Professional Documents
Culture Documents
القانون المغربي و التونسي
القانون المغربي و التونسي
ملخص
حتى اآلن ،ركزت دراسات قليلة ج ًدا على ترجمة القوانين المدنية في المناطق الجغرافية مثل
المغرب وتونس .انطالقاً من الفرضية القائلة بأن الترجمة هي الوسيلة التي لوالها لم تكن القوانين
ضا تحديد أسباب المدنية لهذه الدول ستظهر أبداً ،أردنا ليس فقط التحقق من هذه الفرضية ،ولكن أي ً
هذا عدم االهتمام في الترجمة ،في هذا جزء من العالم ،كوسيلة لنقل المعرفة القانونية.
يركز بحثنا على الترجمة القانونية في سياق نقل المعرفة من القانون المدني الذي بدأ في بيئة
استعمارية .ويتبع الحياة القانونية للظهير الذي شكل مدونة االلتزامات والعقود المغربية ( )DOCمنذ
إنشائه باللغة الفرنسية عام 1912حتى نشره النهائي لترجمته إلى العربية عام .1964قراءة القانون
المغربي لم يكن ممك ًنا أب ًد ا دون األخذ في االعتبار سابقه ،مدونة االلتزامات والعقود التونسية (
)COCالتي وضعت باللغة الفرنسية عام 1899والتي توجد نسختها العربية بالفعل في عام .1906
إن نقل قانون تشريعي ظاهرة يمكن اعتبارها كبيرة في التاريخ القانوني للمجتمع .عندما يتم تلقي
القانون بلغة غير لغة المجتمع المضيف ،تساعد الترجمة بشكل كبير في إدارة تطوير القانون الجديد
وصياغته ونشره أحيانًا بين السكان المحليين .يهتم بحثنا بشكل معين من الترجمة ،ترجمة تشريعية
،أي ترجمة القوانين وبشكل أكثر دقة ترجمة قانون (نص معياري يجمع جميع القواعد القانونية
المتعلقة بفرع من القانون) .
دراستنا هي جزء من الفكر االنتقالي لإللهام االجتماعي .تعتبر النصوص المترجمة دليال ً حقيقياً
للتأثيرات السياقية التي يقوم فيها المترجم ،الممثل الرئيسي ،باالختيار بين عدة ترجمات محتملة
وحيث يتم تحفيز هذه االختيارات نفسها من قبل شركات الهدف والمصدر ،من خالل تفضيالت
المترجم و من خالل االنتماء إلى نموذج نصي معين .إن تحليل النسخ المستهدفة العربية يرفع النقاب
عن اتجاهات الترجمة التي نشأت بفضل الخيارات االصطالحية واألسلوبية التي اعتمدها المترجمون.
ندرس الخيارات والمصطلحات
ثانيا
أسلوب المترجمين من الظاهر الذين يشكلون المدونة المغربية لاللتزامات والعقود ( )DOCوالمدونة
التونسية لاللتزامات والعقود ( )COCمن أجل إبراز االنتماء القانوني بين هذين النصين بين حقين يتم
تقديمهما عادة على أنهما عدائيان ،وهما القانون المدني والشريعة اإلسالمية.
تنقسم أطروحتنا إلى خمسة فصول .يصف األول مشكلة البحث التي نقدم فيها عناصر عملنا
(الحقوق واللغات ،االختالفات بين البيان اإلسالمي والبيان المدني) وكذلك خصوصيات البيان القانوني
لكل حق في السؤال . .مجال القانون المدني واسع النطاق ،نؤكد على الجزء المخصص لاللتزامات
والعقود ،وهو الجزء الذي نسعى فيه إلى معرفة الفرق بين النهج الحضاري والنهج اإلسالمي مقابل
البيان القانوني .في الفصل الثاني ،نوجز حالة الفن في علم الترجمة ونضع بحثنا في اإلطار النظري
الذي ينتمي إليه ،أي التيار االجتماعي للترجمة .كظاهرة اجتماعية ،يتم تناول ترجمة مدونة في
شموليتها الجمالية والقانونية والدينية .ويتناول الفصل الثالث تاريخ تدوين القانون المدني في
المغرب ،وبالتالي تاريخ مصدر هذا التدوين ،القانون التونسي ( .).C.O.Cيعرض الفصل الرابع
السياقات التاريخية لنصوص المصدر والهدف (التدوين والترجمة) .الفصل الخامس واألخير محجوز
للتحليل المقارن للنسخ العربية من مجموعتنا من أجل استكشاف الجوانب االصطالحية واألسلوبية
لهذه النصوص .نسلط الضوء في النص المصدر والهدف على العناصر النصية لالنتماء إلى نظام معين.
للقيام بذلك ،نركز على المقاالت المشتركة بين النسختين العربيتين من أجل تحديد استراتيجية
المترجم واستكشاف العوامل (االجتماعية والثقافية) التي يمكن أن تحفز اعتماد شكل معين من
الترجمة .على حساب آخر.
الكلمات المفتاحية :الترجمة التشريعية ،النقل القانوني ،القانون المدني ،القانون المدني ،الفقه ،
النموذج النصي ،بيان القانون المدني
مقدمة
يأتي هذا العمل من حكاية ،حيث سمعت طالبًا صغي ًرا في السنة األولى من القانون ،في كلية
الحقوق بالرباط (المغرب) ،معلمي يقول إن الرموز المطبقة في المغرب كانت "رمو ًزا تركتها الحماية
الفرنسية لبلدنا " .ما زلت أرى نفسي ،عاجزة عن الكالم وصدمت إلى حد ما من هذا الوحي .كان
ح ا في رأسي :لماذا نحتاج إلى تطبيق قانون أجنبي عندما يكون لدينا بالفعل قانون؟ السؤال واض ً
أتذكر طرح السؤال ،دون الحصول على إجابة مرضية .لذلك ،كنت طالبًا مبتدئًا في السنة األولى من
القانون واجهتني مواجهة حقين كانت فرصة تاريخية تريد االتصال بهما .التأثيرات المرئية أو غير المرئية
لجهة االتصال هذه لم تتوقف عن اهتمامي أب ًدا.
في عام ، 1912قررت الحماية الفرنسية في المغرب منح البالد بقانون مدني حديث .في عام
، 1913ولد الظاهر الذي شكل مدونة لاللتزامات والعقود .مكتوب بالفرنسية ،لن تتم ترجمة هذا
الرمز إلى اللغة العربية ،اللغة الرسمية للمغاربة ،حتى عام ، 1964ولن يتم نشره بالكامل حتى
عام ، 1965بمبادرة من وزارة العدل ،وف ًق ا للقانون توحيد و تعريب و تعريب العدالة المغربية .وهي
مدونة االلتزامات والعقود التونسية الصادرة عام ، 1906والتي كانت بمثابة مسودة أولية للظهير
تشكل مدونة االلتزامات والعقود المغربية .كان المغرب وتونس تحت الحماية الفرنسية في ذلك
الوقت .إن مدونة االلتزامات والعقود التونسية " ،توليفة غير مسبوقة بين القوانين المدنية األوروبية
الرئيسية في ذلك الوقت" (شرف الدين ، 1996ص ، )421تهم بحثنا .إن تدوينها ،الذي عهد به إلى
فقيه إيطالي تونسي من العقيدة اليهودية ،يشكل عمال ً استثنائيًا .في الواقع ،لم يتم تنفيذ هذا
ضا من "الفقه التدوين فقط "على نوع الرموز الفرنسية" ( ، Santillana 1899ص ، )1ولكنه استمد أي ً
اإلسالمي والتشريعات التونسية جميع القواعد المفيدة لهذا العمل" (المرجع نفسه .).عالوة على
ذلك ،نظ ًر ا ألنه "كان من المستحيل عدم مراعاة هذه الحركة العظيمة لألفكار التي تقود أوروبا نحو
وحدة القانون ،وليس أكثر من إهمال العمل التشريعي" ،فقد استفاد المبرمج من مصادر أخرى ،وال
سيما قانون االلتزامات الفيدرالي السويسري ،وقانون التجارة اإليطالي ،والقانون المدني والتجاري
األلماني .ستتم ترجمة الكود التونسي إلى اللغة العربية وستنشر نسخة بهذه اللغة عام .1906
على الجانب المغربي ،استغرق األمر ما يقرب من نصف قرن قبل أن ُيعهد بترجمة الكود إلى أستاذ
مصري ،مدعو للتدريس .القانون باللغة العربية ،في فجر استقالل البالد ،
2
لجماعات جديدة من طالب القانون .إذا كان لديهم خلفية مشتركة ،فقد تمت ترجمة الرمزين إلى
اللغة العربية في ظل ظروف مختلفة ،وبالتالي االمتثال ألهداف مختلفة واستهداف جمهور مختلف.
من خالل مقارنة النسختين في مجملهما (التدوين ،الترجمة ،المراجعة) ،مسألة طرائق النقل
القانوني عن طريق الترجمة وكذلك دور هذا كممارسة تصالحية للغة األجداد أو كمنشئ تكتسب لغة
جديدة امتالئها.
غالبً ا ما تكون ترجمة مدونة ما بدافع من الظروف التاريخية االستثنائية (االستعمار أو تغيير جذري إلى
حد ما في النظام السياسي) ،حدثًا واسع النطاق يحشد موارد بشرية وتقنية كبيرة ج ًدا .ظاهرة
معقدة في حد ذاتها ،بل هي أكثر من ذلك عندما تجمع بين نظامين قانونيين من بلدين مختلفين
ولغتين تنتمي إلى عائلتين لغويتين أجنبيتين .على الرغم من أن الترجمة التشريعية هي الوسيلة
األساسية لفرض حق المستعمر في سياق استعماري ،إال أنه من المدهش قلة االهتمام بهذه
المسألة .من ناحية أخرى ،قد يرجع هذا الموقف إلى حقيقة أن التفكير في الترجمة القانونية ال يزال
"في المرحلة الجنينية" ( .)Glanert 2011، p.130باستثناء أطروحة الدكتوراه ألرماند هيروغويل (
، ) 2000مشاكل الترجمة في الحقوق المدنية الفرنسية والهولندية ،والتي تتعامل مع الترجمة
التشريعية (الكود الهولندي) ،من عمل فاليري دوليون ( ، )2007ترجمة القوانين :ضوء ثقافي ،يركز
على المشاكل التي تثيرها الخصوصيات الثقافية عند ترجمة القوانين المدنية Bürgerliches ،
) Gestezbuch für das Deutsche Reich (BGBلعام 1896والقانون المدني السويسري ( )CCSمن
1907والمقالة التي كتبها ) ، Simone Glanert (2011حول قابلية ترجمة القانون ،لم نجد أي مساهمة
حديثة أخرى حول هذا الموضوع .باإلضافة إلى ذلك ،تأتي كل هذه المساهمات من أوروبا حيث غال ًبا
ما تكون زاوية معالجة الترجمة متعددة اللغات والتخصصات .على األراضي الكندية ال نجد نقاشات
حادة حول الترجمة التشريعية .بالنظر إلى ثنائية اللغة والثنائية اللغة التي تميز اإلنتاج التشريعي في
كندا ،من المدهش أن نالحظ أن الترجمة التشريعية على وجه الخصوص ال تثير العديد من األسئلة
وغالباً ما يتم التعامل معها في ظل المشكلة العامة للترجمة القانونية .هذا هو الحال ،على سبيل
المثال ،كتاب ريمي مايكل بيوبري ( ، )1986الذي يحتفظ فقط بترجمة جزء صغير من معاملته
للتشريع ثنائي اللغة في كندا وحيث الترجمة
ُينظر إليه على أنه مشكلة أكثر من كونه حال ً للمشكالت التي تطرحها ثنائية اللغة الكندية القانونية.
مقالة مايكل ماكنزي ( ، )2009لألسف قصيرة للغاية كما يشير عنوانها" :نظرة عامة تاريخية على
ما حول الترجمة التشريعية في كيبيك ،وال سيما الترجمة التشريعية في كيبيك" ،تثير تساؤاًل مه ً
لغة الترجمة قوانين كيبيك .يدعو المؤرخين للنظر في عملية صياغة القوانين في كيبيك وبالتالي
الترجمة التشريعية نفسها.
إن االهتمام المحدود بالترجمة التشريعية على التضاريس الغربية حقيقي ج ًدا .لكن ال تعتقد أن الوضع
مختلف في أجزاء أخرى من العالم .في الدراسات المتعلقة باستقبال القانون المدني في المغرب
وتونس ،البلدان التي تشكل أنظمتها القانونية أساس بحثنا ،فإن االهتمام الممنوح لممارسة
الترجمة كأداة لهذا االستقبال ضئيل .يبدو أن الفراغ ،النظري والتجريبي ،يميز هذا السؤال .ومع ذلك
،فقد كان جز ًء ا من بداية عملية إنشاء القانون المدني المطبق من االستقالل السياسي لهذه
ما في هذا االستقبال ،حتى البلدان حتى اليوم .من نفس المنطلق ،ال يعتبر المترجم يلعب دو ًرا مه ً
لو كان معجباً به كمحرر أو مبرمج .لذا فإن العمل الحالي هو محاولة لسرد قصة ترجمة تشريعية
امتدت ألكثر من قرن والتي ال تزال آثارها ملحوظة في المجال القانوني الذي يهمنا.
يتعامل عملنا مع لقاء حقين مختلفين ،وال سيما القانون المدني والقانون اإلسالمي .يحكم القانون
المدني العالقات بين الناس .يحتوي على العناصر التي تجعل من الممكن إضفاء الطابع الشخصي
على الشخص (االسم ،الدولة ،الموطن) ،وينظم األسرة (الطالق ،البنوة ،الزواج ،الميراث) وكذلك
العالقات التي يمكن أن يمتلكها الشخص مع الممتلكات (الملكية على سبيل المثال) .دورها
الرئيسي هو حماية المصالح القانونية لألفراد .القانون المدني من أصل فرنسي ؛ إنه مزيج من
القانون الروماني والقانون العرفي والمراسيم الملكية والعمل البرلماني .باإلضافة إلى هذه المصادر ،
تم إثراء هذا الحق من خالل المساهمة الكبيرة لعقيدة لغتها موجودة للغاية في نص المدونة .2
تستمد الشريعة اإلسالمية جوهرها من اإلسالم .مصادرها األساسية هي القرآن ،الكتاب المقدس
للمسلمين ،وتقاليد النبي محمد (صلى هللا عليه وسلم) .هو
2750/5000
وقد تم إثراءه على مر القرون بمساهمة أخرى يمكن وصفها بأنها الفقهية .الفقه هو مجموعة كبيرة مؤلفة من
أعمال المفكرين المسلمين من القرآن والسنة .قبل االجتماع االستعماري ،كانت الشريعة اإلسالمية تحكم
جميع مجاالت الحياة في المجتمع (المدني والتجاري واإلجرامي) .على الرغم من أن القوانين المدنية لم تُفرض
رسميا ً أبداً على السكان األصليين للمغرب وتونس ،إال أن اعتماد هذه البلدان للقوانين الحديثة أوجد حالة من التعددية
التي يعتبر فيها القانون اإلسالمي ،على الرغم من االعتراف بها كمصدر أساسي للحكم .حق ،كان يقتصر على
قضايا األحوال الشخصية (الطالق ،األبوة ،الزواج ،على سبيل المثال) .تم نقل جميع جوانب الحياة المدنية األخرى
(العقود والواليات ،على سبيل المثال) ،على الرغم من وجودها في قانون األجداد ،إلى مجال القانون المدني .بقدر
ما تتعلق إشكالية بحثنا بالعالقة الحوارية ،التي تحافظ عليها الترجمة ،بين القانون المدني والقانون اإلسالمي ،
سنسعى إلى تحديد النصوص المترجمة إلى العربية في المكان المعطى لكل نظام قانوني من خالل الهوية أو
المسلمات الدينية بين المترجمين .وبهذا المعنى ،سعينا ،من بين أمور أخرى ،إلى العثور على آثار لألسلمة أو
االستيالء على الهوية في الترجمات العربية .لقد أعطانا تحليل النصوص بعض المفاجآت حول هذه النقطة على وجه
الخصوص.
جمع االجتماع االستعماري لغتين مختلفتين ،العربية والفرنسية .على الرغم من أنها تسبق القرآن ،إال أن اللغة
العربية مرتبطة بشدة بلغتها .وهي لغة سامية ورمز للعروبة والهوية اإلسالمية في الدول العربية ،ولها خصائصها
الخاصة ،بما في ذلك أبجدية مختلفة ،وبناء جملة ومنطق نصي .اللغة هي أداة القانون ،وقد طرحنا ،مع تقدم
البحث ،أسئلة حول وجود لغة عربية شرعية قبل إنشاء المحمية في المغرب وتونس .إذا كان األمر كذلك ،فهل
استخدم المترجمون هذه اللغة في ترجماتهم؟ إذا كانت اإلجابة سلبية ،فهل يحتاجون إلى إنشاء لغة باللغة العربية
للسماح للغة العربية باستيعاب البيانات الجديدة (المفاهيم والمفاهيم القانونية)؟ ما هو دور الترجمة في تحديد العضوية
في نظام قانوني معين وما هي الوسيلة اللغوية التي تم اعتمادها لجعل هذه العضوية؟
من حيث الكتابة ،يقدم الحقان نفسهان بشكل مختلف .من أجل تسهيل الوصول السريع إلى المعلومات ،يتبع
القانون ،وهو نص قياسي في القانون المدني لإللهام العلماني ،معينًا
2739/5000
منطقي في تنظيم المسائل القانونية .وبالتالي يتم تقسيمها إلى كتب وفصول وأقسام ومقاالت وفقرات وتصنف
في ترتيب ثابت تقريبًا .النص اإلسالمي بشكل عام في شكل تجميع .على عكس قوانين القانون المدني ،فإن
المصنفات اإلسالمية ،التي تكون ضخمة في كثير من األحيان ،ال تستثني الدين (الصالة والصوم والتبرع
والصدقات) .يشغل هذا المكون عمو ًما الجزء األول من العمل ،كونه األكثر أهمية في نظر العلماء المسلمين .عندها
فقط تأتي قواعد جوانب أخرى من الحياة البشرية مثل البيع أو اإليجار .خالل االجتماع االستعماري ،ظهرت
مجموعات إسالمية للباحثين على شكل مجموعات ضخمة ،دون تقسيم إلى مقاالت أو ترقيم أو فهرسة أو عالمات
ترقيم .هذه الحالة دفعت بال شك رغبة معينة من جانب أول المبرمجين الغربيين لتكييف المعرفة القانونية اإلسالمية
مع شكل القانون المدني .مع األخذ في االعتبار الفرق بين التقليد النصي المدني والتقاليد النصية اإلسالمية ،كان
السؤال هو معرفة النموذج النصي (الملحق )2الذي تم اختياره من قبل المترجمين في مجموعتنا.
بطبيعتها ،تمثل جسدنا فرصة ذهبية لمراقبة الترجمة من منظور ما بعد االستعمار .ومع ذلك ،اخترنا أن ننأى
بأنفسنا عن هذا النهج .من خالل القيام بذلك ،لن يلجأ تحليلنا إلى أفكار مؤلفي ما بعد االستعمار (Cheyfitz ،
، Niranjana ، Rafaël ، Saidمن بين آخرين) .لن يتم إنشاء العالقة بين النص المصدر والهدف من وجهة
نظر متضاربة ،من خالل شروط الهيمنة ،اإلمبريالية ،الهيمنة ،السلطة أو العنف الرمزي أو الحقيقي .على نفس
المنوال ،لن يتم وضع الترجمة ،في تحليلنا ،تحت عالمة السلبية ،كمصدر للتثاقف القانوني ،أو الهيمنة الرمزية أو
الخطاب الذي خدم إلضفاء الشرعية على االستعمار أو سلطة "النخبة .لن يُنظر إليها على أنها مصدر المصائب التي
أصابت البلدان المستعمرة سابقا ً .سوف نتجنب ازدواجية شخصية المترجم (المستعمر أو المستعمر) التي يلتزم بها
نهج ما بعد االستعمار وكذلك حصر الترجمة نفسها "بين القمع والمقاومة" ( .)Basalamah 2010، p. 182لن
يتم القبض على المترجمين من مجموعة أجسامنا ،مثل كتابات ال ُكتَّاب في هذا الكتاب ،من حيث المقاومة أو
التخريب ،بعيدًا عنه.
إن طبيعة المجموعة المختارة (النصوص التاريخية ،األنظمة القانونية المختلفة ،المجتمعات المختلفة) تضع أبحاثنا
في تضاريس متعددة التخصصات .يتم وضعها على حدود قانوني (قانون مقارن) ،اجتماعي و متعد .جعل اجتماع
القانون واللغة من المستحيل عدم استدعاء المفاهيم المقارنة للتعامل ليس فقط مع الحقوق المطروحة ،ولكن أيضًا
لغات هذه الحقوق .ستكون الزاوية االجتماعية ذات شقين .من ناحية ،سنأخذ في االعتبار اإلنجازات المعترف بها في
الفضاء االجتماعي التقويمي ( Gouanvicو Wolfو ، Inghilleriمن بين أمور أخرى) التي تمنح مكانًا مه ًما ،على
عكس النظريات االنتقالية التقليدية (النظامية والثقافية وما بعد االستعمارية) ،للترجمة مثل هذا الحدث االجتماعي
الذي يجلب عناصر التنبيه الخاصة به بخالف النص المصدر والنص الهدف .يرتبط منظور علم االجتماع االجتماعي
بشكل خاص بأبحاثنا من حيث أنه يسلط الضوء على قبل وبعد عملية الترجمة .بالمناسبة ،يتم أخذ األشخاص (الكتاب
،المترجمين ،من بين آخرين) الذين يتدخلون في النص وكذلك التفاعالت التي يمكنهم إجراؤها مع بعضهم البعض
في االعتبار .من ناحية أخرى ،سوف نستعير من علم االجتماع القانوني األسس المفاهيمية (تحليل النص ،العالقة
بين القاعدة وجوهرها ،دور الجهات الفاعلة ،التصنيف القانوني) ذات الطبيعة للسماح بتحليل مجموعة معقدة مثل
لنا (تعدد النظم القانونية والمراجع واالنتماء القانوني) .بما أن عملنا هو ترجمة بشكل أساسي ،فسوف نأخذ في
االعتبار التفكير القانوني (إجراءات الترجمة المطبقة على القانون).
تنقسم أطروحتنا إلى خمسة فصول .يعرض الفصل األول مشكلة البحث التي سنعرض فيها عناصر عملنا (الحقوق
واللغات ،االختالفات بين البيان اإلسالمي والبيان المدني) وكذلك خصوصيات البيان القانوني لكل حق في السؤال.
نظ ًر ا ألن مجال القانون المدني واسع النطاق ،فسوف نركز على الجزء المخصص لاللتزامات والعقود التي سنسعى
فيها إلى معرفة الفرق بين نهج القانون المدني والنهج اإلسالمي للبيان القانوني .سنشرح ،في الفصل الثاني ،حالة
الفن في علم الترجمة ،وسنضع بحثنا في اإلطار النظري الذي ينتمي إليه ،أي التيار االجتماعي للترجمة .كظاهرة
اجتماعية ،يتم تناول ترجمة مدونة في شموليتها الجمالية والقانونية والدينية .يركز الفصل الثالث على تاريخ تدوين
القانون المدني في المغرب ،وبالتالي تاريخ هذا التدوين ،القانون التونسي ( .).C.O.Cيعرض الفصل الرابع
السياقات التاريخية لنصوص المصدر والهدف (التدوين والترجمة) .سيتم حجز الفصل الخامس واألخير للتحليل
المقارن للنسخ العربية من مجموعتنا الستكشاف الجوانب المصطلحات واألسلوبية للنصوص .سنبحث في النص
المصدر والهدف عن العناصر النصية لالنتماء إلى نظام معين .سنركز على المقاالت المشتركة في النسختين
العربيتين من أجل تحديد االستراتيجيات التي يستخدمها المترجمون واستكشاف العوامل (االجتماعية والثقافية
واأليديولوجية) التي كان من الممكن أن تحفز على تبني شكل معين من الترجمة .على حساب آخر
2222/5000
الفصل 1النظام القانوني والتقاليد النصية والترجمة
البحث الحالي محاولة لفهم وإبراز دور الترجمة في حركة المعرفة القانونية ،وخاصة في مجال القانون
المدني .يركز على سؤال معين ،وهو كيف يمكن أن تساهم الترجمة ،في سياق النقل القانوني ،في إنشاء القانون
المدني باللغة العربية في مساحة اجتماعية ثقافية يهيمن عليها بالفعل قانون آخر (القانون اإلسالمي) .نقترح متابعة
تطور الظاهر بتشكيل مدونة لاللتزامات والعقود ( ، )D.O.C. ، 1913القانون المدني للمغاربة .من خالل هذه
ض ا نصها السابق ،نص تشريعي بمسار معين ،مدونة االلتزامات والعقود التونسية (C.O.C.
المدونة ،سوف نتبع أي ً
.)، 1906سنالحظ في هذه النصوص التشريعية دور الترجمة في تغيير النموذج النصي والبيان التشريعي في
المجال القانوني لجمعيتين مغاربيتين ،المغرب وتونس .من خالل القيام بذلك ،نقترح استكشاف القضايا االجتماعية
التي تكمن وراء فعل الترجمة نفسه ( اختيار المترجمين أنفسهم ،واالختيار بين الترجمة والتدوين ،ودور الفاعلين
االجتماعيين اآلخرين في عملية الترجمة .وعلى المادة المراد ترجمتها) .عالوة على ذلك ،فإن البحث الحالي هو
محاولة لفهم أسباب الحالة الثانوية التي يبدو أنها مرتبطة بعملية الترجمة كأداة للتحويل القانوني في مجال التحليل
الذي يهمنا ،وهي ظاهرة استقبال نص القانون المدني في األماكن القانونية المغربية والتونسية .في سياق تبدو فيه
الحدود بين التدوين والترجمة في بعض األحيان غير واضحة للغاية ،فإننا نعلق أهمية كبيرة على األساليب
التحريرية والترجمة المعتمدة.
1.1مكونات المشكلة :الحقوق واللغات المعنية
تحلل هذه الرسالة العالقة الحوارية بين قانونين رئيسيين ،المدونة التونسية لاللتزامات والعقود والظهير الذي يشكل
مدونة لاللتزامات والعقود .وبذلك يجمع ما ال يقل عن حقين ( 3القانون المدني والقانون اإلسالمي) ولغتين
ضا موج ًزا لهذه العناصر.
(عربي و فرنسي) .في الصفحات التالية ،سنقدم عر ً
1.1.1القانون المدني والقانون اإلسالمي :نهجان مختلفان لقانون االلتزامات والعقود
تخضع الحقوق حول العالم لعدة تصنيفات .األكثر استخدا ًما هو رينيه ديفيد وكاميل Jauffret-Spinosiالذين يصنفون
الحقوق في العائالت .ووفقًا لهؤالء المؤلفين ،فإن هذا النوع من التصنيف "قادر على تسهيل عرض وفهم الحقوق
المختلفة للعالم المعاصر" ( .)David and Jauffret-Spinosi 1992، p. 15بشكل عام ،من المعتاد بين المؤلفين
المقارنين (ديفيد ،غامبارو ،من بين آخرين) تصنيف القانون الفرنسي إلى عائلة الحقوق الرومانية الجرمانية .تشمل
هذه العائلة الدول التي تم فيها تشكيل علم القانون على أساس القانون الروماني .يشكل القانون المدني ،موضوع بحثنا
،الفرع الرئيسي لهذا القانون.
القانون المدني الفرنسي هو مزيج من مفاهيم القانون الروماني ،والحقوق العرفية ،والمراسيم الملكية والفقه
البرلماني ( ، Atias 2001صفحة .)7باإلضافة إلى هذه المصادر ،تم إثراء هذا الحق أي ً
ضا من خالل المساهمة
الكبيرة للعقيدة ( .)Aubry ، Demolombe ، Domat ، Pothier ، Rauالمصادر المعترف بها لهذا الحق هي القانون
والعرف والفقه والعقيدة (كورنو ، 2007ص )147وكذلك بعض المبادئ العليا (ديفيد وجافريت سبينوسي 1992
،ص .)83القانون المدني هو الموضوع الرئيسي للقانون الخاص ،أي القانون الذي يحكم العالقات بين األشخاص
(األفراد) .وهو يشكل القانون العام للدولة ،بمعنى أن أحكامه تطبق في حالة عدم وجود نص محدد (Essaid 2010،
)p. 28أو حق االستثناء ( .)Émond and Lauzière 2005، p 49يغطي القانون المدني مسألة قانونية واسعة النطاق.
يحكم العناصر التي تجعل من الممكن تفريد الناس ،بما في ذلك االسم والحالة االجتماعية والسكن ؛ ينظم األسرة ،
وال سيما مسائل الزواج ،البنوة ،الطالق ،الميراث ؛ كما أنه يحكم االمتيازات التي يمكن أن يتمتع بها األفراد فيما
يتعلق بشخص أو شيء ما ( .)Essaid 2010، p. 29يشمل هذا الفرع من القانون الخاص جميع قواعد قانون الدولة
المستخدمة لتحديد الحقوق الشخصية لألفراد والسماح بتنفيذها أمام المحاكم .له
يتمثل الدور الرئيسي في حماية المصالح القانونية لألفراد (.)Émond and Lauzière 2005، p. 44
تم تأسيس القانون اإلسالمي كمصدر أساسي للحقوق الحالية في معظم البلدان العربية .في الواقع ،وباستثناء بعض
الدول النادرة مثل تركيا أو ألبانيا "التي علمنت قانونها واستبدلت القانون القرآني بالقوانين األوروبية ،تواصل معظم
الدول اإلسالمية المطالبة -في دساتيرها ،أو قوانينها أو قوانينهم -ارتباطهم باإلسالم والشريعة اإلسالمية "(السيد
، 2010ص .4 )104بشكل عام ،من المعتاد تصنيف هذا الحق في عائلة الحقوق الدينية (David and Jauffret-
.5 )Spinosi، 1992يبدأ تاريخها قبل مجيئ النبي محمد في الحجاز (المملكة العربية السعودية الحالية) ويشكل
نتيجة "النشاط القانوني لعدة قرون" (شحاتة ، 2005ص )42وكذلك نتاج "األنشطة" مدعومة بخطوط فقهاء
منتشرة في أكثر من نقطة في اإلمبراطورية العربية الشاسعة ”(المرجع نفسه ،ص .6 )42تستمد الشريعة
اإلسالمية جوهرها من اإلسالم ،حيث أنها "جانب واحد فقط" ( .)David and Jauffret-Spinosi 1992إنه مبني
على القرآن ، 7الكتاب المقدس للمسلمين ،وعلى السنة النبوية ،أي "تعاليم النبي ،التي يرسلها ويكملها أصحابه ،
من قبل تالميذ األخير ،مقننة .من قبل مؤسسي المدارس األرثوذكسية األربعة ،علق عليها الفقهاء القدماء والحديثون
”( .)Zeys 1885، p. ixللتلخيص ،يمكننا القول أن من المعتاد تسمية الشريعة اإلسالمية تتكون من مصدرين ،إلهي
واحد واآلخر إيجابي .المصدر اإللهي يتألف من القرآن والسنة ،المصادر المؤهلة بشكل عام مقدسة .المصدر
اإليجابي هو بطريقة ما استمرارية األولى ،لكنه يختلف في أنه عمل الرجال .هذا يسمى الفقه الكبير
4 ينص الدستور المغربي ( )2011في مادته " :3اإلسالم دين الدولة ،الذي
يضمن ممارسة العبادة بحرية للجميع" 5 .نتساءل عن مدى صلة تصنيف ديفيد اآلن .حول هذه النقطة ،يبدو أن
شحاتة ( )1967أكثر إثارة لالهتمام .مع مراعاة وضعها المختلط ،تضع القانون الحالي ليس في المجال اإلسالمي ،
ولكن في عائلة من الحقوق العربية الرومانية 6 .وقد أخذ ما أصبح يسمى قانونًا مسل ًما في االعتبار وجود "مجموعة
معيارية غير إسالمية ،غالبًا ما تكون ذات أصل عرفي موضعي والتي أصبحت ،بعد أن اجتازت هذا الفقه ،
إسالمية" ( بوتيفو ، 1990ص 7 .)182.تعريف للقرآن قدمه أنطونيو جامبارو في Le droit de l'occident et
مكان آخر ( ، 2011ص " )350يحدد القرآن المبادئ التي يجب أن يخضع لها المؤمنون والتي تشكل الشريعة ،
وسيلة اتبع في مجال الصالة والصوم والطقوس واإلحسان والحياة األسرية .بالنسبة للمسلمين ،تنبثق هذه القواعد من
هللا وتؤسس بشكل شامل الواجبات المفروضة على المؤمنين .بسبب مصدرها اإللهي ،ال يمكن ألحد تعديلها .وهذا
صحيح أكثر ألن المجتمع المسلم ليس منظ ًما وفقًا لهيكل هرمي حقيقي يسمح لمن هم في ذروته أن يقولوا ما هي
الحقيقة ويضعوا قواعد سلوك ملزمة " "مجموعة القواعد التي رسمها فقهاء الوحي اإلسالمي" (Botiveau 1990، p.
.)182، note 3تأسس لقرون من قبل علماء المسلمين ( ، Rawatbi 2006ص ، )185.هذا الجسم هو نتيجة جهد
عقائدي (ولكن أساسه هو امتداد للقرآن والسنة) الذي تقوم به المدارس الفكرية l :مدرسة الحنفيت بأبي حنيفة ،
ومدرسة مالك بن أنس (أجاب في المغرب العربي) ،والمدرسة الحنبلية بن حنبل والمدرسة الشافعية .يقوم االستدالل
القانوني لهذه المدارس على عدة إجراءات .األول في األهمية هو اإلجماع ،أي اإلجماع بين الفقهاء ( 9ص .الفقيه) ،
على أساس الحجة القائلة بأنه من المستحيل أن المجتمع المسلم بأكمله (األمة) أخطأ في سؤال (Gambaro 2011،
.)p.351والثاني هو القياس الذي استخدمه الفقهاء في كثير من األحيان بعد انتشار اإلسالم خارج شبه الجزيرة
العربية وحدث نزاعات لم تكن معروفة من قبل .وبحسب مليوت ،فإن القياس ( ، 1953ص " ، )448إن لم يكن
الوحيد ،على األقل الوسيلة العظيمة التي تمكن النظام التشريعي اإلسالمي من أخذ حركة الحياة وحقائق الخبرة
والحقائق التاريخية في االعتبار .ويفترض [ ]...النداء إلى قانون السوابق " .هناك عمليات أخرى للتفكير القانوني ،
بما في ذلك االستحقاق (مع مراعاة الكفاءة والفائدة والحاجة إلى إجراء) و ( istihsanتفضيل الحل على آلخر من
منظور المصلحة العامة) .يتم االستدالل القانوني في إطار ما يسمى االجتهاد ، 10وهو جهد عقائدي فردي
للمجاهدين .بفضل االجتهاد ،نجح الفقهاء المسلمون في "فرض تمثيل للعالم يتقاسمه مختلف المجتمعات ،في العالم
العربي وخارجه ،لجعل الشريعة اإلسالمية ،التي يفسرها الفقه "،قوة متجانس ،إنشاء oikumeneقانوني "" (
، Geertz 1986ص 242.؛ استشهد في ، Botiveau 1990ص .)186.غالبًا ما يطلق على القانون اإلسالمي
الشريعة ،أي الطريق للذهاب (ديفيد وجافريت سبينوسي ، 1992ص )3الذي يجب على كل مسلم احترامه .يشير
8 المصطلح العربي لهذه المدارس هو مذهب (جمع مذهب) الذي يعني
"الرأي أو الفكرة التي يختار المرء أن يتبناها" (حالق ، 2005ص 9 .)150ربما يكون أفضل ما يعادل فكرة
الفقيه هو ديفيد و ، 1992( Jauffret-Spinosiص " :)367الفقيه الالهوتي" .يجعل هذا المفهوم معقدًا في مساحة
تتميز بعدم الفصل بين القانون والدين وحيث يتولى الرجال المتعلمون وظائف مدنية ودينية 10 .االجتهاد لم يعد
مقبوال هذه األيام .يجب على المسلمين "مراعاة تعاليم األطباء من األجيال السابقة ،وخاصة أولئك الذين يعتبرون من
مؤسسي المدارس (المدائن) .يبدو أن أي تفسير أصلي جديد محظور إلى األبد ”(David and Jauffret-Spinosi
.)1992، p. 374وقد أدت أسباب تاريخية معقدة إلى هذا اإلغالق .وفقا لدوبريت ( ، 1995ص ، 127مالحظة )1
،االجتهاد "حرفيا ،هو أن يتألم .هو المصطلح الفني المستخدم في ما يسمى الشريعة اإلسالمية لتعيين استخدام
المنطق الفردي ،أو بمعنى أكثر تقييدًا ،استخدام المنطق التناظري في القرآن أو السنة .ممارسة االجتهاد ال تنطوي
على معصومة ،وبالتالي فإن النتيجة هي دائ ًما رأي معصوم (زان) ،وهو ما يفسر سبب تقدير تبادل اآلراء
والمناقشة .للمسلم كيف يتصرف ،وماذا يفعل أو ال يفعل ويحكم حقوقه وواجباته تجاه هللا والمجتمع والرجال.
يبدو من المناسب الخوض في التعبير عن عبارة "الشريعة اإلسالمية" التي يستحق استكشاف معناها .وفقا لعالم
االجتماع القانوني ، 2012( Beaudoin Dupretص " ، )9من البديهي أن نقول أن مفهوم" الشريعة اإلسالمية "هو
فئة اجتماعية" .إنه فقط "بناء علمي" أنشئ بهدف فهم "ظاهرة التطبيعية في المجتمعات اإلسالمية" ((Buskens and
.)Dupret 2012، p. 58إبداع مستشرقي أصبح عالميًا " ،اختراع أكاديمي وسياسي وعملي" (المرجع نفسه) " ،فئة
علمية ومعيارية ،وبالتالي اختراع قانوني مستشرق يتخلله إلى حد كبير المفهوم الغربي للقانون اإليجابي .يمكن
للمرء أن يقول ،بعد جاك دريدا " ،العنف" المفاهيمي والمعرفي ،ولكن مع الفروق الدقيقة التي يمتلكها علماء وفقهاء
الشرق إلى حد كبير ،للمشاركة في العملية [(" .]...المرجع نفسه)" Dupret and Ferrié (1997، p. 12) .ظهروا في
مبدأ النهج االستشراقي ،ألنه سمح بالتظاهر بقراءة مجتمع بمفرده ،مع اإلشارة إلى بنائه الخاص للمعنى .وبالتالي
فإن تعبير "الشريعة اإلسالمية" يعكس تصوراً غربيا ً لكامل األمر الذي يحكم الحياة القانونية للمسلمين ويفرض نهجا ً
على المسألة اإلسالمية فقط من خالل المخططات والفئات التي هي خارجها .هذا .وبالتالي يفشل في أن يرى في هذه
المجموعة من القواعد مفهو ًما مختلفًا عما هو معتاد في التصنيف في فئة القواعد والمعايير التي تحكم حياة األفراد في
مجتمع معين .وبهذا المعنى ،يبدو مصطلح "قانوني" في حد ذاته اختزاليًا ،ألنه يشير بالضرورة إلى مجموعة من
القواعد الثابتة والمدونة التي يتطلب فهمها استخدام تمثيالت تصنيفية معينة .من وجهة نظر متعدية ،ال تمنع الحاجة
إلى التصنيف لفهم المترجم من مواجهة قيود معينة ،وأهمها عدم المراسالت أو المراسالت النظرية الجزئية بين
المصطلحات .تم شرح هذه القيود جيدًا من قبل ديفيد وبريرلي ( ، 1985ص ، 16.استشهد بها ، Sarcevic 1997
ص :)14.
يُعد غياب التطابق الدقيق بين المفاهيم والفئات القانونية في النظم القانونية المختلفة من أكبر الصعوبات التي تواجهها
في التحليل القانوني المقارن .من المتوقع بالطبع أن يلتزم المرء بقواعد ذات محتوى مختلف ؛ ولكن قد يكون من
المقلق اكتشاف أنه في بعض القوانين األجنبية ال يوجد حتى هذا النظام لتصنيف القواعد التي نعرفها .ولكن يجب
مواجهة الحقيقة أن العلم القانوني قد تطور بشكل مستقل داخل كل عائلة قانونية وأن تلك الفئات و
3264/5000
قد تكون المفاهيم التي تبدو أولية للغاية ،جز ًءا كبي ًرا من النظام الطبيعي لألشياء ،إلى فقيه من عائلة واحدة
غريبة تما ًما عن أخرى.
غالبًا ما يستخدمه المؤلفون الغربيون (واالستعماريون) 11 ،ناد ًرا ما يستخدم مصطلح "الشريعة اإلسالمية"
(المعروف بقانون إسالمي) إال من قبل مؤلفي التعبير العربي .لهذا السبب نفضل فكرة الفقه عليها في الفصل األخير
من عملنا .يسمح لنا فحص أعمال القانون المقارن المكتوبة باللغة العربية من قبل المؤلفين المعاصرين بإبداء تعليقين.
بادئ ذي بدء ،ظهور تعبير "الشريعة اإلسالمية" حديث ،أي أنه غائب بين المؤلفين العرب الكالسيكيين وكان
سيظهر بعد االجتماع االستعماري 12لتلبية الحاجة إلى التصنيف ( الشريعة اإلسالمية ضد الشريعة الغربية) .ثانيًا ،
ناد ًرا ما يستخدم المؤلفون العرب المعاصرون المعادل العربي المباشر لعبارات "الشريعة اإلسالمية" أو "الشريعة
اإلسالمية" ،أي القانون اإلسالمي .لمعالجة هذه الفكرة ،يستخدمون أسماء أخرى مثل tash ri 'islamiو
) charî'a islamiya (Abdel-Baqi 1984، Rawatbi 2006 and Benmoussa 2006أو fiqh
.islami (Abdel-Baqi، 1976 and 1984) 13يبدو أن مترجم النسخة المغربية من جسمنا يعارض الفقه
في القانون في كتاباته .تفتح هذه العبارات الباب أمام مالحظة .في الواقع ،على الرغم من أنها تبدو وكأنها تضخم ،
بمعنى أن مصطلحي "الشريعة" و "التشري" يبدو أنهما يلتزمان بالروح الغربية لإلسالم ،فإن هذه التعبيرات يمكن
أن تشير إلى نسبة المؤلفين المسلمين إلى التشريعات األخرى (الحقوق أو التشريعات) ،وال سيما الملحق الغربي
(القانون الغربي) أو الملحق الفرنسي (القانون الفرنسي) أو غيرهم .وبالتالي ،ال يبدو أن الكتاب العرب المسلمين
يحتفظون بمصطلح "الفقيه" للمسلمين فقط .يمكنهم أن يحددوا أنه فقيه إسالمي أو فقيه غربي (فاطمة غربي) (دومة ،
على سبيل المثال) .وبالتالي يتم استخدام المصطلح بمعناه العام ،أي أن شخصًا ضليعًا في مجال معين .وبالمثل ،
يبدو تعبير "القانون المدني" غير مناسب في سياق عربي مسلم
11 يقصد بعبارة "المؤلفون االستعماريون" المؤلفون الذين عانوا من
الظاهرة االستعمارية من الداخل ،والذين غالبًا ما كانوا يشغلون مناصب رفيعة في الجهاز االستعماري (القضاة ،
كبار المديرين) أو المناصب ذات الطبيعة القضائية التي مكنتهم لوصف المساحة القانونية للمجتمع المستعمر
(المترجمون ،المستفيدون وغيرهم) .و ُكلف هؤالء المؤلفون غالبًا بمهام بحثية حول "عادات" سكان البلدان
المستعمرة .في سياقنا ،شارك هؤالء المؤلفون في مسعى هائل لتوثيق قانون السكان األصليين .إنهم مدينون لهم
بتصدير معرفة الشريعة اإلسالمية للعالم 12 .شاهد حدوث هذا التعبير في التدوينات األولى وترجمات الفقه التي قام
بها العديد من المستشرقين ( ، Perron ، Seignette ، Zeysمن بين آخرين) .يستخدم على نطاق واسع
يتخللها بقوة الدينية .يبدو أن السيد ( ، 2010ص ، )28أستاذ بكلية الحقوق بالرباط ،يجد هذا التعبير
غير الئق في السياق المغربي .يقول في هذا الموضوع:
يجب توضيح مسألة المصطلحات .في تشريعات مثل القانون المغربي ،الذي يشرب إلى حد كبير
بقواعد األصل الديني ،قد تبدو مصطلحات "القانون الخاص" أفضل من مصطلحات "القانون المدني".
في الواقع ،غال ًب ا ما ينطوي مفهوم القانون المدني على وجود قانون علماني ،قانون مختلف عن
الدين :وهو ليس كذلك هنا.
وألنها تستمد جوهرها من الدين ،فغالباً ما ُتفهم الشريعة اإلسالمية على أنها ثنائية :اإلنسان ضد
اإلله .كتب زيس ،في مقدمة لمعاهدته األساسية للقانون الجزائري ( ، )1885أن القانون الغربي
"إنساني محض ؛ المصادر البشرية ؛ إنه عمل مثالي للرجال وينطبق فقط على النزاعات المادية
للرجال .الشريعة اإلسالمية ،على العكس من ذلك ،تنبع من الوحي .ومن هنا جاءت النتيجة أنه
ليس عرضة ألي تحسن .محكوم عليه بعدم الثبات ،ألنه وصل ،في نظر المؤمنين ،إلى كماله
الكامل ،في نفس اليوم الذي صدر فيه " .إن اإلشارة إلى األصل اإللهي للشريعة اإلسالمية هي
موضوع معالجتين مختلفتين .يحث الكتاب االستعماريين وكذلك بعض الكتاب الغربيين المعاصرين على
وصف الشريعة اإلسالمية بأنها عقائدية وال تتغير .من جهة أخرى ،يستشهد المؤلفون المسلمون
بالجهود العقائدية للفقهاء ،وال سيما االجتهاد ،لدحض هذه الفكرة (عبد الباقي ،شهبون ،من بين
آخرين) .غالبً ا ما يتم التذرع باألصل اإللهي كمنارة للعدالة المطلقة ،وحماية ضد التعسف في القواعد
التي من صنع اإلنسان .على سبيل المثال ،في التعامل مع نظرية رذائل الرضا (الخطأ ،الغش ،
العنف واإلصابة) ،يقول عبد الباقي ( ، 1976ص )195أن "الفقه اإلسالمي ،كونه شريعة إلهية ،
يسعى لجعل الرجل المثالي ويدين فيه الغش (الغيش) والخداع (الخديعة) والمكر (االحتال) .ونتيجة
لذلك ،يعلق أهمية كبيرة ،أكثر بكثير من القانون المعاصر ،على معالجة القضايا على أساس
األكاذيب (كادب) والممانعة (كيتمان) " .14وبعي ًدا عن هذه االختالفات في المنظور ،فإن وجود
المتدينين في الشريعة اإلسالمية حقيقي ج ًدا .في الفكر اإلسالمي ،يجب تضمين جميع جوانب
الحياة في الدين .ونتيجة لذلك ،ال يوجد فصل بين الدين والقانون .يجب أن يمتنع المسلم الصالح عن
ارتكاب األفعال السيئة في سلوكه ومعامالته اليومية .ومع ذلك ،فإن العالقة بين القانون والدين
ليست فريدة في القانون اإلسالمي من وجهة نظر فلسفية ،يكتب كورنو " ،القانون واألخالق والدين
ينتمون إلى نفس الترتيب" .ويضيف أنه "بالنسبة لبعض الواجبات األولية التي تم تكريسها قانونًا ،
يتطابق نطاق القانون ومجال األخالق .بعض الوصايا ،التقوى البنوية ،احترام الكلمة ،كالهما قانوني
وأخالقي ”(كورنو ، 2007ص .)23لقد أصبحت حركة العلمانية تحجب هذه العالقة .لم يكن هذا هو
الحال ،على األقل حتى االجتماع االستعماري ،في بلدان العقيدة اإلسالمية.
في األسطر التالية ،سنناقش بروح المقارنة بعض االختالفات بين القانون المدني والقانون اإلسالمي
في مسائل االلتزامات والعقود .إنها ليست دراسة مستفيضة للقانون المدني والقانون المدني
ومعادلته اإلسالمية .إنها باألحرى مسألة إظهار المفاهيم المختلفة لبعض المفاهيم المشتركة بين
الحقوق.
تكشف المقارنة بين الحقوق المدنية واإلسالمية رؤيتين مختلفتين للمعرفة القانونية والعالمية.
مبسطة للغاية ،يلقي الضوء على اللقاء بين حق الجوهر اإللهي وحق الجوهر اإلنساني .وبهذه
الطريقة ،يبدو الحقان غير قابلين للتوفيق ،حتى عكس ذلك .في هذا السياق ،يمكن للمرء أن
يطرح أسئلة حول التوافق بين نظامين وضعهما العديد من المؤلفين ،بداهة ،على أساس االختالف.
على سبيل المثال ،وعلى عكس القانون المدني ،لم يطور القانون اإلسالمي نظرية عامة
لاللتزامات .كتب فقيه مقارن حول هذا الموضوع:
نحن نعلم أن النظرية العامة لاللتزامات ،كما هو موضح في التدوين الفرنسي ،تقوم على عناصر
رومانية بحتة .ظل هذا البناء غريبً ا على مر القرون لتقنية الشريعة اإلسالمية .ال بد أن تكامل هذه
النظرية ،في تدوين كان سيتم تطبيقه على دولة ذات تقاليد إسالمية عمرها قرون ،بدا وكأنه تح ٍد
(شحاتة ، 1965ص .)843
عالوة على ذلك ،سيكون من العبث ،بحسب هذا المؤلف ،السعي إلى أي تصنيف لمصادر االلتزام
في النصوص المقدسة (شحاتة ، 2005ص ، )103.ألن القرآن لم يحكم في مسائل االلتزامات سوى
القليل من المبادئ .التي تندرج تحت التوصيات أو القواعد األخالقية (المرجع نفسه ،ص .)47يشرح
شحاتة عدم وجود نظرية عامة لاللتزامات في الشريعة اإلسالمية من خالل ربط الفقهاء إليجاد حل
للقضية التي يمكن أن تعرض عليهم دون القلق بشأن وضع القواعد العامة على الرغم من أن الفقهاء
احتفظوا بمكان مهم للعقود (العود )pl. of aqd ،في أعمالهم ،إال أنهم لم ينصبوا هذا الجزء المهم من
القانون المدني في فئة منفصلة "على سبيل المثال ،في القانون األمريكي أو الفرنسي يوضحها
في الكتب والمقاالت "(حالق ، 2009ص .)239وف ًقا لسكراني " ،بنا ًء على الدين واألخالق ،لم يهتم
علماء الفقهاء اإلسالميون -مثل الرومان -بتصنيف العقود أو وضع قيود على إرادة األطراف المتعاقدة ،
إال من خالل اتخاذ حساب االعتبارات األخالقية أو االجتماعية أو الدينية ”(سكراني ، 2009ص .)202
لذلك ،ال توجد نظرية عامة للعقود في الشريعة اإلسالمية .يعامل الفقهاء كل عقد على حدة ويحدد
القواعد التي تنطبق عليه.
يتعلق االختالف بين الحقوق بمفهوم العقد نفسه .في القانون المدني ،يعتبر العقد أوال ً وقبل كل
شيء اتفاق إرادة بين شخصين أو أكثر ،فهو منشئ االلتزامات .تصنيفها مختلف أي ً
ضا .نحن نتحدث
عن عقد بدون وصفة وعقد عضوية ،وعقد التزامن وعقد من جانب واحد ،وعقد تبادلي وعقد
عشوائي ،من بين أمور أخرى .على الرغم من أن هذه المصطلحات ال تظهر في مجموعتنا ،إال أنه
سيكون من المثير لالهتمام أن نسأل أنفسنا وف ًق ا للطرائق التي سيتم تمريرها ،باللغة العربية ،
بقدر ما نستورد ليس فقط المصطلحات ،ولكن أي ً
ضا الفئات والتصنيفات التالية التي يتم تنظيمها .في
القانون اإلسالمي ،يمكن أن ينشأ العقد من إرادة واحدة (على سبيل المثال ،تبرع) .ال يعرّف
الفقهاء العقد على أنه اتفاق يخلق التزامات (شحاتة ، 2005ص ، )103.ولكنه يتبنى منظو ًرا
موضوعيًا يعني "أن العقد ُيرى فقط من خالل نتائجه النهائية" (المرجع نفسه) ، 15 .أي أن العقد
مصنف تبعاً لتأثيراته وليس كعالقة بين الطرفين .هذا المنظور يجعل مفهوم العقد في الشريعة
اإلسالمية أقرب إلى الفكرة المدنية "للعمل القانوني" (عبد الباقي ، 1976ص )51ويصنف كعقد
ليس فقط البيع والتوظيف ،من بين أمور أخرى ،ولكن أي ً
ضا الوصية ،الوقف (تجميد الممتلكات) ،
الطالق (من جانب واحد) ،إلخ( .عبد الباقي ، 1976ص .)50اعتما ًدا على درجة الصالحية (الدباغ
، 2013ص ، )418يمكن أن يكون العقد "إلزاميًا" (عقد بيع ،عقد إيجار ،من بين أمور أخرى) أو ja'aiz
"تصريح" (شركة ،قرض ،وديعة) .نجد في الشريعة اإلسالمية عدة مؤهالت و
15 شحاتة ( ، 2005ص )103يقترح تعريفًا للعقد ()periphrasis
"اتفاق إرادة يخلق حالة جديدة" .النماذج المتعلقة بالعقد حسب تأثيره .العقد :صحيح (صالح) ،
باتل ،باطل (معيب) ،جايز (مسموح به).
بح ًث ا عن المساواة التامة بين األطراف المتعاقدة ،يرفض القانون اإلسالمي أنواعً ا معينة من العقود ،
ال سيما تلك التي تنطوي على مخاطر (الغرر) .16على سبيل المثال ،يجب أال يكون موضوع العقد
موجو ًدا (ليس أب ًدا مستقبال ً) فحسب ،بل يجب تحديد خصائصه بدقة كبيرة (الخوف من الخطر) .بهذه
الطريقة ،ال يتسامح القانون اإلسالمي مع جانب هام من القانون المدني :الغموض وعدم اليقين.
هذا هو السبب في أنه يولي أهمية كبيرة لدقة المعنى ،وال سيما من خالل استخدام المصطلحات
والمرادفات وشرح الفروق الدقيقة بين المرادفات .وتجدر اإلشارة إلى أن صياغة ( )sighaالعقد نفسه
مهمة في الشريعة اإلسالمية.
يعامل القانون اإلسالمي المفاهيم الرئيسية لتفكير القانون المدني في مسائل االلتزامات والعقود
بشكل مختلف .وال يعتبر مفهوم السبب (عبد الباقي ، 1984ص )460أحد عناصر العقد .ال توجد
نظرية لقضية مثل تلك الموجودة في الفكر الحضاري .كما يعامل مفاهيم أخرى مثل الخطأ أو االحتيال
أو العنف أو اإلصابة بشكل مختلف .في القانون المدني ،هذه المفاهيم هي جزء من نظرية رذائل
الموافقة وتعكس المواقف التي ال تتوافق فيها اإلرادة المعلنة مع اإلرادة الحقيقية .طبقاً لعبد البقيع (
، 1976ص " ، ) 180الفقهاء المسلمون لم يتعاملوا مع الخطأ على أنه رذيلة .لم يعطوه نفس األهمية
مثل االحتيال والعنف ،اللذين علقا عليهما أهمية كبيرة ،وخاصة األخيرة " .17يعكس الخطأ بشكل
عام شكاًل من الجهالة ،أي الجهل بواحدة أو أكثر من خصائص كائن العقد .المثال الكالسيكي الذي
قدمه العديد من المؤلفين هو شراء ما كان يعتقد أنه ماسة ،عندما اتضح أنه زجاج (حالق ، 2009ص
.)244.وفقا لعبد البقيع ( ، 1976ص ، )182فإن فكرة الخطأ هي
16 ال يتم التسامح مع بعض العقود التي تنطوي على مخاطر
إال عندما تعتبر ضرورية للمجتمع ،مثل عقد سليم واالستصناع (حالق ، 2009ص .)244.في التمويل
اإلسالمي ،أسس النظام ،يعرّف المؤلفون (عليوي ،جليل ،بدراوي ، 2015ص )9عقد سليم بأنه
"أسلوب يتألف من دفع ثمن السلع المحددة سلفًا مسب ًقا" .هو بيع آجل ،ويتم تسليمه في
المستقبل ،ويتم الدفع نق ًد ا .يعتبر بيع الممتلكات غير الموجودة في الفكر اإلسالمي غير قانوني ألنه
ينطوي على شكل من أشكال عدم اليقين .عقد االستصناع "هو عقد مالي يسمح للمشتري بأن
يصبح صاحب سلعة ،والتي كان سيسلمها بمرور الوقت" (المرجع نفسه) .يعتبر غالبية الفقهاء
االستصناع متغي ًرا مشاب ًها لعقد سليم .والفرق الوحيد هو أنه في هذا العقد يتم السداد طوال فترة
تصنيع البضائع وأن السعر يتم االتفاق عليه مسب ًقا بين الطرفين 17 .باللغة العربية ترجمتنا
خالفا للميول التجريبية والمادية التي تميز الشريعة اإلسالمية ،وهذا ليس هو الحال مع االحتيال
والعنف واإلصابة .هذه الرذائل الثالثة للموافقة واضحة ويمكن إدانتها أخالقيا ،خالفا للخطأ ،وهو أمر ال
إرادي بطريقة أو بأخرى .وألن مفهوم االحتيال مدان أخالقيا ،يتم التعامل مع مفهوم االحتيال على
نطاق أوسع من الفكر الحضاري .احترام الكلمة مهمة بين الفقهاء ،فقد أعطوا مساحة كبيرة لل دول
الفم ( )Taghrir qawliعلى عكس المواد ) .dol (taghrir fi'dبنفس الطريقة مثل االحتيال ،يتم التعامل
مع العنف على نطاق واسع .يقول عبد الباقي ( ، 1976ص )211حول هذا الموضوع" :إذا أردنا أن
نكون منصفين ،يجب أن نقول أن العنف هو الحقيقة الوحيدة التي تعتبر في الفقه اإلسالمي بمثابة
موافقة" .18في القانون اإلسالمي ،يشكل العنف خلال ً جوهريًا في األمور التعاقدية .في كتاباتهم ،
يكرس الفقهاء عادة كتابًا كامال ً له ،كتاب اإلكراه .كان زيس ( ، 1885ص ، )109في أطروحته عن
الشريعة اإلسالمية ،على علم بالمكان الممنوح للعنف بين الفقهاء .وضع هذا الرذيلة في أعلى
العناصر التي يمكن أن تبطل العقد اإلسالمي .الحظ أن أحد المصادر الرئيسية التي استنبط منها
المبرمج (ديفيد سانتيالنا) من النسخة الفرنسية التونسية من جسمنا ،وال سيما مرشد الحيران (
، ) 1891لم يكن من المفيد تدوين الخطأ .من ناحية أخرى ،احتفظت بالعديد من أحكام االحتيال
(التغرر) واآلفة (الغبن) .لم يتم تطوير مفاهيم القانون المدني األخرى ،مثل اإلثراء غير العادل (ithra’e
)Bidoun sababنظريًا.
كل مجتمع ينتج مفاهيمه الخاصة لالستجابة لرؤية معينة لديه عن نفسه وعن العالم ،من المؤكد أن
النقل القانوني ينطوي على صراع مفاهيمي .على سبيل المثال ،قام نقل القانون المدني بتغيير
في معنى مصطلح "العقد" .اليوم ،بالنسبة لغالبية المؤلفين ،العقد هو مجرد اتفاق إرادة بين
دمي هذا المعنى هو قادري باشا ،الذي عرّف العقد في مرشد الحران ( )1891بأنه
طرفين .أحد مق ّ
اتفاق إرادة بين شخصين ،خاضع لقواعد العرض والقبول (المادة .)168وفي السياق نفسه ،تم
التخلي عن بعض خيارات عقد البيع لتقتصر على الخيارات التي تظهر في القانون المدني .وبنفس
الطريقة التي أدخلت بها مفاهيم جديدة في معالجة حاالت معينة ،أدى النقل القانوني إلى توسيع
نطاق بعض الحاالت األخرى وهكذا ،تم توسيع مفهوم األضرار ليشمل األضرار المستقبلية والتعويض
المالي .في الفقه ،ال يوجد مكان للضرر المستقبلي (الطوارئ) ويكون التعويض عينيًا بشكل
أساسي (قيمة الشيء ،يتم تقييمه في يوم المخالفة) .هناك العديد من األمثلة لهذه الطبيعة.
يخضع دفع المدفوعات غير المبررة فقط لقاعدة عامة في الشريعة اإلسالمية مفادها أن ما تم دفعه
من الجهل يجب أن ُي عاد بالضرورة دون النظر إلى معايير األهلية أو بحسن نية أو بسوء نية .هناك أيضا
مقدمة لمفهوم التمييز في معالجة الصدع ،الذي يخالف منطق الفقه ،والنظر في الضرر المعنوي في
حين أن الفقه ال يؤخذ إال الضرر المادي في االعتبار (شحاتة ، 1967ص .)904
باإلضافة إلى أي هدف قانوني مقارن ،فإن الجانب المصطلحي من معالجة قاعدة القانون المدني
في حالة النقل القانوني (عن طريق التدوين أو الترجمة) مثير لالهتمام .على سبيل المثال ،مفهوم
االحتيال معقد في الشريعة اإلسالمية ،يتابع الفقهاء ،من حيث المصطلحات ،إلى تصنيف معين
لمراعاة هذا التعقيد .19يمكن للمرء أن يتساءل عن االستراتيجية التي اعتمدها المترجمون في
االختيار (مسألة monosemiaو ، polysemyعلى سبيل المثال) لمعادل المصطلحات لهذه الفكرة في
اللغة الهدف .هل أخذوا في االعتبار التصنيف اإلسالمي وفروقه الدقيقة؟ هل حاولوا إعادة إدخال هذه
الفروق الدقيقة في ترجماتهم؟ ما هي المعايير التي يمكن أن تحفز الحلول المعتمدة؟ هذه األسئلة
معقدة .سنتعامل معهم في الفصل األخير من عملنا.
1.1.2اللغات المعنية :السياقية
خلقت العالقة بين القانون المدني والقانون اإلسالمي عالقة أخرى ،لغتين مختلفتين للغاية ،العربية
والفرنسية .اللغة هي وسيلة القانون .كل من اللغة والقانون هي نتاج قصة .الظواهر االجتماعية
(كاربونير ،استشهد بها كورنو ، 2000ص ، )12فهي تعبير عن ثقافة وأسلوب حياة .يمكن تحديد
الحق حتى عن طريق اللغة (كورنو ، 2000ص )11وكل لغة تطبع القانون بخاتمه (بيسادي ، 2010
ص .) 41بفضل اللغة التي أنماط أنماط التفكير تسليط الضوء على القيم والمفاهيم وتحديدها على
أنها بيانات خاصة بمجتمع معين (المرجع نفسه) .ال يجب التقليل من العالقة التي يمكن أن يكون لها
القانون مع اللغة في حالة النقل القانوني .تم تسليط الضوء على مدى تعقيد هذه العالقة المتضاربة
من خالل كورنو ( ، 2000ص )12في ما يلي:
[…] عندما يتم تحويل حق ولد في إحدى اللغات إلى لغة أخرى ،فإن المساواة في مبدأ النسختين
لن تمنع ذلك أب ًد ا ،نسبة إلى التقارب الطبيعي الذي يسود بين الحق ولغة ميالده ،النجاح من هذا
التحول هو غزو للصراع العالي ،ثمرة العمل واأللم ،مما يجعله -االختالف االجتماعي -لن يضمن
بالضرورة استقبااًل متساويً ا ونفس اإلشعاع للنسخة التي تحمل عالمة مصطنعة معينة.
الفرنسية ،لغة هندو أوروبية ،تم إدخالها إلى المغرب وتونس عن طريق االستعمار .لغة اإلدارة
االستعمارية والمنشورات الرسمية ،تم رفعها بسرعة إلى مرتبة لغة القانون واإلدارة .بالفرنسية ،
قرر كتّ اب القانون المدني المغربي والتونسي أن يكتبوا ،على الرغم من حقيقة أن هذه المدونات
ستعيش في بيئات قانونية حيث كان من يتقن لغة الكتابة ناد ًرا .في المغرب ،على سبيل المثال ،
لم تر الحكومة االستعمارية أن من المناسب نشر لغتها بين السكان المغاربة .باعتماد سياسة
انتقائية ،استثمر في تدريب نخبة صغيرة ،تم اختيارها من بين األعيان المغاربة .بن زاكور ()2012
يكتب عن هذا الموضوع" :لقد أثر التعليم على عدد قليل من األطفال المسلمين المغاربة .عشية
االستقالل ،كان عدد المديرين التنفيذيين المغاربة المدربين في النظام المدرسي ،الذي أنشأته
المحمية ،محدو ًدا للغاية 269 :فقط من حاملي البكالوريا (ج .بريجنون وآخرون )1968من بين حوالي
8ماليين نسمة ” .فور االستقالل ،احتلت الفرنسية معظم المجاالت الهامة في الحياة االقتصادية
والقانونية واالقتصادية المغربية ،على الرغم من بعض محاوالت التعريب 20.
Arabic21هي اللغة التي كانت سائدة قبل إنشاء نظام الحماية .لغة سامية (كولوغلي ، 2010ص
)7بأبجدية مختلفة " ،لها خاصية االرتباط بالدين ،اإلسالم" (بنزكور ، 2000ص .)67يرتبط ارتباطا
وثيقا بالقرآن بما في ذلك
20 سيتم تناول هذا السؤال في الفصل الرابع من أطروحتنا.
21نحن نقصر نهجنا هنا على ما يسمى اللغة العربية "الكالسيكية" ،وال سيما تلك المستخدمة في
أعمال الفقه .يناقش الفصل الخامس صيغة من هذه اللغة العربية ،والتي يمكن تسميتها بالعربية
الحديثة أو القياسية .بجانب العربية الكالسيكية والعربية الحديثة ،هناك لهجة عربية ،لغة يومية
تختلف باختالف الدول العربية .يعرف المغرب ،إلى جانب اللهجة العربية ،لغات أخرى ،يتحدث بها
السكان األمازيغ (الشعوب التي سكنت شمال إفريقيا قبل وصول العرب) .غال ًبا ما توصف اللغة بأنها ال
ُتضاهى ( ، ) mou'jizاللغة العربية الفصحى لها شرعية معينة في البلدان العربية .إنه رمز العروبة
والهوية اإلسالمية وعامل الوحدة في المجتمع العربي المسلم (األمة) .من الناحية العملية ،فإن
اللغة العربية هي "نظام مقنن ،معززة بقرون من التقاليد المكتوبة :الشعر الجاهلي ،الكتب
النحوية ،المعاجم" (بوكوس .)1979في الوقت الحاضر ،شكل مستمد من اللغة العربية الفصحى
يشكل لغة األدب والتعليم ويستخدم "في الصحافة المكتوبة واإلدارة" (بنزاكور ، 2000ص )68وكذلك
في الخطب .المسؤولين في الدول العربية .ال يقدم هذا البديل أي اختالفات "مورفوسينتيك
وفونولوجية" سيئة السمعة (بنزاكور ، 2000ص )68بالعربية الكالسيكية ،ولكنها تختلف في
األسلوب وتحتوي على مصطلحات جديدة تفرضها االتصال االستعماري واحتياجات التحديث التي لها
يتبع هذا .نادرا ما يستخدم ما هو معتاد لدعوة اللغة العربية الفصحى في الكالم اليومي (باستثناء
النخبة المتعلمة أو عشاق اللغة األصلية) .في السياق التاريخي لالنتقال القانوني الذي يهمنا ،ما
هي لغة القانون في المغرب وتونس؟ هل كانت اللغة العربية قانونية في ذلك الوقت؟ للوصول إلى
الجزء السفلي منه ،استشرنا األعمال السائدة في فترة ما قبل االستعمار والتي ال يزال وجودها
على قيد الحياة في المجال القانوني العربي المسلم.
حتى القرن التاسع عشر ،وقت االستعمار األول في دول شمال إفريقيا (بما في ذلك المغرب
وتونس) ،كانت لغة الفقه هي التعبير القانوني المعتاد للمجتمع العربي المسلم .اعتمد العربي في
ذلك الوقت أسلوبًا معي ًنا في الكالم رداً على بناء يعتبر اليوم كالسيكيًا ،وأحيانًا قدي ً
ما .في الواقع ،
أنجب الفقه "[ ]...نوع من النثر ،يمكن للمرء أن يصفه بأنه تقنية والذي يتميز ،على الرغم من ثقل
معين ،بدقة تحليلية ال يمكن إنكارها" (كولوغلي ، 2007ص . )70يستخدم هذا النثر "مصطلحات
تقنية هائلة ومتخصصة للغاية" (المرجع نفسه) .22 .تظل الحقيقة أنه ال يمكن وصف هذا الشكل
اللغوي بأنه "لغة قانونية" مثل تلك الموجودة في عالم القانون المدني .ومع ذلك ،تجدر اإلشارة إلى
أنه على الرغم من أنه ربما ال يوجد مرجع معروف للمصطلحات المؤهلة صراحة باعتبارها قانونية ،إال
أن هناك بالفعل عد ًدا من األعمال 23المكرسة للغة الفقهية وأنواع اللغات التقنية المتعلقة بـ
22 سيتم عرض أمثلة على العبارات اإلسالمية في الصفحات
التالية 23 .للحصول على قائمة بهذه األعمال ،انظر معجم المستحيالت األهلية واالقتصادية في لغة
الفقهاء (قاموس المصطلحات المالية واالقتصادية بلغة الفقهاء) بقلم نزيه حماد ( )2008ومقدمة من
بعض الحرف ،وشحن المصطلحات النادرة ،والمصطلحات الفلسفية ،وحتى االقتراض .يمكن أن
تحتوي بعض هذه األعمال بين صفحاتهم على مصطلحات إدارية معينة .إن وجود عدد هائل من
األعمال المكرسة للمصطلحات يظهر إدراك الفقهاء بأهمية هذا الجانب في معالجة مجال التخصص.
ومع ذلك ،لم يتم تطوير األعمال المبكرة بنفس الطريقة التي تم بها معجم القانون المدني ،أي أنها
لم تستوف معايير التصنيف المعترف بها من قبل محرري المعجم الحديث .أظهرت بعض أعمال
المخطوطات التي تمت استشارتها أن المؤلفين الكالسيكيين بدأوا بجمع المصطلحات المتعلقة
بجانب معين في فصل (صفحة أو صفحتين) ،بدون عالمات ترقيم وفي شكل مضغوط .ثم شرحوا لهم
واحدا تلو اآلخر .وقد دفعت هذه الحقيقة المؤلفين المعاصرين إلى مراجعة هذه األعمال الكالسيكية
لتسهيل التشاور معها (عالمات الترقيم ،ترقيم الصفحات ،ترقيم المدخالت ،العرض األبجدي) .في
جميع األحوال ،ال تفرق أعمال الفقه بين اللغة العلمية الطبيعية للفقهاء 24واللغة القانونية
المتخصصة .عالج الفقهاء الدعوى القانونية بنفس الطريقة التي تعامل بها الدعوى غير القانونية
(اإلباضة :الصيام ،الزواج ،التقوى) .شملت لغة الفقه جميع مجاالت الحياة ،سواء كانت قانونية أو
غيرها .في هذا السياق ،يجب أن نطرح على أنفسنا أسئلة حول اللغة التي يستخدمها المترجمون
في مجموعتنا إلعادة صياغة النص إلى اللغة العربية .هل اختاروا اللغة المكتسبة التي كانت سائدة
قبل إنشاء نظام الحماية ،أي المصنفات التي تحكم الحياة القانونية للمغاربة والتونسيين ،أي لغة
الفقه ، 25أم أنهم اخترع لغة جديدة حتى تتمكن اللغة العربية من استيعاب البيانات القانونية
ضا أنه يمكن الجديدة؟ يبدو أنه كلما زاد االختالف بين اللغات ،زادت صعوبة الترجمة ،ولكن يبدو أي ً
التعبير عن حق بعدة لغات (كورنو ، 2000ص .)12على هذا النحو ،فإن الترجمة التشريعية ،من
حيث أنها تسلط الضوء على شكل متطرف من اللغة المميزة ،تشكل التوضيح من قبل
حسن محمود الشافعي ( )1994في أعمال سيف الدين
العميدي (القرن الثاني عشر) ،والمبين في شرح معاني الفدع والحكماء والمتكلمين (شرح معنى
المصطلحات التي يستخدمها العلماء وعلماء الدين) .مكبرات الصوت) )24( .أطلق عليها كورنو "اللغة
المشتركة" ( ، 2000ص .)23إنها لغة االتصال في مجتمع لغوي معين ( ، Wroblewski 1988ص .)17
25يبدو أن الخط الفاصل بين اللغة واللغة غير واضح في األدبيات التي تتناول الترجمة القانونية .في
أطروحة الدكتوراه ،ترجمة النصوص القانونية الهولندية ونقل الثقافة ( ، )1998يميز هيروغويل اللغة
عن اللغة ،لكنه يعترف بأن "معنى هذه الكلمات يتداخل أحيانًا" ( ، 1998ص .)30ويذكر أنه
"باالتفاقية ،سوف نعني بكلمة" لغة "لغة معينة ،مثل الفرنسية واإلنجليزية والهولندية وما إلى ذلك.
" وف ًقا لهذا المؤلف ،فإن للغة معنيين .أوال ً ،تعني "قدرة اإلنسان على استخدام والتعبير عن نفسه
باستخدام نظام من العالمات المميزة المقابلة لألفكار المتميزة" ؛ ثم "المعنى الذي يستخدمه جيرار
كورنو […] أي" لغة خاصة "أو" لغة تخصص "" .إلى هاتين الكلمتين ،يجب أن نضيف الكالم (انظر
)Bocquet 2008
2878/5000
وال سيما اللغة التقليدية واللغة العرفية واللغة اإلدارية .بالنسبة لهذا المؤلف ،ال تختلف اللغة التشريعية في
حد ذاتها عن اللغات األخرى ،ولكنها تشارك ميزات معينة معهم (المرجع نفسه ،ص .)24من خالل
المتابعة من خالل االقتطاع ومن خالل مالحظة ما ينطبق فقط على اللغة التشريعية ،يمكننا القول أنه في منطق
كورنو ،فإن اللغة التشريعية هي أوالً وقبل كل شيء لغة المجموعة التي تتميز جدًا بالذي سنها ،ج هو المشرع .كما
يتميز بها أولئك الذين يساهمون في إنشائه وتحقيق القانون نفسه .ثانيًا ،تتميز اللغة التشريعية بتقنية معينة تنبع أساسًا
من قدرتها على تسمية (حق يخص المشرع بشكل أساسي) ،من بين أمور أخرى ،الحقائق القانونية الطبيعية
واالجتماعية (المؤسسات والعمليات القانونية) التي تخصصها لـ "الحقائق القانونية" من خالل إرفاق اآلثار الحقوقية
بها (المرجع نفسه ،ص .)26يتعامل كورنو بشكل خاص مع اللغة التشريعية للقانون المدني الفرنسي ،ويؤكد أن
اللغة التشريعية هي لغة تقليدية ،مما يعني أن "فقهاء اليوم ليسوا مشوشين عندما يشيرون إلى تدوينات نابليون"
(المرجع نفسه) .يمكن للمرء أن يخمن بسهولة ما يفترضه مثل هذا التأكيد مسبقًا في حالة نقل رمز إلى السماء التي ال
تشارك بالضرورة هذا التراث النابليوني.
بصرف النظر عن هذه الكتابات القانونية حول اللغة القانونية ،يبدو المنظور الذي يقدمه جيرزي وروبليفسكي حول
اللغة التشريعية مثيرًا لالهتمام .في مقاله المعنون" :اللغات القانونية :تصنيف" ( ، 1988ص ، )19-16يقدم عالم
االجتماع هذا مفهوم "اللغة القانونية" ،والتي ،على الرغم من أنها تبدو وكأنها ورقة تتبع ،تتميز ما يسميه "اللغة
القانونية" .بالنسبة إلى ، Wroblewskiتعد اللغة القانونية لغة لغوية تتضمن الفقه القانوني ،أي اللغة التي يتم بها
صياغة القرارات المتعلقة بتطبيق القانون ؛ لغة قانونية علمية خاصة بخطاب العلوم القانونية واللغة القانونية العامة
وهي اللغة المستخدمة في الخطابات األخرى المتعلقة بالقانون .اللغة القانونية هي اللغة التي تصاغ بها القوانين .إنه
نتيجة نشاط المشرع الذي يصوغ نصوص القوانين المعيارية .هذه اللغة هي "تخصص" ،وبصرف النظر عن
"تسجيل" .الغرض الرئيسي منه هو توجيه سلوك األشخاص الذين تستهدفهم .كما تهدف إلى تحديد الحقائق أو
المواقف أو العمليات ذات األهمية القانونية (المرجع نفسه) .وفقا ل ، Wroblewskiفي عالم مثالي ،سيصوغ
المشرع نصوصه بلغة طبيعية ،تفهمها المجموعة اللغوية المستهدفة .ومع ذلك ،فإن نقص العناصر الطبيعية في هذه
اللغة يدفع بهذا إنشاء لغة قانونية تتكون من عناصر اصطناعية خارجة عن اللغة (الطبيعية) المشتركة .في أعقاب
فكر ، Wroblewskiنعتقد أن ترجمة النصوص القانونية في سياق النقل القانوني هي منشئ لغة معينة ،تتميز
بمصطنعة معينة ،والتي تتطلب الكثير من األسئلة المتعلقة بشكل خاص بالنقص المحتمل في الوسائل المتاحة للغة
الطبيعية الستيعاب المصطلحات (والمفاهيم التي تنقلها) والتي تتطلب بالضرورة عملية ترجمة.
1.1.3.1نموذج التدوين وعدم الكتابة والنص
عملنا هو انعكاس على العالقة ،من حيث الكتابة ،بين القانون المدني والقانون اإلسالمي .ال يبدو النص المدني مثل
النص اإلسالمي .ال توجد اختالفات بين االثنين فقط من وجهة نظر الجوهر ،ولكن أي ً
ضا من الشكل ،أي أنها تؤثر
على أنماط كتابة القانون ( ، Buskens 1997ص .)64كما يكتب " :Buskensيجب أن يرتبط األسلوبان اإلسالمي
والفرنسي لقانون الكتابة باألشكال المختلفة للثقافات والعقالنية ،والتي يتم التعبير عنها بأفكار مختلفة حول الدراسة
والمعرفة .ترتبط هذه األشكال الثقافية ارتباطًا وثيقًا بأنماط مختلفة من التنظيم االجتماعي واالقتصادي والسياسي
"(المرجع نفسه) .في الروح المدنية ،يُعطى القانون دورًا مه ًما ،غالبًا ما يتم تطويره في شكل قانون (David and
.)Jauffret-Spinosi 1992 ، p.17يجد القانون المدني تكريسه في قانون نابليون ،الذي تم تطويره في عام 1804
تحت اسم القانون المدني الفرنسي .هذا القانون ،المحوري للقانون المدني الفرنسي (كورنو ، 2007ص )155
وحجر الزاوية للتشريع المدني (المرجع نفسه ،ص ، )155يتم تقديمه على أنه عمل التوليف والمصالحة بين
القانون القديم والقانون القانون العرفي والروماني باإلضافة إلى رد الفعل على تعسف النظام القديم Essaid( 28
.)2010، p.280يوضح اعتماد هذا النموذج للتعبير القانوني الرغبة في توحيد القانون في مواجهة تنوع المصادر
القانونية والعرفية .الشكل الرئيسي للتشريع ( ، Gammbaro 2011ص )221.في النموذج الفرنسي ،يعد التدوين
جز ًءا من المشروع الثوري (ولكن ال يزال حديثًا) لعلمنة القانون ،أي فصل القانون عن الدين .باإلضافة إلى ذلك ،
فإنه يضع حدا لعدم المساواة ويكرس بعض المبادئ اإليديولوجية الموروثة من الثورة الفرنسية ( :)1789المساواة
المدنية ،المفهوم الفردي للقانون
28 كما سنرى في الفصل الثالث ،من المفارقة أن تدوين القوانين المدنية في
المغرب وتونس لبى هذه الحاجة نفسها لمواجهة تعسف القانون المحلي.
(الحرية التعاقدية واستقاللية اإلرادة) واحترام الملكية الخاصة (إلغاء اإلقطاع) .على الصعيد النصي ،
ينظم القانون المدني األمر وفق خطة منطقية .ينقسم إلى كتب وفصول وأقسام ومقاالت وفقرات .من
أجل تسهيل استرجاع المعلومات ،تحتوي كل مقالة على رقم ويتم ترقيم الشفرة بأكملها وتزويدها
بجدول محتويات يهدف إلى الوضوح وسهولة الوصول ( ، David and Jauffret-Spinosi 1992ص . )368
يشجع تسلسل المواد على "ثقافة مرجعية" ويخضع لـ "معايير معينة تسهل استخدامها" (Buskens
، 1997ص .)64يتبع عرض المادة منط ًقا معي ًنا (في مفهوم القانون المدني ،على األقل) .وبالتالي ،
من المعتاد ،في القسم المخصص للعقود ،البدء بعقد المبيعات ،الذي يعتبر العقد القياسي .أثر هذا
المنطق على المحامين العرب المقارنين الذين تم تدريبهم في الجامعات الفرنسية .شحاتة (، 2005
ص ، ) 113على سبيل المثال ،بعد تقديم العديد من التصنيفات الموجودة في أعمال الفقه ،ينتقدها
ويذكر أن "البيع هو في الواقع العقد القياسي .من المهم دراستها أوال " .لذلك فهو مؤهل لتصنيف
محامي الالهوت المسلم (القدوري) ،الذي يعرض األمر التعاقدي بالترتيب التالي :البيع ،التعهد ،
التوظيف ،الشركة ،التفويض ،السند ،نقل الديون ،والمعامالت ،والتبرع ،والودائع ،والسلع ،
والمزارع ،والمشاركة الزراعية .نالحظ أن هذا التصنيف يشبه النموذج الفرنسي .ومن نفس
المنطلق ،يبدو أن أحد المترجمين في مجموعتنا يجد تصنيف القانون المدني للعقود وف ًقا لموضوعها
(بيع ،تبرع ،تأجير ،إلخ) أكثر "قريبًا من المنطق" (عبد الباقي ، 1976ص ) .)67وأكثر قدرة على
تلبية معايير الوضوح والصياغة الجيدة للقوانين .وهو يستنكر بذلك "التصنيف التعسفي للعقود" في
الفقهاء .بما أن الدين مهم للفقه ،فإن أعمال الفقه عادة ما تبدأ بجزء مخصص لإلبايات (واجبات
اإلنسان تجاه هللا) ،بما في ذلك الصالة والصوم .ثم يتعامل مع أمور مثل المبيعات (بويو) ،اإليجار ،
الشفاء ،من بين أمور أخرى .إذا اتفق المؤلفون على الموضوع األول ،فإن عرضهم للجزء الثاني (
)mou'malatesيختلف.
يزعم عمو ًم ا أن الشريعة اإلسالمية نظام غير مكتوب .ومع ذلك ،على الرغم من أنه تم تناوله بشكل
غريب من قبل بعض الحقوقيين المغاربة (الكتاني ،من بين آخرين) ،فإن هذا التأكيد يشهد على
الخلط بين "الكتابة" و "التدوين" .في الواقع ،الشريعة اإلسالمية ،كنظام للتنظيم الرمزي تهدف إلى
حكم وتنظيم الحياة االجتماعية ،كانت موجودة في شكل مكتوب ،ولكن ال يمكن وصف هذا النموذج
المكتوب على أنه تدوين .في التقليد النصي اإلسالمي ،ال يوجد قانون مناسب يهدف إلى التحكم
في جانب معين من الحياة في المجتمع ،كما هو الحال في المنظور الغربي حيث يصنف القانون
عمو ًم ا حسب الموضوع (القانون المدني ،قانون العقوبات ،القانون التجاري ،وما إلى ذلك) .من
ناحية أخرى ،يمكننا أن نتحدث عن شكل من أشكال التجميع الذي تجمع من خالله المحررين األوائل
"تحت عنوان عام ،القرارات التي كانت تتراكم حتى اآلن في مجموعات ضخمة من التقليديين ،
قبولها أو رفضها ،وف ًق ا لما إذا بدا لهم أن يتوافقوا أو يتعارضوا مع مذهبهم الخاص [Zeys 1885،(" ]...
.) p. ixهناك العديد من مجموعات الشريعة اإلسالمية .كتب إمام مالك أحد علماء الفقهاء الفقهاء
الفكر اإلسالمي "الموطأ" على 300حديث ،كان نصها كافيا لتسجيل المبادئ األساسية للتقاليد
المقبولة عموما ،مجمعة في الفصول واأللقاب ،كما في معاهدات القانون "(مليوت ، 1953ص .)446
تصنيفات المواد في هذا العمل الفقه المالكي الرئيسي تختلف عن تلك الموجودة في القوانين
المدنية .بل هو تصنيف يستجيب منطقه ،وهو غير مدني ،ألنماط أخرى من اإلعالن والتصنيف
والعرض ويمكن أن يجعل هذا الحق ظاهرة "أصلية تما ًما" (ديفيد وجافريت-سبينوسي) ، 1992ص
) 368مع اتباع المنطق المدني .بشكل عام ،يتكون العمل اإلسالمي من العديد من الكتب (كتاب.
ينقسم الكتاب نفسه إلى أبواب ( ، pl. bab ، litt. doorولكن عادة ما يتم ترجمته بواسطة فصل).
يمكن أن يتعامل الطفل مع موضوع ما ويليه باب آخر يتعامل مع جانب (حظر على سبيل المثال)
يتعلق بهذا الموضوع .على سبيل المثال ،الباب على بيع أشجار الفاكهة وثمارها يتبعه الباب حظر
بيع الفاكهة قبل أن تنضج (الموطأ) .يمكن للطفل أن يمتد على عدة صفحات وليس لديه تقسيم
مادي إلى أقسام أو مقاالت ؛ كان من الصعب جداً تحديد الفقرات للوهلة األولى.
في شكلها األصلي المكتوب بخط اليد ،كانت األعمال ضخمة:
في نهاية العصور الوسطى ،وصل علم القانون إلى التطور الكامل ،مشكال ً نظا ًما متماس ًكا .شرح
التعليقات على القرآن والسنة نصوص الشريعة .حللت معاهدات Usûl29المصادر ،مع تحديد كل منها
ألهميتها ودورها في توسيع النظام التشريعي .يتم تعريف مبادئ الشرعية Usûl 29 .هي جذور الدين
(العقيدة) مبادئ furû'30التي كانت ،أوال ً ،مبالغ أو ملخصات ذات حجم كبير ،وتسجيل استجابات
األساتذة لتالميذه األوائل ،ثم أصبحت بريفيرز (مختار) ،ذخيرة تذكارية 31التي عمل عليها التعليق
واللمعان ( ، Milliot 1953ص )449.
إن التشاور مع بعض النسخ المكتوبة بخط اليد من مختار ،وهو عمل مهم ألبحاثنا ،جعل من الممكن
أن نرى أن المسألة القانونية مكتوبة في كتلة ،بدون جدول محتويات وبدون ترقيم .ينقسم الكتاب
إلى أبواب (فصول) .ال يوجد ترسيم مادي يفصل باب العنوان عن نص النص الذي يليه وال يتم تقسيم
النص إلى فقرات .هذا ينتج للعين غير المدربة بيانًا مضغوطًا ويصعب فك تشفيره .وتتفاقم هذه
الصعوبة من خالل عدم وجود عالمات ترقيم مما يسهل تحديد المقاطع وفصلها بصر ًيا عند القراءة.
بالنسبة ألي شخص معتاد على تصنيف القانون المدني وتنظيمه ،ليس هناك شك في أن استشارة
هذا النوع من العمل يمكن أن يكون تحديًا كبي ًرا يكون نهجه إنجا ًزا بارعً ا .كتب زيس ( ، 1885ص :)9
"كل شيء في الشريعة اإلسالمية ،والمصطلحات ،والمبادئ ،وأساليب الجدال ،واالستقطاعات ،
يختلف تما ًم ا ،بشكل جذري ،عن القانون الفرنسي .إذا تم إغراءنا في بعض األحيان ،من خالل
التشابه الظاهر ،إلى التفكير من المعروف إلى المجهول ،فإن قوانيننا الحديثة معروفة ،فإن هذا
البحر بدون شاطئ [ ]...شعيرات مع مخاطر حيث حطام السفينة أمر ال مفر منه .ولهذا السبب ،في
بداية عصر االستكشاف االستعماري في المغرب الكبير ،كانت أعمال الفقه غالبًا موضوع "ترجمة
معاد ترتيبها" ( ، Buskens 1997ص .)68لقد منح المؤلفون االستعماريون بنية على الطراز الغربي ،
معظمها فرنسي ،ألعمال الفقه .الموضوعات التي تم تناولها مرقمة وكان للمعاهدة جدول محتويات.
على سبيل المثال ،جمعت Zeysموضوع العقود في كتاب .عقود بعنوان ،يتناول هذا الكتاب أنواع
المبيعات (المبيعات اآلجلة والمبيعات المجمعة ،على سبيل المثال) ،والعيوب في الموافقات ،
والكائن ،وما إلى ذلك المصطلحات المستخدمة هي مسألة "معروفة" ألننا نعترف على الفور
بمصطلح القانون المدني الفرنسي.
ض ا على أصغر جزء من الرمز ،المقالة .إن المقالة المدنية هي قبل يؤثر الفرق في التقاليد النصية أي ً
كل شيء شكل من أشكال البيان يتبع األساليب العقالنية
30 فورو فروع الدين .هذه هي االلتزامات التي يجب الوفاء بها
مثل الصالة ،والحج ،والصوم ،وما إلى ذلك 31 .في المغرب ،على سبيل المثال ،يبدو أن كل فقيه
يطمح إلى حفظ عمل الفقه ،وال سيما مختار خليل ( ، Buskens 1997ص .)67سنجد هذا العمل في
الجزء المخصص إلعداد النصوص التي تشكل مجموعة أجسامنا(الترقيم ،التقسيم الفرعي) للعرض ،
يعتمد تكرا ًرا معي ًن ا للمصطلحات ويستجيب للقيود الهيكلية (اختصار األجزاء) التي غالبًا ما تتعلق
بالجماليات .32إذا كان وضع البيان المدني ،وال يزال ،موضوعً ا للعديد من الدراسات ،فهذا ليس هو
الحال ،على األقل في حدود بحثنا ،لوضع البيان اإلسالمي الذي مفهوم حتى المقالة تبدو غريبة.
في الصفحات التالية ،سنحاول تحديد الخصائص الخاصة بكل من أنماط العبارات المشاركة في هذا
البحث.
1.1.3.2البيان المدني والبيان اإلسالمي
وبروح التعميم والترشيد التي تميز القانون الذي ينتمي إليه ،يتميز البيان التشريعي للقانون المدني
بميله إلى تجنب التفاصيل ووضع المبادئ العامة .يقول ، Portalisأحد واضعي قانون نابليون ،في هذا
الصدد:
يجب أن يضع مكتب القانون بآراء عريضة القواعد العامة للقانون ؛ لوضع مبادئ مثمرة وف ًقا لذلك ،
ضا على أنفسنا وعدم الخوض في تفاصيل األسئلة التي قد تطرأ حول كل موضوع [ ]...لقد حافظنا أي ً
من الطموح الخطير المتمثل في الرغبة في تسوية كل شيء وتخطيط كل شيء .33
وبالتالي فإن االتجاه إلى التعميم ُيطرح كمبدأ للتدوين العقالني والمنطقي .حول التعميم ،طرح
كاربونير ( ، 1984ص )44السؤال التالي" :هل من األفضل للصيغة القانونية أن تسرد الحاالت العملية
(طريقة التبعية) ،في خطر التطويل ،دون أمل ،عالوة على ذلك ،في توقع كل شيء أو ،على
العكس من ذلك ،أن تكتب بعبارات عامة (طريقة ، )clausulae generalesفي خطر السماح بتمديدات
غير متوقعة وغير مرغوب فيها؟ إن استجواب كاربونير يلخص الفرق بين الوضع اإلسالمي والحضاري.
في الواقع ،على عكس البيان المدني ،فإن الروح العرضية هي التي تسيطر على صيغة البيان
اإلسالمي (سكراني ، 2009ص .)204
الشريعة اإلسالمية تجريبية بشكل أساسي " ،نوع من السوابق القضائية" ( 34الدباغ ، 2013ص
.)391أساس طريقته التشريعية هو القضية (شحاتة ، 2005ص .)43هذه الطريقة
32 تعيد البيانات المدنية إنتاج جمالية معينة (الصيغ الثابتة ،
االنقالب ،التكرار) .هذه الجمالية هي التي تضرب قارئ القانون المدني أوالً 33 .الخطب التي ألقيت
أثناء عرض مشروع القانون المدني الفرنسي ،السنة pluviôseاألولى التاسع ( 21يناير ، )1801
متاح على http://www.justice.gc.ca/fra/pr-rp/sjc-csj/ pji-ilp / code / page05.html 34في مقالته
"الترجمة القانونية ،قضية في نقطة" (في لغة القانون والترجمة) ،يعرّف جان كيربي ( ، 1982ص )9
السوابق القضائية على أنها " القانون الذي وضعته قرارات قضائية ،وذلك بفضل حكم السابقة ".
السوابق القضائية هي عنصر أساسي في القانون العام.
30
اعتاد "المحامي على االعتقاد بأن القانون يتكون من حلول لألنواع ،يو ًما بعد يوم ،مع مراعاة
االحتياجات الخاصة في الوقت الحالي ،بدال ً من المبادئ العامة التي تم طرحها مسب ًقا ،والتي يمكن
للمرء بعدها استخالص العواقب في كل حالة" (مليوت ، 1953ص .)448ونتيجة لذلك " ،سيرفض
الفقيه المسلم التجريد والتنظيم والتدوين .وسيتجنب التعميم [(" ]...المرجع نفسه) .يمثل االنحدار
إلى التفاصيل ،وهو نتيجة طبيعية من الحاالت (رفضه شرط ال بد منه لتدوين القانون المدني) ،
خاصية مرئية للبيان اإلسالمي .وجهة نظر المترجمين األوائل للشريعة اإلسالمية مثيرة لالهتمام
بشكل خاص في هذا الجانب .واجه مترجمون مثل نيكوالس بيرون ونابليون سيجنيت ،الذين كُلفوا
بمهمة تجميع وترجمة هذا الحق في االستكشاف االستعماري في القرن التاسع عشر ،طريقة
مختلفة للتعبير عن حقوق المؤلفين المسلمين ،على وجه الخصوص إلى وفرة من التفاصيل .أكثر
األعمال المترجمة في الحقبة االستعمارية في المغرب وتونس هي بال شك مختار ،من قبل خليل
. 35في مقدمة ترجماتهم ،يبدو أن المترجمين لهذا العمل يوبخون مؤلفي الفقه لميلهم لوصف جميع
السيناريوهات الممكنة .يقول ، 1878( Seignetteص )XIV .أن كتاب خليل "مكتظ إلى حد ما بتفاصيل
دقيقة وأحيانًا غير مجدية .يتم الكشف عن المبادئ ويتم تطوير العواقب بشكل صارم ،حتى في
آثارها النادرة واألبعد " .في نفس الوقت ،تصف Seignetteاستراتيجية خليل التحريرية بأنها "طريقة
علمية" تتكون من:
تمديد الجملة لفصل واحد وأحيانًا عدة فصول ،لتشكيل اقتراح رئيسي واحد ،يتم التعبير عن شروطه
الرئيسية مرة واحدة فقط ،والتي يتم فيها ربط وتنسيق المصطلحات الفرعية واالقتراحات الثانوية
بشكل منهجي ،تشكيل الكلنحوي بصرامة .باإلضافة إلى ذلك ،من خالل عملية التقسيم واإلزالة
والقياس المنطقي ،والتي ال تزال المصطلحات الثانوية مضمنة فيها ،يتم العثور على سلسلة معينة
صا .كانت النية الواضحة لصاحب البالغ أن تكون كاملة. من الحقائق فعل ًيا ،ولكن ال يتم التعبير عنها ن ً
يبدو أنه يعتقد أنه من الممكن أن يتنبأ ويقرر جميع األسئلة ،كل المجموعات التي قد تنتج عن صدام
المصالح اإلنسانية (المرجع نفسه).
35 خليل بن إسحاق (توفي 700م 1374 /م) (Buskens 1997
،ص )67عاش في مصر .يجمع في عمل واحد ،والذي ألفه في خمسة وعشرين سنة ،ملخص
ألعمال علماء المالكي الذين سبقوه .كان هذا العمل ،مختار ،لمدة خمسة قرون العمل المرجعي
الرئيسي في العديد من الدول اإلسالمية في شرق آسيا وآسيا .تقدمه العديد من األعمال
االستعمارية على أنها "أهم نص قانوني للمدرسة المالكية" (المرجع نفسه) .وتجدر اإلشارة إلى أن
مختار يتميز بكونه أكثر إيجا ًز ا وأقرب إلى الروح المدنية االصطناعية من د" .أعمال فنية أخرى ،أكثر
ضخامة .تفسر هذه الخاصية ،جزئياً ،حماسة المحمية لهذا العمل بالذات.
31
إلعطاء مثال على البيان اإلسالمي ،دعونا نقارن بين بيان مأخوذ من ترجمة بيرون ،وتقليد (طول
البيان ،تفسيرات في النص ،فقرات طويلة) من النمط اإلسالمي ،وبيان يحتوي على حكم حول
نفس الموضوع المستمد من قانون نابليون :إلعطاء مثال على البيان اإلسالمي ،دعونا نقارن بين
بيان مأخوذ من ترجمة بيرون ،وتقليد (طول البيان ،تفسيرات في النص ،فقرات طويلة) من النمط
اإلسالمي ،وبيان يحتوي على حكم حول نفس الموضوع المستمد من قانون نابليون:
بيان إسالمي بيان مدني
تنتهي الوالية [الخاصة أو العامة] بوفاة الموكل ،وبمجرد إبالغ الوكيل [بالوفاة ،ألنه ال يحق ألحد
التصرف في ما ينتمي آلخر دون موافقة هذا األخير] .إذا لم يكن األمر كذلك [وهذا يعني ،إذا لم يتم
إبالغ المحامي بوفاة مديره ،فهل ينتهي األمر من وقت الوفاة ،أو فقط من عندما تصل األخبار إلى
علم المحامي؟ حول هذه المسألة] ،هناك رأيان مختلفان [ومعارضان].
عندما يلغي المدير تفويضه ،وال يتم إبالغ الوكيل [على الفور ،هل يحسب اإللغاء من لحظة النطق
به ،أو من اللحظة التي تلقى فيها الوكيل اإلخطار؟ في هذا الصدد] ،تختلف آراء الفقهاء .وال ينتهي
التفويض ألن المندوب أو المندوب سيعاني من الخرف أو الجنون ،ما لم يتم إطالة هذه الحالة غير
المنطقية لفترة طويلة في المدير ،ثم يعود األمر إلى القاضي لفحصها والبت فيها مسألة التوكيل .ال
يتم عزل زوجة زوجها من منصبها بسبب رفض زوجها لها ،ما لم يكن معرو ًفا أن الزوجة مترددة في
االحتفاظ بواليتها .ولكن بحقيقة الرفض ُ ،يبطل الزوج من االنتداب الذي أسندته إليه المرأة التي
يرفضها .الوكيل الذي سيرد اإلسالموية ،خالل الوقت المتبقي له ليقرر العودة إلى اإليمان ُ ،يفصل
من سلطاته باعتباره وكيالً .وبالمثل ،فإن المفوض الذي يرفض رئيسه اإلسالموية يتم رفضه بعد
الوقت المسموح له بالعودة إلى اإليمان)36( .
الفصل الرابع .طرق مختلفة تنتهي بها الوالية .وينتهي االنتداب ،بعزل الوكيل ،بتنازل األخير عن
التفويض ،بالوفاة الطبيعية أو المدنية ،أو الحظر أو االنهيار ،سواء من المدير أو الوكيل.
36 القسم الثامن من إنهاء االنتداب (ملخص الفقه اإلسالمي ،
المجلد الرابع ،ص .)263الجزء الثاني من االستكشاف العلمي للجزائر ،مخصص للفقه المدني ،
ترجمة نيكوالس بيرون.
32
الحظ أن Perronيستخدم أساليب الطباعة (األقواس) لفصل ما يعتبره تفصياًل يقترن بالفكرة الرئيسية.
ليس هذا هو الحال في النص األصلي.
ولعل أفضل مثال على بيان إسالمي نموذجي هو ذلك الذي يقوله المواطن .في البيان التالي ،
يناقش 37مالك البيع العشوائي:
ديون باب 38الرتداء يحيى بن مالك عن أبي أزناد دي بصر بن قال من عبيد من أبو صالح خادم الصفح
قال بعت لباس معين لفترة معينة لي الناس من najhléثم يريدون مغادرة الكوفة عرضوا دفع لي
الثمن النقدي عن طريق إجراء خصم كنت سأطلب عنه زيد بن تابيت الذي قال لي أنا ال أطلب منك
إما أن تفعل ذلك أو أن تترك لآلخرين الحق في ذلك أفاد مالك من عثمان بن حفص بن خلدا من ابن
شهاب من سالم بن عبد هللا من عبد هللا بن عمر أنه سئل عن رجل مدين باآلخر ويطلب من الدائن
أن يحولها ليقوم بدفعها قبل الموعد المستحق رفضها عبد هللا بن عمر بل وحظرها ،ذكر مالك أن زيد
بن أسلم قال إن البلى في العصور اإلسالمية إلى حقيقة أن الرجل يواجه دي ًنا آلخر هـ وإذا لزم األمر
قال هل ستدفعها لي أو ستدفعها الح ًقا بفائدة ،لذلك إذا دفع لآلخر سيكون له حقه وإال فسوف
يمنحه تأخي ًر ا بعد زيادة الدين بمقدار معين قال مالك إن ما يكرهنا بال منازع هو أن الرجل الذي عليه
دين يدفعه إلى غير اآلخر يقوم بتحويل األموال إلى الثاني من أجل استرداد أمواله قبل مدتها ،
وبالتالي يجب مقارنته في الحالة التي الدائن يمنح مدينه تأجيال ً عن طريق زيادة الدين بفائض وهذا
بال شك يقول مالك الربا عن الرجل الذي عليه دين آخر مائة دينار وفي النهاية في تاريخ االستحقاق
دع المدين يقول للدائن ببيع لي سلعة بسعر نقدي مائة دينار ومائة وخمسون ديناراً بالمصطلح أجاب
ما ما يكرهه الرجال الضليعون فييقول ilm39مالك الذي يفسر سبب مالك أنها بيع غير مقبول وهذا دائ ً
هذا اإلحجام أن الدائن كان سيبيع في هذه الحالة البضائع إلى المدين بسعرها الحقيقي عن طريق
تأخير دفع مائة دينار على المدى الطويل يضيف إليها خمسين ديناراً بسبب التأخير ،هذا بغيض وغير
مقبول عالوة على ذلك مقارنة بما زيد بن
38رسمنا مقارنة بين عدة إصدارات عربية (قديمة ومعاصرة) وعدة ترجمات .بعد هذه المقارنة ،اخترنا
استعارة ترجمة هذا الفصل (باب) من إيمان الصياد ،الموطأ لإلمام مالك بن أنس ( ، 2000ص -401
.) 402ومع ذلك ،فقد أدخلنا عليه تغييرات رسمية وموضوعية في محاولة لنقل روح البيان اإلسالمي.
على المستوى الموضوعي ،لقد استعدنا سلسلة اإلرسال (من هذا القبيل ،وعلى هذا النحو ،كما
ذكر ذلك) التي حرمت المترجم من تضمينها في الترجمة ،األشخاص المذكورين غير معروفين في
العقل الغربي .من حيث الشكل ،فقد أزلنا عالمات الترقيم واألحرف الكبيرة وعالمات االقتباس (ال
ضا بإعادة النص إلى شكله األصلي ،أي تعرف اللغة العربية الفصحى هذه األشكال) .لقد قمنا أي ً
عرض بدون فقرات .قام السيد بتعديل نص مالك للنموذج النصي الفرنسي .استخدمت عالمات
الترقيم وعالمات االقتباس لالقتباسات والنقاط والفواصل .فصلت النص إلى فقرات وفصلت العنوان من
نص النص .من أجل جعل النص في متناول القارئ الغربي ،قام المترجم بتعريف بعض المصطلحات أو
األماكن العربية في النص 39 .إضافة نصنا إلى النص المترجم .مصطلح "علم" يعني "علم الفقه".
33
أفاد أسلم بشأن البيع في عصر ما قبل اإلسالم حيث بمجرد أن تكون الديون في تاريخ االستحقاق
قالوا إما أن يدفع المرء أو أن الربا يأتي دوره بالنظر إلى أن الدائن قد حصل على ما هو وإال سيتم زيادة
المبلغ بفائدة معينة تدفع على المدى الطويل
كما يتبين من األمثلة أعاله ،هناك معارضة واضحة (التعميم مقابل اإليجاز ،التحليل مقابل التوليف)
بين النصوص التي هي موضوع دراستنا .أحدهما يدعو إلى التفسيرات والتعاريف ،والتعميم والتفسير
اآلخر .متابعة مثالية الدقة ،الفقهاء ال يترك مجاال لاللتباس .في مثال مالك ،هناك بالفعل الفكرة
العامة التي يحظر فيها الربا في المسلمين ،ولكن لدعم هذه الفكرة تأتي "تفاصيل" كاملة ،من
الخفايا "المنقحة في االفتراض" (شحاتة) ، 2005ص ، )57الحجج والتفسيرات واإلشارات إلى أقوال
الصحابة .إن إنشاء مثال (إشارة إلى أصحاب النبي) ،باإلضافة إلى إعطاء شكل من الشرعية للقاعدة
المعتمدة ،يهدف إلى تجنب ،في عقول الفقهاء ،أي انزالق وسيشكل عالمات تسمح للقاضي
بعدم ال تبتعد عن طريق العدالة وال تقع في التعسف .تهدف المعاملة المحجوزة على أساس كل
حالة على حدة إلى تجنب سن حكم يمكن تطبيقه على العديد من المواقف المختلفة كما هو الحال
مع بيان القانون المدني .تتضمن هذه المعالجة بشكل عام شكال ً معي ًنا من البيانات التي يمكن أن
تختلف من حالة إلى أخرى :نقتبس سلسلة اإلرسال ،ونقدم النزاع والحقائق والحل .يتم استنتاج
الحل عن طريق القياس بعد اقتباس عدة أمثلة ،تم اإلبالغ عنها من قبل أشخاص موثوق بهم
ومعروفين .عند المرور ،قد يكون من الضروري تحديد المصطلح الذي هو موضوع النزاع ،والمصطلحات
التي يمكن أن تعين نفس الفكرة (المرادف أو تعدد الزوجات) وكذلك الفروق الدقيقة بين هذه الشروط
. 40لذلك ،ما يمكن إدراكه في الروح المدنية كمصدر للفوضى أو رفض التوحيد القياسي هو في
الواقع مجرد بحث عن الدقة ومحاولة لتجنب الغموض االصطالحي .تتعارض هذه الطريقة في فعل
األشياء مع مبدأ التوافق مع هدف علمي يدافع عنه المدعى عليهم في تدوين القانون المدني.
40 من وجهة النظر االصطالحية ،يمكن أن تكون المفردات
التي تستخدمها المدارس المختلفة شديدة التنوع في بعض األحيان .على سبيل المثال ،يسمى
خيار البيع خيار شارت بين الحنفيين باسم باي الخير بين المالكيين وباي عطراوي بين العصافير.
34
إذا كان هناك اختالف جوهري بين البيان اإلسالمي والبيان المدني (المصطلحات وطرق الجدال) ،
فمن المشروع طرح سؤال حول عملية صنع القرار للمترجم أثناء عمليات الترجمة .ما هو الشكل
(النص والمقالة والمصطلح) المختار لجعل البيان التشريعي للقانون المدني باللغة العربية وما هي
الوسائل المعتمدة إلنشاء هذا البيان؟ بقدر ما يتم تصنيف الحقوق المعنية تلقائيًا على أنها مختلفة ،
فهل كان هناك صراع من أجل المطالبات في نهاية المطاف ،حيث يسود أحد االستمارات على اآلخر؟
1.2اإلطار النظري
نضع هذا البحث ضمن المنهج االجتماعي للترجمة .في هذا النهج ،يستعير الباحثون (Gouanvic ،
، Inghilleri ، Wolfمن بين أمور أخرى) مفاهيم سوسيولوجية معينة ،ليست بالضرورة حديثة ،من
ضا كحقيقة اجتماعية تخضع الجهات الفاعلة أجل تقديم الترجمة ،ليس فقط كحقيقة ثقافية ،ولكن أي ً
لقيود من الفضاء االجتماعي الذي يوضعون فيه.
إن المنهج االجتماعي للترجمة ،الذي سيتم تناوله بالتفصيل في الفصل الثاني ،ينتقد النظريات
األخرى ،وال سيما النماذج النظامية والثقافية وكذلك النماذج الفرعية التي تتبعها (االشتراكية
السوسيولوجية أو ما بعد االستعمار ،على سبيل المثال) ،لوضع التركيز على العالقة بين النص
األصلي وترجمته ( ، )Heilbron and Sapiro 2002، p. 3وبالتالي حجب العديد من العالقات األخرى ،بما
في ذلك تعقيد عملية الترجمة أو تأثيرات الترجمة في مجتمع معين .يقدم منظو ًرا غير لغوي بشكل
عام ( Heilbronو )Sapiroحيث تبدأ عملية الترجمة قبل ترتيب الترجمة (اختيار النص للترجمة)
وتتجاوز النص المنتج (التسويق والسوق واالستقبال) .خالل هذه العملية ،يتم أخذ الممثلين (الكتاب
،المترجمين ،المحررين ،من بين آخرين) الذين يتدخلون في النص باإلضافة إلى التفاعالت التي
يمكنهم إجراؤها مع بعضهم البعض في االعتبار .يعكس التركيز على جميع الممثلين رغبة حقيقية
في تجاوز االهتمام الذي يظهر فقط في المترجم حتى ذلك الحين .ربما يكون هذا هو الجانب األكثر
أهمية الذي جلبه دعاة النهج االجتماعي للترجمة .ومع ذلك ،فإن النهج االجتماعي ال يحجب
المترجم .لم يعد يعتبر "وسيطًا" ،ولكنه اآلن ممثل ال يجب التقليل من مساهمته في المجتمع.
أدوات مثل العامل أو العادة أو الوهم ( )Bourdieuتسمح بدقة أكثر
35
ضا في المجتمع الذي يهدف إليه وضوح كبير لهذا الممثل الترجمي ،ليس فقط في نصه ،ولكن أي ً
عمله .في بحثنا ُ ،تعتبر الترجمة حدثًا اجتماع ًيا وحدثًا لغو ًيا يمكن مالحظته قاد ًرا على إحداث تأثيرات
في المساحة واللغة القانونية للشركة المستهدفة .من خالل الحدث االجتماعي ،نعني والدة طريقة
جديدة للتصرف ،والتصنيف ،والتفكير في القاعدة القانونية ،مما يعني ضمناً ما بين قاعدة المنشأ
والقاعدة المستوردة .من خالل حدث اللغة ،نسأل أنفسنا أسئلة حول آثار اللقاء بين حقين على لغة
المجتمع المستقبِ ل .تتم الترجمة كحدث بشكل مضاعف في المجال الجغرافي الذي يهمنا .أوال ً ،
بسبب ظروف اجتماعية وسياسية معينة ،استخدمها المشرع (الفرنسي أصالً) لخلق حق لمجتمع
قال إنه يريد المضي فيه نحو الحداثة .ثم الترجمة هي التي سيستخدمها المشرع (مغربي هذه
المرة) لتطبيق تشريع مكتوب بلغة غير تلك التي يستخدمها المواطنون أمام المحاكم ،ألن غالبية
المغاربة يتكلمون لهجة من اللغة العربية ،مختلفة تما ًما عن اللغة العربية الفصحى التي تمت فيها
الترجمة.
على الرغم من أنها وجهت تفكيرنا طوال الجزء النظري من بحثنا ،إال أن النهج االجتماعي بدا محدو ًدا
عندما حان وقت التحليل النصي .باإلضافة إلى ذلك ،فإن طبيعة جسمنا مختلفة تما ًما عن النصوص
(األدبية) التي تم تحليلها بشكل عام من قبل الباحثين ،ال يبدو أن أدوات التحليل المقترحة تلبي
احتياجات تحليلنا المقارن فيما يتعلق بالعديد من النصوص التشريعية ،والتي تتكون نفسها من عدة
الحقوق تحت أنظمة مختلفة .41وبالتالي ،كان علينا أن ندعو إلى العمل على الترجمة القانونية في
بيئة ثنائية اللغة وثنائية اللغة .وتشمل هذه األعمال أعمال جيرار كورنو ،جيرار رينيه دي جروت ،
مالكولم هارفي وسوزان سارسيفيتش .كما اعتمدنا على عمل بودوان دوبريت الذي يتعلق مجال
علم االجتماع القانوني باهتمامه .وبالتالي فإن بحثنا يقع على حدود علم الترجمة (علم االجتماع)
وعلم االجتماع (القانوني) والقانون المقارن.
41 سيتم تناول هذا السؤال بالتفصيل في الفصل الثاني من
أطروحتنا (حالة السؤال).
36
1.3المذكرة وسبب اختيار القوانين المدنية
يتكون تحليلنا من أربعة أجزاء من القانون المدني .هذه هي ظاهر االلتزامات والعقود في المغرب ،
المعتمدة في عام 1913ومدونة االلتزامات والعقود في تونس ،المعتمدة في عام ، 1906وكذلك
النسخ العربية من هذين النصين التشريعيين ،المنشور في عامي 1965و 1906على التوالي .يتم
التعامل مع نصين مصدرين مترجمة إلى منفس اللغة ،العربية ،ولكن على مدى أكثر من خمسين
سنة .باإلضافة إلى نصوصنا األساسية ،كان علينا استشارة العديد من نصوص القانون المدني (كود
نابليون "Bürgerliches Gesetzbuch "BGB ،أو القانون المدني األلماني) ،اإلسالمية (مختار ،على
سبيل المثال) أو ما يسمى الحديث (القانون المدني المصري) ،من بين أمور أخرى.
دفعت عدة أسباب اختيار هذا الجسم .أوال ً ،اهتمام خاص بالنظم القانونية التي أنجبت النصوص التي
تتكون منها مجموعتنا ،باإلضافة إلى تقرير النص المفرط الواضح للغاية 42الذي يميز هذه النصوص
(العالقة بين العديد من الرموز :الفرنسية والمصرية والكويتية) .في هذا الصدد ،أثار عامل معين إلى
حد ما أثار تفكيرنا .من الغريب التحقق من الفكرة التي طرحها العديد من المؤلفين ،جميع الفقهاء أو
الفقهاء المقارنون ( ، Blanc ، Charfeddine ، Kettaniمن بين آخرين) والذي بموجبه يوجد تكافل مثالي
بين الحقوق المعنية في المدونات .يرى آخرون ،مثل عالل الفاسي (المغرب) أو طارق البشري
(مصر) ،في أي تطور على النموذج األوروبي ،عمال ً من االغتراب الثقافي والقانوني .في مواجهة
خطر إخضاع البحث في االعتبار لوجهات النظر التي تنتقل من طرف إلى آخر ،فقد ساعدتنا القراءات
الفرعية على تشكيل فكرتنا الموضوعية الخاصة ،بعي ًدا عن التأكيدات التي تدعو إلى اإلعالنات
العاطفية وحتى المتناقضة .خالف ذلك ،كنا سنفقد في تحليل محتوى متخصص للغاية وأحيانًا شديد
الموضوعية .ثانياً ،هناك إدراك للتناقض بين الظروف التي تم فيها إنتاج النسخ العربية ،التي كانت
وظائفها مختلفة ،من النصوص المكتوبة باللغة الفرنسية في األصل ،والتي تم وضعها في سياقات
اجتماعية وتاريخية مختلفة ،تدعو الرجال الذين عادة وأدوات العمل غير متساوية .يأتي دور هام في
هذه المرحلة ،وهو العالقة التي تربط المترجم بالنص المراد ترجمته .تنتج هذه العالقة
Hypertextuality 42 هي مجموعة العالقات التي يمكن أن
صا ب (نص توجد بين نصين أو أكثر .وف ًقا لـ ، 1982( Gérard Genetteص ، )11.فإن "أي عالقة تربط ن ً
تشعبي) بنص سابق أ (نص خفي) يتم تطعيمه بطريقة ال تتطابق مع التعليق" .
37
تأثيرات على الطريقة التي يتم بها إدراك هذا النص وإدارته من قبل المترجمين وكذلك على النص
المترجم نفسه .ثالثاً ،جاءت الرغبة في إيجاد الجواب على العبارات التي ُتدلى أحياناً بعبارات قاسية
للغاية ،وهي "الترجمة السيئة" وغرابة اللغة المغربية بالمقارنة مع تأكيد الكتابة (اإلسالمية) المثالية
لـ . C.O.Cتونسي .كيف يمكننا تحديد غرابة أو إسالم المدونة؟ متى يمكننا أن نقول أن الرمز يترجم
بشكل سيء؟ ما هي المعايير التي يقوم عليها النقاد إلطالق مثل هذه االدعاءات؟ وبشكل أعم ،
كيف أنه بعد عقود من التطبيق الفعال أمام المحاكم ،ال تزال مسألة المصدر األجنبي للنصوص
انعكاسا للتضارب بين القانون
ً المصدر لجسمنا تثار؟ هل يمكن أن تكون اإلشارة إلى األصل األجنبي
الموجود مسب ًقا والقانون المترجم؟ وأخيراً تأتي األسئلة حول عدم االهتمام بقانون االلتزامات والعقود
المناسبة في مجال الترجمة .في الواقع ،على الرغم من معالجة قضية النقل القانوني بشكل جيد ،
إال أن العمل لألسف ال يزال محصوراً في األحوال الشخصية (الزواج والطالق ، 43قبل كل شيء).
حا للغاية وحيث يكون التناقض بين حقوقين يقدم هذا األمر بالتأكيد مواقف يكون فيها االختالف واض ً
ما من الحياة القانونية للبلدان التي حا ،لكن المصلحة التي ُتعرض عليه تحجب جز ًءا مه ً أكثر وضو ً
خضعت للتحويل القانوني .باإلضافة إلى ذلك ،فإن استبعاد أي جانب آخر غير الجانب المتعلق
باألحوال الشخصية من التفكير في نقل المعرفة القانونية يؤدي إلى افتراض خاطئ بأن القانون
حا تما ًما.
المدني المعتمد علماني تما ًما ،وهذا ليس صحي ً
أساس التالقي بين نموذجين نصيين ،فإن مجموعة التحليل الخاصة بنا تفسح المجال لعمل جمع:
دراسة أسباب وآثار الترجمة كعملية تشريعية يتم من خاللها المشرع ،بدال ً من تدوين قانون العون ،
اختار ترجمة قانون اآلخر ؛ مراقبة الترجمة كمكان لقاء للعديد من الثقافات والتقاليد واللغات القانونية ؛
استكشاف أعمال واختيارات ودوافع المترجمين
43 كمثال ،دعنا نقتبس أطروحة عبد الكريم العماري ،التعبير
عن القانون (بالعربية والفرنسية واإلنجليزية) ومشكالت الترجمة -حالة القانون المدني ،ميتز ،
جامعة ميتز .2001 ،على الجانب االجتماعي ،دعونا نذكر عمل ، Beaudoin Dupretباسم أي حق (
2000وأطروحة أندريه بوبرت "التكيف والثبات في الشريعة اإلسالمية :يتضح من التجربة المغربية" ،
جامعة مونتريال .2008 ،
38
أثناء عملية الترجمة نفسها ؛ وأخي ًرا التحليل االنتقالي المقارن للنصوص التشريعية في مساحة
جغرافية وتاريخية واجتماعية فريدة .44
1.4منهجية وتعيين العناصر المرصودة :المصطلح واألسلوب
بما أن جسمنا يتألف من نصوص متخصصة ،تتطلب طبيعتها نفسها االعتماد على كل من نظرية
الترجمة المستوحاة من الناحية االجتماعية والقانون المقارن (من حيث المصطلحات واألسلوب) ،لم
يكن ممكن ،مع تقدم بحثنا ،لبناء تحليلنا المقارن على منهجية محددة مسب ًقا .سيتم شرح
الصعوبات الخاصة بالمنهجية المعتمدة في هذا البحث بالتفصيل في الفصل األخير من أطروحتنا.
بعد تحديد مجال التحليل ،أي قانون االلتزامات والعقود ،الذي يشكل المسألة القانونية المشتركة
بين المدونات التي تشكل مجموعتنا ،اخترنا العودة إلى النسخ األصلية ،أي إلى النصوص الفرنسية.
الرموز في اللغة العربية التي خضعت لتدخالت ،غير رسمية في بعض األحيان ،كان من الضروري
العودة إلى المصادر .اعتمدنا فيما يتعلق بالكود التونسي على النسخة الفرنسية الرسمية لعام
.190645أما بالنسبة للنص المغربي ،فقد احتفظنا بالنسخة األولى من هذا الكود الذي ُنشر عام
1913باللغة الفرنسية . .تشكل هذه النسخة النسخة الرسمية الوحيدة حتى اليوم منذ نشرها في
الجريدة الرسمية .النسخة العربية المعتمدة هي نسخة عام ، 1965والتي ،على الرغم من أنها
ليست رسمية ،لها الجدارة ،وف ًقا آلراء الممارسين المغاربة (Gamija and Lahkim Bennani 2009، p.
، 46 )9لنشرها في مراجعة جادة ،وهي العدالة ومراجعة القانون .47
44 على مدى السنوات العشر الماضية ،شهدنا ظهور علم
اجتماع قانوني ناطق بالفرنسية يرتبط مجاله بالتحقيق بظروف إنتاج المعرفة القانونية ونقلها وتحولها
في منطقة جغرافية معينة ،وخاصة العالم عربي .في الواقع ،في هذا الجزء من العالم ،ال يزال من
ضا االحتكاكات الموجودة بين الممكن مالحظة ليس فقط آثار استقبال القانون المدني ،ولكن أي ً
القانون المستلم والقانون الحالي .يحاول العديد من علماء االجتماع القانونيين ورجال القانون المقارن
فهم نطاق وآثار ظاهرة استقبال القانون المدني في البلدان التي يحكمها قانون آخر .ومع ذلك ،في
التعامل مع ظاهرة استقبال القانون األجنبي ،غالبًا ما يتم التعامل مع الترجمة بطريقة فرعية ،مع
االهتمام غالبً ا بأسباب وآثار وطرق االستقبال القانوني .ينتج عن ذلك شكل معين من تهميش
الترجمة والمترجم .نجد هذا مفاج ًئا ،ألن نشر القانون الجديد غال ًبا ما يتعارض مع حاجز اللغة ،
وبالتالي يتطلب الترجمة 45 .ومع ذلك ،ألغراض المقارنة وفهم التقنية التحريرية للتدوين التونسي ،
كان علينا الرجوع إلى المسودات األولية للشفرة التونسية (بين 1896و 46 .)1899في مقدمة طبعة
2009من مدونة االلتزامات والعقود المغربية 47 .مراجعة العدل والقانون مراجعة مغربية شهرية
تنشرها وزارة العدل باللغة العربية .ولدت هذه المراجعة في نهاية المحمية .كان المقصود أن تكون
وسيلة للمعلومات القانونية (القوانين واللوائح).
39
لقد دفعتنا دراسة جسمنا إلى التركيز على عنصرين أساسيين :المصطلح واألسلوب .غالبًا ما يتم
التعامل مع هذين الجانبين بشكل عرضي من قبل المحامين المقارنين وعلماء االجتماع القانونيين
المهتمين بالعالقة بين القانون المدني والقانون اإلسالمي.
ومع ذلك ،عندما يقرر المشرّ ع ترجمة مدونة ككل ال تشبه أي أوجه تشابه مع الواقع القانوني للبلد
المتلقي ،فإن مخاطر الترجمة تواجه صعوبات مصطلحات كبيرة ،بما في ذلك عدم كفاية الموارد
االصطالحية أو حتى عدم وجود هذه .في الترجمة العامة ،تم وضع العديد من اإلجراءات للمساعدة
في وصف النص المترجم .يقسم فيناي وداربيلنت عمليات الترجمة إلى فئتين :عمليات الترجمة
المباشرة (الحرفية) وعمليات الترجمة المائلة (غير الحرفية) (فيناي وداربيلنت ، 1967 ،في أعمالهم
األسلوبية المقارنة بالفرنسية واإلنجليزية ،ص .)55-46يتم استخدام األولى بين اللغات التي تشترك
في تشابه هيكلي معين ،وتستخدم األخيرة قبل كل شيء بين اللغات المختلفة من الناحية
الهيكلية والمفاهيمية .اعتما ًدا على العملية المختارة ،الترجمة
5000/5000