You are on page 1of 97

‫مقدمة ‪:‬‬

‫اوحي ي ي ي ي ي ي ي ي‬ ‫ش ي ي ي ي ي ي ي ي ي ي ي ي ي ي ييال‬ ‫ان‬ ‫الي ي ي ي ي ي ي ي ييرجي ي ي ي ي ي ي ي ييال‬ ‫مي ي ي ي ي ي ي ي يقي ي ي ي ي ي ي ي ييدا‬ ‫قييييييييي‬ ‫م ي ي ي ي ي ي ي ي يث ي ي ي ي ي ي ي ي يل ي ي ي ي ي ي ي ي ييه‬ ‫م ي ي ي ي ي ي ي ي ييارأت‬ ‫ع ي ي ي ي ي ي ي ي يي ي ي ي ي ي ي ي ي ين ي ي ي ي ي ي ي ي ييى‬

‫كي ي ي ي ييرك‬ ‫قي ي ي ي يمي ي ي ي ييي ي ي ي ي‬ ‫مي ي ي ي يمي ي ي ي يلي ي ي ي ييوك مي ي ي ي يين الي ي ي ي يمي ي ي ي يلي ي ي ي ييك البي ي ي ي ي‬ ‫يي ي ي يكي ي ي يفي ي ي ييي ي ي ين ي ي ييا شي ي ي ي ي ي ي ي ي ييرف ان عي ي ي يلي ي ي يي ي ي ييه قي ي ي يل ي ي ييم الي ي ي يني ي ي يب ي ي ييو خي ي ي ي‬

‫اذ ق ي ي ييال ي ي ي ييام ي ي ييال ي ي ييك ال ي ي يم ي ي يل ي ي يك ي ي ييك ل ي ي يج ي ي يمي ي ييع ج ي ي يم ي ي ييي ي ييع ال ي ي يم ي ي يل ي ي ييك‬ ‫ل ي ي ييه جي ي ييوز ضي ي ي ي ي ي ي ي ي يف ي ي ييايي ي يير ت ي ي يح ي ي يف ي ي ييه في ي ييى ج ي ي يم ي ي ييي ي ييع ال ي ي يم ي ي يل ي ي ييك‬

‫ب ي ييات من المغرب ج ي يياء العرف ي ييان فى سي ي ي ي ي ي ييبي ي ييل هللا توب ي ي يياقلبى‬ ‫الي ي ي ي ي يفي ي ي ي ي يلي ي ي ي ي ييك اتش ي ي ي ي ي ي ي ي ي ي ي يحي ي ي ي ي يين والي ي ي ي ي يمي ي ي ي ي يلي ي ي ي ي ييك اتش ي ي ي ي ي ي ي ي ي ي ي يحي ي ي ي ي يين‬

‫يقول الشيخ عطا فى مدحه ‪:‬‬

‫الكرك هو رداء ذو فرو‬

‫وقوله ‪ :‬له جوز ضفاير تحفه فى جميع الملك‬

‫هذا القول اشاره الى شده الجمال وعظمه البهاء اذا كان السقر مطاط الزينه والتجميل ‪ ،‬والمغرب إشاره الى الستر والخفاء ‪.‬‬

‫وقوله ‪ ( :‬لجمع جميع الملك ) اشاره ان جمال الكون قد اجتمع فيه ‪.‬‬

‫وقوله ‪ :‬جاء العرفان ربما يكون اشاره الى أوان معرفتة ‪.‬‬

‫وفى سبيل هذه المعرفه يجب ان يتوب القلب عن جهاله ‪.‬‬

‫كان االمل يحددنا منذ زمن طويل فى ان نتناول سيره الشيخ ولقد تفاوت االمل فى شدته و حفوته مع اختالف االوقات فقد‬

‫كان هذا االمل قويا من اول معرفتنا بابناء الشيخ الذين عاصروه وجلسو معه وخالطوه وهم فى هذا الوقت كثر ال يكاد‬

‫يحصيهم العد ‪ ،‬فاذا جالست احد منهم واستقصيت منه عن احوال الشيخ فكأنما قد وقفت على كنز دفين ال تتمكن من حصر‬

‫محتوى هذا الكنز من غ ازره المخزون فيه ‪ ،‬وال تجد فى نفسك جهد فى استقصاء فحواه ‪ ،‬فإن مخزونته ينزل عليك كالشالل‬

‫الهادر من كثره مافيه ‪ ،‬ولكل واحد منهم حكايه له مع شيخه فى كيفيه معرفته به فى اول االمر ثم بعد ذلك تلك الحطات‬

‫والمواقف التى صادفت السالك مع شيخه فى طريق هللا وكيف كان تصرف الشيخ معه فى كل هذه المحطات والمواقف‪.‬‬
‫ثم كيف كانت خوارق العادات التى صادفت السالك فى صحبه الشيخ ‪ ،‬ولم يخلو واحد من ابناء الشيخ عن ذلك الذى ذكرناه‬

‫‪ ،‬ولقد كان تحصيل هذا المعلو ميسور فى هذا الوقت لتوفر المصدر الذى نستقيه منه‪ ،‬كان ذلك بالتقريب منذ نيف وثالثين‬

‫عاما ‪ ...‬ثم تقاو الزمن وب داء هذا االمل يبعد عن التحقيق مع مرور الوقت وانتقال كل ابناء الشيخ الى جوار ربهم الواحد‬

‫بعد االخر ‪...‬حتى جاء الوقت الذى احتضر فيه هؤالء المعاصرين للشيخ الذين استقو من مدده ونظره و عاينوه معاينه‬

‫الشهود واختلو به واختلى بهم فكان هذا العدد القليل يكاد ال تحصيه اصابع اليد ‪..‬ووصل االمر بنا اال اننا بالكاد نجد من‬

‫قابله وسمع منه او شاهد ‪ ،‬حتى صرنا قريبين من فقدان هذا االمل ‪.‬‬

‫ثم لمع لنا بارق ‪ ,,‬حتى سار هذا االمل فرأى البعض منا رؤى راى فيها الشيخ وكأنه يدلهم على سيرته ويرشدهم اليها من‬

‫طريق القله الباقيه الذين عاصروه ‪ ،‬فرأى احدنا الشيخ ولم يكن قدرا‪.‬‬

‫وال راى خليفته الذى ورث االمر من بعده ‪ ،‬راه يق ار من سيرته و راه يستعرض مم مايبدو وكانه تسجيال مرئيا مسموعا عنه‬

‫ثم راه يتحدث معه وكانه يشجعه على تدوين هذه السيره الطيبه ‪ ،‬ووصل هذا االمر الى حفيده ووارث وارث طريقه ‪ ،‬فجمع‬

‫البعض من ابنائه وعرض عليهم االمر ‪ ،‬وتسائل كل واحد من المجتمعين على الطريقه الى جمع هذه المساره الداله على‬

‫السير ‪ ،‬فبرق بارق ‪ ,,‬اخر من طريق ابناء ابنائه كمصدر لهذا المعلو ‪،‬فتسقت مصادر المعرفه وابتداء المجتمعون فى لقاء‬

‫هؤالء االبناء وابناء االبناء ‪ ،‬وهالنا كثافه ما سمعنا ‪.‬‬

‫وبدأنا فى رصده ‪ ،‬والذى تراو فى اطمأنا ننا نحو هذا االمر ‪ ،‬التوفيق الذى صادفنا فى هذا الجمع وزادنا االمر اطمأنانا‬

‫الجلسه التى كانو عليها وقت التباحث‬ ‫حين راى احدنا الشيخ الكبير داخال فى قاعه كبيره و المجتمعون جالسون فيها بنف‬

‫فى االمر ‪ ،‬ووصف الرائ هذه الجلسه كما هى بالتما و هم يتدارسون سيره الشيخ ‪ ،‬والباحث فى أثاره ‪ ،‬والشيخ وضئ‬

‫الوجه يرتدى زيا رسميا مكونا من جلباب صوف وعباءه فخمه وشال ابيض و ملفحه قيمه ‪ ،‬وكان واقفا ينظر الينا وستمع‬

‫الى حوارنا بكل االهتما والتركيز ويتابع مانقول ‪ ...‬فعلمنا ان االمر مرضفه التوفيق ‪ ،‬وعلمنا ان مدد الشيخ ونظره معنا ‪...‬‬

‫وعلمنا ان توفيق هللا سوف يحدونا ‪ ،‬وبدأنا فى جمع هذه السيره العطره ‪.‬‬

‫مقدمه ‪:‬‬

‫ون حن نتكلم عن سيره الشيخ مرتقبين معه حتى اطوارها المختلفه فإنه ثمه طوارء تط أر علينا فى توثيق ما نحكى به عنه ‪،‬‬

‫من الروايات مانقلها عنه معاصروه الذين رأوه و استمدوا اليه وتعاملو معه ‪ ،‬هؤالء المعاصرين له اختلفو هم ايضا فى معالم‬
‫ومنهم الذى مرت عليه عبو ار خاطفا لم‬ ‫نقلهم للروايه منهم المؤمن الصديق ومنهم الناقد البصير ومنهم الحافظ الحري‬

‫يصبا بتفاصيلها ‪،‬ومنهم من اختلفت عليه الروايات ‪ ،‬فتداخلت الروايات بعضها مع بعض ‪ ،‬ومنهم من كان الراوى طرف‬

‫فيها ومنهم من كان الراوى حاض ار لها ‪ ،‬ومنهم من اثرت احداث الروايه فى قلبه ‪ ،‬ومنهم من نظراليها بعقله وفكره ونظرته ‪،‬‬

‫ومنهم المحب واالكثر حبا واالقل حبا ‪ ،‬ولهذه االسباب كلها اختلفت صور الروايات وتباينت ‪ ،‬ولم يدر المتلقى‪ ،‬اى هذه‬

‫‪،‬فأوردنا الروايه بالصور المختلفه‬ ‫الروايات هو االقرب الحقيقه ‪ ،‬وحتى كتابنا هذا ‪ ،‬كان الحصد اقرب الينا من التمحي‬

‫التى وردت الينا بها ‪.‬‬

‫ومن الرواه من لم يكن معاص ار للشيخ وانما كان معاص ار لمن عاصروه ‪ ،‬فجائت الصوره التى نقلها الينا مشوشه غير‬

‫مضبوطه ‪ ،‬وكما اشرنا ايضا ان نوردها اذا سارت مع سياق العمل الذى نحن بصدده ‪ ،‬ومنها ما ارتأينا نفيه لبعده عن‬

‫السياق ‪.‬‬

‫ومن الروايات من كانت واحده لم يؤيد الراوى فيها نظروو له فيها ‪ ،‬ومن الروايات من تعددت وان اتفق التعدد او اختلف ‪،‬‬

‫ولنا فى هذا الكتاب من موقف الحكم على الصحيح منه وخالفه ولم يكن لدينا ميزان للحكم اال الوثوق من القائل و مسايره‬

‫روح السيره ‪.‬‬

‫والروايات كثيره ال حد لها ممن عاشو معه وعاشروه واحبوه واقتدو به واتبعوه ‪ ،‬فلذا يقول حفيده عنه ‪ ،‬اال ان هناك قصصا‬

‫تستوقف السامع وتجعله يظل شاخصا فيها ببصره وبصيرته ‪ ،‬منفصال بها ولها ‪ ،‬مستخرجا منها الدروس والعبرعلى الرغم‬

‫بما تحمله من عبر ودروس تستقر‬ ‫من كونها بسيطه عابره ‪ ،‬وبينما تشع الرؤية لتشمل حياه الرجل بكليته ‪ ،‬فإن هذه القص‬

‫فى القلب فتفتح نوافذ النور وابواب النفحات ‪.‬‬

‫وهكذا هم الصالحون فإن نظراتهم وخواطرهم وكلماتهم وسيرتهم ومناقبهم ماهى إال رحمه للناس ‪ ،‬فما تركوه من اثار واثر وما‬

‫يستتبعه من اصالح وتقويم لغيرهم هو من اوجه الرحمه التى ينالها من ارادها من الناس ‪ ،‬فضال عمن طلبها وسعى اليها ‪،‬‬

‫وتمسك بها وعاش ومات عليها ‪ ،‬وهم درجات عند هللا وهللا بصير بما تعملون ‪.‬‬

‫وترى التالى للروايه اذا تحدث عن شيخه ‪ ،‬فإنه يتبدل ويتغير وكانما ينظر الى ما يحدثه فيها ويغشاه حال صاحبها وتأخذه‬

‫الهيئه والجالل ويش عر وكانما من يتحدث عنه جليسه حتى وقت روايته لكالمة ‪ ،‬فإذا كان بهذا الشكل ‪ ،‬فإن كيانه وجوارحه‬
‫وقلبه هى التى تتكلم ‪ ،‬فتخرج الكال من صادقا ‪ ،‬فيقابله السامع ‪ ،‬بصدق مثله ‪ ،‬ولذالك كانت الكلمات تخترق سامعيها نافذه‬

‫الى دواخلهم ‪ ،‬مستقره فى وجدانهم ‪.‬‬

‫غير ان الغالب االعظم من الروايات التى وردت الينا انما تتناول العالقه بين الشيخ ومريديه ‪،‬والنذر اليسير منها انما يتناول‬

‫الشيخ فى ذاته ‪ ،‬وفى صفته وإذا كان الوصول الى روايات االبكار ميسوره الوصول اليها ‪ ،‬اال ان الوصول الى ذات الشيخ‬

‫وصفته يستحيل تحصيله ‪ ،‬ولكن يجبر ذلك ان ال صفات الباديه على ابناء الشيخ ماهى إال صفات الشيخ وسماته ‪ ،‬فمن‬

‫ابنائه تعرفه ومن ال تصرف على اصولهم تعرف حاله ‪ ،‬ومن معرفتهم تعرفه ‪ ،‬ماذا تم لك االطالع عليهم فكانما اطلعت‬

‫على ذات الشيخ ‪.‬‬

‫وال تكاد ترى ام ار بين الشيخ وبين احد من ابنائه اال وتجد كرامه له فيه او منهجا فى تربيته او علما يضيفه اليهم ‪ ،‬او روحا‬

‫ترفعهم او رحمه تعمهم ‪.‬‬

‫وعن خوارق وكرامات الشيخ على عمومها يتحدث الينا فيها الشيخ ناصر حفيد ووارث طريقه قائال ‪ :‬إن الخوارق والكرامات‬

‫أمور خاصة‪ ،‬هى معادلة ذو خصوصية شديد ‪ ،‬أحد أطرافها هو المنوط بأخذ العبر أو تلقي الدرس ممن أجرى هللا على‬

‫يديه هذه الكرامة‪ ،‬وهي من قبل ذلك بحول هللا وقوته وما جرت إال فضال منه سبحانه لينتفع بها المريد في سيره وسلوكه‬

‫وعقيدته‪ ،‬وليثبت به األقدا ‪ ،‬وما يعنينا من أمور الخوارق فضال عن تلقينا إياها بالشوق والحب كونها جزءا من سير شيخنا‬

‫ومعلمنا ومرشدنا ومربينا‪ ،‬أقول ما يعنينا هو وجه اإلفاد التي نخرج بها والدروس والعبر التي يمكننا استخالصها منها‪ ،‬ولذلك‬

‫أرى أن يصحب رواية الكرامة ما يستتبعها من المعاني والفوائد والدروس ‪.‬‬

‫ولم تكن هذه الروايات اال سبيال نستقرابه معا بعض من المعانى والعبر ‪ ،‬لعلها تكون ضوءا لنا على الطريق ‪ ،‬وقد جعلنا‬

‫الطرق مفتوحا إلبناء الشيخ ‪ ،‬يدلى كل واحد منهم بدلوه ويكمل احدنا االخر حتى استقصاء هذه العبر والمعانى ‪ .‬االبعاد‬

‫التى فى مجموعها تمثل معالم الطريق والقانون الذى يسير عليه ‪.‬‬

‫من هذه العبر االنضباط والنظا الظاهر الباطن وااللت از الكامل بتعاليم الشيخ قوال وعمال ‪ ،‬وهو مفهو االقتداء ‪ ،‬ثم ان‬

‫الشيخ ال يترك لهم الحبل على القارب فال يزال مالحظا لهم فيما ادوه وفيما قصرو منه ‪.‬‬

‫ومنها ماهو مطلوب من المريد من اكبار الشيخ وتوقيره وتعظيمه والثقه من امره ونهيه ووجوب طاعته ‪.‬‬
‫ومناها ماقله احد اخواننا على الشيخ وهو محمد بعطيش رحمه هللا ‪ ،‬واراها كلمه جامعه مانعه حيث قال عن الشيخ (كان‬

‫ربنا فى لسانه ) والمعنى ان امر هللا نافذ محقق فى كالمه وظواهره ‪.‬‬

‫ومنها اذا كان من اثر تربية الشيخ عقوبه على المريد فإن العقوبه وان كان ظاهرها العذاب فإن باطنه الرحمه ‪ ،‬فمع حرصه‬

‫لالصالح فى التوجيه واالرشاد ‪ ،‬اال ان احد ال يعلم و الذى قداه منه الشيخ وربما عافاه بالعقوبه من عقوبه اكبر واشد واخطر‬

‫اخطر على االنسان من الخسران يو الفرقان ‪.‬‬ ‫ولي‬

‫وال ين بغى علينا ونحن نرصد صرامه الشيخ فى تربيته لولده إال أن تقدير ذلك يقول الحق ‪ (:‬النبى اولى بالمؤمنين من انفسهم‬

‫) واسقاطا للمعنى على المربى الروحى و المرشد المحمدى ‪ ،‬فإن المربى الروحى انما هو احرص واخوف على ابنائه واعطف‬

‫واحب بهم من انفسهم على انفسهم ‪،‬فحرى بمن هذا غرضه ان يطاع ‪ ،‬واولى هذه رحمته ان يجاب ‪ ،‬اللهم ارزقنا الفهم‬

‫عنهم والطاعة و التسليم لهم ‪ ...‬امين ‪.‬‬

‫ونحن وان كنا نورد فى هذه السيره الجوانب الشخصية للشيخ والجوانب الروحية والطريقه التى كان يتعامل بها مع ذويه فى‬

‫بعض ومع ابنائه فى العهد وطريقه تربيته له م و اعانته لهم فى مجاهدتهم اال اننا حين ترد هذه االخبار ومايصحبها من‬

‫خوارق العادات ‪ ،‬فإنا نتعمد ان نروى تفاصيل كثيره مصاحبه لهذه المرويات ‪ ،‬وذلك آلجل ان نعيش معهم تلك االجواء التى‬

‫كانو فيها ‪ ،‬فنشعر وكأننا معهم ‪،‬نصاحبهم ونتكلم معهم ونسمع لما يتكلمون به ‪ ،‬ونبتهج لفرحتهم ونحزن لحزنهم و نندهش‬

‫لما اندهشو به ‪ ،‬ونعيش معهم امالهم التى كانو ينشدونها والمناسبات التى كانت تمر عليهم ‪ ،‬وما نقلنا ذلك اال لنفهم دوافع‬

‫سلوكهم فنكون بذلك اقرب الى فهمهم والقرب منهم و االنتفاع بسيرتهم التى هى فى االصل سيره الشيخ معهم فنثقل حالهم‬

‫الى حالنا وتصير اروحهم فى ابداننا ‪ ،‬فنحصل الثمره التى ننشدها من كتابه هذه السيره العطره لهذا الشيخ الكريم ‪.‬‬

‫مفتاح الشخصيه ‪:‬‬

‫اذا سألت عن مفتاح الشخصيه فإن حفيده ووارث طريقه يقول عن ذلك ‪ :‬لعل أبلغ مثال نبدأ به لفهم شخصيته رضي هللا‬

‫عنه هو شخصية سيدنا عمر بن الخطاب‪ ،‬فربما تالقت خطوط كثيره بين الشخصيتين في مرحلتي ما قبل الهداية وما بعدها‪،‬‬

‫فقد كان سيدنا عمر قوياً شجاعا فتياً شديداً في الجاهلية ‪ ،‬األمر الذي ظلت عليه شخصيته بعد إسالمه على اختالف توجهها‬

‫وسلوكها‪ ،‬كذلك الشيخ قبل تجرده وفناءه في طريق القو ‪ ،‬كان مهاباً شجاعاً قوياً ال يشق له غبار‪ ،‬وقد رسخ وضعه المادي‬
‫واالجتماعي إبراز هذه الصفات‪ ،‬فقد ولد ألب من كبار األعيان ذو سطو ومكانة وثراء شديد‪ ،‬األمر الذي أثر في نشأته‬

‫كأحد أبناء الطبقة العليا مكانة ووجاهة ومال وعزو وجاه‪،‬‬

‫ولنا ها هنا وقفة‪ ،‬فحصول أحدهم على واحد من مفردات عز الدنيا هذه كفيلة أن يتمسك بها ويعمل جهد حياته في الحفاظ‬

‫عليها فضالً عن أن يزيد فيها وينميها‪ ،‬فأمامنا نماذج ال تحصى ممن أثرتهم الدنيا وسجنتهم فيها‪ ،‬فصاحب األموال مشغول‬

‫بماله تحصيالً وجمعاً‪ ،‬ومثله صاحب السلطة وذو المكانة والوجاهة وهكذا‪.‬‬

‫الك ال هنا عمن يطلب الدنيا ويسعى إليها بل من وجدها طوع يديه منذ أن نضج واكتمل‪ ،‬واألمر هنا أصعب وأعقد‬ ‫ولي‬

‫من ُيترك‪ ،‬فاألول ربما رجع أدراجه وكف عن السعي خلفها ذلك لكونه لم يملكها بعد‪ ،‬أما من ملكها فعزيمة األبطال يرجوا‬

‫وهمة الرجال يعوز حتى يركلها وينفض غبارها من يده‪ ،‬وال يتسنى ذلك إال لمن حمل صدقاً راسخاً كالجبال وإخالصاً يشهد‬

‫ط َرق باباً واحدا وابتغى مقصوداً واحداً ‪.‬‬


‫هللا عليه وعهداً تحرسه همة األبطال‪ ،‬ترك صاحبنا هذا كله وتوجه لطريق واحد و َ‬

‫هو هللا وحده‬

‫و رسوله األكر‬

‫وآل بيته الطيبين األطهار ‪.‬‬

‫حكى له والكال للشيخ ناصر وارث طريقه ‪ -‬أحد أفراد قريتنا وكان رجالً مسناً ممن عاصر الشيخ في مقتبل حياته قال ‪:‬‬

‫كان إذا خرج ألمر له ركب فرسه حامال بندقية في كتفه وطبنجة في جنبه وكرباجا في يده ‪.‬‬

‫ولكنه بالرغم هذه الوجاهة وشده االطالله إال انه كان فى صميم دواخله ادبا جما وخلقا رفيعا كان هذا فى باطنه ‪ ،‬وان بدا‬

‫على ظاهره خالف ذلك ولقد يتجلى هذا االدب الباطن فى عالقته مع أخاه األكبرالحج فرغل اذكان يضعه فى مكان ابيه‬

‫بعد رحيله فى صغره ‪ ،‬ومما رواه الشيخ باهى رحمه هللا أنه حتى وفا أخيه لم يدخن أمامه سيجار ق ‪ ،‬ولما علم بوفاته وقد‬

‫توفى ببيت له في منيل الروضة ذهب الشيخ من منزله حتى هناك حافي القدمين من وقع الخبر دون أن يشعر‪ ،‬وعلم ذات‬

‫مر أن شخصاً قد تجاوز مع أخيه هذا في الكال ولم يكترث له أخوه ‪ ،‬فجمع إخوته وتواصوا على أن يحرقوا بيت الرجل‬

‫وبيوت عائلته جميعآ ثم سيقضون على من سينجوا من الحريق باألسلحة النارية‪ ،‬اال ان اخاه علم بذلك ‪ ،‬وما هم قاصدون‬
‫‪ ،‬فجمعهم ونهرهم وطرد أحدهم من البلد وتوعد اخر بالسجن وقال للشيخ "انا عارفك هتسمع الكال ‪ ،‬إنهي الموضوع ده"‬

‫فأجاب أن سمعاً وطاعة "‪.‬‬

‫فهذا الجانب من القصه يكشف الجانب االصيل فى باطنه وان خالفه الظاهر المحقوق وان هناك بذره طيبه فيه لو تعدتها‬

‫روح العنايه لكان لها شان اخر ‪ ...‬وهذا ماكان ‪.‬‬

‫ولهذا كان الشيخ مسعد فى اول عهده مع شيخه ابراهيم الدكرورى انه قال له ‪ :‬او ل امر تبداء به طريقنا الى هللا ان تذهب‬

‫وتدفن ابو داوود " وابو داوود هو لقب الشيخ وهو اسم عائلته وقصد به شيخه ان يذهب فيميت نفسه وجاهه وعزوته وسطوته‬

‫وكل سبب يصده عن هللا فى طريقه وهو المقصود فى لغه القو بالتخليه ‪.‬‬

‫وفى عود لنا للمفارقه بين صاحبنا وسيدنا عمر بن الخطاب رضى هللا عنهما فى المناسبه من الصفات واقتراب السمات نقول‬

‫انه كما حدثت المقاربه فى الظاهر فإن مقابله حدثت بينهما فى دوله الباطن ‪ ،‬ويحكى عن هذا المقابله الشيخ محمد سالمه‬

‫‪ ،‬وينقلها الينا احد ابنائه وهو الدكتور احمد موسى ونحن ننقلها عنه بدورنا ‪ :‬دار بينهما لقاء فى زمن حرب ‪ ، 1967‬اى‬

‫بين سيدنا عمر بن الخطاب وبين الطب الغوث سيدى الشيخ مسعد ‪ ،‬وللقطب الغوث من هللا التصرف فى الكون بما اعطاه‬

‫هللا ذلك ‪.‬‬

‫القطب الغوث ان يكون له حق االعتراض او الفيتو فى امور العالم ‪ ،‬فلما رأى الشيخ رضى هللا عنه تقد‬ ‫ومن خصائ‬

‫اليهود فى عمق س يناء ‪ ،‬غار على وطنه ‪ ،‬فاستخد هذا الحق الذى اعطاه هللا له فى وقت قدومهم الى الحد الذى وقفو عنده‬

‫‪ ،‬وذلك من االسرار الخاصه التى ال علم الحد بها ‪ ،‬وعلى الفور ثم تحول االمر الى المحاكمه الباطنيه ‪ ،‬وكتن من اعضاء‬

‫هيئه المحكمه اثنان ‪ ،‬احدهماسيدنا عمر بن الخطاب وا الخر موالنا االما الحسين ‪ ،‬فقال له سيدنا عمر فى هذه الحليه ‪:‬‬

‫لماذا استخدمت حق االعتراض دون اذن ؟ وهل للقطب ان يتحرك قبل كل الرتب والبرازخ التى تسبقه ؟ واراد ان يصدر‬

‫حكما بمعاقبته ‪ ،‬فرد الشيخ قائال ‪ :‬ياسيدى ما فعلت ذلك االغيره على االسال وآل البيت ‪ ،‬إال ان موالنا الحسين رضى هللا‬

‫عنه تدخل فى هذا االمر النقاذ صاحبنا ‪ ،‬فقال للقائمين على المحاكمه ‪ :‬فتشوه فإن وجدتم فيه غيره على االسال ‪ ،‬فهو‬

‫براء ‪ ،‬وان لم تجدو فيه غيره فعاقبوه ‪ ،‬فلما وجدوهافيه أمروا ببرائته ‪ ،‬ولقد اضحك ذلك الشيخ محمد سالمه ‪ ،‬اضحكه‬

‫اقتراح سيدن ا الحسين بالبحث عن الغيره وهو يعلم ان الغيره مقطور فى قلب كل مسلم على ربنه ‪ ،‬فال بد من وجودها ‪ ،‬فقلن‬

‫ان سيدنا الحسين اراد ان يجعلها ذريعه لخروج الشيخ مسعد من العقوبه ‪ ،‬وان كنا قد علمنا من مصدر اخر ساق لنا هذا‬
‫الحدث ان الشيخ رضوان هللا عليه قد عوقب فى هذا االمر بأن امتنعت عنه زيار دراويشه فى بيته لمده شهر كامل وكان‬

‫هذا من اشد االمور التى مرت على صاحبنا ‪ ،‬روى لنا هذا الشيخ ناصر رضى هللا عنه ‪.‬‬

‫وال يفوتنا ان ندرء عن هذ القصه معارضيها من غير اربابها فإن لدوله الباطن احكا "تماشيه " عن اهل الظاهر وال اول‬

‫على ذ لك من افعال الخضر حتى زمان موسى من افساد السفينه وقتل الغال وبقاء الجدار ‪ ،‬وكل هذه احكا " جعل هللا‬

‫التحكم من امر الخضر ولكن بما اعطاه هللا له ‪ ،‬ولوال معارضه موسى ألفعاله لظل‬ ‫للخضر فيها الحكم فى العالم ‪ ،‬ولي‬

‫موسى ينق الينا نماذجا كبيره من افعال الخضر التى تحكم بها فى العالم وال يزال الخضر حيا وال يزال التحكم فى العالم قئما‬

‫‪ ،‬فال تتعجل فى النقد فقد سقنا لك من دالئل الشرع مايؤيد ماذهبنا اليه ‪ ،‬بقى لك ان نسأل ‪ :‬هل كان شأ‪ ،‬صاحبنا كشأن‬

‫من شأنك فأصحاب الشيخ قد امنو به على ماذكره وانت لم تؤمن به ‪ ،‬فمالك وشأنهم‬ ‫الخضر فى ذلك ؟ فترد عليه هذا لي‬

‫‪،‬فلكل واحد منكما شرعه ومنهاجا ‪ ،‬فهكذا قد اثبتنا لك االحتمال من جانب الشرع وال حرج على فضل هللا فيما لم تؤمن به‬

‫ثم يواصل الشيخ ناصر كالمه عن مفتاح شخصيه الشيخ فيقول عن ذلك ان هناك نموذجان من التاريخ يؤصالن للشخصية‬

‫التي نحن بصددها األول ‪ :‬أبوحامد الغزالي ‪ :‬كان عالما في الشريعة والفقه وفروعالعلو الظاهره والتى يسميها ابن عربى‬

‫علو الرسو ولكن عندما اصابه الفتح انطلقت روحه من اسار هذه العلو وان بقيت فيه ‪ ،‬واصابه العلم الوهبى اللدنى وتزين‬

‫باالسرار الباطة ‪ ،‬فتحا بما حباه هللا فتحا جدبدا فى االرشاد والتوجه الى هللا فى طريق القو ‪،‬على جناحى الظاهر المكتسب‬

‫والباطن الموهوب بعين تنظر الى الملك واخرى تنظر الى الملكوت ‪.‬‬

‫اما النموذج الثانى ‪ :‬فهو موالنا جالل الدين الرومى ‪ ،‬فلقد كان ابن الرومى شاع ار راقيقا ‪ ،‬قاصد قلبه بحب الجمال وها فيه‬

‫‪ ،‬فلما اصابه الفتح االلهى ارتقت روحه الى االفاق العال وتول شدوه من جمال المخلوق الى جمال الخالق ومن وصف الملك‬

‫الى وصف الملكوت فهامت روحه فى االفاق واستقرت فى قلبه االشواق واتسقت رؤياه فى رؤيه الحق ‪ ،‬فادرك انه ماتم إال‬

‫هللا ‪ ،‬فأثمر هذا مايرده الناس من نعمه الى يومنا هذا وكال النموذجين بقى عليهم ماكانا عليه فى ماضيها واضيف عليه ما‬

‫استجد فى حاضرهم فزلت نفوسهم وارتقت بصيرتهم وبانت لهم االمور بجالء ‪.‬‬

‫كذلك كان شيخنا ‪ ،‬ظل بجوانب شخصيته و بعد ثروته الروحيه فأثمر له ذلك الشجاعه والمروءه واالقدا والتضحيه ‪.‬‬

‫ماصنعت لديها جوانب اصيله فى نفسيها واخالق روحانيه محمديه وفدت عليها ‪.‬‬
‫حال الشيخ فى بيته وبين ذويه‪:‬‬

‫كان صاحبنا ال يدخل الى فراشه ليال حتى يمر على بيته ويراجعه ويتأكد من أن دار قد خلت تماما من اى مال مدخر فيه‬

‫‪ ،‬فإذا اتم مهمته وتأكد مما كان بقصده اوى الى فراشة مطمئنا ‪.‬‬

‫وذات يو وجدت مع زوجته بعضا منه فغضب عليها غضبا شديدا ‪ ،‬وقال قولته الشهير ‪ :‬خايفين من ايه الى عشانا امبارح‬

‫هيفطرنا النهرد فأجابته بأنها لم تقل ذلك عن عمد او قصيد منها فانظر الى هذا اليقين وتلك الثقه ‪ ،‬انها ثقه العارفين‬

‫اصحاب القلوب المحمدية ‪ ،‬الذين تناولوا عطاء اليد المحمديه وهبا ومنما واظها ار وعمال وتفانيا وإخالصا ‪ ،‬حتى لكأنه‬

‫الصوره المحمدية الكامله فى زمانة ‪.‬‬

‫الخاد فى بيت الشيخ ‪:‬‬

‫والخاد فى بيت الشيخ له مكان ومكانه يغبطه فيها االخوان ويتمنون أن يكونوا مكانه فى القرب من ‪ ،‬إذ هو أقرب الى من‬

‫يتوقون الى القرب منه ‪،‬ولعلمهم أن الشيخ ما أختار قربه منه إال ألنه اهل لهذا القرب رجاال كان او نساءا ‪ ،‬عرفنا منهن‬

‫الست كاملة التى كانت واحده بين الشيخ ومريده تدعوهم اليه وتنقل اليهم الخير منه ‪ ،‬تعرف احواله و عاداته ومواطن رضاه‬

‫وغضبه ‪ ،‬وتشير على االخوان بما يجب عليهم نحوه وتصدقهم النصيحه ويصدقونها الطاعه ‪ ،‬غذ لم يكن فى عالئق االخوان‬

‫الشيخ‬ ‫شيئا من الريبه والشك فلقد كانو اخوان صدق ‪ ،‬وعرفنا منهم الست زينب القصيره التى كان منوط بها غسل مالب‬

‫واعدادها والتى كان من فرط حبها للشي خ أن تأخذ منديله وتشطفه وتشرب الماء الناتج من شطفه و عرفنا من االخوان كل‬

‫ابناء الشيخ مجتمعين فى الحقيقه خدا له ‪.‬‬

‫وتجاوز هذا االمر زمان الشيخ و تعداه الى زمن وارثه الشيخ باهى الذين عرفنا منهم نفر كثير اخوان واخوات من االخوات‬

‫عرفنا زوجه ابنه الشيخ سيد عبد العزيز وعرفنا كريمة وعرفنا من جميعهم تربين فى بيت الشيخ ولم يكن له منهن فرق بين‬

‫بناته من صلبه وبناته فى الطريق واستمررن معه اال ان تزوجن وعرفنا من االخوان دبور الذى اقترن وجوده بوجود الشيخ ‪.‬‬

‫ونحن ان تكلمنا عنهم فان الكال على هامش الهامش فقد عرفوا من اسرار الشيخ اصناف واصناف ما تعرفه عنه‪ ،‬وانحاذ‬

‫بن مالك الذى مكث معه عشر سنين ‪،‬‬ ‫الخاد من االخوان فى بيت الشيخ هو سنه نبوية ‪ ،‬فقد علمنا من اصحابة أن‬

‫وعرفنا عبد هللا بن مسعود الذى كان صاحب وساد وسلوكه و نعليه ‪ ،‬وعرفنا منهم من كان آخذا بدابته وناقلته وراحلته ‪.‬‬

‫ومن مظاهر محبتهم للقائمين عليهم بالخدمة ‪ ،‬تلك الروايه ‪:‬‬


‫حدثتنا السيده توحه بنت الشيخ أنه بعد نقل الشيخ من الجبانه ال ى مقامه الكائن فيه بشهر ماتت خادمه له تدعى ا عيشه‬

‫إذا كانت تخد فى البيت حال وجوده ‪ ،‬فأ شار الشيخ الى دفنها مكان عمها فى الجبانه ‪ ،‬وبرغم اعتراض االخون على ذلك‬

‫صمم الشيخ باهى على ذلك ‪ ،‬وقال ‪ :‬هى أحق أن تدفن مكان الشيخ ‪.‬‬

‫الشيخ و أهل بيته ‪:‬‬

‫ومن مظاهر رعايه الشيخ لبناته من صلبه والقيا على مطالبهن ماكان يعامل به ابنته زوزو ‪ ،‬فلقد كان زوج ابنته زوزو وهو‬

‫سعد افندى حجازى من الهائمين فى محبه أهل البيت والمحبين لطائفه المجاذيب و المجاورين لهم ‪ ،‬فكان فى اول كل شهر‬

‫بعد أن يأخذ راتبه من عمله‪ ،‬يذهب بهذا الراتب لزياره أهل البيت ‪ ،‬فيوزع كل مالدية من مال على مجازيب ومجاورى أهل‬

‫البيت ‪ ،‬ويذهب الى منزله خالى الوفاض ‪ ،‬فإذا سألته زوجته عن راتبه أخبرها بما فعله ‪ ،‬فتصرخ فى وجهه‪ ،‬ويشتد عراكها‬

‫معه للدرجه التى يخرج من البيت ويتركه لها ‪ ،‬خوفا من توابع هذا العراك ولقد وصل به االمر مره انه اختباء فى احدى‬

‫المقابر المجاوره لسيدى على زين العابدين خوفا منها ‪ ...‬ولما كانت تشتكى الى ابيها عمى الحج مسعد فكان يقول لها يا‬

‫زوزو ‪ ...‬ملكيش دعوه بسعد افندى ‪ ...‬انت ليكى إن كل حاجتك تبقى موجوده فى البيت ‪ ...‬ثم توجه الى الشيخ صالح‬

‫طه قائال له ‪ :‬ياصالح انت ملزو بقضاء حوائج زوزو ‪ ....‬ووضع الشيخ محبه زوزو فى قلب الشيخ صالح طه ‪ ،‬ووضع‬

‫فيه حرصه على قضاء مصالحها و الوفاء بأحتياجاتها ‪ ،‬ودوا السؤال عليها ‪ ،‬حتى أنه إذا سلم عليها سالمه الى بتقبيل‬

‫قدميها ‪ ،‬وكان فى يقينه وعقيدته أن تلك القد التى يقبلها هى قدمى شيخه ‪ ...‬الحاج مسعد ‪ ،‬هكذا كان الحال الموضوع فيه‬

‫فكان هذا الحب الزما له لوفاء بمصالحها ‪.‬‬

‫وللشيخ نظرات الى ابنائه سواء كان من أصالبه أو من اهل طريقه وابطال هذه الروايه ثالثه اولهم ابنته الكبرى زوزو ثم زوج‬

‫ابنته سعد افندى وأخراالبطال الحاج صالح طه ‪ ،‬أما ابنته فلم يتركها للعوز والفاقه فقد قا بتلك المطالب التى قصر زوجها‬

‫ورأب الصدع ‪.‬‬ ‫عن أدائها فسد النق‬

‫ثم نظرته الى زوج ابنته سعد افندى منطر الى ماينفقه خارج بيته والذى به قصر عن اداء واجبه نحو أهل بيته ‪ ،‬فرأى الرجل‬

‫مقهور فى رغبتة مدفوع اليها بروحه الصافيه الرقيقه الطاهر الخلوطه بمحبته أهل البيت ‪ ،‬األمر الذى دعاه فى نفسه أن‬

‫يرى أن مجاذيب وجاورى اهل البيت اولى بالنفاق عليهم من اهل بيته ‪ ،‬مومعنى ذلك أن محبته ألهل البيت تعلو على محبته‬

‫ألهل بيته ‪ ،‬ومن ذاق محبه اهل البيت يعرف ان ال محبه تعادل محبتهم وال شوق الى احد قدر شوقة اليهم ‪ ،‬ففرح الشيخ‬
‫‪ ،‬بل‬ ‫رأب الصدع وجب النق‬ ‫بما رأه على زوج ابنته ولم يكلمه على التقصير فى نفقته على أهل بيته ‪ ،‬بل على العك‬

‫كان سعد افندى زوج ابنته هو أ قرب المقربين لديه بالرغم من كونه مقص ار فى االنفاق على ابنته ‪.‬‬

‫اما البطل الثالث فى هذه الرواية وهو الحاج صالح طه ‪ ،‬وهو الذى جعله الشيخ امينا على كريمته الكبرى زوزو ‪ ،‬ولم‬

‫نجعله هكذا من فراغ وانما كان لعلمه بفنائه فى شيخه واختالط روحه فيه ‪ ،‬وزاده على ذلك حبا على حب فى ابنتة ‪ ،‬ولقد‬

‫كان للشيخ صالح سابقه حب لكريمة الشيخ جارية ‪ ،‬والتى افاض الشيخ صالح طه يذكر مناقبها وقد رأى من ايات هللا‬

‫الكبرى فى تشييعها الى مثوها وقد علم من اسرارها الباطنه ماجعله مرتبطابها ‪ ،‬فكان إذا ذهب الى زياره السيد زينب رضى‬

‫هللا عنها ق أر لها الفاتحه ووجد عمتنا جاريه قابعه فى مقا السيد زينب ‪،‬كان الشيخ صالح طه من اشد المحبين والمقربين‬

‫والحافظين لزياره اهل البيت حتى اخر وفاته رحمه هللا ‪.‬‬

‫والبطل الحقيقى فى قصتنا هذه هو المحبة ‪ ،‬تلك المحبه التى ربطت بين الشيخ وابنائه وتلك المحبه التى ربطت بين سعد‬

‫افندى وأهل البيت ثم تلك المحبه التى ربطت الحج صالح طه بشيخه وابنائة من صلبه واخوانه وأهل البيت ‪.‬‬

‫الشيخ مع أهل بيته ‪:‬‬

‫ومن الروايات ذات المصدر الواحد ماحكته الست ا حسين ناقله اياها امها الست ا محسب ما قصته من عمتنا جاريه ابنه‬

‫الشيخ الكبرى رحمها هللا وكانت هى اكبر ابنائه واقرب المقربين اليه ‪ ،‬ومن كرامتها ان جعل هللا لها س ار ليث ألحد غيرها ‪،‬‬

‫وهى ان تجد تحت وسادتها كل صباح مبلغا من المال ‪ ،‬فتتوجه به الى ابيها ‪ ،‬فينفق منه على بيته وعلى اوالده فى الطريق‬

‫‪ ،‬فكان الشيخ يأخذ منها كل صباح ماتجده تحت وسادتها ‪ ،‬وكان لهذا المال فى مقداره سر عجيب ‪ ،‬مثال اذا اخذ الشيخ‬

‫عشره جنيهات ‪ ،‬فانفق منها ثمانية جنيهات ‪،‬وبقى معه إثنان ‪ ،‬ال تجد تحت وسادتها إال ثمانية جنيهات فكانما المال بالتما‬

‫على قدر المنفوق منه ‪ ،‬ولم يكن للشيخ فى هذا الوقت مصد ار للمال إال هذا الوجه إذ كان قد انفق كل مال وميراثه من اهله‬

‫فى الطريق ‪.‬‬

‫وكان للست جاريه دور اخر فى طريق مرافقتها ألبيها إذ كانت مالزمه له فى خدمه االخون واطعامهم والقيا على خدمتهم‬

‫ومعاونه ابيها فى ذلك وقد كان كثير من زوارالشيخ ممن يأتون اليه بعلل وأمراض تباين بين االمراض النفسيه و االمراض‬

‫جن وبه او من قد اصابه سحر او وى بجانب من سالمه بنيانه ‪ ،‬فكان بنظره واحده منه ينطلق اساره‬ ‫العضويه ومن قد تلب‬

‫به او يذهب سحره او يصرف السر فى مرضه فيعالجه بما يناسبه ‪ ،‬ومن الحاالت العجيبه التى صادفت‬ ‫من الجن المتلب‬
‫الشيخمسعد وكان البنته جاريه دور فى عالجها ‪ ،‬شاب اتى اليه اهله به يعانى مرضا قد اصاب عقله وكان طالبا فى الجامعه‬

‫فلما نظر اليه الشيخ عرف ان عالجه ان يأكل قطعه من لحم كلب ‪ ،‬مكذا عليه كشقا السبيل الى عالجه ‪ ،‬ولم يبق اال كيفيه‬

‫الحصول على ا لكلب وذبحه وطهيه وهنا بداء دور السيده جاريه ابنه الشيخ فلقد تطوعت بالمهمه فأتت بالكلب وذبحته‬

‫وطهيته وشفى المريض من علته ‪ ،‬فلما رأى الشيخ من جاريه ما فعلته نظر اليها واغمرو رقت عيناه قال لها ‪ ":‬لقد فزت بها‬

‫ياجاريه لقد كان اختبار شديدا وفقك هللا فيه " اى لقد كان فعلك هذا سببا لك فى الفوز و النجاه عند ربك ‪ ،‬النه ال يفعل هذا‬

‫إال من كان قلبه صافيا خالصا ‪ ،‬ال يبالى مايعانى فى سبيل من امنت به ‪ ،‬فكان هذا الفعل سببا فى نوال مقامها عند هللا ‪.‬‬

‫و الحقيقه ان وجود المال تحت وساده جاريه ‪ ،‬انما يفسر بصفه التجريد المطلقالذى اتصف به الشيخ ومن مظاهره انه انفق‬

‫كل مالديه من ميراث والد فى الطريقوعلى االخوان ولم يحصل فى جعبته أى ادخار منه حتى انه تساءل فى دهشه موجها‬

‫اندهاشه الهل بيته ‪ :‬انتو قلقالين ليه ‪ ،‬الى عشاكم امبارح هايعشيكم النهرده وهو حال " مخصوص بمن هم على شاكله‬

‫الشيخ مسع د ألن هللا أمرنا أن نأخذ باالسباب ‪ ،‬ولكنه مقا التوكل المطلق الذى اتصف به الشيخ ومادا التجريد عن االسباب‬

‫صفته ‪ ،‬فبالتجريد عن االسباب يكون رزقه وهو ماكان يجده من المال تحت وساده ابنته فينفق منه أهله وأوالده فى الطريق‬

‫‪ ،‬وقد يرد الينا تساؤال ‪ ،‬لماذا ال يكون المال تحت وسادته هو وهذا الشيخ االما ‪ ،‬ال وساد ابنته ‪ ،‬فنجيب عليه بصفه اخرى‬

‫من صفات الشيخ وهى الخفاء والستر فلن تظهر الكرامه عليه ولكنها ظهرت على ابنته ‪.‬‬

‫وامال نظره فى الشاب المريض بأن دواءه ان يأكل قطعه من لحم كلب فال يفسر إال بالكشف الذى اتصف به وقد تواترت‬

‫الروايات على صدقه فيه ‪ ،‬فرأى أن دواءه ال يبراء إال بمثل هذا الدواء ‪ ،‬بدليل شفاء الشاب من مرضه كما ذكرت الروايه ‪،‬‬

‫والشيخ و الشاب المريض فى هذا الوقت ‪ ،‬هم من اصحاب االضطرار الذى يمثله سن الشرع للمضطر أن يأكل من الميته‬

‫والد ولحم الخنزير وقت االشراف على الهالك وال يوجد لغير ماوجدوه ‪ ،‬كالطبيب الذى سن له الشرع ان يبتر احد اعضاء‬

‫المريض المصابه بالغرغرينا ‪ ،‬بالرغم من كون البتر هو نوع من االفساد للبنيه التى خلقها هللا لالنسان ‪ ،‬ولكن كان صالح‬

‫باقى بدنه بافساد هذا الجزء المصاب منه ‪ ،‬واالمر فى هذا الجانب ال يتعدى كونه طبيبا واالخر مريضا ‪ ،‬واما السبب فى‬

‫العله فهى المنوطه بكرامه الشيخ الذى عرف كشفا بالداء والدواء ‪.‬‬
‫واما ابنته جاريه التى سارعت بإحضار الكلب وذبحه وطهيه فكان الدافع لها امرين ‪ :‬االول ايمانها بالشيخ ايمانا ال يقاومه‬

‫مقاو ‪ ،‬فهو ايمان مطلق يتبعه طاعه مطلقه ‪ ،‬وان كان طاعتها لم تكن ألمر الشيخ لها بذلك ولكن بسبب طواعيتها الشخصيه‬

‫بطلب الشيخ دون امرها به ولهذا قال لها ‪ :‬لقد فزت بها ياجاريه ‪ ...‬اى فزت بالطاعه المؤديه الى الفالح ‪.‬‬

‫واالمرالثانى هو رغبتها فى عالج الشاب ‪ ،‬ال لسبب إال محبة االصالح لما هو فاسد فإن هللا ال يحب المفسدين ‪.‬‬

‫وفى الصباح الذى توفيت فيه السيده جاريه وكان ذلك فى مولد سيدى السلطان الحنفى بجوار السيده زينب ‪ ،‬نظرت الى‬

‫االخوان وقالت لهم ‪ :‬إتغدوا ‪....‬عشان مش هتتعشوا ‪ ،‬اشاره منها الى رحيلها فى هذا اليو ‪ ،‬فبعد ان تناول االخوان غدائهم‬

‫‪ ،‬استلقت على فراشها ‪ ،‬ثم طلبت ان يأتو لها بالشيخ وقالت له ‪ :‬يا ابى ‪...‬شد حيلك فيه ‪ ،‬فقال لها اشد حيلى فى مين يا‬

‫جاريه ؟ ‪..‬قالتلو فى يا بابا ‪ ،‬هناك شعر الشيخ ان ظهره قد انقسم ‪ ،‬اذ كانت من اشد المعاونين له فى خدمه االخوان ‪ ،‬ولم‬

‫يمض بضع دقائق حتى وافتها المنيه فى داخل الخدم ه ‪ ،‬وكانت حامال وقت وفاتها ‪ ،‬فأتى بها فى عربه اقلتها الى البيت‬

‫فى االخصاص ‪،‬فلما ان ارادت زوجته حين رأتها ان تصرخ نهرها الشيخ ولكنها لم تتحمل فصعدت الى أعلى البيت (السطوح)‬

‫واخذت تصرخ فال يزال ينهرها وال تزال تصرخ ‪ ،‬فقالت له ‪ :‬حتى ابنتك تمنعنى من الصراخ عليها !!!‪.‬‬

‫علينا الشيخ صالح وايدته فى ذلك الست ا‬ ‫وكانت لها جنازه " مشهوره تصاحبها البيارق واالعال الى مرقدها وقد ق‬

‫محسب ان عمتنا جاريه كانت قد طلبت بروحها من سيدنا الحسين ومن السيده زينب ان يكون لها ضيح ومقا ‪ ،‬وهذا الكال‬

‫قد ورد من الشيخ مسعد فى حياته فعقب الشيخ مسعد على هذا الكال قائال ‪ :‬فقلت لسيدنا الحسين نحن نحب الخفاء ‪ ،‬وقالت‬

‫السيده زينب لعمتنا جاريه ‪ :‬ابوكى مش موافق على هذا الطلب وال يطلب مقامات او اضرحه ‪ ...‬ولكن ‪ ...‬يرضيكى ان‬

‫تكونى معى فى مقامى هذا – والكال للسيد زينب رضى هللا عنها – وتم لها هذا فكان الشيخ صالح طه ‪ ،‬وكانت الست ا‬

‫محسب ال تذهب لزياره السيده زينب إال وتجد عمتها جارية فيه بعد قراءه الفاتحه لها ‪ ،‬وصار ذلك من عاد االخوان كلما‬

‫ذهبو لزياره السيد زينب يقرؤن الفاتحه لعمتهم جارية والنظره العامه التى ينظر بها االخوان الى عمتنا جارية هى انهم‬

‫ينظرون اليها على انها درويشه اكثر من نظرهم اليها على انها من بنات الشيخ فكانت تتعامل معهم من هذا المنطلق‬

‫ويعاملونها من هذا المنطلق ‪ ،‬فكانت تصاحبهم فى جميع مناسبات الشيخ فى الموالد والليالى ‪ ،‬وكانت تقف مع الشيخ فى‬

‫جميع مطالبه وكانت مح مناجا االخون وحلقه الوصل بينهم و بينه وهى ايضا منظور اليها من جانب الشيخ على انها‬

‫درويشة اقرب من كونها ابنته فهى مساعده االيمن وهى موطن عنايته ورعايته ‪،‬ال من وجه كونها ابنتة ‪ ،‬ولكن من وجه‬
‫كونها كأخوا نها فى الطريق ‪ ،‬ولها معه اسرار من هذا الجانب ذكرنا بعضا منها ‪ ،‬وال تجد احدا من االخوان قد رآها او‬

‫عاصرها او تحدث اليها وله معها ذكرى عزيز من هذا الوجه ‪ ،‬وهى ايضا ‪-‬من بنات الشيخ – التى كانت لها كرامه ظاهره‬

‫فى حياتها وبعد انتقالها ‪ ،‬فكانت بذلك جامعه للشرفين ‪ ،‬الشرف االول كونها من بنات الشيخ عصبا ‪ ،‬والشرف الثانى كونها‬

‫من دراويش الشيخ كما ذكرنا ‪.‬‬

‫كان لعمتنا توحه ابنه الشيخ صلبا نصيبا من سيره الشيخ فى اول زواجها وفيمن تزوجت به وفى سيرته معه حال حياته‬

‫وفى سردها ألحواله بعد انتقاله ‪ ،‬فأما زواجها فكان بأحد المقرب ين لدى الشيخ من ابنائه فى العهد وهو الشيخ سيد سالمة ‪،‬‬

‫فإن العز كان قد عقد على زواجها من ابن عمها ولكن حدث المر ماتدع من الخالف اصر عم الحاج مسعد على أال‬

‫يزوجها له ‪ ،‬وقال له من شرط غضبه ‪ :‬ازوجها من واحد بتاع فجل وجرجير وال ازوجها له ‪....‬وكان الشيخ محمد ابوسالمه‬

‫الفرصة وقال للشيخ ‪ ....‬ياعمى ‪ :‬انا انا سأتى بمشنه انا واخى سيد‬ ‫حاض ار هذا اللقاء ‪ ...‬فالتق الخي على الفور واقتن‬

‫‪ ،‬يقصد (مشنه) فيها فجل وجرجير ‪ ،‬وكان ذلك تعريضا برغبته فى زواح اخيه سيد من ابنه الشيخ توحه ‪ .....‬وعلم الشيخ‬

‫مقصوده ‪ ،‬فقال ‪ :‬انتظر يا محمد ‪ ....‬وبعد خمسة عشر يوما وافق الشيخ وقرأت الفاتحه ‪ ....‬ثم توجه الشيخ الى عم سيد‬

‫وقال له ‪ :‬انت مسمار جحا ‪ ....‬وربما كان معنى هذا ان هذا الزواج هو الذى سيجعلك موصوال بالشيخ على سبيل النسب‬

‫‪ ،‬فبهذا اجتمع للشيخ سيد القرب للشيخ على سبيل العهد و على سبيل النسب‪.‬‬

‫الشيخ زوج ابنته الى جانبه فى المولد‬ ‫وتم كتب الكتاب بعد ذلك ‪ ،‬وفى اول مولد للسيد البدوى بعد كتب الكتاب ‪ ،‬اجل‬

‫وقال له ‪ ....‬لم ال تذهب انت وزوجتك لتزوروا شيخ العرب ‪.... ،‬يريد بهذا االقتراح ان تزول الكلفه بينه وبين زوجته وان‬

‫يؤد هللا بينهما ‪ ....‬وكان يقف الى جوارهم سعد افندى حجازى زوج ابنه الشيخ الكبرى زوزو ‪ ...‬وكان هذا االخر من اشد‬

‫المقربين الى الشيخ ومن اشد الناس حبا فى الشيخ وتفانيا فيه ‪ ،‬وقد ذكرنا طرفا من سيرته فى هذا الفصل ‪ ...‬وسمعه سعد‬

‫افندى فقال له ‪ ،‬معرض على الشيخ ان يذهب معهم ‪ ،‬فقال له الشيخ ‪ :‬ال ياسعد بالش انت ‪ ...‬فأص على الذهاب ‪ ،‬فما‬

‫كان من الشيخ إال أن قال له ‪ ...‬خالص روح ‪...‬وكانت هذه الليله هى الليله الكبيره للمولد ‪ ....‬فذهبو جميعا ‪ ...‬وعند‬

‫الدخول للمسجد ‪ ،‬وكان القائمين على المسجد يقفون على بابه ‪ ،‬يسمحون لبعض الزوار بالدخول ويمنعون البعض عنه ‪،‬‬

‫حتى ال تحدث كثافه شديده داخل المسجد ودخل الضريح ‪ ،‬فسمحو للشيخ سيد وزوجته ‪ ،‬ومنعو سعد أفندى من الدخول ‪،‬‬

‫وكأنهم قد سمعو كال عم الحج مسعد فأطاعوه ‪ ،‬فأصرو واصر ‪...‬حتى جاء إما المسجد فأدخله على غير رغبه حجاب‬

‫الباب ‪....‬‬
‫وحدث اثناء الزياره ان وجدت عمتنا توحه كيسا بجانب المقا ‪ ،‬فقالت لزوجها ‪ :‬ماذا افعل به ‪ ،‬فقال لها ‪ :‬دعيه معك ‪،‬‬

‫واعرض االمر على الشيخ ‪ ،‬وعندما عادوا ‪ ،‬قال الشيخ لسعد افندى ‪ ،‬وقد بدا عليه اثر المنع من الزياره فى اول االمر‬

‫التى وجدته بجوار‬ ‫واضطرابه لذلك ‪ ...‬الم اقل لك يا سعد ال تذهب ‪ ....‬ثم توجهت توحه الى ابيها ‪ ،‬وأخبرته بخبر الكي‬

‫المقا ‪ ،‬فقال لها ‪ :‬ارجعيه مكانه ‪ ....‬ال يفعلها الكبار ويقع فيها الصغار وال يخفى على القارى ان يستقى منها فضيله طاعة‬

‫الشيخ دون دوره او مجادلته فى أمره وبدا ذلك فى أمره لسعد افندى بعد الذهاب ‪ ،‬ثم قوله البنته‪ :‬يعملوها الكبار ويقعوا فيها‬

‫قد وجد فى مقا شيخ العرب ‪ ،‬وال يعرف على التحديد الحكمه فى وجوده ‪ ،‬فربما يكون إختياره لمن‬ ‫الصغار ‪ ،‬فهذا الكي‬

‫صادفه ‪ ،‬فينظر ماذا يفعل به ‪ ،‬فيكون وجوده فى هذا المكان من افعال الكبيره ويكون تصرف من يجده من رد فعل الصغير‬

‫‪ ،‬لما أوجده الكبيره فى طريقه ‪ ،‬ثم أنظر كيف ا ارد الشيخ االب ان يؤد بين ابنته وزوجها وأن يأتلفا فى طريق حياتهما ‪،‬‬

‫فيكون ايزانا بتلك الموده والرحمه التى يجعلها هللا فى قلوبهم ‪.‬‬

‫وبعد انتقال الشيخ لم يغب عنه حال أهل بيته وال طمأنه ذويه فى المواقف الصعبه التى قد تصادفهم فهذا هو الشيخ ناصر‬

‫فى صغره وكان قد أصابه شئ فى قلبه استدعى إجراء جراحه مفتوحه فى القلب وكان هذا النوع من الجراحات فى هذا الوقت‬

‫من االشياء التى يخشى كثي ار منها ‪ ،‬اذ كان هذا النوع منه ال يزال فى ابتداء أمره وكان الشيخ واالخوان جميعهم فى حاله‬

‫من حاالت االستنفار العا فى هذا الوقت ‪ ،‬فحدث ان رأى اربع من االخوان رؤا مختلفه للشيخ جاءهم فيها وطلب منهم أن‬

‫يذهبو الى أ ناصر ويطمئنوها على ولدها ويخبروها ان ناصر سوف يمر بسال من هذه الجراحه وسوف يشفى بأذن هللا‬

‫من مرضه ‪ ،‬فال يصيبها القلق ناحيته ‪.‬‬

‫وتكرر هذا االمر فى الجراحه التى اجرتها ح نان ابنه الشيخ باهى والتى اجرتها بعد انتقال الشيخ باهى ‪ ،‬فقد رأته ا ناصر‬

‫عمى الحج مسعد فى رؤيا رأتها يقول لها فيها ‪ :‬يا أ ناصر ‪ ...‬حنان هاتعمل العمليه وتقو منها بخير ان شاء هللا ‪.‬‬

‫وفى ليله الجراحه ‪ ،‬وحنان مستلقيه على سريرها فى المستشفى وكانت والدتها بجوارها واقفه لها ‪ ...‬وكان اما السرير عمود‬

‫قائم فى غرفتها ‪ ...‬فإذا بحنان ترى الشيخ باهى قائما امامها متكئا على العمود واضعا يديه خلف ظهره ضاحكا لها ‪...‬‬

‫ولكنه لم يتكلم معها ‪ ....‬فطمأنتها امها وقالت ‪ :‬طب إطمنى بقى ‪ ...‬ياحنان ‪ ...‬ونامى ‪.‬‬

‫وكما طمأن الحج مسعد ا ناصر على سالمه ناصر وحنان كذلك كان الشيخ باهى يأتى الى ا ناصر ويطمأنها على حنان‬

‫‪ ،‬وأتى الى كثير من االخوان فى الرؤيه ويطلب منهم ان يطمئنوا ا ناصر على حنان ‪.‬‬
‫وفى نوع اخر من الرؤى ‪ ،‬تحكى ا ناصر عن رؤيا الشيخ باهى بخصوص الشيخ ناصر ‪ ،‬وكان ذلك بعد انتقاله الى جوار‬

‫ربه ‪ ،‬تقول فيها ‪ :‬بعد انتقال الشيخ باهى رأيت ناصر وكأنه يعمل فى الجبل فى قطع وتهذيب احجاره ‪ ،‬فلما رأيت منه ذلك‬

‫سعيت اليه مندهشه ‪:‬انت ياناصر بتشتغل فى الجبل ‪ ....‬ليه ‪ ،‬فرد عليها ناصر ‪ :‬ماتخافيش ياماما ‪...‬انا قد الشغل ‪...‬‬

‫قلت له ‪ :‬ال ‪ ...‬ماتشتغلش انت فى الجبل ابدا وال الطوب وال الرمل وال الكال ده ‪ ...‬ثم نظرت فرأيت الشيخ باهى قادما‬

‫نحوى وقال لى ‪ :‬ماتخفيش يا عفاف عليه ‪ ...‬وانت ياناصر ‪...‬خلى بالك من أمك ‪....‬يا ناصر خلى بالك من امك ‪ ...‬يا‬

‫ناصر خلى بالك من امك ‪ ،‬رصيدك أمك ‪..‬‬

‫وعن هذه الرؤيهنظن ان المقصود بالجبل فى هذه الرؤيا هو وراثه االمر من بعده فى رعايه ابنائه فى الطريق فإن عمل‬

‫الشيخ انما هو تهذيب النفوس و ترويضها ونقلها من الصفات السيئة التى تفوق سبيل السالك الى ربه الى الصفات الحسنه‬

‫التى تقوده أليه ‪ ،‬والترويض والمجاهد وترويض ال مريد واعانته فى المجاهد مثلها كمثل العامل فى الجبال ‪،‬الذى يهذب‬

‫االحجار ويقطعها بأالته ويزيل الغاشئ منها ويجعله فى صوره مستقيمة ‪ ،‬تصلح للبناء وبما خلقها هللا من اجله ‪ ،‬وهو عمل‬

‫شاق ال يستهان به ‪ ،‬ولهذا طمأنها الشيخ باهى على كفائه الشيخ ناصر فى اداء المهمه التى ورثها منه ‪ ،‬اذا كانت تخاف‬

‫عليه من مسئوليه خالفته لوالده وهذه الرؤيه ‪ ،‬مثلما كانت ضمانة أل ناصر على توفيق هللا له فى اداء المهمة التى اوكلت‬

‫اليه فهى طمأنه "لالخوان الذين صارو تحت إمرته وتحت واليته وتحت إرشاده ‪،‬انهم مازالو على ذات الطريق الذى تركهم‬

‫عليه والده ‪.‬‬

‫والشئ الذى ندركه فيما شاهدناه فى طريق اهل هللا أن الشيخ الكبير ال يترك ابناءه فى الطريق بعد انتقاله فال يزال ناظ ار‬

‫اليهم ممدا لهم ‪ ،‬إذا كان هذا حاله مع ابناء الطريق ‪ ،‬فكيف يكون حاله مع ابنائه من صلبه ‪ ،‬هذه الكلمات قالها الشيخ‬

‫صديق فى معرض حديثه عن الشيخ باهى بعد انتقال والده ‪ ،‬ونقولها نحن فى معرض حديثنا عن الشيخ ناصر بعد انتقال‬

‫والده ‪ ،‬ثم ذكر الشيخ صديق روايه يؤكد بها رعايه الشيخ ألوالده فى الطريق ننقل عنه قوله ‪ :‬بعد وفا زوجتى ‪ ...‬أرسل الى‬

‫اخى فى البلد‪ ...‬يعرض على احداهن للزواج منها ‪ ....‬وهى من اقاربنا ‪ ...‬فسافرت اليه ‪ ...‬وهناك سمعت أن ابن عمتها‬

‫ال يريد لهذه الذيجه أن تتم ‪...‬وهو رجل عنيف شديد المراس‪ ...‬وكان قد توعد لمن يقترب منها أن يضربه بالنار ‪ ...‬فسكت‬

‫‪ ...‬فلما ذهبت الى اخى ‪ ،‬اخبرنى بألمر الذى كنت قد سمعته ‪..‬فقلت له ‪ :‬بالش منها ‪ ...‬مادا فيها ضرب نار ‪ ...‬بالش‬

‫منها ‪ ...‬واخلدت الى النو ‪ ...‬فرأيت فى نومى ‪ ،‬عمى الحاج مسعد قادما الى على حصان ابيض ‪ ...‬قائال لى ‪ :‬لم لم‬
‫تذهب لتنظر الى عروسك ‪...‬فقلت له ‪ :‬يا عمى ‪...‬قالو ان ابن عمها شقى وبيقول ‪ ،‬هاضرب بالنار من يقترب منها ‪ ،‬فقال‬

‫له ‪:‬ال مش هايضرب بالنار ‪ ....‬دا انا هاخليه يجيلك لحد عندك ‪.‬‬

‫فى اليو التالى وفى الساعه السابعه صباحا ‪ ،‬سمعت طرقا على الباب ‪ ،‬فلما فتحت وجدت رجال على الباب وعرفت انه‬

‫امر سيحدث‬
‫ابن عمها الذى كان الكال عنه ‪ ...‬فلما رأى الجيران قدومه على ظنوا انه قادما للشجار والمعاركه ‪ ...‬وظنو ان ا‬

‫وتج هزو بالسالح ‪ ،‬فلما صعد الى اعلى ‪،‬قال لى ‪ :‬يا صديق ‪ ...‬الف مبروك عليك‪ ،‬وهللا ‪ ...‬وهللا ‪ ....‬واحد غيرك كنت‬

‫هضربه بالنار ‪ ...‬هى مبروك عليك ‪...‬وانت تستاهلها ‪ ...‬وبعد ذهاب الرجل ‪ ..‬كتبنا الكتاب‪ ...‬وفى اخر اليو اخذتها‬

‫ورجعت الى القاهره‪ ...‬وتصادف أن كانت هذه الليله مولد سيدنا الحسين ‪ ...‬فذهبت الى الخدمه فى المولد المقا فوق سطوح‬

‫العماره المقابلة للباب االخضر فلما رأنى الشيخ قال لى ‪ :‬تعالى يا صديق ‪ ...‬عملت ايه مع عروستك ؟ فقلت له ‪ :‬هوه إحنا‬

‫لينا بركه غيرك ‪ ...‬انت ابويا وأخويا ‪ ...‬ثم توجه الى عروسته وقال لها ‪ :‬تعالى يافتحيه ‪ ..‬فتوجهت الى الشيخ صديق‬

‫وقالت له ‪ ...‬وا عرفت اسمى ؟ فطلب كوب من الشاى ‪ ،‬شرب منه رشفة ‪ ،‬ثم ناولها لفتحيه وقال لها اشربى الباقى ‪ ،‬ثم‬

‫قال لها ‪ :‬صديق ده أمانه ‪ ...‬خلى بالك منه ‪.‬‬

‫ولقد ذكر الشيخ صديق هذه الحكايه تصديقا لرعايه الشيخ وعنايته ونظر البنائه فى الطريق ‪ ،‬ثم قال قولته التى ذكرناها فى‬

‫اول هذه الرواية ‪ ...‬إذا كانت هذه رعايتهم البنائهم فى الطريق ‪ ،‬فكيف يكون رعايتهم البنائهم الذين من اصالبهم ‪.‬‬

‫ولقد ذكرنا هذه الروايه فى هذا الجزء من الكتاب الذى يتناول اهل بيت الشيخ ‪ ،‬وان كان من االولى ان نضفها فى الجزء‬

‫الذى يتناول عالقه الشيخ مع ابنائه من أهل الطريق ‪ ،‬ما فعلنا ذلك إال لنؤكد المعنى الذى رمى اليه الشيخ صديق وهو‬

‫وقوف الشيخ باهى مع الشيخ ناصر ‪ ،‬ومساندته له فى ورثه ما ورثه منه ونظره له ومدده له ن وما ذكرناها إال ليطمأن أهل‬

‫الطريق على أن الجوهر واحد وإن اختلفت االودية على هذا الجوهر الواحد فرعيه الشيخ مسعد هى ذاتها رعايه الشيخ باهى‬

‫هى ذاتها رعايه الشيخ ناصر ‪.‬‬

‫ولقد أثرنا وضعها فى الجزء الذى ذكرناه أن تجمع من سير الحاج مسعد وسير الشيخ باهى وسير الشيخ ناصر فى هذا‬

‫الشان‪ ،‬لوحد المقصد ‪ ،‬و وحد السلوك ‪ ،‬فنحن وإن تكلمنا عن احدهم فقد تكلمنا عنهم جميعا ‪.‬‬

‫ومن تلك الكرامات التى روتها عنه أمنا أ ناصر تلك الرواية عنه ‪ ،‬والتى كان زمانها أول زواجها من عمى الشيخ باهى‬

‫فقالت عنها ‪ :‬حدث فى هذا الوقت اننى كنت اجد يوميا بعضا من المال فى طريقى ‪ ،‬ايا كان هذا الطريق ن وال يفوتنى يوما‬
‫دون أن أجد المال ‪ ،‬مر اجد قرشين ومر اجد ثالثه ومر اجد خمسة قروش ‪ ،‬وظللت على هذا األمر مد قاربت العامين ‪،‬‬

‫دون ان اخبر احدا بذلك ‪ ،‬وذات يو من هذه األيا وجدت عشر جنيهات ‪ ...‬وهو مبلغ " كبير فى هذا الوقت ‪ ...‬وحدث‬

‫ان طلب منى الشيخ باهى شيئا من المال فأخرجت حافظتى ألعطيه ماطلبه ‪ ،‬فلمح فى حافظتى تلك العشر جنيهات التى‬

‫كنت قد وجتها فى طريقى ‪ ....‬وال أزال احتفظ بهذه العشر جنيهات الى اآلن ‪ ....‬فسألها الشيخ باهى عن مصدرها ‪ ،‬وال‬

‫زاال يتبادالن ‪...‬حتى أخبرته باآلمر وبالمكان الذى وجدته فيه ‪....‬وفى اليو التالى إلفصاحها عن هذا االمر لم تجد ما‬

‫تعودت ان يصادفها ‪ ،‬ومر اليو الثانى والثالث والرابع على هذا المنوال دون أن تجد شيئا ‪ ....‬فاخبرت عمى الحج مسعد‬

‫بهذا األمر فقال لها ‪ :‬ما الذى جعلك تفصحى عن هذا االمر ؟ فقالت له ‪ :‬لقد اضطرت الى ذلك ‪ ،‬وحكت له ما كان منها‬

‫ومن الشيخ باهى فى هذا الشأن ‪ ....‬فقال لها ‪ :‬لقد توقف عنك هذا االمر ‪ ...‬ولكن هللا سيرزقك ان شاء هللا ‪.‬‬

‫ومضت االيا مع الشيخ ‪ ،‬وفى ليله من احدى ليالى هذه االيا رأيت رؤيا مفادها ‪ :‬اننى رأيت عمودا من نور قائما فى‬

‫غرفتى بين االرض والسماء مخترقا سقف الغرفه ‪ ،‬له ضوء يكاد سناه يذهب باالبصار مالئا غرفتى بنور ال اتمكن من وصفه‬

‫‪ ...‬فهالنى مارأيت وارتعبت من وقعه على ‪ ....‬ثم وجدت رجال ينظر الى ويقول ‪ :‬ال تخافى ‪ ...‬ال تخافى ‪ ...‬ثم نظرت‬

‫الى هذا الرجل فوجدته مزبوحا من رقبتة ‪ ...‬فلما استيقظت فى الصباح ‪ ،‬ذهبت الى خالى الحاج مسعد ( إذ كان شقيق‬

‫والدتها ) وجلست الى جواره فنظر الى وقال ‪ :‬احكى بقة ‪ ...‬شفتى ايه ‪....‬؟ فقصصت عليه رؤياى ‪ ....‬فقال لها فرحا‬

‫مستبشرا‪ :‬اوعى تقولى لحد !!! ‪ ،‬وكانت هذه أول مر منذ لقائها مع عمى الحاج مسعد تحكى عن هذه الرؤية ويخبر بها ‪...‬‬

‫وكان تأويل هذه الرؤيا أن العمود المنير النازل من السماء هو نور النبى صلى هللا عليه وسلم وان الرجل الذبوح هو موالنا‬

‫سيدنا الحسين ‪.‬‬

‫وفى ليله اخرى من الليالى شاهدت ا ناصر وكأنى فى زياره لسيدنا الحسين ‪ ،‬فقيل لى أن الباب مغلق ‪ ،‬ووقفت على مقربه‬

‫منه ‪ ،‬فوجدت قنايه ماء ممتده بجور سيدنا الحسين ‪ ،‬ثم رأيت بابا صغي ار قد فتح وأحدهم واقف على هذا الباب مناديا على‬

‫‪،‬فقلت له ‪ :‬اتنادى على !!! قال نعم فقلت له ‪ :‬ليه ؟ فقال ‪:‬مش انتى جايه تزورى سيدنا الحسين ؟ فقلت له ‪ :‬ما أهو أنا‬

‫رحت على الباب وقالولى ‪ ...‬مقفول ‪ ....‬فقالى ‪ :‬طيب تعالى ‪ ...‬انا فتحت ليكى الباب ده عشان تدخلى ‪ ...‬فقلت له ‪ ،‬ال‬

‫استطيع أن اعبر قناه الماء الفاصله بينى وبينك ‪ ،‬فأخذ الرجل بيدى ‪ ،‬وشدنى من طرف القناه الى الطرف االخر ‪ ،‬وأدخلنى‬

‫من الباب ‪ ،‬وكان الباب قصي ار ‪ ،‬وتعجبت فى نفسى كيف اعبر منه برغم قصر ‪ ،‬فعبرت منه الى الداخل ‪ ،‬فلما دخلت رأيت‬
‫جميع دراويش الشيخ مجتمعين داخل المكان الذى دخلت فيه ‪ ،‬فتعجبت من ذلك وقلت لهم ‪ :‬انتم قاعدين هنا‪ ،‬وأنا جيت‬

‫ادخل لقيت الباب مقفول فقالوا لى ‪ :‬طب ياست ‪ ،‬ماهم بعتولك سيدى ابراهيم ‪ ،‬هو الى فتح لك أهو ‪ ...‬فلما قصصت على‬

‫ع مى الحاج مسعد ما رأيته قال لى ‪ :‬اتعرفين من فتح لك هذا الباب ‪ ...‬انه سيدك ابراهيم الدسوقى !!!‪.‬‬

‫ثم قال لها ‪ :‬طب الحمد هلل ‪.‬‬

‫وفى ليلة اخرى من الليالى رأيت فى نومى أن البيت الذى يقيم فيه الشيخ قد تحول الى ساحه كبيره متسعه ‪ ،‬وفى أخر هذه‬

‫الساحه ثالثه أف ارن ‪ ،‬يقف على كل فرن منه سيد تقو على صناعه الخبز من الفرن أمامها ‪ ...‬وأنا أذهب اليهم واستلم‬

‫منهم الخبز واضعه على رأسى ‪ ،‬ثم اذهب به الى الدراويش الجالسين فى هذه الساحة فأعطى لكل واحد منهم رغيفا من هذا‬

‫الخبز ‪ ،‬وهكذا ‪ ،‬ثم وجدت فى جانب من هذه الساحه باب ‪ ،‬وجدت عليه احدهم ينادى على ‪ ،‬وكان هذا الرجل متوس‬

‫الطول مرتديا جلبابا ابيض وطاقية بيضاء وفى يده سبحة ‪ ...‬فقلت له ‪ :‬لم تنادى على ؟ فقال لى ‪ :‬يالال عشان هانطلع‬

‫من قرايبى وال عائلتى‬ ‫على ابو عبده (اى اننا ذاهبون لدفنه ) وهو رجل من الشرفا‪ ،‬فقلت له ‪ :‬مالى ومال أبو عبده ‪ ،‬انه لي‬

‫‪ ،‬فقال لى ‪ :‬أنا مليش دعو ‪ ...‬انا عبد المأمور وخالص ‪ ...‬فقلت له ‪ :‬أديك شايف إحنا بنخبز وبنوزع العيش ‪ ....‬والشيخ‬

‫باهى كمان مش هنا ‪ ....‬فظهر لنا الشيخ باهى فقال لها ‪ :‬خلصى ياعفاف ‪ ....‬وروحى معاه ‪ ،‬فقلت له ‪ :‬طب وانت ؟‬

‫‪ ...‬قالى ‪ :‬انا هاجى بردو ‪ ،‬فانتظرها الرجل الى ان اتمت الخبز والتوزيع ‪ ،‬وظل واقفا على هذا الباب الى أن انتهى من‬

‫يأخذ االخرين الى مكانه ‪،‬‬ ‫عملها ‪ ،‬فقال لها ‪ :‬هلم بنا ‪ ...‬وكانت هناك عربه لتقلنى الى مكان الدفن ‪ ،‬وكان هناك اتوبي‬

‫فقلت له ‪ :‬إن مكان الدفن فى الجبل وهو قريب وال يستدعى وجود عربات او اتوبيسات ‪ ،‬فقال لى ‪ :‬انه سيدفن فى مكان‬

‫أخر ‪ ،‬فليت كل الرؤوس تدفن هنا ‪...‬بل سيدفنونه فى القدس ‪ ،‬فلما أن اردت الذهاب الى مكان الدفن ‪ ،‬ذهبت الى االتوبي‬

‫‪ ...‬لي‬ ‫يمنعنى من صعوده ‪،‬ويقول لى ‪:‬إن هذا االتوبي‬ ‫مع نفر من النساء ‪ ،‬فوجدت هذا الرجل على باب االتوبي‬

‫مكانك أن مكانك تلك العربيه الواقفه أمامك ‪ ....‬فركبت مع الرجل وسرنا طريقا طويال ‪ ...‬وفى االخر رأينا مسجدا وقفنا‬

‫أمامه وقال لى ‪ :‬هاتصلى ؟ ‪ ...‬فقلت له ‪ :‬انشاء هللا هاصلى ‪ ....‬فدخلت فتوضأت ثم صليت ‪ ...‬ثم قال لى الرجل ‪:‬‬

‫أنا معايا سبحى مديهالى خالى مسعد‬ ‫معاكى سبحة؟ فقلت له ‪ :‬أيوه ‪ ...‬قاللى ‪ :‬فين ‪ ..3‬قلت له ‪ :‬فى جيبى أهو ‪ ...‬ب‬

‫انا شايالها فى البيت ‪ ....‬مابطلعهاش ‪ ...‬قاللى ‪ :‬شايالها فيه ؟ ‪ ...‬قلت له ‪ :‬أنا شيالها ‪ ...‬قال لى حرصى‬ ‫‪...‬ب‬

‫عليها ‪ ،‬قلت له ‪ :‬انا حاطاها فى علبه ‪...‬داخل صندوق خشب ‪ ...‬فقال لى أوعى تفرطى فيها وكرر ذلك ثالث مرات ‪...‬‬

‫وتم دفن الميتفى القدس ‪.‬‬


‫الطريق الذى‬ ‫وبعد هذه الرؤيه بسنوات طوال ‪ ،‬ذهبت للحج – والكال أل منا أ ناصر – وذهبنا لزيار الم ازرات ‪ ،‬فكأنما نف‬

‫الجامع الذى رأيته فى الر}يا هو ذات المسجد وهو‬ ‫طريق الم ازرات التى زرتها فى الحج ‪ ،‬ونف‬ ‫سرت به فى الرؤيا هو نف‬

‫المسجد الذى أقامه النبى صلى هللا عليه وسلم فى أول نزوله المدينه وهو منزل أبى أيوب االنصارى ‪،‬ولما نزلت هذا المسجد‬

‫فى الحج ‪ ....‬قلت فى نفسى ك لقد رأيت هذا المسجد من قبل ‪ ...‬ولكن أين ؟ وفى هذه اللحظه بالذات تذكرت هذه الرؤيا‬

‫‪ ،‬وكنت قد نسيتها طوا ل هذه الفتر من وقت رؤيتى إياها الى أن شاهدت المسجد خالل رحلتى للحج وقد مرت اكثر من‬

‫ثالثين سنه بين رؤيتى لهذه الرؤيه وبين مشاهدتى للمسجد خالل الحج ‪ ،‬تعجبت من هذا الذى حدث ومن تذكرى اياها بعد‬

‫هذه المده الطويله ‪.‬‬

‫وال زالت سبحه الحاج مسعد معى الى األن ال اخرجها من مكانها اال فى فتره الحج والعمر ‪.‬‬

‫النسق الذى نجمع فيه بين سيره الحج مسعد وسيره الشيخ باهى ‪ ،‬فى هذا الجزء الذى يتناول أهل بيت الشيخ‬ ‫وعلى نف‬

‫وأوالده ‪ ،‬تحكى لنا أ ناصر عن موقف لها بعد انتقال الشيخ ‪....‬تقول فى احدى ايا مولد سيدنا الحسين ‪ ،‬والشيخ باهى‬

‫فى حال التأهب للذهاب ‪ ،‬وكانت العاده أن نذهب سويا الى المولد ‪ ،‬وناص اليزل صغي ار إال أنى اشرت ان ابقى فى البيت‬

‫وال أصاحب الشيخ باهى فى ذهابى ‪ ،‬إذ كان بينى وبينه شئ من الخالف ‪ ،‬فلما عرض على الذهاب معه رفضت ‪ ،‬فترك‬

‫لى عشره جنيهات وقال لى ‪ :‬إذا اردت الحضور فأحضرى معك ناصر وتعالى المولد ‪ ،‬وانصرف الشيخ باهى فى سبيله ‪.‬‬

‫وفى اليو التالى لهذه الواقعه ‪ ،‬ونحن جلوس فى البيت ‪ ،‬نتناول طعا االفطار ‪ ،‬إذا بجلبه شديده وصراخ من خارج المنزل‬

‫‪ ...‬ونظرنا ‪ ...‬فإذا برجل نعرفه فى البلد ‪ ،‬وهو رجل مسكين لم يتزوج بعد ‪ ،‬يقتات على مايبيعه من الخضار الذى يطوف‬

‫به فى البلد ‪ ،‬وإذا برجل أخر غريب عن البلد ‪ ،‬وقد أمسك هذا الرجل المسكين ضاربا إيا بالبلغه وما حوله من الناس ال‬

‫يمنعونه من ضربه ‪ ،‬واكتفوا بمشاهده الواقعه ‪ ،‬وكأنما ابن بلدتهم غريب هو االخر عنهم ‪ ،‬فأخذتنى الغيره على هذا الرجل‬

‫المسكين ‪ ،‬المفترض ان يكون فى حمانا ‪ ،‬فلما شاهدت ذلك نزلت مسرعه الى خارج المنزل ‪ ،‬وجذبت الرجل الغريب من‬

‫جلبابه وقلت له ‪ :‬أنت رجل غريب وجاى بلدنا تضرب راجل من البلد ‪ ...‬فنظر الى الرجل وقال لى طيب ‪..‬أما أنتى كده‬

‫بتدافعى عنه ‪....‬طب ادفعى الى عليه ‪ ....‬فقلت له عليه ايه ؟ ‪...‬فقال عشره جنيهات فأخرجت تلك العشره جنيهات التى‬

‫كان الشيخ باهى قد تركها لى الجل الذهاب الى المولد ‪ ،‬ثم قلت له اياك أن أرى وجهك كر أخرى فى البلد ‪..‬ووقف الرجل‬

‫مندهشا من تصرفها ‪ ..‬وسأل من كانت تقف الى جواره ‪.. ..‬من هذه السيد فقيل له ‪ :‬انها زوجه الشيخ باهى ‪ ...‬فقال لها‬
‫‪ :‬هذه السيد قد عظمت فى نظرى وإن كانت قد سبتنى واستهزأت بى ‪.‬وبعد هذه الواقعه ‪ ...‬نظرت فى نفسى ‪ ...‬لقد ضاعت‬

‫العشره جنيهات التى كنت سأذهب بها الى المولد ‪ ...‬فسلمت امرى الى هللا ‪ ...‬وإن كان فى نيتى أن أذهب الى المولد ‪...‬‬

‫ولكن قدر هللا وماشاء فعله ‪ ،‬ولكن حدث مالم يكن فى الحسبان‪ :‬كان لنا اخ فى الطريق اسمه مصطفى عبدهللا معه عربيه‬

‫مالكى وكانت لنا اخت فى الطريق اسمها ا ابراهيم الجذوبه وكان مصطفى عبدهللا يطيعها فى كل ما تأمر به ‪ ،‬فإذا قالت‬

‫له ‪ :‬يالال ياواد يا مصطفى ودينى شيخ العرب ‪ ...‬فيسارع الى طاعتها ويذهب بها حيث أمرته مهما كانت ظروفه ‪ ...‬فال‬

‫بد له من طاعتها واالئتمار بها ‪ ،‬وحدث فى أثناء حضورها هذا المولد الذى ذهب الشيخ باهى اليه بمفرده دون مصاحبه أ‬

‫ناصر ‪ ...‬أن قالت لمصطفى عبدهللا ‪ :‬ياواد يا مصطفى‪ ...‬عمى الحاج مسعد جانى ‪ ..‬وقالى ‪ :‬روحوا هاتوا عفاف البيت‬

‫‪ ...‬قالها ‪ :‬طب مقلناش لعمى الشيخ باهى ‪ ...‬فقالت له ‪ :‬ال ‪ ...‬ما احنا مش هنقوله ‪ ...‬عمى الحاج مسعد إللى أمرنا‬

‫بكد ‪ ...‬وقالى‪ :‬ها تفطركوا بقرص ولبن ‪ ...‬وهاتوها من البيت وتعالوا ‪ ،‬ثم تواصل أ ناصر حديثها ‪ :‬وفى صباح اليو‬

‫التالى ‪ ،‬بعد الفجر مباشره ‪ ،‬سمعت طرق الباب ‪ ،‬فقلت ‪ ...‬مين ؟فقال الطارق ‪ :‬افتحى الباب يام ار عمى ‪ ...‬انا مصطفى‬

‫دقايق أجيب لكم فطار ‪ ....‬عشان تغيرو ريقكم ‪ ...‬وكان عندنا قرص‬ ‫عبدهللا ‪ ...‬نزلت فتحتلهم ودخلوا فى المندر ‪...‬خم‬

‫‪ ...‬وسخنت لبن ونزلت لهم القرص بالبن ‪ ...‬فلما رأت ا ابراهيم ذلك ‪ ...‬نظرت الى مصطفى ‪ ،‬مشيره الى الللبن والقرص‬

‫‪ ...‬وقالتلوا ‪ :‬واد يا مصطفى ‪ ...‬مش قلتلك ‪ ...‬قلها ‪ :‬ماشى يا أ ابراهيم‪.‬‬

‫ثم توجه مصطفى عبدهللا الى وقالى ‪ ...‬يالال بقى عشان تروح سيدنا الحسين ‪...‬قلتلوا ‪...‬ال ‪ ...‬عشان وحده من اخواتى‬

‫عيانه قال لها ‪ :‬ده عمى الشيخ باهى اللى باعتنا وقلنا ‪ :‬ماتسيبوهاش إال لما تيجى معاكم ‪ ...‬وكان ذلك فى الليله الكبيره‬

‫‪ ...‬قلتلوهم ‪ :‬انهارده هاروح أشوف اختى ‪ ...‬واطلع من المستشفى على الليله الكبير ‪ ،‬التى كان الشيخ باهى يقيمها على‬

‫سطح العمار المقابلة للباب األخضر عند سيدنا الحسين ‪،‬فقال لى ‪ :‬وهللا العظيم ما هننتقل إال إذا جيت معانا ‪ ...‬وبعد‬

‫‪ ،‬حتى ال ينكشف أمر الخالف بينى وبين الشيخ باهى ‪ ...‬لماذهبت المولد‬ ‫الحاح شديد ‪ ،‬وافقت ‪ ،‬وصعدت الرتداء مالب‬

‫دخلت شقه عمتى زوزو ابنه الشيخ الكبير ‪ .....‬إذكانت قاطنه فى ذات العمار‪ ،‬التى يقيمون فيها المولد ‪ ...‬وكان الشيخ‬

‫باهى نائما فى الشقه ‪،‬فلما استيقظ وجدنى أمامه ‪ ...‬وكان الشيخ من قبل قد اتفق مع الحاجه صباح – وهى احدى أخواتنا‬

‫الك ار – أن تذهب هى والحاج نعيم – وهو ايضا من إخواننا االعزاء على القلوب – ويذهبوا إلحضارى من البلد ‪...‬فلما رآها‬

‫الشيخ باهى ‪ ...‬قال لها ‪...‬إيه ده ‪ ...‬انت جيت مع مين ‪ ...‬قلتلو أنا جيت مع مصطفى عبدهللا ‪...‬فوجه كالمه الى‬

‫عليه قصه ذهابكم الى االخصاص واحضارهم لى ‪.‬‬ ‫مصطفى ‪ ،‬وقال له ‪ :‬انت جيت امتى يامصطفى ؟ ‪...‬فق‬
‫ثم صعدت على سطح العمار مكان الخدمه وما ان جلست بين األخوان وكان منهم غريب واحمد ابوراشد وسيد عبد العزيز‬

‫‪ ،‬وابو العال وكانت جلستهم فى مقابله السلم الصاعد الى السطح ‪ ،‬وما إن جلست بينهم حتى وجدت رجال يصعد على‬

‫درجات السلم وقد أعياه الصعود ‪ ،‬ماسكا بيده اليمنى عصا يتكا عليه وماسك بيده اليسرى (تربزين) السلم ‪ ...‬فقلت لغريب‬

‫هات الرجل الغريب الى طالع على السلم ده ‪ ....‬فلما ساعده على الصعود أراد أن يذهب به الى داخل الخدمه مكان جلوس‬

‫الشيخ باهى بين االخوان ‪ ...‬فقال له الرجل ‪ ...‬مودينى فين ؟ ‪ ...‬جتلك نصيبه تخدك ‪...‬قالوا ‪ ...‬انا موديك عند الشيخ ‪،‬‬

‫‪...‬قالوا ‪ ...‬ومين قالك أن أنا عايز الشيخ ؟ ‪ ...‬قاله ‪ ...‬أمال انت جار لمين ‪ ...‬قالوه ‪ ....‬انا جاى للولية ده‪ ...‬وأشار‬

‫أنا جايلها ‪ ...‬قلت له ‪ ...‬طب تعالى ياعمى الحاج ‪ ...‬تعالى‬ ‫الى ‪...‬قاله ‪ ...‬تعرفها منين ؟ ‪ ...‬قاله ‪...‬معرفهاش ‪ ...‬ب‬

‫الى جوارى ‪ ...‬ثم سألنى ‪ ...‬عندكو قهوه ‪ ...‬فقلت له عندنا قهو وشاى وعندنا أكل كمان ‪ ....‬قالى ال ‪ ...‬انا‬ ‫‪ ...‬وجل‬

‫عايز أشرب فنجان قهو ‪ ...‬ثم نظرت اليه فإذا به قابضا يده على مبلغا من المال فأعطاه لى ‪ ...‬فنظرت الى المبلغ فوجدته‬

‫ورقات كل ورقه منة عشر جنيهات ‪...‬قلتلو استنى ‪ ...‬دا أنا اللى هاديك ‪ ....‬قال لى ‪...‬ال ‪ ...‬د‬ ‫خمسون جنيها ‪ ،‬خم‬

‫مش من عندى ‪ ....‬ده رسالة أنا جاى بيها ‪...‬قلت له ‪ ...‬فين الرسالة ؟ ‪ ....‬قال دى حاجة ماقدرش أكلم فيها ‪ ... ،‬قلت‬

‫له ‪ ..‬طب انت تعرفنى ؟ ‪ ...‬قالى ‪ . ..‬أنا مش عايز أعرفك ‪ ...‬ماليش دعو ‪ ...‬فربطت فى نفسى بين ذلك الموقف الذى‬

‫كان لى مع الرجل فى البلد وانفاقى العشر جنيهات فى سبيلة وبين هذا المبلغ الذى ورد الى ‪ ،‬وقلت فى نفسى ‪ ...‬هذه بتلك‪.‬‬

‫ولعلنا إذا نظرنا الى هذه الروايه ‪ ،‬نجدها وقد امتألت بالكثير من مفاتيح اخالق هؤالء القو الذين هم أهل هللا ‪،‬فهذا هو بيت‬

‫الشيخ المتواضع فى النفقه ‪ ،‬القائم على الكفاف لتلك الدرجه التى لم يكن مع ربه البيت سوى مقدار مايعينها على نفقه‬

‫الوصول الى مكان المولد ‪ ،‬وهم مع هذا ال يألون جهدا فى استضافه االخوان والقيا على شئونهم فكان رزقهم كفامنهم‬

‫وكفاف ابنائهم من اهل هللا وكان هذا دأبهم ودأب اخوانهم ‪.‬‬

‫وانظر الى شهامة زوجه الشيخ ‪ ،‬فإنها ربيبه الشيخ والشاربه من اخالقه وشهامته ودفاعه عن الضعيف والمسكين والمظلو‬

‫وانظر الى كرمها الذى كان من فيض ماتربت عليه ‪ ،‬والذى كان منه أن انفقت كل ما لديها من مال فى سبيل الحق ولم‬

‫تبال ما يحدث بعده ثم انظر الى رعاية الشيخ الكبير بعد انتقاله ونظر ومدده ال بنائه ثم أنظر الى تلك الرعايه التى الزالت‬

‫تنالهم منه بعد االنتقال وكأنه معهم لم يبارحهم ‪.‬‬


‫ثم انظر الى شفافيه االخوان وصفاء بصائرهم المتجلى فى أ ابراهيم المجذوبة التى كانت محال لتجلى الشيخ عليها بما طلبه‬

‫متروكا للصدفه ‪ ،‬فإن الرعايه قائمه ‪ ،‬ولهم اعوان " هم اسباب هذه الرعايه و‬ ‫منه مستشعر من هذا المشهد أن االمر لي‬

‫وسائلهم الى اوالدهم بها ثم انظر الى خضوع االخوان لبعضهم وكون أحدهم خدما لبعضهم ‪ ،‬فالبعض للبعض وان لم يشعروا‬

‫خد ‪ ،‬ولم تكن تلك المحبة من قهر واستبداد من المخدو ‪ ،‬انما هى من نتاج الحب الذى رأوه من شيخهم الذى بدأ برسائل‬

‫محبته لهم ‪ ،‬ثم انتقل اليهم فأحبوه ثم تبادل االخوان تلك المحبه بعضهم لبعض ‪ ،‬ولقد تجلى هذا االمر فى خضوع مصطفى‬

‫عبدهللا لمطالب أخته ا ابراهيم المجذوبه ‪ ،‬ذات يو نظر الشيخ باهى رحمه هللا الى ا جمال ‪ ،‬وهى أخت غاليه علينا ‪...‬‬

‫وكانت تصنع الطعا وكان يبدو عليها االرهاق والتعب فى القيا به ‪ ،‬ثم نظر الى وقال لى اترى ‪ ،‬مالذى دفعها أن تتعب‬

‫فى هذا الشأن وتنال به هذا القدر من النصب واالرهاق ؟ ‪....‬فسكت ‪ ...‬وكأنما يريد الشيخ باهى أن يجيب على هذا السؤال‬

‫بنفسه قائال ‪ ...‬انه الحب ‪ ...‬أ ترى قول القائل ‪ ...‬هللا محبه ‪ ....‬هذه المحبة هى تلك المحبة التى نشاهدها االن‪.‬‬

‫ثم أنظر الى صنائع المعروف وأن المعروف ‪ ،‬وديعه ‪ ،‬ال تطيع عند الناظر لها والعارف بها وهو الحق وأن المعروف على‬

‫مدد صاحبة‪ ،‬فجاء المعروف من أ ناصر على الرجل الضعيف ‪ ،‬بعشر جنيهات ثم جاء المصروف من الحق بخمسين‬

‫جنيها ‪.‬‬

‫ثم أنظر الى أمانه الراجل الكبير الذى ساق المصروف الى صاحبة وكان رسوال بحق ‪ ،‬يؤدى حق المرسل والمرسل اليه‬

‫وانظر الى كتمانه وستر لحقيقه وشخيته المرسل منه ‪.‬‬

‫ثم انظر الى الشيخ باهى فى محبته لزوجته التى احتال فى ارضائها فطلب من أحدهم أن يذهب اليها فى االخصاص‬

‫ليحضرها جب ار لخاطرها اإل ان عمى الحاج مسعد كان قد سبقه فى ذلك ‪ ،‬والحقيقه انها ذرية " بعضها من بعض" ‪.‬‬

‫ورغم طول الروايه إال أننا اوجزناها ولم نرد أن نطيل فى عبراتها وإن كانت تحتاج الى الكثير من الكال الستيفاء حقها وهى‬

‫إن كانت روايه عايز إال انها تعبر الى المريد فتصفى أخالقة وتعلى من مقامه ومقداره ورتبته ‪ ،‬وال شئ فى الوجود قائم على‬

‫الصدفه ‪ ،‬فإن االمر تحليل وتفصيل وتدبير وحكمه ولقد جاء ذكرنا ألختنا ا ابراهيم المجذوبة ومصطفى عبدهللا فى الرواية‬

‫السابقة ‪ ،‬ولعل االفق ان تذكر نبذ مختصر عنها وهعنه فى هذا المكان ‪ ،‬إذجاء ذكرها حينما قلنا أن عم الحاج مسعد قد‬

‫جاء اليها فى الرؤيا وطلب منها أن تذهب هى ومصطفى عبدهللا الى زوجه الشيخ باهى فى االخصاص وتاتى بها الى المولد‬

‫‪ ،‬وقد ذكرنا تفصيل ذلك ‪.‬‬


‫هذه السيد كانت متزوجة ولها ولد من زوجها اسمه ابراهيم ‪ ،‬ثم حدث أن ذهبت لزيار السيد زينب رضى هللا عنها‪ ،‬فشعرت‬

‫وكأنما سلك كهربائى قد خرج من الضريح متوجها نحوها ودخل فى قلبها ‪ ،‬هكذا رأته أثناء قراءتها الفاتحة فى الضريح‪ ،‬فلما‬

‫حدث ذلك ارتعش جسمها وذهل عقلها ‪ ،‬وصارت مجذوبه الحوال الطريق ‪ ،‬فتركت زوجها وولدها ‪ ،‬وطافت بالموالد و الليالى‬

‫خلف المشايخ والمقامات ‪ ،‬وكانت لها احوال غريبه ‪ ،‬اليتحملها العقل وال يضبطها المنطق ‪ ،‬ثم التقت بمصطفى عبدهللا ‪،‬‬

‫وكان هو االخر غريب االطوار عجيب االحوال ‪ ،‬فالتقيا على صفه واحد ‪ ،‬وتجاذبا ال تحاد صفتيهما ‪ ،‬فال تكاد ترى‬

‫مصطفى عبدهللا إال وفى صحبته ا ابراهيم المجذوبة ‪ ،‬فكان يذهب بها الى اى مكان تطلبه فى زيارات أهل البيت وفى‬

‫الموالد و فى ليالى االخوان‪ ،‬فى أى وقت من ليل أو نهار وكانه مسخر لها لقضاء مطلبها ‪ ،‬وكان مصطفى عبدهللا وجد‬

‫ابويه ‪ ،‬فأرادا أن يتزوج كى يطمئنها عليه وعلى أحوالة ‪ ،‬ولكن إرتباطة أ ابراهيم وهى السيد المسنة التى تكبره بسنوات‬

‫ا ابراهيم عنه داخل الخدمه ‪ ،‬فكانت‬ ‫كثيره ‪ ،‬قد حال بينه وبين مايرغب والده فيه ‪ ،‬فلما شكوا للشيخ هذا االمر ‪ ،‬حب‬

‫تحاول الخروج وتلقى الورق المشتعل على الجالسين فى الخدمه او تلقى عليهم الماء او تريق الماء على االرض فتمنع‬

‫االخوان من الجلوس عليها ‪ ،‬واستمر االمر على ذلك حتى تزوج مصطفى عبدهللا ‪ ،‬ولكن لم يمنعه زواجه عن مصاحبة ا‬

‫ابراهيم فى اى مكان تكون فيه وأن يكون تحت طلبها فى أى شئ تريده منه ‪ ،‬وال تفسير لمثل هذه الصحبه إال انها صحبة‬

‫االرواح ال صحبه االشباح ‪ ،‬فثمه امر مشترك يجمع بينهما ‪ ،‬تلك االرواح التى انجذبت ألهل البيت وصحبه األولياء‬

‫ومصاحبة االخوان ‪ ،‬وإذا كانا وهما على هذا الحال ‪ ،‬ال يستطيعان عما شعران به معا ‪،‬فهما فى حكم المجاذيب ‪ ،‬فكيف‬

‫تطلب منا أرباب الظواهر أن نفسر هذه الظاهر وقد اسميناها ظاهر ‪ ،‬فرع باطن هذا الظاهر ألصحاب دولة الباطن ‪....‬ولرب‬

‫الظاهر والباطن‪ ..‬انه هو اللطيف الخبير ‪.‬‬


‫الفصل الثانى ‪:‬‬

‫اول ما نبتدى به فى هذا الفصل هو ‪ :‬كيفيه اخذ العهد بين الشيخ والمريد ‪.‬‬

‫حدثنا الراوى ان صوره العهد الذى كان يأخذه على اوالده هو الطعا والشراب الذى يأكله ويشربه المريد فى بيت الشيخ وهو‬

‫فى نيته أن يكون مريد له ‪ ،‬وكان كثي ار مايقول ‪ :‬أن من اكل طعامى وشري من مائى فهو على عهدى ‪ ،‬فلم يحدث فيمن‬

‫عاصروه وال من عاصروا وريثه ‪ ،‬ان راهم قد قد وصقو ايديهم فى ايدى مريدهم اخذين لهدهم ‪ ،‬او انه ق أر الفاتحه على هذه‬

‫البيعه ‪ ...‬هكذا كان عهدهم مع أوالدهم ‪.‬‬

‫اما الكال عن الفاتحة وال نقصد به قراءه الفاتحة ‪ ،‬وانما نقصد به ما يطلقونه عرقا على ذلك المبلغ من المال الذى يعطيه‬

‫المريد للشيخ او القائم على الطعا أو الشراب أو الخدمه فى موطن خدمه الشيخ وهو مبلغ من المال غير مقيد بكميه قله او‬

‫كثر ‪ ،‬ويعطيه طواعية غير مجبور عليه ‪ ،‬وال يدخل هذا المال تحت مرتبه الصدقه او الزكا او الفئ او خالفه ‪ ،‬انما هو‬

‫مال له مزاق خاص وله هيئه مستقلة ‪ ،‬وهو موضوع شائك قد تتناوله العقول الضعيفه من غير اهل الطريق بالشك او الريبه‬

‫‪ ،‬اما اهل الطريق فانهم يؤدونه بنفوس وافره الثقه مطمئنه الدخل ال يساورها فيها ادنى شك او ريبه ‪ ،‬ويعرفون القصد منه‬

‫وتنظيفه لما بداخلها من شوائب ‪ ،‬فإذا أردن‬ ‫ولقد سئل الشيخ مسعد عن هذا المال فلم يزيد عن قوله إنه تطهير الدران النف‬

‫الجل استعمنا عنه وانما الجل ضمانه وغيرنا من غير أهل‬ ‫أن نغوص قليال فى معناه ‪ ،‬فلنبدأ بسؤال نلقيه على انفسنا لي‬

‫طريقنا على المقصود منه ‪ ،‬فنقول ‪ :‬هل يحتاج االشياخ الى أموال أوالدهم ؟ ‪ .‬ونجيب عليهم اجابه قاطعه بالنفى القاطع ‪:‬‬

‫وكيف يحتاجون اليه وهم أهل هللا الربانيين الذين إذا أرادوا كانت لهم الدنيا وما فيها وماعليها وهم الذين إذا قالو للشئ كن‬

‫معادن األرض ال ينقلب ذهبا وهم العارفون‬ ‫فيكون وهم الذين يعلمون من اسرار هللا واسرار اسمائه ما إذا قرؤه على اخ‬

‫بأسرار الكلمات والحروف واالعداد واسماء المالئكة و االسماء الفعاله فى الكون وتحت ايديهم عوالم االرض من الجن و‬

‫‪ ،‬وهم المطاعون من اجناس االرض ‪ ،‬ولو حصل لك االطالع على حقيقتهم لوليت منهم ف ار ار وال متألت منهم رعبا‪.‬‬ ‫االن‬

‫وكيف يحتاجون اليه ‪ ،‬وهم على درب نبيهم وعلى اخالقه ‪ ،‬حين قال لعائشه رضى هللا عنها ( ياعائشه لوشئت لسارت معى‬

‫جبال لدهب ) وقوله صلى هللا عليه وسلم ‪( :‬عرض على ربى ليجعل بطحاء مكة ذهبا ‪،‬فقلت ال يارب ‪ ،‬ولكنى أجوع يوما‬

‫واشبع يوما ‪ ،‬فإذا شبعت حمدتك وشكرتك ‪ ،‬واذا جعت تضرعت اليك ودعوتك ) ‪.‬‬
‫كيف يحتاجون اليه ‪ ،‬وهم المتخلقون بأخالق النبى فى كفاف عيشهم وتواضع أرزاقهم ‪ ،‬حين قال ‪ ( :‬اللهم اجعل رزق أل‬

‫محمد قوتا ) وكثير من مثل هذا تمتالء به كتب السير ‪.‬‬

‫وكيف يح تاجون اليه ومثلهم كمثل عم الحج مسعد الذى انفق جميع مايملكه وأنفق ميراثه من والده الذى زاد على الخمسة‬

‫والثالنين فدان على ابنائه فى الطريق وفى سبيل هللا ‪.‬‬

‫وكيف يحتاجون اليه وقد بلغ من فرط توكل الشيخ أن كانت إبنته الكبرى جاريه تجد تحت وسادتها كل يو مايكفيها ويكفى‬

‫ابيها ويكفى بيت ابيها ويكفى زواره من االبناء فى هللا ‪ ،‬فضال من هللا ووهبا منه وقد ذكرنا ذلك فى سيرته ‪.‬‬

‫وكيف يحتاجون اليه وقد جعل هللا لزوجه ابنه أ ناصر أن تجد تحت قدميها يوميا على مدار السنوات مبلغا من المال أنى‬

‫وهبا من هللا دون أن يكون لها لعمل فى ذلك ‪.‬‬

‫سارت كل ذلك من فرط التوكل وااليمان والثقة فى هللا ‪.‬‬

‫وكيف يحتاجون اليه ومنهم كمثل الشيخ ‪ ،‬الذى كان اذا أدخل يده فى جيبه يجد ماينفقه على من ينفقه عليه ‪ ،‬دون الحاجه‬

‫الى سؤاألحد ‪ ،‬وال مصدر له إال كر هللا وفيضه عليه وجوده له ‪.‬‬

‫وكيف يحتاجون اليه وهم المنسوبون الى اهل البيت الذين ال تجوز فيهم الصدقات والزكوات ولسنا فى الزمن الذى نجد فيه‬

‫غنائم حروب الكفار وال فيئهم ‪.‬‬

‫فعرفنا مما سبق أن هذا المال ال يذهب الى خصوص مصالحهم و ال احوال نفوسهم فلم يبق إال أن نقول أن المقصود بهذا‬

‫المقصود منه نفعا ماديا موجها اليه انما هو معنا داخليا يحصل فى صدورهم و تظهر به‬ ‫المال هو الريد فى نفسه ‪ ،‬ولي‬

‫نفوسهم فإن المال فى ذاته مرتب بالكثير من العلل واالمراض النفسيه التى تعوق المريد من الوصول فى طريق هللا ‪ ،‬فأن‬

‫طلب المال يورث الحرص عليه ثم يؤدى الى كنزه والسبب فى هذا الحرص من الفقر والخوف من الفقر من أثار عد الثقه‬

‫فى الرزق الضامن له ‪ ،‬والخلل فى الثقه بعد للمريد عن طريق التفويض والتوكل وكل ذلك يؤدى الى البخل والشح ثم يؤدى‬

‫الى االقتار فى االنفاق على الفقراء والمساكين ‪ ،‬فيؤدى به فى نهايه المطاف الى معصيته هللا وعد إطاعته ‪ ،‬والمعصيه‬

‫هى المانعه من الوصول ‪ ،‬ولهذا أطلق على الفاتحة ‪ ،‬هذا المصطلح الصوفى ‪،‬النه يبزل المريد المال فتفتح له ابواب الطريق‬

‫ويسعى فى المراتب والمقامات ‪.‬‬


‫ثم انه البد لهذا المال ان يصرف يتوجه اليه والفاتحه مصرفان ‪ ،‬مصرف ظاهرى و مصرف باطنى ‪ ،‬فأما المصرف الظاهرى‬

‫فهو االنفاق منه على مطالب االخوان فى الخدمات ولواز الضيافة وللقرباء عنهم من مأكل ومشرب ومكارش للخدمات أو‬

‫من شوائبها وتطهيرها من البخل والغل والنظر الى الغير والحرص‬ ‫ماشابه ذلك ‪ ،‬وأما المصرف الباطن فهو تنقيه النف‬

‫والحسد ‪ ،‬ألن المال من االمور التى يحسد الناس بعضهم بعضا فى شأنها ‪ ،‬وكذلك الحقد على من كان لديه المال والغرور‬

‫والتباهى بكثرته و التنابز باللقاب فى شأنه وقطيعة االرحا الناتجه من الخوف على صرف المال عليهم وقد يؤدى بهم إذا‬

‫تمادوا فى ذلك الى السرقه والفعل من اجله ‪ ،‬وغير ذلك من مصارف السوء ‪.‬‬

‫ولهذا ال يحب الشيخ الكامل من ابناءه أن تكون هناك معامالت ماديه بينهم وبين بعضهم البعض ‪ ،‬فال يجب منهم المشاركه‬

‫فى التجار وال عقد الصفقات وال االقتراض بعضهم من بعض وال حتى الكال عن المال واالنخرااط فى لوازمه ‪ ،‬ألنهم ما‬

‫تركوا احوال الناس من خارج اال هروبا منها الى هؤالء الذين ال يرجون اال لقاء هللا والسير فى طريقه ‪ ،‬فلم يهربو من الدنيا‬

‫ليجدو الدنيا فى جوار شيخهم ‪ ،‬يقول الحق ( واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداه والعشى يريدون وجهه‪ ،‬وال تعد‬

‫عيناك عنهم ) ألن المقصود من سلوك الطريق هو اقتالع محبه المال من القوب‪ ،‬ال تكون شوكته ‪ ،‬وتأصيله فى نفوسهم ‪،‬‬

‫واقتالع محبه المال من القلب هو سبك السالك الى القرب االلهى ‪ ،‬اما تأهيل محبته فهو المانع من الوصول ‪ ،‬ولهذا تسمت‬

‫الفاتحة بفاتحة الطريق ‪.‬‬

‫ولذا تجد أشد مايحزن الشيخ أن يجد الخالف قد شب بين االفراد بين االخوان وال خالف إال فى اسباب الدنيا وال أسباب اقوى‬

‫من المال ‪.‬‬

‫نظر عم الحج مسعد الى الشيخ صديق ذات مر وكان مقطور المال مضيقا عليه فى هذا الوقت وقال له ‪ :‬أين فاتحتى‬

‫ياشيخصديق ؟ ‪ ...‬وهو يعلم حاله ‪ ،‬ثم لم ينتظر اجابته ‪ ،‬وقال له ‪ :‬سوف يفتح هللا عليك فى المال ‪ ،‬ولكن إذا كان لك فتح‬

‫فيه فال تنسى فاتحتى ‪.‬‬

‫وفى أثناء عود الشيخ صديق الى منزل قابل من قابل ‪ ،‬من اصدقائه القدامة فعرض عليه عمال فى مكتب للسفريات ‪ ،‬وهى‬

‫من االعمال التى تدر ربحا وفيرا‪ ...‬وبدأ العمل فى ذات اليو الذى قابل فيه الشيخ وكسب من عمله فى هذا اليو فق‬

‫خمسمائه ج نيه ‪ ،‬وبعد عده ايا نهب الى الشيخ فى االخصاص ‪ ،‬ووجده جالسا خارج منزله ‪ ،‬وكان قد أعد ماال يعطيه‬

‫للشيخ وهو مائه جنيه وماال يحبسه فى جيبة وهو ثالثمائة جنيها ينفق منه ‪ ،‬فلما سأله الشيخ ‪ :‬اين فاتحتى فأخرج من جيبه‬
‫المائه جنيه التى كان قد أعدها لهذا الغرض ‪ ...‬فقال له الشيخ ‪ ....‬واين المال الذى تضعه فى الجانب األخر ‪ ،‬يقصد المال‬

‫الذى إدخره وهو الثالثمائه جنيها ‪ ....‬هنالك ضحك الشيخ صديق ‪ ،‬ضحكه تمتأل بالمحبه لشيخه ‪ ،‬مطمئنا بها أن ال يجدى‬

‫أن تستر عن الشيخ شئ ‪ ،‬فأعطاها له فى مزيد حب وامتالء رضا وإكتمال فرحه بشيخه العارف ثم قال له ‪ :‬طب‪ ....‬اقراء‬

‫الفاتحة لمك ‪ ....‬وأسيادنا اهل البيت إن ربنا يوسع رزقك اكثر و اكثر ‪.‬‬

‫الشيخ مع مريدية ‪:‬‬

‫كان يو الحضره يوما مشهودا لدى ابناء الشيخ ‪ ،‬يجتمعون فيه مع شيخهم ويتسامرون فى ما بينهم ويتحادثون عن احوالهم‬

‫الروحيه و نوادرهم فيما بينهم وبين شيخهم ‪ ،‬وحث أن كان يوما من ايا الحضره وقد امتألت القاعة ( المندر ) عن أحرها‬

‫باالخوان ‪ ،‬وهم فى حضر الشيخ ‪ ،‬وإذا برجل يدخل عليهم ويلقى السال على الشيخ ‪ ،‬فقا الشيخ له واستقبله بحفاو بالغة‬

‫ووضع له الطعا فأكل ‪ ،‬ثم ال حظ الشيخ أن الرجل قد دس رغيفا مما أمامه من الخبز فى جيبه ‪ ،‬فأشار اليه الشيخ أال‬

‫يفعل ‪ ،‬وقال له ‪ :‬كل وال تأخذ شيئا فى جيبك ‪ ،‬فقال الرجل ‪ :‬ياسيدنا رغيف واحدأحتفظ به ‪ ،‬فقال له ال ‪ ،‬ثم قا الرجل‬

‫وانصرف من حضر الشيخ ‪ ،‬فلما انصرف التفت الشيخ الى ابنائه وقال لهم ‪ :‬أتعرفون هذا الرجل ؟ فقال االخوان ال نعرفه‬

‫‪ ،‬فقال الشيخ ‪ :‬هذا هو الشيخ ابو مسلم وهو منتقل – أى وافته المنيه ‪ ،‬وله دراويش ويريد ان يحتفظ برغيف ‪ ،‬والرغيف‬

‫الذى يريد أن يحتفظ به هو أخوكم محمد عبد الرحمن ‪ ،‬أى يريد أن يأخذ ويضمة الى إبنائه فينورون بوجوده معهم ‪ ،‬فقلت‬

‫ال ‪ ،‬محمد عبدالرحمن ينور فى بيته واخواته ‪.‬‬

‫وفى هذه القصه مالمح متعدد تستجلى بها حقيقه الطريق و تتضح لنا معالمة ‪ ،‬اول هذه المالمح أن هذا الضيف شيخ‬

‫منتقل قد وافته المنيهة وهو االن فى برزخة ‪ ،‬ومع ذلك يقول أن له دراويش ويريد ان يضم محمد عبدالرحمن اليهم ‪ ،‬وهذا‬

‫م عناه أنة أنة برغم انتقالة فال تزال واليته قائمة على ابنائه ‪ ،‬فإن انتقالة لم يمنع عنهم واليته عليهم فالواليهة متصلة مهما‬

‫تعددت صعود الوالى عليهم بعد إنتقالة ‪ ،‬ويؤيد ذلك قوله الشيخ فى اكثر من مناسبه أن الشيخ الذى يبعده عن إبنائه حاجز‬

‫من تراب ال ينبغى أن يكون شيخا لهم ‪ ،‬يريد أن يقول أن إنتقال الشيخ فى قيبره ال يمنعه من واليته على أبنائه ‪ ،‬فالقوانين‬

‫فى شأن الوال تختلف عن القوانينالحاكمة على العدا بتالشى أثرهم ‪ ،‬وهم فى ذلك متخلقون بالخلق النبوى وهو والى المسلمين‬

‫ذلكشأن النبى صلى‬ ‫االعظم وقطبهم األول ‪ ،‬فإنه ال تزال أعمال أمته تعرض عليه وال يزال ناظ ار لهم ‪ ،‬مادا لهم بمدده ‪،‬ولي‬

‫هللا عليه وسلم وحد بل االمر يتعداه الى أهل بيته الكال ولى أولياء المسلمين وأئمتهم وأقطابهم ‪ ،‬ولسنا نتوجه بمعنى هذا‬
‫الكال الى هؤالء الرافضين لما نذكر وإنما نتوجه به الى هؤالء الذين ذاقوا ذوقه وعايشو حقيقته ولم يتطرق اليهم أدنىشك فى‬

‫صدقه ولكن تواترت أحياء هذه الظاهر ‪ ،‬وكل خبر يؤكد صدق الخبر الذى سبقه ‪ ،‬والحقيقه انالولى فى الحيا الدنيا مقيد‬

‫بتقييد الروح فى البدن وبعد انتقاله من الدنيا يزيد نفعه بكيفيه ال يعلمها اال هللا وذلك لتحرر الروح وهللا اعلى واعلم ‪.‬‬

‫يقول الرسول الكريم ‪ ( :‬فوهللا ألن يهدى هللا بك رجال واحد خير لك من حمر النعم ) فأنظر الى الشيخ وقد هدا به اقواما‬

‫الى الحق بدأ من نفسه فى ذاتة وصوالالى‬ ‫الى ربهم وعلى قدر العدد يكون المرد ‪ ،‬فأنما االصل فى الطريق هدايه النف‬

‫ذوات المتبعين لك ‪.‬‬

‫وثالث هذه المالمح تظهر فى قول الشيخ ‪ :‬محمد عبدالرحمن ينور فى بيته وبين أخواته ‪ ،‬وهى اشار الى خصوصية العالقه‬

‫بين المريد وشيخة من جانب فإن بيت المريد هو قلب شيخه ‪ ،‬الذى رباه وأدبه وأمده وهذبه وأمده واعطاه ‪ ،‬حتى صار أهال‬

‫للدج فى الطريق ‪ ،‬وأيضا خصوصيته ال عالقه بين المريد وإخوانه ‪ ،‬وال يعف هذه الخصوصيه إال من ذاق محبة االخ فى‬

‫هللا ‪ ،‬حتى حدا للشيخ ذات مر ان يقول ‪ :‬آلن يسق االخ من السماء الى االرض أهون عليه من أن يسق من قلب أخية‬

‫وهو أيضا من االخالق التقويه المشر فيه حيث يقول الرسول الكريم (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا ) فلقاء‬

‫المؤمن بأخيه المؤمن يؤكد أواحد المحبة ويدعم بنيه االيمان ‪ ،‬كل ذلك بمدد الشيخ ونظره فيهم و عونه لهم ‪.‬‬

‫وأخره هوه المالمح حرص الشيخ على ابنائه ليكونوا على الدوا تحت نظر وتحت رعايته و موطن حفظة ‪ ،‬فهو اعلم بهم‬

‫بمسالك الطريق وأخطارها وأدوائها وعللها حتى يصل بها الى جاره الطريق ‪.‬‬

‫الشيخ مع ابناناء طريقة ‪:‬‬

‫ولقد كان الشيخ محمد عبدالرحمن بطل قصتنا التى قصصناها عليكم من اكابر ابناء الشيخ ‪ ،‬جاء الى الشيخ بمشور الشيخ‬

‫على سعدوهو أيضاء من أكابرهم ‪ ،‬ومن الشيخ محمد عبدالرحمن دخلت عائلت’كلها الى رحال الشيخ مسعد ومنهم محمود‬

‫علينا هذا االمر ‪ ،‬وبذكر محمود بركات أن محبه الشيخ محمد عبدالرحمن فى الطريق وصلت‬ ‫بركات ابن اخيه الذى ق‬

‫الى الدرجة التى أنايه فيها عنه فى قراء‪.‬داليل الخيرات وهو تشريف ال يستهان به وهو كتاب يحتوى مجموعه من الصيغ‬

‫المختلفه للصال على النبى صلى هللا عليه وسلم ومكث الشيخ عبدالرحمن يقرأها مع االخوان تحت رعايتة لمد إقتربت من‬

‫اثنى عشر عاما فى حيا الشيخ ‪ ،‬وكان اخوانة يحبونة ويوقرونة لمحبة الشيخ له ‪ ،‬ولم تكن هذه المحبه من فراغ ‪ ،‬وإنما‬
‫كانت بسبب نقاش المريد فى شيخه ‪ ،‬وأن انتقاله الى جوار الشيخ كان ايذانا له بغض النظر عن مطالب الدنيا ورغائبها ‪،‬‬

‫وكان فى هذا متخلقا بأخالق الشيخ حين تجرد عن أمالكه وأنفقها فى سبيل السير الى هللا ولم يبق منها شيئا يملكه‪.‬‬

‫وكان الشيخ يطلق عليه فقيه االخوان ‪ ،‬جاءه ابن أخيه محمود بركات يوما ‪ ،‬وكان قد قرأت فى كتاب ‪ ،‬دعاء ‪ ،‬من يقرء‬

‫لمد أربعين يوما فى مكان طيب مبارك يعطى كذا من المال أو كن از من القدر ‪ ،‬فتمسك به ‪ ،‬والز قراءته وكتبه فى ورقه ‪،‬‬

‫الذكية ‪ ،‬وحدث أن قابل بعدها عمه الشيخ محمد عبدالرحمن فأخبره بما يقرؤه‬ ‫وكان يقرأه فى مقا سيدى ابراهيم ذى النف‬

‫وما يهدف اليه من وراء قرائته ‪ ،‬فلما رأى الشيخ محمد عبدالرحمن الدعاء ابتسم وقال ‪ :‬عندى احسن منه ‪ ،‬ففرح محمود‬

‫بركات فرحا شديدا وألح عليه فى طلب ما عند ‪ ،‬فقال له الشيخ محمد ‪ :‬ياولدى ماكان هلل دا واتصل وما كان لغير هللا‬

‫انقطع وانفصل فقصد بذلك ‪ ،‬يقصد بذلك أن قراءتك لهذا الدعاء إن قرأته لنوال الكنز أو القدر ‪ ،‬فإن الكنز والقدر البد‬

‫ونزوالن ‪ ،‬إن تحقق من الدعاء هذا األمر ‪ ،‬ولم يبق لك بعدها إال الفقر و العوز وإن قرأته هلل فإن ثواب قرائتة يدو عليك‬

‫من هللا وال ينقطع أثره ‪ ،‬وإن لم يتحقق فى الظاهر الغنى والقدر ‪ ،‬وقد تؤدى كنز المال وكنز القدر فتسئ التصرف و لصحبها‬

‫وباال عليك وسببا فى هالكك ‪ ،‬يابنى ال تدعو هللا لفرص المال والقدر ولكن ادع هللا ليرضى عنك ‪ ،‬يابنى أدع هللا بال غرض‬

‫تجد كل شئ ن ويحافظ عليك فى كل شئ ‪ ،‬فوقع هذا القول من سائل الشيخ الى قلب السائل عنه ‪.‬‬

‫وكانت للشيخ محمد عبدالرحمن كرامه قصها علينا أخيه محمود بركات على لسان الشيخ سيد عبدالعزيز منقوله من مره وحد‬

‫فنقول فيها على نصتها ‪ :‬أنهم سمعوا رجال خارج المنزل ينادى على محمد عبدالرحمن من خارج فنظر إليه فوجدوه عسكرى‬

‫شرطه ‪ ،‬فظنو ا أنه زميل للشيخ محمد إذا كان يعمل فى الشرطة ‪ ،‬وطلب منهم المنادى أن ينزل اليه محمد عبدالرحمن وهو‬

‫مرتديا لزيه الميرى ‪ ،‬وتقابل الرجالن ‪ ،‬فأخذه الرجل للصال فى مسجد سيدى على الروبى ‪ ،‬وأصطحبه الى هناك ‪ ،‬فلما‬

‫دخل المسجد ‪ ،‬وكان الخطيب على منبره ‪ ،‬نظر اليه الشيخ محمد ‪ ،‬فإذا بالخطيب هو ذات الرجل الذى أصطحبه الى‬

‫المسجد متعجب من ذلك ‪ ،‬ولما ذهب بعد ذلك الى الشيخ مسعد ‪ ،‬قال الشيخ لمحمد عبدالرحمن ‪ :‬إنت عارف مين الى‬

‫جالك وخدك وكان يخطب الجمعة ‪ ،‬فقال له ‪ :‬مين ياعم ؟ قال سيدى على الروبى ‪.‬‬

‫ونحن وان كنا قد استرسلنا فى الكال عن الشيخ محمد ‪ ،‬فإنما كان ذلك لبيان مقامة وإرتفاع مكانة ‪ ،‬ولم يكن ذلك إال من‬

‫أثر تربيه شيخه له ومدده عليه ونظره فيه ‪ ،‬فالمريد عالمة للشيخ و دليل عليه وبرهان على مكانه ‪ ،‬ونحن إن وجدنا من‬
‫ينقل الينا بعضا من اخبار هذا المريد الصالح فإن إخوانه من أصحاب الشيخ كانوا على ذات شاكلته ولكن قصرت عنا‬

‫أخبارهم و غابت عنا سيرتهم‪.‬‬

‫الشيخ مع مريده ‪:‬‬

‫وال تكاد خصالة قطا مرتبطه خدمه الشيخ سواءا كانت فى داره فى تلك القاعه الكبرى المندره الكبرى التى كانت تتمأل على‬

‫اخرها او تلك القاعه الصغرى التى كانت مجلسا لألخوان فى ايا الشتاء إذ كانو يضعون فى منتصفها شيئا يضعون فيه‬

‫والسكينة والتألف‬ ‫بعضا من الخشب الجاف فيوقدونه ‪ ،‬فترى الدفئ فى هذه الغرفة ‪ ،‬بما يصاحب الدفئ من االحساس باالن‬

‫‪ ،‬وكان لهذا الغرفه سر عجيب ‪ ،‬إذ كانت تسعهم جميعهم بالرغم من ضيقها إذا قورنت بالقاعة الكبرى ‪ ،‬صفاتها تتسع وكأنما‬

‫وتتراكم أنوف الروائح المختلفه االتيه‬ ‫تضيق بحسب كثره أو قله االخوان هكذا كان يقول الشيخ باهى رحمه هللا ‪ ،‬كنا نجل‬

‫من أثر النار الموقده وروائح الشاى والقهو وروائح الطعا الطاويه والرانمة ‪ ،‬وروائح أنفاس الحاضرين ‪ ،‬المخلوطه بالود‬

‫الصافى و المحبه الطاغيه ‪ ،‬إذ كانوا ال يجمعهم جامع اال محبه الشيخ ورضاهم به ورضاه بهم فى سبيل من توجهوا الى‬

‫القرب به ‪ ،‬وكأنما تسمع قول الحق بأذاننا ‪ ( :‬واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغدا والعشى يريدون وجهه)فقد كان‬

‫فى احد اركان المكان وهن يمينه وعن يساره ابنائه مصطفين جالسين فى حضرته بالسكينه و الوقار ‪ ،‬ال‬ ‫الشيخ يجل‬

‫يتحدث احدهم قبل أن يأذن له الشيخ بذلك وال يرتفع صوته وال يعلو بصره ‪ ،‬وترى السعاد على وجهتهم أن كان فى حضر‬

‫شيخة وكأنه حاز الدنيا وما فيها ‪ ،‬منشرح الصدر ظاهر البشر ‪ ،‬يمازحه شيخه ويال طفه ويتودد اليه ويسأل عن اخباره ‪:‬‬

‫وأخبار اهلة ‪ ،‬يستمع الى شكاواهم فى جنياهم ويطمئن على كل واحد منهم ‪ ،‬فتريح بكالمه عن كواهلهم تلك الهمو التى اتوا‬

‫بها من دنياهم فيهذب اخالقهم ويسمو أرواحهم ‪ ،‬ولم يكن المريد يبالى ما تكبده من المشاق فى سبيل الوصول الى الشيخ ‪،‬‬

‫فيكفية أنه يجد فى قلبه نا ار تستقر للقاء شيخة وال يكاد ي فكر فى طريق الوصول اليه ‪،‬فلقد كان سيد عبدالعزيز أتى من‬

‫المطريه الى االخصاص على عجلة ليحضر الحضر يو السبت فقال له الشيخ ذات مر ‪ :‬انت جاى راكب عجله ‪ ،‬امال‬

‫يابنى لو حبتنا هاتركب أيه واسعد الشيخ اجتهاد ولده فى طريقه فأعطا عشر قروش ‪ ،‬وقال له خمسه منها للدخان وخمسه‬

‫منها للهوى لو لوعك ‪ ،‬فالدخان نار إشار الى تكبد المشاق ولوعة الهوى اشار الى المحبة المتبادلة بين الشيخ والمريد ‪،‬‬

‫وعطاء الشيخ اشار الى أن حب المريد انما هو من حب شيخه فلو ما احبه ما فعل وأن اجتهاده وسعيه انما هو من مدد‬

‫شيخه لك فكان ذلك اشار الى نظره الشيخ للمريد ومدده له وكان هذا هو دأب الشيخ مع ابنائه ‪ ،‬فقد يضع فى جيبه قروش‬

‫صاغ ويعطيها لمن له حاجة ولمن به اى تعب ومن يأخذ القرش يقضى هللا حاجته ‪ ،‬فأ محسب كان معها منه قرشان‬
‫ومحمد ابو سالمه كان معه قرش واخت لنا اسمها أ حبيبكان معها قرش ومن يأخذ القرش كان يربطه بخي يعلقه فى صدره‬

‫‪ ،‬وكان هذا القرش إشار رمزية الى البركة الحاصلة عند المريد من جراء عطاء الشيخ وكأن به سر اودعه فيه فهو اشار‬

‫الى مدد الشيخ ونظرته لولده واساس للمريد بالطمأنينه‪ ،‬هكذا حدثتنا السيد توحه إبنته ‪.‬‬

‫وشبيه بما نقله الشيخ سيد عبد العزيز كاقاله الشيخ عبد العاطى أبو عبدالحميد فقد كان لالخوان فى احوالهم عجائب ال يقبلها‬

‫اى منطق كان ‪ ،‬فهذا أحدهم وقد تلبست بحال التجريد من جانب واشتعلت فيه الرغبه فى االنفاق من جانب أخر ‪ ،‬فكان إذا‬

‫تواجد معه أى مال ينفقه على أخره وال يبقى شيا منه ‪ ،‬فإذا صرف راتبه من عمله ال يعود الى بيته إال وقد أنفقه ‪ ،‬ويظل‬

‫على هذا حتى اخر الشهر ‪ ،‬وذات يو أراد أن يذهب لزيار الشيخ ولم تكن معه نقود يصل به اليه واشتدت عليه الرغبة فى‬

‫ذلك فذهب اليه سائ ار على قدمية من مكان بعيد إلى أن وصل اليه ‪ ،‬فلما وصل اليه ‪ ،‬نظر اليه الشيخ من شباكة وقال له‬

‫‪ :‬يا عبدالعاطى ‪ ،‬مالذى فعلتة ‪ ،‬لماذا تمشى الى كل هذه المسافة ‪ ،‬وظل الشيخ الى أن انتقل كلما قابله يسأله إن كان معه‬

‫نقود أ ال ‪ ،‬فإذا لم يكن يعطيه هو من عنده ‪.‬‬

‫وال يخفى عن السامع لهذه القصه من النظر فى اشتداد حال المريد وتليه بحال االنفاق والتجريد ومن جانب أخر مدى محبه‬

‫المريد لشيخة التى جعلته يذهب اليه سي ار على االقدا ثم متابعه الشيخ ورعايته له ‪.‬‬

‫وكان االدب غالبا على االخوان ‪ ،‬من اثر تربيه شيخهم لهم ‪ ،‬فإذا هم احدهم بدخول القاعة‪ ،‬فإنه قبل أن يطأ عتبتها ‪ ،‬ينبه‬

‫الحاضرين الى دخوله فيقول ‪ :‬هللا ‪ ، . ...‬فإن أذن له شيخة بالدخول دخل ‪ ،‬وإن لم يأذن ‪ ،‬ظل فابعا فى مكانه ال يحرك‬

‫ساكنا ‪ ،‬وكانما سو ار قد قا بينه وبين الغرفه ‪ ،‬حاج از اتاه عن ولوجها ‪ ،‬فإذا أذن له شيخه بالدخول ظل واقفا حتى يأذن له‬

‫ال يتحدث وال يتكلم حتى يبدؤه شيخه بالكال و الحديث وان‬ ‫بالجلوس ‪ ،‬وإن بقى على وقوفه ماشاء له من الزمن ‪ ،‬فإذا جل‬

‫بقى ساكنا طيله وقته ‪ ،‬فإن تكلم كان خافتا صوتة ‪ ،‬منكر عينه ‪ ،‬غاضا طرفه ‪ ،‬هكذا كان أدبهم مع شيخهم ‪ ،‬أو هكذا‬

‫أدبهم فأحسن تأديبهم ولم يكن ذلك من جانب الشيخ غبة فى أظهار السياد او طلبا من نفسه بالشقوق عليهم ‪ ،‬انما كان‬

‫ذلك نوعا من أنوع التربية الروحية ‪ ،‬إذ كان عارفا بأسرار طبائعهم وسمات نفوسهم وما الذى يجب أن يرويه حقه فيهم من‬

‫وحيار القلب فتزاح الحجب المانعة‬ ‫المريد منهم من يملك الطبع ويوافق النف‬ ‫سمات هذ الطبائع والنفوس ‪ ،‬حتى يتخل‬

‫لهم من إدراك الحقائق العليا ‪ ،‬فتسمو أرواحهم وترتقى اسرارهم فيكون أهال لمواطن القرب التى تتوق اليه أعناقهم ‪.‬‬
‫ومن سواهم يملك هذه العين الكاشفه لعلل القلوب و أمراصالنفوس فلقد كانت افعالهم وحركاتهم وسكناتهم باهلل ‪ ،‬أخزين من‬

‫النبى صلى هللا عليه وسلم ومن أهل بيتة ومن سبقوهم من اآلولياء طرائق االدوية ومذاهب العلل ‪ ،‬فكانوا نعم الوارئين لهم‬

‫والحافظين لهذا االرث ‪.‬‬

‫ولم يكن الشيخ فى سبيل تلك التربيه تيأخذه لومه الئم وال انشقاق شافق ‪ ،‬فإن االمر جد عظيم وخطئ الدنيا ال يسستهان به‬

‫والنجاه منها يجب أن يؤخذ على فأخذ الجد ‪.‬‬

‫حدثنا الشيخ محمد سالمه عنه فى هذا الشأن قائال ‪ :‬أن الشيخ إذا بدرت عليه بوادر الغضب ‪ ،‬التز جميع المريدين الصمت‬

‫‪ ،‬إذا كانوا يعلمون شد حاله ونفاذ أمره فى الكائنات ‪ ،‬فكان المريدين يهربون من امامه إذا صادف ان رأوه على مثل هذه‬

‫الحاله من القبض ولم يستثن من ذلك أحد ‪ ،‬حتى اقرب المقربين لديه ‪ ،‬وح تى إبنائه الذين من صلبه ‪ ،‬حتى أن مثل ذلك‬

‫االمر تكرر كثي ار مع ولده الشيخ باهى إذ كان يعده لتحمل االعباء من بعده ووراثه الشأن فى االخوان ‪ ،‬فال يسمح له بما‬

‫على العمل وهى درجة غاية المشقة إذ كان مطلبه فية أن يجعل‬ ‫قدد يسمح لغيره به ‪ ،‬إذ كان يحاسبة على الخاطر ولي‬

‫ظاهره كباطنه وكالمه كخاطر ‪ ،‬حتى أنه إذا انتاب الشيخ باهى خاطر يخالف رأى الشيخ منه ‪ ،‬أصاب الشيخ باهى نوبة‬

‫شديده من ارتفاع الحرار تكاد تؤدى به ‪ ،‬مما حدا باالخوان أن ستروه عن الشيخ فى هذه األوقات رحمة وشفقة منهم عليه ‪،‬‬

‫وحدث أنه فى ذات يو خالف الشيخ محمد ابو سالمة أمر فى شأن من الشئون ‪ ،‬وكان جالسا فى حضرته ‪ ،‬فوقع نف‬

‫الشيخ محمد ابو سالمة أن الشيخ ال بد قاتله ‪ ،‬فهرب بروحه ‪ ،‬وهو اصطالح يعرفه من ذاقه من أهل الطريق وغذا بالشيخ‬

‫امامك يا عم – إذ كان هكذا حديث معه – فقال‬ ‫رضوان هللا عليه يصيح به فى ثوان معدود ‪ :‬إنت فين ياولد ‪ ،‬قال ‪ :‬جال‬

‫الشيخ ‪ :‬انطق بالحق ‪ ،‬فاجابه الشيخ محمد ابو سالمة ‪ :‬سأجيبك ولكن قل وذات هللا ال أقتلك ‪ ،‬إذ كان يعرف أنه والبد من‬

‫قاتله‪ ،‬فقال الشيخ ‪ :‬نعم ‪ ،‬فأين هربت ‪ ،‬لقد بحثت فى السماء واالرض والبحار والبرازخ جميعا فلم اجد أث ار لروحك ‪ ،‬فاين‬

‫ذهبت بها ؟ فقال ‪:‬عملت أنه ال سماء تظلنى وال ارض تقلنى وال بحار تصمنى وال برازخ تحمينى منك ‪ ،‬فأختبأت منك فيك‬

‫‪ ،‬فجعلت روحى بين جلدك ولحمك ‪،‬فضحك الشيخ ومسح على لحيته ‪ ،‬ثم قال ‪ :‬وهللا يا ولدى ‪ ،‬لو اختبأت منى فى قاع‬

‫البحر لقبضت عليك ‪ ،‬إذ لو امرت سمكه فى بحرها أال طعا لكى اليو ‪ ،‬ما أكلت من يومها هذا ‪،‬ويعلق الشيخ محمد‬

‫سالمة على ذلك قائال ‪ ،‬وهذا حق ‪ ،‬إذ كان المقا الذى فيه هو مقا الغوثيه وهو مقا مهيمن ‪.‬‬
‫وال ينازع قارئ هذا الكال الشك فى صحته ‪ ،‬إذ أن هذا الكال ابتداءا انما توجه الى المؤمنين به اوالكاشفين له أو الذائقين‬

‫ذوقه أما أصحاب العقول والفكر والنظر ‪ ،‬فإنا ندعهم الى قول الحق فى شأن عباد الربانيين فى الحديث الطويل الذى من‬

‫( ماتقرب الى عبدى بشى أحب مما افترضت عليه ‪ ،‬وما يزال عبدى يتقرب الى بالنوافل حتى احبه ‪ ،‬فإذا أحببته كنت سمعه‬

‫الذى يسمع به وبصره الذى يبصر به ‪ ،‬ويده التى يبطش بها ورجله التى يمشى بها وإن سألنى أعطيته ولئن اعاذنى آلعيزنه‬

‫) وهؤالء الذين تتحدث عنهم منهم فهم العباد الربانيون الذين يروا باهلل ويسمعون باهلل وكان هللا جميع قواهم ‪ ،‬فال تقصر‬

‫أبصارهم واسماعهم وايديهم عن البحار و االنهار و القفار والسفوح والجبال ‪ ،‬فإن لم تترك فى شك من امرهم متوقف عن‬

‫الخواص فيهم وقف عندهم بين القبول والرفض فال تطيل مقالهم بحسب مانظر اليه فكرك وال تترفض كالمهم بحسب ما‬

‫تحدثوا به وقف بين السبيلين وقل ‪:‬هللا اعلم بهم ‪ ،‬فمدعى الوالية إن كان كاذبا فطلبة كذبه وإن كان صادقا فكذبتة يصيبك‬

‫أثر تكذييبك له فى قوله ‪ ،‬فقف على االعراض بين القبول والرفض وبين الرضا والصد ‪.‬‬

‫فى الفقره السابقه تحدثنا عن الشيخ محمد سالمه ولكن لم نذكر بدايه وروده على الشيخ ‪ ،‬وإن كان الشيخ محمد سالمه يميل‬

‫ورود على الشيخ وليا فى نفسه وكانت عالقه واليته أن أعطا هللا الكشف ولكن بصوره كبير ودرجة عاليه وال يزال الكشف‬

‫متزايدا معه فى الوقت ‪،‬حتى أصبح اليستطيع كبح حماق وال يتمكن معه من منع نفسه من اخبار من كشف لهم به لدرجه‬

‫أنه كان يوقف الناس ويخيرهم عما بهم ويرد لهم تفاصيل حياتهم ‪ ،‬وأصبح هذا االمر فوق جهده وأقوى من احتماله وأبعد‬

‫عن سيطرته ‪ ،‬وكان أخوه سيد سالمه ممن سبقه الى الشيخ مسعد ‪ ،‬فعرض عليه أن يذهب معه اليه ‪.‬‬

‫(فلما دخل الشيخ محمد سالمه على الشيخ وجده على صور وكأنه يحمل رتبة عسكرية فأدى له التحية العسكريه فلما جل‬

‫عليه الشيخ محمد تفاصيل ما جاء به الية ‪ ،‬وكان الشيخ ينظر اليه وبيده سبحته ‪ ،‬ثم أوشاه الى جواره ‪ ،‬وكأنة لم يسمع‬ ‫ق‬

‫ما قاله ‪ ،‬ثم قال له ‪ :‬إن بينى وبين واحد من أهل القريه خصومه ‪ ،‬وأريدك أن تذهب لتصلح بينى وبينه ‪ ،‬فاندهش الشيخ‬

‫محمد ‪ ،‬وقال فى نفسه ‪ :‬ما لهذا جئنا ‪ ،‬انما جئت لكى ت خفف عنى وطأت ما أحمله من قدر على الكشف ‪ ،‬ولكن لم يكن‬

‫له من هذا الموقف إال الطاعه ‪ ،‬فخرج من عنده هو وأخيه ‪ ،‬دون أن يأخذ عنوان هذا الرجل أو مكانه فى القريه أو حتى‬

‫إسمه فقال له الشيخ سيد سالمه ‪ ،‬إستخد ماعندك من قو الكشف فى معرفه مكانه ومعرفه شخصيته ‪ ،‬فسا ار فى شوارع‬

‫القريه مهتدين بكشف الشيخ محمد الى أن وصال الى المنزل المطلوب وقابال الرجل صاحب الخصومه ‪ ،‬فلما دخال على‬

‫الرجل قاال له ‪ :‬إن الشيخ يريد أن يأتى اليك ويقبل رأسك ويصالحك ‪ ،‬فقال لهم ‪ :‬سأذهب اليه بنفسه وجاء معنا ودخل على‬
‫الشيخ وقبل رأس الشيخ وتم الصلح ‪ ،‬ثم نظر الشيخ الى وسيد سالمة ‪ ،‬وقال له ‪ :‬خذ صاحبك وتوكل على هللا ‪ ،‬ولم يق‬

‫ماكانا قد أتينا الجله وأندهشنا لذلك ‪.‬‬

‫ثم حدث أنه فى ليله النصف من شعبان التالية لهذه المقابلة ‪ ،‬أن طلب الشيخ محمد والشيخ جابر من الشيخ سيد أن يذهبوا‬

‫الى مقابلة الشيخ ‪ ،‬و الشيخ جابر كان أول العارفين بالشيخ وهو من كان سببا فى معرفه الشيخ سيد سالمه به والذى كان‬

‫بدوره سببا فى معرفه الشيخ محمد به ( والشيخ جابر والشيخ سيد قصه سنرويها ونجعلها فى هذا المكان فى الحق ان شاء‬

‫هللا ‪ ،‬تلك القصه التى كانت تفاصيل معرفه السيد بالشيخ فى اول مره ) ذهب الثالثه الى الشيخ ‪ ،‬وبعد أن جلسوا قال لهم‬

‫الشيخ ‪ :‬إذهبوا لزيار مقا أ الغال ‪ ،‬وضيح ا الغال هو ضريح عتيق فنزل اليه عبر درجات سلم وهو قريب من ضريح‬

‫الحسين وفى داخل الضريح غرفتين ‪ ،‬إحداهما وضعت بداخلها ال فته كبير سجلت فية رحلة قدو رأس االما الحسين الى‬

‫مصر وفى الغرفه الثانيه الضريح ‪ ،‬والضريح ‪ ،‬كماهو مكتوب على اللوحة المعلقه عليه يضم كل من السيد فاطمة بنت‬

‫سيدنا الحسن بن على ويضم زوجه سيدى على زين العابدين ويضم السيد فاطمه ا الغال الذى تسمى الضريح بأسمها ‪.‬‬

‫و السيده فاطمة ( ا الغال ) هى زوجة االما الحسن الفارسية واسمها شهرباتو جهان شاه يروجرد وهى احى بنات كسرى‬

‫ملك الفرس وقد زوجها االما على رضى هللا عنه لولده الحسين فى حضور عمر بن الخطاب وبعد دخولها االسال إنطلق‬

‫عليها فاطمة وهى والد سيدنا على زين العابدين ‪ ،‬ومن ضريح ا الغال انتقلت رأس االما الحسين الى مرقده الحال غير‬

‫ممر بالضيح ‪.‬‬

‫ثم نعود الى قصتنا فنقول أن الشيخ طلب من الثالثة أن يذهبوا الى مقا أ الغال ثم ينظروا ماذا ستقول لهم ‪.‬‬

‫فلم دخل الشيخ محمد والشيخ جابر للزيار تكلموا بالسريانى ‪ ،‬و الناس ناظرون اليهم ‪ ،‬فلما خرجوا سأل الشيخ جابر الشيخ‬

‫محمد ماذا قالت لك أ الغال ‪ ،‬فقال له ‪ :‬قالت اشترى لى اكبر شمعة فى القاهر ‪ ،‬فذهبنا لشرائها ووجدناها بعد مشقه كبير‬

‫‪ ،‬وذهبنا الى الشيخ بالشمعة ‪ ،‬وكان الذكر قائما ‪ ،‬فقال له الشيخ ‪ :‬تعالى يابو سالمه ‪ ،‬ماذا قالت لك ا الغال ؟ قال ‪:‬‬

‫قالت هات أكبر شمعة فى القاهر فاشتريتها ‪ ،‬وها هى بين يديك ‪ ،‬فأشعل الشيخ الشمعة ‪ ،‬واستمرت على اشتعالها حتى‬

‫الفجر ‪ ،‬ثم وضعها الشيخ فى حجر وضريح من الغرفة ‪ ،‬فما لبث أن شعر الشيخ محمد ابو سالمة بأن روحه فارغة من‬

‫أثر الكشف الذى شكا منه ‪ ،‬فكان هذا عالجه ‪.‬‬


‫أما الشيخ جابر فكان له تجاوزات فى الطريق ( سنذكرها فى الحق أن شاء هللا و وضعتها فى هذا المكان ) وكان يتكسب‬

‫ماريا بسبب هذه التجاوزات وكان يضع مايتكسبة فى زلعة محفوظة لوالده زين‪ ،‬فنظر اليه الشيخ وقال له ‪ :‬أنت تحافظ على‬

‫المال فى زلعة لولدك زين!؟ فما لبث بعد ثالثة أيا إال أن غرق ولده ‪ ،‬وهو االبن الوحيد له على بنات الشيخ جابر ‪ ،‬ومرت‬

‫االيا على الشيخ جابر وخرج من الدنيا على خير والحمد هلل ‪.‬‬

‫كانت الروايه السابقه هى روايه الشيخ سيد سالمة فى اول معرفه الشيخ سيد سالمة بسيدى مسعد ‪ ،‬غير أن هناك روايه‬

‫اخرى ‪ ،‬اختلفت تفاصيلها عن تلك الرواية السابقة ‪ ،‬فأردنا أن نسردها على ماهى فإن فى الروايتين التقاءات واختالفات وإن‬

‫اتفقتا فى الجوهر ‪ ،‬تلك الرواية هى روايه الدكتور احمد موسى عن عمه الشيخ محمد سالمه ‪ ،‬يقول فيها على لسان شيخه‬

‫‪ :‬روى لى شيخنا أبو سالمة أنه أول ما رأى الشيخ رآه فى رؤية ظاهر باطنة فقال له يا محمد أنا الشيخ مسعد عبد العزيز‬

‫داود من اإلخصاص وأنت من أبنائى فتحضر إلى بعد ثالثة ليالى من اآلن‪ .‬فلما جاء الموعد ذهب إليه مع أحد أقاربه من‬

‫الحديد والصلب‪ .‬قال الشيخ فلما دخلنا الديوان إستأذن لى الشيخ فى الصعود ‪ ...‬فأذن لى ‪ ..‬فلما صعدنا وجلست بين يديه‬

‫منتظر‬ ‫لم أعرفه‪ ،‬ألنى لما رأيته فى غرفتى كان بهيئته الحقيقية مرتديا زيه الرسمى‪ .‬فجلسنا فأمر لنا بالضيافة‪ ،‬وأنا جال‬

‫جاى‬ ‫قدو الشيخ‪ ..‬فلما استبطأته سألت الشيخ وأنا ال أعرفه‪ ...‬هو الشيخ مش موجود؟ فضحك وقال لى ‪ ..‬أل موجود ب‬

‫كمان شوية‪ ،‬ثم أمر قريبه بالنزول فبقيت أنا وهو فق ‪ ،‬وبينما أنا أنظر إليه وجدته فى حال حضور كامل كما كان فى الرؤيا‪،‬‬

‫فما أدرى بنفسى إال واقفا بين يديه ومؤديا لهيبته التحية العسكرية وقد تسمرت جوارحى تماما‪ ...‬فلما أردت أن أكلمه‪ ،‬خرج‬

‫الكال كله بالسريانى‪ . .‬فاستمع لى منصتا ثم أمرنى أن أستريح‪ ..‬فتحركت أعضائى وجلست أمامه وأنا مغيب العقل تماما‬

‫وهو يتحدث مع حالى الذى يبلغه بكافة المعلومات عنى فلما انتهى الحوار بينهما أفقت إلى رشدى ورد إلى عقلى فقال لى‬

‫إيه ده؟ عيل صغير معاه جوهر لو واحد ضحك عليه ببلحة ياخدها منه‪ ،‬فرد عليه الحال قائال لقد أعطى عيسى فى المهد‬

‫صبيا‪ ،‬فقال الشيخ رضى هللا تعالى عنه للحال‪ ،‬إنت كمان غلباوى‪ ،‬إنزل تحت‪ ،‬ثم طمأنى الشيخ قائال إنت تروح دلوقتى يا‬

‫محمد تستريح وتجيلى بكره الصبح‪ .‬ولعل تلك الجوهر التى أشار اليها الشيخ هى حال الكشف الذى اتصف به الشيخ محمد‬

‫سالمة والذى ذكرنا تفصيله فى الرواية السابقة ‪ ،‬واما ما مقده من قوله ‪ :‬لو واحد ضحك عليه ببلحه يأخذها منه؟ فربما‬

‫اشارته الى لصوص العطاءات عند من ال يحافظ على عطائه ‪ ،‬وهو أمر يعرفة أهل هللا ن جاء فى هذه الرواية وجاء فى‬

‫روايتنا عن الشيخ عبدالمنعم ابوحسي ن وأما قول الحال ‪ :‬أن هللا أعطى النبوه لعيسى وهو فى المهد صبيا ‪ ،‬فربما معناه أنة‬
‫لما اعطى هللا لعيسى النبو وهو صبيا ‪ ،‬أعطى هللا الكشف لمحمد أبو سالمه ‪ ،‬وهو لم يتضح بعد فى مقامات االولياء التى‬

‫تحافظ على عطاءاتها ‪ ،‬وما قلناه هو احتمال فهمنا وقد يكون االمر خالف ماقلنا ‪.‬‬

‫وأما حديثه مع الحال فربما كانت ذلك خالل اللغه السريانيه التى تصدر من باطن المريد الى باطن الشيخ ‪ ،‬فتكون اللغه‬

‫السريانيه التى تصدر من باطن المريد الى باطن الشيخ ‪ ،‬فتكون اللغه السريانيه هى حديث الحال وأما طمأنه الشيخ له فربما‬

‫يكون معناه يكون معناه أنه بلقاء الشيخ قد صار عطؤه محفوظا محميا ‪.‬‬

‫ومن طرئف وعجائب الشيخ مع ابنائة الواجبه التفسير والتى تختل على الغرباء فى تفسيرها ويرسلون سوء الظن واالستهجان‬

‫فى قبولها على ظاهرها ويتفقدونها فى دواخلهم ‪ ،‬أخذين منها دليال على الفرح فى الطريق وفى سير الصالحين وفى تجاوز‬

‫أوالدهم فى اظهار درجة الخضوع والخنوع لهم وبرهانا على ضالل الصوفية ‪ ،‬ماتراه من مريدى الشيخ حيثما يمررون ايديهم‬

‫على أقدا الشيخ وساقه وهو مادا لها مد لكين إياها راغبين فى وضع ايديهم عليها ‪ ،‬هذه الظاهر وإن كانت غريبة على‬

‫الغرباء مستهجنين لها ‪ ،‬إال أنة ال يعرف سرها إال من ذاقها من شيخه ولنا هنا فى صور مجادلة المعارض أو مناهضه‬

‫القريب ‪ ،‬فإن جل علو القو هى علو ذوقية ومن ذاقها فقد عرفها ومن عرفها اطمأن اليها ‪ ،‬وعلو االذواق ليست فق‬

‫الحجه والبرهان والدليل والنظر العقلى ‪ ،‬انما هى مناط الذوق والتجربة ‪ ،‬فمن ذاق طعم التفاح ‪ ،‬ال يتمكن مهما بلغت مهارته‬

‫فى التعبير أن ينقل الى من لم يذق طعمه ‪ ،‬وال يمكن له معرفة ذوقه إال بعد أن يذوقه مثله ‪ ،‬هنالك يتمكن لهما مناقشة‬

‫المذاق ألن كالهما قد ذاقاه واصبح الذوق له معلو لديهما اما اذا كان احدهما قد علم ذوقه واالخر قد جهله فال يجتمعان‬

‫معا فى منطقه المعرفة ‪ ،‬وال يجوز لهما فى هذا الوقت المجادلة والمخاصمة واالنسان على العمو عدو ما يجهل‪.‬‬

‫هذه الظاهر من خالل أذواق العالمين بها العارفين لها ‪ ،‬الذائقى أثرها الذين يمألهم اليقين فى فعلها كاننا‬ ‫فإذا اردنا ان نق‬

‫ننقل ما سمعناه من الدكتور أحمد موسى ناقال إياه عن شيخه محمد ابو سالمه الذى نقله بالتبعيه عن شيخه عم الحج مسعد‬

‫كالمه‬ ‫‪ ،‬بادئا باظهار المعارض لهذه الظاهر معنيا بتفسيرها على الوجه الذى ذاقه أهلها ‪ ،‬يقول الدكتور احمد موسى بن‬

‫وبتصريف منا ‪ :‬كان الشيخ محمد ابو سالما حاض ار مع الشيخ مسعد فى احدى جلساته قبل وفاته بقليل وكان قد اصطحب‬

‫احد أقربائة معه فى زيارته للشيخ ‪ ،‬وكان لهذا الرجل شأنه فى قومه ‪ ،‬وكان الشيخ مادا ساقه وقدميه ‪ ،‬ووجد الشيخ محمد‬

‫ابوسالمه نفسه وقد امتدت يديه على ساق الشيخ يدلكها له ويمررها عليه فقد جعل الشيخ فى نفسه ذلك ‪ ،‬فلما انتهت الجلسة‬

‫وطفقا عائدين بعد وراع الشيخ ‪ ،‬المه الرجل لوما شديدا على مافعله فى قد الشيخ قائال له ‪ :‬انت ايه ؟‪...‬عامل زى النسوان‬
‫كد ‪...‬وبتدعك رجل الراجل د !!! ‪...‬ياخى عيب عليك دا احنا والد عيلة كبيره ‪ ...‬ولم يكتف هذا الرجل بذلك بل لكم الشيخ‬

‫محمد فى ص در لكمة المتة ‪ ...‬وفى المر التاليه لزيار الشيخ ‪ ،‬شكا الشيخ محمد للشيخ ماكان من قريبه ‪ ،‬فقال له الشيخ ‪:‬‬

‫‪ ...‬ماتزعلش يا محمد ‪ ....‬انا هاردهالو‪....‬‬

‫ثم حدث أن انتقل الشيخ الى جوار ربه ن وكان من المشيعينللشيخ ذات الرجل صاحبت الواقعه ‪ ...‬واثناء وقوف الرجل‬

‫ارت طم نعش الشيخ الحامل له بصدر هذا الرجل فى ذات الموضع الذى كان قد لكم الشيخ محمد أبوسالمة فيه ‪...‬وكان من‬

‫اثر ارتطا النعش فى صدره ‪ ،‬أن صابه من أثر هذا االرتطا التهاب شديد ‪ ،‬مات بعده ‪ ،‬فعلم الشيخ محمد أن هذا رد‬

‫الوقت ال يعلم سره ‪ ،‬أن يقف بين السبيلين‬ ‫الشيخ وكان االحرى بهذا الرجل اذا شاهد مالم يقبله عقله ونظره ‪ ،‬وهو فى نف‬

‫‪ ،‬فال يقبله بنظره ولكنه ايضا ال يرفضه الحتمال وجود سر فيه ‪ ،‬فيقف بين القبول والرفض الى أن يشاهد ترجيح احدى‬

‫االحتماليه‪ ،‬وهذا الرجل ايضا لم يكتف بالرفض العقلى و اللفظى ‪ ،‬بل تجاوز الىاالساءه للشيخ محمد بااليذاء فهو القول‬

‫والفعل ‪ ،‬فوصفه بأحوال النساء وسبه فى نفسه وأذاه فى بدنه واهانه فى نظره ‪ ،‬وكانت هذه االساءه فى سبيل عمه وبسببه ‪،‬‬

‫وبهذا استوجب على الشيخ ردها ‪ ،‬وكان رد االساءه على قدر مقا الشيخ ‪ ،‬فحصل له ماذكرناه ‪.‬‬

‫واالمر الثانى الذى ال ينبغى علينا أن نفعله أن الشيخ يدافع عن ابنائه بعد انتقاله‪ ،‬وكانما هو بينهم وتسيرو فى سير الشيخ‬

‫مايؤكد هذه الحقيقه ‪ ،‬فى مرات نتمكن من إحصائها ‪.‬‬

‫اما سرهذه الظاهر ‪ ،‬فياال مكان أن نقول أنه وسيله ال نتقال تدع من العلو من الشيخ الى المريد بما يعرف بالعلم المطوى‬

‫والعلم المطوى هو العلم الذى ال يحتاج التلقى فيه إلى القاء ظاهرى من الشيخ من خالل الكلمات والحروف ‪ ،‬بل هو انتقال‬

‫ذاتى للعلو من الشيخ الى المريد وإذا اردت شبيها لهذه الظاهر ‪ ،‬حتى ال يظن ان الكال فى المطلق ‪ ،‬فانظر الى سريان‬

‫الكهرباء فى يدك اذا ال مست سلكا عاريا ‪ ،‬فإن الكهرباء فى السلك العارى باطنه فيه ال تراها فإذا ال مستة انتقل هذا الشئ‬

‫الباطن المستور الى داخلك ‪ ،‬فاذا كانت الكهرباء أقوى محاكمه منها واهمتك واتلفتك وإن كان لك قدر استيعابها أفدتك‬

‫وأعانتك ‪ ،‬ومثل جهاز الشحن الناقل للطاقه فى الجهاز المشحون ‪ ،‬فإذا كان هذا معلو لديك فى الظاهر فلماذا تستغربه فى‬

‫انتقال العلو المعنويه بمالمسة الواهب لها ‪ ،‬وكما ذكرنا أنها علو ذوقيه ال يعرفها أال من ذاقها ‪ ،‬تماما كمن ذاق أثر‬

‫الكهرباء إذا سرت فى يديه من اثر مالمسة السلك المكشوف ‪،‬فعرفها ‪ ،‬ولو لم يجد من ذاقها مثله ال تستغربه منه ‪.‬‬
‫فمدد الشيخ من خالل المالمسه للمريد هو ايصال روحانى معزول مستور ال يشعر به احد ‪ ،‬فهو مدد خاص غير منظور‬

‫ال يدرى به االصاحبة ‪ ،‬الممد والممدود ‪ ،‬وهو مدد مستور محجوب حماية للممدود من أثر الناظرين إليه فربما يصيبه حاسد‬

‫أو يشنأه شانئ او يكيد له كائد‪ ،‬وهو سر بين الشيخ وولده ال يطلع عليه جن وال ملك وال كائن من كان ‪.‬‬

‫ومن خالل هذه المالمسة يتم االتصال بين الطرفين فيتلقى أحدهما من االخر ويتبادال فيها العلو ‪.‬‬

‫ولقد كان لهذا الذى قلناه شاهد فيما رواه الشيخ محمد ابو سالمه فقال واصفا ماكان بينه وبين شيخه ‪ ،‬فقد حدث ان شكا اليه‬

‫الشيخ من الم أصاب كتفه وطلب منه أن يدلكه له فلما فعل ذلك ‪ ،‬وجد قى سره وردا من الشيخ له ‪ ،‬يطلب منه قراءته وتك ارره‬

‫‪ ،‬فإذا تساءل فى نفسه عن عدد تكرار هذا الورد ولم يجد من الشيخ جوابا ‪ ،‬وجود الجواب الفعلى أثناء قراءته له فتراه يمسك‬

‫المسبحة ويردده بقلبه فإذا وصل الى العدد المطلوب توقفت المسبحه من حولها بين أصابعه ‪ ،‬حينئذ يعلم أن مرات تكرره ‪،‬‬

‫هو ذات العدد الذى الذى توقفت عنده المسبحة ‪.‬‬

‫وعلى منوال ماسبق كانت هناك الكثير من المعلومات واالسئلة واالجابات و التفسيرات وااليضاحات ‪ ،‬وهكذا ‪.‬‬

‫وقد يحدث المدد من هذا الطريق الى المريد الممدود دون أن يدرك المريد فحوى المعلو بعقله ‪ ،‬فيكون هذا المعلو داخل‬

‫بالضرور أن يفهم ما أعلمه الشيخ به ‪ ،‬ولكنه فى ذات الوقت يتفاعل مع هذا‬ ‫المريد ولكن ال يتمكن بعقله من قراءته ‪ ،‬فلي‬

‫المعلو دون أن يكون عقله هو الدافع اليه ‪ ،‬فقد يجد فى نفسه تصرفا تلقائيا بسبب هذا المعلو فى أمر ما ‪ ،‬دون أن يكون‬

‫ولم يخبره بفحوى هذه االمانه ‪ ،‬خالف من أودع أمانه عنده وقد أخبره‬ ‫عقله هو الدافع له كمن أودع أمانه لدى شخ‬

‫بفحواها وأعلمه حقيقتها ‪ ،‬فاألول صاحب سر ولكنه ال يعلم فحوى سره ويعلم فحوى سره ن ولقد سألت الشيخ باهى سؤاال‬

‫ذات مر – والكال لى – فقلت له ؛ هل يكون المريد حامال لمقا معين ‪ ...‬وال يعلم أنه صاحب هذا المقا ظ فقال لى ‪:‬‬

‫نعم ‪ ...‬ولكنه يجد أثره فيه ‪ ،‬وعالمته عليه ‪.‬‬

‫وأما سرعة سريان المعلو من الممد الى الممدود بهذا الطريق فانها تكاد تكون بال زمن ‪ ،‬فإن وقت سريان إمدادها من الممد‬

‫هو ذات وقت وصولها الى الممدود ‪ ،‬فال وقتا فاصال آلنه ال مسافه فاصله بينهما فى هذا الوقت ‪ ،‬التحاد الممد بالممدود ‪.‬‬

‫واما كميه العلم الممدود فى حد لها وال ضاب لها وال نهاية إال بنقضاء وتما المعلو المراد إيصاله ‪.‬‬
‫وقد يكون نوع اال مداد حاال يتصل من الشيخ به ‪ ،‬فيجد حال الشيخ قد أصابت المريد بما يهبه شيخه من طاقة ايجابيه تقلب‬

‫بها هذا السلب الى ايجاب وقد يكون نوع االمداد نو ار كاشفا المر قد أبهمت صورته لدى المريد وقد يكون نوع االمداد ضمأنة‬

‫للمريد من أمر أصابة أو امر سيصيبه أو طاقه يحمل بها نازله على وشك الزوال اليه ‪.‬‬

‫مثل ماحدث آلخينا محمود بركات حين كان جالسا مع الشيخ باهى يتحدث اليه و الشيخ بين الوقت واالخر يربت على ركبته‬

‫ويربت على ذراعه ويربت على كفيه ولم تكن هذه عادتة معه وبينما هما على هذا الحال ‪ ،‬إذا بمكالمه يتلقاها محمود بركات‬

‫يخبره فيها من أخبره أن ولده قد أصيب فى حادثة نقل على اثرها الى المستشفى وأخبره من أخبره أن الحادثه كبير وأن‬

‫االصابه جسيمه ‪ ،‬فلم يك ن منه إال أن قال ‪ :‬قدر هللا وما شاء فعل ‪ ،‬ونزلت عليه هذه النازلة مصحوبة باطمئان داخلى‬

‫وسكون فى قلبه ولم يتحرك من داخله شئ ‪ ،‬ومع فوات االمر ادرك سر ماكان من الشيخ فى هذه الجلسه وهو ماذكرناه و‬

‫الشيخ فى هذا الوقت من االمداد الروحى يملك طاقه المريد ‪ ،‬فيرفع منه ويخفض فيه بحسب ما يودعه فيه من المدد ‪.‬‬

‫والشيخ بهذه الملكات يملك السيطر على استقباالت المريد ‪ ،‬فربما استغرق المريد فى ورد ما او صال او ذكر ‪ ،‬وإذا استمر‬

‫على هذا الحال فإن هذا الذكر سيأخذه بروحانية من مطلوبات حياته والتزاماتة االجتماعيه وظروف عملة ‪ ،‬فالشيخ فى هذا‬

‫الحاله يغير اساستقباالت باطنه بما يضمن المعادلة بين مطالب الحيا ومطلوبات الطريق ‪ ،‬أو يكون المريد ممن إذا استشعر‬

‫حالو التجليات ‪ ،‬أصابه الجذب من أثرها فيكون بهذه السيطر ضاب له ‪ ،‬قائم عليه ‪ ،‬أو يكون فى المقابل شديد القلب عتى‬

‫صعب المراس فيجذب ه اليه بشديد التجليات وفائض االنوار ومن باب ماذكرناه ‪،‬تلك القصه التى سمعناها من الشيخ‬ ‫النف‬

‫خالد بن أ محسب والتى ذكر فيها بدايه معرفتها بالشيخ نذكر منها مايفيد الكال عما ذكرناه ‪ ،‬وسيرو تفاصيل لقاءها‬

‫بالشيخ فى ال حق أن شاء هللا ‪.‬‬

‫تقول الروايه ان ا محسب فى بدايه معرفتها بالشيخ ‪ ،‬كانت وزوجها يتسابقان فى عديد مرات الصال على النبى صلى هللا‬

‫عليه وسلم على الحصى وهم ا فى حراسه ضريح احمد حسانين فى الدراسه ‪ ،‬ولم يكن المكان مأهوال فى هذا الوقت ‪ ،‬وكان‬

‫يقضيان الوقت فيما ذكرناه ‪ ،‬فمر عليها الشيخ عبدالقادر وهو أحد ابناء الشيخ ‪ ،‬وجالسها ‪ ،‬وتكررت زيارته لهما ‪ ،‬إذا كانت‬

‫هذه المرحلة ‪ ،‬مرحلة انتقالية بين ماهى علية االن ومرحلة مابعدالتقاءها بالشيخ والدخول فى سلكه ‪ ،‬فكان من الشيخ‬

‫الى جانبها على الدوا ‪،‬‬ ‫عبدالقادر بعض التجاوزات فى نظرها والتى شككتها فى اخالقه ‪ ،‬فمن هذه التجاوزات أن يجل‬

‫من وجود فلم‬ ‫ومنها ان يضع يديه على رجلها أو كتفها او يتعمد مالمستها ‪ ،‬فساءها مارأتة منه ‪ ،‬وحاولت أن تتخل‬
‫تستطيع ‪،‬الى أن جاء دحروج وهو ايضا من ابناء الحج مسعد ‪ ،‬وهو فى الحقيقه ابن الشيخ عبدالقادر ‪ ،‬فأخبره أن الشيخ‬

‫مسعد يريد أ محسب وزوجها فى االخصاص ‪ ،‬وان مهمتك قد انتهت الى هذا الحد ‪ ...‬وكان لدى أ محسب حماس للقاء‬

‫من عبدالقادر ‪ ،‬فلما ذهبت اليه شكت له هذ االفعال ‪ ،‬وقال لها ‪ :‬ماذا فعل لك عبدالقادر‪ ...‬فقالت له ‪ :‬ده‬ ‫الشيخ للتخل‬

‫قليل االدب ‪ ...‬وراجل بتاع نسوان ‪ ...‬فضحك الشيخ وقال لها ‪ ...‬أنا ماعنديش أوالد قلالت االدب ‪...‬وتمر االيا ‪ ...‬وإذا‬

‫بالشيخ فى احدى الجلسات ‪ ،‬وكان فى هذه الجلسه أ محسب ‪ ..‬وكان مادا رجليه أثناء جلسته ‪ ...‬وكانما الشيخ قد وضع‬

‫الوقت ن قال الشيخ ‪ ...‬بقولك ايه يابنتى ‪ ..‬رجلى‬ ‫أ محسب الرغبة الشديد فى تدليك قدمى الشيخ ‪ ....‬وفى نف‬ ‫فى نف‬

‫واجعانى ‪ ...‬ماتيجى تدليكهالى ‪ ...‬فلما وافقت أمر الشيخ رغبتها فى ذلك ‪ ...‬ذهبت الى هذا الفعل بهمة ونشاط ‪ ....‬فلما‬

‫رأى منه ذلك ‪ ،‬فضم ساقيه ‪ ...‬وقال لها ‪ :‬ال يابنتى هاتقولى ‪ :‬د بتاع نسوان زى عبدالقادر ‪ ....‬وعزه جالل هللا يابنتى ‪...‬‬

‫ده وزير سيدنا الحسين ‪ ...‬ومت حول عندك بإذن ‪ ...‬ويابنتى ده ورقك متحول عندى ‪ ...‬ويربى فيكى ‪ ....‬من يو فنجان‬

‫القهوه وانتى فى بيت أبوكى ‪ ...‬فتذكرت تلك الواقعه ولم تكن قد تزوجت بعد ‪ ...‬واذ دخل عليهم فى دارهم رجل ‪ ....‬واستقبله‬

‫أياها ‪ ...‬ثم توجه الى ا محسب (نوال فى هذا الوقت ) ‪ ...‬وقال لها ‪ :‬يانوال إعمليلنا قهو ‪ ،‬فصنعت ثالثه فناجيل قهو ‪،‬‬

‫فأخذ أحدها وأعطاها االخر ‪ ،‬وسكب الثالث فى االرض ‪ ...‬فعلمت أن الزائر الذى كان قد زارها فى هذا الوقت هو عمى‬

‫الحج مسعد ‪ ....‬ثم دار الزمن والتقت بالشيخ بعد زواجها وحصول ماذكرناه ‪ ....‬فمالمسة المريد للشيخ على أى صوره من‬

‫الصور التى ذكرناها ‪ ،‬هى وسيله مطويه ال نتقال المدد أو الحال أو العلم من الشيخ الممد الى المريد الممدود له ‪.‬‬

‫ومن باب ماذكرناه أيضا ماحكاه الشيخ محمود بركات نقال عن الشيخ محمد ابوسالمه ‪...‬تقول الرواية ‪ :‬توجه الشيخ أبو‬

‫سالمه الى قدمى الشيخ وأخذ فى تدليكها كما اعتاد هذا األمر كثي ار ‪ ،‬إذ كان يعلم ان مددا سيمتدو من الشيخ اليه ‪ ،‬كما امتد‬

‫اليه فى كل مر تناول فيها قدمى الشيخ بالتدليك ‪ ،‬وكانوا يستشعروت تجليات هذا المدد بعده ويعيشون فيه مستمدين بذوقه‬

‫‪ ...‬وبعد تدليك قدمى الشيخ ‪ ...‬ذهب الى بيته ‪ ...‬ومكث قرابه الشهر بعد هذا الحدث مريضا فى بيته ‪ ..‬ال يتمكن من‬

‫الحركه ‪ ..‬ولما أعيته السبل ذهب الى الشيخ وشكا اليه حاله ‪ ....‬فضحك الشيخ وقال له ‪ :‬يابنى ‪ ...‬أرئيت وقت أن كنت‬

‫تدلك قدمى ‪ ...‬انها لم تكن قدمى ‪ ....‬أنها قدمى سيدى أحمد البدوى!!! ‪.....‬وحال البدوى شديد ‪ ...‬فال بد وقد انتقل اليك‬

‫حاله ‪ ..‬ان تسكر بما سكرت به ‪ .‬وفى هذه الروايه امرين ‪ ،‬االمر االول هو التأكيد على ماذكرناه من أن الحال والعلم والمدد‬

‫ينتقل الى المريد عبر هذه الواسطه ‪.‬أما االمر الثانى فهو تجد ارواح االولياء فى الصور المختلفة ‪ ،‬وكان منها تجد روح‬
‫السيد البدوى فى صوت عم الحج مسعد ‪ ،‬وهو أمرمألوف فى طريق هللا ‪ ،‬وقد ذكرنا طرفا منه وتمتأل سيره أهل هللا بمثل هذه‬

‫الظاهر ‪.‬‬

‫وثمه روايه أخرى من هذا الباب ينقلها الينا الشيخ سعيد ابن الشيخ محمد أبو سالمه ‪ ،‬يقول فيها ‪ :‬كان من مفادى زيار‬

‫الشيخ سيده تاتى اليه وفى يدها حقيبه ‪ ،‬فارتابت زوجة الشيخ فى امرها ‪ ،‬إذ كانت فى كل مر تختلى بالشيخ أوقاتا طويله‬

‫كانا يتبادالن فيها الحديث ‪ ...‬فما كان منها إال اخلت الوقت ونظرت فى محتويات حقيبتها فوجدت صاجات ‪ ،‬وهى من‬

‫ادوات الراقصات إثناء رقصهن ‪ ،‬وكانما عثرت على ضالتها ‪ ...‬فنادت على الشيخ واطلعته على ماوجدته فى حقيبتها وقالت‬

‫له ‪ ...‬اشوف كالمك اصدقك ‪ ...‬واشوف امورك استعجب ‪..‬وكانما مفارقه كبيره بين كال الشيخ وامقاله ‪ ....‬فأجلسها الى‬

‫جواره ‪ ...‬مرمد ساقيه ‪ ....‬وطلب من زوجته أن تقبض على قدميه ‪ ...‬فلما قبضت على قدمى الشيخ غابت فما صادفته‬

‫‪ ...‬فرأت هذه المرأه التى ظنت فيها السوء ‪ ...‬فى السماء السابعه والمالئكة يحوطونها فرحا بها ‪ ،‬ولم يذكر لها السر فى‬

‫أمرين االمر االول هو يكيد ماذكرناه ‪ ،‬حين‬ ‫قرب هذه الم أر من ربها بالرغم مما شاهدته منها ومن تلك الروايه نستخل‬

‫انتقل المعلو المستور المطوى من روح الشيخ الى روح زوجته حال مال مستها لساقه ‪ ،‬واالمر الثانى هو التأكد على عد‬

‫االخذ بظواهر االشياء وال القطع بها ‪ ،‬حال الحكم على صالح هذا أوفساده ‪ ،‬فإن ثمه أمور ال تظهر للعين ‪ ،‬ال يعلم حقيقتها‬

‫اال هللا ‪ ،‬وهو عالج ذلك السكوت من اخالق االحكا وارجاع االمر للقادر الحاكم ‪.‬‬

‫واما بدايه معرفه الشيخ سيد سالمة بعمى الحاج مسعد ‪ ،‬فان الشيخ سيد يقصها علينا بنفسهواضعا بدايه رحلتة فى نفسه و‬

‫مع شيخه‪ ،‬فهو االبن المقرب لدى الشيخ للدرجة أن كان زوجا البنتة ‪ ،‬وهو الشقيق للشيخ محمد سالمه الذى كانت له مع‬

‫الشيخ اس ار ار جمة وقد كان له كشف وواليه قبل حضور للسلك مع الشيخ فى طريقة وهو فى نفسه كانت له مع الشيخ‬

‫أس ارراوعجائبا ‪ ،‬فيبداء الشيخ سيد واصفا هذه البدايه بقوله ‪ :‬كان بدايه امرى وانشغالى بالطريق ‪ ،‬أن كان الى جوارنا رجل‬

‫يدعى الشيخ جابر ‪ ،‬وكان لديه حانوتا صغي ار يتاجر فيه ‪ ،‬وكان معروفا لدى العوا بكونه صوفيا محضا حافظا للقران عالما‬

‫بالشرع ويعرف فى علو االوقات و االعمال التى تشغل خي ار كبي ار من أهتمامات القو فى ذلك الوقت ‪ ،‬وال زلت ‪ ،‬وكان‬

‫لدى ميل كبير الى الجلوس الى جواره واالستماع الى حديثه ‪ ،‬وأعتدت هذا الجلوس ‪ ،‬واعتاد هو االخر مصاحبتى فطلبت‬

‫منه ذات مر أن أخذ عهدا على يديه فرفض ذلك وقال أنى صغير السن على ذلك ‪ ،‬إذ كان عمرى فى هذا الوقت لم يبلغ‬

‫الثانيه عشر ‪ ،‬أال أن هذا الخاطر ال يزال يلح على حتى اكون فى سلكه ‪ ،‬فا لحقت عليه فى ذلك ‪ ،‬وال زال على رفضه‬

‫حتى اننى كنت أرى فى الرؤى أننى على الدوا أريد أن أشترى منه بضاعه وهو على الدوا ال بعنى إياها ن أال أنه من‬
‫هذا من قبيل أخذ العهد ‪ ،‬فأعطانى‬ ‫اخرالمجادالت قال لى ‪ :‬أننى سوف أعطيك فاتحة سلوك لسلك به نحو هللا ‪،‬ولكن لي‬

‫وردا يوميا أقرءه بعد الصال ‪ ،‬لكل صال وردا خاصا بها ‪ ،‬بعد صال الصبح تقول ال اله اال هللا الملك الحق المبين محمد‬

‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وبعد صال الظهر تقول اللهم صل على سيدنا محمد النبي األمي الطاهر الزكي تحل بها‬

‫العقد وتنفرج بها الكرب وعلى آله وصحبه وسلم وبعد العصر تقول استغفر هللا الغفور الرحيم وبعد المغرب تقول ال اله اال‬

‫هللا عدد كل متحرك وساكن ‪،‬فراوف على هذه األوراد وبعد العشاء تقول سبحان هللا والحمد هلل وال اله اال هللا وال حول وال قو‬

‫به‬ ‫إال باهلل والزلت على قراء هذه االوراد حتى اليو وحصل بيني وبين الشيخ جابر رباط روحاني فنتج عنهم وده وأن‬

‫و حكايات وكأنني الفت الجلوس عليه‪.‬‬ ‫اليه يوميا مستمعا الى قص‬ ‫ماكست احب ان اجل‬

‫اال انني كنت في بعض االوقات وااليا ارى الشيخ جابر غائبا مختفيا عن األنظار‪ ،‬وانا المتبع لكل حركاته وسكناته وجوده‬

‫وغيابه ‪،‬وكانت تلك األيا التي يكون غائبا فيها هي أيا المواسم و األعياد و المولد النبوي وليلة النصف من شعبان و أيا‬

‫المولد ‪،‬وخالف هذه المناسبات تحصل في نفسي شغف الستطالع أسرار هذا الرجل وكنت قد نضجت قليال وسلكت مثلك‬

‫الشباب والرجال وكنت اسال زوجته عن سر غيابه فتقول ال اعلم ‪ ،‬اصبح هذا االمر شاغال لي ومقلق اياى ‪،‬وكان لي احد‬

‫االصدقاء المقربين إلي والذي كنت أسر له بهذا الخاطر في نفسي فقلت له إن هذا الرجل يختفي في المواسم واألعياد فاريد‬

‫به‪ ،‬وجاءت المناسبة التي كانا ينتظرانها ‪ ،‬وكان يو‬ ‫ان اعرف اين يذهب هذا الشيخ في تلك األوقات ‪...‬تعالى نترب‬

‫جمعه وكان الشيخ جابر يخطب في أحد المساجد القريبة منه فلما نزل على المنبر وأتم الصال وخرج من المسجد راينه‬

‫يتوجه الى خارج المنطقة التي نسكن فيها فقلت يا صاحبي تعالي معي نتبع خطى الرجل ‪،‬منا عارف الى اين يذهب هو‬

‫فوجدناه يركب احد االتوبيسات وكان يركب من الباب األمامي فركبنا بنا نحن من الباب الخلفى وساره العربة الى أن وقفت‬

‫في مكان لمن نتبينه بعد ‪ ،‬ولما نزل من العربة نزلنا خلفه ‪ ،‬ا رأيناه قد وقف برهة في اول الطريق ‪،‬ثم نظر خلفه فرآنا‬

‫‪،‬فس اق في أيدينا ‪ ،‬وقال ‪ :‬ما الذي جاء بكم الى هنا فقلنا له كنا نريد ان نعرف اين تقضي هذا الوقت فسرنا من وراءك فقال‬

‫تعالوا معى …‪ .‬وكان المكان الذي يقصده الشيخ جابر هو بيت الشيخ مسعد وكانت الوقفة التي وقفها في اول البلد هي‬

‫الوقفة التي يق أر فيها الفاتحة للشيخ و هي في عرفة االذن بالدخول عليه ‪.‬‬

‫الشيخ جابر في جوار‬ ‫فلما دخلنا على الشيخ سلمنا عليه وقبلنا يديه وجلسنا وكانت القاعة مكتظة بالرواد والزائرين ‪،‬وجل‬

‫الشيخ وجلست وصاحبى في آخرها ومره الوقت وشعرصاحبى بالجوع ‪ ،‬وكذلك أنا فقال لي صحى … لو كان هذا الرجل‬
‫شيخا حقا التى لنا بالطعا …‪ .‬وما انتهى صاحبي من كالمه حتى نظر الينا الشيخ وصاحي على ولده باقي قائال له يابا‬

‫هات الطبليه بتاعه االكل … الناس نفسها انقطع من الشاى … فنزل الطعا وأكلنا ‪.‬‬

‫الشيخ يتحدث اليه اال ان الشيخ مسعد قال له خذ دراويشك وتوكل على هللا أذنا له‬ ‫وكان الشيخ جابر يريد أن يجال‬

‫باالنصراف …‪ .‬سلمنا على الشيخ وخرجنا من المندره ولما خرجنا نادي الشيخ علي بشير‪ -‬وهو من أحب اإلخوان على‬

‫الشيخ واحبهم الى اخوانه ‪ -‬و أشار اليه ان ينادوا علي ‪ -‬والكال للشيخ سيد سالمه واخذني بشير واذهب بى الى الشيخ‬

‫فأعطانى الشيخ قرش صاغ وكان هذا في عرف اإلخوان عطاء كبي ار اليعرف كنهه ‪ ،‬هل هو فتحه الطريق؟ هل هو مال‬

‫ياتي اليه من خطوط الدنيا هل‪ ...‬هل ‪ ...‬المهم انه اخذ منه القرش صح فلم فلما خرجت بعد هذا العطاء وقابلت الشيخ‬

‫جابر … قال لي ماذا في األمر ؟ فقلت له أعطاني الشيخ قرش صاغ … فقال لي مندهشا ‪ ..‬ده صاغ ياوله … ثم‬

‫قال لي ال تنفقه هو ابعته في ورقه مربعه وعلقته على صدري … وكان هذا القرش الصاغ الذي أعطاه الشيخ له في اول‬

‫لقاء معه …‪ .‬رمز منتهى القرب منه الذي آل إلى زوجه من ابنائه ‪.‬‬

‫الى الشيخ مع اإلخوان وتكررت زياراتي لديه ‪ ،‬وكان الشيخ بسبب كثر اإلخوان يقسم حضورهم على األيا ‪ ،‬فمنهم من يأتي‬

‫في يو الجمعة ومنهم من يأتي في يو السبت ومنهم من يأتي في يو الثالثاء ومنهم من يأتي في الصباح الباكر وكان ذلك‬

‫محصو ار على االخوات ومنهم من يأتي ب عد الظهر وكان ذلك لالخوان وتعلق قلبي بالشيخ واالخوان وكان ارتباطي وكان‬

‫ارتباطي باألوقات التي يأتي فيها الشيخ جابر سببا فى ضيقى ‪ ،‬المانع لى من الوفاء بتعلقي للشيخ مسعد واالخوان فلما‬

‫تكلمت مع الشيخ مسعد في ذلك قال لي اذا اردت ان تاتي الى فاتي في أي وقت تشاء وال تتكبد بالشيخ جابر والتخبره بذلك‬

‫واذا سألك عن هذا األمر فقل له عمي قال ذلك …‪ .‬فشعرت في هذا الوقت أنني صرت ابنا من أبناء عم الحاج مسعد‬

‫وانتقلت تبعيتي من الشيخ جابر فرعا الى الشيخ مسعد اصال واصبحت أنني وجدت ضالتي واصبح لي عما وشيخا ومربيا‬

‫فضله‬ ‫ومرشدا ‪ ،‬فالشيخ جابر قد أخذت منه بداية السلوك وكانت السبب و الفاتحة في دخولي الى الحاج مسعد وال انق‬

‫حقه ‪ ،‬فكان مما استفدته من مصاحبة الشيخ جابر ان أتممت على يديه قراء اسماء هللا التسعة والتسعين وكان‬ ‫وال ابخ‬

‫عدد مرات قراء كل اسم مائه الف مرره وكان كل اسم يأخذ في قراءته ثالثة شهور وكنت انتقل من اسم الى اسم بعالمات‬

‫مختلفة‪ ،‬في بعض االوقات يكون االنتقال عن طريق اشار فإن لكل اسم من االسماء االلهية عوالم تتركز به ‪ ،‬فإذا ذكرت‬

‫يذكرك له في ذات‬ ‫بهذا االسم دخلت فى هذه العوالم الذاكره به فيحصل داخلك نوعا من االرتباط بذكر هذا االسم يعاقبه أن‬

‫الوقت الذي تذكر فيه هذا االسم فمثال إذا كان من عادتك أن تذكر االسم بعد صال المغرب وحدث لك انشغال عنه فلم‬
‫تذكره في هذا الوقت حصل لك نوع من الضيق والكرب والحزن والزهق وال يزول عنك ما تعاقبه اال بذكرك له فإذا أتممت‬

‫مد قراءته ‪ ،‬وقد ان االوان ان ينتقل الى اسم اخر جاءتك اشاره توجب لك هذا االنتقال كان تكون جالسا ‪ -‬مثال ‪ -‬بين‬

‫القبلة والمقا فتجد بابا مكتوب عليه ال إله إال هللا وقد كنت تق أر في االسم هللا فتلك إشار بانتقالك إلى الذكر الجديد الذي‬

‫رأيته ‪،‬فإذا اخبرت شيخ كتابه اجازه لك ذلك به او رؤيه تراها باالسم الجديد التالي لك ‪.‬‬

‫الذي ذكرناه تولدت في قلبك خواطر هذه الخواطر‬ ‫وإذا ذكرت االسم اإللهي مع هذه العوالم الذاكره به وحصل لك اإلن‬

‫هذا هو الكشف المعلو لدى القو إنما هو االحساس‬ ‫تحدث فيك نوع من انواع الشفافيه واإلحساس ببواطن األمور ولي‬

‫الذي هو أكثر من الظن و أقل من اليقين ‪ ،‬كان يدخل عليك احدهم وتشعر انه حزين او سعيد او مهمو ‪.‬‬

‫اال ان هذه الخواطر قد تؤدي بك الى ما ال يحمد عقباه حين تجد في نفسك سرور بها و شغوفا بها على غيرك ‪ ،‬ودليال‬

‫على ارتفاع مكانتك فإذا حدث ذلك مثل هذا فاعلم أنه قد أصابك أفاتها و افتتنت بها وأصبحت أسير لها ‪ ،‬وبدال من ان‬

‫تتقد بها تجد قد انحرفت عنها الى شهود نفسك واالعجاب بها وال يوقف هذا المد عليك أال مدد شيخك ومشورتك له‬

‫واخالصك نحوه والطاعة واالستماع اليه ‪.‬‬

‫وقد تتجاوز حد الذكر باالسم الذي تذكر به اذا لم يكن لك مرشدا ينصحك او شيخا تحت امرته فيصيبكم من اثر روحانيته‬

‫هذا الذكر ماال تتحمله وال تطيقه ‪ ،‬فيحصل لك خلل فى بدنك ونفسك وقلبك وروحك فتذهل في سلوكك او تطيب عن ادراكك‬

‫وهذا هو دور المرشد واإلما الذي يعرفك حدك من حد ذكرك وهو العالم بطاقة احتمالك فيوقفك عند حد هذه الطاقة وإذا لم‬

‫تكن لك مثل هذا المرشد فقد يتناولك الشيطان باألذى واإلتالف واإلفساد فمن ال إما له فأمامه الشيطان وقد ذكرنا من قبل‬

‫ما حدث مع الشيخ سيد سالمة وقت ان كان يرى الكعبة ماثلة أمامه بجواره قراءته تكبير اإلح ار فأخبره عم الحاج مسعد بأن‬

‫هذا من أثر الشيطان عليه ‪.‬‬

‫ثم تواصل حديثنا مع الشيخ سيد سالمة مع عم الحاج مسعد فيحكي لنا عما كان له مع الشيخ فور تخرجه من معهد الطيران‬

‫التابع للجيش وانتظاره الخطاب التوزيع على الوحدات الخاصة بالطيران وكان في احد هذه االيا في زيار للحاج مسعد فقال‬

‫له الشيخ أثناء جلوسه معه إلى أي مكان تريد أن تذهب ؟ ولم ينتظر الشيخ جواب عليه فقال خالص نوديك اإلسكندرية‬

‫وحدث أن جاء خطاب التوزيع في اليو الثاني وكان فيه ان تقرر ان يكون تعيينى في مطار النزهه االسكندريه فذهبت إلى‬

‫الشيخ فأخبرته بذلك فقال لي ال تنسى ان تزور سيدي المرسي أبو العباس الحقيقي فتعجبت في نفسي من هذا الوصف الذي‬

‫جاء على لسان الشيخ فذهبت إلى اإلسكندرية ومنها على مطار النزهة وسلمت خطاب التوزيع ثم غادرت النزهه الزور مقا‬
‫سيدي المرسي أبو العباس ولما ذهبت الى المسجد وجدت شيخ المسجد على وشك غلقه فقلت له يا موالنا انا جاي من مصر‬

‫وعايز ازور سيدي المرسي ابو العباس الحقيقي وقال لي هو في حقيقى و مزيف ؟ فقال له ‪ :‬الي قال لي قال قول كده‬

‫فنظر اليه ثم نادى على خاد المسجد و اعطي له مفتاحا و قال له انزل بهذا الرجل الى المقا الذي هو تحت هذا المقا‬

‫الظاهر ولما نزلت وجدت حجر مفروشة بالحصير فقال لي الخاد براحتك بقى اقعد مع سيدي المرسي أبو العباس براحتك‬

‫ثم خرجت من المقا فلما خرجت من المقا وجدت احد سعا الماء حامال قربته ‪ ،‬فلما راني بشى في وجهى‬ ‫فقرات سور ي‬

‫وتقد نحوى كأنه يعرفني وعانقنى ثم سالني من اين ؟ فقلت له انا من مصر فأخذني وجلست معه واعد لى طعاما وجلست‬

‫معه نتحدث سويا ونتناول سير الشيخ أثناء حديثنا‪ ،‬ثم ودعته و ذهبت الى المطار وصارت هذه عادتى فتر طويلة‪ ،‬ان انزل‬

‫سويا وحدث هذا يوميا وحصل ارتباط بيني‬ ‫من مطار النزهة و ازور سيدي المرسي ابو العباس والتقى بهذا السقا و نجل‬

‫وبين هذا السقا و لما سافرت الى مصر تحدثت مع الشيخ في شأنه ثم تحدثت خى الشيخ محمد سالمه فقال لي لن ياتي‬

‫اليك هذا السقا مر اخرى ولن تراه … فلما عتوا الى االسكندريه بحثت عنه فلم اجده احزنني غياب هذا الرجل عني الى‬

‫درجة البكاء ‪.‬‬

‫والحقيقه ان طريق هللا ومسالكه هي طرق ومسالك موصولة بعضها ببعض و كل طريق ومسلك يؤدي الى الطريق والمسلك‬

‫اآلخر والحقيقة ايضا ان اهل هللا وعارفين وأولياؤه هم اآلخرون موصولون بعضهم ببعض ومعروفون بعضهم لبعض وال‬

‫تفصل بينهم البلدان واألكوان واألبدان ‪،‬ا نما هي أرواحهم في أرجاء الملكوت يتعرفون فيها على بعضهم يتحدثون فيها عن‬

‫طرائف وأوالدهم وما كانت الرواية التي ذكرناها إال دليال على استنتجناه في كالمنا‪ ...‬لفضل هللا بهم فتلك هي دولة الباطن‬

‫التي هي مواطن التقاء االرواح ‪.‬‬

‫وما دمنا نتحدث عن تربية الشيخ لوده وإعداده مما هو منوط به ‪ ،‬وكذلك ما كنا نتحدث به عن تربيته ألوالده ‪ ،‬فإن الشيخ‬

‫سيد سالمة وهو من أقاربهم لديه قصه علينا حكاية عن ا جماالت وهي احدى االخوات المقربات من الشيخ والتي عهد إليها‬

‫الشيخ بإعداد الطعا لإلخوان وكان الشيخ يحتفل بليلة النصف من شعبان ‪ ،‬وهي ليلة كان الشيخ حريصا عليها ‪ ،‬أنها الليلة‬

‫التي صادفت أول لقاء له مع عمه الشيخ إبراهيم الدكرورى وكذلك كانت الليلة التي فتح هللا بها عليه فتحه االعظم فطلب‬

‫الشيخ من أ جماالت ان تعد الطعا للذاكرين وتجعل اللحم في الشونة وتسترها حتى توزعها على الناس بنفسها بأنصبة‬

‫متساوية فال تميز أحدا على أحد مهما كان هذا االحد ‪ ،‬فقالت له حاضر يا عم وبدأ االكل واعطت ا جماالت لكل واحد‬

‫نصيبه كما اشار عليها الشيخ‪.‬‬


‫ثم حدث أن دخل عليها الشيخ باهي و كانت تحبه كثي ار فوضعت له جزءا كبي ار من الكبده وهو هذا تميز واضح ال شك فيه‬

‫وإن كانت ترى في نفسها ان الشيخ له لن يلومها على ذلك من وجه كون المميز لولده بل ربما يفرح الشيخ لذلك فلما علم‬

‫الشيخ بذلك منها غضب غضبا شديدا وطلب منها إعداد الطعا وتوزيعه وترحل الى منزلها فاستغربت ما فعله الشيخ معها‬

‫‪،‬اذا كان االمر يتعلق بالشيخ باهى الذي هو ولده والتي سمت ولدها على اسمه و اثناء عودتها الى المنزل اصطدمت بها‬

‫عربة وإصابة ابنها بكر في قدمه ظل معه أثرها إلى االن فلما قابلت الشيخ بعد ذلك قال لها الم اقل لك ان توزعي اللحم‬

‫على كل الدراويش بال تمييز فلما غيرتي فضلت باهي على اخواته ‪.‬‬

‫افتلك من المواقف التي تجمع في عباراتها بين تربيه الشيخ البنائه وتربيته لولد خاصه وهو الذي اعده للوالية من بعده وهي‬

‫قصه اراد الشيخ ان يخبرنا بها ان نظر الشيخ الى مريديه وولده منهم ال ينبغي ان يتصف بالتميز عن غيره فان االمر لي‬

‫هو النظر بمنظور الدنيا وانما االمر يتعلق بما تطمح اليه في االخره في القرب من هللا ونوال رضاه علينا وال شيء ارض‬

‫للرب من صفه العدل فان هللا هو الحق وهذا من االخالق االلهية وهو ايضا من األخالق المحمدية التي تخلق الشيخ بها اذ‬

‫كان الشيخ على نهجه وفي طريقه ولقد تجلت هذه الصفه فى النبي صلى هللا عليه وسلم في أعلى صورها حين جادله صاحبه‬

‫في شأن حد من حدود هللا فتغير وجهه وقال قولته الشهير ( وايم هللا لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها ) ثم‬

‫انه لو جعل له ميز على غيره لكان ذلك فتنة الناظر إليه وشك في صدقه في دعوته وال صابت هذه الصفة اقرب المقربين‬

‫اليه ولعمت جميع االتباع السائرين على خطوه وننفى الطريق من بين يديه وضاع ما كان مأموالله ‪.‬‬

‫كان هذا هو الشان في ولده اما الشأن في اتباعه فهو ربطهم بالطاعه وايمانهم بحكمه الشيخ وراء اصدار االمر او االشاره‬

‫اليه فان للشيخ نظر خالف نظرهم ولو كان نظرهم كنظر ‪ ،‬فما حاجتهم اليه ولصاح المنطق من بين أيديهم ‪ :‬على ما‬

‫تتكبدون المشقه فى اتباعه وعلى ما تقطعون الكثير من الجهد والمال في سبيله وال طائل لكم في هذا فانما هو رجل مثلكم‬

‫ال يتكلم في شيء ألجل هذا كله كان الشيخ حريصا اال ينقصه أحد ميثاق العدل الذي قطعه على نفسه وقت ان بايع الشيخ‬

‫وال ينقض احد ميثاق الطاعة على ارتضاها لنفسه وقت ان اكل طعا الشيخ وشرب من مائه خصوصا وانه قد بنت له شواهد‬

‫ال يتطرق اليها الشك في صدق الشيخ وصحة دعوته‪.‬‬

‫وال يهديلك العقاب الذي اصابها في ولدها ونفسها فان االمر يتعلق بجاده الطريق وبالقيم العليا الذي يرتب بها من العدل‬

‫والقس والقدو والطاعة والعقاب في حقيقته هي ن بالناظر الى الثمره التي بنا لها صاحبها به في الجنة من مصاحبه الشيخ‬
‫فيها و نيابته عن أبنائه في مواقف يو القيامة وهو قول الحق ( يو ندعو كل اناس بامامهم فمن اوتي كتابه بيمينه فاولئك‬

‫يقرءون كتابهم وال يظلمون فتيال ) ‪.‬‬

‫وفي مناسبة الكال على ان ننظر الشيخ لشيء خالف نظر المريد وان علمه بمواطن الطريق ومفاوره هو ما جعله دليال‬

‫ومرشدا فيه مصداق ذلك ما قصه علينا الشيخ سيد سالمة من أنه قد اعفاه في فتره من الفترات ان يرى الكعبة ماثله أمامه‬

‫بمجرد ان ينطق تكبير اإلح ار في الصال وقد أسعده ذلك واعتبره دليال لقرب مكانته وعالء منزله واستم ار هذا العور الى ان‬

‫قابل الشيخ ‪ ،‬وقصى عليه االمر فقال له الشيخ ‪ :‬الشيطان يضحك عليك فال تفرح ان الشيطان يريد ان يلهيك عن العباده‬

‫وان يكون هللا هو مقصودك وحده ال صوره الكعبه الماثلة أمامك فقل لى بربك ‪ :‬من غير الشيخ يردك هذه الخدعة التي‬

‫اوقعه الشيطان فيها والتي لو استمرأها واستمرت معه لتحولت الى امر اخر أشد منه ثم الى امر اخر ال يمكن الفكاك منه‬

‫‪ ،‬وهذا هو دور الشيخ من ان يعبر للسالك دروبه وأن يبصره بادوائه وادويته وأما دور المريد فهو اال يخفى شيء عن مرشده‬

‫مهما بدا له هذا االمر صغير او او تافها او حسنا في ظاهره وال يداخلك الشيطان بقولك ‪ :‬ان كان شيخى اعلم بما انا فيه‬

‫فتكون بذلك داعيا لك لعد الحديث معه‪ ،‬فلقد حدث مع الشيخ من احد االخوان مثل ذلك حين قال له ‪ :‬يا عمى انت اعلم‬

‫القصة التي تلوناها عليكم ‪ ،‬لو لم‬ ‫بما أنا عليه فقال له ‪ :‬ال شان لك بما أعلمه عنك وإنما شأنك ان تخبرني به ‪ ،‬فق‬

‫يخبر الشيخ سيد عمه بما راه صالته لما تمكن ان ذاك هو الشيطان يريد ان يصده عن سبيله ‪ ،‬وال خالف ان الشيخ كان‬

‫اعلم بما كان عليه من قبل ان يخبره به‪.‬‬

‫وفي مناسبة الكال عن ادب االخوان مع شيخهم الذي هو من تأديبه لهم ما قصة الشيخ باهي على والده الشيخ ناصر في‬

‫هذا الشأن يقول الشيخ ناصر سمعت من والدي رحمه هللا هذه القصه البسيطه في احداثها العظيمه في فوائدها ودروسها قال‬

‫أراد الشيخ إلشعال سيجار ولم يكن معه اع داد الثقاب فنظر إلى الشيخ عبده ابو فهمي وهو من أبناء الشيخ وكان جالسا‬

‫أمامه فأخرج الثقاب جيبه ومد يده يناوله اياها وهو على هيئة جاسا وإن كان من االدب ان يقو ويذهب إلى عمه بها يقول‬

‫الشيخ عبده ابو فهمي فإذا برجل أمامه قد رفع يده بسيف وانزلها‬

‫يهوي بها عل ى قاصدا رقبته يفصلها عن جسده وما هي إال طرفة عين بين السيف و رقبته اذا بالشيخ يصرخ فيه بحده بلغه‬

‫(فز قو اقف يا قليل االدب ) يقول فاختفى السيف وانتفضت واقفا من فوري ثم أردف ‪ :‬لوال غضبة عمي هذه لفصلت راسي‬

‫عن جسدي ‪ ،‬و العبره حلقه ظاهره فان كل اوامر الشيخ ونواهيه وتوجيهاته ونفحاته وهديه وغضبه على مريده إنما هي‬

‫لصالحه وصالحه ال حظ للشيخ فيه اال حرصه وخوفه ورعايته البنه حتى ولو لم توافق هذه األوامر والنواهي والتوجيهات‬
‫هوى االبن ورغبته إال انها السبيل إلى السالمة والفالح وحتى الغضب والحد ظاهره العذاب وباطنه الرحمة وربما من المناسب‬

‫هنا ان نستدعى قول الحق سبحانه ( النبي اولى بالمؤمنين من أنفسهم ) واسقاطا للمعنى على المربي الروحي والمرشد‬

‫المحمدي فهو احرص واخوف علينا واعطف واحق بنا وارحم واراف لنا من انفسنا بنا‪ ،‬فحرص يمين هذا احرصه أن يطاع‬

‫وأولي بمن هذه رحمته أن يجاب اللهم ارزقنا الفهم عنهم والطاعة والتسليم لهم آمين‪.‬‬

‫والشيخ المربي هو خليفة هللا في ملك ولده وأوامر الشيخ و نواهيه في مقابل األوامر والنواهي الشرعية التي جاء بها الشرع‬

‫والتي ينبغي للمريد فيها أال يكون له فيها خيار مع نفسه ‪ ،‬والشيخ هو الوارث المحمدي إلرث النبي صلى هللا عليه وسلم‬

‫والنبي هو الخليفة الكامل الذي ظهر بأسماء الحق وصفاته ومن هذه التسلسل تعرف أن الشيخ الكامل هو صور هللا الظاهر‬

‫للمريد ‪ ،‬ونحن نقول الصوره ولم نقل الحقيقه وحقيقة الصور اإللهية تعطي الطاعه لما يصدر عن هذه الصوره من االوامر‬

‫ظاهرها انما االمر هو دولة الباطن المضيئه باألرواح فان الجسد يفنه االيا والدهور‬ ‫والنواهي واألمر في هذه القصة لي‬

‫هذه اآلداب فإنها الباقيه لدي الحق ألنها منه وعليها يقع العذاب والنعيم في اآلخر وإما نار وإما جنة‬ ‫اما الروح التي تق‬

‫‪ ،‬والشيخ هو الصور اإللهية المنوطه من الحق بتقديم المريد وايصاله الى ما يرضى ربه به عنه ‪ ،‬وعار على العارفين أن‬

‫يضع الحق منهم ثقته في تربية عبيد ثم يحققوا في تأديه رسالتهم إليهم فيتركون اوالدهم في غش الضالل وهم في الحقيقة‬

‫ارزاقهم من ربهم ‪.‬‬

‫وللشيخ عبده ابو فهمي قصة مع الشيخ في أول ارتباطه به فقد كان عبده ابو فهمي شيخا له مجموعه من الدراويش يسيرون‬

‫خلف ولكنه كان كثير االنتقاد ألحوال الشيخ مسعد التي تتوارد على سمعه وكان غير مستوعب لكثير من األوضاع واحوال‬

‫الشيخ وكان من اشد المعارضين له وظل علي اعتراضه هذا إلى أن حدث ما لم يكن له في الحسبان فقد كان بينه وبين احد‬

‫منه هذا الخصم‬ ‫ابناء بلدته مشاحنة شديده وخصومه وكانت هذه الخصومة شديد إلى الدرجة التي قرر فيها أن يتخل‬

‫الذي ال تجدى معه المصالحه يقول وعزمت على ان اقو بهذه المهمة في ساعة الفجر عندما يكون ذاهبا بمواشيه إلى غيطه‬

‫به واقتله وبينما هو على هذا العز إذا بالباب يطرق في الثانية من فجر ذلك اليو الذي انتوي فيه أن يقو‬ ‫بيته فاترب‬

‫بمهاجمته فلما فتحت الباب اذا بالشيخ واقفا عليه ‪ ،‬فدخل واغلق الباب خلفه وقاله انت ناوي على ايه يا عبده ده اهل البيت‬

‫كلهم جولي وقالوا لي قو الحق ابنك فجتلك يا ابني هنالك امسك الشيخ عبده ابو فهمي بقد الشيخ وجعل يقبلها و أخذته‬

‫نوبة من البكاء وتحول قلبه الى حب الشيخ الذي كان أثره إن صار يحب كل شيء في بلد الشيخ حتى القط والكالب وال‬
‫ينبغي أن نمر على هذه القصه مرور العابرين ‪ ،‬وأول هذه االمور ان ابناء الشيخ مقيدون تحت حسابه معروفون لديه‬

‫محسوبون عنده وان اختلفت مواقيت حضورهم اليه ‪.‬‬

‫االمر الثاني ‪ :‬ان قلوب ابنائهم بأيديهم يوجهونها في األوقات المناسبة للمريد ‪ ،‬فرايت كيف انقلبت كراهية عبده ابو فهمي‬

‫واعتراضه عليه الى حب فائف وصل الى محبه القط والكالب الكائنين ببلدته‬

‫واألمر الثالث ‪ :‬أنه في سبيل محبة الشيخ وانطوائه تحت لوائه قد تخلى في وقته عن رئاسته وشفوقة على أبنائه من من‬

‫دراويش و قيد نفسه وهو الشيخ ليصبح مريدا في بالط شيخه‬

‫األمر الرابع ‪ :‬رعاية أهل البيت وقربهم من المشايخ الوالدهم وحرصهم عليهم وعد غياب نظرهم عنهم ‪.‬‬

‫بالشيخ عبده ابو فهمي انه قبل ان يرد على الشيخ كان وليا شيخا ولديه اتباع من االبناء‬ ‫وكنا قد ذكرنا من قبل فيما يخت‬

‫ثم ارتفعت مكانته بعد تبعيته الى عم الحاج مسعد ولم تزل مكانتة عن مكانته االولى وبحكم هذه التبعيه إذا كان له اجالل‬

‫شديد من ابناء الشيخ وكان له ح ضور وهيبة حتى انه إذا قد عليهم قا الجميع له وقوفا لمعرفتهم السابقة ومكانه الحاليه‬

‫حين صار تابعا للشيخ مسعد ولم يزل الشيخ عبده ابو فهمي على هذه التبعيه بعد انتقال الشيخ باهى للطريق فكان يقف‬

‫اجالال لقدو الشيخ باهي عليه ‪،‬فيقف بالتبعية اخوانه له ‪ ،‬ثم يذهب الى الشيخ باهي بهمه ونشاط يقبل يديه حتى ان الشيخ‬

‫باهي قال له ذات مره ليه كده يا شيخ عبده قال له … وهللا ابدا يا عمي ‪ ...‬فقال له الشيخ باهي … لو عايز يريحني ما‬

‫تعملش كده اقعد وارتاح عشان الدنيا بتتقلب لما تقو وكان الشيخ عبده وفهمي في بلدته على ذات الهيبه التي قصصناها‬

‫عليكم حتى ان اوالد بلدته قالوا له بعد انتقال الشيخ ‪ :‬يا شيخ عبده بعد انتقال الشيخ مسعد ما ينفعش تخش وراء الشيخ باهي‬

‫وهو من سن أوالدك فقال لهم عندكم حق انا فعال مينفعش امشى وراء الشيخ باهى لكن االحرى بى أمشي وراء حنان بنت‬

‫سنوات‪.‬‬ ‫الشيخ باهي التي لم تتجاوز بعد خم‬

‫وال يكون هذا الكال اال لمعرفه الشيخ عبده ابو فهمي مكانه الشيخ ومكانه وارثه ‪.‬‬

‫عبده ابو فهمى ‪:‬‬

‫ولقد كان الشيخ عبد ابو فهمي أقرب المقربين إلى الشيخ حتى انه كان يطلق عليه ترجمان الشيخ بالخاطر فإذا أراد الشيخ‬

‫فعل شيئ أو وقول شيئا وتوجيه أحد إلى شيء القى هذا الخاطر في رأس الشيخ عبده ابو فهمي فيقول به او ينقله يوجه الى‬

‫فعله اي ينوب عنه في توجيه ‪.‬‬


‫وكان من كراماته وقت انتقاله وأثناء سيره بالنعش وقد كان النعش يسير بعادته كما اعتادت نقوش عوا الناس في السير ‪،‬‬

‫أن رأت أختنا ا محسب هذا فا ستغربته فكانت تعرف مكانته من الشيخ وقربه منه ‪ ،‬و كانت تتوقع أن ترى في سير نعشه‬

‫كرامة من كراماته وخرقا لعوائد الناس فيه‪ ،‬فقالت مستغربة مالي اراك كعوا الناس ‪ ،‬الم يكن لك قربا من شيخك ‪ ،‬الم تشرب‬

‫من بقايا انائه ماء او تشرب فضلت الشاي من كوبه ؟ فإذا بالنعش يرتفع الى اعلى ويدور كالمروحة ‪ ،‬وكان الشيخ باهي‬

‫في االرض وقال ‪ :‬ها قد ظهرت كرامتك عشان تعمل ان انت شيخ عشان هم مش مصدقين‬ ‫من جملة السائرين خلفه فجل‬

‫ان انت شيخ فما لبث النعش ان استقر ونزل من عليائه وصار باقصى سرعته الى مدفنه فانظر اليهم كيف يسمعون وكيف‬

‫يتصرفون كأنهم أحياء انها اشار منهم الى حسن الخاتمة و اشار منهم الى رضاء شيخهم عنهم ‪.‬‬

‫الشيخ عبد المنعم ابو حسبن ‪:‬‬

‫وكما كانت بداية الشيخ عبده ابو فهمي بداية دراماتيكية مع الشيخ اذكان الشيخ عبده ابو فهمي وليا شيخا له دراويش من‬

‫قبل حضور للشيخ وانتظامه معه كدرويش مريد تحت امرته ورعايته كذلك كانت بداية الشيخ عبد المنعم ابو حسين وقد كان‬

‫هو اآلخر ولياله مكانة كبير من قبل ان يأتي الى الشيخ وينتظم في سلكه درويشا مريدا إال أن الشيخ عبد المنعم ابو حسين‬

‫كان وليا مطمطا معجبا بواليته ومكانه من ربه وقد جعل هللا له الكشف فكان يرى انوار األولياء في وجوههم وكان مطلعا‬

‫على عطايا ربهم اليهم ‪ ،‬وكان الحق سبحانه قد أعطاه القدره على سلب هذه العطاءات ‪ ،‬وهو أمر معروف بين االولياء ال‬

‫يختلفون عليه فكان دوره معهم كدور الفاتن لهم ‪ ،‬فمن األولياء من كان عطاء ربه له عطاء قويا راسخا محميا ال يتمكن أحد‬

‫من زحزحته او التاثير عليه او رصده ومن االولياء من كان عطاؤه اقل رسوخا من صاحبه فكانت مشوبه ببعض ما يشوبها‬

‫فما جعلها مخلخله غير ثابتة األركان‪ ،‬وكان الشيخ عبد المنعم بعطاء ربه له موكال الى هؤالء الذين بامكانه ان يسلب عنهم‬

‫هذه العطايا وهذه االنوار واالمراض دوله الباطن وشؤون األولياء يحتمل جميع ما ذكرناه وما ذكرناه كان شبيها باإليمان ‪،‬‬

‫فمن المؤمنين رجال صدقوهللا في ايمانهم فال يعتري إيمانهم مايخالفه او يزحزحه عن مرصده ومن المؤمنين من كان ايمانه‬

‫على شفا حرف اليثبت حاله وال يؤمن ما له ودور الفتن التي يجعلها هللا في طريق السالكين انما هو اختبار هذا االيمان‬

‫اختبار هذه الوالية ‪.‬‬

‫وحدث ان قابل الشيخ عبد المنعم وهو الولي المطمطم وليا آخر أشد طمطمة منه يسعى نوره بين يديه ساعيا كان أن‬

‫يخطف به بعد الشيخ عبد المنعم فننظر اليه وحاول أن يسلب نوره منه او يكشف مداه فلم يتمكن واحتار في أمره من يكون‬
‫هذا الولي الذي لم يتمكن من سلب انواره وهو القائل في نفسه ‪ :‬لم اجد من األولياء من يجعلني مستمتعا برؤيته ذاك الشيخ‬

‫هو الشيخ عبده ابو فهمى الذى كنا قد ذكرنا قصته من قبل ‪.‬‬

‫فبادر الشيخ عبد المنعم سائال اياه عن شيخه فأجابه الشيخ عبده ابو فهمي بما ذكره في نفسه سوف اذهب بك الى شيخ ولي‬

‫يعجبك نوره وتستمتع به قصد به عم الحاج مسعد ‪.‬‬

‫ونحن إذ نذكر هذه القصه نذكرها بشيء من التصريف يغفر هللا لنا لنتمكن من حبك سياق قصتنا له ‪.‬‬

‫اخذ عبده ابو فهمي الشيخ عبد المنعم ابو حسين الى الحاج مسعد في االخصاص فلما وصل إلى أول البلد ‪ ،‬قال له ‪:‬‬

‫انتظر هنا حتى آتيك فاستأذن الشيخ فى دخولك عليه فإن لم أرجع إليك فاذهب من حيث جئت فلما وصل إلى الشيخ و‬

‫استأذن للدخول وجد الشيخ يقول له ‪ :‬بعد ايه ياعبده روح هاته ‪ ،‬عندما دخل الشيخ عبد المنعم على الشيخ سأله الشيخ عن‬

‫اسمه فأجابه ثم سأله عن ذلك اليو الذي جاء فيه فأجابه ‪ :‬الثالثاء ثم قال له ‪ :‬يا شيخ عبد المنعم ماذا فعل الخضر في‬

‫السفينة قال خرقها ثم كرر لفظ خرقها ثالث مرات فكان هذا اللفظ خرق السفينة الشيخ عبد المنعم وكأنه إيذانا بسلب قدرته‬

‫على سلب عطايا األولياء فوجد الشيخ عبد المنعم نفسه وقد استلب منه عطائه ‪ ،‬فامن بالشيخ وإن كان قد أحزنه سلب هذا‬

‫العطاء ولكنه بهذا الذي كان اطمأن لوالية الشيخ مسعد وهو الخبير والعارف باألولياء و بأنوارهم ومكث الشيخ عبد المنعم‬

‫في دار الشيخ مسعد سبع سنوات كاملة قال له الشيخ بعدها ‪ :‬اذهب االن لترى ما تفعله في دنيتك وانظر حال اوالدك فذهب‬

‫وأخذ عائلته ومكث مع الشيخ إلى أن لقى هللا عز وجل ‪.‬‬

‫ولعل أهم ما نأخذه من هذه الرواية ما تواتره عن الشيخ أو من رووا عنه أن اوالد الشيخ اولياء ال مريدين سمعناها من‬

‫الشيخ باهي و سمعناها من غيره ‪.‬‬

‫وعرفنا منها معنى سالب العطايا ذكرناها اجتهادا وتوجد التوفيق في توضيحها ‪.‬‬

‫وعرفنا منها معنى اإلشار في قول الحق ( فانطلقا حتى إذا ركبا فى السفينة خرقها قال اخرقتها لتغرق اهلها لقد جئت شيئا‬

‫إم ار ) فكان الشيخ مسعد مقا الخضر في ذلك وقا بسلب الشيخ عبد المنعم مقا السفينة وقا أصحاب السفينة مقا االولياء‬

‫اصحاب القلوب وكما ذكرنا من قبل أن ما نذكره من هذا الكال إنما هو الهل الحقائق ال اصحاب الرسو فنظر في اي‬

‫الفريقين انت واختر لنفسك اي الطريقين تسلك ‪.‬‬

‫غير ان هناك راوي اخر احقاق الى الروايه السابقه عده امور ذلك الراوي هو الشيخ سيد عبد العزيز الذي ذكر أن خالل‬

‫اقامه الشيخ عبد المنعم في بيت الشيخ ذهب مر الى المسجد وكان الوقت عص ار ‪ ،‬ولما أراد الصال كبر تكبير اإلح ار وما‬
‫ان قال بسم هللا الرحمن الرحيم حتى استغرق في البسملة وعاين معانيها وظل على حاله الى ان اقتربت صال المغرب وهو‬

‫على هذا الح ال ولما شعر الحاج مسعد بحاله ارسل اليه ولده الشيخ باهي وقال له ‪ :‬يا باهي هات الشيخ عبد المنعم من‬

‫الجامع أنه ال يزال في قراء بسم هللا الرحمن الرحيم ولم يفارقها ولو تركناه ال يغادر وبالفعل ذهب اليه الشيخ باهى رضوان‬

‫هللا عليه واتى به الشيخ وأدخله عليه ‪ ،‬هنال ك قال سيدي مسعد للشيخ عبد المنعم أتريد أن تصلي صال لم اصلها انا بعد‬

‫(صاله لسه ما صليتهاش ) ومن المعلو أن القرآن بكامله قد اجتمعت معنيه في الفاتحة والفاتحة لقد اجتمعت معانيها في‬

‫بسم هللا الرحمن الرحيم التي بدورها قد اجتمعت معانيها في الباء ثم اجتمعتم جميع المعاني في نقطة الباء وال يغيب عن اهل‬

‫هللا علمهم بهذه األسرار واالمر االخر ان الشيخ قد تكفل بأبناء الشيخ عبد المنعم خالل الفتر التي أمضاها عنده والتي قاربت‬

‫سبع سنين وبعد أن امضى هذه السنوات السبع عاد الى بيته وباشر مسؤولياته نحو اوالده وكان يذهب للقاء الشيخ بين الحين‬

‫بين االخوان ‪ ،‬ثم قال‬ ‫عنه انه صنع سفينه من ورق وهو جال‬ ‫واالخر وكنا نراه بين االخوان و كان من طرائف ما ق‬

‫لها سيرى بامر هللا فسارت بامر هللا ‪.‬‬

‫واألمر الثالث ‪ :‬الذي ذكره الشيخ سيد عبد العزيز عنه أنه كان ذات مر في زيار للشيخ وكان له أخوان في حلوان وكان‬

‫يحب زيارتهم وامتداد وده لهم حيث ال يجد االخوان راحه اال في تواصل بعضهم البعض ولما علم الشيخ نيته في الذهاب‬

‫اليهم طلب منه أال يذهب إال أنه بعد انصرافه غلبه حبه الخوانه فذهب الى حلوان و في حلوان اصطدمت به سيار فانكسر‬

‫ساقه ودخل مستشفى دار الشفاء ولما عاده الشيخ في مرضه قال له ‪ ( :‬يا ابني قرأت على جبهتك ا نك قتيل حلوان لوال‬

‫رجائي من هللا واهل البيت وسيدنا الحسين ) فكان ماحدث ال بد نافذا إذ ال راد لقضاء هللا في عبده وكان دعاء الشيخ له هو‬

‫حق تخقيف لهذا المقضي عليه‪.‬‬

‫وهكذا امضى الشيخ عبد المنعم بقيت حي اته منزوعا من عطائه قبل مقابلة للشيخ اال ان الشيخ قد وعده بان عطائه سيرتد‬

‫اليه قبيل وفاته او قال له ‪ :‬اننى قد فتحت لك عينا من هذا العطاء تجده وقت حاجتك إليه فانظر أي حد اتسعت علو القو‬

‫‪.‬‬

‫وللشيخ عبد المنعم علو مثل تلك العلو التي كان يقول بها محي الدين بن عربي و عبد الكريم الجيلي ولكنه لم يكن يتحدث‬

‫بها على العمو بل ذكر اطرافا منها في بعض المناسبات وقد ذكرنا اخو محمود بركات ببعض منها حال كالمه عن الشيخ‬

‫عبد المنعم وكان ذلك بعد انتقال الشيخ الكبير وورثه ولده الشيخ باهي له فكان اول هذه الوقائع ما حدث في مولد سيدي‬

‫احمد البدوي فقد حوث أن دخل الخدمه رجل من األولياء وكان من وظيفته هذه هذا الرجل في دولة الباطن ان يتحدث في‬
‫الخدمات بأشياء في جوهرها موطنا لالعتراض عند من يسمعها بالرغم من صحتها وحقيقه جوهرها وكان يتكلم في هذه‬

‫األشياء بااليات القرانية واالحاديث النبوية وكانما كان ذكر هذه القضايا موطنا االختبار والفتنة وكان من اثر هذه الفتنة أن‬

‫أغلقت بعض الخدمات من هذا الوجه عند من اعترض عليها فكانت هذه القضايا جميعها ألهل هللا في عقيدتهم فلما دخل‬

‫هذا الرجل وكان اسمه الشيخ عبد الراضي وبدا يتكلم في هذه األشياء والشيخ باهى ناظ ار اليه عالما بوجه الفتنة فيها فأراد‬

‫الشيخ باهي ان يصرف اسماع االخوان عنه حتى ال يصيبهم ضرر من سمعه فلم يجد أحد لهذه المهمة إال الشيخ عبدالمنعم‬

‫فناداه وطلب منه ان يختلي بهذا الرجل بعيدا عن االخوان و يستمع اليه و يجيبه في كل مسائل عنه و طلب من احد االخوان‬

‫الشيخ عبد المنعم معه يستمع ويجيب ويقول الرجل ويقول الشيخ عبد المنعم‬ ‫ان يقيم على خدمتهم ويمدهم بما يطلبونه فجل‬

‫الى انقضى من الزمن وانقضى وراح الرجل في سبات عميق الى ان انقضى المولد وعاد الناس ادراجهم فلما استيقظ الرجل‬

‫وافاق قال للشيخ باهى ‪ :‬لما انت عندكم البضاعه دي سيبنى ليه … فكانما يقول له ‪ :‬سيبني ليه انا فال استفيد منها ‪،‬‬

‫اوكانه يقول له سيبنى ليه فال تضموني اليكم ‪.‬‬

‫وفي واقعة أخرى حين رآه محمود بركات وهو يردد بصوت مسموع ‪ :‬انا األول واآلخر والظاهر والباطن تستهجن محمود‬

‫بركات من هذا القول زاعما أن هذه االوصاف ال تكون اال هللا وحده فلما اتقرد به شرح له معانيها بكل بساطه ويسر فسرى‬

‫في داخله حبا له ‪.‬‬

‫وأما الواقعة الثانية فقد كانت مولد سيدي عمر بن الفارض وقد جمعت المناسبة بين محمود بركات والشيخ عبد المنعم وكان‬

‫الشيخ عبد المنعم مستلقيا في أحد جوانب الخدمة مستغرقا فى النو ‪ ،‬ثم حدث ان دخل في الخدمة رجل طويل القامة رث‬

‫الى جوار محمود بركات فتحدث اليه وتحدث معه عن أولياء هللا وعن أهل‬ ‫الثياب يبدو على مظهره المجاذيب ‪ ،‬ثم جل‬

‫البيت وعن سيدي عبد الرحيم القنائي الى ان وصل الى من شاهد ربه تسمع وتسعين مره‪ ،‬ثم استرسل قائال وجاء في المره‬

‫المئه … ‪ ،‬وهنا توقف الرجل عن الكال وسق راسه على صدره ‪ ،‬فظن محمود بركات انه استرسل في النو فتركه على‬

‫الحالة التي تركها عليها فظن ان أم ار قد أصابه ‪،‬‬ ‫حاله ثم انصرف إلى صال الظهر وجاءه بعد الصال فوجده على نف‬

‫فالرجل تبدو على نفسه مظاهر الحيا إال أنه يزال غائبا عن الوعي فحاولوا إقامته بشتي الوسائل ولم تجدي هذه المحاوالت‬

‫‪ ،‬فلما استيأسوا منه تركوه على حاله وجعلوه في ركن من أركان الخدمه وانصرف الناس عنه و قبل المغرب بقليل أفاق الرجل‬

‫وقا معافا وكان شيئا لم يحدث له هنالك نظر الشيخ عبد المن عم إلى محمود بركات ضاحكا قائال له الراجل ده كان فين يا‬
‫محمود ؟ قال له ال اعرف فقال له يبني الراجل ده كان في المره المئة من رؤية ربه فصعدت روحه الى السماء ومن اصعد‬

‫روحه الى السماء قادر على حفظ جثته في االرض ‪.‬‬

‫فيها الشيخ عبد المنعم مع محمود بركات شارحا له معاني كتاب اإلنسان الكامل‬ ‫وأما الواقعة الثالثه فهي الواقعه التي جل‬

‫لعبد الكريم الجيلي وهو كتاب حكيم عن الحقيقة المحمدية وعن وحد الوجود وقد هال محمود ما وجده من العلم على الشيخ‬

‫عبد المنعم فقد وجده بالرغم من وعور ألفاظ الكتاب وعميق افكاره وغرائب علمه ‪ ،‬عالما به غاية العلم حافظا الرقا صفحاته‬

‫عالم بفحواها وهو بالرغم من هذا كل يشرحه له بسهوله ويسر دون تقصر او افتعال أو مجاهده ‪.‬‬

‫والغريب أن صدور هؤالء الرجال بما تحويها من هذه العلو مكنوزه فيهم اليخرجونها مقاال اال فيما ندر ولكنا تبدو عليهم‬

‫احواال يرد فيه حلقات السنتهم وتبدو في تصرفاتهم وفي عالقاتهم مع الغير‪ ،‬بالرغم من عمق قضايا هذه العلو وقد ذكرنا‬

‫التعليم واإلفاد لديهم عن طريق الدرس الظاهر‬ ‫نموذجا منها في هذا الباب ولعل هذه هي السمة الطلبة في دولة الباطن فلي‬

‫او المريد المتلقي أو الشيخ الملقى بالقول الظاهر والعلم الصادر إنما العلم والتعليم والتعلم هو بأسلوب الحال الذي يضعه‬

‫المرشد في صدر المريد دون ادوات الظاهر ‪ ،‬وقد يكون وسيلة في القاء هذا العلم بالنظر أو باللمسه أو اإلشار وهكذا تكون‬

‫علو االصول عند القو ‪.‬‬

‫ولم يكن الشيخ عبد المنعم وحده من ابناء الشيخ على علم بهذه العلو بل كان الكثيرون منهم له علم بها ومنهم الشيخ محمد‬

‫ابو سالمه‬

‫يقول الدكتور أحمد موسى عن هذا االمر ‪ :‬كنت أق أر كتابا عن النفرى‪ ،‬اسمه مخاطبات النفري وهو كتاب يتناول حوارات‬

‫بين النفري وبين الحق تبارك وتعالى وهى مخاطبات مشفر ملغوز تشبه ما كتبه الشيخ األكبر محى الدين بن عربى‪..‬‬

‫فوجدت صعوبة شديد فى فهم ما يقول اإلما النفرى فى هذه المخاطبات ‪ ،‬ثم حدث بعد ذلك ان التقيت بالشيخ محمد ابو‬

‫سالمه سألنى ماذا كنت تقرأ؟ فقلت له فى مخاطبات النفرى‪ ،‬ولكنى لم أفهم‪ ،‬قال مثل ماذا؟ فذكرت له بعض الفقرات‪،‬‬

‫ولدهشتى ال شديد فقد فك لى الشيخ رموز هذه المخاطبات بكل سهولة ويسر حتى أذهلنى هذا األمر ‪ ،‬فسبحان هللا وتعالى‬

‫فيما كان لديهم من علو ومعارف ال يمكن احصاؤها‪.‬‬

‫وعلى غرار الطريقة التي ابتدا بها الشيخ عبد المنعم ابو حسين رحلته مع الشيخ من خالل لقائه بالشيخ عبده ابو فهمي كذلك‬

‫كان لقاء الشيخ سيد عرفه رضوان هللا عليه بالشيخ مسعد من خالل الشيخ على سعد وهو من المقربين للشيخ ونقل الينا هذه‬

‫الرواية الشيخ محمود بركات على الشيخ عن الشيخ علي سعد صاحب الرواية فيقول ‪ :‬في ذات يو تقابل الشيخ على سعد‬
‫وهو من أبناء الشيخ مع احد المشايخ العارفين باهلل بالمطرية وهو الشيخ سيد عرفه رضوان هللا عليه فنظر الشيخ سيد عرفه‬

‫في وجه علي سعد وسأله ‪ :‬انت ابن مين ؟ فاجابه بانه من ابناء الشيخ مسعد وكان هذا من أثر النور والمعرفة التي راها‬

‫في وجهه الشيخ علي سعد فعرف من هذا النور قدر شيخه ثم قال اذهب بى إلى عمك وتجاذب اطراف الحديث واستاذن‬

‫الشيخ علي سعد من سيدي مسعد في زيار الشيخ سيد عرفه له فاذن له وذهبا إليه ولكنه اخذ شيئا ما في نفسه وهو ان‬

‫الى‬ ‫يطلب طلب ال يتمكن من ان يطلبه من رسول هللا األرجل العصر هو القطب الغوث قبل ان يرحل من الدنيا سال جل‬

‫في مواجهة الشيخ اذ به يرى رسول هللا صلى هللا‬ ‫الشيخ اسر بطلبه من رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وبينما هو جال‬

‫عليه وسلم جالسا بجوار الشيخ واخذه حال عظيم واشار للشيخ في لهفة أن يطلب من رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ما‬

‫طلبه منه وفي نهاية اللقاء أخذ الشيخ بيده الشريفة رأس الشيخ سيد عرفه ووضعها فى حجره ورب باليد االخرى عليه وهو‬

‫يقول شوفيت يا سيد شفيت يا سيد وتم للشيخ سيد ما أراد على يد الشيخ فكان اخواننا فى تما القصة يقولون ان الشيخ مسعد‬

‫رجل محمدي وسجادته محمديه تسع كل أبناء الطريق على اختالف طرائقهم وإن من نقصه شى في كماله كان الشيخ كفيال‬

‫بكمالهم ‪ ،‬كملنا بهم وانت بحالنا عليم‪.‬‬

‫وبالطبع نحن نعلم ذلك الشيء الذي اراده الشيخ سيد عرفه من رسول هللا والذي كان الشيخ سبب فيه ولكنا عرفنا من تلك‬

‫الرواية قدر الشيخ ومكانته لدى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ولدى أرباب الطريق وأنه هو رجل العصر الذي هو القطب‬

‫الغوث الفرد ‪.‬‬

‫ومن صور األدب التي ال ينبغي أن تغيب عن بال المريد في معاملته مع الشيخ أن يستشيره في كل امر من اموره سواء‬

‫بعمله ويعلم في يقينه انه منظور بعين الشيخ‬ ‫باهله و بيته او امر يخت‬ ‫كان هذا األمر أم ار من امور الطريق اوامر يخت‬

‫مسموع به محاط برعايته وقلنا من قبل ان ذلك ال يخرج عما شرعه هللا لنا فإن الشيخ ينظر باهلل ويسمع باهلل وان الحق جميع‬

‫فيه شك وال مراءعند من عينوا ذلك األمر‬ ‫قواه وإن الراعي مسؤول عن رعيته واألمر في توليه األولياء على مريديهم لي‬

‫سواهم من أهل األفكار ‪.‬‬ ‫وذاقوا وهم المعنيون بكالمنا هنا هذا ولي‬

‫حدث ان ارادت بعض االخوات من بنات الشيخ ومن الست امينه والست ا فوزى والست ا محسب ‪ .‬يذهبن الى احد‬

‫االضرحه فقالت لهم الست ا محسب ‪ :‬ال ينبغى ان نذهب للزياره من قبل أن نستأذن من الشيخ ‪ ،‬ولكنها رضخت لهن بعد‬

‫الحاحهن على ذلك ‪ ،‬فلما ذهبا الى المقا الذى قصدوه ‪ ،‬تعرض لهن بعض ممن كان فى الضريح وال أدرى السبب الظاهر‬

‫فى ذلك ‪ ،‬فأهانوهم وتطاولو ا عليهم بالكال وقالو لهن بالضى ‪ :‬لو كنتم متربيين ‪ ،‬لكنتم كذا وكذا ‪ ،‬ال بد وانكم تتعلمو‬
‫الربايه ‪ ،‬هكذا بدون سبب ‪ ،‬فلما ذهبوا الى الشيخ استقبلهم بقوله لهم ‪ :‬االبن العاصى يجيب الهله العينه ‪ ،‬فكانت هذه اشاره‬

‫منه الى معرفته بما حدث لهن فى المقا ‪ ،‬وعاقبهم على ما قترفوه مما ال يجب عليهم فعله ‪ ،‬وال يخفى على المطلع هذه‬

‫القصه ما فيها من عبره الطاعه الضروريه والمراجعه الالزمة للشيخ فى جميع االمور ‪.‬‬

‫الشيخ واعدادها وكان من فرط حبها للشيخ تأخذ منديله‬ ‫وكانت اختنا زينب القصيره رحمها هللا ‪ ،‬منوط بها غسل مالب‬

‫وتشطفه ‪ ،‬وتشرب الماء الناتج من شطفه ‪ ،‬وال تأخذك االنفه من ذلك فقد فعل ذلك الصحابه مع رسول هللا صلى هللا عليه‬

‫وسلم فقد كان الصحابه يزدحمون على ماء وضوئه ‪ ،‬وإذا تنمم او بصق فانهم يأخذون ذلك ويمسحون به ويدهنون به‬

‫اجسامهم ‪ ،‬وكانوا يزدحمون على الحالق فيأخذون بقايا حالقته ويقسمونها بينهم ولقد شرب عبدهللا بن الزبير من دمه وقت‬

‫حجام ته وشربت أ ايمن من بوله ‪ ،‬وذلك كله بركه جسم وشعره ووضوئه وعرقه وبوله ‪ ،‬فإذا قلت أن هذا كان لرسول هللا‬

‫صلى هللا عليه وسلم ولم يكن الحد سواه ‪ ،‬فالجواب على ذلك أن ما يجرى عليه فهو يجرى على ورثته العارفين له ‪ ،‬والعلماء‬

‫به ‪ ،‬والشيخ المربى هو وارثه فى طريقه وفى علمه وفى داللته وفى إرشاد ‪.‬‬

‫ولالخوات فى طريق الشيخ مقا ال يدانيهمقا كان من كثرفى كفر الرفاعى ‪،‬من ذواتاالرواح العالقه ‪ ،‬وكان الشيخ يحبهن‬

‫فاذا لقينه واجتمعن به ‪ ،‬ال تسمعهن يتكلمن معه إال من السريانية هي لغة أهل الباطن فكان الشيخ يضحك ويقول لمن‬

‫يجاوره هو احنا قاعدين مع جماعة طلينا وال ايه ؟ ‪ .‬ولقد سمعته من الشيخ باهي قولته ‪ :‬ان الم أر اذا احبت في الطريق‬

‫اخلصت وكانت خطوتها كالف خطو من خطى الرجال ولقد كانت خطواتها في الطريق من السابقين فيه وكذلك حال العبد‬

‫اذا صادقته المحبه انطلق ‪ :‬والمراه إذا ساءت طويتها انطلقت في الفجور فال يدانيها في الفجور دان وكذلك العبد‪.‬‬

‫ومن االخوات الفاضالت اختنا زينب القصيره و كانت شديد النحافة في بنها شديد القصر في طولها ولكنها كانت شديد‬

‫المحبة الخوانها وال تكاد تتصور في خيالها ذلك اليو الذي ينتقل فيه شيخها الى جوار ربه ‪ ،‬وكانت في حضرته يوما فقالت‬

‫له ‪ :‬يعني هل سيأتي يو تموت فيه يا عمي ‪ :‬فقال لها يا بنتي كلنا سنموت‪ ،‬فقالت له عندما مات النبي صلى هللا عليه‬

‫وسلم ما كان حال الصحابة في فقده ؟ قال لها لقد ذقت من قبل نار فقد العم يا زينب فلذلك طلبت من ربي أن يجعل ناري‬

‫بردا على قلوب أوالدي فال يشعرو بهذا الفقد ‪ ،‬غفر هللا له وجاورنا في مستقر ‪.‬‬

‫و في مناسبه الكال عن اخوات كفر الرفاعي وارتفاع شأنهم ومكانتهن لدى الشيخ ما حكاه الدكتور احمد موسى ناقلة عن‬

‫شيخه محمد سالمه عن درويشة محبه كانت من أهل الكشف والخطوه وكانت تقو من الليل متسللة قبيل صال الفجر‬

‫وتتوضأ و تسن الوضوء ثم تدخل الى غرفه لها في الدار تغلقها عليها فاذا اغلقت الباب خطت برجلها من كفر الرفاعي‬
‫مكان سكنها الى االخصاص مكان وجود الشيخ فتصلي الفجر خلف الشيخ فاذا انتهت من صال الفجر خطت قدمها من‬

‫االخصاص الى كفر الرفاعي و واظبت عل ى ذلك فتر طويلة من الوقت ‪ ،‬حتى شعر بها زوجها وإصابة الشك في امرها‬

‫الوقت الذي كانت تخطو‬ ‫لها في الليلة التاليه حتى دخلت ذات الغرفه التي تخطو منها للشيخ ففتح الباب في نف‬ ‫فترب‬

‫فيه وفي هذه اللحظه بدا لها الشيخ امامها مشي ار اليها ان ارجعي وال اتخطى ‪ ،‬فسقطت و انكسرت ساقها ولم يكشف سرها‬

‫فهل عرفت انت ايها القارئ كيف فعل الحب بصاحبه وكيف انظوت له البلدان وانخرقت له العادات وكيف استجابت نوامي‬

‫البدن واحكا الطبع الى حقائق الروح وعوالمها وكيف انطاع الشرع الظاهر لشرائع دوله الباطن فإنما طريق القو قد اقاموه‬

‫الرواح المحبين ال ابدان العابدين ‪.‬‬

‫من عالئقه لتنطلق األرواح في دولتها ‪.‬‬ ‫الن غايه عباده البدن هو التخل‬

‫وال ينتهي الكال عن اخواتنا من كفر الرفاعي وما علمناه عنهم ال يكاد يكون قطره في بحر ماجهلناه عنهم فهذا اخونا‬

‫الدكتور احمد موسى ينقل الينا عن شيخه محمد سالمه حكا ياته عنه يقول ‪ :‬كان للشيخ مسعد قدس هللا سره درويشه من‬

‫اخواتنا في كفر الرفاعي وكانت حالها شديد التواضع وهكذا غلب ابناء وبنات الشيخ فاراد الدراويش زيارتها والسؤال عليها و‬

‫كان من عادتها أن يحملوا شيئا معهم اذ كان الدراويش في تما الفطنة ورقة الشعور فلم يريدوا ان يزيدها عبئا فى زيارتهم‬

‫من الشاي وتوجهوا الى دارها وكانت قد اشترت شواال من الدقيق لتخبز‬ ‫لها ولضيق احوالهم هم اآلخرون اشتروا اشتروا كي‬

‫البنائها فلما دخلوا عليها كانت تخبز فرحبت بهم وفرحت لزيارتهم فقد كان اإلخوان حتى يرى بعضهم بعضا فكانهم قد اروا‬

‫شيخهم وما اشد حبهم لشيخهم ‪ ،‬فكان شيخها في هذا الحين قد جاء لزيارتها وهكذا كان الشيخ يقول م ار ار انه إذا عجز‬

‫احدكم عن زيارتي ألي عارض قد عرض له ‪ ،‬يزور أخاه في هللا فان ازره وجدتني عنده نقول ان لما جاء هؤالء النفر الختهم‬

‫فرحت بهم اشد فرح ثم جلست في نفسها تتحدث ‪ :‬لو كان لدي بعض السكر إذ كان بيتها خاويا منه فلوا كان في البيت شى‬

‫منه لصنعت شايا الخوانى ومازالت تكرر هذا في نفسها ‪ ،‬وقد احزنها خلو البيت اال من الدقيق وبينما يتردد هذا الخاطر في‬

‫وجدانها وضعت يدها في شوال الدقيق في قبضت منه قبضه ‪،‬فراعها حشوته الدقيق المقبوض عليه من الشوال اذا الشوال‬

‫قد تحول بكامله الى السكر فتوقفت عن الخبيز وكانت من فورها فاستاذنتهم وقالت امكثو قليال بينما اقضي ام ار ثم اعود‬

‫اليكم سريعا وتوجهت من فورها الى الشيخ اذ كان ال يمر عليهم خاطر او امر عرض لهم اال ويتحدثوا مع الشيخ في شأنه‬

‫عليه هذا االمر الخارق وتعرف‬ ‫‪ ،‬مهما كانت الظروف عائقا عن هذا اللقاء مع الشيخ ‪ ،‬توجهت السيده الى الشيخ لتق‬
‫منه ما يجب عليها من تصرف في هذا الشان فاخبرته فقال لها ‪ :‬هذه الكرامه من اخالصك فاضاع الكون بهذا االخالص‬

‫ماطلبته في نفسك عودي فضيفى اخوانك وسارسل خلفك شواال من الدقيق ‪.‬‬

‫وال علك ازاء هذه القصه إال ان تقول هللا فاين اخالص هؤالء النفر في أحوالنا ‪ ،‬هم قد اشتاقو الى اختهم ليزوروها من باب‬

‫صلة ارحا األرواح ‪ ،‬فتكاملو معها بلين القلب والرأفة والرحمة وهي حبت قدمهم اليها فرحبت بهم من باب انهم من ريحه‬

‫الشيخ وحضورهم لحضور الشيخ ‪ ،‬وهي باخالصها وحبها الخوانها وحبها بشيخها قد غيرت حقائق األشياء ومعدن المواد‬

‫فنقلب الدقيق فى جوالها الي سكر‪ ،‬والكون قد اطعها باخالصها إلى ما ارادته في نفسها ‪ ،‬ولم تشأ بعد كل هذا اال ان تخبر‬

‫شيخها بما وجدته من خوارق العادات فال تتعد المشهور و تطلبت منه االذن من التصرف ايذانا منها بالطاعه في السر‬

‫والعالنيه وشيخها كان فرحا بها افوصفها باالخالص ‪ ،‬وما اغلى ان يصفك الشيخ بصفه من صفات الحسن فان القول‬

‫لديهم ال يتبدل ثم لم يلبث ان كفاها بان ارسل لها جواال من دقيق عوض لها عن ذلك الذي تحول الى السكر فاجتمع لديها‬

‫االمرين فانظر كيف فعل الحب واالخالص في االحباب اللهم اجعلنا منهم امين يا رب العالمين ‪.‬‬

‫ومن دولة الباطن نسوق صوره فريده من صور عناية الشيخ باالخوات وهي صوره ربما يكون الشيخ باهي قد نقالها لينا او‬

‫غيره ‪ ،‬ال اتذكر وهي صوره مفادها ان احد اخواتنا من بنات الشيخ كانت في زياره الحد المقامات وتطلع اليها احد الزائرين‬

‫او احد المجاذيب فرائ فيها نور مكانتها ومقامها ‪ ،‬فأراد أن يأخذ شيئا منه تبركا بما يراه فيها فالتق شعرتين من راسها وكان‬

‫الشيخ حاضر مع أوالده في مكان آخر فراوه ابناؤه ينتفض في الهواء ذات الشعرتين التان اخذهما هذا األخذ من ابنته‪ ،‬سابا‬

‫اياه فكان ذلك دليال على رعاية الشيخ ألوالده ظاه ار وباطنا وانهم تحت عينيه ورعايته فنحمد هللا أن جعل لنا في الدنيا اسباب‬

‫بواليتهم لنا فانها عين الرعاية ‪.‬‬

‫وذات الرواية قد نقلت الينا ايضا من طريق آخر وهي إن اختلفت في الكثير من تفاصيلها اال انها تحمل ذات الجواهر‪ ،‬وقد‬

‫كلمات الشيخ محمد ابو‬ ‫نقل إلينا هذه الرواية الدكتور احمد موسى ناقال عن شيخه محمد ابو سالمه ‪ ،‬تقول الروايه بن‬

‫سالمه كنت جالسا الى جوار عم الحاج مسعد رضي هللا عنه وكانت احدى اخواتنا تزور سيدتنا السيد زينب رضي هللا عنها‬

‫وارضاها ‪ ،‬فأخذ منها احد الدراويش شعره للتبرك بها دون ان تدري فلما رأيت ذلك كشفا استأذنت الشيخ ان يسترد الشعر من‬

‫هذا الدرويش وياخذ معها روحه فاخذتهما وسلمتهم للشيخ فقال الشيخ موجها كالمه لتلك الروح ‪ :‬وهللا يا ابني لو ال صاحي‬

‫لقتلتك أي أن الشيخ لو كان غائبا بحاله لقبض هذه الروح في مقابل اخذه لشعر ابنته ‪.‬‬
‫وقد يرى البعض ان هذا نوع من المبالغة في الحماية او انه نوع من التهويل في السرد اال ان احكا دوله الباطن تختلف‬

‫بالشيء الهين ان يتجاوز محار الشيخ الكامل المربى ‪ ،‬وتتجاوز عليها وتنتهك سترها فان مقا‬ ‫عن هذه الرؤية ‪ ،‬فانه لي‬

‫العبد من مقا سيده ‪ ،‬وتجاوزك على ولده هو تجاوز على وليله ‪ ،‬وهي رساله لطرفي القصه المتجاوز و المتجاوز عليه‬

‫فلمتجاوز يجب ان يصرف حد غيره وال يتعداه فهو ال يعلم من هذا الذي تجاوز على حده وهي امانات واسرار واجبه الصيانه‬

‫والحفظ فاذا لم نصف بالحفظ فانت خائن لها وللخائن عقابه ‪ ،‬واما الرساله المتوجه للمتجاوز عليه ‪ ،‬فهي ان يعلم انه بعين‬

‫صاحبه وتحت نظره وفي ظالل مدده ‪ ،‬اينما سار فمدد شيخه خلفه يحوطه ويحميه وينظر اليه وهو كما يحاسبه ويربيه فانه‬

‫الوقت يمده ويحميه ‪.‬‬ ‫في نف‬

‫ومن صور رعايه الشيخ اللي بناته ماروته لنا السيده ا حسين ابنه السيده ا حسب وهي احدى بنات الشيخ قالت ا حسين‬

‫وقد مكثو الى جورنا قرابه العشرين عا وكان حد‬ ‫‪ :‬كان مجاو ار لنا في منزلنا بعض من اهل السوء القادمين من السوي‬

‫شبابهم قد ارى زينب اختي واراد ان يتزوجها ‪ ،‬وبالطبع رفضنا ذلك نظ ار لسوء سلوكه ‪ ،‬وتكرر الطلب وتكرر الرفض ‪ ،‬فما‬

‫كان من هذا الشاب وعائلته اال ان هددونا بالسوء ان لم نوافق على طلبهم ‪ ،‬فلما اشتدت االزمه وخرج االمر عن االستطاعه‬

‫طلبت ا محسب من زينب ان تذهب لزياره الشيخ وتستشيره فى هذا االمر‪ ،‬والعمل فيه فذهبت زينب الى الشيخ مرتين‬

‫عليه االمر فلم تستطع فقال لها ‪ :‬اذهبي يا‬ ‫متواليتين والء تتمكن من رؤيه الشيخ وفي المره الثانيه وجدته فارادت ان تق‬

‫زينب ‪ ،‬فعادت الى بيتها فلما عادت اذا بها ترى هؤالء القو ياخذون كل مقتنياتهم ويرحلون من حيث جاؤا وقد مكثوا معهم‬

‫عشرين عاما ‪.‬‬

‫وال يغيب عنا في هذه الروايه معرفه الشيخ الصول اوالده ‪ ،‬حتى لو لم يتكلم فيها ‪ ،‬فانه ينظر اليهم كما ينظر احدهم الى‬

‫ساعته ولكنه ال يجب ان يتم يمتنع المريد عن ابالغ امره للشيخ حتى وان كان الشيخ عالما به ‪ ،‬فان علمه بالشيء خالف‬

‫مقاله المريد له‪ ،‬النه بمقاله المريد يميز الشيخ بين المقاله ومعرفه الحقيقه بها فيعرف منها شط الراوي او قصده او هواه‬

‫فيما روي او عدله ‪ ،‬ولذا قال لمن سأله عن احواله فرد عليه قائال ‪ :‬انت اعلم بها يا عمى ‪ ،‬فقال له الشيخ ‪ :‬دعك من ما‬

‫اعلمه و تحدث الي فيما تعلمه فان في حديث المريد للشيء مع شيخه اذعان وخضوع وثقه واطمئنان اليه ‪ ،‬وهذا ما يحبه‬

‫الشيخ في ولده حتى يقيم له الحجه او يقيمها عليه اما اصرار المريد على عرض امره على الشيخ لثالث زيارات متكرره فان‬

‫ذلك دليل على حرصه على انصدائه تحت مشوره شيخه وهذا دليل الحب والثقه واالعتماديه عليه ‪ ،‬وهذا مما يحبه الشيخ‬

‫ويرضاه له ‪.‬‬
‫ا محسب وبدايه معرفتها بالشيخ‪:‬‬

‫كانت السيده ا محسب وزوجها قبل ما عرفه الشيخ ‪ ،‬من القائمين على خدمه ضريح احمد حسنين باشا كبير باوران الملك‬

‫فاروق ‪ ،‬وهو ضريح ضخم مرتفع ناحيه الدراسه ‪ ،‬قا على انشائه وبنائه المعماري الشهير حسن فتحي ‪ ،‬وهو تحفه معماريه‬

‫يبهر الناظرين اليها ‪.‬‬

‫وكانت السيده ا محسب وزوجها يقضيان وقتهما في تسبيح هللا وذكره دون ان يكون لهما دليل او مرشد في هذا التسبيح‬

‫والذكر فقد كان يحصيان عدد مرات التسبيح والتهليل والتكبير والصاله على النبي صلى هللا عليه وسلم عن طريق عد‬

‫الحصى واالحجار الصغيره التي يجمعونها خصيصا لهذا الغرض وكانا يتسابقان فيمن يحصى عددا اكبر من االخر‪ ،‬واستمر‬

‫سنوات ‪.‬‬ ‫على ذلك فتره قاربه الخم‬

‫و حدث بعد ذلك ان زارهم رجل يقال له عبد القادر اقدر راهم على ما ذكرناه ‪ ،‬فقال لهم ‪ :‬ما اراكم تفعالن اال فعال المالئكه‬

‫اشاره منه الى تسبيحهم وصالتهم على النبي صلى هللا عليه وسلم بهذه الصوره وطول هذه المده ‪ ،‬ثم اردف قائال وما اراكم‬

‫اهال اال الستقبال اخوانكم الطعامهم ورعايتهم ‪ ،‬فتفتحون داركم الستيعابهم ‪ ،‬وكان الكال متوجهه منه لم محسب ‪ ،‬فظننت‬

‫انه يقصد اخوانها من ابيها وامها ‪ ،‬اذ كانت في هذا الوقت ال تعلم شيئا عن طريق القو وال معنى الدراويش وال عالقتهم‬

‫بالمشايخ فقالت له ‪ :‬ان اخواتي في البلد ‪ ،‬فقال لها ‪ :‬اخواتك لم ياتو بعد‪ ....‬قاصدا بذلك الدراويش ‪.‬‬

‫وظل هذا الرجل قاطنا الى جوارها لم يغادر واستاءت من وجوده وحاولت صرفه فلم تتمكن من ذلك ‪ ،‬ثم بدا لها منه امو ار‬

‫فيها خرق للعوائد كان يمرضها او يمرض احدا من ابنائها اال ان هناك روايه اخرى تذكر ان الشيخ عبد القادر كان له ولد‬

‫اسمه دحروج واسمه االصلي مسعد وقد كان الرجل وولده من دراويش الشيخ ‪ ،‬فقال عم الحاج مسعد اذهب الى ابيك وقل‬

‫له ‪ :‬فيه اثنين و ارك هاتهم وتعالى ‪ ...‬يقصد بهما ا محسب وزوجها ‪ ،‬فذهب بها اليه وكانت هذه هي المره االولى التي‬

‫قابال فيها عمى الحاج مسعد‪.‬‬

‫منه فاشير اليها بالذهاب الى الشيخ مسعد في االخصاص ولم تذكر‬ ‫فلما اعيتها الحيل سالت عمن يمكنها من التخل‬

‫الروايه من اشارته او كيفيه علم المستشار بالشيخ مسعد ‪ ،‬او تبدو منه امور تظن انها من من اساءت االدب او التجاوزات‬

‫التي ال يقبلها االدب وال المنطق وال العرف مثل امر وضع يده على رجلها او كتفها او ما شابه ذلك وهي امور من اهل هللا‬

‫ظاهرها العذاب وباطنها الرحمه اذ من خالل هذه المالمسات الظاهره تنتقل االصول والعلو من الشيخ الى المريد ومن الممد‬

‫الى الممدود له وقد ذكرنا تفصيل ذلك من قبل ‪ ،‬ولكن هذه االمور لم يكن ال محسب العلم بها بعد ‪.‬‬
‫فلما ذهبت الى الشيخ فقال لها ‪ :‬وعزه هللا يا بنتي ان الشيخ عبد القادر الذي تشكو منه هو ابني وهو وزير سيدنا الحسين‬

‫وقد ذهب اليك باذن له بذلك فاذا كان هذا الذي يدعوه ابنه وزي ار لسيدنا الحسين فما بالك بما كانه الشيخ ثم اردف الشيخ‬

‫قائال ‪ :‬انك من بناتي وانت تحت رعايتي من وقت ان كنت صغيره في بيت ابيك قبل زواجك فانتظمت في سلكه وسارت في‬

‫نهجه وكان له معها مواقف وايات ‪.‬‬

‫فالشيخ الكامل معروض عليه ابناؤه والمحسوبون عليه ‪ ،‬يعرفهم من قبل ان يكون لهم حضور في الظاهر معهم ويرعاهم من‬

‫بعد فناء ظاهرهم معه في الدنيا وهم في برازخهم وهو في برزخه ‪ ،‬وهم معهم في جميع مواقفهم دنيا وبرزخ واخره في الدنيا‬

‫يهديه لهم وايضاح منهاجاهم الى ربهم وتسيير سلوكهم ‪ ،‬وفي البرزخ وقت قبض الروح و وقت ضمه القبر و وقت سؤال‬

‫الملكين وفي االخره في كل مواقف من مواقفها وقت البعث والنشور وقت الوقوف في عرصات يو القيامه و وقت العرض‬

‫ثم في النهايه يكون امامهم في دار الخلد ‪ ،‬يو يدع هللا كل اناس بامامهم ‪.‬‬

‫ولقد جاء ذكر دحروج في الروايه السابقه وكان اسمه االصلي مسعد وكان بمثابه رسول الشيخ الى ابناؤه الذين لم ياتو اليه‬

‫بعد وقد عرفنا في الروايه السابقه كيف بعثاه الشيخ الى ا محسب وزوجها في الدراسه كى يحضرهما اليه وكذلك بعثه الشيخ‬

‫الى الشيخ سيد حسين وزوجته ا فايزه في المنيب كي يحضرهما اليه ولم يكونا بعد من ابنائه وكانت من كلمات دحروج مع‬

‫اخوانه متحدثا عن نوعيات عطاء الشيخ لالخوان قوله ‪ :‬ليت الحالوه ان تكشف او تعلم بواطن االمور ولكن الحالوه ان تنير‬

‫في داخلك ويظهر على محياك نور االيمان ‪ ،‬وكان الشيخ حسين ابو عبدالمنعم قد رافقه فتره طويله خالل رحلته مع الشيخ‬

‫‪ ،‬وظهر له في مرافقته كرامات كثيره وايات عديده تدل على واليته ومكانته وكان من كراماته يقول للشيء كن فيكون ويحكي‬

‫الشيخ حسين ابو عبدالمنعم عن اخر لقاء له معه قبل موته وقد راه جالسا في الطريق الى سيدنا الحسين ‪ ،‬وكان على هيئه‬

‫بنفسه وال بما يخرج منه ‪ ،‬وال بالمارين من حوله ‪ ،‬مجذوبا بالحال القائم‬ ‫رثه وكان ما كانما كان غائبا عن الوعي غير عاب‬

‫فيه فلما راه الشيخ حسين على هذا الحال افاقه من حاله وسلم عليه وكانه قد عرف ان هذه اخر مره يرى فيها حسين ابو‬

‫عبدالمنعم فأراد ان يوصيه وصيته االخيره قائال له ‪ :‬قل الحمد هلل واطلب منه اال يحرمك من جوار عمك الشيخ مسعد وال‬

‫بيعته فملت اليه وقبلت يده وذهبت عنه وكانت هذه اخر مره اقابله فيها بعدها انتقل الى جوار ربه ودفن في مدافن العرب‬

‫بجوار سيدي ابو الطرابيش بعرب حلوان وقد شهد له من حضر وفاته بالكرامات والمكانه من ربه ‪.‬‬
‫فانظر الى تلك الصله الباطنه التي كانت بين الشيخ ودحروج والتي من خاللها كان يعلمه باالخوان المحسوبين على الشيخ‬

‫والذين لم ياتوا اليه بعد فجعله وسيله لجلبهم اليه ‪ ،‬ومثل هذا العلم ‪ ،‬هو علم خاص دقيق يدل على قرب مكانته من شيخه‬

‫ويدل على الصله الدائمه القيا بينه وبينه ‪.‬‬

‫ولقد كان الحال الذي يرد على دحروج حاال شديدا عاتيا ‪ ،‬يظهر اثره على نفسه وعلى االخوان من حوله ولم يكن الكثير‬

‫من المخالطين له من االخوان يتحمل هذا الحال الوارد عليه وغلظه معاملته لهم وقت هذا الورود ‪ ،‬فكان اذا افاق من حاله‬

‫وشكوه الى نفسه اعتذر اليهم وقال لهم قولته الشهيره ان المريد الحق يعينه النور الكامن في داخله من ان يتصف بحال‬

‫الكشف للمستور عنه فكانوا يعذرونه لمعرفتهم بمكانته من شيخه ‪.‬‬

‫ومن بلغ به شده الحال ان راه الشيخ حسين ابو عبدالمنعم بهذه الصفه التي ذكرناها قبل موته ‪ ،‬وفي ذلك اشاره ايضا لعوا‬

‫الناس اذا ت اروا احدا على مثل تلك الصوره التي كان عليها دحروج فى الطريق فال يظنوا فيه السوء او الجنون او اختيال‬

‫العقل فربما كان هذا المنظور وليا من اوليائه ي و لكنهم ال يعرفون ولقد قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم في فعل هؤالء‬

‫االولياء ‪ :‬رب اشعث اغبر لو اقسم على هللا البره ‪ ،‬وقبل ان نختم الكال عند دحروج نذكر عنه ك ارمه يقصها علينا الشيخ‬

‫حسين ابو عبدالمنعم فلقد حدث ان دخل عليه في غرفه ‪ ،‬لها مصباح صغير يا كاد ينيرها بالكاو‪ ،‬فلما دخل عليه وكان‬

‫قابعا في احد اركانها راي لهذه الغرفه نو ار شديد يكاد ياخذ باالبصار وراه على حال شديد مالكا له واشتم رائحه عطره ذكيه‬

‫تكاد تذكم االنوف ‪.‬‬

‫وكان من كرامته وسر معرفته ومحبته لالخوان انه كان ياخذ بقايا ما يشربه االخوان من الشاي "التفل" ويضع منه كوبا‬

‫للشاي لمعرفته بكرامه االخوان في حد حقيقتهم ولتمكنه من محبه االخوان من قلبه وان بدا منه ما يسوؤهم من شده حاله ‪،‬‬

‫كما كان يجمع اعقاب سجائر االخوان "السبارس" ويشربها لذات السبب ‪ ،‬وكانت تسعده هذه االشياء كثي ار ‪.‬‬

‫ولقد كان للسيده الفاضله ا محسب شان ومشاو ومقدار ومقا ومكانة لدى الشيخين ‪ ،‬عمى الحاج مسعد وعم الشيخ باهي‬

‫والدليل على ذلك ما قصه علينا الشيخ خالد ولدها في قوله ‪ :‬بعد انتقال الحاج مسعد حدث ان هناك امر شديد كان قد اهم‬

‫الست ا محسب واقلقها وشغل بالها كثي ار وكانت قد تحدثت مع عمي الشيخ باهى في شأنه ‪ ،‬ولم يكن لنا علم بهذا الشأن‪،‬‬

‫وحدث ان نامت فرأت في الرؤيا الشيخ باهي قادما اليها وقال لها ‪ :‬انت عايزه ايه يا ا محسب انت عارفه ان اوالد الشيخ‬

‫اثنى عشر وانت واحده منهم انت عايزه ايه تاني؟‬


‫فلما قابله الشيخ باهي وقصت عليه هذا االمر قد اكده لها وتلك الرؤية تكتنفها األسرار التي تمنعنا من ايضاح مغزاها من‬

‫اإليمان بها وأول هذ األسرار فحوى الهم الذي كان قد أصاب أ محسب وغلبها على أمرها ‪.‬‬

‫وثاني هذه األسرار ما هو المقصود باقتصار اوالد الشيخ علي اثنا عشر وهم كثر فهل قصه رؤساء االبناء او اقربهم اليه‬

‫مكانه او ارفعهم عنده شان … ال علم لنا بذلك ولكننا نتيقن من هذه الرؤية من العلم بقدر ا محسب ومكانتها عند الشيخ‬

‫ذلك فإن‬ ‫ولم يبق لنا إال معرفة اشخاص هؤالء االثنا عشر الذين كانت ا محسب منهم ولسنا نريد أن ندخل في تمحي‬

‫كل االخوان مقربين من الشيخ نفعنا هللا بهم جميعا ‪.‬‬

‫وأما الكال عن اشخاص هؤالء االثني عشر فإن اإلخوان يستنتجون منه قرب البعض الى الشيخ للدرجة التي تبدو كانهم‬

‫وزراؤه وباالمكان الظن بأنهم محمد ابو سالمه‪ ،‬ومحمد أبو سيدنا‪ ،‬وعبدالمنعم ابو حسين ‪ ،‬وسيد أبو النصر‪ ،‬و ا محسب‬

‫‪ ،‬وعبده ابو فهمي ‪ ،‬وعبده سعيد ‪ ،‬وعبد القادر‪ ،‬وعلي أبو عبدالسال ‪،‬ومحمد عبد الرحمن ‪ ،‬وعلي سعد وصالح طه‪ ،‬وما‬

‫عددنا منهم ثالثة عشر نف ار فربما يكون من هم هؤالء االثني عشر وربنا يكون من غيرهم ‪.‬‬

‫وتختلف أحكا دوله الباطن عن دوله الظاهر ويختلف ايضا علم الملك على علم الجبروت ‪ ،‬فالملك الظاهر هو رؤيه االمر‬

‫للحواس الظاهر بص ار وسمعا وذوقا وخالفه اما عالم الجبروت فهو رؤيه األمر بحواس خالف حواس الظاهر ‪ ،‬وللجبروت‬

‫عند أهل هللا شأن كبير قد يكون بعين بواطنهم معالمها وهو من عالم الخيال اذ ان الجبروت برزخ بين الملك الظاهر وغيب‬

‫الملكوت تما مثل الخيال الذي هو وس بين رؤيه الحواس و الغيب المطلق ‪ ،‬مثل المعاني في ذهن صاحبها و هي من‬

‫علم الجبروت معلومة ال ينكر وجودها ‪ ،‬وهي في نظر صاحبها غير منظور العين‪ ،‬ومثل الرؤا التي يراها النائم فهي منظور‬

‫له ‪ ،‬ال شك في ذلك ولكنها ليست منظو ار للعين ‪ ،‬ومن هذا الباب ما يراه األولياء من مشاهد هي منظور لديهم وهي لهم‬

‫في ذلك شك ولكنها غير ظاه ار للعيان ‪.‬‬ ‫حقيقة لي‬

‫ومن هذا الباب ما سنرويه في الحكاية التالية ‪ ،‬فهي مقابلة بين المنظور ملك من جانب المريد ومنظور جبروت من جانب‬

‫الشيخ لذات الحدث ‪.‬‬

‫وما سنرويه هو عالم األذواق التي ال يعرفها اال من ذاقها ومهما يعبر عنها بالكلمات فإنها ال تفي مقصودها فمهما حدثوك‬

‫عن طعم التفاح ووصفوه لك فلن تعرفه حتى تذوقه ‪.‬‬

‫تحكى لنا السيد أ حسين عن والدتها فتقول ‪ :‬كنا في مولد سيدنا الحسين وذهبت السيد ا محسب لزيار عمها في المولد‬

‫ولم يكن قد زارها من قبل ‪ ،‬فالحت عليه ان يأتي لزيارتها وان يتناول طعا الغداء لديها ‪،‬فوعدها بالحضور واكد عليها في‬
‫ذلك فتوجهت الى منزلها وأقامت وليمة احتفاال بالشيخ فذبحت الطيور واعدت الطعا وانتظرت حضوره وكان من عاده الشيخ‬

‫ان يتناول الغذاء في الثانيه من بعض الظهر فانتظرته ولكنه لم ياتي فلما لم ياتي بكت بكاءا شديدا وحزنت ونامت على ما‬

‫حزنت فرات رؤيا ان سيدي مسعد قد جاءها ومعه سعد أفندي زوج بنت الشيخ وتناول معها طعا الغذاء الذي كانت قد اعدته‬

‫ثم استيقظ عن صوت احد الدراويش يناديها ويطلب منها ان تذهب للشيخ النه يطلبها فذهبت اليه فلما رآها قال لها ‪ :‬مابك‬

‫؟ وقد راى اثر البكاء على وجهها وعينيها فقالت له ‪ :‬ال شيء يا عمى ثم عاودها السؤال ما الذي يحزنك ؟ فقالت ‪ :‬كنت‬

‫انتظرك فلم تأت ياعمى فقال لها كيف لم اتيك فقالت له ‪ :‬اني قد رأيت رؤيا انك قد اتيت انت و عمي سعد أفندي فقال ‪:‬‬

‫لها سعد افندي مين يا بنتي وذات هللا يا بنتي دا سيدك سعد الدين الجباوي هو الذي جاء معي واكلنا من الب والحما‬

‫ووصف لها الطعا الذي اعدته وصفا دقيقا ‪ ،‬ففرحت لذلك فرحا شديدا ‪.‬‬

‫فانظر كيف حضرت أرواحهم تلبيه للدعوه وكان صادقا للوعد فيها وانظر كيف كان الجبروت فى حقهم ملكا منظو ار محسوسا‬

‫‪ ،‬ونظر الى روح سيدي سعد الدين وهي من اصحاب البرازخ كيف شاركت أصحاب الدنيا في ملكهم وانظر اليهم كيف جلبوا‬

‫لمريدهم رؤيا رآها فعلم بها االمر على ما هو عليه وانظر كيف فعل الحب بها وبه ‪ ،‬فكان من جانبها عرضا وطلب وكان‬

‫من جانب الشيخ وفاء للوعد ‪.‬‬

‫ونظر الى مقا الجبروت عند االولياء ورؤيتهم بالبصيره ما لم يتمكن البصر من ادراكه ف أروا العلم في صوره برد الماء و اروا‬

‫القطر في صدره الليله الصافي والموت في صوره الكبش مثلما رآه يحيى فسبحان صاحب الملك والجبروت والملكوت ‪.‬‬

‫ولكن مر على االخوان من دالئل يعرفون بها ان الشيخ يحادثهم بما في خواطرهم فهذه ا باهي زوجه الشيخ رفاعي تحكي‬

‫الشيخ يفطر معهم ‪ ،‬وكان الطعا‬ ‫عنه انها كانت في زيار له هي وزوجها الشيخ رفاعي وقد لهم طعا اإلفطار وجل‬

‫متواضعا في كميته فول نابت وقليل من العسل أرغفة قليلة من البتاو وقالت في نفسها ايكفى هذا الطعا لنا جميعا…‪ .‬الشيخ‬

‫رفاعي وانا‪...‬؟ وهنا نظر اليها الشيخ وقال لها ‪ :‬انت مش ليكى ان انت تاكلي و تشبعي وتبقى تما ؟ وقالت له حاضر‬

‫هو مقصود الطعا في ذاته‬ ‫ياعم ‪ ،‬فلما اتمت طعامها شعرت وكأنها اكلت كمية كبير من الطعا وعلمت ان المقصود لي‬

‫وإنما المقصود هو صحبة الشيخ بما يعطيه الشيخ من العطاءات سواءا كان العطاء مباشر او خالف ذلك ‪.‬‬

‫ولقد واصلت السيد ا محسب مشوارها ال طويل مع عم الحاج مسعد وبلغت معه شأوا كبير في المقا ‪ ،‬حتى انه وصفها‬

‫بانها من اهل التسليم في فقال لها ذات يو ‪ :‬يا بنتي مالك مسلمه قوي كده ليه ‪.‬‬
‫وقد بشرها ذات يو بصفه لها حين قال لها أنت مصانة من كل شيء وكان السبب في هذه المقولة انها في احدى الموالد‬

‫الشيخ في مكان نظيف فجعلت تنظف االرض بيديها بحماس‬ ‫وكانت تساعد االخوان في نصب الخيمه فاردت ان يجل‬

‫ودون وعي وتزيل القاذورات حتى جاء الشيخ وهي على هذا الحال فجعلت يديها وراء ظهرها لئال يسلم عليها الشيخ فتتسخ‬

‫يده ه مما كان عالقا في يديها من أثر نظافه االرض فاخذ الشيخ يديها وسلم عليها واعطاها قرش صاغ رمز للعطاء وقال‬

‫لها هذه المقولة التي نحن بصدد الكال عنها فقال لها‪ :‬أنت مصاغة مصاغة من كل شئ‪.‬‬

‫والسيد ا محسب من هؤالء الذين جعل هللا لهم وظيفه في طريق اهل هللا وكان الشيخ قائما عليها في ادائها وهي استقبال‬

‫المجاذيب والمصابون في عقولهم ونفوسهم فكانت خدمه الست ا محسب محاطا لهؤالء الذين وصفناهم وال تدري ما الذي‬

‫جاء بهم اليها وال من ارشدهم عليها فكان ياتيها المجنون المختل في تصرفه وتأتيها من كان حاله الصراخ والصوات او‬

‫الغناء او الناطق بألفاظ امر مقردات غريبه على اذن الرد السامع (الرطن) او ما المزغرده علي الدوا او من كانت رثه الهيئة‬

‫منكوشه الشعر متسخه الثياب تفوح منها روائح مايخرج منها من العرق والبول والغائ ولعل القارئ قد شاهد امثال هؤالء‬

‫تحت الكباري وعلى االرصفه او في الميادين فكان كل هؤالء وامثالهم ياتون اليها وال تعلم مصدر حضورهم اليها وكانت تعلم‬

‫ان هذا هو رزق ربها اليها فاذا اتت الواحده منهم على هذه الشكله تدخلها الحما وتغسل بدنه و تلبسها من مالبسها او تاخذ‬

‫مالبسها وتنظفها وتغسلها وتطهرها وما اشد هذه المهمة لما كانت تجده من اتساخ بها ‪ ،‬ويظل الزائر لها من هذه النوعيه‬

‫ا لى ان يرفع هللا عنه ما ابتاله به او يرتد عليه عقله او يعود الى رشده او يرحل من تلقاء نفسه مثلما جاء من من تلقاء نفسه‬

‫وهكذ كان االمر معها على الدوا قو ياتون بهذه الصوره ثم يرحلون ثم ياتى اليها قو آخرون في سلسال ال ينتهي امده وال‬

‫اظافره ويفعل له مثلما فعلت امه مع‬ ‫يقف حده واذا كان الوافد رجال فان جميل ولدها ياخذه يحلق له راسه وذقنه ويق‬

‫الوافدات اليها ولم يخل وفود هؤالء الى ا محسب من طرائف تظهر لها منهم فكان منهم بعد ان تفعل معهم ان تفعلمعهم ما‬

‫ذكرناه ييقذفونها بالحجاره او يرمونها بالتراب او يكيلون لها السباب‪ ،‬وما كان منها اال ان تضحك وتقول لمن حولها حين‬

‫يلومها انا راضيه ما اخدش ليه دعوه ‪.‬‬

‫ولم تقتصر رعايه ا محسب للوافدين من الغرباء من غير اخوانهم بل تعداه الى خدمه اخوانها اذا وصلوا الى الحد الذي‬

‫يستدعى خدمتها لهم فهذا هو محمد ابو جاد في آخر أيامه وكانت قد استضافته عندها في الطرقه الداخليه من منزلها وكان‬

‫ال يسيطر على نفسه فى تصرفه او انه كان يتعمد هذا التصرف فذات مره نادي عليها وقال ‪ :‬لها سيبى اللي في يدك‬

‫وتعالى حميني وال ادري ان كان هذا الى الحادث في حياه الشيخ الكبير ا بعد انتقاله فنادت على ابنتها ا حسين وقالت لها‬
‫تعالي معي‪ ...‬وناوله اناءا ليبول فيه قبل االستحما وادرت ظهرها اليه هي وابنتها حتى ينتهي من بوله ثم مالبثت بعد ان‬

‫ادارت وجهها اليه بعد انتهاء بوله ‪ ،‬حتى قذفها باالناء الحاوى لبوله فى وجهها … فلما رات ذلك منه ‪ ،‬مسحت وجهها‬

‫وقالت له ‪ :‬مايجراش حاجه … ما انت زى أبويا …‬

‫ثم بادرها بقوله ‪ .… :‬يابنت الكلب يا ا محسب هوه انا مش عارف حته اخش ليكى منها ‪ ..‬انت مقفله كل النواحى طب‬

‫اجيلك منين ‪..‬انت كده خدتى كل حاجة ‪.‬‬

‫فلما رات ابنتها ا حسين ذلك بكت من اثر هذا الذي راته من تحمل امها االذى من أخيها في هللا وصبرها على هذا االذى‬

‫ثم توجهت الي امها وسألتها ‪ :‬قولي لي على شيء واحد فق يجعلك ترضى عن كل هذا الذي تالقيه وكانما تذكر ا محسب‬

‫وصيه الشيخ لها في شان ابو جاد حين قال لها ‪ :‬يا ا محسب اخواتك كلهم مش قادرين على ابو جاد كل اللي ياخده يزهق‬

‫منه ويشتكي الى الشيخ من سوء سلوكه معه ثم طلب منها ان تستضيفه فانها هي الوحيده القادره على استضافته وتحمل‬

‫سلوكه فقال لها ‪ :‬تاخذي ابو جاد في ضيافتك يا ا محسب ؟ فقالت له ‪ :‬اخذه يا عمي…‪ .‬قال لها ‪ :‬تقدرى عليه ؟ فقالت‬

‫له ‪ :‬بك انت هقدر لكن من غيرك مقدرش …‪ .‬فانى ال حول لي وال قوه ‪ ،‬فهذا هو الذي جعلها تحتمل ما تالقيه منه وهو‬

‫وصيه الشيخ لها بذلك وهي التي بها فازت ‪.‬‬

‫واألصل في ذلك كله ان ابو جاد كان من المالزمين لصحبه سيدنا الحسين طوال خمسه عشر سنة حين كان حين كان‬

‫قائما على بابه وكان مصاحبا للسيده زينب على بابها طوال عشر سنين ثم صدر له التوجه و كان بيغير ذلك فلم يهنا له‬

‫بال لصاحبه غيره فكان من اثر ذلك ما رويناه فكيف لمن كان مصاحبا لتملك ان يصاحب رعايته حتى وصل االخر به انه‬

‫اذا كان في صحبه احد اخواته وطلب منه ان يشرب شاي فاذا صنع له الشاى القاه في وجهه وكان هذا األمر شديدا على‬

‫نفسه ابى جاد حتى انه طلب من الشيخ خالف هذا المقتضي عليه فخيره الشيخ بين ان ينال ما يرغب ويرتفع عنه ما يكره‬

‫بشرط اال يكون من ابناء الشيخ في الطريق وبين ان يبقى عليه ما قضاه هللا به عليه من بقاء صحبته للشيخ فما كان منه‬

‫اال ان اختار صحبه الشيخ مع وجود البالء ‪.‬‬

‫وظلت محبته للشيخ علي ما هي عليه بعد انتقاله حتى انه كان في مولد الشيخ يطوف البلد على اسرها ماشيا على اطراف‬

‫اقدامها قائال ‪ :‬ورد عليك ‪ ...‬فل عليك …‪ .‬كل ذلك من اثر حبه له ‪.‬‬
‫واسرار اهل هللا في الطريق ال تقف على حد فمن اوالك ان هذا السلوك الصادر من أبي جاد ما هو االختبار اجراه الشيخ‬

‫علي اقرار ابنائه او مسابقه باطنيه اراد بها الشيخ ان يختبر ابناؤه في مقا الصبر واالحتمال والصفح وتحمل االذى فجعل‬

‫في ابي جاد ما كان منه ثم نظر في ابنائه اي منهم يجتاز هذا االختبار فيحتمل االذى على ما ذكرنا واالخوان درجات في‬

‫هذا االمر فمنهم من لم يحتمله ومنهم من حتمل بعضه ومنهم من حتمل نصفه ومنهم احتمل كله وفاز في هذا االختبار ا‬

‫محسب ولعل م قاله ابي جاد لها ‪ :‬انا مش عارف حته اخش لكى منها ‪ ...‬انت مقفله كل حته انت كده خذتى كل حاجه ‪...‬‬

‫لعل هذه المكانه منه ابلغ دليل على صحته هذه النظر من كونه اختبا ار لالخوان والذي نجحت فيه ا محسن خصوصا اذا‬

‫نظرنا الى الوظيفه التي جعلها هللا فيها من خدمه المجاذيب وارباب العلل الباطنيه والعقليه والمجانين و ما كانت تفعله معهم‬

‫مما سبق شرحه ومن احتمالها االذى في ذلك ‪.‬‬

‫وال ندري اذا كان الشيخ ابو جاد عالما بفحوى المقصود من هذا االختبار و بمقصود عمه فيه ا انه هو االخر في اختبار من‬

‫شيخه كما كانت ا محسب في اختبار منهه ‪.‬‬

‫ثم اننا بالنظر الى تاريخ ابو جاد مع الشيخ فاننا نجده في سلسله متصلة من الباليا واالختبارات والعطايا الباطنيه و المنح‬

‫االلهيه فكان بين البالء والعطاء وبين المنع والمنح وبين ذوق القصمه والحرمان منها فتجده قد زاق ذوق الكشف وال شك ان‬

‫ان يكون الكشف وباال عليه وابتالء واقعا به وقع بسببه في الجناية التي‬ ‫الكشف نوع من الطبق التقدير اإللهي ثم ال يلب‬

‫اقترفها والتي ا ستحق العقاب عليها وال شك ان العقاب عذاب ثم يصير هذا العذاب نعيما وعطاء اذ كان عقابه ان يالز‬

‫ساحه اهل البيت و مجاوره السيد زينب وسيدنا الحسين مده طويله قاربت الخمسه وعشرون سنه فكانوا مكشوفين له منظورين‬

‫والوص ل بهم ذاق عذاب البعد والحرمان منهم وبعد ان كان موصوال‬ ‫منه متحدثا معهم شاع ار بهم ثم انه بعد نعيم االن‬

‫بالملوك صاره موصوال بالمماليك فال يزال طريقه بين كر وفر وبين نعيم وجحيم وبين وصال وفراق ولكنه على قدر ماعاناه‬

‫لم يزل محبا متفانيا في شيخه ذاك ار له في كل أوقاته فكان في ذكرى مولده يعدوا في المولد وهو الشيخ المعاق فرحا بذكراه‬

‫منتشيا بمولده يطوف في الطرقات صائحابه …‪ .‬ورد عليك ‪ ...‬فل عليك ‪.‬‬

‫وال يخل االخوان من المواقف التي تستدعي تحديث الشيخ لهم وتقويمهم الخالقهم واصالحهم لتجاوزاتهم ‪ ،‬ما كان التجاوز‬

‫في خواطر المريد وليست في افعاله والذي تعارف عليه الناس ان المحاسبه تكون على االفعال ال على الخواطر‪ ،‬ولكن االمر‬

‫خالف ذلك فيمن هم قائمين على تربيه االرواح وهم االشياخ مع مريديهم فان هللا سبحانه قد اعطاهم المعرفه بالخواطر‬
‫والمحاسبه عليها ‪ ،‬ومن هذه المواقف ما كان للشيخ من الشيخ عبد ربه ‪ ،‬اذ كان الشيخ عبد ربه تاج ار للخضار والفاكهه‬

‫ياخذ نتائج المزارع و يتعامل فيها مع االسواق وهي تجاره مربحه فحدث في سنه من السنين ان راجت تجارته وزاد ربحه لوفره‬

‫الخارج من هذه المزارع وكان الشيخ في احدى زيارته للسيده زينب فاسطحب معه الشيخ عبد ربه فنظر اليه الشيخ وقال له‬

‫اذا وجدتني قد نفذ منى المال فتولى انت الصرف ‪ ،‬يقول الشيخ عبد ربه فلما انتهى الشيخ من كالمه خطر خاطر في قلبي‬

‫انه يستحيل على الشيخ ان يخلو من المال وانه ربما قد علم قدر ما ربحته منه تجارتى محدثنى بمثل ما حدثني به ‪ ،‬وتكرر‬

‫عليه هذا الخاطر مره واثنان وثالثه ‪ ،‬فلما وصلنا الى المنزل كاشفنى الشيخ بذلك الخاطر الذي ضرب فى صدره مره ثم مره‬

‫مع اهل هللا ينبغي عليه ان يخاف من خاطره اذا خطر له بما ال يجب ان‬ ‫اخرى ثم مره ثالثه فعلمت من ذلك ان الجال‬

‫يخطر به ‪.‬‬

‫والشيخ عبد ربه من اولئك الذين كان لهم دالل مع الشيخ وكان هذا الدالل له ما ال يجوز على غيره ويقبله منه الشيخ ذلك‬

‫في حضرته فكان اذا عليه الحال تظهر منه بعض الحركات الغريبة كان ينكش شعره ويجمع الكراسي في الذكر ويقف عليها‬

‫والشيخ ينظر اليه في صمت وصاحب الحال معذور فيما يرد على ظاهره من تلك األفعال من اثر ما يراه فقد يطلع‬ ‫ويرق‬

‫ويغني ويتحرك ويتهلك ما هو في مشاهدته ومن يراه من خارج‬ ‫على امر جميل من امور الملكوت وما اكثرها فتراه يرق‬

‫يستغرب فعله النه محجوب عما يراه صاحبه اما الشيخ فانه يرى فعله و يرى ما يراه فيعذره على ذلك وقد يجد من هذه‬

‫االحوال ما يجرؤه على شيخه قوال ‪ ،‬مثلما حدث معه اذ قال للشيخ يا عم انت لست عمي ان عمي هو الشيخ باهي كل ذلك‬

‫والشيخ يضحك وال تدري ما الذي دعاه الى قول ذلك ولكن شيخه يدري ‪.‬‬

‫وقد يجد من األحوال ما يجعله غاضبا من ذكر اخوانه حتى فى حقد شيخه فيهجرهم الى ذكر للشيخ االخر مجاور لهم‬

‫مثلما حدث ذات مره في ذكرى المولد النبوي الشريف اذ قال لشيخه ‪ :‬يا عمي انا لن اذكر عندك ساذهب الى ذكر الشيخ‬

‫محمد ابو جمعه فأذن له الشيخ وذهب يقول الشيخ عبد ربه ‪ :‬كلما ذهبت و انتظمت في ذكرهم شعرت وكان نا ار تضرب‬

‫على خدي يمينا ويسا ار كلما تحركت معهم في الذكر فما انفك عاث ار الى شيخه فقال له الشيخ ‪ :‬ما بك يا عبد ربه فذكر له‬

‫ما حدث وقال له ‪ :‬يا عم اريد ان ارتاح فانا متعب فقال له الشيخ ‪ :‬عندما نامرك بشيء فعليك تنفيذ وقتها سترتاح فقال له‬

‫‪ :‬حاضر يا عمي وال تعلم ان كان قد سكت عن مناكفته للشيخ ا لم يسكت ‪.‬‬

‫وحال اإلخوان مع الشيخ حال غريب فتراهم بالرغم من ثقل ما يعاقبهم به في حال تجوزهم وفي طريق تربيتهم يحبونه حبا‬

‫طائال يتجاوز محبتهم لجميع ذويهم فمنهم من كان عقابه في بدنه ومن ومنهم من كان عقابه في ولده ومنهم من كان عقابه‬
‫في اهله ومنهم من كان عقابه في ماله وحتى منهم من كان عقابه في سمعته ولكن لم يكن ابدا عاقبه في دينه وفي انتظامه‬

‫في سلك شيخه فلقد سمعت ان احدا مما تجاوزوا في حق انفسهم ‪ ،‬وكان من اثر ذلك ان عاقبه الشيخ عقابا شديدا وطال‬

‫امد العقاب لسنوات طويله وكان مما عاقبه به ان جعله مقيدا مقعدا ال يتمكن من الحركه سجينا في نفسه فلما اشتد عليه‬

‫المه شكا الى شيخه اشتداد وطاه العقاب فنظر اليه الشيخ وقال له ‪ :‬ان هللا مكنى ان اجعلك في بلدك عمده بما في ذلك‬

‫من المال والجاه ولكن اذا نلت هذا فان مقابله ان تنسلخ من من عقدي وتنفصل عن سلكي فال اكون لك شيخا وال تكون لي‬

‫مريدا هنالك قال له ‪ :‬ال يا عم اقبل كل ما تجريه على من عقاب وال اقبل ان انفصل عنك وقد ذكرنا هذه القصه بالكفايه‬

‫في هذا الموطن وربما نذكر صراحه في موطن اخر ‪.‬‬

‫وشيخه بهذا االمر عالقه الوالد يولده حين يعاقبه على امر ما فان هذا العقاب ال يخرج محبه الولد لوالده وال يخرج عنايه‬

‫الوالد لولده فمن بك حازما فليكن احيانا على من يرحمه واالمر في الدنيا زائل قصير واالمر في االخره دائم ال ينقطع فالطاعة‬

‫صبر ساعة‪.‬‬

‫وال زلنا مع عبدربه فى مناكفته مع الشيخ والزلنا فى مقا النظر فى اثر تربيه الشيخ لالخوان ‪ ،‬فانه باب ال يدرك مداه اال‬

‫بعده برد أنامل الثواب ‪.‬‬ ‫من وقع عليه العقاب فأح‬

‫اتفق الشيخ باهى مع الشيخ عبدربه فى ان يحتالوا فى ابعاد احد زوار الشيخ عنه وهو ابوالقاسم لسبب لم يذكره الراوى اال انه‬

‫معه وانفرد به لفترات طويله ‪ ،‬فال يدع لغيره من االخوان‬ ‫قد قبل من بعض االخوان انه كان مستاث ار بالشيخ فاذا جاء جل‬

‫نصيب من الحديث مع الشيخ او الجلوس معه وكلهم جاء من اجل ذلك ‪ ،‬ولم يجدوا حيله اوفق من ان يذهبو الى سيدنا‬

‫الحسين ويطلبون منه هذا الطلب ‪ ،‬وكان الشيخ قد حذر عبد ربه م ار ار اال يفعل شيئا قبل ان يستأذن منه ويستشيره فيه ولكن‬

‫عبدربه كعادته كان صعب المراس عتيا عن الطاعه ‪ ،‬او ربما شجعه وجود الشيخ باهى معه وهو ولده ‪ ،‬فكانما كانت صحبة‬

‫الشيخ باهى حصانه له عن ان ينال عقاب شيخه ‪ ،‬فذهبا كالهما الى سيدنا الحسين وقرؤا الفاتحه وطلبوا منه ان يبعد ابا‬

‫القاسم عن زياره الشيخ فى االخصاص ‪.‬‬

‫فلما عادا وذهب عبدربه الى بيته فاجابته زوجته بالصراخ و البكاء فقال لها ‪ :‬مابكى ؟ فقالت ‪ :‬سياره دهست الجاموسه ‪،‬‬

‫فادرك عبدربه فى وقتها أن ذلك هو العقاب فى مقابل عصيان ألمر الشيخ ‪ ،‬فترك زوجته وذهب للشيخ حزينا منكس ار كان از‬

‫جا غضبه فى صدره وقال له ‪ :‬الم اقل لك ال تفعل اى شى دون علمى ‪،‬لم ذهبت مع باهى فيما ذهبتم اليه ؟ فرد عليه‬

‫قائال والغضب اليزال فى صدره ‪ :‬الشيخ باهى هو عمى انت مش عمى ‪ ،‬وتركه وانصرف الى حال سبيله وال تزال العقبات‬
‫فتوجه الى الشيخ عبد ربه ‪ ،‬فقد كان تاج ار يشترى نتاج مزارع الفاكهه ويبيعها فى السوق ‪ ،‬فاشترى نتاج احدى هذه المزارع‬

‫معي‬ ‫ولكن لم يحالفه التوفيق فقدت على اخرها وتبدلت أحواله ولم يبقى لديه شيء فذهب الى شيخه وقال له ‪ :‬اآلن لي‬

‫شيء اال زوجتي واوالدي ماذا ستفعل به بعد ذلك فقال له ‪ :‬لن افعل بك شيء آخر ‪.‬‬

‫وكأنما نظر الشيخ إلى عبد ربه ورأى انه ال بنصلح روحه اال بزوال أثر سطو المال عليه فالحقه المر بعد المره حتى زال‬

‫عنه ماله ولم يبقى له اال كفايته منه في الدنيا فلما تم له ذلك كف عنه وكانما كان هذا هو المرمى األول الذي كان يرمي‬

‫ذلك من قدر الشيخ عبد ربه عند الشيخ وال‬ ‫إليه الشيخ فكانت العقبات المتتالية هي السبب في تحقيق هذا الهدف واليبخ‬

‫عند اإلخوان المعاصرين له فهو اخ عزيز ودود محبوب لديهم له داللة على شيخه ولشيخه داللة عليه ولو كان الشيخ غير‬

‫محبوب عند عبد ربه فما الذي اصبره عليه وبقى معه ؟ ولد كان عبد ربه غير مطلوب لدى شيخه لكان مصروفا عنه غير‬

‫محسوب عليه فقلوب الناس بين أصابعهم عطاءا من هللا لهم بذلك ونواصيهم بايديهم وهبا من هللا لهم به ولكنه العهد والطريق‬

‫والعقد الذي رضى فيه الطرفان أن يكون هذا شيخ له ودليل ومرشد له الى هللا وان يكون هذا مريدا طائعا لشيخه في طريق‬

‫السلوك ‪.‬‬

‫واستكماال للرواية التي ذكرناها للتو ‪ ...‬فان ذات الرواية قد رويت إلينا من طرف آخر ولكنها تحمل بعض االختالف وان‬

‫اتفقت في المضمون فقد قيل ان االخوان لما غاروا من اخيهم أبو القاسم واستثار الشديد بشيخهم أرادو ان يصرفوه عنه‬

‫واحتلوا عليه في صرفه في وانتظروا الفرصة لذلك وجاءتهم الفرصة وكان الشيخ باهي معهم في هذه المكايد فقد حدث أن‬

‫طلب الشيخ من أبي القاسم أن يعد له طعاما جيدا كثي ار و ياتي به الى بيت الشيخ له نفر من اصحابه فقال له ‪ :‬حاضر يا‬

‫عمي …‪ .‬فقال له الشيخ أنا ذاهب مشوار قريب وسيأتي إليك ‪ .… ،‬وفي هذه االثناء يكون الطعا جاه از …‪ .‬فقال له‬

‫حاضر يا عمي …‪.‬وهنا جاءت لعمى الشيخ باهي واالخوان الفرصه لما عز وعليه ‪ ،‬فذهبوا ألبي القاسم قبل حضور الشيخ‬

‫بوقت كاف ثم قالوا له احتياال ‪ :‬اذا اردت ان تعد طعاما للشيخ فاعلم ان الشيخ ال يأكل طعاما طازجا بل يحب ان ياكل‬

‫طعا اليو السابق له (طعا بايت) فق اصنع بعض اللحم وضعه أمامه و ضيوفه مع الطعا (البايت) …‪ .‬فقال لهم ‪ :‬انتم‬

‫ش ايفين كده … فقالوا‪ :‬نعم … فصنع أبو القاسم الطعا بحسب ما اشاروا عليه ‪ ...‬وجاء الشيخ مع ضيوفه وما ان جل‬

‫‪...‬وعلى الفور جاء أبو القاسم بالطعا بحسب ما اشاره عليه دراويش الشيخ فنظر الشيخ الى الطعا ثم‬ ‫حتى طلب الطعا‬

‫نظر إلى أبي القاسم بشيء من الغضب قائله له ‪ :‬ايه ده يا ابو القاسم اهذا هو الطعا الجيد الكثير الذي طلبته منك اعداده‬

‫فقال له ‪ :‬انا اسف يا عمي ‪ ...‬معلش سامحني … فقال له ‪ :‬هم عملوها فيك ؟ وكان الكائدون من االخوان حضو ار ومعهم‬
‫الشيخ باهي مراقبين لما سيحدث فلما سمعوا من الشيخ مقولته ‪ :‬هم عملوها فيك ؟ انتفضوا وقاموا وذهبوا بعيدا مستترين‬

‫عن الشيخ فما وجد الشيخ باهي اال الحما ليختبئ فيه بعيدا عن عيون الشيخ وظل في الحما مراقبا لصوت الشيخ فإن ناداه‬

‫سيخرج من شباك الحما الى خارج البيت أما بقى المتآمرين ففرو خارج البيت … اما أبو القاسم ذهب سريعا لعمل طعا‬

‫جديد فأخرج اللحم ووضعه على النار وسلقه سلقا جيدا … ثم رمى بالماء المغلي الناتج من سلق اللحم …‪ .‬في الحما‬

‫الذي اختبأ فيه الشيخ باهي وكان الشيخ باهي ال يزال يختبئ به من شد خوفه من الشيخ … فأصاب الشيخ باهي من أثر‬

‫الماء المغلي حرقا شديدا في قدمت ‪ ...‬فقال في نفس ه عن شيخه بردو وطولتني انا عارف ان انت مالكش حل …‪ .‬حل‬

‫وهاطولنى ها طولنى ‪.‬‬

‫ويكاد تكون العبر من هذه الروايه هي ذات العبره في الروايه االولى وهي التربيه المنوطه بالشيخ نحو أبنائه في الطريق ولم‬

‫يستثنى فيها الشيخ باهي من العقاب والتأديب فإن الرواية االولى قد تناولت تأديبه للشيخ عبده ابو فهمي اذا كان حاض ار مع‬

‫الشيخ باهي في ذات المؤامره والروايه الثانيه تناولته تاديب الشيخ باهي نفسه فان التأديب من الشيخ ال يستثني احد من احد‬

‫ناهيك عن مغزى غيره اإلخوان على الشيخ من استئثار احدهم به والناشئة من شد حبهم له ‪.‬‬

‫وال زلنا مع الشيخ عبد ربه في مناوشاتة للشيخ وعراكه معه من باب الدالل عليه طلب ذات مر من الشيخ ان يعطيه الكشف‬

‫بسبب سنذكره في اخر هذه الرواية فلما أعطاه الكشف لم يتحكم فيما كشف له من البوح به فكان يتكلم به طوال الوقت حتى‬

‫انه كان يخبر بحضور االخوان وغيابهم فكان م ن ذلك أنه كان من الحضر ينادي على اخيه سيد عبد العزيز ويقول ‪ :‬يا‬

‫سيد فيسمع الشيخ سيد نداه وهو في بيته وإذا لم يتمكن الشيخ سيد من الحضور يقول الشيخ عبد ربه االخوان لن يأتي الشيخ‬

‫سيد الى الحضر اليو ويكون كما قال !!! ‪ .‬فطلب منه الشيخ ان يسيطر على نفسه في هذا االمر فقال له ‪ :‬شيئ اعطانيه‬

‫هللا لي فلم احجبه فقال له الشيخ ‪ :‬ما فائد بوحك به ؟ فقال ‪ :‬ان اعرف الناس وحدث في يو ان جاء للشيخ يزهو من كشفه‬

‫وقال له ‪ :‬سياتي اليك مصطفى عبد هللا ‪ ،‬وهو احد االخوان المقربين للشيخ وسياخذك بالسيار ولسوف اذهب معكم الى‬

‫السيده زينب فقال له الشيخ ‪ :‬لن ياتي مصطفى عبد هللا ‪ ،‬وستحدث له إصابة في قدميه تصيبها بالكسر وبالفعل لم ياتي‬

‫مصطفى عبد هللا وبعدها جاء وقدمه مكسوره وهنا يظهر الفرق بين درجاتها درجتين من الكشف درجه المريد ودرجة الشيخ‬

‫فمجال كشف المريد طبق محدود ومجال كشف الشيخ مطلق م مدود وإن كانت الكشوف في جميعها على الحقيقة ممدود‬

‫بمدد الحق لها هنالك عرف حده ولز عزره‪ ،‬فكشفه ممنوح من شيخه يطلقه في اشياء و تحجب عنه اشياء وكذلك كشف‬

‫الشيخ مرهون بكشف الحق له ان شاء كشف له شيء وان شاء غيب عنه اشياء ولقد راينا من قبل كيف ان الحق غيب عنه‬
‫وفاه الشيخ محمد عبد السال فال يطلع الحق غيبة ألحد اال بارادته والسبب في طلب الشيخ عبدربه للكشف ان الشيخ كان‬

‫قد اطلقه هللا على ان حادثه الحد ابناء اخواننا وهو باهي بن ا جماالت سوف تصير عليه ولم يكن في مقدور الشيخ ان‬

‫يمنع قدر هللا فيه في حدوث أمر له ‪ -‬وكان ذلك في مولد السيد البدوي ‪ -‬فأراد أن يخفف من طبقه الحادثه حتى يخف اثرها‬

‫على الولد ورجا هللا في ذلك ما ضال لهذا األمر وكانت صوره التصريف أن دخل في وقت الذكر على على الغرفه التي‬

‫يوجد فيها األخوات فوجدهم جميعا مستيقظات ذاكرات ثم دخل الغرفه على ابناؤه من الرجال فوجدهم نائمين وبينهم الشيخ‬

‫عبد ربه يشرب جوزه فغضب لذلك غضبا شديدا اذا الرجال نائمون والنساء ذاكرات مستيقظ وكانت هذه هي صور احتياله‬

‫علي االمر الذي ذكرناه فاخذ الجوزه من عبدربه والقاها على الحائ فتكسرت وكان باهي ابن ا جماالت نائما تحت الشباك‬

‫وكانما الشيخ قد خط في نفسه ان ينزل الزجاج المكسور على باهي فيحث به بعض االصابات الخفيفة فيكون ذلك عوضا‬

‫عما اطلع عليه من حدوث حادثة لباهي اال ان الشيخ عبد ربه لما راي زجاج الجوز قد تحطم ومن تحته باهي اسرع في لمح‬

‫البصر الى جلبابه فاسدله عليه والتق الزجاج قبل أن يستيقظ يتساق على الطفل فغضب الشيخ لذلك فلطمه قائال له لماذا‬

‫كانت فاتت وعدت يقصد ما خططه الشيخ في نفسه من فوات امر الحادثه الواقعه على باهي والتي راها الشيخ في لوح قدره‬

‫‪.‬‬

‫بالذنب اذا كان الشيخ‬ ‫وفي الصباح تعرض الطفل لحادث سير فأحدث به اصابه بالغه فتذكر عبدربه كال الشيخ واح‬

‫يريد ان يتساق الزجاج على الطفل فيصبه بدال من هذا الحدث فيكون حادثا مكان حادث فقال للشيخ ‪ :‬يا عمي انا اعمى‬

‫ال ابصر وكانه يقول له لو اعطيتني الكشف لعرفت االمر على حقيقته فلطمه الشيخ مر اخرى ولكن هذه اللطمة يعطيه‬

‫الكشف الذي طلبه والذي لم يتحمله ولم يسيطر على نفسه فيه ‪.‬‬

‫الكشف لدى المريد ‪:‬‬


‫والكشف لدى المريدين امر بالغ الصعوبه وقد راينا من قبل كيف فعل الكشف بالشيخ محمد سالمه فقلب حياته راسا على‬

‫عقب ولم يتمكن من السالمه منه اال بمعونه الشيخ فى ذلك وها نحن قد راينا الكشف عند الشيخ عبدربه وراينا من اثره مالم‬

‫يتحمله ولم يلجم من اثره لجا لسانه وكنا قد سمعنا فى روايه لم نذكر تفصيلها عن ذلك الذى طلب من الشيخ ان يعطيه‬

‫الكشف فما لبث بعد ثالث ليالى ان هرع الى شيخه ان يكف كشفه عنه( وربما يجيئ لنا تفاصيل هذه الروايه فنوردها فى‬

‫مكانها ) وربما كانت المحبه التى اصابت الشيخ محمد ابوجاد من اثر الكشف الذى طلبه من شيخه‪.‬‬
‫في احدى روايات االخوان الت ي تتناول قضية الكشف التي قد يطلبها المريد من شيخه نسوقها في البداية على لسان راويها‬

‫وهو الشيخ خالد ابن ا محسب ثم نذكر بعدها ما يمكن ان يكون مقصودا من مفهو الكشف من خالل فعل الشيخ مع مريده‬

‫في هذا الشأن تقول الرواية ‪ :‬أن أحد مريدى الشيخ وهو الشيخ عطيه ابو كحله طلب من الشيخ الكشف فقال له مؤكدا على‬

‫طلبه ‪ .… :‬انت عايز التكشف يا عطيه ؟ فقال له ‪... :‬نعم يا عمي …‪ ..‬فقال له ‪ :‬خالص يا ابني هنديك الكشف وكان‬

‫الشيخ عطيه على اعتياد لزيار الشيخ في كل اسبوع مره او مرتين…‪ .‬وكان الشيخ عطية يذهب إلى عمله عن طريق أتوبي‬

‫الشركه يظهر‬ ‫الش ركة الذي ينتظره على الطريق المجاور والقريب من بيته …‪ ..‬فكان كلما خرج الى الطريق منتظر اتوبي‬

‫له وكان احد يطرق على باب داره ثم يذهب الى عمله فاذا عاد من عمله ورجع الى بيته سال زوجته …‪ .‬هل جاء أحد الى‬

‫الدار اليو بعد ذهابى للعمل ؟ فتقول له زوجته ال لم يأتي أحد …‪ .‬مستغرب الشيخ عطية من اجابه زوجته وإن كان قد راى‬

‫بعينه الطارق على باب داره وتكرر هذا األمر مرات ومرات يرى فيها الطارق على بيته …‪ .‬وتكرر زوجته ردها على ذلك‬

‫…‪ .‬فتمكن منه الشك في أهل بيته وأصبح هذا شائعه شاغله االكبر وهمه الذي ال ينقضي فما كان منه اال ان انقطع عن‬

‫عمله متربصا بأهل بيته ناظ ار الى داره فال يجده طوارق عليه واحتار في امره وطال غيابه عن عمله حتى قارب ان يفصل‬

‫منه وانقطع ايضا عن زياره الشيخ وقد امتداد امد انقطاعه حتى قارب الشهر وساءت احواله وانشغل ذهنه وغالبه الوهم و‬

‫قال له شيخه‬ ‫عليه القص‬ ‫سيطر عليه خياله وفي نهايه المطاف لم يجد بدا من زيار الشيخ و يشكوه اليه ‪….‬فلما ق‬

‫المطلوب ان تكشف المستور ولكن‬ ‫وذات هللا يا ابني هو ده الكشف اللي انت عاوزه وكانما اراد الشيخ ان يقول له ‪ :‬لي‬

‫المطلوب أن تنير في داخلك وان يطرح عليك نور االيمان وهنا ن قف عن هذه الرواية ووتتناول قول الشيخ وذات هللا هو ده‬

‫له شاهد عليه‬ ‫الكشف اللي انت عايزه فعلمنا من مقال الشيخ ان الشيخ عطية إنما يطلب الكشف الذي يظنه في غيره ولي‬

‫وهو طلب من نفسه األمار بالسوء الطالبة لالطالع على اسواء الغير وآفات الناس وأسرارهم وما كان يظنه عطيه االصوره‬

‫من خياله الفاسد الكامن في داخله فأراد الشيخ ان يحسم له هذا الخيال في صوره واقعيه ظاهره فمثل له هذا الخيال في صور‬

‫الرجل الذي يطرق باب داره في غيابه وجعل له كشفا لهذا التجسيد فأراه إياه ‪ ،‬وهو من هذه الوجه صادق في كشفه وإن كان‬

‫ما كشفه صوره مجس ده من خياله ساقها إليه الشيخ تعليم له وقد تاكد لنا هذا الظن فى تفسيره من وجهين الوجه األول قول‬

‫الشيخ له‪ :‬هذا هو الكشف اللي انت عايزه ولم يقل له ‪ :‬هذا هو الكشف لحقيقته االمر على ما هو عليه اما الوجه االخر‬

‫الشيخ عطية بداره فلم يجد مكان يراه حال ذهابه إلى عمله من أحوال بيته ولو طلب الشيخ عطية الكشف لالطالع‬ ‫فهو ترب‬

‫على أنوار التجليات وشخوص المقربين من اهل هللا من األولياء وأصحاب البرازخ لكان له ذلك لكنه اضمر في نفسه هذا‬
‫النوع من الكشف الذي طلبه من شيخه وما ادراك ان كان هذا النوع من الكشف قد طلبه من شيخه‪ ،‬وما ادراك ان كان هذا‬

‫النوع من الكشف قد طلبه من شيخه فربما ال يطيق االطالع على هذه األنوار وال هذه التجليات وال ملك الخوارق فيهيم عقله‬

‫ويغيب ذهنه وينفرط عقده فال عمله له سيبقى وال بيت له سيرعاه وال عقال له يحافظ عليه تصرفه ‪.‬‬

‫واالمر مامون في وجود الشيخ والمرشد الذي يضب له مقادير هذه األشياء فيجرى عليه الصالح منها ويمنع عنه الفاسد فيها‬

‫‪.‬‬

‫ولو كان الشيخ عطيه بال مرشد او اما دال له على وجه الخير في األمور النسحبت االمر الى شيطان له يجسد له هذا‬

‫الخيال الكامن في نفسه الظاهر له في كشفه فيرمي اهله بالبهتان ظلما وينقلب داره جحيما من اثر فعله ولكن هللا سلم له‬

‫امره بان جعل له مرشدا يقيه شر نفسه ومطلوب شيطانه وقانا هللا شان السوء ‪.‬‬

‫ولو مددنا نظرنا في هذا االمر لرايته الشاكين في ذويهم الظانين فيهم سوء السلوك القائمين في ليلهم ونهارهم على سوء الظن‬

‫فيهم المتمنين في زواتهم من ربهم ان يكون لهم الكشف فى انفسم واالطالع على أحوال من يظنون فيه السوء ‪ ،‬لعلمنا اتهم‬

‫مثل حال صاحبنا ابي كحله فنجدهم وقد اتصفت دنياهم بالسواء فال نو ينامون وال طعا يأكلون وال هناء بال يذوقون ‪،‬‬

‫فخيالهم على الدوا في سوء هذه األحوال ال ينقطع مددها لهم فهم الطالبون للمستور المحجوب عنهم وقد يكون المحجوب‬

‫يه عن نفسه‬ ‫عنهم على غير ما صوره لهم خالهم وقد يكون موافقا له اال ان هذا االمر هو وقع الشيطان وملعبه الذي يتنف‬

‫فيتناول هذه األخيلة و يجسدها في اذهان اصحابه وال يزال به حتى يراها حقيقه واقعه فتذهب به الى اخر المرسى ويدفعه‬

‫بهذا الذهاب الى اسوء الماالت فتخرب البيوت وتنهد االوكار ويتشرد األطفال وتضيع اآلمال وكل هذا من شد الطلب في‬

‫كشف المستور وشد الرغبة في هتك األحجبة واالستار وكل هذا برغم ما علموه من ان الحق ستير يحب الستر وما ضربك‬

‫اال تركت االمر لتصديق هللا فيها وفوضت قلبك من داخلك لمراد هللا منها وعلمت ان هللا شاهد عليك كما هو شاهد على من‬

‫تشك في سلوكه وتظن فيه السوء ثم ان هللا حاكم عدل حق يفصل بينك وبينه فما انتهى ان تعلم ان هللا هو نعم الوكيل الذي‬

‫تتكا عليه في تصريف أمورك وما احكامك حين تكل اليه امرك فهذا هو حبك منه اذ جعلت امرك عند من وصف نفسه بانه‬

‫نعم الوكيل ‪.‬‬

‫ميزان العدل‬ ‫وأما قصه الشيخ بكر فهي رواية تجمع بين األمر بالعدل واإلنصاف والقس وتتعداه الى العقاب في حال نق‬

‫وهد ميزان القس والعمل بالجور والظلم واألمر الثالث هو علم المريد بان الشيخ يعلم ما في خواطره وال يمر عليها مرور‬

‫العابرين واخر االمور هو جبر خاطر ولده ورحمته به ورأفته به وخوفه عليه‪.‬‬
‫تقول الحكاية ‪ :‬أن الشيخ بكر وهو من أبناء الشيخ المقربين كان تاج ار فحوال للقماش وكان اغلب زبائنه من النساء وكان من‬

‫عاده النساء الفصال في السعر والرغبة في زياد ما تحصل عليه منه وكان يضطر في بعض االحيان للرضوخ لهن حتى‬

‫ال يهربن الى غيره وفي إحد المرات أراد في نفسه ان يعوض بعضا من خسارته مع أحد زبائنه فاوهمها انه قد أعطي لها‬

‫مزيدا من القماش والحقيقة أنه قد نقصها منه واستخد احدى اصابعه وهو اصبع االبها فى تنفيذ هذه الخدعة فلما عاد الى‬

‫منزله وجد ذات االصبع وقد تور واصابته الحمره واشتد عليه األلم لدرجه لم يتحملها فشعر في باطنه ان في االمر شيء‬

‫فذهب الى شيخه فلما دخل عليه جلسه مع الحضور وال ادري ان كان قد صرح للشيخ بما حدث ا ان الشيخ حادثه بما في‬

‫نفسه وبعد أن أعلمه بجرمه المه بين الحضور من االخوان فاسرها الشيخ بكر في نفسه ولم يبدها وحزن لكال الشيخ اما‬

‫الشيخ بذلك قال له ‪ :‬يا بكر فضيحتك بين اخواتك في الدنيا اهون عليك الف‬ ‫االخوان وظن انه فضحه بكالمه فلما أح‬

‫مره من فضيحتك في االخره ‪.‬‬

‫ومن الروايات التي تتناول ما اعتاده الشيخ مع ابنائه وما اعتادوه معه ما كان منه من تربيته لهم اذا تجاوزوا ما اعتاده منهم‬

‫ما حكاه لنا الشيخ باهى وننقله هنا بنصه ‪ - :‬كنا في مولد شيخ العرب وكان من القوانين التي سنها الشيخ اال يتعدى االخوان‬

‫طعا الخدمة الى اي طعا اخر مهما كان مصدره وكان طعا الخدمة حينها العدس البتاو والدقة والجبن والعدس ما الى‬

‫ذلك من الطعا الجاف وانا من اول المولد ال اتعدى هذا الطعا الى غيره ‪ -‬والكال هنا للشيخ باهى ‪ -‬حتى كانت الليلة‬

‫فحدثتني نفسي‬ ‫الختاميه فاصابني االجهاد والهزل فكنت اذا هممت بالوقوف دار راسي وغشينى اإلرهاق حتى كدت اسق‬

‫أن ذلك بسبب الطعا الذي سنه لنا الشيخ وان عالج ذلك اكله دسمه اصلب بها عودي وارد بها ببأسي وقوتي وكنت في‬

‫‪ ،‬فسررت له باألمر قائال ‪ :‬الرجل ده هيموتنا انا كل ما اقف روحي تدوخ علي وعيني‬ ‫ذلك الوقت قريبا من محمود الق‬

‫بتزغلل تعال معي نخرج فى السر وننال حظا من اكله دسمه معتبره ونعود وال يرانا او يشعر بنا احد فخرجنا نترقب الى ان‬

‫وصلنا الى محل كباب طلبنا ربع لكل واحد فينا فكأننا لم ناكل فطلبنا ربعين أخريين ثم اتبعناه بربعى بسبوسه عند الحلواني‬

‫ثم كاسين من عصير المانجو ثم التفت الى محمود الق وقد غمرني الرضا والشبع وقلت له ‪ :‬نعود أدراجنا اآلن وكأن شيئا‬

‫لم يكن وعلى راس الشارع وجدنا الكهرباء في الخدمة مقطوعه فقلت له ‪ :‬ابشر يا عم سندخل خلسه في الغيمة دون ان يرانا‬

‫فيه انا االن اذا‬ ‫المكان الذي اجل‬ ‫في زاويه من الشارع وهو نف‬ ‫احد فلما دخلنا ونحن اما الشيخ مباشره وكان يجل‬

‫بالكهرباء المنقطعة تصل واذا باألضواء المنطفئه تضيء ونحن في مواجهه مباشره فأشار بيده الينا ان تعالوا فذهب محمود‬

‫وبادره بالسؤال ‪ :‬اين كنتم ؟ فتلعثم وقال ‪ :‬كنا‬ ‫‪ -‬وكان كالمه لمحمود الق ‪ -‬فجل‬ ‫وفررت هاربا وكأنني لم اراه فقال اجل‬
‫على رأس الشارع فقال وحياه عمك اين كنتم ؟ فاجاب مذعنا ‪ :‬كنا ناكل فقال ماذا اكلتم ؟ فرد بنبر يهون بها جابته‪ :‬كل‬

‫واحد ساندوتش فقال وحيا عمك ماذا اكلتم ؟ فأجاب مق ار ‪ :‬كل واحد اكل ربع كباب واالخ حينها إذا استحلفته باي شيء‬

‫ربما ال يبالي إال إذا استحلفته بعمه فعلم محمود الق انه ال مفر له وان االمر قد قضى ‪ ،‬وتزل على الحقيقة وأقربها فقال‬

‫الشيخ ‪ :‬فق ؟ فرد محمود ‪ :‬فق يا عم فقال ‪ :‬وحيا عمك ؟ فأجاب خاضعا ‪ :‬اكل كالنا ربع ثانيا وظل على هذا الحال‬

‫يستحلفه ويقرره حتى اتى على اخر كاسين من العصير وكان للشيخ اشارات تعرف منها رضاه من غضبه ونيته في العفو‬

‫والعقوبه ‪ ،‬فلو استقصى في سؤاله وناقش التفاصيل فاعلم ان الحساب عسير وانك معاقب ال محالة وإذا كان السؤال عاب ار‬

‫وتجاوزه و لم يدقق فاعلم انك معفي عنك فلما انتهى التحقيق قال له ‪ :‬فيما تميزتم عن هؤالء الناس لتأكلوا خالفهم ؟ اذهب‬

‫انت مضروب بعينك والشيخ بتاعنا مضروب ببطنه حتى الفجر فنحن نعوزه في تحميل الخدمه ومن لحظتها انقلب الكباب‬

‫في بطني الى قطع من جمر النار تحرق احشائي وتعصرها الما حتى انه في اخر الشارع عمار فنمت في مدخلها على‬

‫الرخا األبيض البارد كاشفا عن بطني ملصقا اياها بالرخا حتى يبرد ما في جوفي ولعله يطفئ شيئا من هذه النار الموقد‬

‫أما محمود الق فقد احمرت عيناه حم ار وانتفخت وكانك مألتها شطه واخذوا يسحبونه كاالعمى وعند الفجر هدات بطني‬

‫وكأن شيئا لم يكن بها وذهبت عنها اثر االلم فقلت لنفسي ‪ :‬يعني لوال تحميل الخدمه ما اخذت افراجا و اقسمت اال يشارك‬

‫في تحميلها ووجهت شطري نحو المواصالت متوجها الى العود ‪.‬‬

‫فال فرق عند الشيخ بين ولده صلبا او ا حد ابنائه في الطريق فالجميع في نظره سواسيه فضال عما كان منه من اعداد له‬

‫في وراسته واداره األمر من بعده‪.‬‬

‫وال جدال فيما مكنه هللا به الشيخ من قدره وتصريف في الكون وايثاب هذا ومعاقبة هذا وتربية وتهذيب لمن هم تحت امرته‬

‫بالهزل وإنما هو جد صرف‪.‬‬ ‫ورعايته فاألمر لي‬

‫وكذلك ترويض أوالده في حركتهم وسكناتهم واكلهم وشربهم فال يستثنى من ذلك أحد‪.‬‬

‫كان الهلى كفر الرفاعي عاده في كل عا ان يقيموا ليله يستقبلوا فيها الشيخ و يحتفلون به معهم وكانوا اذا شاهدوه قادما‬

‫اليهم مع االخوان في مركبهم وهم على الضفه االخرى من النهر ان يستقبلوه بالدفوف قائلين صلى هللا على محمد …‪...‬‬

‫صلى هللا على محمد ‪ ،‬اذ كانوا يعدون لها العده كل عا و ينتظرون قدومه و الفرحة تغمر قلوبهم ‪.‬‬

‫وحدث في أحد هذه االعوا ان اعتذر إليهم لمرض الم به وحاولوا معه فاصر على اعتذاره فما كان من الدراويش اال ان‬

‫توجهوا الى الشيخ باهي ان يحل محل الشيخ في حضور هذه الليلة وعرضوا هذا األمر عليه فطلب منهم ان يستأذنوا الشيخ‬
‫في ذلك فإذا وافق فال مانع لديه وذهبوا اليه واعادوا العرض عليه فاعاد االعتذار ‪ ،‬فقالوا له ‪ :‬اذا ناخذ عمنا ونذهب …‪.‬‬

‫فسكت الشيخ قليال ثم قال لهم ‪ :‬الكم عم غيرى …‪ ..‬فسكتو قالوا له ‪ :‬ال نقصد عمي الشيخ باهي … وأما اصرارهم وافق‬

‫على ذهاب الشيخ باهي معهم لحضور الليلة …‪ .‬ثم توجه الى باهي ولد …‪ ..‬وساله ‪ :‬تروح يا باهي؟ فقال له ‪ :‬نروح يا‬

‫عمي اذا كان يدعوه ‪ :‬عمي كما يدعوه االخوان وفي الليلة الموعود وهم في وس النهر وأبناء كفر الرفاعي على الضفة‬

‫االخرى ينتظرون وصولهم بالدفوف واالنشاد اذا بماء النهر يعلو ويرتفع ثم بدات من موجاته في التصاعد موجه تعلو‬

‫فوق موجه والقارب يرتفع مع كل موجه ومياه النهر قدغمرت باطن القارب ‪ ،‬وال يزال النهر تعلوا موجاته وال يزال القارب‬

‫يعلوا مع الموجة حتى ايقن ركابه بان القارب البد غارقا ‪ ،‬واخذ القارب تاره يميل الى اليمين وتار إلى اليسار حتى تيقن لهم‬

‫الهالك وادركو ان الغرق حاصل ال محالة …‪ ..‬هناك نادوا باعلى صوتهم ‪ :‬يا رب …‪ .‬يا رب …‪ .‬ثم انظر اليهم الشيخ‬

‫باهي قائال ‪ :‬يااخوان …‪ .‬قولوا يا عمي …‪ .‬فاذا قلتموها فستنجون من الغرق فإن فعل النهر انما كان من اثر الشيخ فيه‬

‫فاذا توجهتم الى الشيخ بالنجا ستصحبكم …‪.‬فلما قالوها توقف الموج وهدا النهر وسكن المركب فعاد الى اضرابهم من حيث‬

‫أتوا ‪.‬‬

‫ولما رجع الدراويش بالشيخ باهي الى الشيخ ‪ :‬نظر إليهم …‪ .‬وقال لهم انتو رجعتوا يعني ؟ ثم توجه الى باهي ولده وقال له‬

‫…‪ .‬انت رجعت ليه يا باهي يعني ؟ فتحدث الشيخ باهي الى نفسه وكأنه يتكلم مع والده يعني انت مش عارف احنا رجعنا‬

‫ليه ولو ما نديناش عليك كنت زمانك مغرقنا واحد واحد في النهر ثم واصل الشيخ سؤاله لباهي ولده ‪ :‬انت ما كملتش ليه يا‬

‫باهي ؟ فقال له ‪:‬هو انا عرفت اكمل ما كملتش ‪ ...‬هللا يسامحك ثم قال له في نفسه وكانه يحادثه انت راجل ما لكش حل‬

‫‪.‬‬

‫واالنسان من اثر القطر القابعه فيه يعلم ان هللا هو الخالق له وانه النافع والضار ال شريك له وال نافع او ضار غيره وهذا‬

‫ما حدا باالخوان في اول االمر ان ينادوا على ربهم ليرفع عنهم ما هم فيه من البالء اال ان الشيخ باهي وهو المنوط بحمل‬

‫الراية بعد الشيخ علم أن األمر ال يؤخذ من هذا الوجه وان الوجه المراد هو ما كان يجب على المريد نحو شيخه فإذا اضل‬

‫المريد بهذا الواجب كان عرضه لتاديب الشيخ له حتى يرده الى جاوه الصواب وكانت صوره إساء األدب من االخوان نحو‬

‫شيخهم هو مجادلته في شان الذهاب الى هذه الليله وقد اشار اليها بغير ذلك وتكرر الطلب ومنهم وتكرر االعتذار ‪ ،‬ثم‬

‫تحايلهم في الذهاب بان اشاروا عليه بان يكون الشيخ باهي امامهم في هذه الرحله وهذا ال يكون مع وجود اإلما وما كانت‬

‫موافقته على هذا االمر اال مسايره لهم في طلبهم إلقامة الحجه عليهم فما كان لهم أن يطلبوا ذلك في وجود الشيخ وما كان‬
‫للشيخ باهي ان يوفقهم على ما طلبوه اال انهم لم يدركوا جوهره هذا االمر وان ادركه الشيخ باهي في موطن الحاجة العصيبة‬

‫‪ ،‬ولم يكن ادراك الشيخ باهي لالمر اال من كونه الوارث لالما والحامل للرايه من بعده ‪.‬‬

‫وقد يثبت الشيخ من يراه نائبا عنه في أمر ما ولكن هذا ال يكون إال منه هو فانه يعرف من يكون النائب وما هو االمر‬

‫المناسب فيه ويعرف حقيقة هذا وحقيقة هذا اما ان يشير اليه احد من خارج بانابة فالن عنه فان هذا من سوء االدب فان‬

‫ثمه أمور في الطريق موقوفة على اما الطريق فال يعرف سرها اال هو فسن الشيخ بماكان منه في هذه الواقعة سنه الطاعة‬

‫وعد المجادلة أو التمايل في أمر ال يريده الشيخ ألن األصل في اسم المريد أن يكون بإراد شيخه ال بإرادته وأن يكون بين‬

‫يدي شيخه كالميت بين يدي مغسله فإن الشيخ هو باب المريد الى هللا وال يجب على المريد أن تتخاطفه االبواب مادا قد‬

‫يمتلك بابه‪ .‬وال يجب على المريد ان يطلب المدد من غير الشيخ في حضرته ألن الشيخ هو الناظر الى روح ولده العالم‬

‫بحقيقته دون غير ويعلم ما يصلحه مما ال يصلحه فالشيخ يعلم حالك ظاه ار وباطنا ومهما ابتعدت او اقتربت منه فان حبال‬

‫موصوال منك اليه ‪ ،‬وكيف تهرب منه وروحك فيه فإذا كنا قد ائتمنا الشيخ علي ارواحنا فماذا يكون بعد ‪.‬‬

‫ولم يكن األمر في جانب الشيخ وقفا على العقاب والتربية فإن مظاهر التربية تتعدى العقاب إلى اإلثابة والحفظ وهو حفظا‬

‫الهي كان الشيخ سبب وأدا لعبده به ‪ ،‬والدافع له في كل األصول محبته له فلقد أحب لولده ان يسير في الطريق المستقيم‬

‫مقافيه ان سار في خالفة واثابه ان أطاعه فيه وحفظه من تلك االفات التي قد تصرفه عن السير في طريق اهل هللا الى‬

‫طريق آخر ال يرضاه هللا له ومن مظاهر هذا الحفظ اإللهي الذي كان الحق سببا فيه ما قصه علينا الشيخ ناصر ناقال‬

‫الروايه عن الشيخ محمد أبو روبي وهو أحد درويش الشيخ يقول الشيخ محمد ‪ :‬بينما كنت مجندا أثناء حرب االستنزاف‬

‫وبينما كان راكبا فاطل بجسمه خارج باب‬ ‫وكانوا ينقلون المجندين وقتها في القطار الحربي الى االسماعيليه او السوي‬

‫القطار مخرج جسده كله بالخارج اال اليد الماسكه لقبضه الباب والقد الثانية على ارضيه ففيه هذه اللحظه اذا بقطار في‬

‫الناحيه المقابله ياتي بسرعة كبير إلى الدرجة التي تصدقوا منها اصطدامه به وتدميره اياه فاذا به يرى الشيخ مادا يده الشريفة‬

‫تلتقطه من صدره في سرعة خاطفه وتلقيه داخل القطار ‪.‬‬

‫فاذا كان هذا حفظهم لنا في الدنيا وهي دار الفناء فكيف يكون حفظهم لنا في دار البقاء وهي االولى ‪.‬‬

‫وشبيه برواية الشيخ محمد ابو روبي في كون الشيخ كان سببا في حفظ هللا له ما روي عن ابنه الشيخ زوزو اذ كانت في‬

‫قضاء حاجات البيت وكان ابيها بجوارها اذ دخل عليهم رجل بجلبة وصياح وسرور وكان هذا الرجل من ابناء الشيخ‬

‫المحسوبين عليه دخل امراه امراه كلمات تفيد سر الشيخ في حفظه لمن يريد به ورعايته لهم فاستقبله الشيخ متسائال فيه ايه‬
‫يا ابني ؟ فرد عليه الرجل ‪ :‬ما انت عارف في ايه يا عمي ده انا لوالك امبارح كان قطعتين الطرق قتلوني لوال هاجمتك‬

‫عليهم وضربتهم وجريت وراهم و انقذتني منهم فرد عليه الشيخ مستنك ار وكان هكذا دأبه ‪ :‬حد هللا يا ابني ما حصل شيء من‬

‫ذلك ونادي زوزو نعم فسألها هل انتقلت البارحه من البيت ؟ إجابته ال فقال للرجل شفت بأه مش انا وهنا يبرز الينا عد‬

‫لديه شك في معرفته تلك ‪.‬‬ ‫نقاط اول هذه النقاط أن الرجل كان صادقا في رؤيته للشيخ ولي‬

‫ثاني هذه النقاط أن الشيخ كان صادقا في قوله فلم يغادر مكانه في ليله تلك ‪.‬‬

‫ثالث هذه االمور ان الصوره التي رآها الرجل انما هي صوره من ملك الصور التي يتلبسها الشيخ اذا ان هللا قد اعطاك القدر‬

‫على التجسد في صور متعدد فتراه في مكان وصورته في مكان آخر كالذي ذكرناه حين توجه الشيخ الى زياره سيدي عبد‬

‫الرحيم القنائي في بني سويف فكانت صوره الرجل الذي استقبل الشيخ في اول بلده هي ذات الصوره التي جعلته على الطريق‬

‫هي ذات الصور التي قابلت الشيخ في زيارته إنما هي صور للشيخ في هياكل مختلفة وهو المقصود بي التروحن ‪.‬‬

‫وكان انكار الشيخ لألمر حتى ال يفتتن الرجل به و حتى ال يخرج المريد عن حد العقل واالتزان الالزمين له فكان لزاما عليه‬

‫ان يرده الى نصاب الثبات والوقار والفصل وهو بذلك مستوعبا خلق من أخالق الرسول حين قال‪ ( :‬إنما أنا ابن ام أر من‬

‫قريش كانت تأكل القديد ) والقديد هو اللحم المقطع المجفف ‪.‬‬

‫حماية الشيخ االخوان ورعايته لهم ما ذكره الدكتور احمد موسى ناقالف روايته عن عمه الشيخ‬ ‫و شبيه بما رويناه من قص‬

‫يفطر في رمضان فإذا به يبصر اخيه عم سيد سالمه وقد ضربت‬ ‫محمد سالمه فكان يقول انه في حرب ‪ 73‬كان جال‬

‫طائرته وسق منها قال ابو سالمه ‪ :‬فرميت كوب الماء من يدي وصرخت اخويا وكنت في كفر العلو والشيخ في االخصاص‬

‫واذا بي ارى الشيخ رضي هللا تعالى عنه راكبا فرسا أبيضا في السماء فالتق اخي سيد بيد واحده ثم القى به الى وقال ‪:‬‬

‫اخوك اهو …‪ .‬وبعد انتهاء الحرب حكى لنا الشيخ سيد كيف اصيبت طائرته وسق منها وهو ال يعلم كيف وصل سليما الى‬

‫االرض حتى االن ‪.‬‬

‫وال يكون على هذه الشكله التي ظهرت على الشيخ إال ذلك العبد الرباني الذي كان الحق سمعه وبصره وجميع قواه‪.‬‬

‫من صور الحفظ اإللهي الذي كان الشيخ سبب له ‪:‬‬

‫ومن أسباب الحفظ اإللهي الذي كان الشيخ سبب له ما رواه لنا اخونا محمد بركات عن اخونا سيد عبد العزيز رحمه هللا انه‬

‫كان احد ابناء المريدين يعمل غفي ار نظاميا فذهب بصحبة اثنين او ثالثه من الصيارفة لتحصيل بعض االموال واذا بقطاع‬

‫الطريق يظهرون لهم بعد جمعهم األموال فنادى الغفير باعلى صوته ‪ :‬يا عم ابويا يقصد بعم أبيه سيدنا الشيخ مسعد‬
‫والصيارفه ينظرون متعايشين مع الحدث فاذا بفارس صنديد يركب فرسه ويشهر سيفه وإذا بقطاع الطرق يفرون من أمامه‬

‫فنجوا منهم فقال أحد الصيارفة للغفير لقد ناديت وقلت ‪ :‬يا عم ابويا فاكرمنا هللا بهذا الفارس من هو ابوك ومن هو عمه‬

‫الذي ناديت عليه ومن ذلك الفارس الذي حضر بمجرد مناداتهك له البد وأن نزوره وكان الصيارفه نصارى فقال لهم الغفير‬

‫‪ :‬ما لكم انتم ومال الحكايه دي فصمموا على الذهاب للشيخ فذهبوا وبمجرد ما وقع نظرهم على الشيخ قالوا ‪ :‬هو دا الفارس‬

‫فاظهر الشيخ اندهاشه و سألهم عمابهم وكأنه ال يعلم شيء فقصوا عليه ما حدث إال أن الشيخ نادي على ولده الشيخ باهي‬

‫وأراد أن يستشهد به في انه لم يغادر البيت في ليلته تلك وأن الذي راوه خالفه فقال له ‪ :‬يا ولدي هل انتقلت من بيتي في‬

‫هذا الوقت فاجابه الشيخ باهي ال ولكنهم اصروا على انه هو الذي راوه فارسا انقاذهم من قطاع الطرق وكانت هذه الحادثة‬

‫سببا في دخول هؤالء الصيارفة الى اإلسال وحسن إسالمهم واصبحوا من ابناء الشيخ وقد راهم االخوان في حضره الشيخ‬

‫وجوههم مستنيره كا لبن الحليب ‪.‬‬

‫وال نزال نقول كما قلنا فى سابقه الروايات ان هذه االحداث من صوره العنايه االلهيه التى كان الشيخ سببا لها‪ ،‬وان الصيارفة‬

‫صادقون في رؤيتهم للشيخ والشيخ صادق في عد مغادرته المنزل في هذا الوقت وان الصور التي تلبسها الشيخ هي تلك‬

‫التي رآها الصيارفة فمعالم الطريق متباينة وعطاءات هللا للشيخ كثير وملك هللا واسع ‪.‬‬

‫ومن مظاهر الحفظ االلهي لالخوان والتي كان الشيخ سببا فيها انه كان يحفظ ابناؤه من ان يدخل في جوفهم طعاما حراما‬

‫ألي سبب كان سواء كان هذا الطعا من أصل ماله ح ار أو كان هو في نفسه ح ار كأن يكون ميتا او مخنوقا او خالف‬

‫ذلك‪.‬‬

‫حدثنا الشيخ خالد ابن الست ا محسب أن الشيخ قد دعى إلى الذكر في احدى الليالي في العياط في الجانب الغربي منه‬

‫وكان ت هذه الليله في مناسبة فرح ابن العمده فطلب من الشيخ ان يأتي هو واالخوان على شرف هذه المناسبة إلحياء الليلة‬

‫يو تلك الليلة وجد الغفر ان الذبيحه المعد لهذه الليلة قد نفقت فقال لهم العمده ‪ :‬ماذا نفعل ومن دعوناهم على‬ ‫وفي نف‬

‫حضور وال وقت لدينا الن نحضر ذبيحه خالفها فاشار عليه الغفر ان يتكتم االمر وال يحمل هما فقاموا على الذبيحه الميته‬

‫فذبحوها وقاموا بطهيها وعرض الطعا للضيوف وجاء الشيخ ونزل الطعا فنظر إليه الشيخ ثم التفت الى اخوانه فقال لهم ‪:‬‬

‫يا ابنائي النهارده ابو صيا احنا جايين للذكر فق يريد ان يعلم بهم اال تمد ايديهم الى الطعا دون أن يذكر سبب لذلك فلما‬

‫قابلهم العمده قال لهم أمال مين هياكل اكل ده كله ؟ فرد عليه الشيخ في ناس ثانيه جايه بعد ما نمشي هيكلوه ‪.‬‬
‫وبعد انصرافهم جاء نفروا من المطاريد وقطاع الطرق و اصحاب المعاصي والمحار فجلسوا للطعا واكلوه عن آخره ‪ .‬فكان‬

‫ان هذا القصة من عبر ‪:‬‬

‫اوال ‪ :‬حرص الشيخ اال يدخل في جوف ابناؤه طعا من اصل ح ار‬

‫ثانيا ‪ :‬ان ما ستره الحق ال ينبغي على المؤمن ان يزيل ستر فلم يخبر احدا بحقيقة حرمة هذا الطعا ولم يشا ان يتم يفضح‬

‫مضيفه ‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬ان كل شيء وقوده من جنيه فا الحالل الهل الحالل والح ار الهل الح ار ‪.‬‬

‫رابعا ‪ :‬ان شيئا لم يمنعه مما هو ات ألجله وهو الذكر المدعو له ‪.‬‬

‫خامسا ‪ :‬انه هناك لغه خاصه بين الشيخ وابناؤه يعرفون بها مقصده دون ان يفهمه بها غيرهم وهي المعروفة في اصطالح‬

‫المعرفه المعرفه باالشاره وهم اهل االشار وهذا يدل على الخصوصية الشديد بين الشيخ وأبناؤه ‪.‬‬

‫ولما كان االختالف سنة من سنه الكون ظهرت في كل شيء فيه فكان التميز في االنبياء والرسل يقول الحق ‪( :‬ولقد فضلنا‬

‫بعض النبيين على بعض) وقال ‪( :‬تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض )‪.‬‬

‫وكانت تتميز في االماكن واالزمنة وعوا الناس ولم يقل األولياء من هذه السنه وكذلك لم يخل المريدين اتباع المشايخ من‬

‫ظاهر التماييز والتفضيل ونا نسيت مقامات االتباع مقامات اشياخهم وكان ممن نال هذا التميز والفضل في مريديهم الشيخ‬

‫مسعد فلقد سمعنا من اكثر من مصدر ا ن الشيخ انما يربي اولياء ال مريدين سمعنا هذه المقولة من عم الشيخ باهي و‬

‫سمعناها من عم الشيخ ناصر‪ ،‬فكل من كان له نصيب من التربية والتدريب والتهذيب على يد سيدنا الشيخ مسعد رضوان‬

‫هللا عليه تنور وتاهل للواليه ودخل من اوسع االبواب باب سيدنا رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فكان فخ ار للمريد ان يقول‬

‫انه من ابناء الشيخ ‪.‬‬

‫ولقد تميز االخوان فيما بينهم على قدر استعدادهم الذي خلقهم هللا عليه وعل قدر اجتهاد ملكيتهم وعلى قدر نقاء قلوبهم‬

‫وعلى قدر صفاء ارواحهم وهم ان كان التميز في اماكنهم فان التميز ال يطال مكانتهم ومنزلتهم فابناء الشيخ علي تمامهم‬

‫قريبون الى قلبه في محل نظره وتحت رعايته وعينه ‪.‬‬

‫فمن األبناء من اعدهم الشيخ تلقى علومه وإظهار نوره وتثقيف قلبه وعقله وهؤالء جعلهم الشيخ سببا في ارتفاع مقاماتهم‬

‫وسببا فى تعليم اخوانهم نيابة عن اشياخهم كما فعل الشيخ محمد سالمه الذين كان لهم االذن منه في ان يكون لهم مريدين‬

‫خاصين بهم في وقت وجود الشيخ وظلوا على ذلك بعد انتقاله وهم محسوبون على الشيخ بالنيابة وظل لهؤالء الخلفاء مريديهم‬
‫الذين هم تحت أعينهم و رعايتهم من هؤالء الشيخ سيد أبو النصر ومنهم الشيخ محمود الق ومنهم الشيخ عبد المنعم ابو‬

‫حسين ومنهم ابو سيدنا ومنهم ا محسب ‪.‬‬

‫ومن أصفياء الشيخ ايضا اخا هو الشيخ عبد السال من كفر الرفاعي وهو االخ االكبر ال فتحي زوجه ابو سيدنا امدها هللا‬

‫بوافر الصحة والعافية ‪.‬‬

‫يقول عنه الشيخ ناصر ابو باهي حفيد الشيخ ووريث طريقه ان الشيخ عبد السال كان اقرب الناس الى قلب الشيخ والصقهم‬

‫به منزله وحبا ثم ان الشيخ قد فوجئ بخبر وفاته فحزن واهتم ال لوفاه الرجل وحسب ولكن ان جاءت الوفا دون سابق علم‬

‫له بذلك فاسرها الشيخ فى نفسه ولم يبدها فاذا بموالنا اإلما الحسين يأتيه بنفسه تطيبا لخاطره واجالءا لسر كتمان هذا الخبر‬

‫عنه قائال له ‪ :‬انا اخفينا عليك هذا األمر لثقتنا بانك لو علمت الفتديته بنفسك وانت الزلت لديك رساله عليك تاديتها ثم‬

‫االيرضيك اني انا بنفسي من لقنته الشهاد قبل صعود روحه فاجاب الشيخ رضيت يا سيدي ‪.‬‬

‫وفي هذه القصه اظهار لمكانه الشيخ في نفسه اوال اذ كان لديه العلم بأحوال االخوان حتى في مواعيد قبضهم الى ربهم‬

‫وفيها ايضا اظها ار لمكانه الشيخ لدى اهل البيت اذ جاءه سيدنا الحسين رضي هللا عنه مبر ار ستر هذا الخبر عنه ‪.‬‬

‫وايضا اظهار لمكانه االخوان في ميزان شيخين اذ كان حريصا عليهم للدرجة التي كاد ان يفتدي بنفسه في مقابل حياه ولده‬

‫وفيها ايضا تكريم سيدنا الحسين لمواليد الشيخ الذي هو بالتالي تكريما له اذ انه بنفسه قد لقنه الشهاد قبل ان تفارق روحه‬

‫وجسده ‪.‬‬

‫ومن االبناء من نال شرف خدمه االخوان والقيا على مطالبهم فمن ماكل ومشرب وخالفه كا ا جماالت وكامله وا جمال‬

‫وزينب القصير ومنهم من جعله الشيخ الخوانهم يعدون لهم القهو والشاي وخالفه ذلك مما يتطلبه وجود االخوان وخدمة‬

‫الضيوف كابو جاد وعم سعد احمد و عم بشير والشيخ رزق ولقد بلغ األمر بهؤالء ان نظر الى اخوانهم وانفسا ولكنهم استقلوا‬

‫أعمالهم خصوصا وان الشيخ لم يعطهم وردا يقرؤونه كما يقروه اخوانهم حتى حدا بالبعض ان يذهب الى الشيخ ويطلب منه‬

‫وردا كما ال صحابيهم ‪ :‬فقال لهم ‪ :‬قولوا ‪:‬‬

‫خدا االخوان ياما ينول خير ويدعو له ‪ -‬واذا خد بقلب سليم اسيادنا نظروله‬

‫فانظر الى عطاء هللا لهم فان خاد القو سيدهم وسينال من وراء هذه الخدمه خي ار كثي ار اقله ان يدعو له االخوان بظهر‬

‫الغيب فهم المظهرون المخلصون في خدمتهم ثم اختتم االمر بان نظر إليه شيخه بعين الرضا والسعاده ونظر اليه الطائعين‬
‫بالخدمه من االسياد واالشراف كل هذا نظ ار الخدمه فانظر كيف وصلت بهم خدمتهم الخوانهم الى هذا الشرف والمدد الكبير‬

‫‪.‬‬

‫ومن االخوان من توجه اليه تنظيف المكان وترتيب فرش الخدمة وتركيب أعمدتة وانارته وغير ذلك مما البد من وجودها‬

‫والقيا عليها ومنهم من جعله الشيخ في مقابلة االتين اليه يحسنون مقابلتهم ويجالسهم ويتباسطوا معهم وكلهم كذلك كامثال‬

‫الشيخ اسماعيل من اطفيح وعم بشير وولده درويش ومنهم من اذا جالسته طاب يومك وسعدت جلستك وزال همك يالطفك‬

‫بالقول و يتحدث إليك عن احوال له واخباره واحواله في الطريق يضفون عليك السعاده في مصاحبتهم والتحدث معهم ‪.‬‬

‫ومن الجلساء ايضا المجذوبين على اختالف درجاتهم جذبهم فمنهم الغائب الكامل كا الشيخ فتحي اذا كنت تراه جالسا ساكنا‬

‫ثم فجاه يطلق ضحكات عليه تمأل اركان القاعة وحدث ان اطلق مثل هذه الضحكه في نهار رمضان و كان صائما فضحك‬

‫الشيخ باهي من ارتفاع صوت الضحكه بالرغم من صيامه وتعجب منها وعلى ذكر الشيخ فتحي فان الشيخ باهي قد مضى‬

‫علينا ام ار في شأنه فكان يقول انه ينا على الرخا المرصوف حول سيدنا الحسين وهو ال يرتدي من الثياب إال جلبابا بال‬

‫تحته في عز الشتاء في شهر طوبه ‪ ،‬ثم تجد الحرار صاعدا من جسده ‪.‬‬ ‫مالب‬

‫ومن المجذوبين من كان جذبته غير كاملة فلقد كان لديه بعض الوعي بنفسه وبمن حوله منهم شيخان كنا نتندر عليهم حال‬

‫وجودهم معنا وهم الشيخ شحاته والشيخ شعبان وقد بلغ االمر بهما ان تنافسا فى احوال الطريق وفي احدى مرات هذا التناف‬

‫تحدي احدهما االخر في ان يامر السماء ان يسق ماءا غزي ار في الساحة وبالفعل لم يلبث الوقت يمر حتى غامت السماء‬

‫وتكاثرت السحاب وارعدت السماء وظهر البرق ونزل المطر فاذا باالخر وهو الشيخ شحاته ينهره ان قد ارتبكت احوال الساحه‬

‫ان تطلق نورها وتبعث دفئها وكان بالفعل ما امر فانظر اي‬ ‫من اثر هذا المطر فأمر السماء ان ترفع ماءها وامر الشم‬

‫احدهم وقد فقدناه قريبا‬ ‫نوع من هؤالء القو هم ومنهم مجذوب كنا نراه كثي ار عند اختنا ا محسب اسمه عبد الرحمن وال نن‬

‫اسمه الشيخ رشاد ‪.‬‬

‫وكانت ساحة الشيخ محال االشياخ من كل جانب يجيئون إليها واليجدون غربه فى وجودهم فيها وكأنها ساحتهم كالشيخ عزت‬

‫والشيخ احمد السعدني والشيخ صادق بكير ‪.‬‬

‫وال يكاد بيت الشيخ عامر باإلخوان في كل اوقاته واحيانه من كل حدب وحدب يأتون اليه ويشعرون انه بيتهم وهم يالفونه‬

‫أكثر مما يؤلفون ديارهم ويشعرون من الشيخ قرابته لهم أكثر مما يشعرون به من قرابة الهلهم فقرابه الروح اشد وأقوى وأعتى‬
‫واصلب من قرابه الجسد فاللهم ال تحرمنا من قربهم دنيا وال اخره ولو اضفنا انفسنا فى الحديث عن اإلخوان ما سكت عنا‬

‫ساكت ولما كف عنا قلم ولكن االمر يستدعي االقتصار واالقتصاد وابقاء المطلوب ‪.‬‬

‫وفي مناسبة الكال عن المجاذيب الغائبين بالكلية عن نفوسهم فان هؤالء لم يكونوا من ابناء طريقه الشيخ وإنما كانوا رواد‬

‫انه مما يرد عليه ال ينظمهم سيره وال هم من أبناء سلكه وكان كثي ار من االخوان يسالون الشيخ عنهم ويقولون اننا نجدهم في‬

‫جميع الطرق فكان يقول لهم انا ما عنديش اوالد تنجذب الن اوالدى لديهم اسر يقومون على نفقاتهم ولديهما عمال يزاولونها‬

‫في طريقنا ما تسألون عنه‬ ‫ولديهم اوالد مسؤولون عن منهم فإذا انجذب ذويهم فمن يقو على شانهم ومن سيينفق عليهم فلي‬

‫ونحن محسوبون لكل وراد علينا ومحبين لكل االولياء واهل البيت وانا عامل غطاء على اوالدي وعامل ستر على عيونهم‬

‫فال يرون اال مصالح حياتهم وارزاق اوالدهم واكل عيشهم ومصالحهم العامة والخاصة وان يسيروا على شرع الحق فينصرفوا‬

‫عن الشر وعن كل ما حرمه هللا عليهم فهذا هو الطريق السليم الذي ورثناه عن سيدنا رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وعن‬

‫سيدنا سعد الدين الجباوي ‪.‬‬

‫ومن االخوان من كان يتصف بالتجريد المطلق قلبا بحال االنفاق و كنا قد ذكرنا واحدا منهم وهو الشيخ عبد العاطي ابو عبد‬

‫الحميد الذي كان ينفق كامل راتبه قبل ان يعود الى بيته ‪،‬‬

‫وكان منهم من هو أشد منه وهو الشيخ دسوقي وكان من دراويش الشيخ المقربين وكان يعمل حالقا في القرية ‪ ،‬وكان‬

‫مالزما للشيخ ال يكاد يفارقه وكان شديد المحبة ألهل البيت ويغلق دكانه باالسبوع او االكثر زاهال عن قوته في سبيل زيارتهم‬

‫و كان له بنتان أطلق على أحدهما كريمه و على االخري رئيسه وهما من اسماء السيد زينب رضي هللا عنها متمنيا بها‬

‫وكانت زوجته دائمه القول له ‪ :‬ماذا تركت ألهلك وبناتك حتى تترك مصدر رزقك طوال هذه االوقات ثم ماذا يكون االمر‬

‫بعد موتك ولم تترك لنا شيئا نقتات عليه فكان يقول لها ‪ :‬تركت لكم هللا هو الذي يتوالكم ‪.‬‬

‫وحدث أن ذهب إليه الشيخ في مرضه الذي مات فيه ‪ ،‬وقد علم الشيخ ان موته قد حل فطمانه على نفسه وطمأنه على بناته‬

‫واهل بيته فقال له ‪ :‬إن شاء هللا تتركها على خير ولما هم الشيخ باالنصراف أراد الشيخ دسوقي ان يشيعه ‪ ،‬فقال له الشيخ‬

‫‪ :‬ادخل دارك فرد عليه ‪ :‬ال تحرمني من ان اموت وانا أمشي خلفك فقال له الشيخ ‪ :‬باهلل عليك …‪ ..‬ادخل دارك فما لبث‬

‫أن توفي بعد رحيل الشيخ بدقائق معدود وبعد وفاته اكر هللا بناته اهله وتيسر عيشهم وتيسرت ارزاقهم ‪.‬‬
‫الكال عن الشيخ عبد الظاهر‪:‬‬

‫غير أن هناك درويشا واحدا اتصف باالستثناء في وصفه وكنا ذكرنا كالما كثي ار عن محبة االخوان بعضهم البعض و قلنا‬

‫أن الشيخ كان يحث على ذلك وإن من كالمه ان سقوط الدراويش من السماء السبعه أهون عليه من سقوطه من قلب أخيه‬

‫وتجلت هذه المحبة في كثير من المظاهر التي سردنا منها جلها اال هذا الدرويش المدعو عبد الظاهر ‪.‬‬

‫كان عبد الظاهر مكروها من عمو اإلخوان ال يكادون يرونه حتى تنقبض له قلوبهم وتشمئز منه نفوسهم وكان سبب‬

‫انقباضهم منه امرين ‪:‬‬

‫االمر االول انه كان ينفرد بالشيخ انفرادا طويال طويال فكان بانفراده دونهم يحجب اإلخوان عن رؤية عمهم والحقيقة أنه ما‬

‫جاء أحد الى بيت الشيخ اال يحدوه األمل في لقائه والتحدث معه والبوح الىه والشكوى له ‪ ،‬فقد جاءوا باحمال الدنيا على‬

‫ظهورهم راجين بلقاء الشيخ ان يزيح عنهم هذه االحمال ويتضو عنهم هذه االثقال فاذا جاءوا وعلموا ان عبد الظاهر مع‬

‫الشيخ يئسوا من لقائه وانتظروا بال طائل وكان ياتي مبك ار و ينصرفوا متاخ ار ‪.‬‬

‫في حضره الشيخ اال انه يكون مرابطا للخارج من عند الشيخ او‬ ‫االمر الثاني انه لو تصادف ان كال عبد الظاهر لي‬

‫الملتقى به فاذا خرج ساله عن عطاء شيخه له او انه استشف منه هذا العطاء ايا كان هذا العطاء علميا اوعمليا او مرتبه‬

‫او مقاما فاذا بعبد الظاهر يسلب منه هذا العطاء ويمنع عنه وصوله اليه هكذا كانت قدرته وهكذا كانت مهمته فربما كان‬

‫الشيخ في حال من حاالت السكر و يخرج من فيه كلمات يكون بها تصريف المر في الكون فكان عبد الظاهر يلتق تلك‬

‫الكلمات وال يدع المريد أن يأخذها لحرصه على خزانه العطايا ولكانه كان المصفا التي تخرج منها عطايا الشيخ وال ادري‬

‫ان كان ما ذكرته موافقها لحقيقة األمر على ما هو عليه او موافقا لحقيقه ما اتصف به يا عبد الظاهر‪.‬‬

‫فكان االخوان اذا رأوه عرفوا انهم اما انهم ال يتمكنون من رؤية الشيخ او ان اعطائهم منه ال يصل اليهم وارجو ان اكون‬

‫وفقت فى التعبير ‪.‬‬

‫والغريب في االمر انه قبل ان الحال الذي كان عليه عبد الظاهر كان تكليفا من اهل البيت بذلك وظل هكذا االمر مع الشيخ‬

‫طيله ثالثون عاما خصوصا وان هذا االمر كان تحت نظر الشيخ ومعرفته ‪.‬‬

‫واالغرب من ذلك أنه بعد انتقال الشيخ لم يري اإلخوان عبد الظاهر أبدا وانما سمعوا عنه ان هللا قد فتح عليه بالرزق بعد‬

‫ضبق حاله فحج الى بيت هللا وافتتح كتاب او اشترى ارضا وانبسطت احواله ‪.‬‬
‫وال نملك في هذا الذي ذكرناه إال السكوت عنه الن االمر الذي يفسر به هذه الظاهر من االسرار التي لم يطلع عليها احد‬

‫من االخوان وخصوصا وان الشيخ لم يتكلم عنها اول يتحدث في شأنها وان كان اإلخوان قد احتالوا على صرفه من بيت‬

‫الشيخ ولكن باءت مساعيهم بالفشل ثم إن الشيخ قد عاقب من سولت له نفسه بالكيد لعبد الظاهر مما يعلم منه أن الوظيفة‬

‫التي كان عليها عبد الظاهر بهذه الشاكلة كانت من خالل الشيخ وبطريقه ولسنا هنا بالبحث في الصور الطريق الى هللا فانك‬

‫ان قلت كأنك تبحث في أعماق محي ال قاع له ‪.‬‬

‫حدثتنا السيد توحه ابنه ال شيخ السيد احمد ابوقطه وهو خاد مسجد ابو الطرابيش ومن أبناء الشيخ كان عندهم في ليله وقال‬

‫الشيخ سوف اموت في الصباح فإذا مت يجب أن تمشي في جنازتي فقال له الشيخ يمشي وراءك الشيخ باهي فقال له ان لم‬

‫تمشي ورائي سادخل في قسم الشرطه اجيبهم لك ‪ ،‬فبات السيد قطة في منزل الشيخ وفي الصباح وجدوه قد فارق الحيا في‬

‫فاذاعوا خبر موته في الصباح وجهزوا الجثمان في المنزل وارادوا ان يذهبوا به الى الجبانة ولم يمشي الشيخ وراءه فاذا بالنعش‬

‫يدخل النقطه فخرج الحراس والضباط فقال للمشيعين ما االمر فأخبرهم بقصه فذهب الضاب ومعه العساكر الى منزل الشيخ‬

‫وطلبوا منه ان ينزل خلفه ففعل‪.‬‬

‫والشيخ احمد ابو قطه من دراويش الشيخ وهو من خدا مسجد ابو الطرابيش ويقال انه قد اخبر عمته جاريه بخبر موته ثم‬

‫اخبرت الشيخ بذلك والعبر في هذه القصة امرين االمر االول الدالله على مكانه الشيخ النه اذا كان مريده بهذه الشاكله فعلى‬

‫اي شيء تكون مكتنه شيخه ‪.‬‬

‫واألمر الثاني هو تكافؤ الشيخ بأوالده فلقد قا معه بما يقو االهل مع ابنائهم الذين هم من أصالبهم فنجده في منزل ثم‬

‫ساره خلفه هو واإلخوان حتى واروه التراب ‪.‬‬

‫الشيخ صديق ‪:‬‬

‫وال ابناء الشيخ طرائق مختلفة في التصرف عليه وبدء سلوكه معه ولكل واحد منهم معلم ظريف في شكل هذه البداية فهذا‬

‫اخونا الشيخ صديق الصعيدي وكان زميال لبعض من اوالد الشيخ في العمل من أمثال محمود احمد حسن وعلى سعد ومحمد‬

‫عبد الحميد واحمد سعيد وكان كل كال االخوان عن شيخهم عم الحاج مسعد فقد كان حبه متملكا من قلوبهم وأرواحهم‬

‫متصلة به وروحه فيهم فاستعذب الشيخ صديق حديثهم عنه وتاق الى رؤيته وتمنى في نفسه لو انه واحد من أتباعه وفي‬

‫على جسر عالي على طريق النهر وكانما لنشا قد شق غبات‬ ‫احدى الليالي وأثناء استغراقه النو وجد في نفسه وكانه جال‬

‫الماء متوجها نحوه بسرعة عالية ثم توقف عنده وعلى متنها الشيخ ولم يكن قد تراه من قبل فقال له اركب انت يا ابني‬
‫محسوب على من قبل ان تولد فركبت معه ثم استيقظت من النو وكان ذلك في العمل وكان الى جواره زمالءه في العمل‬

‫الذين ذكرناهم وذاكرنا انه م من ابناء الشيخ فقلت لهم الشيخ بتاعكم اللي انتم بتقولوا عليه بتروحوا له منين فقالوا له سوف‬

‫نذهب اليه الجمعة القادمه وكان اليو الذي حدثت فيه هذه الواقعه مساء الثالثاء ‪.‬‬

‫اصطحبه الزمالء الى االخصاص في يو الجمعه المتفق عليه فلما دخلوا عليه وقالوا ‪...‬هللا …‪ .‬هللا وكانت هذه عاده‬

‫االخوان قبل الولوج الى الشيخ فقال لهم اتفضلوا فلما جلسوا واقترب منه الشيخ تحدث اليه قائال له ‪ :‬انت جاي زائر وال محب‬

‫و فيهم الوحش و انا ربنا مبيجبليش لي اال الطيبين دول المجندين‬ ‫فقال له ‪ :‬محب فقال له الصعايده يبني فيهم الكوي‬

‫بتوعي ادا هوملي ربنا هما دول المحسوبين علىا …‪ .‬واللي يخشن البيت ده و يشرب ميه من الزير ده ده محسوب علىا ‪.‬‬

‫ومن كال الشيخ بشرى البنائه من اكثر من وجوه الوجه األول ان صلتهم بالشيخ حاصله قبل ميالدهم ومن كانت صلته‬

‫بالشيخ حاصلة قبل الميالد فسوف تبقى بعد انتقال الى جوار ربه وهو وإن كان امامه في الدنيا فهو ايضا امامه في اآلخر‬

‫وهو القائد له في الطريق مع هللا في قبره وفي حشره وفي بعثته وفي حسابه وفي صراطه وفي صحبته لرسول هللا صلى هللا‬

‫عليه وسلم وفي جواره في الجنة ان شاء هللا ‪.‬‬

‫والبشر الثانية قوله لصديق انا ربنا مبيجبليش اال الطيبين وكالمهم صدق وحدثهم ميثاق وألفاظه من ترد وفي ذلك إشار لنا‬

‫في اننا من السعداء معهم ان شاء هللا‪.‬‬

‫وأما البشر الثالثة فهي امتداد فضله وسعه مددهم وانبساط خيرهم من ان مجرد الدخول في بيتهم والشراب من مائهم محسوب‬

‫عليهم حتى وان لم يكن من ابنائهم او مر عليهم مرور العابرين اال انه ال يدخل في دارهم وال يشرب من مائهم اال من رضو‬

‫منه ذلك في قرار نفوسهم وكيف ال وهم الكرماء في عطائهم وفي مناسبة الكال عن صديق ورفاقه من أبناء الشيخ يروى لنا‬

‫فرص االلتقاء به كلما سمحت له‬ ‫حكاية له مع الشيخ علي سعد مفادها ان يحرص المريد علي لقاء شيخه وأن يقتن‬

‫الظروف بذلك واال يتكا على عذر يبتعد به عنه وأن يجاهد نفسه في رؤيته والنظر عليه وان يعاون االخوان بعضهم بعضا‬

‫في التواصل مع شيخهم فقد حدث ان اتفق صديق وعلي سعد على الذهاب الى الشيخ فلما تعهد صديق في نفسه ان يذهب‬

‫و استعد للقاء ال شيخ وفرغ نفسه لهذا اللقاء رغما عن ظروف عمله اذا بعلى سعد يخذله في مصاحبته له فاضطر صديق‬

‫الى الذهاب الى العمل الذي كان قد تركه فلما ذهبا الى الشيخ بعد ذلك نظر الشيخ الى علي سعد وقال له ‪ :‬لو كررت اللي‬

‫عملته مع صديق اخوك وهللا العظيم ثالثة اقطع رقبتك …‬


‫وكان صديق في تلك الليلة التي كان صديق يريد ان يذهب فيها للشيخ وبعد خلوده في النو راى كانه ما ار على كوبري‬

‫على الشيخ هذه الرؤيا نظر الى علي سعد وقال له ‪:‬‬ ‫فصادفه شيطان في الطريق قائال له ‪ :‬مش هخليك تعدي فلما ق‬

‫انت الشيطان بتاع صديق وعلى هذا واجب على االخوان بعضهم بعضا ان يتفاوتوا مع زيار الشيخ ورؤيته واالغتراف من‬

‫مدده وان يكونوا موضع نظره وموطن رعايته ومناط فضله ‪.‬‬

‫المريد فلم يعد المريد في سلوكه وأخالقه لسابق عهده قبل هذه‬ ‫الشيخ ونف‬ ‫وكان لتبيعيه المريد للشيخ معاني كثيره في نف‬

‫المعرفة اذكان منوطا مالحظا من شيخه حريصا في عمله متفانا له مراعيا هللا في شؤونه وفي شأن من يتعامل معهم لمن‬

‫وتجده في بيته باذال قصارى جهده متفانيا ال يدخل في جو فيه او في اجواف ابنائه واهله ماال ح ار ما او به شبهة وقد ذكرنا‬

‫من الروايات ما يؤيد ما ذهبنا إليه وكان يشعر وكان عقابا سيتبعه اذا تجاوز حده وفي المقابل كان الشيخ معه في جميع‬

‫حركاته وسكناته ناظ ار اليه مادا له مرافقا له ويشعر المريد بهذه الصحبه في نفسه واذا كان معلقا صوره شيخة على حائ‬

‫في غرفته شعر وكان عين الشيخ تالحظه من هذه الصور وكثي ار من االخوان كانو يالحظون حركه الشيخ فيها حقيقة دون‬

‫وهم فهذا هو الشيخ صديق الصعيدي وكان يعمل في الشرطه وقد جعلوه هو ونفر من زمالئه في حراسة اعمد التليفونات‬

‫خوفا من سرقة اسالكها من العرب المحيطين بهم فكان زمالئه ينزعون اعواد الذر من الحقول المحيطة بهم ويشون الذر‬

‫على النار ويقضون ليلتهم على هذا الحال فاذا دعوه إلى مشاركتهم المهم على ما يأكلونه من هذا المال المسروق في حقول‬

‫الناس فهذا مال ح ار في عقده والمهم على تركهم مواطن خدمتهم وحدث ان كان مرابطا على احد االعمد لحراستها أن غلبه‬

‫النو فوضع بندقيته تحت راسه واستغرق في النو ولم يلبث االمرقليال حتى وجد من يوقظه فاذا به شيخه مرتديا ثيابا بيضاء‬

‫ومعهم سيفه وكانه يوقظه ليواصل حراسته فاخذ يده وقبلها ثم تركه الشيخ سائ ار في ضوء القمر حتى اختفي فنادوا اصحابه‬

‫على البعد متسائلين عن هذا الرجل الذي كان معه فقال لهم دا واحد ضيف فقالوا له ‪ :‬هوه ده الحرامي امسكوه فرد عليهم‬

‫بتهكم وسخريه لما يجي ثاني همسكه عوده لما كنتم عليه فهذا جانب من رقابه الشيخ على ابنائه وحرص المريد على معالم‬

‫وشروط السير في الطريق ‪.‬‬

‫فق بل تعدتهم الى تبعية من الجن وهو امر عزيز المعرفه على الكثيرين من‬ ‫ولم تقتصر واليه الشيخ على ابناؤه من اإلن‬

‫المقربين لديه الن الشيخ يفصل بين الفريقين في طرائق المعامله اال اذا كان بين الطرفين عالئق مشتركه ولم نسمع هذا‬

‫أل نفسهم فلتات وهم في هذا األمر مقتدين برسول هللا صلى هللا عليه‬ ‫االمر من اشياخنا اال على سبيل فلتات اللسان ولي‬
‫وسلم اذا كان له اتباع من الجن النهم وارثين له وقد ايد هذا االمر في شان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ما جاء به القرآن‬

‫الكريم والسنه النبويه الشريفه في متعلقه ‪.‬‬

‫ومن تلك اللفتات التي عرفنا منها هذا االمر ما قصه علينا الشيخ صديق حين قال بتصريف منا ‪ :‬كنت موجوده في البلد‬

‫وذهبت الزور ابى وامى في مقابرهم وكان الوقت في عز الظهر فامطيت حمار اخي وذهبت وحدي إلى المقابر وما ان‬

‫صفراء ولم اعلم لها رأس وال وجه فوقع‬ ‫دخلت المقابر وتممت قراء الفاتحة حتى وجدت ام أر أمامي على البعد مرتديه مالب‬

‫االمر فى قلبى وارتعدت فرائضي واقتصرت يدي فقرات الفاتحة لعمى الحاج مسعد فاختفت من امامي و على عجلة ركبت‬

‫دبتي وعدت سريعا الى بلدي وما ان رجعت الى القاهر حتى ذهبت الى عم الحاج مسعد وكان يو الجمعة فلما رانى ضحك‬

‫في وجهى وجذبني ا ليه قائال ‪ :‬احنا يا صديق ما عندناش حد غيرك ما الذي اذهبك الى المقابر منفردا لم لم تأخذ احد معك‬

‫…‪ .‬ان ما رأيته كانت احدى االخوات من الجن وهي من اتباعنا وما ان سمعتك حتى اختفت ولم تعد تبرز لك ثانيا ‪.‬‬

‫وللشيخ اتباع من صالحين الجن يحضرون معه ويستمعون إليه و يرافقونه في سيره إلى أهل البيت ويحتقرون موالدهم يقول‬

‫الشيخ صديق في شأنهم ‪:‬‬

‫كان عم زوجتي معاش ار الحداهن كان يتحدث إليها من وراء ستاره منصوبة بينها وبينه هذا اذا كان في الغرفه من ال يجب‬

‫ان تظهر له وكان لها عبد يدعى غسان وحدث ان جاء محمود احمد حسن وهو من أبناء الشيخ مسعد فاراد الرجل ان يحكم‬

‫الستاره المعصوبه امامها فقلت له أنت خائف من محمود ليه دول والد سيدك مسعد ما تخافش من النوع دول دول لهم عم‬

‫بطل عظيم اسمه الحاج مسعد واحنا من اتباعه وانا باحب سيدي علي زين العابدين وال زلت هكذا حتى قالت لي ‪ :‬والكال‬

‫للشيخ صد يق والنبي انا عايزه ازور الحاج مسعد وكان الكال معها من خلف الستار فذهبت بها إلى زيار سيدي علي زين‬

‫العابدين وزياره الحاج مسعد فهؤالء من الجن الصالحين وما اكثرهم ‪.‬‬

‫وفي مناسبه الكال عن الشيخ صديق تروي هذه الحكايه ‪ :‬كان احمد سعيد ومحمد عبد الحميد قريبا السكن من الشيخ‬

‫صديق وكان بجوار ارض احمد سعيد ومحمد عبد الحميد واحد من أهل الطريق برهانى من أتباع سيدي ابراهيم الدسوقي‬

‫وكان هذا تابع لشيخ له في البرزخ وكان كثير المدح لشيخه متعصبا له وفخو ار به معتقدا أن أحدا اليضاهيه في المقا فلما‬

‫راي الشيخ احمد سعيد ومحمد عبد الحميد ذلك شع ار بالغير على شيخهم عم الحاج مسعد وعلى طريقتهم فارادو ان يذهبا‬

‫به الى الشيخ صديق فهو اقدر منهم على التحدث عن الشيخ وكانها كانت مناظر بين ابناء الحاج مسعد و أبناء الشيخ‬

‫البرهامي وكل مريد منهم معت از بصاحبه ‪.‬‬


‫ووافق الرجل وذهبوا به الى الشيخ صديق فما ان دخلوا ورحب الشيخ صديق بهم حتى بادره الرجل بقوله ‪ :‬ان لي عم في‬

‫البرزخ و جاي يزورك يريد شيخه الذي يعتز به ويدافع عنه فرد عليه الشيخ صديق ‪ :‬هل أتيت إلى باذن ا أنت قاد إلينا‬

‫من تلقاء نفسك وال يزال هذا الضيف في إعجا به بنفسه واعجابه بشيخه الذي يدافع عنه فقال متفاخ ار ‪ :‬نحن لدينا اذن على‬

‫الدوا ولم تكن الكهرباء موجود في هذه المنطقة وكان القو يستخدمون المصابيح التي تضاء بالجاز وبعد ان قال هذا الرجل‬

‫قولته انطفاء المصباح واذا بنور شديد يعم الغرفه كلها واذا به عمى الحاج مسعد صاحب هذا النور فقا الجميع وانتفضوا‬

‫من جلوسهم وهب الضيق واقفا مؤديا التحية العسكرية والشيخ صديق واقفا يق أر الفاتحة لشيخه واستمر هذا االمر على ما هو‬

‫وشرب الشاى ثم توجه الشيخ صديق‬ ‫عليه لمد تقترب من ثلث ساعه وبعد ذلك افاق الرجل من هول ما صادفه وجل‬

‫قائال له ‪ :‬اني اريد ان تذهب بى الى شيخك فقالت له ‪ :‬وهللا لو جاء اإلذن بذلك لفعلنا عنه وانصرفوا بعد ذلك ‪.‬‬

‫وبعد انصرافهم طلب هذا الرجل من الشيخ احمد سعيد ومن الشيخ محمد عبد الحميد ان يتوسطوا لدى الشيخ صديق حتى‬

‫يزوره في بيته الح عليهم في هذا الطلب ‪.‬‬

‫بعد ذلك بحوالي يومين جاء احمد سعيد و محمد عبد الحميد وأخ ثالث لنا هو الشيخ محمد محمود احمد حسن الى الشيخ‬

‫صديق وطلبوا منه ان يذهبوا جميعا الى هذا الرجل في بيته حسب ما اتفقوا عليه وقلت لهم ‪ :‬كيف ازوره و لم ياذن لى عمى‬

‫بذلك فلو اذن الشيخ ال نذهب اليه ولو كان في اخر بالد المسلمين ولما ذهب الجميع الى الشيخ وقصوا عليه القص‬

‫وذكروا له رفض الشيخ صديق ان يزوره فقال لهم ‪ :‬صديق عنده حق وهو اصح واذكى منكم هذا الرجل قد جاء اليكم‬

‫غير معترف بكم ال انتم وال شيخكم وال يرى غير شيخه القائم تحت قبته المباهي بها غير و الجل هذا السبب اظهرنا له‬

‫أم ار بسيطا اشار الى وقود الشيخ في نوره عليهم في منزل الشيخ صديق وما اظهرناه كان من اثره ان وقف ثابتا على اقدامه‬

‫مؤديا لنا التحية العسكرية‪( ،‬ولو عايز الفه كنت لفيته) يريد انه لو اراد ان يضمه الى درويش ده فعل) ولكن بيتي مفتوح‬

‫على الدوا لجميع المشايخ والطرق الصوفية على اختالف طرقها ومن يريد ان يشرفني منهم فعلى الرحب والسعة مع وجود‬

‫حب عمه في قبل كل شيء انما اذا كان االمر بهذا الصدوره التي جاء بها اليكم و محاوله جذبكم لهم وظهور بمظهر قوه‬

‫شيخهم عليكم فال فبيت الشيخ مسعد يسع الجميع منا ومنهم وال يتمكن احد من اوالد الشيخ ان يذهب الى مكان ايا كان اال‬

‫بينهم و يق ار الفاتحه لعمه ‪.‬‬ ‫باذن الشيخ حتى اذا ذهب اليهم في زياره في باي طريق كان فانه يجل‬

‫وحدث ان كان رجل من قوص وهي احدى مدن قنا وكان هذا الرجل تابعا للطريقه البرهانيه من أتباع سيدي إبراهيم الدسوقي‬

‫ايضا وجا ء هذا الرجل لزياره واحدا من اخوانه كان قاطنا في الدور االعلى في المنزل الذي فيه الشيخ صديق ذلك بتعيم‬
‫حضره في منزله فلما حدثوه عنى وعن شيخى و الكال للشيخ صديق اصر شيخهم ان ينزل الى داعيا اياى ان اشاركهم فى‬

‫بدا من قبول الدعوى وصعدت معهم وكلي حرص وحرج ووجل من هذه الزياراه الني كنت اعلم ضروره‬ ‫فلم أجل‬ ‫المجل‬

‫استئذان الشيخ في مثل هذه األحوال ولما جلست بينهم قلت في نفسي ما لي وما يقرؤون فجلست اق ار الفاتحه لسيدى مسعد‬

‫و سيدى سعد الدين الجباوى وهم يقرؤون ما يقرأون في مجلسهم وذهبوا نزلت الى شقتى ولقد كان في نيه شيخهم ان يجذبني‬

‫اليهم ويجعلون في سلكهم فلم يتم لهم ما ارادوا ‪.‬‬

‫ثم علمت من شيخى بعد ذلك أن الرجل قد حوكم فيما قصده من زيارتي له واح ارره على وجودي بينهم وعلمت من شيخى‬

‫ان هذا الرجل كان له تسع وتسعون درجة فكان الحكم عليه ان ينزع منه ثمانية وتسعون درجة ولم يبقى عليه اال درجه وحده‬

‫‪ ،‬وقال له حكابه ‪ :‬هذا ادبا لك النه قال لك انه ابن فالن فكان عليك احت ار عمه وال تحاول جذبه اليك ‪.‬‬

‫وقال للشيخ صديق ‪ :‬هل حدث‬ ‫بعد يومين جاء هذا الرجل الى منزلي محموال منهم بناءا على طلبه ان يزورني فدخل وجل‬

‫لك عندما جالستنا في المر األول ى شيء فقلت ال ثم سالت مسألة الشيخ صديق‪ :‬هل حدث مني انا شيء ؟ قال نعم يا سيدي‬

‫عمك تاج راسنا وسيدي وانا من اوالد سيدي ابراهيم الدسوقي ولم يذكر اكثر من هذا ‪.‬‬

‫وبعد ان استاذنت على الشيخ بالدخول بقولى ‪ :‬هللا …‪ .‬هللا …‪ .‬وهي من‬ ‫ثم حدث بعد ذلك ان ذهبت الى اال خصائ‬

‫عاده االخوان قبل دخولهم على الشيخ فبادرني الشيخ قائال ‪- :‬‬

‫يعني يا صديق هو احنا هنبقى فتةات قلت له ‪ :‬ليه يا عم ؟ فقال ‪ :‬يعني انت مش عارف حاجه الناس بتاعت سيدي ابراهيم‬

‫الدسوقي قاصدا ما ذكرناه سيدي ابراهيم الدسوقي عمنا وتاج راسنا فقلت له ‪ :‬وهللا اللي يعمل غل يا موالنا يتحمل انا‬

‫اختاروني على اني اهبل او عبي واجلسوني الق ار معهم اورادهم وما كان ينبغي ان افعل ذلك فجلست اق ار فواتح فق لعمي‬

‫وشيخ الطريقه سيدى سعد الدين الجباوى فقال لى الشيخ هو ضيع نفسه في بمحاوله جذبهم لك ناحيتهم لقد كان معه تسعه‬

‫وتسعين عقده ازالوها عنه عقده واحده ثم سألت الشيخ هو انا عملت حاجه غل ؟ ولم يدخل هذا الرجل الى البيت مر أخرى‬

‫‪.‬‬

‫و ال ينبغي ان تمر علينا هذه الرواية دون ان نستخرج منها امو ار هي في غايه األهمية في طريق اهل هللا ‪.‬‬

‫اوال ‪ :‬ال ينبغي للمنتظم في سلك الطريق ان ينابز غيره من أرباب الطرق االخرى فاذا كان الحق قد حذر العدا من المنابزه‬

‫باأللقاب فان الحذر اولى في خصوص اهل هللا الن الطرق مهما تعددت فانها تنتهي إلى مورد واحد وهو مورد رسول هللا‬

‫صلى هللا عليه وسلم والكل الى رسول هللا منتسب مهما تعددت مشاربه ‪.‬‬
‫والمريدين وان تنابزوا وتنافسوا وتفاخروا فإن شيوخهم ال رضا لهم بذلك فالسعدى والشازلي والدسوقي والرفاعي والقادري‬

‫جميعهم اخوان على سرر متقابلين وكما ال فرق في األنبياء بين نبي ونبي فانه ال فرق في االشياخ بين شيخ وشيخ وان‬

‫تفاضل بعضهم على بعض فإنه كتفاضل األنبياء بعضهم على بعض‪.‬‬

‫وعلى العمو فان التنابز من شيم الجاهلية التي نحن اولي من غيرنا بالفروق عنها ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬ان هذا التنابز ال يتعارض مع الغيره في الطريق فان التنابز مصدر الكراهية اما الغيره فمصدرها الحب والتنابز يدعو‬

‫الى الصدور والمحاربة والغيره تدعو الى اظهار الحب واالجتهاد في المحبة والتنابز يجر المريد الى الخلف بينما الغيره تدفع‬

‫بالمريد الى األما خصوصا ان الذي نغار فيه وهو الحق الفرق لديه بين مخلوق ومخلوق فالجميع منه ومحبته للجميع وهلل‬

‫المنال األعلى ‪ -‬كمثل محبه الوالد الوالده وان اختلفت صفاتهم وأخالقهم ومذاهبهم وهو من محبته لهم يقبلهم جميعا وان‬

‫تقريب احدهم من االخر اليه ال ينبغي على االخر على االخالق محبه لهم وما حصل في رواياتنا هو وغيره من جانب ابناء‬

‫الشيخ مسعد وتنابز من جانب غيرهم وان كنا نحسن الظن بهم ‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬ال يجب أن يجتهد طرف في كسب مريد هو من ارزاق طرف آخر فان المريد االشياخ هم ارزاقهم التي قسمعها هللا‬

‫لهم ولعل أشد ما يعاني منه االنسان هو النظر الى ارزاق اآلخرين وليست العشمه في الرزق منوطة باحد انما هي هلل الواحد‬

‫الرزاق ذو القوه المتين ‪.‬‬

‫ويتعارض الطمع في ارزاق اآلخرين مع مااصطلح عليه اهل هللا من االخالق االلهيه والطبائع المحمديه ‪.‬‬

‫رابعا ان المريد يجب ان يحتاط لنفسه وايسر الحيطه هي اال يكون لك تصرف من تلقاء نفسك اال بمشور شيخك فانه ادري‬

‫منك بدروب الطريق وافاته ومعارجه ومازالعه ومنتخباته ومتطلباته وسقطاته وعيوبه ومتفرعاته وادرى منك باسباب النجاه فيه‬

‫ودواعي الهالك فيه فال يغيب عنك ذلك وان تقدر عليك ذلك وذلك ال يكون الرتباط المرشد لك في جميع حركاتك وسكناتك‬

‫فا االولى لك ان تقف في السبل فال تنجح الى طريق يكون فيه اختالف حتى يكون لك من هللا فيه شاهد ‪.‬‬

‫خامسا ‪ :‬الثقه في الشيخ واإليمان به والقبول عليه واالعتزاز بصحبته واالنصياع ألمره والصبر على طاعته واحتمال دواعي‬

‫تربيته لك فانه ما عاقبك اال ألنه يحبك وما المك اال النك تحت وصايته فلقد كنت غريبا عنه لتركك لنفسك وما اشد نفسك‬

‫هالكا عليك فا حذر المخالفه واد على الطاعه والموافقة ‪.‬‬

‫سادسا ‪ :‬العلم بان شيخك اقرب اليك من نفسك وهو معك في حركاتك وسكناتك ناظ ار اليك شاهدعليك معك في كل أوقاتك‬

‫بمدد هللا ومعونته‪.‬‬


‫سابعا ‪:‬العلم بان الطريق جد ال هذل وال يحسب احدكم ان الطريق سامره ومجانسه وملء لفراغ بل هو امر له اول وله اخر‬

‫راضيه مطاوعه ناجيه يسوقها الى الحق شيخ مرشد‬ ‫عصيه معانده لسلك طريق الترويض و المجاهده واخره نف‬ ‫او له نف‬

‫عارف بطريق القو مسؤول اما الحق من رعيت اما مدعو الى هللا حاكيا له عن اوالده متحمال عنهم ما عجزو عن تحمله‬

‫قائدا الى غيايات الفالح في االخره ‪.‬‬

‫وأخي ار ‪ :‬اال يغتر احدهم بقربه من هللا وتول الدرجات فما اشد على العارف من السلب بعد العطاء وما اشد عليه من فوات‬

‫الدرجات والمقامات بعد حيازتها وما أشد عليه من دركات الهبوط بعد اعتالء الدرجات وما اشد ان يعود الى اول الطريق بعد‬

‫ان قارب الى االنتهاء منه ‪.‬‬

‫ولم يكن عطاء الشيخ مقصو ار على ابنائه من دراويش أهل طريقته او ابنائه من اصالبه وانما تعداه الى من ليسوا من ابناء‬

‫الطريقه الى المعارف والجيران من اهل بلدته او من تصادفت ان قابله في به في طريقه او في اي مكان ازره فقد كانت رؤيته‬

‫والكال معه و االطالع على نوره خير لكل من تقرض لذلك فلقد حدثنا الدكتور احمد موسى عن شيخه محمد ابو سالمه ان‬

‫الشيخ قد أصابه ب عض مرض استلز دخوله مستشفى الحميات فاصبحت المستشفى كخلية نحل من كثره تردد الدراويش‬

‫والمعارف واالقارب له حتى علم اهل المنطقه كلها بوجود شيخ كبير في المستشفى وكان االمر في اجالل اهل هللا وتوقيرهم‬

‫في زمانهم خالف ما الحال عليه في زمننا هذا وكان بجوار المستشفى دكان بقاله صغير ازدهر حاله وربحت تجارته من‬

‫كثر تردد الدراويش عليه وكان صاحب الدكان وزوجته من اقتربوا من سن الكهولة ولم يكن لديهم اوالد فجعلت زوجته صاحب‬

‫الدكان تتردد على غرفه الشيخ لطلب لقائه ولكن لم يصادفها التوفيق حتى كانت ذات ليله والشيخ مجتمع في غرفته و معه‬

‫بعض احبابه وكان حال الشيخ في غمر روحانيه عاليه وفي هذا الوقت تسللت هذه السيد الى غرفة الشيخ فدخلتها والشيخ‬

‫على هذا الحال فلما جاءته قال لها ‪ :‬ايه ده ؟ من انت ؟ وكيف دخلتى ؟ فبادرته السيده دون مقدمات و كانها تريد ان تقذف‬

‫ما بداخلها قذفا اذ هي لحظه قدال تتكرر في حياتها بعد ذلك قالت ‪ :‬انا عايزه اخلف فرد عليها الشيخ قائال ‪ :‬ماتروحي تخلفي‬

‫يعني هي قله خلف؟ ومضت فتره من الزمان وشفى الشيخ وعاد الى بلدته ثم فوجى بالسيده وزوجها يزورونه في بيته حامين‬

‫كمية كبير من الهدايا فقال لها الشيخ من أنت ؟ فقصت عليه القصة كلها ما ستغرب الشيخ وقال ‪ :‬انا قلت كده ؟ فقالت‬

‫نعم وقد حملت من ليلتى تلك وانجبت غال فجئت اشكرك فانزعج الشيخ انزعاجا كثي ار فقال لها‪ :‬يا ستي روحي اشكر هللا‬

‫هو اللي اعطاك اما انا فال اعطي وال امنح وال اهب وال امنع وهو هديتك اخرجيها لوجه هللا اوخذى ثمنها اما انا فال اتقاضى‬

‫اج ار عن شيء لم أفعله ‪.‬‬


‫ومفتاح هذه القصة هو الحال الذي كان عليه الشيخ واإلجابة التي صدرت منه وهو على هذا الحال فانه كان في هذا الوقت‬

‫عبدا ربانيا يقول للشيء كن فيكون وال حرج على فضل هللا في عطاء اولياءه وفي ان يكون هذا العطاء سبب في عطائهم‬

‫لخلق هللا ومنهم هذه السيد التي كانت تتوق لعطاء الولد والجميع من اقدار هللا في خلقه ‪.‬‬

‫الشيخ رفاعي الشيخ محمد ابو جاد‪،،،‬‬

‫ابو جاد رحمه هللا مفادها ان الشيخ محمد ابو جاد كان في زياره سيدنا الحسين ودخل‬ ‫روى لنا الشيخ رفاعي روايه تخ‬

‫الميضه ليتوضا فلما ادار بص ره فاذا برجل وامراه داخل الميضه في وضع مخل باالدب فثار ثور عارمه واهتاج لهذا االمر‬

‫اذا كيف يحدث هذا بجوار سيدنا الحسين فااخرج سكينا كانت معه فطعن بها الرجل فارداه قتيال وقبض عليه وتم تحويله إلى‬

‫محكمة الجنايات وبعد دراسة القضية من القاضي اضمر القاضي في نفسه ان العقوبه المناسبه لهذه الجناية هي ستة عشر‬

‫على ورق مقدار‬ ‫سنة عز االمر في نفسه على ذلك فلما ذهب القاضي الى بيته و اخلد فى النو راى نفسه وهو يجل‬

‫العقوبة التي انتواها لهذه الجنيه وكان كل ما يكتب سته عشر سنه فان السيد زينب رضي هللا عنها تبدو له وتقول‪ :‬ال ‪ ،‬هي‬

‫فق ستة أشهر وتكرر هذا المشهد فاخذ بناقشها فيما يناسب جناية من العقوبة ويذكرها بجنايته وهي رضي هللا عنها تصر‬

‫على ان تكون العقوبة سته أشهر فق وال تزال هذه الرؤيه تعرض للقاضي يوميا وتكرر معها مشهدها وفي النهايه لم يجد‬

‫القاضي بدا بالحكم عليه بالمد ال تي قضت بها السيد زينب رضي هللا عنها ولم ينتهى االمر على هذا الحد بل كان البد له‬

‫عليه امره‬ ‫من التاكد من تجاوز اهل البيت في اعطائهم عليه فذهب الى الشيخ في اليو الذي قابل فيه الشيخ رفاعى وق‬

‫‪.‬‬

‫في هذا اليو كان من المقرر ان يحضر موالنا سيدنا الحسين وموالتنا السيد زينب ليجتمعوا بالشيخ رضوان هللا عليه ويتباحثو‬

‫في شأن محمد ابو جاد ويقرروا أمره ‪.‬‬

‫وذكر ابو جاد للشيخ رفاعي انهم على وصول وجلسا يتحدثان قليال ثم مالبث ان هب ابو جاد واقفا صائحا ‪ :‬وصلوا …‪..‬‬

‫وصلوا ‪ ...‬ثم وجه كالمه إلى الشيخ رفاعي ‪ :‬لقد صعدووا الى الشيخ ادعو يا ولد ان ربنا يستر …‪ .‬ربنا يستر ياوله و مرت‬

‫فتره قصيره هب بعدها ابو جاد قائال لقد نزلوا من عند الشيخ واتفقوا على وقوف االمر على ما قضى به القاضى في السته‬

‫شهور وبعد ان اطمان ابو جاد على نفسه انفرجت اساريره وبشى وجهه وارتسمت االبتسامه عليه واخذ يسامر للشيخ‬

‫رفاعى ويساله عن سبب مجيئه الى الشيخ فى هذا اليو فقال الشيخ رفاعي ‪ :‬لقد جئت اليو الستشير الشيخ في امر زواجى‬

‫فقد عزمت على ان اخطب جاره قريبه منا ولكنى اخشى الرفض من جانبها وجانب اهلها لكونها تعمل مدرسه بما قد يوحي‬
‫بالتباين في المستوى بيني وبينها اال اني ارغب في االقتران بها وال اعرف اذا كان الشيخ سيوافق على هذه الزيجه ا ال لنف‬

‫اق ار معيا الفاتحه لسيدنا الحسين وموضوعك‬ ‫السبب الذي اخشاه منهم هنا قال الشيخ ابو جاد ال يا وال هيوافق ان شاء هللا ب‬

‫مقضي ان شاء هللا وقرؤوا الفاتحة ثم قرؤها مر اخرى ‪.‬‬

‫بعد قليل ارسل الشيخ كامله وهي احدى اخواتنا الخدمات بالمنزل لتعلم الشيخ رفاعي ان الشيخ يريده فلما دخل على الشيخ‬

‫الشيخ رفاعى بجوارهما وظل ساكنا وسمع الرجل يكلم الشيخ قائال ‪ :‬هو شطح مره واحده ليه‬ ‫وجد رجال جالسا معه فجل‬

‫كده مش كان يمشي على قده ؟ فرد عليه الشيخ زي بعضه ما هو على قده برضه وده ابننا واحنا مش هنسيبه ثم سكت‬

‫الرجل ‪ .‬ثم توجه الشيخ الى عم الفاعي ايه يا ولد يا رفاعي قال ‪ :‬انا عايز اخطب والعروسة مدرسه قال له طب وماله على‬

‫انا خائف تعمل على مدرسه قال له‪ :‬ما عندناش مهندسه وال دكتوره معندناش الكال دا كله يتوكل‬ ‫بركة هللا فقال له ب‬

‫على هللا ‪.‬‬

‫وبعد ان تمت الموافقة طلب عم رفاعي من الشيخ ان يذهب الى طنطا لزيار سيدي احمد البدوي… قالوا ما سيدك احمد‬

‫البدوي قاعد اهو اذ كان الرجل المجاور للشيخ في الجلسة هو سيدي احمد البدوي‪.‬‬

‫ومااكثر ما متالت هذه القصة من مشاهد كان اولها ‪ :‬غيره ابو جاد على مقامات اهل البيت وكيف انتهك الحرمات في‬

‫مقاماتهم فكانت هذه الغير سببا في انخفاض العقوبه من ستة عشر عاما الى سته شهور واما عقوبه السته شهور فكانت‬

‫ثمنا الراقه الد وهتك الستر فلو تغاضى عنهم من باب ستر ماستر هللا لما ناله العقوبة فإن هللا ستير يحب الستر ولو ترك‬

‫األمر هلل يقضي به لكان اهدى وأصوب‪.‬‬

‫االمر الثاني‪ :‬صالح القاضي اذا كان القاضي اهال لزيار اهل البيت اليه ولو كان خالف ذلك في الصالح مازاروه وال اطاع‬

‫ما اشاروا عليه به ‪.‬‬

‫االمر الثالث ‪ :‬ان فوت عقوبة المريد من اهل الظاهر ال تمنع عنه مرور العقوبة على اهل الباطن والذي يمثله في روايتنا‬

‫اربعه موالنا سيدنا الحسين و موالتنا السيد زينب و موالنا احمد البدوي وموالنا عم الحاج مسعد الذين اجتمعوا على رأي‬

‫السيد زينب فيما اشارات علي القاضي به فكانت بهذا رئيسة الديوان حقا ‪.‬‬

‫االمر الرابع ‪ :‬وهو ادراك هذا كله من الشيخ محمد ابو جاد من اول ادراكه ان المجتمعين انما جاؤا للقضاء الباطن في امره‬

‫ثم انتظاره لهم مما يدل على سبق علمه بحضورهم الى الشيخ ثم رؤيته لهم بعد حضورهم ووقت انصرافهم ثم علمه بفحوى‬
‫الحكم الذي اقروا به حكم القاضي عليه فاذا كانت هذه مكانه ابو جاد من العلم وهو الجاني فماذا تكون مكانته اذا كان بغير‬

‫جنايه ثم ماذا يكون حال شيخه من العلم اذا كان المريد بهذا الشان ‪.‬‬

‫‪ :‬هو اصابه الحدس من جانب ابو جاد حينما بشر اخوه الشيخ رفاعي بما جاء لمشهوره الشيخ فجاءت‬ ‫االمر الخام‬

‫بشرته مطابقة لرأي الشيخ في هذا االمر ثم فرحه الخيه الدال على محبته له ‪.‬‬

‫االمر السادس خضوع المريد قبل لما يشير به الشيخ إليه وهو ما تمثل في امثاله الشيخ رفاعي المر الشيخ بالموافقه وزوال‬

‫خوفه فما يخافه ولو أشار عليه الشيخ بالرفض المتثل األمر طائعا ‪.‬‬

‫االمر السابع ‪ :‬تلك المشور القائمة بين سيدي أحمد البدوي والشيخ في شان زواج الشيخ رفاعي من حسبه سيدي احمد‬

‫البدوي من ان يكون مثل هذا الزواج نوعا من الشطح الختالف المستوى بين الطرفين ثم طمأنه الشيخ لسيدى احمد البدوى‬

‫من ان هذا اليعدنوعا من انواع الشطح وانظر الى مساحه التسامح بين الشيخ و سيدي احمد البدوي ‪.‬‬

‫االمر الثامن ‪ :‬هو النظر الى كرامه الشيخ رفاعي حال نظره في يو واحد لسيدي احمد البدوي والشيخ مسعد وحضوره رقت‬

‫حضور موالنا سيدنا الحسين والسيده زينب ثم مرافقته للولي الصالح محمد ابو جاد ثم انظر في آخر األمر الى كرامه من‬

‫نحن بصدد سيرته وهو عم الحاج مسعد اذا كان مجالسا لسيدي أحمد البدوي ومحادثا له وكان مرافقا قال لموالنا سيدنا‬

‫الحسين و موالتنا السيده زينب واجتماعهم في بحث حال احد ابناء الشيخ ‪.‬‬

‫من نور احم ي ييد قبل ي ييه االحب ي يياب ذو القل ي ييب النقي‬

‫والزهر العصي ي ي ي ي ي يم ي يياء ف ي يياطم ي يية وسي ي ي ي ي ي يي ي ييدن ي ييا علي‬

‫واميره فتيي ييان الجني ييان حسي ي ي ي ي ي ييين والحسي ي ي ي ي ي يين النقي‬

‫قد كان نورك مسي ي ي ي ييعد مبطنا من الفضي ي ي ي ييل الجليل‬

You might also like