Professional Documents
Culture Documents
شرح روضة الأنوار في سيرة النبي المختار (المرحلة المكية
شرح روضة الأنوار في سيرة النبي المختار (المرحلة المكية
(المرحلة المكية)
هذه المذكرة فوائد وتعليقات الشيخ سامي الحمود في شرحه لكتاب روضة األنوار في
سيرة النبي المختار للمباركفوري في جامع الصفدي بالرياض مغرب كل سبت.
1مقدمة الدرس :
أما بعد ..
ثبت عن أبي حفص عمر بن الخطاب أن النبي rقال :إنما األعمال بالنيات ...الحديث
فاللهم أصلح النية ،وأصلح الطوية ،وسدد األقوال ،وأخلص األعمال .
في هذا الدرس المبارك ،نتحدث عن رجل عظيم ،بحبه تمتليء القلوب ،ولرؤيته تشتاق
النفوس ،وبسيرته تلين األفئدة ..
وبصرنا من العمى ،وأخرجناH
رجل ،هدانا Hاهلل به من الضاللة ،وعلمنا من الجهالة ّ ،
ٌ
بدعوته من الظلمات إلى النور .
إنه الحبيب محمد .. خاتم األنبياء ،وصفوة األولياء ،صاحب المقام المحمود ،
واللواء المعقود ،والحوض المورود .إمام المتقين ،وسيد ولد آدم أجمعين .
ال يسلم العبد إال بالشهادة له بالرسالة Hبعد الشهادة Hهلل بالتوحيد ،وال يؤمن العبد Hحتى
أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين ،اختاره اهلل وزكاه وقال( :وإنك Hلعلى
يكو َن َ
خلق عظيم) .
إننا اليوم ،نتحدث عن تلك الروح الزكية التي ُملئت عظمةً وأمانةً وسمواً ..وعن تلك
النفس األبية Hالتي ُملئت عفةً وكرامةً ونبالً .
عرفه أعداؤه قبل أن يعرفه أحبابه ..كما قال أبو سفيان ..الذي عاداه سنوات طويلة،
قبل أن يسلم:
ِ
محمد لتغـلب خيل الالت خيل لعمرك إني يوم أحمل راية
فهذا أواني حين أهدى وأهتدي لكالمدلج الحيران أظلم ليله
على اهلل من طردته كل مطرد غير نفسي Hودلني ٍ
هداني هاد ُ
وما حملت من ناقة فوق ظهرها أبر وأوفى ذمة من محمد
ِ رسول ِ
ِ
اهلل ،فإ َننَا ال يمكن أن نُوفِّيه َ
بعض الحديث عن
َ نستلهم
ُ أيُّها Hاألحبةُ ..إ َننَا حينما
شيء من سيرته Hوصفاته. H حقه H،وإنَّما هي إطاللة سريعة ،وإشارةٌ موجزة ،إلى ٍِ
ولعلنا نبدأ الدرس بمقدمة Hعن ]1أهمية السيرة ]2وعن مصادرها ]3وعن طريقة الدرس.
]1لماذا ندرس السيرة
ب رسول اهلل ، وهو بعد حب اهلل .
1ـ ُح ّ
قال تعالى " Hالنبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم [ " Hاألحزاب : Hمن اآلية.] H
ب إِلَْي ِه ِم ْن َوالِ ِد ِه َح ُد ُك ْم َحتَّى أَ ُكو َن أ َ
َح َّ ِ ِ ِِ ِ
وفي الحديث " َف َو الَّذي َن ْفسي بِيَده اَل ُي ْؤم ُن أ َ
َو َولَ ِد ِه" متفق عليه .
واالقتداء به ـ صلى اهلل عليه وسلم ـ هو أحد ركني العبادة ( Hاإلخالص والمتابعة ، ) Hقال
سنَةٌ لِّ َمن َكا َن َي ْر ُجو اللَّهَ َوالَْي ْو َم اآْل ِخ َر َوذَ َك َر تعالى ( لََق ْد َكا َن لَ ُكم فِي رس ِ ِ
ول اللَّه أ ْ
ُس َوةٌ َح َ ْ َُ
اللَّهَ َكثِيراً )[ األحزاب. ]21:
وهو أيضا الترجمة Hالحقيقية للمحبة قال اهلل تعالى ( قُ ْل إِن ُكنتُ ْم تُ ِحبُّو َن اللّهَ فَاتَّبِعُونِي
يم ) [آل عمران ]31 : يحبِب ُكم اللّه وي ْغ ِفر لَ ُكم ذُنُوب ُكم واللّه غَ ُف ِ
ور َّرح ٌ
ُ ْ ْ ُ ُ ََ ْ ْ َ ْ َ ُ ٌ
والمحبة على قدر المعرفة ..وكيف يحب المرء من يجهل أوصافه وأحواله ،وكيف
يقتدي المرء بمن ال يعرف شيئا عن سيرته وهديه. H
كثيرا من خلقه على محبة نبيه صلى اهلل عليه وسلم ،فقد صعد
جل وعال ً
وقد فطر اهلل ّ
نبي
فرحا بصعوده ،فقال عليه الصالة والسالم ( اثبت أُحد فإنما عليك ٌ
أحد فرجف الجبل ً
فحن
صنع له المنبر ّ وصدي ٌق وشهيدان ) ،وترك الجذع الذي كان يخطب عليه لما ُ
الجذع إليه ،فقام عليه الصالة والسالم والتمس الجذع وضمه إليه،
ولهذا Hكان الحسن البصري رحمه اهلل إذا حدث بهذا Hالحديث يقول "يا معشر المسلمين
الخشبة تحن إلى رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم فما بال قلوبكم ال تحن إليه".
2ـ وتعلُّ ُم السيرة النبوية عبادة فقد جاء عن علي بن الحسين رضي اهلل عنهما أنه قال:
"كنا نُعلَّم مغازي النبي صلى اهلل عليه وسلم كما نعلم السورة من القرآن" .
-3السيرة النبوية حلقة من حلقات Hالدعوة إلى التوحيد :
ـ دعوة األنبياء ـ بما فيها دعوة محمد صلى اهلل عليه وسلم ـ هي اإلسالم بمفهومه العام ،
االستسالم هلل ...التوحيد بكل أنواعه .
ـ المنهج واحد ،والشخصيات تختلف ..ولهذا Hنجد في السيرة النبوية ربطا بين
األشخاص Hالذين عاصروا رسول اهلل ـ صلى اهلل عليه وسلم ـ وبين من سبقوا .
يُشبَّه أبو بكر ـ رضي اهلل عنه بمؤمن آل فرعون ـ ، ،وعقبة بن معيط أشقى القوم بقاتلH
ناقة صالح عليه السالم .وأبو جهل بفرعون ،وأمية بن أبي الصلت بالذي آته اهلل آياته
الز َب ْي ُر" و " لِ ُك ِّل أ َُّم ٍة
ي ُّفانسلخ منها ...وقريب من هذا " إِ َّن لِ ُك ِّل نَبِ ٍّي َح َوا ِريًّا َو َح َوا ِر َّ
اح. ْج َّر ِ أ َِمين وأ َِم ِ ِ ِ
ين َهذه اأْل َُّم Hة أَبُو عَُب ْي َدةَ بْ ُن ال َ
ٌَ ُ
ودراسة Hالسيرة توضح هذا الربط بين عباد اهلل في كل زمان ومكان ،وبين عباد الشيطان
في كل زمان ومكان .
4ـ وفي السيرة تفسير لكثير من آيات القرآن الكريم ، Hكتلك اآليات Hالتي تتكلم عن
الغزوات في سورة آل عمران ،واألنفال والتوبة واألحزاب Hوالفتح والحشر ، ...كما
أن في دراسة السيرة النبوية بيان لكثير من أسباب Hالنزول .فهناك سور بأكملها تتكلم عن
غزوة مثل سورة األنفال التي تتكلم عن غزوة بدر ،وسورة التوبة التي تتكلم عن غزوة
تبوك ،وسورة الحشر التي تتكلم عن جالء بني النَّضير ،وهناك آيات كثيرة في سورة
آل عمران تتحدث عن غزوة أُحد .
5ـ السيرة منهج حياة ،وقدوة حسنة لألجيال ،تعرض نماذج طيبة طاهرة ،من الصحابة
والتابعين ،بعيداً Hعن النماذج الجاهلية أو الخيالية التي تعرض على الشاشات Hالمرئية ،أو
في القصص المنحرفة .
ففي السيرة نماذج حية للقادة Hالعظماء ..وفي السيرة نماذج للتجار الناجحين المخلصين
األتقياء .وفي السيرة أفضل النماذج للمربِّين ..وفيها نماذج للدعاة المصلحين .
6ـ فهم الواقع وربط الماضي بالحاضر .
منهج التعامل مع األحداث .. Hكيف تعامل مع العدو؟ متى شرع اهلل له الجهاد؟ .
هؤالء الشباب المكفرون Hوالمفجرون باسم Hالجهاد ،لو فقهوا سيرته Hحقاً لعلموا بعد
هذه األعمال عن سيرته Hفي السلم وفي الحرب .
-7السيرة فيها متعة روحية ،وغذاء للقلوب المؤمنة ،بخالف القلوب المريضة العاكفة
على األفالم والتمثيليات الهابطة .
سب للحبيب .
-8دراسة Hالسيرة جزء مما يجب علينا تجاه ما يحدث اليوم من ِّ
هذا األمر Hليس حدثا عابرا قامت به صحيفة سيئة األخالق ولكن ..األمر Hأعمق من هذا
وأبعد. H
وما حدث في الصحف األوربية هو طفح لما يُخاطب به القوم في الكنائس وغرف
البالتوك وبعض الفضائيات Hعن نبي اإلسالم .
القوم حاقدون يريدون ينقضون اإلسالم بتشويه صورة النبي ـ .
فهم يحاضرون ويؤلفون عن ( أخالق نبي اإلسالم ) ،يتكلمون عن زواجه بتسع من
النساء ـ وقد اجتمع عند سليمان عليه السالم سبعمائة Hمن النساء وهذا في كتابهم ـ ،
وعن غزواته ـ صلى اهلل عليه وسلم ـ ،وعن الجهاد ؛ بطريقة Hالبتر للنصوص واعتماد
الضعيف والشاذ Hوالمنكر من الحديث الذي يشوهون به صورته .
]2مصادر السيرة النبوية
-1القرآن الكريم :فقد جاء في القرآن الكريم كثير من سيرته فقد
ذكر اهلل تعالى Hحال النبي منذ صغره في قوله تعالى{ H:
)1( } وذكر حاله Hبعد بدء
نزول الوحي Hعليه حين خاف وHذHهHب HإHلHى HزHوHجHه HخHدHيHجHة HيHقHوHل HلHهHاJ{ H:Hزملوني
()3
} }J{H)2H( J دثروني H،J}HفHأHنHزHل HاHهلل HتHعHاHلHىJ{ H:H
وذكر قصة زواجه من زينب بنت جحش بHعHد HطHالHقHهHا HمHن HزHوHجHهHا HزHيHد HبHنH
}H. H)4H( J حHاHرHثHة HفHقHاHل HتHعHاHلHىJ{ H:H
أHمHا HاHلHغHزHوHاHت H: HبHدHر HفHي HاHألHنHفHاHل H، HأHحHد HفHي HآHل HعHمHرHاHن H، HاHلHخHنHدHق HفHيH
اHألHحHزHاHب H،HاHلHحHدHيHبHيHة HفHي HاHلHفHتHح H. HوغHيHرHهHاH. H
J-2اJلJسJنة JاJلJنJبJوJيJة J:JوHقHد HسHبHق HأHن HبHيHنHا HأHن HاHلHسHنHة HاHلHنHبHوHيHة HقHد HحHوHت HجHلH
تHفHاHصHيHل HاHلHسHيHرHة HمHمHا HرHوHاHه HاHلHنHبHي HعHن HنHفHسHه HأHو HمHا HرHوHاHه HعنHه HأHصحHاHبHه HرHضوHاHنH
اHهلل HعHلHيHهHم HأHجHمHعHيHن H.HوHقHد HذHكHرHنHا HمHا HيHتHعHلHق HبHثHبHوHت HهHذHا HاHلHمHصHدHر H،HوHاHلHمHنHهHج HاHلHعHلHمHيH
اHلHدHقHيHق HاHلHذHي HوHضHعHه HاHلHعHلHمHاHء HلHدHرHاHسHة HاHلHسHنHة HوHمHصHاHدHرHهHاH.H
J-3اJلJكJتJب JاJلJمJؤJلJفJة JفJي JاJلJسJيJرة J:JبHدHأ HمHنHذ HعHهHد HاHلHصHحHاHبHة HرHضوHاHن HاHهلل HعلHيHهHمH،H
بكتابة الأحاديث التي تتعلق بالحوادث التي وقعت في زمنه مثل
بعثته وبداية Hنزول الوحي عليه وما لقيه بمكة قبل الهجرة ثم هجرته إلى
المدينة H،وهجرة بعض أصحابه إلى الحبشة قبل ذلك ،وزيجاته وغزواتهH
وأسفاره. H
أما التدوين Hالشامل Hللسيرة فقد بدأ منذ عهد معاوية بن أبي سفيان
وفي عصر التابعين :ألف عروة بن الزبير ، Hوأبان بن عثمان بن عفان ،ووهب
بن منبه.
: المؤلف
نسبه :صفي الرحمن بن عبد هللا بن محمد المباركفوري ،من علماء الهند ،نسبة إلى مباركفور في الهند .
جوانب من سيرة الشيخ العلمية والدعوية :بعد تعلمه العلم الشرعي قام بالتدريس في المدارس الدينية
في الهند ،ثم درس في الجامعة السلفية 6في بنارس بالهند .
في 1396هـ أعلنت رابطة 6العالم اإلسالم بمكة المكرمة عقد مسابقة عالمية حول السيرة النبوية الشريفة ،
فقام الشيخ بتأليف كتاب «الرحيق المختوم» وقدمه للجائزة ،ونال به الجائزة األولى في المسابقة .
ثم انتقل إلى الجامعة اإلسالمية بالمدينة النبوية ليعمل باحثا في مركز خدمة السنة والسيرة النبوية ،ثم
انتقل إلى مكتبة دار السالم بالرياض ،وعمل فيها مشرفاً على قسم البحث والتحقيق العلمي .
مؤلفاته :للشيخ أكثر من ثالثين كتاباً باللغتين العربية واألردية مؤلفات عديدة في التفسير و الحديث و
المصطلح والسيرة ،والدعوة .
من أشهرها الرحيق المختوم ( :ترجم ألكثر من خمس عشرة لغة مختلفة)
وفاته :توفي الشيخ عقب صالة الجمعة 10/11/1427هـ في مباركفور بالهند ،بعد معاناة مع المرض ،جعل
هللا ذلك كفارة له ورفعا لدرجته .
2الحالة السياسية والدينية واالجتماعية Jقبل البعثة:
من عادة المؤلفين في السيرة التقديم بهذا األمر ..
لماذا؟
-1معرفة مسرح األحداث تعين على فهم السيرة
والتغيير الذي أحدثته في العالم.
-2ال يعرف النور من لم ير الظالم ،
كانت اإلنسانية قبل بزوغ فجر اإلسالم العظيم تعيش مرحلة من أحط مراحل التاريخ البشري في شؤونها
الدينية واالقتصادية والسياسية واالجتماعية ،وتعاني من فوضى عامة في كافة شؤون حياتها ،وسنكتفي
الحجاز :
حكمتها قبائل العرب:
-القبائل العدنانية :قريش في مكة ،وثقيف في
الطائف .
-القبائل القحطانية :األوس والخزرج في المدينة .
اليمن :
حكمتها الدولة الحميرية الثانية ،وفي سنة 523م
واس اليهودى حملة منكرة على قاد ذو ُن َ
المسيحيين من أهل نجران ،وحاول صرفهم عن
د لهم األخدود وألقاهم المسيحية قسرًا ،ولما أبوا خ ّ
في النيران ،وهذا الذي أشـار إلـيه القـرآن في
اب اأْل ُ ْ
خ ُدو ِد) . ح ُص َل أَ ْ
سـورةـ الـبروج بقـولهُ ( :ق ِت َ
وكان هذا الحادث هو السبب في نقمة النصارى ،
فحرضوا األحباش ،وأعانوهم ،فاحتل األحباش
اليمن بقيادة أرياط سنة 525م ،ثم اغتاله أبرهة
أحد قواد جيشه ونصب نفسه حاكمًا على اليمن
موالياً للنجاشي .
وبعد وقعة الفيل استنجد أهل اليمن بالفرس،
وقاموا بمقاومة الحبشة حتى أجلوهم عن البالد،
ونالوا االستقالل في سنة 575م بقيادة معديكرب
سيف بن ذى يزن الحميرى ،ثم قتل معديكرب
وصارت اليمن مستعمرة فارسية تتعاقب عليها والة
من الفرس ،آخرهم باذان ،الذي اعتنق اإلسالم
سنة 628م .
]2الحالة الدينية :
)2الشرف العظيم على محمد Hوأمته بنزول الوحي ،نزل جبريل بالوحي من اهلل
ليعطيه أعظم ٍ
شرف على اإلطالق وهو أنه خاتم النبيين ،كان رجال من عامة
الناس ،ما بين هذه اللحظة وهذه اللحظة أصبح خاتم األنبياء وسيد المرسلين .
ما حقيقة هذا الحادث الذي تم في هذه اللحظة؟
حقيقته أن اهلل جل جالله ،العظيم الجبار القهار المتكبر ،مالك الملك كله ،قد
تكرم –في عليائه– فأراد أن يرحم هذه الخليقة المسماة باإلنسان ،باختيار واحد
منها ليكون ومهبط كلماته ،ومستودع حكمته .
)3كانت بداية الوحي اإللهي فيها إشادة بالقلم وخطره ،والعلم ومنزلته ,في بناء
الشعوب واألمم .
اإلسالم يحث على العلم ويأمر به ويرفع درجة أهله ،ولهذا كانت أول كلمة في
النبوة تصل إلى رسول اهلل هي األمر بالقراءة ( اق َْرأْ) ..فهل نحن نقرأ ونتعلم؟
)5في إخبار النبي لخديجه ،وتطمينها له بقولها :كال واهلل ما يخزيك اهلل أبداً
إنك لتصل الرحم ...الخ
صة ِم ْن الْ َف َوائِد اِ ْستِ ْحبَاب تَأْنِيس َم ْن َن َز َل بِ ِه أ َْمر بِ ِذ ْك ِر قال ابن حجرَ :وفِي َه ِذ ِه ال ِْق َّ
ب لَهُ أَ ْن يُطْلِع َعلَْي ِه َم ْن يَثِق َن َم ْن َن َز َل بِ ِه أ َْمر اُ ْستُ ِح َّ
َت ْي ِسيره َعلَْي ِه َوَت ْه ِوينه لَ َديْ ِه َ ,وأ َّ
ص َّحة َرأْيه .صيحتِ ِه و ِ ِ ِ
بنَ َ َ
)6أثر المرأة الصالحة في خدمة الدعوة:
كان موقف خديجة رضي اهلل عنها يدل على قوة قلبها ،حيث لم تفزع من سماع
هذا الخبر ،واستقبلت األمر بهدوء وسكينة،ويدل على سعة إدراكها ،حيث
قارنت بين ما سمعت ,وواقع النبي صلى اهلل عليه وسلم ,فأدركت أن من ُجبـِـل
على مكارم األخالق ال يخزيه اهلل أب ًدا .
وزنت الحادثة بإيمانها الفطري ،و معرفتها بسنن اهلل تعالى في خلقه ،وإلى يقينها
بما يملك محمد صلى اهلل عليه وسلم من رصيد األخالق ،ثم عرضت األمر على
ابن عمها العالم الجليل ورقة بن نوفل ،وكان لحديث ورقة أثر طيب في تثبيت
النبي صلى اهلل عليه وسلم وتقوية قلبه .
لقد قامت خديجة رضي اهلل عنها بدور مهم في حياة النبي صلى اهلل عليه وسلم
وفقه اهلل تعالى إلى هذه الزوجة المثالية ،وأصبحت مثاالً حسناً ,وقدوة رفيعة
لزوجات الدعاة ،فالداعية إلى اهلل ليس كباقي الرجال الذين هم بعيدون عن أعباء
هم ورسالة ..وهذا الواجب يتطلب وقتًا طويالً يأخذ عليه
الدعوة ..إنه صاحب ٍّ
أوقات نومه وراحته ،وأوقات زوجته وأبنائه ،ويتطلب تضحية بالمال والوقت
والدنيا ..فهو يحتاج إلى زوجة تدرك واجب الدعوة وأهميته .
25القيام بالدعوة :
دروس وفوائد :
م فَأَنْ ِذ ْر ..كانت هذه اآليات المتتابعة إيذانًا
ُق ْ )1
للرسول صلى هللا عليه وسلم بأن الماضي قد
انتهى بمنامه وهدوئه ،وأنه أمامه عمل عظيم,
يستدعي اليقظة والتشمير ،واإلنذار واإلعذار،
فليحمل الرسالة ،وليوجه الناس .
مسيلمة :ماذا أنزل على صاحبكم هذه المدة؟ فقال عمرو :لقد أنزلت عليه سورة وجيزة بليغة .قال :وما هي؟
قال { :والعصر* إن اإلنسان لفي خسر* إال الذين ءامنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر}.
ي مثلها .قال عمرو :ما هو؟ قال الكذاب :ياوبر ياوبر ،إنما أنت أذنان
فسكت مسيلمة برهة ثم قال :وأنا انزل عل َّ
وصدر ،وسائرك حر نقر .ثم قال :كيف ترى يا عمرو؟ قال عمرو :وهللا إنك لتعلم أني أعلم أنك كذاب.
وكان مما يقول :يا ضفدع بنت ضفدعين ،نقي كم تنقين ،أعالك في الماء وأسفلك في الطين ،ال الشارب