطي مساحة تقدر بنحو ‪ 933.333‬كلم‪ ،2‬والتي تمتد من جنوب طرابلس في الشمال‬
‫حتى الحافة الشمالية لحوض فزان في الجنوب‪.‬‬
‫في شمال ليبيا تمثل السهول الساحلية التي يختلف اتساعها من مكان آلخر بحسب‬
‫الظروف المحلية للمناطق الجبلية‪ ،‬فبينما يتسع السهل الساحلي في بعض المناطق بحيث‬
‫يزيد عرضه عن ‪ 933‬كلم كما هو الحال في القسم الغربي من سهل الجفارة‪ ،‬نجد أنه يضيق‬
‫في بعض االماكن االخرى‪ ،‬حيث تشرف المرتفعات على مياه البحر مباشر كما هو الحال‬
‫في معظم المنطقة القريبة من الحدود المصرية‪ ،‬ويتخلل شمال ليبيا بعض المرتفعات التي‬
‫تنحدر تدريجيا صوب الجنوب بينما يظهر للقادم من البحر كأنه جبال مرتفعة مثل الجبل‬
‫(‪)1‬‬
‫االخضر ونطاق طرابلس الجبلي وهضبة البطنان والدفنة‪.‬‬
‫أما حسب المناطق فهي كالتالي‪ :‬يمكن تقسيم ليبيا من الناحية التركيبية والتضاريسية‬
‫إلى األقسام التالية‪:‬‬

‫)‪(1‬‬
‫جمال مشري‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.999‬‬

‫‪12‬‬
‫لمحة تاريخية عن ليبيا قبل ‪ 1111‬م‬ ‫الفصل التمهيدي‬

‫‪ -9‬االقليم الطرابلسي‪ :‬ويشمل السهل الساحلي المعروف بسهل الجفارة‪ ،‬والجبل الطرابلسي‪،‬‬
‫والحمادة الحمراء‪.‬‬
‫‪ -2‬إقليم الصحراء وفزان‪ :‬ويشمل مناطق الجبال‪ ،‬أركنو‪ ،‬العوينات‪ ،‬الهروج والسوداء‪ ،‬كما‬
‫يشمل المنخفضات الشمالية مثل‪ :‬الجغبوب وجالو‪ ،‬وأوجله ومراده‪ ،‬والجفرة‪ ،‬والمنخفضات‬
‫الجنوبية التي تشملها واحات الكفرة وفزان ونمات‪ ،‬وباإلضافة إلى مناطق بحار الرمال‬
‫واألدهان وسرير وكاألنشو‪.‬‬
‫‪ -0‬إقليم برقة‪ :‬ويشمل سهل بنغازي‪ ،‬والسهول الشمالية الضيقية‪ ،‬كما يشمل الجبل األخضر‬
‫(‪)1‬‬
‫وهضبة البطنان والدفنة‪.‬‬
‫ب‪ -‬المناخ والنبات‪:‬‬
‫تشتد الح اررة صيفا على المناطق الساحلية‪ ،‬وتزداد شدتها كما اتجهنا نحو الجنوب‪،‬‬
‫باستثناء المناطق ذات االرتفاعات العالية كالجبل األخضر‪ ،‬حيث تكون درجة الح اررة‬
‫معتدلة‪ ،‬أما في الشتاء يعتبر المتوسط اليومي لدرجات الح اررة ‪96‬م‪.‬‬
‫أما األمطار فال توجد كمية ظاهرة إال في مطقة برقة وحول مدينة طرابلس فتصل‬
‫كمية األمطار إلى ‪ 933‬ملم‪ ،‬أما في منطقة برقة فتصل غلى ‪ 933‬ملم بالنسبة للزراعة في‬
‫ليبيا فتتمثل بشكل أساسي في برقة وطرابلس‪ ،‬حيث يزرع القمح والشعير والخضروات‬
‫والكروم والموالح والزيتون‪ ،‬وتنتشر أشجار النخيل في المناطق الجنوبية والشرقية ومناطق‬
‫الجنوب العربي‪.‬‬
‫أما بالنسبة لإلنتاج الحيواني فيهتم سكان ليبيا بالرعي وتربية الحيوانات‪ ،‬خاصة في‬
‫برقة‪ ،‬حيث تكثر األغنام والماعز‪ ،‬وتربى الماشية واألبل والخيل‬

‫)‪(1‬‬
‫جودة حسنين جودة‪ :‬العالم العربي دراسة في الجغرافية اإلقليمية‪ ،‬دار المعرفة الجامعية‪ ،‬االسكندرية‪ ،9112 ،‬ص ص‬
‫‪.829 ،820‬‬

‫‪13‬‬
‫لمحة تاريخية عن ليبيا قبل ‪ 1111‬م‬ ‫الفصل التمهيدي‬

‫أما الثورة المعدنية فتشمل‪ :‬الفوسفات‪ ،‬الملح‪ ،‬الجبس باإلضافة إلى الثورة المعدنية‬
‫األساسية‪.‬‬
‫والنفط الذي اكتشف عام ‪ 9198‬م(‪ ،)1‬كما يتأثر مناخ ليبيا بعاملين رئيسيين هما‪:‬‬
‫الصحراء التي تشغل معظم مساحتها‪ ،‬البحر المتوسط التي تطل عليه بجهه بحرية‬
‫كبيرة كما تعاني في قسوة المناخ الصحراوي الذي يتميز بصفة خاصة بالجفاف والقارية‪،‬‬
‫فاألمطار ال تتجاوز ‪ 233‬ملم إال في مساحات قليلة قي برقة ( من ‪ 933‬إلى ‪ 633‬ملم)‬
‫وطرابلس ( ‪ 033‬ملم ) فيما عدا ذلك فإن األمطار تقل عن ( ‪ 233‬ملم ) في معظم جهات‬
‫ليبيا‪ ،‬كما ينذر سقوط األمطار في جنوبها‪.‬‬
‫وتشتد الح اررة كثي ار في فصل الصيف‪ ،‬حيث تزيد عن ‪ 93‬م‪ °‬في الوسط والجنوب‬
‫وتنخفض الح اررة كثي ار في فصل الشتاء إلى ‪ 9‬م‪ ،°‬أي أن المدى الحراري السنوي كبير‬
‫وكذلك المدى الحراري اليومي كبير أيضا‪ ،‬وهذه هي صفات المناخ القاري وال يوجد بليبيا‬
‫سوى منطقة ساحلية ضيقة ممتدة على عدة كيلومترات هي التي تتمع بمؤثرات بحرية مطلقة‬
‫للح اررة‪ ( ،‬متوسط الح اررة في بنغازي في الصيف ‪ 21‬م وفي طرابلس ‪ 29‬م )‬
‫وقد أثرت ظروف ليبيا المناخية على النبات الطبيعي ففي منطقة الجبل األخضر‬
‫بإقليم برقة تنمو شجيرات البحر المتوسط‪ ،‬ففي أعلى الجبل تكثر األمطار تنمو أشجار‬
‫السرو والسنديات والعرعار‪ ،‬وحيث تقل األمطار تنمو حشائش اإلستلس‪ .‬وكذلك حول‬
‫طرابلس تنمو الشجيرات (االحراش) والحشائش‪ ،‬وفيها عدا هاتين المنطقتين (برقة‪ .‬طرابلس)‬
‫تنمو النباتات الصحرواية في معظم جهاتها‪ ،‬كما توجد مناطق جرداء خالية من النباتات‬
‫(‪)2‬‬
‫وذلك بسبب قوة ظروفها المناخية‪.‬‬

‫)‪(1‬‬
‫أحمد إسماعيل راشد‪ :‬تاريخ أقطار المغرب السياسي الحديث والمعاصر (ليبيا‪ ،‬تونس‪ ،‬الجزائر‪ ،‬المغرب‪ ،‬موريتانيا)‪،‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.22 ،29‬‬
‫)‪(2‬‬
‫جمال مشري‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.992 ،999‬‬

‫‪14‬‬
‫لمحة تاريخية عن ليبيا قبل ‪ 1111‬م‬ ‫الفصل التمهيدي‬

‫لقد تميز مناخ ليبيا بإختالف الحراري الشديد من‪ ،‬حيث اإلرتفاع واالنخفاض إذ يصل‬
‫معدل درجة الح اررة نها ار إلى ‪ 01‬م‪ °‬وليال برودة ‪%93‬م‪ ،°‬كما نجد أن المعدل السنوي‬
‫(‪)1‬‬
‫لكمية األمطار يقل عن ‪ 93‬ملم وهذا غير كاف‪.‬‬
‫‪ -8‬السكـــــان‪:‬‬
‫سكان ليبيا هم مزيج من أعراق واثنيات عديدة تعايشت فيما بينها طيلة سبعة آالف‬
‫سنة علي األرض الليبية مكونة من‪ :‬العرب‪ ،‬واألمازيغ‪ ،‬والطوارق‪ ،‬والتبو‪ ،‬ويتألف من أكثر‬
‫من ألف وخمسمائة قبيلة‪ ،‬أي أن المكون األساسي للشعب الليبي القبائل الليبية تمتد من‬
‫شرقها‪ ،‬إلى الحدود الغربية علي امتداد الساحل الليبي‪ ،‬ومن شمالها إلى أقصي جنوبها‬
‫وتمثل القبائل العربية األغلبية الساحقة لمكونات هذا الشعب‪ .‬إضافة إلى قبائل األمازيغ‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫والطوارق والتبو في الجنوب‪.‬‬
‫أما السكان المسلمون فيتكونون من عنصرين عربي وبربري مستعرب‪ .‬والبربر كلهم‬
‫موجودون في والية طربلس وقزان وجبل نفوسة‪ ،‬وواحة أوجلة الواقعة جنوب والية برقة‪ ،‬وفي‬
‫الساحل الغربي لزوارة وواحة غات وغدامس‪ .‬كما ينقسمون إلى عدد من القبائل العربية‬
‫(‪)3‬‬
‫العرقية وهذا التقسيم يشكل المستوي األول للحكم‪.‬‬
‫إن سكان ليبيا معظمهم من العرب‪ .‬وبعضهم من البربر المتعربين‪ ،‬باإلضافة‬
‫إلى أعداد قليلة من الزنوج والزنوج المعتربين‪ ،‬وينتسب العرب األنقياء في ليبيا إلى قبائل بني‬
‫هالل وبني سليم التي هاجرت إلى مصر وشمال إفريقيا في منتصف القرن الحادي عشر‬

‫)‪(1‬‬
‫الهادي قطش‪ :‬أطلس الجزائر طبيعيا‪ ،‬بشريا‪ ،‬اقتصاديا‪ ،‬سياسيا‪ ،‬دار الهدى‪ ،‬عين مليلة الجزائر‪ ،2331 ،‬ص‪18‬‬
‫)‪(2‬‬
‫عبد السالم جمعة زاقود‪ :‬مسار المصالحة الوطنية والسلم االجتماعي ليبيا‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.93 ،21‬‬
‫)‪(3‬‬
‫إسماعيل العربي‪ :‬حاضر الدول اإلسالمية في القارة اإلفريقية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.91‬‬

‫‪15‬‬
‫لمحة تاريخية عن ليبيا قبل ‪ 1111‬م‬ ‫الفصل التمهيدي‬

‫الميالدي‪ ،‬وقد سكن كثير من بني سليم برقة‪ ،‬بينما توغل فريق آخر من بني هالل في شمال‬
‫(‪)1‬‬
‫ليبيا وسائر بالد المغرب‪ ،‬واختلط الجميع بالسكان األصليين لليبيا " البربر"‪.‬‬
‫وهكذا كان بنو سليم وبنو هالل ممن استقروا بليبيا وصبغوها بالصبغة العربية‬
‫(‪)2‬‬
‫اإلسالمية منذ منتصف القرن الحادي عشر الميالدي‪.‬‬
‫كما يرى هيرودوت أن بحيرة تريتون (و هي خليج قابس بتونس على األرجح ) هي‬
‫الحد الفاصل بين مجموعتين من الليبين‪ ،‬إحداهما تعيش إلى الغرب ألفو حياة اإلستقرار‪،‬‬
‫والثانية تعيش إلى الشرق من البحيرة تتألف من بدو رعاة وعلى حسب هذا القول أخذ البعض‬
‫(‪)3‬‬
‫بوجود ليبين شرقيين وغربيين‪.‬‬
‫ويقول مصدر آخر أن سكان ليبيا من األعراب‪ ،‬أي أن في كالمهم فضاضة‪ ،‬وأنهم‬
‫من قراء القرآن مثل ما وصفهم في قوله‪" :‬يقرؤون التراتيل"‪.‬‬
‫ويسكنون القفار البرية أم البراري والقفار وفي بيت شعرب يثبت ذلك‪:‬‬
‫وتخدع باأللطاف طور بالبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـر‬ ‫أنا الغول غالت من يطور فنائها‬
‫وكم بين نفس المرء في العدر والبر‬ ‫فإن أكلو ابري شربت نفوسه ـ ـ ـ ـم‬
‫ويشير في كالمه ويصف أهل وسكان برقة بقوله‪ :‬عرب برقة اليوم من أفصح العرب‪،‬‬
‫ولكن لم يكثر ورود الناس عليهم فلم يختلط كالمهم بغيره‪ .‬وهم إلى اآلن علي عربيتهم ولم‬
‫يفسد من كالمهم إال قليل ويذكر أهل طرابلس ويقول‪ :‬للجهل مأتم وما للعلم بها غرس‪.‬‬
‫(‪)4‬‬
‫أقفرت ظاه ار وباطنا‪ .‬وكأنهم من ضيق أفهامهم لم يخرجوا بعد إلى العالم‪.‬‬

‫)‪(1‬‬
‫جوده حسنين جودة‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.893‬‬
‫)‪(2‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ص ‪.899‬‬
‫)‪(3‬‬
‫مصطفى كمال عبد العليم‪ :‬دراسات في تاريخ ليبيا القديم‪ ،‬منشورات الجامعة الليبية‪ ،‬بنغازي‪ ،9166 ،‬ص‪.9‬‬
‫)‪(4‬‬
‫محمد العبدري البلنسي‪ :‬الرحلة المغربية‪ ،‬ترجمة سعد بوخالفة‪ ،‬منشورات بونة البحوث والدراسات‪ ،‬بونة‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪ ،2338‬ص ص ‪.906 ،900 ،911‬‬

‫‪16‬‬
‫لمحة تاريخية عن ليبيا قبل ‪ 1111‬م‬ ‫الفصل التمهيدي‬

‫الديانة‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫يدين الشعب الليبيي بالديانة االسالمية أي االسالم هو الدين الرسمي والذي تطبق‬
‫أحكامه الشرعية في ليبيا وكلهم مسلمون علي المذهب المالكي‪ ،‬وذلك فيما عدا أقلية من‬
‫البربر تقطن خصوصا‪ ،‬في طرابلس وزواعة وجبل نفوسة‪ ،‬تدين بالمذهب األباظي‪ ،‬كما‬
‫كانت تشيع الطرق الصوفية والزوايا‪ ،‬كما كانت تنتشر الطريقة السنوسية التي كان لها تأثير‬
‫وتوغل ونفوذها في البلد منذ القرن وكان مبدؤها الذي تنادي به هو العودة إلى الكتاب‬
‫والسنة‪.‬‬
‫وأما الديانات غير االسالمية فإن مركزها ضعيف في ليبيا‪ ،‬حيث أن الكاثوليك ال‬
‫(‪)1‬‬
‫يملكون سوي كنيستين‪ .‬إحداهما في طرابلس واألخرى في بنغازي‪.‬‬
‫ويدينون الليبيون بال استثناء باإلسالم المعتدل‪ ،‬وال توجد هناك انقسامات مذهبية‬
‫واضحة‪ ،‬حيث يغلب علي جلهم التدين وفق مذهب االمام مالك بن أنس رحمه اهلل‪ ،‬وينهج‬
‫بعض الليبين وفق المذهب اإلباضي‪ ،‬في حين اصبح هناك انتشار لبعض المذاهب‪ ،‬أو‬
‫(‪)2‬‬
‫المناهج الديني‪ :‬كالمنهج السلفي‪ ،‬ومنهج اإلخوان المسلمون‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫والتيفيناغ لغة األمازيغ‪ ،‬والتماسقية لغة‬ ‫ب‪ -‬اللغة‪ :‬يتحدث الشعب الليبي اللغة العربية‬
‫الطوارق‪ ،‬لغة النشيد التي هي لغة التبو ذات األصل األمازيغي وجميع أفراد الشعب‬
‫(‪)4‬‬
‫الليبي يتحدثون اللهجة العربية الليبية‪.‬‬

‫)‪(1‬‬
‫إسماعيل العربي‪ :‬حاضر الدولة اإلسالمية في القارة اإلفريقية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪66 ،63‬‬
‫)‪(2‬‬
‫عبد السالم جمعة زاقود‪ :‬مسار المصالحة الوطنية والسلم اإلجتماعي ليبيا‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪93‬‬
‫)‪(3‬‬
‫آمنة أبو حجر‪ :‬الموسوعة الجغرافية لبلدان العالم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.292‬‬
‫)‪(4‬‬
‫عبد السالم جمعة زاقود‪ :‬مسار المصالحة والسلم اإلجتماعي ليبيا‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪93‬‬

‫‪17‬‬
‫لمحة تاريخية عن ليبيا قبل ‪ 1111‬م‬ ‫الفصل التمهيدي‬

‫المبحث الثاني‪ :‬أوضاع ليبيا في العهد العثماني‪:‬‬


‫ومن خالل ما عرفناه عن ليبيا جغرافيا وسكانيا سنحاول أن نعرف أيضا أوضاعها‬
‫في أواخر العهد العثماني‪ ،‬وذلك من خالل المبحث الثاني الذي تضمنت مطالبه عهد االتراك‬
‫األول والثاني باإلضافة إلى األسرة القرمنالية التي حكمت بدورها فترة من تاريخ ليبيا‪.‬‬
‫فكان دخول العثمانيين لبالد المغرب أم ار فرضته التهديدات المسيحية االسبانية أوائل‬
‫القرن السادس عشر الميالدي‪ ،‬حيث جذب هذا الصراع الصليبي الجديد رجال الجهاد‬
‫البحري الذين أسسوا أساطيل بحرية ثم اندمجوا مع سكان المغرب في مقاومة الغزو‬
‫المسيحي‪ ،‬وكان الستقرار األتراك في طرابلس دور حاسم في حسم النزاع مع إسبانيا وفي‬
‫الهيمنة على الحوض الغربي المتوسط‪ ،‬وفي هذا البحث نحاول التعرف على أوضاع ليبيا‬
‫في أواخر هذا العهد بتحليلنا لألحداث من خالل المطالب التالية‪:‬‬
‫عهد األتراك األول ( ‪:) 0100 – 0220‬‬ ‫‪-0‬‬
‫كانت طرابلس بموقعها االستراتيجي مدينة صغيرة يسكنها العرب وخاضعة لسيطرة‬
‫فرسان مالطىة‪ ،‬وقد لفتت أنتباه العثمانيين في صراعهم مع القوى المسيحية‪ ،‬فقرروا‬
‫إخضاعها لنفوذهم وطرد فرسان مالطا منها وأدت تلك الجهود العثمانية في شمال إفريقيا أن‬
‫تصبح كل من الجزائر وطرابلس واليات عثمانية(‪ ،)1‬حيث كانت ليبيا تحت سيطرة اإلسبان‬
‫عام ‪ 9993‬في إطار الهجمة الصليبية على سواحل الشمال اإلفريقي‪ ،‬وسلمت إلى فرسان‬
‫مالطا الدين استبدوا بحكمها وأرهقوا كاهل السكان بالضرائب‪ ،‬وقد استنجد سكان طرابلس‬
‫بالسلطان العثماني وطلبوا منه الحماية والدعم سنة ‪ 9906‬فأجابهم السلطان سليمان وأرسل‬

‫)‪(1‬‬
‫عبد العزيز سليمان نوار‪ :‬الشعوب اإلسالمية األتراك العثمانيين الفرس مسلمو الهند‪ ،‬دار النهضة العربي‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫‪ ،9180‬ص ‪920‬‬

‫‪18‬‬
‫لمحة تاريخية عن ليبيا قبل ‪ 1111‬م‬ ‫الفصل التمهيدي‬

‫(‪) 1‬‬
‫سنان باشا وبرغوث‪ ،‬لتتمكن من تحرير‬ ‫إلى طرابلس ثالث جيوش بقيادة مراد آغا‬
‫طرابلس(‪ ،)2‬وهكذا حل األتراك بالبلد وأقامو فيه تاركين نوعا من االستقالل الذاتي لبرقة التي‬
‫نصبوا عليها( بايا)‪ ،‬حيث لم يكونوا يهتمون عدا بالموانئ التي يطلقون منها سفنهم في‬
‫عرض البحار‪ ،‬أما البالد الداخلية فقد كانت أهم ما يهمهم فيها هو جباية الضرائب‬
‫(‪)3‬‬
‫واالتاوات‪.‬‬
‫ومن ذلك الحين ضمت ليبيا لإلمبراطورية العثمانية‪ ،‬وظلت خاضعة للسيطرة‬
‫العثمانية‪ ،‬وغلى أن قام حكم مستقل داخليا عن السلطة العثمانية(‪ ،)4‬حيث بدأ درعوث باشا‬
‫منذ أن احتل مدينة المهدية التونسية عام ‪ 9993‬في مهاجمته طرابلس‪ ،‬كما خاض مراد‬
‫أغاغدة مناوشات‪ .‬وقررت السلطة العثمانية تجهيز مملة قوية بقيادة سنان باشا ومراد أغا‪.‬‬
‫ونزلت قواته بطرابلس عام ‪ 9999‬وحاصرت المدينة من جهات مختلفة ودكت قلعة طرابلس‪.‬‬
‫وقررت في األخير قائد فرسان مالطة للتفاوض مع سنان باشا علي شروط االستسالم وفتحت‬
‫المدينة أبوابها لالتراك يوم ‪ 99‬أغسطس ‪ 9999‬وبذلك حصل العثمانيون علي قاعدة‬
‫عسكرية وبحرية مهمة تربط مصر وبالد المغرب وتحمي ظهر تونس من العدوان المسيحي‪.‬‬
‫(‪)5‬‬
‫وقد عين كما قلنا سالفا مراد أغا حاكما عليها باسم السلطان العثماني‪.‬‬
‫حيث قام درغوت محاصرة طرابلس بضعة أشهر إلى أن تمكن االستالء عليها سنة‬
‫‪ 9999‬وكافأته الدولة العثمانية بتوليه النيابة‪ ،‬وسمح له هذا المنصب أن يلعب دو ار هاما في‬

‫)‪(1‬‬
‫مقالتي عبد اهلل‪ :‬المرجع في تاريخ المغرب الحديث والمعاصر ( الجزائر‪ ،‬تونس‪ ،‬المغرب‪ ،‬ليبيا‪ ،‬ديوان المطبوعات‬
‫الجامعية‪ ،2399 ،‬ص ص ‪93 ،22‬‬
‫)‪(2‬‬
‫رأفت الشيخ‪ :‬في تاريخ العربي الحديث ‪ ،‬الطبعة الرابعة‪ ،‬دار الثقافة والنشر والتوزيع ‪ ،‬القاهرة‪ ،9110 ،‬ص ‪993‬‬
‫)‪(3‬‬
‫إسماعيل العربي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.62‬‬
‫)‪(4‬‬
‫أحمد إسماعيل راشد‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.29‬‬
‫)‪ (5‬مقالتي عبد اهلل‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.20 ،22‬‬

‫‪19‬‬
‫لمحة تاريخية عن ليبيا قبل ‪ 1111‬م‬ ‫الفصل التمهيدي‬

‫المجال العسكري والسياسي(‪ ،)1‬فكان مطلعا علي أوضاع ليبيا وعلي أهميتها االستراتيجية في‬
‫المتوسط‪ .‬وهكذا أخذ السلطان قرار لفتح طرابلس ونزلت القوات العثمانية بتاجوراء وطلبت‬
‫من فرسان مالطا االستسالم‪ ،‬حيث فرض حصار عليها بما اضطرهم لالستسالم في اوت‬
‫‪ 9999‬وأصبحت والية عثمانية‪ .‬وقد مرت إدارتها خالل هذا العهد بأربع مراحل مهمة‪:‬‬
‫أ‪ -‬مرحلة البيلربايات (‪:)0111-0220‬‬
‫حيث عين السلطان مراد اغا حاكما علي طرابلس بدل درغوث باشا‪ .‬فعهد إلى تنظيم‬
‫(‪)2‬‬
‫البالد إداريا وعسكريا‪ ،‬حيث قسمها إلى متصرفين طرابلس الغرب وبنغازي‪.‬‬
‫وحصن العاصمة طرابلس للوقوف امام محاوالت فرسان مالطا واهتم بالطرق البرية‬
‫التجارية ونضم القبائل وجمع الضريبة‪ ،‬وبعد وفاته عام ‪ 9993‬عين درغوث باشا حاكما‬
‫على ليبيا فتمكن من توطيد الحكم العثماني فيها‪ ،‬حيث اخضع الداخلية والحق القبائل البدوية‬
‫الثائرة وأحي الطرق التجارية الصحراوية‪ ،‬وبذلك ساس البالد سياسة رشيدة وفي ‪ 9963‬شن‬
‫حملة على جربة لطرد لألسبان وهزمهم وظل يحرز لالنتصارات حتى استشهد في المعارك‬
‫في جزيرة مالطا ليدفن في ليبيا ويصبح قبره م از ار وعرف هذا العهد بعهد درغوث باشا مرحلة‬
‫من الضعف والتقهقر لعدم تحمل الحكام مسؤولياتهم فمال الجند إلى اللهو وجمع الثروة‪ ،‬وقد‬
‫تركت ليبيا فترة بدون حاكم إلى أن شكى السكان للسلطان فكلف يحي باشا بحكم الوالية‪،‬‬
‫فكان حازما وهابه الجميع واستطاع أن يعيد األمن تدريجيا للبالد ولكن حكم اهلل سبق مكان‬
‫يرد أن قوم به‪ ،‬واستغل الجند وضعية الفراغ السياسي وحالة الفوضى التي سببها الجيش‬
‫(‪)3‬‬
‫االنكشاري‪ ،‬وبمجرد وصول هته االخبار إلى السلطان أمر العلج علي بإدارة الوالية‪.‬‬

‫)‪(1‬‬
‫عبد القادر زبادية وأخرون‪ :‬التاريخ الحديث ‪.9199-9990‬المعهد التربوي الوطني‪ .‬الجزائر‪ .9113 .‬ص ‪62‬‬
‫)‪(2‬‬
‫محمود علي عامر ومحمد فير فارس‪ :‬تاريخ المغرب العربي الحديث‪ .‬المغرب االقصى ليبية منشورات جامعة‬
‫دمشق‪.‬ص ‪99‬‬
‫)‪(3‬‬
‫محمود ناجي‪ :‬تاريخ طرابلس الغرب‪ ،‬ترجمة‪ :‬عبد السالم أدهم ومحمود األسطى‪ ،‬بنغازي‪ ،9183 ،‬ص ‪993‬‬

‫‪20‬‬
‫لمحة تاريخية عن ليبيا قبل ‪ 1111‬م‬ ‫الفصل التمهيدي‬

‫فأخضع الجنود االنكشارية والمناطق الثائرة بمجرد وصوله وتفرغ بعد ذلك إلى النشاط‬
‫البحري‪ ،‬وتحصين ميناء طرابلس وقد عهد له بحكم الجزائر‪ ،‬وعين جعفر باشا خليفة له على‬
‫طرابلس وعمت الفوضى في عهده وثارت القبائل نتيجة كثرة الضرائب فعاملها بشدة‪ ،‬فعوض‬
‫برمضان باشا (‪ ،)1‬الذي ما لبث في حكمه إال أن تحولت األوضاع وساءت فواجهها بدموية‪،‬‬
‫واندلعت الثورات في وجهه ولم يخلص له االنكشارية وغدروا به وقتلوه عام ‪،) 2( 9919‬‬
‫وعمت البالد الفوضى واشتد الصراع‬
‫وهكذا انتهى هذا العهد باضطرابات‪ ،‬نتج عنها فساد أمرها ونظام حكمها وكثر الهرج‬
‫بين الرعية ليأتي عهد جديد وعصر آخر‪ ،‬هو عصر الدايات‪.‬‬
‫ب‪ -‬عصر الدايات ( ‪:) 0114 – 0101‬‬
‫تميز بحكم االنكشارية التداولي‪ ،‬وبالصراع على السلطة‪ ،‬فبمجرد فوز الضابط سليمان‬
‫بثقة الديوان اصطدم بالديوان وتنازل عن السلطة وحافظ الديوان على الوضع المستقر إلى‬
‫غاية ‪ ،9699‬حيث تمكن الضابط صفرداي ( ‪ ) 9699 – 9631‬صاحب الثروة الهائلة من‬
‫كسب ثقة الديوان‪ ،‬وتفرغ بعد تعيينه رسميا من اسطنبول على التخلص من مناوئية‪ ،‬وشجع‬
‫األعمال البحرية والصناعات‪ ،‬ولكن جشعه آثار عليه االنكشارية‪ ،‬والسكان فقام السكان‬
‫بتنحيته‪ ،‬وعين بدله حامد باشا واليا على طرابلس عام ‪ ،9699‬طالبا منه عدم استخدام القوة‬
‫ضد األهالي‪ ،‬وما لبث أن نحي وجاء بدله سليمان حاكما جديدا وقد عرف عنه الحكمة‬
‫والعدل في إدارة شؤون األيالة‪ ،‬وبعد اضطراب الوضع بليبيا تدخل السلطات لتعيين الداي‬
‫مصطفى شريف باشا عام ‪ 9191‬الذي أعادة االستقالل لأليالة ومن جهة واستبد بسكانها‬
‫من جهة أخرى‪ ،‬وقد استقر في الحكم مدة طويلة‪ ،‬وتم إعدامه ‪ ،9603‬وعين قاسم باشا‬
‫خليفة له‪ ،‬والذي تعاون مع الديوان للحفاظ على االستقرار‪ ،‬وفي ‪ 9600‬تولى محمد باشا‬
‫)‪(1‬‬
‫مقالتي عبد اهلل‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.90‬‬
‫)‪(2‬‬
‫محمود على ومحمد خير فارس‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪-‬ص ‪.910 ،986‬‬

‫‪21‬‬
‫لمحة تاريخية عن ليبيا قبل ‪ 1111‬م‬ ‫الفصل التمهيدي‬

‫الصاقزلي الوالية بفرمان رسمي‪ ،‬لم يخيب أمل السلطان الذي لمح فيه شخصية قوية قادرة‬
‫على إنهاء مرحلة الصراع وتحقيق االستقرار‪ ،‬حيث عرفت البالد هدوءا وازدهار اقتصاديا‬
‫ونشاطا بحريا‪ ،‬وظل االستقرار واالزدهار حت في عهد خليفته عثمان الصاقزلي ( ‪-9691‬‬
‫‪ ،) 1( )9682‬ولكن مالبث أن تغير الوضع وعاد االنقسام والصراع إلى الوالية وتدهورت‬
‫األوضاع لمدة تزيد عن األربعين سنة إلى قيام األسرة القرمانلية‪.‬‬
‫عهد األسرة القرمانلية ( ‪:) 0382-0100‬‬ ‫‪-0‬‬
‫على إثر تدهور األوضاع بطرابلس تمكن رجل أسمه أحمد القرمانلي من إعالن الثورة‬
‫على الوالي وتنصيب نفسه حاكما على طرابلس‪ ،‬وينتسب القرمانليون إلى مدينة قرمان‬
‫باألناضول‪ ،‬حيث جاء مؤسس األسرة إلى طرابلس كبحار صغير‪ ،‬امتلك بعض المزارع‪ ،‬ومع‬
‫مرور الوقت أصبح له نفوذ بالمنطقة بفضل مصاهراته‪ ،‬وقد وصل ابنه يوسف إلى مرتبة‬
‫باشا آغا الفرسان خالل الوالي خليل باشا‪ ،‬وبذل ابنه أحمد جهود كبرى لتقوية نفوذ األسرة‬
‫ومكنه من حكم البالد في سنة ‪ ،) 2( 9899‬بعد إعالن الوالي التركي استقالل البالد عن‬
‫االمبراطورية العثمانية وتوليها أحمد قرة منلي‪ ،‬وبعدما وطد عرشه بسط سلطانه على برقة‬
‫(‪)3‬‬
‫وفزان‪.‬‬
‫حيث تميزت فترته بالهدوء واالستقرار‪ ،‬ولكن خلفاؤه لم يحافظوا وعلى هذا االستقرار‬
‫وما لبث أن ساءت أوضاع األيالة الداخلية في عهد ابنه محمد باشا ( ‪)9816-9899‬‬
‫الذي عرف بالضعف‪ ،‬ومع ذلك فقد أعاد الهيبة للبالد ونشط حمالت البحرية‪ ،‬وارهب‬
‫األوروبيين‪ ،‬ولما تولى على باشا السلطة في الفترة ( ‪ ) 9816 – 9868‬قضى على الفتن‬
‫وأعاد الهدوء للبالد‪ ،‬ولكن المجاعات والتدهور االقتصادي الذي ضرب المنطقة وكذا النزاع‬

‫)‪(1‬‬
‫‪.‬مقالتي عبد اهلل‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.99-99‬‬
‫)‪(2‬‬
‫‪.‬إسماعيل العربي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪62.‬‬
‫)‪(3‬‬
‫مقالتي عبد اهلل‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪55-56.‬‬

‫‪22‬‬
‫لمحة تاريخية عن ليبيا قبل ‪ 1111‬م‬ ‫الفصل التمهيدي‬

‫بين عشائر البدوية وبين الحضر والكراغلة وهجومات األسطول الفرنسي عام ‪ 9819‬هددت‬
‫سلطته‪.‬‬
‫ووصل خامس البشاوات القرمانليين يوسف باشا ( ‪ ) 9102-9816‬م إثر تمرده‬
‫على أبيه علي باشا وأخيه أحمد باشا‪ ،‬وقد حقق االستقرار والهدوء واهتم بالبحرية ووطد‬
‫عالقاته بالدول األوروبية المجاورة‪ ،‬كما ساءت عالقات ليبيا مع أمريكا في عهده وأدى األمر‬
‫إلى حصار سنة ‪ 9139‬كما وقف إلى نابليون ورفض قطع عالقاته مع فرنسا أثناء حملته‬
‫على مصر‪ ،‬وساءت األوضاع المالية بسبب إجبار الدول األوروبية لليبيا على إطالق‬
‫األسرى والتخلي على القرصنة‪ ،‬فزادت ديونه ولجأ لفرض الضرائب مما أدى إلى ثورة‬
‫(‪)1‬‬
‫في المنشيه والساحل وبتشجيع من قناصل فرنسا وانجلت ار وأمريكا‪ ،‬وتونس وأستمر‬ ‫األهالي‬
‫الحال على وضعه حتى في عهد ابنه على باشا ( ‪)2( ) 9109 – 9102‬ونستطيع أن نقول‬
‫أن حكم هذه االسرة تميز بأمرين هما‪:‬‬
‫الالهتمام بالتجارة وتجهيز القوافل عبر الصحراء إلى بالد السودان من جهة‪ ،‬وارسال‬
‫سفن القرصنة للنهب والسلب واالسر في عرض البحر االبيض‪ ،‬من جهة اخرى وقد بلغ‬
‫خطر القرصنة الليبية في وقت ما درجة اضطرت معه االساطيل الفرنسية والبريطانية بل‬
‫واألمريكية إلى التدخل لمحاصرة مدينة طرابلس وقد كانت الفترة بين سنتي ‪9139 -9139‬‬
‫م فترة حرب بين طرابلس وأمريكا‪.‬على أن اسرة قر منلي لم تلبث بعد ذلك أن انفكت وحدتها‬
‫بما نشب بين افرادها من خالفات والنزاعات مما اتاح الفرصة للباب العالي للتدخل وخلعها‬
‫(‪)3‬‬
‫سنة ‪9109‬م‪.‬‬

‫)‪(1‬‬
‫إسماعيل العربي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪60‬‬
‫)‪(2‬‬
‫إسماعيل العربي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.62‬‬
‫)‪(3‬‬
‫إسماعيل العربي‪ :‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.62‬‬

‫‪23‬‬
‫لمحة تاريخية عن ليبيا قبل ‪ 1111‬م‬ ‫الفصل التمهيدي‬

‫ليأتي عهد اخر للحكم التركي أو العهد الذي أطلق عليه بعهد الوالة الذي حكم فترة‬
‫ليست بقليلة والتي دامت من زوال االسرة القرمانية سنة ‪ 9109‬إلى غاية ‪ 9199‬الذي نسب‬
‫إليه أي إلى هذا العام الدخول االيطالي لليبيا‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫لمحة تاريخية عن ليبيا قبل ‪ 1111‬م‬ ‫الفصل التمهيدي‬

‫العهد التركي الثاني (‪ )0100_0382‬م‬ ‫‪-4‬‬


‫‪ -‬عهد الوالة‪:‬‬
‫مع تأزم العالقات الفرنسية العثمانية وسقوط الجزائر تجلى للعثمانين خطر الدول‬
‫االوروبية على االياالت المغربية‪ ،‬وأمام توغل محمد على باشا في بالد الشام اصبح من‬
‫الضروري على الحكومة التركية اعادة النظر في سياستها باتجاه الحكوم ومنها والية طرابلس‬
‫التي ازداد فيها التنافس بين االمراء والبشوات القرمانلين واستقر رأي السلطان محمود‬
‫(‪)1‬‬
‫الثاني‪.‬‬
‫على إرسال أسطول بقيادت نجيب باشا أنهى حكم القرمانيلين وأعاد ليبيا للسلطة‬
‫العثمانية وكان نجيب باشا أول دايتها‪.‬‬
‫وقد تولى طرابلس في هذه المرحلة ثالثة وثالثون واليا توالت في عهدهم المجاعات‬
‫واألوبئة مما أدى إلى تدهور األحوال السياسية واالقتصادية من جديد‪ ،‬وقد عرف عهد نجيب‬
‫باشا (‪ ) 9108 – 9109‬ثالث ثورات كبرى‪ ،‬وقضى على ثورة عثمان آغا وفشل في‬
‫القضاء على ثورة غومة المحمودي في نفوسه وثورة عبد الجليل سيف في سرت‪ ،‬ومن خالل‬
‫عهد على أشقر باشا ( ‪ ) 9192 – 9101‬تم القضاء عليهما‪ ،‬وبعد ذلك تفرغ الوالي محمد‬
‫أمين باشا(‪) 9192 – 9101‬الداخلية‪ ،‬حيث قام بعدة تنظيمات إدارية وعمل على تحسين‬
‫األوضاع اإلقتصادية وفي عهد محمد راغب باشا ( ‪ ) 9191 – 9196‬رجعت األوضاع‬
‫من جديد وتواصلت االضطرابات‪ ،‬وقد حاول جاهدا لتطبيق النظام ومحاربة الثوار وقطاع‬
‫الطرق‪ ،‬وما لبث أن حل عام ‪ 9191‬حتى عين الوزير أحمد عزت واليا على البالد‪ ،‬وأهتم‬
‫بالتعمير والز ارعة‪ ،‬واإلنفاق على الفقراء‪ ،‬ليأتي بعده مصطفى باشا للوالية للمرة الثانية‪ ،‬وبقي‬

‫)‪(1‬‬
‫جالل يحي‪ :‬المغرب العربي الحديث والمعاصر الجزء الثاني للهيئة المصرية العامة للكتاب‪ ،‬االسكندرية ‪،9110‬‬
‫ص‪.996‬‬

‫‪25‬‬
‫لمحة تاريخية عن ليبيا قبل ‪ 1111‬م‬ ‫الفصل التمهيدي‬

‫مدة ‪ 0‬سنوات في اإلنشاء والتعمير وفي ‪ 9163‬عين الوزير محمود نديم باشا‪ ،‬وكان من‬
‫ذوي الهمة العالية فنال إعجاب السكان‪ ،‬وفي الفترة ‪ 9196‬إلى ‪ 9112‬توالى على البالد‬
‫أثنتى عشر واليا(‪ ،)1‬اهتموا بتنظيم اإلدارة والقضاء وكان المشير على رضا باشا من أبرزهم‬
‫نشاطا وخدمة للسكان وظل الحال على ليبيا على ماهو إلى أن استخدمت في نهاية القرن‬
‫‪ 91‬كثير من الطوارئ‪ ،‬خصوصا تزايد األطماع األوروبية مما أدى إلى سقوط كل من مصر‬
‫في يد االحتالل البريطاني وتونس في يد االحتالل الفرنسي فدفع هذا األمر بالدولة العثمانية‬
‫لالهتمام أكبر بليبيا ومساعدتها فحصنت الميناء وزادت عدد أفراد الحامية التركية‪ ،‬وجاء والة‬
‫(‪)2‬‬
‫أكفاء قاموا بتحصين البالد واهتموا بالتعليم واإلدارة وتحصين الموانئ‪.‬‬
‫وبالرغم من هذا إال أن أوضاع الدولة العثمانية الداخلية والخارجية جعلتها تنشغل عن‬
‫والية ليبيا‪ ،‬ومن خالل هذه المرحلة وطدت الحركة السنوسية موقعها ونجحت بقيادة بن علي‬
‫بن السنوسي في إيجاد قدم راسخ لها بمختلف األقاليم الليبية‪ ،‬وأصبحت تشكل سلطة دينية‬
‫وسياسية موازية لسلطة األتراك‪ ،‬واستغل اإليطاليون هذا الضعف التي وليت به الدولة‬
‫العثمانية إلحتالل البالد وأنهو بذلك الوجود العثماني بحملة عسكرية عام ‪ 9199‬م(‪ ،)3‬الذي‬
‫استمر حكمهم ما يقارب سبعة والسبعين عاما‪ ،‬رغم نظرة الشك والتردد حولهم حول سياستهم‬
‫(‪)4‬‬
‫من قبل اليبيين‪.‬‬
‫وهكذا يبدوا لنا أن مرحلة الوجود العثماني الطويلة في ليبيا اتسمت بتقلب األوضاع‬
‫السياسية وتعدد أنظمة الحكم المباشر وغير المباشر وعرفت ليبيا خاللها بعض مظاهر‬
‫الهدوء والرخاء‪ ،‬كما عرفت من اإلضطرابات واإلنقسام‪ ،‬ونستطيع أن نقول‪ :‬إن مرحلة‬

‫)‪(1‬‬
‫جالل يحي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪446.‬‬
‫)‪(2‬‬
‫محمود على عامر ومحمد فارس‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪-‬ص ‪299-208‬‬
‫)‪(3‬‬
‫‪.‬مقالتي عبد اهلل‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.91‬‬
‫)‪(4‬‬
‫‪.‬عمار جحيدر‪ :‬أفاق في تاريخ ليبيا الحديث‪ ،‬الدار العربية للكتاب‪ ،‬مصر‪ ،9119 ،‬ص ‪.93‬‬

‫‪26‬‬
‫لمحة تاريخية عن ليبيا قبل ‪ 1111‬م‬ ‫الفصل التمهيدي‬

‫البليربايات كانت أزهى المراحل‪ ،‬ولكن ضعف الدولة العثمانية دفع قادة البالد لحكمها بطريقة‬
‫عسكرية فسادت الصراعات والفوضى‪ ،‬ولم يستتب األمر إال في الفترة األولى من حكم االسرة‬
‫القرمانلية والمرحلة األخيرة من حكم الوالة‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫الفصل األول‪:‬‬
‫أسباب االحتالل اإليطالي لليبيا وسياسته‬
‫االستعمارية‬
‫أسباب اإلحتالل اإليطالي لليبيا وسياسته االستعمارية‬ ‫الفصل األول‬

‫كانت إيطاليا تبيت الحتالل ليبيا منذ زمن وألسباب كثيرة ومتعددة‪ ،‬كما اعتبرت ليبيا‬
‫هي نصيبها الذي تبقى من شمال إفريقيا‪ ،‬وكان عليها أن تخطط إلقناع الدولة العثمانية‬
‫والقوى االوروبية بذلك وان تمضي قدما لتحقيق رغبتها في السيطرة عليها‪ ،‬فكان من الطبيعي‬
‫أن تقوم الحكومة اإليطالية بإجراءات تمهد من خاللها لسياستها االستعمارية تجاه ليبيا‬
‫وتحاول اقناع الرأي العام الليبي معتمد في ذلك على سياسة ومعادلة خاطئة‪ ،‬أثبتت األيام‬
‫عدم منطقها وصحتها وهي أن الليبيون يكرهون الحكم العثماني‪ ،‬وأنهم سيرحبون بأي تغيير‬
‫جديد يخلصهم من الحكم متناسية بأن هناك عامل مهم يربط بين الليبيين واألتراك وهو الدين‬
‫اإلسالمي‪ ،‬ومن هنا بدأت في عملية بناء جسور لها في الوالية‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫أسباب اإلحتالل اإليطالي لليبيا وسياسته االستعمارية‬ ‫الفصل األول‬

‫المبحث األول‪ :‬أسباب االحتالل‪.‬‬


‫‪ -0‬األسباب السياسية‪:‬‬
‫بدأت إيطاليا تمهد لغزو ليبيا من الناحية الدولية بإجرائها محادثات مع فرنسا‪،‬‬
‫عرضت خاللها فرنسا اعترافها لها بالسيادة على الحبشة‪ ،‬واطالق حريتها في التصرف اتجاه‬
‫ليبيا‪ ،‬بشرط اعتراف إيطالي بالسيادة الفرنسية في تونس‪ ،‬ثم توقفت المباحثات بين الدولتين‬
‫برفض إيطاليا لهذا المشروع‪ .‬وبعد ذلك عادت إيطاليا تبدي استعدادها للتفاوض مع فرنسا‬
‫بشأن خطتها في تونس‪ ،‬إذا وعدت صراحة بتأييدها عندما تستولي على ليبيا وكانت تخشى‬
‫من فرنسا على البحر المتوسط‪ ،‬وأبدلت مخاوفها في ذلك لبريطانيا وألمانيا‪ ،‬وأشارت إلى‬
‫خطورة ميناء "بنزت" في تونس على المصالح البحرية اإليطالية والبريطانية‪.‬‬
‫وفي األخير عارض المفاوضون الفرنسيون عليها احتالل ليبيا‪ ،‬بقولهم‪(:‬نحن نقول‬
‫لاليطاليين خذوا طرابلس)‪ ،‬وكان ذلك أثناء المحادثات اإلنجليزية والفرنسية حول تونس‬
‫وقبرص‪ ،‬كما كانت ألمانيا تبدي استعدادها لتأييد إيطاليا‪ ،‬حتى تستمر في البقاء في الحلف‬
‫الثالثي مع النمسا‪ ،‬وعدت بمساعدتها إذا حاولت فرنسا االستعالء على المغرب أو ليبيا‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫اتفاقا ثنائيا مع إيطاليا‪ ،‬اعترف‬ ‫وفي فبراير ‪ 9118‬وقع بسمارك (‪)Bismarcke‬‬
‫فيه بحق إيطاليا في احتالل طرابلس وبرقة(‪ ،)2‬في خضم كل هذه األحداث صار شغل الدول‬
‫االستعمارية الشاغل تقسيم تركة الرجل المريض أي الدولة العثمانية التي كانت تصارع هذا‬
‫التكالب لكن دون جدوى‪.‬‬

‫)‪(1‬‬
‫بسمارك ‪)9111 –9199( :Bismarck‬م سياسي ألماني عمل على تحقيق الوحدة األلمانية أصبح مستشار‬
‫لإلمبراطورية بعد االنتصار على فرنسا عام ‪ 9183‬م‪ ،‬جعل من بلده قوة أوروبية ودولية استعمارية وأهم منجزاته تحقيق‬
‫الحلف الداخلي واقامة اإلمبراطورية األلمانية الثانية‪ .‬ينظر‪ :‬الكيالني عبد الوهاب‪ :‬الموسوعة السياسية‪ ،‬الجزء األول‪،‬‬
‫ص‪.990‬‬
‫)‪(2‬‬
‫حلمي محروس إسماعيل‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.030‬‬

‫‪30‬‬
‫أسباب اإلحتالل اإليطالي لليبيا وسياسته االستعمارية‬ ‫الفصل األول‬

‫فكان تقسيم إفريقيا موضوعا ساخنا باعتباره حدث كون فكرة لدى الساسة األوروبيين‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫تمثلت في الرغبة الملحة من أجل تقطيع أوصال القارة ثم اقتسامها‪.‬‬
‫لهذا وجهت ألمانيا الدعوة إلى مختلف القوى الدولية لحضور األشغال مؤتمر برلين‬
‫الذي دعى إليه بسمارك‪ ،Bismarck‬حيث افتتح يوم السبت ‪ 9119/99/99‬على الساعة‬
‫الثانية زواال تحت رئاسة هذا األخير‪ ،‬ودارت أشغاله في قصر راد زيفيل‪. Radziwill‬‬
‫حضره ممثلو اربعة عشر دولة هي‪( :‬النمسا‪ ،‬المجر‪ ،‬ألمانيا‪ ،‬بلجيكا‪ ،‬الدانمارك‪ ،‬إيطاليا‪،‬‬
‫هولندا‪ ،‬البرتغال‪ ،‬روسيا‪ ،‬إاسبانيا‪ ،‬السويد‪ ،‬النرويج‪ ،‬تركيا‪ ،‬بريطانيا والواليات المتحدة‬
‫االمريكية )‪ .‬هيمنت على أشغاله خمس دول كبرى‪ ،‬والتي كانت تسعى إلى تحقيق مصالحها‬
‫في إفريقيا وهي‪ ( :‬ألمانيا‪ ،‬فرنسا‪ ،‬بريطانيا‪ ،‬البرتغال‪ ،‬بلجيكا)‪.‬‬
‫أما الدول التسع االخرى فكانت حاضرة بأصواتها فقط من أجل تسيير اشغالها وتزكية‬
‫ق ارراته‪ ،‬قد الحظ المتتبعون لشؤون السياسة في أوروبا أن توجهات المؤتمر قد ارتسمت‬
‫بشكل جلي وواضح‪ ،‬وفتحت الباب على مصرعيه لدفع عملية التكالب االستعماري نحو القارة‬
‫(‪)2‬‬
‫اإلفريقية‪.‬‬
‫عد المؤتمر عمال دوليا لتنظيم عملية السلب والنهب للقارة بواسطة اضفاء شرعية‬
‫على االحتالل(‪ ،)3‬فبدت تطلعات هته الدولة أكثر وضوحا خاصة بعد مؤتمر برلين(‪-9119‬‬
‫‪)9119‬م‪ ،‬والتي كانت نتائجه ثمرة لهذه الحركة التي كانت تمهد لقطع أوصال القارة‬

‫)‪(1‬‬
‫‪Henri Brunschwïg: le partage de l’Afrique noire, Imprimerie Reliure, Name édition,‬‬
‫‪Flammarion, France, 1771, P 101.‬‬
‫)‪(2‬‬
‫محمد الطاهر بنادي‪ :‬الحركات االستقاللية في إفريقيا خالل القرن العشرين‪ ،‬دراسة حالتي غينيا وكينيا‪ ،‬مذكرة لنيل‬
‫شهادة الماجستير في تاريخ إفريقيا المعاصر‪ ،‬إشراف يوسف تلمسان كلية العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬جامعة يوسف بن‬
‫خدة الجزائر‪ ،2393 ،‬ص ‪.01‬‬
‫)‪(3‬‬
‫أحمد شلبي‪ :‬موسوعة التاريخ اإلسالمي‪ ،‬الجزء السادس‪ ،‬الطبعة السادسة‪ ،‬مكتبة النهضة المصرية‪ ،‬القاهرة‪،9111 ،‬‬
‫ص ‪.923‬‬

‫‪31‬‬
‫أسباب اإلحتالل اإليطالي لليبيا وسياسته االستعمارية‬ ‫الفصل األول‬

‫والسيطرة عليها‪ .‬فلم تكن إيطاليا بمنئا عن هذا التكالب فكانت هي االخرى تتطلع الستعمار‬
‫اراضي الغير فلهذا أنظارها موجه نحو تونس لوال وقوعها بيد فرنسا منذ توقيع معاهدة باردو‬
‫(‪)1‬‬
‫‪ 92‬ماي ‪ 9119‬م التي أصبحت بموجبها محمية فرنسية‪.‬‬
‫فما كان على إيطاليا إال أن تقوم بخطوة تساعدها وتمهد لها كسب ليبيا لهذا دعمت‬
‫لها في احتاللها لوالية ليبيا‪ ،‬فأقامت اتفاقية (‪-9133‬‬ ‫فرنسا مقابل دعم هته األخيرة‬
‫‪)9132‬م فيما بينهما‪ ،‬حددتا بموجبها االطماع المتبادلة للطرفين في كل من مراكش‬
‫وليبيا‪ .‬ومعاهدة ‪ 9130‬التي كان محتواه سماح فرنسا إليطاليا بتواجدها في ليبيا في حين‬
‫تسمح هي أخرى بتواجد فرنسا بتونس وظل تخوف إيطاليا من عدم وضع أقدامها على‬
‫أطراف الشمال اإلفريقي‪ ،‬الصناعي‪ ،‬وتالشي تواجدها في السوق الدولية‪ ،‬ولكي تتمكن‬
‫إيطاليا من تحسين مكانتها‪ ،‬فإن الموقف يفرض عليها تثبيت أقدامها في السوق العالمية‪،‬‬
‫وهذا لن يتم إال من خالل البحث عن اسواق‪ ،‬جديدة وأيضا لن يتحقق هذا إال إذا تمكنت من‬
‫أقامت تفاهم دولي‪.‬‬
‫إن االتفاقيات الدولية التي عقدت في تلك الحقبة من القرنين التاسع عشر والعشرين‪،‬‬
‫شكلت عامال حاسما في دفع االستعمار واقامة امبراطوريات استعمارية‪ ،‬ولكي تسير فكرة‬
‫إقامة المستعمرات فإن الموقف يفرض اقامة دائرة واسعة من التفاهم ومع سائر القوى الساعية‬
‫لها أو تأمين حلفاء(‪ ،)2‬وبعد مؤتمر برلين نقطة البدء في االتفاق الدولي‪ ،‬كان الرابح فيه‬
‫ألمانيا والخاسر الدول العثمانية‪ ،‬وصاحب الخطوة إيطاليا كون الدولة أشارت عليها بإمكانها‬
‫تحقيق بعض نوياها‪ ،‬ولكن في مناطق اخرى‪ ،‬والتي لم يتم البحث فيها‪.‬‬

‫)‪(1‬‬
‫‪HOLLIS CHRISTOPHER: Italy Africa, london,1941 p21.‬‬
‫)‪(2‬‬
‫محمد علي عامر‪ :‬تاريخ المغرب العربي المعاصر‪ ،‬منشورات جامعة دمشق‪ ،‬كلية اآلداب والعلوم‬
‫اإلنسانية‪)9928 ،9926( ،‬هـ (‪) 2336 – 2339‬م‪ ،‬ص ‪.099‬‬

‫‪32‬‬
‫أسباب اإلحتالل اإليطالي لليبيا وسياسته االستعمارية‬ ‫الفصل األول‬

‫و ما أن حصلت إيطاليا على االجماع الدولي بحرية البحث عن مناطق حتى اندفعت‬
‫(‪)1‬‬
‫باتجاه اثيوبيا وطرابلس الغرب‪.‬‬
‫وبعدها حرصت إيطاليا على نيل موافقة بريطانيا على مصالحها في ليبيا‪،‬‬
‫فسعت السياسة اإليطالية الخارجية إلى ارساء تقارب مع انجلت ار‪ ،‬وهو ما كرست مالمحه في‬
‫الوفاق االنجليزي الفرنسي الموقع عام ‪ 9139‬م‪ ،‬حيث اكد الطرفان على عدم وضع أي‬
‫عقبات في وجه المطامح اإليطالية في ليبيا‪ ،‬ومنذ ذلك الحين بدأت إيطاليا في التفكير جديا‬
‫(‪)2‬‬
‫في السيطرة على ليبيا‪.‬‬
‫وهذه األسباب سهلت على إيطاليا مهمتها فترجع على أساس تأييد القوى الكبرى لها‬
‫وعجز الدولة العثمانية عن حماية آلياتها‪ ،‬فقد كان موقف القوى االوروبية مناص ار‬
‫اليطاليا‪ ،‬وهو ما توضحه المراسالت الدبلوماسية‪ ،‬إذ تبين موقفها المؤيد لها وضغوطها‬
‫المسلطة على الدولة العثمانية إلرغامها على التنازل عن ليبيا‪ ،‬وقد عبرت السلطات اإليطالية‬
‫عن شكرها للدول المؤيدة لها واعتبرت أن موقفها يخدم السالم الدولي‪ ،‬وأنه شكل اداة ضغط‬
‫حقيقة على الدولة العثمانية‪ ،‬وقد بدأ التواطؤ الفرنسي اإلنجليزي واضحا عندما عقدتا مع‬
‫بعضهما اتفاقا سريا مع المحتل (‪ ،) 3‬إلغالق الحدود البرية المؤدية إلى ليبيا في وجه‬
‫المتطوعين العرب‪ ،‬وأما موقف الدولة العثمانية المعتدى على سيادتها فقد كان رافضا لهذا‬
‫السلوك العدواني‪ ،‬واتخذ أشكال مختلفة‪ ،‬إذ اعتبرته خرقا للمعاهدات الدولية وانتهاكا لسيادة‬

‫)‪(1‬‬
‫محمد علي عامر‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.099‬‬
‫)‪(2‬‬
‫مقالتي عبد اهلل‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.12-19‬‬
‫)‪(3‬‬
‫الطاهر أحمد الزاوي‪ :‬جهاد األبطال في طرابلس الغرب‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬دار التراث العربي‪ ،‬ليبيا‪ ،‬ودار الفتح‪،‬‬
‫بيروت‪ ،9180 ،‬ص ‪.19‬‬

‫‪33‬‬
‫أسباب اإلحتالل اإليطالي لليبيا وسياسته االستعمارية‬ ‫الفصل األول‬

‫دولتهم‪ ،‬وطالبت من القوى الكبرى وخاصة فرنسا وبريطانيا ثنى إيطاليا عن خطوتها كما‬
‫(‪)1‬‬
‫ارسلت دعمها العسكري إلى ليبيا لدعم المقاومة‪.‬‬
‫وبرغم من محاوالت الدولة العثمانية الدفاع عن ممتلكاتها عامة وعن ليبيا خاصة إال‬
‫أن سير األحداث حال دون ذلك فاستمر حكمها في ليبيا حتى عام ‪ 9199‬م بعد أن‬
‫اصبحت هته األخيرة من حصة إيطاليا وتخلت الدولة العثمانية عنها عام ‪ 9192‬بموجب‬
‫معاهدة لوزان (اوشي) وانسحبت من الميدان وبدا سليمان الباروني مفاوضة الطليان في‬
‫طرابلس واقترح مشروعا يعطي الليبيين الحقوق ويضمن له العفو التام عما سبق ورحل إلى‬
‫(‪)2‬‬
‫اسطنبول‪.‬‬
‫حيث تضمن مشروعه شروط أهمها‪:‬‬
‫الشرط الذي تقول فيه‪ :‬أن تركيا تحتج على نقطتين اساسيتين‪ :‬احداهما الغاء مادة في‬
‫نصوص المعاهدة تقضي بامتناع الحكومة التركية عن امداد المجاهدين الليبيين بالسالح‬
‫والعتاد إذا رغبوا بمواصلة الجهاد‪.‬‬
‫أن الحكومة العثمانية التي وقعت على هته المعاهدة (اوشي) و اجازت إليطاليا حرية‬
‫التصرف بليبيا مع تعهدها بعدم امداد شعبها بأي مساعدة مادية أو معنوية وجل ما فعلته‬
‫تكرمها بمنح ليبيا استقاللها واحتفاظ السلطان بحقوقه الدينية‪.‬‬
‫مما كان األجدر بتركيا ومن منطلق اإلخوة الدينية والتعايش الطويل‪ ،‬إطالع الليبيين‬
‫على مجريات األمور‪ ،‬ولو اشتركوا لكسبوا خبرة في مجال سياسي هم بأمس الحاجة إليه‪،‬‬
‫لكن الحكومة التركية رأت أن من حقها التصرف بالممالك الخاضعة لها‪ ،‬ومحرم على أهالي‬
‫تلك الممالك االحتجاج أو المعارضة يبقى أن نقول‪ :‬ان معادة(اوشي) انهت الخالف بين‬

‫)‪(1‬‬
‫الطاهر أحمد الزاوي‪ :‬جهاد األبطال في طرابلس الغرب‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.19‬‬
‫)‪(2‬‬
‫مفيد الزيدي‪ :‬التاريخ العربي بين الحداثة والمعاصر‪ ،‬دار أسامة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،2399 ،‬ص ‪.239‬‬

‫‪34‬‬
‫أسباب اإلحتالل اإليطالي لليبيا وسياسته االستعمارية‬ ‫الفصل األول‬

‫تركيا وايطاليا‪ ،‬لكنهما انعكست سلبا على المقاومة الليبية بشكل عام‪ ،‬حيث اوقفت هذه‬
‫(‪)1‬‬
‫المعاهدة العمليات العسكرية لفترة زمنية‪.‬‬
‫وفي بداية العقدة الثاني من القرن العشرين‪ ،‬كانت الظروف الدولية في غير صالح‬
‫الدولة العثمانية‪ ،‬وكانت هناك ضغوطات من أجل عقد صلح مع إيطاليا‪ ،‬باإلضافة إلى ذلك‬
‫كانت إيطاليا تضغط بهذا االتجاه عن طريق تهديدات للسواحل العثمانية‪ ،‬وضرب‬
‫ثغورها‪ ،‬واحتالل جزرها‪ .‬كما أن التحالفات الدولية ضد الدولة العثمانية كانت تشكل ضغطا‬
‫كبي ار عليها‪ ،‬فقد تحالف ضدها الصرب والبلغار‪ ،‬واليونان‪ ،‬وأعلن أمير الجبل األسود الحرب‬
‫على الدولة‪ .‬كل تلك األحالف شكلت ضغوطا عليها‪ ،‬حتى اضطرت في نهاية المطاف إلى‬
‫عقد معاهدة الصلح مع إيطاليا في ‪ 92‬يوليو ‪/‬تموز ‪ 9192‬م واستمرت حتى ‪ 91‬اكتوبر‬
‫‪9192‬م في لوزان‪ ،‬وانتهت المفاوضات بتوقيعها‪ ،‬وقد نصت بنودها على ما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬وقف رحى الحرب حاال‪.‬‬
‫‪ ‬سحب قوات الجانيين قوات الدولة العثمانية من طرابلس وبرقة والقوات اإليطالية من جزر‬
‫بحر إيجه‪.‬‬
‫‪ ‬تتبادل الحكومتان االسرى والرهائن بأسرع وقت ممكن‪.‬‬
‫‪ ‬تتكفل الحكومتان بإصدار عفو عام تام فتعفو حكومة إيطاليا عن سكان طرابلس‬
‫العرب وبرقة والحكومة العثمانية عن سكان جزر بحر إيجه الذين حاربوا إلى جانب ايطاليا‪.‬‬
‫ومن المالحظ من نصوص هذه المعاهدة أن إيطاليا حصلت على ما كانت تطمح‬
‫(‪)2‬‬
‫اليه‪ ،‬وهو ما جاء في المادتين األولى والثانية‪.‬‬

‫)‪(1‬‬
‫محمد علي عامر‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.296 ،099‬‬
‫)‪(2‬‬
‫الطاهر أحمد الزاوي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.96 ،99‬‬

‫‪35‬‬
‫أسباب اإلحتالل اإليطالي لليبيا وسياسته االستعمارية‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ -4‬األسباب التاريخية‪:‬‬
‫لم تسقط ليبيا في براثم االستعمار اإليطالي إال بعد ضعف الحامي الرسمي للدول‬
‫العربية واإلسالمية‪.‬‬
‫حيث بلغت الدولة العثمانية اقصى اتساعها في عهد السلطان سليم األول والقانوني‬
‫فامتدت امتدادا واسعا في القارات الثالث‪ ،‬آسيا وأوروبا وافريقيا‪ ،‬ولكن بدأت عالمات‬
‫الضعف تظهر بوضوح فتجمدت حدودها وبدأت تنكمش‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ونستطيع أن نوعز هذا التدهور إلى عوامل داخلية وخارجية‪.‬‬
‫فبدأت تضعف هذه االمبراطورية في نهاية القرن الماضي نظ ار لتكاتف وتضامن‬
‫الدول الغربية الصليبية ضدها‪ ،‬وطمعهم في اسقاط الخالفة االسالمية واالستيالء على العالم‬
‫االسالمي وخيراته‪.‬‬
‫ولقد كانت ليبيا (طرابلس الغرب) واحدة من بلدان العالم االسالمي التي وقعت في‬
‫مخالب اإليطاليين المستعمرين بمؤامرة دبرها الماسوني اليهودي (مترسالم) الحائز على‬
‫الدرجة‬
‫الثالثة والثالثين في الماسونية‪ ،‬حيث ذهب هذا األخير إلى إيطاليا وقابل رئيس بلدية روما‬
‫اليهودي الماسوني‪ ،‬ورسما الخطط الالزمة‪ ،‬ودفعت الخزينة اإليطالية الماليين من الليرات‬
‫الذهبية إلى اليهودي (مترسالم) لقاء اقناع الدولة العثمانية بضرورة سحب االسلحة من‬
‫طرابلس (العرب إلى اسطنبول بحجة التعمير واالصالح‪ ،‬كما سيقت قطاعات اخرى من‬
‫(‪)2‬‬
‫الجيش إلى اليمن وهكذا سلمت ليبيا لقمة سائغة للطليان‪.‬‬

‫)‪(1‬‬
‫اسماعيل أحمد ياغي‪ :‬العالم العربي في التاريخ الحديث‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مكتبة العبيكات‪ ،9118 ،‬ص ‪.11‬‬
‫)‪(2‬‬
‫نبيه زكريا عبد ربه‪ :‬الحركات االسالمية ضد الصهيونية والصليبية والشيوعية‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬الدوحة ‪،‬‬
‫‪ ،9116‬ص ص ‪28 – 26‬‬

‫‪36‬‬
‫أسباب اإلحتالل اإليطالي لليبيا وسياسته االستعمارية‬ ‫الفصل األول‬

‫ولقد وصلت ليبيا إلى درجة كبيرة من السوء‪ ،‬حيث تولى شؤونها أكثر من ‪ 00‬واليا‬
‫لفترة ممتدة من سنة ‪9109‬م إلى ‪9199‬م أي سنة الهجوم االيطالي على اراضيها‪ ،‬ولم يكن‬
‫الوضع السيئ يقتصر على هذه الناحية فقط‪ ،‬بل كانت تعصف ببالد موجة من المجاعات‬
‫بسبب قلة األمطار وانتشار االمراض كالكولي ار خصوصا في طرابلس عام ‪9193‬م كل هذه‬
‫األحداث زعزعت قوى ليبيا وتجاهل الدولة العثمانية لها‪ ،‬وال كن ما لبثت إال أن عادت‬
‫واهتمت من جديد بتقوية وتنظيم شؤونها وذلك منذ أن اعلنت فرنسا حملتها على تونس‪،‬‬
‫فراحت تهتم بتقوية حصون طرابلس وزادت الحماية في البالد‪.‬‬
‫لكنها اضطرت من جديد سنة ‪9199‬م قبل الهجوم االيطالي لسحب جزء كبير من‬
‫الجيش وارسالها إلى اليمن إلخضاع الثورة التي قامت فيها(‪ ،)1‬وهذا كان سبب من األسباب‬
‫فتح المجال امام العدوان االيطالي وتسهيل المهمة عليه كما قلنا آنفا‪ ،‬كما وجهت إيطاليا‬
‫للدولة العثمانية إنذا ار بتاريخ ‪ 28‬سبتمبر ‪9199‬م تتضمن ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬رفض إيطاليا القتراح اسطنبول بإجراء مفاوضات حول منحها امتيازات اقتصادية في‬
‫ليبيا مع إبعاد الحكم العثماني‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫‪ -‬اإلدعاء بأن القناصل إيطاليا في طرابلس تمارس ضدهم أعمال عنف‪.‬‬
‫وكان خروج إيطاليا إلى االستعمار متأخ ار عن غيرها من الدول االوروبية وذلك بسبب‬
‫تأخر وحدتها القومية‪ ،‬وضعف امكانياتها‪ ،‬ومشكالتها الداخلية المعقدة‪ .‬وليس معنى هذا أن‬
‫إيطاليا لم يفكر اهلها في اقامة مستعمرات لهم خارج حدودهم قبل الوحدة القومية‪ ،‬إذ أن‬
‫اإليطاليين كانوا يرجون قبل اتمام وحدتهم أن تستطيع مملكة نابولي– النابلطان–‬

‫)‪(1‬‬
‫نقوال زيادة‪ :‬ليبيا من االستعمار اإليطالي إلى االستقالل‪ ،‬القاهر‪ 9191 ،‬ص ص ‪.99 .90‬‬
‫)‪(2‬‬
‫عبد المنصف حافظ البوري‪ :‬الغزو اإليطالي لليبيا‪ ،‬الدار العربية للكتاب‪ ،‬بيروت‪ ،9110 ،‬ص ‪210‬‬

‫‪37‬‬
‫أسباب اإلحتالل اإليطالي لليبيا وسياسته االستعمارية‬ ‫الفصل األول‬

‫كما سماهم السنوسيون االوائل االضطالع بمهمة هذا التوسع‪ ،‬وكان وما يعنيهم مجرد‬
‫التوسع لذاته فحسب‪ ،‬سواء أن جرى هذا في القارة االوروبية ذاتها أو بعض جزر البحر‬
‫االبيض أو اقطار إفريقيا الشمالية‪.‬‬
‫لهذا كانت تصبوا الحتالل تونس كونها قريبة منها وتتمتع بميزة ال تصارعها فيها‬
‫طرابلس لكن احتالل فرنسا لتونس سنة ‪9119‬م وجه ضربة إلطماع إيطاليا بالمنطقة‪ ،‬مما‬
‫(‪)1‬‬
‫اساء العالقة بين فرنسا وايطاليا‪.‬‬
‫هذا ما جعلها تبحث عن مكان اخر تتوسع فيه على حساب اهله‪ ،‬فالتجأت للحبشة‬
‫هذه األخيرة التي ضاقت فيها الهزيمة النكراء‪ ،‬ولتغطية هزيمتها اتجهت إيطاليا إلى ليبيا‬
‫وكانت الوالية العربية الباقية تحت الحكم العثماني‪ ،‬واعتقد اإليطاليون أن انتصاراتهم في‬
‫ليبيا‪ ،‬سوف تمحو كل العار الذي لحق بهم في الحبشة‪ ،‬وفي ذلك الوقت كانت االمبراطورية‬
‫العثمانية قد بدأت فى االضمحالل منذ عام ‪ 9193‬م‪ ،‬وكان ينقصها اعداد قوات مسلحة‬
‫حديثة‪ ،‬وبناء أسطول جديد في الوقت الذي ارسلت فيه بعض الفرق من الحامية التركية في‬
‫(‪) 2‬‬
‫إخماد الثورة التي اندلعت بها‪ ،‬حيث كانت تعاني من سوء األوضاع‬ ‫ليبيا إلى اليمن‬
‫االقتصادية في ذلك الوقت نتيجة لشدة الجفاف خالل السنوات ‪ 9136‬إلى ‪،) 3( 9193‬‬
‫وبتسارع األحداث واحتالل تونس وميول إيطاليا االستعمارية الحتالل ليبيا سارعت الدولة‬
‫العثمانية بعد احتالل تونس بإرسال ‪ 93.333‬جندي إلى ليبيا لحمايتها – مما اضطر‬
‫اإليطاليون تأجيل الخطوة الحاسمة التي كانوا يرسمون لها وهي السيطرة على ليبيا‪ ،‬لكن‬
‫عادت الدولة العثمانية لسحب معظم قواتها من ليبيا للقضاء على ثورة اليمن‪ ،‬حيث يذكر‬
‫االمير شكيب أن الباب العالي حين فكر بسحب قواته من ليبيا إلرسالها إلى اليمن سال حقي‬

‫)‪(1‬‬
‫رأفت الشيخ‪ :‬تاريخ العرب المعاصر‪ ،‬عين البحوث والدراسات اإلنسانية واالجتماعية‪ ،9111 ،‬ص ‪.990‬‬
‫)‪(2‬‬
‫حلمي محروس إسماعيل‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.030‬‬
‫)‪(3‬‬
‫الطاهر أحمد الزاوي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.91 ،91‬‬

‫‪38‬‬
‫أسباب اإلحتالل اإليطالي لليبيا وسياسته االستعمارية‬ ‫الفصل األول‬

‫باشا الذي كان سفير للدولة العثمانية في روما– هل هناك خوف من إيطاليا على ليبيا؟‪-‬‬
‫فأجاب بالنفي وانه يمكن أخذ ما شاء من حاميه ط اربلس لنجدة اليمن دون الخوف من‬
‫الطليان‪.‬‬
‫هكذا تخلى االتراك العثمانيون على واجبهم األول في أن يكفوا الثورة والقدرة على‬
‫المقاومة في هذه الوالية التابعة لهم‪ ،‬بعد سحبهم للقوات والجنود التي كانت في طرابلس‪ ،‬ولم‬
‫يبقى في القطر الليبي كله إال الفا جندي بعد أن كان فيها نحو عشرين ألفا‪ ،‬اما من جهة‬
‫إيطاليا كانت على العكس تمهد منذ زمن لتثبيت أقدامها في ليبيا‪ ،‬وعالقة إيطاليا بشمال‬
‫إفريقيا لم تكن جديدة‪ ،‬فهي ترجع إلى العصور القديمة حين مد الرومان نفوذهم إلى إفريقيا‬
‫(‪)1‬‬
‫الشمالية حتى أن البحر المتوسط كان ينضر إليه على أنه بحيرة رمانية‪.‬‬
‫لكن منذ ظهور العرب كقوة في القرن السابع الميالدي نجحوا في مد نفوذهم إلى‬
‫الشمال اإلفريقي ولم تقطع صلة إيطاليا بشمال إفريقيا خالل تلك الفترة وكان طبيعتها بحكم‬
‫موقعها وباعتبارها دولة من دول البحر المتوسط‪ ،‬وحين اتجهت انظار الدول االستعمارية‬
‫للشمال اإلفريقي منذ بداية العصور الحديثة‪ ،‬كانت إيطاليا بالطبع تتطلع بأن تلعب هي‬
‫االخرى دو ار في هذا الميدان بحكم موقعها الجغرافي وحكم صلتها القديمة‪ ،‬تركت المجال‬
‫لغيرها من الدول المنافسة لها في شمال إفريقيا لتسبقها في تحقيق اطماعها‪ ،‬فقد شغلت‬
‫بتحقيق وحدتها وكان احتالل فرنسا لتونس عميق االثر في إيطاليا‪ ،‬فقد اعتبر ضربة قوية‬
‫(‪)2‬‬
‫لمصالح اإليطاليين في البحر المتوسط‪ ،‬وادى لشعور بخيبة االمل إليطاليا‪.‬‬

‫)‪(1‬‬
‫شوقي الجمل‪ :‬المغرب العربي الكبير من الفتح اإلسالمي إلى الوقت الحاضر (ليبيا‪ ،‬تونس‪ ،‬الجزائر‪ ،‬المغرب األقصى‬
‫(مراكش)‪ ،‬المكتب المصري لتوزيع المطبوعات‪ ،‬القاهرة‪ ،2338 ،‬ص ‪.063‬‬
‫)‪(2‬‬
‫شوقي الجمل‪ :‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.069‬‬

‫‪39‬‬
‫أسباب اإلحتالل اإليطالي لليبيا وسياسته االستعمارية‬ ‫الفصل األول‬

‫لهذا سارعت أن تجد بديال في القارة وتبسط سلطتها عليه‪ ،‬فنظرت إلى ليبيا وتطلعت‬
‫امالها لالستحواذ عليها‪ ،‬لقد وصلت ليبيا إلى حالة من الضعف خصوصا من الناحية‬
‫العسكرية فقد كانت القوة الدفاعية فيها سارت إلى درجة كبيرة من التقهقر‪.‬‬
‫واذا كانت الدولة العثمانية قد سارعت بعد احتالل الفرنسيين لتونس بإرسال ‪ 93‬االف‬
‫جندي إلى ليبيا لحمايتها مما اصاب تونس‪ ،‬ما اضطر اإليطاليين فعال ألن يؤجلوا اتخاذ‬
‫الخطوة الحاسمة التي كانوا يرسمون لهافان الدولة العثمانية عادت وسحبت معظم قواتها من‬
‫(‪)1‬‬
‫ليبيا للقضاء على ثورة اليمن‪.‬حدث هذا قبيل الغزو االيطالي لليبيا بفترة قصيرة‪.‬‬
‫يذكر االمير شكيب أرسالن أن الباب العالي حين فكر في سحب قواته من ليبيا‬
‫إلرسالها إلى اليمن سال حقي باشا هل هناك خوف على ليبيا ؟ فأجاب ال وهنا تبدو الخيانة‬
‫واضحة وجلية لليبيا والدولة العثمانية على حد سواء‪.‬‬
‫فما كان من الدولة العثمانية إال أن تسحب قواتها بعد أن اطمأنت من الوضع فلم يبق‬
‫في كل قلعة سوى ثالثة من الجنود من غير ضباط بعد أن كان في كل قلعة ‪99‬‬
‫جنديا وضابطا‪ ،‬ولم يبقى في القطر الليبي إال الفا جندي بعد أن كان فيه نحو عشرين الفا‪.‬‬
‫هكذا تخلى االتراك العثمانيون عن واجبهم األول في أن يكلفوا الثورة والقدرة على المقاومة في‬
‫هذه الوالية التابعة لهم خاصة أن الخطر الذي تتعرض لم يكن خافيا على أحد (‪ ،)2‬وهكذا‬
‫أصبحت لقمة سائغة للطليان‪.‬‬

‫)‪(1‬‬
‫عطا اهلل الجمل‪ :‬المغرب العربي الكبير في العصر الحديث (ليبيا‪ ،‬تونس‪ ،‬الجزائر‪ ،‬المغرب) ‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مكتبة‬
‫األنجلو المصرتية ‪ ،9118 ،‬ص ‪.068‬‬
‫)‪(2‬‬
‫عطا اهلل الجمل‪ :‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.068‬‬

‫‪40‬‬
‫أسباب اإلحتالل اإليطالي لليبيا وسياسته االستعمارية‬ ‫الفصل األول‬

‫المبحث الثاني‪ :‬سياسة إيطاليا االستعمارية‬


‫‪ -0‬في الجانب االقتصادي‪:‬‬
‫لكل مستعمر أسلوبه وسياسته لالستحواذ على مستعمراته وتثبيت السيطرة عليها‬
‫ليضفي شرعية على تملكه لما يخص أصحاب األرض األصليين‪ ،‬حيث بدأت تتغلغل إيطاليا‬
‫في ليبيا مع بداية الثمانينات القرن التاسع عشر‪ ،‬مبتدئة بالرحالت الجغرافية واالستكشافية‪،‬‬
‫والتي تشمل سبر غور الحياة الليبية‪ ،‬االقتصادية والسياسية‪ ،‬واالجتماعية والثقافية‪ ،‬وهذه‬
‫االستكشافات ستوفر إليطاليا المعلومات الالزمة والتي على ألساسها يمكنها أن ترسم‬
‫السياسية والمخططات المستقبلية الحتالل هذا اإلقليم بكل سهولة ويسر‪.‬‬
‫وبعد هذه المرحلة بدأت مهمة التغلغل السلمي(‪ ،)1‬وقد تمثلت هذه المرحلة في استمالة‬
‫بعض الشخصيات المحلية‪ ،‬والذين لهم مصالح اقتصادية‪ ،‬باإلضافة إلى ذلك تكبير الجالية‬
‫اإليطالية المقيمة في ليبيا‪ ،‬عن طريق توسيع الهجرة‪ ،‬وزيادة حجم التبادل التجاري‪ ،‬وانشاء‬
‫المصانع والمؤسسات االقتصادية‪ ،‬للسيطرة على االقتصاد‪ ،‬وشراء االراضي‪ ،‬واقامة المعاهد‬
‫والمدارس اإليطالية‪ ،‬وتشجيع أعمال االرساليات التبشيرية‪ ،‬وقد كانت اهم قاعدة من قواعد‬
‫هذا التغلغل ومحركه االكبر كان بنك (دي روما) الذي استطاع من خالل أعماله التجارية‬
‫(‪)2‬‬
‫أن يمتلك االراضي في طرابلس‪ ،‬وبنغازي‪ ،‬والخميس‪ ،‬ودرنة وغيرها من المناطق الليبية‪.‬‬
‫استغل هذا البنك أبناء الجالية اإليطالية كعمالء وسماسرة له لشراء األراضي بأرخص‬
‫األثمان مستغال فقر الشعب الليبي‪ ،‬والظروف االقتصادية التي كان يعيشها‪ ،‬فقد كانت‬

‫)‪(1‬‬
‫التغلغل السلمي‪ :‬إيجاد حلقات أو شبكة من المصالح االقتصادية‪ ،‬واالجتماعية بين إيطاليا وبين بعض الليبيين‪ ،‬وبعض‬
‫القادة العثمانيين الذين تربطهم مصالح مع إيطاليا‪ ،‬من خالل هذه شبكية تمكنت إيطاليا من إيجاد شبكة مصالح ونفوذ‬
‫واسعة في ليبيا‪.‬‬
‫ينظر أحمد إسماعيل راشد‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.00‬‬
‫)‪(2‬‬
‫أحمد إسماعيل راشد‪ :‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.00‬‬

‫‪41‬‬
‫أسباب اإلحتالل اإليطالي لليبيا وسياسته االستعمارية‬ ‫الفصل األول‬

‫عمليات هذا المصرف تشكل خط ار كبي ار خاصة في مجال استهالك االراضي والعقارات‬
‫وتتمثل خطورتها في إعطاء القروض بفوائد لم يكونوا قادرين على دفع المستحقات‪ ،‬فإن‬
‫البنك يستطيع وضع يده على االراضي والعقارات وبهذه الطريقة أصبح بنك (دي روما)‬
‫(‪)1‬‬
‫مالكا كبي ار لألراضي الليبية‪.‬‬
‫وقد كان هذا أول عمل قامت به في هذا المجال‪ ،‬حيث أقامت له فرعين أحدهما في‬
‫طرابلس واألخر في بنغازي‪ ،‬وأنيط بهذا المصرف عملية التمهيد للغزو ومنح كافة‬
‫الصالحيات التي تمكنه من إنجاز هذه المهمة على أكمل وجه‪ ،‬ولم يكن هذا المصرف تابع‬
‫للدولة اإليطالية ولكن الوثائق أثبتت أنه تابع للكنيسة (الفاتيكان)‪ ،‬وهذا ما يدل على أن‬
‫التوجه إلى ليبيا واحتاللها يقع تحت االستعمار الديني‪ ،‬من أجل السيطرة عليها وتحقق‬
‫اإلطماع النصرانية‪ ،‬قام هاذين الفرعين من المصرف بجهود واسعة وكبيرة من أجل تهيئة‬
‫المناخ للغزو وانجاح سياسة التغلغل‪ ،‬وقد عمل المصرف بوضع سياسة تقوم على شراء اكبر‬
‫قدر من االراضي الصالحة للزراعة عن طريق االقراض ورفع االرباح عليها من أجل تكبيل‬
‫المواطنين من بالديون حتى يصلوا إلى مرحلة العجز عن تسديد من ثم استحواذها على اكبر‬
‫(‪)2‬‬
‫قدر ممكن من األراضي والبيوت والمتاجر والمصانع الصغيرة وغيرها‪.‬‬
‫كما أذنت الحكومة العثمانية للطليان في إنشاء مكاتب للبريد اإليطالي وكانت هذه‬
‫المكاتب منتديات يجمع فيها سياسيوا بنك روما لتدبير الجيل للتعجيل باحتالل طرابلس‪.‬‬
‫وهكذا وجد عدد كبير من اصحاب النفوذ في طرابلس وظائف في بنك روما وأصبحوا‬
‫يأخذون مرتبات منه حسب ما يقدمونه من خدمات ضد وطنهم‪ ،‬وهكذا أصبحت إليطاليا‬
‫شبكة من األنصار في جميع مصالح الحكومة الحيوية كالتلغراف والتلفون والبريد‪ ،‬كما أنشأ‬

‫)‪(1‬‬
‫أحمد إسماعيل راشد‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.09 ،00‬‬
‫)‪(2‬‬
‫شبكة ومنتديات التاريخ العام‪ :‬قسم الدراسات واألبحاث‪ ،‬قسم المواضيع المميزة حركة الجهاد في ليبيا‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫أسباب اإلحتالل اإليطالي لليبيا وسياسته االستعمارية‬ ‫الفصل األول‬

‫البنك مطبعة وجريدتين تتحدثان باسمه (إيكودي تريبلي) )‪ (echode tripoi‬و(إستيال)‬


‫)‪ (stela‬كما كان نشاط إيطاليا كبير في المشروعات االقتصادية المعدنية وغيرها فقد‬
‫(‪)1‬‬
‫أنشأت شركة إيطاليا الستغالل الفوسفات والتنقيب من المعادن في ليبيا‪.‬‬
‫‪-4‬في الجانب االجتماعي‪:‬‬
‫تعددت سياسته إيطاليا في ليبيا كما تنوعت مناهجها فلم تكتفي بالجانب االقتصادي‬
‫فقط بل تعدت إلى الجانب االجتماعي وذلك لضرب الهوية الليبية وتشتيت تماسكها من‬
‫(‪)2‬‬
‫خالل منتهجته في المجتمع الليبي‪.‬‬
‫حيث كان هذا المجتمع رهين تركيبة قبلية فالقبيلة كمرجعية سوسيو ثقافية تمثل هوية‬
‫طاغية وجدت لها مكانتها في بناء الدولة واستم اررية حضور القبيلة في المجتمع الليبي شكل‬
‫قوى من أسباب التماسك االجتماعي وقوة حضور البنية العائلية وهيمنة النزهة‬
‫(‪)3‬‬
‫االستقاللية‪ ،‬وهي عناصر ايجابية ال يمكن التنكر لها‪.‬‬
‫لهذا السبب بالذات كانت إيطاليا تفرق بين القبائل وتشتت تماسكها ببث الضغينة‬
‫بينهم لتقلل من قوة الشعب الليبي وتماسكه لتسهل لها المهمة‪.‬‬
‫كما كانت تهاجم المقاومات اليبية وذلك بما قامت به بضرب اللغة‪ ،‬حيث كانت اللغة‬
‫وتظل اقدم المقومات واألشكال االجتماعية اإلنسانية وأكثرها أصالة وعراقة فاللغة هي روح‬
‫المجتمع ووعاء ثقافته وأداته الرئيسية في التعبير‪ ،‬فالعامل اللغوي يعتبر من أهم العوامل‬
‫الشعور الفردي والجماعي واالنتماء لحضارة ولمجتمع معين‪ ،‬ولذلك سخر المستعمر إمكاناته‬
‫الفكرية والثقافية والقهرية القتالعها من جذورها العميقة ثم اختالف ذات اخرى مفتعلة لتحتل‬

‫)‪(1‬‬
‫شوقي الجمل‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.069 ،060‬‬
‫)‪(2‬‬
‫محمد نجيب بوطالب‪ :‬سوسيولوجيا القبلية في المغرب العربي سلسلة أطروحات الدكتوراه (‪ ،)99‬بيروت‪ ،‬لبنان‪،2332 ،‬‬
‫ص ص ‪.933– 11‬‬
‫)‪(3‬‬
‫محمد نجيب بوطالب‪ :‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ص ‪.933– 11‬‬

‫‪43‬‬
‫أسباب اإلحتالل اإليطالي لليبيا وسياسته االستعمارية‬ ‫الفصل األول‬

‫مكانها قس ار في النفس العربية الليبية(‪ ،)1‬ومن ثم احتالل لغتها مكان اللغة العربية لضرب‬
‫الهوية الليبية في الصميم وتجلى ذلك في احتالل‪ ،‬حيث بدا تغلغل إيطاليا عن طريق‬
‫البعثات التنصيرية والتجارة والمدارس والمستشفيات وانشاء المصارف التي قامت بتسليف‬
‫المواطنين واغراقهم بالديون ومن ثم اغتصاب أراضيهم(‪ ،)2‬وفي غمرة األحداث ادعت أوروبا‬
‫انها جاءت لتمدين هذه الشعوب وذلك عن طرق مشروعات مختلفة‪ ،‬مثل مد خطوط سكة‬
‫الحديد‪ ،‬وانشاء الشركات التجارية والمصارف(‪ ،)3‬حيث كانت لهذه األخيرة دور في التجسس‬
‫وارسال تقارير‪ ،‬ولقد تمكنت إيطاليا المؤيدة من الدول االوروبية من تحقيق مخططها‬
‫االستعماري الذي رسمته منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر‪ ،‬فبعد أن مكنت نفسها‬
‫على التراب الليبي من خالل مشاريع وهمية‪ ،‬ادعت بادئ االمر‪ ،‬انها من جملة الدول‬
‫االوروبية التي تسعى ألخذ بيد الشعوب الضعيفة ومساعدتها‪ ،‬والسيما عليها سياسة ال‬
‫تتناسب مع مفاهيم العصر وتطوراته االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬كما قامت بإنشاء المدارس في‬
‫طربلس‪ ،‬وكانت تقبل التالميذ بالمجان وكانت المدارس التركية تطرد بعض التالميذ‪ ،‬اما لقلة‬
‫االمكنة أو لعجزهم عن دفع المصاريف فكانت المدارس اإليطالية تتلقاهم بالترحيب لم يكن‬
‫حبا فيهم أو غيرة على ابناء ليبيا بل مخططا محكما لتحقيق اطماع إيطاليا التى اصبح‬
‫(‪)4‬‬
‫نفوذها ولغتها يتغلغالن في منطقة بشكل ملفت لألنظار‪.‬‬

‫)‪(1‬‬
‫نازلي معوض أحمد‪ :‬التعريب والقومية العربية في المغرب العربي سلسلة الشفافية القومية ( ‪ ،)Y‬مركز دراسات الوحدة‬
‫العربية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،9186 ،‬ص ص ‪.93-1‬‬
‫)‪(2‬‬
‫إسماعيل أحمد ياغي‪ :‬تاريخ العالم العربي المعاصر‪ ،‬مكتبة العبيكات الرياض‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2333 ،‬ص ص ‪،099‬‬
‫‪.099‬‬
‫)‪(3‬‬
‫ميالد المقرحي‪ :‬تاريخ أوروبا الحديث والمعاصر من عصر النهضة إلى الحرب العالمية الثانية‪ ،‬الطبعة األولى ‪،‬‬
‫منشورات الجامعة المفتوحة‪ ،‬طرابلس‪ ،9119 ،‬ص‪.980‬‬
‫)‪(4‬‬
‫شوقي الجمل‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.069‬‬

‫‪44‬‬
‫أسباب اإلحتالل اإليطالي لليبيا وسياسته االستعمارية‬ ‫الفصل األول‬

‫كما انتهجت سياسة التنصير والتي تجلت في هدم المساجد واالستيالء عليها‬
‫وتحويلها إلى ثكنات عسكرية‪ ،‬أو كنائس‪ ،‬أو معابد‪ ،‬و فتحت ابواب ليبيا على مصرعيها‬
‫امام المبشرين المسيحيين لنشر الدين المسيحي والقضاء على االسالم على المدى البعيد‬
‫فكانت سياسة إيطاليا قوامها االساسي هو محاربة الثقافة العربية واللغة محاربة عنيفة وبشتى‬
‫(‪)1‬‬
‫الطرق‪.‬‬
‫لقد حارب االستعمار االيطالي وبكل وسائل القهر والتدمير نظام المدرسة التقليدية‬
‫(الزاوية) في ليبيا (‪ ،) 2‬هذا المركز الذي ينمو فيه الشعور القومي لحب الدين والوطن‬
‫واألرض‪.‬‬
‫لذلك من البداهة أن نعيد التفكير في المكانة التي احتلتها االرض‪ ،‬باعتبارها فضاء‬
‫ضروريا لتنفس االقتصاديات الرأسمالية‪ ،‬في الكتابات االستعمارية‪ ،‬فهي سوق لالستهالك‬
‫ومصدر لمواد األولية‪ ،‬وهي في مجال إحالل قيم مكان أخرى تكونت سلفا‪ ،‬وهي معا شرط‬
‫لمضاعفة الدول قوتها وسلطتها والدعوة إلى التوسع‪ .‬أما في موضوع احتالل االرض‪ ،‬يمكن‬
‫الوقوف عند سياستين‪ ،‬حاولت إيطاليا تطبيقهما على امتداد وجودها بليبيا‪.‬‬
‫سياسة االستيطان بكل مظاهره البشرية‪ ،‬الزراعية والمادية‪ ،‬ثم سياسة االستعمار الحر‬
‫القاضي بالتشجيع المبادرات الفردية عبر انتقال رؤوس األموال واألشخاص والقيم‪ ،‬فهكذا‬
‫تتخذ سياسة االحتالل يؤكد عبد اهلل العروي كل معانيها‪ :‬أي أن األمر ال يتعلق‪ ،‬مرة اخرى‪،‬‬
‫(‪)3‬‬
‫بإقصاء المغاربة إلى المغرب الصحراوي‪ ،‬مغرب الجبال‪ ،‬والنخيل والزوايا‪ ،‬لكن عالوة عن‬
‫ذلك‪ -‬يتعلق األمر هذه المرة‪ -‬بتجريد النفس من كل مكتسب تاريخي‪ ،‬من الدين‪ ،‬ومن اللغة‪.‬‬

‫)‪(1‬‬
‫نازلي محمد أحمد‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.99‬‬
‫)‪(2‬‬
‫نازلي محمد أحمد‪ :‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.99‬‬
‫)‪(3‬‬
‫محمد مالكي‪ :‬الحركات الوطنية واالستعمار في المغرب العربي‪ ،‬سلسلة أطروحات الدكتوراه (‪ ،)23‬مركز دراسات‬
‫الوحدة العربية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،9119 ،‬ص ص ‪.990 -900‬‬

‫‪45‬‬
‫أسباب اإلحتالل اإليطالي لليبيا وسياسته االستعمارية‬ ‫الفصل األول‬

‫لقد كان الهدف هو الوصول‪ -‬باإلضافة إلى ذلك‪ -‬إلى انسان بدون ثقافة هذا الذي‬
‫يمكن بل يجب تمدينه‪ "...‬منذ بداية القرن(‪ )91‬تم ادماج المغرب العربي ككل وليبيا‬
‫خصوصا ضمن اليات المنظومة الرأسمالية‪ ،‬التي لم يكن االستعمار سوى احد تعبيراتها‬
‫(‪)1‬‬
‫الضرورية من الناحية التاريخية‪ ،‬فاحتالل االرض التي تمت ممارسته باسم التمدين‪.‬‬
‫ولم تقتصر سياستها على ضمن اللغة واكتساب االرض فقط‪ ،‬كذلك تعدت إلى‬
‫ممارستها كل أساليب اإلجرام والوحشية ضد الشعب الليبي‪ ،‬فقد أقامت له المعسكرات التي‬
‫سبقت في بشاعتها معسكرات النازية‪.‬‬
‫كما أقامت سياجا من األسالك الشائكة طوله ‪ 083‬كم يمتد من السلوم إلى الجغبوب‬
‫ومن بين المعسكرات معسكر العقيلة‪ ،‬فقد شهد أسوء جرائم القتل التي ارتكبت‪ ،‬ولم تكتفي‬
‫بذلك فقد أضرمت النيران في الخيم والمحاصيل الزراعية وتسميم المواشي ومياه الشرب(‪،)2‬‬
‫فقد ظن اإليطاليون أنهم بهذه المعاملة مثل اإلرهاب‪ ،‬السجن التعسفي‪ ،‬واالعتقال‪ ،‬والترحيل‬
‫والتعذيب‪ ،‬واإلذالل واإلعدامات الجماعية‪ ،‬والموت سوف يمهد الطريق بال شك ألمنهم‬
‫(‪) 3‬‬
‫كما قامت‬ ‫واستقرارهم وتطوير البالد دون معوق خدمة لإلطماع االستعمارية اإليطالية‬
‫بتأسيس المحكمة الطائرة‪ ،‬وهي محكمة عسكرية منتقلة من مكان إلى اخر حسب أوامر‬
‫(‪)4‬‬
‫القيادة اإليطالية وتحاكم من يقع أسي ار وتصدر أحكام وتنفذها أمام الناس‪.‬‬
‫نستخلص مما سبق أن هذه األسباب برغم تنوعها سياسية كانت أو تاريخية فهي‬
‫بدورها مهدت الطريق لالحتالل اإليطالي وسهلت عليه مد نفوذه في المنطقة خاصة الدعم‬
‫الدولي التي حضيت به وساندها ويسر لها ما كانت تصبوا إليه كما ال نتجاهل الروح‬

‫)‪(1‬‬
‫محمد مالكي‪ :‬الحركات الوطنية واالستعمار في المغرب العربي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.990 ،‬‬
‫)‪(2‬‬
‫أحمد إسماعيل راشد‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.92‬‬
‫)‪(3‬‬
‫أحمد إسماعيل راشد‪ :‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ص ‪.90 ،92‬‬
‫)‪(4‬‬
‫مفيد الزيدي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.293‬‬

‫‪46‬‬
‫أسباب اإلحتالل اإليطالي لليبيا وسياسته االستعمارية‬ ‫الفصل األول‬

‫االستعمارية النامية في هته الدولة خصوصا بعد إتمام وحدتها وميلها الكبير في التوسع‬
‫وايجاد مكانة لها في ممتلكات الدولة العثمانية لكل هذا جعلت لها سياسة مميزة أحكمت من‬
‫خاللها قبضتها على ليبيا‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫المقاومة الليبية ومظاهرها‬
‫المق اومة الليبية ومظاهرها‬ ‫الفصل الثاني‬

‫إضافة إلى منطلقات الحركات الوطنية في المشرق العربي‪ ،‬حيث تركزت أهداف‬
‫المناضلين قي نيل االستقالل واسترجاع السيادة الشرعية المسلوبة تميزت المقاومة في‬
‫المغرب العربي بالخصوص في ليبيا بتركيزها المستمر علي تحقيق االستقالل الثقافي‬
‫والتحرر اللغوي واألرض من الغاصب االيطالي سواء قبل الحصول علي االستقالل السياسي‬
‫أم بعد الحصول عليه رسميا‪.‬‬
‫لذلك شحذ ت الهمم وتماسكت األيدي ضد المحتل متمثلة في أهم مقاومتين‪ :‬الحركة‬
‫السنوسية ومقاومة أسد الصحراء عمر المختار‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫المق اومة الليبية ومظاهرها‬ ‫الفصل الثاني‬

‫المبحث األول‪ :‬المقاومة السنوسية‪:‬‬


‫استطاعت القوات اإليطالية احتالل طرابلس وطرق ودرنة وبني غازي وخرجت الدولة‬
‫العثمانية من ليبيا وصارت السنوسية هي المسؤولة عن الدفاع عن البالد‪.‬‬
‫نشأة الحركة ومؤسسها‪:‬‬ ‫‪.0‬‬
‫السنوسية‪ :‬دعوة إسالمية إصالحية تدعو الناس إلى العودة باإلسالم إلى أصوله‬
‫الصحيحة زمن السلف الصالح وتنسب هذه الدعوة إلى السيد محمد بن علي السنوسي الكبير‬
‫ينظر للملحق رقم‪ ،‬ص‪ .‬الذي بدأ دعوته في الحجاز‪ ،‬حيث أسس زاويته األولي (‪)9108‬م‬
‫ثم الحجاز في سنة ‪ 9193‬إلى مصر ثم وصل إلى بني غازي‪ ،‬وفي ‪9190‬م أنشأ الزاوية‬
‫البيضاء في الجبل األخضر ثم مركزه إلى الجغبوب‪ ،‬وأقام مركز كبير له وألتباعه‪ ،‬أنشأ فيها‬
‫مدرسة دينية كبيرة‪ ،‬وعند وفاته في ‪9191‬م‪.‬‬
‫كانت السنوسية قد استقرت في برقة وطرابلس وخلفه ابنه االكبر السيد المهدي‬
‫(‪)9132-9191‬م ونقل مركز السنوسية من الجغبوب إلى واحة الكفرة‪ ،‬وبلغت في عهده‬
‫ذروتها في االنتشار والخليفة الثاني هو السيد أحمد الشريف (‪)9191-9132‬م وهو ابن‬
‫(‪)1‬‬
‫شقيق المهدي وهو الذي قاد الليبيين في جهادهم ضد االيطاليين‪.‬‬
‫مؤسس الحركة السنوسية‬ ‫‪‬‬
‫السيد بن علي السنوسي الكبير‪.‬ولد هذا األخير يوم االثنين الثاني عشر من ربيع‬
‫األول (‪ 9232‬ه الموافق لـ ‪ 22‬ديسمبر ‪ 9818‬م) عند الفجر ولذلك سماه والده اسم‬
‫الرسول األكرم صلي اهلل عليه وسلم‪()2(.‬ينظر‪ ،‬ملحق‪ ،2‬ص‪)11‬‬

‫)‪(1‬‬
‫إبرهيم دسوقي‪ :‬دراسات في تاريخ افريقيا الحديث والمعاصر‪ ،‬دار المعرفة الجامعية‪ ،‬االسكندرية‪،2331 ،‬‬
‫‪.‬ناهد ا‬
‫ص‪.289‬‬
‫)‪.(2‬أبو القاسم سعد اهلل‪ .‬تاريخ الجزائر الثقافي (‪)9196-9103‬م‪ .‬دار الغرب االسالمي‪ ،9111 .‬ص‪.298‬‬

‫‪50‬‬
‫المق اومة الليبية ومظاهرها‬ ‫الفصل الثاني‬

‫وكانت والدته بضاحية ميثا الواقعة علي ضفة وادي الشلف قرب منطقة الواسطة‬
‫بمستغانم (الجزائر)بالضبط بدوار لطرش الموجود بين قرية سيرات وجبل ينارو‪ ،‬توفي والده‬
‫وعمرها سنتين‪ ،‬تولت عمته كفالته وتربيته(‪ ،)1‬حيث كانت متمكنة من أصول الدين والفقه‬
‫ومن ثما تربي علي الدين والورع هو الحسني االدريسي‪ ،‬أبو عبد اهلل من أعمال الجزائر‪ .‬أخذ‬
‫العلم في فاس وتصوف وأخذ الورد علي يد الشيخ التازي‪ ،‬ثم زار تونس وطرابلس وبرقة‬
‫ومصر‪ ،‬ثم قصد مكة وأدى فريضة الحج‪ ،‬وأخذ يمارس طقوس التصوف تحت إشراف أحمد‬
‫بن إدريس الفاسي‪ ،‬وأسس زاوية في جبل أبي قبيس‪.‬‬
‫وفي سنة ‪9299‬ه‪ ،‬رحل إلى برقة وأقام في جبل األخضر فأنشأ زاوية هناك (الزاوية‬
‫البيضاء) فانتشرت انتشا ار واسعا‪.‬‬
‫فأحس بضغوطات من السلطات التركية إنتقل إلى واحة الجغبوب‪ ،‬فأقام بها إلى أن‬
‫(‪)2‬‬
‫توفي‪ ،‬مخلفا إرثا ثقافيا يفوق ‪ 93‬كتابا في مختلف العلوم الدينية‪.‬‬
‫وخلفه أبنه محمد المهدي (ينظر‪ ،‬الملحق رقم‪ ،0‬ص‪)9023-9263( ،)11‬ه‪،‬‬
‫والذي يعتبر الزعيم الثاني للحركة السنوسية‪ ،‬ولد في منطقة الجبل األخضر في محل يسمي‬
‫ماسة قرب الزاوية البيضاء سنة ‪9199‬م والذي تمت مبايعته سنة ‪ 9191‬م علي عمر ستة‬
‫عشرة سنة‪ ،‬وأصبح يسمي األمير محمد المهدي‪ ،‬وتضاعف عدد الزوايا‪ ،‬كما عرف بأخالقه‬
‫(‪)3‬‬
‫الرفيعة وصفاته الحميدة فتمكن من دخول قلوب الناس ونال محبتهم‪.‬‬

‫محمد فؤاد شكري‪ :‬السنوسية دين ودولة‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بيروت‪.9191 ،‬ص‪99‬‬ ‫)‪(1‬‬

‫)‪(2‬‬
‫إسماعيل العربي‪ :‬حاضر الدول االسالمية في القارة االفريقية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.60 ، 62‬‬
‫)‪(3‬‬
‫حسن إبرهيم حسن‪ :‬إنتشار االسالم في القارة االفريقية‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬القاهرة مكتبة النهضة المصرية‪،9119 ،‬ص‪91‬‬

‫‪51‬‬
‫المق اومة الليبية ومظاهرها‬ ‫الفصل الثاني‬

‫تعريف الحركة السنوسية‪:‬‬ ‫أ‪.‬‬


‫تعتبر هته الحركة من مقدمات التيارات الفكرية والتنظيمات السياسية التي كان لها‬
‫(‪)1‬‬
‫دو ار مهما في صنع تاريخ ليبيا السياسي‪.‬‬
‫عن طريق هيكل يقوم بتنظيم نشاطها حتى كاد يكون موازيا لنشاط الدولة بأجهزتها‬
‫المختلفة‪ ،‬خاصة أنها تهدف إلى إحياء الدين وضرورة الجهاد للدفاع عن الوطن خالل‬
‫الحاجة‪.‬‬
‫كما أطلق عليها اسم المدرسة لتعليمها لألجيال الثقافة الدينية والسلوك االجتماعي‬
‫والممارسة السياسية‪ ،‬وكان لها دور سياسي بتوحيد صفوف المجاهدين في مواجهة االحتالل‬
‫(‪)2‬‬
‫االيطالي‪.‬‬
‫فبهذا التنظيم المحكم واإلدارة الجيدة ورجالها األكفاء انتشرت الحركة السنوسية انتشا ار‬
‫(‪)3‬‬
‫كبي ار في الجزء الداخلي لبرقة ووصلت إلى واحة الكفرة لتتوغل نحو االقاليم السودانية‪.‬‬
‫وهناك أيضا من عرفها علي أنها حركة إصالحية ذات طابع إسالمي ال يمكن أن‬
‫يتحقق لها النجاح إال في ظل نشاط دائم وصبر كبير‪ ،‬ولم تقتصر الحركة علي إحياء‬
‫الشعائر الدينية لبعض الطرق الصوفية‪ .‬وهذا التعريف تضمنه كتاب محمد البهي‪ ،‬حيث‬
‫قال‪....." :‬تفادت الحركة السنوسية االزدواج الذي صاحب الحركة الوهابية‪ ،‬وأزالت الثنائية‬
‫(‪)4‬‬
‫بين رجال الدعوة والسلطة المشرفة على تنفيذ مبادئ الدعوة‪.".. .‬‬

‫)‪(1‬‬
‫إبراهيم مياسي‪ :‬مقاربات في تاريخ الجزائر (‪)9162-9103‬م‪ ،‬دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪،2338 ،‬‬
‫ص ‪.913‬‬
‫)‪(2‬‬
‫أنور الجندي‪ :‬العالم االسالمي واالستعمار السياسي‪ ،‬واالجتماعي والثقافي‪ ،‬دار الكتاب اللبناني‪ ،‬لبنان‪،9181 ،‬‬
‫ص‪.263‬‬
‫)‪(3‬‬
‫عبد القادر عبد المالك بن علي‪ :‬الفوائد الجلية للحركة السنوسية الحاكمة بليبيا‪ ،‬مطبعة دار الجزائر العربية‪ ،‬دمشق‪ [ ،‬د‬
‫س ]‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫)‪(4‬‬
‫محمد البهي‪ :‬محاضرات في الفكر االسالمي في مرحلته الثانية‪ ،‬المطبعة المنبرية‪ ،‬القاهرة‪ ،9198 ،‬ص‪.233‬‬

‫‪52‬‬
‫المق اومة الليبية ومظاهرها‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ومن هناك نالحظ أن هذه الحركة أخذت تسميات كثيرة وكل نظر إليها بمنظار‬
‫شخصه تبقي هذه الحركة من أهم الحركات التي ظهرت في المغرب العربي وما كان لها من‬
‫دور كبير في المقاومة ضد االحتالل االيطالي‪ .‬من هذا المنطق استطيع أن أقول أنها حركة‬
‫جهادية إسالمية ثقافية وسياسية واصالحية أيضا‪.‬‬
‫مميزات الحركة السنوسية‬ ‫ب‪.‬‬
‫تميزت هته الحركة عن غيرها من الطرق الصوفية بعدة خصائص من أهمها‪:‬‬
‫‪ ‬ال تمنع أتباعها من االنضمام إلى أية طريقة أخرى " تجانية ودرقاوية أو رحمانية " ألن‬
‫ذلك راجع إلى مرجع وأصل واحد هو القران الكريم‪.‬‬
‫‪ ‬إضافة إلى أن السنوسيين يتميزون ظاهريا بوضع أيديهم علي صدورهم في الصالة‬
‫(‪)1‬‬
‫بوضع اليسري علي اليمني خالفا للمالكية‪.‬‬
‫هي حركة جاءت للتخلص من البدع والخرافات‪ ،‬وبعيدة عن الثورات والعنف‪ ،‬وال يتدخلون‬
‫في الشؤون السياسية‪.‬‬
‫‪ ‬اختيارها للمناطق العالية في أعلي الجبال لبناء زواياها لتكون أشبه بالقلعة‪.‬‬
‫‪ ‬الدعوة إلى اهلل بالحكمة والموعضة الحسنة واالبتعاد عن أسلوب العنف والقوة‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫‪ ‬شعارهم هو الدفاع عن الوطن والجهاد في سبيل اهلل ضد االستعمار‪.‬‬
‫مبادئ الحركة‪:‬‬ ‫‪.4‬‬
‫لقد كان أهم مبدأ قامت عليه الحركة السنوسية وهو الكتاب والسنة وهذا أول مبدأ‬
‫ركزت عليه كما تضافرت جهودها‪ ،‬للتصدي لبعض الطرق الصوفية بالنقد واإلصالح‪ ،‬فنجد‬

‫)‪(1‬‬
‫‪.‬علي محمد الصالبي‪ :‬صفحات من التاريخ االسالمي في شمال االفريقي الحركة السنوسية في ليبيا‪ ،‬الجزء االول‪،‬‬
‫الطبعة االولي‪ ،‬دار البارق للتوزيع والترجمة‪ ،‬االردن‪ ،9111 ،‬ص‪.89‬‬
‫)‪(2‬‬
‫‪.‬أحمد بو عتروس‪ :‬الحركات االصالحية في إفريقيا جنوب الصحراء إبان القرن الثالث عشر هجري‪ ،‬التاسع عشر‬
‫ميالدي‪ ،‬دار المهدي للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،2331 ،‬ص ‪.269‬‬

‫‪53‬‬
‫المق اومة الليبية ومظاهرها‬ ‫الفصل الثاني‬

‫أن بن السنوسي رغم كونه مالكي المذهب إال أنه لم يتقيد بما جاء في المذهب الواحد‪ ،‬بل‬
‫(‪)1‬‬
‫فتح باب االجتهاد أمام الفقهاء‪.‬‬
‫و لم تقتصر الحركة ومؤسسها علي الجانب الديني فقط بل شجع طالبه علي طلب‬
‫العلم واكتساب المعارف الحديثة وكسب المهارات في الحرف والصناعات بقوله " يكفيكم من‬
‫الدين حسن النية والقيام بالفرائض الشرعية وليس غيركم بأفضل منكم "‪ ،‬وأنشأ مصانع‬
‫عديدة‪ ،‬مثل مصانع البارود‪ ،‬ومن هنا يظهر أنه ضد الجمود والتحجر الفكري‪ ،‬فكان متفتحا‪.‬‬
‫كما أبرزت الحركة السنوسية الجهاد في شكلين‪:‬‬
‫‪ ‬جهاد يقصد به صالح االمة والمسلمين‪ ،‬واصالحهم في عقائدهم وأخالقهم‪ ،‬وجميع‬
‫(‪)2‬‬
‫شؤونهم الدينية والدنيوية‪ ،‬وتربيتهم العلمية فهذا هو الجهاد الحق‪.‬‬
‫‪ ‬اما النوع الثاني‪ ،‬يقصد به الجهاد ضد العدوان‪ ،‬وذلك بتوحيد صفوف المسلمين‪ ،‬واقناع‬
‫قادة الحركة بأهمية هته الخطوة‪ ،‬وتحكيم شرع اهلل وتقوية دولتهم‪ ،‬وتركز هذا األمر علي عدة‬
‫عناصر اهمها‪ ،‬وحدة العقيدة‪ ،‬تحكيم الكتاب والسنة‪ ،‬صدق االنتماء لإلسالم‪ ،‬طلب الحق‬
‫(‪)3‬‬
‫واإلصرار عليه‪ ،‬تحقيق الوحدة واألخوة بين أفراد المجتمع‪.‬‬
‫كما انتهجت أيضا الحركة منهجا ثوريا جهاديا أستمد أصوله من الكتاب والسنة (‪،)4‬‬
‫الدعوة إلى اهلل بأسلوب الرفق واللين والموعضة الحسنة‪ ،‬وذلك علي نهج مؤسسها‪ ،‬فتميزوا‬

‫)‪(1‬‬
‫‪.‬أنور الجندي‪ :‬المرجع السابق‪ .‬ص ‪211‬‬
‫)‪(2‬‬
‫‪.‬علي محمد الصالبي‪ :‬صفحات من التاريخ االسالمي في الشمال االفريقي الحركة السنوسية في ليبيا‪ ،‬المرجع السابق‪،‬‬
‫ص‪939‬‬
‫)‪(3‬‬
‫‪.‬علي محمد الصالبي‪ :‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ص ‪.991-999‬‬
‫)‪(4‬‬
‫‪.‬محمد علي الصالبي‪ :‬الثمار الزكية للحركة السنوسية في ليبيا‪ ،‬الطبعة االولى ‪ ،‬إقراء للنشر والتوزيع والترجمة ‪،‬‬
‫مصر‪ ،2338 ،‬ص ‪939‬‬

‫‪54‬‬
‫المق اومة الليبية ومظاهرها‬ ‫الفصل الثاني‬

‫زعمائها بحنكة سياسية من خالل تجنب الصراع والصدام مع الطرق الصوفية‪ ،‬في كل من‬
‫(‪)1‬‬
‫ليبيا‪ ،‬والحجاز‪ ،‬ومصر وعملوا على احتوائهم حتى ذابت بعض الطرق داخل هته الحركة‪.‬‬
‫اهتم االمام في دعوته بزعماء القبائل واستطاع أن يجعل منهم دعاة واهتم بالبدو‬
‫وذلك بإرسال الواعضين والمرشدين‪ ،‬واستطاع أن يقنعهم بأهمية الدعوة‪ ،‬وخصوصا تلك التي‬
‫تتعامل في تجارتها مع وثنيي إفريقيا لنشر الدعوة‪ ،‬ومن أشهرهم‪ :‬أوالد سليمان‪ ،‬الطوارق‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫التبو‪ ،‬المجابرة‪ ،‬الزوية‪.‬‬
‫و لم يقتصر علي هذا فحسب‪ ،‬فكان من مبادئها الجليلة أيضا‪ .‬تربية الفرد القوي‪،‬‬
‫وتكوين المواطن‪ ،‬وتنظيم الحياة العامة للبشر‪ ،‬وذلك من خالل القضاء علي الجهل‪ ،‬وبالرغم‬
‫من اهتمامها بالجانب الديني واالجتماعي والثقافي واصالح امر الدين والدولة‪ ،‬لم يلهها هذا‬
‫عن تركيزها على السياسة‪ ،‬فكان لها أبعاد سياسية ظهرت في تعاملها مع الدولة العثمانية‪،‬‬
‫فاعتبروها مركز للخالفة االسالمية‪ ،‬وضرورة الزمة لوحدة االمة‪ ،‬لهذا البد من الوقوف‬
‫بجانبها‪ ،‬وعدهم إظهار العداء لها ولذلك نجد أن السنوسيين عكس الوهابين الذين اصتدموا‬
‫بالخالفة‪ ،‬بحنكتهم عملوا علي توثيق وتوطيد العالقة فبذلك نتجت عالقة وثيقة بين الوالة‬
‫(‪)3‬‬
‫العثمانيين وابن السنوسي مبنية على االحترام والتقدير‪.‬‬
‫ومن هنا اقتنعوا الحكام العثمانيين بأن بن السنوسي لم يكن يطمع في الخالفة‪ ،‬وقد‬
‫تكلمت الجريدة (الماتين الفرنسية) عام ‪ ،) 4( 9192‬عن البعد السياسي عند بن السنوسي‪،‬‬
‫واعتبرت مجيء السنوسيين إلى طرابلس ليس محض صدفة‪ ،‬بل لعلمهم أن األوروبيين‬

‫)‪(1‬محمد علي الصالبي‪ :‬الثمار الزكية للحركة السنوسية في ليبيا‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.939‬‬
‫)‪(2‬‬
‫علي محمد الصالبي‪ :‬صفحات من التاريخ االسالمي في الشمال االفريقي الحركة السنوسية في ليبيا‪ ،‬المرجع السابق‪،‬‬
‫[دس]‪ ،‬ص‪993‬‬
‫)‪(3‬محمد الطيب األشهب‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.993-901‬‬
‫)‪(4‬‬
‫علي محمد الصالبي‪ :‬تاريخ الحركة السنوسية في شمال إفريقيا‪ ،‬الطبعة الثامنة ‪ ،‬دار المعرفة للطباعة والنشر ‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫‪ ،2331‬ص ص ‪981-989‬‬

‫‪55‬‬
‫المق اومة الليبية ومظاهرها‬ ‫الفصل الثاني‬

‫سيستولون علي طرابلس الغرب بعد استالئهم علي الجزائر‪ ،‬ومراكش‪ ،‬فأرادوا التمركز وراء‬
‫(‪)1‬‬
‫ساحل طرابلس ليدافعوا عن اإلسالم‪.‬‬
‫أما السياسي الفرنسي (هانوتو) أكد بأن الشيخ السنوسي أسس جبهة تهدد أمالك‬
‫الدولة الفرنسية في الجزائر وطرابلس وبن غازي‪ ،‬وهذا ما قيد فرنسا في توسيع بحرية في‬
‫إفريقيا الجنوبية‪ ،‬ووسط القارة ووصفه‪ ،‬الفرنسيون أتباع الحركة السنوسية بأبهم أشد صالبة‬
‫من الحجر‪.‬كما كان مبدأ أخر ومهم وهو اهتمامهما بالجانب العسكري لهذا اهتمت بإعداد‬
‫أفرادها للجهاد في سبيل اهلل‪ ،‬ضد العدوان الصليبي‪ ،‬حيث يري أتباع هته الحركة أن‬
‫(‪)2‬‬
‫االستعمار قد ار مقد ار‪ ،‬لهذا تميل إلى مقاومة واعية‪.‬‬
‫دورها في المقاومة‪:‬‬ ‫‪.8‬‬
‫بعد احتالل إيطاليا لطرابلس قام أحمد الشريف بجمع السادة‪ ،‬والشيوخ والعلماء‪،‬‬
‫واستشارهم في األمر بعد عرضه عليهم‪ ،‬أمر أحمد الشريف رؤساء الزوايا والشيوخ التابعين‬
‫للحركة في طرابلس وما حولها‪ ،‬أن ال يتهاونوا ويستميتوا في قتال العدو‪ ،‬كما كتب إلى‬
‫زعماء القبائل لتنظيم معسكرات من القبائل الليبية(‪ ،)3‬فلبت القبائل وصارت يد واحدة ضد‬
‫االحتالل االيطالي مستجيبا ألمر أحمد الشريف‪ .‬وفي سنة ‪ 9190‬تحول من الكفرة إلى‬
‫(‪)4‬‬
‫الجغبوب‪ ،‬ليكون قريبا من ساحة المعركة‪.‬‬

‫)‪(1‬‬
‫‪.‬علي محمد الصالبي‪ :‬تاريخ الحركة السنوسية في شمال إفريقيا‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ص ‪.981-989‬‬
‫)‪(2‬‬
‫‪.‬محمود براهيم‪ :‬العالمة محمود بن علي السنوسي مجتهدا ومجاهدا ‪ ،9191-9811‬ديوان المطبوعات الجامعية‪،‬‬
‫الجزائر ‪ ،2331‬ص ‪900‬‬
‫)‪(3‬‬
‫خليفة محمد التليسي‪ :‬معجم معارك الجهاد في ليبيا ‪ ،9109-9199‬الدار العربية للكتاب‪ ،‬ليبيا‪ ،9110 ،‬ص ص‪،20‬‬
‫‪.29‬‬
‫)‪(4‬‬
‫‪.‬الجغبوب‪ :‬من المنخفضات المتميزة في الصحراء االفريقية الواقعة في ليبيا‪ ،‬تجمع بين خصائص األشكال التي توجد‬
‫بالمناطق الجافة والرطبة‪ ،‬حيث تقع في أقصى الشمال شرق صحراء ليبيا قرب الحدود المصرية ويمثل امتداد العديد من‬
‫المنخفضات التي تمتد من الشرق إلى الغرب ينظر في كتاب طريح عبد العزيز شرف‪ :‬جغرافية ليبيا‪ ،‬مطبعة المصري‪،‬‬
‫االسكندرية‪ ،9160 ،‬ص‪.901‬‬

‫‪56‬‬
‫المق اومة الليبية ومظاهرها‬ ‫الفصل الثاني‬

‫بدأت التعبئة من قبل رؤساء القبائل‪ ،‬وفتحت الحكومة العثمانية مخازن األسلحة‪،‬‬
‫وكانت جلها بنادق وشرع المجاهدون في مهاجمة العدو بقيادة عبد اهلل األشهب بواقعة‬
‫(الجليانة)‪ ،‬وكلفوا العدو خسائر كبيرة تلتها واقعة الصابري‪ ،‬ومعركة السالوي‪ ،‬والتي كان‬
‫(‪)1‬‬
‫انتصارها كبي ار‪.‬‬
‫وبدأت المساعدات تصل إلى بني غازي بقيادة شيوخ الحركة السنوسية‪ ،‬تلبية لنداء‬
‫القائد األعلى للحركة السنوسية‪ ،‬وتقرر أن يكون موقع معسكرهم في بنينة التي تبعد عن بني‬
‫غازي بحوالي ‪ 23‬كلم(‪ ،)2‬واستمر القتال في جميع أنحاء برقة وشملت كل من بني غازي‬
‫إلى غاية طبرق‪ ،‬وقد تمكن اإليطاليين من احتالل بعض المراكز في الداخل بعد حصول‬
‫عدة معارك‪ ،‬فاضطر الجنرال إميليو قائد القوات اإليطالية إلى مراسلة شيوخ القبائل يطلب‬
‫منهم إرسال مندوبين للمفاوضات‪ ،‬وعند وصول الوفد االيطالي إلى الشيوخ‪ ،‬صادف هذا‬
‫وصول أحمد الشريف إلى موقع رويفع بن ثابت األنصاري المعروف بسيدي رافع‪ ،‬فكان رد‬
‫الشيوخ‪ ،‬أنهم لن يشاركوا في المفوضات دون شيخهم أحمد الشريف‪ ،‬والتحقت هذه القبائل‬
‫ألداء الواجب‪ ،‬وتم تأسيس أربع معسكرات هي‪ :‬معسكر درنة‪ ،‬معسكر بني غازي‪ ،‬معسكر‬
‫(‪)3‬‬
‫الجبل األخضر ومعسكر طبرق‪.‬‬
‫ولهذا صممت الدولة العثمانية أن تقف مع المقاومة وتظهرها أمام الرأي العام‬
‫اإلسالمي‪.‬‬

‫)‪(1‬‬
‫‪.‬محمد الطيب األشهب‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪298.291‬‬
‫)‪(2‬‬
‫‪.‬محمد الطيب األشهب‪ :‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪263‬‬
‫)‪(3‬‬
‫‪.‬محمد الطيب األشهب‪ :‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.261 ،268‬‬

‫‪57‬‬
‫المق اومة الليبية ومظاهرها‬ ‫الفصل الثاني‬

‫فأرسلت نخبة من ضباطها وقادتها المشهورين‪ ،‬لتقوية المقاومة وتدريب المجاهدين‪،‬‬


‫وتعليمهم كيفية استعمال السالح‪ ،‬وفن القتال‪ ،‬وبدأت المساعدات المادية والمعنوية تتوافد‬
‫(‪)1‬‬
‫على المجاهدين‪.‬‬
‫ووزعت القبائل نفسها على معسكرات الجهاد‪ ،‬وتكفلت كل قبيلة بالمؤن والسالح‬
‫والرجال‪ ،‬وذلك بعد قدوم أنور بك لمنطقة درنة كقائد عام لبرقة‪ ،‬وشروعه في ترتيب‬
‫المعسكرات إداريا‪ ،‬وعسكريا‪ ،‬تحت إشراف قادة المناطق‪ ،‬وشيوخ الحركة السنوسية‪ ،‬ونزل‬
‫أحمد الشريف ( ينظر‪ ،‬الملحق رقم‪ ،9‬ص‪ ،)13‬إلى الجغبوب مواصال دعمه الكبير لحركة‬
‫(‪)2‬‬
‫الجهاد‪ ،‬وحشد الهمم والدعم لتأييد الدولة‪.‬‬
‫وكانت عالقة أحمد الشريف بأنور بك عالقة جيدة‪ ،‬ففي أبريل ‪ 9192‬بعث أحمد‬
‫الشريف برسالة إلى أنور بك يظهر فيها مساندته الكبيرة للدولة العثمانية‪ ،‬ويشكره علي‬
‫مساندته للمقاومة وجهاده ضد االستعمار(‪ ،)3‬فكان محل إعجاب وتقدير الشيوخ‪ ،‬كما أعترف‬
‫بدوره (أنور بك) بمجهود ودور أحمد الشريف في سير المقاومة ضد االحتالل االيطالي‪.‬‬
‫وبذلك أصبحت المعسكرات األربعة تابعة للحركة السنوسية‪ ،‬وبتكثيف الجهاد والدعوة‬
‫إليه‪ ،‬واعطاء دفعة لمناطق ليبيا للمقاومة‪ ،‬والنيجر وتشاد‪ ،‬لمؤازرة إخوانهم المجاهدين‬
‫(‪)4‬‬
‫والعرب‪ ،‬وهي الجهات التي ظل أصحابها حريصين على االستقالل‪.‬‬
‫وأصبح العدو في حيرة من أمره‪ ،‬ولم يستطع احتالل المناطق الداخلية بعد احتالله‬
‫المدن الساحلية‪ ،‬وأضطر إلى إعادة حساباته‪ ،‬وإلخفاء إيطاليا ضعفها أمام المجتمع األوروبي‬
‫السياسي‪ ،‬بأنها غير قادرة علي إخضاع ليبيا لسيطرتها‪ ،‬لجأت إلى إصدار بيان تعلن فيه‬

‫)‪(1‬‬
‫محمود عامر‪ :‬تاريخ ليبيا المعاصر‪ ،‬ص ‪.61‬‬
‫)‪(2‬‬
‫‪.‬محمد الطيب األشهب‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.262‬‬
‫)‪(3‬‬
‫‪.‬مصطفي هويدي‪ :‬الحركة الوطنية شرق ليبيا‪ ،‬منشورات مركز دراسات جهاد الليبيين‪ ،‬ليبيا‪ ،9111 ،‬ص ‪.00‬‬
‫)‪(4‬‬
‫‪.‬محمد فؤاد شكري‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.926‬‬

‫‪58‬‬
‫المق اومة الليبية ومظاهرها‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ضم ليبيا إليها بعد معاهدة "أوشي"(‪ ،)1‬لتقنع الرأي العام األوروبي بقوتها وسيطرتها علي والية‬
‫طرابلس‪.‬‬
‫ومن هذا بدأْت الدول األوروبية تتخلى عن الدول العثمانية‪ ،‬بدءا من فرنسا التي‬
‫(‪)2‬‬
‫اصدرت بيانا اعلنت حيادها‪ ،‬ثم تلتها روسيا‪ ،‬وبريطانيا‪.‬‬
‫وبالرغم من كل هذا‪ ،‬باشرت المقاومة معاركها (ينظر‪ ،‬الملحق رقم‪ ،9‬ص‪،)12-19‬‬
‫ضد العدو في المنطقة‪ ،‬كانت تلك االنتصارات التي حققها السنوسيون‪ ،‬محل اعجاب وتقدير‬
‫(‪)3‬‬
‫من ابناء ليبيا‪ ،‬خاصة بعد دعم رمضان السويحلي لهم من المناطق الخلفية‪.‬‬
‫واشتدت الضربات على القوات االيطالية‪ ،‬وخشيت على صمعتها العسكرية وأخذت‬
‫تفكر كيف تقضي على المعسكر السنوسي‪ ،‬فقام السيخ صالح األطيوش‪ ،‬عمر سيف النصر‬
‫ومحمد علي الشفيع‪ ،‬باالستعداد للقيام بمعركة سميت بمعركة القرضابية‪ ،‬في ‪ 21‬ابريل‬
‫‪ ،9199‬نشبت في خليج سرت‪ ،‬حيث كان اإليطاليون ينوون تدمير معسكر المجاهدين من‬
‫طرابلس وبرقة‪ ،‬بقيادة صفي الدين السنوسي‪ ،‬وبلغ تعداد الجيش االيطالي ‪ 99‬الف جندي‪،‬‬
‫بدعمه الفيلق الليبي الذي بلغ تعداد قرابة ‪ 0.9‬الف جندي بقيادة المجاهد رمضان‬
‫(‪)4‬‬
‫سويحلي‪.‬‬
‫وما بدأت المعركة حتى أنقلب السويحلي على القوات اإليطالية وبدأت قوات‬
‫المجاهدين‪ ،‬وتم تمزيق الجيش االيطالي‪ ،‬فلم ينجوا منه سوي ‪ 933‬جندي وقائده الكولونيل‬
‫أمياني‪ ،‬وبقي بأرض المعركة كل من السالح واإلبل والخيل‪ ،‬ورشاشات التي أصبحت غنائم‬
‫)‪(1‬‬
‫‪.‬محمود عامر‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.90‬‬
‫)‪(2‬‬
‫‪.‬محمد فؤاد شكري‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪991‬‬
‫)‪(3‬‬
‫‪.‬محمد الطيب األشهب‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.218‬‬
‫)‪(4‬‬
‫‪.‬أحمد إسماعيل راشد‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.99.96‬‬
‫السويحلي ‪ :‬كانت النية عند رمضان السويحلي مبية لالنقضاض علي الجيش االيطالي‪ .‬وذلك بعد اتصاله بالسنوسيين‪.‬‬
‫واعالمهم بنيته ضد الطليان ينظر نفس المرجع أحمد إسماعيل‪ .‬ص ‪.96‬‬

‫‪59‬‬
‫المق اومة الليبية ومظاهرها‬ ‫الفصل الثاني‬

‫للمجاهدين‪ ،‬وقد اكتسبت هته المعركة أهميتها‪ ،‬من كونها أكبر انتصار للمجاهدين وقد ظهر‬
‫ذلك من خالل الوحدة القوية بين أبناء الشعب الليبي وتوافقت جهود القادة‪ ،‬صفي الدين‬
‫(‪)1‬‬
‫السنوسي‪ ،‬ورمضان السويحلي‪.‬‬
‫وكان نتائجها إلهاب المشاعر الحماسة عند الليبيين‪ ،‬وزادت من عملياتهم الجهادية‬
‫وأنسحب اإليطاليون من منطقة طرابلس‪ ،‬وصار المجاهدون يسد دون ضربات أشد فتكا وبعد‬
‫هذه الهزيمة أعلنت القوات اإليطالية بنقل جيوشها نحو الشمال وأن هذه المعركة قد قلبت‬
‫مخططاتها‪ ،‬فرغم ترساناتها العسكرية الهائلة‪ ،‬وكثرة جنودها إال أن هذا لم يمنع الشعب الليبي‬
‫من المواجهة‪ ،‬ولم تستطع أن تهزم قوي المجاهدين الليبيين‪ ،‬الذي كان رغم عددهم القليل‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫والذي لم يزد عن خمسة عشر ألف مجاهد‪ ،‬وعدم إلمامها بالحروب الحديثة‪.‬‬
‫ورغم كل أساليب الهمجية‪ ،‬التي استخدمتها إيطاليا ضد الليبيين‪ ،‬إال أن جهادهم‬
‫تصاعد‪ ،‬وبعد نهاية الحرب العالمية األولى‪ ،‬واعالن مبادئ ولسون‪ ،‬أعلن قادة الحركة في‬
‫طرابلس الغرب‪ ،‬وعلي رأسهم الشيخ المجاهد سليمان الباروني‪ ،‬قيام أول جمهورية في‬
‫طرابلس في نوفمبر ‪ 9191‬وفقا لمبدأ ولسون القاضي بحق الشعوب في تقرير مصيرها‬
‫بنفسها‪ ،‬وقد شكل قيام الجمهورية الطرابلسية خط ار كبي ار على الوجود االيطالي‪ ،‬مما دفع بها‬
‫(‪)3‬‬
‫إلى استخدام كافة أساليب البربرية‪ ،‬إلجهاض تلك الجمهورية‪.‬‬
‫ورغم إجهاضها إال أن كفاح الطرابلسيين ظل قائما‪ ،‬وفي تلك الفترة برز خالف بين‬
‫أحمد الشريف السنوسي‪ ،‬ومحمد إدريس السنوسي‪ ،‬فقد كان يري أحمد أن الجهاد هو طريق‬
‫الخالص واالستقالل‪ ،‬بينما كان محمد إدريس يرى المهادنة مع إيطاليا ستحقق الهدف‪،‬‬
‫مقابل حصوله على لقب أمير على برقة‪ ،‬وراتب مقداره (‪ )13‬ألف ليرة إيطالية شهريا‪.‬‬

‫)‪(1‬‬
‫‪.‬أحمد إسماعيل راشد‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.96‬‬
‫)‪(2‬‬
‫‪.‬محمد عبد الكريم الوافي‪ :‬الطريق إلى لوزان‪ ،‬طرابلس‪ ،9181 ،‬ص ‪.991‬‬
‫)‪(3‬‬
‫‪.‬أحمد عاشور اكس‪ :‬لمحات تاريخية عن النضال الليبي المسلح‪ ،‬طرابلس‪ ،9119 ،‬ص ‪.991‬‬

‫‪60‬‬
‫المق اومة الليبية ومظاهرها‬ ‫الفصل الثاني‬

‫وبتعاون محمد إدريس مع االيطاليين‪ ،‬فقد ترك أحمد الشريف ليبيا مع بعض أعوانه‬
‫متجها إلى اسطنبول في سبتمبر ‪ ،9191‬وبعد مغادرته تولي عمر المختار قيادة الجهاد في‬
‫شرق ليبيا‪ ،‬وفي تلك الفترة حاول اإليطاليون التوصل إلى حل وسط يسمح لزعماء المقاومة‬
‫في المناطق الغربية بالبدء في برنامج (جمهورية طرابلس)‪ ،‬في حين يحصل زعماء الجزء‬
‫الشرقي علي بعض الحقوق إلنشاء والية ذاتية‪ ،‬بحيث تترك المناطق الساحلية في أيدي‬
‫(‪)1‬‬
‫االيطاليين‪.‬‬
‫لكن الزعماء الوطنيين رفضوا تلك االقتراحات وأصروا على الجهاد‪ ،‬وازدادت المقاومة‬
‫الوطنية بأسا حتى عام ‪ 9122‬عندما دخلت مرحلة أكثر تقدما‪ ،‬وتنظيما في مواجهة‬
‫(‪)2‬‬
‫االحتالل‪ ،‬وذلك من خالل اشتداد حركة الجهاد الليبي بقيادة عمر المختار‪.‬‬
‫وبهذا تنتقل المقاومة من يد السنوسيين إلى يد عمر المختار الذي سيؤدي دوره علي‬
‫أكمل وجه ويعطي درسا في البطولة والرجولة لاليطاليين‪.‬‬

‫)‪(1‬‬
‫‪.‬أحمد عاشور اكس‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪991‬‬
‫)‪(2‬‬
‫‪.‬أحمد عاشور اكس‪ :‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.991‬‬

‫‪61‬‬
‫المق اومة الليبية ومظاهرها‬ ‫الفصل الثاني‬

‫المبحث الثاني‪ :‬مقاومة عمر المختار‬


‫نشأة وحياة عمر المختار‪:‬‬ ‫‪)0‬‬
‫نسبه‪:‬‬ ‫أ‪.‬‬
‫هو عمر المختار محمد فرحات إبريدان محمد هو من بوهديمة عبد اهلل علم مناف بن‬
‫محسن بن حسن بن عكرمة بن الوتاج بن سفيان بن خالد بن الجوشافي بن طاهر بن األرقع‬
‫بن سعيد بن عويدة بن الجارح بن خافي (الموصوف بالعروة ) بن هشام بن مناف الكبير‪،‬‬
‫من من كبار قبائل قريش‪.‬‬
‫من بيت فرحات من قبيلة بريدان وهي بطن من قبيلة المنفة أو المنيف والتي ترجع‬
‫إلى قبائل بني مناف بن هالل بن عامر أولى القبائل الهاللية التي دخلت برقة‪ ،‬أمه عائشة‬
‫(‪)1‬‬
‫بنت محارب‪.‬‬
‫مولده ونشأته‪:‬‬ ‫ب‪.‬‬
‫هو عمر المختار ( ينظر‪ ،‬الملحق رقم‪ ،6‬ص‪ ،)10‬بن عمر المنفي‪ ،‬نسبته إلى قبيلة‬
‫(المنفة) ولد ببطنان عام ‪ 9126‬م(‪ ،)2‬لكن تضاربت األقوال حول مولده والسنة التي ولد فيها‬
‫(‪)3‬‬
‫لكن أجمع أغلب المؤرخين أن سنة ‪9981‬ه الموافقة ل ـ ‪ 9869‬م هي سنة ميالده‪.‬‬
‫أما محمد الطيب االشهب يذكر أن مولده كان حوالي (‪ 9288‬و‪ )9281‬ه الموافق‬
‫(‪)9169 ،9163‬م فقال‪ " :‬لقد سمعت منه شخصيا قوله لي‪ :‬أني أصغر من والدك بخمس‬
‫سنوات‪ ،‬وقوله أيضا‪ :‬أنه ولد بعد وفاة شيخنا سيدي محمد بن علي السنوسي رضي اهلل عنه‬
‫(‪)4‬‬
‫بثالث سنين‪ .".. .‬وهذا القول يكاد يكون تحديد سنة مولد عمر المختار‪.‬‬

‫)‪(1‬‬
‫‪.‬مريم سيد علي مبارك‪ :‬ثوار عضماء‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬الجزائر‪ ،2392 ،‬ص ‪.61‬‬
‫)‪.(2‬نبيه زكريا عبد ربه‪ :‬الحركات اإلسالمية ضد الصهيونية والصليبية والشيوعية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪28‬‬
‫)‪(3‬‬
‫محمدعلي الصالبي‪ :‬الثمارالزكيةللحركةالسنوسيةفي ليبيا‪،‬الطبعة األولى‪،‬أق أر للنشروالتوزيع والترجمة‪،‬مصر‪2338‬ص‪998‬‬
‫)‪.(4‬محمد الطيب األشهب‪ :‬عمر المختار‪ ،‬مطبعة محمد عاكف‪ ،‬مصر‪ [ ،‬د س ]‪ ،‬ص ص ‪03.93‬‬

‫‪62‬‬
‫المق اومة الليبية ومظاهرها‬ ‫الفصل الثاني‬

‫أما مكان مولده بالبطان شرق برقة من قبيلة المنفة أو المنيف كما يقال عنها‪ ،‬وهي‬
‫إحدى كبريات قبائل المرابطين ببرقة‪ ،‬وتتفرع من عدة أفخاذ أشهرها بريدان وينقسم عنه فرع‬
‫الفرحات (‪ ،)1‬وهذا الذي ينحدر منه عمر المختار‪.‬‬
‫نشأ عمر المختار نشأة دينية إسالمية‪ ،‬وحفظ القرآن الكريم في سن مبكر ثالث عشر‬
‫سنة‪ ،‬وعكف على دراسة الشريعة االسالمية‪ ،‬عرف بالتقوى والصالح(‪ ،)2‬تربى يتيما‪ ،‬حيث‬
‫وافت المنية والده مختار بن عمر وهو في طريقه إلى مكة بصحبة زوجته عائشة‪ ،‬تلقى‬
‫تعليمه األول في زاوية جنزور‪ ،‬ثم سافر إلى الجغبوب ليمكث فيها ثمانية أعوام للدراسة‬
‫والتحصيل على كبار علماء ومشايخ السنوسية‪ ،‬فدرس اللغة العربية والعلوم الشريعية‪ ،‬لكنه‬
‫(‪)3‬‬
‫لم يكمل تعليمه كما تمنى‪.‬‬
‫صفاته وأخالقه‪:‬‬ ‫ج‪.‬‬
‫كان إذا خاطب اسمع‪ ،‬واذا شرح أفهم‪ ،‬كان شديد الحرص على صالته في أوقاتها‪،‬‬
‫كان يق أر القرآن يوميا‪ ،‬فيختمه في سبعة أيام‪ ،‬فاكتسب بذلك صفة االمانة والشجاعة‬
‫والصدق‪ ،‬ومحاربة الظلم‪.‬‬
‫كان دائم التنقل في أوقات فراغه‪ ،‬محافظا على الوضوء حتى في اوقات خروج‬
‫الصالة‪ ،‬قال محمد االشهب‪ .. ." :‬عرفته معرفة طيبة وعن قرب مكنتني هذه المصاحبة من‬
‫االحتكاك به مباشرة‪ ،‬كنت أنام بخيمته والى جانبه وأهم ما كنت أمقته ‪-‬رحمة اهلل‪ -‬أنه ال‬

‫)‪(1‬‬
‫‪.‬أحمد الطاهر الزاوي‪ :‬عمر المختار الحلقة األخيرة من الجهاد الليبي‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ،‬دار المدار اإلسالمي ‪ ،‬ليبيا‪،‬‬
‫‪ ،2339‬ص ص ‪.96 ،99‬‬
‫)‪(2‬‬
‫‪.‬نبيه زكريا عبد ربه‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫)‪(3‬‬
‫‪.‬عيسى جبران‪ :‬أعظم الشخصيات في التاريخ‪ ،‬سياسية‪ ،‬علمية‪ ،‬اجتماعية‪ ،‬فلسفية‪ ،‬دينية‪ ،‬مراجعة عبد الجليل مراد‪،‬‬
‫األهلية‪ ،‬لبنان‪ ،‬بيروت‪ ،2331 ،‬ص ‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫المق اومة الليبية ومظاهرها‬ ‫الفصل الثاني‬

‫يتركنا ننام‪ ،‬حيث كان يقضي كل ليلة يتلو القرآن‪ ،‬فيأمرنا بالوضوء بالرغم مما نالقيه من‬
‫(‪)1‬‬
‫شدة البرد ومتاعب السفر‪.".. .‬‬
‫أي كان يحرص كل الحرص على الصالة وتالوة القرآن وكان يحفز كل من معه أن‬
‫يقيموا الصالة بالرغم من التعب الذي كان ينالهم‪.‬‬
‫كفاحه ضد االحتالل‪:‬‬ ‫‪.4‬‬
‫شارك عمر المختار في الجهاد بين صفوف المجاهدين في الحرب الليبية الفرنسية‬
‫في المناطق الجنوبية (السودان الغربي‪ ،‬تشاد) وحول واداي‪.‬‬
‫وقد أستقر المختار فترة من الزمن في قرو مناضال ومقاتال‪ ،‬ثم عين شيخا لزاوية‬
‫(عين كلك) ليقضي فترة من حياته معلما ومبش ار باإلسالم في تلك المناطق النائية‪.‬‬
‫عاش حرب التحرير والجهاد منذ بدايتها يوما بيوم‪ ،‬فعندما أعلنت إيطاليا الحرب على‬
‫تركيا في ‪ 21‬سبتمبر ‪ 9199‬م‪ ،‬وبدأت البارجات الحربية بصب قذائفها على مدن الساحل‬
‫(‪)2‬‬
‫الليبي‪.‬‬
‫وقد شهدت هته الفترة انسحاب االتراك من ليبيا سنة ‪ 9192‬م كما شهدت أعظم‬
‫المعارك في تاريخ الجهاد الليبي‪ .‬وفي أواخر عام ‪ ،9122‬وبعد سفر محمد إدريس سنوسي‬
‫إلى مصر للعالج‪ ،‬تسلم عمر المختار حركة المقاومة الشعبية في برقة‪ ،‬وفي تلك السنة‬
‫تولى الحزب الفاشي السلطة في إيطاليا وقرر إخماد المقاومة الليبية بكل وسائل العنف‪،‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫(المعسكرات) وجعل لكل منها قائدا‬ ‫واالرهاب‪ ،‬ومنذ تسلمه القيادة قام بتنظيم االدوار‬

‫)‪(1‬‬
‫‪.‬محمد الطيب األشهب‪ :‬عمر المختار‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.21‬‬
‫)‪(2‬‬
‫‪.‬عيسى جبران‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪219‬‬
‫)‪.(3‬األدوار‪ :‬تضم عدد كبير من القبائل الليبية المجاهدة‪ ،‬فقد شكلت كل قبيلة دو ار وكان هناك مجلس أعلى قيادة هذه‬
‫األدوار برئاسة عمر المختار وقد تميزت هذه األدوار باالعتماد على نفسها في توفير السالح والمؤن‪ ،‬ينظر أحمد إسماعيل‬
‫راشد‪ ،‬ص ‪.91‬‬

‫‪64‬‬
‫المق اومة الليبية ومظاهرها‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ومجلس قيادة مستقلة عن غيرها‪ ،‬وادارة مدينة‪ ،‬لكنها جميعا تخضع لقيادته‪ .‬وبعدها سافر‬
‫(‪)1‬‬
‫إلى مصر‪.‬‬
‫أثناء تواجده بمصر اجتمع ببعض المشايخ الموجدين هناك وحاولوا أن يثنوا عن‬
‫عزمه بدعوى أنه قد بلع من الكبر عتيا وأن الراحة والهدوء ألزم له من الجهاد والتعب‪ ،‬وأن‬
‫السنوسية بإمكانها إيجاد قائد بديل له‪ ،‬وهذا ما أثار غضب الشيخ عمر المختار وكان جوابه‬
‫فاصال قاتال‪...":‬إن كل من يقول لي هذا ال يريد خي ار لي ألن ما أسير فيه هو طريق خير‬
‫وال ينبغي ألحد أن ينهاني عن سلوكه‪ ،‬وكل من يحاول ذلك فهو عدو لي‪ "...‬فكان دائما‬
‫(‪)2‬‬
‫يدعوا ربه بأن يموت شهيدا في سبيل هذه القضية المباركة‪.‬‬
‫وثم التقى بإدريس السنوسي‪ ،‬وطلب منه المساعدة المالية والعسكرية‪ ،‬ولكن هذا‬
‫األخير رفض لضغوط الحكومتين المصرية وااليطالية بعدم مزاولته أي نشاط سياسي‪،‬‬
‫مفضال اللجوء إلى مصر وبعد عودته تابع عمر المختار قيادته للجهاد‪ ،‬من خالل نظام‬
‫األدوار الذي لعب دو ار هاما في جهاد الليبي‪ ،‬فقد قدم عمر المختار والمجاهدين أروع صور‬
‫البطوالت‪ ،‬ولقد كانت المعارك التي خاضها كثيرة‪ ،‬وال مجال لحصرها‪ ،‬ولكن بشكل عام‬
‫(‪)3‬‬
‫منتهجا في معاركه إستراتجية عسكرية تقوم على حرب‬ ‫حوالي ‪ 19‬معركة ضد االيطاليين‬
‫العصابات التي تعتمد على الكر والفر ألنه يدرك جيدا عدم قدرة المجاهدين على المواجهة‬
‫(‪)4‬‬
‫المكشوفة مع اإليطاليين لنقص العتاد والعدة‪.‬‬

‫)‪(1‬‬
‫‪.‬أحمد إسماعيل راشد‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.93 ،91‬‬
‫)‪(2‬‬
‫‪.‬علي حلمي معروف‪ :‬شرقي وقضايا العصر والحضارة‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ،‬دار النهضة العصرية‪ ،‬بيروت ‪،9119 ،‬‬
‫ص‪.219‬‬
‫)‪.(3‬أحمد إسماعيل راشد‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.99 ،93‬‬
‫)‪(4‬‬
‫‪.‬نبيه زكريا عبد ربه‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬

‫‪65‬‬
‫المق اومة الليبية ومظاهرها‬ ‫الفصل الثاني‬

‫فقد كان عمر المختار صاحب حنكة عسكرية ودهاء‪ ،‬وقد اتفق مع السيد السنوسي‬
‫الذي بقي بمصر من شدة مرضه على كل شيء وأنه سيبقى هذا األخير على علم بمجريات‬
‫األحداث كما يقوم بضغط على الحكومة المصرية واالنجليزية ألجل السماح للمجاهدين‬
‫بااللتجاء إلى مصر‪ ،‬ويشرف على إمدادهم بكل المساعدات ويرسل التعليمات لعمر المختار‬
‫عن طريق الحاج التواتي البرعصي‪ ،‬أما عمر المختار فيتولى قيادة المقاومة بتراب الوطن‬
‫(‪)1‬‬
‫مع تشكيل المعسكرات‪ ،‬وتبقى القيادة العليا بيده ليعود عمر المختار إلى أرض الوطن‪.‬‬
‫بعد استالم عمر المختار زمام األمور والمقاومة بليبيا زادت المواجهات والمعارك‬
‫خصوصا بعد انقالب الفاشي في إيطاليا سنة ‪ 9122‬تغيرت األوضاع داخل ليبيا‪.‬‬
‫ورغم الحصار الذي عان منه المجاهدين‪ ،‬إال أن األحداث لم تنل منهم‪ ،‬وتوالت‬
‫االنتصارات‪ ،‬األمر الذي دفع بإيطاليا إلى إعادة النظر في خططها واجراء تغييرات‬
‫(‪)2‬‬
‫واسعة‪.‬‬
‫ومن أهم تلك المعارك التي خاضها عمر المختار‪ ،‬معركة (الرحيبة) في الجبل‬
‫االخضر يوم ‪ 21‬آذار‪/‬مارس ‪ 9128‬م‪ ،‬فقد بلغت قوة المجاهدين حوالي ‪ 093‬رجال‪ ،‬وبلغت‬
‫قوة اإليطاليين حوالي(‪12‬ضابط) و( ‪ 899‬جنديا)‪ ،‬مع فارق كبير في العدة والعتاد‪ ،‬وقد‬
‫دارت معركة غير متكافئة بين الطرفين‪ ،‬حقق المجاهدون فيها نص ار كبي ار على القوات‬
‫االيطالية‪ ،‬وقد اعترفت إيطاليا بالهزيمة وبخسائرها التي بلغت (‪ 36‬ضباط)‪ ،‬و(‪093‬‬
‫(‪)3‬‬
‫جنديا)‪.‬‬

‫)‪(1‬‬
‫‪.‬أحمد الطاهر الزاوي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.19‬‬
‫)‪.(2‬عيسى جبران‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪216‬‬
‫)‪(3‬‬
‫‪.‬خليفة محمد التليسي‪ :‬مذكرات جيوليوتي‪ ،‬األسرار السياسية والعسكرية لحرب ليبيا‪ ،‬طرابلس‪ ،9186 ،‬ص ص ‪،299‬‬
‫‪.296‬‬

‫‪66‬‬
‫المق اومة الليبية ومظاهرها‬ ‫الفصل الثاني‬

‫وفي خضم هذه المواجهات والتحديات من قبل عمر المختار والمجاهدين أيقن‬
‫اإليطاليون أن االستمرار في العمليات العسكرية ال جدوى منها ضد المجاهدين أمام إسرارهم‬
‫ما دفعهم للتوقف عن العمليات الحربية طيلة ‪ 9121‬م‪ ،‬كما أعترف موسيليني قائال‪:‬‬
‫"‪ ...‬إننا ال نحارب ذئابا كما يقول غرستيان‪ ،‬بل نحارب أسودا يدافعون بشجاعة عن‬
‫(‪)1‬‬
‫بالدهم‪.".. .‬‬
‫هذا االعتراف الذي يثبت أن اإليطاليين ضاقوا ذرعا من الهزيمة على يد المجاهدين‬
‫وقائدهم‪ ،‬أرادوا أن يمنعوا عنهم طريق االمداد فسعوا إلى احتالل الجغبوب ووجهت إليها‬
‫حملة كبيرة في ‪ 1‬فبراير ‪ 9126‬م‪ ،‬وقاموا بحصارهم في الجبل االخضر فلجأ إلى حرب‬
‫العصابات وشن الغارات‪ ،‬وانتصر عليهم عدة مرات(‪ ،)2‬برغم الحصار الحظ اإليطاليون أن‬
‫الموقف يملي عليهم االستيالء على منطقة فزان لقطع االمدادات على المجاهدين‪ ،‬فخرجت‬
‫حملة في يناير ‪ 9121‬م‪ ،‬ولم تحقق غرضها في احتالل فزان بعد أن دفعت الثمن غاليا‪،‬‬
‫والدليل على ذلك معركة ‪ 22‬ابريل التي استمرت يومين كاملين‪ ،‬أنتصر فيها المجاهدون‬
‫(‪)3‬‬
‫وغنموا عتادا كثي ار‪.‬‬
‫و بسبب هته الخسائر المتتالية قررت الحكومة االيطالية‪ ،‬بل أرغمت على أن تقوم‬
‫بمفاوضات سالم مع عمر المختار‪ ،‬لنيل هدنة تسترجع من خاللها أنفسها‪.‬‬

‫)‪(1‬‬
‫‪.‬غرسياني رودولفو‪ :‬برقة المهدأة‪ ،‬ترجمة‪ :‬إبراهيم سالم بن عامر‪ ،‬دار مكتبة األندلس‪ ،‬ليبيا‪ [ ،‬د س ]‪ ،‬ص ‪13‬‬
‫)‪(2‬‬
‫‪.‬الكياللي عبد الوهاب‪ :‬الموسوعة السياسية‪ ،‬الجزء الرابع‪ ،‬المؤسسة العربية للدراسات والنشر‪ ،‬بيروت‪ ،9113 ،‬ص‬
‫‪.220‬‬
‫)‪.(3‬مريم سيد علي مبارك‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪82‬‬

‫‪67‬‬
‫المق اومة الليبية ومظاهرها‬ ‫الفصل الثاني‬

‫مفاوضات السالم في سيدي أرحومة‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬


‫(‪)1‬‬
‫بتغيير القيادة العسكرية‪،‬‬ ‫توالت االنتصارات‪ ،‬األمر الذي قرر من خالله موسوليني‬
‫حيث عين بادوليو حاكما عسكريا على ليبيا في يناير ‪ 9121‬م‪ ،‬ويعد هذا التغيير بداية‬
‫جديدة للتحدي‪.‬‬
‫تظاهر الحاكم الجديد في رغبته للسالم إليجاد الوقت الالزم لتنفيذ خطط وتغيير‬
‫أسلوب القتال لدى جنوده‪ ،‬وطلب مفاوضة عمر المختار(‪ ،)2‬واستجاب الشيخ لنداء السالم‬
‫وحاول التفاهم معهم على صيغته ليخرجوا من دوامة الدمار (‪ ،)3‬فذهب كبيرهم للقاء عمر‬
‫المختار في سيدي أرحومة( ينظر‪ ،‬ملحق رقم‪ ،8‬ص‪ .)19‬وأن يعلمه برغبته بالتفاوض‪،‬‬
‫ولكن لم يكن الغرض هو التفاوض‪ ،‬ولكن المماطلة لتلتقط قواتهم أنفسها(‪ ،)4‬وتهدئة األوضاع‬
‫قليال الستعاب الوضع ومنها الوقت الكافي إليطاليا لالستعداد من جديد‪ ،‬فطلب من باريال "‬
‫العقيد بالقوات اإليطالية " أن يعلم عمر المختار برغبته الملحة بالتفاوض لكن باريال لم يلزم‬
‫بأوامر بادوليو هجم على المجاهدين خالل تأديتهم لصالة عيد الفطر‪ ،‬لكن فطنة عمر‬
‫(‪)5‬‬
‫المختار والمجاهدين جعلته يخسر من جديد‪.‬‬
‫أمام هذا الوضع المتأزم كلف بادوليو الحاكم العام بطرابلس متصرف درنة دودياشي‬
‫لتمهيد المفوضات من جديد مع عمر المختار‪ ،‬ليتم تحديد موعد يوم ‪ 0‬مارس للتباحث‬

‫)‪(1‬‬
‫‪.‬موسوليني بنيو‪ ) 9199 – 9110 ( :‬م مؤسس الحركة الصهيونية ورئيس وزراء إيطاليا إشتراكي من الطبقة العاملة‪،‬‬
‫عمل في حقل التدريس سجن لنشاطه اإلشتراكي عام ‪ 9131‬م ولمعارضته الحرب اإليطالية على ليبيا ‪ 9199‬م‪ ،‬وأصبح‬
‫رئيسا لتحرير ( أفانتي ) أي الطليعة ينظر ( عبد الوهاب الكيالني‪ :‬موسوعة السياسية‪ ،‬الجزء السادس‪ ،‬دار الهدى‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫[ د س ]‪ ،‬ص ‪.983‬‬
‫)‪(2‬‬
‫‪.‬مريم سيد علي مبارك‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.82‬‬
‫)‪(3‬‬
‫‪.‬عيسى جبران‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.216‬‬
‫)‪(4‬‬
‫مريم سيد علي مبارك‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪82‬‬
‫)‪(5‬‬
‫‪.‬محمد علي الصالبي‪ :‬الشيخ الجليل عمر المختار‪ ،‬نشأته وأعماله واستشهاده‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬لبنان‪ [ ،‬د س ]‪ ،‬ص‪.91‬‬

‫‪68‬‬
‫المق اومة الليبية ومظاهرها‬ ‫الفصل الثاني‬

‫بموضوع الصلح غير أن اللقاء طال إلى غاية ‪ 23‬مارس‪ ،‬واشترط عمر المختار على‬
‫الحكومة اإليطالية إظهار حسن نوياهم بإطالق صراح السيد محمد الرضا‪ ،‬واعادته إلى برقة‬
‫من منفاه‪ ،‬وقد تم اللقاء بحضور عدد من المشايخ واألعيان ثم أجلت إلى االسبوع التالي‪،‬‬
‫دون التوصل إلى نتيجة(‪ ،)1‬ألن عمر المختار وجد أن تلك المفاوضات تطلب منه مغادرة‬
‫البالد إلى الحجاز أو مصر أو البقاء في برقة وانهاء الجهاد واالستسالم مقابل األموال‬
‫(‪)2‬‬
‫واإلغراءات‪ ،‬رفض كل تلك العروض مفضال مواصلة الجهاد حتى النصر أو الشهادة‪.‬‬
‫ولهذا تم اتفاق آخر على لقاء عمر المختار مع الفريق األول سيشلياني نائب الحاكم‬
‫العام في برقة‪ ،‬وقد تم اللقاء فعال بسيدي أرحومة‪ ،‬بالقرب من المرج يوم ‪ 91‬جويلية‬
‫‪9121‬م‪ ،‬والحاكم العام بادوليو‪ ،‬ليصل عمر المختار ومعه أربع مئة مقاتل طوقوا المنطقة‬
‫احتياطا للحفاظ على حياة زعيمهم‪ ،‬اقترح بادوليو فيها عقد هدنة لمدة شهرين‪ ،‬ووافق المختار‬
‫(‪)3‬‬
‫وانتهى االجتماع بأخذ صورة تذكارية ينظر للملحق رقم‪ ،‬ص‪ ،‬وتبادل الهدايا بينهما‪.‬‬
‫و بالرغم من المفاوضات وقبول الهدنة‪ ،‬تبين للمختار غدر اإليطاليين وخداعهم‪ ،‬ففي‬
‫(‪)4‬‬
‫‪ 9121‬وجه نداء إلى أبناء وطنه طالبهم فيه بالحرص واليقظة أمام أالعيب الغزاة‪.‬‬
‫لهذا قررت مجموعة من المجاهدين مهاجمة دورية من الضباط وابادتهم قبل ثالثة‬
‫أسابيع من الموعد المحدد وتسبب الحادث في غضب االيطاليين(‪ ،)5‬وكرد فعل عسكري تم‬
‫إرسال دورية من أربع طائرات لقصف مخابئ المجاهدين بما فيهم من نساء وأطفال وشيوخ‬
‫وقد تمكنوا من إسقاط إحدى الطائرات وأسرو طياريها‪ ،‬ليصدر سيشليانو بعد مرور يوم على‬

‫)‪.(1‬محمود شلبي‪ :‬حياة عمر المختار‪ ،‬الطبعة الرابعة ‪ ،‬دار الجيل ‪ ،‬بيروت‪ ،9111 ،‬ص ‪.991‬‬
‫)‪(2‬‬
‫‪.‬عيسى جبران‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪216‬‬
‫)‪.(3‬محمد علي الصالبي‪ :‬الشيخ الجليل عمر المختار‪ ،‬نشأته وأعماله واستشهاده‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.91‬‬
‫)‪(4‬‬
‫‪.‬عيسى جبران‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.216‬‬
‫)‪.(5‬أحمد الطاهر الزاوي‪ :‬عمر المختار الحلقة األخيرة من الجهاد الليبي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.18‬‬

‫‪69‬‬
‫المق اومة الليبية ومظاهرها‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الحادث بيانا مغادة‪ " :‬لقد فرضت علينا خيانة عمر المختار استئناف الحرب ضد الثوار‪،‬‬
‫وسيكون قتاال شامال‪ ،‬بدون ترخيص"(‪ ،)1‬ودفعت مواقف عمر المختار ومنجزاته إيطاليا إلى‬
‫دراسة الموقف من جديد وتوصلت إلى تعيين غرستياني وهو أكثر جنراالت الجيش وحشية‬
‫ودموية‪ ،‬ليقوم بتنفيذ خطة إبادة لم يسبق لها مثيل‪ ،‬في التاريخ‪ ،‬وفي شهر يناير وفبراير‬
‫‪ 9103‬م اشتبكوا مع المجاهدين في معارك فاصلة‪ ،‬وفي ‪ 26‬أغسطس ‪ 9103‬م ألقت‬
‫الطائرات اإليطالية حوالي نصف طن من القنابل على الجوف والتاج‪ ،‬واتفق بادوليو‬
‫وغرتسياني على خط الحملة من أجدابيا إلى جالو إلى بئر زيغن إلى الخوف‪ ،‬وفي ‪ 21‬يناير‬
‫(‪)2‬‬
‫سقطت الكفرة في أيدي الغزاة‪ ،‬وكان سقوطها أثر كبير على حركة الجهاد والمقاومة‪.‬‬
‫ب‪ -‬القبض على عمر المختار‪:‬‬
‫في معركة السانية عام ‪ 9103‬م سقطت من الشيخ عمر المختار نظارته‪ ،‬وعندما‬
‫وجدها أحد الجنود الطليان وأوصلها لقيادته‪ ،‬قال غرتسياني‪" :‬اآلن أصبحت لدينا النظارة‪،‬‬
‫وسيتبعها الرأس يوما ما "‪(.‬ينظر‪ ،‬ملحق‪ ،1‬ص‪)19‬‬
‫و في ‪ 99‬سبتمبر ‪ 9109‬م‪ ،‬وبينما كان الشيخ عمر المختار يستطلع منطقة سلطنة‬
‫مع مجموعة من الفرسان‪ ،‬عرفت الحاميات اإليطالية بمكانه فأرسلت قوات لحصاره ولحقها‬
‫وتعزيزات واشتبك الفريقين في واد بوطاقة ورجحت الكفة للعدو فأمر عمر المختار بفك‬
‫الطوق والتفرق(‪ ،)3‬فحاصروه وحاول الخروج من وديان الجبل‪ ،‬لكنهم أغلقوا عليه المنافذ في‬
‫الوادي‪ ،‬ولم يجد حال فأصيب جواده برصاصة سقط على إثرها‪ ،‬وسقط معه عمر المختار‪،‬‬
‫فألقى عليه القبض ونقل إلى بن غازي عن طريق البحر‪ ،‬وأودع السجن(‪ ،)4‬لم يصدق وزير‬

‫)‪(1‬‬
‫‪.‬غريسياني رودولفو‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫)‪(2‬‬
‫‪.‬مريم سيد علي مبارك‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪80‬‬
‫)‪(3‬‬
‫‪.‬عيسى جبران‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪218‬‬
‫)‪.(4‬علي محمد الصالبي‪ :‬تاريخ الحركة السنوسية في شمال إفريقيا‪ ،‬ص ‪918‬‬

‫‪70‬‬
‫المق اومة الليبية ومظاهرها‬ ‫الفصل الثاني‬

‫المستعمرات الخبر‪ .‬فغراتسياني الذي كان متوجها إلى باريس عاد مسرعا إلى بن غازي‪،‬‬
‫وأصر على "محاكمة فورية واإلعدام بصورة صاخبة ومثيرة "‪ ،‬واألمر الذي فاجأ االيطاليين‪،‬‬
‫هو هدوء االسير وصراحته المذهلة في الرد على أسئلة المحققين بثبات تام ودون مراوغة‪:‬‬
‫"نعم قاتلت ضد الحكومة االيطالية‪ ،‬لم أستسلم قط‪.‬لم تخطر ببالي ابدا فكرة الهرب عبر‬
‫الحدود‪ .. .‬تتصورون أن أبقى وقف دون إطالق النار أثناء القتال ؟ وال أشعر بالندم عما‬
‫(‪)1‬‬
‫قامت به "‪.‬‬
‫هذه الكلمات التاريخية تثبت للقارئ قوة أسد الصحراء عمر المختار وعزمه الكبير‬
‫للتحدي ضد االحتالل‪ ،‬ولم يتردد يوما في مقاومته والوقوف ضده رغم كبر سنه لكن ثقته‬
‫بقضيته‪ ،‬جعلت منه شخصية مهابة تستحق الثناء‪.‬‬
‫استشهاده‪:‬‬ ‫‪.8‬‬
‫محاكمة عمر المختار‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫وصل غرتسياني إلى بنغازي يوم ‪ 99‬سبتمبر‪ ،‬وأعلن عن انعقاد " المحكمة الخاصة "‬
‫يوم ‪ 99‬سبتمبر ‪ 9109‬م‪ ،‬وفي صبيحة ذلك اليوم وقبل المحاكمة رغب غرتسياني في‬
‫الحديث مع عمر المختار (‪ ،) 2‬يذكر‪ " :‬وعندما حضر أمام مكتبي تهيأ لي أني أرى فيه‬
‫شخصية أالف المرابطين الذين التقت بهم أثناء قيامي بالحروب الصحراوية‪ .‬يداه مكبلتان‬
‫بالسالسل‪ ،‬رغم الجروح والكسور‪ ،‬ويجر نفسه بصعوبة نظ ار لتعبه أثناء السفر بالبحر‪،‬‬
‫وباإلجمال يخيل لي أن الذي يقف أمامي رجل ليس كالرجال له منظره وهيبته رغم أنه يشعر‬
‫بم اررة االسر‪ ،‬ها هو واقف أمام مكتبي نسأله ويجيب بصوت هادئ وواضح"‪.‬‬
‫غراتسياني‪ :‬لماذا حاربت بشدة متواصلة الحكومة الفاشية؟‬

‫)‪(1‬‬
‫‪.‬مريم سيد علي مبارك‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪88 ،86‬‬
‫)‪(2‬‬
‫‪.‬مريم سيد علي مبارك‪ :‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.88‬‬

‫‪71‬‬
‫المق اومة الليبية ومظاهرها‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الشيخ‪ :‬ال شيء إال طردكم‪ .. .‬ألنكم مغتصبون‪ ،‬أما الحرب فهي فرض علينا وما النصر‬
‫إال من عند اهلل‪.‬‬
‫غراتسياني‪ :‬لماذا لم تأمر الثوار بأن يخضعوا لحكمنا ويسلموا أسلحتهم؟‬
‫الشيخ‪ :‬نحن الثوار سبقنا أن نستشهد كلنا الواحد بعد االخر‪ ،‬وال نستسلم أو نلقي السالح‪.. .‬‬
‫وبهذا الثبات الذي أظهره الشيخ يقول غرتسياني‪ " :‬ارتعش قلبي من جاللة الموقف أنا‬
‫الذي خاض الحروب العالمية والصحراوية‪ .‬ورغم هذا فقد كانت شفتاي ترتعشان ولم أستطع‬
‫أن أنطق بحرف واحد‪ ،‬فأنهيت المقابلة وأمرت بإرجاعه إلى السجن لتقديمه للمحاكمة في‬
‫(‪)1‬‬
‫المساء‪.‬‬
‫وبعد هذه االستجوابات عقدت للشيخ محكمة صورية‪.‬عقدت المحكمة في مكان ببرقه‬
‫القديم بالقاعة الكبرى بمراكز ادارة الحزب الفاشيستي في بنغازي وهي دار مجلس النواب‬
‫السابق ويسمى الليتوريو‪ ،‬وهي هيئة الضباط الرومانيين الذين كان لهم شرف السير امام‬
‫القضاة أثناء قيمامهم بوظيفتهم العدل‪ ،‬يوم الثالثاء ‪ 99‬سبتمبر ‪ 9109‬م على الساعة‬
‫الخامسة‪ ،‬وكانت المحكمة مؤلفة من عدة أعضاء هم (ينظر‪ ،‬الملحق رقم‪ ،1‬ص‪،)2() 16‬‬
‫فصدر ضده حكم االعدام شنقا يوم ‪ 99‬ايلول سبتمبر ‪9109‬م (‪ ،) 3‬وكان عمره يقارب‬
‫السبعين‪ ،‬وعندما ترجم الحكم له قال‪" :‬إن الحكم هلل‪.. .‬ال حكمكم المزيف‪.. .‬إنا هلل وانا إليه‬
‫راجعون " ليعدم في اليوم الموالي ‪ 96‬سبتمبر ‪ 9109‬م في مركز سلوق بحضور االهالي‬
‫(‪)4‬‬
‫وجميع المعتقلين السياسيين خصيصا لمشاهدة تنفيذ الحكم في قائدهم‪.‬‬

‫)‪(1‬‬
‫‪.‬غرتسياني رودولفو‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.229‬‬
‫)‪(2‬‬
‫‪.‬سعود دحدي‪ :‬البعد الجهادي المغاربي للطريقة السنوسية‪ ،‬رسالة مقدمة لنيل الماجستير في التاريخ المعاصر‪ ،‬إشراف‬
‫مياسي إبراهيم‪ ،‬كلية العلوم اإلنسانية واإلجتماعية‪ ،‬جامعة يوسف بن خدة‪ ،‬الجزائر‪ ،2336 ،‬ص ‪.929‬‬
‫)‪(3‬‬
‫‪.‬الكياللي عبد الوهاب‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.220‬‬
‫)‪(4‬‬
‫‪.‬محمد محمود إسماعيل‪ :‬عمر المختار وشهيد اإلسالم‪ ،‬مكتبة القرآن للطبع والنشر‪ ،‬مصر‪ ،9112 ،‬ص ‪99‬‬

‫‪72‬‬
‫المق اومة الليبية ومظاهرها‬ ‫الفصل الثاني‬

‫اضي ًة مر ِ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫الن ْفس ا ْلم ْ ِ‬
‫ض َّي ًة‬ ‫ط َمئ َّن ُة ْارجعي إلى َرِّبك َر َ َ ْ‬ ‫ُ ُ‬
‫و هو يردد‪ :‬قوله تعالى ( َيا أَيَّتُ َها َّ‬
‫(‪)1‬‬
‫اد ُخلِي ِفي ِع َب ِادي ( ‪َ ) 41‬و ْاد ُخلِي َج َّن ِتي (‪ " )81‬سورة الفجر‪.‬‬‫(‪ )43‬فَ ْ‬
‫ولقد رثاه العديد من فحول الشعراء ( ينظر‪ ،‬الملحق رقم‪ ،93‬ص‪ ،)18‬وعلى رأسهم‬
‫سينهض الوادي صباح مسـ ـ ـ ـاء‬ ‫ركزوا رفاتك في الرمال ل ـ ـواء‬ ‫شوقي‪ ،‬حيث قال‪:‬‬
‫(‪)2‬‬
‫توحي إلى جيل الغد البغضاء‬ ‫يا ويحهم نصبوا منا ار من دم‬
‫و كانت اخر كلمات الشهيد قبل إعدامه‪:‬‬
‫" نحن ال نستسلم‪ ...‬ننتصر أو نموت‪ ...‬وهذه ليست النهاية‪ ...‬بل سيكون عليكم أن تحاربوا‬
‫(‪)3‬‬
‫الجيل القادم واالجيال التي تليه‪ ...‬أما انا‪ ...‬فان عمري سيكون اطول من عمر شانقي "‪.‬‬

‫)‪(1‬‬
‫‪.‬القرآن الكريم براوية ورش عن نافع‪ :‬المؤسسة الوطنية للكتاب‪ ،‬الجزائر‪ ،9119 ،‬ص ‪.919‬‬
‫)‪(2‬‬
‫‪.‬أحمد إسماعيل راشد‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.92‬‬
‫)‪(3‬‬
‫‪.‬مريم سيد علي مبارك‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.12‬‬

‫‪73‬‬
‫المق اومة الليبية ومظاهرها‬ ‫الفصل الثاني‬

‫المبحث الثالث‪ :‬الطريق نحو االستقالل‬


‫نهاية االحتالل‪:‬‬ ‫‪.0‬‬
‫لقد بقي الليبيون ووضعهم يتأرجحون بين خروج اإليطاليين واستقاللهم بين حكم‬
‫االدارة البريطانية والقوة العسكرية الفرنسية‪ ،‬وفي هذه الحالة اختلف أهل برقة عن أهل‬
‫طرابلس‪ ،‬وتمسك أهل برقة بزعامة محمد ادريس السنوسي‪ ،‬حيث أقام في بنى غازي نادي‬
‫عمر المختار‪ ،‬الذي طالب بدولة ليبية مستقلة تحت امارة السنوسيين‪ ،‬لكن ما لبث أن حل‬
‫(‪)1‬‬
‫هذا النادى وتعطلت صحيفته‪ ،‬وأصبح اسمه الجمعية الوطنية وذلك عام ‪9198‬م‪.‬‬
‫ورأى االنجليز منح برقة حكومة ذاتية بزعامة محمد ادريس السنوسي وكلفت لجنة‬
‫خاصة تتابع هذا البرنامج تحت اشراف بريطانيا‪ ،‬أما في طرابلس‪ ،‬فكان الوضع مختلفا‪،‬‬
‫حيث أظهر األهالي تخوفا من عودة الحكم االيطالي إلى المنطقة‪ ،‬هذا ما أدى اتحاد الليبيين‬
‫بتكوين دولة متحدة بزعامة محمد ادريس السنوسي حليف بريطانيا‪ ،‬حيث ألف هذا األخير‬
‫(‪)2‬‬
‫حزب المؤتمر الوطني يتحدث باسم الألهالي‪.‬‬
‫وذلك بعد توقيف الجمعيات مثل نادي عمر المختار‪ ،‬وتمسك هذا المؤتمر بأمرين‬
‫هما اعطاء محمد ادريس السنوسي الملكية على ليبيا‪ ،‬وعدم عودة الطليان‪.‬‬
‫وفى خضم هذه األحداث حتم األمر على وزراء خارجية الدول الكبرى إلى إرسال‬
‫لجنة رباعية‪ ،‬والتي أقرت باستقالل اقليم برقة تحت لواء محمد ادريس الذي فضل التحالف‬
‫(‪)3‬‬
‫مع االنجليز‪.‬‬

‫)‪(1‬‬
‫‪.‬اسماعيل أحمد ياغي‪ :‬الدولة العثمانية في التاريخ االسالمي الحديث‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ،‬نشر مكتبة العبيكات ‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫‪ ،9111‬ص‪.021‬‬
‫)‪(2‬‬
‫‪.‬علي محمد الصالبي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.990‬‬
‫)‪(3‬‬
‫‪.‬اسماعيل أحمد ياغي‪ :‬الدولة العثمانية في التاريخ االسالمي الحديث‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪009‬‬

‫‪74‬‬
‫المق اومة الليبية ومظاهرها‬ ‫الفصل الثاني‬

‫وبعد اقرار اللجنة الرباعية‪ ،‬وضحت أحوال ليبيا المتدهورة اجتماعيا‪ ،‬وبهذه األوضاع‬
‫الخطيرة رأت بريطانيا أن تضع برقة تحت رعايتها‪ ،‬وطرابل تحت الوصاية االيطالية‪ ،‬وفزان‬
‫تحت الوصاية الفرنسية‪ ،‬غير أن الواليات المتحدة رأت خالف ذلك‪ ،‬واقترحت أن تكون ليبيا‬
‫تحت وصايتها لمدة عشر سنوات‪ ،‬واحتفاظها أيضا بقاعدة هويلس الجوية‪ ،‬فوافقتها في ذلك‬
‫بريطانيا‪ ،‬ورفضت فرنسا‪ ،‬كذا وافقها االتحاد السوفياتي‪.‬‬
‫وفى هذه االثناء تأزم الوضع في ليبيا‪ ،‬وخاصة فى طرابلس‪ ،‬وقامت مظاهرات ترفض‬
‫الوصاية األمريكية على طرابلس‪ ،‬فاتحدت األحزاب الطرابلسية بقيادة بشير السعداوي‪،‬‬
‫واستمر حزب المؤتمر بقياد ة هته المظاهرات‪ ،‬وقد برز هذا الرفض في الجمعية العمومية‬
‫التي قام بها حزب المؤتمر الوطني في ‪ 91‬ماي ‪ 9191‬م‪ ،‬هذه المظاهرات استطاعت أن‬
‫تغير قرار األمم المتحد ة‪ ،‬بعد اقناع الوفود العربية وتدعيم استقالل ليبيا كدولة عربية‬
‫(‪)1‬‬
‫اسالمية‪ ،‬وبهذا أصبح استقالل ليبيا وانهاءاالحتالل امران ال بد منهما‪.‬‬
‫دور هيئة األمم المتحدة في االستقالل‪:‬‬ ‫‪.4‬‬
‫بعد فشل إيطاليا في الحرب نشطت األحزاب وتصاعدت األصوات المطالبة‬
‫باالستقالل التام لليبيا ونشط أكثر النشاط السياسي الذي كان له صدى في الدولية والذي‬
‫تضمن ما يلي‪:‬‬
‫االتجاه األول الذي تمثله جمعية عمر المختار ورابطة الشباب االسالمي تبنى وحدة‬
‫ليبيا واستقاللها متخذا موقفا معاديا ضد االدارة البريطانية وتولت القيادات أمل الكفاح‬
‫الوطني‪.‬‬
‫أما االتجاه الثاني ظهر في انتقادات اللجنة الوطنية البرقاوية في اتجاهها االستقاللي‪.‬‬

‫)‪(1‬‬
‫‪.‬على محمد الصالبي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪999 ،999‬‬
‫)‪.(2‬محمد الهادي أبو عجيلة‪ :‬دور الحركة الوطنية الليبية من الكفاح ضد األطماع األجنبية في ليبيا عقب الحرب العالمية‬
‫الثانية‪ ،‬جامعة ‪ 8‬أكتوبر‪ ،‬ليبيا‪ ،‬ص ص ‪.92 ،1‬‬

‫‪75‬‬
‫المق اومة الليبية ومظاهرها‬ ‫الفصل الثاني‬

‫أما اعيان البالد فقد اجتمعوا في ‪ 29‬يناير ‪ 9190‬م لبحث األوضاع الداخلية للبالد‬
‫وتوصلوا إلى مطالبة السلطات البريطانية االعتراف بحقهم في انشاء الهيئات السياسية‬
‫(‪)1‬‬
‫واصدار الصحف والدعوة للقضية الوطنية ومحاكمة الفاشيين‪.‬‬
‫وفي ‪ 23‬أكتوبر نشط الليبيون في مصر وقرروا تفويض األمر لمحمد ادريس باالتفاق‬
‫مع الحكومتين المصرية واالنجليزية بشأن تكوين جيش لتحرير ليبيا‪.‬‬
‫ولما أعلنت إيطاليا الحرب إلى جانب ألمانيا في ‪ 93‬يوليو ‪ 9193‬م وجد الليبيون أن‬
‫الفرصة سانحة لتحرير بالدهم‪ ،‬وفي ‪ 8‬ديسمبر ‪9193‬م أعلن موسيلينى األوامر إلى رودلف‬
‫قائد الجيش العاشر الهجوم على مصر‪ ،‬لكن القوات البريطانية نجحت فى صدها‪ ،‬وتقدمت‬
‫هى بدورها نحو بني غازي وطبرق‪ ،‬وبانتهاء الحرب العالمية الثانية‪ ،‬دخلت القضية الليبية‬
‫مرحلة جديدة من الصراع بين الدول الكبرى‪ ،‬حيث أصبح مصير مستعمرات إيطاليا بعد‬
‫هزيمتها من الموضوعات التي تصدرت قائمة اهتمام الدول المنتصرة والواليات المتحدة‬
‫(‪)2‬‬
‫واالتحاد السوفياتي‪ ،‬وفرنسا‪.‬‬
‫وفي خضم هذه األحداث المتسارعة والتي مهدت لرسم الطريق أمام الحركات‬
‫السياسية بليبيا‪ ،‬فكان عام ‪9198‬م عاما لميالد هيئة تحرير ليبيا التي تأسست وتكونت في‬
‫‪ 90‬مارس من نفس السنة بالقاهرة برئاسة بشير السعداوي وعضوية أحمد السويحلي‬
‫وآخرون‪ ،‬حيث سعت إلى جمع كلمة الليبيين على مطلب االستقالل والوحدة‪ ،‬فكان برنامجها‬
‫السياسي ينص على ما يلي‪:‬‬

‫)‪.(1‬محمد الهادي أبو عجيلة‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪92‬‬


‫)‪(2‬‬
‫‪.‬شوقي عطا اهلل الجمل‪ ،‬عبد اهلل عبد الرزاق ابراهيم‪ :‬تاريخ العالم العربي الحديث والمعاصر (من الفتح العثماني للعالم‬
‫العربي إلى الوقت الحاضر ) ‪ ،‬الطبعة االولى ‪ ،‬المكتب المصري ‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،2338 ،‬ص ‪.262‬‬

‫‪76‬‬
‫المق اومة الليبية ومظاهرها‬ ‫الفصل الثاني‬

‫السعي الستقالل ليبيا بحدودها الطبيعية والتعاون مع الجامعة العربية لتحقيق‬


‫االستقالل‪ ،‬وتوحيد الصفوف‪ ،‬وتجنب الشقاق والجدل على نظام الحكم‪ ،‬والدعوة إلى تأييد‬
‫(‪)1‬‬
‫الرأي العام العربي واإلسالمي‪.‬‬
‫وفي ‪ 93‬فبراير ‪9198‬م عقدت معاهدة مع إيطاليا في باريس‪ ،‬حيث عرض موضوع‬
‫المستعمرات اإليطالية ألول مرة في مؤتمر وزراء الخارجية‪ ،‬واتفق أخي ار على مبادئ‬
‫بخصوص هذه المستعمرات أهمها‪:‬‬
‫تنازل إيطاليا عن جميع حقوقها في مستعمراتها ويتقرر مصيرها على أحد األوجه‬
‫التالية االستقالل أو االنضمام إلى أحد األقاليم المجاورة أو الوصاية على أن تتوالها عصبة‬
‫(‪)2‬‬
‫االمم‬
‫وبمقتضى هذا التنازل االيطالي على مستعمراتها في إفريقيا‪ ،‬على أن تحال القضية‬
‫إلى األمم المتحدة إذا لم يتفق حول مستقبلها‪.‬‬
‫اختلف الحلفاء حول مصير ليبيا‪ ،‬وبدأت مفاوضات سرية بين بريطانيا وايطاليا صدر‬
‫في نهايتها مشروع بريطاني ‪/‬ايطالي يقضي منح هذه األخيرة حق الوصاية على طرابلس‬
‫بينما تصبح برقة امارة مستقلة تحت الوصاية البريطانية‪ ،‬وتبقى فزان تحت الوصاية‬
‫الفرنسية‪.‬‬
‫رفض الليبيون هذا المشروع‪ ،‬وقاموا بمظاهرات اجتاحت جميع أنحاء ليبيا‪ ،‬وتقدمت‬
‫األحزاب الليبية عام ‪9191‬م بمذكرة إلى الدول الكبرى تطالب فيها بمنح ليبيا حريتها‬
‫واستقاللها‪ ،‬وأرسلوا وفدا لحضور اجتماعات هيئة األمم المتحدة للدفاع عن حقوقهم‪ ،‬فقررت‬

‫)‪(1‬‬
‫‪.‬سامي حكيم‪ .‬استقالل ليبيا بين جامعة الدول العربية واألمم المتحدة‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬القاهرة ‪ ،9183‬ص‪.11‬‬
‫)‪(2‬‬
‫‪.‬شوقي عطا اهلل الجمل‪ ،‬عبد اهلل عبد الرزاق ابراهيم‪ .‬تاريخ افريقيا الحديث والمعاصر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.291‬‬

‫‪77‬‬
‫المق اومة الليبية ومظاهرها‬ ‫الفصل الثاني‬

‫هية األمم(‪ ،)1‬وأسفرت هذه المباحثات عن ق اررين هامين وافقت عليها الجمعية العمومية لألمم‬
‫المتحدة بتاريخ ‪ 29‬تشرين الثاني ‪9191‬م‪ ،‬و‪ 98‬تشرين الثانى ‪9193‬م‪ ،‬وقد نص الق ارران‬
‫على ما يلي‪:‬‬
‫ستصبح ليبيا بأقاليمها الثالث (برقة‪ ،‬طرابلس‪ ،‬فزان ) دولة مستقلة ذات سيادة بمجرد‬
‫(‪)2‬‬
‫أن تتم االجراءات المبينة بالق اررين لكي يصير استقالل ليبيا نافذا‪.‬‬
‫إعالن االستقالل‪:‬‬ ‫‪.8‬‬
‫كانت أغلب األحزاب والجمعيات تطالب بوحدة البالد تحت االدارة السنوسية وقد‬
‫استغلت بريطانيا ذلك فعمدت إلى أسلوب اللجان وبدأت بإيفادها لطرابلس ولم تستطع هذه‬
‫اللجان الحصول على اعتراف األحزاب التي قامت فى االقاليم (برقة‪ ،‬طرابلس‪ ،‬فزان ) بشأن‬
‫مطالبتها باالنفصال عن المدن األخرى‪ ،‬ولكن لندن لم تعمل على تلبية رغبات تلك األحزاب‬
‫وسارعت إلى منح برقة حكما ذاتيا في يونيو ‪ 9191‬م وأعلن ادريس السنوسي استقالل برقة‬
‫وصدر قانون من قبل هيئة األمم المتحدة حول القضية الليبية في ‪ 29‬تشرين الثاني‪/‬نوفمبر‬
‫‪ 9191‬م يقضي بوحدة ليبيا واالعتراف بها دولة مستقلة‪ ،‬وظلت األوضاع بهذه الصورة حتى‬
‫(‪)3‬‬
‫أعلنت األمم المتحدة رسميا استقالل ليبيا كدولة اتحادية تحت حكم ادريس السنوسي‪.‬‬
‫في ‪ 29‬نوفمبر ‪ 9199‬قررت الجمعية العامة لألمم المتحدة أن تصبح ليبيا دولة‬
‫مستقلة ذات سيادة وأن يعلن هذا االستقالل في مدة أقصاها عام ‪9199‬م‪ ،‬وقد عينت األمم‬
‫(‪)4‬‬
‫المتحدة لجنة على رأسها الدكتور بلت الهولندي لتهيئة البالد لمرحلة االستقالل‪.‬‬

‫)‪(1‬‬
‫‪.‬زهدي عبد المجيد سمور‪ :‬تاريخ العرب المعاصر‪ ،‬الشركة العربية للتسويق والتوريدات‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،2331 ،‬ص‬
‫ص ‪.229 ،229‬‬
‫)‪(2‬‬
‫‪.‬زهدي عبد المجيد سمور‪ :‬تاريخ العرب المعاصر‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ص ‪.229 ،229‬‬
‫)‪(3‬‬
‫‪.‬مفيد الزيدي‪ :‬التاريخ العربي بين الحداثة والمعاصر‪ ،‬دار أسامة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،2399 ،‬ص‪.290‬‬
‫)‪(4‬‬
‫‪.‬ناهد ابراهيم دسوقي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.286‬‬

‫‪78‬‬
‫المق اومة الليبية ومظاهرها‬ ‫الفصل الثاني‬

‫وصل مندوب األمم المتحدة إلى ليبيا في ‪ 91‬كانون الثاني ‪9193‬م‪ ،‬وأخذ يتقصى‬
‫األوضاع في ليبيا‪ ،‬وأجرى اتصاال‪ ،‬مع بريطانيا‪ ،‬الواليات المتحدة‪ ،‬فرنسا‪ ،‬إيطاليا‪ ،‬ومصر‬
‫وباكستان واجتمع هؤالء في ‪ 9‬نيسان ‪9193‬م في جنيف ثم انتقلت إلى طرابلس‪ ،‬ثم أخذ‬
‫مندوب األمم المتحدة يبحث لتشكيل لجنة تحضيرية تتولى عقب الجمعية الوطنية ووضع‬
‫دستور‪ ،‬عقدت اللجنة أول اجتماع لها في ‪ 98‬تموز ‪ 9193‬م وأقرت تأسيس جمعية وطنية‬
‫من ستين عضوا وأصدرت ق ار ار نص على قيام دولة اتحادية في ليبيا‪ ،‬برآسة أمير برقة محمد‬
‫(‪)1‬‬
‫السنوسي‪ ،‬الذى أعلن في احتفال رسمي يوم ‪ 29‬كانون األول ‪9199‬م استقالل ليبيا‪.‬‬
‫وأخي ار توصل الرأي العام الدولي إلى عد عام ‪9199‬م عام استقالل ليبيا‪ ،‬وطالب‬
‫بتسليم جميع األمور إلى الشعب الليبي‪ ،‬الدرة أموره بنفسه‪ ،‬وعد ليبيا دولة اتحادية وذات‬
‫سيادة واحدة‪ ،‬وفي عام ‪ 9190‬م انضمت ليبيا إلى جامعة الدول العربية‪ ،‬والى هيئة األمم‬
‫المتحدة سنة ‪9199‬م‪ ،‬ورفض الشعب الليبي الخضوع للنظام الملكي القائم على األسرة‬
‫السنوسية بعد أن أدركوا ارتباطها باالستعمار الذي صنعها‪ ،‬وأن هذا النظام لم يعمل في‬
‫(‪)2‬‬
‫تطوير البالد‪.‬‬
‫نستخلص في األخير أن هذه المقاومات التي واجهها االستعمار االيطالي منذ وطأته‬
‫أرض ليبيا‪ ،‬لم تثنه عن شن الحرب ضد مقاومة المجاهدين الليبيين‪ ،‬وبالرغم من الفرق‬
‫الهائل في العتاد والعدة إال أنه واجه اصرار وتحدي كبيرين من قبل المجاهدين‪ ،‬تجلت هته‬
‫المقاومة في الحركة السنوسية ورجالها الذين حملوا لواء الجهاد ضد الطغيان االيطالي‪ ،‬لتليها‬
‫مقاومة اسد الصحراء التي أرغمت االستعمار أن يغير من سياسته وقادته للقضاء عليها‪،‬‬
‫وهذا دليل آخر على أن مقاومة عمر المختار كانت من أقوى المقاومات‪ ،‬حيث ترك هذا‬
‫األخير ذكرى وصورة حية خالدة عن جهاد الشعب الليبي‪ ،‬ستبقى محفورة في أذهان العرب‬
‫)‪(1‬‬
‫‪.‬نمير طه ياسين‪ .‬تاريخ العرب الحديث والمعاصر‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬عمان‪ ،2393 ،‬ص ص ‪.290 ،292‬‬
‫)‪(2‬‬
‫‪.‬محمد علي عامر‪ :‬تاريخ المغرب العربي المعاصر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.932‬‬

‫‪79‬‬
‫المق اومة الليبية ومظاهرها‬ ‫الفصل الثاني‬

‫والمحتل بحد على حد سواء‪ ،‬وما يدل على بطوالت الرجل‪ ،‬أنه كان يقيد العدو ويحبط‬
‫مخططاته‪ ،‬وانه بعد استشهاده بأربعة أشهر‪ ،‬دخلت القوات اإليطالية معاقل الخبل االخضر‪،‬‬
‫ولكن بعدها قرر الليبيون من جديد مقاومته سياسيا بقيادة ادريس السنوسي الذي أظهر‬
‫القضية على الساحة العربية والدولية ليكسب في األخير الرأي العالمي وبتزكية من األمم‬
‫المتحدة لتستقل ليبيا نهائيا من االحتالل ليعلن ذلك في ‪ 29‬ديسمبر ‪ 9199‬م‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫خـــــــــــــــــــــــــــاتمة‬
‫اتمة‬ ‫خ‬

‫سلطت الدراسة الضوء على حقبة تاريخية ميزتها أحداث منذ تم اخضاع مختلف‬
‫انحاء القارة اإلفريقية للسيطرة األوروبية‪ ،‬وخصوصا بعد ضعف الحامي الوحيد للدول العربية‬
‫وهي االمبراطورية العثمانية التي كانت تمثل الحصن الحصين والمدافع الرسمي لهته الدول‬
‫خصوصا ليبيا‪.‬‬
‫ففي حياة األمم وتعاقب الحضارات‪ ،‬وتجارب الشعوب‪ ،‬يصعب النظر إلى التاريخ‬
‫وكأنه خط مستقيم‪ ،‬كما يتعذر بالضرورة أن نتمثل تطوره (التاريخ ) الفعلي خارج سياق‬
‫منعرجات أحداثه‪ ،‬ومنعطفاته الكبرى‪ .‬واألمر نفسه يصدق على ظاهرة االستعمار عامة‪،‬‬
‫واالستعمار اإليطالي خاصة‪.‬‬
‫فليبيا التي يشكل حدث احتاللها جرحا بجسد المغرب العربي‪ ،‬سيسقط مع تزايد‬
‫استفحاله‪ ،‬هيبته‪ ،‬وأقل ما يقال عنه أنه المنعطف األكثر مسؤولية في أزمة المغرب الحديث‬
‫والمعاصر‪.‬‬
‫وليبيا هي أيضا‪ ،‬بصمود ثوارها أمام أعتى أساليب الغرب االستعماري ستؤكد إليطاليا‬
‫درس لمكانة األرض واإلنسان‪ ،‬والهوية التاريخية في بعدها العربي واإلسالمي‪.‬‬
‫االستعمار‪ ،‬وهو في ذروة شعوره بتراجع مكانته بالمغرب العربي وبالخصوص في‬
‫ليبيا‪ ،‬لم يتقاعس في انعاش تفاؤله باالستم اررية‪ ،‬معتمدا في ذلك على أدوات أكثر مساسا‬
‫بهوية الليبيين وشخصيتهم التاريخية‪.‬‬
‫المالحظ أن الحكم التركي‪ ،‬على طول مدته كان أقل تأثي ار في تاريخ ليبيا من حركة‬
‫السنوسيين‬
‫‪ -‬كانت إيطاليا قد بسطت على ليبيا سيطرتها‪ ،‬مستغلة مواردها البشرية والمادية‪،‬‬
‫منتهجتا بذلك أساليب كثيرة لتشتيت وحدة الشعب‪ ،‬ومن ثم ضمان بقائها‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫اتمة‬ ‫خ‬

‫‪ -‬لقد أثبتت الدراسة على أن االستعمار اإليطالي‪ ،‬مارس شتى أنواع الظلم‬
‫واالضطهاد‪.‬‬
‫‪ -‬فشل إيطاليا لنشر ثقافتها في وسط الشعب الليبي‪ ،‬لتشبع هذا األخير بالمبادئ‬
‫الدينية والعروبة‪.‬‬
‫‪ -‬اإليمان الكبير من إيطاليا بإعادة أمجاد روما واسترداد حقوقها في ليبيا التي‬
‫اعتبروها شاطئهم الرابع‬
‫‪ -‬إنتهاج إيطاليا سياسة االستعمار االستيطاني‪ ،‬بانتهاكها األراضي وجلب مواطنيها‬
‫إلى ليبيا‪.‬‬
‫‪ -‬منذ وطأ االستعمار اإليطالي أرض ليبيا وجد مقاومة عنيفة تمثلت في مقاومة‬
‫الحركة السنوسية‪ ،‬وقائدها أحمد الشريف‪.‬‬
‫‪ -‬عملت هته الحركة على تخليص المجتمع من الخرافات والبدع‪ ،‬التى كانت سائدة‬
‫فى البلدان العربية نظ ار لسوء األحوال كما قامت بدور تعليمي وتحفيظ القرآن عن طريق‬
‫الزوايا‪ .‬ساهمت الحركة السنوسية بإرساء االستقرار وسط القبائل ويرجع هذا األمر إلى دورها‬
‫لعبت الحركة السنوسية دو ار كبي ار في‬ ‫االجتماعى المهم الذى قامت به من خالل زواياها‪.‬‬
‫مواجهة الحمالت التنصيرية وذلك باعتراف الغرب انفسهم‪.‬‬
‫‪ -‬كانت للشخصية الكاريزمية التي تمتع بها كل من أحمد الشريف وبالخصوص‬
‫عمر المختار األثر البالغ في استقطاب المجاهدين‪.‬‬
‫‪ -‬انتهاج ليبيا اسلوب المقاومة لطرد االحتالل من ارضهم‪.‬‬
‫‪ -‬رغم كبر سن عمر المختار إال أنه لم يثنيه ذلك على المقاومة ليعطي بهذه العزيمة‬
‫واإلصرار درسا لليبيين لمواصلة الجهاد‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫اتمة‬ ‫خ‬

‫‪ -‬المقاومة السنوسية ومقاومة عمر المختار مقاومتين مكملتين لبعضهما‪ ،‬فكان‬


‫سبيلهما الوحيد طرد العدو والنيل منه‪.‬‬
‫‪ -‬كان نتاجا لهذا االستعمار تشكيل الوعي الوطني لمكونات المجتمع الليبي‪ ،‬الذي‬
‫مثل االسالم أحد المقومات الجوهرية لهويته الشخصية التاريخية‪.‬‬
‫‪ -‬أكدت حقيقة االستعمار مكانة االسالم في لحم مكونات الوحدة الوطنية الليبية التي‬
‫تشبعوا بها من خالل الزوايا السنوسية‪.‬‬
‫‪ -‬استنهاض الوعي الوطني لخطورة االستعمار والدعوة إلى تكثيف الجهود وتنسيقها‬
‫لمناهضته من خالل حشد الهمم وبث الروح الوطنية بين صفوف الشعب الليبي‪.‬‬
‫‪ -‬أن تركيبة الشعب الليبي والمتمثل في القبيلة شكل نوعا من أسباب التماسك‬
‫االجتماعي‪ ،‬وقوة البنية العائلية‪ ،‬وهيمنة النزعة االستقاللية‪ ،‬وهي عناصر ايجابية ال يمكن‬
‫التنكر لها‪.‬‬
‫‪ -‬االستعمار باعتباره عدوا غاشما‪ ،‬ال يمكن أن يواجه إال بالعودة إلى الدين ( السلف‬
‫الصالح )‬
‫‪ -‬برغم قلة العتاد والعدة إال أن الشجاعة والصمود الذي تميز به المجاهدون والذين‬
‫استمدوها من زعيمهم الروحي عمر المختار‪.‬‬
‫‪ -‬حكمة عمر المختار وحنكته العسكرية التي تجلت في تطبيقه لحرب العصابات‬
‫التي كسر بها شوكة العدو‪.‬‬
‫‪ -‬هذا التفوق الذي فرضه عمر المختار أدى بالعدو إلى اللجوء إلى المفاوضات‬
‫وطلب الهدنة‪ ،‬وتغيير قادتهم للتمكن من السيطرة على المقاومة‪.‬‬
‫‪ -‬إصرار الليبيين على االستقالل التام‪.‬‬
‫‪ -‬بإعدام عمر المختار فقدت الثورة روحها ونشاطها‪.‬‬

‫‪84‬‬
‫اتمة‬ ‫خ‬

‫‪ -‬لقد عرضت القضية الليبية على األمم المتحدة بعد سيطرت الدول الكبرى على‬
‫ليبيا‪ ،‬وفي‬
‫ظل هذه األحداث عجل محمد إدريس السنوسي بقيام المملكة الليبية المتحدة‪.‬‬
‫اقرار االمم المتحدة باستقالل ليبيا في ‪ 29‬ديسمبر ‪9199‬م‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫المالحق‬
‫المالحق‬

‫الملحق رقم ‪:1‬ليبيا جغرافيا‬

‫جغرافية ليبيا‬

‫الهادي قطش‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.78‬‬

‫‪87‬‬
‫المالحق‬

‫الملحق رقم ‪:2‬محمد بن علي السنوسي مؤسس الحركة السنوسية‬

‫ديك كاندول‪ :‬الملك إدريس عاهل ليبيا حياته وآثاره‪ ،‬ترجمة عبده بن غلبون‪ ،‬ص ‪.13‬‬

‫‪88‬‬
‫المالحق‬

‫الملحق رقم ‪ :3‬محمد رضا المهدي السنوسي األخ األصغر الدريس‬

‫ديك كاندول‪ :‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.68‬‬

‫‪89‬‬
‫المالحق‬

‫الملحق رقم ‪:4‬أحمد الشريف السنوسي قائد المقاومة السنوسية‬

‫أحمد الشريف قائد المقاومة السنوسية‬

‫مصطفى علي هويدي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.96‬‬

‫‪90‬‬
‫المالحق‬

‫الملحق رقم ‪:5‬أهم معارك المقاومة الليبية‬

‫‪91‬‬
‫المالحق‬

‫‪ -‬محمود علي عامر‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.028-026‬‬

‫‪92‬‬
‫المالحق‬

‫الملحق رقم ‪:6‬الشيخ عمر المختار‬

‫ديك كاندول‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.16‬‬

‫‪93‬‬
‫المالحق‬

‫الملحق رقم ‪ :7‬عمر المختار اثناء مفاوضات السالم في سيدي ارحومة‬

‫أحمد طاهر الزاوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.909‬‬

‫‪94‬‬
‫المالحق‬

‫الملحق رقم ‪:8‬القبض على أسد الصحراء عمر المختار‬

‫مريم سيد علي مبارك‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.86‬‬

‫‪95‬‬
‫المالحق‬

‫الملحق رقم ‪:9‬‬

‫أعضاء المحكمة الخاصة التي قامت بمقاضات عمر المختار‬

‫مريم سيد علي مبارك‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.11 ،18‬‬

‫‪96‬‬
‫المالحق‬

‫الملحق رقم ‪:11‬قصيدة شعرية ترثي عمر المختار‬

‫مريم سيد علي مبارك‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.10‬‬

‫‪97‬‬
‫قائمة‬
‫المصادر والمراجع‬
‫ق ائمة المصادر والمراجع‬

‫القرآن الكريم‪ :‬برواية ورش عن نافع‬


‫إبراهيم مياسي‪ :‬مقاربات في تاريخ الجزائر (‪ ) 9169 - 9103‬م‪ ،‬دار هومة‬ ‫‪-9‬‬
‫للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪.2338 ،‬‬
‫أبو القاسم سعد اهلل‪ :‬تاريخ الجزائر الثقافي (‪ ) 9196 - 9103‬م‪ ،‬دار الغرب‬ ‫‪-2‬‬
‫اإلسالمي ‪.9111‬‬
‫اتوري روسي‪ :‬ليبيا منذ الفتح حتى سنة ‪ 9199‬ترجمة وتقديم‪ :‬خليفة محمد التليسي‪،‬‬ ‫‪-0‬‬
‫الدار العربية للكتاب‪ ،‬الطبعة الثانية‪.9119 ،‬‬
‫أحمد أبو عتروس‪ :‬الحركات اإلصالحية في إفريقيا جنوب الصحراء ابان القرن الثالث‬ ‫‪-9‬‬
‫عشر هجري‪ ،‬التاسع عشر ميالدي‪ ،‬دار الهدى للنشر والتوزيع الجزائر‪.2331 ،‬‬
‫أحمد اسماعيل راشد‪ :‬تاريخ أقطار المغرب العربي السياسي الحديث والمعاصر ليبيا‪،‬‬ ‫‪-9‬‬
‫تونس‪ ،‬الجزائر‪ ،‬المغرب‪ ،‬موريتانيا‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.2339 ،‬‬
‫أحمد الطاهر الزاوي‪ :‬الحلقة األخيرة من الجهاد الليبي‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار المدار‬ ‫‪-6‬‬
‫اإلسالمي‪ ،‬ليبيا‪.2339 ،‬‬
‫أحمد عاشور أكس‪ :‬لمحات تاريخية عن النضال الليبي المسلح‪ ،‬طرابلس‪.9119 ،‬‬ ‫‪-8‬‬
‫اسماعيل أحمد ياغي‪ :‬الدولة العثمانية في التاريخ االسالمي الحديث‪ ،‬الطبعة الثانية‪،‬‬ ‫‪-1‬‬
‫نشر مكتبة العبيكات‪ ،‬مصر‪.9111 ،‬‬
‫إسماعيل أحمد ياغي‪ :‬العالم العربي في التاريخ الحديث‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مكتبة‬ ‫‪-1‬‬
‫العبيكات‪.9118 ،‬‬
‫‪ -93‬اسماعيل أحمد ياغي‪ :‬تاريخ العالم العربي المعاصر‪ ،‬مكتبة العبيكات‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪ ،‬الرياض‪.2333 ،‬‬

‫‪99‬‬
‫ق ائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ -99‬إسماعيل العربي‪ :‬حاضر الدول اإلسالمية في القارة اإلفريقية‪ ،‬المؤسسة الوطنية‬


‫للكتاب‪ ،‬الجزائر‪.9119 ،‬‬
‫‪ -92‬أمل عجيل‪ :‬قصة تاريخ الحضارات العربية بين األمس واليوم (ليبيا‪ ،‬السودان‪،‬‬
‫المغرب)‪.9111 ،9111 ،‬‬
‫‪ -90‬أنور الجندي‪ :‬العالم اإلسالمي واالستعمار السياسي واالجتماعي والثقافي‪ ،‬دار الكتاب‬
‫اللبناني‪ ،‬لبنان‪.9181 ،‬‬
‫‪ -99‬جالل يحي‪ :‬المغرب العربي الحديث‪ ،‬دار الثقافة والنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة الرابعة‪،‬‬
‫القاهرة‪.9110 ،‬‬
‫‪ -99‬جمال مشري‪ :‬جغرافية الجزائر والمغرب العربي‪ ،‬المعهد التربوي الوطني‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪.9118‬‬
‫‪ -96‬جودة حسنين جودة‪ :‬العالم العربي دراسة في الجغرافيا االقليمية‪ ،‬دار المعرفة‬
‫الجامعية‪.9112 ،‬‬
‫‪ -98‬حسن إبراهيم حسن‪ :‬انتشار اإلسالم في القارة اإلفريقية القاهرة‪ ،‬مكتبة النهضة‬
‫المصرية‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪.9119‬‬
‫‪ -91‬حلمي محروس اسماعيل‪ :‬تاريخ إفريقيا الحديث والمعاصر من الكشوف الجغرافية إلى‬
‫قيام منظمة الوحدة اإلفريقية‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬مؤسسة شباب الجامعة‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫‪.9180‬‬
‫‪ -91‬خليفة محمد التليسي‪ :‬مذكرات جيوليوتي‪ ،‬األسرار السياسية والعسكرية لحرب ليبيا‪،‬‬
‫طرابلس‪.9186 ،‬‬
‫‪ -23‬خليفة محمد التليسي‪ :‬معجم معارك الجهاد في ليبيا ‪ ،9109 - 9188‬الدار العربية‬
‫للكتاب‪ ،‬ليبيا‪.9110 ،‬‬

‫‪100‬‬
‫ق ائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ -29‬ديك كاندول‪ :‬إدريس عاهل ليبيا حياته وآثاره‪ ،‬ترجمة عبد بن غلبون‪ ،‬ص ‪.13‬‬
‫‪ -22‬رأفت الشيخ‪ :‬التاريخ المعاصر لألمة العربية اإلسالمية (‪ ،)9112/9990‬دار الثقافة‬
‫للنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪.9112 ،‬‬
‫‪ -20‬زهدي عبد المجيد سمور‪ :‬تاريخ العرب المعاصر‪ ،‬الشركة العربية المتحدة للتسويق‬
‫والتوريدات‪ ،‬مصر‪ ،‬القاهرة‪.2331 ،‬‬
‫‪ -29‬سامي حكيم‪:‬استقالل ليبيا بين جامعة الدول العربية واألمم المتحدة‪ ،‬القاهرة‪.9183 ،‬‬
‫‪ -29‬شوقي الجمل‪ :‬المغرب العربي الكبير من الفتح اإلسالمي إلى الوقت الحاضر ليبيا‪،‬‬
‫تونس‪ ،‬الجزائر‪ ،‬المغرب األقصى‪ ،‬مراكش‪ ،‬المكتب المصري للتوزيع والنشر‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪.2338‬‬
‫‪ -26‬شوقي عطا اهلل الجمل‪ ،‬عبد اهلل عبد الرزاق ابراهيم‪ :‬تاريخ العالم العربي الحديث‬
‫والمعاصر(من الفتح العثماني للعالم العربي إلى الوقت الحاضر)‪ ،‬المكتب المصري‬
‫للمطبوعات القاهرة‪ ،‬مصر‪.2338 ،‬‬
‫‪ -28‬الطاهر أحمد الزاوي‪ :‬جهاد األبطال في طرابلس الغرب الطبعة الثالثة‪ ،‬دار التراث‬
‫العربي‪ ،‬ليبيا ودار الفتح‪ ،‬بيروت‪.9180 ،‬‬
‫‪ -21‬طريح عبد العزيز شرف‪ :‬جغرافيا ليبيا‪ ،‬المطبعة المصرية‪ ،‬االسكندرية‪.9160 ،‬‬
‫‪ -21‬عبد السالم جمعة زاقود‪ :‬مسار المصالحة الوطنية والسلم االجتماعي ليبيا‪ ،‬دار زهران‬
‫للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪.2390 ،‬‬
‫‪ -03‬عبد العزيز سليمان نوار‪ :‬الشعوب اإلسالمية األتراك العثمانيون‪ ،‬الفرس مسلمو الهند‪،‬‬
‫دار النهضة العربية‪ ،‬بيروت‪.9180 ،‬‬
‫‪ -09‬عبد القادر بن المالك بن علي‪ :‬الفوائد الجليلة للحركة السنوسية الحاكمة بليبيا‪،‬‬
‫مطبعة دار الجزائر العربية‪ ،‬دمشق‪ [ ،‬د‪.‬س]‪.‬‬

‫‪101‬‬
‫ق ائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ -02‬عبد القادر زبادية وآخرون‪ :‬التاريخ الحديث (‪ ،)9199 – 9990‬المعهد التربوي‬


‫الوطني‪ ،‬الجزائر‪.9113 ،‬‬
‫‪ -00‬عبد اللطيف محمود البرغوثي‪ :‬التاريخ الليبي القديم من أقدم العصور حتى الفتح‬
‫اإلسالمي‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬تامغناست‪ [ ،‬د‪.‬س]‪.‬‬
‫‪ -09‬عبد المنصف حافظ البوري‪ :‬الغزو اإليطالي لليبيا‪ ،‬الدار العربية للكتاب‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫‪.9110‬‬
‫‪ -09‬عطا اهلل الجمل‪ :‬المغرب العربي الكبير في العصر الحديث (ليبيا‪ ،‬تونس‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫المغرب) مكتبة األنجلو المصرية‪ ،‬الطبعة األولى‪.9188 ،‬‬
‫‪ -06‬علي حلمي معروف‪ :‬شرقي وقضايا العصر والحضارة دار النهضة العصرية‪،‬‬
‫بيروت‪.9119 ،‬‬
‫‪ -08‬علي محمد الصالبي‪ :‬صفحات من التاريخ اإلسالمي في الشمال اإلفريقي الحركة‬
‫السنوسية في ليبيا‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬دار الباروق للتوزيع والترجمة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬األردن‬
‫‪.9111‬‬
‫‪ -01‬عمار جحيدر‪ :‬آفاق في تاريخ ليبيا الحديث‪ ،‬الدار العربية للكتاب‪ ،‬مصر‪.9119 ،‬‬
‫‪ -01‬عيسى جبران‪ :‬أعظم الشخصيات في التاريخ ساسية‪ ،‬علمية‪ ،‬اجتماعية‪ ،‬فلسفية‪،‬‬
‫دينية‪ ،‬مراجعة‪ :‬عبد الجليل مراد‪ ،‬األهلية‪ ،‬لبنان‪ ،‬بيروت‪.2331 ،‬‬
‫‪ -93‬غرتسياني رودولفو‪ :‬برقة المهدأة‪ ،‬ترجمة‪ :‬ابراهيم سالم بن عامر‪ ،‬دار المكتبة‬
‫األندلس‪ ،‬ليبيا‪ [ ،‬د‪.‬س]‪.‬‬
‫‪ -99‬قاسي الصديق وآخرون‪ :‬الجغرافيا االقتصادية للعالم المعاصر‪ ،‬المعهد التربوي‬
‫الوطني‪ ،‬الجزائر‪.9116 ،‬‬

‫‪102‬‬
‫ق ائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ -92‬محمد البهي‪ :‬محاضرات في الفكر االسالمي في مرحلته الثانية‪ ،‬المطبعة المنبرية‪،‬‬


‫القاهرة‪.9189 ،‬‬
‫‪ -90‬محمد الطيب األشهب‪ :‬عمر المختار‪ ،‬مطبعة محمد عاطف‪ ،‬مصر‪ [ ،‬د‪.‬س]‪.‬‬
‫‪ -99‬محمد الهادي أبو عجيلة‪ :‬دور الحركة الوطنية الليبية من الكفاح ضد األطماع‬
‫األجنبية في ليبيا عقب الحرب العالمية الثانية‪ ،‬جامعة ‪ 8‬اكتوبر‪ ،‬ليبيا‪ [ ،‬د‪.‬س]‪.‬‬
‫‪ -99‬محمد بن مسعود‪ :‬تاريخ ليبيا العام من القرن األول إلى العصر الحاضر‪ ،‬الجزء‬
‫األول‪ ،‬تقديم‪ :‬فاضل المسعودي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬طرابلس الغرب‪ ،‬المطبعة العسكرية‪،‬‬
‫‪.9191‬‬
‫‪ -96‬محمد عبد الكريم الوافي‪ :‬الطريق إلى لوزان‪ ،‬طرابلس‪.9189 ،‬‬
‫‪ -98‬محمد علي الصالبي‪ :‬الثمار الزكية للحركة السنوسية في ليبيا‪ ،‬اق أر للنشر والتوزيع‬
‫والترجمة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مصر‪.2338 ،‬‬
‫‪ -91‬محمد علي الصالبي‪ :‬الشيخ الجليل عمر المختار‪ ،‬نشأته وأعماله واستشهاده‪ ،‬دار‬
‫الفكر‪ ،‬لبنان‪ [ ،‬د‪.‬س]‪.‬‬
‫‪ -91‬محمد علي الصالبي‪ :‬تاريخ الحركة السنوسية في ليبيا‪ ،‬الطبعة الثامنة‪.2331 ،‬‬
‫‪ -93‬محمد علي عامر‪ :‬تاريخ المغرب العربي المعاصر‪ ،‬منشورات جامعة‪ ،‬دمشق‪ ،‬كلية‬
‫اآلداب والعلوم اإلنسانية (‪ ) 9928 -9926‬هـ (‪ )2336 -2339‬م‪.‬‬
‫‪ -99‬محمد فؤاد شكري‪ :‬الحركة السنوسية دين ودولة‪ ،‬دار الفكر بيروت‪.9119 ،‬‬
‫‪ -92‬محمد مالكي‪ :‬الحركات الوطنية واالستعمار في المغرب العربي‪ ،‬أطروحات‬
‫دكتو ار(‪ ،)23‬مركز دراسات الوحدة العربية‪.9119 ،‬‬
‫‪ -90‬محمد نجيب بو طالب‪ :‬سوسيولوجيا القبيلة في المغرب العربي‪ ،‬سلسلة أطروحات‬
‫الدكتو ار (‪ ،)99‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.2332 ،‬‬

‫‪103‬‬
‫ق ائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ -99‬محمود إبراهيم‪ :‬العالمة محمود بن علي السنوسي مجتهدا ومجاهدا(‪– 9811‬‬


‫‪ ،)9191‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ [ ،‬د‪.‬س]‪.‬‬
‫‪ -99‬محمود شلبي‪ :‬حياة عمر المختار‪ ،‬دار الجبل‪ ،‬بيروت‪.9112 ،‬‬
‫‪ -96‬محمود علي عامر ومحمد خير الدين فارس‪:‬تاريخ‪ ،‬المغرب العربي الحديث‪ ،‬المغرب‬
‫األقصى‪ ،‬ليبيا‪ ،‬منشورات جامعة دمشق‪ [ ،‬د‪.‬س]‪.‬‬
‫‪ -98‬محمود ناجي‪ :‬تاريخ طرابلس الغرب‪ ،‬ترجمة‪ :‬عبد السالم أدهم ومحمود األسطى‪،‬‬
‫بنغازي‪.9183 ،‬‬
‫‪ -91‬مريم سيدي علي مبارك‪ :‬ثوار عظماء‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬الجزائر‪.2392 ،‬‬
‫‪ -91‬مصطفى كمال عبد العليم‪ :‬دراسات في تاريخ ليبيا القديم‪ ،‬منشورات الجامعة الليبية‪،‬‬
‫بنغازي‪.9166 ،‬‬
‫‪ -63‬مصطفى هويدي‪ :‬الحركة الوطنية شرق ليبيا‪ ،‬منشورات مركز دراسات جهاد الليبيين‪،‬‬
‫ليبيا‪.9111 ،‬‬
‫‪ -69‬مفيد الزيدي‪ :‬التاريخ العربي بين الحداثة والمعاصرة‪ ،‬دار أسامة للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫عمان‪ ،‬األردن‪.2399 ،‬‬
‫‪ -62‬مقالتي عبد اهلل‪ :‬المرجع في تاريخ المغرب الحديث والمعاصر‪( ،‬الجزائر‪ ،‬تونس‪،‬‬
‫المغرب‪ ،‬ليبيا)‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪.2399 ،‬‬
‫‪ -60‬ميالد المقرحي‪ :‬تاريخ أوروبا الحديث والمعاصر من عصر النهضة إلى الحرب‬
‫العالمية الثانية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬منشورات الجامعة المفتوحة‪ ،‬طرابلس‪.9119 ،‬‬
‫‪ -69‬نازلي معوض أحمد‪ :‬التعريب القومي في المغرب العربي‪ ،‬سلسلة الثقافية القومية‬
‫(‪ ،)9‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.9186 ،‬‬

‫‪104‬‬
‫ق ائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ -69‬ناهد ابراهيم دسوقي‪:‬دراسات في تاريخ إفريقيا الحديث والمعاصر‪ ،‬دار المعرفة‬


‫الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪.2331 ،‬‬
‫‪ -66‬نبيه زكريا عبد ربه‪ :‬الحركات االسالمية ضد الصهيونية والصليبية والشيوعية‪ ،‬دار‬
‫الثقافة‪ ،‬قطر‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬الدوحة‪.9116 ،‬‬
‫‪ -68‬نقوال زيادة‪ :‬ليبيا من االستعمار اإليطالي إلى االستقالل‪ ،‬القاهرة‪.9191 ،‬‬
‫‪ -61‬نمير طه ياسين‪ :‬تاريخ الغرب الحديث والمعاصر‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬عمان‪.2393 ،‬‬
‫قائمة الرسائل الجامعية‪:‬‬
‫‪ -61‬سعود دحدي‪ :‬البعد الجهادي المغاربي للطريقة السنوسية‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة‬
‫الماجستير في التاريخ المعاصر‪ ،‬اشراف مياسي ابراهيم‪ ،‬كلية العلوم االنسانية واالجتماعية‪،‬‬
‫جامعة يوسف بن خدة‪ ،‬الجزائر‪.2331 ،‬‬
‫‪ -83‬محمد الطاهر بنادي‪ :‬الحركات االستقاللية في إفريقيا خالل القرن العشرين دراسة‬
‫حالة غينيا وكينيا‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير في تاريخ إفريقيا المعاصر اشراف يوسف‬
‫تلمساني‪ ،‬كلية العلوم االنسانية واالجتماعية جامعة يوسف بن خدة‪ ،‬الجزائر‪،2331 ،‬‬
‫‪.2393‬‬
‫الموسوعات‪:‬‬
‫‪ -89‬آمنة أبو حجر‪ :‬الموسوعة الجغرافية لبلدان العالم‪ ،‬دار أسامة‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪،‬‬
‫‪.2339‬‬
‫‪ -82‬الهادي قطش‪ :‬أطلس الجزائر والعالم طبيعيا‪ ،‬بشريا‪ ،‬اقتصاديا‪ ،‬سياسيا‪ ،‬دار الهدى‪،‬‬
‫عين مليلة‪ ،‬الجزائر‪.2331 ،‬‬
‫‪ -80‬أحمد شلبي‪ :‬موسوعة التاريخ االسالمي‪ ،‬الجزء السادس‪ ،‬الطبعة السادسة‪ ،‬مكتبة‬
‫النهضة المصرية‪ ،‬القاهرة‪.9111 ،‬‬

‫‪105‬‬
‫ق ائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ -89‬الكيالني عبد الوهاب‪ :‬الموسوعة السياسية‪ ،‬الجزء الرابع‪ ،‬المؤسسة العربية للدراسات‬
‫والنشر‪ ،‬بيروت‪.9113 ،‬‬
‫‪ -89‬الكيالني عبد الوهاب‪ :‬الموسوعة السياسية‪ ،‬الجزء السادس‪ ،‬المؤسسة العربية‬
‫للدراسات والنشر‪ ،‬بيروت‪ [ ،‬د‪.‬س ]‪.‬‬
‫‪ -86‬الكيالني عبد الوهاب‪ :‬الموسوعة السياسية‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬المؤسسة العربية للدراسات‬
‫والنشر‪ ،‬بيروت‪.9113 ،‬‬
‫‪ -88‬محمد الهادي لعروق‪ :‬أطلس الجزائر والعالم‪ ،‬دار الهدى للنشر والتوزيع‪.2333 ،‬‬
‫المراجع باألجنبية‪:‬‬
‫‪78- henri brunshwing: le partage de l ‘afrique noire، I ‘ am primerie‬‬
‫‪relieure، mane édition، flammarion France، 1971.‬‬

‫‪79-‬‬ ‫‪Hollis christopher: Italy in Africa, London، 1941‬‬

‫‪106‬‬
‫فهرس الموضوعات‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫مقدمة‪ .....................................................................‬أ‪-‬ز‬

‫الفصل التمهيدي‪ :‬لمحة تاريخية عن ليبـــيا قبل ‪ 0100‬م‬


‫المبحث األول‪ :‬التركيبية الجغرافية والسكانية ‪1 .............................‬‬
‫‪ -9‬أصل التسمية والموقع والمساحة‪1 ............................................. :‬‬
‫ت‪ -‬أصل التسمية‪1 ................................................................:‬‬
‫ث‪ -‬الموقع والمساحة‪93 ........................................................ :‬‬
‫التضاريس والمناخ‪92 ................................................... :‬‬ ‫‪-9‬‬
‫ت‪ -‬التضاريس‪92 ........................................................... :‬‬
‫ث‪ -‬المناخ والنبات‪90 ........................................................:‬‬
‫‪ -6‬السكـ ـ ـان‪99 ..............................................................:‬‬
‫أ‪ . .‬الديانة‪98 ................................................................:‬‬
‫ب‪ .‬اللغة‪98 ................................................................. :‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬أوضاع ليبيا في العهد العثماني‪03 ......................... :‬‬


‫‪ -9‬عهد األتراك األول ( ‪91 .....................................:) 9899 – 9999‬‬
‫أ‪ -‬مرحلة البيلربايات (‪23 .......................................:)9636-9999‬‬
‫ب‪-‬عصر الدايات ( ‪29 ......................................:) 9682 – 9693‬‬
‫‪ -2‬عهد األسرة القرمانلية ( ‪22 .................................... :) 9109-9899‬‬
‫‪ -0‬العهد التركي الثاني (‪ )9199_9109‬م‪29 .......................................‬‬
‫‪-‬عهد الوالة‪29 ................................................................. :‬‬

‫‪108‬‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫الفصل األول‪ :‬أسباب االحتالل اإليطالي لليبيا وسياسته االستعمارية‬

‫المبحث األول‪ :‬أسباب االحتالل‪81........................................ .‬‬


‫‪ -9‬األسباب السياسية‪03 ................................................... :‬‬
‫‪ -2‬األسباب التاريخية‪06 .................................................... :‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬سياسة إيطاليا االستعمارية ‪20..............................‬‬


‫‪ -9‬في الجانب االقتصادي ‪99 ................................................‬‬
‫‪ -2‬في الجانب االجتماعي‪90 ............................................... :‬‬

‫الفصل الثاني‪:‬المقاومة الليبية ومظاهرها‬


‫المبحث األول‪ :‬المقاومة السنوسية ‪21......................................‬‬
‫‪ -9‬نشأة الحركة ومؤسسها‪93 ................................................... :‬‬
‫*مؤسس الحركة السنوسية‪93 .....................................................‬‬
‫أ‪-‬تعريف الحركة السنوسية ‪92 ....................................................‬‬
‫ب‪-‬مميزات الحركة السنوسية ‪90 ..................................................‬‬
‫‪ -2‬مبادئ الحركة‪90 ............................................................ :‬‬
‫‪ -0‬دورها في المقاومة‪96 ........................................................ :‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬مقاومة عمر المختار ‪14....................................‬‬


‫‪-0‬نشأة وحياة عمر المختار‪62 ..................................................... :‬‬
‫أ‪.‬نسبه‪62 ....................................................................... :‬‬

‫‪109‬‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫ب‪ .‬مولده ونشأته‪62 ..............................................................‬‬


‫ج‪ .‬صفاته وأخالقه‪60 ............................................................‬‬
‫‪ -2‬كفاحه ضد االحتالل‪69 ..........................................................‬‬
‫مفاوضات السالم في سيدي أرحومة ‪61 ...........................................‬‬
‫ب‪ -‬القبض على عمر المختار‪83 ................................................‬‬
‫‪ -0‬استشهاده‪89 .....................................................................‬‬
‫أ‪.‬محاكمة عمر المختار‪10 ...................................................... :‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬الطريق نحو االستقالل ‪12..................................‬‬


‫‪ -9‬نهاية االحتالل‪89 ........................................................... :‬‬
‫‪ -2‬دور هيئة األمم المتحدة في االستقالل ‪89 ......................................‬‬
‫‪ -0‬إعالن االستقالل‪81 ...........................................................‬‬
‫خـــــــــــــــــــــــــــاتمة ‪34 ..................................................................‬‬
‫مالحق ‪31 ...........................................................................‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‪11 ..........................................................‬‬
‫فهرس الموضوعات‪013 ...............................................................‬‬

‫‪110‬‬

You might also like