You are on page 1of 43

‫مدخل تحليلي لنظم معلومات الموارد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫البشرية‬
‫المبحث األول‪:‬‬

‫نظم معلومات الموارد البشریة‪ :‬التأصیل النظري‬


‫ان تحول وظیفة الموارد البشریة في الوقت الحالي الى شریك استراتیجي یساهم في خلق القیمة للمنظمة‬
‫من خالل اعتبار أنشطتها أنشطة أساسیة غیر داعمة‪،‬جعل من نظم معلومات الموارد البشریة انعكاسا واضحا على‬
‫اهتمام المنظمات بمواردها البشریة‪ ،‬وكذا حتمیة من حتمیات االدارة الحدیثة خاصة في ظل الحركة التطوریة‬
‫المتسارعة لها و تحولها من نظام مركزي الى نظام المركزي یستند على انتشار و تدفق معلوماتي یسود داخل‬
‫المنظمة وخارجها و یتشارك الجمیع في تخلیقها ‪.‬كما قادت هذه الحركة الى احداث تغیی ارت عمیقة تمثل األساس‬
‫الذي تبنى علیه الفلسفة الجدیدة لتسییر الموارد البشریة القائمة على التوجه االست ارتیجي‪ .‬وعلیه سنتناول ضمن‬
‫هذا المبحث االطار النظري لهذه النظم باإلضافة الى وظیفة الموارد البشریة وأهم تحوالتها‪.‬‬

‫‪: I‬وظیفة الموارد البشریة ‪ :‬المفهوم و التحوالت‬

‫‪1‬ـــ مفه وم وظیفة الموارد البشریة‬

‫‪1‬ـ‪ 1‬تعریف وظیفة الموارد البشریة‬


‫إن المتتبع لتعریفات وظیفة الموارد البشریة یجد أنها تتماثل أحیانا و تتباین أحیانا أخرى ‪ ،‬تتماثل ألنها‬
‫تصب في إناء واحد و هو االهتمام بالعاملین في المنظمة ‪ ،‬و تتباین لمجموعة من األسباب أهمها مدى األتساع‬
‫الذي یسبغه الباحث على التعریف ‪،‬فقد یضیق لیشمل أدوا ار تقلیدیة وقد یتسع لیجعله في أدوار إست ارتیجیة ـ و‬
‫لعل أهم األسباب الرئیسیة لهذا االختالف یرجع إلى المسیرة التطوریة لمفهوم المورد البشري التي دامت أزید من‬
‫قرن ـ فقد بدأ في ظل التیار الكالسیكي بمفهوم الكائن االقتصادي الذي یسعى إلى تحقیق العائد المادي لذلك اعتبر‬
‫عامل بسیط من عوامل اإلنتاج محصوار في جانبه الفیزیولوجي ‪ ،‬مروار بعد ذلك بمفهوم الكائن االجتماعي الذي‬
‫یسعى لتحقیق ذاته من خالل عمله ‪ ،‬حیث ارتسمت مالمح هذا المفهوم في بدایة الثالثینات من خالل أعمال ‪Elton‬‬
‫‪ Mayo‬الذي سلط الضوء على البعدین النفسي و االجتماعي للفرد و اللذین أهملهما التیار السابق ـ ثم انتهى بعد‬
‫ذلك بمفهوم الكائن أرس مال بشري كفیل بخلق القیمة للمنظمة و ضمان استم ارریتها‪ 1‬ـ و قد ازداد هذا المفهوم‬
‫أهمیة بدخول المنظمات مرحلة اقتصاد المعارف ‪ ،‬حیث أصبح عنصرا أساسیا في مفهوم جدید اقترن بتسییر‬
‫المعارف و هو ال أرسمال الفكري أو المعرفي ‪ .‬لذلك ال یمكن أن نجد تعریفا شامال و موحدا لوظیفة الموارد‬
‫البشریة ـ فمن منطلق النظرة الضیقة ذات الطابع العملي التي ترى فیها سوى جهاز تنفیذي محدود األهمیة ال یرقى‬
‫إلى مستویات اإلدارة الرئیسیة في المنظمة یعرفها ‪ J. Citeau‬بأنها " وظیفة تساهم في البحث عن فعالیة أفضل‬
‫للمنظمات من خالل تعیین أمثل للموارد البشریة و تعبئة الطاقات و االلت ازمات الفردیة و الجماعیة حول العمل‬
‫و تطویر المنظمة " ‪ . 2‬أما من منطلق كون الوظیفة ذات‬

‫‪ 1‬عادل محمد ازید ‪ ،‬ادارة الموارد البشریة ‪ ،‬رؤیة إستارتیجیة ‪ ،‬كتب عربیة للتوزیع اإللكتروني ‪ ،2003 ،‬ص ص ‪35 ، 15‬‬

‫‪69‬‬
‫مدخل تحليلي لنظم معلومات الموارد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫البشرية‬

‫طابع إست ارتیجي لها نفس أهمیة الوظائف األخرى ( اإلنتاج ‪ ،‬التسویق ) نظ ار للدور الذي یلعبه العنصر‬
‫البشري في التأثیر على نجاح المنظمة فیشیر إلیها آخرون بأنها " هي اإلدارة المسؤولة عن تمكین المنظمة من‬
‫بناء م ازیا تنافسیة و المحافظة علیها و تطویرها"‪.3‬‬

‫باإلضافة إلى وجهات النظر السابقة ‪ ،‬فإن هناك من المؤلفین من أضفى صفة التقاسم في الوظیفة ‪ ،‬حیث‬
‫یرى بعضهم بأنها تعني " مجموع المسؤولیات التي یجب أن یتحملها كل إطار یتمتع بسلطة تدریجیة و المتعلقة‬
‫باالستخدام الفعال و المعاملة العادلة لألشخاص في العمل "‪.4‬‬
‫وحسب ما سبق ‪ ،‬فإن المزج بین البعدین العملي و اإلست ارتیجي یمكن الوظیفة من التكیف مع العوائق البیئیة‬
‫الحدیثة ‪ ،‬فضال عن كون المورد البشري و الحامل للمعرفة هو أكثر األصول قیمة في االقتصاد الحالي و المبني‬
‫على المعرفة ‪ .‬وعلیه یمكن القول بأن وظیفة الموارد البشریة وظیفة هي ذات طابعین عملي واست ارتیجي‪،‬‬
‫تتكون من مجموعة أنشطة تتعلق بالحصول على احتیاجات المنظمة من الموارد البشریة و تنمیتها و تحفیزها و‬
‫الحفاظ علیها بما یساهم في تحقیق أهداف المنظمة و ضمان استم ارریتها ‪.‬‬
‫و في إطار الدور المتكامل و المتعدد األوجه لوظیفة الموارد البشریة ‪ ،‬قدم الخبیر األمریكي ‪Dave Ulrich‬‬
‫تصوار شمولیا یعكس مختلف األدوار التي تمارسها هذه الوظیفة ‪ ،‬حیث یعتقد أن دور هذه األخیرة یجب أن یكون‬
‫أكثر اتساعا من ذي قبل ‪ ،‬و أن یتحول من مجرد كونه دور ممارس كردود أفعال لما هو قائم لیصبح دوار مباد ار‬
‫و محوریا إلحداث التغی ارت و دوار مشاركا في اعداد و تطبیق اإلست ارتجیات على مستوى المنظمة ـ و‬
‫یلخص هذا التصور بیانیا كما یلي ‪:‬‬
‫الشكل رقم ‪ : 15‬األدوار األربعة لوظیفة الموارد البشریة حسب ‪D. ulr‬‬ ‫‪.D‬‬

‫المستقبل‪ /‬إس ت ارتیجي‬ ‫التوجه نحو‬

‫إست ارتیجي‬ ‫شریك‬ ‫لتغیی ر‬ ‫وكیل‬


‫التركیز على‬
‫التركیز على‬
‫العملیات‬
‫األف ارد‬

‫خب یر إداري‬ ‫للعاملین‬ ‫مناصر‬

‫التوجه نحو الحاض ر ‪ /‬عملي‬

‫‪ 2‬ـ‪J.P. Citeau , gestion des resources humaines , 3édition , Dollaz , Paris , 2003 , p 32‬‬
‫‪ 3‬خالد عبد الرحمان الهیثي ‪ ،‬إدارة الموارد البشریة ‪ ،‬مدخل إستراتیجي ‪ ،‬ط‪ ، 1‬دار حامد للنشر ‪ ،‬عمان ‪ ،1999 ،‬ص ‪30‬‬
‫‪Petit,Bélanger,Foucher,Bergeron, gestion stratégique et opérationnelle des ressources humaines, édition 4‬‬
‫‪GaetanMorin ,Québec, 2000,p7‬‬

‫‪70‬‬
‫مدخل تحليلي لنظم معلومات الموارد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫البشرية‬
‫المصدر ‪Louise Lemire , Gaétan martel , l’approche systémique de la gestion des ressources :‬‬
‫‪humaines , presses de l’université du Québec , Canada , 2007, p 324‬‬

‫یبین نموذج ‪ Ulrich‬أن وظیفة الموارد البشریة تتجلى في أربعة ادوار مختلفة تتوزع على بعدین هما ‪:‬‬
‫البعد اإلستراتیجي‪ :‬و یضم مفهومي‪:‬‬
‫الشریك اإلست ارتیجي ‪ :‬تمثل وظیفة الموارد البشریة شریكا إست ارتیجیا یعمل على توافق عملیاته مع‬
‫التوجهات اإلست ارتیجیة للمنظمة من خالل المشاركة في إعداد و تنفیذ اإلست ارتیجیة ‪.‬‬
‫و كیل للتغییر ‪ :‬تعمل الوظیفة على م ارفقة التغییر في المنظمة و االستعداد لمواجهته من خالل تشجیع السلوكات‬
‫المبدعة و التغی ارت المجددة التي من شأنها أن تغیر و تحسن من ثقافة المنظمة ‪ ،‬و كذا التوجه نحو المها ارت و‬
‫عملیات االتصال الداخلي و تكوین المسیرین ‪.‬‬

‫البعد العملي ‪ :‬و یضم مفهومي ‪:‬‬


‫الخبیر اإلداري ‪ :‬تمثل وظیفة الموارد البشریة وظیفة داعمة ‪ ،‬تهدف إلى تسییر البنیة القاعدیة للمنظمة من‬
‫خالل بحث مسؤولیها على إیجاد أفضل الطرق و أرخصهما إلنجاز العملیات ذات الطبیعة التشغیلیة‬
‫( كتسییر ظروف العمل ‪ ،‬تقسیم إج ارءات تسییر الموارد البشریة باإلضافة إلى أنشطة الوظیفة كالتكوین‬
‫التوظیف ‪ ).....‬و التي تحتاج إلى تسییر تشغیلي لمعلومات الموارد البشریة الذي یتكون من ‪:‬‬
‫‪ ‬تحدید وحمایة مختلف الملفات التي تغذي قواعد بیانات الموارد البشریة ‪.‬‬
‫‪ ‬نشر المعلومات الجماعیة ( كقوانین الحمایة االجتماعیة ) ‪.‬‬
‫‪ ‬االتصال االجتماعي المتعلق باالتصال الداخلي للموارد البشریة ‪.‬‬
‫مناصر للعاملین ‪ :‬تمارس الوظیفة هنا دور المستمع الجید لالنتظا ارت الفردیة للعاملین من أجل تحقیق اندماج‬
‫كلي للفرد في العمل و ضمان الت ازمه للمنظمة ـ و عادة ما تنحصر هذه االنتظا ارت في خمس عناصر هي‬
‫العدالة ‪ ،‬قابلیة الشغل ( ‪ ، ) employabilité‬التفتح ‪ ،‬األخالق و االستماع ‪.‬‬

‫‪1‬ـ‪ 2‬المقاریة الظرفیة لتسییر الموارد البشریة‪:‬‬

‫عرفت نهایة القرن الماضي تقلبات عمیقة و جذریة وصفها ‪ P.Drucker‬بالتحوـی ل البنی وي ‪la‬‬
‫‪ métamorphose‬حیث كان النهیار االقتصادیات الموجهة و تعمیم أفكار العودة إلى اقتصاد السوق ‪ ،‬وانتشار‬
‫الممارسات اإلداریة و كذا التحوالت الدیمغ ارفیة انعكاسا على وظیفة الموارد البشریة و كذا في فرض تحدیات‬
‫جدیدة تدور أغلبها ـ حسب جل الباحثین على شيء واحد و هو أرس المال البشري ‪ ،‬أو بمعنى أخر كیف یمكن‬
‫للمنظمة الحصول على المعرفة و المها ارت التي تمنح القیمة لها‬

‫‪71‬‬
‫مدخل تحليلي لنظم معلومات الموارد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫البشرية‬
‫و عموما ‪ ،‬تتمثل أهم التحدیات التي ی ارها علماء اإلدارة و التي بمثابة حجر عثرة تواجه الموارد البشریة في‬
‫‪:5‬‬

‫‪ ‬التقدم التكنولوجي و ما یتطلبه من موارد بشریة متمیزة ‪.‬‬

‫‪ ‬المنافسة على الصعیدین المحلي و العالمي ‪.‬‬

‫‪ ‬ظهور كیانات كبرى و اندماجات اقتصادیة و إداریة عمالقة ‪.‬‬

‫‪ ‬التباین في تركیبة هیكل القوى العاملة ‪.‬‬

‫‪ ‬العولمة و االتفاقات الدولیة و التكتالت االقتصادیة في عالم متغیر ‪.‬‬

‫هذه التحدیات و غیرها ‪ ،‬تفرض على الوظیفة منطقا جدیدا تتعامل وفقه مع الموارد البشریة ‪ ،‬و یمكنها‬
‫من أقلمة ممارساتها وفقا للظروف ـ و قد یكون ذلك من خالل المقاربة الظرفیة لتسییر الموارد البشریة التي تقوم‬
‫على أن تواجه المنظمة كل تحدي بما یناسبه من ممارسات وفقا لمنطق استجابة معین هذه المناهج المنطقیة‬
‫‪6‬‬
‫لالستجابة تضم كل منها ما یلي ‪:‬‬

‫ـ الشخصنة ( ‪ : ) la personnalité‬ینتج عن منطق االستجابة هذا ‪ ،‬العدید من الممارسات التي تمس كل فرد على‬
‫حدى وفقا لخصوصیاته و حاجاته ‪ ،‬شریطة أن یكون ذلك في إطار األهداف العامة للمؤسسة و العمل الجماعي‬
‫فیها ‪ .‬هذه الممارسات تتعلق بكافة مجاالت تسییر الموارد البشریة ‪ :‬األجور ‪ ،‬التكوین ‪ ،‬الحیاة المهنیة ‪ ،‬وقت‬
‫العمل ‪....‬الخ‬

‫ـ اللیونة (‪ : ) la fléxibilité‬تعرف اللیونة على أنها القدرة على التكیف تحت قیدي عدم الیقین و االستعجال فهي‬
‫تمثل نوع من العقلنة ‪ ،‬تمكن المنظمة من رفع قدرتها على التكیف بسرعة بدال من محاولة التوقع لمحیطها وذلك‬
‫‪7‬‬
‫من خالل تطبیق إحدى األشكال التالیة ‪:‬‬

‫لیونة تنظیمیة تقنیة ‪ :‬و ترجع إلى منظمة اإلنتاج التي تتمیز بوجود وحدات مستقلة ‪.‬‬ ‫•‬

‫• لیونة عمل ‪ :‬و تتعلق بالقدرة على التكیف الكمي و النوعي في استعمال العمل ‪ .‬و تنقسم إلى ‪:‬‬
‫ـ لیونة خارجیة ‪:‬تقوم على وسائل من خارج المنظمة مثل الوكالة ‪ ،‬خدمات الغیر ‪.....‬‬

‫ـ لیونة داخلیة ‪ :‬تطلب وسائل من داخل المنظمة و تضم ‪:‬‬

‫‪ ‬لیونة داخلیة كمیة ‪ :‬التي یمكن تحقیقها بواسطة الساعات اإلضافیة ‪ ،‬البطالة الجزئیة ‪.....‬‬

‫جاري دیسار ‪ ،‬ترجمة محمد سید أحمد عبد المعتال ‪ ،‬ادارة الموارد البشریة ‪ ،‬دار المریخ ‪ ،‬السعودیة ‪ ، 2007 ،‬ص ص ‪48 ، 45‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪ 6‬ـ‪Jean Marie Peretti , Gestion des resources humaines , 13édition ,vuibert,Paris, 2005_2006 ,P P 7,10‬‬
‫‪ L.Guery MERCIER , D.MottaY,6.Shmidt,Tic,flexibilité et transformation du travail ,le cas de France - 7‬ـ‬
‫‪télécom, rapport de recherche par DARESS (janvier 2003) .www.travail.gonv.fr‬‬

‫‪72‬‬
‫مدخل تحليلي لنظم معلومات الموارد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫البشرية‬
‫‪ ‬لیونة داخلیة نوعیة ‪ :‬ترتكز على محت وى العمل نفسه بغیة جعل األف ارد متعددي المهام‬

‫(‪ )polyvalents‬من خالل الحركیة ‪ ،‬تطویر المها ارت ‪......‬الخ‬

‫ـ التعبئة ( ‪ : )la mobilisation‬تتمثل التعبئة في حشد كافة الطاقات و المها ارت البشریة في المؤسسة ‪ ،‬و‬
‫جعلهاجاهزة لالستخدام و التوجه لتحقیق األهداف كما تعتبر ضرورة حتمیة ألنها تمثل سبب االختالف في‬
‫مستوىاتاحیة المؤسسات حتى عند نفس مستوى التكنولوجیا المستخدمة ـ‪،‬لذلك یتطلب تواجدها توفر مناخ‬
‫اجتماعيمالئم و حوار حقیقي بین األف ارد و المنظمة ‪.‬‬

‫ـ السبق ( ‪ : ) l’anticipation‬لقد كشفت أزمة السبعینیات و نتائجها عن ضعف وظیفة األف ارد بسبب غیاب‬
‫التسییر التقدیري المحكم و كذا إغفالها ألثر المحیط الخارجي كوضعیة سوق العمل ‪ ،‬وتیرة التطوارت‬
‫التكنولوجیة ‪.....‬الخ‪ .‬و كنتیجة لذلك ‪ ،‬انتبه المسیرون أن بقاء المنظمة أصبح مرهونا بالسرعة في سبق الحدث‬
‫عوض االنتظار لرد الفعل بصدد التأقلم وعلیه فإن نجاح أي إج ارء أو سیاسة على المدى القصیر ال بدا أن یندرج‬
‫ضمن أفق طویل المدى ‪ ،‬وفي إطار بعد است ارتیجي ‪ ،‬و هذا ما یجعل مدیر الموارد البشریة شریكا است ارتجیا‬

‫ـ التقاسم ( ‪ : ) la partage‬إن نجاح المناهج المنطقیة السابقة یتطلب اضفاء طابع المركزیة الوظیفة بمعنى تقاسم‬
‫مهام الوظیفة بین كافة مسیري المنظمة‪ ،‬فیصبح بذلك الكل مسی ار لألف ارد الموضوعین تحت إش ارفهم‬
‫باإلضافة إلى انجاز المهام و األدوار المنوطة بهم ‪ .‬و یرجع هذا المنطق على أساس أغلب الق ار ارت المؤثرة‬
‫على المنظمة لها مكون بشري ‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ تحوالت وظیفة الموارد البشریة‪:‬‬

‫‪2‬ـ‪ 1‬نحو تسییر إستراتیجي للموارد البشریة‪:‬‬


‫تتفق أغلب الد ارسات على أن حقل الموارد البشریة نشأ و تطور ضمن م ارحل تاریخیة متأث ار‬
‫بالتغییرات البیئیة الداخلیة و الخارجیة للمنظمة ‪ ،‬وكذا بعقول معرفیة كعلم النفس الصناعي ‪ ،‬علم السلوك‬
‫‪.....‬الخ ‪ ،‬و قد أدى ذلك التفاعل إلى حدوث تحویلین كبیرین في السلوك المعالج لتسییر الفرد في المنظمة ‪ ،‬و‬
‫كالهما صاحبهما تغیر في التسمیة فاألول یترجم من خالل االنتقال من تسییر األف ارد إلى تسییر الموارد‬
‫البشریة ‪ ،‬أما الثاني الذي یعتبر األكثر حداثة فیتمیز باالنتقال من تسییر الموارد البشریة إلى التسییر اإلست‬
‫ارتیجي للموارد البشریة ‪.‬‬

‫التحول من تسییر األفراد إلى تسییر الموارد البشریة ‪ :‬یشمل هذا التحول نهایة السبعینات و بدایة الثمانیات‬

‫‪73‬‬
‫مدخل تحليلي لنظم معلومات الموارد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫البشرية‬
‫أخذا بعین االعتبار العنصر البشري كمورد هام في المنظمة شأنه شأن أرس المال المالي أو األصول المادیة و‬
‫بالتالي ضرورة تسییره بطریقة نظامیة ناجحة ‪ ،‬بمعنى التنسیق شكال و مضمونا بین مختلف التطبیقات و البیانات‬
‫التقلیدیة لتسییر األف ارد فغیاب الت اربط و التكامل بین أنشطة إدارة األف ارد التي ترجع فترة والدتها إلى‬
‫مابعد الحرب العالمیة األولى ‪ ،‬جعل من الصعب تحقیق االستعمال الفعال للعنصر البشري في المنظمة ‪ ،‬في حین‬
‫و بفضل تأثیر مدخل النظم استطاعت إدارة الموارد البشریة تجاوز النظرة القدیمة المركزة على الطابع المشتت‬
‫ألنشطتها لصالح نظرة توكد على الطابع االقتصادي و المتفاعل و المت اربط بینهما ومدى حساسیتها للتغی ارت‬
‫التي تحدث في محیطها ‪.‬‬

‫ولذلك ‪ ،‬فإن التحول في التسمیة من تسییر األف ارد إلى تسییر الموارد البشریة له مدلوله العلنيالمستوحى‬
‫من فكرة النظام لیكون الطابع الدینامیكي للوظیفة و العالقات العضویة التي تنمیها مع أهدافالوظائف األخرى و‬
‫أهداف المنظمة ككل هي صفات بدیهیة فیها ‪ 8 .‬كما أن ‪ ،‬وقائع هذه المرحلة تدل علىتغییر مسمى العمل ووسائله و‬
‫اعتماد تكنولوجیا متطورة في تنفیذه مع منافسة شدیدة قوامها اإلبداع و االبتكار لذلك من غیر المعقول أن ینحصر‬
‫مفهوم الفرد في هذه الحالة في قوته العضلیة كما كان في تسییر األف ارد ‪ ،‬بل یجب االهتمام بعقله باعتباره‬
‫مصدر اإلبداع ‪ ،‬و هذا لن یتحقق إال بإدارة واعیة لهذه الحقیقة معبرة عن رؤیتها و فلسفتها للفرد ‪ .‬فكان ذلك من‬
‫خالل تسییر الموارد البشریة ‪.‬‬

‫و الحقیقة أن تحوالت وظیفة الموارد البشریة في المنظمات لم یتوقف عند هذا التحول‪ ،‬بل مس هذا أیضا‬
‫التحول الم والي و الذي یعتبره أغلب الباحثین امتدادا للتحول األول الذي بلغته وظیفة الموارد البشریة ‪.‬‬

‫التحول من تسییر الموارد البشریة إلى التسییر اإلستراتیجي للموارد البشریة ‪ :‬عرفت سنوات الثمانینات‬
‫االنتقال من مفهوم تقلیدي إلى مفهوم حدیث لوظیفة الموارد البشریة ‪ ،‬و تعمق هذا االنتقال حینما ربط مصطلح‬
‫اإلست ارتیجیة بمصطلح تسییر الموارد البشریة ‪ .‬و في ظل هذا المفهوم الحدیث ‪ ،‬یمثل الفرد مورد بالمعارف و‬
‫القد ارت التي یمتلكها و على المنظمة أن تضمن تعاون األف ارد بشكل طوعي و والئهم‪ .2‬كما یتم التركیز على‬
‫ضرورة التنسیق لیس فقط بین أنشطة إدارة الموارد البشریة ‪ ،‬بل أیضا مع االحتیاجات و األهداف األساسیة‬
‫للمنظمة ‪ .‬و هذا هو الحضور األقوى لوظیفة الموارد البشریة في تصور أكثر إجمالیة و على المدى األطول‬
‫إلست ارتجیة المنظمة ‪ ،‬و الذي یفسر تسمیة التسییر اإلست ارتیجي للموارد البشریة ‪ .‬إن هذا التموضع الجدید و‬
‫الذي لقي دفاعا خاصة من طرف مطبقي و منظري تسییر الموارد البشریة یرجع مبرره إلى عوامل خارج المجال‬
‫السلوكي للموارد البشریة منها بروز تطبیق أوال مفهوم التسییر اإلست ارتیجي ‪ ،‬و ثانیا نموذج القصد القائم على‬
‫الموارد الداخلیة ـ و ضمن هذا المجال الذي أصبحت فیه الموارد الداخلیة تحتل مكانة رئیسیة في نظریات و‬

‫‪,petit.D,A,M.Bengne, gestion stratégique et opérationnelle des ressources humaines,Gaetan Morin - 8‬‬


‫‪2‬‬
‫‪qubec,1993,P19‬‬ ‫‪-Amadien JF , encyclopédie de gestion ,ed‬‬
‫‪Dalloz,Paris,1999,P 1086‬‬

‫‪74‬‬
‫مدخل تحليلي لنظم معلومات الموارد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫البشرية‬
‫تطبیقات التسییر اإلست ارتیجي ‪ ،‬وجدت هذه الوظیفة نفسها في قلب اإلست ارتیجیة كمكون فاعل و مشارك نشط‬
‫في حیاة المنظمة ‪ 9‬و بذلك یتشكل اربط من نوع أخر بینها و بین اإلست ارتیجیة یمثل أكثر توازنا و هو المطلوب‬
‫في ظل محیط جدید یفرض على المنظمة خلق میزة تنافسیة تتمیز بعدم قابلیتها للنقل أو التقلید ‪ ،‬فإذا كان أرس‬
‫المال و التكنولوجیا قد سیط ار خالل سنوات السبعینیات و الثمانینیات ‪ ،‬یظهر الیوم أن كل من المعلومات و‬
‫الموارد البشریة یلعبان دوار أساسیا في نجاح المنظمة و تفوقها على منافسیها ‪.‬‬

‫إن إعطاء البعد اإلست ارتیجي لوظیفة الموارد البشریة تعبی ار عن زیادة أهمیتها في المنظمة یطرح من‬
‫جهةمسألة تقاسم أعبائها ( الذي سبق اإلشارة إلیه من قبل ) حیث یصبح كل مسیري المنظمة مدعوون إلى‬
‫ممارسةأنشطة هذه الوظیفة بكل جوانبها سواء تعلق األمر بالجانب القانوني أو االجتماعي أو اإلداري ‪....‬الخ و‬
‫ذلكمن أجل تحقیق اللیونة ‪ ،‬السبق و الشخصیة و كذا تعبئة قد ارت العاملین ‪ ،‬و من جهة أخرى مهمة جدیدة و‬
‫‪10‬‬
‫متكیفة مع األوضاع الجدیدة تتمثل في تحقیق أربعة أهداف إست ارتیجیة وضحها ‪ Wacheux,Blanchot‬كمایلي‪:‬‬
‫‪ ‬جذب المها ارت المطلوبة ‪ :‬و یتم ذلك من خالل التوظیف ‪ ،‬تسییر العمل و الحیاة المهنیة و كذا االتصال‪.‬‬

‫‪ ‬تطویر المها ارت المطلوبة ‪ :‬یتم عن طریق االتصال و التكوین و كذا تسییر المسار االحت ارفي ‪.‬‬

‫‪ ‬تعبئة المها ارت المتوفرة ‪ :‬و ذلك من خالل تسییر الفرد ( التوظیف و التكوین ) ‪ ،‬تسییر العمل‬
‫( المبادرة ‪ ،‬االستقاللیة ) و تسییر العالقات الجماعیة ( االتصال ‪ ،‬دوارن و شفافیة المعلومات ) ‪.‬‬

‫‪ ‬المحافظة على المها ارت المطلوبة ‪ :‬و ذلك عن طریق التسییر التوقعي لألعمال و التعداد ‪ ،‬تنظیم وقت‬
‫العمل ‪ ،‬اللیونة ‪.‬‬

‫على ضوء ما تقدم ‪ ،‬یلخص الجدول التالي أهم مظاهر التحوالت في أنشطة وظیفة الموارد البشریة ‪:‬‬

‫الجدول رقم ‪ : 10‬التحوالت في وظیفة الموارد البشریة‬

‫الیوم ‪ /‬غدا‬ ‫أمس ‪ /‬الیوم‬

‫‪J.Brabet Dir ;répenser ,la gestion des ressources humaines , économica, Paris,1993,P 101_ 9‬‬
‫‪Fabien Blanchot,Frédéric Wacheux, Tic,Finalites de la GRH et création de valeur, communication a la_ 10‬‬
‫‪journée d’étude,université dauphine,Paris,Mai2002,www.crepa.dauphine.fr/documents/ch/doc-fxundI.pdf‬‬

‫‪75‬‬
‫مدخل تحليلي لنظم معلومات الموارد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫البشرية‬
‫‪‬ترتكز عل الطابع االعتمادي و المتفاعل و المت اربط بین أنشطتها‬ ‫‪ ‬ترتكز على الطابع المشتت ألنشطتها‬
‫و مدى حساسیتها لتغی ارت المحیط ‪.‬‬

‫‪ ‬إعادة تشكیل في الوظیفة ‪ :‬تغیر في العملیات عن طریق األدوات‬ ‫*وظیفة مستقرة‬


‫المعلوماتیة ‪ ،‬خدمات جدیدة بقیمة مضافة للفرد إعادة تنظیم عملیات‬
‫الموارد البشریة اإلخ ارج ‪ ،‬خدمات متقاسمة ‪.‬‬

‫‪ ‬توظیف است ارتیجي یتجه نحو المها ارت ‪ :‬استعمال االنترنت ‪،‬‬
‫تقییم باالختبا ارت و في وضعیات العمل ‪.‬‬ ‫‪ ‬توظیف على أساس المؤهالت ‪ ،‬وتقییم عن طریق المقابالت‬

‫‪ ‬مسار مهني عمودي ‪ ،‬اكتساب متعدد المها ارت ‪ ،‬البحث عن قابلیة‬ ‫* مسار مهني أفقي‬

‫العمل الداخلیة و التعبئة ‪.‬‬


‫‪‬أجور ثابتة و تثمین لألداء الفردي‬
‫‪ ‬أجور متغیرة و تثمین ألداء الفریق ‪.‬‬
‫‪ ‬تنافر بین المكافئة و القیم الجدیدة ‪ :‬غایة األف ارد تتناقص مع الغایات‬
‫‪ ‬تجانس بین األنظمة و سیاسات األجور مع األدوار الجدیدة و القیم‬
‫المعلنة‬
‫الجدیدة ‪.‬‬

‫‪ ‬تكوین مخطط لكل فرد ‪ :‬من أجل فارق المها ارت ‪ ،‬قابلیة العمل ‪،‬‬ ‫‪ ‬تكوین بدون عالقة مع مخطط المها ارت‬

‫التعبئة ‪ ،‬تكوین نافع و مربح ‪.‬‬


‫‪ ‬أعمال مؤقتة ما عدى في بعض المنظمات‬
‫‪ ‬أعمال دائمة ‪ ،‬وفاء متبادل بین المنظمة و العاملین‬

‫المصدر ‪Louise lemire et autres , opcit , P 321:‬‬

‫‪2‬ـ‪ 2‬مقاربة الموارد كمدخل لتثمین الموارد البشریة‪:‬‬


‫كما سبق و أن أشرنا إلیه آنفا ‪ ،‬أنه بظهور نموذج القصد االست ارتیجي القائم على الموارد الداخلیة یجعل‬
‫اإلست ارتیجیة في نفس الوقت أكثر تطلبا و ارتباطا بوظیفة الموارد البشریة و أكثر وعیا بأهمیة هذه األخیرة في‬
‫حیاة و مستقبل المنظمة ‪ ،‬بعدما كانت ( اإلست ارتجیة ) أساسا متجه إلى التحلیل االقتصادي و الصناعي لألسواق‬
‫فهذا االنتقال من هیكل الصناعة إلى موارد المنظمة یمثل قطیعة ابستیمولوجیة مهمة ‪ ،‬كان عاملها األساسي تلك‬
‫المعالجة المبنیة على الموارد ( ‪ ) ressources based view‬التي ال تأخذ في االعتبار المنظمة و است ارتیجیاتها‬
‫من خالل الثنائیة ( منتوج ‪ ،‬سوق ) و إنما من خالل امتالك مورد أو عدة موارد تشكل ریع أو شبه ریع‬
‫للمنظمة‪.11‬‬

‫و في الحقیقة ‪ ،‬تستمد ( ‪ ) RBV‬أصولها من قانون الریوع ل ‪ Ricardo‬الذي یرى أن امتالك مورد أو عدة‬
‫موارد یعود على مالكه بفوائد ریعیة مفیدة ‪ ،‬و إلى ‪ Penrose‬الذي صاغ أول فرضیة حول تباین المنظمات‬
‫بخصوص الموارد و إنشاء القیمة لتتبلور الفكرة فیما بعد لدى ‪.... Collis , Barney , Wernefelt‬الخ الذین تتفق‬
‫تصوارتهم حول أن تطور المنظمة ال یرتبط فقط بوضعیتها الخارجیة و لعبة القوى التي تخضع لها و لكن جزء‬
‫كبیر من نجاحها یرتبط أیضا بالموارد التي تملكها و التي تعبئها بطریقة تخدم عمالءها‪ ،‬لیضیف ‪Schoemaker‬‬

‫‪-Piene –Xavier Mschi, le concept de compétence en stratégie, perpectives et limites,www.stratégie . 11‬‬


‫‪aims.com‬ـ‬

‫‪76‬‬
‫مدخل تحليلي لنظم معلومات الموارد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫البشرية‬
‫إلى أن " لب نظریة الموارد لیس فقط الكشف عن تخصیص مختلف األصول و الموارد ‪ ،‬و إنما هو اإلشارة على‬
‫وجه الخصوص إلى كیف أن القد ارت التنظیمیة المتمیزة تسمح بإنشاء م ازیا تنافسیة طویلة المدى في ظل‬
‫‪13‬‬
‫ظروف معینة "ـ‪ 12‬و حسب ‪ Hamel‬و‪ prahalad‬فإن أهم مبادئها تتمثل في ‪:‬‬

‫• اعتبار المؤسسة حافظة من الموارد المالیة ‪ ،‬التقنیة ‪ ،‬البشریة ‪ ....‬و في نفس الوقت محفظة من المنتجات و‬

‫األج ازء اإلست ارتیجیة المركزة على سوق معینة ‪ ،‬و هو ما یبقى دور التجزئة قائما ‪.‬‬

‫• اختالف المنظمات یكمن في كیفیة مزج الموارد ‪ ،‬و هذا ما ینتج عنه فروقات في النواتج التي تستخلصها من‬

‫مستویات الكمیات المتاحة من الموارد ‪.‬‬

‫• ضعف الموارد ال یمنع المنظمة من تحقیق التفوق ‪ ،‬كما ال تضمن لها وفرة الموارد تحقیق النجاح األكید ‪.‬‬
‫• تحسین اإلنتاجیة ینتج عن مخرجاتها و لیس االقتصاد في الموارد على اعتبار أن هذه االخیرة وجدت لتحقیق‬
‫أقصى ناتج ‪.‬‬

‫• االستعمال الذكي للموارد و ذلك بتجمیعها و إش اركها المتكامل و توظیفها نحو هدف است ارتیجي مع‬
‫االقتصاد فیها ‪.‬‬

‫مصطلح الموارد حسب مؤسس المقاربة ‪ Wernerfelt‬یمثل " مجموع األصول المادیة وغیر المادیة‬
‫المرتبطة بأنشطة المنظمة خالل فترة زمنیة نسبیة "‪ . 1‬فباإلضافة إلى األصول المادیة التي یأخذها عادة بعین‬
‫االعتبار االقتصادیون المتعلقة بالتكنولوجیا ‪ ،‬الموارد البشریة ‪ ،‬الموارد األولیة ‪ ،......‬نجد األصول غیر المادیة‬
‫كسمعة المنظمة ‪ ،‬العملیات التنظیمیة ‪ ،‬المعلومات ‪ ،‬المعارف ‪ ،......‬التي ت ارقبها المنظمة و تسمح لها بتصمیم‬
‫و تنفیذ االست ارتیجیات التي تمكنها من تعزیز مكانتها ‪ .‬لهذا فإن ما یمیز الموارد أن بعضها عادي متاح لجمیع‬
‫المنظمات و بعضها خاص یمكنها من إنشاء و إدامة المیزة التنافسیة ‪ .‬و حتى یمكن اعتبارها مصد ار است‬
‫‪2‬‬
‫ارتیجیا ‪ ،‬فقد أجمع أغلب رواد هذه المعالجة على أن أهم خصوصیات الموارد اإلست ارتیجیة تتمثل في ‪:‬‬

‫‪ ‬الندرة ) ‪( Rareté‬‬ ‫‪ ‬القیمة ) ‪( Valeur‬‬

‫‪ ‬عدم التقلید ) ‪( Non instabilité‬‬ ‫‪ ‬عدم اإلحالل ) ‪( Non substituabilité‬‬


‫و بهذا المنظور ‪ ،‬شكلت الموارد مادة خصبة في الفكر اإلست ارتیجي ‪ ،‬مما أدى إلى استقطاب العدید من‬
‫الباحثین الذین قاموا بتطویر الفكرة من مسألة موارد إلى مسألة معارف ثم مها ارت ‪ ،‬معتبرین هذه األخیرة ( المها‬
‫ارت ) لب ‪ RBV‬بسبب تمتعها بالخصوصیات اإلست ارتیجیة على عكس بقیة الموارد المادیة التي تتمیز بقابلیة‬

‫‪ 12‬ـ ‪Tomas Duran , l’alchimie de la compétence , revue française de gestion , janvier _ février, 2000‬‬
‫‪ 13‬ـ ‪Gay Hamel , C.K.prahaled , la conquête de future , Dunod , Paris , 1999, P P 166 , 169‬‬

‫‪77‬‬
‫مدخل تحليلي لنظم معلومات الموارد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫البشرية‬
‫التعریف و الش ارء وبالتالي ال تحمل میزة تنافسیة ‪ .‬وبذلك ظهرت في بدایة التسعینات رؤیة مكملة ل ـ ‪ RBV‬تقوم‬
‫على أن القیمة اإلست ارتیجیة للموارد مرتبطة بطریقة مزجها تنسیقها و استعمالها مع موارد أخرى خاصة‬

‫بالمنظمة و التي یمكن اللجوء إلیها ‪ ،‬تعرف بالمعالجة المبنیة على المها ارت ( ‪competencier, based‬‬
‫‪3‬‬
‫‪.(view‬‬

‫یقول ‪ LE Boterf‬بأن المها ارت تمثل" عملیة تعبئة و مزج لعدد من الموارد المالئمة سواء كانت موارد فردیة‬
‫( معارف‪ ,‬ممارسات‪ ,‬سلوكات‪ )...,‬أو موارد المحیط (شبكات وثائقیة‪ ,‬بنوك المعطیات ‪ )...‬من اجل انجاز عدد من‬
‫األنشطة المهنیة حسب متطلبات احت ارفیة خاصة و ظروف معینة ‪ ,‬و ذلك بهدف تحقیق نتائج منتظرة توجه إلى‬
‫طرف محدد "‪ .4‬ما یمكن إد اركه هنا هو أن الموارد و المها ارت مفهومین مختلفین لكن مت اربطین و متكاملین‪,‬‬
‫فاذا كان المورد هو ما تمتلكه المنظمة و المهارة هي ما تعرف فعله ‪ ،‬فإن مختلف الموارد اإلست ارتیجیة مهما‬
‫كان المظهر الذي تتجلى به في المنظمة ( تكنولوجیا ‪ ،‬نظام المعلومات ‪ ).....‬ترتبط بكیفیة ما بالمها ارت ألن‬
‫نشوء هذه األصول و تطورها ماهو إال انعكاس لمها ارت الموارد البشریة كمهارة فردیة أو جماعیة ‪ .‬وعلى هذا‬
‫األساس یعتبر العنصر البشري موردا ممثال في المها ارت أحد أهم العناصر المسؤولة عن امتالك المنظمة میزة‬
‫تنافسیة‪ ،‬وهذا ما یفرض ضرورة دمج الموارد البشریة في إست ارتیجیة المنظمة ‪.‬‬

‫‪1-‬‬ ‫‪Jean Claude Tarrondo , le management des savoir , 2 édition ,puf, Paris , 2002 , P 15‬‬

‫‪3‬‬
‫‪2--‬‬ ‫‪Bertrand quélin , Jean Luc arrégle , Idem , P P 61 , 64‬‬ ‫‪le management stratégique des‬‬
‫‪compétences, 2 édition , ellipses, Paris, 2000, P 71‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- Guy le boterf , construire les compétence individuelles et collectives , éditions d’organisation , Paris ,‬‬
‫‪2000 , 2001 , P 60‬‬
‫كما أن طبیعة المها ارت التي تقوم علیها ‪ CBV‬تتمثل في المها ارت األساسیة التي هي مزیج من المعارف ‪ ،‬المها‬
‫ارت الفردیة و الموارد المختلفة ‪ ،‬تنتج من خالل التنسیق و تجمیع األفضلیة ( ‪ ) Synergie‬بین المهارات‬
‫الفردیة ‪ 14.‬و بالتالي فإن المورد البشري وحده ال یملك مها ارت أساسیة دون وجود شبكة من العالقات بین‬
‫مختلف الموارد التي تمتلكها المنظمة‪ ،‬فتعقد هذه الشبكة هو الذي یؤدي إلى میزة تنافسیة طویلة ‪ ،‬وناد ار ما تشكل‬
‫الموارد المنفردة قوى محققة ألداء ممیز ‪.‬‬

‫‪:II‬نظام معلومات الموارد البشریة‪ :‬المفهومـ و األبعاد‬

‫‪1‬ـ مفهوم نظام معلومات الموارد البشریة‪:‬‬

‫‪1‬ـ‪ 1‬تعریف نظام معلومات الموارد البشریة‪:‬‬


‫‪ 14‬ـ ‪Guy Le Doterf , opcit , p160‬‬

‫‪78‬‬
‫مدخل تحليلي لنظم معلومات الموارد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫البشرية‬
‫بسبب ت ازید قناعات الباحثین و أصحاب األعمال بأن النجاح الیوم في ظل محیط غیر مستقر و أسواق‬
‫متقلبة و منتجات أكثر تعقیدا و زبائن أكثر تطلبا یعتمد بشكل كبیر على الموارد البشریة التي أضحت الثروة‬
‫الجوهریة للمنظمة و أحد أهم العوامل األساسیة لألداء ‪ ،‬فإنه قد بات من الضروري إعطاء درجة عالیة من‬
‫االهتمام لنظم معلومات الموارد البشریة لما لها من قدرة على تسییر كتلة متنامیة من المعلومات و البیانات بجمیع‬
‫أشكالها و أنواعها بغیة تحقیق االستغالل األمثل لهذه الموارد لذلك تعتبر نظم معلومات الموارد البشریة انعكاسا‬
‫واضحا الهتمام المنظمة بالمورد البشري و تنمیة استخدامه‪.‬‬

‫إن الفحص المتعمق ألدبیات هذا الموضوع یبین وجود تباین في تعریفات الباحثین و المختصین في هذا‬
‫المجال‪ ،‬لذلك فإن الخروج بمفهوم متكامل لها یعد أم ار صعبا في الوقت الحاضر ‪ ،‬ال سیما و أن هذه النظم لها‬
‫ارتباط بتطبیقات تكنولوجیا المعلومات من جهة ‪ ،‬و المورد البشري من جهة أخرى ‪ ،‬و تلك موضوعات متطلعة‬
‫إلى األمام یصعب التوقع بما سیالزمها من تغی ارت و تطوارت ـ و مما تجدر اإلشارة إلیه ‪ ،‬أنه لم یصدر الى أحد‬
‫اآلن إال كتابین فقط یختصین بتقدیم موضوع نظم معلومات الموارد البشریة ‪ ،‬على عكس ما نجده في نظم‬
‫المعلومات المتعلقة بالوظائف األخرى للمنظمة ـ‬

‫و على العموم ‪ ،‬سیتم استع ارض أهم التعاریف حسب ورودها الزمني في الجدول التالي من أجل تشكیل‬
‫صورة مقبولة نوعا ما لنظام معلومات الموارد البشریة من خالل إعطاء مفهوم إج ارئي له یتفق و توجهات الد‬
‫ارسة الحالیة ‪:‬‬

‫جدول رقم ‪ : 11‬التطور المفاهیمي لمصطلح نظم المعلومات الموارد البشریة لدى بعض الباحثین‬
‫ف‬ ‫التعرـی‬ ‫ن‬ ‫الباحثی‬

‫بیان مفصل للوظائف و المها ارت المتوافرة في أي منظمة ‪ ،‬فضال عن أنه‬


‫مجموعة من األدوات و الوسائل اإلداریة التي تمكن المسؤولین من تحدید أهداف‬
‫استخدام الموارد البشریة المتاحة للمنظمة‪.‬‬ ‫)‪SHAPRITZ(1977‬‬

‫صیاغة فنیة مرتبة لتناول البیانات المتوافرة لدى الوحدة المعنیة بالنظام و تسعى‬
‫إلى االحتفاظ بها ‪ ،‬و تقدیم تقاریر تتضمن معلومات عن العاملین بالشكل الذي‬
‫تحتاج إلیه اإلدارة العلیا و مدیري األف ارد‪.‬‬ ‫)‪MORRISON(1979‬‬

‫‪79‬‬
‫مدخل تحليلي لنظم معلومات الموارد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫البشرية‬

‫قاعدة بیانات متكاملة متعلقة بالموظفین ووظائفهم لمساعدة المد ارء في تقییم‬
‫الوضع الحالي للموارد البشریة في المنظمة ووضع األهداف لألنشطة المالئمة و‬
‫تقییم نجاح تلك األنشطة في المستقبل‬ ‫)‪CASCIO(1981‬‬

‫نظام لتزوید المدرین و غیرهم بالمعلومات الالزمة لتحسین الق ارارت الخاصة‬
‫بالموارد البشریة‬ ‫)‪MATHYS, LAVVAN(1982‬‬

‫هو النظام الذي یعمل على مواكبة التغی ارت السریعة الحاصلة في إدارة‬
‫الموارد البشریة و حاالت التعقید الحاصلة فیها ‪ ،‬و تستخدم هذه األنظمة النجاز‬
‫وظائف و مهام تتعلق بجمع البیانات و معالجتها و خزن المعلومات و‬
‫استرجاعها و ذلك الستخدامها بشكل یؤثر في صنع الق ارارت اإلداریة التي‬
‫تقع ضمن مجال الموارد البشریة‬ ‫)‪NIKKEL(1985‬‬

‫طرق مستندة إلى الحاسوب تهدف إلى جمع البیانات و خزنها و الحفاظ علیها و‬
‫استرجاع و تقدیم المعلومات بطریقة مفیدة فیما یخص الموارد البشریة في‬
‫المنظمة‬ ‫)‪HARRIES(1986‬‬

‫مجموعة من الطرق التي یستخدمها المستفیدون باستخدام الحاسبة االلكترونیة‬


‫لتحسین أدائهم و یستخدمها العدید من مختصي األعمال بدءا من المدرین و‬
‫انتهاءا بالمتخصصین و المحترفین و المحاسبین و كذلك العاملین ‪ ،‬وتستخدم في‬
‫كل الحقول الوظیفیة لألعمال‬ ‫)‪KEROENKE(1989‬‬

‫النظام اآللي الذي یسعى إلى جمع و تخزین و استرجاع البیانات المتعلقة‬
‫بالموارد البشریة في المنظمة‬ ‫)‪CARRELL(1992‬‬

‫تلك الب رمجیات و الحاسبة اإللكترونیة بنوعیها الكبیر و الصغیر‪ ،‬و الذي یتم‬
‫عن طریقة إدخال البیانات و صیانتها و تحدیثها و استخدام معلومات الموارد‬
‫البشریة بهدف توفیرها للمستفیدین و الموظفین العاملین في مجاالت مختلفة ‪،‬‬
‫وكذلك للمدرین بهدف صنع الق ارارت اإلست ارتجیة و تجنب الن ازعات‬
‫القانونیة و تقویم البیانات و دعم العملیات الیومیة للمنظمة‬ ‫)‪NOE(1994‬‬

‫‪80‬‬
‫مدخل تحليلي لنظم معلومات الموارد البشرية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الطریقة النظامیة لتخزین البیانات و المعلومات لكل فرد موظف في المنظمة‬


‫للمساعدة في التخطیط و اتخاذ الق ارارت و تقدیم تقاریر اإلی اردات للفروع‬
‫الخارجیة‬ ‫)‪PATTANAYAK ,VERMA (1998‬‬

‫نظام معلومات صمم لدعم ق ارارت مد ارء التشغیل ‪ ،‬إذ أن منظمات األعمال‬
‫تمتلك أنظمة حاسوبیة تحتوي على بیانات للعاملین ‪ ،‬ولكن هذا النظام مفید في‬
‫مواقع أخرى متمثلة فإدارة وظائف الموارد البشریة‬ ‫)‪ANTHONY(1999‬‬

‫هیكل متكامل و متفاعل من المستلزمات المختلفة كاآلالت و القواعد من أجل‬


‫معالجة البیانات ذات العالقة باألف ارد العاملین و بالخصائص النوعیة و‬
‫توصیلها إلى المستفدین لصنع الق ارارت و إنجاز وظائف إدارة الموارد البشریة‬
‫و في جمیع المستویات اإلداریة مما یحقق أفضل استخدام ممكن لهذه المعلومات‬ ‫الیوزبكي( ‪)2001‬‬

‫هو النظام الذي یحتفظ بسجالت الموظفین و متابعة مها ارتهم و تقییم أدائهم و‬
‫إدارة تفویضات الموظفین و تطویر المسار المهني و دعم تخطیط الموارد‬
‫البشریة‬ ‫)‪LONDON ,LONDON (2002‬‬

‫مجموعة من المكونات التي تعمل بصورة منتظمة و فاعلة تشمل جمع وخزن و‬
‫تحلیل و معالجة و استرجاع البیانات و المعلومات المتعلقة بالموارد البشریة ‪،‬‬
‫ٕٕوادارتها و تهیئتها أمام المستفیدین من المدیرین و صناع الق ارر لمساعدتهم في‬
‫اتخاذ الق ارارت في مجال تخطیط الموارد البشریة و استقطابها و تعنینها‬
‫وتدریبها و تطویرها و تقویم أدائها بكفاءة وفعالیة‬ ‫بن حمدان(‪)2002‬‬

‫نظام محوسب یستند على شبكة من قواعد البیانات‪ ،‬یستخدم للحصول على‬
‫المعلومات وتخزینها و تحلیلها و استرجاعها ونشرها حول الموارد البشریة‬
‫للمنظمة‬ ‫)‪POULTANEN(2004‬‬

‫مركب من شبكة قواعد البیانات و تطبیقات الكمبیوتر و المكونات المادیة و‬


‫البرمجیات الضروریة لجمع و تسجیل و خزن و تسلیم ومعالجة بیانات الموارد‬
‫البشریة‬ ‫)‪WAT,NGAI(2006‬‬
‫المصدر ‪ :‬من إعداد الباحثة‬

‫بعد عرض ما تیسر للباحثة من تعریفات لنظام معلومات الموارد البشریة و التي جاءت على أساس زمني یمكن‬
‫استجالء المالحظات التالیة ‪:‬‬

‫*هناك تباین في التعاریف لدى الباحثین و المختصین بتابین ‪:‬‬


‫الم راحل التي مر بها هذا النظام و التطوارت التي حدثت على مستوى تقنیة الحاسبات ‪ ،‬إذ نالحظ أنه من‬
‫السبعینات القرن الماضي إلى الوقت الحاضر تحول المفهوم في كل مرة إلى عملیات أوسع و أكثر تعقیدا لیكون‬
‫أكثر ارتباطا بالتطوارت الحاصلة في مجال تقنیة المعلومات حیث أصبحت الحاسبة اإللكترونیة العصب‬
‫األساسي لعمل هذا النظام ‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫مدخل تحليلي لنظم معلومات الموارد البشرية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫الم ارحل التاریخیة التي مر بها حقل الموارد البشریة و التي انعكست على دور هذا النظام من تقدیم تقاریر و‬
‫كشوفات دوریة عن العاملین إلى دعم مختلف الق ارارت في المنظمة ‪.‬‬

‫*انقسام أ ارء الباحثین إلى ثالث اتجاهات تعبر عن وجهات نظرهم ‪ ،‬حیث ینظر أصحاب االتجاه األول له من‬
‫منظور أنشطة نظم المعلومات‪ ،‬في حین ینطلق أصحاب االتجاه الثاني من منظور تكنولوجي بحت جاعلین‬
‫الحاسبة اإللكترونیة العصب األساسي لعمل هذا النظام ‪ ،‬أما االتجاه األخیر فیجمعون بین االتجاهین السابقین معا‬
‫‪.‬‬

‫*أغلب التعریفات التي أوردتها الد ارسة نظرت إلى أن مهمة هذا النظام هي تقدیم المعلومات التي تتعلق‬
‫بالموارد البشریة ‪ ،‬وهي نظرة ضیقة و محدودة ال تتماشى مع التوجه الجدید لوظیفة الموارد البشریة الذي یؤشر‬
‫على البعد االست ارتیجي لها و من ثمة على أهمیة تحقیق األهداف اإلست ارتجیة المتعلقة بالمها ارت و التي‬
‫سبق اإلشارة إلیها أنفا فالمورد البشري مفهوم عام یشمل جمیع األف ارد الذین یضیفون أو ال یضیفون قیمة‬
‫لمنتجات المنظمة ‪ ،‬في حین تتمتع المها ارت بالخصوصیة اإلست ارتجیة التي تؤهلها بأن تكون مصد ار ألداء‬
‫متمیز للمنظمة ‪ ،‬و بالتالي ال یمكن بأي شكل من األشكال أن تتساوى الموارد البشریة في محتواها و جودتها مع‬
‫المها ارت‬

‫فتماشیا مع التطور الزمني و النضج المعرفي الذي شهدته وظیفة الموارد البشریة بتجاوزها الیوم الجانب‬
‫التسییري التقلیدي للوظیفة إلى الجانب اإلست ارتیجي لها ‪ ،‬و بغیة الم ازوجة بین الجانبین من أجل إعطاء‬
‫صورة شاملة لنظام معلوماتها ‪ ،‬و بعد غربلة ما أمكن الحصول علیه من أفكار بهذا الصدد فإن تعریف الباحثة‬
‫لنظام معلومات الموارد البشریة هو " نظام فرعي في نظم المعلومات اإلداریة ذو جانبین تشغیلي و تحلیلي ‪،‬‬
‫یتكون من مجموعة من األسالیب و اآلالت و المعدات التي یتعامل معها العنصر البشري للحصول على‬
‫معلومات تتعلق من جهة بالمورد البشري ومن جهة أخرى بالمها ارت المطلوبة والعمل على تطوی رها و‬
‫تعبئتها و المحافظة علیها‪ ،‬وذلك بهدف تحسین أداء الفرد كما یستخدم هذا النظام في جمیع المستویات التنظیمیة‬
‫المختلفة لمساعدة مسیري الموارد البشریة إلنجاز مهامهم "‪.‬‬

‫‪1‬ـ‪ 2‬عناصر نظام معلومات الموارد البشریة‪:‬‬

‫اعتمادا على األطر المفاهمیة الخاصة بنظریة النظام العام و التي تحدد عناصر النظام في إطار النموذج‬
‫العام بغض النظر عن طبیعة هذا النظام و أهدافه و درجة تعقیده و مجال تطبیقه ‪ ،‬فإنه یمكن تجزئة نظام‬
‫‪15‬‬
‫معلومات الموارد البشریة إلى العناصر األربعة التالیة ‪:‬‬

‫‪ 15‬ـ محمد الصیرفي ‪ ،‬اإلدارة اإللكترونیة للموارد البشریة ـ ط‪ ، 1‬مؤسسة حورس الدولیة ‪ ،‬مصر ‪ ، 208 ،‬ص ص ‪124 ، 117‬‬

‫‪82‬‬
‫مدخل تحليلي لنظم معلومات الموارد البشرية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪ ‬المدخالت ‪ :‬تعد المدخالت األساس في تولید المخرجات المطلوبة من قبل المستفیدین ‪ ،‬لذا تقتضي الضرورة‬
‫تحدیدها على أسس صحیحة و سلیمة و بالمواصفات المطلوبة ‪ ،‬فالمادة األولیة الجیدة ینتج عنها سلعة جیدة و‬
‫تتمثل مدخالت نظام معلومات الموارد البشریة في البیانات فقط و التي یقصد بها كما سبق اإلشارة من قبل ـ المادة‬
‫الخام التي تستخدم لتولید معلومات لصانع الق ارر ‪ ،‬حیث یمكن تصنیفها إلى ثالثة أنواع هي‪:‬‬

‫البیانات المتعلقة بالموظف كالبیانات الشخصیة ‪ ،‬المؤهالت الد ارسیة ‪ ،‬الخب ارت العلمیة السابقة ‪ ،‬باإلضافة‬
‫إللى البیانات المتعلقة بالحیاة الوظیفیة كتاریخ التحاق الموظف بالوظیفة ‪ ،‬التدرج الوظیفي ‪....‬الخ ‪.‬‬

‫البیانات المتعلقة بالوظائف و التي تشمل مثال مسمیات الوظائف و أرقامها و مواقعها التنظیمیة و كذا التعدیالت‬
‫التي تط أر علیها ‪.‬‬

‫البیانات المتنوعة كبیانات سیاسات التوظیف و السیاسات الخاصة بسوق العمل ‪.‬‬

‫هذه البیانات یتم الحصول علیها من مصدرین هما ‪:‬‬

‫المصادر الداخلیة ‪ :‬و هي البیانات التي تعكس واقع البیئة الداخلیة للمنظمة التي یعمل فیها نظام معلومات‬
‫الموارد البشریة ـ و یتم الحصول على هذه البیانات من أنظمة المعلومات الفرعیة األخرى ‪ ،‬إذ تعد هذه البیانات في‬
‫األصل مخرجات ألنظمة المعلومات الفرعیة األخرى الموجودة في المنظمة كنظام معلومات اإلنتاج ‪ ،‬نظام‬
‫معلومات التسویق ‪ ،‬نظام معلومات الموارد البشریة ‪.....‬الخ ‪ ،‬و ذلك في إطار عالقة التكامل بین األنظمة الوظیفیة‬
‫و التي سبقت اإلشارة إلیها في المبحث الثاني من الفصل السابق ‪.‬‬

‫المصادر الخارجیة ‪ :‬و هي المصادر التي تقع في البیئة الخارجیة المحیطة بالمنظمة ‪ ،‬و التي تعكس الجهات‬
‫التي تتفاعل معها المنظمة بوصفها نظام مفتوح و هذه الجهات تتمثل في ‪ :‬الموردین ‪ ،‬المنظمات المنافسة ‪،‬‬
‫المؤسسات المالیة الداعمة للعمالة ‪ ،‬المنظمات الحكومیة ‪....‬الخ ‪.‬‬

‫‪ ‬عملیات المعالجة ‪ :‬هي النشاطات التشغیلیة التي تتم على المدخالت ‪ ،‬و المتمثلة في العملیات التحلیلیة و‬
‫الحسابیة و اإلحصائیة بهدف تحویلها إلى صورة واضحة یمكن االستفادة منها بالشكل الجید ‪ ،‬حیث یتم أوال تسجیل‬
‫ورصد البیانات من مصادرها ثم ترتیبها و تنسیقها وفق نمط معین حسب االحتیاجات و ذلك باالستعانة بالب ارمج‬
‫المعلوماتیة المتوفرة ‪ ،‬و أخی ار تخزینها و الحفاظ علیها الستدعائها عند الحاجة ‪ ،‬وذلك في ملفات معینة یطلق‬

‫‪83‬‬
‫مدخل تحليلي لنظم معلومات الموارد البشرية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫علیهم اسم قاعدة بیانات الموارد البشریة ‪ ‬التي تخضع للتفسیر تبعا للتغی ارت الحاصلة في النشاطات التي تتولد‬
‫عنها البیانات ‪.‬‬

‫‪ ‬المخرجات ‪ :‬تتمثل بمجموعة كبیرة من المعلومات المعدة وفق أشكال متنوعة مثل التقاریر و المخططات و‬
‫األشكال البیانیة و التي تطلب من داخل المنظمة أو خارجها ‪ .‬ومع حجم و نوع مخرجات نظام معلومات الموارد‬
‫البشریة تختلف من نظام إلى اخر و حسب نوع و حجم العمل الذي تقوم به المنظمة ‪ ،‬فإنها تحظى بأهمیة بالغة‬
‫مقارنة بباقي مخرجات أنظمة المعلومات األخرى الموجودة في المنظمة نظ ار لتعدد و تنوع المستفیدین منها من‬
‫المستویات الدنیا إلى المستویات العلیا للمنظمة ‪ .‬تعدد یرجع أساسا لعاملین هما ‪:‬‬

‫تعدد تطبیقات النظام التي تمس مختلف جوانب التنظیم ‪.‬‬

‫تخصص عمل هذا النظام في مورد ال تخلو منه أي إدارة أو وحدة تنظیمیة موجودة في المنظمة ‪.‬‬

‫لذا ‪ ،‬فاألمثلة متعددة لهذه المخرجات ‪ ،‬و التي نذكر منها على سبیل المثال و لیس الحصر ما یلي ‪:‬‬

‫خطط و ب ارمج عن الوظائف و الموظفین ‪.‬‬

‫معلومات عن األنشطة اإلداریة كالتوظیف ‪ ،‬التكوین ‪ ،‬الترقیة ‪ ،‬تقییم األداء ‪.......‬الخ‬

‫تقاریر عن أوضاع الموارد البشریة و المها ارت حالیا و سابقا و مستقبال ‪.‬‬

‫‪ ‬التغذیة العكسیة ‪:‬تمثل العنصر الذي یتم من خالله قیاس مخرجات نظام معلومات الموارد البشریة على وفق‬
‫معاییر محددة‪ ،‬و یرتكز على المقارنة بین المعلومات التي تم توفیرها فعلیا من قبل النظام و بین المعلومات‬
‫المستهدفة و المخطط توفیرها بهدف تحدید االنح ارفات فیما بینها و تشخیص أسبابها و تصحیحها ‪.‬‬

‫و تكتسب المعلومات المرتدة أهمیة خاصة في نظام معلومات الموارد البشریة نظ ار الرتباط مخرجاته بمهمة‬
‫صنع الق ار ارت و التي تعد المعیار في قیاس فاعلیة هذا النظام ‪ ،‬كما تسمح بمتابعة التغی ارت في سیاسات و إج‬
‫ارءات شؤون األف ارد و كذا تدعیم الرقابة علیهم ‪.‬‬

‫و المخطط التالي یوضح نموذجا تفصیال لعناصر نظام معلومات الموارد البشریة‬

‫‪ ‬ـ سیتم التطرق إلى قاعدة بیانات الموارد البشریة بالتفصیل الحقا ‪.‬‬
‫الشكل رقم ‪ : 16‬نموذج لعناصر نظام معلومات الموارد البشریة‬

‫‪84‬‬
‫مدخل تحليلي لنظم معلومات الموارد البشرية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫المصدر ‪ :‬من إعداد الباحثة‬


‫ومما سبق ‪ ،‬فإن عناصر نظام معلومات الموارد البشریة تتكامل مع بعضها البعض و تتفاعل مع البیئة‬
‫الخارجیة للنظام لتؤدي دوار أساسیا في دعم وظیفة و تسییر الموارد البشریة ومن ثمة الوصول إلى حسن‬
‫استخدام الموارد البشریة بما یحقق األهداف التنظیمیة للمنظمة ‪.‬‬

‫‪2‬ـ األبعاد التسییریة لنظام معلومات الموارد البشریة‪:‬‬


‫ضمنیا توحي تعاریف نظام معلومات الموارد البشریة ‪ ،‬بأن هذا األخیر یتضمن معاني متعددة و متنوعة‬
‫ولكنها متداخلة و متعاضدة في عناصرها ـ هذا الفهم یقودنا ألى التأكید على األبعاد الجوهریة له و المتمثلة في‬
‫‪16‬‬
‫‪:‬‬

‫‪ ‬البعد التقني‬
‫‪ ‬البعد التنظیمي‬
‫‪ ‬البعد البشري تظهر بیانیا‬
‫في الشكل التالي ‪ :‬الشكل رقم‬
‫‪ : 17‬كوكب نظام معلومات‬
‫الموارد البشریة‬
‫‪ 16‬ـ ‪.Dimitri Weiss, les ressources humaines, 2 édition, édition d’organisation, Paris, 2000, PP, 716_729‬‬

‫‪85‬‬
‫مدخل تحليلي لنظم معلومات الموارد البشرية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫االجتماعین‬ ‫الفاعلین‬ ‫البشري ‪:‬‬ ‫البعد‬

‫تكنولوجیا‬ ‫البعد التقن ي ‪:‬‬


‫المعلومات واإلتصال‬

‫الهیكلة‪ ،‬تنظیم‬ ‫التنظیمي ‪:‬‬ ‫البعد‬


‫العمل ‪ ،‬دوارن المعلومة ‪ ،‬إج ارء‬
‫التسییر‬

‫المصدر ‪Dimitri Weiss, opcit, P 716 :‬‬

‫البعد التقني ‪ :‬تعد تكنولوجیا المعلومات مورد أساسیا من موارد نظام معلومات الموارد البشریة‪ ،‬ومكونا مهما في‬
‫مكوناته التقنیة ـ تضم مجموعة من المكونات المادیة ( األجهزة و أج ازئها ) و البرمجیات و مختلف تطبیقاتها و كل‬
‫وسائل نقل و تخزین المعلومات إضافة إلى تكنولوجیا االتصاالت و الشبكات ‪ ،‬و التي تساعد في معالجة و تجهیز‬
‫المستفیدین بالمعلومات المتعلقة بالمورد البشري ـ هذه األخیرة تختلف عن بقیة المعلومات األخرى ‪ ،‬فهي تتمیز‬
‫‪17‬‬
‫بأنها ‪:‬‬
‫متنوعة و مختلفة بسبب تباین األف ارد ‪ ،‬وهذا ما یصعب عملیة الوصف الشامل لكل فرد في العمل‪ ،‬كما یجعل‬
‫األمر مكلفا ‪.‬‬
‫معلومات متغیرة الرتباط جزء كبیر منها بالمتغی ارت الخارجیة للمحیط ( سوق العمل ‪ ،‬القوانین ‪ ، )...‬مما‬
‫یستدعي متابعة مستمرة لتطور هذه المتغی ارت من أجل تحدیث المعلومات و الرجوع إلیها عند صنع الق ار ارت‬
‫معلومات نوعیة أكثر منها كمیة ‪ ،‬و هذا ما یجعلها تفتقد لصفة الموثوقیة التي تتعلق بخلو المعلومة من األخطاء و‬
‫التحیز في العرض و التصور الصادق لألحداث و العملیات ‪ ،‬ألن أغلب المعلومات التي یتم جمعها في مجال‬
‫المورد البشري هي نتاج آ ارء تقویمیة ( المناخ االجتماعي ‪ ،‬القد ارت ‪)...‬‬

‫‪Nadége Gunia, la fonction ressources humaines face aux transformations organisationnelles des - 17‬‬

‫‪entreprises, impacts de nouvellescience de gestion, université Toulouse I, Paris, 2002, PP, 117, 118. s‬‬
‫‪technologies d’information et de communication, thèse de doctorat en‬‬

‫‪86‬‬
‫مدخل تحليلي لنظم معلومات الموارد البشرية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ـ معلومات فردیة تختص بمتابعة وضعیة فردیة باعتبار أن كل مورد بشري حالة خاصة أو معلومات‬
‫‪18‬‬
‫جماعیةتخص مجموعة أف ارد (صنف مهني‪ ،‬نوع المنصب‪)...‬‬
‫البعد التنظیمي ‪ :‬یقع نظام المعلومات ضمن البنیة التنظیمیة للمنظمة و یعمل في إطارها بما یعطي زیادة أكبر‬
‫لقیمة المنظمة ‪ .‬و هذا یعني أنه مدمج في كل العناصر الفاعلة بها حتى یتسنى له التجاوب مع متطلبات البیئة‬
‫الخارجیة‪ ،‬حیث ال یمكن تصور أي وظیفة بمعزل عن بقیة الوظائف األخرى ‪ ،‬و حتى ٕٕوان وجدت فإن مساهمتها‬
‫تكون ضعیفة إن لم تكن مناقضة ألهداف المنظمة ‪.‬‬
‫و ترجع خلفیة هذا التصور إلى ‪ J . Le Moigne‬الذي نشر مقاال في المجلة الفرنسیة للتسییر سنة ‪ 1986‬بعنوان "‬
‫نحو نظام معلومات تنظیمي " ‪ 19‬یقدم فیه المنظمة على أنها نظام كلي یمثل فیه نظام المعلومات وسیطا بین محیط‬
‫المنظمة و نظامین آخرین هما ‪:‬‬
‫نظام القیادة ‪ :‬الذي یتكفل بعملیات اإلدارة و رسم التوجهات اإلست ارتجیة ‪.‬‬
‫النظام العملي ‪ :‬الذي یضمن التسییر العادي و تنفیذ المهام التي تسعى إلى بلوغ األهداف المحددة من قبل نظام‬
‫القیادة ‪.‬‬
‫وهذا ما یوضحه الشكل التالي ‪:‬‬
‫الشكل رقم ‪ : 18‬النموذج النظامي للمنظمة‬

‫‪ 18‬ـ‪Bernard martory,Danial Grozet, gestion des ressources humaines ,pilotage social et performance,4édition,‬‬
‫‪Dunod,paris, 2001, P239‬‬
‫‪ 19‬ـ ‪Pascal Vidal et autres , op cit , p18‬‬

‫‪87‬‬
‫مدخل تحليلي لنظم معلومات الموارد البشرية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫المصدر ‪Pascal Vidal et autres , opcit , p 18:‬‬

‫كما یشمل نظام المعلومات على عدة أنظمة فرعیة وظیفیة ( و منها نظام معلومات الموارد البشریة ) ‪ ،‬یهتم‬
‫كلواحد منها بمجموعة من المهام یجعل الكل مت اربط ببعضه‪ ،‬حیث ال یمكن أن تبلغ المنظمة أهدافها إذا تعطل‬
‫أشغال أحد هذه األنظمة ‪.‬‬
‫البعد البشري ‪ :‬یعتبر العنصر البشري األهم في تولیفة نظام معلومات الموارد البشریة ‪ ،‬حیث یت وقف نجاحه‬
‫على كافة األف ارد في انتشار موارد النظام واستخدامه في عملیة تكوین القیمة من خالل الدعم المقدم لألنشطة و‬
‫العملیات التسییریة ‪ .‬وأهم الموارد اإلنسانیة العاملة في هذا النظام نذكر مایلي ‪:‬‬
‫مدیر الموارد البشریة ‪ :‬الذي یتولى قیادة نظام المعلومات ‪ ،‬توزیع المسؤولیات على األف ارد ‪ ،‬تحدید أهداف‬
‫أداء نظام المعلومات و كذا تقییم مدى جودته ‪.‬‬
‫مسؤول نظام معلومات الوظیفة ‪ :‬الذي یتولى مسؤولیة أتمتة الوظیفة من خالل القیام بعدة مهام نذكر منها‬
‫مایلي ‪:‬‬
‫‪ ‬استخدام اإلج ارءات الجدیدة‪.‬‬
‫‪ ‬تكوین مستعملي النظام ‪.‬‬
‫‪ ‬المشاركة في تص ور التطبیقات المعلوماتیة‪.‬‬
‫‪ ‬قیادة مشاریع األتمتة ‪.‬‬
‫‪ ‬ضمان سریة و جودة البیانات المتعلقة بالفرد ‪.‬‬
‫‪ ‬ضمان العالقة مع المصالح المعلوماتیة ‪.‬‬
‫مسیر القاعدة ‪ :‬یمثل المستعمل المباشر للنظام ‪ ،‬یشترط فیه معرفة استعمال معالجة النصوص ‪،‬تسییر الملفات و‬
‫كذا التحكم في الب ارمج المعلوماتیة المتعلقة بعملیات تسییر الموارد البشریة ‪.‬‬

‫‪:III‬توصیف نظام معلومات الموارد البشریة ‪ :‬الهیكلة وقاعدة البیانات‬


‫انطالقا من التعریف الذي جاءت به الد ارسة لنظام معلومات الموارد البشریة ‪،‬یمكن توصیفه من خالل‬
‫نقطتین أساسیتین ‪ ،‬تتعلق األولى بهیكلة النظام من ازویتي المستویات التنظیمیة و المجاالت التي یستخدم فیها‪ ،‬أما‬
‫الثانیة فتهتم بوصف قاعدة بیانات هذا النظام ‪.‬‬
‫‪1‬ـ هیكلة نظام معلومات الموارد البشریة‪:‬‬

‫‪1‬ـ‪ 1‬على أساس المجاالت األساسیة للنظام‪:‬‬


‫یمتلك المورد البشري خاصیة تمیزه عن بقیة الموارد األخرى ‪ ،‬فهو ال یمثل موردا ملكا للمنظمة و ال یعد‬
‫على األقل من الناحیة المحاسبیة أحد العناصر المكونة لذمتها المالیة ‪ ،‬إذ یرتبط بها بموجب عقد و عالقة عمل‬
‫قابلة لالنتهاء في ظل ظروف تحددها القوانین إن هذه الخاصیة تفرض على وظیفة الموارد البشریة ضرورة‬

‫‪88‬‬
‫مدخل تحليلي لنظم معلومات الموارد البشرية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫متابعة معلومات متطورة بطبیعتها و خاضعة نسبیا للرقابة بدءا من عملیة البحث عن الموارد البشریة المالئمة‬
‫إلى غایة انتهاء عالقتهم بالمنظمة و هذا األمر یتطلب استخدام أنظمة معلومات و التي بدأت فیها أتمتة عملیات‬
‫األجور و مسك الملفات مع استخدام الحاسوب ‪ ،‬و لكن الیوم أصبح من الضروري تطبیقها على الوظیفة ببعدیها‬
‫العملي و اإلست ارتیجي لكي ترتقي إلى مستوى النضج المعرفي الذي وصلت إلیه هذه الوظیفةفي الوقت الحالي ‪.‬‬
‫‪20‬‬
‫لذلك ‪ ،‬فإن لنظام المعلومات الموارد البشریة جانبین هما ‪:‬‬

‫• الجانب العملي ‪ :‬و یمثله نظام معلومات موارد بشریة تشغیلي ( ‪ ) SIRH opérationnel‬الذي‬
‫یسعى إلى تغطیة مجموعة من المهام المتعلقة بالعملیات الیومیة في الوظیفة ‪ ،‬كما یعتبر هذا الجانب تقلیدي‬
‫الرتباطه بنظام معلومات الموارد البشریة منذ ظهوره في أشكاله األولى ‪.‬‬

‫• الجانب التحلیلي ( القراري ) ‪ :‬ویمثله نظام معلومات موارد بشریة تحلیلي (‪ )SIRH analytique‬الذي یعتبر‬
‫األحدث و األكثر حیویة من النظام السابق لكونه ‪:‬‬
‫یمثل نظام للقیادة ‪ :‬األهداف ‪ ،‬الوسائل ‪ ،‬النتائج ‪.‬‬
‫غني بوسائل إرجاع المعلومة و توفیرها بشكل مستمر ‪.‬‬
‫یهدف إلى تدعیم ق ار ارت أنشطة القیادة للموارد البشریة ‪.‬‬
‫یملك القدرة على عرض الوضعیات الماضیة و الحالیة في المستقبل ‪.‬‬
‫و یمكن تلخیص هذا التصور في الشكل التالي ‪:‬‬
‫الشكل رقم ‪ : 19‬أهم مجاالت جانبي نظام معلومات الموارد البشریة‬

‫نظام معلومات الموارد البشریة‬

‫عمـــــــــــلي‬ ‫تحلیــــــــــلي‬

‫التسییـــــر اإلداري‬
‫للمستخدمین‬ ‫كتلــــة األجـــور‬

‫تسییر الوقت و النشاط‬ ‫التوظیــــــــــف‬

‫األجور و المكافـــــأة‬ ‫التسییر التوقعي للشغل و‬


‫المھارات‬

‫التكویــــــــــــن‬ ‫المیزانیة االجتماعیة و‬


‫لوحة القیادة‬

‫‪ 20‬ـ ‪Michelle gillet ,Patrick gillet , système d’information des ressources humaines, Dunod, Paris, 2010,P 45‬‬

‫‪89‬‬
‫مدخل تحليلي لنظم معلومات الموارد البشرية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫المصدر ‪Michelle gillet ,Patrick gillet, opcit, P 46 :‬‬

‫قبل التطرق إلى عرض مجاالت جانبي نظام المعلومات ‪ ،‬فإن الشكل أعاله یجعلنا نبدي المالحظات التالیة‪:‬‬
‫‪21‬‬

‫على مستوى الجانب التشغیلي ‪ :‬فإن حجم البیانات التي تتطلب المعالجة مهم جدا ‪ :‬المعالجات الدوریةاإلجباریة‬
‫كاألجور‪ ،‬وجود العدید من التشریعات التي تفرض إصدار العدید من الوثائق كتصریح لدى هیئة الض ارئب ـ‬
‫إن هذا العمل ذو الحجم الكبیر و الطبیعة المتكررة یوضح سبب اللجوء إلى استخدام الحاسوب في هذا الجانب‬
‫قبل غیره ‪.‬‬
‫على مستوى الجانب التحلیلي ‪ :‬تصادفنا أشكال الرقابة العادیة باستخدام الرقابة بالموازنات التقدیریة ‪ ،‬وعلیه فإن‬
‫نظام معلومات الموارد البشریة یواجه العدید من الصعوبات تتعلق بتحدید المؤش ارت ‪.‬‬
‫وجود تفاعل بین عناصر الجانب الواحد وبین عناصر جانبي النظام إذ تؤثر بیانات الجانب العملي على اتخاذ الق‬
‫ار ارت ثم الق ارارت على الفعل العملي (‪. 1)action opérationnel‬‬
‫أ ‪ :‬نظام معلومات الموارد البشریة العملي ‪ :‬أهم تطبیقات هذا النظام تتمثل في ‪:‬‬
‫‪ ‬التسییر اإلداري للمستخدمین ‪ :‬یمثل التسییر اإلداري لملف كل مستخدم مجموعة من العملیات اإلداریة التي‬
‫تهدف إلى المعالجة بطریقة نوعیة ( بدون خطأ ‪ ،‬بدون آجال ‪ ،‬بال سهو ) للمعلومات التي تتعلق بالعدید من المهام‬
‫ذات الخصوصیة بالفرد ‪.‬إذ نمیز بین نوعین من المعلومات إحداهما تمثل بیانات أولیة لملف المستخدم كالحالة‬
‫المدنیة ‪ ،‬العنوان ‪ ،‬األوالد ‪ ،....‬أما األخرى فتتعلق بااللت ازمات القانونیة كالعقد ‪ ،‬االنخ ارط في الهیئات المختلفة‬
‫‪22‬‬
‫(التأمین ‪ ،‬التعاضدیة ‪ ، )....‬الزیا ارت الطبیة ‪ ،‬دخول ‪ ،‬خروج ‪....‬الخ ‪.‬‬
‫و نظ ار لخاصیة تنوع هذه المعلومات و عدم انتظامها بسبب تغییر األحداث التي تسببها ‪ ،‬یكون من الصعب‬
‫معالجتها بدون وجود نظام معلومات مح وسب یعمل على تنظیمها‪ ،‬كما یحتاج األمر إلى تفاعل قوي و مستمر بین‬
‫المستخدم والمسیر ‪.‬‬
‫‪ ‬تسییر الوقت و النشاط ‪ :‬یهتم هذا النشاط بتسجیل وقت العمل الفعلي للفرد من أجل قیاس العمل المنجز و من‬
‫ثمة متابعة بعض المؤش ارت ‪ :‬كالغیابات‪ ،‬الساعات اإلضافیة ‪ ،‬االلت ازمات ‪ ،...‬كما قد أصبح في السنوات‬
‫األخیرة أكثر تعقیدا بسبب سنویة وقت العمل ( ‪ ، )annualisation du temp de travail‬الفردنة (‬
‫‪ ، )individualisation‬الوقت المختار ‪.....‬الخ ‪ ،‬من أجل ذلك یتم حالیا استخدام البطاقات اإللكترونیة ( ‪badge‬‬
‫‪ )électronique‬من أجل تسییر تسجیالت وقت العمل من خالل ضمان كال من حضور األف ارد في مواقع العمل‬
‫‪23‬‬
‫و كذا وقت العمل المنجز فعلیا ‪.‬‬
‫‪ ‬األجور و المكافأة ( التعویض ) ‪ :‬التعویض هو ما یحصل علیه الفرد مقابل عمله ‪ ،‬و الذي یقسم إلى قسمین‬
‫یطلق على األول بالتعویض المباشر كاألجور و المشاركة في األرباح ‪ ،‬و الثاني بالتع ویض غیر المباشر كالعطل‬

‫‪ 21‬ـ‪R, Reix ,opcit, P91‬‬


‫‪Michelle gillet ,Patrick gillet, opcit, P P,93,94 - 22‬‬
‫‪Imed, P P,145,146- 23‬‬

‫‪90‬‬
‫مدخل تحليلي لنظم معلومات الموارد البشرية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫و اإلجا ازت و التأمین الصحي ‪ .‬لذا فإن هذه التكلفة التي تعتبر عامال مهما في صنع ق ار ارت الموارد البشریة‬
‫تتحمل أنظمة معلومات الموارد البشریة مسؤولیة حسابها في ظرف لحظات و إعداد قوائم األجور بعدما كان‬
‫األمر یتطلب وقتا طویال ‪.‬‬

‫‪Michelle‬ـ‪1‬‬ ‫‪gillet ,Patrick gillet, opcit, P 46‬‬


‫كما ساهمت هذه النظم في إضفاء طابع العدالة في منح المكافآت مثل نظام ‪système d’attribation de‬‬
‫‪ performance Russel‬الذي یحتوي على مجموعة ب ارمج تساعد صنادیق التقاعد في حساب التعویضات و‬
‫‪2524‬‬
‫غیرها‪.‬‬

‫‪ ‬التكوین ‪ :‬یعد التكوین الیوم من أكثر أنشطة وظیفة الموارد البشریة ثقال و أهمیة ألنه أصبح یمثل استثمارا‬
‫حقیقیا للموارد البشریة موجه لتحقیق عائد یزید عن قیمة ما أنفق علیه‪ ،‬و بالتالي یضمن االستم ارریة و النمو في‬
‫محیط أصبح ال یتعترف إال بالتمیز و السبق ـ لذا فإن تطبیقه یتطلب بناء قاعدة معلومات واسعة تتضمن جمیع‬
‫البیانات المتعلقة بالنشاطات الجاریة في المنظمة ثم یصار على ضوئها اتخاذ الق ارر المتعلق بالعملیة التكوینیة‬
‫‪26‬‬
‫‪.‬ومن األمثلة على هذه البیانات نذكر مایلي ‪:‬‬
‫أنواع المهن و الوظائف ‪،‬أسالیب التكوین و موضوعاته ‪،‬بیانات عن إمكانات المدیرین و المتدربین ‪ ،‬تكالیف‬
‫التكوین‬
‫و إذا كان التكوین یعد من األنشطة األولى بعد األجور و مسك الملفات التي استخدمت أنظمة المعلومات لمعالجة‬
‫عملیاتها ‪ ،‬فإنه ما ی ازل یستفید من التطوارت الحاصلة في مجال المعلوماتیة ‪ ،‬إذ هناك برمجیات متوفرة اآلن‬
‫‪ thought ware’s management diagnesis‬و ب‬ ‫الغرض منها هو تنمیة قد ارت العاملین كنظام‬
‫ارمج ‪ decide‬لتطویر مها ارت اتخاذ الق ارر ‪.‬‬
‫ب ‪ :‬نظام معلومات موارد بشریة تحلیلي ‪ :‬یحتاج كل مسیر في المنظمة إلى مؤش ارت یستند علیها في اتخاذ‬
‫الق ار ارت و األمر سیان في مجال تسییر الموارد البشریة ‪ ،‬لذا فإن أهم المیادین المعنیة بهذا األمر و التي‬
‫یمكن لنظام معلومات الموارد البشریة تغطیتها تتمثل في ‪:‬‬
‫‪ ‬التوظیف ‪ :‬تستقبل المنظمات الیوم أعداد كبیرة من طلبات العمل یصعب معالجتها بالطرق التقلیدیة ‪ ،‬و هذا من‬
‫شأنه أن یخلق صعوبة في االختیار خاصة مع ما أتاحته الشبكة العالمیة من فرص دولیة للتوظیف فنظم‬
‫المعلومات الیوم تسمح بمتابعة هذه الطلبات بشكل منتظم مع احت ارم المعاییر المتعلقة بالتوظیف و إج ارء االختیا‬
‫ارت لتعیین األف ارد الذین تتوفر فیهم الشروط ‪ ،‬و هذا من شأنه أن یعطي لعملیة االختیار مصداقیة أكثر و‬
‫ارتیاح لدى األف ارد ألن الحاسوب ال یتعامل مع المشاعر و إنما بالمعاییر الموضوعیة ‪.‬‬

‫‪pratiques actuelles, édition village mondiale, Paris, 2002, P 614 24‬‬


‫‪shimon dalon , tunia saba, rolandall schuffer, la gestion des ressources humaines, tendances , enjeux et - 25‬‬
‫‪ 26‬ـ خضیر كاظم محمود ‪،‬یاسین كاتب الخرشة ‪،‬إدارة المواد البشریة ‪ ،‬ط ‪ ،2‬دار المسیرة ‪ ،‬عمان ‪ 2009 ،‬ص ص ‪257 ،256‬‬

‫‪91‬‬
‫مدخل تحليلي لنظم معلومات الموارد البشرية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫إن إستخدام نظام معلومات سهل من هذه العملیة ‪ ،‬فأغلب الطرق المستعملة الیوم هي محسوبة متصلة بقاعدة‬
‫بیانات بما یسمح بتعدیل المعلومة بصفة مستمرة ‪.‬‬
‫‪ ‬كتلة األجور ( ‪ : ) la masse salariale‬تخضع كتلة األجور لعوامل عدیدة منها االقتصادیة ‪ ،‬السیاسیة ‪،‬‬
‫الهیكلیة ‪...‬الخ‪ ،‬لذا فالتحكم فیها و التوقع النح ارفاتها یتطلب عملیة تحلیل كل بعد من أبعاد المشكلة و الم ازوجة‬
‫بین مختلف األبعاد ـ و نظام المعلومات یسمح بالحصول على المعلومات و تحلیلها إلج ارء المحاكاة مع الم ازوجة‬
‫بین مختلف العوامل و التي تتعلق ب ‪:‬‬
‫التطور اآللي لألجور و المسا ارت المهنیة وفقا للوقت ‪.‬‬

‫التطور الكمي و النوعي لألف ارد ‪ ،‬عوامل متعلقة بالتسییر التوقعي للشغل و المها ارت ‪.‬‬
‫‪27‬‬
‫انعكاسات السیاسة األجریة على مختلف األصعدة ‪ :‬الوطنیة ‪ ،‬داخل المنظمة ‪ ،‬االتفاقیات‬
‫‪ ‬التسییر التوقعي للشغل و المها ارت (‪ : )GPEC‬یعتبر التسییر التوقعي للشغل و المها ارت أحد األشكال الحدیثة‬
‫في تسییر الشغل حیث یساهم في تحدید احتیاجات المنظمة من المها ارت من خالل البحث عن المطابقة بین‬
‫االحتیاجات المستقبلیة الكمیة و النوعیة و المها ارت المتاحة و كذا في اتخاذ القار ارت اإلست ارتیجیة المتعلقة‬
‫بالموارد البشریة أو المنظمة ككل ـ و یعرف على أنه " عملیة تصمیم للموارد البشریة ‪ ،‬تقوم على إعداد و تنفیذ و‬
‫رقابة السیاسات و الممارسات التي تهدف إلى تقلیص الفارق بین احتیاجات المنظمة و مواردها كمیا و نوعیا "‬
‫‪. 28‬هذه العملیة تستند في تسییرها على ‪:‬‬
‫ـ جمع البیانات بالقرب من العاملین ‪.‬‬
‫ملفات وصف المناصب ‪.‬‬
‫نظام مقابالت التقییم ‪.‬‬
‫ب ارمج التكوین ‪.‬‬
‫و ألن هذا الجانب من تسییر الموارد البشریة یتمتع ببعض الخصوصیة بسبب حجم المعلومات المعالجة‪ ،‬و‬
‫ضرورة تحقیق التفاعل بین مسیري الموارد البشریة و العامل و اإلدارة العلیا ‪ ،‬فإن وحدها التطبیقات المعلوماتیة‬
‫كفیلة بإنجازه بطریقة مرضیة ألنها تسمح ب ‪:‬‬
‫تسهیل البحث عن األف ارد المناسبین للعمل سواء كانوا ضمن ملفات مستخدمین المنظمة أو ملفات المترشحین‬
‫‪.‬‬
‫تحدید خصائص عملیة العرض الداخلیة أو الخارجیة ‪.‬‬
‫قیاس الفوارق بین مها ارت الفرد و متطلبات المنصب ‪.‬‬
‫إعداد مقابالت التقییم بالتركیز على الفوارق السابقة ‪.‬‬

‫‪ 27‬ـ ‪Michelle Gillet , Patrick Gillet , opcit , p 173‬‬

‫‪ 28‬ـ‪Dimitri Weiss , opcit ,p 388‬‬

‫‪92‬‬
‫مدخل تحليلي لنظم معلومات الموارد البشرية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫‪29‬‬
‫إعداد ب ارمج التكوین باالعتماد على الفوارق الموجودة ‪.‬‬
‫تستخدم كل من المیازنیة االجتماعیة و لوحة القیادة في توفیر‬ ‫‪30‬‬
‫‪ ‬المی ازنیة االجتماعیة و لوحة القیادة ‪:‬‬
‫المعلومات ‪ ،‬و تحلیل طبیعة هاتین الوثیقتین یوضح ضرورة اعتمادهما في تسییر الموارد البشریة‪.‬‬
‫تمثل المی ازنیة االجتماعیة وثیقة تسجل فیها التغی ارت التي تحصل و اإلنجا ازت التي تحدث في المجال‬
‫االجتماعي من خالل تقدیم المؤش ارت االجتماعیة الخاصة بثالث سنوات متتالیة ـ هذه المؤش ارت یمكن أن‬
‫تبوب وفقا لما یلي ‪:‬‬

‫الشغل ‪ ،‬تبویب األف ارد على أساس العدید من العوامل كالجنس ‪ ،‬العمر ‪ ،‬األقدمیة ‪ ،....‬التغی ارت التي تحدث‬
‫خالل السنة كالتوظیفات ‪ ،‬الترقیات ‪...‬الخ‬
‫المكافآت و األعباء الملحقة ‪ ،‬كتلة األجور ‪ ،‬كتلة األجور الخاضعة للضریبة ‪ ،‬نسبة ما تشكله األجور من القیمة‬
‫المضافة‪....‬الخ‬
‫الظروف الصحیة و األمن ‪ ،‬تبویب حوادث العمل ‪ ،‬األم ارض المهنیة ‪ ،‬نفقات األمن ‪.‬‬
‫ظروف عمل أخرى ‪ ،‬مدة العمل ‪ ،‬تنظیم العمل ‪ ،‬تنظیم وقت العمل ‪،‬نفقات تحسین ظروف العمل ‪...‬الخ ‪.‬‬
‫التكوین ‪ ،‬التكوین المهني المستمر ‪ ،‬عطل التكوین ‪ ،‬نفقات ب ارمج التكوین ‪ ،‬تقییم التكوین ‪....‬الخ ‪.‬‬
‫العالقات المهنیة ‪ ،‬تشكیلة لجنة المؤسسة ‪ ،‬عدد اجتماعات اللجنة ‪ ،‬االتفاقات الموقعة في المؤسسة‪.‬‬
‫األعباء االجتماعیة ‪ ،‬الخدمات االجتماعیة ‪ ،‬أعباء تكمیلیة بسبب األم ارض و الوفاة ‪....‬الخ‬
‫و ترسل هذه المی ازنیة إلى مختلف المعنیین بها و التي یستخدمونها كقاعدة أساسیة إلج ارء التقییم الفعلي لآلثار‬
‫المترتبة عن الق ار ارت المتخذة باالعتماد على المؤش ارت الواردة بها ‪.‬‬
‫فإذا كانت المی ازنیة تقدم وصفا للنتائج معب ار عنها بالمؤش ارت خالل سلسلة زمنیة نقدر بثالث سنوات ‪ ،‬فإن‬
‫االنح ارفات یتم تحلیلها باستخدام لوحة القیادة ـ و تمثل هذه األخیرة نظام یتكون من مجموعة من المؤش ارت‬
‫المنظمة و المؤسسة وفقا لما یحقق هدفا محددا ‪ ،‬حیث ینتج المؤشر عن قدر من المعلومات ذات معنى بالبنیة‬
‫ألهداف المنظمة و تشكل منبه التخاذ الق ار ارت الحاسمة و ذلك عندما یسجل انح ارف بین الواقع المقاس و‬
‫الهدف ‪ ،‬لذا یجب أن یختار بعنایة حتى یكون فعاال في تحدید الوضعیة مقارنة بالهدف ـ و علیه ‪ ،‬فإن إعداد هاتین‬
‫الوثیقتین من قبل الجهة اإلداریة التي تستخدمها و اللتین تعتمدان على تجمیع مجموعة من المؤش ارت المتباینة ‪،‬‬
‫یتطلب وجود نظام معلومات جید لتحقیق بشكل دائم و مستمر خاصیة مالئمة المؤش ارت الناتجة عن صالحیة‬
‫المعلومات في مجال تسییر الموارد البشریة ‪.‬‬

‫‪ 29‬ـ ‪Michelle Gillet , Patrick Gillet , opcit , pp 177 , 179‬‬

‫‪ 30‬ـ‪Imed , pp 187 , 190‬‬

‫‪93‬‬
‫مدخل تحليلي لنظم معلومات الموارد البشرية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫مما سبق ‪ ،‬فإن أغلب التطبیقات المعلوماتیة في مجال تسییر الموارد البشریة تعد أنظمة معلومات معالجة العملیات‬
‫أكثر ماهي أنظمة معلومات موارد بشریة تحلیلیة ‪ ،‬حیث تمثل األجور أكثر المجاالت استخداما لتطبیقات‬
‫المعلومات بینما األنشطة األخرى و التي تضم التسییر التوقعي للشغل و المها ارت ‪ ،‬التوظیف ‪ ،‬تقییم مناصب‬
‫العمل فهي مهام أقل استخداما في المنظمة ‪.‬‬
‫‪1‬ـ ‪ 2‬على أساس المستویات التنظیمیة‪:‬‬
‫یستخدم نظام معلومات الموارد البشریة في جمیع المستویات التنظیمیة كونها تمثل قاعدة وظیفیة شاملة ‪،‬‬
‫یعتمد علیها جمیع مسیري الموارد البشریة إما لمعالجة العملیات الیومیة أو لتدعیم اتخاذ الق ارارت ـ و هذا یعني‬
‫أن هناك بعض التطبیقات تتناسب األدوار التي تلعبها اإلدارة العلیا و بعضها یناسب أدوار كل من اإلدارة الوسطى‬
‫و التنفیذیة ‪ ،‬لذلك فقد قسمت مستویات تطبیق نظام معلومات الموارد البشریة إلى ثالثة أنواع من التطبیقات هي ‪:‬‬
‫‪31‬‬

‫• معالجة المعامالت لإلدارة التنفیذیة ‪ :‬تشمل عملیات استقبال و حفظ المعلومات المرتبطة بنشاطات‬
‫وظیفةالموارد البشریة و توثیق معلومات الموظفین و احتساب رواتبهم و متابعة مسارهم الوظیفي ‪ ،‬و كذا‬
‫المعالجات الحاسوبیة المتعلقة بتحدیث و تهیئة و فرز تلك المعلومات ‪.‬‬

‫• أنظمة دعم القرار لإلدارة الوسطى ‪ :‬تصمم هذه األنظمة لمساعدة المسیرین في حل المشكالت التي‬
‫یواجهونها ‪ ،‬و هي تضمن اإلجابة على التساؤل الهام " ماذا ‪ .....‬إذا " و التي تسمح المستفدین بمعرفة و‬
‫تشخیص مدى التغیر في النتائج عند تغییر االفت ارضات أو البیانات و تكون هذه األنظمة مفیدة للغایة‬
‫خاصة عند تخطیط عدد و نوع األف ارد الذین تحتاجهم المنظمة في ظل بعض المتغی ارت ككلف األجور‬
‫أو طبیعة و خصائص الوظائف أو التعرف على مدى توافر أف ارد ذوي مها ارت محددة عند تغییر الطلب‬
‫أو تفضیالت العمالء لمنتجات معینة ‪.‬‬

‫• النظم الخبیرة لإلدارة العلیا ‪ :‬تصمم هذه النظم بمحاكاة عملیة اتخاذ الق ارر المكافئة للخبرة البشریة إال أنها‬
‫تعطي صالحیة اتخاذ الق ارر للحاسوب‪ ،‬إذ یقوم النظام بإعطاء توصیة ( ق ارر ) و فقا للبیانات التي سبقت‬
‫تقدیمها للحاسوب و تكون هذه التوصیة مشابهة للخبرة البشریة التي یتم اتخاذها في مثل هذه الحالة وفق‬
‫الخصائص المماثلة ‪ .‬تتألف هذه النظم من قاعدة معرفة تحتوي على حقائق و معلومات و حاالت عملیة‬
‫مبوبة حسب تخصصات الموارد البشریة ‪ ،‬و كذا من نماذج قادرة عل تحلیل المعلومات المخزونة في قواعد‬
‫المعرفة التي تهيء البدائل و تفاصیل بینها و تستنتج الحل األفضل الذي یخدم المسیر كما یعتبر استخدام هذه‬
‫النظم في مجال تسییر الموارد البشریة حدیث نسبیا فقد استخدمته بعض المنظمات لمساعدة العاملین في‬

‫‪ 31‬ـ علي أحمد صالح الزعبي ‪ ،‬العوامل المساهمة في نجاح تطبیق نظم معلومات الموارد البشریة في شركات االتصاالت في األردن ‪ ،‬أطروحة دكتواره غیر‬
‫منشورة في اإلدارة ‪ ،‬جامعة عمان ‪ ، 2009 ،‬ص ص ‪49 ، 48‬‬

‫‪94‬‬
‫مدخل تحليلي لنظم معلومات الموارد البشرية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫معرفة كیفیة توزیع العقود الخاصة بالمنافع أو مساعدة المسیرین لجدولة و تحدید متطلبات العمل الخاصة‬
‫بمشروع معین ‪.‬‬
‫‪2‬ـ قاعدة بیانات نظام معلومات الموارد البشریة‪:‬‬
‫إن المعلومات التي یجب أن یوفرها أي نظام معلومات الموارد البشریة ( سواء كان عملي أو تحلیلي )‬
‫یتطلب اإلطالع الدائم على وضعیة الموارد البشریة ‪ .‬لذا نجد في كل المنظمات قاعدة بیانات تقدم وصفا لمختلف‬
‫األج ارء في المنظمة و تشكل القاعدة األساسیة لنظام معلومات الموارد البشریة ‪.‬‬
‫یشیر مفهوم قاعدة بیانات نظام معلومات الموارد البشریة إلى أنها تمثل تنظیم منطقي لمجموعة من الملفات التي‬
‫ترتبط محتویاتها و تتكامل معا حیث یصبح من السهولة إیجاد المعلومات لتحقیق األهداف المرجوة ‪ .‬كما تشتمل‬
‫على بیانات ال تصف العاملین فقط و إنما تصف المنظمة و األف ارد الموجودین في بیئة المنظمة ‪ ،‬و تكون‬
‫العناصر البیئیة هي تلك التي تؤثر على الموارد البشریة بطریقة أو بأخرى ‪.‬‬
‫‪32‬‬
‫وجود هذه القاعدة في نظام المعلومات أم ار هاما ‪ ،‬حیث أن ذلك یساعد على تحقیق الفوائد التالیة ‪:‬‬
‫توفیر البیانات المطلوبة لالستخدام في الحاضر و المستقبل ‪.‬‬
‫ضمان سالمة و صحة البیانات ‪.‬‬
‫ضمان توفیر البیانات في الوقت المناسب مما یزید من كفاءة الق ار ارت المتخذة ‪.‬‬

‫العمل على تطویر البیانات سواء للتطبیقات أو لالستفسا ارت ‪.‬‬


‫و هناك عدة نماذج تستخدم لتنظیم قاعدة البیانات وتعتبر جمیعها في غایة األهمیة بالنسبة لنظم معلوماتالموارد‬
‫البشریة ‪ ،‬إال أن من أشهرها و أكثرها استخداما هي قاعدة البیانات العالئقیة حیث في ظلها یتم تخزین البیانات في‬
‫ملفات منفصلة تشبه الجداول یمكن ربطها بعناصر عامة أو مجاالت مثل االسم ‪ ،‬رقم الهویة‪ ،‬و یتم االحتفاظ‬
‫بالمعلومات الشخصیة للموظف في ملف خاص ‪ .‬و بهذه الهیكلة فهي تتعارض مع هیكل الملف التقلیدي الذي یتم‬
‫فیه االحتفاظ بكافة المعلومات المتعلقة بالعامل ‪ ،‬فقاعدة البیانات العالئقیة كما هو موضح في الشكل التالي یتم‬
‫االحتفاظ بالمعلومات الشخصیة للموظف في ملف خاص بینما یتم االحتفاظ بمعلومات ال ارتب في ملف آخر و یتم‬
‫تحقیق ال اربط بینهما من خالل رقم الضمان االجتماعي ‪.‬‬
‫الشكل رقم ‪ : 20‬نموذج لقاعدة البیانات العالئقیة‬

‫‪ 32‬ـ عبد الحمید عبد الفتاح المغربي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪340‬‬

‫‪95‬‬
‫مدخل تحليلي لنظم معلومات الموارد البشرية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الموقع‬ ‫االجتماعي‬ ‫رقم الضمان‬ ‫السن‬ ‫النوع‬ ‫اإلسم‬ ‫اللقب‬

‫الرئیسي‬ ‫المركز‬ ‫‪3181‬ـ‪275‬‬ ‫‪48‬‬ ‫ذكر‬ ‫جمال الدین‬ ‫المرسى‬


‫المــلـف‬
‫األول‬
‫المالیة‬ ‫الشؤون‬ ‫‪242‬ـ‪37‬ـ‪105‬‬ ‫ذكر‬ ‫أرفت‬ ‫الحناوي‬
‫‪55‬‬

‫المصنع‬ ‫محمد‬ ‫زیدان‬


‫‪3400‬ـ‪97‬ـ‪287‬‬ ‫‪40‬‬ ‫ذكر‬

‫الوظیفي‬ ‫المستوى‬ ‫االرت ـب الش ـهري‬ ‫االجتماعي‬ ‫الضمان‬


‫بـــــــاناتالراتــــــــب‬
‫ی‬
‫‪50000‬‬ ‫‪ 3181‬ـ ‪275‬‬
‫‪6‬‬

‫‪9‬‬ ‫‪35000‬‬ ‫‪ 242‬ـ ‪ 37‬ـ ‪105‬‬ ‫الملف‬


‫الثاني‬
‫‪5‬‬ ‫‪20000‬‬ ‫‪3400‬ـ ‪ 97‬ـ ‪287‬‬

‫المــــــجـــــــــــــــــــــــاالت‬

‫المعلومات الشخصیة‬

‫المصدر ‪ :‬جمال الدین محمد المرسي ‪ ،‬اإلدارة اإلست ارتیجیة للموارد البشریة ‪ ،‬مدخل التحقیق میزة‬
‫لمنظمة قرن ‪ ، 21‬الدار الجامعیة ‪،‬مصر ‪ ، 2003‬ص ‪536‬‬ ‫التنافسیة‬

‫‪96‬‬
‫مدخل تحليلي لنظم معلومات الموارد البشرية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫و علیه ‪ ،‬فقد ساعد هذا النوع من نماذج قواعد البیانات أكثر من غیره على تحسین فعالیة نظام معلومات‬
‫الموارد البشریة باعتبارها أداة سهلة و بسیطة و سریعة لتنظیم البیانات ‪،‬باالضافة إلى أنها توفر عدد غیر محدود‬
‫من مجاالت البیانات العالئقیة ‪ ،‬حیث أن قواعد البیانات التي تم تطویرها لمتابعة تكالیف ب ارمج صیانة العاملین‬
‫أو الب ارمج التكوینیة مثال تحتوي على العدید من المعلومات المنفردة عن العاملین و التي یمكن اإلطالع علیها أو‬
‫الدمج بینها وفقا لرغبة المستخدم كما مكنت تكنولوجیا االرتباط من تأسیس قواعد بیانات فيمواقع مختلفة تابعة‬
‫‪33‬‬
‫للمنظمة أو على عالقة بأنشطتها‬
‫‪: IV‬الدعم المعلوماتي لوظیفة الموارد البشریة ‪ :‬التطور و انعكاساته علیها ‪1‬ـ تطور‬

‫الدعم المعلوماتي لوظیفة الموارد البشریة‪:‬‬

‫‪1‬ـ‪ 1‬عصور نظام معلومات الموارد البشریة‪:‬‬


‫یتفق أغلب الكتاب و المتخصصین في مجال نظم المعلومات اإلداریة على أن تطور نظام معلومات‬
‫الموارد البشریة أقترن بتطور تكنولوجیا الحاسوب ‪ ،‬فضال عن تطور التشریعات من القوانین الحكومیة و‬
‫انعكاسها على تطور وظیفة الموارد البشریة ‪.‬إال أن البدایات األولى لهذا النظام قد سبقت ظهور الحاسبات‬
‫اإللكترونیة ‪ ،‬إذ كانت المنظمات تستخدم نظام معلومات الموارد البشریة الیدوي و الذي یعتمد على معالجة‬
‫البیانات یدویا و استخدام تقنیات و أسالیب بسیطة و مع ذلك ‪ ،‬فإن نظام معلومات الموارد البشریة المستخدم الیوم‬
‫في أي منظمة قائم على تولیفة من الموارد یدخل فیها العمل الیدوي في جانب و العمل اآللي في جانب أخر ‪.‬‬
‫و عموما ‪ ،‬لقد قسم ‪ Bernard Just‬الم ارحل التي مر بها تطور نظام معلومات الموارد البشریة إلى أربعة‬
‫‪34‬‬
‫عصور هي ‪:‬‬

‫• العصر الحجري برمجیات األجور ‪ :‬شهدت سنوات الستینیات مرحلة انتقالیة من الكتابة اآللیة إلى ظهور‬
‫األجهزة الحاسوبیة الضخمة التي تمیزت بقابلیات خزن عالیة للمعلومات و إنجاز كمیات كبیرة من العملیات‬
‫الحسابیة المعقدة بدرجة عالیة ‪ ،‬إال أن هذه األجهزة كانت تتطلب خبرة فنیة عالیة في التشغیل و إعداد الب ارمج‬
‫ـ فظهرت في بدایات سنوات السبعینیات األولى استخدامات نظام معلومات على معالجة بیانات الرواتب و متابعة‬
‫تسییر تكالیف الرواتب التي تعد من أكثر التكالیف التي تهتم بها المنظمات ‪ ،‬غیر أنه لم یكن لقسم الموارد البشریة‬
‫سیطرة كاملة على هذا النشاط بل كانت سیطرة مركزیة من قبل المنظمة ‪ ،‬و یعود السبب كما ذكره ‪Dunningten‬‬
‫إلى ‪:‬‬
‫‪ ‬أن هذا النظام یتطلب استخدام تقنیات عالیة و التي لم تكن كوادر الموارد البشریة في وقتها قادرة على‬
‫تسییرها ‪.‬‬
‫‪ ‬أن معظم كوادر الموارد البشریة لم تكن لدیهم الخبرة في استخدام الحاسبات اإللكترونیة و بالتالي ال یملكون‬
‫مهارة التعامل مع هذا النظام ‪.‬‬
‫‪ 33‬جمال الدین محمد المرسي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ص ‪. 536 ، 535‬‬

‫‪ 34‬ـ ‪Bernard just, pas de DRH sans SIRH , editions liaisons , Paris ,2010 , pp 19 , 22‬‬

‫‪97‬‬
‫مدخل تحليلي لنظم معلومات الموارد البشرية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫• العصر البرونزي برمجیات الموارد البشریة ‪ :‬مع ازدیاد حدة التعقید الذي بدأ یطبع نشاط األجور ‪ ،‬وریتم‬
‫الصناعة الحاسوبیة في بدایة الثمانیات ج ارء التنافس بین الشركات المصنعة ‪ ،‬مكن الحاسوب الشخصي من‬
‫استخدام برمجیات خاصة بالموارد البشریة و التي ال تتطلب خبرة و مهارة عالیة من قبل المستخدم أو المستفید ‪،‬‬
‫وذلك على عملیات مستحدثة كتسییر الوقت ‪ ،‬تسییر التكوین ‪،‬تخطیط الموارد البشریة كما و نوعا ـكما لم یعد‬
‫استخدام الحاسوب في نظام معلومات الموارد البشریة محصوار كما كان في العصر السابق علىالمنظمات‬
‫الكبیرة فقط و إنما تعدى إلى أي منظمة كانت كبیرة أم صغیرة بسبب انخفاض سعره ‪.‬‬

‫• العصر الحدیدي نظام معلومات الموارد البشریة ‪ :‬تمیز هذا العصر بوصول نظام معلومات المواردالبشریة‬
‫إلى مرحلة النضج من منظور إداري نتیجة حدوث تغییر عمیق في البرمجیات ‪ ،‬إذ إبتداءا من عام ‪ 2000‬ظهرت‬
‫برمجیات جدیدة تهدف إلى تسییر تكاملیة عملیات الموارد البشریة منها برمجیات الدارئة‬
‫(‪ ، ) Progiciels de niche‬كما وظفت مصطلحات جدیدة في لغة مسیري الموارد البشریة كالمعالجة التعاونیة ‪،‬‬
‫تدفق العمل و التسییر الوقائعي ‪.‬إن اإلعتماد المت ازید و المكثف نحو استعمال تكنولوجیا المعلومات و توظیفها‬
‫بقوة في نظام معلومات الموارد البشریة ‪ ،‬سمح بإدماج تشكیلة واسعة من الخدمات الجدیدة التي تؤهل بأن تكون‬
‫وظیفة الموارد البشریة عامل نجاح است ارتیجي للمنظمة ‪ ،‬إذ یمكن تقسیم التكنولوجیا المتقدمة التي أثرت على‬
‫‪35‬‬
‫هذه الوظیفة إلى خمس فئات رئیسیة هي ‪:‬‬
‫‪ ‬تكنولوجیا زبون‪ /‬خادم ‪:‬ـ وهي تقنیة یتم تبادل المعلومات على شكل حوار یتضمن أسئلة و أجوبة ‪ ،‬فالخادم‬
‫هو جهاز أو برنامج یقوم بانتظار طلبات خدمة ال زبون و من ثم معالجتها و الرد علیها ‪ ،‬أما الزبون فهو جهاز أو‬
‫برنامج یلتمس الخدمات من الخادم ‪ ،‬و یقوم المستخدم الذي یرغب في الحصول على المعلومات بإستخدام ب‬
‫رنامج زبون خاص یمكنه من التخاطب مع الخادم و الحصول على ما یرید ‪.‬‬
‫‪ ‬الخدمة الذاتیة لألجیر ( ‪: ) le self service salarié‬تهدف إلى تقلیص المهام اإلداریة لقسم األف ارد و ذلك‬
‫بالسماح للفرد بالحصول على المعلومات المتعلقة به و إج ارء تعدیالت علیها ‪.‬‬
‫‪ ‬األدوات العالئقیة لتقاریر قاعدة البیانات و مستودعات البیانات ‪:‬حیث تعمل هذه األخیرة على جمع كل‬
‫المعلومات من مصادر متباینة لمختلف أنظمة المعلومات التشغیلیة ‪.‬‬
‫‪ ‬الطرود اإللكترونیة و تدفقات العمل ( ‪: )Work flow‬حیث تمثل هذه االخیرة برمجیات إلدارة م ارحل العمل‬
‫و قیاسها و تسجیلها و م ارقبتها من أجل أن یستلم األف ارد المناسبین المعلومات الصحیحة في الوقت الصحیح ‪.‬‬
‫‪ ‬تكنول وجیا الویب ‪:‬تضم اإلنترنت ‪ ،‬األنت ارنات و اإلكست ارنات ‪ ،‬حیث تسمح باندماج مختلف األنظمة‬
‫الداخلیة و الربط بین مختلف قواعد البیانات و التطبیقات ‪.‬‬

‫‪ 35‬ـ‪pp3,5 ,1997‬‬

‫‪98‬‬
‫مدخل تحليلي لنظم معلومات الموارد البشرية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫‪‬‬
‫العصر الذهبي ماذا سیحدث ؟ ‪ :‬مع استم ارریة تطور تكنولوجیا المعلومات و انعكاس ذلك على سیر و عمل‬
‫وظیفة الموارد البش ریة ‪ ،‬یتوقع أن تظهر حاجات جدیدة تتعلق باالتصال بین مختلف األنظمة التقنیة ‪ ،‬و الحل‬
‫سیكون من خالل معماریة جدیدة تدعى بالمعماریة الموجهة للخدمات‬
‫( ‪ ) architecture orientée services‬و التي تقوم على تقسیم وظائف النظام أو التقنیة إلى خدمات " مهن " قابلة‬
‫إلعادة االستعمال في أنظمة أخرى أو تطبیقات أخرى ‪.‬‬

‫‪Wilcox.j, the evolution of human resources technology, management accounting human resources, juine‬‬
‫ما یمكن استخالصه مما سبق ‪ ،‬أن نظام معلومات الموارد البشریة یمثل الیوم ركیزة أساسیة‬
‫لوظیفةالموارد البشریة بحیث ال یمكن تصور هذه الوظیفة بدون وجود هذا النظام أي ‪pas de DRH sans SIRH‬‬
‫علىأري ‪ ،Bernard Just‬و بالتالي أصبح ضرورة تیسیریة لكل منظمة تسعى للنجاح و البقاء في ظل محیط‬
‫یعترفبالدور المحوري لل أرسمال البشري ‪.‬و المالحظ أنه یتجه ألن یكون أكثر انفتاحا على كل أف ارد المنظمة و‬
‫خارجها‪ ،‬إذا أنه بظهور على وجه الخصوص شبكات االنترنت و األنت ارنات حدث تحول من نظام معلومات‬
‫موارد بشریة مركزي اقتصر استعماله إال من قبل مستعملي إدارة الموارد البشریة إلى نظام معلومات موارد‬
‫بشریة متقاسم (ال مركزي ) یستند على انتشار و تدفق معلوماتي یسود مناطق المنظمة و خارجها و یشارك‬
‫الجمیع في تخلیقها‪ .‬و الشكل التالي یوضح ذلك ‪:‬‬
‫الشكل رقم ‪ : 21‬تحول نظام معلومات موارد بشریة من المركزیة إلى التقاسم ( الالمركزیة )‬

‫‪99‬‬
‫مدخل تحليلي لنظم معلومات الموارد البشرية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫المصدر ‪Francois Silva, être e-DRH, postmodernité, nouvelles technologies et fonction RH, :‬‬
‫‪éditions Liaisons, paris, 2008, p215‬‬

‫‪1‬ـ ‪ 2‬تمدد أدوار نظام معلومات الموارد البشریة‪:‬‬


‫یتبن لنا من العرض السابق ‪ ،‬أن م ارحل تطور نظم معلومات الموارد البشریة تعكس التطور األساسي‬
‫الذي حصل في دورها بالمنظمة فقد استهدفت هذه النظم في بادئ األمر حفظ الكم الهائل من المعلومات المتاحة‬
‫الخاصة باألفارد بدال من السجالت الورقیة التي تطلب وقتا و جهدا و تكلفة إضافیة لالستفادة من هذهالمعلومات‬
‫الضخمة بشكل میسور و نافع عند الحاجة إلیها من قبل المستفدین ‪،‬ألن األمر یتطلب فحص كلملف على حدى‬
‫یدویا و ق ارءة ما فیه من معلومات ألخذ ما هو مطلوب منها ‪ ،‬لیزداد دورها بعد ذلك إلى ضمانأحسن تشغیل‬
‫ألنشطة وظیفة الموارد البشریة نتیجة لظهور برمجیات خاصة بتسییر الموارد البشریة التي تضمن‬
‫اتخاذ الق ار ارت بطریقة أسهل و أبسط من سابقاتها ‪ ،‬إال أنها تفتقد لصفة تحقیق التكامل بین عملیات هذه الوظیفة‬
‫و بعیدا عن هذین الدورین اللذین أسندا لهذه النظم ‪ ،‬فإن االتجاه الحالي یرمي إلى تحسین االتصاالت بین مسؤولي‬
‫وظیفة الموارد البشریة و مسیري المستویات التنظیمیة المختلفة ‪ ،‬وكذا التفاعل مع األف ارد سواء كانوا من داخل‬
‫المنظمة أو خارجها من أجل تحقیق العمل الجماعي و الوصول إلى رؤیة مشتركة لألهداف اإلست ارتجیة أو‬
‫التشغیلیة ‪ ،‬وذلك كله في ظل بیئة تتمیز بوجود برمجیات تعاونیة ( ‪ ) progiciels collaboratives‬و أدوات الویب ‪.‬‬

‫‪100‬‬
‫مدخل تحليلي لنظم معلومات الموارد البشرية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫باختصار‪ ،‬یمكن القول أنه خالل األربعین سنة الماضیة توسعت أدوار نظم معلومات الموارد البشریة و‬
‫مجاالت تأثیرها و استخداماتها ‪ ،‬إذ عرفت نضجا تصاعدیا موجها نحو أن تكون أداة لتجمیع األهداف المختلفة ‪،‬‬
‫بدایته كانت إنتاج معلومات الموارد البشریة یلیه صعودا تسییر معلومات الموارد البشریة ثم وصوال إلى االتصال‪.‬‬
‫و بالتالي ‪ ،‬نقف أمام ظاهرة مشابهة لظاهرة تمدد أدوار نظم المعلومات اإلداریة ‪ ،‬هذا التشابه یخولنا من إسقاط‬
‫هذه التسمیة على مجال نظم معلومات الموارد البشریة ‪ ،‬لتصبح تسمیة الظاهرة توسع األدوار باألدوار الممتدة‬
‫لنظم معلومات الموارد البشریة و التي تظهر في الشكل التالي‪:‬‬
‫الشكل رقم ‪ : 22‬األدوار الممتدة لنظم معلومات الموارد البشریة‬

‫نظم معلومات الموارد‬


‫البشریة‬

‫االتص ال‬ ‫تسییر المعلومات‬ ‫المعلومات‬ ‫إنتاج‬


‫بشریة (‬ ‫) موارد‬ ‫بشریة (‬ ‫) موارد‬ ‫بشریة(‬ ‫) موارد‬

‫نضج تصاعدي نجو اداة وحیدة جامعة لألهداف‬

‫تعاون‬ ‫سـبق‬ ‫حفظ أو األتمتة‬

‫المصدر‪S.Maire ,le système d’information des ressources humaines , séminaire MBA MRH, :‬‬
‫‪Paris, 2010‬‬
‫و بهذا الطرح ‪ ،‬یتسع مجال الرؤیة نحو إسهامات نظم معلومات الموارد البشریة في خلق القیمة ‪ ،‬إذأنه‬
‫في ظل التأكید على أهمیة وظیفة الموارد البشریة كشریك است ارتیجي یساهم في خلق القیمة للمنظمة منخالل‬
‫اعتبار أنشطة الموارد البشریة أنشطة أساسیة غیر دائمة ‪ ،‬فقد أشار ‪ Spencer‬إلى أن أكثر من نصف وقت هذه‬
‫الوظیفة ینفق في أنشطة روتینیة ضعیفة القیمة ‪ ،‬في مقابل ‪ %10‬فقط یخصص ألنشطة إست ارتیجیة تضیف قیمة‬
‫تتجاوز نصف القیمة المضافة اإلجمالیة للوظیفة ‪ .‬و الشكل التالي یوضح ذلك ‪:‬‬
‫‪ :‬هرم ‪Spencer‬‬ ‫الشكل رقم ‪23‬‬

‫‪101‬‬
‫مدخل تحليلي لنظم معلومات الموارد البشرية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫المضافة‬ ‫القی یمة‬

‫است ارتجیات ا لموارد‬


‫البشریة المها ارت‬
‫المسار المهني ‪ ،‬التوافق‬

‫‪10‬‬ ‫االست ارتیجي‬ ‫‪60‬‬

‫التوظیف ‪ ،‬التكوین‬ ‫البشریة ‪،‬‬ ‫سیاسات الموارد‬


‫‪%30‬‬ ‫‪%30‬‬

‫‪%60‬‬ ‫المستخدمین‬ ‫األجور و إدارة‬


‫‪10‬‬

‫المصدر ‪système d’information et ressources humaines,www .habsis.org /public/documents/ :‬‬

‫و بموجب ذلك ‪ ،‬فإن نظم معلومات الموارد البشریة یمكن اعتبارها أحد المكونات الرئیسیة التي تساهم في‬
‫‪1‬‬
‫إضافة القیمة ألنشطة وظیفة الموارد البشریة و ذلك في إطار ‪:‬‬
‫‪ ‬تقلیص اآلجال و الوقت ‪ :‬مكنت نظم المعلومات من إج ارء عملیات أكثر بموارد محدودة نتیجة السرعة التي‬
‫یتمیز بها الحاسوب‪ ،‬حیث یمكن الیوم اإلطالع و إج ارء العدید من المعالجات فیما یخص ملف العاملین و األجور‬
‫و كذا تحریر التقاریر و الم ارسالت في وقت وجیز جدا ‪.‬كما أن هذه النظم تعمل على تقدیم خدمات ذاتیة للموظف‬
‫(‪ )Self service‬تساعد على تقلیل الوقت الالزم إلنجاز المهام و االستجابة السریعة لتساؤالت العاملین و التي تعزز‬
‫اإلنتاجیة و الكفاءة ‪.‬‬
‫‪ ‬التحكم في التكالیف ‪ :‬ساعدت تكنولوجیا المعلومات بإدخال النمط اإللكتروني في األعمال اإلداریة ‪ ،‬إذ أن جل‬
‫األنشطة المتعلقة بالموارد البشریة أصبحت تتم عبر الشبكة دون الحاجة إلى األوارق و هذا من شأنه أن یوفر‬
‫تكالیف أقل و یقلل األعمال الورقیة ـ و یضیف ‪ Dresser‬هذا إلى أنه من المهم أن تتأكد اإلدارة من أن‬

‫‪1‬‬ ‫‪_Karim www.agrfhamoumi , 2004 l’impact des systèesg.uqam.ca/pdf/ mes d’information : contrôle et‬‬
‫‪ou mesure de la GRH ,‬‬
‫تبني نظام معلومات الموارد البشریة یعني في النهایة توفیر المال و ذلك من خالل بیان التكلفة الحالیة لنشاطات‬
‫الموا رد البشریة و التوفیر المتوقع في مجاالت مثل ‪:‬‬
‫إجمالي الرواتب السنویة وماهي نسبة التوفی ارت الناتجة عن التخطیط األفضل و الم ارجعة و م ارقبة اإلج‬
‫ارءات ‪.‬‬
‫تكلفة دوارن العمل الحالیة ‪ ،‬و ماهي التوفی ارت المتوقعة من استخدام النظام للتخلص من هذه الحالة من خالل‬
‫التكوین الفعال ‪.‬‬

‫‪102‬‬
‫مدخل تحليلي لنظم معلومات الموارد البشرية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫التكالیف اإلجمالیة لحفظ الملفات و التقاریر ‪ ،‬و هنا التركیز على التوفی ارت الناتجة من إحالل العمل المحسوب‬
‫مكان العمل الیدوي ‪.‬‬
‫‪ ‬جودة الق ار ارت ‪ :‬تیسیر نظم معلومات الم وارد البشریة مهمة المسیرین في اتخاذ الق ار ارت من خالل‬
‫توفیر المعلومة النافعة و المالئمة في التوقیت المالئم بالشروط المطلوبة خاصة تلك المتعلقة باألف ارد ‪ ،‬كما تعمل‬
‫على دمج تلك المعلومات باإلست ارتجیة الكلیة للمنظمة و بالتالي تحسین قد ارت اإلدارة اإلست ارتجیة و التي‬
‫تمكن المنظمة من اكتساب میزة تنافسیة من خالل جذب أفضل المها ارت و تطویرهم وكذا زیادة مستویات‬
‫االحتفاظ بهم‪ .‬فنظم معلومات الموارد البشریة تمثل الیوم أداة تحلیل لصناعة الق ار ارت اإلست ارتیجیة أكثر من‬
‫مجرد قاعدة بیانات شاملة تخدم جمیع المستویات التنظیمیة في المنظمة ‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ انعكاسات الدعم المعلوماتي على وظیفة الموارد البشریة ‪:‬‬


‫إن توسع دور نظم معلومات الموارد البشریة بشكل متسارع وجدید نتیجة التطوارت التكنولوجیة ‪،‬قد قاد‬
‫إلى تغی ارت جذریة في الكثیر من السیاقات التقلیدیة للجوانب التنظیمیة لوظیفة الموارد البشریة من خالل إعادة‬
‫تنظیم هذه األخیرة بطرق جدیدة أتاحها إدماج المعلومات و تكاملها ‪،‬إال أنه قد قدم في نفس الوقت جملة من‬
‫التحدیات التي یتعین على إدارة الموارد البشریة رفعها ‪.‬‬

‫‪2‬ـ ‪ 1‬أسالیب جدیدة لتنظیم عمل وظیفة الموارد البشریة‪:‬‬


‫لقد نشأ عن حركة التطوارت في نظم معلومات الموارد البشریة مفاهیم إداریة جدیدة تتوافق مع الصیغة‬
‫العامة للعالم المعاصر القائم على التغییر و التواصل و االنفتاح ‪ ،‬و تمثل األساس الذي تبنى علیه الفلسفة الجدیدة‬
‫لتسییر الموارد البشریة القائمة على التوجه االست ارتیجي خاصة و أن هذه الحركة قد شهدت فترتین متمیزتین‬
‫من م ارحل تطورها ‪ ،‬تعلقت األولى بإدخال تكنولوجیا الخادم ‪ /‬الزبون في نظام معلومات الموارد البشریة في‬
‫بدایة سنوات التسعینات ‪ ،‬أما الثانیة التي كانت األكثر تأثی ار في وظیفة الموارد البشریة فقد تمیزت بم ازوجة‬
‫نظام المعلومات بتكنولوجیا االنترنت و االنترنات والتي أدت إلى ظهور مصطلح التسییر االلكتروني للموارد‬
‫البشریة الذي هو تطبیق متمیز للتقنیات المعتمدة على الویب في النظم المرتبطة بالموارد البشریة یسهم‬
‫في إتاحة إمكانیة الوصول إلى المعلومات على نطاق واسع و كذا في توفیر فرص عدیدة لتسییر تلك المعلومات‬
‫و إذا كان من األكید ‪ ،‬أن هذه الحركة قد أحدثت جملة من التغی ارت تناولها الباحثون من زوایا عدیدة إذ حددها‬
‫مثال ‪ F .Silva‬في ‪ :‬الالمركزیة ‪ ،‬تغی ارت في العالقات مع الشركاء االجتماعیین ‪ ،‬االتصال في الوقت‬
‫الحقیقي ‪ ،‬تطویر التعلم االلكتروني ‪...‬و ‪ Meck bernard‬في ‪ :‬ظهور المها ارت الجماعیة ‪ ،‬تعزیز قابلیة الشغل ‪،‬‬
‫تغییر في الممارسات ( ‪ ) Savoir faire‬و استقاللیة العامل ‪ ،....‬فإن األثر األهم و الذي یتفق علیه جل الباحثین‬
‫یتمثل في تحریر وظیفة الموارد البشریة من عبء األعمال التقلیدیة للتركیز على القضایا اإلست ارتیجیة في إدارة‬
‫المورد البشري و التي ستؤدي إلى إضافة قیمة للمنظمة ـ و هذا األمر استلزم إعادة تنظیم هذه الوظیفة من خالل‬
‫‪1‬‬
‫ابتكار منظومة جدیدة من المفاهیم و اآللیات التي تتوافق مع متطلبات هذا التحول الجدید ‪ ،‬من أهمها‪:‬‬

‫‪103‬‬
‫مدخل تحليلي لنظم معلومات الموارد البشرية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫• التسییر الذاتي المباشر و الخدمات الذاتیة للعامل ‪.‬‬


‫• أخرجة عملیات الموارد البشریة ‪.‬‬
‫• المركزیة وظیفة الموارد البشریة ‪.‬‬
‫ال مركزیة وظیفة الموارد البشریة ‪:‬‬
‫في خضم كل األهمیة و الضرورة التي تشكلها الیوم وظیفة الموارد البشریة في تفوق المنظمة ‪ ،‬تجد‬
‫( هذه الوظیفة ) نفسها مضطرة للتخلي عن أسلوب المركزیة القائم على تركیز كافة النشاطات المتعلقة بتسییر‬
‫األف ارد في أیدي إدارة مركزیة واحدة في المنظمة ‪ ،‬و األخذ بأشكال الالمركزیة اإلداریة إلى أبعد الحدود أي‬
‫التوجه نحو توزیع الوظیفة على عدة وحدات أو مستویات ‪ .‬و في هذا السیاق یرى( ‪ ) D. Ulrich‬أنه في ظل تنوع‬
‫أدوار وظیفة الموارد البشریة من جهة و تناقضها من جهة أخرى ‪ ،‬ال یكون منطقیا تحمل مسیریها تنفیذ هذه‬
‫األدوار ضمن إدارة مركزیة و إنما یتطلب األمر ت وزیع مسؤولیة القیام بذلك على ما أسماه بمجتمع الموارد‬
‫البشریة ( ‪ ) Communautés RH‬الذي یضم كل من المسیرین التنفیذیین ‪ ،‬المشرفین ‪ ،‬العاملین ‪ ،‬أخصائیین‬
‫تكنولوجیا المعلومات ‪ ،‬االستشاریین الخارجین و كذا موردین خدمات الموارد البشریة ‪ ،‬ألنهم األقدر على تفهم و‬
‫تلبیة حاجات عاملین المنظمة و بالتالي تأدیة العملیات بشكل أفضل من مسیرین الموارد البشریة ‪.‬‬
‫و یمكن تلخیص تصور ‪ D. Ulrich‬المستوحي من نموذجه السابق بیانیا كما یلي ‪:‬‬
‫الشكل رقم ‪ :24‬توزیع مهام وظیفة الموارد البشریة‬

‫التوجھ االستراتیجي‬ ‫تسییر التغییر‬

‫التسییر للموارد االستراتجيالبشریة‬

‫ارجیون‬ ‫اریون الخ‬ ‫االستش‬

‫اإلدارة العام ة و المس یرون‬ ‫ذیون‬ ‫التنفی‬ ‫یرون‬ ‫المس‬

‫إدارة الموارد البشریة‬ ‫إدارة الموارد البشریة‬ ‫التنفیذیون‬

‫إدارة‬ ‫الموارد البشریة‬ ‫إدارة‬ ‫ا لتنفیذیونالمسیرون‬ ‫األ فراد‬


‫العملیات‬ ‫األخرجة‬ ‫الموارد البشریة‬

‫التكنولوجیا‬ ‫العاملون‬

‫التوجھ العملي‬ ‫تسییر العاملین‬


‫‪1‬القاعدیة‬ ‫تسییر البنیة‬
‫للمنظمة‪, p71 Claude blanche al‬‬ ‫‪légre ,Anne élisabeth Andréassian ,‬‬
‫‪G.R.H valeur de l’immatériel ,de Boeck ,Paris, 2008‬‬
‫المصدر‪Jeroen Delmotte , Luc sels , L’outsourcing des R H , opportunité ou menace ? :‬‬

‫‪104‬‬
‫مدخل تحليلي لنظم معلومات الموارد البشرية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫‪ Federgon , 2005 ; p 37‬یبدو من الشكل ‪ ،‬أن هذا التطور یركز أكثر على توجه وظیفة الموارد البشریة للدور‬
‫االست ارتیجي ‪ ،‬وذلك من خالل تخصیص مساحة واسعة من الوقت لتفرغ مسیریها إلى تأدیة هذا الدور مقارنة‬
‫بمساحات باقي األدوار ‪ ،‬و هذا یعني أن توزیع المهام على مجتمع الموارد البشریة یعمل من جهة على تحریر‬
‫مسیري هذه الوظیفة من اإلج ارءات اإلداریة و المهام المتكررة التي أصبحت مؤتمتة كلیا من أجل التركیز على‬
‫القضایا اإلست ارتیجیة ‪ ،‬ومن جهة أخرى على سد الهوة بین مسیري وظیفة الموارد البشریة و العاملین التي‬
‫أنتجها التنظیم المركزي للوظیفة ‪ ،‬إذ أن األمر أصبح یتطلب تتبع رغبات العامل وحاجاته بأنجع الطرق و أسرعها‬
‫حتى یتمكن من االستجابة لرغبات الزبائن الخارجین أكثر و بشغف اكبر ‪ ،‬وهذا لن یتحقق إال في ظل وجود‬
‫مسیرین قریبین من میدان العامل یشاركون في بعض أنشطة الوظیفة كالتوظیف ‪ ،‬تحدید احتیاجات التكوین ‪،‬‬
‫تسییر لیونة العمل ‪ ،‬تسییر المسار المهني للعامل ‪ ،‬المكافأة ‪....‬الخ وهذا كله یدخل في إطار یسمى بالتسییر عن‬
‫قرب‬
‫‪. management de proximité‬‬

‫ضمنیا ‪ ،‬یقترن ت ازید تطبیق الالمركزیة كأسلوب من أسالیب التنظیم اإلداري بتطور وظیفة الموارد‬
‫البشریة ‪ ،‬مع العلم أنها كفلسفة تنظیمیة لیست بالشيء الجدید فهي موجودة منذ القدم و منذ أن ظهرت المنظمات‬
‫إلى الوج ود وظهرت معها السلطة قبل آالف السنین ‪ .‬و تعني الالمركزیة أساسا بنقل السلطات و الصالحیات من‬
‫المستویات المركزیة األعلى إلى المستویات المحلیة األدنى ‪ ،‬بهدف دعم الفرد و مشاركته في اتخاذ الق ار ارت و‬
‫‪36‬‬
‫كذا تحقیق اتصال سریع بینه و بین جهات وضع و تنفیذ السیاسة العامة ‪ .‬ومن صیغها ‪:‬‬

‫• األخرجة (‪ : (externalisation‬تمثل صیغة جدیدة للالمركزیة تهدف إلى التخلص من بعض األعمال عن‬
‫طریق إسنادها إلى مؤسسات خارجیة ‪ .‬كما تدعى أیضا بالالمركزیة الخارجیة ‪.‬‬

‫• تخفیف التركیز( ‪ :) Déconcentration‬یعني تسلیم بعض السلطات و المسؤولیات إلى مستویات دنیا أو‬
‫وحدات فرعیة ضمن الهیئة المركزیة أو المستوى المركزي ‪.‬‬
‫‪37‬‬
‫و حسب ‪ Mintyberg‬یمكن التمییز بین نوعین من الالمركزیة ‪ ،‬هما ‪:‬‬
‫‪ ‬الالمركزیة العمودیة ‪ :‬یمثل األسلوب األكثر شیوعا ‪ ،‬یقوم على تفویض صالحیات اتخاذ الق ارر إلى‬
‫المستویات اإلداریة الدنیا ضمن سلسلة السلطة ابتدءا من قمة الهرم و من خالل الخط الوسیطي للهیكل التنظیمي ‪.‬‬
‫‪ ‬الالمركزیة األفقیة ‪ :‬هي عملیة تخویل صالحیات اتخاذ الق ار ارت من المسیرین إلى المختصین من غیر‬
‫المسیرین محللین ‪ ،‬مساعدین مختصین أو عمال تشغیلیین بمعنى آخر هي نقل صالحیات اتخاذ الق ار ارت‬
‫خارج نطاق خط السلطة أو خط التنظیم من خالل تقدیم النصح و المشورة لمسیرین خط السلطة ـ‬

‫‪ 36‬ـ‪Bernard Martory , la décentralisation de la fonction RH , www.dessegs.free.fr‬‬


‫‪ ‬ـ سیتم التناول االخرجة بالتفصیل الحفا‪.‬‬

‫‪ 37‬ـ‪Ibid‬‬

‫‪105‬‬
‫مدخل تحليلي لنظم معلومات الموارد البشرية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫إن تطبیق أي نوع من أنواع الالمركزیة على مستوى إدارة الموارد البشریة یحتاج إلى بناء أرضیة للتبادل‬
‫)‪plateforme d’éc‬‬

‫‪ ) hange‬تستخدم أنظمة معلوماتیة تمكن كل األعوان ( ‪ ) acteurs‬سوءا كانوا مسیرین أو عاملین أو مسیري‬
‫الموارد البشریة من الوصول للمعلومات في الوقت المناسب و بالشكل المالئم و في المكان المناسب ‪ 38 .‬وقد تشكل‬
‫نظم الخدمات الذاتیة ‪ ‬الركیزة األساسیة لهذه القاعدة التي یتم تسییرها من قبل إدارة الموارد البشریة‪ ،‬حیث تتیح‬
‫للمسیرین أو العاملین إمكانیة إدارة معلوماتهم الشخصیة بأنفسهم و تحقیق اتصال فعال بین مختلف األعوان في كل‬
‫االتجاهین الذي یؤدي إلى تحفیزهم و الت ازمهم بشكل أكبر و المشاركة بفعالیة في مختلف العملیات ‪.‬‬
‫الشكل رقم ‪ : 25‬أرضیة التبادل بین مختلف األعوان‬

‫الخدمات‬
‫مسیري البشریة الموارد‬ ‫المسیریـــــــن‬ ‫التخطیطالذاتیة للمسیرین‬
‫ألجور االتصال‬ ‫ـ ا‬

‫سیاسات إدارة الموارد‬ ‫تسییر الحظور والغیاب‬

‫البشریة‬ ‫العاملیـــــــــن‬ ‫تسییر التكوین‬

‫الخدم ات الذاتیة للعاملین‬

‫الحضور وتثمین الوقت‬


‫طلب التكوینات و العطل‬

‫المصدر ‪la décentralisation de la fonction RH : replacer l’humain au cœur de la stratégie :‬‬


‫‪d’entreprise / www,coptor,fr/pdf‬‬
‫نخلص من كل ما سبق‪ ،‬إلى القول أنه بالتوازي مع التغیی ارت الحاصلة في وظیفة الموارد البشریة ‪ ،‬فإن‬
‫التنظیم الحالي لها یتجه نحو ال مركزیة التسییر العملي للموارد البشریة ‪ ،‬و نجاح هذه األخیرة یعتمد بالدرجة‬
‫األولى على شخصیة األعوان( ‪ ) acteurs‬خاصة المسیرین و على مدى تحفیزهم و تكوینهم على استخدام‬

‫‪ 38‬ـ‪André Mullenders , e-DRH ? outil de gestion innovant , de boeck , Paris , 2009 , p 93‬‬

‫‪ ‬ـ سیتم التطرق بالتفصیل للخدمات الذاتیة للعاملین فقط الحقا ألغ ارض هذه الد ارسة‪.‬‬

‫‪106‬‬
‫مدخل تحليلي لنظم معلومات الموارد البشرية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫التطبیقات المعلوماتیة ‪ ،‬باإلضافة إلى مدى دعم و الت ازم كل من إدارة الموارد البشریة و اإلدارة العلیا في تطبیق‬
‫هذا المنهج ‪.‬‬
‫االتجاه المتزاید ألخرجة مهام وظیفة الموارد البشریة ‪:‬‬

‫في إطار البحث عن طرق عقلنة وظیفة الموارد البشریة بسبب رؤیة البعض لها بأنها وظیفة قد تقادمت و لیس لها‬
‫مكان في المستقبل بدون تغییر و استیعاب لتحوالت المحیط ‪ ،‬اتجهت العدید من المنظمات إلى االستعانة بمصادر‬
‫خارجیة إلنجاز أعمال محددة في إطار تكالیف و مواصفات متفق علیها و ذلك من خالل ما یعرف بأخرجة وظیفة‬
‫الموارد البشریة ‪.‬‬
‫فاألخرجة ( ‪ ) extenalisation‬هي ترجمة للمصطلح االنجلیزي ‪ outsouring‬الذي یتكون من شقین ‪ out‬یعني‬
‫خارجي ‪ souring‬بمعنى االحتیاجات و تمثل حسب‪ I.kern‬و ‪ " L.P . willcoks‬تعهد الغیر بتسییر أنشطة و أصول‬
‫المنظمة " ‪ 39‬أي أن األخرجة تتمثل في لجوء المنظمة لطرف آخر إلنجاز أعمالها ‪ ،‬إال أن األمر ال یقتصر فقط‬
‫على ذلك و إنما یشترط فیها وجود النشاط المخرج داخل المنظمة ‪ ،‬أي یمثل جزء من مهامها و بالتالي وجود‬
‫عملیة مفاضلة بین الش ارء أو القیام به داخلیا ‪.‬لذلك یعتبر كل من ‪ Gilley‬و ‪ Rasheed‬بأنها أكثر من مجرد ق ارر‬
‫بسیط فهي تمثل " نتیجة ق ارر است ارتیجي یضمن التخلي أو التنازل للغیر على تنفیذ النشاط داخل المنظمة "‪. 40‬‬
‫و علیه ‪ ،‬یتضح أن وضع أي تعریف لألخرجة یجب أن یضمن على العناصر الثالثة التالیة ‪:‬‬
‫أن األخرجة تتعلق بش ارء نشاط من السوق ‪.‬‬
‫هذه األنشطة المخرجة تمارس فعلیا في المنظمة أو توجد إمكانیة انجازها في المنظمة ‪.‬‬
‫وجود طرفین في عملیة األخرجة ‪ ،‬أحدهما یمثل الزبون أو المنظمة المصدرة لألمر ‪ ،‬و األخر یمثل المورد أو‬
‫المنظمة المنفذة لألمر ‪.‬‬
‫وباستخدام هذا المصطلح في مجال تسییر الموارد البشریة فإن تعریفها ال یخرج عن نطاق العناصر الثالثة‬
‫السابقة الذكر ‪ ،‬بمعنى أخرجة وظیفة الموارد البشریة تمثل االعتماد على ش ارء بعض خدمات وظیفة الموارد‬
‫البشریة الموجودة أصال في المنظمة و ضمن قائمة مهامها ‪ ،‬وذلك من قبل موردین خارجین و ضمن إطار‬
‫تنظیمي محدد فالمنظمات یمكنها تطویر أنشطتها المتعلقة بمواردها البشریة اما داخلیا أو خارجیا عن طریق‬
‫عملیة األخرجة التي تأخذ أشكاال عدیدة منها ‪:‬‬
‫األخرجة االنتقائیة و األخرجة الكلیة ‪ :‬حیث تقتصر األولى بإسناد جزء من نشاط وظیفة الموارد البشریة إلى الغیر‬
‫‪ ،‬في حین تتعلق الثانیة بكل أج ازء النشاط ‪.‬‬
‫األخرجة االنتقالیة ‪ :‬و هي التي تلجأ إلیها المنظمة بشكل وقتي أو ظرف فقط ‪.‬‬

‫‪ 39‬ـ‪Jeroen Delmotte , Luc sels , L’outsourcing des R H , opportunité ou menace ? Federgon , 2005 ; p 10‬‬

‫‪ 40‬ـ‪Idem , p 11‬‬

‫‪107‬‬
‫مدخل تحليلي لنظم معلومات الموارد البشرية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫أخرجة عملیات األعمال ‪ :‬و تعني تحویل جزء أو كل عملیات الموارد البشریة إلى مقدم الخدمات‪.‬‬
‫‪41‬‬
‫إن تطبیق أي شكل من هذه األشكال في المنظمة ‪ ،‬ال یخرج دوافعه عن إحدى الدوافع التالیة ‪:‬‬
‫تقلیص التكالیف و التحكم فیها ‪.‬‬
‫تركیز جهود اإلدارة ووقتهم على المهام األساسیة ذات القیمة المضافة للمنظمة ‪.‬‬
‫تدعیم القدرة على اإلبداع و تقویة اللیونة التشغیلیة و المالیة ‪.‬‬

‫تحسین جودة الخدمات نتیجة لتخصص مقدمي الخدمات في نشاط معین أو عدة أنشطة ‪.‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك ‪ ،‬فقد ذكر ‪ J . Delmotte‬نقال عن ‪ Gilley‬و ‪ Rashed‬بأن الد ارسات التي بینت تأثیر أداء‬
‫المنظمات بعملیة أخرجة األنشطة غیر األساسیة ‪ ،‬إنما یفسر ذلك بأن هذه األخیرة تسمح بالتركیز على األنشطة‬
‫األساسیة ‪ ،‬و إحداث تحسین في وجود الخدمات و كذا تقلیص التكالیف و تقویة المركز التنافسي للمنظمة ‪.‬‬
‫‪42‬‬
‫و في مقابل ذلك ‪ ،‬قد تبقى عملیة األخرجة تواجه بعض المشكالت منها ‪:‬‬
‫ضیاع ممارسات ( ‪ ) Savoir faire‬ال وظیفة‬
‫المخرجة ‪.‬‬
‫احتمال المغاالة في أسعار الخدمة المقدمة من قبل الموردین الخارجین ‪.‬‬
‫احتمال صعوبة االرتباط العالئقي بین المورد و الزبون ‪.‬‬
‫إذا كان من األكید ‪ ،‬أن أخرجة وظیفة الموارد البشریة تمثل إحدى الطرق الناجعة في تطویر هذه‬
‫الوظیفة ‪ ،‬فإنه بظهور نظم معلومات الموارد البشریة و تطور تطبیقاتها خاصة تلك المعتمدة على شبكات اإلنترنت‬
‫و األنترنات قد ازدت من ممارستها في المنظمة ‪ .‬فعملیات الموارد البشریة التي تستخدم البرمجیات لها إمكانیة أن‬
‫یعالج جزء منها بتوظیف الخدمات الذاتیة و الجزء اآلخر بتطبیق األخرجة ‪ ،‬مما یساعد ذلك مسیري الموارد‬

‫البشریة على التركیز على أنشطة لب المهنة ( ‪ ) Cœur de métier‬و بالتالي إضافة قیمة للمنظمة ‪ .‬و من أوضح‬
‫األمثلة على ذلك نشاط التكوین الذي غالبا ما یسند لمقدمي الخدمات لتوریده للمنظمة على شكل تعلم الكتروني و‬

‫بأن‪ ،‬أخرجة عملیات مستوى إدارة المستخدمین و األجور سیضیف قیمة لوظیفة الموارد‬ ‫‪Spenser‬‬ ‫هنا یشیر‬
‫البشریة بتوفیر الجهد و الوقت و المال لعملیات أكثر أهمیة للمنظمة ألن حسب نموذجه السابق ( هرمیة خلق القیمة‬
‫ل ‪ ) Spenser‬فإن هذا المحتوى یعرض قیمة ضعیفة جدا ( ‪ ) % 10‬مقابل تكالیف كبیرة ( ‪) %60‬‬
‫و بصیغة أكثر تفصیال ‪ ،‬یعرض كل من ‪ Snell‬و ‪ Lepak‬معیارین لتحدید األنشطة التي ینبغي على المنظمة‬
‫إخ ارجها ‪ ،‬وذلك باعتماد على نظرتین تتمثل األولى نظریة تكالیف المعامالت التي تقوم على أنه یمكن للمنظمة‬
‫أخرجة األنشطة التي ال تتمیز بالخصوصیة ‪ ،‬أما الثانیة فهي المقاربة المبنیة على الموارد التي ترى بأن األنشطة‬

‫‪ 41‬ـ‪Bernard Just , opcit , p 158‬‬


‫‪ 42‬ـ‪Ibid‬‬

‫‪108‬‬
‫مدخل تحليلي لنظم معلومات الموارد البشرية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫التي ال تمثل أهمیة بالنسبة للمها ارت األساسیة للمنظمة یمكن توریدها للغیر ‪ .‬و بموجب ذلك صاغا نموذجهما‬
‫على محورین من أجل تقسیم أنشطة الموارد البشریة ‪ ،‬وهما ‪:‬‬
‫‪ ‬محور القیمة ( ‪ : )valeur‬و یعبر عن أهمیة النشاط بالنسبة للمها ارت األساسیة في المنظمة ‪.‬‬
‫‪ ‬محور الوحدانیة ( ‪ : ) unicité‬و یعبر عن مدى ندرة النشاط في السوق ( مدى قابلیته للتقلید ) ‪.‬‬
‫بیانیا یظهر هذا النموذج في الشكل التالي‪.‬‬

‫الشكل رقم ‪ : 26‬نموذج أنشطة الموارد البشریة‬

‫مرتفع‬

‫البشریة‬ ‫أنشطة موارد‬ ‫البشریة‬ ‫أنشطة موارد‬


‫الوحدانیـــــــــة‬

‫داعمة ‪ ،‬متحولة ‪،‬‬ ‫أساسیة‬


‫‪Idiosyncratique‬‬

‫البشریة‬ ‫أنشطة موارد‬ ‫البشریة‬ ‫أ نشطة موارد‬


‫محیطة‬ ‫تقلیدیة‬
‫منخفض‬
‫مرتفع‬
‫منخفض‬
‫اإلست ارتیجیة‬ ‫القیمة‬

‫المصدر ‪Jeroen Delmotte , Luc sels , opcit 46:‬‬

‫حسب معدي هذا النموذج ‪ ،‬فإنه یفضل انجاز األنشطة األساسیة داخل المنظمة ‪ ،‬أما بقیة األنشطة األخرى‬
‫فیرشح إسنادها للموردین الخارجیین و ذلك بسبب إما قابلیتها للتقلید من قبل المنافسین أو أنها ال تمثل أهمیة بالنسبة‬
‫للمها ارت األساسیة الخاصة بالمنظمة أو االثنین معا ‪ .‬و هذا یعني أن جمیع األنشطة قابلة لألخرجة ماعدا تلك‬
‫التي تتمیز بعدم قبلیتها للتقلید و تمتلك فیها مها ارت متمیزة‪ ،‬و هذه تمثل األنشطة لب المنظمة ‪.‬‬
‫‪ ‬التسییر الذاتي و الخدمات الذاتیة للعاملین ‪:‬‬
‫إن من أهم مخرجات نظم معلومات الموارد البشریة على العاملین في المنظمة هو السماح لغیر‬
‫المتخصصین في مجال الموارد البشریة بالمشاركة في تنفیذ بعض المهام التي كانت تقلیدیا من اختصاص‬
‫مسؤولي الموارد البشریة ‪ .‬و من أوضح األمثلة على ذلك تطویر تطبیقات الخدمات الذاتیة للعاملین ( ‪employée‬‬
‫‪. ) self . service‬فقد أظهر تقریر‪ CTPD‬لسنة ‪ 2006‬الخاص بالمنظمات البریطانیة ‪ ،‬أن ‪ % 22‬منها تستخدم هذه‬
‫التطبیقات و تنوعت مابین أنظمة تسجل الحضور و االنص ارف إلى أنظمة متكاملة تشمل تقدیم معظم أنشطة‬

‫‪109‬‬
‫مدخل تحليلي لنظم معلومات الموارد البشرية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫الموارد البشریة من خالل الویب ‪،‬فمثال یقوم األج ارء في شركة مایكرو سفت طلب الحصول على اإلجا ازت‬
‫باستخدام شبكة المعلومات الداخلیة و في شركة هیولت باكارد یتولى األج ارء التسجیل في برنامج التكوین بعد‬
‫الحصول الكترونیا على موافقة المسیر ال أرسي و مسؤول التكوین ‪.‬‬
‫یقصد بالخدمات الذاتیة للعاملین هو تمكین العاملین من الدخول إلى قواعد البیانات لإلطالع على بیاناتهم‬
‫الذاتیة و تعدیلها ‪ ،‬و كذا بیانات رواتبهم اآلتیة و التاریخیة ‪ ،‬و بیانات أسرهم و أرصدة أجا ازتهم ‪ ،‬و ذلك كله في‬
‫إطار اإلحتیاطات السریة ـ أما فیما یخص إج ارء المعامالت الكترونیا ‪ ،‬فیمكن للعاملین التقدم بطلبات اإلجا ازت‬
‫من خالل اإلنترنت و األنترنات ‪ ،‬و التقدم للدوارت التكوینیة المختلفة التي تتیحها المنظمة و من خالل تقنیات‬
‫تدفق العمل ( ‪ ) Workflow‬یتم توجیه هذه الموارد البشریة لجهات االختصاص العتمادها حتى تكتمل المعاملة ‪.‬‬
‫كما یمكن إلدارة الموارد البشریة التواصل مع العاملین من خالل الب رید االلكتروني أو من خالل خطابات رقمیة‬
‫‪1‬‬
‫مع االحتفاظ بمختلف الم ارسالت في الملف الرقمي للعامل ‪.‬‬
‫یتم الدخول إلى أنظمة الخدمات الذاتیة للعاملین من خالل البوابة اإللكترونیة للمنظمة (‪ ) Portail‬أو من خالل‬
‫واجهة استخدام خاصة بهذه النظم ‪ ،‬حیث یكون لكل موظف حساب خاص مع كلمة سر الدخول لإلطالع أو تعدیل‬
‫البیانات الشخصیة أو تسجیل أوقات الحضور أو االنص ارف و غیرها من المهام ‪ .‬مع م ارعاة البساطة عند‬
‫تصمیم هذه البوابة نظ ار لكون المستخدمین هم من كافة العاملین في المنظمة ‪ ،‬و تكون الفروق بینهم كبیرة في‬
‫التعامل مع التكنولوجیا ‪.‬‬
‫إن منح العاملین إمكانیة تسییر لبعض الجوانب الخاصة بهم من خالل هذا النوع من النظم ‪ ،‬یقدم العدید من الم ازیا‬
‫‪43‬‬
‫أهمها ‪:‬‬

‫• حفظ البیانات بطریقة أكثر دقة و تجنب أخطاء نقل المعلومات من النماذج الیدویة إلى قواعد البیانات‬
‫‪.‬‬

‫• خفض المصاریف اإلداریة الخاصة بقسم الموارد البشریة و كذا نفقات استخدام الورق من حیث‬
‫توفیر أماكن الحفظ و تكالیف النماذج الورقیة من طباعة و توزیع ‪.‬‬

‫• إمكانیة م ارقبة سیر العمل و تالشي المشكالت التي كانت تحدث في الماضي نتیجة فقدان النماذج‬
‫الورقیة ‪.‬‬

‫بحیث یستطیع المسیرون في جمیع المستویات التنظیمیة من‬


‫• تحسین كفاءة المعلومات اإلداریة ٕ‬
‫اإلطالع على البیانات و إصدار التقاریر ٕواحصائیات حسب احتیاجاتهم ووفق معاییر خاصة یحددونها‪.‬‬

‫• زیادة تفاعل نظم الموارد البشریة نتیجة تكامل قواعد البیانات ‪ ،‬و من األمثلة على ذلك االحتیاجات‬
‫التكوینیة من خالل قواعد البیانات أو تذكیر الموظفین بمواعید التكوین ‪.‬‬

‫‪ 43‬ـ هو بكنز بریان‪ ،‬ماركهام جیمس ‪ ،‬ترجمة خالد العامري ‪ ،‬اإلدارة اإللكترونیة للموارد البشریة ‪ ،‬دار فاروق للنشر و التوزیع ‪ ،‬القاهرة ‪ ، 2006‬ص ‪121‬‬

‫‪110‬‬
‫مدخل تحليلي لنظم معلومات الموارد البشرية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫المبحث الثاني ‪:‬‬

‫نحو تحقیق القیمة اإلستراتیجیة لنظم معلومات الموارد البشریة‬


‫على الرغم من التقدم و النضج الذي وصلته نظم معلومات الموارد البشریة ابتدءا من منتصف التسعینات‬
‫من القرن الماضي ‪ ،‬فإنه مازلت بعض المنظمات تنظر إلیها على أنها نفق مظلم مجهولة عواقبه تخشى الخوض‬
‫فیه ‪ ،‬و البعض األخر ینظر إلیها نظرة افت ارضیة على أنها وجدت كي تشارك في األهداف اإلست ارتیجیة‬
‫للمنظمة ‪ ،‬إال أنها سرعان ما تتحول إلى مشاركة مادیة أكثر منها مشاركة في بؤرة و مفتاح أهدافها اإلست‬
‫ارتیجیة ‪ .‬و هنا یؤكد كل ‪ Campbell , Tansley , ball , Bassett , Hugues‬و غیرهم على أن استعمال هذه النظم‬
‫في بعض المنظمات لیس أمثلیا وبقي فقط على المستوى العملي كأداة ألتمتة و تسریع إجارءات عمل غیر فعالة لم‬
‫یعد جاریا العمل بها ‪ ،‬كما یقرون بوجود نقائض هامة من أجل االستفادة مما تقدمه هذه‬

‫‪1‬‬
‫‪Bernard Just, du DRH au Self –service ou les nouvelles technologies au service des salaries,‬‬
‫‪L’Harmattan , paris, 2006, pp77,84‬‬

‫‪111‬‬

You might also like