You are on page 1of 3

‫‪ 18‬من صفر ‪ 1441‬هــ ‪ 17‬أكتوبر ‪ 2019‬السنة ‪ 144‬العدد ‪48527‬‬ ‫الخميس‬

‫رئيس التحرير‬ ‫رئيس مجلس االدارة‬

‫عالء ثابت‬ ‫عبدالمحسن سالمة‬

‫(‪)http://www.ahram.org.eg/Index.aspx‬‬
‫(‪)Category/0/148/WhatsApp.aspx/../../../../..‬‬

‫قضايا واراء (‪/daily/WriterCategory/203172/4/‬قضايا‪-‬واراء‪)aspx.‬‬

‫معركة المنصورة الجوية ‪ 14‬أكتوبر ‪73‬‬

‫(‪)https://gate.ahram.org.eg/daily/WriterArticles/511/2021/0.aspx‬‬

‫د‪ .‬سمير فرج‬


‫(‪)https://gate.ahram.org.eg/daily/WriterArticles/511/2021/0.aspx‬‬
‫طباعة المقال (‪)daily/NewsPrint/733024.aspx/‬‬

‫‪ ‬‬ ‫لم تكد أصوات المدافع تتوقف‪ ،‬ورائحة البارود تنقشع من فوق جبال سيناء‪ ،‬بعد حرب أكتوبر ‪،73‬‬
‫‪ ‬‬ ‫نصر عظيمًا‪ ،‬حتى أصدر الرئيس السادات‪ ،‬ق ارره باالنفتاح العلمي‪،‬‬
‫ًا‬ ‫التى حققت فيها قواتنا المسلحة‬
‫العسكري‪ ،‬على دول الغرب‪ ،‬بعد توقف امتد ألكثر من عشرين عامًا‪ ،‬منذ ثورة ‪ ،52‬نتيجة فرض‬
‫غِّر د‬

‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬ ‫الدول الغربية شروطًا لتقييد حجم‪ ،‬وتسليح‪ ،‬الجيش المصري‪ ،‬وهى الشروط التى رفضها‪ ،‬بالطبع‪،‬‬
‫‪ ‬‬ ‫الرئيس عبد الناصر‪ ،‬لتعارضها مع مبادئ الثورة‪ ،‬بإنشاء جيش وطنى قوي‪ .‬وبناًء عليه اتجه‪،‬‬
‫مباشرة‪ ،‬إلى االتحاد السوفيتي‪ ،‬وعقد صفقة األسلحة التشيكية الشهيرة‪ ،‬ومن يومها أصبح الجيش‬
‫المصرى يتبع العقيدة القتالية الشرقية‪ً ،‬ا‬
‫فكر‪ ،‬وتسليحًا‪ ،‬وأسلوبًا للقتال‪ .‬أعلى نصر أكتوبر المجيد‪،‬‬
‫من قدرة القوات المسلحة المصرية‪ ،‬على فرض شروطها‪ ،‬واختيار ما يناسبها‪ ،‬فقرر الرئيس‬
‫السادات‪ ،‬ضرورة دراسة العقيدة القتالية الغربية‪ ،‬التى يتبعها العدو اإلسرائيلي‪ ،‬بإرسال القادة‪،‬‬
‫والضباط‪ ،‬إلى المعاهد العسكرية العليا فى الغرب‪ ،‬وتحددت أول بعثة إلى كلية كمبرلى الملكية‬
‫ونظر لحصولى على المركز األول فى التخرج‪ ،‬فى كلية األركان حرب المصرية‪ ،‬فقد تم‬ ‫ًا‬ ‫بإنجلترا‪،‬‬
‫اختيارى لحضور دورة األركان حرب فى إنجلترا‪ .‬وخالل عام ونصف عام من الدراسة‪ ،‬تعرفنا على‬
‫الفكر العسكرى الغربي‪ ،‬وتعمقنا فى دراسته‪ ،‬نظريًا‪ ،‬وعمليًا‪ .‬كان من ضمن مناهج الدراسة‪،‬‬
‫العملية‪ ،‬أن تم تنظيم مشروع تدريبي‪ ،‬مشترك‪ ،‬مع كلية األركان حرب الجوية البريطانية‪ ،‬فى‬
‫براكنل‪ ،‬لمدة أسبوع‪ ،‬لنتعرف على أساليب قتال القوات الجوية‪ ،‬وآليات التعاون‪ ،‬مع القوات البرية‪،‬‬
‫فى أثناء عمليات القتال‪ .‬بدأت المحاضرات بالتعرف على نشأة‪ ،‬وتطور‪ ،‬القوات الجوية‪ ،‬إضافة‬
‫إلى علم الطيران‪ ،‬وتطوره‪ .‬بينما خصص جزء من المحاضرات‪ ،‬لدراسة أهم المعارك الجوية‪،‬‬
‫والدروس المستفادة منها‪ ،‬نجاحا أو إخفاقا‪ .‬فإذا بى أفاجأ بأن ظهر على شاشة العرض‪ ،‬أول وأهم‬
‫معركة جوية فى العصر الحديث‪ ،‬وهى معركة المنصورة الجوية‪ ،‬فشعرت بمزيد من الفخر‪ ،‬وأنا‬
‫استمع إلى نظرة الغرب‪ ،‬لهذه المعركة‪ ،‬التى تعرضها أكبر كلية متخصصة فى الطيران الحربي‪،‬‬
‫فى العالم‪ ...‬تلك المعركة التى شهدتها سماء الدلتا المصرية‪ ،‬يوم ‪ 14‬أكتوبر ‪ ،73‬فوق مطار‬
‫المنصورة العسكري‪ ،‬بين ‪ 200‬طائرة حربية؛ ‪ 120‬منها‪ ،‬من أنواع الفانتوم وسكاى هوك والميراج‬
‫‪ ،2000‬تابعة للعدو اإلسرائيلي‪ ،‬و‪ 80‬طائرة حربية مصرية‪ ،‬من طراز ميج ‪ ،21‬وسوخوى ‪،7‬‬
‫والميراج ‪ .2000‬دارت هذه المعركة لمدة ‪ 53‬دقيقة‪ ،‬لتسجل كأطول‪ ،‬وأعنف‪ ،‬وأشرس‪ ،‬معركة‬
‫جوية فى التاريخ العسكرى الحديث‪ ،‬ورغم التفوق العددي‪ ،‬والنوعي‪ ،‬لطيران العدو‪ ،‬فإن حجم‬
‫الخسائر‪ ،‬بين صفوفهم‪ ،‬وصلت إلى ‪ 17‬طائرة إسرائيلية‪ ،‬بينما خسرت مصر خمس طائرات‪،‬‬
‫اثنتان منها بسبب نفاد الوقود‪ .‬حظيت هذه المعركة باهتمام الدوائر العلمية‪ ،‬حول العالم‪ ،‬لعدة‬
‫أسباب؛ أولها‪ ،‬ألنها كانت المرة األولى التى يدور فيها قتال جوي‪ ،‬مباشر‪ ،‬بين طائرات روسية‬
‫الصنع‪ ،‬وطائرات غربية الصنع‪ .‬والسبب الثانى أنها أول معركة جوية تستخدم فيها أسلحة إلكترونية‬
‫حديثة‪ ،‬واألسلحة اإللكترونية المضادة‪ ،‬خصوصًا التشويش على رادارات الطائرات من كال‬
‫الجانبين‪ .‬أما السبب الثالث فألنها أبرزت كفاءة عناصر التوجيه األرضي‪ ،‬فى غرف عمليات‬
‫المطارات المصرية واإلسرائيلية‪ ،‬كما بزغ فيها كفاءة األطقم األرضية‪ ،‬خاصة على الجانب‬
‫المصري‪ ،‬التى نجحت‪ ،‬مع هذا الكم من الطائرات‪ ،‬فى الجو‪ ،‬طوال مدة المعركة‪ ،‬فى إتمام مهمتها‬
‫على أكمل وجه؛ مثل إعادة تزويد الطائرات المصرية بالوقود‪ ،‬وإعادة تسليحها‪ ،‬والتأكد من السالمة‬
‫الفنية للطائرات‪ .‬كما كان الشتراك ‪ 4‬مطارات حربية‪ ،‬مصرية‪ ،‬فى هذه المعركة‪ ،‬الفضل فى رفع‬
‫تقييم القوات المصرية‪ ،‬لصعوبة تنسيق خروج الطائرات من تلك المطارات‪ ،‬وتوقيتات االشتباك‬
‫الجوي‪ ،‬والعودة بسالم‪ ،‬خاصة أن معظم الطائرات فى الدلتا متقاربة‪ ،‬بعكس الطائرات اإلسرائيلية‪،‬‬
‫فكانت بعيدة‪ ،‬األمر الذى يسهل السيطرة عليها‪.‬‬
‫وكان للخبرة‪ ،‬المتراكمة‪ ،‬للقوات الجوية المصرية‪ ،‬فى التعامل مع قوات العدو‪ ،‬خالل حرب‬
‫االستنزاف‪ ،‬الفضل فى التفوق الفكري‪ ،‬فى فهم لغة الخصم‪ ،‬حيث كان الفكر اإلسرائيلى الجوي‪،‬‬
‫يعتمد‪ ،‬دومًا‪ ،‬على الهجوم من خالل ثالث موجات‪ ,‬تكون مهمة الموجة األولى‪ ،‬إغراء المقاتالت‬
‫المصرية‪ ،‬واستدراجها التجاهات بعيدة عن األهداف المكلفة بالدفاع عنها‪ ،‬أما الموجة الثانية فكانت‬
‫هى القوة األساسية‪ ،‬المكلفة بالهجوم على الرادارات‪ ،‬ووحدات الدفاع الجوى المصري‪ ،‬من الصواريخ‬
‫والمدفعية‪ ،‬بينما تختص الموجة الثالثة بضرب األهداف المحددة لها‪ ،‬كتدمير القواعد العسكرية‬
‫المصرية‪ ،‬إلفقاد القوات الجوية المصرية توازنها‪ ،‬وقدراتها القتالية‪ .‬بدأت معركة المنصورة الجوية‬
‫فى الساعة الثالثة وخمس عشرة دقيقة‪ ،‬عندما أنذرت مواقع الرادارات المصرية‪ ،‬على ساحل الدلتا‪،‬‬
‫باقتراب ‪ 20‬طائرة‪ ،‬من طراز الفانتوم‪ ،‬من ناحية البحر المتوسط‪ ،‬لتجنب حائط الصواريخ المصري‪،‬‬
‫على الضفة الغربية لقناة السويس‪ .‬فقررت قيادة القوات الجوية المصرية عدم اعتراض الموجة‬
‫األولى‪ ،‬مما أفشل مهمتها فى جذب المقاتالت المصرية‪ ،‬فعادت أدراجها‪ ،‬عبر البحر المتوسط‪ ،‬إلى‬
‫القواعد الجوية اإلسرائيلية‪ .‬وفى الساعة الثالثة والنصف‪ ،‬أظهرت شاشات الرادارات المصرية‪ ،‬وجود‬
‫‪ 60‬طائرة قادمة من ثالثة اتجاهات‪ ،‬من ناحية البحر؛ بورسعيد‪ ،‬وبلطيم‪ ،‬ودمياط‪ ،‬فأقلعت ‪16‬‬
‫طائرة‪ ،‬ميج ‪ ،21‬من مطار المنصورة الجوي‪ ،‬ثم ‪ 8‬طائرات من قاعدة طنطا الجوية‪ ،‬للتصدى لها‪.‬‬
‫أعقب ذلك‪ ،‬بثمانى دقائق جاء إنذار للقوات الجوية‪ ،‬باقتراب ‪ 16‬طائرة إسرائيلية‪ ،‬قادمة من اتجاه‬
‫البحر المتوسط‪ ،‬على ارتفاع منخفض‪ ،‬وبدأ القتال الجوى فوق سماء دلتا نهر النيل‪ ،‬ليبدأ معه تدفق‬
‫باقى الطائرات اإلسرائيلية‪ ،‬واشتعلت السماء المصرية بأكبر معركة جوية فى التاريخ‪ ،‬استخدم فيها‬
‫الجانبان‪ ،‬أحدث ما يملكانه فى ترساناتهم الجوية‪ ،‬سواء المقاتالت‪ ،‬أو أجهزة التشويش الالسلكي‪،‬‬
‫والراداري‪.‬‬
‫وبعد محاضرة‪ ،‬استمرت ألكثر من ساعتين‪ ،‬تم فيها حساب توقيتات إقالع الطائرات من المطارات‬
‫اإلسرائيلية‪ ،‬ووصولها لألهداف فوق دلتا نهر النيل‪ ،‬واإلجراءات المضادة من القوات الجوية‬
‫المصرية‪ ،‬خلص الخبراء العسكريون إلى أنه بالرغم من التفوق العددي‪ ،‬والنوعي‪ ،‬للطائرات‬
‫اإلسرائيلية‪ ،‬إال أن خبرة المصريين‪ ،‬وكفاءتهم فى التغلب على الطائرات واألسلحة اإللكترونية‬
‫اإلسرائيلية المضادة‪ ،‬حسم المعركة لمصلحتهم‪ ...‬وهكذا استحق يوم ‪ 14‬أكتوبر‪ ،‬أن يخلد كعيد‬
‫القوات الجوية المصرية‪ ،‬التى تفتخر بأبنائها‪ ،‬ليس فى مصر‪ ،‬فقط‪ ،‬ولكن أمام العالم كله‪.‬‬

‫لمزيد من مقاالت د‪ .‬سمير فرج‬


‫(‪)https://gate.ahram.org.eg/daily/WriterArticles/511/2021/0.aspx‬‬
‫رابط دائم‪ :‬‬
‫‪https://gate.ahram.org.eg/daily/News/733024.aspx‬‬

You might also like