You are on page 1of 29

‫دور الترجمة في نقل المعرفة القانونية‪ :‬حالة القوانين المدنية المغربية والتونسية‬

‫ملخص‬
‫حتى اآلن ‪ ،‬ركزت دراسات قليلة ج ًدا على ترجمة القوانين المدنية في المناطق الجغرافية مثل‬
‫المغرب وتونس‪ .‬انطالقاً من الفرضية القائلة بأن الترجمة هي الوسيلة التي لوالها لم تكن القوانين‬
‫ضا تحديد أسباب‬ ‫المدنية لهذه الدول ستظهر أبداً ‪ ،‬أردنا ليس فقط التحقق من هذه الفرضية ‪ ،‬ولكن أي ً‬
‫هذا عدم االهتمام في الترجمة ‪ ،‬في هذا جزء من العالم ‪ ،‬كوسيلة لنقل المعرفة القانونية‪.‬‬
‫يركز بحثنا على الترجمة القانونية في سياق نقل المعرفة من القانون المدني الذي بدأ في بيئة‬
‫استعمارية‪ .‬ويتبع الحياة القانونية للظهير الذي شكل مدونة االلتزامات والعقود المغربية (‪ )DOC‬منذ‬
‫إنشائه باللغة الفرنسية عام ‪ 1912‬حتى نشره النهائي لترجمته إلى العربية عام ‪ .1964‬قراءة القانون‬
‫المغربي لم يكن ممك ًنا أب ًد ا دون األخذ في االعتبار سابقه ‪ ،‬مدونة االلتزامات والعقود التونسية (‬
‫‪ )COC‬التي وضعت باللغة الفرنسية عام ‪ 1899‬والتي توجد نسختها العربية بالفعل في عام ‪.1906‬‬
‫إن نقل قانون تشريعي ظاهرة يمكن اعتبارها كبيرة في التاريخ القانوني للمجتمع‪ .‬عندما يتم تلقي‬
‫القانون بلغة غير لغة المجتمع المضيف ‪ ،‬تساعد الترجمة بشكل كبير في إدارة تطوير القانون الجديد‬
‫وصياغته ونشره أحيانًا بين السكان المحليين‪ .‬يهتم بحثنا بشكل معين من الترجمة ‪ ،‬ترجمة تشريعية‬
‫‪ ،‬أي ترجمة القوانين وبشكل أكثر دقة ترجمة قانون (نص معياري يجمع جميع القواعد القانونية‬
‫المتعلقة بفرع من القانون) ‪.‬‬
‫دراستنا هي جزء من الفكر االنتقالي لإللهام االجتماعي‪ .‬تعتبر النصوص المترجمة دليال ً حقيقياً‬
‫للتأثيرات السياقية التي يقوم فيها المترجم ‪ ،‬الممثل الرئيسي ‪ ،‬باالختيار بين عدة ترجمات محتملة‬
‫وحيث يتم تحفيز هذه االختيارات نفسها من قبل شركات الهدف والمصدر ‪ ،‬من خالل تفضيالت‬
‫المترجم و من خالل االنتماء إلى نموذج نصي معين‪ .‬إن تحليل النسخ المستهدفة العربية يرفع النقاب‬
‫عن اتجاهات الترجمة التي نشأت بفضل الخيارات االصطالحية واألسلوبية التي اعتمدها المترجمون‪.‬‬
‫ندرس الخيارات والمصطلحات‬
‫‪ ‬‬
‫ثانيا‬
‫أسلوب المترجمين من الظاهر الذين يشكلون المدونة المغربية لاللتزامات والعقود (‪ )DOC‬والمدونة‬
‫التونسية لاللتزامات والعقود (‪ )COC‬من أجل إبراز االنتماء القانوني بين هذين النصين بين حقين يتم‬
‫تقديمهما عادة على أنهما عدائيان ‪ ،‬وهما القانون المدني والشريعة اإلسالمية‪.‬‬
‫تنقسم أطروحتنا إلى خمسة فصول‪ .‬يصف األول مشكلة البحث التي نقدم فيها عناصر عملنا‬
‫(الحقوق واللغات ‪ ،‬االختالفات بين البيان اإلسالمي والبيان المدني) وكذلك خصوصيات البيان القانوني‬
‫لكل حق في السؤال‪ . .‬مجال القانون المدني واسع النطاق ‪ ،‬نؤكد على الجزء المخصص لاللتزامات‬
‫والعقود ‪ ،‬وهو الجزء الذي نسعى فيه إلى معرفة الفرق بين النهج الحضاري والنهج اإلسالمي مقابل‬
‫البيان القانوني‪ .‬في الفصل الثاني ‪ ،‬نوجز حالة الفن في علم الترجمة ونضع بحثنا في اإلطار النظري‬
‫الذي ينتمي إليه ‪ ،‬أي التيار االجتماعي للترجمة‪ .‬كظاهرة اجتماعية ‪ ،‬يتم تناول ترجمة مدونة في‬
‫شموليتها الجمالية والقانونية والدينية‪ .‬ويتناول الفصل الثالث تاريخ تدوين القانون المدني في‬
‫المغرب ‪ ،‬وبالتالي تاريخ مصدر هذا التدوين ‪ ،‬القانون التونسي (‪ .).C.O.C‬يعرض الفصل الرابع‬
‫السياقات التاريخية لنصوص المصدر والهدف (التدوين والترجمة)‪ .‬الفصل الخامس واألخير محجوز‬
‫للتحليل المقارن للنسخ العربية من مجموعتنا من أجل استكشاف الجوانب االصطالحية واألسلوبية‬
‫لهذه النصوص‪ .‬نسلط الضوء في النص المصدر والهدف على العناصر النصية لالنتماء إلى نظام معين‪.‬‬
‫للقيام بذلك ‪ ،‬نركز على المقاالت المشتركة بين النسختين العربيتين من أجل تحديد استراتيجية‬
‫المترجم واستكشاف العوامل (االجتماعية والثقافية) التي يمكن أن تحفز اعتماد شكل معين من‬
‫الترجمة‪ .‬على حساب آخر‪.‬‬
‫الكلمات المفتاحية‪ :‬الترجمة التشريعية ‪ ،‬النقل القانوني ‪ ،‬القانون المدني ‪ ،‬القانون المدني ‪ ،‬الفقه ‪،‬‬
‫النموذج النصي ‪ ،‬بيان القانون المدني‬

‫مقدمة‬
‫يأتي هذا العمل من حكاية ‪ ،‬حيث سمعت طالبًا صغي ًرا في السنة األولى من القانون ‪ ،‬في كلية‬
‫الحقوق بالرباط (المغرب) ‪ ،‬معلمي يقول إن الرموز المطبقة في المغرب كانت "رمو ًزا تركتها الحماية‬
‫الفرنسية لبلدنا "‪ .‬ما زلت أرى نفسي ‪ ،‬عاجزة عن الكالم وصدمت إلى حد ما من هذا الوحي‪ .‬كان‬
‫ح ا في رأسي‪ :‬لماذا نحتاج إلى تطبيق قانون أجنبي عندما يكون لدينا بالفعل قانون؟‬ ‫السؤال واض ً‬
‫أتذكر طرح السؤال ‪ ،‬دون الحصول على إجابة مرضية‪ .‬لذلك ‪ ،‬كنت طالبًا مبتدئًا في السنة األولى من‬
‫القانون واجهتني مواجهة حقين كانت فرصة تاريخية تريد االتصال بهما‪ .‬التأثيرات المرئية أو غير المرئية‬
‫لجهة االتصال هذه لم تتوقف عن اهتمامي أب ًدا‪.‬‬
‫في عام ‪ ، 1912‬قررت الحماية الفرنسية في المغرب منح البالد بقانون مدني حديث‪ .‬في عام‬
‫‪ ، 1913‬ولد الظاهر الذي شكل مدونة لاللتزامات والعقود‪ .‬مكتوب بالفرنسية ‪ ،‬لن تتم ترجمة هذا‬
‫الرمز إلى اللغة العربية ‪ ،‬اللغة الرسمية للمغاربة ‪ ،‬حتى عام ‪ ، 1964‬ولن يتم نشره بالكامل حتى‬
‫عام ‪ ، 1965‬بمبادرة من وزارة العدل ‪ ،‬وف ًق ا للقانون توحيد و تعريب و تعريب العدالة المغربية‪ .‬وهي‬
‫مدونة االلتزامات والعقود التونسية الصادرة عام ‪ ، 1906‬والتي كانت بمثابة مسودة أولية للظهير‬
‫تشكل مدونة االلتزامات والعقود المغربية‪ .‬كان المغرب وتونس تحت الحماية الفرنسية في ذلك‬
‫الوقت‪ .‬إن مدونة االلتزامات والعقود التونسية ‪" ،‬توليفة غير مسبوقة بين القوانين المدنية األوروبية‬
‫الرئيسية في ذلك الوقت" (شرف الدين ‪ ، 1996‬ص ‪ ، )421‬تهم بحثنا‪ .‬إن تدوينها ‪ ،‬الذي عهد به إلى‬
‫فقيه إيطالي تونسي من العقيدة اليهودية ‪ ،‬يشكل عمال ً استثنائيًا‪ .‬في الواقع ‪ ،‬لم يتم تنفيذ هذا‬
‫ضا من "الفقه‬ ‫التدوين فقط "على نوع الرموز الفرنسية" (‪ ، Santillana 1899‬ص ‪ ، )1‬ولكنه استمد أي ً‬
‫اإلسالمي والتشريعات التونسية جميع القواعد المفيدة لهذا العمل" (المرجع نفسه ‪ .).‬عالوة على‬
‫ذلك ‪ ،‬نظ ًر ا ألنه "كان من المستحيل عدم مراعاة هذه الحركة العظيمة لألفكار التي تقود أوروبا نحو‬
‫وحدة القانون ‪ ،‬وليس أكثر من إهمال العمل التشريعي" ‪ ،‬فقد استفاد المبرمج من مصادر أخرى ‪ ،‬وال‬
‫سيما قانون االلتزامات الفيدرالي السويسري ‪ ،‬وقانون التجارة اإليطالي ‪ ،‬والقانون المدني والتجاري‬
‫األلماني‪ .‬ستتم ترجمة الكود التونسي إلى اللغة العربية وستنشر نسخة بهذه اللغة عام ‪.1906‬‬
‫على الجانب المغربي ‪ ،‬استغرق األمر ما يقرب من نصف قرن قبل أن ُيعهد بترجمة الكود إلى أستاذ‬
‫مصري ‪ ،‬مدعو للتدريس‪ .‬القانون باللغة العربية ‪ ،‬في فجر استقالل البالد ‪،‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪2‬‬
‫لجماعات جديدة من طالب القانون‪ .‬إذا كان لديهم خلفية مشتركة ‪ ،‬فقد تمت ترجمة الرمزين إلى‬
‫اللغة العربية في ظل ظروف مختلفة ‪ ،‬وبالتالي االمتثال ألهداف مختلفة واستهداف جمهور مختلف‪.‬‬
‫من خالل مقارنة النسختين في مجملهما (التدوين ‪ ،‬الترجمة ‪ ،‬المراجعة) ‪ ،‬مسألة طرائق النقل‬
‫القانوني عن طريق الترجمة وكذلك دور هذا كممارسة تصالحية للغة األجداد أو كمنشئ تكتسب لغة‬
‫جديدة امتالئها‪.‬‬
‫غالبً ا ما تكون ترجمة مدونة ما بدافع من الظروف التاريخية االستثنائية (االستعمار أو تغيير جذري إلى‬
‫حد ما في النظام السياسي) ‪ ،‬حدثًا واسع النطاق يحشد موارد بشرية وتقنية كبيرة ج ًدا‪ .‬ظاهرة‬
‫معقدة في حد ذاتها ‪ ،‬بل هي أكثر من ذلك عندما تجمع بين نظامين قانونيين من بلدين مختلفين‬
‫ولغتين تنتمي إلى عائلتين لغويتين أجنبيتين‪ .‬على الرغم من أن الترجمة التشريعية هي الوسيلة‬
‫األساسية لفرض حق المستعمر في سياق استعماري ‪ ،‬إال أنه من المدهش قلة االهتمام بهذه‬
‫المسألة‪ .‬من ناحية أخرى ‪ ،‬قد يرجع هذا الموقف إلى حقيقة أن التفكير في الترجمة القانونية ال يزال‬
‫"في المرحلة الجنينية" (‪ .)Glanert 2011، p.130‬باستثناء أطروحة الدكتوراه ألرماند هيروغويل (‬
‫‪ ، ) 2000‬مشاكل الترجمة في الحقوق المدنية الفرنسية والهولندية ‪ ،‬والتي تتعامل مع الترجمة‬
‫التشريعية (الكود الهولندي) ‪ ،‬من عمل فاليري دوليون (‪ ، )2007‬ترجمة القوانين‪ :‬ضوء ثقافي ‪ ،‬يركز‬
‫على المشاكل التي تثيرها الخصوصيات الثقافية عند ترجمة القوانين المدنية ‪Bürgerliches ،‬‬
‫)‪ Gestezbuch für das Deutsche Reich (BGB‬لعام ‪ 1896‬والقانون المدني السويسري (‪ )CCS‬من‬
‫‪ 1907‬والمقالة التي كتبها )‪ ، Simone Glanert (2011‬حول قابلية ترجمة القانون ‪ ،‬لم نجد أي مساهمة‬
‫حديثة أخرى حول هذا الموضوع‪ .‬باإلضافة إلى ذلك ‪ ،‬تأتي كل هذه المساهمات من أوروبا حيث غال ًبا‬
‫ما تكون زاوية معالجة الترجمة متعددة اللغات والتخصصات‪ .‬على األراضي الكندية ال نجد نقاشات‬
‫حادة حول الترجمة التشريعية‪ .‬بالنظر إلى ثنائية اللغة والثنائية اللغة التي تميز اإلنتاج التشريعي في‬
‫كندا ‪ ،‬من المدهش أن نالحظ أن الترجمة التشريعية على وجه الخصوص ال تثير العديد من األسئلة‬
‫وغالباً ما يتم التعامل معها في ظل المشكلة العامة للترجمة القانونية‪ .‬هذا هو الحال ‪ ،‬على سبيل‬
‫المثال ‪ ،‬كتاب ريمي مايكل بيوبري (‪ ، )1986‬الذي يحتفظ فقط بترجمة جزء صغير من معاملته‬
‫للتشريع ثنائي اللغة في كندا وحيث الترجمة‬
‫ُينظر إليه على أنه مشكلة أكثر من كونه حال ً للمشكالت التي تطرحها ثنائية اللغة الكندية القانونية‪.‬‬
‫مقالة مايكل ماكنزي (‪ ، )2009‬لألسف قصيرة للغاية كما يشير عنوانها‪" :‬نظرة عامة تاريخية على‬
‫ما حول الترجمة التشريعية في كيبيك ‪ ،‬وال سيما‬ ‫الترجمة التشريعية في كيبيك" ‪ ،‬تثير تساؤاًل مه ً‬
‫لغة الترجمة قوانين كيبيك‪ .‬يدعو المؤرخين للنظر في عملية صياغة القوانين في كيبيك وبالتالي‬
‫الترجمة التشريعية نفسها‪.‬‬
‫إن االهتمام المحدود بالترجمة التشريعية على التضاريس الغربية حقيقي ج ًدا‪ .‬لكن ال تعتقد أن الوضع‬
‫مختلف في أجزاء أخرى من العالم‪ .‬في الدراسات المتعلقة باستقبال القانون المدني في المغرب‬
‫وتونس ‪ ،‬البلدان التي تشكل أنظمتها القانونية أساس بحثنا ‪ ،‬فإن االهتمام الممنوح لممارسة‬
‫الترجمة كأداة لهذا االستقبال ضئيل‪ .‬يبدو أن الفراغ ‪ ،‬النظري والتجريبي ‪ ،‬يميز هذا السؤال‪ .‬ومع ذلك‬
‫‪ ،‬فقد كان جز ًء ا من بداية عملية إنشاء القانون المدني المطبق من االستقالل السياسي لهذه‬
‫ما في هذا االستقبال ‪ ،‬حتى‬ ‫البلدان حتى اليوم‪ .‬من نفس المنطلق ‪ ،‬ال يعتبر المترجم يلعب دو ًرا مه ً‬
‫لو كان معجباً به كمحرر أو مبرمج‪ .‬لذا فإن العمل الحالي هو محاولة لسرد قصة ترجمة تشريعية‬
‫امتدت ألكثر من قرن والتي ال تزال آثارها ملحوظة في المجال القانوني الذي يهمنا‪.‬‬
‫يتعامل عملنا مع لقاء حقين مختلفين ‪ ،‬وال سيما القانون المدني والقانون اإلسالمي‪ .‬يحكم القانون‬
‫المدني العالقات بين الناس‪ .‬يحتوي على العناصر التي تجعل من الممكن إضفاء الطابع الشخصي‬
‫على الشخص (االسم ‪ ،‬الدولة ‪ ،‬الموطن) ‪ ،‬وينظم األسرة (الطالق ‪ ،‬البنوة ‪ ،‬الزواج ‪ ،‬الميراث) وكذلك‬
‫العالقات التي يمكن أن يمتلكها الشخص مع الممتلكات (الملكية على سبيل المثال) ‪ .‬دورها‬
‫الرئيسي هو حماية المصالح القانونية لألفراد‪ .‬القانون المدني من أصل فرنسي ؛ إنه مزيج من‬
‫القانون الروماني والقانون العرفي والمراسيم الملكية والعمل البرلماني‪ .‬باإلضافة إلى هذه المصادر ‪،‬‬
‫تم إثراء هذا الحق من خالل المساهمة الكبيرة لعقيدة لغتها موجودة للغاية في نص المدونة ‪.2‬‬
‫تستمد الشريعة اإلسالمية جوهرها من اإلسالم‪ .‬مصادرها األساسية هي القرآن ‪ ،‬الكتاب المقدس‬
‫للمسلمين ‪ ،‬وتقاليد النبي محمد (صلى هللا عليه وسلم)‪ .‬هو‬
‫‪2750/5000‬‬
‫وقد تم إثراءه على مر القرون بمساهمة أخرى يمكن وصفها بأنها الفقهية‪ .‬الفقه هو مجموعة كبيرة مؤلفة من‬
‫أعمال المفكرين المسلمين من القرآن والسنة‪ .‬قبل االجتماع االستعماري ‪ ،‬كانت الشريعة اإلسالمية تحكم‬
‫جميع مجاالت الحياة في المجتمع (المدني والتجاري واإلجرامي)‪ .‬على الرغم من أن القوانين المدنية لم تُفرض‬
‫رسميا ً أبداً على السكان األصليين للمغرب وتونس ‪ ،‬إال أن اعتماد هذه البلدان للقوانين الحديثة أوجد حالة من التعددية‬
‫التي يعتبر فيها القانون اإلسالمي ‪ ،‬على الرغم من االعتراف بها كمصدر أساسي للحكم‪ .‬حق ‪ ،‬كان يقتصر على‬
‫قضايا األحوال الشخصية (الطالق ‪ ،‬األبوة ‪ ،‬الزواج ‪ ،‬على سبيل المثال)‪ .‬تم نقل جميع جوانب الحياة المدنية األخرى‬
‫(العقود والواليات ‪ ،‬على سبيل المثال) ‪ ،‬على الرغم من وجودها في قانون األجداد ‪ ،‬إلى مجال القانون المدني‪ .‬بقدر‬
‫ما تتعلق إشكالية بحثنا بالعالقة الحوارية ‪ ،‬التي تحافظ عليها الترجمة ‪ ،‬بين القانون المدني والقانون اإلسالمي ‪،‬‬
‫سنسعى إلى تحديد النصوص المترجمة إلى العربية في المكان المعطى لكل نظام قانوني من خالل الهوية أو‬
‫المسلمات الدينية بين المترجمين‪ .‬وبهذا المعنى ‪ ،‬سعينا ‪ ،‬من بين أمور أخرى ‪ ،‬إلى العثور على آثار لألسلمة أو‬
‫االستيالء على الهوية في الترجمات العربية‪ .‬لقد أعطانا تحليل النصوص بعض المفاجآت حول هذه النقطة على وجه‬
‫الخصوص‪.‬‬
‫جمع االجتماع االستعماري لغتين مختلفتين ‪ ،‬العربية والفرنسية‪ .‬على الرغم من أنها تسبق القرآن ‪ ،‬إال أن اللغة‬
‫العربية مرتبطة بشدة بلغتها‪ .‬وهي لغة سامية ورمز للعروبة والهوية اإلسالمية في الدول العربية ‪ ،‬ولها خصائصها‬
‫الخاصة ‪ ،‬بما في ذلك أبجدية مختلفة ‪ ،‬وبناء جملة ومنطق نصي‪ .‬اللغة هي أداة القانون ‪ ،‬وقد طرحنا ‪ ،‬مع تقدم‬
‫البحث ‪ ،‬أسئلة حول وجود لغة عربية شرعية قبل إنشاء المحمية في المغرب وتونس‪ .‬إذا كان األمر كذلك ‪ ،‬فهل‬
‫استخدم المترجمون هذه اللغة في ترجماتهم؟ إذا كانت اإلجابة سلبية ‪ ،‬فهل يحتاجون إلى إنشاء لغة باللغة العربية‬
‫للسماح للغة العربية باستيعاب البيانات الجديدة (المفاهيم والمفاهيم القانونية)؟ ما هو دور الترجمة في تحديد العضوية‬
‫في نظام قانوني معين وما هي الوسيلة اللغوية التي تم اعتمادها لجعل هذه العضوية؟‬
‫من حيث الكتابة ‪ ،‬يقدم الحقان نفسهان بشكل مختلف‪ .‬من أجل تسهيل الوصول السريع إلى المعلومات ‪ ،‬يتبع‬
‫القانون ‪ ،‬وهو نص قياسي في القانون المدني لإللهام العلماني ‪ ،‬معينًا‬
‫‪2739/5000‬‬
‫منطقي في تنظيم المسائل القانونية‪ .‬وبالتالي يتم تقسيمها إلى كتب وفصول وأقسام ومقاالت وفقرات وتصنف‬
‫في ترتيب ثابت تقريبًا‪ .‬النص اإلسالمي بشكل عام في شكل تجميع‪ .‬على عكس قوانين القانون المدني ‪ ،‬فإن‬
‫المصنفات اإلسالمية ‪ ،‬التي تكون ضخمة في كثير من األحيان ‪ ،‬ال تستثني الدين (الصالة والصوم والتبرع‬
‫والصدقات)‪ .‬يشغل هذا المكون عمو ًما الجزء األول من العمل ‪ ،‬كونه األكثر أهمية في نظر العلماء المسلمين‪ .‬عندها‬
‫فقط تأتي قواعد جوانب أخرى من الحياة البشرية مثل البيع أو اإليجار‪ .‬خالل االجتماع االستعماري ‪ ،‬ظهرت‬
‫مجموعات إسالمية للباحثين على شكل مجموعات ضخمة ‪ ،‬دون تقسيم إلى مقاالت أو ترقيم أو فهرسة أو عالمات‬
‫ترقيم‪ .‬هذه الحالة دفعت بال شك رغبة معينة من جانب أول المبرمجين الغربيين لتكييف المعرفة القانونية اإلسالمية‬
‫مع شكل القانون المدني‪ .‬مع األخذ في االعتبار الفرق بين التقليد النصي المدني والتقاليد النصية اإلسالمية ‪ ،‬كان‬
‫السؤال هو معرفة النموذج النصي (الملحق ‪ )2‬الذي تم اختياره من قبل المترجمين في مجموعتنا‪.‬‬
‫بطبيعتها ‪ ،‬تمثل جسدنا فرصة ذهبية لمراقبة الترجمة من منظور ما بعد االستعمار‪ .‬ومع ذلك ‪ ،‬اخترنا أن ننأى‬
‫بأنفسنا عن هذا النهج‪ .‬من خالل القيام بذلك ‪ ،‬لن يلجأ تحليلنا إلى أفكار مؤلفي ما بعد االستعمار (‪Cheyfitz ،‬‬
‫‪ ، Niranjana ، Rafaël ، Said‬من بين آخرين)‪ .‬لن يتم إنشاء العالقة بين النص المصدر والهدف من وجهة‬
‫نظر متضاربة ‪ ،‬من خالل شروط الهيمنة ‪ ،‬اإلمبريالية ‪ ،‬الهيمنة ‪ ،‬السلطة أو العنف الرمزي أو الحقيقي‪ .‬على نفس‬
‫المنوال ‪ ،‬لن يتم وضع الترجمة ‪ ،‬في تحليلنا ‪ ،‬تحت عالمة السلبية ‪ ،‬كمصدر للتثاقف القانوني ‪ ،‬أو الهيمنة الرمزية أو‬
‫الخطاب الذي خدم إلضفاء الشرعية على االستعمار أو سلطة "النخبة‪ .‬لن يُنظر إليها على أنها مصدر المصائب التي‬
‫أصابت البلدان المستعمرة سابقا ً‪ .‬سوف نتجنب ازدواجية شخصية المترجم (المستعمر أو المستعمر) التي يلتزم بها‬
‫نهج ما بعد االستعمار وكذلك حصر الترجمة نفسها "بين القمع والمقاومة" (‪ .)Basalamah 2010، p. 182‬لن‬
‫يتم القبض على المترجمين من مجموعة أجسامنا ‪ ،‬مثل كتابات ال ُكتَّاب في هذا الكتاب ‪ ،‬من حيث المقاومة أو‬
‫التخريب ‪ ،‬بعيدًا عنه‪.‬‬
‫إن طبيعة المجموعة المختارة (النصوص التاريخية ‪ ،‬األنظمة القانونية المختلفة ‪ ،‬المجتمعات المختلفة) تضع أبحاثنا‬
‫في تضاريس متعددة التخصصات‪ .‬يتم وضعها على حدود قانوني (قانون مقارن) ‪ ،‬اجتماعي و متعد‪ .‬جعل اجتماع‬
‫القانون واللغة من المستحيل عدم استدعاء المفاهيم المقارنة للتعامل ليس فقط مع الحقوق المطروحة ‪ ،‬ولكن أيضًا‬
‫لغات هذه الحقوق‪ .‬ستكون الزاوية االجتماعية ذات شقين‪ .‬من ناحية ‪ ،‬سنأخذ في االعتبار اإلنجازات المعترف بها في‬
‫الفضاء االجتماعي التقويمي (‪ Gouanvic‬و ‪ Wolf‬و ‪ ، Inghilleri‬من بين أمور أخرى) التي تمنح مكانًا مه ًما ‪ ،‬على‬
‫عكس النظريات االنتقالية التقليدية (النظامية والثقافية وما بعد االستعمارية) ‪ ،‬للترجمة مثل هذا الحدث االجتماعي‬
‫الذي يجلب عناصر التنبيه الخاصة به بخالف النص المصدر والنص الهدف‪ .‬يرتبط منظور علم االجتماع االجتماعي‬
‫بشكل خاص بأبحاثنا من حيث أنه يسلط الضوء على قبل وبعد عملية الترجمة‪ .‬بالمناسبة ‪ ،‬يتم أخذ األشخاص (الكتاب‬
‫‪ ،‬المترجمين ‪ ،‬من بين آخرين) الذين يتدخلون في النص وكذلك التفاعالت التي يمكنهم إجراؤها مع بعضهم البعض‬
‫في االعتبار‪ .‬من ناحية أخرى ‪ ،‬سوف نستعير من علم االجتماع القانوني األسس المفاهيمية (تحليل النص ‪ ،‬العالقة‬
‫بين القاعدة وجوهرها ‪ ،‬دور الجهات الفاعلة ‪ ،‬التصنيف القانوني) ذات الطبيعة للسماح بتحليل مجموعة معقدة مثل‬
‫لنا (تعدد النظم القانونية والمراجع واالنتماء القانوني)‪ .‬بما أن عملنا هو ترجمة بشكل أساسي ‪ ،‬فسوف نأخذ في‬
‫االعتبار التفكير القانوني (إجراءات الترجمة المطبقة على القانون)‪.‬‬
‫تنقسم أطروحتنا إلى خمسة فصول‪ .‬يعرض الفصل األول مشكلة البحث التي سنعرض فيها عناصر عملنا (الحقوق‬
‫واللغات ‪ ،‬االختالفات بين البيان اإلسالمي والبيان المدني) وكذلك خصوصيات البيان القانوني لكل حق في السؤال‪.‬‬
‫نظ ًر ا ألن مجال القانون المدني واسع النطاق ‪ ،‬فسوف نركز على الجزء المخصص لاللتزامات والعقود التي سنسعى‬
‫فيها إلى معرفة الفرق بين نهج القانون المدني والنهج اإلسالمي للبيان القانوني‪ .‬سنشرح ‪ ،‬في الفصل الثاني ‪ ،‬حالة‬
‫الفن في علم الترجمة ‪ ،‬وسنضع بحثنا في اإلطار النظري الذي ينتمي إليه ‪ ،‬أي التيار االجتماعي للترجمة‪ .‬كظاهرة‬
‫اجتماعية ‪ ،‬يتم تناول ترجمة مدونة في شموليتها الجمالية والقانونية والدينية‪ .‬يركز الفصل الثالث على تاريخ تدوين‬
‫القانون المدني في المغرب ‪ ،‬وبالتالي تاريخ هذا التدوين ‪ ،‬القانون التونسي (‪ .).C.O.C‬يعرض الفصل الرابع‬
‫السياقات التاريخية لنصوص المصدر والهدف (التدوين والترجمة)‪ .‬سيتم حجز الفصل الخامس واألخير للتحليل‬
‫المقارن للنسخ العربية من مجموعتنا الستكشاف الجوانب المصطلحات واألسلوبية للنصوص‪ .‬سنبحث في النص‬
‫المصدر والهدف عن العناصر النصية لالنتماء إلى نظام معين‪ .‬سنركز على المقاالت المشتركة في النسختين‬
‫العربيتين من أجل تحديد االستراتيجيات التي يستخدمها المترجمون واستكشاف العوامل (االجتماعية والثقافية‬
‫واأليديولوجية) التي كان من الممكن أن تحفز على تبني شكل معين من الترجمة‪ .‬على حساب آخر‬

‫‪2222/5000‬‬
‫الفصل ‪ 1‬النظام القانوني والتقاليد النصية والترجمة‬
‫البحث الحالي محاولة لفهم وإبراز دور الترجمة في حركة المعرفة القانونية ‪ ،‬وخاصة في مجال القانون‬
‫المدني‪ .‬يركز على سؤال معين ‪ ،‬وهو كيف يمكن أن تساهم الترجمة ‪ ،‬في سياق النقل القانوني ‪ ،‬في إنشاء القانون‬
‫المدني باللغة العربية في مساحة اجتماعية ثقافية يهيمن عليها بالفعل قانون آخر (القانون اإلسالمي)‪ .‬نقترح متابعة‬
‫تطور الظاهر بتشكيل مدونة لاللتزامات والعقود (‪ ، )D.O.C. ، 1913‬القانون المدني للمغاربة‪ .‬من خالل هذه‬
‫ض ا نصها السابق ‪ ،‬نص تشريعي بمسار معين ‪ ،‬مدونة االلتزامات والعقود التونسية (‪C.O.C.‬‬
‫المدونة ‪ ،‬سوف نتبع أي ً‬
‫‪ .)، 1906‬سنالحظ في هذه النصوص التشريعية دور الترجمة في تغيير النموذج النصي والبيان التشريعي في‬
‫المجال القانوني لجمعيتين مغاربيتين ‪ ،‬المغرب وتونس‪ .‬من خالل القيام بذلك ‪ ،‬نقترح استكشاف القضايا االجتماعية‬
‫التي تكمن وراء فعل الترجمة نفسه ( اختيار المترجمين أنفسهم ‪ ،‬واالختيار بين الترجمة والتدوين ‪ ،‬ودور الفاعلين‬
‫االجتماعيين اآلخرين في عملية الترجمة‪ .‬وعلى المادة المراد ترجمتها)‪ .‬عالوة على ذلك ‪ ،‬فإن البحث الحالي هو‬
‫محاولة لفهم أسباب الحالة الثانوية التي يبدو أنها مرتبطة بعملية الترجمة كأداة للتحويل القانوني في مجال التحليل‬
‫الذي يهمنا ‪ ،‬وهي ظاهرة استقبال نص القانون المدني في األماكن القانونية المغربية والتونسية‪ .‬في سياق تبدو فيه‬
‫الحدود بين التدوين والترجمة في بعض األحيان غير واضحة للغاية ‪ ،‬فإننا نعلق أهمية كبيرة على األساليب‬
‫التحريرية والترجمة المعتمدة‪.‬‬
‫‪ 1.1‬مكونات المشكلة‪ :‬الحقوق واللغات المعنية‬
‫تحلل هذه الرسالة العالقة الحوارية بين قانونين رئيسيين ‪ ،‬المدونة التونسية لاللتزامات والعقود والظهير الذي يشكل‬
‫مدونة لاللتزامات والعقود‪ .‬وبذلك يجمع ما ال يقل عن حقين ‪( 3‬القانون المدني والقانون اإلسالمي) ولغتين‬
‫ضا موج ًزا لهذه العناصر‪.‬‬
‫(عربي و فرنسي)‪ .‬في الصفحات التالية ‪ ،‬سنقدم عر ً‬
‫‪ 1.1.1‬القانون المدني والقانون اإلسالمي‪ :‬نهجان مختلفان لقانون االلتزامات والعقود‬
‫تخضع الحقوق حول العالم لعدة تصنيفات‪ .‬األكثر استخدا ًما هو رينيه ديفيد وكاميل ‪ Jauffret-Spinosi‬الذين يصنفون‬
‫الحقوق في العائالت‪ .‬ووفقًا لهؤالء المؤلفين ‪ ،‬فإن هذا النوع من التصنيف "قادر على تسهيل عرض وفهم الحقوق‬
‫المختلفة للعالم المعاصر" (‪ .)David and Jauffret-Spinosi 1992، p. 15‬بشكل عام ‪ ،‬من المعتاد بين المؤلفين‬
‫المقارنين (ديفيد ‪ ،‬غامبارو ‪ ،‬من بين آخرين) تصنيف القانون الفرنسي إلى عائلة الحقوق الرومانية الجرمانية‪ .‬تشمل‬
‫هذه العائلة الدول التي تم فيها تشكيل علم القانون على أساس القانون الروماني‪ .‬يشكل القانون المدني ‪ ،‬موضوع بحثنا‬
‫‪ ،‬الفرع الرئيسي لهذا القانون‪.‬‬
‫القانون المدني الفرنسي هو مزيج من مفاهيم القانون الروماني ‪ ،‬والحقوق العرفية ‪ ،‬والمراسيم الملكية والفقه‬
‫البرلماني (‪ ، Atias 2001‬صفحة ‪ .)7‬باإلضافة إلى هذه المصادر ‪ ،‬تم إثراء هذا الحق أي ً‬
‫ضا من خالل المساهمة‬
‫الكبيرة للعقيدة (‪ .)Aubry ، Demolombe ، Domat ، Pothier ، Rau‬المصادر المعترف بها لهذا الحق هي القانون‬
‫والعرف والفقه والعقيدة (كورنو ‪ ، 2007‬ص ‪ )147‬وكذلك بعض المبادئ العليا (ديفيد وجافريت سبينوسي ‪1992‬‬
‫‪ ،‬ص ‪ .)83‬القانون المدني هو الموضوع الرئيسي للقانون الخاص ‪ ،‬أي القانون الذي يحكم العالقات بين األشخاص‬
‫(األفراد)‪ .‬وهو يشكل القانون العام للدولة ‪ ،‬بمعنى أن أحكامه تطبق في حالة عدم وجود نص محدد (‪Essaid 2010،‬‬
‫‪ )p. 28‬أو حق االستثناء (‪ .)Émond and Lauzière 2005، p 49‬يغطي القانون المدني مسألة قانونية واسعة النطاق‪.‬‬
‫يحكم العناصر التي تجعل من الممكن تفريد الناس ‪ ،‬بما في ذلك االسم والحالة االجتماعية والسكن ؛ ينظم األسرة ‪،‬‬
‫وال سيما مسائل الزواج ‪ ،‬البنوة ‪ ،‬الطالق ‪ ،‬الميراث ؛ كما أنه يحكم االمتيازات التي يمكن أن يتمتع بها األفراد فيما‬
‫يتعلق بشخص أو شيء ما (‪ .)Essaid 2010، p. 29‬يشمل هذا الفرع من القانون الخاص جميع قواعد قانون الدولة‬
‫المستخدمة لتحديد الحقوق الشخصية لألفراد والسماح بتنفيذها أمام المحاكم‪ .‬له‬
‫يتمثل الدور الرئيسي في حماية المصالح القانونية لألفراد (‪.)Émond and Lauzière 2005، p. 44‬‬
‫تم تأسيس القانون اإلسالمي كمصدر أساسي للحقوق الحالية في معظم البلدان العربية‪ .‬في الواقع ‪ ،‬وباستثناء بعض‬
‫الدول النادرة مثل تركيا أو ألبانيا "التي علمنت قانونها واستبدلت القانون القرآني بالقوانين األوروبية ‪ ،‬تواصل معظم‬
‫الدول اإلسالمية المطالبة ‪ -‬في دساتيرها ‪ ،‬أو قوانينها أو قوانينهم ‪ -‬ارتباطهم باإلسالم والشريعة اإلسالمية "(السيد‬
‫‪ ، 2010‬ص ‪ .4 )104‬بشكل عام ‪ ،‬من المعتاد تصنيف هذا الحق في عائلة الحقوق الدينية (‪David and Jauffret-‬‬
‫‪ .5 )Spinosi، 1992‬يبدأ تاريخها قبل مجيئ النبي محمد في الحجاز (المملكة العربية السعودية الحالية) ويشكل‬
‫نتيجة "النشاط القانوني لعدة قرون" (شحاتة ‪ ، 2005‬ص ‪ )42‬وكذلك نتاج "األنشطة" مدعومة بخطوط فقهاء‬
‫منتشرة في أكثر من نقطة في اإلمبراطورية العربية الشاسعة ”(المرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪ .6 )42‬تستمد الشريعة‬
‫اإلسالمية جوهرها من اإلسالم ‪ ،‬حيث أنها "جانب واحد فقط" (‪ .)David and Jauffret-Spinosi 1992‬إنه مبني‬
‫على القرآن ‪ ، 7‬الكتاب المقدس للمسلمين ‪ ،‬وعلى السنة النبوية ‪ ،‬أي "تعاليم النبي ‪ ،‬التي يرسلها ويكملها أصحابه ‪،‬‬
‫من قبل تالميذ األخير ‪ ،‬مقننة‪ .‬من قبل مؤسسي المدارس األرثوذكسية األربعة ‪ ،‬علق عليها الفقهاء القدماء والحديثون‬
‫”(‪ .)Zeys 1885، p. ix‬للتلخيص ‪ ،‬يمكننا القول أن من المعتاد تسمية الشريعة اإلسالمية تتكون من مصدرين ‪ ،‬إلهي‬
‫واحد واآلخر إيجابي‪ .‬المصدر اإللهي يتألف من القرآن والسنة ‪ ،‬المصادر المؤهلة بشكل عام مقدسة‪ .‬المصدر‬
‫اإليجابي هو بطريقة ما استمرارية األولى ‪ ،‬لكنه يختلف في أنه عمل الرجال‪ .‬هذا يسمى الفقه الكبير‬
‫‪ 4                                                 ‬ينص الدستور المغربي (‪ )2011‬في مادته ‪" :3‬اإلسالم دين الدولة ‪ ،‬الذي‬
‫يضمن ممارسة العبادة بحرية للجميع"‪ 5 .‬نتساءل عن مدى صلة تصنيف ديفيد اآلن‪ .‬حول هذه النقطة ‪ ،‬يبدو أن‬
‫شحاتة (‪ )1967‬أكثر إثارة لالهتمام‪ .‬مع مراعاة وضعها المختلط ‪ ،‬تضع القانون الحالي ليس في المجال اإلسالمي ‪،‬‬
‫ولكن في عائلة من الحقوق العربية الرومانية‪ 6 .‬وقد أخذ ما أصبح يسمى قانونًا مسل ًما في االعتبار وجود "مجموعة‬
‫معيارية غير إسالمية ‪ ،‬غالبًا ما تكون ذات أصل عرفي موضعي والتي أصبحت ‪ ،‬بعد أن اجتازت هذا الفقه ‪،‬‬
‫إسالمية" ( بوتيفو ‪ ، 1990‬ص ‪ 7 .)182.‬تعريف للقرآن قدمه أنطونيو جامبارو في ‪Le droit de l'occident et‬‬
‫مكان آخر (‪ ، 2011‬ص ‪" )350‬يحدد القرآن المبادئ التي يجب أن يخضع لها المؤمنون والتي تشكل الشريعة ‪،‬‬
‫وسيلة اتبع في مجال الصالة والصوم والطقوس واإلحسان والحياة األسرية‪ .‬بالنسبة للمسلمين ‪ ،‬تنبثق هذه القواعد من‬
‫هللا وتؤسس بشكل شامل الواجبات المفروضة على المؤمنين‪ .‬بسبب مصدرها اإللهي ‪ ،‬ال يمكن ألحد تعديلها‪ .‬وهذا‬
‫صحيح أكثر ألن المجتمع المسلم ليس منظ ًما وفقًا لهيكل هرمي حقيقي يسمح لمن هم في ذروته أن يقولوا ما هي‬
‫الحقيقة ويضعوا قواعد سلوك ملزمة " "مجموعة القواعد التي رسمها فقهاء الوحي اإلسالمي" (‪Botiveau 1990، p.‬‬
‫‪ .)182، note 3‬تأسس لقرون من قبل علماء المسلمين (‪ ، Rawatbi 2006‬ص ‪ ، )185.‬هذا الجسم هو نتيجة جهد‬
‫عقائدي (ولكن أساسه هو امتداد للقرآن والسنة) الذي تقوم به المدارس الفكرية‪ l :‬مدرسة الحنفيت بأبي حنيفة ‪،‬‬
‫ومدرسة مالك بن أنس (أجاب في المغرب العربي) ‪ ،‬والمدرسة الحنبلية بن حنبل والمدرسة الشافعية‪ .‬يقوم االستدالل‬
‫القانوني لهذه المدارس على عدة إجراءات‪ .‬األول في األهمية هو اإلجماع ‪ ،‬أي اإلجماع بين الفقهاء ‪( 9‬ص‪ .‬الفقيه) ‪،‬‬
‫على أساس الحجة القائلة بأنه من المستحيل أن المجتمع المسلم بأكمله (األمة) أخطأ في سؤال (‪Gambaro 2011،‬‬
‫‪ .)p.351‬والثاني هو القياس الذي استخدمه الفقهاء في كثير من األحيان بعد انتشار اإلسالم خارج شبه الجزيرة‬
‫العربية وحدث نزاعات لم تكن معروفة من قبل‪ .‬وبحسب مليوت ‪ ،‬فإن القياس (‪ ، 1953‬ص ‪" ، )448‬إن لم يكن‬
‫الوحيد ‪ ،‬على األقل الوسيلة العظيمة التي تمكن النظام التشريعي اإلسالمي من أخذ حركة الحياة وحقائق الخبرة‬
‫والحقائق التاريخية في االعتبار ‪ .‬ويفترض [‪ ]...‬النداء إلى قانون السوابق "‪ .‬هناك عمليات أخرى للتفكير القانوني ‪،‬‬
‫بما في ذلك االستحقاق (مع مراعاة الكفاءة والفائدة والحاجة إلى إجراء) و ‪( istihsan‬تفضيل الحل على آلخر من‬
‫منظور المصلحة العامة)‪ .‬يتم االستدالل القانوني في إطار ما يسمى االجتهاد ‪ ، 10‬وهو جهد عقائدي فردي‬
‫للمجاهدين‪ .‬بفضل االجتهاد ‪ ،‬نجح الفقهاء المسلمون في "فرض تمثيل للعالم يتقاسمه مختلف المجتمعات ‪ ،‬في العالم‬
‫العربي وخارجه ‪ ،‬لجعل الشريعة اإلسالمية ‪ ،‬التي يفسرها الفقه ‪ "،‬قوة متجانس ‪ ،‬إنشاء ‪ oikumene‬قانوني "" (‬
‫‪ ، Geertz 1986‬ص ‪ 242.‬؛ استشهد في ‪ ، Botiveau 1990‬ص ‪ .)186.‬غالبًا ما يطلق على القانون اإلسالمي‬
‫الشريعة ‪ ،‬أي الطريق للذهاب (ديفيد وجافريت سبينوسي ‪ ، 1992‬ص ‪ )3‬الذي يجب على كل مسلم احترامه‪ .‬يشير‬
‫‪ 8                                                 ‬المصطلح العربي لهذه المدارس هو مذهب (جمع مذهب) الذي يعني‬
‫"الرأي أو الفكرة التي يختار المرء أن يتبناها" (حالق ‪ ، 2005‬ص ‪ 9 .)150‬ربما يكون أفضل ما يعادل فكرة‬
‫الفقيه هو ديفيد و ‪ ، 1992( Jauffret-Spinosi‬ص ‪" :)367‬الفقيه الالهوتي"‪ .‬يجعل هذا المفهوم معقدًا في مساحة‬
‫تتميز بعدم الفصل بين القانون والدين وحيث يتولى الرجال المتعلمون وظائف مدنية ودينية‪ 10 .‬االجتهاد لم يعد‬
‫مقبوال هذه األيام‪ .‬يجب على المسلمين "مراعاة تعاليم األطباء من األجيال السابقة ‪ ،‬وخاصة أولئك الذين يعتبرون من‬
‫مؤسسي المدارس (المدائن)‪ .‬يبدو أن أي تفسير أصلي جديد محظور إلى األبد ”(‪David and Jauffret-Spinosi‬‬
‫‪ .)1992، p. 374‬وقد أدت أسباب تاريخية معقدة إلى هذا اإلغالق‪ .‬وفقا لدوبريت (‪ ، 1995‬ص ‪ ، 127‬مالحظة ‪)1‬‬
‫‪ ،‬االجتهاد "حرفيا ‪ ،‬هو أن يتألم‪ .‬هو المصطلح الفني المستخدم في ما يسمى الشريعة اإلسالمية لتعيين استخدام‬
‫المنطق الفردي ‪ ،‬أو بمعنى أكثر تقييدًا ‪ ،‬استخدام المنطق التناظري في القرآن أو السنة‪ .‬ممارسة االجتهاد ال تنطوي‬
‫على معصومة ‪ ،‬وبالتالي فإن النتيجة هي دائ ًما رأي معصوم (زان) ‪ ،‬وهو ما يفسر سبب تقدير تبادل اآلراء‬
‫والمناقشة‪ .‬للمسلم كيف يتصرف ‪ ،‬وماذا يفعل أو ال يفعل ويحكم حقوقه وواجباته تجاه هللا والمجتمع والرجال‪.‬‬
‫يبدو من المناسب الخوض في التعبير عن عبارة "الشريعة اإلسالمية" التي يستحق استكشاف معناها‪ .‬وفقا لعالم‬
‫االجتماع القانوني ‪ ، 2012( Beaudoin Dupret‬ص ‪" ، )9‬من البديهي أن نقول أن مفهوم" الشريعة اإلسالمية "هو‬
‫فئة اجتماعية"‪ .‬إنه فقط "بناء علمي" أنشئ بهدف فهم "ظاهرة التطبيعية في المجتمعات اإلسالمية" ((‪Buskens and‬‬
‫‪ .)Dupret 2012، p. 58‬إبداع مستشرقي أصبح عالميًا ‪" ،‬اختراع أكاديمي وسياسي وعملي" (المرجع نفسه) ‪" ،‬فئة‬
‫علمية ومعيارية ‪ ،‬وبالتالي اختراع قانوني مستشرق يتخلله إلى حد كبير المفهوم الغربي للقانون اإليجابي‪ .‬يمكن‬
‫للمرء أن يقول ‪ ،‬بعد جاك دريدا ‪" ،‬العنف" المفاهيمي والمعرفي ‪ ،‬ولكن مع الفروق الدقيقة التي يمتلكها علماء وفقهاء‬
‫الشرق إلى حد كبير ‪ ،‬للمشاركة في العملية [‪(" .]...‬المرجع نفسه)‪" Dupret and Ferrié (1997، p. 12) .‬ظهروا في‬
‫مبدأ النهج االستشراقي ‪ ،‬ألنه سمح بالتظاهر بقراءة مجتمع بمفرده ‪ ،‬مع اإلشارة إلى بنائه الخاص للمعنى‪ .‬وبالتالي‬
‫فإن تعبير "الشريعة اإلسالمية" يعكس تصوراً غربيا ً لكامل األمر الذي يحكم الحياة القانونية للمسلمين ويفرض نهجا ً‬
‫على المسألة اإلسالمية فقط من خالل المخططات والفئات التي هي خارجها‪ .‬هذا‪ .‬وبالتالي يفشل في أن يرى في هذه‬
‫المجموعة من القواعد مفهو ًما مختلفًا عما هو معتاد في التصنيف في فئة القواعد والمعايير التي تحكم حياة األفراد في‬
‫مجتمع معين‪ .‬وبهذا المعنى ‪ ،‬يبدو مصطلح "قانوني" في حد ذاته اختزاليًا ‪ ،‬ألنه يشير بالضرورة إلى مجموعة من‬
‫القواعد الثابتة والمدونة التي يتطلب فهمها استخدام تمثيالت تصنيفية معينة‪ .‬من وجهة نظر متعدية ‪ ،‬ال تمنع الحاجة‬
‫إلى التصنيف لفهم المترجم من مواجهة قيود معينة ‪ ،‬وأهمها عدم المراسالت أو المراسالت النظرية الجزئية بين‬
‫المصطلحات‪ .‬تم شرح هذه القيود جيدًا من قبل ديفيد وبريرلي (‪ ، 1985‬ص ‪ ، 16.‬استشهد بها ‪، Sarcevic 1997‬‬
‫ص ‪:)14.‬‬
‫يُعد غياب التطابق الدقيق بين المفاهيم والفئات القانونية في النظم القانونية المختلفة من أكبر الصعوبات التي تواجهها‬
‫في التحليل القانوني المقارن‪ .‬من المتوقع بالطبع أن يلتزم المرء بقواعد ذات محتوى مختلف ؛ ولكن قد يكون من‬
‫المقلق اكتشاف أنه في بعض القوانين األجنبية ال يوجد حتى هذا النظام لتصنيف القواعد التي نعرفها‪ .‬ولكن يجب‬
‫مواجهة الحقيقة أن العلم القانوني قد تطور بشكل مستقل داخل كل عائلة قانونية وأن تلك الفئات و‬
‫‪3264/5000‬‬
‫قد تكون المفاهيم التي تبدو أولية للغاية ‪ ،‬جز ًءا كبي ًرا من النظام الطبيعي لألشياء ‪ ،‬إلى فقيه من عائلة واحدة‬
‫غريبة تما ًما عن أخرى‪.‬‬
‫غالبًا ما يستخدمه المؤلفون الغربيون (واالستعماريون) ‪ 11 ،‬ناد ًرا ما يستخدم مصطلح "الشريعة اإلسالمية"‬
‫(المعروف بقانون إسالمي) إال من قبل مؤلفي التعبير العربي‪ .‬لهذا السبب نفضل فكرة الفقه عليها في الفصل األخير‬
‫من عملنا‪ .‬يسمح لنا فحص أعمال القانون المقارن المكتوبة باللغة العربية من قبل المؤلفين المعاصرين بإبداء تعليقين‪.‬‬
‫بادئ ذي بدء ‪ ،‬ظهور تعبير "الشريعة اإلسالمية" حديث ‪ ،‬أي أنه غائب بين المؤلفين العرب الكالسيكيين وكان‬
‫سيظهر بعد االجتماع االستعماري ‪ 12‬لتلبية الحاجة إلى التصنيف ( الشريعة اإلسالمية ضد الشريعة الغربية)‪ .‬ثانيًا ‪،‬‬
‫ناد ًرا ما يستخدم المؤلفون العرب المعاصرون المعادل العربي المباشر لعبارات "الشريعة اإلسالمية" أو "الشريعة‬
‫اإلسالمية" ‪ ،‬أي القانون اإلسالمي‪ .‬لمعالجة هذه الفكرة ‪ ،‬يستخدمون أسماء أخرى مثل ‪ tash ri 'islami‬و‬
‫)‪ charî'a islamiya (Abdel-Baqi 1984، Rawatbi 2006 and Benmoussa 2006‬أو ‪fiqh‬‬
‫‪ .islami (Abdel-Baqi، 1976 and 1984) 13‬يبدو أن مترجم النسخة المغربية من جسمنا يعارض الفقه‬
‫في القانون في كتاباته‪ .‬تفتح هذه العبارات الباب أمام مالحظة‪ .‬في الواقع ‪ ،‬على الرغم من أنها تبدو وكأنها تضخم ‪،‬‬
‫بمعنى أن مصطلحي "الشريعة" و "التشري" يبدو أنهما يلتزمان بالروح الغربية لإلسالم ‪ ،‬فإن هذه التعبيرات يمكن‬
‫أن تشير إلى نسبة المؤلفين المسلمين إلى التشريعات األخرى (الحقوق أو التشريعات) ‪ ،‬وال سيما الملحق الغربي‬
‫(القانون الغربي) أو الملحق الفرنسي (القانون الفرنسي) أو غيرهم‪ .‬وبالتالي ‪ ،‬ال يبدو أن الكتاب العرب المسلمين‬
‫يحتفظون بمصطلح "الفقيه" للمسلمين فقط‪ .‬يمكنهم أن يحددوا أنه فقيه إسالمي أو فقيه غربي (فاطمة غربي) (دومة ‪،‬‬
‫على سبيل المثال)‪ .‬وبالتالي يتم استخدام المصطلح بمعناه العام ‪ ،‬أي أن شخصًا ضليعًا في مجال معين‪ .‬وبالمثل ‪،‬‬
‫يبدو تعبير "القانون المدني" غير مناسب في سياق عربي مسلم‬
‫‪ 11                                                 ‬يقصد بعبارة "المؤلفون االستعماريون" المؤلفون الذين عانوا من‬
‫الظاهرة االستعمارية من الداخل ‪ ،‬والذين غالبًا ما كانوا يشغلون مناصب رفيعة في الجهاز االستعماري (القضاة ‪،‬‬
‫كبار المديرين) أو المناصب ذات الطبيعة القضائية التي مكنتهم لوصف المساحة القانونية للمجتمع المستعمر‬
‫(المترجمون ‪ ،‬المستفيدون وغيرهم)‪ .‬و ُكلف هؤالء المؤلفون غالبًا بمهام بحثية حول "عادات" سكان البلدان‬
‫المستعمرة‪ .‬في سياقنا ‪ ،‬شارك هؤالء المؤلفون في مسعى هائل لتوثيق قانون السكان األصليين‪ .‬إنهم مدينون لهم‬
‫بتصدير معرفة الشريعة اإلسالمية للعالم‪ 12 .‬شاهد حدوث هذا التعبير في التدوينات األولى وترجمات الفقه التي قام‬
‫بها العديد من المستشرقين (‪ ، Perron ، Seignette ، Zeys‬من بين آخرين)‪ .‬يستخدم على نطاق واسع‬
‫يتخللها بقوة الدينية‪ .‬يبدو أن السيد (‪ ، 2010‬ص ‪ ، )28‬أستاذ بكلية الحقوق بالرباط ‪ ،‬يجد هذا التعبير‬
‫غير الئق في السياق المغربي‪ .‬يقول في هذا الموضوع‪:‬‬
‫يجب توضيح مسألة المصطلحات‪ .‬في تشريعات مثل القانون المغربي ‪ ،‬الذي يشرب إلى حد كبير‬
‫بقواعد األصل الديني ‪ ،‬قد تبدو مصطلحات "القانون الخاص" أفضل من مصطلحات "القانون المدني"‪.‬‬
‫في الواقع ‪ ،‬غال ًب ا ما ينطوي مفهوم القانون المدني على وجود قانون علماني ‪ ،‬قانون مختلف عن‬
‫الدين‪ :‬وهو ليس كذلك هنا‪.‬‬
‫وألنها تستمد جوهرها من الدين ‪ ،‬فغالباً ما ُتفهم الشريعة اإلسالمية على أنها ثنائية‪ :‬اإلنسان ضد‬
‫اإلله‪ .‬كتب زيس ‪ ،‬في مقدمة لمعاهدته األساسية للقانون الجزائري (‪ ، )1885‬أن القانون الغربي‬
‫"إنساني محض ؛ المصادر البشرية ؛ إنه عمل مثالي للرجال وينطبق فقط على النزاعات المادية‬
‫للرجال‪ .‬الشريعة اإلسالمية ‪ ،‬على العكس من ذلك ‪ ،‬تنبع من الوحي‪ .‬ومن هنا جاءت النتيجة أنه‬
‫ليس عرضة ألي تحسن‪ .‬محكوم عليه بعدم الثبات ‪ ،‬ألنه وصل ‪ ،‬في نظر المؤمنين ‪ ،‬إلى كماله‬
‫الكامل ‪ ،‬في نفس اليوم الذي صدر فيه "‪ .‬إن اإلشارة إلى األصل اإللهي للشريعة اإلسالمية هي‬
‫موضوع معالجتين مختلفتين‪ .‬يحث الكتاب االستعماريين وكذلك بعض الكتاب الغربيين المعاصرين على‬
‫وصف الشريعة اإلسالمية بأنها عقائدية وال تتغير‪ .‬من جهة أخرى ‪ ،‬يستشهد المؤلفون المسلمون‬
‫بالجهود العقائدية للفقهاء ‪ ،‬وال سيما االجتهاد ‪ ،‬لدحض هذه الفكرة (عبد الباقي ‪ ،‬شهبون ‪ ،‬من بين‬
‫آخرين)‪ .‬غالبً ا ما يتم التذرع باألصل اإللهي كمنارة للعدالة المطلقة ‪ ،‬وحماية ضد التعسف في القواعد‬
‫التي من صنع اإلنسان‪ .‬على سبيل المثال ‪ ،‬في التعامل مع نظرية رذائل الرضا (الخطأ ‪ ،‬الغش ‪،‬‬
‫العنف واإلصابة) ‪ ،‬يقول عبد الباقي (‪ ، 1976‬ص ‪ )195‬أن "الفقه اإلسالمي ‪ ،‬كونه شريعة إلهية ‪،‬‬
‫يسعى لجعل الرجل المثالي ويدين فيه الغش (الغيش) والخداع (الخديعة) والمكر (االحتال)‪ .‬ونتيجة‬
‫لذلك ‪ ،‬يعلق أهمية كبيرة ‪ ،‬أكثر بكثير من القانون المعاصر ‪ ،‬على معالجة القضايا على أساس‬
‫األكاذيب (كادب) والممانعة (كيتمان) "‪ .14‬وبعي ًدا عن هذه االختالفات في المنظور ‪ ،‬فإن وجود‬
‫المتدينين في الشريعة اإلسالمية حقيقي ج ًدا‪ .‬في الفكر اإلسالمي ‪ ،‬يجب تضمين جميع جوانب‬
‫الحياة في الدين‪ .‬ونتيجة لذلك ‪ ،‬ال يوجد فصل بين الدين والقانون‪ .‬يجب أن يمتنع المسلم الصالح عن‬
‫ارتكاب األفعال السيئة في سلوكه ومعامالته اليومية‪ .‬ومع ذلك ‪ ،‬فإن العالقة بين القانون والدين‬
‫ليست فريدة في القانون اإلسالمي من وجهة نظر فلسفية ‪ ،‬يكتب كورنو ‪" ،‬القانون واألخالق والدين‬
‫ينتمون إلى نفس الترتيب"‪ .‬ويضيف أنه "بالنسبة لبعض الواجبات األولية التي تم تكريسها قانونًا ‪،‬‬
‫يتطابق نطاق القانون ومجال األخالق‪ .‬بعض الوصايا ‪ ،‬التقوى البنوية ‪ ،‬احترام الكلمة ‪ ،‬كالهما قانوني‬
‫وأخالقي ”(كورنو ‪ ، 2007‬ص ‪ .)23‬لقد أصبحت حركة العلمانية تحجب هذه العالقة‪ .‬لم يكن هذا هو‬
‫الحال ‪ ،‬على األقل حتى االجتماع االستعماري ‪ ،‬في بلدان العقيدة اإلسالمية‪.‬‬
‫في األسطر التالية ‪ ،‬سنناقش بروح المقارنة بعض االختالفات بين القانون المدني والقانون اإلسالمي‬
‫في مسائل االلتزامات والعقود‪ .‬إنها ليست دراسة مستفيضة للقانون المدني والقانون المدني‬
‫ومعادلته اإلسالمية‪ .‬إنها باألحرى مسألة إظهار المفاهيم المختلفة لبعض المفاهيم المشتركة بين‬
‫الحقوق‪.‬‬
‫تكشف المقارنة بين الحقوق المدنية واإلسالمية رؤيتين مختلفتين للمعرفة القانونية والعالمية‪.‬‬
‫مبسطة للغاية ‪ ،‬يلقي الضوء على اللقاء بين حق الجوهر اإللهي وحق الجوهر اإلنساني‪ .‬وبهذه‬
‫الطريقة ‪ ،‬يبدو الحقان غير قابلين للتوفيق ‪ ،‬حتى عكس ذلك‪ .‬في هذا السياق ‪ ،‬يمكن للمرء أن‬
‫يطرح أسئلة حول التوافق بين نظامين وضعهما العديد من المؤلفين ‪ ،‬بداهة ‪ ،‬على أساس االختالف‪.‬‬
‫على سبيل المثال ‪ ،‬وعلى عكس القانون المدني ‪ ،‬لم يطور القانون اإلسالمي نظرية عامة‬
‫لاللتزامات‪ .‬كتب فقيه مقارن حول هذا الموضوع‪:‬‬
‫نحن نعلم أن النظرية العامة لاللتزامات ‪ ،‬كما هو موضح في التدوين الفرنسي ‪ ،‬تقوم على عناصر‬
‫رومانية بحتة‪ .‬ظل هذا البناء غريبً ا على مر القرون لتقنية الشريعة اإلسالمية‪ .‬ال بد أن تكامل هذه‬
‫النظرية ‪ ،‬في تدوين كان سيتم تطبيقه على دولة ذات تقاليد إسالمية عمرها قرون ‪ ،‬بدا وكأنه تح ٍد‬
‫(شحاتة ‪ ، 1965‬ص ‪.)843‬‬
‫عالوة على ذلك ‪ ،‬سيكون من العبث ‪ ،‬بحسب هذا المؤلف ‪ ،‬السعي إلى أي تصنيف لمصادر االلتزام‬
‫في النصوص المقدسة (شحاتة ‪ ، 2005‬ص ‪ ، )103.‬ألن القرآن لم يحكم في مسائل االلتزامات سوى‬
‫القليل من المبادئ‪ .‬التي تندرج تحت التوصيات أو القواعد األخالقية (المرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪ .)47‬يشرح‬
‫شحاتة عدم وجود نظرية عامة لاللتزامات في الشريعة اإلسالمية من خالل ربط الفقهاء إليجاد حل‬
‫للقضية التي يمكن أن تعرض عليهم دون القلق بشأن وضع القواعد العامة على الرغم من أن الفقهاء‬
‫احتفظوا بمكان مهم للعقود (العود ‪ )pl. of aqd ،‬في أعمالهم ‪ ،‬إال أنهم لم ينصبوا هذا الجزء المهم من‬
‫القانون المدني في فئة منفصلة "على سبيل المثال ‪ ،‬في القانون األمريكي أو الفرنسي يوضحها‬
‫في الكتب والمقاالت "(حالق ‪ ، 2009‬ص ‪ .)239‬وف ًقا لسكراني ‪" ،‬بنا ًء على الدين واألخالق ‪ ،‬لم يهتم‬
‫علماء الفقهاء اإلسالميون ‪ -‬مثل الرومان ‪ -‬بتصنيف العقود أو وضع قيود على إرادة األطراف المتعاقدة ‪،‬‬
‫إال من خالل اتخاذ حساب االعتبارات األخالقية أو االجتماعية أو الدينية ”(سكراني ‪ ، 2009‬ص ‪.)202‬‬
‫لذلك ‪ ،‬ال توجد نظرية عامة للعقود في الشريعة اإلسالمية‪ .‬يعامل الفقهاء كل عقد على حدة ويحدد‬
‫القواعد التي تنطبق عليه‪.‬‬
‫يتعلق االختالف بين الحقوق بمفهوم العقد نفسه‪ .‬في القانون المدني ‪ ،‬يعتبر العقد أوال ً وقبل كل‬
‫شيء اتفاق إرادة بين شخصين أو أكثر ‪ ،‬فهو منشئ االلتزامات‪ .‬تصنيفها مختلف أي ً‬
‫ضا‪ .‬نحن نتحدث‬
‫عن عقد بدون وصفة وعقد عضوية ‪ ،‬وعقد التزامن وعقد من جانب واحد ‪ ،‬وعقد تبادلي وعقد‬
‫عشوائي ‪ ،‬من بين أمور أخرى‪ .‬على الرغم من أن هذه المصطلحات ال تظهر في مجموعتنا ‪ ،‬إال أنه‬
‫سيكون من المثير لالهتمام أن نسأل أنفسنا وف ًق ا للطرائق التي سيتم تمريرها ‪ ،‬باللغة العربية ‪،‬‬
‫بقدر ما نستورد ليس فقط المصطلحات ‪ ،‬ولكن أي ً‬
‫ضا الفئات والتصنيفات التالية التي يتم تنظيمها‪ .‬في‬
‫القانون اإلسالمي ‪ ،‬يمكن أن ينشأ العقد من إرادة واحدة (على سبيل المثال ‪ ،‬تبرع)‪ .‬ال يعرّف‬
‫الفقهاء العقد على أنه اتفاق يخلق التزامات (شحاتة ‪ ، 2005‬ص ‪ ، )103.‬ولكنه يتبنى منظو ًرا‬
‫موضوعيًا يعني "أن العقد ُيرى فقط من خالل نتائجه النهائية" (المرجع نفسه)‪ ، 15 .‬أي أن العقد‬
‫مصنف تبعاً لتأثيراته وليس كعالقة بين الطرفين‪ .‬هذا المنظور يجعل مفهوم العقد في الشريعة‬
‫اإلسالمية أقرب إلى الفكرة المدنية "للعمل القانوني" (عبد الباقي ‪ ، 1976‬ص ‪ )51‬ويصنف كعقد‬
‫ليس فقط البيع والتوظيف ‪ ،‬من بين أمور أخرى ‪ ،‬ولكن أي ً‬
‫ضا الوصية ‪ ،‬الوقف (تجميد الممتلكات) ‪،‬‬
‫الطالق (من جانب واحد) ‪ ،‬إلخ‪( .‬عبد الباقي ‪ ، 1976‬ص ‪ .)50‬اعتما ًدا على درجة الصالحية (الدباغ‬
‫‪ ، 2013‬ص ‪ ، )418‬يمكن أن يكون العقد "إلزاميًا" (عقد بيع ‪ ،‬عقد إيجار ‪ ،‬من بين أمور أخرى) أو ‪ja'aiz‬‬
‫"تصريح" (شركة ‪ ،‬قرض ‪ ،‬وديعة)‪ .‬نجد في الشريعة اإلسالمية عدة مؤهالت و‬
‫‪ 15                                                 ‬شحاتة (‪ ، 2005‬ص ‪ )103‬يقترح تعريفًا للعقد (‪)periphrasis‬‬
‫"اتفاق إرادة يخلق حالة جديدة"‪ .‬النماذج المتعلقة بالعقد حسب تأثيره‪ .‬العقد‪ :‬صحيح (صالح) ‪،‬‬
‫باتل ‪ ،‬باطل (معيب) ‪ ،‬جايز (مسموح به)‪.‬‬
‫بح ًث ا عن المساواة التامة بين األطراف المتعاقدة ‪ ،‬يرفض القانون اإلسالمي أنواعً ا معينة من العقود ‪،‬‬
‫ال سيما تلك التي تنطوي على مخاطر (الغرر) ‪ .16‬على سبيل المثال ‪ ،‬يجب أال يكون موضوع العقد‬
‫موجو ًدا (ليس أب ًدا مستقبال ً) فحسب ‪ ،‬بل يجب تحديد خصائصه بدقة كبيرة (الخوف من الخطر)‪ .‬بهذه‬
‫الطريقة ‪ ،‬ال يتسامح القانون اإلسالمي مع جانب هام من القانون المدني‪ :‬الغموض وعدم اليقين‪.‬‬
‫هذا هو السبب في أنه يولي أهمية كبيرة لدقة المعنى ‪ ،‬وال سيما من خالل استخدام المصطلحات‬
‫والمرادفات وشرح الفروق الدقيقة بين المرادفات‪ .‬وتجدر اإلشارة إلى أن صياغة (‪ )sigha‬العقد نفسه‬
‫مهمة في الشريعة اإلسالمية‪.‬‬
‫يعامل القانون اإلسالمي المفاهيم الرئيسية لتفكير القانون المدني في مسائل االلتزامات والعقود‬
‫بشكل مختلف‪ .‬وال يعتبر مفهوم السبب (عبد الباقي ‪ ، 1984‬ص ‪ )460‬أحد عناصر العقد‪ .‬ال توجد‬
‫نظرية لقضية مثل تلك الموجودة في الفكر الحضاري‪ .‬كما يعامل مفاهيم أخرى مثل الخطأ أو االحتيال‬
‫أو العنف أو اإلصابة بشكل مختلف‪ .‬في القانون المدني ‪ ،‬هذه المفاهيم هي جزء من نظرية رذائل‬
‫الموافقة وتعكس المواقف التي ال تتوافق فيها اإلرادة المعلنة مع اإلرادة الحقيقية‪ .‬طبقاً لعبد البقيع (‬
‫‪ ، 1976‬ص ‪" ، ) 180‬الفقهاء المسلمون لم يتعاملوا مع الخطأ على أنه رذيلة‪ .‬لم يعطوه نفس األهمية‬
‫مثل االحتيال والعنف ‪ ،‬اللذين علقا عليهما أهمية كبيرة ‪ ،‬وخاصة األخيرة "‪ .17‬يعكس الخطأ بشكل‬
‫عام شكاًل من الجهالة ‪ ،‬أي الجهل بواحدة أو أكثر من خصائص كائن العقد‪ .‬المثال الكالسيكي الذي‬
‫قدمه العديد من المؤلفين هو شراء ما كان يعتقد أنه ماسة ‪ ،‬عندما اتضح أنه زجاج (حالق ‪ ، 2009‬ص‬
‫‪ .)244.‬وفقا لعبد البقيع (‪ ، 1976‬ص ‪ ، )182‬فإن فكرة الخطأ هي‬
‫‪ 16                                                 ‬ال يتم التسامح مع بعض العقود التي تنطوي على مخاطر‬
‫إال عندما تعتبر ضرورية للمجتمع ‪ ،‬مثل عقد سليم واالستصناع (حالق ‪ ، 2009‬ص ‪ .)244.‬في التمويل‬
‫اإلسالمي ‪ ،‬أسس النظام ‪ ،‬يعرّف المؤلفون (عليوي ‪ ،‬جليل ‪ ،‬بدراوي ‪ ، 2015‬ص ‪ )9‬عقد سليم بأنه‬
‫"أسلوب يتألف من دفع ثمن السلع المحددة سلفًا مسب ًقا"‪ .‬هو بيع آجل ‪ ،‬ويتم تسليمه في‬
‫المستقبل ‪ ،‬ويتم الدفع نق ًد ا‪ .‬يعتبر بيع الممتلكات غير الموجودة في الفكر اإلسالمي غير قانوني ألنه‬
‫ينطوي على شكل من أشكال عدم اليقين‪ .‬عقد االستصناع "هو عقد مالي يسمح للمشتري بأن‬
‫يصبح صاحب سلعة ‪ ،‬والتي كان سيسلمها بمرور الوقت" (المرجع نفسه)‪ .‬يعتبر غالبية الفقهاء‬
‫االستصناع متغي ًرا مشاب ًها لعقد سليم‪ .‬والفرق الوحيد هو أنه في هذا العقد يتم السداد طوال فترة‬
‫تصنيع البضائع وأن السعر يتم االتفاق عليه مسب ًقا بين الطرفين‪ 17 .‬باللغة العربية ترجمتنا‬
‫خالفا للميول التجريبية والمادية التي تميز الشريعة اإلسالمية ‪ ،‬وهذا ليس هو الحال مع االحتيال‬
‫والعنف واإلصابة‪ .‬هذه الرذائل الثالثة للموافقة واضحة ويمكن إدانتها أخالقيا ‪ ،‬خالفا للخطأ ‪ ،‬وهو أمر ال‬
‫إرادي بطريقة أو بأخرى‪ .‬وألن مفهوم االحتيال مدان أخالقيا ‪ ،‬يتم التعامل مع مفهوم االحتيال على‬
‫نطاق أوسع من الفكر الحضاري‪ .‬احترام الكلمة مهمة بين الفقهاء ‪ ،‬فقد أعطوا مساحة كبيرة لل دول‬
‫الفم (‪ )Taghrir qawli‬على عكس المواد )‪ .dol (taghrir fi'd‬بنفس الطريقة مثل االحتيال ‪ ،‬يتم التعامل‬
‫مع العنف على نطاق واسع‪ .‬يقول عبد الباقي (‪ ، 1976‬ص ‪ )211‬حول هذا الموضوع‪" :‬إذا أردنا أن‬
‫نكون منصفين ‪ ،‬يجب أن نقول أن العنف هو الحقيقة الوحيدة التي تعتبر في الفقه اإلسالمي بمثابة‬
‫موافقة" ‪ .18‬في القانون اإلسالمي ‪ ،‬يشكل العنف خلال ً جوهريًا في األمور التعاقدية‪ .‬في كتاباتهم ‪،‬‬
‫يكرس الفقهاء عادة كتابًا كامال ً له ‪ ،‬كتاب اإلكراه‪ .‬كان زيس (‪ ، 1885‬ص ‪ ، )109‬في أطروحته عن‬
‫الشريعة اإلسالمية ‪ ،‬على علم بالمكان الممنوح للعنف بين الفقهاء‪ .‬وضع هذا الرذيلة في أعلى‬
‫العناصر التي يمكن أن تبطل العقد اإلسالمي‪ .‬الحظ أن أحد المصادر الرئيسية التي استنبط منها‬
‫المبرمج (ديفيد سانتيالنا) من النسخة الفرنسية التونسية من جسمنا ‪ ،‬وال سيما مرشد الحيران (‬
‫‪ ، ) 1891‬لم يكن من المفيد تدوين الخطأ‪ .‬من ناحية أخرى ‪ ،‬احتفظت بالعديد من أحكام االحتيال‬
‫(التغرر) واآلفة (الغبن)‪ .‬لم يتم تطوير مفاهيم القانون المدني األخرى ‪ ،‬مثل اإلثراء غير العادل (‪ithra’e‬‬
‫‪ )Bidoun sabab‬نظريًا‪.‬‬
‫كل مجتمع ينتج مفاهيمه الخاصة لالستجابة لرؤية معينة لديه عن نفسه وعن العالم ‪ ،‬من المؤكد أن‬
‫النقل القانوني ينطوي على صراع مفاهيمي‪ .‬على سبيل المثال ‪ ،‬قام نقل القانون المدني بتغيير‬
‫في معنى مصطلح "العقد"‪ .‬اليوم ‪ ،‬بالنسبة لغالبية المؤلفين ‪ ،‬العقد هو مجرد اتفاق إرادة بين‬
‫دمي هذا المعنى هو قادري باشا ‪ ،‬الذي عرّف العقد في مرشد الحران (‪ )1891‬بأنه‬
‫طرفين‪ .‬أحد مق ّ‬
‫اتفاق إرادة بين شخصين ‪ ،‬خاضع لقواعد العرض والقبول (المادة ‪ .)168‬وفي السياق نفسه ‪ ،‬تم‬
‫التخلي عن بعض خيارات عقد البيع لتقتصر على الخيارات التي تظهر في القانون المدني‪ .‬وبنفس‬
‫الطريقة التي أدخلت بها مفاهيم جديدة في معالجة حاالت معينة ‪ ،‬أدى النقل القانوني إلى توسيع‬
‫نطاق بعض الحاالت األخرى وهكذا ‪ ،‬تم توسيع مفهوم األضرار ليشمل األضرار المستقبلية والتعويض‬
‫المالي‪ .‬في الفقه ‪ ،‬ال يوجد مكان للضرر المستقبلي (الطوارئ) ويكون التعويض عينيًا بشكل‬
‫أساسي (قيمة الشيء ‪ ،‬يتم تقييمه في يوم المخالفة)‪ .‬هناك العديد من األمثلة لهذه الطبيعة‪.‬‬
‫يخضع دفع المدفوعات غير المبررة فقط لقاعدة عامة في الشريعة اإلسالمية مفادها أن ما تم دفعه‬
‫من الجهل يجب أن ُي عاد بالضرورة دون النظر إلى معايير األهلية أو بحسن نية أو بسوء نية‪ .‬هناك أيضا‬
‫مقدمة لمفهوم التمييز في معالجة الصدع ‪ ،‬الذي يخالف منطق الفقه ‪ ،‬والنظر في الضرر المعنوي في‬
‫حين أن الفقه ال يؤخذ إال الضرر المادي في االعتبار (شحاتة ‪ ، 1967‬ص ‪.)904‬‬
‫باإلضافة إلى أي هدف قانوني مقارن ‪ ،‬فإن الجانب المصطلحي من معالجة قاعدة القانون المدني‬
‫في حالة النقل القانوني (عن طريق التدوين أو الترجمة) مثير لالهتمام‪ .‬على سبيل المثال ‪ ،‬مفهوم‬
‫االحتيال معقد في الشريعة اإلسالمية ‪ ،‬يتابع الفقهاء ‪ ،‬من حيث المصطلحات ‪ ،‬إلى تصنيف معين‬
‫لمراعاة هذا التعقيد ‪ .19‬يمكن للمرء أن يتساءل عن االستراتيجية التي اعتمدها المترجمون في‬
‫االختيار (مسألة ‪ monosemia‬و ‪ ، polysemy‬على سبيل المثال) لمعادل المصطلحات لهذه الفكرة في‬
‫اللغة الهدف‪ .‬هل أخذوا في االعتبار التصنيف اإلسالمي وفروقه الدقيقة؟ هل حاولوا إعادة إدخال هذه‬
‫الفروق الدقيقة في ترجماتهم؟ ما هي المعايير التي يمكن أن تحفز الحلول المعتمدة؟ هذه األسئلة‬
‫معقدة‪ .‬سنتعامل معهم في الفصل األخير من عملنا‪.‬‬
‫‪ 1.1.2‬اللغات المعنية‪ :‬السياقية‬
‫خلقت العالقة بين القانون المدني والقانون اإلسالمي عالقة أخرى ‪ ،‬لغتين مختلفتين للغاية ‪ ،‬العربية‬
‫والفرنسية‪ .‬اللغة هي وسيلة القانون‪ .‬كل من اللغة والقانون هي نتاج قصة‪ .‬الظواهر االجتماعية‬
‫(كاربونير ‪ ،‬استشهد بها كورنو ‪ ، 2000‬ص ‪ ، )12‬فهي تعبير عن ثقافة وأسلوب حياة‪ .‬يمكن تحديد‬
‫الحق حتى عن طريق اللغة (كورنو ‪ ، 2000‬ص ‪ )11‬وكل لغة تطبع القانون بخاتمه (بيسادي ‪، 2010‬‬
‫ص ‪ .) 41‬بفضل اللغة التي أنماط أنماط التفكير تسليط الضوء على القيم والمفاهيم وتحديدها على‬
‫أنها بيانات خاصة بمجتمع معين (المرجع نفسه)‪ .‬ال يجب التقليل من العالقة التي يمكن أن يكون لها‬
‫القانون مع اللغة في حالة النقل القانوني‪ .‬تم تسليط الضوء على مدى تعقيد هذه العالقة المتضاربة‬
‫من خالل كورنو (‪ ، 2000‬ص ‪ )12‬في ما يلي‪:‬‬
‫[…] عندما يتم تحويل حق ولد في إحدى اللغات إلى لغة أخرى ‪ ،‬فإن المساواة في مبدأ النسختين‬
‫لن تمنع ذلك أب ًد ا ‪ ،‬نسبة إلى التقارب الطبيعي الذي يسود بين الحق ولغة ميالده ‪ ،‬النجاح من هذا‬
‫التحول هو غزو للصراع العالي ‪ ،‬ثمرة العمل واأللم ‪ ،‬مما يجعله ‪ -‬االختالف االجتماعي ‪ -‬لن يضمن‬
‫بالضرورة استقبااًل متساويً ا ونفس اإلشعاع للنسخة التي تحمل عالمة مصطنعة معينة‪.‬‬
‫الفرنسية ‪ ،‬لغة هندو أوروبية ‪ ،‬تم إدخالها إلى المغرب وتونس عن طريق االستعمار‪ .‬لغة اإلدارة‬
‫االستعمارية والمنشورات الرسمية ‪ ،‬تم رفعها بسرعة إلى مرتبة لغة القانون واإلدارة‪ .‬بالفرنسية ‪،‬‬
‫قرر كتّ اب القانون المدني المغربي والتونسي أن يكتبوا ‪ ،‬على الرغم من حقيقة أن هذه المدونات‬
‫ستعيش في بيئات قانونية حيث كان من يتقن لغة الكتابة ناد ًرا‪ .‬في المغرب ‪ ،‬على سبيل المثال ‪،‬‬
‫لم تر الحكومة االستعمارية أن من المناسب نشر لغتها بين السكان المغاربة‪ .‬باعتماد سياسة‬
‫انتقائية ‪ ،‬استثمر في تدريب نخبة صغيرة ‪ ،‬تم اختيارها من بين األعيان المغاربة‪ .‬بن زاكور (‪)2012‬‬
‫يكتب عن هذا الموضوع‪" :‬لقد أثر التعليم على عدد قليل من األطفال المسلمين المغاربة‪ .‬عشية‬
‫االستقالل ‪ ،‬كان عدد المديرين التنفيذيين المغاربة المدربين في النظام المدرسي ‪ ،‬الذي أنشأته‬
‫المحمية ‪ ،‬محدو ًدا للغاية‪ 269 :‬فقط من حاملي البكالوريا (ج‪ .‬بريجنون وآخرون ‪ )1968‬من بين حوالي‬
‫‪ 8‬ماليين نسمة ” ‪ .‬فور االستقالل ‪ ،‬احتلت الفرنسية معظم المجاالت الهامة في الحياة االقتصادية‬
‫والقانونية واالقتصادية المغربية ‪ ،‬على الرغم من بعض محاوالت التعريب ‪20.‬‬
‫‪ Arabic21‬هي اللغة التي كانت سائدة قبل إنشاء نظام الحماية‪ .‬لغة سامية (كولوغلي ‪ ، 2010‬ص‬
‫‪ )7‬بأبجدية مختلفة ‪" ،‬لها خاصية االرتباط بالدين ‪ ،‬اإلسالم" (بنزكور ‪ ، 2000‬ص ‪ .)67‬يرتبط ارتباطا‬
‫وثيقا بالقرآن بما في ذلك‬
‫‪ 20                                                 ‬سيتم تناول هذا السؤال في الفصل الرابع من أطروحتنا‪.‬‬
‫‪ 21‬نحن نقصر نهجنا هنا على ما يسمى اللغة العربية "الكالسيكية" ‪ ،‬وال سيما تلك المستخدمة في‬
‫أعمال الفقه‪ .‬يناقش الفصل الخامس صيغة من هذه اللغة العربية ‪ ،‬والتي يمكن تسميتها بالعربية‬
‫الحديثة أو القياسية‪ .‬بجانب العربية الكالسيكية والعربية الحديثة ‪ ،‬هناك لهجة عربية ‪ ،‬لغة يومية‬
‫تختلف باختالف الدول العربية‪ .‬يعرف المغرب ‪ ،‬إلى جانب اللهجة العربية ‪ ،‬لغات أخرى ‪ ،‬يتحدث بها‬
‫السكان األمازيغ (الشعوب التي سكنت شمال إفريقيا قبل وصول العرب)‪ .‬غال ًبا ما توصف اللغة بأنها ال‬
‫ُتضاهى (‪ ، ) mou'jiz‬اللغة العربية الفصحى لها شرعية معينة في البلدان العربية‪ .‬إنه رمز العروبة‬
‫والهوية اإلسالمية وعامل الوحدة في المجتمع العربي المسلم (األمة)‪ .‬من الناحية العملية ‪ ،‬فإن‬
‫اللغة العربية هي "نظام مقنن ‪ ،‬معززة بقرون من التقاليد المكتوبة‪ :‬الشعر الجاهلي ‪ ،‬الكتب‬
‫النحوية ‪ ،‬المعاجم" (بوكوس ‪ .)1979‬في الوقت الحاضر ‪ ،‬شكل مستمد من اللغة العربية الفصحى‬
‫يشكل لغة األدب والتعليم ويستخدم "في الصحافة المكتوبة واإلدارة" (بنزاكور ‪ ، 2000‬ص ‪ )68‬وكذلك‬
‫في الخطب‪ .‬المسؤولين في الدول العربية‪ .‬ال يقدم هذا البديل أي اختالفات "مورفوسينتيك‬
‫وفونولوجية" سيئة السمعة (بنزاكور ‪ ، 2000‬ص ‪ )68‬بالعربية الكالسيكية ‪ ،‬ولكنها تختلف في‬
‫األسلوب وتحتوي على مصطلحات جديدة تفرضها االتصال االستعماري واحتياجات التحديث التي لها‬
‫يتبع هذا‪ .‬نادرا ما يستخدم ما هو معتاد لدعوة اللغة العربية الفصحى في الكالم اليومي (باستثناء‬
‫النخبة المتعلمة أو عشاق اللغة األصلية)‪ .‬في السياق التاريخي لالنتقال القانوني الذي يهمنا ‪ ،‬ما‬
‫هي لغة القانون في المغرب وتونس؟ هل كانت اللغة العربية قانونية في ذلك الوقت؟ للوصول إلى‬
‫الجزء السفلي منه ‪ ،‬استشرنا األعمال السائدة في فترة ما قبل االستعمار والتي ال يزال وجودها‬
‫على قيد الحياة في المجال القانوني العربي المسلم‪.‬‬
‫حتى القرن التاسع عشر ‪ ،‬وقت االستعمار األول في دول شمال إفريقيا (بما في ذلك المغرب‬
‫وتونس) ‪ ،‬كانت لغة الفقه هي التعبير القانوني المعتاد للمجتمع العربي المسلم‪ .‬اعتمد العربي في‬
‫ذلك الوقت أسلوبًا معي ًنا في الكالم رداً على بناء يعتبر اليوم كالسيكيًا ‪ ،‬وأحيانًا قدي ً‬
‫ما‪ .‬في الواقع ‪،‬‬
‫أنجب الفقه "[‪ ]...‬نوع من النثر ‪ ،‬يمكن للمرء أن يصفه بأنه تقنية والذي يتميز ‪ ،‬على الرغم من ثقل‬
‫معين ‪ ،‬بدقة تحليلية ال يمكن إنكارها" (كولوغلي ‪ ، 2007‬ص ‪ . )70‬يستخدم هذا النثر "مصطلحات‬
‫تقنية هائلة ومتخصصة للغاية" (المرجع نفسه)‪ .22 .‬تظل الحقيقة أنه ال يمكن وصف هذا الشكل‬
‫اللغوي بأنه "لغة قانونية" مثل تلك الموجودة في عالم القانون المدني‪ .‬ومع ذلك ‪ ،‬تجدر اإلشارة إلى‬
‫أنه على الرغم من أنه ربما ال يوجد مرجع معروف للمصطلحات المؤهلة صراحة باعتبارها قانونية ‪ ،‬إال‬
‫أن هناك بالفعل عد ًدا من األعمال ‪ 23‬المكرسة للغة الفقهية وأنواع اللغات التقنية المتعلقة بـ‬
‫‪ 22                                                 ‬سيتم عرض أمثلة على العبارات اإلسالمية في الصفحات‬
‫التالية‪ 23 .‬للحصول على قائمة بهذه األعمال ‪ ،‬انظر معجم المستحيالت األهلية واالقتصادية في لغة‬
‫الفقهاء (قاموس المصطلحات المالية واالقتصادية بلغة الفقهاء) بقلم نزيه حماد (‪ )2008‬ومقدمة من‬
‫بعض الحرف ‪ ،‬وشحن المصطلحات النادرة ‪ ،‬والمصطلحات الفلسفية ‪ ،‬وحتى االقتراض‪ .‬يمكن أن‬
‫تحتوي بعض هذه األعمال بين صفحاتهم على مصطلحات إدارية معينة‪ .‬إن وجود عدد هائل من‬
‫األعمال المكرسة للمصطلحات يظهر إدراك الفقهاء بأهمية هذا الجانب في معالجة مجال التخصص‪.‬‬
‫ومع ذلك ‪ ،‬لم يتم تطوير األعمال المبكرة بنفس الطريقة التي تم بها معجم القانون المدني ‪ ،‬أي أنها‬
‫لم تستوف معايير التصنيف المعترف بها من قبل محرري المعجم الحديث‪ .‬أظهرت بعض أعمال‬
‫المخطوطات التي تمت استشارتها أن المؤلفين الكالسيكيين بدأوا بجمع المصطلحات المتعلقة‬
‫بجانب معين في فصل (صفحة أو صفحتين) ‪ ،‬بدون عالمات ترقيم وفي شكل مضغوط‪ .‬ثم شرحوا لهم‬
‫واحدا تلو اآلخر‪ .‬وقد دفعت هذه الحقيقة المؤلفين المعاصرين إلى مراجعة هذه األعمال الكالسيكية‬
‫لتسهيل التشاور معها (عالمات الترقيم ‪ ،‬ترقيم الصفحات ‪ ،‬ترقيم المدخالت ‪ ،‬العرض األبجدي)‪ .‬في‬
‫جميع األحوال ‪ ،‬ال تفرق أعمال الفقه بين اللغة العلمية الطبيعية للفقهاء ‪ 24‬واللغة القانونية‬
‫المتخصصة‪ .‬عالج الفقهاء الدعوى القانونية بنفس الطريقة التي تعامل بها الدعوى غير القانونية‬
‫(اإلباضة‪ :‬الصيام ‪ ،‬الزواج ‪ ،‬التقوى)‪ .‬شملت لغة الفقه جميع مجاالت الحياة ‪ ،‬سواء كانت قانونية أو‬
‫غيرها‪ .‬في هذا السياق ‪ ،‬يجب أن نطرح على أنفسنا أسئلة حول اللغة التي يستخدمها المترجمون‬
‫في مجموعتنا إلعادة صياغة النص إلى اللغة العربية‪ .‬هل اختاروا اللغة المكتسبة التي كانت سائدة‬
‫قبل إنشاء نظام الحماية ‪ ،‬أي المصنفات التي تحكم الحياة القانونية للمغاربة والتونسيين ‪ ،‬أي لغة‬
‫الفقه ‪ ، 25‬أم أنهم اخترع لغة جديدة حتى تتمكن اللغة العربية من استيعاب البيانات القانونية‬
‫ضا أنه يمكن‬ ‫الجديدة؟ يبدو أنه كلما زاد االختالف بين اللغات ‪ ،‬زادت صعوبة الترجمة ‪ ،‬ولكن يبدو أي ً‬
‫التعبير عن حق بعدة لغات (كورنو ‪ ، 2000‬ص ‪ .)12‬على هذا النحو ‪ ،‬فإن الترجمة التشريعية ‪ ،‬من‬
‫حيث أنها تسلط الضوء على شكل متطرف من اللغة المميزة ‪ ،‬تشكل التوضيح من قبل‬
‫‪                                                 ‬حسن محمود الشافعي (‪ )1994‬في أعمال سيف الدين‬
‫العميدي (القرن الثاني عشر) ‪ ،‬والمبين في شرح معاني الفدع والحكماء والمتكلمين (شرح معنى‬
‫المصطلحات التي يستخدمها العلماء وعلماء الدين)‪ .‬مكبرات الصوت)‪ )24( .‬أطلق عليها كورنو "اللغة‬
‫المشتركة" (‪ ، 2000‬ص ‪ .)23‬إنها لغة االتصال في مجتمع لغوي معين (‪ ، Wroblewski 1988‬ص ‪.)17‬‬
‫‪ 25‬يبدو أن الخط الفاصل بين اللغة واللغة غير واضح في األدبيات التي تتناول الترجمة القانونية‪ .‬في‬
‫أطروحة الدكتوراه ‪ ،‬ترجمة النصوص القانونية الهولندية ونقل الثقافة (‪ ، )1998‬يميز هيروغويل اللغة‬
‫عن اللغة ‪ ،‬لكنه يعترف بأن "معنى هذه الكلمات يتداخل أحيانًا" (‪ ، 1998‬ص ‪ .)30‬ويذكر أنه‬
‫"باالتفاقية ‪ ،‬سوف نعني بكلمة" لغة "لغة معينة ‪ ،‬مثل الفرنسية واإلنجليزية والهولندية وما إلى ذلك‪.‬‬
‫" وف ًقا لهذا المؤلف ‪ ،‬فإن للغة معنيين‪ .‬أوال ً ‪ ،‬تعني "قدرة اإلنسان على استخدام والتعبير عن نفسه‬
‫باستخدام نظام من العالمات المميزة المقابلة لألفكار المتميزة" ؛ ثم "المعنى الذي يستخدمه جيرار‬
‫كورنو […] أي" لغة خاصة "أو" لغة تخصص ""‪ .‬إلى هاتين الكلمتين ‪ ،‬يجب أن نضيف الكالم (انظر‬
‫‪)Bocquet 2008‬‬
‫‪2878/5000‬‬
‫وال سيما اللغة التقليدية واللغة العرفية واللغة اإلدارية‪ .‬بالنسبة لهذا المؤلف ‪ ،‬ال تختلف اللغة التشريعية في‬
‫حد ذاتها عن اللغات األخرى ‪ ،‬ولكنها تشارك ميزات معينة معهم (المرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪ .)24‬من خالل‬
‫المتابعة من خالل االقتطاع ومن خالل مالحظة ما ينطبق فقط على اللغة التشريعية ‪ ،‬يمكننا القول أنه في منطق‬
‫كورنو ‪ ،‬فإن اللغة التشريعية هي أوالً وقبل كل شيء لغة المجموعة التي تتميز جدًا بالذي سنها ‪ ،‬ج هو المشرع‪ .‬كما‬
‫يتميز بها أولئك الذين يساهمون في إنشائه وتحقيق القانون نفسه‪ .‬ثانيًا ‪ ،‬تتميز اللغة التشريعية بتقنية معينة تنبع أساسًا‬
‫من قدرتها على تسمية (حق يخص المشرع بشكل أساسي) ‪ ،‬من بين أمور أخرى ‪ ،‬الحقائق القانونية الطبيعية‬
‫واالجتماعية (المؤسسات والعمليات القانونية) التي تخصصها لـ "الحقائق القانونية" من خالل إرفاق اآلثار الحقوقية‬
‫بها (المرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪ .)26‬يتعامل كورنو بشكل خاص مع اللغة التشريعية للقانون المدني الفرنسي ‪ ،‬ويؤكد أن‬
‫اللغة التشريعية هي لغة تقليدية ‪ ،‬مما يعني أن "فقهاء اليوم ليسوا مشوشين عندما يشيرون إلى تدوينات نابليون"‬
‫(المرجع نفسه)‪ .‬يمكن للمرء أن يخمن بسهولة ما يفترضه مثل هذا التأكيد مسبقًا في حالة نقل رمز إلى السماء التي ال‬
‫تشارك بالضرورة هذا التراث النابليوني‪.‬‬
‫بصرف النظر عن هذه الكتابات القانونية حول اللغة القانونية ‪ ،‬يبدو المنظور الذي يقدمه جيرزي وروبليفسكي حول‬
‫اللغة التشريعية مثيرًا لالهتمام‪ .‬في مقاله المعنون‪" :‬اللغات القانونية‪ :‬تصنيف" (‪ ، 1988‬ص‪ ، )19-16‬يقدم عالم‬
‫االجتماع هذا مفهوم "اللغة القانونية" ‪ ،‬والتي ‪ ،‬على الرغم من أنها تبدو وكأنها ورقة تتبع ‪ ،‬تتميز ما يسميه "اللغة‬
‫القانونية"‪ .‬بالنسبة إلى ‪ ، Wroblewski‬تعد اللغة القانونية لغة لغوية تتضمن الفقه القانوني ‪ ،‬أي اللغة التي يتم بها‬
‫صياغة القرارات المتعلقة بتطبيق القانون ؛ لغة قانونية علمية خاصة بخطاب العلوم القانونية واللغة القانونية العامة‬
‫وهي اللغة المستخدمة في الخطابات األخرى المتعلقة بالقانون‪ .‬اللغة القانونية هي اللغة التي تصاغ بها القوانين‪ .‬إنه‬
‫نتيجة نشاط المشرع الذي يصوغ نصوص القوانين المعيارية‪ .‬هذه اللغة هي "تخصص" ‪ ،‬وبصرف النظر عن‬
‫"تسجيل"‪ .‬الغرض الرئيسي منه هو توجيه سلوك األشخاص الذين تستهدفهم‪ .‬كما تهدف إلى تحديد الحقائق أو‬
‫المواقف أو العمليات ذات األهمية القانونية (المرجع نفسه)‪ .‬وفقا ل ‪ ، Wroblewski‬في عالم مثالي ‪ ،‬سيصوغ‬
‫المشرع نصوصه بلغة طبيعية ‪ ،‬تفهمها المجموعة اللغوية المستهدفة‪ .‬ومع ذلك ‪ ،‬فإن نقص العناصر الطبيعية في هذه‬
‫اللغة يدفع بهذا إنشاء لغة قانونية تتكون من عناصر اصطناعية خارجة عن اللغة (الطبيعية) المشتركة‪ .‬في أعقاب‬
‫فكر ‪ ، Wroblewski‬نعتقد أن ترجمة النصوص القانونية في سياق النقل القانوني هي منشئ لغة معينة ‪ ،‬تتميز‬
‫بمصطنعة معينة ‪ ،‬والتي تتطلب الكثير من األسئلة المتعلقة بشكل خاص بالنقص المحتمل في الوسائل المتاحة للغة‬
‫الطبيعية الستيعاب المصطلحات (والمفاهيم التي تنقلها) والتي تتطلب بالضرورة عملية ترجمة‪.‬‬
‫‪ 1.1.3.1‬نموذج التدوين وعدم الكتابة والنص‬
‫عملنا هو انعكاس على العالقة ‪ ،‬من حيث الكتابة ‪ ،‬بين القانون المدني والقانون اإلسالمي ‪.‬ال يبدو النص المدني مثل‬
‫النص اإلسالمي ‪.‬ال توجد اختالفات بين االثنين فقط من وجهة نظر الجوهر ‪ ،‬ولكن أي ً‬
‫ضا من الشكل ‪ ،‬أي أنها تؤثر‬
‫على أنماط كتابة القانون (‪ ، Buskens 1997‬ص ‪ .)64‬كما يكتب ‪" :Buskens‬يجب أن يرتبط األسلوبان اإلسالمي‬
‫والفرنسي لقانون الكتابة باألشكال المختلفة للثقافات والعقالنية ‪ ،‬والتي يتم التعبير عنها بأفكار مختلفة حول الدراسة‬
‫والمعرفة‪ .‬ترتبط هذه األشكال الثقافية ارتباطًا وثيقًا بأنماط مختلفة من التنظيم االجتماعي واالقتصادي والسياسي‬
‫"(المرجع نفسه)‪ .‬في الروح المدنية ‪ ،‬يُعطى القانون دورًا مه ًما ‪ ،‬غالبًا ما يتم تطويره في شكل قانون (‪David and‬‬
‫‪ .)Jauffret-Spinosi 1992 ، p.17‬يجد القانون المدني تكريسه في قانون نابليون ‪ ،‬الذي تم تطويره في عام ‪1804‬‬
‫تحت اسم القانون المدني الفرنسي‪ .‬هذا القانون ‪ ،‬المحوري للقانون المدني الفرنسي (كورنو ‪ ، 2007‬ص ‪)155‬‬
‫وحجر الزاوية للتشريع المدني (المرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪ ، )155‬يتم تقديمه على أنه عمل التوليف والمصالحة بين‬
‫القانون القديم والقانون القانون العرفي والروماني باإلضافة إلى رد الفعل على تعسف النظام القديم ‪Essaid( 28‬‬
‫‪ .)2010، p.280‬يوضح اعتماد هذا النموذج للتعبير القانوني الرغبة في توحيد القانون في مواجهة تنوع المصادر‬
‫القانونية والعرفية‪ .‬الشكل الرئيسي للتشريع (‪ ، Gammbaro 2011‬ص ‪ )221.‬في النموذج الفرنسي ‪ ،‬يعد التدوين‬
‫جز ًءا من المشروع الثوري (ولكن ال يزال حديثًا) لعلمنة القانون ‪ ،‬أي فصل القانون عن الدين‪ .‬باإلضافة إلى ذلك ‪،‬‬
‫فإنه يضع حدا لعدم المساواة ويكرس بعض المبادئ اإليديولوجية الموروثة من الثورة الفرنسية (‪ :)1789‬المساواة‬
‫المدنية ‪ ،‬المفهوم الفردي للقانون‬
‫‪ 28                                                 ‬كما سنرى في الفصل الثالث ‪ ،‬من المفارقة أن تدوين القوانين المدنية في‬
‫المغرب وتونس لبى هذه الحاجة نفسها لمواجهة تعسف القانون المحلي‪.‬‬
‫(الحرية التعاقدية واستقاللية اإلرادة) واحترام الملكية الخاصة (إلغاء اإلقطاع)‪ .‬على الصعيد النصي ‪،‬‬
‫ينظم القانون المدني األمر وفق خطة منطقية‪ .‬ينقسم إلى كتب وفصول وأقسام ومقاالت وفقرات‪ .‬من‬
‫أجل تسهيل استرجاع المعلومات ‪ ،‬تحتوي كل مقالة على رقم ويتم ترقيم الشفرة بأكملها وتزويدها‬
‫بجدول محتويات يهدف إلى الوضوح وسهولة الوصول (‪ ، David and Jauffret-Spinosi 1992‬ص ‪. )368‬‬
‫يشجع تسلسل المواد على "ثقافة مرجعية" ويخضع لـ "معايير معينة تسهل استخدامها" (‪Buskens‬‬
‫‪ ، 1997‬ص ‪ .)64‬يتبع عرض المادة منط ًقا معي ًنا (في مفهوم القانون المدني ‪ ،‬على األقل)‪ .‬وبالتالي ‪،‬‬
‫من المعتاد ‪ ،‬في القسم المخصص للعقود ‪ ،‬البدء بعقد المبيعات ‪ ،‬الذي يعتبر العقد القياسي‪ .‬أثر هذا‬
‫المنطق على المحامين العرب المقارنين الذين تم تدريبهم في الجامعات الفرنسية‪ .‬شحاتة (‪، 2005‬‬
‫ص ‪ ، ) 113‬على سبيل المثال ‪ ،‬بعد تقديم العديد من التصنيفات الموجودة في أعمال الفقه ‪ ،‬ينتقدها‬
‫ويذكر أن "البيع هو في الواقع العقد القياسي‪ .‬من المهم دراستها أوال "‪ .‬لذلك فهو مؤهل لتصنيف‬
‫محامي الالهوت المسلم (القدوري) ‪ ،‬الذي يعرض األمر التعاقدي بالترتيب التالي‪ :‬البيع ‪ ،‬التعهد ‪،‬‬
‫التوظيف ‪ ،‬الشركة ‪ ،‬التفويض ‪ ،‬السند ‪ ،‬نقل الديون ‪ ،‬والمعامالت ‪ ،‬والتبرع ‪ ،‬والودائع ‪ ،‬والسلع ‪،‬‬
‫والمزارع ‪ ،‬والمشاركة الزراعية‪ .‬نالحظ أن هذا التصنيف يشبه النموذج الفرنسي‪ .‬ومن نفس‬
‫المنطلق ‪ ،‬يبدو أن أحد المترجمين في مجموعتنا يجد تصنيف القانون المدني للعقود وف ًقا لموضوعها‬
‫(بيع ‪ ،‬تبرع ‪ ،‬تأجير ‪ ،‬إلخ) أكثر "قريبًا من المنطق" (عبد الباقي ‪ ، 1976‬ص ‪ ) .)67‬وأكثر قدرة على‬
‫تلبية معايير الوضوح والصياغة الجيدة للقوانين‪ .‬وهو يستنكر بذلك "التصنيف التعسفي للعقود" في‬
‫الفقهاء‪ .‬بما أن الدين مهم للفقه ‪ ،‬فإن أعمال الفقه عادة ما تبدأ بجزء مخصص لإلبايات (واجبات‬
‫اإلنسان تجاه هللا) ‪ ،‬بما في ذلك الصالة والصوم‪ .‬ثم يتعامل مع أمور مثل المبيعات (بويو) ‪ ،‬اإليجار ‪،‬‬
‫الشفاء ‪ ،‬من بين أمور أخرى‪ .‬إذا اتفق المؤلفون على الموضوع األول ‪ ،‬فإن عرضهم للجزء الثاني (‬
‫‪ )mou'malates‬يختلف‪.‬‬
‫يزعم عمو ًم ا أن الشريعة اإلسالمية نظام غير مكتوب‪ .‬ومع ذلك ‪ ،‬على الرغم من أنه تم تناوله بشكل‬
‫غريب من قبل بعض الحقوقيين المغاربة (الكتاني ‪ ،‬من بين آخرين) ‪ ،‬فإن هذا التأكيد يشهد على‬
‫الخلط بين "الكتابة" و "التدوين"‪ .‬في الواقع ‪ ،‬الشريعة اإلسالمية ‪ ،‬كنظام للتنظيم الرمزي تهدف إلى‬
‫حكم وتنظيم الحياة االجتماعية ‪ ،‬كانت موجودة في شكل مكتوب ‪ ،‬ولكن ال يمكن وصف هذا النموذج‬
‫المكتوب على أنه تدوين‪ .‬في التقليد النصي اإلسالمي ‪ ،‬ال يوجد قانون مناسب يهدف إلى التحكم‬
‫في جانب معين من الحياة في المجتمع ‪ ،‬كما هو الحال في المنظور الغربي حيث يصنف القانون‬
‫عمو ًم ا حسب الموضوع (القانون المدني ‪ ،‬قانون العقوبات ‪ ،‬القانون التجاري ‪ ،‬وما إلى ذلك)‪ .‬من‬
‫ناحية أخرى ‪ ،‬يمكننا أن نتحدث عن شكل من أشكال التجميع الذي تجمع من خالله المحررين األوائل‬
‫"تحت عنوان عام ‪ ،‬القرارات التي كانت تتراكم حتى اآلن في مجموعات ضخمة من التقليديين ‪،‬‬
‫قبولها أو رفضها ‪ ،‬وف ًق ا لما إذا بدا لهم أن يتوافقوا أو يتعارضوا مع مذهبهم الخاص [‪Zeys 1885،(" ]...‬‬
‫‪ .) p. ix‬هناك العديد من مجموعات الشريعة اإلسالمية‪ .‬كتب إمام مالك أحد علماء الفقهاء الفقهاء‬
‫الفكر اإلسالمي "الموطأ" على ‪ 300‬حديث ‪ ،‬كان نصها كافيا لتسجيل المبادئ األساسية للتقاليد‬
‫المقبولة عموما ‪ ،‬مجمعة في الفصول واأللقاب ‪ ،‬كما في معاهدات القانون "(مليوت ‪ ، 1953‬ص ‪.)446‬‬
‫تصنيفات المواد في هذا العمل الفقه المالكي الرئيسي تختلف عن تلك الموجودة في القوانين‬
‫المدنية‪ .‬بل هو تصنيف يستجيب منطقه ‪ ،‬وهو غير مدني ‪ ،‬ألنماط أخرى من اإلعالن والتصنيف‬
‫والعرض ويمكن أن يجعل هذا الحق ظاهرة "أصلية تما ًما" (ديفيد وجافريت‪-‬سبينوسي) ‪ ، 1992‬ص‬
‫‪ ) 368‬مع اتباع المنطق المدني‪ .‬بشكل عام ‪ ،‬يتكون العمل اإلسالمي من العديد من الكتب (كتاب‪.‬‬
‫ينقسم الكتاب نفسه إلى أبواب (‪ ، pl. bab ، litt. door‬ولكن عادة ما يتم ترجمته بواسطة فصل)‪.‬‬
‫يمكن أن يتعامل الطفل مع موضوع ما ويليه باب آخر يتعامل مع جانب (حظر على سبيل المثال)‬
‫يتعلق بهذا الموضوع‪ .‬على سبيل المثال ‪ ،‬الباب على بيع أشجار الفاكهة وثمارها يتبعه الباب حظر‬
‫بيع الفاكهة قبل أن تنضج (الموطأ)‪ .‬يمكن للطفل أن يمتد على عدة صفحات وليس لديه تقسيم‬
‫مادي إلى أقسام أو مقاالت ؛ كان من الصعب جداً تحديد الفقرات للوهلة األولى‪.‬‬
‫في شكلها األصلي المكتوب بخط اليد ‪ ،‬كانت األعمال ضخمة‪:‬‬
‫في نهاية العصور الوسطى ‪ ،‬وصل علم القانون إلى التطور الكامل ‪ ،‬مشكال ً نظا ًما متماس ًكا‪ .‬شرح‬
‫التعليقات على القرآن والسنة نصوص الشريعة‪ .‬حللت معاهدات ‪ Usûl29‬المصادر ‪ ،‬مع تحديد كل منها‬
‫ألهميتها ودورها في توسيع النظام التشريعي‪ .‬يتم تعريف مبادئ الشرعية‪ Usûl 29 .‬هي جذور الدين‬
‫(العقيدة) مبادئ ‪ furû'30‬التي كانت ‪ ،‬أوال ً ‪ ،‬مبالغ أو ملخصات ذات حجم كبير ‪ ،‬وتسجيل استجابات‬
‫األساتذة لتالميذه األوائل ‪ ،‬ثم أصبحت بريفيرز (مختار) ‪ ،‬ذخيرة تذكارية ‪ 31‬التي عمل عليها التعليق‬
‫واللمعان (‪ ، Milliot 1953‬ص ‪)449.‬‬
‫إن التشاور مع بعض النسخ المكتوبة بخط اليد من مختار ‪ ،‬وهو عمل مهم ألبحاثنا ‪ ،‬جعل من الممكن‬
‫أن نرى أن المسألة القانونية مكتوبة في كتلة ‪ ،‬بدون جدول محتويات وبدون ترقيم‪ .‬ينقسم الكتاب‬
‫إلى أبواب (فصول)‪ .‬ال يوجد ترسيم مادي يفصل باب العنوان عن نص النص الذي يليه وال يتم تقسيم‬
‫النص إلى فقرات‪ .‬هذا ينتج للعين غير المدربة بيانًا مضغوطًا ويصعب فك تشفيره‪ .‬وتتفاقم هذه‬
‫الصعوبة من خالل عدم وجود عالمات ترقيم مما يسهل تحديد المقاطع وفصلها بصر ًيا عند القراءة‪.‬‬
‫بالنسبة ألي شخص معتاد على تصنيف القانون المدني وتنظيمه ‪ ،‬ليس هناك شك في أن استشارة‬
‫هذا النوع من العمل يمكن أن يكون تحديًا كبي ًرا يكون نهجه إنجا ًزا بارعً ا‪ .‬كتب زيس (‪ ، 1885‬ص ‪:)9‬‬
‫"كل شيء في الشريعة اإلسالمية ‪ ،‬والمصطلحات ‪ ،‬والمبادئ ‪ ،‬وأساليب الجدال ‪ ،‬واالستقطاعات ‪،‬‬
‫يختلف تما ًم ا ‪ ،‬بشكل جذري ‪ ،‬عن القانون الفرنسي‪ .‬إذا تم إغراءنا في بعض األحيان ‪ ،‬من خالل‬
‫التشابه الظاهر ‪ ،‬إلى التفكير من المعروف إلى المجهول ‪ ،‬فإن قوانيننا الحديثة معروفة ‪ ،‬فإن هذا‬
‫البحر بدون شاطئ [‪ ]...‬شعيرات مع مخاطر حيث حطام السفينة أمر ال مفر منه‪ .‬ولهذا السبب ‪ ،‬في‬
‫بداية عصر االستكشاف االستعماري في المغرب الكبير ‪ ،‬كانت أعمال الفقه غالبًا موضوع "ترجمة‬
‫معاد ترتيبها" (‪ ، Buskens 1997‬ص ‪ .)68‬لقد منح المؤلفون االستعماريون بنية على الطراز الغربي ‪،‬‬
‫معظمها فرنسي ‪ ،‬ألعمال الفقه‪ .‬الموضوعات التي تم تناولها مرقمة وكان للمعاهدة جدول محتويات‪.‬‬
‫على سبيل المثال ‪ ،‬جمعت ‪ Zeys‬موضوع العقود في كتاب‪ .‬عقود بعنوان ‪ ،‬يتناول هذا الكتاب أنواع‬
‫المبيعات (المبيعات اآلجلة والمبيعات المجمعة ‪ ،‬على سبيل المثال) ‪ ،‬والعيوب في الموافقات ‪،‬‬
‫والكائن ‪ ،‬وما إلى ذلك المصطلحات المستخدمة هي مسألة "معروفة" ألننا نعترف على الفور‬
‫بمصطلح القانون المدني الفرنسي‪.‬‬
‫ض ا على أصغر جزء من الرمز ‪ ،‬المقالة‪ .‬إن المقالة المدنية هي قبل‬ ‫يؤثر الفرق في التقاليد النصية أي ً‬
‫كل شيء شكل من أشكال البيان يتبع األساليب العقالنية‬
‫‪ 30                                                 ‬فورو فروع الدين‪ .‬هذه هي االلتزامات التي يجب الوفاء بها‬
‫مثل الصالة ‪ ،‬والحج ‪ ،‬والصوم ‪ ،‬وما إلى ذلك‪ 31 .‬في المغرب ‪ ،‬على سبيل المثال ‪ ،‬يبدو أن كل فقيه‬
‫يطمح إلى حفظ عمل الفقه ‪ ،‬وال سيما مختار خليل (‪ ، Buskens 1997‬ص ‪ .)67‬سنجد هذا العمل في‬
‫الجزء المخصص إلعداد النصوص التي تشكل مجموعة أجسامنا(الترقيم ‪ ،‬التقسيم الفرعي) للعرض ‪،‬‬
‫يعتمد تكرا ًرا معي ًن ا للمصطلحات ويستجيب للقيود الهيكلية (اختصار األجزاء) التي غالبًا ما تتعلق‬
‫بالجماليات ‪ .32‬إذا كان وضع البيان المدني ‪ ،‬وال يزال ‪ ،‬موضوعً ا للعديد من الدراسات ‪ ،‬فهذا ليس هو‬
‫الحال ‪ ،‬على األقل في حدود بحثنا ‪ ،‬لوضع البيان اإلسالمي الذي مفهوم حتى المقالة تبدو غريبة‪.‬‬
‫في الصفحات التالية ‪ ،‬سنحاول تحديد الخصائص الخاصة بكل من أنماط العبارات المشاركة في هذا‬
‫البحث‪.‬‬
‫‪ 1.1.3.2‬البيان المدني والبيان اإلسالمي‬
‫وبروح التعميم والترشيد التي تميز القانون الذي ينتمي إليه ‪ ،‬يتميز البيان التشريعي للقانون المدني‬
‫بميله إلى تجنب التفاصيل ووضع المبادئ العامة‪ .‬يقول ‪ ، Portalis‬أحد واضعي قانون نابليون ‪ ،‬في هذا‬
‫الصدد‪:‬‬
‫يجب أن يضع مكتب القانون بآراء عريضة القواعد العامة للقانون ؛ لوضع مبادئ مثمرة وف ًقا لذلك ‪،‬‬
‫ضا على أنفسنا‬ ‫وعدم الخوض في تفاصيل األسئلة التي قد تطرأ حول كل موضوع [‪ ]...‬لقد حافظنا أي ً‬
‫من الطموح الخطير المتمثل في الرغبة في تسوية كل شيء وتخطيط كل شيء ‪.33‬‬
‫‪ ‬وبالتالي فإن االتجاه إلى التعميم ُيطرح كمبدأ للتدوين العقالني والمنطقي‪ .‬حول التعميم ‪ ،‬طرح‬
‫كاربونير (‪ ، 1984‬ص ‪ )44‬السؤال التالي‪" :‬هل من األفضل للصيغة القانونية أن تسرد الحاالت العملية‬
‫(طريقة التبعية) ‪ ،‬في خطر التطويل ‪ ،‬دون أمل ‪ ،‬عالوة على ذلك ‪ ،‬في توقع كل شيء أو ‪ ،‬على‬
‫العكس من ذلك ‪ ،‬أن تكتب بعبارات عامة (طريقة ‪ ، )clausulae generales‬في خطر السماح بتمديدات‬
‫غير متوقعة وغير مرغوب فيها؟ إن استجواب كاربونير يلخص الفرق بين الوضع اإلسالمي والحضاري‪.‬‬
‫في الواقع ‪ ،‬على عكس البيان المدني ‪ ،‬فإن الروح العرضية هي التي تسيطر على صيغة البيان‬
‫اإلسالمي (سكراني ‪ ، 2009‬ص ‪.)204‬‬
‫الشريعة اإلسالمية تجريبية بشكل أساسي ‪" ،‬نوع من السوابق القضائية" ‪( 34‬الدباغ ‪ ، 2013‬ص‬
‫‪ .)391‬أساس طريقته التشريعية هو القضية (شحاتة ‪ ، 2005‬ص ‪ .)43‬هذه الطريقة‬
‫‪ 32                                                 ‬تعيد البيانات المدنية إنتاج جمالية معينة (الصيغ الثابتة ‪،‬‬
‫االنقالب ‪ ،‬التكرار)‪ .‬هذه الجمالية هي التي تضرب قارئ القانون المدني أوالً‪ 33 .‬الخطب التي ألقيت‬
‫أثناء عرض مشروع القانون المدني الفرنسي ‪ ،‬السنة ‪ pluviôse‬األولى التاسع (‪ 21‬يناير ‪، )1801‬‬
‫متاح على ‪ http://www.justice.gc.ca/fra/pr-rp/sjc-csj/ pji-ilp / code / page05.html 34‬في مقالته‬
‫"الترجمة القانونية ‪ ،‬قضية في نقطة" (في لغة القانون والترجمة) ‪ ،‬يعرّف جان كيربي (‪ ، 1982‬ص ‪)9‬‬
‫السوابق القضائية على أنها " القانون الذي وضعته قرارات قضائية ‪ ،‬وذلك بفضل حكم السابقة "‪.‬‬
‫السوابق القضائية هي عنصر أساسي في القانون العام‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪30‬‬
‫اعتاد "المحامي على االعتقاد بأن القانون يتكون من حلول لألنواع ‪ ،‬يو ًما بعد يوم ‪ ،‬مع مراعاة‬
‫االحتياجات الخاصة في الوقت الحالي ‪ ،‬بدال ً من المبادئ العامة التي تم طرحها مسب ًقا ‪ ،‬والتي يمكن‬
‫للمرء بعدها استخالص العواقب في كل حالة" (مليوت ‪ ، 1953‬ص ‪ .)448‬ونتيجة لذلك ‪" ،‬سيرفض‬
‫الفقيه المسلم التجريد والتنظيم والتدوين‪ .‬وسيتجنب التعميم [‪(" ]...‬المرجع نفسه)‪ .‬يمثل االنحدار‬
‫إلى التفاصيل ‪ ،‬وهو نتيجة طبيعية من الحاالت (رفضه شرط ال بد منه لتدوين القانون المدني) ‪،‬‬
‫خاصية مرئية للبيان اإلسالمي‪ .‬وجهة نظر المترجمين األوائل للشريعة اإلسالمية مثيرة لالهتمام‬
‫بشكل خاص في هذا الجانب‪ .‬واجه مترجمون مثل نيكوالس بيرون ونابليون سيجنيت ‪ ،‬الذين كُلفوا‬
‫بمهمة تجميع وترجمة هذا الحق في االستكشاف االستعماري في القرن التاسع عشر ‪ ،‬طريقة‬
‫مختلفة للتعبير عن حقوق المؤلفين المسلمين ‪ ،‬على وجه الخصوص إلى وفرة من التفاصيل‪ .‬أكثر‬
‫األعمال المترجمة في الحقبة االستعمارية في المغرب وتونس هي بال شك مختار ‪ ،‬من قبل خليل‬
‫‪ . 35‬في مقدمة ترجماتهم ‪ ،‬يبدو أن المترجمين لهذا العمل يوبخون مؤلفي الفقه لميلهم لوصف جميع‬
‫السيناريوهات الممكنة‪ .‬يقول ‪ ، 1878( Seignette‬ص‪ )XIV .‬أن كتاب خليل "مكتظ إلى حد ما بتفاصيل‬
‫دقيقة وأحيانًا غير مجدية‪ .‬يتم الكشف عن المبادئ ويتم تطوير العواقب بشكل صارم ‪ ،‬حتى في‬
‫آثارها النادرة واألبعد "‪ .‬في نفس الوقت ‪ ،‬تصف ‪ Seignette‬استراتيجية خليل التحريرية بأنها "طريقة‬
‫علمية" تتكون من‪:‬‬
‫تمديد الجملة لفصل واحد وأحيانًا عدة فصول ‪ ،‬لتشكيل اقتراح رئيسي واحد ‪ ،‬يتم التعبير عن شروطه‬
‫الرئيسية مرة واحدة فقط ‪ ،‬والتي يتم فيها ربط وتنسيق المصطلحات الفرعية واالقتراحات الثانوية‬
‫بشكل منهجي ‪ ،‬تشكيل الكلنحوي بصرامة‪ .‬باإلضافة إلى ذلك ‪ ،‬من خالل عملية التقسيم واإلزالة‬
‫والقياس المنطقي ‪ ،‬والتي ال تزال المصطلحات الثانوية مضمنة فيها ‪ ،‬يتم العثور على سلسلة معينة‬
‫صا‪ .‬كانت النية الواضحة لصاحب البالغ أن تكون كاملة‪.‬‬ ‫من الحقائق فعل ًيا ‪ ،‬ولكن ال يتم التعبير عنها ن ً‬
‫يبدو أنه يعتقد أنه من الممكن أن يتنبأ ويقرر جميع األسئلة ‪ ،‬كل المجموعات التي قد تنتج عن صدام‬
‫المصالح اإلنسانية (المرجع نفسه)‪.‬‬
‫‪ 35                                                 ‬خليل بن إسحاق (توفي ‪ 700‬م ‪ 1374 /‬م) (‪Buskens 1997‬‬
‫‪ ،‬ص ‪ )67‬عاش في مصر‪ .‬يجمع في عمل واحد ‪ ،‬والذي ألفه في خمسة وعشرين سنة ‪ ،‬ملخص‬
‫ألعمال علماء المالكي الذين سبقوه‪ .‬كان هذا العمل ‪ ،‬مختار ‪ ،‬لمدة خمسة قرون العمل المرجعي‬
‫الرئيسي في العديد من الدول اإلسالمية في شرق آسيا وآسيا‪ .‬تقدمه العديد من األعمال‬
‫االستعمارية على أنها "أهم نص قانوني للمدرسة المالكية" (المرجع نفسه)‪ .‬وتجدر اإلشارة إلى أن‬
‫مختار يتميز بكونه أكثر إيجا ًز ا وأقرب إلى الروح المدنية االصطناعية من د‪" .‬أعمال فنية أخرى ‪ ،‬أكثر‬
‫ضخامة‪ .‬تفسر هذه الخاصية ‪ ،‬جزئياً ‪ ،‬حماسة المحمية لهذا العمل بالذات‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪31‬‬
‫إلعطاء مثال على البيان اإلسالمي ‪ ،‬دعونا نقارن بين بيان مأخوذ من ترجمة بيرون ‪ ،‬وتقليد (طول‬
‫البيان ‪ ،‬تفسيرات في النص ‪ ،‬فقرات طويلة) من النمط اإلسالمي ‪ ،‬وبيان يحتوي على حكم حول‬
‫نفس الموضوع المستمد من قانون نابليون‪ :‬إلعطاء مثال على البيان اإلسالمي ‪ ،‬دعونا نقارن بين‬
‫بيان مأخوذ من ترجمة بيرون ‪ ،‬وتقليد (طول البيان ‪ ،‬تفسيرات في النص ‪ ،‬فقرات طويلة) من النمط‬
‫اإلسالمي ‪ ،‬وبيان يحتوي على حكم حول نفس الموضوع المستمد من قانون نابليون‪:‬‬
‫بيان إسالمي بيان مدني‬
‫تنتهي الوالية [الخاصة أو العامة] بوفاة الموكل ‪ ،‬وبمجرد إبالغ الوكيل [بالوفاة ‪ ،‬ألنه ال يحق ألحد‬
‫التصرف في ما ينتمي آلخر دون موافقة هذا األخير]‪ .‬إذا لم يكن األمر كذلك [وهذا يعني ‪ ،‬إذا لم يتم‬
‫إبالغ المحامي بوفاة مديره ‪ ،‬فهل ينتهي األمر من وقت الوفاة ‪ ،‬أو فقط من عندما تصل األخبار إلى‬
‫علم المحامي؟ حول هذه المسألة] ‪ ،‬هناك رأيان مختلفان [ومعارضان]‪.‬‬
‫عندما يلغي المدير تفويضه ‪ ،‬وال يتم إبالغ الوكيل [على الفور ‪ ،‬هل يحسب اإللغاء من لحظة النطق‬
‫به ‪ ،‬أو من اللحظة التي تلقى فيها الوكيل اإلخطار؟ في هذا الصدد] ‪ ،‬تختلف آراء الفقهاء‪ .‬وال ينتهي‬
‫التفويض ألن المندوب أو المندوب سيعاني من الخرف أو الجنون ‪ ،‬ما لم يتم إطالة هذه الحالة غير‬
‫المنطقية لفترة طويلة في المدير ‪ ،‬ثم يعود األمر إلى القاضي لفحصها والبت فيها مسألة التوكيل‪ .‬ال‬
‫يتم عزل زوجة زوجها من منصبها بسبب رفض زوجها لها ‪ ،‬ما لم يكن معرو ًفا أن الزوجة مترددة في‬
‫االحتفاظ بواليتها‪ .‬ولكن بحقيقة الرفض ‪ُ ،‬يبطل الزوج من االنتداب الذي أسندته إليه المرأة التي‬
‫يرفضها‪ .‬الوكيل الذي سيرد اإلسالموية ‪ ،‬خالل الوقت المتبقي له ليقرر العودة إلى اإليمان ‪ُ ،‬يفصل‬
‫من سلطاته باعتباره وكيالً‪ .‬وبالمثل ‪ ،‬فإن المفوض الذي يرفض رئيسه اإلسالموية يتم رفضه بعد‬
‫الوقت المسموح له بالعودة إلى اإليمان‪)36( .‬‬
‫الفصل الرابع‪ .‬طرق مختلفة تنتهي بها الوالية‪ .‬وينتهي االنتداب ‪ ،‬بعزل الوكيل ‪ ،‬بتنازل األخير عن‬
‫التفويض ‪ ،‬بالوفاة الطبيعية أو المدنية ‪ ،‬أو الحظر أو االنهيار ‪ ،‬سواء من المدير أو الوكيل‪.‬‬
‫‪ 36                                                 ‬القسم الثامن من إنهاء االنتداب (ملخص الفقه اإلسالمي ‪،‬‬
‫المجلد الرابع ‪ ،‬ص ‪ .)263‬الجزء الثاني من االستكشاف العلمي للجزائر ‪ ،‬مخصص للفقه المدني ‪،‬‬
‫ترجمة نيكوالس بيرون‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪32‬‬
‫الحظ أن ‪ Perron‬يستخدم أساليب الطباعة (األقواس) لفصل ما يعتبره تفصياًل يقترن بالفكرة الرئيسية‪.‬‬
‫ليس هذا هو الحال في النص األصلي‪.‬‬
‫ولعل أفضل مثال على بيان إسالمي نموذجي هو ذلك الذي يقوله المواطن‪ .‬في البيان التالي ‪،‬‬
‫يناقش ‪ 37‬مالك البيع العشوائي‪:‬‬
‫ديون باب ‪ 38‬الرتداء يحيى بن مالك عن أبي أزناد دي بصر بن قال من عبيد من أبو صالح خادم الصفح‬
‫قال بعت لباس معين لفترة معينة لي الناس من ‪ najhlé‬ثم يريدون مغادرة الكوفة عرضوا دفع لي‬
‫الثمن النقدي عن طريق إجراء خصم كنت سأطلب عنه زيد بن تابيت الذي قال لي أنا ال أطلب منك‬
‫إما أن تفعل ذلك أو أن تترك لآلخرين الحق في ذلك أفاد مالك من عثمان بن حفص بن خلدا من ابن‬
‫شهاب من سالم بن عبد هللا من عبد هللا بن عمر أنه سئل عن رجل مدين باآلخر ويطلب من الدائن‬
‫أن يحولها ليقوم بدفعها قبل الموعد المستحق رفضها عبد هللا بن عمر بل وحظرها ‪ ،‬ذكر مالك أن زيد‬
‫بن أسلم قال إن البلى في العصور اإلسالمية إلى حقيقة أن الرجل يواجه دي ًنا آلخر هـ وإذا لزم األمر‬
‫قال هل ستدفعها لي أو ستدفعها الح ًقا بفائدة ‪ ،‬لذلك إذا دفع لآلخر سيكون له حقه وإال فسوف‬
‫يمنحه تأخي ًر ا بعد زيادة الدين بمقدار معين قال مالك إن ما يكرهنا بال منازع هو أن الرجل الذي عليه‬
‫دين يدفعه إلى غير اآلخر يقوم بتحويل األموال إلى الثاني من أجل استرداد أمواله قبل مدتها ‪،‬‬
‫وبالتالي يجب مقارنته في الحالة التي الدائن يمنح مدينه تأجيال ً عن طريق زيادة الدين بفائض وهذا‬
‫بال شك يقول مالك الربا عن الرجل الذي عليه دين آخر مائة دينار وفي النهاية في تاريخ االستحقاق‬
‫دع المدين يقول للدائن ببيع لي سلعة بسعر نقدي مائة دينار ومائة وخمسون ديناراً بالمصطلح أجاب‬
‫ما ما يكرهه الرجال الضليعون فييقول ‪ ilm39‬مالك الذي يفسر سبب‬ ‫مالك أنها بيع غير مقبول وهذا دائ ً‬
‫هذا اإلحجام أن الدائن كان سيبيع في هذه الحالة البضائع إلى المدين بسعرها الحقيقي عن طريق‬
‫تأخير دفع مائة دينار على المدى الطويل يضيف إليها خمسين ديناراً بسبب التأخير ‪ ،‬هذا بغيض وغير‬
‫مقبول عالوة على ذلك مقارنة بما زيد بن‬
‫‪                                                  ‬‬
‫‪ 38‬رسمنا مقارنة بين عدة إصدارات عربية (قديمة ومعاصرة) وعدة ترجمات‪ .‬بعد هذه المقارنة ‪ ،‬اخترنا‬
‫استعارة ترجمة هذا الفصل (باب) من إيمان الصياد ‪ ،‬الموطأ لإلمام مالك بن أنس (‪ ، 2000‬ص ‪-401‬‬
‫‪ .) 402‬ومع ذلك ‪ ،‬فقد أدخلنا عليه تغييرات رسمية وموضوعية في محاولة لنقل روح البيان اإلسالمي‪.‬‬
‫على المستوى الموضوعي ‪ ،‬لقد استعدنا سلسلة اإلرسال (من هذا القبيل ‪ ،‬وعلى هذا النحو ‪ ،‬كما‬
‫ذكر ذلك) التي حرمت المترجم من تضمينها في الترجمة ‪ ،‬األشخاص المذكورين غير معروفين في‬
‫العقل الغربي‪ .‬من حيث الشكل ‪ ،‬فقد أزلنا عالمات الترقيم واألحرف الكبيرة وعالمات االقتباس (ال‬
‫ضا بإعادة النص إلى شكله األصلي ‪ ،‬أي‬ ‫تعرف اللغة العربية الفصحى هذه األشكال)‪ .‬لقد قمنا أي ً‬
‫عرض بدون فقرات‪ .‬قام السيد بتعديل نص مالك للنموذج النصي الفرنسي‪ .‬استخدمت عالمات‬
‫الترقيم وعالمات االقتباس لالقتباسات والنقاط والفواصل‪ .‬فصلت النص إلى فقرات وفصلت العنوان من‬
‫نص النص‪ .‬من أجل جعل النص في متناول القارئ الغربي ‪ ،‬قام المترجم بتعريف بعض المصطلحات أو‬
‫األماكن العربية في النص‪ 39 .‬إضافة نصنا إلى النص المترجم‪ .‬مصطلح "علم" يعني "علم الفقه"‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪33‬‬
‫أفاد أسلم بشأن البيع في عصر ما قبل اإلسالم حيث بمجرد أن تكون الديون في تاريخ االستحقاق‬
‫قالوا إما أن يدفع المرء أو أن الربا يأتي دوره بالنظر إلى أن الدائن قد حصل على ما هو وإال سيتم زيادة‬
‫المبلغ بفائدة معينة تدفع على المدى الطويل‬
‫كما يتبين من األمثلة أعاله ‪ ،‬هناك معارضة واضحة (التعميم مقابل اإليجاز ‪ ،‬التحليل مقابل التوليف)‬
‫بين النصوص التي هي موضوع دراستنا‪ .‬أحدهما يدعو إلى التفسيرات والتعاريف ‪ ،‬والتعميم والتفسير‬
‫اآلخر‪ .‬متابعة مثالية الدقة ‪ ،‬الفقهاء ال يترك مجاال لاللتباس‪ .‬في مثال مالك ‪ ،‬هناك بالفعل الفكرة‬
‫العامة التي يحظر فيها الربا في المسلمين ‪ ،‬ولكن لدعم هذه الفكرة تأتي "تفاصيل" كاملة ‪ ،‬من‬
‫الخفايا "المنقحة في االفتراض" (شحاتة) ‪ ، 2005‬ص ‪ ، )57‬الحجج والتفسيرات واإلشارات إلى أقوال‬
‫الصحابة‪ .‬إن إنشاء مثال (إشارة إلى أصحاب النبي) ‪ ،‬باإلضافة إلى إعطاء شكل من الشرعية للقاعدة‬
‫المعتمدة ‪ ،‬يهدف إلى تجنب ‪ ،‬في عقول الفقهاء ‪ ،‬أي انزالق وسيشكل عالمات تسمح للقاضي‬
‫بعدم ال تبتعد عن طريق العدالة وال تقع في التعسف‪ .‬تهدف المعاملة المحجوزة على أساس كل‬
‫حالة على حدة إلى تجنب سن حكم يمكن تطبيقه على العديد من المواقف المختلفة كما هو الحال‬
‫مع بيان القانون المدني‪ .‬تتضمن هذه المعالجة بشكل عام شكال ً معي ًنا من البيانات التي يمكن أن‬
‫تختلف من حالة إلى أخرى‪ :‬نقتبس سلسلة اإلرسال ‪ ،‬ونقدم النزاع والحقائق والحل‪ .‬يتم استنتاج‬
‫الحل عن طريق القياس بعد اقتباس عدة أمثلة ‪ ،‬تم اإلبالغ عنها من قبل أشخاص موثوق بهم‬
‫ومعروفين‪ .‬عند المرور ‪ ،‬قد يكون من الضروري تحديد المصطلح الذي هو موضوع النزاع ‪ ،‬والمصطلحات‬
‫التي يمكن أن تعين نفس الفكرة (المرادف أو تعدد الزوجات) وكذلك الفروق الدقيقة بين هذه الشروط‬
‫‪ . 40‬لذلك ‪ ،‬ما يمكن إدراكه في الروح المدنية كمصدر للفوضى أو رفض التوحيد القياسي هو في‬
‫الواقع مجرد بحث عن الدقة ومحاولة لتجنب الغموض االصطالحي‪ .‬تتعارض هذه الطريقة في فعل‬
‫األشياء مع مبدأ التوافق مع هدف علمي يدافع عنه المدعى عليهم في تدوين القانون المدني‪.‬‬
‫‪ 40                                                 ‬من وجهة النظر االصطالحية ‪ ،‬يمكن أن تكون المفردات‬
‫التي تستخدمها المدارس المختلفة شديدة التنوع في بعض األحيان‪ .‬على سبيل المثال ‪ ،‬يسمى‬
‫خيار البيع خيار شارت بين الحنفيين باسم باي الخير بين المالكيين وباي عطراوي بين العصافير‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪34‬‬
‫إذا كان هناك اختالف جوهري بين البيان اإلسالمي والبيان المدني (المصطلحات وطرق الجدال) ‪،‬‬
‫فمن المشروع طرح سؤال حول عملية صنع القرار للمترجم أثناء عمليات الترجمة ‪ .‬ما هو الشكل‬
‫(النص والمقالة والمصطلح) المختار لجعل البيان التشريعي للقانون المدني باللغة العربية وما هي‬
‫الوسائل المعتمدة إلنشاء هذا البيان؟ بقدر ما يتم تصنيف الحقوق المعنية تلقائيًا على أنها مختلفة ‪،‬‬
‫فهل كان هناك صراع من أجل المطالبات في نهاية المطاف ‪ ،‬حيث يسود أحد االستمارات على اآلخر؟‬
‫‪ 1.2‬اإلطار النظري‬
‫نضع هذا البحث ضمن المنهج االجتماعي للترجمة‪ .‬في هذا النهج ‪ ،‬يستعير الباحثون (‪Gouanvic ،‬‬
‫‪ ، Inghilleri ، Wolf‬من بين أمور أخرى) مفاهيم سوسيولوجية معينة ‪ ،‬ليست بالضرورة حديثة ‪ ،‬من‬
‫ضا كحقيقة اجتماعية تخضع الجهات الفاعلة‬ ‫أجل تقديم الترجمة ‪ ،‬ليس فقط كحقيقة ثقافية ‪ ،‬ولكن أي ً‬
‫لقيود من الفضاء االجتماعي الذي يوضعون فيه‪.‬‬
‫إن المنهج االجتماعي للترجمة ‪ ،‬الذي سيتم تناوله بالتفصيل في الفصل الثاني ‪ ،‬ينتقد النظريات‬
‫األخرى ‪ ،‬وال سيما النماذج النظامية والثقافية وكذلك النماذج الفرعية التي تتبعها (االشتراكية‬
‫السوسيولوجية أو ما بعد االستعمار ‪ ،‬على سبيل المثال) ‪ ،‬لوضع التركيز على العالقة بين النص‬
‫األصلي وترجمته (‪ ، )Heilbron and Sapiro 2002، p. 3‬وبالتالي حجب العديد من العالقات األخرى ‪ ،‬بما‬
‫في ذلك تعقيد عملية الترجمة أو تأثيرات الترجمة في مجتمع معين‪ .‬يقدم منظو ًرا غير لغوي بشكل‬
‫عام (‪ Heilbron‬و ‪ )Sapiro‬حيث تبدأ عملية الترجمة قبل ترتيب الترجمة (اختيار النص للترجمة)‬
‫وتتجاوز النص المنتج (التسويق والسوق واالستقبال)‪ .‬خالل هذه العملية ‪ ،‬يتم أخذ الممثلين (الكتاب‬
‫‪ ،‬المترجمين ‪ ،‬المحررين ‪ ،‬من بين آخرين) الذين يتدخلون في النص باإلضافة إلى التفاعالت التي‬
‫يمكنهم إجراؤها مع بعضهم البعض في االعتبار‪ .‬يعكس التركيز على جميع الممثلين رغبة حقيقية‬
‫في تجاوز االهتمام الذي يظهر فقط في المترجم حتى ذلك الحين‪ .‬ربما يكون هذا هو الجانب األكثر‬
‫أهمية الذي جلبه دعاة النهج االجتماعي للترجمة‪ .‬ومع ذلك ‪ ،‬فإن النهج االجتماعي ال يحجب‬
‫المترجم‪ .‬لم يعد يعتبر "وسيطًا" ‪ ،‬ولكنه اآلن ممثل ال يجب التقليل من مساهمته في المجتمع‪.‬‬
‫أدوات مثل العامل أو العادة أو الوهم (‪ )Bourdieu‬تسمح بدقة أكثر‬
‫‪ ‬‬
‫‪35‬‬
‫ضا في المجتمع الذي يهدف إليه‬ ‫وضوح كبير لهذا الممثل الترجمي ‪ ،‬ليس فقط في نصه ‪ ،‬ولكن أي ً‬
‫عمله‪ .‬في بحثنا ‪ُ ،‬تعتبر الترجمة حدثًا اجتماع ًيا وحدثًا لغو ًيا يمكن مالحظته قاد ًرا على إحداث تأثيرات‬
‫في المساحة واللغة القانونية للشركة المستهدفة‪ .‬من خالل الحدث االجتماعي ‪ ،‬نعني والدة طريقة‬
‫جديدة للتصرف ‪ ،‬والتصنيف ‪ ،‬والتفكير في القاعدة القانونية ‪ ،‬مما يعني ضمناً ما بين قاعدة المنشأ‬
‫والقاعدة المستوردة‪ .‬من خالل حدث اللغة ‪ ،‬نسأل أنفسنا أسئلة حول آثار اللقاء بين حقين على لغة‬
‫المجتمع المستقبِ ل‪ .‬تتم الترجمة كحدث بشكل مضاعف في المجال الجغرافي الذي يهمنا‪ .‬أوال ً ‪،‬‬
‫بسبب ظروف اجتماعية وسياسية معينة ‪ ،‬استخدمها المشرع (الفرنسي أصالً) لخلق حق لمجتمع‬
‫قال إنه يريد المضي فيه نحو الحداثة‪ .‬ثم الترجمة هي التي سيستخدمها المشرع (مغربي هذه‬
‫المرة) لتطبيق تشريع مكتوب بلغة غير تلك التي يستخدمها المواطنون أمام المحاكم ‪ ،‬ألن غالبية‬
‫المغاربة يتكلمون لهجة من اللغة العربية ‪ ،‬مختلفة تما ًما عن اللغة العربية الفصحى التي تمت فيها‬
‫الترجمة‪.‬‬
‫على الرغم من أنها وجهت تفكيرنا طوال الجزء النظري من بحثنا ‪ ،‬إال أن النهج االجتماعي بدا محدو ًدا‬
‫عندما حان وقت التحليل النصي‪ .‬باإلضافة إلى ذلك ‪ ،‬فإن طبيعة جسمنا مختلفة تما ًما عن النصوص‬
‫(األدبية) التي تم تحليلها بشكل عام من قبل الباحثين ‪ ،‬ال يبدو أن أدوات التحليل المقترحة تلبي‬
‫احتياجات تحليلنا المقارن فيما يتعلق بالعديد من النصوص التشريعية ‪ ،‬والتي تتكون نفسها من عدة‬
‫الحقوق تحت أنظمة مختلفة ‪ .41‬وبالتالي ‪ ،‬كان علينا أن ندعو إلى العمل على الترجمة القانونية في‬
‫بيئة ثنائية اللغة وثنائية اللغة‪ .‬وتشمل هذه األعمال أعمال جيرار كورنو ‪ ،‬جيرار رينيه دي جروت ‪،‬‬
‫مالكولم هارفي وسوزان سارسيفيتش‪ .‬كما اعتمدنا على عمل بودوان دوبريت الذي يتعلق مجال‬
‫علم االجتماع القانوني باهتمامه‪ .‬وبالتالي فإن بحثنا يقع على حدود علم الترجمة (علم االجتماع)‬
‫وعلم االجتماع (القانوني) والقانون المقارن‪.‬‬
‫‪ 41                                                 ‬سيتم تناول هذا السؤال بالتفصيل في الفصل الثاني من‬
‫أطروحتنا (حالة السؤال)‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪36‬‬
‫‪ 1.3‬المذكرة وسبب اختيار القوانين المدنية‬
‫يتكون تحليلنا من أربعة أجزاء من القانون المدني‪ .‬هذه هي ظاهر االلتزامات والعقود في المغرب ‪،‬‬
‫المعتمدة في عام ‪ 1913‬ومدونة االلتزامات والعقود في تونس ‪ ،‬المعتمدة في عام ‪ ، 1906‬وكذلك‬
‫النسخ العربية من هذين النصين التشريعيين ‪ ،‬المنشور في عامي ‪ 1965‬و ‪ 1906‬على التوالي‪ .‬يتم‬
‫التعامل مع نصين مصدرين مترجمة إلى منفس اللغة ‪ ،‬العربية ‪ ،‬ولكن على مدى أكثر من خمسين‬
‫سنة‪ .‬باإلضافة إلى نصوصنا األساسية ‪ ،‬كان علينا استشارة العديد من نصوص القانون المدني (كود‬
‫نابليون ‪ "Bürgerliches Gesetzbuch "BGB ،‬أو القانون المدني األلماني) ‪ ،‬اإلسالمية (مختار ‪ ،‬على‬
‫سبيل المثال) أو ما يسمى الحديث (القانون المدني المصري) ‪ ،‬من بين أمور أخرى‪.‬‬
‫دفعت عدة أسباب اختيار هذا الجسم‪ .‬أوال ً ‪ ،‬اهتمام خاص بالنظم القانونية التي أنجبت النصوص التي‬
‫تتكون منها مجموعتنا ‪ ،‬باإلضافة إلى تقرير النص المفرط الواضح للغاية ‪ 42‬الذي يميز هذه النصوص‬
‫(العالقة بين العديد من الرموز‪ :‬الفرنسية والمصرية والكويتية)‪ .‬في هذا الصدد ‪ ،‬أثار عامل معين إلى‬
‫حد ما أثار تفكيرنا‪ .‬من الغريب التحقق من الفكرة التي طرحها العديد من المؤلفين ‪ ،‬جميع الفقهاء أو‬
‫الفقهاء المقارنون (‪ ، Blanc ، Charfeddine ، Kettani‬من بين آخرين) والذي بموجبه يوجد تكافل مثالي‬
‫بين الحقوق المعنية في المدونات‪ .‬يرى آخرون ‪ ،‬مثل عالل الفاسي (المغرب) أو طارق البشري‬
‫(مصر) ‪ ،‬في أي تطور على النموذج األوروبي ‪ ،‬عمال ً من االغتراب الثقافي والقانوني‪ .‬في مواجهة‬
‫خطر إخضاع البحث في االعتبار لوجهات النظر التي تنتقل من طرف إلى آخر ‪ ،‬فقد ساعدتنا القراءات‬
‫الفرعية على تشكيل فكرتنا الموضوعية الخاصة ‪ ،‬بعي ًدا عن التأكيدات التي تدعو إلى اإلعالنات‬
‫العاطفية وحتى المتناقضة‪ .‬خالف ذلك ‪ ،‬كنا سنفقد في تحليل محتوى متخصص للغاية وأحيانًا شديد‬
‫الموضوعية‪ .‬ثانياً ‪ ،‬هناك إدراك للتناقض بين الظروف التي تم فيها إنتاج النسخ العربية ‪ ،‬التي كانت‬
‫وظائفها مختلفة ‪ ،‬من النصوص المكتوبة باللغة الفرنسية في األصل ‪ ،‬والتي تم وضعها في سياقات‬
‫اجتماعية وتاريخية مختلفة ‪ ،‬تدعو الرجال الذين عادة وأدوات العمل غير متساوية‪ .‬يأتي دور هام في‬
‫هذه المرحلة ‪ ،‬وهو العالقة التي تربط المترجم بالنص المراد ترجمته‪ .‬تنتج هذه العالقة‬
‫‪ Hypertextuality 42                                                 ‬هي مجموعة العالقات التي يمكن أن‬
‫صا ب (نص‬ ‫توجد بين نصين أو أكثر‪ .‬وف ًقا لـ ‪ ، 1982( Gérard Genette‬ص ‪ ، )11.‬فإن "أي عالقة تربط ن ً‬
‫تشعبي) بنص سابق أ (نص خفي) يتم تطعيمه بطريقة ال تتطابق مع التعليق‪" .‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪37‬‬
‫تأثيرات على الطريقة التي يتم بها إدراك هذا النص وإدارته من قبل المترجمين وكذلك على النص‬
‫المترجم نفسه‪ .‬ثالثاً ‪ ،‬جاءت الرغبة في إيجاد الجواب على العبارات التي ُتدلى أحياناً بعبارات قاسية‬
‫للغاية ‪ ،‬وهي "الترجمة السيئة" وغرابة اللغة المغربية بالمقارنة مع تأكيد الكتابة (اإلسالمية) المثالية‬
‫لـ ‪ . C.O.C‬تونسي‪ .‬كيف يمكننا تحديد غرابة أو إسالم المدونة؟ متى يمكننا أن نقول أن الرمز يترجم‬
‫بشكل سيء؟ ما هي المعايير التي يقوم عليها النقاد إلطالق مثل هذه االدعاءات؟ وبشكل أعم ‪،‬‬
‫كيف أنه بعد عقود من التطبيق الفعال أمام المحاكم ‪ ،‬ال تزال مسألة المصدر األجنبي للنصوص‬
‫انعكاسا للتضارب بين القانون‬
‫ً‬ ‫المصدر لجسمنا تثار؟ هل يمكن أن تكون اإلشارة إلى األصل األجنبي‬
‫الموجود مسب ًقا والقانون المترجم؟ وأخيراً تأتي األسئلة حول عدم االهتمام بقانون االلتزامات والعقود‬
‫المناسبة في مجال الترجمة‪ .‬في الواقع ‪ ،‬على الرغم من معالجة قضية النقل القانوني بشكل جيد ‪،‬‬
‫إال أن العمل لألسف ال يزال محصوراً في األحوال الشخصية (الزواج والطالق ‪ ، 43‬قبل كل شيء)‪.‬‬
‫حا للغاية وحيث يكون التناقض بين حقوقين‬ ‫يقدم هذا األمر بالتأكيد مواقف يكون فيها االختالف واض ً‬
‫ما من الحياة القانونية للبلدان التي‬ ‫حا ‪ ،‬لكن المصلحة التي ُتعرض عليه تحجب جز ًءا مه ً‬ ‫أكثر وضو ً‬
‫خضعت للتحويل القانوني‪ .‬باإلضافة إلى ذلك ‪ ،‬فإن استبعاد أي جانب آخر غير الجانب المتعلق‬
‫باألحوال الشخصية من التفكير في نقل المعرفة القانونية يؤدي إلى افتراض خاطئ بأن القانون‬
‫حا تما ًما‪.‬‬
‫المدني المعتمد علماني تما ًما ‪ ،‬وهذا ليس صحي ً‬
‫أساس التالقي بين نموذجين نصيين ‪ ،‬فإن مجموعة التحليل الخاصة بنا تفسح المجال لعمل جمع‪:‬‬
‫دراسة أسباب وآثار الترجمة كعملية تشريعية يتم من خاللها المشرع ‪ ،‬بدال ً من تدوين قانون العون ‪،‬‬
‫اختار ترجمة قانون اآلخر ؛ مراقبة الترجمة كمكان لقاء للعديد من الثقافات والتقاليد واللغات القانونية ؛‬
‫استكشاف أعمال واختيارات ودوافع المترجمين‬
‫‪ 43                                                 ‬كمثال ‪ ،‬دعنا نقتبس أطروحة عبد الكريم العماري ‪ ،‬التعبير‬
‫عن القانون (بالعربية والفرنسية واإلنجليزية) ومشكالت الترجمة ‪ -‬حالة القانون المدني ‪ ،‬ميتز ‪،‬‬
‫جامعة ميتز ‪ .2001 ،‬على الجانب االجتماعي ‪ ،‬دعونا نذكر عمل ‪ ، Beaudoin Dupret‬باسم أي حق (‬
‫‪ 2000‬وأطروحة أندريه بوبرت "التكيف والثبات في الشريعة اإلسالمية‪ :‬يتضح من التجربة المغربية" ‪،‬‬
‫جامعة مونتريال ‪.2008 ،‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪38‬‬
‫أثناء عملية الترجمة نفسها ؛ وأخي ًرا التحليل االنتقالي المقارن للنصوص التشريعية في مساحة‬
‫جغرافية وتاريخية واجتماعية فريدة ‪.44‬‬
‫‪ 1.4‬منهجية وتعيين العناصر المرصودة‪ :‬المصطلح واألسلوب‬
‫بما أن جسمنا يتألف من نصوص متخصصة ‪ ،‬تتطلب طبيعتها نفسها االعتماد على كل من نظرية‬
‫الترجمة المستوحاة من الناحية االجتماعية والقانون المقارن (من حيث المصطلحات واألسلوب) ‪ ،‬لم‬
‫يكن ممكن ‪ ،‬مع تقدم بحثنا ‪ ،‬لبناء تحليلنا المقارن على منهجية محددة مسب ًقا‪ .‬سيتم شرح‬
‫الصعوبات الخاصة بالمنهجية المعتمدة في هذا البحث بالتفصيل في الفصل األخير من أطروحتنا‪.‬‬
‫بعد تحديد مجال التحليل ‪ ،‬أي قانون االلتزامات والعقود ‪ ،‬الذي يشكل المسألة القانونية المشتركة‬
‫بين المدونات التي تشكل مجموعتنا ‪ ،‬اخترنا العودة إلى النسخ األصلية ‪ ،‬أي إلى النصوص الفرنسية‪.‬‬
‫الرموز في اللغة العربية التي خضعت لتدخالت ‪ ،‬غير رسمية في بعض األحيان ‪ ،‬كان من الضروري‬
‫العودة إلى المصادر‪ .‬اعتمدنا فيما يتعلق بالكود التونسي على النسخة الفرنسية الرسمية لعام‬
‫‪ .190645‬أما بالنسبة للنص المغربي ‪ ،‬فقد احتفظنا بالنسخة األولى من هذا الكود الذي ُنشر عام‬
‫‪ 1913‬باللغة الفرنسية‪ . .‬تشكل هذه النسخة النسخة الرسمية الوحيدة حتى اليوم منذ نشرها في‬
‫الجريدة الرسمية‪ .‬النسخة العربية المعتمدة هي نسخة عام ‪ ، 1965‬والتي ‪ ،‬على الرغم من أنها‬
‫ليست رسمية ‪ ،‬لها الجدارة ‪ ،‬وف ًقا آلراء الممارسين المغاربة (‪Gamija and Lahkim Bennani 2009، p.‬‬
‫‪ ، 46 )9‬لنشرها في مراجعة جادة ‪ ،‬وهي العدالة ومراجعة القانون ‪.47‬‬
‫‪ 44                                                 ‬على مدى السنوات العشر الماضية ‪ ،‬شهدنا ظهور علم‬
‫اجتماع قانوني ناطق بالفرنسية يرتبط مجاله بالتحقيق بظروف إنتاج المعرفة القانونية ونقلها وتحولها‬
‫في منطقة جغرافية معينة ‪ ،‬وخاصة العالم عربي‪ .‬في الواقع ‪ ،‬في هذا الجزء من العالم ‪ ،‬ال يزال من‬
‫ضا االحتكاكات الموجودة بين‬ ‫الممكن مالحظة ليس فقط آثار استقبال القانون المدني ‪ ،‬ولكن أي ً‬
‫القانون المستلم والقانون الحالي‪ .‬يحاول العديد من علماء االجتماع القانونيين ورجال القانون المقارن‬
‫فهم نطاق وآثار ظاهرة استقبال القانون المدني في البلدان التي يحكمها قانون آخر‪ .‬ومع ذلك ‪ ،‬في‬
‫التعامل مع ظاهرة استقبال القانون األجنبي ‪ ،‬غالبًا ما يتم التعامل مع الترجمة بطريقة فرعية ‪ ،‬مع‬
‫االهتمام غالبً ا بأسباب وآثار وطرق االستقبال القانوني‪ .‬ينتج عن ذلك شكل معين من تهميش‬
‫الترجمة والمترجم‪ .‬نجد هذا مفاج ًئا ‪ ،‬ألن نشر القانون الجديد غال ًبا ما يتعارض مع حاجز اللغة ‪،‬‬
‫وبالتالي يتطلب الترجمة‪ 45 .‬ومع ذلك ‪ ،‬ألغراض المقارنة وفهم التقنية التحريرية للتدوين التونسي ‪،‬‬
‫كان علينا الرجوع إلى المسودات األولية للشفرة التونسية (بين ‪ 1896‬و ‪ 46 .)1899‬في مقدمة طبعة‬
‫‪ 2009‬من مدونة االلتزامات والعقود المغربية‪ 47 .‬مراجعة العدل والقانون مراجعة مغربية شهرية‬
‫تنشرها وزارة العدل باللغة العربية‪ .‬ولدت هذه المراجعة في نهاية المحمية‪ .‬كان المقصود أن تكون‬
‫وسيلة للمعلومات القانونية (القوانين واللوائح)‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪39‬‬
‫لقد دفعتنا دراسة جسمنا إلى التركيز على عنصرين أساسيين‪ :‬المصطلح واألسلوب‪ .‬غالبًا ما يتم‬
‫التعامل مع هذين الجانبين بشكل عرضي من قبل المحامين المقارنين وعلماء االجتماع القانونيين‬
‫المهتمين بالعالقة بين القانون المدني والقانون اإلسالمي‪.‬‬
‫ومع ذلك ‪ ،‬عندما يقرر المشرّ ع ترجمة مدونة ككل ال تشبه أي أوجه تشابه مع الواقع القانوني للبلد‬
‫المتلقي ‪ ،‬فإن مخاطر الترجمة تواجه صعوبات مصطلحات كبيرة ‪ ،‬بما في ذلك عدم كفاية الموارد‬
‫االصطالحية أو حتى عدم وجود هذه‪ .‬في الترجمة العامة ‪ ،‬تم وضع العديد من اإلجراءات للمساعدة‬
‫في وصف النص المترجم‪ .‬يقسم فيناي وداربيلنت عمليات الترجمة إلى فئتين‪ :‬عمليات الترجمة‬
‫المباشرة (الحرفية) وعمليات الترجمة المائلة (غير الحرفية) (فيناي وداربيلنت ‪ ، 1967 ،‬في أعمالهم‬
‫األسلوبية المقارنة بالفرنسية واإلنجليزية ‪ ،‬ص ‪ .)55-46‬يتم استخدام األولى بين اللغات التي تشترك‬
‫في تشابه هيكلي معين ‪ ،‬وتستخدم األخيرة قبل كل شيء بين اللغات المختلفة من الناحية‬
‫الهيكلية والمفاهيمية‪ .‬اعتما ًدا على العملية المختارة ‪ ،‬الترجمة‬
‫‪5000/5000‬‬

‫عدد األحرف المسموح بها‪5000 :‬ترجمة األحرف الـ ‪ 5000‬التالية‬


‫يمكن أن يكون المصدر أو االستهداف ‪ ،‬أي موجه نحو النص المصدر أو النص الهدف‪ .‬العمليات هي‬
‫االقتراض ‪ ،‬والتتبع ‪ ،‬والترجمة الحرفية ‪ ،‬والتبديل ‪ ،‬والتشكيل ‪ ،‬والتكافؤ ‪ ،‬والتكيف‪ .‬على الرغم من‬
‫استخدام عمل فيناي وداربيلنت في دورات الترجمة العامة ‪ ،‬إال أن التفكير في عمليات الترجمة يتم التعبير عنه بشكل‬
‫عام حول الترجمة األدبية‪ .‬في علم الترجمة القانوني ‪ ،‬أي في التفكير المحيط بترجمة النصوص القانونية ‪ ،‬يتم تقليل‬
‫عدد اإلجراءات التي يستخدمها المؤلفون‪ .‬نظ ًرا ألن النص القانوني يخضع بطبيعته لقيود معينة (االحترام المطلق‬
‫للمعنى ‪ ،‬التفسير المحدود ‪ ،‬من بين أمور أخرى) ‪ ،‬يصعب تحديد اإلجراءات ‪ 48‬أثناء عملية ترجمة نص من هذا‬
‫النوع‪ .‬بشكل عام ‪ ،‬غالبًا ما يتم التذرع بمفهوم التكافؤ للتعامل مع الحلول المتاحة للمترجم في التعامل مع مشاكل‬
‫الترجمة‪ .‬يقدم هارفي (‪ ، 2002‬ص ‪ )41‬تعريفا ً واسعا ً جداً للتكافؤ ‪" :‬ترجمة محتملة تخضع مقبوليتها لعدد معين من‬
‫المتغيرات"‪ .‬يتم عرض عدة أنواع من التكافؤ للتعامل مع االختالفات النظرية الجزئية أو الكاملة التي قد تؤثر على‬
‫المصطلح‪ .‬نتحدث على سبيل المثال عن التكافؤ الوظيفي (المعادل الطبيعي) (المرجع نفسه) ‪ ،‬من التكافؤ الرسمي ‪،‬‬
‫‪ 48                                                 ‬في النص المغربي ‪ ،‬على سبيل المثال ‪ ،‬فإن الحدود بين التتبع‬
‫والنيولوغية رقيقة للغاية‪ .‬هذا يرجع بشكل رئيسي إلى إتقان اللغة الهدف التي يوضحها المترجم‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪40‬‬
‫التكافؤ والتبديل التوضيحي‪ .‬يتعامل هارفي (‪ ، 2009‬ص ‪ )81‬مع التكافؤ الثقافي ‪ ،‬والتكافؤ اللغوي ‪ ،‬والترجمة‬
‫التفسيرية والنسخ (ربما مصحوبًا بملمع)‪ .‬في األسطر التالية ‪ ،‬سوف نتعامل مع التكافؤ الوظيفي ‪ ،‬والتكافؤ الرسمي ‪،‬‬
‫والترجمة التفسيرية ‪ ،‬والنسخ ‪ ،‬والعصرية‪ .‬هذه هي التقنيات التي يستخدمها المترجم كلما واجه لغز المصطلحات‪.‬‬
‫التكافؤ الوظيفي ‪ ،‬الذي يسميه هارفي "التكافؤ الثقافي" في مقال نشر في عام ‪ ، 2009‬يعين مفهو ًما أو مؤسسة للغة‬
‫الهدف التي تؤدي وظيفة مماثلة في لغة المصدر (‪ ، Harvey 2001‬صفحة ‪ 42‬؛ ‪ ، Sarcevic 1997‬ص ‪.‬‬
‫‪ .)236‬إنه تكيف بين الثقافات (‪ .)Harvey 2001، p. 42‬وفقًا لـ ‪" :Pigeon‬يعني مبدأ التكافؤ الوظيفي نفسه أنه‬
‫يُترجم باستخدام كلمة ال تتوافق تما ًما مع المفهوم القانوني نفسه ‪ ،‬ولكن مع مفهوم مماثل" (‪ .)1982‬ميزة هذا النوع‬
‫من التكافؤ هو أنه "مرضي من الناحية الجمالية" (المرجع نفسه) ويضع المتلقي على أرضية مألوفة‪ .‬يُترجم استخدام‬
‫هذه التقنية بشكل ملموس عن طريق استخدام المصطلحات المعروفة للقارئ والتي تسمح لألخير بالحصول على‬
‫"الحد األدنى من الفهم ‪ ،‬أو على أي حال وهم الفهم" (‪ )Harvey 2000-2001، p. 42‬وبالتالي خلق انطباع عن‬
‫األصالة (‪ )Harvey 2009، p. 81‬للقارئ العادي‪ .‬هذه التقنية ‪ ،‬التي هي غير ضارة في سياق أدبي ‪" ،‬يجب‬
‫التعامل معها بعناية" (المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪ )82‬في الترجمة القانونية ‪ ،‬ألنها يمكن أن تؤدي إلى تناقضات (الشذوذ‬
‫والغموض واالختالفات في المجال الداللي) (‪ ، 2001- )Harvey 2000‬ص ‪ )42‬و "إفساد اللغة بطبقة العبودية‬
‫التي ال تحترم عبقرية الهيكل" (بيجون ‪ .)1982‬المثال الكالسيكي الذي أعطته غالبية المؤلفين الذين يتعاملون مع‬
‫التكافؤ الوظيفي هو ترجمة مصطلح "الرهن العقاري" بواسطة "الرهن العقاري" (‪Sarcevic 1997، Harvey‬‬
‫‪ .)2001‬العبء الثقافي لهذا النوع من التكافؤ كبير‪ .‬إنها تقنية مهدئة ثقافيا ً للمجتمع الذي يتلقى القانون األجنبي‪ .‬من‬
‫ناحية أخرى ‪ ،‬كونها تستهدف بشكل أساسي ‪ ،‬ال يمكنها الهروب من اتهام المركزية اإلثنية (‪Harvey 2009، p.‬‬
‫‪ .)82‬كما يمكن أن يكون وسيلة لتأكيد الهوية الثقافية ‪.49‬‬
‫‪ 49                                                 ‬يتعامل هارفي مع قضية كيبيك‪ .‬ويدعي أن التكافؤ الوظيفي قد مكن‬
‫الناس من تأكيد "استقاللية اجتماعية وسياسية وثقافية معينة وإعادة اكتشاف" عبقرية اللغة الفرنسية "" (‪ ، 2001‬ص‬
‫‪.)43‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪41‬‬
‫من ناحية أخرى ‪ ،‬فإن التكافؤ الرسمي هو معادل لغوي يتكون من ترجمة كلمة لكلمة (‪.)Harvey 2002، p. 43‬‬
‫هذه مصطلحات أدخلت في اللغة الهدف ‪ ،‬لكنها لم تكن موجودة في تلك اللغة‪ .‬هذا هو الحال مع مثال "المحكمة‬
‫الدستورية" لتسمية "المجلس الدستوري" أو "محكمة الجنايات" مترجمة بواسطة "محكمة الجنايات" (المرجع نفسه)‪.‬‬
‫مصيدة فئران ‪ ،‬هذا النوع من التكافؤ ال يفشل في تضمين عناصر اصطناعية (المرجع نفسه) في اللغة الهدف‪.‬‬
‫ضا أكثر احترا ًما للثقافة ولغة المصدر ‪ ،‬بقدر ما "بعيدًا عن محو االختالف ‪،‬‬
‫سيكون أي ً‬
‫نفترضها وفي بعض الحاالت نبرزها "في خطر" الشعور بالترجمة "(‪ .)Harvey 2009، p. 83‬ألنه يمكن أن‬
‫يؤدي إلى أصدقاء زائفين والتتبع (‪ ، )Harvey 2001، p. 44‬يجب استخدام التكافؤ الرسمي فقط إذا لم‬
‫يكن هناك مكافئ وظيفي مقبول (‪ ، Sarcevic 1997‬ص ‪ .)259‬يمكن أن يؤدي االقتراض المتكرر من‬
‫مصطلحات المصدر إلى نص قد يجده قارئ النظام القانوني المستهدف‪ .‬هذا حتى في حالة أن هذا‬
‫القارئ لديه بالفعل معرفة بالنظام النظري والمصطلحات الموجودة بالفعل قبل النقل القانوني‪.‬‬
‫الترجمة التفسيرية (تسمى التكافؤ الوصفي بواسطة ‪ ، Dullion 2007‬ص ‪ )143.‬تتكون من شرح‬
‫الخصائص الثقافية باستخدام المصطلحات العامة‪ .‬على سبيل المثال ‪ ،‬فإن تصنيف "الجريمة" ‪،‬‬
‫"الجنحة" و "المخالفة" سوف يتم عن طريق "الجرائم الكبرى" و "الجرائم الخطيرة" و "الجرائم‬
‫البسيطة" (‪ .)Harvey 2002، p. 46‬نظ ًرا ألنه غال ًبا ما يأخذ شكل خروف توضيحي (‪ ، Ost 2009‬ص ‪)63.‬‬
‫‪ ،‬فإن هذا الشكل من التكافؤ له عيوب عدم "إيجاد صيغة مختصرة ال لبس فيها" (المرجع نفسه)‪.‬‬
‫تسمى هذه الفكرة "التوسع المعجمي" من قبل )‪ Glanert (2011، p.189 and s.‬و "تهدف إلى‬
‫استخدام عدد وافر من الكلمات من اللغة القانونية المستهدفة من أجل تقديم مفهوم اللغة بدقة قدر‬
‫اإلمكان‪ .‬المصدر "‪ .‬من خالل توسيع المجال الداللي لمفهوم قانوني أجنبي ‪ ،‬فإن هذه العملية لها‬
‫ميزة إظهار خصوصيتها‪ .‬إعادة الصياغة هي "إعادة صياغة كلمة فنية من اللغة القانونية المصدر‬
‫باستخدام مجموعة من الكلمات من اللغة الهدف الحالية‪ ".‬تتكون هذه العملية من وصف المفهوم‬
‫األجنبي ‪ ،‬والفشل في العثور على مكافئ دقيق في اللغة الهدف‪.‬‬
‫يتكون النسخ من إعادة إنتاج المصطلح األصلي وربما مرافقته مع لمعان أو تفسير عند حدوثه األول (‬
‫‪ .)Harvey 2009، p.83‬يعطي هارفي (‪ ، 2000‬ص ‪ )45‬مثاال ً على ذلك‪- The Cours d'assises" :‬‬
‫المحاكم التي تحاكم جرائم خطيرة مثل‬
‫‪ ‬‬
‫‪42‬‬
‫القتل واالغتصاب والسطو "‪ .50‬في هذه التقنية ‪ ،‬ال يتم ترجمة المصطلح ‪ ،‬ولكن يتم تطعيمه باللغة‬
‫الهدف‪ .‬يتم استخدام اللمعان أو التفسير لتسهيل فهم المصطلح المستخدم‪ .‬في بعض األحيان‬
‫ض ا حواشي سفلية يشرح فيها االختالفات أو أوجه التشابه بين مصطلح في‬ ‫يستخدم المترجم أي ً‬
‫اللغة المصدر وتلك في اللغة الهدف ‪ .51‬على المستوى النصي ‪ ،‬إذا لم يستخدم المالحظات أو‬
‫اللمعان ‪ ،‬فإن المترجم غالبً ا ما يشرع في تحديد المصطلح المقترض رغبة في اإلشارة إلى أصله‬
‫األجنبي‪ .‬ينتج عن هذه العالمة استخدام عالمات االقتباس أو المائلة أو األقواس‪ .‬قد يعكس هذا النوع‬
‫ضا اكتشاف عدم تكافؤ‬ ‫من التكافؤ الدور النشط للمترجم (‪ .)Harvey 2009، p. 84‬يمكن أن يعكس أي ً‬
‫كامل ‪ ،‬أو قبل كل شيء ‪ ،‬فراغ مصطلحي حيث ليس لدى المترجم ‪ ،‬الذي يضيق عليه ضيق الوقت ‪،‬‬
‫خيار سوى نسخ المصطلح إلى اللغة الهدف ‪ ،‬على أمل أن يفهمه المحامي على األقل‪ .‬يشبه‬
‫مفهوم "النسخ" إلى حد ما مفهوم "االقتراض" الذي قدمه ‪ ، 2011( Glanert‬ص ‪ 189‬وما يليها)‪.‬‬
‫بالنسبة لهذا المؤلف ‪ ،‬يتكون االقتراض من إدراج مصطلح من لغة المصدر في اللغة الهدف‪ .‬وفقا‬
‫لغالنيرت (ص ‪ ، )193.‬هذا نبذ للترجمة‪ .‬االقتراض المفرط ‪ ،‬باإلضافة إلى كونه فشاًل في الترجمة ‪،‬‬
‫يخاطر بجعل اللغة المستهدفة غريبة على مستلميها‪.‬‬
‫‪ Neologism‬هو إنشاء مصطلح جديد في اللغة الهدف‪ .‬بشكل عام يأخذ أحد األشكال األربعة التالية‪:‬‬
‫إسناد معنى جديد لكلمة موجودة من اللغة الحالية ‪ ،‬وتغيير معنى مصطلح اللغة المتخصصة ‪،‬‬
‫واستيراد مصطلح نظام قانوني آخر أو إنشاء مصطلح جديد لم يكن موجو ًدا أب ًدا في اللغة الهدف‪ .‬تطرح‬
‫عملية النيوليولوجية مشكلة في سياقات تطوير النسخ التي تم تحليلها في عملنا‪ .‬بقدر ما يتم‬
‫استيراد القانون المترجم ككل ‪ ،‬هل يجب أن نتوقع استخدا ًما مكثفًا ‪ ،‬من قبل المترجمين ‪،‬‬
‫لإلنشاءات االصطالحية؟‬
‫ً‬
‫نظ ًرا ألن تصنيف المعادالت ليس مطلقا ‪ ،‬يمكن للمترجم غالبًا الجمع بين أنواع المعادالت (‪Sarcevic‬‬
‫‪ ، 1985‬ص ‪ ، Dullion 2007 ، 132-131‬ص ‪ ، )143.‬اعتما ًدا على‬
‫‪ 50                                                 ‬يتعامل هارفي مع العقيدة في هذه المرحلة‪ .‬اللمعان غير‬
‫مناسب أب ًد ا ‪ ،‬على األقل في نص النص ‪ ،‬في رمز‪ .‬ومع ذلك ‪ ،‬يمكن أن يكون إذا كان الرمز مصحو ًبا‬
‫بالتعليقات ‪ ،‬وهذا ليس هو الحال مع جسمنا‪ 51 .‬هذه ترجمة بيرون للشريعة اإلسالمية‪ .‬الحظ أن‬
‫هذا النوع من الترجمة هو نتاج استكشاف استعماري يسعى إلى معرفة المجتمع الذي يمكن‬
‫استعماره بأدق التفاصيل‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪43‬‬
‫تعقيد النص المراد ترجمته ‪ ،‬وبالتالي صعوبة التعرف عليههـ اإلجراء المتبع في حاالت معينة‪ .‬في‬
‫مجموعة مثل مجموعتنا ‪ ،‬غالبً ا ما ال يكون من الصعب تحديد الحدود بين عمليات الترجمة المعترف بها‬
‫في علم الترجمة فقط ‪ ،‬ولكنها تؤدي إلى التشكيك في طبيعة هذه العمليات‪ .‬في الواقع ‪ ،‬بعد أن تم‬
‫تحديدها الحتياجات اللغات التي غالبً ا ما تكون أقارب (اإلنجليزية والفرنسية ‪ ،‬من بين لغات أخرى) ‪،‬‬
‫هل هي صالحة عند وجود لغتين مختلفتين تما ًما؟ على سبيل المثال ‪ ،‬غالبًا ما يكون من الصعب‬
‫ضا في‬ ‫تحديد الحدود بين التتبع وإنشاء المصطلحات بسبب أمر المترجم للغة الهدف‪ .‬من الصعب أي ً‬
‫سياقنا التحليلي فصل مكافئ رسمي عن النيوليولوجية‪ .‬للعودة إلى تصنيف ‪ Vinay‬و ‪، Darbelnet‬‬
‫ُي الحظ التبديل (تغيير الفئة النحوية) في مجموعة النصوص في المقارنة بين النصوص المستهدفة أكثر‬
‫بكثير مما بينها وبين النص المصدر‪ .‬التعديل ‪ ،‬من ناحية أخرى ‪ ،‬هو عملية يستخدمها مترجم النسخة‬
‫التونسية أكثر بكثير من النسخة المغربية‪ .‬من الصعب تحديد الحدود بين االثنين‪ .‬سنتعامل مع هذه‬
‫الميول االنتقالية في الفصل األخير من هذا العمل‪.‬‬
‫في القانون المقارن ‪ ،‬نحن ال نتحدث عن التكافؤ ‪ ،‬وهو مفهوم رئيسي في دراسات الترجمة ‪ ،‬بل عن‬
‫المراسالت‪ .‬يتم التعامل مع الجانب االنتقالي بطريقة ثانوية ضمن مشكلة النقل العامة (أو‬
‫االستقبال ‪ ،‬اعتما ًد ا على وجهة النظر التي يضع المرء من خاللها نفسه) من القانون‪ .‬ومع ذلك ‪،‬‬
‫يدرك المحامون المقارنون جي ًد ا أن المصطلح ينتمي في وقت واحد إلى نظام لغوي وإلى نظام قانوني‬
‫(‪ ، Gambaro 2011‬ص ‪ )7‬وأن هذه العضوية يمكن أن تطرح مشاكل مصطلحات ومصطلحات مهمة‬
‫للمترجم‪ .‬في حالة النقل القانوني ‪ ،‬قد يجد المترجم نفسه أمام احتمالين ‪ ،‬ال سيما عدم وجود تكافؤ‬
‫أو عدم اكتمال المصطلح المقابل (‪ ، Papachristos 1975‬ص ‪ 76‬وما يليها)‪ .‬في الحالة األولى ‪ ،‬يجد‬
‫المترجم نفسه في موقف ال تحتوي فيه اللغة الهدف على المصطلح القانوني المكافئ لترجمة‬
‫المصطلح من لغة المصدر‪ .‬في هذه الحالة ‪ ،‬ليس لديه خيار سوى "بناء مصطلح مقابل ‪"ex nihilo‬‬
‫(المرجع نفسه)‪ .‬ومع ذلك ‪ ،‬فإن عمله مصطنع طالما أن القيمة الداللية المقابلة تفتقر إلى المجتمع‬
‫المتلقي‪ .‬هذه هي الكلمات الجديدة ‪ ،‬وهي عملية يختار المترجم من خاللها إنشاء المصطلح‬
‫الضروري في اللغة الهدف للتعبير عن معنى المصطلح األجنبي (ساكو ‪ ، 1991‬ص ‪ .)31‬الثانية‬
‫‪ ‬‬
‫‪44‬‬
‫الطوارئ تأتي بعبارات مختلفة‪ .‬في الواقع ‪ ،‬هذه المرة ‪ ،‬يوجد المصطلح المقابل في اللغة الهدف ‪،‬‬
‫ولكن "القيمة الداللية لها مختلفة" (‪ ، Papachristos 1975‬ص ‪ .)76‬في هذه الحالة ‪ ،‬تكون الترجمة‬
‫أسهل ‪ ،‬ولكنها غير مكتملة حيث أن "فهم المعنى الدقيق" (المرجع نفسه) للمصطلح غير موجود‪.‬‬
‫نتيجة المراسالت هو ما يمكن تسميته "تجانس" ‪( 52‬ساكو ‪ ، 1991‬ص ‪ .)32‬تتكون هذه العملية من‬
‫"ضرورة تقليص الفئة المستخدمة في النظام المدروس إلى عناصر لها مراسلون في النظام تعبر عن‬
‫نفسها بلغة الترجمة" (المرجع نفسه)‪ .‬هناك احتمال ثالث ‪ ،‬ذكره ساكو (‪ ، 1991‬ص ‪ .)31‬يواجه‬
‫المترجم موق ًف ا يضطر فيه إلى عدم الترجمة (عدم قابلية الترجمة)‪ .‬هذا هو الحال مع المصطلحات‬
‫المميزة اجتماعياً للغاية بأنها ‪ ، charî'a ، kolkhoze‬المنفذ ‪ ،‬من بين آخرين (المرجع نفسه)‪ .‬في الواقع‬
‫‪" ،‬يستخدم النظام أحيانًا مصطلحات ومفاهيم ال مثيل لها في بلد آخر وال تتوافق مع أي مفهوم‬
‫معروف للمحامين في ذلك البلد أو أي مصطلحات موجودة بلغتهم" (جامبارو ‪ 2011 ،‬ص ‪ .)7‬قد تكون‬
‫هذه الالترجمة مصدر موقف اتخذه المترجم المقارن الذي يرفض الترجمة (‪ .)Ost 2009، p. 63‬مما‬
‫يمنحها سلطة اتخاذ قرار مهمة إلى حد ما‪.‬‬
‫باإلضافة إلى األسئلة االصطالحية ‪ ،‬فإن ترجمة قانون مدني يطرح مشكلة إضافية‪ :‬ترجمة النمط ‪.53‬‬
‫إذا كانت المعالجة االصطالحية ممكنة من الناحية النظرية بفضل األدوات الراسخة (عمليات الترجمة)‬
‫في الفضاء التقليدي ‪ ،‬فإن معالجة األسلوب تطرح بعبارات مختلفة‪ .‬من خالل تقديم خصائصه الخاصة‬
‫(التركيبات الثابتة ‪ ،‬التعميم) ‪ ،‬يبدو أن النمط المدني هو مفهوم ليس له تعريف محدد وال خصائص‬
‫ضل فيه الجوهر غالبًا على الشكل ‪ ،‬فإن هذا الوضع ليس بعي ًدا عن المعتاد‪.‬‬ ‫واضحة‪ .‬في مكان نف ّ‬
‫خالل االحتفال بالذكرى المئوية للقانون المدني لكندا السفلى ‪ ،‬رينيه ديفيد‬
‫‪ 52                                                 ‬مفهوم الموافقة له معادلة ترجمة ‪ ،‬بشكل أكثر تحدي ًد في‬
‫األرضية االجتماعية‪ .‬هذا هو مفهوم التماثل الذي يستخدمه غوانفيك (‪ ، 2007‬ص ‪" )69‬لتحديد‬
‫التحديدات اإلنتاجية" للعالقة التحويلية التي تحدث أثناء أعمال الترجمة‪ .‬المفهوم البورديوسي ‪،‬‬
‫التماثل "يمكن وصفه بأنه تشابه في االختالف‪ .‬إن الحديث عن التماثل بين المجال السياسي‬
‫والمجال األدبي هو تأكيد وجود سمات مكافئة هيكليًا ‪ -‬ال تعني متطابقة ‪ -‬في مجموعات مختلفة "‪.‬‬
‫بالنسبة لهذا المؤلف ‪" ،‬ستكون الترجمة بشكل أخالقي بنا ًءا للتوازيات استنا ًدا إلى األهمية‬
‫المصاحبة للنصوص المصدر والهدف" (المرجع نفسه ‪ ،‬ص‪ 53 .)47-46 .‬بما أنه ال يوجد "واحد فقط ‪،‬‬
‫بل تعددية األساليب القانونية" (كورنو ‪ ، 2007‬ص ‪ ، )61‬فإن هدفنا في هذا البحث هو التركيز فقط‬
‫على األسلوب التشريعي ‪ ،‬أي أسلوب القانون المدني‪ .‬مما يجعلنا نميز بين األسلوب التشريعي وما‬
‫يسمى بشكل عام النمط القانوني‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪45‬‬
‫أكد أن "القانون المدني هو أسلوب" (بودوان ‪ ، 2005‬ص ‪ .54 )624‬يعرّف بول أندريه كريبو األسلوب‬
‫بأنه "طريقة معينة للتصور ‪ ،‬والتعبير ‪ ،‬وتطبيق سيادة القانون والتي تتجاوز تغيير السياسات‬
‫التشريعية وف ًقا لعصور تاريخ الشعب" (‪ ، 1978‬ص‪ .‬التاسع والعشرون ؛ استشهد في اوجير ‪، 2003‬‬
‫ص ‪ .)50‬في استجوابه لألسلوب الحضاري ‪ ،‬يؤكد أوجيه (‪ ، 2003‬ص ‪ )5055‬أن العقل القانوني قد‬
‫يميل إلى تفضيل الجوهر على الشكل‪ .‬ومع ذلك ‪ ،‬يضيف ‪" ،‬ال يستغرق األمر سوى بضع ثوان من‬
‫التفكير حتى نرى أن ما يميز القانون المدني ‪ ،‬إذا كان هناك أي شخصية ‪ ،‬ال يمكن أن يكون في‬
‫الرسالة التي تنقلها القاعدة" (المرجع نفسه)‪ .‬يرتبط األسلوب المدني ارتباطًا وثي ًقا بـ "نهج الروح‬
‫القانونية" (كورنو ‪ ، 2007‬ص‪ )61 .‬ومختلف عن اللغة اليومية ‪ ،‬وبالتالي سيكون طريقة دقيقة لصياغة‬
‫بيان قانوني مع احترام جمالية معينة ‪ ،‬الطريقة ذاتها لتصور حكم القانون (‪ .)Auger 2003، p. 57‬في‬
‫مقال يعود إلى عام ‪ ، 1972‬يميز تابر بين ما يسميه البنية العميقة أو الداللية والهيكل السطحي أو‬
‫الرسمي الذي يكون األسلوب جز ًءا منه (‪ ، Taber 1972‬ص‪ .)57 .‬ويؤكد أن األسلوب هو مجموعة‬
‫الخيارات التي يمارسها المؤلف بين الوسائل الرسمية المختلفة (اختيار الهياكل ‪ ،‬المنعطفات‬
‫والمصطلحات) الممكنة لتمثيل بنية داللية (المرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪ .)56‬إذا اتفق المؤلفون على حقيقة‬
‫أن النمط المدني له "خصائص مميزة" (‪ )Auger 2003، p. 51‬وأنه يشكل "العالمة الرئيسية للقانون‬
‫المدني" (كورنو ‪ ، 2004‬ص ‪ ، )1017‬فإنه يبقى أن نجد كيف يمكننا تحديد هذه الشخصيات‪ .‬وبعبارة‬
‫أخرى ‪ ،‬كيف يمكننا مالحظة النمط الحضاري ثم وصفه؟‬
‫في تحليله للغة القانونية (‪ ، )2000‬وضع جيرار كورنو بعض خصائص األسلوب المدني‪ .‬هذه الخصائص‬
‫هي انحرافات مقصودة (كورنو ‪ ، 2000‬ص ‪ )314‬والتي تعكس موقف المشرع ‪ ،‬وخاصة اختيار تأثيرات‬
‫النغمة واألسلوب (المرجع نفسه) ‪ .57‬غال ًبا ما يكون اختيار النمط نتيجة لوقته‪ .‬لتحقيق هذا االسلوب‬
‫‪ 54                                                 ‬أدى هذا اإلعالن الذي أصدره ديفيد في عام ‪ 1966‬إلى‬
‫ظهور عمل على الطراز الحضاري ‪ ،‬وهو ‪Le droit civil ، avant tout un style‬؟ ‪ ،‬الذي طوره مركز‬
‫األبحاث في القانون الخاص والمقارن في كيبيك‪ 55 .‬هذه المساهمة هي جزء من العمل الجماعي‬
‫‪Le droit civil، avant tout un style‬؟ حرره نيكوالس كاسيرير في عام ‪ .2003‬على الرغم من كونه مثي ًرا‬
‫لالهتمام للغاية ‪ ،‬فإن هذا الكتاب يكافح من أجل تقديم تعريف لألسلوب المدني‪ 56 .‬درس كورنو‬
‫بعناية مسألة األسلوب التشريعي للقانون المدني‪ .‬وفقا له ‪" ،‬دراسة األسلوب وصفي بشكل‬
‫رئيسي"‪ .‬أراد أن يكون نقديًا ‪ ،‬لم يفلت من تمجيد هذا األسلوب ‪ ،‬ونتيجة ذلك ‪ ،‬وف ًقا له ‪ ،‬هو فن‬
‫شاعري (‪ ، 2000‬ص ‪ 57 .)315‬على المستوى النصي ‪ ،‬يستخدم المشرع المدني "عالمات وظيفية"‬
‫معينة (كورنو ‪ ، 2000‬ص ‪ 267‬وما يليها) ‪ ،‬والتي تنقسم إلى عالمات بارزة وعالمات عادية‪ .‬األول هو‬
‫معايير واضحة للعلماني أو طالب القانون وينتج عنه اختيار معين من األفعال (الواجب والسلطة والحظر‬
‫من بين أمور أخرى) وفي مكانهم في الجملة ؛ بشروط غير مؤكدة أو سلبية أو غير محددة (الكل ‪،‬‬
‫الكل ‪ ،‬كل ‪ ،‬كل ‪ ،‬صفر ‪ ،‬ال شيء ‪،‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪46‬‬
‫يلجأ المبرمج المدني إلى التالعب في بناء الجملة ‪ ،‬ال سيما االنقالبات والمنعطفات غير الشخصية‪.‬‬
‫تظل الصيغ المجمدة أكثر العالمات الصارخة على النمط الحضاري‪ .‬سوف يالحظ رد فعل المترجم على‬
‫هذه المظاهر النمطية لنمط القانون المدني في الفصل األخير من أطروحتنا‪ .‬بعد كتاب كورنو (‪، 2000‬‬
‫ص ‪ )15.‬اعتقد أنه "أثناء االنتقال إلى لغة حق ولد من‬
‫‪4773/5000‬‬
‫من جهة أخرى ‪ ،‬هل هناك ضرورة الحترام عبقرية القانون المنقول (روحه واتساقه) "‪ ،‬هل حاول‬
‫المترجمون في جسمنا تحويل عبقرية القانون المدني إلى المجال القانوني المغربي والتونسي؟ معرفة وجود‬
‫نمط مختلف أثناء النقل القانوني الذي تديره الترجمة ‪ ،‬من المثير لالهتمام أن نتساءل عن هامش مناورة المترجم في‬
‫التبني أو الرفض (انحرافات مقصودة أو غير مقصودة ‪ ،‬تكييف ثقافي يوجه خيارات معينة ) نمط الكود المراد‬
‫ترجمته‪ .‬وبعبارة أخرى ‪ ،‬هل تحقيق أسلوب تشريعي معين هو مهمة في حد ذاته للمترجمين؟ ما هي األسباب‬
‫(الهوية ‪ ،‬الموقف الديني أو السياسي ‪ ،‬على سبيل المثال) التي يمكن أن تبرر اختيار نمط على حساب أسلوب آخر؟‬
‫في النصوص المترجمة ‪ ،‬هل كان المترجمون يطمحون إلى تقديم "القيمة األسلوبية لألصل" (‪Taber 1972، p.‬‬
‫‪ )61‬بالعربية أو العكس ‪ ،‬هل حاولوا االنحراف عنها؟‬
‫لقد رسمنا للتو جدول إجراءات الترجمة التي يمكن أن يستخدمها المترجم في حالة النقل القانوني باإلضافة إلى‬
‫المشكلة الخاصة التي قد تنشأ عن ترجمة رمز بأسلوب ملحوظ‪ .‬إنها اآلن مسألة معرفة ما إذا تم استخدام هذه‬
‫اإلجراءات أثناء الترجمة المزدوجة لجسمنا وكذلك الطريقة التي كان من الممكن استخدامها من قبل المحامي ‪-‬‬
‫المترجم الذي ‪ ،‬في ظل الظروف ‪ ،‬ربما لم يتوقف عن التفكير في ترجمة‪.‬‬
‫‪ 1.5‬خطة الرسالة‬
‫تتكون رسالتنا من خمسة فصول‪ .‬بعد تقديم عناصر اإلشكالية الكامنة وراء بحثنا في الفصل األول ‪ ،‬حرصنا ‪ ،‬في‬
‫الفصل الثاني ‪ ،‬على وضع البحث في اإلطار النظري الذي يتعلق به ‪ ،‬وال سيما‬
‫‪                                                 ‬على أي شخص)‪ .‬تأخذ الثواني شكل صوت غير شخصي (قيد التشغيل)‬
‫‪ ،‬صوت سلبي ‪ ،‬في صيغة الشخص الثالث المفرد (إنه)‪ .‬تعكس هذه العالمات روح العمومية التي تميز البيان‬
‫المدني‪ .‬أيضا ‪ ،‬يجب على المشرع استخدام لغة تقنية ‪ ،‬ضامن الدقة والوضوح (مبدأ آخر لطريقة التحرير المدنية)‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪47‬‬
‫علم الترجمة المستوحى من علم االجتماع‪ .‬في هذا الفصل ‪ ،‬سنتناول مجموعة من األسئلة النظرية المتعلقة بمشكلتنا ‪،‬‬
‫وال سيما العالقة بين الترجمة والمجتمع الذي تهدف إليه ‪ ،‬والجهات الفاعلة التي تدخلت في عملية الترجمة ‪ ،‬وكذلك‬
‫آثار النصوص‪ .‬تُترجم إلى الفضاء المعرفي للمجتمع الذي كانت مخصصة له‪.‬‬
‫سيكون من التبسيط فهم الترجمة كظاهرة اجتماعية دون فهم العوامل التاريخية التي تحيط بها والتي تساهم في إنتاجها‬
‫الحقًا‪ .‬هذا هو السبب في أننا نكرس الفصل الثالث لتقديم السياقات التاريخية التي أدت إلى إنشاء النصوص الفرنسية‬
‫لجسمنا‪ .‬وسيناقش العوامل التاريخية والسياسية واالجتماعية التي أدت إلى ظهور القانون المدني في دول المغرب‬
‫العربي (المغرب وتونس) وكذلك المصادر القانونية لهذا القانون (المصادر اإلسالمية واألوروبية)‪ .‬من خالل‬
‫استكشاف الظاهر الذي يشكل مدونة االلتزامات والعقود والمدونة التونسية لاللتزامات والعقود ‪ ،‬سنالحظ تعدد‬
‫األصوات القانونية التي تميز النصوص المصدر لجسمنا‪ .‬في هذا التحليل ‪ ،‬سيتم الكشف عن عنصر مهم‪ :‬المكان‬
‫العظيم للترجمة ( من العربية إلى الفرنسية أو من األلمانية إلى الفرنسية ‪ ،‬من بين آخرين) في عملية التدوين التونسي‪.‬‬
‫سيتم تخصيص قسم لدور المترجم والمترجم وتقنيته التشريعية‪.‬‬
‫سيخصص الفصل الرابع للسياق التاريخي واالجتماعي السياسي لترجمة النصوص الفرنسية من مجموعتنا إلى اللغة‬
‫العربية‪ .‬سنتبع الطريقة التحريرية متبوعة بمحررها المزعوم (ستيفان بيرج)‪ .‬كما سنناقش في هذا الفصل الظروف‬
‫التي أدت إلى قرار ترجمة وكذلك بعض آثار هذا القرار في المجال القانوني المغربي‪.‬‬
‫يتناول الفصل الخامس عملية الترجمة الفعلية‪ .‬سنجري تحليالً مقارنا ً للنسخ العربية من مجموعتنا‪ .‬سوف ندرس‬
‫األبعاد االصطالحية واألسلوبية ‪ ،‬وسنحاول تحديث استراتيجية الترجمة لمترجم النص المغربي بمقارنتها مع‬
‫المترجم التونسي‪ .‬في هذا الفصل األخير ‪ ،‬سنرى ما إذا كان من الممكن التدقيق بأثر رجعي في الترجمة التاريخية‬
‫بالوسائل التي توفرها حاليًا الفكر االنتقالي‬

You might also like