Professional Documents
Culture Documents
قسم الشريعة
السداسي الرابع
1
مقدمة :
إ ّن احلمد هلل ضلمده ونستعينو ونستغفره ونستهديو ونتوب إليو ونعوذ ابهلل من شرور أنفسنا ومن
سيئات أعمالنا من يهده هللا فهو ادلهتدي ومن يضلل فلن جتدلو وليّا مرشدا .وأشهد أن ال إلو إال
زلمدا عبده ورسولو.
هللا وحده ال شريك لو وأشهد أ ّن ّ
ىذه دروس العقيدة اإلسالمية للسداسي الرابع لطلبة سنة اثنية أصول الدين .و ابهلل التوفيق.
زلتوى ادلادة:
(-السمعيات)
2
تعريف السمعيات:
السم ِعيَّ ِ
ات لغة :السمعيات كلمة منسوبة إذل السمع من ظبع يسمع ظبعا ،قاؿ اػبليل بن أضبد َّ ْ
«:السمع :األذف».1وقاؿ ابن منظور«:السمع :حس األذف».2
والسمعيات تُعرؼ أيضا ابسم آخر وىو الغيبيات ،واؼبقصود هبا " كل ما ال سبيل إذل اإليباف بو إال عن
طريق اػبرب اليقيٍت." .من ذلك اإلسراء واؼبعراج .ؾبيء ملك اؼبوت إذل موسى ملسو هيلع هللا ىلص .أشراط الساعة.فتنة
القرب عذاب القرب أو نعيمو.النفخ ٓت الصور .البعث واغبشر .الشفاعة .اغبساب .اؼبوازين .نشر
الدواوين.اغبوض .ال صراط .العبورعلى الصراط وكيفيتو ،اعبنة والنار .أىل اعبنة وأىل النار.
موضوع السمعيات:
ونقصد ابلسمعيات :اؼبسائل اليت ال تتلقى إال عن طريق السمع ،وال أتخذ إال من الوحي ،أي ما جاء
هبا القرآف ،والسنة الصحيحة ،فبل قدرة غبواسنا البشرية على معرفة كنهها وكيفيتها واب لتارل ال يستطيع
العقل البشري أف يستقل دبعرفتها أو إدراكها .وىذا السبب ىو الذي دعا بعض العلماء إذل إطبلؽ اسم
السمعيات عليها ،فهي تتعلق بعادل الغيب ،وأحداث اليوـ اْلخر ،وما فيو من مشاىد ومواقف كاغبشر
واؼبيزاف والصراط ،والعرش واللوح واعبنة والنار وغَتىا من مباحث الغيب.
وقبد ابن طبَت السبيت (ت614.ىػ) ٓت " كتابو مقدمات اؼبراشد إذل علم العقائد" قد وضع مقدمة ذكر
فصل الكبلـ ٓت كيفية اؼبوت ،وسؤاؿ القرب وعذابو ونعيمو،
فيها السمعيات اليت هبب اإليباف هبا ّت َّ
واغبساب واإلعادة والصحف واؼبيزاف ،واغبوض والشفاعة ،والصراط واعبنة .
حكم اإلميان ابلسمعيات :وكل ما ثبت عن النيب( ،ملسو هيلع هللا ىلص) ،من أخبار فهو حق هبب تصديقو سواء
شاىدانه حبواسنا ،أو غاب عنا،وسواء أدركناه بعقولنا أـ دل ندركو .والعقل الصحيح السليم يصدؽ هبا
ألهنا أخبار صحيحة وصادقة .والبحث ٓت السمعيات أو مسائل الغيب يكوف من حيث اعتقادىا وىو
يقوـ على دعامتني :اإلقرار هبا مع التصديق ويقابلو اعبحود واإلنكار ؽبا ،اإلمرار ؽبا مع إثبات معناىا
ويقابلو اػبوض ٓت الكنو واغبقيقة ،وؿباولة التصور والتوىم ابلعقل بعيدا عن النقل .وضابط السمعيات:
أف العقل ال يبنعها وال وبيلها ،وال يوجبها ،فمىت ما صح النقل عن هللا عز وجل ورسولو ملسو هيلع هللا ىلص فإف
3
الواجب اعتقاد ذلك واإلقرار بو ،ودفع كل تعارض موىوـ بُت شرع هللا وىو الوحي وبُت خلقو وىو
العقل .والقاعدة الذىبية ىو أنو ال يتعارض وحي صحيح مع عقل صريح عند .
مصدر العلم ابلسمعيات :ىو الوحي أي الكتاب والسنة الصحيحة .وأساس ِ
االيباف ابلسمعيات ىو
اإل يباف اب﵁ تعاذل فهو أوؿ غيب هبب اإليباف بو .بعد ذلك نؤمن بكل ما أخربان هللا ورسولو صلى هللا
ِ
عليو وسلم .والفرؽ األساسي بُت اؼبؤمن والكافر ىو مسألة اإل يباف ابلغيب لقولو تعاذل (:ادل َٰذَل َ
ك
اى ْم يُ ِنف ُقو َف ) ِ ِ ِ ِ ِ الْ ِكتاب َال ريب ۛ فِ ِيو ۛ ىدى لِّلْمت َِّق َّ ِ
يمو َف الصَّ َبلةَ َوفبَّا َرَزْقػَن ُ
ين يػُْؤمنُو َف ابلْ َغْيب َويُق ُ
ُت الذ َ
ًُ ُ َ َ ُ َْ َ
البقرة.3 ،2 ،1:
فما ىو الغيب ؟
اصطالحا:
ً مفهوم الغيب لغة و
تسًت الشيء عن العيوفّ ،ت يقاس تعريف الغيب لغة :غيب :الغُت والياء والباء ٌ
أصل صحيح يدؿ على ُّ
واب. ِ
اب فبا ال يعلمو إال هللا ،ويقاؿ :غابت الشمس َتغيب َغْيػَب ًة غُيُ ً
الغْيب :ما َغ َ
من ذلك َ
الغيب اصطالحا :الغيب كل ما غاب عنك فلم تشهده أبي وسيلة من وسائل اؼبشاىدة .و اؼبشاىدة
ىنا ذات معٌت عاـ و ال يقصد هبا الرؤية البصرية و إمبا كل ما تكوف شاىداً عليو إبصاراً أو ظباعاً أو
رصداً أو قياساً أو إخباراً من شاىد.
كل ما غاب عن الناس أبم ٍر من هللا وتقديره كالبعث وقد جاء على ّ ٍ
عدة معاف منها :الغيب ىو ّ
أيضا
أيضا دبعٌت الوحي والقرآف الكرمي .كما جاء الغيب ً
واغبساب واعبزاء واعبنة والنار واؼببلئكة .والغيب ً
دبعٌت األحداث القدرية .إذل جانب ٍ
معاف تدؿ على عدـ اإلدراؾ للشيء ابغبواس اػبمس.
شيء موجود ٓت الفلك ،وقيل إ ّف ُك ّل تُعرف كلمة العا َمل يف اللُغة :أب ّهنا ُكل ما خلقو هللا ،وقيلُ :كل ٍ
ّ َ ُ
وعا َدل النبات.
وعا َدل اغبيوافَ ،
كعا َدل اإلنسافَ ، ٍ
سمى َعا َدلَ ،
صنف من اؼبخلوقات يُ ّ
العلماء أب ّف ُك ّل ما غاب عن النظر يطلق عليو غيب. تعريف عامل الغيب يف االصطالحّ :
وعرفو بعض ُ
.و حاصلو أنو :ىو ما غاب عن حس الناظرين من اؼبوجودات .ىو"" عادل ذو طبيعة عقلية معنوية
متعالية عن اؼبادة؛ ولذلك فإنو ليس بعادل قابل للشهود اإلنساين ،بل يدرؾ اإلنساف ثبوتو وآَثره فحسب
كاؼبوجود اإلؽبي ،ووجود اؼببلئكة ،واعبن ،واعبنة والنار ،وغَتىا من اؼبوجودات الغيبية ،وهللا تعاذل وحده
صبيعا".
الذي وبيط علمو بعالَ َمي الغيب والشهادة ً
4
أقسام الغيب :ينقسم ابلغيب ابعتبار العلم بو إذل نوعُت :الغيب اؼبطلق والغيب النسيب.
آايت كثَتةٌ الغيب ادلُطلق :وىو الغيب الذي ال يعلمو ّإال هللا ،ودل يطّلع عليو أح ٌد من خلقو ،وقد دلّت ٌ
ب إِ َّال َّ
اَّللُ َوَما يَ ْش ُع ُرو َف السماو ِ
ات َو ْاأل َْر ِ ِ
ض الْ َغْي َ على ىذا النوع ،كقولو -تعاذل ( :-قُ ْل َال يَػ ْعلَ ُم َم ْن ٓت َّ َ َ
ب َال يَػ ْعلَ ُم َها إِ َّال ُىَو َويَػ ْعلَ ُم َما ِٓت الْ َِّرب أ ََّاي َف يػُْبػ َعثُو َف)،النمل .65 :ولقولو -تعاذل ( :-و ِعْن َدهُ َم َفاتِح الْ َغْي ِ
ُ َ
س إِ َّال ِٓت كَِتابٍ ِ
ب َوَال َايب ٍ ض وَال رطْ ٍ ِ ٍِ ٍ ِ َّ والْبح ِر وما َتس ُق ُ ِ
ط م ْن َوَرَقة إال يَػ ْعلَ ُم َها َوَال َحبَّة ٓت ظُلُ َمات ْاأل َْر ِ َ َ َ َ ْ ََ ْ
ُت)،األنعاـ .59: ُمبِ ٍ
ومن أمثلتو العلم بوقت قياـ الساعة ،واؼبوت من حيث زمانو ومكانو وسببو ،وبعض ما ظبى هللا تعاذل بو
ث َويَػ ْعَل ُم َما ِٓت الس ِ نفسو .وقد بُت هللا ىذه اؼبفاتيح ،بقولو -تعاذل ( :-إِ َّف َّ ِ ِ
اعة َويػَُن ِّزُؿ اْل َغْي َ
اَّلل عْن َدهُ عْل ُم َّ َ
َ ّ
يم َخِب ٌَت).لقماف ِ ض َسبُ ُ ِ
ي أ َْر ٍ ِ
ْاأل َْر َح ِاـ وَما َت ْد ِري نَػ ْفس َما َذا َت ْكسب َغ ًدا وَما َت ْد ِري نَػ ْف ِ
وت إ َّف ََّ
اَّلل َعل ٌ س أبَ ِّ
ٌ َ ُ ٌ َ
. 34:وقاؿ ملسو هيلع هللا ىلص ٓت بعض دعائو ( :اللهم إين أسألك بكل اسم ىو لك ظبيت بو نفسك أو علمتو
أحداً من خلقك أو استأثرت بو ٓت علم الغيب عندؾ ).
الغيب النسيب :وىو الغيب الذي يكوف معلوماً لبعض اػبلق ،وال يكوف معلوماً ْلخرين ،فيكوف غيباً
بطرؽ عديدة كالوحي إذل الرسل الذين ابلنسبة للشخص اعباىل بو ،وىذا النوع من الغيب يبكن معرفتو ٍ
يبلغونو إذل الناس ،ومن أمثلة ذلك ما جاء من أخبار اعبن ٓت قولو تعاذل ( :قُل أ ِ
ُوح َي إِ َ َّ
رل أَنَّوُ ْ
اسَت َم َع ْ
ِِ نَػ َف ر ِمن ا ْعبِ ِن َفػ َقالُوا إِ َّان َِظبعنا قُػرآ ًان عجبا يػه ِدي إِ َذل ُّ ِ ِ ِ
َح ًدا )اعبن . 2- 1 : الر ْشد َف َآمنَّا بو َولَ ْن نُ ْش ِرَؾ ب َربَّنا أ َ َْ ْ َ َ ً َ ْ ٌ َ ّ
ومنها ما كاف غائبا عن البعض مثل اغبوادث التارىبية ،فإهنا غيب ابلنسبة ؼبن دل يعلم هبا ،لذلك قاؿ هللا
نت لَ َديِْه ْم إِذْ تعاذل للنيب ملسو هيلع هللا ىلص بعد أف ذكر قصة آؿ عمراف ََٰ ( :ذلِك ِمن أَنب ِاء الْغي ِ ِ ِ
ب نُوحيو إِلَْي َ
ك ۚ َوَما ُك َ َ ْ َ َْ
ص ُمو َف ) آؿ عمراف .44: يػْل ُقو َف أَْق َبلمهم أَيػُّهم ي ْك ُفل مرَمي وما ُكنت َل َدي ِهم ِإ ْذ َْىبَت ِ
َُ ْ ُ ْ َ ُ َْ َ ََ َ ْ ْ ُ
ومنها كل ما غاب عن اغبس بسبب بعد الزماف ( اؼبستقبل ) أو( اؼبكاف) أو غَت ذلك حىت ينكشف
ذلك اغبجاب الزماين أو اؼبكاين بوسائل اؼبعرفة و العلم ،كما حدث مع اعبن ابؼبشاىدة لؤلثر كما ٓت
ض َأتْ ُكل ِمنسأَتَو ۖ َفػلَ َّما خ َّر َتػبػيػََّن ِ
ت ت َما َد َّؽبُْم َعلَ َٰى َمْوتِِو إِ َّال َدابَّةُ ْاأل َْر ِ ِ
َ َ ُ َ ُ ضْيػَنا َعلَْيو الْ َمْو َ
قولو تعاذل َ ( :فػلَ َّما قَ َ
ُت ) سبأ14:وذلك ٓت موت سليماف عليو اب الْم ِه ِ ا ْعبِ ُّن أَف لَّو َكانُوا يػ ْعلَمو َف الْ َغْيب ما لَبِثُوا ِٓت الْع َذ ِ
ُ َ َ َ َ ُ ْ
السبلـ.
5
يدؿ على حضور وعلم وإعبلـ.يقاؿ َش ِهد الرجل عامل الشهادة لغة :شهد :الشُت واؽباء والداؿ ،أصل ُّ
ٌ
وش ِهد لو بكذا َشهاد ًة ،أي وش ِه َدهُ ُشهوداً ،أي َح َ
ض َره ،فهو شاى ٌدَ .. . على كذا ...واؼبشاىدة :اؼبعاينةَ .
أدَّى ما عنده من الشهادة ،فهو ِ
شاى ٌد.
عامل الشهادة يف االصطالح :ىو عادل األكواف الظاىرة و ا﵀سوسات الطبيعية .وىو خبلؼ عادل
الغيب .وىو كل ما كاف من اؼبوجودات أماـ نظر اإلنساف يشاىده و يدركو إبحدى حواسو كاغبيواف،
والنبات ،واعبماد .وكل ما تدركو اغبواس يدركو العقل ".فعادل الشهادة وما هبري فيو من تفصيبلت
وإصباليات ذبريبية يعرؼ ابؼببلحظة بوساطة العقل واغبو ِّ
اس ،ويقوـ العقل ابالستنباط فبا يبلحظو
ابالستقراء واالستنتاج بتقدمي معرفة عنو".
األول :اآلفاق و ىي الكوف الفسيح .وقد أمر هللا اإلنساف أف يتف ّكر بعقلو ٓت الكوف ٓت أكثر من
ض
*و ْاأل َْر َ َّاىا َوَما َؽبَا ِم ْن فُػ ُر ٍ
وج َ ف بَػَنػْيػَن َاىا َوَزيػَّن َ
آية ،مثل قولو -تعاذل ( :-أََفػَلم يػْنظُروا إِ َذل َّ ِ
الس َماء َفػْوَقػ ُه ْم َكْي َ َْ ُ
ٍ
يب) ؽ.6: صرًة و ِذ ْكرى لِ ُك ِل َعْب ٍد ُمنِ ٍ م َد ْد َانىا وأَْل َقيػَنا فِيها رو ِاسي وأَنْػبػْتػَنا فِيها ِمن ُك ِل َزو ٍج َهبِ ٍ ِ
ّ يج*َتػْب َ َ َ َ َ َ ْ َ ََ َ َ َ َ ْ ّ ْ
تكوف األ َِجنَّة ٓت ظلمات األرحاـ،
والثاين :األنفُس .قاؿ الرازي" :اؼبراد منها الدالئل اؼبأخوذة من كيفية ُّ
وحدوث األعضاء العجيبة ،والًتكيبات الغريبة".
وأمر هللا ٓت كتابو الكرمي ٓت آايت كثَتة ابلنظر ٓت ىذا التكوين العجيب الذي خلق عليو اإلنساف ،مقرو ًان
ببياف اغبكمة من ذلك اترة كما ٓت قولو تعاذل َ ﴿:ما َل ُك ْم َال َتػ ْر ُجو َف ِ﵁ َوَق ًا
ار * َوَق ْد َخَل َق ُك ْم أَ ْطَو ًاار ﴾
نوح.14 - 13 :
ِ ِ ِ
ك أَنَّوُف بِ َربِّ َ
ُت َؽبُم أَنَّوُ ا ْغب ُّق أَوَدل ي ْك ِ
َ ََْ (سنُ ِري ِه ْم آَ َايتَنا ِٓت اْلَْ َفاؽ َوِٓت أَنْػ ُفس ِه ْم َح َّىت يَػَتػَبػ َّ َ ْ
وقد ذكرنبا هللا بقولوَ :
َعَلى ُك ِّل َش ْي ٍء َش ِهي ٌد)فصلت ، 53:فيكوف لئلنساف التف ّكر ٓت السماوات واألرض و ٓت اإلنساف .
التمسك بدينو ،ؼبا يرى ويُشاىد من اْلايت الدالة على قُدرة هللا وعظمتو،
العا َدل يُكسب اؼبُسلم ّ
وىذا َ
شيء غاب عنو؛ لوجود بعض األمثلة من عادل وخاص ًة ٓت النفس ،والكوف ،وبذلك يزداد إيباانً اب﵁ وبكل ٍ
ّ ّ
الغيب ٓت عادل الشهادة؛ كإحياء األرض اؼبيتة الدالّة على قدرة هللا على إحياء اؼبوتى .
6
العاَلمُت ابإلميان هبما ؛ فعادل الشهادة يستوي فيو صبيع الناس ،فبل أحد يستطيع إنكارهّ ،أما يفرؽ بُت َ
ّ
َعا َدل الغيب فهو ميزاف التفاضل عند هللا ،وبو يصل اإلنساف إذل درجة اؼبتقُت؛ أل ّف اإلنساف يؤمن
ُ
ين يػُْؤِمنُو َف ابلْ َغْيب) .البقرة.3 :
ِ ِ َّ ِ ٍ
ويصدؽ بشيء ال يراه ،قاؿ هللا -تعاذل ٓ -ت صفات اؼبتقُت( :الذ َ
ّ
( العبلقة بُت ميداف الشهادة وميداف الغيب،بليل عبد الكرمي ) :
وبتدبُّر آايت القرآف الكرمي قبد عاَل َمي الغيب والشهادة متكامَلُت ،يذكراف معا (ا لظواىر الكونية مع
بعض اؼبخلوقات من عادل الغيب؛ كتسبيح الرعد حبمده واؼببلئكة) ٓت قولو تعاذلُ ﴿ :ىَو الَّ ِذي يُِري ُك ُم
بلئِ َكةُ ِم ْن ِخي َفتِ ِو َويػُْرِس ُل
الرْع ُد ِ َحب ْم ِدِه َواْل َم َ
اب الثَِّق َاؿ * َويُ َسِبّ ُح َّ اْلَبػ ْر َؽ َخْوًفا َو َط َم ًعا َويػُْن ِش ُئ َّ
الس َح َ
يد الْ ِم َح ِاؿ ﴾ الرعد.13 - 12 : ِ صيب ِهبا من يشاء وىم ُهب ِادلُو َف ِٓت َِّ ِ ِ
اَّلل َو ُىَو َشد ُ الصََّواع َق َفػيُ ُ َ َ ْ َ َ ُ َ ُ ْ َ
ات بِ َغ َِْت َع َم ٍدالسماو ِ
اَّللُ الذي َرَف َع َّ َ َ
وكذلك ذكر العرش -وىو من الغيب -مع الظواىر الكونية ِ َّ َّ ﴿:
ص ُل اْلَْ َاي ِت ِ ِ
َج ٍل ُم َس ِّمى يَُدبُّر ْاأل َْم َر يػَُف ّ
ِ
س َوالْ َق َم َر ُك ّّل َْهب ِري أل َ اسَتػَوى َعلَى الْ َع ْر ِش َو َس َّخ َر الش ْ
َّم َ َتػ َرْونَػ َها ُّتَّ ْ
لَ َعلَّ ُك ْم بِلِ َق ِاء َربِّ ُك ْم تُوقِنُو َف ﴾ [الرعد.2 :
7
الثاين :بروز اؼبخلوقات من عادل الغيب إذل عادل الشهادةّ ،ت تنتقل من عادل الشهادة إذل عادل الغيب
ابنتظاـ وا ِطّراد ،ومن األمثلة على ذلك ظواىر الوالدة واؼبوت ٓت عادل اإلنساف".
اإلميان ابلغيب وأثره يف احلياة
أثر كبَت ٓت حياة الفرد واجملتمع ومن تلك اْلَثر
واإليباف اؼبطلق بكل ما غاب عن السمع والبصر لو ٌ
واعبوانب اإلهبابية:
-تنمية التقوى لدى الشخص دبراقبة هللا عز وجل لو ٓت السر وٓت العلم.
-ا ستشعار رعاية هللا عز وجل للبشرية على اختبلؼ األزمنة واألماكن.
-إف اإليباف ابلغيب يسهم ٓت زايدة حصانة اإلنساف من الوقوع ٓت شر اػبرافات والدجل والشعوذة.
-يدرؾ اإلنساف حقيقة أف اغبياة اغبقيقية ىي اغبياة اْلخرة ،وأ ّف الدنيا ما ىي إال معرب للحياة اْلخرة
لذا عليو االستعداد لذلك اليوـ ابلعمل الصاحل.
-الشعور ابلطمأنينة والرضى والتسليم أبمر هللا ٓت النفس والكوف ،والبعد عن االنشغاؿ دبا ال تردكو
العقوؿ واغبواس.
ىناؾ من اغبسيُت والتجريبيُت من ال يؤمن بعادل الغيب ألنو ال يتعرؼ عليو حبواسو فيقوؿ :هللا ال أراه
إذف غَت موجود ،ال أظبع عذاب القرب إذف غَت موجود.
فهذا صنف من الناس مادي التفكري فهل تكفي احلواس للحكم على شيء أبنو موجود أو غري
موجود ؟
اغبواس ال تكفي ألهنا زبطئ مثل اػبداع البصري .و اغبواس ؿبدودة .و ؾباؿ اإل دراؾ اغبسي ؿبدود
بُت العتبة الدنيا والقصوى .واإلحساسات آ نية جزئية فردية ذاتية ال تنتقل ،فهي إذف ال ترقي إذل
مستوى العلم ألف العلم يقوـ على التعميم والتجريد.
إذف فبل يوثق ٓت اغبواس ألنو يبكن أف يكوف ىناؾ موجودات ال تسجلها ىذه اغبواس وال تدركها.
االستنتاج :اغبسيوف اؼباديوف ضيقوا واسعاً فاؼبوجودات منها ما ىو حسيي يدرؾ ابغبواس ومنها ما ال
يدرؾ ابغبواس " الغيبيات " إذف فليس كل ما ال يدرؾ ابغبواس غَت موجود.
8
فكيف تعرف السمعيات ؟
اإلنساف بعقلو قد يصل إذل إثبات بعض الغيبيات كوجود هللا ،وكإدراكو لبعض األمور الغيبية
اليت ؽبا مثيل ٓت عادل الشهادة كاالستدالؿ على النشأة اْلخرة ابلنشأة األوذل .ولكنّو ال يستطيع أف
يصل إذل إثبات ُك ّل الغيبيات ّإال بوحي ،واؼبعرفة اؼبكتسبة من الوحي تكوف يقيني ًة؛ أل ّف ٓت الوحي يتل ّقى
ُ
العلم من هللا ،وداللتو على اؼبعرفة الدينية دالل ًة شرعي ًة ظبعي ًة عقلي ًة.
اغبس وىو وسيلة اإلدراؾ اؼبباشرة ،وبداية طريق اإلنساف كبو اؼبعرفة ،ال يستطع اإلنساف بو أف و ّ
بل ،فمن رضبة هللا -سبحانو -بد لو من النقل والعقل ليكوف منهجاً ُمتكام ً
يُدرؾ صبيع األشياء ،ولكن ال ّ
عدد مصادر اؼبعرفة ،فلو بَِقي اإلنساف يعتمد على حواسو فقط َلب ِقي عاجزاً عن إدراؾ ما وراء
بعباده أف ّ
اؼبادة.
تعرف السمعيات أبمرين مها:
اخلرب :ويقصد بو النص القرآين واغبديث النبوي الصحيح.
األثر :وىو ما يدؿ على اؼبؤثِّر.
فاػبرب الصادؽ وىو القرآف واغبديث الصحيح يدؿ على الغيبيات .وكذلك آَثر اؼبوجودات
الغيبية اليت تدرؾ ابغبواس تدؿ على وجودىا ابستنتاج العقل ،لكن العقل بعد أف يقر بوجودىا يظل
جاىبل حبقيقتها.
وجههم إذل بلوغ اإليباف من طريق البحث و حينما دعا القرآف الناس إذل اإليباف أبصوؿ الغيب َّ
العلمي؛ فحثَّهم على استخداـ أدواهتم اؼبعرفية ُّ
للتفكر والتدبُّر ٓت دالئل القدرة وسعة العلم الدالَّة على
قدرة اػبالق ،وأرشدىم إذل أف ىذه الدالئل منبثَّة ٓت السماء واألرض وٓت أنفسهم وفيما حوؽبم؛ ﴿ أََفػلَ ْم
ض َم َد ْد َان َىا َوأَلْ َقْيػنَا فِ َيها َرَو ِاس َي َّاىا َوَما َؽبَا ِم ْن فػُ ُر ٍ
وج َو ْاأل َْر َ ف بَػَنػْيػنَ َاىا َوَزيػَّن َ
يػنْظُروا إِ َذل َّ ِ
الس َماء َفػْوَقػ ُه ْم َكْي َ َ ُ
يب ﴾[ؽ ،]8 - 6 :ففي ىذا إَثرة للعقل ِ ٍ ِ
صرةً وذ ْكرى ل ُك ِل َعْبد ُمن ٍ ِ ِ ِ ِ ِ
َوأَنػَْبػْتػنَا ف َيها م ْن ُك ِّل َزْو ٍج َهب ٍ
ّ يج * َتػْب َ َ َ
اإلنساين دبا يوصلو إذل االطمئناف للخرب ا لصادؽ ،ويقوده ىذا إذل الركوف لتفصيبلت الغيب ،وأف ال
طاقة لو هبا؛ حيث دل يستوعب ما ىو ٓت ؾبالو ٓت الشهادة ،وعجز عن كثَت فبا ىو فيها ،فكيف بو مع
ما ىو خارج عن نطاقو؟! وىذا يصدؽ ٓت الغيب الذي ال يصبح من عادل الشهادة ،أمَّا ما يبكن أف
يدرؾ فيصبح من عادل الشهادة فالبحث فيو يطولو اغبس والعقل.
انتهى
9
أوال :عامل ادلالئكة وعامل اجلن :
اؼببلئكة واعبن من عادل الغيب ال نراىم ولكن جاءتنا معرفة عنهم من اػبرب.
عامل ادلالئكة :اإليباف ابؼببلئكة يتضمن أربعة أمور:
األوؿ :اإليباف بوجودىم.
الثاين :اإليباف دبن ُعلم اظبو منهم ابظبو (كجربيل) ومن دل يُعلم أظباءىم يُؤمن هبم إصبا ًال.
الثالث :اإليباف دبا ُعلم من صفاهتم.
بل و ًا
هنار الرابع :اإليباف دبا ُعلم من أعماؽبم اليت يقوموف هبا أبمر هللا تعاذل كتسبيحو ،والتعبد لو لي ً
بدوف ملل وال فُػتُور.
وؿ ِدبَا أُن ِزَؿ إِلَْي ِو ِمن َّربِِّوالر ُس ُ (آم َن َّ
الركن الثاين من أركاف اإليباف ،قاؿ -تعاذل َ :- يػَُع ّد اإليباف ابؼببلئكة ُّ
َح ٍد ِّمن ُّر ُسلِ ِو) البقرة.285 : ِ ِ ِِ ِ ِِ ِ
َوالْ ُمْؤمنُو َف ُكلّّ َآم َن ِابللَّػو َوَم َبلئ َكتو َوُكتُبِو َوُر ُسلو َال نػَُف ِّر ُؽ بَػ ْ َ
ُت أ َ
واإليباف هبم يعٍت :التصديق ،واليقُت بوجودىم ،وإعطاؤىم اؼبنزلة اليت َمنحهم هللا -سبحانو ّ -إايىا،
شيء ّإال أبمر منو ،وأ ّهنم ُر ُسلو ،قاؿ – واإلقرار أب ّهنم ِعباد ﵁ مأموروف ،ومكلَّفوف منو ،ال يقدروف على ٍ
ُ ٌ
ُت أَيْ ِدي ِه ْم َوَما اَّلل َِظب ِ
َّاس إِ َّف ََّ ٌ
يع بَص ٌَت * يَػ ْعَل ُم َما بَػ ْ َ ص َط ِفي ِم َن اْل َم َبلئِ َك ِة ُر ُس ًبل َوِم َن الن ِ اَّللُ يَ ْ
تعاذلَّ ﴿ :
ور ﴾ اغبج76 ،75 : خْل َفهم وإِ َذل َِّ
اَّلل تُػ ْر َج ُع ْاأل ُُم ُ َ ُْ َ
من ىم ادلالئكة ؟
ك لِلْ َم َبلئِ َك ِة
تقد ٌـ على َخلق بٍت آدـ ،لقوؿ هللا -تعاذل (َ :-وإِذْ قَ َاؿ َربُّ َ
َخلْق ادلالئكة :خلْق اؼببلئكة م ِ
ُ ّ َ
س ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ إِِين ج ِ
اع ٌل ِٓت ْاأل َْر ِ
الد َم َاء َوَْكب ُن نُ َسبّ ُح َحب ْمد َؾ َونػَُق ّد ُ
ك ّ َذب َع ُل ف َيها َمن يػُْفس ُد ف َيها َويَ ْسف ُ
ض َخلي َفةً قَالُوا أ َْ ّ َ
ك قَ َاؿ إِِ ّين أ َْعلَ ُم َما َال َتػ ْعلَ ُمو َف).البقرة 33:
لَ َ
خلق هللا -سبحانو -اؼببلئكة من نوٍر بدليل ما ُرِوي عن ّأـ اؼبؤمنُت عائشة -اهنع هللا يضر -أ ّف الرسوؿ -صلّى
ِ اعباف ِمن ما ِرٍج ِمن ان ٍرِ ، وخلِ َق ُّ هللا عليو وسلّم -قاؿِ ِ ِ ِ :
فآد ُـ فبَّا ُوص َ وخل َق َ ُ (خل َقت اؼبَبلئ َكةُ من نُوٍرُ ، ُ
لَ ُك ْم) .صحيح مسلم.
-مسكنهم السماء ،وإمبا يهبطوف منها إذل األرض أو غَتىا من ِجهات اؼبلكوت تنفي ًذا ألمر هللا تعاذل
ض َوَم ْن ِعنْ َدهُ َال يَ ْسَت ْكِ ُربو َف َع ْن ِعَب َادتِِو َوَال يَ ْسَت ْح ِس ُرو َف ﴾ السماو ِ
ات َو ْاأل َْر ِ ِ
قاؿ تعاذل َ ﴿:ولَوُ َم ْن ٓت َّ َ َ
[األنبياء].19 :
وصفهم ؽبم بذلك؛ فقاؿ تعاذل ﴿:إِ َّف كذب هللا اؼبشركُت على ْ -ال يتّصفوف ابلذكورة أو األنوثة ،فقد َّ
ين َال يػُْؤِمنُو َف ِابْْل ِخ َرِة لَيُ َس ُّمو َف الْ َم َبلئِ َك َة َت ْس ِمَي َة ْاألُنْػَثى َوَما َؽبُْم بِ ِو ِم ْن ِعلْ ٍم إِ ْف يَػتَّبِ ُعو َف إِ َّال الظَّ َّن َوإِ َّف َّ ِ
الذ َ
الظَّ َّن َال يػُ ْغٍِت ِم َن ا ْغبَِّق َشْيػًئا ﴾ النجم.28 - 26 :
-ومتطهروف من الشهوات ،ال أيكلوف وال يشربوف ،وال يتناسلوف وال يناموف.
11
ـبتلفة ،ومثاؿ ذلك إرساؽبم على ىيئة بش ٍر كما أرسل هللا إذل إبراىيم التشكل بصوٍر ٍ ُّ -ؽبم القدرة على
َّل َؽبا بَ َش ًار َس ِو ِّاي) .مرمي17 : ِ
روحنا َفػَت َمث َ
َرسلنا إَليها َ عليو السبلـ ،ومرمي -عليها السبلـ -قاؿ تعاذلَ ( :فأ َ
ض السماو ِ
ات َو ْاأل َْر ِ ِ َّ ِ ِ ِ
-امتبلؾ األجنحة ،وزبتلف فيما بينها ابلعدد ،قاؿ -تعاذل ( :-ا ْغبَ ْم ُد للػو َفاطر َّ َ َ
يد ِٓت ا ْػبَلْ ِق َما يَ َشاءُ ِإ َّف اللَّػ َو َعَلى ُك ِّل َش ْي ٍء
ث َوُرَاب َع يَ ِز ُ
اع ِل الْم َبلئِ َك ِة رس ًبل أ ُِورل أ ِ ٍ
َجن َحة َّمْثػ ٌَت َوثَُبل َ ْ ُُ َ
جِ
َ
َقد ٌير) .فاطر1 : ِ
صفات ادلالئكة اخلُلقيّة :
(أبَيْ ِدي َس َف َرٍة كِ َرٍاـ بَػ َرَرٍة) ،عبس: تتّصف اؼببلئكة ابألخبلؽ الفاضلة الكريبة البارة ،قاؿ -تعاذل ِ :-
.16.- 15و من تلك الصفات :اغبياء .ودليلو ما ثبت ٓت صحيح مسلم عن عائشة -اهنع هللا يضر -أ ّف النيب -
َستَ ِحي ِمن َر ُج ٍل تَ ْستَ ِحي منو اؼب َبلئِ َكةُ) .صحيح مسلم. عليو الصبلة والسبلـ -قاؿ( :أََال أ ْ
ِ ِ َ
ؤمرو َف). فعلو َف ما يُ َ (ىبافو َف َربػَّ ُهم من فَوق ِهم َويَ َ -و اػبوؼ من هللا -سبحانو -وخشيتو ،قاؿ -تعاذل َ :-
النحل.53 :
َّاس َوا ْغبِ َج َارةُود َىا الن ُ
ِ
ين َآمنُواْ قُواْ أَن ُف َس ُك ْم َوأ َْىلي ُك ْم َانراً َوقُ ُ
َّ ِ
-و عدـ معصية هللا لقولو تعاذل(:اي أيػَّها الذ َ
بل ٌ ِ
َعَلْيػ َها َمبلئِ َكةٌ ِغ َ
اَّلل َمآ أ ََم َرُى ْم َويَػ ْف َعلُو َف َما يػُْؤَم ُرو َف) التحرمي36: صو َف ََّ ظ ش َد ٌاد الَّ يَػ ْع ُ
-و عبادة هللا ،وطاعتو دوف فتوٍر أو م ٍلل ،ومن عباداهتم :دواـ ِذكرىم ﵁ -تعاذل ،-ومنو التسبيح كما
ُت ِم ْن َحْوِؿ الْ َع ْر ِش يُ َسبِّ ُحو َف ِ َحب ْم ِد َرِّهبِ ْم) .ا لزمر ،آية75 : ِ ِ
وجل (َ :-وَتػ َرى الْ َم َبلئ َكةَ َحافّ َ عز ّ قاؿ هللا ّ -
ض َوَم ْن ِعْن َدهُ َال يَ ْسَت ْكِ ُربو َف َع ْن ِعَب َادتِِو َوَال يَ ْسَت ْح ِس ُرو َف * يُ َسبِّ ُحو َف اللَّْي َل ات َو ْاأل َْر ِ السماو ِ ِ
﴿ َولَوُ َم ْن ٓت َّ َ َ
َوالنػ ََّه َار َال يَػ ْفتُػ ُرو َف ﴾ األنبياء.23 ،19 :
ؼ ال يفًتوف ،ومنهم ُس َّجد ال يرَفعوف منذ خلقهم هللا ،كقولو صلى أبدا فهم صفو ٌ ومنهم َمن ىذا شأنو ً
شرب؛ وٓت رواية :أربع أصابع -إال وملك قائم تئط ،ما فيها ٌ وح َّق ؽبا أ ْف َّ هللا عليو وسلم":أطَّت السماءُ ُ
اية :ال يرفعوف ُرؤوسهم -منذ خلَق هللا السماوات واألرض -وٓت رواية :ال أو راكع أو ساجد؛ وٓت رو ٍ
ٌ
يرَفعوهنا إذل يوـ القيامة" .خرجو الًتمذي وابن ماجو وأضبد .
-و العلم الوفَت؛ فقد تل ّقت اؼببلئكة ِعلمها من هللا -سبحانو .-قولو تعاذل ﴿:يَػ ْعَل ُمو َف َما َتػ ْف َعلُو َف ﴾
االنفطار 12 :؛ فاْلية على عمومها لكتابة األعماؿ ظاىرىا وابطنها.
ف اؼب َبلئِ َكةُ ِعْن َد صفُّو َف كما َتص ُّ (أال َت ُ
-وتنظيم األمور والشؤوف ،قاؿ الرسوؿ -عليو الصبلة والسبلـ َ :-
ُ َ
اصو َف ٓت وؼ األَُوَؿ ويَػَتػ َر ُّ قاؿ :يُتِ ُّمو َف ُّ
الص ُف َ ف اؼب َبلئِ َكةُ ِعْن َد َرِّهبَا؟ َ
ص ُّ
ُ كيف َت
َ
سوؿ ِ
هللا ،و َرِّهبَا؟ َفػ ُقلَْنا اي َر َ
َ
ف) .مسلم. الص ِّ
َّ
11
وظائ ُفهم وأعماذلم :
وعوادل اؼبنظورة وغَت اؼبنظورة أبمر فليّو وما بينهما -وما فيو من ـبلوقات َ وس ِ ِ
تدبَت أمر اؼبلكوت ُ -علويّو ُ
ات سبػ ًقا * َفاْلمدِبر ِ ات سبحا * َف َّ ِ الس ِ ِ ِ ِ ِ
ات ُ َ َّ السابِ َق َ ْ احب َ ْ ً هللا تعاذل ﴿ َوالنَّا ِزَعات َغ ْرًقا * َوالنَّاش َطات نَ ْش ًطا * َو َّ َ
أ َْم ًار ﴾ النازعات.5 - 1 :
الس َماءُ َف ِه َي يَػْوَمئِ ٍذ
ت َّ ت اْلواقِعةُ * وانْ َشقَّ ِ ٍِ ِ
:منهم :اؼبكلفوف حبمل العرش ،وعددىم شبانية ﴿ َفػَيػْوَمئذ َوَقػ َع َ َ َ
َّ
ك َفػْوَقػ ُه ْم يَػْوَمئِ ٍذ َشبَانَِيةٌ ﴾ اغباقة .17 - 15 :ومنهم: ِ
ك َعَلى أ َْر َجائ َها َوَْوب ِم ُل َع ْر َش َرِبّ َ َواىَيةٌ * َواْل َمَل ُ
ِ
ُت * َعَلى ِ اؼبكلَّفوف بتبليغ الوحي إذل حيث َأمر هللا تعاذل ( جربائيل ).قاؿ تعاذل ﴿:نَػ َزَؿ بِ ِو ُّ
وح ْاألَم ُ الر ُ
ين ﴾ الشعراء.194 ،193 : ِِ ِ َقػْلبِ ِ
ك لَت ُكو َف م َن اْل ُمْنذر َ َ
ومنهم :خزنة اعبنَّةَ ﴿.والْ َم َبلئِ َكةُ يَ ْد ُخلُو َف َعلَْي ِه ْم ِم ْن ُك ِّل َاب ٍب ﴾ الرعد23 :
احةٌ ِ
.ومنهم :خزنة النار ،وسيدىم مالكَ ﴿ .وَما أ َْد َر َاؾ َما َس َق ُر * َال تػُْبقي َوَال تَ َذ ُر * لَ َّو َ
ِ َّ ِ ِ َّ ِ ِ ِ ِ َّ ِ ِ ِ
ين
اب النَّار إال َم َبلئ َك ًة َوَما َج َعْلَنا ع َّدَتػ ُه ْم إال فْتػَن ًة للذ َ َص َح َ لْلَب َش ِر * َعَلْيػ َها ت ْس َع َة َع َش َر * َوَما َج َعْلَنا أ ْ
اب َواْل ُمْؤِمنُو َف ِ
ين أُوتُوا اْلكَت َ
َك َفروا لِيستػي ِقن الَّ ِذين أُوتُوا اْل ِكتاب ويػزداد الَّ ِذين آمنوا إِيبا ًان وَال يػرَات َّ ِ
ب الذ َ َ َ َ َ َْ َ َ َ ُ َ َ َ ْ َ ُ َ َْْ َ َ
اَّللُ َم ْن يَ َشاءُ َويَػ ْه ِدي َم ْن ض ُّل َّ كي ِ ِ وؿ الَّ ِذين ِٓت قُػلُوهبِِم مرض واْل َكافِرو َف ما َذا أَراد َّ ِ
اَّللُ هبَ َذا َمَث ًبل َك َذل َ ُ ْ ََ ٌ َ ُ َ َ َ َ َولَِيػ ُق َ
ك إِ َّال ُىَو َوَما ِى َي إِ َّال ِذ ْك َرى لِْلَب َش ِر ﴾ اؼبدثر.31 - 27 : ود َرِبّ َيَ َشاءُ َوَما يَػ ْعَل ُم ُجنُ َ
ك قَ َاؿ إِنَّ ُك ْم َماكِثُو َف ﴾ الزخرؼ: ض َعلَْيػنَا َربُّ َك لَِيػ ْق ِ ِ
الزَابنَيةَ ﴾ العلقَ ﴿ .18 :و َان َدْوا َاي َمال ُ
﴿ سن ْدع َّ ِ
ََ ُ
.77
ت َتػَوفػَّتْوُ ُر ُسلُنَا َو ُى ْم َال
َح َد ُك ُم الْ َمْو ُ ِ
ومنهم :مبلئكة األرواح ،وسيدىم إسرافيلَ ﴿ .ح َّىت إذَا َج َاء أ َ
وى ُه ْم َوأ َْد َاب َرُى ْم ﴾ دمحم27 : ض ِربُو َف ُو ُج َف إِ َذا َتػَوفػَّْتػ ُه ُم اْل َم َبلئِ َكةُ يَ ْ
يػَُف ِّرطُو َف ﴾ األنعاـَ ﴿.61 :ف َكْي َ
ومنهم :مبلئكة األرزاؽ ،وسيدىم ميكائيل .ومنهم :اؼبكلَّفوف حبفظ السماوات .ومنهم :اؼبكلَّفوف ابلرايح
والسحاب .ومنهم :اؼبكلَّفوف ابعبباؿ .قد ثبت ٓت حديث الطائف وعودة النيب ملسو هيلع هللا ىلص منها أنو أاته جربيل
فقاؿ لو(( :إف هللا قد ظبع قوؿ قومك لك ،وما ردوا بو عليك وقد بعث هللا إليك مَلك اعبباؿ لتأمره دبا
شئت فيهم ،ف ناداين ملك اعبباؿ فسلم عليّ ،ت قاؿ :اي دمحم ،ذلك فيما شئت ،إف شئت أف أطبق
شيئا)).
عليهم األخشبُت ،فقاؿ ملسو هيلع هللا ىلص :بل أرجو أف ىبرج هللا من أصبلهبم من يعبد هللا ال يشرؾ بو ً
البخاري ومسلم ،ومعٌت (األخشباف) :جببل مكة ا﵀يطاف هبا.
.ومنهم :اؼبكلَّفوف ابلنبات .ومنهم :اؼبكلَّفوف ابلبحار .ومنهم :اؼبكلَّفوف أبمور اغبوت والطيور والدواب،
وكبوىا من األمم والعوادل اليت ال وبصيها إال هللا تعاذل.
12
-تدبَت أمر اؼبكلَّفُت من اػبلق -اعبن واإلنس -والصلة الوثيقة هبم ٓت أحواؿ كثَتةٓ ،ت حياهتم وبعد
ٍ
صباعات من اؼببلئكة عليهم السبلـ على التفصيل كما فباهتم ،وقد جاءت النُّصوص إبثبات وظائف
يلي:
1-حفظ بٍت آدـ ،وىو من وظيفة اؼببلئكة اؼبع ِّقباتَ ﴿ .و ُىَو الْ َق ِاى ُر َفػْو َؽ ِعَب ِادِه َويػُْرِس ُل
ت َتػَوفػَّْتوُ ُر ُسلَُنا َو ُى ْم َال يػَُف ِّرطُو َف ﴾ األنعاـ. 61 : َح َد ُك ُم اْل َمْو ُ ِ
َعَلْي ُك ْم َح َف َظ ًة َح َّىت إ َذا َج َاء أ َ
اَّلل َال يػُ َغَُِّت َما بِ َقْوٍـ َح َّىت يػُ َغَُِّتوا َما ُت ي َديِْو وِمن َخلْ ِف ِو َْوب َفظُونَوُ ِمن أ َْم ِر َِّ ِ
اَّلل إ َّف ََّ ْ ات م ْن بَػ ْ ِ َ َ ْ
﴿ لَو مع ِقّب ِ
ُ َُ َ ٌ
وءا فَ َبل َم َردَّ لَوُ َوَما َؽبُْم ِم ْن ُدونِِو ِم ْن َو ٍاؿ ﴾ الرعد 11 :وقاؿ ؾباىد" :ما ٍ ِأبَنػْفُ ِس ِهم وإِذَا أَر َاد َّ ِ
اَّللُ ب َقْوـ ُس ً َْ َ
من عبد إال لو ملك موكل حبفظو ٓت نومو ويقظتو من اعبن اإلنس واؽبواـ ،فما منها شيء أيتيو إال قاؿ
لو اؼبلك :وراءؾ ،إال شيء أذف هللا فيو ،فيصيبو".
ُت كِ َر ًاما ِِ ِ
2-حفظ أعماؿ بٍت آدـ ،وىو من وظيفة الكراـ الكاتبُت .قاؿ تعاذل﴿ َ:وإِ َّف َعلَْي ُك ْم َغبَافظ َ
ِ
ُت يَػ ْعلَ ُمو َف َما َتػ ْف َعلُو َف ﴾ االنفطار11- 13 : َكاتبِ َ
ِ
ات
الس َم َاو ُ
اد َّ3-السياحة اللتماس ؾبالس الذكر وحلَ ِق العلم ،وىو من وظيفة اؼببلئكة السيَّاحُت ﴿ .تَ َك ُ
يػَتػ َفطَّرَف ِمن َفػوقِ ِه َّن والْم َبلئِ َكةُ يسبِحو َف ِحبم ِد رّهبِِم ويسَتػغْ ِفرو َف لِمن ِٓت ْاألَر ِ ِ
ور ض أََال إ َّف ََّ
اَّلل ُىَو الْ َغفُ ُ ْ َُّ ُ َْ َ ْ ََ ْ ُ َ ْ َ ْ ْ ْ َ َ
يم ﴾ الشورى.5 : َّ ِ
الرح ُ
4-مبلئكة الروح الذين ينفُخوف األ رواح ٓت األجنَّة ٓت األرحاـ ،ويقبضوهنا عند انتهاء اْلجاؿ .عن ابن
مسعود هنع هللا يضر قاؿ :حدثنا رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص وىو الصادؽ اؼبصدوؽ(( :إف أحدكم ُهب َمع ٓت بطن أمو أربعُت
يوما نطفةّ ،ت يكوف علقة مثل ذلكّ ،ت يكوف مضغة مثل ذلكّ ،ت يرسل إليو اؼبلك فينفخ فيو الروح،
ً
ويؤمر أبربع كلمات؛ ب َكْتب رزقو ،وأجلو ،وعملو ،وشقي أو سعيد)) .البخاري ومسلم وأبو داود
والًتمذي.
ين َْوب ِملُو َف َّ ِ َّ ِ 5-اؼببلئكة الذين ي ِ
سددوف ويُعينوف اؼبكلفُت على اػبَت ويبدُّوف اجملاىدين اؼبتَّقُت ﴿ .الذ َ ُ ّ
ضب ًة ٍ ِ ِ ِ َّ ِ ِ ِ ِِ ِ ِ ِ ِ
ت ُك َّل َش ْيء َر َْ ين َآمنُوا َربػََّنا َوس ْع َ اْل َع ْر َش َوَم ْن َحْوَلوُ يُ َسبّ ُحو َف َحب ْمد َرّهب ْم َويػُْؤمنُو َف بو َويَ ْسَتػ ْغف ُرو َف للذ َ
َّات َع ْد ٍف الَِّيت َو َع ْدَتػ ُه ْم و ِعْلما َفا ْغ ِفر لِلَّ ِذين َاتبوا واتػَّبػعوا سبِيَلك وقِ ِهم ع َذاب ا ْعب ِحي ِم * ربػَّنا وأَد ِخْلهم جن ِ
ََ َ ْ ُْ َ ْ َ ُ َ َُ َ َ َ ْ َ َ َ َ ً
السِيئاتِ ِ ِ ِ ِِ ِ ِ ِ
السِيَّئات َوَم ْن َت ِق َّ َّ يم * َوق ِه ُم َّ ك أَنْ َ ِ
ت اْل َعز ُيز ا ْغبَك ُ صَل َح م ْن َآابئ ِه ْم َوأَْزَواج ِه ْم َوذُ ِّرَّايهت ْم إِنَّ َ َوَم ْن َ
يم ﴾ غافر.9 - 7 : ِ ِ ِ ٍِ
ك ُىَو اْل َفْوُز اْل َعظ ُ ضبَتوُ َو َذل َيَػْوَمئذ َفػ َق ْد َر ْ
اسَتػ َق ُاموا َتػَتػَنػ َّزُؿ َعَلْي ِه ُم اْل َم َبلئِ َكةُ أ ََّال ََزبافُوا َوَال َْرب َزنُوا َوأَبْ ِش ُروا ِاب ْعبَن َِّة الَِّيت ُكْنػتُ ْم
اَّللُ ُّتَّ ْ
ين َقالُوا َربػَُّنا َّ ِ َّ ِ
﴿ إ َّف الذ َ
الدنْػَيا َوِٓت ْاْل ِخ َرِة َوَل ُك ْم فِ َيها َما َت ْشَت ِهي أَنْػ ُف ُس ُك ْم َوَل ُك ْم فِ َيها َما وع ُدو َف * َْكب ُن أَْولَِيا ُؤُك ْم ِٓت ا ْغبََي ِاة ُّتُ َ
ُت أََل ْن يَك ِْفَي ُك ْم أَ ْف ُيبِ َّد ُك ْم َتدَّعو َف * نػُزًال ِمن َغ ُفوٍر رِحي ٍم ﴾ فصلت32 – 33 :و ﴿ إِ ْذ َتػ ُق ُ ِ ِ ِ
وؿ للْ ُمْؤمن َ َ ُ ْ ُ
صِ ُربوا َوَتػتػَّ ُقوا َو َأيْتُوُك ْم ِم ْن َفػْوِرِى ْم َى َذا يبُْ ِد ْد ُك ْم َربُّ ُك ْم ِ ِ ِ ِ ٍ ِ
ُت * بَػَلى إِ ْف َت ْ َربُّ ُك ْم بَِث َبلثَة َآالؼ م َن الْ َم َبلئ َكة ُمْنػ َزل َ
13
ِ ِ ِ ِ ِ ٍ ِ
ُت ﴾ آؿ عمراف.125 ،124 : َخب ْم َسة َآالؼ م َن الْ َم َبلئ َكة ُم َس ِّوم َ
فاألوؿ.
األوؿ َّ
ُ 6-كتَّاب الناس يوـ اعبمعة على أبواب اؼبساجد َّ
مد َة انتظا ِرىم لصبلة اعبماعة. 7-الصبلة على اؼبصلُت َّ
8-فتنة األموات ٓت القبور .ونبا منكر ونكَت.وقد جاء ٓت وصفهما :أهنما أسوداف أزرقاف؛ فعن أيب ىريرة
هنع هللا يضر قاؿ :قاؿ رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص(( :إذا أقرب اؼبيت -أو قاؿ :أحدكم -أاته ملكاف أسوداف أزرقاف ،يقاؿ
ألحدنبا :اؼبنكر ،ولآلخر :النكَت ))...حسن رواه الًتمذي وابن حباف وابن أيب عاصم ٓت السنن.
14
أما أتباع األشاعرة فهم على قولُت منهم من يفضل األنبياء واألولياء و منهم من يقف وال يقطع
بينهما بشيء ،لكن وبكى عن بعضهم ميل إذل تفضيل اؼببلئكة وحكي ذلك عن غَتىم وىم
بعض الصوفية.
- 6وقالت الشيعة إف صبيع األئمة أفضل من صبيع اؼببلئكة.
- 7وذكر أف أاب حنيفة توقف ٓت اؼبسألة وكذلك شارح الطحاوية.
- 8وذكر السفاريٍت أف ا ِإلماـ أضبد كاف يفضل صاغبي اؼبؤمنُت على اؼببلئكة ،وىبطئ من
يفضل اؼببلئكة على بٍت آدـ.
زلل النزاع :ادلفاضلة بني صاحلي البشر وادلالئكة :أيهما أفضل ؟
صاحلو البشر :األنبياء واألولياء والصاغبوف أفضل من اؼببلئكة .ومراتب الصبلح ىي :النبوة،
الصديقة ،الشهادة ،الصحبة ،التقوى ،والوالية.
احلجج :
- 1أمر هللا اؼببلئكة ابلسجود ْل دـ سجود تشريف وتكرمي.
ِ
ت َعلَ َّي)اإلسراء .62 ك َى َذا الَّذي َك َّرْم َ - 2التكرمي ٓت قولو تعاذل (أ ََرآيْػتَ َ
- 3خلق هللا آ دـ بيديو ونفخ فيو من روحو بينما خلق اؼببلئكة بكلمتو [كن].
َذب َع ُل فِ َيها َمنض َخلِي َفةً ۖ قَالُوا أ َْ ٓ- 4ت قولو تعاذل ( :وإِذْ قَ َاؿ ربُّك لِلْم َبلئِ َك ِة إِِين ج ِ
اع ٌل ِٓت ْاأل َْر ِ ّ َ َ َ َ َ
ك ۖ قَ َاؿ إِِ ّين أ َْعلَ ُم َما َال َتػ ْعلَ ُمو َف ) البقرة ِ ِ ِ ِ يػ ْف ِسد فِيها ويس ِفك ِ
س لَ َ
الد َم َاء َوَْكب ُن نُ َسبّ ُح َحب ْمد َؾ َونػَُق ّد ُ
ُ ُ َ ََ ْ ُ ّ
. 33 :
- 5واػبليفة يػَُف ضَّل على من ليس خليفة ،وقد طلب اؼببلئكة ىذه اؼبكانة أي اػبِبلفة.
ض ُه ْم َعلَى َظب َاء ُكلََّها ُّتَّ َع َر َ - 6تفضيل آ دـ على اؼببلئكة ابلعلم حُت سئلوا عن األظباءَ ( :و َعلَّ َم َ
آد َـ ْاأل َْ
ِ الْم َبلئِ َك ِة َفػ َق َاؿ أَنبِئ ِوين ِأب َْظب ِاء َٰىؤَال ِء إِف ُكنتم ِ ِ
ك َال علْ َم لَنَا إِ َّال َما َعلَّ ْمَتػنَا ۖ إِنَّ َ
ك ُت) (31قَالُوا ُسْب َحانَ َ صادق َ ُْ َ َ َُ ُ َ
يم ) (32البقرة 32 - 31 : ِ ِ
يم ا ْغبَك ُ
َنت الْ َعل ُ
أ َ
األشق أفضل بسبب (الشهوة ،اغبرص ،الغضب ،اؽبوى.)... أشق و ّ - 7طاعة البشر ّ
- 8مباىاة هللا تعاذل ابلبشر الصاغبُت ٓت اؼبئل األعلى( أ ىل عرفة ،الذاكروف ،ؾبالس العلم .)..
نقل ابن القيم عن ابن تيمية ( :أنو سئل عن صاغبي بٍت آدـ واؼببلئكة أيهما أفضل؟ فأجاب
أبف صاغبي البشر أفضل ابعتبار كماؿ النهاية ،واؼببلئكة أفضل ابعتبار البداية ،فإف اؼببلئكة اْلف ٓت
الرفيق األعلى منزىُت عما يبلبسو بنو آدـ ،مستغرقوف ٓت عبادة الرب ،وال ريب أف ىذه األحواؿ
15
اْلف أكمل من أحواؿ البشر ،وأما يوـ القيامة بعد دخوؿ اعبنة فيصَت حاؿ صاغبي البشر أكمل
انتهى من حاؿ اؼببلئكة) .
-عامل اجلن :عادل اعبن من الغيبيات مثل عادل اؼببلئكة .نؤمن بوجودىم.
تسميتو :يسموف ابعبن الستتارىم عن أعُت اإلنس كما تسمى اعبنة ابعبنة اللتفاؼ األشجار
حوؿ بعضها ،وكما يسمى اعبنُت ٓت بطن أمو جنيناً الستتاره ،وكما يسمى اجملن ؾبناً الستتار اؼبقاتل
بو ٓت اغبرب.
أصل خلق اجلن:
الس ُم ِوـ ﴾
اف َخَل ْقَناهُ ِم ْن َقػْب ُل ِم ْن َان ِر َّ
نعلم أف اعبن ُخلقوا من ا لنار كما قاؿ تعاذل َ ﴿:وا ْعبَ َّ
اف ِم ْن َما ِرٍج ِم ْن َان ٍر ﴾ الرضبن .15 :قاؿ عبدهللا بن عباس اغبجر ،27 :وقاؿ تعاذل َ ﴿:و َخَل َق ا ْعبَ َّ
-رضي هللا تعاذل عنهما ( :-مارج من انر :طرؼ اللهب) ،وعن حديث عائشة -رضي هللا تعاذل
وخلق اعبآف من مارج من انر، ((خلقت اؼببلئكة من نورُ ، عنها -قالت :قاؿ رسوؿ هللا -ملسو هيلع هللا ىلص ُ :-
وخلق آدـ فبا وصف لكم)) رواه مسلم .وأهنم أيكلوف ويشربوف ويتزاوجوف وؽبم ذرية كما قاؿ هللا ُ
َّخ ُذونَوُ َوذُ ِّريػََّتوُ أَْولَِياء ِمن ُد ِوين َو ُى ْم َل ُك ْم َع ُدّّو).الكهف . 53:وكاف
تعاذل ٓت الشيطاف ( :أََفػتػت ِ
َ
خلقهم قبل خلق اإلنس ،كما قاؿ هللا تعاذل( :وَل َق ْد خَل ْقَنا ا ِإلنسا َف ِمن صلْص ٍاؿ ِمن َضبٍإ َّمسنُ ٍ
وف َ َ ّْ َ ْ َ َ َ
الس ُم ِوـ).اغبجر 27- 26 : آف َخَل ْقَناهُ ِمن َقػْب ُل ِمن َّان ِر َّ
َوا ْعبَ َّ
صفة خلقة اجلن:
حقيقة اعبن هللا أعلم هبا ،ولكننا نعلم أف الذي يشَت إليو اػبرب الصادؽ أف اعبن يتشكلوف
ابلصور اؼبختلفة .ورد ٓت السنة اؼبطهرة أحاديث عديدة تدؿ على تشكل اعبن ورؤيتهم ،من
ذلك :
- 1ثبت ٓت الصحيحُت عن أيب ىريرة أنو قاؿ :قاؿ رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص (:إف عفريتا من اعبن جعل
علي الصبلة ،وأف هللا أمكنٍت منو فذعتو ،فلقد نبمت أف أربطو إذل
علي البارحة ،ليقطع َّ
يفتك َّ
جنب سارية من سواري اؼبسجد ،حىت تنظروف إليو أصبعوف -أوكلكم ّ .-ت ذكرت قوؿ أخي
َح ٍد ِّم ْن بَػ ْع ِدي)) .فرده هللا خاسئاً). ِ
ب ِرل ُمْل ًكا ال يَ َنبغي أل َ
سليماف َ ((:ق َاؿ ر ِ ِ
ب ا ْغف ْر ِرل َوَى ْ
َّ
البخاري ومسلم.
- 2وٓت صحيح مسلم عن أيب الدرداء قاؿ (:قاـ رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص ،فسمعناه يقوؿ :أعوذ اب﵁
منكّ ،ت قاؿ :ألعنك بلعنة هللا .ثبلَثً ،وبسط يده كأنو يتناوؿ شيئاً .فلما فرغ من الصبلة قلنا:
16
اي رسوؿ هللا ,قد ظبعناؾ تقوؿ ٓت الصبلة شيئاً ،دل نسمعك تقولو قبل ذلك .ورأيناؾ بسطت
يدؾ؟ قاؿ :إف عدو هللا إبليس جاء بشهاب من انر ليجعلو ٓت وجهي .فقلت :أعوذ اب﵁ منك.
ثبلث مراتّ .ت قلت :ألعنك بلعنة هللا التامة .فلم يستأخر .ثبلث مراتّ .ت أردت أخذه .وهللا
لوال دعوة أخينا سليماف ألصبح موثقاً يلعب بو ولداف أىل اؼبدينة.) .
- 3ما ورد ٓت صحيح البخاري عن أيب ىريرة هنع هللا يضر قاؿ ( :وكلٍت رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص حبفظ زكاة
رمضاف ،فأاتين آت ،فجعل وبثو من الطعاـ ،فأخذتو وقلت :وهللا ألرفعنك إذل رسوؿ هللا صلى
هللا عليو وسلم ،قاؿ :إين ؿبتاج ,وعلي عياؿ ,ورل حاجة شديدة ،قاؿ :فخليت عنو ،فأصبحت
فقاؿ النيب ملسو هيلع هللا ىلص :اي أاب ىريرة ما فعل أسَتؾ البارحة؟ قاؿ :قلت :اي رسوؿ هللا ،شكا حاجة
شديدة ،وعيا ًال فرضبتو فخليت سبيلو ،فقاؿ :أما إنو قد كذبك ،وسيعود .فعرفت أنو سيعود،
لقوؿ رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص :إنو سيعود .فرصدتو ،فجعل وبثو من الطعاـ ،فأخذتو فقلت :ألرفعنك إذل
رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص ،قاؿ :دعٍت فإين ؿبتاج ,وعلي ع ياؿ ،ال أعود ،فرضبتو فخليت سبيلو ،فأصبحت
فقاؿ رل رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص :اي أاب ىريرة ما فعل أسَتؾ؟ قلت :اي رسوؿ هللا شكا حاجة شديدة
وعيا ًال ،فرضبتو فخليت سبيلو ،قاؿ :أما إنو كذبك ،وسيعود .فرصدتو الثالثة ،فجعل وبثو من
الطعاـ ،فأخذتو فقلت :ألرفعنك إذل رسوؿ هللا ،وىذا آخر ثبلث مرات إنك تزعم ال تعودّ ،ت
تعود ،قاؿ :دعٍت أعلمك كلمات ينفعك هللا هبا ،قلت :ما ىن؟ قاؿ :إذا أويت إذل فراشك،
فاقرأ آية الكرسي ( :هللا ال إلو إال ىو اغبي القيوـ) .حىت زبتم اْلية ،فإنك لن يزاؿ عليك من
هللا حافظ ،وال يقربك شيطاف حىت تص بح ،فخليت سبيلو فأصبحت ،فقاؿ رل رسوؿ هللا صلى
هللا عليو وسلم :ما فعل أسَتؾ البارحة؟ قلت :اي رسوؿ هللا ،زعم أنو يعلمٍت كلمات ينفعٍت هللا
هبا فخليت سبيلو ،قاؿ :ما ىي؟ قلت :قاؿ رل :إذا أويت إذل فراشك ،فاقرأ آية الكرسي من
أوؽبا حىت زبتم ( :هللا ال إلو إال ىو اغبي القيوـ ).وقاؿ رل :لن يزاؿ عليك من هللا حافظ ،وال
يقربك شيطاف حىت تصبح -وكانوا أحرص شيء على اػبَت -فقاؿ النيب ملسو هيلع هللا ىلص :أما إنو قد
صدقك وىو كذوب ،تعلم من زباطب منذ ثبلث لياؿ اي أاب ىريرة.قاؿ :ال ،قاؿ :ذاؾ
شيطاف ).البخاري
ويقوؿ دمحم رشيد رضا مبيناً إمكانية رؤية اعبن( :فإذا سبثل اؼبلك أو اعباف ٓت صورة كثيفة كصورة
البشر أو غَتىم ،أمكن للبشر أف يروه ،ولكنهم ال يرونو على صورتو وخلقتو األصلية حبسب
العادة ،وسنة هللا ٓت خلق عاؼبو وعاؼبها).
صورة الشيطان:
17
صورة الشيطاف من أقبح الصور ٓت اػبلق ،وقد شبهها هللا بثمار أشجار الزقوـ ٓت النار اليت تنبت
ُت ِإنػََّها ِ ِ ِِ ٓت أصل اعبحيم ،قاؿ تعاذل ﴿:أَ َذلِك خيػر نػزًال أَـ شجرةُ َّ ِ
الزقُّوـ إِ َّان َج َعلَْن َاىا فْتػَن ًة للظَّالم َ َ َ ْ ٌ ُُ ْ َ َ َ
ُت ﴾.ا لصافات65 – 62 : شجرةٌ َْزبرج ِٓت أَص ِل اعب ِحي ِم َطلْعها َكأَنَّو رءوس الشَّي ِ
اط ِ ُ ُُ ُ َ َُ ْ َ َ ََ ُُ
الشيطان لو قرانن :
جاء ٓت صحيح مسلم من حديث عبدهللا بن عمر -رضي هللا تعاذل عنهما -أف النيب -صلى
هللا عليو وسلم -قاؿ( :ال ربروا بصبلتكم قبل طلوع الشمس وال قبل غروهبا فإهنا تطلع بقرين
شيطاف) ،ومعٌت اغبديث :أف اؼبشركُت كانوا يعبدوف الشمس ويسجدوف عند طلوعها وعند
غروهبا وعند ذلك ينتصب الشيطاف ٓت اعبهة اليت تكوف فيها الشمس حىت تكوف العبادة لو.
واجلن سللوقات عاقلة مكلفة:
وف"الذارايت.56: االنس إِالَّ لِيػعب ُد ِ ِ لقولو تعاذل" :وما خلَ ْق ِ
ت اعب َّن َو َ َ ْ ُ ََ َ ُ
وأهنم مكلفوف ابلعبادات يوجو إليهم أمر هللا تعاذل وهنيو ،فقد أرسل إليهم النيب صلى هللا عليو
اسَت َم َع نَػ َف ٌر ِّم َن ا ْعبِ ِّن وسلم وحضروا واستمعوا القرآف كما قاؿ هللا تعاذل ( :قُل أ ِ
ُوح َي إِ َ َّ
رل أَنَّوُ ْ ْ
ِِ ِِ َفػ َقالُوا إِ َّان َِظبعنا قُػرآ ًان عجبا يػه ِدي إِ َذل ُّ ِ
َح ًدا).اعبن 2- 1:وكما الر ْشد َف َآمنَّا بو َوَلن نُّ ْش ِرَؾ ب َربَّنا أ َ َْ ْ َ َ ً َ ْ
ضروه َقالُوا أ ِ ِ ِ ِ
َنصتُوا َفػَل َّما ك نَػ َف ًار ّم َن ا ْعب ِّن يَ ْسَتم ُعو َف اْل ُق ْرآ َف َفػَل َّما َح َ ُ ُ ص َرْفػَنا إَِلْي َ ِ
قاؿ تعاذلَ( :وإ ْذ َ
ص ِّد ًقا وسى ُم َ
ِ ِ ِ ِ ِ
ين ﴿َ ﴾ 29قالُوا َاي َقػْوَمَنا إ َّان َظب ْعَنا كَت ًااب أُن ِزَؿ من بَػ ْعد ُم َ ِ َّ ِ ِ ِ ِ ِ
قُض َي َولْوا إ َذل َقػْومهم ُّمنذر َ
اَّلل َو ِآمنُوا ِب ِولِّما بػُت يدي ِو يػه ِدي ِإ َذل ا ْغب ِق وِإ َذل َط ِر ٍيق ُّمست ِقي ٍم ﴿ ﴾33اي َقػومنا أ َِجيبوا د ِاعي َِّ
َ ْ ََ ُ َ َ َْ َّ َ َ َ ْ َ ََ ْ َ ْ
س ِدبُْع ِج ٍز ِٓت اب أَلِي ٍم ﴿ ﴾31ومن َّال ُِهبب د ِاعي َِّ
اَّلل َفػَلْي َ ْ َ َ ََ
يػ ْغ ِفر َل ُكم ِمن ذُنُوبِ ُكم و ُِهبرُكم ِمن َع َذ ٍ
ْ َ ْ ّْ ّ َ ْ
ٍ
ض َبلؿ ُّمبِ ٍ ِ ِ ِ ِ ِ
ُت ﴿ ) ﴾32األحقاؼ 32- 29 : ك ِٓت َ س َلوُ من ُدونو أَولَياء أُْوَلئ َ ِ
ْاأل َْرض َوَلْي َ
جزاؤىم :دبا أهنم مكلفوف فلهم جزاء يوـ القيامة.
نذ ُرونَ ُك ْمصو َف عَلي ُكم ءاايِِت وي ِ ِ ِ قاؿ تعاذل( :اي معشر اعبِ ِن و ِ
اال ِ
نس أََدلْ َايت ُك ْم ُر ُس ٌل ّمن ُك ْم يَػ ُق ُّ َ ْ ُ َ َ َ ُ َ َْ ََ ّ َ
الدنْػَيا َو َش ِه ُد ُوا َعَلى أَن ُف ِس ِه ُم أَنػَّ ُه ْم َكانُوا
اغبيواةُ ُّ ِ ِ لِ َق ِ
آء يَػْوم ُك ْم َىذا َقالُوا َشه ْد َان َعلى أن ُفسَنا َو َغ َّرْتػ ُه ُم َ
َ
َي آالء َرِبّ ُك َما ِ ِ ِ ِ ِ ِِ
اؼ َم َق َاـ َربّو َجنػََّتاف َفبأ ِّ
ين) األنعاـ .133:قاؿ هللا تعاذلَ( :ول َم ْن َخ َ َكافر َ
تُ َك ِّذ َاب ِف) الرضبن 46:
صالح وفساد اجلن:
منهم اؼبؤمن ،ومنهم الكافر ،ومنهم اؼبطيع ،ومنهم العاصي ،وأكثرىم العصاة والفجار والكفار،
ك ُكنَّا َط َرائِ َق قِ َد ًدا ﴾ اعبن ،11 :وقاؿ تعاذل : ِ قاؿ تعاذل ﴿:وأ ََّان ِمنَّا َّ ِ ِ
الصاغبُو َف َومنَّا ُدو َف َذل َ َ
اسطُو َف َفمن أَسَلم َفأُوَلئِك َرب َّروا رشدا وأ ََّما الْ َق ِ
اسطُو َف َف َكانُوا ﴿ وأ ََّان ِمنَّا الْمسلِمو َف وِمنَّا الْ َق ِ
َ َ ْ ََ ً َ َْ ْ َ ُْ ُ َ َ
ِعبََهن ََّم َح َطًبا ﴾ اعبن15 - 14 :
18
قرين اإلنس:
جاء ٓت صحيح مسلم عن عبد هللا بن مسعود هنع هللا يضر قاؿ :قاؿ رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص" :ما منكم من أحد
إال وقد ُوّكِل بو قرينو من اعبن وقرينو من اؼببلئك ة ،قالو :وإايؾ اي رسوؿ هللا؟ قاؿ ":وإايي إال
أف هللا أعانٍت عليو فأسلم ،فبل أيمرين إال خبَت" -رواه مسلم -
اجلن ال يعلمون الغيب
ب إِ َّال َّ
اَّللُ َوَما يَ ْش ُع ُرو َف أ ََّاي َف يػُْبػ َعثُو َف ) السماو ِ
ات َو ْاأل َْر ِ ِ َّ
ض اْل َغْي َ اقرأ قولو تعاذل (قُل ال يَػ ْعَل ُم َمن ٓت َّ َ َ
ض َأتْ ُك ُل ت َما َد َّؽبُْم َعَلى َمْوتِِو إِالَّ َدابَّةُ األ َْر ِ ِ
ضْيػَنا َعَلْيو اْل َمْو َ
النمل .65:وقولو تعاذلَ ( :فػَل َّما َق َ
ُت) سبأ.14: اب الْم ِه ِ ت ا ْعبِ ُّن أَف لَّو َكانُوا يػ ْعَلمو َف الْ َغْيب ما َلبِثُوا ِٓت الْع َذ ِ ِمنسأََتو َفػَل َّما خ َّر َتػبػيَّػَن ِ
ُ َ َ َ َ ُ ْ َ َ َ ُ
و الذين يدعوف أهنم يعلموف الغيب ٓت اؼبستقبل كل ىذا من الكهانة وقد ثبت عن النيب صلى
هللا عليو وسلم (:أف من أتى عرافاً فسألو شيء دل تقبل لو صبلة أربعُت ليلة ).رواه مسلم
قدراهتم :اجلن وال شياطني كاإلنس فيهم جوانب قوة وجوانب ضعف:
ك) ِ جوانب قوة :قاؿ تعاذلَ ( :ق َاؿ ِع ْف ِريت ِمن اعبِ ِن أ َََن ءاتِيك بِ ِو َقػبل أَف َتػ ُق ِ
وـ من َّم َقام َ َ ٌ َّ ّ َ َ ْ َ
اسَت َط ْعتُ ْم أَ ْف َتػْنػ ُف ُذوا ِم ْن اإلنْ ِ ِ
س إِف ْ النمل 39:أي سرعة اغبركة واالنتقاؿ.و ﴿ َاي َم ْع َشر ا ْعبِ ِن و ِْ
َ َّ
اف ﴾( الرضبن اْلية33 : ض َفانْػ ُف ُذوا َال َتػْنػ ُف ُذو َف إِ َّال بِسلْ َط ٍ السماو ِ
ات َو ْاأل َْر ِ ِ
ُ أَْق َطار َّ َ َ
جوانب الضعف:
ضعِي ًفا ﴾ النساء76 : -ضعف كيد الشيطاف عموما ٓت قولو تعاذل ِ ﴿:إ َّف َكي َد الشَّي َط ِ
اف َكا َف َ ْ ْ
-ال سلطاف ؽبم على عباد هللا الصاغبُت ،وأف سلطاهنم يكوف ابإلغواء واإلضبلؿ.
-خوؼ الشيطاف من بعض عباد هللا تعاذل ولذلك قيل( :من قوي إيبانو قهر شيطانو)-
-عجزىم عن اإلتياف ابؼبعجزات وال يستطيعوف أف أيتوا دبثل ما جاء بو األنبياء والرسل.
-ال يتمثلوف ٓت اؼبناـ ابلرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص.
-ال يستطيع اعبن أف يتجاوزوا حدود معينة من أقطار السماوات واألرض.
العالقة بني اجلن واإلنس:
ِ َّ ِ ِ ِ ِ ِ ِ
يس َكا َف ﴿وإِذْ قػُلَْنا للْ َم َبلئ َكة ْ
اس ُج ُدوا َْل َد َـ فَ َس َج ُدوا إال إبْل َ إبليس و الشياطني عدو لبين آدم َ :
َّخ ُذونَو وذُ ِريػََّتو أَولِياء ِمن د ِوين وىم لَ ُكم ع ُدّّو بِئْ ِ ِ ِ ِمن ا ْعبِ ِن َفػ َفسق عن أَم ِر ربِ ِو أََفػتػت ِ
س للظَّالم َ
ُت َ َُ ّ ُ ْ َ َ ْ ُ َُْ ْ َ َ ّ َ َ َ ْ ْ َّ َ
بَ َدالً ﴾الكهف اْلية.53 :
حكم خدمة اجلن لإلنس؟
حترم االستعانة ابجلن ولو كانوا مسلمُت .وسئل الدكتور وىبة الزحيلي :ىل هبوز االستعانة ابعبن
اؼبسلم؟ وما حكم من استعاف ابعبن اؼبسلم ػبدمة اؼبسلمُت؟ وما حكم االستعانة ابعبن بشكل عاـ؟
19
فأجاب :وبرـ االستعانة ابعبن أايً كانوا ،فهو مذموـ شرعاً لقولو تعاذل ٓت سورة اعبنَ ﴿ :وأَنَّوُ َكا َف ِر َج ٌاؿ
ٍ ِ ِ ِمن ِْ
س يَػ ُعوذُو َف بِ ِر َجاؿ م َن ا ْعب ِّن َفػ َز ُاد ُ
وى ْم َرَى ًقا ﴾ اعبن.6 : اإلنْ ِ َ
أدلة ادلانعني:
21
إذا ابتلي االنساف ابعبن من ابب األذى واالعتداء أو من ابب التسليط ابلسحر واغبسد والعُت،
ين بِ ِو ِم َن اَ َح ٍد اِالَّ ِِإب ْذ ِفضِ ِ
فإ ّف ىذا األذى وبدث أو ال وبدث إبذف هللا ،قاؿ تعاذلَ( :وَما ُىم ب َ ّ
آر َ
ِ
هللا) البقرة32. :
فاألمر ابتالء لتمحيص اإلميان ،فاؼببتلى ٓت ؾباىدة مأجور عليها وهللا يعينو ،وعليو لزوـ التقوى
انتهى والدعاء والتمسك ابلقرآف واألذكار.
21
ض َو ُىَو الْ َع ِز ُيز ا ْغبَ ِكي ُم)[الروـ،]27 : السماو ِ
ات َو ْاأل َْر ِ َعَلى ٓت َّ َ َ
يدهُ و ُىو أ َْىو ُف َعَلْي ِو وَلوُ الْمَثل ْاأل ْ ِ
َ َ ُ ُّتَّ يُع ُ َ َ َ
ِ
(َوَقالُوا أَإِ َذا ُكنَّا ِع َظ ًاما َوُرَفا ًات أَإِ َّان َل َمْبػ ُعوثُو َف َخلْ ًقا َج ِد ًيدا * قُ ْل ُكونُوا ِح َج َارًة أَْو َح ِد ًيدا * أَْو َخلْ ًقا ِفبَّا
يد َان قُِل الَّ ِذي َف َط َرُك ْم أ ََّوَؿ َم َّرٍة[)...اإلسراءَ( ،]51 - 49 :و ُىَو الَّ ِذي ِ
ص ُدوِرُك ْم َف َسَيػ ُقولُو َف َم ْن يُع ُ
يَ ْكبُػ ُر ِٓت ُ
ؼ اللَّْي ِل َوالنػ ََّها ِر أََف َبل َتػ ْع ِقلُو َف * بَ ْل اختِ َبل ُ
يت َوَلوُ ْ
ِ ِ
ض َوِإَلْيو ُْرب َش ُرو َف * َو ُىَو الَّذي ُْوبيِي َوُيب ُ
َذرأَ ُكم ِٓت ْاألَر ِ ِ
ْ َ ْ
َقالُوا ِمْث َل َما َق َاؿ ْاأل ََّولُو َف * َقالُوا أَإِ َذا مْتػَنا َوُكنَّا تُػ َر ًااب َوع َظ ًاما أَإِ َّان َل َمْبػ ُعوثُو َف * َل َق ْد ُوع ْد َان َْكب ُن َو َآاب ُؤ َان َى َذا
ِ ِ ِ
ض َوَم ْن فِ َيها إِ ْف ُكْنػتُ ْم َتػ ْعلَ ُمو َف * َسَيػ ُقولُو َف ِ ََِّّلل قُ ْل أََف َبل ِ
ُت * قُ ْل ل َم ِن ْاأل َْر ُ
ِ ِمن َقػبل إِ ْف ى َذا إِ َّال أ ِ
َساط َُت ْاأل ََّول َ َ ْ ُْ َ
ث َفِإ َّان َخلَ ْقَنا ُك ْم ِم ْن
ب ِمن الْبػع ِ
َّاس إِ ْف ُكْنػتُ ْم ِٓت َريْ ٍ َ َ ْ َت َذ َّك ُروف)[اؼبؤمنوفَ ( ، ]85 - 79 :اي أَيػَُّها الن ُ
اب)[اغبج ،]5 :إذل غَت ذلك من اْلايت اليت َت ْذ ُكر قدرة هللا ،وتُ َذ ّكِر بنشأة اػبلق ،وَتػ ُردُّ عليهم تُػر ٍ
َ
استبعادىم لؤلمر .فإعادة إحياء اإلنساف بعد اؼبوت أسهل من خلقو ابتداء.
ِِ ِ الس ِج ِل لِلْ ُكتُ ِِ
ُت ﴾ يدهُ َو ْع ًدا َعَلْيػَنا إِ َّان ُكنَّا َفاعل َ ب َك َما بَ َدأْ َان أ ََّوَؿ َخلْ ٍق نُع ُ الس َم َاء َك َط ِّي ّ ّ ﴿يَػ ْوَـ نَطْ ِوي َّ
اإلنْ َسا ُف أ ََّان َخَل ْقَناهُ ِم ْن ؼ أ ُْخرج َحيِّا * أَوَال يَ ْذ ُكر ِْ
ُ َ ت َل َسْو َ َ ُ اإلنْ َسا ُف أَإِ َذا َما ِم ُّ وؿ ِْ األنبياءَ ﴿.. 134 :ويَػ ُق ُ
ك َشْيػًئا ﴾ مرمي67 ،66 : َقػْب ُل َوَدلْ يَ ُ
ففي ىذه اْلايت يوضح سبحانو لعباده أنو يعيد إحياء اؼبوتى بعد أف ماتوا وبليت أجسامهم ٓت
األرض ،فكما أنو أنشأىم أوؿ مرة ال يعجزه أف ينشئهم مرة أخرى.
- 2االستدالل خبلق السموات واألرض :إف من صبلة ما خلق هللا تعاذل ما ىو أعظم من خلق الناس؛
اَّلل الَّ ِذي َف ََّ فكيف يقاؿ للذي خلق السموات واألرض :أنت ال تستطيع أف زبلق ما دوهنا ﴿:أََوَدلْ يَػ َرْوا أ َّ
ض َوَدلْ يَػ ْع َي ِ َخبْل ِق ِه َّن بِ َق ِاد ٍر َعَلى أَ ْف ُْوبيِ َي اْل َمْوَتى بَػَلى إِنَّوُ َعَلى ُك ِّل َش ْي ٍء َق ِد ٌير ﴾ خَلق َّ ِ
الس َم َاوات َو ْاأل َْر َ َ َ
َّاس َال يَػ ْعَل ُمو َف ﴾ َّاس َوَل ِك َّن أَ ْكَثػ َر الن ِ ض أَ ْكَبػ ُر ِم ْن َخْل ِق الن ِ ات َو ْاأل َْر ِالسماو ِ
األحقاؼَ ﴿.. 33 :ػبَْل ُق َّ َ َ
اإلنْ َسا ُف أ ََّان - 3االستدالل إبخراج النار من الشجر األخضرعلى البعث ٓ:ت قولو تعاذل ﴿ :أَوَدلْ يَػر ِْ
َ َ
ب َلَنا َمَث ًبل َونَ ِس َي َخْل َقوُ َق َاؿ َم ْن ُْوب ِي اْلعِ َظ َاـ َوى َي
ِ
ض َر َُت * َو َ يم ُمبِ ٌ ِ ٍ ِ ِ
َخَل ْقَناهُ م ْن نُ ْط َفة َفإ َذا ُىَو َخص ٌ
ض ِر َان ًار ِ ِ ِ ِ ِ ِ
َخ َ َّج ِر ْاأل ْيم * الَّذي َج َع َل َل ُك ْم م َن الش َ يم * قُ ْل ُْوبِي َيها الَّذي أَنْ َشأ ََىا أ ََّوَؿ َم َّرٍة َو ُىَو ب ُك ِّل َخْل ٍق َعل ٌ
َرم ٌ
َفِإ َذا أَنْػتُ ْم ِمْنوُ تُوقِ ُدو َف ﴾ يس83 - 77 :
- 4االستدالل إبحياء األرض ادليتة وإنبات النبات :فهذه األرض تكوف ميتة ىامدة فينزؿ هللا عليها
ب
َّات َو َح َّالسما ِء ماء مبارًكا فَأَنػْبػْتػنا بِ ِو جن ٍ ِ
اؼباء فتصبح ـبضرة انضرة ابلزرع والنباتَ( ، :ونػَ َّزلَْنا م َن َّ َ َ ً َُ َ َ َ َ
ِ ِ ِِ ِ ِ ِ ٍ ا ْغب ِ ِ
وج)[ؽ- 9 : ك ا ْػبُُر ُ َحَيػْيػَنا بِو بَػلْ َدةً َمْيػًتا َك َذل َ
َّخ َل َابس َقات َؽبَا طَلْ ٌع نَضي ٌد * ِرْزقًا للْعَباد َوأ ْ صيد * َوالن ْ َ
.]11فإحياء األرض اؼبيتة اليابسة ابؼباء وإخراج أنواع النبااتت دليل حي على إمكانية البعث .قاؿ
ِ ك َتػرى ا َالر َ ِ ِ ِ ِِ
َحَيا َىا َل ُم ْحِيي ت ِإ َّف الَّذي أ ْ ت َوَربَ ْ اؼبآء ْاىَتػ َّز ْ
َنزْلَنا َعَلْيػ َها َض َخاش َع ًة َفإ َذآ أ َ تعاذلَ( :وم َن اََايتو أَنَّ َ َ ْ
ت ِم َن ا ْغبَ ِّي َو ُْوب ِي ِ ِ ٍ ِ
اْل َموَتى ِإنَّوُ َعَلى ُك ِّل َش ْيء َقد ٌير) فصلت.39:و ﴿ ُْىب ِر ُج ا ْغبَ َّي م َن اْل َمِيّت َو ُْىب ِر ُج اْل َمِيّ َ
ض بَػ ْع َد ت َِّ ك ُْزبرجو َف﴾ الروـَ ﴿ .19 :فانْظُر إِ َذل آ ََث ِر ر ْضب ِ ِ ِ
ف ُْوب ِي ْاأل َْر َ اَّلل َكْي َ ََ ْ ض بَػ ْع َد َمْوهتَا َوَك َذل َ َ ُ ْاأل َْر َ
22
َّاس إِ ْف ٍ ِ ِ ِ
ك َل ُم ْح ِي الْ َمْوَتى َو ُىَو َعَلى ُك ِّل َش ْيء َقد ٌير ﴾ الروـ ،53 :قاؿ تعاذل َ ﴿:ايأَيػَُّها الن ُ َمْوهتَا إِ َّف َذل َ
ض َغ ٍة َُـبلََّق ٍة َو َغ َِْت َُـبلََّق ٍة
اب ُّتَّ ِم ْن نُطْ َف ٍة ُّتَّ ِم ْن َعَل َق ٍة ُّتَّ ِم ْن ُم ْث َفِإ َّان َخَل ْقَنا ُكم ِمن تُػر ٍ
ْ ْ َ
ب ِمن الْبػع ِ
ُكْنػتُ ْم ِٓت َريْ ٍ َ َ ْ
َش َّد ُك ْم َوِمْن ُك ْم َم ْن ِ ِ
َج ٍل ُم َس ِّمى ُّتَّ ُْلب ِر ُج ُك ْم ط ْف ًبل ُّتَّ لَتػْبػلُغُوا أ ُ ِ ِ ِ
ُت َل ُك ْم َونُق ُّر ِٓت ْاأل َْر َحاـ َما نَ َشاءُ إ َذل أ َ لنُػَبػِّ َ
ِ
ض َى ِام َد ًة َفِإ َذا أَنْػ َزلَْنا َعَلْيػ َها ِ ِ ِ ِ ِ ِ
يػَُتػَو َّْت َومْن ُك ْم َم ْن يػَُردُّ ِإ َذل أ َْرَذؿ الْ ُع ُم ِر ل َكْي َبل يَػ ْعَل َم م ْن بَػ ْعد علْ ٍم َشْيػًئا َوَتػ َرى ْاأل َْر َ
اَّلل ُىَو ا ْغبَ ُّق َوأَنَّوُ ُْوب ِي الْ َمْوَتى َوأَنَّوُ َعَلى ُك ِّل ك ِأب َّ الْماء اىتػ َّزت وربت وأَنْػبػتت ِمن ُك ِل زو ٍج هبِ ٍ ِ
َف ََّ يج * َذل َ َ َ ْ َ ْ َ ََ ْ َ َ َ ْ ْ ّ َْ َ
َش ْي ٍء َق ِد ٌير ﴾ اغبج.7- 5 :
- 5االستدالل إبحياء بعض األموات يف الدنيا :إخبار هللا تعاذل دبا وقع من البعث اغبسي اؼبشاىد ٓت
بل على البعث ٓت يوـ القيامة. اغبياة الدنيا :ليكوف إحياء هللا للموتى ٓت الدنيا دلي ً
وش َها َق َاؿ أَ ََّّن ُْوبيِي َى ِذِه
-قصة عزيز اؼبار على القرية ﴿:أَو َكالَّ ِذي م َّر عَلى َقػري ٍة وِىي خا ِويةٌ عَلى عر ِ
َ َ َْ َ َ َ َ َ ُ ُ ْ
ِ ٍ اَّلل بػعد موِهتَا َفأَماَتو َّ ِ
ت ماَئ َة ض يَػْوـ َق َاؿ بَ ْل َلبِْث َ ت َق َاؿ َلبِْث ُ
ت يَػْوًما أَْو بَػ ْع َ اَّللُ ماَئ َة َع ٍاـ ُّتَّ بَػ َعَثوُ َق َاؿ َك ْم َلبِْث َ َُّ َ ْ َ َ ْ َ ُ
ِ ك آيَ ًة لِلن ِ ِ ِ ِ
ف َّاس َوانْظُْر إِ َذل اْلع َظ ِاـ َكْي َ ك َدلْ يَػَت َسن َّْو َوانْظُْر إِ َذل َ
ضبا ِرَؾ َولَن ْج َعَل َ ك َو َش َاربِ َ َع ٍاـ َفانْظُْر إِ َذل َط َعام َ
اَّلل َعَلى ُك ِّل َش ْي ٍء َق ِد ٌير ﴾ البقرة.259 : َف ََُّت َلوُ َق َاؿ أ َْعَل ُم أ َّ وىا َغبْ ًما َفػَل َّما َتػَبػ َّ َ
ِ
نػُْنش ُزَىا ُّتَّ نَ ْك ُس َ
-و منها موت بٍت إسرائيل الذين تنطعوا ٓت إيباهنم ،واشًتطوا لذلك أف يروا رهبم؛ فأخذهتم الصاعقةّ ،ت
الص ِ
اع َقةُ َوأَنْػتُ ْم َخ َذْت ُك ُم َّ ِ ِ
اَّلل َج ْه َرًة َفأ َ
ك َح َّىت نَػ َرى ََّ وسى َل ْن نػُْؤم َن َل َ بعثهم هللا لَتيهم قدرتو َ ﴿:وإ ْذ قُػلْتُ ْم َاي ُم َ
َتػْنظُ ُرو َف * ُّتَّ بَػ َعْثػَنا ُك ْم ِم ْن بَػ ْع ِد َمْوتِ ُك ْم َل َعلَّ ُك ْم َت ْش ُك ُرو َف ﴾ البقرة.56 ،55 :
وغَتىا من اْلايت اليت ربكي اؼبشاىدة اغبسية إلحياء ىؤالء األموات كقتيل بٍت إسرائيل ،وإحياء الذين
َّاس َوَل ِك َّن أَ ْكَثػ َر
ض ٍل َعَلى الن ِ َحي ُ ِ
اى ْم إ َّف ََّ
اَّلل َل ُذو َف ْ اَّللُ ُموتُوا ُّتَّ أ ْ َ
خرجوا من دايرىم حذر اؼبوت ﴿ َفػ َق َاؿ َؽبُُم َّ
َّاس َال يَ ْش ُك ُرو َف ﴾ البقرة243 : الن ِ
- 6االستدالل حبصول اليقظة بعد النوم :فالنوـ موتة صغرى واالستيقاظ شبيو ابإلحياء بعد اؼبوت
وكبن كل يوـ مبوت موتة صغرى ونبعث .قاؿ تعاذلَ( :و ُىَو الَّ ِذي يَػَتػَوفَّا ُكم ِابلَّْي ِل َويَػ ْعَل ُم َما َج َر ْحتُم ِابلنَّها ٍر
. ُّتَّ يَػْبػ َعثُ ُكم) األنعاـ63:
مستخفيا هبا،
ً صح أف رسوؿ هللا -ملسو هلآو هيلع هللا ىلص -اندى بو ٓت قومو حُت أُِمر أف يصدع بدعوة اغبق بعد أف كاف
ُب دبا تعملوف).الكامل ٓت ا لتاريخ ، حاس ُ َّ
فقاؿ( :وهللا لَتموتُ َّن كما تناموف ،ولَتُبعثُ َّن كما تستيقظوف ،ولَتُ َ
ُت األنػْفُ ِ ج ،2ص ، 41- 43ىذا قريب فبا جاء بو القرآف الكرمي ٓت قولو -تعاذل َّ َّ ( :-
سحَ اَّللُ يَػَتػَوْت ْ َ َ
َج ٍل ُم َس ِّمى إِ َّف ِٓت ت ويػرِسل ْاأل ْ ِ ك الَِّيت قَ َ
ِ ِ
ت ِٓت َمَنام َها َفػيُ ْمس ُ
ِ
َمْوهتَا َوالَِّيت َدلْ َسبُ ْ
ُخ َرى إ َذل أ َ ضى َعلَْيػ َها الْ َمْو َ َ ُْ ُ
ك َْل َاي ٍت لِ َقْوٍـ يَػَتػ َف َّك ُرو َف)[الزمر.]42 : ذَل َ
ِ
- 7االستدالل أبن حكمة هللا تعاىل وعدلو يقتضيان وجود البعث ؛ فا﵁ عز وجل دل ىبلق الناس عبثا.
فبلبد من الرجوع إذل هللا تعاذل للحساب و اعبزاء .قاؿ تعاذل ﴿ :أَفَ َح ِسْبػتُ ْم أ ََّمبَا َخلَ ْقَنا ُك ْم َعَبػًثا َوأَنَّ ُك ْم إِلَْيػَنا
23
اإلنْ َسا ُف أَ ْف يػُْتػ َرَؾ ُس ًدى ﴾ القيامة .36 :وٓت آية َثلثةَ( :وَما َوبسب ِْ
َال تُػ ْر َج ُعو َف ﴾ اؼبؤمنوف﴿ ،115 :أ َْ َ ُ
َّخ َذ َؽبًْوا َال ََّزب ْذ َانهُ ِم ْن َل ُد َّان ِإ ْف ُكنَّا
السماء و ْاألَرض وما بػيػنػهما َال ِعبُِت * َلو أَرد َان أَ ْف نَػت ِ
َ ْ َْ َخَل ْقَنا َّ َ َ َ ْ َ َ َ َْ َ ُ َ
ت َو ُى ْم س ِدبَا َك َسَب ْ ض ِاب ْغبَِّق َولِتُ ْج َزى ُك ُّل نَػ ْف ٍ اَّلل َّ ِ
الس َم َاوات َو ْاأل َْر َ ُت)[األنبياءَ( ،]17 ،16 :و َخَل َق َُّ
ِِ
َفاعل َ
ِ َال يُظَْل ُمو َف)[اعباثيةَ( .]22 :وَقالُوا َما ِى َي ِإ َّال َحَياتُػَنا ُّ
وت َوَْكبَيا َوَما يػُْهل ُكَنا ِإ َّال الد ْ
َّى ُر َوَما َؽبُْم الدنْػَيا َمبُ ُ
ك ِم ْن ِعلْ ٍم إِ ْف ُى ْم إِ َّال يَظُنُّو َف)[اعباثية.]24 : ِ
بِ َذل َ
مسالك القرآن الكرمي يف معاجلتو لقضية البعث:
القرآف الكرمي ٓت معاعبتو لقضية البعث واعبزاء ،يعرض ثبلثة مسالك :
ادلسلك األول :عرض الشبهة مث الرد عليها :مثالو من سورة ؽ :قاؿ تعاذل (:ؽ واْل ُقر ِ
آف َ ْ
ِ
يب ) (2أَإِذَا مْتػنَا َوُكنَّا ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ
الْ َمجيد ) (1بَ ْل َعجبُوا أَ ْف َج َاء ُى ْم ُمنْذ ٌر مْنػ ُه ْم َفػ َق َاؿ الْ َكاف ُرو َف َى َذا َش ْيءٌ َعج ٌ
ظ ) (4بَ ْل َك َّذبُوا اب َح ِفي ٌ ِ ِ
ض مْنػ ُه ْم َوعنْ َد َان كتَ ٌ
تػُرااب ذَلِك رجع بعِي ٌد )(3قَ ْد علِمنا ما َتػْنػقُص ْاألَر ِ
ُ ْ ُ َ َْ َ ًَ َ َْ ٌ َ
َّاىا َوَما َؽبَا يج ) (5أََفػَلم يػْنظُروا إِ َذل َّ ِ ِاب ْغبَِّق َل َّما َج َاء ُى ْم َفػ ُه ْم ِٓت أ َْم ٍر َم ِر ٍ
ف بَػَنػْيػَن َاىا َوَزيػَّن َ
الس َماء َفػْوَقػ ُه ْم َكْي َ َْ ُ
يج )َ (7تػب ِ
ص َرًة ْ ض َم َد ْد َان َىا َوأَْل َق ْيػَنا فِ َيها َرَو ِاس َي َوأَنْػَبػْتػَنا فِ َيها ِم ْن ُك ِّل َزْو ٍج َهبِ ٍ وج )َ (6و ْاأل َْر َ ِم ْن فُػ ُر ٍ
بَّات َو َح َّ السم ِاء ماء مبارًكا َفأَنْػبػْتػنا ِب ِو جن ٍ ِ و ِذ ْكرى لِ ُك ِل َعْب ٍد ُمنِ ٍ
يب )َ (8ونَػ َّزْلَنا م َن َّ َ َ ً َُ َ َ َ َ ّ َ َ
ِ ِ ِ ِ ِ ِ ٍ ِ ِ ا ْغب ِ
ك َحَيػْيػَنا ِبو بَػْل َد ًة َمْيػًتا َك َذل ََّخ َل َابس َقات َؽبَا َطْل ٌع نَضي ٌد )ِ (10رْزًقا لْلعَباد َوأ ْ صيد )َ (9والن ْ َ
وج[ } ؽ .11 - 1 :من 1إذل 3عرض الشبهة .من 4إذل 11الرد ٓت عدد من األدلة العقلية ا ْػبُُر ُ
واغبسية اؼبشاىدة ،اليت زباطب العقل وتستثَت الوجداف.
ادلسلك الثاين :تقدمي الدليل ،مث إيراد القضية بعد استقامتو ووضوحو:
ُت* ُّتَّ َج َعلْنَاهُ نُطْ َفةً مثالو :يقوؿ هللا تعاذل من سورة اؼبؤمنوف( :ولَ َق ْد َخلَ ْقنَا اإلنساف ِمن سبللة ِّمن ِط ٍ
َ
ِ
ضغَةَ عظَاماً فَ َك َسْو َان الْعظَ َاـ ِ ضغَةً فَ َخلَ ْقنَا الْ ُم ْ ٓت َقػ ار ٍر مَّ ِك ٍ
ُت* ُّتَّ َخلَ ْقنَا النُّطْ َفةَ َعلَ َقةً فَ َخلَ ْقنَا الْ َعلَ َقةَ ُم ْ َ
ك لَ َميِّتُو َف* ُّتَّ إِنَّ ُك ْم يَػْوَـ ِ
َح َس ُن اػبالقُت* ُّتَّ إِنَّ ُك ْم بَػ ْع َد ذل َ اَّللُ أ ْ َنشأْ َانهُ َخلْقاً َ
آخ َر َفػَتػَب َارَؾ َّ َغبْماً ُّتَّ أ َ
الْ ِقَي َام ِة تػُْبػ َعثُو َف ).اؼبؤمنوف 16 - 12
ادلسلك الثالث :ىو إخبار هللا تعاىل بوقوع البعث من غري أن يذكر الدليل
مثالو :إ قسام ادلنكرين أبن هللا ال يبعث من ميوت و إقسام هللا حبدوث البعث .يقوؿ تعاذل ٓت
وت ۚ بَػلَ َٰى َو ْع ًد ا َعلَْي ِو َحقِّ ا َوَٰلَ ِك َّن أَ ْكَثػ َر
اَّللُ َمن َيبُ ُ
ث َّ ِِ ِ
سورة النحلَ (:وأَقْ َس ُموا ِاب ََّّلل َج ْه َد أَْيبَاهن ْم ۙ َال يَػْبػ َع ُ
َّاس َال يَػ ْعلَ ُمو َف ).النحل 38: الن ِ
َّ ِ
و مثالو :نفيهم رليء الساعة وزعمهم عدم وقوع البعث.يقوؿ تعاذل من سورة سبأَ(.وَق َاؿ الذ َ
ين
السماو ِ
ات ٍِ ِ اعةُ ۖ قُل بَػلَ َٰى ورِّيب لََتأْتَِيػنَّ ُك ْم َع ِادل الْ َغْي ِ َك َف ُروا َال َأتْتِ َينا َّ
ب َعْنوُ مْثػ َق ُاؿ َذ َّرة ٓت َّ َ َ ب ۖ َال يَػ ْع ُز ُ الس َ ْ َ َ
اب ُّمبِ ٍُت ).سبأ . 3 :و من سورة التغابن ك وَال أَ ْكبػر إِ َّال ِٓت كَِت ٍ ض وَال أ ِ َٰ ِ
َوَال ِٓت ْاأل َْر ِ َ ْ
َص َغ ُر من َذل َ َ َ ُ
24
ۚ ِ ۚ َّ ِ
ك ين َك َف ُروا أَ ْف َل ْن يػُْبػ َعثُوا ۚ قُ ْل بَػَل َٰى َوَرِّيب َلتُػْبػ َعثُ َّن ُّتَّ َلتُػَنػبَّػ ُؤ َّف ِدبَا َع ِمْلتُ ْم ۚ َو ََٰذل َ
( َزَع َم الذ َ
اَّلل يَ ِس ٌَت ﴿ ﴾٧التغابن 7: عَلى َِّ
َ
الصوِر َفِإ َذا ُى ْم ِم َنو مثالو :اإلخبار بقيامهم من قبورىم:يقوؿ تعاذل من سورة يس (َونُِف َخ ِٓت ُّ
ص َد َؽ
ضب ُن َو َ اث ِإ َذل َرّهبِِ ْم يَػْن ِسلُو َف * َقالُوا َاي َويْػَلَنا َم ْن بَػ َعَثػَنا ِم ْن َم ْرَق ِد َان َى َذا َما َو َع َد َّ
الر َْ
ْاألَجد ِ
َْ
ِ ِ
س َشْيػًئا ض ُرو َف * َفاْلَيػْوَـ َال تُ ْظَل ُم نَػ ْف ٌ يع َل َديْػَنا ُْؿب َ صْي َح ًة َواح َد ًة َفِإ َذا ُى ْم َصب ٌ ت إ َّال َ
اْلمرسلُو َف * إِ ْف َكانَ ْ ِ
َُْ
َوَال ُْذب َزْو َف إِ َّال َما ُكْنػتُ ْم َتػ ْع َملُو َف) .يس54 – 51 :
وقد ركز القرآف الكرمي ٓت اال ستدالؿ على اليوـ اْلخر من خبلؿ إثبات البعث على ثبلثة
صفات :
)1تقرير كماؿ العلم ﵁ تعاذل .
)2تقرير كماؿ القدرة ﵁ تعاذل .
)3تقرير كماؿ اغبكمة ﵁ تعاذل..انتهى
25
ذكر ابن كثَت ٓت تفسَت األمانة عدة أقواؿ ،تدور كلها على الفرائ ض والطاعاتّ ،ت قاؿ "وكل ىذا
األقواؿ ال تنآت بينها ،بل ىي راجحة إذل أهنا التكليف وقبوؿ األوامر والنواىي بشرطها ،وىو أنو إذا قاـ
بذلك أثيب ،وإف تركها عوقب ،فقبلها اإلنساف على ضعفو وجهلو وظلمو إال من وفقو هللا".
ضَنا ْاأل ََمانَ َة ﴾ يقوؿ" :وردت كلمة األمانة
قوؿ العقاد ٓت بياف اؼبراد ابألمانة ٓت قولو تعاذل َ ﴿:ع َر ْ
واألماانت ٓت طبسة مواضع من القرآف الكرمي وكلها ابؼبعٌت الذي يفيد التبعة والعهد واؼبسؤولية".
إذف اؼبسؤولية ٓت معناىا اعبامع الشامل تعٍت" :االستعداد الفطري الذي جبل هللا تعاذل عليو اإلنساف
ليصلح للقياـ برعاية ما كلفو بو من أمور تتعلق بدينو ودنياه ،فإف وْت ما عليو من الرعاية حصل لو
الثواب ،وإف فرط فيها حصل لو العقاب".
أىداف ادلسؤولية اليت كلفها هللا تعاىل عباده:
اإلنْس إِ َّال لِيػعب ُد ِ
وف ﴾ سورة الذارايت: 1حتقيق العبودية :انطبلقاً من قولو تعاذل ﴿:وَما َخلَ ْق ُ ِ ِ
َ ُْ ت ا ْعب َّن َو ْ َ َ
. 56فاؽبدؼ األساسي لوجود اإلنساف ٓت الكوف ىو عبادة هللا ،واػبضوع لو ،وتعمَت الكوف؛ بوصفو
خليفة هللا ٓت أرضو.
وحقيقة العبودية ىي التوحيد ،أبف يكوف العمل خالصاً ﵁ تعاذل دوف سواه ،فقد دعا كل رسوؿ أمتو
ِ ٍ ِ
إذل عبادة هللا وحده ،واجتناب ما سواه ،قاؿ تعاذل َ ﴿:ولَ َق ْد بَػ َعْثػنَا ٓت ُك ِّل أُمَّة َر ُس ًوال أَف اُ ْعبُ ُدوا ََّ
اَّلل
فض فَانْظُ ُروا َكْي َ ت َعلَْي ِو الض ََّبللَةُ فَ ِس َُتوا ِٓت ْاأل َْر ِ واجتنِبوا الطَّاغُوت فَ ِمْنػهم من ىدى َّ ِ
اَّللُ َومْنػ ُه ْم َم ْن َحقَّ ْ َ ُْ َْ ََ َ َْ ُ
ِ ِ
َكا َف َعاقَبةُ الْ ُم َك ّذبِ َ
ُت ﴾.ا لنحل.36 :
والعبودية ﵁ تعاذل ال تقتصر على ؾبرد أداء شعائر ومناسك معينة :كالصبلة ،والصياـ ،واغبج – مثبلً
– وإمبا ىي اسم جامع لكل ما وببو هللا ويرضاه من األقواؿ واألعماؿ الظاىرة والباطنة.
-فمظاىر العبادة:وتشمل1:ادلظهر الديين وموضوعو :عبلقة اؼبسلم ابػبالق 2.ادلظهر االجتماعي
وموضوعو :عبلقة اؼبسلم ابألفراد واعبماعات 3.وأما ادلظهر الكوين :فموضوعو عبلقة اؼبسلم ابلكوف
ا﵀يط .
2مرضاة هللا تعاىل:
يتخذ اؼبسلم ٓت قياـ اؼبسؤوليات اؼبختلفة مرضاة هللا تعاذل ىدفاً لو مقتدايً بنيب هللا سليماف عليو السبلـ
حُت دعا ربو أف يناؿ على عملو الصاحل رضاه ،كما حكى القرآف الكرمي ٓت قولو تعاذل َ ﴿:فػَتػَب َّس َم
ي وأَ ْف أَعمل ص ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ
اغبًا ت َعلَ َّي َو َعلَى َوال َد َّ َ ْ َ َ َك الَِّيت أَنػْ َع ْم َ
ب أَْوِزْعٍِت أَ ْف أَ ْش ُك َر ن ْع َمَت َ
ضاح ًكا م ْن َقػْوؽبَا َوَق َاؿ َر ّ
َ
ِِ ِ ِ َتػرضاه وأَد ِخلٍِْت بِر ْ ِ
ُت ﴾ النمل ، .19 :ويستنهض ىذا اؽبدؼ ٓت اؼبسؤولية نبة ك ِٓت عَباد َؾ الصَّاغب َ ضبت َ ََ ََُْ ْ
اإلنساف إلتباع منهج هللا ٓت اغبياة الدنيا ،والتنعم هبدايتو الذين ال سبيل إليهما إال ابلتزاـ أمر هللا ،قاؿ
الس َبلِـ َو ُْىب ِر ُج ُه ْم ِم َن ُت * يَػ ْه ِدي بِ ِو َّ
اَّللُ َم ِن اتػََّب َع ِر ْ
ضَوانَوُ ُسبُ َل َّ اب ُمبِ ٌ
اَّلل نُ ِ
ور َوكَت ٌ
ِ ِ
تعاذل َ ﴿:ق ْد َج َاء ُك ْم م َن َّ ٌ
اط ُم ْسَت ِقي ٍم ﴾ .اؼبائدة.16 - 15 : ات إِ َذل النُّوِر ِإبِذْنِِو ويػه ِدي ِهم إِ َذل ِصر ٍ
َ َ َْ ْ
الظُّلُم ِ
َ
26
ويناؿ اؼبسلم بتحقيق ىذا اؽبدؼ ٓت عملو األجر العظيم الذي ىو دليل على أنو مقياس ٓت خَتية
ٍ األعماؿ ،قاؿ تعاذل َ ﴿:ال خيػر ِٓت َكثِ ٍَت ِمن َْقبواىم إِ َّال من أَمر بِ ٍ
ُت الن ِ
َّاس ص َد َقة أَْو َم ْع ُروؼ أَْو ِإ ْ
ص َبل ٍح بَػ ْ َ ْ َ ُ ْ َ ْ ََ َ َ َْ
َج ًار َع ِظ ًيما ﴾ .النساء.114 : اَّلل َفسو َ ِ ِ
ؼ نػُْؤتيو أ ْ
ومن يػ ْفعل َذلِك ابتِغاء مر ِ ِ
ضاة َّ َ ْ ََ ْ َ َ ْ َ ْ َ َ َْ َ
ووبصل بو العامل على درجة عالية عند هللا تعاذل ،ال يصل إليها من ابء بسخطو سبحانو وتعاذل ،قاؿ
ات ِعْن َدص َُت * ُى ْم َد َر َج ٌ اَّلل وم ْأواه جهنَّم وِبْئس الْم ِ ِ ٍ ِ ِ
اَّلل َك َم ْن َاب َء ب َس َخط م َن َّ َ َ َ ُ َ َ ُ َ َ َ
ضوا َف َِّ ِ
تعاذل ﴿:أََف َم ِن اتَّػَب َع ر ْ َ
ص ٌَت ِدبَا يَػ ْع َملُو َف ﴾ .آؿ عمراف.163 - 162 : اَّلل ب ِ َِّ
اَّلل َو َُّ َ
ىل وردت مسؤولية اإلنسان يف القرآن؟
جاء ذكر مسؤولية اإلنسان ٓت قولو تعاذل ( :يَػْوَـ َت ْش َه ُد َعَل ْي ِه ْم أَْل ِسَنػتُػ ُه ْم َوأَيْ ِدي ِه ْم َوأ َْر ُجلُ ُهم ِدبَا َكانُوا
يَػ ْع َملُو َف ) النور.24:
جاءت الشريعة حبفظ اجلوارح :من خبلؿ األوامر والنواىي اإلؽبية :إفعل كذا ال تفعل كذا .لقولو تعاذل
ِِ ِ ٍ ِ ِ َّ ِ
ُت ) صبِ ُحوا َعلَ َٰى َما َفػ َعلْتُ ْم َاندم َ ين َآمنُوا إِف َج َاء ُك ْم فَاس ٌق بَِنػَبٍإ َفػَتػَبػيػَّنُوا أَف تُصيبُوا َقػْوًما َجب َهالَة َفػتُ ْ ( َاي أَيػَُّها الذ َ
ين َآمنُوا َال يَ ْس َخ ْر َقػْوٌـ ِّمن َقػْوٍـ َع َس َٰى أَف يَ ُكونُوا َخْيػ ًار ِّمْنػ ُه ْم َّ ِ
سورة اغبجرات . 6:وقولو أيضا َ (:اي أَيػَُّها الذ َ
س ِاال ْس ُم ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ٍ
َوَال ن َساءٌ ّمن نّ َساء َع َس َٰى أَف يَ ُك َّن َخْيػ ًار ّمْنػ ُه َّن ۖ َوَال َتػلْم ُزوا أَنفُ َس ُك ْم َوَال َتػَنابَػ ُزوا ابْ َأللْ َقاب ۖ بئْ َ
ك ُى ُم الظَّالِ ُمو َف( سورة اغبجرات .11:وقولو تعاذل ( :قُل ِ
ب فَأُوَٰلَئ َ الْفُسو ُؽ بػع َد ِْ ِ
اإليبَاف ۚ َوَمن َّدلْ يَػتُ ْ ُ َْ
ِ ِ ِ لِّلْمؤِمنُِت يػغضُّوا ِمن أَب ِ
صَنػ ُعو َف ) النور.33: اَّلل َخبِ ٌَت دبَا يَ ْ ك أَْزَك َٰى َؽبُْم ۗ إ َّف ََّوج ُه ْم ۚ َٰذَل َ
صا ِرى ْم َوَْوب َفظُوا فػُ ُر َ ْ َْ ُْ َ َ ُ
وشلا يسأل عنو اإلنسان العهد لقولو قاؿ هللا تعاذلَ( :وأَْوفُوا ِابلْ َع ْه ِد إِ َّف الْ َع ْه َد َكا َف َم ْسئُ ًوال) اإلسراء:
34قاؿ هللا تعاذلَ( :ولَتُ ْسأَلُ َّن َع َّما ُكْنػتُ ْم َتػ ْع َملُو َف) النحل.9 :
ِ ويسأل الرسل لقولو َ ( :فػلَنسأَلَ َّن الَّ ِذ ِ
ُت) األعراؼ.6 : ين أ ُْرس َل إِلَْي ِه ْم َولََن ْسأَلَ َّن الْ ُم ْر َسل َ
َ َْ
وهللا تعاىل يسأل عيسى عليو السالم عما نسب إ ليو لقولو تعاذل ( :وإذ قاؿ هللا اي عيسى ابن مرمي
أأنت قلت للناس ازبذوين وأمي إؽبُت من دوف هللا قاؿ سبحانك ما يكوف رل أف أقوؿ ما ليس رل
حبق إف كنت قلتو فقد علمتو تعلم ما ٓت نفسي وال أعلم ما ٓت نفسك إنك أنت عبلـ
الغيوب (اؼبائدة. 116:
ويف السنة ذكرت ادلسؤولية :فعن عبد هللا بن عمر رضي هللا عنهما أنو ظبع رسوؿ هللا صلى هللا عليو
وسلم يقوؿ « :كلكم راع ومسؤوؿ عن رعي تو؛ فاإلماـ راع وىو مسؤوؿ عن رعيتو ،والرجل ٓت أىلو
راع وىو مسؤوؿ عن رعيتو ،،واؼبرأة ٓت بيت زوجها راعية وىي مسؤولة عن رعيتها ،واػبادـ ٓت ماؿ
سيده راع وىو مسؤوؿ عن رعيتو» ،قاؿ :فسمعت ىؤالء من رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص وأحسب النيب ملسو هيلع هللا ىلص
قاؿ " :والرجل ٓت ماؿ أبيو راع وىو مسؤوؿ عن رعيتو فكلكم راع وكلكم مسؤوؿ عن
27
رعيتو ".البخاري .وجاء ٓت اغبديث عن النيب ملسو هيلع هللا ىلص قاؿ" :اؼبؤمن للمؤمن كالبنياف يشد بعضو بعضا،
وشبك بُت أصابعو ".صحيح البخاري.
إذف فكل إنساف مسؤوؿ عن نفسو و عن اْلخرين حسب عبلقتو هبم وقد أثبتت الشريعة أنواع
ىذه اؼبسؤولية وعن كيفية أدائها ابلشكل الصحيح (التكاليف الشرعية ).
الكوف ؾباؿ للتفكر و التأمل و التعلم لئلنساف ،يستلهم من نظامو و صبالو..
28
وس َّخ َر لكم ما ٓت السماوات وما ٓت
ىذا التسخَت يبدو لنا واضحا ٓت قولو تعاذل ٓت سورة اعباثيةَ ( :
ِ
األرض َصبيعاً ) اْلية . 13فالكوف ىو بيئة اإلنساف و ؾباؿ عملو.
ومصطلحا :أف هللا مكن اإلنساف من استخداـ مظاىر الكوف ٓت تطبيقات عملية انفعة لئلنساف ٓت
ؾباالت حياتو دوف شبن يقدمو ﵁ الغٍت سبحانو وتعاذل .
ميادين التسخري
ميادين التسخَت اليت هبب أف تتوجو إليها أجهزة الوعي ٓت اإلنساف( :العقل والسمع البصر) .ولقد
ربددت ميادين التسخَت ٓت ميدانُت رئيسيُت نبا" :ميداف الكوف"" ،وميداف النفس ".وقيمة ىذا التحديد
ىو حفظ ىذه األجهزة من التوجو إذل ما ال يبكن البحث فيو .ومن تبديد الطاقات فيما ال طائل ربتو .
الفضاء ا﵀سوس ،واليابسة اؼبلموسة ،واؼباء الكائن ٓت ا﵀يطات والبحار وما يتفرع عنهما .ومن ىذه
الس َم ِاء
ض َوأَنػْ َزَؿ ِم َن َّ "اَّلل الَّ ِذي خلَق َّ ِ
الس َم َاوات َو ْاأل َْر َ َ َ اؼبيادين الثبلثة تتفرع ميادين فرعية ال حصر ؽباَُّ .
ك لَِت ْج ِر َي ِٓت الَْب ْح ِر ِأب َْمرِه َو َس َّخ َر لَ ُك ُم ْ َ
األنػْ َه َار ِ ِِ
َخ َر َج بِو م َن الث ََّم َرات ِرْزقًا لَ ُك ْم َو َس َّخ َر لَ ُك ُم الْفُلْ َ
َم ًاء فَأ ْ
ُت َو َس َّخ َر لَ ُك ُم اللَّْي َل َوالنػ ََّه َار) .إبراىيم 33- 32: َّمس والْ َقمر َدائَِبػ ْ ِ
(َ )32و َس َّخ َر لَ ُك ُم الش ْ َ َ َ َ
ولقد ازداد التسخَت ٓت آايت اْلفاؽ ٓت الكوف ابزدايد العلم بقوانُت ىذا الكوف ،وىو ما نسميو بتقدـ
التكنولوجيا.
وكبن اليوـ نرى آَثر اػبروج على – عبلقة التسخَت – ٓت اغبضارة اؼبعاصرة ٓت ميادين العلوـ
والتكنولوجيا الذرية واؽبيدروجينة وعلوـ الفضاء ،وىي تتحوؿ على يد االنساف الذي ال يهتدي بعبلقة
التسخَت إذل أىواؿ وأخطار مسخرة "على " اإلنساف تنذر بتدمَت حياتو كاملة على األرض بدؿ أف تكوف
مسخرة "لو" ترقى بو إذل الرسوخ ٓت معرفة هللا والتنعم بنعمو.
29
ذكر اؼبفسروف :أف تعمَت األرض من مقتضيات كوف اإلنساف خليفة فيها ،وقد أخرج ابن أيب حاُت عن
اسَتػ ْع َم َرُك ْم فِ َيها) أهنا دبعٌت :استخلفكم فيها ،ونُِقل عن بعض العلماء أف تعمَت األرض
ابن زيد ٓت قولو ( ْ
واجب ،فقالوا " :االستعمار طلب العمارة ،والطلب اؼبطلق من هللا تعاذل على الوجوب ".
إف هللا كما علم اإلنساف كيف يصلي وكيف يصوـ ،علمو كيف تكوف عمارة األرض وأرشده.و من
ذلك :
لبلنساف ابلنظر إذل الكوف واؼبخلوقات والتدبر فيها لقولو تعاذل( :قُِل انظُ ُروا َما َذا ِٓت -األمر اؼبوجو ِ
ت َوالنُّ ُذ ُر َعن َقػْوٍـ َّال يػُْؤِمنُو َف ) يونس 131:لقولو( :أََفبل يَػْنظُ ُرو َف
ض ۚ َوَما تُػ ْغٍِت ْاْل َاي ُ
السماو ِ
ات َو ْاأل َْر ِ َّ َ َ
ت) الغاشية.17: إِ َذل ا ِإلبِ ِل َكي ِ
ف ُخل َق ْ ْ َ
-فهذا التدبر ٓت اؼبخلوقات ومعرفة كيف خلقت ىو وسيلة ؼبعرفة اػبالق تعاذل وعظمتو من خبلؿ معرفة
القوا نُت والسنن اليت ذبري عليها ىذه اؼبخلوقات .وؽبذا نبلحظ انتهاء كثَت من ىذه اْلايت الكونية
بوظائف العقل واإليباف :يتذكروف يتفكروف يبصروف....
-ىذا النظر وبرر اإلنساف من عبادة غَت هللا دبا أف ىذه الكائنات من خلق هللا فبل ينظر إ ليها رغبا
وال رىبا.
-الينظر إليها بعبلقة العداوة والصراع بل ينظر إ ليها بعبلقة التسخَت الرابين لبٍت آدـ بدليل قولو تعاذل(:
ِ ِِ ِ ِ ِ
ور ) اؼبلك . 15وقولو ُّش ُض َذلُ ًوال َف ْام ُشوا ِٓت َمَناكبِ َها َوُكلُوا من ِّرْزقو ۖ َوإَِلْيو الن ُ
ُىَو الَّذي َج َع َل َل ُك ُم ْاأل َْر َ
ك َْل َاي ٍت لَِّقْوٍـ يَػَتػ َف َّك ُرو َف ) ِ ِ
ض َِصب ًيعا ّمْنوُ ۚ إِ َّف ِٓت ََٰذل َ
السماو ِ
ات َوَما ِٓت ْاأل َْر ِ ِ
تعاذلَ ( :و َس َّخ َر َل ُكم َّما ٓت َّ َ َ
اعباثية . 13:
-يتصرؼ اإلنساف مع ـبلوقات هللا وفق منهج هللا تعاذل وىو االنتفاع واإلصبلح وعدـ اإلفساد .ويتعامل
اإلنساف مع البيئة ٓت إطار العقيدة اإلسبلمية .مثبل تكوف العمارة ابلفبلحة والصناعة والبناء وشق
َّاس َولَِيػ ْعَل َم َّ
اَّللُ َمن س َش ِدي ٌد َوَمَنافِ ُع لِلن ِ ِ ِِ
َنزلَْنا ا ْغبَد َيد فيو َأبْ ٌ
الطرقات وأنواع الصناعات .لقولو تعاذل َ( :وأ َ
ي َع ِز ٌيز) اغبديد 25: اَّلل َق ِو ّّ ِ ِ ِ
نص ُرهُ َوُر ُسَلوُ ابلْ َغْيب ۚ إ َّف ََّ
يَ ُ
ومن ذلك حديث النيب صلى هللا عليو وسلم ( :مامن مسلم يغرس غرسا أو يزرع زرعا فيأكل منو
إنساف أو طَت أو هبيمة إال كاف لو بو صدقة ) .متفق عليو.
وقولو ملسو هيلع هللا ىلص ( :إف قامت الساعة وٓت يد أحدكم فسيلة فإف استطاع أال تقوـ حىت يغرسها فليغرسها ) .رواه
أضبد ،والبخاري ٓت األدب اؼبفرد .ونستفيد من اغبديثُت أنبية عمارة األرض (ىنا الغرس حىت وأف دل
يثمر).
آد َـ ُخ ُذوا ِزيَنػَت ُك ْم
-وٓت التعامل مع خَتات الطبيعة هنى النيب ملسو هيلع هللا ىلص عن اإلسراؼ لقولو تعاذلَ ( :اي بٍَِت َ
ِ ِع َند ُك ِّل َم ْس ِج ٍد َوُكلُوا َوا ْش َربُوا َوَال تُ ْس ِرفُوا ۚ إِنَّوُ َال ُِوب ُّ
ُت ) األعراؼ .31: ب الْ ُم ْس ِرف َ
31
-وٓت تعامل مع اغبيواف أمر النيب ملسو هيلع هللا ىلص اب لرفق لقولو ...(:فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذحبتم فأحسنوا
الذبح وليحد أحدكم شفرتو فلَتح ذبيحتو ) من أسباب دخوؿ النار عدـ الرفق ابغبيواف لقولو صلى هللا
عليو وسلم ( :دخلت امرأة النار ٓت ىرة حبستها فبل ىي أ طعمتها وال تركتها أتكل من خشاش األرض
) .رواه ا لبخاري ومسلم
ص َبل ِح َها) -كما هنى القرآف عن اإلفساد ٓت األرض قاؿ تعاذلَ( :وَال تُػ ْف ِس ُدوا ِٓت ْاأل َْر ِ
ض بَػ ْع َد إِ ْ
انتهى األعراؼ. 85:
31
وزواؽبا وزواؿ ما فيها ،واستشعار أهنا دار ابتبلء وامتحاف وعلى اؼبؤمن أف يكوف يقضا ٓت كل مرحلة
وؿبطة من حياتو ليحسن التصرؼ و ينجح ٓت االمتحاف .
ِ َّ ِ
-و التصرؼ الصحيح ىو لزوـ التقوى والثبات عليها وىو معٌت االستقامة .قاؿ تعاذل( :إ َّف الذ َ
ين َقالُوا
ِ ِ ِ
َربػَُّنا هللا ُّتَّ اَ ْسَتػ َق ُاموا َتػَتػَنػ َّزُؿ َعَلْي ِه ُم الْ َم َآلئ َكةُ أَالَّ ََزبافُوا َو َال َْرب َزنُوا َوأَبْش ُروا ابعبنَّة الَِّيت ُكنتُم تُ َ
وع ُدو َف)
فصلت33:
ّ
-فعدـ اإل يباف ابليوـ اْلخر واستشعار اغبياة اْلخرة يُفقد اإلنساف توازنو ٓت اغبياة أماـ تغَتات
وىزات اجتماعيّة .
الدنيا ،فيصاب بصدمات وضغوطات نفسية ّ وتقلبات أحواؿ ّ
يين:
-أما أثر اإلميان ابليوم اآلخر يف اجملتمع فيسمى بـ الوازع ال ّد ّ
الدائمة ٓت عمق اجملتمع ،حيث يصبغ األفراد بصبغتو وعقيدتو .ومن مظاىره
وىو سلطة الدين القوية و ّ
على عموـ اجملتمع مثبل :عدـ االعتداء على اإلنساف مهما كاف ،االلتزاـ اعبماعي بشعَتة الصياـ ،صبلة
اعبمعة ،احتشاـ اؼبرأة ٓت لباسها وٓت طبيعة عبلقتها وتعاملها مع اعبنس اْلخر (الرجل)و كذلك عفة
الرجل مع اؼبرأة ،نصرة اؼبظلوـ ،وإغاثة اؼبلهوؼ ...اخل.
ونسبة اعبرائم ٓت اجملتمع ا﵀افظ اؼبلتزـ ابإلسبلـ تكوف أقل بكثَت من غَته ،وإذا قارّان ؾبتمعا إسبلميّا
آبخر غَت مسلم وجدان الفرؽ شاسعا من حيث األخبلؽ واعبرائم واْلفات؛ فاؼبسلم ال يسرؽ بوازع ديٍت
َّب ىذا خوفا من السلطة والقانوف
ديٍت ،ولكن ٓت اجملتمعات األخ رى يػَُت َجن ُ
ووبافظ على األمانة بوازع ّ
الوضعي.
-إذف فعدـ اإليباف ابليوـ اْلخر ّ
وبوؿ اإل نساف إذل وحش واجملتمع إذل عفن يعيش ٓت الشهوات
ديٍت بينما اجملتمعات األخرى الكافرة منفلتة
غَت مرتدع بقانوف؛ فاجملتمع اؼبسلم منضبط أخبلقيا بدافع ّ
أخبلقيّا تكثر فيها اعبرائم كاالعتداء على النفس و العرض و اؼباؿ و كاالنتحار ٓت البلداف الغربية .قاؿ
اط َلَناكِبُو َف) اؼبؤمنوف74:
الصر ِ
ِ ِِ ِ
ذين َال يُومنُو َف ابْلخ َرة َع ِن ّ َ
ِ َّ
تعاذلَ ( :وإ َّف ال َ
-اإل يباف ابليوـ اْلخر هبعل اؼبؤمن يتهيّأ للقاء هللا تعاذل ابلعمل الصاحل ،قاؿ تعاذل ( :فَ َمن َكا َف يَػ ْر ُجواْ
ِ ِ ِ ِِ لِقآء ربِ ِو َفػلْيػعمل عمبلً ِ
فيه ّوف عليو مصائب الدنيا َح ًدا) الكهفَ .113: صاغبًا َّوالَ يُ ْش ِرْؾ بعَب َادة َربّو أ َ
َ َّ َ ْ َ ْ َ َ َ
غًت.
يغًت هبا ُم ّ
ومشاكلها فيصرب على شدائدىا ويتفاءؿ ابػب َت والفرج ،فإف أحواؿ الدنيا متقلبة فبل ّ
سراء
قاؿ رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص ( :عجبا ألمر اؼبؤمن إ ّف أمره كلو خَت وليس ذلك ألحد إال ؼبؤمن ،إف أصابتو ّ
ضراء صرب فكاف خَتا لو) –رواه مسلم -فاإل يباف نصفو صرب ونصفو
شكر فكاف خَتا لو ،وإف أصابتو ّ
شكر.
نفع ادلؤمن وخريه وصالحو إىل اآلخرين غبديثو
-ومن آاثر اإلميان ابليوم اآلخر أن يتع ّدى ُ
صلى هللا عليو وسلّم ( :ال يؤمن أحدكم حىت وبب ألخيو ما وبب لنفسو) ،كما يتعدى ىذا النفع إذل
البيئة وما فيها من إنساف وحيواف ونبات...
32
ورد ٓت األثر ٓت القوؿ اؼبشهور عن عمر ابن اػبطّاب هنع هللا يضر أنّو قاؿ ( :لو عثرت بغلة ٓت العراؽ لظننت
أف هللا سيسألٍت عنها ِدلَ دلْ ِّ
تسو ؽبا الطريق اي عمر).
وعلى عكس اؼبؤمن ابليوـ اْلخر ذاؾ الصنف اغبريص على الدنيا فبل يؤمن ابلبعث وال ابليوـ اْلخر
ص الن ِ ِ
َّاس َعَلى غارؽ ٓت شهوات الدنيا ومل ّذاهتا كحاؿ اؼبشركُت واليهود ،قاؿ تعاذلَ( :وَلَتج َدنػَّ ُه ُم أ ْ
َح َر َ
ف سَن ٍة َّو ما ُىو ِدبُز ْح ِزِح ِو ِمن الْع َذ ِ
اب أَف يػَُّع َّم َر) البقرة: َّ ِ ٍ
َ َ َح ُد ُى ْم َلْو يػَُع َّم ُر أَلْ َ َ َ َ َ
ين أَ ْش َرُكوا يَػَودُّ أ َ
َحيواة ومن الذ َ
96
انتهى
33