Professional Documents
Culture Documents
النحو الوظيفي بين التعددية الوظيفية والوحدة الإسنادية
النحو الوظيفي بين التعددية الوظيفية والوحدة الإسنادية
*
د .حسين بن عائشة
جامعة عبد الحميد بن باديس – مستغانم (الجزائر)mostawayete@hotmail.fr
الملخص
ينظر النحو الوظي في إىل الوظيفة باعتبارها مصطلحا ذا داللة سياقية هلا عالقة باالستعمال املرتبط أساسا مبحيطه
االجتماعي والثقايف يكتسي من خالله بعدا تداوليا ،إالأن اللسانيات البنيوية تعترب الوظيفة ذات بعد جتريدي حمايث توصف اللغة
انطالقا من مصطلح التجريد لذاهتا ومن أجل ذاهتا .يف حني أن النحو العريب يربط الوظيفة اللغوية بالبنية الرتكيبة ذات العالقة
اإلسنادية ضمن وظيفة اجلملة املبنية على ركنني أساسني مها املسند واملسند إليه واليت يتم مبوجبها حتديد الظاهرة اإلعرابية من
خالل تعيني موقع إعراب تلك العناصر املكونة للجملة سواء أكانت امسية أم فعلية.والوظيفة يف النحو الوظيفي تتعدد بتعددسياق
املقال واملقام إذ تتنوع وظائفها يف البنية احلملية لتتخذ بذلك ثالثة أنواع هي الوظائف الرتكيبية والداللية والتداولية تأخذ هي أيضا
بذلك إسنادا وظيفيا خيتلف عنه يف النحو العريب.
الكلمات المفتاحية :الوظيفة الداللية ،الوظيفة الرتكيبية ،الوظيفة التداولية ،اإلسناد الوظيفي.
Abstract :Functional grammar considers function as a term with a contextual meaning related
to use which is mainly related to its social and cultural environment, through which it acquires
a deliberative dimension, but structural linguistics considers function to have an abstract
dimension. that is the language described based on the term abstraction for itself and for itself.
While Arabic grammar relates the linguistic function to the structure of the syntactic relation
within the sentence function which is based on two basic pillars, namely the predicate and the
predicate at which the syntactic phenomenon is determined by specifying the location the
analysis of these elements that make up the sentence, whether verbal or verbal. With the
multiplicity of the context of the essay and of the denominator, as its functions vary in the
convective structure, it takes three types: syntactic, semantic and pragmatic functions, which
also take on a functional attribution which differs from it in Arabic grammar.
Keywords: semantic function, modular function, deliberative function, Functional attribution
.1مقدمة :
يرتكز النحو الوظيفي على دراسة اللغة أثناء االستعمال ،ويتخذ من ذلك بعده التداويل ،عكس ما تراه
اللسانيات البنيوية والدرس النحوي العريب ،حبيث يعتمد كل منهما على الوصفية اليت ترى أن اللغة تدرس لذاهتا
ومن أجل ذاهتا .لكن النحو الوظيفي يتخذ من الوظائف اللسانية موضوعا له ،ليخرجها من بعدها التجريدي
إىل ربطها باحمليط الذي وجدت فيه .والوظائف يف النحو الوظيفي أو اللسانيات الوظيفية تتنوع بتنوع املصطلحات
واملفاهيم اليت تتضمنها تلك الوظائف سواء أكانت داخلية أم خارجية،كما يهدف النحو الوظيفي أيضا إىل
حتقيق مجلة من الكفاءات كالكفاءة التداولية املبنية على قصدية املتكلم يف حواره مع املخاطب أثناء االستعمال
اللغوي املتعلقبالسياق وبواسطة هذا املصطلح (القصدية) تتولد أيضا الكفاءة النفسية لديه نظرا ملا ينجر عنها من
عملية الفهم واإلفهام بني كل من املتكلم والسامع.
اإلشكالية المطروحة
يشكل مصطلح الوظيفة بؤرة يف الدرس اللساين الوظيفي نظر الهتمام الكثري من الباحثني به ملا له من
دالالت خمتلفة فعند دي سوسريجردت الوظيفة اللسانية من أي عالقة خارجية من حميطها اللغوي ،مث جاء
"تشومسكي " بعده ليقسمها إىل ستة وظائف ،والسؤال املطروح هل هذا اعترب ذلك كافيا عند اللسانيني؟ وإذا
كان كذلك فما هي اإلضافات اليت أقرها اللسانيون بعدمها ؟ وماحال اللسانيات العربية فهل بقيت على عهدها
املعياري التجرييب املرتبط بالظاهرة اإلعرابية املبنية على استنباط القاعدة ؟ فمااجلديد الذي أضافته اللسانيات
الوظيفية إ ىل الدرس اللساين اللغوي العريب؟ وكيف تتحقق عملية اإلسناد الوظيفي يف البنية الرتكيبية ؟ وأي وظيفة
من الوظائف اليت جيب أن تكون مسندا واألخرى مسنداإليه ؟ وما املعيار الذي حيدد لنا ذلك لتكون إحدامها
مسندا واألخرى مسندة إليه؟
لقد بىن اللسانيون دراساهتم اللغوية على الوظيفة اليت تعترب الركن األساسي للبنية الرتكيبية ،فهي عند
"تشومسكي" أساس امللكة اللغوية أي مرفة البنية ومكوناهتا وطريقة عملها .إال أنه ركز على اللغة التجريدية يف
مستوى بناها الرتكييب أي إبعادها عن السياق واالستعمال مبا فيه من اجلوانب النفسية واالجتماعية أو الثقافية ،
وذلك مما جعله يقتصر على دراسه البىن اجملردة حماولة منه للتعرف على امللكة اللغوية حيث أن تشومسكي "
حصر اللغة يف مجل جمردة عن االستعمال ومالبساته ،وجمردة عن العوامل النفسية أو االجتماعية أو غريها
وأصبحت اجلمل اجملردة هي السبيل إىل معرفة امللكة اللغوية "( .)1واعترب شومسكي أن املوضوع اللساين ينطلق
من ثنائية املتكلم /املستمع املثايل ميتلكان كل منهما املستوى اللغوي نفسه حبيث تكون للمتكلم دراية بفهم ما
يقوله املخاطب وال يتأثر مبا يشوب اخلطاب أو اللغة حلن أوخطأ يف مرحلة اإلجناز الفعلي للغة .وهذا غن دل
على شيء فإمنا يدل على ان الدراسة اللسانية عند "تشومسكي" ارتكزت أساسا على الرتاكيب اجملردة ألن مسألة
جتريد اللغة من السياق تعمل على اكتشاف املبادئ التفسريية العميقة اليت تبني كيفية قيام النحو بتوليد اجلمل"(.)2
أي باجلانب اللساين التوليدي مبعىن آخر أن للفرد " طاقة لسانية ( )...هائلة هبا يستطيع اكتساب اللغة االصلة
ولغة األم وأخذها بقوة وحفظها ،مث ختزينها واستعادهتا عند احلاجة الكالمية باالنطالق من مهمومي احملاكاة
والقياس ،حيث يستطيع أن يولد من طاقته اللسانية الكامنة مما ال يعد وال حيصى من األمناط والكالمية "(.)3
فريون أن هذه املبادئ ماهي إال مهزة وصل بني اخلصائص الصورية للغة الطبيعية ووظيفة التواصل ،فالكليات عند
غري الوظيفيني صورية وعند الوظيفيني كليات صورية وظيفية .
22
الصفحة74-01: المجلد 11 :عدد( 1 :ماي )0201 التعليمية
وبناء على ذلك فإن الوظيفية ترتكز يف مقاربتهااللغويةعلى ثالثة عناصر أساسة هي الرتاكيب والداللة
والتداول ويعد هذا املصطلح األخري بيت القصيدوهو اجلانب الداليل خلصائص اجلانب الرتكييب .وهو اجلانب
الداليل خلصائص اجلانب الرتكييب /الصريف .ويف غري الوظيفية اليت ال يربز فيها العنصر التداويل بصفة بينية
واضحة جيلب انتباه اللساين أويشعر بوجوده على مستوى البنيتني السطحية والعميقة .يف حني أننظرية النحو
الوظيفيتنتمي إىل جمال النظريات اللسانية الوظيفية اليت ال تشبه اللسانيات البنيوية املنطلقة من البنية التجريدية
الصورية .حيث أن اللسانيات الوظيفية أخرجت اللغة من دائرة التجريد إىل دائرة االستعمال املبين أساسا على
التواصل أو الوظيفة التواصلية ضمن الواقع االجتماعي وهلذا فإن "وظيفة اللغات الطبيعية هي إتاحة التواصل أو
(نوع من التواصل ) داخل اجملتمعات ،وأن هذه الوظيفة حتدد إىل حد بعيد اخلصائص البنيوية الصرفية ،الرتكيبية،
املعجمية )...العبارات اللغوية.)4( ".
محاور النحو الوظيفي
إن املرتكزات اليت ينبين عليها النحو الوظيفي هي أربعةحماور أساسية تتمثل فيما يلي- :
أ – الوظيفة اللغوية وهي تتطلب افرتاضني خمتلفني مها :
- 1ليست اللغة بنية أونسقا ذا خاصية صورية سواء أكانت صوتية او صرفية او تركيبية أو معجمية فقط ،بل
إهنا تؤدي كذلك وظيفة داخل الواقع االجتماعي البشري املعيش أي أن اللغة هي بنية وأداة يف الوقت نفسه
للتواصل أثناء االستعمال.
– 2إذا كانت اللغة يف اللسانيات البنيوية تؤدي وظائفها الست كما ذكرها "ياكبسون" أو وظائفها الثالثة اليت
ركز عليها "هالداي" ،فإن ال وظيفة املعتمدة يف اللسانيات الوظيفية واليت تعد ركنا أساسا فيها هي إتاحة التواصل
بني مستعمليها وذلك على أساس ان النصوص إذا كانت تؤدي جمموعة من الوظائف ،فإهنا ال ختلو من الوظيفة
التواصلية وبعبارة أخرى فوجود أي وظيفة ضمن جمال النحو الوظيفي فإهنا ال خترج عن دائرة وظيفة التواصل أو
تتحول إىل هذه األخرية بواسطة االحنياز أو اخلرق املؤدي إىل خلق الصورة الشعرية(.)5كما أن وظائف هالداي
الثالثة كالوظيفة التمثيلية والوظيفة العالقية والوظيفة النصية ليست إال املقومات الثالثة لعملية التواصل
ب -ثنائية البنية والوظيفية :
البنية والوظيفة شيئان متعالقان( )6ال ميكننا فصل إحدامها عن األخرى ،وأن البنية تابعة للوظيفة مما
يتطلب ذلك مجلة من النقاط جيب مراعاهتا وهي - :
– 1اخلصائص البنيوية الصرفية ،الرتكيبية ،املعجمية للتعبري اللغوي حتددها اخلصائص الداللية والتداولية باعتبار
اجملموعة األوىل منها (اخلصائص) وسائل التعبري عن اجملموعة الثانية ،ومن ذلك على سبيل املثال :
أ -شاركت فاطمة حممد ا يف إلقاء احملاضرة
ب – حممدا شارك فاطمة يف إلقاء احملاضرة
23
حسين بن عائشة النحو الوظيفي بين التعددية الوظيفية والوحدة إلاسنادية
يتبني لنا من خالل املثالني أن تقدم املفعول به على الفعل يف املثال الثاين حتكمه الوظيفة التداولية بؤرة
املقابلة اليت حيملها حيملها هذا املكون باعتبار أن املثال األول جواب الستفهام إال أن املثال الثاين تعيني للمعلومة
الواردة أو(املعلومةاليت اليت يعتربها املتكلم واردة ) (.)7
()8
– 2إذا تعالقت البنية بالوظيفةفإن ذلك يؤدي ال حمالة إىل الوصف اللغوي الذي ميكن أن يتسم بالكفاية
وبالتايل فالوصف القادر على رصد خصائص العبارة البنيوية ذات اخلصائص الصوتية والصرفية والرتكيبية واملعجمية
،وخصائصها الداللية والتداولية ،ورصد العالئق اليت تربط بني هذه الفئة من اخلصائص وتلك .
– 3حيقق الوصف اللغوي الكفاية ال عليا حينما يكون اجلهاز الواصف معربا وممثال للخصائص الداللية والتداولية
على مستوى البنية العميقة ،وأن يكون ممثال للخصائص البنيوية على مستوى االشتقاق يف البنية املكونية ،وأن
يتعالق املستويان ضمن نسق من القواعد تتخذ من املعلومات املوجودة على املستوى البنية التحتية هبذه الصياغة
يتمكن النموذج من رصد الرتابط وتبعية البنية للوظيفة(.)9ونتيجة هلذه املبالغة يف التجريد عند البنيويني فإهنا
سامهت يف ظهور جمموعة من الباحثني الذين انتقدوا هذا املنهج ودعوا إىل توسيع دائرة اجملال اللساين وعدم حصره
يف جمال ضيق وربطه باجملال التداويل واخلطايب ومن بني هؤالء الذين سعوا إىل ظهور هذا التوجه اجلديد "فريث"
و"سيمون ديك".
الفرق بين الوظيفيين وغير الوظيفيين
نالحظ أن هناك فرق بني الوظيفيني وغري الوظفيني يف االستعمال اللغوي تتمثل فيما يلي-:
– 1جند أن أصحاب النظرية الوظيفية ينطلقومنن أن بنية اللغة الطبيعية ليس من املمكن وصف خصائصها إال إذا
اقرتنت بعملية التواصل .إال أن النظريات غري الوظيفية تنظر إىل أن اللغة نسق جمرد ميكن وصفه ودراسة خصائصه
من دون النظر إىل الوظيفة.ولذا فأصحاب النظرية الوظيفية يعتقدون أهنباإلمكان وصف العبارات اللغوية حبيث ال
يكون صحيحا إال إذا راعى" هذا الوصف الطبقات السياقية احمليطة باستعمال هذه العبارات ،يف حني أن غري
()10
الوظيفيني يستسيغون وصف خصائص العبارات اللغوية مبعزل تام عن سياقات استعماهلا "
– 2فيحني أن الوظيفيني يركزون على ربط الدراسة اللغوية بالسياق حتقيقا ملبدأ التواصل ،بينما غري الوظيفيني
يبعدون عنصر السياق عن الظاهرة اللغوية رافضني دراسة اللغة أثناء االستعمال.
– 3وإذا كان غري الوظيفيني يرون أن القدرة اللغوية ال تتحقق عند املتكلم واملخاطبإال إذا متت معرفة القواعد
اللغوية املتمثلة يف جانبها الرتكييب والداليل والصويت ،أما الوظفيني فيعتربون أن املتكلم للقواعد اليت متكن هلذا
األخري والسامع من الوصول إىل أغراض تواصلية ،أي أن القدرة التواصلية تتضمن عندهم القواعد الرتكيبية
والقواعد الداللية والقواعد الصوتية والتداولية .
– 4كما ينظر غري الوظفيني إىل الكليات اللغوية على أهنا مبادئ عامة ترتبط مبيزات صورية ،تركيبية داللية
صوتية للغة اليت ينشأ عليها الطفل أما بالنسبة للوظيفيني فإن هذه املبادئ عندهم فهي مهزة وصل بني املميزات
24
الصفحة74-01: المجلد 11 :عدد( 1 :ماي )0201 التعليمية
الصورية للغة الطبيعية ووظيفة التواصل.وهلذا فهم يريدون "بناء حنو كلي ينطلق من مبدإ الوظيفة القاضي برتابط
بنية اللغة ووظيفة التواصل ،وتبعية البنية للوظيفة "(.)11
ومعىن ذلك أن اللغة إن أدت وظيفة التواصل سيصبح املتكلم ممتلكا للقدرة التواصلية اليت تتفرع إىل إىل مخس
ملكات وهي -:
أ -امللكة اللغوية هي قدرة املتكلم على إنتاج وتأويل كالم لغوي صحيح ذي بنيات خمتلفة وصعبا جدا يف مواقف
تواصلية متعددة ،حبيث تصبح امللكة التداولية ليست مستقلة عن القالب النحوي كما جنده يف النحو التوليدي
()12
التحويلي الذي يفصل بني القدرتني القدرة النحوية والقدرة التداولية
ب – امللكة املنطقية :يكون فيها املتكلم املستعمل للغة الطبيعية مدعما مبعارف معينة تؤدي به إىل أن يشتق
معلومات أخرى عن طريق مبادئ استداللية حتكمها مبادئ املنطق االستنباطي واملنطق االحتمايل فمن خالهلا"
يستطيع مستعمل اللغة الطبيعية ( )...أن يشتق معارف أخرى بواسطة قواعد استدالل حتكمها مبادئ املنطق
()13
االستنباطي واملنطق االحتمايل
ج -امللكة املعرفية تدرك عالماهتا عندما يصبح املتكلم حيمل رصيدا معرفيا ممنهجا من املصطلحات والبىن الرتكيبية
اليت ال حصرهلا يكون قد خزهنا طيلة فرتة تعلمه يتمكن بفضلها من استعماهلا وقت احلاجة والضرورة امللحة
ملمارسة العملية التاويلية.مبعىن آخر يتمكن املتكلم من "أن خيتزن هذه املعارف يف الشكل املطلوب وأن
()14
يستحضرها الستعماهلا يف تأويل العبارات اللغوية"
د – امللكة اإلدراكية من خالل هذه امللكة يدرك املستعمل للغة إدراك حميطه ليساعده يف استعمال وتوظيف
الكثري من العبارات اللغوية ضمن جماالت خمتلفة اجتماعية وثقافية واقتصادية وغريها .وهلا مهمتان أساسيتان" فهي
من جهة متكن مستعمل اللغة الطبيعية من استخدام مدركاته احلسية يف موقف تواصلي معني إلنتاج أو تأويل
العبارات اللغوية ( )...وهي من جهة ثانية تتيح له اشتقاق معارف معينة من مدركاته احلسية يضيفها إىل معارفه
العامة اليت يستخدمها أيضا يف عملييت اإلنتاج والفهم .)15( "..وهذا ما جيعلنا نلمس وجود العالقة والتفاعل بني
امللكتني اإلدراكية واملعرفيةفهذه األخرية فهي تشكل عامال مساعدا لتمكن امللكة اإلدراكية من مباشرة عملها أي
من التعرف على ما يدرك ،يف حني أن هذه امللكة(اإلدراكية) تعترب هي الوسيلة الوحيدة يف احلصول على املعارف
وختزينها .
مراحل ظهور نظرية النحو الوظيفي
لقد مرت والدة نظرية النحو الوظيفي مبراحل ثالثة هي كالتايل :
– 1مرحلة التأسيس :تاسست هذه النظرية على يد الباحث اهلولندي "سيمون ديك" الذي يعد املؤسس األول
يف وضع مبادئها نظرا لتأثره مبدرسة "براغ" اليت ظهرت يف سنة1221م واليت أسسها كل من
"تروبتسكوي"و"ياكبسون"و"بوهلر" و"كارسفسكي" وكان العامل األساسي يف ظهورها هو كتاب " حماضرات يف
اللسانيات العامة " للباحث اللساين "دي سوسري" .حيث شرع بعقد ندوات منتظمة واهتم بنشر حبوث يف
25
حسين بن عائشة النحو الوظيفي بين التعددية الوظيفية والوحدة إلاسنادية
اللسانيات الوظيفية اليت تعد فرعا من فروع اللسانيات البنيوية اليت ترى هذه األخرية بأن البنية النحوية والداللية
والفونولوجية للغات حتدد بالوظائف املختلفة(.)16
– 2مرحلة التقليد وبعد ظهور هذه النظرية الوظيفية فإهنا قد لقيت صداها عند الكثري من الباحثني العرب الذين
جلأوا إىل اتباع وتقليد لكل ما جاءت به هذه النظرية وعلى رأس هؤالء الباحثني يف العامل العريب " أمحد املتوكل ".
– 3مرحلة اإلنتاج واإلبداع
وهو جلوء الكثري من الباحثني إىل عملية اإلنتاج يف جمال "النحو الوظيفي" ومنهم " أمحد املتوكل"الذي
أنتج الكثري من املؤلفات منها " املنهج الوظيفي" " ،الوظائف التداوليةيف اللغة العربية " " ،اخلطاب وخصائص
اللغة العربية" " ،قضايا اللغة العربية يف اللسانيات الوظيفية" إىل غري ذلك من املراجع املهمة اليت أصبحت منتشرة
عرب اجلامعات العربية بصفة عامة واجلزائر بصفة خاصة واليت أثرت هي االخرى يف الكثري من الطلبة يف اجلامعات
اجلزائرية مما سامهوا يف إجناز أطروحاهتم يف هذا اجملال.
اللغة الوظيفة في التراث اللساني العربي
عرفت اللغة الوظيفية يف الرتاث اللساين العريب حيث استعملت يف أكثر من مرة يف أساليبهم املختلفة ،مما يدل
ذلك داللة واضحة ع لى أهنم كانوا يربطون اللغة باحلياة وبواقع جمتمعاهتم ونلمس ذلك من خالل ربطهم للكالم
باحلاجة ،كما يعرب عنها اجلاحظ يف قوله ":لوال حاجة الناس للمعاين وإىل التعاون والرتافد ملا احتاجوا إىل األمساء
"( .)17فوظيفة الكالم عند اجلاحظ وهدفه من هذا القول هو التواصل بني الناس لتحقيق التبادل بينهم والذي
يكون بالتعبري واحملاورة للوصول إىل احلاجة اليت يريدوهنا .ومما يؤكد ذلك أيضا "ابن جين" ،حيث يعرف اللغة
ليعطيها مفهوما وظيفيا فيقول ":أما حدها فإهنا أصوات يعرب هبا كل قوم عن أغراضهم هذا حدها"( .)18فمن
خالل هذه املقولة أيضا جند أن مصطلح " الغرض" عند ابن جين هو مبعىن الوظيفة وأن هذه األخرية لن تتحقق إال
بالتعبري الذي يدرك من قوله عن طريق القصد ومصطلح " الغرض" يعرف بواسطة الكالم الذي يكون هو اآلخر
باحلوار الذي حيقق التواصل بني املتكلم واملستمع ،وعملية التواصل عند العرب كانت تتم بواسطة املنطوق الذي
يقتضي السماع إىل ما هو مزين ومزخرف من األلفاظ والعبارات إيصاال للمعىن وإدراكا ملا هتدف إليه من وظائف
متعددة ،حيث يؤكد ذلك" ابن جين"يف قوله " :فكانت العرب عندما حتلي ألفاظها وتذجبها وتشيها وتزخرفها
عناية باملعاين اليت وراءها ..توصال هبا إىل إدراك مطالبها "(.)19نستنتج من وراء ذلك أن "ابن جين" يريد توضيح
الغرض من تزيني الكالم يف اآليت-:
– 1نظرا لقوة تأثري املتكلم يف نفسية املستمع وإقناعه.
– 2اهلدف من تزيني الكالم هو إيضاح املعىن لتحقيق املستمع مطالب معينة يف اجملتمع
– 3تزيني األلفاظ هدفه أيضا العناية باملعاين وهندستها لتلقى قبوال من املستمع ولتحقق وظيفة التواصل يف
اجملتمع.
26
الصفحة74-01: المجلد 11 :عدد( 1 :ماي )0201 التعليمية
– 4إن حتقيق الوظيفة التواصلية ال تكون إال عرب اللغة أو الكالم املؤثر.
الوظائف التداولية الداخلية والخارجية
تطرقنا يف حصتنا املاضية إىل مصطلح البنية والوظيفة حيث ركزنا على املصطلح الثاين " الوظيفة" اليت
ذكرنا فيها أن الوظيفة استعملت عند اللسانيني أصحاب النزعة البنيوية على الوظيفة التجريدية أي وصف اللغة
لذاهتا ومن أجل ذاهتا( )20مبعزل عن سياقها وحميطها اخلارجي لكن الوظيفة عند من جاءوا على أنقاض
اللسانيات البنيوية ،ف إهنا قد اختذت منحى آخر خاصة عند من أسسوا نظرية النحو الوظيفي وعلى رأس هؤالء
الباحث " سيمون ديك " الذي يرى أن الوظائف ترتكب من نوعني مها وظائف داخلية ووظائف خارجية فاألوىل
تضم يف طياهتا مصطلحات عديدة منها " البؤرة" " ،احملور" والثانية ترتكز عى مصطلحات أخرى مثل املبتدأ ،
املنادى ،الذيل .سنتناول يف حماضرتنا هذه الوظائف الداخلية
مصطلح "البؤرة"
وهي اليت تسند إىل املكون احلاصل للمعلومة األكثر أمهية أو األكثر بروزا يف اجلملة "( .)21وهذه املعلومة
هي ما يريد املتكلم الرتكيز عليها يف خطابه ويوجه املخاطب إليها ألهنا تشكل اهلدف التواصلي من عملية التبليغ
ومصطلح البؤرة يأيت على نوعني مها - :
– 1بؤرة الجديد وهي تسند إىل املكون الذي حيمل املعلومة اليت ال يكون فيها غارفا للخرب وهي " :املعلومة اليت
ال تدخل يف القاسم اإلخباري املشرتك بني املتكلم واملخاطب "( . )22وهذا النوع من البؤرة يكون ضمن معلومات
سياقية ذات مقامني خمتلفني نكرمها يف اآليت - :
أ – املقام األول يكون فيها املخاطب جاهل للمعلومة اليت يقصد املتكلم إخباره هبا أو يدرك املتكلم متام اإلدراك
أن املخاطب جيهلها .
ب –املقام الثاين يكون املتكلم جاهال للمعلومة وغري عارف هبا ويف هذه احلالة يطلب من املخاطب أن يعرفه هبا
()23
خاصة يف حالة االستفهام
بؤرة المقابلة :وهي " االلبؤرة اليت تسند إىل املكون احلامل للمعلومة اليت يشك املختطب يف ورودها اواملعلومة
اليت ( اليصدقها) منكرا ورودها "( .)24لكن ما نالحظه هو أن بؤرة اجلديد ختتلف عن بؤرة املقابلة يف تراكيب
خمتلفة بينهما ،فهذه األخرية ( بؤرة املقابلة) تتميز عن األوىل (بؤرة اجلديد ) يف تركيب اللغة العربية يف اشكال
تعبريية ذات أمناط متنوعة حيصرها اللسانيون يف ثالثة أنواع هي - :
– 1وقوع املكون املبأر يف صدارة الكالم ومن ذلك على سبيل املثال ال احلصر :
– 1الليلة وصل أيب إىل املطار – 2عن تاريخ الثورة التحريرية حدثنا األستاذ
– 3أصباحا ألقاك يف معرض الكتاب ؟
نالحظ يف األمثلة الثالثة أن كال من الكلمات الثالثة (الليلة ،عن تاريخ ،أصباحا) وقعت صمن نوع
بؤرة املقابلة والسبب يف ذلك أهنا احتلت الصدارة يف الكالم
27
حسين بن عائشة النحو الوظيفي بين التعددية الوظيفية والوحدة إلاسنادية
()25
مثل - : –2البنيات الرتكيبية املوصولية املزحلق فيها املكون املبأر
– 4الذي فهمته مساء كتاب قصة ابن طفيل (ال احملاضرة)
– 5الذي سلمته املفتاح علي ( ال حممد )
نالحظ أن نوع البؤرة يف هذين املثالني هو بؤرة مقابلة الواردة يف الكلمتني ( كتاب ،علي ) بدليل ان
عبارة (ال حممد) الدالة على التأكيد وكذلك ضمري اإلحالة الذي يعود على اسم املوصول
– 3البنيات الرتكيبية احلصرية( )26اليت تصدر بـ(ما) واملتبوعة باألداة (إال)إىل جانب ذلك أداة احلصر (إمنا)
مثل - :
– 4ما منحت اهلدية إال عمرا – 6ما قرأت اليوم يف الصباح إال محاضرة
– 9إمنا أعطيت احملاضرة فاطمة – 8إمنا رأيت البارحة زيدا
املتأمل يف هذه األمثلة يالحظ الكلمات ( حماضرة ،عمرا ،زيدا ،فاطمة ) كلها وقعت أيضا بؤرة
مقابلة بسبب اإلثبات الدال على التأكيد واحلصر
والسؤال املطروح ه ل تكفي هذه األدوات لوحدها على وجود البؤرة ؟ نقول ليس ذلك كافيا حيث وضع
اللسانيون معايري أخرى إضافية لتحديد البؤرة فسموا هذه املعايري بالروائز وسنبني ذلك يف العنصر املوايل
أ -رائز السؤال والجواب :
نستطيع حتديد اجلملة بواسطة السؤال واجلواب ،وهذا األخري يتحدد بالسؤال فهو يعد املفتاح الذي
نعرف بواسطته الفصدية من الرتكيب وحتديد البؤرة مثل -:
- 1ماذا كتبت اليوم ؟
– 2كتبت اليوم محاضرة
إن البىن الرتكيبية وردت موصولة تتخللها ظاهرة التزحلق* ،حبيث نالحظ أن الكلمتني ( كتاب،علي)
وردت بؤرة مقابلة ضمن أسلوب التأكيد الذي دل عليه اسم املوصول واإلحالة الضمريية .إال أننا يف هذين املثالني
نالحظ أن رائز السؤال استطاع أن ميكننا يف حتديد البؤرة املتمثلة يف كلمة "حماضرة" فهي بؤرة جديد يف حني أن
الوحدة الثانية كما هو مبني أدناه ضمن اجلدول نالحظ فيالوحدة (ج) أن الكلمتني (حماضرة ،عمرا(بسكون
امليم)) هي بؤرة مقابلة بسبب ظاهرة اإلثبات اليت متثلت يف األداتني (ما)و(إال)وعندما ننتقل إىل الوحدة (د) جند
الكلمتني ( زيدا ،فاطمة ) وردت أيض بؤرة مقابلة وذلك بسبب داللة احلصر الذي يفيد التأكيد أيضا .وهذا
إن دل على شيء إمنا يدل على أن الوظيفة التداولية املتضمن "بؤرة املقابلة " ال تظهر غال ففي حالة شك
املخاطب يف املعلومة املراد من املتكلم توصيلها .بينما"بؤرة اجلديد" ال تظهر إال إذا كان كل من املرسل واملرسل
إليه جيهل أحدمها اخلطاب احلامل للمعلومة الصحيحة.
28
الصفحة74-01: المجلد 11 :عدد( 1 :ماي )0201 التعليمية
30
الصفحة74-01: المجلد 11 :عدد( 1 :ماي )0201 التعليمية
31
حسين بن عائشة النحو الوظيفي بين التعددية الوظيفية والوحدة إلاسنادية
حتقيق العالقة بني املتحاورين من خالل دور املتكلم الذي جيب أن يكون عارفا بالعامل اخلارجي( )33مثل (:مدينة
مستغامن تشتهر جبمال قمة جبل الديس املواجهة للبحر) املتأمل هلذه البنية الرتكيبية جيد أن احلمل فيها ( تشتهر
جبمال قمة جبل الديس) " واردا"* أي متطابقا مع الواقع
لكن لوقلنا :مدينة وهران تشتهر جبمال قمة جبل الديس ،فهي بنية تركيبية الحنة محلها غري وارد ألن
جبل الديس يوجد يف مستغامن وليس يف وهران.
خارجية المبتدأ
يعترب املبتدأ وظيفة تداولية خارجية لألسباب التالية :
– 1عدم خضوع املبتدأ لقيود االنتقاء اليت ينطبق على الفعل أو ما يشبهه من موضوعات( )34ومن ذلك على
سبيل املثال ال احلصر :القصة شرب كاتبها حليبا .
نالحظ أن الفعل( شرب ) ينتقي موضوعيه ( الفاعل واملفعول) مبقتضى قيضي (حي)و(سائل)لكنه ال ينتقي
املبتدأ
– 2ال يدخل املبتدأ يف حيز املؤشر للقوة اإلجنازية(* *)35ووتصبح خارجية املبتدأ بالنظر إىل اجلملة الواردة بعده
أنه ال يصبح مقيدا بقوهتا كما يدل على ذلك املثال التايل - :
– 2االمتحان أخربك أنه سيعلن عن نتائجه اليوم . – 1أخوك أعدك أنه سيزورك غدا
ب –مصطلح الذيل وظيفة تداولية خارجية مثل املبتدأ واملنادى ويعرفه " سيمون ديك " حيمل الذيل املعلومة اليت
توضح معلومة داخل احلمل أو تعدهلا " (.)36
ومن خالل هذا التعريف يتبني لنا أن ملصطلح "الذيل " داللتني مها - :
ب – داللة التعديل أ – داللة التوضيح
إال أن " أمحد التوكل " يضيف إىل تعريف "سيمون ديك " عبارة أخرى وهي داللة التصحيح اليت بعد
مصطلح " اإلضراب " وبإضافة هذه الداللة يصبح التعريف كما يلي " :حيمل الذيل املعلومة اليت توضح معلومة
داخل احلمل أو تعدهلا أو تصححها "()37مما ينتج عن هذا التعريف املعدل ثالثة أنواع من الذيول وهي(" :)38
ذيل التوضيح " " ،وذيل التعديل " و" وذيل التصحيح " وسنضرب لكل نوع مثاال يوضحه على الشكل التايل
-:
– 1كتابه مفتوح علي
– 2ساءين الطالب سلوكه
– 3قرأت جملة بل صحيفة
نالحظ يف هذه األمثلة أن الذيل وقع بعد احلمل وأن هذا األخري قد اتصل بضمري الغائب يف املثالني
( الطلبة ) األول والثاين ،ويف املثال الثالث بضمري واو اجلماعة ،واننا لو حذفنا كلمة ( علي ) ( ،عبدهلل ) ،
32
الصفحة74-01: المجلد 11 :عدد( 1 :ماي )0201 التعليمية
تصبح الضمائر املتصلة هبذه األمساء غامضة .وبالتايل عندما جاء الذيل بعدها فإنه عمل على توضيحها .وبالتايل
فما نوع الذيل يف املثال األول ؟ هو ذيل التوضيح ألنه وضح لنا إهبام الضمري
وهل يف املثال الثاين والثالث حيمل النوع نفسه أم أهنما خيتلفان :نقول إهنما خيتلفان ،حبيث ورد النوع الثاين
"ذيل التعديل" والثالث " ذيل التصحيح " ونالحظ ان ذيل التوضيح أصله يف النحو العريب "
مبتدأ مؤخر" والثاين " بدل اشتمال " والثالث " معطوف على اجمللة
وبناء على ذلك نستنتج أن مصطلح الذيل له عالقة بالرتاث النحوي العريب حيث استطاع بذلك "أمحد
املتوكل" أن يستثمر ما جاء فيه من مصطلحات حماولة منه إلثراء اللسانيات العربية من جهة ،وإلبرازاجلهود
اللغوية يف الرتاث العريب عند الباحثني القدامى.
وهل يف املثال الثاين والثالث حيمل النوع نفسه أم أهنما خيتلفان؟ :نقول إهنما خيتلفان ،حبيث ورد النوع
الثاين "ذيل التعديل" والثالث " ذيل التصحيح " ونالحظ ان ذيل التوضيح أصله يف النحو العريب "
مبتدأ مؤخر" والثاين " بدل اشتمال " والثالث " معطوف على اجمللة.
وبناء على ذلك نستنتج أن مصطلح الذيل له عالقة بالرتاث النحوي العريب حيث استطاع بذلك "أمحد
املتوكل" أن يستثمر ما جاء فيه من مصطلحات حماولة منه إلثراء اللسانيات العربية من جهة ،وإلبراز مدى عالقة
اللسانيات الوظيفية مبا أجنزه الباحثون يف اجملال النحوي العريب قدميا.ومن أمثلة ذلك أيضا – 1ساءين خالد
سلوكه
- 2أعجبت بالبشري اإلبراهيمي شجاعته
نالحظ أن الذيل مثلته الكلمات اآلتية (سلوكه)( ،شجاعته) فاملثال األول لو حذفنا كلمة ( سلوكه )
وأبقينا على احلمل(ساءين خالد ) فهل يصبح املعىن واضحا ؟ ال بل ينتابه الكثري من الغموض .ملاذا؟ ألننا ال
نعرف ما الشيء الذي ساءين يف خالد ؟ وألن هذا األخري يشتمل على جمموعة من الصفات ،ال نعرف أي
صفة يريدها املتكلم ،فهل هي صحته ؟ ،كالمه ؟ ،جلوسه؟ ،كتابته ؟...اخل .فماذا اخرتنا من هذه الصفات؟
()39
اخرتنا من بينها كلمة (سلوكه)وعدلنا عن باقي الصفات.وهلذا يسمى هذاالنوع بذيل التعديل
وعندما ننتقل إىل املثال الثاين فما هي الكلمة اليت وردت ذيال ؟إجابة على السؤال جند أن الكلمة
الواردة ذيال هي كلمة (شجاعته)فضمن أي نوع يدخل هذا الذيل ؟ فنوعه هو ( ذيل التعديل)أيضا وبالتايل فهو
يشبه النوع الوارد يف املثال األول .وما نالحظه يف ذيل التعديل أنه يتصل بضمري يعود على االسم الذي قبله.
واآلن الحظو معي البىن الرتكيبية التالية :
– 1زرت اليوم احملطة الربية بل املطار
– 2عبدت اجلزائر الكثري من الطرق بل بنت املدارس واملستشفيات.
عند تأملنا هلاتني اجلملتني نالحظ أهنما تدالن على اإلثبات تصحيحا للخطأ الوارد قبل اإلثبات وهذا إن
دل على شيء فإمنا يدل على أن السبب يف ذلك وهو األداة "بل" اليت أفادت " اإلضراب " واملقصود هبذا
33
حسين بن عائشة النحو الوظيفي بين التعددية الوظيفية والوحدة إلاسنادية
املصطلح " إبطال احلكم السابق ونفي مضمونه والقطع بأنه غري واقع ،واحلكم على مدعيه بالكذب واالنصراف
عن ذلك احلكم إىل حكم آخر جييء بعدها "(. )40وبناء على ذلك فالكالم قبل "بل" كاذب ال أساس له من
الصحة مما يتطلب من املتكلم تصحيحه بكالم آخر لكسب ثقة املخاطب وهذا ما يسمى باإلضراب
اإلبطايل( .)41يف أن يف املثال الثاين أفادت اإلضراب االنتقايل()42هو ما ورد قبلها لالنتقال إىل إضافة كالم آخر
دون إلغائه .واإلضراب االنتقايل مما ورد قبل األداة (بل) إىل إضافة كالم آخر بعدها دون إلغاء ما ورد قبلها .فإن
هذا النوع يعترب ذيل تصحيح.
ج – المنادى
يعد مصطلح املنادى من الوظائف التداولية اخلارجية أيضا مع كل من املبتدأ والذيل ،وهلذا يعرفه(املنادى)
أمحد املتوكل بقوله " :املنادى وظيفة تسند غلى املكون الدال على الكائن املنادىفي مقام معني "(.)43
نستنتج من هذه املقولة مجلة من النقاط نربزها فيما يلي -:
– 1وجوب التمييز بني "النداء" كفعل لغوي شأنه شأن األفعال اللغوية( )44األخرى كاإلخبار ،االستفهام ،
واألمر والوعيد واملنادى وكوظيفة أي عالقة تسند إىل أحد مكونات اجلملة .وبالتايل فهما عنصرامنتالزمان إال
اهنما مقولتان خمتلفتان مثل ( :يا زيد أخوك مقبل) .املالحظ هلذا املثال جيد أن فعل النداء اللغوي شكل اجتاه
اخلطاب بينما جند املنادى وظيفة أسندت إىل املكون (زيد) .
– 2ال ميكن أن يكون املنادى وظيفة داللية ،كاملنفذ واملتقبل واألداة وال وظيفة تركيبية اليت حتدد الواقعة سواء
أكانت حدثا أم عمال أم وضعا أم حالة واليت يدل عليها حممول اجلملة ،كما أن املنادى ال يقوم أيضا بتحديد
()45
الوجهة لتقدمي الواقعة
– 3يقوم أسلوب النداء يف اللسانيات الوظيفية يف نظر " أمحد املتوكل " على ثالث مصطلحات تراثية ( نداء
املنادى) و( نداء املندوب ) و( نداء املستغاث ) فلكل مصطلح خصوصياته إال هذه املصطلحات الثالثة على
الرغم من تعدديتها فهي تؤدي وظيفة واحدة هي وظيفة املنادى ومن األمثلة على على ذلك :أ – املنادى
()46
.مثل " :وامعتصماه" و" واكبداه " أو حبذف (هاء املندوب :هو" نداء املتفجع عليه أو املتوجع منه"
السكت) يف آخر املنادى املندوب مثل " :وامعتصما " " ،واكبدا".
ب – منادى االستغاثة :وهو" نداء من يعني من دفع بالء أو شدة "( )47مثل " :يالألقوياء للضعفاء" "يا
()48
لألغنياء للفقراء " فاملطلوب منه يسمى "مستغاثا" واملطلوب له اإلعانة يسمى " مستغاثا له "
مواقع المنادى
– 1يعترب املنادى مكونا خارجيا أي أنه يقع خارج البنية احلملية مثل املبتدأ والذيل أو عن األداة! – ميكن
للمنادى أن يكون مبفرده بنية تركيبية مستقلة عن احلمل مثل " :يا خالد
!" -2ومستقال عن احلمل مثل ... " :زيد
34
الصفحة74-01: المجلد 11 :عدد( 1 :ماي )0201 التعليمية
– 3يف حالة وروده مع احلمل جيوز أن حيتل صدارة اجلملة وميكن وقوعه يف آخرها مبعىن آخر ميكنه أن يقع قبل
احلمل أوبعده()49وذلك مثل :
– 1ياعلي إن الربد قارس
– 2إن الربد قارس ياعلي
35
حسين بن عائشة النحو الوظيفي بين التعددية الوظيفية والوحدة إلاسنادية
– 5إذا كان " املنادى " متصدر للبنية الرتكيبية فإنه يكون أكثر ورودا وإذا كان واقعا يف آخر البنيةالرتكيبية يكون
أقل ورودا .والسبب يف ذلك يرجع إىل " الدور الذي يلعبه املنادى يف عملية إنتاج اخلطاب فاملكون املنادى
باعتباره مقصودا به تنبيه املخاطب بالدرجة األوىل يرد قبل اخلطاب نفسه مبا فيه املكون الدال على جمال اخلطاب
" املبتدأ "
.3اإلسناد الوظيفي
ال خيلو أي تركيب يف اللغة العربية إذا كان تاما من عملية اإلسناد وهو مصطلح تطرق إليه النحاة قدميا
معتربين إياه ركنا من أركان أي مجلة من من اجلمل املفيدة سواء أكانت إمسية أو فعلية وعلى هذا األساسولذا
فاإلسنادهو ذو معىن شامل يرتبط جبميع أقسام الكالم وهو ذو مصطلح عام له عالقة جبميع اللغات الطبيعية
نظرا ملا تتطلبه من ترتيب املعاين منطقيا حيث أنه" فقد جرت العادة يف صناعة املنطق أن يسمى املعىن املوصوف
واملسند إليه واملخرب عنه موضوعا ،واملعىن املسند واملعىن الذي هو الصفة واخلرب حمموال "( )51و يعرفه الشريف
اجلرجاين قائال " :اإلسناد نسبة أحد اجلزأين إىل اآلخر أعم من أن يفيد املخاطب فائدة حيسن السكوت عليها
أوال "( )52واملقصود من اجلزأين مها املسند واملسند إليه شيئان متالزمان ال ميكن استغناء أحدمها عن اآلخر إلفادة
املخاطب بكالم تام الفائدة وبتمام الفائدة يتحقق الفهم والغرض من اخلطاب ،وما يؤكد على ذلك جند أن "ابن
يعيش" يفصل ذلك يف قوله ":اإلسناد ليس مطلق الرتتيب بل تركيب الكلمة مع الكلمة إذا كان إلحدامها تعلق
باألخرى على السبيل الذي به حيسن موقع اخلرب ومتام الفائدة "( .)53إذ نالحظ أن التاكيد على متام الفائدة
غرضه التفاهم وحتقيق التواصل بني املتكلم واملخاطب ويتم ذلك إذاكان الكالم متسقا مع بعضه البعض وتام
املعىن يقصد منه إيصال املتكلم اخلرب إىل املخاطب .وإذاكان اإلسناد النحوي يعتمد علىالبنية الرتكيبية املفيدة فإن
النحاة قد بينو أن املسند واملسند إليه يف اجلملة يتمثل يف الفعل مسندا والفاعل مسند إليه إذاكانت اجلملة فعلية و
من (اخلرب) مسندا واملبتدأ مسند إليه إذا كانت اجلملة امسية ،كما أن عملية اإلسناد قائمة على االختزال أي
اختزال بنية اجلملة أو الظاهرة الكالمية ويكون مبنيا على التقدير"فهو خيتزل خمتلف أنواع اإلجناز اليت تتحقق يف
اجلملة ،بل خيتزل خمتلف أنواعاإلجنازالكالمي أيا كان ،وذلك باعتبار أن اجلمهور يذهب إىل وجوب تقدير اإلسناد
()54
حيث ال يظهر يف مستوى اإلجناز..واإلجناز عندهم إمنا يتأتى من امسني أو من اسم وفعل "
واإلسناد يعترب مصطلحا من املصطلحات اللغوية يف النظرية النحوية اليت أسسها "سيبويه" يف كتابه ،ومن
أتى بعده من الذين استقطبهم هذا املصطلح الذي يعد شرطا من شروط الظاهرة الكالمية ،حيث ان االسم مع
االسم أو االسم مع الفعل" يكون كالما لكون أحدمها مسندا واآلخر مسند إليه"( . )55فالعملية اإلسنادية من
خالهلا يولد املعىن وتتحقق الفائدة اليت تقتضي حسن السكوت عليها ،فيدرك املتكلم عن طريقها القصد من
تلك الفائدة ،وهلذا " فاللفظة الواحدة من االسم والفعل ال تفيد شيئا وإذا قرنتها مبا يصلح حدث معىن واستغىن
الكالم "(. )56
36
الصفحة74-01: المجلد 11 :عدد( 1 :ماي )0201 التعليمية
وانطالقا من هذه املقولة ندرك أن العملية اإلسنادية ال تتحقق هي االخرى إال بفضل األقرتان أي إضافة
لفظة إىل أخرى تكون بينهما نسبة إسنادية تظهر على مستوى اإلجناز عالقة داللية بني املسند واملسند إليه يف
اجلملتني اإلمسية والفعلية إذ أن " أصول الكالم مجلتان :فعل وفاعل ،ومبتدأ وخرب "( .)57وهذه العالقة الداللية
()58
يف الظاهرة اإلسنادية يعرفها السيوطي بأهنا " تعليق خرب مبخرب عنه أوطلب مبطلوب منه "
إال أن الدراسات اللسانية الوظيفية مل تقف عند هذا احلد بل جعلت ظاهرة اإلسناد تتعلق بالوظيفة سواء
أكانت هذه الوظيفة داللية أم تداولية وتتحول البنية الرتكيبية إىل بنية محلية ألن اإلسناد فيها يشمل مستويات
خمتلفة و متعالقة .ومن بني األمثلة على ذلك جند أن مجلة ( ركبت الطائرة ) فهي تركيبيا تتكون من الفعل املسند
(ركب) واملسند إليه (الفاعل) وما بعدمها يعتربالعنصر فضلة ،والذي يتمثل يف املفعول به (الطائرة) .إال أن املستوى
الداليل يتعلق باملنفذاملتمثل يف (تاء الفاعل) واملتقبل املفعول به (الطائرة)وكلمة مساء (مستقبل).
اجلدول رقم :50اإلسناد الوظيفي
37
حسين بن عائشة النحو الوظيفي بين التعددية الوظيفية والوحدة إلاسنادية
أحادية اإلسناد
واملالحظ يف ظاهرة اإلسناد جيد أهنا تتحقق يف جمال اللسانيات الوظيفية بفعل وجود نوعني من القيود
فاألول منها ضبط عملية إسناد الوظائف والثاين تضبط فيه موقعة املكون املبأر ،حيث ميكن أن حتمل موضوعات
البنية احلملية وظائف داللية ووظائف تركيبية و تداولية انطالقا من القيدين التاليني(-: )1
– 1جيب أن ال حيمل املوضوع أكثرمن وظيفة واحدة من كل نوع من الوظائف الثالث يف احلمل نفسه
– 2ال وظيفة تسند إىل أكثر من موضوع واحد داخل احلمل نفسه إذا كان القيد األول مينع املوضوع من محل
أكثر من عنصر ،فإنه ميكن ان يسند للموضوع الواحد أكثر من وظيفة تدالولية حيث أنه من املمكن ان تسند
الوظيفة نفسها إىل أكثر من مكون واحد( )2كما جند ذلك مبينا يف البنيتني الرتكيبيتني اآلتيتني – 1 :من منح
األستاذ ؟ ماذا؟ – 2منح األستاذ الطالب اجلائزة
اجلدول رقم :50اإلسناد الوظيفي (تابع)
38
الصفحة74-01: المجلد 11 :عدد( 1 :ماي )0201 التعليمية
مكون داخل اجلملة بغض الطرف عن وظيفتيه الداللية و الرتكيبية .أما بالنسبة لبؤرة املقابلة فإن مثة قيدان اثنان
يضطان إسناد هذه الوظيفة يف البنيات املوصولية .ويشرتط حسب هذين القيدين أن يكون املكون املبأر يف هذا
النمط من البنيات قابال ألخذ احلالة اإلعرابية الرفع وأن يكون قابال لإلضمار "(.)59ومن ذلك على سبيل املثال ال
احلصر األمثلة اآلتية - :
- 4أنذر حكم املقابلة الالعب مساءأمام الالعبني غاضبا تنبيها له
– 0الذي قابلته زيد – 1الذي أعطيته زيدا الكتاب
جد أن بؤرة اجلديد أسندت إىل كل من املفعول به (الالعب) والزمان (مساء)واملكان (أمام ) واحلال
(غاضبا) واملفعول ألجله (تنبيها) وهذا ما جيعلنا نالحظ أن معظم مكونات البنية احلملية كانت بؤرا جديدة .يف
حني أن بؤرة املقابلة لكي يتم إسنادها إىل أكثر من مكون جيب أن تكون يف البنية املوصولية وأن تكون مسندة
إىل مكون مبأر يكون يف حالة الرفع وقابال لإلضمار وتوضيحا لذلك نرسم اجلدول اآليت- :
اجلدول رقم :50اإلسناد الوظيفي (تابع)
39
حسين بن عائشة النحو الوظيفي بين التعددية الوظيفية والوحدة إلاسنادية
السؤال السادس املتمحور حول كلمة (املدرج الثالث) حيث أنه أسند إىل (املستقبل)وهو (املكان) الذي يوجد
األستاذ يف حني أننا جنده (احملور) أسند يف املثال الثامن إىل امسي االستفهام (من)و(ماذا) إال أن اجلواب متحور
هو اآلخر يف املتحدث عنهما (عمر) باعتباره(املتقبل األول)و(اهلدية) (املتقبل الثاين) .
الوظائف بين المواكبة واإلسناد
تعترب قضيةإسناد الوظائف من املسائل املعقدة يف النحو الوظيفي إذ أهنا تنتاهبا العديد من اإلشكاالت،
األوىل منها متعلقة مبصطلح اإلسناد والثانية تتعلق ببالسؤال املطروح ما الوظيفة األسبق لتحتل املرتبة األوىل يف
العملية اإلسنادية؟ أو بعبارة أخرى ما هي الوظيفة األصل؟ والوظيفة الفرع ؟ لنتعرف عن ما هو املسند و املسند
إليه من الوظائف وإذا كان اإلسناد مبعىن الضم( )1( )61فما هي الوظائف اليت تكون هلا األولوية يف أن تكون
ضامة للوظائف؟ وتكون هذه األخرية مضمومة إىل األخرى ،وإذا كان اإلسناد مبعىن النسبة( )62فأي الوظائف
أحق بأن تكون منسوبا واألخرى تكون منسوبا إليه ؟
استعمل مصطلح اإلسناد يف الدرس النحوي للداللة على العالقة بني املسند واملسند إليه ،سواء يف
اجلملة بني الفعل املسند والفاعل املسند إليه يف اجلملة الفعلية وبني اخلرب (املسند) واملبتدأ (املسند إليه) ،يف اجلملة
اإلمسية ،إال أن القصد من اإلسناد يف املنظور اللساين الوظيفي هو" اإلجراء أو القاعدةالذي يلحق مسة ما( وظيفة
أو حالة إعرابية أو غري ذلك) مبكون ما وفقا لشروط معينة "(. )63واملقصود بالوظائف املواكبة هي الوظائف
الداللية اليت تكون ضمن املدخل املعجمي للنحو الوظيفي الذي يشكل إطارا عمليا يوضح صورة احملمول اجملردة
وموضوعاته و"القيود االنتقالية " اليت يلزم هبا موضوعاته ومن بني ما حتمله هذه األخرية الوظائف الداللية(.)64
وبناء على ذلك نسوق املثال التايل كتوضيح عن اإلطار احلملي للمحمول الفعلي (تسلق) :تسلق (ف)
عمر(منفذ) الشجرة (متقبل).نالحظ أن املثال حيتوي على احلدين املوضوعني احلاملني لوظيفيت
(املنفذ)و(املتقبل)كأصلني للبنية احلملية .وبالتايل ميكننا القول بأن هاتني الوظيفتني ال تستند إىل هذين احلدين
(عمر)( ،الشجرة) بل إهنا تواكبهما .أما الوظائف الوجهية والتداولية ال تربزان يف اإلطار احلملي ألهنا وظائف
مسندة ال وظائف مواكبة.كما أهنا (الوظائف التداولية والوجهية) هلا عالقة بالسياق .أما بالنسبة للموضوعات
(املنفذ)و(املتقبل)فقد حيتالن عنصر (الفاعل) و(املفعول) وقد يصيب البنية احلملية تغيريا على مستوى احلمل
حبيث يصبح الفاعل مسندا إىل املوضوع (املتقبل) كما نالحظ يف اجلملتني اآلتيتني - :
– 2شاهد علي املقابلة يف امللعب
– 4شوهدت املقابلة
نالحظ أن املنفذ احتل عنصراملنفذ(الفاعل)واملتقبل اسند إىل عنصرالوظيفة الرتكيبية )املتقبل ( املتمثل يف
(املفعول به) إال أن املثال الرابع نالحظ أن (نائب الفاعل) قد أسند إىل مكون (املتقبل) .كما ان الوظائف
التداولية هي األخرى ليست ثابتة حبكم السياق حيث من املمكن أن يكون احملور (فاعال) وإما أن يكون
41
حسين بن عائشة النحو الوظيفي بين التعددية الوظيفية والوحدة إلاسنادية
(مفعوال به) تركيبيا و(بؤرة) تداوليا وقد يكون العكس إذ يتم تبئري الفاعل ويتمحور املفعول به مثل :قطف علي
األزهار /قطف األزهار علي
مراتب إسناد الوظائف الوجهية والداللية
ال ميكن إسناد الوظائف الثالثة دفعة واحدة وإمنا يتحقق ذلك يف مراتب متالحقة وهي -:
– 1يرى الباحثون يف الدراسات اللسانية الوظيفية أن الوظائف الداللية املواكبة للحدود ذات املوضوعات
املختلفة أهنا تتمركز ضمن اإلطار احلملي باعتباره مصدر االشتقاق الذي تسند إليه الوظائف الوجهية والتداولية
إىل حدود الوظائف الداللية .
– 2فيما خيص أن حدود الوظائف الداللية ال توجد كلها يف بعض اللغات الطبيعية فمنها من يستغين عن
املفعول ومنها من يستغين عن الفاعل واملفعول به معا ،وبالتايل فاللغات اليت ال وجود للفاعل واملفعول فيها يعترب
ترتيب اإلسناد فيهاغري موجود ضمنها .وبناء عليه فإن الوظائف التداولية تسند مباشرة إىل موضوعات املتضمنة
للوظائف الداللية (.)65
– 3وبالنسبة للغات الطبيعية اليت ال يرد يف لغاهتا الفاعل واملفعول جند أن الوظائف الوجهية تسند أوال احلدود
احملتوية لوظائف داللية وبعدها تسند الوظائف الداللية،وذلك بناء على األدلة التالية - :
أ – إن الوظائف الوجهية يتعلق إسنادها طبقا لسلمية الوظائف الداللية اليت اقرتحها " سيمون ديك" كاآليت
(- :)66
الجدول رقم :01سلمية الوظائف الداللية
الخاتمة :
وما ميكننا أن نستنتجه من نقاط خالل ما شرحناه من عناصر خمتلفة ضمن ما تطرقنا إليه سابقا هو مايلي-:
– 1يعترب مصطلح "الوظيفة " موضع استقطاب اللسانيني ففي اللسانيات البنيوية جرده الباحثون من سياقه يف
حني أن اللسانيات الوظيفية أصبح هذا املصطلح قطب الرحى الذي تدور حوله مجيع الوظائف سواء أكانت
داللية أم تداولية أم تركيبية .
– 2يف جمال النحو العريب جند أن الوظيفة ارتكزت أيضا على التجريد باعتبار الظاهرةاإلسنادية هي االساس
الذي تقوم عليها اجلملة العربية إبرازا للوظيفة اإلعرابية ملختلف عناصرها بغية حتديد موقع كل عنصر من عناصر
اجلملة بنوعيها االمسية والفعلية من اإلعراب .
– 3الوظيفة يف النحو الوظيفي تتعدد بتعدد سياق املقال واملقال ،باعتبار املقال فهي وظائف وجهية وداللية ،
وباعتبار املقام فهي وظائف تداولية تتفرع إىل وظائف دالية وخارجية .
–4فيما خيص الظاهرة االسن ادية يف النحو الوظيفي ختتلف عما هي عليه يف النحو العريب ففي األول ترتكز على
اإلسناد الوظيفي انطالقا من البنية احلملية إال أن النحو العريب تعترب اجلملة ظاهرة إسنادية تعتمد على ركين املسند
واملسند إليه .
–5املتأمل يف مصطلحات النحو الوظيفي يالحظ وجود التالقح بني النحوين العريب والوظيفي يف الكثري من
املصطلحات اليت أضافها أمحد املتوكل مستثمرا فيها مصطلحات النحو العريب خاصة يف الوظائف اخلارجية كاملبتدا
والذيل واملنادى الذي يرى فيها أهنا مسالة خارجية عن البنية احلملية وهو ما حيقق بعدها التداويل .
- 6أن الوظائف ا لتداولية مرتبطة بالسياق أو املقام مما جيعلها ذلك تكتسي طابعا تداوليا خيرج البنية الرتكيبية من
دائرة التجريد إىل دائرة استعمال اللغة يف الواقع أثناء التواصل .
–7ما ال حظناه أيضا هو أن الوظائف التداولية الداخلية تشكل أساسا بنيويا يف احلمل الرتكييب .
–8الحظ نا أيضا هناك فرق بني مصطلحي اجلملة واحلمل حيث رأينا أنه يف الرتاث النحوي العريب كان الدرس
اللغوي ينطلق من بنية اجلملة ،املوجودة ضمن حيز جتريدي .يف حني أن الدرس اللساين الوظيفي ينطلق من
احلمل املبين أساسا على وظائف عديدة ذات السمة الرتكيبية والداللية ةوالتداولية .
–9جند أن مصطلح املبتدأ يف النحو العريب خيتلف عنه يف اللسانيات الوظيفية حبيث أن األول ركن أساس يف
اجلملة ال ميكن االستغناء عنه ،يف حني أن النحو الوظيفي يتموقع املبتدأ ضمن حيز خارجي عن احلمل .
–12كما الحظنا أيضا ان اللسانيات العربية الوظيفية تتعالق مع الرتاث البالغي يف أسلوب التقدمي والتأخري
ضمن ما يسمى بعملية التزحلق الرتكييب كما أهنا ترتبط بالنحوالعريب يف الكثري من املصطلحات مثل (الذيل) الذي
يتعالق هو اآلخر بـ (:املبتدأ املؤخر) ،و(املنادى) ،بشىت أنواعه.والبدل وغري ذلك من املصطلحات األخرى.
– 11ترتكز البنية احلملية يف النحو الوظيفي على الوظائف الداللية والوظائف التداولية والوظائف الوجهية .
43
حسين بن عائشة النحو الوظيفي بين التعددية الوظيفية والوحدة إلاسنادية
-12كما الحظنا أيضا ان اللسانيات العربية الوظيفية تتعالق مع الرتاث البالغي يف أسلوب التقدمي والتأخري
ضمن ما يسمى بعملية التزحلق الرتكييب الذي يؤدي هو اآلخر إىل تقدمي وتأخري يف الوظائف التداولية والداللية
والوجهية.
-13إن خارجية املبتدأ يف جمال اللساين الوظيفي خيتلف عن سائر الوظائف التداولية الداخلية باعتباره حمموال ألن
" املبتدأ ال خيضع لقيود االنتقاء اليت يضعها الفعل أو ما يشبهه بالنسبة ملوضوعاته "(. )68
اهلوامش
44
الصفحة74-01: المجلد 11 :عدد( 1 :ماي )0201 التعليمية
ينظر عبدالقاهر اجلرجاين ،دالئل اإلعجاز ،تع:حممود حممد شاكر،نشر مطبعة املدين/دار املدين،ط 1413. 3هـ92.ص126
* مصطلح (الرائز) ا ختبار حمدد يتضمن مهمة يكون على الفرد إجنازها ،وتكون مماثلة لكل املفحوصني ،كما تستعمل تقنية حمددة لتقدير النجاح أو
الفشل ،او إلعطاء عالمة للنجاح ،ينظر کوسيئيه جاك -مقدمات يف علم النفس -ترمجة رالف رزق اهلل -املؤسسة اجلامعية للدراسات – بريوت –
1982ص۰۳
(-)27عباس حسن ،النحو الوايف ،دار املعارف ،القاهرة ،ط ،1976، 4ص 573
(-)28أمحداملتوكل ،املرجع السابق ص 42/ 42
(-)29املرجع نفسه ص 72
(-)30املرجع نفسه ص 72
(-)31املرجع نفسه ص 72
(-)32أمحد املتوكل ،الوظائف التداولية،املرجع السابق ص114
( -)33املرجع نفسه
ينظر أمحد املتوكل املنهج * -مصطلح "الورود" :هو شرط حلدوث العالقة بني املبتدأومبا يليه وإن خرق أدى خرقه إىل مجلة غري سليمة تداوليا
الوظيفي يف البحث اللساين ،منشورات ضفاف/م.االختالف ص444
(-)34أمحد املتوكل ،الوظائف التداولية،املرجع السابق ص117
(-)35املرجع نفسه ص 139
* -مصطلح القوة اإلجنازية عند أوستني " الفعل اإلنشائيلما نفعلهوحنن نتحدث مثل الوعد ،االستفهام ،التهنئة ،املعارضة "..ينظر ذهبيةمحواحلاج
،التداولية واسرتاتيجية التواصل،رؤيةللنشر.القاهرة ص 176وما بعدها.
(-)36املرجع نفسه ص142
(-)37املرجع نفسه ص142
(-)38أمحد املتوكل الوظائف التداولية ص 139
(-)39أمحد املتوكل املرجع السابق ص 139
(-)40عباس حسن ،النحو الوايف ج ، 3دار املعارف مبصر ،ط 1976 ، 4ص597
(-)41ينظر املرجع نفسه ص 597
(-)42ينظر املرجع نفسه ص623
(-)43أمحد املتوكل املرجع السابق ص152
(-)44ينظر ذهيبة محو احلاج ،التداولية واسرتاتيجية التواصل،رؤية للنشر وت،القاهرة ،ط 2215،1ص 178وما بعدها
(-)45أمحد املتوكل ،املرجع السابق ص ،152وانظر مصطلح الوجهة والفرق بينها وبني الوجه ،امحد املتوكل ،قضايا اللغة العربية يف اللسانيات
الوظيفية ،منشورات ضفاف ص 168
(-)46مصطفى الغالييين ،جامع الدروس العربية ،املرجع السابق ص 161 / 158
( -)47املرجع نفسه
(-)48أمحد املتوكل املرجع السابق 167
(-)49أمحد املتوكل الوظائف التداولية املرجع السابق ص 167
(-)50ينظر املرجع نفسه ص 167
(-)51الفارايب(أبونصر)األلفاظ املستعملة يف املنطق،تح:حمسنمهدي،دارالشروق،بريوت(د.ت)ص 00
(-)52اجلرجاين علي ،التعريفات ،مكتبة لبنان ،بريوت 1225ص 32
(-)53ابن يعيش (موفق الدين األسدي) ،شرح املفصل ،عامل الكتب ،بريوت (د .ت)
(-)54خالد ميالد،اإلنشاء يف العربية بني الرتكيب والداللة،جامعة.منوبة/املؤسسةالعربية.ت.ن.تونس 25ص03
(-)55السيوطي (جالل الدين) ،مهع اهلوامع يف شرح مجع اجلوامع ،الكويت ،دار البحوث العلمية 33 / 1
45
حسين بن عائشة النحو الوظيفي بين التعددية الوظيفية والوحدة إلاسنادية
(-)56املربد(أبو العباس حممد)املقتضب ،تح :حممد عبد اخلالق عضيمة ،بريوت ،عامل الكتب 1213ص 121
(-)57ابن السراج (أبو بكر حممد) ،األصول يف النحو ،تح :عبد احلسني الفتلي ،بغداد ،مؤسسة األعظمي 200/ 2 1203
(-)58السيوطي املرجع السابق 11 / 1
(-)59أمحد املتوكل ،الوظائف التداولية ص 40
( -)60أمحد املتوكل ،الوظائف التداولية ص 40
*املكونات املسورة هي اليت يكون خمصصها "األسوار" وهي يف اللغة العربية " كل،مجيع ،بعض " .....ينظرأمحد املتوكل ،الوظائف التداولية ص 40
(-)61ينظر التهانوي (حممد أعلى بن شيخ) ،كشاف اصطالحات الفنون،تح:لطفي عبد البديع،املؤسسةاملصريةالعامة للتأليف والطبع
والنشر،القاهرة141 / 3 1212.
(-)62املرجعالسابق141 / 3
(-)63أمحد املتوكل،قضايا اللغة العربية يف اللسانيات الوظيفية،منشورات ضفاف/م.االختالف،ط131434هـ،2513.ص01
(-)64ينظر أمحد املتوكل ،املرجع السابق ص 0
( -)65ينظر أمحد املتوكل قضايا اللغة العربية يف اللسانيات الوظيفية ص 012
( -)66ينظر املرجع نفسه ص 013
( -)67ينظر أمحد املتوكل املرجع نفسه ص 014
( -)68ينظر أمحد املتوكل املرجع نفسه ص 110
46
الصفحة74-01: المجلد 11 :عدد( 1 :ماي )0201 التعليمية
47