You are on page 1of 129

‫أحباث من مسودة كتاب‬

‫من فضائل وأخبار معاوية بن أبي سفيان رضي اهلل عنه‬


‫دراسة حديثية‬
‫تأليف‪ :‬حممد زياد بن عمر التكلة‬
‫عفا اهلل عنه‬

‫‪1‬‬
‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‬
‫احلمد هلل رب الع‪.. . .‬املني‪ ،‬وص‪.. . .‬لى اهلل وس‪. . . .‬لّم على حممد النيب األمني‪ ،‬وعلى آله وص ‪.. .‬حبه‬
‫داهم إىل يوم الدين‪ ،‬أما بعد‪:‬‬ ‫أمجعني‪ .،‬ومن اهتدى هبُ ُ‬
‫ْاعلَ ْم رمحك اهلل أن معاوية بن أيب س ‪..‬فيان رضي اهلل عنه من الص ‪..‬حابة األجلّة الك ‪..‬رام‪،‬‬
‫‪.‬اد الفرقة الناجي‪..‬ة؛‬ ‫الطعن فيهم‪ ،‬كما هو اعتق‪ُ .‬‬ ‫ض‪.‬ي عن مجيعهم‪ ،‬وال جيوز ُ‬ ‫جيب الرت ّ‬
‫ال‪..‬ذين ُ‬
‫أه‪.ِ .‬ل ال ُس‪.‬نَّة واجلماع‪..‬ة‪ ،‬كيف وقد ق‪..‬ال فيهم رس‪..‬ول اهلل ص‪..‬لى اهلل عليه وس‪..‬لم‪" :‬ال تَ ُس‪.‬بُّوا‬
‫هم وال نَص‪..‬ي َفه"‪ ..‬متف‪.ٌ .‬ق‬ ‫أص‪..‬حايب‪ ،‬فلو أ ّن أَح‪َ .‬د ُكم أنف‪..‬ق ِمث‪..‬ل أُح‪.ٍ .‬د ذَهب‪..‬ا؛ ما بلَ‪..‬غ م‪.َّ .‬د ‪ِ .‬‬
‫أح‪.‬د ْ‬‫َ َُ َ‬ ‫َ َ ُ َ‬
‫عليه‪.‬‬
‫األرض ُم ْسلِ ُم‬
‫ِ‬ ‫ولواله ُم ما كا َن يف‬
‫ُ‬
‫أولئك أصحاب النيب ِ‬
‫وح ْزبُه ***‬ ‫ُ ِّ‬
‫مثل معاوية؟‬‫الطعن يف آحادهم‪ ،‬فكيف مبن له فضائل ثابتة ‪-‬خاصة وعامة‪َ -‬‬ ‫فال جيوز ُ‬
‫ٍ‬
‫وإنين أو ِر ُد على عُجالة شذرات من فضائل وأخبار معاوية رضي اهلل عن‪.‬ه‪ُ ،‬معتَنيا ُ‬
‫ومنتَقيا‬
‫يف النق‪..‬ل‪ ،‬كما ي‪..‬رى الن‪..‬اظر بني يدي‪..‬ه‪ ،‬وذلك ذبّ‪.‬اً عن ص‪..‬حابة أك‪..‬رم اخللق ص‪..‬لى اهلل عليه‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وس‪.‬لم‪ ،‬وكتَبَ‪.‬ة ال‪.‬وحي‪ ،‬ومَحَلة العلم‪ ،‬ونَ َقلَة ال‪.‬دِّين‪ ،‬وأَم‪.‬ان األ َُّمة ‪َ ،‬‬
‫‪1‬‬
‫ودفعا ل َـهجمات أع‪.‬داء‬
‫اغت َّ‪.‬ر ب ُش‪.‬ب ِه ِهم من اجلهلة واألغم‪.‬ار‪ ،‬وتيس‪.‬ريا ِ‬
‫وخ ْدم‪.‬ةً ملن يتص‪.‬دَّى‬ ‫ومن َ‬ ‫السنّة واإلس‪.‬الم‪2‬؛‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫بالر ِّد واملنافَحة‪.‬‬ ‫هلم‬
‫َ ُ‬

‫وعدون"‪ .‬رواه مسلم‪..‬‬ ‫يف احلديث‪" :‬أصحايب أ ََمنَةٌ أل َُّميت‪ ،‬فإذا َذ َهب أصحايب أَتَى أ َُّميت ما يُ َ‬
‫‪1‬‬

‫ِّين َوري يف اجملالسة عن عبد الرمحن‬ ‫َخرج الد َ‬


‫قال السيوطي يف مفتاح اجلنّة (ص‪ 127‬ت‪ :‬البدر)‪" :‬أ َ‬
‫‪2‬‬

‫بن عبد اهلل اخلريف قال‪ :‬كان بَدء الرافضة أن قوما من الزنادقة اجتمعوا‪ ،‬فقالوا‪ :‬نشتُ ُم نبيَّهم‪ .‬فقال‬
‫فاضرب َكْلبَه‪ .‬مث‬
‫ْ‬ ‫جار َك‬
‫أردت أن تُؤذي َ‬ ‫كبريُهم‪ :‬إذا نُقتَل! فقالوا‪ :‬نَشتُ ُم أحبّاءه‪ ،‬فإنّه يُقال‪ :‬إذا َ‬
‫علي هو النيب؛ فأخطأ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬
‫علي‪ .‬مث قالوا‪ :‬كان ّ‬ ‫تَعتَزل فتُك ّفرهم‪ .‬قالوا‪ :‬الصحابة كلهم يف النار إال ّ‬
‫جربيل!"‬

‫‪2‬‬
‫جم‪..‬ات املس ‪..‬عورة ِض‪َّ . .‬د ه ‪..‬ذا‬ ‫ِ‬
‫‪.‬الب جه ‪..‬ود أه ‪.ِ .‬ل ال ُس‪. .‬نَّة ُمقتص ‪..‬ر ًة على دفع اهلَ َ‬
‫رأيت غ ‪َ .‬‬
‫إذ ُ‬
‫‪.‬آثرت أن‬ ‫ِ‬
‫‪.‬بح نَ ْس‪.‬ياً َمْنس‪.‬ياً عند األ َُّمة‪ ،‬ف‪ُ .‬‬
‫‪.‬ادت فض‪..‬ائلُه ومناقبُه تُص‪ُ .‬‬ ‫‪.‬حايب اجللي‪..‬ل‪ ،‬حىت ك‪ْ .‬‬
‫الص‪ِّ .‬‬
‫اهلدم بالبِناء‪ٌّ ،‬‬
‫وكل على ثَ ْغ ٍر وأجر‪.‬‬ ‫أقاوم َ‬ ‫أجلِّ َي شيئا منها‪ ،‬وأن َ‬
‫‪.‬ول والنَّف‪..‬ع‪ ،‬وأن ي ‪ّ .‬دخر يل‬
‫وإين ألرجو بعملي ه‪..‬ذا َو ْج‪..‬هَ اهلل تع‪..‬اىل‪ ،‬فأس‪..‬ألُه س‪..‬بحانَه ال َقب‪َ .‬‬
‫كنت تُرابا)‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الكافر يا لَْيتَين ُ‬
‫ُ‬ ‫قول‬
‫َّمت يَداهُ‪ ،‬ويَ ُ‬
‫(يوم ينظُُر املرءُ ما قد ْ‬ ‫َجَره ليوم الدين‪َ ،‬‬‫أْ‬
‫باد َك الصاحلني‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وسنّةَ نَبيِّك‪ ،‬وع َ‬
‫ك‪ُ ،‬‬
‫ك‪ ،‬وكتابَ َ‬
‫انصر دينَ َ‬
‫فاللهم ُ‬
‫ّ‬
‫وأتوب إليك‪.‬‬
‫ُ‬ ‫أستغفرك‬
‫ُ‬ ‫أشهد أن ال إله إال أنت‪،‬‬
‫ُسبحانك اللهم وحبمدك‪ُ ،‬‬

‫أفقر العباد‪ :‬حممد زياد بن عمر التُّ ْكلَة الدمشقي األثري‪.3‬‬


‫قاله ُ‬
‫غفر اهلل له‪ ،‬وألهله‪ ،‬ومشاخيه‪ ،‬وأحبابه‪ ،‬وللمسلمني‪ ،‬وملن دعا هلم‪ ،‬إىل يوم الدين‪.‬‬
‫اخلميس ‪ 22‬مجادى األوىل ‪1423‬‬

‫تنبي ‪..‬ه‪ :‬ه ‪..‬ذا املنش ‪..‬ور بني ي‪..‬ديك عب ‪..‬ارة عن مس""ودة غ""ير مكتملة األبح""اث‪ ،‬ولكن نظ ‪..‬را‬
‫لقلة اش‪.. . .‬تغايل فيها اآلن لض‪.. . .‬يق وق‪.. . .‬يت؛ مع إحلاح ع‪.. . .‬دد من اإلخ‪.. . .‬وة طلبة العلم وال ‪.. .‬دعاة‬
‫‪.‬أيت انتق‪..‬اء بعض األحباث املكتملة وش‪..‬به املكتملة ليس‪..‬تفيد‬ ‫املن‪..‬افحني عن الس‪..‬نة؛ فقد ارت‪ُ .‬‬
‫منها أهل الس ‪.. .‬نة يف مقابل اهلجم‪.. .‬ات املس ‪.. .‬عورة من أع ‪.. .‬دائها‪ ،‬ولعل أن يك ‪.. .‬ون ذلك من‬
‫املسابقة يف اخلريات‪ ،‬واملسارعة إىل املغفرة واحلسنات‪.‬‬
‫ماض يف اجلمع والتحرير ما شاء اهلل تعاىل‪ ،‬وأرجو أن ييسر اهلل الف‪..‬راغ من الرس‪..‬الة‬ ‫وإين ٍ‬
‫يف أق ‪..‬رب وقت‪ ،‬وأن يتقبلها وينفع هبا‪ ،‬وال أس ‪..‬تغين عن دع‪.. .‬اء إخ‪.. .‬واين يف اهلل وإف ‪..‬اداهتم‬
‫ومالحظاهتم‪.‬‬
‫حيورها‬‫وإىل الف‪.. .‬راغ منها أح‪.ّ . .‬رج على من يتقي اهلل ع‪.. .‬دم طبع ه ‪.. .‬ذه املس‪.. .‬ودة‪ ،‬فضال أن ّ‬
‫وي ّدعيها م ّدع‪ ،‬واهلل املوعد‪.‬‬
‫كل من أفادين شيئا يف املوضوع‪ ،‬فجزاهم اهلل خريا‪.‬‬
‫وال أنسى أن أشكر َّ‬
‫‪3‬‬

‫‪3‬‬
‫وال يفوتين التنبيه على أن التحرير يف أول املسودة أكثر من آخرها‪.‬‬
‫واحلمد هلل أوال وآخرا‪.‬‬
‫حممد زياد التكلة‪ ،‬الرياض ‪18/11/1425‬‬

‫‪4‬‬
‫معاوية" رضي اهلل عنه في سطور‪:‬‬

‫ص‪ْ .‬خر بن َ‪.‬ح ْ‪.‬رب بن أ َُميَّة بن عبد مَشْس بن عبد‬ ‫هو أبوعبد ال‪..‬رمحن ُمعاوية بن أيب ُس‪.‬فيان َ‬
‫َمناف بن قُصي بن كِالب ال ُقَرشي‪ ،‬وأٌُّمه‪ِ .:‬هند بنت عُتبة بن َربيعة بن عبد مشس‪.‬‬
‫عبد َمناف‪.‬‬ ‫يلتقي نسبه مع النيب صلى اهلل عليه وسلم يف ِ‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫ُولد معاوية قبل البعثة خبمس سنني على األشهر‪ ،‬وقيل بسبع‪ ،‬وقيل بثالث عشرة‪.‬‬
‫وأمه فاختة بنت َقَرظة‬ ‫تزوج يف عهد عمر رضي اهلل عنه‪ ،‬وله من األوالد‪ :‬عبد الرمحن‪ُّ ،‬‬
‫بن عبد عمرو بن نوفل بن عبد مناف‪ ،‬ومل يُعقب‪..‬‬
‫ويَزيد الذي توىل اخلالفة‪ ،‬وأ ُُّمه َمْي ُسون بنت حَب دل ال َكلبية‪ ،‬وله عقب‪.‬‬
‫وأمه فاختة‪ ،‬وال عقب له من الذكور‪.‬‬ ‫وعبد اهلل‪ ،‬ولقبه‪ُ :‬منقب‪ُّ .،‬‬
‫رب املشارق‪ ،‬وعاتِكة‪.‬‬‫وصفيّة‪ ،‬وأمةُ ِّ‬ ‫ِ‬
‫ور ْملة‪َ ،‬‬ ‫وهند‪َ ،‬‬
‫وتزوج نائلة بنت عُمارة ال َكلبية‪ ،‬وقريبة بنت أيب أمية املخزومية‪ ،‬و َكْتوة بنت قرظة‪.4‬‬
‫َجلَح‪ ،‬إذا ض‪.. .‬حك انقلبت َش‪َ . .‬فتُه‬ ‫ِ‬
‫فأما حليتُ‪.. .‬ه‪ :‬فقد ك‪.. .‬ان ط‪.. .‬ويال‪ ،‬أبيض‪ ،‬مجيال‪َ ،‬مهيب‪.. .‬ا‪ ،‬أ ْ‬
‫العُليا‪ ،‬وأصابته لَ ْق َوةٌ آخر عُ ُم ِره‪.‬‬
‫خيضب باحلِنَّاء وال َكتم‪ ،‬ويص ّفر حليته حىت تكون كالذهب‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫وكان‬
‫وع ْقله‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫‪5‬‬
‫ضرب املَثَ ُل حب ْلمه َ‬
‫صحة ال ُفقهاء ‪ ،‬ويُ ُ‬ ‫وكان من ال َكتَبة احلَ َسبة ال َف َ‬
‫وبعد إس ‪..‬الم أبيه أيب س ‪..‬فيان‪ :‬انتق ‪.َ .‬ل وأهلَه إىل املدين ‪..‬ة‪ ،‬وآخى رس ‪..‬ول اهلل ص ‪..‬لى اهلل عليه‬
‫وس ‪..‬لم بني معاوية واحلُت ‪..‬ات بن يزيد املجا ِش‪. .‬عي‪ ،‬وت ‪..‬ويف النيب ص ‪..‬لى اهلل عليه وس ‪..‬لم وهو‬
‫ُ‬
‫عن معاوية ٍ‬
‫راض‪.‬‬
‫مكث أمريا على الشام يف خالفة عمر وعثمان عشرين سنة‪ ،‬مث خليفةً للمسلمني مثلَها‪.‬‬

‫‪ 4‬انظر املعارف البن قتيبة الدينوري (ص‪ )350-349‬وتاريخ الطربي (‪)5/329‬‬


‫‪ 5‬انظر معرفة الصحابة أليب نُعيم (‪)5/2496‬‬

‫‪5‬‬
‫ت‪.. .‬ويف بدمشق للنصف من رجب س‪.. .‬نة س‪.. .‬تني‪ ،‬وص‪. . .‬لّى عليه الض‪.. .‬حاك بن قيس ِ‬
‫الف ْ‪.‬ه ‪..‬ري‬
‫رضي اهلل عنه‪.‬‬
‫وعاش معاوية مثانية وسبعني عاما‪ ،‬وقيل غريُ ذلك‪ ،‬رضي اهلل عنه وأرضاه‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫من فضائل معاوية" رضي اهلل عنه في القرآن الكريم‪:‬‬

‫أنزل َسكينَتَهُ على رس‪.‬ولِه وعلى املؤم‪.‬نني‪ ،‬وأن َ‪.‬ز َل ُجن‪.‬وداً مل َتَروه‪.‬ا‪،‬‬
‫‪ -‬قال اهلل تعاىل‪( :‬مثَّ َ‬
‫ب الّذين كفروا‪ ،‬وذلك َجزاءُ الكافرين) [التوبة‪]26 :‬‬ ‫َّ‬
‫وعذ َ‬
‫ومعاوية رضي اهلل عنه من ال ‪..‬ذين ش ‪..‬هدوا غ ‪..‬زوة ُح‪..‬نني املقص ‪..‬ودة يف اآلي ‪..‬ات‪ ،‬وك ‪..‬ان من‬
‫املؤمنني الذين أنزل اهلل سكينتَه عليهم مع النيب صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬

‫‪.‬ك أعظَ ُم‬ ‫‪ -‬وق‪.. .‬ال ج‪.َّ . .‬ل وعال‪( :‬ال يَس‪.. .‬تَوي ِمنكم َمن أَنف‪.َ . .‬ق ِمن قَب‪.ِ . .‬ل ِ‬
‫الفتح وقاتَ‪.. .‬ل‪ ،‬أولئ‪َ . .‬‬
‫الذين أنفقوا ِمن بَع ُ‪.‬د وق‪.‬اتَلوا‪ ،‬و ُكالً َو َع َ‪.‬د اهللُ احلُس‪.‬ىن‪ ،‬واهللُ مبا تَعمل‪.‬ون َخب‪.‬ري)‬ ‫درجةً م َن َ‬
‫ِ‬
‫َ‬
‫[احلديد‪]10 :‬‬
‫قلت‪ :‬ومعاوية رضي اهلل عنه ال خيلو أن يكون على حالَني‪ :‬أن يك‪..‬ون قد أس‪.‬لم قبل فتح‬
‫ابن َح َجر فيما ي‪.. .‬أيت‪ ،‬أو يك‪.. .‬ون بعد ذل‪.. .‬ك‪ ،‬وقد أنفق‬ ‫ظ ُ‬‫‪.‬حح احلاف ‪ُ . .‬‬ ‫رجح وص‪ّ . .‬‬ ‫مكة كما ّ‬
‫وع‪.َ . .‬دهم اهلل‬ ‫وقاتل يف ُح‪.. .‬نني والط ‪.. .‬ائف مع رس ‪.. .‬ول اهلل ص ‪.. .‬لى اهلل عليه وس ‪.. .‬لم‪ ،‬فهو ممن َ‬
‫ِ‬ ‫احلُسىن بنص اآلي‪..‬ة‪ ،‬واحلُس‪..‬ىن‪ :‬اجلنّ‪..‬ة‪ ،‬كما ق‪..‬ال تع‪..‬اىل‪َّ َّ :‬‬
‫ت هَلُم منَّا احلُ ْس ‪.‬ىَن‬
‫ذين َس ‪َ.‬ب َق ْ‬
‫(إن ال َ‬
‫ت أَْن ُف ُس ‪. .‬هم خالِ‪.ُ . .‬دون)‬ ‫وه ْم فيما ا ْش‪َ. . .‬ت َه ْ‬
‫ِ‬
‫‪.‬ك َعْنها ُمْب َع‪.. .‬دون‪ ،‬ال يَ ْس‪َ . . .‬معون َحسي َس‪. . .‬ها ُ‬‫أولئ ‪َ . .‬‬
‫[األنبياء‪]101 :‬‬

‫اع ِة‬ ‫ِ َّ‬ ‫ِ‬


‫ذين اتََّبعُ ‪..‬وهُ يف َس ‪َ .‬‬ ‫‪.‬اب اهللُ َعلَى النَّيِب ِّ واملُه ‪..‬اج َ‬
‫رين واألنْص ‪..‬ار ال َ‬ ‫‪ -‬وق ‪..‬ال تع ‪..‬اىل‪( :‬لََق ‪ْ .‬د ت ‪َ .‬‬
‫‪.‬اب َعلَْي ِهم‪ ،‬إنَّهُ هِبِم َر ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حيم)‬
‫ؤوف َر ٌ‬ ‫‪.‬وب فَري‪.ٍ .‬ق منهم مُثَّ ت‪َ .‬‬ ‫العُ ْس ‪َ.‬ر ِة م ْن َب ْع‪..‬د ما ك‪َ .‬‬
‫‪.‬اد يَِزي‪.ُ .‬غ قُل‪ُ .‬‬
‫[التوبة‪]117 :‬‬
‫وساعةُ العُسرة هي غزوةُ َتبُوك‪ ،‬وقد َش ِه َدها ُمعاوية رضي اهلل عنه‪.6‬‬

‫"غزوت مع النيب صلى اهلل عليه وسلم‬


‫ُ‬ ‫‪ 6‬ولعظيم فضل هذه الغزوة قال يَعلى بن أميّة رضي اهلل عنه‪:‬‬
‫غزو َة تبوك‪ ،‬فهو أوثق أعمايل يف نفسي"‪ .‬متفق عليه‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫بني أي ‪..‬ديْهم‬
‫‪.‬ور ُه ْم يَس ‪..‬عى َ‬
‫‪.‬ذين َآمن ‪..‬وا َمع ‪..‬ه‪ ،‬نُ ‪ُ .‬‬ ‫‪.‬وم ال خُيْ ‪ِ .‬ز ْي اهللُ الن َّ‬
‫َّيب وال ‪َ .‬‬ ‫‪ -‬وق ‪..‬ال تع ‪..‬اىل‪( :‬ي ‪َ .‬‬
‫وبأمْي اهِن م) [التحرمي‪]8 :‬‬
‫اآلج ِّ‪.‬ري يف الش‪..‬ريعة (‪ )5/2432‬عن معاوية رضي اهلل عن‪..‬ه‪" :‬فقد ض‪..‬من اهلل‬ ‫قال اإلمام ُ‬
‫برسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم"‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫الكرمي بأن ال خُي زيه‪ ،‬ألنه مم َّْن َآم َن‬

‫وانظر جمموع فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية (‪)465-4/458‬‬

‫من فض " ""ائل معاوية" رضي اهلل عنه ثب " ""وت كونه كاتبا للن " ""بي ص " ""لى اهلل عليه وس " ""لم‪،‬‬
‫وكتابته الوحي‪:‬‬

‫‪ -‬روى مس ‪..‬لم يف ص ‪..‬حيحه (رقم ‪ 2501‬أو ‪ 16/62‬مع ش ‪..‬رح الن ‪..‬ووي) من ح ‪..‬ديث‬
‫‪.‬نيهن‪ .‬ق‪.. .‬ال‪ :‬نعم‪ .‬ق‪.. .‬ال‪ :‬عن‪.. .‬دي‬ ‫ثالث أ ِ‪.‬‬
‫َعط ‪ّ .‬‬ ‫‪.‬يب اهلل‪ٌ ،‬‬ ‫ابن عب‪.. .‬اس‪ :‬أن أبا س‪.. .‬فيان ق‪.. .‬ال‪ :‬يا ن‪َّ . .‬‬
‫ُزو ُجكه ‪..‬ا‪ .‬ق ‪..‬ال‪ :‬نعم‪ .‬ق ‪..‬ال‪ :‬ومعاوية‬ ‫ِ‬
‫أحس ‪.ُ .‬ن الع ‪..‬رب وأمجلُه ُّأم َحبيبة بنت أيب س ‪..‬فيان؛ أ ّ‬
‫كنت أقات ‪.ُ .‬ل‬
‫‪.‬ؤمرين حىت أقاتل الكف‪.. .‬ار كما ُ‬ ‫جتعلُه كاتبا بني ي ‪..‬ديك‪ .‬ق ‪..‬ال‪ :‬نعم‪ .‬ق ‪..‬ال‪ :‬وت‪ّ . .‬‬
‫‪7‬‬
‫املسلمني؟ قال‪ :‬نعم‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫واحلديث صححه أيضا أبوعوانة (رواه ابن عساكر ‪ 23/459‬من طريق مستخرجه)‪ ،‬وابن حب‪..‬ان‬
‫(‪ ،)16/189‬والاللك‪.. .‬ائي (‪ ،)8/1443‬واجلورق‪.. .‬اين يف األح‪.. .‬اديث الض‪.. .‬دية من كتابه األباطيل (‬
‫‪ ،)1/189‬وابن الص‪.. .‬الح (ذك‪.. .‬ره الن‪.. .‬ووي ‪ ،)16/63‬وابن كثري يف تارخيه (‪ 11/400‬بإش‪.. .‬راف‬
‫الرتكي)‪.‬‬
‫رد اإلش‪..‬كال‬ ‫‪.‬رف ت‪..‬زويج أم حبيبة يف تلك الس‪..‬نة‪ ،‬وقد أط‪..‬ال يف ِّ‬ ‫علما ب‪..‬أن بعض العلم‪..‬اء استش‪..‬كل ح‪َ .‬‬
‫احملب الط‪.. . . . .‬ربي يف جواباته (كما يف حاش‪.. . . . .‬ية الس ‪.. . .‬نن البن القيم ‪ )6/76‬وابن حجر يف اإلص‪.. . . . .‬ابة (‬
‫ُّ‬
‫ابن كثري ج‪.. .‬زءا مف‪.. .‬ردا يف دفع الش‪.. .‬به عن احلديث وذكر‬ ‫ظ ُ‬ ‫‪ )142-8/141‬وغريُمها‪ ،‬وأف ‪.. .‬رد احلاف‪ُ . . .‬‬
‫اعت‪.. . . . . .‬ذار األئمة عن‪.. . . . . .‬ه‪ ،‬كما يف تارخيه (‪ 6/149‬و‪ 8/354‬و‪ )11/401‬والعواصم والقواصم البن‬
‫ال‪..‬وزير (‪ ،)3/94‬وك‪..‬ذا احلافظ مشس ال‪..‬دين حممد بن عبد اهلادي‪ ،‬كما يف ذيل طبق‪..‬ات احلنابلة البن‬
‫رجب (‪ ،)2/437‬وتوسع يف ال‪.. . . . .‬دفاع عنه خليل مال خ‪.. . . .‬اطر من املعاص‪.. . . .‬رين يف كتاب‪.. . . . .‬ه‪ :‬مكانة‬

‫‪8‬‬
‫‪ -‬روى الطيالسي (‪ )4/465‬وأمحد (‪ 1/291‬و‪ )335‬واآلج‪..‬ري (‪ )1937‬وال‪..‬بيهقي‬
‫يف ال‪..‬دالئل (‪ )6/243‬وغ‪..‬ريهم بس‪..‬ند جيد عن ابن عب‪..‬اس أن النيب ص‪..‬لى اهلل عليه وس‪..‬لم‬
‫قال‪" :‬اذهب فادعُ يل معاوية"‪ ،‬قال ابن عباس‪ :‬وكان كاتِبَه‪.‬‬
‫وص‪..‬ححه ابن عس‪..‬اكر (‪ )59/106‬وال‪..‬ذهيب يف ت‪..‬اريخ اإلس‪..‬الم (‪ ،)4/309‬وأص ‪.‬لُه يف‬
‫صحيح مسلم (‪)2604‬‬

‫يكتب بني‬
‫‪ -‬وعن عبد اهلل بن عم‪..‬رو بن الع‪..‬اص رضي اهلل عنهما ق‪..‬ال‪ :‬إن معاوية ك‪..‬ان ُ‬
‫ي َدي ِ‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬ ‫َ‬
‫رواه أبوعوانة (البداية والنهاية ‪ )11/403‬وال‪.. . . . . . .‬بزار (زوائ‪.. . . . . . .‬ده ‪ 3/267‬رقم ‪)2722‬‬
‫واآلج ‪..‬ري (‪ )1936‬من طريق األعمش‪ ،‬عن عم ‪..‬رو بن ُم ‪.َّ .‬رة‪ ،‬عن عبد اهلل بن احلارث‪،‬‬
‫الزبَيدي‪ ،‬عن عبد اهلل به‪.‬‬
‫عن أيب َكثري ُّ‬
‫وإسناده حسن"‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫قال اهليثمي يف اجملمع (‪" :)9/357‬رواه الطرباين‪،‬‬
‫قلت‪ :‬أبوكثري اختُلف يف امسه‪ ،‬وهو ثقة‪ ،‬واإلسناد كما قال اهليثمي أو أعلى‪.‬‬

‫الص‪..‬حيحني (ص‪ ،)411-387‬وس‪..‬عد املرص‪..‬في يف ج‪..‬زء مف‪..‬رد مساه‪ :‬دف‪..‬اع عن ح‪..‬ديث فض‪..‬ائل أيب‬
‫سفيان رضي اهلل عنه‪ ،‬واجلزء مطبوع‪.‬‬
‫‪.‬النيب ص‪..‬لى اهلل عليه وس‪..‬لم قبل‬
‫‪.‬دار اإلش‪..‬كال أن أهل ال ِّس‪.‬رَي واملغ‪..‬ازي أمجع‪..‬وا على زواج ِّأم َحبيبة ب‪ِّ .‬‬
‫وم‪ُ .‬‬
‫ه‪..‬ذا الت‪..‬اريخ يقين‪..‬ا‪ ،‬وعلى كل ح‪..‬ال‪ ،‬فب‪..‬اقي احلديث ‪-‬وفيه حمل الش‪..‬اهد‪ -‬واق‪.ٌ .‬ع ال إش‪..‬كال في‪..‬ه‪ ،‬كما‬
‫ابن‬
‫ابن عس‪..‬اكر (‪ )69/147‬وال‪..‬ذهيب (السري ‪ ،)2/222‬بل ق‪..‬ال ُ‬ ‫‪.‬بيهقي (‪ )7/140‬وأش‪..‬ار ُ‬‫ص‪.ّ .‬رح ال‪ُّ .‬‬
‫‪.‬ب الكتابة‬
‫كثري (‪" :)355-8/354‬ولكن فيه من احملف ‪..‬وظ‪ :‬ت ‪..‬أمريُ أيب س ‪..‬فيان‪ ،‬وتوليتُه معاوي ‪.‬ةَ منص ‪َ .‬‬
‫بني يديه صلوات اهلل وسالمه عليه‪ ،‬وهذا ق ْد ٌر متف ٌق عليه بين الناس قاطبة"‪.‬‬
‫قلت‪ :‬فإذا تبنّي هذا عُلم أن من طعن باحلديث كله اآلن؛ متذرعا بإشكالية حرف واحد منه‪ :‬إمنا‬
‫والتدليس عند أهل‬
‫ُ‬ ‫ينصب على كامل احلديث‪،‬‬
‫ُّ‬ ‫الناس بأن الكالم‬
‫ويوهم َ‬
‫ُ‬ ‫بع هلواه يف الغالب‪،‬‬
‫هو ُمتّ ٌ‬
‫معلوم‪.‬‬
‫اهلوى ٌ‬

‫‪9‬‬
‫ِ‬
‫‪.‬ول اهلل‬
‫ع س‪.‬أال رس‪َ .‬‬ ‫‪ -‬وعن َس ْه ِل بن احلَْنظَليَّة األنصاري رضي اهلل عن‪..‬ه‪ :‬أن عَُيْينَ‪.‬ةَ واألَ ْق َ‪.‬ر َ‬
‫ب به هلم‪..‬ا‪ ،‬ففع‪.َ .‬ل‪ ،‬وختَ َمها رس‪..‬ول اهلل‬ ‫‪.‬أمر معاوي ‪.‬ةَ أن يكتُ َ‬
‫ص‪..‬لى اهلل عليه وس‪..‬لم ش‪..‬يئا‪ ،‬ف‪َ .‬‬
‫صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وأ ََمر بدفعه إليهما‪ ..‬احلديث‪.‬‬
‫رواه أب‪..‬وداود (‪ )1629‬وأمحد (‪ )4/180‬وابن ش‪..‬بّة يف أخب‪..‬ار املدينة (‪ )911‬وابن أيب‬
‫عاصم يف اآلح‪.. . .‬اد واملث‪.. . .‬اين (‪ )4/104‬وابن حب‪.. . .‬ان (‪ 2/303‬و‪ )8/187‬والط ‪.. .‬رباين (‬
‫‪ 6/97‬رقم ‪ )5619‬واآلج‪.. . .‬ري (‪ )1939‬وأب‪.. . .‬ونعيم يف معرفة الص‪.. . .‬حابة (‪)3/1310‬‬
‫والبيهقي (‪ )7/25‬وابن عساكر (‪ 67/157‬وفيه سقط)‬
‫سهل به‪.‬‬
‫السلُويل‪ ،‬أنه مسع َ‬ ‫كلهم من طريق ربيعة بن يزيد‪ ،‬حدثين أبو َكبشة َّ‬
‫وس ‪..‬نده ص ‪..‬حيح‪ ،‬وق ‪..‬ال األلب ‪..‬اين‪ :‬إس ‪..‬ناده ص ‪..‬حيح على ش ‪..‬رط مس ‪..‬لم‪( .‬ص ‪..‬حيح س ‪..‬نن أيب‬
‫داود الكبري ‪)5/332‬‬

‫النيب ‪-‬صلى اهلل عليه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫للوح ِي؛ وائتمان ِّ‬
‫وأمر كتابة معاوية ْ‬
‫‪ -‬وغري ذلك من األخبار‪ُ ،‬‬
‫السرَي واملغازي والتواريخ معروفٌ ومسطور‪.8‬‬
‫عليه مشهور‪ ،‬ويف ِّ‬‫وسلم‪ِ -‬‬
‫وقال شيخ اإلسالم ابن تيمية يف منهاج السنة (‪" :)4/439‬استَكْتَبَه النيب صلى اهلل عليه‬
‫وسلم خلِْبَرتِه وأمانته"‪.‬‬

‫‪ 8‬زعم بعض متأخري الشيعة أن معاوية رضي اهلل عنه ال يثبت يف كتابته للنيب صلى اهلل عليه وسلم‬
‫عرج عليه أصال! إال أن كتابة معاوية‬
‫خربٌ‪ ،‬ورغم أن كالمهم يف التصحيح والتضعيف مما ال يُ َّ‬
‫صحيحة ثابتة يف كتبهم على شرطهم (!!) يف الرجال‪ ،‬فروى شيخهم الصدوق (‍‍!) يف معاين‬
‫األخبار (ص‪ 346‬طبعة انتشارت إسالمي‪ ،‬بتحقيق علي الغفاري‪ ،‬أو ‪ 2/438‬طبعة النجف) بسند‬
‫اتفقوا على وثاقة رجاله واحدا واحدا إىل أيب جعفر الباقر قال‪" :‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه‬
‫وسلم –ومعاوية يكتب بني يديه‪ "..‬فذكر خربا باطال عندنا‪ ،‬ولكنه صحيح عندهم‪ ،‬واكتفيت‬
‫بالشاهد احلجة عليهم‪.‬‬
‫واخلرب نقله اجمللسي يف حبار األنوار (‪ 33/166‬و‪ ،)89/36‬وقال عاملهم األمحدي املياجني‪ :‬إن‬
‫سنده صحيح‪( .‬مكاتيب الرسول ‪ 1/119‬دار احلديث)‬

‫‪10‬‬
‫ومن فضائل معاوية رضي اهلل عنه كونه خال المؤمنين‪:‬‬

‫زوج النيب ص‪.. .‬لى اهلل عليه وس‪.. .‬لم؛ ِّأم َحبيبة َر ْملة بنت أيب س‪.. .‬فيان‬
‫فهو أخو ِّأم املؤم‪.. .‬نني؛ ِ‬
‫رضي اهلل عنهم‪ ،‬ولذلك ق‪.‬ال اإلم‪.‬ام أمحد‪ :‬أق‪..‬ول‪ :‬معاوية خ‪.‬ال املؤم‪.‬نني‪ ،‬وابن عمر خ‪.‬ال‬
‫‪9‬‬
‫املؤمنني‪ .‬رواه اخلالل يف السنة (‪ )2/433‬بسند صحيح‪.‬‬

‫وروى العجلي يف الثقات (‪ )1/314‬ومن طريقه ابن عساكر (‪ )15/88‬وابن العدمي (‬


‫‪ )6/2897‬بسند صحيح أن رجال سأل احلكم بن هش‪.‬ام الك‪.‬ويف‪ :‬ما تق‪.‬ول يف معاوي‪..‬ة؟‬
‫كل مؤمن‪.‬‬
‫خال ِّ‬
‫قال‪ :‬ذاك ُ‬

‫ب ونَسب ُمنقط‪.ٌ .‬ع ي‪..‬وم‬ ‫‪ -‬وقد ق‪..‬ال ص‪..‬لى اهلل عليه وس‪..‬لم يف احلديث الص‪..‬حيح‪" :‬كل َس‪.‬بَ ٍ‬
‫القيامة غري سبيب ونَسيب"‪ ،‬ويف رواية‪" :‬غري نسيب ِ‬
‫وصهري"‪..‬‬ ‫َ‬ ‫َ ََ‬
‫ابن كثري يف مسند الف‪..‬اروق (‪ ،)1/388‬وص‪..‬ححه‬ ‫بعضها ُ‬ ‫جو َد َ‬ ‫طرق كثرية‪َّ ،‬‬ ‫وللحديث ٌ‬
‫ابن ال َّس ‪َ . . .‬كن‪ ،‬واحلاكم‪ ،‬والض‪.. . .‬ياء‪ ،‬وال‪.. . .‬ذهيب‪ ،‬واأللب‪.. . .‬اين‪ ،‬وغ‪.. . .‬ريُهم‪ ،‬وانظر الص ‪.. .‬حيحة (‬
‫‪ )2036‬وخمتصر اس‪.. . . . . .‬تدراك ال‪.. . . . . .‬ذهيب على احلاكم (‪ )3/1521‬وال‪.. . . . . .‬روض البس‪.. . . .‬ام (‬
‫‪)1487‬‬
‫داخل يف هذا الفضل‪.‬‬ ‫وال شك أن معاوية ٌ‬
‫روى اخلالل يف الس‪.. . . . . . . .‬نة (‪ )2/433‬والاللك‪.. . . . . . . .‬ائي (‪ )8/1445‬عن عبد امللك بن عبد‬
‫احلميد امليم‪..‬وين‪ ،‬ق‪..‬ال‪ :‬قلت ألمحد بن حنب‪..‬ل‪ :‬أليس ق‪..‬ال النيب ص‪..‬لى اهلل عليه وس‪..‬لم‪ :‬ك‪.ُّ .‬ل‬
‫ِص‪.‬هر ونسب ينقطع إال ص‪..‬هري ونس‪..‬يب؟ ق‪..‬ال‪ :‬بلى‪ .‬قلت‪ :‬وه‪..‬ذه ملعاوي‪..‬ة؟ ق‪..‬ال‪ :‬نعم! له‬
‫صهر ونسب‪.‬‬
‫تثبيت اإلمام أمحد للحديث‪.‬‬
‫ويستفاد منه ُ‬
‫ُ‬ ‫إسناده صحيح‪،‬‬

‫‪ 9‬وأسهب يف جتويز أن يقال "معاوية خال املؤمنني"‪ :‬أبويعلى الفراء يف كتابه‪ :‬تنـزيه خال املؤمنني‬
‫(ص‪ 106‬وما بعده‪ ،‬طبعة دار النبالء‪ ،‬وص‪ 74‬حتقيق الفقيهي)‬

‫‪11‬‬
‫ومن فضائل معاوية‪:‬‬

‫روى البخاري يف صحيحه (‪ 6/102‬رقم ‪ 2924‬مع الفتح) عن أم َحَرام األنصارية‬


‫"أول ٍ‬
‫جيش من أ َُّميت يَغزون‬ ‫رضي اهلل عنها أهنا مسعت النيب صلى اهلل عليه وسلم يقول‪ُ :‬‬
‫"أنت فيهم"‪ .‬مث‬ ‫البحر قد أَوجبوا"‪ .‬قالت أم حرام‪ :‬قلت‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬أنا فيهم؟ قال‪ِ :‬‬
‫ََ‬ ‫َ‬
‫مغفور هلم"‪.‬‬
‫ٌ‪.‬‬ ‫يصر‬
‫يش من أ َُّميت يَغزون مدينة قَ َ‬ ‫"أول َج ٍ‬
‫قال النيب صلى اهلل عليه وسلم‪ُ :‬‬
‫فقلت‪ :‬أنا فيهم يا رسول اهلل؟ قال‪" :‬ال"‪.‬‬
‫ص ْفَرة األندلسي (ت‬ ‫ابن حجر والبدر العيين يف شرحهما عن املُهلَّب بن أيب ُ‬ ‫ونقل ُ‬
‫‪ )435‬أنه قال‪" :‬يف هذا احلديث منقبةٌ ملعاوية‪ ،‬ألنه أول من غزا البحر‪ ،‬ومنقبةٌ لولده‬
‫يزيد ألنه أول من غزا مدينةَ قيصر"‪.‬‬
‫قلت‪ :‬أرسل معاويةُ ابنَه يَزيد أمرياً على اجليش سنة ثنتني ومخسني‪ ،10‬حىت وصل أسوار‬
‫القسطنطينية‪ ،‬ومعه‪ .‬عدد من الصحابة رضوان اهلل عليهم‪ ،‬منهم عبد اهلل بن عمر‪ ،‬وعبد‬
‫ودفن‬
‫اهلل بن الزبري‪ ،‬وعبد اهلل بن عباس‪ ،‬ومنهم أبوأيوب األنصاري‪ .،‬وقد تويف هناك‪ُ ،‬‬
‫يزيد بذلك‪.‬‬
‫عند سورها كما أوصى َ‬
‫ت هلم به اجلنّة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫َوجبوا‪ :‬أي فعلوا فعالً َو َجبَ ْ‬
‫ابن حجر وغريُه‪ :‬معىن أ َ‬‫قال ُ‬
‫الفريايب‪ :‬وكان أول من غزا [يعين البحر] معاويةُ يف زمن عثمان بن عفان‪.‬‬ ‫وقال ِ‬
‫(الشريعة لآلجري ‪ 5/2441‬رقم ‪)1922‬‬
‫السـرَي‬
‫أهل ِّ‬
‫لف ُ‬ ‫املؤرخون‪ ،‬وقال ابن عبد الرب يف التمهيد (‪" :)1/242‬مل خيتَ ْ‬ ‫وعلى ذلك ِّ‬
‫ت معه ُّأم َحَرام‬ ‫ِ‬
‫حديث هذا الباب إ ْذ َغَز ْ‬ ‫لمت أن َغزا َة معاوية هذه املذكورةُ يف‬
‫فيما َع ُ‬
‫كانت يف ِخالفة عُثمان"‪.‬‬

‫ابن كثري وابن حجر‬


‫على قول أكثر العلماء‪ ،‬وقيل قبلها بسنة‪ ،‬وقيل سنة مخس ومخسني‪ ،‬واختار ُ‬
‫‪10‬‬

‫وغريُمها األول‪ ،‬وقد ثبت أن أمري تلك الغزوة يزيد‪ ،‬كما يف صحيح البخاري (‪ )1186‬وغريه‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫أصح األقوال يف غزوة معاوية أهنا كانت سنة مثان وعشرين‪( .‬فتح‬
‫إن َّ‬‫ابن َح َجر َّ‬
‫وقال ُ‬
‫الباري ‪)76-11/75‬‬

‫فضيلة أخرى تتصل بسابقتها‪:‬‬

‫روى البخاري (‪ 6282‬و‪ )6283‬ومسلم (‪ )1912‬عن أنس رضي اهلل عنه‪ ،‬عن أم‬
‫َحَرام ‪-‬وهي خالة أنس‪ ،‬قالت‪:‬‬
‫ضحك‪ ،‬فقلت‪ :‬ما‬‫ظ وهو يَ ُ‬ ‫عندنا‪ ،‬فاستيق َ‬ ‫النيب صلى اهلل عليه وسلم يوما َف َق َال َ‬ ‫أتانا ُّ‬
‫ظهر‬
‫ُريت قوما من ّأميت يَركبون َ‬ ‫وأمي؟ قال‪" :‬أ ُ‬ ‫أنت ّ‬ ‫رسول اهلل؛ بأيب َ‬ ‫َ‬ ‫ضحكك يا‬
‫َ‬ ‫يُ‬
‫َسَّرة"‪ ..‬فقلت‪ :‬ادعُ اهلل أن جيعلَين منهم‪ .‬قال‪" :‬فإن ِ‬
‫َّك منهم"‪.‬‬ ‫لوك على األ ِ‬
‫البحر كامل ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫فقلت‪ :‬ادعُ اهلل‬
‫ُ‬ ‫مقالته‪،‬‬ ‫مثل‬ ‫فقال‬ ‫ه‪،‬‬‫فسألت‬
‫ُ‬ ‫ضحك‪،‬‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫وهو‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫أيض‬ ‫ظ‬
‫َ‬ ‫فاستيق‬ ‫نام‪،‬‬ ‫قالت‪ :‬مثَّ‬
‫األولني"‪.‬‬ ‫ِ‬
‫أن جيعلين منهم‪ .‬قال‪" :‬أنت من ّ‬
‫فلما أن جاءت‬ ‫قال‪ :‬فتزوجها عبادة بن ِ‬
‫فح َملَها َم َعه‪ّ .،‬‬
‫بعد‪ ،‬فغََزا يف البحر؛ َ‬ ‫الصامت ُ‬ ‫َّ ُ َ‬
‫ت عُُن ُقها"‪.‬‬‫فصَر َعْتها؛ فانْ َدقَّ ْ‬
‫َقَّربَت هلا بغلة فركبَتها‪َ ،‬‬

‫أراد ‪-‬واهللُ‬ ‫ابن عبد الرب [التمهيد ‪َ :]1/232‬‬ ‫ابن حجر يف الفتح (‪" :)11/74‬قال ُ‬ ‫قال ُ‬
‫ورؤياهُ َو ْح ٌي‪ ،‬وقد‬ ‫َسرة يف اجلنّة‪ُ ،‬‬ ‫أعلم‪ -‬أنَّه رأى الغُزاةَ يف البح ِر ِمن أ َُّمته ُملوكا على األ ِّ‬
‫ك مت ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫قال اهلل تعاىل يف ِص ِ‬
‫َّكئون)‪،‬‬ ‫أهل اجلنَّة‪( :‬على ُسُر ٍر ُمتقابلني)‪ ،‬وقال‪( :‬على األَرائ ُ‬ ‫فة ِ‬
‫السُر ُر يف احلِجال‪[ .‬انتهى كالم ابن عبد الرب]‬ ‫واألرائك‪ُّ :‬‬
‫ُ‬
‫وقال ِعياض‪ :‬هذا حُم تَمل‪ ،‬وحُي تَ َم ُل أيضا أن يَكو َن خَرَب ا َعن َحاهِل م يف الغَْزو ِمن َس َع ِة‬
‫امللوك على األ ِ‬ ‫ِ‬
‫َسّرة‪.‬‬ ‫وجودة عُددهم‪ ،‬فكأهنم ُ‬ ‫أَحواهلم‪ ،‬وقوام أ َْم ِرهم‪ ،‬و َكثر ِة َع َددهم‪َ ،‬‬
‫بالتمثيل يف ُمعظَ ِم طُُرقِه‬
‫ِ‬ ‫لكن اإلتيا َن‬
‫َظهر‪ّ ،‬‬
‫واألول أ ُ‬
‫ُ‬ ‫قلت‪ :‬ويف هذا االحتمال بُع ٌد‪،‬‬
‫موقع‬
‫لك احلالة‪ ،‬أو ُ‬ ‫أمرهم‪ ،‬ال أهنم نالوا ذلك يف تِ َ‬ ‫يَ ُد ُّل على أنّهُ رأى ما ُ‬
‫يؤول إليه ُ‬

‫‪13‬‬
‫مثل ملوك الدنيا على‬
‫التشبيه أهنم فيما هم من النّعيم الذي أُثيبُوا به على جهادهم ُ‬
‫أ َِسَّرهتم‪ ،‬والتشبيهُ باحملسوسات أبلَ ُغ يف ِ‬
‫نفس السامع"‪.‬‬

‫الفضل العظيم‪ ،‬كان معاوية من أوىل الناس به‪ ،‬إذ أنه أمريُ تلك الغزاة‬
‫ُ‬ ‫فإذا تبنَّي هذا‬
‫ابن عبد الرب عن هذا احلديث يف التمهيد (‬ ‫باالتفاق؛ كما تقدَّم قريبا‪ ،‬وقد قال ُ‬
‫حتت رايَتِه ِمن َّ‬
‫األولني"‪.‬‬ ‫فضل ملعاوية رمحه اهلل‪ ،‬إذ َج َع َل َمن َغزا َ‬
‫‪" :)1/235‬وفيه ٌ‬
‫وع ّده اآلجري (‪ )5/2441‬والاللكائي (‪ )8/1438‬وغريمها من فضائل معاوية رضي‬
‫اهلل عنه‪.‬‬

‫ومما يتصل بفضائل معاوية‪:‬‬

‫روى اإلمام مسلم يف صحيحه (‪ 2010-4/2009‬رقم ‪ )2603‬حديث أنس رضي‬


‫اشرتطت‬
‫ُ‬ ‫تعلمني أن َشْرطي على ريب؟ أيّن‬
‫َ‬ ‫اهلل عنه مرفوعا‪ ،‬ويف آخ ِره‪" :‬يا أم ُسليم؛ أما‬
‫وأغضب كما يغضب البشر‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫بشر أرضى كما يرضى البشر؛‬ ‫فقلت‪ :‬إمنا أنا ٌ‬
‫على ريب ُ‬
‫بأهل أن جتعلَها له طهورا وزكاة وقُربة‬ ‫دعوت عليه من أميت بدعوة ليس هلا ٍ‬ ‫ُ‬ ‫فأميا أحد‬
‫تُقربه هبا منه يوم القيامة"‪.‬‬
‫النيب صلى اهلل‬
‫النووي بقوله‪" :‬باب َمن َلعنهُ ُّ‬
‫ُّ‬ ‫وسبق ذلك عدة أحاديث مثله‪َ ،‬عْن َون هلا‬
‫عليه وسلم أو سبَّه أو دعا عليه وليس هو أهال لذلك؛ كان له زكاةً وأجرا ورمحة"‪ ،‬مث‬
‫ابن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫من الباب نفسه (‪ 4/2010‬رقم ‪ )2604‬حديث َ‬ ‫مسلم َعقبَها مباشرة ض َ‬
‫أورد ٌ‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه‬‫ُ‬ ‫الصبيان‪ ،‬فجاء‬
‫ألعب مع ِّ‬‫"كنت ُ‬ ‫ُ‬ ‫عباس رضي اهلل عنهما قال‪:‬‬
‫اذهب وادعُ يل‬
‫فحطَأَين َحطْأة‪ ،‬وقال‪ْ :‬‬ ‫خلف باب‪ ،‬قال‪ :‬فجاء َ‬ ‫فتواريت َ‬
‫ُ‬ ‫وسلم‪،‬‬
‫فجئت فقلت‪ :‬هو يأكل‪ .‬قال‪ :‬مث قال يل‪ :‬اذهب فادعُ يل معاوية‪ .‬قال‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫معاوية‪ ،‬قال‪:‬‬
‫فجئت فقلت‪ :‬هو يأكل‪ ،‬فقال‪ :‬ال أشبع اهلل بطنَه"‪.‬‬ ‫ُ‬

‫‪14‬‬
‫قلت‪ :‬والعلماءُ املعتَرَب ون فهموا واستنبطوا من احلديث منقبةً ملعاوية رضي اهلل عنه‪،‬‬
‫اإلمام النووي يف تبويبه وشرحه‬ ‫صريح يف ذلك‪ ،‬وأ ّكد عليه ُ‬ ‫ٌ‬ ‫فصنيع اإلمام مسلم‬
‫ُ‬
‫للصحيح‪ ،‬فقال (‪" :)16/156‬وقد فهم مسلم رمحه اهلل من هذا احلديث أن معاوية مل‬
‫يكن مستحقا للدعاء عليه‪ ،‬فلهذا أدخله يف هذا الباب‪ ،‬وجعله غريُه من مناقب معاوية؛‬
‫ألنه يف احلقيقة يصري دعاء له"‪ ،‬وأشار هلذا البيهقي يف دالئل النبوة (‪ )6/243‬وعنده‬
‫ظ الذهيب يف السري (‬ ‫زيادة‪" :‬فما شبع بطنه أبدا"‪ ،‬وكذلك قرن احلديثني معاً احلاف ُ‬
‫وابن كثري يف البداية والنهاية (‬
‫‪ 3/124‬و‪ ،)14/130‬ويف تذكرة احلفاظ (‪ُ ،)2/699‬‬
‫‪ 11/402‬ط‪ .‬الرتكي) وغريُمها‪ ،‬وعدُّوه من فضائل معاوية‪.11‬‬
‫انتفع معاويةُ هبذه الدعوة يف ُدنياه وأُخراه‪ ،‬أما ىف دنياه فإنه ملا‬
‫وقال ابن كثري‪" :‬وقد َ‬
‫وبصل‬ ‫حلم كثري‬ ‫ٍ‬
‫ٌ‬ ‫سبع مرات‪ ،‬جُي اء بقصعة فيها ٌ‬ ‫يأكل يف اليوم َ‬
‫صار إىل الشام أمرياً كان ُ‬
‫فيأكل منها‪ ،‬ويأكل ىف اليوم سبع أكالت بلحم‪ ،‬ومن احللوى والفاكهة شيئا كثريا‪،‬‬
‫كل امللوك"‪.‬‬
‫يرغب فيها ُّ‬
‫ُ‬ ‫ويقول‪( :‬واهلل ما أشبع‪ ،‬وإمنا أعيا)‪ ،‬وهذه نعمةٌ ومعدةٌ‬
‫وقال عبد اهلل بن جعفر بن فارس يف زياداته على مسند الطيالسي (‪ 4/465‬ط‪.‬‬
‫يوم‬
‫أشبع اهلل بطنَه يف الدنيا حىت ال يكو َن ممّن جيوعُ َ‬
‫الرتكي)‪" :‬معناه ‪-‬واهلل أعلم‪ :‬ال َ‬
‫أطول الناس شبَعاً يف الدنيا‬
‫النيب صلّى اهلل عليه وسلم أنه قال‪ُ :‬‬ ‫اخلرب عن ِّ‬
‫القيامة‪ ،‬ألن َ‬
‫يوم القيامة"‪.‬‬
‫أطوهُل م ُجوعاً َ‬
‫َ‬
‫النووي رمحه اهلل يف شرحه لعبارة "ال أشبع اهلل بطنه"‪" .:‬إن ما وقع من َسبِّه‬
‫ُّ‬ ‫ومما أفاده‬
‫ت به عادةُ العرب يف‬ ‫[صلى اهلل عليه وسلم] ودعائه وحن ِوه ليس مبقصود‪ .،‬بل هو مما َجَر ْ‬
‫وح ْل َقى‪ ،‬ويف هذا احلديث‪ :‬ال‬ ‫ص ِل كالمها بال نيّة‪ ،‬كقوله‪ :‬تَ ِربَت ميينُك‪َ ،‬‬
‫وع ْقَرى‪َ ،‬‬ ‫َو ْ‬
‫‪ 11‬أعجبتين لَفتةٌ ِمن الشيخ ربيع بن عبد الرؤوف الزواوي وفقه اهلل إذ يقول‪" :‬انظر إىل أهل العلم‬
‫فرقَها‪ ،‬ألن قلوهَب م َسلِ َمت ألصحاب‬
‫كيف يبحثون عن الفضائل‪ ،‬وجَي معون شتاهتا‪ ،‬ويُر ّكبو َن ُمتَ ِّ‬
‫بعض أهل الكالم النصوص؛ ليخرتع للقوم‪ .‬ذُنوبا ونقائص‬ ‫يبت ُر ُ‬
‫الرسول صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬واليوم ُ‬
‫الكرام ص‪)62‬‬ ‫خالف بني الصحابة ِ‬‫ٍ‬ ‫يُطْلِقون‪ .‬األلسنة هبا"‪( .‬تصحيح األفهام حول ما أُثري من‬

‫‪15‬‬
‫كربت سنُّك‪ ،‬ويف حديث معاوية‪ :‬ال أشبع اهلل بطنه‪ ،‬وحنو ذلك‪ ،‬ال يقصدون بشيء‬
‫من ذلك حقيقةَ الدُّعاء‪ ،‬فخاف صلى اهلل عليه وسلم أن يصادف شيء من ذلك إجابة‪،‬‬
‫فسأل ربَّه سبحانه وتعاىل ورغب إليه يف أن جيعل ذلك رمحةً وكفارة وقُربة وطَهورا‬
‫وأجرا‪ ،‬وإمنا كان يقع هذا منه يف النادر والشاذ من األزمان‪ ،‬ومل يكن صلى اهلل عليه‬
‫وسلم فاحشا وال متفحشا وال ّلعانا وال ُمنتقما لنفسه"‪.‬‬
‫ك يا‬‫"ثكلتك أ ُُّم َ‬
‫َ‬ ‫وأفاد بعض طلبة العلم أن ِمن نظائر ذلك قولُه صلى اهلل عليه وسلم‪:‬‬
‫ُمعاذ"‪ .،‬ومن كالم العرب الذي ال يُقصد معناه‪ :‬ال أبا لك‪ ،‬وغري ذلك‪.‬‬
‫وقد أطنب اإلمام األلباين يف معىن هذا احلديث (السلسلة الصحيحة ‪167-1/164‬‬
‫رقم ‪ 82‬و‪ 83‬و‪)84‬‬

‫‪ -‬وكذلك روى مسلم يف صحيحه (‪ )1480‬حديث فاطمة بنت قيس رضي اهلل‬
‫لت ِ‬
‫فآذنيين"‪،‬‬ ‫عنها؛ ملا طلقها زوجها‪ ،‬فقال هلا رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪" :‬إذا حلَ ِ‬
‫َ‬
‫رسول‬
‫ُ‬ ‫أن ُمعاوية بن أيب ُسفيان وأبا َج ْه ٍم َخطَباين‪ ،‬فقال‬ ‫ت له َّ‬‫ت ذَ َك ْر ُ‬
‫فلما َحلَْل ُ‬
‫قالت‪ّ :‬‬
‫ِِ‬
‫لوك‬
‫فص ْع ٌ‬
‫ض ُع َعصاهُ عن عاتقه‪ ،‬وأما ُمعاوية ُ‬ ‫أبوجه ٍم فال يَ َ‬‫"أما َ‬ ‫اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ّ :‬‬
‫مال له‪ ."..‬احلديث‪.‬‬ ‫ال َ‬
‫اب‬
‫ضَّر ٌ‬
‫فرجل َ‬ ‫مال له‪ ،‬وأما َ ٍ‬ ‫ويف رواية عند مسلم‪" :‬أما ُمعاويةُ َفر ُج ٌل تَ ِر ٌ‬
‫أبوجهم ٌ‬ ‫ب ال َ‬
‫للنِّساء"‪.‬‬
‫"إن معاويةَ تَ ِرب خفيف احلال‪ ،‬وأبواجله ِم منه ِش َّدةٌ على الن ِ‬
‫ِّساء‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ٌ َ ُ‬ ‫ويف رواية عنده أيضا‪ُ َّ :‬‬
‫ب النِّساءَ‪ ،‬أو حنو هذا"‪.12‬‬ ‫أو يَض ِر ُ‬
‫ِِ‬
‫النيب صلى اهلل عليه وسلم من باب‬ ‫قلت‪ :‬لو كان يف دي ِن ُمعاويةَ أو ُخلُقه شيءٌ ل َذ َكَره ُّ‬
‫أوىل‪ ،‬ومل يكن من حاله عيب إال أنه خفيف ِ‬
‫ذات اليد وقتَها‪ ،‬إذ كان يف َّأو ِل شبابِه‬ ‫ٌ‬
‫‪ 12‬فائدة‪ :‬قال الرتمذي (رقم ‪ )1134‬عقب حديث فاطمة السابق‪" :‬معىن هذا احلديث عندنا ‪-‬واهلل‬
‫أخبَرتْهُ مل يُ ِشر عليها بغري الذي ذَ َكَرت"‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫رِب‬
‫أعلم‪ -‬أن فاطمة مل خُتْ ْهُ ب ِرضاها بواحد منهما‪ ،‬ولو َ‬

‫‪16‬‬
‫ند ‪-‬يف البخاري ومسلم‪ -‬وفيها أهنا‬ ‫رضي اهلل عنه‪ ،‬وحالُه يف املال يتبنَّي ُ يف قصة أ ُِّمه ِه َ‬
‫حيح‪ ،‬وليس يُعطيين ما يَكفيين‬‫رجل َش ٌ‬
‫"إن أبا ُسفيان ٌ‬ ‫النيب صلى اهلل عليه وسلم‪َّ :‬‬ ‫سألت ِّ‬
‫وولَ َد ِك باملعروف"‪..‬‬ ‫ِ‬ ‫وولَدي؛ إال ما أَخ ْذ ِ‬
‫ت منه وهو ال يَعلم؟ قال‪ُ :‬خذي ما يَكفيك َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫ومن فضائل معاوية‪:‬‬

‫روى ابن سعد (‪ 1/112‬حتقيق السلومي) ومن طريقه ابن عساكر (‪ )59/153‬عن‬
‫فأرسل إىل عائشةَ‪ :‬أن‬ ‫املدينة‪،‬‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫سفيا‬ ‫أيب‬ ‫بن‬ ‫ة‬
‫ُ‬ ‫معاوي‬ ‫م‬ ‫مرجانة أم علقمة‪ 13‬قالت‪" :‬قَ ِ‬
‫د‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ت به معي‪ ،‬حىت‬ ‫وش ْع ِره‪ ،‬فأ َْر َسلَ ْ‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم َ‬ ‫إيل بأنبجانية ِ‬
‫ّ‬ ‫أ َْر ِسلي َّ‬
‫وأفاض‬
‫َ‬ ‫فش ِربَه‬
‫بسها‪ ،‬وأخ َذ َش ْعَره فدعا مباء َفغَسلَه‪َ ،‬‬ ‫ت به عليه‪ ،‬فأخ َذ األنبجانيةَ َفلَ َ‬ ‫دخ ْل ُ‬
‫على ِج ْل ِده"‪.‬‬
‫وسنده جيد‪.‬‬

‫ومن فضائل معاوية‪:‬‬

‫النيب‬ ‫ِ‬
‫عن هند بنت عُْتبة (امرأة أيب ُسفيان‪ ،‬وأم معاوية رضي اهلل عنهم) أهنا جاءت إىل ِّ‬
‫أهل ِخباء‬
‫رسول اهلل‪ ،‬واهلل ما كان على ظهر األرض ُ‬
‫َ‬ ‫صلى اهلل عليه وسلم فقالت‪ :‬يا‬

‫‪ 13‬ومرجانة بنّي حاهلا بشار عواد يف حترير التقريب (‪ )4/433‬فقال‪" :‬صدوقة حسنة احلديث‪ ،‬فقد‬
‫روى عنها ابنُها علقمة‪ ،‬وبُكري بن األشج‪ ،‬وعلّق هلا البخاري يف صحيحه بصيغة اجلزم يف الصيام‪:‬‬
‫باب احلجامة والقيء للصائم‪ ،‬ووصله يف التاريخ الكبري ‪ ،2/180‬وقال العجلي‪ :‬مدنية تابعية ثقة‪،‬‬
‫وذكرها ابن حبان يف الثقات‪ ،‬وهي من رواة املوطأ‪ ،‬وهي موالة عائشة"‪.‬‬
‫قلت‪ :‬وقد صحح هلا العلماء‪ ،‬مثل الرتمذي وابن خزمية وابن حبان واحلاكم وابن عبد الرب يف‬
‫التمهيد (‪ )20/108‬وغريهم‪ ،‬وقال ابن سعد يف الطبقات (‪ :)8/490‬روى عنها ابنها علقمة بن‬
‫أيب علقمة أحاديث صاحلة‪ .‬قلت‪ :‬علقمة هو الراوي عنها ههنا‪ ،‬فالقلب‪ .‬ال يرتاب يف ثبوت األثر‪،‬‬
‫أطلت الكالم يف ثقة مرجانة لعدم‪ .‬اجتماع ذلك يف مظان ترمجتها‪.‬‬
‫وأن أقل أحواله احلُسن‪ ،‬وإمنا ُ‬

‫‪17‬‬
‫إيل من أن يُ ِذهَّلُ ُم اهللُ من أهل خبائك‪ ،‬مث ما أصبح اليوم على ظهر األرض أهل‬ ‫أحب ّ‬‫َّ‬
‫عزهم اهلل من أهل خبائك‪ .‬فقال النيب صلى اهلل عليه وسلم‪:‬‬ ‫إيل من أن يُ َّ‬
‫أحب َّ‬
‫خباء َّ‬
‫"وأيضا والذي نفسي بيده"‪ ...‬احلديث‪.‬‬
‫رواه البخاري يف مناقب هند من صحيحه (رقم ‪ )3825‬وكذا مسلم (‪ 3/1339‬رقم‬
‫‪)1714‬‬
‫قال ابن كثري يف البداية والنهاية (‪ 11/411‬ط‪ .‬الرتكي)‪" :‬فاملِدحة يف قوله "وأيضا‬
‫وكل‬
‫هند وأهلَها َّ‬
‫والذي نفسي بيده"‪ ،‬وهو أنه [صلى اهلل عليه وسلم] كان َي َو ُّد أن َ‬
‫أهل‬ ‫ِ‬
‫فأعزهم اهلل‪ ،‬يعين َ‬
‫حيب أن يَعّزوا‪ّ ،‬‬ ‫كافر يَذلّوا يف حال كفرهم‪ ،‬فلما أسلموا كان ُّ‬
‫خبائها"‪.‬‬
‫النيب‬
‫إعزاز ِّ‬
‫يؤكد َ‬‫يدل على ختصيص هند وأهل خبائها بالذات‪ ،‬مث مما ُ‬ ‫قلت‪ :‬واحلديث ُّ‬
‫غفر هلا ملا جاءته مبايعةً مع النساء‪ ،‬فنَزل‬
‫صلى اهلل عليه وسلم هلا بعد اإلسالم؛ أنه استَ َ‬
‫وصف املبايعات يف اآليات بأهنن من‬ ‫ُ‬ ‫(فبايعه َّن واستغفر هلن اهلل)‪ ،‬وجاء‬
‫ُ‬ ‫قول اهلل تعاىل‪:‬‬
‫ُ‬
‫السنَّة األصبهاين ‪،]2/571‬‬ ‫لقوام ُ‬
‫(املؤمنات)‪[ ..‬املمتحنة آية‪ 12 :‬وانظر احلُ َّجة ّ‬
‫دخل معاويةُ يف فضله‪ ،‬فهو من أهل خباء هند‪.‬‬ ‫واحلديث السابق يَ ُ‬
‫وكانت لمعاوية منـزلةٌ خاصة عند رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪:‬‬

‫روى مس‪.. . .‬لم يف ص‪.. . .‬حيحه (‪ 4/2075‬رقم ‪ )2701‬عن أيب س‪.. . .‬عيد اخلدري رضي اهلل‬
‫خرج معاويةُ على َح ْل َقة يف املسجد‪ ،‬فقال‪ :‬ما أجلَ َسكم؟ قالوا‪َ :‬جلَ ْسنا نَذ ُكر‬ ‫عنه‪ ،‬قال‪َ :‬‬
‫َجلسكم إال ذاك؟ قالوا‪ :‬واهلل ما أجلسنا إال ذاك‪.‬‬ ‫اهلل‪ .‬قال‪ :‬آهلل! ما أ َ‬
‫رسول اهلل صلى اهلل‬ ‫قال‪ :‬أَما إين مل أستَحلِ ْفكم هُت مةً لكم‪ ،‬وما كان أح ٌد مبْنـ ِزلَيت ِمن ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم خرج على ح ْل َقةٍ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫أقل َعنهُ حديثاً ميّن ‪ ،‬وإ ّن‬
‫عليه وسلم َّ‬
‫َ‬ ‫ََ‬
‫مده على ما هدانا‬ ‫ذكر اهللَ وحَن ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫من أصحابه‪ ،‬فقال‪" :‬ما أجلَ َس ُكم؟" قالوا‪َ :‬جلَ ْسنا نَ ُ‬
‫وم َّن به علينا‪ .‬قال‪" :‬آهلل! ما أَجلَ َسكم إال ذاك؟" قالوا‪ :‬واهلل ما أَجلَ َسنا إال‬ ‫لإلسالم؛ َ‬

‫‪18‬‬
‫عز‬
‫جربيل فأخربين أن اهلل َّ‬
‫ُ‬ ‫ذاك‪ .‬قال‪" :‬أ ََما إين مل أَستَ ْحلِ ْف ُكم هُت مةً لَ ُكم‪ ،‬ولكنّهُ أتاين‬
‫وجل يُباهي بكم املالئكة"‪.‬‬ ‫ًّ‬
‫قول معاوية‪" :‬وما كان أح ٌد مبْنـ ِزلَيت ِمن ِ‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه‬ ‫والشاهد من احلديث ُ‬
‫أقل َعنهُ حديثاً ِميّن "‪.‬‬ ‫وسلم َّ‬
‫ورواه ابن أيب عاصم يف اآلحاد واملثاين (‪ 1/380‬رقم ‪ )518‬والطرباين (‪19/363‬‬
‫السامي‪ ،‬عن سعيد‬ ‫رقم ‪ )854‬واآلجري (‪ )1947‬من طُُرق عن عبد األعلى َّ‬
‫وكنت يف ُكتّابِه‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ختنَه‪،‬‬
‫"كنت َ‬
‫ُ‬ ‫اجلَُريري‪ ،‬عن عبد اهلل بن بُريدة عن معاوية‪ ،‬بزيادة‪:‬‬
‫وكنت أ َُر ِّح ُل له نا َقتَه"‪.‬‬
‫وسنده صحيح‪ ،‬رجاله ثقات‪ ،‬وعبد األعلى مسع من اجلريري قبل اختالطه‪.‬‬ ‫ُ‬
‫واحلديث ع ّده اآلجري من فضائل معاوية‪.‬‬

‫ومن دالئل النبوة اإلخبار بخالفة معاوية‪:‬‬

‫ُروي يف التصريح بذلك حديث‪:‬‬


‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم هبا‪،‬‬
‫َ‬ ‫بعد أيب هريرة َيْتبَ ُع‬ ‫أن معاوية أخذ اإلداوة َ‬ ‫َّ‬
‫رأسهُ إليه َمَّرةً‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم َرفَ َع َ‬ ‫َ‬ ‫ض ُئ‬‫واشتكى أبوهريرة‪ ،‬فبينا هو يُ َو ِّ‬
‫واع ِد ْل"‪.‬‬ ‫ت أ َْمراً فَات َِّق اهلل َّ‬ ‫ِ‬ ‫أو َمَّرت ِ‬
‫وجل ْ‬
‫عز َّ‬ ‫ني‪ ،‬فقال‪" :‬يا معاوية‪ ،‬إ ْن َولْي َ‬
‫‪14‬‬
‫يت‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫قال‪ :‬فما ِزلْت أَظُ ُّن أيِّن مبتلى بعم ٍل لَِق ِ‬
‫َّيب صلى اهلل عليه وسلم حىت ابتُل ُ‬
‫ول الن ِّ‬ ‫ُ ً ََ‬ ‫ُ‬
‫‪ 14‬رواه ابن سعد (‪ 1/107‬السلومي) وأمحد (‪ 4/101‬واللفظ له) وابن أيب الدنيا (البداية والنهاية‬
‫‪ 11/412‬هجر) واآلجري (‪ 5/2477‬رقم ‪ )1968‬والاللكائي (‪ )8/1439‬وابن عساكر (‬
‫‪ )59/107‬من طريق عمرو بن حيىي بن سعيد‪ ،‬قال‪ :‬مسعت َجدِّي حيدِّث‪ :‬أن معاوية‪..‬‬
‫وهذا رجاله ثقات‪ ،‬وسعيد هو ابن عمرو بن سعيد بن العاص األ َُموي‪ ،‬من علماء قريش‪ ،‬وقرابة‬
‫البخاري يف تارخيه (‪ )3/496‬أن سعيدا مسع من أيب‬ ‫ُّ‬ ‫معاوية‪ ،‬وكان أبوه من ُوالة معاوية‪ ،‬وقد نص‬
‫هريرة وعائشة‪ ،‬وتوفيا قبل معاوية‪ ،‬رضي اهلل عن اجلميع‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫قابل للتحسني‪ ،‬كما ذهب البيهقي والذهيب‪.‬‬
‫مقارب ٌ‬
‫ٌ‬ ‫وهو حديث‬

‫ومن دالئل النبوة في اإلخبار بأن واليته رحمةٌ على األمة‪:‬‬

‫قال شيخ اإلسالم ابن تيمية‪ :‬جرى بعد موت معاوية من الفنت والفرقة واالختالف ما‬
‫مصداق ما أخرب به النيب صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬حيث قال‪" :‬سيكون نبوة‬
‫ُ‬ ‫ظهر به‬

‫لكن احلديث مرفوعا صورتُه صورةُ امل ْر َسل‪ ،‬إذ مل يُدرك سعي ٌد القصة‪ ،‬ولذلك حكم اهليثمي‬
‫ُ‬
‫وروي موصوال‪:‬‬ ‫بإرساله (اجملمع ‪ُ ،)5/186‬‬
‫فرواه أبويعلى (‪ 13/370‬رقم ‪ )7380‬عن سويد بن سعيد‪ ،‬حدثنا عمرو عن جده‪ ،‬عن معاوية‬
‫به‪.‬‬
‫ورواه البغوي يف معجم الصحابة (‪ )5/371‬عن سويد‪ ،‬لكنه مل يذكر الوصل بالعنعنة بني سعيد‬
‫ومعاوية‪.‬‬
‫قال ابن حجر عن رواية أيب يعلى‪ :‬سويد فيه مقال (اإلصابة ‪ ،)9/233‬فزيادته يف وصل السند ال‬
‫تصح‪.‬‬
‫ورواه ابن منده (البداية والنهاية ‪ 11/412‬هجر) ومن طريقه ابن عساكر (‪ )59/108‬بسند‬
‫صحيح إىل بشر بن احلكم‪ ،‬نا عمرو بن حيىي بن سعيد‪ ،‬عن جده‪ ،‬عن أيب هريرة‪ ،‬فذكره‪.‬‬
‫وأظن بشرا أو َم ْن دونه فَ ِه َم أن سعيداً أخذه من أيب هريرة‪ ،‬وهو حمتمل‪ ،‬وبشر ثقة‪ ،‬لكن احملفوظ‬
‫يف الرواية ما سبق‪.‬‬

‫وله طريق أخرى‪:‬‬


‫فرواه ابن أيب شيبة يف مسنده (املطالب العالية ‪ )16/434‬ويف املصنف (‪ )11/147‬وابن أيب‬
‫عاصم يف اآلحاد واملثاين (‪ 1/381‬رقم ‪ )522‬والطرباين يف الكبري (‪ )19/362‬واألوسط (‬
‫‪ 5/344‬رقم ‪ )5500‬واآلجري (‪ 5/2476‬رقم ‪ )1966‬والبيهقي يف الدالئل (‪)6/446‬‬
‫والديلمي يف الفردوس (‪ )5/394‬وقوام السنة األصبهاين يف احلجة (‪ )2/402‬وابن عساكر (‬
‫‪ )59/110‬ولؤلؤ يف جزئه (‪ )9‬من طريق إمساعيل بن إبراهيم بن أيب املهاجر‪ ،‬عن عبد امللك بن‬
‫عمري‪ ،‬قال‪:‬‬

‫‪20‬‬
‫ك‬
‫ك ورمحة‪ ،‬مث يكون ُم ْل ٌ‬
‫ورمحة‪ ،‬مث يكون خالفة نبوة ورمحة‪ ،‬مث يكون ُم ْل ٌ‬
‫‪15‬‬
‫َعضوض"‪..‬‬

‫ْت‬
‫أطمع يف اخلالفة منذ قال يل رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪" :‬إ ْن َملَك َ‬
‫ت ُ‬ ‫قال معاوية‪ :‬ما ِزلْ ُ‪.‬‬
‫َح ِس ْن"‪.‬‬‫فَأ ْ‬
‫وابن كثري (البداية والنهاية ‪ 11/143‬هجر) واهليثمي (اجملمع ‪ )5/189‬والبوصريي‬ ‫البيهقي ُ‬
‫ُّ‬ ‫وأعلَّه‬
‫يف إحتاف املهرة (‪/3/73‬ب) بضعف إمساعيل‪ ،‬ونص الطرباين على تفرده عن عبد امللك‪.‬‬
‫وقال الذهيب يف السري (‪ :)3/131‬ابن مهاجر ضعيف‪ ،‬واخلرب مرسل‪.‬‬

‫وله طريق ثالثة‪:‬‬


‫يرويها اجلراح بن خملد‪ ،‬واختُلف عليه‪:‬‬
‫فقال الطرباين يف األوسط (‪ 352-2/351‬رقم ‪ :)2204‬حدثنا أمحد بن احلسني اإلي َذجي‪.‬‬
‫وقال حممد بن مروان السعيدي يف اجملالسة ‪-‬ومن طريقه ابن عساكر (‪ :)59/109‬نا أمحد بن‬
‫سهل أبوغسان‪.‬‬
‫قاال‪ :‬نا اجلراح بن خملد‪ ،‬نا غالب بن راشد‪ ،‬حدثين أيب‪ ،‬عن غالب القطان‪ ،‬عن احلسن‪.‬‬
‫وقال أبوالشيخ ابن حيان‪ ،‬ومن طريقه ابن عساكر (‪ :)59/109‬نا أمحد بن حيىي بن زهري‬
‫التسرتي‪ ،‬وأبوبكر بن مكرم‪ ،‬قاال‪ :‬نا اجلراح‪ ،‬نا غالب بن راشد‪ ،‬حدثين أيب‪ ،‬عن غالب القطان‬
‫عن احلسن‪.‬‬
‫ورواه ابن شاهني‪ ،‬ومن طريقه قوام السنة األصبهاين يف احلجة (‪ :)2/403‬من طريق إبراهيم بن‬
‫عرق‪ ،‬ثنا اجلراح بن خملد‪ ،‬ثنا حيىي بن غالب بن راشد‪ ،‬نا أيب‪ ،‬عن احلسن‪.‬‬
‫قال احلسن قال‪ :‬مسعت معاوية يقول‪:‬‬
‫إيل‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫صببت يوما على رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم وضوءه‪ ،‬فرفع رأسه َّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫"أما إنك َستَلي أ َْمَر أ َُّميت بعدي‪ ،‬فإذا كان ذلك فاقبَ ْل من حُمْسنهم وجَت َاوز عن ُمسيئهم"‪.‬‬
‫ت مقامي‪.‬‬‫زلت أرجوها حىت قُ ْم ُ‬ ‫قال‪ :‬فما ُ‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫فكانت نبوة النيب صلى اهلل عليه وسلم نبوة ورمحة‪ ،‬وكانت خالفة اخللفاء الراشدين‬
‫‪16‬‬
‫ك عضوض‪..‬‬ ‫خالفة نبوة ورمحة‪ ،‬وكانت إمارة معاوية ُملكا ورمحة‪ ،‬وبعده وقع ُم ْل ٌ‬

‫ومن دالئل النبوة‪:‬‬

‫ويظهر أن االختالف من اجلراح‪ ،‬وهو ثقة‪ ،‬لكن من فوقه جماهيل‪ ،‬وحكم الذهيب على هذه الطريق‬
‫بالوضع‪( .‬امليزان ‪ ،)4/402‬وأقره ابن حجر يف اللسان (‪)6/273‬‬

‫وطريق رابعة‪:‬‬
‫روى اآلجري (‪ 5/2477‬رقم ‪ )1967‬من طريق أيب أمية الطرطوسي‪ ،‬ثنا حممد بن موسى‬
‫املصري‪ ،‬ثنا خالد بن يزيد بن صاحل بن صبيح‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن معاوية بن أيب سفيان رضي اهلل عنهما‬
‫قال‪:‬‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ذات يوم؛ أُفْ ِرغُ عليه من إناء يف يدي‪ ،‬فنظر َّ‬
‫إيل نظرة‬ ‫َ‬ ‫أوض ُئ‬
‫كنت ِّ‬ ‫ُ‬
‫ففزعت‪ ،‬فسقط اإلناء من يدي‪ ،‬فقال‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫شديدة‪،‬‬
‫وليت شيئاً ِم ْن أ َْم ِر أ َُّميت فات َِّق اهلل َو ْاع ِد ْل"‪.‬‬
‫"يا معاوية؛ إ ْن َ‬
‫زلت أطمع فيها منذ ذلك اليوم‪ ،‬وأسأل اهلل أن يرزقين العدل فيكم‪.‬‬ ‫فما ُ‪.‬‬
‫مصحفا عن البصري‪ ،‬ألن حممد بن موسى‬ ‫قلت‪ :‬غريب من هذا الوجه‪ ،‬املصري مل أعرفه‪ ،‬وليس َّ‬
‫احلََرشي البصري مل يدرك خالدا‪ ،‬وخالد ثقة‪ ،‬وأبوه مل أجد له ترمجة‪.‬‬

‫فاخلرب بطرقه وشواهده قابل للتحسني‪ .،‬وإليه مال البيهقي؛ كما يُظ ِه ُر صنيعُه يف دالئل النبوة (‬
‫‪ ،)6/446‬وقال الذهيب يف السري (‪ :)3/131‬ويُروى يف فضائل معاوية أشياء ضعيفة حُت تَ َمل‪،‬‬
‫منها‪ ..‬فذكر حديث "دعوا يل أصحايب وأصهاري"‪ ،‬مث ذكر حديث سعيد األموي‪ ،‬وقال عقبه‪:‬‬
‫وهلذا طرق مقاربة‪ ،‬وساق طريق إمساعيل بن املهاجر‪.‬‬
‫واهلل أعلم‪.‬‬
‫‪ 15‬رواه الطيالسي (‪ 1/349‬رقم ‪ 439‬ط‪ .‬الرتكي‪ ،‬ورقم ‪ 438‬هندية) وأمحد (‪ )4/273‬والبزار‬
‫(‪ )1588‬والدارقطين يف األفراد (أطرافه ‪ )3/24‬والعراقي يف حمجة القرب (رقم ‪ )84‬من حديث‬

‫‪22‬‬
‫روى مسلم يف صحيحه (‪ )2531‬عن أيب موسى رضي اهلل عنه‪ ،‬أن رسول اهلل صلى‬
‫النجوم أتى السماءَ ما‬
‫ُ‬ ‫ت‬
‫اهلل عليه وسلم قال‪" :‬النُّجوم أ ََمنةٌ ألهل السماء‪ ،‬فإذا َذ َهبَ ْ‬
‫يوعدون‪ ،‬وأصحايب أ ََمنَةٌ أل َُّميت‪،‬‬
‫ت أتى أصحايب ما َ‬ ‫وعد‪ ،‬وأنا َأمنَةٌ ألصحايب‪ ،‬فإذا َذ َهْب ُ‬‫تُ َ‬
‫يوعدون"‪.‬‬ ‫فإذا ذهب أصحايب أتى أ َُّميت ما َ‬
‫ارتد كثري من‬ ‫وقد وقع ذلك كما أخري الصادق األمني صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬فلما تُويف َّ‬
‫الناس‪ ،‬ووقع يف املسلمني اخلوف والضعف‪ ،‬وأتاهم ما يوعدون‪.‬‬
‫مث أقام اهلل الدين بأيب بكر الصديق رضي اهلل عنه‪ ،‬فأعادهم لإلسالم‪ ،‬وشرع يف فتح‬
‫الشام والعراق‪ ،‬مث انتشرت الفتوح واملغازي أيام عمر وعثمان رضي اهلل عنهما‪.‬‬
‫فلما ُشغل املسلمون بعد مقتل عثمان توقفت الفتوح‪ ،‬مث عادت ملا اجتمعت األمة على‬
‫معاوية‪.‬‬
‫أفاده ابن تيمية‪ ،‬وقال‪ :‬فلما ذهبت إمارة معاوية كثرت الفنت بني األمة‪ ،‬ومات سنة‬
‫وسعد بن أيب َوقّاص وأبوهريرة وزيد بن‬ ‫ُ‬ ‫واحلسن‬
‫ُ‬ ‫ستني‪ ،‬وكان قد مات قبله عائشةُ‬
‫وابن عباس وأبوسعيد‬ ‫ابن عمر ُ‬ ‫ثابت وغريُهم من أعيان الصحابة‪ ،‬مث بعده مات ُ‬
‫وغريُهم من علماء الصحابة‪.‬‬
‫مصداق ما أخرب به النيب صلى اهلل‬ ‫ث بعد الصحابة من البِ َد ِع ِ‬
‫والفنَت ِ ما ظَ َهَر به‬
‫ُ‬ ‫فح َد َ‬
‫َ‬
‫‪17‬‬
‫عليه وسلم‪.‬‬

‫حول ثبوت األحاديث الخاصة في فضائل معاوية‪:‬‬

‫حذيفة بن اليمان رضي اهلل عنهما‪ ،‬وسنده جيد‪ ،‬وقال اهليثمي يف اجملمع (‪ :)5/188‬رجاله ثقات‪،‬‬
‫وصححه العراقي واأللباين (الصحيحة رقم ‪)5‬‬
‫‪ 16‬سؤال يف يزيد بن معاوية‪ ،‬ضمن جامع املسائل الين تيمية (‪)5/154‬‬
‫‪ 17‬سؤال يف يزيد بن معاوية‪ ،‬ضمن جامع املسائل الين تيمية (‪ )5/156‬وراجعه للتوسع‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫روى ابن عساكر (‪ )59/106‬وابن اجلوزي يف املوضوعات (‪ )2/24‬من طريق أيب‬
‫عبد اهلل احلاكم‪ ،‬عن أيب العباس حممد بن يعقوب األصم‪ ،‬قال‪ :‬مسعت أيب يقول‪ :‬مسعت‬
‫إسحاق بن إبراهيم احلنظلي يقول‪ :‬ال يصح عن النيب صلى اهلل عليه وسلم يف فضل‬
‫معاوية بن أيب سفيان شيء‪.‬‬

‫رد ما ثبت من أح‪..‬اديث يف فضل معاوية رضي‬ ‫‪.‬الب َمن َّ‬ ‫قلت‪ :‬وعلى هذه العبارة اتكأ غ‪ُ .‬‬
‫راه ْويَ‪.‬ه‪ ،‬ف‪.‬الراوي عن‪.‬ه‪:‬‬
‫اهلل عن‪.‬ه‪ ،‬وهي عب‪.‬ارةٌ مل تثبت عن اإلم‪.‬ام إس‪.‬حاق؛ املع‪.‬روف ب‪.‬ابن ُ‬
‫ابن أيب ح ‪.. .‬امت وال ابن ِحبّ‪.. .‬ان مع‬
‫يعق ‪.. .‬وب بن الفضل ترمجتُه عزي ‪.. .‬زةٌ ج ‪.. .‬دا‪ ،‬إذ مل يَ ‪.. .‬ذ ُك ْره ُ‬
‫اس‪..‬تيعاهبما‪ ،‬إمنا ذك‪..‬ره اخلطيب يف تارخيه (‪ )14/286‬باقتض‪..‬اب ش‪..‬ديد‪ ،‬وترمجه ال‪..‬ذهيب‬
‫يف السري (‪ )15/453‬وت ‪..‬اريخ اإلس ‪..‬الم (وفي ‪..‬ات ‪ 277‬ص‪ ،)496‬ومل أجد فيه جرحا‬
‫وال تعديال‪.‬‬
‫‪.‬ديث‬
‫‪.‬ح ما ُروي يف فضل معاوية ح‪ُ .‬‬ ‫وقال احلافظ ابن عساكر بعد روايته له مع ّقب‪..‬ا‪" :‬وأص‪ُّ .‬‬
‫‪.‬يب [ص‪..‬لى اهلل عليه وس‪..‬لم]‪ ،‬فقد أخرجه مس‪..‬لم يف‬ ‫ِ‬
‫ب الن‪ِّ .‬‬‫أيب محزة عن ابن عب‪..‬اس أنه ك‪..‬ات ُ‬
‫‪.‬ديث العِرب‪.‬اض‪ :‬اللهم علّمه الكت‪..‬اب‪ ،‬وبع‪.‬ده ح‪.‬ديث ابن أيب َع ِ‪.‬م‪.‬رية‪:‬‬ ‫ص‪..‬حيحه‪ ،‬وبع‪.َ .‬ده ح ُ‬
‫اللهم اجعله هاديا مهديّا"‪.‬‬
‫ابن َح َجر اهليتَمي يُشكك يف‬‫ورأيت َ‬
‫ُ‬ ‫رد منه على الكالم املنسوب إلسحاق‪،‬‬ ‫فهذا ٌ‬
‫ثبوت التضعيف عن إسحاق‪ ،‬كما يف تطهري اجلَنان له (ص‪)12‬‬
‫احتج بعضهم ِبق ٍ‬
‫صة غري صرحية يف الباب تُروى عن اإلمام النَّسائي رمحه اهلل من‬ ‫ورمبا َّ ُ‬
‫وجوه خمتلفة املنت واملكان‪ ،‬انظرها يف هتذيب الكمال (‪ )339-1/338‬وبغية الراغب‬
‫املتَ َميِّن للسخاوي (ص‪ 132-127‬حتقيق العبد اللطيف‪ ،‬ص‪ 93-89‬حتقيق إبراهيم‬
‫ُ‬
‫بن زكريا)‪.18‬‬

‫تصحفت‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫املزي وحمقق كتابه للفظة يف القصة ّ‬
‫وجتد هناك توجيه ابن عساكر هلا‪ ،‬إضافة إىل ضبط ّ‬
‫‪18‬‬

‫تصحيفا قبيحا؛ اشتُهرت عند من ال يأخذ األخبار بالتدقيق‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫ِ‬
‫وتبويب‬ ‫تصحيح مَجْ ٍع من احلفاظ ألحاديث يف فضائل معاوية‪،‬‬ ‫كل هذا‬
‫وخُي الف َّ‬
‫ُ‬
‫وإفراد بعضهم ملناقبه‪ ،‬ويأيت شيءٌ من ذلك‪.‬‬
‫ُ‬ ‫بعضهم لذلك‪ ،‬كالرتمذي وغريه‪ ،‬بل‬
‫‪19‬‬
‫ِ‬
‫الفضائل ملعاوية رضي اهلل عنه‪.‬‬ ‫ظ أبوموسى املديين لثبوت مُج ٍلة من‬‫وأشار احلاف ُ‬
‫َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫فضيلة خاصة لمعاوية‪:‬‬

‫النيب صلى اهلل عليه وسلم ذَ َكر معاويةَ رضي اهلل عنه‪،‬‬
‫ثبت يف احلديث الصحيح أن َّ‬
‫‪20‬‬
‫واه ِد به"‪.‬‬
‫اج َع ْله هادياً َم ْهدياً‪ْ ،‬‬
‫فقال‪" :‬اللهم ْ‬

‫ونقل املزي عن ابن عساكر قوله‪" :‬وهذه احلكاية ال تدل على سوء اعتقاد أيب عبد الرمحن [يعين‬
‫النسائي] يف معاوية بن أيب سفيان وإمنا تدل على الكف يف ذكره بكل حال"‪.‬‬
‫فاذكر مناقب علي‪ ،‬وإذا‬ ‫كنت يف الشام ْ‬‫قول سفيان الثوري‪ :‬إذا َ‬ ‫ومما يفيد يف فهم قصة النَّسائي ُ‬
‫كنت بالكوفة فاذكر مناقب أيب بكر وعمر‪ .‬وقوله‪ :‬منعتنا الشيعة أن نذكر فضائل علي‪( .‬احللية‬ ‫َ‬
‫‪)7/27‬‬
‫وقول شعبة يف بيته بالكوفة‪ :‬لقد حدثنا احلكم‪ ،‬عن عبد الرمحن بن أيب ليلى‪ ،‬عن علي‪ ،‬عن النيب‬
‫بشيء؛ لو ح ّدثتُكم به لرقصتم! واهلل ال تسمعونه مين أبدا‪( .‬العلل لعبد اهلل بن‬ ‫صلى اهلل عليه وسلم ٍ‬
‫أمحد ‪ 3/354‬واحللية ‪ 7/157‬وتاريخ بغداد ‪)9/260‬‬
‫وكالم األئمة يف مثل هذا كثري‪ ،‬وإمنا اقتصرت على الثوري وشعبة إلمامتهما‪ ،‬وألهنما كوفيان‪.‬‬
‫‪ 19‬فقد أورد حكاية ال تصح عن علي بن احلسني رمحه اهلل يف فضل معاوية‪ ،‬مث عقَّب قائال‪ :‬معاوية‬
‫رضي اهلل عنه ذو فضائل مجة‪ ،‬وحال هذا اإلسناد ال خيفى على أهل العلم به‪ِ .‬‬
‫(ذ ْك ُر اإلمام احلافظ‬
‫احلسني بن عبد امللك اخلالّل ص‪102‬‬ ‫ُ‬ ‫ومن أدركهم من أصحابه أبوعبد اهلل‬ ‫أيب عبد اهلل بن منده َ‬
‫ِ‪.‬‬
‫للضعيف الذي مل يَثبت‪.‬‬ ‫اجلمةَ ُمقابِلَةً‬
‫الفضائل ّ‬
‫َ‬ ‫رقم ‪ ،)71‬فجعل‬
‫‪ 20‬رواه البخاري يف التاريخ (‪ )5/240‬والرتمذي (‪ )3842‬وابن سعد (‪ )7/418‬وابن أيب عاصم‬
‫يف اآلحاد واملثاين (‪ 2/358‬رقم ‪ )1129‬والبغوي يف معجم الصحابة (‪ )4/491‬والرتقفي يف‬
‫جزئه (‪/45‬أ) والطرباين يف مسند الشاميني (‪ )1/190‬واآلجري يف الشريعة (‪2438-5/2436‬‬
‫أرقام ‪ )1917-1914‬وابن بطة يف اإلبانة وابن منده والاللكائي (‪ 8/1441‬رقم ‪)2778‬‬

‫‪25‬‬
‫فضيلة ثانية خاصة بمعاوية‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ساب‪،‬‬ ‫"اللهم َعلِّ ْمهُ الك َ‬
‫تاب واحل َ‬ ‫َّ‬ ‫النيب صلى اهلل عليه وسلم دعا ملعاوية فقال‪:‬‬
‫ت أن َّ‬ ‫ثَبَ َ‬
‫‪21‬‬
‫العذاب"‪.‬‬ ‫ِِ‬
‫وقه َ‬

‫وأبونعيم يف الصحابة (‪ 4/1836‬رقم ‪ )4634‬واخلطيب يف تارخيه (‪ )1/207‬ويف تلخيص‬


‫املتشابه (‪ )1/406‬ويف تايل تلخيص املتشابه (‪ )2/539‬واجلورقاين يف األباطيل (‪ )1/193‬وابن‬
‫عساكر (‪ 6/62‬و‪ )82-59/81‬وابن اجلوزي يف العلل املتناهية (‪ 1/274‬رقم ‪ )442‬وابن األثري‬
‫يف أسد الغابة (‪ 3/313‬و‪ )4/386‬والذهيب يف السري (‪ )8/34‬من طريق أبي ُمسهر‪.‬‬
‫ورواه البخاري يف التاريخ (‪ )7/327‬وابن أيب عاصم (‪ )2/358‬والبغوي (‪ )4/490‬وأبوالشيخ‬
‫يف طبقات احملدثني بأصبهان (‪ )2/343‬وأبونعيم يف أخبار أصبهان (‪ )1/180‬وابن عساكر (‬
‫‪ )81-59/80‬واملزي يف هتذيب الكمال (‪ )17/322‬من طريق مروان بن محمد الطاطري‪.‬‬
‫ورواه ابن قانع (‪ )2/146‬واخلالل يف السنة (‪ 2/450‬رقم ‪ )697‬وابن عساكر (‪ )59/83‬من‬
‫طريق عمر بن عبد الواحد‪( .‬ويف حديثه قصة)‬
‫ورواه ابن عساكر (‪ )59/83‬من طريق محمد بن سليمان الحراني‪.‬‬

‫أربعتهم عن سعيد بن عبد العزيز‪ ،‬نا ربيعة بن يزيد‪ ،‬نا عبد الرمحن بن أيب َع ِمرية‪ ،‬قال‪ :‬مسعت‬
‫النيب صلى اهلل عليه وسلم أنه ذكر معاوية‪ ،‬وقال‪" :‬اللهم‪ .‬اجعله هاديا مهديا‪ ،‬واهد به"‬
‫ووقع التصريح بالسماع يف مجيع طبقات اإلسناد‪ ،‬وسنده صحيح‪ ،‬ورجاله ثقات أثبات‪ ،‬وهو إىل‬
‫صحابيّه عبد الرمحن على شرط مسلم‪ ،‬فقد احتج برواية أيب ُمسهر‪ ،‬عن سعيد‪ ،‬عن ربيعة‪.‬‬

‫ورواه الوليد بن مسلم عن سعيد‪ ،‬واختلف عليه‪ ،‬فرواه أمحد (‪ )4/216‬ومن طريقه ابن عساكر‬
‫(‪ )59/83‬عن علي بن حَب ر‪ ،‬حدثنا الوليد بن مسلم‪ .،‬حدثنا سعيد‪ ،‬كما رواه اجلماعة آنفا‪.‬‬
‫ورواه ابن عساكر (‪ )6/62‬من طريق حممد بن جرير الطربي‪ ،‬نا أمحد بن الوليد‪ ،‬نا هشام بن عمار‬
‫وصفوان بن صاحل‪ ،‬قاال‪ :‬نا الوليد بن مسلم‪ .،‬نا سعيد به‪ ،‬كرواية اجلماعة‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫ذكر بعض من أفرد فضائل معاوية" رضي اهلل عنه بالتصنيف‪:‬‬

‫صنَّف احلافظ أبوبكر بن أيب الدنيا (ت‪ )281 :‬كتابا يف ِح ْلم معاوية (املوجود منتقى‬
‫منه جمرد األسانيد‪ ،‬خمطوط يف الظاهرية‪ ،‬ويُستخرج أغلبُه من تاريخ ابن عساكر)‪،‬‬
‫وصنّف يف مناقبه أبوبكر ابن أيب عاصم (ت‪ ،)287 :‬وأبوعمر غالم ثعلب (ت‪:‬‬

‫ورواه ابن عساكر (‪ )59/81‬من طريق الساجي‪ ،‬نا صفوان‪ ،‬نا الوليد بن مسلم ومروان بن حممد‬
‫به مثله‪.‬‬

‫ولكن رواه اخلالل يف السنة (‪ 2/451‬رقم ‪ )699‬وابن قانع (‪ )2/146‬والطرباين يف األوسط (‬


‫‪ )660‬وأبونعيم يف احللية (‪ )8/358‬وقوام السنة األصبهاين يف احلجة (‪ )2/404‬من طريق زيد‬
‫بن أيب الزرقاء (ح)‬
‫ورواه الطرباين يف مسند الشاميني (‪ 1/181‬و‪ )3/254‬وأبونعيم يف احللية (‪ )8/358‬ومن‬
‫طريقهما ابن عساكر (‪ )59/83‬والذهيب يف السري (‪ )8/34‬من طريق علي بن سهل‪ ،‬كالمها عن‬
‫الوليد بن مسلم‪ ،‬عن يونس بن ميسرة‪ ،‬عن عبد الرمحن بن عمرية‪.‬‬
‫وقد وهم يف الرواية األخرى الوليد‪ ،‬وأشار لذلك أبوحامت يف العلل (‪ )2/363‬وقال ابن عس‪..‬اكر إن‬
‫رواية اجلماعة هي الصواب (‪)59/84‬‬
‫صرح بالتحديث كانت‬ ‫ومما يؤكد ذلك أن الوليد مدلس‪ ،‬وقد عنعن يف الرواية الثانية اخلطأ‪ ،‬وملّا ّ‬
‫روايته (وهي األوىل) على الصواب‪ ،‬فضال أن أبا مسهر لوحده أتقن منه‪ ،‬فكيف ومعه غريه من‬
‫الثقات؟‬

‫اختالف آخر‪ :‬روى احلديث ابن عساكر (‪ )59/80‬من طريق حممد بن مصفى‪ .،‬نا مروان بن‬
‫حممد‪ ،‬حدثين سعيد بن عبد العزيز‪ ،‬عن ربيعة بن يزيد‪ ،‬عن أبي إدريس‪ ،‬عن عبد الرمحن بن أيب‬
‫عمرية مرفوعا‪.‬‬
‫ابن عساكر زيادة "أيب إدريس" يف‬
‫قلت‪ :‬وحممد بن مصفى له أوهام ومناكري على صدقه‪ ،‬وأبطل ُ‬
‫السند فقال‪" :‬كذا ُروي عن حممد بن املصفى عن مروان‪ ،‬ورواه سلمة بن شبيب‪ ،‬وعيسى بن‬
‫هالل البلخي‪ ،‬وأبواألزهر‪ ،‬وصفوان بن صاحل؛ عن مروان‪ ،‬ومل يذكروا أبا إدريس يف إسناده‪،‬‬

‫‪27‬‬
‫‪ ،)345‬وأبوبكر النقاش (ت‪- 351 :‬ذَ َكر كتاهبما ابن حجر يف فتح الباري ‪7/104‬‬
‫وانظر اجملمع املؤسس البن حجر ‪ ،)1/287‬ومجع أبوالفتح بن أيب الفوارس (ت‪:‬‬
‫‪ )412‬يف فضائل معاوية (منهاج السنة ‪ ،)4/84‬وصنف أبوالقاسم السقطي (ت‪:‬‬
‫‪ )406‬جزءا يف فضائل معاوية (خمطوط يف الظاهرية)‪ ،‬وكذا علي بن احلسن الصيقلي‬
‫كتاب شرح‬
‫القزويين (التدوين ‪ ،)3/352‬وللحسني بن علي األهوازي (ت‪ُ )446 :‬‬
‫ِعقد أهل اإلميان يف معاوية بن أيب سفيان (يف الظاهرية اجلزء السابع عشر منه)‪ ،‬وألمحد‬

‫وكذلك رواه أبومسهر‪ ،‬وعمر بن عبد الواحد‪ ،‬وحممد بن سليمان احلراين‪ ،‬والوليد بن مسلم؛ عن‬
‫سعيد"‪.‬‬

‫اختالف آخر‪ :‬ذكر ابن حجر يف اإلصابة (‪ )6/309‬أن ابن شاهني أخرجه من طريق حممود بن‬
‫خالد‪ ،‬عن الوليد بن مسلم‪ ،‬وعمر بن عبد الواحد‪ ،‬عن سعيد بن عبد العزيز‪ ،‬عن يونس بن ميسرة‪،‬‬
‫عن عبد الرمحن بن أيب عمرية به‪.‬‬
‫وعلقه الذهيب عن أيب بكر بن أيب داود (وهو من شيوخ ابن شاهني)‪ :‬حدثنا حممود به‪( .‬السري‬
‫‪)3/126‬‬
‫قلت‪ :‬وهذا خطأ دون شك‪ ،‬وقد رواه اخلالل عن يعقوب بن سفيان‪ ،‬ورواه ابن قانع عن إسحاق‬
‫بن إبراهيم األمناطي‪ ،‬ورواه ابن عساكر من طريق أمحد بن املعلى‪ ،‬ثالثتهم عن حممود بن خالد‪ ،‬عن‬
‫عمر بن عبد الواحد‪ ،‬عن سعيد‪ ،‬عن ربيعة‪ ،‬عن عبد الرمحن بن أيب عمرية‪.‬‬
‫تصويب أيب حامت وابن عساكر لرواية اجلماعة‪.‬‬
‫ُ‬ ‫وقد تقدم‬

‫صوب ابن عساكر رواية الجماعة بدأ يسرد الطرق الغريبة وينقدها‪ ،‬فقال (‪:)59/84‬‬ ‫وبعد أن ّ‬
‫"وقد رواه املهلب بن عثمان‪ ،‬عن سعيد بن عبد العزيز‪ ،‬عن عبد الرمحن فأرسله‪ ،‬ومل يذكر يونس‬
‫وال ربيعة‪ ،‬ووهم فيه"‪ ،‬مث أسند الطريق‪.‬‬
‫قلت‪ :‬املهلب كذاب‪( .‬لسان امليزان ‪)6/108‬‬

‫ورواه البغوي يف معجم الصحابة (‪ )5/367‬وابن بطة يف اإلبانة وابن عساكر (‪ )59/86‬وابن‬
‫اجلوزي يف العلل املتناهية (‪ )1/274‬من طريق الوليد بن سليمان‪ ،‬عن عمر بن اخلطاب مرفوعا به‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫‪22‬‬
‫كتاب األحاديث الراوية ملناقب الصحايب معاوية (كما‬
‫رضا الربيلوي (ت‪ُ )1340 :‬‬
‫يف معجم املوضوعات املطروقة ص‪)595‬‬
‫وقد طُبعت مؤخرا رسائل‪ :‬ابن أيب الدنيا‪ ،‬والسقطي‪ ،‬واألهوازي معا‪ ،‬بتحقيق هزامية‬
‫وياسني‪ ،‬نشر مؤسسة محادة‪ ،‬إربد‪ ،‬األردن‪ ،‬كما طبع رسالة ابن أيب الدنيا لوحدها‪:‬‬
‫إبراهيم صاحل يف دار البشائر بدمشق‪.‬‬

‫وقال ابن عساكر‪" :‬الوليد بن سليمان مل يدرك عمر"‪ ،‬وقال الذهيب يف السري‪" :‬هذا منقطع"‪( .‬‬
‫منقطع‪ ،‬يُ َق ِّويه ما قَبلُه"‪( .‬التاريخ ‪)11/409‬‬
‫ٌ‬ ‫‪ ،)3/126‬وقال ابن كثري‪" :‬وهذا‬

‫ورواه الطرباين يف الشاميني (‪- )3/254‬ومن طريقه ابن عساكر (‪ -)59/84‬من حديث موسى‬
‫بن حممد البلقاوي‪ ،‬ثنا خالد بن يزيد بن صبيح املري‪ ،‬عن يونس بن ميسرة‪ ،‬عن عبد الرمحن بن‬
‫عمرية به‪.‬‬
‫ويف هذا السند موسى البلقاوي‪ ،‬وهو مرتوك متهم بالكذب‪.‬‬

‫وروى احلديث البخاري يف التاريخ (‪ )7/328‬والرتمذي (‪ )3843‬والرافعي يف التدوين (‬


‫‪ )3/455‬من حديث عمرو بن واقد‪ ،‬عن يونس بن ميسرة بن حلبس‪ ،‬عن أيب إدريس اخلوالين‪،‬‬
‫عن عمري بن سعد به مع قصة‪.‬‬
‫ض َّعف"‪ ،‬قلت‪ :‬هو مرتوك احلديث‪.‬‬‫وقال الرتمذي‪" :‬حديث غريب‪ ،‬وعمرو بن واقد يُ َ‬
‫ورواه ابن عساكر (‪ )85-59/84‬من وجهني آخرين فيهما عمرو بن واقد أيضا‪ ،‬وفيهما‬
‫اختالف‪ ،‬وحكم ابن عساكر أهنما خطأ‪.‬‬

‫ويف الباب حديث واثلة عند السقطي يف الفضائل (‪ )19‬وابن عساكر (‪ )59/74‬وابن اجلوزي يف‬
‫املوضوعات (‪ ،)2/19‬وحديث أيب هريرة عند السقطي (‪ )22‬وابن عساكر (‪ )59/88‬مبعىن حمل‬
‫الشاهد‪ ،‬وسندمها تالف‪ ،‬وفيهما زيادات منكرة‪.‬‬

‫أقوال الحفاظ في الحديث‪:‬‬


‫‪ )1‬من صحح الحديث‪:‬‬
‫قال الرتمذي بعد إخراجه الوجهَ احملفوظ‪" :‬حديث حسن غريب"‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫ذب عن معاوية" رضي اهلل عنه ودافع عنه‪:‬‬
‫أما من ّ‬
‫فمنهم أب‪.. .‬ويعلى حممد بن احلسني الف‪.. .‬راء يف كتاب ‪.. .‬ه‪ :‬تنـزيه خ‪.. .‬ال املؤم‪.. .‬نني معاوية بن أيب‬
‫س‪.. . .‬فيان من الظلم والفسق يف مطالبته ب‪.. . .‬دم أمري املؤم‪.. . .‬نني عثم‪.. . .‬ان (حققه عبد احلميد بن‬
‫علي الفقيهي‪ ،‬مث حققه أبوعبد اهلل األث ‪.. . .‬ري وطبعه ب ‪.. . .‬دار النبالء َبع ّم‪.. . .‬ان‪ ،‬ولِ ِكال احملق َقني‬

‫وقال اجلورقاين‪" :‬هذا حديث حسن"‪.‬‬


‫وقال الذهيب يف تلخيص العلل املتناهية (رقم ‪- )225‬بعد أن بنّي وهم ابن اجلوزي يف إعالله‬
‫سب ُهما ضعيفني لتشابه االسم‪" :‬وهذا سند قوي"‪.‬‬ ‫احلديث براويَني ثقتني َح َ‬
‫وقال ابن كثري يف تارخيه (‪ 11/408‬ط‪ .‬الرتكي)‪" :‬قال ابن عساكر‪ :‬وقول اجلماعة هو الصواب‪.‬‬
‫وأطيب وأطرب‪ ،‬وأفاد وأجاد‪ ،‬وأحسن االنتقاد‪،‬‬
‫َ‬ ‫وأطنب فيه‬
‫َ‬ ‫ابن عساكر هبذا احلديث‪،‬‬
‫وقد اعتىن ُ‬
‫فرمحه اهلل‪ ،‬كم من موطن قد َّبرز فيه على غريه من احلفاظ والنقاد"‪.‬‬
‫ابن عساكر أحاديث كثرية موضوعة بال‬ ‫وقال ابن كثري بعد ذلك (‪" :)410-11/409‬مث ساق ُ‬
‫شك يف فضل معاوية‪ ،‬أضربنا عنها صفحا‪ ،‬واكتفينا مبا أوردناه من األحاديث الصحاح واحلسان‬
‫واملستجادات‪ ،‬عما سواها من املوضوعات واملنكرات‪.‬‬
‫النيب‬ ‫ِ‬
‫ب ِّ‬ ‫قال ابن عساكر‪ :‬وأصح ما ُروي يف فضل معاوية حديث أيب محزة عن ابن عباس أنه كات ُ‬
‫صلى اهلل عليه وسلم منذ أسلم‪ ،‬أخرجه مسلم يف صحيحه‪ ،‬وبعده حديث العرباض‪ :‬اللهم علمه‬
‫الكتاب‪ ،‬وبعد حديث ابن أيب َعمرية‪ :‬اللهم اجعله هاديا مهديا"‪.‬‬
‫وكالم ابن عساكر هو يف تارخيه (‪ ،)59/106‬قاله عقب إيراده ما‬ ‫ُ‬ ‫انتهى كالم ابن كثري بطوله‪،‬‬
‫ُروي عن ابن راهويه أنه ال يصح حديث يف فضل معاوية‪ ،‬فهو تعقب منه هلذا الكالم الذي مل يثبت‬
‫نت قبل‪.‬‬
‫عن إسحاق أصال كما بيّ ُ‬
‫قرا‪ :‬الفتين يف التذكرة (ص‪)100‬‬ ‫وقد نقل كالم ابن عساكر يف التصحيح ُم ّ‬
‫وقال ابن حجر اهليتمي يف الصواعق احملرقة (‪" :)2/626‬إن احلديث حسن"‪.‬‬
‫وقال اآللوسي يف صب العذاب (ص‪" :)427‬إن هلذا احلديث شواهد كثرية تؤكد صحته"‪.‬‬
‫وأورده اإلمام األلباين رمحه اهلل يف السلسلة‪ .‬الصحيحة (‪ 4/615‬رقم ‪ ،)1969‬وقال‪" :‬رجاله‬
‫ثقات رجال مسلم‪ .،‬فكان حقه أن يُصحح"‪ .‬وقال بعد أن توسع فيه (‪" :)4/618‬وباجلملة‬

‫‪30‬‬
‫مقدمة مفي‪.. .‬دة للكت ‪.. .‬اب)‪ ،‬ولش‪.. .‬يخ اإلس ‪.. .‬الم ابن تيمية ج ‪.. .‬واب س ‪.. .‬ؤال عن معاوية بن أيب‬
‫سفيان (حققه ص‪.‬الح ال‪.‬دين املنج‪.‬د‪ ،‬وطبع ب‪.‬دار الكت‪.‬اب الع‪.‬ريب يف ب‪.‬ريوت‪ ،‬وطُبع ناقصا‬
‫ض‪..‬من جمم‪..‬وع الفت‪..‬اوى ‪ 4/453‬وانظر ‪ 79-35/58‬من‪..‬ه)‪ .،‬وألحد علم‪..‬اء اليمن س‪..‬نة‬
‫‪ :1137‬نص ‪.. .‬يحة اإلخ ‪.. .‬وان يف ت ‪.. .‬رك السب ملعاوية بن أيب س ‪.. .‬فيان (كما يف ذيل كشف‬
‫والتفوه‬
‫الظنون ‪ ،)4/652‬وألمحد بن َح َجر اهلَْيتَمي‪ :‬تطهري اجلَنان واللسان عن اخلوض ّ‬
‫بثلب معاوية بن أيب س‪.. .‬فيان (طبع آخر الص‪.. .‬واعق املحرقة ل‪.. .‬ه‪ ،‬وطبع يف مكتبة الص‪.. .‬حابة‬
‫ُ‬
‫تزيده قوة على قوة"‪.‬‬
‫فاحلديث صحيح‪ ،‬وهذه الطرق ُ‬

‫‪ )2‬من تكلم في الحديث‪:‬‬


‫قال أبوحامت‪ :‬إن عبد الرمحن مل يسمع هذا احلديث من النيب صلى اهلل عليه وسلم‪( .‬العلل ‪)2601‬‬
‫وقال ابن عبد الرب يف االستيعاب (‪" :)6/67‬منهم من يوقف حديثه هذا وال يرفعه‪ ،‬وال يصح‬
‫مرفوعا عندهم"‪ ..‬مث قال عن عبد الرمحن بن أيب عمرية‪" :‬ال تثبت صحبته‪ ،‬وال تصح أحاديثه"‪.‬‬
‫وتبعه ناقال عبارته ابن األثري يف أسد الغابة (‪)3/313‬‬
‫وقال ابن اجلوزي يف العلل املتناهية (‪ )1/275‬بعد أن ساق احلديث من طريق الوليد بن سليمان‪،‬‬
‫وطريق أيب مسهر‪" :‬هذان احلديثان ال يصحان‪ ،‬مدارمها على حممد بن إسحاق بن حرب اللؤلؤي‬
‫البلخي‪ ،‬ومل يكن ثقة"‪ ..‬مث أطال يف بيان ضعف البلخي‪ ،‬مث أورد طريقا أخرى أليب مسهر‪ ،‬وأعله‬
‫بإمساعيل بن حممد‪ ،‬وقال إن الدارقطين ك ّذبه‪.‬‬
‫وقال ابن حجر يف اإلصابة (‪" :)6/309‬إن احلديث ليس له علة إال االضطراب‪ ،‬فإن رواته ثقات"‪.‬‬
‫قلت‪ :‬وأعلّه بعض امل ْح َدثني بتغرّي سعيد بن عبد العزيز‪.‬‬
‫ُ‬
‫مناقشة الحكم على الحديث‪:‬‬
‫تقدم يف التخريج أن احلديث ُروي عن مخسة من الصحابة‪ :‬عبد الرمحن بن أيب َع ِمرية‪ ،‬وعمر بن‬
‫اخلطاب‪ ،‬وعمري بن سعد‪ ،‬وواثلة‪ ،‬وأيب هريرة‪ ،‬فأما األحاديث الثالثة األخربة فواهيةٌ ال تدخل يف‬
‫وقواه ابن كثري حبديث عبد الرمحن بن أيب عمرية‪ ،‬وأما‬‫االعتبار‪ ،‬وأما حديث عمر ففيه انقطاع‪ّ ،‬‬
‫وصوب أبوحامت وابن عساكر وغريُمها رواية اجلماعة عن سعيد‬ ‫حديث عبد الرمحن فقد اختُلف فيه‪ّ ،‬‬
‫بن عبد العزيز‪ ،‬عن ربيعة بن يزيد‪ ،‬عن عبد الرمحن مرفوعا‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫بطنطا وغريها مف‪.. .‬ردا‪ ،‬واختص ‪.. .‬ره الش‪.. .‬يخ س‪.. .‬ليمان اخلراش ‪.. .‬ي‪ ،‬وق‪ّ . . .‬دم له مقدمة مفي‪.. .‬دة)‪،‬‬
‫وللش‪.. . .‬يخ حسن بن عل‪.. . .‬وي بن ش‪.. . .‬هاب ال‪.. . .‬دين العل‪.. . .‬وي احلض‪.. . .‬رمي (ت‪ :)1332‬الرقية‬
‫الشافية من نفثات مسوم النصائح الكافية (طبع يف سنغافورة ع‪..‬ام ‪ 1328‬ويُع‪..‬اد طبعه إن‬
‫‪.‬اب نقد النص‪..‬ائح الكافية (طب‪..‬ع)‪ ،‬ولعبد العزيز بن حامد‬ ‫ش‪..‬اء اهلل)‪ ،‬ولعص‪..‬ريّه القامسي كت‪ُ .‬‬
‫الفره‪.. .‬اوري‪ :‬الناهية عن الطعن يف أمري املؤم‪.. .‬نني معاوية (طب‪.. .‬ع)‪ ،‬وقد مجع الش‪.. .‬يخ حممد‬

‫رجح ‪-‬وحسبُك منهم بأيب حامت‪ -‬بني أوجه احلديث على أن الصواب فيه رواية أيب‬ ‫واتفاق من ّ‬
‫ُ‬
‫ومن تابعه يقضي على دعوى إعالل احلديث باالضطراب‪ ،‬فهذا االختالف غري قادح‪ ،‬وإمنا‬ ‫ُم ْس ِهر َ‬
‫ف هنا‪ ،‬فالتخريج لوحده‬ ‫يقدح االضطراب لو تعذر الرتجيح وتساوت أوجه اخلالف‪ ،‬وهذا منتَ ٍ‬
‫ُ‬
‫نص على تصويبها احلفاظ؟‬ ‫ٍ‬
‫كاف لتبيني الرواية الراجحة‪ ،‬كيف وقد ّ‬
‫فبهذا جياب عن كالم احلافظ ابن حجر رمحه اهلل‪.‬‬
‫أما ابن عبد الرب رمحه اهلل فقد أعل احلديث مبا مل يُسبق إليه فيما اطلعت‪ ،‬فذكر أن من الرواة من‬
‫أوقف احلديث‪ ،‬وهذا مل أجده رغم التوسع‪ ،‬ومل أر من ذَكره!‬
‫صنيع‬
‫وذكر أن احلديث ال يصح مرفوعا عند أهل احلديث‪ ،‬وهذا مل أجده‪ ،‬ومل أر من ذكره! بل ُ‬
‫يرده‪.‬‬
‫الرتمذي ّ‬
‫وقفت عليه قَبل ابن عبد الرب‪،‬‬
‫كل من ُ‬ ‫وذكر أن عبد الرمحن ال تثبت صحبته‪ ،‬وقد خالف بذلك َّ‬
‫وفيهم كبار احلفاظ كما سيأيت‪.‬‬
‫وقد قال ابن حجر‪" :‬وجدنا له يف االستيعاب أوهاما كثرية‪ ،‬تتبع بعضها احلافظ ابن فتحون يف‬
‫جملدة"‪( .‬األربعون املتباينة ‪)22‬‬
‫فناقل عن ابن عبد الرب وتابع له‪.‬‬
‫وأما ابن األثري ٌ‬
‫وأما إعالل ابن اجلوزي للحديث فمن أعجب ما رأيت‪ ،‬فقد أخطأ أخطاء مركبة يف تضعيفه‪،‬‬
‫فذكر أن مدار احلديث على حممد بن إسحاق البلخي‪ ،‬وهو ليس بثقة‪ ،‬فرد عليه الذهيب يف تلخيص‬
‫العلل املتناهية (‪" :)225‬وهذا جهل منه‪ ،‬فإمنا حممد بن إسحاق هنا هو أبوبكر الصاغاين‪ ،‬ثقة"‪ ،‬مث‬
‫أبطل الذهيب نسبة التفرد له‪ ،‬وهذا واضح يف سياق طرق احلديث‪.‬‬
‫مث قال ابن اجلوزي إن يف سنده اآلخر إمساعيل بن حممد‪ ،‬وقد ك ّذبه الدارقطين‪ ،‬فرد عليه الذهيب‪:‬‬
‫"وهذه بليّة أخرى! فإن إمساعيل هنا هو الصفار‪ ،‬ثقة‪ ،‬والذي كذبه الدارقطين هو املزين‪ ،‬يروي عن‬

‫‪32‬‬
‫م‪.. . .‬ال اهلل رمحه اهلل كالم ابن تيمية عن معاوية يف منه ‪.. .‬اج الس ‪.. .‬نة (طب‪.. . .‬ع)‪ ،‬وللش ‪.. .‬يخ زيد‬
‫الفي ‪..‬اض رمحه اهلل رس ‪..‬الة يف ال ‪..‬دفاع عن معاوية (مل تطب ‪..‬ع‪ ،‬كما يف ذيل األعالم للعالونة‬
‫‪ ،)2/68‬وللش‪..‬يخ عبد احملسن العب‪..‬اد رس‪..‬الة‪ :‬أق‪..‬وال املنص‪..‬فني يف الص‪..‬حايب اخلليفة معاوية‬
‫رضي اهلل عنه (طبع باجلامعة اإلس‪..‬المية يف طيب‪..‬ة)‪ ،‬ولش‪..‬يخي املؤرخ حمم‪..‬ود ش‪..‬اكر ترمجة‬
‫مف ‪.. .‬ردة‪ .‬ملعاوية ض ‪.. .‬من سلس ‪.. .‬لة خلف ‪.. .‬اء اإلس ‪.. .‬الم (طبع يف املكتب اإلس ‪.. .‬المي بب ‪.. .‬ريوت)‪،‬‬

‫أيب نعيم"‪.‬‬
‫قلت‪ :‬فأما إعالل بعض املتأخرين بتغرّي سعيد بن عبد العزيز فغري سديد‪ ،‬إذ مل يُعِ َّل احلديث هبذا‬
‫أثبت الشاميني‬ ‫ِ‬
‫أح ٌد من احلفاظ‪ ،‬بل ال جتد من ُمتقدِّميهم‪ .‬أحدا يُعل باختالط سعيد أصال‪ ،‬فهو ُ‬
‫وأصحهم حديثا؛ كما قال اإلمام أمحد وغريُه‪ ،‬وما غمز فيه أحد‪ ،‬بل ساووه باإلمام مالك‪ ،‬وق ّدموه‬ ‫ُّ‬
‫على األوزاعي‪ ،‬واحتج بروايته الشيخان وغريُمها مطلقا‪ ،‬وقضيةُ اختالطه أخذها َمن أخذها ِمن قول‬
‫تلميذه أيب ُم ْس ِهر‪ ،‬فقد قال‪" :‬كان سعيد بن عبد العزيز قد اختلط قبل موته‪ ،‬وكان يُعرض عليه قبل‬
‫أن ميوت‪ ،‬وكان يقول‪ :‬ال أجيزها"‪( .‬تاريخ ابن معني رواية الدوري ‪)5377‬‬
‫سألت شيخي احمل ّدث العالمة عبد القادر األرناؤوط حفظه اهلل يف منزله بدمشق سنة ‪1417‬‬ ‫وقد ُ‬
‫عن قول أيب ُمسهر بتمامه‪ :‬هل يُ َع ُّل مع هذا النص باختالط سعيد؟ فقال‪ :‬ال‪.‬‬
‫فظهر أن القصة اليت فيها ذ ْك ُر اختالط سعيد؛ فيها أيضا امتناعُه عن التحديث حالَه‪ ،‬فلم يضر‬
‫أول القصة وَتَر َك آخرها فقد حاد عن النهج العلمي‪.‬‬ ‫فمن أخ َذ َ‬‫اختالطُه روايتَه‪َ ،‬‬
‫ظ متثبّت‪،‬‬ ‫فمن رواه عنه (وهو أبومسهر) عاملٌ باحلديث يَق ٌ‬ ‫مث َهب أن سعيد قد اختلط وح ّدث‪َ ،‬‬
‫وخيصه‪ ،‬وقد‬
‫بل أثبت الشاميني يف زمانه عموما‪ ،‬وأثبتهم يف سعيد خصوصا‪ ،‬وكان سعيد يق ّد ُمه ُّ‬
‫رفع من أمره وإتقانه جدا اإلمامان أمحد وابن معني‪ ،‬وال سيما الثاين‪( .‬انظر ترمجته موسعة يف تاريخ‬
‫دمشق ‪ 33/421‬وهتذيب الكمال ‪)16/369‬‬
‫وأبومسهر عامل باختالط شيخه‪ ،‬بل إن كش َفه الختالط شيخه من تثبّته‪ ،‬فيَبعُد أن يأخ َذ عن شيخه‬
‫ما حُيْ َذ ُر منه‪( .‬وانظر الصحيحة ‪)7/690‬‬
‫وفوق ذلك قال اإلمام األلباين رمحه اهلل (الصحيحة ‪ )4/616‬بعد أن ذكر متابعة أربعة من الثقات‬
‫أليب ُمسهر‪" :‬فهذه مخسة طرق عن سعيد بن عبد العزيز‪ ،‬وكلهم من ثقات الشاميني‪ ،‬ويبعد عادة‬
‫أن يكونوا مجيعا مسعوه منه بعد االختالط‪ ،‬وكأنه لذلك مل يُعله احلافظ باالختالط"‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫ولألس ‪..‬تاذ منري الغض ‪..‬بان كت ‪..‬اب معاوية بن أيب س ‪..‬فيان ص ‪..‬حايب كبري وملك جماهد (طبع‬
‫ب‪.‬دار القلم يف دمش‪.‬ق)‪ ،‬وللش‪.‬يخ خالد بن حممد الغيث‪ :‬مروي‪.‬ات خالفة معاوية يف ت‪.‬اريخ‬
‫الط‪.. . . .‬ربي‪ ،‬دراسة نقدية مقارنة (طبع ب‪.. . . .‬دار األن‪.. . . .‬دلس اخلض‪.. . . .‬راء)‪ ،‬وغريها من مؤلف‪.. . .‬ات‬
‫املتأخرين‪.‬‬

‫قول أيب حامت إن عبد الرمحن مل يسمع احلديث من النيب صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وهذا ال يضر يف‬ ‫بقي ُ‬
‫صحبة ابن أيب َعمرية كما يف اإلصابة (‪،)6/308‬‬ ‫صحة احلديث‪ ،‬ألن أبا حامت نفسه قد نص على ُ‬
‫وكما قال ابنُه عبد الرمحن (اجلرح والتعديل ‪ ،)5/273‬فغاية ما هنالك أن تكون روايته من‬
‫مراسيل الصحابة‪ ،‬وهي مقبولة‪ .‬حمتج هبا عند أهل العلم‪ ،‬وأمثلتها كثرية‪.‬‬
‫ورمبا كان كالم أيب حامت منصبا على قول عبد الرمحن‪" :‬مسعت النيب صلى اهلل عليه وسلم"‪ ،‬فيحكم‬
‫أبوحامت أن اللفظة غري حمفوظة (قارن بصنيع البخاري يف التاريخ ‪ ،)5/240‬فرمبا أخذ احلديث عن‬
‫صحايب آخر‪ ،‬وهذا ال يؤثر يف صحة احلديث‪ ،‬كما يقع يف روايات بعض الصحابة رضي اهلل عنهم‬
‫مجيعا مثل احلسن واحلسني وابن عباس ألحاديث مل يُدركوها‪ ،‬وهذه ال جتد أحدا من أهل العلم‬
‫يدفع صحتَها بدعوى عدم مساعها من النيب صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬ ‫والفهم ُ‬
‫علما بأنه وقع مساع عبد الرمحن بن أيب َعمرية يف هذا احلديث يف كثري من مصادره‪ ،‬ويف بعضها‬
‫التصريح من الراوي عنه بأن عبد الرمحن من أصحاب النيب صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬
‫ومجلة القول أن العلة اليت ذكرها أبوحامت أراها من النوع املسمى‪ :‬العلة غري القادحة‪ ،‬على أنين‬
‫أستفيد من كالمه أ ْن لو كانت هناك علة للحديث سوى ما قاله لذكرها‪.‬‬

‫ُعل به احلديث ليس بقادح‪ ،‬وأن احملفوظ منه صحيح السند‪ ،‬ورجاله‬ ‫فتبنّي مما سبق أن سائر ما أ ّ‬
‫ْم هلم‪ ،‬واهلل تعاىل أعلم‪.‬‬
‫ثقات أثبات‪ ،‬وثبّته مجع من احلفاظ‪ ،‬فاحلُك ُ‬
‫صحبة عبد الرحمن بن أبي َعميرة‪:‬‬
‫تتمة القول في ُ‬
‫ودحيم‪ ،‬وسليمان بن عبد احلميد البهراين‪ ،‬وأمحد‪،‬‬
‫وابن سعد‪ُ ،‬‬
‫ذ َكره يف الصحابة‪ :‬ربيعة بن يزيد‪ُ ،‬‬
‫والبخاري‪ ،‬وبقي بن خملد (مقدمة ُمسنده رقم ‪ ،)355‬والرتمذي (تسمية الصحابة رقم ‪،)388‬‬
‫وأبوحامت‪ ،‬وابن السكن (اإلصابة)‪ ،‬وابن أيب عاصم‪ ،‬ويعقوب بن سفيان يف املعرفة (‪ 1/287‬وانظر‬

‫‪34‬‬
‫فأكثر من أن حُي صى‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫ضمن الكتب دو َن إفراد ُ‬
‫وذب عنه َ‬
‫وأما َمن ذَ َكر فضائله‪ ،‬أو دافع ّ‬
‫اخلري على جهودهم‪.‬‬
‫واهلل جيزيهم مجيعا َ‬
‫تاريخ إسالم معاوية‪:‬‬

‫‪ ،)1/238‬وأبوالقاسم البغوي يف معجم الصحابة (‪ ،)4/489‬وابن أيب حامت (اجلرح ‪،)5/273‬‬


‫وابن حبان يف الثقات (‪ ،)3/252‬وأبوبكر بن الربقي يف كتاب الصحابة‪ ،‬وأبواحلسن بن مسيع يف‬
‫الطبقة األوىل من الصحابة‪ ،‬وأبوبكر عبد الصمد بن سعيد احلمصي يف تسمية من نزل محص من‬
‫الصحابة‪ ،‬وابن منده‪ ،‬وأبونعيم‪ ،‬واخلطيب يف تايل تلخيص املتشابه (‪ ،)2/539‬وابن عساكر‪،‬‬
‫والنووي يف هتذيب األمساء واللغات (‪ ،)2/407‬واملِّزي‪ ،‬والذهيب يف تاريخ اإلسالم (‪،)4/309‬‬
‫ويف التجريد (‪ ،)1/353‬وغريهم‪.‬‬
‫ابن عبد الرب ومن تابعه بعده؛ كابن األثري‪.‬‬
‫ومل خيالف يف ذلك إال ُ‬
‫ابن فتحون‪ ،‬وابن حجر يف اإلصابة (‪)6/309‬‬ ‫صحبة عبد الرمحن‪ُ :‬‬ ‫وصحح ُ‬
‫ور ّد على ابن عبد الرب ّ‬
‫َ‬
‫وانظر تاريخ دمشق البن عساكر (‪ )35/231‬واإلنابة ملغلطاي (‪ )2/24‬واإلصابة (‪)6/308‬‬

‫ومما يتصل بترجمة عبد الرحمن بن أبي َعميرة رضي اهلل عنه‪:‬‬
‫وصوب أبوحامت يف العلل؛ وغريُه أن امسه عبد الرمحن بن أيب‬
‫اختُلف يف اسم عبد الرمحن ونسبته‪ّ ،‬‬
‫وأوسع من‬
‫ُ‬ ‫وضبَطه ابن ماكوال يف اإلكمال (‪ 6/276‬و‪ )279‬بفتح العني‪ ،‬وكسر امليم‪،‬‬ ‫َع ِمرية‪َ ،‬‬
‫وصوب أنه ُمزين‪ ،‬وتبعه املزي وغريه‪.‬‬
‫ابن عساكر يف تارخيه (‪ّ ،)35/231‬‬ ‫ترجم له ‪-‬فيما رأيت‪ُ -‬‬
‫‪ 21‬الحديث يرويه معاوية بن صاحل‪ ،‬عن يونس بن سيف‪ ،‬عن احلارث بن زياد‪ ،‬عن أيب ُر ْهم‪ ،‬عن‬
‫مسعت النيب صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وهو يَدعو إىل السحور يف شهر‬ ‫العرباض بن سارية قال‪ُ :‬‬
‫الكتاب واحلِساب‪ ،‬وقِ ِه‬
‫َ‬ ‫"هلُ َّم إىل الغَ َداء املبارك"‪ ،‬مثَّ مسعتُه يقول‪" :‬اللهم علِّم معاويةَ‬
‫رمضان‪َ .:‬‬
‫العذاب"‪.‬‬
‫واحلديث ذكر البزار وابن عدي أنه ال يُروى إال هبذا اإلسناد‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫أحدمها أنه أسلم يف فتح مكة سنة‬
‫اختَلف العلماء يف حتديده على قولني مشهورين‪ُ ،‬‬
‫‪23‬‬
‫ولكل من الفريقني أدلتُهم‪.‬‬
‫مثان‪ ،‬واآلخر أنه قَبل ذلك ‪ٍّ ،‬‬
‫اخلالف ما رواه البخاري (‪ )1730‬ومسلم (‪ )1246‬عن ابن عباس‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ولكن ِ‬
‫يفص ُل‬
‫رت َعن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلّم‬ ‫"قص ُ‬
‫عن معاوية رضي اهلل عنهم‪ -‬قال‪َّ :‬‬
‫مِبِش َقص"‪.‬‬

‫رواه عن معاوية جماعة" من الرواة‪ ،‬وهم‪:‬‬


‫‪ )1‬عبد الرمحن بن مهدي‪:‬‬
‫رواه أمحد يف املسند (‪ )4/127‬وفضائل الصحابة (‪- )1748‬ومن طريقه اخلالل يف العلل (‪)141‬‬
‫والسنّة (‪ )2/449‬وابن عساكر (‪ )59/75‬وابن اجلوزي يف العلل املتناهية (‪ -)1/271‬ثنا‬
‫عبدالرمحن بن مهدي‪.‬‬
‫ورواه ابن جرير (البداية والنهاية ‪ )11/405‬وابن خزمية (‪ )1938‬وابن حبان (‪ )16/192‬ومحزة‬
‫الكنَاين يف جزء البطاقة (‪ 11‬ذكر الشاهد فقط) ‪-‬ومن طريقه الرافعي يف التدوين (‪ )3/74‬والذهيب‬ ‫ِ‬
‫يف معجم الشيوخ (‪ )154-1/152‬والتاج السبكي يف معجم الشيوخ (ص‪ -)441‬واآلجري (‬
‫‪ 1911‬الشاهد) وأبوالقاسم الكتّاين يف حديثه (‪ 156/1‬كما يف ختريج األباطيل) واجلورقاين (‬
‫‪ )1/190‬وابن عساكر يف تارخيه (‪ )76-59/75‬ومعجم شيوخه (‪ 2/1041‬رقم ‪ )1341‬من‬
‫طريق عبد الرمحن به‪.‬‬
‫‪ )2‬عبد اهلل بن صاحل أبوصاحل‪:‬‬
‫قال يعقوب بن سفيان يف املعرفة (‪ :)2/345‬ثنا أبوصاحل‪.‬‬
‫ورواه البغوي يف املعجم (‪ )5/365‬والطرباين يف الكبري (‪ 18/251‬رقم ‪ )628‬والشاميني (‬
‫‪- )3/169‬وعنه أبونعيم يف املعرفة (‪ )4/2236‬وابن عساكر (‪ -)59/76‬واآلجري (‪)1913‬‬
‫وعبد العزيز األزجي يف جملس من األمايل (مع أمايل ابن بشران ‪ )2/284‬وابن عساكر (‪)59/77‬‬
‫وابن اجلوزي يف العلل املتناهية (‪ )1/272‬من طريق عبد اهلل بن صاحل به‪.‬‬
‫‪ )3‬قرة بن سليمان‪:‬‬
‫رواه البزار يف مسنده (‪ 10/138‬رقم ‪ /4202‬ويف كشف األستار برقم ‪ )2723‬من طريقه‪.‬‬
‫‪ )4‬أسد بن موسى‪:‬‬

‫‪36‬‬
‫ابن حجر يف شرح احلديث وحتقيق املسألة‪ ،‬فقال رمحه اهلل يف‬ ‫ظ ُ‬ ‫وقد أطال وأطاب احلاف ُ‬
‫فتح الباري (‪:)3/565‬‬
‫أخذت من شعر رأسه‪ ،‬وهو يُشعر بأن ذلك كان يف نُ ُسك‪ ،‬إما‬ ‫ُ‬ ‫رت"‪ .‬أي‪:‬‬
‫"قص ُ‬
‫"قولُه‪َّ :‬‬
‫حجته‪ ،‬فتعنَّي َ أن يكون‬
‫ت أنه [صلى اهلل عليه وسلم] َحلَ َق يف َّ‬‫حج أو عُمرة‪ ،‬وقد ثَبَ َ‬
‫يف ٍ‬
‫أن ذلك كان باملروة‪ .،‬ولفظُه‪:‬‬ ‫مسلم يف هذا احلديث َّ‬
‫يف عُمرة‪ ،‬وال سيّما وقد روى ٌ‬
‫َ‬
‫رواه الطرباين يف الكبري (‪ 18/251‬رقم ‪ )628‬ويف الشاميني (‪- )3/169‬وعنه أبونعيم يف املعرفة‬
‫(‪ -)2/805‬وابن بشران (‪ )1/55‬وابن أيب الصقر يف مشيخته (‪ )31‬وابن عساكر (‪59/76‬‬
‫عنده الشاهد فقط) من طريق أسد بن موسى‪.‬‬
‫‪ )5‬بشر بن السري‪:‬‬
‫رواه البغوي يف املعجم (‪ )5/364‬واآلجري (‪ )1910‬وابن عدي (‪ )6/2402‬وابن بطة يف‬
‫اإلبانة وابن عساكر (‪ )59/77‬وابن اجلوزي يف العلل املتناهية (‪ )1/271‬من طريق بشر بن‬
‫السري‪.‬‬
‫‪ )6-10‬ورواه آدم‪ ،‬ومعن بن عيسى‪ ،‬وزيد بن احلباب‪ ،‬وعبد اهلل بن وهب‪ ،‬وعافية بن أيوب يف‬
‫آخرين عن معاوية بن صاحل به مثله‪.‬‬
‫علقه عنهم أبونعيم يف املعرفة (‪)2/805‬‬
‫‪ )11‬الليث بن سعد‪ ،‬ويأيت تفصيل روايته‪.‬‬

‫واحلديث عزاه اإلمام األلباين (الصحيحة ‪ )3227‬أليب موسى املديين يف جزء من األمايل (ق‪)1/2‬‬
‫من طريق يونس به‪.‬‬

‫فأما َمن روى الحديث عن معاوية بدون الشاهد‪َ ،‬ف ُهم‪:‬‬


‫‪ )12‬محاد بن خالد اخلياط‪:‬‬
‫رواه أمحد (‪ )4/126‬ثنا محاد بن خالد اخلياط‪.‬‬
‫صاص يف أحكام القرآن (‪ -)1/270‬وابن بُشران‬ ‫ورواه أبوداود (‪- )2344‬ومن طريقه أبوبكر اجلَ ّ‬
‫(‪ )1/54‬واملِِّزي يف هتذيب الكمال (‪ )5/231‬من طريق محاد به‪.‬‬
‫‪ -‬زيد بن احلباب‪:‬‬

‫‪37‬‬
‫صُر‬ ‫رت عن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم مبِ ْش َق ٍ‬
‫ص وهو على املروة‪ ،‬أو رأيتُه يُ َق َّ‬ ‫"قص ُ‬ ‫َّ‬
‫عنه مبشقص وهو على املروة"‪..‬‬
‫وهذا حَي تَمل أن يكو َن يف عمرة القضية أو اجلِ ْعرانَة"‪.‬‬

‫قال ابن أيب شيبة (‪ )3/9‬ثنا زيد به‪.‬‬


‫وقد علَّقه أبونعيم عن زيد بذكر الشاهد كما تقدم‪.‬‬
‫‪ -‬عبد الرمحن بن مهدي‪:‬‬
‫رواه النسائي يف الصغرى (‪ )4/145‬والكربى (‪ 2/79‬العلمية‪ 3/114 ،‬الرسالة) ‪-‬وعنه‬
‫الطحاوي يف شرح مشكل اآلثار (‪ -)14/124‬أخربين شعيب بن يوسف‪ ،‬ثنا عبد الرمحن بن‬
‫مهدي‪.‬‬
‫ورواه ابن خزمية (‪ )1938‬ثنا بندار‪ ،‬نا عبد الرمحن‪.‬‬
‫وابن حبان (‪ )8/244‬من طريق القواريري‪ ،‬نا عبد الرمحن‪.‬‬
‫والبيهقي (‪ )4/236‬من طريق أمحد‪ ،‬نا عبد الرمحن‪.‬‬
‫وابن عساكر (‪ )54/132‬واملزي يف هتذيب الكمال (‪ )32/511‬من طريق حممد بن عبد اجمليد‬
‫التميمي‪ ،‬ثنا عبد الرمحن‪.‬‬
‫وابن قتيبة يف الغريب (‪ )1/20‬نا خالد بن حممد‪ ،‬نا عبد الرمحن‪.‬‬

‫لذكر معاوية" في الحديث‪:‬‬ ‫سبب ترك بعض الرواة ِ‬


‫سألت أبا عبد اهلل [وهو اإلمام أمحد بن حنبل] عن حديث‬ ‫قال اخلالل يف العلل (‪ :)141‬قال ُمهنّا‪ُ ،‬‬
‫معاوية بن صاحل‪ ،‬عن يونس بن سيف‪ ،‬عن احلارث بن زياد‪ ،‬عن أيب ُرهم‪ ،‬عن العرباض بن سارية‪،‬‬
‫النيب صلى اهلل عليه وسلم إىل الغَداء املبارك‪ ،‬ومسعتُه يقول‪" :‬اللهم‪ .‬علّمه ‪-‬يعين معاوية‪-‬‬ ‫قال‪ :‬دعانا ُّ‬
‫الكتاب واحلساب‪ ،‬وقِ ِه العذاب"‪.‬‬
‫فقال‪ :‬نعم‪ ،‬ح ّدثناه عبد الرمحن بن مهدي‪ ،‬عن معاوية بن صاحل‪.‬‬
‫قلت‪ :‬إن الكوفيني ال يذكرون هذا‪" :‬علّمه الكتاب واحلساب وقِ ِه العذاب"‪ ،‬قَطَعوا منه؟‬ ‫ُ‬
‫قال أمحد‪ :‬كان عبد الرمحن ال يذ ُكره‪ ،‬ومل يذ ُك ْره إال فيما بيين وبينَه‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫النيب صلى اهلل‬
‫نظر‪ ،‬ألن َّ‬ ‫حجة الوداع ٌ‬ ‫بعد (‪ 3/565‬و‪" :)566‬ويف كونه يف َّ‬ ‫مث قال ُ‬
‫ي حَمِ لَّه‪ ،‬فكيف يُ َق َّ‬
‫صُر عنهُ على املروة؟‬ ‫ِ‬
‫عليه وسلم مل حُي َّل حىّت َبلَ َغ اهلَْد ُ‬
‫زعم أن ذلك كان يف حجة الوداع فقال [شرح‬ ‫النووي هنا يف الرد على من َ‬ ‫ُّ‬ ‫وقد بالغ‬
‫قصر عن النيب‬
‫حممول على أن معاويةَ َّ‬
‫ٌ‬ ‫صحيح ُمسلم ‪" :]232-8/231‬هذا احلديث‬
‫النيب صلى اهلل عليه وسلم يف حجة الوداع‬ ‫صلى اهلل عليه وسلم يف عمرة اجلِ ْعرانَة‪َّ ،‬‬
‫ألن َّ‬

‫قلت‪ :‬وهذا نص عزيز‪ ،‬فيه بيان موقف الكوفيني ‪-‬وأكثرهم شيعة‪ -‬من التحديث مبثل هذا‪ ،‬وفيه‬
‫أن اإلمام أمحد ملا ُسئل عنه مل يَتكلّم فيه بشيء‪ ،‬وكذا تلميذه ُمهنا‪.‬‬
‫ّ‬
‫مسعه كامال من عبد الرمحن‪:‬‬
‫قلت‪ :‬واحلديث قد َ‬ ‫ُ‬
‫‪ )1‬اإلمام أمحد كما تقدم‪.‬‬
‫‪ )2-3‬يعقوب الدورقي وعبد اهلل بن هاشم‪:‬‬
‫كما ح ّدث عنهما ابن خزمية (‪ )1938‬ورواه من طريقه ابن عساكر (‪)59/76‬‬
‫رواه ابن عساكر (‪ )59/75‬من طريق يعقوب‪.‬‬
‫‪ )4‬العباس العنربي‪:‬‬
‫رواه ابن حبان (‪ )16/191‬من طريقه‪.‬‬
‫‪ )5‬أمحد الدورقي‪:‬‬
‫رواه محزة الكناين يف جزء البطاقة (‪ )11‬واجلورقاين (‪ )1/190‬عن أيب يعلى‪ ،‬عن أمحد الدورقي‪.‬‬
‫ورواه اآلجري يف الشريعة (‪ )1911‬عن ابن ناجية‪ ،‬ثنا أمحد الدورقي‪.‬‬
‫‪ )6‬عبيد اهلل بن عمر القواريري‪.‬‬
‫رواه ابن عساكر (‪ )59/75‬من طريق أيب يعلى يف مسنده الكبري عن القواريري‪.‬‬
‫‪ )7‬حممد بن عبد اجمليد التميمي‪:‬‬
‫رواه ابن عساكر (‪ )59/76‬من طريقه‪.‬‬
‫‪ )8‬أمحد بن سنان‪:‬‬
‫قال حممد بن مروان السعيدي يف كتاب اجملالسة ‪-‬ورواه من طريقه ابن عساكر يف معجم شيوخه (‬
‫‪ 2/1041‬رقم ‪ :)1341‬ثنا أمحد بن سنان‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫ِ‬
‫صح مَح ُل‬
‫عرهُ بني الناس‪ ،‬فال يَ ُّ‬ ‫كان قا ِرناً‪ ،‬وثَبَ َ‬
‫ت أنه َحلَ َق مبىن و َفَّر َق أبو طلحةَ َش َ‬
‫ِ‬
‫الواقعة سنة‬ ‫صح محله أيضا على عمرة القضاء‬ ‫الوداع‪ ،‬وال يَ ُّ‬ ‫حجة َ‬ ‫تَقصري معاويةَ على َّ‬
‫يوم الفتح سنة مثان‪ ،‬هذا هو‬ ‫ٍ‬
‫سب ٍع‪ ،‬ألن معاويةَ مل يكن يومئذ ُمسلما‪ ،‬إمنا أسلم َ‬
‫قول َمن مَحَله على حجة الوداع؛ وزعم أن النيَّب صلى اهلل‬ ‫الصحيح املشهور‪ ،‬وال يصح ُ‬

‫ورواه ابن حبان (‪ )16/191‬واآلجري (‪ )1912‬من طريق ابن سنان‪.‬‬

‫ذكر االختالف على الليث بن سعد في اإلسناد‪:‬‬


‫قال احلسن بن سفيان (اإلصابة ‪ 3/24‬وغريها) ‪-‬وعنه ابن بطة‪ ،‬وابن منده (اإلنابة ملغلطاي‬
‫‪ ،)1/138‬وأبونعيم يف املعرفة (‪ :)2/804‬ثنا قتيبة بن سعيد‪ ،‬ثنا الليث بن سعد‪ ،‬عن معاوية بن‬
‫صاحل‪ ،‬عن يونس بن سيف‪ ،‬عن احلارث بن زياد أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قال‪:‬‬
‫(فذكره)‪.‬‬
‫ورواه ابن قانع (‪ )1/187‬ثنا العباس بن حبيب النهرواين‪ ،‬نا قتيبة به‪.‬‬
‫ورواه ابن منده يف املعرفة (اإلصابة ‪ )3/24‬من طريق موسى بن هارون عن قتيبة به‪.‬‬
‫ورواه احلسن بن عرفة يف جزئه (‪- )36‬وعنه اخلالل يف السنة (‪ )2/460‬والبغوي يف الصحابة (‬
‫‪ )2/78‬وابن شاهني وابن مندة (اإلصابة) والاللكائي (‪ )8/1441‬وابن عساكر (‪ )59/74‬وابن‬
‫حجر يف التهذيب (‪ 12/141‬و‪ -)142‬عن قتيبة به‪ ،‬وزاد بعد احلارث‪" :‬صاحب رسول اهلل‬
‫صلى اهلل عليه وسلم"‪.‬‬
‫قال ابن منده‪" :‬هذا وهم من قتيبة أو من احلسن بن عرفة"‪ .‬وقال‪" :‬رواه آدم‪ ،‬وأبوصاحل‪ ،‬وغريمها‪،‬‬
‫عن الليث‪ ،‬عن معاوية‪ ،‬عن يونس‪ ،‬عن احلارث‪ ،‬عن أيب رهم‪ ،‬عن العرباض بن سارية‪ ،‬وكذلك‬
‫رواه عبد الرمحن بن مهدي‪ ،‬وابن وهب‪ ،‬ومعن بن عيسى‪ ،‬يف آخرين عن معاوية"‪.‬‬
‫نقله ابن حجر يف اإلصابة وقال‪" :‬قلت‪ :‬وحديث ابن مهدي يف صحيح ابن حبان‪ ،‬وهو الصواب"‪.‬‬
‫وأشار أبونعيم إلعالله مبخالفته رواية اجلماعة‪.‬‬
‫وقال ابن عساكر‪" :‬كذا قال‪ ،‬وال نعلم للحارث صحبة‪ ،‬وقد أُسقط من إسناده رجالن"‪.‬‬
‫وقال ابن األثري إن زيادة "وكان صاحب رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم" وهم (أسد الغابة‬
‫‪ ،)1/329‬وكذلك نص مغلطاي يف اإلنابة (‪ )1/138‬وابن حجر يف التهذيب‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫األحاديث يف ُمسل ٍم‬
‫ٌ‬ ‫فاحش‪ ،‬فقد تظاهرت‬
‫ٌ‬ ‫ط‬
‫عليه وسلم كان متمتِّعا‪ ،‬ألن هذا غل ٌ‬
‫النيب صلى اهلل عليه وسلم قيل له‪ :‬ما شأ ُن الناس َحلُّوا من العُمرة ومل َّ‬
‫حتل‬ ‫أن َّ‬‫وغ ِريه َّ‬
‫دت َه ْديي‪ ،‬فال أ ُِح ُّل حىت أَحْنَر"‪[ .‬انتهى‬
‫دت رأسي وقلَّ ُ‬
‫أنت من عمرتك؟ فقال‪ :‬إين لبّ ُ‬ ‫َ‬
‫كالم النووي‪ ،‬قال ابن حجر‪]:‬‬
‫رجحه من كون معاوية‬ ‫مر يف عمرة القضيَّة‪ ،‬والذي َّ‬ ‫الشيخ هنا ما َّ‬
‫ُ‬ ‫"قلت‪ :‬ومل يذكر‬
‫أسلم خفيةً‪،‬‬
‫اجلمع بأنه كان َ‬ ‫صحيح من حيث السند‪ ،‬لكن ميكن ُ‬ ‫ٌ‬ ‫أسلم يوم الفتح‬
‫إمنا َ‬
‫وقال الذهيب يف معجم الشيوخ (‪" :)1/154‬كذا قال‪ ،‬وهذا خطأ"‪.‬‬
‫وقال يف تاريخ اإلسالم (‪" :)4/309‬وقد وهم فيه قتيبة‪ ،‬وأسقط منه أبا ُرهم والعرباض"‪.‬‬
‫وقال ابن حجر‪" :‬أعضل قتيبة هذا احلديث"‪( .‬التهذيب)‬

‫وقصر فيه فأعضله‪ ،‬وأن الرواة‬


‫ومؤداها أن قتيبة وهم يف اإلسناد ّ‬
‫فهذه أقوال احلفاظ يف هذه الرواية‪ّ ،‬‬
‫أكثر من عشرة رواة كما تقدم‪.‬‬
‫جمودا ُ‬‫الليث عن معاوية َّ‬
‫غريه عن الليث َج َّو ُدوه‪ ،‬وقد تابع َ‬
‫وصوب ابن منده‪ ،‬وأبونعيم‪ ،‬وابن عساكر (‪ ،)59/75‬والذهيب‪ ،‬وابن حجر رواية اجلماعة كما‬ ‫ّ‬
‫تقدم‪.‬‬

‫بيان رجال اإلسناد‪:‬‬


‫معاوية" بن صالح‪ :‬ثقة واسع الرواية‪( .‬هتذيب الكمال ‪ )28/186‬قلت‪ :‬وهو يف طبقة من يُقبل‬
‫تفرده‪ ،‬وقد أخرج له مسلم وغريه من أهل الصحاح أحاديث تفرد بروايتها‪.‬‬
‫ي" ""ونس بن س" ""يف‪ :‬وثقه ابن حب‪.. .‬ان (الثق‪.. .‬ات ‪ 5/550‬و‪ 555‬ومعرفة الت‪.. .‬ابعني من الثق‪.. .‬ات لل‪.. .‬ذهيب‬
‫‪ ،)4196‬وال ‪..‬دارقطين (س ‪..‬ؤاالت الربق ‪..‬اين ‪ ،)564‬وق ‪..‬ال ال ‪..‬بزار‪" :‬ص ‪..‬احل احلديث‪ ،‬وقد ُروي عن ‪..‬ه"‪،‬‬
‫وقال ابن سعد‪" :‬كان معروفا له أحاديث"‪( .‬الطبقات ‪ ،)7/458‬وروى عنه مجع من الثقات‪.‬‬
‫قلت‪ :‬فقول ابن حجر رمحه اهلل يف التقريب‪" :‬مقبول" قليل يف حقه‪.‬‬
‫تنبيه‪ :‬وقع يف مطبوع كشف األستار يف زوائد البزار‪" :‬قال البزار‪ :‬يونس واحلارث ال أعرفهما"‪،‬‬
‫ضعف احلديث‪ ،‬وهذا خطأ ليس من كالم البزار‪ ،‬إمنا كالمه‬ ‫واعتمد على هذا الكالم بعض من ّ‬
‫كما يف مسنده (ق‪ 219‬ال َكتّانية)‪" :‬وحديث العرباض فيه علتان‪ :‬إحدامها‪ :‬احلارث بن زياد‪ ،‬وال‬
‫نعلم كبري أحد روى عنه‪ ،‬ويونس بن سيف صاحل احلديث‪ ،‬وقد ُروي عنه"‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫يوم الفتح‪ ،‬وقد أخرج بن عساكر يف‬‫إسالمه‪ ،‬ومل يتمكن من إظها ِره إال َ‬
‫وكان يكتُم َ‬
‫تاريخ دمشق من ترمجة معاوية [‪ 59/66‬و‪ 67‬وانظر ص‪ 57‬و‪ 60‬و‪ 62‬وقد ذكره‬
‫إسالمه‬
‫أسلم بني احلُ َديبية والقضيَّة‪ ،‬وأنه كان خُي في َ‬
‫تصريح معاويةَ بأنّهُ َ‬
‫َ‬ ‫غري واحد قبله]‬
‫خرج‬
‫النيب صلى اهلل عليه وسلم ملا َد َخل يف عُمرة القضيَّة مكة َ‬
‫خوفا من أبويه‪ ،‬وكان ُّ‬

‫ِّق مشيخة ابن أيب الصقر‬‫وهذا ما نقله مغلطاي وابن حجر من كالم البزار‪ ،‬نبّه على كالم البزار حمق ُ‬
‫(ص‪ ،)100-99‬مث طبع مسند البزار األصل (‪ ،)10/139‬وفيه التصويب املذكور‪.‬‬
‫وقد قال اهليثمي يف مقدمة كشف األستار (‪ )1/6‬قائال‪" :‬إذا تكلم [يعين البزار] على حديث جبرح‬
‫اختصرت كالمه‪ ،‬من غري إخالل مبعىن‪ ،‬ورمبا ذكرته بتمامه إذا‬‫ُ‬ ‫طو َل‪:‬‬
‫بعض رواته أو تعديل حبيث َّ‬
‫كان خمتصرا"‪.‬‬
‫رأيت عشرات املواضع أحال فيها اهليثمي معىن كالم البزار‪ ،‬مثل قوله (‪" :)3/166‬قال‬ ‫قلت‪ :‬لكين ُ‬
‫البزار‪ :‬وأحاديث النضر ال نعلم أحدا شاركه فيها"‪ ،‬بينما عبارة البزار يف املسند األصل (‪9/457‬‬
‫رقم ‪" :)4070‬وهذه األحاديث اليت رواها النضر بن حممد عن عكرمة ال نعلم أحدا شاركه فيها‬
‫عن عكرمة"‪ .‬قاهلا بعد أن ساق مخسة أحاديث فقط من رواية النضر عن عكرمة بن عمار‪ ،‬وهو‬
‫مكثر جدا عن عكرمة‪ ،‬فال يُستغرب انفراده عنه ببضعة أحاديث‪ ،‬أما عبارة اهليثمي فمعناها يُسقط‬
‫روايات النضر عن شيخه كلها!‬
‫فليكن هذا يف ذهن الباحث عند وقوع اإلشكاالت وخمالفة املسند األصل‪ ،‬وال سيما أن طبعة‬
‫كشف األستار رديئة‪.‬‬
‫الحارث بن زياد‪ :‬ترمجه مغطاي يف اإلكمال (‪ )3/290‬فقال‪ :‬إن ابن خزمية وابن حبان أخرجا له‬
‫يف الصحيح‪ ،‬وذكره ابن حبان يف ثقات التابعني [‪ ،]4/133‬قال‪ :‬روى عن أيب ُرهم‪ ،‬وأدرك أبا‬
‫أمامة‪ ،‬وقال البزار‪ :‬ال نعلم كبري أحد روى عنه‪ ،‬وقال أبواحلسن القطان‪ :‬حديثه حسن‪ .‬مث بالغ‬
‫قول مل يُسبق إليه‪.‬‬
‫مغلطاي بالرد على قول الذهيب يف امليزان واملغين‪" :‬إنه جمهول"‪ ،‬وقال‪ :‬إن ذلك ٌ‬
‫ا‪.‬هـ‪.‬‬
‫ابن حجر يف التهذيب (‪ )2/142‬وقال‪ :‬قال أبوعمر بن عبد الرب يف‬ ‫الذهيب ُ‬
‫َّ‬ ‫قلت‪ :‬وكذلك تعقب‬ ‫ُ‬
‫صاحب هذه الرتمجة‪" :‬جمهول‪ ،‬وحديثه منكر"‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫أكثر أهلِها َعنها حىت ال ينظرونَه وأصحابَه يطوفو َن بالبيت‪َّ ،‬‬
‫فلعل معاويةَ كان ممّن‬ ‫ُ‬
‫لسبَب اقتَضاه‪.‬‬
‫ف مبكة َ‬ ‫ختلَّ َ‬
‫قول سعد بن أيب وقاص فيما أخرجه مسلم وغريُه‪" :‬فعلناها ‪-‬يعين‬ ‫يعارضه أيضا ُ‬
‫ُ‬ ‫وال‬
‫بض َّمتَني‪ ،‬يعين بيوت مكة ‪-‬يشري‬
‫كافر بالعُُرش"‪َ .‬‬
‫يومئذ ٌ‬
‫العمرة يف أشهر احلج‪ -‬وهذا َ‬

‫‪.‬ذري يف ال‪.. .‬رتغيب (‪ 2/79‬رقم ‪ 1578‬ط‪ .‬ابن كث‪.. .‬ري)‪ ،‬ويف دقة ه‪.. .‬ذا‬ ‫قلت‪ :‬س‪.. .‬بقه هبذه العب‪.. .‬ارة املن‪ُّ . .‬‬
‫ُ‬
‫النقل نظر‪ ،‬فال‪.‬ذي قاله ابن عبد الرب يف االس‪..‬تيعاب‪" :‬إن احلارث بن زي‪..‬اد جمه‪..‬ول‪ ،‬ال يُع‪.‬رف بغري ه‪.‬ذا‬
‫فرق بنّي ‪.‬‬
‫احلديث"‪ ،‬ومل أجد له كالما آخر عليه‪ ،‬سواء يف االستغناء أو غريه‪ ،‬وبني العبارتني ٌ‬
‫نفسهُ ينقل عن ابن عبد الرب عبارةً خمتلفة وهي‪" :‬ضعيف جمهول‪ ،‬يروي عن أيب‬ ‫املنذري َ‬‫َّ‬ ‫وجدت‬
‫ُ‬ ‫مث‬
‫ُرهم السماعي‪ ،‬حديثه منكر"‪( .‬خمتصر سنن أيب داود ‪)3/230‬‬
‫فأدى معىن زائدا ‪-‬وال سيما أنه‬ ‫قلت‪ :‬فأخشى أن يكون املنذري قد تصرف يف كالم ابن عبد الرب‪ّ ،‬‬
‫أملى الرتغيب من حفظه‪ ،‬فتع ّقبه َمن تع ّقب‪ ،‬كالربهان الناجي‪ -‬وبواسطته نقل ابن حجر‪ ،‬فعندي‬
‫أمثلة على مثل هذا‪ ،‬والعلم‪ .‬عند اهلل‪.‬‬
‫قلت‪ :‬وقُد ذُكر احلارث يف الصحابة‪ ،‬وتق ّدم أن ذلك ال يصح‪.‬‬
‫ومما يرفع من حال احلارث بن زياد الشامي أنه وردت روايات عن الرافضة يف لعنه! كما يف طرائف‬
‫املقال للربوجردي (ص‪ )426‬وجامع الرواة لألردبيلي (‪)1/173‬‬
‫صحبته‪ ،‬ذكره العجلي وابن‬ ‫السماعي‪ ،‬خُم َتلَف يف ُ‬ ‫أبو ُرهم‪ :‬هو أحزاب بن أ َِسيد َّ‬
‫الس َمعي‪ ،‬ويقال‪َّ :‬‬
‫حبان وابن خلفون يف الثقات (اإلكمال ملغلطاي ‪ ،)2/15‬وروى عنه مجع من الثقات (هتذيب‬
‫الكمال ‪ ،)2/281‬وقال ابن حجر‪ :‬ثقة‪( .‬التقريب)‬

‫الحكم على اإلسناد‪:‬‬


‫تابعي مستور‪..‬‬
‫مقارب رجالُه ثقات‪ ،‬إال أن احلارث بن زياد ٌ‬
‫ٌ‬

‫أقوال الحفاظ في الحديث‪:‬‬


‫قد تق ّدم كالم البزار آنفا‪ ،‬وذكره ابن عدي ضمن إفرادات معاوية بن صاحل‪ ،‬ومل يتكلم عليه‪ ،‬وهذا‬
‫استنكاره للحديث‪ .،‬وقال ابن عبد الرب بعد ِذ ْكره‪" :‬إال أن احلارث بن زياد جمهول ال يُعرف‬
‫َ‬ ‫حيتمل‬
‫ُ‬
‫‪43‬‬
‫إىل معاوية‪ ،‬ألنه حُي مل على أنه أَخ مبا استَصحبه ِمن حالِه؛ ومل يطّلع على ِ‬
‫إسالمه‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫رَب‬
‫لكونه كان خُي فيه‪.‬‬
‫النيب صلى اهلل عليه‬ ‫ِ‬ ‫ويُع ّكر على ما َج َّوزوهُ َّ‬
‫أن تَقصريه كان يف عمرة اجل ْعرانَة‪ :‬أ ّن َّ‬
‫ص ِحب أحدا معه إال بعض‬ ‫ِ‬
‫وسلم ركب من اجل ْعرانَة بعد أن أَحرم بعمرة؛ ومل يَستَ ْ‬

‫بغري هذا احلديث"‪ ،‬وزاد املنذري وابن حجر عنه‪" :‬وحديثه منكر"‪ ،‬وتقدم مناقشة هذه الزيادة‪.‬‬
‫ابن اجلوزي يف العلل املتناهية إنه ال يَصح‪ ،‬وأعلَّه بضعف معاويةَ بن صاحل‪َ ،‬‬
‫وعبد اهلل بن‬ ‫وقال ُ‬
‫صاحل‪.‬‬
‫عبد اهلل بن صاحل ملعاوية‪ ،‬وليس ذلك بشيء‪ ،‬فإمنا سقط‬‫قلت‪ :‬ألن ابن اجلوزي ساق بإسناده متابعةَ ِ‬
‫نفسه‪ ،‬وأما طريقة إعالله مبعاوية بن صاحل فال‬
‫شيخ عبد اهلل‪ ،‬وهو معاوية بن صاحل ُ‬‫من إسناده ُ‬
‫يب هذا‬ ‫ِ‬
‫تستقيم أيضا‪ ،‬إذ اقتصر على جتريح أيب حامت له‪ ،‬وسكت عن توثيق باقي احلفاظ له! وقد ع َ‬
‫مجع من كبار‬‫الصنيع على ابن اجلوزي رمحه اهلل يف كتاب املوضوعات‪ ،‬مث قد رواه عن معاوية ٌ‬
‫ُ‬
‫احلفاظ من عدة بلدان مثل‪ :‬عبد الرمحن بن مهدي‪ ،‬والليث بن سعد‪ ،‬وعبد اهلل بن وهب‪ ،‬ومل‬
‫يتكلموا يف احلديث‪.‬‬
‫وقال اهليثمي يف جممع الزوائد‪" :)9/356( :‬فيه احلارث بن زياد‪ ،‬ومل أجد من وثقه‪ ،‬ومل يرو عنه‬
‫غري يونس بن سيف‪ ،‬وبقية رجاله ثقات‪ ،‬ويف بعضهم خالف"‪.‬‬

‫وصححه ابن خزمية‪،‬‬‫يضعفه كما يف علل اخلالل‪ّ ،‬‬ ‫ويف املقابل‪ :‬فاحلديث ملا ُسئل عنه اإلمام أمحد مل ّ‬
‫وابن حبان‪ ،‬وابن عساكر يف تارخيه (‪ ،)59/106‬وابن كثري يف البداية والنهاية (‪ ،)11/409‬وقال‬
‫اجلورقاين‪" :‬هذا حديث مشهور‪ ،‬رواه عن معاوية بن صاحل مجاعةٌ‪ ،‬منهم‪ :‬بشر بن السري‪ ،‬والليث‬
‫بن سعد‪ ،‬وعبد اهلل بن صاحل‪ ،‬وأسد بن موسى‪ ،‬وغريهم"‪ ،‬وأخرجه ضمن األحاديث الض ّدية‬
‫لألباطيل واملناكري‪ ،‬وقال ابن عساكر‪ :‬حسن غريب‪( .‬معجم الشيوخ ‪ 2/1041‬رقم ‪،)1341‬‬
‫وقواه الذهيب بشاهده‪( .‬السري ‪ ،)3/124‬وقال‬ ‫ابن القطّان‪( .‬اإلكمال ملغلطاي ‪ّ ،)3/290‬‬ ‫وحسنه ُ‬
‫ّ‬
‫وحديث ابن مهدي‬
‫ُ‬ ‫"قلت‪:‬‬
‫ومقراً‪ُ :‬‬
‫ابن حجر يف اإلصابة بعد ذكر االختالف على معاويةَ ُمَر ِّجحا ُ‬
‫يف صحيح ابن حبان"‪ ،‬وأفاض اإلمام األلباين يف خترجيه وانتهى إىل صحة احلديث‪( .‬الصحيحة‬
‫‪)3227‬‬

‫‪44‬‬
‫ور َجع إىل اجلِ ْعرانَة‪ ،‬فأَصبَح هبا‬ ‫ِ‬
‫وحلَق‪َ ،‬‬ ‫أصحابه املهاجرين‪َ ،‬ف َقد َم مكة‪ ،‬فطاف وسعى َ‬
‫ت‪ ،‬فَ َخ ِفيَت عُمرتُه على كث ٍري ِمن النّاس‪.‬‬
‫َكبائِ ٍ‬
‫َ‬
‫ص ِحبَهُ حينَئذ‪ ،‬وال كان معاويةُ‬
‫‪24‬‬
‫كذا أخرجه الرتمذي وغريُه ‪ ،‬ومل يُ َع ّد معاويةُ فيمن َ‬
‫فيمن ختلَّف عنهُ مبكة يف غزوة ُحنني حىت يقال‪ :‬لعلَّهُ َو َج َده مبكة‪ ،‬بل كان مع القوم‪،‬‬ ‫َ‬
‫مثل ما أعطى أَبَاهُ ِمن الغنيمة مع مُج لة املؤلَّفة‪.‬‬
‫وأعطاهُ َ‬

‫ابن أيب يَعلَى ال َفّراء يف ترمجة أيب حفص عمر بن‬ ‫لطيفة‪ :‬ومُي كن زيادة املثبتني للحديث‪ .‬مبا نقله ُ‬
‫ف‬ ‫سائل عن ٍ‬
‫رجل َحلَ َ‬ ‫إبراهيم العُكربي (‪ 3/294‬العثيمني) إذ قال‪" :‬قال أبوحفص‪ :‬سألين ٌ‬
‫إن معاويةَ رمحه اهلل يف اجلنّة‪ ،‬فأجبتُه‪ :‬إ ّن زوجتُه مل تطلُق‪ ،‬فليُِقم على نكاحه‪،‬‬ ‫بالطالق الثالث َّ‬
‫فأجاب هبذا اجلواب‪.‬‬‫َ‬ ‫رت له أن أبا بكر حممد بن َع ْس َكر ُسئل عن هذه املسألة َبعينها؛‬ ‫وذَ َك ُ‬
‫واب حممد بن عسكر فيها‪.‬‬ ‫ضَريت‪ ،‬فأظُنُّه ذ َكر َج َ‬‫ابن بطّة عن هذه املسألة حبَ ْ‬
‫شيخنا ُ‬
‫وسئل ُ‬ ‫قال‪ُ :‬‬
‫ئل عن‬
‫‪-‬وس َ‬
‫ريب ُ‬ ‫مسعت إبراهيم احلَ َّ‬
‫بن أيوب يقول‪ُ :‬‬ ‫بكر َ‬‫مسعت أبا َ‬
‫ابن بطةَ يقول‪ُ :‬‬ ‫الشيخ َ‬
‫َ‬ ‫ومسعت‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫هذه املسألة‪ -‬فقال‪ :‬مَل تَطلُق زوجتُه‪ ،‬فليقم على ِ‬
‫نكاحه‪.‬‬ ‫ُ‬
‫يقول‬ ‫َّ‬
‫النيب صلى اهلل عليه وسلم ُ‬ ‫ِ‬
‫رباض بن سارية‪ ،‬أنه مسع َّ‬ ‫والدليل على ذلك‪ :‬ما روى الع ُ‬‫ُ‬ ‫قال‪:‬‬
‫ملعاوية بن أيب سفيان‪( :‬اللهم علّمهُ الكتاب واحلساب‪ ،‬وقِ ِه العذاب)‪.‬‬
‫ُ‬
‫قي من العذاب فهو من أهل اجلنة‪ ..‬اخل"‪.‬‬ ‫ُ َ‬‫و‬ ‫فإذا‬ ‫الدعاء‪،‬‬ ‫اب‬ ‫جُم‬ ‫وسلم‬ ‫عليه‬ ‫اهلل‬ ‫صلى‬ ‫فالنيب‬
‫ُّ‬
‫قلت‪ :‬والقائل "والدليل على ذلك" أُراه أبا حفص العكربي‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬ ‫ُ‬

‫طرق أخرى للحديث‪:‬‬


‫حديث عبد الرحمن بن أبي َع ِميرة رضي اهلل عنه‪:‬‬
‫روى الطرباين يف الشاميني (‪- )1/190‬ومن طريقه ابن عساكر (‪ 35/230‬و‪ )59/80‬والذهيب‬
‫يف السري (‪ :)8/34‬ثنا أبوزرعة‪ ،‬وأمحد بن حممد بن حيىي الدمشقيان‪ ،‬قاال‪ :‬ثنا أبومسهر‪ ،‬ثنا سعيد‬
‫بن عبد العزيز‪ ،‬عن ربيعة بن يزيد‪ ،‬عن عبد الرمحن بن أيب عمرية املزين أن النيب صلى اهلل عليه‬
‫وسلم قال ملعاوية‪" :‬اللهم علمه الكتاب واحلساب‪ ،‬وقه العذاب"‬
‫وروى بعده عن أيب زرعة بنفس السند حديث ابن أيب عمرية الصواب‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫‪25‬‬
‫رأسه صلى اهلل‬ ‫وأخرج احلاكم يف اإلكليل يف آخر قصة غزوة ُحنني أن الذي َحلَ َق َ‬
‫عبد بين بياضة‪ ،‬فإن ثبت هذا؛‬ ‫مرها من اجلِ ْعرانَة‪ :‬أبو هند ُ‬ ‫عليه وسلم يف عمرته اليت اعتَ َ‬
‫اجلمع بأن‬
‫أمكن ُ‬ ‫صر عنه باملروة‪َ .:‬‬‫وثبت أن معاويةَ كان حينئذ َم َعهُ؛‪ .‬أو كان مبكة ف َق َّ‬
‫ضَر فأ ََمَره أن‬ ‫احلالق غائبا يف ِ‬
‫بعض حاجته؛ مث َح َ‬ ‫ُ‬ ‫صر عنه أوالً؛ وكان‬ ‫يكو َن معاوية قَ َّ‬
‫يُكمل إزالة الشَّعر باحلَْلق ‪-‬ألنه أفضل‪ -‬ففعل‪.‬‬

‫وعلّقه البخاري يف التاريخ الكبري (‪ )7/327‬عن أيب مسهر به‪ ،‬باملنت السابق‪ ،‬مث أخرجه متصال‬
‫باملنت اآلخر "اهلل اجعله هاديا مهديا"‪.‬‬
‫قال ابن عساكر إن هذا الوجه غريب‪ ،‬وأتبعه بتخريج الروايات عن سعيد بن عبد العزيز مبنت‪:‬‬
‫"اللهم اجعله هاديا"‪.‬‬
‫وأعله الذهيب يف معجم الشيوخ (‪ ،)1/155‬وقال إن رواية الرتمذي هلذا السند مبنت "اللهم‪ .‬اجعله‬
‫هاديا" أصح‪ ،‬لرواية مجاعة من الرواة‪.‬‬
‫(وهم‪ :‬حيىي بن معني‪ ،‬وحممد بن حيىي الذهلي‪ ،‬وابن سعد‪ ،‬وحممد‬ ‫ألن غالب الرواة عن أيب ُمسهر ُ‬
‫بن عوف‪ ،‬وحممد بن سهل بن عسكر‪ ،‬وحممد بن رزق اهلل الكلوذاين‪ ،‬والرتقفي‪ ،‬وحممد بن املغرية‪،‬‬
‫ومن تابَعه عن سعيد‪ :‬يروون هبذا السند املنت الثاين‬‫وأبوزرعة الدمشقي يف رواية‪ ،‬والبخاري معلقا)‪َ ،‬‬
‫"اللهم اجعله هاديا"‪ ،‬وهو الذي وصله البخاري‪.‬‬
‫يؤيده روايةُ األكثرية عن أيب ُمسهر‪،‬‬
‫أعل الروايةَ املعلقةَ‪ .‬باملتصلة‪ُ ،‬‬
‫فأفهم منه أنه َّ‬
‫فأما صنيع البخاري ُ‬
‫ومتابعةُ مج ٍع له على الوجه املوصول‪ ،‬كما بنّي ابن عساكر والذهيب‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬ ‫ُ‬
‫وهم بال شك‪ ،‬وقد ذكر البزار أن احلديث املذكور ال‬ ‫فهذا اإلسناد ملنت "اللهم‪ .‬علمه الكتاب" ٌ‬
‫يُروى إال باإلسناد املشهور عن معاوية بن صاحل‪.‬‬

‫حديث ابن عباس رضي اهلل عنهما‪:‬‬


‫رواه ابن عدي (‪ )5/1810‬وأبوالقاسم عبد العزيز األزجي يف جملس من أماليه (مع أمايل ابن‬
‫بشران ‪ 2/286‬رقم ‪ )1522‬وابن عساكر (‪ )59/78‬وابن اجلوزي يف العلل املتناهية (‪)1/271‬‬
‫من طريق عثمان بن عبد الرمحن اجلُ َمحي‪ ،‬عن عطاء‪ ،‬عن ابن عباس مرفوعا مبثله‪.‬‬

‫قال ابن عساكر إنه وجهٌ ضعيف‪ ،‬وأعلّه ابن اجلوزي ‪-‬تبعا البن عدي‪ -‬باجلمحي‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫ت أن ذلك كان يف عُمرة القضيَّة؛ وثبت أنه صلى اهلل عليه وسلم َحلَ َق فيها‪:‬‬ ‫وإن ثَبَ َ‬
‫صل التوفيق بني األخبار كلِّها‪ ،‬وهذا مما َفتَ َح اهللُ َعلَ َّي به‬
‫وح َ‬
‫جاء هذا االحتمال َبعْينه‪َ ،‬‬
‫احلمد أبدا"‪.‬‬
‫احلمد‪ ،‬مُثّ هلل ُ‬
‫يف هذا الفتح‪ ،‬وهلل ُ‬

‫الوقّاصي القرشي ال‬


‫الذهيب يف امليزان (‪ )3/47‬بأن عثمان بن عبد الرمحن هذا هو َ‬
‫ُّ‬ ‫ب‬
‫قلت‪ :‬تع ّق َ‬
‫اجلمحي‪ ،‬والوقاصي أشد ضعفا من اجلمحي‪ ،‬فهو مرتوك‪.‬‬
‫ووقعت نسبتُه على الصواب فيما رواه ابن البَخْرَت ي يف املنتقى من السادس عشر من حديثه (رقم‬
‫‪ 85‬وهو يف جمموع مصنفات ابن البخرتي ص‪ )467‬من طريق عثمان بن عبد الرمحن القرشي‪،‬‬
‫عن عطاء‪ ،‬عن ابن عباس به‪.‬‬
‫فهذا السند ضعيف جدا‪.‬‬

‫حديث َم ْسلَمة" بن ُم َخلَّد رضي اهلل عنه‪:‬‬


‫رواه ابن بطة (تلخيص الذهيب ‪ )223‬ومن طريقه ابن اجلوزي يف العلل املتناهية (‪ )1/272‬من‬
‫طريق أيب سلمة موسى التَّبُوذَكي‪.‬‬
‫ورواه الطرباين يف الكبري (‪ 19/439‬رقم ‪ )1065‬واآلجري يف الشريعة (‪ )1919‬وابن بطة وابن‬
‫اجلوزي من طريق احلسن بن موسى األشيب‪.‬‬
‫ورواه البغوي يف معجم الصحابة (‪ )5/365‬والطرباين (‪ 19/438‬رقم ‪ )1066‬واآلجري (‬
‫‪ )1918‬من طرق عن سليمان بن حرب‪.‬‬
‫ثالثتهم عن أيب ِهالل حممد بن ُسلَيم َّ‬
‫الر ِاسيب‪ ،‬نا َجَبلَة بن َعطية الفلسطيين‪ ،‬عن َم ْسلَمة بن خُمَلَّد‬
‫مرفوعا بلفظ‪" :‬اللهم علّمه الكتاب‪ ،‬وم ّكن له يف البالد‪ ،‬وقه العذاب"‪.‬‬
‫ابن عبد احلكم ِمن حديث أهل البصرة عن أيب هالل به‪( .‬فتوح مصر ص‪)267‬‬ ‫وعلّقه ُ‬
‫قلت‪ :‬قد اضطََرب أبوهالل يف اإلسناد‪:‬‬
‫فقال ابن سعد (‪ 1/108‬حتقيق السلومي) ‪-‬ورواه من طريقه ابن عساكر (‪ :)59/78‬أخربنا‬
‫سليمان بن حرب واحلسن بن موسى‪ ،‬قاال‪ :‬حدثنا أبوهالل حممد بن سليم‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا جبلة بن‬

‫‪47‬‬
‫رجح يف‬
‫قلت‪ :‬وهذا حتقيق نادر ونفيس من احلافظ ابن حجر رمحه اهلل‪ ،‬وكذلك َّ‬
‫وجَزم‬
‫اإلصابة (‪ )232-9/231‬أن معاوية رضي اهلل عنه أسلم سنة سبع من اهلجرة‪َ ،‬‬
‫يف تقريب التقريب (‪ )6758‬أيضا أنه أسلم قبل الفتح‪.‬‬

‫عطية‪ ،‬عن مسلمة‪ .‬بن خملد‪.‬‬


‫قال احلسن بن موسى األشيب‪ :‬قال أبوهالل‪ :‬أو عن رجل عن مسلمة‪ .‬بن خملد‪.‬‬
‫وقال سليمان بن حرب‪ :‬أو ح ّدثه مسلمةُ‪ .‬عن رجل‪ ،‬أنه رأى معاوية يأكل‪ ،‬فقال لعمرو بن‬
‫النيب صلى اهلل عليه وسلم‬ ‫ِ‬
‫مسعت َّ‬
‫ضد‪ ،‬مث قال‪ :‬أما إين أقول هذا‪ ،‬وقد ُ‬‫عمك هذا مل ْخ َ‬‫العاص‪ :‬إن ابن ّ‬
‫يقول‪( :‬فذكره)‬
‫وقال اإلمام أمحد يف فضائل الصحابة (‪ )2/915‬وابن ُقتَيبة يف الغريب (‪ :)1/394‬حدثنا احلسن‬
‫بن موسى‪ ،‬ثنا أبوهالل‪ ،‬ثنا جبلة بن عطية‪ ،‬عن مسلمة بن خملد ‪-‬أو عن رجل عن مسلمة بن‬
‫خملد‪ -‬به‪.‬‬
‫ورواه اخلالل يف السنة (‪ )2/451‬من طريق سليمان بن حرب‪ ،‬ثنا أبوهالل‪ ،‬عن جبلة‪ ،‬عن‬
‫مسلمة‪ .،‬أو حدثه مسلمة‪ .‬عن رجل‪.‬‬
‫ورواه ابن عساكر (‪ )59/78‬من طريق ابن أيب خيثمة‪ ،‬نا أيب سلمة موسى بن إمساعيل‪ ،‬نا‬
‫أبوهالل الراسيب‪ ،‬نا جبلة‪ ،‬عن رجل من األنصار‪ ،‬عن مسلمة‪ .‬به‪.‬‬

‫وهذا احلديث أعلّه ابن اجلوزي بضعف أيب هالل‪.‬‬


‫وقال الذهيب يف التلخيص‪ :‬مل يصح‪.‬‬
‫وقال يف ترمجة جبلة بن عطية من امليزان (‪" :)1/389‬ال يُعرف‪ ،‬واخلرب منكر مبرة‪ ،‬وهو من طريق‬
‫ثَِقتَني عن أيب هالل حممد بن سليم‪ ،‬قال حدثنا جبلة‪ ،‬عن رجل‪ ،‬عن مسلمة‪( "..‬فذكر احلديث)‬
‫"لعل اآلفة فيه من الرجل اجملهول‪ ،"..‬مث نقل توثيق‬
‫وتعقبّه ابن حجر يف اللسان (‪ )2/96‬قائال‪ّ :‬‬
‫جبلة‪.‬‬
‫بني جبلة بن َعطيّة وبني َمسلمة‪ .‬رجال"‪.‬‬
‫بعض احمل ّدثني َ‬
‫أدخل ُ‬
‫ابن عبد احلكم‪" :‬ورمبا َ‬‫وقال قَبلَ ُهما ُ‬

‫‪48‬‬
‫وقد قال مؤرخ اإلسالم احلافظ الذهيب يف التاريخ (‪" :)4/308‬أسلم قبل أبيه يف عُمرة‬
‫وبقي خياف من اخلروج إىل النيب صلى اهلل عليه وسلم من أبيه"‪ .،‬مث قال‪:‬‬
‫ال َقضاء‪َ ،‬‬
‫‪26‬‬
‫"وأظهر إسالمه يوم الفتح"‪.‬‬

‫كر تثبّت معاوية" رضي اهلل عنه وتوقّيه في السنة النبوية‪:‬‬ ‫ِ‬
‫ذ ُ‬

‫وقال اهليثمي يف جممع الزوائد (‪ )9/109‬بعد أن عزاه للطرباين‪" :‬وجبلة مل يسمع من مسلمة‪ ،‬فهو‬
‫مرسل‪ ،‬ورجاله ُوثِّقوا‪ ،‬وفيهم خالف"‪.‬‬

‫اضطرب فيه كما تَقدم‪ ،‬وجبلة ثقة‬


‫َ‬ ‫ضعف (هتذيب الكمال ‪ ،)25/292‬وقد‬ ‫ٌ‬ ‫قلت‪ :‬أبوهالل فيه‬
‫(هتذيب الكمال ‪ ،)4/500‬ولكن ع ّده ابن حبان من أتباع التابعني‪ ،‬وذكر له املزي ثالثة شيوخ‪،‬‬
‫كلهم من التابعني‪ ،‬فيظهر يل أن األقرب من األوجه رواية أيب هالل‪ ،‬عن جبلة‪ ،‬عن رجل‪ ،‬عن‬
‫مسلمة‪..‬‬
‫"وم ِّكن له يف البالد"‬ ‫وهذا سند ضعيف‪ ،‬وتقدم تضعيف احلفاظ هلذه الرواية عموما‪ ،‬إال َّ‬
‫أن لفظة‪َ :‬‬
‫‪-‬من حيث الصنعة احلديثية‪ -‬منكرةٌ ال شاهد هلا‪.‬‬

‫حديث أبي هريرة‪:‬‬


‫رواه ابن بطة‪ ،‬ومن طريقه ابن اجلوزي (‪ )1/273‬من طريق حممد بن يزيد العابد‪ ،‬عن حممد بن‬
‫عمرو‪ ،‬عن أيب سلمة‪ ،‬عن أيب هريرة مرفوعا مثله مع زيادة‪.‬‬
‫وأعله ابن اجلوزي جبهالة ابن يزيد‪ ،‬وقال الذهيب إن خربه موضوع‪ ،‬وهو آ َفتُه (امليزان ‪،)4/68‬‬
‫وقال إن حديثه كذب‪( .‬املغين ‪)2/644‬‬
‫ولكن جاء أحد الكذابني فوضع له إسنادا نظيفا!‬
‫فرواه ابن عساكر (‪ )59/88‬من طريق إسحاق بن حممد السوسي‪ ،‬نا حممد بن احلسن‪ ،‬نا ابن‬
‫ديزيل‪ ،‬نا آدم بن أيب إياس‪ ،‬عن شعبة‪ ،‬عن سهيل بن أيب صاحل‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن أيب هريرة مرفوعا‪،‬‬
‫وفيه زيادات باطلة‪.‬‬
‫قال ابن حجر يف ترمجة إسحاق من اللسان (‪" :)1/374‬ذاك اجلاهل الذي أتى باملوضوعات‬
‫السمجة يف فضائل معاوية‪ ،‬رواها عبيد اهلل بن حممد بن أمحد السقطي عنه‪ ،‬فهو املتهم هبا‪ ،‬أو‬

‫‪49‬‬
‫‪ -‬روى اإلمام ُمسلم يف صحيحه (‪ 2/718‬رقم ‪ )1037‬عن معاوية رضي اهلل عنه‬
‫الناس يف‬
‫يف َ‬ ‫عمر كان خُي ُ‬
‫فإن َ‬‫وأحاديث؛ إال حديثاً كان يف َعهد عمر‪َّ ،‬‬
‫َ‬ ‫قال‪" :‬إيّاكم‬
‫"من يُرد اهلل به َخريا‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم وهو يقول‪َ :‬‬
‫َ‬ ‫مسعت‬
‫وجل‪ُ ،‬‬‫عز َّ‬ ‫اهلل َّ‬
‫ِّههُ يف الدِّين"‪.‬‬
‫يُ َفق ْ‬

‫شيوخه اجملهولون"‪.‬‬
‫ُ‬
‫وقال الذهيب يف ترمجة شيخه يف امليزان (‪" :)3/516‬روى عنه حممد بن إسحاق السوسي أحاديث‬
‫خمتلَقة يف فضل معاوية‪ ،‬ولعله النقاش صاحب التفسري‪ ،‬فإنه كذاب‪ ،‬أو هو آخر من الدجاجلة"‪.‬‬

‫قلت‪ :‬فاحلديث باطل من طري َقيه عن أيب هريرة‪.‬‬

‫الطرق المرسلة‪:‬‬
‫رواه اإلمام أمحد يف فضائل الصحابة (‪ )2/913‬بسند صحيح عن ُشريح بن ُعبيد مرسال‪.‬‬
‫وقال األلباين‪" :‬وهذا إسناد شامي مرسل صحيح‪ ،‬رجاله ثقات"‪.‬‬

‫ورواه احلسن بن عرفة يف جزئه (‪ )66‬ومن طريقه ابن عساكر (‪ )59/79‬بسند صحيح عن َح ِريز‬
‫الر َحيب مرسال‪.‬‬
‫بن عثمان َّ‬
‫وقال األلباين‪" :‬وهذا أيضا إسناد شامي مرسل صحيح"‪.‬‬

‫ورواه ابن عساكر (‪ )59/85‬بسند صحيح عن يُونُس بن َمْي َسرة بن َح ْلبَس مرسال‪.‬‬

‫الزهري مرسال‪.‬‬‫ورواه ابن عساكر (‪ )59/79‬من طريق ُّ‬


‫ويف سنده أبان بن َعْنبَسة القرشي‪ :‬ذكره ابن أيب حامت (‪ )2/300‬ومل يذكر فيه جرحا وال تعديال‪.‬‬

‫ورواه البالذري يف أنساب األشراف (‪ 4/145‬العظم) وابن عساكر (‪ )59/79‬من طريق َشبَابة‬
‫يوسف بن زياد التَّْيمي‪ ،‬عن حممد بن ُشعيب‪ ،‬عن ُعروة بن ُر َومْي اللَّ ْخمي مرسال‪.‬‬
‫بن َس َّوار‪ ،‬ثنا ُ‬
‫ورجاله ثقات‪ ،‬إال أن يوسف التيمي مل أتبيّنه اآلن‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يقول‪" :‬إمنا أنا خاز ٌن‪ ،‬فم ْن أعطيتُه َع ْن ِط ِ‬
‫يب‬ ‫َ‬ ‫ومسعت‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫أكل وال يَشبَ ُع"‪.‬‬ ‫ٍ ٍ‬ ‫ٍ‬
‫عن َم ْسألة َو َشَره كا َن كالذي يَ ُ‬
‫ومن أعطيتُه ْ‬
‫بار ُك له فيه‪َ ،‬‬
‫نفس؛ َفيُ َ‬
‫مسعت معاويةَ يقول‪:‬‬
‫النووي يف شرحه على صحيح ُمسلم (‪" :)7/127‬قولُه‪ُ :‬‬
‫ُّ‬ ‫قال‬
‫وأحاديث إال حديثا كان يف عهد عمر‪ ،‬فان عمر كان خييف الناس يف اهلل)‪:‬‬
‫َ‬ ‫(إياكم‬

‫ورواه ابن بطة ومن طريقه اخلطيب يف تلخيص املتشابه (‪ )1/405‬من طريق داود بن احملرب‪ ،‬نا‬
‫احلسن بن أيب جعفر العتكي‪ ،‬عن ليث‪ ،‬عن جماهد مرسال حمل الشاهد‪.‬‬
‫وسنده موضوع‪.‬‬

‫خالصة" الحكم على الحديث‪:‬‬

‫جاء احلديث من ُمسند العِرباض بن َسا ِريَة‪ ،‬واحلارث بن زياد‪ ،‬وعبد الرمحن بن أيب َع ِمرية‪ ،‬وابن‬
‫وم ْسلَمة بن خُمَلَّد‪ ،‬وأيب هريرة‪ ،‬ومن مراسيل ُشريح بن عُبيد‪ ،‬ويونُس بن َميسرة بن َح ْلبَس‪،‬‬
‫عباس‪َ ،‬‬
‫الر َحيب‪ ،‬والزهري‪ ،‬وعقبة بن رومي‪ ،‬وجماهد‪.‬‬‫وحريز َّ‬ ‫َ‬
‫وتبنّي أن مجيع الطرق املرفوعة إما أهنا ترجع حلديث العرباض (طريق احلارث بن زياد‪ ،‬وابن أيب‬
‫َعمرية)‪ ،‬أو أهنا ال تدخل يف االعتبار أصال (حديث ابن عباس‪ ،‬وحديث أيب هريرة‪ ،‬وحديث‬
‫مسلمة‪َ .‬علَى األقرب)‪.‬‬
‫احلديث ِم َن احل ّفاظ‬
‫ِ‬ ‫أكثر َمن تكلَّم على‬
‫قارب بذاته‪ ،‬وثبّته ُ‬
‫سنده ُم ٌ‬ ‫وتبنّي أن حديث معاوية مرفوعا ُ‬
‫فيما َو َق ْفت‪.‬‬
‫وحريز صحيحةٌ إىل أصحاهبا‪ ،‬فهي تشهد للمرفوع إن شاء اهلل‪،‬‬ ‫وتبنّي أن مراسيل ُشريح‪ ،‬ويونُس‪َ ،‬‬
‫وبذلك تطمئن النفس لتقوية احلديث‪.‬‬
‫هذا ما انتهى إليه حبثي‪ ،‬واهلل تعاىل أعلم بالصواب‪.‬‬
‫‪ 22‬انظر عنه نزهة اخلواطر لعبد احلي احلسين (‪ )8/49‬وكتاب الربيلوية إلحسان إهلي ظهري‪.‬‬
‫‪ 23‬منهم أبونعيم يف معرفة الصحابة (‪ ،)5/2496‬إذ قال‪" :‬أسلم قُبيل الفتح‪ ،‬وقيل‪ :‬عام القضية"‪.‬‬
‫‪ 24‬من حديث حُمَِّرش الكعيب اخلزاعي رضي اهلل عنه‪ ،‬رواه أبوداود (‪ )1996‬والرتمذي (‪)935‬‬
‫وقال‪ :‬حسن غريب‪ ،‬والنسائي (‪ )200-5/199‬والشافعي يف األم (‪ )2/134‬واحلميدي (‪)863‬‬

‫‪51‬‬
‫هكذا هو يف أكثر النُّسخ‪( :‬وأحاديث)‪ ،‬ويف بعضها‪( :‬واألحاديث)‪ .،‬ومها صحيحان‪،‬‬
‫شاع يف َز َمنه ِمن‬
‫النهي عن اإلكثار من األحاديث بغري تثبّت –ملا َ‬ ‫ومراد معاويةَ‪ُ :‬‬
‫ُ‬
‫َمرهم بالرجوع‬ ‫حني فُتحت بلداهُن م‪ -‬وأ ُ‬
‫التحدُّث عن أهل الكتاب؛ وما ُوجد يف كتبهم َ‬
‫وشدَّتِه فيه‪،‬‬
‫يف األحاديث إىل ما كان يف زم ِن عمر رضي اهلل عنه‪ ،‬لضب ِطه األمر؛ ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الناس من املسارعة إىل األحاديث‪ ،‬وطَلَبه الشهاد َة‬ ‫ومنعِه‬ ‫الناس ِمن َسطوتِه‪،‬‬
‫وخوف ِ‬‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫السنَن"‪.‬‬
‫واشت َهَر ْ ُّ‬
‫ت‬ ‫األحاديث‪َ ،‬‬
‫ُ‬ ‫ت‬‫استقر ْ‬
‫على ذلك‪ ،‬حىت َّ‬

‫‪ -‬قلت‪ :‬ومما ي‪.. .‬دل على تثبّت معاوية ومت ّس‪. . .‬كه باحلديث‪ ،‬ما رواه البخ‪.. .‬اري (‪ 3500‬و‬
‫‪ )7139‬عن حممد بن ُجبري بن ُمطعِم‪ ،‬أنه ك‪..‬ان حي ّدث‪َ :‬بلَ‪.َ .‬غ معاوي ‪.‬ةَ وهو عن‪..‬ده يف وف‪.ٍ .‬د‬
‫‪.‬ك من قحط ‪.. .‬ان‪،‬‬ ‫ِّث أنه س‪.. . .‬يكون َملِ‪ٌ . . .‬‬ ‫من ق‪.. . .‬ريش؛ َّ‬
‫أن عبد اهلل بن عم‪.. . .‬رو بن الع‪.. . .‬اص حيد ُ‬
‫فغضب معاوية‪ ،‬فقام فأثىن على اهلل مبا هو أهلُه‪ ،‬مث قال‪:‬‬
‫َ‬
‫‪.‬اديث ليست يف كت‪..‬اب اهلل تع‪..‬اىل‪ ،‬وال‬ ‫أما بع‪..‬د‪ ،‬فإنه بلغين أن رج‪..‬اال منكم يتح‪ّ .‬دثون أح‪َ .‬‬
‫‪.‬ك ُج ّ‪.‬ه‪.‬الُكم‪ ،‬فإي‪..‬ا ُكم واألم‪..‬اين اليت تُض‪.ُّ .‬ل‬‫تُؤثر عن رسول اهلل صلى اهلل عليه وس‪.‬لم‪ ،‬فأولئ‪َ .‬‬

‫وأمحد (‪ 3/426‬و‪ 427‬و‪ 4/69‬و‪ )5/380‬والدارمي (‪ )1868‬وغريهم‪ ،‬وسنده حسن كما‬


‫قال ابن حجر (اإلصابة ‪ ،)9/101‬وصححه ابن عبد الرب (التمهيد ‪ )24/408‬واأللباين (صحيح‬
‫سنن الرتمذي ‪ 1/479‬املعارف)‬
‫قول احلافظ‬
‫يؤيده ُ‬
‫يعزه احلافظ يف اإلصابة (‪ )12/81‬لغري هذا املصدر‪ .،‬وتفرده غريب‪ُ ،‬‬ ‫وكذا مل ُ‬
‫‪25‬‬

‫فيما يأيت‪" :‬فإن ثبت هذا‪ ،"..‬ومل أقف على اخلرب يف كتب الصحابة وغريها‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫متسك أن معاوية رضي اهلل عنه من الطلقاء‪ ،‬واتكأ على ذلك ‪-‬مدفوعا‬ ‫رد على من ّ‬ ‫‪ 26‬وبذلك يُ ُّ‬
‫باجلهل واهلوى‪ -‬ليش ّكك يف إسالم معاوية رضي اهلل عنه‪ ،‬وي ِ‬
‫لمَزه بالنفاق ‪-‬عياذا باهلل‪ -‬صراحة أو‬‫َ‬ ‫ُ‬
‫كناية‪ ،‬مع أن معاوية ومئات الصحابة مثلَه؛ حىت لو كانوا من الطلقاء‪ ،‬فال يطعن ذلك يف دينهم‬
‫السنّة‪ ،‬انظر حبر الفوائد‬
‫الضالل أعداء ُ‬
‫صحبتهم‪ ،‬إال عند ُ‬ ‫جملرد كوهنم كذلك‪ ،‬وال يؤثر يف شرف ُ‬
‫للكالباذي (باب فضل قريش ‪ 1/301‬رسالة جامعية) وفتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية (‪)4/454‬‬

‫‪52‬‬
‫‪.‬ول اهلل ص‪..‬لى اهلل عليه وس‪..‬لم يق‪..‬ول‪" :‬إن ه‪..‬ذا األم‪.َ.‬ر يف قُ‪..‬ريش‪ ،‬ال‬
‫مسعت رس‪َ .‬‬‫أهلَه‪..‬ا‪ ،‬ف‪..‬إين ُ‬
‫يعاديهم أح ٌد إال كبَّه اهلل على وج ِه ِه‪ ،‬ما أقاموا الدِّين"‪.‬‬

‫‪ -‬ومن ذلك ما رواه البخ‪.. . . . . . . . . . .‬اري (‪ )7361‬عن معاوية رضي اهلل عنه أنه ذكر كعب‬
‫الذين حُيَدِّثون عن بين إس‪..‬رائيل‪ ،‬وإن‬ ‫ِ‬
‫األحبار فقال‪" :‬إن كان لَمن أصدق هؤالء احملدِّثني َ‬
‫كان مع ذلك لَنَبلَُو عليه الكذب"‪.27‬‬

‫‪ -‬وروى ص‪..‬فوان بن عم‪..‬رو‪ ،‬عن أزهر بن عبد اهلل‪ ،‬عن أيب ع‪..‬امر اهلوزين‪ ،‬عن أيب ع‪..‬امر‬
‫عبد اهلل بن حُلَي‪ ،‬ق ‪..‬ال‪َ :‬ح َج ْجنا مع معاوية بن أيب س ‪..‬فيان‪ ،‬فلما ق ‪..‬دمنا مكة أُخرب بق ‪ٍ .‬‬
‫‪.‬اص‬ ‫ّ‬
‫ص‪.‬ص؟‬ ‫ِ‬
‫ت هبذا ال َق َ‬ ‫‪.‬وىل لبين خمزوم‪ ،‬فأرسل إليه معاوي‪..‬ة‪ ،‬فق‪..‬ال‪ :‬أ ‪ُ.‬م ْ‪.‬ر َ‬
‫ص على أهل مكة م‪ً .‬‬ ‫َي ُق ُّ‬
‫ص بغري إذن؟ ق‪..‬ال‪ :‬نَْن ُش ‪ُ.‬ر ِعلم ‪.‬اً علَّ َمن‪..‬اه اهلل‪ .‬فق‪..‬ال‬
‫ق‪..‬ال‪ :‬ال‪ .‬ق‪..‬ال‪ :‬فما محلك على أن ت ُق َّ‬
‫لقطعت منك طائفاً‪.‬‬‫ُ‬ ‫َّمت إليك قبل ُمدَّيت هذه‬
‫كنت تقد ُ‬
‫معاوية‪ :‬لو ُ‬
‫مث ق‪..‬ام حىت ص‪..‬لى الظهر مبك‪..‬ة‪ ،‬مث ق‪..‬ال‪ :‬إن رس‪..‬ول اهلل ص‪..‬لى اهلل عليه وس‪..‬لم ق‪..‬ال‪" :‬إن‬
‫أهل الكتاب افرتقوا على ثنتني وسبعني ِملَّة‪ ،‬وإن هذه األمة ستفرتق على ثالث وسبعني‬ ‫َ‬
‫ِملَّة يعين األهواء‪ -‬و ُكلُّها يف النار إال واحدة‪ ،‬وهي اجلماعة"‪.‬‬
‫وقال‪" :‬إنه س‪.‬يخرج من أميت أق‪.‬وام َتتَج‪.‬ارى هبم األه‪.‬واء كما يتج‪.‬ارى ال َكلَب بص ِ‬
‫‪.‬احبِه‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫مفصل إال دخله"‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫فال يَب َقى ِمنه ِعرق وال‬
‫واهلل يا معش‪.َ .‬ر الع‪..‬رب لئن مل تقوم‪..‬وا مبا ج‪..‬اء به حمم‪ٌ .‬د ص‪..‬لى اهلل عليه وس‪..‬لم؛ لغَْ‪.‬ي ُ‪.‬ركم ِمن‬
‫يقوم به"‪.‬‬
‫َحَرى أن ال َ‬ ‫ِ‬
‫الناس أ ْ‬
‫رواه هبذا الس ‪.. . . .‬ياق يعق ‪.. . . .‬وب بن س ‪.. . . .‬فيان يف املعرفة (‪ )2/331‬وأبوزرعة الدمش ‪.. . .‬قي يف‬
‫الفوائد املعللة (‪ )60‬وحممد بن نصر يف الس ‪.. . . . . . . . . .‬نة (‪ )51-50‬والط ‪.. . . . . . . . . .‬رباين يف الكبري (‬

‫ص ُحفه"‪( .‬تفسري سورة الكهف‬ ‫نقل ما ليس يف ُ‬


‫يتعمد َ‬
‫قال ابن كثري‪" :‬يعين ين ُقلُه‪ ،‬ال أنه كان ُ‬
‫‪27‬‬

‫عدم وقوع ما خُي رِب ُ به أنه سيقع‪ ،‬ال أنه‬


‫مراده بالكذب ُ‬
‫بعضهم‪ .‬بأن َ‬
‫‪ ،)83‬وقال ابن حجر‪" :‬وأولَه ُ‬
‫هو يكذب"‪( .‬اإلصابة ‪)8/336‬‬

‫‪53‬‬
‫‪ 19/376‬رقم ‪- )884‬ومن طريقه أب‪.. . .‬والعالء العط‪.. . .‬ار يف فتيا له (‪ -)12‬وابن بطة يف‬
‫اإلبانة (‪ )1/371‬واحلاكم (‪ )1/128‬واألهوازي يف شرح عقد أهل اإلميان (‪)69‬‬
‫ورواه أب ‪.. . .‬وداود وأمحد ومجاع ‪.. . .‬ة؛ دون أوله –ال ‪.. . .‬ذي هو حمل الش ‪.. . .‬اهد‪ -‬مقتص ‪.. .‬رين على‬
‫املرفوع‪.‬‬
‫وهذا سند صحيح‪.28‬‬

‫‪ -‬وروى الط‪..‬رباين يف الكبري (‪ 19/388‬رقم ‪ 909‬والس‪..‬ياق ل‪..‬ه) من طريق يعق‪..‬وب بن‬


‫كعب‪.‬‬
‫وروى أب‪.. . .‬ونعيم يف احللية (‪ )6/128‬من طريق ُد َحيم‪ ،‬كالمها عن الوليد بن مس‪.. .‬لم‪ ،‬ثنا‬
‫سعيد بن عبد العزيز‪ ،‬عن ربيعة بن يزيد‪،‬‬
‫أن معاوية كتب إىل َم ْس‪. . .‬لَمة بن خُمَلَّد أ ْن َس‪. . .‬ل عب ‪.َ . .‬د اهلل بن عم‪.. .‬رو بن الع‪.. .‬اص‪ :‬هل مَس ع‬
‫ض‪.‬عي ُفها َحقَّه ِم ْن قَ ِويِّها‬
‫أخ ُذ َ‬
‫ت أ َُّمةٌ ال يَ ُ‪.‬‬‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وس‪.‬لم يق‪..‬ول‪( :‬ال قُ ِّد َس‪ْ .‬‬‫َ‬
‫إيل َعلَى الرَب يد‪.‬‬ ‫ضطَهد)؟ فإن قال‪ :‬نعم‪ ،‬فامْحِ ْلهُ َّ‬
‫وهو غريُ ُم ْ‬
‫ص‪َ. .‬ر إىل الش ‪..‬ام‪ ،‬ف َس ‪.‬أَلَهُ ُمعاوي ‪..‬ة‪ ،‬ف ‪.‬أَخرَب ه‪،‬‬ ‫ِ ِ‬
‫فح َملَ ‪..‬هُ َعلى الربيد م ْن م ْ‬
‫ف َس‪. .‬ألَه‪ ،‬فق ‪..‬ال‪ :‬نعم! َ‬
‫ت‪.‬‬ ‫ت أن أَتَثبَّ ْ‬ ‫َحبَْب ُ‬
‫ولكن أ ْ‬
‫فقال معاوية‪ :‬وأنا قد مسعتُه‪ْ ،‬‬
‫وقال اهليثمي‪ :‬رجاله ثقات‪( .‬اجملمع ‪ ،)5/209‬وهو كما قال‪.‬‬

‫‪ 28‬وأنقل شيئا من أحكام العلماء على احلديث بطوله‪ ،‬ألن بعض أهل األهواء املعاصرين طعنوا يف‬
‫حديث االفرتاق منه جبهل بالغ‪ .‬فقال احلاكم‪ :‬هذه أسانيد تقام هبا احلجة يف تصحيح هذا احلديث‪.‬‬
‫يُشري إىل هذا اإلسناد وغريه‪ ،‬وأقره الذهيب يف التلخيص‪ ،‬وصححه الشاطيب‪ ،‬وشيخ اإلسالم ابن‬
‫تيمية يف مسائله‪ ،‬وقال يف اقتضاء الصراط املستقيم (‪" :)1/118‬هذا حديث حمفوظ من حديث‬
‫صفوان بن عمرو عن األزهر بن عبد اهلل احلرازي عن أيب عامر عبد اهلل بن حلي عن معاوية‪ ،‬رواه‬
‫إسناده ابن حجر يف ختريج‬
‫وحسن َ‬ ‫إسناده العراقي يف ختريج اإلحياء‪ّ ،‬‬
‫وجود َ‬ ‫عنه غري واحد"‪ّ ،‬‬
‫الكشاف‪ .‬انظر لذلك الصحيحة (‪)204‬‬

‫‪54‬‬
‫وروى الط‪.. . . . . .‬رباين يف الش‪.. . . . . .‬اميني (‪ 1/190‬مقتص‪.. . . . . .‬را على املرف‪.. . . . . .‬وع) وابن عس‪.. . . .‬اكر (‬
‫‪ )31/240‬من طريق هش‪.. . . . . .‬ام بن عم‪.. . . . . .‬ار‪ ،‬عن الوليد بن ُمس‪.. . . . . .‬لم‪ ،‬ومن طريق بَِقيَّة بن‬
‫ب ُمعاوية إىل‬ ‫الولي ‪..‬د‪ ،‬ق ‪..‬اال‪ :‬ثنا س ‪..‬عيد بن عبد العزي ‪..‬ز‪ ،‬عن ي ‪..‬ونس بن ميس ‪..‬رة‪ ،‬ق ‪..‬ال‪َ :‬كتَ َ‬
‫مسعت كما‬‫َم ْس ‪.‬لَمة بن خُمَلَّد وهو مبص ‪..‬ر‪ ...‬ف ‪..‬ذكره مبثل ‪..‬ه‪ ،‬ويف آخ ‪..‬ره‪ :‬فق ‪..‬ال معاوي ‪..‬ة‪ :‬وأنا ُ‬
‫مسعت‪.‬‬
‫َ‬
‫‪.‬ات أيض‪.. . .‬ا‪ ،‬وقد ص‪.َّ . . .‬ر َح الولي‪.ُ . . .‬د وبَِقيَّةُ بال َّس‪. . .‬ماع‪ ،‬وأما اختالف‬
‫قلت‪ :‬ورج‪.. . .‬ال ه‪.. . .‬ذا ثق‪ٌ . . .‬‬
‫وربيع‪..‬ة‪ ،‬فأيُّهما ك‪..‬ان الص‪..‬واب فهو ثقة‬ ‫ِ‬
‫‪.‬ور بني أح‪..‬د َر ُجلني‪ ،‬ومها ي‪..‬ونُس َ‬ ‫اإلس‪..‬ناد فمحص‪ٌ .‬‬
‫جود احلديث مل يُبعد‪ ،‬واهلل أعلم‪.29‬‬ ‫وأدرك معاوية يف بلد واحد طويال‪ ،‬فمن َّ‬ ‫َ‬ ‫ُمطلَقا؛‬

‫ِّث عن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم شيئا‪.‬‬ ‫صح أن معاوية كان قلَّما حُيَد ُ‬ ‫‪ -‬وقد َّ‬
‫رواه ابن س ‪..‬عد (‪ 1/110‬الس ‪..‬لومي) وأمحد (‪ 4/92‬و‪ 93‬و‪ )98‬وابن جرير يف هتذيب‬
‫اآلث ‪..‬ار (‪ 1/82‬رقم ‪ 135‬مس‪..‬ند عم ‪..‬ر) والطح ‪..‬اوي يف ش ‪..‬رح مش ‪..‬كل اآلث ‪..‬ار (‪4/390‬‬
‫رقم ‪ )1687‬وابن ق‪.. . . . .‬انع (‪ )3/72‬والط‪.. . . . .‬رباين (‪ 19/350‬رقم ‪ )815‬وال‪.. . . .‬بيهقي يف‬
‫الشعب (‪ 9/167‬رقم ‪ 4528‬و‪ 18/314‬رقم ‪)9825‬‬
‫كلهم من طريق سعد بن إبراهيم الزهري‪ .،‬عن َم ْعبَد اجلُ َهين به‪ ،‬وسنده صحيح‪.‬‬

‫وروي مثل ذلك عن أيب ِهْند البَ َجلي‪ ،‬رواه أمحد (‪ )4/99‬وأب‪.. . . . . . . . . . . . . . .‬وداود (‪)2479‬‬ ‫‪ُ -‬‬
‫والنس‪..‬ائي يف الك‪..‬ربى وغ‪..‬ريهم‪ ،‬كما ثبت عن أيب إدريس‪ ،‬رواه أمحد (‪ )4/99‬النس‪..‬ائي‬
‫(‪ )7/81‬واحلاكم وغريمها‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫لح ِق حُم قِّقه‪.‬‬
‫وم َ‬
‫الرحلة للخطيب البغدادي؛ ُ‬
‫وهذا احلديث يُستدرك على كتاب ِّ‬
‫وقد ورد اخلرب يف مطبوعة حلية األولياء (‪ )8/275‬مشوشا‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫‪ -‬ومن ح‪.. .‬رص معاوية رضي اهلل عنه على نشر الس‪.. .‬نة النبوي‪.. .‬ة‪ :‬ما رواه أمحد (‪3/444‬‬
‫رقم ‪ 15666‬ب‪..‬رتقيم الرس‪..‬الة) وغ‪..‬ريه‪ :‬أن معاوية كتب إىل عبد ال‪..‬رمحن بن ش‪..‬بل رضي‬
‫مسعت من رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬ ‫اهلل عنه‪ :‬أن َعلِّم َ‬
‫الناس ما َ‬
‫وحنوه عنده (‪ ،)15670‬وسنده جيد‪.‬‬

‫موقف األ َُّمة من الرواية عن معاوية بن أبي سفيان رضي اهلل عنهما‪:‬‬

‫مع قِلّة رواية معاوية بن أيب س‪.. .‬فيان رضي اهلل عنهما للح ‪.. .‬ديث وتوقِّيه الش‪.. .‬ديد فيه كما‬
‫رد مجاعة ممن جاء ذكر روايته عن‪..‬ه‪،‬‬ ‫وسأس ُ‬
‫ْ‬ ‫تقدم‪ ،‬إال أن الرواة عنه أكثر من أن حُي صون‪،‬‬
‫ليُعلم أن األ َُّمة مل تس‪..‬تنكف أن ت‪..‬روي عن‪..‬ه‪ ،‬وفيهم الص‪..‬حابة‪ ،‬وأك‪..‬ابر علم‪..‬اء الت‪..‬ابعني يف‬
‫خمتلف البل‪.. .‬دان‪ ،‬ومنهم ابن علي بن أيب ط‪.. .‬الب‪ ،‬وأعي‪.. .‬ان أص‪.. .‬حاب علي رضي اهلل عن ‪..‬ه‪،‬‬
‫والكوفيني‪.‬‬

‫وج ِرير‬ ‫ِ‬


‫ث عنه من الصحابة‪ :‬أ َ‬
‫ُسْيد بن ظُ َهرْي ‪ ،‬وأَيُّوب بن بَشري األنصاري‪َ .،‬‬ ‫فم َّمن ح ّد َ‬
‫وسْبَرة بن َم ْعبَد اجلُ َهين‪ ،‬وعبد اهلل بن احلارث‬ ‫والسائب بن يَزيد‪َ ،‬‬ ‫بن عبد اهلل البَ َجلي‪َّ ،‬‬
‫الز َبرْي ‪ ،‬وعبد اهلل بن َعبَّاس‪ ،‬وعبد اهلل بن عُ َمر‪ ،‬وعبد اهلل بن‬ ‫بن َن ْوفَل‪ ،‬وعبد اهلل بن ُّ‬
‫َعمرو بن العاص‪ ،‬وعبد الرمحن بن ِشْبل األنصاري‪ .،‬وحممد بن َم ْسلَ َمة‪ ،‬ومالك بن‬
‫ومعاوية بن ُح َديْج‪ ،‬والن ُّْعمان بن بَشري‪ ،‬ووائل بن ُح ْجر‪ ،‬وأبوأُمامة بن َس ْهل بن‬ ‫ِ‬
‫خَيَامر‪ُ ،‬‬
‫ِ‬
‫وأبوالغادية‬ ‫ُحنَيف‪ ،‬وأبوالد َّْرداء‪ ،‬وأبوذَر الغِفاري ‪ -‬مع تقدمه‪ ،30‬وأبو سعيد اخلُ ْدري‪،‬‬
‫ِ‬
‫وأبوعامر األَ ْش َع ِري‪.‬‬ ‫عامر بن واثِلَة‪،‬‬‫اجلهين‪ ،‬وأبوالطَُّفيل ِ‬
‫ْ‬ ‫َُ‬
‫جتد صحابيا روى‬ ‫الكرام رضي اهلل عنهم‪ ،‬وقَ َّل أن َ‬ ‫الصحب ِ‬
‫فهؤالء ثالثة وعشرون من َّ ْ‬
‫حتديث معاويةَ رضي اهلل عنه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫عنه هذا العدد من الصحابة‪َ ،‬ر ْغ َم قِلّ ِة‬

‫ومن التابعين‪:‬‬
‫‪ 30‬نبه على ذلك الذهيب يف التذهيب (‪)9/33‬‬

‫‪56‬‬
‫َسلَم َموىل عُمر‪ ،‬وأ َْي َفع‬ ‫روى عنه‪ :‬إبراهيم بن عبد اهلل بن قا ِرظ‪ ،‬وإسحاق بن يَسار‪ ،‬وأ ْ‬
‫عبد ال َكالعي‪ ،‬وإياس بن أيب َر ْملَة الشامي‪ ،‬وأيوب بن عبد اهلل بن يَسار‪ ،‬وأيوب‬ ‫بن ٍ‬
‫بن َمْي َسرة بن َح ْلبَس‪ ،‬وبِ ْشر أبو قيس القنسريين‪ ،‬وثابت بن سعد الطائي‪ ،‬وأبو الشَّعثاء‬
‫ضَرمي‪ ،‬وأبوالزاهرية ُح َديْر بن ُكَريْب‪،‬‬ ‫وجَبرْي بن نُ َفرْي احلَ ْ‬
‫جابر بن زيد البَصري‪ُ ،‬‬
‫وحكيم بن جابر‪ ،‬ومِح َّان‬ ‫أبوح ِريز َموىل معاوية‪ ،‬واحلسن البَصري‪َ ،‬‬ ‫وح ِريز؛ وقيل‪َ :‬‬ ‫َ‬
‫(وقيل أبو مِح َّان) أخو أيب َشيخ اهلُنَائي‪ ،‬ومُحْران بن أَبان َموىل عُثمان بن َعفَّان‪ ،‬ومُحَْيد‬
‫وحْنظَلَة بن ُخ َويْلِد‪ ،‬وأبوقَبِيل ُحيَي بن هانئ‪ ،‬وخالد بن عبد‬ ‫بن عبد الرمحن بن َع ْوف‪َ ،‬‬
‫الس َّمان‪ ،‬وراشد بن سعد‬ ‫اهلل بن رباح السلمي‪ ،‬وخالد بن َم ْعدان‪ ،‬وذَ ْكوان أبو صاحل َ‬
‫ورجاء بن َحْي َوة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫وربيعة بن يَزيد الدمشقي‪َ ،‬‬ ‫صري‪َ .،‬‬ ‫املَْقَرئي‪ ،‬وراشد بن أيب َسكْنَة امل ْ‬
‫أبوعتَّاب؛ موىل‬ ‫وزيد بن جا ِرية‪ ،‬وزيد بن أيب َعتَّاب؛ ويقال‪ :‬زيد َ‬ ‫وزياد بن أيب زياد‪َ ،‬‬
‫معاوية أو أخته أم املؤمنني أم َحبيبة‪ ،‬وسامل بن عبد اهلل بن عُمر‪ ،‬وسعيد بن َعمرو بن‬
‫وسلَْيم بن‬ ‫سعيد بن العاص‪ ،‬وسعيد بن أيب سعيد َكْيسان املَْقرُبِ ي‪ ،‬وسعيد بن املُ َسيِّب‪ُ ،‬‬
‫وش َعيب بن‬ ‫وشَريْح بن عَُبْيد‪ُ ،‬‬ ‫عامر ال َكالعي؛ ويقال‪ :‬اخلَبَائري‪ ،‬وسلمة بن َسهم‪ُ ،‬‬
‫وش َعيب بن حممد بن عبد اهلل بن َعمرو بن العاص؛ والد عمرو بن شعيب‪،‬‬ ‫زرعة‪ُ ،‬‬
‫الزبَري‪،‬‬
‫وعبَّاد بن عبد اهلل بن ُّ‬ ‫ِ‬
‫وطاووس بن َكْيسان‪ ،‬وعامر بن أيب عامر األَ ْشعري‪َ ،‬‬
‫صيب امل ْقرئ‪،‬‬ ‫صْيب‪ ،‬وعبد اهلل بن عامر اليح‬ ‫وعُبَ َادة بن نُ َس ّي‪ ،‬وعبد اهلل بن بَُريْ َدة بن احلُ َ‬
‫َْ َ ُ‬
‫ابن ُه ْر ُمز‪ .،‬وعبد اهلل بن علي العدوي‪ ،‬وأبو عامر عبد‬ ‫وعبد اهلل بن عُبيد؛ وكان بُدعى َ‬
‫اهلل بن حُلَ ّي اهلَْو َزين‪ ،‬وعبد اهلل بن حُمَرْيِ يز اجلُ َم ِحي‪ ،‬وعبد اهلل بن مدرك‪ ،‬وعبد اهلل بن‬
‫ٍ‬
‫ي‪ ،‬وعبد الرمحن بن عُ َسْيلَة‬ ‫َم ْو َهب‪ .،‬وعبد اهلل بن أيب اهلَُذيْل‪ ،‬وعبد الرمحن بن َعْبد القا ِر ّ‬
‫َعَرج‪ ،‬وعبد‬ ‫الصناحِب ي‪ ،‬وعبد الرمحن بن أيب َعوف اجلَُر ِشي‪ ،‬وعبد الرمحن بن ُه ْر ُمز األ ْ‬ ‫ُّ‬
‫رب‬
‫عبد ٍّ‬ ‫امللك بن عمري الكويف‪ ،‬وعبيد بن سعد‪ ،‬وعبيد اهلل بن عبد اهلل بن عْتبة‪ ،‬وأبو ِ‬
‫َُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َُ‬
‫ِ‬
‫وعطاء بن أيب َرباح‪ ،‬وأبوهَّزان َع ِطيَّة بن أيب‬ ‫ِ‬
‫الز َبرْي ‪َ ،‬‬
‫عَُبْيدة بن املهاجر‪ ،‬وعُْر َوة بن ُّ‬
‫ُ‬
‫وعمرو بن‬ ‫ثي‪،‬‬ ‫ي‬‫َّ‬
‫ل‬ ‫ال‬ ‫اص‬ ‫َّ‬
‫ق‬ ‫و‬ ‫بن‬ ‫مة‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ل‬
‫ْ‬ ‫وع‬ ‫‪.‬‬
‫‪،‬‬ ‫قرئ‬ ‫امل‬ ‫قبة‬ ‫وع‬ ‫اليب‪،‬‬ ‫وعطية بن قيس ِ‬
‫الك‬ ‫مَجِ يلة‪،‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫‪57‬‬
‫وعمرو بن قَيس‬ ‫الس ُكوين‪َ ،‬‬
‫وعمرو بن احلارث َّ‬ ‫العْنسي؛ وقد يُقال له‪ :‬عُ َمري‪َ ،‬‬ ‫األسود َ‬
‫الس ُكوين‪ ،‬وعُ َمري بن هانئ‬ ‫وعمرو بن حيىي ال ُقَرشي‪ ،‬وعمري بن احلارث َّ‬ ‫الس ُكوين‪َ ،‬‬
‫َّ‬
‫والعالء بن أيب َحكيم الشامي؛ َسيّاف ُمعاوية‪ ،‬وعيسى بن طلحة بن عُبيد‬ ‫العْنسي‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫الث َقفي‪ ،‬والقاسم بن حممد بن أيب بَكر الصدِّيق‪،‬‬ ‫اهلل‪ ،‬والفضل املدين‪ ،‬والقاسم بن حممد َّ‬
‫َ‬
‫صة بن جابر الكويف‪ ،‬وقَطَن البصري‪ ،‬و ُقْنرُب ؛‬ ‫ي‬‫ِ‬
‫َْ َ‬‫ب‬‫ق‬ ‫و‬ ‫الشامي‪،‬‬ ‫الرمحن‬ ‫عبد‬ ‫والقاسم أبو‬
‫أبوح ِريز َموىل‬ ‫ويقال له‪ُ :‬قتَري‪ ،‬وقَيس بن أيب حازم‪ ،‬و ُكريب َموىل ابن َعبَّاس‪ ،‬و َكْيسان َ‬
‫اهد بن َجرْب ‪،‬‬ ‫معاوية؛ وقد تقدم يف ح ِريز‪ ،‬ومالك بن قَيس‪ ،‬وحُم ا ِرب أبوسلمة‪ ،‬وجُم ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫وحممد بن ُجَبرْي بن ُمطْعِم‪ ،‬وحممد بن ِسرْيِ يْن‪ ،‬وحممد بن عُقبة موىل آل الزبري‪ ،‬وحممد‬
‫بن علي بن أيب طالب؛ املعروف بابن احلَنَفية‪ ،‬وحممد بن َكعب ال ُقَرظي‪ ،‬وحممد بن أيب‬
‫وم ْروان بن احلَ َكم‬ ‫يوسف موىل عُثمان‪ ،‬وحممود بن علي ال ُقَرظي‪َ ،‬‬ ‫يعقوب‪ ،‬وحممد بن ُ‬
‫وم ْسلِم بن‬ ‫بن أيب العاص‪ ،‬ومسلِم بن بانَك‪ ،‬ومسلِم بن ِم ْش َكم‪ِ ،‬‬
‫وم ْسلم بن ُه ْر ُمز‪ُ ،‬‬
‫ُ‬ ‫ُْ‬ ‫ُْ‬
‫ِّخري‪ ،‬واملطَّلِب بن عبد اهلل بن املطَّلِب بن َحْنطَب‪،‬‬ ‫ومطَِّرف بن عبد اهلل بن الش ِّ‬ ‫يَسار‪ُ ،‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وم ْعن بن علي‪ ،‬وأبو األزهر املغرية بن َف ْر َوة‬ ‫وم ْعبَد اجلُ َهين‪َ ،‬‬
‫السلَمي‪َ ،‬‬‫ومعاوية بن َعلي ُّ‬
‫ُ‬
‫الز َرقي‪،‬‬‫ومكْحول الشامي‪ ،‬وموسى بن طلحة بن عُبيد اهلل‪ ،‬والنُّعمان بن ُمَّرة ُّ‬ ‫الث َقفي‪َ ،‬‬‫َّ‬
‫وهالل بن يِ َساف الكويف؛ ويقال‪ :‬ابن‬ ‫ومُنَري بن أَوس‪ ،‬ونَهشل التميمي‪ ،‬ومَهَّام بن منبِّه‪ِ ،‬‬
‫َُ‬ ‫َْ‬ ‫ْ‬
‫الحق بن مُحَيد‪ ،‬ويَزيد بن‬ ‫إساف‪ ،‬وأبو العريان اهليثَم بن األَسود الكويف‪ ،‬وأبو جِم ْلَز ِ‬
‫َْ‬ ‫َْ‬ ‫ُْ‬
‫األصم‪ ،‬ويَزيد بن جا ِريَة األنصاري‪ .،‬وأبوامل َهِّزم يزيد بن ُسفيان‪ ،‬ويزيد بن عبد الرمحن‬
‫ُ‬
‫وي ْعلَى بن َشدَّاد بن أ َْوس األنصاري‪ .،‬ويَعيش‬ ‫بن أيب مالك اهلَ ْمداين‪ ،‬ويزيد بن مرثد‪َ ،‬‬
‫ك بن بُ ْهزاد‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ويوسف بن ماه َ‬ ‫يوسف موىل عثمان‪ُ ،‬‬ ‫ويوسف؛ والد حممد بن ُ‬ ‫بن الوليد‪ُ ،‬‬
‫السبِيعي الكويف‪،‬‬ ‫ويونُس بن َمْي َسَرة بن َح ْلبَس‪ ،‬وأبو إدريس اخلَْوالين‪ ،‬وأبوإسحاق َّ‬
‫الث َقفي‪ ،‬وأبوبُْردة بن أيب موسى األَ ْش َعري‪،‬‬ ‫الر َحيب عمرو بن َم ْرثَد‪ ،‬وأبوأ َُميَّة َّ‬
‫وأبوأمساء َّ‬
‫وأبوسلَمة بن عبد‬ ‫َ‬ ‫وأبومحلة موىل آلل الوليد بن عُتبة‪ ،‬وأبوسعيد امل ْقرُب ي َكْيسان‪،‬‬
‫َ‬
‫الصناحِب ي‪،‬‬‫الرمحن بن َع ْوف‪ ،‬وأبو َشْيخ اهلُنائي‪ ،‬وأبوعبد اهلل اجلديل‪ ،‬وأبو عبد اهلل ُّ‬

‫‪58‬‬
‫وأبوعُثمان الدمشقي‪ ،‬وأبوعطية بن قيس املذبوح‪ ،‬وأبوالفيض موسى بن أيوب‪ ،‬وأبو‬
‫قِالبة اجلَْرمي‪ ،‬وأبواملعطل موىل بين كالب‪ ،‬وأبو جَنِ يح يَسار املكي؛ والد عبد اهلل بن أيب‬
‫وأبومْيمونة‪ ،‬وأبو ِهْند البَ َجلي‪ ،‬وابن ذي الكالع الشامي‪ ،‬وابن أيب َمرمي‪ ،‬وابن‬
‫جنيح‪َ ،‬‬
‫وم ْرجانة ُّأم َع ْل َقمة‪ ،‬وابنة هشام بن الوليد بن املغرية؛‬
‫هبرية‪ ،‬وجد حممد بن عمر‪َ ،‬‬
‫وكانت مترض عمارا‪.‬‬
‫ص ْحبَته‪ ،‬فيكون جمموعُ من‬ ‫عدد ممن اختُلف يف ُ‬ ‫فهؤالء مائة وأربعون تقريبا‪ ،‬وفيهم ٌ‬
‫ِ‬
‫أستقص كما ينبغي‪.‬‬ ‫الرواة عن معاوية ِمائةٌ وستون راويا‪ ،‬على أنين مل‬ ‫وقفت عليه من ُّ‬
‫ُ‬
‫وات َف َق البخاري ومسلم على إخراج أربعة أحاديث له‪ ،‬وانفرد البخاري بأربعة‪ ،‬ومسلم‬ ‫َّ‬
‫خبمسة‪ ،‬وروى له أمحد يف مسنده مائة وعشرة أحاديث‪ ،‬وروى له بَِق ُّي بن خَمْلَد يف‬
‫مسنده مائة وثالثة وستون حديثا‪ ،‬وروى له الطرباين يف املعجم الكبري مائتني وأربعني‬
‫سنده يف جملد كما قال الذهيب‪ ،‬وامسه‪ :‬شرح عقد أهل اإلميان‬ ‫حديثا‪ ،‬وأفرد األهوازي ُم َ‬
‫يف معاوية بن أيب سفيان‪ ،‬ويوجد بعضه خمطوطا يف املكتبة الظاهرية بدمشق‪ ،‬وقد طبع‪،‬‬
‫والسنن مائتان إال ستة أحاديث‪.‬‬
‫وذكر له ابن كثري يف جامع املسانيد ُ‬
‫املصادر‪ :‬أخبار املدينة البن شبّة (‪ )1/27‬ومسند أمحد (‪ 5/290‬و‪ 319‬و‪)320‬‬
‫واملعرفة والتاريخ ليعقوب بن سفيان الفسوي (‪ 1/413‬و‪ 2/333‬و‪ 380‬و‪ 504‬و‬
‫‪ 509‬و‪ )523‬واآلحاد واملثاين (‪ )1/379‬والعيال البن أيب الدنيا (‪ )293‬ومسند أيب‬
‫يعلى (‪ 31/353‬و‪ 357‬و‪ 364‬و‪ )378‬ومعجم الصحابة للبغوي (‪)5/363‬‬
‫وأنساب األشراف للبالذري (‪ 2/19‬بتحقيق العظم) وجزء البطاقة حلمزة الكناين (ص‬
‫‪ )65-56‬والثقات البن حبان (‪ )5/322‬واملعجم الكبري للطرباين (‪)19/311‬‬
‫واألوسط (‪ )6/226‬ومعرفة الصحابة أليب نعيم (‪ )5/2497‬وحلية األولياء (‬
‫‪ 5/132‬و‪ 154‬و‪ )165‬وتاريخ دمشق البن عساكر (‪ )59/55‬وتكملة اإلكمال (‬
‫‪ 4/254‬و‪ )648‬وهتذيب الكمال للمزي (‪ )28/177‬وسري أعالم النبالء للذهيب (‬

‫‪59‬‬
‫‪ )3/119‬وجامع املسانيد والسنن البن كثري (‪ 11/562‬بتحقيق القلعجي)‪ ،‬وإكمال‬
‫هتذيب الكمال ملغلطاي (‪ )11/266‬واإلصابة البن حجر العسقالين (‪)9/233‬‬
‫واملطالب العالية (‪ 18/170‬و‪ 174‬رقم ‪ 4417‬و‪ )4419‬والعواصم من القواصم‬
‫البن الوزير (‪ )3/163‬وتطهري اجلَنان البن حجر اهليتمي (ص‪)34‬‬

‫فق‬
‫العالئي بعد أن َسَر َد مجاعةً ممن روى عن معاوية من الصحابة‪" :‬واتّ َ‬
‫وقال احلافظ َ‬
‫وعمرو بن العاص وكل من‬ ‫بعدهم على الرواية عنه وقَبول ما رواه؛ هو َ‬
‫التابعني َ‬
‫َ‬ ‫أئمةُ‬
‫قام معهما يف الفتنة‪ ،‬فكان ذلك إمجاعاً سايقاً على ِ‬
‫قول من قَ َد َح فيهم‪ ،‬حىت إن جعفر‬
‫بن حممد بن علي روى عن القاسم بن حممد عن معاوية حديثا‪.31‬‬
‫وقال حممد بن سريين‪ :‬كان معاوية رضي اهلل عنه ال يُتَّهم يف احلديث عن النيب صلى‬
‫اهلل عليه وسلم‪.32‬‬

‫‪ 31‬وهذا صحيح ثابت‪ ،‬رواه ابن أيب شيبة يف مسنده (املطالب العالية ‪ 3/707‬رقم ‪ 411‬الشثري)‬
‫ويف مصنفه (‪ )2/327‬والطرباين (‪ 19/332‬رقم ‪ )764‬وابن عساكر (‪ )166-59/165‬من‬
‫فصلُّوا ُجلوساً"‪ .‬قال القاسم‪:‬‬ ‫صلَّى ُ‬
‫اإلمام جالساً َ‬ ‫طريق سليمان بن بالل عن جعفر به مرفوعا‪" :‬إذا َ‬
‫الناس ِم ْن ِص ْد ِق معاوية‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ب ُ‬ ‫فعج َ‬
‫َ‬
‫وقال اهليثمي يف اجملمع (‪ :)2/67‬رجاله رجال الصحيح‪ .‬وقال البوصريي يف اإلحتاف (‪/1/166‬أ)‪:‬‬
‫رجاله ثقات‪ .‬قلت‪ :‬سنده جيد قوي‪.‬‬
‫وهذا اإلعجاب للتصديق‪ .‬واملوافقة‪ ،‬قال البيهقي (فيما رواه ابن عساكر)‪" :‬فهذا جعفر بن حممد‬
‫تصديق ِ‬
‫الناس معاويةَ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِّق القاسم بن حممد بن أيب بكر الصديق فيما حيكيه من‬ ‫صد ُ‬ ‫الصادق يرويه؛ ويُ َّ‬
‫والناس إذ ذاك‪َ :‬م ْن بَِق َي ِم َن الصحابة‪ ،‬مث أكابر التابعني"‪.‬‬
‫ُ‬
‫وبوب لذلك ابن‬ ‫ومثله‪ :‬رواية علي بن احلسني بن علي بن أيب طالب عن مروان بن احلكم حديثا‪ّ ،‬‬
‫أيب خيثمة يف تارخيه (‪)2/73‬‬
‫‪ 32‬رواه وكيع يف الزهد (‪ )231‬والطيالسي (‪ 2/314‬رقم ‪ )1058‬وابن أيب شيبة (‪)8/494‬‬
‫واإلمام أمحد يف املسند (‪ )4/93‬ويف العلل (‪ 2/285‬و‪ )3/450‬والبخاري يف التاريخ (‪)7/328‬‬
‫وأبوداود (‪ )4129‬وابن ماجة (‪ )3656‬واخلالل (‪ )2/440‬والبيهقي (‪ )1/21‬وابن عساكر (‬

‫‪60‬‬
‫قال اإلمام أبوبكر الييهقي‪ :‬كل من روى عن النيب صلى اهلل عليه وسلم ممن صحبه أو‬
‫يتهمه أحد ‪-‬ممن حُي سن علم الرواية‪ -‬فيما روى"‪( ..‬حتقيق منيف الرتبة‬
‫لقيه فهو ثقة؛ مل ْ‬
‫ص‪)90‬‬

‫همهم أح ٌد من‬
‫وقال شيخ اإلسالم ابن تيمية‪ :‬إن معاوية وعمرو بن العاص "‪ ..‬مل يتّ ُ‬
‫أوليائهم وال حُم اربيهم بالكذب على رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬بل مجيع علماء‬
‫أن هؤالء صادقون على رسول اهلل‪ ،‬مأمونون يف‬ ‫بعد ُهم متَّفقون على َّ‬
‫الصحابة والتابعني َ‬
‫الرواية عنه"‪( ..‬سؤال يف معاوية بن أيب سفيان رضي اهلل عنهما ص‪)24‬‬
‫"فتأمل هؤالء األئمة‬
‫ْ‬ ‫وقال ابن حجر اهليتمي بعد أن سرد مجلة من الرواة عن معاوية‪:‬‬
‫أي فقيه"‪..‬‬
‫أي جمتهد‪ ،‬وفقيها َّ‬
‫علم أنه كان جمتهدا َّ‬
‫أئمة اإلسالم الذين رووا عنه؛ تَ ْ‬
‫(تطهري اجلنان ص‪)34‬‬

‫‪ )59/166‬وغريهم‪ ،‬من طريق أيب املعتمر يزيد بن طهمان‪ ،‬عن حممد بن سريين أنه قال‪ :‬وكان‬
‫معاوية ال يُتّهم يف احلديث عن النيب صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬
‫وسنده صحيح‪.‬‬
‫فائدة‪ :‬قال الطيالسي رمحه اهلل بعد نقل كالم ابن سريين‪" :‬وكان معاوية إذا ح ّدث عن رسول اهلل‬
‫صلى اهلل عليه وسلم مل يُتّهم"‪ ،‬فأعاده الطيالسي من قوله تصديقا البن سريين‪.‬‬

‫وثبت مثله عن ابن عباس‪:‬‬


‫فروى اإلمام أمحد يف املسند (‪ 4/95‬و‪ )102‬ويف العلل (‪ 2/285‬و‪- )3/450‬ومن طريقه‬
‫اخلالل يف السنة (‪ -)2/439‬والبغوي يف معجم الصحابة (‪ )5/378‬والطرباين (‪ 19/310‬رقم‬
‫‪ )697‬واآلجري (‪ 5/2460‬رقم ‪ )1943‬وابن عساكر (‪ )59/56‬من طريق مروان بن شجاع‪،‬‬
‫ثنا خصيف‪ ،‬عن جماهد وعطاء‪ ،‬عن ابن عباس أنه قال‪ :‬ما كان معاوية على رسول اهلل صلى اهلل‬
‫عليه وسلم ُمتّهما‪.‬‬
‫وإسناده حسن‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫وقد قال العالمة ابن الوزير يف العواصم والقواصم (‪ :)3/163‬إن بيان أحاديث معاوية‬
‫عدم انفراده فيما َروى‪ .،‬وقلّةَ ذلك‪،‬‬
‫ف ثالثةَ أشياء‪َ :‬‬‫رضي اهلل عنه يف الكتب الستة ُت َعِّر ُ‬
‫وع َدم نكارته‪.‬‬
‫َ‬
‫َورد َمن تابَع‬
‫أحاديث معاوية رضي اهلل عنه يف أكثر من أربعني صفحة‪ ،‬وأ َ‬ ‫َ‬ ‫مث سرد‬
‫وشواهدها‪ ،‬وتكلَّم عليها‪ ،‬مث قال (‪" :)3/207‬فهذا‬
‫َ‬ ‫معاويةَ ِمن الصحابة على روايتها‪،‬‬
‫ومسند أمحد حسب معرفيت‪ "..‬إىل أن قال‪" :‬وهو‬ ‫ِ‬
‫مجيع ما ل ُمعاوية يف الكتب الستة ُ‬
‫ٍ‬
‫يصح عنه بوفاق شيءٌ‬‫قل جدا بالنظر إىل طول ُم ّدته‪ ،‬وكثرة خُم الطته‪ ،‬وليس فيما ُّ‬ ‫ُم ٌ‬
‫يوجب الريبة والتُّهمة‪ ،‬وال فيما رواه غريُه من أصحابه‪ ."..‬اخل‬
‫ُ‬
‫فأما عدالة عموم الصحابة‪:‬‬

‫شذرات من أقوال األئمة‪:‬‬


‫ٌ‬ ‫السنَّة عليها‪ ،‬ومعاوية منهم‪ ،‬وهذه‬ ‫فقد أمجع أهل ُ‬
‫قال ابن ِحبَّان‪" :‬كلهم أئمة سادةٌ قادةٌ عدول‪َّ ،‬نزه اهلل عز وجل أقدار أصحاب رسول‬
‫الو َهن‪ .‬ويف قوله صلى اهلل عليه وسلم‪" :‬أال‬ ‫اهلل صلى اهلل عليه وسلم عن أن يُ َلز َق هبم َ‬
‫عدول؛ ليس فيهم‬
‫أعظم الدليل على أن الصحابة كلهم ٌ‬ ‫ليُبلغ الشاهد منكم الغائب"؛ ُ‬
‫جمروح‪ ،‬أو ضعيف‪ ،‬أو كان فيهم أح ٌد غريُ عدل‬ ‫ٌ‬ ‫جمروح وال ضعيف‪ ،‬إذ لو كان فيهم‬ ‫ٌ‬
‫ِ‬
‫الستَ ْثىَن يف قوله صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وقال‪ :‬أال ليَُبلِّ َغ فال ٌن وفال ٌن منكم الغائب‪ّ .‬‬
‫فلما‬
‫دل ذلك على أهنم كلهم عدول‪ ،‬وكفى‬ ‫الذكر باألم ِر بالتبلي ِغ َم ْن بَعدهم‪َّ ،‬‬
‫أمجَلَهم يف ِّ‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم َشَرفاً"‪( .‬الصحيح‪ ،‬ترتيبهُ اإلحسان ‪)1/162‬‬ ‫ُ‬ ‫مبن عدَّله‬
‫السنَن األبني (‪ ،)135-134‬مث قال‪" :‬واستدالله هبذا احلديث‬ ‫ونقله ابن ُر َشيد يف َّ‬
‫صحيح حسن‪ ،‬واإلمجاع شاهد على ذلك"‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫وقال ابن حبان أيضا‪" :‬إن أصحاب رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم كلهم ثقات‬
‫عدول"‪( .‬نفسه ‪)16/238‬‬

‫‪62‬‬
‫وتقادِم قَدمهم‬ ‫حِل‬
‫صحبَتهم‪ُ ،‬‬ ‫النيب صلى اهلل عليه وسلم َ ِّق ُ‬ ‫أصحاب ِّ‬ ‫َ‬ ‫وقال ابن عدي‪" :‬إن‬
‫أجل من أن يتكلّم‬‫فهم ُّ‬ ‫للصحبة‪ُ ،‬‬ ‫وحرمةٌ ُّ‬‫حق ُ‬ ‫لكل واحد منهم يف نفسه ٌ‬ ‫يف اإلسالم‪ِّ ،‬‬
‫أح ٌد فيهم"‪( .‬الكامل يف الضعفاء ‪)3/1064‬‬
‫وقال ابن حزم‪" :‬الصحابة كلهم عدول رضي اهلل عنهم‪ ،‬لثناء اهلل تعاىل عليهم"‪( .‬احمللى‬
‫‪ 5/92‬دار اآلفاق اجلديدة)‬
‫وقال أيضا‪" :‬وال عدول أعدل من الصحابة"‪( .‬اإلحكام ‪)2/231‬‬
‫ومضى قول البيهقي الذي نقله العالئي آنفا‪.‬‬
‫وقال ابن عبد الرب‪" :‬ثبتت عدالة مجيعهم بثناء اهلل عز وجل عليهم‪ ،‬وثناء رسوله عليه‬
‫أفضل من ذلك‪ ،‬وال‬ ‫صَرته‪ ،‬وال تزكيةَ ُ‬ ‫لصحبة نبيِّه ونُ ْ‬
‫أع َد َل ممن ارتضاه اهلل ً‬ ‫السالم‪ ،‬وال ْ‬
‫تعديل أكمل منه"‪( .‬االستيعاب‪ ،‬هبامش اإلصابة ‪)5-1/4‬‬ ‫َ‬
‫ض‪َ .‬عهم فيه بثنائه عليهم‬ ‫‪.‬حاب رس‪..‬وله املوض‪.َ .‬ع ال‪..‬ذي و َ‬ ‫ض‪َ .‬ع اهلل عز وجل أص‪َ .‬‬ ‫وق‪..‬ال‪" :‬إمنا َو َ‬
‫احلج‪ . .‬ةُ على مجيع أهل املِلَّ ِة مبا أ ََّد ْوهُ عن ن‪.. .‬بيِّهم من‬
‫‪.‬وم ّ‪.‬‬‫من العدالة وال ‪.. .‬دين واإلمام ‪.. .‬ة؛ لتق ‪َ . .‬‬
‫عم الع‪..‬و ُن ك‪..‬انوا له على‬ ‫ِ‬
‫فريضة و ُس ‪.‬نّة‪ ،‬فص‪..‬لى اهلل عليه وس‪..‬لم؛ ورض‪.َ .‬ي عنهم أمجعني‪ ،‬فن َ‬
‫عد ُهم ِمن املسلمني"‪( .‬نفسه ‪)31-1/30‬‬ ‫الدي ِن يف تبليغِهم عنه إىل َمن بَ َ‬
‫احلق من املس‪..‬لمني‪ ،‬وهم أه‪.ُ .‬ل‬ ‫البحث عن أح‪..‬واهِل م‪ ،‬إلمجاع أهل ِّ‬ ‫َ‬ ‫وق‪..‬ال أيض‪..‬ا‪" :‬قد ُكفينا‬
‫السنة واجلماعة؛ على أهنم كلُّهم عدول"‪( .‬نفسه ‪)38-1/37‬‬
‫‪.‬ات‪ ،‬وه‪..‬ذا أم‪.ُ .‬ر جمتم‪.ٌ .‬ع عليه عند‬ ‫‪.‬دول مر ِض‪.‬يُّون ثق‪ٌ .‬‬
‫‪.‬ات أثب‪ٌ .‬‬ ‫وق‪..‬ال أيض‪..‬ا‪" :‬الص‪..‬حابة كلهم ع‪ٌ .‬‬
‫أهل العلم باحلديث"‪( ..‬التمهيد ‪)22/47‬‬
‫وق ‪.. .‬ال اخلطيب البغ ‪.. .‬دادي‪" :‬عدالة الص ‪.. .‬حابة ثابتة معلومة بتع ‪.. .‬ديل اهلل هلم‪ ،‬وإخب‪.. .‬اره عن‬
‫طهارهتم‪ ،‬واختياره هلم بنص القرآن"‪( .‬الكفاية ص‪)46‬‬
‫وق ‪..‬ال أيض ‪..‬ا‪" :‬وذهبت طائفة من أهل الب ""دع إىل أن ح ‪..‬ال الص ‪..‬حابة ك ‪..‬انت مرض ‪..‬ية إىل‬
‫‪.‬رد عليهم‪ ،‬وق ‪..‬ال‪" :‬وجيب أن يكون ‪..‬وا على األصل‬
‫وقت احلروب اليت ظه ‪..‬رت بينهم"‪ ،‬ف ‪َّ .‬‬
‫الذي قدمناه من حال العدالة والرضا‪ ،‬إذ مل يثبت ما يزيل ذلك عنهم"‪ ،‬مث أسند عن أيب‬

‫‪63‬‬
‫زرعة ال ‪..‬رازي قول ‪..‬ه‪" :‬إذا رأيت الرجل ينتقص أح ‪..‬دا من أص ‪..‬حاب رس ‪..‬ول اهلل ص ‪..‬لى اهلل‬
‫عليه وس‪.. .‬لم ف‪.. .‬اعلم أنه زن‪.. .‬ديق‪ ،‬وذلك أن الرس‪.. .‬ول ص‪.. .‬لى اهلل عليه وس‪.. .‬لم عن‪.. .‬دنا ح‪.. .‬ق‪،‬‬
‫‪.‬حاب رس‪..‬ول اهلل ص‪..‬لى اهلل عليه‬ ‫‪.‬نن‪ :‬أص‪ُ .‬‬ ‫والق‪..‬رآن ح‪..‬ق‪ ،‬وإمنا َّأدى إلينا ه‪..‬ذا الق‪..‬رآ ُن والس‪ُ .‬‬
‫وس‪..‬لم‪ ،‬وإمنا يري‪..‬دون أن جيرح‪..‬وا ش‪..‬هودنا ليبطل‪..‬وا الكت‪..‬اب والس‪..‬نة‪ ،‬والج""رح بهم أولى‪،‬‬
‫وهم زنادقة"‪( .‬الكفاية ص‪)49‬‬
‫وق‪.. . . .‬ال ابن األث‪.. . . .‬ري‪" :‬والص‪.. . . .‬حابة يش‪.. . . .‬اركون س‪.. . . .‬ائر ال‪.. . . .‬رواة يف مجيع ذلك إال يف اجلرح‬
‫والتع‪.. . . .‬ديل‪ ،‬ف‪.. . . .‬إهنم كلهم ع‪.. . . .‬دول‪ ،‬ال يتط‪.. . . .‬رق إليهم اجلرح‪ ،‬ألن اهلل عز وجل ورس‪.. . .‬ولَه‬
‫زكياهم وع ّدالهم‪ ،‬وذلك مشهور ال حنتاج لذكره"‪( .‬أسد الغابة ‪)1/3‬‬ ‫َّ‬
‫وخ َريتُه من خلقه‬ ‫‪.‬دول‪ ،‬أولي‪..‬اء اهلل تع‪..‬اىل‪ ،‬وأص‪..‬فياؤه‪ِ ،‬‬‫وقال القرطيب‪" :‬فالص‪..‬حابة كلهم ع‪ٌ .‬‬
‫ور ُس‪. .‬له‪ ،‬ه ‪..‬ذا م ‪..‬ذهب أهل الس ‪..‬نة وال ‪..‬ذي عليه اجلماعة من أئمة ه ‪..‬ذه األم ‪..‬ة‪،‬‬ ‫بعد أنبيائه ُ‬
‫وقد ذهبت شرذمة ال مباالة هبم إىل أن حال الصحابة كحال غ‪..‬ريهم؛ فيل‪..‬زم البحث عن‬
‫عدالتهم"‪( .‬التفسري‪ ،‬آخر سورة الفتح ‪)16/299‬‬
‫الفنَتَ منهم‬ ‫وق ‪.. .‬ال ابن الص ‪.. .‬الح‪" :‬األمة ِمع‪. . .‬ةٌ على تع ‪.. .‬ديل مجيع الص ‪.. .‬حابة‪ ،‬ومن البس ِ‬
‫َ َ‬ ‫جُمْ َ‬
‫فك ‪..‬ذلك‪ ،‬بإمجاع العلم ‪..‬اء ال ‪..‬ذين يُعتد هبم يف اإلمجاع‪ ،‬إحس ‪..‬انا للظن هبم‪ ،‬ونظ ‪..‬را إىل ما‬
‫مته َد هلم من املآثر‪ ،‬وك ‪.. .‬أن اهلل س ‪.. .‬بحانه وتع ‪.. .‬اىل أت ‪.. .‬اح اإلمجاع على ذلك لك‪.. .‬وهنم َن َقلَ ‪. .‬ةَ‬ ‫َّ‬
‫الشريعة‪ ،‬واهلل أعلم"‪( .‬املقدمة يف علوم احلديث ‪)287‬‬
‫السنَن األبني (ص‪)135‬‬ ‫ابن ُر َشيد يف َّ‬‫ونقله مستحسنا ُ‬
‫األم ِة‪،‬‬
‫‪.‬ادات َّ‬‫وق‪.. . .‬ال الن‪.. . .‬ووي‪" :‬الص‪.. . .‬حابة رضي اهلل عنهم كلهم هم ص‪.. . .‬فوةُ النَّاس‪ ،‬وس ‪ُ . .‬‬
‫ط ممن بع‪.َ .‬دهم‪،‬‬ ‫‪.‬دول ق‪.‬دوةٌ ال خُن ال‪.‬ةَ فيهم‪ ،‬وإمنا ج‪.‬اءَ التخلي‪ُ .‬‬
‫بعدهم‪ ،‬وكلهم ع‪ٌ .‬‬ ‫وأفضل ممن َ‬‫ُ‬
‫وفيمن بَعدهم كانت النُّخالة"‪( .‬شرح مسلم ‪ 12/216‬وانظر متنه)‬ ‫ِ‬
‫وق‪..‬ال ابن مجاع‪..‬ة‪" :‬الص‪..‬حابة كلهم ع‪..‬دول ُمطلق‪..‬ا‪ ،‬لظ‪..‬واهر الكت‪..‬اب والس‪..‬نة‪ ،‬وإمجاع من‬
‫الفتنة وغ‪.‬ريه‪ ،‬ولبعض أهل الكالم من‬ ‫يعتد به‪ ،‬بالشهادة هلم ب‪.‬ذلك‪ ،‬س‪.‬واء فيه من البس ِ‬
‫ٌ َ ََ‬ ‫ُ‬
‫واختالف ال يعتد به"‪( .‬املنهل الروي ‪)112‬‬ ‫ٌ‬ ‫تفصيل‬
‫ٌ‬ ‫املعتزلة وغريهم يف عدالتهم‬

‫‪64‬‬
‫الصحابة"‪( .‬جمموع الفتاوى ‪)35/54‬‬ ‫وقال ابن تيمية‪" :‬أهل السنَّة مت َِّفقو َن على ع ِ‬
‫دالة َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ ُ‬
‫ب بعض‪..‬ا"‪،‬‬ ‫ض ‪.‬نا يُك‪.ِّ .‬ذ ُ‬
‫‪.‬ول ال‪..‬رباء رضي اهلل عن‪..‬ه‪" :‬ومل يكن بع ُ‬ ‫وق‪..‬ال العالئي‪" :‬وقد تق‪..‬دَّم ق‪ُ .‬‬
‫‪.‬تقر ال‪..‬ذي أطب‪.َ .‬ق عليه أه‪.ُ .‬ل الس‪..‬نة‪ ،‬أعين الق‪..‬ول بعدالة مجيع الص‪..‬حابة‬ ‫وه‪..‬ذا هو األم‪.ُ .‬ر املس‪ُّ .‬‬
‫رضي اهلل عنهم‪ ،‬وال اعتب ‪.َ . .‬ار بق ‪.. .‬ول أه ‪.ِ . .‬ل الب ‪.. .‬دع واأله ‪.. .‬واء‪ ،‬وال تعويل علي ‪.. .‬ه"‪( .‬ج ‪.. .‬امع‬
‫التحصيل ‪)69‬‬
‫أهل السنة على أن اجلميع عدول‪ ،‬ومل خُي الف يف ذلك إال شذوذٌ‬ ‫وقال ابن حجر‪" :‬اتفق ُ‬
‫من املبتدعة"‪( .‬اإلصابة ‪)1/10‬‬
‫وقال األمري الصنعاين‪" :‬الصحابة كلهم عدول عند احملدثني"‪( .‬سبل السالم ‪)1/21‬‬
‫وكالم العلم‪.. .‬اء يف ذلك مس‪.. .‬تفيض‪ ،‬وانظر لالس‪.. .‬تزادة اجلرح والتع‪.. .‬ديل البن أيب ح‪.. .‬امت (‬
‫‪ )1/7‬واإلحك‪.. .‬ام لآلم‪.. .‬دي (‪ )2/211‬وص‪.. .‬يانة ص‪.. .‬حيح مس‪.. .‬لم البن الص‪.. .‬الح (‪)178‬‬
‫وش‪..‬رح مس‪..‬لم للن‪..‬ووي (‪ 1/222‬و‪ )6/161‬والس‪..‬نن األبني (ص‪ )134‬والسري لل‪..‬ذهيب‬
‫(‪ )2/208‬وجامع التحصيل للعالئي (‪ 38‬و‪ )122‬وفتح الباري البن حجر (‪2/181‬‬
‫و‪ 4/57‬و‪ 6/499‬و‪ 9/633‬و‪ )10/575‬وغري ذلك كثري‪.‬‬
‫واملقام ال يسمح بأطول من هذا‪.‬‬

‫ذكر بعض ما جاء من ثناء الصحابة على معاوية‪ ،‬رضي اهلل عن الجميع‪:‬‬

‫‪ -‬قال عمر بن الخطاب رضي اهلل عنه قُبيل وفاته‪" :‬اللهم إيّن أُشهدك على أمراء‬
‫وسنَّةَ نبيّهم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الناس دينَهم ُ‬
‫بعثت ُهم عليهم ليَعدلوا عليهم‪ ،‬وليُعلّموا َ‬ ‫األمصار‪ ،‬وإيّن إمّن ا ُ‬
‫أشكل عليهم ِمن أَم ِرهم"‪.‬‬
‫َ‬ ‫صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬ويَقسموا فيهم َفْيَئ ُهم‪ ،‬ويَرفَعوا إيَلَّ ما‬
‫رواه مسلم (‪ )567‬يف صحيحه‪ ،‬وقد تويف عمر ومعاوية أمري الشام‪.33‬‬

‫َقره عثمان‪( .‬التاريخ ‪ 155‬و‪)178‬‬ ‫قال خليفة بن خياط‪ :‬مث مجع عمر الشام كلّها ملعاوية‪ ،‬وأ ّ‬
‫‪33‬‬

‫‪.‬وم‬
‫نقله ال‪..‬ذهيب وعلق علي‪..‬ه‪ :‬حس‪..‬بُك مبن يُ‪.َ .‬ؤ ِّم ُره عم‪..‬ر‪ ،‬مث عثم‪..‬ان على إقليم ‪-‬وهو ثغ‪..‬ر‪ -‬فيض‪..‬بطُه ويق‪ُ .‬‬
‫عمل عم ‪.ُ . .‬ر قَ ‪.. .‬ط؛ بل وال أب‪.. . .‬وبكر على‬
‫به أمتّ قي‪.. . .‬ام‪( .‬السري ‪ ،)3/132‬وق‪.. . .‬ال ابن تيمي ‪.. .‬ة‪" :‬وال اس ‪.. .‬تَ َ‬
‫‪65‬‬
‫‪ -‬وروى أبوعبيد يف األموال (‪ )1920‬وقوام السنة يف سري السلف الصاحلني (‬
‫‪ )1/138‬عن سعيد بن أيب مرمي‪ ،‬عن ابن هليعة‪ ،‬عن أيب األسود‪ ،‬عن عمري بن سلمة‬
‫الديلي‪ ،‬عن عمر بن الخطاب رضي اهلل عنه أنه قال يف الوالة‪" :‬واهلل ما آلو أن أختار‬
‫خياركم"‪.‬‬

‫‪ -‬وروى الطربي يف التاريخ (‪ )5/330‬والبالذري (‪)4/147‬‬


‫صَر‬ ‫ِ‬
‫بسند صحيح عن سعيد املقرُب ي‪ ،‬قال‪ :‬قال عمر بن اخلطاب‪" :‬تَذكرو َن ك ْسَرى و َقْي َ‬
‫ودهاءَمُه ا؛ وعن َدكم معاوية"‍‍!‬
‫َ‬
‫أيام خالفَتِه‪ ،‬وال سيما أيام فتنة‬ ‫‪ -‬كما كان معاويةُ أكرب ظَه ٍري لعُثما َن رضي اهلل عنه َ‬
‫صح عن أيب َحبيبة‪ ،‬أنه مسع أبا هريرة يف الدا ِر مع عثمان‬ ‫مقتله رضي اهلل عنه‪ ،‬وقد َّ‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪" :‬إنكم َتْل َقو َن بَعدي فِْتنَةً‬
‫ُ‬ ‫رضي اهلل عنهم‪ ،‬قال‪ :‬قال‬
‫رسول اهلل؟‬ ‫فمن لنا يا‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫قائل من الناس‪َ :‬‬
‫واختالفا"‪ ،‬أو قال‪" :‬اختالفا وفتنةً"‪ .‬فقال له ٌ‬
‫ني وأصحابِه"‪ .‬وهو يُشريُ إىل عُثما َن بذلك‪.34‬‬
‫قال‪" :‬عليكم باألم ِ‬

‫املسلمني ُمنافقا"‪( .‬جمموع الفتاوى ‪)35/65‬‬


‫‪ 34‬رواه ابن أيب شيبة (‪ )12/50‬وأمحد (‪ )2/345‬وابن شبة (‪ )3/1105‬واحلاكم (‪ 3/99‬و‬
‫‪ )4/433‬والبيهقي يف الدالئل (‪ )6/293‬وابن عساكر (‪ )39/267‬وأبواخلري القزويين (كما يف‬
‫الرياض النضرة ‪ ،)3/37‬وسنده ال بأس به‪ ،‬وصححه احلاكم ووافقه الذهيب‪ ،‬وقال ابن كثري‪:‬‬
‫إسناده جيد حسن‪ ،‬مث ساق له شواهد (البداية والنهاية ‪ ،)10/374‬وصححه لغريه يف موضع آخر‬
‫(‪)9/173‬‬
‫ألمه‪ ،‬وثَّقه العجلي‪ ،‬وذكره ابن حبان يف الثقات‪،‬‬
‫وج ُّد موسى بن ُعقبة ِّ‬
‫وأبوحبيبة هو موىل الزبري‪َ ،‬‬
‫َ‬
‫وروى عنه مجع من الثقات‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫‪ -‬قال أبوالدَّرداء رضي اهلل عنه‪ :‬ما ُ‬
‫رأيت أ ْشبَهَ صال ًة برسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‬
‫ِمن أمريكم هذا‪ ،‬يعين معاوية‪.35‬‬

‫‪ -‬وعن معاوية رضي اهلل عنه قال‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪" :‬إنك إن‬
‫فسدهم"‪ .‬قال أبوالدرداء‪ :‬كلمةٌ مَسِ َعها‬‫دت أن تُ َ‬ ‫ِ‬
‫عت عورات الناس أفسدهَت م‪ .‬أو ك َ‬ ‫تتبّ َ‬
‫نفعهُ اهلل هبا‪.36‬‬
‫معاويةُ َ‬
‫مجيل العفو‪،‬‬‫التجاوز‪َ ،‬‬
‫ُ‬ ‫قال ابن كثري (‪ :)11/419‬يعين أنه كان جيّ َد السريرة‪َ ،‬ح َس َن‬
‫السرت‪ ،‬رمحه اهلل تعاىل‪.‬‬
‫كثري ِّ‬
‫َ‬
‫الزبري‪ ،‬أن ِ‬
‫الم ْس َور بن َم ْخ َرمة" رضي اهلل عنه‬ ‫الز ْهري‪ ،‬عن عُروة بن ُّ َ‬‫‪ -‬وعن ابن شهاب ُّ‬
‫ضى حاجتَه؛ مث َخال به فقال‪ :‬يا ِم ْس َور! ما فعل طعنُك‬ ‫فد على معاوية ف َق َ‬
‫أخربه؛ أنه َو َ‬
‫على األئمة؟ قال‪َ :‬د ْعنا من هذا وأحسن‪ .‬قال‪ :‬ال واهلل! لَتُكلِّ َميِّن بذات نَ َ‬
‫فسك بالذي‬

‫‪ 35‬رواه البغوي يف معجم الصحابة (‪ )5/367‬والطرباين يف الكبري كما يف جممع الزوائد (‪)9/357‬‬
‫ويف مسند الشاميني (‪ )169-1/168‬وابن بطة (كما يف منهاج السنة ‪ )6/235‬وأبونعيم يف‬
‫احللية (‪ )8/275‬من طريق سعيد بن عبد العزيز‪ ،‬عن إمساعيل بن عبيد اهلل بن أيب املهاجر‪ ،‬عن‬
‫قيس بن احلارث‪ ،‬عن الصناحبي‪ ،‬عن أيب الدرداء‪.‬‬
‫وه ‪..‬ذا س ‪..‬ند ص ‪..‬حيح‪ ،‬وق ‪..‬ال اهليثمي يف اجملم ‪..‬ع‪ :‬رواه الط ‪..‬رباين ورجاله رج ‪..‬ال الص ‪..‬حيح غري قيس بن‬
‫احلارث املذحجي‪ ،‬وهو ثقة‪.‬‬
‫‪36‬‬
‫رواه أب ‪.. .‬وداود (‪ )4888‬وأب ‪.. .‬ويعلى (‪ )13/382‬وابن حب‪.. .‬ان (‪ )13/72‬والط ‪.. .‬رباين يف الكبري (‬
‫‪ 19/311‬و‪ 379‬رقم ‪ 702‬و‪ )890‬ويف مس‪.. . . . .‬ند الش‪.. . . . .‬اميني (‪ )1/272‬وأب ‪.. . . . . .‬ونعيم يف احللية (‬
‫‪ )6/118‬وال ‪..‬بيهقي يف الس ‪..‬نن (‪ )8/333‬ويف ش ‪..‬عب اإلميان (‪ 13/137‬رقم ‪ 7051‬و‪17/151‬‬
‫رقم ‪ )9212‬وابن عبد الرب يف التمهيد (‪ )18/23‬وغريهم‪.‬‬
‫قال اإلمام األلباين يف ِظالل اجلنة (‪" :)2/510‬سنده صحيح"‪ ،‬وهو كما قال‪ ،‬وللمرفوع طرق‬
‫أخرى‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫تعيب َعلَ ّي! قال مسور‪ :‬فلم أترك شيئا أعيبُه عليه إال بيّنت له‪ .‬فقال‪ :‬ال أبرأ من‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الذنب! فهل َتعُ ُّد لنا يا م ْس َور ما نَلي من اإلصالح يف أمر العامة ‪-‬فإن احلسنة بعشر‬ ‫َ‬
‫ذكر إال الذنوب! قال معاوية‪ :‬فإنّا‬ ‫الذنوب وتَرتُ ُك اإلحسان؟! قال‪ :‬ما نَ ُ‬ ‫َ‬ ‫أمثاهلا‪ -‬أم تعُ ُّد‬
‫نعرتف هلل بكل ذنب أذنبناه‪ ،‬فهل لك يا مسور ذنوب يف خاصتك ختشى أن هتلكك‬ ‫ُ‬
‫أحق مين؟! فواهلل ما أيل من‬
‫إن مل تُغفر؟ قال‪ :‬نعم! قال‪ :‬فما جيعلك برجاء املغفرة َّ‬
‫اخرتت‬
‫ُ‬ ‫أكثر مما تَلي‪ ،‬ولكن واهلل ال أُخرَّي بني أمرين‪ :‬بني اهلل وبني غريه؛ إال‬ ‫اإلصالح ُ‬
‫اهلل على ما سواه‪ ،‬وإين لَ َعلَى دي ٍن يُقبَ ُل فيه العمل؛ وجُي زى فيه باحلسنات؛ وجُي زى فيه‬
‫يعفو اهللُ عنها‪.‬‬
‫بالذنوب؛ إال أن َ‬
‫ص َمين!‬ ‫فخ َ‬
‫قال‪َ :‬‬
‫قال عروة‪ :‬فلم أمسَع املِ ْس َور ذَ َكَر معاويةَ إال صلّى عليه‪.37‬‬

‫‪ 37‬رواه معمر يف اجلامع (‪- )20717‬ومن طريقه ابن أيب الدنيا وابن أيب عاصم (‪ 1/378‬خمتصرا)‬
‫والبغوي يف املعجم (‪ )5/370‬وابن عساكر (‪ -)59/161‬عن الزهري به‪.‬‬
‫ورواه اخلطيب (‪- )1/208‬ومن طريقه ابن عساكر‪ -‬من طريق شعيب بن أيب محزة عن الزهري‬
‫به‪.‬‬
‫ورواه ابن سعد (‪ 1/123‬السلومي) من طريق صاحل بن كيسان عن الزهري به‪.‬‬
‫ورواه عبد امللك بن حبيب يف التاريخ (‪ 365‬مدريد) من طريق عقيل بن خالد عن الزهري به‪.‬‬
‫وه‪.. . . .‬ذا س‪.. . . .‬ند ص‪.. . . .‬حيح‪ ،‬وق‪.. . . .‬ال ال‪.. . . .‬دارقطين يف العلل (‪ :)7/53‬إنه حمف‪.. . .‬وظ‪ ،‬وق‪.. . .‬ال ابن عبد الرب يف‬
‫االس‪..‬تيعاب (‪ 10/149‬مع اإلص‪..‬ابة)‪ :‬وه‪..‬ذا اخلرب من أصح ما يُ‪..‬روى من ح‪..‬ديث ابن ش‪..‬هاب‪ ،‬رواه‬
‫عنه معمر وأصحابه‪ ،‬وقال ابن تيمية يف منه‪..‬اج الس‪..‬نة (‪ :)4/385‬إن احلكاية معروفة عن املس‪..‬ور بن‬
‫خمرمة‪.‬‬
‫قلت‪ :‬وله طرق أخرى عند البالذري يف األنساب (‪ 4/44‬و‪ 56‬بتحقيق العظم)‬

‫‪68‬‬
‫احلراين يف الطبقات (ص‪ )41‬عن مرجانة أم علقمة موىل عائشة‪ ،‬عن‬ ‫أبوعُروبة َّ‬
‫‪ -‬روى َ‬
‫وجل معاويةَ ِمن‬
‫عز َّ‬ ‫عائشة أم المؤمنين رضي اهلل عنها قالت‪ :‬إين ألمتىن أن َ‬
‫يزيد اهللُ َّ‬
‫عُمري يف عُمره‪.‬‬
‫وسنده صحيح‪.‬‬

‫‪ -‬وروى أمحد (‪ )4/92‬والبالذري (‪ )4/265‬والطرباين يف الكبري (‪ 19/319‬رقم‬


‫‪ )723‬وابن عساكر (‪ )12/229‬وابن العدمي (‪ )5/2129‬من طريق محاد بن سلمة‪،‬‬
‫عن علي بن زيد بن ُجدعان‪ ،‬عن سعيد بن امل َسيِّب‪ ،‬عن مروان بن احلَ َكم‪ ،‬أن معاوية‬
‫ُ‬
‫قال لعائشة‪ :‬يا أم املؤمنني‪ ،‬كيف أنا حاجاتك ورسلك وأمرك؟ قالت‪ :‬صاحل‪.‬‬
‫وعلي بن زيد بن ُجدعان ضعيف‪ ،‬وانظر علل الدارقطين (‪)7/65‬‬

‫‪ -‬وروى مسلم يف صحيحه (‪ )2663‬عن أم املؤمنني؛ ِّأم َحبيبة رضي اهلل عنها أهنا‬
‫قالت‪" :‬اللهم أمتعين بزوجي ِ‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وبأيب‪ :‬أيب ُسفيان‪،‬‬
‫‪38‬‬
‫وبأخي معاوية"‪.‬‬

‫‪ -‬وروى الشافعي يف األم (‪ )1/290‬وعبد الرزاق (‪ )3/21‬والبيهقي (‪ )3/26‬وابن‬


‫عساكر (‪ )59/165‬بسند جيد عن عبد اهلل بن عباس رضي اهلل عنهما أنه قال‪ :‬ليس‬
‫أعلم من معاوية‪.39‬‬
‫أح ٌد منا ُ‬
‫‪ -‬وروى البخاري يف كتاب فضائل الصحابة من صحيحه (‪ )3765‬من طريق أخرى‬
‫عن ابن عباس أنه قال عن معاوية‪ :‬إنه فقيه‪.‬‬

‫خيرج وهو يف مسند الفاروق قاصر‪.‬‬


‫وانظر الطحاوي (‪َّ )2/126‬‬
‫‪38‬‬

‫ابن حزم ترتيب‬


‫وقال الشافعي إن معاوية رضي اهلل عنه له فقه وعلم‪( .‬األم ‪ ،)4/87‬وعندما ع ّد ُ‬
‫‪39‬‬

‫التالني للسبعة‪ .‬املكثِرين من الصحابة‪.‬‬


‫أح َد العشرين َ‬
‫املكثرين من الفتيا يف اإلسالم؛ جعل معاويةَ َ‬
‫ُ‬
‫(تدريب الراوي ‪ 2/219‬وقارن باإلحكام البن حزم ‪)2/86‬‬

‫‪69‬‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬ ‫ب‬ ‫ويف رواية قبلها (‪ :)3764‬إنه قد ِ‬
‫َ‬ ‫صح َ‬
‫َ‬
‫‪ -‬وروى ابن سعد (‪ 1/126‬السلومي) ومن طريقه ابن عساكر (‪ )59/165‬بسند‬
‫صحيح عن أيوب السختياين‪ ،‬أن ابن عباس قال‪ :‬إن أمري املؤمنني عامل‪ ،‬أي معاوية‪.‬‬
‫‪40‬‬
‫أيوب عن ابن عباس ُمرسل‪ ،‬ويشهد له ما قَبله‪.‬‬

‫‪ -‬وروى معمر (‪ )20985‬ومن طريقه ابن س ‪.. .‬عد (‪ 1/121‬الس ‪.. .‬لومي) والبخ‪.. .‬اري يف‬
‫الت‪.. . . . . . . . .‬اريخ (‪ )7/327‬وابن قتيبة يف الغ‪.. . . . . . . . .‬ريب (‪ )2/353‬وابن أيب عاصم (‪)1/378‬‬
‫والط‪.. . . . . . . .‬ربي يف تارخيه (‪ )5/337‬واخلالل (‪ )2/440‬والبغ‪.. . . . . . . .‬وي (‪ )5/373‬وإمساعيل‬
‫الص‪.. .‬فار يف جزئه (‪ )62‬وابن عس‪.. .‬اكر (‪ )59/174‬بس‪.. .‬ند ص‪.. .‬حيح عن ابن عب ""اس‪ :‬ما‬
‫رأيت رجال ك ‪.. .‬ان أخلق للملك من معاوي ‪.. .‬ة‪ ،‬ك ‪.. .‬ان الن ‪.. .‬اس ي‪ِ . . .‬ردون منه على أرج‪.. .‬اء ٍ‬
‫واد‬ ‫ُ‬
‫صعُص‪.‬‬ ‫ِ‬
‫َر ْحب‪ ،‬مل يكن بالضيّق احلَصر العُ ْ‬
‫‪ -‬وثبت من طرق عن عبد اهلل بن عمر رضي اهلل عنهما أنه قال‪ :‬ما رأيت أحدا أسود‬
‫من معاوية‪ ،‬قال الراوي‪ :‬وال عمر؟ قال‪ :‬كان عمر خريا منه‪ ،‬وكان معاوية أسود‬
‫منه‪.41‬‬

‫‪ 40‬فظهر هبذه الروايات النكارةُ البالغة للرواية املخالفة اليت أوردها الطحاوي (‪ ،)1/289‬وقد تفرد‬
‫ت عليه من الرافضة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بتلك اللفظة املوضوعة عبد الوهاب بن عطاء‪ ،‬وله مناكري‪ ،‬فلعل اللفظة أ ُْدخلَ ْ‬
‫ألهنا هبم أشبه‪ ،‬كما قال اإلمام الشعيب رمحه اهلل‪.‬‬
‫‪ 41‬انظر حلم معاوية البن أيب الدنيا (‪ )11‬واآلحاد واملثاين البن أيب عاصم (‪ )1/379‬والسنة‬
‫للخالل (‪ )444-2/441‬ومعجم البغوي (‪ )5/369‬والطبقات أليب عروبة احلراين (ص‪)41‬‬
‫ومكارم‪ .‬األخالق للخرائطي (‪ )1/570‬واملعجم الكبري (‪ )12/296‬واألوسط للطرباين (‪)7/31‬‬
‫وابن عدي (‪ )6/110‬والاللكائي (‪ )8/1443‬وابن عساكر (‪ )59/173‬والسري (‪)3/152‬‬
‫وغريها‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫قال اإلمام أمحد‪" :‬معىن أسود‪ :‬أي أسخى‪ ،‬وقال‪ :‬السيّد‪ :‬احلليم‪ ،‬والسيّد‪ :‬املعطي‪،‬‬
‫أهل املدينة َعطايا ما أعطاها خليفةٌ قد كان قبلَه"‪.‬‬
‫أعطى معاويةُ َ‬

‫ابن عمر لَِف َي معاويةَ‬


‫‪ -‬وقال َمعمر بن راشد يف اجلامع (‪ :)11/337‬عن الزهري‪ .،‬أن َ‬
‫سفك دم دونَك‪ ،‬فإهنم‬‫‪-‬أو قال‪ :‬وفد عليه‪ -‬فقال له معاوية‪ :‬حاجتك؟ فقال‪ :‬أال يُ َ‬
‫للمحررين‪،‬‬
‫َّ‬ ‫جيلس على هذا املنرب غريُك‪ ،‬وأن مُت ضي األعطية‬
‫كذلك كانوا يفعلون‪ ،‬وال َ‬
‫فإن عمر قد أمضاه هلم‪.‬‬
‫وروي آخره من طريق أخرى عند أيب داود (‪ )2951‬وابن اجلارود (‪)1114‬‬ ‫ُ‬
‫والطحاوي يف شرح املشكل (‪ )11/51‬والبيهقي (‪ )6/349‬مبعناه‪ ،‬وأن لقاءمها كان‬
‫حني قدم معاويةُ املدينة حاجا‪.‬‬
‫وإقراره خصوصا على اجللوس‬ ‫ُ‬ ‫عمر معاويةَ على دماء املسلمني‪،‬‬
‫ويف اخلرب ائتما ُن ابن َ‬
‫‪42‬‬
‫ويتأمل منه ال َقبول واالستجابة‪ ،‬ويص ّدقه ما جاء يف‬
‫ُ‬ ‫معاوية‪،‬‬ ‫يناصح‬ ‫وأنه‬ ‫‪،‬‬ ‫على املنرب‬
‫باحملررين فأعطاهم قبل الناس‪ ،‬واهلل‬
‫رواية أخرى عند الطحاوي أن معاوية ملا مسعه بدأ َّ‬
‫أعلم‪.‬‬

‫‪ -‬وروى اإلمام أمحد (‪ )5/147‬وابن عساكر (‪ 49/289‬و‪ )70/218‬بسند جيد‬


‫إىل ُقْنرُب ‪-‬ويقال‪ُ :‬قتَري‪ -‬موىل معاوية قصة أيب ذر مع مواله معاوية‪ ،‬رضي اهلل عنهما‪،‬‬
‫وعمرو بن العاص وأم َحرام األنصارية رضي‬
‫وأن عُبادة بن الصامت وأبا الدرداء َ‬
‫ف عن معاوية‪.‬‬‫اهلل عنهم كلموا أبا ذر يف ال َك ِّ‬
‫إال أن موىل معاوية فيه جهالة‪ ،‬انظر ترمجته يف تاريخ ابن عساكر (‪)49/290‬‬

‫كره)‪،‬‬
‫ثابت عنه‪( "..‬ف َذ َ‬
‫معروف ٌ‬
‫ٌ‬ ‫قال ابن تيمية يف منهاج السنة (‪" :)4/444‬قولُه يف مدح معاوية‬
‫ونقله الذهيب يف املنتقى من املنهاج (ص‪)258‬‬
‫‪ 42‬فهو من األدلة اليت تُ ِّ‬
‫كذب احلديث املوضوع‪" :‬إذا رأيتم معاوية على منربي فاقتلوه"! ويأيت كالم‬
‫العلماء عليه‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫بعد عثمان‬ ‫وروي عن سعد بن أبي وقاص رضي اهلل عنه أنه قال‪ :‬ما ُ‬
‫رأيت أحدا َ‬ ‫‪ُ -‬‬
‫ب هذا الباب‪ ،‬يعين معاوية‪( .‬ابن عساكر ‪)59/161‬‬ ‫حبق ِمن ِ‬
‫صاح ِ‬ ‫َقضى ٍ‬
‫أ َ‬
‫‪ -‬وروى البغوي يف اجلعديات (‪ )2657‬وابن عساكر (‪ )59/205‬من طرق عن‬
‫زهري بن معاوية‪ ،‬عن األسود بن قيس‪ ،‬عن نُبيح العنـزي‪ ،‬قال‪ :‬كنا عند أبي سعيد‬
‫الخدري وهو متكئ‪ ،‬فذكرنا عليا ومعاوية‪ ،‬فتناول ٌ‬
‫رجل معاويةَ‪ ،‬فاستوى جالسا‪ ،‬مث‬
‫قال‪:‬‬
‫فكنت يف رفقة أيب بكر‪ ،‬فنـزلنا‬
‫ُ‬ ‫كنا ننـزل رفاقا مع رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪،‬‬
‫رجل من أهل البادية‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫على أهل أبيات ‪-‬أو قال‪ :‬بيت‪ -‬قال‪ :‬وفيهم امرأة ُحبلى‪ ،‬ومعنا ٌ‬
‫فولدت غالما‪ ،‬فأعطته‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫جعلت يل شاة؟‬ ‫أيسُّر ِك أن تلدي غالما؛ إن‬ ‫فقال هلا البدوي‪ُ :‬‬
‫شاة‪ ،‬فسجع هلا أساجيع‪ ،‬ف ُذحبت الشاة‪ ،‬وطبخت‪ ،‬فأكلنا منها ومعنا أبو بكر‪ ،‬ف ُذكر‬
‫فرأيت أبا بكر متربزا ُم ْسَتْنتِالً يتقيأ‪.‬‬
‫ُ‬ ‫أمر الشاة‪،‬‬
‫مث أُيِت َ عمر بذلك الرجل البدوي يهجو األنصار‪ ،‬فقال عمر‪ :‬لوال أن له صحبة من‬
‫رسول اهلل ال أدري ما نال فيها لكفيتُ ُكموه‪ ،‬ولكن له صحبة‪.‬‬
‫قلت‪ :‬يف اخلرب استعظام أيب سعيد رضي اهلل عنه الوقيعة يف معاوية‪ ،‬حىت كان متكئا‬
‫فجلس‪ ،‬واستشهاده مبوقف عمر مع األعرايب الصحايب‪ ،‬مع أنه مل يبلغنا من خربه إال‬
‫هذان املوقفان‪ ،‬ومها كما ترى‪.‬‬
‫وإسناده كويف صحيح‪ ،‬وثبَّته ابن حجر‪ ،‬وقال السخاوي‪ :‬رجاله ثقات‪( .‬فتح املغيث‬
‫‪43‬‬
‫‪)3/114‬‬

‫‪ 43‬ونقل السخاوي عن شيخه‪ .‬ابن حجر قوله‪" :‬وقد كان تعظيم الصحابة ‪-‬ولو كان اجتماعهم به صلى اهلل عليه‪.‬‬
‫قررا عند اخللفاء الراشدين وغريهم‪[ ...‬مث ساق اخلرب‪ ،‬وما زال الكالم البن حجر‪ ]:‬فتوقف عمر عن‬ ‫وسلم‪ .‬قليال‪ُ -‬م َّ‬
‫النيب صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬ويف ذلك أكرب شاهد على أهنم كانوا‬ ‫ِ‬
‫لقي َّ‬‫معاتبته ‪-‬فضال عن معاقبته‪ -‬لكونه َعل َ‪.‬م أنه َ‬
‫يعتقدون أن شأن الصحبة ال يعدله شيء‪ ،‬كما ثبت يف حديث أيب سعيد املاضي"‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫من أقوال التابعين‪:‬‬

‫‪ -‬قال أبوإسحاق السبيعي الكوفي‪ :‬كان معاوية‪ ،‬وما رأينا بعده مثله‪.‬‬
‫رواه ابن س‪..‬عد (‪ 1/122‬الس‪..‬لومي) واألث‪..‬رم (منه‪..‬اج الس‪..‬نة ‪ )6/234‬واخلالل يف الس‪..‬نة‬
‫(‪ )2/438‬وابن عساكر (‪ )59/171‬بسند كويف صحيح‪.‬‬
‫وزاد ابن سعد أن أبا بكر بن عي‪.‬اش ‪-‬ال‪.‬راوي عن الس‪.‬بيعي‪ -‬ق‪.‬ال‪ :‬ما ذَك َ‪.‬ر عم َ‪.‬ر بن عبد‬
‫العزيز‪.‬‬

‫‪ -‬وقال محاد بن أسامة‪ :‬حدثين الثقة عن أبي إسحاق أنه ذكر معاوية فقال‪ :‬لو‬
‫أدركتموه ‪-‬أو‪ :‬أدركتم زمانَهُ‪ -‬كان املهدي‪.‬‬
‫رواه اخلالل يف السنة (‪ ،)2/439‬وسنده صحيح إىل محّاد‪ ،‬وهو مسلسل بالكوفيني‪.‬‬

‫أثقل ِح ْلما‪ ،‬وال أبطأ‬ ‫‪ -‬وعن قَبيصة بن جابر قال‪ :‬صحبت معاوية‪ ،‬فما ُ‬
‫رأيت رجال َ‬
‫أبعد أناة منه‪.‬‬
‫جهال‪ ،‬وال َ‬
‫رواه الفسوي يف املعرفة (‪ )1/458‬وابن أيب عاصم يف اآلحاد واملثاين (‪ 1/377‬رقم‬
‫‪ )509‬وابن أيب الدنيا‪ ،‬والطربي يف التاريخ (‪ 5/337‬وعنده سقط) وحممد بن مروان‬
‫السعيدي يف اجملالسة‪ ،‬وابن عساكر (‪ )59/178‬من طرق عن جُم الد‪ ،‬عن الشعيب‪ ،‬عن‬
‫قبيصة‪.‬‬
‫وجمالد ضعيف‪ ،‬وله طريق أخرى يتقوى هبا‪:‬‬
‫فرواه البخاري يف التاريخ الكبري (‪ )7/175‬وابن أيب الدنيا‪ ،‬والطرباين يف الزيادات يف‬
‫املكارم وذكر األجواد (‪ ،)4‬وابن عساكر (‪ )49/247‬من طريقني عن عبد امللك بن‬
‫عمري‪ ،‬عن قَبِيصة‪.‬‬
‫وسنده جيد‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫‪ -‬وروى أبوبكر األثرم ‪-‬ومن طريقه اخلالل يف السنة (‪ )2/438‬وابن بطة (منهاج‬
‫السنة ‪ -)6/232‬قال‪ :‬ثنا حممد بن عمرو بن عباد بن جبلة‪ ،‬ثنا حممد بن مروان‪ ،‬عن‬
‫يونس‪ ،‬عن قتادة‪ ،‬قال‪ :‬لو أصبحتم يف مثل َع َم ِل معاوية لقال أكثركم‪ :‬هذا املهدي‪.‬‬
‫وسنده جيد‪.‬‬

‫‪ -‬وعن مجاهد قال‪ :‬لو رأيتم معاوية ل ُق ْلتم هذا املهدي من فضله‪.‬‬
‫احلراين يف‬
‫رواه اخلالل يف السنة (‪ )2/438‬والبغوي يف املعجم (‪ )5/368‬وأبوعروبة ّ‬
‫الطبقات (ص‪ )41‬واآلجري (‪ )5/2465‬وابن بطة (منهاج السنة ‪ )6/233‬وابن‬
‫عساكر (‪ )59/172‬من طريق األعمش الكويف‪ ،‬عن جماهد‪.‬‬
‫وسنده صحيح‪ ،44‬رجاله ثقات‪ ،‬وثبّته شيخ اإلسالم ابن تيمية عن األعمش‪.‬‬
‫ورواه الطرباين (‪ )19/308‬عن األعمش‪ 45‬من قولِه مثله‪ ،‬والراوي عنه فيه لِني‪،‬‬
‫واحملفوظ األول‪.‬‬

‫األعمش من جماهد إال أربعة أحاديث؟‬


‫ُ‬ ‫شيخه البخاري‪ :‬يقولو َن مل يسمع‬
‫الرتمذي َ‬
‫ُّ‬ ‫‪ 44‬قلت‪ :‬سأل‬
‫عددت له أحاديث كثرية حنوا من ثالثني ‪-‬أو أقل أو أكثر‪ -‬يقول‬ ‫ُ‬ ‫ريح‪ ،‬ليس بشيء‪ ،‬لقد‬
‫قال‪ٌ :‬‬
‫فيها‪ :‬حدثنا جماهد‪( .‬علل الرتمذي الكبري برتتيب أيب طالب القاضي ص‪)388‬‬
‫قلت‪ :‬وروى العقيلي‪ )1/165( .‬وابن أيب خيثمة يف تارخيه (‪ )2/206‬عن األعمش قال‪ :‬كنا نأيت‬
‫جماهدا‪ ،‬فنمر بأيب صاحل وال نأخذ عنه‪.‬‬
‫واحتج برواية األعمش عن جماهد الشيخان‪ ،‬وابن اجلارود‪ ،‬وابن حبان‪ ،‬واحلاكم‪ ،‬والضياء يف‬
‫املختارة‪.‬‬
‫نعم‪ ،‬تكلم بعض احلفاظ يف مساع األعمش وروايته عن جماهد‪ ،‬فيُحمل ذلك على ما أُنْ ِكَر عليه‪ ،‬وال‬
‫شك أن اخلطب يف اآلثار أهون من السنن‪ ،‬واهلل أعلم بالصواب‪.‬‬
‫‪ 45‬وهو شيعي‪ ،‬بل يعدُّه الرافضة من خواص أصحاب إمامهم جعفر بن حممد رمحه اهلل‪ ،‬ويوثقونه‪.‬‬
‫(املعجم للخوئي ‪)8/294‬‬

‫‪74‬‬
‫‪ -‬وصح عن أيب هريرة حباب املكتب أنه قال‪ :‬كنا عند األعمش؛ فذكروا عمر بن‬
‫عبد العزيز وعدلَه‪ ،‬فقال األعمش‪ :‬فكيف لو أدركتُم معاوية؟ قالوا‪ :‬يف ِحلمه؟ قال‪ :‬ال‬
‫واهلل! بَ ْل يف َعدله‪.‬‬
‫رواه األثرم (منهاج السنة ‪ )6/233‬ومن طريقه اخلالل يف السنة (‪ ،)2/437‬وإسناده‬
‫كويف‪.‬‬

‫‪ -‬وقيل للحسن البصري‪ :‬إن أناسا يشهدون على معاوية و َذويه أهنم يف النار! قال‪:‬‬
‫لعنهم اهلل! وما يُدريهم أنه يف النار؟‬
‫رواه أسد بن موسى (االستيعاب ‪ )10/149‬والبغوي يف املعجم (‪ )5/368‬واآلجري‬
‫(‪ )5/2467‬وابن عساكر (‪ )59/206‬من طريق أيب هالل الراسيب‪ ،‬عن قتادة‪ ،‬عن‬
‫احلسن‪.‬‬
‫وسنده مقارب ألجل أيب هالل‪ ،‬ولكن جاء من ٍ‬
‫طريق أُخرى بأمتّ منه‪:‬‬

‫فقال احلافظ ابن شاهني (فيما رواه من طريقه ابن عساكر ‪ :)59/206‬حدثنا احلسني‬
‫بن أمحد بن بِ ْسطام‪ ،‬عن حممد بن عبد امللك بن أيب الشوارب‪ ،‬حدثنا بِشر بن امل َفضَّل‪،‬‬
‫ُ‬
‫عن أيب األشهب‪ ،‬قال‪ :‬قيل للحسن‪ :‬يا أبا سعيد‪ ،‬إن ههنا قوما يَشتمون ‪-‬أو يلعنون‪-‬‬
‫معاوية وابن الزبري! فقال‪ :‬على أولئك الذين يَ َلعنو َن لعنةُ اهلل‪.‬‬
‫وسنده صحيح‪ ،‬رجاله كلهم ثقات‪.46‬‬

‫‪ 46‬قلت‪ :‬وابن بسطام ثقة‪ ،‬روى عنه تلميذه ابن حبان يف صحيحه أحاديث‪ ،‬وأخذ عنه مجاعةٌ من‬
‫احلفاظ‪ ،‬وانظر ترمجته يف الكتاب النافع "زوائد رجال صحيح ابن حبان على الكتب الستة" ليحىي‬
‫بن عبد اهلل الشهري (‪ 2/818‬رقم ‪ ،)183‬ويضاف ملصادره‪ :‬التصحيفات للعسكري (‪1/268‬‬
‫و‪ )2/574‬ومعجم الطرباين األوسط (‪ 4/15‬احلرمني) ومعجم شيوخ اإلمساعيلي (‪)2/619‬‬
‫واحللية أليب نعيم (‪ )5/337‬والرسالة املغنية يف السكوت (‪)10‬‬

‫‪75‬‬
‫صيناك‬ ‫َحببناك‪ ،‬وال َع َ‬
‫ناك منذ أ ْ‬ ‫أبغض َ‬‫أبوم ْسلِم ال َخ ْوالني ملعاوية‪ :‬فال واهلل ما ْ‬ ‫‪ -‬وقال ُ‬
‫باي ْعناك‪ُ ،‬سيوفُنا على‬
‫جام َعْناك‪ ،‬وال نَ َكثْنا َبْي َعتَنا من ُذ َ‬
‫بعدما َ‬ ‫ناك َ‬ ‫بعدما أَطَ ْعناك‪ ،‬وال َ‬
‫فارقْ َ‬
‫ِِ‬
‫ناك‬ ‫َعواتقنا‪ ،‬إ ْن أ ََم ْرتَنا أَطَ ْعناك‪ ،‬وإ ْن َد َع ْوتَنا أ َ‬
‫َجْبناك‪ ،‬وإ ْن َسَب ْقتَنا أ َْد َر ْكناك‪ ،‬وإ ْن َسَب ْق َ‬
‫نَظَْرناك‪.‬‬
‫رواه أمحد يف مسائل ابنه صاحل (‪ 751‬ط‪ .‬ال‪..‬وطن) ويف الزه‪..‬د‪ ،‬ومن طريقه ابن عس‪..‬اكر‬
‫(‪ )12/224‬وابن العدمي (‪ )5/2126‬بسند شامي جيّد‪.‬‬

‫‪ -‬روى ابن اجلوزي يف املنتظم (‪ )7/9‬من طريق حرملة بن عم‪.. . . . . . . . . . . . . . . .‬ران‪ ،‬عن حممد بن‬
‫‪.‬اتب‬
‫‪.‬ول يف معاوي‪..‬ة؟ فق‪..‬ال‪ :‬ك‪ُ .‬‬ ‫ذك‪..‬وان األزدي‪ .،‬أن احلج‪..‬اج س‪..‬أل س‪..‬عيد بن جب‪..‬ري‪ :‬ما تق‪ُ .‬‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬
‫ورواه ابن اجلوزي يف الثب ‪..‬ات عند املم ‪..‬ات (‪ )139‬ومن طريقه ابن الع ‪..‬دمي (‪)5/2092‬‬
‫من طريق حرملة خمتصرا‪.‬‬
‫وابن ذكوان فيه ضعف‪.‬‬
‫ورواه أبوالعرب التميمي يف احملن (ص‪ )212‬من طريق أيب عمرو بشر بن إبراهيم‪ ،‬عن‬
‫حممد بن ذكوان وغريه ممن ال أهتم‪.‬‬
‫وبشر واه‪.‬‬

‫خاتمة في التنبيه على األخبار المكذوبة على معاوية‪:‬‬

‫قال ابن ُخلدون يف مقدمته (‪" :)1/13‬وكثريا ما وقع للمؤرخني واملفسرين وأئمة‬
‫النقل من املغالط يف احلكايات والوقائع‪ ،‬العتمادهم فيها على جمرد النقل‪ ،‬غثا أو‬
‫مسينا"‪.‬‬
‫وجلها مقاطيع ومراسيل‪،‬‬‫وقد طفحت كتب األخباريني والتواريخ بأخبا ٍر عن معاوية‪ُ ،‬‬
‫وهي ضعيفة‪ ،‬فهذا أكثر َمن نقل أخبار معاوية‪ ،‬وهو البالذري يف أنساب األشراف (‬

‫‪76‬‬
‫نظرت يف‬
‫ُ‬ ‫‪ 317-4/19‬حتقيق العظم) يقول (‪" :)4/86‬قال يل هشام بن عمار‪:‬‬
‫فوجدت أكثرها مصنوعا‪ ،"..‬وذكر أحدها‪.‬‬
‫ُ‬ ‫أحاديث معاوية عندكم‬

‫ناهيك عن مصادر األخبار غري املوثوقة أصال‪ ،‬كتواريخ الضعفاء املرتوكني؛ أمثال أيب‬
‫خمنف لوط بن حيىي الكويف‪ ،‬والكليب‪ ،‬والواقدي‪ ،‬والعباس بن بكار‪ ،‬ومثل كتايَب األغاين‬
‫ومقاتل الطالبيني أليب ال َفَرج األصبهاين‪ ،‬أو كتب الرافضة‪ :‬كاملسعودي‪ 47.،‬وابن أيب‬
‫احلديد‪ ،‬أو الكتب املوضوعة املنحولة‪ :‬كاإلمامة والسياسة‪ ،‬وتاريخ اليعقويب‪ ،‬وكتاب‬
‫السقيفة املنسوب للجوهري‪ .،‬أو الكتب غري املسندة‪ ،‬أو غري املختصة‪ :‬كالعقد الفريد‪،‬‬
‫‪ُ 48‬‬
‫فضال عن كتابات أمثال طه حسني والع ّقاد !‬

‫قلت‪ :‬ومبثل هذه األخبار يتعلق أعداء معاوية رضي اهلل عنه‪ ،‬وقد شاء اهلل أن يرفع‬
‫ومن ال َخالق له‪ ،‬وقد قام أولئك بوضع‬‫درجات معاوية بكثرة من يسبُّه من الرافضة َ‬
‫الكثري من احلكايات اليت تطعن فيه‪ ،‬بل وصل األمر إىل وضع أحاديث يف َثْلبه رضي اهلل‬
‫عنه‪ ،49‬وال يُستغرب ذلك من أكذب الناس‪ ،‬وهم الرافضة‪.‬‬

‫‪ 47‬طُبعت مؤخرا رسالة جامعية من إعداد إبراهيم بن يوسف األقصم‪ ،‬بعنوان‪ :‬الدولة األموية يف‬
‫كتابات املسعودي‪ ،‬خلص فيها أن املسعودي ميثل وجهة نظر اخلصم الشيعي يف كتابة العهد‬
‫األموي‪ ،‬وأنه مل يكن حياديا وال موضوعيا وال منصفا‪ ،‬وأنه وقع يف تناقضات عديدة‪ ،‬وأورد‬
‫خرافات وموضوعات‪.‬‬
‫رأيت بنفسي‬
‫ستشهد هبذا الصنف األخري‪ ،‬ولكين ُ‬ ‫ُ‬ ‫‪ 48‬رمبا يستغرب القارئ ِمن وجود ذي ٍ‬
‫عقل يَ‬
‫ستدل ِمراراً وأمام املأل‬
‫السماوي‪ -‬يَ ُّ‬
‫أحد أكذب وأوقح ُدعاة الرفض ‪-‬وهو املدعو حممد التِّيجاين َّ َ‬
‫َ‬
‫فاصنع ما شئت‪.‬‬‫ْ‬ ‫تستح‬
‫السنَّة!! وإذا مل ِ‬
‫مبسلسالت ومتثيليات مصرية‪ ،‬ويقول إهنا حجة على أهل ُ‬
‫‪ 49‬مثل ما ُروي عن النيب صلى اهلل عليه وسلم أنه قال‪" :‬إذا رأيتم معاوية على منربي فاقتلوه"‪.‬‬
‫سائر العلماء‪ ،‬منهم‪ :‬أيوب السختياين (الكامل البن عدي ‪5/101‬‬ ‫وأنكره ُ‬
‫حديث ك ّذبَه َ‬
‫ٌ‬ ‫وهذا‬
‫وغريُه)‪ ،‬واإلمام أمحد (علل اخلالل ‪ ،)138‬وأبوبكر بن أيب شيبة‪ ،‬ووأبوزرعة الرازي (الضعفاء‬
‫‪ ،)2/427‬وابن حبان يف اجملروحني (‪ 1/157‬و‪ 250‬و‪ ،)2/172‬وابن عدي (‪ 2/146‬و‪209‬‬

‫‪77‬‬
‫قال شيخ اإلسالم ابن تيمية بعد أن ذكر أن الرافضة أعظم الطوائف كذبا وجهال‪ ،‬وأن‬
‫دينَهم ي ِ‬
‫الصدق الظاهر‬
‫ومرتد‪" :‬إهنم‪ ..‬يَعمدون إىل ِّ‬‫كل ِزنديق ُ‬
‫دخ ُل على املسلمني َّ‬ ‫ُ‬
‫فهم كما قال فيهم الشَّعيب‬ ‫‪50‬‬ ‫ِ‬
‫فساده يُقيمونَه ‪ُ ،‬‬
‫يَدفَعونَه‪ ،‬وإىل ال َكذب املُختَلق الذي يُعلَ ُم ُ‬
‫‪-‬وكان من أعلم الناس هبم‪ :‬لو كانوا من البهائم لكانوا مُحُرا‪ ،‬ولو كانوا من الطيور‬
‫لكانوا رمخا‪.‬‬

‫و‪ 5/101‬و‪ 200‬و‪ 314‬و‪ ،)7/83‬والذهيب يف امليزان‪ ،‬وابن كثري يف تارخيه (‪،)11/434‬‬
‫وغريهم من احلفاظ‪.‬‬
‫وقال اإلمام البخاري بعد أن أعل أشهر طرقه‪ :‬إن هذه األحاديث "‪ ..‬ليس هلا أصول‪ ،‬وال يثبت‬
‫أحد من أصحاب النيب صلى اهلل عليه وسلم‪،‬‬ ‫عن النيب صلى اهلل عليه وسلم خرب على هذا النحو يف ٍ‬
‫ٌ‬
‫أهل الضَّعف"‪( .‬التاريخ األوسط ‪)1/256‬‬‫إمنا يقولُه ُ‬
‫وقال العقيلي‪" :)1/259( .‬وال يصح من هذه املتون عن النيب عليه السالم شيءٌ من وجه يثبت"‪.‬‬
‫وقال اجلورقاين يف األباطيل (‪" :)1/200‬هذا حديث موضوع باطل ال أصل له يف األحاديث‪،‬‬
‫الدارين‪ ،‬ومن اعتقد هذا وأمثالَه؛ أو خطر‬ ‫وليس هذا إال من فعل املبتدعة الوضاعني؛ خذهلم اهلل يف َ‬
‫خارج من الدين"‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫زنديق‬
‫جرى على لسان رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم؛ فهو ٌ‬ ‫بباله أن هذا َ‬
‫‪.‬ذب موض ‪..‬وعٌ خُم تلَ ‪.ٌ .‬ق على‬
‫وق ‪..‬ال ابن تيمية يف املنه‪..‬اج (‪" :)4/380‬وهو عند أهل املعرفة باحلديث ك ‪ٌ .‬‬
‫النيب صلى اهلل عليه وسلم"‪.‬‬
‫ِّ‬
‫وأطنب يف خترجيه احلافظان ابن عساكر (‪ )158-59/155‬وابن اجلوزي يف املوض‪..‬وعات (‪)2/24‬‬
‫وقاال إنه ال يصح من مجيع طرقه‪ ،‬وقال األلباين‪ :‬موضوع‪( .‬الضعيفة‪)4930 .‬‬

‫‪.‬ألت أمحد [يعين ابن حنب‪.. . .‬ل] عن‬ ‫مث‪.. . .‬ال آخ‪.. . .‬ر‪ :‬ذكر اخلالل يف العلل (رقم ‪" :)134‬ق ‪.. .‬ال ُمهنّ ‪.. .‬ا‪ :‬س ‪ُ . .‬‬
‫ح‪.. . . .‬ديث األعمش‪ ،‬عن أيب وائ‪.. . . .‬ل‪ ،‬أن معاوية لعب باألص‪.. . .‬نام! فق‪.. . .‬ال‪ :‬ما أغلَ‪َ . . .‬ط أه‪.َ . . . .‬ل الكوفة على‬
‫ص‪ِّ . . .‬حح احلديث‪ ،‬وق ‪.. .‬ال‪ :‬تَ َكلَّ َم به رج‪.ٌ . . .‬ل من‬ ‫أص‪.. . .‬حاب رس‪.. . .‬ول اهلل [ص‪.. . .‬لى اهلل عليه وس‪.. . .‬لم]‪ .‬ومل يُ َ‬
‫الشيعة"‪.‬‬
‫ضعه‪ ،‬على أن األعمش مدلس‪ ،‬ومل يص ّ‪.‬رح بالس‪.‬ماع‪ ،‬وأهل العلم يُعِلُّون مبثل ه‪.‬ذا‪ ،‬وال‬ ‫قلت‪ :‬يعين َو َ‬
‫سيما عند النكارة‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫مثل ما يَذكرو َن عن ُمعاوية"‪( .‬جمموع الفتاوى‬ ‫ِ‬
‫وهلذا كانوا أهبت الناس وأشدَّهم فريَة‪َ ،‬‬
‫‪)4/472‬‬

‫قلت‪ :‬ومن أمثلة هذه األخبار الباطلة جزء مطبوع باسم "أخبار الوافِ ِدين من الرجال‬
‫من أهل البصرة والكوفة على معاوية بن أيب سفيان" املنسوب للعباس بن بكار الضيب‪،‬‬

‫ونظ ‪..‬ريه ‪-‬إن مل يكن أص‪..‬له‪ -‬ما تف ‪..‬رد ب‪..‬ذكره ابن جرير يف هتذيب اآلث ‪..‬ار (ص‪ 241‬مس‪..‬ند علي) من‬
‫طريق الث‪..‬وري‪ ،‬عن األعمش‪ ،‬عن أيب وائ‪..‬ل‪ ،‬ق‪..‬ال‪ :‬كنت مع مس‪..‬روق بالسلس‪..‬لة‪ .،‬فم‪..‬رت س‪..‬فينة فيها‬
‫أصنام ذهب وفضة‪ ،‬بعث هبا معاوية إىل اهلند تُباع!‬
‫قلت‪ :‬وه ‪.. .‬ذا ليس أحسن ح‪.. .‬اال من س ‪.. .‬ابقه‪ ،‬وتف‪.ُّ . .‬ر ُد ابن جرير هبذا الس‪.. .‬ياق هبذا الس‪.. .‬ند منكر ج ‪.. .‬دا‪،‬‬
‫وأخشى أن يكون مدسوسا‪ ،‬فلم أقف عليه بتمامه يف مكان آخر رغم التوسع‪ ،‬بل مل يورده الرافضة‬
‫يف كتبهم!‬
‫وقد يك‪.. . .‬ون دخل عليه س‪.. . .‬ياق يف س‪.. . .‬ياق‪ ،‬ف‪.. . .‬روى ابن أيب ش ‪.. .‬يبة (‪ )7/34‬عن أيب معاوي‪.. . .‬ة‪ ،‬ح‪.. . .‬دثنا‬
‫ص ْفر تُباع‪.‬‬
‫األعمش‪ ،‬عن أيب وائل‪ ،‬عن مسروق‪ ،‬أنه مر عليه وهو بالسلسلة بتماثيل من ُ‬
‫ليس فيه ذكر ملعاوية‪.‬‬
‫وروى حبشل الواس ‪..‬طي يف تارخيه (‪ )37‬من طريق محاد بن أيب أس ‪..‬امة‪ ،‬عن األعمش‪ ،‬عن أيب وائ ‪..‬ل‪،‬‬
‫قال‪ :‬كنت مع مسروق بسلسلة‪ .‬واسط‪ ،‬فمرت سفن فيها هدايا إىل معاوية‪.‬‬
‫فهذا عكس السابق‪ ،‬وليس فيه ذكر لألصنام‪.‬‬
‫وعلى ف‪..‬رض ثبوته أليب وائ‪..‬ل؛ فال يُ‪..‬درى َمن ال‪..‬ذي أخرب مس‪..‬روقا م‪..‬اذا بالس‪..‬فينة‪ ،‬وملن هي‪ ،‬وإىل أين‬
‫تتجه؟ والظن أنه من بقايا اجملوس والوثنيني‪ ،‬فال يصدَّق على معاوية رضي اهلل عنه! وال يَبعد أن‬
‫يك‪.. .‬ون امل ْخرِب يقصد االف‪.. .‬رتاء على معاوية وإدخ‪.. .‬ال التش‪.. .‬نيع علي‪.. .‬ه‪ ،‬ومعل‪.. .‬وم‪ .‬ح‪.. .‬ال ح‪.. .‬ديث مجلة أهل‬
‫ُ‬
‫الكوفة‪.‬‬
‫وال س‪..‬يما أن مس‪.‬روقا ك‪.‬ان ال يفتش أح‪..‬دا على السلس‪.‬لة‪ .،‬ويق‪.‬ول ملن مر ب‪..‬ه‪ :‬إن ك‪.‬ان لنا معك ش‪.‬يء‬
‫فأعطناه‪ .‬كما عند ابن أيب شيبة (‪ )3/196‬وحبشل (‪)37‬‬
‫مث‪ ..‬أمل جيد معاوية سواحل يُرسل منها األصنام إال عرب مسافات داخل العراق؟!‬
‫واحلاصل أن اخلرب كذب على معاوية بال شك‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫وهو رافضي كذاب (لسان امليزان ‪ ،)3/237‬بينما أُراه للحسن بن احلسني بن عاصم‬
‫اهلسنجاين‪ ،‬وهو كذاب أيضا (اجلرح والتعديل ‪ 3/6‬ولسان امليزان ‪ ،)2/200‬وقد‬
‫أورد أخباره بال سند!‬
‫ومثله كتاب وقعة صفني‪ .:‬لنصر بن مزاحم الكويف‪ ،‬وهو رافضي َج ْلد‪َ ،‬تَركه احلُفَّاظ‪،‬‬
‫ومنهم َمن َّ‬
‫كذبه‪( .‬لسان امليزان ‪)6/157‬‬

‫وق ‪..‬ال الواق ‪..‬دي‪ :‬سىب عبد اهلل بن قيس بن خَمْلد ال ‪.ِ .‬د َزقي ص ‪..‬قلية‪ ،‬فأص ‪..‬اب أص ‪..‬نام ذهب وفضة مكللة‬
‫حمل إىل اهلند فتُب‪..‬اع هن‪..‬اك ليُثَ َّمن هبا‪.‬‬
‫فوجه هبا معاوية إىل البص‪..‬رة لتُ َ‬
‫ب‪..‬اجلواهر‪ ،‬فبعث هبا إىل معاوي‪..‬ة‪ّ ،‬‬
‫(فتوح البلدان للبالذري ص‪ 278‬وينظر الفتوح للواقدي)‬
‫الواق‪..‬دي م‪..‬رتوك‪ ،‬ومل ي‪..‬ذكر له س‪..‬ندا‪ ،‬إال أن يف خ‪..‬ربه دف‪.ٌ .‬ع للمعىن ال‪..‬ذي يش‪..‬تهيه الق‪..‬وم‪ ،‬وأن ذلك لو‬
‫صح اجتهاد من معاوية إلصابة األفضل لبيت مال املسلمني‪.‬‬
‫وانظر أمثالَه يف علل اخلالل بع‪.َ . . .‬ده‪ ،‬وقد ق‪.. . .‬ال احلافظ ابن عس‪.. .‬اكر يف تارخيه (‪" :)1/365‬ك‪.. . .‬ان بني‬
‫أهل الشام وأهل الكوفة إحن"‪.‬‬

‫مث ‪.. .‬ال آخ ‪.. .‬ر‪ :‬وضع ابن املطَ ِّهر الرافضي (منه ‪.. .‬اج الكرامة ص‪ )64‬ح‪.. .‬ديثا وه‪.. .‬و‪" :‬يطلع عليكم رجل‬
‫ُ‬
‫ميوت على غري س ‪.‬نَّيت"‪ ،‬فطلع معاوي‪..‬ة‪ ،‬وق‪..‬ام النيب ص‪..‬لى اهلل عليه وس‪..‬لم خطيب‪..‬ا‪ ،‬فأخذ معاوية بيد ابنه‬
‫أي ي‪ٍ .‬‬
‫‪.‬وم‬ ‫يزيد وخ‪..‬رج‪ ،‬ومل يس‪..‬مع اخلطب‪..‬ة‪ ،‬فق‪..‬ال النيب ص‪..‬لى اهلل عليه وس‪..‬لم‪" :‬لعن اهلل القائد واملق‪..‬ود‪ُّ ،‬‬
‫يكون لألمة مع معاوية ذي اإلساءة"!‬
‫ق‪.. . .‬ال ش‪.. . .‬يخ اإلس‪.. . .‬الم ابن تيمية يف رده عليه (منه ‪.. .‬اج الس ‪.. .‬نة ‪" :)4/444‬ه ‪.. .‬ذا احلديث من الك‪.. . .‬ذب‬
‫املوض ‪.. .‬وع باتف ‪.. .‬اق أهل املعرفة باحلديث‪ ،‬وال يوجد يف ش‪.. .‬يء من دواوين احلديث اليت يُرجع إليها يف‬
‫معرفة احلديث‪ ،‬وال له إسناد معروف"‪.‬‬
‫السنَّة والعقل‪ :‬أن يَزيد ُولد سنة س‪..‬بع وعش‪..‬رين يف‬ ‫ومما يدل على أن ِ‬
‫رافضي على غري ُ‬ ‫ٌ‬ ‫واض َع احلديث‬
‫خالفة عثمان! ومعاوية مل يتزوج إال يف خالفة عمر‪ ،‬رضي اهلل عن اجلميع!‬

‫مث‪..‬ال آخ‪..‬ر‪ :‬زعم بعض‪..‬هم أن معاوية أوعز لألش‪..‬عث بن قيس إىل ابنته (وك‪..‬انت حتت احلسن بن علي‬
‫رضي اهلل عنهما) أن تضع السم لزوجها‪ ،‬وأنه مات بسبب ذلك!‬

‫‪80‬‬
‫‪ -‬ومن األخبار الباطلة اليت تُروى عن معاوية أنه قال‪" :‬يا أهل العراق‪ ،‬أترون أين إمنا‬
‫صلُّون؟ واهلل إين ألعلم أنكم تصلون! أو أنكم ال تغتسلون من‬ ‫قاتلتكم ألنكم ال تُ َ‬
‫ألتأمر عليكم‪ ،‬فقد ّأمرين اهلل عليكم"‪.‬‬
‫اجلنابة؟! ولكن إمنا قاتلتُكم َّ‬

‫وه‪.. .‬ذا باط‪.. .‬ل‪ ،‬فاألش‪.. .‬عث ت‪.. .‬ويف قبل احلسن بنحو عشر س‪.. .‬نني‪ ،‬مث إن بق‪.. .‬اء احلسن ك‪.. .‬ان فيه مص‪.. .‬لحة‬
‫ملعاوي‪.. . .‬ة‪ ،‬خبالف أهل الفتنة من ش‪.. . .‬يعة الكوف‪.. . .‬ة‪ ،‬وجتد ذلك يف الكالم على مس ‪.. .‬ألة ُحجر بن ع‪.. . .‬دي‪،‬‬
‫وق‪..‬ال ابن الع‪..‬ريب عن اخلرب إنه حمال (العواصم ‪ ،)214‬وق‪..‬ال ابن تيمي‪..‬ة‪ :‬إن تس‪..‬ميم معاوية للحسن مل‬
‫يثبت ببين‪.ٍ .‬ة ش‪..‬رعية‪ ،‬أو إق‪..‬را ٍر معت‪..‬رب‪ ،‬وال َن ْ‪.‬ق ٍ‪.‬ل جُي َزم ب‪..‬ه‪( .‬منه‪..‬اج الس‪..‬نة ‪ ،)4/469‬وق‪..‬ال ال‪..‬ذهيب‪ :‬ه‪..‬ذا‬
‫ش‪..‬يء مل يص‪..‬ح‪ ،‬فمن ال‪..‬ذي اطلع علي‪..‬ه؟ (ت‪..‬اريخ اإلس‪..‬الم ح‪..‬وادث س‪..‬نة ‪ 60-41‬ص‪ ،)40‬وق‪..‬ال ابن‬
‫كث‪..‬ري‪ :‬ليس بص‪..‬حيح‪( .‬البداية والنهاية)‪ ،‬وجعله ابن خل‪..‬دون مما وض‪..‬عه الش‪..‬يعة‪( .‬الت‪..‬اريخ ‪2/1139‬‬
‫وانظ‪.‬ر‪ :‬مواقف املعارضة يف خالفة يزيد بن معاوية لألس‪.‬تاذ حممد بن عبد اهلادي الش‪..‬يباين ص‪-120‬‬
‫‪ 125‬وعنه األخ الشيخ سليمان اخلَراشي يف كتابه‪ :‬اهتامات ال تثبت ص‪)174-165‬‬
‫واعلم أنه ال يصح خ‪.. . .‬ربٌ يف م‪.. . .‬وت احلسن بالس ‪.. .‬م‪ ،‬وكل ما روي يف ذلك ض ‪.. .‬عيف ج‪.. . .‬دا أو ش‪.. . .‬ديد‬
‫اإلعض‪..‬ال واالنقط‪..‬اع‪ ،‬أما ما وقع يف مطبوعة معجم الط‪.‬رباين الكبري (‪ 3/71‬رقم ‪ )2694‬من طريق‬
‫حيىي بن بك‪.. .‬ري‪ ،‬عن ش‪.. .‬عبة‪ ،‬عن أيب بكر بن حفص‪" :‬أن س ‪..‬عدا واحلسن بن علي رضي اهلل عنهم ماتا‬
‫يف زمن معاوية‪ ،‬فريون أنه مَسَّه"‪.‬‬
‫فزي‪.. .‬ادة "ف‪.. .‬ريون أنه مَسَّه" نبّه حمقق املعجم أهنا مل ت‪.. .‬رد إال يف (ه‪.. .‬امش!) نس‪.. .‬خة واح‪.. .‬دة‪ ،‬وخلت منها‬
‫النس‪..‬ختان األخري‪..‬ان‪ ،‬مث قد رواه أب‪..‬ونعيم يف معرفة الص‪..‬حابة (‪ )2/658‬وابن عس‪..‬اكر (‪ 13/299‬و‬
‫‪ 304‬و‪ )20/370‬وغريمها من ط ‪..‬رق عن ابن بكري ب ‪..‬دون ه ‪..‬ذه الزي ‪..‬ادة‪ ،‬فثبت أهنا مقحمة ال أصل‬
‫هلا‪ ،‬وكان من الواجب عدم إثباهتا يف صلب الكتاب‪ ،‬فيتنبه لذلك‪.‬‬
‫وه‪.. . . .‬ذا ش‪.. . . .‬اهد على حماوالت التحريف وال‪.. . . .‬دس من الرافضة يف الكتب! علما ب‪.. . .‬أن لبعض املتش‪.. . . .‬يعة‬
‫هوامش سخيفة على بعض نسخ املعجم الكبري‪ ،‬انظر مثال (‪ 6/221‬رقم ‪ )6063‬منه‪.‬‬

‫مثال آخر‪ :‬قال الطرباين يف املعجم الكبري (‪ 7/289‬رقم ‪ )7161‬ومسند الشاميني (‪ 3/230‬رقم‬
‫‪ :)2147‬حدثنا حيىي بن عثمان بن صاحل‪ ،‬ثنا سعيد بن عفري‪ ،‬ثنا سعيد بن عبد الرمحن من ولد‬

‫‪81‬‬
‫وهذا تفرد بروايته األعمش‪ ،‬عن عمرو بن مرة‪ ،‬عن سعيد بن سويد [وليس بالكليب]‪،‬‬
‫قال‪ :‬صلى بنا معاوية بالنخيلة اجلمعة يف الضحى مث خطبنا‪ ،‬فذكره‪.‬‬

‫جالس؛‬
‫ٌ‬ ‫دخل على معاويةَ وهو‬
‫شداد بن أوس‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن يعلى بن شداد بن أوس‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬أنه َ‬
‫وعمرو بن العاص على فراشه‪ ،‬فجلس شداد بينهما‪ ،‬وقال‪ :‬هل تدريان ما جُي لسين بينكما؟ إين‬
‫مسعت رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يقول‪" :‬إذا رأيتُمومُه ا مجيعاً َف َفِّرقوا بينهما‪ ،‬فواهلل ما اجتمعا‬
‫ت أن أَُفِّر َق بَين ُكما!‬
‫َحبَْب ُ‬
‫إال على َغ ْد َرة"‪ .‬فأ ْ‬
‫قلت‪ :‬ه‪..‬ذا ح‪..‬ديث موض‪..‬وع‪ ،‬ورواه ابن عس‪..‬اكر (‪ )46/149‬من طريق الط‪..‬رباين‪ ،‬وق‪..‬ال‪" :‬س‪..‬عيد بن‬
‫عبد ال ‪.. .‬رمحن وأب ‪.. .‬وه جمه ‪.. .‬والن‪ ،‬وس ‪.. .‬عيد بن كثري بن عفري وإن ك‪.. .‬ان روى عنه البخ ‪.. .‬اري فقد ض ‪.. .‬عَّ َفه‬
‫غريُه"‪ .‬وأقره ابن حجر يف اللسان (‪ ،)3/36‬وذكر اهليثمي يف اجملمع (‪ )7/248‬أن فيه عبد ال‪..‬رمحن‬
‫بن يعلى‪ ،‬ومل يعرفه‪.‬‬

‫ومث‪..‬ال أخ‪..‬ري‪ :‬ح‪..‬ديث "اللهم‪ .‬أركس‪..‬هما يف الفتنة ركس‪..‬ا"‪ ،‬ق‪..‬ال احلافظ حممد بن ط‪..‬اهر املقدس‪..‬ي‪ :‬هو‬
‫ح ‪..‬ديث رواه يزيد بن أيب زي ‪..‬اد عن س ‪..‬ليمان بن عم ‪..‬رو بن األح ‪..‬وص‪ ،‬عن أيب ب ‪..‬رزة األس ‪..‬لمي‪ ،‬ويزيد‬
‫ه‪.. .‬ذا من أهل الكوف‪.. .‬ةكان ال َك ّذبة يلقنونه على َوفْق اعتق ‪..‬ادهم فيتلقنه ‪..‬ا‪ ،‬وحي ّدث هبا ض‪.. .‬عفة أئمة أهل‬
‫النق‪.. . .‬ل‪ ،‬وقد ُروي ه‪.. . .‬ذا احلديث عن طريق آخر نُسب فيه معاوية ه‪.. .‬ذا‪ ،‬وأنه ابن الت‪.. . .‬ابوت‪ ..‬مث ختم‬
‫بقول‪..‬ه‪ :‬ولم يصح عن الن""بي ص""لى اهلل عليه وس""لم أنه ذكر أح""دا من الص""حابة إال بخ""ير‪( .‬كت‪..‬اب‬
‫السماع ص‪)86‬‬
‫أورد كالم شيخي باإلجازة العالمة حممد بن األمني بوخبزة احلَ َسين‬
‫وإلعطاء مثال واقعي ُ‬
‫‪50‬‬

‫إيل ترمجتَه خبطه‪ ،‬وفيها ِصلَتُه بشيخه الذي تتلمذ عليه وأصهر إليه‪:‬‬
‫اإلدريسي حفظه اهلل‪ ،‬فقد أرسل ّ‬
‫أمحد الصديق الغُماري عفا اهلل عنه‪ ،‬صاحب رسالة (فتح امللك العلي) املعتمدة عند الرافضة‪ ،‬وعنده‬
‫تشيّع شديد فيما يتعلق ببعض الصحابة رضي اهلل عنهم مجيعا (انظر كالم شيخنا سعد احلميّد يف‬
‫تشيع أوسع‬‫خمتصر استدراك الذهيب على احلاكم ‪ ،)1409-3/1407‬ولعله مل يكن ممن فيه ٌ‬
‫ت إىل‬ ‫ندمت بالغ الندم‪ ،‬و ُتْب ُ‬
‫اطالعا منه يف احلديث منذ قرون‪ ،‬فيقول الشيخ بوخبزة عنه‪.." :‬كما ُ‬

‫‪82‬‬
‫وسويد جمهول ال يُعرف بغري هذا اخلرب الباطل‪ ،‬وقال البخاري‪ :‬ال يُتابع عليه (التاريخ‬
‫الكبري ‪ 3/477‬وانظر حاشيته)‪ ،‬وتبعه ابن عدي يف الكامل يف ضعفاء الرجال (‬
‫وضعفه‪ .‬ابن حجر يف الفتح (‪)2/387‬‬ ‫‪ ،)3/1243‬والذهيب يف امليزان (‪َّ ،)2/145‬‬

‫ومثله ما أورده الطربي (‪ )5/323‬وغريه أن معاوية ملا أوصى إىل ابنه يزيد قال له‪:‬‬
‫أختوف أن ينازعك هذا األمر الذى أسسته إال أربعة نفر‪ :‬احلسني بن على وعبد‬‫"إين ال ّ‬
‫اهلل بن عمر وعبد اهلل بن الزبري وعبد الرمحن بن أىب بكر فأما ابن عمر فهو رجل ثقة‬
‫قد وقدته العبادة وإذا مل يبق أحد غريه بايعك وأما احلسني فان أهل العراق خلفه ال‬
‫يدعونه حىت خيرجونه عليك فان خرج فظفرت به فاصفح عنه فان له رمحا ماسة وحقا‬
‫عظيما وأما ابن أىب بكر فهو رجل إن رأى أصحابه صنعوا شيئا صنع مثله ليست له‬
‫مهة إال النساء واللهو وأما الذى جيثم لك جثوم األسد ويراوغك روغان الثعلب وإذا‬
‫أمكنته فرصة وثب فذاك ابن الزبري فان هو فعلها بك فقدرت عليه فقطعه إربا إربا"‪.‬‬
‫ت يف احلَ ْملة على كث ٍري من‬‫فتورطْ ُ‪.‬‬
‫ض امل ْردي‪َّ ،‬‬‫والرفْ ِ‬
‫الشيخ من التشيع املقيت َّ‬
‫ُ‬ ‫طوح يب إليه‬
‫اهلل منه ملا ّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ولع ِن بعضهم‪ ،‬كمعاوية‪ ،‬وأبيه‪ ،‬وعمرو بن العاص‪ ،‬ومَسُرة‪ ،‬وابن ُّ‬
‫الزبَري‪ ،‬وغريهم‪ ،‬متأثرا مبا‬ ‫الصحابة ْ‬
‫ت أيدي الروافض؛ كان الشيخ مُي ليها علينا مبتهجا‪،‬‬ ‫كنت أمسعه ِمرارا وأقرؤه من أحاديث؛ مما ِ‬
‫عملَ ْ‬ ‫ُ ُ‬
‫كل ما خُي ال ُفها من‬
‫وحيكم على ِّ‬ ‫ِ‬
‫نثق به ونطمئن إىل أحكامه‪،‬‬
‫ُ‬ ‫مصرحا أهنا أصح من الصحيح! فكنا ُ‬
‫األحاديث بأهنا من وضع الن ِ‬
‫َّواصب!‬
‫ص ُفهم‪ .‬بالشؤم‪ .‬على اإلسالم وأهلِه!‬‫ومن الطريف يف هذا الباب أنه كان يبغض الشام وأهلَه‪ ،‬وي ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫أحاديث صحيحة! وظل كذلك إىل أن ّفر من املغرب إىل مصر‪ ،‬مث زار‬ ‫بطل ما ورد يف فضله من‬
‫َ‬ ‫ويُ ُ‬
‫ب إىل أخيه السيد حسن يقول بأنه رجع عن‬ ‫صوفيَّتُها املآدب‪ ،‬فكتَ َ‬
‫فأكرمه أهلُها‪ ،‬وأقام له ُ‬
‫َ‬ ‫الشام‪،‬‬
‫اعتقاده يف الشام وأهله‪ ،‬وأن ما ورد يف ذلك صحيح"!!‬
‫قلت‪ :‬وممن ذكر تراجع أمحد الغماري أحد أكرب تالمذته‪ ،‬وهو جميزنا الشيخ عبد اهلل التليدي وفقه‬
‫اهلل‪ ،‬كما يف حاشية األجوبة الصارفة للغماري‪( .‬ص‪ ،)64‬وانظر مدى إعجاب الغماري بزيارته‬
‫فتأم ْل هذه األحكام على األحاديث‪ ،‬وقِس‬ ‫الشام يف رسائله املسماة‪َ :‬د ّر الغَمام الرقيق (ص‪َّ ،)190‬‬
‫على أمثاهلا!‬

‫‪83‬‬
‫قلت‪ :‬وهذا باطل‪ ،‬يف سند الطربي أبوخمنف‪ ،‬وهو أخباري تالف‪ ،‬مث إن متنه منكر‪،‬‬
‫ويف سياقه ما يُكذبه‪ ،‬قال ابن كثري‪" :‬كذا قال! والصحيح أن عبد الرمحن [أي ابن أيب‬
‫بكر] كان قد توىف قبل موت معاوية"‪ ،‬مث أشار راويه عن أيب خمنف إىل خمالفته‪.‬‬

‫وأخبار قد ُوضعت هلا أسانيد تطعن يف الصحايب اجلليل معاوية‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫أحاديث‬
‫ٌ‬ ‫فإذا كان‬
‫فكيف باحلكايات اليت ال سند هلا أصال؟‬
‫لم عظيم من قِبَل‬ ‫وال شك أن تاريخ معاوية خاصة‪ ،‬وخلفاء بين أ َُميَّة عامة‪ ،‬قد أصابه ظُ ٌ‬
‫االجتهاد يف‬
‫ُ‬ ‫أعدائه املختلفني ‪-‬سياسيني وعقائديني‪ -‬وعلى الباحثني من أهل السنة‬
‫املفضل‪ -‬وجتلية واقعه عرب املنهج احلديثي‬
‫ختليص األكاذيب عن ذلك العهد –بل القرن ّ‬
‫العلمي‪.‬‬
‫قال شيخي املؤرخ حممود شاكر حفظه اهلل تعاىل‪" :‬إن هذه االفرتاءات على بين أمية‬
‫ليس هلا سند صحيح‪ ،‬ومعظمها جمهول املصدر‪ ،‬األمر الذي يدل على كذهبا‪ ،‬وهبذا ال‬
‫ميكن االعتماد عليها أبدا‪ ،‬وإذا أخذنا مبنهج احلديث يف اجلرح والتعديل‪ ،‬وهو أفضل‬
‫تقولت على بين‬ ‫منهج للوصول إىل صحة اخلرب‪ ،‬فإننا سنطرح هذه الروايات كلها اليت َّ‬
‫‪51‬‬
‫أمية"‪.‬‬

‫‪ -‬وأختم بالتنبيه على أن األحاديث اليت ُرويت يف ذم بين أمية مطلقا ال يصح منها‬
‫شيء ألبتة‪ ،‬ويكفي للداللة على بطالهنا أهنا تشمل عثمان بن عفان‪ :‬ثالث األمة فضال‬
‫ومن‬
‫ومنـزلة‪ ،‬وأم املؤمنني أم حبيبة بنت أيب سفيان‪ ،‬وغريمها من الصحابة األجالء‪َ ،‬‬

‫‪ 51‬من مقدمته القيّمة للمجلد‪ .‬الرابع من التاريخ اإلسالمي (ص‪ ،)46‬وانظر أيضا‪ :‬الوثائق السياسية‬
‫واإلدارية العائدة للعهد‪ .‬األموي‪ ،‬تأليف حممد ماهر محادة (ص‪ ،)20‬وكتاب معاوية ملنري الغضبان (‬
‫‪ ،)5‬ومقدمة الشيخ خالد الغيث ملرويات خالفة معاوية يف تاريخ الطربي‪ ،‬وغريها‪.‬‬

‫‪84‬‬
‫بعدهم‪ ،‬كعمر بن عبد العزيز‪ ،‬مع ما حصل من التصاهر بني األمويني واهلامشيني‬ ‫َ‬
‫‪52‬‬
‫وغريهم‪ ،‬مع قرابتهم أصال‪.‬‬
‫فهذه األحاديث من وضع أعداء األمويني السياسيني والعقائديني‪.‬‬

‫قبر معاوية رضي اهلل عنه‪:‬‬

‫ت ‪.. .‬ويف معاوية رضي اهلل عنه يف دمش ‪.. .‬ق‪ ،‬ودفن فيه ‪.. .‬ا‪ ،‬واختُلِف يف موضع ق‪.. .‬ربه‪ ،‬واملوضع‬
‫األشهر عند املؤرخني واملع‪.‬روف‪ .‬الي‪.‬وم‪ :‬هو يف ال‪.‬ركن اجلن‪.‬ويب ملق‪.‬ربة ب‪.‬اب الص‪..‬غري‪ ،‬داخل‬
‫متهدم‪.. .‬ة‪ ،‬وقربه قب‪.. .‬ور العلم‪.. .‬اء‪ :‬نصر املقدس‪.. .‬ي‪ ،‬وابن عس ‪..‬اكر‪ ،‬وابن‬ ‫غرفة طينية ص‪.. .‬غرية ِّ‬
‫إمهال القرب‬
‫بعض الرافض‪..‬ة‪ ،‬و ُتعُ ِّم َد ُ‬
‫‪.‬رب ُ‬ ‫ب الق‪َ .‬‬‫رجب‪ ،‬والربه‪..‬ان الن‪..‬اجي‪ ،‬وغ‪..‬ريهم‪ ،‬وقد خ‪.َّ .‬ر َ‬
‫ب َس ‪. .‬عيهم‪ ،‬خبالف القب‪.. . .‬ور املنس‪.. . .‬وبة آلل ال ‪.. .‬بيت هن‪.. . .‬اك‪ ،‬وهي هلم ف‪.. . .‬وق بي ‪.. .‬وت اهلل تعلقا‬
‫واعتناء‪.‬‬
‫ابن ِحبَّان يف مش‪.‬اهري علم‪.‬اء األمص‪.‬ار (ص‪ )7‬وغ‪.‬ريُه أن يزي َ‪.‬د بن‬ ‫ومن اللطائف ما ذكره ُ‬
‫‪.‬ح ذلك فيك‪..‬ون‬ ‫رأس احلسني بن علي يف قرب معاوية رضي اهلل عنهم‪ ،‬ف‪.‬إن ص‪َّ .‬‬ ‫معاوية َدفَ َن َ‬
‫إمامهم أيضا!‬ ‫الرافضة قد آذوا َ‬
‫وابن احملب‪ ،‬وابن طول ‪..‬ون‪ ،‬يقول ‪..‬ون‪ :‬إن معاوية بن أيب‬ ‫ابن تيمي ‪..‬ة‪َ ،‬‬ ‫‪.‬يخ اإلس ‪..‬الم َ‬ ‫ولكن ش ‪َ .‬‬
‫‪.‬رب ال‪.‬ذي يف ب‪.‬اب الص‪.‬غري هو‬ ‫ِِ‬
‫سفيان م‪.‬دفو ٌن قْبلي حائط ج‪.‬امع دمشق (األ َُم‪.‬وي)‪ ،‬وأن الق َ‬

‫‪ 52‬وقد قال اإلمام أمحد‪ :‬يُروى احلديث عن النيب صلى اهلل عليه وسلم قال‪ :‬إن اهلل مين على أهل‬
‫دينه يف رأس كل مائة سنة برجل من أهل بييت يبني هلم أمر دينهم"‪ ،‬وإين نظرن يف سنة مائة‪ ،‬فإذا‬
‫رجل من آل رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ :‬عمر بن عبد العزيز‪( ..‬حلية األولياء ‪)98-9/97‬‬
‫فجعل عمر ‪ -‬وهو من بين أمية ‪ -‬من آل النيب صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬ومعاوية أقرب منه نسبا‪،‬‬
‫فضال عن الصهر‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫حلفي‪.. . . .‬ده اخلليفة األم‪.. . . .‬وي الث‪.. . . .‬الث‪ :‬معاوية بن يزيد بن معاوية رمحه اهلل‪ ،‬وه‪.. . .‬ذا ذُكر يف‬
‫ترمجته أنه دفن يف الباب الصغري‪ ،‬واهلل أعلم‪.53‬‬
‫النهي الص‪..‬ريح عن الغلو يف القب‪..‬ور والبن‪..‬اء عليه‪..‬ا‪ ،‬إال‬
‫‪.‬ت حبمد اهلل ممن خيالف َ‬ ‫أق‪..‬ول‪ :‬لس‪ُ .‬‬
‫أين أُظهر مث ‪..‬اال مص ‪.َّ .‬ورا حلقد أع ‪..‬داء اإلس ‪..‬الم للص ‪..‬حابة عموم ‪..‬ا‪ ،‬وخلال املؤم ‪..‬نني معاوي‪. .‬ةَ‬
‫صور للقرب املشتهر اليوم‪:‬‬
‫خصوصا‪ ،‬فهذه ٌ‬
‫(الصور يف كتاب دار السنة‪ :‬دار احلديث النورية ص‪ 206‬و‪)207‬‬

‫بين معاوية وأهل البيت العلويين رضي اهلل عنهم جميعا‪:‬‬

‫ق ّدر اهلل حلِكمة يشاؤها االقتتال بني علي ومعاوية‪ ،‬رضي اهلل عنهما‪ ،‬وال يشك مسلم‬
‫أن عليا رضي اهلل عنه أوىل الطائفتني باحلق‪ ،‬وبعيدا عن اخلوض يف هذه اجملريات األليمة‬
‫ينبغي تقرير أن الصحابة ليسوا مبعصومني‪ .،‬وأهنم بشر يقع منهم وبينهم الغضب‬
‫واخلصومة والتأمل واالنزعاج‪ ،‬مث يقفون على الصلح واملودة‪ ،‬وال يبلغ ذلك دينهم‪ ،‬واهلل‬
‫يغفر هلم‪:‬‬

‫‪53‬‬
‫انظر لالس ‪..‬تزادة‪ :‬ثق ‪..‬ات ابن حب ‪..‬ان (‪ )2/306‬واملنتظم البن اجلوزي (‪ )5/71‬والروض ‪..‬تني أليب‬
‫ش ‪.. . . .‬امة (‪ )1/285‬وبغية الطلب البن الع ‪.. . . .‬دمي (‪ )2/829‬وجمم ‪.. . .‬وع فت ‪.. . .‬اوى ابن تيمية (‪ 4/516‬و‬
‫‪ 27/113‬و‪ 128‬و‪ 491‬و‪ )493‬وسري أعالم النبالء (‪ 3/162‬و‪ )4/73‬والبداية والنهاية (‬
‫‪- 11/459‬الرتكي) وطبقات الشافعية الكربى (‪ )5/353‬والنجوم الزاه‪.‬رة (‪ )3/47‬وم‪.‬آثر اإلنافة‬
‫(‪ )1/122‬وال‪.. . .‬دارس (‪ )1/613‬واإلش‪.. . .‬ارات إىل أم ‪.. .‬اكن الزي ‪.. .‬ارات البن احلوراين (ص‪ )46‬وجملة‬
‫اجملمع العلمي بدمشق (‪ 15/466‬و‪ 19/282‬و‪ 565‬و‪ 20/283‬و‪ )22/282‬ومش‪.. . . . . . . . . . . . . . . . .‬يدات‬
‫دمشق ذات األض‪.. . . . .‬رحة (ص‪ )209‬ودار احلديث النورية أليب ال َف ‪.َ . . .‬رج اخلطيب باعتن‪.. . . . .‬اء وتتميم ابنه‬
‫حممد جمري (‪ 203‬و‪ 206‬و‪ )207‬ومنه استفدت الصور‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫فهذان خري األمة أبوبكر وعمر وقع بينهما اخلصام‪ ،‬كما يف صحيح البخاري (‪)4845‬‬
‫من قصة وفد متيم‪ ،‬وهو سبب نزول قوله تعاىل (يا أيها الذين آمنوا ال ترفعوا أصواتكم‬
‫فوق صوت النيب)‬
‫وقد اختصم علي وعمه العباس يف قصة فدك إىل عمر‪ ،‬ووقع بينهما كالم أمامه‪ .،‬كما‬
‫يف صحيح البخاري (‪)4033‬‬
‫بل قد حصل ذلك ملن هو خري منهم‪ ،‬فقد تأمل موسى وانزعج من أخيه هارون‪ ،‬وأخذ‬
‫بلحيته جيره إليه‪ ،‬كما جاء يف القرآن الكرمي‪.‬‬
‫وتأمل نبيُّنا حممد صلى اهلل عليه وسلم البنته فاطمة وغضب هلا ملا بلغه أن عليا رضي اهلل‬
‫عنه عزم على الزواج بابنة أيب جهل‪.‬‬
‫فكل ذلك مل يُنقص رتبتهم‪ ،‬وما ثنانا عن حبهم وتوقريهم‪ ،‬غري غالني فيهم‪ ،‬وال جمافني‬
‫‪54‬‬
‫عنهم‪.‬‬
‫قال األعمش الكويف عن شيعة بلده‪َ :‬ح َّدثْناهم بغضب أصحاب حممد صلى اهلل عليه‬
‫وسلم فاخَّت ذوه ديناً!‬
‫رواه الفسوي يف املعرفة (‪ )2/765‬ومن طريقه ابن عساكر (‪ )32/93‬وسنده‬
‫صحيح‪.‬‬

‫الز ْهرا ضمن كالم بديع يف نقض النص الذي تزعمه الشيعة يف‬ ‫وقال الذهيب يف املقدمة َّ‬
‫علي أقام احلَ َسن‪ ،‬مث أَْقبَ َل يف َك َ‬
‫تائب‬ ‫اإلمام ّ‬‫"فلما استُشهد ُ‬ ‫اإلمامة (ص‪ّ :)113-112‬‬
‫عنان ميوتو َن مل ْوتِِه‪ ،‬فما الَّذي َج َعلَه يف ثَِق ٍة ِم ْن تسلي ِم األ َْم ِر‬
‫ألف ٍ‬‫ِمثل اجلِبال‪ ،‬ومعه ِمائةُ ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الع ْهد النَّبَوي إليه وإىل أبيه؟! مث يُواف ُقهُ على‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إىل ُمعاوية؛ وإعانَته على الضَّالل وإبطال َ‬
‫ض يَوماً بيعةَ ُمعاويةَ أبداً‪.‬‬ ‫َّهيد ويَ ْس ُكت!! فما َن َق َ‬
‫ذلك أخوه احلُسني الش ُ‬

‫الز ْهرا للذهيب (ص‪)103-98‬‬


‫‪ 54‬انظر املقدمة‪َّ .‬‬

‫‪87‬‬
‫ب‪،‬‬ ‫عود عن احلر ِ‬ ‫فلما مات معاويةُ قام احلسني‪ ،‬وسار يطلُب اإلمار َة‪ ،‬وخيرج من ال ُق ِ‬
‫َْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ َ‬
‫باي َعتَهُ ملعاويةَ سائغةً ل َف َع َل معه كما‬ ‫فقاتَ َل حىَّت استُ ْش ِه َد رضي اهلل عنه‪ ،‬فلوال أنَّه َرأَى ُم َ‬
‫َف َع َل مع يَزيد!‬
‫كرهَنْي ‪.،‬‬ ‫ني َسلَّما األ َْمر إىل ُمعاويةَ َ ِ‬ ‫السْبطَ ِ‬ ‫ف‪َّ ،‬‬ ‫هذا ال مُي اري فيه مْن ِ‬
‫غري ُم َ‬
‫طائعنْي َ‬ ‫َ‬ ‫فإن ِّ‬ ‫صٌ‬ ‫ُ‬
‫َصلَ َح اهلل تعاىل بني األ َُّم ِة‬ ‫باح‪ ،‬وأ ْ‬‫فدل ذلك على أهنما َف َعال املُ َ‬
‫ب‪َّ َ ،‬‬‫ش جَلِ ٍ‬‫وجْي ٍ‬ ‫ٍ‬
‫وع ْن َمَن َعة َ‬ ‫َ‬
‫بايعة امل ْف ِ‬
‫ضول‬ ‫الدمْه اء‪ ،‬وا ْنع َق َد اإلمجاع على م ِ‬ ‫ت َّ‬ ‫بالسيِّ ِد احلس ِن‪ِ ،‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫وس َكنَ ْ‬
‫َ‬ ‫ت الدِّماء‪،‬‬ ‫وحقنَ ْ‬‫ُ‬ ‫َّ َ َ‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫الس ِ‬ ‫ِ‬
‫ض ِل األَ ْك َمل‪ ،‬وهلل احلَ ْم ُد‪.‬‬
‫ياسة مع ُوجود األَفْ َ‬ ‫الكام ِل ِّ َ‬
‫ِ‬ ‫ت ‪ -‬ونَواصي العر ِ‬ ‫طان يف ذلك الوقْ ِ‬ ‫السب ِ‬
‫ك أ ْن‬‫ب يف يَد احلَ َس ِن ‪ -‬أل َْو َش َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ولو ْامَتنَ َع ِّ ْ‬
‫أهل الشام"‪.‬‬ ‫ُّصَرةُ على ِ‬ ‫يكو َن هلما الن ْ‬
‫وحنتج على الشيعة مبا يثبت عندهم‪ ،‬وهو قول علي رضي اهلل عنه يف كتاب هنج البالغة‬ ‫ُّ‬
‫الذي يصححونه وحيتجون به‪ ،‬فيقول (‪ )543‬عن معركة ِصفِّني‪" :‬وكان بدء أمرنا أنا‬
‫التقينا والقوم من أهل الشام‪ ،‬والظاهر أن ربنا واحد‪ ،‬ودعوتنا يف اإلسالم واحدة‪ ،‬وال‬
‫نستزيدهم يف اإلميان باهلل والتصديق برسوله وال يستزيدوننا‪ ،‬واألمر واحد‪ ،‬إال ما‬
‫اختلفنا فيه من دم عثمان‪ ،‬وحنن منه براء"‪.‬‬
‫وهذه املسألة إمنا يثريها الرافضة ومن تأثر هبم‪ ،‬ليست القضية عندهم مسألة أحقية‬
‫معاوية أو أخذه البيعة ليزيد من بعده‪ ،‬بل عندهم مسألة خالفة الثالثة من قبل‪ ،‬وإمنا‬
‫مسألة معاوية وبين أمية كلها ألجل إثارة العوام واجلهلة فقط وإيقاع الفتنة وإحياء‬
‫اخلالفات‪ ،‬ولألكمة ما وراءها‪.‬‬
‫قال ابن تيمية يف منهاج السنة (‪" :)4/394‬اتفق أهل السنة على أنه ال تفسق واحدة‬
‫من الطائفتني‪ ،‬وإن قالوا يف إحدامها إهنم كانوا بغاة‪ ،‬ألهنم كانوا متأولني جمتهدين‪،‬‬
‫واجملتهد املخطىء ال يكفر وال يفسق؛ وإن تعمد البغي‪ ،‬فهو ذنب من الذنوب‪،‬‬
‫والذنوب يرفع عقاهبا بأسباب متعددة‪ :‬كالتوبة‪ ،‬واحلسنات املاحية‪ ،‬واملصائب املكفرة‪،‬‬
‫وشفاعة النيب صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬ودعاء املؤمنني‪ ،‬وغري ذلك"‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫وقد نص مجاعة‪ ،‬منهم ابن حزم يف الفصل (‪ )3/6‬والذهيب يف جزئه "املقدمة الزهرا يف‬
‫إيضاح اإلمامة الكربى" (ص‪ )84‬أن احلق مع علي‪ ،‬وأن معاوية خمطئ مأجور جمتهد‪.‬‬
‫وقال عمار رضي اهلل عنه (كما يف مسلم ‪ )4/2143‬ملا سئل‪ :‬أرأيتم صنيعكم مع علي‬
‫أرأيا رأيتموه أو شيئا عهده إليكم رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم؟ فقال‪ :‬ما عهد إلينا‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم بشيء‬
‫ولذلك فقد اعتزل عامة الصحابة القتال‪ ،‬وعلى رأسهم سعد بن أيب وقاص (وهو من‬
‫العشرة املبشرين)‪ ،‬وأسامة بن زيد‪ ،‬وعبد اهلل بن عمر‪ ،‬وحممد بن مسلمة‪.‬‬
‫وصح عن سعد بن أيب وقاص رضي اهلل عنه أنه قيل له‪ :‬أال تقاتل! فإنك من أهل‬
‫الشورى‪ ،‬وأنت أحق هبذا األمر من غريك؟ فقال‪ :‬ال أقاتل حىت تأتوين بسيف له عينان‬
‫ولسان وشفتان‪ ،‬يعرف املؤمن من الكافر‪ ،‬فقد جاهدت وأنا أعرف اجلهاد‪.‬‬
‫(رواه أبونعيم يف معرفة الصحابة ‪ 1/135‬وخيرج) وانظر تاريخ بغداد ‪ 6/44‬وابن‬
‫عساكر ‪59/141‬‬
‫وقد صح عن عامل التابعني‪ 55‬ابن شهاب الزهري أن األمر كان فتنة مشتبهة‪ ،‬وأن‬
‫قصاص وال‬
‫ٌ‬ ‫الصحابة وفيهم من شهد بدرا رأوا أن يَهدروا أمر الفتنة‪ ،‬وال يقام ح ٌد وال‬
‫بتأويل فيها‪( .‬سنن سعيد بن منصور ‪ 2/368‬ومصنف عبد الرزاق)‬ ‫حل ٍ‬‫مال استُ َّ‬
‫ٌ‬
‫وقال ابن تيمية يف املنهاج (‪" :)410-4/409‬إن الفنت إمنا يُعرف ما فيها من الشر إذا‬
‫أدبرت‪ ،‬فأما إذا أقبلت فإهنا تزين‪ ،‬ويظن أن فيها خريا‪ .،"..‬إىل أن قال‪" :‬والذين دخلوا‬
‫يف الفتنة من الطائفتني مل يعرفوا ما يف القتال من الشر‪ ،‬وال عرفوا مرارة الفتنة حىت‬
‫وقعت‪ ،‬وصارت عربة هلم ولغريهم"‪.‬‬

‫ابن‬
‫وأعلمهم حبديث رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ُ :‬‬
‫وأعلمهم يف زمانه؛ ُ‬
‫"أفقههم ُ‬
‫قال الشافعي‪ُ :‬‬
‫‪55‬‬

‫شهاب الزهري"‪( .‬األم ‪)7/321‬‬

‫‪89‬‬
‫‪ -‬وثبت عن علي بن أبي طالب رضي اهلل عنه أنه قال‪َ :‬‬
‫قتالي وقتلى معاوية يف‬
‫اجلنّة‪.56‬‬

‫‪ -‬وروى ابن أيب شيبة (‪ )15/297‬وابن عساكر (‪ )1/346‬وابن العدمي (‪)1/303‬‬


‫يف تارخييهما بسند صحيح عن عبد اهلل بن عروة قال‪ :‬أخربين َمن شهد ص ّفني‪ .،‬قال‪:‬‬
‫رأيت عليا خرج يف تلك الليايل؛ فنظَر إىل أهل الشام‪ ،‬فقال‪" :‬اللهم ِ‬
‫اغف ْر يل وهلم"‪.‬‬ ‫َ َ‬ ‫ُ ّ ََ َ‬
‫‪ -‬وروى معمر يف اجلامع (‪ )11/56‬وعنه عبد الرزاق (‪ )5/451‬بسند صحيح عن‬
‫رجل لعلي‪ :‬أخربين عن قريش‪ ،‬قال‪ :‬أرزنُنا أحالما إخوتُنا‬
‫حممد بن سريين قال‪ :‬قال ٌ‬
‫بنو أُميّة‪.‬‬
‫لعلي‪ :‬حدثين عن قريش‪،‬‬
‫وروى معمر يف اجلامع (‪ )11/57‬عن قتادة‪ ،‬قال‪ :‬قال رجل ّ‬
‫ذادة‪.‬‬
‫قال‪ :‬أما حنن قريش فأجناد أجماد أجواد‪ ،‬وأما بنو أمية فقادةٌ َأدبَة َ‬
‫وقال احلارث عن علي‪ :‬ال تكرهوا إمرة معاوية‪ ،‬فلو قد فقدمتوه لرأيتم الرؤوس تندر‬
‫على كواهلها كأهنا احلنظل‪( .‬ابن أيب شيبة ‪ 15/293‬والبالذري ‪ 4/61‬والسنة‬
‫لعبداهلل بن أمحد ‪ 2/550‬ومعجم البغوي ‪ 5/372‬والاللكائي ‪ 8/1452‬وابن‬
‫عساكر ‪ 59/151‬ابن سعد ‪ 1/120‬السلومي‪ ،‬وابن أيب الدنيا يف حلم معاوية ‪5‬‬
‫واحلاكم وغريهم)‪ ،‬والشيعة ومن تأثر هبم يوثقون احلارث!‬

‫‪ 56‬رواه ابن أيب شيبة (‪ )15/303‬عن عمر بن أيوب املوصلي‪ ،‬عن جعفر بن بُرقان‪ ،‬عن يزيد بن‬
‫األصم‪ ،‬عن علي‪ ،‬وسنده صحيح‪ ،‬وله طريقان آخران عن جعفر بنحوه عند الطرباين (‪)19/307‬‬
‫وابن عساكر (‪)59/139‬‬

‫‪90‬‬
‫روى ابن سعد (‪ 1/121‬السلومي) من طريق موسى بن قيس احلضرمي‪ .،‬عن قيس بن‬
‫رمانة‪ ،‬عن أيب بردة قال‪ :‬قال معاوية رضي اهلل عنه‪" :‬إن كان يقاتل على األمر‪ ،‬إال من‬
‫أجل دم عثمان"‪.‬‬

‫وروى أبوزرعة يف تارخيه‪ ،‬وابن عساكر (‪ )1/343‬بسند صحيح عن جعفر بن حممد‬


‫بن علي بن احلسني‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬قال‪ :‬ذُكر عند علي يوم صفني ‪-‬أو يوم اجلمل‪ -‬فذكرنا‬
‫الكفر‪ ،‬قال‪ :‬ال تقولوا ذلك‪ ،‬وزعموا أنا بغينا عليهم‪ ،‬وزعمنا أهنم بغوا علينا‪ ،‬فقاتلناهم‬
‫على ذلك‪.‬‬

‫‪ -‬وملا جاء معاوية نعي علي قال‪ :‬إنا هلل وإنا إليه راجعون‪ ،‬ماذا فقدوا من العلم واخلري‬
‫والفضل والفقه! قالت امرأته‪ :‬باألمس تطعن يف عينيه‪ ،‬وتسرتجع اليوم عليه؟ قال‪:‬‬
‫ويلك‪ ،‬ال تدرين ما فقدنا من علمه وفضله وسوابقه‪.‬‬
‫رواه ابن أيب الدنيا يف مقتل علي (‪ )106‬ويف حلم معاوية (‪ )19‬والسقطي يف فضائل‬
‫معاوية (‪ )29‬وابن عساكر (‪ )59/142‬من طريق جرير بن عبد احلميد‪ ،‬عن مغرية بن‬
‫ِم ْق َسم‪ ،‬وسنده صحيح إليه‪ ،‬وهو يروي عن مجع من ثقات أصحاب معاوية وعلي‬
‫رضي اهلل عنهما‪.‬‬

‫استفتاء معاوية لعلي‪ :‬األم للشافعي ‪ 6/30‬و‪ 137‬وعبد الرزاق ‪ 9/433‬وابن أيب‬
‫شيبة ‪ 9/402‬وسعيد بن منصور (‪ )1/40‬والغريب للخطايب (‪ )2/199‬وحلم‬
‫‪57‬‬
‫معاوية (‪ )37‬والكالباذي يف حبر الفوائد (‪ 1/466‬رسالة دكتوراة)‬
‫ابن عساكر (‪)42/415‬‬
‫‪ 57‬علّق الكالباذي قائال‪" :‬هذا إىل كثري من األخبار اليت تدل على أن منازعتَهم اخلالفة وجماذبتَهم‬
‫فدل قولُه صلى اهلل عليه وسلم (ال تباغضوا) أي‪ :‬ال ختتلفوا يف‬ ‫يؤد هبم إىل التباغض‪َّ ،‬‬ ‫الوالية مل ِّ‬
‫والضالل عن‬
‫َ‬ ‫ِّحل واآلراء‪ ،‬وال تَباينوا يف املذاهب واألهواء فتَبا َغضوا هلا‪ ،‬ألن البدعة يف الدين‬
‫الن َ‬
‫وترك امل ِ‬
‫واالة فيه"‪.‬‬ ‫غض فيه َ‬
‫ُ‬ ‫يوجب البُ َ‬
‫ُ‬ ‫الصراط املستقيم‬

‫‪91‬‬
‫‪ -‬وصح عن عطاء بن مسلم اخلفاف الكويف أنه قال عن قتال معاوية لعلي‪" :‬وإ ْن كان‬
‫ضلَه"‪.‬‬ ‫يُقاتلُهُ فإنَّه كان َي ْع ِر ُ‬
‫ف فَ ْ‬
‫قال ابن أيب الدنيا‪ :‬أخربنا إبراهيم بن سعيد اجلوهري‪ .،‬نا عبيد بن َجنّاد‪ ،‬نا عطاء به‪،‬‬
‫وسنده جيد‪.‬‬
‫ورواه ابن عساكر (‪ )42/414‬من طريق ابن أيب الدنيا‪ ،‬وهو يف حلم معاوية له (‪20‬‬
‫منتقى)‬

‫‪ -‬قال مغرية‪ :‬أرسل احلسن بن علي وعبد اهلل بن جعفر إىل معاوية يسأالنه‪ ،‬فبعث لكل‬
‫منهما مبائة ألف‪ ،‬فبلغ عليا رضي اهلل عنه‪ ،‬فقال‪ :‬أال تستحيان! رجل نطعن يف عينه‬
‫غدوة وعشية تسأالنه املال؟ قاال‪ :‬ألنك حرمتنا وجاد لنا‪.‬‬
‫رواه ابن أيب الدنيا يف حلم معاوية (‪ )21‬ومن طريقه ابن عساكر (‪ )59/193‬بسند‬
‫صحيح عن مغرية‪.‬‬
‫وروى اآلجري (‪ )1962‬بسند صحيح عن جعفر بن حممد‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬أن عقيل بن أيب‬
‫علي رضي اهلل عنه إىل العراق ليعطيه‪ ،‬فأىب أن يُعطيَه‬
‫طالب رضي اهلل عنه جاء إىل ٍّ‬
‫فعَرف‬
‫أوصل منك! فذهب إىل معاوية رضي اهلل عنه َ‬ ‫ُ‬ ‫َذهب إىل ٍ‬
‫رجل‬ ‫شيئا‪ .‬فقال‪ :‬إذاً أ ُ‬
‫له‪.‬‬

‫وصح أن احلسن واحلسني رضي اهلل عنهما كانا يَقبالن جوائز معاوية‪.‬‬
‫‪ّ -‬‬
‫رواه ابن أيب شيبة (‪ )6/89‬واآلجري (‪ )5/2470‬والاللكائي (‪ )8/1444‬وابن‬
‫عساكر (‪ )59/194‬من طرق عن جعفر بن حممد بن علي بن احلسني‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن‬
‫احلسن واحلسني‪.‬‬
‫ورواه األصمعي (البداية والنهاية) ومن طريقه ابن عساكر (‪ )59/194‬من طريق‬
‫أخرى به‪.‬‬

‫‪92‬‬
‫‪58‬‬
‫واحتج به اإلمام أمحد‪( .‬املغين البن قدامة ‪)6/338‬‬

‫وروى أبوالقاسم الزجاجي يف أخباره (ص‪ )100-98‬عن عمر بن شبة قال‪ :‬كان‬
‫ني ببالد الروم‪ ،‬قال‪ :‬فكتب إليه‪ :‬إن هذا الطاغية [أي قيصر‬ ‫ملعاوية بن أيب سفيان َع ٌ‬
‫أستأص ُل فيه العرب‪ ،‬ألهنا قد اختلفت‪ .‬فكتب إليه‬ ‫ِ‬ ‫الروم] قال يف جملسه‪ :‬إن هذا أوان‬
‫أظه ْرتَهُ يف جملِسك ألُصاحِلَ َّن‬
‫عزمت على ما َ‬‫َ‬ ‫معاوية كتابا حيلف له فيه ويقول‪ :‬لئن‬
‫ِ‬
‫ِّمتَهُ إليك‪ ،‬فأن ِز ُل قسطنطينية اجلرامقة‪ُ ،‬‬
‫وألر َّدنَك أرلسياً كما‬ ‫صاحيب‪ ،‬وألَص َري َّن ُمقد َ‬
‫كنت تَرعى اخلنانيص‪.‬‬ ‫َ‬
‫حيلف له بالرباءة من املعمودية والدخول يف احلنيفية‪ :‬ما َه َّم هبذا‬
‫فكتب إليه ملك الروم ُ‬
‫أكثرها اليُزبون‪.‬‬
‫وال تكلم‪ ،‬وأَهدى إليه هدايا كثرية‪ُ ،‬‬
‫وذكره اخلطايب يف الغريب (‪ )2/535‬وابن كثري (‪ )11/400‬وغريمها من املؤرخني‬
‫وأصحاب اللغة مبعناه‪.‬‬

‫ستدركا من اإلصابة ‪ )1/330‬بسند صحيح إىل‬ ‫وروى يعقوب بن سفيان (‪ُ 3/317‬م َ‬
‫هالل بن خباب البصري قال‪ :‬مجع احلسن بن علي رؤوس أهل العراق يف هذا القصر‬
‫‪-‬قصر املدائن‪ ،‬فقال‪ :‬إنكم قد بايعتموين على أن تساملوا من ساملت‪ ،‬وحتاربوا من‬
‫حاربت‪ ،‬وإين قد بايعت معاوية‪ ،‬فامسعوا له وأطيعوا‪.‬‬

‫‪ -‬وروى ابن أيب الدنيا يف املنامات (‪ 124‬واللفظ له) وحممد بن مروان السعيدي يف‬
‫اجملالسة‪ ،‬ومن طريقهما ابن عساكر (‪ )50/140‬بسند رجاله ثقات‪ ،‬عن عمر بن عبد‬
‫العزيز قال‪:‬‬

‫‪ 58‬ورواه الرافضة يف كتبهم! كما يف هتذيب األحكام للطوسي (‪ )6/337‬ووسائل الشيعة للعاملي‬
‫(‪ )17/214‬وغريمها‪.‬‬

‫‪93‬‬
‫رسول اهلل [صلى اهلل عليه وسلم]؛ وأبوبكر وعمر جالسان عنده‪ ،‬فسلمت عليه‬ ‫َ‬ ‫"رأيت‬
‫ُ‬
‫ُجيف عليهما الباب؛‬
‫لي ومعاويةَ‪ ،‬فأُدخال بيتاً وأ َ‬
‫وجلست‪ ،‬فبَينا أنا جالس إ ْذ أُيتَ َبع ٍّ‬
‫ورب الكعبة!‬ ‫وأنا أنظر إليهما‪ ،‬فما كان بأسرع أن خرج علي وهو يقول‪ :‬قُ ِ‬
‫ض َي يل ِّ‬ ‫ََ َ ٌ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ورب الكعبة"‪.‬‬
‫بأسرع أن خرج معاويةُ على إثره وهو يقول‪ :‬غُفر يل ِّ‬ ‫َ‬ ‫وما كان‬

‫وروى سعيد بن منصور (‪ )2/369‬وابن أيب شيبة (‪ )7/547‬ويعقوب بن سفيان يف‬


‫املعرفة‪ ،‬وأبوالعرب التميمي يف احملن (‪ )103‬والسراج يف تارخيه‪ ،‬وإبراهيم بن ديزيل يف‬
‫كتاب صفني‪ ،‬وأبونعيم يف احللية (‪ 4/143‬و‪ )9/62‬واليهقي (‪ )8/174‬وابن‬
‫عساكر (‪ 15/346‬و‪ )17/396‬بسند صحيح عن أيب وائل شقيق‪ ،‬قال‪ :‬رأيت أبا‬
‫ميسرة عمرو بن شرحبيل‪ ،‬ومل أر مهدانيا كان أفضل منه‪ .‬قلت [أي عمرو بن مرة]‪.:‬‬
‫َعرف من‬
‫كنت أ ُ‬ ‫وال مسروق؟ قال‪ :‬وال مسروق‪ .‬قال‪ :‬اهتَممت بأمر ِ ِ‬
‫أهل صفِّني؛ وما ُ‬ ‫َْ ُ‬
‫ِ‬
‫َس ُك ُن إليه‪ ،‬فأُ ِر ُ‬
‫يت يف َمنامي‬ ‫فسألت اهلل أن يُريَين من أ َْم ِرهم أ َْمراً أ ْ‬
‫ُ‬ ‫الفضل ىف الفريقني‪،‬‬
‫أهل ِصفِّني‪ ،‬فإذا أنا بأصحاب علي يف روضة خضراء ٍ‬
‫وماء جا ٍر‪ ،‬فقلت‪:‬‬ ‫ت إىل ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ٍّ َ‬ ‫َ‬ ‫أيّن ُرف ْع ُ‬
‫بعضكم بعضاً؟ قالوا‪ :‬إنا وجدنا ربَّنا رؤوفا‬ ‫سبحان اهلل! كيف مبا أرى وقد قَتل ُ‬
‫أمامك!‬
‫أصحاب ُمعاوية؟ قالوا‪َ :‬‬ ‫َ‬ ‫رحيما‪ .‬قلت‪ :‬فما فعل ذو الكالع وحوشب ‪-‬يعىن‬
‫وماء جار‪ ،‬فقلت‪ :‬سبحان‬ ‫فإذا سهم كاحلناحز‪ ،‬فهبطت على القوم ىف روضة خضراء ٍ‬
‫ُ‬ ‫َْ ٌ‬
‫بعضكم بعضا! قالوا‪ :‬إنا وجدنا ربَّنا رؤوفا رحيما‪.‬‬ ‫اهلل! كيف مبا أرى وقد قتل ُ‬
‫رووه مطوال وخمتصرا‪ ،‬وهذا سياق سعيد بن منصور‪.59‬‬

‫وقال أبوحنيفة الدينوري يف األخبار الطوال (‪" :)225‬قالوا‪ :‬ومل ير احلسن وال احلسني‬
‫طول حياة معاوية منه سوءا يف أنفسهما وال مكروها‪ ،‬وال قطع عنهما شيئا مما كان‬
‫َشَرط هلما‪ ،‬وال تغرَّي هلما عن بِّر"‪.‬‬

‫‪ 59‬ورواه ابن الفرضي يف األلقاب (‪ 2/242‬منتخبه) بسنده إىل أيب ميسرة‪.‬‬

‫‪94‬‬
‫ومن عالقات األ َُمويين والهاشميين‪:‬‬

‫ابن حزم رمحه اهلل يف رسالته نقط العروس (‪ 2/107‬ضمن مجهرة رسائله) بابا‬ ‫عقد ُ‬
‫فيمن تزوج ِمن بين هاشم يف بين أ َُميَّة‪ ،‬ومن ذلك أن احلسن بن علي تزوج عائشة بنت‬
‫زوجهما معاوية‪ ،‬وأصدق عن احلسن عشرة آالف‬ ‫عثمان بن عفان‪ ،‬قلت‪ :‬والذي ّ‬
‫دينار‪ ،‬وبقيت عند احلسن حىت تويف رضي اهلل عنه‪ ،‬على أنه كان مطالقا‪.‬‬
‫مث ّبوب (‪ )108‬من تزوج من بين أمية يف بين هاشم‪ :‬ومن ذلك أن اخلليفة عبد امللك‬
‫بن مروان تزوج بنت علي بن أيب طالب‪ ،‬وبنت عبد اهلل بن جعفر بن أيب طالب‪.‬‬
‫عبد اهلل بن عمرو بن عثمان بن عفان فاطمةَ بنت احلسني بن علي‪.‬‬
‫وكذا تزوج ُ‬
‫وتزوج اخلليفة يزيد بن عبد امللك امرأة من ولد عبد اهلل بن جعفر بن أيب طالب‪.‬‬
‫وتزوج عبد اهلل بن خالد بن يزيد بن معاوية بن أيب سفيان من نفيسة بنت عبد اهلل بن‬
‫العباس بن علي بن أيب طالب‪ ،‬فولدت له عليا والعباس‪.‬‬
‫وتزوج اخلليفة الوليد بن عبد امللك من زينب بنت احلسن بن احلسن بن علي‪ ،‬مث‬
‫طلقها‪ ،‬فتزوجها عمه معاوية بن مروان‪.‬‬
‫وتزوج بكار بن عبد امللك بن مروان فاطمة بنت حممد بن احلسن بن علي بن أيب‬
‫طالب‪ ،‬وربيحة بنت حممد بن عبد اهلل بن جعفر بن أيب طالب‪.‬‬

‫مث ّبوب ابن حزم (‪ )109‬من ويل من بين أمية لبين هاشم‪.‬‬
‫مث (‪ )110‬من ويل من بين هاشم لبين أمية‪.‬‬
‫مث (‪ )111‬بعض غرائب األمساء يف بين هاشم‪ ،‬مثل‪ :‬خالد بن يزيد بن معاوية بن عبد‬
‫اهلل بن جعفر بن أيب طالب‪ ،‬ويزيد بن عبد املطلب بن املغرية بن نوفل بن احلارث بن‬
‫عبد املطلب بن هاشم‪.‬‬
‫مث ّبوب ابن حزم (‪ )111‬لغرائب األمساء يف بين أمية‪ :‬مثل علي بن يزيد بن الوليد بن‬
‫عبد امللك بن مروان‪.‬‬

‫‪95‬‬
‫ومن أراد االستزادة فلرياجع املصدر‪.‬‬
‫فماذا نفهم من كثرة التصاهر والتزاوج بني الفرعني‪ ،‬وتسمية أوالد األسرة بأمساء كبار‬
‫الثانية‪ ،‬واستعمال أمراء كل فريق أعيان الفريق اآلخر؟‬

‫ُمالبَسات قتل ُح ْجر بن َعدي رحمه اهلل‪:‬‬


‫الكْندي من كبار التابعني على الصحيح‪ ،‬وقيل‪ :‬إنه صحايب‪ ،60‬وكان‬ ‫حجر بن عدي ِ‬
‫َ‬ ‫ُْ‬
‫من السادة العُبّاد الصاحلني‪ ،‬وهو أحد أمراء علي بن أيب طالب رضي اهلل عنه يوم‬
‫لحه مع معاوية‪ ،‬مث بايع ملعاوية‪ ،‬وبقي‬‫ِصفِّني‪ .،‬مث بايع للحسن‪ ،‬وكان من املعارضني لص ِ‬
‫ُ‬
‫يف طاعته عشر سنوات‪.‬‬
‫وروي عنه أنه كان يفعل‬ ‫وكان شديدا يف اإلنكار على الوالة عالنية‪ ،‬قوال وفعال‪ُ ،‬‬
‫ذلك مع املغرية بن ُشعبة‪ ،‬الذي كان حيلُ ُم ويَسكت عنه‪ ،61‬مث تويف املغرية‪ ،‬وتوىل‬
‫بعده زياد (وقد كان مثل ُحجر من أمراء علي)‪ ،‬وبقي ُح ْجر على طريقته‪،‬‬ ‫الكوفة َ‬
‫فحذره زياد‪ ،‬فلم يتغرَّي الوضع‪ ،‬واجتمع بعض الشيعة على ُحجر‪ ،‬فتكلَّم زياد يوما على‬ ‫َّ‬
‫صبه‪،‬‬
‫فح َ‬
‫املنرب فقال‪ :‬إن من حق أمري املؤمنني كذا‪ ،‬مرارا‪ ،‬فأخذ ُحجر ك ّفاً من َحصا‪َ ،‬‬
‫عليك لعنةُ اهلل‪ ،‬فاحندر زياد من املنرب وصلَّى‪ ،‬مث دخل َ‬
‫داره‪،‬‬ ‫كذبت؛ َ‬‫َ‬ ‫بت‪،‬‬
‫وقال‪َ :‬ك َذ َ‬
‫واستدعى ُحجرا فأىب‪ ،‬فلم يزل به حىت قَ ِدم‪ ،‬وأرسله مقيَّدا مع مجاعة من أصحابه إىل‬

‫‪ 60‬ذكره يف التابعني‪ :‬حيىي بن معني‪ ،‬والبخاري‪ ،‬وأبوحامت‪ ،‬وخليفة بن خياط‪ ،‬وابن سعد يف موضع‪،‬‬
‫وابن ِحبّان‪ ،‬والدارقطين‪ ،‬وغريهم‪ ،‬وقال أبوأمحد العسكري‪ :‬أكثر أهل احلديث ال يصححون له‬
‫صحبة‪ .‬انظر تاريخ دمشق (‪ )12/210‬والبداية والنهاية (‬ ‫صحبة‪ .‬وقال ابن اجلوزي‪ :‬مل يثبت له ُ‬
‫‪ )11/228‬واإلصابة (‪ )2/217‬واإلنابة ملغلطاي (‪)1/155‬‬
‫‪ 61‬وكانت سياسة املغرية رضي اهلل عنه مع أهل الكوفة العفو واملساحمة‪ ،‬كما قال جرير البجلي‬
‫رضي اهلل عنه ألهل الكوفة يوم مات املغرية‪ :‬استعفوا ألمريكم‪ ،‬فإنه كان حيب العفو‪( .‬البخاري‬
‫رقم ‪ ،)58‬ومع ذلك فقد رمست له روايات الشيعة والضعفاء صورة قامتة!‬

‫‪96‬‬
‫معاوية‪ ،‬وأ ْتبعه زياد برسائل سبقته إىل معاوية‪ :‬إ ْن كان لك يف الكوفة حاجةً ِ‬
‫فاكفين‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫ُح ْجراً‪.‬‬
‫ب إىل معاوية حىت أَهلََفه عليه‪ ،‬فلما وصل ُحجر قال‪ :‬السالم عليك يا‬ ‫وجعل َي ْرفَ ُع ال ُكتُ َ‬
‫أمري املؤمنني‪ ،‬قال معاوية مغضبا‪َ :‬أو أمريُ املؤمنني أنا؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬ثالثا‪.‬‬
‫وجوه أصحابه يف القادمني‪ .،‬فأشار بعضهم بالقتل‪ ،‬وسكت‬ ‫َ‬ ‫وكان معاويةُ قد استشار‬
‫كمه فيهم أن قتل بعضهم؛‬‫مصرحا بطاعته ملا سيحكم به معاوية‪ ،‬مث كان ُح ُ‬ ‫بعضهم ِّ‬
‫وفيهم ُحجر‪ ،‬واستبقى بعضهم‪ ،‬ومل خيالِْفه َمن حوله‪.‬‬
‫وقال ُحجر قبل أن تُضرب عنقه‪ .:‬دعوين أصلي ركعتني‪ ،‬مث قال‪ :‬ال حتلوا قيودي‪ ،‬وال‬
‫تغسلوا عين الدم‪ ،‬فإين أجتمع أنا ومعاوية إذا على احملجة‪.‬‬
‫وكان مقتله مبرج َع ْذراء (وامسها اليوم َعدرا) قُرب دمشق سنة إحدى ومخسني‪.‬‬

‫وقفت عليه من جهة اإلسناد‪ ،62‬وما أقل الروايات الصحيحة يف حادثة‬ ‫هذا أصح ما ُ‬
‫مقتله‪ ،‬وقد اختلفت الروايات يف قصة مقتله رمحه اهلل ومالبساهتا‪ ،‬وتزيَّد فيها الشيعة‬
‫والضعفاء كعادهتم‪ ،‬بل ُوضعت يف ذلك أحاديث!‪ 63‬والروايات القصة غالبها بالغات‬

‫‪ 62‬انظر‪ :‬مسائل أمحد برواية ابنه صاحل (‪ 751‬الوطن) والبالذري (‪ 4/242‬و‪ 247‬و‪ 261‬و‬
‫‪ )271‬وتاريخ دمشق (‪ 12/214‬و‪ 220‬و‪ )224‬ومرويات خالفة معاوية يف تاريخ الطربي (‬
‫استفدت منه كثريا‪.‬‬
‫ُ‬ ‫‪ )440-403‬وقد‬
‫وأهل السماء"! وهذا باطل‪.‬‬
‫ُناس يغضب اهلل هلم ُ‬ ‫مثل حديث‪" :‬سيُقتل بعذراء أ ُ‬
‫‪63‬‬

‫ومن القصص الباطلة‪ :‬أن معاوية عزل املغري َة بن ُشعبة بسبب ُحجر عن الكوفة‪ ،‬ووىل زيادا‪،‬‬
‫والصحيح أن املعرية بقي واليا حىت مات‪ ،‬ومل يُعزل‪.‬‬
‫وكذا أن احلسن بن علي رضي اهلل عنهما قال‪ :‬هل صلوا على ُحجر ودفنوه يف قيوده؟ قالوا‪ :‬نعم‪.‬‬
‫قال‪َ :‬ح َّجهم واهلل‪ .‬مع أن احلسن تويف قبل احلادثة باالتفاق!‬
‫علي ولعنُه! وهذا من رواية أيب خمنف‪ ،‬وال حُي تج به‪.‬‬
‫وأن ُحجرا قد عُرض عليه الرباءةُ من ٍّ‬
‫يوم طويل! وهذا ضعيف السند‪.‬‬ ‫وأن معاوية قال ملا حضرته الوفاة‪ :‬إن يومي بك يا ُحجر بن علي ٌ‬

‫‪97‬‬
‫ومراسيل‪ ،‬أما املسندات ففيها ما فيها‪ ،‬وكثري منها من طريق أيب خمنف‪ ،‬وهو شيعي‬
‫تالف‪.‬‬
‫مث أصبح الشيعة يعتمدون على ما وضعوه‪ .‬واختلقوه‪ ،‬مع املبالغة والتهويل‪ ،‬يشنعون‬
‫بذلك على معاوية رضي اهلل عنه‪ ،‬فاصلني بني األسباب والنتائج‪ ،‬وهنا وقفة مهمة‪:‬‬

‫فقد روى الطرباين يف املعجم الكبري (‪ 3/70‬رقم ‪ )2691‬عن ابن عُيينة‪ ،‬عن عُبيد اهلل‬
‫خرجت مع احلسن (يعين ابن‬ ‫ُ‬ ‫بن عبد اهلل بن األصم‪ ،‬عن عمه يزيد بن األصم‪ ،‬قال‪:‬‬
‫ِ‬
‫بارةٌ من‬
‫ض َ‬‫ت شيئا من احلِنَّاء عن أظفاره‪ ،‬فجاءتْهُ إِ ْ‬
‫علي رضي اهلل عنهما) وجاريةٌ حَتُ ُّ‬
‫فصب عليه ماءً‪ ،‬وألقى ال ُكتُب يف املاء‪ ،‬فلم‬‫ضب‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫ُكتُب‪ ،‬فقال‪ :‬يا جاريةَ هايت امل ْخ َ‬
‫فقلت‪ :‬يا أبا حممد! ممن هذه ال ُكتُب؟ قال‪ :‬من أهل‬ ‫يفتح منها شيئا‪ ،‬ومل ينظر إليه‪ُ ،‬‬
‫لست أخشاهم‬ ‫حق‪ ،‬وال يقصرون عن باطل‪ ،‬أما إين ُ‬ ‫العراق‪ ،‬من قوم ال يرجعون إىل ٍ‬
‫على نفسي‪ ،‬ولكين أخشاهم على ذلك‪ .‬وأشار إىل احلسني‪.‬‬
‫وسنده جيد على شرط مسلم‪ ،64‬وقال اهليثمي يف اجملمع (‪ :)6/243‬ورجاله رجال‬
‫الصحيح‪ ،‬غري عبد اهلل بن احلكم بن أيب زياد‪ ،‬وهو ثقة‪.‬‬

‫ومن هذا اخلرب يتبنَّي أن الشيعة كانوا يَ ْس َعو َن للفتنة‪ ،‬ويَُزيِّنو َن اخلروج للحسن رضي اهلل‬
‫وخياف منهم على أخيه احلُسني‪ ،‬وقد‬
‫ُ‬ ‫عنه‪ ،‬وأنه كان يعلم منهم ذلك‪ ،‬وحَيْ َذ ُرهم‪،‬‬

‫وأن احلسن البصري كان يذم معاوية بسبب ُحجر‪ ،‬وهو بسند شديد الضعف‪.‬‬
‫ئن من اختالقات الشيعة‪ ،‬وتزويرهم للحقائق‪.‬‬
‫وغري ذلك‪ ،‬وإن التاريخ لَيَ ُّ‬
‫وانظر للفائدة‪ :‬سلسلة األحاديث الضعيفة‪)6324( .‬‬
‫‪ 64‬وعُبيد اهلل ذكره ابن حبان وابن خلفون‪ .‬يف الثقات‪ ،‬وروى عنه سفيان بن عيينة‪ ،‬ومروان بن‬
‫معاوية الفزاري‪ ،‬وعبد الواحد بن زياد‪ ،‬وإمساعيل بن زكريا‪ ،‬وعبدة بن سليمان‪ ،‬وأخرج له مسلم‬
‫يف صحيحه‪ ،‬وابن خزمية‪ ،‬وابن حبان‪ ،‬واحلاكم‪ ،‬وأبوعوانة‪ ،‬وأبونعيم يف مستخرجيهما‪ ،‬فمثله ال‬
‫ينزل حديثه عن مرتبة االحتجاج‪( .‬هتذيب الكمال ‪ 19/65‬وإكمال مغلطاي ‪)9/30‬‬

‫‪98‬‬
‫َسلَموه‪ ،‬فكانوا السبب املباشر‬
‫سني‪ ،‬مث َخ َذلوه وأ ْ‬
‫حصل ما كان خَي شاه‪ ،‬فأخرجوا احلُ َ‬
‫ِ‬
‫الستشهاده رضي اهلل عنه‪.‬‬

‫ت من إخراج احلَ َسن‬ ‫ِ‬


‫كذلك كان األمر مع ُح ْجر رمحه اهلل‪ ،‬فقد كانت الشيعة قد يَئ َس ْ‬
‫حوده كفيال َبر ْدع هؤالء املرتبصني للخروج‪ ،‬فلما مات‬‫رضي اهلل عنه‪ ،‬وكان ُو ُ‬
‫ُ‬
‫وأحق الناس بإنكار‬
‫شيخنا‪ُّ ،‬‬ ‫اجتمعوا على ُح ْجر‪ ،‬وصاروا حُيَِّرضونَه‪ ،‬وقالوا له‪ :‬أنت ُ‬
‫هذا األمر‪.‬‬

‫يؤك ُد دور أولئك الشيعة يف التحريض‪ ،‬وأهنم ما أرادوا بذلك إال اخلروج على‬ ‫ومما ِّ‬
‫اجلماعة وقِتاهِل م‪ :‬ما رواه عبد اهلل بن أمحد‪ ،‬ومن طريقه ابن عساكر (‪ )12/220‬وابن‬
‫العدمي (‪ )5/2124‬بسند ُمقا ِرب ال بأس به عن إمساعيل بن عياش أنه سأل شرحبيل‬
‫بن ُمسلم عن أصحاب ُحجر‪ :‬ما كان شأهُن م؟ قال‪َ :‬و َج ُدوا كتابا هلم إىل أيب بالل‪ :‬إن‬
‫حممداً وأصحابَه قاتَلوا على التنزيل‪ ،‬فقاتِلوهم أنتم على التأويل‪.‬‬
‫َّ‬
‫قلت‪ :‬وأبوبالل هو مرداس بن أدية‪ ،‬من كبار رؤوس اخلوارج‪.‬‬

‫مع أن معاوية يف النهاية ال يعدم أن يكون قد أصاب يف اجتهاده‪ ،‬فيكون له أجران‪ ،‬أو‬
‫اجتهد فأخطأ فله أجر واحد‪ ،‬ويكون خطؤه رضي اهلل عنه مغمورا يف حبر حسناته‪.‬‬

‫أخالق معاوية" رضي اهلل عنه‪:‬‬


‫وبقي معاويةُ‬ ‫عمر معاويةَ مكا َن أخيه يزيد بن أيب سفيان‪َ ،‬‬ ‫"استعمل ُ‬
‫َ‬ ‫قال ابن تيمية‪:‬‬
‫سريتُه فيهم‪ ،‬وتُواليه وحُتِ بُّه ملا‬
‫شكر َ‬
‫على ِواليتِه متام ِخالفتِه‪ ،‬وعمر ِ‬
‫ورعيّتُه تَش ُكُره‪ ،‬وتَ ُ‬
‫ُ َ‬ ‫َ َ‬
‫رأوا من ِحلمه وعدله‪ ،‬حىت إنه مل يَشكه منهم ُمشتَك‪ ،‬وال تَظَلَّ َمهُ منهم ُمتظلِّم"‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫(جمموع الفتاوى ‪)458-4/457‬‬

‫‪99‬‬
‫وقال الذهيب يف املقدمة الزهرا يف إيضاح اإلمامة الكربى (ص‪" :)106‬كان خليقا‬
‫لإلمارة‪ ،‬شريفا‪ ،‬مهيبا‪ ،‬شجاعا‪ ،‬حليما‪ ،‬جوادا‪ ،‬كثري احملاسن‪ ،‬على هنات له‪ ،‬فاهلل‬
‫يساحمه ويعفو عنه‪ ،‬فهو أول امللوك‪ ،‬ومن أكربهم وأحزمهم"‪.‬‬
‫وقال أيضا (تذهيب التهذيب ‪" :)9/34‬هو أول ملوك اإلسالم‪ ،‬وكان حليما كرميا‬
‫سائسا عاقال كامل السؤدد ذا دهاء ومكر‪ ،‬كأمنا خلق للملك"‪..‬‬
‫وقال ابن كثري يف البداية والنهاية (‪ 11/397‬الرتكي)‪" :‬كان حليما وقورا رئيسا سيّدا‬
‫يف الناس‪ ،‬كرميا عادال شهما"‪.‬‬

‫وكان رضي اهلل عنه جوادا‪ ،‬ويعرف قدر كرباء الصحابة‪:‬‬

‫وروي عنه أنه قضى عن عائشة رضي اهلل عنه مثانية عشر ألف دينار (الفسوي يف‬ ‫ُ‬
‫املعرفة ‪ 2/410‬وابن عساكر ‪ 59/191‬بسند صحيح)‪ ،‬وبعث معاوية مرة إليها مبائة‬
‫ألف (ابن أيب شيبة ‪ 6/90‬ابن أيب عاصم ‪ 1/376‬واملستدرك ‪ 4/13‬احللية ‪2/47‬‬
‫املستجاد من فعالت األجواد ‪ 37‬ابن عساكر ‪ ،)59/192‬وأنه أرسل هلا هدية فقبلتها‬
‫(ابن أيب شيبة ‪ ،)6/90‬وانظر احللية (‪ ،)2/48‬ودخل احلسن بن علي على معاوية‪،‬‬
‫فقال معاوية‪ :‬ألجيزنّك جبائزة مل جُي زها أحد كان قبلي‪ ،‬فأعطاه أربع مائة ألف (ويف‬
‫بعض املصادر أربعمائة ألف ألف‪ ،‬ولعله تكرر سهوا)‪ ،‬ومما أقطع احلسن بن علي عني‬
‫صيد (فتوح البلدان للبالذري ص‪ ،)366‬وأعطى ابن عباس مرة ألف ألف من بني‬
‫َعروض وعني‪ ،‬وقال له‪ :‬اقسمه على أهلك‪( .‬انظرها يف اآلحاد واملثاين ‪ 1/374‬و‬
‫‪ 376‬وأنساب األشراف للبالذري ‪ 2/399‬واألوائل أليب عروبة ‪ 168‬والزيادات‬
‫على املكارم وذكر األجواد للطرباين ‪ 90‬وتاريخ ابن عساكر ‪ 59/192‬و‪197‬‬
‫ومشيخة ابن البخاري ‪ 2/1084‬والسري ‪ 3/154‬و‪)155‬‬
‫وقصة النعمان بن بشري ملا قدم إليه األنصار فقال هلم‪ :‬خذوا لسان األخطل القائل‬
‫واللؤم حتت عمائم‪( .‬اإلشراف البن أيب الدنيا ‪،)22‬‬

‫‪100‬‬
‫وروى الطرباين يف الزيادات يف املكارم وذكر األجواد (‪ :)40‬حدثنا عبد اهلل بن‬
‫وهيب‪ ،‬حدثنا حممد بن أيب السري‪ ،‬حدثنا حممد بن ضمرة‪ ،‬عن علي بن أيب مَحَلَة‪ ،‬عن‬
‫رأيت األشعث بن قيس بصفني‪ ،‬جاء فوقف على معاوية‪،‬‬ ‫أيب حفصة احلَبَشي‪ ،‬قال‪ُ :‬‬
‫فقال‪ :‬يا معاوية‪ ،‬خل بيننا وبني املاء‪ ،‬قال‪ :‬نعم يا أبا حممد‪ ،‬أال ندعو لك بشراب؟‬
‫فدعا له معاوية بشراب سويق‪[ .‬قال]‪ :‬فشرب مث انصرف‪.‬‬
‫قلت‪ :‬وهذا أعجب ما يكون بني متحاربني‪ ،‬إال أن تكون لغري الدنيا‪ ،‬وانظر هتذيب‬
‫الكمال (‪ )3/292‬نقال عن كتاب صفني لعبد اهلل بن أمحد‪ ،‬وابن عساكر‪.‬‬

‫وروى س ‪.. .‬عيد بن منص‪.. .‬ور (‪ )1/110‬بس‪.. .‬ند ص ‪.. .‬حيح أن أم املؤم‪.. .‬نني ص‪.. .‬فية بنت ح‪.. .‬يي‬
‫باعت حجرهتا من معاوية مبائة ألف‪.‬‬

‫‪ -‬وكان معاوية إذا لقي احلسن بن علي يقول‪ :‬مرحبا وأهال بابن رسول اهلل صلى اهلل‬
‫عليه وسلم‪ ،‬ويأمر له بثالث مائة ألف‪ ،‬وكان يلقى ابن الزبري فيقول‪ :‬مرحبا بابن عمة‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم وحواري رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬ويأمر له‬
‫مبائة ألف‪.‬‬
‫رواه األصمعي (البداية والنهاية) والبغوي يف املعجم (‪ )5/370‬واآلجري (‪)5/2468‬‬
‫وابن عساكر (‪ )59/194‬وسنده صحيح‪.‬‬
‫وانظر حلم معاوية البن أيب الدنيا (‪)36‬‬

‫‪ -‬ق‪.. . . .‬ال ابن معني (معرفة الرج‪.. . . .‬ال رواية ابن حُمْ‪ِ . . . .‬رز ‪ 1/141‬رقم ‪ 756‬و‪ 2/79‬رقم‬
‫‪ 177‬والت‪.. . . .‬اريخ رواية ال‪.. . . .‬دوري ‪ 3/367‬رقم ‪ :)1784‬ح‪.. . . .‬دثنا جرير ‪-‬يعين ابن عبد‬
‫احلميد الضيب‪ ،‬عن مغرية‪ .،‬قال‪ :‬هنى معاوية أن يُطْعِ َم بالكوفة إال جع‪..‬دة بن هب‪..‬رية بن أيب‬
‫وهب‪.‬‬
‫وأمه أم هانئ بنت أيب طالب‪.‬‬

‫‪101‬‬
‫علي رضي اهلل عنه خالَه‪.‬‬
‫قلت‪ :‬فيكون ٌّ‬
‫‪ -‬وروى ابن سعد ويعقوب الفسوي يف املعرفة (‪ )1/492‬بسند صحيح أن معاوية‬
‫بعث إىل ابن عمر مبائة ألف‪.‬‬

‫ولذلك قال أبوالدرداء‪ :‬ال رخاء بعد معاوية‪.‬‬


‫رواه ابن أيب عاصم يف اآلحاد واملثاين (‪ )1/382‬والطرباين يف الكبري (جممع الزوائد‬
‫‪ )9/25‬وابن عساكر (‪ )59/152‬وقال اهليثمي‪ :‬إسناده حسن‪ ،‬وهو كما قال‪.‬‬

‫ومع سخائه وجوده فقد كان متواضعا في نفسه‪ ،‬فروى ابن أيب عاصم (‪)1/380‬‬
‫وابن عساكر (‪ )59/171‬عن عبيد أيب البخرتي قال‪ :‬كنت عند معاوية فرأيته‬
‫متواضعا‪ ،‬ومل أر أسياطا غري خماريق كمخاريق الصبيان من رقاع فيفقعون هبا‪.‬‬
‫وروى ابن أيب عاصم بسند صحيح (‪ )1/379‬عن أيب محلة‪ ،‬قال‪ :‬رأيت معاوية على‬
‫املنرب وعليه قناء مرقوع‪.‬‬
‫وروى ُم َسدَّد يف مسنده (املطالب العالية ‪ 3/792‬رقم ‪ 438‬الشثري) من طريق سعد‬
‫بن إبراهيم‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬أن معاوية رضي اهلل عنه أ ََّم ُهم يف قميص‪.‬‬
‫وسنده صحيح‪.‬‬

‫وروى‪ .:‬من أحب أن يتمثل الناس له قياما (املسند ‪ 4/91‬و‪ 100‬واآلجري ‪5/2463‬‬
‫وهتذيب اآلثار ‪ 2/568‬وشعب اإلميان ‪ 14/311‬والصحيحة ‪)357‬‬
‫وروى ابن سعد (‪ 1/116‬السلومي) وابن أيب عاصم (‪ )1/377‬وابن عساكر‪ ،‬قال‪:‬‬
‫إين واهلل لست خبريكم‪ ،‬ولكين عسيت أن أكون أنكأكم يف عدكم‪ ،‬وأنفعكم لكم‬
‫بوالية‪ ،‬وأحسنكم خلقا"‪.‬‬

‫‪102‬‬
‫وأما حلمه ورحابة صدره فمضرب املثل‪ ،‬وأخباره يف ذلك كثرية جدا‪ ،‬وقد أفرد‬
‫احلافظان ابن أيب الدنيا وابن أيب عاصم تصنيفا يف حلم معاوية‪ ،‬وساق ابن عساكر يف‬
‫تارخيه (‪ )190-59/177‬الكثري من ذلك‪.‬‬
‫وروى الزبري بن بكار يف املوفقيات (‪ )336‬وابن أيب الدنيا يف حلم معاوية (‪)10‬‬
‫وحممد بن مروان السعيدي يف اجملالسة‪ ،‬ومن طريقه ابن عساكر (‪ )59/185‬واللفظ‬
‫له‪ ،‬بسند صحيح عن هشام بن عروة قال‪ :‬صلى بنا عبد اهلل بن الزبري الغداة ذات يوم‬
‫در ابن هند!‬
‫فوجم بعد الصالة وجوما مل يكن يفعله‪ ،‬مث أقبل علينا بوجهه فقال‪ :‬هلل ُّ‬
‫أما واهلل إن كنا نتخ ّدعُه فيتخادع لنا‪ ،‬وما ابن ليلة بأدهى منه‪ ،‬هلل در ابن هند! أما واهلل‬
‫إن كنا لنفرقه فيتفارق لنا‪ ،‬وما الليث احلَ ِرب بأجرأ منه‪ ،‬كان واهلل كما قال بطحاء‬
‫العذري‪:‬‬
‫هر‬ ‫ِ‬
‫كوب املنابر وثّاهُب ا *** م َع ٌّن خبطبته جُم ُ‬
‫َر ُ‬
‫اخلطل املِْه َمُر‬
‫تَ ِريع إليه فصوص الكالم *** إذا نثر ِ‬
‫ُ‬
‫كان واهلل كما قال قالت بنت رقيقة‪:‬‬
‫أال أبكيه‪ ،‬أال أبكيه *** أال كل الفىت فيه‬
‫وله طريق أخرى عنده (‪ )59/236‬وانظر البالذري (‪ )4/96‬وتاريخ أيب زرعة (‬
‫‪)1/572‬‬

‫وروى األثرم واخلالل (‪ )2/445‬عن عبد اهلل بن الزبري بن العوام يتشبّه مبعاوية يف‬
‫احللم‪.‬‬
‫وقال أمحد يف الزهد (ص‪" :)391‬حدثنا أبواملغرية‪ .،‬حدثنا هشام بن الغاز‪ ،‬حدثين‬
‫يونس اهلرم‪ ،‬عن أيب مسلم اخلوالين‪ ،‬أنه نادى معاوية رمحه اهلل ابن ايب سفيان وهو‬
‫جالس على منرب دمشق فقال يا معاوية امنا انت قرب من القبور ان جئت بشيء‬
‫كان لك شيء وان مل جتيء بشيء لك يا معاوية ال حتسنب اخلالفة مجع املال وتفرقته‬

‫‪103‬‬
‫ولكن اخلالفة العمل باحلق والقول باملعدلة واخذ الناس يف ذات اهلل يا معاوية انا ال‬
‫نبايل بكدر االهنار ما صفت لنا رأس عيننا وانك رأس عيننا يا معاوية انك ان حتف‬
‫على قبيلة من قبائل العرب يذهب حيفك بعد لك فلما قضى ابو مسلم مقالته اقبل‬
‫عليه معاوية فقال يرمحك اهلل يرمحك اهلل"‪.‬‬
‫ورواه الزبري بن بكار والاللكائي (‪ )8/1439‬واألهوازي يف شرح عقد أهل اإلميان‬
‫(اجلزء ‪ 17‬رقم ‪ )82‬وابن عساكر (‪ )59/169‬وابن اجلوزي يف املصباح املضيء (‬
‫‪)2/39‬‬

‫وساق ابن عساكر أخبارا كثرية عن كرم معاوية وجوده (‪)198-59/191‬‬

‫الخير لإلسالم وأهله‪:‬‬


‫ومن ُحبّه َ‬
‫ما رواه حممد بن الفيض الغساين يف األخبار واحلكايات (‪ )100‬ومن طريقه ابن‬
‫عساكر (‪ )67/246‬قال‪ :‬حدثنا ُدحيم‪ ،‬حدثنا حممد بن شعيب‪ ،‬أخربين أبوامل َعطَّل‬
‫ُ‬
‫يعود ُد َّرةَ يف حن ٍو من عشرة‪ ،‬فقال لنا‬
‫مر بنا ُمعاوية وحنن يف املكتب ُ‬ ‫موىل بين كالب‪َّ :‬‬
‫امل َعلِّم‪ :‬ما سلَّمتُم على أمري املؤمنني! إذا رجع فسلِّموا عليه‪.‬‬
‫ُ‬
‫أمري املؤمنني ورمحةُ اهلل وبركاتُه‪ ،‬قال‪ :‬اللهم‬
‫َ‬ ‫يا‬ ‫عليك‬ ‫السالم‬
‫ُ‬ ‫فقلنا‪:‬‬ ‫إليه‬ ‫منا‬‫ُ‬‫ق‬ ‫رجع‬ ‫فلما‬
‫بارك يف ذراري اإلسالم‪ ،‬اللهم بارك يف ذراري اإلسالم‪.‬‬
‫وسنده صحيح‪ ،‬أبواملعطل وثّقه الطرباين (مسند الشاميني ‪ 3/406‬وتاريخ ابن عساكر)‬
‫وبقية رجاله ثقات‪.‬‬

‫وقريب منه ما رواه ابن أيب الدنيا يف العيال (‪ )293‬بسند صحيح عن محاد بن ميسرة‬
‫الواسطي جار يزيد بن هارون‪ ،‬عن أيب عثمان الشامي‪ ،‬قال‪ :‬كان معاوية خَي رج علينا‬
‫وحنن يف الكتاب‪ ،‬ويقول للمعلم‪ :‬يا معلِّم‪ ،‬أَح ِسن أَدب ِ‬
‫أبناء املهاجرين‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ََ‬ ‫ْ‬

‫‪104‬‬
‫وروى ابن شبّة يف أخبار املدينة (‪ )1/27‬بسند صحيح أن معاوية بن أيب سفيان رضي‬
‫فجعل يَتتبَّع‬
‫َ‬ ‫بشعلة ِمن نا ٍر‪،‬‬
‫اهلل عنهما بزق ذات ليلة يف املسجد مث ذهب‪ ،‬مث رجع ُ‬
‫َب ْز َقتَه حىت وجدها‪ ،‬مث دفنها‪.‬‬

‫ومن إصالحاته أنه أول من بلّط املدينة املنورة باحلجارة‪ ،‬وبىن فيها مرافق وحصنا‬
‫ألهلها‪( .‬انظر أخبار املدينة البن شبة ‪ 1/16‬و‪ ،)271‬وقد أجرى عيين األزرق‬
‫والكظامة على أهل املدينة بأمره‪( .‬هبجة النفوس للمرجاين ‪ 1/323‬و‪ 376‬وقصة تثين‬
‫أجساد الشهداء‪ ،‬وممن رواها ابن قتيبة يف عيون األخبار ‪ ،)2/318‬وكان يُرسل‬
‫األطعمة إىل املدينة كما كان يُفعل أيام عمر‪( .‬فتوح البلدان للبالذري ص‪ ،)253‬وأمر‬
‫حبفر هنر َم ْع ِقل (فتوح البلدان للبالذري ص‪)439‬‬

‫ك‬
‫وروى أبوعلي القايل (‪ )1/198‬بسنده أن رجال قام إىل معاوية‪ ،‬فقال له‪ :‬سألتُ َ‬
‫بالرحم الذي بيين وبينك‪ ،‬فقال‪ِ :‬أمن قُريش أنت؟ قال‪ :‬ال‪ .‬قال‪ :‬أفمن سائر العرب؟‬
‫قال‪ :‬ال‪ .‬قال‪ :‬فأيَّة َر ِحم بيين وبينك؟ قال‪ :‬رحم آدم! قال‪ :‬رحم جم ُف َّوة‪ ،‬واهلل ألكونن‬
‫َّأو َل من وصلها‪ .‬مث قضى حاجته‪.‬‬

‫وكان يستمع للمواعظ والنصائح‪ ،‬وقد ّبوب ابن اجلوزي يف كتابه املصباح املضيء يف‬
‫خالفة املستضيء (‪ )2/38‬قائال‪" :‬سياق ما ُوعظ به معاوية بن أيب سفيان"‪ ،‬وذكر فيه‬
‫طائفة مما ُوعظ به‪ ،‬وكذا ابن عريب الصويف‪ 65‬يف حماضرة األبرار (‪)2/239‬‬

‫يحب العرب‪:‬‬
‫وكان رضي اهلل عنه ُّ‬
‫قال مجالد بن سعيد الكوفي‪ :‬رحم اهلل معاوية‪ ،‬ما كان أشد ُحبَّه للعرب‪.‬‬

‫‪ 65‬مل أنقل عنه احتجاجا به‪ ،‬ولكنه يروي بسنده من طريق كتب معروفة‪ ،‬ويستفيد منها الباحث‪.‬‬

‫‪105‬‬
‫رواه الطرباين (‪ 308-19/307‬رقم ‪ )689‬ومن طريقه ابن عساكر (‪)59/199‬‬
‫بسند جيد إىل جمالد‪ ،66‬وقال اهليثمي يف اجملمع (‪ :)9/358‬رجاله ثقات إىل جمالد‪.‬‬

‫بعض ما ُروي من أقوال معاوية‪:‬‬

‫روى الطربي (‪ )5/335‬بسند صحيح عن جويرية بن أمساء‪ ،‬قال‪ :‬قال معاوية‪" :‬إين‬
‫وجهل أكثر من ِحلمي‪ ،‬أو عورةٌ ال‬
‫ٌ‬ ‫أعظم من َعفوي‪،‬‬
‫ذنب َ‬ ‫ألرفع نفسي من أن يكون ٌ‬
‫أواريها ِ‬
‫بسرْت ي‪ ،‬أو إساءةٌ أكثر من إحساين"‪.‬‬
‫فاف"‪.‬‬
‫الع ُ‬ ‫ِ‬
‫قال‪ :‬وقال معاوية‪َ " :‬زيْ ُن الشرف َ‬
‫وانظر اجملالسة للدينوري (‪ 3/164‬رقم ‪)801‬‬

‫وروى الطربي (‪ )5/336‬بسند صحيح عن جويرية بن أمساء‪ ،‬قال‪ :‬وقال معاوية‪ :‬ما‬
‫ألذ عندي من ٍ‬
‫غيظ أجتََّرعُه‪.‬‬ ‫ِمن شيء ُّ‬
‫ورواه البالذري (‪ )4/37‬وزاد‪.. :‬أرجو بذلك وجه اهلل‪.‬‬

‫وروى الدينوري (‪ )3/186‬بسند صحيح عن ابن عيينة‪ ،‬وروى ابن اجلوزي يف ذم‬
‫اهلوى (ص‪ )25‬من طريق عبد اهلل بن الصلت‪ ،‬قاال‪ :‬سأل عمرو بن العاص معاوية بن‬
‫أيب سفيان رضي اهلل عنهما‪ :‬ما املروءة؟ قال‪ :‬ترك اللذة‪.‬‬
‫وهذا منقطع‪.‬‬

‫وروى الدينوري (‪ )5/288‬عن املدائين‪ ،‬قال‪ :‬نظر معاوية إىل ابنه وهو يضرب غالما‬
‫له‪ ،‬فقال له‪ :‬أتفسد أدبك بأدبه؟ فلم يَُر ضاربا غالما له بعد ذلك‪.‬‬
‫‪ 66‬قلت‪ :‬الراوي عن أيب أسامة عن جمالد ترمجتُه عزيزة‪ ،‬وهو أبوبكر يوسف بن حممد بن سابق‪،‬‬
‫وثَّقه ابن حبان (‪ ،)9/282‬وروى عنه مجع‪ ،‬منهم احلافظان أبوحامت الرازي والبزار‪ ،‬وذكر البيهقي‬
‫يف السنن (‪ )6/121‬أنه يوسف بن حممد العصفري‪ .‬شيخ البخاري‪ ،‬واهلل أعلم بصحة هذا‪ ،‬والرجل‬
‫ال بأس به إن شاء اهلل‪.‬‬

‫‪106‬‬
‫وروى الطربي (‪ )5/336‬بسند صحيح عن عبد اهلل بن صاحل‪ ،‬قال‪ :‬قال معاوية‪:‬‬
‫صرب‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫لي َ‬
‫ُعطي َشكر‪ ،‬وإذا ابتُ َ‬
‫العبد‪ ،‬فإذا ذُكَر ذَ َكر‪ ،‬وإذا أ َ‬
‫لم أفضل ما أُعطي ُ‬‫العقل واحل ُ‬
‫ُ‬
‫وعد أجنز‪.‬‬
‫وإذا غضب كظم‪ ،‬وإذا قَدر َغفر‪ ،‬وإذا أساءَ استغفر‪ ،‬وإذا َ‬
‫وروى الطربي (‪ )5/336‬بسند صحيح عن علي املدائين‪ ،‬قال‪ :‬قال معاوية لعبد‬
‫والتشبيب‬
‫َ‬ ‫فإياك‬
‫ت بالشعر‪َ ،‬‬ ‫هلج َ‬
‫الرمحن بن احلَ َكم بن أيب العاص‪ :‬يا ابن أخي‪ ،‬إنك قد ْ‬
‫الوقاح‪،‬‬
‫واملدح؛ فإنه طُعمة َ‬
‫َ‬ ‫وتستثري لئيما‪،‬‬
‫َ‬ ‫بالنساء‪ ،‬فتعَُّر الشريفة‪ ،‬واهلجاءَ؛ فتعَُّر كرميا‪،‬‬
‫غريك‪.‬‬
‫ؤدب به َ‬
‫نفسك‪ ،‬وتُ َ‬ ‫افتخر مبفاخر قومك‪ ،‬وقُل من األمثال ما تزين به َ‬ ‫ولكن ْ‬
‫ورواه املعاىف بن زكريا يف اجلليس الصاحل (‪ )3/147‬من طريق عمر بن شبّة‪ ،‬عن‬
‫أشياخه به حنوه‪.‬‬
‫(وانظر البالذري‪ 4/22‬و‪ 23‬واجلليس الصاحل ‪)3/147‬‬

‫وروى أبوعلي القايل يف األمايل (‪ )1/194‬بسنده إىل أيب عبيدة‪ ،‬قال‪ :‬قال معاوية‪:‬‬
‫مينع الرزق‪ ،‬واهليبةُ مقرو ٌن هبا اخلَيبة‪ ،‬والكلمةُ من احلِكمة‬
‫صةُ ُخلسة‪ ،‬واحلياءُ ُ‬
‫"ال ُف ْر َ‬
‫ضالَّةُ املؤمن"‪.‬‬

‫ومثة حديث عن عبداهلل بن بريدة عن معاوية يف حبِّه لسماع احلديث احلسن من الناس‪،‬‬
‫ولكن جاء يف إحدى طرقه ما يوجب التنبيه‪:‬‬
‫فاحلديث يرويه احلسني بن واقِد‪ ،‬ورواه عنه اثنان‪ :‬ابنه علي‪ ،‬وزيد بن احلُباب‪.‬‬
‫فرواه أبوزرعة الدمشقي يف تارخيه (‪ )2/677‬ومن طريقه ابن عساكر (‪)27/127‬‬
‫من طريق علي بن احلسني‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬حدثين عبد اهلل بن بريدة‪ ،‬قال‪" :‬دخلت مع أيب‬
‫على معاوية"‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫وقال ابن أيب شيبة (‪ :)95-11/94‬حدثنا زيد بن احلُباب‪ ،‬عن حسني بن واقد‪ ،‬قال‪:‬‬
‫السرير‪،‬‬
‫س أيب على َّ‬ ‫فأجلَ َ‬
‫حدثنا عبد اهلل بن بريدة‪ ،‬قال‪ :‬دخلت أنا وأيب على معاوية‪ْ ،‬‬

‫‪107‬‬
‫كنت أستَلِ َّذهُ وأنا‬
‫ب‪ ،‬فقال معاوية‪":‬ما شيءٌ ُ‬ ‫فش ِر َ‬
‫ٍ‬
‫بشراب َ‬ ‫وأَتَى بالطعام فأطْ َعمنا‪ ،‬وأتَى‬
‫واحلديث احلَ َس َن"‪.‬‬ ‫شاب فآخ ُذه اليوم إال اللَّ ؛ فإين آخ ُذه كما كنت آخ ُذه َقبل الي ِ‬
‫وم‪،‬‬
‫َ‬ ‫ُ ُ َْ َ‬ ‫ُ‬ ‫نَبَ‬ ‫ٌّ ُ ُ َ‬
‫ورواه أمحد عن زيد به‪ ،‬وجاءت عنده زيادة تفرد هبا‪:‬‬
‫فقال أمحد (‪ )5/347‬ومن طريقه ابن عساكر (‪ :)27/127‬ثنا زيد بن احلُباب‪،‬‬
‫دخلت أنا وأيب على معاوية‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫حدثين حسني بن واقد‪ ،‬حدثنا عبد اهلل بن بُريد َة‪ ،‬قال‪:‬‬
‫فأجلَسنا على ال ُفرش‪ ،‬مث أُتِينا بالطعام‪ ،‬فأ َك ْلنا‪ ،‬مث أُتينا بالش ِ‬
‫ب معاوية‪ ،‬مث‬ ‫فش ِر َ‬
‫َّراب‪َ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ناو َل أَيب‪.‬‬
‫َ‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم"‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫مث قال‪" :‬ما َش ِر ْبتُه من ُذ َحَّر َمه‬
‫‪67‬‬

‫استطراد من معاوية ال تعلق له مبا قبله وال بعده‪ ،‬وقال املعلق على املسند (‬ ‫ٌ‬ ‫‪ 67‬يعين امل ْس ِكر‪ ،‬وهذا‬
‫ُ‬
‫شراب‬
‫ٌ‬ ‫‪ 38/26‬الرسالة)‪" :‬ولعله قال ذلك لِما رأى من ال َكراهة واإلنكار يف وجه بُريدة‪ ،‬لظنِّه أنه‬
‫حمرم‪ ،‬واهلل أعلم"‪.‬‬
‫جتويز من قائله‪ ،‬ومل يَِر ْد يف شيء من مصادر اخلرب َن ْق ُل كراهية بريدة أو إنكاره‪ ،‬فضال‬ ‫قلت‪ :‬هذا ٌ‬
‫رده وامتناعه عما ناوله معاوية‪ ،‬ولو كان بُريدة رضي اهلل عنه يظن ذلك ملا جلس هذا اجمللس‪،‬‬ ‫عن ِّ‬
‫استفهامه على أقل تقدير‪ ،‬مث إن مما يتبادر للذهن أن الشراب هو اللنب‪ ،‬بدليل أن معاوية‬ ‫َ‬ ‫ولََن َق َل ابنُه‬
‫ض ُل عليه غريه؛ كما يف آخر اخلرب‪ ،‬واهلل تعاىل أعلم‪.‬‬ ‫يف سنّه هذه ال يُ َف ِّ‬
‫ب اخلمر!! كيف وهو ينص يف اخلرب ذاته على أنه مل‬ ‫إال أن آخر ما ميكن أن يُفهم هو أن معاوية َش ِر َ‬
‫حديث جلد الشارب‬ ‫النيب صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وروى عنه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫يشرهبا قط! وأنَّه َعل َم الن َّْه َي عنه م َن ِّ‬
‫ثالثا‪ ،‬مث قتله يف الرابعة‪ ،‬ومن شدَّته يف مسألة املسكر أنه أمر بقتل السكران إذا َقتَل‪ ،‬مع أن بعضهم‪.‬‬
‫ال يوقعه‪.‬‬
‫أوردت اخلرب ألجله‪ :‬اجلُملةُ األخرية من كالم معاوية‪ ،‬وبيا ُن إكرام معاوية إلخوانه‬ ‫ُ‬ ‫والشاهد الذي‬
‫ُ‬
‫بعض‬
‫قصدت دفع اإليهام الذي قد يثريه ُ‬ ‫ُ‬ ‫الصحابة‪ ،‬ووفادهتم عليه‪ ،‬رضي اهلل عنهم أمجعني‪ ،‬كما‬
‫بعض‬
‫وأطلت قليال يف هذا ألين رأيت َ‬ ‫ُ‪.‬‬ ‫أهل اهلوى؛ ممن تنقلب الفضائل يف خميلتهم إىل مثالب!‬
‫ف معىن اخلَرَب ‪ ،‬وحُيَ ِّملُه ما ال حيتمل‪ ،‬مما هو ومشاخيه أوىل به‪.‬‬‫حُمْ َدثي الرافضة الن َّْوكى ْحي ِر ُ‬

‫‪108‬‬
‫كنت أ َِج ُد له لَ َّذ ًة‬
‫َج َو َدهُ ثَ ْغراً‪ ،‬وما َش ْيءٌ ُ‬ ‫باب ُقَريْ ٍ‬
‫ش؛ وأ ْ‬ ‫"كنت أمجَل َش ِ‬
‫ُ َ‬ ‫مث قال معاوية‪:‬‬
‫ِ‬
‫احلديث حُيَ ِّدثُين"‪.‬‬ ‫غري اللَّنَب ِ ‪ ،‬أو إنسا ٌن َح َس ِن‬
‫شاب َ‬ ‫أجده وأنا ُّ‬ ‫كنت ُ‬ ‫كما ُ‬
‫وسنده رجاله ثقات يف الظاهر‪ ،‬إال أنه هبذا السياق معلول‪ ،‬بل هو منكر‪.‬‬
‫مرفوع من طبقة زيد بن احلُباب‪ ،‬ولو كان‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫حبديث‬ ‫إذ ليس باإلمكان أن َيَت َفَّر َد را ٍو‬
‫عمن بعد ذلك‪.‬‬ ‫أوثق الناس‪ ،‬فضال َّ‬
‫ابن أيب‬ ‫ابن احلسني بن واقد مل يرو احلديث املرفوع‪ ،‬وال رواه عن زيد‪ُ :‬‬ ‫أن َ‬‫وال سيما َّ‬
‫شيبة‪ ،‬وأغلب الظن أن زيد قد وهم فيه‪ ،‬وقد ذُكرت له أوهام‪ ،‬وكذا شيخه‪.‬‬
‫حمذوف اهللُ أعلم به‪ ،‬أما رواية ابن‬ ‫ٌ‬ ‫ومن الواضح أن سياق القصة هكذا ناقص‪ ،‬وهناك‬
‫أيب شيبة فال إشكال فيها‪.‬‬
‫مث هذه الزيادة قد استنكرها اهليثمي يف جممع الزوائد (‪)5/42‬‬

‫وقال ابن أيب الدنيا يف إصالح املال (‪ :)124‬حدثين حممد بن احلارث بن عبد اهلل عن‬
‫ض ِل ِمن‬
‫أفضل ِمن طَلَب ال َف ْ‬ ‫ٍ‬
‫"إصالح مال يف يَ َديك ُ‬
‫ُ‬ ‫شيخ من قريش قال‪ :‬معاوية يقول‪:‬‬
‫إيل من الكثري"‪.‬‬
‫أحب َّ‬
‫وحسن التدبري مع ال َكفاف ُّ‬
‫أيدي الناس‪ُ ،‬‬
‫وقال أيضا (‪ :)158‬حدثين احلسن بن صاحل حدثين يعقوب بن إسحاق احلضرمي‬
‫حدثنا سالم بن سليمان حدثنا عمرو بن عتبة قال قال معاوية‪" :‬آفة العلم النسيان و آفة‬
‫العبادة الرياء و آفة النجابة الكرب وآفة اللب العجب وآفة اإلصالح الشح وآفة السماحة‬
‫التبذير وآفة اجللد الفحش و آفة احلياء الذل و آفة احلب الضعف و آفة الظرف‬
‫اإلكثار"‪.‬‬

‫وقال أيضا (‪ :)284‬حدثنا أمحد بن إبراهيم العبدي حدثنا مؤمل بن امساعيل عن حممد‬
‫بن حرب قال‪ :‬دخل تاجر على معاوية فجعل مياكسه فقال التاجر لقد بلغين عنك غري‬

‫‪109‬‬
‫هذا قال وما بلغك قال بلغين بؤسك وكرمك قال مه إمنا ذلك عن ظهر يد فأما أربد‬
‫عن عقلي فال‪.‬‬

‫وروي عن معاوية أنه قال‪" :‬ال أضع سيفي حيث يكفيين سوطي‪ ،‬وال أضع سوطي‬ ‫ُ‬
‫حيث يكفيين لساين ولو أن بيين وبني الناس شعرة ما انقطعت قيل وكيف يا أمري‬
‫املؤمنني قال كانوا إذا مدوها خليتها وإذا خلوها مددهتا"‪.‬‬
‫انظر غريب احلديث البن قتيبة (‪)2/413‬‬

‫رأى معاوية يزيد ابنه يضرب غالما له‪ ،‬فقال‪" :‬يا يزيد‪َ ،‬سوءةٌ لك! تضرب من ال‬
‫منعْتين ال ُقدرةُ ِمن ذوي احلِنات"‪ .‬رواه اخلطايب يف الغريب (‬
‫يستطيع أن ميتنع؟ واهلل لقد َ‬
‫‪ )2/529‬من طريق األصمعي‪.‬‬

‫شجاعته وجهاده‪:‬‬

‫بأجرأَ من معاوية‪.‬‬
‫ب ليس َ‬ ‫وصف اب ِن الزبري بأن الليث احلَ ِر َ‬
‫ُ‬ ‫تقدم‬
‫وقد شهد معاويةُ مع النيب صلى اهلل عليه وسلم ُحنينا والطائف‪ ،‬وشهد غزوة تبوك‪،‬‬
‫وهي العُسرة‪.‬‬
‫ويف أيام أيب بكر الصديق شهد حرب املرتدين يف اليمامة‪.‬‬
‫وأمر عليهم معاوية‪ ،‬وأمرهم باللحاق بيزيد‬
‫مث مجع أبوبكر أناسا ووجههم إىل الشام‪َّ ،‬‬
‫بن أيب سفيان‪ ،‬وهي أول مهمة قيادية يتوالها معاوية‪.‬‬
‫أمري الشام يف فُتوحها‪ ،‬وشهد الريموك‪ ،‬وفتح دمشق حتت راية‬ ‫مث ِ‬
‫زيد َ‬‫ب أخاهُ يَ َ‬ ‫صح َ‬ ‫َ‬
‫يزيد‪.‬‬

‫يزيد محلةً بإمرة أخيه معاوية إىل سواحل بالد الشام‬


‫ويف عهد عمر بن اخلطاب أرسل ُ‬
‫فافتتحها‪.‬‬

‫‪110‬‬
‫وكان معاوية من اجليش الذي فتح بيت املقدس‪ ،‬ودخل املسجد مع عمر بن اخلطاب‬
‫العهد العُ َمري الشهري‪.‬‬‫رضي اهلل عن اجلميع‪ ،‬وكان أحد أربعة شهدوا على َ‬
‫فتح َقْي َسا ِريَّة‪ ،‬من املعارك الفاصلة مع‬
‫قائد ِ‬
‫ويف سنة تسع عشرة زمن عمر كا َن معاويةُ َ‬
‫الروم‪ ،‬وكان فيها بَطا ِر َقتُهم‪ ،‬وقد حاصرها معاوية حصارا شديدا (األموال أليب عبيد‬
‫‪ ،)279‬وأبلى فيها بالء كبريا‪ ،‬فروى ابن أيب عاصم يف اآلحاد واملثاين (‪)1/381‬‬
‫ِ‬
‫قيسارية فلسطني‬ ‫بسند صحيح عن عبد اهلل بن العالء‪ ،‬قال‪ :‬ثَغََر املسلمون من حائط‬
‫ثغرة؛ فتحاماها الناس‪ ،‬فكتب عمر إىل معاوية رضي اهلل عنهما بتوليه قتاهلا‪ ،‬فتناول‬
‫اللواء وأهنض الناس وتبعوه‪ ،‬فركز لواءه يف الثغرة؛ فقال‪ :‬أنا ابن عنبسة‪ .‬يريد األسد‪.‬‬
‫وتوىل معاوية إمارة دمشق يف عهد عمر بعد وفاة يزيد يف طاعون َع َمواس سنة ‪ ،18‬مث‬
‫تفرد بإمرة الشام آخر عهد عمر‪ ،‬وقام على ثغورها‪ ،‬وفتح عسقالن‪ ،‬وتتبع ما بقي من‬
‫فلسطني‪.‬‬
‫وكان قد استأذن عمر يف بناء قوة حبرية حملاربة الروم فلم يأذن‪.‬‬

‫فأقره عثمان بن عفان ‪-‬رضي اهلل عنهم مجيعا‪-‬‬‫مث تويف عمر وهو عن معاوية راض‪ّ ،‬‬
‫على إمرة الشام كلها‪ ،‬وكان معاوية يغزو الروم‪ ،‬وكان على رأس صائفة‪ ،‬واستطاع أن‬
‫عمورية (موقع أنقرة اليوم)‪ ،‬ومعه‪ .‬عدد من الصحابة‪ ،‬منهم‪ :‬عبادة بن‬
‫يصل إىل ّ‬
‫الصامت‪ ،‬وأبوأيوب األنصاري‪ ،‬وأبوذر الغفاري‪ .،‬وأبوالدرداء‪ ،‬وشداد بن أوس‪.‬‬
‫وأعاد معاوية طلب بناء قوة حبرية للمسلمني‪ ،‬فوافق عثمان‪ ،‬فبىن أسطوال‪ ،‬وغزا بنفسه‬
‫جزيرة قربص سنة مخس وعشرين‪( 68‬تاريخ أيب زرعة الدمشقي ‪ 1/184‬وصححه ص‪1‬‬
‫حديث يف فضل ّأول من يغزو البحر من األمة كما تق ّدم‪ ،‬وهو أمري تلك‬
‫ٌ‬ ‫‪ ،)86‬وجاء‬
‫الغزوة‪ ،‬ومعه عدد من الصحابة‪ ،‬وقام بتحصني أسوار سواحل الشام عند ذهابه إىل‬

‫‪ 68‬وقيل سنة مثان وعشرين‪ ،‬وصححه ابن حجر (الفتح ‪ ،)11/76‬ونقل أقواال أخرى‪ ،‬وانظر‬
‫األموال أليب عبيد (‪.)406‬‬

‫‪111‬‬
‫قربص‪ ،‬مثل عكا وصور‪ ،‬وأنشأ حصونا وشحنها باجلتد‪( .‬فتوح البلدان للبالذري ص‬
‫‪ 140‬و‪ 152‬و‪)158‬‬
‫مث أعاد فتح قربص سنة ‪ 33‬عندما نقض أهلها العهد‪.‬‬
‫كما غزا معاوية بالد الروم على رأس صائفة‪ ،‬فوصل إىل (حصن املرأة) قرب ثغر‬
‫مالطية‪.‬‬
‫وكان ملعاوية إسهام يف دحر بقايا الروم يف سواحل الشام‪ ،‬مثل طرابلس‪( .‬فتوح البلدان‬
‫للبالذري ص‪)150‬‬

‫توقفت الفتوحات بعد مقتل عثمان بن عفان رضي اهلل عنه مظلوما‪.‬‬
‫قال سعيد بن عبد العزيز‪ :‬ملا قُتل عثمان واختلف الناس مل تكن للناس غازية وال صائفة‬
‫حىت اجتمعت األمة على معاوية سنة أربعني‪ ،‬ومسّوها سنة اجلماعة‪.‬‬
‫تصيف هبا‬
‫ُ‬ ‫قال سعيد‪ :‬فأغزا معاويةُ الصوائف وشتّاهم بأرض الروم؛ ست عشرة صائفة‬
‫وتدخل ُم َعقِّبَتُها‪ ،‬مث أغزاهم معاويةُ ابنَه يزيد يف سنة ثنتني ومخسني يف‬
‫ُ‬ ‫قفل‬
‫وتشتُو‪ ،‬مث تَ ُ‬
‫مجاعة من أصحاب رسول اهلل يف الرب والبحر؛ حىت أجاز هبم اخلليج‪ ،‬وقاتلوا أهل‬
‫القسطنطينة على باهبا‪ ،‬مث قَِفل‪.‬‬
‫رواه أبوزرعة يف تارخيه (‪ )1/188‬ومن طريقه ابن عساكر (‪ )59/159‬بسند رجاله‬
‫ثقات أثبات‪.‬‬
‫ورواه ابن عساكر أيضا عن سعيد بزيادة‪" :‬فلم يزل معاوية على ذلك حىت مضى‬
‫غريهم‬ ‫ِ‬
‫وصاهم به أن ُش ّدوا خناق الروم‪ ،‬فإنكم تَضبطون بذلك َ‬ ‫لسبيله‪ ،‬وكان آخر ما ّ‬
‫من األمم"‪.‬‬
‫الصنّاع واجلند على سواحل‬ ‫ومل يقتصر األمر على الغزو اهلجومي‪ ،‬بل وزَّع معاوية ُ‬
‫الشام‪ ،‬بعد أن كانت الصناعة يف مصر فقط‪( .‬فتوح البلدان للبالذري ص‪ 140‬و‬
‫‪)150‬‬

‫‪112‬‬
‫وروى أبوعبيد يف كتاب األموال (‪ )446‬والبالذري فتوح البلدان ص‪ )188‬عن‬
‫هشام بن عمار‪ ،‬ثنا الوليد بن مسلم‪ ،‬عن صفوان بن عمرو‪ ،‬وسعيد بن عبد العزيز‪ :‬أن‬
‫وارهتن ُمعاوية منهم رهنا‪ ،‬فجعلهم‬ ‫َ‬ ‫ت ُمعاويةَ على أن يُؤدي إليهم ماالً‪،‬‬ ‫الروم صاحَل ْ‬
‫َ‬
‫ت‪ ،‬فأىَب معاويةُ واملسلمون أن يستَ ِحلّوا َقْت َل َم ْن يف أيديهم‬
‫الروم َغ َد َر ْ‬
‫ببَعلبك‪ ،‬مث إن َ‬
‫وخلَّ ْوا َسبيلَهم‪ ،‬واستَفتحوا بذلك عليهم‪ ،‬وقالوا‪ :‬وفاءٌ بغَ ْد ٍر َخريٌ من َغ ْد ٍر‬ ‫ِ ِ‬
‫من َرهنهم‪َ ،‬‬
‫بغَ ْدر‪.‬‬
‫قال هشام بن عمار‪ :‬وهو قول العلماء األوزاعي وغريه‪.‬‬
‫ورجالُه ثقات‪.69‬‬

‫مث عادت الفتوحات واتسعت أيام خالفة معاوية‪ ،70‬وأرسل حلصار القسطنطينية‪ ،‬ويف‬
‫جيش يَغزون القسطنطينية مغفور هلم"‪.‬‬ ‫احلديث الصحيح‪" :‬أول ٍ‬
‫مث جدد حصارها وملدة أربع سنوات (من سنة ‪ 53‬إىل ‪.)57‬‬
‫وغزا ُجُز َر صقلية‪ ،‬ورودس‪ ،‬وجربا‪ ،‬كريت‪ ،‬وكثري من جزر حبر إجية قرب‬
‫القسطنطينية‪.‬‬
‫وأما يف إفريقية‪ ،‬فقد جدد معاوية فتحها‪ ،‬ووصل إىل مكان تونس اليوم‪ ،‬كما فتح‬
‫مناطق من ّفزان‪ ،‬والسودان‪.‬‬
‫الر ّخج وبعض سجستان‪ ،‬وقوهستان‪،‬‬ ‫ويف عهده افتتح بعض املناطق يف املشرق‪ ،‬مثل ُّ‬
‫السند‪ ،‬وجبال الغور‪ ،‬وبالد الالن‪ ،‬واجتازوا النهر‪ ،‬وهم أول من‬ ‫وغزا أمراؤه بالد ِّ‬
‫اجتازه من جند املسلمني‪ ،‬ودخلوا خبارى‪ ،‬ومسرقند‪ ،‬وتِْر ِمذ‪.‬‬

‫شرهم‪.‬‬ ‫َّ‬
‫واشتد ُوالتُه عليهم‪ ،‬وأراحوا املسلمني من ِّ‬ ‫اخلوارج‪،‬‬
‫َ‬ ‫َّت‬
‫ويف عهده َشت َ‬

‫غالب على أمره‪،‬‬


‫قلت‪ :‬وهذه صورة متكررة من أخالق املسلمني‪ .،‬وأخالق أعدائهم‪ ،‬واهلل ٌ‬
‫‪69‬‬

‫وانظر يف وفاء معاوية عهوده مع الروم املصدر السابق (‪ )448‬وهو يف مصادر كثرية‪.‬‬
‫‪ 70‬انظر التاريخ اإلسالمي حملمود شاكر (‪)109-4/100‬‬

‫‪113‬‬
‫الناس كلَّهم عشرين‬
‫ك َ‬ ‫"ملَ َ‬
‫واحلاصل كما قال أبونعيم يف معرفة الصحابة (‪َ :)5/2497‬‬
‫سنة منفردا بامللك‪ ،‬يفتح اهلل به الفتوح‪ ،‬ويغزو الروم‪ ،‬ويقسم الفيء والغنيمة‪ ،‬ويقيم‬
‫أحسن َعمال"‪.‬‬ ‫أجر من‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫احلدود‪ ،‬واهلل تعاىل ال يُضْي ُع َ‬
‫السنّة األصبهاين يف سري السلف الصاحلني (‪ )2/667‬معزوا ألهل‬ ‫ونقله بنحوه َق ّوام ُ‬
‫التاريخ‪.‬‬
‫وقال أبوبكر بن العريب املالكي يف العواصم والقواصم (‪ 210‬و‪ )211‬ضمن خصال‬
‫معاوية‪.." :‬قيامه حبماية البيضة‪ ،‬وسد الثغور‪ ،‬وإصالح اجلند‪ ،‬والظهور على العدو‪،‬‬
‫وسياسة اخللق"‪.‬‬
‫وقال شيخ اإلسالم ابن تيمية يف منهاج السنة (‪" :)4/429‬وكان من أحسن الناس‬
‫سرية يف واليته"‪.‬‬
‫وقال (‪ )4/461‬بعد أن ذكر حديث (خيار أئمتكم الذين حتبوهنم وحيبونكم‪ ،‬وتصلون‬
‫عليهم ويصلون عليكم)‪" :‬قالوا‪ :‬ومعاوية كانت رعيته حتبه وهو حيبهم‪ ،‬ويصلون عليه‬
‫وهو يصلي عليهم"‪.‬‬

‫فصل‪:‬‬

‫ت خالف ‪. .‬ةُ معاوية مجاع ‪. .‬ةً من أص‪.. .‬حاب رس‪.. .‬ول اهلل ص ‪..‬لى اهلل عليه‬
‫ق‪.. .‬ال األوزاعي‪ :‬أدر َك ْ‬
‫وس‪..‬لم‪ ،‬مل ين‪..‬تزعوا ي‪..‬دا من طاع‪..‬ة‪ ،‬وال ف‪..‬ارقوا مجاع‪..‬ة‪ ،‬وك‪..‬ان زيد بن ث‪..‬ابت يأخذ العط‪..‬اء‬
‫من معاوية‪( .‬االستيعاب البن عبد الرب ‪ 10/144‬مع اإلصابة)‬
‫ت خالفةُ معاوية عد ًة من أصحاب رسول اهلل‪ ،‬منهم‪ :‬سعد‪،‬‬ ‫قال األوزاعي‪ :‬أدر َك ْ‬
‫وأسامة‪ ،‬وجابر‪ ،‬وابن عمر‪ ،‬وزيد بن ثابت‪ ،‬ومسلمة بن خملد‪ ،‬وأبو سعيد‪ ،‬ورافع بن‬
‫خديج‪ ،‬وأبو أمامة‪ ،‬وأنس بن مالك‪ ،‬ورجال أكثر ممن مسينا بأضعاف مضاعفة‪ ،‬كانوا‬

‫‪114‬‬
‫مصابيح اهلدى وأوعية العلم‪ ،‬حضروا من الكتاب تنزيله‪ ،‬وأخذوا عن رسول اهلل صلى‬
‫اهلل عليه وسلم تأويله‪.‬‬
‫ومن التابعني هلم بإحسان إن شاء اهلل منهم‪ :‬املسور بن خمرمة‪ ،‬وعبد الرمحن بن‬
‫األسود بن عبد يغوث‪ ،‬وسعيد بن املسيب‪ ،‬وعروة بن الزبري‪ ،‬وعبد اهلل بن حمرييز‪ ،‬يف‬
‫أشباه هلم‪ ،‬مل ينزعوا يدا عن جمامعة يف أمة حممد‪.‬‬
‫رواه أبوزرعة الدمشقي يف تارخيه (‪ 1/189‬و‪ )308‬ومن طريقه اجلورقاين (‪)1/207‬‬
‫وابن عساكر (‪ ،)59/158‬ورجاله ثقات أثبات‪.‬‬

‫وقال الربيع بن نافع‪ :‬معاوية بن أيب سفيان سرت أصحاب رسول اهلل صلى اهلل عليه‬
‫وسلم فإذا كشف الرجل السرت اجرتأ على ما وراءه‪.‬‬
‫وكان بعض السلف جيعل حب معاوية ميزانا للسنة‪ ،‬مثل ثعلب‪ ،‬ومولد العلماء‬
‫‪ 1/170‬والسري ‪ 17/415‬ومعجم البلدان ‪2/177‬‬
‫رباح بن اجلراح املوصلي قال مسعت رجال يسأل املعاىف بن عمران فقال يا أبا مسعود‬
‫أيش عمر بن عبد العزيز من معاوية بن أيب سفيان فغضب من ذلك غضبا شديدا وقال‬
‫ال يقاس بأصحاب رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم أحد معاوية صاحبه وصهره‬
‫وكاتبه وأمينه على وحي اهلل عز وجل وقد قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم دعوا‬
‫يل أصحايب وأصهاري فمن سبهم فعليه لعنة اهلل واملالئكة والناس‪( .‬اآلجري ‪5/2466‬‬
‫والاللكائي ‪ 8/1445‬وتاريخ بغداد ‪ 1/209‬ومن طريقه اجلورقاين ‪ 1/195‬وقال‪:‬‬
‫هذا حديث مشهور)‪ .،‬قلت‪ :‬وهو صحيح عن املعاىف‪.‬‬
‫ابتلُوا بشتم أصحاب‬ ‫وروى الاللكائي (‪ )8/1460‬عن الشافعي قال‪" :‬ما أرى الناس ُ‬
‫انقطاع َع َملِهم"‪.‬‬
‫ِ‬ ‫عند‬
‫وجل بذلك ثواباً َ‬
‫عز َّ‬ ‫هم اهلل َّ‬ ‫حممد صلى اهلل عليه وسلم إال لِيَ َ‬
‫زيد ُ‬ ‫ّ‬
‫روى علي بن املفضل يف األربعني على طبقات احلفاظ (ص‪ )363‬من طريق جزء‬
‫البطاقة عن علي بن الفضيل أنه قال ألبيه‪ :‬يا أبت‪ ،‬ما أحلى كالم أصحاب حممد صلى‬

‫‪115‬‬
‫اهلل عليه وسلم!! قال‪ :‬يا بين‪ ،‬وتدري مل حال؟ قال‪ :‬ال‪ .‬قال‪ :‬ألهنم أرادوا بذلك وجه‬
‫اهلل تبارك وتعاىل‪( .‬احللية ‪)10/23‬‬
‫روى مسلم (‪ )3022‬عن عائشة قالت‪ :‬أمروا أن يستغفروا ألصحاب النيب صلى اهلل‬
‫عليه وسلم فسبوهم‪.‬‬
‫(أي يف قول اهلل تعاىل‪( :‬والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا وألخواننا الذين‬
‫سبقونا باإلميان))‬

‫وروى أبوعبيد يف األموال (‪ )624‬عن أيب بكر بن أيب مرمي عن عطية بن قيس قال‬
‫خطبنا معاوية فقال إن يف بيت مالكم فضال عن أعطيتكم وأنا قاسم بينكم ذلك فإن‬
‫كان فيه قابل فضل قسمناه بينكم وإال فال عتيبة علينا فيه فإنه ليس مبالنا إمنا هو يفء اهلل‬
‫الذي أفاءه عليكم‬

‫وقد عمل سنتني ما خيرم من عمل عمر‪.‬‬


‫رواه ابن سعد (‪ 1/114‬السلومي) ومن طريقه ابن عساكر‪ ،‬وابن أيب عاصم (‬
‫‪ )1/375‬واخلالل (‪)2/444‬‬
‫عمن حدثه‪ ،‬أن معاوية‬
‫وروى الطربي (‪ )5/328‬بسند صحيح عن حممد بن احلكم‪ّ ،‬‬
‫ضَر أوصى بنصف مالِه أن يَُر َّد إىل بيت املال‪ ،‬كان أراد أن يطيب له الباقي‪ ،‬ألن‬ ‫ملا ح ِ‬
‫ُ‬
‫قاس َم عُ ّماله"‪..‬‬
‫مر َ‬ ‫عُ َ‬
‫روى ابن س ‪..‬عد (‪ 1/146‬الس ‪..‬لومي) والبالذري (‪ 4/153‬إحس ‪..‬ان عب ‪..‬اس) وأبواحلسن‬
‫املدائين يف التع ‪..‬ازي (‪ 191‬املس ‪..‬تدرك) واملربد يف التع ‪..‬ازي واملراثي (‪ )224‬والط ‪..‬ربي يف‬
‫تارخيه (‪ )5/327‬وابن عس‪.. . . . . . .‬اكر (‪ )59/227‬من طريق عبد األعلى بن ميم‪.. . . . .‬ون بن‬
‫كنت أوضئ رس ‪..‬ول اهلل‬ ‫مه‪.. .‬ران‪ ،‬عن أبي‪.. .‬ه‪ ،‬أن معاوية ق‪.. .‬ال يف مرضه‪ .‬ال‪.. .‬ذي م‪.. .‬ات في‪.. .‬ه‪ُ :‬‬
‫قلت‪ :‬بلى‪ ،‬ب‪..‬أيب أنت وأمي‪ ،‬ف‪..‬نزع‬ ‫ص‪..‬لى اهلل عليه وس‪..‬لم فق‪..‬ال يل‪ :‬أال أكس‪..‬وك قميص‪..‬ا؟ ُ‬

‫‪116‬‬
‫‪.‬ذت ال ُقالمة‬
‫قميصا ك‪.. .‬ان عليه فكس‪.. .‬انيه‪ ،‬فلبس‪.. .‬تُهُ لبس ‪. .‬ةً‪ ،‬مث رفعت‪.. .‬ه‪ ،‬و َقلّ َم أظف‪.. .‬اره‪ ،‬فأخ‪ُ . .‬‬
‫مت ف‪.. .‬اجعلوا قميص َرس‪.. .‬ول اهلل ص‪.. .‬لى اهلل عليه وس‪.. .‬لم يَلي‬ ‫فجعلتُها يف ق‪.. .‬ارورة‪ ،‬ف‪.. .‬إذا ُّ‬
‫فع َسى!‬‫يين‪َ ،‬‬‫جلدي‪ ،‬وقطعوا تلك ال ُقالمة واسحقوها واجعلوها يف َع ّ‬
‫‪71‬‬
‫وسنده ال بأس به‪.‬‬
‫وقال ابن كثري‪ :‬إن ذلك قد ورد من غري وجه‪( .‬البداية والنهاية ‪)11/458‬‬

‫ق ‪.. .‬ال ابن تيمية يف منه ‪.. .‬اج الس ‪.. .‬نة (‪" :)4/429‬معاوية مل يُع ‪.. .‬رف عنه قبل اإلس‪.. .‬الم أذى‬
‫للنيب صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬ال بيد‪ ،‬وال بلسان"‪ ،‬وانظر (‪ )4/439‬منه‪.‬‬

‫ق ‪..‬ال معاوي ‪..‬ة‪ :‬ما أنا ألحد أغبط مين الم ‪..‬رئ مس ‪..‬لم يقل من ال ‪..‬دنيا جياهد يف س ‪..‬بيل اهلل‪.‬‬
‫(الزهد أليب داود ‪)413‬‬

‫روى ابن عس ‪..‬اكر يف تارخيه (خمتص ‪..‬ره البن منظ ‪..‬ور ‪ 2/205‬وهتذيب الكم ‪..‬ال ‪1/339‬‬
‫وبغية ال‪.. . . . .‬راغب املتمين ص‪ )129‬من طريق أيب احلسن علي بن حممد القابس ‪.. . .‬ي‪ ،‬ق ‪.. . .‬ال‪:‬‬
‫مسعت أبا علي احلسن بن أيب هالل يق‪..‬ول‪ُ :‬س ‪.‬ئل أبوعبد ال‪..‬رمحن النس‪..‬ائي عن معاوي ‪.‬ةَ بن‬ ‫ُ‬
‫أيب س ‪..‬فيان ‪-‬ص ‪ِ .‬‬
‫‪.‬احب رس ‪..‬ول اهلل ص ‪..‬لى اهلل عليه وس ‪..‬لم‪ ،‬فق ‪..‬ال‪ :‬إمنا اإلس ‪..‬الم ك ‪..‬دا ٍر هلا‬
‫‪.‬اب‬
‫أراد اإلس‪..‬الم‪ ،‬كمن نَق‪.َ .‬ر الب‪َ .‬‬‫‪.‬اب اإلس‪..‬الم الص‪..‬حابة‪ ،‬فمن آذى الص‪..‬حابةَ إمنا َ‬
‫‪.‬اب‪ ،‬فب‪ُ .‬‬
‫ب‪ٌ .‬‬
‫دخول الدار‪ .‬قال‪ :‬فمن أراد معاويةَ فإمنا أراد الصحابة"‪.‬‬
‫َ‬ ‫يريد‬
‫إمنا ُ‬
‫واحلسن هو ابن ب‪.. . .‬در بن أيب هالل‪ ،‬من رواة ال ُس‪. . .‬نن عن النس‪.. . .‬ائي (فهرسة ابن خري ص‬
‫‪[ )112‬ينظر له وفيات ابن الطحان‪ ،‬واملقفى الكبري وتاريخ اإلسالم]‪.‬‬

‫‪ 71‬وعبد األعلى كنيته أبوعبد الرمحن‪ :‬ذكره ابن حبان يف الثقات (‪ )7/129‬ويف مشاهري علماء‬
‫األمصار (‪ )1477‬وروى عنه جعفر بن برقان‪ ،‬واألوزاعي‪ ،‬وعمرو بن احلارث‪ ،‬وعلي بن جماهد‪،‬‬
‫وحممد بن احلسن األسدي‪ ،‬وكان على خامت مروان بن حممد‪ ،‬تويف قبل سنة ‪ 147‬ترمجته يف تاريخ‬
‫دمشق (‪)33/445‬‬

‫‪117‬‬
‫قال مالك‪" :‬من شتم أحدا من أصحاب النيب صلى اهلل عليه وسلم من اخللفاء‪ ،‬أو‬
‫معاوية‪ ،‬أو عمرو بن العاص‪ ،‬فإن قال‪ :‬كلهم كانوا على ضالل وكفر قُتل‪ ،‬وإن قالك‬
‫سبهم [كغريه] من مشامتة الناس نكل نكاال شديدا" (الشفا للقاضي عياض ‪2/267‬‬
‫وهبجة النفوس للمرجاين ‪)2/1069‬‬

‫لطيفة‪ :‬قال الذهيب يف السري (‪" :)16/475‬قال متام بن حممد الزينيب وغريه‪ :‬مسعنا‬
‫القواس يذكر انه وجد يف كتبه جزءا من فضائل معاوية قد قرضته الفأرة قدعا عليها‬
‫فسقطت فأرة من السقف واضطربت حىت ماتت وروي عن ايب ذر انه حضر ملا‬
‫ماتت"‪.‬‬
‫وانظره يف تاريخ بغداد (‪)14/325‬‬

‫فائ‪..‬دة‪ :‬ح‪..‬دثين ش‪..‬يخنا حمم‪..‬ود ش‪..‬اكر احلرس‪..‬تاين حفظه اهلل‪ ،‬ق‪..‬ال‪ ،‬ق‪..‬ال يل حسن فرح‪..‬ان‪:‬‬
‫ملاذا تدافعون عن معاوية وال تدافعون عن علي؟‬
‫فقلت‪ :‬وهل جتد أحدا من أهل السنة يطعن يف علي أصال؟ فعلى أي شيء ندافع؟‬
‫فقال يل‪ :‬ملاذا استلحق معاوية زياد؟‬
‫فقلت‪ :‬رجل اع‪..‬رتف به أبوس‪..‬فيان‪ ،‬وأمه مسية‪ ،‬م‪..‬اذا يفعل معاوية جتاه‪..‬ه؟ هل ه‪..‬ذه قض‪..‬ية‬
‫الشرق األوسط؟‬

‫فصل‪:‬‬
‫ق ‪.. . . .‬ال أب ‪.. . . .‬وداود يف الس ‪.. . . .‬ؤاالت (‪ 141‬و‪ :)142‬مسعت أمحد يق‪.. . . . .‬ول‪ :‬أهل الكوفة ليس‬
‫حلديثهم نور‪ ،‬يذكرون األخبار‪.‬‬
‫مسعت أمحد‪ :‬ق ‪.. .‬ال‪ :‬ق ‪.. .‬ال عبد ال ‪.. .‬رمحن بن مه ‪.. .‬دي‪ :‬قلت البن املب ‪.. .‬ارك‪ :‬أهل الكوفة ليس‬
‫‪.‬دت األمر على ما‬
‫يُبص ‪..‬رون احلديث‪ .‬فق ‪..‬ال‪ :‬كي ‪..‬ف؟! مث لقيته بعد ذل ‪..‬ك‪ ،‬فق ‪..‬ال يل‪ :‬وج ‪ُ .‬‬
‫قلت‪ .‬قال أمحد‪ :‬كانوا يسألونه عن رأي محاد‪ ،‬والزهري‪ .،‬وأحاديث الصغار‪.‬‬ ‫َ‬

‫‪118‬‬
‫بعض احلفاظ‪ :‬ت‪..‬أملت ما‬ ‫قال اخلليلي‪ :‬ألهل الكوفة من الضعفاء ما ال مُي كن عدُّهم‪ .‬قال ُ‬
‫وضعه‪ .‬أهل الكوفة يف فضائل علي وأهل بيته فزاد على ثالمثائة ألف‪( .‬اإلرشاد ‪1/420‬‬
‫تتبعت‬
‫وعلق عليه ابن القيم يف املن‪..‬ار املنيف ص‪ 116‬بقول‪..‬ه‪ :‬وال تس‪..‬تبعد ه‪..‬ذا‪ ،‬فإنك لو َ‬
‫لوجدت األمر كما قال‪ .‬أفاده احملقق)‬ ‫َ‬ ‫ما عندهم من ذلك‬
‫مسعت حممد بن س‪.. . . . . . .‬ليمان الف‪.. . . . . . .‬امي يق‪.. . . . . . .‬ول‪ :‬مسعت عبد اهلل بن حممد‬ ‫وق‪.. . . . . . .‬ال اخلليلي‪ُ :‬‬
‫األس‪.. .‬فراييين يق ‪.. .‬ول‪ :‬مسعت حممد بن إدريس وراق احلمي‪.. .‬دي يق‪.. .‬ول‪ :‬ق ‪.. .‬ال أهل املدين‪.. .‬ة‪:‬‬
‫ب هبا أهل الع‪..‬راق‪ ،‬فبعثنا إىل الكوفة والبص‪..‬رة‪ ..‬فأه‪.ُ .‬ل البص‪..‬رة‬ ‫وض‪..‬عنا س‪..‬بعني ح‪..‬ديثا جُنَ‪.ِّ .‬ر ُ‬
‫ردوها إلينا ومل يقبلوه‪.. . .‬ا‪ ،‬وق‪.. . .‬الوا‪ :‬ه‪.. . .‬ذه كلها موض‪.. . .‬وعة‪ .‬وأهل الكوفة ردوها إلينا وقد‬ ‫ّ‬
‫وض‪..‬عوا لكل ح‪..‬ديث أس‪..‬انيد‍! اإلرش‪..‬اد ‪ 1/421‬وس‪..‬نده جي‪..‬د‪ ،‬الف‪..‬امي أك‪..‬ثر عنه اخلليلي‬
‫م‪.. . . . .‬رتجم يف الت‪.. . . . .‬دوين لل‪.. . . . .‬رافعي ‪ 1/298‬وت‪.. . . . .‬اريخ اإلس‪.. . . . .‬الم وفي‪.. . . . .‬ات ‪ 386‬ص‪126‬‬
‫واالسفراييين ثقة حافظ‪ ،‬والوراق صدوق)‬

‫روى ابن س ‪.. .‬عد يف الطبق ‪.. .‬ات (ص‪ 171‬القسم املتمم) والفس ‪.. .‬وي يف املعرفة (‪)2/761‬‬
‫وأمحد بن أيب خيثمة الت‪.. .‬اريخ (‪ )2/395‬من ط‪.. .‬رق عن عبد ال ‪.. .‬رزاق‪ ،‬ق‪.. .‬ال‪ :‬أنا معم ‪.. .‬ر‪،‬‬
‫ق‪..‬ال‪ :‬مسعت الزه‪..‬ري يق‪..‬ول‪ :‬خيرج احلديث ش‪..‬ربا ف‪..‬ريجع ذراع‪..‬ا‪ ،‬يعين من الع‪..‬راق‪ ،‬وأش‪..‬ار‬
‫بيده‪ ،‬إذا أوغل احلديث هنالك فرويدا به‪.‬‬
‫وسنده صحيح‪.‬‬

‫وقال الفسوي (‪ )760-2/756‬حدثنا أبو بكر احلميدي حدثنا حيىي بن سليم قال‬
‫مسعت حممد بن عبد اهلل بن عمرو بن عثمان حيدث عن الزهري قال قالت عائشة يا‬
‫أهل العراق أهل الشام خري منكم خرج إليهم نفر من أصحاب رسول اهلل كثري‬
‫فحدثونا مبا نعرف وخرج إليكم نفر من أصحاب رسول اهلل قليل فحدثتمونا مبا نعرف‬
‫وما ال نعرف‪.‬‬

‫‪119‬‬
‫قال وقال الزهري إذا مسعت باحلديث العراقي فاردد به مث اردد‪[ .‬ابن عساكر‬
‫‪]1/327‬‬
‫حدثنا أبو بكر احلميدي ثنا حيىي بن سليمان حدثين إبراهيم بن نافع قال مسعت طاووسا‬
‫يقول إذا حدثك العراقي مائة حديث فأطرح منها تسعة وتسعني قال ورأيت طاووسا‬
‫عقدها‪.‬‬
‫حدثنا هشام بن عمار ثنا عبد امللك بن حممد ثنا زهري قال قال قال يل هشام بن عروة‬
‫يا زهري إذا حدثك العراقي ألف حديث فأطرح تسع مائة وتسعة وتسعني حديثا وكن‬
‫من الباقي يف شك‪.‬‬
‫وقال حدثنا عبد امللك قال مسعت األوزاعي يقول كانت اخللفاء بالشام فإذا كانت بلية‬
‫سألوا عنها علماء أهل الشام وأهل املدينة وكانت أحاديث أهل العراق ال جتاوز جدر‬
‫بيوهتم فمىت كان علماء أهل الشام حيملون عن خوارج أهل العراق‪.‬‬
‫مسعت احلسن بن الربيع قال مسعت ابن املبارك يقول ما رحلت إىل الشام إال ألستغين‬
‫عن حديث أهل الكوفة‪.‬‬
‫حدثين عبد العزيز بن عمران حدثنا حممد بن يوسف الفاريايب حدثنا فضيل بن مرزوق‬
‫حدثين جبلة بن املصفح عن أبيه عن علي بن أيب طالب أنه قال يا أهل الكوفة سلونا‬
‫عما قال اهلل ورسوله فإنا أهل البيت أعلم مبا قال اهلل ورسوله‪ ،‬وأنتم يا أهل الكوفة‬
‫أعلم بالكذب عليهما‪.‬‬
‫حدثنا عبيد اهلل بن موسى عن إمساعيل بن أيب خالد عن قرة العجلي عن عبد امللك ابن‬
‫أخي القعقاع أيب ثور قال حججت فلقيت عبد اهلل بن عمر فسألته عن أشياء فزبرين‬
‫وزجرين فلما قضيت نسك حجيت قلت آلتينه فألسلمن عليه فأتيته فقلت السالم عليك‬
‫يا أبا عبد الرمحن جئت من شقة بعيدة وأريد أن أسألك عن أشياء فزبرتين وزجرتين‬
‫وال أراك إال قد أمنيت يف جنيب فقال إنكم معشر أهل العراق تروون عنا ما ال نقول‪.‬‬

‫‪120‬‬
‫حدثين عبد العزيز بن عبد اهلل األويسي حدثنا إبراهيم بن سعد عن خالته ابنة سعد بن‬
‫أيب وقاص قالت سألت سعد بن أيب وقاص عن شيء فاستعجب فقيل له يف ذلك فقال‬
‫إين أكره أن أحدثكم حديثا فتجعلونه مائة حديث [ابن أيب خيثمة ‪]3/6‬‬
‫حدثين حممد بن حيىي ثنا سفيان عن الزهري قال إذا أوغل احلديث هناك يعين العراق‬
‫فاردد به‪.‬‬
‫حدثين سعيد بن أسد حدثنا ضمرة عن رجاء بن أيب سلمة عن الزهري قال ال يزال‬
‫يعرف احلديث ما مل يقل هاهنا وأومأ بيده إىل العراق‪.‬‬
‫حدثنا أبو النعمان حممد بن الفضل حدثنا محاد بن زيد والنعمان بن راشد قال مسعت‬
‫الزهري حيدث حديث اجملذوم فقلت يا أبا بكر من حدثك قال أنت حدثتنيه ممن مسعته‬
‫قلت من رجل من أهل الكوفة قال أفسدته إن يف حديث الكوفة دعاءا كثريا‬

‫وقال الفسوي‪ :‬حدثنا العباس حدثنا سليمان بن أيوب اهلامشي عن إبراهيم بن سعد قال‬
‫لوال أحاديث تأتينا من قبل املشرق ننكرها ما كتبت حديثنا وال أذنت يف كتابته‪.‬‬
‫(املعرفة ‪)2/762‬‬

‫وقال الرتمذي‪ :‬مسعت اجلارود يقول‪ :‬مسعت وكيعا يقول‪ :‬لوال جابر اجلعفي لكان أهل‬
‫الكوفة بغري حديث‪( .‬اجلامع‪ ،‬املعروف بالسنن رقم ‪ )206‬وسنده صحيح‪.‬‬
‫وجابر ترك حديثه غالب األئمة‪.‬‬
‫ومضى قول احلسن رضي اهلل عنه فيهم‬

‫وروى الفسوي (‪ )2/775‬عن املغرية بن مقسم‪ ،‬قال‪ :‬مل يكن يصدق على علي إال‬
‫أصحاب عبد اهلل‪.‬‬
‫وروى (‪ )2/776‬بسند صحيح عن األعمش‪ ،‬قال‪ :‬قال شريح‪ :‬مسعنا قبل أن تلطخ‬
‫األحاديث‪.‬‬

‫‪121‬‬
‫مقدمة امليزان واللسان‬
‫وروى أبوالعرب التميمي عن وكيع قال‪ :‬كأن النيب الذي بالكوفة غري النيب الذي‬
‫أرسله اهلل‪( .‬ورقة خبط أيب العرب باملكتبة العتيقة بالقريوان‪ ،‬نقلها املستشرق ميكلوش‬
‫موراين)‬
‫وروى حرب الكرماين آخر باب يف الروافض من املسائل (ص‪ :)438‬ثنا حممد بن‬
‫قدامة‪ ،‬ثنا ابن علية‪ ،‬عن ابن عون‪ ،‬قال‪ :‬مسعت إبراهيم يقول‪ :‬احذروا هؤالء الكذابني‪.‬‬

‫وق ‪.. .‬ال أب ‪.. .‬وبكر بن عي ‪.. .‬اش عن مغ ‪.. .‬رية‪ :‬مل يكن يص ‪.. .‬دق على علي إال أص‪.. .‬حاب عبد اهلل‪.‬‬
‫(املعرفة والتاريخ ‪)2/775‬‬

‫ق‪..‬ال ابن معني (معرفة الرج‪..‬ال رواية ابن حمرز ‪ 2/156‬رقم ‪ :)493‬ح‪..‬دثناه األص‪..‬معي‪،‬‬
‫يف ثالث‪ :‬مل أكن‬ ‫عن الوليد بن قشعم‪ ،‬قال‪ :‬ق‪..‬ال معاوي‪..‬ة‪ :‬ما ك‪..‬ان يف الش‪.‬باب فلم تكن َّ‬
‫صَر َعةً‪ ،‬وال سبّاً‪.‬‬
‫نُ َك َحةً‪ ،‬وال ُ‬
‫ق‪.. .‬ال اآلج‪.. .‬ري يف الس‪.. .‬ؤاالت (‪ 51-2/50‬رقم ‪ :)1086‬مسعت أبا داود ق‪.. .‬ال‪ :‬مسعت‬
‫س ‪..‬ليمان بن ح ‪..‬رب يقع يف معاوي ‪..‬ة‪ .‬ومسعت أبا داود يق ‪..‬ول‪ :‬اس ‪..‬تأذن ع ‪..‬ارم على عبد اهلل‬
‫بن داود‪ ،‬فقال‪ :‬ادخل؛ إن مل يكن معك سليمان بن حرب‪.‬‬
‫ومسعت أبا داود يقول‪ :‬ك‪.‬ان بشر بن احلارث ال يُ َكلِّ ُم س‪.‬ليمان بن ح‪.‬رب‪ ،‬ألنه تكلم يف‬
‫‪72‬‬
‫معاوية‪.‬‬
‫ب‬
‫ثق َعملي يف نفسي ُح ُّ‬
‫بالسنَّة‪ -‬يقول‪ :‬أ َْو ُ‬
‫والعبّاد املتمسكني ُ‬
‫وقد كان بشر رمحه اهلل ‪-‬وهو من سادات الزهاد ُ‬
‫‪72‬‬

‫حممد صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬ ‫أصحاب ٍ‬


‫ِ‬
‫رواه أبونعيم يف حلية األولياء (‪ )8/338‬بسند صحيح‪.‬‬
‫وروى الدينوري يف اجملالسة (‪ 5/412‬رقم ‪ )2288‬وابن عساكر () وابن قدامة يف املتحابني يف اهلل (‪ )9‬عن بشر‬
‫وشر أهل‬
‫بن احلارث أن الفضيل بن عياض قال‪ :‬بلغين أن اهلل تبرتك وتعاىل قد حجز التوبة عن كل صاحب بدعة‪ُّ ،‬‬
‫إيل فقال يل‪ :‬اجعل أوثق عملك عند اهلل‬ ‫البدع املبغضون ألصحاب النيب صلى اهلل عليه وسلم‪ .‬قال بشر‪ :‬مث التفت َّ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ت املوقف مبثل قراب األرض ذنوبا غفرها اهلل لك‪ ،‬ولو جئت املوقف ويف قلبك‬ ‫أصحاب نبيِّه‪ ،‬فإنك لو قَد ْم َ‬
‫َ‬ ‫حبَّك‬
‫مقياس ذرة بُغضاً هلم ملا نفعك مع ذلك عمل‪..‬‬

‫‪122‬‬
‫ق‪..‬ال أبوط‪..‬اهر املخلص يف فوائ‪..‬ده (الث‪..‬اين من اخلامس‪ ،‬ق‪/246‬أ)‪ :‬ح‪..‬دثنا أمحد يعين ابن‬
‫نص ‪.. . . .‬ر‪ ،‬ثنا علي يعين ابن عثم ‪.. . . .‬ان النفيلي‪ ،‬ثنا أبومس ‪.. . . .‬هر‪ ،‬ثنا س ‪.. . . .‬عيد‪ ،‬أن معاوية بن أيب‬
‫سفيان كان خيرج من الليل يستمع قراءة أيب موسى األشعري‪..‬‬
‫وبه إىل سعيد‪ :‬قال معاوية‪ :‬لكل قوم كرمي‪ ،‬وكرمينا سعيد بن العاص‪.‬‬
‫قلت‪ :‬سنده صحيح إىل سعيد‪ ،‬وهو ابن عبد العزيز‪ ،‬وقد أرسله‪.‬‬

‫ق‪..‬ال املخلص يف فوائ‪..‬ده (‪/9/196‬ب بانتق‪..‬اء ابن البق‪..‬ال)‪ :‬ح‪..‬دثنا عبد اهلل يعين البغ‪..‬وي‪.،‬‬
‫نا داود‪ ،‬يعين ابن ُرش ‪..‬يد‪ ،‬نا م ‪..‬روان‪ ،‬يعين ابن معاوي ‪..‬ة‪ ،‬نا مغ ‪..‬رية بن مس ‪..‬لم ال َّس ‪.‬راج‪ ،‬عن‬
‫عبداهلل بن بري ‪..‬دة‪ ،‬ق ‪..‬ال‪ :‬خ ‪..‬رج معاوية ف ‪..‬رآهم قياما خلروج ‪..‬ه‪ ،‬فق ‪..‬ال هلم‪ :‬اجلس ‪..‬وا‪ ،‬ف ‪..‬إن‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قال‪ :‬من سره أن يقوم له بنو آدم وجبت له النار‪.‬‬
‫حدثنا عبد اهلل‪ ،‬نا داود‪ ،‬نا مروان‪ ،‬نا حبيب الشهيد‪ ،‬عن [أيب] جملز‪ ،‬عن معاوية مثله‪.‬‬

‫ق‪..‬ال املخلص يف فوائ‪..‬ده (‪/11/60‬أ بانتق‪..‬اء ابن أيب الف‪..‬وارس)‪ :‬ح‪..‬دثنا عبد اهلل [يعين بن‬
‫حممد بن زي ‪.. . . . .‬اد النيس ‪.. . . . .‬ابوري] إمالء‪ ،‬مسعت عبد امللك بن عبد احلميد [بن عبد احلميد‬
‫ضـ] بن ميم‪..‬ون بن مه‪..‬ران يق‪..‬ول‪ :‬ق‪..‬ال يل أمحد بن حنب‪..‬ل‪ :‬يا أبا احلس‪..‬ن‪ ،‬إذا رأيت رجال‬
‫يذكر أحدا من أصحاب رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم بسوء فاهتمه على اإلسالم‪.‬‬
‫وروى الشافعي عن مالك ‪ :‬لست أرى ألحد سب أص‪.‬حاب النيب ص‪.‬لى اهلل عليه وس‪.‬لم‬
‫يف الفيء س‪.. .‬هما‪( .‬احللية ‪[ )9/112‬ه‪.. .‬ذا ق‪.. .‬ول مالك وإق‪.. .‬رار الش‪.. .‬افعي‪ ،‬نأخذ م‪.. .‬ذاهب‬
‫األئمة األربعة]‬

‫نظرت‬
‫ُ‬ ‫وروى الدينوري (‪ 6/397‬رقم ‪ )2816‬ومن طريقه ابن عساكر (‪ )10/194‬عن بشر بن احلارث قوله‪:‬‬
‫فوجدت جلميع‪ .‬الناس توبة إال من تناول أصحاب رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬فإن اهلل عز وجل‬ ‫ُ‬ ‫يف هذا األمر‪،‬‬
‫حجز عنهم التوبة‪.‬‬
‫وروى ابن أيب حامت يف مقدمة اجلرح والتعديل (‪ )1/69‬أن سفيان بن سعيد الثوري أُصيب بأخ له يُ َس َّمى عمر‪،‬‬
‫الص ْد ِر َّ‬
‫للسلَف‪..‬‬ ‫ت لَ َسليم َّ‬
‫وكان ُم َقدَّماً‪ ،‬فلما َس َّو ْوا عليه قربه قال‪ :‬رمحك اهلل يا أخي‪ ،‬إ ْن ُكْن َ‬
‫وسنده‪ .‬صحيح أيضا‪.‬‬

‫‪123‬‬
‫الس ‪.. . . . . .‬راج يف تارخيه‪ ،‬ومن طريقه أب ‪.. . . . . .‬ونعيم (‪ )3/1710‬بعث معاوية إىل ابن عمر مبائة‬
‫ألف‪ ،‬فما حال عليه احلول عنده منها شيئ‪.‬‬

‫فصل‬
‫وروى احلسن بن سفيان يف مسنده‪ ،‬وابن مندة (اإلصابة ‪ ،)6/286‬وابن قانع (‬
‫‪ ،)2/151‬وأبونعيم يف معرفة الصحابة (‪ )4/1828‬وابن عساكر (‪:)34/420‬‬
‫من طريق أيب متيلة حيىي بن واضح‪ ،‬عن حممد بن اسحاق‪ ،‬عن بريدة بن سفيان‪ ،‬عن‬
‫حممد بن كعب القرظي‪ ،‬قال غزا عبد الرمحن بن سهل األنصاري يف زمان عثمان‪،‬‬
‫ومعاوية أمري على الشام‪ ،‬فمرت به روايا مخر حُت مل ملعاوية‪ ،‬فقام إليها عبد الرمحن برحمه‬
‫فنقر كل راوية منها‪ ،‬فناوشه غلمانه‪ ،‬حىت بلغ شأنه معاوية‪ ،‬فقال‪ :‬دعوه‪ .،‬فإنه شيخ قد‬
‫ذهب عقله! فقال‪ :‬كال واهلل! ما ذهب عقلي‪ ،‬ولكن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‬
‫هنانا أن ندخل بطوننا وأسقيتنا مخرا‪ ،‬وأحلف باهلل لئن أنا بقيت حىت أرى يف معاوية ما‬
‫مسعت من رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ألبقرن بطنه‪ ،‬أو ألموتن دونه‪.‬‬
‫وهذا خرب باطل‪ ،‬وسنده مسلسل بالعلل‪ :‬ابن إسحاق مدلس‪ ،‬وقد عنعن‪ ،‬وبريدة واه‪،‬‬
‫وكان غاليا يف التشيع (هتذيب الكمال وحاشيته ‪ ،)4/56‬وحممد بن كعب مل يدرك‬
‫الواقعة‪ ،‬كما يظهر من ترمجته وطبقته (هتذيب الكمال ‪ 26/347‬وغريه)‬
‫وضعفه‪ .‬ابن حجر يف اإلصابة‪.‬‬
‫ّ‬
‫مسألة سب معاوية" لعلي‪:‬‬
‫مل أجد حىت اآلن خربا واحدا صحيحا ‪-‬حبسب البحث األويل‪ -‬يفيد أن معاوية كان‬
‫رأيت ما حيتج به‬
‫يشتم عليا أو يأمر بذلك‪ ،‬فضال عن لعنه على املنابر‪ ،‬ولكن ملا ُ‬
‫رأيت أن أقوى ما عندهم يف ذلك حديث سعد بن أيب‬‫الرافضة ومن تأثّر بأقواهلم ُ‬
‫وقاص الوارد يف صحيح مسلم (‪ )2404‬وفيه‪ :‬أمر معاوية سعدا‪ ،‬فقال‪ :‬ما متنعك أن‬
‫تسب أبا تراب؟‬

‫‪124‬‬
‫وهذا ال تصح نسبته إىل مسلم دون بيان أنه إمنا أورده يف الشواهد ال يف األصول‪ ،‬أي‬
‫أنه مل خيرجه احتجاجا‪ ،‬فإنه على طريقته املعروفة –واليت نص عليها يف مقدمة‬
‫صحيحه‪ -‬يقدِّم اللفظ األصح‪ ،‬واحملفوظ يف الرواية‪ ،‬مث يتبعه مبا هو دونه‪ ،‬وقد يُشري يف‬
‫ذلك لعلة يف السياق املؤخر‪ ،‬ونص على مثل ذلك يف كتاب التمييز له ‪-‬وهو يف‬
‫العلل‪ -‬ومن أمثلته ما حنن بصدده اآلن‪.‬‬
‫فاإلمام مسلم أورد أكثر من طريق للحديث‪ ،‬ليس فيها هذا اللفظ وال حىت إشارة له‪،‬‬
‫بل هذا اللفظ تفرد به راو جمهول‪ ،‬وهو ابن مسمار‪ ،‬وخالف بذلك مجعا من الرواة‬
‫الثقات الذين مل يذكروا السب‪ ،‬فتكون روايته بذلك ضعيفة منكرة‪.‬‬
‫وعلى فرض أن اللفظ ثابت‪ ،‬فليس صرحيا يف السب‪ ،‬كما قال النووي يف شرحه‪ ،‬ولو‬
‫ثبت أنه يف السب‪ ،‬فما حصل من االقتتال بينهما أشد من السب!‬

‫ومما استدلوا به‪:‬‬


‫قال ابن ماجه (‪ :)121‬حدثنا علي بن حممد‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا أبومعاوية‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا‬
‫موسى بن مسلم‪ ،‬عن ابن سابط‪ ،‬وهو عبد الرمحن‪ ،‬عن سعد بن أيب وقاص‪ ،‬قال‪ :‬قدم‬
‫معاوية يف بعض حجاته‪ ،‬فدخل عليه سع ٌد‪ ،‬فذكروا علياً‪ ،‬فنال منه‪ .‬فغضب سعد‪،‬‬
‫كنت مواله‬
‫مسعت رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يقول‪" :‬من ُ‬ ‫لرجل ُ‬ ‫وقال‪ :‬تقول هذا ٍ‬
‫فعلي مواله"‪ ،‬ومسعته يقول‪" :‬أنت مين مبنزلة هارون من موسى إال أنه ال نيب بعدي"‪،‬‬‫ٌّ‬
‫ومسعته يقول‪" :‬ألعطني الراية اليوم رجال حيب اهلل ورسوله"؟‬
‫ورواه احلسن بن عرفة (كما يف البداية والنهاية ‪ 11/50‬هجر‪ ،‬وهو خارج جزئه)‬
‫ومن طريقه ابن عساكر (‪ )42/116‬ثنا حممد بن خازم أبومعاوية الضرير به‪.‬‬
‫ورواه ابن األعرايب يف معجمه (‪ - )503‬ومن طريقه ابن عساكر (‪ - )42/111‬نا‬
‫حممد بن سليمان‪ ،‬نا أبومعاوية به خمتصرا‪ .‬ولفظه‪ :‬عن سعد‪ ،‬قال‪ :‬مسمعت النيب صلى‬

‫‪125‬‬
‫اهلل عليه وسلم يقول‪" :‬ألعطني الراية رجال حيبه اهلل ورسوله وحيب اهلل ورسوله"‪ .‬قال‪:‬‬
‫فدفعها لعلي‪.‬‬
‫ورواه ابن أيب عاصم يف السنة (‪ :)2/610‬ثنا أبوبكر وأبوالربيع‪ ،‬قال‪ :‬ثنا أبومعاوية‬
‫به‪ ،‬إال أن ابن سابط أرسله‪ ،‬فقال‪ :‬قدم معاوية يف بعض حجاته‪ ،‬فأتاه سعد‪.‬‬
‫قلت‪ :‬وهو هبذا السياق منكر شديد الضعف فيه علل‪:‬‬
‫‪ )1‬أبومعاوية ليس حبجة يف غري األعمش‪ ،‬كما نص أمحد وابن معني وأبوداود وابن‬
‫خراش وابن منري وعثمان بن أيب شيبة‪.‬‬
‫نعم‪ ،‬توبع أبومعاوية عند النسائي يف اخلصائص (‪ :)12‬أخربنا حرمي بن يونس‪ ،‬قال‪:‬‬
‫حدثنا أبوغسان‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا عبد السالم‪ ،‬عن موسى به‪.‬‬
‫ورواه أبوالقاسم املطرز ومن طريقه ابن عساكر (‪ )42/115‬نا إمساعيل بن موسى‪ ،‬نا‬
‫عبد السالم بن حرب‪ ،‬عن موسى به‪.‬‬
‫ورمي بالتدليس‪ ،‬ومل‬ ‫وعبد السالم وإن كان ثقة فقد تكلم فيه غري واحد‪ ،‬وله مناكري‪ُ ،‬‬
‫يذكر مساعا من شيخه‪ ،‬فال تثبت املتابعة‪.‬‬
‫ولفظ النسائي‪" :‬كنت جالسا فتنقصوا عليا"‪ ،‬ولفظ املطرز‪" :‬كنت جالسا عند فالن‬
‫فذكروا عليا فتنقصوه"‪..‬‬
‫‪ )2‬وعبد الرمحن بن سابط كثري اإلرسال‪ ،‬ونص ابن معني أن روايته عن سعد مرسلة‪.‬‬
‫‪ )3‬ومن أدلة نكارته أن يف متنه خمالفة لرواية مسلم (‪ 4/1871‬رقم ‪ )2404‬من‬
‫عد الثالثة‪ :‬أنت مين مبنزله هارون من موسى‪،‬‬ ‫طريق عامر بن سعد عن أبيه‪ ،‬حيث َّ‬
‫وإعطائه راية خيرب‪ ،‬والثالثة قوله يف املباهلة لعلي وفاطمة واحلسن واحلسني‪" :‬اللهم‬
‫هؤالء أهلي"‪.‬‬
‫فجعلت رواية ابن سابط بدل األخرية‪" :‬من كنت مواله فعلي مواله"‪ .،‬وهي ال تصح‬
‫من حديث سعد‪ ،‬إمنا ُرويت من حديث مسلم املالئي‪ ،‬عن خيثمة بن عبد الرمحن‪ ،‬قال‬

‫‪126‬‬
‫مسعت سعد بن مالك‪ ،‬وقال له رجل‪ :‬إن عليا يقع فيك أنك ختلَّ َ‬
‫فت عنه‪ ...‬واحلديث‬
‫رواه احلاكم (‪ )3/116‬وابن عساكر (‪ ،)42/118‬فذكر أن عليا أُعطي ثالثا‪.‬‬
‫واملالئي واه‪ ،‬وهو علَّتُه‪ ،‬ولعل أبا معاوية أو ابن سابط تلقَّى هذا احلرف من رواية‬
‫املالئي‪.‬‬
‫ورواه ابن عساكر (‪ 42/119‬وانظر هتذيب الكمال ‪ 5/278‬وخصائص علي ‪)60‬‬
‫‪73‬‬
‫من طريق أخرى تالفة عن سعد مبعناه‪.‬‬
‫وههنا نكتة‪ ،‬وهي أن الطعن ملا نُسب إىل معاوية تشبث القوم به وطاروا‪ ،‬فلما نُسب‬
‫عرجوا عليه! وكالمها ال يثبت على أية حال‪.‬‬‫إىل غريه ما َّ‬
‫الساب هو معاوية إال ما وقع عند‬
‫ُّ‬ ‫يصرح أي مصدر بأن‬ ‫‪ )5‬ومع ضعف احلديث فلم ِّ‬
‫الساب غريه‪.‬‬
‫َّ‬ ‫ابن ماجة‪ ،‬ولكن وقع التصريح يف غريه أن‬

‫قال حممد بن عبد احلكم من متقدمي الفقهاء املالكية‪ :‬من سب أبا بكر وعمر أو واحدا‬
‫صلَّى خلفه‪ ،‬ومن صلى خلفه أعاد‬
‫من أصحاب رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم فال يُ َ‬
‫أبدا‪( .‬اختالف أقوال مالك وأصحابه البن عبد الرب ‪)1/113‬‬

‫وروى أبونعيم يف احللية (‪ )8/15‬عن شريك قال‪ :‬سألت إبراهيم بن أدهم عما كان‬
‫فندمت على سؤايل إياه‪ ،‬فرفع رأسه‪ ،‬وقال‪ :‬إنه من عرف‬
‫ُ‬ ‫بني علي ومعاوية فبكى‪،‬‬
‫نفسه اشتغل بنفسه‪ ،‬ومن عرف ربه اشتغل بربه عن غريه‪.‬‬

‫‪ 73‬أما ما ذكره اإلمام األلباين (الصحيحة‪ )4/335 .‬أن النسائي أخرج يف اخلصائص حديث املواالة من طريق عبد‬
‫الواحد بن أمين‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن سعد‪ ،‬فهذا ذهول منه رمحه اهلل‪ ،‬فإمنا أخرج هبذه الطريق حديث راية خيرب‪.‬‬
‫وكذا وهم األلباين يف تصحيحه إسناد ابن ماجه‪ ،‬وسبقه يف ذلك ابن كثري‪ ،‬حيث قال عن إسناد احلسن بن عرفة‪:‬‬
‫نت‪ ،‬ولعلهما مشيا على ظاهر ثقة رجال‬
‫خيرجوه"‪ ،‬فقد أخرجه ابن ماجه‪ ،‬وحال اإلسناد كما بيَّ ُ‬
‫"إسناده حسن‪ ،‬ومل ِّ‬
‫اإلسناد‪.‬‬

‫‪127‬‬
‫قال البيهقي يف الشعب (‪ 4/146‬السلفية) بعد أن سرد اآليات واألحاديث املوجبة‬
‫حلب الصحابة مجيعا‪ ،‬وأن ذلك من اإلميان‪" :‬وإذا ظهر أن حب الصحابة من اإلميان‪،‬‬
‫فحبُّهم أن يَعتقد فضائلهم‪ ،‬ويَعرتف هلم هبا‪ ،‬ويَعرف لكل ذي حق منهم حقه‪ ،‬ولكل‬ ‫ُ‬
‫ذي غناء يف اإلسالم منهم غناؤه‪ ،‬ولكل ذي منزلة عند رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‬
‫منزلته‪ ،‬ويَنشر حماسنهم‪ ،‬ويدعي باخلري هلم‪ ،‬ويقتدي مبا جاء يف أبواب الدين عنهم‪ ،‬وال‬
‫يتبع زالهتم وهفواهتم‪ ،‬وال يتعمد هتجني أحد منهم ببث ما ال حيسن عنه‪ ،‬ويسكت‬
‫عما ال يقع ضرورة إىل اخلوض فيه فيما كان بينهم‪ ،‬وباهلل التوفيق"‪.‬‬

‫روى البيهقي يف الشعب (‪ 6/201‬رقم ‪ 2672‬و‪ 2673‬السلفية) من طريقني عن‬


‫املسح على اخلُفَّني‪ .،‬واحملافظةُ‬
‫السنَّة‪ُ :‬‬
‫ذي النون بن إبراهيم الزاهد‪ ،‬قال‪ :‬ثالثةٌ من أعالم ُّ‬
‫السلَف‪.‬‬
‫وحب َّ‬
‫على صلوات اجلُ َمع‪ُّ ،‬‬

‫قال اخلرائطي يف اعتالل القلوب (‪ )63/1‬نا عمر بن شبة‪ ،‬نا خالد بن كثري بن قتيبة‬
‫بن مسلم‪ ،‬قال‪ :‬حدثين علي بن حممد بن عبداهلل بن يوسف‪ ،‬قال أنس بن مالك لعائشة‬
‫بنت طلحة‪ :‬واهلل ما رأيت أحسن منك إال معاوية على منرب رسول اهلل صلى اهلل عليه‬
‫وسلم‪ ،‬فقالت‪ :‬واهلل ألنا أحسن من النار يف عني املقرور يف الليلة القارة‪.‬‬

‫حديث ألهل البدع‬


‫ٌ‬ ‫قال عبداهلل بن أيوب امل َخَّرمي يف آخر جزئه (رقم ‪ :)43‬إذا كان‬
‫ُ‬
‫آجر‪ .‬أُراه قال‪ :‬من مسع‪.‬‬
‫َ‬ ‫وال‬ ‫ِّث‬
‫د‬ ‫يسر اهلل حُيَ‬
‫ملن‬ ‫فيه َفر ٌح فال َّ‬

‫شعبة‪ ،‬مسعت حبيب التميمي يقول‪ :‬إن معاوية سأل رجال من عبد القيس‪ :‬ما تعدون‬
‫املروءة فيكم؟ قال‪ :‬احلِرفة والعفة‪( .‬ستة جمالس من أمايل أيب يعلى ‪)84‬‬
‫وقال امليموين‪ :‬مسعت أمحد يقول‪ :‬ما هلم وملعاوية؟ نسأل اهلل العافية‪ .‬وقال يل‪ :‬يا أبا‬
‫احلسن إذا رأيت أحدا يذكر أصحاب رسول اهلل ‪ ‬بسوء فاهتمه على االسالم‪( .‬الصارم‬
‫املسلول ‪ 3/1058‬وأوله عند اخلالل ‪ 2/432‬بسند صحيح)‬

‫‪128‬‬
‫قال الذهيب ضمن كالم نفيس‪" :‬فأما ما تنقله الرافضة وأهل البدع يف كتبهم من ذلك‬
‫[يعين ما شجر بني الصحابة] فال نعرج عليه وال كرامة‪ ،‬فأكثره باطل وكذب وافرتاء‪،‬‬
‫فدأب الروافض رواية األباطيل‪ ،‬أو رد ما يف الصحاح واملسانيد‪ ،‬ومىت إفاقة من به‬
‫سكران"؟ قبله كالم مهم عن الكف عن ذكر شجار الصحابة ووجوب كتمانه وطيّه‪.‬‬
‫السري ‪93-10/92‬‬

‫وملا تكلم املوفق ابن قدامة يف ملعة االعتقاد عن الصحابة إمجاال ختم بقوله‪" :‬ومعاوية‬
‫خال املؤمنني‪ ،‬وكاتب وحي اهلل‪ ،‬أحد خلفاء املسلمني رضي اهلل عنهم"‪ .‬فعلّق الشيخ‬
‫ابن عثيمني رمحه اهلل‪ :‬إمنا ذكره املؤلف وأثىن عليه للرد على الروافض الذين يسبونه‬
‫ويقدحون فيه‪( .‬شرح اللمعة ص‪ 107‬الطبعة األوىل)‬

‫سألت أبا ثور‪ ،‬قلت‪ :‬كيف تقول يف‬


‫قال حرب الكرماين يف املسائل (ص‪ُ :)439‬‬
‫أصحاب النيب عليه السالم؟ قال‪ :‬خري هذه األمة بعد النيب أبوبكر‪ ،‬مث عمر‪ ،‬مث عثمان‪،‬‬
‫مث اخلمسة‪ ،‬وهم علي وطلحة والزبري ويعد وعبدالرمحن‪ ،‬ورحم اهلل أبا عبدالرمحن‪ .‬يعين‬
‫معاوية‪.‬‬

‫‪129‬‬

You might also like