You are on page 1of 273

See discussions, stats, and author profiles for this publication at: https://www.researchgate.

net/publication/350386145

‫ اﺳﺘﺸﺮاف ﻣﻦ ﻗﻠﺐ اﻟﺠﺎﺋﺤﺔ‬:19 ‫ﻛﺘﺎب ﺗﻄﻮﻳﺮ اﻟﻤﻨﺎﻫﺞ ﻓﻲ ﻇﻞ ﻛﻮﻓﻴﺪ‬

Chapter · March 2021

CITATIONS READS
0 624

7 authors, including:

Saif N.A. Almaamari Mohammed Al-Amri


Sultan Qaboos University Sultan Qaboos University
84 PUBLICATIONS   42 CITATIONS    128 PUBLICATIONS   30 CITATIONS   

SEE PROFILE SEE PROFILE

Yasser Fawzy Marwa Nasr


Sultan Qaboos University Sultan Qaboos University
27 PUBLICATIONS   0 CITATIONS    7 PUBLICATIONS   0 CITATIONS   

SEE PROFILE SEE PROFILE

Some of the authors of this publication are also working on these related projects:

‫ ﻧﻤﻮذج ﻣﻘﺘﺮح ﻟﺘﻔﻌﻴﻞ ﻋﺎدات اﻟﻌﻘﻞ اﻟﺴﺘﺔ ﻋﺸﺮ ﻓﻲ ﺗﺪرﻳﺲ اﻟﺘﺮﺑﻴﺔ اﻟﻔﻨﻴﺔ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮة ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ اﻟﺴﻠﻄﺎن ﻗﺎﺑﻮس‬View project

Digital civic participation, higher education institutions, Covid_19, citizenship education in Oman View project

All content following this page was uploaded by Saif N.A. Almaamari on 25 March 2021.

The user has requested enhancement of the downloaded file.


‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫تطوير المناهج الدراسية‬


‫في ظل كوفيد_‪:19‬‬
‫استشراف من قلب الجائحة‬

‫‪1‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫الكتاب ‪ :‬تطوير املناهج الدراسية يف ظل كوفيد_‪ :19‬استشراف من قلب اجلائحة‬


‫حُم ِّرر الكتاب‪ :‬د‪ .‬سيف بن ناصر املعمري‬

‫حقوق الطبع حمفوظة‬

‫الناشر‬

‫(سلطنة عمان ‪ -‬مسقط)‬

‫الطبعة األوىل ‪2021‬‬


‫للتواصل‪:‬‬
‫‪00968 - 94878899‬‬
‫ص‪.‬ب‪ ،342 :‬الرمز البريدي ‪124:‬‬
‫الرسيل ‪ -‬سلطنة عمان حقوق النش��ر حمفوظ��ة وال حيق إع��ادة الطباعة‬
‫أو النس��خ إال ب��إذن كتاب��ي م��ن املؤسس��ة‬ ‫‪daralwraq@gmail.com‬‬
‫‪00968 - 94878899‬‬
‫دار الوراق العمانية‬
‫رقم اإليداع احمللي‬
‫‪2021/3443‬‬ ‫‪alwaraqoman1‬‬

‫الرقم املعياري الدولي‬ ‫التصميم الداخلي والغالف‪:‬‬


‫‪978-99969-78-24-1‬‬ ‫أمري عكاشة‬

‫‪2‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫تطوير المناهج الدراسية‬


‫في ظل كوفيد_‪:19‬‬
‫استشراف من قلب الجائحة‬
‫حُ‬
‫م ِّرر الكتاب‪:‬‬

‫د‪ .‬سيف بن نارص املعمري‬


‫أستاذ مشارك مناهج وطرائق تدريس ادلراسات االجتماعية‬
‫لكية الرتبية – جامعة السلطان قابوس‬

‫تقديم‪ :‬د‪ .‬صالح ابلوسعيدي‬


‫عميد لكية الرتبية‪ -‬جامعة السلطان قابوس‬

‫املؤلفون‬

‫د‪ .‬حممد عبدالكريم العيارصة‬ ‫أ‪.‬د حممد بن محود العامري‬ ‫د‪ .‬سيف بن نارص املعمري‬
‫د‪ .‬خولة بنت زاهر احلوسنية‬ ‫د‪ .‬حممــــد عيل شحـــات‬ ‫د‪ .‬ريا بنت سالم املنذرية‬
‫د‪ .‬سامح سعيد إسماعيل‬ ‫د‪ .‬أسمــاء عبدالصبـور حممـد‬ ‫د‪ .‬ياســر حممــود فــوزي‬
‫أ‪ .‬رمحة بنت نارص ابلدوية‬ ‫أ‪ .‬لولوة بنت مخيس اجلهورية‬ ‫د‪ .‬مــروه محــــدي نصــر‬

‫(سلطنة عمان ‪ -‬مسقط)‬


‫‪3‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫‪4‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫إْال ْه َداءُ‬
‫ِ‬

‫لم يعصف كوفيد‪ 19‬باتلعليم فقط ‪ ..‬إنما اغتال خرية القائمني ىلع مناهجه‬
‫املرحوم ادلكتور سليمان الغتايم ‪..‬لروحك الطاهرة ‪..‬وذلكراك العطرة‬
‫ً‬
‫نهدي هذا الكتاب ‪..‬ستظل حارضا بداخلنا ‪.‬لم نعهد منك الغياب‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫ال تجعل أزمة جيدة تذهب سدى‬


‫ونستون تشرشل‬

‫ً‬ ‫ً‬
‫«يمنح كوفيد ‪ 19‬أنظمة التعليم فرصة نادرة جدا وربما قصيرة جدا‬
‫للتطوير‪ ،‬قد تتالشى من دون سابق إنذار ألنه مع اختفاء تهديده‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫تدريجيا ستعود المدارس سريعا‪ ،‬وسيكون االتجاه هو جعلهم‬
‫يعملون بالطريقة نفسها‪ ،‬كما كانوا من قبل»‬
‫يونج زاهو (‪)Yong Zhao‬‬

‫‪6‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫تقديم‬

‫ّ‬
‫يعد اتلعليم من احلقوق األساسية لإلنسان‪ ،‬كما أنه من أهم أدوات تمكني األفراد وتنمية قيم‬
‫المستدامة للمجتمعات واملحافظة عليها من الوقوع‬ ‫املواطنة دليهم‪ ،‬باإلضافة إىل حتقيق اتلنمية ُ‬
‫يف االحنراف والفقر‪.‬‬
‫حُ‬ ‫َّ‬
‫تتباين ادلول يف أنظمتها اتلعليمية‪ ،‬لكنها مجيعها تتفق حول وجود منهاج تدرييس واضح ومدد‬
‫َّ‬
‫واتلعليمية‪ ،‬حىت يسهل تقييم حتصيل الطلبة وعمليات اتلطوير‪.‬‬ ‫للك مرحلة من املراحل العمرية‬
‫ّ‬ ‫ُ ّ‬
‫وينفذ املنهاج وفق آيلات معينة تكون يف الغالب يف بيئة تعليمية واقعية‪ .‬ومع ظهور جاحئة‬
‫كوفيد ‪ 19‬يف بداية اعم ‪ 2020‬حدث إرباك يف العالم‪ ،‬وقد تأثر اتلعليم كغريه من جوانب احلياة‬
‫كبريا بهذه اجلاحئة؛ إذ اعنت األنظمة اتلعليمية حول العالم من قرارات إغالق املؤسسات‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫تأثرا‬
‫اتلعليمية وحرمان مئات املاليني من الطلبة من حق اتلعليم‪ ،‬ونتج عن ذلك تأخر وفوارق يف‬ ‫َّ‬
‫اتلحصيل‪.‬‬
‫ومع ذلك خلقت هذه اجلاحئة الكثري من الفرص‪ ،‬من خالل إتاحة اتلعلم عن بعد وبأقل األثمان‬
‫ُّ‬
‫واجلهد‪ .‬فبسبب وبفضل ما سخره اهلل تعاىل لإلنسان يف هذ العرص من تقدم تكنولويج وعلم‬
‫ّ‬
‫متقدم؛ استطاع اإلنسان االستمرار يف اتلعليم‪ .‬كما ال يمكن إنكار ادلور العظيم اذلي لعبته‬
‫ُ‬ ‫المعلم ُ‬ ‫اتلكنولوجيا يف قدرة ُ‬
‫والمتعلم ىلع اتلأقلم مع ظروف اجلاحئة واالستمرار يف اتلعليم‪ .‬إن‬
‫رسع من اكتساب أفراد املجتمع بفئاته ورشاحئه اكفة املهارات الفنية واتلقنية‬ ‫حدوث اجلاحئة ّ‬
‫بوترية غري متوقعة مقارنة بما اكنت ستستغرقه يف األحوال العادية‪ .‬ومن جانب آخر‪ ،‬حفزت‬
‫اجلاحئة ملاكت اإلبداع واالبتاكر بني صفوف األساتذة والطلبة‪ .‬يأيت هذا الكتاب املوسوم بعنوان‬
‫ادلراسية يف ظل كوفيد_‪ :19‬استرشاف من قلب اجلاحئة»‪ ،‬وما حيتوي عليه بني‬ ‫ّ‬ ‫«تطوير املناهج‬
‫ّ‬
‫جنباته من مساهمات قيمة من مؤليف فصوهل العرشة من أفاكر إبداعية عكست عصارة خرباتهم‬
‫جُ‬ ‫ّ‬
‫ادلراسية يف وقت يزيد فيه من ثراء انلقاشات الرتبوية اليت ترى ايلوم ىلع‬ ‫يف تصميم املناهج‬
‫مستوى العالم يف جمال تطوير أنظمة اتلعليم ومناهجه وفق ما أفرزته هذه اجلاحئة من حتديات‪ .‬فما‬
‫اتلخصصات واملمارسات اليت أضفت عليه قيمة ثقافية وعلمية‬ ‫ُّ‬ ‫تنوع يف‬‫يتمزي به هذا الكتاب من ّ‬
‫كبرية‪ ،‬سيفيد وزارات الرتبية واتلعليم يف املنطقة واألكاديميني وطلبة ادلراسات العليا‪ .‬وكما قيل‪،‬‬
‫فإن العالم بعد جاحئة كوفيد ‪ ١٩‬لن يكون كما اكن عليه قبلها‪ ،‬وهذا بطبيعة احلال ينطبق ىلع‬

‫‪7‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫خصوصا‪ .‬وهلذا‪ ،‬فنحن حباجة إىل استيعاب ادلروس اليت‬‫ً‬ ‫ً‬


‫عموما واملناهج ادلراسية‬ ‫قطاع اتلعليم‬
‫ّ‬
‫تعلمناها من مثل هذه الظروف االستثنائية‪ ،‬وحماولة تضمينها يف جتديد املناهج ادلراسية بما يقود‬
‫ُّ‬
‫اتلكيف مع خمتلف األزمات‪.‬‬ ‫إىل بناء أجيال قادرة ىلع‬

‫ادلكتور صالح بن سالم بن حممد ابلوسعيدي‬


‫عميد لكية الرتبية – جامعة السلطان قابوس‬

‫‪8‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫استفتاحية‬

‫ ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬
‫حمرجا‬ ‫«الزي الرسيم مقاس واحد كبري جدا‪ ،‬حقيبة الظهر اجلديدة معلقة تعليقا‬
‫بكتفني صغريتني‪ ،‬هناك ابتسامة شجاعة مع سن أو اثنني مفقودين‪ ،‬وتمسك‬
‫أخري بايلدين‪ ،‬وعناق‪ ،‬وقبلة‪ ،‬وموجة مرتددة‪ ،‬ودموع ال مفر منها‪ .‬قبل أن يعطل‬
‫كوفيد_‪ 19‬حياتنا‪ ،‬وجيرب أطفانلا ىلع فتح أجهزة الكمبيوتر املحمولة اخلاصة‬
‫ُّ‬
‫بهم واتلعلم من املزنل‪ ،‬اكن ايلوم األول من املدرسة مثل طقوس املرور‪ ،‬وبداية‬
‫رحلة حاسمة اتبعت ىلع نطاق واسع‪ ،‬بالشلك واإليقاع نفسه ألجيال عديدة‪،‬‬
‫من روضة األطفال إىل الصف اثلاين عرش‪ .‬يدير الفصول ادلراسية مدرسون‬
‫ً‬
‫دروسا تبدأ وتنتيه بقرع جرس‪ ،‬يضعون االختبارات‪ ،‬يراقبون الطلبة‪،‬‬ ‫يقدمون‬
‫ويعلنون عن ادلرجات اليت قد تسعد اآلباء‪ ،‬أو ختيب أملهم أو تفاجئهم‪ .‬اكن‬
‫املنهج اتلعلييم «مقاس واحد يناسب اجلميع» ثابت مئات السنني‪ .‬ومع ذلك‪،‬‬
‫فإنه خيضع تلغيري غري مسبوق بسبب كوفيد_‪ ،19‬إذ أظهرت االستجابة هلذا‬
‫الفريوس كيف يمكن للتكنولوجيا أن تساعد ىلع تغيري طريقة اتلدريس‬
‫واتلعلم؟‪ ،‬لكن الضغط من أجل اتلغيري قد بدأ قبل وقت طويل من اندالع‬
‫الوباء‪ ،‬وسوف يستمر فرتة طويلة بعد أن ينحرس اتلهديد ‪.‬‬
‫«‪Geoff Spencer, Microsoft Asia‬‬

‫‪9‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫سرية حمرر الكتاب‬

‫د‪ .‬سيف بن نارص املعمري‪ :‬أستاذ مشارك يف مناهج ادلراسات االجتماعية يف لكية الرتبية جامعة‬
‫السلطان قابوس‪ ،‬حاصل ىلع درجة ادلكتوراه يف فلسفة الرتبية من جامعة جالسجو اإلسكتلندية‬
‫ً‬
‫اعم ‪ ،2009‬أرشف ىلع ما يزيد ىلع ‪ 60‬رسالة ماجستري‪ ،‬ونرش ‪ 45‬حبثا يف ادلوريات العربية واألجنبية‬
‫املحكمة‪ ،‬وقدم ما يزيد ىلع ‪ 200‬ورقة حبثية يف املؤتمرات وانلدوات وامللتقيات العلمية داخل‬
‫السلطنة وخارجها يف جمال املواطنة والرتبية عليها يف ُعمان ودول اخلليج العريب‪ ،‬هل ‪ 15‬كتابًا‬
‫لست جمالت‬ ‫منشورا يف املواطنة والرتبية عليها واتلعليم يف ُعمان واالنتخابات‪ ،‬عضو هيئة حترير ِّ‬
‫ً‬
‫ً‬
‫وخبريا يف‬ ‫ً‬
‫استشاريا‬ ‫علمية حمكمة وواحدة ثقافية‪ .‬وهو رئيس حترير جملة دفاف اثلقافية‪ ،‬عمل‬
‫املؤسسات الوطنية واإلقليمية مثل‪ :‬منظمة ايلونسكو‪ ،‬مؤسسة اكرنييج‬ ‫ّ‬ ‫مشاريع دلى عدد من‬
‫للسالم يف الرشق األوسط‪ ،‬الصندوق العريب لإلنماء االقتصادي واالجتمايع‪ ،‬املركز العريب‬
‫ّ‬
‫الرتبوية‪،‬‬ ‫للسياسات‪ ،‬األمانة العامة دلول جملس اتلعاون‪ ،‬مؤسسة أديان‪ ،‬اهليئة اللبنانية للعلوم‬
‫ّ‬
‫االجتماعية‪ ،‬جملس ادلولة‪ ،‬وزارة الرتاث واثلقافة‪ ،‬وزارة‬ ‫شؤون ابلالط السلطاين‪ ،‬وزارة الشؤون‬
‫ُ‬
‫الرياضية‪ .‬صاحب عمود يف عدة صحف ومواقع صحفية مثل‪ :‬جريدة الرؤية العمانية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الشؤون‬
‫وجريدة الرشق القطرية‪ ،‬وجريدة املسار‪ ،‬ومواقع متعددة‪ ،‬وغريها من املجالت اليت نرش خالهلا ما‬
‫ّ‬
‫يزيد ىلع ‪ 1500‬مقال خالل السنوات اثلمان املاضية يف مواضيع ُمتعلقة باتلعليم واتلنمية والشباب‬
‫لاً‬ ‫ً‬
‫واملرأة‪ .‬شارك متحدثا وحمل يف ‪ 100‬برنامج إذايع وتلفزيوين حميل وعريب واعليم مثل‪ :‬إذاعة مونت‬
‫اكرلو‪ ،‬وإذاعة يب يب يس‪ ،‬والقناة الروسية‪ ،‬والقناة الرتكية‪ ،‬وتلفزيون الكويت‪ ،‬واتللفزيون العريب‪،‬‬
‫العماين‪ ،‬وإذاعة ُعمان‪ ،‬وغريها من اإلذااعت اخلاصة‪ .‬الربيد‬‫وتلفزيون روتانا خليجية‪ ،‬واتللفزيون ُ‬
‫اإللكرتوين‪.)saifn@squ.edu.om( :‬‬

‫‪10‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫سرية مؤلفي الكتاب‬


‫ً‬
‫أ‪.‬د حممد بن محود العامري ‪ :‬أستاذ الفن والرتبية (املناهج وطرق تدريس الفنون)‪ ،‬يعمل حايلا‬
‫َ‬ ‫ً‬
‫رئيس قسم املناهج واتلدريس بكلية الرتبية ‪ -‬جامعة السلطان قابوس‪ .‬اكن خبريا متفراغ‬
‫بكلية الرتبية لدلراسات العليا جبامعة هارفارد (سبتمرب ‪ -2018‬أغسطس ‪ .)2019‬حتصل ىلع‬
‫درجة ماجستري الفنون من جامعة ‪ Warwick‬وارئك‪ ،‬ودرجة ادلكتوراه يف الرتبية من جامعة‬
‫العمانية لالعتماد األكادييم (‪،)OAAA‬‬ ‫مانشسرت اعم ‪2005‬م‪ .‬مراجع وحمكم معتمد للهيئة ُ‬
‫العمانية ضمن آيلة ترخيص الربامج األكاديمية بوزارة اتلعليم‬ ‫وبرامج مؤسسات اتلعليم العايل ُ‬
‫العايل وابلحث العليم واالبتاكر بسلطنة ُعمان‪ .‬عضو هيئة حترير جمالت علمية إقليمية ودويلة‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫عمل بصفته عضوا للكوجنرس العاليم للرتبية من خالل الفن (‪ )InSEA‬ومستشارا وممثال‬
‫ملنطقة الرشق األوسط وأفريقيا لفرتتني انتخابيتني من (‪ ،)2019-2014‬كما شغل عضوية اللجنة‬
‫االستشارية ادلويلة تلعليم الفنون بايلونسكو وشارك يف إعداد مسودة خارطة الطريق تلعليم‬
‫الفنون الصادرة من ايلونسكو (‪ )UNESCO‬اعم ‪ ،2006‬ويف اإلعداد ملؤتمر ايلونسكو اثلاين‬
‫تلعليم الفنون واذلي انعقد يف كوريا اجلنوبية اعم ‪ .2010‬كما شارك يف إعداد ألجندة سول‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أهداف تعليم الفنون‪ ،‬واكن متحدثا رئيسيا يف االحتفايلة األوىل لألسبوع العاليم األول تلعليم‬
‫الفنون يف باريس اعم ‪ ،2012‬وغريها من امللتقيات العلمية والفنية‪ .‬كما نرش العديد من ابلحوث‬
‫باللغتني العربية واإلجنلزيية يف جمالت علمية ومؤتمرات وندوات حملية وإقليمية ودويلة حمكمة‪.‬‬
‫(‪)MHalamri@squ.edu.om‬‬

‫د‪ .‬أسماء عبد الصبور حممد حاصلة ىلع درجة ادلكتوراه يف اعم ‪ 2009‬يف جمال الرتبية املوسيقية تعمل‬
‫أستاذ مساعد بقسم املناهج واتلدريس لكية الرتبية جبامعة السلطان قابوس‪ ،‬ويه أستاذ مشارك‬
‫بقسم الرتبية املوسيقية لكية الرتبية انلوعية جبامعة املنيا جبمهورية مرص ورئيسا لقسم املناهج‬
‫وطرق اتلدريس اتلخصصات انلوعية بنفس اجلامعة‪ ،‬أرشفت وناقشت العديد من الرسائل‬
‫العلمية بقسم الرتبية املوسيقية وقسم مناهج وطرق تدريس جبامعة املنيا‪ ،‬وعضو جلنة املعايري‬
‫األكاديمية والربامج اتلعليمية بوحدة ضمان اجلودة بكلية الرتبية انلوعية‪a.hussein@squ.( .‬‬
‫‪.)edu.om‬‬

‫‪11‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫د‪ .‬خولة بنت زاهر احلوسنية‪ :‬خرجية دكتوراة يف الفلسفة يف ختصص تربويات الرياضيات (مناهج‬
‫وطرق تدريس الرياضيات) من جامعة كريتن بغرب أسرتايلا‪ ،‬وماجستري يف مناهج وطرق تدريس‬
‫الرياضيات من جامعة السلطان قابوس‪ ،‬أستاذ مساعد بقسم املناهج واتلدريس جبامعة السلطان‬
‫قابوس‪ /‬لكية الرتبية‪ .‬هلا مشاراكت حبثية كباحث رئيس وباحث مشارك يف جماالت‪ :‬ابليداغوجيا‬
‫املنتجة يف جتويد تدريس الرياضيات‪ ،‬واهلوية املهنية اتلدريسية‪ ،‬ويف اتلنمية للمعلمني ويف جمال‬
‫العوامل املؤثرة ىلع اتلحصيل ادلرايس‪ .‬هلا تطلعات باإلفادة من اخلربات املكتسبة (علميا ووظيفيا)‬
‫يف تعزيز أدوار معلم الرياضيات لالرتقاء بتعليم وتعلم الرياضيات‪ ،‬ويف تطوير اخلربات ابلحثية يف‬
‫جمال تعلم وتعليم الرياضيات ويف جمال ‪.)k.alhosni@squ.edu.om) STEM EDUCATION‬‬

‫د‪ .‬ريا بنت سالم املنذرية‪ :‬أستاذة مشاركة بقسم املناهج واتلدريس بكلية الرتبية‪ /‬جامعة‬
‫السلطان قابوس‪ ،‬وعضو جملس أمناء جامعة نزوى‪ ،‬نائبة سابقة لرئيس اللجنة الوطنية للشباب‪،‬‬
‫حاصلة ىلع ادلكتوراة يف الرتبية يف جمال املناهج واتلدريس من جامعة جنوب كويزنالند بأسرتايلا‪،‬‬
‫وىلع جائزة املرأة يف اخلدمات اتلعليمية لعام ‪2015‬م‪ ،‬واجلائزة الوطنية للبحث العليم لعام ‪2016‬م‪،‬‬
‫المجيد للكية الرتبية لعام ‪2017‬م‪ .‬رئيسة وعضو بعدد من اللجان ىلع املستوى‬ ‫املدرس ُ‬
‫ّ‬ ‫وجائزة‬
‫الوطين ومستوى لكية الرتبية باجلامعة‪ ،‬مرشفة ىلع عدد كبري من أطروحات املاجستري وادلكتوراة‬
‫بمجال املناهج واتلدريس‪ ،‬ودلي حبوث منشورة يف جوانب متعددة ختص جمال اتلعليم‪ ،‬ومقدمة‬
‫للمئات من الورش واملحارضات للحقل الرتبوي‪ ،‬ومهتمة بقضايا اتلعليم والشباب واملسؤويلة‬
‫االجتماعية‪.)rayya@squ.edu.om (.‬‬

‫د‪ .‬سامح سعيد إسماعيل‪ :‬حاصل ىلع بكالوريوس تكنولوجيا اتلعليم اعم ‪ ،1995‬ودرجيت‬
‫املاجستري وادلكتوراه يف تكنولوجيا اتلعليم من جامعة القاهرة‪ ،‬مرص اعيم ‪ .2007 ،2001‬عضو يف‬
‫عدد من اجلمعيات املهنية مثل اجلمعية العربية تلكنولوجيا الرتبية‪ ،‬واجلمعية العمانية تلقنيات‬
‫اتلعليم‪ .‬يعمل حايلًا يف وظيفة أستاذ مساعد تكنولوجيا اتلعليم‪ ،‬بقسم املناهج واتلدريس‪،‬‬
‫لكية الرتبية‪ ،‬جامعة السلطان قابوس‪ .‬ويشغل حايلًا فيها منصب مساعد رئيس قسم املناهج‬
‫واتلدريس‪ .‬وهو ً‬
‫أيضا أستاذ مساعد‪ ،‬بقسم تكنولوجيا اتلعليم‪ ،‬لكية ادلراسات العليا للرتبية‪،‬‬
‫جامعة القاهرة‪ ،‬مرص‪ .‬قام بتدريس عدد من املقررات يف تكنولوجيا اتلعليم واملناهج‪ .‬دليه خربة‬
‫واسعة يف اإلرشاف ىلع طلبة ادلراسات العليا يف تكنولوجيا اتلعليم واملناهج واتلدريس‪ .‬جماالت‬
‫اهتماماته ابلحثية‪ :‬اتلنمية املهنية ملعلم تكنولوجيا املعلومات‪ ،‬واتلصميم اتلعلييم‪ ،‬واتلعليم‬
‫اإللكرتوين‪ ،‬واتلعليم بمساعدة احلاسوب‪ ،‬والوسائط املتعددة‪ ،‬واستخراج ابليانات‪ ،‬وملف اإلجناز‬
‫اإللكرتوين‪ ،‬واملمارسة اتلأملية ‪.) )samehsaid@squ.edu.om‬‬

‫‪12‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫د‪ .‬حممد ىلع شحات‪ :‬حاصل ىلع درجة ادلكتوراه اعم ‪ 2013‬يف تعليم الفزيياء من جامعة ديوسربج‪-‬‬
‫ً‬
‫إسن‪/‬دولة أملانيا اإلحتادية‪ ،‬يعمل حايلا منذ ‪ 2019‬كأستاذ مساعد املناهج وطرق تدريس العلوم‬
‫بكلية الرتبية‪ ،‬جامعة السلطان قابوس‪ ،‬سلطنة ُعمان‪ ،‬وهو يعمل أستاذ مشارك بكلية الرتبية‪/‬‬
‫جامعة أسوان‪ ،‬مرص‪ .‬درس عديد من املقررات اخلاصة بمناهج وتدريس العلوم‪ ،‬دليه خربة ممتازة‬
‫بطرق ابلحث الكمية والكيفية واملختلطة‪ ،‬وقد نرش أحباث دويلة وإقليمية عدة يف جمالت علمية‬
‫حمكمة‪ ،‬كما عرض وناقش أحباثه يف مؤتمرات دويلة وإقليمية‪ ،‬وخدم كمحكم ملجالت دويلة‪،‬‬
‫وحكم وأرشف ىلع عدد من رسائل املاجستري وادلكتوراة‪ .‬وخدم املجتمع من خالل ندوات‬
‫اتلوعية ابليئة وورش العمل والربامج اتلدريبية‪.)m.shahat@squ.edu.om (.‬‬

‫د‪ .‬حممد عبد الكريم العيارصه‪ :‬يعمل يف جامعة السلطان قابوس منذ عرشين اعما‪ .‬ودليه ما يزيد‬
‫عن أربعني حبثا علميا منشورا يف مناهج الرتبية اإلسالمية وطرائق تدريسها‪ ،‬والفكر الرتبوي‬
‫اإلساليم‪ ،‬وشارك بعدد من املؤتمرات ادلويلة واملحلية‪ .‬وساهم يف إعداد جمموعة من الفصول‬
‫والكتب املتخصصة‪ .‬كما ساهم يف حتكيم العرشات من ابلحوث‪ ،‬والربامج العلمية‪ ،‬والرتقيات‬
‫األكاديمية املحلية وادلويلة‪ .‬وعمل يف هيئة حترير جملة العلوم الرتبوية وانلفسية ثلمان سنوات‪.‬‬
‫كما عمل مقررا ملجلس لكية الرتبية لعامني‪ .‬واشرتك يف عرشات اللجان املشلكة يف اجلامعة ىلع‬
‫مستويات القسم واللكية واجلامعة؛ رئيسا ومقررا وعضوا‪ .‬وقام بتدريس عرشين مقررا يف برامج‬
‫املاجستري وادلبلوم وابلاكلوريوس‪ ،‬وساهم يف تطويرها‪ .‬كما ساهم يف إنشاء برنامج ادلكتوراه يف‬
‫قسم املناهج واتلدريس‪ .‬وأرشف ىلع عرشات الرسائل واألطروحات العلمية لطلبة املاجستري‬
‫وادلكتوراه‪ .‬وقدم العديد من املحارضات والورش املتخصصة‪ .‬ويدير مرشوع اتلعلم النشط‬
‫املنبثق عن اخلطة اإلسرتاتيجية للجامعة ‪.)kareem@squ.edu.om( 2025 – 2021‬‬

‫د‪ .‬مروه محدي نرص‪ :‬حاصلة ىلع درجة ادلكتوراه من جامعة يلدز بامللكة املتحدة يف اعم ‪2012‬‬
‫يف جمال ختصص مناهج الرتبية الرياضية‪ ،‬تعمل حايلا أستاذا مساعدا يف قسم املناهج وطرائق‬
‫اتلدريس‪ ،‬تعمل منسقة لربنامج دبلوم اتلأهيل الرتبوي بكلية الرتبية‪ ،‬نرشت عدد من األحباث‬
‫يف ادلوريات العلمية املتخصصة باللغتني العربية واألجنبية ‪ ،‬وشاركت يف عدد من املشاريع‬
‫املمولة‪.)marwa76@squ.edu.om( .‬‬

‫د‪ .‬يارس حممود فوزي عضو هيئة اتلدريس بقسم املناهج واتلدريس بكلية الرتبية جامعة‬
‫السلطان قابوس‪ ،‬أستاذ املناهج وطرق اتلدريس بكلية الرتبية الفنية جامعة حلوان‪ .‬تنصب‬
‫اهتماماته ابلحثية يف قضايا تطوير املناهج وميادين اتلفكري ابلرصي واتلفكري اإلبدايع‪ .‬دليه‬

‫‪13‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫العديد من األحباث العلمية املنشورة حمليا وإقليميا ودويلا‪ .‬شارك يف تأيلف كتاب وفصول يف‬
‫كتب متخصصة‪ .‬عضو فاعل يف اجلمعية ادلويلة للرتبية عن طريق الفن (انسيا ‪ .)InSea‬أحد‬
‫األعضاء املؤسسني للجمعية االقليمية للرتبية عن طريق الفن يف الرشق األوسط وأفريقيا (امسيا‬
‫‪ .)AmeSea‬عضو هيئة اتلحرير بدورية (امسيا) املتخصصة يف ادلراسات ابلحثية يف ميدان‬
‫الفنون‪ .‬شارك يف اإلرشاف ىلع العديد من رسائل ادلكتوراة واملاجستري‪ .‬قام بتحكيم العديد من‬
‫األحباث العلمية واإلنتاج العميل لألكاديميني‪.)yasser.fawzy@squ.edu.om( .‬‬

‫أ‪ .‬رمحة بنت نارص ابلدوية‪ :‬طابلة ماجستري بقسم املناهج واتلدريس بكلية الرتبية جامعة‬
‫السلطان قابوس‪ ،‬تعمل كمعلمة دراسات اجتماعية منذ اعم ‪ ،2008‬تم تكريمها ىلع مستوى‬
‫السلطنة كمعلم متمزي من قبل وزارة الرتبية واتلعليم اعم ‪ ،2015‬حاصلة ىلع عدد من شهادات‬
‫اتلقدير ىلع مستوى الوزارة وىلع مستوى املديرية العامة للرتبية واتلعليم يف حمافظة ادلاخلية‪.‬‬
‫شاركت يف برنامج قسم املناهج واتلدريس خلدمة املجتمع خالل فصل خريف ‪ 2020‬جبامعة‬
‫السلطان قابوس‪ .‬تركز دراستها ىلع العالقة بني املواطنة الصحية ومستوى املعرفة باألوبئة دلى‬
‫معليم ادلراسات االجتماعية‪.‬‬

‫أ‪ .‬لولوه بنت مخيس اجلهورية‪ :‬حاصلة ىلع بكالوريوس اجلغرافيا من لكية اآلداب والعلوم‬
‫االجتماعية جبامعة السلطان قابوس‪ ،‬كما حصلت ىلع دبلوم اتلأهيل الرتبوي من جامعة أبوظيب‪،‬‬
‫تعمل كمعلمة جغرافيا منذ اعم ‪2015‬م ‪ ،‬وتكمل حايلا دراسة املاجستري بقسم املناهج وطرق‬
‫اتلدريس بكلية الرتبية جبامعة السلطان قابوس‪ ،‬وتركز دراستها ىلع تطوير مناهج ادلراسات‬
‫االجتماعية يف ظل اجلوائح الصحية من وجهة نظر اخلرباء الرتبويني‬

‫‪14‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫مقدمة‬
‫أحدثت جاحئة كوفيد ‪ 19‬اضطرابًا غري مسبوق يف االقتصادات وأنظمة احلياة املختلفة‪ ،‬عرقل‬
‫أنظمة اتلعليم يف معظم دول العالم‪ ،‬وقادت أكرث من مليار ونصف من الطلبة إىل هجر املدارس‬
‫واضحا أن دول العالم تواجه معركة صحية وإىل جنبها معركة تعليمية‬‫ً‬ ‫إىل أجل غري مسىم‪ ،‬وبدا‬
‫من أجل ضمان تعليم هؤالء الطلبة بأي شلك اكن يف ظل توقعات باستمرار اجلاحئة إىل أجل غري‬
‫ً‬
‫واضحا أنه ال سبيل إال االستعانة باألدوات اتلكنولوجية لربط الطلبة بمناهجهم وهم‬ ‫معلوم‪ ،‬وبدا‬
‫ًّ‬
‫يف منازهلم‪ ،‬واتلحول إىل تعليم عن بعد أيا اكنت طبيعة ذلك اتلعليم‪ .‬ذلا طوع كثري من ابلاحثني‬
‫دراساتهم من أجل دراسة املنصات اإللكرتونية‪ ،‬وتصورات الطلبة ومعلميهم حول هذا الشلك‬
‫َ‬
‫من أشاكل اتلعلم الطارئ‪ ،‬ويف ظل توجه معظم االهتمام بأدوات اتلعلم لم حيظ حمتوى اتلعلم إال‬
‫باهتمام بسيط‪ ،‬رغم أن هذه اجلاحئة كشفت ما أكدته تقارير سابقة صادرة من مؤسسات دويلة‪،‬‬
‫مثل ابلنك ادلويل عن الفقر اتلعلييم‪ ،‬وعن أزمة اتلعلم؛ فقد ظهرت تلك الفجوات يف أكرث من‬
‫شلك؛ من ضعف الويع الصيح‪ ،‬وتداول املعلومات املغلوطة‪ ،‬ونرش الشائعات‪ ،‬وغريها؛ ما يعين أن‬
‫هذه اجلاحئة فرصة إلاعدة اتلفكري ليس يف الوسائل فقط وإنما يف مضامني اتلعلم‪.‬‬
‫ّ‬
‫حياول هذا الكتاب سد الفجوة يف احلراك ابلحيث احلايل ىلع املستوى العريب والعاليم‪ ،‬من خالل‬
‫الرتكزي ىلع استرشاف واقع املناهج ادلراسية املختلفة خالل اجلاحئة وما بعدها‪ ،‬إذ تم اتلطرق إىل‬
‫عدة جماالت دراسية شملت اجلوانب اإلنسانية (اللغة العربية‪ ،‬والرتبية اإلسالمية‪ ،‬وادلراسات‬
‫االجتماعية)‪ ،‬واجلوانب العلمية اتلطبيقية (العلوم والرياضيات)‪ ،‬واملهارات الفردية (الرتبية‬
‫الفنية‪ ،‬والرتبية الرياضية‪ ،‬والرتبية املوسيقية)‪ ،‬واجلوانب اتلكنولوجية (تكنولوجيا املعلومات‬
‫واالتصاالت)‪ ،‬فقدم املختصون يف لك حقل خالصة قراءتهم وخربتهم الرثية يف إبراز جوانب‬
‫إاعدة اتلفكري يف هذه املناهج خالل اجلاحئة وما بعدها‪.‬‬
‫تكون الكتاب من عرشة فصول‪ ،‬يه‪:‬‬

‫* الفصل األول قدمه ادلكتور سيف بن نارص املعمري بعنوان «اتلغري الرتبوي يف أعقاب كوفيد‬
‫‪ 19‬وإاعدة اتلفكري يف راءات اتلعلم ومناهجه»‪ .‬انطلق الفصل من مناقشة األسئلة اليت حتكم‬
‫لاً‬
‫انلقاشات الرتبوية املرتبطة باألدوات واملحتوى‪ ،‬حماو الوقوف ىلع مسارات إاعدة اتلفكري يف‬
‫أنظمة اتلعليم وإبراز املضامني اليت أفرزتها اجلاحئة‪ ،‬اليت سوف تقود إىل تطوير املناهج ادلراسية‪،‬‬
‫باإلضافة إىل كيفية مواجهة اتلعلم املفقود‪ ،‬واتلحديات اليت تواجه ذلك‪.‬‬

‫* جاء الفصل اثلاين اذلي قدمته ادلكتورة أسماء عبدالصبور حممد بعنوان «الرتبية املوسيقية يف‬

‫‪15‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫ظل جاحئة كوفيد ‪ :19‬العزف عرب املنصات»‪ .‬ينطلق الفصل من اتلحديات اليت واجهت تعليم‬
‫املوسيقا خالل جاحئة كوفيد‪ ،19‬ألن طبيعة املوسيقا تتطلب اتلواصل مع اآلالت واجلمهور‪،‬‬
‫اتلواصل حيمل خماطر كبرية النتقال الفريوس‪ .‬أضف إىل ذلك‪ ،‬حاول الفصل إبراز واقع‬ ‫ُ‬ ‫وهذا‬
‫ّ‬
‫الرتبية املوسيقية خالل فرتة كوفيد_‪ ،19‬وآفاق تطوير مناهج هذه املادة للتعايش مع هذه الظروف‬
‫لاً‬
‫مستقب ‪ .‬إضافة إىل ذلك استُعرضت معايري تأيلف املادة وأبعادها بما يساعد ىلع فهم اتلحديات‬
‫اليت فرضها كوفيد_‪ 19‬ىلع تدريسها‪.‬‬

‫* أما الفصل اثلالث اذلي قدمته ادلكتورة خولة بنت زاهر احلوسنية فجاء بعنوان «اتلاكمل‬
‫اتلكنولويج يف ظل بيئات تعليم وتعلم الرياضيات خالل جاحئة كوفيد_‪ :19‬حتديات وخربات»‪.‬‬
‫ناقشت فيه بعض الرؤى واخلربات املرتبطة بتعليم وتعلم الرياضيات خالل فرتة جاحئة كوفيد_‪،19‬‬
‫يلليق الضوء ىلع فرص االندماج واتلفاعل اليت قد تتاح يف بيئات اتلعلم القائمة ىلع اتلكنولوجيا‬
‫من خالل مدخل اتلاكمل اتلكنولويج يف تعليم وتعلم الرياضيات‪ ،‬ويرسم بعض املسارات يف‬
‫توظيف نموذج املعرفة اتلكنولوجية الرتبوية للمحتوى ونماذج اتلعلم املدمج بوصفها مسارات‬
‫تطويرية لربنامج إعداد معلم الرياضيات‪.‬‬

‫* أما الفصل الرابع فأعدته ادلكتورة ريا بنت سالم املنذرية بعنوان «كوفيد ‪ 19‬وتطوير مناهج‬
‫اللغة العربية»‪ .‬تناولت فيه أهمية تأثريات اجلاحئة يف تغيري مستوى ويع الفرد بالوقاية الصحية‬
‫ًّ‬
‫وثقافيا من أي شائعات وأفاكر سلبية قد تهدد حياته باخلطر‪ ،‬باإلضافة إىل تأثريها‬ ‫وحتصينه ً‬
‫فكرا‬
‫لاً‬
‫يف مهارة إدارة الوقت وتشجيع القراءة واالطالع ومتابعة املستجدات املعرفية واتلقنية أو بأول‪،‬‬
‫بما يضمن مواكبته ألي حراك حوهل يدفعه إىل اتلفاعل معه يلجنبه أي عزلة معرفية وفكرية قد‬
‫حتدث هل‪.‬‬

‫* الفصل اخلامس لدلكتور سامح سعيد إسماعيل جاء بعنوان «منهج تكنولوجيا ملعلومات‬
‫واالتصاالت بعد كوفيد_‪ :19‬انعاكس اتلجارب ادلويلة وتأثري معايري ‪ .»ISTE‬ركز فيه ىلع تربية‬
‫املواطن الرقيم واستخدام اتلكنولوجيا يف بنائه‪ .‬عرج الفصل إىل اتلحديات اليت واجهت اتلعليم‬
‫اإللكرتوين يف ظل جاحئة كوفيد ‪ ،19‬وقدم نلا ملحة عن جهود ادلول يف استخدام تكنولوجيا اتلعليم‬
‫ً‬
‫أخريا إىل انعاكسات اجلاحئة ىلع منهج تكنولوجيا املعلومات واالتصاالت‬ ‫يف أثناء اجلاحئة‪ .‬تطرق‬
‫من خالل تناوهل عنارص املنهج األربعة اليت حددها تايلور؛ األهداف‪ ،‬حمتوى األنشطة اتلعليمية‪،‬‬
‫اتلقويم‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫* أما الفصل السادس فقدمه ادلكتور سيف بن نارص املعمري‪ ،‬رمحة بنت نارص ابلدوية‪ ،‬ولولوة بنت‬
‫مخيس اجلهورية بعنوان «مسارات تطوير تعليم ادلراسات االجتماعية يف ظل جاحئة كوفيد_‪19‬‬
‫وبعدها»‪ .‬يسىع دلراسة تأثري هذه اجلاحئة يف منهج ادلراسات االجتماعية اذلي يقدم يف معظم‬
‫دول العالم‪ ،‬ويرتبط بمجاالت اجتماعية وإنسانية ذات أهمية كبرية يف تشكيل اإلنسان اذلي‬
‫عرضت ملواجهة هذه اجلوائح واألزمات املختلفة ايلوم ويف املستقبل‪ ،‬وىلع قدر وعيه ومعرفته‬
‫واجتاهاته املسؤولة يمكن للمجتمعات أن تنجح يف اتلغلب ىلع هذه اآلثار؛ إذ تدفع األزمة إىل‬
‫إاعدة اتلفكري يف سمات املواطن الصالح اذلي يعد اهلدف األهم هلذه املادة ادلراسية‪ ،‬وكذلك يف‬
‫املحتوى املرتبط باحلياة ومستجداتها وحتوالتها‪ ،‬واذلي يرتبط اعدة بهذه املادة‪.‬‬

‫* أما الفصل السابع فقدمه ادلكتور حممد عيل شحات بعنوان «املناهج ادلراسية للعلوم يف ظل‬
‫جاحئة كوفيد‪ :19-‬واقع ورؤى مستقبلية»‪ .‬يتناول توضيح األهداف العامة تلدريس العلوم‪ ،‬يليها‬
‫جاحئة فريوس كورونا (كوفيد‪ )19-‬وتأثرياتها يف املجتمع والعملية اتلعلمية‪ ،‬وتوضيح أدوات‬
‫اتلعليم عن بعد اليت يمكن استخدامها خالل اجلاحئة يف تدريس العلوم‪ ،‬واجلهود املبذولة‬
‫ّ‬
‫تلحقيق اتلعلم الشامل للعلوم‪ ،‬نظم إدارة اتلعلم الرقيم املناسبة ملناهج العلوم يف ظل جاحئة‬
‫كوفيد‪ ،19-‬أطر اتلعليم يف احلاالت الطارئة فيما بعد كوفيد‪ ،19-‬املناهج ادلراسية للعلوم فيما‬
‫بعد كوفيد‪ ،19-‬مقرتحات للتوعية من خالل اإلدارة املدرسية ومناهج العلوم واتلثقيف الصيح‪.‬‬

‫* أما الفصل اثلامن فأعده ادلكتور حممد عبد الكريم العيارصة بعنوان «تطوير منهاج الرتبية‬
‫اإلسالمية يف ظل اجلاحئة‪ :‬اتلحدي واالستجابة»‪ .‬كون الرتبية الصحية من أهم الوسائل تلحقيق‬
‫مقصد الرتبية اإلسالمية يف حفظ انلفس‪ .‬وموقف اإلسالم من الصحة والوقاية وسالمة األبدان‬
‫موقف ال نظري هل يف أي دين من األديان‪ ،‬فانلظافة فيه عبادة وقربة‪ ،‬بل فريضة من فرائضه‪ ،‬وأول‬
‫باب تبدأ به كتب الرشيعة يف اإلسالم هو باب بعنوان «الطهارة» أي انلظافة‪ ،‬ابلاب األول اذلي‬
‫يدرسه املسلم واملسلمة من فقه اإلسالم ألهمية الصحة يف حياة اإلنسان‪ ،‬ودورها يف حياته ادلينية؛‬
‫فقد عىن بها اإلسالم أيما عناية سواء بالسيع لوقاية اإلنسان من األمراض أم باحلث ىلع عالجه‬
‫منها؛ وذلك ليك يكون ً‬
‫قادرا ىلع القيام بأمور دينه‪.‬‬

‫* أما الفصل اتلاسع فأعدته ادلكتورة مروه محدي نرص بعنوان «الرتبية ابلدنية وكوفيد‪ ،»19‬انطلق‬
‫الفصل من تساؤل‪ :‬كيف يمكن احلفاظ ىلع صحة األفراد وفرض اإلجراءات االحرتازية اليت‬
‫فرضتها املؤسسات الطبية واملنظمات العاملية‪ ،‬وبينّ الطبيعة الفطرية اليت تفرضها أشاكل املمارسة‬
‫الرياضية ملنتسبيها‪ ،‬واليت يف اغبليتها تتضاد وتتعارض مع مبدأ ابلعد املجتميع واملسافات اآلمنة‬
‫بني األفراد؟ ومىض الفصل إىل استرشاف واقع مناهد الرتبية ابلدنية وطرائق تدريسها وتقويمها‪،‬‬

‫‪17‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫إضافة إىل حتديد اآلثار املرتتبة ىلع حتوالت الرياضات (الفردية واجلماعية) انلوعية للممارسني‬
‫والعاملني عليها‪.‬‬
‫* جاء الفصل العارش اذلي قدمه لك من ادلكتور يارس حممود فوزي واألستاذ ادلكتور حممد بن‬
‫ُ‬
‫محود العامري بعنوان «رؤية استرشافية تلطوير مناهج الرتبية الفنية من خالل اتلعلم عن بعد يف‬
‫ضوء تأثري جاحئة كوفيد ‪ .»19 -‬تطرق الفصل إىل مضامني مناهج تعليم الفنون يف ظل مستجدات‬
‫اتلباعد االجتمايع‪ ،‬اليت من شأنها إجياد فضاءات من اتلقارب واالحتواء االفرتايض ىلع مستوى‬ ‫ُ‬
‫ّ‬
‫عمليات اتلعليم واتلعلم يف حقل تعليم الفنون ابلرصية‪ ،‬وأبرز الفصل السياقات اليت يعمل عليها‬
‫حقل الرتبية الفنية من حيث مضمونها ذي العالقة الوثيقة بتنمية مفاهيم املواطنة‪ ،‬وبناء املواطن‬
‫الوايع بأبعاد مقومات حميطه املجتميع ابليئية واثلقافية‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫الفهرس‬
‫ُّ‬
‫الفصل األول‪ :‬كوفيد ‪ 19‬وإاعدة اتلفكري يف راءات اتلعلم ومناهجه ‪25 .......................................‬‬
‫‪ o‬مقدمة ‪27 ............................................................................................................................‬‬
‫‪ o‬من املدرسة إىل املنصة ‪27 .....................................................................................................‬‬
‫‪ o‬من املنصة إىل حمتوى اتلعلم ‪30 .............................................................................................‬‬
‫‪ o‬املضامني املرتبطة بالصحة ‪32 ...............................................................................................‬‬
‫‪ o‬املضامني املرتبطة باالقتصاد ‪32 ............................................................................................‬‬
‫‪ o‬املضامني املرتبطة بالرقمنة واملواطنة الرقمية ‪33 ....................................................................‬‬
‫‪ o‬املضامني املرتبطة باتلنمية املستدامة ‪33 ...............................................................................‬‬
‫‪ o‬مستقبل اتلعليم يف أعقاب كوفيد‪34................................................................................. 19‬‬
‫‪ o‬منهج الستعادة اتلعلم املفقود ‪34 ...........................................................................................‬‬
‫‪ o‬أسئلة اتلعليم ما بعد اجلاحئة ‪35 ...........................................................................................‬‬
‫‪ o‬خاتمة ‪38 ............................................................................................................................‬‬
‫‪ o‬املراجع ‪38...........................................................................................................................‬‬

‫الفصل اثلاين‪ :‬الرتبية املوسيقية يف ظل جاحئة كوفيد ‪ :19‬العزف عرب املنصات ‪39 ......................‬‬
‫‪ o‬مقدمة ‪41 ............................................................................................................................‬‬
‫‪ o‬معايري تأيلف منهج الرتبية املوسيقية ‪42 ................................................................................‬‬
‫‪ o‬أهداف الرتبية املوسيقية ‪42 ..................................................................................................‬‬
‫‪ o‬دور الرتبية املوسيقية يف تنمية شخصية اتللميذ ‪45.................................................................‬‬
‫‪ o‬حمتوى منهج الرتبية املوسيقية ‪47 ..........................................................................................‬‬
‫‪ o‬آثار كوفيد_‪ 19‬يف أهداف الرتبية املوسيقية ‪49 ......................................................................‬‬
‫‪ o‬آثار كوفيد_‪ 19‬يف حمتوى الرتبية املوسيقية ‪50.........................................................................‬‬
‫‪ o‬تدريس املوسيقا يف أثناء تفيش فريوس كوفيد_‪ 19‬حول العالم ‪51 .........................................‬‬
‫‪ o‬آيلة اتلقويم للرتبية املوسيقية يف ظل كوفيد_‪55 ............................................................... 19‬‬
‫‪ o‬مقرتحات للتغلب ىلع آثار كوفيد_‪ 19‬يف املوسيقا ‪57..............................................................‬‬
‫‪ o‬اخلاتمة ‪59 ...........................................................................................................................‬‬
‫‪ o‬املراجع ‪61 ...........................................................................................................................‬‬

‫‪19‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬


‫الفصل اثلالث‪ :‬اتلاكمل اتلكنولويج يف ظل بيئات تعليم وتعلم الرياضيات خالل جاحئة‬
‫كوفيد_‪ :19‬حتديات وخربات ‪63 ................................................................................................‬‬
‫ّ‬
‫‪ o‬املقدمة ‪65 ...........................................................................................................................‬‬
‫ّ‬
‫‪ o‬تكامل اتلكنولوجيا يف تعليم وتعلم الرياضيات‪ :‬حتديات وخربات ‪66...................................‬‬
‫‪ o‬االندماج واتلفاعل الطاليب يف بيئات اتلعلم القائمة ىلع اتلكنولوجيا ‪76................................‬‬
‫‪ o‬جتارب ميدانية يف تدريس األقران يف بيئات اتلعلم االفرتاضية (تأمالت ذاتية) ‪80....................‬‬
‫ّ‬
‫‪ o‬تكامل اتلكنولوجيا يف تعليم وتعلم الرياضيات‪ :‬تدريب املعلمني قبل ويف أثناء اخلدمة ‪86.....‬‬
‫ّ‬
‫‪ o‬تكامل اتلكنولوجيا يف تعليم وتعلم الرياضيات‪ :‬نماذج اتلعلم املدمج ‪90..............................‬‬
‫‪ o‬اخلاتمة ‪96............................................................................................................................‬‬
‫‪ o‬املراجع ‪98...........................................................................................................................‬‬

‫الفصل الرابع‪ :‬كوفيد ‪ 19‬وتطوير مناهج اللغة العربية ‪101 ...........................................................‬‬


‫ّ‬
‫‪ o‬مقدمة ‪103 ...........................................................................................................................‬‬
‫‪ o‬أهمية تفاعل مادة اللغة العربية مع مستجدات الواقع ‪104 ......................................................‬‬
‫‪ o‬عالقة مادة اللغة العربية بتنشئة املواطن الصالح يف ظل تأثريات اجلاحئة ‪106 ..........................‬‬
‫‪ o‬تأثري كوفيد_‪ 19‬يف أهداف مادة اللغة العربية ‪109 ..................................................................‬‬
‫مضامني مادة اللغة العربية اجلديدة ‪111 ................................................................................‬‬ ‫ُ‬ ‫‪o‬‬
‫‪ o‬تدريس مادة اللغة العربية يف ظل تأثريات هذه اجلاحئة ‪114 ....................................................‬‬
‫‪ o‬أسايلب اتلقويم يف مادة اللغة العربية بعد تأثريات اجلاحئة ‪117 ...............................................‬‬
‫‪ o‬خاتمة ‪119 ...........................................................................................................................‬‬
‫‪ o‬املراجع ‪121 ..........................................................................................................................‬‬

‫الفصل اخلامس‪ :‬منهج تكنولوجيا املعلومات واالتصاالت بعد كوفيد_‪ :19‬انعاكس اتلجارب‬
‫ادلويلة وتأثري معايري ‪123 .............................................................................................. ISTE‬‬
‫‪ o‬مقدمة ‪125 ..........................................................................................................................‬‬
‫‪ o‬تربية املواطن الرقيم ‪126 ......................................................................................................‬‬
‫‪ o‬اجلاحئة وتأثريها يف اتلعليم ‪127..............................................................................................‬‬
‫‪ o‬واقع استخدام اتلكنولوجيا قبل ويف أثناء اجلاحئة ‪128 ............................................................‬‬
‫أهمية اتلعليم عن بُعد ‪130 ...................................................................................................‬‬ ‫ّ‬ ‫‪o‬‬
‫‪ o‬اتلحديات اليت واجهت اتلعليم اإللكرتوين يف ظل جاحئة كوفيد ‪131 ................................. 19‬‬

‫‪20‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫‪ o‬ملحة عن جهود ادلول يف استخدام تكنولوجيا اتلعليم يف أثناء اجلاحئة ‪133 .............................‬‬
‫‪ o‬انعاكسات اجلاحئة ىلع منهج تكنولوجيا املعلومات واالتصاالت ‪138 ....................................‬‬
‫‪ o‬األهداف ‪139 ......................................................................................................................‬‬
‫‪ o‬املحتوى ‪141 .........................................................................................................................‬‬
‫‪ o‬األنشطة اتلعليمية ‪141 .........................................................................................................‬‬
‫‪ o‬اتلقويم ‪145 ..........................................................................................................................‬‬
‫‪ o‬اخلاتمة ‪149 ..........................................................................................................................‬‬
‫‪ o‬املراجع ‪149 ..........................................................................................................................‬‬

‫ّ‬ ‫الفصل السادس‪ :‬مسارات تطوير تعليم ّ‬


‫ادلراسات االجتماعية يف ظل جاحئة كوفيد_‪ 19‬وبعدها ‪153 ......‬‬
‫‪ o‬مقدمة ‪155 .........................................................................................................................‬‬
‫‪ o‬طبيعة ادلراسات االجتماعية وبناء اإلنسان الوايع ‪156 ..........................................................‬‬
‫‪ o‬مؤرشات كوفيد ‪ 19‬وتطوير ادلراسات االجتماعية ‪158 .........................................................‬‬
‫لاً‬
‫أو ‪ -‬املؤرشات السياسية ‪158 .....................................................................................‬‬ ‫ ‬
‫ثانيا‪ -‬املؤرشات االقتصادية ‪159 .................................................................................‬‬ ‫ً‬ ‫ ‬
‫ثاثلا‪ -‬املؤرشات االجتماعية ‪160 ..................................................................................‬‬ ‫ً‬ ‫ ‬
‫ً‬
‫رابعا‪ -‬املؤرشات الصحية ‪161 .....................................................................................‬‬ ‫ ‬
‫خامسا‪ -‬املؤرشات املعلوماتية‪162 ............................................................................ :‬‬ ‫ً‬ ‫ ‬
‫سادسا‪ -‬املؤرشات ابليئية ‪163 .....................................................................................‬‬ ‫ً‬ ‫ ‬
‫‪ -‬اجتاهات تطوير منهج ادلراسات االجتماعية يف ظل معطيات كوفيد‪165 .............................. 19‬‬
‫لاً‬
‫أو ‪ -‬املواطنة الصحية ‪165 .........................................................................................‬‬ ‫ ‬
‫ثانيا‪ -‬املواطنة الرقمية والرتبية املعلوماتية ‪168 ............................................................‬‬ ‫ً‬ ‫ ‬
‫ثاثلا‪ -‬الرتبية القيمية األخالقية ‪168 ............................................................................‬‬ ‫ً‬ ‫ ‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫رابعا‪ -‬اتلعلم بني اثلقافات ‪169 .................................................................................‬‬ ‫ ‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫خامسا‪ -‬اتلعلم عن االستدامة واملواطنة ابليئية ‪170 .....................................................‬‬ ‫ ‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫سادسا‪ -‬اتلعلم عن دور السياسة والقيادات السياسية يف أوقات األزمات ‪170 ................‬‬ ‫ ‬
‫سابعا‪ -‬اتلفكري انلقدي ‪170 ........................................................................................‬‬ ‫ً‬ ‫ ‬
‫‪ o‬حمتوى ادلراسات االجتماعية بعد كوفيد‪171 ..................................................................... 19‬‬
‫‪ o‬اخلاتمة ‪174 ..........................................................................................................................‬‬
‫‪ o‬املراجع ‪175 .........................................................................................................................‬‬

‫‪21‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫الفصل السابع‪ :‬املناهج ادلراسية للعلوم يف ظل جاحئة كوفيد‪ :19-‬واقع ورؤى مستقبلية ‪181 .....‬‬
‫‪ o‬مقدمة ‪183 ..........................................................................................................................‬‬
‫‪ o‬األهداف العامة تلدريس العلوم ‪183 ....................................................................................‬‬
‫‪ o‬جاحئة كوفيد_‪ 19‬وتأثرياتها ‪185 ...........................................................................................‬‬
‫اسرتاتيجيا تلعليم العلوم خالل جاحئة كوفيد‪ 19-‬يف دول العالم ‪186 .......‬‬ ‫ًّ‬ ‫‪ o‬اتلعليم اإللكرتوين بوصفه ً‬
‫خيارا‬
‫‪ o‬املختربات االفرتاضية وتدريس العلوم خالل كوفيد‪189 ................................................ 19-‬‬
‫ّ‬
‫‪ o‬نظم إدارة اتلعلم الرقيم وتدريس العلوم يف ظل جاحئة كوفيد‪193 .................................. 19-‬‬
‫‪ o‬بعض اإلرشادات اليت تدعم دور املدرسة يف تعليم العلوم خالل جاحئة كوفيد_‪195 ........... 19‬‬
‫لاً‬ ‫‪ o‬كيفية تنفيذ تعليم َّ‬
‫فعال للعلوم يف ظل اجلاحئة وما بعدها‪ :‬تعلم العلوم بوصفها مدخ للحياة ‪196 .......‬‬
‫‪ o‬خاتمة ‪166 ..........................................................................................................................‬‬
‫‪ o‬املراجع ‪200 ...........................................................................................................................‬‬

‫الفصل اثلامن‪ :‬تطوير مناهج الرتبية اإلسالمية يف ظالل اجلاحئة اتلحدي واالستجابة ‪203 ............‬‬
‫‪ o‬مقدمة ‪205 ...........................................................................................................................‬‬
‫‪ o‬تطوير املناهج‪ :‬حاجة أم ترف‪205 .........................................................................................‬‬
‫‪ o‬تأثري اجلاحئة يف املنظومة اتلعليمية العاملية‪206 .......................................................................‬‬
‫‪ o‬مناهج الرتبية اإلسالمية يف مواجهة اجلاحئة‪209 ......................................................................‬‬
‫‪ -‬مدخل فكري مقاصدي‪210 ....................................................................................‬‬ ‫ ‬
‫‪ o‬معالم املنهج اإلساليم يف حفظ الصحة‪212 ............................................................................‬‬
‫‪ o‬تطوير مناهج الرتبية اإلسالمية يف ضوء اجلاحئة‪216 ...............................................................‬‬
‫‪ -‬املنطلقات ‪216 ........................................................................................................‬‬ ‫ ‬
‫‪ o‬أشاكل اتلطوير املمكنة واملتوقعة ‪217 ....................................................................................‬‬
‫‪ o‬مرتكزات تطوير مناهج الرتبية اإلسالمية ‪220 .....................................................................‬‬
‫‪ o‬خاتمة‪222 ............................................................................................................................‬‬
‫‪ o‬املراجع ‪223 .........................................................................................................................‬‬

‫الفصل اتلاسع‪ :‬مناهج الرتبية ابلدنية يف ظل كوفيد‪227 ....................................................... 19‬‬


‫‪ o‬مقدمة‪229 ............................................................................................................................‬‬
‫‪ o‬رياضة املحرتفني يف زمن الكوفيد‪230 ............................................................................ ١٩-‬‬
‫‪ o‬الرياضة يف املؤسسات اتلعليمية والرتبوية يف ظل كوفيد‪231 ................................................ ١٩‬‬

‫‪22‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫‪ o‬اسرتاتيجيات اتلدريس يف ظل كوفيد‪232 ...........................................................................١٩‬‬


‫‪ o‬اسرتاتيجية اتلعليم املبارش ‪233 .............................................................................................‬‬
‫‪ o‬اسرتاتيجية اتلعليم عن بعد‪234 .............................................................................................‬‬
‫‪ o‬اسرتاتيجية اتلعليم املدمج ‪236 .............................................................................................‬‬
‫‪ o‬اخلاتمة ‪238 ..........................................................................................................................‬‬
‫‪ o‬املراجع ‪239 ..........................................................................................................................‬‬

‫ُ‬
‫الفصل العارش‪ :‬رؤية استرشافية تلطوير مناهج الرتبية الفنية من خالل اتلعلم عن بعد يف ضوء‬
‫تأثري جاحئة «كوفيد ‪241 .................................................................................................. »19 -‬‬
‫‪ o‬املقدمة‪243 ..........................................................................................................................‬‬
‫‪ o‬اتلقارب االفرتايض واالحتواء اتلعلييم يف بناء املواطن الفين‪244 ............................................‬‬
‫‪ o‬منهج الفنون ابلرصية الرقيم يف مواجهة حتديات اتلعليم عن بُعد‪246 ....................................‬‬
‫ّ‬
‫‪ o‬اتلكنولوجيا بوصفها أداة داعمة للتعلم‪249 ............................................................................‬‬
‫‪ o‬أهمية تعليم الفنون رقميًا‪249 ...............................................................................................‬‬
‫‪ o‬مناهج ميدان تعليم الفنون ابلرصية ما بعد كوفيد‪251 ...................................................:19-‬‬
‫‪ o‬األهداف‪251 ........................................................................................................................‬‬
‫‪ o‬اتلمكن من تدريس املادة العلمية‪252 ..................................................................................‬‬
‫‪ o‬اثلقافة ابلحثية‪252 ...............................................................................................................‬‬
‫‪ o‬السلوكيات والقيم‪253 ..........................................................................................................‬‬
‫‪ o‬املحتوى‪253 .........................................................................................................................‬‬
‫ّ‬
‫‪ o‬بيئة اتلعلم‪255 .....................................................................................................................‬‬
‫‪ o‬املواد اتلعليمية‪256 ...............................................................................................................‬‬
‫ّ‬
‫‪ o‬اكئنات اتلعلم الرقمية‪257 ....................................................................................................‬‬
‫ّ‬
‫‪ o‬طرائق واسرتاتيجيات اتلعليم واتلعلم‪260 .............................................................................‬‬
‫‪ o‬تلقويم واتلقييم‪261 ..............................................................................................................‬‬
‫‪ o‬معلم الفنون ابلرصية يف منظومة اتلعليم اتلقين املعارص‪265 ..................................................‬‬
‫‪ o‬اخلاتمة‪268 ..........................................................................................................................‬‬
‫‪ o‬املراجع‪268 ..........................................................................................................................‬‬

‫‪23‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫‪24‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫الفصل األول‬
‫كوفيد ‪ 19‬وإعادة التفكري يف راءات التعلّم ومناهجه‬
‫د‪ .‬سيف بن نارص املعمري‬

‫‪25‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫‪26‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫مقدمة‬
‫جعلنا كوفيد ‪ 19‬نعيش حلظة حمورية استثنائية يف تاريخ القرن احلادي والعرشين‪ ،‬قرن‬
‫اتلكنولوجيا املتقدمة اليت ال حدود تلوسعها وتسارعها‪ ،‬ولكنه ً‬
‫أيضا أصبح قرن األوبئة‬
‫الصحية واملعلوماتية‪ ،‬هناك رصخات تتعاىل يف لك ماكن تعلن بداية تاريخ جديد‪،‬‬
‫رأسا ىلع عقب لن تعود كما اكنت كما يؤكد‬ ‫وأن حياتنا اليت انقلبت مع هذه اجلاحئة ً‬
‫الكثريون؛ إذ ال تريد ادلول واملجتمعات أن تدلغ من وباء مرتني بهذه الصورة املروعة‪ ،‬اكنت‬
‫اثلورات واالنقالبات العسكرية يف القرن العرشين يه اليت تقود إىل عدم االستقرار وإىل إحداث‬
‫حتوالت جذرية يف املجتمعات‪ .‬ولكن‪ ،‬تشري هذه اجلاحئة إىل أن حتوالت القرن احلادي والعرشين‬
‫لن تقودها االضطرابات السياسية فقط إنما اجلوائح الصحية واتلكنولوجيا وتغري املناخ املستمر‬
‫والفجوة املعرفية الكبرية بني أقايلم العالم؛ إذ يتعرض اتلعليم ً‬
‫دائما للتحوالت نفسها اليت تتعرض‬
‫هلا القطااعت األخرى‪.‬‬
‫يسىع هذا الفصل لتسليط الضوء ىلع اتلغري الرتبوي يف ظل جاحئة كوفيد‪ 19-‬من خالل‬ ‫ ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الرتكزي ىلع العالقة بني سؤالني حيكمان أي نظام تعلييم‪ ،‬هما‪ :‬ماذا ندرس؟ وكيف ندرس؟ ويف‬
‫َ‬ ‫ً‬
‫اهتماما سياسيًا وحبثيًا منذ بداية اجلاحئة لم حيظ السؤال اثلاين حىت اآلن‬ ‫حني نال السؤال اثلاين‬
‫إال بنقاشات حمدودة‪ .‬يساعد اخلروج بفهم واضح ملا كشفته اجلاحئة من واقع احلياة اإلنسانية‬
‫بمختلف قطااعتها ىلع الوقوف ىلع مسارات إاعدة اتلفكري يف أنظمة اتلعليم ليك نتمكن من‬
‫مساعدة أكرث من ملياري طالب عرب العالم ىلع اتلكيف احلايل وىلع مواجهة متطلبات اعلم ما‬
‫بعد كوفيد‪ ،19-‬اذلي يتسم بصعوبات اقتصادية كبرية تعاين منها دول العالم؛ ما سيقودها إىل‬
‫اتلقشف ىلع ما تقدمه من خدمات اعمة اكتلعليم ومعاجلة ذلك بفتح املجال أكرث للسوق‪.‬‬

‫من المدرسة إلى المنصة‬


‫ً‬
‫ال خالف أن لكوفيد‪ 19-‬أرضارا جسيمة ال يمكن أن حتىص‪ ،‬فقد تسبب يف تعطيل‬ ‫ ‬
‫ً‬
‫جوانب حياة اإلنسان تقريبا‪ ،‬بما يف ذلك اخلسائر املأساوية يف األرواح حول العالم‪ ،‬وكرس‬
‫اإليقااعت ايلومية اليت يعيشها ساكن العالم‪ ،‬وحطم ذلك الروتني ايلويم واألنماط واألعراف‪،‬‬
‫وكشف أفضل وأسوأ ما يف املؤسسات اإلنسانية داخل املجتمع الواحد وىلع املستوى ادلويل‪،‬‬
‫ّ‬
‫فوفر لك ما جرى فرصة للتفكري واتلأمل يف احلياة اإلنسانية وأنظمتها‪ ،‬وحفز إاعدة اتلفكري يف‬
‫عطل الفريوس عمليات ماليني املدارس عرب العالم‪ ،‬فقد‬ ‫لك يشء بما يف ذلك اتلعليم‪ ،‬حيث ّ‬
‫وصفت ايلونسكو ما خلفه كوفيد ‪ 19‬بأنه أعظم اضطراب تعلييم عرب اتلاريخ؛ فبحلول ‪ 18‬مارس‬
‫‪2020‬م أغلقت أكرث من ‪ 107‬دول مدارسها؛ ما دفع ‪ 862‬مليون طالب وطابلة إىل ابلقاء يف املنازل‬

‫‪27‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫ً‬
‫(‪ ،)Viner et al ,2020‬وارتفعت هذه األرقام الحقا لتشمل معظم دول العالم األعضاء يف األمم‬
‫املتحدة‪ ،‬ولم يكن أمام دول العالم بعد ظهور مؤرشات ىلع طول أمد اجلاحئة إال خياران‪ :‬إما‬
‫اتلوقف وانتظار احنسار اجلاحئة أو اتلحول إىل اتلعلم عن بعد بأسايلب وطرائق شىت من إذااعت‬
‫وتلفزيونات ووسائل تكنولوجية مع ما يصاحب ذلك من حتديات وخماطر وصعوبات‪ ،‬فالعالم‬
‫غري مهيأ ملثل هذا اتلغري الرتبوي اثلوري الرسيع‪ ،‬ولم يأخذ احتياطات ملثل هذه اللحظة‪ ،‬واتفق‬
‫الكثريون ىلع اتلحول وفق الرشوط واإلماكنات املتاحة‪ ،‬فاملهم االستمرار يف اتلعليم حىت لو اكن‬
‫عرب انلقاشات املزنيلة وقراءة ما يتوفر من كتب‪ ،‬وقاد ذلك إىل اخلروج عن سلطة املنهج الرسيم‬
‫ّ‬
‫اذلي اكن يعده اجلميع أشبه بكتاب مقدس ال بد أن يتمكن الطالب من تالوته كما هو إن أراد‬
‫انلجاح واالنتقال من صف آلخر‪.‬‬
‫ويف إطار هذا اتلغري الرسيع طرحت األسئلة عن الوسائل اليت يمكن أن حتقق اتلواصل‬ ‫ ‬
‫بني الطلبة ومعلميهم‪ ،‬فربزت املنصات اتلعليمية إىل الواجهة وتزايد احلديث عنها وتصاعد كشف‬
‫ً‬
‫حمكوما باإلماكنات‬ ‫إماكناتها املجهولة رغم وجود بعضها منذ زمن‪ ،‬إال أن اتلعلم اإللكرتوين ظل‬
‫ً‬
‫وتوافر الشباكت واحلواسيب وغريها‪ ،‬فأظهر ذلك الفجوة اليت تعيشها جمتمعات العالم؛ فوفقا‬
‫إلحصاءات ابلنك ادلويل(‪ )World Bank ,2020‬يغطي اتلعليم عن بعد يف ابلدلان مرتفعة ادلخل‬
‫ما بني ‪ %85 - %80‬من جمموع الطلبة‪ ،‬بينما تنخفض هذه النسبة يف ابلدلان منخفضة ادلخل إىل‬
‫أقل من ‪ ،%50‬وهو ما يشري إىل حتديات كربى سوف يواجهها االستمرار يف هذا انلهج‪ ،‬خاصة من‬
‫ً‬
‫ناحية توفري املوازنات الالزمة تلحقيق ذلك‪ ،‬فوفقا إلحصاءات ايلونيسف يتمكن أقل من نصف‬
‫الساكن من الوصول إىل اإلنرتنت يف ‪ 71‬دولة‪( .‬األمم املتحدة‪ ،)2020،‬بل إن الفجوة الرقمية يف‬
‫إفريقيا تكشف أن ‪ ٪11‬فقط من املتعلمني يف إفريقيا جنوب الصحراء يمتلكون أجهزة كمبيوتر‬
‫مزنيلة و‪ ٪18‬فقط دليهم إنرتنت مزنيل‪ ،‬مقارنة بـ ‪ ٪50‬من املتعلمني دليهم أجهزة كمبيوتر يف املزنل‬
‫و‪ ٪57‬دليهم إماكنية الوصول إىل اإلنرتنت ىلع مستوى العالم (‪)UNESCO ,2020‬‬
‫إذن‪ ،‬ىلع الرغم من الفرص الواعدة اليت حيملها هذا اتلغري الرتبوي اذلي أخذت قراره‬ ‫ ‬
‫جاحئة كوفيد‪ 19-‬من دون الرجوع إىل أي أحد‪ ،‬فإنه حمكوم بالقنااعت السياسية واألوضاع‬
‫ً‬
‫وأيضا بنوعية إتاحة اإلنرتنت وتعزيز املساواة بني الساكن يف الوصول إيلها‪ ،‬ويبدو‬ ‫االقتصادية‪،‬‬
‫ً‬
‫أن األمر سيكون صعبا مع األوضاع االقتصادية اليت خلفتها جاحئة كوفيد ىلع اقتصاديات العالم‬
‫وخاصة ادلول انلامية‪.‬‬
‫ويشري آخر تقرير آلفاق االقتصاد العاليم الصادر عن منظمة انلقد ادلويلة يف أكتوبر‬ ‫ ‬
‫ً‬
‫لعام (‪ )2020‬إىل أن انلمو االقتصادي للعالم قد يشهد تراجعا من ‪ %2.8‬لعام ‪2019‬م إىل ‪ % 4.4-‬يف‬
‫نهاية اعم ‪2020‬م‪ ،‬وهو ما دفع ادلول إىل االقرتاض؛ إذ تشري اإلحصاءات الصادرة عن معهد اتلمويل‬
‫ادلويل أن حجم ادلين العام بلغ ‪ 255‬مليار دوالر يف اعم ‪ ،2019‬وارتفع يف الربع األول من اعم ‪2020‬م‬

‫‪28‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫يلصل إىل ‪258‬مليار دوالر (‪ ،)Institute of International Finance, 2020‬وتسبب هبوط أسعار‬
‫انلفط بصورة غري معهودة يف تردي أوضاع ادلول املصدرة هل؛ ما أدى إىل عجز مايل شديد دلول‬
‫ًّ‬
‫أساسيا ملوازنتها املايلة (‪.)World bank Group, 2020‬‬ ‫ً‬
‫مصدرا‬ ‫عدة تعتمد ىلع انلفط‬
‫من املؤكد أن دول العالم ستخرج من جاحئة كوفيد‪ 19-‬حبمل اقتصادي ثقيل‪ ،‬وسوف‬ ‫ ‬
‫ً‬
‫تعيد انلظر يف أولوياتها‪ ،‬ذلا فإن ادلفع بمثل هذا اتلغري الرتبوي قدما إىل األمام قد ال يكون من‬
‫األولويات الكربى يف ظل احلاجة إىل مزيد من اإلنفاق املايل‪ ،‬ومن هنا فإن اإلبقاء ىلع هذا املسار‬
‫ً‬
‫يتطلب اتلحرك يف إطار اإلماكنات املتاحة وإاعدة برجمة أنظمة اتلعليم وفقا للنفقات املتاحة دليها‪،‬‬
‫ومن ناحية أخرى سيحتاج العالم إىل فرتة تلقييم هذه الفرتة للخروج بمؤرشات فعلية عن جدوى‬
‫اتلعلم عن بعد يف حتقيق أهداف اتلعليم‪.‬‬
‫ّ‬
‫لقد أدرك الطلبة واملعلمون صعوبة الوجود أمام الشاشات طوال ايلوم‪ ،‬وقد ذكرنا اتلعلم‬ ‫ ‬
‫عن بعد أن اتلعلم القوي ال يمكن أن حيدث إال عندما نشارك حبيوية‪ ،‬وإذا تعلق األمر بملء‬
‫السااعت فإننا نفتقد انلقطة اليت جيب أن نفهمها‪ .‬وكشف باحثون يف جامعة بكني أن اجللسات‬
‫األكرث فاعلية يف اتلعلم عرب اإلنرتنت يه بني ‪ 15‬إىل ‪ 30‬دقيقة‪ ،‬وذلا جيب اتلفكري يف مدى فعايلة‬
‫نماذج اتلعليم احلايلة حيث يكون الطلبة يف الفصول ادلراسية سااعت مع فرتات راحة قليلة‪.‬‬
‫ظهر أمر آخر خالل هذه الفرتة‪ ،‬هو صعوبة احلفاظ ىلع طقوس اتلعليم املدريس عرب اتلعلم عن‬
‫بعد‪ ،‬من خالل توفري فرص اتلفاعل االجتمايع وبقاء الطلبة ىلع اتصال مع أقرانهم وأصدقائهم‬
‫أمر مهم من انلاحية انلفسية خالل هذه األزمة‪ ،‬وهنا ‪-‬كما ترى ايلونيسف‪ -‬يظهر سؤال مهم‬
‫للتعليم املستقبيل وهو ما إذا اكنت معظم املدارس ترايع االحتياجات االجتماعية والعاطفية‬
‫األساسية لألطفال‪ ،‬إذ تنىس املدراس من خالل تركزيها ىلع اجلوانب اتلحصيلية أن الصحة‬
‫لاً‬
‫انلفسية تأيت أو وقبل لك يشء‪.‬‬
‫فاملمزيات اليت حيملها اتلعليم اإللكرتوين كإتاحة حرية اختيار ماكن وزمن اتلعلم‬ ‫ ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫والقدرة ىلع الوصول إىل أعداد كبرية من الطلبة ليست ضمانا حقيقيا ىلع حتقق أهداف اتلعلم‬
‫األخرى غري املعرفية اليت تتطلب أكرث من الرتكزي ىلع املهمة اتلعليمة واالنتقال إىل اتلفاعل وبناء‬
‫االجتاهات‪ ،‬يركز ما نرش حىت اآلن من دراسات ىلع املوقف من هذه الوسائل‪ ،‬وقليل من ادلراسات‬
‫ذهبت إىل كشف آثار اتلعلم بهذه األدوات‪.‬‬
‫ّ‬
‫ىلع أي حال‪ ،‬لك تغري تربوي حيمل معه إجيابياته وسلبياته‪ ،‬وال بد من السيع للتأمل فيها‬ ‫ ‬
‫واتلعرف عليها من أجل تقديم املعاجلات الالزمة تلعظيم الفرص واإلجيابيات وتقليل اتلحديات‬
‫والسلبيات‪ ،‬وهذه يه مهمة أنظمة اتلعليم العاملية يف املرحلة القادمة‪ ،‬وقبل هذا وذاك ينبيغ أال‬
‫تقود وسيلة اتلعلم إىل إغفال حمتوى اتلعلم‪ ،‬وهذا هو اجلانب اذلي يتطلب نظرة فاحصة جلعل‬
‫ّ‬
‫اتلعليم مرتبط بما تظهره هذه اتلحوالت من فجوات ال بد أن تسدها مناهج اتلعليم‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫من المنصة إلى محتوى التعلم‬


‫تؤكد أزمة كوفيد‪ 19-‬أن املدرسة ال حتقق مهمة تعليمية الكتساب املعرفة فحسب‪،‬‬ ‫ ‬
‫ً‬
‫ولكنها تليب أيضا احتياجات اتلنشئة االجتماعية للطلبة‪ .‬مع وجود الطالب يف املزنل‪ ،‬فإن‬
‫املجتمع املدريس اغئب‪ ،‬وىلع الرغم من اتلفاعالت االفرتاضية وفرص اتلعلم اليت توفرها اإلنرتنت‬
‫والشباكت االجتماعية‪ ،‬يتم إنشاء حاجز يف العالقة اتلعليمية بني اتلالميذ واملعلمني‪ .‬باإلضافة‬
‫إىل ذلك‪ ،‬يفقد األطفال مساحة مادية يمكن من خالهلا مشاركة االهتمامات واألفاكر واآلمال‬
‫والعواطف مع أقرانهم‪ .‬واملدرسة توفر يف أوضاعها االعتيادية بيئة منظمة يمكن لألطفال من‬
‫خالهلا تعلم وتطوير الكفاءات االجتماعية‪ ،‬مثل‪ :‬اثلقة بانلفس والصداقة واتلعاطف واملشاركة‬
‫واالحرتام واالمتنان واتلعاطف واملسؤويلة‪ .‬اتلعلم االجتمايع والعاطيف مهم للشباب يلصبحوا‬
‫أعضاء واعني يف جمتمع قائم ىلع اتلضامن‪.‬‬
‫اكن السؤال العميق اذلي واجه القائمني ىلع أنظمة اتلعليم متعلق بكيف ندرس خالل‬ ‫ ‬
‫هذه اجلاحئة‪ ،‬ولم يطرح أحد ماذا ندرس؟ ربما ألن اآليلات اليت تتيح الوصول إىل الطلبة يف‬
‫ظل حمددات اجلاحئة اكنت أكرث أولوية من التساؤل عن نوعية ما يدرس‪ ،‬وهنا نود أن نطرح‬
‫هذا السؤال وحنن ال نزال نعيش هذه اجلاحئة‪ ،‬هل ما يدرسه الطلبة يساعدهم ىلع اتلعامل مع‬
‫ما تفرضه األزمات واجلوائح؟ وكيف جيب أن تطور مضامني املناهج ادلراسية يف أعقاب جاحئة‬
‫كوفيد‪ 19-‬ليك تقود إىل بناء أجيال قادرة ىلع اتلعامل مع جوائح مستقبلية من ناحية‪ ،‬ومن ناحية‬
‫أخرى تمتلك معارف ومهارات وقيم مهمة يف األوضاع العادية من احلياة وأكرث أهمية خالل‬
‫فرتات اجلوائح‪ ،‬كما ظهر خالل هذا العام من ترابط كثري من اإلشاكيلات االجتماعية واالقتصادية‬
‫والصحية واثلقافية واملعلوماتية وتأثرها وتأثريها يف تكيف املجتمعات مع الواقع‪.‬‬
‫ّ‬
‫قبل أن ترحل اجلاحئة ال بد من تقييم واقع اتلعليم‪ ،‬ليس فقط من حيث وسائله وآيلاته‬ ‫ ‬
‫اليت تستحوذ ىلع معظم انلقاشات وادلراسات‪ ،‬إنما من حيث حمتوى اتلعلم ألجيال تبدأ عملية‬
‫تعلمها يف ظل هذا اجلاحئة ويف ظل اعلم رقيم لم يكن ليساعد ىلع اختفاء اإلشاكيلات اإلنسانية‬
‫وحتدياتها‪ ،‬فللك حتول إنساين حتدياته اليت ال بد من إعداد األجيال الصغرية للتعامل معها‪ .‬يتطلب‬
‫العالم القادم مهارات جديدة وطرائق تفكري جيدة من أجل حتقيق انلجاح ىلع املستويات الفردية‬
‫واجلماعية‪ ،‬وحيتاج إىل جتارب تعلم غنية ومرنة ختتلف عن تلك اتلجارب اليت تعلم بها أويلاء‬
‫أمورهم‪.‬‬
‫لقد أكد زاهو (‪ )Zhao ,2020‬أن إاعدة اتلفكري يف اتلعليم جيب أال تتوقف ىلع حتسني‬ ‫ ‬
‫اتلعليم وإنما جيب أن تركز ىلع ماذا وكيف وأين يتم اتلعلم ‪.‬وهذا ما يقود إىل مراجعات الراءات‬
‫اثلالث املعروفة للتعلم ويه‪ :‬القراءة والكتابة والرياضيات‪ ،‬إذ ال بد من إضافة راء رابعة هلا ويه‬
‫إاعدة اتلفكري (‪ ،)4Rs – Reading, Writing, and Arithmetic Rethink‬وإاعدة اتلفكري اليت‬
‫تتطلبها علمية اتلعليم ال بد أن تكون شاملة وليست أحادية االجتاه تركز ىلع اآليلة اليت قد‬

‫‪30‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫تقود إىل تبين آيلات متقدمة يف تقديم حمتوى ال يتالءم مع متطلبات القرن احلادي والعرشين‪،‬‬
‫وتعزل الطلبة عن اإلشاكيلات ومهارات معاجلتها‪ ،‬وعن األحداث اجلارية وكيفية حتليلها وفهمها‪،‬‬
‫وهو ما أكده شون تريين مدير مايكروسوفت السرتاتيجية اتلدريس واتلعلم يف آسيا حني قال‪:‬‬
‫«لقد غريت اتلكنولوجيا العديد من جوانب جمتمعنا ىلع مدار سنوات عديدة‪ ،‬ولكن املنظومة‬
‫املدرسية ظلت إىل حد كبري ىلع حاهلا»‬
‫إن عملية إاعدة اتلفكري اليت تدعونا إيلها جاحئة كوفيد‪ 19-‬جيب أن تكون أكرث‬ ‫ ‬
‫اتسا حبيث تشمل املناهج وأسايلب اتلدريس وغريها من املكونات اليت ال يمكن أن حيلها‬ ‫عاً‬
‫االنتقال من الفصول اتلقليدية إىل الفصول االفرتاضية‪ ،‬ومن ثقافة اتلدريس إىل ثقافة اتلعلم‪،‬‬
‫فاتلعلم احلقييق أمر صعب يتطلب مراجعات متعددة األبعاد‪ ،‬وإذا اكن ابلعض قد ذهب إىل‬
‫وضع تصورات ملدارس الغد ولألدوار اجلديدة للمعنني باتلعلم‪ ،‬إذ خيصص املعلمون وقتهم تلقديم‬
‫ً‬
‫ارتباطا ومشاركة يف تعليم أطفاهلم‬ ‫قدما يف تعلمهم‪ ،‬ويكون اآلباء أكرث‬ ‫ادلعم للطلبة للميض ً‬
‫بكل ثقة‪ ،‬وتتحول املدارس إىل مراكز تعليمية كما يتوقع أنتوين سالسيتو نائب رئيس اتلعليم يف‬
‫مايكروسوفت‪ ،‬إذ يرى أن املدارس ستكون أبنية مرنة قائمة ىلع ابليانات تسمح للطلبة باتلعلم‬
‫مهما عندما اكن ال بد من بث رسالة معينة يف وقت معني‬ ‫خارج جدرانها‪ ،‬فالفصل ادلرايس اكن ًّ‬
‫ً‬
‫حاجزا‬ ‫ملجموعة معينة من األطفال‪ ،‬ال بد أن تكون املدرسة ىلع مقربة منهم‪ ،‬لكنه أصبح اآلن‬
‫ماديًا وجمرد وسيلة للتشبث باملايض‪ ،‬فلم نعد ملزمني بالقيود اليت اكنت تتطلب منا أن يكون‬
‫درسا‪ ،‬ولكن‬ ‫دلينا كثافة طالبية كبرية يف الفصل ادلرايس الواحد ومدرس يناضل ليك يوضح هلم ً‬
‫ال يتمكن من حتقيق ذلك إال لعدد بسيط منهم‪.‬‬
‫إن مقاربة بسيطة بني نظامني تعليميني تربز نلا الفجوة اليت يمكن أن تكون إن تم‬ ‫ ‬
‫االستناد إىل اآليلات اتلكنولوجية فقط – رغم أهميتها ‪ -‬يف تعليم الغد‪ ،‬دون االهتمام االهتمام‬
‫بتجديد املضمون؛ طابلني يدرسان عرب الوسائط اتلكنولوجية ومنصات اتليمز وغريها‪ ،‬لكن‬
‫أحدهما يتطلب حصة مرئية يقدمها املعلم عن موضوع تارييخ قديم‪ ،‬يتم رسده هل دون أن يكون‬
‫هناك أي جمال تلنمية مهارات حتليلية دليه أو ربطه بمهام تتحدى قدراته‪ ،‬أما الطالب اثلاين‬
‫فيقدم هل موضوع عن األحداث األخرية يف الواليات املتحدة األمريكية مصدرها املقطع اذلي‬
‫ُ‬
‫ظهر فيه رئيسها يربر عدم دعمه للهجوم ىلع الكوجنرس‪ ،‬وبناء ىلع ذلك تطرح أسئلة حتليلية‬
‫تشمل ما اذلي يستنتجه من املقطع املريئ؟ وهل اعتذر الرئيس عن ما جرى‪ ،‬مع اتلربير؟ وكيف‬
‫تؤثر مثل هذه األحدث يف ادليمقراطية وعملياتها‪ ،‬وغريها من األسئلة اليت تربط الطالب ليس‬
‫بكتاب ال يتغري وإنما بأحداث مؤثرة سواء ىلع بدله أم ابلدلان العاملية الكربى‪ ،‬ويميض ذاتيًا يف‬
‫اتلفكري وابلحث بما يتوفر هل من مصادر؛ ما يقود إىل تنمية مهارات حمددة دليه‪ .‬ذلك فقط مثال‬
‫واحد يربز نلا أهمية إاعدة اتلفكري يف اتلعليم ليس من منظور اآليلات وإنما من منظور املضامني‬

‫‪31‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫اليت تدرس‪ ،‬فكال املسارين يمثل أهمية كبرية يف اخلروج من حالة الفقر اتلعلييم اليت ركز عليها‬
‫ابلنك ادلويل يف أحد تقاريره‪.‬‬

‫المضامين المرتبطة بالصحة‬


‫أتاحت جاحئة كوفيد‪ 19-‬الفرصة إلاعدة تقييم املضامني املرتبطة بالصحة اليت تركز‬ ‫ ‬
‫عليها مناهجنا‪ .‬فقد ظهرت احلاجة إىل حتسني الويع الصيح وأهمية أن تعمل املدارس للرتويج‬
‫اجليد للصحة يف أوساط الطلبة منذ الصغر‪ ،‬من خالل تعزيز العادات الصحية (النشاط ابلدين‪،‬‬
‫انلظافة الشخصية اجليدة‪ ،‬وانلظام الغذايئ املتوازن) وزيادة الويع بعواقب السلوكيات اخلطرة‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وتمحورا حول الطالب؛ جيب استخدام املنهجيات اتلعليمية مثل‬ ‫من أجل تعليم أكرث شموال‬
‫(بناء ىلع تعاون الطالب)‪ ،‬نلقل املوضواعت الصحية بني الطالب وتشجيع إاعدة‬ ‫ً‬ ‫اتلعلم اتلعاوين‬
‫بناء املعرفة الشخصية وإرشاكهم يف تبين أنماط حياة صحية‪ .‬يمكن استخدام جمموعة واسعة‬
‫من األنشطة التشاركية بما يف ذلك املناقشات وجممواعت العمل الصغرية وأنشطة اتلعلم األصيلة‬
‫(املتعلقة بمواقف احلياة الواقعية) ورواية القصص ولعب األدوار واأللعاب اتلعليمية واملحااكة‬
‫واملختربات الصوتية واملرئية أو الفنون واملوسيىق واملرسح والرقص‪.‬‬
‫جيب دمج حمو الويع الصيح يف املناهج ادلراسية سواء ضمن املواد العلمية أم بوصفها‬ ‫ ‬
‫مادة خارج املنهج‪ .‬يمكن للمهنيني الطبيني واملعلمني وعلماء انلفس دعم املعلمني يف هذه‬
‫املهمة‪ .‬باإلضافة إىل ذلك‪ ،‬إن األنشطة اليت تهدف إىل تعزيز رفاهية األطفال يف ابليئة املدرسية‬
‫قد تمثل ً‬
‫أيضا االسرتاتيجية األكرث فعايلة ملاكفحة اتلنمر‪ ،‬ومن املتوقع أن تسهل املسار ادلرايس‬
‫ً‬
‫لألطفال اذلين ينتمون إىل الفئات االجتماعية واالقتصادية األكرث حرمانا‪ .‬ويدعم هذا اتلوجه‬
‫كريس ايلونسكو للتعليم الصيح واتلنمية املستدامة‪ ،‬إذ يؤكد أن اتلعليم هو الصحة‪.‬‬

‫المضامين المرتبطة باالقتصاد‬


‫باإلضافة إىل ذلك ناقش املدرسون األملان خالل فرتة إغالق املدراس اتلداعيات‬ ‫ ‬
‫االقتصادية للفريوس ىلع االسترياد‪ ،‬وكذلك اتلعاون االقتصادي يف أحناء أوروبا اكفة‪ ،‬والعلميات‬
‫االقتصادية للعالم املعولم والسياحة واخلرائط انلقدية وربطها باملساحات اجلغرافية لدلول‪ .‬عمل‬
‫مدرسون آخرون ىلع تدريس الوباء يف إطار مناقشة اخلدمات األساسية‪ ،‬مثل اإلمدادات الغذائية‬
‫والكهرباء ومياه الرشب‪ ،‬وكذلك دراسات حالة بعض ادلول يف ظل الفريوس من حيث إدارة‬
‫األزمة وقيادة اإلجراءات وإرشاك املجتمع‪ ،‬وقدم فريق آخر معلومات عن الفريوس وانتشاره‬
‫وتدابري اتلواصل والوقاية واحلماية وربطها بمفاهيم االستدامة واملساحة واملاكن وانلطاق باعتبارها‬
‫مفاهيم هلا ارتباط بانتشار الفريوس أو احتوائه‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫المضامين المرتبطة بالرقمنة والمواطنة الرقمية‬


‫إن من إجيابيات هذا الفريوس هو نمو الرقمنة؛ فقد أجرب األساتذة والطلبة ممن يتمتعون‬ ‫ ‬
‫بمهارات رقمية متدنية ىلع اتلعامل مع قنوات االتصال ابلديلة والوسائط اتلعليمية مثل ‪Google‬‬
‫‪ Earth‬و‪ GIS‬واخلرائط الرقمية‪ ،‬وتناىم وجود انلاس بما فيهم الطلبة وتفاعلهم عرب الشباكت‬
‫املختلفة طوال ايلوم خالل فرتات اإلغالق‪ ،‬وأبرز ذلك احلاجة ليس فقط إىل تطوير املهارات‬
‫الرقمية بل إىل نواح كثرية متعلقة باخلصوصية وااللزتام باألخالقيات واتلعامل مع ابليانات‬
‫املضللة واتلنمر اإللكرتوين وغريها من اجلوانب اليت ترتبط باملواطنة الرقمية‪ ،‬وجتعل العالم‬
‫الرقيم يتطلب مواطنة مسؤولة ال يمكن أن نصل إيلها إال من خالل دجمها أكرث يف مناهج‬
‫اتلعليم‪ ،‬وجعل الطلبة واعني بما هلم من حقوق وما عليهم من واجبات يف العالم الرقيم‪.‬‬

‫المضامين المرتبطة بالتنمية المستدامة‬


‫تؤكد جاحئة كوفيد‪ 19-‬احلاجة إىل مزيد من ربط املناهج بأهداف اتلنمية املستدامة‬ ‫ ‬
‫للتعليم‪ ،‬إذ يعرف اتلعليم اجليد بأنه إيصال املعرفة واملهارات الالزمة تلعزيز اتلنمية املستدامة‬
‫واملواطنة العاملية‪ ،‬مع الوصول إىل أشاكل أخرى من اتلعليم القائم ىلع القيم؛ إذ يقدم الوباء ً‬
‫واقعا‬
‫حقا‪ ،‬لكنه يركز ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫أيضا ىلع رضورة اتلضامن البرشي والقيم األساسية‬ ‫مربكا مرعبًا يصعب فهمه‬
‫مثل احلياة والصحة والرفاهية والكرامة‪ .‬تشري هذه القيم إىل أهداف مشرتكة ملنع أكرب قدر ممكن‬
‫من املرض واملوت‪ ،‬كما برزت احلاجة إىل مواجهة املعلومات اخلاطئة اليت قد تكون ضارة؛ ما‬
‫يعكس أهمية الرتكزي ىلع املواطنة العاملية‪.‬‬
‫فهذه الرتبية تسىع دلفع املتعلمني إىل إاعدة انلظر يف االفرتاضات ووجهات انلظر العاملية‬ ‫ ‬
‫وعالقات القوة يف اخلطابات السائدة واالهتمام باألشخاص واملجمواعت اليت اعنت من نقص‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ممنهجا‪ ،‬فاختلفت استجابات احلكومات للوباء يف أحناء العالم اكفة‪،‬‬ ‫اتلمثيل أو اتلهميش تهميشا‬
‫وأظهرت اتلقارير املروعة واملؤثرة عن األمراض والوفيات مدى فائدة تدريس أولويات الرتبية ىلع‬
‫املواطنة العاملية ألنها تقود إىل وجود استجابة أفضل ملواجهة الوباء‪.‬‬
‫كاً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫تسليطا خمتلفا ىلع أهمية اتلفكري يف االستدامة واتلنمية‪ ،‬تار وراءه‬ ‫يسلط الوباء الضوء‬ ‫ ‬
‫نماذج اتلنمية القائمة ىلع انلمو االقتصادي غري املرشوط وانلهب ابلييئ واتساع فجوة العدالة‬
‫لاً‬
‫العاملية‪ ،‬وبد من ذلك جيب أن يقدم اتلعليم اتلنموي رؤية لالستدامة تقوم ىلع إصالحات‬
‫اقتصادية اعدلة واستعادة اتلوزان ابلييئ واالستثمار يف اخلدمات العامة احليوية مثل الصحة‬
‫ً‬
‫واتلعليم‪ .‬يمكن أن يساعد اتلعليم اتلنموي ىلع االنتقال إىل مستقبل خمتلف‪ ،‬كونه تعليما‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫مقصودا ورصحيا يسىع إىل املساعدة يف إنتاج العالم اذلي نريد ‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫مستقبل التعليم في أعقاب كوفيد‪19-‬‬


‫واصل ابلنك ادلويل خالل كوفيد‪ 19-‬تأكيده رضورة إجراء إصالحات هيلكية ىلع أنظمة اتلعليم‬
‫يف أحد منشوراته بعنوان «حتقيق مستقبل اتلعلم‪ :‬من فقر اتلعلم إىل اتلعلم للجميع يف لك ماكن»‪،‬‬
‫أكد فيه أن أكرث األنظمة اتلعليمية ال تقدم املهارات األساسية جلميع األطفال‪ ،‬ناهيك عن إعدادهم‬
‫للتعامل مع اعلم حافل باتلحديات سيعيشون فيه بصفتهم بالغني‪ ،‬وأكد أن جاحئة كوفيد_‪19‬‬
‫ضاعفت معدل فقر اتلعلم بمقدار ‪ 10‬نقاط مئوية من ‪ %53‬إىل ‪ %63‬يف ابلدلان منخفضة ومتوسطة‬
‫ادلخل‪ ،‬ومن منظور ابلنك ادلويل‪ ،‬ال بد من االنطالق من مخس راكئز مرتابطة بلناء أنظمة تعلمية‬
‫تعلم بكفاءة ويه‪ :‬الطلبة واملعلمون واملوارد اتلعلمية واملدارس وإدارة انلظام اتلعلييم‪ .‬ازداد‬
‫احلديث عن مستقبل املنهج املدريس يف أعقاب جاحئة كوفيد_‪ ،19‬وبرز ىلع الساحة منهج يطلق‬
‫ّ‬
‫عليه «منهج اتلعايف» (‪ . )Curriculum recovery‬ويرى باري اكربنرت وجود أربع داعئم ال بد‬
‫من اتلفكري فيها هلذا املنهج‪ ،‬يه‪:‬‬
‫‪-1‬العالقات‪ :‬إذ ال يمكننا توقع عودة الطلبة فرحني‪ ،‬وقد حيتاج األمر إىل استعادة تلك العالقات‬
‫السابقة بني الطلبة ومعلميهم وأقرانهم والروتني ايلويم اذلي اكنوا يعيشونه‪ ،‬األمر اذلي هل تأثريه‬
‫الكبري يف جناح املنهج واستقبال الطلبة هل بعد هذه الظروف واملخاوف اليت مروا بها خالل‬
‫انقطاعهم عن املدرسة‪.‬‬
‫‪-2‬املجتمع‪ :‬جيب أن ندرك أن املناهج ادلراسية ستكون قائمة ىلع املجتمع فرتة طويلة من الزمن‪،‬‬
‫حنتاج إىل االستماع ملا حدث يف هذا الوقت‪ ،‬وفهم احتياجات جمتمعنا‪ ،‬وإرشاكهم يف ختطيط املنهج‬
‫وتقديم املساعدة ىلع تنفيذه؛ فاألمر ال يتعلق باملنصة واملعلمني فقط وإنما بأويلاء األمور اذلي‬
‫أصبحوا يف ظل اجلاحئة أكرث مسؤويلة عن تعلم أبنائهم‪.‬‬
‫‪-3‬املنهج الشفاف‪ :‬سيشعر الطلبة بأنهم فقدوا ً‬
‫بعضا من اتلعلم خالل فرتات اإلغالق وابلقاء يف‬
‫املزنل‪ ،‬وذلا تتطلب مرحلة ما بعد كوفيد‪ 19-‬التشاور واملشاركة مع طالبنا لعالج هذا الشعور‬
‫باخلسارة اذلي اعيشوه لفرتات طويلة‪ .‬يتطلب األمر اتلفكري يف ربط املناهج بإدارة الضغوط‬
‫وكيفية اتلخطيط ملثل هذه األوقات االستثنائية اليت قد تتكرر يف أوقات أخرى يف املستقبل‪ ،‬وهو‬
‫ما يتطلب الرتكزي ىلع املهارات احلياتية‪.‬‬
‫‪-4‬ما وراء املعرفة‪ :‬علينا إدراك أن الطلبة سوف يتعلمون بطرائق خمتلفة خالل اجلاحئة وما بعدها‪،‬‬
‫ذلا من األهمية بماكن أن جنعل مهارات اتلعلم يف بيئة مدرسية واضحة لطلبتنا إلاعدة مهاراتهم‬
‫وإاعدة بناء ثقتهم بأنفسهم بصفتهم متعلمني يف لك األوقات‪.‬‬

‫منهج الستعادة التعلم المفقود‬


‫ّ‬
‫وىلع الرغم من أهمية انلظر يف املناهج ادلراسية يف أعقاب اجلاحئة‪ ،‬ال بد أن يوجه القائمون‬ ‫ ‬
‫ً‬
‫ىلع األنظمة اتلعلمية يف أعقاب اجلاحئة اهتمامهم أيضا إىل معاجلة جوانب اتلعلم املفقودة خالل‬

‫‪34‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫اجلاحئة‪ ،‬وليس فقط امليض إىل تضمني األولويات اجلديدة‪ ،‬مثل املعارف الصحية وإدارة األزمات؛‬
‫لاً‬
‫فقد برزت خماوف ومؤرشات حول ذلك يف بعض من دول العالم‪ ،‬فمث يف إجنلرتا هناك خماوف‬
‫من أن الوباء قاد إىل توسيع فجوة اتلحصيل بني الطلبة األفقر وأقرانهم‪ ،‬رغم اتلقدم املحرز حنو‬
‫تقليص الفجوة منذ ‪ ،2011‬حيث يوجد شعور بأن حجم اتلعلم املفقود واسع انلطاق‪ ،‬وذلا ّ‬
‫وجهت‬
‫املدارس إىل حتديد نقاط انطالق املتعلمني من خالل تبين اتلقويم اتلكويين املنتظم‪ ،‬ونصحت‬
‫وزارة اتلعليم املدارس بتأكيد املهارات األساسية يف القراءة وزيادة املفردات والكتابة والرياضيات‬
‫ُ‬
‫حىت الصف اثلالث‪ ،‬وخ ّصص مبلغ ‪ 350‬مليون جنيه إسرتيلين من صندوق كوفيد‪ 19-‬للحاق‬
‫بالركب «لدلروس اخلصوصية االستثنائية» ملعاجلة هذه الفجوات‪.‬‬
‫أما منهج اتلعايف يف إسكتلندا فينطلق لسد تلك الفجوات اليت نتجت من جاحئة‬ ‫ ‬
‫ّ‬
‫كوفيد_‪ ،19‬فقد وجهت املدارس إىل العناية بإعداد املناهج ادلراسية ملرحلة اتلعايف تركز ىلع تعلم‬
‫القراءة والكتابة واحلساب والصحة والرفاهية‪ ،‬وقدمت احلكومة اإلسكتلندية ‪ 100‬مليون جنيه‬
‫إسرتيلين ىلع مدار اعمني ملساعدة األطفال ىلع استعادة ما خرسوه من تعلم خالل اجلاحئة‪ ،‬وسوف‬
‫يذهب هذا ادلعم تلوظيف مزيد من املعلمني وتوفري املصادر واألدوات اليت تمكن الطلبة من‬
‫إجناز ما يتطلبه املنهج‪ ،‬حث جملس مدينة جالسجو املدارس ىلع تقديم منهج واسع قدر اإلماكن‪.‬‬
‫أما يف ويلز فهناك سيع تلحقيق نفس اهلدف لسد فجوات اتلحصيل من خالل ختصيص‬ ‫ ‬
‫املحرومني‬ ‫مبلغ ‪ 29‬مليون جنيه إسرتيلين تلوظيف معلمني إضافيني تلقديم دعم إضايف للمتعلمني‬
‫ُ ّ‬
‫والضعفاء وأوئلك اذلين هم يف نقاط تعلم حاسمة يف تعليمهم يف السنوات ‪ 11‬و ‪ 12‬و‪ ،13‬كما أكدت‬
‫أهمية االهتمام بالقراءة والكتابة واحلساب والكفاءة الرقمية‪ ،‬باإلضافة إىل تقديم خربات اتلعلم‬
‫الواسعة واملتوازنة‪ .‬ويف إيرنلدا الشمايلة هناك إقرار بأن املحتوى املفقود يمثل حتديًا أكرب عندما‬
‫خيضع الطلبة لالختبارات العامة‪ ،‬ووجهت املدارس إلجياد توزان يف املعرفة والفهم واملهارات من‬
‫أجل جتاوز حتديات كوفيد‪ 19‬ودعم املتعلمني ً‬
‫أيضا‪.‬‬

‫أسئلة التعليم ما بعد الجائحة‬


‫ّ‬
‫إننا ننطلق من هذه اجلاحئة إىل جمموعة من ادلروس وثيقة الصلة باملناهج وتنفيذها‪ ،‬وال بد أن‬
‫حتظى بنقاشات موسعة من أجل وضع الطلبة ىلع املسار الصحيح يف اعلم متغري‪ ،‬ومن هذه ادلروس‬
‫اآليت‪:‬‬
‫‪ -‬إذا اكنت املدارس مستعدة تلعديل املناهج ادلراسية ووقت االتصال لضمان قدرة الطالب‬
‫ىلع الرتكزي وابلقاء مشاركني يف أثناء اتلعلم عن بعد‪ ،‬فكيف سيتم تعديل املناهج ادلراسية‬
‫ووقت االتصال واالسرتاتيجيات الرتبوية للتأكد من أن الطالب يركزون ويشاركون يف األوضاع‬
‫ًّ‬
‫سلبيا‬ ‫ً‬
‫جلوسا‬ ‫«العادية» للفصول ادلراسية؟ هل سيكون هناك عودة للطالب اذلين ً‬
‫اغبلا ما جيلسون‬

‫‪35‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫بينما حيارض املعلمون أمام السبورة ابليضاء‪ ،‬مع تقديم كثري من الواجبات املزنيلة للطلبة‪.‬‬
‫‪ -‬هل سوف يستمر انلظام اتلعلييم يف الرتكزي ىلع تراكم املحتوى اذلي جيعل اتلفكري العميق‬
‫وانلقدي واإلبدايع صعبًا لوجود الكثري «للحصول عليه»؟ أم أنه بعد هذه اجلاحئة ستبدأ األنظمة‬
‫اتلعليمية بالرتكزي ىلع مهارات اتلعلم ومهارات احلياة وبناء قدرات الطلبة ىلع اتلكيف واتلحليل‪.‬‬
‫‪ -‬هل حنن حباجة إىل تعليم ما اعتدنا أن نعلمه بالضبط؟ هل من املقبول السماح للطالب‬
‫واملعلمني باملناقشة واتلفاوض بشأن ما يريد الطالب تعلمه؟ هل يمكن السماح للطالب حبذف‬
‫بعض املواضيع وإضافة مواضيع أخرى؟ األهم من ذلك‪ ،‬هل يمكن السماح للطالب بتصميم‬
‫اتلعلم اخلاص بهم؟‬
‫‪ -‬يوفر كوفيد‪ 19‬الفرصة املناسبة جلميع املدارس ملحاولة تغيري طريقة اتلعلم‪ .‬يمكن للمعلمني‬
‫واملدارس أن يبدؤوا ببعض األسئلة‪ :‬هل حنتاج إىل اتلدريس طوال الوقت‪ ،‬بانلظر إىل توفر موارد‬
‫لاً‬
‫تدريسية عدة عرب اإلنرتنت فع ؟ هل يمكننا بدء اتلعلم من خالل مطابلة الطالب بتحديد‬
‫املشلكة اليت يرغبون يف حلها ومساعدتهم ىلع إجياد حلول هلا؟ هل يمكن للطالب أن يتعلموا‬
‫من دون أن نعلمهم؟‬
‫‪ -‬حدد تعريف اتلعلم من خالل ما حيدث يف الفصل ادلرايس و‪/‬أو يف ماكن خاص يف املزنل‪.‬‬
‫ً‬
‫عموما أن اتلعلم يف‬ ‫حددت املدارس أين يمكن وجيب أن حيدث اتلعلم‪ .‬لقد قبل الطالب‬
‫األماكن املحددة من قبل املدرسة هو اتلعلم‪ ،‬بينما لك ما حيدث يف ماكن آخر هو اللعب أو أي‬
‫يشء آخر‪ ،‬لكننا نعلم أن اتلعلم يمكن أن حيدث يف أي ماكن‪.‬‬
‫ً‬ ‫‪ً -‬‬
‫نظرا ألن معظم احلكومات تستثمر ما بني ‪ 2‬و‪ ٪ 4.5‬من انلاتج املحيل اإلمجايل يف اتلعليم وفقا‬
‫ملنظمة اتلعاون االقتصادي واتلنمية‪ ،‬فإن العديد من رواتب املعلمني وبرامج اتلطوير املهين تعاين‬
‫من نقص اتلمويل‪ .‬بانلظر إىل لك ما خيربنا به االقتصاديون عن أهمية االستثمار يف اتلعليم؛ هل‬
‫سيكون هناك استثمار أكرب يف هذا املورد األسايس للمستقبل؟ وهل سيتم إيالء اهتمام خاص‬
‫تلدريب املعلمني ىلع كيفية رقمنة تعليمهم بفعايلة مع ضمان حصول املتعلمني يف املناطق‬
‫املحرومة ىلع إماكنية الوصول إىل اتلكنولوجيا اليت أصبحت رضورية للتعلم؟ أم ستكون عودة‬
‫إىل الوضع «الطبييع» حيث تمتلك بعض القطااعت موارد متطورة وابلعض اآلخر ال يمتلكها؟‬
‫بالطبع‪ ،‬سيكون صعبًا حتقيق تكافؤ الفرص ىلع اإلطالق‪ .‬ولكن‪ ،‬ما مقدار اجلهد اذلي سيُبذل‬
‫لتسويته أكرث؟‬
‫لقد أبرزت جاحئة كوفيد ‪ 19‬أن فكرة «مدرسة للجميع» اليت ركزت عليها األنظمة‬ ‫ ‬
‫اإلسكندنافية (‪ )Shirley, 2015‬تعرضت الختبار كبري خالل هذه اجلاحئة مع تنايم املدارس‬
‫اخلاصة‪ ،‬إذ تمكن الطلبة يف بعض املدارس اخلاصة من مواصلة تعلمهم‪ ،‬يف حني توقف طلبة‬
‫املدارس احلكومية‪ ،‬وأن طلبة هذه املدارس استأنفوا اعمهم ادلرايس قبل غريهم من الطلبة‪ ،‬وتبعا‬

‫‪36‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫ذللك فإن هذه األزمة تضعنا أمام تساؤل حول مستقبل استدامة فكرة مدرسة للجميع‪ ،‬يف ظل‬
‫هذا اتلباين يف القدرات املايلة‪ ،‬وتضعنا أكرث أمام فكرة رشعية انلظام اتلعلييم اذلي يقف خلف‬
‫لك مسار من مسارات اتلعليم‪ ،‬ومن املعروف أن املفكر يورغن هابرماس نرش يف اعم ‪ 1973‬كتابًا‬
‫مرتبطا بهذه الرشعية‪ ،‬أطلق عليه «أزمة الرشعية»‪ ،‬إذ جيدر باملؤسسات أيًّا اكن تصنيفها رحبية‬
‫ً‬
‫أو اعمة أن تقنع املستفيدين برشعيتها وقدرتها ىلع اتلطور ومواكبة الظروف‪ ،‬ومواجهة احلاالت‬
‫االستثنائية حىت ال خيرس كثريون فرصهم اتلعليمية نتيجة اتلفاوت يف ادلخل‪.‬‬
‫أصبح اتلغيري الرتبوي بعد اهلزة الكبرية اليت أحدثها كوفيد‪ 19‬رضورة؛ إذ إن املدارس‬ ‫ ‬
‫بصفتها مؤسسات تعليمية بنيت يف وقت اكن الفهم البرشي للتعلم واملتعلمني واملعرفة واملهارات‬
‫ً‬
‫واتلدريس واملعلمني خمتلفا عما هو عليه ايلوم‪ .‬يف ذلك الوقت‪ ،‬اكن الوصول إىل اخلرباء واخلربات‬
‫ً‬
‫حمدودا‪ ،‬وذلا انتقد اتلعليم ىلع مدى األعوام املئة املاضية‪ .‬وازدادت حدة االنتقادات يف السنوات‬
‫األخرية ‪ ،)Wagner and Dintersmith, 2016(.‬يبدو من الواضح أن املدارس لم تكن قادرة ىلع‬
‫تقديم ما يفرتض أن تقدمه يف اعلم ايلوم‪ ،‬ناهيك عن االستعداد للغد‪.‬‬
‫لم تتوقف ادلعوة إىل إحداث اتلغيري يف اتلعليم املدريس‪ ،‬كما أن اجلهود املبذولة إلحداث‬ ‫ ‬
‫تغيريات يف املدارس لم تتوقف قط‪ ،‬لكن الفرصة احلايلة إلاعدة تصور اتلعليم بالاكمل غري‬
‫مسبوقة‪ .‬تلجنب تكرار قواعد اتلعليم املدريس اتلقليدية؛ جيب أن تتمحور عملية إاعدة اتلخيل‬
‫ً‬
‫هذه حول خلق أفضل فرص اتلعليم جلميع األطفال‪ ،‬بدال من حتسني املدارس من خالل ربطها‬
‫باملنصات اتلكنولوجية فقط‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫خاتمة‬
‫لاً‬
‫ال يزال مستقبل اتلعليم ما بعد اجلاحئة قاب لكثري من القراءات‪ ،‬هل ستقود اجلاحئة‬ ‫ ‬
‫إىل إحداث تغري تربوي غري مسبوق يف مناهجنا‪ ،‬وانلظام املدريس املرتبط بها‪ ،‬أم أن هذا انلظام‬
‫املدريس بروتينه املعروف واملمتد عرب عقود طويلة لن ينحين أمام هذه األزمة‪ ،‬وسيقترص األمر‬
‫ىلع إدخال حتسينات بسيطة تبث بعض الرضا يف أنفس اجلميع‪ ،‬وتعود األشياء واألفاكر إىل أماكنها‬
‫الطبيعة اليت اكنت عليها قبل اندالع هذه اجلاحئة‪ .‬إذا تعاملنا مع األمر ىلع أنه أزمة قصرية املدى‬
‫ً‬
‫فإن لك ما فعل للمساعدة الستمرارية اتلعلم عند إغالق املدارس سيكون مؤقتا‪ ،‬ما إن يعاد فتح‬
‫املدارس سيستعاد الوضع السابق (‪ .)Zhao, 2020‬ال شك أن تاريخ القرن العرشين علمنا أن‬
‫اتلغري الرتبوي بطيء مقارنة بتغري قطااعت كثرية‪ ،‬ويتطلب امتالك الفاعلني فيه ثلقافة ودافعية‬
‫اتلغيري‪ ،‬منذ فرتة طويلة اتهم الفيلسوف إيلوت إيسرن أنظمة اتلعليم بالرتكزي ىلع املايض‪ ،‬وإذا‬
‫اكنت إطارات املايض واحلارض مفيدة تلطوير مناهج اتلعليم‪ ،‬فماذا حيدث عندما جيب أن نركز‬
‫ىلع اتلايل (أي املستقبل)‪ ،‬كيف يمكننا أن نركز ىلع هذا املستقبل اذلي تقودنا إيله هذه اجلاحئة‬
‫ّ‬
‫وآثارها العميقة! ال شك أننا ال بد أن نضع أنفسنا ىلع طريق احلكمة واملثل الصيين اذلي يقول‪:‬‬
‫اعما‪ ،‬أما ثاين أفضل وقت لزراعتها فهو اآلن؛ إذ لم‬‫أفضل وقت لزراعة شجرة اكن قبل عرشين ً‬
‫يفت األوان بعد‪.‬‬

‫المراجع‬

‫‪* Hughes, C. (2020). What lessons from the coronavirus pandemic will shape the future of education,‬‬
‫‪https://www.weforum.org/agenda/2020/05/covid19-lockdown-future-education/‬‬
‫‪* Shirley, D. (2015). The legitimation crisis of educational change, Journal of Educational Change, v 16,‬‬
‫‪245-250.‬‬
‫‪* UNESCO (2020). Education in a post-COVID world nine ideas for public action: international‬‬
‫_‪commission on the futures of Education, https://en.unesco.org/sites/default/files/education_in_a‬‬
‫‪post-covid_world-nine_ideas_for_public_action.pdf‬‬
‫‪* Viner, M., Russell, S., Croker, J., Ward, J., Stanafield, C., Mytton, O., Bonell, C., Booy, R. (2020).‬‬
‫ ‬ ‫‪School Closure and Management Practices During Coronavirus Outbreak Including COVID19:‬‬
‫ ‬ ‫‪A rapid systematic review. https://www. Thelancet.com/journals/lanchi/article/plls- 30095‬‬
‫‪ (20)4642-2352x/fulltext.‬‬
‫‪* Wagner, T., & Dintersmith, T. (2016). Most likely to succeed: Preparing our kids for the innovation‬‬
‫ ‬ ‫‪era. New York, NY: Scribner.‬‬
‫‪* World Bank. (2020, July,16). Survey on National Education Responses to COVID-19 School Closures.‬‬
‫ ‬ ‫‪http://uis.unesco.org/en/news/unesco-unicef-world-bank-survey-national-education-‬‬
‫ ‬ ‫‪responses-covid-19-school-closures-2nd‬‬
‫‪* Zhao, Y. (2020). Covid-19 as a catalyst for educational change, Prospects, 49, 29-33.‬‬

‫‪38‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫الفصل الثاني‬
‫الرتبية املوسيقية يف ظل جائحة كوفيد ‪ :19‬العزف عرب املنصات‬
‫د‪ .‬أسماء عبد الصبور حممد‬

‫‪39‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫‪40‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫مقدمة‬
‫قد يظن ابلعض أن الرتبية املوسيقية حديثة العهد يف نظم اتلعليم‪ ،‬إال أن ذلك غري‬
‫صحيح إذا نظرنا إىل تاريخ العالقة بني املوسيقا والرتبية؛ فقد بدأ االهتمام باملوسيقا‬
‫ً‬
‫شديدا بالقيمة‬ ‫ً‬
‫اهتماما‬ ‫منذ العصور القديمة‪ ،‬خاصة عند ايلونان؛ إذ جند أنهم اهتموا‬
‫اجلمايلة‪ ،‬فقد حتدث أرسطو وأفالطون عن دور املوسيقا يف «تناغم الروح واجلسد»‪،‬‬
‫تغيريا يف الشخصية املوسيقية لألمة ما لم‬ ‫ً‬ ‫وزاد أفالطون ىلع ذلك بأنه‪ :‬ال يمكن أن حندث‬
‫ُ‬
‫نغيرّ مؤسسات ادلولة واعداتها‪ .‬ذكرت ابلاحثة آمال صادق أن املوسيقا تعد من اجلوانب األساسية‬
‫للتنشئة اإلنسانية لإلنسان‪ ،‬وأطلقت مصطلح «اتلنشئة املوسيقية» (‪،)Music Socialization‬‬
‫واعتربت أنه يمتد إىل خمتلف جوانب السلوك اإلنساين‪ .‬وللمجتمع دور كبري يف دعم املوسيقا‬
‫ً‬
‫وتطويرها إذا اكن هذا املجتمع ينهل من اثلقافة املوسيقية ومزودا بها ىلع أكمل وجه‪ ،‬ليساهم‬
‫بدوره يف تعزيز العملية اتلعليمية‪.‬‬
‫اكن عزف املوسيقا خالل فرتة جاحئة كوفيد‪ 19‬إحدى وسائل مقاومة القلق‪ ،‬واتلغلب‬ ‫ ‬
‫ً‬
‫ىلع متطلبات ابلقاء يف املنازل لفرتات طويلة تطبيقا لقواعد احلجر الصيح‪ ،‬فعىل سبيل املثال‪:‬‬
‫رغم احلجر الصيح املفروض ىلع اإليطايلني بسبب الفريوس اذلي أجرب الساكن ىلع ابلقاء يف‬
‫املنازل‪ ،‬إال أنه قادهم البتاكر طريقة للغناء والعزف ىلع اآلالت املوسيقية بشلك مجايع من‬
‫رشفات منازهلم‪ ،‬وذلك تلخفيف حدة الضغوط اليت يعيشونها‪ ،‬واليت جعلتهم يف حالة نفسية‬
‫سيئة‪ ،‬إىل أن طىغ حب املوسيقا ىلع حالة احلزن اليت تعيشها ابلالد بسبب بقائهم يف منازهلم‪ .‬ومن‬
‫أبرز القصص اليت ذكرها أحد املوسيقيني اإليطايلني أنه داع لك موسييق يف إيطايلا إىل فتح انلافذة‪،‬‬
‫أو يذهب إىل الرشفة تلقديم عرض موسييق هناك‪ .‬ومنذ ذلك احلني‪ ،‬يمكن سماع صوت املوسيقا‬
‫من الرشفات لك يللة‪ ،‬فاكنوا سعداء للغاية‪ ،‬وقد انترشت مقاطع فيديو من مدن عدة يف إيطايلا‬
‫ملواطنني يغنون من منازهلم يف مواجهة كوفيد_‪ ،19‬وحظيت هذه املقاطع بانتشار وتفاعل واسعني‬
‫عرب منصات اتلواصل االجتمايع‪ .‬وىلع غرار الطريقة اإليطايلة‪ ...‬عربيًا‪ ،‬كرس السعوديون جدران‬
‫العزلة بالغناء للوطن‪ ،‬وعزف فنان مرصي لساكن منطقته يوميًا خالل سااعت احلظر حفلة ىلع‬
‫رشفة مزنهل‪ ،‬كما أطلقت وزارة اثلقافة املرصية مبادرة «اثلقافة بني يديك»‪ ،‬كما نظمت وزارة‬
‫اثلقافة السعودية حفلة غنائية للفنان حممد عبده عرب ابلث املبارش بتطبيق إنستغرام ألول مرة‪.‬‬
‫كبريا‪ ،‬ألن طبيعة املوسيقا تتطلب اتلواصل مع اآلالت‬ ‫ً‬ ‫واجه تعليم املوسيقا حتديًا‬ ‫ ‬
‫ُ‬
‫واجلمهور‪ ،‬وهذا اتلواصل حيمل خماطر كبرية النتقال الفريوس‪ .‬يهدف هذا الفصل إىل إبراز واقع‬
‫املوسيقية خالل فرتة كوفيد‪ ،19‬وآفاق تطوير مناهج هذه املادة للتعايش مع هذه الظروف‬ ‫ّ‬ ‫الرتبية‬
‫لاً‬
‫مستقب ‪ .‬وقبل استعراض تلك اجلوانب‪ ،‬سيتم الرتكزي ىلع معايري تأيلف املادة وأبعادها بما يساعد‬

‫‪41‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫ىلع فهم اتلحديات اليت فرضها كوفيد‪ 19‬ىلع تدريسها‪ ،‬واإلجراءات اليت اختذتها األنظمة اتلعليمية‬
‫للتغلب عليها‪.‬‬

‫معايير تأليف منهج التربية الموسيقية‬


‫بعد االطالع ىلع بعض ادلراسات اليت اهتمت بمعايري الرتبية املوسيقية يف الوطن العريب‬ ‫ ‬
‫مثل دراسة (سيمون يعقوب‪ )2013‬اليت اكنت بعنوان «املعايري الوطنية تلأيلف منهاج الرتبيةّ‬
‫ّ‬
‫السورية»‪ ،‬ودراسة (حممد غوانمة ‪)2008‬‬ ‫ّ‬
‫العربية‬ ‫ّ‬
‫اجلمهورية‬ ‫ّ‬
‫األسايس يف‬ ‫ّ‬
‫املوسيقية ملرحلة اتلعليم‬
‫املوسيقية»‪ ،‬استُخلصت بعض املعايري‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الرتبية‬ ‫اليت اكنت بعنوان «اتلجربة األردنية يف تأيلف مناهج‬
‫املشرتكة ملنهج الرتبية املوسيقية‪ ،‬ويه‪:‬‬
‫يزّ‬
‫يتذوق اتللميذ العمل املوسييق‪ ،‬ويم اآلالت املوسيقية وقوالب اتلأيلف املوسيقية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫‪.1‬‬
‫‪ .2‬يكتسب القدرة ىلع انلقد واتلحليل بشلك عليم وموضويع‪.‬‬
‫‪ .3‬حيقق اتلوافق العضيل العصيب‪.‬‬
‫‪ .4‬يكتسب مهارة العزف ىلع اآلالت املوسيقية‪.‬‬
‫يتعرف ىلع اتلاريخ املوسييق وأهم أعالمه‪.‬‬ ‫‪ّ .5‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أهمية املوسيقا للشعوب‪ ،‬ويقدر دورها احلضاري‪.‬‬ ‫‪ .6‬يدرك‬
‫‪ .7‬يعرف آداب االستماع إىل املوسيقا ويقدر أداء اآلخرين‪.‬‬
‫‪ .8‬يشارك يف النشاطات الفنية‪ ،‬ويتفاعل مع جمتمعه‪.‬‬
‫‪ .9‬يعزز القيم األخالقية وتكوين عالقات إنسانية مع أفراد جمتمعه واملجتمعات األخرى واحرتام‬
‫اآلخرين‪.‬‬
‫‪ .10‬تنمية املهارات املعرفية املوسيقية واملهارات الوجدانية ذات القيمة‪.‬‬
‫‪ .11‬استخدام اتلكنولوجيا واتلقنيات احلديثة تلطوير اإلنتاج املوسييق‪.‬‬

‫أهداف التربية الموسيقية‪:‬‬


‫ً‬
‫إن للك مادة دراسية أهدافا تشتق من متطلباتها‪ ،‬وال يمكن أن تتحقق العملية اتلعليمية إال من‬
‫ّ‬ ‫لاً‬
‫اتلعرف ىلع أهداف الرتبية املوسيقية حىت نتمكن من آيلة‬ ‫خالل أهداف حمددة‪ ،‬ذللك جيب أو‬
‫ً‬
‫حتقيق هذه األهداف وفقا للظروف الطارئة‪ .‬يمكن إجياز أهداف تدريس الرتبية املوسيقية يف‬
‫مؤسسات اتلعليم كما هو موضح يف اجلدول (‪)1‬‬

‫‪42‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫اجلدول (‪ )1‬أهداف تدريس الرتبية املوسيقية يف مؤسسات اتلعليم‬

‫أهداف التربية الموسيقية الخاصة‬ ‫أهداف التربية الموسيقية العامة‬

‫اإلسهام يف حتقيق انلمو املتاكمل للمتعلم‪ ،‬سواء أكان تنمية اإلدراك احليس عند املتعلم‪.‬‬
‫لاً‬
‫طف أم شابًا يف خمتلف انلوايح‪ .‬‬

‫مساعدة املواد ادلراسية األخرى والنشاط املدريس ىلع تنمية حاسة إدراك العنارص املوسيقية‪ ،‬وتنمية اذلوق‬
‫املوسييق‪.‬‬ ‫حتقيق األهداف العامة‪.‬‬

‫خلق اجلو اذلي يتدرج باتللميذ إىل مستوى اتلذوق‬ ‫تكوين ثقافة موسيقية‪.‬‬
‫املوسييق عن فهم وإدراك‪.‬‬

‫تكوين مفهوم إجيايب عن انلفس‪ ،‬وتنمية اثلقة تعريف اتللميذ بعنارص اللغة املوسيقية قراءة وكتابة‪.‬‬
‫بانلفس عن طريق األنشطة الفردية‪.‬‬

‫غرس اعدات سلوكية لالستماع‪.‬‬ ‫ً‬


‫مصدرا حيبب املتعلم يف املدرسة‪.‬‬ ‫أن تكون املوسيقا‬

‫االرتفاع بمستوى الويع املوسييق‪.‬‬ ‫أن تعني املوسيقا ىلع استيعاب بقية املواد ادلراسية‪.‬‬
‫ ‬
‫تنمية الويع االجتمايع والقويم وادليين من خالل اكتشاف املواهب لراعيتها وتوجيهها‪.‬‬
‫ ‬
‫الغناء واللعب واتلوقع‪.‬‬
‫ ‬
‫تثبيت روح اتلعاون واتلاكمل‪ ،‬والشعور بقيمة العمل اتلدريب ىلع عزف اآلالت املوسيقية املتاحة‪.‬‬
‫اجلمايع‪ ،‬وأهمية اجلماعة للفرد‪ ،‬وأهمية الفرد للجماعة‬
‫من خالل األنشطة املوسيقية‪.‬‬
‫ُ‬
‫حتقيق اتلفاهم العاليم عن طريق تذوق اتلالميذ حتسني القدرة ىلع االستجابات اإليقاعية واللحنية‪.‬‬
‫ ‬
‫موسيقا الشعوب األخرى‪.‬‬
‫ ‬
‫تنمية القيم اجلمايلة‪ ،‬وتكوين اجتاهات فنية‪.‬‬
‫ ‬

‫‪43‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫أضاف ابلاحث خليفة حممد يف جامعة انلجاح الوطنية أن األهداف الرئيسة اليت تريم‬ ‫ ‬
‫الرتبية املوسيقية إىل حتقيقها يف مدارس اتلعليم العام يه‪:‬‬
‫‪ .1‬تنمية اإلدراك احليس وال سيما االنتباه واحلركة عند اتلالميذ عن طريق اإليقاع وانلغم والغناء‬
‫والعزف‪.‬‬
‫‪ 2‬تنمية حس اجلمال عند اتلالميذ وصقل أحاسيسهم ومشاعرهم‪.‬‬
‫‪ .3‬إسهام الرتبية املوسيقية يف العملية الرتبوية بنواحيها اكفة‪.‬‬
‫‪ .4‬إدخال ابلهجة والرسور يف احلياة املدرسية‪ ،‬ومساعدة الطفل ىلع اكتساب املهارات الفنية‬
‫حرا‪.‬‬ ‫ً‬
‫تعبريا ً‬ ‫واملوسيقية الرضورية باتلعبري عما يشعر به‬
‫‪ .5‬بث روح اتلعاون واتلعامل والشعور بقيمة العمل اجلمايع من خالل اشرتاك اتلالميذ يف الفرق‬
‫علما أن اشرتاكهم يف هذه الفرق وما فيها من‬ ‫املوسيقية واإليقاعية والغنائية واأللعاب املوسيقية‪ً ،‬‬
‫توزيع موسييق وإيقايع بسيط من شأنه أن يريب فيهم االعتماد ىلع انلفس‪ ،‬واالنصهار يف بوتقة‬
‫العمل اجلمايع‪ ،‬وإطاعة رئيس الفرقة ألداء عمل مشرتك موحد‪.‬‬
‫‪ .6‬تنمية ذوق الطفل املبدع عن طريق إسماعه مقطواعت قصرية من املوسيقا واألاغين الفللكورية‬
‫واتلقليدية العربية والعاملية‪ُ ،‬مستهدفني تنمية حب املوسيقا عند اتلالميذ وفهمها‪ ،‬واستثارة‬
‫تمهيدا إلعداد جيل مثقف ٍ‬ ‫ً‬
‫واع يتذوق املوسيقا‬ ‫اهتمامه بها‪ ،‬وخلق اعدة االستماع اجليد للموسيقا‬
‫اجليدة‪ ،‬وينتفع بما حتمله من قيم إنسانية‪.‬‬
‫‪ .7‬اكتشاف أصحاب املواهب املوسيقية من اتلالميذ تلنمية مهاراتهم وتشجيعهم ىلع صقل هذه‬
‫َّ‬ ‫لاً‬
‫املواهب‪ ،‬وتهيئة الفرص هلم ليُسهموا ُمستقب يف ازدهار احلياة املوسيقية العربية‪ ،‬باعتبار أن‬
‫وقت واحد‪.‬‬
‫املواهب املمتازة يه كزن ثمني ألصحابها وللوطن يف ٍ‬
‫‪ .8‬تنمية الشعور باملحبة بني أطفال الوطن العريب وأطفال العالم‪ ،‬وذلك عن طريق االستماع إىل‬
‫موسيقاهم وأاغنيهم‪ ،‬وإدراك مهامها دلى اثلقافة العامة بوصفها إحدى وسائل اتلعبري عن وحدة‬
‫ُ‬
‫الوطن ووحدة األمة العربية‪ ،‬وحتقيق اتلفاهم العاليم بني شعوب العالم‪.‬‬
‫انلطق انلفسية‪ ،‬وإتاحة الفرصة أمام اتللميذ اخلجول‬ ‫‪ .9‬ختليص بعض اتلالميذ من عيوب ُّ‬
‫لالشرتاك مع زمالئه دون ارتباك‪ ،‬وذلك من خالل األعمال اجلماعية يف الرتبية املوسيقية‪.‬‬
‫‪ .10‬حتقيق األهداف اللغوية اتلايلة من خالل دروس اإلنشاد‪:‬‬
‫‌أ‪ -‬جعل اتلالميذ يشعرون باملعاين اجلميلة‪ ،‬ويتذوقون الرتاكيب اللغوية السليمة اليت تؤدي‬
‫إىل نمو املحصول اللغوي دليهم‪.‬‬
‫‌ب‪ -‬إكساب اتلالميذ القدرة ىلع حسن إخراج احلروف من خمارجها الصحيحة‪ ،‬وتدريبهم‬
‫ىلع اتلقيد بقواعد انلطق بأسلوب مبسط ومشوق‪.‬‬
‫‌ج‪ -‬تعويد اتلالميذ ىلع االستماع إىل العبارات األدبية اجلميلة اليت تنيم يف نفوسهم حب‬

‫‪44‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫الشعر‪ ،‬وإدراك وزنه وقيمه اجلميلة‪ ،‬وتعويد آذانهم ىلع االستماع إىل اللغة الفصىح حىت‬
‫ًّ‬
‫تدرجييا‪.‬‬ ‫يتذوقوها ويتفننوا بها‬

‫دور التربية الموسيقية في تنمية شخصية التلميذ‬


‫ً‬
‫كبريا يف تنمية شخصية اتللميذ؛ إذ يتمثل دورها يف تنمية مجيع‬ ‫ً‬
‫إسهاما‬ ‫تسهم الرتبية املوسيقية‬
‫جوانب الشخصية (اجلسمية‪ ،‬العقلية‪ ،‬االنفعايلة‪ ،‬االجتماعية)‪.‬‬
‫اً‬
‫أول‪ -‬دور الرتبية املوسيقية يف تنمية انلوايح اجلسمية‬
‫تساهم الرتبية املوسيقية يف إكساب املتعلم جمموعة من املهارات احلركية اليت هلا جانبها العقيل‬
‫واالجتمايع‪ ،‬وال شك أن الطابع الغالب عليها هو انلوايح اجلسمية العضلية كما حيدث يف أثناء‬
‫ً‬
‫وأيضا تدريب األذن ىلع اتلميزي واحلكم بني املثريات‬ ‫العزف ىلع اآلالت املوسيقية املختلفة‪،‬‬
‫عاً‬
‫الصوتية‪ ،‬وتنمية اتلآزر احلريك والعضيل‪ ،‬واستعمال الصوت الغنايئ؛ ما حيدث نو من اتلوافق يف‬
‫النشاط اجلسيم‪ .‬تتجىل هذه األنشطة املختصة بتنمية انلوايح اجلسمية يف اآلىت‪:‬‬
‫ً‬
‫نشيدا أو أغنية أو غناء فنيًا صولفائيًا‪.‬‬ ‫‪ .1‬الغناء‪ :‬سواء أكان‬
‫‪ .2‬اإليقاع احلريك‪ :‬يساعد ىلع اتلوافق بني خمتلف األعضاء والعضالت (اكألذن والعني‬
‫واحلنجرة واأليدي واألرجل)‪.‬‬
‫‪ .3‬العزف اجلمايع أو الفردي ىلع اآلالت املوسيقية‪ :‬حيتاج إىل مهارة أكرث ودقة أكرب يف العزف؛‬
‫إذ ختتلف اآلالت املوسيقية يف درجة حتقيق اتلآزر احلريك‪ ،‬فمنها ما يسهم يف تنمية مهارات‬
‫معا‪ ،‬أو األيدي واألرجل ً‬
‫معا‪.‬‬ ‫األصابع أو األيدي منفصلة‪ ،‬أو األيدي متآنية ً‬
‫‪ .4‬اتلذوق املوسييق وتنمية اإلدراك السميع‪ :‬يسهم يف تدريب األذن ىلع اتلميزي بني املثريات‬
‫الصوتية من حيث اختالفها يف احلدة أو الشدة أو انلوعية أو اتلوافق أو الزمن‪.‬‬

‫ً‬
‫ثانيا‪ -‬دور الرتبية املوسيقية يف تنمية انلوايح العقلية‬
‫‪ .1‬تنمية اإلدراك احليس عن طريق احلكم ىلع عمل موسييق باجلودة أو الضعف‪ ،‬أو بالتشابه‬
‫واالختالف‪ ،‬أو من حيث ابلناء املوسييق‪ ،‬أو حتليل عمل موسييق معني إىل مكوناته الفنية‪.‬‬
‫‪ .2‬تنمية القدرة ىلع املالحظة‪ :‬تتمثل يف تنمية جمموعة املهارات املوسيقية العليا‪ ،‬مثل‪ :‬احلكم‬
‫ىلع صحة العمل‪ ،‬أو حدوث أخطاء معينة فيه‪ ،‬ويساعد ذلك يف تنمية تركزي االنتباه ‪.‬‬
‫‪ .3‬تنمية القدرة ىلع القراءة ‪ :‬ويتمثل هذا يف تدريب اتلالميذ ىلع قراءة اتلدوين املوسييق قراءة‬
‫حلظية‪.‬‬
‫‪ .4‬تنمية القدرة ىلع اتلنظيم املنطيق‪ :‬يتم ذلك عن طريق االستماع إىل املوسيقا اجليدة اليت‬

‫‪45‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫يتضح فيها ابلناء املوسييق املنظم‪.‬‬


‫‪ .5‬تنمية اذلاكرة السمعية‪ ،‬سواء بالعزف من اذلاكرة أو تكرار مجل موسيقية حلنية أو ايقاعية‬
‫مرات عديدة‪ ،‬تزداد يف طوهلا بازدياد قدرة املتعلم ىلع اتلكرار الصحيح بعد عدد حمدد من‬
‫املرات‪.‬‬
‫‪ .6‬تنمية اإلحساس الزمين عند املتعلمني‪.‬‬
‫‪ .7‬تنمية القدرة ىلع االبتاكر‪ :‬ويتمثل هذا يف أدىن صورة يف املحادثات اإليقاعية املرجتلة عند‬
‫األطفال‪ ،‬ويف أىلع صورة يف تأيلف عمل موسييق اكمل يف صورة مقبولة ً‬
‫تبعا ملستويات اجلودة‬
‫الفنية‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ .8‬زيادة املعلومات‪ :‬تتمثل يف إعطاء املتعلم جمموعة من احلقائق عن املوسيقا بوصفها علما هل‬
‫أصول ومبادئ كثرية من العلوم؛ ما يزيد من حصيلة معارفه‪.‬‬
‫‪ .9‬حتسني تعلم املواد ادلراسية األخرى‪ :‬يمكن للموسيقا أن تسهم يف تسهيل تعليم املواد‬
‫األخرى وتدريسها‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫‪ .10‬تقدير املتعلم تقديرا صحيحا للناحية اإليقاعية نتيجة ممارسته املوسيقا‪ ،‬وخصوصا عند‬
‫اتلوقف وابلدء الصحيحني‪.‬‬

‫ً‬
‫ثاثلا‪ -‬دور الرتبية املوسيقية يف تنمية انلوايح االنفعايلة‬
‫‪ .1‬تكوين ميول فنية عند املتعلمني ألهمية دور هذه امليول يف سلوك اإلنسان ‪.‬‬
‫‪ .2‬ختفيف حدة اتلوتر والقلق كما حيدث عندما تستخدم املوسيقا أرضية لنشاط نفيع معني‪،‬‬
‫كما حدث يف اتلجارب اليت أجريت يف اخلارج‪ ،‬وثبتت جدواها يف زيادة دافعية اتلالميذ‬
‫وإقباهلم ىلع العمل املدريس‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ .3‬تسهم املوسيقا إسهاما جادا يف العالج الطيب وانلفيس‪ ،‬مثل‪ :‬عالج حاالت االكتئاب‬
‫واالنطواء احلاد واملخاوف املرضية‪.‬‬
‫‪ .4‬تكوين اجتاهات إجيابية حنو فن املوسيقا واألعمال الفنية واملؤلفني املوسيقيني‪.‬‬

‫ً‬
‫رابعا‪ -‬دور الرتبية املوسيقية يف تنمية انلوايح االجتماعية‪:‬‬
‫‪ .1‬تؤدي املوسيقا إىل تكوين مجااعت اجتماعية يف املدرسة‪ ،‬جتمعها أهداف مشرتكة (النشاط‬
‫املوسييق)‪ ،‬وميول مشرتكة (االستماع أو األداء)‪.‬‬
‫‪ .2‬تقوم املوسيقا بوظيفة هامة يف نقل الرتاث اثلقايف واجلمايل للمجتمع إىل األجيال انلاشئة‪.‬‬
‫هاما يف األغراض القومية والوطنية‪ ،‬مثل‪ :‬استثارة محاس ادلارسني عن‬ ‫دورا ً‬
‫‪ .3‬تلعب املوسيقا ً‬
‫طريق اتلأيلف املوسييق أو الغنايئ يف املناسبات القومية املختلفة‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫‪ .4‬تسهم الرتبية املوسيقية يف تثبيت القيم ادلينية وتدعيمها‪ ،‬وذلك عن طريق الغناء يف املناسبات‬
‫ادلينية‪.‬‬
‫‪ .5‬تسهم املوسيقا يف تنمية اتلفاهم بني شعوب العالم املختلفة‪ ،‬وذلك عن طريق تقدير القيم‬
‫اجلمايلة‪ ،‬وتبادهلا بني خمتلف الشعوب‪.‬‬
‫ترفيهيا ً‬
‫هاما‪ ،‬وتقدم للتالميذ وسيلة نافعة وممتعة يف قضاء وقت الفراغ؛‬ ‫ًّ‬ ‫‪ .6‬تؤدي املوسيقا ً‬
‫دورا‬
‫ما جينبهم االحنراف‪.‬‬
‫ًّ‬ ‫ً‬
‫‪ .7‬تؤدي الرتبية املوسيقية دورا إنتاجيا؛ فقد أثبتت اتلجارب اليت أجريت يف جمال علم انلفس‬
‫الصنايع أن الكفاءة اإلنتاجية تزتايد يف ظروف العمل اليت تتضمن عنرص املوسيقا‪.‬‬
‫ً لاً‬
‫دورا فعا يف الربط بني خمتلف الشعوب العربية؛ فعن طريقها حيدث اتلآلف‬ ‫‪ .8‬تؤدي األغنية‬
‫والوحدة بني هذه الشعوب‪ ،‬فيف معسكرات األطفال والشباب اليت تشرتك فيها ادلول العربية‬
‫دورا ً‬
‫هاما يف الوحدة العربية‪.‬‬ ‫تلعب املوسيقا ً‬

‫محتوى منهج التربية الموسيقية‬


‫يشمل املنهج جمموعة من الفروع املختلفة اليت تساعد يف تكوين شخصية الطالب‪ ،‬وحتقيق‬
‫األهداف املرجوة‪ ،‬يه‪:‬‬
‫* الصولفيج الغنايئ واإليقايع‪.‬‬
‫* تاريخ املوسيقا وتذوقها‪.‬‬
‫* الغناء املدريس وتربية الصوت‪.‬‬
‫* اإليقاع احلريك واأللعاب املوسيقية‪ ،‬وخاصة يف املرحلة األوىل‪.‬‬
‫* العزف واإليقاع احلريك‪.‬‬

‫الصولفيج الغنايئ واإليقايع‬


‫هو فــرع مــن فــروع الرتبيــة املوســيقية اتلــي ال غنــى عنــه يف دراســة‬ ‫ ‬
‫املوســيقا؛ إذ يهتم بتنميــة قــدرة األذن علـى اتلمييـز بـني مكونـات املوسـيقا مـن نغـم‬
‫وإيقـاع‪ ،‬وينقسم إىل قسمني‪ :‬صولفيج إيقايع‪ ،‬وصولفيج غنايئ؛ أما اإليقايع فهو العالقة بني‬
‫األصوات بعضها مع بعض من حيث الطول والقرص يف زمن سماعها‪ ،‬والغنايئ هو تتابع سلسلة‬
‫من األصوات اليت ختتلف يف مددها الزمنية ودرجة ارتفاعها وشدتها‪.‬‬

‫تاريخ املوسيقا وتذوقها‬


‫هو الفــرع اذلي يهتم بأحداث تارخيية موسيقية‪ ،‬ويدرس تطور املوسيقا الرشقية والغربية‬ ‫ ‬

‫‪47‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫عرب العصور‪ ،‬ويرصد تاريخ املؤلفني املوسيقيني‪ ،‬أما اتلذوق املوســييق فهو اإلحساس بالقيمة‬
‫اجلمايلة للموسيقا من حيث االستماع اجليد وتميزي املؤلفات املوسيقية (السيمفونية‪ ،‬الكونشريتو‪،‬‬
‫املوسيقية وقوالب اتلأيلف املوسييق‪ ،‬وذلك يلكتسب القدرة ىلع‬‫ّ‬ ‫السوناتا‪ ،‬وغريها)‪ ،‬ويميزّ اآلالت‬
‫ًّ‬
‫وموضوعيا‪.‬‬ ‫ًّ‬
‫علميا‬ ‫انلقد واتلحليل وتنميته‬

‫الغناء املدريس وتربية الصوت‬


‫الغناء مصدر رسور للتالميذ‪ ،‬والنشاط اذلي يبذهل اتللميذ يف الغناء يفيده نفسياً‬ ‫ ‬
‫ً‬
‫وصحيا واجتماعيا‪ ،‬وتكتسب من خالهل القدرة ىلع املشاركة املجتمعية‪ .‬تهدف تربية الصوت‬ ‫ً‬
‫إىل اكتشاف األصوات املمزية وتنميتها‪ ،‬وتكوين فرق للغناء اجلمايع يف االحتفاالت الوطنية‪.‬‬

‫اإليقاع احلريك واأللعاب املوسيقية وخاصة يف املرحلة األوىل‬


‫ّ‬
‫نشاطا حمببًا للطفل‪ ،‬ذللك استغل الرتبويون اعمة واملوسيقيون خاصة االرتباط‬
‫يعد اللعب ً‬ ‫ ‬
‫بني الطفل واللعب يللقنوه الكثري من املفاهيم الرتبوية املجردة لتساعده ىلع تنمية انلاحية‬
‫الفنية إلحساسه بعنارص املوسيقا‪ ،‬أو ختص انلاحية اجلمايلة الكتساب معىن اتلوازن واتلناسق‬
‫واالنسجام‪ .‬وقد اتفق إميل جاكد الكروز واكرل أورف(‪ )1‬ىلع أهمية األلعاب املوسيقية تليف‬
‫احتياجات األطفال؛ إذ إنها وسيلة تلجديد النشاط اذلهين‪ ،‬واالندماج يف املجموعة‪ ،‬والعمل ىلع‬
‫جناحها‪ ،‬ووسيلة للتعبري عن ميول اتللميذ‪ ،‬وتنمية حاسة اتلخيل‪ ،‬والقدرة ىلع االبتاكر‪ ،‬واكتساب‬
‫الكثري من املفاهيم السلوكية احلميدة‪ ،‬وتنمية اذلوق املوسييق واإلحساس بعنارص املوسيقا واتلعبري‬
‫عنها حركيًا‪.‬‬

‫العزف واإليقاع احلريك‬


‫ّ‬
‫تعد فرق اآلالت املوسيقية من أهم أنواع النشاط املوسييق؛ فيه تتيح فرصة إجيابية‬ ‫ ‬
‫ّ‬
‫للمشاركة يف األداء املوسييق‪ ،‬وتساعد ‪-‬بطريقة غري مبارشة‪ -‬ىلع اتلعرف إىل املقطواعت املوسيقية؛‬
‫ّ‬
‫ألن اشرتاكه يف العزف حيببه يف املوسيقا أكرث من جمرد االستماع هلا‪ .‬يعد العزف من أفضل الطرق‬
‫للتأكيد ىلع اجلانب اإليقايع والصولفايئ‪ ،‬ويساعد اتللميذ ىلع تنمية إحساسه املوسييق‪ ،‬ويكسبه‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫املوسيقية يف أثناء دروس الفرق اإليقاعية‪ ،‬ويتعلم‬ ‫مستخدما األدوات‬ ‫مهارة العزف ىلع اآلالت‬
‫اتلميزي بني اآلالت اإليقاعية وأسايلب العزف عليها‪ ،‬أما اإليقاع احلريك فيحقق للتلميذ اتلوافق‬
‫(‪ )1‬إميل جاكد الكروز (‪ )Émile Jaques Dalcroze‬هو مؤلف موسيقي سويسري ّ‬
‫طور منهج تعلم املوسيقا وتجربتها‬
‫ملحن ٌّ‬
‫أملاني‪ ،‬ومن أشهر ملحني القرن العشرين‪ ،‬تعتبر أعماله تعليمية‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫منخال الحركة‪ .‬أما كارل أورف (‪)Carl Orff‬‬
‫فعمد على تعليم املوسيقا اإليقاعية‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫ّ‬
‫العضيل العصيب يف أثناء إجراء تدريبات ىلع اتلمارين اإليقاعية والصولفائية احلركية اليت تؤدي‬
‫ً‬
‫خصوصا‪ .‬كما يساعد اإليقاع احلريك ىلع ارجتال‬ ‫إىل اتلوافق العضيل العصيب املرتبط باملوسيقا‬
‫حراكت تعبريية باستخدام إيقااعت موسيقية‪.‬‬

‫تأثير كوفيد_‪ 19‬في أهداف التربية الموسيقية‬


‫تأثرت أهداف مادة الرتبية املوسيقية باجلاحئة اليت اكن هلا أثر كبري يف تدريسها‪ ،‬من حيث‬ ‫ ‬
‫اعتماد مادة الرتبية املوسيقية ىلع اجلانب العميل يف مجيع فروعها؛ إذ انتقل اتلدريس من املبارش‬
‫(داخل غرفة املوسيقا) إىل اتلدريس عن بُعد؛ ما أدى إىل صعوبة تنفيذ وحتقيق بعض األهداف‬
‫املرجوة‪ ،‬منها‪:‬‬
‫ً‬
‫‪ -‬تنمية اثلقة بانلفس عن طريق األنشطة الفردية هدف يصعب حتقيقه‪ ،‬نظرا إىل أن معظم‬
‫األنشطة اخلاصة بالرتبية املوسيقية تعتمد ىلع اتلدريب العميل املبارش مع املعلم حىت يتسىن‬
‫لاً‬
‫تقديم اتلغذية الراجعة أو بأول‪.‬‬
‫ويعد هذا اهلدف –ضمنيًا‪ً -‬‬‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫هاما ألن اتلدريس‬ ‫مصدرا حيبب املتعلم باملدرسة‪،‬‬ ‫‪ -‬تعد املوسيقا‬
‫مبارشا أو عن بُعد‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫تعليما‬ ‫وأسلوب املعلم قد يساعد ىلع حب املتعلم للمدرسة‪ ،‬سواء أكان‬
‫ُ‬
‫‪ -‬تعني املوسيقا ىلع استيعاب بقية املواد ادلراسية‪ ،‬ويمكن حتقيق هذا اهلدف من خالل تعاون‬
‫معليم املدرسة مع معلم الرتبية املوسيقية يف دمج املوسيقا باملناهج‪ ،‬مثل‪ :‬تدريس (احلروف‬
‫اهلجائية العربية واإلجنلزيية‪ ،‬واملسائل احلسابية‪ ،‬واألناشيد والقصائد الشعرية اليت تدرس يف‬
‫اللغة العربية‪ ،‬وبعض القصص اليت تصاحبها خلفية موسيقية لتسهيل حفظ دروس اتلاريخ‬
‫ً‬
‫أيضا‪ ،‬وذلك للبعد عن اجلمود‪ ،‬أو صعوبة اتلذكر عن طريق تلحني أو عمل لكمات منغمة‪ ،‬أو‬
‫بأاغن لدلروس وذلك لتشويق الطالب إىل ادلراسة واتلعلم‪.‬‬‫ٍ‬ ‫عرض فيديوهات مسجلة‬
‫‪ -‬تنمية الويع االجتمايع والقويم وادليين من خالل الغناء واللعب‪ ،‬يمكن تنفيذ هذا اهلدف‬
‫ً‬
‫مبارشا‪.‬‬ ‫وحتقيقه بالغناء‪ .‬ولكن‪ ،‬يصعب حتقيقه باللعب ألن تدريسه ليس‬
‫‪ -‬تثبيت روح اتلعاون واتلاكمل‪ ،‬والشعور بقيمة العمل اجلمايع‪ ،‬وأهمية اجلماعة للفرد وأهمية‬
‫الفرد للجماعة‪ ،‬فمن خالل األنشطة املوسيقية يمكن تنفيذ مشاراكت وتفاعل الطالب‬
‫بعضهم مع بعض ىلع منصات تعليمية أو جممواعت إلكرتونية يصممها معلم املادة‪.‬‬
‫‪ -‬حتقيق اتلفاهم العاليم عن طريق تذوق اتلالميذ موسيقا الشعوب األخرى من املمكن‬
‫حتقيقه من خالل إسماع الطالب فيديوهات ىلع شبكة اإلنرتنت أو ايلوتيوب‪ ،‬أو عن طريق‬
‫برامج تنفيذ أفالم تعليمية خاصة بادلروس اتلارخيية ملوسيقا الشعوب وتطور املوسيقا العاملية‪.‬‬
‫‪ -‬تنمية القيم اجلمايلة‪ ،‬وتكوين اجتاهات فنية‪ ،‬يتحقق هذا اهلدف من خالل تذوق الطالب‬
‫وسماع األعمال املوسيقية الفنية (الغنائية واآليلة)‪ ،‬وإحساس الطالب باإليقااعت واألحلان‬

‫‪49‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫املوسيقية‪ ،‬وتوجيه الطالب إىل كيفية اتلعرف ىلع اآلالت املوسيقية‪ ،‬ودور لك منها يف أداء‬
‫األحلان العربية والغربية‪.‬‬

‫تأثير كوفيد_‪ 19‬في محتوى التربية الموسيقية‬


‫سبق وتعرفنا ىلع حمتوى مادة الرتبية املوسيقية‪ ،‬ذلا نستطيع أن نسأل أنفسنا‪ :‬هل تأثرت‬ ‫ ‬
‫ًّ‬
‫الرتبية املوسيقية بوصفها حمتوى تدريسيا باجلاحئة؟ هل توجد حلول ومقرتحات للتغلب ىلع‬
‫تأثريات اجلاحئة يف املحتوى اتلدرييس؟‬
‫باتلأكيد‪ ،‬لقد تأثر حمتوى املادة اتلدرييس باجلاحئة‪ ،‬وذلك لطبيعة تدريس مادة الرتبية‬ ‫ ‬
‫ً‬
‫املوسيقية ومتطلباتها‪ ،‬وبسبب تغري األهداف أيضا وصعوبة اتلنفيذ وعدم اتلحقق؛ فقد لوحظ من‬
‫خالل حمتوى املادة يف الفرتة القصرية اليت ظهرت فيها اجلاحئة أن الرتبية املوسيقية أصبحت تميل‬
‫تطرق يف تدريس مادة‬ ‫إىل اتلذوق املوسييق يف دراسة املناهج واملقررات املوسيقية‪ ،‬ولوحظ أنه لم يُ ّ‬
‫املوسيقا قبل اجلاحئة إىل الغناء والصولفيج الغنايئ واإليقايع واأللعاب املوسيقية والعزف‪.‬‬
‫وقد حتول تدريس الرتبية املوسيقية من تدريس مبارش إىل تدريس عرب املنصات اتلعليمية‬ ‫ ‬
‫اإللكرتونية اليت سعت هلا ادلول العربية بإنشاء فصول افرتاضية لدلراسة‪ ،‬مع إضافة لك ما حتتاج‬
‫إيله العملية اتلدريسية من أنشطة تفاعلية خاصة بمادة الرتبية املوسيقية ووسائل تعليمية مثل‪:‬‬
‫(صور‪ ،‬فيديوهات‪ ،‬مواقع للمشاهدة)‪ ،‬وذلك يف املدارس جبميع مراحلها‪ .‬واتفقت اجلامعات‬
‫واتلعليم العايل ً‬
‫أيضا ىلع حتول ادلراسة من املبارشة إىل عن بُعد‪ ،‬ولكنهم اجتهوا إىل ختفيض‬
‫أيام األسبوع ادلراسية مع األخذ باجلوانب االحرتازية‪ ،‬وذلك خلصوصية اتلخصص واحلاجة إىل‬
‫ادلراسة العملية ألنها اللكيات اليت تؤهل الطالب يلصبحوا يف املستقبل معليم الرتبية املوسيقية‬
‫يف املدارس‪.‬‬
‫ً‬
‫أخريا‪ ،‬تبىق مناهج مدرسة كورونا إطارا للبناء‪ ،‬حبيث تعكس طبيعة اتلحول يف املحتوى‬ ‫ً‬ ‫ ‬
‫انلويع هلا‪ ،‬وأنشطة اتلقييم واملراجعة عرب نقل اتلنويع يف املسارات اتلعليمية واخلطط ادلراسية‪،‬‬
‫وانتقائها املحتوى واألشاكل اتلعبريية اليت جتسدها‪ ،‬وانلماذج واخلربات واتلجارب اليت ترصدها‪،‬‬
‫وإنتاج احللول لألزمات‪ ،‬وبكل ما يمتلكه من موارد سمعية وبرصية ورسوم توضيحية وصور‬
‫متحركة‪ ،‬حتول اتلعليم عن بعد من أسلوب «اتللقني» إىل أسلوب «تفاعيل» مصحوب بمؤثرات‬
‫برصية وسمعية‪ ،‬جتعل من العملية اتلعليمية «اجلامدة» عملية أكرث جذبًا‪ ،‬وتساعد الطالب ىلع‬
‫ادلخول إىل املحتوى دون اتلوقف‪ ،‬كما تشري منظمة «ايلونسكو» إىل أنه تم تقديم طلبات جديدة‬
‫تشمل تطوير مناهج ابتاكرية وبرامج دراسية ومسارات تعليمية بديلة‪ ،‬ووضعت املنظمة جمموعة‬
‫من الربامج اليت تساعد ىلع اتلعلم عن بعد‪ ،‬ومنها تطبيق «بالكبورد» (‪ ،)BlackBoard‬وهو‬
‫ًّ‬
‫إلكرتونيا‪،‬‬ ‫تطبيق يعتمد ىلع تصميم املقررات واملهمات والواجبات واالختبارات‪ ،‬وتصحيحها‬

‫‪50‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫واتلواصل مع الطالب من خالل بيئة افرتاضية‪ ،‬وتطبيقات َّ‬


‫تنصب عن طريق اهلواتف اذلكية‪.‬‬
‫وكذلك منصة «إدمودو» (‪ ،)Edmodo‬ويه منصة اجتماعية‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫جمانية توفر للمعلمني والطالب بيئة آمنة لالتصال واتلعاون‪،‬‬
‫وتبادل املحتوى اتلعلييم وتطبيقاته الرقمية‪ ،‬إضافة إىل‬
‫الواجبات املزنيلة وادلرجات واملناقشات‪ ،‬وتطبيق «إدراك» املعين‬
‫بتعليم اللغة العربية عرب اإلنرتنت‪ ،‬وتطبيق «جوجل كالرسوم» (‪ )Google Classroom‬اذلي‬
‫ِّ‬
‫يسهل اتلواصل بني املعلمني والطالب سواء داخل املدرسة‬
‫أو خارجها‪ .‬وقد جلأت بعض املؤسسات إىل توفري االشرتاك به‬
‫ً‬
‫(جمانا) للك طالبها باعتباره وسيلة للتعلم عن بعد‪ ،‬وتطبيق‬
‫«سيسو» (‪ ،)seesaw‬وهو تطبيق رقيم يساعد الطالب ىلع‬
‫توثيق ما يتعلمونه يف املدرسة‪.‬‬

‫تدريس الموسيقا في أثناء تفشي فيروس كوفيد_‪ 19‬حول العالم‬


‫جلأت العديد من ادلول حول العالم إىل اتلعلم عن بُعد‪ ،‬وذلك عرب اإلنرتنت بالاكمل‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫(الصني‪ ،‬وإيطايلا‪ ،‬وفرنسا‪ ،‬وأملانيا‪ ،‬واململكة العربية‬
‫السعودية)‪ ،‬واستخدام اهلواتف املحمولة أو ابلث اتلليفزيوين‪،‬‬
‫مثل‪( :‬فيتنام‪ ،‬ومنغويلا)‪ ،‬واختارت بعض احلكومات إغالق‬
‫ً‬
‫املدارس املحلية إغالقا مؤقتًا‪ ،‬مثل‪( :‬الربازيل‪ ،‬واهلند‪ ،‬وكندا‪،‬‬
‫وأسرتايلا)‪ ،‬ومن اتلجارب ما أقرته إجنلرتا حول آيلة تدريس‬
‫املوسيقا‪:‬‬
‫‪ .1‬يُسمح بالفرق املوسيقية واألوركسرتا يف املدارس مع‬
‫اتباع اإلجراءات االحرتازية‪.‬‬
‫‪ .2‬جيب أن تؤدي الفرق املوسيقية العزف ‪ /‬أو الغناء يف‬
‫اهلواء الطلق‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ .3‬جيب أن يكون اتلالميذ متباعدين اجتماعيا‪ ،‬وأن‬
‫يتم وضعهم من اخللف إىل اخللف‪ ،‬أو جنبًا إىل جنب إن‬
‫أمكن‪ ،‬وتوجيه اهلواء اخلارج من اآلالت انلحاسية ً‬
‫بعيدا‬
‫عن اتلالميذ اآلخرين‪.‬‬
‫‪ .4‬ينبيغ أال جيرى الغناء ‪ /‬العزف ىلع جمموعة كبرية من‬
‫اآلالت انلحاسية ما لم تتوفر مساحة كبرية‪ ،‬وتدفق هواء‬
‫طبييع جلميع احلارضين‪ ،‬بما يف ذلك اجلمهور‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫يعتقد ابلعض أن العملية اتلعليمية يه جمرد وجود الطالب يف مساحات تعليمية أو غرف‬ ‫ ‬
‫ُ‬
‫تدريسية‪ ،‬عندما تغلق هذه املساحات ينقطع تواصل الطالب ببيئتهم اتلدريسية‪ ،‬وىلع العكس‬
‫من ذلك جيب أن يظل الطالب قادرين ىلع العثور ىلع روابطهم اتلعليمية بمساعدة املعلم‪ ،‬وجيب‬
‫أن نسىع جاهدين للحفاظ ىلع فرص بناء املجتمع وادلعم االجتمايع والعاطيف‪ .‬وقد أضاف‬
‫العديد من مدريس املوسيقا وجبات غداء افرتاضية‪ ،‬وإحداث ما بعد املدرسة‪ ،‬والسماح لطالب‬
‫املوسيقا باتلجول يف فصوهلم ادلراسية تقريبًا‪ .‬وتعد هذه اتلجارب رضورية للطالب اذلين يعانون‬
‫من العزلة االجتماعية‪ ،‬كما يمكن أن يكون الطالب مسؤولني عن برجمة األلعاب االفرتاضية‬
‫ً‬ ‫واألنشطة واتلمارين اتلعليمية‪ ،‬كما أنشأ املعلمون ً‬
‫جمتمعا باستخدام املنصات اتلعليمية اليت‬ ‫أيضا‬
‫حتايك وسائل اتلواصل االجتمايع اليت حتتوي ىلع تطبيقات مثل ‪ ،Flipgrid,Seesaw‬وأنظمة‬
‫إدارة الفصول ادلراسية مثل ‪ Canvas‬و‪ Google Classroom‬ىلع مزايا تسمح بمشاركة‬
‫األقران ويديرها املعلم‪ .‬كما أضىف العديد من املدرسني « طابع اللعبة» ىلع فصوهلم ادلراسية‬
‫للموسيقا من خالل نرش حتديات للطالب ملشاركتها بعضهم مع بعض‪ ،‬مثل‪« :‬تأيلف مقطوعة‬
‫موسيقية بسيطة» أو «ابتاكر تمرين إيقايع متنوع» يمكن للطالب بعد ذلك إرسال ملصقات‬
‫وتعليقات بعضهم بلعض‪.‬‬
‫ٌ‬
‫إرشاف املعلم أمر بالغ األهمية لضمان املشاركة املناسبة‪ .‬ولكن‪ ،‬يمكن أن يكون‬ ‫ ‬
‫هلذه األنشطة تأثري هائل يف مشاركة الطالب وإحساسهم بالعملية اتلعليمية بشلك مشجع‪ ،‬كما‬
‫اهتم معلمو املوسيقا باتلغلب ىلع اتلحديات اليت تواجه طالبهم‪ ،‬بما يف ذلك صعوبة استخدام‬
‫اتلكنولوجيا أو آيلة العزف ىلع اآلالت املوسيقية‪ .‬كما يستلزم اتلخطيط للتعلم عن بعد أن نأخذ‬
‫يف االعتبار مشكالت الوصول إىل الطالب‪ ،‬وكذلك كيف يتناسب دورنا وتوقعاتنا مع حياة‬
‫الطالب قبل اتلخطيط الفعال للتعلم عن بعد‪ ،‬وجيب أن يكون دلينا نظرة ثاقبة إىل املواقف‬
‫ً‬
‫وأيضا‬ ‫املزنيلة لطالبنا‪ ،‬سواء أكان دلى الطالب أجهزة يف املزنل قادرة ىلع اتلعلم عرب اإلنرتنت‪،‬‬
‫األرس اليت دليها عدة أطفال غري قادرين ىلع استخدام اجلهاز يف وقت حمدد من ايلوم بسبب حاجة‬
‫بايق أفراد األرسة إيله‪.‬‬
‫أثرت هذه اتلحديات ىلع عملية اتلدريس‪ ،‬ما اضطر املعلمون إىل استخدام أسلوب‬ ‫ ‬
‫اتلدريس املوسييق املزتامن وغري املزتامن‪ ،‬الستيعاب أكرب عدد من الطالب‪ ،‬واتلغلب ىلع ضعف‬
‫الشباكت يف بعض األحيان ‪ ،‬كما أتاح توفري األنشطة اتلعليمية غري املزتامنة مثل مقاطع الفيديو‬
‫اليت يصنعها املعلم‪ ،‬واكنت ادلروس املستخدمة تلدريس اآلالت املوسيقية اليت أتاحت بدائل‬
‫لألداء اآليل للطالب اذلين يفتقرون إىل الوصول إىل اآلالت املوسيقية‪ ،‬إىل أماكن خارجية‬
‫يمكنهم العزف فيها‪ ،‬فاكن اتلغلب ً‬
‫أيضا ىلع اتلحديات بإجياد حلول بديلة معرفية خاصة بدراسة‬
‫قيم وفق املشاراكت‬‫تاريخ املوسيقا ونظرياتها‪ ،‬واالستماع إىل األعمال املوسيقية‪ ،‬وتنفيذ أنشطة تُ َّ‬

‫‪52‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫الطالبية‪.‬‬
‫سىع معلمو املوسيقا يف ابلداية لفهم عمليات تفكري الطالب‪ ،‬وما يعتقده الطالب حول‬ ‫ ‬
‫مهاراتهم‪ ،‬فأنشؤوا أنشطة تقييم ذايت مناسبة من انلاحية اتلنموية تعكس االستخدام املعتمد ىلع‬
‫األسئلة يف أثناء اتلدريب‪ .‬عزز املعلمون املمارسة املوجهة واتلقييم اذلايت دلى الطالب‪.‬‬
‫فقد تسبب اجلاحئة بدفع العديد من املعلمني إىل إاعدة انلظر إىل أهداف مناهجهم‪،‬‬ ‫ ‬
‫وكيف يمكن حتقيق هذه األهداف من خالل اتلعلم عن بعد باستخدام اتلصميم اخلليف املعروف‬
‫ً‬
‫أيضا باسم الفهم عن طريق اتلصميم (‪ ،)McTighe &Wiggins, 2012‬تبدأ عملية إاعدة‬
‫اتلصميم دلينا بأهداف واضحة‪ ،‬ثم تنتقل إىل اتلقييمات‪ ،‬ثم حتدد املمارسات اتلعليمية املناسبة‬
‫ليك نتعرف ىلع ما هو أكرث أهمية للتعليم‪ ،‬وكما يمكننا إنشاء جتارب ذات مغزى داخل مناهجنا‬
‫ادلراسية اليت تؤثر بشلك إجيايب يف طالبنا‪ .‬وقد شعر الكثريون أن اتلقنيات املحددة اكنت أهم‬
‫ً‬
‫األهداف اليت درسوها من خالل مقاطع فيديو وتدريبات موجهة مسجلة مسبقا‪ ،‬وتقييمها من‬
‫خالل التسجيالت املقدمة من الطالب‪ .‬ورأى آخرون أن اإلبداع نتيجة حاسمة؛ ما دفعهم إىل‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫تصميم أنشطة وارجتاالت موسيقية متعددة األجزاء تعد منفذا تلعبري الطالب خالل فرتة اتلباعد‬
‫ًّ‬
‫أساسيا؛ ما‬ ‫ً‬
‫تعلما‬ ‫االجتمايع‪ ،‬وال يزال آخرون يرون يف تطوير املعرفة انلظرية واملوسيقا الشاملة‬
‫تسبب يف إنشاء أنشطة توجه الطالب من خالل املفاهيم انلظرية وتاريخ املوسيقا‪.‬‬
‫ً‬ ‫لاً‬
‫وصف معلمو املوسيقا عمليات الغلق بسبب اجلاحئة بأنها اكنت فص دراسيا من‬ ‫ ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫اتلجارب املفقودة‪ ،‬بينما رأى آخرون أنها جمموعة من حتديات طورت إىل األمام لضمان خربات‬
‫تعليمية اعيلة اجلودة لطالبهم‪ ،‬واكنت هذه اتلجارب –باتلأكيد‪ -‬خمتلفة عن الطرائق اتلقليدية‪،‬‬
‫َ‬
‫لكنها قد تكون مثل نموذج تلعليم املوسيقا يف املستقبل‪ .‬مع الرتكزي املزتايد ىلع احتياجات‬
‫الطالب وإماكنية الوصول إيلهم‪.‬‬
‫ُّ‬
‫هدفت دراسة سايمونوفيك (‪ )Simunovic, 2020‬إىل اتلعرف ىلع آيلة تدريس املوسيقا‬ ‫ ‬
‫عن بعد يف أثناء الوباء من وجهة نظر معليم املوسيقا (عزف‪ -‬غناء) اليت شارك فيها ‪ 238‬مدرساً‬
‫من مدارس املوسيقا من مجيع املناطق السلوفانية‪ ،‬واليت اكنت من أبرز نتاجئها تعزيز اتلواصل بني‬
‫املعلمني وأويلاء األمور‪ ،‬وزيادة استقاليلة الطالب‪ ،‬واستخدام طرائق تدريس جديدة تكنولوجية‬
‫ّ‬
‫من خالل الفصول ادلراسية عرب اإلنرتنت‪ ،‬كما أكدت ادلراسة جناح اتلعلم عن بعد ولكن بأقل‬
‫جودة تلعليم األداء العميل املوسييق‪.‬‬
‫واكن من أبرز اهتمامات املوسيقيني يف ظل جاحئة كورونا ظهور تطبيقات إلكرتونية‬ ‫ ‬
‫ً‬
‫تسمح للموسيقيني باتلدريب أو التسجيل أو ابلث املبارش معا عرب اإلنرتنت‪ ،‬مثل ما أجراه‬
‫َّ‬
‫املهندس دوج هانت باستخدام برنامج ‪ .ORM‬مستوحاة من ثنائيات ‪ Dan Tepfer‬اليت ُبثت‬
‫ً‬
‫مبارشة‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫أعدت مؤسسة اتلعليم يف إسكتلندا وثيقة ً‬ ‫ّ‬


‫بناء ىلع مشورة من املجموعة الفرعية االستشارية‬ ‫فقد‬
‫للحكومة اإلسكتلندية حول قضايا اتلعليم واألطفال‪ ،‬وأهمية تعليم املوسيقا يف تطوير املهارات‬
‫األساسية‪ ،‬واألثر السليب لعدم تدريس املوسيقا يف املدارس‪ ،‬ويعود تعليم املوسيقا بالعديد من‬
‫الفوائد لألطفال والشباب‪ ،‬بما يف ذلك الصحة والرفاهية‪ ،‬اتلطور االجتمايع واجلسدي واملعريف‪،‬‬
‫اإلبداع واتلواصل والعمل اجلمايع واالنضباط‪ .‬ذللك؛ من املهم إجياد طرائق إلاعدة تنفيذها بأمان‬
‫ً‬
‫احرتازيا يهدف إىل تقليل أخطار انتقال فريوس كوفيد‪ 19‬إىل احلد‬ ‫اكمل‪ .‬يتبع ذلك اتلوجيه ً‬
‫نهجا‬
‫األدىن‪ ،‬وتعد إاعدة فتح املدارس خطوة رئيسة وهامة‪ .‬ذلا؛ من املهم تفعيل اإلجراءات املطلوبة‬
‫ملنع انتقال الفريوس‪ ،‬إذ يقع اخلطر عند تدريس املوسيقا والعزف ىلع اآلالت املوسيقية بسبب‬
‫قرب املشاركني عند العزف عليها بعضهم من بعض‪ ،‬فعادة ما يكون ارتداء أغطية الوجه غري‬
‫مناسب عند العزف ىلع بعض اآلالت املوسيقية أو الغناء‪ ،‬ولكن يوجد تسلسل هريم للمخاطر‬
‫يف تدريس فروع الرتبية املوسيقية‪ ،‬فعىل سبيل املثال‪ :‬يمكن أن يكون اتلدريس يف اهلواء الطلق‬
‫ً‬
‫أكرث أمانا من ادلاخل‪ ،‬ويكون اتلدريس يف أوقات قليلة بمجهود تنفيس أقل مع احلفاظ ىلع‬
‫أعداد صغرية بمجمواعت ىلع مسافة متباعدة‪.‬‬
‫ُ‬
‫كما ن ّبه الطالب إىل عدم االخنراط يف الغناء أو العزف ىلع آالت انلفخ وانلحاس مع‬ ‫ ‬
‫لاً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫أشخاص آخرين‪ ،‬نظرا إىل أن هذا اتلدريب يشلك خطرا حمتم أكرب النتقال العدوى‪ .‬وىلع الرغم‬
‫من أن الغناء والعزف ىلع آالت انلفخ ال يمكن أن يتم ماديًا مع لك شخص يف نفس الغرفة ً‬
‫معا‪.‬‬
‫يمكن للتكنولوجيا أن تسهل املشاركة اجلماعية‪ ،‬إذ يمكن أن يتم اتلدريب ىلع دروس الغناء‬
‫ُ‬
‫واملوسيقا للكورال افرتاضيًا من خالل تسجيل أدائهم وتقديم التسجيالت ملعلمهم‪ ،‬كما نبِّه‬
‫الطالب إىل أنه ينبيغ أال يكون هناك مشاركة لآلالت املوسيقية بني الطالب يف أثناء اتلدريس‪،‬‬
‫وأهمية العناية بتنظيف اآلالت املوسيقية‪ ،‬مع أهمية غسل أيديهم قبل ملس اآلالت املوسيقية‬
‫وبعدها‪.‬‬

‫إرشادات تلعلم املوسيقا خالل كوفيد ‪19‬‬


‫ًّ‬
‫‪ .1‬جيب أن يكون تقييم خماطر استخدام اآلالت املوسيقية مستمرا وفق مستجدات الفريوس‪.‬‬
‫ُ‬
‫اتلباعد بني الطالب واستخدام أماكن جيدة اتلهوية‪.‬‬ ‫‪ .2‬اتلأكيد ىلع املعلمني متابعة‬
‫‪ .3‬احلرص ىلع تهيئة أماكن بديلة إضافية يف حالة وجود إصابات يف األماكن األساسية‬
‫املهيئة للتدريب‪.‬‬
‫‪ .4‬اتلواصل ادلائم مع اإلدارات العليا للمدارس املوسيقية للتعرف ىلع املستجدات‪.‬‬
‫‪ .5‬االستمرار يف تقديم تدريس اآلالت املوسيقية باستخدام اتلكنولوجيا لعقد مؤتمرات الفيديو‬
‫عرب اإلنرتنت‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫‪ .6‬جيب أن تكون معقمات األيدي ومواد اتلنظيف األخرى املناسبة لألدوات املوسيقية متاحة‬
‫لالستخدام يف لك أماكن اتلدريب املوسييق‪.‬‬
‫ُ‬
‫‪ .7‬اتلنظيف املنتظم وتعقيم اآلالت املوسيقية ومجيع األجهزة املوسيقية األخرى اليت تلمس‬
‫ً‬
‫كثريا‪.‬‬
‫‪ .8‬اتلنظيف املنتظم لألسطح الصلبة مثل‪ :‬الكرايس واألبواب واملقابض ومفاتيح اإلضاءة‬
‫ولوحات املفاتيح وسمااعت الرأس وأي معدات موسيقية‪.‬‬
‫‪ .9‬عدم جلوس الطالب ً‬
‫وجها لوجه يف أثناء العزف اجلمايع للموسيقا‪.‬‬
‫‪ .10‬اتلعقيم املستمر للوحات املفاتيح وابليانو وآالت انلفخ والوترية مع تعقيم أيديهم‪.‬‬
‫‪ .11‬جيب تطهري ‪ drum sticksetc‬بقطعة قماش للتنظيف قبل وبعد العزف‪.‬‬
‫‪ .12‬املراجعة ادلائمة للجداول الزمنية الستخدام اآلالت املوسيقية للطالب اذلين يتلقون درساً‬
‫يف املدرسة‪ ،‬تلقليل حركة الطالب‪.‬‬
‫‪ .13‬توفري تقييم الطالب للتدريس املوسييق إلكرتونيا‪ًّ.‬‬
‫‪ .14‬توصيل اكمريات الويب دلعم العزف الفردي للمقطواعت املوسيقية الفردية للك طالب‪.‬‬
‫‪ .15‬تأكيد تسجيل األداء يف عزف اآلالت املوسيقية بوصفها ً‬
‫جزءا من احلافظة االفرتاضية‪.‬‬

‫آلية تقويم التربية الموسيقية في ظل كوفيد‪19‬‬


‫نتيجة تأثر حمتوى مادة الرتبية املوسيقية ومتطلبات تدريسها وتغري أهدافها تأثرت آيلة‬ ‫ ‬
‫ّ‬ ‫يرّ‬ ‫ُ‬
‫تقويم املادة؛ إذ غ ت آيلة تقويم تعلم الطلبة ملادة الرتبية املوسيقية ملواجهة جاحئة كوفيد‪19‬‬
‫تلتماىش مع ظروف اجلاحئة‪ ،‬ووجهت الوزارات اتلعليمية إىل أهمية توظيف تقنية املعلومات‬
‫ّ‬
‫تلفعيل اتلعليم اإللكرتوين (‪ )E-Learning‬بما فيه اتلعلم عن بعد (‪،)Distance learning‬‬
‫مستعينني باملنصات اتلعليمية اليت توفرها الوزارات كما سبق ذكره‪ ،‬وبما توفره من مزيات‬
‫ّ‬
‫وخصائص من شأنها جتويد تعلم الطلبة وتمكينهم من املهارات املطلوبة‪.‬‬
‫ً‬
‫أظهر اتلعليم اإللكرتوين عددا من اتلحديات اليت تواجه املعلمني والطلبة ىلع مستوى‬ ‫ ‬
‫ابليئة ادلراسية‪ ،‬وطرائق اتلدريس‪ ،‬واألنشطة اتلعليمية‪ ،‬وطرق اتلفاعل‪ ،‬وطرق تقويم اتلعلم؛ إذ‬
‫يمثل تقويم اتلعلم اتلحدي األكرب ضمن هذه اتلحديات لعدم صالحية اتلطبيق عن بُعد لعدد من‬
‫ً‬
‫أدوات اتلقويم اليت تمارس سابقا؛ ما أدى إىل ابلحث عن أدوات تقويم بديلة تناسب بشلك خاص‬
‫اتلعليم اإللكرتوين‪ .‬وبما أن مادة الرتبية املوسيقية تهتم باجلوانب املهارية والوجدانية فإنها حتتاج‬
‫إىل طرق تقويم بديلة مناسبة الحتياجاتها املهارية والعملية‪ ،‬وذلك ألن طرق اتلقويم اتلقليدية‬
‫الورقية ال تناسبها؛ ما داع إىل استخدام أفضل للتقويم ابلديل‪ .‬يتطلب اتلنفيذ القيام باملراحل‬

‫‪55‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫اآلتية‪:‬‬
‫‪ .1‬حتليل موضواعت املنهج املدريس وحتديد املخرجات اتلعليمية املناسبة للتنفيذ‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ .2‬اختيار أدوات اتلقويم ابلديل وفقا للمخرجات اتلعليمية للمنهج ومستوياتها‪.‬‬
‫‪ .3‬تشكيل أوزان نسبية ألدوات اتلقويم ابلديل‪.‬‬
‫‪ .4‬حتديد عدد مرات تكرار أدوات اتلقويم ابلديل‪.‬‬
‫‪ .5‬عمل خطة زمنية ملواعيد تطبيق أدوات اتلقويم ابلديل‪.‬‬
‫‪ .6‬إعداد أدوات اتلقويم وحتديد طريقة تصحيحها‪.‬‬
‫ّ‬
‫فقد اهتمت الوزارات بتقليل الفاقد اتلعلييم اتلعليم‬ ‫ ‬
‫إىل أقىص قدر ممكن؛ إذ يطبق يف مجيع املراحل اتلعليمية تقويم‬
‫أداء الطلبة‪ ،‬وقياس مستوى حتصيلهم ادلرايس وفق نظام‬
‫اتلقويم املستمر‪ .‬وجتب اإلشارة هنا إىل أهمية أن يقوم معلم‬
‫الرتبية املوسيقية يف لك صف درايس باتلخطيط آليلة تنفيذ‬
‫األنشطة واملهام اتلقويمية‪ ،‬سواء يف اتلقويم اتلكويين أو اخلتايم‬
‫من بداية العام ادلرايس‪ ،‬حبيث حتدد بشلك واضح الفرتات‬
‫ّ‬
‫الزمنية‪ ،‬وأدوات اتلقويم اليت تطبق ىلع الطلبة إلكرتونيًا يف أثناء فرتة تعليمهم وتعلمهم عن بعد‬
‫بسبب عدم وجود الطالب داخل الغرف الصفية‪ ،‬وعدم وجود اللقاء املبارش مع الطالب؛ ما داع‬
‫مسؤويل وزارات الرتبية واتلعليم ىلع املستوى العريب إىل اقرتاح أفاكر جديدة وتبنيها للتغلب ىلع‬
‫اكن عن طريق عمل تقرير أو‬ ‫آيلة اتلقويم‪ ،‬ومن خالل ابلحث وجد أن اتلقويم يف بداية اجلاحئة ُ‬
‫مرشوع خمتص بكل مادة‪ ،‬وذلك للتغلب ىلع توقف ادلراسة فجأة‪ ،‬ثم أعيد مع بداية ادلراسة مرة‬
‫نظريا عن طريق‪:‬‬‫ً‬ ‫أخرى ىلع أن يصبح اتلقويم املستمر للمادة‬
‫‪ -‬أنشطة تفاعلية يؤديها الطالب ىلع املنصات اتلعليمية‪.‬‬
‫‪ -‬مالحظة صفية افرتاضية للطالب من قبل املعلم‪.‬‬
‫‪ -‬أداء واجبات مزنيلة ىلع الفصول االفرتاضية وتصحيح املعلم هلا‪.‬‬
‫لاً‬
‫‪ -‬إجراء اختبارات قصرية ىلع مدار الفصل ادلرايس الواحد (مث بني وحدتني دراسيتني)‪.‬‬
‫‪ -‬تنفيذ أسئلة قصرية للطالب موزعة ىلع أشهر السنة‪.‬‬

‫أما اجلانب العميل للمادة‪ ،‬وهو اإلنشاد والغناء والعزف املوسييق‪ ،‬فقد أصبح من الصعب‬ ‫ ‬
‫ً‬
‫تنفيذ اتلقويم هل‪ ،‬وهذا اكن قرارا من الوزارات اخلاصة بالرتبية واتلعليم‪ ،‬وذلك لصعوبة تدريس‬
‫اجلانب العميل من األساس كما سبق عرضه يف حمتوى املادة‪.‬‬
‫أكد ادلكتور عبد الغين احلطايم يف مقاتله يف جريدة أخبار اخلليج اإللكرتونية يوم السبت املوافق‬

‫‪56‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫‪ ٢٨‬مارس ‪ ٢٠٢٠‬بعنوان « نعم‪ ،‬ممكن ً‬


‫جدا تقويم وتقييم أداء الطالب عن بعد» أنه يمكن تقويم‬
‫أداء الطالب وتقييمهم عن طريق اتلقييم اإللكرتوين (‪ ،)E-evaluation‬وهو تقييم لألنشطة‬
‫املختلفة املعرفية واملهارية باستخدام تقنيات احلاسوب وشبكة اإلنرتنت‪ .‬ومع انتشار اتلعلم‬
‫اإللكرتوين (ُ‪ )E-Learning‬وتطبيق اتلعلم يف بيئات رقمية يف امليادين اتلعليمية من مدارس‬
‫وجامعات بدأت عملية اتلقييم يف اتلحول من استخدام الورقة والقلم إىل اتلقييم الالوريق‬
‫(‪ )Paperless evaluation‬عن طريق استخدام احلاسوب أو شبكة اإلنرتنت اليت تستخدم ىلع‬
‫نطاق واسع يف املراكز اتلعليمية املفتوحة‪ ،‬واتلعليم عن بعد يف املدارس واجلامعات‪.‬‬
‫وهنا مثل الكثري من األدوات واتلطبيقات اليت يمكن استخدامها بشلك فعال وممتع‬ ‫ ‬
‫لاً‬
‫حبسب الغرض منها‪ ،‬فمث ‪ :‬إذا اكن الغرض هو اتلقويم من أجل اتلعلم (‪Assessment for‬‬
‫‪ )Learning‬فيمكن استخدام اتلقييم اإللكرتوين تلقييم القدرات املعرفية واملهارية‪ ،‬وذلك‬
‫عن طريق «االختبار اإللكرتوين»‪ ،‬وهو من أشهر انلماذج يف اتلقييم إلكرتونيًا؛ إذ يقوم ىلع صياغة‬
‫تقييمات متنوعة‪ ،‬منها‪ :‬أسئلة اخليارات املتعددة‪ ،‬وأسئلة الصواب واخلطأ‪ ،‬وغريها من األسئلة‬
‫القصرية‪ .‬ويتم هذا باستخدام بعض الربامج السابقة لغرض تقييم اتلعلم ورصد ادلرجات للطالب‪.‬‬
‫أما إذا اكن املطلوب من الطالب أسايلب تقييم أخرى مثل العرض أو احلفظ‪ ،‬فحينها يُطلب من‬
‫الطالب العرض أو التسميع بصورة مبارشة أو تسجيل أدائهم صوتيًا أو عن طريق الفيديو‪.‬‬
‫ًّ‬
‫رسميا ال بد من اتباع إجراءات‬ ‫قيم الطالب‬‫لك هذا رغم توافره ىلع أرض الواقع فإنه ليك يُ َّ‬ ‫ ‬
‫واضحة وصارمة من قِبل وزارة الرتبية واتلعليم تلحديد وقت وطريقة تنفيذ االختبارات انلهائية‪،‬‬
‫وأخريا وليس ً‬
‫آخرا يتطلب جناح‬ ‫ً‬ ‫أما االختبارات الشهرية وأعمال الطالب فتكون مرتوكة للمعلم‪.‬‬
‫هذا اتلحول اإللكرتوين قبل لك يشء ُّ‬
‫تفه َم أويلاء أمور الطلبة‪ ،‬وتعاونهم اإلجيايب من أجل توفري‬
‫ابليئة املناسبة يف املزنل‪ ،‬واتلجاوب مع املدرسة تلقييم أداء الطالب إلكرتونيًا‪ ،‬وإجناح اتلجربة‬
‫الاكملة للتعليم عن بعد‪.‬‬

‫مقترحات للتغلب على آثار كوفيد‪ 19‬في الموسيقا‬


‫بالنسبة إىل أهداف الرتبية املوسيقية‪:‬‬
‫ً‬
‫يقرتح أن تضاف بعض من األهداف نظرا إىل الظروف االستثنائية للجاحئة مثل‪:‬‬
‫‪ -‬تنمية الويع اتلكنولويج من خالل املشاراكت الفعالة‪.‬‬
‫‪ -‬تنمية اثلقافة املوسيقية العاملية من خالل االطالع ىلع اثلقافات عرب شبكة اإلنرتنت‪.‬‬
‫‪ -‬خلق روح اتلعاون واملشاركة اإلجيابية من خالل املنتديات اإللكرتونية بمادة الرتبية‬
‫املوسيقية‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫بالنسبة إىل حمتوى الرتبية املوسيقية‪:‬‬


‫‪ -‬حتويل لك األاغين واألناشيد الرتبوية إىل ميديا يسهل للطالب تناوهلا وابلحث عنها إلكرتونيا‪ًّ.‬‬
‫ًّ‬
‫إلكرتونيا باستخدام قارئ ابلاركود لسهولة‬ ‫‪ -‬عمل األنشطة املصاحبة للكتاب املدريس‬
‫استخدامه‪.‬‬
‫‪ -‬عزف املؤلفات املوسيقية والغنائية عن طريق فيديوهات تعليمية‪.‬‬
‫‪ -‬عمل أفالم تسجيلية لرشح نظريات املوسيقا وتارخيها‪.‬‬

‫بالنسبة إىل معلم الرتبية املوسيقية‪:‬‬


‫‪ -‬تدريب املعلمني ىلع كيفية استخدام املنصات اتلعليمية من خالل برامج تدريبية‪.‬‬
‫‪ -‬تنفيذ ورش عمل باتلعاون واملشاركة بني معليم الرتبية املوسيقية‪.‬‬
‫‪ -‬تطوير أداء معليم الرتبية املوسيقية للتنوع يف استخدام االسرتاتيجيات احلديثة اليت تتماىش‬
‫ُّ‬
‫مع اتلعلم اإللكرتوين‪.‬‬
‫‪ -‬العمل ىلع توفري مجيع الوسائل اتلعليمية اإللكرتونية للمعلم‪.‬‬
‫‪ -‬تكثيف اجلهود يف توفري شباكت اإلنرتنت وتقويتها يف مجيع املناطق اتلعليمية‪.‬‬
‫‪ -‬تدريب املعلمني ىلع كيفية عمل اللقاءات املرئية مع الطالب‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫الخاتمة‬

‫تعبريا عن املشاعر واالنفعاالت‪ ،‬وتعرف‬ ‫ً‬ ‫أكد هذا الفصل أن املوسيقا يه األكرث‬ ‫ ‬
‫بكونها لغة اعملية ال تعرف أي حدود جغرافية أو سياسية‪ ،‬وأرشنا إىل تأكيد أهمية اتلعرف ىلع‬
‫املعايري األساسية يف تأيلف املناهج‪ ،‬ومعايري تأيلف منهج الرتبية املوسيقية‪ ،‬وتأكيد أهداف الرتبية‬
‫املوسيقية العامة واخلاصة‪ ،‬وحمتويات منهجها مع إبراز دور الرتبية املوسيقية يف تنمية شخصية‬
‫اتللميذ من جوانبه الشخصية اكفة‪ ،‬ومنها‪ :‬انلوايح اجلسمية‪ ،‬انلوايح العقلية‪ ،‬انلوايح االنفعايلة‪،‬‬
‫ً‬
‫وأيضا تم رشح وتوضيح حمتوى منهج الرتبية املوسيقية‪ ،‬وذلك للتعرف إىل‬ ‫انلوايح االجتماعية‪،‬‬
‫حمتواه من بنود أو جماالت‪ ،‬حىت يتسىن للقارئ اتلعرف ىلع املجال املوسييق وماهيته من غناء‪،‬‬
‫ً‬
‫وأخريا‬ ‫وتذوق املوسيقا‪ ،‬وألعاب موسيقية‪ ،‬وخاصة اليت تدرس يف املرحلة األوىل من العمر‪،‬‬
‫ّ‬
‫الصولفيج الغنايئ واإليقايع اذلي يدرس جلميع املراحل العمرية ألنه يعد األساس يف اتلدريس‬
‫وأخريا العزف‪ :‬وهو إما أن يكون إيقاعيًا يف املرحلة األوىل من‬ ‫ً‬ ‫بلناء تلميذ موهوب موسيقيًا‪،‬‬
‫ً‬
‫العمر‪ ،‬أو آيلًا يف املراحل اتلايلة‪ .‬ووجب اتلنويه للقارئ ىلع أهمية املوسيقا يف وقتنا الراهن وفقا‬
‫للظروف االستثنائية اليت يمر بها العالم؛ إذ تأثرت الرتبية املوسيقية بآثار فريوس كوفيد ‪ .19‬واكنت‬
‫ً‬ ‫لاً‬ ‫ً‬ ‫أهداف الرتبية املوسيقية من أهم ابلنود اليت القت ً‬
‫مصدرا‬ ‫كبريا؛ فمث أن تكون املوسيقا‬ ‫تأثريا‬
‫يعد هذا اهلدف –ضمنيًا‪ً -‬‬ ‫ّ‬
‫هاما‪ ،‬ألن اتلدريس وأسلوب املعلم قد يساعد‬ ‫حيبب املتعلم يف املدرسة‬
‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫املتعلم ىلع حب املدرسة سواء أكان تعليما مبارشا أو عن بعد‪ ،‬وتنمية اثلقة بانلفس عن طريق‬
‫نظرا إىل صعوبة تنفيذه ألن معظم األنشطة اخلاصة بالرتبية‬ ‫األنشطة الفردية؛ إذ يصعب حتقيقه ً‬
‫املوسيقية تعتمد ىلع اتلدريب العميل واملبارش مع املعلم‪ ،‬كما يمكن االستعانة باملوسيقا يف هذه‬
‫الفرتة يف استيعاب بقية املواد ادلراسية من خالل تعاون معليم املدرسة مع معلم الرتبية املوسيقية‬
‫يف تلحني أو تشكيل لكمات منغمة‪ ،‬مثل‪ :‬تعلم ودراسة جدول الرضب‪ ،‬أو تعليم احلروف اهلجائية‬
‫العربية واإلجنلزيية يف املراحل األوىل من اتلعليم‪ ،‬ويمكن تنمية الويع االجتمايع والقويم‬
‫ً‬
‫مبارشا‪ ،‬كما يمكن‬ ‫وادليين من خالل الغناء‪ ،‬ولكنه يصعب من خالل اللعب ألن تدريسه ليس‬
‫حتقيق اتلفاهم العاليم عن طريق تذوق اتلالميذ موسيقا الشعوب األخرى من خالل إسماع‬
‫الطالب فيديوهات ىلع شبكة اإلنرتنت أو ايلوتيوب‪ ،‬أو عن طريق تنفيذ أفالم تعليمية خاصة‬
‫بادلروس اتلارخيية ملوسيقا الشعوب وتطور املوسيقا العاملية‪.‬‬
‫كما تأثر حمتوى املادة ادلراسية باجلاحئة‪ ،‬وذلك لطبيعة تدريس مادة الرتبية املوسيقية‬ ‫ ‬
‫ً‬
‫ومتطلباتها‪ ،‬وأيضا بسبب تغري األهداف من صعوبة اتلنفيذ وعدم اتلحقق‪ .‬فمن خالل حمتوى‬
‫املادة لوحظ خالل الفرتة القصرية اليت ظهرت فيها اجلاحئة أن الرتبية املوسيقية أصبحت تميل إىل‬
‫ً‬
‫وأيضا لم يتم اتلطرق يف تدريس املادة إىل‬ ‫اتلذوق املوسييق يف دراسة املناهج واملقررات املوسيقية‪،‬‬

‫‪59‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫الغناء وإىل الصولفيج الغنايئ واإليقايع واأللعاب املوسيقية والعزف‪ ،‬وقد حتول تدريس الرتبية‬
‫املوسيقية من تدريس مبارش إىل تدريس عرب املنصات اتلعليمية اإللكرتونية‪ ،‬وتغري ً‬
‫أيضا تقويم‬
‫أداء الطالب؛ فقد خضعوا للتقييم اإللكرتوين (‪ )E-evaluation‬وهو تقييم لألنشطة املختلفة‬
‫املعرفية واملهارية باستخدام تقنيات احلاسوب وشبكة اإلنرتنت‪ ،‬وذلك يف ظل اتلعليم عن بعد‪.‬‬
‫ً‬
‫عموما‪ ،‬أما ىلع الصعيد الفين الواسع ويف‬ ‫ثم تم اتلطرق إىل تأثري كوفيد_‪ 19‬ىلع املوسيقا‬ ‫ ‬
‫ُ‬ ‫ًّ‬
‫زمن فريوس كوفيد_‪ 19‬فقد حتولت املوسيقا إلكرتونيا (موسيىق عن بعد)‪ ،‬فتحول أداء املوسيقا‬
‫من احلفالت املبارشة حبضور اجلمهور إىل أدائها من الرشفات‪ ،‬كما اختلف أداء الفرق املوسيقية‬
‫َّ‬
‫واملجمواعت العزفية من القرب يف غرف موسيقية ومسارح مغلقة‪ ،‬فأصبحت تؤدى يف اهلواء‬
‫الطلق‪ ،‬ثم عرضت مقرتحات للتغلب ىلع آثار كوفيد‪ 19‬يف املوسيقا بإضافة أهداف مقرتحة‬
‫للرتبية املوسيقية تساهم يف تعديل املحتوى اتلدرييس‪ ،‬ومقرتحات تلدريب املعلم‪ ،‬واقرتاح حلول‬
‫للفنانني واملوسيقيني‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫المراجع‪:‬‬
‫‪ -‬انلجدي‪ ،‬أمحد عبد الرمحن (‪( 1999‬املنهج والقرن احلادى والعرشين‪ .‬مجهورية مرص العربية‪ :‬مكتبة االجنلو املرصية‪.‬‬
‫إكرام‪ ،‬مطر حممد ‪ ،)1982( ،‬نظريات املوسيقا الغربية والصولفيج واإليقاع احلريك‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مجهورية مرص العربية‪ :‬دار الطباعة‬
‫القومية‪.‬‬
‫‪ -‬خليل‪ ،‬أمال حسني ( ‪ )2005‬االبداع واسرتاتيجيات تدريس الرتبية املوسيقية‪ .‬مجهورية مرص العربية‪ :‬دار اثلقافة العلمية‪.‬‬
‫ّ‬
‫اجلمهورية‬ ‫ّ‬
‫األسايس يف‬ ‫ّ‬
‫املوسيقية ملرحلة اتلعليم‬ ‫ّ‬
‫الرتبية‬ ‫سيمون‪ ،‬يعقوب اخلورى‪ ،‬أيلاس ‪ .)2013( .‬املعايري الوطنية تلأيلف منهاج‬
‫ّ‬
‫السورية‪ .‬املجلة األردنية للفنون‪.174-151 ،)1( 6 ،‬‬ ‫ّ‬
‫العربية‬
‫‪ -‬شوىق حسانني حممود )‪ )2014‬تطوير املناهج رؤية معارصة‪ .‬مجهورية مرص العربية ‪:‬املجموعة العربية للتدريب والنرش‪.‬‬
‫اعئشة صربى‪ ،‬آمال صادق ‪ .)1997(.‬طرق تعليم املوسيقا‪ ،‬مجهورية مرص العربية‪ :‬مكتبة االجنلو املرصية‪.‬‬
‫‪ -‬حممد الريج (‪ )2008‬مدخل املعايري يف اتلعليم‪ :‬من مستجدات تطوير املناهج وجتويد املدرسة ‪http://www.almoudaris.‬‬
‫‪)com/articles.php?article_id‬‬
‫تنوعة دولة فلسطني‪.‬‬ ‫الموسيقا للجميع حنو حياة ُموسيقية ُمنفتحة ُ‬
‫وم ِّ‬ ‫ادلويل ‪ .)2014(.‬إبدايع ُ‬ ‫‪ُ -‬‬
‫المؤتمر ُّ‬
‫‪ -‬وزارة الرتبية واتلعليم‪ .)2017/2016(.‬ديلل املعلم للرتبية املوسيقية الصفوف اثلالثة األوىل من املرحلة االبتدائية‪ .‬مرص‪ :‬مركز‬
‫تطوير املناهج واملواد اتلعليمية‬

‫‪* Becky Marsh, Brian N. Weidner: Teaching in the New “Normal”: Ensemble Music‬‬
‫‪Education During COVID-19‬‬
‫‪* CAST (2018). Universal Design for Learning Guidelines version. http://udl‬‬
‫‪guidelines.cast.org‬‬
‫‪* Ericsson, K. A., & Simon, H. A. (1993). Protocol analysis: Verbal reports as data‬‬
‫‪(Rev. ed.). Cambridge, MA: Bradford Books/ MIT Press.‬‬
‫‪* Key Messages from the Covid-19 sub-group advice on Musichttps://education.gov.‬‬
‫‪scot/media/vbwjt02b/music-guidelines-21-09-20.pdf‬‬
‫‪* McTighe, J., & Wiggins, G. (2012). Understanding by Design framework. ASCD.‬‬
‫‪https://www.ascd.org/ASCD/pdf/siteASCD/publications/UbD_WhitePaper0312.pdf‬‬
‫‪* Šimunovic, N (2020). Teaching musical instruments during COVID-19 epidemic,‬‬
‫‪file:///C:/Users/saifn/AppData/Local/Temp/Poucevanje_instrumenta_v_casu_epidemi‬‬
‫‪je_COVID-19_T-1.pdf‬‬

‫‪61‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫‪62‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫الفصل الثالث‬
‫ظل بيئات تعليم وتعلّم‬
‫التكاُمل التكنولوجي يف ّ‬
‫الرياضيات خالل جائحة كوفيد‪ :19‬حتديات وخربات‬
‫د‪ .‬خولة بنت زاهر احلوسنية‬

‫‪63‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫‪64‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫املقدمة‬
‫ّ‬
‫ساهمت اتلطورات املتسارعة يف توظيف الرياضيات يف مجيع فروع املعرفة املختلفة يف‬
‫ّ‬
‫ادلراسية من حيث املحتوى العليم‪،‬‬ ‫إاعدة انلظر يف مناهج الرياضيات يف مجيع املراحل‬
‫ّ‬
‫وطرائق اتلدريس‪ ،‬وأنشطة اتلعليم‪ ،‬واتلعلم وأدوات اتلقويم‪ .‬هذه اتلطورات فرضتها‬
‫األدوار املتعددة واملتغرية للرياضيات يف جماالت اإلحصاء واالحتماالت واالقتصاد‬
‫والطب والصيدلة والعلوم االجتماعية واالقتصادية والعلوم اتلكنولوجية واتلطبيقات الرقمية؛‬
‫إذ تنمو الرياضيات وتتطور من خالل ارتباطها بالعلوم املختلفة‪ ،‬ومعاجلتها الحتياجات اإلنسان‬
‫املتنوعة‪ ،‬وتعزيزها دلوافعه املادية حلل مشكالته‪ ،‬وزيادة فهمه للظواهر املحيطة بنا (أبو زينة‪،‬‬
‫‪.)2003‬‬
‫تمثل الرياضيات ‪ -‬بما تنطوي عليه من مفاهيم ومبادئ ونظريات ومهارات ومعاجلات‬ ‫ ‬
‫وأنماط تفكري‪ -‬أداة مهمة تلنظيم اخلربات املتنوعة ولرصد االحتياجات وفهم الظواهر املستجدة‬
‫ً‬
‫وتفسريها وحل املشكالت‪ .‬وقد أصبح تقدم العلوم وتطورها بشلك اعم‪ ،‬مرهونا بمعاجلتها رياضيًا‬
‫وبنمذجة نظرياتها وقوانينها يف شلك منظومات رياضية تساعد ىلع اتلفسري واتلنبؤ‪ .‬فمن خالل‬
‫ّ‬ ‫لاً‬
‫ولعل ما ّ‬
‫يمر به العالم‬ ‫انلماذج الرياضية أصبح العالم شيئًا قاب لالستيعاب يف كثري من ظواهره‪.‬‬
‫حايلًا يف ظل جاحئة كوفيد_‪ )COVID-19( 19‬يُظهر جليًا هذا االرتباط؛ فقد ساهمت الرياضيات‬
‫من خالل مهارات انلمذجة الرياضية يف تفسري الكثري من املتغريات املرتبطة باجلاحئة‪ ،‬ويف اتلنبؤ‬
‫ّ‬ ‫بمسار انتشار الوباء ً‬
‫بناء ىلع املعلومات اليت تفيد أن معدل اتلغيري (االنتشار) املعتمد ىلع الوقت‬
‫معد يتناسب مع تكاثر أعداد أوئلك اذلين أصيبوا باملرض‬ ‫لعدد األفراد اذلين أصيبوا بمرض ٍ‬
‫وأوئلك اذلين لم يصابوا (‪ .)Cakir & Savas, 2020‬هلذه اتلنبؤات أهداف بعيدة املدى فيما‬
‫يتعلق بتحديد مدى رسعة حترك احلكومات لكبح الوباء‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن االستخدام األسايس‬
‫واألكرث فعايلة للنماذج الرياضية الوبائية هو تقدير اتلأثري النسيب للمتغريات ادلخيلة املختلفة‬
‫عوضا عن كونها ّ‬‫يف تقليل عبء املرض ً‬
‫جمرد تنبؤات كمية دقيقة حول مدى أو مدة أعباء املرض‬
‫(‪.)Nicholas & London, 2020‬‬
‫كما أن ما فرضته هذه اجلاحئة من تغيري وتطوير يف انلظم اتلعليمية من ناحية إجياد‬ ‫ ‬
‫ّ‬
‫طرائق بديلة للطالب واملعلمني ملواصلة دروسهم‪ ،‬والعمل ىلع تقديم خربات اتلعلم واتلعليم من‬
‫خالل بيئة تعليمية آمنة؛ ساهم يف احلاجة إىل بلورة املشاريع احلديثة‪ ،‬ويف صياغة املوجهات اجلديدة‬
‫ّ‬
‫يف جمال تطوير تعليم وتعلم الرياضيات‪ ،‬حىت حتقق أهدافها الرئيسة يف إكساب املتعلم املفاهيم‬
‫ً‬
‫ومساهما يف جماالت اتلنمية املختلفة‪،‬‬ ‫ً‬
‫منتجا‬ ‫واملهارات والكفايات الرضورية هل بصفته مواطنًا‬
‫وتمكينه من توظيف معارفه يف جماالت حياته ايلومية ويف خدمة قضايا املجتمع ومشكالته‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫ً‬
‫عطفا ىلع ذلك‪ ،‬فإن من أبرز احلقائق ابلحثية اليت تم اتلوصل إيلها خالل دراسة واقع تعليم‬
‫ّ‬
‫وتعلم الرياضيات خالل جاحئة كوفيد_‪ 19‬هو أهمية وجود إطار مناسب دلراسة احلقائق اتلعليمية‬
‫انلاشئة من املستجدات يف بيئات اتلعلم؛ إذ جيب ىلع ابلاحثني يف جمال اتلعليم إدراك هذه األهمية‬
‫واختاذ اإلجراءات املناسبة تلحققيها‪ ،‬مع مرااعة اتلحديات اليت تتطلب الوقت واملوارد واتلمويل‬
‫ّ‬
‫من خالل حبث االحتماالت اجلديدة (انلظرية والرتبوية) اليت يوفرها اتلدريس واتلعلم عرب‬
‫ّ‬
‫اإلنرتنت‪ ،‬وحتديد ديناميكيات بيئة وجمتمع تعليم وتعلم الرياضيات املتطور لرسم صورة واضحة‬
‫ّ‬
‫حول ما سيبدو عليه جمتمع تعليم وتعلم الرياضيات املستدام واملتاكمل بعد جاحئة كوفيد‪19‬‬
‫(‪.)Khirwadkar et al, 2020‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ولعل ما يمزي املشاريع العاملية احلديثة يف جمال تعليم وتعلم الرياضيات هو اهتمامها‬ ‫ ‬
‫بتوظيف اتلطبيقات اإللكرتونية يف إكساب املتعلمني املعارف الرياضية‪ ،‬وتنمية املهارات‪ ،‬وتعزيز‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫أنماط اتلفكري واسرتاتيجيات حل املشكالت‪ .‬ولعل هذا اتلوظيف ليس حديثا يف العديد من دول‬
‫العالم من حيث إكساب اثلقافة وتعزيز االهتمام وإتاحة فرص اتلطبيق‪ ،‬ىلع أن حتقيق اجلدوى‬
‫واألثر املتوقع من هذا اتلوظيف هو ما جيب أن يكون يف دائرة اهتمام واضيع مناهج الرياضيات‬
‫واملعلمني واملتخصصني واملسؤولني عن رسم السياسات اتلعليمية وتطوير انلظم‪ ،‬وخاصة يف ظل‬
‫ّ‬
‫املستجدات يف جمال اتلعليم واتلعلم اليت فرضتها جاحئة كوفيد ‪ .19‬يناقش هذا الفصل جمموعة‬
‫ّ‬
‫من الرؤى واخلربات العاملية يف إاعدة تصور بيئات تعليم وتعلم الرياضيات وجمتمع الرياضيات‬
‫عرب اتلعليم عن بعد يف ظل هذه املستجدات اليت فرضت ىلع املؤسسات اتلعليمية االنتقال من‬
‫(وجها لوجه) إىل اتلعليم عن بعد واتلعليم املدمج‪ ،‬كما يعالج فرص تكيف‬ ‫ً‬ ‫اتلدريس املبارش‬
‫أعضاء جمتمع الرياضيات من معلمني وطالب ومسؤولني وأويلاء أمور مع املعطيات املستجدة يف‬
‫ّ‬
‫بيئات تدريس وتعلم الرياضيات احلايلة من خالل مناقشة جمموعة من األطر انلظرية واتلطبيقات‬
‫العملية‪ .‬ويقدم ً‬
‫أطرا تطبيقية للتعامل مع العوامل املرتبطة باتلكنولوجيا اتلعليمية املؤثرة ىلع‬
‫ّ‬
‫فرص اتلفاعل واالندماج يف الصفوف ادلراسية‪ ،‬وذلك من خالل الرتكزي ىلع نمو املتعلم وقدرته‬
‫ىلع تنظيم تعلمه ذاتيًا وبكفاءة‪.‬‬
‫ّ‬
‫تكامل التكنولوجيا في تعليم وتعلم الرياضيات‪ :‬تحديات وخبرات‬
‫ً‬
‫بدأت املؤسسات اتلعليمية يف الكثري من دول العالم بمراجعة براجمها وفقا ملعطيات‬ ‫ ‬
‫وتأثريات جاحئة كوفيد‪ 19‬واعتربت أن اتلعليم عرب اإلنرتنت أو اتلعليم عن بعد أو اتلعليم املدمج‬
‫هو أحد اخليارات األساسية الستكمال عملية اتلعلم‬
‫(‪ .)Radha et al :2020 ,Mulenga (a) & Marbán: 2020‬وبينما تشري األدبيات احلايلة إىل الفوائد‬
‫ّ‬
‫املختلفة للتعليم عرب اإلنرتنت‪ ،‬مثل‪ :‬املرونة وتوفري فرص جيدة للتعلم النشط وإرشاك الطلبة‬

‫‪66‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫ّ‬
‫بطرائق متنوعة يف عملية اتلعلم اتلفاعيل التشاريك واذلايت (‪ .)Naji et al., 2020‬مع ذلك‪ ،‬فإن تنفيذ‬
‫لاً‬ ‫دائما ً‬ ‫اتلعلّم اإللكرتوين ليس ً‬
‫سلسا وفعا ‪.‬‬
‫خالل تفيش مرض كوفيد ‪ 19‬طبقت املدارس واجلامعات يف كثري من دول العالم ‪-‬‬ ‫ ‬
‫ّ‬
‫وخاصة ادلول انلامية‪ -‬اتلعلم اإللكرتوين برسعة‪ ،‬ذللك واجهت املدارس صعوبات عديدة‪،‬‬
‫سواء املدارس اليت دليها خربة حمدودة أو معدومة يف اتلعلم اإللكرتوين‪ ،‬أو املدارس اليت لم تقم‬
‫بإعداد موارد اتلعلم اإللكرتوين‪ ،‬وخاصة مع حمدودية كفاءة املعلمني يف استخدام اتلطبيقات‬
‫عرب اإلنرتنت (‪ .)Zaharah & Kirilova, 2020‬ويرى املنذري وزمالؤه (‪)Almanthari et al., 2020‬‬
‫أن حواجز اتلعلم اإللكرتوين ملعليم الرياضيات يف أثناء األوبئة يف ادلول انلامية تندرج حتت‬
‫أربعة جماالت اعمة يه‪ :‬الطالب‪ ،‬املعلمون‪ ،‬وابلنية اتلحتية واتلكنولوجيا‪ ،‬واإلدارة املؤسسية‪ .‬فقد‬
‫شملت حواجز اتلعلم اإللكرتوين املتعلقة باملتعلمني املشكالت املايلة واتلحفزي واتلقييم والعزلة‬
‫عن األقران ومهارات وخربات اتلعلم اإللكرتوين غري الاكفية‪ ،‬باإلضافة إىل افتقار الطالب إىل‬
‫املعرفة واملهارة يف استخدام اتلعلم اإللكرتوين‪ ،‬وافتقارهم ‪ -‬خاصة يف ادلول انلامية‪ -‬إىل احلصول‬
‫ىلع األجهزة اإللكرتونية‪ ،‬وقلة الفرص املتاحة دليهم لالتصال اجليد بالشبكة املعلوماتية‪ .‬يف‬
‫حني تشمل حواجز اتلعلم اإللكرتوين للمعلمني جوانب خمتلفة‪ ،‬مثل‪ :‬قيود املعرفة‪ ،‬وحتديات‬
‫اتلقييم‪ ،‬واالفتقار إىل اتلطوير املهين الاكيف فيما يتعلق باتلكنولوجيا واملوارد املادية املحدودة‬
‫ّ‬
‫وحمدودية اخلربة يف توظيف اتلطبيقات اتلكنولوجية املرتبطة بتعليم وتعلم الرياضيات‪ ،‬ونقص‬
‫ّ‬
‫اتلدريسية‪،‬‬ ‫ادلعم اتلقين‪ ،‬وقلة الكفاءة‪ ،‬واثلقة وضعف رغبة املعلمني يف تغيري ممارساتهم‬
‫باإلضافة إىل عدم اقتناعهم بمزيات اتلعليم اإللكرتوين‪ .‬كما أن مناهج الرياضيات قد ال تدعم‬
‫اتلطبيقات املعتمدة ىلع اتلكنولوجيا‪ .‬يف حني تشتمل احلواجز اليت تواجهها املدارس ىلع عوامل‬
‫تنظيمية وهيلكية‪ ،‬مثل نقص موارد تكنولوجيا املعلومات واالتصاالت وضعف الشباكت‬
‫(‪. )Adnan & Anwar, 2020‬‬
‫وقد أشار هورن ومكجوجان (‪ )Horon & McGugan, 2020‬يف دراستهما «حول‬ ‫ ‬
‫اخلربة اتلكيفية يف تدريس الرياضيات يف أثناء األزمات» إىل‪ :‬كيف يقوم مدرسو الرياضيات‬
‫األمريكيون امللزتمون بدرجة اعيلة بتعديل ممارساتهم اتلدريسية يف مواجهة جاحئة كوفيد‪ 19‬إىل‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫جديدا ملعليم الرياضيات‪ ،‬فقد اخترب‬ ‫وضعا‬ ‫أن االنتقال الرسيع إىل اتلدريس عرب اإلنرتنت قدم‬
‫فهمهم للتعليم الطموح واملنصف بطرق غري مسبوقة‪ ،‬ما طابلهم يف ظل هذه الظروف بممارسات‬
‫تدريسية جديدة؛ األمر اذلي أسفر عن صعوبات مرتبطة بتحديد أفضل الطرق اليت يمكنهم‬
‫توظيفها الستخدام وقتهم وطاقتهم يف أثناء ختطيط ادلروس وإاعدة صياغتها‪ .‬كما وسقطت‬
‫اسرتاتيجيات إدارة الوقت القديمة ىلع جانب الطريق‪ ،‬حيث اكنت هناك حاجة إىل إاعدة صياغة‬
‫ادلروس وأدوات اتلقويم وتطبيق ممارسات خمتلفة يف اتلواصل الطاليب واتلفاعل الصيف‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫وألن اتلعليم انلويع للمعرفة الرياضية يركز ىلع املمارسات اليت تستنبط تفكري الطالب وتبين‬
‫ُّ‬
‫عليه الكثري من اتلعميمات الرياضية واملفاهيم املتضمنة بها؛ فإن بيئات اتلعلم االفرتاضية‬
‫وحمدودية اتلواصل املبارش مع الطلبة دفع معلمو الرياضيات إىل إاعدة انلظر يف شلك اخلربات‬
‫ُّ‬
‫اتلعليمية واتلعلمية الرثية‪ ،‬وكيف يمكن تصميمها حبيث توجه االهتمام بشلك هادف حنو تنمية‬
‫تفكري الطالب‪ .‬وركز املعلمون ىلع أهمية توظيف الربامج اتلكنولوجية اخلاصة بتعلم وتعليم‬
‫الرياضيات وتطبيقات اهلاتف واأللعاب اإللكرتونية اليت ختدم مهارات االكتشاف االستقرايئ‬
‫واالستنتايج دلى الطلبة‪ ،‬وتساعد ىلع تقييم األداء اتلحصييل ومستوى االكتساب املعريف بطرق‬
‫ّ‬
‫تفاعلية؛ ذلا واجه املعلمون توقعات مزتايدة دلمج تقنيات خمتلفة يف تعليم وتعلم الرياضيات‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫واغبلا ما ركز اختيار املوارد اتلعليمية وتعديلها وسنها يف القرن احلادي والعرشين ىلع املوارد‬
‫ً‬
‫املستمدة من اتلكنولوجيا أو املنقولة مبارشة من خالهلا‪ .‬كما يعد اتلعلم الرقيم يف الرياضيات‬
‫مثل إحدى االستجابات اإلجيابية يف ظل جاحئة كوفيد‪ 19‬اليت أمكنت من إحداث ّ‬
‫حتول نويع يف‬
‫ّ‬
‫تعليم وتعلم الرياضيات (‪.)Mulenga & Marbán, 2020‬‬
‫إن الكثري من هذا االهتمام جيب أن يستهدف بشلك رصيح تكامل اتلكنولوجيا بوصفه‬ ‫ ‬
‫أداة لالبتاكر يف اتلدريس واتلعلم بما يتجاوز االستخدام املناسب ألدوات تقنية رياضية معينة‪،‬‬
‫مثل‪ :‬حاسبات الرسوم ابليانية‪ ،‬وأنظمة اجلرب احلاسوبية واهلندسة ادليناميكية‪ ،‬وأدوات حتليل‬
‫ابليانات (‪ .)NCTM, 2014‬إذ يرى توماس وأديسون (‪ )Thomas & Edson, 2019‬أنه إذا اعتمد‬
‫ىلع تكامل مكونني رئيسني‪ ،‬هما‪ :‬اتلخطيط اتلعلييم باستخدام اتلكنولوجيا‪ ،‬وإعداد املعلم‬
‫قبل وأثناء اخلدمة يلتمكن من عمليات االختيار واتلخطيط واتلطبيق للتقنيات ادلاعمة للتعلم‬
‫املنتج للمحتوى الريايض؛ فإن هذا اتلاكمل يمكن أن يساهم يف االرتقاء بتدريس الرياضيات‬
‫ّ‬
‫وتعلمها‪.‬‬
‫وبناء ىلع ذلك‪ ،‬يعد تدريس الرياضيات أحد املجاالت الرائدة اليت تتأثر باتلكنولوجيا عند‬ ‫ ‬
‫انلظر يف أنشطة اتلدريب واتلعليم‪ .‬إذ إن استخدام اتلكنولوجيا يساهم يف تعليم املفاهيم الرياضية‬
‫وتطوير املهارات مثل حل املشكالت واتلواصل واتلفكري‪ ،‬كما أن استخدام اتلكنولوجيا يف تعليم‬
‫الرياضيات يزيد من جودة اتلدريس واستمراريته من خالل اتلأثري اإلجيايب ىلع حتصيل الطالب‬
‫واجتاهاتهم حنو الرياضيات‪ .‬إن استخدام اتلكنولوجيا يف تدريس الرياضيات ليس مقاربة حديثة‪،‬‬
‫فغابلا ما تستخدم أنظمة اجلرب احلاسوبية وبرامج اهلندسة ادليناميكية وبرامج اتلعلم االفرتاضية‬‫ً‬
‫فرصا جيدة‬‫واللوحات اتلفاعلية يف تدريس الرياضيات‪ .‬كما قدمت برامج اهلندسة ادليناميكية ً‬
‫ّ‬
‫يف تعليم وتعلم الرياضيات‪ ،‬خاصة يف تدريس اتلصور اهلنديس والرسم ادلينامييك لألشاكل‬
‫اهلندسية‪ ،‬واستكشاف العالقات اهلندسية املختلفة‪ .‬من ناحية أخرى‪ ،‬أتاحت آالت احلاسبة‬
‫الرسومية اإلنشاء الرسيع للعديد من تمثيالت املفاهيم الرياضية‪ .‬كما ساهمت برامج اتلعلم‬

‫‪68‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫االفرتاضية يف حتسني مستويات الفهم واالستدالل فيما يتعلق باملفاهيم الرياضية واستخدامها‬
‫يف حل املشكالت؛ فجعلت هذه الوسائل ‪-‬اليت توفرها هذه األدوات اتلكنولوجية‪ -‬من قضية‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ملحة‪ ،‬وخاصة مع اتلحول حنو‬ ‫تكامل اتلكنولوجيا يف عملية تعليم وتعلم الرياضيات قضية‬
‫ُّ‬
‫اتلعليم عن بعد أو اتلعلم املدمج (‪.)Akkaya, 2016‬‬
‫ّ‬
‫وقد قدمت بعض اتلجارب العاملية خرباتها يف األدب انلظري املرتبط بتعليم وتعلم‬ ‫ ‬
‫الرياضيات‪ ،‬وذلك من خالل تبين بعض الربامج املتاكملة اليت طبقت يف بيئات اتلعليم عن بعد‬
‫يف ظل جاحئة كورونا‪ ،‬فربنامج الرياضيات ادلينامييك (‪ )Hawgent‬هو برنامج رياضيات من‬
‫ً‬
‫جوانغتشو يف الصني ُصمم وفقا الحتياجات املمارس واألكادييم يف جمال اتلعليم (الشلك ‪ .)1‬حيث‬
‫ظهرت الرياضيات ادليناميكية يف (‪ )Hawgent‬وتقنيات املعلومات األخرى استجابة لالحتياجات‬
‫ً‬
‫احلايلة‪ ،‬وأصبحت حال يف حتسني اتلدريس اتلقليدي‪ .‬وذلك ألن (‪ )Hawgent‬يمكنه من تشجيع‬
‫الطالب ىلع اتلفكري بشلك أعمق يف يشء ما‪ ،‬ويمكنه ً‬
‫أيضا حتفزي رغبة الطالب يف اتلعلم‪.‬‬
‫دلى برنامج الرياضيات ادلينامييك (‪ )Hawgent‬الكثري من املزيات البسيطة وادليناميكية‬ ‫ ‬
‫ً‬
‫اليت يمكن تشغيلها بسهولة وفقا الحتياجات املعلمني (‪ .)Wijaya et al, 2020‬يف جمال اتلعليم‪.‬‬
‫بدأ أعضاء الفريق األسايس بابلحث واتلطوير لربنامج الرياضيات ادلينامييك منذ اعم ‪.1998‬‬
‫يف سبتمرب ‪ ،2016‬أصدر مركز ‪ Hawgent Mathematics Technology Center‬أحدث جيل من‬
‫ً‬
‫برنامج (‪ )Hawgent‬للرياضيات ادليناميكية‪ .‬مقارنة بلوحة الرسم املألوفة وبرامج الرياضيات‬
‫ادليناميكية األخرى‪ ،‬ابتكر ‪ Hawgent‬جوانب خمتلفة‪ ،‬مثل‪ :‬املرونة‪ ،‬والتشغيل املريح‪ ،‬واتلدريس‬
‫القوي‪ ،‬وموارد املناهج الغنية‪ ،‬وما إىل ذلك‪ .‬يمكن استخدام ‪ Hawgent‬لرشح مواضيع حساب‬
‫اتلفاضل واتلاكمل واجلرب واالحتمال والرسعة واهلندسة وغريها‪ ،‬ويمكن توظيفها يف تعزيز‬
‫املفاهيم الرياضية األساسية وإكساب اخلوارزميات واملهارات الرياضية‪ ،‬كما تساعد ىلع االنتقال‬
‫من اتلصور إىل اتلجريد (‪)Lin et al, 2020‬‬

‫‪69‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫شلك ‪ .. 1‬برنامج الرياضيات ادلينامييك (‪)Hawgent‬‬

‫فعىل سبيل املثال‪ :‬عندما يتعلم الطالب باستخدام مقاطع الفيديو املتضمنة يف برنامج‬ ‫ ‬
‫الرياضيات ادلينامييك من (‪ ،)Hawgent‬ال جيدون صعوبة يف فهم املوضوع الوارد يف الفيديو‪ ،‬ذلك‬
‫ُّ‬
‫ألن الفيديو اتلعلييم لربنامج (‪ )Hawgent‬ادلينامييك للرياضيات يستخدم نهج اتلعلم القائم ىلع‬
‫حل املشكالت؛ إذ تناقش مقاطع الفيديو اتلعليمية املشكالت اليت نواجهها يف حياتنا ايلومية‬
‫باستخدام الرياضيات‪ .‬ويمكن رؤية أحد مقاطع الفيديو اتلعليمية يف الشلك ‪ 2‬اذلي يناقش‬
‫أقرص طريق للجرنال الروماين من انلقطة (أ) إىل انلقطة (ب)‪ ،‬إذ يمكن حل هذا انلوع من‬
‫املسائل باستخدام مفهوم املثلث‪ .‬بهذه الطريقة‪ ،‬يثار انتباه الطالب فيتعلمون املفهوم األسايس‬
‫(املثلث)‪ ،‬كما يتم توجيههم تللخيص املعارف الرياضية للمفهوم الريايض اذلي تم تدريسه‪.‬‬

‫شلك‪ 2‬مثال ألحد تطبيقات الفيديو اتلعلييم يف برنامج الرياضيات ادلينامييك (‪)Hawgent‬‬

‫‪70‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫كما يساعد اتلعلم القائم ىلع حل املشكالت ىلع تنمية اتلفكري وتعزيز املعرفة الرياضية‪،‬‬ ‫ ‬
‫ومن خالل تدريب الطلبة ىلع املشكالت الرياضية فإنهم سيتمكنون من تعلم كيفية اتلفكري‬
‫وكيفية حتويل معارفهم ومهاراتهم اثلابتة إىل حلول ديناميكية‪ .‬ومن خالل خطوات عملية حل‬
‫املشكالت‪ ،‬يكتسب الطلبة قيم املثابرة واتلحدي حىت يصبحوا أكرث ثقة عند تنفيذ أنشطة‬
‫اتلعلم اذلايت داخل الفصل وخارجه‪ .‬يف الشلك ‪ ،3‬يمكننا أن نرى عملية اتلعلم باستخدام الفيديو‬
‫اتلعلييم لربنامج الرياضيات ادلينامييك (‪ ،)Hawgent‬اذلي يمكن للطالب تنفيذه بمفردهم‬
‫من خالل إنشاء حساب افرتايض خاص بهم ىلع ‪ ،WeChat‬ثم تشغيل الفيديو اتلعلييم‪ .‬يمكن‬
‫للوادلين ً‬
‫أيضا اإلرشاف واملساعدة عندما يواجهون صعوبات يف أثناء عملية اتلعلم‪ .‬ومن خالل‬
‫واقع اتلجربة‪ ،‬بدا الطالب جادين ومتحمسني للغاية عند اتلعلم باستخدام مقاطع فيديو برنامج‬
‫الرياضيات ادلينامييك من (‪)Hawgent‬‬

‫شلك‪ .. 3‬عملية تعلم الطلبة يف برنامج الرياضيات ادلينامييك ‪Hawgent‬‬

‫يمكن أن ترتجم مراحل عملية تقييم املواد اتلعليمية املصممة من خالل املثال اتلايل‪،‬‬ ‫ ‬
‫فقد خطط ابلاحثون إلنشاء وسائط تعليمية حول موضوع علم املثلثات باستخدام برنامج‬
‫ً‬
‫‪ Hawgent Dynamic Mathematics Software‬وفقا للمشكالت اليت يواجهها الطالب‪،‬‬
‫وتم تصميم اخلطة باستخدام خمطط انسيايب للتمكن من الرؤية بوضوح ملدى حتقق اسرتاتيجيات‬
‫اتلعلم باستخدام ‪ hawgent‬أو مدى قدرة الطلبة ىلع فهم املفهوم األسايس لعلم املثلثات‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫قبل اتلطوير‬

‫بعد اتلطوير‬

‫شلك‪ .. 4‬عملية تطوير اخلربات اتلعلمية يف برنامج الرياضيات ادلينامييك (‪)Hawgent‬‬

‫‪72‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫بناء ىلع اخلربة اتلعليمية السابقة‪ ،‬فإن هناك جمموعة من العوامل اليت تمت مرااعتها‬ ‫ ‬
‫عند تصميم وسائط اتلعلم يف برنامج الرياضيات ادليناميكية‪ ،‬مثال‪ :‬جيب أن جيعل برنامج‬
‫ّ‬
‫(‪ )Hawgent‬املتعلم‪:‬‬
‫ً‬
‫نشاطا لفهم مفهوم علم املثلثات‪.‬‬ ‫أ) أكرث‬
‫ً‬
‫ب) قادرا ىلع تصور الرسم ابلياين للمثلثات بوضوح‪.‬‬
‫ج) ً‬
‫قادرا ىلع رشح العالقة بني الرسم ابلياين والربع يف علم املثلثات‪.‬‬
‫قادرا ىلع إظهار حل املشلكة بوضوح وبشلك صحيح من ابلداية حىت انلهاية‪.‬‬ ‫د) ً‬
‫قادرا ىلع تقديم حلول سهلة متنوعة حول كيفية حل املشلكة‪ .‬كما أن عملية تصميم املحتوى‬ ‫ـه) ً‬
‫اتلعلييم اتلفاعيل املصمم ىلع شلك فيديو يف برنامج الرياضيات ادلينامييك (‪ ،)Hawgent‬خيضع‬
‫ً‬
‫لعملية تقييم مستمر من اخلرباء املختصني باتلقانة‪ ،‬ومن املعلمني وفقا للمخطط اتلايل يف شلك ‪،5‬‬
‫اذلي يتضمن مراحل اتلحليل واتلخطيط واتلطوير واتلنفيذ واملراجعة (‪. )Wijaya, 2020‬‬

‫أخذ آراء الطلبة بعد اتلنفيذ‪ ،‬ورصد‬


‫االستجابات‬
‫مرحلة املراجعة‬
‫تطبيقها كخربة تعليمية أو تعلمية‬

‫مرحلة اتلنفيذ‬ ‫تقييم املادة اليت تم تصميمها من قبل‬


‫اخلرباء واليت يتم رفعها ىلع شلك مقرتحات‬

‫مرحلة اتلطوير‬ ‫تصميم املادة اتلعليمية اتلفاعلية بناء ىلع‬


‫احتياجات الطلبة‬

‫مرحلة اتلخطيط‬
‫رصد صعوبات الطلبة يف حل املشلكة‬
‫الرياضية يف هندسة النسب املثلثية‬

‫مرحلة اتلحليل‬

‫شلك ‪ .. 5‬مراحل اتلحليل واتلخطيط واتلطوير واتلنفيذ واملراجعة للخربات يف برنامج الرياضيات ادلينامييك‬

‫‪73‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫مقرتحات مرحلة اتلطوير‪:‬‬


‫اخلبري اإلعاليم‪ :‬إضافة املزيد من الصور والعبارات العلمية ادلاعمة‪ ،‬جيب أن تكون الشاشة‬
‫أفتح‪.‬‬
‫خبري املواد اتلعليمية‪ :‬الرتكزي ىلع طرق حل مشكالت علم املثلثات‪ ،‬جيب أن يكون رشح الربع‬
‫والرسم ابلياين يف شاشة عرض واحدة‪.‬‬
‫املعلمون‪ :‬اللغة املستخدمة يف برنامج ‪ hawgent‬حباجة إىل أن تكون مبسطة‪.‬‬

‫كما أن اخلربة اليت عرضها خريواداكر وزمالؤه (‪ )2020 ,Khirwadkar et al‬يف‬ ‫ ‬


‫ّ‬
‫دراستهم حول «إاعدة تصور تعليم وتعلم الرياضيات خالل جاحئة كورونا»« «‪Reimagining Mat h‬‬
‫‪ »ematics Education During the COVID-19 Pandemic‬رسمت خريطة واقع تدريس الرياضيات‬
‫ّ‬
‫وتعلمها خالل كوفيد‪ 19‬اليت ُط ّبقت من خالل اإلجراءات اآلتية‪:‬‬
‫‪ -1‬ادلعم اتلكنولويج واتلقين للطلبة‪ :‬يستلزم اتلحول للتدريس عرب املنصات االفرتاضية توافر‬
‫اتلكنولوجيا لتسهيل تقديم ادلروس واتلواصل املستمر بني الطالب واملعلمني وأويلاء األمور‬
‫وإدارات املدارس‪ ،‬إذ إن إماكنية توافر األجهزة اتلكنولوجية جلميع الطلبة يمثل حتديًا؛ ذللك وفرت‬
‫جمالس أويلاء الطلبة جمموعة من أجهزة الكمبيوتر املحمولة وأجهزة اآليباد ‪ iPad‬واألجهزة‬
‫اللوحية للطلبة املحتاجني؛ ما يضمن اندماج اجلميع يف بيئات اتلعلم عن بعد‪.‬‬
‫‪ -2‬اتلوجيه املنظم حنو تشكيل جممواعت اتلعلم اتلعاونية يف شلك جممواعت مصغرة وتم تشجيع‬
‫اتلواصل عرب تطبيقات اتلواصل االجتمايع‪.‬‬
‫‪ -3‬دراسة بيئة وجمتمع تعليم الرياضيات املتطور املشرتك انلاتج من اتلحول الرقيم من خالل تبين‬
‫املنهج النشط ‪ ،Enactivism‬اذلي يعتمد ىلع دراسة تأثري عوامل متعددة مثل‪ :‬اعمل (أ) اتلنوع‬
‫ّ‬
‫ادلاخيل املتضمن أعضاء املجتمع اذلين يساهمون بطرق خمتلفة يف تعلم وتعليم الرياضيات‪( ،‬ب)‬
‫االزدواجية يف األدوار واملهام‪( ،‬ج) السيطرة الالمركزية من حيث مدى اتلحديد ادلقيق لألدوار‬
‫املختلفة للعنارص املؤثرة يف بيئة اتلعلم‪( ،‬د) العشوائية املنظمة (حالة هيلكية تساعد ىلع حتديد‬
‫اتلوازن بني اتلكرار واالزدواجية واتلنوع ادلاخيل بني األعضاء)‪( ،‬ـه) تفاعالت العوامل املختلفة‬
‫(مدى تأثري العوامل داخل انلظام املعقد ىلع نشاط بعضها ً‬
‫بعضا)‪.‬‬
‫‪ -4‬وفرت القيود انلامجة عن جاحئة كوفيد‪ 19‬فرصة لصانيع السياسات واملعلمني والطالب‬
‫معا‪ ،‬وتبادل األفاكر واآلراء واخلربات واملعرفة‪ .‬حبيث يساهم لك فرد من‬ ‫وأويلاء األمور للعمل ً‬
‫ّ‬
‫أفراد املجتمع يف حتقيق اهلدف املشرتك تلعليم وتعلم الرياضيات‪ .‬وقد خلقت اتلجارب واألفاكر‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫طرائق مبتكرة تلعلم الرياضيات وتعليمها‪ .‬كما‬ ‫املختلفة اليت أنتجتها بيئات اتلعلم االفرتاضية‬
‫ُ‬
‫فرصا جديدة ألشاكل اتلفاعل واتلواصل داخل املجتمع الريايض اذلي انعكس‬ ‫وفرت ابليئة ً‬

‫‪74‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫لاً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫حول ماهية تعليم وتعلم الرياضيات ومصادر تعلمها‪ ،‬فمث ‪ :‬ملساعدة الطالب ىلع فهم املفاهيم‬
‫ّ‬
‫الرياضية املجردة باستخدام مواد ملموسة بوصفها أحد أهداف تعلم الرياضيات (ىلع سبيل‬
‫املثال‪ :‬عيص القياس‪ ،‬واملكعبات القابلة للوصل‪ ،‬وبطاقات اجلرب امللونة‪ ،‬ومواد األساس عرشة)‪،‬‬
‫فقد تم توظيف نماذج من بيئة املزنل‪ ،‬أو ابليئة املحلية‪ ،‬أو عن طريق روابط اتلعلم االفرتاضية‬
‫ّ‬
‫اليت توظف املحسوسات‪ ،‬ويه لغة اعملية ال ختضع لقيود اتلنوع يف اثلقافات واللغات وابليئات‪.‬‬
‫ّ‬
‫ساهمت هذه الروابط االفرتاضية يف خلق بيئة تعلم تفاعلية بني الطلبة واملعلمني وبني الطلبة‬
‫واملادة العلمية‪ ،‬إذ يمكن أن تستخدم املحسوسات (كاكئنات تعلم افرتاضية ومصادر تعليم‬
‫ّ‬
‫وتعلم) يف حمور األعداد والعمليات عليها يف تدريس الكسور ومجع وطرح األعداد الصحيحة‬
‫والعمليات احلسابية‪ ،‬ويف حمور اجلرب يف تدريس املقادير اجلربية واحلدوديات واملعادالت‪ ،‬ويف حمور‬
‫اهلندسة يف تقديم املفاهيم اهلندسية ودراسة خواصها والعالقات اهلندسية الاكمنة بني اخلواص‪،‬‬
‫ويمكن توظيفها يف دراسة اتلحويالت اهلندسية واألشاكل املركبة‪ ،‬ويف إجياد املساحات واملحيط‬
‫للمناطق املستوية‪ ،‬كما يمكن توظيفها يف االحتماالت وإجراء اتلجارب العشوائية‪ ،‬ولك هذا يف‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫إطار بيئة اتلعلم االفرتاضية‪ ،‬ويمكن للمعلم توظيفها يف اتلعلم اذلايت ويف أنشطة اتلعلم الصيف‬
‫والالصيف‪.‬‬

‫شلك ‪ .. 6‬املحسوسات االفرتاضية اتلفاعلية‬


‫‪https://www.didax.com/math/virtual-manipulatives.html‬‬

‫‪75‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫ّ‬
‫بانلظر إىل الفرص اليت توفرها اتلكنولوجيا يف تعليم وتعلم الرياضيات وحقيقة أن‬ ‫ ‬
‫احتياجات العرص احلديث تعتمد ىلع اتلكنولوجيا‪ ،‬يمكن إدراك أن استخدام اتلكنولوجيا أصبح‬
‫اآلن رضورة أكرث من تفضيل (‪ .)Demir & Özmantar, 2013‬إال أن دمج اتلكنولوجيا يف عملية‬
‫ً‬
‫ومعقدا‪ ،‬فقد يتضمن تكامل اتلكنولوجيا العديد من املتغريات‪،‬‬ ‫أمرا صعبًا‬
‫اتلعليم واتلعلم يعد ً‬
‫مثل االستعداد األويل وادلافع للتعلم عرب اإلنرتنت‪ ،‬ومعتقدات الكفاءة اذلاتية حول اتلعلم عرب‬
‫اإلنرتنت واتلعلم املوجه ذاتيًا‪ ،‬وابلنية اتلحتية اتلكنولوجية والسياسات اتلعليمية‪ ،‬ومستوى‬
‫ادلعم املتوفر‬
‫(‪ ،)Naji, 2020‬فقد أظهرت الكثري من ادلراسات أن دلى معليم الرياضيات ومعليم ما قبل‬
‫ً‬
‫كبريا منهم غري متأكد‬ ‫ً‬
‫جزءا‬ ‫اخلدمة معتقدات سلبية فيما يتعلق باستخدام اتلكنولوجيا‪ ،‬وأن‬
‫من مهاراته يف استخدام اتلكنولوجيا يف عملية اتلدريس‪ .‬قد يتعلق أحد األسباب املهمة هلذه‬
‫املعتقدات بنقص املعرفة واملهارات من جانب املعلمني حول استخدام األدوات اتلكنولوجية؛ ذلا‬
‫تتطلب اتلطورات الرسيعة يف دمج اتلكنولوجيا وتكاملها يف عملية اتلدريس حتديد وحتسني‬
‫تصورات املعلمني قبل اخلدمة فيما يتعلق باستخدام اتلكنولوجيا يف تدريس الرياضيات؛ ما قد‬
‫يسهل من حتقيق اتلاكمل املستقبيل للتكنولوجيا يف اتلدريس (‪.)Akkaya, 2016‬‬

‫االندماج والتفاعل الطالبي في بيئات التعلم القائمة على التكنولوجيا‬


‫ىلع الرغم من إدراكنا لدلور املتأصل اذلي تلعبه اتلكنولوجيا اآلن يف اتلعليم‪ ،‬وإماكناتها‬ ‫ ‬
‫املتنوعة خللق فرص متجددة للتفاعل الطاليب يف املواقف اتلدريسية‪ ،‬فإن تفاعل الطلبة ومشاركتهم‬
‫طريقا سهلاً ؛ فقد بدا ‪-‬إىل حد ما‪ً -‬‬
‫لغزا للمعلمني وابلاحثني‪،‬‬
‫ً‬
‫يف ظل ابليئات االفرتاضية لم جيد‬
‫وخاصة مع املناقشات املستمرة حول طبيعته وتعقيده‪ ،‬وانلقد حول عمق واتساع اتلنظري واتلفعيل‬
‫هل يف ابلحوث اتلجريبية اليت أجريت يف جمال تكنولوجيا اتلعليم وتطبيقاتها يف املدارس واتلعليم‬
‫العايل (‪ .)Bond & Bedenlier, 2019‬ورغم تباين املتغريات املؤثرة يف مشاركة الطلبة وتفاعلهم‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫مؤثرا يف بيئات‬ ‫واندماجهم يف عملية اتلعلم واتلعليم‪ ،‬فإن تضمني اتلكنولوجيا بوصفها اعمال‬
‫اتلعلم فرض أهمية توفري بنية مفاهيمية وأطر واضحة تستكشف مؤرشات اتلفاعل اإلجيايب‬
‫بني مشاركة الطلبة واتلكنولوجيا‪ ،‬وذلك من خالل دراسة العالقة بني بيئة اتلعلم القائمة ىلع‬
‫اتلكنولوجيا ومؤرشات االندماج واتلفاعل الطاليب ونواتج اتلعلم (شلك ‪.)7‬‬

‫‪76‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫شلك ‪ 7‬مؤرشات االندماج واتلفاعل الطاليب يف بيئة اتلعلم القائمة ىلع اتلكنولوجيا‬

‫وحيث تتطور عالقة اتلكنولوجيا باكتساب نواتج اتلعلم برسعة يف اعلم ايلوم‪ ،‬فإنه‬ ‫ ‬
‫من املهم أن يكتسب الطالب املعارف واملهارات من خالل حتمل مسؤويلة تعلمهم اذلايت‪ ،‬إذ‬
‫تعد املشاركة املعرفية والعاطفية والسلوكية يه األبعاد اثلالثة املقبولة ىلع نطاق واسع للتفاعل‬
‫واالندماج الطاليب يف بيئات اتلعلم املدمج أو عن بعد‪ ،‬إذ تتعلق املشاركة املعرفية باسرتاتيجيات‬
‫اتلعلم العميق واتلنظيم اذلايت والفهم‪ ،‬يف حني تتمثل املشاركة العاطفية بردود الفعل اإلجيابية ىلع‬
‫ُّ‬ ‫ً‬
‫بيئة اتلعلم واألقران واملعلمني‪ ،‬فضال عن شعورهم باالنتماء واالهتمام‪ ،‬و تعلق املشاركة السلوكية‬
‫باملشاركة واملثابرة والسلوك اإلجيايب‪.‬‬
‫وقد أشار سرياين وفوزان (‪ )Suryani & Fauzan, 2020‬إىل أن ضعف اكتساب الطلبة‬ ‫ ‬
‫ملهارات اتلعلم املنظم ذاتيًا (‪( )Self-Regulation of learning‬مثل مهارة االعتماد ىلع انلفس‬
‫واالنضباط واثلقة واإلحساس باملسؤويلة واتلحكم يف انلفس واملبادرة) يمثل حتديًا أمام‬
‫اكتسابهم للمفاهيم واملعارف واملهارات الرياضية؛ ذلا فإن دراسة العوامل املؤثرة يف بيئات اتلعلم‬
‫القائمة ىلع اتلكنولوجيا ورصد مدى اكتساب الطلبة ملهارات االندماج واتلفاعل الطاليب يف‬
‫هذه ابليئات‪ ،‬قد يسهم وبشلك منظم ونويع يف اكتساب نواتج اتلعلم القصرية والطويلة املدى‪.‬‬
‫لاً‬
‫يقدم جدول ‪ 1‬إطار عمل متاكم ملشاركة الطالب يف بيئات اتلعلم االفرتاضية‪ ،‬إذ يصور تأثري‬
‫ّ‬
‫ادلراسية من خالل الرتكزي ىلع‬ ‫ّ‬
‫اتلعليمية ىلع املشاركة يف الصفوف‬ ‫العوامل املرتبطة باتلكنولوجيا‬
‫ّ‬
‫نمو املتعلم وقدرته ىلع تنظيم تعلمه ذاتيًا وبكفاءة (‪.)Bond & Bedenlier, 2019‬‬

‫‪77‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫جدول‪1‬‬
‫ّ‬
‫العوامل املؤثرة املرتبطة باتلكنولوجيا اتلعليمية يف املشاركة واالندماج يف الصفوف ادلراسية‬

‫توصيفه ومؤرشاته‬ ‫العامل املؤثر‬

‫إن مهارات الطلبة اتلكنولوجية وقدرتهم ىلع توظيف اتلطبيقات‬


‫الرقمية وتكنولوجيا املعلومات واالتصاالت حتدد وبشلك كبري‬
‫مستوى اثلقة يف إدارة تعلمهم ذاتيًا‪ ،‬كما أن توفري ادلعم الفين‬ ‫املتعلم‬
‫والعاطيف للطلبة يضمن مشاركتهم وتفاعلهم مع أنشطة اتلعلم‬
‫واتلعليم‪.‬‬
‫للمعارف واملهارات اتلكنولوجية اليت يمتلكها املعلم دور يف‬
‫تعزيز مشاركة الطلبة‪ ،‬ذلك من خالل خلق فرص داعمة ومنظمة‬ ‫املعلم‬
‫الكتساب الطلبة املعارف واملهارات‪ ،‬وتعزيز اتلفاعل الطاليب‪،‬‬
‫وتقديم اتلغذية الراجعة املناسبة للطلبة‪.‬‬
‫تعزز املؤسسات اتلعليمية اليت تطور ثقافة جناح الطالب ‪-‬اليت‬
‫تستثمر يف خدمات ادلعم وابلنية اتلحتية‪ ،‬مثل اتصاالت اإلنرتنت‬
‫املوثوق بها واتلكنولوجيا‪ -‬من فرص املشاركة اإلجيابية للطلبة‪ .‬إن‬ ‫بيئة اتلعلم واتلكنولوجيا‬
‫تكامل اتلكنولوجيا اتلعليمية يسهل املشاركة إذا وجدها الطالب‬
‫ذات مغزى ومرتبطة باحلياة الواقعية ويمكنهم املشاركة واتلفاعل‬
‫دون قلق‪.‬‬
‫أنشطة اتلعليم واتلعلم يف يعد تصميم أنشطة تعليمية هادفة مرتبطة باحلياة الواقعية معززة‬
‫ّ‬
‫اتلفاعلية اليت تتمزي بادلقة والعمق واملالءمة‪.‬‬ ‫باتلكنولوجيا الرقمية‬ ‫املناهج ادلراسية‬
‫يمكن أن تلعب العالقات األرسية ومستوى تعليم الوادلين‬
‫ّ‬ ‫ومشاركة الوادلين ً‬
‫دورا يف تعزيز املشاركة الطالبية‪ ،‬إذ يتعلم‬ ‫األرسة‬
‫الطالب ً‬
‫أيضا مهاراتهم احلاسوبية من وادليهم‪.‬‬
‫يعد إنشاء جمتمعات اتلعلم اليت يمكن للطالب من خالهلا‬
‫اتلفاعل بشلك تعاوين مع اآلخرين بلناء عالقات فعالة بني األقران‬
‫‪-‬مع اتلكنولوجيا أو من دونها‪ً -‬‬
‫أمرا ذا قيمة كبرية تلحقيق اتلفاعل‬ ‫األقران‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ارتباطا وثيقا بكيفية تصميم‬ ‫الطاليب‪ .‬يرتبط تفاعل األقران‬
‫أنشطة اتلعلم واألدوات الرقمية‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫مؤرشات اتلفاعل واالندماج الطاليب‬

‫املؤرشات‬ ‫نوع املشاركة‬

‫هادف ‪ -‬تكامل األفاكر‪ -‬اتلفكري انلاقد ‪ -‬وضع أهداف اتلعلم‬ ‫املعرفية‬


‫‪ -‬االنضباط اذلايت ‪ -‬االستدالل العميل ‪ -‬حماولة الفهم – اتلأمل ‪-‬‬
‫الرتكزي‪ -‬اتلعلم العميق ‪ -‬اتلعلم من األقران ‪ -‬اختاذ القرار‪ -‬الفهم‬
‫‪ -‬بذل املزيد من أجل اتلعلم‪ -‬تصورات اذلات اإلجيابية والكفاءة‬
‫اذلاتية‪ -‬تفضيل املهمات الصعبة‪ -‬تدريس األقران‪ -‬استخدام‬
‫اسرتاتيجيات اتلعلم املتطورة– تصورات إجيابية حنو دعم املعلم‪.‬‬
‫محاس‪ -‬االنتماء اذلايت‪ -‬الرضا‪ -‬الفضول‪ -‬اتلنظيم اذلايت‪ -‬االهتمام‪-‬‬ ‫العاطفية‬
‫إحساس بالراحة‪ -‬احليوية‪ -‬الشعور باتلقدير‪-‬تنظيم اتلوقعات‪-‬‬
‫االستمتاع باتلعلم‪ -‬الفخر‪ -‬التشويق‪ -‬الرغبة يف تقديم األفضل‪-‬‬
‫اتلفاعل اإلجيايب مع املعلم والطلبة‪ -‬االرتباط ببيئة اتلعلم‪-‬اجتاهات‬
‫إجيابية حنو اتلعلم‪ -‬القيم‬
‫اجلهد ‪ -‬الرتكزي‪ -‬تطوير القدرات ‪ -‬احلضور‪ -‬اجلهد املبذول ‪ -‬إكمال‬ ‫السلوكية‬
‫النشاط املزنيل ‪ -‬اتلواصل اإلجيايب ‪ -‬اتلفاعل النشط – اثلقة –‬
‫املشاركة ‪ -‬طلب املساعدة من املعلم أو األقران ‪ّ -‬‬
‫حتمل املسؤويلة ‪-‬‬
‫حتديد الفرص والصعوبات ‪ -‬تطوير مهارات متنوعة ‪ -‬دعم وتشجيع‬
‫األقران ‪ -‬اتلفاعل مع (األقران‪ ،‬املعلم‪ ،‬املحتوى‪ ،‬اتلكنولوجيا)‪-‬‬
‫اكتساب اعدات تعلم جيدة ‪ -‬إجناز املهمات يف وقتها‪.‬‬

‫نواتج اتلعلم‬

‫انلواتج األكاديمية‪ :‬املعرفة – االجتاهات – املهارات – ادلافعية –‬


‫نواتج اتلعلم قصرية املدى اثلقة ‪ -‬تطوير اعدات اتلعلم‬
‫انلواتج االجتماعية‪ :‬الرضا‪ -‬اإلجناز‪ -‬االنتماء ‪ -‬العالقات (اتلعاون‪،‬‬ ‫ ‬
‫االندماج‪ ،‬العمل اجلمايع‪ ،‬املهارات الشخصية)‬ ‫ ‬
‫ ‬
‫اتلعلم بعيدة املدى انلواتج األكاديمية‪ :‬العمل انلاجح ‪ -‬اتلعلم مدى احلياة ‪ -‬ثبات أثر‬
‫ ‬ ‫نواتج‬
‫اتلعلم‪.‬‬
‫انلواتج االجتماعية‪ :‬املواطنة ‪ -‬انلمو الشخيص ‪ -‬االندماج املؤسيس‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫تجارب ميدانية في تدريس األقران في بيئات التعلم االفتراضية (تأمالت ذاتية)‬


‫مع بدء جاحئة كوفيد ‪ ،19‬حتول اتلعليم اجلاميع يف مؤسسات اتلعليم العايل يف سلطنة‬ ‫ ‬
‫عمان إىل نظام اتلعليم عن بعد‪ .‬ألىق هذا اتلحول املفائج بظالهل ىلع مجيع املقررات ادلراسية بما‬
‫فيها الربامج اليت تتطلب تدريبًا ميدانيًا بكليات الرتبية‪ ،‬إذ يعد برنامج إعداد معلم الرياضيات‬
‫بمقرراته املرتبطة باملنهج الرتبوي وطرائق اتلدريس واتلدريب امليداين أحد هذه الربامج اليت‬
‫تغيريا يف الكثري من اسرتاتيجيات اتلعليم واتلعلم وفرص‬ ‫ً‬ ‫تطلب اتلغيري فيها حنو اتلعليم عن بعد‬
‫اتلفاعل واملشاركة واتلطبيق وآيلات اتلقويم واتلقييم‪.‬‬
‫وىلع الرغم من لك اتلداعيات واملتغريات والصعوبات اليت رافقت جتربة اتلعليم عن‬ ‫ ‬
‫َ‬
‫بعد‪ ،‬فقد ترسم نلا القيمة املضافة من هذه اتلجربة املسار يف جتويد وتطوير برامج إعداد املعلم‬
‫ّ‬
‫بصفة اعمة ومعلم الرياضيات بصفة خاصة‪ ،‬فاكن تدريس األقران يف بيئات اتلعلم واتلعليم‬
‫االفرتاضية أحد اخليارات ابلديلة عن اخلربات امليدانية يف املدارس؛ وذلك إلكساب معلم‬
‫الرياضيات الكفايات اتلدريسية بوصفها كفايات اتلخطيط واتلنفيذ واتلقويم‪ .‬وىلع الرغم من أن‬
‫بيئة اتلعلم االفرتاضية اليت تمت فيها معايشة هذه اتلجربة ليست بنفس مواصفات بيئات اتلعلم‬
‫احلقيقية يف املدارس؛ فإنها مثلت إحدى اتلجارب الرثية اليت ساهمت يف تطبيق اسرتاتيجيات‬
‫ّ‬
‫تعليم وتعلم مالئمة للتعلم عن بعد‪ ،‬وتوظيف مصادر متنوعة يف تدريس الرياضيات‪ ،‬وبرامج‬
‫ُّ‬
‫وتطبيقات إلكرتونية ورقمية خاصة بتعلم وتعليم الرياضيات‪ ،‬وتطبيق اسرتاتيجيات وبرامج‬
‫فاعلة للتعلم النشط واملشاركة الصفية يف بيئة اتلعلم االفرتاضية‪.‬‬
‫ساهمت هذه اتلجارب اليت اعيشها الطلبة يف إكسابهم مهارات متنوعة اتضح أثرها‬ ‫ ‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫عند اتلخطيط واتلدريس دلروس الرياضيات اليت قدمت بوصفها أدلة تقيس مدى اتلمكن من‬
‫نواتج اتلعلم اليت يهدف إيلها برنامج إعداد معلم الرياضيات يف لكية الرتبية‪ .‬فعىل سبيل املثال ال‬
‫ّ‬
‫احلرص وظف الطلبة املحسوسات بوصفها اكئنات تعلم افرتاضية (‪)Virtual manipulative‬‬
‫ي تدريس موضواعت رياضية من حمور األعداد (مثل‪ :‬موضواعت الكسور‪ -‬العمليات احلسابية‪-‬‬
‫تمثيل األعداد)‪ ،‬ومن حمور اجلرب (مثل‪ :‬موضواعت كثريات احلدود‪ -‬املقادير اجلربية والعمليات‬
‫عليها‪ -‬حل املعادالت واملتباينات)‪ ،‬ومن حمور اهلندسة (مثل‪ :‬موضواعت األشاكل اهلندسية‬
‫وخواصها والعالقات بينها‪ -‬واألجسام اثلالثية األبعاد وخواصها‪ -‬واتلحويالت اهلندسية‪-‬‬
‫ّ‬
‫وهندسة املثلث وادلائرة)‪ .‬حيث صمم الطلبة أنشطة تعليمية وتعلمية يتم من خالهلا تقديم‬
‫املفاهيم الرياضية‪ ،‬واكتساب اخلوارزميات واملهارات‪ ،‬واكتشاف اتلعميمات الرياضية‪ ،‬وحل‬
‫ُّ‬
‫املشكالت بتوظيف املحسوسات بوصفها اكئنات تعلم افرتاضية تسهل من اكتساب املعرفة‬
‫الرياضية وتعزيزها‪ .‬كما تم توظيف املحسوسات يف تطبيق انلمذجة الرياضية (شلك ‪.)8‬‬

‫‪80‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫شلك ‪ 8‬اخلربات اتلعليمية املقدمة من الطلبة خالل تدريس األقران يف بيئات اتلعلم االفرتاضية‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫ّ‬
‫كما تم توظيف برنامج اجليوجربا ‪-‬اذلي يمثل أحد الربامج اخلاصة بتعلم وتعليم الرياضيات‪ -‬من‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫مساندا يف تقديم أنشطة تعليم وتعلم الرياضيات خالل تدريس‬ ‫قبل الطلبة بوصفه مصدر تعلم‬
‫األقران‪ ،‬اليت هدفت إىل اكتشاف احلقائق واتلعميمات الرياضية يف موضواعت اهلندسة اإلحداثية‬
‫وهندسة املثلث وادلائرة (شلك ‪)9‬‬

‫شلك‪9‬‬
‫أنشطة اتلعليم املوظفة لربنامج اجليوجربا املقدمة خالل تدريس األقران يف بيئات اتلعلم االفرتاضية‬

‫‪82‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫كما وظف الطلبة تطبيقات إلكرتونية متنوعة يف حتفزي اتلعلم النشط الفعال‪ ،‬وتنظيم‬ ‫ ‬
‫املشاركة الصفية بوصفها تطبيقات األلعاب اإللكرتونية (شلك ‪ ،)10‬وسبورات العرض اتلفاعلية‪،‬‬
‫وبرامج اتلغذية الراجعة واتلعزيز‪ ،‬وتطبيقات اهلاتف اتلفاعلية‪ ،‬ومواد اتلعلم باملقلوب وغريها‪.‬‬
‫ذلا مثل ابلحث عن املعرفة واتلعلم اذلايت ‪-‬اذلي اكتسبه الطلبة الختيار اتلطبيقات املناسبة‬
‫ونماذجها املتنوعة‪ -‬قيمة مضافة ساهمت يف تعزيز مهارات اتلخطيط واتلنفيذ واتلقويم دلى‬
‫الطالب املعلم‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫شلك‪10‬‬
‫أنشطة اتلقويم اتلفاعلية املقدمة خالل تدريس األقران يف بيئات اتلعلم االفرتاضية‬

‫‪84‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫إن بيئات اتلعلم االفرتاضية اليت تعلم من خالهلا الطلبة كيفية تصميم أنشطة تعليم‬ ‫ ‬
‫ّ‬
‫وتعلم الرياضيات حبيث تكون مناسبة ومالئمة للتعلم عن بعد‪ ،‬واليت تم توظيف برامج وتطبيقات‬
‫إلكرتونية من خالهلا لتساهم يف اكتساب املعرفة الرياضية واكتشافها وتعزيزها‪ ،‬واليت قدمت‬
‫فيها مشاراكت تفاعلية منظمة يف املوقف الصيف االفرتايض بتطبيقات اتلعلم النشط اإللكرتوين؛‬

‫‪85‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫مثلت مدارس إعداد وتدريب للطالب املعلم مزودة خبربات جديدة ومتنوعة‪ .‬تفتح القيم املضافة‬
‫املجال إلاعدة تنظيم برامج إعداد معلم الرياضيات ليستطيع تنمية كفاياته اتلدريسية يلتالءم مع‬
‫لك بيئات اتلعلم (املبارشة‪ ،‬املدجمة‪ ،‬االفرتاضية)‪ ،‬ىلع أنه من املهم دراسة الصعوبات واتلحديات‬
‫اليت اعيشها الطلبة خالل جتربة تدريس األقران يف بيئات اتلعلم االفرتاضية اليت تمثلت يف‬
‫ضعف الشبكة‪ ،‬وقلة املوارد مثل األجهزة اإللكرتونية والظروف االجتماعية يف بيئات املزنل‬
‫وغريها‪ .‬وإن اكنت هذه الصعوبات مشرتكة بني فئات الطلبة يف مجيع املؤسسات اتلعليمية فإنها‬
‫تمثل بالنسبة للطالب املعلم ‪ -‬اذلي يعتمد بشلك كبري يف تنمية مهاراته وإجناز متطلبات تدريسه‬
‫ىلع فرص ابلحث واتلعلم اذلايت اليت توفرها هل الشبكة املعلوماتية ‪ -‬حتديًا يصعب جتاهل أثره‪.‬‬
‫وإن اكنت هذه اتلأمالت اذلاتية حمددة حبدود موضوعية وماكنية وبرشية فإنها قد ترسم‬ ‫ ‬
‫نلا مسارات للتطوير يف برامج إعداد املعلم وتزويده باملهارات الالزمة للتدرب يف بيئات تعلم‬
‫متنوعة مبارشة ومدجمة وافرتاضية‪ ،‬حبيث تمثل مؤسسات إعداد املعلم حاضنًا أساسيًا لفرص‬
‫اتلطوير‪.‬‬
‫ّ‬
‫تكامل التكنولوجيا في تعليم وتعلم الرياضيات‪ :‬تدريب المعلمين قبل وفي أثناء الخدمة‬
‫تسىع املؤسسات اتلعليمية دلمج األدوات الرقمية واتلطبيقات اتلكنولوجية ومنصات‬ ‫ ‬
‫ُّ‬
‫الويب يف األنشطة املدرسية بهدف حتسني فرص اكتساب خربات اتلعليم واتلعلم‪ ،‬ويف الواقع فإن‬
‫دمج استخدام اتلكنولوجيا يف أنشطة اتلعليم الصفية والالصفية ساهم يف ظهور منهجيات ونماذج‬
‫تعليمية جديدة يساهم فيها املعلمون بشلك مبارش فيها من خالل اختيار وتنظيم وبناء مساحات‬
‫ُّ‬
‫افرتاضية للتعلم واتلدريس‪.‬‬
‫ّ‬
‫إن من أهم عوامل تعزيز اتلاكمل اتلكنولويج يف تعليم وتعلم الرياضيات يف بيئات‬ ‫ ‬
‫اتلعلم املبارشة أو املدجمة أو االفرتاضية هو تأهيل وتدريب املعلمني قبل ويف أثناء اخلدمة؛ فقد‬
‫أظهرت ادلراسات امليدانية أن املعلمني غري قادرين ىلع استخدام اتلكنولوجيا بشلك فعال يف‬
‫مدارسهم بسبب عدم وجود تدريب فعال هلم الكتساب املعرفة واملهارات الاكفية‪ .‬فيف أثناء‬
‫ً‬
‫دروسا تتعلق باتلكنولوجيا العامة دون الرتكزي ىلع الربامج‬ ‫تعليمهم اجلاميع‪ ،‬يأخذ الطلبة املعلمون‬
‫ّ‬
‫اتلخصصية اليت تعىن بتعليم وتعلم املحتوى العليم‪ .‬هذه املعرفة العامة بمفردها ليست اكفية‬
‫ّ‬
‫لضمان تكامل اتلكنولوجيا يف املستقبل يف تعليم وتعلم الرياضيات‪ .‬من ناحية أخرى‪ ،‬تتأثر‬
‫تصورات املعلم واجتاهاته حول استخدام اتلكنولوجيا بشلك مبارش يف ممارساتهم اتلدريسية‪ ،‬ويف‬
‫تصميم خربات اتلعليم واتلعلم خبرباتهم يف املمارسات امليدانية‪ .‬فليك يصل املعلم إىل االقتناع‬
‫بأهمية توظيف الربامج اتلعليمية اتلكنولوجية‪ ،‬ومن ثم تصبح ً‬
‫جزءا من ممارساته املستقبلية؛ فإنه‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫حيتاج إىل جتربة استخدام اتلكنولوجيا يف ابليئات اليت تستخدم فيها ألغراض اتلدريس واتلعلم‬

‫‪86‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫قبل اخلدمة (‪ .)Akkaya, 2016‬وعندما تؤخذ يف االعتبار حقيقة أن معليم الرياضيات يفضلون‬
‫تدريس موادهم بالطريقة نفسها اليت يتعلمون بها‪ ،‬سيتبني أن امتالك خربات تعليمية قبل‬
‫ُ‬
‫اخلدمة حيث تستخدم اتلكنولوجيا سيسهل من عملية دمج اتلكنولوجيا يف تدريس الرياضيات‬
‫بعد اخلدمة؛ إذ تبني ادلراسات أن هناك عالقة إجيابية بني الكفاءة اذلاتية اتلكنولوجية عند املعلم‬
‫وبني فرص توظيف اتلكنولوجيا يف ممارساته اتلدريسية‪ .‬فقد أشار بااكر (‪ )Bakar et al., 2020‬إىل‬
‫أن معليم الرياضيات اذلين دليهم معرفة باتلاكمل اتلكنولويج يمتلكون كفاءة ذاتية إجيابية عند‬
‫دمج اتلكنولوجيا يف اتلدريس واتلعلم‪.‬‬
‫ويف هذا الصعيد‪ ،‬حيتاج املعلمون إىل تطوير الكفاءات اتلكنولوجية والرتبوية تلحقيق‬ ‫ ‬
‫ّ‬
‫دمج ناجح لألدوات الرقمية وتطبيقاتها يف عملية اتلعليم واتلعلم‪ ،‬ذلا فإنه جيب أن تركز برامج‬
‫إعداد املعلم ىلع إكساب الطالب املعلم املعرفة املتاكملة حول اتلكنولوجيا ومعرفة املحتوى‬
‫واملعرفة الرتبوية‪ ،‬ويمكن تبين بعض انلماذج اليت تتناول تكامل اتلكنولوجيا واملحتوى‬
‫واملعرفة الرتبوية‪ .‬أحد هذه انلماذج هو نموذج املعرفة اتلكنولوجية الرتبوية للمحتوى ‪TPACK‬‬
‫(‪ ،)Technological, Pedagogical and Content Model‬وهو نموذج يقرتح استخدام‬
‫املعرفة اتلكنولوجية والرتبوية واملحتوى تلحقيق تكامل مناسب تلكنولوجيا املعلومات‬
‫إطارا مرجعيًا يسمح بإنشاء اسرتاتيجيات‬
‫ً‬ ‫واالتصاالت يف عملية اتلعليم واتلعلم‪ ،‬كما أنه يمثل‬
‫ُّ‬
‫نشطة للتعليم واتلعلم من خالل استخدام تكنولوجيا املعلومات واالتصاالت‪ .‬تمتد اجلذور‬
‫انلظرية والفلسفية نلموذج ‪ TPACK‬من األفاكر املتعلقة باستخدام املعرفة الرتبوية واملحتوى‬
‫يف املجال اتلعلييم‪ ،‬اليت اقرتحها شوملان (‪.)1986‬‬
‫ويف وقت الحق‪ ،‬أنشأ ميرشا وكوهلر نموذج ‪ TPACK‬من خالل دمج املعرفة‬ ‫ ‬
‫اتلكنولوجية مع املحتوى واملعرفة الرتبوية‪ ،‬إذ تشري معرفة املحتوى (‪)Content Knowledge‬‬
‫(‪ )CK‬إىل املوضواعت اليت يتم تدريسها يف الفصول ادلراسية‪ ،‬وتشري املعرفة الرتبوية‬
‫(‪ )Pedagogical Knowledge)(PK‬إىل طرائق اتلدريس‪ ،‬وتشري املعرفة اتلكنولوجية‬
‫(‪ )Technological Knowledge)(TK‬إىل استخدام تكنولوجيا املعلومات واالتصاالت يف‬
‫املجال اتلعلييم‪ .‬هناك ً‬
‫أيضا ثالثة جماالت معرفية منفصلة تم احلصول عليها من خالل إقران‬
‫هذه املكونات اثلالثة‪ ،‬مثل‪ :‬املعرفة الرتبوية اتلكنولوجية (‪ ،)TPK‬ومعرفة املحتوى اتلكنولويج‬
‫(‪ ،)TCK‬ومعرفة املحتوى الرتبوي (‪ .)PCK‬يف حني يرشح ‪( TPACK‬شلك ‪ )11‬العالقات‬
‫واتلفاعالت بني املعرفة الرتبوية واملحتوى واملعرفة اتلكنولوجية (‪Akkaya ; 2020 ,Salas-, 2016‬‬
‫‪.)Rueda‬‬

‫‪87‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫المعرفة التكنولوجية‬
‫التربوية للمحتوى‬
‫‪TPACK‬‬
‫المعرفة التكنولوجية‬
‫‪Technological‬‬
‫المعرفة التكنولوجية‬ ‫(‪)Knowledge) (TK‬‬ ‫المعرفة التكنولوجية‬
‫التربوية‬ ‫التربوية‬

‫المعرفة التربوية‬
‫‪Pedagogical‬‬ ‫معرفة المحتوى‬
‫(‪)Knowledge‬‬ ‫‪Content‬‬
‫(‪)PK‬‬ ‫(‪)Knowledge‬‬
‫(‪)CK‬‬

‫المعرفة التربوية‬ ‫ ‬
‫للمحتوى‬
‫شلك ‪11‬‬
‫نموذج املعرفة اتلكنولوجية الرتبوية للمحتوى ‪TPACK‬‬

‫ذلا فإنه من املهم سد الفجوة اتلكنولوجية بني برامج إعداد معليم الرياضيات يف لكيات الرتبية‬
‫وبرامج اتلنمية املهنية للمعلمني يف املدارس‪ ،‬وهذا يتطلب مشاركة واضيع السياسات اتلعليمية‬
‫لفهم مكونات وآثار نموذج ‪ TPACK‬ىلع اتلطوير املهين ملعليم الرياضيات‪ ،‬وذلك بتعزيز‬
‫تصورات املعلمني واجتاهاتهم حنو اتلاكمل اتلكنولويج مع املعارف العلمية والرتبوية‪ ،‬وتعزيز‬
‫ّ‬
‫استعداد معليم الرياضيات العتماد نموذج ‪ TPACK‬عند تصميم أنشطة اتلعليم واتلعلم‬
‫(‪)Alrwaished et al, 2020‬؛ فقد أشار سالس‪ -‬ريودا (‪ )Salas-Rueda, 2020‬يف دراسته إىل انلتائج‬

‫‪88‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫اإلجيابية الستخدام نموذج ‪TPACK‬يف تدريس الرياضيات (شلك ‪ )12‬ىلع اكتساب املعرفة‬
‫الرياضية وتعزيزها؛ إذ تم تبين هذا انلموذج يف دمج استخدام املعرفة اتلكنولوجية (لغات‬
‫‪ HTML‬و‪ ،)PHP‬ومعرفة املحتوى (الصيغ اخلاصة بادلوال اخلطية واالحندار)‪ ،‬واملعرفة الرتبوية‬
‫(حمااكة ابليانات) بلناء برجمية تستخدم يف اتلنبؤ بأثر املتغريات حبساب امليل ومعادلة ادلوال‬
‫اخلطية‪ .‬وأشارت انلتائج إىل أن حمتويات الربجمية تؤثر بشلك إجيايب يف استيعاب املعرفة حول حتديد‬
‫وتقييم ادلوال اخلطية‪ ،‬وحساب امليل ومعامل االحندار وحتديد اإلحداثيات‪.‬‬

‫المعرفة التكنولوجية‬ ‫المعرفة التكنولوجية‬


‫التربوية‬ ‫التربوية للمحتوى‬
‫المعرفة التكنولوجية‬
‫توظيف طريقة المناقشة‬ ‫‪TPACK‬‬
‫‪)Technological‬‬
‫للطلبة الغائبين عن طريق‬
‫(‪Knowledge‬‬ ‫المعرفة التكنولوجية‬
‫برامج التواصل اإللكترونية‬
‫(‪)TK‬‬ ‫للمحتوى توظيف‬
‫‪ -‬تفعيل مجموعة من التعلم‬
‫سحب وإسقاط‬ ‫برنامج المحاكاة‬
‫اإللكتروني لمناقشة حل‬
‫إخفاء وكشف‬ ‫‪ -‬كائنات التعلم‬
‫المسائل الرياضية‬
‫تسليط الضوء‬ ‫اإلفتراضية‬
‫الحركة بالرسوم المتحركة‬ ‫للمحسوسات ‪ -‬برنامج‬
‫الهندسة الديناميكية‬

‫المعرفة التربوية‬
‫‪Pedagogical‬‬ ‫معرفة المحتوى‬
‫(‪)PK) (Knowledge‬‬ ‫‪Content‬‬
‫المناقشة ‪ -‬التمثيل والتطبيق ‪-‬‬ ‫( ‪)Knowledge)(CK‬‬
‫النمذجة ‪ -‬البرهنة ‪ -‬المحاكاة‬ ‫الحساب‬
‫الجبر‬
‫الهندسة‬
‫اإلحصاء‬
‫المعرفة التربوية للمحتوى‬
‫تدريس الجبر‬
‫واإلحصاء والهندسة‬
‫باستخدام المحاكاة والمناقشة‬
‫وتوظيف المحسوسات‬
‫شلك ‪12‬‬
‫نموذج املعرفة اتلكنولوجية الرتبوية للمحتوى ‪ TPACK‬يف الرياضيات الرتبوية‬

‫‪89‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫ّ‬
‫تكامل التكنولوجيا في تعليم وتعلم الرياضيات‪ :‬نماذج التعلم المدمج‬
‫ّ‬
‫يمثل اتلعليم املدمج أحد تطبيقات تكامل اتلكنولوجيا مع عملية اتلعليم واتلعلم‬ ‫ ‬
‫املتمحورة حول املتعلم‪ ،‬إذ يعزز اتلفاعل بني الطلبة‪ ،‬وبني املعلم والطلبة‪ ،‬وبني الطلبة واملحتوى‪،‬‬
‫وبني الطلبة واملوارد األخرى‪ .‬وتتمثل إحدى السمات الشائعة للتعلم املدمج يف أنه عندما يتم‬
‫اتلدريس جزئيًا عرب اإلنرتنت وجزئيًا من خالل طرائق أخرى‪ ،‬فإن الطرائق املختلفة اعدة ما‬
‫تكون مرتابطة‪ .‬بعبارة أخرى‪ ،‬إن ما يتعلمه الطالب عرب بيئات اتلعلم االفرتاضية يعزز ما‬
‫وجها لوجه والعكس صحيح (‪ .)Cortez, 2020‬وعند اتلعريف باتلعلم املدمج فإنه جيب‬ ‫يتعلمونه ً‬
‫اتلميزي بينه وبني أشاكل اتلعلم الشائعة األخرى اليت قد خيلطها الكثريون مع اتلعلم املدمج‪ .‬ينشأ‬
‫االتلباس ألن ممارسات تعليمية معينة –مثل‪ :‬اتلدريس اتلقليدي‪ ،‬واتلعليم الغين باتلكنولوجيا‪،‬‬
‫واتلعليم غري الرسيم عرب اإلنرتنت‪ ،‬واتلعلم االفرتايض الشامل‪ -‬تشرتك يف بعض مزيات اتلعلم‬
‫املدمج ولكنها ختتلف يف الطرائق الرئيسية اليت تستند عليها يف حتقيق املالءمة مع فئات الطلبة‬
‫ّ‬
‫والوقت واملوارد املتاحة واسرتاتيجيات اتلعليم واتلعلم وأدوات اتلقويم‪.‬‬
‫لقد تطور مفهوم اتلعلم املدمج بعد أن تم دمج تطبيق تكنولوجيا اهلاتف املحمول‬ ‫ ‬
‫وجها لوجه مع اتلعلم عرب اإلنرتنت إىل بيئة اتلعلم‬ ‫يلتحول من برنامج رسيم تلاكمل اتلعليم ً‬
‫القائمة ىلع موارد االتصاالت املتنقلة وبيئة اتلعلم عرب اإلنرتنت وبيئة اتلدريس ً‬
‫وجها لوجه‬
‫ويعرف اتلعلم املدمج ىلع أنه برنامج تعلييم رسيم يتعلم فيه الطالب جزئيًا‬ ‫ّ‬ ‫(‪.)Liu et al, 2020‬‬
‫ىلع األقل من خالل تقديم املحتوى واتلعليم عرب اإلنرتنت مع بعض العنارص املحددة مثل الوقت‬
‫ً‬
‫مقيدا بايلوم ادلرايس أو العام ادلرايس)‪ ،‬واملاكن (حيث لم يعد اتلعلم‬ ‫(حيث لم يعد اتلعلم‬
‫مقترصا ىلع طرائق اتلدريس املستخدمة من‬‫ً‬ ‫ً‬
‫مقترصا ىلع جدران الفصل) واملسار ( لم يعد اتلعلم‬
‫ً‬
‫قبل املعلم‪ ،‬بل يمكن توظيف الربامج اتلفاعلية يف حتقيق نواتج اتلعلم وفقا الحتياجات الطلبة‪،‬‬
‫ً‬
‫مقيدا باجتياز الفصل ادلرايس بأكمله من الطالب) باإلضافة إىل‬ ‫والرسعة (حيث لم يعد اتلعلم‬
‫اجلزء املرتبط بمتابعة اتلعلم من خالل املزنل (‪.)Staker & Horn, 2012‬‬
‫َ‬
‫عند تطبيق اتلعلم املدمج فإنه جيب علينا أن نوجه أهداف وآيلات اتلطبيق انلويع حنو‬ ‫ ‬
‫فتح املجال لرؤية شاملة ومتسعة تشمل فرص حتقيق اتلاكمل بني بيئات اتلعلم املختلفة وأنماطها‬
‫ونماذجها املتنوعة تلمكن الطلبة من حتقيق نواتج اتلعلم املرغوب فيها‪ .‬ومن أحد أبرز انلماذج‬
‫اتلطبيقية يف اتلعلم املدمج هو انلموذج اتلدويري‪ ،‬ونموذج اتلعلم املرن‪ ،‬ونموذج ادلمج اذلايت‪،‬‬
‫وانلموذج االفرتايض الرثي (شلك ‪)Staker & Horn, 2012(. )13‬‬

‫‪90‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫شلك ‪13‬‬
‫نماذج اتلعلم املدمج‬

‫(‪ )1‬نموذج اتلعلم املدمج اتلدويري (باتلناوب)‪ :‬برنامج يتم فيه تناوب الطالب ضمن دورة دراسية‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أو مادة معينة (ىلع سبيل املثال‪ :‬الرياضيات) وفقا جلدول زمين حمدد‪ ،‬أو وفقا تلقدير املعلم‬
‫لطرائق اتلعلم املفرتض تطبيقها‪ ،‬وإحدى هذه الطرائق ىلع األقل يه اتلعلم عرب اإلنرتنت‪ .‬قد‬
‫تشمل الطرائق األخرى أنشطة مثل‪ :‬تعليمات ملجموعة صغرية‪ ،‬أو صف اكمل‪ ،‬أو مشاريع مجاعية‬
‫ودروس فردية ومهام بالقلم الرصاص والورقة‪.‬‬
‫أ‌‪.‬نموذج تدوير املحطة(‪ : )Station-Rotation model‬تطبيق نموذج اتلناوب حيث‬
‫ً‬
‫يتناوب الطالب ضمن دورة تدريسية أو مادة معينة (ىلع سبيل املثال‪ :‬الرياضيات) وفقا‬
‫ً‬
‫جلدول زمين حمدد أو وفقا تلقدير املعلم بني طرائق اتلعلم القائمة ىلع الفصل ادلرايس‪ .‬يشمل‬

‫‪91‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫اتلناوب حمطة واحدة ىلع األقل للتعلم عرب اإلنرتنت‪ .‬قد تتضمن املحطات األخرى أنشطة‬
‫مثل‪ :‬تعليمات ملجموعة صغرية‪ ،‬أو صف اكمل‪ ،‬ومشاريع مجاعية‪ ،‬ودروس فردية‪ ،‬ومهام‬
‫بالقلم الرصاص والورق‪ .‬تتضمن بعض اتلطبيقات الفصل ادلرايس بأكمله ‪ ،‬بينما يقسم‬
‫ابلعض اآلخر الفصل إىل جممواعت صغرية تتناوب واحدة تلو األخرى ىلع املحطات‪ .‬خيتلف‬
‫نموذج استدارة املحطة (شلك ‪ )14‬عن نموذج اتلناوب الفردي ألن الطالب يدورون عرب‬
‫مجيع املحطات‪ ،‬وليس فقط تلك املوجودة يف جداوهلم املخصصة‪.‬‬

‫شلك ‪14‬‬
‫نماذج اتلعلم املدمج اتلدويري (باتلناوب)‪ :‬تدوير املحطة‬

‫ب‪ -‬نموذج اتلدوير املختربي (‪ :)Lab-Rotation model‬يتم تطبيق نموذج اتلناوب‬


‫ً‬
‫حيث يتناوب الطالب ضمن دورة أو مادة معينة (ىلع سبيل املثال‪ :‬الرياضيات) وفقا جلدول‬
‫ً‬
‫زمين حمدد‪ ،‬أو وفقا تلقدير املعلم بني املواقع املوجودة يف بيئة املدرسة أو اجلامعة‪ .‬واحدة ىلع‬
‫األقل من هذه املساحات اتلعليمية عبارة عن معمل تعلييم للتعلم عرب اإلنرتنت‪ .‬يف الغالب‪،‬‬
‫بينما تضم الفصول ادلراسية اإلضافية طرائق تعلم أخرى‪ .‬خيتلف نموذج اتلناوب املختربي‬
‫ً‬
‫عن تناوب املحطات ألن الطالب يتناوبون بني املواقع يف بيئة املدرسة أو اجلامعة بدال من‬
‫ابلقاء يف فصل درايس واحد‪.‬‬
‫ج‪ -‬نموذج فصول اتلعلم املقلوب (‪ :)Flipped-Classroom model‬يتم تطبيق نموذج‬

‫‪92‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫اتلناوب‪ ،‬إذ يتناوب الطالب ضمن دورة أو مادة معينة (ىلع سبيل املثال‪ :‬الرياضيات) ىلع‬
‫جدول زمين حمدد بني املمارسة (أو املشاريع) اليت يوجهها املعلم ً‬
‫وجها لوجه يف املدرسة أو‬
‫احلرم اجلاميع خالل ايلوم ادلرايس العادي وتوصيل املحتوى وتعليمات نفس املوضوع‬
‫ً‬
‫(اغبلا يف املزنل) بعد املدرسة‪ .‬يتم التسليم األسايس للمحتوى‬ ‫عرب اإلنرتنت من ماكن بعيد‬
‫واتلعليمات عرب اإلنرتنت‪ .‬يتوافق نموذج الفصول املعكوسة (شلك ‪ )15‬مع فكرة أن اتلعلم‬
‫املدمج يتضمن بعض عنارص اتلنظيم اذلايت للطالب (للوقت واملاكن واملسار و‪ /‬أو الرسعة)‬
‫ألن انلموذج يسمح للطالب باختيار موقع تعلم املحتوى‪.‬‬

‫شلك ‪15‬‬
‫نماذج اتلعلم املدمج اتلدويري (باتلناوب)‪ :‬نموذج فصول اتلعلم املقبول‬

‫د‪ -‬نموذج اتلدوير الفردي (‪ :)Individual-Rotation model‬يتم تطبيق نموذج اتلناوب‬


‫الفردي عن طريق تناوب الطالب ضمن دورة أو مادة معينة (ىلع سبيل املثال‪ :‬الرياضيات)‬
‫ىلع جدول زمين ثابت وخمصص بشلك فردي بني طرائق اتلعلم‪ ،‬طريقة منها ىلع األقل يه‬
‫اتلعلم عرب اإلنرتنت‪ .‬حتدد اخلوارزمية أو املعلم (املعلمون) جداول الطالب الفردية‪ .‬خيتلف‬
‫نموذج اتلناوب الفردي عن نماذج اتلدوير األخرى ألن الطالب ال يتناوبون بالرضورة ىلع‬
‫لك حمطة أو طريقة متاحة‪.‬‬

‫‪93‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫شلك ‪16‬‬
‫نماذج اتلعلم املدمج اتلدويري (باتلناوب)‪ :‬نموذج اتلدوير الفردي‬

‫(‪ )1‬نموذج اتلعلم املدمج املرن‪ :‬برنامج يتم فيه تسليم املحتوى واتلعليمات بشلك أسايس عن‬
‫ً‬
‫طريق اإلنرتنت‪ ،‬ويتحرك الطالب وفقا جلدول زمين مرن وخمصص بشلك فردي بني طرائق‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫اتلعلم‪ ،‬يقدم املعلم ً‬
‫مبارشا وجها لوجه ىلع أساس مرن وقابل للتكيف حبسب احلاجة من‬ ‫دعما‬
‫خالل أنشطة مثل‪ :‬تعليم املجموعة الصغرية‪ ،‬واملشاريع اجلماعية‪ ،‬وادلروس اخلصوصية الفردية‪.‬‬
‫تتمتع بعض اتلطبيقات بدعم كبري وبشلك مبارش‪ ،‬بينما حتظى بعض اتلطبيقات األخرى بدعم‬
‫ضئيل‪ ،‬ىلع سبيل املثال‪ :‬قد حتتوي بعض انلماذج املرنة ىلع متابعة يومية للمعلم عرب اإلنرتنت‪،‬‬
‫ً‬ ‫َ‬
‫بينما قد يقدم ابلعض اآلخر القليل من اتلعلم وجها لوجه‪.‬‬

‫(‪ )2‬نموذج اتلعلم املدمج اذلايت‪ :‬يأخذ الطلبة برناجمهم اتلعلييم عرب اإلنرتنت بالاكمل‪ ،‬ىلع أن‬
‫يتواصل املعلم مع طالبه عرب اإلنرتنت‪ .‬يمكن للطالب أخذ دورات عرب اإلنرتنت‪ ،‬إما يف احلرم‬
‫اجلاميع أو خارج املوقع‪ .‬هذا خيتلف عن اتلعلم عرب اإلنرتنت بدوام اكمل وانلموذج االفرتايض‬
‫الرثي ألنه ليس جتربة مدرسية اكملة‪ .‬يمزج الطالب بني بعض الربامج اتلعليمية واتلدريبية‬
‫الفردية عرب اإلنرتنت‪ ،‬ويأخذون برامج تعليمية يف بيئة اتلعلم الفعلية مع املعلمني بشلك مبارش‬
‫ً‬
‫(وجها لوجه)‪.‬‬

‫‪94‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫(‪ )3‬نموذج اتلعلم املدمج االفرتايض الرثي‪ :‬جتربة مدرسية اكملة يقسم فيها الطالب ضمن لك‬
‫دورة (ىلع سبيل املثال‪ :‬الرياضيات) وقتهم بني احلضور إىل بيئة اتلعلم الفعلية واتلعلم عن بُعد‬
‫عرب اإلنرتنت‪ .‬يمكن لربامج انلموذج االفرتايض الرثي أن تكون كمدارس عرب اإلنرتنت تعمل‬
‫بنظام ادلوام الاكمل‪ ،‬أو تكون برامج مطورة مدجمة لزتويد الطالب خبربات مدرسية حقيقية‪.‬‬
‫خيتلف هذا انلموذج عن الفصول ادلراسية املعكوسة ألنه ً‬
‫نادرا ما حيرض الطالب إىل بيئة اتلعلم‬
‫الفعلية بشلك يويم‪ ،‬كما خيتلف عن نموذج ادلمج اذلايت ألنه جتربة مدرسية اكملة‪.‬‬
‫ً‬
‫تشري انلماذج السابقة إىل أن من مزيات اتلعلم املدمج أنه جيمع بني قوة اتلعليم املبارش (وجها‬
‫ً‬
‫لوجه) مع اتلعلم عرب بيئات اتلعلم االفرتاضية‪ ،‬اذلي يمكن أن يفسح املجال اكمال لدلور القيادي‬
‫ُّ‬
‫للمعلم من ناحية توجيه تعلم الطلبة ومتابعة مستوى إجنازهم ومبادرتهم تلطوير كفاءاتهم اذلاتية‬
‫وحتقيق نواتج اتلعلم‪.‬‬

‫‪95‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫الخاتمة‬
‫ ‬
‫بغض انلظر عن اجلدل حول فاعلية إغالق املدارس واتلحول إىل اتلعليم عن بعد بوصفه إجراء‬
‫لاً‬
‫فعا تبنته املؤسسات اتلعليمية العاملية واملحلية للتعامل مع معطيات جاحئة كوفيد_‪19‬؛ فإن‬
‫اتلدريس عن بعد بالاكمل بشلك مزتامن أو غري مزتامن يتضمن سلسلة من الظروف غري املرئية‬
‫ُّ‬ ‫ُّ‬
‫اليت تؤثر يف عمليات اتلعليم واتلعلم‪ ،‬ويزيد العبء ىلع الطالب واألرسة يف إدارة عمليات اتلعلم‬
‫واتلعليم جنبًا إىل جنب مع املؤسسات اتلعليمية‪ .‬ذلا من املهم إاعدة انلظر يف مدى استجابة‬
‫ُّ‬
‫عمليات اتلعليم واتلعلم هلذه الظروف من منظور دراسات املناهج اتلعليمية‪ ،‬ملا يقدمه هذا‬
‫املنظور من مناقشة حقيقية حول مدى إماكنية اتلطوير يف املناهج من حيث اهلدف واملحتوى‬
‫وأنشطة اتلعليم واتلعلم وأدوات اتلقييم واتلقويم تلتالءم مع اتلغريات املتسارعة يف بيئات اتلعلم‪،‬‬
‫اذلي قد يساعد ىلع رسم القرارات واحللول اليت جيب أخذها يف االعتبار بشلك عميل مع اتلغريات‬
‫والظروف املجتمعية الطارئة‪.‬‬
‫ً‬
‫من املحتمل أن تكون جاحئة كوفيد ‪ 19‬يه الظرف األول اعمليا اذلي سلط الضوء ىلع‬ ‫ ‬
‫ً‬
‫احلاجة إىل إاعدة اتلقييم بشلك حاسم يف املجاالت اليت لم يتم انلظر إيلها مسبقا أو تم تنحيتها‬
‫ّ‬
‫جانبًا (‪ .)Castro et al, 2020‬ولعل جمال تعليم وتعلم الرياضيات أحد املجاالت األساسية اليت‬
‫جيب أن يوجه االهتمام بتجويد نواجتها من خالل دراسة العوامل اليت تؤثر يف عمليات تدريس‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫وتعلم الرياضيات‪ ،‬واالهتمام بتعدد السياقات واملتطلبات واالحتياجات االجتماعية‪ ،‬فضال عن‬
‫االستفادة من اتلقدم العليم يف إاعدة تصور بيئات اتلعليم اليت تقدم من خالهلا املعرفة الرياضية‪.‬‬
‫ّ‬
‫رسمت اخلربات اتلعليمية العاملية يف جمال تعليم وتعلم الرياضيات خالل جاحئة كورونا‬ ‫ ‬
‫ّ‬
‫مسارات تطويرية حنو اتلاكمل اتلكنولويج يف تعليم وتعلم الرياضيات‪ ،‬فقد تطور مفهوم اتلاكمل‬
‫اتلكنولويج يلتضمن ً‬
‫بعدا أشمل من جمرد توظيف الربامج واتلطبيقات اتلفاعلية اإللكرتونية يف‬
‫بيئات اتلعلم‪ ،‬إىل حتقيق تكامل بني جودة املحتوى الريايض املقدم واتلوظيف األمثل للتكنولوجيا‬
‫اتلخصصية اليت تساهم يف اكتساب املعرفة الرياضية‪ ،‬واالستخدام انلويع للتكنولوجيا اتلفاعلية‬
‫اليت تساهم يف إدارة املواقف اتلعليمية وضبطها‪ ،‬وجتويد طرائق تقديم اتلغذية الراجعة‪ ،‬وتقييم‬
‫األداء يف بيئات اتلعلم املبارشة واالفرتاضية واملدجمة‪.‬‬
‫إن مبدأ اتلاكمل اتلكنولويج الفعال ال يساهم فقط يف إاعدة تصور بيئات اتلعليم‬ ‫ ‬
‫واتلعلم للرياضيات‪ ،‬بل يفتح اآلفاق إلاعدة انلظر يف برامج إعداد معلم الرياضيات يف لكيات‬
‫الرتبية‪ ،‬حبيث يتم إاعدة تقييم الربنامج باجتاه اتساع دائرة اإلعداد ليشمل اتلدريب ىلع اتلدريس‬
‫يف خمتلف بيئات اتلعلم (املبارشة واالفرتاضية واملدجمة)‪ ،‬وحتقيق اتلاكمل بني املعرفة اتلخصصية‬

‫‪96‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫واملعرفة الرتبوية واملعرفة اتلكنولوجية‪ ،‬واتلوازن بني اتلدريب ىلع اتلطبيقات اتلكنولوجية‬
‫اتلفاعلية واتلطبيقات اتلعليمية اتلخصصية‪ ،‬وتدريب الطلبة ىلع تصميم أدوات تقويم متنوعة‬
‫ُّ‬
‫تفاعلية تتماىش مع بيئات اتلعلم املختلفة‪ ،‬وتوفري فرص تدريب نوعية من خالل املؤسسات‬
‫الرشيكة‪.‬‬
‫تتيح جودة اإلعداد واتلدريب ملعلم الرياضيات الفرص الستثمار طاقاته ومهاراته‬ ‫ ‬
‫لاً‬
‫يف جتويد نواتج تعلم الطلبة‪ .‬وعليه‪ ،‬فإن اتساع نطاق اتلدريب يف بيئات اتلعلم املدجمة مث‬
‫حبيث تشمل نماذج متعددة للتطبيق مثل انلموذج اتلدويري واذلايت واملرن واالفرتايض وغريها؛‬
‫للتكيف مع املعطيات انلاجتة من اتلغري يف بيئات اتلعلم‬ ‫ُّ‬ ‫قد يسمح بمزيد من املرونة والفرص‬
‫لاً‬
‫وأنظمتها ومدخالتها وصو إىل جتويد نواجتها األكاديمية واالجتماعية وانلفسية‪.‬‬
‫ّ‬
‫سىع هذا الفصل ملناقشة بعض الرؤى واخلربات املرتبطة بتعليم وتعلم الرياضيات خالل‬ ‫ ‬
‫فرتة جاحئة كوفيد_‪ ،19‬يلليق الضوء ىلع فرص االندماج واتلفاعل اليت قد تتاح يف بيئات اتلعلم‬
‫ّ‬
‫القائمة ىلع اتلكنولوجيا من خالل مدخل اتلاكمل اتلكنولويج يف تعليم وتعلم الرياضيات‪ ،‬ويرسم‬
‫بعض املسارات يف توظيف نموذج املعرفة اتلكنولوجية الرتبوية للمحتوى ونماذج اتلعلم املدمج‬
‫بوصفها مسارات تطويرية لربنامج إعداد معلم الرياضيات‪.‬‬

‫‪.‬‬

‫‪97‬‬
19_‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد‬ ‫ الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬:‫تحرير‬

References

* Adnan, M., & Anwar, K. (2020). Online Learning amid the COVID-19 Pandemic:
Students› Perspectives. Online Submission, 2(1), 45-51.
* Akkaya, R. (2016). Research on the development of middle school mathematics
pre-service teachers’ perceptions regarding the use of technology in teaching
mathematics. EURASIA Journal of Mathematics, Science and Technology Education,
12(4), 861-879.
* Almanthari, A., Maulina, S., & Bruce, S. (2020). Secondary School Mathematics
Teachers’ Views on E-learning Implementation Barriers during the COVID-19
Pandemic: The Case of Indonesia. Eurasia Journal of Mathematics, Science and
Technology Education, 16(7), em1860.
* Alrwaished, N., Alkandari, A., & Alhashem, F. (2020). Exploring In-and Pre-Service
Science and Mathematics Teachers’ Technology, Pedagogy, and Content
Knowledge (TPACK). Teknologia kemian opetuksessa, 1(1), 3-3.
* Bakar, N. S. A., Maat, S. M., & Rosli, R. (2020). Mathematics Teacher›s Self-Efficacy
of Technology Integration and Technological Pedagogical Content Knowledge.
Journal on Mathematics Education, 11(2), 259-276.
* Bond, M., & Bedenlier, S. (2019). Facilitating Student Engagement through
Educational Technology: Towards a Conceptual Framework. Journal of Interactive
Media in Education, 2019(1).
* Cakir, Z., & Savas, H. B. (2020). A Mathematical Modelling Approach in the Spread
of the Novel 2019 Coronavirus SARS-CoV-2 (COVID-19) Pandemic. Electron J Gen
Med. 2020; 17 (4): em205.
* Castro, W. F., Pino-Fan, L. R., Lugo-Armenta, J. G., Toro, J. A., & Retamal, S. (2020).
A Mathematics Education Research Agenda in Latin America Motivated by
Coronavirus Pandemic. EURASIA Journal of Mathematics, Science and Technology
Education, 16(12), em1919.
* Cortez, C. P. (2020). Blended, Distance, Electronic and Virtual-Learning for the
New Normal of Mathematics Education: A Senior High School Student’s Perception.
European Journal of Interactive Multimedia and Education, 1(1), e02001.
* Horn, I. S., & McGugan, K. S. (2020). Adaptive expertise in mathematics teaching
during a crisis: How highly-committed secondary US mathematics teachers
adjust their instruction in the COVID-19 pandemic.
* Khirwadkar, A., Khan, S. I., Mgombelo, J., Obradovic-Ratkovic, S., & Forbes, W.
A. (2020). Reimagining Mathematics Education during the COVID-19 Pandemic.
Brock Education: A Journal of Educational Research and Practice, 29(2), 42-46.
* Lin, S., Zhou, Y., & Wijaya, T. T. (2020). Using hawgent dynamic mathematics
software in teaching arithmetic operation. International Journal of Education
and Learning, 2(1), 25-31.
* Liu, X., Zhang, L., Zhang, S., & Tian, Y. (2020). The Further Study of the Blended
Learning Model of the Video-aural-oral Course-the Combination of Web-based
Learning, Flipped Classroom and Face-to-Face Instruction. Education Journal,
9(3), 64-72.
* Mulenga (a), E. M., & Marbán, J. M. (2020). Is COVID-19 the Gateway for Digital

98
19_‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد‬ ‫ الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬:‫تحرير‬

Learning in Mathematics Education?. Contemporary Educational Technology,


12(2), ep269.
* Mulenga (b), E. M., & Marbán, J. M. (2020). Prospective teachers’ online learning
Mathematics activities in the age of COVID-19: A cluster analysis approach.
EURASIA Journal of Mathematics, Science and Technology Education, 16(9),
em1872.
* Naji, K. K., Du, X., Tarlochan, F., Ebead, U., Hasan, M. A., & Al-Ali, A. K. (2020).
Engineering students’ readiness to transition to emergency online learning in
response to COVID-19: Case of Qatar. EURASIA Journal of Mathematics, Science
and Technology Education, 16(10).
* Nicholas, P., & London, U. Predictive Mathematical Models of the COVID-19
Pandemic Underlying Principles and Value of Projections. American Medical
Association, JAMA, 323(19). Retrieved from https://jamanetwork.com.
* Omar, M. N., & Ismail, S. N. (2020). Mobile Technology Integration in the 2020s:
The Impact of Technology Leadership in the Malaysian Context. Universal Journal
of Educational Research, 8(5), 1874-1883.
* Radha, R., Mahalakshmi, K., Kumar, V. S., & Saravanakumar, A. R. (2020). E-Learning
during lockdown of covid-19 pandemic: a global perspective. International journal
of control and automation, 13(4), 1088-1099.
* Salas-Rueda, R. A. (2020). TPACK: Technological, Pedagogical and Content Model
Necessary to Improve the Educational Process on Mathematics through a Web
Application?. International Electronic Journal of Mathematics Education, 15(1).
* Staker, H., & Horn, M. B. (2012). Classifying K-12 blended learning. Innosight
Institute.
* Suryani, K., & Fauzan, A. (2020, January). Self Regulated Learning of Mathematics
Education Students of Bung Hatta University. In Journal of Physics: Conference
Series (Vol. 1429, No. 1, p. 012003). IOP Publishing.
* Thomas, A., & Edson, A. J. (2019). A Framework for Teachers’ Evaluation of
Digital Instructional Materials: Integrating Mathematics Teaching Practices
with Technology Use in K-8 Classrooms. Contemporary Issues in Technology and
Teacher Education, 19(3), 351-372.
* Wijaya, T. T. (2020). How Chinese students learn mathematics during the
coronavirus pandemic. IJERI: International Journal of Educational Research and
Innovation, (15), 1-16.
* Wijaya, T. T., Ying, Z., & Purnama, A. (2020). Using Hawgent Dynamic Mathematic
Software in Teaching Trigonometry. International Journal of Emerging
Technologies in Learning (iJET), 15(10), 215-222.
* Zaharah, Z., Kirilova, G. I., & Windarti, A. (2020). Impact of corona virus outbreak
towards teaching and learning activities in Indonesia. SALAM: Jurnal Sosial dan
Budaya Syar-i, 7(3), 269-282.

99
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫‪100‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫الفصل الرابع‬
‫كوفيد ‪ 19‬وتطوير مناهج اللغة العربية‬
‫د‪ .‬ريا بنت سالم املنذرية‬

‫‪101‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫‪102‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫ّ‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫يعول عليه يف‬‫ال شك يف أن اتلعليم قاعدة أساسية للبناء اإلنساين واتلنمية الوطنية؛ إذ ّ‬
‫صناعة تغيري شخصية الطالب‪ ،‬بما حيوي ذلك من رضورة تفاعله مع ما حييط به من‬
‫ومتأثرا‪ ،‬وهو أمر يتطلب مراجعات مستمرة لعنارص العملية اتلعليمية‬ ‫ً‬ ‫مستجدات ً‬
‫مؤثرا‬
‫‪-‬بما فيها املناهج ادلراسية بمفهومها الشامل‪ -‬لضمان مواكبتها تللك املستجدات‪،‬‬
‫وتفاعلها معها بما حيقق الغاية األسىم للتعليم‪ ،‬املتمثلة يف إعداد الطالب للحياة بأكملها‪.‬‬
‫وتعد جاحئة كورونا املستجد (كوفيد‪ )19‬إحدى أهم األحداث اليت ألقت بظالهلا ىلع‬ ‫ ‬
‫العالم يف خمتلف نوايح احلياة‪ ،‬وأثرت ىلع خمتلف القطااعت ومن بينها اتلعليم‪ .‬ويكيف أن نشهد‬
‫ذلك اتلحول اليلك أو اتلدرييج يف أنظمة اتلعليم اليت فرضت فيها اتلقنية لكمتها بقوة حني دخل‬
‫نظام اتلعليم املدمج واتلعليم عن بُعد يف مسار الرحلة ادلراسية للطالب‪ ،‬بما تطلب ذلك من حتول‬
‫حىت يف برامج إعداد املعلم وتدريبه يف أثناء اخلدمة؛ ما يعين رضورة حتول املحتوى املعريف املعتاد‪،‬‬
‫وأنماط اتلدريس السابقة‪ ،‬وأسايلب اتلقييم املتبعة بما ينسجم مع اتلحول احلاصل يف املنظومة‬
‫بأكملها‪.‬‬
‫وبانلظر إىل املفهوم الشامل للمنهج ادلرايس بما حيويه من عنارص عدة‪ :‬األهداف‪ ،‬املعلم‪،‬‬ ‫ ‬
‫املتعلم‪ ،‬املحتوى املعريف‪ ،‬طرائق اتلدريس‪ ،‬الوسائل واألنشطة اتلعليمية‪ ،‬وأسايلب اتلقويم؛ يمكن‬
‫القول‪ :‬إن تأثريات اجلاحئة طالت املناهج ادلراسية حبكم تأثريها ىلع مستوى الويع والفكر دلى‬
‫املعلم واملتعلم‪ ،‬وىلع طبيعة األنشطة والوسائل وآيلات اتلقويم وقبلها اتلدريس‪ ،‬بما يعين أن تطوير‬
‫ً‬
‫انسجاما مع تلك اتلأثريات‪ ،‬وتعاطيًا مع‬ ‫املناهج ادلراسية بات حاجة ملحة بل اعجلة تلصبح أكرث‬
‫اتلجدد املعريف واتلطور اتلقين املصاحب هلا‪.‬‬
‫وجدير باذلكر هنا أن اجلاحئة قد حفزت االبتاكر يف قطاع اتلعليم‪ ،‬وشجعت احلكومات‬ ‫ ‬
‫واملؤسسات املعنية باتلعليم ىلع إاعدة انلظر يف جوانب اتللقني اليت اكنت تشوب منظومة اتلعليم‪،‬‬
‫واخلروج منها إىل انتهاج سبل مبتكرة دلعم استمرارية اتلعليم‪ ،‬كما جرى تطوير احللول القائمة‬
‫ىلع اتلعلم عن بُعد‪ ،‬وهذه من الزوايا املرشقة اخلاصة بهذه اجلاحئة‪( .‬األمم املتحدة‪.)2020 ،‬‬
‫فمناهج اللغة العربية ‪-‬ىلع وجه اتلحديد‪ -‬ال بد أن خترج من دائرة حرصها يف تشجيع‬ ‫ ‬
‫عاً‬
‫مستوى احلفظ إىل دوائر أكرث اتسا ‪ ،‬حبيث تكسب الطالب املهارات اللغوية الالزمة تلوظيفها‬
‫يف حياته بأكملها‪ ،‬بما حيقق الغايات الوظيفية من دراسة اللغة العربية‪ ،‬وتأخذ ً‬
‫أيضا بيد مواهب‬
‫ً‬
‫الطالب ومهاراته تلتطور باستمرار‪ ،‬وتشلك هل الحقا قيمة مضافة يستطيع بها ومعها أن يتفاعل‬
‫مع األحداث اليت يواجهها‪ ،‬كما حدث مع تأثريات اجلاحئة اليت شملت خمتلف جوانب الشخصية‬
‫اإلنسانية‪ .‬وهذا األمر أكده العوييس (‪ )2020‬اذلي أشار إىل أن مناهج مدرسة اجلاحئة سيقع ىلع‬

‫‪103‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫اعتقها تعزيز اجلانب اإلنساين للمخرجات‪ ،‬سواء يف األهداف أو يف فلسفة العمل واتلطبيقات‪ ،‬بما‬
‫يعزز اتلعلم املنتج املعزز للقيم واالجتاهات واملهارات‪.‬‬
‫منعكسا ىلع عنارص املنهج األخرى بما حيقق االنسجام‬‫ً‬ ‫كما أن األمر ينبيغ أن يكون‬ ‫ ‬
‫بينها لضمان فاعلية حتقق أهدافها‪ ،‬فاتلخطيط وحده غري اكف لضمان ذلك دون االشتغال‬
‫ّ‬
‫باتلوازي ىلع بايق العنارص‪ ،‬خاصة وأن مسار اتلعليم عن بُعد اذلي تبنته أنظمة اتلعليم يتطلب‬
‫–يف األساس‪ -‬إاعدة انلظر يف طبيعة املحتوى املعريف املقدم للطالب‪ ،‬وآيلات تقديمه وتقييمه‪ ،‬بما‬
‫ً‬
‫جيعله حمققا للغايات اليت سبق احلديث عنها أعاله‪ ،‬بما يهيئ الطالب ألي حتديات قد يواجهها‬
‫لاً‬
‫مستقب ‪.‬‬
‫وبانلظر إىل فلسفة اتلعليم يف سلطنة ُعمان (األمانة العامة ملجلس اتلعليم‪)2017 ،‬؛‬ ‫ ‬
‫يمكن استخالص كثري من املؤرشات الواردة يف مبادئها بما ينسجم مع املستجدات احلايلة‪،‬‬
‫واتلعايط مع أي ظروف وأوضاع استثنائية اكلوضع احلايل اذلي أفرزته تأثريات جاحئة كوفيد‬
‫‪ .19‬حيث تعد مبادئ اهلوية واملواطنة‪ ،‬والرتبية من أجل اتلنمية املستدامة‪ ،‬وجمتمع املعرفة‬
‫واتلكنولوجيا‪ ،‬وابلحث العليم واالبتاكر من أهم مبادئ هذه الفلسفة بما يتضمنه ذلك من قيم‬
‫ومهارات ينبيغ إكسابها وتعزيزها يف شخصية الطالب‪ ،‬ومجيعها تتواءم مع اتلحوالت احلايلة يف‬
‫نظام اتلعليم اليت فرضتها تأثريات جاحئة كوفيد ‪.19‬‬
‫ويركز الفصل احلايل ىلع هذه األبعاد من خالل تسليط الضوء ىلع مناهج اللغة العربية‪،‬‬ ‫ ‬
‫وآيلة تفاعلها مع تأثريات اجلاحئة من حيث أهدافها ومضامينها وإعداد معلميها‪ ،‬وكيف يمكن‬
‫هلا أن تتطور بما يسمح هلا أن حتقق اجلدوى القيمية واملعرفية والفكرية واملهارية املناسبة ألجيال‬
‫تأثرت بها‪ ،‬وال شك أنها ال بد أن تتهيأ ألي حتديات مستقبلية قد تواجهها‪.‬‬

‫أهمية تفاعل مادة اللغة العربية مع مستجدات الواقع‬


‫َ لبَ‬
‫يظن ابلعض ‪-‬خطأ‪ -‬أن اللغة العربية جامدة‪ ،‬مقو ة‪ ،‬ذات طابع تقليدي حبت ال‬ ‫ ‬
‫يمكن تطويعه أو تفاعله مع ما حيدث من حوهل‪ .‬ولقد تمكنت مثل هذه القنااعت السلبية يف‬
‫أذهان كثريين لألسف‪ ،‬غري منتبهني الستدامة هذه اللغة بعظمتها وماكنتها إىل ايلوم‪ ،‬وال مطلعني‬
‫ىلع سماتها املتعددة اليت تضمن هلا مرونتها وجتددها وقابليتها ملواكبة املستجدات من حونلا؛‬
‫فسمات مثل‪ :‬الرتادف‪ ،‬واالشتقاق‪ ،‬واتلضاد‪ ،‬وانلحت اللغوي‪ ،‬ووفرة األصوات (إسماعيل‪)2011 ،‬‬
‫بإماكنها أن تقدم صورة واضحة عن قدرة اللغة العربية ىلع مواكبة أي تطور حيصل يف العالم‪،‬‬
‫وأنها قابلة للتجدد وفق ما تقاضيه سياقات األحداث مىت ما اهتم أبناؤها بذلك‪.‬‬
‫وقد يعود أحد أهم أسباب ذلك إىل توجيه أسايلب تعليم اللغة العربية للمنىح اتلقليدي‪،‬‬ ‫ ‬
‫بداية من حمتوى مناهجها اذلي ال يزال –يف جممله لألسف‪ -‬يتشبث بالرتاث القديم دون تفاعل‬

‫‪104‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫واضح مع تلك املستجدات‪ ،‬أو تمكني مناسب لألسايلب احلديثة يف تناوهلا‪ ،‬وهذه جوانب تتطلب‬
‫مراجعات ومعاجلات وإاعدة نظر يف ما يمكن أن يغري من تلك القنااعت غري الصائبة‪ ،‬وحيفظ‬
‫للعربية ماكنتها العظيمة يف نفوس أبنائها‪ ،‬بل يربز قدرتها املتجددة ىلع مستوى العالم أمجع‪.‬‬
‫وجاء شعار االحتفال بايلوم العاليم للغة العربية يف ‪ 18‬ديسمرب ‪2019‬م «اللغة العربية واذلاكء‬
‫االصطنايع»‪ ،‬يف إشارة إىل أن العربية لغة متجددة ومواكبة للتطور املعريف واتلكنولويج‪ ،‬وهو‬
‫شعار يتضمن رسالة عميقة ألبنائها يف رضورة األخذ بيدها‪ ،‬واستثمار سماتها املتفردة يف لك ما‬
‫خيدم اتلطورات احلاصلة من حونلا‪ ،‬خاصة اتلكنولوجية منها‪.‬‬
‫وضمن برامج االحتفال بايلوم العاليم للغة العربية يف اثلامن عرش من ديسمرب ‪2019‬م؛‬ ‫ ‬
‫جاء يف بيان املنظمة اإلسالمية للرتبية والعلوم واثلقافة (أيسيسكو) أن «التشبث باللغة العربية‪،‬‬
‫وتقوية االرتباط بها‪ ،‬والوفاء هلا‪ ،‬وضمان احلماية هلا وتطويرها ال يمنع من االنفتاح ىلع اآلفاق‬
‫اإلنسانية الواسعة‪ ،‬ومن املشاركة الفعالة يف اإلبداع العاليم يف مجيع فروع العلم واملعرفة واتلقنية‬
‫واالبتاكر‪ ،‬ومن االندماج مع جمتمع املعرفة‪ ،‬ومن امتالك ناصية العلوم‪ ،‬ومن اإلسهام بنصيب وافر‬
‫يليق بالعالم اإلساليم يف صناعة احلضارة اإلنسانية اجلديدة»‪( .‬صحيفة املدينة‪.)2019 ،‬‬
‫ويؤكد هذا ابليان عدم صحة تلك القنااعت السلبية الراسخة يف أذهان ابلعض اجتاه‬ ‫ ‬
‫ً‬
‫اللغة العربية‪ .‬هذه القنااعت اليت تمت اإلشارة إيلها سابقا تريم إىل اتهام اللغة العربية بالعجز‬
‫واتلقصري‪ ،‬عن مواكبة املستجدات‪ ،‬وعدم قابليتها للتفاعل مع أي تطورات معرفية وتكنولوجية‪.‬‬
‫فلغة أي قوم تعتمد ىلع اجتهاد أبنائها وسعيهم ادلؤوب لإلنتاج املعريف بها‪ ،‬بما يضمن استدامتها‬
‫وتفاعلها مع تطورات العرص ومستجداته‪ ،‬وال شك أن اللغة العربية تمتلك من املقومات والسمات‬
‫ما يضمن حتقيق ذلك لكه يف حال أدى أبناؤها واجبهم حنوها بما ينسجم وذلك اتلفاعل املرجو‬
‫منها‪ ،‬وقد أشار املسترشق الربيطاين ألفريد جيوم إىل استيعاب اللغة العربية واتساعها بقوهل‪:‬‬
‫«ويسهل ىلع املرء أن يدرك مدى استيعاب اللغ ِة العربي ِة واتساعها للتعبري عن مجيع املصطلحات‬
‫يرس وسهولة‪ ،‬بوجود اتلعدد يف تغيري داللة استعمال الفعل واالسم»‪.‬‬ ‫العلمية للعالم القديم بكل ٍ‬
‫(العني اإلخبارية‪)2018 ،‬‬
‫وال يقترص تفاعل اللغة العربية مع املستجدات ىلع مسألة االحتفاالت املؤقتة بيومها‪،‬‬ ‫ ‬
‫من خالل األنشطة والفعايلات العلمية –من ندوات ومؤتمرات‪ -‬دون االشتغال العميل امللموس‬
‫ىلع ترمجة ذلك اتلفاعل بما يليق بأهدافه وينسجم مع جدواه‪ .‬ويمثل اتلعليم احلقل األبرز لرتمجة‬
‫ذلك اتلفاعل‪ ،‬خاصة عند احلديث عن تعليم اللغة العربية اذلي يتطلب اخلروج به من انلمط‬
‫اتلقليدي اتللقيين اذلي جيسرّ الفجوة الفكرية وانلفسية بني الطالب ولغته األم؛ فينفر باتلايل‬
‫ًّ‬
‫منها ظنا منه أنها قارصة عن اتلعايط مع واقعه كما ينبيغ هل‪.‬‬
‫وتقع ىلع اعتق مؤسسات إعداد معلم اللغة العربية احلاضنة إلنمائه املهين وصياغة‬ ‫ ‬

‫‪105‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫مناهجها مسؤويلة كبرية يف هذا اجلانب بما يتواءم وطبيعة فلسفة اتلعليم يف أي جمتمع‪ .‬إذ ال بد‬
‫ًّ‬ ‫لاً‬
‫إجيابيا مع أي معطيات للتغيري واتلحويل يف‬ ‫من مراجعة هذه األبعاد بصفة مستمرة تضمن تفاع‬
‫ً‬
‫أنظمة اتلعليم وفقا للمستجدات من حونلا؛ فيضمن إضفاء الصبغة احليوية العملية ىلع مادة اللغة‬
‫كاً‬
‫العربية واسرتاتيجيات تدريسها وتقييمها؛ فيتخرج الطالب بعدها ممتل ناصية املهارات والقيم‬
‫الالزمة هل‪ ،‬املهيئة لشخصيته وواقعها امللموس‪.‬‬
‫وال يمكن ايلوم ‪-‬وحنن نشهد هذا اتلجدد املعريف واتلطور اتلكنولويج املتسارعني‪ -‬أن‬ ‫ ‬
‫ّ‬
‫تبىق مادة اللغة العربية معزولة عما حيدث يف العالم اخلاريج‪ ،‬خاصة ‪-‬كما سبق احلديث‪ -‬أنها‬
‫تمتلك سمات عظيمة تؤهلها ذللك؛ فيكيف مرونتها واتساعها ومجايلاتها وقدرتها ىلع خماطبة‬
‫مهارات اتلفكري العليا دلى الطالب‪ ،‬ولكما تم الرتكزي ىلع هذه اجلوانب تالشت تلك القنااعت‬
‫اعل‪ ،‬وأدرك جدواها يف االرتقاء‬
‫السلبية جتاهها‪ ،‬وأقبل الطالب ىلع تعلمها بشغف معريف ونفيس ٍ‬
‫بشخصيته القادرة ىلع اجتياز حتديات واقعه ومعاجلتها‪.‬‬
‫ويتجىل أمر تفاعل مادة اللغة العربية مع املستجدات يف فنونها وفروعها مجيعها؛ إذ‬ ‫ ‬
‫يعتمد األمر يف املقام األول ىلع اختيار املحتوى املخاطب هلذا اجلانب‪ ،‬وتأهيل املعلم القادر ىلع‬
‫تبعا ذللك‪ -‬هذه اللغة العظيمة راسخة يف ممارسات أبنائها‬ ‫تقديمه بما ينسجم مع أهدافه‪ ،‬فتبىق – ً‬
‫العملية‪ ،‬ذات دور فاعل يف حياته ايلومية‪.‬‬

‫عالقة مادة اللغة العربية بتنشئة المواطن الصالح في ظل تأثيرات الجائحة‬


‫تعد اجلوانب القيمية أهم اجلوانب اليت ينبيغ الرتكزي عليها يف عملية اتلعلم؛ ذلك ألن‬ ‫ ‬
‫ً‬
‫اغية اتلعليم –بطبيعته‪ -‬األساسية بناء الطالب اإلنسان املعول عليه بناء وطنه الحقا‪ ،‬وذلك لن‬
‫يتأىت يف حال حرص دور اتلعليم يف ابلناء املعريف واملهاري فقط‪ .‬واكن من تأثريات جاحئة كورونا‬
‫املستجد تعزيز استشعار أفراد املجتمع ملسؤويلتهم املجتمعية‪ ،‬وإحساسهم باآلخر‪ ،‬وتنايم احلس‬
‫اإلنساين اذلي شجعهم ىلع اتلطوع واملبادرة‪ ،‬خاصة يف ظل مواجهة كثري من األرس تلحديات‬
‫مادية ومعيشية كثرية‪.‬‬
‫وما دام احلديث عن اتلعليم يف مقام بنائه لإلنسان؛ فمن الطبييع أن يتحول اتلعليم –‬ ‫ ‬
‫بسبب تأثريات اجلاحئة‪ -‬إىل الرتكزي ىلع اجلانب اإلنساين الوجداين القييم‪ ،‬بما يضمن ختريج طالب‬
‫مواطن صالح يشلك قيمة مضافة إىل وطنه وأمته وإنسانيته‪.‬‬
‫ويؤكد سبنرس (‪ )Spencer, 2020‬أن اتلعليم ‪-‬بسبب تأثريات اجلاحئة‪ -‬سيتجه أكرث‬ ‫ ‬
‫إىل مسار تعويد الطالب ىلع املرونة والعمل اتلعاوين (اجلمايع) ومهارات اتلعلم اذلايت‪ .‬وهذه‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫مبارشا بتنشئة الطالب املواطن الصالح‬ ‫ارتباطا‬ ‫اجلوانب مجيعها –إن أمعنا انلظر فيها‪ -‬ترتبط‬
‫القادر ىلع مواجهة حتدياته بنفسه‪ ،‬املبادر يف األخذ بيد غريه‪ ،‬املنميّ ملهاراته وقدراته ًّ‬
‫ذاتيا‪.‬‬

‫‪106‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫–عموما‪ -‬ستطلب حتقيق ذلك إاعدة انلظر يف أهدافها وطرائق‬ ‫ً‬ ‫وعند احلديث عن املناهج ادلراسية‬
‫تدريسها وأنشطتها وأسايلب تقييمها‪ ،‬بما ينسجم مع الغاية املرجوة يف خمرجاتها املتمثلة يف الطالب‪.‬‬
‫لاً‬
‫وال شك أن مادة اللغة العربية –ىلع وجه اتلحديد‪ -‬تعد جما خصبًا تلنمية القيم اإلنسانية‬
‫واع حلقوقه‪ ،‬ومسهم –يف‬ ‫وغرس املواطنة الصاحلة اهلادفة إىل إجياد مواطن مستشعر ملسؤويلته ٍ‬
‫الوقت نفسه‪ -‬يف لك ما يرتيق بمجتمعه ووطنه‪ .‬وهذا األمر يتطلب إاعدة انلظر يف طبيعة املحتوى‬
‫املعريف للكتب ادلراسية‪ ،‬وآيلات تدريسه وتقييمه من قبل املعلم‪ ،‬أي تكثيف االهتمام باجلانب‬
‫القييم يف أهداف املادة بشلك اعم‪.‬‬
‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫فمادة اللغة العربية تعد متنفسا حقيقيا ملهارات الطالب‪ ،‬وداعمة لقدراته وطاقاته‪،‬‬ ‫ ‬
‫ومعززة –يف املقام األول‪ -‬لقيمه اإلنسانية‪ ،‬بما يكفل االرتقاء بشخصيته يف لك ما خيدم وطنه‪.‬‬
‫ًّ‬
‫وثقافيا‬ ‫وتمثلت أهم تأثريات اجلاحئة يف تغيري مستوى ويع الفرد بالوقاية الصحية وحتصينه ً‬
‫فكرا‬
‫من أي شائعات وأفاكر سلبية قد تهدد حياته باخلطر‪ ،‬باإلضافة إىل تأثريها ىلع مهارة إدارة الوقت‬
‫ّ لاً‬ ‫ّ‬
‫واتلقنية أو بأول‪ ،‬بما يضمن مواكبته‬ ‫املعرفية‬ ‫وتشجيع القراءة واالطالع ومتابعة املستجدات‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫للتفاعل معه؛ يلجنبه أي عزلة معرفية وفكرية قد حتدث هل‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ألي حراك من حوهل يدفعه‬
‫ّ‬
‫وتتجىل أهمية تنمية مهارات الطالب يف إدارة ذاته‪ ،‬واتلحكم بانفعاالته عند مواجهته‬ ‫ ‬
‫أي ضغوطات اكنت‪ ،‬مع تعزيز مهارات اتلفكري انلاقد واتلحلييل واإلبدايع؛ تتجىل أهميتها يف ظل‬
‫تأثريات هذه اجلاحئة اليت فرضت احلاجة إىل تكثيف االهتمام بهذه املهارات بما يهيئ الطالب‬
‫ألي ظروف أو مستجدات مستقبلية‪ ،‬يلتعود من اآلن ىلع أسايلب اتلعامل معها بما يستثمر طاقته‬
‫لاً‬
‫وإماكناته يف خدمة جمتمعه بد من تغليب لغة التشيك واتلذمر‪.‬‬
‫ً‬ ‫لاً‬
‫واسعا‬ ‫وللغة العربية ارتباط مبارش بهذه املهارات؛ إذ تفتح فروعها املختلفة جما‬ ‫ ‬
‫ً‬
‫تلدريب الطالب عليها؛ اكتلعبري الكتايب‪ ،‬واتلعبري الشفيه‪ ،‬واملطالعة‪ ،‬واألدب أيضا‪ .‬فحصص‬
‫هذه الفروع باذلات يمكنها تهيئة الفرص املناسبة للطالب ليك يبدي رأيه يف قضايا بعينها‪ ،‬حيلل‬
‫إشاكالت تواجهه أو تواجه املجتمع‪.‬‬
‫ُ‬
‫وىلع سبيل املثال؛ يمكن أن تنىم املهارات والقيم اآلتية من خالل مادة اللغة العربية‬ ‫ ‬
‫بما يرتيق بشخصية الطالب املواطن الصالح‪:‬‬

‫‪107‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫األدب‬ ‫القراءة‬ ‫اتلعبري‬


‫ّ‬
‫تعزيز قيم انلقد ابلناء‬ ‫تعزيز مهارات الفهم‬ ‫احرتام الرأي اآلخر‬
‫املبين ىلع األدلة‬ ‫القرايئ املرتبطة بسرب‬
‫والرباهني‬ ‫أغوار مضامني املقروء‬

‫تنمية مهارة اتلفكري‬ ‫تشجيع القراءة واالطالع‬ ‫استشعار املسؤويلة‬


‫انلاقد القادر ىلع تميزي‬ ‫ىلع املستجدات املعرفية‬ ‫الفردية جتاه قضايا‬
‫الصواب من اخلطأ‬ ‫وغريها‬ ‫املجتمع‬

‫شلك (‪)1‬‬
‫أمثلة ىلع مهارات وقيم ختص املواطنة يمكن حتفزيها يف مادة اللغة العربية‬

‫ويالحظ من الشلك (‪ )1‬أعاله أن مادة اللغة العربية ذات ارتباط مبارش جبانب تعزيز‬ ‫ ‬
‫مهارات املواطنة وقيمها دلى الطالب؛ إذ إن خماطبة شخصية الطالب من خمتلف نواحيها بما‬
‫ً‬
‫حمفزا للمواطنة الصاحلة يف‬ ‫يضمن تعزيز املهارات والقيم املهيئة تلحمل املسؤويلة دليه يعد جانبًا‬
‫لاً‬
‫تلك الشخصية‪ ،‬وبد من اتباع انلمط اتلقليدي يف اتلعايط مع حمتوى دروس اللغة العربية بما‬
‫جيعلها جامدة بعض اليشء‪ ،‬مركزة فقط ىلع احلفظ واتللقني؛ من األفضل ربطها بالواقع العميل‪،‬‬
‫وتهيئة الفرص املناسبة للطالب يك يرتجم تلك املهارات والقيم ترمجة عملية ملموسة بربط حمتوى‬
‫ادلرس بشلك مبارش أو غري مبارش معها‪.‬‬
‫لاً‬
‫وتتجىل هذه اجلوانب يف حصص اكتلعبري والقراءة واألدب مث ؛ إذ باإلماكن استثمار‬ ‫ ‬
‫دروسها يف طرح بعض القضايا ذات العالقة بها‪ ،‬وتدريب الطالب ىلع مهارات الفهم القرايئ‬
‫واتلفكري انلاقد‪ ،‬بما يعزز قيم احرتام الرأي اآلخر‪ ،‬وحيفز دليه شعوره باملسؤويلة الفردية جتاه تلك‬
‫القضايا‪ ،‬فيعتاد ىلع تلك املمارسات اليت ال شك أنها سرتتيق بمعارفه ومهاراته‪ ،‬وتودل يف داخله‬
‫الشعور باثلقة بنفسه‪ ،‬بما يطور من شخصيته وجيعلها أكرث قدرة ىلع مواجهة حتديات الواقع‬
‫لاً‬ ‫ً‬
‫مركزا ىلع معاجلتها بد من تشكيه وتذمره منها‪.‬‬ ‫واتلعايط معها بإجيابية جتعله‬
‫وبالعودة إىل ظروف الوضع احلايل انلاجم من جاحئة كوفيد ‪19‬؛ سنجد أننا بتنا حباجة إىل‬ ‫ ‬
‫تعزيز مثل هذه املهارات أكرث؛ فقد أبرزت اجلاحئة بعض املمارسات املجتمعية اليت تطلبت رفع‬

‫‪108‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫ّ‬
‫مستوى الويع الفكري واحلس انلقدي ابلناء ملا يُتداول من أخبار ومعلومات قد تكون غري‬
‫دقيقة‪ ،‬باإلضافة إىل احلاجة إىل تعزيز الشعور باملسؤويلة الفردية واملجتمعية من حيث االلزتام‬
‫باإلجراءات االحرتازية‪ ،‬وعدم اتلهاون بها من باب دفع الرضر ليس عن انلفس فقط وإنما عن‬
‫اآلخر ً‬
‫أيضا‪.‬‬

‫تأثير كوفيد‪ 19‬في أهداف مادة اللغة العربية‬


‫عند احلديث عن تأثريات جاحئة كوفيد ‪ 19‬ىلع قطاع اتلعليم؛ ال بد من اتلأكيد ىلع أن‬ ‫ ‬
‫هذه اتلأثريات قد طالت خمتلف أبعاده؛ فقد أشارت املرصي (‪ )٢٠٢٠‬إىل أن هنالك مخسة حتوالت‬
‫ستفرضها جاحئة كوفيد‪ 19‬ىلع منظومة اتلعليم‪ ،‬تتمثل يف اآليت‪:‬‬
‫‪ -‬حتمية اتلغري واتلطور‪.‬‬ ‫ ‬
‫‪ -‬إاعدة تعريف دور املعلم‪.‬‬ ‫ ‬
‫‪ -‬تطوير اإلدارات اتلعليمية والغرف الصفية‪.‬‬ ‫ ‬
‫‪ -‬تمكني وتعزيز اتلطور اتلكنولويج جلميع فئات املجتمع تلقليل آثار وتبعات الفجوة‬ ‫ ‬
‫الرقمية‪.‬‬
‫‪ -‬حتديث وإاعدة صياغة املناهج ادلراسية املدرسية واجلامعية‪.‬‬ ‫ ‬

‫كبريا إلاعدة انلظر يف أنظمة اتلعليم بمختلف أبعادها‪ ،‬بما‬‫ً‬ ‫وتعد هذه اتلحوالت ً‬
‫دافعا‬ ‫ ‬
‫لاً‬
‫جيعلها أكرث مرونة وأرسع استجابة تلتفاعل مع املستجدات أو بأول‪ ،‬بما يضمن تهيئة الطالب‬
‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫فكريا‬ ‫حاجزا‬ ‫بعيدا عن اتلنظري املبالغ به‪ ،‬اذلي قد يصنع بينه وبني ذلك الواقع‬ ‫لواقعه الفعيل‬
‫ًّ‬ ‫ًّ‬
‫ونفسيا ومعرفيا وقيميا‪ ،‬وحييد اتلعليم عن جدواه املرجوة منه‪ .‬فاتلحوالت اخلمسة املذكورة أعاله‬ ‫ًّ‬
‫تتطلب مراجعات حثيثة وعميقة ألبعاد منظومة اتلعليم‪ ،‬خاصة فيما يتعلق بالفلسفة واألهداف‪،‬‬
‫وما يتلو ذلك من مراجعات تتعلق بأدوار املعلم وطبيعة املحتوى املعريف املنسجم مع تغريات‬
‫أيضا‪ .‬وهذا ما نشهده ايلوم؛ فقد ظهر ًّ‬‫األوضاع من حونلا وجتددها بل تقلبها ً‬
‫جليا مستوى تفاعل‬
‫أنظمة اتلعليم مع تأثريات جاحئة كوفيد ‪19‬؛ إذ فرض اتلحول للتعليم عن بُعد مستجدات كثرية‬
‫ىلع مستوى األصعدة‪ ،‬بما أثر ً‬
‫أيضا ىلع طبيعة برامج تدريب املعلم واملحتوى املعريف للكتب‬
‫ّ‬
‫ادلراسية‪ ،‬وأسايلب اتلدريس واتلقييم‪.‬‬
‫ً‬
‫ووفقا ملا سبق احلديث فيه عن تأثري جاحئة كوفيد‪ 19‬يف طبيعة املناهج ادلراسية ومادة اللغة‬ ‫ ‬
‫العربية ‪-‬ىلع وجه اخلصوص‪ -‬يمكن استنتاج أن أهداف املادة ادلراسية تتطلب تكثيف االهتمام‬
‫باملتغريات واتلأثريات اليت أحدثتها اجلاحئة‪ ،‬بما جيعل اغيتها إجياد طالب متسلح بالقيم اإلنسانية‬
‫الراقية‪ ،‬متمكن من املهارات اللغوية اليت تؤهله ألداء دوره اإلنساين يف احلياة وبصور متعددة‪.‬‬

‫‪109‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫فعىل سبيل املثال ال احلرص؛ أصبح من األوىل اآلن تغليب اجلانبني املهاري والقييم‬ ‫ ‬
‫ًّ‬ ‫ً‬
‫عند صياغة األهداف‪ ،‬بما يضمن انعاكسا إجيابيا ىلع مضمون املادة ادلراسية‪ ،‬بداية من اختيار‬
‫لاً‬
‫املوضواعت وانتقا إىل آيلة تقديمها وأسايلب تقييمها‪ ،‬خاصة فيما يتعلق بطبيعة األنشطة الصفية‬
‫وغري الصفية‪ .‬فاألهداف ‪-‬كما يعلم اجلميع‪ -‬تعد املوجهات العامة األساسية للمضمون‪ ،‬ولكما‬
‫ً‬
‫ارتباطا بواقع الطالب‬ ‫اقرتبت من مواكبة املستجدات احلاصلة من حونلا أصبح املحتوى أكرث‬
‫واملهارات الالزمة هل‪.‬‬
‫وبما أننا حتدثنا سابقا عن أبرز املهارات اليت ينبيغ الرتكزي عليها يف مادة اللغة العربية‬ ‫ ‬
‫ً‬
‫جراء تأثري اجلاحئة؛ من ابلدييه أن ختاطب أهداف املادة تلك املهارات حتديدا‪ ،‬وتعزز –يف الوقت‬
‫ً‬
‫وحتديدا تلك املنسجمة مع طبيعة املواطن الصالح اذلي ننشده‪ ،‬بما‬ ‫نفسه‪ -‬القيم املرتبطة بها‪،‬‬
‫جيعله أكرث قدرة ىلع حتمل املسؤويلة الفردية واملجتمعية‪ ،‬وكذلك ىلع إدارة ذاته وضبط انفعاالته‪.‬‬
‫ويمكن ‪-‬ىلع سبيل املثال‪ -‬أن تركز أهداف املطالعة‪ /‬القراءة ىلع حتفزي اإلبداع‬ ‫ ‬
‫واالبتاكر دلى الطالب بما يشمل ذلك من مهارات األصالة والطالقة واملرونة واتلوسع‪ ،‬وذلك‬
‫باخلروج من األنماط املعتادة تلقديم هذه ادلروس‪ ،‬بداية من انتقاء موضواعتها اليت يفرتض أن‬
‫تطرق املستجدات من حونلا‪ ،‬اكثلورة الصناعية الرابعة‪ ،‬ومهارات القرن احلادي والعرشين‪،‬‬
‫وتناول قضايا املجتمع يف خمتلف املجاالت بما يشعر الطالب بأن اللغة العربية قريبة إىل واقعه‪،‬‬
‫وجيعلها يف الوقت نفسه بيئة حاضنة ملهاراته معززة لقيمه‪.‬‬
‫ويف فروع القواعد اللغوية‪ ،‬يمكن استثمار األمثلة اليت تقدم للطالب يف دروس انلحو الرصف‬
‫لاً‬
‫وابلالغة –مث ‪ -‬يف حتقيق أهداف قيمية حبتة من خالل مضامني تلك األمثلة‪ ،‬اكحرتام الرأي‬
‫اآلخر‪ ،‬واستشعار املسؤويلة الوطنية‪ ،‬وغريها من القيم اليت أكدت هذه اجلاحئة أهمية تكثيف‬
‫االهتمام بها‪.‬‬
‫والشلك (‪ )2‬يوضح بعض األمثلة ىلع أهداف للغة العربية يمكن أن يتم تضمينها يف الكتب‬
‫املدرسية بما حيقق هذا اهلدف‪:‬‬
‫انلقد األديب‬ ‫االستماع‬ ‫القراءة‬

‫عرض نص أديب يتناول قضية‬ ‫إضافة معلومات جديدة للنص‬ ‫كتابة مقدمة تمهيدية للموضوع‬
‫جمتمعية وإبداء الرأي فيه‬ ‫املسموع غري الواردة فيه‬ ‫املقروء‬

‫طرح رأيني خمتلفني يف ًقضية‬ ‫تصميم خريطة ذهنية تلخص‬ ‫ابلحث عن نص آخر تناول قضية‬
‫ًّ‬
‫علميا‬ ‫جمتمعية بعينها ونقدهما نقدا‬ ‫مضمون انلص املسموع‬ ‫ادلرس نفسها واملقارنة بينهما‬

‫شلك (‪ )2‬أمثلة ىلع مهارات للغة العربية تنسجم مع تأثريات جاحئة كوفيد ‪19‬‬

‫‪110‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫ومن خالل الشلك (‪ ،)2‬يمكن استخالص األهداف العامة اليت ينبيغ الرتكزي عليها‬ ‫ ‬
‫عند تصميم مناهج اللغة العربية بما ينسجم مع املهارات املذكورة‪ ،‬فال يمكن أن تتوقف القراءة‬
‫عند حدود استخراج الفكرة العامة واألفاكر اجلزئية ومعاين املفردات اجلديدة‪ ،‬بل ينبيغ أن تتسع‬
‫ادلائرة لتشمل مهارات أىلع تنيم جوانب اإلبداع واالبتاكر دلى الطالب‪ ،‬وابلحث واتلقيص عن‬
‫املعلومة‪ ،‬ويه مهارات تتواكب ً‬
‫أيضا مع متطلبات القرن احلادي والعرشين اليت ينادي العالم بها‬
‫كثريا‪ .‬كما أن دروس االستماع من شأنها أن تكسب الطالب مهارات إبداعية كثرية‪ ،‬خاصة أن‬ ‫ً‬
‫جمريات حصصها تعتمد ىلع نص ال يراه الطالب أمامه‪ ،‬وباتلايل تعد هذه فرصة ثمينة ملخاطبة‬
‫مهارات اتلكفري العليا دليه‪ ،‬ويأيت انلقد األديب يلقدم الصورة العملية الفعلية ملاهية انلقد بما‬
‫يتضمنه ذلك من مهارات حمفزة لربط الطالب بواقعه‪ ،‬وتعزيز قيم احرتام اآلخر دليه ويه القيم‬
‫ذاتها اليت سبق عرضها عند احلديث عن املواطنة الصاحلة؛ ما يؤكد ً‬
‫أيضا تكاملية فروع اللغة‬
‫العربية وفنونها بما يضمن استدامة تأثريها يف شخصية الطالب‪.‬‬

‫مضامين مادة اللغة العربية الجديدة‬ ‫ُ‬


‫من اتلحديات اليت تواجهها منظومات اتلعليم ىلع املستويات ادلويلة والعربية واملحلية‬ ‫ ‬
‫ُ‬
‫كيفية صياغة املحتوى املعريف للمناهج ادلراسية تلنسجم مع نظام اتلعليم عن بعد‪ ،‬وهو أحد‬
‫تأثريات هذه اجلاحئة اليت دفعت باجلميع للتحول إىل هذا انلظام بشلك يلك‪.‬‬
‫فاملحتوى املعريف اذلي يقدم للطالب عن اتلعليم املبارش هل طبيعته اخلاصة اليت صاغت أيضاً‬
‫أسايلب تدريسه وتقييمه‪ ،‬واألمر كذلك ينطبق ىلع نظام اتلعليم عن بُعد‪ ،‬اذلي ال يُكتىف فيه‬
‫باجزتاء املحتوى املعريف األسايس للطالب‪ ،‬وإنما بإاعدة انلظر فيه وصياغته بما حيقق األهداف‬
‫ً‬ ‫وج ّددت ً‬ ‫اليت بُنيت هل ُ‬
‫أيضا وفقا تلأثريات اجلاحئة‪ ،‬وبما يتواكب مع شخصية الطالب اليت حنتاج‬
‫إيلها يف املستقبل‪.‬‬
‫ويشري مصطىف (‪ )2000‬إىل أن حمتوى املناهج يتأثر بعدة عوامل‪ ،‬أهمها‪:‬‬
‫‪ -‬األفاكر السائدة يف املجتمع حول اإلنسان والكون واحلياة‪.‬‬ ‫ ‬
‫‪ -‬اتلطورات االجتماعية واالقتصادية‪.‬‬ ‫ ‬
‫‪ -‬اتلطور العليم واتلكنولويج‪.‬‬ ‫ ‬
‫‪-‬انلظريات الرتبوية وانلفسية املرتبطة بطبيعة اإلنسان وكيفية تعلمه‪.‬‬ ‫ ‬

‫ومع جتدد املعرفة وتطور اتلكنولوجيا بتسارع كبري؛ بات من ابلدييه أن تتجدد املناهج‬ ‫ ‬
‫ادلراسية بمحتواها املعريف ليك ال تؤدي إىل عزل الطالب عن واقعه‪ ،‬وحرمانه من اتلفاعل مع لك‬
‫ما حييط به من أحداث‪ .‬وعندما يأيت احلديث عن تأثري جاحئة كورونا املستجد ىلع أنظمة اتلعليم‬

‫‪111‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫ً‬
‫كثريا بما أن اتلعليم يمر بمرحلة انتقايلة كبرية توجه مساره إىل‬ ‫يف العالم أمجع‪ ،‬يتعزز هذا اجلانب‬
‫توظيف اتلقنيات بشلك فاعل وأكرث من السابق بكثري‪.‬‬
‫ويذكر خباري (‪ )2020‬أن املناهج اتلعليمية بسبب تأثريات كورونا من شأنها أن تكون‬ ‫ ‬
‫ً‬ ‫لاً‬
‫مستقب أكرث تركزيا ىلع اجلوانب اتلوعوية واتلثقيفية‪ ،‬وتنمية مهارات اتلعامل مع األزمات‬
‫وتعزيز املسؤويلة الفردية واجلماعية‪ ،‬كما ستتناول ‪-‬بشلك أكرب‪ -‬جوانب اتلعقيم وانلظافة وغريها‬
‫من األمور املرتبطة بانلوايح الصحية‪.‬‬
‫و»تشري منظمة «ايلونسكو» إىل أن ثروة املوارد اتلعليمية الرقمية قدمت طلبات جديدة‬ ‫ ‬
‫ىلع أنظمة ومؤسسات اتلعليم العايل‪ ،‬اليت تشمل تطوير مناهج ابتاكرية وبرامج دراسية ومسارات‬
‫تعليمية بديلة وطرق اتلعليم العايل‪ ،‬ولك ذلك يمكن تيسريه عرب اإلنرتنت واتلعليم عن بُعد‬
‫وادلورات القصرية القائمة ىلع املهارات» (زايد‪)٢٠٢٠ ،‬‬
‫وأكد باراك (‪ )Barack, 2020‬أن املناهج اتلعليمية من املهم أن تتضمن احلديث عن‬ ‫ ‬
‫جاحئة كوفيد ‪ 19‬وفق لك ختصص‪ .‬فعىل سبيل املثال ال احلرص‪ :‬يمكن ملناهج الرياضيات والعلوم‬
‫أن تتضمن بعض ابليانات واإلحصاءات حوهلا‪ ،‬ويمكن ملناهج ادلراسات االجتماعية أن تتناول‬
‫املوضوع من املنىح اتلارييخ‪.‬‬
‫وأشارت جونز (‪ )Jones, 2020‬إىل رضورة تركزي املناهج ادلراسية يف ظل تأثريات اجلاحئة‬ ‫ ‬
‫ىلع ثالثة جوانب‪ :‬اتلعليم يف اهلواء الطلق‪ ،‬الفنون والعلوم اإلنسانية‪ ،‬وتعليم مهارات الشخصية‪،‬‬
‫ويه مجيعها تهدف إىل حتقيق املرونة يف اتلعلم‪ ،‬وإكساب الطالب القيم الالزمة هل يف حياته‬
‫العامة‪.‬‬
‫وهذا يعين أن مناهج اللغة العربية ال بد أن تنسجم مع متطلبات هذه املتغريات‪ ،‬وتتحول‬ ‫ ‬
‫من دائرة احلفظ واتللقني إىل تكثيف االهتمام باجلانب اإلبدايع االبتاكري‪ ،‬بما يهيئ الطالب‬
‫يلكون شخصية ناقدة حمللة منتجة للمعرفة من خالل طاقاتها اإلبداعية االبتاكرية؛ خاصة أن‬
‫فروعها املختلفة من تعبري وقراءة وأدب ونقد وغريها يمكن أن تفتح جماالت واسعة تلدريب‬
‫الطالب ىلع لك ذلك فيما لو تم تقليص املحتوى املخاطب لذلاكرة‪ ،‬وتغيري وجهته إىل خماطبة‬
‫مهارات اتلفكري العليا‪ ،‬وهو أمر سيكون هل تأثريه اإلجيايب حىت ىلع نظرة الطالب للغته وجدواها‬
‫يف حياته‪.‬‬
‫ً‬
‫ويمكن –تبعا ذللك‪ -‬أن نتوقع أن تركز مناهج اللغة العربية حبكم ارتباطها باجلانب‬ ‫ ‬
‫ّ‬
‫القييم‪ ،‬وتنوع حمتوى الكتب ادلراسية فيها بتنوع فروعها ومهاراتها؛ ىلع اجلوانب نفسها‪،‬‬
‫ً‬ ‫لاً‬
‫مفتوحا ملناقشة‬ ‫خاصة يف دروس القراءة واتلعبري ىلع سبيل املثال‪ .‬فهذان الفراعن يعدان جما‬
‫اجلوانب احلياتية املختلفة‪ ،‬ويتيحان الفرصة للطالب للمناقشة وإبداء الرأي واتلعبري عن مشاعره‬
‫وتطلعاته ً‬
‫أيضا‪ .‬كما أن دروس القواعد من شأنها أن تفتح املجال ملناقشة مثل هذه اجلوانب من‬

‫‪112‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫خالل األمثلة اتلطبيقية عليها‪ ،‬أو من خالل تلك األنشطة املحفزة ملستوى الرتكيب دلى الطالب‪.‬‬
‫ومن املهم ختصيص احلديث هنا عن أهمية تنمية مهارات اتلفكري دلى الطالب‪ ،‬خاصة مع وجود‬
‫ارتباط عميق بني اللغة ونظام اتلفكري‪ ،‬فصياغة األفاكر ال تعد عملية مستقلة‪ ،‬بل ً‬
‫جزءا ال يتجزأ‬
‫من قواعد لغوية معينة‪ ،‬كما أن اللغة تؤثر يف الفكر‪ ،‬فيه اليت تساعد اإلنسان ىلع ترتيب الصور‬
‫اذلهنية يف ألفاظ ترتتب بشلك متسلسل للتعبري عن تلك الصور‪( .‬إسماعيل‪)2020 ،‬‬
‫وكما هو مالحظ‪ ،‬فإن اجلاحئة تطلبت وجود أفراد واعني‪ ،‬متحملني للمسؤويلة‪ ،‬يفكرون‬ ‫ ‬
‫بتأن قبل نرش أي أخبار أو معلومات أو أحداث تصلهم‪ ،‬قادرين ىلع اتلعبري عن أفاكرهم وتوجهاتهم‬
‫وآرائهم حبكمة وعقالنية ً‬
‫بعيدا عن استفزاز اآلخر أو ترهيبه أو دعوته إىل االستهانة بالوضع‪.‬‬
‫ويتطلب ما سبق عند تعليم اللغة العربية ‪-‬ىلع وجه اتلحديد‪ -‬االهتمام بتنمية مهارات‬ ‫ ‬
‫اتلفسري‪ ،‬وفهم املقروء‪ ،‬واإلبداع‪ ،‬خاصة يف مهاريت القراءة والكتابة‪ ،‬باإلضافة إىل رضورة تنمية‬
‫مهارات فهم انلصوص املكتوبة واملسموعة (إسماعيل‪)2020 ،‬؛ فاخللل يف هذا اجلانب قد يفيض إىل‬
‫تأثريات سلبية ىلع صاحبه واملحيطني به‪ ،‬خاصة يف ظل انتشار الشائعات واألخبار غري ادلقيقة‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫وفهما عميقا‪.‬‬ ‫تمحيصا وتدقيقا‬ ‫اليت تتطلب‬
‫وهنا يمكن توضيح أبرز املوضواعت اليت سيكون من املناسب تضمينها يف مناهج اللغة‬ ‫ ‬
‫العربية‪:‬‬

‫حديث مرجتل عن أبرز‬ ‫تقرير إذايع عن اتلأثريات‬


‫املمارسات اإلجيابية‬ ‫املجتمعية جلاحئة كوفيد‪19‬‬
‫الواجب االلزتام بها يف‬
‫أوضاع مشابهة ألوضاع‬ ‫اتلحدث‬ ‫االستماع‬
‫جاحئة كوفيد ‪19‬‬

‫الكتابة‬ ‫القراءة‬ ‫مقال صحيف عن بعض‬


‫كتابة تصور ذهين عن‬
‫اإلحصاءات املرتبطة‬
‫الوضع املتوقع تلدريس‬
‫بتأثريات جاحئة كوفيد‪19‬‬
‫اللغة العربية يف املستقبل‬
‫ىلع قطاع اتلعليم‬
‫بسبب تأثريات جاحئة‬
‫كوفيد‪19‬‬
‫شلك (‪)3‬‬
‫أمثلة ىلع املوضواعت املناسب تضمينها يف مناهج اللغة العربية‬

‫‪113‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫نستنتج من الشلك (‪ )3‬أن مضامني دروس اللغة العربية يمكن أن تصبغ بالصبغة‬ ‫ ‬
‫ً‬
‫العلمية‪ ،‬وبما حيقق املهارات املرجوة منها أيضا‪ .‬وال شك أن مثل هذه املوضواعت من شأنها أن‬
‫ترفع مستوى الشغف املعريف دلى الطالب جتاه تعلم اللغة العربية؛ حيث تشعره بمدى ارتباطها‬
‫بالواقع بما جيعلها أكرث مرونة وحيوية‪ ،‬ويف الوقت نفسه تكسبه املهارات الالزمة هل يف واقع‬
‫حياته العملية‪ ،‬وهو ما يطلق عليه بـ «وظيفية اللغة»‪ .‬كما أنه من األهمية بماكن اتلأكيد ىلع‬
‫أن يُصاغ حمتوى كتب اللغة العربية بما جيعلها متناسبة مع جانب رقمنة املناهج اذلي يتطلب‬
‫اشرتاطات ومعايري بعينها لطبيعة ذلك املحتوى‪ ،‬من حيث ربطه باملعينات ابلرصية واملؤثرات‬
‫السمعية واملرئية اليت تنسجم مع اتلعليم اإللكرتوين بشلك اعم‪ ،‬وهذا يعين أن هنالك مراجعات‬
‫ًّ‬ ‫لاً‬ ‫جُ‬
‫مستقبليا أرسع مع أي أوضاع قد تستجد‪،‬‬ ‫يف املحتوى احلايل ينبيغ أن ترى بما يضمن تفاع‬
‫فتؤثر ً‬
‫تبعا ذللك يف أنظمة اتلعليم كما حيدث اآلن‪.‬‬

‫تدريس مادة اللغة العربية في ظل تأثيرات هذه الجائحة‬


‫ً‬
‫واحدا من أهم تأثريات هذه اجلاحئة تغيري ادلور املعتاد للمعلم‪ ،‬بما‬ ‫من املالحظ أن‬ ‫ ‬
‫يقربه أكرث من اجلانب اتلوجييه اإلرشادي اتلحفزيي‪ ،‬املعزز للجانب اإلنساين‪ ،‬ويف الوقت نفسه‬ ‫ّ‬
‫املتمكن من اجلانب اتلقين اذلي يسمح هل بتوظيف اتلقنية املواكبة نلظام اتلعليم عن بُعد‪.‬‬
‫المعلّمني ىلع اتلعامل مع اتلقييم‪ّ ،‬‬
‫وتتبُع‬ ‫ومن املتوقع أن «معطيات ثورة اتلقنية احلديثة ستُساعد ُ‬
‫ِ‬
‫أداء لك طالب بملل أقل‪ ،‬ووضع ادلرجات ىلع حنو اعدل‪ ..‬إن هذه املهام ستصبح بسيطة؛ ما سيتيح‬
‫ً‬
‫مزيدا من الوقت واجلهد للرتكزي ىلع حتسني ادلورة اتلعليمية وجودة اتلدريس وتطوير‬ ‫للمعلمني‬
‫الكفاءة»‪( .‬ابلغدادي‪)2020 ،‬‬
‫ولقد ذكرت ابلغدادي (‪ )2020‬أن هنالك حتوالت مهمة سوف تفرض نفسها ىلع مستوى‬ ‫ ‬
‫املناهج ادلراسية‪ ،‬فعىل سبيل املثال ال احلرص‪ :‬ستظهر برامج تعليمية جديدة تتبىن اذلكية يف بناء‬
‫املحتويات اتلعليمية‪ ،‬وذلك باستخدام أحدث اتلطبيقات املطورة من قبل الرشاكت انلاشئة‪،‬‬
‫وكربى املؤسسات يف قطاع اتلعليم‪.‬‬
‫ومن بني اتلأثريات املبارشة جلاحئة كورونا املستجد ىلع منظومة اتلعليم‪ :‬إاعدة انلظر‬ ‫ ‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫يف دور املعلم بما جيعله بعيدا عن انلمط اتلقليدي املعتاد عليه يلقربه أكرث من املعلم صاحب‬
‫املعرفة املتجدد املبتكر املبدع املرتبط بتوظيف اتلقنيات احلديثة‪ ،‬خاصة أن الطلبة خالل فرتة‬
‫الغلق اليت اعشوها وشهدت تعليق ادلراسة قد اقرتبوا أكرث من اتلقنيات احلديثة واتلدرب ىلع‬
‫لاً‬
‫الربامج واتلطبيقات املتطورة‪ ،‬بما سيدفع املعلم باستمرار إىل متابعة املستجدات أو بأول‪،‬‬
‫واالطالع عليها‪ ،‬واتلدرب ىلع مهاراتها (ابلغدادي‪.)2020 ،‬‬
‫وينبيغ أن تركز برامج إعداد املعلم إذن ىلع املهارات والقيم اليت عززت هذه اجلاحئة‬ ‫ ‬

‫‪114‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫احلاجة إيلها‪ ،‬والقصد هنا تلك املهارات املرتبطة باختاذ القرار‪ ،‬واتلخطيط االسرتاتييج‪ ،‬واتلأثري‬
‫يف اآلخر‪ ،‬واتلمكن اتلقين‪ ،‬وتصميم الربامج احلاسوبية‪ ،‬وإسرتاتيجيات اتلعليم عن بُعد‪ ،‬وأسايلب‬
‫اتلقييم املنسجمة مع طبيعة اتلعليم عن بُعد‪ ،‬باإلضافة إىل قيم العمل اتلطويع‪ ،‬واملسؤويلة‬
‫املجتمعية‪ ،‬واملبادرة‪ ،‬وغريها من املهارات والقيم اليت يتطلب الوقت احلايل واملستقبل القادم من‬
‫واقع اتلأثريات اليت انعكست من هذه اجلاحئة‪ ،‬ومن املهم الرتكزي ىلع تدريب معلم اللغة العربية‬
‫ىلع إسرتاتيجيات ما وراء املعرفة اليت تساعد الطالب ىلع إدارة أي موقف يواجهه بما يمكنه من‬
‫معاجلته‪.‬‬
‫وقد أوردت منظمة األمم املتحدة للرتبية والعلم واثلقافة ومنظمة العمل ادلويلة (‪)2020‬‬ ‫ ‬
‫يف إصدارهما «دعم املعلمني يف جهود العودة إىل املدارس‪ :‬ديلل القيادات املدرسية» بعض األبعاد‬
‫ذات العالقة بإعداد املعلمني يف ظل تأثريات جاحئة كورونا املستجد؛ فقد أوضحت أن برامج‬
‫اإلعداد واتلدريب ينبيغ أن تتضمن مهارات اختاذ القرار دليهم‪ ،‬وآيلات استخدام اسرتاتيجيات‬
‫تعليمية تصحيحية تليب حاجات املتعلمني وفق فروقهم الفردية‪ ،‬حىت فيما يتعلق بظروفهم املادية‪،‬‬
‫مع تأكيد أن يتم اتلدريب عن طريق األقران‪ /‬انلظراء من خالل اتلعاون مع املعلمني اآلخرين‬
‫داخل املدرسة‪ ،‬باإلضافة إىل أهمية االتلفات إىل اجلانب انلفيس للمعلمني من خالل تدريبهم ىلع‬
‫إدارة الضغوط انلفسية وإتقان آيلات اتلأقلم‪.‬‬
‫ويف سلطنة ُعمان؛ أطلقت وزارة الرتبية واتلعليم برامج تدريبية خاصة باملعلمني ملواكبة‬ ‫ ‬
‫املستجدات واتلأثريات اليت أفرزتها اجلاحئة؛ إذ اشتمل الربنامج ىلع مرحلتني‪ :‬مرحلة اتلدريب‪،‬‬
‫ومرحلة ادلعم واملتابعة‪ .‬وتشمل مرحلة اتلدريب‪ :‬اتلدريب ىلع املحور الرتبوي اذلي يتضمن‬
‫إسرتاتيجية اتلدريب املزتامن‪ ،‬ويهدف بشلك أسايس إىل بناء اجتاهات إجيابية حنو اتلعليم عن‬
‫بُعد من خالل تمكني املتدرب من ممارسة اتلعليم باستخدام طرائق حمفزة وإبداعية‪ ،‬مع تقديم‬
‫ادلعم الالزم هل نلجاحه بفاعلية‪ .‬ويركز اتلدريب ىلع جمموعة من املهارات العامة‪ ،‬مثل‪« :‬املهارات‬
‫األساسية يف اتلعليم عن بعد‪ ،‬كآيلة إدارة الفصول االفرتاضية املزتامنة‪ ،‬وأسايلب متنوعة تلغيري‬
‫االجتاهات‪ ،‬وطرائق وأسايلب تنشيط اجلسم واذلهن للمعلم والطالب‪ ،‬ومهارات اتلدريس‬
‫واملتابعة عن بعد‪ ،‬وكيفية اتلعامل مع وثائق اتلقويم الرتبوي‪ ،‬ووثائق املناهج‪ ،‬وآيلات تقديم ادلعم‬
‫انلفيس واالجتمايع للطالب‪ ،‬وتعزيز القراءات اإلثرائية»‪( .‬جريدة ُعمان‪.)2020 ،‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫حتديدا؛ جند أن هذا األمر ال بد أن ينعكس‬ ‫وعند احلديث عن معلم اللغة العربية‬ ‫ ‬
‫ً‬
‫عليه جانبا تطوير مضامني املحتوى املعريف ملادة اللغة العربية وأهدافها أيضا؛ فكالهما لن حيقق‬
‫ًّ‬ ‫ّ‬
‫عمليا بما يتواءم والصورة‬ ‫اجلدوى املرجوة منه من دون وجود معلم قادر ىلع استيعابه وتطبيقه‬
‫ُ‬
‫اليت خطط بها‪.‬‬
‫ّ‬
‫فمعلم اللغة العربية ‪-‬كغريه من معليم اتلخصصات األخرى‪ -‬يتأثر بأي تغيري حيدث‬ ‫ ‬

‫‪115‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫يف منظومة اتلعليم استجابة ألي مستجدات أو تطورات؛ ذلا من املفرتض أن ما سبق احلديث‬
‫عنه من توقعات حول تغيري مضامني مادة اللغة العربية وتوسعة يف دائرة أهدافها‪ ،‬بما يقتيض‬
‫ًّ‬
‫تلقائيا يف برامج إعداد معلم‬ ‫ذلك من تركزي ىلع اجلوانب املهارية والقيمية؛ يؤدي إىل إاعدة انلظر‬
‫اللغة العربية وتدريبه‪ ،‬وهو أمر يفرض تقيص مدى انسجام تلك الربامج يف الواقع احلايل مع تلك‬
‫ّ ّ‬
‫املهارات والقيم اليت ال يمكن إكسابها للطالب دون وجود معلم متسم بها متمكن منها‪.‬‬
‫فعىل سبيل املثال ال احلرص‪ :‬ينبيغ اخلروج من دائرة انلمط اتلقليدي املعتاد يف الرتكزي‬ ‫ ‬
‫ّ‬
‫ىلع اتلنظري اللغوي واألكادييم خالل برامج إعداد معلم اللغة العربية‪ ،‬واالنتقال به إىل دائرة‬
‫اتلطبيق العميل املكثف اذلي يربط اجلوانب انلظرية باملمارسة العملية امللموسة‪ ،‬سواء يف تقديم‬
‫املعرفة أو يف تقييمه فيها‪ ،‬خاصة يف قواعد اللغة وإسرتاتيجيات تدريس القراءة واألدب‪ ،‬وبايق‬
‫املهارات اللغوية األخرى (االستماع واتلحدث والكتابة)‪ .‬كما ينبيغ أن يشتغل ىلع برامج‬
‫تدريبية وفق انلهج نفسه بما يضمن مواكبتها للمستجدات باستمرار‪ ،‬كتوظيف اسرتاتيجيات‬
‫ّ‬
‫اتلدريس احلديثة‪ ،‬واتلطورات اتلكنولوجية الواسعة يف إكساب املعلم املهارات الالزمة تلقديم‬
‫اللغة العربية بها‪ ،‬باإلضافة إىل تمكينه من قيم احرتام الرأي اآلخر‪ ،‬واستشعار املسؤويلة الفردية‬
‫بالهوية العربية ‪-‬انطالقا من لغته األم‪ -‬وغريها من القيم اليت يمكنه من‬ ‫واملجتمعية‪ ،‬واالعزتاز ُ‬
‫ُ‬
‫خالل شخصيته وحدها أن يغرسها يف شخصيات طلبته‪ .‬وخنلص من هنا أن تدريس اللغة العربية‬
‫لاً‬ ‫ً‬
‫انعاكسا تلطوير مضمون املحتوى املعريف ابتداء من أهدافه‪ ،‬وانتقا إىل إاعدة انلظر يف‬ ‫سيكون‬
‫ًّ‬ ‫ّ‬
‫أدوار معلم اللغة العربية اليت تقتيض تلقائيا مراجعة برامج إعداده وإنمائه املهين‪.‬‬
‫ومن هنا؛ يمكن القول‪ :‬إن تدريس اللغة العربية ينبيغ أن يقرتب أكرث من اجلانب‬ ‫ ‬
‫اتلطبييق اذلي يربط اللغة بالواقع العميل‪ ،‬بما يتضمنه ذلك من تكثيف االهتمام بإكساب‬
‫الطالب املهارات اللغوية الالزمة هل يف حياته العامة‪ ،‬وتقليل الرتكزي ىلع خماطبة ذاكرته وحدها‬
‫املعززة جلانب احلفظ فقط‪ ،‬فواقع احلياة ايلوم وما نشهده من تأثريات جاحئة كوفيد ‪ 19‬ىلع‬
‫اجلوانب مجيعها تعزز من توجيه تدريس العربية إىل هذا املسار اذلي يضمن إجياد طالب متسلح‬
‫ً‬ ‫ًّ‬
‫مستمرا يف اتلفاعل مع حتدياته‪ ،‬موظفا‬ ‫بالفكر الوايع والقراءة انلاقدة للك ما يواجهه؛ فيصبح‬
‫ّ‬
‫للغته اتلوظيف األمثل اذلي يقدره ىلع اجتياز تلك اتلحديات بسالم‪ ،‬فيكيف أن نرى طلبتنا‬
‫مستمعني جيدين‪ ،‬وقارئني شغوفني‪ ،‬ومتحدثني طليقني‪ ،‬واكتبني مبدعني يستطيعون حتليل‬
‫األحداث بإجيابية‪ ،‬ويستشعرون مسؤويلتهم الفردية واملجتمعية؛ فيصبحوا قيمة ُمضافة إىل وطنهم‬
‫واإلنسانية مجعاء‪.‬‬
‫وال شك أن لك ما سبق يؤكد أن هذه اجلاحئة لن تكون ذات تأثريات مؤقتة تنتيه‬ ‫ ‬
‫بمجرد انتهائها‪ ،‬بل يه بمثابة رسالة تنبيه وتهيئة يف الوقت ذاته للمستقبل القادم‪ ،‬ذلا جدير‬
‫بقطاع اتلعليم أن يظل يف حراك مستمر وشمويل تلطوير دور املعلم واالرتقاء بأدائه اتلدرييس‪،‬‬

‫‪116‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫ليس من حيث إاعدة انلظر يف برامج إعداده وحسب‪ ،‬بل يف برامج تدريبه وآيلات متابعته وتقييمه‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫انسجاما مع اتلطورات املعرفية واتلكنولوجية‪ ،‬وبما يمكن املعلم من‬ ‫أيضا‪ ،‬وجتديد تلك اجلوانب‬
‫ًّ‬ ‫اتلعليمية ّ‬
‫ّ‬
‫حتميا وليس جمرد خيار‬ ‫برمتها‪ ،‬وهو أمر بات‬ ‫توظيف طاقاته وقدراته يف تطوير العملية‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫غري ملزم؛ فمنظومة اتلعليم ختتل بأكملها إن لم يؤسس املعلم تأسيسا يأخذ بيد حتقيق أهدافها‬
‫ويسمو بغاياتها‪.‬‬

‫أساليب التقويم في مادة اللغة العربية بعد تأثيرات الجائحة‬


‫ما دامت اجلاحئة قد ألقت بظالهلا ىلع منظومة اتلعليم بأكملها بما أدى ذلك إىل اتلحول‬ ‫ ‬
‫ُ‬
‫للتعليم املدمج أو اتلعليم عن بعد؛ اكن ال بد أن يطال اتلأثري أسايلب تقييم الطالب‪ ،‬كما طال‬
‫أسايلب تدريسه واتلعامل معه‪ .‬فليس من املنطيق ‪-‬يف ظل هذا اتلحول إىل نظام تعليم جديد‪-‬‬
‫أن تظل أسايلب اتلقييم كما اكنت‪ ،‬أو تظل معزولة عما حيدث اآلن من تغري وتطور ومواكبة‬
‫للمستجدات‪ .‬ويف السلطنة‪ ،‬أصدرت وزارة الرتبية واتلعليم (‪ )2020‬وثيقيت تقويم جديدتني‪:‬‬
‫األوىل ختص احللقة األوىل من اتلعليم األسايس (الصفوف من ‪ ،)4 -1‬واثلانية ختص احللقتني‬
‫اثلانية واثلاثلة من اتلعليم األسايس (‪ ،)12-5‬شملتا تفاصيل األسايلب املستحدثة يف تقييم‬
‫الطالب بما ينسجم مع طبيعة اتلعلم عن بُعد‪ .‬وقد ورد يف الوثيقتني أن ثمة تعديالت قد أجريت‬
‫يف بنود الوثيقة العامة تلقويم تعلم الطلبة للصفوف (‪ )12 -1‬نسخة اعم ‪2018‬م‪ ،‬تلتماىش مع ظروف‬
‫ّ‬
‫اجلاحئة وتوظيف تقنيات اتلعليم اإللكرتوين‪ .‬ويعد أبرز تعديل حدث يف هذا اجلانب اعتماد نظام‬
‫اتلقويم املستمر لعام درايس اكمل وليس لفصل درايس فقط‪.‬‬
‫ً‬
‫حتديدا؛ اعتُ ِمدت االختبارات القصرية يف تقييم الطلبة واختبار‬ ‫ويف مادة اللغة العربية‬ ‫ ‬
‫منتصف الفصل ادلرايس بما يشمله من خمتلف مهارات اللغة العربية وفروعها‪ ،‬وظهر يف وثيقة‬
‫اتلقويم تركزي كبري ىلع اجلوانب املهارية‪ ،‬مثل‪ :‬مهارات العرض الشفوي‪ ،‬واتلعبري الكتايب‪،‬‬
‫والقراءة‪ ،‬ويف الصفوف من األول إىل الرابع مهارات االستماع واتلحدث والقراءة والكتابة‪ ،‬ىلع‬
‫أن يكون للواجبات املزنيلة قيمتها وماكنتها‪ ،‬باإلضافة إىل حتديد معايري وصفية وفق مخسة‬
‫دائما) لوصف أداء اتللميذ يف لك مهارة‪( .‬وزارة‬ ‫(نادرا‪ -‬أحيانًا‪ -‬متسوط األداء‪ً -‬‬
‫اغبلا‪ً -‬‬ ‫ً‬ ‫مستويات‬
‫الرتبية واتلعليم‪.)2020 ،‬‬
‫وال شك أن ما سبق احلديث عنه من أهداف ومضامني وقيم ومهارات من املتوقع الرتكزي‬ ‫ ‬
‫عليها يف مناهج اللغة العربية بسبب تأثريات جاحئة كوفيد‪ ،19‬وما جنم عنها من اتلفات أكرب‬
‫وأكرث تلهيئة شخصية الطالب ملواجهة حتديات املستقبل؛ تقتيض إاعدة انلظر يف أسايلب تقويم‬
‫مادة اللغة العربية‪ ،‬من خالل حتقيق االنسجام بني تلك األهداف واملضامني والقيم واملهارات‬
‫وطبيعة املخرجات اتلعليمية املناسبة هلا‪ ،‬ومما يؤكد ذلك اتلغيري اذلي حدث يف بعض جوانب‬

‫‪117‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬


‫واضحا ىلع اجلانب املهاري‬ ‫تركزيا‬ ‫وثائق تقويم مادة اللغة العربية اليت ذكرت سابقا؛ فقد أبرزت‬
‫قربا من الواقع العميل املرتبط حبياة الطالب‪ ،‬وبما يرتيق بشخصيته‬‫بما جيعل اللغة العربية أكرث ً‬
‫بأكملها‪.‬‬
‫ويمكن استنتاج مما سبق أهم أسايلب اتلقييم اليت من املناسب الرتكزي عليها يف مادة‬ ‫ ‬
‫اللغة العربية بعد تأثريات الوضع احلايل‪ ،‬بما حيقق بناء الشخصية اإلنسانية الاكملة دلى الطالب؛‬
‫يلتمكن من اتلعايط مع أي حتديات مستقبلية بالطريقة املالئمة‪:‬‬

‫املهارات‬ ‫املعارف‬ ‫ال ِقيَم‬

‫اختبارات مهارية‬ ‫عروض شفوية‬ ‫اختبارات‬


‫(استماع‪ ،‬قراءة‪،‬‬ ‫للمادة اتلعليمية‬ ‫املواقف العملية‬
‫كتابة‪ ،‬حتدث)‬

‫إعداد حبوث‪/‬‬ ‫اختبارات حتصيلية‬ ‫قراءات حتليلية‬


‫تقارير‪/‬مقاالت‬ ‫مركزة ىلع مهارات‬ ‫ملقاطع‪ /‬صور‬
‫اتلفكري العليا‬

‫شلك (‪ )4‬أسايلب تقييم اللغة العربية املقرتحة يف ظل تأثريات اجلاحئة‬

‫يوضح الشلك (‪ )4‬أن أسايلب تقييم الطالب يف مادة اللغة العربية ينبيغ أن تكون‬ ‫ ‬
‫مستقاة من املتطلبات الالزمة لالرتقاء بشخصيته يف الواقع‪ ،‬ومتفاعلة مع ما أفرزته اجلاحئة من‬
‫تأثريات واضحة ىلع فكر الفرد وثقافته ووعيه واستشعاره ملسؤويلته الفردية واملجتمعية‪ .‬وال شك‬
‫ملزمة حتول دون اعتماد غريها يف ما حيقق اهلدف نفسه‪،‬‬ ‫أن األسايلب املقرتحة هنا ال تمثل قاعدة ِ‬
‫ُ‬
‫وباتلأكيد فإن اتلطور احلاصل يف منظومة اتلعليم خاصة بعد اعتماد اتلعليم عن بعد؛ قد أوجد‬
‫إسرتاتيجيات وأسايلب أكرث حداثة ومرونة ً‬
‫أيضا تضمن اتلأقلم مع أي حتديات مستقبلية قد تؤثر‬
‫يف هذه املنظومة‪ ،‬ويبىق أن يكون هنالك حرص من القائمني ىلع مناهج اللغة العربية يف مواكبة‬
‫ما حيدث بما ال حييد ً‬
‫أيضا عن املسار املرجو من جدوى تعليمها‪ ،‬وبما حيقق وظيفيتها اليت ندعو‬
‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫لاً‬
‫ومصدرا‬ ‫أساسيا يف تغيري القنااعت السلبية جتاه لغتنا األم‪،‬‬ ‫إيلها باستمرار؛ تلبىق هذه املادة اعم‬
‫ّ‬
‫من مصادر تطوير شخصية الطالب بما خيرجه إىل احلياة بأكملها وليس إىل مرحلة تعليمية بعينها‪.‬‬

‫‪118‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫الخاتمة‬

‫مما سبق؛ يمكن استخالص أن جاحئة كوفيد ‪ 19‬لم تقترص تأثرياتها ىلع املنظومة‬ ‫ ‬
‫الصحية واالقتصادية وحسب‪ ،‬بل ألقت بظالهلا ىلع منظومة اتلعليم‪ ،‬ويه املنظومة اليت تؤثر‬
‫وتتأثر بكل ما حيدث ىلع أرض الواقع‪ ،‬خاصة مع توسيع مفهوم اتلعليم يلخرج من دائرة اتللقني‬
‫املعريف إىل بناء الطالب اإلنسان بكامل شخصيته؛ وهذا يعين أن اتلأثريات ستنعكس ىلع أبعاد‬
‫العملية اتلعليمية بأكملها‪ ،‬ومن بينها املناهج ادلراسية بمحتوياتها وأسايلب تدريسها وتقييمها‪،‬‬
‫وهذا يتطلب ً‬
‫أيضا إاعدة انلظر يف برامج إعداد املعلم وتدريبه‪ ،‬بل قد يسبق ذلك لكه إجراء‬
‫مراجعات ىلع فلسفة اتلعليم نفسها بما ينعكس بعد ذلك ىلع بايق تفاصيلها اإلجرائية‪.‬‬
‫ولم تقترص تلك اتلأثريات ىلع مادة بعينها‪ ،‬بل طالت خمتلف املواد ادلراسية‪ ،‬وهو أمر‬ ‫ ‬
‫ُ‬
‫طبييع أكد أن حدوث أي تغري يف بعد واحد من أبعاد منظومة اتلعليم يوازيه تغري يف أبعاد املنظومة‬
‫يعول عليها الكثري خاصة يف اجلانب‬ ‫بأكملها‪ .‬ومادة اللغة العربية ليست بمعزل عن لك هذا‪ ،‬بل ّ‬
‫القييم واجلانب املهاري‪ ،‬اذلي يؤسس شخصية الطالب ويؤهلها ملواجهة أي حتديات يف املستقبل‪،‬‬
‫ً‬ ‫فكرا‪ ،‬املتطور ثقافة‪ ،‬املتأصل ً‬
‫فاملجتمعات باتت حباجة ماسة إىل اإلنسان الوايع ً‬
‫قيما وأخالقا‪ ،‬بما‬
‫ُ‬
‫حيفظ هل ثوابته اإلجيابية وهويته الرصينة؛ يلبىق متعاطيًا مع أي مستجدات بما جيعله قيمة مضافة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫إىل وطنه وليس اعلة عليه‪ .‬وتتطلب هذه األمور مجيعها تكاتفا وتعاونا من اجلميع‪ ،‬واالشتغال‬
‫ىلع أبعاد املنظومة لكها؛ فاتلعليم ال يتجزأ‪.‬‬
‫ومن الطبييع أن تشهد اتلحوالت احلايلة يف أنظمة اتلعليم ىلع مستوى العالم أمجع‬ ‫ ‬
‫ً‬
‫حتوالت أيضا يف املناهج ادلراسية بمختلف عنارصها‪ :‬األهداف‪ ،‬املحتوى‪ ،‬طرائق اتلدريس‬
‫واسرتاتيجياته‪ ،‬أسايلب اتلقويم‪ ،‬األنشطة والوسائل اتلعليمية‪ ،‬وهو أمر ينطبق ىلع خمتلف‬
‫اتلخصصات ومن بينها اللغة العربية اليت ينبيغ أن تتفاعل آيلات تعليمها مع املستجدات من‬
‫حونلا‪ ،‬بما يرفع من مستوى الشغف املعريف بها دلى الطالب‪ ،‬ويعزز دليه إدراك ارتباطها بواقعه‬
‫وحتقيق وظيفيتها اليت جتعل تأثريها أكرث استدامة وجدوى يف شخصيته‪ ،‬وتصبح ذات دور مؤثر يف‬
‫لاً‬
‫تكوينه اإلنساين املتفاعل إجيابًا مع أي أوضاع قد يمر بها مستقب ‪.‬‬
‫ملحة ينبيغ أن يتم اتلعايط معها برسعة ومرونة أيضا ىلع صعيد حمتوى‬ ‫وثمة مراجعات ّ‬ ‫ ‬
‫ّ‬
‫كتب اللغة العربية‪ ،‬وبرامج إعداد معلمها وتدريبه‪ ،‬بما يتواءم باستمرار مع أي مستجدات‬
‫قد حتدث‪ ،‬ويكيف أن هذه اجلاحئة قد كشفت عن جوانب قصور ينبيغ معاجلتها‪ ،‬ترتبط بهذه‬
‫اجلوانب خاصة فيما يتعلق بمحتوى الكتب ادلراسية‪ ،‬اليت بات من املهم إاعدة انلظر فيها وإضفاء‬
‫احليوية والواقعية عليها‪ ،‬وإدراج بعض املوضواعت العلمية املواكبة للواقع‪ ،‬وتهيئة شخصية‬
‫الطالب تلوظيف ما اكتسبه من مهارات لغوية يف ما يرتيق بقدراته ىلع مواجهة حتديات احلياة‬

‫‪119‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫وتقلبات ظروفها وأوضاعها‪.‬‬


‫ومهما اكنت هلذه اجلاحئة من تأثريات سلبية ىلع بعض اجلوانب؛ فإن تأثرياتها اإلجيابية‬ ‫ ‬
‫ً‬
‫أكرب بكثري؛ فيكيف أنها بعثت رسائل تنبيه للجميع (أفرادا ومؤسسات) برضورة إاعدة انلظر يف‬
‫جوانب متعددة‪ ،‬وكشفت عن جوانب القصور اليت يفرتض معاجلتها‪ ،‬ووجهت أنظار العالم إىل‬
‫ً‬
‫تغيريا‬ ‫ماهية األبعاد اليت ينبيغ االتلفات إيلها من أجل اتلهيؤ للمستقبل بأكمله‪ ،‬كما أنها أحدثت‬
‫واضحا يف مستوى الويع الشخيص وإدراك قيمة اتلقنية أكرث من السابق؛ إذ فرضت لكمتها بقوة‬ ‫ً‬
‫خاصة يف احلقل اتلعلييم‪ ،‬وباتت أنظمة اتلعليم معرتفة بأهمية االستثمار يف اتلكنولوجيا وتركزي‬
‫االهتمام بمهارات اتلفكري العليا دلى الطالب‪ ،‬بما جيعله ً‬
‫قادرا ىلع مواجهة اتلحديات املستقبلية‬
‫بلغة عملية تتعاىط معها بما يرتيق به وقدراته وطاقاته‪.‬‬
‫وينبيغ اتلأكيد هنا ىلع أنه ال يمكن اجلزم جبدوى أسلوب بعينه يف حتقيق األهداف‬ ‫ ‬
‫املرجوة من العملية اتلعليمية يف ظل كرثة اتلأثريات احلايلة واملستقبلية ىلع منظومة اتلعليم‪ ،‬إال أن‬
‫سرب أغوار تفاصيلها باتلجربة واتلطبيق العميل جيعلنا قادرين ىلع إطالق احلكم املناسب عليها‬
‫بما يضمن االنتقائية املنهجية ألي أسلوب يناسب لك مرحلة‪ ،‬وتظل هذه اتلجارب واتلطبيقات‬
‫بدءا من مراجعة فلسفته‬ ‫فرصا ثمينة للتعلم‪ ،‬ومنافذ واسعة تضمن تطوير اتلعليم باستمرار‪ً ،‬‬ ‫ً‬
‫لاً‬
‫وأهدافه العامة‪ ،‬وانتقا إىل بايق العمليات األخرى اليت حتقق االنسجام املنهيج بني عنارصه‬
‫وأبعاده‪.‬‬

‫‪120‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫المراجع‬

‫* إسماعيل‪ ،‬بليغ محدي‪ .)2020( .‬اتلفكري ىلع خريطة مناهج اتلعليم العريب‪ ،‬تم الرجوع إيله‬
‫بتاريخ ‪ 30‬أكتوبر ‪2020‬م‪ ،‬من ‪4737=http://altanweeri.net/?p‬‬
‫* إسماعيل‪ ،‬بليغ محدي‪ .)2011( .‬إسرتاتيجيات تدريس اللغة العربية‪ :‬أطر نظرية وتطبيقات‬
‫عملية‪ ،‬دار املناهج للنرش واتلوزيع‪ :‬األردن‪.‬‬
‫ُ‬
‫* األمانة العامة ملجلس اتلعليم‪ .)2017( .‬فلسفة اتلعليم يف سلطنة عمان‪ ،‬مسقط‪.‬‬
‫* األمم املتحدة (‪ .)2020‬موجز سياسايت‪ :‬اتلعليم أثناء جاحئة كوفيد‪ 19 -‬وما بعدها‬
‫* خباري‪ ،‬عصام (‪ .)2020‬كيف سيغري كورونا مستقبل اتلعليم؟‪ ،‬العربية‪ ،‬تم الرجوع إيله بتاريخ ‪30‬‬
‫أكتوبر ‪2020‬م‪ ،‬من ‪2/03/2020/https://www.alarabiya.net/ar/saudi-today/views‬‬
‫‪-B1%8A%D8%BA%D9%8A%D8%D9%B3%D8%-81%8A%D9%D9%83%D9%/7‬‬
‫‪D8%B3%D8%85%D9%-A7%D8%86%D9%88%D9%B1%D8%88%D9%83%D9%‬‬
‫‪8%D9%B9%AA%D8%D8%84%D9%A7%D8%-84%D9%A8%D8%82%AA%D9%‬‬
‫‪9F%D8%85%8A%D9%D9%4‬‬
‫* ابلغدادي‪ ،‬فاطمة‪ .)2020( .‬حتوالت اتلعليم يف زمن ما بعد كورونا‪ ،‬جملة القافلة‪ ،‬تم الرجوع‬
‫إيله بتاريخ ‪ 27‬أكتوبر ‪2020‬م‪ ،‬من ‪2020/https://www.alarabiya.net/ar/qafilah‬‬
‫‪D%A7%D8%84%D9%91%8F%D9%D9%88%AD%D9%AA%D8%D8%/10/10/‬‬
‫‪-85%8A%D9%D9%84%D9%B9%AA%D8%D8%84%D9%A7%AA-%D8%8‬‬
‫‪-A7%D8%85%D9%-86%D9%85%D9%B2%8A-%D8%D9%80%D9%81%D9%‬‬
‫‪D%B1%D8%88%D9%83%D9%84%D9%A7%AF-%D8%D8%B9%D8%A8%D8%‬‬
‫‪A7%D8%86%D9%88%9‬‬
‫* جريدة ُعمان‪ .)2020( .‬خطة تلدريب اهليئة اتلدريسية والوظائف املرتبطة بها ىلع برنامج‬
‫اتلعليم عن بعد‪ ،‬تم الرجوع إيله بتاريخ ‪ 25‬نوفمرب ‪2020‬م‪ ،‬من ‪https://www.omandaily.‬‬
‫‪815265=om/?p‬‬
‫ُ‬
‫* زيدان‪ ،‬هاين‪ .)٢٠٢٠( .‬اتلعلم عن بعد يف مواجهة كورونا املستجد‪ ،‬تم الرجوع إيله بتاريخ ‪٤‬‬
‫ديسمرب ‪ ،٢٠٢٠‬من‬
‫‪https://www.scientificamerican.com/arabic/articles/news/distance-‬‬
‫‪learning-versus-covid19‬‬
‫* العوييس‪ ،‬رجب بن عيل‪ .)2020( .‬مناهج مدرسة كورونا‪ ،‬صحيفة أثري اإللكرتونية‪ ،‬تم الرجوع إيله‬
‫بتاريخ ‪ 26‬أكتوبر ‪ ،2020‬من ‪AF-%D8%/529935/https://www.atheer.om/archives‬‬
‫‪%88 %D 9 %B 9 %D 8 %84 %D 9 %A 7 %D 8 %-A 8 %A C %D 8 %D 8 %B 1 %%D 8‬‬

‫‪121‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫‪-A 8 %A A %D 8 %D 8 %83 %8A %D 9 %8A -%D 9 %D 9 %B 3 %8A %D 8 %D 9‬‬


‫‪%�D 9 %A 7 %D 8 %8 6 %D 9 %8 5 %D 9 % -8 6 %D 9 %B 9 %D 8 %‬‬
‫‪-A 9 %D 8 %B 3 %D 8 %B 1 %A F % D 8 %D 8 %8 5 %A C - % D 9 %D 8 %8 7‬‬
‫‪/86%D9%88%D9%B1%D8%88%D9%83%D9%‬‬
‫* العني اإلخبارية‪ 10 .)2018( .‬مسترشقني تغزلوا يف سحر اللغة العربية‪ ،‬تم الرجوع إيله بتاريخ‬
‫‪ 11‬ديسمرب ‪2020‬م‪ ،‬من ‪https://al-ain.com/article/arabic-langue-orientalism‬‬
‫صحيفة املدينة‪ .)2019( .‬أيسيسكو‪ :‬رضورة مواكبة اللغة العربية ملستجدات اتلطور اتلقين‬
‫واذلاكء االصطنايع‪ ،‬تم الرجوع إيله بتاريخ ‪ 11‬ديسمرب ‪2020‬م‪ ،‬من ‪https://www.al-‬‬
‫‪664120/madina.com/article‬‬
‫* املرصي‪ ،‬مىن‪ ٥ .)٢٠٢٠( .‬حتوالت سيواجهها اتلعليم اتلقليدي بعد انتهاء جاحئة كورونا‪ ،‬تم‬
‫الرجوع إيله بتاريخ ‪ ٥‬ديسمرب ‪ ،٢٠٢٠‬من ‪3/5/2020/https://www.aljazeera.net/blogs‬‬
‫‪8A%D9%B3%AA-%D8%D8%A7%D8%84%D9%88%AD%D9%AA%D8%D8%/‬‬
‫‪D%84%D9%A7%D8%-A7%D8%87%D9%87%AC%D9%D8%A7%D8%88%%D9‬‬
‫‪%AA%D9%D8%84%D9%A7%D8%-85%8A%D9%D9%84%D9%B9%AA%D8%8‬‬
‫‪AF%D8%B9%D8%A8%8A-%D8%AF%D9%8A%D8%D9%84%D9%82‬‬
‫* مصطىف‪ ،‬صالح عبد احلميد‪ .)2000( .‬املناهج ادلراسية‪ :‬عنارصها وأسسها وتطبيقاتها‪ ،‬دار‬
‫املريخ للنرش‪ :‬اململكة العربية السعودية‬
‫* منظمة األمم املتحدة للرتبية والعلم واثلقافة‪ ،‬منظمة العمل ادلويلة‪ .)2020( .‬دعم املعلمني يف‬
‫جهود العودة إىل املدارس‪ :‬ديلل القيادات املدرسية‪ ،‬باريس‪.‬‬
‫* وزارة الرتبية واتلعليم‪ .)2020( .‬مواءمة بعض بنود وثيقة تقويم تعلم الطلبة يف مادة اللغة العربية‬
‫للصفوف (‪ )12-5‬للعام ادلرايس ‪2021/2020‬م‪ ،‬سلطنة ُعمان‪.‬‬
‫* وزارة الرتبية واتلعليم‪ .)2020( .‬مواءمة بعض بنود وثيقة تقويم تعلم اتلالميذ يف مواد املجال‬
‫األول للصفوف (‪ )4-1‬للعام ادلرايس ‪2021/2020‬م‪ ،‬سلطنة ُعمان‪.‬‬

‫‪* Barack, L (2020). COVID-19 data adds real-world impact to curriculum, but‬‬
‫‪sensitivity is a must. Retrieved December 10, 2020, from https://www.k12dive.‬‬
‫‪com/news/covid-19-data-adds-real-world-impact-to-curriculum-but-sensitivity-is-‬‬
‫‪a-mu/582338/‬‬
‫*‬ ‫‪Jones,‬‬ ‫‪Sh(2020). Back to School: Curriculum Matters and Covid-19. Retrieved‬‬
‫‪December‬‬ ‫‪11,‬‬ ‫‪2020,‬‬ ‫‪from‬‬ ‫‪https://www.stran.ac.uk/creu-back-to-school-‬‬
‫‪curriculum-matters/‬‬
‫‪* Spencer, G (2020). Schools after COVID-19: From a teaching culture to a learning‬‬
‫‪culture. Retrieved December 9, 2020, from https://news.microsoft.com/apac/‬‬
‫‪features/technology-in-schools-from-a-teaching-culture-to-a-learning-culture/‬‬

‫‪122‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫الفصل اخلامس‬
‫منهج تكنولوجيا ملعلومات واالتصاالت بعد كوفيد_‪:19‬‬
‫انعكاس التجارب الدولية وتأثري معايري ‪ISTE‬‬
‫د‪ .‬سامح سعيد إسماعيل‬

‫‪123‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫‪124‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫مقدمة‬
‫ظهرت العديد من األوبئة املستجدة خالل العقدين األخريين‪ ،‬إذ توجد متالزمة‬
‫ً‬
‫مؤخرا‪.‬‬ ‫االتلهاب الرئوي احلاد سارس‪ ،‬إنفلونزا الطيور‪ ،‬واخلنازير‪ ،‬وكورونا (كوفيد‪)19-‬‬
‫وباء مثله من حيث رسعة االنتشار‬ ‫ً‬ ‫واملؤكد أن العالم لم يشهد خالل القرن األخري‬
‫والعدوى‪.‬‬
‫وقد ألقت هذه األوبئة ‪-‬خاصة جاحئة كوفيد‪ -19‬بظالهلا ىلع حياة الفرد واملجتمع‪،‬‬ ‫ ‬
‫فاتلدابري االحرتازية اليت فرضتها دول العالم للحد من انتشار فريوس كورونا املستجد وما ترتب‬
‫معا لفرتات طويلة‪ ،‬يُعد من أبرز ثمرات اجلاحئة؛ فقد شلكت فرصة‬ ‫عليه من بقاء أفراد األرسة ً‬
‫تلعزيز العالقات األرسية واتلقارب األرسي‪ ،‬وتوطيد العالقات مع األبناء‪ ،‬إىل جانب توفري‬
‫أجواء غري تقليدية اكنت األرسة حباجة ماسة إيلها يف ظل تسارع وترية احلياة؛ األمر اذلي اكن‬
‫نواح عديدة‪ :‬اجتماعية‪ ،‬نفسية‪ ،‬سلوكية‪،‬‬ ‫هل انعاكسات إجيابية يف استقرار الكيان األرسي من ٍ‬
‫وجدانية‪ ،‬تربوية‪ .‬يف الواقع‪ ،‬وضعت جاحئة كوفيد‪ 19-‬األرس أمام اختبار فعيل يقيسون به مدى‬
‫صالبة عالقاتهم‪ ،‬ومدى جناحهم يف تكوين أرسة متماسكة ذات قيم أخالقية متمزية‪ ،‬واكتشاف‬
‫نقاط الضعف اليت ينبيغ هلم معاجلتها يف أرسهم‪.‬‬
‫وىلع الصعيد املجتميع‪ ،‬إن سلوكيات أفراد املجتمع يف مرحلة ما بعد كوفيد‪ 19-‬لن‬ ‫ ‬
‫تكون مثل سلوكياتهم قبلها؛ فقد تسببت جاحئة كوفيد‪ 19-‬يف تغري السلوكيات االجتماعية‬
‫ألفراد املجتمع‪ ،‬فمن اتلغريات اإلجيابية يف أنماط السلوكيات املجتمعية‪ :‬مساعدة كبار السن‬
‫غري القادرين وإدارة شؤونهم‪ ،‬الزتام معظم الشباب باإلجراءات االحرتازية حلماية كبار السن من‬
‫خطر اإلصابة بالعدوى‪ ،‬اإلقالل من الزيارات االجتماعية غري الرضورية وامللكفة ماديًّا‪ ،‬العزوف‬
‫ُ‬
‫املجتميع عن تناول الوجبات اليت تعد خارج املزنل ألسباب منها اقتصادية ومنها ما يتعلق حبرية‬
‫اتلنقل‪ ،‬والعتبارات صحية خشية انتقال العدوى الفريوسية عن طريق الطعام َ‬
‫املعد يف اخلارج‪.‬‬
‫ومن مظاهر السلوكيات اجلديدة اليت ظهرت يف املجتمع‪ :‬االستعاضة عن النشاطات االجتماعية‬
‫اتلقليدية باجتمااعت افرتاضية عرب تقنية االتصال املريئ‪ ،‬واستعمال شباكت اتلواصل االجتمايع‬
‫بغرض مساعدة اآلخرين‪ ،‬ونرش سبل الوقاية واتلوعية بني متابعيهم‪ ،‬وتسليط الضوء ىلع املبادرات‬
‫اإلجيابية يف ظل اجلاحئة؛ اذلي من شأنه تغيري سلوك احلياة ايلومية ألفراد املجتمع ىلع حنو حيقق‬
‫هلم املنفعة ويوفر هلم الوقت واجلهد وانلفقات‪.‬‬
‫ً‬
‫وكون اتلعليم إحدى اخلدمات املجتمعية؛ فقد تأثر أيضا باتلدابري االحرتازية اليت‬ ‫ ‬
‫ً‬
‫فرضت ىلع املجتمع‪ ،‬بل إنه من أكرث قطااعت املجتمع تأثرا بتلك اجلاحئة لدلرجة اليت وصفته‬
‫أودري أزوالي املدير العام لليونسكو قائلة‪« :‬لم يسبق نلا قط أن شهدنا هذا احلد من االضطراب‬

‫‪125‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫يف جمال اتلعليم»‪ ،‬فقد تسببت اجلاحئة بقلق إزاء مستقبل اتلعليم‪ ،‬وكيفية تعليم أبنائنا‪ ،‬ورضورة‬
‫إاعدة اتلفكري يف املمارسات اتلعليمية‪ ،‬وابلحث عن نماذج تعليمية جديدة تتناسب مع الظروف‬
‫احلايلة‪.‬‬
‫َّ‬
‫بدأ الفصل احلايل بمقدمة تطرق فيها الاكتب إىل جاحئة كوفيد‪ 19-‬وتأثريها يف حياة الفرد‬ ‫ ‬
‫واملجتمع‪ ،‬والرتبية وأهمية تربية املواطن الرقيم واستخدام اتلكنولوجيا يف بنائه‪ .‬وأحبر بنا الفصل‬
‫إىل ماهية اجلاحئة وتأثريها يف اتلعليم‪ ،‬وواقع استخدام اتلكنولوجيا قبل ويف أثناء اجلاحئة‪ ،‬وأهمية‬
‫لاً‬
‫اتلعليم عن بعد بوصفه بدي عن اتلعليم اتلقليدي واملزايا اليت يوفرها‪ ،‬واتلحديات اليت واجهت‬
‫القائمني ىلع اتلعليم عند اتلحول إىل اتلعليم عن بعد‪ .‬وعرج بنا الفصل إىل اتلحديات اليت‬
‫واجهت اتلعليم اإللكرتوين يف ظل جاحئة كوفيد ‪ ،19‬وقدم نلا ملحة عن جهود ادلول يف استخدام‬
‫وأخريا‪ ،‬تطرق إىل انعاكسات اجلاحئة ىلع منهج تكنولوجيا‬‫ً‬ ‫تكنولوجيا اتلعليم يف أثناء اجلاحئة‪.‬‬
‫املعلومات واالتصاالت من خالل تناوهل عنارص املنهج األربعة اليت حددها تايلور؛ األهداف‪،‬‬
‫املحتوى‪ ،‬األنشطة اتلعليمية‪ ،‬اتلقويم‪.‬‬

‫تربية المواطن الرقمي‬


‫الرتبية يه‪ :‬جمموعة املناشط اإلنسانية املتجددة واملستمرة مع مستجدات احلياة وتطورها‪،‬‬ ‫ ‬
‫فيه نظام دينامييك يتفاعل فيه الفرد مع حميطه االجتمايع‪ ،‬ويضم داخله أنظمة فرعية أخرى‬
‫تعمل مجيعها يف اتساق‪ .‬فإذا توقفت الرتبية أو ابتعدت عما يطرأ ىلع احلياة من مستجدات فإن‬
‫أنظمتها الفرعية تتوقف‪ ،‬ومن ثم تفتقد الرتبية مسببات بقائها واستمرارها يف ظل عرص متسارع‬
‫اتلغري ال يتوقف عن ادلوران‪ .‬وادلول الرشيدة يه اليت تعىن بالرتبية واتلعليم كونهما رصيح ابلناء‬
‫واالستثمار‪ ،‬فبناء اإلنسان املواطن واالستثمار يف معارفه ومهاراته هما اغية ادلول اليت تيع أهمية‬
‫ً‬
‫وتقدما‪.‬‬ ‫ً‬
‫ونماء‬ ‫ً‬
‫استقرارا‬ ‫ًّ‬
‫وخارجيا‬ ‫ًّ‬
‫داخليا‬ ‫بناء اإلنسان املواطن ابلناء اذلي ينعكس عليها‬
‫ومع بزوغ فجر اثلورة الصناعية الرابعة اليت اعتمدت ىلع ابلنية اتلحتية وتقنيات اثلورة الصناعية‬
‫اثلاثلة‪ ،‬إضافة إىل تبنيها طرائق تكنولوجية جديدة؛ باتت اتلكنولوجيا ً‬
‫جزءا ال يتجزأ من املجتمع‪،‬‬
‫ونتج عن ذلك ظهور ما يُسىم باملجتمع الرقيم اذلي يوفر ألعضائه فرص اتلعليم والعمل والتسلية‬
‫واتلفاعل االجتمايع‪ ،‬من خالل العديد من اتلطبيقات اتلكنولوجية احلديثة‪ ،‬مثل‪ :‬الكمبيوتر‬
‫واإلنرتنت واهلواتف وإنرتنت األشياء؛ ما أسهم يف كرس احلواجز وتقليل الوقت واجلهد‪ .‬وألن‬
‫اإلنسان املواطن يستوجب عليه العيش واتلفاعل يف هذا املجتمع الرقيم فإن بناءه تكنولوجيًا‬
‫غدا من أهم األولويات اليت حتظى باهتمام مزتايد ىلع األصعدة اكفة‪ :‬املحلية وادلويلة‪ ،‬وصار‬
‫قادرا ىلع استخدام‬ ‫ًّ‬
‫تكنولوجيا يلصبح ً‬ ‫تقدم املجتمعات يقاس بمدى قدرتها ىلع تنمية املواطن‬
‫اتلكنولوجيا الرقمية وتطبيقاتها املختلفة يف منايح احلياة اكفة‪.‬‬

‫‪126‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫فظهر مفهوم املواطنة الرقمية اليت ُع ّرفت ىلع أنها «جمموع القواعد والضوابط واملعايري‬ ‫ ‬
‫واألعراف واألفاكر واملبادئ املتبعة يف االستخدام األمثل والقويم للتكنولوجيا اليت حيتاج إيلها‬
‫َ‬
‫املواطنة‬ ‫ً‬
‫وكبارا من أجل املساهمة يف ريق الوطن»‪ .‬يالحظ من اتلعريف السابق أن‬ ‫ً‬
‫صغارا‬ ‫املواطنون‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬
‫اكتسبت بعدا تقنيا هو نتاج امتالك اإلنسان للتكنولوجيا اليت أصبحت متغريا أساسيا يف هذا‬
‫املفهوم‪ ،‬وأحال مفهوم املواطنة إىل مفهوم امزتج بالصبغة اتلقنية أساسه اإلنسان املواطن اذلي‬
‫يمارس نشاطاته املختلفة عرب االستخدام األمثل للتكنولوجيا‪ .‬وعليه؛ أصبحت اتلكنولوجيا ً‬
‫واقعا‬
‫اقتحم حياة اإلنسان‪ ،‬وباتت رضورة حتمية يصعب ختطيها أو االستغناء عنها؛ ذلا ينبيغ أن يظهر‬
‫دورها الواجب والالزم يف بناء املواطن‪ .‬وإذا اكنت هذه املقولة سبق إدراكها والعمل بها فيما قبل‬
‫زمن كورونا؛ فماذا بعد زمن كوفيد ‪19‬؟ اتلكنولوجيا يه لكمة الرس واملحرك األسايس يف بناء‬
‫املواطن الرقيم‪.‬‬

‫الجائحة وتأثيرها في التعليم‬


‫ُ‬
‫اعش العالم وال يزال يعيش جاحئة كورونا اليت لم يشهد مثيل هلا يف العرص احلديث‪،‬‬ ‫ ‬
‫وقد انعكست آثار هذه اجلاحئة ىلع منايح احلياة اكفة؛ االقتصادية‪ ،‬السياسية‪ ،‬االجتماعية‪ .‬ولم‬
‫يكن اتلعليم بمنىح عن ما ألم بالعالم من أحداث‪ ،‬بل اكن قلب هذه األحداث وبؤرة اهتمامها؛‬
‫إذ أوجدت هذه اجلاحئة أكرب انقطاع للتعليم يف اتلاريخ‪ ،‬وهو ما ترضر منه حنو ‪ 1.6‬بليون طالب‬
‫بدلا يف العالم‪ .‬وأثر إغالق املدارس وغريها من أماكن اتلعليم يف ‪ % 94‬من‬ ‫علم يف أكرث من ‪ً 190‬‬
‫الطالب يف العالم‪ ،‬ويه نسبة ترتفع تلصل إىل ‪ % 99‬يف ابلدلان املنخفضة ادلخل وابلدلان املتوسطة‬
‫لاً‬ ‫لاً‬
‫ادلخل من الرشحية ادلنيا‪ .‬وإذا ما أريد جتنب أن يصبح اتلعليم أزمة تمس جي اكم –جيل‬
‫كورونا–‪ ،‬فإن األمر يتطلب تكاتف املجتمع ادلويل واإلقلييم واملحيل الختاذ إجراءات اعجلة‬
‫من جانب اجلميع ملواجهة أزمة اتلعليم‪.‬‬
‫وقد أوضح تقرير األمم املتحدة بعنوان «موجز سياسايت‪ :‬اتلعليم يف أثناء جاحئة‬ ‫ ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫كوفيد‪ 19-‬وما بعدها» أن اتلعليم ليس حقا أساسيا من حقوق اإلنسان فحسب‪ ،‬بل هو حق‬
‫مبارش ىلع حتقيق مجيع حقوق اإلنسان األخرى‪ .‬فاتلعليم منفعة مشرتكة اعملية‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫تأثري‬ ‫تمكيين هل‬
‫وحمرك رئيس للتقدم ىلع صعيد أهداف اتلنمية املستدامة‪ ،‬باعتباره األساس اذلي ترتكز عليه‬ ‫ّ‬
‫املجتمعات السلمية العادلة والقائمة ىلع املساواة‪ .‬وحينما تنهار نظم اتلعليم ال يصبح باإلماكن‬
‫اإلبقاء ىلع السالم وىلع املجتمعات مزدهرة ومنتجة‪ ،‬وقد أوىص اتلقرير «ببناء نظم تعليمية قادرة‬
‫ىلع اتلكيف من أجل اتلنمية املنصفة واملستدامة»‪.‬‬
‫ومما ال خيىف ىلع أحد أن األزمة وإن اكنت قد ألقت بظالهلا وأرضت بالكثريين ممن هم‬ ‫ ‬
‫ّ‬
‫يف املراحل اتلعليمية املختلفة؛ فإن رضرها قد تفاقم إىل أوئلك اذلين يعيشون يف املناطق الفقرية‬

‫‪127‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫أو الريفية والفتيات والالجئني واألشخاص ذوي اإلاعقة واملرشدين عن مواصلة تعلمهم‪ .‬واخلوف‬
‫يف أال يتمكن عدد كبري من هذه الفئات من االتلحاق باتلعليم يف القريب العاجل بسبب اتلأثري‬
‫االقتصادي للجاحئة‪ ،‬وتمىح ىلع أثر ذلك عقود من اتلقدم يف جمال نرش اتلعليم من االبتدايئ إىل‬
‫العايل‪ ،‬وهو أحد أهداف اتلنمية املستدامة (اتلعليم اجليد)‪ .‬ويتسبب إغالق مؤسسات اتلعليم‬
‫يف عرقلة تقديم خدمات أساسية لألطفال واملجتمعات املحلية‪ ،‬ويؤثر يف قدرة أويلاء األمور ىلع‬
‫العمل‪ ،‬وزيادة خماطر العنف ضد املرأة‪ ،‬باإلضافة إىل أن زيادة الضغوط املايلة يمكن أن تؤدي إىل‬
‫تفاقم الفجوة اهلائلة يف اتلمويل واملرصودة للتعليم قبل جاحئة كوفيد‪.19-‬‬
‫ً‬
‫وانطالقا من املقولة الشهرية «من رحم األزمة تلوح الفرصة» فقد حفزت األزمة االبتاكر‬ ‫ ‬
‫ُ‬
‫داخل قطاع اتلعليم‪ ،‬واكنت اتلكنولوجيا مرة أخرى يه سالح هذا االبتاكر‪ ،‬فاكن اتلعليم عن بعد‬
‫ً‬ ‫لاً‬ ‫ً‬ ‫بأنماطه املختلفة ً‬
‫داعما الستمرارية اتلعليم واتلدريب‪.‬‬ ‫مبتكرا بوصفه ح‬ ‫نهجا‬

‫واقع استخدام التكنولوجيا قبل وفي أثناء الجائحة‬


‫شھد العالم خالل العقدين املاضینی تطورات تكنولوجية ومعلوماتية متالحقة ورسيعة‪،‬‬ ‫ ‬
‫ً‬
‫وقد سعت ادلول بلذل الكثري من اجلهد ملواكبة ھذه اتلطورات بما ینعكس عليها إجيابا‪ ،‬وذلك‬
‫جبعل العيش فيها أسهل وأكرث أمنًا‪ ،‬وقد تطلب ذلك العمل تقديم مجيع اخلدمات بشلك رقيم‬
‫فيما يعرف بـ «رقمنة اخلدمات»‪ ،‬واتلحول املرن من اخلدمات اتلقليدية إىل اخلدمات اإللكرتونية‪،‬‬
‫فاكن هذا اتلحول أوفر يف الوقت واجلهد وأكرث أمنًا‪ .‬وقد شمل هذا اتلحول العديد من القطااعت‬
‫ومنها قطاع اتلعليم‪.‬‬
‫قبل اجلاحئة‪ ،‬انترش استخدام تكنولوجيا املعلومات واالتصاالت يف املجال الرتبوي‪،‬‬ ‫ ‬
‫وأصبح من الشائع استخدامها من قبل الطلبة والعاملني يف املدارس الخنفاض تكلفة املكونات‬
‫املادية ‪ Hardware‬الالزمة هلذه اتلكنولوجيا‪ ،‬واتلطور اهلائل للمكونات الالمادية ‪،Software‬‬
‫وللتحسن اذلي طرأ ىلع مهارات اإلداريني واملعلمني والطلبة‪ .‬ساعدت هذه العنارص جمتمعة ىلع‬
‫نرش استخدام اتلكنولوجيا يف مجيع عنارص انلظام الرتبوي‪.‬‬
‫وقد أتاحت اتلكنولوجيا العديد من املفاهيم اتلقنية واملعلوماتية واالتصايلة والربامج‬ ‫ ‬
‫واألجهزة اليت استخدمت ىلع نطاق واسع يف جمال اتلعليم واتلعلم واتلدريس‪ ،‬مثل‪ :‬الوسائط‬
‫اتلعليمية‪ ،‬العروض اتلقديمية‪ ،‬الفيديوهات اتلعليمية‪ ،‬اخلرائط اذلهنية الرقمية‪ ،‬األلعاب‬
‫اتلعليمية اإللكرتونية‪ ،‬األنشطة اإللكرتونية‪ ،‬اتلقويم اإللكرتوين‪ ،‬القصة الرقمية‪ ،‬جهاز الكمبيوتر‬
‫أو احلاسوب‪ ،‬جهاز الفيديو بروجيكتور‪ ،‬السبورة اذلكية‪ ،‬السبورة اتلفاعلية‪ ،‬آل يس دي‪ ،‬آل أي‬
‫دي‪ ،‬القرص الصلب‪ ،‬الفالش ديسك‪ ،‬يس دي‪ ،‬دي يف دي‪ ،‬برامج معاجلة الصور وانلصوص‬
‫واألصوات والفيديوهات‪ ،‬الاكئنات اتلعليمية‪ ،‬املستوداعت الرقمية‪ ،‬اإلنرتنت‪ ،‬اإليميل‪ ،‬الواتس‬

‫‪128‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫أب‪ ،‬جوجل‪ ،‬املواقع اتلعليمية‪ ،‬وغريها من اتلطبيقات األخرى املتاحة للبيئات املتنقلة (اهلواتف‪،‬‬
‫احلواسيب اللوحية)‪ ،‬واحلواسيب‪ ،‬وشبكة اإلنرتنت‪ .‬قد يستخدم املعلمون لك هذه املصطلحات يف‬
‫إعداد وتقديم ادلروس‪ ،‬وقد يستخدمون بعضها دون بعضها اآلخر‪.‬‬
‫ُّ‬
‫أما الطلبة؛ فقد اقترص استخدامهم اتلكنولوجيا يف جمال اتلعليم واتلعلم ىلع اتلفاعل‬ ‫ ‬
‫مع زمالئهم ومعلميهم اذلين يوظفون مصطلحات اتلكنولوجيا بعضها أو لكها السابق ذكرها يف‬
‫ّ‬
‫اتلعليم واتلعلم‪ ،‬وىلع ما تضمنه حمتوى منهج تقنية املعلومات واالتصاالت أو احلاسب اآليل أو‬
‫احلاسوب أو الكمبيوتر ‪-‬املسميات اليت سميت بها يف العالم العريب‪ -‬من موضواعت دراسية لم‬
‫يهتم بدراستها سوى فئة قليلة من الطلبة‪ ،‬تلك اليت تتوفر دليهم ادلافعية دلراسة موضواعت هذا‬
‫املنهج‪ ،‬أما الطلبة فلم يُعر معظمهم هذا املنهج أي أهمية‪ ،‬فهو ال يعدو كونه مادة غري أساسية وهذا‬
‫ً‬
‫أخريا‪ .‬إن‬ ‫حاهلا يف معظم بدلان اعملنا العريب‪ ،‬وكأن اعملنا العريب قد وجد ضاتله اليت اتفق عليها‬
‫ً‬
‫اختياريا‪.‬‬ ‫استخدام اتلكنولوجيا قبل اجلاحئة‪...‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫يف أثناء اجلاحئة‪ ...‬انقلب األمر رأسا ىلع عقب‪ ،‬إذ لم يعد األمر اختياريا‪ ،‬بل بات‬ ‫ ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫استخدام اتلكنولوجيا أمرا إجباريا؛ فيه السبيل الوحيد األكرث فاعلية أمام املجتمع حىت اآلن‬
‫الستكمال أهدافه اتلنموية ونهضته‪ .‬مع مرور الزمن تثبت صحة وصدق املقولة القائلة «لك حمنة‬
‫وراءها منحة»‪ ،‬فلعلنا ايلوم أدركنا جليًا أن حمنة كوفيد‪19-‬كشفت نلا أهمية اتلكنولوجيا ودورها‪،‬‬
‫تلك املنحة اليت لم ندرك قيمتها –يف جمال اتلعليم– إال بعد أن أدركتنا األزمة؛ فقد أكدت لك‬
‫اهليئات واملؤسسات الصحية ومنظمة الصحة العاملية أنه ال يوجد أمل يف القضاء ىلع أزمة فريوس‬
‫كورونا بشلك نهايئ يف القريب العاجل‪ ،‬فلم يتمكن علماء العالم وتكنولوجيا العرص حىت وقتنا‬
‫احلايل من إيقاف خطر هذا الفريوس اذلي يتسبب يوميًا يف فقدان أهم مورد من موارد االقتصاد‬
‫العاليم وهو اإلنسان‪ ،‬وباتت أهمية اتلعايش جلية مع هذا الوباء العاليم وعدم االستسالم هل؛ إذ‬
‫إن االستسالم ملخاطره يتسبب يف نزيف املزيد من موارد املجتمع‪.‬‬

‫اتلعليم واتلعلم يف زمن‬ ‫وسيلة‬


‫ابلنية‬ ‫استخدام‬
‫ً‬ ‫كورونا‬
‫اتلحتية‬ ‫رشطا‬ ‫اتلكنولوجيا‬
‫الشلك (‪ )1‬متطلبات اتلعليم واتلعلم يق زمن كورونا‬
‫ ‬
‫وعليه؛ رشعت بدلان العالم يف وضع خطط اتلعايش احلذر مع هذا الوباء؛ فيما تعارف‬ ‫ ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫عليه الحقا «مرحلة املعايشة» اليت تتنبأ بعودة احلياة جزئيا بعدما توقفت يف عدد من القطااعت‬
‫ومنها قطاع اتلعليم؛ فقد أغلقت عدد من دول العالم مدارسها وجامعاتها‪ .‬وبعد استعادة الويع‬

‫‪129‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫وتدارك آثار الصدمة‪ ،‬فتحت البرشية بمساعدة علمائها ومفكريها ومثقفيها ورش عمل عديدة‬
‫دلراسة اآلثار املرتتبة ىلع اجلاحئة واتلحديات والفرص املتاحة‪ ،‬وبرزت عرب تلك الورش وانلقاشات‬
‫اليت أجريت يف كواليسها أنه ما من سبيل إال اتلعليم عن بُعد واستخدام تقنياته لرفد قطاع‬
‫ً‬
‫اتلعليم واتلدريب‪ .‬وحقا مع لك أزمة تأيت حتديات وفرص عميقة للتحول‪ ،‬وها حنن نسترشف‬
‫نظاما تعليميًا يتحول بقوة من اتلعليم اتلقليدي إىل اتلعليم عن بُعد‪.‬‬ ‫ً‬
‫ّ‬
‫«تعليم عن بُعد» و «تعلم من بُعد» القصة قديمة والفرق بينهما يرجع إىل رفقاء ادلهر‪،‬‬ ‫ ‬
‫وجها العملة الواحدة اتلعليم واتلعلم‪ ،‬وال يمكن أن حيدث اختالط عند اتلفريق بينهما‪ ،‬وإنما‬
‫لك منهما يكمل اآلخر‪.‬‬
‫لاً‬
‫فكر وتدبر وتأمل وسلك سبل اتلعلم‪ ،‬أويح هل يك يبلغ رسالة ْربه قائ ‪ِ«َ :‬مْسِب الل َِهّ‬ ‫فعندما‬ ‫ ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ َ َ ُّ َ لأْ ْ‬ ‫َ َ َ إْ ْ َ َ ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ َ ْ ْ َ ّ َ ذَّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َّحمْ‬
‫النسان ِمن عل ٍق (‪ )2‬اقرأ وربك ا كرم (‪)3‬‬ ‫الي خلق (‪ )1‬خلق ِ‬ ‫يم ﴿اقرأ بِاس ِم ربك ِ‬ ‫الر ن الر ِح ِ‬
‫للَهَ اَلَ َع َظيَمَ‬ ‫َ َّ َ إْ ِ ْ َ َ‬
‫ان َما ل َ ْم َي ْعلَ ْم (‪َ ﴾)5‬ص َد َق ا َ َ‬ ‫ذَّ ِ َ َّ َ ْ َ َ‬
‫النس‬
‫الي علم بِالقل ِم (‪ )4‬علم ِ‬ ‫ِ‬
‫مفهوم اتلعلم من بعد هو عملية إنشاء وتوفري الوصول إىل اتلعلم عندما تكون مصادر‬ ‫ُ‬ ‫ ‬
‫املعلومات واملتعلمني مفصولة بالوقت أو املسافة أو لكيهما‪.‬‬
‫ّ‬
‫مفهوم اتلعليم عن بُعد‪ :‬هو تعليم مؤسيس رسيم يركز ىلع دمج اجلانب اتلخصيص‬ ‫ ‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫والرتبوي‪ ،‬وتصميم انلظم اتلعليمية‪ ،‬واتلكنولوجيا معا بشلك فعال يف تقديم اتلعليم للطالب يف‬
‫اتلواصل يف أي وقت (غري تزامين) من خالل تبادل الوسائط‬ ‫ُ‬ ‫أي ماكن‪ ،‬ويتيح للمدرسني والطالب‬
‫اإللكرتونية‪ ،‬أو اتلواصل يف الوقت الفعيل (تزامين)‪ .‬فهو يهدف إىل توصيل املعارف واملهارات‬
‫املتضمنة يف املواد اتلعليمية املختلفة إىل املتعلم يف ماكنه عرب وسائط تكنولوجية خمتلفة تسهم يف‬
‫وجها لوجه‪.‬‬ ‫ملء الفجوة بني الطرفني بما حيايك االتصال اذلي حيدث ً‬

‫ُ‬ ‫ّ‬
‫أهمية التعليم عن بعد‬
‫ً‬
‫مالئما لرشحية‬ ‫أمجع املتخصصون يف امليدان الرتبوي ىلع أهمية اتلعليم عن بُعد‪ ،‬كونه‬ ‫ ‬
‫واسعة من املتعلمني ىلع اختالف ثقافتهم واهتماماتهم وظروفهم‪ .‬وفيما يأيت أبرز املزايا اليت‬
‫يوفرها اتلعليم عن بُعد‪:‬‬
‫فرصة اتلعليم‪ :‬إتاحة فرصة اتلعليم للجميع يف ظل االنفجار الساكين الرسيع اذلي أصبح حتديًا‬
‫يواجه املتعلمني يف بقاع العالم اكفة‪.‬‬
‫املرونة‪ :‬إتاحة اتلعليم وفق الظروف اتلعليمية املناسبة حلاجات وظروف املتعلمني وحتقيق‬
‫استمراريته‪.‬‬
‫ُ‬
‫الفاعلية‪ :‬أكدت ابلحوث وادلراسات ‪-‬اليت أجريت ىلع اتلعليم عن بعد‪ -‬فاعليته اليت توازي‬
‫اتلعليم اتلقليدي وتزيد إذا ما استخدمت اتلقنيات والوسائط املتعددة بفاعلية؛ إذ تنعكس هذه‬

‫‪130‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫الفاعلية ىلع املحتوى اتلعلييم‪.‬‬


‫االبتاكر‪ :‬تقديم املحتوى للمتعلمني بطرائق مبتكرة وتفاعلية‪.‬‬
‫االستقاليلة أو اخلطو اذلايت‪ :‬تنظيم عرض املوضواعت‪ ،‬وأسايلب اتلقويم حبسب قدرات املتعلمني‬
‫ووفق خطوهم اذلايت‪.‬‬
‫اقتصادي‪ :‬يمكن مشاركة املحتوى مع جهات عديدة؛ إذ إن تكلفة إنتاجه تكون اقتصادية‪،‬‬
‫وتوزع ىلع عدد من اجلهات املستفيدة‪.‬‬
‫إن مفهوم اتلعليم عن بُعد ليس من املفاهيم احلديثة فهو مصطلح شائع االستخدام منذ‬ ‫ ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أكرث من قرن من الزمان‪ ،‬واستخدم بصور خمتلفة‪ ،‬وظهرت هل العديد من المسميات‪ .‬وإن كنا لسنا‬
‫بصدد احلديث عن تلك املسميات إال أن اتلعليم اإللكرتوين اذلي يُعد من صور اتلعليم عن بعد‬
‫فرض نفسه ىلع الساحة؛ فهو يعىن بعنارص املثلث اتلعلييم املعلم‪ ،‬املتعلم‪ ،‬املعرفة (املحتوى)‬
‫وأشاكهلا املختلفة عرب توظيفه آيلات االتصال احلديثة من كمبيوتر وشباكت ووسائط وأدوات‬
‫ّ‬
‫اتلعليمية‪( :‬املتعلمون ىلع اختالف‬ ‫تتيح توصيل املعارف واملهارات واتلفاعل بني أطراف العملية‬
‫أنماطهم واملعلم واملدرسة)‪.‬‬

‫التحديات التي واجهت التعليم اإللكتروني في ظل جائحة كوفيد ‪19‬‬


‫ال شك أن هناك العديد من بدلان العالم اكنت تطبق اتلعليم اإللكرتوين أو اتلعليم املدمج اذلي‬
‫تدمج فيه بني اتلعليم املبارش ‪ F2F‬واتلعليم اإللكرتوين ‪ ،E-learning‬معتمدة يف ذلك ىلع‬
‫ً‬
‫رفاهية شعوبها وبنيتها اتلحتية اليت مكنتها من ذلك‪ ،‬إال أن هناك بدلانا أخرى اجتهت حنو اتلعليم‬
‫قرسا عقب تعليق ادلراسة بسبب جاحئة كورونا‪ .‬وقد واجهت هذه ابلالد والقائمون‬ ‫اإللكرتوين ً‬
‫ىلع اتلعليم فيها حتديات مجة نتيجة اتلحول إىل اتلعليم اإللكرتوين‪ ،‬يمكن أن نوجزها فيما يأيت‪:‬‬
‫‪ -‬هشاشة ابلنية اتلحتية تلكنولوجيا املعلومات واالتصاالت وضعف تغطية شبكة اإلنرتنت‬
‫وشباكت االتصاالت يف العديد من ادلول اليت تعاين نقص اإلماكنات‪.‬‬
‫‪ -‬شح املوارد الرقمية واتلطبيقات اتلعليمية اليت يتفاعل معها املتعلمون؛ وخاصة ذوي‬
‫االحتياجات اخلاصة‪.‬‬
‫‪ -‬الضغط املزتامن ىلع شبكة اإلنرتنت وشباكت االتصاالت من قبل مجيع املستخدمني‬
‫املعلمني‪ ،‬الطلبة‪ ،‬أويلاء األمور‪ ،‬وغريهم‪.‬‬
‫‪ -‬طبيعة املناهج ورضورة إاعدة انلظر يف حمتواها القائم ىلع نظام املقررات املبين ىلع الوحدات‪،‬‬
‫اذلي تطور إىل نظام املقررات الفصيل‪ ،‬واذلي تسببت فيه احلواجز األكاديمية بني اللكيات‬
‫واألقسام وهيئة اتلدريس واإلدارة‪ ،‬وذلك بما يتناسب مع طبيعة اتلعليم اإللكرتوين واتلحول‬
‫الرقيم‪.‬‬

‫‪131‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫لاً‬
‫‪ -‬عدم مناسبة اتلعليم اإللكرتوين يف اتلخصصات اليت تتطلب أعما تطبيقية وتدريبات‬
‫مبارشة‪ ،‬مثل‪ :‬اللكيات العملية (العلوم‪ ،‬واهلندسة‪ ،‬والزراعة‪ ،‬والطب‪ ،‬وغريها)‪ ،‬واجلوانب‬
‫اتلطبيقية يف اللكيات اإلنسانية‪.‬‬
‫‪ -‬خنبوية اتلعليم اليت تعين طبقية اتلعليم وزيادة اتلفاوت الطبيق؛ إذ يتوفر ألبناء الطبقة‬
‫الغنية بدائل خمتلفة من أشاكل االتصال بشبكة اإلنرتنت مهما اكنت تكلفتها‪ ،‬وكذلك‬
‫الربامج واتلطبيقات واتلجهزيات اليت تسمح هلم باستقبال اتلعليم اإللكرتوين دون مشكالت‪،‬‬
‫وهو ما ال يتوفر ألبناء الطبقة الفقرية من املجتمع‪ .‬فعىل سبيل املثال‪ :‬جند أن لـ ‪ ٪95‬من‬
‫الطلبة يف سويرسا والرنويج وانلمسا أجهزة كمبيوتر الستخدامها يف أعماهلم املدرسية‪ ،‬يف حني‬
‫أن تلك النسبة تبلغ ‪ ٪34‬يف إندونيسيا‪ ،‬وقد تصل إىل ما دون ذلك يف بدلان أخرى من دول‬
‫العالم اثلالث‪.‬‬
‫‪ -‬اجلمود الفكري واحلرص ىلع تطبيق آيلات اتلعليم اتلقليدي يف أثناء تطبيق اتلعليم‬
‫اإللكرتوين‪ ،‬ويتجىل ذلك يف احلرص ىلع تطبيق نظام املواظبة أو احلضور والغياب‪ ،‬ىلع الرغم‬
‫من أن املبدأ الرئيس يف اتلعليم اإللكرتوين هو أنه يتخطى حاجز الزمان واملاكن‪.‬‬
‫‪ -‬غياب الترشيعات ادلاعمة للتعليم اإللكرتوين؛ فبعض ادلول ال تعتمد تقييم هذا انلوع من‬
‫اتلعليم‪ ،‬ودول أخرى تتغاىض عن بعض القضايا القانونية انلاجتة عن هذا انلوع من اتلعليم‪،‬‬
‫بزعم أنه تعليم يتم يف ظروف مؤقتة سوف تتالىش قريبًا‪.‬‬
‫‪ -‬كون اتلعليم اإللكرتوين خيتلف عن اتلعليم اتلقليدي؛ فإنه باتلبعية خيتلف عن نظام‬
‫ٍّ‬
‫اتلقويم واالمتحانات فيه‪ .‬ويتجىل هنا حتد جديد يرتبط باملوثوقية‪ ،‬اذلي ىلع أثره أقدمت‬
‫ُ‬
‫العديد من ادلول ىلع إلغاء االمتحانات واستبدلت بها أدوات اتلقويم ابلديل اليت تعد يه‬
‫األخرى حتديًا؛ فقد جلأت دول عدة إىل أشاكل حمدودة من اتلقويم ابلديل‪ ،‬مثل ابلحوث اليت‬
‫تكتظ بها شبكة اإلنرتنت‪ .‬وىلع الرغم من توافر العديد من اتلطبيقات مثل‪Turnitin :‬‬
‫اليت تسمح بكشف نسب االقتباس من تلك ابلحوث‪ ،‬فإن افتقاد اإلماكنات دلى بعض‬
‫ادلول يعد من اتلحديات اليت حالت دون استخدام مثل هذه اتلطبيقات‪.‬‬
‫‪ -‬رضورة تزويد املعلم باملهارات اتلكنولوجية الالزمة ملواكبة هذا اتلحول وإعداده رقميا‪ً،‬‬
‫وجاهزيته وتدريبه املستمر‪.‬‬
‫ُ‬
‫‪ -‬اتلفاوت يف األنظمة اتلعليمية المطبقة للتعليم اإللكرتوين يؤثر بشلك رئيس يف املعلمني‬
‫واملتعلمني وأويلاء األمور‪ ،‬وخيلق حالة من اتلذبذب والتشكك يف فاعلية انلظام اتلعلييم‪.‬‬
‫‪ -‬رضورة مشاركة أويلاء األمور يف العملية اتلعليمية عن طريق متابعة أبنائهم يف نظام اتلعليم‬
‫اإللكرتوين‪ ،‬ومستوى تقدمهم‪ ،‬واملشكالت اليت تواجههم‪.‬‬
‫إن نظام اتلعليم اإللكرتوين يمكن أن ينجح وحيقق أهدافه ويتغلب ىلع اتلحديات‬ ‫ ‬

‫‪132‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫السابق ذكرها إذا ما توافرت املقومات الالزمة وتهيئة لك من الظروف واإلماكنات وأطراف‬
‫العملية اتلعليمية للتعامل معه‪ ،‬خاصة أننا نكاد جنزم أن العالم بعد كورونا لن يعود كما اكن قبل‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫جديدا‪ .‬لقد انتىه عرص اتلعليم اتلقليدي‪ ،‬وبدأت‬ ‫عرصا‬ ‫عرصا‪ ،‬ونستقبل‬ ‫كورونا‪ ،‬فنحن نودع‬
‫ُّ‬
‫مالمح عرص جديد بمفاهيم عرصية جديدة‪ ،‬يستهدف اتلعلم وليس اتلعليم‪ ،‬ويقوده العلم وليس‬
‫االقتصاد‪ ،‬والعلماء واملبدعون وليس غريهم‪.‬‬

‫لمحة عن جهود الدول في استخدام تكنولوجيا التعليم في أثناء الجائحة‬


‫تعددت املمارسات املختلفة الستخدام تكنولوجيا اتلعليم حول العالم يف أثناء اجلاحئة‪ ،‬وقد عمل‬
‫فريق تكنولوجيا اتلعليم بابلنك ادلويل ىلع رصد هذه املمارسات يف معظم بدلان العالم‪ .‬وسوف‬
‫جته بعض ادلول حول العالم‪.‬‬ ‫نعرض بلعض املمارسات حبيث نليق الضوء ىلع ما َ‬
‫انته َ‬

‫فنلندا‬
‫اعتادت فنلندا استخدام بيئات اتلعلم االفرتاضية يف الظروف العادية‪ ،‬واستخدمتها‬ ‫ ‬
‫ىلع نطاق واسع يف أثناء اجلاحئة بسبب إغالق املدارس‪ .‬وقد وجهت الواكلة الوطنية الفنلندية‬
‫للتعليم املدارس حنو ختطيط وتنظيم أنواع خمتلفة من أنظمة اتلعليم واتلعلم املرنة‪ ،‬واستخدمت‬
‫بعض اتلطبيقات اليت سمحت للطلبة بتنفيذ املشاريع واملهام وحضور ادلروس عرب اإلنرتنت مثل‬
‫‪ Ville Platform‬ويه منصة تعليمية مع اتلمارين يف جماالت متعددة‪Moodle، Google ،‬‬
‫‪ .Classroom، Microsoft Teams، Skype، Zoom‬واستخدمت الواكلة الوطنية الفنلندية‬
‫للتعليم األلعاب واملحااكة يف اتلعليم‪ ،‬مثل ‪.VirtualAutoedU‬‬
‫واستخدمت املنصات كقنوات اتصال بني املزنل واملدرسة تلقديم املهام‪ ،‬ودرجات‬ ‫ ‬
‫االختبار‪ ،‬واملالحظات للطالب‪ ،‬واتلواصل مع أنظمة املعلومات اإلدارية املختلفة يف املدرسة‪.‬‬
‫ومن املنصات الرئيسة اليت استخدمت يف اتلعليم االبتدايئ واثلانوي ‪Sopimuspro،‬‬
‫‪.Studentaplus، Helmi‬‬
‫وىلع صعيد مؤسسات اتلعليم العايل‪ ،‬استخدم نظام إدارة اتلعلم ‪ ،Moodle‬وخدمات‬ ‫ ‬
‫ابلث مثل‪ ،Adobe Connect، Zoom‬وأجهزة الكمبيوتر املحمولة‪ ،‬واالمتحانات اإللكرتونية‪.‬‬
‫وقد وفرت ادلولة العديد من مستوداعت املحتوى‪ ،‬األدوات للطلبة واملعلمني‪ ،‬منها‪:‬‬
‫ّ‬
‫‪ .1‬مستودع املحتوى‪ Repository Content‬واملواد اليت حدثتها ومجعتها الواكلة الوطنية‬

‫‪133‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫الفنلندية للتعليم‪ ،‬باتلعاون مع العديد من املوارد وبنوك املواد اتلعليمية‪.‬‬


‫‪ .2‬مكتبة املوارد اتلعليمية املفتوحة‪ ،‬ويه خدمة مشرتكة بني وزارة اتلعليم واثلقافة والواكلة‬
‫الوطنية الفنلندية للتعليم‪ ،‬اليت تستخدم للبحث عن املوارد اتلعليمية املفتوحة (‪)OER‬‬
‫وإجيادها وجتميعها ومشاركتها ىلع مجيع مستويات اتلعليم‪ .‬ويه خدمة تعليمية متاحة‬
‫لالستخدام من قبل املعلمني واملتعلمني وأي شخص آخر يف ادلولة‪.‬‬
‫لاً‬
‫‪ :Finna .3‬ويه خدمة مفتوحة توفر وصو جمانيًا إىل املجمواعت واملواد عرب اإلنرتنت من‬
‫املتاحف واملكتبات ودور املحفوظات الفنلندية يف فنلندا‪.‬‬
‫‪ .4‬قدمت رشكة اإلذاعة الوطنية الفنلندية ‪ Yleisradio‬برامج تعليمية‪.‬‬

‫روسيا‬
‫وفرت املنصات عرب اإلنرتنت (مثل املدرسة الروسية عرب اإلنرتنت‪Yandex. ،‬‬ ‫ ‬
‫‪ )textbook، Teach.ru، Yaklass‬للمعلمني واتلالميذ وأويلاء األمور‪ .‬كما دعمت رشاكت‬
‫تكنولوجيا املعلومات الروسية نظام اتلعليم الرويس؛ فقد وفرت رشكة ‪ Mail.ru‬إماكنية الوصول‬
‫ً‬
‫دروسا بالفيديو ألطفال‬ ‫إىل منصة اتلعلم عرب اإلنرتنت للتعليم الرويس‪ ،‬ووفرت ‪Yandex‬‬
‫لاً‬
‫املدارس يف الصفوف من ‪ ،11-5‬ووفرت ‪ GeekBrains‬وصو جمانيًا إىل مقررات الربجمة اخلاصة‬
‫باتلعليم الرويس‪.‬‬
‫وضعت وزارة الرتبية واتلعليم مبادئ توجيهية تلطبيق تقنيات اتلعليم عن بعد يف‬ ‫ ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫مجيع مستويات اتلعليم‪ .‬كما أطلقت خطا ساخنا دلعم الوزارات اإلقليمية واملدارس ومؤسسات‬
‫الفيدرايلة (‪،)248‬‬
‫ُ‬ ‫اتلعليم العايل يف تنظيم اتلعليم عن بعد‪ .‬نقلت مجيع اجلامعات اتلابعة للوزارة‬
‫وما يقرب من ‪ ٪70‬من مجيع اجلامعات الروسية العملية اتلعليمية عرب اإلنرتنت‪ ،‬اليت أطلقت ىلع‬
‫‪ Instagram‬باستخدام هاشتاج ‪ ،”Instagram # универдома “uni at home‬حيث‬
‫شارك الطلبة وموظفو اجلامعة أفاكرهم يف اتلكيف مع بيئة اتلعليم اجلديدة عرب اإلنرتنت‪.‬‬
‫أجرت الوزارة ترمجة منتظمة عرب اإلنرتنت ىلع قناة يوتيوب اتلابعة للوزارة‪ ،‬ونظمت‬ ‫ ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ندوات عرب اإلنرتنت للجامعات‪ ،‬وأطلقت خطا ساخنا وموقعا إلكرتونيا للجامعات‪ ،‬شعاره‬
‫«استمر يف اتلعلم‪ ،‬استمر يف اتلدريس» بدعم منهيج‪ ،‬ونرشت قائمة باملقررات املجانية املتاحة‬
‫عرب اإلنرتنت ىلع موقعها اإللكرتوين‪ .‬ووفرت جامعة ‪( 2035‬املنصة اإللكرتونية اليت أنشأتها‬
‫دعما منهجيًا للجامعات‪ ،‬كما شاركت اجلامعات خربتها يف تسيري‬ ‫واكلة املبادرات االسرتاتيجية) ً‬
‫العملية اتلعليمية عرب اإلنرتنت‪ .‬وتعمل الوزارة ىلع جتربة خدمة جديدة خلرييج املدارس حىت‬
‫يتمكنوا من اتلقدم إىل برامج اجلامعة عرب اإلنرتنت باستخدام بوابة ادلولة ‪.Gosuslugi‬‬

‫‪134‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫اهلند‬
‫أتاحت بوابة ‪ DIKSHA‬حمتوى اتلعلم اإللكرتوين للطلبة واملعلمني وأويلاء األمور‬ ‫ ‬
‫املنهج ادلرايس‪ ،‬اليت شملت دروس الفيديو وأوراق العمل والكتب ادلراسية‬ ‫ُ‬ ‫املتوافق مع‬
‫ً‬
‫واتلقييمات‪ ،‬وقد أنشئ املحتوى اإللكرتوين من قبل أكرث من ‪ 250‬معلما يدرسون بلغات متعددة‪،‬‬
‫وذلك بتوجيه من جملس اتلعليم الوطين ‪ ،CBSE‬واملجلس الوطين ألحباث اتلعليم واتلدريب‬
‫ّ‬
‫‪ .NCERT‬وتليسري سبل الوصول إىل املحتوى اإللكرتوين؛ وظفت تطبيقات الرموز ‪ QR‬للوصول‬
‫إىل الكتب ادلراسية‪.‬‬
‫ ‬

‫ً‬
‫كما أتاح ‪ NCERT‬تطبيقا بعنوان ‪ e-Pathshala‬للتعليم اإللكرتوين للفصول من ‪1‬‬ ‫ ‬
‫ً‬
‫إىل ‪ .12‬يضم اتلطبيق كتبا إلكرتونية ومقاطع فيديو ومقاطع صوتية تستهدف الطلبة واملعلمني‬
‫وأويلاء األمور بلغات متعددة‪ ،‬بما يف ذلك اهلندية واألردية واإلجنلزيية‪ .‬كما وفرت بوابة املستودع‬
‫الوطين للموارد اتلعليمية املفتوحة ‪ NROER‬جمموعة من املوارد املتعددة للطلبة واملعلمني بلغات‬
‫متعددة تضم جمموعة من األلعاب القائمة ىلع العلوم واتلكنولوجيا واهلندسة والرياضيات‪ ،‬ربطت‬
‫باملحتوى ادلرايس للصفوف من ‪ 1‬إىل ‪ ،12‬بما يف ذلك املوارد املتوافقة للمعلمني‪.‬‬
‫وقدمت ‪- Swayam Prabha‬ويه جمموعة من ‪ 32‬قناة مبارشة خمصصة للبث‬ ‫ ‬
‫اتللفزيوين للربامج اتلعليمية ىلع مدار الساعة‪ ،‬ويمكن الوصول إيلها يف مجيع أحناء ابلالد‪-‬‬
‫مقررات للتعليم املدريس للصفوف ‪ 12-9‬واتلعليم العايل‪ ،‬وكذلك لألطفال خارج املدرسة‪،‬‬
‫واتلعليم املهين‪ ،‬وتدريب املعلمني‪ .‬شملت جماالت الفنون‪ ،‬والعلوم‪ ،‬واتلجارة‪ ،‬والفنون األدائية‪،‬‬
‫والعلوم االجتماعية‪ ،‬والعلوم اإلنسانية‪ ،‬واهلندسة‪ ،‬واتلكنولوجيا‪ ،‬والقانون‪ ،‬والطب‪ ،‬والزراعة؛‬
‫حبيث تتماىش املواد ادلراسية مع املنهج ادلرايس‪.‬‬

‫إندونيسيا‬
‫استخدمت إندونيسيا ‪ ،Education TV‬ويه حمطة تلفزيونية تعليمية تابعة لوزارة‬ ‫ ‬
‫اتلعليم واثلقافة‪ ،‬بدأت يف اعم ‪ ،2004‬وتضم قناتني تبثان برامج تعليمية مبارشة؛ إحداها للطلبة‬
‫واألخرى للمعلمني‪ ،‬كما تبث براجمها من خالل املوقع اإللكرتوين للقناة‪ ،‬باإلضافة إىل استخدامها‬
‫بوابة وزارة اتلعليم واثلقافة ‪ Rumah Belajar‬اليت تعين ‪ Learning House‬وتوفر مصادر‬
‫بدءا من مرحلة الطفولة املبكرة إىل اثلانوية‪،‬‬‫تعليمية وقنوات اتصال بني املعلمني والطلبة ً‬

‫‪135‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫باإلضافة إىل مستويات اتلعليم املهين‪ ،‬كما وفرت نظام إلدارة اتلعلم ‪ LMS‬أتيحت من‬ ‫ ‬
‫خالهل ادلروس الرقمية والكتب اإللكرتونية وأدوات اتلقييم املرتبطة باملناهج ادلراسية‪.‬‬
‫يف جمال اتلعليم العايل‪ ،‬وفرت نظام إدارة اتلعلم ‪ SPADA‬اذلي يتيح إماكنية الوصول‬ ‫ ‬
‫إىل املحارضات واملواد اتلعليمية‪ .‬كما وفرت وزارة اتلعليم واثلقافة ‪ MoEC‬عرشة مزودين‬
‫للتكنولوجيا بهدف الوصول املجاين إىل اتلعلم عرب اإلنرتنت‪ ،‬مثل‪Ruangguru، Zenius :‬‬
‫ومنصات اتلعلم القائمة ىلع اتلكنولوجيا مثل ‪Google Suite Education، Smart Class،‬‬
‫‪.Microsoft Teams، Quipper School، Sekolahmu، Kelas Pintar‬‬

‫ُ‬
‫سلطنة عمان‬
‫بعيدا عن تلك اإلجراءات اليت اختذت ًّ‬ ‫لم يكن املشهد ادلاخيل للسلطنة ً‬
‫اعمليا يف جمال‬ ‫ ‬
‫اتلعليم‪ ،‬فتوقفت ادلراسة لفرتة‪ ،‬ثم أعيد استئنافها عن بعد مرة أخرى بعد أن سعت ادلولة ملد‬
‫شباكت اإلنرتنت يف أرجائها اكفة تلتيح سبل اتلعليم عن بعد‪ ،‬وعقدت االتفاقات مع مزودي‬
‫خدمات اإلنرتنت عمانتل‪ ،‬أوريدو دلعم الطلبة واملعلمني وأويلاء األمور يف توفري خدمة اإلنرتنت‪.‬‬
‫وأتاحت ادلولة الوصول إلكرتونيًا إىل إصدارات العديد من دور النرش‪ ،‬ووفرت السلطنة أجهزة‬
‫ّ‬
‫وفر اتللفزيون ُ‬
‫العماين‬ ‫للطلبة ملساعدتهم ىلع الوصول إىل املحتوى اتلعلييم اإللكرتوين‪ .‬كما‬
‫قنوات تعليمية تقدم ادلروس اتلعليمية للطلبة يف الصفوف ادلراسية من ‪.12 -1‬‬
‫وأخذت املؤسسات اتلعليمية ىلع اعتقها إعداد املنصات اتلعليمية املختلفة تليسري املحتوى‬
‫اإللكرتوين اتلفاعيل للطلبة يف مجيع املراحل اتلعليمية‪ ،‬فأنشأت وزارة الرتبية واتلعليم مناهج‬
‫الصفوف ادلراسية من األول إىل الصف اثلاين عرش ىلع منصة ‪Google Classroom‬؛ إذ‬
‫أتاحت للطلبة نمطي اتلعليم اإللكرتوين املزتامن وغري املزتامن باستخدام حزمة ‪Google‬‬
‫‪ Suite‬اليت وفرت اتلواصل املبارش مع الطلبة عرب ‪ Google Meet‬وتسجيل ادلروس تلوفري‬
‫نمط اتلعليم غري املزتامن‪.‬‬
‫اتلعليم العايل‪ ،‬فقد سعت لك مؤسسة تلوفري املواد واملصادر اتلعليمية للطلبة عرب أنظمة‬ ‫ ‬
‫إدارة اتلعلم املختلفة مثل‪ ،Moodle، Edmodo، WIZIQ :‬وأتاحت بث املحارضات عرب‬
‫نمطي اتلعليم املبارش وغري املبارش من خالل عدد من األدوات املختلفة مثل‪Microsoft :‬‬
‫‪ ،Teams، Google Meet، Zoom، BigblueButton‬وغريها‪.‬‬

‫‪136‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫لشلك (‪ )2‬املحتوى اإللكرتوين اتلفاعيل للطلبة يف مجيع املواد ادلراسية ىلع منصة ‪Google‬‬
‫‪Classroom‬‬

‫مرص‬
‫سعت وزارة اتلعليم واتلعليم الفين إلتاحة بنك املعرفة‬ ‫ ‬
‫املرصي ‪ EKB‬للطلبة‪ ،‬فقدمت موضواعت املحتوى للصفوف‬
‫ادلراسية من رياض األطفال حىت اتلعليم اثلانوي‪ ،‬ووفرت‬
‫املحتوى باللغتني العربية واإلجنلزيية جلميع الطلبة‪ ،‬واملعلمني‬
‫(من دون اسم املستخدم ‪ /‬لكمة املرور)‪ .‬يتمزي هذا املوقع بالوسائط املتعددة (مقاطع الفيديو‪،‬‬
‫الصور‪ ،‬األفالم الوثائقية) للمساعدة ىلع رشح ادلروس املختلفة‪ ،‬ووفرت العديد من الكتب‬
‫انلصية الاكملة‪ ،‬بما يف ذلك القواميس‪ ،‬وأتاحت الوصول إىل ‪ EKB‬عن طريق اهلاتف املحمول أو‬
‫الكمبيوتر للطلبة املرصيني مجيعهم يف ادلاخل واخلارج‪.‬‬
‫وفرت املنصة الرقمية قناة اتصال بني الطلبة واملعلمني تلمكني ما يقرب من ‪ 22‬مليون‬ ‫ ‬
‫طالب‪ ،‬موزعني ىلع ما يقرب من ‪ 55000‬مدرسة من اتلواصل مع املعلمني «كما لو اكنوا حارضين يف‬
‫املدرسة»‪ ،‬ورشح ادلروس‪ ،‬واإلجابة عن أسئلة الطلبة‪ ،‬وإجراء االختبارات عرب اإلنرتنت‪ ،‬وطورت‬
‫ً‬
‫عددا من مقاطع الفيديو اليت رشحت كيفية االستخدام‪ .‬وقد تعاقدت مرص مع مزود اتلعلم عرب‬
‫اإلنرتنت ‪ Edmodo‬تلقديم اتلعليم عن بعد لطلبة اتلعليم األسايس يف ابلالد مجيعه‪ ،‬كما عملت‬
‫وزارة االتصاالت وتكنولوجيا املعلومات ورشاكت املحمول تلوفري بطاقات ‪ SIM‬دون تكلفة‪.‬‬

‫جنوب إفريقيا‬
‫برْ‬
‫وفر قسم اتلعليم األسايس جمموعة من املواد اتلعليمية عن بعد ع موقعها ىلع اإلنرتنت‪،‬‬ ‫ ‬

‫‪137‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫اذلي أتاح للطلبة مصادر الوسائط املتعددة (مثل‪ :‬مقاطع الفيديو‪ ،‬التسجيالت الصوتية‪ ،‬كتب‬
‫العمل اتلفاعلية) ومواد القراءة وادلراسة‪ .‬وتضمن املوقع معلومات حول ادلعم املتعلق باملحتوى‬
‫اتلعلييم اذلي يُبث‪ ،‬بما يف ذلك اتللفزيون (‪ DBE TV‬ىلع القناة ‪ )OVHD 122‬والراديو‬
‫(‪ ،)Gauteng KZN، Mpumalanga‬وتضمن ً‬
‫أيضا ً‬
‫قسما لآلباء مع توصيات تربوية بمواصلة‬
‫ُّ‬
‫اتلعلم يف املزنل‪.‬‬
‫أطلقت وزارة اتلعليم األسايس وهيئة اإلذاعة يف جنوب إفريقيا (‪ )SABC‬برامج دعم‬ ‫ ‬
‫ً‬
‫املناهج اتلعليمية لإلذاعة واتللفزيون‪ ،‬اذلي يبث دروسا للطلبة يف الصفوف ‪ 12 ،11، ،10‬وتنمية‬
‫الطفولة املبكرة عرب ثالث قنوات تلفزيونية تابعة لرشكة ‪SABC‬؛ وثالث عرشة حمطة إذاعية‬
‫إىل جانب ادلعم عرب اإلنرتنت‪ ،‬وشملت املوضواعت اليت تم تناوهلا‪ ،‬مثل الرياضيات والعلوم‬
‫الفزييائية واللغة اإلجنلزيية وعلوم احلياة واملحاسبة‪ ،‬باإلضافة إىل جمموعة متنوعة من اللغات‬
‫اإلفريقية املرتبطة بتنمية الطفولة املبكرة‪ .‬تمتلك رشكة اتصاالت‪ Telkom ZA ،‬مواقع تعليمية‬
‫وفرت الوصول املجاين إىل الطلبة‪.‬‬
‫تباينت ردود فعل ادلول حول استخدام تكنولوجيا اتلعليم يف أثناء اجلاحئة‪ ،‬ونستخلص‬ ‫ ‬
‫لاً‬
‫منها‪ :‬اعتماد ادلول ىلع اتلعليم عن بعد من خالل تقنياته املختلفة ‪-‬بوصفها بدي للتعليم‬
‫اتلقليدي‪ -‬اليت تمثلت يف ابلث اإلذايع واتللفزيوين للربامج اتلعليمية‪ ،‬وتوفري العديد من‬
‫املنصات اتلعليمية (العامة أو اخلاصة) اليت شملت املواد والوسائط اتلعليمية املختلفة‪ ،‬واتلعاون‬
‫مع مزودي خدمة اإلنرتنت‪.‬‬
‫ً‬
‫ونستطيع اجلزم بأن هناك تباينا يف استخدام تكنولوجيا اتلعليم يف أثناء اجلاحئة؛ وذلك‬ ‫ ‬
‫حبسب اإلماكنات املادية والبرشية املوجودة يف املؤسسات اتلعليمية‪ ،‬فقد استطاعت املؤسسات‬
‫اليت دليها بنية حتتية جيدة وخربات متخصصة يف تكنولوجيا اتلعليم واتلعليم عن بعد اتلعايش‬
‫مع اجلاحئة‪ ،‬أما املؤسسات اليت شحت فيها اخلربات املتخصصة وابلنية اتلحتية‪ ،‬فقد اعتمدت ىلع‬
‫أنظمة ابلث اإلذايع واتللفزيوين بشلك أسايس‪ ،‬وىلع اتلطبيقات املجانية واملفتوحة املصدر اليت‬
‫فرضت بعض القيود ىلع املستخدمني‪ ،‬باإلضافة إىل أن عدم االستعداد هلذا انلوع من اتلعليم‪،‬‬
‫وعدم دمج اتلعليم عن بعد مع اتلعليم اتلقليدي ‪-‬كما يف ممارسات بعض ادلول اليت دليها منصات‬
‫تعليمية خاصة‪ -‬أظهر اتلحول إىل اتلعليم عن بعد كردة فعل وليس عملية خمططة‪ ،‬وقد دعم ذلك‬
‫ضعف ابلنية اتلحتية واتلدريب ىلع أيلات اتلعليم عن بعد‪ ،‬فظهرت املمارسات تلعكس أسلوب‬
‫املحاولة واخلطأ‪.‬‬

‫انعكاسات الجائحة على منهج تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت‬


‫ً‬
‫نظاما فرعياً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫نظاما فرعيًا من نظام أكرب هو اتلعليم‪ ،‬اذلي يُعد بدوره‬ ‫من املعروف أن املنهج يعد‬

‫‪138‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫ً‬ ‫ُ‬
‫نظاما فرعيًا من نظام رئيس هو املجتمع‪ ،‬ومن‬ ‫من نظام آخر أكرب هو الرتبية‪ ،‬اليت تعد يه األخرى‬
‫ثم ينعكس ىلع املنهج لك ما ينعكس ىلع املجتمع من متغريات وما يمتد إيله من آثار فهو انلظام‬
‫مفتوحا أن يستجيب تللك اتلغريات‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫نظاما اجتماعيًا‬ ‫األشمل‪ .‬وعليه؛ اكن ً‬
‫لزاما ىلع املنهج كونه‬
‫املتسارعة اليت حتدث يف املجتمع‪ ،‬واليت يتأثر بها ويؤثر فيها‪.‬‬
‫ ‬
‫األهداف‬
‫األهداف أوىل عنارص املنهج يف تقسيم تايلور ‪ ،Taylor‬تتغري بصفة دائمة ملواكبة‬ ‫ ‬
‫اتلقدم املتسارع يف مهارات تكنولوجيا املعلومات واالتصاالت‪ ،‬وتسىع انلظم اتلعليمية يف‬
‫العالم تلحديث أهداف مناهج تكنولوجيا املعلومات واالتصاالت للحاق بركب اتلقدم اتلقين‬
‫الالحمدود‪ ،‬وتعليم أبنائها كيفية ابلحث يف مصادر املعرفة بطرائق منهجية‪ ،‬وبناء املعرفة وتنظيمها‬
‫وتوظيفها باستخدام األدوات الرقمية املتاحة بلناء جيل من الطلبة يتحىل بروح املواطنة الرقمية‪،‬‬
‫وييع القضايا اإلنسانية واالجتماعية واثلقافية وابليئية عند استخدام اتلكنولوجيا‪ ،‬ويعمل ىلع‬
‫بناء وتطوير منتجات مبتكرة يف جمال ريادة األعمال وتبادل األفاكر واآلراء عرب بيئات االتصال‬
‫الرقمية‪ ،‬ويكتسب مهارات اتلواصل واتلعبري عن الرأي‪ ،‬ويسهم يف إبراز اهلوية العربية ونرش‬
‫اثلقافة اإلسالمية ملختلف أقطار العالم‪.‬‬
‫يف ضوء ما سبق‪ ،‬سعت بعض ادلول تلطوير منهج تكنولوجيا املعلومات واالتصاالت دليها‬ ‫ ‬
‫ً‬
‫اعتمادا ىلع معايري اجلمعية ادلويلة للتكنولوجيا يف اتلعليم ‪ ،ISTE‬اليت اهتمت بدمج واستخدام‬
‫اتلكنولوجيا يف اتلعليم‪ .‬وجيمع اخلرباء إىل أنه عند تطبيق هذه املعايري فإنها تؤثر يف كيفية استفادة‬
‫الطالب من تعلمه من اتلكنولوجيا‪ ،‬وتزيد‬
‫من دور اتلكنولوجيا وتعزز تأثريها يف عملية‬
‫اتلعليم‪ ،‬وتشجع املعلم ىلع اتلوظيف األمثل‬
‫للتكنولوجيا يف تدريسه‪ .‬وتستهدف املعايري‬
‫الوطنية للتكنولوجيا يف اتلعليم تغيري طريقة‬
‫ً‬
‫عموما؛ يف إشارة إىل‬ ‫اكتساب الطلبة املعارف‬
‫اتلدريس املعتمد ىلع إجيابية املتعلم‪ ،‬وبناء‬
‫بيئات اتلعلم الرقمية املبنية ىلع املرشواعت‪،‬‬
‫وتعزيز املهارات اتلطبيقية والعقلية العليا‬
‫للطالب‪.‬‬

‫الشلك (‪ )3‬معايري اجلمعية ادلويلة للتكنولوجيا يف اتلعليم ‪ISTE‬‬

‫‪139‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫الشلك (‪ )4‬معايري تكنولوجيا اتلعليم للطالب‬

‫وقد استفاد مكتب الرتبية العريب دلول اخلليج من معايري ‪ ISTE‬وقدم سلسلة من‬ ‫ ‬
‫املعايري تعىن بالطلبة واملعلمني ومديري املدارس‪ .‬وما يعنينا هنا املعايري اخلاصة بالطلبة‪،‬‬
‫اليت ناشد مكتب الرتبية العريب دلول اخلليج إىل تضمينها يف مناهج تكنولوجيا املعلومات‬
‫واالتصاالت؛ فسعت العديد من ادلول العربية إىل تضمني هذه املعايري يف مناهج تكنولوجيا‬
‫املعلومات واالتصاالت من خالل صياغة أهداف اعمة حتقق هذه املعايري‪.‬‬

‫الشلك (‪ )4‬معايري تكنولوجيا اتلعليم‬


‫للطالب‬

‫وحيث أن املواطنة الرقمية أحد‬ ‫ ‬


‫ً‬
‫معايري ‪ ISTE‬اكن لزاما أن تشمل أهداف‬
‫مناهج تكنولوجيا املعلومات واالتصاالت‬
‫َ‬
‫أبعاد املواطنة الرقمية التسعة‪ ،‬ويه‪ :‬اإلتاحة‬
‫الرقمية‪ ،‬اتلجارة الرقمية‪ ،‬االتصال الرقيم‪،‬‬
‫اثلقافة الرقمية‪ ،‬السلوك الرقيم‪ ،‬القانون‬
‫الرقيم‪ ،‬احلقوق الرقمية واملسؤويلات‬
‫والصحة والسالمة الرقمية‪ ،‬األمن الرقيم‪.‬‬
‫ويركز لك بُعد من هذه األبعاد ىلع معاجلة إحدى املشكالت املعارصة املرتبطة باستخدام‬

‫‪140‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫اتلكنولوجيا الرقمية‪.‬‬

‫املحتوى‬
‫العنرص اثلاين من عنارص املنهج‪ ،‬ومن منطلق السياقات املتجددة ملحتوى مهارات‬ ‫ ‬
‫تكنولوجيا املعلومات واالتصاالت؛ فقد بات من الرضوري إجراء عمليات اتلطوير بصفة‬
‫مستمرة ىلع حمتوى مناهج تكنولوجيا املعلومات واالتصاالت ملواكبة ركب اتلغيري املتسارع يف‬
‫اتلطبيقات‪.‬‬
‫فقد تعددت اتلطبيقات لدلرجة اليت بات االختيار منها لرفد مناهج تكنولوجيا‬ ‫ ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫املعلومات واالتصاالت أمرا حمريا‪ ،‬خاصة أن العديد من هذه اتلطبيقات قد تتشابه يف اهلدف أو‬
‫الغاية اليت حتققها؛ إال أنها قد تتباين يف نقاط أخرى مثل‪ :‬الرسعة‪ ،‬ادلقة‪ ،‬اإلتاحة‪ ،‬اخلصوصية‪،‬‬
‫األمان‪ ،‬اتللكفة‪ ،‬سهولة االستخدام‪ ،‬اتلحديث‪.‬‬
‫ً‬
‫أما يف ظل اجلاحئة‪ ،‬فقد ازداد األمر تعقيدا وبات االختيار من اتلطبيقات املتوفرة يعتمد‬ ‫ ‬
‫يف املقام األول ىلع اإلتاحة اليت تعين احلق يف الوصول أو استخدام خمتلف اخلدمات أو املعلومات‬
‫أو اتلطبيقات دون صعوبات أو حواجز‪ ،‬فقد ألزمت اجلاحئة الطلبة منازهلم بشلك يلك أو جزيئ‪،‬‬
‫وأصبح االعتماد ىلع اتلعليم عن بعد‪ ،‬ومن ثم بات من الصعوبة بماكن توفري اتلطبيقات املختلفة‬
‫اكلروبوت أو الربجميات جلميع الطلبة إال من خالل ما يسىم باتلطبيقات احلرة ومفتوحة املصدر‪.‬‬
‫فالربجميات احلرة يه برجميات حاسوبية يمكن استخدامها ونسخها وتداوهلا من دون قيود‪ ،‬فيه‬
‫برجميات جمانية‪ ،‬مثل‪Note Tab Light v4.95، Open Office، Inkscape، Gimp، :‬‬
‫‪ ،Scratch‬إال أن بعضها قد يكون بمقابل‪.‬‬
‫والربجميات املفتوحة املصدر يه برجميات يمكن االطالع ىلع شفرتها الربجمية واتلعديل‬ ‫ ‬
‫عليها باستخدام ترخيص يمنح فيه املالك حقوق ادلراسة واتلعديل واتلوزيع ألي شخص وألي‬
‫غرض اكن‪ .‬ويمكن تطوير الربامج مفتوحة املصدر بطريقة تعاونية‪ ،‬فأي شخص يمكنه املشاركة‬
‫واملساهمة يف تطويرها‪ ،‬مثل‪ ،Gimp، Notepad++، LEGO-building، Moodle :‬ىلع‬
‫عكس الربجميات االحتاكرية اليت ال يتاح الوصول واتلعديل ىلع الشيفرة الربجمية إال للشخص أو‬
‫الفريق أو املؤسسة اليت أنتجتها‪ .‬فعىل األنظمة اتلعليمية االعتماد ىلع الربجميات احلرة واملفتوحة‬
‫نظرا إىل مناسبتها للظروف‬‫املصدر عند اإلعداد ملناهج تكنولوجيا املعلومات واالتصاالت؛ ً‬
‫الراهنة‪.‬‬

‫األنشطة اتلعليمية‬
‫العنرص اثلالث من عنارص املنهج والركزية األساسية اليت تؤكد إجيابية الطالب ونشاطه‬ ‫ ‬

‫‪141‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫وتفاعله يف املوقف اتلعلييم‪ .‬فيه تعىن بالطالب وما يبذهل من جهد عقيل أو بدين يف ممارسة أنواع‬
‫النشاط اذلي يتناسب مع قدراته وميوهل واهتماماته داخل املدرسة وخارجها؛ حبيث تساعده ىلع‬
‫إثراء اخلربة واكتساب مهارات متعددة بما خيدم مطالب انلمو ابلدين والعقيل دليه‪.‬‬
‫نوع من األنشطة أطلق عليه اسم‬ ‫وقد فرضت اجلاحئة ىلع األنظمة اتلعليمية تطبيق ٍ‬ ‫ ‬
‫«األنشطة اتلعليمية اإللكرتونية»‪ ،‬األنشطة اليت حرص بعض املعلمني ىلع تطبيقها قبل اجلاحئة‬
‫بدافع ذايت هدف إىل جذب انتباه الطلبة وتشويقهم وتفاعلهم وإجيابيتهم‪ ،‬واضطرت فئة أخرى‬
‫من املعلمني إىل تطبيقها يف أثناء اجلاحئة ً‬
‫نظرا إىل تطبيق اتلعليم عن بعد اذلي فرضته اجلاحئة ىلع‬
‫ّ‬
‫املوقف اتلعلييم والعملية اتلعليمية برمتها‪ .‬وتعد األنشطة اتلعليمية اإللكرتونية من املالمح‬
‫ُ‬
‫العامة واملمزية ملواد اتلعلم عن بعد‪ ،‬اليت تساعد ىلع اتلعلم النشط وتشجع الطالب ىلع ابلحث‬
‫واتلفاعل يف أثناء عملية اتلعلم‪ ،‬فمهما اكنت طبيعة املحتوى فإنها ستكون أكرث فاعلية إذا شجعنا‬
‫لاً‬
‫نشطا إجيابيًا ال مستقب سلبيًا‪ ،‬وذلك من خالل بعض اتلطبيقات مثل‬ ‫ً‬
‫متعلما ً‬ ‫الطالب يلكون‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫‪ .VENNGAGE، GANVA، Mind map‬وتلعب األنشطة دورا جوهريا يف حتديد نواتج‬
‫تحُ‬
‫اتلعلم‪ ،‬فيه دد إىل أي درجة يندمج الطالب مع املحتوى اتلعلييم وبناء املعرفة‪.‬‬

‫الشلك (‪ )5‬معايري اختيار احلاسوب الشخيص‬

‫من أهم أساسيات تصميم األنشطة اإللكرتونية أن تكون مقصودة وهادفة ومفيدة؛‬ ‫ ‬
‫مقصودة بمعىن أنها حتقق نتائج تنسجم مع األهداف اتلعليمية‪ ،‬وهادفة بمعىن أنها تهدف إىل‬
‫ً‬
‫بعيدا عن اتلكرار‪،‬‬ ‫ً‬
‫ومهاريا‪ ،‬وتبىن ىلع أنشطة تعليمية سابقة‬ ‫تطوير الطالب وتقدمه معرفيًا‬
‫ومفيدة أي أن يستفيد منها الطالب يف أنشطة مستقبلية وسياقات ومقررات أخرى‪ ،‬مثل تطبيق‬
‫‪ Mozik Education‬اذلي يبحر باملتعلم يف عدد من فروع العلم ويعرض املحتوى العليم‬

‫‪142‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫بأسلوب شائق وتفاعيل‪ .‬وجيب أن يكون حمتوى األنشطة اتلعليمية بصفة اعمة واإللكرتونية‬
‫ومشجعا الخنراط الطالب يف اتلعلم‪ ،‬مثل‪Learning Apps، :‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫وحمفزا‬ ‫بصفة خاصة ً‬
‫ممتعا‬
‫‪ Wordwall، Kahoot‬وذلك باستخدام عنارص الوسائط املتعددة املختلفة مثل‪ :‬الصور اثلابتة‬
‫واملتحركة‪ ،‬الصوت‪ ،‬الفيديو‪ ،‬انلص اتلفاعيل‪ .‬ويصاحب النشاط اتلعلييم بعض األسئلة البسيطة‬
‫اليت من شأنها تشجيع الطالب ىلع الرتكزي واملتابعة واتلفاعل‪.‬‬

‫الشلك (‪ )6‬نماذج من عنارص الوسائط املتعددة‬

‫اتلأمل ‪ :Reflection‬واحد من األنشطة اليت يغفل الكثري من املعلمني تطبيقها‪ ،‬واليت اليت‬
‫يمكن تطبيقها إلكرتونيًا عن طريق العديد من اتلطبيقات الفردية‪ ،‬مثل‪ :‬كتابة مقال تأميل‬
‫ىلع ‪ ،Moodle‬أو ىلع ‪ Google Classroom‬واتلعاونية اليت تتيحها بعض اتلطبيقات (مثل‪:‬‬
‫‪ )Padled‬ىلع شبكة اإلنرتنت‪.‬‬

‫ ‬
‫الشلك (‪ )7‬تطبيق ‪ Padled‬ىلع شبكة االنرتنت‬

‫وجيب اإلشارة إىل رضورة الرتكزي يف تصميم األنشطة اتلعليمية يف اتلعليم عن بعد ىلع ما‬ ‫ ‬
‫يسىم بـ «الوجود االجتمايع ‪ ،»Social Presence‬اذلي يعزز اتلواصل والتشارك واتلعاون بني‬
‫ّ‬
‫الطلبة (مثل ‪)Padled‬؛ إذ يعد عمل األقران وعمل املجمواعت يف األنشطة اتلعليمية اإللكرتونية‬

‫‪143‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫من أهم الوسائل اليت تدعم الوجود االجتمايع واتلفكري انلاقد‪.‬‬


‫ومن األنشطة اتلعليمية اإللكرتونية أنشطة تركز ىلع حل املشكالت يف اتلعليم عن‬ ‫ ‬
‫بعد‪ ،‬مثل‪ ،Learning Apps، My Puzzles، Edpuzzle :‬وفيها يزود الطالب بمسألة أو‬
‫مشلكة ما يطلب منه حلها أو معاجلتها أو اتلعامل معها؛ ما حيفزه ىلع اتلعلم واالخنراط فيه‪.‬‬

‫الشلك (‪ )8‬اتلطبيقات االلكرتونية اليت تركز ىلع حل املشكالت يف اتلعليم عن بعد‬

‫باإلضافة إىل ما سبق هناك العديد من اتلطبيقات اخلاصة بإنتاج الفيديوهات اتلعليمية‬ ‫ ‬
‫اليت يستخدمها املعلم بوصفها أنشطة تعليمية يعتمد عليها يف رشحه‪ ،‬أو يكلف الطلبة بإنتاجها‬
‫بوصفها أحد األنشطة اتلعلمية‪ ،‬مثل‪ .Bandicam، screencast-o-matic :‬ومن اتلطبيقات‬
‫اليت يستخدمها املعلم يف إدارة الصف وحتفزي الطلبة وزيادة محاسهم وتفاعلهم ‪،Class dojo‬‬
‫وهو تطبيق يستخدم إلدارة الصف إلكرتونيًا‪ ،‬وتعزيز الطلبة‪ ،‬وخلق جو من املنافسة بينهم‪ .‬كما‬
‫أن تطبيق ‪ Wheel decided‬يُعد أحد األنشطة املنوط باملعلم إعدادها بهدف خلق جو من‬
‫احلماس واتلفاعل بني الطلبة‪.‬‬

‫الشلك (‪ )9‬تطبيق ‪Wheeel decided‬‬

‫‪144‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫ويف هذا الصدد جيب اإلشارة إىل أن مجيع تطبيقات األنشطة اتلعليمية اإللكرتونية‬ ‫ ‬
‫املشار إيلها يه تطبيقات حرة يمكن توظيفها ومساعدة الطلبة ىلع االستفادة منها‪ ،‬وبيان كيفية‬
‫استخدامها ومشاركتها مع اآلخرين بسهولة‪.‬‬

‫اتلقويم‬
‫العنرص األخري من عنارص املنهج‪ ،‬تتسع جماالته يف العملية اتلعليمية لتشمل مجيع جوانبها املتمثلة‬
‫يف األراكن األساسية األربعة‪ :‬الطالب‪ ،‬املعلم‪ ،‬املنهج‪ ،‬ابليئة املدرسية‪ .‬نركز يف هذا اجلانب ىلع‬
‫الطالب املحور الرئيس يف العملية اتلعليمية‪ ،‬وسبل تقييمه يف منهج تكنولوجيا املعلومات‬
‫واالتصاالت‪ .‬لقد واجه الرتبويون يف ظل انتشار جاحئة كورونا إشاكيلة تمثلت يف كيفية تطبيق‬
‫ً‬
‫اتلقويم يف العملية اتلعليمة‪ ،‬شأنه يف ذلك شأن بايق عنارص املنهج اليت ذكرناها آنفا‪ .‬وكما اكن‬
‫اتلعليم عن بعد هو اخليار االسرتاتييج لضمان استمرارية وكفاءة اتلعليم يف أثناء األزمة‪ ،‬اكن‬
‫اتلقويم اإللكرتوين عن بعد هو السبيل الوحيد والفعال تلقويم اتلعلم واكتمال مجيع عنارص‬
‫عملية اتلعليم‪.‬‬
‫إن املتأمل ملفهوم اتلقويم اإللكرتوين عن بعد جيد أنه عملية مستمرة منظمة توظف‬ ‫ ‬
‫فيها شبكة اإلنرتنت‪ ،‬وأجهزة الكمبيوتر‪ ،‬واتلطبيقات اتلعليمية متعددة الوسائط‪ ،‬وأدوات اتلقويم‬
‫واتلوصل إىل حكم حول أدائهم‪ ،‬واختاذ قرارات‬ ‫ّ‬ ‫اإللكرتونية تلجميع وحتليل استجابات الطلبة‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫تشخيصية عالجية أو وقائية‪ .‬وكون عملية اتلقويم عملية شاملة تضم يف جنباتها عددا من‬
‫العمليات األخرى مثل القياس واتلقييم باإلضافة إىل اتلقويم‪ ،‬فإن الغاية اليت نريم إىل إبرازها يف‬
‫هذا اجلزء يه عملية اتلقييم اإللكرتوين عن بعد‪.‬‬
‫وتتعدد مسميات اتلقييم اإللكرتوين عن بعد‪ ،‬منها‪ :‬اتلقييم الرقيم‪ ،‬واتلقييم املبارش‪.‬‬ ‫ ‬
‫وكما تتعدد املسميات تتعدد أهداف تطبيق اتلقييم اإللكرتوين عن بعد‪ ،‬ومنها‪ :‬حتقيق فاعلية‬
‫العملية اتلعليمية وجودة اتلعليم‪ ،‬تقليل اتلاكيلف املادية انلاجتة عن طباعة األوراق االمتحانية‪،‬‬
‫خاصة مع طبيعة منهج تكنولوجيا املعلومات واالتصاالت اذلي يعتمد بشلك رئيس ىلع املهارات‪،‬‬
‫وختفيف عبء تصحيح األنشطة واتلقييمات امللىق ىلع اعتق املعلم‪ ،‬واتلوجه حنو تفعيل املجتمع‬
‫اتلقين‪.‬‬
‫ىلع الرغم من أن اجلاحئة قد فرضت علينا بعض اتلحديات مثل استخدام تطبيقات‬ ‫ ‬
‫اتلقييم اإللكرتوين وغريها من األدوات اليت لم نكن يف وضع االستعداد تلطبيقها ‪-‬إال من‬
‫قبل بعض املعلمني اذلين تعاملوا مع هذا انلمط من تطبيقات اتلقييم اإللكرتوين‪ ،-‬فإن املتأمل‬
‫شاكرا تللك اجلاحئة اليت فجرت بداخله الطاقات‪ ،‬وثقفته بالعديد‬ ‫ً‬ ‫للموقف اتلعلييم جيد نفسه‬
‫من املهارات اتلقنية‪ ،‬ومكنته من استخدام تطبيقات اتلقييم اإللكرتوين عن بعد واالستفادة من‬

‫‪145‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫مزاياها اليت نذكر منها‪:‬‬


‫‪ -‬املرونة‪ ،‬وذلك من خالل إاعدة تطبيق االختبار وتعديله ومشاركته مع الزمالء أو ىلع منصات‬
‫تعليمية أخرى وسهولة تصحيحه‪.‬‬
‫‪ -‬تتيح تطبيقات اتلقييم اإللكرتوين إماكنية توظيف الوسائط املتعددة املختلفة يف إنتاج‬
‫مفردات االختبار‪.‬‬
‫‪ -‬توفري الوقت املستغرق يف إنتاج األوراق االمتحانية؛ فهذه اتلطبيقات تتمزي بقدرتها ىلع‬
‫االحتفاظ باألسئلة وإاعدة استخدامها‪ ،‬ومن ثم توفري الوقت املستغرق يف إعدادها‪ ،‬وتوفري‬
‫الوقت املتطلب يف تقديم اتلعزيز واتلغذية الراجعة املناسبة‪.‬‬
‫‪ -‬االحتفاظ بالسجالت اخلاصة بالطلبة دلراستها والوقوف ىلع جوانب القوة والضعف يف‬
‫أدائهم‪ ،‬ومشاركتها مع إدارة املدرسة وأويلاء األمور‪.‬‬
‫‪ -‬سهولة حتليل ابليانات واستخدامها إلرشاد الطلبة يف تعلمهم‪.‬‬
‫‪ -‬تقليل مستوى القلق؛ فقد أكدت العديد من ادلراسات أن اتلقييم اإللكرتوين يقلل من‬
‫مستوى القلق دلى الطلبة‪ ،‬اذلي تتسبب فيه اتلقييمات اتلقليدية‪.‬‬

‫ً‬
‫تتعدد أنواع اتلقييم اليت تستخدم يف اتلقييم اإللكرتوين عن بعد وفقا للغرض منها‪ ،‬فإذا‬ ‫ ‬
‫اكن الغرض من اتلقييم هو اتلقييم من أجل اتلعلم فيمكن استخدام منتديات انلقاش ‪Forum‬‬
‫ُّ‬
‫ويه عديدة ىلع شباكت اإلنرتنت‪ ،‬كما أنها توجد يف مجيع أنظمة إدارة اتلعليم واتلعلم (‪،)LMS‬‬
‫أو املقابالت اإللكرتونية من خالل مؤتمرات الفيديو أو أوراق العمل ‪ Assignment‬اليت تتاح‬
‫يف العديد من اتلطبيقات واملنصات احلرة‪ ،‬ويوظف مجيع ما سبق كأداة من أدوات اتلقييم ابلنايئ‬
‫تهدف إىل اتلعرف ىلع ما اكتسبه الطلبة من معارف ومهارات يف أثناء ادلراسة‪ .‬يوفر هذا انلوع‬
‫من اتلقييم اتلغذية الراجعة للطالب بهدف زيادة تعلمه‪ ،‬وللمعلم بهدف إرشاده إىل سبل العالج‪.‬‬
‫أما إذا اكن الغرض من اتلقييم هو تقييم اتلعلم‪ ،‬فيمكن تقييم املعارف باستخدام برامج اتلقييم‪/‬‬
‫االختبارات اإللكرتونية‪ ،‬وفيما يأيت عرض ألشاكل اتلقييم أو أشاكل االختبارات اإللكرتونية عن‬
‫بعد وبعض اتلطبيقات املستخدمة فيها تلقييم دروس تكنولوجيا املعلومات واالتصاالت‪:‬‬
‫‪ -‬االختبارات اإللكرتونية القصرية‪ :‬تقيس قدرة الطالب ىلع استداعء وفهم املعارف‬
‫اليت يمكن تقديمها من خالل العديد من اتلطبيقات‪ ،‬مثل‪Class Dojo، Kahoot، :‬‬
‫‪.Wordwall، Plicker، Google Forms، Hot Potatoes‬‬
‫‪ -‬االمتحانات املقايلة‪ :‬تقيس القدرات املعرفية‪ ،‬وخاصة ما يتعلق باتلفكري انلاقد واتلفكري‬
‫اإلبدايع‪.‬‬
‫‪ -‬الواجبات أو اتللكيفات‪ :‬ويه جمموعة من املهام أو األنشطة املحددة اليت يؤديها الطالب‬

‫‪146‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫خارج الصف ويرسلها إلكرتونيًا إىل املعلم اذلي يطلع عليها ويقدم هل اتلغذية الراجعة‬
‫واتلقييم عرب اإليميل أو املنصة املرفوع عليها اتللكيف‪.‬‬

‫الشلك (‪ )10‬الواجبات املزنيلة‬


‫االلكرتونية‬

‫‪ -‬منتديات انلقاش‪ :‬تساعد ىلع تقييم استيعاب الطالب للمادة العلمية من خالل املناقشات‬
‫بني املعلم والطلبة؛ إذ تمكن الطالب من إبداء رأيه يف موضواعت ادلرس بطريقة مبارشة‪.‬‬
‫‪ -‬تقويم األداء‪ /‬املهارات من خالل قياس قدرة املتعلم ىلع أداء مهارات حمددة أو إجناز مهمة‬
‫تعليمية حمددة‪ .‬ويف أثناء تطبيق اتلعليم عن بعد‪ ،‬ومن خالل برامج ابلث اإللكرتوين مثل‬
‫‪ Google Meet‬يستطيع الطالب مشاركة املعلم جهازه وأداء املهارات يلقيم املعلم وزمالؤه‬
‫أداءه يف املهارات أو املشاريع‪.‬‬
‫‪ -‬ملف اإلجناز اإللكرتوين‪ :‬هو جتميع منظم يقوم به الطالب ألعماهل ذات العالقة بمحتوى‬
‫املادة العلمية‪ ،‬وتقديمها يف ملف إلكرتوين يطلق ىلع ‪ ،E-Portfolios‬وتقدم لك األعمال يف‬
‫هذا امللف للمعلم بغرض تقييمها واالحتفاظ بها بلناء تعلمه‪ ،‬وقد وفرت حزمة ‪Google‬‬
‫‪ Suite‬إماكنية بناء ملف اإلجناز‬
‫اإللكرتوين من خالل تطبيق ‪Google‬‬
‫‪ ،Site‬وأتاح موقع ‪ً WIX‬‬
‫أيضا حتقيق ذلك‬
‫بإماكنيات احرتافية‪ .‬وجتدر اإلشارة إىل‬
‫جهود لكية الرتبية جامعة السلطان قابوس‬
‫يف تدريب املرشحني ىلع كيفية إنتاج ملف‬
‫اإلجناز الشامل اإللكرتوين يلكونوا قدوة‬
‫لطالبهم يف امليدان‪.‬‬
‫‪ -‬املشاريع اتلعليمية وابلحثية‪ ،‬سواء‬
‫الشلك (‪ )11‬ملف اإلجناز الشامل االلكرتوين‬
‫اجلماعية أو الفردية‪ :‬تساعد ىلع قياس ما‬

‫‪147‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫اكتسبه الطالب من مهارات خالل فرتة دراسته‪ ،‬ويمكن للطلبة أداء املشاريع ورفعها ىلع‬
‫‪ Google Drive‬يك يتمكن املعلم من االطالع عليها وتقييمها‪.‬‬
‫‪ -‬املحااكة‪ :‬تهدف إىل تقييم مهارات الطلبة العملية دون احتمال وقوع أي خماطر‪ ،‬إذ يستخدم‬
‫الطلبة مجيع مواردهم ومهاراتهم إلكمال املهمة يف بيئة افرتاضية آمنة عرب اإلنرتنت‪ .‬كما‬
‫يمكن إرسال تطبيقات املحااكة للطالب‪ ،‬ويشارك الطالب املعلم وزمالءه يف أثناء أداء‬
‫املحااكة‪ .‬من أمثلة تطبيقات املحااكة يف جمال تكنولوجيا املعلومات واالتصاالت ‪https://‬‬
‫‪practice-labs.com‬‬
‫‪ -‬األلعاب اإللكرتونية‪ :‬يه أداة من أدوات اتلقييم اإللكرتوين املشجعة للطلبة ‪-‬خاصة صغار‬
‫السن‪ -‬ىلع إظهار أهداف املادة العلمية اليت اكتسبوها‪.‬‬

‫كما تتضمن أنظمة إدارة اتلعليم واتلعلم (مثل‪Moodle، Wiziq، Edmodo، :‬‬ ‫ ‬
‫‪ )Schoology، Nearpod‬العديد من أدوات اتلقويم املتنوعة اليت تستخدم تلغطي أشاكل‬
‫اتلقويم املختلفة القبيل وابلنايئ وانلهايئ‪ .‬وهناك العديد من األنظمة األخرى‪ ،‬إال أننا ركزنا ىلع‬
‫ً‬
‫األنظمة احلرة اليت يتاح للمؤسسات اتلعليمية اليت ال يتوفر دليها منصات تعليمية معدة مسبقا‬
‫استخدامها وتوظيفها بفاعلية يف حدود إماكنياتها واإلماكنات املتاحة فيها لالستخدام‪.‬‬
‫ينبيغ العمل ىلع تدريب املعلمني ىلع فهم حتديات اتلقييم اإللكرتوين عن بعد‪ ،‬وذلك عن طريق‬
‫إعداد برامج تنمية مهنية مستمرة تلوعيتهم بكيفية بناء أدوات اتلقييم عن بعد‪ ،‬تهيئة املعلم‬
‫ملواجهة املستجدات يف املجتمع‪ ،‬اليت يتأثر بها امليدان الرتبوي‪ ،‬وتفعيل العديد من أدوات اتلقويم‬
‫ً‬
‫ابلديل‪ ،‬اليت لم نكن نعريها انتباها يف زمن ما قبل كورونا كملف اإلجناز اإللكرتوين‪ ،‬األمر اذلي‬
‫يسهل ىلع املعلم والطالب وجود بدائل تقييم تتالءم مع اتلحديات املتغرية‪.‬‬

‫‪148‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫الخاتمة‬

‫باتت جاحئة كورونا عالمة من العالمات املفصلية وحقبة من حقب اتلاريخ‪ ،‬اليت‬ ‫ ‬
‫ً‬
‫جعلت من العسري علينا اآلن أن خنط أسطرا من اتلوقعات أو السيناريوهات ملا سيكون عليه‬
‫اعلم الغد بعد اجنالئها‪ ،‬إال أنه ال مزية يف أن صورته املستقبلية لن تشبه صورته اليت ألفناها‬
‫لردح طويل من الزمن‪ .‬وكون اجلاحئة ما زالت قائمة فإن الفرصة ال زالت مواتية ألخذ العظة من‬
‫دروسها العديدة‪ ،‬فالوقت ما زال ساحنًا للتخطيط املنظم املنهيج وتطوير منظومة اتلعليم كلك‪،‬‬
‫وجيب ىلع األنظمة اتلعليمية العربية اإلرساع يف تطبيق معايري ‪ ISTE‬يف مناهج تكنولوجيا‬
‫املعلومات واالتصاالت ملواجهة اتلحديات اليت تواجه العالم كجاحئة كوفيد‪ .19-‬فمن املتوقع بعد‬
‫انتهاء اجلاحئة واالتعاظ بدروسها اليت اعيشها العالم واخلربات املكتسبة منها‪ ،‬أن تفتح البرشية‬
‫ً‬
‫ورشا جديدة للتأمل واتلفكري‪ ،‬للتخطيط وإرساء داعئم نموذج للتنمية االجتماعية ال اتلنمية‬
‫االقتصادية والعمل ىلع تنمية اإلنسان املواطن اتلقين املبدع والقادر ىلع حل املشكالت‪ ،‬وتيسري‬
‫سبل بنائه وإعداده اإلعداد اذلي يكفل هل اتلعايش مع جمتمع تقين جديد يتسارع فيه اتلغري‬
‫كتعاقب الليل وانلهار‪.‬‬

‫المراجع‬
‫* بدوي‪ ،‬حممد حممد عبد اهلادي (‪ .)2014‬فعايلة برنامج مقرتح يف اتلعليم اإللكرتوين تلنمية‬
‫مهارات تصميم االختبارات اإللكرتونية واالجتاه حنو اتلقويم اإللكرتوين دلي طالب ادلراسات‬
‫العليا‪ .‬املجلة الرتبوية ادلويلة املتخصصة‪ .‬مج‪ .3‬ع‪.176-146 .5‬‬
‫* ابلابطني‪ ،‬أماين بنت أمحد (‪ .)2020‬اتلعليم اإللكرتوين يف ظل جاحئة كوفيد‪ .19-‬املجلة الرتبوية‬
‫‪ 19-covid/05/10/2020/https://educationmag.net‬‬ ‫اإللكرتونية‪ .‬متاح ىلع‪ :‬‬
‫* بلقزيز‪ ،‬عبد اإلهل (‪ .)2020‬مالمح لعالم ما بعد كورونا‪ .‬املستقبل العريب‪ .‬مركز دراسات الوحدة‬
‫العربية‪ .‬ع‪.122-109 .501‬‬
‫* منتدى أسبار ادلويل (‪ .)2020‬تأثري (‪ )19_Covid‬ىلع أهم القطااعت احليوية الرئيسية‪.‬‬
‫* منظمة األمم املتحدة للرتبية واتلعليم واثلقافة‪ .)2020(.‬اتلعليــم عــن بعـــد مفهـومـه‪،‬‬
‫ّ ُ‬ ‫ُ‬
‫واستـراتيجيـاتـه متاح ىلع‪:‬‬ ‫أدواتـه‬
‫‪https://inee.org/system/files/resources/Policy-breif-distance-‬‬
‫‪pdf.1-learning-F‬‬
‫* احلميد‪ ،‬عبد الكريم بن صالح بن محيد (‪ .)2005‬العوملة وآيلات تطوير املناهج وانعاكساتها ىلع‬
‫طرق وأسايلب اتلدريس‪ :‬اجتاهات جديدة يف اتلدريس وبناء املناهج‪ .‬ندوة العوملة وأولويات‬

‫‪149‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫الرتبية‪ .‬الرياض‪.302-259 .‬‬


‫* ادلهشان‪ ،‬مجال ىلع خليل (‪ .)2019‬جاحئة كورونا بني املحنة واملنحة‪ .‬رابطة الرتبية احلديثة‪.‬‬
‫س‪ .36‬ع ‪.184-155 .111‬‬
‫* ادلهشان‪ ،‬مجال ىلع خليل‪ ،‬الفوييه‪ ،‬هزاع بن عبد الكريم (‪ .)2015‬املواطنة الرقمية مدخال‬
‫ملساعدة أبناءنا ىلع احلياة يف العرص الرقيم‪ .‬جملة لكية الرتبية جامعة املنوفية‪.42-1 .)4(30 .‬‬
‫* دوابة‪ ،‬أمحد سعيد أمحد (‪ .)2019‬حتليل مقررات اتلكنولوجيا للمرحلة اثلانوية يف ضوء قيم‬
‫املواطنة الرقمية وتصور مقرتح إلثرائها‪( .‬رسالة ماجستري غري منشورة)‪ .‬اجلامعة اإلسالمية‪،‬‬
‫عزة‪.‬‬
‫* الزبون‪ ،‬حممد‪ ،‬عبابنة‪ ،‬صالح (‪ .)2010‬تصورات مستقبلية الستخدام تكنولوجيا املعلومات‬
‫واالتصاالت يف تطوير انلظام الرتبوي‪ .‬جملة جامعة انلجاح لألحباث (العلوم اإلنسانية) ‪.)3(24‬‬
‫‪.826-799‬‬
‫* رشف ادلين‪ ،‬أمحد حممد عبد الرؤف (‪ .)2019‬املواطنة الرقمية‪ :‬الوقاية واحلل‪ .‬دراسات يف اتلعليم‬
‫اجلاميع‪ .‬ع‪.412-407 .45‬‬
‫* شلتوت‪ ،‬حممد شويق (‪ .)2016‬املواطنة الرقمية‪ :‬ترف فكرى أم رضورة؟‪ .‬مركز العبياكن لألحباث‬
‫والنرش‪ .‬ع‪.105-104 .15‬‬
‫* صالح‪ ،‬مصطيف جودت (‪ .)2017‬قراءة يف معايري اجلمعية ادلويلة للتكنولوجيا يف اتلعليم‪ :‬معايري‬
‫الطالب ‪ .2016‬موقع بوابة تكنولوجيا اتلعليم‪ .‬متاح ىلع‪:‬‬
‫‪15562/https://drgawdat.edutech-portal.net/archives‬‬
‫* الغمالس‪ ،‬خادل بن عبد اهلل (‪ .)2021‬اتلقويم عن بعد‪ .‬موقع صحيفة جامعيت‪ .‬متاح ىلع‪:‬‬
‫‪https://np.psau.edu.sa‬‬
‫* فوده‪ ،‬فاتن (‪ .)2018‬األنشطة اإللكرتونية نظرة تكاملية‪ .‬موقع تعليم جديد‪ .‬متاح ىلع‪:‬‬
‫‪https://www.new-educ.com‬‬
‫* قناوي‪ ،‬شاكر عبد العظيم حممد (‪ .)2020‬جاحئة كورونا واتلعليم عن بعد‪ :‬مالمح األزمة وآثارها‬
‫بني الواقع واملستقبل واتلحديات والفرص‪ .‬املجلة ادلويلة للبحوث يف العلوم الرتبوية ‪،)4(3‬‬
‫‪.260-225‬‬
‫* حممد‪ ،‬أمل حسني سيد (‪ .)2018‬تكنولوجيا اتلعليم وثقافة املواطنة‪ .‬املؤتمر العليم العريب‬
‫اثلاين عرش ادلويل اتلاسع‪ :‬اتلعليم واملجتمع املدين وثقافة املواطنة‪ .‬مج‪.266-179 .1‬‬
‫* حممود‪ ،‬حممد جابر (‪ .)2020‬دور اتلعليم عن بعد يف حل إشاكيلات وباء كورونا املستجد‪ .‬املجلة‬
‫الرتبوية‪ .‬ع‪1543-1532 .77‬‬
‫* املرعيد‪ ،‬حوراء عيل حسني (‪ .)2020‬معوقات وحتديات اتلعليم االفرتايض وقت األزمات‪.‬‬

‫‪150‬‬
19_‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد‬ ‫ الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬:‫تحرير‬

.)4( 3 .‫دراسات يف العلوم اإلنسانية واالجتماعية‬


.)47(15 ‫ اعلم الرتبية‬.‫ رؤية مقرتحة‬:‫ اتلعليم واملواطنة الرقمية‬.)2014( ‫ ملياء إبراهيم‬،‫* املسلماين‬
.94-15
:‫ متاح ىلع‬.‫وما بعدها‬19-‫ اتلعليم أثناء جاحئة كوفيد‬:‫ موجز سياسايت‬.)2020(. ‫* األم املتحدة‬
un.org/files/policy_brief_-_education_.https://www.un.org/sites/un2
and_beyond_arabic.pdf_19-during_covid
‫ مدى فعايلة اتلقويم اإللكرتوين للطابلات من وجهة‬.)2020( ‫ أمريه بنت صغري آل سعد‬،‫* ايلايم‬
‫ املؤتمر ادلويل االفرتايض ملستقبل‬.‫نظر املعلمات يف املرحلة املتوسطة واثلانوية بمدينة جنران‬
.321-308 .‫ اململكة العربية السعودية‬.‫ الطائف‬.‫اتلعليم الرقيم يف الوطن العريب‬

* Bušeli, M. (2012). Distance Learning–concepts and contributions. Oeconomica


Jadertina, 2(1), 23-34.
* Hassan, M. M., Mirza, T., & Hussain, M. W. (2020). A Critical Review by Teachers
on the Online Teaching-Learning during the COVID-19 [J]. International
Journal of Education and Management Engineering, 10(8), 17-27. doi:
10.5815/ijeme.2020.05.03
* The World Bank . (2020).How countries are using edtech (including online
learning, radio, television, texting) to support access to remote learning
during the COVID-19 pandemic
* https://www.worldbank.org/en/topic/edutech/brief/how-countries-are-using-
edtech-to-support-remote-learning-during-the-covid-19-pandemic
* Li, C., & Lalani, F. (2020). The COVID-19 pandemic has changed education forever.
This is how. Paper presented at the World economic forum.
* Mishra, L., Gupta, T., & Shree, A. (2020). Online teaching-learning in higher
education during lockdown period of COVID-19 pandemic. International
Journal of Educational Research Open, 1, 100012.
doi:https://doi.org/10.1016/j.ijedro.2020.100012
*
Soni, V. D. (2020). Global Impact of E-learning during COVID 19.. doi:http://dx.doi.
org/10.2139/ssrn.3630073
Vélez, María, Rodríguez, Marcos, & Gámez, María (2020). Use of ICT in the Teaching-
* Learning Process during the COVID-19 Emergency Lockdown. An Analysis
of International Cases. International Journal of Innovation, Creativity and
Change. 14(1), 1268-1281. https://www.researchgate.net/publication /344273284

151
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫‪152‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫الفصل السادس‬
‫مسارات تطوير تعليم ا ّلدراسات االجتماعيّة يف ظل‬
‫جائحة كوفيد_‪ 19‬وبعدها‬
‫د‪.‬سيف بن نارص املعمري‪ ،‬أ‪ .‬رمحة بنت نارص ابلدوية‪ ،‬أ‪ .‬لولوة بنت مخيس اجلهورية‬

‫‪153‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫‪154‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫مقدمة‬
‫َ‬
‫اتلعليم يواجه الكثري من األسئلة اليت‬ ‫جاحئة كوفيد‪ 19‬الّيت ّ‬
‫تعرض هلا العالم‬
‫ُ‬
‫جعلت‬
‫لم يواجهها خالل العقود السابقة رغم دعوات الرتبويني وغريهم املستمرة إىل أهمية‬
‫مواكبة اتلحوالت العاملية‪ ،‬خاصة يف جمال اتلكنولوجيا اليت غريت احلياة اإلنسانية بشلك‬
‫كبري‪ ،‬ومكنت البرش يف ابلقاء ىلع تواصل حني اضطرت ادلول إىل فرض حاالت احلجر‬
‫املزنيل‪ ،‬ويه حالة غري مسبوقة منذ نهاية احلرب العاملية اثلانية‪ ،‬وهذه األسئلة شملت الكثري من‬
‫جوانب احلياة‪ ،‬ولكن ما يعنينا هنا سؤالني ارتبطا باتلعليم؛ األول تعلق باتلفكري يف اآليلات اليت‬
‫يمكن من خالهلا استمرارية اتلعلم؛ أما اثلاين فارتبط باملحتوى اذلي جيب أن يتم تعليمه خالل‬
‫ً‬
‫كثريا من انلقاشات ىلع املستويات الوطنية والعاملية‪،‬‬ ‫اجلاحئة وبعدها‪ ،‬ويف حني نال السؤال األول‬
‫ومن قبل املنظمات ادلويلة مثل ايلونسكو؛ إال أن سؤال املحتوى لم ينل بعد ذلك االهتمام‪ ،‬رغم‬
‫تأثري ما يتعلم ىلع مستقبل ما يزيد ىلع مليار طالب عرب العالم‪ ،‬فكما تشري اإلحصاءات فإن‬
‫قرابة ‪ 1,6‬مليار طالب حول العالم انقطعوا عن اتلعليم خالل الشهور األوىل من بداية تفيش‬
‫دورا ً‬
‫بارزا يف تدعيم دور املناهج ادلراسية‬ ‫الوباء (‪ .)Saavedra, 2020‬وتؤدي املؤتمرات ادلويلة ً‬
‫للحد من انتشار األمراض واألوبئة؛ إذ ُعقد املؤتمر ادلويل ملستلزمات اتلعليم وحلوهل يف ديب‬
‫ّ‬
‫(‪ ،) GESS, 2020‬وقدم ورش عمل ديناميكية من قادة العمليات اتلعليمية‪ ،‬كأحدث املنتجات‬
‫واحللول اتلعليمية االبتاكرية تلعزيز جودة املناهج ادلراسية يف ظل جاحئة كوفيد‪ ،19‬كما تم عقد‬
‫املؤتمر ادلويل اثلامن عرش للتعلم واتلكنولوجيا «اذلاكء االصطنايع حنو اتلحول الرقيم للحياة‬
‫َّ‬
‫والعمل واتلعلم» يف اململكة العربية السعودية (‪ ،)2020‬وجتلت أهمية املؤتمر يف كونه منصة‬
‫نقاش‪ ،‬وتعاون حيوي بني مجيع املهتمني بابلحث واتلطوير يف جمال تعزيز دور املناهج ادلراسية‬
‫االلكرتونية يف تسهيل عملية تبادل املعلومات‪ ،‬ونرش أفضل للممارسات اتلعليمية يف جمال اتلعلم‬
‫اذليك‪ ،‬ما يعمق دلى الطالب أهمية املناهج ادلراسية اذلكية باعتبارها وسيلة ملحاربة جاحئة‬
‫ً‬
‫جمتمعا علميًا يهدف إىل احلد من ارتفاع أعداد‬ ‫كوفيد‪ ،19‬وأسلوب إاعدة طريقة تعلمنا بوصفنا‬
‫املرىض املصابني بكوفيد‪.19‬‬
‫إن هذه اجلاحئة تثري أسئلة منها‪ :‬ما دور ادلراسات االجتماعية يف أشاكل اتلدريس غري‬ ‫ ‬
‫املادية؟ ما تأثري اتلدريس الرقيم ىلع ادلراسات االجتماعية؟ كيف تؤثر األشاكل اجلديدة لالتصال‬
‫واتلنظيم يف ادلراسات االجتماعية كموضوع ىلع املستويني املؤسيس والشخيص؟ ومن هنا تنبع‬
‫أهمية هذا الفصل اذلي يسىع دلراسة تأثري هذه اجلاحئة ىلع منهج ادلراسات االجتماعية‪ ،‬هذا‬
‫املنهج اذلي يقدم يف معظم دول العالم‪ ،‬ويرتبط بمجاالت اجتماعية وإنسانية ذات أهمية كبرية يف‬
‫تشكيل اإلنسان اذلي تعرض ملواجهة هذه اجلوائح واألزمات املختلفة ايلوم ويف املستقبل‪ ،‬وىلع‬

‫‪155‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫قدر وعيه ومعرفته واجتاهاته املسؤولة يمكن للمجتمعات أن تنجح يف اتلغلب ىلع هذه اآلثار‪.‬‬
‫ً‬
‫وهذه األزمة تدفع أيضا إىل إاعدة اتلفكري يف سمات املواطن الصالح اذلي يعد اهلدف‬ ‫ ‬
‫األهم هلذه املادة ادلراسية‪ ،‬وكذلك يف املحتوى املرتبط باحلياة ومستجداتها وحتوالتها واملرتبط‬
‫اعدة بهذه املادة‪ ،‬ومن هنا تنبع قيمة املقاربة بني املادة وجاحئة كورونا‪ ،‬وهو ما يركز عليه هذا‬
‫الفصل‪.‬‬

‫طبيعة الدراسات االجتماعية وبناء اإلنسان الواعي‬


‫إن ادلراسات االجتماعية يعول عليها يف املساهمة يف إاعدة بناء ما دمرته جاحئة كوفيد_‪ 19‬يف‬
‫اجلوانب اإلنسانية‪ ،‬واالقتصادية‪ ،‬واالجتماعية‪ ،‬واثلقافية‪ ،‬وبناء املناعة االجتماعية اليت يمكن‬
‫من خالهلا مواجهة أزمات املستقبل‪ ،‬فإذا اكنت القطااعت الطبية قد واجهت األزمة يف وقتها‪،‬‬
‫فإن العلوم االجتماعية هلا دور مستدام يف معاجلة اآلثار العميقة انلاجتة عنها مستقبال‪ ،‬من‬
‫خالل ترشيد سلوك اإلنسان يف اتلعامل بويع ومسؤويلة يف اجلوانب السياسية‪ ،‬واالقتصادية‪،‬‬
‫واالجتماعية‪ ،‬وابليئة‪ ،‬وما كشفت األزمة احلاجة إيله مستقبال‪ .‬لقد حدد دييوين( (‪Dey o, 1991‬‬
‫‪ )yin‬ثمانية جماالت تعرب عن حقل ادلراسات االجتماعية‪:‬‬
‫‪ -‬ادلراسات االجتماعية بوصفها تربية للمواطنة‪.‬‬
‫‪ -‬ادلراسات االجتماعية بوصفها تنمية للمهارات‪.‬‬
‫‪ -‬ادلراسات االجتماعية بوصفها دراسات بيئية‪.‬‬
‫ًّ‬
‫اجتماعيا‪.‬‬ ‫‪ -‬ادلراسات االجتماعية بوصفها ً‬
‫علما‬
‫ًّ‬ ‫لاً‬
‫ثقافيا‪.‬‬ ‫‪ -‬ادلراسات االجتماعية بوصفها تكام‬
‫ً‬
‫‪ -‬وادلراسات االجتماعية بوصفها ختصصا‪.‬‬
‫تعليما ديناميكيا‪ًّ.‬‬‫ً‬ ‫‪ -‬وادلراسات االجتماعية بوصفها‬
‫‪ -‬وادلراسات االجتماعية بوصفها تربية للعيش‪.‬‬

‫ً‬
‫مؤرشا ىلع اتساع حمتواها اذلي يستمد‬ ‫وتعدد هذه الوظائف لدلراسات االجتماعية يعطي‬ ‫ ‬
‫من جماالت معرفية متعددة مثل‪ :‬اتلاريخ‪ ،‬والفلسفة‪ ،‬والفن‪ ،‬واملوسيىق‪ ،‬وادلين‪ ،‬وعلم االجتماع‪،‬‬
‫واجلغرافيا‪ ،‬واألنرثوبولوجيا‪ ،‬والعلوم السياسية‪ ،‬والعلوم االقتصادية‪ ،‬وعلم انلفس‪ .‬ومن هنا تربز‬
‫قيمة مراجعة دور هذه املادة ادلراسية‪ ،‬وال سيما يف ظل جاحئة كوفيد_‪ 19‬اليت أثرت يف تلك‬
‫اجلوانب املختلفة اليت تستمد منها املادة مواضيعها وقضاياها‪ ،‬وتنطلق هذه املراجعة من خالل‬
‫املوجهات اآلتية‪:‬‬
‫اً‬
‫أول‪ /‬ادلراسات االجتماعية مرتبطة ببناء املواطن الصالح اذلي يدرك مسؤويلته يف إطار جمتمعه‬

‫‪156‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫لاً‬
‫واعمله‪ ،‬خاصة يف أوقات األزمات‪ .‬وال بد أن يكون اعم من عوامل اتلغلب عليها‪ ،‬وليس‬
‫لاً‬
‫اعم من عوامل مفاقمتها‪ .‬ولقد كرست قواعد اتلباعد االجتمايع اليت أقرتها ادلول يف العديد‬
‫من دول العالم؛ ما فاقم من اإلصابات‪ ،‬وعمق من اآلثار املختلفة‪ ،‬وهو ما دفع العديد من ادلول إىل‬
‫مؤرشا ىلع عدم تبلور معىن املواطنة املسؤولة‪ ،‬ودور املواطن‬ ‫ً‬ ‫سن عقوبات خالل اجلاحئة؛ ما يعطي‬
‫يف احلفاظ ىلع الصالح العام‪.‬‬
‫ً‬
‫ثانيا‪ /‬العلوم االجتماعية‪ :‬اعدة توفر لقاحات اجتماعية وليست طبية‪ ،‬فاألفاكر اليت تودلها‬
‫هذه العلوم تدعم قرارات مدعمة بأدلة أفضل‪ ،‬وتساعد يف توجيه الرؤى واستهدافها من العلوم‬
‫الطبيعية؛ فاهتمام علماء االجتماع بأشياء مهمة عن السلوكيات والعالقات واملؤسسات البرشية‬
‫(‪ ،)Middlemass, 2020‬وما تضمنه هذه املادة من فرص وقضايا‪ ،‬سوف يساعد ىلع عقلنة تلك‬
‫السلوكيات ىلع املدى الطويل‪.‬‬
‫ً‬
‫ثاثلا‪ /‬تقوم ادلراسات االجتماعية ىلع ضمان تمثيل أصوات املجتمعات املتأثرة بقضية ما يف‬
‫املناقشات املتعلقة بها‪ ،‬وتمكني أصحاب املصلحة املعنيني من املشاركة يف القرارات اليت تؤثر‬
‫فيهم؛ فادلراسات االجتماعية من خالل ما تعرض من معرفة عن خمتلف السياقات تساعد يف‬
‫لاً‬
‫توفري معلومات ملواجهة األزمات‪ ،‬ألنها تساعد ىلع إاعدة بناء األشياء بالطريقة الصحيحة بد‬
‫من الطرق القديمة‪ ،‬وينطبق ذلك ىلع حتسني مرونة ادليمقراطية‪ ،‬واختاذ القرار‪ ،‬واألنظمة املايلة‪،‬‬
‫ومعاجلة عدم املساواة االجتماعية واالقتصادية‪ ،‬وتعزيز الصحة العقلية‪ ،‬وطرق عيش أكرث‬
‫استدامة‪.‬‬
‫ً‬
‫رابعا‪ /‬أظهرت هذه اجلاحئة ترابط املشكالت اإلنسانية وتعقدها‪ ،‬وهلذا ال بد من تطوير تعاون‬
‫بني اتلخصصات والعلوم املختلفة يف بناء ما يمكن أن يدرس للطلبة بشلك ذا معىن‪ ،‬فزتايد‬
‫فرصا وأدوات‪ ،‬ولكن ً‬ ‫استخدام اتلكنولوجيا خالل هذه اجلاحئة أظهر ً‬
‫أيضا أظهر فجوات كبرية‬
‫بني ادلول وداخل املجتمع الواحد يف امتالك األجهزة اإللكرتونية‪ ،‬والقدرة ىلع حتمل لكفة‬
‫االتصال باإلنرتنت‪ ،‬وهذا يربز إىل أي مدى جيب أن تضمن املواضيع دور الفرد يف مواجهة هذا‬
‫الواقع‪ ،‬واملشاركة يف اتلقليل من حدته يف اعلم يزداد تباينًا يف ظروفه وإماكناته‪.‬‬
‫ً‬
‫خامسا‪ /‬ال بد من الرتكزي ىلع املعرفة القائمة ىلع الكفاءة يف تدريس ادلراسات االجتماعية خالل‬
‫األزمات‪ ،‬وكذلك اهلوية املهنية للمعلمني اذلين يقومون بتدريس هذه املعرفة‪ ،‬وهو ما أكدته‬
‫دراسة باجيلو سيمو (‪ )Bagoly,Simó et al, 2020‬حول تأثري املعرفة اجلغرافية يف اتلعليم األملاين‬
‫خالل فرتة اجلاحئة‪ ،‬ومثل هذه الكفاءة رضورية يف توفري مهارات حياتية تساعد الطلبة ىلع تطبيق‬
‫ما تعلموه خالل األزمات‪.‬‬

‫‪157‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫مؤشرات كوفيد ‪ 19‬وتطوير الدراسات االجتماعية‬


‫ال شك يف أن جاحئة كوفيد ‪ 19‬قد نتج عنها عدد من املؤرشات السياسية واالقتصادية‬ ‫ ‬
‫ً‬
‫واالجتماعية اليت هلا صلة عميقة بمناهج ادلراسات االجتماعية؛ نظرا العتبار هذه املناهج مظلة‬
‫ً‬
‫عرضا تللك‬ ‫ملختلف جوانب احلياة وخمتلف القضايا واألحداث العاملية املعارصة‪ .‬وفيما يأيت‬
‫املؤرشات‪:‬‬
‫اً‬
‫أول‪ -‬املؤرشات السياسية‪:‬‬
‫لقد أاعدت أزمة كوفيد ‪ 19‬ترتيب أولويات وادلول يف العالم واهتماماتها؛ فبعد تفيش‬ ‫ ‬
‫الوباء يف مناطق واسعة من أرجاء املعمورة انغلقت اغبلية ادلول ىلع نفسها‪ ،‬وانصب جل اهتمامها‬
‫يف الرتكزي ىلع كيفية اتلعايف من هذا الوباء‪ ،‬وأصبحت األنظمة السياسية ىلع اختالف قراراتها‬
‫مسؤولة بادلرجة األوىل عن كيفية احتواء الوباء‪ ،‬واتلقليل من سبل انتشاره‪.‬‬
‫لقد تباينت دول العالم يف كيفية مواجهتها جلاحئة كوفيد‪19‬؛ فاتبع ابلعض سياسة العزل‬ ‫ ‬
‫الاكمل ملدن معينة كونها بؤرة انتشار الوباء‪ ،‬وشددت يف إجراءاتها الوقائية‪ ،‬كسياسة الصني يف‬
‫عزل مدينة ووهان عن بايق املدن ‪ ،‬يف حني عمدت دول أخرى إىل تطبيق سياسة االنفتاح الاكمل‬
‫لدلولة‪ ،‬كربيطانيا‪ ،‬والواليات املتحدة األمريكية اليت لم تتخذ أي إجراءات سياسية وقائية للحد‬
‫من تفيش الوباء يف بداية انتشاره‪ ،‬بل جاءت إجراءاتها االحرتازية بعد أن تفىش الوباء‪ ،‬وأسهم يف‬
‫تعطيل خمتلف جوانب احلياة وأهمها مما يتصل باقتصاد ادلولة‪ .‬من جهة أخرى‪ ،‬تنبهت عدد من‬
‫ادلول كغابلية دول اخلليج وبعض ادلول العربية إىل خطورة هذا الوباء‪ ،‬وعمدت إىل اختاذ جمموعة‬
‫من اإلجراءات االحرتازية تمثلت يف غلق احلدود الربية واجلوية‪ ،‬وتقييد حركة املسافرين‪ ،‬وكذلك‬
‫تطبيق سياسات اتلباعد االجتمايع‪ ،‬واحلجر الصيح‪ ،‬ومنع اتلجمعات بأشاكهلا اكفة‪ ،‬وتطبيق‬
‫سياسات حظر اتلجوال اليلك‪ ،‬كدولة الكويت‪ ،‬ومجهورية مرص‪ ،‬واململكة األردنية اهلاشمية يف‬
‫بعض الفرتات‪ ،‬يف حني جلأ ابلعض اآلخر إىل سياسة احلظر اجلزيئ كسلطنة عمان‪ ،‬واإلمارات‬
‫العربية املتحدة‪ ،‬ودولة قطر‪.‬‬
‫إن اتلأثريات السياسية للوباء العاليم لم تقترص ىلع السياسات ادلاخلية لدلول‪ ،‬بل طالت‬ ‫ ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫العالقات ادلويلة أيضا‪ .‬ونظرا لكون الصني بؤرة أويلة تلفيش الوباء؛ فقد القت اتهامات نتيجة‬
‫تلحفظها ىلع اإلبالغ عن الفايروس يف بدايات ظهوره‪ ،‬األمر اذلي أسهم يف انتشاره إىل بايق دول‬
‫ً‬
‫اتهاما للصني تلحفظها عليه‪ ،‬وبأنها املسؤولة‬ ‫العالم؛ إذ وجهت الواليات املتحدة األمريكية‬
‫عن تفيش الوباء يف مناطق واسعة من العالم؛ األمر اذلي أسهم يف اضطراب العالقات ادلويلة‬
‫بني الصني والواليات املتحدة األمريكية‪ .‬كما كشفت أزمة كوفيد‪ 19‬توترات دويلة فيما يتعلق‬
‫حبركة اتلجارة‪ ،‬ونقل األدوية واملعدات الطبية الالزمة ملاكفحة هذا الوباء؛ فقد ظهر ما يسىم‬
‫حبرب املعدات الطبية‪ ،‬فقد أعلنت دول أوروبية كإيطايلا وإسبانيا أنه تمت مصادرة معدات‬

‫‪158‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫طبية قادمة من الصني من قبل بعض دول االحتاد األورويب؛ ما أسهم يف زيادة حدة اتلوترات‬
‫ادلبلوماسية بني دول القارة العجوز (رميح‪ ،)2020،‬ولم تقترص حرب املعدات الطبية ىلع ادلول‬
‫األوروبية فحسب‪ ،‬بل امتدت إىل الواليات املتحدة األمريكية اليت اعرتضت مسار شحنات‬
‫طبية صينية متجهة إىل أملانيا وفرنسا‪ ،‬كما اعرتضت تركيا ىلع مسار شحنة معدات طبية متجهة‬
‫إىل إسبانيا؛ األمر اذلي ينذر بتهديد مستقبل العالقات ادلويلة يف العالم (األسدي‪.)2020،‬‬
‫إضافة إىل ذلك‪ ،‬فإن اتلوترات انلاجتة عن أزمة كوفيد ‪ 19‬لم تقترص ىلع العالقات ادلويلة‬ ‫ ‬
‫ٌ‬
‫فحسب‪ ،‬بل طالت أيضا اتلحالفات ادلويلة كمنظمة الصحة العاملية؛ فقد اتهمتها كثري من دول‬
‫العالم اكلواليات املتحدة األمريكية وبريطانيا بتقصريها يف اإلعالن عن خطورة الوباء منذ‬
‫بداية تفشيه يف العالم‪ ،‬وقد نادت تلك ادلول بأهمية إجياد بدائل ملنظمة الصحة العاملية؛ األمر‬
‫ً‬
‫تهديدا بمستقبل بقائها (جرب‪.)2020،‬‬ ‫اذلي يشلك‬
‫ً‬
‫رغم االنتقادات اليت وجهت إىل منظمة الصحة العاملية ما زالت تبذل جهودا واضحة‬ ‫ ‬
‫يف سبيل اتلعايف من هذا الوباء‪ ،‬وذلك بتعاونها مع منظمات دويلة أخرى مثل منظمة األغذية‬
‫ًّ‬
‫اعمليا (احتاد الفيفا)‪ ،‬وجملس األمن‬ ‫والزراعة (الفاو)‪ ،‬واهليئة ادلويلة تلنظيم لعب كرة القدم‬
‫ادلويل‪ ،‬ومنظمة األمم املتحدة للطفولة (ايلونيسيف)‪ ،‬وغرفة اتلجارة ادلويلة واالحتاد ادلويل‬
‫جلمعيات الصليب األمحر واهلالل األمحر إىل جانب حتالفات دويلة أخرى؛ وذلك للحث ىلع‬
‫اتلعاون ادلويل ملاكفحة هذا الوباء‪ ،‬واتلقليل من تداعياته ىلع خمتلف القطااعت احليوية يف العالم‬
‫(حممد‪.)2020،‬‬

‫ً‬
‫ثانيا‪ -‬املؤرشات االقتصادية‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫واضحا نتيجة لإلجراءات االحرتازية اليت تبنتها‬ ‫يشهد انلظام االقتصادي يف العالم ركودا‬ ‫ ‬
‫اغبلية دول العالم املتمثلة يف تطبيق سياسات احلجر الصيح واتلباعد االجتمايع؛ األمر اذلي أسهم‬
‫يف تعطيل أغلب األنشطة االقتصادية‪ ،‬كإيقاف حركة املطارات واملوانئ يف كثري من ادلول‪ ،‬وتأثر‬
‫قطاع السياحة‪ ،‬وإيقاف الفعايلات واألنشطة الرياضية‪ ،‬وتوقف العديد من املصانع والرشاكت عن‬
‫العمل واإلنتاج‪ ،‬وتباطؤ حركة اتلجارة العاملية‪ ،‬واخنفاض حاد يف أسعار انلفط؛ إذ اخنفضت إىل ما‬
‫يقارب ‪ %55-‬حىت نهاية مارس ‪2020‬م (اجليباين‪.)2020،‬‬
‫وكنتيجة تللك اإلجراءات والسياسات اليت اتبعتها دول العالم‪ ،‬وخاصة فيما يتعلق‬ ‫ ‬
‫بادلول ذات االقتصاديات املتقدمة اليت تشلك ما نسبته ‪ %60‬من انلاتج اإلمجايل العاليم؛ فقد أدى‬
‫ذلك إىل عجز مايل اعليم نتج عنه تراجع معدل انلمو العاليم من ‪ 2,8‬لعام ‪2019‬م إىل ‪ %4,4-‬يف‬
‫نهاية أكتوبر لعام ‪2020‬م (صندوق انلقد ادلويل‪ ،)2020،‬كما أدى إىل اخنفاض انلاتج املحيل اإلمجايل‬
‫العاليم إىل قرابة ‪ % 5-‬لعام ‪2020‬م‪ ،‬ويعد هذا أعمق كساد اقتصادي يشهده العالم منذ نهاية‬

‫‪159‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫احلرب العاملية اثلانية ( ‪.)World bank Group 2020‬‬


‫كما قادت جاحئة كوفيد‪ 19‬إىل ارتفاع معدل الفقر العاليم من ‪ %8,9‬لعام ‪2019‬م إىل‬ ‫ ‬
‫‪ %9,4‬لعام ‪2020‬م؛ نتيجة تلوقف الكثري من الرشاكت واملؤسسات عن العمل‪ ،‬وترسيح العاملني بها‪،‬‬
‫وارتفاع معدالت ابلطالة ( ‪ ،)World bank Group, 2020‬كما بينت ً‬
‫أيضا منظمة العمل ادلويلة‬
‫بأن قرابة ‪ 25‬مليون وظيفة معرضة للضياع يف ظل هذه األزمة؛ ما سوف ينعكس سلبًا ىلع الوضع‬
‫االقتصادي للكثري من األرس (‪.)International Labour Organization. 2020‬‬
‫وكخطوة ملعاجلة الوضع االقتصادي لدلول‪ ،‬وتأمني املستلزمات الطبية ملاكفحة الوباء‬ ‫ ‬
‫العاليم؛ فقد جلأت عدد من ادلول لالقرتاض من جهات عدة كصندوق انلقد ادلويل وابلنوك‬
‫العاملية؛ فبلغ حجم ادلين العام للربع األول من اعم ‪2020‬م قرابة ‪ 258‬مليار دوالر مقارنة ب ‪255‬‬
‫مليار دوالر لعام ‪2019‬م (‪.)Institute of International Finance, 2020‬إن أزمة االقتصاد العاليم‬
‫جعلت ادلول واملنشآت االقتصادية أمام حتديات عميقة؛ األمر اذلي يتطلب وضع سياسات مايلة‬
‫ممنهجة من شأنها اتلقليل من اآلثار السلبية هلذه األزمة بما يكفل بقاءها وقدرتها ىلع تلبية‬
‫حاجات ساكنها‪.‬‬

‫ً‬
‫ثاثلا‪ -‬املؤرشات االجتماعية‪:‬‬
‫أسهمت جاحئة كوفيد ‪ 19‬يف تصاعد وترية اآلثار واملشكالت االجتماعية للعديد من‬ ‫ ‬
‫املجتمعات‪ ،‬وأبرزها ما يتعلق بتأثري العامل االقتصادي ىلع اجلوانب االجتماعية للكثري من األرس‪،‬‬
‫واملتمثل يف فقدان عدد من العاملني وظائفهم‪ ،‬وارتفاع معدالت ابلطالة اليت قادت إىل تعميق‬
‫إشاكيلات الفقر واحلرمان للكثريين منهم‪ ،‬كما أسهم ً‬
‫أيضا يف تطبيق سياسات احلجر املزنيل‪،‬‬
‫واتلعايش القرسي‪ ،‬وتردي األوضاع االقتصادية لألرس يف رفع معدالت الطالق وتفكك األرس‪،‬‬
‫إىل جانب ارتفاع معدالت العنف يف كثري من املجتمعات (منظمة اتلعاون اإلساليم‪.)2020،‬‬
‫وقد بينت إحصاءات األمم املتحدة حاالت العنف اجلسدي وانلفيس اليت تتعرض هلا النساء‬
‫واألطفال؛ فقد بلغت ‪ 243‬مليون حالة حول العالم منذ أواخر اعم ‪2019‬م وحىت منتصف اعم ‪2020‬م‬
‫(‪United Nations Entity for Gender Equality and the Empowerment of Women UN, 2020‬‬
‫‪)Women‬‬
‫كما عمقت هذه األزمة أوجه عدم املساواة يف املجتمع بني اجلنسني‪ ،‬وبني طبقات‬ ‫ ‬
‫املجتمع؛ األمر اذلي كشف مواطن الضعف يف األنظمة االجتماعية لكثري من ادلول‪ ،‬وخباصة‬
‫اليت اكنت تعاين من عدد من القضايا املتعلقة بالفقر واهلجرة والرصااعت ادلاخلية؛ األمر اذلي‬
‫ً‬
‫سوف ينعكس سلبًا ىلع شبكة األمان االجتمايع‪ ،‬ويسبب قلقا يف كيفية اتلعامل مع مساوئ‬
‫األزمة (منظمة اتلعاون اإلساليم‪.)2020،‬‬

‫‪160‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫ً‬
‫أيضا من ضمن املؤرشات االجتماعية لكوفيد ‪ 19‬ما يتعلق بالرتكيبة الساكنية للبدلان؛‬ ‫ ‬
‫فهذا الوباء يعرض كبار السن خلطر املوت بمعدل أىلع من بايق الفئات العمرية‪ ،‬واغبلية حاالت‬
‫الوفاة من جنس اذلكور (منظمة العمل اإلساليم‪)2020،‬؛ وذلك سيسهم يف اخنفاض كبري يف معدل‬
‫هذه الفئات؛ وإحداث حتوالت وتغريات يف الرتكيبة ادليموغرافية لساكن ادلول‪.‬‬
‫كما أحدثت أزمة كوفيد ‪ 19‬تغريات يف املنظومة القيمية للمجتمعات‪ ،‬وخباصة ما‬ ‫ ‬
‫بتعلق بشبكة العالقات والسلوكيات االجتماعية ذات الصلة باتلماسك األرسي‪ ،‬وباتلواصل بني‬
‫األصدقاء وزمالء العمل‪ ،‬وبني الطالب ً‬
‫أيضا‪( .‬منظمة اتلعاون اإلساليم‪.)2020،‬‬
‫ً‬
‫رابعا‪ -‬املؤرشات الصحية‪:‬‬
‫وىلع اجلانب الصيح‪ ،‬فقد تسببت جاحئة كوفيد‪ 19‬حبالة طوارئ صحية اعملية‪ ،‬حني‬ ‫ ‬
‫ً‬
‫أحدثت انهيارا يف انلظام الصيح اتلقليدي القائم ىلع مواجهة األوبئة املتوطنة‪ ،‬فقد أشار اتلقرير‬
‫ْ‬
‫اذلي أجرته منظمة الصحة العاملية يف نوفمرب (‪ ،)2020‬إىل أن عدد الوفيات جتاوز املليون‪ ،‬أما عدد‬
‫نقصا يف‬‫اإلصابات فقد ختطى (‪ )48‬مليون حالة؛ ما أثقل اكهل انلظم الصحية العاملية‪ ،‬وأوجد ً‬
‫ً‬
‫وتراجعا يف إنتاج األدوات‬ ‫ً‬
‫وعجزا يف توفري األماكن املخصصة للمصابني‪،‬‬ ‫الكوادر الطبية املدربة‪،‬‬
‫واملستلزمات الطبية‪ ،‬وأجهزة اتلنفس االصطنايع‪ ،‬مع صعوبة إجياد عالج أو لقاح هلذا الفريوس‬
‫القاتل‪ .‬ولم يقترص األمر ىلع ذلك فحسب‪ ،‬بل تعداه إىل أن اجلاحئة فرضت أمام ادلول الفقرية ىلع‬
‫وجه اخلصوص حتديات جديدة تمثلت يف معضلة حتديد خطط وبرامج الحتواء املرض‪ ،‬تعتمد ىلع‬
‫إجراءات توفري وسائل ومعدات الفحص‪ ،‬وتتبع املخالطني‪ ،‬والعزل اذلايت (احلجر املزنيل) لألفراد‪،‬‬
‫َّ‬
‫بسبب عدم كفاية ابلنية اتلحتية الصحية‪ ،‬وزيادة انتشار املشكالت الصحية املزمنة‪ ،‬كما أن‬
‫للساكن وتوزعه‬ ‫مبارشا بالرتكيب ادليموغرايف ُ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ارتباطا‬ ‫العوامل الوبائية النتشار الفريوس ترتبط‬
‫(محدي‪2020 ،‬؛ جمموعة ابلنك ادلويل‪2020 ،‬؛ ‪.)Saleh &Cash, 2020‬‬
‫كما كشفت ادلراسات اإلحصائية احلديثة (‪ )Americas Health Insurance, 2020‬أن‬ ‫ ‬
‫ً‬
‫ادلول املتقدمة فشلت أيضا يف اختاذ تدابري طويلة األجل تلعزيز الراعية الصحية؛ فقد أدت تأثريات‬
‫جاحئة كورونا الصحية‪ ،‬إىل إجياد ثغرات يف نظام اتلأمني الصيح‪ ،‬حني َّ‬
‫أجل (‪ )%60‬من املواطنني‬
‫األمريكيني مواعيد الراعية الصحية؛ بسبب ضعف مقدرتهم ىلع دفع تكايلف اخلدمات‬
‫الطبية‪ ،‬وختوفهم من اإلصابة بكوفيد ‪19‬؛ ما يؤثر سلبًا يف صحتهم وصحة أفراد أرستهم‪ ،‬ذللك‬
‫َّ‬
‫جلأت العديد من األرس إىل أخذ االستشارات الطبية عن بعد‪ .‬كما تشري ادلالئل احلديثة إىل أن‬
‫طول فرتة احلجر الصيح للمرىض‪ ،‬وما يرتبط بها من صدمة االرتباك واإلحباط انلاجم من عدم‬
‫القدرة ىلع مزاولة متطلبات احلياة ايلومية اكملعتاد‪ ،‬وخماوف نقل العدوى لآلخرين‪ ،‬وعدم كفاية‬
‫اإلمدادات الصحية‪ ،‬واملعلومات واإلرشادات الصحية الواجب اتباعها‪ ،‬واخلسائر املايلة انلاجتة‬

‫‪161‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫بسبب االنقطاع عن العمل‪ ،‬من أهم األسباب املؤدية تلدهور الصحة انلفسية والعقلية لألفراد‬
‫(‪.)Brooks et al., 2020‬‬
‫كما ال بد أن ينظر إىل املؤرشات اجلغرافية املتعددة اليت انبثقت من األوبئة حبيث يتم‬ ‫ ‬
‫تضمينها يف مناهج ادلراسات االجتماعية‪.‬‬

‫ً‬
‫خامسا‪ -‬املؤرشات املعلوماتية‪:‬‬
‫فعال يف تأجيج نرش املفاهيم واملعلومات املغلوطة‬ ‫تُسهم مواقع اتلواصل االجتمايع بدور ّ‬ ‫ ‬
‫لاً‬
‫حول جاحئة كوفيد‪ ،19‬وخاصة تلك الشائعات اليت تؤكد أن الفريوس ليس قات ‪ ،‬وأنه جمرد‬
‫إنفلونزا اعدية؛ ما أدى إىل ارتفاع أعداد اإلصابات والوفيات (‪،)World Toady News, 2020‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وهلذا تعد األرضار غري املبارشة اليت تسببها اإلشااعت واملعلومات املغلوطة حول إصابات ووفيات‬
‫كوفيد‪ 19‬أكرث خطورة من تفيش الفريوس نفسه‪ ،‬ألنها تنعكس بشلك سليب ىلع الزتام انلاس‬
‫ُ‬
‫باإلجراءات الوقائية‪ ،‬وتنرش اذلعر يف العالم‪ ،‬وتهدد الصحة اجلسدية وانلفسية للناس بما يؤثر ىلع‬
‫صعد خماطر الزناع والكراهية وانتهاك حقوق اإلنسان نتيجة الختالف‬ ‫سالمتهم وإنتاجيتهم‪ ،‬وتُ َّ‬
‫اآلراء املتعلقة باجلاحئة اليت أفرزتها الشائعات‪ ،‬ما يزعزع اتلماسك االجتمايع للمجتمعات ىلع‬
‫ّ‬
‫والفعالة تللك‬ ‫املدى ابلعيد‪ ،‬وحيد من قدرة وإماكنيات املؤسسات الصحية يف االستجابة الفورية‬
‫اإلشااعت‪ .‬وبناء ملا سبق‪ ،‬فقد ظهر يف اآلونة األخرية مصطلح الوباء املعلومايت‪ :‬ويشري هذا املفهوم‬
‫ً‬
‫‪-‬وفقا ملا صدر عن منظمة الصحة العاملية‪ -‬إىل ابليانات واملعلومات املضللة حول وباء كوفيد ‪19‬‬
‫اليت انترشت يف شباكت اإلنرتنت وخمتلف مواقع اتلواصل االجتمايع‪ ،‬ذلا تعمل منظمة الصحة‬
‫العاملية (‪ )WHO) (2020 ,World Health Organization‬ومنظمات املجتمع املدين ىلع تسخري‬
‫ً‬
‫حرصا‬ ‫خرباتها ومواقعها الرسمية اإللكرتونية تلحديث بياناتها املتعلقة بكوفيد‪ 19‬بشلك مستمر‪،‬‬
‫منها ىلع احتواء الوباء‪ ،‬وترسيخ الشفافية يف اتلعامل مع إشااعت اجلاحئة‪ ،‬بلث الويع بني الساكن‪،‬‬
‫كما دعت منظمة الصحة العاملية دول األعضاء إىل رضورة وضع خطط واسرتاتيجيات أكرث متانة‬
‫ملجابهة الشائعات‪ ،‬وذلك بتوظيف وسائل اإلعالم واتلكنولوجيا الرقمية بما يعزز إتاحة املعلومات‬
‫ذات املصداقية وادلاللة جلميع فئات املجتمع (محيد‪.)2020 ،‬‬
‫وال تقترص املعلومات املضللة يف أثناء حدوث حاالت الطوارئ الصحية ىلع أعداد‬ ‫ ‬
‫اإلصابات والوفيات فقط‪ ،‬فقد سعت منظمة األمم املتحدة (‪ )UN, 2020‬إلذاكء الويع واإلدراك‬
‫َّ‬
‫العاليم ضد انتشار املعلومات الاكذبة حول كوفيد‪ ،19‬حني حذرت من بيع ورشاء عالجات‬
‫وأدوية كوفيد‪ 19‬املزيفة وغري املثبتة علميًا عرب اإلنرتنت‪ ،‬اكستخدام الرماد الرباكين‪ ،‬والكواكيني‪،‬‬
‫وجزيئات الفضة‪ ،‬ومصابيح األشعة فوق ابلنفسجية‪ ،‬ومطهرات اللكور والكحول‪ ،‬بحِ ُجة فاعليتها‬
‫يف الوقاية من اإلصابة بالفريوس وتأثريها العاليج؛ ما أدى إىل وفاة (‪ )800‬شخص وإصابة (‪)5000‬‬

‫‪162‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫آخر بعد تناوهلم أو استخدامهم هلا (‪ ،)The limited time, 2020‬وهلذا فإن أخطر ما يف اتلأثريات‬
‫الصحية للشائعات هو فقدان اثلقة يف املؤسسات واملنظمات الصحية‪ ،‬وجتاهل اإلرشادات‬
‫واتلعليمات الطبية‪ ،‬فقد أشارت واكلة فرانس برس (‪ )2020‬إىل رضورة مساعدة اجلمهور ىلع حتديد‬
‫مصادر املعلومات ذات املصداقية‪ ،‬وتشجيع اتلثقيف يف جمال اتلحقق الرقيم من صحة املعلومات‬
‫عرب تنسيق اجلهود مع الرشاكت الكربى يف العالم ‪ ،‬بما يقلل من انتشار الشائعات عرب مواقع‬
‫اتلواصل االجتمايع‪.‬‬
‫وىلع الرغم من حتذير اجلهات املختصة خبطورة الشائعات‪ ،‬روج ابلعض اآلخر ملؤامرة‬ ‫ ‬
‫تتعلق بأسباب ظهور جاحئة كوفيد‪ ،19‬اليت تؤدي النتشار خماوف تنعكس بدورها ىلع حدوث‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫خاصا‬ ‫خسائر وتداعيات اقتصادية وخيمة يف املجتمعات‪ ،‬فقد دمر يف بريطانيا (‪ )70‬هوائيًا‬
‫بشباكت اهلواتف املحمولة‪ ،‬نتيجة ظهور إشااعت اكذبة تؤكد أن شبكة اجليل اخلامس يه السبب‬
‫وراء تفيش فريوس كوفيد‪(19‬يب يب يس العربية‪ ،)2020 ،‬كما اخنفض انلاتج اإلمجايل املحيل للصني‬
‫ً‬
‫ونظرا لالرتباط الوثيق‬ ‫نتيجة تفيش شائعة صناعة فريوس كوفيد‪ 19‬يف أحد املختربات الصينية‪،‬‬
‫بني االقتصاد الصيين والعاليم‪ ،‬فإن أي اختالالت تصيب االقتصاد األخري ستؤدي ‪-‬ال حمالة‪-‬إىل‬
‫حدوث تبعات اعملية خطرية (يب يب يس عربية‪2020 ،‬؛ وطن‪.)2020 ،‬‬
‫ً‬
‫ومن هذا املنطلق‪ ،‬تربز أهمية تثقيف انلاشئة‪ ،‬وإكسابهم عددا من املهارات بما يكفل‬ ‫ ‬
‫قدرتهم ىلع اتلصدي تللك الشائعات وابليانات املغلوطة‪ ،‬وهنا يأيت دور ادلراسات االجتماعية‬
‫ً‬ ‫لاً‬
‫وقربا من حياة املتعلمني؛ إذ إنها تعكس عالقة الفرد بابليئة‬ ‫لكونها أحد أكرث املناهج اتصا‬
‫املحلية والعاملية وما بها من أحداث ومن قضايا متنوعة‪ ،‬كما تسىع تلنمية السلوكيات واالجتاهات‬
‫الصحيحة يف كيفية اتلعامل مع مستجدات احلياة ومستحدثات العرص (السعيدي‪2014،‬؛ عبد‬
‫امللك‪2015،‬؛ ايلعقويب‪.)2020،‬‬

‫ً‬
‫سادسا‪ -‬املؤرشات ابليئية‪:‬‬
‫تشري العديد من اتلقارير إىل أن مستويات تلوث اهلواء يف مجيع أحناء العالم قد اخنفضت‬ ‫ ‬
‫بشلك كبري بسبب اخنفاض النشاط البرشي يف أثناء أزمة كوفيد‪Science Media Center,( 19‬‬
‫‪ ،)2020‬فقد اخنفضت انبعاثات ثاين أكسيد انليرتوجني فوق شمال إيطايلا يف أثناء فرتة احلجر‬
‫خالل شهري مارس وأبريل‪ ،‬ومن املعروف أن هذا الغاز يسبب الرضر باجلهاز اتلنفيس لإلنسان‪،‬‬
‫فقد اكنت معدالت هذا الغاز يف أىلع مستوياتها يف شمال إيطايلا ومدريد الكربى‪ ،‬واكنت هذه‬
‫ً‬
‫ترضرا من انتشار كوفيد‪.19‬‬ ‫املناطق األكرث‬
‫كما اخنفض اتللوث الضوضايئ‪ ،‬فقد تالىش الضجيج انلاجم عن احلركة ما جعل ساكن‬ ‫ ‬
‫املدن يسمعون أصوات الطيور بصوت اعل وواضح‪ ،‬ورغم تنايم حدة األزمة االقتصادية حصلت‬

‫‪163‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫األرض خالل هذا العام ىلع اسرتاحة ‪-‬وإن اكنت قصرية‪ -‬من االعتداء ايلويم وانلهب البرشي‬
‫ملواردها‪ ،‬وذلك منذ بداية اثلورة الصناعية يف القرن اثلامن عرش‪ ،‬وهو ما يمكن أن يقلل من‬
‫ً‬
‫واحدا‬ ‫األزمة ابليئية اليت يشهدها العالم اليت تمثل حرائق الغابات الضخمة يف العديد من ابلدلان‬
‫من مظاهرها املتعددة‪ .‬إن ما جرى خالل هذه اجلاحئة يربز نلا ادلرجة الكبرية اليت ترتبط بها احلياة‬
‫ىلع هذا الكوكب؛ إذ ظهر ترابط مجيع جماالت النشاط البرشي ‪-‬بما يف ذلك اجلوانب االقتصادية‬
‫واالجتماعية واثلقافية وابليئية واجليوسياسية والفلسفية وانلفسية‪ -‬وما كشفته جاحئة كورونا أن‬
‫االقتصادي هو بييئ‪ ،‬واجتمايع ثقايف‪ ،‬وفلسيف ونفيس وهو ً‬
‫أيضا جيوسيايس‪ .‬ومن هنا تربز أهمية‬
‫الرتكزي ىلع الرتبية ابليئية‪ ،‬وحتسني اجتاهات انلاس حنو ابليئة بعد هذه اجلاحئة للحفاظ ىلع هذه‬
‫احلالة الصحية اليت شاهدها اجلميع يف حتسن الظروف ابليئية‪.‬‬
‫ويف ضوء ما تقدم يمكن أن خنلص إىل جمموعة من املؤرشات اليت خلفتها جاحئة كوفيد‬ ‫ ‬
‫‪ 19‬يف خمتلف املجاالت اليت تستمد منها ادلراسات االجتماعية معرفتها‪ .‬ويلخص اجلدول (‪)1‬‬
‫أبرز جوانب هذه املؤرشات‪.‬‬
‫اجلدول (‪ )1‬ملخص للمؤرشات اليت خلفتها جاحئة كوفيد_‪ 19‬يف القطااعت اإلنسانية املختلفة‬

‫أهم جوانبه‬ ‫نوع املؤرش‬

‫اخنفاض انلمو االقتصادي العاليم – ارتفاع مؤرش ادلين العام –‬ ‫املؤرشات االقتصادية‬
‫اختالل الطلب حسب نوع السلع ‪ -‬انهيار قطاع السياحة والرتفيه‬
‫‪ -‬تقييد حركة ابلضائع والسلع ‪ -‬اخنفاض سالسل اتلوريد ‪ -‬إغالق‬
‫املصانع والرشاكت ‪ -‬اختالل يف قطاع اخلدمات – ارتفاع الطلب‬
‫ىلع خدمات اتلكنولوجيا ‪ -‬اخنفاض األجور – ارتفاع معدالت‬
‫ابلطالة – انهيار سوق األسهم – ارتفاع أسعار انلفط‬
‫ارتفاع معدالت الفقر واجلوع – اخنفاض األمان االجتمايع‬ ‫املؤرشات االجتماعية‬
‫والعدالة االجتماعية بني رشائح املجتمع ‪ -‬ارتفاع معدالت العنف‬
‫األرسي – نمو العشوائيات – قلة اهلجرة اخلارجية ‪ -‬رفع معدالت‬
‫الطالق واتلفكك األرسي – تأثر العالقات االجتماعية‬
‫اختالل الرتكيبة الساكنية‪ :‬وارتفاع معدل وفيات كبار السن نتيجة‬ ‫املؤرشات الساكنية‬
‫لوباء كوفيد‪ – 19‬ارتفاع معدالت املوايلد ‪ -‬اخنفاض متوسط العمر‬
‫املتوقع‬

‫‪164‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫أهم جوانبه‬ ‫نوع املؤرش‬


‫انتشار الوباء املعلومايت – محالت ترويج للقاحات معينة وأدوية‬ ‫املؤرشات املعلوماتية‬
‫فعالة ‪ -‬بيانات إلحصائيات مغلوطة حول أعداد املصابني‬
‫والوفيات ‪ -‬نرش شائعات خاطئة تؤجج الكراهية وتضعف اتلماسك‬
‫االجتمايع – ارتفاع عمليات القرصنة احلاسوبية– زيادة الطلب‬
‫ىلع األمن السيرباين‬
‫سياسات احلجر الصيح – حظر اتلجوال اجلزيئ‪ /‬اليلك ‪ -‬اضطراب‬ ‫املؤرشات السياسية‬
‫العالقات ادلويلة – حروب ىلع السلع األساسية واألدوات الطبية‬
‫حروب أهلية‬
‫اخنفاض اتللوث بمختلف أشاكهل ‪ -‬حتسن حياة الاكئنات احلية ‪-‬‬ ‫املؤرشات ابليئية‬

‫اتجاهات تطوير منهج الدراسات االجتماعية في ظل معطيات كوفيد‪19‬‬


‫تعد مناهج ادلراسات االجتماعية أحد أكرث املناهج ً‬
‫قربا من القضايا العاملية نظراً‬ ‫ ‬
‫لطبيعتها؛ إذ يعكس حمتواها صلة الفرد بمحيطه املحيل والعاليم‪ ،‬وما به من أحداث ومشكالت‬
‫وأزمات متنوعة‪ .‬وتسىع هذه املناهج باختالف موضواعتها تلنمية مجلة من املهارات دلى املتعلمني‬
‫حبيث تمكنهم من الفهم العميق تللك القضايا‪ ،‬وكيفية انلظر إيلها (الصارمية‪2012،‬؛ سيد‪،)2016،‬‬
‫كما تسىع دلراسة اتلحوالت املختلفة اليت يمر بها املجتمع والعالم يف إطار اجلوانب اليت مر عرض‬
‫مؤرشاتها يف العنرص السابق‪ .‬وفيما يأيت توضيح ألبرز اجلوانب واملسارات اليت يمكن تطوير منهج‬
‫ادلراسات االجتماعية وفقها يف أعقاب جاحئة كوفيد ‪19‬‬
‫اً‬
‫أول‪ -‬املواطنة الصحية‪:‬‬
‫ُ‬
‫يف ضوء ما يشهده العالم من أزمات صحية‪ ،‬تعد مناهج ادلراسات االجتماعية من‬ ‫ ‬
‫املناهج املعنية بدراسة اتلأثريات الصحية تللك األزمات يف اإلنسان‪ ،‬فقد أشار (‪,Obadiora‬‬
‫‪ )2015‬يف دراسته إىل أن تدريس مناهج ادلراسات االجتماعية ملوضواعت متعلقة بتفيش األمراض‬
‫واألوبئة من خالل ما تتضمنه من اسرتاتيجيات وأسايلب العرض واحلوار واملناقشة من شأنه أن‬
‫يعزز دورها يف إكساب الطالب املعرفة الصحية ومهاراتها وسلوكياتها‪ ،‬بما يمنحهم فرصة تبادل‬
‫يحُ‬
‫اآلراء ووجهات انلظر املختلفة مع معليم ادلراسات االجتماعية‪ ،‬واخلرباء واملختصني‪ ،‬و فزهم‬

‫‪165‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫كأعضاء ىلع املشاركة املجتمعية يف اتلوعية للحد من انتشار األمراض واألوبئة الفتاكة‪.‬‬
‫َّ‬
‫هذا وقد أكدت وزارة الرتبية واتلعليم‪ ،‬واملجلس الوطين للتعليم يف فنلندا (‪ )2008‬أهمية اختاذ‬
‫اإلجراءات واملبادرات والقرارات الصحية املوجهة إىل حياة الشباب باتلعاون مع خمتلف قطااعت‬
‫املجتمع‪ ،‬اليت تهدف إىل تطوير مناهج ادلراسات االجتماعية واألنشطة املرتبطة بها‪ ،‬من خالل‬
‫إدراج مفاهيم الصحة انلفسية والعقلية ضمن حمتوياتها‪ ،‬باعتبارها وسيلة ذات تأثري ّ‬
‫فعال يف‬
‫تلبية احتياجات اتلعلم الصحية للطالب؛ ما يكسبهم مهارات حل املشكالت‪ ،‬واختاذ القرارات‬
‫الصحية املناسبة يف سياق حياتهم ايلومية‪.)Valimaa et al, 2008( .‬‬
‫ومما يُثبت أهمية مناهج ادلراسات االجتماعية يف تلبية متطلبات الصحة الوقائية‬ ‫ ‬
‫الالزمة الحتياجات اتلالميذ دراسة (‪ )Herbert et al, 2011‬اليت أشارت إىل دور مناهج ادلراسات‬
‫االجتماعية املتضمنة لالسرتاتيجيات اتلعليمية املشرتكة القائمة ىلع اتلعلم النشط‪ ،‬واتلكنولوجيا‬
‫اتلفاعلية‪ ،‬واأللعاب اجلماعية يف اتلأثري بشلك إجيايب يف سلوكيات الطالب الصحية؛ ما يكسبهم‬
‫مهارات القدرة ىلع اتلفكري املنطيق يف اختاذ اتلدابري الالزمة للتعامل مع كوفيد‪ ،19‬بما يُساهم‬
‫يف احلد من ارتفاع أعداد اإلصابات والوفيات يف املجتمع‪ ،‬ما يقلل من تفاقم األزمات الصحية‬
‫للجاحئة‪.‬‬
‫ًّ‬ ‫ً‬
‫إن لألحداث واألزمات اليت شهدتها البرشية دورا هاما يف إاعدة هيلكة األنظمة املحلية‬ ‫ ‬
‫والعاملية وصياغتها‪ ،‬وتمثل األوبئة اليت اجتاحت العالم يف خمتلف العصور أحد أبرز األزمات‬
‫اليت ساهمت يف إحداث تغيريات ملموسة يف احلضارة البرشية‪.‬‬
‫ً‬
‫يشري مفهوم األوبئة ‪-‬وفقا للتعريف اذلي تبنته منظمة الصحة العاملية للربوفيسور‬ ‫ ‬
‫الست (‪ )Last, 2001‬يف كتابه (‪ )A Dictionary of Epidemiology‬إىل «أمراض معدية تنترش يف‬
‫مناطق واسعة من العالم‪ ،‬كما تعرب احلدود ادلويلة وتصيب العديد من البرش»‪ ،‬وقد أضاف عبد‬
‫ً‬
‫أمراضا وبائية‪ ،‬بل ال بد أن تمتاز باتساع‬ ‫اجلواد (‪ )2010/1997‬بأن ليست لك األمراض املعدية تعد‬
‫رقعة انتشارها وإصابتها العديد من البرش‪.‬‬
‫ونظرا لكون األوبئة إحدى القضايا العاملية؛ ينبيغ أن يفسح هلا املجال يف مناهج‬ ‫ً‬ ‫ ‬
‫ادلراسات االجتماعية باختالف جوانبها اتلارخيية واجلغرافية‪ ،‬ويبني اجلدول رقم (‪ )2‬تلخيصاً‬
‫تلاريخ األوبئة اليت أثرت يف البرشية‪ ،‬وعدد الضحايا اذلي خلفته‪:‬‬

‫‪166‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫اجلدول (‪ )2‬تلخيص تاريخ األوبئة اليت أثرت يف البرشية‪ ،‬وعدد الضحايا اذلي خلفته‬
‫عدد الضحايا‬ ‫الفرتة الزمنية‬ ‫اسم الوباء‬

‫‪ 5‬ماليني شخص‬ ‫‪165‬م ‪ 180-‬م‬ ‫طاعون أنطونيان‬


‫‪ 50‬مليون شخص‬ ‫‪541‬م ‪542-‬م‬ ‫طاعون جوستنيان‬
‫مليون شخص‬ ‫‪735‬م ‪737-‬م‬ ‫اجلدري ايلاباين‬
‫‪ 3‬ماليني شخص‬ ‫القرن السابع عرش‬ ‫الطاعون الكبري‬
‫‪ 200‬ألف شخص‬ ‫أواخر القرن اتلاسع عرش‬ ‫احلىم الصفراء‬
‫‪ 600‬ألف شخص‬ ‫‪1817‬م ‪1923-‬م‬ ‫الطاعون الكبري‬
‫مليون شخص‬ ‫‪1889‬م‪1890-‬م‬ ‫األنفلونزا الروسية‬
‫‪ 1.1‬مليون شخص‬ ‫‪1665‬م‬ ‫األنفلونزا اآلسيوية‬
‫‪ 56‬مليون شخص‬ ‫‪1518‬م‪1977-‬م‬ ‫اجلدري‬
‫مليون شخص‬ ‫‪1817‬م‪1820-‬م‬ ‫الكولريا السادس‬
‫‪ 12‬مليون شخص‬ ‫‪1855‬م‬ ‫الطاعون اثلالث‬
‫مليون شخص‬ ‫‪1968‬م‪1970-‬م‬ ‫أنفلونزا هونج كونغ‬
‫‪ 35‬مليون شخص‬ ‫‪ -1981‬اآلن‬ ‫اإليدز‬
‫‪ 50‬مليون شخص‬ ‫‪1918‬م‪1919-‬م‬ ‫األنفلونزا اإلسبانية‬
‫‪ 200‬مليون شخص‬ ‫‪1347‬م‪1351-‬م‬ ‫الطاعون ادلوبيل‬
‫‪ 200‬ألف شخص‬ ‫‪2009‬م‪2010-‬م‬ ‫أنفلونزا اخلنازير‬
‫‪ 11300‬شخص‬ ‫‪2014‬م‪2016-‬م‬ ‫إيبوال‬
‫‪ 1.4‬مليون شخص‬ ‫‪2019‬م‪ -‬اآلن‬ ‫كوفيد‪19‬‬

‫(عبد اجلواد‪2010/1997،‬؛ عربية ‪Sky news،2020‬؛ ‪.)World Health Organization,2020‬‬

‫‪167‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫ومما ال شك فيه بأن اتلطرق للجوانب اتلارخيية لألوبئة جيب أال يقترص ىلع إكساب‬ ‫ ‬
‫املتعلمني املعرفة اتلارخيية بها‪ ،‬وعدد األرواح اليت خلفتها‪ ،‬بل ال بد أن يتعداه إىل إكساب الطالب‬
‫مهارات اتلفكري اتلارييخ من خالهلا يلكونوا قادرين ىلع فهم األوبئة وفق سياقها الزمين‪ ،‬ونطاق‬
‫انتشارها وأسبابها‪ ،‬وما ارتبط بها من أحداث وأزمات متعددة‪ ،‬ما يكسب املتعلم مهارات تمكنه‬
‫من انلظر إىل األوبئة اليت يعايشها بفكر ناقد عقالين مزتن‪.‬‬

‫ً‬
‫ثانيا‪ -‬املواطنة الرقمية والرتبية املعلوماتية‪:‬‬
‫ويف ضوء كوفيد‪ 19-‬برزت أسئلة مهمة لألنظمة اتلعليمية وللعالم‪ ،‬منها‪ :‬ما نوع املواطنني‬ ‫ ‬
‫ّ‬
‫اذلين يتطلبهم القرن احلادي والعرشون؟ ويف الواقع يمكن إاعدة طرح السؤال بصيغة أخرى يه‪:‬‬
‫ما نوع املواطنني اذلين تتطلبهم ادلول والعالم يف أوقات اجلاحئات واألزمات مثل جاحئة كوفيد‪19‬؟‬
‫ما اذلي يتوقع منهم من مسؤويلات وسلوكيات؟ وما اذلي حيتاجون إيله من مهارات رقمية يف اعلم‬
‫وجد أن اتلكنولوجيا يه الوسيلة األمثل ملواجهة اتلباعد االجتمايع‪ ،‬واحلاجة إىل ابلقاء يف املنازل‬
‫ّ‬
‫للتعلم والعمل واتلواصل مع اآلخرين؟‬
‫ومن أهم املهارات الالزمة للتصدي للمعلومات وابليانات املغلوطة ما أشار إيله تورو‬ ‫ ‬
‫(‪ )Torrau, 2020‬يف دراسته ألهمية إكساب الطالب مهارات اتلفريق بني املعلومات من مصادر‬
‫ومرجعيات خمتلفة‪ ،‬حبيث يكون دلى املتعلم القدرة ىلع اتلميزي بني احلقائق واآلراء املتنوعة‪،‬‬
‫نظرا ألهميتها يف إكساب‬ ‫كما تعد مهارات اختاذ القرار من أهم املهارات اليت جيب الرتكزي عليها؛ ً‬
‫املتعلمني القدرة ىلع االستنتاج واالستنباط واتلفسري وتقويم احلجج (السعدي‪.)2009،‬‬
‫تأسيسا ملا سبق‪ ،‬يمكن تلخيص املهارات اليت جيب تضمينها يف مناهج ادلراسات‬ ‫ً‬ ‫ ‬
‫االجتماعية اليت تمكن الطالب من اتلصدي للبيانات واملعلومات املضللة إىل ما يأيت‪:‬‬
‫• مهارة اتلميزي بني احلقائق واآلراء ووجهات انلظر‪.‬‬
‫• مهارة اختاذ القرار‪.‬‬
‫• مهارة حل املشكالت‪.‬‬
‫• مهارة الويع املعلومايت واثلقافة املعلوماتية‪.‬‬
‫• مهارة توظيف اتلكنولوجيا واتلعامل مع الربامج واملواقع املختلفة‪.‬‬

‫ً‬
‫ثاثلا‪ -‬الرتبية القيمية األخالقية‪:‬‬
‫برزت من خالل اجلاحئة احلاجة إىل استعادة كثري من القيم اإلنسانية اليت يمكن أن‬ ‫ ‬
‫ُ‬
‫تصمد بها املجتمعات يف خمتلف األزمات‪ ،‬مثل‪ :‬املسؤويلة املدنية‪ ،‬اإليثار املدين‪ ،‬زيادة اتلعاطف‬
‫مع اآلخرين‪ .‬ولقد ظهرت نماذج إجيابية وسلبية للقيم اإلنسانية خالل هذه اجلاحئة؛ فقد‬

‫‪168‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫لاً‬
‫وجدنا مث العناية باملصابني واجلريان‪ ،‬وتقديم ادلعم ألبناء الكوادر الصحية‪ ،‬والطعام لذلين‬
‫فقدوا وظائفهم‪ ،‬واتلرباعت واإلعفاءات من قبل املالك للمسـتأجرين‪ ،‬إال أنه ظهر يف لك العام‬
‫ُ‬
‫االزدحام يف حمالت اتلجارية‪ ،‬وكرست قواعد اتلباعد االجتمايع‪ .‬ومن هنا تربز أهمية الرتكزي‬
‫ىلع تعزيز القيم من خالل مواضيع ادلراسات االجتماعية املختلفة اليت تعد حاضنًا ًّ‬
‫مهما لكثري‬
‫ً‬
‫من القيم اإلنسانية؛ فاملعرفة ليست هدفا يف حد ذاتها‪ ،‬إنما يه وسيلة تلحقيق اغية يه تنمية‬
‫ّ‬
‫هذه القيم‪ ،‬إذ جيب ىلع هذه األزمة أن توظف من أجل إحداث اتلغيري اإلجيايب يف مشاركة‬
‫املواطنني ملمارسة إنسانيتهم‪ ،‬ووضع قيمهم موضع اتلطبيق (‪ .)Prett, 2020‬إذن‪ ،‬أكد كوفيد‪19‬‬
‫أهمية املسؤويلات اجلماعية يف تقليل انتشار هذا الفريوس‪ ،‬وكذلك يف مواجهة اتلداعيات‪،‬‬
‫ّ‬
‫املترضرة‪ ،‬وقيادة مبادرة مجع‬ ‫فقد ظهر تأثري قيم اتلضامن والعطاء‪ ،‬ودعم ابلدلان واملجتمعات‬
‫ّ‬
‫األموال واألدوات الطبية هلم من أجل مساعدتهم يف اتلغلب ىلع آثار هذه اجلاحئة‪ ،‬وقد أكدت‬
‫الط ّ‬
‫ع يف مواجهة احلاجات ِّ‬ ‫ُّ َ‬ ‫ُّ َ‬
‫بية‬ ‫اتلطوع واتلرب‬ ‫دراسة شاو وآخرين (‪ )Shaw et al, 2020‬أهمية‬
‫ُ‬
‫تماسك املجتمع‪ .‬كما أبرزت اجلاحئة تعزيز قيم احلرية واالحرتام‬ ‫واالقتصاديّة‪ ،‬وهو ما ّ‬
‫يعزز من‬
‫واإلدماج والكياسة واملسؤويلة واتلعاطف واملساواة واإلجناز العادل يف جمتمعات املستقبل‬
‫(‪ ،)Prett ; 2020 ,Munyede & Machengete, 2020‬وهو االجتاه اذلي ال بد أن حيظى باهتمام يف‬
‫حمتوى ادلراسات االجتماعية من خالل األنشطة العملية وتقديم انلماذج اإلنسانية‪ ،‬فعىل سبيل‬
‫ً‬
‫نموذجا يف‬ ‫املثال‪ :‬يمكن أن يطلب من الطلبة إعداد تقرير عن شخصية وطنية أو اعملية اكنت‬
‫جتسيد هذه القيم خالل كوفيد‪.19‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫رابعا‪ -‬اتلعلم بني اثلقافات‪:‬‬
‫لقد ُربِط الطلبة من خالل األدوات اتلكنولوجية ومن خالل حوارات وفصول افرتاضية‬ ‫ ‬
‫للحديث عن خرباتهم خالل فرتة احلجر املزنيل واخلروج من املدارس؛ إذ يساعد مثل هذا النشاط‬
‫ُ‬ ‫لاً‬
‫أو يف تأطري املصري املشرتك لشعوب العالم يف مواجهة هذه اجلاحئات‪ ،‬ويساعد ثانيًا ىلع اتلفاهم‬
‫ّ‬
‫بني اثلقافات‪ ،‬وتعلم بعض من اعداتها خالل هذه الفرتة احلرجة اليت مر بها اجلميع (املعمري‬
‫ومحايدية‪ .)2021 ،‬لقد أبرزت دراسة تاشريوا وشاو (‪ )Tashiro & Shaw, 2020‬تأثري اثلقافة ايلابانية‬
‫ّ‬
‫ونمط احلياة االجتماعية والغذائية يف إبطاء انتشار الفريوس‪ ،‬وهو ما يعكس أهمية اتلعلم عن‬
‫اثلقافات األخرى‪ ،‬وتأثري معتقداتها واعداتها يف اتلقليل من األزمات‪ ،‬وهذه اجلوانب اثلقافية هلا‬
‫واتلعاطف معهم‪ ،‬وأوضاعهم‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫والتسامح يف قبول جتارب اآلخرين‪،‬‬ ‫أهميتها يف تعزيز قيمة اتلنوع‬
‫لاً‬
‫الصعبة اليت يمرون بها‪ ،‬بد من تنمية مشاعر الكراهية أو االستهزاء‪ ،‬أو حىت حتميل شعب معني‬
‫مسؤويلة انتشار الفريوس‪.‬‬

‫‪169‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫ّ‬ ‫ً‬
‫خامسا‪ -‬اتلعلم عن االستدامة واملواطنة ابليئية‪:‬‬
‫أثبتت جاحئة كوفيد‪ 19‬املستجد أهمية احلفاظ ىلع املؤرشات اليت ظهرت ىلع ابليئة‬ ‫ ‬
‫اإلنسانية من حيث اخنفاض امللوثات‪ ،‬واستعادة احليوانات حريتها يف احلركة يف ظل احنسار‬
‫األنشطة اإلنسانية‪ .‬ومن هنا تربز أهمية اتلعلم عن االستدامة وتعزيزه يف ادلراسات االجتماعية‬
‫من أجل ترسيخ املواطنة ابليئية‪ .‬لقد أكد العديد من العلماء والرشاكت عرب العالم خالل هذه‬
‫اجلاحئة أهمية االعتماد ىلع العلماء واخلرباء يف إحداث تغيري يف الوضع ابلييئ يف العالم (‪2020‬‬
‫‪ ،)Goffman, 2020; Get up & Italy,‬واحلاجة إىل تبين إجراءات أقوى‪ ،‬واالتلحام حول أهداف‬
‫ًّ‬
‫واعمليا‪ ،‬تم تأكيد‬ ‫تستند إىل العلم مثل الوصول إىل صايف االنبعاثات الصفرية حبلول اعم ‪.2050‬‬
‫ّ‬
‫أهمية تعلم مهارة استخدام جممواعت الضغط والعمل املبارش للطلبة‪ ،‬كمجمواعت الضغط ابلييئ‬
‫اليت تنترش يف مجيع أحناء العالم من أجل إيقاف اإلرضار بابليئة‪ ،‬وحتقيق الرفاه العام لساكن‬
‫الكوكب‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫سادسا‪ -‬اتلعلم عن دور السياسة والقيادات السياسية يف أوقات األزمات‪:‬‬
‫ُ‬
‫تباينًا ً‬
‫كبريا يف االستجابة السياسية ملتطلبات إدارة هذه األزمة‪ ،‬وظهرت نماذج‬ ‫أظهرت هذه األزمة‬
‫ًّ‬
‫متعددة ومتباينة عرب العالم‪ ،‬وأكدت أن السياسة اعمل مؤثر جدا يف صناعة أوضاع أفضل إن‬
‫ً‬ ‫لاً‬
‫اكنت توظف السلطة بشلك أفضل‪ ،‬وظهر مث أن بدلانا مثل الواليات املتحدة والربازيل واململكة‬
‫املتحدة وروسيا اكنت استجابتها ‪-‬من وجهة نظر املتابعني‪ -‬سيئة لألزمة‪ ،‬من خالل ضعف يف‬
‫روحانية القيادة‪ ،‬أو يف توظيف استجابة انلعامة اليت تدس رأسها يف الرمال‪ ،‬بينما ظهرت قيادات‬
‫نيوزيلندا وأملانيا بصورة القيادة املنقذة ملجتمعاتهم من آثار هذه اجلاحئة‪ ،‬مناقشة دور السياسة يف‬
‫ّ‬ ‫مصدرا ً‬‫ً‬
‫مهما تلعلم جوانب املواطنة وفهم معناها‪ ،‬فالطلبة قادرون ىلع فهم اتلعقيد‬ ‫األزمات تعد‬
‫ّ‬
‫وظروف األزمات املعطلة بشلك أفضل من خالل اتلفكري انلقدي‪ .‬ومن هنا ال بد من إدماج هذا‬
‫اجلانب يف منهج ادلراسات االجتماعية؛ فدراسة األحداث والقضايا العاملية بمعزل عن القرارات‬
‫السياسية ال يساعد ىلع فهمها بشلك واضح وسليم‪.‬‬

‫ً‬
‫سابعا‪ -‬اتلفكري انلقدي‪:‬‬
‫ٍّ‬ ‫َ‬
‫كبري من املعلومات عن الفريوس وسبل انتشاره‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫كم‬ ‫أظهرت جاحئة كوفيد‪ 19‬تداول‬ ‫ ‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫وبيانات منظمة الصحة العاملية‪ ،‬والقيادات السياسية حول العالم‪ ،‬والعالجات اليت روج هلا يف‬
‫كثري من املجتمعات‪ ،‬وتم تداول كثري من املغالطات واألكاذيب اليت واجهت نظرية املؤامرة‬
‫ً‬
‫واضحا احلاجة املاسة إىل تقييم هذه املعلومات‪ ،‬ومعرفة احلقييق‬ ‫املرتبطة بهذا الفريوس‪ ،‬وبدا‬
‫من الزائف‪ ،‬وكذلك الرد عليها باملعلومات الصحية‪ ،‬وهو ما يتطلب ترسيخ اتلفكري انلقدي‬

‫‪170‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫لاً‬
‫دلى الطلبة تلوظيفه مستقب يف فهم ما جيري‪ ،‬وانتقاء املعلومات الصحيحة اليت تتيح هلم‬
‫اختاذ القرارات الصحية واالجتماعية واالقتصادية املناسبة‪ .‬لقد أوصت دراسة أبواك وأومر‬
‫(‪ )Apuke & Omar, 2020‬يف نيجرييا باالهتمام بمهارات اتلفكري انلقدي‪ ،‬وتعليمها للطلبة بعد‬
‫هذه اجلاحئة حلمايتهم من اتلضليل يف أزمات أخرى‪ ،‬ومن املهارات اليت أكدت ادلراسة تعليمها‪:‬‬
‫‪ -‬انلظر إىل مصدر املعلومات‪.‬‬
‫‪ -‬قراءة ما وراء العناوين الرئيسة‪.‬‬
‫ُّ‬
‫‪ -‬اتلحقق من املؤلفني‪.‬‬
‫ُّ‬
‫‪ -‬اتلحقيق املتعمق يف مقال إخباري عن طريق اتلحقق من اتلواريخ‪.‬‬
‫‪ -‬فحص األدلة تلأكيد احلقائق واألرقام الاكفية‪.‬‬
‫‪ -‬تأكيد الصور املزيفة‪.‬‬
‫‪ -‬ابلحث عن مصادر أخرى وسؤال املهنيني عنها‪.‬‬

‫محتوى الدراسات االجتماعية بعد كوفيد‪:19‬‬


‫ً‬
‫نظرا للطبيعة املتجددة ملنهج ادلراسات االجتماعية فإن املؤرشات اليت أظهرتها جاحئة‬ ‫ ‬
‫كوفيد_‪ 19‬يمكن أن تسهم يف تطوير حمتواها من حيث ثالثة جوانب يه‪ :‬املعرفة‪ ،‬القيم‪ ،‬املهارات‪.‬‬
‫ولقد وجد ابلاحثون أن حمتوى هذه العنارص اذلي يرتبط بما نتج من جاحئة كوفيد_‪ 19‬يمكن‬
‫أن يلخص يف اجلدول (‪ ،)3‬اذلي يوضح جماالت ادلراسات االجتماعية واملعارف والقيم واملهارات‬
‫الواجب االهتمام بها يف منهج ادلراسات االجتماعية يف أعقاب جاحئة كوفيد_‪.19‬‬
‫جدول (‪ )3‬جماالت ادلراسات االجتماعية واملعارف والقيم واملهارات الواجب االهتمام بها يف‬
‫منهج ادلراسات االجتماعية يف أعقاب جاحئة كوفيد‪19‬‬

‫جماالت‬
‫املهارات‬ ‫القيم‬ ‫املعارف واملفاهيم‬ ‫ادلراسات‬
‫االجتماعية‬
‫• اإلصالح االقتصادي‬ ‫• العدل واإلحسان‬ ‫دراسة العرض والطلب من خالل‬
‫• االدخار واالستثمار‬ ‫• العزة والكرامة‬ ‫توفري مقاالت ومقاطع فيديو حول‬
‫• مسايرة املتغريات‬ ‫• تعزيز حرية الرأي‬ ‫نقص املنتجات خالل اجلاحئة‪ ،‬أو‬
‫• مواكبة االحتياجات‬ ‫• تقبل اآلراء‬ ‫املشكالت املتعلقة باالسترياد‪،‬‬
‫• االهتمام بالقضايا االقتصادية • االنفتاح االقتصادي‬ ‫واستعراض صور وقصص شخصية‬ ‫االقتصاد‬
‫• اتلعايش مع املستقبل‬ ‫• اتلوازن والرتابط‬ ‫حول ذلك‪ ،‬وهو ما سوف يساعد‬
‫• اقرتاح احللول‬ ‫• االستهانة باجلوائح‬ ‫ىلع فهم كيفية عمل األسواق ىلع‬
‫نطاق أوسع‪.‬‬

‫‪171‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫جماالت‬
‫ادلراسات‬
‫املهارات‬ ‫القيم‬ ‫املعارف واملفاهيم‬ ‫االجتماعية‬
‫• املالحظة واتلفسري‬ ‫• احرتام العادات واتلقايلد‬ ‫دراسة دور الفرد يف حتقيق الصالح‬
‫• اتلعامل مع اآلخرين‬ ‫• الوحدة واتلعاضد‬ ‫العام خالل اجلاحئة‪ ،‬من خالل‬
‫• توظيف تكنولوجيا املعلومات‬ ‫• اتلفاين الوطين‬ ‫املمارسات ىلع انلطاق األرسي‪ ،‬مثل‬
‫• اتلحليل والرتكيب واالستنتاج‬ ‫• ادلفاع عن الوطن‬ ‫اتلأكد من غسل األشقاء أيديهم‪،‬‬
‫• اتلميزي بني الرأي واحلقيقة‬ ‫• اثلقة واالطمئنان‬ ‫واتلحقق من أفراد األرسة املسنني‪،‬‬
‫• الربط بني السبب وانلتيجة‬ ‫• احلماس الوطين‬ ‫إلخ‪ .‬ويمكن ربط هذا املمارسات‬
‫تربية املواطنة‬
‫• حتليل ابليانات وتنظيمها‬ ‫بممارسات أكرب من خالل ممارسات‬
‫• االندماج االجتمايع‬
‫• استرشاف املستقبل‬ ‫انلاشطني االجتماعيني ودورهم يف‬
‫• انتهاج ادليمقراطية والشورى • اتللخيص واملقارنة‬ ‫حتقيق الصالح العام‪ ،‬حيث يطلب‬
‫• إبداء الرأي‬ ‫• نبذ االستغالل واتلعصب‬ ‫من الطلبة دراسة دور ناشط منهم‬

‫• اتلفكري انلاقد واإلبدايع‬ ‫دراسة تاريخ األوبئة وتطورها • اإلحساس باهلوية الوطنية‬
‫ّ‬
‫• احلوار ابلناء‬ ‫• العدالة واملساواة اإلنسانية‬ ‫اتلارييخ‪ ،‬وتأثرياتها اإلنسانية‬
‫• حل الرصااعت‬ ‫دراسة تاريخ إدارة األزمات ىلع • قيم املشاركة املسؤولة‬
‫• اختاذ القرارات‬ ‫• تقدير احلياة‬ ‫املستوى الوطين واإلنساين‬
‫• خدمة املجتمع‬ ‫• اتلاكفل واتلضامن ادلويل‬
‫• اتلحليل انلقدي‬
‫• حمبة الوطن‬
‫• إيضاح القيم‬
‫• الويع اتلارييخ‬ ‫• اتلحيل بالفضائل‬
‫• ابلحث واالستقصاء‬ ‫• االعزتاز باهلوية الوطنية‬ ‫اتلاريخ‬
‫• فهم االختالفات اتلارخيية‬
‫• االلزتام باألنظمة والترشيعات‬
‫• اتلعبري الفكري اتلارييخ‬
‫• اتلتابع والتسلسل اتلارييخ لألحداث‬
‫• اتلكيف االقتصادي‬ ‫• احلس اجلغرايف املاكين‬ ‫دراسة اتلأثريات ابليئية والساكنية‬
‫• استخالص انلتائج‬ ‫• احرتام ابليئة‬ ‫واالقتصادية لألوبئة واألزمات‬
‫• تنظيم املعلومات وتفسريها‬ ‫• تقدير العلم والعلماء‬ ‫وربطها بمفاهيم ابلطالة واجلوع‪،‬‬
‫• إدراك العالقات اجلغرافية‬ ‫• اتلعاون ادلويل‬ ‫والعرض والطلب‪ ،‬واتللوث‪،‬‬ ‫اجلغرافيا‬
‫• اإلحساس باملسؤويلة ابليئية • توظيف اجلداول واخلرائط املعرفية‬ ‫ومشكالت املدن‪ ،‬واخلدمات‬
‫• الويع اجلغرايف‬ ‫• اتلنور ابلييئ‬ ‫األساسية‪ ،‬وحتليل ابليانات وقراءة‬
‫• العمل واتلجريب‬ ‫• احلرسة واتلوجع‬ ‫اخلرائط اليت تقوم برشح هذه‬
‫• اتلعبري الفكري اجلغرايف‬ ‫الظواهر‪.‬‬
‫• صنع القرارات‬
‫• حتليل ابليانات واإلحصائيات‬ ‫• قيمة احلياة‪.‬‬ ‫دراسة اتلأثري ادليموغرايف لألوبئة‬
‫• قراءة األوضاع‬ ‫• قيمة احلفاظ ىلع الصحة‬ ‫والرتكيبة الساكنية بعدها‪ ،‬اكرتفاع‬
‫• اإلحساس باملسؤويلة جتاه • استخالص انلتائج‬ ‫معدل وفيات كبار السن وزيادة يف‬
‫• الربط بني األسباب وانلتائج‬ ‫اآلخر‪.‬‬ ‫أعداد املوايلد‪ ،‬دراسة أمد احلياة املتوقع‬ ‫الساكن‬
‫بعد تفيش األوبئة وربط ذلك باتلأثري‬
‫ىلع تقدم ادلولة من خمتلف انلوايح‬
‫االقتصادية واالجتماعية والصحية‪.‬‬

‫‪172‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫جماالت‬
‫ادلراسات‬
‫املهارات‬ ‫القيم‬ ‫املعارف واملفاهيم‬ ‫االجتماعية‬
‫• اتلفاعل واتلعاون االجتمايع‬ ‫• اتلضامن األرسي‪.‬‬ ‫دراسة تأثري وضع الوباء وتبعاته‬
‫• اتلكيف مع املجتمع‬ ‫• العالقات االجتماعية‪.‬‬ ‫ىلع الوضع االقتصادي واالجتمايع‬
‫• اإلحساس بقيمة األمان االجتمايع‪ • .‬املبادرة‬ ‫لألرس‪ ،‬سواء من حيث تضامن‬
‫• حل املشكالت‬ ‫• املساواة بني أفراد املجتمع‪.‬‬ ‫األرس وتكاتفها أو املشكالت‬ ‫االجتماع‬
‫• اإلحساس باملسؤويلة االجتماعية • اختاذ القرار‬ ‫االجتماعية اليت قد تنبثق‬
‫واتلعايش السليم‬ ‫اكتلفكك األرسي وزيادة معدالت‬
‫الطالق والعنف والفقر واجلوع‬
‫وسوء اتلغذية واحلرمان يف عدد‬
‫من األرس وتذبذب شبكة األمان‬
‫االجتمايع والعالقات االجتماعية‪.‬‬
‫• احلوار‬ ‫• اتلضامن العاليم‬ ‫دراسة ثقافة الشعوب يف كيفية‬
‫• احرتام اآلخرين وتقبلهم‬ ‫• اإلحساس باآلخرين‬ ‫اتلعايف من الوباء واحتواء األزمات‪،‬‬
‫• اتلعاون‬ ‫• احرتام الشعوب‬ ‫سواء من حيث طرق العالج‬
‫• اتلواصل مع اآلخر‬ ‫• األخوة اإلنسانية‬ ‫والسلوكيات املتبعة للتقليل من حدة‬ ‫اثلقافة‬
‫• مهارة تقدير املثل واملعتقدات‬ ‫• اتلعايش مع اآلخر‪.‬‬ ‫تبعات الوباء ىلع الفرد واملجتمع‬ ‫واألديان‬
‫• انلقد‬ ‫• احرتام العقائد‪.‬‬ ‫حيث يتم رسد قصص وعرض مقاطع‬
‫• اتلعبري عن اآلراء‬ ‫فيديو ذللك‪ ،‬وعمل مقارنات لإلفادة‬
‫من انلتائج جتارب اآلخرين‬

‫• مهارات احلفاظ ىلع ابليئة‬ ‫دراسة تأثري األوبئة ىلع ابليئة‪ • ،‬احلفاظ ىلع ابليئة‬
‫• استغالل املورد واستثماره‬ ‫سواء من حيث الضغط ىلع • تقدير قيمة املوارد‬
‫• ابلحث عن بدائل‬ ‫األرايض الزراعية لزيادة معدالت • استثمار موارد ابليئة‪.‬‬
‫• الربط بني السبب وانلتيجة‬ ‫استهالك الغذاء أو اتلقليل من‬ ‫ابليئة‬
‫• وضع احللول‬ ‫امللوثات نتيجة لغلق املصانع‬
‫• اتلوازن بني العرض والطلب‬ ‫وتعطيل حركة انلقل يف كثري من‬
‫األوقات‪.‬‬

‫• مهارة احرتام ملكية اآلخرين‬ ‫• االتلفاف حول السلطة‪.‬‬ ‫دراسة السياسة ادلاخلية لدلولة‬
‫• مهارة احلوار ابلناء‬ ‫• اإلنصاف والعدالة‪.‬‬ ‫وكيفية احتوائها لألزمات والسياسات‬
‫• اتلعايش السليم‬ ‫• احرتام القانون‬ ‫املتبعة للتقليل من تبعات الوباء‪،‬‬
‫ً‬
‫• اتلحليل السيايس‬ ‫• احلوار واتلفاهم‬ ‫أيضا ىلع نمط‬ ‫وكذلك الرتكزي‬ ‫السياسة‬
‫• اتلنبؤ السيايس‬ ‫• االنتماء إىل الوطن‪.‬‬ ‫العالقات ادلويلة يف فرتة تفيش الوباء‬
‫وما انبثق منها من توترات سياسية‬
‫• اتلواصل واحلفاظ ىلع‬ ‫• قيمة احلرية‪.‬‬
‫وأثر ذلك ىلع الوضع السيايس العاليم‪،‬‬
‫العالقات‬ ‫• تقدير اجلهود‪.‬‬ ‫وربط ذلك ً‬
‫أيضا بظهور احلرب الطبية‬
‫وتسابق ادلول يف توفري املعدات الطبية‬
‫واللقاحات‪ ،‬إضافة إىل الرتكزي ىلع دور‬
‫املنظمات العاملية وجهودها يف سبيل‬
‫احتواء األزمة‪.‬‬

‫‪173‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫الخاتمة‬

‫أكدت هذه األزمة أن دور املواطن املسؤول ال يقل عن دور الكوادر الطبية؛ فاملواطن‬ ‫ ‬
‫ّ‬
‫املسؤول يمنع تفاقم األزمة وتزايد أعداد اإلصابات‪ ،‬أي أن دوره وقايئ‪ ،‬أما الكوادر الطبية فتتعامل‬
‫مع اإلصابات‪ ،‬أي أن دورها عاليج‪ .‬ولكما أدى املواطنون أدوارهم الوقائية قلل ذلك العبء‬
‫امللىق ىلع اكهل الكوادر الصحية واحلكومات‪ .‬وألن إعداد املواطن املسؤول هو اهلدف الرئييس‬
‫لدلراسات االجتماعية (‪ )Al-Maamari, 2009‬؛ ال بد أن تركز مناهج ادلراسات االجتماعية ىلع‬
‫استحضار خمتلف املؤرشات السياسية واالقتصادية واالجتماعية واألخالقية وابليئية واثلقافية‬
‫والصحية والرقمية املعلوماتية من أجل تعزيز ويع هذا املواطن يف القيام بأدواره الواعية‪ ،‬خاصة يف‬
‫ظل األزمات املستقبلية اليت يمكن أن يواجهها وطنه أو العالم‪ ،‬وهؤالء الطلبة اذلين سوف نقدم‬
‫هلم ادلراسات االجتماعية بعد اجلاحئة سيكونون يف خط ادلفاع األول يف األزمات املستقبلية لو‬
‫أحسنا توظيف حمتوى هذه املادة ومفاهيمها اليت ترتبط دائما باألحداث اجلارية‪.‬‬
‫لقد أكد مازويلين وزميله (‪ .)Mazzoleni et al ،2020‬أن اتلغيريات االقتصادية‬ ‫ ‬
‫لاً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫واالجتماعية انلامجة عن اإلغالق بسبب الوباء ستشلك إرثا ثقافيا سيعيش طوي يف ذكرياتنا‬
‫ُّ‬
‫وذكريات األجيال القادمة‪ ،‬وأفضل توظيف هلذه اذلاكرة هو االستفادة منها يف علمية اتلعلم‪،‬‬
‫خاصة يف ظل مادة تتاكمل وتتداخل فيها اجلوانب اتلارخيية واجلغرافية واإلنسانية‪ ،‬وتعيد تقديم‬
‫األحداث وتفسريها‪ .‬ويؤكد جوفمان (‪ )Goffman, 2020‬أننا ال بد يف اعلم ما بعد كورونا أن‬
‫نتحول إىل جمتمع مستدام قائم ىلع أشاكل جديد من اتلعارف مع أشخاص متجذرين بعمق يف‬
‫جمتمعاتنا‪ ،‬وذوي معرفة واسعة باالجتاهات العاملية ورضوراتها‪ ،‬وتبدو قيمة الرتابط من أهم القيم‬
‫اليت ال بد أن يتم تعزيزها؛ إذ ال بد أن يفهم الطلبة عرب العالم أن اعملنا مرتابط‪ ،‬وأن هذه العزلة‬
‫ّ‬
‫اليت دفعت بها اجلاحئة املجتمعات ال يمكن أن تقود إىل انفصام هذا الرتابط‪ ،‬بل ال بد من تطوير‬
‫اتلفكري انلقدي والقدرة ىلع مالحظة احلقائق اليت تقود إىل فهم هذا الرتابط‪ ،‬وتشابك املصالح‬
‫الوطنية مع املصالح العاملية‪ ،‬فعىل سبيل املثال‪ :‬أدت جاحئة كوفيد_‪ 19‬إىل حركة األشخاص ال سيما‬
‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫لاً‬
‫صحيا أكرث‪،‬‬ ‫تهديدا‬ ‫من دول أوروبا الرشقية؛ إذ هربوا أو من إيطايلا‪ ،‬حيث أصبح الوباء يمثل‬
‫ويفوق فرص ابلقاء االقتصادية‪ .‬وترتب ىلع هذا الزنوح عدة نتائج بعضها ىلع إيطايلا‪ ،‬يه‪ :‬فقد قوة‬
‫العمل وما يتبعه من اتلأثري ىلع األمن الغذايئ العاليم يف ادلول اليت تستورد من إيطايلا‪ .‬تؤكد هذه‬
‫ً‬
‫ارتباطا باألحداث‬ ‫ادلعوات احلاجة إىل إاعدة تطوير مناهج ادلراسات االجتماعية وجعلها أكرث‬
‫اجلارية‪ ،‬وكذلك باآلثار اليت كشفتها جاحئة كورونا كأزمة اعملية قابلة للتكرار يف أشاكل أزمات‬
‫ً‬
‫أخرى‪ ،‬واملسارات اليت قدمت يف هذا الفصل يمكن أن تمثل منطلقا ذللك اتلطوير املنشود‪.‬‬

‫‪174‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫المراجع‪:‬‬

‫* محدي‪ ،‬أجمد (‪ ،2020‬أعسطس‪ .)7‬تداعيات أزمة كورونا ىلع انلظم الصحية يف العالم‪ .‬املعهد‬
‫املرصي لدلراسات‪cl/iugu.https://n9 .‬‬
‫* جمموعة ابلنك ادلويل (‪ .)2020‬محاية االنسان واالقتصاد‪ :‬استجابة متاكملة ىلع صعيد السياسات‬
‫ملواجهة فريوس كورونا املستجد (‪cl/lrfo4.https://n9 .)covid19‬‬
‫املؤتمر العاليم ملستلزمات وحلول اتلعليم يف ديب (‪ ،2020‬مارس‪ .)4-2‬ضع بصمتك‪https:// .‬‬
‫‪www.gessdubai.com/ar‬‬
‫* محيد‪ ،‬أسامة (‪ ،2020‬إبريل‪ .)15 ،‬إشاكيلة ابليانات العددية يف جمابهة كورونا‪ .‬اجلزيرة‪https:// .‬‬
‫‪cl/anf2u.n9‬‬
‫* فريوس كورونا ضحايا املعلومات املظللة عن الفريوس أكرث من الوباء (‪ ،2020‬مايو‪ .)28‬يب يب‬
‫يس العربية‪52824998-https://www.bbc.com/arabic/science-and-tech .‬‬
‫* واكلة فرانس برس (‪ .)2020‬واكلة فرانس برس تطلق مبادرة مع فيسبوك يف فرنسا حول كوفيد‪.19‬‬
‫‪cl/rwzh.https://n9‬‬
‫* خرافات قاتلة للعالج من كورونا فضة وكواكيني وعالج براكين (‪ ،2020‬إبريل‪ .)3‬العني اإلخبارية‪.‬‬
‫‪https://al-ain.com/article/coronavirus-treatments-death‬‬
‫* فريوس كورونا بني اتلداعيات االقتصادية ونظرية املؤامرات (‪ ،2020‬فرباير‪ .)9‬يب يب يس عربية‪.‬‬
‫‪51406492-https://www.bbc.com/arabic/inthepress‬‬
‫* مهارات القرن احلادي والعرشين(‪،2019‬سبتمرب‪.)25‬جريدة عمان‪.‬‬
‫‪731266=https://www.omandaily.om/?p‬‬
‫* السعدي‪ ،‬سليمة بنت سعيد بم حممد‪ .)2009( .‬أثر استخدام األحداث اجلارية يف اتلدريس ىلع‬
‫حتصيل طلبة الصف العارش يف مادة ادلراسات االجتماعية وتنمية اتلفكري انلاقد دليهم [رسالة‬
‫ماجستري‪ ،‬جامعة مؤتة]‪..‬‬
‫* السعيدي‪ ،‬محيد بن مسلم‪ .)2014( .‬مشاركة املرشفيني الرتبويني يف تطوير منهج ادلراسات‬
‫االجتماعية بسلطنة عمان‪ .‬دراسات تربوية ونفسية‪.274-245 ،)84( ،‬‬
‫* سيد‪ ،‬أمحد عبد احلميد أمحد‪ .)2016( .‬تصور مقرتح ملنهج ادلراسات االجتماعية باملرحلة‬
‫اإلعدادية يف ضوء القضايا العاملية امللحة تلنمية الويع بها وتنمية مهارات حل املشكالت‬
‫واختاذ القرار‪ .‬جملة اجلمعية الرتبوية لدلراسات االجتماعية‪.217-193 ،)81( ،‬‬
‫* عبد امللك‪ ،‬إيالريه اعطف زيك‪ .)2015(.‬تطوير مناهج ادلراسات االجتماعية يف مرحلة اتلعليم‬
‫األسايس يف ضوء متطلبات الوحدة الوطنية‪ .‬جملة اجلمعية الرتبوية لدلراسات االجتماعية‪،)72( ،‬‬

‫‪175‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫‪.150-135‬‬
‫* ايلعقويب‪ ،‬مسلم بن محود بن عوض‪ .)2020( .‬تطوير كتب ادلراسات االجتماعية للصفني اتلاسع‬
‫والعارش بسلطنة عمان يف ضوء االجتاهات العاملية احلديثة‪ :‬مدخل الرتبية ابليئية «الواقع‪،‬‬
‫املشكالت‪ ،‬اجتاهات اتلطوير»‪ .‬جملة الفنون واألدب وعلوم االنسانيات واالجتماع‪،)54( ،‬‬
‫‪.361-345‬‬
‫* جرب‪ ،‬إياد حممد‪.)2020(.‬مستقبل اتلحالفات ادلويلة بعد كورونا‪ .‬جملة ابليان‪.58-56 ،)398( ،‬‬
‫اجليباين‪ ،‬صقر محد‪ .)2020(.‬تأثري تفيش وباء الفريوس اتلايج املستجد‪ covid19‬ىلع االقتصاد‬
‫العاليم‪ .‬جملة انلدوة لدلراسات القانونية‪.119-95 ،)32( ،‬‬
‫* رميح‪ ،‬طلعت‪ .)2020(.‬بعد كورونا‪ :‬أوروبا مرتبكة يف عالقتها ابلينية وأقل قدرة ىلع صعيد‬
‫اتلوازنات ادلويلة‪ .‬جملة ابليان‪.41-36،)397( ،‬‬
‫* صندوق انلقد ادلويل‪ ،2020( .‬أكتوبر)‪.‬ملخص واف‪ :‬آفاق االقتصاد العاليم‪ .‬موقع‬
‫صندوق انلقد ادلويل‪-28248/https://www.elibrary.imf.org/view/IMF081 .‬‬
‫‪_2020_binaries/Arabic_January/9781513508214-28248/9781513508214‬‬
‫‪Update.pdf‬‬
‫* حممد‪ ،‬أمحد حسن‪ .)2020(.‬منظمة الصحة العاملية ودورها يف ماكفحة فريوس كورونا املستجد‬
‫‪ . covid19‬جملة انلدوة لدلراسات القانونية‪.57-37 ،)32( ،‬‬
‫* األسدي‪ ،‬مروة‪،2020(.‬إبريل‪ .)06‬حرب الكمامات العاملية‪ :‬عندما أسقط كورونا قناع العوملة‪.‬‬
‫موقع شبكة انلبأ املعلوماتية‪22774/https://annabaa.org/arabic/reports .‬‬
‫* منظمة اتلعاون اإلساليم‪ ،2020( .‬مايو)‪ .‬اآلثار االجتماعية واالقتصادية جلاحئة كوفيد‪ 19‬يف ادلول‬
‫األعضاء يف منظمة اتلعاون اإلساليم‪ .‬موقع مركز األحباث اإلحصائية واالقتصادية واالجتماعية‬
‫واتلدريب لدلول اإلسالمية‪pdf.725/https://www.sesric.org/files/article .‬‬
‫* منظمة اتلعاون اإلساليم‪ 2020(.‬؛جلنة األمم املتحدة االقتصادية واالجتماعية لغرب آسيا‬
‫[االسكوا]‪.)2020،‬‬
‫ادليب‪ ،‬طايع ‪ .)2020(.‬علم األوبئة العريب‪ :‬أياد بيضاء ىلع العالم‪ ،‬جملة فكر‪.39-38 ،)29( ،‬‬
‫* سيد‪ ،‬أمحد عبد احلميد أمحد‪ .)2016( .‬تصور مقرتح ملنهج ادلراسات االجتماعية باملرحلة‬
‫* اإلعدادية يف ضوء القضايا العاملية امللحة تلنمية الويع بها وتنمية مهارات حل املشكالت‬
‫واختاذ القرار‪ .‬جملة اجلمعية الرتبوية لدلراسات االجتماعية‪.217-193 ،)81( ،‬‬
‫الصارمية‪ ،‬بدرية بنت عبد اهلل بن سالم‪ .)2012( .‬واقع الرتبية من أجل املواطنة العاملية يف سلطنة‬
‫* عمان من وجهة نظر معليم ادلراسات االجتماعية] رسالة ماجستري‪ ،‬جامعة السلطان قابوس [‪.‬‬
‫أكرير‪ ،‬عبد العزيز‪ ،2002( .‬اكتوبر)‪ .‬قرطاجة ووباء نهاية القرن ‪ 5‬ق‪ .‬م‪-‬بداية القرن ‪ 4‬ق‪.‬‬

‫‪176‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫م‪ .‬اجلمعية املغربية للبحث اتلارييخ] حبث مقدم [‪ .‬مؤتمر األيام الوطنية العارشة‪ :‬املجااعت‬
‫واألوبئة يف تاريخ املغرب‪ ،‬اجلديدة‪ ،‬املغرب‪.‬‬
‫* جلنة األمم املتحدة االقتصادية واالجتماعية لغرب آسيا(االسكوا)‪،2020(.‬مارس‪ .)25‬استجابة‬
‫إقليمية طارئة للتخفيف من تداعيات الوباء فريوس كورونا‪ .‬جلنة األمم املتحدة االقتصادية‬
‫واالجتماعية لغرب آسيا‪.ar_apr8_19-rer_mitigatingimpact_covid_00114-20 .‬‬
‫‪pdf‬‬
‫* منظمة اتلعاون اإلساليم‪ ،2020( .‬مايو)‪ .‬اآلثار االجتماعية واالقتصادية جلاحئة كوفيد‪ 19‬يف ادلول‬
‫األعضاء يف منظمة اتلعاون اإلساليم‪ .‬موقع مركز األحباث اإلحصائية واالقتصادية واالجتماعية‬
‫واتلدريب لدلول اإلسالمية‪pdf.725/https://www.sesric.org/files/article .‬‬
‫* واتس‪ ،‬شدلون‪ .)2010( .‬األوبئة واتلاريخ املرض والقوة واالمربيايلة (أمحد عبداجلواد‪ ،‬ترمجة؛‬
‫ط‪ .)1.‬املركز القويم للرتمجة‪.‬‬
‫* الرفايع‪ ،‬عبري؛ القاعود‪ ،‬إبراهيم عبدالقادر (‪ .)2011‬تنمية املواطنة الصاحلة من وجهة نظر معليم‬
‫ادلراسات االجتماعية يف املرحلة اثلانوية يف األردن‪ .‬جملة لكية الرتبية‪.408-381 ،)35( ،‬‬
‫* املسارحة‪ ،‬نادية مالح سالمة (‪ .)2010‬برنامج تدرييب مقرتح تلنمية خصائص املواطنة الصاحلة‬
‫دلى معليم ادلراسات االجتماعية للمرحلة اثلانوية يف مديرية تربية منطقة ابلادية الشمايلة‬
‫الرشقية واجتاهاتهم (رسالة دكتوراه غري منشورة)‪ .‬جامعة الريموك‪.‬‬
‫* ساراتيش رودولفو (‪ .)2015‬مقدمة قصرية يف علم األوبئة (أسامة فاروق حسن‪ ،‬ترمجة؛ ط‪.)1‬‬
‫مؤسسة هنداوي للتعليم واثلقافة‪.‬‬
‫* أمحد‪ ،‬حممود جابر حسن (‪ .)2012‬اسرتاتيجية تدريسية قائمة ىلع خرائط اتلفكري تلنمية املفاهيم‬
‫اجلغرافية ومهارات اتلفكري اجلغرايف دلى تالميذ املرحلة اإلعدادية‪ .‬جملة اجلمعية الرتبوية‬
‫لدلراسات االجتماعية‪.156-117 ،)42( ،‬‬
‫* عماشة‪ ،‬سناء حسن حسني (‪ .)2009‬القيم السلوكية واالجتاهات الالزمة تلحصني النشء ضد‬
‫اجلريمة وإتالف املمتلاكت‪ .‬جملة ابلحوث األمنية‪.131-73 ،)44(18 ،‬‬
‫* خليل‪ ،‬حممد احلاج (‪ .)2010‬أهداف اتلعليم واتلعلم مع الرتكزي ىلع تعليم االجتاهات والقيم‬
‫* وتعلمها (عرض ورقة علمية)‪ .‬املوسم اثلقايف اثلامن والعرشون ملجمع اللغة العربية األردين‪.‬‬
‫جممع اللغة العربية األردين‪.‬‬
‫* بلولة‪ ،‬إبراهيم حممد أمحد (‪ .)2010‬الوحدة الوطنية والقيم الروحية‪ .‬دراسات دعوية‪-122 ،)20( ،‬‬
‫‪.159‬‬
‫* حسن‪ ،‬حممد صديق حممد (‪ .)2004‬القيم الرتبوية وحتديات العوملة االقتصادية‪ .‬جملة الرتبية‪،‬‬
‫(‪.78-62 ،)149‬‬

‫‪177‬‬
19_‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد‬ ‫ الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬:‫تحرير‬

* Americas Health Insurance Plans (2020). Health Insurance Providers Respond


to Coronavirus (COVID-19).
https://www.ahip.org/health-insurance-providers-respond-to-coronavirus-covid-19/
* BAI, H. (2020). A Critical Reflection on Environmental Education During the
COVID-19 Pandemic
https://doi.org/10.1111/1467-9752.12472
* Bagoly Simó, P., Hartmann, J., & Reinke, V. (2020). School geography under
COVID-19- geographical knowledge in the German Formal Education,
Tijdschrift voor economische en sociale geografie, 111 (3), https://doi.
org/10.1111/tesg.12452
* Brooks, S., Webster, R., Smith, L., Woodland, L., Wessely, S., Greenberg, N., &
Rubin, J (2020). The psychological impact of quarantine and how to reduce
it: rapid review of the evidence. The Lancet.359(10227), 912-920. https://
www.thelancet.com/journals/lancet/article/PIIS0140-6736(20)30460-8/
fulltext#
* Common myths about Coronavirus … do not believe them. (2020, October23).
World Toady News: https://www.world-today-news.com/common-myths-
about-coronavirus-do-not-believe-them/
* Herbert, P., Lohrmann, D., & FASHA, C. (2011). It›s All in the Delivery! An Analysis
of Instructional Strategies From Effective Health Education Curricula.
Journal of school Health,81(5), 258-264.
* Institute of International Finance. (2020, 5 14). Weekly Insight: Surging Global
Debt -- What›s Owed to China?. Institute of International Finance. https://
www.iif.com/Search-Results?sb-search=Total+World+Debt&sb-bhvr=1&sb-
logid=71968-owvoh609exebkscy
* International Labour Organization. (2020, March 18). Almost 25 million jobs
could be lost worldwide as a result of COVID-19, says ILO. International
Labour Organization. https://www.ilo.org/global/about-the-ilo/newsroom/
news/WCMS_738742/lang--en/index.htm
* Middlemass, R. (2020). What is the role of the social sciences in the response to
COVID-19? 4 priorities for shaping the post-pandemic world, https://blogs.lse.
ac.uk/impactofsocialsciences/2020/08/25/what-is-the-role-of-the-social-
sciences-in-the-response-to-covid-19-4-priorities-for-shaping-the-post-
pandemic-world/
* Obadiora, & Adeleke. (2015). Influence of social studies health related topics and
teaching strategies on students’ knowledge and handling of ebola disease in
Osun state secondary schools. Asia Pacific Journal of Education, Arts and
Sciences, 2(4), 60-67. https://n9.cl/fmh2
* Organization Health Organization (2020). Weekly Operational Update on
COVID-19. https://n9.cl/7cd20
* Propper, C., Stoye, G., & Zaranko, B. (2020). The Wider Impacts of the Coronavirus
Pandemic on the NHS. Fiscal Studies, 41(2), 345-356. https://onlinelibrary.
wiley.com/doi/full/10.1111/1475-5890.12227
* Ramaci, T., Barattucci, M., Ledda, C., & Rapisarda, V. (2020). Social Stigma during
COVID-19 and its Impact on. sustainability, 9(12), 1-13. https://www.mdpi.
com/2071-1050/12/9/3834

178
19_‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد‬ ‫ الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬:‫تحرير‬

* Saleh, A., & Cash, R. (2020,April3). Masks and Handwashing vs. Physical Distancing:
Do We Really Have Evidence-based Answers for Policymakers in Resource-
limited Settings? https://www.cgdev.org/blog/masks-handwashing-vs-
physical-distancing-do-we-really-have-evidence-based-answers
* Science Media Centre (2020). Expert Reaction to Drop in Air Pollution Because
of COVID-19. https://www.sciencemediacentre.org/expert-reaction-to-drop-
in-air-pollution-because-of-covid-19/
* Simonsen & Matthew, 1998; Hai, Zhao, Wang, & Hou, 2004; Karlsson, Pichler,
& Nilsson, 2014; Lee & Cho, 2017; Harilal, 2020; Gordon, 2020; World Trade
Organization[WTO],2020،
* Study reveals: Corona rumors cost hundreds of lives - government measures can also
be harmful. (2020, April18). The Limited Times: https://newsrnd.com/
news/2020-08-13-study-reveals--corona-rumors-cost-hundreds-of-lives---
government-measures-can-also-be-harmful.BJvp9m7fD.html
* The 18th International Learning and Technology Conference (2020, January). Effat
University. https://n9.cl/o1ya9
* Torrau, S. (2020). Exploring teaching and learning about the corona crisis in social
studies webinars Acase study. Journal of Social Science Education,19, pp. 15-29.
* Valimaa, R., Kannas, L., Lahtinen, E., Peltonen, H., Tynjala, J., & Villberg, J. (2008).
Finland: innovative health education curriculum and other investments.
https://n9.cl/u8dh
* World Bank Group. (2020). Pandemic,Recession:The Global Economy in Crisis.
World bank Group.https://www.worldbank.org/en/publication/global-
economic-prospects
* World Bank Group. (2020). Poverty and Shared Prosperity 2020. World bank Group.
https://openknowledge.worldbank.org/bitstream/
handle/10986/34496/211602ov.pdf
* World Health Organization (2020). Managing the COVID-19 infodemic:
Promoting healthy behaviours and mitigating the harm from misinformation
and disinformation. https://www.who.int/news/item/23-09-2020-managing-
the-covid-19-infodemic-promoting-healthy-behaviours-and-mitigating-the-
harm-from-misinformation-and-disinformation
* World Health Organization(2020). UN tackles ‘infodemic’ of misinformation
and cybercrime in COVID-19 crisis. https://www.un.org/en/un-coronavirus-
communications-team/un-tackling-%E2%80%98infodemic%E2%80%99-
misinformation-and-cybercrime-covid-19
* World Health (2020). WHO says over 22,000 healthcare workers across 52
countries infected by COVID-19. https://health.economictimes.indiatimes.
com/news/industry/who-says-over-22000-healthcare-workers-across-52-
countries-infected-by-covid-19/75107238
* WHO. (2020, October 14). WHO coronavirus Disease(COVID-19)Dashboard. World
Health Organization. Retrieved December 5,2020, from https://covid19.
who.int/table
* UN Women. (2020). From insights to action:Gender Equality in the wake of covid-19. United
Nations Entity for Gender Equality and the Empowerment of Women. https://www.unwom
en.org/-/media/headquarters/attachments/sections/library/publications/2020/gender-
equality-in-the-wake-of-covid-19-en.pdf?la=en&vs=5142

179
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫‪180‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫الفصل السابع‬
‫املناهج الدراسية للعلوم يف ظل جائحة كوفيد‪:19-‬‬
‫واقع ورؤى مستقبلية‬
‫د‪ .‬حممد عيل شحات‬

‫‪181‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫‪182‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫مقدمة‬
‫ً‬
‫توضيحا لألهداف العامة تلدريس العلوم‪ ،‬يليها جاحئة كوفيد‪19-‬‬ ‫يتناول الفصل اآليت‬
‫ً‬ ‫ُّ‬
‫وتأثرياتها يف املجتمع والعملية اتلعلمية‪ ،‬وكذلك توضيحا تلأثريات جاحئة كوفيد‪،19-‬‬
‫ًّ‬
‫اسرتاتيجيا تلعليم العلوم خالل جاحئة كوفيد‪19-‬‬ ‫ً‬
‫خيارا‬ ‫واتلعليم اإللكرتوين بوصفه‬
‫يف دول العالم‪ ،‬واملختربات االفرتاضية وتدريس العلوم خالل كوفيد‪ ،19-‬ونظم إدارة‬
‫ُّ‬
‫اتلعلم الرقيم املناسبة ملناهج العلوم يف ظل جاحئة كوفيد‪ ،19-‬وبعض اإلرشادات اليت تدعم دور‬
‫املدرسة يف تعليم العلوم خالل جاحئة كوفيد‪ ،19-‬وكيفية تنفيذ تعليم ّ‬
‫فعال للعلوم يف ظل اجلاحئة‬
‫وما بعدها‪ ،‬وخاتمة توضح أهم ما تناوهل الفصل‪.‬‬

‫األهداف العامة لتدريس العلوم‬


‫تتلخص األهداف العامة تلدريس العلوم للمرحلة األساسية يف اآليت‪:‬‬
‫‪ .1‬مساعدة املتعلمني ىلع تعميق العقيدة اإلسالمية يف نفوسهم‪ ،‬وترسيخ اإليمان باهلل يف‬
‫قلوبهم‪ ،‬وتنمية اجتاهات إجيابية حنو اإلسالم‪ :‬وذلك من خالل دراستهم خصائص الاكئنات‬
‫احلية‪ ،‬وما أورد عن اهلل فيها من آيات دالة ىلع عظيم قدرته وبالغ حكمته‪ ،‬ومن خالل دراسة‬
‫بعض أجهزة جسم اإلنسان وتنمية ميول الطالب إىل ابلحث عن آيات اهلل يف نفسه ويف سائر‬
‫الاكئنات احلية‪ ،‬وربط املبحث بالقرآن الكريم والسنة انلبوية‪ ،‬ومساعدة الطالب ىلع ابلحث‬
‫عن اآليات القرآنية واألحاديث ذات الصلة‪ ،‬ودعم العقيدة اإلسالمية اليت تستقيم بها نظرة‬
‫الطالب إىل الكون واإلنسان واحلياة يف ادلنيا واآلخرة‪.‬‬

‫‪183‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫ّ‬
‫‪ .2‬مساعدة املتعلمني ىلع كسب معلومات علمية مناسبة بصورة وظيفية؛ إذ تعترب املعلومات‬
‫تصور أن هناك معرفة حقة‪.‬‬‫الركن األسايس يف تعليم العلوم‪ ،‬فمن دون املعلومات ال يمكن ّ‬
‫ولكن‪ ،‬العلم ليس جمرد رسد هلذه املعلومات‪ ،‬فما نتصوره ايلوم أنه حقيقة قد ال يصبح‬
‫كذلك ً‬
‫غدا‪ ،‬والطالب ينسون املعلومات بعد مدة قصرية من دارستها‪ ،‬ذللك جيب أن تكون‬
‫ّ‬
‫وظيفية يف حياة الطالب‪،‬‬ ‫املعلومات وسيلة وليست اغية‪ .‬واملعلومات تصبح وسيلة إذا اكنت‬
‫أي جيد الطالب فيها معىن يرتبط حباجاتهم اجلسمية وانلفسية واالجتماعية‪.‬‬
‫‪ .3‬مساعدة املتعلم ىلع كسب املهارات العلمية املناسبة‪ :‬جيب تدريب املتعلم ىلع ممارسة‬
‫املهارات العلمية يف أبكر فرصة مناسبة منذ بداية املرحلة األساسية‪ ،‬واالستمرار يف تدعيم‬
‫هذه املهارات وتنميتها دلى الطالب‪ ،‬وليس املقصود باملهارات العلمية املهارات انلفس‬
‫حركية فقط‪ ،‬بل تشمل ً‬
‫أيضا املهارات العقلية واالجتماعية‪.‬‬
‫• تتعلق املهارات انلفس حركية بالعمل املعميل‪ ،‬وتشمل‪ :‬مهارات استخدام األجهزة‬
‫العلمية‪ ،‬وطرق قياس الوزن‪ ،‬والترشيح‪.‬‬
‫• تتعلق املهارات األكاديمية (العقلية) بمهارات اتلفكري‪ ،‬وتشمل‪ :‬املالحظة والقياس‬
‫واتلصنيف واتلفسري واالستنتاج واالستقراء واالستنباط وغريها‪.‬‬
‫• تتعلق املهارات االجتماعية بمهارة العمل يف جممواعت‪ ،‬واجلمااعت وانلوادي العلمية‪.‬‬
‫وتربز أهمية العمل اجلمايع يف أنه يساعد املعلمني ىلع تعليم أسايلب املناقشة‪ ،‬وما‬
‫يتطلبه ذلك من مهارة االستماع واتلفتح اذلهين واحرتام آراء اآلخرين إذا ثبت صحتها‬
‫وغريها‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ .4‬تدريب املعلم ىلع ممارسة األسلوب العليم يف اتلفكري‪ :‬يعد اتلفكري عملية أساسية تتسم‬
‫باذلاكء‪ ،‬فاتلفكري السليم هو اذلي يمزي اإلنسان عن غريه من سائر الاكئنات‪ .‬ويتمثل دور معلم‬
‫العلوم يف تنمية اتلفكري العليم دلى املتعلمني يف تشجيعهم ىلع ابلحث‪ ،‬وطرح األسئلة حول‬
‫ما يسمعون أو ما يقرؤون أو يرون من أشياء وظواهر علمية‪ ،‬وممارسة مهارات اتلفكري العلمية‬
‫ُّ‬ ‫ً‬
‫بدءا من حتديد املشلكة وحىت حلها يف مواقف تعليم وتعلم العلوم‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ .5‬مساعدة املتعلم ىلع كسب اجتاهات علمية مناسبة بطريقة وظيفية‪ :‬جيب أن يسىع تعليم‬
‫العلوم لزتويد الطالب باإليمان بالسببية القائمة ىلع أسس موضوعية ختضع للمالحظة‬
‫واتلجريب‪ ،‬واإليمان بالعلم بوصفه وسيلة حلل ما نواجه من مشكالت‪ ،‬واألمانة العلمية‬
‫وعدم الترسع يف إصدار األحاكم حىت تتجمع األدلة الاكفية‪.‬‬
‫‪ .6‬مساعدة املتعلم ىلع كسب االهتمامات أو امليول العلمية املناسبة بطريقة وظيفية‪ :‬كشف‬
‫ّ‬
‫تعد ً‬ ‫ً‬
‫أمرا‬ ‫امليول العليمة للطالب واحتياجاتهم‪ ،‬واعتبارها منطلقا لزتويدهم خبربات هادفة‬
‫ً‬
‫رضوريا نلجاح تعليم العلوم‪ ،‬ودور املعلم يف تنمية امليول العلمية دلى طالبه يتمثل يف كشف‬

‫‪184‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫اهتماماتهم العلمية ومساعدتهم ىلع تنميتها‪.‬‬


‫‪ .7‬مساعدة املتعلم ىلع كسب صفة تذوق العلم وتقدير جهود العلماء‪ :‬إن جمرد رسد اإلجنازات‬
‫اليت حققها العلم‪ ،‬أو تنازهلا بصورة إنشائية ال حيقق هدف تذوق العلم وتقدير جهود العلماء‪،‬‬
‫ذللك جيب أن ينبهر الطالب بقيمة العلم‪ ،‬وحيدث هذا عندما يعلم الطالب الصعوبات‬
‫واتلضحيات اليت بُذلت يف سبيل تقدم العلم واإلنسانية‪ .‬ذلا؛ ىلع معليم العلوم أن يربزوا دور‬
‫العلماء املسلمني والغرب وآثارهم يف تقدم العلم وتطوره‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وأصبح حتقيق تلك األهداف يف ظل جاحئة كوفيد‪ 19-‬أمرا صعبا‪ ،‬ويف بعض األحيان يمثل‬
‫الرسمية داخل ابلدلان اكفة‪ ،‬وهذا يمكن توضيحه يف اآليت‪:‬‬‫َّ‬ ‫َّ‬
‫اتلعلمية‬ ‫حتديًا للمؤسسات‬

‫جائحة كوفيد‪ 19-‬وتأثيراتها في تدريس العلوم‬


‫أوجدت جاحئة كوفيد‪ 19-‬أكرب انقطاع يف نظم اتلعليم يف اتلاريخ‪ ،‬وظهر أثر ذلك يف‬ ‫ ‬
‫تدريس العلوم‪ ،‬فقد وجد املعلمون والطلبة أنفسهم أمام جمموعة من احلواجز اليت مثلت دليهم‬
‫ً‬
‫(وجها‬ ‫حتديات وصعوبات يف حتقيق املساواة يف اتلعليم؛ إذ أحدث االنتقال من اتلعلم املبارش‬
‫ً‬
‫لوجه) إىل اتلعليم اإللكرتوين عن بعد صعوبة يف وصول اتلعليم إىل مجيع الطلبة‪ ،‬وأصبح اتلعليم‬
‫غري املزتامن أحد اخليارات الرئيسة تلعلم العلوم وأنشطته‪ ،‬وقد ظهر هذا ًّ‬
‫جليا بالنسبة إىل الطلبة‬
‫ذوي املستوى االجتمايع واالقتصادي املنخفض‪ ،‬وكذلك الطالب ذوي االحتياجات اخلاصة‪ ،‬كما‬
‫اتلكيف الرسيع واالنتقال إىل اتلعليم عن بعد‪ ،‬وقد شملت هذه اتلحديات‬ ‫ُّ‬ ‫اكن ىلع املعلمني‬
‫والصعوبات اآليت‪:‬‬
‫ّ‬
‫‪ *‬جوانب تقنية وفنية‪ :‬تتمثل يف أن بعض معليم العلوم غري ملم بكيفية اتلدريس الزتامين‪،‬‬
‫وتسجيل املحارضات‪ ،‬ورفع معايري تقويمية لألنشطة واتللكيفات غري الصفية وحفظ ابليانات‬
‫وإعطاء تغذية راجعة عن تلك األعمال‪ .‬وحاجة املعلمني إىل مزيد من اجلهد تلحديد الوسائط‬
‫ً‬
‫اتلفاعلية املناسبة ألهداف اتلدريس وفقا لطبيعة لك موضوع؛ فعملية حث الطلبة ىلع‬
‫لاً‬ ‫ّ‬
‫تعد ً‬
‫أمرا ليس سه ‪ .‬كما أنه ليس‬ ‫املشاركة واملحافظة ىلع دافعيتهم وانتباههم عرب األجهزة‬
‫اكف عن منصة موودل‪ ،‬وكيفية اتلجاوب معها ومع األنشطة‬ ‫بلعض الطلبة معلومات وتدريب ٍ‬
‫ُ‬
‫اليت ترفع عليها من جانب أستاذ املقرر‪.‬‬
‫* جوانب متصلة بتصميم وختطيط وتقويم اتلعلم اإللكرتوين‪ ،‬وتشمل‪ :‬عدم جاهزية املعلمني‬
‫للتدريس اليلك عرب منصات إلكرتونية‪ ،‬وإجراء اتلخطيط لعملية اتلعلم تصميمها وتقويمها‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫َّ‬
‫اتلدريسية املناسبة يف ضوء اتلعلم‬ ‫وعدم مقدرة بعض املعلمني ىلع حتديد االسرتاتيجيات‬
‫اإللكرتوين‪ .‬وعدم مناسبة اتلعلم اإللكرتوين للجوانب اتلطبيقية اليت حتتاج إىل ممارسة مبارشة‬
‫من جانب الطلبة‪ ،‬وخباصة األنشطة العملية‪ ،‬وعدم مواءمة بعض اتلطبيقات اليت توفرها‬

‫‪185‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫املنصة لعملية اتلقييم انلهايئ ورصد عالمات الطلبة‪.‬‬


‫ُّ‬
‫‪ *‬جوانب متعلقة بإدارة اتلعلم اإللكرتوين عن بعد‪ :‬قد تكون يف عدم جاهزية املعلمني‬
‫إلعداد أنشطة إثرائية وعالجية للطلبة وفق متطلبات منصات اتلعلم اإللكرتوين‪ ،‬وعدم‬
‫مقدرة املعلم ضبط إجراءات األمانة العلمية وتقليل االنتحال يف األعمال املقدمة من الطلبة‪،‬‬
‫ُّ‬
‫واخنفاض ادلافع اذلايت دلى بعض الطلبة للتعلم عن بُعد‪.‬‬
‫‪ *‬جوانب حبثية عرب شبكة اإلنرتنت‪ :‬تشمل عدم معرفة بعض الطلبة كيفية ابلحث يف قواعد‬
‫ابليانات اإللكرتونية‪.‬‬
‫‪ *‬جوانب مايلة واقتصادية‪ :‬تتمحور حول عدم القدرة املايلة املتمثلة يف عدم توفر األجهزة‬
‫وشبكة اإلنرتنت ورسعة اإلنرتنت دلى الكثري من الطلبة‪ ،‬فقد تفتقر بعض املناطق إىل وجود‬
‫شبكة واي فاي‪ ،‬ومن ثم يعتمد الطلبة ىلع شباكت اإلنرتنت اليت تعد ملكفة عند استعماهلا يف‬
‫حضور احلصص اإللكرتونية اليت تمتد سااعت متواصلة أو حىت استخدامها يف رفع امللفات‬
‫ذات السعة الكبرية ىلع املنصة‪.‬‬
‫‪ *‬جوانب مهنية متصلة بمعليم العلوم‪ :‬تتمركز حول وجود عبء تدرييس دلى بعض أعضاء‬
‫ّ‬
‫ادلراسية‪ ،‬واتلدريس ألكرث من منهج‬ ‫اهليئة اتلدريسية بكرثة انلصاب اتلدرييس يف الفصول‬
‫درايس للعلوم‪ ،‬وعدم إدراك بعض املعلمني قيمة وأهمية اتلعلم اإللكرتوين عن بعد‪.‬‬
‫وبشلك اعم‪ ،‬اكنت اجلاحئة فجائية؛ ذلا لم حيصل الطلبة واملعلمون خالهلا ىلع اتلدريب الاكيف‬
‫املتصل بكيفية استخدام منصات اتلعليم اإللكرتوين‪ ،‬وكيفية توظيفها بشلك صحيح حيقق‬
‫اهلدف من استخدامها‪ .‬ولكن‪ ،‬قامت معظم ادلول بعقد برامج تدريبية استثنائية ألعضاء‬
‫ّ‬
‫اتلدريسية يف املدارس ملواجهة هذه اتلحديات؛ فقد اكن اتلعلم اإللكرتوين عن بعد هو‬ ‫اهليئة‬
‫اخليار االسرتاتييج اذلي سعت معظم ادلول تلطبيقيه الستمرار تعلم العلوم يف املدارس‪.‬‬

‫ًّ‬ ‫ً‬
‫التعليم اإللكتروني بوصفه خيارا استراتيجيا لتعليم العلوم خالل جائحة‬
‫كوفيد‪ 19-‬في دول العالم‬
‫توجد العديد من الفوائد واملزيات اليت يقدمها اتلعليم اإللكرتوين تلدريس العلوم خالل جاحئة‬
‫كوفيد‪ ،19-‬واليت جتعله يتفوق ىلع طرائق اتلعليم اتلقليدية‪ ،‬يه‪:‬‬
‫‪ -‬تقليل اتلاكيلف؛ إذ يوفر اتلعليم اإللكرتوين تكايلف إنشاء صفوف جديدة لعمل دورات‬
‫وحلقات تعليمية‪ ،‬ويوفر الكهرباء واملاء وغريها من املواد املستخدمة يف املدرسة‪ ،‬إضافة إىل‬
‫أنه ال حاجة إىل اذلهاب إىل املدارس واملراكز اتلعليمية‪ ،‬وبذلك فإنه يقلل تكايلف اتلنقل‪.‬‬
‫‪ -‬متاح جلميع األفراد والفئات العمرية؛ إذ يستطيع األفراد مجيعهم ‪-‬بغض انلظر عن أعمارهم‪-‬‬
‫االستفادة من االجتمااعت واللقاءات وادلورات املطروحة ىلع اإلنرتنت‪ ،‬واكتساب مهارات‬

‫‪186‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫وخربات جديدة بعيدة عن قيود املدارس اتلقليدية‪.‬‬


‫‪ -‬املرونة؛ إذ يمكن تقديمه بشلك مزتامن أو غري مزتامن ال يرتبط بوقت معني‪ ،‬فيستطيع‬
‫األفراد اتلعلم يف أي وقت شاؤوا حبسب الوقت املالئم هلم‪.‬‬
‫‪ -‬استثمار الوقت وزيادة اتلعلم‪ ،‬إذ تقل اتلفاعالت غري املجدية بني الطالب من خالل تقليل‬
‫ادلردشة واألسئلة الزائدة اليت تضيع الوقت‪ ،‬فزتداد كمية ما يتعلمه الطالب دون أي تعطيالت‬
‫أو عوائق‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ -‬جعل اتلعليم أكرث تنظيما وحمايدة‪ ،‬إضافة إىل تقييم االختبارات بطريقة حمايدة واعدلة‪،‬‬
‫وادلقة يف متابعة إجنازات لك طالب‪.‬‬
‫‪ -‬صديق ابليئة‪ ،‬إذ ال يوجد استخدام لألوراق واألقالم اليت قد ترض ابليئة عند اتلخلص منها‪.‬‬
‫لاً‬ ‫إضافة إىل ذلك‪ ،‬سيكون اتلعليم اإللكرتوين َ‬
‫نمط اتلعليم السائد مستقب ‪ ،‬فاجليل احلايل‬
‫يتمزي بتعلقه بأجهزة اهلاتف اذلكية واستخدام اتلطبيقات املختلفة‪ ،‬ذللك فقد أصبح دمج‬
‫ُّ‬ ‫توجها اعمليًا ً‬
‫ً‬
‫اتلعرض هل من أزمات‪،‬‬ ‫أيضا ملقابلة ما يتم‬ ‫اتلكنولوجيا يف العملية اتلعليمية‬
‫ً‬ ‫لاً‬ ‫ُ‬
‫اتلفاعل مع األنشطة اتلعليمية من خالل األجهزة املحمولة يشلك اعم حمفزا للتعلم‬ ‫وأصبح‬
‫لاً‬
‫بد من االكتفاء بادلراسة اتلقليدية‪.‬‬

‫وىلع الرغم من الفوائد الكثرية للتعليم اإللكرتوين‪ ،‬فإن هناك بعض السلبيات اليت تكتنف‬
‫توظيفه يف تدريس العلوم‪ ،‬مثل‪:‬‬

‫‪187‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫‪ -‬عدم حتقق املساواة يف تعلم العلوم العتماده ىلع اتلكنولوجيا بشلك كبري‪ ،‬فعىل الرغم من أن‬
‫اتلعليم اإللكرتوين متاح جلميع األفراد‪ ،‬خاصة الطالب من العائالت املحرومة‪ ،‬فإنه قد ال‬
‫تتوفر للكثري منهم هواتف ذكية أو أجهزة حاسوب أو شبكة اتصال‪.‬‬
‫‪ -‬تدين مستوى اتلحفزي واتلنظيم‪ ،‬ألن اتلعليم اإللكرتوين ذايت؛ فقد جيد بعض األشخاص‬
‫صعوبة يف حتفزي نفسه ىلع اتلعلم ومقاومة اللعب‪ ،‬وتنظيم عملية اتلعلم‪.‬‬
‫لاً‬
‫‪ -‬العزلة والوحدة‪ ،‬إذ تنشأ بسبب تفاعل الطلبة مع أجهزة حواسيب وهواتف ذكية بد من‬
‫تواصلهم وتفاعلهم بطريقة مبارشة بعضهم مع بعض‪.‬‬
‫لاً‬
‫ويمكن أن يكون اتلعليم اإللكرتوين عن بُعد فاع إذا أجرى معلمو العلوم اإلجراءات اآلتية‪:‬‬
‫ٍّ‬
‫تعلييم‬ ‫تصميم‬
‫ٍ‬ ‫‪ -1‬تنظيم املحتوى اتلعلييم ملادة العلوم‪ :‬قد يلجأ املعلمون إىل تبين‬
‫إلعداد مادة تعليمية حتقق األهداف بفاعلية‪ ،‬ودراسة احتياجات الطالب اتلعليمية‪،‬‬
‫وحتديد األهداف والوسائل املناسبة تلحقيقها‪ ،‬واختيار أدوات القياس واتلغذية الراجعة‪.‬‬
‫‪ -2‬اختيار الوسائل اتلعليمية املناسبة تلدريس املوضوع العليم‪ :‬ويف اتلعليم اإللكرتوين‬
‫يتحدد اختيار الوسائل اتلعليمية باختيار الربجمية اتلعليمية املناسبة للتواصل‪ ،‬ووسيلة‬
‫اتلواصل الفعالة واملنترشة بني الطلبة‪.‬‬
‫‪ -3‬حتديد أدوات القياس املناسبة‪ :‬ألن اتلعليم اإللكرتوين يعاين من ضعف يف موثوقية‬
‫اتلقييم‪ ،‬وصعوبة ضبط تنفيذ االختبارات‪ ،‬وتعذر عملية املراقبة تفاديًا للغش؛ فقد يلجأ‬
‫ُ‬
‫اتلفاعل مع الطلبة‪ ،‬أو استخدام اتلقويم احلقييق‪.‬‬ ‫املعلمون إىل اتلقويم اتلكويين خالل‬
‫ُّ‬ ‫ُّ‬
‫‪ -4‬تفريد اتلعلم وتلبية احتياجات اتلعلم وأنماطه املختلفة‪ :‬وذلك بمرااعة تنوع أنماط‬
‫اتلعلم بني الطلبة‪ ،‬ومرااعة كفاياتهم احلاسوبية‪ ،‬ومرااعة ظروفهم من حيث أوقات‬

‫‪188‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫ادلراسة واختالف جودة الشباكت واألجهزة دليهم‪.‬‬


‫‪ -5‬انلمو املهين وحتسني املعلم باستمرار لكفاياته اإللكرتونية‪ ،‬وحتسني مستوى اجلاهزية‬
‫الستخدام اتلكنولوجيا احلديثة يف عملية اتلعليم‪.‬‬
‫ويف ضوء تلك الفاعلية اليت يمكن توظيفها تلحقيق أهداف تدريس العلوم يف ظل جاحئة‬
‫كوفيد‪19-‬؛ فقد ظهرت تقنية الواقع االفرتايض بوصفها أحد احللول ابلديلة للتجارب‬
‫املعملية املبارشة املتضمنة يف تدريس العلوم‪.‬‬

‫المختبرات االفتراضية وتدريس العلوم خالل كوفيد‪19-‬‬


‫لاً‬
‫ظهرت بعض اتلطبيقات املمكن استخدامها يف تدريس العلوم بوصفها بدي لألنشطة‬ ‫ ‬
‫ً‬
‫ذات االتصال املبارش وجها لوجه‪ ،‬منها تقنية الواقع االفرتايض ‪ Virtual Reality‬اليت يمكن‬
‫تنفيذها بثقة يف مناهج العلوم عرب الصفوف ادلراسية‪ ،‬وخباصة خالل جاحئة كوفيد‪ 19-‬من خالل‬
‫ُّ‬
‫توظيف املختربات االفرتاضية‪ ،‬إذ توفر خربات واقعية ملموسة‪ ،‬وإماكنيات للتغلب ىلع حتديات‬
‫اتلدريس املبارش واتلطبيق العميل يف املدارس وصعوباته‪ .‬وترتكز فلسفة املخترب االفرتايض ىلع‬
‫عدد من األسس واملبادئ اليت تنبثق من فلسفة الواقع االفرتايض واتلعليم االفرتايض‪ ،‬إذ يقوم‬
‫املخترب االفرتايض عليهما‪ ،‬ومن هذه األسس ما يأيت‪:‬‬
‫‪ .1‬تسىع معامل العلوم االفرتاضية ثالثية األبعاد بلناء عوالم قوامها الرموز‪ ،‬وذلك من أجل‬
‫حمااكة الواقع‪ ،‬أو إقامة عوالم خيايلة صنيعة الرقمنة والوسائط املتعددة‪ ،‬يستغرق فيها املتعلم‬
‫يلمارس خربات يصعب عليه ممارستها يف اعمله احلقييق‪ ،‬كأنه جيوب الفضاء اخلاريج‪ ،‬أو‬
‫يتجول داخل املفاعل انلووي‪.‬‬

‫‪189‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫لاً‬ ‫ُ‬
‫‪ .2‬جتاوز الواقع احلقييق وادلخول إىل اعلم خيايل وكأنه الواقع‪ ،‬فقد أنشئت بوصفها بدي للواقع‬
‫لصعوبة الوصول إيله أو خلطورته‪ ،‬مثل‪ :‬احلضور يف ماكن انفجار الرباكني‪.‬‬
‫‪ .3‬فردية اتلعلم وحرية املتعلم‪ :‬فلك متعلم يتعلم بمفرده‪ ،‬حبسب ما يملكه من استعدادات‬
‫ُّ‬
‫وقدرات وما حيتاج إيله من متغريات مطلوب إحداثها‪ ،‬ويه أمور تؤدي إىل االهتمام باتلعلم‬
‫لاً‬
‫أكرث من اتلعليم‪ ،‬واالهتمام باتلدريب ىلع إنتاج املعرفة بد من تلقيها‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ .4‬استمرارية اتلعليم‪ :‬عن طريق إتاحة اتلعلم مدى احلياة‪ ،‬اذلي يمثل رضورة ملحة ال يمكن‬
‫االستغناء عنها يف ظل ما يفرضه العرص من متطلبات ومتغريات جديدة‪ ،‬إذ يتيح ألي فرد أن‬
‫يلتحق به يف الوقت اذلي يراه مناسبًا لظروفه‪ ،‬وذلك تلطوير معارفه باستمرار من أجل مردود‬
‫تلحمل املسؤويلة‪.‬‬‫ّ‬ ‫تربوي أفضل‪ ،‬ونتائج معرفية أفضل تؤدي إىل تكوين فرد قابل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اتلعليمية القديمة‪ ،‬وتأكيد استمرارية اتلعلم مدى‬ ‫‪ .5‬إزالة احلواجز الزمنية واملاكنية يف انلظم‬
‫وتنوع أسايلبه ووسائله‪ ،‬واتساع نطاق اتلعليم للجميع؛ إذ إنه يتسم باملرونة من حيث‬ ‫احلياة‪ّ ،‬‬
‫رشوط القبول به وإتاحة احلوار الفعال بني انلظري واتلطبييق‪.‬‬
‫‪ .6‬اتلعليم عن بُعد‪ :‬عن طريق االعتماد ىلع وسائل جديدة وطرائق حديثة يف اتلعليم تعبرّ‬
‫ً‬
‫تعليما بال‬ ‫عن روح العرص ومتطلباته‪ ،‬واتلخلص من انلمط اتلقليدي للتعليم‪ ،‬وأن يكون‬
‫أسوار‪.‬‬
‫‪ .7‬االعتماد ىلع اتلكنولوجيا اليت تستخدم الكمبيوتر وشبكة اإلنرتنت يف تويلف خربة حسية‬
‫جتعل املتعلم ال يستطيع اتلميزي بني اخلربة االفرتاضية واخلربة احلقيقية‪.‬‬
‫‪ .8‬تعرب معامل العلوم يف فلسفتها عن حمور مهم يف جمال الوسائط املتعددة‪ ،‬فيه تستخدم‬
‫عوالم خيايلة‪ ،‬وذلك من خالل جتارب خمتلفة‪.‬‬ ‫َ‬ ‫قائم أو خلق‬
‫وضع ٍ‬‫تطبيقات متعددة‪ ،‬مثل حمااكة ٍ‬
‫وقد ساعد اتلعلم بمساعدة الكمبيوتر ىلع تسهيل فهم الطلبة املفاهيم العلمية‪ ،‬وتوفري فرص اتلعلم‬
‫اذلايت للطالب‪ ،‬وذلك للوصول إىل املعرفة العلمية بأنفسهم‪ ،‬وهذا قد ال حيدث يف املعمل احلقييق؛‬
‫َ‬ ‫ُ َّ‬
‫املعلم‬ ‫إذ تقدم املعلومات جاهزة للتالميذ‪ .‬ساعد استخدام الكمبيوتر يف إجراء اتلجارب العلمية‬
‫واملتعلم ىلع إجراء اتلجارب الكيميائية يف وقت قصري‪ ،‬وبطريقة توفر األمن والسالمة‪ ،‬وبدقة‬ ‫َ‬
‫علمية متناهية‪ ،‬وهذا يزيد من قدرة املتعلم ىلع املالحظة العلمية‪ ،‬وتنمية امليول واالجتاهات‬
‫العلمية دليهم‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ويؤدي املخترب االفرتايض دورا مهما يف اتلغلب ىلع أوجه القصور اليت يعاين منها املعمل احلقييق‪.‬‬
‫وتتمثل أهمية املعمل االفرتايض يف اآليت‪:‬‬
‫تعوض انلقص يف اإلماكنات املعملية احلقيقية لعدم توافر اتلمويل الاكيف‪.‬‬ ‫‪ّ -‬‬ ‫‪ ‬‬
‫‪ -‬إماكنية العرض املريئ للبيانات والظواهر اليت ال يمكن عرضها من خالل اتلجارب‬ ‫‪‬‬
‫احلقيقية‪.‬‬

‫‪190‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫املقرر ادلرايس بتجارب عملية تفاعلية‪ ،‬وهذا يصعب حتقيقه‬ ‫‪ -‬إماكنية تغطية لك أفاكر ّ‬
‫من خالل املعمل احلقييق‪ ،‬نتيجة ملحدودية اإلماكنات واملاكن والوقت املتاح للتجارب‬
‫العملية‪.‬‬
‫‪ -‬أوجدت الفعايلة يف تعليم اتلالميذ من خالل تصميم معلومات ثالثية األبعاد وتمثيلها‬ ‫‪‬‬
‫بوصفها برامج متعددة الوسائط يف بيئة افرتاضية ‪Virtual Environment‬؛ ما‬
‫يساعدهم ىلع بناء خربات تعليمية ّ‬
‫فعالة‪.‬‬
‫‪ -‬باستخدام تقنيات معامل العلوم االفرتاضية ثالثية األبعاد يتم مزج العالم احلقييق‬ ‫‪‬‬
‫ختييل‪ ،‬وخلق بيئة مشابهة ً‬
‫تماما للبيئة الواقعية‪.‬‬ ‫بعالم ّ‬
‫‪ -‬يستخدمها الطلبة تلنفيذ جتاربهم ومشاريعهم اتلعليمية املتنوعة؛ إذ إن بيئته قابلة‬
‫للسيطرة عليها وحتديد مكوناتها‪.‬‬
‫‪ -‬تقدم اتلعليم بصورة جذابة حتتوي ىلع املتعة والتسلية ومعايشة املعلومات‪.‬‬
‫‪ - ‬حتقق اخليال اتلعلييم للطلبة‪ ،‬فلك ما حيلم بتحقيقه يتحقق؛ إذ إنه يرى املعلومات تتحرك‬
‫أمامه ويعيش داخلها‪ ،‬كأن يطري داخل املجرة الفضائية‪.‬‬
‫بدءا من صفحات الكتاب واخلرائط اليت حتتوي عليها‪،‬‬ ‫‪ -‬تظهر األشياء ثالثية األبعاد‪ً ،‬‬
‫ً‬
‫واضحا وهل سمك قابل للقياس ىلع الورقة‪.‬‬ ‫حىت احلرب اذلي يكتب به اتللميذ يظهر‬
‫‪ -‬تساعد ىلع جعل املعلومات حقيقية أكرث؛ ما جيعل اتلالميذ قادرين ىلع اتلحصيل‬
‫برسعة أكرب‪.‬‬
‫‪ -‬توجد دلى اتلالميذ رغبة يف اتلعليم‪ ،‬ودافعية ملمارسة املعلومات ومشاهدتها‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ -‬يعمل قنطرة بني العالم املحسوس يف الطبيعة والعالم املجرد للمفاهيم وانلماذج‪ ،‬كما أنه‬
‫يسمح بتنمية الويع اذلايت واتلفاعل يف أثناء عملية اتلعلم‪ ،‬وأنه ال توجد طريقة تسمح‬
‫للتالميذ باالخنراط يف عملية اتلعلم تماثل ما حيدث يف اتلعلم املرتبط بتكنولوجيا الواقع‬
‫االفرتايض‪.‬‬
‫‪ -‬يشجع املتعلم ىلع املشاركة يف حل املشكالت‪ ،‬وتنمية املفاهيم‪ ،‬واتلعبري اإلبدايع؛ إذ‬
‫يشارك الطلبة يف بيئة إجيابية تشغلهم يف تعلم شامل للعقل واجلسد‪ ،‬سيمزج مثل هذا‬
‫اتلعلم بني املهارات املعرفية والوجدانية وانلفس حركية‪.‬‬
‫‪ - ‬حيقق اتلفاعلية يف عملية اتلعلم؛ فهو بيئة شبكية تسمح لألفراد أن يتعلموا يف الوقت‬ ‫‪‬‬
‫ً‬
‫نفسه‪ ،‬وأن يدخلوا ىلع اجلهاز يف آن واحد‪ ،‬بذلك يصبح املتعلمون أكرث استغراقا يف‬
‫عملية اتلعلم‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ -‬يقلل من الفجوة الكبرية يف عملية اتلعليم املستمر‪ ،‬واتلدريب اتلخصيص‪ ،‬واتلعليم‬ ‫‪‬‬
‫مدى احلياة بتقديمه خدمات اعيلة اجلودة للعاملني يف مواقع عملهم دون احلاجة إىل‬

‫‪191‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫الطرائق اتلقليدية وامللكفة املتبعة حايلًا‪.‬‬


‫عرض أمامه دون ختطيط مسبق‪.‬‬ ‫‪ -  ‬يتيح املخترب إرشاك املتعلم يف اتلعبري اذلايت عما يُ َ‬
‫‪ -  ‬يساعد انتشار املعامل االفرتاضية وعوملتها ىلع ظهور معايري للتجريب العميل‪.‬‬
‫‪ -  ‬تتيح إماكنية ممارسة اتلجربة العملية خطوة خطوة‪.‬‬
‫ًّ‬ ‫ً‬
‫مشوقا‪.‬‬ ‫‪ -  ‬توفر مناخا علميًا تفاعليًا‬
‫وتُعد املختربات االفرتاضية من اتلقنيات احلديثة اليت زاد استخدامها‪ ،‬ويمكن أن تعطي ً‬
‫ثمارا‬
‫جيدة يف أثناء تنفيذ اتلجارب املعملية وتنمية املهارات املعملية دلى الطالب خالل اإلجراءات‬
‫االحرتازية جلاحئة كوفيد‪ .19-‬وقد تطور الواقع االفرتايض ليشمل ثالثة أقسام رئيسة‪:‬‬
‫‪ -1‬الواقع االفرتايض الالاغمر‪ :‬يرى الطالب الواقع االفرتايض بأبعاد ثنائية أو ثالثية من خالل‬
‫شاشة الكمبيوتر‪ ،‬ويمكنه اتلجول فيه باستخدام الفأرة‪.‬‬
‫ًّ‬
‫‪ -2‬الواقع االفرتايض شبه الغامر‪ :‬يتفاعل فيه الطالب نسبيا من خالل شاشة مسطحة قابلة‬
‫ً‬ ‫لاً‬
‫واسعا للرؤية‪.‬‬ ‫للميالن بدرجة ‪ ،130‬حبيث تتيح جما‬
‫ًّ‬
‫‪ -3‬الواقع االفرتايض الغامر‪ :‬يندمج الطالب لكيا يف الواقع االفرتايض‪ ،‬ويتفاعل من خالل‬
‫نظارات الرؤية والقفازات اخلاصة اليت تتيح هل الشعور بوجوده يف هذه ابليئة اليت تطابق الواقع‪.‬‬
‫ومن أمثلة املختربات االفرتاضية‪Default Virtual Lab Stockroom :‬‬
‫‪ ،)(chemcollective.org‬وفيما يأيت بعض الصور ملكونات الواقع االفرتايض‪:‬‬

‫شلك (‪)4‬‬ ‫شلك (‪)3‬‬ ‫شلك (‪)2‬‬ ‫شلك (‪)1‬‬


‫نظارات للرؤية‬ ‫جهاز الرأس‬ ‫الكهف‬ ‫املراقب املحيطي‬

‫ساعدت هذه املختربات االفرتاضية ىلع حتقيق أهداف تدريس العلوم املتعلقة باكتساب‬ ‫ ‬
‫ًّ‬
‫املعرفة العلمية وظيفيا‪ ،‬وذلا اكن تلنفيذ اجلانب العميل‪ ،‬واختصار الوقت واجلهد‪ ،‬ومن ثم زيادة‬
‫اتلحصيل ادلرايس وتنمية مهارات االستقصاء العليم للطلبة وتنمية جوانبهم الوجدانية مثل‬
‫االجتاهات وامليول حنو العلوم وغريها من املتغريات‪ٌ -‬‬
‫أثر إجيايب‪.‬‬

‫‪192‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫ّ‬
‫نظم إدارة التعلم الرقمي وتدريس العلوم في ظل جائحة كوفيد‪19‬‬
‫عند ظهور اجلاحئة‪ ،‬اجتهت مؤسسات اتلعليم عرب العالم إىل تفعيل نظم إدارة اتلعلم‬ ‫ ‬
‫اإللكرتوين؛ إذ تتيح هذه األنظمة إدارة مقررات إلكرتونية وإتاحة عمل تعاوين بني املعلم واملتعلم‪،‬‬
‫إذ يدير هذا انلظام لك هذه اجلوانب‪ .‬وتشمل العمليات عرض جدول املواد ادلراسية‪ ،‬وتسجيل‬
‫الطالب‪ ،‬وطباعة تقارير تلقويم خمرجات العملية اتلعليمية‪ ،‬وقائمة بأسماء الطالب‪ ،‬وإدارة‬
‫عملية إدخال درجات الطالب‪ ،‬وطباعة الشهادات‪ ،‬وعرض نتائج االختبارات‪ ،‬فهو نظام يساعد‬
‫ّ‬
‫اتلعليمية‪.‬‬ ‫ىلع إدارة العملية‬
‫ويمكن القول –باختصار‪ :-‬تعمل أنظمة إدارة اتلعلم ىلع إيصال حمتوى مادة العلوم إىل املتعلمني‬
‫ً‬
‫خمتصا يف إنشاء‬ ‫ً‬
‫نظاما‬ ‫دون امتالكها أدوات تأيلف املحتوى‪ .‬وبذلك‪ ،‬فإن نظام إدارة اتلعلم ليس‬
‫املحتوى وتطويره‪.‬‬
‫وقد استخدمت أنظمة جمانية مفتوحة املصدر‪ ،‬مثل‪ ،Moodle, Google Classroom :‬وأنظمة‬
‫مغلقة املصدر جتارية‪ ،‬مثل‪.Blackboard, Edmodo :‬‬
‫وفرت هذه األنظمة مجيعها بيئة بديلة ساعدت ىلع استمرارية تدريس العلوم‪ ،‬إذ يمكن حرص‬
‫مزايا هذه األنظمة اإللكرتونية إلدارة اتلعليم واتلعلم بمجموعة من اخلصائص واملزايا اليت‬
‫يمكن حرصها يف‪:‬‬
‫واجهة رسومية‪ :‬توجد واجهة رسومية يف معظم أنظمة إدارة اتلعلم‪ ،‬إذ يسهل اتلعامل معها من‬
‫خالل وجود األزرار والصور والقوائم مع قدرة املتعلم ىلع تغيري بعض هذه اخلصائص‪ ،‬مثل لون‬
‫الواجهة‪.‬‬
‫التسجيل‪ :‬تتيح هذه األنظمة للطالب التسجيل يف املقررات ومتابعة تفاصيل سري املقررات‬
‫رسوما دراسية يف حالة‬‫ً‬ ‫ادلراسية‪ ،‬ويف بعض األحيان قد يتطلب ذلك من الطالب أن يدفعوا‬
‫تقديمها مقررات غري جمانية‪.‬‬
‫اتلخصيص‪ :‬تتيح هذه اخلاصية اتلحكم يف طريقة عمل واجهة نظام إدارة اتلعلم‪ ،‬مثل‪ :‬تغيري‬
‫اللغة‪ ،‬أو تغيري الطريقة اليت يتم بها تنبيه املستخدم لوجود مشاراكت جديدة‪ ،‬أو تلقيه رسالة‬
‫ًّ‬ ‫خاصة أو ً‬
‫إلكرتونيا‪ .‬وهذه اخلاصية مهمة ألن للمستخدمني املتعددين تفضيالت خمتلفة‪.‬‬ ‫بريدا‬
‫ً‬
‫املساعدة يف إنشاء املحتوى وتوصيله‪ :‬يوفر نظام إدارة اتلعلم اجليد واجهة سهلة االستخدام‪ ،‬مع‬
‫وجود أمثلة أو طرائق لرشح كيفية حتميل امللفات والصور‪ ،‬أو إعطاء املتعلمني اختبارات مع تعدد‬
‫خيارات توصيل املحتوى للمتعلم‪.‬‬
‫اجلدولة وإدارة املحتوى‪ :‬وتعين جدولة املقرر خالل األسابيع ادلراسية‪ ،‬وحتديد مواعيد تسليم‬
‫الواجبات أو االختبارات أو األنشطة‪.‬‬
‫اتلواصل‪ :‬يمكن أن تدعم هذه األنظمة عملية اتلواصل بني املعلم واملتعلم من خالل القدرة‬
‫مجُ‬
‫دول للرسائل اإللكرتونية‪ .‬سيفيد هذا‬‫ٍ‬ ‫ىلع إرسال رسالة إىل الطالب مجيعهم أو بعضهم‪ ،‬وإرسال‬

‫‪193‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫لاً‬ ‫ً‬
‫كثريا يف تذكري الطالب بمواعيد االختبارات مث ‪ .‬ويمكن أن يتواصل الطالب فيما بينهم أو‬
‫مع املعلم عن طريق غرفة لدلردشة أو منتديات انلقاش‪ .‬وبناء ىلع ذلك‪ ،‬يمكن تقسيم االتصال‬
‫إىل مزتامن (مبارش) وغري مزتامن (غري مبارش)‪.‬‬
‫الفصول االفرتاضية‪ :‬يمكن أن حتتوي هذه األنظمة ىلع فصول افرتاضية عرب اإلنرتنت‪ ،‬ويمكن‬
‫أن تسمح للمعلم بإرسال دعوات للطالب حىت ينضموا إىل الفصل االفرتايض‪.‬‬
‫دعم شباكت اتلواصل االجتماعية‪ :‬يمكن هلذه األنظمة أن تكون متاكملة مع شباكت اتلواصل‬
‫االجتمايع‪ ،‬مثل‪ :‬القدرة ىلع مشاركة حمتوى من داخل هذه األنظمة عرب مواقع اتلواصل‬
‫االجتمايع‪ ،‬مثل فيسبوك أو تويرت‪.‬‬
‫اتلقارير‪ :‬يمكن أن حتتوي هذه األنظمة ىلع جمموعة من اتلقارير املتعلقة بالطالب ودرجاتهم‬
‫واملقررات ادلراسية ودرجات االختبار‪ ،‬حبيث يمكن تصديرها ىلع شلك ملفات ‪ Excel‬أو ‪Pdf‬‬
‫أو عرضها ىلع شلك رسوم بيانية‪ Charts‬؛ ما يسهل عليهم فهمها‪.‬‬
‫االختبارات‪ :‬إن القدرة ىلع اختبار الطالب عن طريق أنظمة إدارة اتلعلم يه أمر مهم ومكمل‬
‫أشاكل متعددة من االختبارات‪ ،‬وقد‬
‫ٍ‬ ‫للعملية اتلعليمية؛ إذ تساعد هذه األنظمة املعلمني ىلع تقديم‬
‫ً‬
‫توفريا للوقت‪.‬‬ ‫توفر نماذج جاهزة لالختبارات‬
‫الشهادات‪ :‬يمكن أن تدعم هذه األنظمة طباعة الشهادات اخلاصة باملتعلمني‪.‬‬
‫اتلعلم انلقال‪ :‬بدأ العديد من مزودي أنظمة إدارة اتلعلم بإضافة مزايا تدعم استخدام هذه‬
‫األنظمة عن طريق اهلواتف اذلكية‪ ،‬حبيث تعمل بطريقة تتناسب مع طبيعة اجلهاز املستخدم‪ ،‬وذلا‬
‫فإنه عند تصفح بعض الصفحات عرب اإلنرتنت جند أنها تعرض ىلع املستخدم اذلهاب إىل نسخة‬
‫ً‬
‫مالئما أكرث لألجهزة املتنقلة‪.‬‬ ‫املحمول حبيث يكون عرضها‬
‫استخدامها بوصفها أداة للتعلم املدمج‪ :‬يمكن استخدام هذه األنظمة إلدارة املقررات ادلراسية‬
‫من خالل إتاحة بعضها عرب شبكة اإلنرتنت أونالين ‪ Online‬جنبًا إىل جنب مع اتلعلُّم ً‬
‫وجها‬
‫ُّ‬
‫لوجه ‪ ،Face-to-Face‬وهو ما يسىم باتلعلم املدمج أو املخلوط أو اهلجني‪.‬‬
‫اتللعيب‪ :‬تعطي بعض أنظمة اتلعلم القدرة ىلع استخدام عنارص اللعب (انلقاط‪ -‬األوسمة‪-‬‬
‫املستويات‪ -‬اتلحديات‪ -‬اتلنافس) يف بناء احلوافز واملاكفآت ملوقف تعلييم؛ ما جيعل الطالب‬
‫اتلعليمية ويرفع من مستوى ادلافعية‪ ،‬فعىل سبيل املثال‪ :‬تمنح بعض‬ ‫َّ‬ ‫ً‬
‫اندماجا مع العملية‬ ‫أكرث‬
‫األنظمة أوسمة للطالب حينما ينجزون مهمة معينة‪.‬‬
‫شددت الكثري من ادلول ىلع أهمية دور املدارس يف كوفيد‪ 19‬من خالل تقديم ادلعم‬ ‫ ‬
‫انلفيس للطلبة‪ ،‬وتزويدهم باملهارات واملعارف واألدوات اليت تمكن من توفري بيئة تعلم صحية‪،‬‬
‫مؤكدين أن جناح اتلعلم اإللكرتوين عن بُعد متوقف ىلع تعاون املدارس مع أويلاء األمور ومتابعة‬
‫َ‬
‫أسباب استمرار اتلعليم اكفة‪.‬‬ ‫خصوصا بعد أن وفرت اجلهات املعنية‬ ‫ً‬ ‫سري اتلعليم‪،‬‬

‫‪194‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫بعض اإلرشادات التي تدعم دور المدرسة في تعليم العلوم خالل جائحة كوفيد_‪19‬‬
‫لاً‬ ‫ً‬
‫جيب أن تتم متابعة تعلم الطلبة للعلوم‪ ،‬ويعد املزنل رشيكا أصي يف تدعيم تعليم‬ ‫ ‬
‫العلوم من خالل توفري ما يأيت‪:‬‬
‫ً‬
‫خبريا يف العلوم! من أكرث األشياء ادلاعمة اليت تستطيع فعلها أن تكون‬ ‫رشطا أن تكون‬ ‫‪‬ليس ً‬
‫‪-‬‬
‫ً‬
‫اعل أو صف ما تفعله‬‫رشيكا يف االستقصاءات واتلفكري اخلاص يف ابنك‪/‬ابنتك‪ .‬فكر بصوت ٍ‬
‫يف أثناء فعلك ذلك‪ ،‬سواء أكان ذلك يف الطبخ‪ ،‬أم يف إصالح يشء ما‪ ،‬أم راعية احليوانات‬
‫األيلفة‪ ،‬أم األعمال املزنيلة األخرى‪ .‬اطرح األسئلة حىت عندما ال تعرف اإلجابة!‬
‫‪ -‬ادعم منطق طفلك باستخدام املناقشة‪ ،‬إذ يمكنك طرح أسئلة ىلع ابنك‪/‬ابنتك‪ ،‬مثل‪« :‬ماذا‬
‫تالحظ؟ ملاذا تعتقد أن هذا حيدث؟ ماذا يمكنك أن تعلمين عن هذا؟» إذا اكن دليك طفالن‬
‫أو أكرث يعمالن ً‬
‫معا‪.‬‬
‫‪ -‬يف أثناء عملك مع أطفالك يف استقصاءاتهم العلمية‪ ،‬يمكنك االخنراط يف جمموعة من أنواع‬
‫الكالم املثمرة‪.‬‬
‫‪ -‬حتدث عن اجلوانب املختلفة للعلوم‪ .‬يف أثناء متابعتك عملك مع أطفالك يف استقصاءاتهم‪،‬‬
‫أدرك أنه يمكنك املشاركة يف جمموعة من أنواع الكالم املثمرة‪.‬‬
‫‪ -‬يمكن لألنشطة اليت تمارسها بانتظام دعم تعلم العلوم اهلادف‪ ،‬الستكشاف أنواع االتصاالت‬
‫املمكنة‪ .‬يمكنك إجراء عمليات حبث عرب اإلنرتنت‪ .‬يمكن أن يفتح ذلك أنواعاً كثرية من‬
‫األسئلة واتلجارب ذات املغزى (ىلع سبيل املثال‪ :‬كيف يعمل الصابون وكيف نسمع األصوات)‪.‬‬
‫‪ -‬ربط العلم بعملك أو بعمل اعئلتك‪ :‬قد تكون هناك وسائل جمدية إلرشاك طفلك بصفته‬
‫جزءا من عملك اخلاص‪ ،‬ويمكنها أن تسهم يف تعلم علوم ذات مغزى‪ .‬يف عملك أو يف عمل‬ ‫ً‬
‫فرد آخر من العائلة‪ ،‬كيف يمكنك العثور ىلع إجابات عن أسئلتك؟ كيف توصل اتلقنيات‬
‫أو العمليات أو الفكرة؟ ما املشكالت واتلحديات اليت قد تواجهها؟ شارك عملك واسمح‬
‫لطفلك باتلفكري والعمل معك يف سياق ذي صلة باملهنة‪.‬‬
‫‪ -‬ابلناء من املصالح املتعلقة بالعلوم ألطفالك‪ .‬أنت تعرف طفلك‪ ،‬ضع يف اعتبارك إذا ما اكنت‬
‫دليه اهتمامات شخصية أو اعئلية أو جمتمعية ال حيصل عليها ً‬
‫دائما يف املدرسة‪ .‬هل توجد‬
‫مشاريع أو أفاكر أو تعاون قد يربط هذه االهتمامات بتعلمهم؟‬
‫لاً‬
‫‪ -‬إذا اتصل أطفالك فع بمواقع اتلواصل االجتمايع‪ ،‬فكر يف الوسائل اليت تمكنهم من استخدام‬
‫الشبكة االجتماعية ملناقشة األفاكر‪ ،‬وتقديم مالحظات بعضهم بلعض وتعميق اتلعلم‪ .‬قد‬
‫يبدو هذا مثل إنشاء سلسلة من مقاطع الفيديو تلجربة شائعة جيرونها ملشاركة انلتائج وإلقاء‬
‫نظرة إىل األنماط؛ إنشاء عالمة تصنيف تويرت أو إنستجرام يستخدمها الطالب تلوثيق حمادثة‬
‫مشرتكة أو موضوع يبحثون عنه ومتابعته‪ ،‬إنشاء مدونة مشاركة حول وجهات نظر خمتلفة‬
‫حول قضية أو مشلكة معينة يف العلوم‪ .‬كما يمكن تشكيل جممواعت من املعلمني وأويلاء‬

‫‪195‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫األمور ومديري املدارس ملعاجلة الشعور بالوحدة أو العجز‪ ،‬وتسهيل تبادل اخلربات‪ ،‬ومناقشة‬
‫اسرتاتيجيات اتلكيف عند مواجهة صعوبات يف تعلم موضواعت العلوم‪.‬‬
‫‪  -‬حتديد قواعد اتلعلم‪ :‬صمم أسئلة تقويمية أو اختبارات أو تمارين ملراقبة عملية تعلم الطالب‬
‫للعلوم من كثب داخل املزنل‪ .‬حاول استخدام األدوات الالزمة دلعم إرسال مالحظات طفلك‬
‫إىل معلميهم‪.‬‬
‫‪  -‬اتلنسيق مع املعلمني للمحافظة ىلع توقيت مناسب يتسق مع مستوى اتلنظيم اذلايت للطالب‬
‫وقدراتهم ما وراء املعرفية‪ ،‬خاصة يف الفصول املعتمدة ىلع ابلث املبارش‪.‬‬

‫كيفية تنفيذ تعليم فعال للعلوم في ظل الجائحة وما بعدها‪ :‬العلوم بوصفها‬
‫لاً‬
‫مدخ للحياة‬
‫‪ .1‬جيب إدماج أنشطة الوقاية من املرض والسيطرة عليه يف األنشطة وادلروس ايلومية للعلوم‪.‬‬
‫وجيب اتلحقق من أن املحتوى واألنشطة ترايع العمر واجلنس والعرق والوضع من حيث اإلاعقة‬
‫يف املوضواعت املتوفرة‪.‬‬
‫‪ .2‬تلبية احتياجات ادلعم انلفيس‪-‬االجتمايع ‪ /‬الصحة العقلية‪ :‬جيب تشجيع األطفال ىلع‬
‫مناقشة أسئلتهم وشواغلهم‪ ،‬واتلوضيح هلم أنه من الطبييع أن يستجيبوا ىلع حنو خمتلف بعضهم‬
‫بلعض‪ ،‬وتشجيعهم ىلع اتلحدث مع املعلمني إذا اكنت دليهم أسئلة أو شواغل‪ .‬وجيب تزويدهم‬
‫باملعلومات ىلع حنو رصيح وبأسلوب مالئم ألعمارهم‪ ،‬وجيب إرشاد الطالب حول كيفية دعم‬
‫نظرائهم‪ ،‬ومنع اإلقصاء واتلنمر‪ ،‬وجيب ضمان أن يعرف املعلمون ما املوارد املحلية املتوفرة‬
‫لضمان اعفيتهم‪ ،‬والعمل مع املوظفني الصحيني ‪ /‬املرشدين االجتماعيني يف املدرسة تلحديد‬
‫الطالب واملوظفني اذلين تظهر عليهم عالمات القلق وتقديم ادلعم هلم‪ .‬وفيما يأيت مقرتحات‬
‫للتثقيف الصيح املالئم من خالل حمتوى أنشطة العلوم وفق فئاتهم العمرية‪:‬‬
‫‪ .3‬فيما ييل اقرتاحات حول كيفية تطوير حمتوى وأنشطة العلوم بشلك يؤدي إىل انهماك الطالب‬
‫من فئات عمرية خمتلفة حول الوقاية من فريوس كوفيد‪ 19‬وغريه من الفريوسات والسيطرة ىلع‬
‫ً‬
‫انتشارها‪ ،‬وجيب تكييف األنشطة العلمية مع السياق استنادا إىل االحتياجات املحددة لألطفال‬
‫(اللغة‪ ،‬القدرة‪ ،‬اجلنس‪ ،‬إلخ)‪:‬‬
‫اً‬
‫أول‪ -‬دون سن املدرسة‬
‫• الرتكزي ىلع السلوك الصيح اجليد‪ ،‬من قبيل احتواء السعال والعطس بثين الكوع‪ ،‬وغسل‬
‫ايلدين بصفة مستمرة‪.‬‬
‫• إنشاد أغنية حول غسل ايلدين ملمارسة فرتة الغسل املوىص بها‪ ،‬وتبلغ ‪ 20‬ثانية — بوسع‬
‫األطفال «ممارسة» غسل ايلدين بمطهر يدين‪.‬‬

‫‪196‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫• وضع طريقة تلتبع غسل ايلدين وتقديم ماكفئة لألطفال اذلين يغسلون أيديهم بصفة‬
‫متكررة ‪ /‬يف الوقت الصحيح‪.‬‬
‫ُ‬
‫• استخدام دمية أو لعبة تلوضيح األعراض (العطس‪ ،‬السعال‪ ،‬احلىم) وما ينبيغ القيام به إذا‬
‫مرضوا‪ ،‬أي إذا اكنوا يشعرون بألم يف الرأس أو ابلطن وإذا شعروا بتعب زائد (وكيفية مواساة‬
‫شخص مريض) غرس اتلعاطف وسلوكيات الراعية اآلمنة‪.‬‬
‫• مباعدة املسافة اليت تفصل بني األطفال عند جلوسهم‪ ،‬والطلب منهم مد أذرعهم أو «خفق‬
‫أجنحتهم»‪ ،‬فيجب أن تظل مسافة اكفية تفصلهم عن أقرانهم تلجنب مالمسة بعضهم‪.‬‬

‫ً‬
‫ثانيا‪ -‬املدرسة االبتدائية‬
‫• اتلحقق من االستماع إىل شواغل األطفال واإلجابة عن أسئلتهم بأسلوب مالئم ألعمارهم‪،‬‬
‫مع عدم اإلفراط يف تقديم املعلومات‪ .‬وتشجيع األطفال ىلع اتلعبري عن مشاعرهم‪ ،‬ومناقشة‬
‫ردود الفعل املختلفة اليت قد يمرون بها ورشح أن هذه الردود يه ردود طبيعية إزاء وضع غري‬
‫طبييع‪.‬‬
‫• تأكيد أنه بوسع األطفال القيام بالكثري للمحافظة ىلع سالمتهم وسالمة اآلخرين‬
‫• تقديم فكرة املباعدة االجتماعية (الوقوف ىلع مسافة أبعد من األصدقاء‪ ،‬وجتنب احلشود‬
‫الكبرية‪ ،‬وعدم ملس انلاس إذا لم تكن هناك حاجة إىل ذلك‪ ،‬إلخ)‪.‬‬
‫• الرتكزي ىلع السلوكيات الصحية اجليدة‪ ،‬من قبيل االستخدام الصحيح لألدوات الصحية‬
‫واحتواء السعال والعطس بثين الكوع وغسل ايلدين‪.‬‬
‫• مساعدة األطفال ىلع فهم املفاهيم األساسية للوقاية من املرض والسيطرة عليه‪.‬‬
‫استخدام اتلمرينات إلظهار الكيفية اليت تنترش فيها اجلراثيم‪ ،‬ىلع سبيل املثال‪ :‬وضع ماء ملون‬
‫يف قنينة رش‪ ،‬ومن ثم رش املاء ىلع ورقة بيضاء‪ ،‬ومالحظة املسافة اليت يصلها الرذاذ‪.‬‬
‫توضيح سبب أهمية غسل ايلدين ملدة ‪ 20‬ثانية باملاء والصابون‪.‬‬
‫• وضع كمية صغرية من القطع الصغرية الرباقة ىلع أيدي الطالب والطلب منهم غسلها‬
‫باملاء‪ ،‬ومالحظة كمية القطع الرباقة اليت تبقت‪ ،‬ثم الطلب منهم غسلها باملاء والصابون مدة‬
‫‪ 20‬ثانية‪.‬‬
‫• الطلب من الطالب حتليل نصوص تلحديد السلوكيات اعيلة اخلطورة واقرتاح سلوكيات‬
‫معدلة‪.‬‬
‫لاً‬
‫• مث ‪ ،‬يأيت املعلم إىل املدرسة وهو مصاب بالزاكم‪ ،‬ويعطس املعلم ويغطي فمه بيده ثمة‬
‫يصافح زمالءه‪ .‬ما الفعل اخلطري اذلي فعله املعلم؟ وماذا اكن جيدر به أن يفعل؟‬

‫‪197‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫ً‬
‫ثاثلا‪ -‬املدرسة املتوسطة‬
‫• اتلحقق من االستماع إىل شواغل الطالب واإلجابة عن أسئلتهم‪.‬‬
‫• تأكيد أنه بوسع الطالب فعل الكثري للمحافظة ىلع سالمتهم وسالمة اآلخرين‪.‬‬
‫• تقديم فكرة املباعدة االجتماعية‪.‬‬
‫• الرتكزي ىلع السلوكيات الصحية اجليدة‪ ،‬مثل‪ :‬احتواء السعال والعطس بثين الكوع وغسل‬
‫ايلدين‪.‬‬
‫ً‬
‫• تذكري الطالب أنه بوسعهم أن يشلكوا نموذجا ألرسهم يف السلوك الصيح انلموذيج‪.‬‬
‫• تشجيع الطالب ىلع منع الوصم واتلصدي هل‪.‬‬
‫• مناقشة ردود األفعال املختلفة اليت قد يمرون بها‪ ،‬وتوضيح أن هذه الردود طبيعية يف وضع‬
‫غري طبييع‪ ،‬وتشجيع الطالب ىلع اتلعبري عن مشاعرهم‪.‬‬
‫• بناء فاعلية الطالب‪ ،‬والطلب منهم أن يروجوا احلقائق حول الصحة العامة‪.‬‬
‫• الطلب من الطالب إعداد إعالنات خلدمة اجلمهور من خالل اإلعالنات املدرسية‬
‫وامللصقات‪.‬‬
‫• إدماج اتلثقيف الصيح باملباحث اتلعليمية األخرى‪.‬‬
‫• يمكن ملبحث العلوم أن يغطي دراسة الفريوسات وانتقال العدوى وأهمية اللقاحات‪.‬‬
‫• يمكن ملبحث العلوم االجتماعية أن يركز ىلع تاريخ األوبئة وتطور السياسات يف جمال‬
‫السالمة والصحة العامة‪.‬‬
‫• يمكن دلروس الويع اإلعاليم أن تمكن الطالب من استخدام اتلفكري انلقدي وتوجيه‬
‫انلقد وأن يستخدموا اتلواصل الفاعل بصفتهم مواطنني فاعلني‪.‬‬

‫ً‬
‫رابعا‪ -‬املدرسة اثلانوية‬
‫• اتلحقق من االستماع إىل شواغل الطالب واإلجابة عن أسئلتهم‪.‬‬
‫• تأكيد تمكن الطالب من فعل الكثري للمحافظة ىلع سالمتهم وسالمة اآلخرين‪ ،‬وتقديم‬
‫فكرة املباعدة االجتماعية‪.‬‬
‫• الرتكزي ىلع السلوكيات الصحية اجليدة‪ ،‬مثل‪ :‬احتواء السعال والعطس بثين الكوع وغسل‬
‫ايلدين‪ ،‬وتشجيع الطالب ىلع منع الوصم واتلصدي هل‪.‬‬
‫• مناقشة ردود األفعال املختلفة اليت قد يمرون بها‪ ،‬وتوضيح أن هذه الردود يه ردود طبيعية‬
‫يف وضع غري طبييع‪ .‬وتشجيع الطالب ىلع اتلعبري عن مشاعرهم‪.‬‬
‫• إدماج اتلثقيف الصيح باملباحث اتلعليمية األخرى‪.‬‬
‫• يمكن ملبحث العلوم أن يغطي دراسة الفريوسات وانتقال العدوى وأهمية اللقاحات‪.‬‬

‫‪198‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫• يمكن ملبحث العلوم االجتماعية أن يركز ىلع تاريخ األوبئة وتأثرياتها اثلانوية‪ ،‬ودراسة‬
‫الكيفية اليت يمكن للسياسات العامة تشجيع التسامح االجتمايع وتماسكه‪.‬‬
‫• الطلب من الطالب إعداد إعالنات خلدمة اجلمهور عرب وسائل اتلواصل االجتمايع‪،‬‬
‫واإلذاعة‪ ،‬أو حىت ابلث اتللفزيوين املحيل‪.‬‬
‫• يمكن دلروس الويع اإلعاليم أن تمكن الطالب من استخدام اتلفكري انلقدي وتوجيه‬
‫انلقد‪ ،‬وأن يستخدموا اتلواصل الفاعل بصفتهم مواطنني فاعلني‪.‬‬

‫الخاتمة‬

‫يف ضوء ما ُعرض يف هذا الفصل‪ ،‬فإن وجود خطط بديلة تنفذ يف احلاالت الطارئة تشمل املدرسة‪،‬‬
‫وخطط اتلعليم‪ ،‬واملناهج ادلراسية للعلوم عرب الصفوف ادلراسية‪ ،‬واألنشطة واالسرتاتيجيات‬
‫ً‬ ‫لاً‬
‫حاسما تلحقيق تعليم مستمر‬ ‫اتلدريسية املرتبطة بها‪ ،‬واتلقنية املستخدمة يف اتلدريس يعد اعم‬
‫وشامل‪ ،‬حبيث تراىع اجلوانب اتلقنية املتصلة باستخدام منصات إدارة اتلعلم اإللكرتوين دلى‬
‫الطالب‪ ،‬وما يتصل بذلك من جوانب مايلة تتصل بالشباكت واألجهزة اذلكية‪ ،‬واتلدريبية‪،‬‬
‫واتلقنية‪ ،‬وابلحثية ىلع شبكة اإلنرتنت‪ .‬وألعضاء هيئة اتلدريس اجلوانب املهنية املتعلقة‬
‫باألمان الوظييف وتقليل اخلوف من املستحدثات اتلكنولوجية والعزوف عن توظيفها‪ ،‬واجلوانب‬
‫املايلة املتصلة بتوافر ابلنية اتلحتية اتلكنولوجية إلجناح منصات اتلعلم اإللكرتوين‪ ،‬واجلوانب‬
‫اتلقنية اخلاصة باملهارات اتلكنولوجية‪ ،‬وكيفية ختطيط برامج عالجية وإثرائية للطلبة وتصميمها‬
‫وتقديمها‪ ،‬واتلقويم املتصل بها‪ ،‬واجلوانب اإلدارية املتصلة بإدارة املنصة‪ ،‬وتقديم ادلعم للتعليم‬
‫اإللكرتوين وتشجيعه‪.‬‬

‫‪199‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫المراجع‬

‫* األمم املتحدة (‪ .)2020‬موجز سياسيت‪ :‬اتلعـليم أثناء جاحئة كوفيد ‪ 19 -‬وما بعـدها‪ :‬االمم‬
‫املتحدة‪ .‬متاح ىلع‪un.org/files/policy_.https://www.un.org/sites/un2 :‬‬
‫‪and_beyond_arabic.pdf_19-brief_-_education_during_covid‬‬
‫* بلقزيز‪ ،‬عبد اإلهل (‪ .)2020‬مالمح العالم ما بعد كورونا‪ .‬املستقبل العريب‪.122–109 ،)201( ،‬‬
‫الفهيم‪ ،‬مرزوق (‪ .)2020‬اتلجارب ادلويلة يف اتلعليم يف ظل جاحئة كورونا‪ .‬املجلة ادلويلة للعلوم‬
‫اإلنسانية واالجتماعية‪.39–26 ،)17( ،‬‬
‫* ادلهشان‪ ،‬مجال‪ .)111( .‬جاحئة كورونا بني املحنة واملنحة‪ .‬الرتبية املعارصة‪ ،‬رابطة الرتبية‬
‫احلديث‪.184–155 ،)111(36 ،‬‬
‫* صالح‪ ،‬حسام (‪ .)2016‬طرق واسرتاتيجيات تدريس العلوم‪ .‬بغداد‪ :‬املطبعة املركزية‪/‬جامعة‬
‫ديايل‪.‬‬
‫* عمري‪ ،‬اعشور (‪ .)2020‬سياسات تعليم وتعلم الكبار يف عرص ما بعد جاحئة كورونا‪ :‬رؤية‬
‫استرشافية‪ .‬آفاق جديدة يف تعليم الكبار‪ :‬جامعة عني شمس ‪ -‬مركز تعليم الكبار‪،)28( ،‬‬
‫‪.115 –81‬‬
‫* حممد‪ ،‬هالة؛ مازن‪ ،‬حسام (‪ .)2013‬تطور معمل العلوم من «املعمل اتلقليدي إىل املعمل‬
‫االفرتايض»‪ .‬متاح ىلع‪/https://kenanaonline.com/files :‬‬
‫* حممود‪ ،‬حممد (‪ .)2020‬دور اتلعليم عن بعد يف حل اشاكيلات وباء كورونا املستجد‪ .‬املجلة‬
‫الرتبوية‪-‬سوهاج‪.1543 –1532 ،)77( ،‬‬
‫* املسريي‪ ،‬حممد (‪ .)2017‬أنظمة إدارة اتلعلم وأنظمة إدارة املحتوى‪ .‬متاح ىلع‪https://www. :‬‬
‫‪new-educ.com‬‬
‫* املواعيد‪ ،‬حوراء (‪ .)2020‬معوقات وحتديات اتلعليم االفرتايض وقت األزمات‪ .‬جملة دراسات يف‬
‫العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪.312–295 ،)4(3 .‬‬
‫* شخيدم‪ ،‬سحر‪ ،‬عواد‪ ،‬خولة‪ ،‬خليلة‪ ،‬شهد‪ ،‬العمد‪ ،‬عبد اهلل ‪ ،‬شديد‪ ،‬نور (‪ .)2020‬فاعلية اتلعليم‬
‫اإللكرتوين يف ظل انتشار فريوس كورونا من وجهة نظر املدرسني يف جامعة فلسطني اتلقنية‬
‫(خضوري)»‪ .‬املجلة العربية للنرش العليم‪.389–365 ،)21( ،‬‬

‫‪200‬‬
19_‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد‬ ‫ الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬:‫تحرير‬

* Burgos, D., Tlili, A., & Tabacco, A. (2021). Radical solutions for education in a crisis
context: COVID-19 As an opportunity for global learning. Singapore: Springer
Singapore Pte. Limited.
* Danjou, P. E. (2020). Distance teaching of organic chemistry tutorials during the
COVID-19 pandemic: Focus on the use of videos and social media. Journal
of Chemical Education, 97(9), 3168–3171. https://doi.org/10.1021/acs.
jchemed.0c00485
* Campbell, T., Melville, w., Verma, G., & Park, B. (2021) On the Cusp of Profound
Change: Science Teacher Education in and Beyond the Pandemic, Journal of
Science Teacher Education, 32:1, 1-6, DOI: 10.1080/1046560X.2020.1857065
* El-Khamisy, A. S. S. (2020). Education in Corona (COVID-19) Time: Bridging the
gap between home and school. International Journal of Research in
Educational Sciences, 3(4), 51–74. https://doi.org/10.29009/ijres.3.4.1
* Ferdig, R. E., Baumgartner, E., Hartshorne, R., Kaplan-Rakowski, R., & Mouza,
C. (2020). Teaching, technology, and teacher education during the COVID-19
pandemic: Stories from the field. Waynesville, NC, USA: Association for the
Advancement of Computing in Education (AACE).
* Ferreiman. J. (2014). 10 Benefits of Using Elearning. LearnDash. https://www.
learndash.com/10-benefits-of-using-elearning/
* George, M. L. (2020). Effective Teaching and Examination Strategies for
Undergraduate Learning During COVID-19 School Restrictions.
Journal of Educational Technology Systems, 49(1), 23–48. https://doi.
org/10.1177/0047239520934017
* Ince, E. Y., Kabul, A., & Diler, İ. (2020). Distance education in higher education in
the COVID-19 pandemic process: A case of Isparta Applied Sciences University.
Distance Education, 4(4).
* Kenawy, S. A. M. (2020). Corona (COVID-19) Pandemic and distance education
features of the crisis and its effects between reality and the future, challenges
and opportunities. International Journal of Research in Educational Sciences,
3(4), 225–260. https://doi.org/10.29009/ijres.3.4.5
* Mahmoud, A. m. (2020). Artificial intelligence applications: An introduction
to education development in the light of Corona Virus Pandemic (COVID-19)
challenges. International Journal of Research in Educational Sciences, 3(4),
171–224. https://doi.org/10.29009/ijres.3.4.4
* Parisi, M. C. R., Frutuoso, L., Benevides, S. S. N., Barreira, N. H. M., Silva, J. L. G.,
Pereira, M. C., & Cecilio-Fernandes, D. (2020). The challenges and benefits
of online teaching about diabetes during the COVID-19 pandemic. Diabetes
& Metabolic Syndrome, 14(4), 575–576. https://doi.org/10.1016/j.
dsx.2020.04.043
* Reimers, F., Schleicher, A., Saavedra, J., & Tuominen, S. (2020). Supporting the
continuation of teaching and learning during the COVID-19 pandemic. Oecd,
1(1), 1–38.
* Thomas, M. S. C., & Rogers, C. (2020). Education, the science of learning, and the
COVID-19 crisis. Prospects, 1–4. https://doi.org/10.1007/s11125-020-09468-z
* Toft, A. D. (2020). Learning From COVID-19 and Looking to Technology Ahead.
Journal of Diabetes Science and Technology, 14(4), 801–802. https://doi.
org/10.1177/1932296820930280
* Teaching Tools for Science, Technology, Engineering and Math (STEM) Education.
(2020). Immediate supports during school closures. Retrieved from: http://
stemteachingtools.org/news/2020/guidance-for-supporting-science-
learning-during-covid-19#immediate

201
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫َّ‬
‫تأمل‪:‬‬
‫«ما أكرث انلِّعم اليت بني أيدينا وإن غفلنا عنها!‬
‫أقليل أن خيرج اإلنسان من بيته وهو ُّ‬‫ٌ‬
‫يهز يديه لكتيهما‪ ،‬ويميش ىلع األرض خبطوات ثابتة‪ ،‬ويمأل‬
‫ُّ‬
‫صدره باهلواء يف أنفاس رتيبة عميقة‪ ،‬ويمد برصه إىل آفاق الكون‪ ،‬فتنفتح عيناه ىلع األشعة‬
‫املنسابة‪ ،‬وتلتقط أذناه ما يموج به العالم من َحراك احلياة واألحياء؟ إن هذه العافية اليت تمرح يف‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫َسعتها وتستمتع حبريتها ليست شيئا قليال‪.‬‬
‫عما أوتيت من صحة يف بدنك‪ ،‬وسالمة يف أعضائك‪ ،‬واكتمال يف حواسك‪،‬‬ ‫كنت يف ذهول ّ‬ ‫َ‬ ‫وإذا‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫فاصح ىلع عجل… وذق طعم احلياة املوفورة اليت أتيحت لك‪ ،‬وامحد اهلل ‪-‬ويل أمرك وويل نعمتك‪-‬‬ ‫َ‬
‫ىلع هذا اخلري الكثري اذلي حباك إياه»‪( .‬الغزايل‪ ،‬جدد حياتك‪ ،‬ص‪.)116‬‬

‫‪202‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫الفصل الثامن‬
‫تطوير مناهج الرتبية اإلسالمية‪ ...‬يف ظالل اجلائحة‪:‬‬
‫التحدي واالستجابة‬
‫د‪ .‬حممد عبدالكريم العيارصه‬

‫‪203‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫‪204‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫مقدمة‬
‫حياة اإلنسان مألى باتلحديات‪ ،‬و»الراحة الكربى» اليت ينشدها رضب من الوهم أو‬
‫املحال‪ ،‬فاإلنسان منذ بدء اخلليقة يف رصاع مع «هواه»‪ ،‬ويف مواجهة مع الطبيعة واحلرب‬
‫والفقر واجلهل واملرض‪ ،‬وهو ىلع هذه احلال ال يكاد يفرغ من حتد حىت يواجه سواه‪ .‬ويف‬
‫هذه األثناء تواجه العالم جاحئة فتاكة عطلت أوجه احلياة ىلع هذه املعمورة‪ ،‬أو اكدت‪،‬‬
‫فتوحد العالم يف مواجهة هذا اخلطر املحدق‪ ،‬لك من جانبه‪ ،‬وبما يستطيع‪ ،‬وبمقدار حجم اتلأثري‬
‫خصوصا يف عني العاصفة؛ فقد أصابه الشلل اتلام‪ ،‬وتعطلت‬ ‫ً‬ ‫الواقع فيه‪ .‬و اكن انلظام الرتبوي‬
‫ً‬
‫أدواته ومفاعيله ىلع حنو غري مسبوق‪ ،‬وتصديا ذللك أخذت املنظمات األممية وادلول واحلكومات‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫مجيعا يتلمسون الطريق حبثا عن «خالصهم اتلعلييم» وسط هذا الراكم اذلي خلفته‬ ‫واألهايل‬
‫اجلاحئة‪ ،‬وذلك من خالل ابلحث عن «أفضل املمارسات» وابلدائل الستمرارية اتلعليم واستدامته‬
‫ً‬
‫وتوحدا مع ذات اهلدف‪ ،‬وسعيًا تلحقيقه يأيت هذا الفصل ‪-‬يف‬ ‫بشلك أو بآخر‪ ...‬وضمن هذا اجلهد‪،‬‬
‫سياق هذا الكتاب‪ -‬مساهمة يف اجلهد اذلي ينبيغ أن يشرتك فيه لك من يأنس يف نفسه وخرباته‬
‫قدرة ىلع تقديم ما من شأنه أن ينفع املنظومة الرتبوية ويرتيق بسويتها –يف هذا الوقت باذلات‪ -‬ملا‬
‫فيه صالح املتعلمني يف الوطن ويف العالم أمجع‪.‬‬

‫• تطوير المناهج‪ :‬حاجة أم ترف‬


‫تويل األمم اتلواقة للنهوض واتلقدم جل عنايتها لالرتقاء بالعملية اتلعليمية اتلعلمية‪،‬‬ ‫ ‬
‫ويف املركز من هذه العملية تطوير مناهج اتلعليم وتغيريها ‪-‬بعنارصها ومتطلباتها اكفة‪ -‬من وقت‬
‫آلخر استجابة دلواع وأسباب كثرية‪ ،‬أهمها (العيارصة‪:)2007 ،‬‬
‫‪ -‬اتلقدم العليم واتلقاين املتسارع‪ ،‬وما ينتج عنه من تعديل يف طبيعة كثري من العلوم‬
‫واملعارف واتلقانات القائمة‪ ،‬وظهور معارف جديدة يف جماالت احلياة وأنظمتها شىت‪.‬‬
‫‪ -‬اتلغريات اليت تطرأ ىلع األسس اليت يقوم عليها املنهاج‪ ،‬وما يرتتب ىلع ذلك من تطورات‬
‫اجتماعية واقتصادية وسياسية تستديع تطوير املنهاج بناء عليها‪.‬‬
‫‪ -‬قصور املناهج القائمة عن تلبية مطالب املتعلم وحاجاته‪ ،‬ومطالب املجتمع ومشكالته‪.‬‬
‫ً‬
‫تقدما لالستفادة منها‪ ،‬خاصة يف ادلول اليت هلا جتارب‬ ‫‪ -‬مقارنة املناهج احلايلة بمناهج أكرث‬
‫واسعة يف جمال انلظم اتلعليمية الفاعلة‪.‬‬
‫‪ -‬استرشاف املستقبل (املستقبليات)‪ :‬تهيئة املتعلمني للزمن القادم اذلي من املفرتض أنهم‬
‫سيعيشون فيه‪ ،‬ويتفاعلون معه‪.‬‬

‫‪205‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫تطوير املنهاج عملية ديناميكية اهلدف‪ ،‬منها‪ :‬الوصول به إىل الصورة اليت تمكنه من حتقيق‬
‫أهدافه بأقل وقت وجهد وتكلفة‪ .‬واتلطوير عملية تشمل عنارص املنهاج وجوانبه املختلفة‪،‬‬
‫ً‬
‫مرورا باملحتوى اتلعلييم‪ ،‬وطرائق اتلدريس واسرتاتيجياته‪ ،‬وانتهاء‬ ‫ً‬
‫بدءا من صياغة األهداف‪،‬‬
‫بأسايلب اتلقويم‪ .‬ويه تستديع مراجعة الفلسفة الرتبوية اليت توجه املناهج وتربطها باألصول‬
‫العقدية للمجتمع‪ ،‬ودراسة مطالب نمو املتعلم وحاجاته‪ ،‬ومطالب املجتمع ومشكالته‪ ،‬وطبيعة‬
‫‪.‬تبعا ذللك‪ ،‬فإن املناهج اليت ال تتعرض للتطوير املستمر يتجاوزها الزمن‬ ‫املعرفة ومتطلباتها ً‬
‫وتصبح خارج دائرة الفعل واتلأثري‪.‬‬
‫ً‬
‫ذلا؛ فإنه يف ظل جاحئة كوفيد‪ 19-‬يصبح تطوير املنهاج أمرا ىلع درجة متناهية من اإلحلاح‬
‫والرضورة بانلظر إىل طبيعة هذه اجلاحئة واتساع نطاق تأثريها؛ فقد عصفت بالعالم أمجع‪ ،‬وطالت‬
‫لك وجوه احلياة ومناحيها‪ ،‬ويف مقدمتها املنظومة الرتبوية برمتها‪.‬‬

‫• تأثير الجائحة في المنظومة التعليمية العالمية‬


‫لقد أشارت بعض اتلقارير ادلويلة إىل إغالق (‪ )107‬دول املدارس حبلول ‪ 18‬مارس ‪2020‬‬ ‫ ‬
‫استجابة جلاحئة كورونا (كوفيد‪)19-‬؛ ما أثر ىلع ‪ 862‬مليون طالب وطابلة (‪,.Viner et al‬‬
‫ً‬
‫‪ .)2020‬ووفقا للمنظمة العاملية للرتبية واثلقافة والعلوم (ايلونسكو) فإن هذا العدد يساوي ‪%60‬‬
‫من طالب العالم‪ ،‬كما نفذت ابلدلان األخرى عمليات إغالق حملية أو حمدودة اكن هلا تأثري يف‬
‫ماليني الطالب اإلضافيني (‪ ،)UNESCO, 2020a‬بينما أكدت تقارير أممية الحقة يف أغسطس‬
‫‪ 2020‬ارتفاع هذه األرقام؛ فقد أشارت إىل أن جاحئة كوفيد‪ 19-‬قد نتج عنها أكرب انقطاع يف نظم‬
‫اتلعليم يف اتلاريخ‪ ،‬إذ ترضر منه حنو ‪ 1,600‬ألف وستمئة مليون طالب‪ ،‬يف أكرث من ‪ً 190‬‬
‫بدلا ويف‬
‫مجيع القارات‪ .‬وأثرت عمليات إغالق املدارس وغريها من أماكن اتلعلم يف ‪ %94‬من الطالب‬
‫حول العالم‪ ،‬ويه نسبة ترتفع تلصل إىل ‪ %99‬يف ابلدلان املنخفضة واملتوسطة ادلخل من الرشحية‬
‫ادلنيا (األمم املتحدة‪.)2020 ،‬‬
‫ومن أجل اتلخفيف من حدة اآلثار املدمرة جلاحئة كوفيد ‪ 19 -‬أوصت بعض ادلراسات‬
‫برضورة توفري اتلطوير املهين للتعلم عن بعد‪ ،‬واتلعلم عرب اإلنرتنت للمعلمني والقيادات املدرسية‬
‫(أبو مغيل وشعيب‪ .)2020 ،‬كما أوصت بمجموعة من اإلجراءات‪ ،‬أهمها‪ :‬كبح انتقال الفريوس‬
‫واتلخطيط املتأين إلاعدة فتح أبواب املدارس‪ ،‬وبناء نظم تعليمية قادرة ىلع اتلكيف من أجل‬
‫اتلنمية املنصفة واملستدامة‪ ،‬وإاعدة ّ‬
‫ختيُل اتلعليم وتعجيل اتلغيري يف اتلدريس واتلعلم‪ .‬ودعم مهنة‬
‫اتلدريس واستعداد املعلمني‪ ،‬باعتبار أن «اتلعليم ليس فقط جمرد حق من حقوق اإلنسان‪ ،‬وإنما‬
‫هو حق تمكيين هل تأثري مبارش ىلع حتقيق مجيع حقوق اإلنسان األخرى‪ .‬واتلعليم منفعة مشرتكة‬
‫اعملية وحمرك رئييس للتقدم ىلع صعيد أهداف اتلنمية املستدامة مجيعها‪ ،‬باعتباره األساس‬

‫‪206‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫اذلي ترتكز إيله املجتمعات السلمية العادلة والقائمة ىلع املساواة والشاملة للجميع‪ .‬وحينما‬
‫تنهار نظم اتلعليم ال يصبح باإلماكن اإلبقاء ىلع السالم وىلع جمتمعات مزدهرة ومنتجة» (األمم‬
‫املتحدة‪.)2020 ،‬‬
‫ومع تطور األزمة الصحية اليت تسببت بإربااكت اجتماعية واقتصادية هائلة‪ ،‬حاولت نظم‬
‫اتلعليم حول العالم االستجابة واتلكيف برسعة‪ ،‬لضمان استمرارية اتلعليم وكفالة سالمة‬
‫الطالب واجلهات الفاعلة من خالل إغالق املدارس وغريها من أماكن اتلعلم‪ .‬مع أنه من‬
‫املرجح أن يؤدي عدم املساواة يف توفري طرائق اتلعلم خالل اإلغالق إىل حدوث تفاوتات بني‬
‫املتعلمني ىلع املدى الطويل‪.‬‬
‫أما احلكومات حول العالم‪ ،‬فقد جلأ الكثري منها إىل تكنولوجيا املعلومات واالتصاالت‪،‬‬
‫ً‬
‫وتبعا ذللك تعني ىلع املعلمني االنتقال إىل تقديم ادلروس عرب اإلنرتنت‪ .‬وتفيد اتلقارير الصادرة‬
‫من بدلان العالم املختلفة أنه جيري استخدام بعض طرائق اتلعلم أكرث من غريها‪ ،‬ويعتمد ذلك‬
‫ىلع مستوى اتلعليم‪ ،‬وتفاوته بني املناطق املختلفة‪ .‬وقد استخدمت احلكومات يف املناطق ذات‬
‫املوصويلة املحدودة الطرائق اتلقليدية للتعلم عن بعد بشلك أكرب‪ ،‬واليت اغبلا ما تكون مزجيًا من‬
‫اتللفزة اتلعليمية‪ ،‬والربجمة اإلذاعية‪ ،‬وتوزيع املواد املطبوعة‪ .‬ويوجد عدد قليل نسبيا من ابلدلان‬
‫اليت ترصد نطايق الوصول واالستخدام الفعليني لطرائق اتلعلم عن بعد‪ ،‬غري أن اتلقديرات‬
‫تشري إىل تغطية متفاوتة؛ فاتلعلم عن بعد يغطي يف ابلدلان املرتفعة ادلخل ما بني ‪%85 - %80‬‬
‫من جمموع الطلبة‪ ،‬يف حني تنخفض هذه النسبة يف ابلدلان منخفضة ادلخل إىل أقل من ‪%50‬‬
‫(‪ .)UNESCO, UNICEF, World Bank 2020‬ويعزى هذا القصور بشلك كبري إىل الفجوة الرقمية؛‬
‫ً‬
‫إذ يكون حصول املحرومني ىلع اخلدمات املزنيلة اتلكنولوجية األساسية حمدودا‪ ،‬وهم يعانون من‬
‫نقص يف ابلنية اتلحتية مثل الكهرباء‪ ،‬كما ينخفض دليهم مستوى اإلملام باتلكنولوجيا الرقمية‪،‬‬
‫مؤخرا يف ‪ً 71‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫بدلا من بني‬ ‫سواء أكان للطالب أم ألويلاء األمور‪ .‬ووفقا دلراسة أجرتها ايلونيسف‬
‫بدلا تتوافر بيانات عنها‪ ،‬فإنه يتمتع أقل من نصف الساكن بإماكنية الوصول إىل اإلنرتنت‪،‬‬ ‫‪ً 183‬‬
‫مع وجود تفاوتات كبرية داخل ابلدلان نفسها‪ ،‬وأنه ليس باستطاعة اجلميع احلصول ىلع اإلرسال‬
‫بدلا من أصل ‪ً 88‬‬
‫بدلا‬ ‫اتللفزيوين واإلذايع‪ ،‬وتوجد فجوة بني املناطق احلرضية والريفية‪ .‬ويف ‪ً 40‬‬
‫تتوافر بيانات عنها‪ ،‬فأن معدالت ملكية أجهزة اتللفزيون بني األرس املعيشية احلرضية أكرث من‬
‫ضعفيها دلى األرس املعيشية الريفية‪( .‬األمم املتحدة‪.)2020،‬‬
‫ً‬
‫ومنذ بداية اجلاحئة‪ ،‬لكف املعلمون ىلع الفور بتطبيق طرائق اتلعلم عن بعد‪ ،‬واغبلا من‬
‫دون توجيهات أو تدريبات أو موارد اكفية‪ ،‬فاكن هذا هو احلال يف لك مستويات اتلعليم‪ .‬ويف‬
‫العديد من السياقات انتقل تقديم اتلطوير املهين للمعلمني إىل شبكة اإلنرتنت‪ ،‬أو عرب اهلاتف‬
‫وتطبيقات الفيديو‪ ،‬ولكن املعلمني املهمشني ربما فاتتهم فرصة تليق هذا ادلعم‪ ،‬وأصبحت‬

‫‪207‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫تطبيقات اجتمااعت الصفوف والرتاسل عرب اإلنرتنت أدوات بديلة وطرائق جديدة للتواصل مع‬
‫الطالب واملجتمع اتلعلييم‪ .‬واكن املعلمون حول العالم غري جاهزين إىل حد بعيد دلعم استمرارية‬
‫اتلعلم واتلكيف مع منهجيات اتلدريس اجلديدة‪.‬‬
‫(‪ .)International Task Force on Teachers for Education 2020 ,2030‬وحىت يف السياقات اليت‬
‫توفرت فيها بنية حتتية وموصويلة اكفية؛ افتقر العديد من املربني إىل أبسط مهارات تكنولوجيا‬
‫لاً‬
‫املعلومات واالتصاالت؛ ما يعين أنهم سيواجهون صعوبات يف تطورهم املهين املستمر‪ ،‬فض عن‬
‫تيسري اتلعلم اجليد عن بعد (‪. )UNESCO, 2020‬‬
‫وقد أبرزت أزمة كوفيد ‪ 19 -‬أن تدريب املعلمني األويل ويف أثناء اخلدمة ىلع السواء حباجة إىل‬
‫إصالح تدريبهم بشلك أفضل ىلع استخدام أسايلب جديدة تلقديم اتلعليم‪ .‬ذللك؛ أكدت منظمة‬
‫ايلونسكو أنه ال بد من تصور جديد للتعليم من خالل ترسيع اتلغيري اإلجيايب يف أسايلب اتلدريس‬
‫واتلعلم‪ ،‬وتوفري برامج اكتساب املهارات‪ ،‬ودعم مهنة اتلدريس واستعداد املدرسني‪ ،‬وتوسيع نطاق‬
‫تعريف احلق يف اتلعليم ليشمل احلق يف املوصويلة «من خالل سد الفجوة الرقمية وما يتصل بها‬
‫من حواجز إلكرتونية‪ ،‬بغية إتاحة الوصول املجاين إىل اتلكنولوجيات املفتوحة املصدر للفئات‬
‫املهمشة؛ بتوفري متطلبات اتلكنولوجيا الرقمية هلم وإكسابهم مهارات اتلعامل مع اتلكنولوجيا‬
‫الرقمية لضمان استمرارية اتلدريس واتلعلم» (األمم املتحدة ‪ ،2020 ،‬ص‪ .)20‬مع األخذ باالعتبار‬
‫تدابري الصحة العمومية اخلاصة باملدارس يف سياق جاحئة كوفيد ‪ 19-‬ىلع نطاق واسع‪( .‬منظمة‬
‫الصحة العاملية‪ ،‬ومنظمة ايلونسكو‪ ،‬ومنظمة ايلونيسف‪.)2020 ،‬‬
‫وأكدت املنظمات األممية أن توفري تعليم منصف وشامل جلميع الطالب داخل الفصول‬
‫ادلراسية وخارجها‪ ،‬رهني باستعداد املدرسني واألوساط اتلعليمية ىلع حنو أفضل وحصوهلم ىلع‬
‫دعم أفضل؛ إذ ال يمكن للتكنولوجيا وحدها أن تسفر عن نتائج تعلم جيدة‪ .‬فتدريب املدرسني‬
‫ىلع مهارات تكنولوجيا املعلومات واالتصاالت مهم‪ ،‬لكن األهم منه هو اكتسابهم مهارات‬
‫اتلقييم واملهارات الرتبوية الالزمة للتعامل مع الطالب حسب مستواهم‪ ،‬وتنفيذ املناهج ادلراسية‬
‫املرسعة واسرتاتيجيات اتلعلم املتمايزة اليت يرجح اعتمادها عند العودة إىل املدارس‪ .‬وتستلزم‬
‫احللول الرقمية وجود حمتوى مالئم‪ ،‬ونماذج تدريسية مناسبة‪ ،‬وممارسات تدريس فعالة‪ ،‬وبيئة تعلم‬
‫تمكينية‪ ،‬وتطوير املدرسني وتأهيلهم املهين (األمم املتحدة‪.)2020 ،‬‬
‫ً‬ ‫لاً‬
‫ومما جيدر ذكره يف سياق اجلاحئة أن هناك جد عميقا أصبح يدور بني املهتمني عن جدوى‬
‫اتلعلم عن بعد؛ وبينما يرى فريق أنه فاشل يرى فريق آخر أنه بات يمثل مستقبل اتلعليم‪ .‬فيف‬
‫مقالة نرشتها صحيفة الواشنطن بوست بعنوان‪« :‬حان وقت االعرتاف‪ :‬اتلعلم عن بعد فاشل»‬
‫‪ It’s time to admit it: Remote education is a failure‬أوردت أولني –ويه اكتبة‬
‫متخصصة‪ -‬أمثلة من واقع املدارس ونتائج تقييم الطالب يف واليات أمريكية عدة لتستدل‬

‫‪208‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫ضعيفا للتعليم الوجايه ً‬ ‫ً‬ ‫لاً‬


‫بعيدا‬ ‫بها ىلع فشل اتلعلم عن بعد‪ ،‬وأن يف أغلب احلاالت يشلك بدي‬
‫ً‬
‫وبعيدا عن عدد دورات اتلدريب اليت تقدم للمعلمني‪ ،‬وأن إماكنية الوصول‬ ‫عن اجلهود املبذولة‪،‬‬
‫إىل اإلنرتنت أو إىل جهاز حاسوب يه دون املستوى املطلوب‪ ،‬وتزداد دلى طالب األقليات وذوي‬
‫ادلخل املحدود‪ ،‬وأنه ىلع الرغم من ترصحيات وادي السيليكون بأن اتلكنولوجيا ستحدث ثورة‬
‫واضحا منذ أعوام‪ .‬كما استدلت أولني بنتائج دراسة‬ ‫ً‬ ‫يف اتلعليم وحتسنه اكن الواقع املعاكس‬
‫أجراها أحد مراكز األحباث اعم ‪ 2015‬ىلع املدارس املستقلة عرب اإلنرتنت‪ ،‬اليت أظهرت أن‬
‫أداء الطالب يكون أفضل يف الرياضيات والقراءة عند االتلحاق باملدارس اليت تقدم اتلعليم‬
‫الوجايه‪ .‬وخلصت إىل أنه ال يمكن لاكرثة اتلعلم عن بعد هذه أن تستمر ألن تكايلفها مرتفعة‬
‫(أولني‪.)2020 ،‬‬
‫وىلع الطرف اآلخر‪ ،‬يف مقالة هلا يف يومية الغد األردنية بعنوان‪« :‬انلجاح‪ :‬مغادرة اتلعليم‬
‫اتلقليدي حنو تعليم املستقبل»‪ ،‬ترى الرتبوية املتخصصة طومار (‪ )2020‬أن خرباء اتلعليم يرون‬
‫اتلعليم عن بعد هو الشلك األكرث وضوحا للتعليم املستقبيل‪ .‬فاتلعليم عن بعد واتلعليم املدمج‬
‫لاً‬
‫واتلعلم اذلايت أشاكل معتمدة يف كثري من ابلدلان منذ عقود‪ ،‬وقد مثلت ح لكثري من املعضالت‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫اليت واجهت جممواعت طالبية أحيانا‪ ،‬وحاالت فردية أحيانا أخرى‪ ،‬سواء أكانت تلك احلاالت‬
‫رسيعة اتلعلم أم بطيئة اتلعلم‪ ،‬بما حيقق مصلحة املنخرطني فيها بكلتا احلاتلني‪ .‬من هذا املفهوم‪،‬‬
‫تتبدى األهمية اخلاصة لترسيع االنتقال حنو اتلعليم عن بعد اذلي «اقرتحته» جاحئة كورونا‪ ،‬وهو‬
‫اقرتاح يصب يف خانة مهمة يبحث عنها إنسان ايلوم‪ ،‬ويه اختصار الوقت‪ ،‬برشط أن يكون هذا‬
‫مبنيا ىلع أساس سليم‪ ،‬وأن تتم إدارته بكفاءة يك ال نغرق يف مآزق اكليت نمر بها حايلًا‬‫االنتقال ًّ‬
‫نتيجة انعدام هذه الرشوط‪ .‬وخلصت طومار إىل أنه يف الوقت اذلي اعترب فيه كثريون أن اجلاحئة‬
‫حتد كبري وتقليص خلياراتنا؛ يتبني أن ثمة فرص تتيحها ويمكننا االستفادة منها‪ ،‬والشعور باتلفوق‬
‫عند استدراجها إىل خمططاتنا احلياتية‪.‬‬
‫يتضح مما سبق حجم هذا احلدث ونطاق تأثريه الالحمدود ىلع جماالت احلياة بمظاهرها وأنشطتها‬
‫املختلفة‪ ،‬ال سيما يف جمال اتلعليم اذلي يمكن القول إنه تعطل ىلع مستوى العالم لكه؛ ما فرض‬
‫حتديات مجة ىلع العاملني وابلاحثني يف هذا املجال‪ ،‬وخاصة العاملني وابلاحثني يف املناهج وطرائق‬
‫اتلدريس ‪-‬لك يف جمال ختصصه‪ ،-‬تتطلب استجابة استثنائية حلدث استثنايئ‪.‬‬

‫• مناهج التربية اإلسالمية في مواجهة الجائحة‬


‫املتبرص جباحئة كوفيد‪ 19-‬يالحظ أنها ذات طبيعة صحية؛ فيه تتعلق بصحة اإلنسان ووجوده‬
‫املادي‪ .‬من أهم أهداف املنهج الرتبوي اإلساليم حفظ انلفس اإلنسانية وصيانتها حبفظ صحة‬
‫ً‬
‫وعالجا‪ .‬وفيما يأيت عرض يبني مدى اهتمام الرتبية اإلسالمية الكبري‬ ‫اإلنسان جبوانبها اكفة وقاية‬

‫‪209‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫بهذا اجلانب املهم من حياة اإلنسان؛ ما يؤكد قدرة مناهجها ىلع االستجابة هلذا احلادث اجللل‬
‫اذلي ألم بالبرشية‪.‬‬

‫‪ o‬مدخل فكري مقاصدي‬


‫بكلياتها ووسائلها إلعداد اإلنسان الصالح العابد لربه حق العبادة‪،‬‬ ‫تسىع الرتبية اإلسالمية‬
‫َ َ َ َ ْ ُ لجْ َّ َ لإْ ْ َ اَّ َ ْ ُ ُ‬ ‫لاً‬
‫ون﴾ (اذلاريات‪ .)56 :‬واإلنسان الصالح‬ ‫امتثا لقوهل تعاىل‪﴿ :‬وما خلقت ا ِ ن وا ِ نس إِل ليِ عبد ِ‬
‫بمفهوم الرتبية اإلسالمية ومنطوقها هو اإلنسان الكفؤ احلريص ىلع عمارة األرض‪ ،‬وترقية احلياة‬
‫االجتماعية يف خمتلف‬
‫ومسؤويلاته ٌ لأْ َ‬ ‫ىلع ظهرها بمجمل أنشطته وكفاياته العلمية‪ ،‬وبمشاراكته‬
‫َ َ ً‬ ‫ْ‬ ‫نيِّ َ‬ ‫ً‬
‫نوايح احلياة‪ ،‬حتقيقا لواجب وتبعة اخلالفة يف األرض‪ ،‬لقوهل تعاىل‪﴿ :‬إ ِ جاعِل فيِ ا ر ِض خلِيفة﴾‬
‫(ابلقرة‪ .)30 :‬وادليلل ‪-‬يف لك حني‪ -‬ىلع قيام اإلنسان بأمانة اتللكيف اليت نهض تلحملها يكون‬
‫ً‬ ‫َّ‬
‫‪-‬دوما‪ -‬للنفع العام‪ ،‬استجابة ألمر اهلل سبحانه‪:‬‬ ‫بـ «العمل الصالح» املثمر‪ ،‬اخليرِّ ابلناء‪ ،‬املوجه‬
‫َ َ ْ اَ َ َ ْ ُ َ َ ِّ َ ْ َ ْ َ ْ َ َ اً َ‬
‫اء َرب ِه فليعمل عمل صالحًِا﴾ (الكهف‪.)110 :‬‬ ‫﴿فمن كن يرجو ل ِق‬
‫وليك يستطيع اإلنسان الصالح أن حيقق اهلدف من وجوده‪ ،‬ويؤدي بهذه املهام العظام فال بد‬
‫ً‬ ‫لاً‬ ‫ً‬
‫وروحا تربية متاكملة متوازنة‪ ،‬ال يطىغ فيها جانب من جوانب شخصيته‬ ‫جسما وعق‬ ‫من تربيته‬
‫ربانية املصدر باعتبارها من عند اهلللخْ تعاىل‬ ‫ىلع جانب آخر‪ .‬وألن الرتبية اإلسالمية بطبيعتها‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َلاَ َ ْ َ ُ َ ْ َ َ َ َ ُ َ َّ ُ‬
‫العالِم بشؤون اإلنسان وأسباب صالحه‪ ،‬لقوهل تعاىل‪﴿ :‬أ يعلم من خلق وهو الل ِطيف ا بِري﴾‬
‫(امللك‪ ،)14 :‬فإنها يه الرتبية الوحيدة اجلديرة بإعداد اإلنسان وتنشئته جبوانب شخصيته اكفة‪،‬‬
‫دون تفريط وال إفراط‪.‬‬
‫والعناية حبفظ انلفس خصوصا مقصد أسايس من مقاصد الرتبية اإلسالمية اخلمسة‪ ،‬اليت‬ ‫ً‬
‫جاءت الرشيعة اإلسالمية تلحقيقها دلى امللكفني‪ .‬ويف هذا املعىن يبني الشاطيب «أن الرشيعة‬
‫وضعت للمحافظة ىلع الرضوريات اخلمس‪ ،‬ويه‪ :‬ادلين وانلفس والنسل واملال والعقل»‬
‫(الشاطيب‪« ،)31/1 ،1997 ،‬اليت يه أسس العمران املرعية يف لك ملة‪ ،‬واليت لوالها لم جتر مصالح‬
‫ادلنيا ىلع استقامة‪ ،‬ولفاتت انلجاة يف اآلخرة» (الشاطيب‪ .)5/1 ،1997 ،‬وقد أكد الغزايل ذلك بقوهل‪:‬‬
‫إن «مقصود الرشع من اخللق مخسة‪ :‬أن حيفظ عليهم دينهم ونفسهم وعقلهم ونسلهم وماهلم‪،‬‬
‫يفوت هذه األصول فهو مفسدة ودفعها‬ ‫فلك ما يتضمن حفظ هذه األصول فهو مصلحة‪ ،‬ولك ما ِّ‬
‫مصلحة» (الغزايل‪1423 ،‬ه‪ ،‬ص ‪ .)174‬وهذا يعين أن مقاصد الرشيعة –ومن أهمها حفظ انلفس–‬
‫يه‪« :‬الغايات اليت وضعتها الرشيعة تلحقيق مصلحة العباد» (الريسوين‪1411 ،‬ه‪ ،‬ص‪ .)7‬وحفظ‬
‫انلفس يعين‪« :‬عصمة اذلات اإلنسانية يف عنارصها املادية واملعنوية‪ ،‬وذلك بإقامة أصلها اذلي‬
‫يتمحور حول عمارة األرض‪ ،‬واالستخالف فيها» (ريان والعوا‪ ،2009 ،‬ص‪ .)287‬عنيت الرشيعة‬
‫اإلسالمية بانلفس عناية فائقة‪ ،‬فرشعت من األحاكم ما جيلب هلا املصالح‪ ،‬ويدفع عنها املفاسد؛‬

‫‪210‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫ويفقد‬ ‫مبالغة يف حفظها وصيانتها‪ ،‬ودرء اتلعدي عليها؛ لكونه يُعرض األنفس للهالك والضياع‪ُ ،‬‬
‫امللكف دوره يف العبادة وضياع دينه‪ .‬وقد وضعت الرشيعة وسائل كفيلة حلفظ انلفس من خالل‬
‫ثالثة معان‪ ،‬يه‪« :‬إقامة أصلها برشعية اتلناسل‪ ،‬وحفظ بقائها بعد خروجها من العدم إىل الوجود‬
‫من جانب املأكل واملرشب‪ ،‬وما حيفظها من ادلاخل واخلارج (خمتار‪ ،2014 ،‬ص ‪.)340-339‬‬
‫وتعد الرتبية الصحية من أهم الوسائل تلحقيق مقصد الرتبية اإلسالمية يف حفظ انلفس‪.‬‬
‫وموقف اإلسالم من الصحة والوقاية وسالمة األبدان موقف ال نظري هل يف أي دين من األديان‪،‬‬
‫فانلظافة فيه عبادة وقربة‪ ،‬بل فريضة من فرائضه‪ ،‬وإن كتب الرشيعة يف اإلسالم تبدأ أول ما تبدأ‬
‫بباب عنوانه «الطهارة» أي انلظافة فهذا أول ما يدرسه املسلم واملسلمة من فقه اإلسالم؛ وما‬
‫ذلك إال ألن الطهارة يه مفتاح العبادة ايلومية «الصالة» فقد قرر اإلسالم قيمة ابلدن وحقه ىلع‬
‫َ َ َ َّ ً ّ ْ َ‬ ‫ّ‬
‫صاحبه‪ ،‬وسمع انلاس ألول مرة قوهل صىل اهلل عليه وسلم‪ »:‬إن لبِ َ َدنِك َعليْك َحقا‪ ،‬وإن لنِ َف ِسك‬
‫َ َ َّ ً‬
‫َعليْك َحقا» (قاسم‪ ،171/1 ،1990 ،‬ح رقم ‪ )55‬ومن حق ابلدن ىلع صاحبه أن يطعمه إذا جاع‪،‬‬
‫ويرحيه إذا تعب‪ ،‬وينظفه إذا اتسخ‪ ،‬وأن يداويه إذا مرض؛ وهو حق واجب ال جيوز يف نظر اإلسالم‬
‫أن ينىس ويهمل حلساب احلقوق األخرى‪ ،‬ولو اكن منها حق اهلل عز وجل (القرضاوي‪.)2020 ،‬‬
‫ني َو حُيبُّ‬ ‫َّ َ حُ ُّ َّ َّ َ‬
‫أشاد لك من القرآن والسنة بانلظافة وأهلها‪ ،‬فقال تعاىل‪﴿ :‬إِن الل هَّ يِب َاتل ٌواب ِ حُ ُّ َ ِ َ‬ ‫َ‬
‫وقد‬
‫ْ ُ َ َ ِّ‬
‫المتطه ِرين﴾ (ابلقرة‪ .)222 :‬وأثىن ىلع أهل مسجد قباء فقال سبحانه‪﴿ :‬فِي ِه ِرجال يِبون أن‬
‫«الط ُه ُ‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬ ‫َ لىَّ ُ َ‬
‫اهلل َعليْ ِه َو َسل َم‪:‬‬
‫َ َ َُ ُ‬ ‫حُ ُّ ْ ُ َّ ِّ َ‬ ‫َ َ َ َّ ُ ْ َ‬
‫ور‬ ‫هلل ص‬ ‫يتطهر لإْوا واللهَُّ يِب المطه ِرين﴾ (اتلوبة‪ .)108 :‬وقال رسول ا ِ‬
‫ًّ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬
‫عليه َ وسلم حاثا ىلع طلب‬ ‫َ‬ ‫‪ .)223‬وقال صىل اهلل‬ ‫َ‬ ‫ان»‪( .‬مسلم‪ ،203/1 ،1954 ،‬ح رقم‬ ‫ِ‬ ‫شط ُر ا ِ يم‬
‫ُّ ْ َ‬ ‫ْ ُ َ َُ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫نيِّ‬ ‫ُ َّ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫َ ْ َ َْ َْ ُ َ َُْ َ َ ْ‬
‫ادلنيا‬ ‫الصحة والعافية‪« :‬ما مِن دعو ٍة يدعو بِها العبد أفضل مِن‪ :‬اللهم إ ِ أسألك المعافاة فيِ‬ ‫آْ‬
‫‪ .)3851‬كما حث َىلع االهتمام بانلظافة اليت يه أصل‬ ‫َ‬ ‫َوالخ َِرة ِ «(ابن ماجه‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،266/2 ،‬ح َ َرقم‬
‫َ ُ ْ َ ْ َ ُ ْ ُ لَُّ َ خمَ ْ َ‬ ‫ْ ُ َ َّ َ ْ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ لىَّ ُ َ‬
‫اب أحدِكم يغت ِسل مِنه ك ي ْومٍلخْ س‬ ‫ِ‬ ‫اهلل َعليْ ِه َو َسل َم‪« :‬أ َرأيت ْم ل ْو أن نه ًرا بِب‬ ‫الصحة بقوهل ص‬
‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ ْ ىَ ْ َ َ يَ ْ ٌ َ ُ لاَ َ ْ ىَ ْ َ َ يَ ْ ٌ َ َ َ َ َ َ َ ُ َّ َ‬ ‫َ َّ‬
‫ات ا م ِس‪،‬‬ ‫ات‪ ،‬هل يبق ملخِْن درن ِ ِه شء؟ «قالوا‪ :‬يبق مِن درن ِ ِه شء‪ ،‬قال‪ :‬فذل ِك مثل الصلو ِ‬ ‫مر ٍ‬
‫ََ َ‬ ‫َْ ُ‬
‫يمحو اهللُ ب ِ ِه َّن ا طايا» (مسلم‪ ،162/1 ،1954 ،‬ح رقم ‪.)667‬‬
‫وألهمية الصحة يف حياة اإلنسان دورها يف حياته ادلينية‪ ،‬فقد عىن بها اإلسالم أيما عناية‪،‬‬
‫سواء أكان بالسيع لوقاية اإلنسان من األمراض أم باحلث ىلع عالجه منها؛ وذلك ليك يكون‬
‫قادرا ىلع القيام بأمور دينه‪ ،‬وألجل حضور القلب والفكر يف العبادات‪ ،‬دون أن يقعد به ضعف‬ ‫ً‬
‫أو يوهنه ألم‪ ،‬فالغاية السامية من خلق اإلنسان يه العبادة‪ ،‬والعبادة تتمثل يف إقامة الفرائض‬
‫والواجبات والعمل الصالح‪ ،‬واقرتان اإليمان بالعمل الصالح هو تعبري خالص عن وثاقة العالقة‬
‫دورا ً‬
‫كبريا‬ ‫بينهما‪ ،‬ولك تلك األعمال تتطلب الصحة والعافية تلتم ىلع أكمل وجه‪ .‬كما أن للصحة ً‬
‫يف اجلهاد يف سبيل اهلل‪ ،‬ويف العمل لكسب الرزق‪ ،‬وطلب العلم (انلجار‪.)2011 ،‬‬

‫‪211‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫معالم المنهج اإلسالمي في حفظ الصحة‬


‫فيما يأيت استقصاء معمق ملعالم املنهج اإلساليم يف حفظ صحة اإلنسان يف املجاالت الصحية‪،‬‬
‫ً‬
‫وانلصوص اليت تدل عليها من الكتاب والسنة‪ ،‬بيانا ملوقع الصحة يف ابلنية الترشيعية والفكرية يف‬
‫اإلسالم‪ .‬األمر اذلي يستوجب مرااعتها وتطبيقها يف املناهج ادلراسية إلنشاء أجيال قوية صحيحة‬
‫اجلسم يعول عليها يف عمارة الكون وترقية احلياة فيه‪ ،‬ويوضح اجلدول رقم (‪ )1‬املجاالت الصحية‬
‫اليت تتضمنها الرتبية اإلسالمية‪ ،‬وال بد من تعزيزها من أجل بناء إنسان قادر ىلع مواجهة اجلوائح‬
‫الصحية‪.‬‬
‫اجلدول (‪)1‬‬
‫املجاالت الصحية اليت تتضمنها الرتبية اإلسالمية وال بد من تعزيزها من أجل بناء إنسان قادر‬
‫ىلع مواجهة اجلوائح الصحية‪.‬‬

‫األدلة الرشعية‬ ‫املجاالت الصحية‬


‫َ َ‬
‫﴿و ِثيَابَك ف َط ِّه ْر﴾ (املدثر‪.)4 :‬‬ ‫‪ -‬قال تعاىل‪َ :‬‬
‫َ َ ْ َ ْ َ َ َ َ ُ ُ ْ ْ َ ْ َ ْ َ ْ ْ َ َ ُ َ ْ َ َْ‬
‫‪ -‬وقال صىل اهلل عليه وسلم «وإِذا استيقظ أحدكم ِمن نو ِم ِه فليغ ِسل يده قبل أن‬ ‫نظافة اثلوب‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َْ َ َ َ‬ ‫َ َّ َ َ َ ُ ْ َ َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُْ َ‬
‫يد ِخلها فيِ وضوئِ ِه‪ ،‬ف ِإن أحدكم ال يد ِري أين باتت يده» (ابلخاري‪1422 ،‬ـه‪ ،43/1 ،‬ح‬ ‫وايلدين‬
‫رقم ‪.)162‬‬
‫كمْ‬ ‫َ َ ُّ َ لذَّ َ َ ُ َ ُ ْ ُ ْ لىَ َّ لاَ َ ْ ُ ُ ُ َ ُ ْ َ َ ْ َ ُ‬
‫‪ -‬قال تعاىل‪﴿ :‬يا أيها ا ِ ين آمنوا إِذا قمتم إِ الص ِة فاغ ِسلوا وجوهكم وأي ِدي‬
‫ُ ْ َ َ ْ ُ َ ُ ْ لىَ ْ َ ْ َينْ َ ْ ُ ْ ُ ْ ُ ُ ً َ َّ َّ ُ َ ْ‬ ‫ْ َ ُ‬ ‫لىَ ْ َ‬
‫وسكم وأرجلكم إِ الكعب ِ ۚ وإِن كنتم جنبا فاطهروا ۚ وإِن‬ ‫إِ الم َرافِ ِق َوامسحوا بِ ُر ُء ِ‬
‫اء فَلَ ْم جَت ُدوا َم ً‬
‫اء‬ ‫ك ْم ِم َن الْ َغائِط أَ ْو لاَ َم ْستُ ُم النِّ َس َ‬ ‫ُ ْ ُ ْ َ ْضىَ ٰ َ ْ علَىَ ٰ َ َ َ ْ َ َ َ َ ٌ ْ ُ‬
‫كنتم مر أو سف ٍر أو جاء أحد ِمن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اللهَّ َ ْ َ َ َ َ ْ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ ْ ُْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ ْ ََ‬ ‫َ َ َ َّ ُ َ ً َ ِّ ً َ ْ‬
‫كمْ‬ ‫حوا بِ ُو ُجو ِهكم وأي ِديكم ِمنه ۚ ما ي ِريد ليِ جعل علي‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ام َس ُ‬ ‫االغتسال (غسل فتيمموا ص ِعيدا طيبا ف‬
‫ْ َ َ َ َ ٰ ْ ُ ُ ُ َ ِّ َ ُ ْ َ ُ َّ ْ َ َ ُ َ َ ْ ُ ْ َ َ َّ ُ ْ َ ْ ُ ُ َ‬
‫كن ي ِريد ليِ طهركم وليِ ِتم نِعمته عليكم لعلكم تشكرون﴾ (املائدة‪.)6 :‬‬ ‫ِمن حر ٍج ول ِ‬ ‫ابلدن)‬
‫َ ْ َ ْ َ َ كلُ ِّ َ ْ َ َ َّ َ ْ ً َ ْ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ ٌّ علَىَ كلُ ِّ‬
‫سبع ِة أيامٍ يوما يغ ِسل‬ ‫مس ِل ٍم‪ ،‬أن يغت ِسل فيِ‬ ‫‪ -‬وقال صىل اهلل عليه وسلم‪« :‬حق‬
‫ْ ُ‬
‫ِفي ِه َرأ َسه َو َج َس َد ُه « (ابلخاري‪1422 ،‬ـه‪ ،5/2 ،‬ح رقم ‪.)896‬‬
‫ُ ْ ُ لجْ ُ ُ َ َ ٌ علَىَ كلُ ِّ حُ ْ‬
‫متَ ِل ٍم « (العسقالين‪،2014 ،‬‬ ‫اجب‬ ‫‪ -‬وقال صىل اهلل عليه وسلم‪ « :‬غسل ا مع ِة و ِ‬
‫‪ ،84/1‬ح رقم ‪.)114‬‬
‫ِّ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ٌ‬
‫«الس َواك مطه َرة لِلفم م ْرضاة ل ِ َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫‪ -‬قال صىل اهلل عليه وسلم‪ِّ :‬‬
‫لرب» (ابلخاري‪1422 ،‬ه ‪،31/3 ،‬‬ ‫ِ‬
‫نظافة الفم واألسنان ح رقم ‪. )1933‬‬
‫الس َواك َمعَ‬ ‫انلاس لأَ َ َم ْر ُت ُه ْم ب ِّ‬ ‫َّ‬ ‫َ ْ َ َ ْ َ ُ َّ علَىَ ُ َّ َ ْ علَىَ‬
‫‪ -‬وقال صىل اهلل عليه وسلم‪ « :‬لوال أن أشق أمتيِ أو‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫كلُ ِّ‬
‫َصال ٍة» (ابلخاري‪1422،‬ـه‪ ،4/2 ،‬ح رقم ‪.)887‬‬

‫‪212‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫األدلة الرشعية‬ ‫املجاالت الصحية‬


‫َ كاَ َ لهَ َ ْ َ ْ ْ ْ ُ‬
‫«م ْن ن ُ شع ٌر فليُك ِرمه» (أبو داود‪ ،776/4 ،2009 ،‬ح رقم‬ ‫‪ -‬قال صىل اهلل عليه وسلم‪:‬‬ ‫نظافة الشعر‬
‫‪.)4163‬‬ ‫والعناية به‬
‫َ ُ َ ْ ْ َ ُ ََُْ‬ ‫ْ ٌ‬ ‫خمَ‬
‫اإلب ْ ِط‪،‬‬ ‫ْ‬
‫‪ -‬قال صىل اهلل عليه وسلم‪ « :‬س ِم َن ال ِفط َر ِة‪ :‬ا ِ‬
‫خلتان‪ ،‬والاِ س ِتحداد‪ ،‬ونتف ِ‬ ‫إزالة الفضالت‬
‫َّ‬ ‫ََْ ُ َ‬
‫األ ْظ َف َ َ ُّ‬
‫ار ِب» (ابلخاري‪ 1422 ،‬ـه‪،160/7 ،‬ح رقم ‪.)5889‬‬ ‫ار‪ ،‬وقص الش ِ‬ ‫ِ‬ ‫وتق ِليم‬ ‫من العانة‪ ،‬واإلبط‪،‬‬
‫وتقليم األظافر‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫انلظافة كر ٌ‬ ‫ُّ‬ ‫يحُ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬
‫الطيب ن ِظيف ِ ب َّ‬‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ُّ‬ ‫يحُ‬ ‫ٌ‬
‫اللهَّ تعا َطيب ب َّ‬ ‫ّ‬ ‫لىَ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫نظافة ابليت وساحاته ‪ -‬قال صىل اهلل عليه وسلم‪« :‬إن َ‬
‫يم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫لاَ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ ِّ ُ‬ ‫يحُ ُّ َ َ َ ٌ‬
‫اد يحُ ُّ‬
‫ب اجلُود فنَظفوا أفنيَتَك ْم َو تش َّب ُهوا بايلَ ُهو ِد» ( السيويط‪ ،‬د‪.‬ت‪،‬‬ ‫ِ ب الك َرم ج َو ِ‬ ‫وأفنيته‬
‫‪ ،539‬ح رقم ‪.)3539‬‬
‫ٌَ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫يق َص َدقة» (ابلخاري‪1422 ،‬ـه‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫َُ ُ‬
‫‪ -‬قال صىل اهلل عليه وسلم‪« :‬وي ِميط األذى ع ِن الط ِر ِ‬ ‫نظافة الطريق‬
‫‪ ،56/4‬ح رقم ‪.)2989‬‬
‫ُ َّ َ ْ َ ُ‬ ‫َ يجَ ْ‬ ‫َّ لذَّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ ُ َ َّ َ َ ُ ُ‬
‫عدم ابلول يف املاء ‪ -‬قال صىل اهلل عليه وسلم‪« :‬ال يبولن أحدكم فيِ الما ِء ادلائِ ِم ا ِ ي ال ِري‪ ،‬ثم يغت ِسل‬
‫خاصة الراكد‪ ،‬ويف ِفي ِه» (ابلخاري‪1422 ،‬ـه‪ ،57/1 ،‬ح رقم ‪.)239‬‬
‫َ َ‬ ‫َّ َّ َينْ َ ُ َ َ َّ َّ َ َ َ ُ َ‬ ‫َّ ُ‬
‫هلل؟ قال‬ ‫ان يا رسول ا ِ‬ ‫احلمام (العام)‪ ،‬وعدم ‪ -‬وقال صىل اهلل عليه وسلم‪«َ :‬اتقوا اللعان ِ » قالوا‪ :‬وما اللعان ِ‬
‫ِّ‬ ‫لذَّ َ َ َ لىَّ‬
‫اس‪ ،‬أ ْو فيِ ِظل ِه ْم «(مسلم‪ ،226/1 ،1954 ،‬ح رقم ‪.)269‬‬ ‫َطريق َّ‬
‫انل ِ‬ ‫اتلربز يف الظل‪ ،‬أو ‪«:‬ا ِ ي يتخ فيِ ِ ِ‬
‫يق‪،‬‬ ‫از ال ْ َم َوارد‪َ ،‬وقَ َ َّ‬ ‫َّ ُ ْ َ لاَ َ َّلاَ َ ْبرَ َ َ‬
‫ارع ِة الط ِر ِ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫يف الطريق‪ ،‬أو يف ‪ -‬وقال صىل اهلل عليه وسلم‪« :‬اتقوا الم ِعن اثل ث‪ :‬ال فيِ‬
‫ِّ ِّ‬
‫موارد املاء (املالعن َوالظل «(الطرباين‪ ،123/20 ،1994 ،‬ح رقم ‪.)247‬‬
‫َ َ ٌ َ َ َّ َ ُ َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ُ‬
‫ارت َها دفنُ َها « (مسلم‪1954 ،‬‬ ‫اثلالث)‪ ،‬وجتنب ‪ -‬وقال صىل اهلل عليه وسلم‪« :‬البزُ َ اق فيِ ال َم ْس ِج ِد خ ِطيئة‪ ،‬وكف‬
‫الزباق يف األماكن ‪ ،390/1‬ح رقم ‪.)552‬‬
‫العامة (اجتناب‬
‫تلوث ابليئة)‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫آمنُوا وا م ْن َطيِّبَ َ َ َ َ ُ ْ‬‫كلُ‬ ‫ين َ‬ ‫لذَّ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬
‫‪ -‬قال تعاىل‪﴿ :‬يَا أي َها ا ِ َ‬
‫للِهَّ ِإن كنتُ ْم ِإيَّ ُاه‬
‫ات ما رزقناكم َواشك ُروا ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫نظافة الطعام‬
‫َُُْ َ‬
‫والرشاب وحفظهما‪ ،‬تعبدون﴾ (ابلقرة‪.)172 :‬‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ِّ َ َ َ َ ْ ُ لبْ َ َ َ‬ ‫إْ َ َ َ َ ْ ُ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫الناء‪ ،‬وأوكوا السقاء‪ ،‬وأغ ِلقوا ا اب‪ ،‬وأط ِفئوا‬ ‫واحلث ىلع جودتهما ‪ -‬وقال صىل اهلل عليه وسلم‪« :‬غطوا ِ‬
‫اج»( مسلم‪ ،594/3 ،1954 ،‬ح رقم ‪.)2012‬‬ ‫السرِّ َ َ‬

‫‪213‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫األدلة الرشعية‬ ‫املجاالت الصحية‬


‫ب ال ْ ُمسرْ ف َ‬ ‫َ كلُ ُ ْ َ شرْ َ ُ ْ َ َ ُسرْ ُ ْ َّ ُ َ‬
‫ال يحُ ُّ‬
‫ني﴾ (األعراف‪.)31 :‬‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ -‬قال تعاىل‪﴿ :‬و وا وا بوا وال ت ِ فوا إِنه‬
‫ْ ََ ُ ْ َ ٌ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َ َ ٌّ عاَ ً شرَ ّ ً‬
‫ب اب ِن آدم أكالت‬ ‫اتلحذير من اتلخمة‪ - ،‬وقال صىل اهلل عليه وسلم‪ « :‬ما مأل آدميِ ِو ء ا ِمن بط ِن ِه بحِ س ِ‬
‫ُُ ٌ َ‬ ‫ُ ُ ٌ شرَ‬ ‫ْ ُ َ ْ َ َ حَ َ َ َ َ ُ ُ ٌ‬ ‫ُْ‬
‫واإلرساف يف الطعام يق ِم َن ُصلبَه ف ِإن اكن ال مالة فثلث ِل َط َعا ِم ِه َوثلث ل ِ َ ابِ ِه َوثلث لنِ َف ِس ِه» ( السيويط‪،‬‬
‫د‪.‬ت‪ ،511 ،‬ح رقم ‪.)10611‬‬ ‫والرشاب‬

‫ْ ْ َ َُ‬ ‫َ ُ َّ َيرْ‬ ‫ُ ِّ َ ْ َ َ ْ ُ ُ ْ َ ْ َ ُ َ َّ ُ َ لحَ ْ ُ لخْ نزْ‬


‫اللهَّ بِ ِه َوال ُمنخ ِنقة‬
‫ير َوما أ ِهل ِلغ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ -‬قال تعاىل‪﴿ :‬حرمت عليكم الميتة وادلم و م ا ِ‬
‫ََ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫َ ْ َ ْ ُ َ ُ َ ْ ُ ترَ َ ِّ َ ُ َ َّ َ ُ َ َ َ َ َ َّ ُ ُ لاَّ َ َ َّ ْ ُ ْ َ َ ُ َ علَىَ‬
‫ب وأن‬ ‫انلص ِ‬ ‫والموقوذة والم دية وانل ِطيحة وما أكل السبع ِإ ما ذكيتم وما ذبِح‬ ‫صحة الغذاء‬
‫ٌ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ َ ْ ُ لأْ َ ْ لاَ َ ٰ ُ‬
‫تستق ِسموا بِا ز مِ ۚ ذ ِلكم ِفسق﴾ (املائدة‪.)3 :‬‬
‫ْ‬ ‫ْ ُ ْ ٌ‬ ‫لاَ‬ ‫َ‬ ‫لأْ‬ ‫ْ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫لأْ‬ ‫آم ُنوا إ َّن َما الخْ َ ْم ُر َوال َميْ رُِ‬
‫ْ‬ ‫َ َ ُّ َ لذَّ َ َ‬
‫س َوا نصاب َوا ز م رِجس مِن‬ ‫ِ‬ ‫جتنب املسكرات ‪ -‬قال تعاىل‪﴿ :‬يا أيها ا ِين‬
‫َّ ْ َ َ ْ َ ُ ُ َ َ َّ ُ ْ ُ ْ ُ‬ ‫َ َ‬
‫ان فاجتنِبوه لعلكم تفلِحون﴾ (املائدة‪.)90 :‬‬ ‫واملخدرات بعناوينها عم ِل الشيط ِ‬
‫ام»( مسلم‪،587/3 ،1954 ،‬‬ ‫املختلفة وإجياب ‪ -‬وقال صىل اهلل عليه وسلم‪ « :‬كلُ ُّ ُم ْسكر خمَ ْ ٌر‪َ ،‬وكلُ ُّ ُم ْسكر َح َر ٌ‬
‫ِ ٍ‬ ‫ِ ٍ‬
‫العقوبة الرشعية ىلع ح رقم ‪.)2003‬‬
‫تناوهلا‬
‫َ َ َّ َ ْ َ َ ُ َ َ ْ ُ ْ َ َ َ ُ َ ْ َ ً ْ ْ َ لجْ ْ‬
‫‪ -‬قال تعاىل‪﴿ :‬قال إِن الل هَّ اصطفاه عليكم وزاده بسطة فيِ ال ِعل ِم وا ِ س ِم﴾ (ابلقرة ‪.)247‬‬
‫ت الْ َقو ُّي الأْ َم ُ‬ ‫َّ َيرْ َ َ ْ َ ْ َ ْ َ‬
‫ني﴾ (القصص‪.)26 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ -‬وقال تعاىل‪﴿ :‬إِن خ م ِن استأجر‬ ‫النشاط ابلدين‬
‫َ ُْ ْ‬ ‫ْ ُ ْ ُ ْ َ ُّ َيرْ ٌ َ َ َ ُّ لىَ‬
‫اللهَّ ِمن المؤ ِم ِن‬
‫ِ‬ ‫والرياضة بأنواعها ‪ -‬وقال صىل اهلل عليه وسلم‪« :‬المؤ ِمن الق ِوي خ وأحب ِإ‬
‫َّ‬
‫يف»(العسقالين‪ ،554/1 ،2014 ،‬ح رقم ‪.)1526‬‬ ‫الض ِع ِ‬
‫َٰ َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ َ ُ ُ ِّ َ ْ‬ ‫َّ ْ َ َّ َ‬ ‫َ ْ َ ََ ُ ُ‬
‫ار َوابتِغاؤكم من فضلِ ِه ۚ إِن فيِ ذل ِك‬ ‫‪ -‬قال تعاىل‪﴿ :‬ومِن آيات ِ ِه منامكم بِاللي ِل وانله ِ‬
‫آَ َ ِّ َ َ ْ َ ُ َ‬
‫ات لق ْومٍ يسمعون﴾ (الروم‪.)23 :‬‬ ‫لي ٍ‬
‫َ‬
‫َ ْ َ ُ ْ هَُ َ يِّ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫نيِّ لأَ ْ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫حرمة إرهاق ابلدن ‪ -‬وقال صىل اهلل عليه وسلم‪ « :‬أما واللِ هَّ إ ِ خشاكم للِهَِّ وأتقاكم ل‪ ،‬لكِن أصوم‬
‫يِّ‬ ‫َ ُ ْ ُ َ ُ َ ليِّ َ َ ْ ُ ُ َ َ َ َ َّ ُ ِّ َ َ َ َ ْ َ َ َ ْ ُ َّ َ َ ْ َ‬
‫ِب عن سن يِت فليس مِن» (ابلخاري‪،‬‬ ‫بالعمل‪ ،‬وطول السهر‪ ،‬وأف ِطر‪ ،‬وأص وأرقد‪ ،‬وأتزوج النساء‪ ،‬فمن رغ‬
‫واجلوع‪ ،‬وإن اكن ‪1422‬ـه‪ ،2/7 ،‬ح رقم ‪ )5063‬منكرا ىلع رهط من أصحابه أراد أحدهم أن يقوم الليل فال‬
‫ذلك يف صورة عبادة ينام‪ ،‬واثلاين أن يصوم ادلهر فال يفطر‪ ،‬واثلالث أن يعزتل النساء فال يزتوج‪.‬‬
‫َّ‬ ‫ً ْ‬ ‫َ َ ْ ُ‬
‫«ص َدق َسل َمان» مصدقا َسل َمان عندما قال أليب ادلرداء» إِن‬ ‫‪ -‬وقال صىل اهلل عليه وسلم‪:‬‬ ‫اهلل تعاىل‬
‫َ ٍّ َ َّ ُ‬ ‫َ ِّ َ َ َ ْ َ َ ًّ َ َ ْ َ َ َ ْ َ َ ًّ َ َ ْ َ َ َ ْ َ َ ًّ َ َ ْ كلُ َّ‬
‫ِذي حق حقه»‬ ‫لِربك عليك حقا‪ ،‬ولنِ ف ِسك عليك حقا‪ ،‬ولأِ ه ِلك عليك حقا‪ ،‬فأع ِط‬
‫(ابلخاري‪1422 ،‬ـه‪ ،32/8 ،‬ح رقم ‪.)6139‬‬

‫‪214‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫األدلة الرشعية‬ ‫املجاالت الصحية‬


‫َ ِّ َ ً َ ْ َ ْ َ ْ َ ْ َ َ ً َ ْ َ ْ َ ْ َ ْ َ َ لىَ‬
‫‪ -‬قال صىل اهلل عليه وسلم‪ « :‬صل قائِما‪ ،‬ف ِإن لم تست ِطع فقا ِعدا‪ ،‬ف ِإن لم تست ِطع فع‬ ‫الرتخيص يف أداء‬
‫َْ‬
‫ب» (ابلخاري‪1422 ،‬ـه‪ ،48/2 ،‬ح رقم ‪.)1117‬‬ ‫جن ٍ‬ ‫الفرائض للمرىض‬
‫َّ َ‬ ‫ْ َ َ ِّ َّ ْ ُ‬ ‫َ‬
‫السف ِر»(ابلخاري‪1422 ،‬ـه‪،34/3 ،‬‬ ‫‪ -‬وقال صىل اهلل عليه وسلم‪« :‬ليس ِمن البرِ الصوم فيِ‬ ‫غري القادرين‬
‫ح رقم ‪.)1945‬‬
‫َُْ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ ُ َ ىً‬ ‫َ ْ َ ْ ََ ْ ُ ْ ً‬
‫‪ -‬قال صىل اهلل عليه وسلم‪« :‬من أصبح ِمنكم آ ِمنا فيِ سرِ بِ ِه معاف فيِ جس ِدهِ ِعنده قوت‬ ‫الصحة الوقائية‬
‫َ ْ‬ ‫َ َ َ َّ‬
‫زيت هل ادلنيا حبذافريها « (السيويط‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،986 ،‬ح رقم ‪.)10986‬‬ ‫يَ ْو ِم ِه فكأن َما ِح‬
‫َّ حيَ‬ ‫َ لىَّ ُ َ‬
‫اهلل َعليْ ِه َو َسل َم ٌّ ‪،‬‬
‫َُ ُ‬ ‫َْ‬ ‫ُ ُ ْ َ‬ ‫َ َ ٌََ ُ َ‬
‫ب‪َ ،‬ورسول ِ‬
‫اللهَّ ص‬ ‫ِ‬ ‫ات اجلن‬
‫‪ -‬قال أنس بن مالِك‪« :‬ك ِويت ِمن ذ ِ‬
‫ََُ َ ْ َ َ َ‬ ‫َ َ َ َ ُ َ ْ َ َ َ َ َ ُ ْ ُ َّضرْ َ ْ ُ ْ ُ َ‬
‫حة ك َوانيِ » (ابلخاري‪1422 ،‬ـه‪،‬‬ ‫ت‪ ،‬وأبو طل‬ ‫انل ِ َوزيد بن ثابِ ٍ‬ ‫وش ِهدنيِ أبو طلحة وأنس بن‬
‫‪ ،128/7‬ح رقم ‪)5719‬‬ ‫نيف معتقد أن‬
‫اتلداوي والعالج ال ‪ -‬وحينما ذهب عمر إىل الشام وعلم قبل دخوهلا أن هناك طاعونا شاور أصحابه يف‬
‫َ َ َ ُ َ‬
‫يستقيمان مع اإليمان الرجوع واستقر الرأي ىلع العودة بمن معه بعدا بهم عن مواطن اخلطر‪ ،‬قال أبُوعبَيْ َدة ْب ُن‬
‫ْ ََ‬ ‫َ َ َ ُ َ َ ْ َ يرْ َ َ َ َ َ َ َ ُ َ ْ َ َ َ َ ْ َ‬ ‫اجل َ َّر ِ َ ً ْ َ َ‬
‫اللهَّ؟ فقال عم ُر‪ :‬لو غ ُك قالها يا أبا عبيدة؟ نعم ن ِف ُّر ِمن قد ِر ِ‬
‫اللهَّ‬ ‫اح‪ :‬أفِ َرارا ِمن قد ِر ِ‬ ‫بالقدر‬
‫َ‬ ‫ْ َ ُ َ َ ٌَ َ ُ ْ‬ ‫َ َ َ ْ َ َ ْ كاَ َ َ َ ٌ َ َ َ ْ َ ً لهَ ُ ُ ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫لىَ َ‬
‫ان‪ ،‬إِحداهما خ ِصبة‪ ،‬واألخرى‬ ‫اللهَّ‪ ،‬أرأيت لو ن لك إِبِل هبطت وا ِديا عدوت ِ‬ ‫إِ قد ِر ِ‬
‫ت اخل َ ْصبَ َة َر َعيْتَ َها ب َق َدر اللهَّ‪َ ،‬وإ ْن َر َعيْ َ‬
‫ت اجل َ ْدبَ َة َر َعيْتَ َها ب َقدرَ‬ ‫َج ْدبَ ٌة‪ ،‬أَلَيْ َس إ ْن َر َعيْ َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫اللهَّ»( ابلخاري‪1422 ،‬ـه‪ ،130/7 ،‬ح رقم ‪.)5729‬‬ ‫ِ‬
‫لهَ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫لاَّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اء إ أن ْ َزل ُ ِش َف ً‬ ‫ُ َ ً‬ ‫َ َْ‬
‫اء»(ابلخاري‪1422 ،‬ـه‪،122/7 ،‬‬ ‫‪ -‬قال صىل اهلل عليه وسلم‪« :‬ما أنزل اللهَّ د ِ‬ ‫احلث ىلع طلب‬
‫العالج واتلداوي ح رقم ‪.)5678‬‬
‫َ َّ َ َ َّ‬ ‫كلُ ِّ َ َ َ ٌ َ َ ُ َ َ َ ُ َّ َ َ َ ْ‬
‫هلل عز وجل»‬ ‫وقال صىل اهلل عليه وسلم‪ِ « :‬ل دا ٍء دواء‪ ،‬فإِذا أ ِصيب دواء ادلا ِء برأ بِإِذ ِن ا ِ‬ ‫لألمراض اكفة‬
‫(مسلم‪ ،729/4 ،1954 ،‬ح رقم ‪.)2204‬‬
‫ُم ِص ٍّح « (ابلخاري‪1422 ،‬ـه‪،138/7 ،‬‬
‫علَىَ‬ ‫ٌ‬
‫وردن ُم ْم ِرض‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫إقرار سنة اهلل تعاىل ‪ -‬قال صىل اهلل عليه وسلم‪« « :‬ال ي ِ‬
‫يف العدوى‪ ،‬واألمر ح رقم ‪ )5771‬واملمرض‪ :‬اذلي إبله مراض‪ ،‬واملصح‪ :‬اذلي إبله صحاح‪ .‬ومعىن‪ :‬ال يورد‬
‫باالحرتاز والوقاية عليه‪ :‬ال خيلط املريضة اجلرباء بالصحيحة أثناء ورود املاء‪.‬‬
‫َوفْد ثَقيف‪« :‬إنَّا قَ ْد بَ َاي ْعنَاكَ‬ ‫َ ُ ٌ مجَ ْ ُ ٌ كاَ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ٍ‬ ‫والعزل الصيح يف ‪ -‬وقال صىل اهلل عليه وسلم لرجل ذوم ن فيِ‬
‫األوبئة العامة‪ ،‬حىت فَ ْ‬
‫ار ِج ْع»(مسلم‪ ،752/4 ،1954 ،‬ح رقم ‪.)2231‬‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫‪-‬وقال صىل اهلل عليه وسلم يف شأن الطاعون وهو وباء اعم‪ِ « :‬إذا َس ِمعتُ ْم بِ ِه بِأ ْر ٍض فال‬ ‫للحيوانات‬
‫َ ً ُْ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ْ ُ ْ َ َ َ تخَ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ ََ َ‬ ‫ْ‬ ‫َْ َ ُ ََ‬
‫ُ‬
‫تقدموا علي ِه‪ ،‬وإِذا وقع بِأر ٍض وأنتم بِها‪ ،‬فال رجوا ِفرارا ِمنه « (ابلخاري‪1422 ،‬ـه‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫‪ ،130/7‬ح رقم ‪.)5730‬‬

‫‪215‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫األدلة الرشعية‬ ‫املجاالت الصحية‬


‫ُّ َ َ‬ ‫ّ‬
‫واتل َولة شرِ ْ ٌك « (السيويط‪ ،‬د‪.‬ت‪،512 ،‬‬ ‫الرىق َّ‬
‫واتلمائِم‬ ‫«إن ُّ‬ ‫‪ -‬قال صىل اهلل عليه وسلم‪« :‬‬ ‫احرتام الطب‬
‫ح رقم ‪.)2512‬‬ ‫القائم ىلع املالحظة‬
‫واتلجربة واألسباب‬
‫واملسببات‪ ،‬وليس‬
‫ىلع الشعوذة والرىق‬
‫واتلمائم ‬
‫ُ َُُْ َ‬ ‫َ َ ُ ُ ْ ُ ئَٰ َ َ ُ لأْ َ ْ‬ ‫لذَّ َ َ ُ َ َ ْ ُ‬
‫ِين آمنوا َول ْم يلبِسوا إِيمانه ْم بِظل ٍم أول ِك له ُم ا م ُن َوه ْم مهتدون﴾‬ ‫‪ -‬قال تعاىل‪﴿ :‬ا‬
‫(األنعام ‪.)82:‬‬
‫َ ْ َ ُّ ْ ُ ُ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َلاَ‬ ‫لذَّ َ َ ُ َ َ ْ َ ُّ ُ ُ ُ ُ ْ ْ‬
‫‪ -‬وقال تعاىل‪﴿ :‬ا ِين آمنوا وتطم نِئ قلوبهم بِذِك ِر اللِ هَّ ۗ أ بِذِك ِر الل هَِّ تطم نِئ القلوب﴾‬
‫(الرعد‪.)28 :‬‬
‫ْ‬ ‫َ ََُْ ْ َ‬ ‫لذَّ َ ْ َ َ ُ ْ ْ ُ‬
‫وع وآمنهم مِن خو ٍف﴾ (قريش‪.)4 :‬‬ ‫‪ -‬وقال تعاىل‪﴿ :‬ا ِي أطعمهم مِن ج ٍ‬
‫َْ ََُْ‬ ‫َ َ ْ ُْ ْ‬ ‫َ َ َ َ ْ ُ َ اَّ ْ‬
‫‪ -‬وقال تعاىل‪﴿ :‬ما أصاب مِن م ِصيب ٍة إِل بِإِذ ِن الل هَِّ ۗ ومن يؤمِن بِالل هَِّ يه ِد قلبه﴾ (اتلغابن‪:‬‬ ‫عالج األمراض‬
‫انلفسية واالجتماعية ‪.)11‬‬
‫َّ َ ْ َ ُ كلَُّ ُ َ يرْ ٌ َ َ ْ َ َ َ َ َ‬ ‫َ َ ً َْ ُْ ْ‬
‫‪ -‬وقال صىل اهلل عليه وسلم‪« :‬عجبا لأِ م ِر المؤم ِِن‪ ،‬إِن أمره ه خ ‪ ،‬وليس ذاك لأِ ح ٍد‬
‫ْ َ َ َ ْ ُ سرََّ ُ َ َ َ َكاَ َ َ يرًْ هَُ َ ْ َ َ َ ْ ُ رََّ ُ َ َكاَ َ َ‬ ‫اَّ ْ ُ ْ‬
‫اء‪ ،‬صبرَ َ ف ن خيرًْا هَُل»‬ ‫إِل ل ِلمؤم ِِن‪ ،‬إِن أصابته اء شكر‪ ،‬ف ن خ ا ل‪ ،‬وإِن أصابته ض‬
‫(مسلم‪ ،295/4 ،1954 ،‬ح رقم ‪.)2999‬‬
‫َ َ‬ ‫َ َ َ َ ُ َ َ تحَ َ َ ُ َ َ َ َ َ ُ َ ُ ُ‬
‫‪ -‬وقال صىل اهلل عليه وسلم‪« :‬ال تباغضوا‪ ،‬وال اسدوا‪ ،‬وال تدابروا‪ ،‬وكونوا عِباد الل هَِّ‬
‫ث ليَ َ‬ ‫ْ َ ً َ َ حَ ُّ ُ ْ َ ْ َ ْ ُ َ َ َ ُ َ ْ َ َ َ‬
‫ال»(ابلخاري‪1422 ،‬ـه‪ ،21/8 ،‬ح رقم‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫إِخوانا‪ ،‬وال يِل ل ِمسل ٍِم أن يهجر أخاه فوق ثال‬
‫‪.)6076‬‬
‫ ‬
‫يتضح من خالل اجلدول رقم (‪ )1‬من األمثلة والشواهد من الكتاب والسنة مدى اهتمام اإلسالم‬
‫بصحة اإلنسان يف سياق مقصده يف حفظ انلفس‪.‬‬

‫• تطوير مناهج التربية اإلسالمية في ضوء الجائحة‬

‫‪ o‬املنطلقات‬
‫من ابلديهيات اليت يمكن االنطالق منها وابلناء عليها أن مناهج الرتبية اإلسالمية قبل‬
‫اجلاحئة ينبيغ أن تكون خمتلفة عنها بعد اجلاحئة من وجوه شىت‪ .‬وفيما يأيت جمموعة من املنطلقات‬
‫الفكرية اليت تنطوي عليها هذه املناهج‪ ،‬واليت تؤكد قدرتها ىلع إحداث هذا اتلطوير املرتىج منها‪:‬‬

‫‪216‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫‪ .1‬أن للرتبية اإلسالمية خصائص فريدة من أهمها أنها ربانية املصدر واملنبع؛ فيه من عند اهلل‬
‫العالم بكل أحوال اإلنسان وتقلبات حياته‪.‬‬
‫‪ .2‬إنها تربية موجهة لإلنسان تأخذ باعتبارها طبيعته‪ ،‬وتستهدف حل مشكالته‪ ،‬وتوجهه ملا‬
‫فيه صالح أمره يف شؤون دنياه وآخرته‪.‬‬
‫‪ .3‬إنها اعملية وصاحلة للك زمان وماكن‪ ،‬وللك وقت وحني‪.‬‬
‫‪ .4‬إنها مرنة بما يكيف الستيعاب لك املتغريات (وانلوازل)‪ ،‬بما يكفل حتقيق انلفع العام‬
‫لإلنسان الفرد وللجماعة بتوازن دقيق‪ ،‬ال سيما فيما تركه الشارع احلكيم من أمر احلوادث‬
‫املتجددة الجتهاد البرش وعقوهلم‪ .‬ذلك أنه «أينما تكون املصلحة فثم رشع اهلل» (الشنقيطي‪،‬‬
‫‪1410‬ه‪ ،‬ص‪.)5‬‬
‫اللهَّ لاَ ُي َغيرِّ ُ َما ب َق ْومٍ حَتىَّ ٰ ُي َغيرِّ ُ وا َما بأَ ْن ُفسهم»ْ‬
‫‪ .5‬إنها ختضع لقوانني اتلغيري لقوهل تعاىل‪﴿ :‬إ َّن َ‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لأْ َ ْ جمَ ً ْ ُ‬ ‫َ َ َّ َ َ ُ‬
‫ات َو َما فيِ ا ر ِض ِ يعا ِمنه‬ ‫ِ‬
‫الس َم َ‬
‫او‬ ‫َّ‬
‫فيِ‬ ‫ا‬ ‫ك ْم َ‬
‫م‬ ‫ل‬ ‫ر‬ ‫(الرعد‪ .)11:‬والتسخري لقوهل سبحانه‪« :‬وسخ‬
‫ات ِلق ْومٍ يتَفك ُرون﴾ (اجلاثية‪ )13 :‬واألسباب واملسببات‪.‬‬
‫َ َ َ َّ َ‬ ‫َّ َ ٰ َ لآَ َ‬
‫ۚ ِإن فيِ ذلِك ي ٍ‬
‫‪ .6‬إنها تربية إجيابية واقعية‪ ،‬تشتبك مع مشكالت اإلنسان وتسىع حللها بشلك عميل‪.‬‬
‫لقد خلق اهلل تعاىل اإلنسان‪ ،‬وجعله يف األرض خليفة‪ ،‬وهذه املهمة العظيمة تتطلب‬
‫منه إعمار األرض‪ ،‬وهو أمر ال يمكن أن يتم إال بتفاعل اإلنسان املستمر مع حميطه االجتمايع‬
‫واملادي‪ ،‬وهذا اتلفاعل يعين اتلحول واتلطور واتلغيري املستمر‪ .‬وعليه؛ فإن فقه اإلنسان املسلم‬
‫للطبيعة احلركية املرنة لإلسالم يتطلب منه من حني آلخر تقويم ومراجعة الوسائل اليت يعول‬
‫عليها يف تكوين اإلنسان وإعداده‪ ،‬وأهم هذه الوسائل مناهج اتلعليم اليت ترافق املتعلم سنوات‬
‫طويلة من عمره تلعده للمستقبل‪ ،‬وتتشلك من خالهلا شخصيته ومداركه‪.‬‬
‫وذللك‪ ،‬فإن تطوير مناهج الرتبية اإلسالمية يف ضوء جاحئة كوفيد – ‪ 19‬ينبيغ أن يأيت يف قائمة‬
‫تماما مع صالحية اإلسالم للك‬ ‫األولويات الوطنية للك بدل من ابلدلان اليت تدرسها‪ ،‬وهذا ينسجم ً‬
‫ً‬
‫زمان وماكن‪ .‬ومن املعروف دلى أهل االختصاص أن اتلطوير ليس مقصودا ذلاته‪ ،‬بل ملا حيققه‬
‫من فوائد واغيات‪.‬‬

‫أشكال التطوير الممكنة والمتوقعة‬


‫ويف سياق اجلاحئة‪ ،‬فإن معرفة طبيعة اتلغيري اذلي ينبيغ أن يطرأ ىلع مناهج الرتبية‬ ‫ ‬
‫اإلسالمية رضورية؛ استجابة هلذا املتغري اذلي عصف بالعالم أمجع يف قطااعت احلياة وجوانبها‬
‫اكفة‪ ،‬ويف مقدمتها قطاع اتلعليم؛ ما يعين وجود مسوغ اكف إلاعدة انلظر يف مناهج الرتبية‬
‫اإلسالمية وتطويرها يك تبىق مناهج فاعلة تؤدي دورها‪ ،‬وحتقق أهدافها بأدوات وأسايلب حديثة‬
‫وبمحتويات عرصية مرنة جديدة‪ ،‬ذلك أن مناهج الرتبية اإلسالمية –كغريها من املناهج– بعد‬

‫‪217‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫جاحئة كوفيد – ‪ 19‬ال يتصور أن تبىق كما اكنت قبلها؛ النتشار اجلاحئة واتساع نطاق تأثريها‪.‬‬
‫وفيما يأيت بعض العنارص واملجاالت اليت يفرتض أن ختضع للمراجعة أو للتطوير الشامل أو اجلزيئ‬
‫(اتلحسني) يف مناهج الرتبية اإلسالمية‪:‬‬
‫ِّ‬
‫‪ -‬الفلسفة الرتبوية‪ :‬واملقصود بالفلسفة هنا اإلطار املوجه ملجمل انلظريات واملمارسات الرتبوية؛‬
‫ومن املعروف أنه من الفلسفة تشتق انلظريات الرتبوية «فلك انلظريات تشتق من انلظم الراسخة»‬
‫كما يؤكد بوشامب (‪ .)P.27 Beauchamp ,1961/1987‬وتنعكس انلظريات الرتبويـة بدورـها علـى‬
‫طبيعة املنهـاج بعنارصه وأسسه (العيارصه ‪ .)2007،‬مع تأكيد أن املقصود بالفلسفة الرتبوية هنا‬
‫ليس املعىن املرادف للعقيدة اإلسالميـة؛ ألن العقيدة اإلسالمية ثابتة‪ ،‬بينما الفلسفة منتج‬
‫برشي متغري‪ .‬واملتتبع للفلسفة الرتبوية يف ابلالد العربية اإلسالمية يالحظ أنها تتسم بالعمومية‬
‫وتبعا ذللك ال بد من مراجعتها وتطويرها وحتويلها إىل اسرتاتيجيات تستمد‬ ‫والغموض والشلكية‪ً ،‬‬
‫منطلقاتها من أصول الرتبية اإلسالمية ومصادرها بكل وضوح‪.‬‬
‫‪ -‬األسس االجتماعية وانلفسية واملعرفية اليت يقوم عليها املنهاج‪ :‬وهذه األسس عرضة للتغري من‬
‫وقت آلخر؛ فطبيعة املجتمع‪ ،‬وقواه‪ ،‬ومؤسساته‪ ،‬ودرجة تقدمه‪ ،‬والعالقات اليت تسود بني أفراده‪،‬‬
‫ومشكالته‪ ،‬ومتغرياته‪ ،‬وطبيعة ابلحوث وادلراسات الرتبوية وانلفسية اليت تستهدف املتعلم‪،‬‬
‫وأسايلب اتلنشئة‪ ،‬ومطالب انلمو‪ ،‬واتلفجر املعريف املتسارع بما يرافقه من مستجدات وقضايا‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫لاً‬
‫تطويرا يف املنهاج من حني‬ ‫مبارشا معها دون تغافل ـ لك ذلك يتطلب‬ ‫وطروحات تستديع تعام‬
‫آلخر لكما اكن ذلك رضوريا‪ًّ.‬‬
‫وكما يالحظ فإن جاحئة كوفيد‪ 19-‬قد أحدثت من اتلأثري ما ال يكيف معه (حتسني) جوانب‬
‫معينة يف املناهج ادلراسية‪ ،‬بل ال بد من إحداث تغيري يف الفلسفة الرتبوية نفسها‪ ،‬ويف األسس‬
‫االجتماعية وانلفسية واملعرفية اليت يقوم عليها املنهاج‪ ،‬واستبدال أسس جديدة بها‪ .‬والرتبية‬
‫ً‬
‫اإلسالمية وفقا ملنطلقاتها الفكرية أعاله قادرة ىلع القيام بذلك‪.‬‬
‫‪ -‬األهداف‪ :‬بمجاالتها املعرفية والوجدانية واملهارية‪ ،‬ومستوياتها داخل لك جمال‪ ،‬وأنواعها من‬
‫أهداف اعمة‪ ،‬أو أهداف مرحلة تعليمية‪ ،‬أو أهداف كتاب‪ ،‬أو وحدة (تعليمية)‪ ،‬أو أهداف درسية‬
‫(سلوكية)‪ .‬تنبيغ مراجعتها من وقت آلخر؛ لكونها توجه بقية عنارص املنهاج تلصبح أكرث دقة‬
‫وفاعلية‪.‬‬
‫‪ -‬املضامني املعرفية (املحتوى)‪ :‬فاملادة ادلراسية اليت تشملها كتب الرتبية اإلسالمية تتم بداللة‬
‫األهداف‪ ،‬وأي تغيري يطرأ ىلع األهداف فإنه يؤثر يف نوع املحتوى وطبيعته وحجمه‪ .‬وتتجىل‬
‫أهمية تطوير املحتوى يف ضوء ما يستجد من مشكالت وقضايا معارصة‪ ،‬ينبيغ أن جتد سبيلها إىل‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫كتب الرتبية اإلسالمية إىل جانب ادلروس اليت تشملها‪ ،‬أو بديال عنها‪ ،‬أو تعديال هلا وفقا ملعيار‬
‫األهمية‪ ،‬وهذا من (فقه األولويات)‪.‬‬

‫‪218‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫مصادر مناهج الرتبية اإلسالمية غنية باملحتويات املعرفية إىل درجة كبرية؛ فحفظ صحة‬
‫ًّ‬ ‫ً‬
‫أساسيا من املقاصد اخلمسة اليت‬ ‫مقصدا‬ ‫اإلنسان اليت باتت اجلاحئة تهدده –كما ورد أعاله‪ -‬تعد‬
‫نزلت الرشيعة حلفظها وصيانتها‪ .‬ومراجعة األدلة والشواهد الرشعية املستفيضة اليت تم استقصاء‬
‫بعضها ‪-‬كما سبق بيانه– تؤكد رضورة اتلفات املنهجني يف الرتبية اإلسالمية إىل تضمني تلك‬
‫املحتويات يف مناهج الرتبية اإلسالمية يف الصفوف املختلفة ضمن مصفوفة مدى وتتابع حديثة‬
‫ً‬
‫وعرصية‪ ،‬حتقيقا ملقصد الرشيعة اإلسالمية األسىم يف حفظ صحة اإلنسان‪.‬‬
‫‪ -‬طرائق اتلدريس وأسايلبه واسرتاتيجياته‪ :‬طرائق اتلدريس وسائل وآيلات تنهض بالعملية‬
‫ُ َ‬
‫المشاهد من عملية اتلدريس‪ ،‬ويه تتعدد بشلك كبري كما تتعدد‬ ‫اتلعليمية اتلعلمية‪ ،‬ويه اجلزء‬
‫َ‬
‫تصنيفاتها وأغراضها‪ ،‬وقيمة أية طريقة وفضلها ىلع غريها بمقدار ما تكون أكرث مالءمة منها‪،‬‬
‫وذللك تتغري هذه الطرائق واألسايلب وتتطور بانلظر إىل جمموعة من العوامل‪ .‬ومن غري املجدي‬
‫االقتصار ىلع طرق بعينها دون غريها‪.‬‬
‫وهنا ال بد من تأكيد أن طرائق اتلدريس وأسايلبه واسرتاتيجياته اليت شاع استخدامها قبل جاحئة‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫خيارا‪ ،‬بل أصبح رضورة اقتضتها ظروف‬ ‫كوفيد‪ 19-‬لن تعود جمدية بعدها؛ فاتلعلم عن بعد لم يعد‬
‫تبعا ذللك إاعدة تصميم حمتويات‬ ‫اجلاحئة‪ ،‬ومن املتوقع أن تستمر بعدها آلماد طويلة‪ ،‬وينبيغ ً‬
‫دروس الرتبية اإلسالمية وما يتعلق بها وختطيطها بما يتناسب مع اسرتاتيجيات وطرائق اتلدريس‬
‫النشطة احلديثة القائمة ىلع خمرجات اتلعلم‪.‬‬
‫‪ -‬أسايلب اتلقويم وأنواعه‪ :‬تتأثر طبيعة اتلقويم بنوع األهداف‪ ،‬وطبيعة املحتوى اتلعلييم وطرائق‬
‫ً‬
‫تدريسه‪ ،‬وأي تطوير يقع عليهما ينعكس ىلع اتلقويم‪ ،‬وقد تعددت أسايلبه وأنواعه ولم يعد مرادفا‬
‫لالختبارات‪ ،‬كما تعددت مراحله وجرت عليه الكثري من اتلطورات اليت من الرضوري أن تظهر‬
‫تبعا للمتغريات اليت تمت يف ميدان طرائق اتلدريس واسرتاتيجياته؛‬ ‫يف مناهج الرتبية اإلسالمية ً‬
‫إذ تتم أسايلب اتلقويم بداللة عنارص املنهاج السابقة وبما يطرأ عليها من متغريات‪.‬‬
‫‪ -‬الوسائل والوسائط واتلقانات وأسايلب العرض‪ :‬لقد دخلت اتلكنولوجيا إىل ميدان اتلعليم‬
‫فسهلت عمل املعلم واملتعلم‪ ،‬وأثرت يف دور لك منهما‪ ،‬ويه تتطور من وقت آلخر‪ .‬ومن الرضوري‬
‫تأثريا واضحا يف املنهاج‪ ،‬وأن يستفاد منها إىل أقىص مدى ممكن‪.‬‬‫أن حيدث دخوهلا ً‬
‫ويف ظل اجلاحئة والشلل اتلام للحياة املدرسية‪ ،‬اذلي نتج عنها أصبحت اتلكنولوجيا‬ ‫ ‬
‫يه املالذ الوحيد‪ ،‬وسيد املوقف الستدامة اتلعليم واتلعلم‪ ،‬ولوال أن سخرها اهلل سبحانه وتعاىل‬
‫لإلنسان يف هذا الظرف فإنه لم يكن من املتصور حدوث أي نوع من اتلعليم واتلعلم الصحيحني‪،‬‬
‫وىلع أي صعيد اكن؛ فاإلنرتنت وتوابعه أصبح هو املدرسة واملعلم والكتاب‪ ،‬وهو الطبشورة واللوح‬
‫والقلم‪ .‬والرتبية اإلسالمية –كبايق املواد املدرسية – قادرة ىلع أن تستفيد من اإلماكنات اليت‬
‫توفرها شبكة املعلومات ادلويلة إىل أبعد مدى ممكن‪ ،‬ال سيما أن هذه الشبكة تتوافر ىلع حمتوى‬

‫‪219‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫تربوي إساليم ثري وغزير‪ .‬ومما جيدر ذكره يف هذا السياق أنه قد مىض الوقت اذلي اكن يتم‬
‫فيه احلديث عن استخدام اتلكنولوجيا يف اتلعليم‪ ،‬أو اتلعليم املدمج باتلكنولوجيا‪ ،‬إىل درجة‬
‫ًّ‬ ‫لاً‬ ‫أنها أصبحت ً‬
‫خارجيا من‬ ‫جزءا ال يتجزأ من منظومة اتلعليم وعنارصه األساسية‪ ،‬وليس شك‬
‫أشاكهل‪ .‬ومناهج الرتبية اإلسالمية ‪-‬استجابة إىل دعوة اإلسالم لإلنسان املسلم بتوسيع دائريت‬
‫السمع وابلرص دليه بكل أداة ممكنة‪ -‬مطلوب منها استخدام اتلكنولوجيا وإدخاهلا بكل أشاكهلا‬
‫وإماكناتها يف تصميم كتبها وتدريسيها وتقويمها دون تردد أو وجل‪.‬‬

‫مرتكزات تطوير مناهج التربية اإلسالمية‬


‫ًّ‬
‫رشعيا وتربويا‪ ،‬ويه حتتاج إىل مراجعة وحتديث‬ ‫ًّ‬ ‫يعد تطوير مناهج الرتبية اإلسالمية مطلبًا‬
‫مستمرين‪ .‬وحىت تتم عملية تطوير مناهج الرتبية اإلسالمية ‪-‬يف ضوء جاحئة كوفيد‪ 19-‬بصورة‬
‫صحيحة ال بد أن جتري وفق جمموعة من الضوابط واالعتبارات املنهجية واملوضوعية‪ ،‬أهمها‪:‬‬
‫‪ .1‬أن يتم اتلطوير وفق ضوابط اإلسالم مع اتلفريق الواضح بني ما هو ثابت فيه من أصول العقائد‬
‫واألحاكم والعبادات واألخالق‪ ،‬وبني ما هو مرن جتري عليه اعتبارات الزمان واملاكن‪ ،‬وذلك‬
‫«بإدراك قيمة اثلابت‪ ،‬وتفعيل املعارص واملتحول» (املوىس‪ ،2002 ،‬ص‪.)82‬‬
‫ً‬
‫‪ .2‬أن ينسجم اتلطوير مع هويتنا وقيمنا وخصوصيتنا احلضارية‪ ،‬وال يأيت تعبريا عن أي بيئة أخرى؛‬
‫ألن املناهج تستنبت من تربتها‪ ،‬وال تستورد من اخلارج‪( .‬انلدوي‪ )1980 ،‬ويه تعرب عن جمتمعاتها‪،‬‬
‫واملنهاج هو نظام فريع من نظام الرتبية اذلي ينبيغ أن يشتق من الفلسفة العامة للمجتمع‪.‬‬
‫‪ .3‬أن ينبثق اتلطوير عن ختطيط متأن وواع ودقيق ينفذه املتخصصون وفق اسرتاتيجيات اتلطوير‬
‫ً‬
‫ومنهجياته العلمية والفنية املتعارف عليها بني أهل اخلربة واالختصاص‪ ،‬واعتمادا ىلع ادلراسات‬
‫وابلحوث ذات العالقة‪.‬‬
‫‪ .4‬أن يتم اختيار ادلروس وفق معياري األهمية واملالءمة؛ وذللك ينبيغ تقديم ادلروس األكرث‬
‫أهمية ومالءمة ىلع ادلروس اليت تأيت دونها فيهما‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ .5‬أن تتضمن كتب الرتبية اإلسالمية حمتوى متجددا يف فقه انلوازل‪ ،‬وتزداد أهمية هذا انلوع من‬
‫الفقه مع وجود هذه اجلاحئة اليت ألقت بظالهلا القاتمة ىلع حياة اإلنسان ونشاطاته‪.‬‬
‫‪ .6‬استحضار اآليات الكريمة واألحاديث الرشيفة املتصلة بطبيعة اجلاحئة‪ ،‬ووضع معايري حمددة‬
‫الختيارها وتضمينها يف مناهج الرتبية اإلسالمية‪.‬‬
‫‪ .7‬تضمني مناهج الرتبية اإلسالمية القضايا واملشكالت املعارصة ذات العالقة بكل مرحلة‬
‫دراسية‪ ،‬حىت يبىق الطلبة ىلع اتصال مبارش بما يدور يف جمتمعهم ويف العالم حوهلم‪.‬‬
‫‪ .8‬عدم االقتصار ىلع نوع واحد من طرائق عرض املحتوى وأسايلبه يف مناهج الرتبية اإلسالمية‪،‬‬
‫أمرا يف اغية األهمية؛ فقد دأب معدو مناهج الرتبية اإلسالمية منذ وقت‬ ‫ألن اتلجديد يف ذلك يعد ً‬

‫‪220‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫طويل إىل عرض املحتوى املعريف فيها من خالل منهج الوحدات فقط‪ ،‬ويه وحدات‪( :‬القرآن‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وتفسريا وحفظا‪ ،‬واحلديث الرشيف‪ ،‬والعقيدة‪ ،‬والفقه‪ ،‬والسرية املطهرة‪ ،‬واألخالق‬ ‫الكريم‪ :‬تالوة‬
‫ُّ ُ‬
‫واتلهذيب‪ ،‬وانلظم) ومع أهمية هذا األسلوب يف عرض املحتوى ومربراته‪ ،‬توجد العديد من‬
‫املنهجيات واألسايلب األخرى اليت يمكن أن تمثل منطلقات ذات جدوى لعرض املحتوى يف‬
‫الوقت الراهن بانلظر إىل ما حل بالعالم بفعل هذه اجلاحئة‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫ً‬
‫‪ -‬أن يعرض املحتوى انطالقا من مقاصد الرشيعة اإلسالمية‪ ،‬ويه‪ :‬حفظ انلفس‪ ،‬وادلين‪،‬‬
‫والعقل‪ ،‬والنسل‪ ،‬والعرض (املقبايل‪.)2004 ،‬‬
‫ً‬
‫‪ -‬أن يعرض املحتوى انطالقا من قاعدة االرتباطات والعالقات‪ ،‬ويه‪( :‬عالقة اإلنسان‬
‫بربه‪ ،‬وعالقة اإلنسان بنفسه‪ ،‬وعالقة اإلنسان بمجتمعه‪ ،‬وعالقة اإلنسان بغريه يف العالم‪،‬‬
‫وعالقة اإلنسان بالكون املحيط به)‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ -‬أن يعرض املحتوى انطالقا من اتلصنيف املستخدم يف تقسيم موضواعت القرآن الكريم‬
‫الواردة يف الكتب واملعاجم املفهرسة هل وملوضواعته‪.‬‬
‫‪ .9‬أن تعد حمتويات مناهج الرتبية اإلسالمية املطورة بصورة تطبيقية إلكرتونية‪ ،‬إىل جانب املناهج‬
‫الورقية املدعومة بربامج وتطبيقات حاسوبية حثيثة وفعالة‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ .10‬أن تصمم مناهج الرتبية اإلسالمية وفقا للتعليم القائم ىلع اتلعلم النشط باسرتاتيجياته‬
‫املختلفة‪ ،‬وىلع خمرجات اتلعلم‪.‬‬

‫‪221‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫الخاتمة‬

‫تطوير املناهج عملية ديناميكية مستمرة‪ ،‬تستجيب للمتغريات واتلطورات اليت تنشأ لك حني‬
‫يف جماالت احلياة شىت‪ ،‬ويه أداة أساسية من األدوات الفاعلة يف اتلنمية اإلنسانية‪ ،‬تعول عليها‬
‫األمم انلاهضة يف تقدمها املستمر‪ ،‬وسعيها احلثيث يف مضمار اتلنافس العاليم‪ .‬وعليه‪ ،‬فإن انلظم‬
‫لاً‬
‫الرتبوية يف دول العالم املختلفة تعلق عليها آما يف تقدمها املضطرد‪ ،‬وذلك حينما حتز بها األمور‪،‬‬
‫وتشتد عليها األزمات‪ .‬واملمعن يف وضع نظم اتلعليم ومؤسساته عرب العالم ال جيدها أكرث حاجة‬
‫منها ليشء كحاجتها إىل املناهج يف هذا احلني؛ مؤملة منها انتشاهلا من هذه اجلاحئة اهلوجاء‬
‫ومساعدتها يف جتاوز آثارها املدمرة‪...‬‬
‫ً‬
‫وقد حاول املؤلف يف هذا الفصل أن يبني قدرة مناهج الرتبية اإلسالمية خصوصا –حبكم‬
‫طبيعتها وخصائصها– ىلع مواجهة اجلاحئة بصورة فاعلة‪ ،‬وذلك بعرضه حمتوى هذا الفصل من‬
‫منظور طبيعة اتلهديد اذلي تمثله جاحئة كوفيد‪19-‬؛ وهو تهديد يتعلق بنفس اإلنسان وصحته‪.‬‬
‫وذلا‪ ،‬فقد بدأ باحلديث عن أهمية تطوير املناهج ودواعيها‪ ،‬ثم عرض تلأثري اجلاحئة يف املنظومة‬
‫اتلعليمية كإطار للحديث‪ .‬وبعد ذلك تناول اتلحدي اذلي يمكن أن تمثله مناهج الرتبية‬
‫اإلسالمية هلذه اجلاحئة من خالل تقديم مدخل فكري مقاصدي‪ ،‬متبوعاً بمالمح املنهج اإلساليم‬
‫يف حفظ الصحة من خالل استقصاء انلص كتابًا وسنة يف هذا السياق‪ .‬وبعدها تم احلديث عن‬
‫طبيعة اتلغيري اذلي ينبيغ إحداثه يف مناهج الرتبية اإلسالمية يف ضوء اجلاحئة ومنطلقات هذا‬
‫اتلغيري وأشاكهل ومرتكزاته‪.‬‬
‫ويؤمل أن يساهم اجلهد املبذول يف هذا الفصل –ولو بقدر يسري‪ -‬يف اتلصدي هلذه اجلاحئة‪ ،‬وأن‬
‫يليق الضوء ىلع مرونة مناهج الرتبية اإلسالمية –حبكم مصادرها الترشيعية– مبينًا قدرتها ىلع‬
‫استيعاب املتغريات واتلعامل مع انلوازل وفق ما تقتضيه‪.‬‬

‫‪222‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫المراجع‬

‫* ابن ماجة‪ ،‬حممد بن يزيد القزويين‪( .‬د‪.‬ت)‪ .‬سنن إبن ماجه‪ .‬ج‪ .2‬حتقيق‪ :‬حممد فؤاد عبد ابلايق‪.‬‬
‫دار إحياء الكتب العربية‪.‬‬
‫* أبو داوود‪ ،‬سليمان بن األشعث السجستاين (‪ .)2009‬سنن أيب داود‪ .‬ج‪ .4‬حتقيق‪ :‬مجال أمحد‪،‬‬
‫وحممد برير‪ .‬املكتبة العرصية‪.‬‬
‫* أبو مغيل‪ ،‬يم‪ ،‬وشعيب‪ ،‬مىه‪ .)2020( .‬اتلعليم يف ظل احلجر الصيح أثناء جاحئة كوفيد‪ .19-‬مركز‬
‫ادلراسات اللبنانية‪.‬‬
‫* األمم املتحدة‪ .)2020( .‬موجز سياسايت‪ :‬اتلعليم أثناء جاحئة كوفيد‪ 19-‬وما بعدها‪.‬‬
‫* ابلخاري‪ ،‬حممد بن إسماعيل‪1422( .‬ـه)‪ .‬صحيح ابلخاري(ط‪ .)1‬حتقيق‪ :‬حممد زهري بن نارص‬
‫انلارص‪ .‬دار طوق انلجاة (مصورة عن السلطانية بإضافة ترقيم حممد فؤاد عبد ابلايق)‪.‬‬
‫* بوشامب‪ ،‬جورج‪ .)1987( .‬نظرية املنهج‪( .‬ممدوح سليمان‪ ،‬وبهاء ادلين انلجار‪ ،‬ومنصور عبد‬
‫املنعم‪ ،‬ترمجة)‪ .‬ادلار العربية للنرش واتلوزيع‪.‬‬
‫* ريان‪ ،‬أمحد عيل‪ ،‬والعوا‪ ،‬حممد سليم‪ .)2009( .‬مقاصد الرشيعة عند اإلمام مالك بني انلظرية‬
‫واتلطبيق‪ .‬دار السالم للطباعة والنرش واتلوزيع والرتمجة‪.‬‬
‫* الريسوين‪ ،‬أمحد‪1411( .‬ـه)‪ .‬نظرية املقاصد عند الشاطيب‪ .‬مطبعة انلجاح‪.‬‬
‫* السيويط‪ ،‬عبد الرمحن بن أيب بكر‪( .‬د‪.‬ت)‪ .‬صحيح وضعيف اجلامع الصغري وزيادته‪ .‬املكتبة‬
‫الشاملة‪.‬‬
‫* الشاطيب‪ ،‬إبراهيم بن موىس بن حممد‪ .)1997( .‬املوافقات‪ .‬ج‪ .1‬حتقيق‪ :‬أبو عبيدة مشهور بن‬
‫حسن آل سلمان‪ .‬دار ابن عفان‪.‬‬
‫* الشنقيطي‪ ،‬حممد األمني بن حممد املختار‪1410( .‬ه)‪ .‬املصالح املرسلة‪ ،‬اجلامعة اإلسالمية‪ ،‬املدينة‬
‫املنورة‪.‬‬
‫* الطرباين‪ ،‬سليمان بن أمحد بن أيوب الشايم‪ .)2994( .‬املعجم الكبري‪ .‬ج‪( ،20‬ط‪ ، .)2‬حتقيق‪:‬‬
‫محدي بن عبد املجيد السليف‪ .‬القاهرة‪.‬‬
‫* طومار‪ ،‬رشوق جعفر‪ ،2020( .‬ديسمرب ‪ .)7‬انلجاح‪ :‬مغادرة اتلعليم اتلقليدي حنو تعليم املستقبل‪.‬‬
‫جريدة الغد األردنية‪ .‬ص‪.8 .‬‬
‫* العسقالين‪ ،‬أمحد بن عيل بن حممد‪ .)2014( .‬بلوغ املرام من أدلة األحاكم‪ .‬حتقيق‪ :‬ماهر ياسني‬
‫الفحل‪ .‬دار القبس للنرش واتلوزيع‪.‬‬
‫* العيارصه ‪ ،‬حممد عبد الكريم‪ . )2007( .‬معالم انلظرية الرتبوية يف اإلسالم‪ .‬جملة ادلراسات‬
‫الرتبوية وانلفسية‪. 33-1 ،)1(1 ،‬‬

‫‪223‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫* العيارصه‪ ،‬حممد عبد الكريم‪،2009( .‬مارس ‪ .)18-16‬تطوير مناهج الرتبية اإلسالمية (رؤية من‬
‫ادلاخل)‪ .‬حبث مقدم[ ندوة املناهج ادلراسية‪ :‬رؤية مستقبلية‪ ،‬جامعة السلطان قابوس‪ ،‬لكية‬
‫الرتبية‪.‬‬
‫* الغزايل‪ ،‬حممد بن حممد‪1423( .‬ـه)‪ .‬املستصىف يف علم األصول‪ .‬حتقيق‪ :‬حممد عبد السالم عبد‬
‫الشايف‪ .‬دار الكتب العلمية‪.‬‬
‫* الغزايل‪ ،‬حممد‪ .)2005( .‬جدد حياتك (ط‪ ،)5‬رشكة نهضة مرص للطباعة والنرش واتلوزيع‪.‬‬
‫قاسم‪ ،‬محزة حممد‪ .)1990( .‬منار القاري رشح خمترص صحيح ابلخاري‪ .‬ج‪ ،1‬مراجعة‪ :‬عبد‬
‫القادر األرناؤوط‪ .‬مكتبة دار ابليان‪.‬‬
‫* القرضاوي‪ ،‬يوسف‪ ،2020(.‬يناير ‪ . )6‬عناية اإلسالم بالصحة العامة والطب‪ .‬اسرتجعت بتاريخ‬
‫‪ https://www.al-qaradawi.net/node/389.‬ديسمرب ‪ 2020 ،17‬من‬
‫* خمتار‪ ،‬أمحد وفاق‪ .)2014( .‬مقاصد الرشيعة عند اإلمام الشافيع‪ .‬دار السالم للطباعة والنرش‬
‫واتلوزيع والرتمجة‪.‬‬
‫* مسلم‪ ،‬مسلم بن احلجاج انليسابوري‪ .)1954( .‬صحيح مسلم‪ .‬ج‪ ،1‬حتقيق‪ :‬حممد فؤاد عبد‬
‫ابلايق‪ :‬دار إحياء الرتاث العريب‪.‬‬
‫* املقبايل‪ ،‬رابعة‪ .)2004( .‬مقاصد الرشيعة الواجب توافرها يف حمتوى كتب الرتبية ملرحليت اتلعليم‬
‫األسايس واثلانوي [رسالة ماجستري‪ ،‬جامعة السلطان قابوس]‪.‬‬
‫* منظمة الصحة العاملية‪ ،‬ومنظمة ايلونسكو‪ ،‬ومنظمة ايلونيسف‪ ،2020( .‬سبتمرب ‪.)14‬‬
‫االعتبارات املتعلقة بتكييف تدابري الصحة العمومية واتلدابري االجتماعية يف سياق جاحئة‬
‫‪ https://apps.who.int/iris/bitstream/han-‬كوفيد ‪ .19-‬اسرتجعت بتاريخ سبتمرب ‪ 2020 ،22‬من‬
‫‪dle/10665/334294/WHO-2019-nCoV-Adjusting_PH_measures-Schools-2020.2-‬‬
‫‪ara.pdf‬‬
‫* املوىس‪ ،‬عيل سعد‪ .)2002( .‬ال بد من مناهج جديدة لواقع جديد‪ ،‬جملة احلج والعمرة‪،)57(4 ،‬‬
‫‪.83-82‬‬
‫* انلجار‪ ،‬غياث‪ .)2011( .‬الرتبية الصحية يف ضوء الفكر اإلساليم‪ .‬دار اإلعالم للنرش‪.‬‬
‫* انلدوي‪ ،‬أبو احلسن عيل‪ .)1980( .‬حنو الرتبية اإلسالمية احلرة يف احلكومات وابلالد اإلسالمية‬
‫(ط‪ ،)3‬مؤسسة الرسالة‪.‬‬

‫‪* International Task Force on Teachers for Education, 2030. (2020, April, 21).‬‬
‫ ‬ ‫‪COVID-19: A global Crisis for Teaching and Learning. Retrieved December,‬‬
‫ ‬ ‫‪28, 2020, from http://achertaskforce. Org/ knowledge-hub/19-covid global-‬‬
‫ ‬ ‫‪crisis- teaching-learning-and-teaching.‬‬
‫‪* Olen, H. (2020, December 2). It’s time to admit it: Remote education is a failure.‬‬
‫ ‬ ‫‪The washingtonpost. https://www.washingtonpost.com.‬‬

‫‪224‬‬
19_‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد‬ ‫ الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬:‫تحرير‬

* UNESCO, UNICEF, World Bank. (2020, July,16). Survey on National Education


Responses to COVID-19 School Closures. Retrieved November 25, 2020,
from http://uis.unesco.org/en/news/unesco-unicef-world-bank-survey-national-
education-responses-covid-19-school-closures-2nd
* UNESCO. (2020a). Education: From disruption to recovery Retrieved Decemper, 8,
2020, from. https:// en.unesco.org/covid19/ education response.
* UNESCO. (2020b). Education Sector Issue Note 2.2, Retrieved Decemper, 11, 2020,
from https:// unesdoc. Unesco. Org/ark:/48223/ pf0000373338//PDF/373338eng.
Viner, M., Russell, S., Croker, J., Ward, J., Stanafield, C., Mytton, O., Bonell, C., Booy,
* R. (2020). School Closure and Management Practices During Coronavirus
Outbreak Including COVID19: A rapid systematic review. Retrieved Decemper, 10,
2020, from https:// www. Thelancet.com/journals/lanchi/article/plls-
30095(20)4642-2352x/fulltext.

225
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫‪226‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫الفصل التاسع‬
‫الرتبية البدنية وكوفيد ‪١٩‬‬
‫د‪ .‬مروه محدي نرص‬

‫‪227‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫‪228‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫مقدمة‬
‫ىلع الرغم من ظهور لقاحات عدة يف الفرتة األخرية ما زالت حتذيرات منظمة الصحة‬
‫العاملية من اتلقارب املجتميع واالختالط حتيط باملجتمعات واألفراد ىلع األصعدة اكفة‬
‫(منظمة الصحة العاملية‪ ،‬فرباير ‪ .)٢٠٢١‬اجتاحت موجات فريوس كوفيد‪ 19-‬دول العالم‬
‫واحدة تلو األخرى‪ ،‬حىت بات يتغذى ويقتات ىلع الطاقات املجتمعية ويهدد تأثريه‬
‫َ‬
‫الفتاك املخزون االقتصادي والطيب بلدلان العالم ابلالغ عددها ‪ ١٩٤‬دولة‪ .‬لم تقترص اآلثار انلاجتة‬
‫عن اجتياح فريوس كوفيد‪ ١٩-‬العالم ىلع املنايح االقتصادية والصحية فقط‪ ،‬ولكنها اتلهمت معها‬
‫طاقات األفراد والشعوب انلفسية واالجتماعية ىلع حد سواء‪ .‬اتفق ساكن الكرة األرضية ألول مرة‬
‫منذ بدء اخلليقة ىلع وجوب اتلباعد املجتميع بوصفه إحدى آيلات احلد من انتشار العدوى بني‬
‫األفراد‪ ،‬ووجوب منع االختالط‪ ،‬خاصة مع الفئات اليت ثبت إصابتها بالفريوس حتسبًا ملا ال حيمد‬
‫عقباه‪.‬‬
‫استنفرت جهود مجيع ادلول‪ ،‬خاصة اجلهود الصحية‪ ،‬ملجابهة العواقب اليت نتجت عن‬ ‫ ‬
‫ُ‬
‫انتشار الفريوس‪ ،‬وفرضت اإلجراءات االحرتازية اهلادفة إىل عزل املصابني عن املجتمع وكرس‬
‫دائرة العدوى‪ ،‬مثل حظر اتلجول اذلي فرض يف العديد من دول العالم‪ .‬صاحب تلك اإلجراءات‬
‫االحرتازية الكثري من اتلعليمات اتلوعوية والقانونية والغرامات املايلة‪ ،‬بهدف احلد من اآلثار‬
‫املجتمعية السلبية للفريوس‪ ،‬كما رافقها الكثري من العواقب السلبية اليت أثرت يف الشعوب‬
‫جتلىّ‬
‫يف اتلوتر‬ ‫واألفراد؛ إذ انترش بني أفراد املجتمع خطر آخر يهدد سالمتهم انلفسية واالجتماعية‬
‫ً‬
‫شعورا ال يفارق اجلميع‪ ،‬وزاد تأثريه‬ ‫والقلق انلاجم عن احتمايلة اإلصابة وإماكنيّتها‪ .‬أصبح اخلوف‬
‫السليب خاصة بني الفئات األكرث عرضة لإلصابة‪ ،‬مثل كبار السن وأصحاب األمراض املزمنة‪.‬‬
‫وألن اجلهاز املنايع ألفراد املجتمع يستنفر للوقاية وادلفاع عن أجهزة اجلسم احليوية‬ ‫ ‬
‫ضد الفريوس اخليف والضاري؛ ازدادت فرص اإلصابة باألمراض‪ ،‬خاصة أمراض اجلهاز اتلنفيس‬
‫والقلب واألوعية ادلموية اليت بدورها حتد من كفاءة األجهزة احليوية يف جسم اإلنسان‪.‬‬
‫اكنت ممارسة الرياضة لفرتات منتظمة ومستمرة أحد خطوط ادلفاع الرئيسة اليت حتيم‬ ‫ ‬
‫وتيق أجهزة اجلسم احليوية‪ ،‬وحتد من إصابة ممارسيها بالكثري من األمراض اليت تهدد حياتهم‪.‬‬
‫ً‬
‫كبريا بأهمية ممارسة الرياضة املتوسطة الشدة للحد‬ ‫ً‬
‫اهتماما‬ ‫أولت دراسات طبية وختصصية عدة‬
‫من اتلداعيات الصحية وانلفسية واالجتماعية اليت يتعرض هلا األفراد‪ ،‬خاصة يف الظروف الوبائية‬
‫مثل كوفيد‪.١٩-‬‬
‫والتساؤل املحري للعديد منا هنا‪ ،‬كيف يمكن حتقيق اتلوافق بني صحة األفراد وتطبيق‬ ‫ ‬
‫اإلجراءات االحرتازية املفروضة من املؤسسات الطبية واملنظمات العاملية من جهة‪ ،‬وبني الطبيعة‬

‫‪229‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫الفطرية اليت تفرضها أشاكل املمارسة الرياضية ملنتسبيها‪ ،‬اليت تتضاد –أغلبها‪ -‬وتتعارض مع‬
‫مبدأ اتلباعد املجتميع واملسافات اآلمنة بني األفراد من جهة أخرى؟ ما تأثري ذلك يف عموم األفراد‬
‫ويف مناهج الرتبية ابلدنية وطرائق تدريسها وتقييمها؟ ما اآلثار املرتتبة ىلع تلك اتلحوالت انلوعية‬
‫ىلع الرياضات الفردية واجلماعية للممارسني والعاملني عليها؟ سوف نستعرض الكثري من اآلراء‬
‫واملمارسات ونناقشها يف الفقرات اآلتية من الفصل‪.‬‬

‫رياضة المحترفين في زمن الكوفيد‪١٩-‬‬


‫ً‬ ‫ً‬
‫اجتهت عدد من اهليئات واملنظمات الرياضية حمليا ودويلا إىل االلزتام بتوجيهات منظمة‬ ‫ ‬
‫الصحة العاملية حول فرض اإلجراءات االحرتازية املشددة للحد من انتشار اإلصابات بني املمارسني‬
‫االجتاه إىل ممارسة الرياضة فرديًّا‪،‬‬
‫ُ‬ ‫يف خمتلف القطااعت الرياضية االحرتافية وغري االحرتافية‪ .‬اكن‬
‫واجلراعت اتلدريبية الفردية أحد تلك املمارسات يف خمتلف أشاكل الرياضات خاصة اجلماعية‬
‫منها؛ إذ صممت اجلراعت اتلدريبية بأشاكهلا اكفة فرديًّا عن بعد‪ ،‬كما برز ىلع الساحة الرياضية‬
‫مصطلحات عدة‪ ،‬منها‪« :‬اتلدريب واملمارسة عن بعد» ملنتسبيها وممارسيها بوصفها مساهمة منها‬
‫يف احلد من انتشار العدوى الفريوسية‪ ،‬واحلفاظ ىلع املسافة اآلمنة اليت تسهم يف تقليل اإلصابات‬
‫باختالف درجاتها‪.‬‬
‫انتهجت مؤسسات وهيئات رياضية عدة (دويلة وحملية) آيلة تقديم اجلراعت اتلدريبية‬ ‫ ‬
‫ًّ‬
‫للرياضيني فرديا عن بعد ‪ .‬وقد صممت اجلراعت والربامج ابلدنية واتلدريبية عن بعد وفق أحدث‬
‫األنظمة اتلكنولوجية واتلقنية املوجودة دليهم تلحديد احتياجاتهم وفق املستويات املطلوب‬
‫حتقيقها واخلطط اتلنافسية اليت تلزتم بها‪.‬‬
‫وىلع الرغم من تلك اجلهود احلثيثة‪ ،‬انترشت اإلصابات بني عدد من الرياضيني يف‬ ‫ ‬
‫خمتلف القطااعت الرياضية اتلنافسية للمحرتفني‪ .‬ولكن يف الوقت نفسه أظهرت نتائج عدد من‬
‫ادلراسات أن درجة اإلصابة وشدتها دلى املحرتفني منخفضة مقارنة بغريهم من املمارسني وغري‬
‫املمارسني؛ إذ خلصت تلك ادلراسات ىلع أهمية االستمرار يف ممارسة النشاط الريايض باعتباره‬
‫جزءا من الروتني ايلويم لألفراد‪ ،‬وذلك بهدف احلفاظ ىلع كفاءة األجهزة احليوية للجسم والعمل‬ ‫ً‬
‫ىلع زيادة القدرات املناعية اإلجيابية دليها وتقليل األعراض املصاحبة لألمراض املزمنة وزيادة‬
‫لاً‬
‫تركزي اخلاليا املناعية وصو إىل احلد من االتلهابات انلاجتة عن اإلصابات الفريوسية‪.‬‬
‫إذ تساعد ممارسة الرياضة بانتظام ىلع احلفاظ ىلع مستوى جيد من جودة احلياة لألفراد‬ ‫ ‬
‫والشعوب‪ ،‬وتعمل ىلع خلق نوع من الكيمياء داخل اجلسم حلماية اجلهاز املنايع من السقوط‬
‫يف هاوية الضعف أو الفقر الصيح وابلدين وانلفيس‪ ،‬وذللك تعد ممارسة الرياضة أحد خمرجاتنا‬
‫ملجابهة الوضع الوبايئ العاليم‪.‬‬

‫‪230‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫الرياضة في المؤسسات التعليمية والتربوية في ظل كوفيد‪١٩‬‬


‫اهتمت املؤسسات اتلعليمية والرتبوية يف قطااعتها اكفة بمتابعة اتلوصيات العاملية‬ ‫ ‬
‫بممارساتها اتلعليمية داخل مؤسساتها‪ ،‬والزتمت مجيعها باتلوصيات الصحية املنبثقة من اهليئات‬
‫الصحية املحلية وادلويلة‪ ،‬حلساسية فئات منتسبيها من ناحية ضخامة أعدادهم وتباين خلفياتهم‬
‫اثلقافية واالجتماعية‪ ،‬وكذلك مستوى وعيهم الصيح‪ .‬يصل عدد منتسيب القطااعت اتلعليمية‬
‫والرتبوية يف بعض ادلول العربية إىل قرابة ‪ ٪٣٠‬من كثافتها الساكنية‪ ،‬وذللك تويل ادلول واحلكومات‬
‫ً‬
‫كبريا بها‪.‬‬ ‫ً‬
‫اهتماما‬
‫تباينت وتعددت ممارسات املؤسسات اتلعليمية والرتبوية يف اتلعامل مع اجلاحئة منذ‬ ‫ ‬
‫ظهورها‪ ،‬ولكن اتفقت معظم تلك املؤسسات الرتبوية واتلعليمية ىلع رضورة استخدام اتلقنيات‬
‫ً‬
‫رواجا حايلًا‪ ،‬وهو « اتلعليم عن بعد»‪ .‬تعددت أشاكل تقديم‬ ‫اتلكنولوجية تلفعيل املصطلح األكرث‬
‫املحتوى اتلعلييم للفئات املستهدفة وتباينت بني املزتامن وغري املزتامن واملدمج يف إثراء اخلربات‬
‫اتلعليمية وجعلها أكرث إثارة جلميع أطرافها‪ .‬لقد تضافرت جهود العاملني يف القطاع الرتبوي‬
‫واتلعلييم يف تقديم املحتوى بأشاكل متعددة عرب منصات وقنوات اتلفاعل املختلفة‪ ،‬مستخدمة‬
‫طرائق متعددة ومتباينة تلتناسب مع خمتلف أنواع املتعلمني‪ ،‬وتتناسب مع انلاحية الفنية‬
‫للمحتوى املعريف واتلطبييق والقييم جلموع املتعلمني بمختلف قدراتهم واحتياجاتهم‪.‬‬
‫ويبىق هنا سؤال طارح نفسه بقوة‪ ،‬كيف يمكننا حنن ‪-‬املهتمني والعاملني يف القطاع‬ ‫ ‬
‫الرتبوي الريايض‪ -‬أن حنافظ ىلع املعادلة اليت توازن ما بني الصحة ابلدنية من ناحية والصحة‬
‫انلفسية واالجتماعية من ناحية أخرى يف ظل قيود اتلباعد املجتميع املفروض علينا؟ ما اآليلات‬
‫واملمارسات اليت نستطيع من خالهلا االستفادة من نتائج دراسات علمية عديدة تؤكد يف جممل‬
‫ً‬
‫نتاجئها رضورة ممارسة الرياضة وأهميتها يف حتسني جودة احلياة بوصفنا أفرادا من انلاحية الصحية‪،‬‬
‫وناحية مستوى اتلحصيل املعريف‪ ،‬واالتزان االنفعايل‪ ،‬وسيكولوجية اجلمااعت دلى املتعلمني يف‬
‫القطااعت اتلعليمية والرتبوية اكفة‪ .‬هل سنتمكن من ممارسة النشاط ابلدين والريايض وحنافظ‬
‫يف نفس الوقت ىلع أهم إجراء وقايئ وهو اتلباعد اجلسدي واملاكين يف أثناء ذلك؟‬
‫وىلع الرغم من بساطة األمر يف ظاهره حيمل جوهره يف طياته الكثري من اتلحديات‬ ‫ ‬
‫للعاملني يف املؤسسات اتلعليمية والرتبوية املهتمني بالشأن الريايض وابلدين؛ إذ تركز طبيعة‬
‫النشاط الريايض ىلع حث املشاركني واملمارسني من املعلمني والطالب بهدف رفع دافعيتهم‬
‫واالستمرار يف املشاركة الفعالة للمحتوى واألنشطة الرياضية املقدمة إيلهم يف املدرسة؛ إذ يعد‬
‫جتهزي ابليئة اتلعليمية إحدى راكئز عمل معلم الرتبية ابلدنية اليت من خالهلا يستطيع اختاذ مجيع‬
‫اخلطوات اإلجرائية اإلجيابية حنو حتقيق تعلم فعال‪ .‬يقع ىلع اعتق املعلم بوصفه أحد راكئز تقديم‬
‫املحتوى (املهاري‪/‬اتلطبييق‪/‬املعريف) تصميم أنسب ابليئات اتلعليمية تلقديم املحتوى ً‬
‫بعيدا عن‬
‫املؤثرات اخلارجية وعنارص التشويش وما يعيق تقديم املحتوى؛ إذ يهتم معلم الرتبية ابلدنية عند‬

‫‪231‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫«تقديم املحتوى عن بعد» بعدد من األبعاد اإلنسانية واملعروفة «خبصوصية األفراد»‪ ،‬إىل جانب‬
‫األبعاد اتلقنية اليت تؤثر يف العملية اتلعليمية اتلعلمية‪ ،‬ومنها‪ :‬رسعة الشباكت وبرامج احلماية‬
‫اليت تيق املستخدمني من خماطر القرصنة اإللكرتونية لضمان احلفاظ ىلع معلومات وبيانات‬
‫األفراد‪ ،‬خاصة فئات املتعلمني باملؤسسات اتلعليمية املختلفة‪.‬‬

‫استراتيجيات التدريس في ظل كوفيد‪١٩‬‬


‫تزامنت حالة اذلعر والقلق الشديد اليت اجتاحت العالم خالل ظهور الوباء الفريويس‬ ‫ ‬
‫اعم ‪ ٢٠١٩‬مع حدوث حالة من اإلغالق العام واتلوقف الفعيل للعديد من أنماط احلياة االعتيادية‬
‫ً‬
‫لألفراد‪ ،‬خاصة املؤسسات الرتبوية واتلعليمية ىلع مستوى العالم أمجع‪ ،‬اعتقادا أن اتلوقف املرحيل‬
‫سوف ينتيه يف املستقبل القريب‪ ،‬ولكن مع مرور عدة أشهر من استمرارية اإلصابات وتطورها‬
‫جينيًا‪ ،‬حاولت املؤسسات ‪-‬خاصة الرتبوية منها‪ -‬العودة اتلدرجيية يف تقديم خدماتها ىلع األصعدة‬
‫ً‬
‫اكفة‪ .‬أجرت تلك املؤسسات عددا من اجلهود الرسيعة واحلثيثة الستغالل إماكنات ابلنية اتلحتية‬
‫اتلقنية هلا تلقديم خدماتها الرتبوية‪ ،‬واجتهت اغبلية املؤسسات اتلعليمية اليت سمحت ظروفها إىل‬
‫نقل عملية اتلدريس من شلكها اتلقليدي املعمول به حىت قبل ظهور اجلاحئة إىل سياسة اتلعليم‬
‫عن بعد لضمان استمرارية اتلعلم وضمان احلد من اخلسائر انلاجتة عنها‪.‬‬
‫بعد ظهور اجلاحئة‪ ،‬أسفرت جهود عدد من املؤسسات اتلعليمية عن اتلحول انلويع يف‬ ‫ ‬
‫تقديم اخلدمات اتلعليمية بها يف عدد من دول العالم‪ .‬اهتمت األنظمة اتلعليمية يف الواليات‬
‫املتحدة األمريكية عند تدريس الرتبية ابلدنية يف مدارسها بأسلوب اتلعليم عن بعد بشلك‬
‫مزتامن (بث مبارش حلصة الرتبية ابلدنية)‪ ،‬باإلضافة إىل التسجيالت املرئية واملصورة (الفيديو)‬
‫ملختلف أنشطة الطالب الرياضية ومهامهم احلركية وابلدنية؛ إذ ركز ىلع تنمية عنارصهم ابلدنية‬
‫عن طريق توفري عدد من اجلراعت اتلدريبية اليت صممها املعلمون املتخصصون ورفعها ىلع‬
‫منصاتها اتلعليمية‪ .‬أما يف املجر‪ ،‬فظهر ما يسيم «املفكرة احلركية» للفرد‪ ،‬اليت حتث الطلبة ىلع‬
‫ممارسة النشاط الريايض يوميًا والرتكزي ىلع أهمية الروتني ايلويم الريايض ىلع احلفاظ ىلع مستوى‬
‫جودة حياتهم‪.‬‬
‫بينما اجتهت جهود عدد من دول ابلحر األبيض املتوسط‪ ،‬مثل إيطايلا وتركيا‪ ،‬إىل تقديم‬ ‫ ‬
‫خدماتها الرياضية لكها إىل قطاع املدارس عن بعد‪ ،‬عن طريق استغالل منصاتها اتلعليمية ووسائط‬
‫اتصاهلا املرئية املحلية (قنوات ابلث املبارش)‪ .‬وساهمت جهود عدد من املنظمات واهليئات املهنية‬
‫اتلخصصية‪ ،‬مثل اجلمعية املهنية للصحة لرتبية ابلدنية (‪ ،)SHAPE‬يف تصميم املواد اتلعليمية‬
‫ً‬
‫اتلقنية والوسائط اتلعليمية املرئية وإعدادها‪ ،‬باإلضافة إىل نماذج تطبيقية عدة مصورة عددا من‬
‫األلعاب واملهارات الرياضية‪ ،‬إىل جانب عدد من ورش اإلنماء املهين للمعلمني حول كيفية إدارة‬

‫‪232‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫صفوف الرتبية ابلدنية والرياضية عن بعد‪ .‬كذلك ساهمت اهليئات واملنظمات املهنية اتلخصصية‬
‫املعنية بعلوم الرياضة والرتبية ابلدنية األخرى يف تقديم املساعدات اتلقنية والعلمية اكفة ملعليم‬
‫الرتبية ابلدنية عن طريق منصاتها املفتوحة‪ ،‬بغية املشاركة اإلجيابية يف جهود احلفاظ ىلع صحة‬
‫األفراد والشعوب ابلدنية وانلفسية واالجتماعية عن طريق االستمرار يف ممارسة النشاط الريايض‬
‫وابلدين‪.‬‬
‫تركزت جهود معظم األنظمة اتلعليمية والرتبوية اليت اعتمدت يف عدد من دول العالم‬ ‫ ‬
‫باختالف طبيعتها وثقافتها وإماكناتها ىلع ثالث سيناريوهات تدريسية تلقديم الرتبية ابلدنية‬
‫يف مؤسساتها اتلعليمية‪ :‬اتلعليم املبارش‪ ،‬واتلعليم عن بعد‪ ،‬واتلعليم املدمج (مزيج من اتلعليم‬
‫املبارش واتلعليم عن بعد)‪ .‬وللك وجهة أو طريقة من تلك الطرائق عدد من اتلحديات اخلاصة‬
‫بالطبيعة انلوعية للمحتوى ابلدين والريايض اليت تقدمها إىل طالبها‪.‬‬

‫استراتيجية التعليم المباشر‬


‫استطاعت اسرتاتيجية اتلعليم املبارش يف تدريس الرتبية ابلدنية اليت انتهجتها عدد من‬ ‫ ‬
‫األنظمة اتلعليمية يف عدد من ادلول ضمن مدارسها أن حتد من املشكالت انلفسية واالجتماعية‬
‫اليت صاحبت عملية االنعزال املجتميع منذ ظهور اجلاحئة يف اعم ‪ .٢٠١٩‬ولكن‪ ،‬واجهت تلك‬
‫االسرتاتيجية الكثري من اتلحديات والصعوبات‪ ،‬من ناحية االلزتام باإلجراءات االحرتازية العاملية‬
‫خاصة احلفاظ ىلع ما يسىم «املسافة اآلمنة»‪ ،‬واحلفاظ ىلع اتلباعد املاكين واحلد من اتلقارب‬
‫اجلسدي للرياضيني واملدربني ىلع حد سواء‪ .‬صاحبت عملية اتلدريس املبارش يف املدارس أعباء‬
‫توعوية واقتصادية نتجت عن رضورة املحافظة ىلع مستوى الويع الصيح وانلظافة واتلعقيم يف‬
‫أثناء تدريس الرتبية ابلدنية يف األماكن املغلقة نسبيًا (اجلمنازيوم)‪ ،‬كما ألزمت اإلجراءات‬
‫َ‬
‫املصاحبة ملمارسة النشاط الريايض املبارش األنظمة اتلعليمية بانتهاج عدد من املمارسات الصحية‬
‫واتلوعوية الصارمة بهدف احلد أو حماولة منع ظهور إصابات جديدة بسبب الفريوس‪.‬‬
‫تهدف ممارسة النشاط ابلدين والريايض إىل احلفاظ ىلع صحة األفراد واملجتمعات وتوفري‬ ‫ ‬
‫ً‬
‫ابليئات اتلعليمية اآلمنة صحيا للطالب حتت إرشاف مهين ومنهيج حيتل األهمية القصوى يف‬
‫دروس الرتبية ابلدنية‪ .‬ولضمان ذلك؛ يستلزم وجود أماكن اكفية ملمارسة النشاط الريايض‪ ،‬اليت‬
‫تتيح ارتداء الكمامات طوال الوقت يف أثناء ممارسة النشاط ابلدين‪ ،‬باإلضافة إىل توفري أماكن‬
‫االغتسال وتغيري املالبس واتلهوية اجليدة للقااعت الرياضية اليت تتناسب مع أعداد املتعلمني‬
‫املوجودين فيها‪ ،‬واألهم من ذلك هو االستخدام اآلمن لألدوات الرياضية والصاالت وغريها‪ .‬وفرت‬
‫ً‬
‫تلك األنظمة عددا من ادلورات واملشاغل اتلدريبية ملعلميها تلدريبهم ىلع مالحظة أعراض‬
‫الفريوس (ارتفاع احلرارة‪ ،‬الرشح‪ ،‬الكحة‪ ،‬ضيق اتلنفس‪ ،‬إلخ) اليت قد تظهر وتنترش أكرث يف أثناء‬

‫‪233‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫حصة الرتبية ابلدنية؛ إذ يصاحب ممارسة النشاط الريايض ظهور بعض من تلك العالمات اليت‬
‫تفرض يف ضوئها ىلع معلم الرتبية ابلدنية اتلعامل معها حبذر وأخذ مجيع اإلجراءات اليت تضمن‬
‫عدم انتشار العدوى بني الطلبة‪.‬‬
‫ختتلف اإلجراءات السابقة إىل حد ما بتغيري ماكن ممارسة النشاط ابلدين والريايض‪ ،‬فقد‬ ‫ ‬
‫اجته املعنيون حنو ممارسة الرياضة يف املالعب واألماكن املفتوحة؛ ما يقلل من العبء املصاحب‬
‫للممارسة مقارنة باألماكن املغلقة‪ ،‬إذ يفضل عدم ارتداء الكمامات يف األماكن املفتوحة‪،‬‬
‫لوجود بعض اتلأثريات السلبية ىلع اتلنفس‪ ،‬مثل اتلعرق واستنشاق ابلخار املوجود بها‪ .‬خلصت‬
‫دراسة وانج ووي (‪ )٢٠٢٠‬إىل أن ممارسة النشاط الريايض يف املالعب واألماكن املفتوحة قللت‬
‫من نسبة اإلصابة بني مماريس النشاط ابلدين والريايض‪ ،‬واعتربتها اخليار األفضل واآلمن صحيًا‪.‬‬
‫كذلك انتهجت عدد من املؤسسات اتلعلمية األخرى جمموعة من املمارسات اإلجيابية‪،‬‬ ‫ ‬
‫مثل تقليل عدد املتعلمني يف احلصة الواحدة للحفاظ ىلع املسافة اآلمنة (منظمة الصحة العاملية‪،‬‬
‫مارس ‪)٢٠٢٠‬؛ إذ تعد اسرتاتيجية اتلدريس املرتكزة ىلع املجمواعت الصغرية نسبيًا ذات فعايلة‬
‫إجيابية عند تدريس املهارات واألنشطة الرياضية اجلماعية‪ ،‬خاصة إذا اكنت يف وقت قصري نسبيًا‬
‫مقارنة بوقتها االعتيادي‪ ،‬فقد اجته املعلمون إىل تقليص وقت احلصص وادلروس من ناحية موعد‬
‫طرحها األسبويع‪ ،‬وركز ابلعض اآلخر ىلع أهمية تزويد الطلبة بفرتات راحة أطول نسبيًا يف أثناء‬
‫ممارسة النشاط ابلدين‪ .‬تهدف هذه املمارسات يف جمملها إىل احلد من انتشار الفريوس وتقليل‬
‫اإلصابات بني أفراد املؤسسات اتلعليمية املختلفة‪.‬‬
‫وىلع الرغم من تعدد املمارسات واآليلات املتبعة يف تدريس الرتبية ابلدنية مبارشة‪،‬‬ ‫ ‬
‫اتفقت اغبليتها ىلع الرتكزي أكرث ىلع تدريس املهارات الرياضية الفردية نشاطاتها اليت ال تتطلب‬
‫لاً‬
‫تقاربا أو عم حركيًا مجاعيًا مع طلبة آخرين قدر اإلماكن‪ ،‬باإلضافة إىل تطويع وتعديل بعض‬ ‫ً‬
‫تقاربا اجتماعيًا‪،‬‬
‫ً‬ ‫موضواعت املناهج واستثناء األنشطة الرياضية اجلماعية اليت يتطلب تدريسها‬
‫واستبدال األنشطة الفردية بها‪ ،‬باإلضافة إىل استخدام الطلبة األدوات الرياضية الشخصية مىت‬
‫تطلبت احلاجة إىل ذلك‪ .‬وىلع الرغم من تلك اجلهود واملمارسات املقننة يوجد توجه قوي للتوقف‬
‫أو اتلقليل من اتلعليم املبارش‪ ،‬واتلوجه حنو اسرتاتيجية اتلعليم عن بعد‪.‬‬

‫استراتيجية التعليم عن بعد‬


‫تعد اسرتاتيجية اتلعليم عن بعد من أبرز نتاجات اجلاحئة اليت ظهرت فعايلتها‬ ‫ ‬
‫واستخداماتها بشدة مىت دعت احلاجة إيلها‪ .‬وألن جمال اتلعليم عن بعد يشمل يف طياته جمموعة‬
‫من اتلفاصيل واألدبيات واملحراكت املنطقية هل؛ سنستعرضه تفصيليًا يف فصول أخرى من هذا‬
‫الكتاب‪ .‬نركز يف هذا الفصل ىلع االختالف انلويع والشيلك يف تدريس الرتبية ابلدنية‪ ،‬وتقديمه‬

‫‪234‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫تماما عن األسلوب املبارش اذلي اكن يقدم به؛ إذ يعتمد تدريس الرتبية ابلدنية‬ ‫يف قالب خمتلف ً‬
‫عموما ىلع حتفزي دافعية الطالب واستثارتها حنو االستمرار يف ممارسة‬ ‫ً‬ ‫وممارسة النشاط الريايض‬
‫النشاط الريايض عن طريق زيادة دافعيته واجتاهه حنوه‪ ،‬واذلي كنا نلمسه بسهولة يف الشلك‬
‫األصيل واتلقليدي للممارسة‪.‬‬
‫إذ إن اللكمة السحرية واملحرك الرئيس للنشاط ابلدين والريايض هو تعزيز ادلافعية اذلي‬ ‫ ‬
‫يتقاطع إىل حد كبري مع خصائص أسلوب اتلعليم عن بعد ونموذجه؛ إذ يهدف كالهما إىل تعزيز‬
‫ادلافعية حنو ممارسة الرياضة واالستمرار يف تكرار املحاوالت تلحقيق انلجاح‪ ،‬ولكن اتلعليم‬
‫عن بعد يهدف إىل تعزيز دافعية مجيع أطراف العملية اتلعليمية‪ ،‬من طلبة ومعلمني ومدارس‬
‫مرورا بصانيع القرار واملؤسسات الرشيكة األخرى‪ .‬تبدأ عملية اتلحفزي واحلث‬ ‫ً‬ ‫وأويلاء أمور‪،‬‬
‫لاً‬ ‫ً‬
‫من أىلع قمة اهلرم من الوزارات واهليئات املعنية مرورا بإدارات املدارس وأويلاء األمور وصو‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ظاهرا بهذا األسلوب املريض سابقا‪،‬‬ ‫إىل الطالب يف ماكنه‪ .‬لم يكن هذا الشلك املرتابط واملتاكمل‬
‫ً‬ ‫ً لاً‬
‫ومؤثرا منذ ظهور اجلاحئة‪.‬‬ ‫ولكن سنحت هل الفرصة حايلًا بالوجود وجودا فعا‬
‫ولكن‪ ،‬حىت يؤيت هذا األسلوب ثماره املرجوة؛ جيب دعم ابليئة اتلعليمية باملوارد‬ ‫ ‬
‫اتلعليمية والرتبوية واملعلومات اتلفصيلية عن إجراءات املمارسة واتلطبيق واتلقييم واتلقويم اليت‬
‫سوف تتبعها املؤسسة اتلعليمية أو املعلم بدقة‪ .‬ظهرت منتجات متعددة متخصصة يف القطاع ابلدين‬
‫مؤخرا عن طريق عدد من اهليئات املهنية اتلخصصية ؛ ما ساهم إجيابيًا يف توفري‬ ‫ً‬ ‫والريايض بكرثة‬
‫املحتوى اذلي يستطيع املعلم االستعانة به يف تقديم مادته العلمية عن بعد‪ .‬لقد تعددت املنصات‬
‫احلرة اتلخصصية املهتمة باتلثقيف الريايض وزيادة الويع الصيح دلى املمارسني‪ ،‬وظهرت الربامج‬
‫اتلدريبية املتخصصة واألنشطة الفردية احلرة وغريها من اجلراعت الفنية ادلاعمة للممارسني‬
‫باختالف مستوياتهم وقدراتهم‪ .‬استطاع الطلبة ومعلمو الرتبية ابلدنية ىلع حد سواء يف ظل هذا‬
‫الزخم واحلراك اإللكرتوين من الوصول إىل العديد من املواد اتلعليمية ونماذجها وتطبيقاتها بكل‬
‫سهولة ورسعة‪ .‬تعددت املنصات واللقاءات املزتامنة والورش اتلدريبية واألنشطة اتلفاعلية‬
‫اجلماعية اليت ساهمت يف جمملها يف إجيابية اخلربات املقدمة عن بعد لألنشطة الرياضية وابلدنية‪.‬‬
‫ومن أبرز إجيابيات وثمار اتلعليم عن بعد للنشاط ابلدين والريايض فعايلة الرشاكة‬ ‫ ‬
‫جلميع أطراف العملية اتلعليمية‪ ،‬من طالب ومعلمني وأويلاء أمور وهيئات مهنية ختصصية‬
‫(‪ )open Phys Edu, HPE at home, Meryland educational dept‬اليت برزت ىلع‬
‫ً‬ ‫ُّ‬
‫الساحة وقدمت للمستخدمني جمانا‪.‬‬
‫وىلع الرغم من اجلهود اليت قدمت ظهرت حتديات عديدة مصاحبة هلذا الزخم الرقيم‬ ‫ ‬
‫واتلقين‪ ،‬مثل ضعف الشباكت يف عدد من املناطق حىت يف ابلدلان املتقدمة‪ ،‬وضعف ابلنية‬
‫اتلحتية واإلماكنات املادية يف عدد من املؤسسات الرتبوية واتلعليمية ذات الطابع االقتصادي‬

‫‪235‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫واثلقايف واملجتميع املتباين‪ ،‬األمر اذلي اكن هل أثر كبري يف احلد من استغالل طاقات اتلعليم عن‬
‫بعد وإماكناته اهلائلة‪ .‬ولكن‪ ،‬ظهرت أبرز اتلحديات جليًا يف عملية تقييم خمرجات اتلعلم‪ ،‬أي‬
‫لاً‬ ‫ًّ‬ ‫قياس اجلانب ابلدين واملهاري ً‬
‫موضوعيا واعد للمتعلمني‪ ،‬خاصة عن بعد‪ .‬أظهرت نتائج‬ ‫قياسا‬
‫دراسة أجراها لك من نرص والروايح والرشيج وزمالئهم (‪ )٢٠٢١‬إىل وجود عدد من اتلحديات‬
‫اخلاصة بتقييم املهارات الرياضية الفردية واجلماعية يف عدد من دول جملس اتلعاون اخللييج‪.‬‬
‫أشارت نتائج ادلراسة األويلة إىل وجود اعتبارات خاصة لطريقة اتلقييم املستخدمة‬ ‫ ‬
‫ومدى مناسبتها املحتوى املهاري من وجهة نظر أعضاء اهليئة اتلدريسية والطلبة ىلع حد سواء‪.‬‬
‫ومن أبرز نتائج تلك ادلراسة‪ :‬وجوب املزج بني اتلعليم املبارش واتلعليم عن بعد عند تقديم‬
‫املحتوى ابلدين والريايض‪ ،‬لطبيعته انلوعية اخلاصة به‪ ،‬اليت تمزيه عن غريه من اتلخصصات‪ .‬ذلا‬
‫جيب ىلع املؤسسات الرتبوية املعنية بإعداد املعلم أخذ تلك اتلحديات يف االعتبار عند تصميم‬
‫خمرجاتها وتنفيذها وتقييمها‪.‬‬

‫استراتيجية التعليم المدمج‬


‫ويه املمارسة ‪-‬اليت تغطيها الفقرات اآلتية‪ -‬اليت اكنت نتاج املمارسات واتلجارب‬ ‫ ‬
‫املتباينة اليت انتهجتها مؤسسات تربوية وتعليمية عدة يف قطااعتها اكفة؛ إذ اجتهت عدد من‬
‫ً‬
‫ادلول إىل املزج بني إجيابيات الطرق املستخدمة سلفا ملجابهة حتديات لك منها‪ .‬ظهر مصطلح‬
‫مؤخرا بوصفه أحد منتجات اجلاحئة‪ ،‬خاصة يف القطاع اتلعلييم يف عدد من‬ ‫ً‬ ‫«اتلعليم املدمج»‬
‫ادلول األوربية والعربية‪ ،‬اذلي اعتمد أسلوب اتلعليم املدمج يف القطااعت اتلعليمية املختلفة‪ ،‬إذ‬
‫ُ َّ‬
‫ويقدم املحتوى‬ ‫يُقسم املتعلمون إىل جممواعت (حسب الكثافة العددية يف املؤسسات املختلفة)‬
‫املعريف واملهاري هلم مبارشة تارة وعن بعد تارة أخرى‪ .‬تباينت طرائق تفعيل هذه االسرتاتيجية ً‬
‫تبعا‬
‫نلوع املحتوى وطبيعته؛ إذ اجتهت بعض ادلول إىل الرتكزي ىلع تقديم اتلعليم املبارش للتخصصات‬
‫العلمية واقتصار اتلقديم عن بعد للعلوم اإلنسانية واللغات‪ ،‬واجتهت دول أخرى إىل املزج بني‬
‫اتلقديم املزتامن لعدد من املوضواعت وغري املزتامن لعدد آخر أو دجمهما‪ .‬وهكذا جند أن هناك‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫تباينًا ملحوظا يف تطبيقات اتلعليم املدمج‪ ،‬وربما اختلفت ممارساته أحيانا داخل املحافظة الواحدة‬
‫وابلدل الواحد‪.‬‬

‫ً‬ ‫ً‬
‫أخذت األنشطة ابلدنية والرياضية حتت مظلة اتلعليم املدمج منىح خمتلفا ومتعددا باختالف‬
‫ابلدلان واألنظمة الرتبوية‪ ،‬فريكز تارة ىلع اتلقديم املبارش املزتامن للمهارات الفردية مع أخذ‬
‫اإلجراءات الصحية املنظمة واحتياطاتها هل بعني االعتبار‪ ،‬ويقدم اجلانب املعريف والوحدات‬
‫القيمية واألخالقية لكها عن بعد تارة أخرى‪ ،‬وهكذا ؛ إذ يسمح هذا انلظام باملرونة والقدرة‬

‫‪236‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫ىلع االستخدام األمثل لإلماكنات املتاحة املادية والبرشية واتلقنية‪ .‬وال تظهر إجيابيات إجناح‬
‫هذا انلوع من اتلعليم املدمج ىلع انلاحية ابلدنية للطالب فقط‪ ،‬بل يمتد أثره اإلجيايب ليشمل‬
‫قيما وموجهات أخالقية وإنسانية عدة‪ ،‬مثل‪ :‬اتلفاعل االجتمايع ومهارات اتلواصل ابلناء وحل‬ ‫ً‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫كبريا ىلع وجود معلم‬ ‫املشكالت واتلعلم اتلعاوين‪ .‬ويعتمد جناح هذا انلوع من اتلعليم اعتمادا‬
‫قادر ىلع استغالل مجيع اإلماكنات املدرسية املتاحة‪ .‬يركز هذا انلوع من اتلعليم ىلع رضورة‬
‫االستمرار يف عمليات االبتاكر واإلبداع وتطوير إماكنات معلم الرتبية ابلدنية وقدراته بالشلك‬
‫دورا ًّ‬
‫مهما‬ ‫األمثل؛ إذ إن العالقة األصيلة القائمة ىلع اتلفاعل اإلجيايب بني املعلم واملتعلم تؤدي ً‬
‫ً‬
‫ومؤثرا يف حدوث اتلعلم واتلحسني ادلائم‪.‬‬

‫‪237‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫الخاتمة‬

‫اختلفت املمارسات املتبعة وتباينت يف بدلان العالم املختلفة باختالف توجهاتها وثقافاتها‬ ‫ ‬
‫منذ ظهور اجلاحئة حىت اآلن‪ .‬واختلفت وجهات انلظر بني مؤيد ومعارض تلك املمارسات‪ .‬أدركت‬
‫شعوب األرض اآلن أهمية العالقة اإلنسانية اليت اكنت تدور بني أفرادها‪ ،‬خاصة ضمن املمارسات‬
‫اتلعليمية القائمة ىلع اتلفاعل املبارش بني املعلم والطالب؛ إذ تربز فعايلة تلك العالقة بقوة من‬
‫خالل الرياضة‪ ،‬ليس فقط للحفاظ ىلع جودة احلياة يف شلكها املعتاد‪ ،‬بل يمتد تأثريها حايلًا بوصفها‬
‫إحدى املمارسات الوقائية والعالجية ألمراض مزمنة عدة‪ ،‬اليت تصيب اإلنسان منذ قديم الزمان‪،‬‬
‫مؤخرا خالل اجلاحئة‪ .‬والسؤال اذلي حيتاج منا إىل إجابة اآلن‪ :‬إىل أي مدى نستطيع‬‫ً‬ ‫واليت ازدادت‬
‫الصمود أمام تيار الوباء للحفاظ ىلع صحتنا ابلدنية وانلفسية واالجتماعية دون ممارسة الرياضة‬
‫اليت يه املالذ اآلمن للجميع؟‬

‫‪238‬‬
19_‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد‬ ‫ الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬:‫تحرير‬

References
* Filiz, B., & Konukman, F. (2020). Teaching Strategies for Physical Education during
the COVID-19 Pandemic. Journal of Physical Education, Recreation & Dance,
91(9), 48-50. https://doi.org/10.1080/07303084.2020.1816099.
* Gouin, J.-P., Wenzel, K., Boucetta, S., O›Byrne, J., Salimi, A., & Dang-Vu, T. T. (2015).
High-frequency heart rate variability during worry predicts stress-related
increases in sleep disturbances. Sleep Medicine, 16(5), 659-664. https://doi.
org/https://doi.org/10.1016/j.sleep.2015.02.001
* Lisón JF, P. G., Mensorio MS, Baños RM, Cebolla-Martí A, Botella C, Benavent-Caballer
V, Rodilla E (2020). Impact of a Web-Based Exercise and Nutritional Education
Intervention in Patients Who Are Obese With Hypertension: Randomized
Wait-List Controlled Trial J Med Internet Res, 22(4).
* Nasr, M., Al-Rawahy, N, Al-Sharagy, K, Al-Haddabi, B, Attia, M. (under publication).
Challenges of evaluating individual and team sports in light of the Corona
pandemic in a number of Gulf Cooperation Council countries. SQU.
* O’Brien, W., Adamakis, M., O’ Brien, N., Onofre, M., Martins, J., Dania, A., Makopoulou,
K., Herold, F., Ng, K., & Costa, J. (2020). Implications for European Physical
Education Teacher Education during the COVID-19 pandemic: a cross-
institutional SWOT analysis. European Journal of Teacher Education, 43(4),
503-522. https://doi.org/10.1080/02619768.2020.1823963
* Organization(WHO), W. H. (2020). Coronavirus disease (COVID-19) advice for
Public.
* Silva-Filho, E., Teixeira, A. L. S., Xavier, J. R. d. S., Braz Júnior, D. d. S., Barbosa, R. A.,
& Albuquerque, J. A. d. (2020). Physical education role during coronavirus
disease 2019 (COVID-19) pandemic Physical education and COVID-19.
Motriz: Revista de Educação Física, 26. http://www.scielo.br/scielo.
php?script=sci_arttext&pid=S1980-65742020000201001&nrm=iso
* Simpson RJ,& K. H., Agha N, et al. (2015). Exercise and the Regulation of Immune
Functions. Progress in Molecular Biology and Translational Science, 135.
* Simpson, R. B., Jos. (2019). The compelling link between physical activity and the
body›s defense system, Journal of Sport and Health Science, 8( 3).
* Simpson.,& R. B, Jos. (2014). Special issue on Exercise Immunology: current
perspectives on aging, health and extreme performance. Brain, Behavior, and
Immunity, 39.
* Sitlinger, A., Brander, D. M., & Bartlett, D. B. (2020). Impact of exercise on the
immune system and outcomes in hematologic malignancies. Blood Advances,
4(8), 1801-1811. https://doi.org/10.1182/bloodadvances.2019001317
* Turner, J.,& Campbell Jp. (2020). Regular exercise has long-term benefits for
immunity – it’s important to stay active. The Conversation.
* Varea, V., & González-Calvo, G. (2020). Touchless classes and absent bodies:
teaching physical education in times of Covid-19. Sport, Education and
Society, 1-15. https://doi.org/10.1080/13573322.2020.1791814.
* Varea, V., González-Calvo, G., & García-Monge, A. (2020). Exploring the changes of
physical education in the age of Covid-19. Physical Education and Sport
Pedagogy, 1-11. https://doi.org/10.1080/17408989.2020.1861233

239
19_‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد‬ ‫ الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬:‫تحرير‬

www.shapeamerica.org/publications/resources/default
* World Health Organization (WHO). Coronavirus disease 2019 (COVID-19) Situation
Report- 97. Available: https://www.who.int/docs/default-source/coronaviruse/
situation-reports/20200510covid-19-sitrep-111.pdf?sfvrsn=1896976f_2.
Accessed on January 2021.
* World Health Organization (WHO). Considerations for quarantine of individuals in
the context of containment for coronavirus disease (COVID-19). Available
at https://www.who.int/publications-detail/considerations-for-quarantine-
of-individuals-in-the-context-of-containment-for-coronavirus-disease-
(COVID-19). Accessed on February 2021.
* Xu, Z., Shi, L., Wang, Y., Zhang, J., Huang, L., Zhang, C., Liu, S., Zhao, P., Liu, H.,
Zhu, L., Tai, Y., Bai, C., Gao, T., Song, J.-W., Xia, P., Dong, J., Zhao, J., & Wang,
F.-S. (2020). Pathological findings of COVID-19 associated with acute
respiratory distress syndrome. The Lancet Respiratory Medicine, 8. https:/
doi.org/10.1016/S2213-2600(20)30076-X .

240
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫الفصل العاشر‬
‫رؤية استشرافية لتطوير مناهج الرتبية الفنية من خالل التعلم‬
‫عنبُعد يف ضوء تأثري جائحة «كوفيد ‪»19 -‬‬
‫أ‪.‬د حممد بن محود العامري‬ ‫د‪ .‬يارس حممود فوزي‬

‫‪241‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫‪242‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫املقدمة‬
‫يقدم هذا الفصل رؤية الاكتبني حول مضامني مناهج تعليم الفنون يف ظل مستجدات‬
‫اتلباعد االجتمايع اليت من شأنها إجياد فضاءات من اتلقارب واالحتواء االفرتايض ىلع‬
‫ّ‬
‫مستوى عمليات اتلعليم واتلعلم يف ميدان تعليم الفنون ابلرصية‪ ،‬إذ يؤصل هذا الفصل‬
‫للسياقات اليت يعمل عليها ميدان الرتبية الفنية من حيث مضمونها ذي العالقة الوثيقة‬
‫بتنمية مفاهيم املواطنة‪ ،‬وبناء املواطن الوايع بأبعاد املقومات ابليئية واثلقافية ملحيطه املجتميع‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫جزءا من العالم امليلء باتلنواعت يف ميادين احلياة شىت‪ ،‬من منطلق حث املتعلم‬ ‫يف ضوء كونه‬
‫ىلع تفعيل دافعيته حنو االكتشاف واملالحظة واتلجريب وإعمال مهارات اتلفكري العليا حول‬
‫العالقات املتشابكة يف ُ‬
‫ابلىن االجتماعية وابليئية املحيطة‪ ،‬وفهم الرتاكيب اثلقافية اليت تمتاز‬
‫باتلنوع الالحمدود يف أشاكهلا ابلرصية ىلع املستويات املحلية واإلقليمية وادلويلة‪ ،‬بهدف الوصول‬
‫ّ‬
‫إىل متعلمني يتمتعون بصفة املواطنة العاملية اليت تعمل من خالل معطيات ميدان الفنون ابلرصية‬
‫ودورها يف تأصيل تلك الصفة‪ .‬يسترشف هذا الفصل رؤى متنوعة حول رضورة االنتقال إىل‬
‫ّ‬
‫أهداف مرنة وحمتوى مرن يتمزيان باالتساع والتشعب عرب فضاءات اتلواصل مع املتعلمني يف‬
‫ظل مستجدات تتعلق باجلوائح الصحية‪ ،‬وما تتسبب فيه من توقف ظاهري للتعليم الصيف املعتاد‪،‬‬
‫ّ‬
‫وما جيب أن يعكسه ذلك من مواجهة حتديات تعليم وتعلم الفنون عن بعد بهدف استمرار تدفق‬
‫املعرفة واتلأقلم مع أي وضع مستجد‪ ،‬ومن ثم تأسيس قواعد بيانات للمواد اتلعليمية ابلرصية‬
‫ّ‬
‫بصورة رقمية تتيح للمتعلمني ابلحث واتلنقيب وممارسة عمليات العلم املتصلة باملالحظة‬
‫واتلدوين ابلرصي واتلصنيف واتلجريب واتلنبؤ واالستنتاج‪ ،‬وذلك عرب منظومة متاكملة تتطلب‬
‫حث اجلهود بلناء وتصميم مناهج رقمية تفاعلية مرنة يف ميدان تعليم الفنون ابلرصية‪ ،‬اليت‬
‫يمكن أن تشمل العديد من املقومات واملمارسات اتلكنولوجية اليت تسمح بإتمام عمليات اتلعليم‬
‫ّ‬
‫واتلعلم عرب مفاهيم اتلعليم اإللكرتوين عن بُعد‪ ،‬سواء اكن تزامنيًا أم غري تزامين‪ ،‬أو عرب مفاهيم‬
‫َّ‬
‫اتلعليم اإللكرتوين املدمج مع اتلعليم الصيف املعتاد‪ .‬ويه عمليات ال بد من السيع احلثيث بلدء‬
‫ّ‬
‫تنظيمها وإتاحتها ملتعليم وداريس الفنون‪ ،‬واإلرساع حنو توجيه الربامج اتلدريبية ملعليم الفنون‬
‫للتعامل مع املعطيات اتلكنولوجية اجلديدة واملتجددة‪ ،‬واتلناول اذليك لطرائق واسرتاتيجيات‬
‫تدريس تفاعلية تضع معلم الفن مع طالبه يف مواقف اتصايلة حقيقية ذات مسارات مقننة تسهم‬
‫يف تطوير عمليات اتلقييم واتلقويم املستمر بما يسمح باملشاركة واالتصال واملرونة يف اتلناول ىلع‬
‫ّ‬
‫حنو حيقق أهداف اتلعلم يف امليدان‪.‬‬

‫‪243‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫التقارب االفتراضي واالحتواء التعليمي في بناء المواطن الفني‬


‫بدأ انتشار مفهوم اتلباعد االجتمايع منذ اعم ‪ 2007‬مع انتشار حتذيرات منظمة الصحة العاملية‬
‫خبطورة االقرتاب من أماكن انتشار األوبئة يف العديد من ادلول‪ ،‬وأمجع العالم ىلع ذلك مع‬
‫صدور تقرير بعنوان «االعتبارات األخالقية تلحسني الصحة من أجل مغابلة جاحئة األنفلونزا‬
‫« ‪،”The ethical considerations in developing a public health response to pandemic influenza‬‬
‫وذلك للحد من انتشار األمراض واألوبئة واحلفاظ ىلع الصحة والسالمة البرشية (حممود‪،2020 ،‬‬
‫ص‪.)5‬‬
‫وقد اختذت منظمة الصحة العاملية عدة طرق لفرض اتلباعد االجتمايع عقب جاحئة كوفيد‬
‫‪ 19‬من خالل اإلجراءات االحرتازية اليت أوصت بأن تفرضها ادلول للحفاظ ىلع مواطنيها مثل‪:‬‬
‫إغالق املدارس واجلامعات‪ ،‬وتقليل االحتاكك بني البرش‪ ،‬وزيادة املسافات االجتماعية فيما بينهم‪.‬‬
‫وىلع اجلانب املعاكس ملفهوم اتلباعد االجتمايع‪ ،‬أشار حممود (‪ )2020‬إىل أن مصطلح اتلقارب‬
‫االفرتايض أدى إىل وضعية العالم احلايلة يف إتاحة الفرصة للتواصل االجتمايع بني البرش من‬
‫خالل وسائل اتلواصل االجتمايع االفرتاضية عرب اإلنرتنت وتكنولوجيا املعلومات واالتصاالت‪،‬‬
‫بهدف استمرارية حتقيق اتلنمية املجتمعية يف إطار اتلباعد االجتمايع اذلي فرضته جاحئة‬
‫كوفيد‪.19‬‬
‫وبطبيعة احلال‪ ،‬ويف قلب هذه اجلاحئة وما سببته من عنرص مفاجأة لصريورة انلظام اتلعلييم‬
‫يف توقف شامل للتدريس الصيف املعتاد‪ ،‬اختذت انلظم اتلعليمية والقائمون عليها موضعهم يف‬
‫الصدارة لفهم أبعاد ما جيري‪ ،‬وكيف سيتأثر انلظام اتلعلييم وعمليات سري ادلراسة‪ ،‬ثم بدأت‬
‫ً‬
‫اجلهود تتواىل تلحليل املوقف الراهن آنذاك‪ ،‬بهدف حتقيق االحتواء اتلعلييم وفقا ملا حدث‪.‬‬
‫العمانية مسقط؛ إذ وضعت‬ ‫وجتدر اإلشارة إىل ما قامت به جامعة السلطان قابوس يف العاصمة ُ‬
‫خطة طارئة اعجلة للنظام اتلعلييم بها منذ بدء اإلعالن عن توقف سري ادلراسة املعتاد‪ ،‬وقد‬
‫هدفت اخلطة إىل احتواء الطلبة وابلاحثني‪ ،‬ومواجهة آثار اإلجراءات االحرتازية واتلباعد‬
‫االجتمايع اليت فرضتها «اللجنة العليا»‪ ،‬واليت تم تشكيلها فور حدوث اجلاحئة من قبل حكومة‬
‫سلطنة ُعمان‪ .‬وقد أشارت هذه اخلطة إىل تفعيل اتلعليم عن بُعد وبشلك فوري مع طلبة اجلامعة‪،‬‬
‫وذلك عرب منصة (‪ )Moodle‬اليت اكنت موجودة باألساس من ضمن خطط اجلامعة تلفعيل‬
‫لاً‬
‫آيلات اتلعليم اإللكرتوين قبل حدوث اجلاحئة‪ ،‬فض عن تسهيل استخدام الربامج اتلطبيقية‬
‫املتخصصة اكفة يف اتلواصل واالتصال املبارش املزتامن وغري املزتامن بني أعضاء اهليئة اتلدريسية‬
‫يوما– إىل وضع خطة تدريبية‬ ‫وطلبة اجلامعة وابلاحثني بها‪ ،‬كما رشعت –ويف أقل من ثالثني ً‬
‫جلميع منتسيب اجلامعة للتعامل مع معطيات اتلعليم اإللكرتوين عن بعد‪ ،‬وذلك جنبًا إىل جنب مع‬
‫بدء تفعيل اخلطة ادلراسية الطارئة اليت أدت إىل استكمال أسابيع ادلراسة واالمتحانات عن بعد‪.‬‬
‫وبطبيعة احلال اكن ميدان تعليم الفنون ابلرصية أحد امليادين اتلخصصية يف نظام ادلراسة بكلية‬

‫‪244‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫الرتبية يف جامعة السلطان قابوس‪ ،‬اليت الزتمت بتلك اخلطة للتقليل من آثار اتلباعد االجتمايع‬
‫لاً‬
‫املفروض‪ ،‬والحتواء طلبة وداريس الفنون بما حيقق اكتمال جوانب اخلربة املستهدفة دليهم‪ ،‬فض‬
‫عن تعزيز روح االنتماء من خالل دعم مفاهيم االحتواء واتلواصل معهم ىلع مدار الوقت وختطي‬
‫أية عقبات تواجههم‪ ،‬ويه مجيعها مفاهيم تشري إىل تعزيز ماكنة انلظام املؤسيس دلى منتسبيه؛‬
‫األمر اذلي بدوره يعزز املضمون اإلجيايب للمواطنة دلى أفراد املجتمع‪.‬‬
‫وتعد قيم املواطنة إحدى الراكئز اليت يشملها ميدان تعليم الفنون بالراعية واتلنمية من‬ ‫ ‬
‫خالل توفري اخلربات الالزمة إلذاكء تلك الركزية؛ فقد أشار الصغري (‪ )2012‬إىل أن مفهوم املواطنة‬
‫العاملية يُعد من املصطلحات املعارصة اليت برزت يف القرن احلادي والعرشين؛ إذ إنه يشمل معاين‬
‫االعرتاف بتعدد األديان واثلقافات ىلع اختالفاتها‪ ،‬واملشاركة يف حل الرصااعت‪ ،‬وتشجيع السلم‬
‫واألمن العاليم‪ ،‬وفهم اقتصاد العالم‪ ،‬واحرتام األيديولوجيات السياسية يف العالم وتفهمها‪.‬‬
‫ويف ذات السياق‪ ،‬فقد أشار لك من العامري وفوزي وايلحيائية (‪ )2018‬إىل أن دراسة‬ ‫ ‬
‫ّ‬
‫مبادئ املواطنة والرتبية عليها من خالل الفن تؤثر بقوة يف أن يسترشف املتعلم نلفسه رؤية ذاتية‬
‫حتفز من دافعيته بوصفه ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫جزءا ال يتجزأ من هذا الكوكب يف‬ ‫‪-‬من خالل مواقف اتلعلم يف الفن–‬
‫ظل نظام كوين متاكمل ومتفاعل حتكمه قواعد ومبادئ املواطنة بصبغتها العاملية‪ .‬وهنا يتفاعل‬
‫ّ‬ ‫حمتوى الفن اذلي يتم تدريسه مع ُ‬
‫ابلعد اثلقايف األشمل واألوسع للمواطنة‪ ،‬فمن خالل تعلم أحد‬
‫إطارا يمكن‬ ‫ً‬ ‫املفاهيم اليت تتسع حدودها بني جمتمعات وبيئات متمايزة يأخذ مفهوم املواطنة‬
‫ّ‬
‫أن يُسهم يف تطوير رؤية املتعلمني ألبعاد ذلك املفهوم‪ ،‬وتوعيتهم بالعديد من اجلوانب املرتبطة‬
‫تمس املجتمعات وتقوم يف األساس ىلع منطلقات املواطنة املحلية‪ ،‬فحني نريب‬ ‫بقضايا وأحداث ّ‬
‫اتلالميذ ىلع املفهوم األوسع للمواطنة من خالل الفن نراهم يعربون حدود احلزي املاكين والزماين‬
‫وبىن عقلية‬ ‫للنمط املحيل ثلقافة املواطنة موظفني طاقاتهم اإلبداعية وما يرتبط بها من عمليات ُ‬
‫يف استيعاب وفهم وحتليل العديد من العالقات واالرتباطات حول القيم املتنوعة املتعلقة بهذا‬
‫املفهوم‪ ،‬وال يتم ذلك إال من خالل اتلدريب ىلع تصميم انلماذج املنهجية اليت تعمل ىلع تفعيل‬
‫قيم ومبادئ املواطنة وحتفزيها عرب عنارص املنهج مثل‪ :‬األهداف واملحتوى والوسائل واألنشطة‬
‫وأسايلب اتلقييم واتلقويم‪.‬‬
‫ّ‬
‫ومن مسلمات ميدان تعليم الفنون أن هذا انلوع من اتلعليم يعتمد أجبديات اتلعلم‬ ‫ ‬
‫ابلرصي اليت تقوم ىلع ابلحث يف املرئيات وتصميمها من أجل تكوين مفاهيم مرتبطة بتلك‬
‫ّ‬
‫املرئيات‪ .‬ويمثل اتلعلم ابلرصي حتديًا يف مواقف اتلعليم الصيف يف ميدان الرتبية الفنية باعتباره‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫برصيا‬ ‫أساسا لعمليات تكوين املفاهيم املرتبطة بالفن‪ ،‬فعملية تكوين املفاهيم من خالل اتلعلم‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫برصيا بمساعدة الصورة املمثلة هلذا الواقع عرب‬ ‫من الواقع خيتلف عن تكوينها من خالل اتلعلم‬
‫ّ‬
‫الوسائط املتعددة‪ ،‬كما يرتبط اتلعلم ابلرصي بما يمارسه الطالب من عمليات اتلفكري ابلرصي‬

‫‪245‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫اليت تعتمد ىلع احلصيلة ابلرصية اليت سبق أن كونها الطالب من خالل خرباته الفنية وابلصـرية‬
‫معـا‪( .‬حاتم‪ ،‬فوزي‪ ،2010 ،‬ص‪.)3‬‬ ‫ً‬
‫ّ‬
‫فمن خالل مقومات اتلعلم ابلرصي‪ ،‬تتأكد قيم املواطنة خالل ممارسة أنشطة الفنون‪،‬‬ ‫ ‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫فالفن وسيلة للنمو االجتمايع‪ ،‬فينمو املتعلم اجتماعيا من خالل املشاركة يف اختيار املوضواعت‬
‫وحرية اتلعبري عنها (الغنييم‪ .)159-2005،‬كما أن اتلعاون مع األقران من خالل االكتشاف‬
‫فرصا هائلة إلقامة عالقات اجتماعية سليمة ومتضافرة أيًّا‬ ‫واالستقصاء يف مقومات الفن يتيح ً‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اكنت وسائل اتلواصل فيما بينهم‪ ،‬فبناء األفاكر وبلورتها واختاذ القرار بني متعليم الفنون‪ ،‬وتعلم‬
‫احرتام حقوق الغري وملكيتهم مجيعها أمور توفرها فرص اتلواصل املزتامن وغري املزتامن بني‬
‫ّ‬
‫املتعلمني‪ ،‬فممارسة الفنون‪ ،‬خاصة يف األعمال اجلماعية‪ ،‬تسهم بقوة يف تأكيد القيم االجتماعية‬
‫اإلجيابية بني األطفال واملمارسني ىلع اختالف أعمارهم؛ األمر اذلي يؤثر يف شعورهم باالنتماء إىل‬
‫اهلدف اجلمايع؛ ما يسهم ذلك بدوره يف تأصيل مقومات املواطنة دليهم‪( .‬املعمري‪ ،‬فوزي‪ ،‬انلجار‪،‬‬
‫‪ ،2020‬ص‪.)4‬‬
‫كما أشار العامري وزمالؤه (‪ )2018‬إىل أن قضية املواطنة وبناء املواطن الفين من أكرث‬ ‫ ‬
‫ً‬
‫القضايا اليت ارتبطت كثريا بمقومات الرتبية الفنية‪ ،‬فمن خالل دراسة الرتاث الوطين واإلقلييم‬
‫والعاليم ودراسة تاريخ الفن حمليًا وإقليميًا واعمليًا‪ ،‬وعقد املقارنات بني ما هو حميل مرتبط‬
‫باألصالة ومعارص يف آن واحد‪ ،‬والقيام بعمليات اتلحليل وانلقد واتلذوق الفين للعديد من‬
‫انلماذج واألعمال الفنية للوقوف ىلع مدى ارتباطها بقضايا وأبعاد فلسفية واجتماعية وبيئية‬
‫تاما بقيم املواطنة بشلك خاص واملواطنة العاملية بشلك اعم‪ .‬ويمكن‬ ‫تُ ّ‬
‫كون مواطنًا واعيًا وعيًا ًّ‬
‫القول إن مجيع تلك املقومات تشري بقوة إىل دالالت ارتباط دراسة وممارسة الفن بقيم ومبادئ‬
‫ّ‬
‫املواطنة ىلع اتساع عمقها وتكاملها‪ .‬فاتلعلم بالفن وبالفن ومن خالل الفن يه مبادئ تربط‬
‫ّ‬ ‫الفن ً‬
‫دائما بمسارات أفقية تؤكد عالقة املفاهيم احلياتية باملمارسات الفنية وأبعادها املتشعبة من‬
‫خالل املالحظة واتلعبري واالستحداث واإلبداع واتلعبري احلر حول القضايا االجتماعية والعاملية‪.‬‬
‫ويف ذلك املضمار أشار صديق واعدل (‪ )2009‬إىل أهمية «انشغال املعلم والطالب بغرس سياق‬
‫العالم احلقييق خالل املوقف اتلعلييم يف الرتبية الفنية‪ ،‬بما يعطي للمعلم معلومات حقيقية‬
‫ودائمة ليستخدمها ملساعدة طالبه»‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فإن إجياد مثل ذلك السياق يمكن أن يتحقق من‬
‫خالل مقومات ابلنية اتلفاعلية للتعليم عن بعد‪ ،‬واالعتماد ىلع مكونات «املنهج الرقيم» للتحول‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫لاً‬ ‫ً‬
‫وحكما‪.‬‬ ‫وتفسريا‬ ‫بالصورة الواقعية إىل صورة افرتاضية يمكن اتلعامل معها وصفا وحتلي‬

‫ُ‬
‫منهج الفنون البصرية الرقمي في مواجهة تحديات التعليم عن بعد‬
‫إن اتلعامل مع مقومات الفنون ابلرصية يف ظل اتلعليم املزتامن أو غري املزتامن هل من‬ ‫ ‬

‫‪246‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫ً‬
‫مبكرا‬ ‫املبادئ اليت أسستها أبعاد مهارات اتلعليم يف القرن احلادي والعرشين‪ ،‬اليت استرشفت‬
‫ً‬
‫معتادا أو إلكرتونياً‬ ‫أهمية اتلفاعل مع معطيات تكنولوجيا العرص الرقيم‪ ،‬سواء اكن اتلعليم صفيًا‬
‫ً‬
‫عن بعد أو مدجما بني انلوعني‪ .‬وقد انترشت عرب السنوات السابقة العديد من املفاهيم اليت تؤصل‬
‫ثلقافة العرص الرقيم واحتياجاته‪.‬‬
‫ً‬
‫إن االجتاه حنو رقمنة اتلعليم واعتبار اتلعليم عن بعد واتلعليم املدمج أساسا للتطوير هو ابلاعث‬
‫ىلع تنمية مهارات أصبحت واجبة تلزمنا بتدريب الطلبة عليها يف ظل عنرص املفاجأة اذلي‬
‫حققته جاحئة كوفيد‪ ،19-‬ويف هذا الصدد جيب اإلشارة إىل بعض املفاهيم اليت ارتبطت باستخدام‬
‫وتوظيف املهارات اتلكنولوجية يف ميدان اتلعليم ويه‪( :‬صديق واعدل‪ ،2009‬ص ‪)6-4‬‬
‫ثقافة العرص الرقيم‪ :‬بينما يتغري املجتمع تتغري كذلك املهارات اليت حيتاج إيلها الفرد للتعامل‬
‫مع متغريات وتعقيدات احلياة‪ .‬وذللك تتجه ادلراسات املعارصة إىل إاعدة تعريف األمية واثلقافة‬
‫يلصبح من عوامل اثلقافة املعارصة‪ :‬اثلقافية الرقمية وأدوات االتصال وادلخول إىل الشباكت‬
‫العنكبوتية وإدارتها والربط بينها وتقييمها وبناء معلومات تيرس اتلفاعل مع جمتمع املعرفة‪.‬‬
‫ّ‬
‫اثلقافة اتلكنولوجية‪ :‬ينبيغ للمتعلم أن يعرف كيفية اتلعامل مع أدوات اتلكنولوجيا‪ ،‬وما اهلدف‬
‫اذلي يمكن أن حتققه‪ ،‬وكيف يمكن أن تستخدم بكفاءة وفاعلية تلحقيق هدف حمدد‪ .‬يؤكد‬
‫ّ‬
‫حمك مهارات القرن احلادي والعرشين أهمية اثلقافة اتلكنولوجية‪ ،‬فاهلدف هو تأكيد ما أوضحته‬
‫ّ‬
‫العلوم اإلنسانية من أن مستوى اتلعليم يرتفع بدرجة كبرية عندما ينشغل املتعلمون خالل‬
‫دراستهم األكاديمية يف ممارسات ذات موثوقية علمية وخربات من واقع حياتهم‪ ،‬إذ يسىع اتلعليم‬
‫تلأهيل خريج يليب حاجات املؤسسات احلكومية والصناعية واألعمال اإلدارية‪ ،‬ورفع مستوى‬
‫أدائه يف العمل واملجتمع‪ ،‬كما يسىع تلحديد حاجات اتللميذ للتعايش مع هذا العرص الرقيم‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫األمية ابلرصية‪ :‬جيب ىلع املتعلم أن يتمكن من تفسري األشاكل ابلرصية واستخدامها وتقديرها‬
‫مستخدما كلاً من املواد اتلقليدية ومواد القرن احلادي والعرشين بأسايلب تنميّ‬ ‫ً‬ ‫وابتاكرها‪،‬‬
‫ّ‬
‫اتلفكري والقدرة ىلع اختاذ القرار واالتصال واتلعلم‪.‬‬
‫ّ‬
‫االتصال الفعال‪ :‬جيب أن يمتلك املتعلم مهارات تكنولوجيا االتصال واملعلومات‪ ،‬فمن املهم رفع‬
‫مستوى املهارات اليت حيتاج إيلها للنجاح يف القرن احلادي والعرشين‪ .‬ويتفق ابلاحثون ورجال‬
‫األعمال ىلع أن مهارات االتصال الفعال مهارة أساسية للنجاح يف املجتمع املعارص املبين ىلع‬
‫املعرفة‪.‬‬
‫وهذا ما داع إىل ظهور مفهوم جديد هو مفهوم «الرشاكة» وفق ما وصفه لك من صديق‬ ‫ ‬
‫واعدل (‪ .)2009‬فالرشاكة يه مفهوم مؤسيس حيقق رساتله من خالل كون املؤسسة حمفزة تلنمية‬
‫مهارات القرن احلادي والعرشين دلى الطلبة عرب مراحل اتلعليم من خالل بناء رشاكة وتعاون‬
‫بني املربيني ورجال األعمال واملجتمع والقادة السياسيني‪ ،‬وىلع هذا انلحو اختذت الرشاكة ً‬
‫دورا‬

‫‪247‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫حيويا يف جمال تعليم الفنون ويف اتلنمية‪ ،‬وصيغت اتلوصيات حول أولوية تعليم الفنون يف املدارس‪،‬‬ ‫ً‬
‫ّ‬
‫ملا ذللك من دور حموري يف تنمية املتعلمني أكاديميًا ومهنيًا وشخصيًا‪.‬‬
‫كما أن بناء اثلقافة املعلوماتية يف عرص املعرفة الراهن ال يؤثر يف جهود تطوير مناهج‬ ‫ ‬
‫الفنون يف العرص الراهن فحسب‪ ،‬وإنما يعطي انطبااعت لكيفية تأثري ذلك األمر وفق حتديات‬
‫اتلعليم عن بعد اليت أطلت بزتامن مع حتديات غري مسبوقة يف عرص اتلحوالت املعرفية ومسايع‬
‫احلكومات إىل ترسيخ قيم املواطنة دلى مواطنيها حمليًا وإقليميًا واعمليًا‪ ،‬تلك القيم اليت تعمل‬
‫نظرا لطبيعة حمتوى الفن اذلي يتقبل العديد‬ ‫يف إطارها منظومة تعليم الفنون بشلك متضافر ً‬
‫من األبعاد ابليئية واالجتماعية والسياسية عرب حمددات اثلقافة الشاملة وعرب املفاهيم املعارصة‬
‫ّ‬
‫للفن من حيث مبادئ اتلعلم بالفن ويف الفن ومن خالل الفن‪ .‬وتعتمد تلك العمليات ىلع‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫مدى قدرة مطوري مناهج الفنون ىلع تصميم مناهج رقمية تسمح للمتعلم بأن يق ّيم املعلومات‬
‫مستخدما العديد من الوسائط اتلكنولوجية‪ ،‬ورفع مستوى تقديره من حيث توقيت احتياجه إىل‬ ‫ً‬
‫تلك املعلومات وأسايلب الوصول إيلها تلحقيق أهدافه اليت تنعكس بدورها ىلع اغيات وأهداف‬
‫املنهج‪.‬‬
‫يتطلب هذا انلوع من مناهج الفنون ‪-‬اذلي نسىع لرتسيخ قواعده يف العرص الراهن وفق‬ ‫ ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫حتديات اتلعلم عن بعد‪ -‬إدماج مفاهيم حتقق قيم املواطنة دلى املتعلمني‪ ،‬ومن أبرز أمثلتها‪ :‬إذاكء‬
‫ّ‬
‫الويع بأبعاد اتلعددية اثلقافية اليت تتطلب من املتعلم ‪-‬وفق ما أشار إيله (صديق واعدل‪،2009 ،‬‬
‫ص‪« -) 5‬فهم وتقدير التشابه واالختالف بني اتلقايلد والقيم واملعتقدات املرتبطة حبضارتهم‬
‫ّ‬ ‫ٌّ‬ ‫وحضارة اآلخرين‪ ،‬إذ يصبح للويع الكوين ٌ‬
‫حموري يف تنمية قدرة املتعلمني ىلع فهم العالقات‬ ‫دور‬
‫بني املؤسسات ادلويلة والعربية والقومية‪ ،‬وبني املؤسسات االقتصادية واجلمااعت االجتماعية‬
‫واثلقافية العامة واخلاصة‪ ،‬والعالقة الكونية بني األفراد يف العالم»‪.‬‬
‫لقد فرضت مهارات ومفاهيم القرن احلادي والعرشين اجتاهات متنوعة للتعامل مع‬ ‫ ‬
‫ّ‬
‫املتعلمني وفق معطيات اتلكنولوجيا وتوظيفها يف األبعاد املتنوعة للتعليم عن بعد‪ ،‬سواء اكن‬
‫ّ‬
‫مزتامنًا أو غري مزتامن‪ ،‬أو ىلع مستوى اتلعليم املدمج اذلي يسمح بتنويع اتلفاعل مع املتعلمني‬
‫بني ما هو حقييق وما هو افرتايض مع بعض العنارص اليت تتيح للطالب اتلحكم بالوقت واملاكن‬
‫ّ‬
‫ومسار ووترية اتلعلم (‪)Horn & Staker,2015‬؛ فأصبح مفهوم «اتلكيف» أحد املفاهيم اليت‬
‫ً‬
‫تسهم يف تدريب داريس الفنون ىلع تطويع وتعديل أفاكرهم وفقا ملعطيات بيئية واجتماعية‪ ،‬وأن‬
‫ّ‬
‫تسهم أجبديات تعليم الفنون عرب ترسيخ مقومات املنهج الرقيم يف مساعدة املتعلمني ىلع إدارة‬
‫توجهاتهم اذلاتية اليت بدورها تعمل ىلع تدريبه ىلع إدارة املعرفة املتاحة يف أي شلك اكنت‪ ،‬كما‬
‫تعمل ً‬
‫أيضا ىلع تدريبهم ىلع اتلعامل مع مهارات اتلواصل واالتصال اليت توفرها شباكت اتلواصل‬
‫االجتمايع من أجل تنمية روح العمل يف الفريق وتبادل الرأي واخلربة حول أعمال الفن سواء‬

‫‪248‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫اجلماعية أو الفردية‪ ،‬ومن ثم قيادتهم حنو اكتشاف وحل املشكالت الفنية عرب ممارسة آيلات‬
‫اتلقويم فيما بينهم؛ األمر اذلي يؤدي بدوره إىل االستحداث واالبتاكر لرؤى فنية ومنتج فين ذي‬
‫رسالة قوية ىلع املستويني اتلعبريي والتشكييل‪.‬‬
‫ّ‬
‫التكنولوجيا بوصفها أداة داعمة للتعلم‬
‫تعزز اتلكنولوجيا بأبعادها املتعددة تعليم الطلبة‪ ،‬وتزيد من فاعلية تفاعلهم مع‬ ‫ ‬
‫معطيات األدوات اتلكنولوجية ووسائطها وشباكتها‪ ،‬ووفق ما حرصه (صديق واعدل‪ )2009 ،‬فإنه‬
‫يمكن اإلشارة إىل هذه األبعاد ىلع انلحو اآليت‪:‬‬
‫ّ‬
‫زيادة حتصيل املتعلم‪ :‬إن الستخدام اتلكنولوجيا بأنواعها داخل جماالت املحتوى اتلعلييم داللة‬
‫ّ‬
‫واضحة عند تطبيق ذلك اتلعليم يف احلياة‪ ،‬حيث يلجأ املتعلم إىل ادلمج بني خرباته املعرفية‬
‫واحلسية يف اتلعامل مع املعطيات اتلكنولوجية املحيطة به‪ ،‬وبني معطيات اتلفاعل مع املحتوى‬
‫اتلعلييم املعروض أمامه من خالل تطبيقات اتلعليم اإللكرتوين‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تفعيل دور املتعلم‪ :‬باستخدام اتلكنولوجيا يمكن إجياد بيئات جديدة للتعلم تعمل ىلع ربط‬
‫الطالب بمواقف حياتية حقيقية وبمجتمعات خارج حميط املدرسة‪ ،‬إذ تسهل اتلكنولوجيا ادلخول‬
‫إىل ابليانات وأدوات العالم احلقيقية ومصادرها؛ ما يُمكن الطلبة من ربط اتلعليم باحلياة‪.‬‬
‫ّ‬
‫تقييم أداء املتعلم‪ :‬تستطيع اتلكنولوجيا املساعدة يف املوازنة بني نويع القياس الكيم والكييف‬
‫ّ‬
‫بإمداد املعلمني بالوقت احلقييق لتشخيص املعلومات اليت تعمق فهم ماكسب تعلم الطالب‬
‫وحتدياته‪.‬‬
‫تسهيل االتصال واتلعاون‪ :‬تمهد االتصاالت اتلكنولوجية الطريق لالتصال بني الطالب وذويهم‬
‫واملعلمني‪ ،‬فنظام إدارة املعلومات باملدرسة يدعم اتصال املدرسة واملزنل تلحقيق انلجاح األكادييم‬
‫للطالب‪ ،‬وكذلك برامج اتلعليم عن بعد واتلعليم من خالل الشباكت اإللكرتونية‪ ،‬اذلي يمكن‬
‫املعلمني من ممارسة أدوارهم الرتبوية يف أي وقت وأي ماكن‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫دور اتلكنولوجيا يف بناء املتعلم‪ :‬تدعم اتلكنولوجيا مهارات املتعلمني‪ ،‬فيه تعزز مهارات اتلفكري‬
‫واإلبداع‪ ،‬واملهارات احلياتية‪ ،‬ومهارات العمل املرتبطة خبربات الطالب‪)W.D. Hadda,2001(.‬‬

‫ً‬
‫أهمية تعليم الفنون رقميا‬
‫ً‬
‫جذريا يف اتلعامل مع حمتوى الفنون‬ ‫ً‬
‫تطويرا‬ ‫تتطلب متغريات العرص ما بعد كوفيد‪19‬‬ ‫ ‬
‫ابلرصية‪ ،‬بهدف دعم منصات تعليم الفنون بتنواعت ال حمدودة من العمليات املرئية العقلية اليت‬
‫تتعامل مع مهارات اتلفكري العليا دلى الطلبة‪ ،‬بما يتيح املجال تلوطيد مفاهيم املرونة واتلكيف‬
‫ّ‬
‫اليت تقود إىل اإلبداع القائم ىلع فهم اعلم املعرفة يف الفن‪ ،‬وإمداد املتعلمني بمهارات اتلعبري عن‬

‫‪249‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫أنفسهم‪ ،‬وتقييم العالم املحيط بهم‪ ،‬واملشاركة بفاعلية يف أوجه الوجود اإلنساين املتنوعة‪.‬‬
‫ويرى «دنيال بنك» أن املستقبل ينتيم إىل نوع خمتلف من األفراد ذوي العقول املختلفة‬ ‫ ‬
‫(مبدعني‪ ،‬متعاطفني‪ ،‬منتجني للمفاهيم واتلفسريات‪ ،‬مدركني للنظم والعالقات ومفرسين هلا)‬
‫يف إشارة إىل ذلك انلوع اجلديد من الفنانني واملخرتعني واملصممني ورواة القصص‪ ،‬واملفكرين‬
‫بصورة لكية‪)Center on Education Policy, Washington, 2007( .‬‬
‫إن اهلدف األسايس من إعداد برامج تعليمية رقمية يف ميدان الفنون ابلرصية ال جيب‬ ‫ ‬
‫أن يرتبط فقط بوضعيات مؤقتة فرضتها حماذير اتلباعد االجتمايع يف ظل جاحئة كوفيد‪ ،19‬بل‬
‫ّ‬
‫جيب أن يمتد تلكوين مسارات أصيلة للتعليم واتلعلم يف الفن ومن خالل الفن‪ .‬وقد أشار‬
‫ً‬
‫مصدرا من مصادر‬ ‫(صديق واعدل‪ )2009 ،‬إىل أن «طلبة الفنون اعتادوا استخدام اإلنرتنت بوصفه‬
‫ابلحث عن موضواعت مرتبطة بأعماهلم الفنية والرسوم املتحركة‪ ،‬واستخدام الفيديو بوصفه‬
‫ً‬
‫توثيقا ملا حققوه‪ ،‬وحتضري العروض اتلقديمية باستخدام الربامج اتلكنولوجية من حيث انلص‬
‫والصور والصوت واحلركة‪ ،‬إذ تعرب الصور ليس بمحتواها فقط وإنما بالسياق اذلي توجد فيه ً‬
‫أيضا‪.‬‬
‫ّ‬
‫وذللك‪ ،‬جيب أن يتعلم الطالب اتلفكري يف اهلدف من الوسائط املختلفة عند إعداد انلصوص‬
‫بالوسائط املتعددة‪ .‬ومثال ىلع ذلك‪ :‬األصوات (خلفية‪ ،‬تعليق‪ ،‬موسيىق‪ ،‬مؤثرات صوتية) يمكن‬
‫استخدامها يف اتلوضيح والسياق والرأي ‪ ...‬وغريها‪ ،‬وكذلك احلركة (االنتقال‪ ،‬حتريك األشياء‪،‬‬
‫حتريك انلصوص) يمكن استخدامها يف الرتكزي واتلوضيح للعديد من املفاهيم اجلمايلة املتضمنة»‪.‬‬
‫َ‬
‫ذلا سوف تمكن اثلقافة الرقمية احلديثة الطلبة من ادلخول إىل مهارات وخربات وإدارة وتكامل‬
‫ّ‬
‫وتقييم وحبث عن املعلومات‪ ،‬ومجيعها أدوات تمكن الطلبة من زيادة قدرتهم ىلع اتلعلم‪ ،‬ليس‬
‫فقط يف جمال الفنون وإنما يف خمتلف جماالت احلياة ً‬
‫أيضا‪.‬‬
‫)‪(21st century skills2007 Arts Education and the‬‬
‫األكرث أهمية أن اتلكنولوجيا أصبحت تأخذ بزمام القيادة واملبادرة الرتبوية‪ ،‬إذ يستطيع‬ ‫ ‬
‫املعلمون املتمكنون ربط اتلكنولوجيا باملنهج انلظايم واملحتوى ادلينامييك‪ .‬وىلع مستوى تعليم‬
‫الفنون فإنه للتكنولوجيا أهمية خاصة يف تدريس الفن‪ ،‬فيه تمكن املعلمني من استحضار الفنون‬
‫املختلفة‪ ،‬سواء خالل اتلعليم الصيف املعتاد أو عرب منصات الفصول االفرتاضية وفق منظومة‬
‫ّ‬
‫اتلعليم عن بعد‪ ،‬وهو ما يؤدي إىل تنمية اخليال وحث مهارات اتلفكري العليا دلى املتعلمني‪.‬‬
‫وبالطبع فإن تلك الفاعليات جيب أن يسبقها إعداد حمكم خالل عمليات تصميم املنهج يف‬
‫الفنون ابلرصية‪.‬‬

‫‪250‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫مناهج ميدان تعليم الفنون البصرية ما بعد كوفيد‪19‬‬

‫األهداف‬
‫من منطلق السياق اآلخذ يف اتلطور ملناهج تعليم الفنون‪ ،‬اختذ ميدان الرتبية الفنية‬ ‫ ‬
‫ً‬
‫أبعادا جديدة يف منطلقات األهداف العامة ملناهج الفنون‪ ،‬فيف ظل حتوالت انلظريات املعارصة‬
‫تلدريس الفنون والرتبية الفنية أصبحت انلظرة إىل معايري أهداف امليدان تتخذ آفاقًا أكرث تنوعاً‬
‫لاً‬
‫وشمو من االقتصار ىلع عمليات اإلنتاج الفين وأحادية الرؤية ألهداف املنهج باتلمحور حول‬
‫ً‬
‫تلك العمليات؛ فقد توسعت مفاهيم ما بعد احلداثة يف تدريس مناهج الفنون لتشمل أبعادا ترتبط‬
‫بتحقيق آفاق املواطنة العاملية وفهم العالقات واتلنواعت البرشية املرتبطة بأسس اثلقافة وعلوم‬
‫لاً‬
‫االجتماع‪ .‬ويف هذا السياق أشار العامري (‪ )2014‬إىل أن هناك جي ثانيًا من نظريات تعليم الفنون‬
‫سطع باتلوازي مع متغريات اتلعليم واحلياة يف القرن اجلديد‪ ،‬إذ توسع مفهوم تعليم الفن من كونه‬
‫تعليما يف الفن وعن طريق الفن ومن خالل الفن‪ ،‬يلصبح ميدان تعليم الفنون‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫تعليما يف الفن إىل‬
‫مظلة شاملة للويع واثلقافة املتعددة الروابط واملصادر‪ ،‬كما أصبحت هناك مضامني جديدة‬
‫ومتجددة تلعليم الفنون يف القرن احلادي والعرشين ترتبط بأبعاد إنسانية وحقوقية وسياسية‬
‫واجتماعية وبيئية شاملة ملفهوم اثلقافة بمعناها األوسع‪.‬‬
‫ويف ضوء تلك السياقات اجلديدة ملضمار تعليم الفنون‪ ،‬فإن السيع تلحديد معايري‬ ‫ ‬
‫ً‬
‫صياغة أهداف هذا امليدان احليوي؛ اختذت مصادر أكرث انفتاحا‪ .‬فالرتكزي ىلع حماور تاريخ الفن‬
‫وانلقد الفين واتلذوق اجلمايل وممارسة اإلنتاج الفين يه رضوريات للتعامل مع أجبديات امليدان‬
‫املرتبط باألساس باملرئيات وما يتبعها من روابط تارخيية ونقدية ومجايلة وتقنية‪ ،‬إال أن ما شهدته‬
‫حتوالت تعليم الفنون‪ ،‬خاصة فيما صدر من توصيات ملؤتمرات اعملية أقيمت حتت راعية منظمة‬
‫األمم املتحدة للرتبية والعلوم واثلقافة «ايلونسكو» (‪ )UNESCO‬يف لك من لشبونة اعم ‪2006‬‬
‫وسيؤول اعم ‪ 2010‬بهدف تطوير وترسيخ قواعد تعليم الفنون يف منظومات اتلعليم وفق مستجدات‬
‫ً‬
‫لصيقا ببناء اإلنسان‪ً .‬‬ ‫ً‬
‫وتبعا ذللك؛ فقد‬ ‫ارتباطا‬ ‫ادلراسات اليت أثبتت للعامة أن تعليم الفنون يرتبط‬
‫أصبحت أهداف تعليم الفنون ابلرصية تتخذ من منطلقات السياق اثلقايف االجتمايع وابلييئ‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫لاً‬ ‫ً‬
‫واعبرا للحدود حييط بتعلم أجبديات الفنون ابلرصية ‪-‬دراسة تاريخ‬ ‫إطارا شام‬ ‫املحيل والعاليم‬
‫عاً‬
‫الفن واتلذوق وانلقد وممارسة اإلنتاج الفين‪ -‬يف معناها املحدود إىل آفاق أكرث اتسا يف استيعاب‬
‫متاحا من قبل إال عرب وسائط تكنولوجيا اتلعليم واملعلومات‬ ‫ً‬ ‫سياقات ثقافية لم يكن استيعابها‬
‫املعارصة‪ .‬وذلا جتدر اإلشارة إىل ما ذكره العامري (‪ )2014‬حول إضافة مداخل معارصة تلعليم‬
‫ح ّ‬
‫فية‬ ‫المتْ َ‬
‫الفنون‪ ،‬من بينها اثلقافة ابلرصية واتلعددية اثلقافية واتلكنولوجيا احلديثة والرتبية ُ‬
‫واملجاالت ذات العالقة‪ ،‬تلكوين آفاق جديدة يف تعليم الفنون إىل جانب املجاالت األساسية‬
‫واملتمثلة يف تاريخ الفن وانلقد الفين وعلم اجلمال واإلنتاج الفين‪ .‬كما جيب أن تكون األهداف‬

‫‪251‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫ً‬
‫مرنة وقابلة الستيعاب اجلديد‪ ،‬سواء اكن شيئًا طارئا ىلع الساحة أو تلحقيق ما هو أكرب من‬
‫األهداف املحددة تلعليم الفنون‪ ،‬فاألهداف املرنة يه اليت سوف تصل بنا إىل اغيات إبداعية غري‬
‫متوقعة يف تعليم الفنون يف العرص املعارص‪ .‬ومن هنا‪ ،‬جيب أال تكون أهداف تعليم الفنون ثابتة‬
‫أو جامدة‪ ،‬بل متحركة قابلة للتعديل وفق املوقف اتلعلييم والظروف يف املستقبل‪.‬‬
‫إن من الفوائد اليت تم حتصيلها من خالل جتربة تدريس الفنون عن بعد أنه أصبح هناك مزجٌ‬
‫بني املعطيات املعارصة يف ميدان الرتبية الفنية وبني معطيات تكنولوجيا املعلومات واملرئيات‪،‬‬
‫ً‬
‫تعليما‬ ‫ً‬
‫أساسا يف تعليم الفنون حتت أي مسىم‪ ،‬سواء اكن اتلعليم عن بعد أو‬ ‫اليت يمكن اعتبارها‬
‫ً‬ ‫مدجمًا‪ً .‬‬
‫وتبعا ذللك‪ ،‬يمكن حتديد بعض املعايري اليت تمثل منطلقا لصياغة أهداف الرتبية الفنية‬
‫من خالل ما كشفته آثار جاحئة كوفيد‪:19‬‬

‫التمكن من تدريس المادة العلمية‬


‫جيب أن تصاغ أهداف الرتبية الفنية بما يسمح للطالب اتلعامل مع أدوات اتلكنولوجيا‪،‬‬ ‫ ‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫سواء اكن ممارسا أو متخصصا مرشحا تلدريس الفنون‪ ،‬حبيث يتمكن املتعلم ىلع املستويني من‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫واتلعامل‬ ‫توظيف اتلكنولوجيا يف اتلعليم واتلعلم واحلصول ىلع ابليانات وحتويلها إىل معلومات‬
‫مع تطبيقات الربامج اليت ترثي خرباته يف ممارسة الفن أو يف إعداد خطط تدريس الفن‪ ،‬وتسجيل‬
‫بيانات عملية وأرشفتها وبناء مكتبة برصية خاصة به‪ ،‬وتفعيل تبادل املعلومات بني األقران‬
‫وممارسة أسايلب اتلوجيه واتلقويم اجلمايع والفردي‪ ،‬وأن تسمح األهداف كذلك ببناء قاعدة‬
‫ّ‬
‫بيانات خاصة باملتعلم تسهم يف رصد خرباته وجتاربه بشلك مريئ‪ ،‬ومن ثم ستتخذ األهداف يف‬
‫هذا اجلانب منىح تكنولوجيًا تتم معاجلته خالل صياغة األهداف يف مستويات اتلفكري ادلنيا‬
‫والعليا يف اجلانب املعريف اذلي يعترب املدخل للممارسات الفنية اإلبداعية‪.‬‬

‫اثلقافة ابلحثية‬
‫جيب أن تسمح أهداف املنهج بممارسة مهارات ابلحث العليم شىت‪ ،‬واالستقصاء من‬ ‫ ‬
‫ُّ‬
‫مالحظة حقوق امللكية الفكرية يف الفن وتصنيفها وتنب ِئها وجتريبها واستنتاجها واتلمرن ىلع‬
‫توثيقها العليم وحفظها؛ إذ تمثل اتلجارب ابلحثية يف مضمار تعليم الفنون قاعدة بيانات ضخمة‬
‫يمكن الرجوع إيلها من خالل ما وفرته تكنولوجيا املعلومات من إسهامات‪.‬‬
‫فحينما تتم اإلشارة يف أهداف مناهج الفنون إىل ترسيخ قواعد مهارات ابلحث العليم‬ ‫ ‬
‫َّ‬
‫فإن املحتوى ال بد أن يؤكد ذلك‪ ،‬ومن ثم تسخر املواد اتلعليمية خلدمة هذا الغرض‪ ،‬وذلك يف‬
‫شبكة منظمة من العالقات املتضافرة بني عنارص مناهج الفنون‪ ،‬وهو سيؤثر باإلجياب يف عمليات‬
‫ّ‬
‫تدريب املتعلمني ىلع اتلعامل مع وسائط اتلكنولوجيا وشباكت املعلومات بهدف إجراء املالحظات‬

‫‪252‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫ادلقيقة ىلع العنارص ابلرصية يف الطبيعة والفن واملجتمع واحلياة‪ ،‬اليت جيب أن تكون مالحظات‬
‫متعددة املستويات والرؤى عرب ثقافات متنوعة تؤدي إىل بناء قدرات برصية ال حمدودة ستؤثر يف‬
‫لاً‬
‫مهارات اتلصنيف واملقارنات العقلية‪ ،‬ومن ثم الرتكيب العقيل واحلكم ىلع الظواهر‪ ،‬وصو إىل‬
‫اإلبداع املعريف‪ .‬وهو املدخل السليم للممارسة الفنية ونظم تعليمها‪.‬‬

‫السلوكيات والقيم‬
‫ّ‬
‫جيب أن تصاغ أهداف الرتبية الفنية بما يسمح للمتعلمني ببناء منظومة قيمية اعدلة‬ ‫ ‬
‫تعمل ىلع فهم املشرتك بني اتلنواعت اثلقافية للعنارص املدروسة وتؤصل بلناء مواطنة اعملية تمتاز‬
‫بالويع املصحوب باتلأمل واتلفكري واالنتقاء املتالزم ملحددات اثلقافة املحلية واإلقليمية‪ ،‬فمن‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫اتلعامل مع روابط شبكة املعلومات ومنصات اتلعليم عن بُعد يتعلم الطالب كيفية‬ ‫خالل‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫اتلفاعل وأسايلبه ونمط أخالقيات اتلعامل مع تلك الروابط‪ ،‬واضعا يف االعتبار أن ذلك جزء ال‬
‫ّ‬
‫يتجزأ من عمليات تقويم تعلمه بشلك شامل‪.‬‬

‫املحتوى‬
‫تمت اإلشارة فيما سبق إىل رضورة االنفتاح ىلع السياقات اجلديدة ملضمار تعليم الفنون‪،‬‬ ‫ ‬
‫ويف هذا السياق فقد أشار العامري (‪ )2014‬إىل حمور اإلنتاج الفين باعتباره أحد املجاالت األربعة‬
‫نلظرية الرتبية الفنية املعتمدة ىلع املجاالت املعرفية (‪)Discipline-Based Art Education‬‬
‫واختصارها الشائع بـ (‪ ،)DBAE‬إذ يساهم هذا املحور بشلك أسايس يف فهم الفنون‪ ،‬كما يساعد‬
‫ً‬
‫أيضا ىلع تطوير هذا الفهم يف املستقبل‪ .‬غري أن معظم معليم الفنون يف مجيع املستويات واملراحل‬
‫ً‬
‫اتلعليمية يركزون ىلع مهارات اإلنتاج الفين مع اهتمام حمدود وأحيانا معدوم للمجاالت األخرى‬
‫املذكورة أعاله (تاريخ الفن‪ ،‬انلقد الفين‪ ،‬علم اجلمال)‪ .‬فقد ذكر اكندلر ( ‪)Kindler 1992:345‬‬
‫هذه القضية «بأنه من ابلدييه أن معظم معليم الفنون يُعدون بطريقة مناسبة تلدريس املجاالت‬
‫الفنية (استوديوهات الفنون)‪ ،‬ويكون الرتكزي يف اخلربة املبارشة بهدف اإلرساع من إبدااعت‬
‫األطفال من خالل تقديم الفرص ملمارسة اتلصوير والرسم وانلحت‪ ،‬اليت تعترب ممارسات مشرتكة‬
‫لعدة قرون‪ ،‬ومن ثم فقد انعكس الرتكزي ىلع هذا االجتاه يف برامج تدريب املعلمني وإعدادهم»‪.‬‬
‫ومن منطلق السياقات املتجددة ملحتوى تعليم الفنون‪ ،‬تربز عمليات تطوير املحتوى وإدخال‬
‫العنارص املتجددة ىلع ذلك املحتوى وفق رضورات بناء منهج رقيم يف الرتبية الفنية‪ ،‬وتتخذ‬
‫معايري املحتوى منطلقات عدة من أهمها‪:‬‬

‫‪253‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫املفاهيم‬
‫بعد سنوات من اتلعليم ملفاهيم عملت ىلع فصل حمتوى الفن عن مضمونه وسياقه‪،‬‬ ‫ ‬
‫ً‬
‫أصبح لزاما حدوث ثورة يف ماهية تعليم املفاهيم يف الرتبية الفنية تتوازى مع اثلورة احلادثة يف‬
‫ّ‬
‫ميدان تكنولوجيا تناقل املعلومات واتلعليم واتلعلم‪ ،‬إذ جيب أن ترتبط املفاهيم بأبعاد الفنون‬
‫ّ‬
‫ابلرصية وسياقاتها اكفة‪ ،‬وأن تشمل احلقائق واتلعميمات اليت تعمل ىلع ربط املتعلم بمحيطه‬
‫اثلقايف املحيل واإلقلييم والعاليم‪ ،‬وأن تتوازن وترتكز (يف مجيع حماور وأبعاد منهج الرتبية الفنية‬
‫من مفاهيم فنية تقنية ال غىن عنها) ىلع مفاهيم فنية ثقافية اجتماعية وبيئية وسياسية تؤسس‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫املواطنة العاملية‪ .‬وليك يتم ذلك؛ ال بد من إجراء عمليات تطوير وحتليل للمحتوى املقرتح‬ ‫لقيم‬
‫بهدف حتديد املفاهيم اجلديدة واملتجددة املطلوب ترمجتها إىل فعايلات وأنشطة يمكن من خالهلا‬
‫تأصيل تلك املفاهيم‪.‬‬

‫املضمون‬
‫ً‬
‫جيب أن تتخذ مناهج الرتبية الفنية أبعادا جديدة تؤكد فهم اعلم الفن املعارص جنبًا إىل‬ ‫ ‬
‫جنب مع دراسة فنون احلضارات اليت تم إدراجها عرب قواعد وفهارس تاريخ الفن‪ .‬إذ يرتبط الفن‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ارتباطا وثيقا باملستجدات اتلكنولوجية واملفاهيمية للعرص احلايل يف منايح احلياة شىت؛‬ ‫املعارص‬
‫اثلقافية واالجتماعية وابليئية والسياسية‪ ،‬فقد ارتكزت الفنون املعارصة إىل قاعدة تم تأصيلها‬
‫منذ سنوات‪ ،‬يه‪« :‬قوة الرسالة يف مقابل احلرفية واتلقنية»‪ ،‬رسالة استندت إىل قدرة الفنان ىلع‬
‫استخدام أي وسيط يرى مالءمته لعرض مضمون تلك الرسالة وتوضيحها‪ ،‬وما تسهم به تلك‬
‫الرسائل يف منظومة اتلنمية املستدامة باملجتمعات‪ ،‬سواء باتلوجيه أو انلقد ابلناء ألطر ثقافية‬
‫ّ‬
‫اجتماعية بيئية اقتصادية سياسية‪ .‬ومن ثم سيؤدي ذلك املضمون إىل زيادة ويع املتعلم وقدرته‬
‫ىلع اتلعامل مع املعطيات اتلكنولوجية اليت تسهم يف عمليات ابلحث عن تلك املضامني واتلنقيب‬
‫وتبعا ذللك فإن عمليات تصميم‬‫عنها واالستجابة هلا بوصفه طالب الفن ابلاحث وليس املتليق‪ً .‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫متخصصا يف أبعاد الفنون ابلرصية وحتوالتها يف‬ ‫املحتوى ىلع هذا انلحو تتطلب فريقا واعيًا‬
‫ّ‬
‫القرن احلادي والعرشين‪ ،‬بهدف توجيه املتعلمني وتوعيتهم بأخطر األمور ىلع اإلطالق‪ ،‬ويه‬
‫سهولة تداول املعلومات وابليانات الرقمية لآلالف من األعمال واملرئيات ابلرصية اليت يستخدمها‬
‫ّ‬
‫املتعلم دون ويع بقوة الرسالة وفهمها‪ .‬وهنا جيب أن يكون ادلور احلقييق هليلك هذا املحتوى هو‬
‫«فك شفرات الرموز» اليت حتملها أعمال الفن املعارص من أجل فهم دقيق للرسالة‪ ،‬ومن ثم تعويد‬
‫ّ‬
‫الطلبة وداريس الفنون شيئًا فشيئًا ىلع بناء «تعلم ذي معىن» دليهم من خالل االستفادة من تلك‬
‫ً‬
‫األطروحات ابلرصية املتاحة ىلع املستوى اتلحلييل‪ ،‬واالنطالق حنو بناء الرسالة اخلاصة به موظفا‬
‫ما هو متاح من وسائط وقدرات ذاتية يف اتلعبري عنها‪.‬‬

‫‪254‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫ّ‬
‫بيئة اتلعلم‬
‫اختذ مفهوم بيئة اتلعلّم منذ سنوات يف ميدان الفن بُ ً‬
‫عدا ميتافزييقيًا جعل من عمليات‬ ‫ ‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫اتلعليم واتلعلم يف امليدان تتجه حنو االرتباط باخلربة املقابلة هلا أيا اكن ختصص هذه اخلربة أو‬
‫ماكن وزمن وجودها بوصفها نتيجة حتمية إلسهامات ميدان تكنولوجيا املعلومات‪ .‬يف هذا‬
‫الصدد‪ ،‬أشار صديق (‪ )2008‬إىل أن «حمتوى الرتبية الفنية يف ظل مهارات القرن احلادي والعرشين‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫قد ختطى احلدود اإلقليمية إىل احلدود الكونية‪ ،‬وأن املتعلم وفق هذا املنظور يتعلم يف ميدان‬
‫ّ‬
‫الفن من خالل أي ماكن توجد فيه تلك اخلربات املساهمة للتعلم وادلاعمة هل يف ميدان الفن‪،‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫جزءا ال يتجزأ من هذا الكوكب يف‬ ‫فريى املتعلم نفسه ‪-‬من خالل مواقف اتلعلم يف الفن–‬
‫ظل نظام كوين متاكمل ومتفاعل‪ ،‬وهنا يتفاعل حمتوى الفن اذلي يتم تدريسه مع ُ‬
‫ابلعد ابلييئ‬
‫ّ‬
‫ذللك املحتوى‪ ،‬فمن خالل تعلم أحد املفاهيم اليت تتسع حدودها بني جمتمعات وبيئات متمايزة‪.‬‬
‫ّ‬
‫فتكنولوجيا املعلومات تأخذ بابليئة اليت حيدث فيها اتلعلم إىل بعد ميتافزيييق يعرب بالطالب‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫مدعما يف ذلك طاقات الطالب اإلبداعية وما يرتبط بها‬ ‫حدود احلزي ابلييئ اذلي يتم فيه اتلعلم‬
‫من ختيالت تؤسس بلناء نظام من اخليال املرتبط باملوضوع املطروح‪ً .‬‬
‫وتبعا ذللك‪ ،‬فإن مقومات‬
‫ّ‬
‫املنهج الرقيم للرتبية الفنية توفر تلك الصالت ابليئية االفرتاضية عرب عوالم فضاءات الشبكة‬
‫املعلوماتية‪ ،‬وهو األمر اذلي ينعكس بدوره ىلع معلم الفن اذلي خيطط للتدريس يف ظل اتلعليم‬
‫عن بعد املزتامن أو غري املزتامن‪ ،‬ووفق قدراته يف االطالع وابلحث عن املواد اتلعليمية وابلرصية‬
‫ّ‬ ‫املالئمة للموضوع املطروح‪ ،‬ومن ثم أصبح ً‬
‫لزاما أن يمتلك معلم الفن من املواصفات ما يؤهله‬
‫ّ‬
‫للتعامل مع معطيات مستحدثة اجتهت ببيئة اتلعلم حنو أبعاد ترتبط ببناء سياقات من اخليال‬
‫تفوق الواقع واحلدث والزمان واملاكن يف املوقف اتلعلييم‪.‬‬
‫ُ‬
‫إن ابليئة اتلعليمية اليت تمارس فيها آيلات املنهج –وبرؤية معارصة– جيب أن تكون‬ ‫ ‬
‫ّ‬
‫بيئة مناظرة ومصغرة للتفاعالت احلادثة يف املجتمعات‪ .‬فاملتعلم حينما يمارس مهارات االتصال‬
‫مع األقران داخل نطاق عالقاته االجتماعية خارج املؤسسات اتلعليمية‪ ،‬ويتبادل ويتناقل األفاكر‬
‫معهم باستخدام شبكة من الرموز تعكس اخلربة املفاهيمية اليت يملكها األفراد املشاركون يف‬
‫ّ‬
‫عملية االتصال‪ ،‬وكذلك فيما يتابعه ذلك املتعلم عرب وسائل اإلعالم من جناحات باهرة ملنظومات‬
‫ً‬
‫وأيضا تلك اتلكتالت احلادثة فيما بني املجتمعات املتقدمة‬ ‫االتصال واتلعاون والعمل يف فريق‪،‬‬
‫وما ينبثق عن ذلك من نتائج اقتصادية واجتماعية وجناح يف ميادين ابلحث واتلقدم العليم‪،‬‬
‫فإن هذا املتعلّم حينما ال جيد صدى تللك املمارسات داخل إطار ّ‬
‫املؤسسة اتلعليمية بل وداخل‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ابليئة الصفية ذاتها‪ ،‬فإن الفجوة فيما بني تصميم املنظومة املنهجية وبني تقويم تلك املنظومة‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫واتلفاعل مع متطلبات املجتمع ‪-‬سزتداد عمقا ومجودا‪ .‬وعليه فإن‬ ‫يف ضوء أسايلب حمكية اخلربة‬
‫ّ‬
‫بيئة اتلعلم واسرتاتيجيات اتلدريس خالهلا تعد من أهم العنارص الرئيسية اليت تعمد إىل ارتباط‬

‫‪255‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫ُّ‬ ‫ّ‬
‫املتعلم بتطلعات املجتمع من خالل تقديم «املحتوى» ومعاجلته باألسلوب اذلي يدفع حنو حتقيق‬
‫ُّ‬
‫تلك اتلطلعات اليت تتمثل يف «بناء أجيال تتسم بسلوك تنافيس وسلوك فردي ال حيدثان إال إذا‬
‫تفاعل األشخاص داخل إطار عمل تعاوين واسع يدعمه اتلنافس والفردية»‪( .‬حاتم‪ ،‬فوزي‪.)2010 ،‬‬
‫ّ‬
‫وتمثل أسايلب االتصال العامل الرئييس يف اتلدريس‪ ،‬وخباصة إذا تم اتلخطيط بليئة اتلعلم من‬
‫تبعا للموضواعت اليت يقدمها لطالبه‪ ،‬وأسايلب االتصال تبدأ من أسلوب املعلم يف‬ ‫قبل املعلم ً‬
‫ِ‬
‫احلوار مع طالبه تلصل إىل استخدام الوسائط املتعددة لعرض الصور واألفالم وغريها حال اكن‬
‫ّ‬
‫اتلعلم عن بعد تزامنيًا‪ ،‬وباتلايل يسهل تنظيم تلك املواد اتلعليمية وفهرستها لعرضها ضمن إطار‬
‫تعليم غري تزامين مع درايس الفنون‪.‬‬

‫املواد اتلعليمية‬
‫ً‬
‫ترتبط املواد اتلعليمية يف ميدان تعليم الفنون كثريا بمفهوم املواد ابلرصية‪ ،‬حيث‬ ‫ ‬
‫ّ‬
‫يعتمد اتلعلم ابلرصي ىلع ابلحث يف املرئيات وتصميمها من أجل تكوين مفاهيم مرتبطة بتلك‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫أساسا‬ ‫املرئيات‪ ،‬ويمثل اتلعلم ابلرصي حتديًا يف مواقف اتلعليم يف ميدان الرتبية الفنية باعتباره‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫برصيا من‬ ‫لعمليات تكوين املفاهيم املرتبطة بالفن‪ ،‬فعملية تكوين املفاهيم من خالل اتلعلم‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫برصيا بمساعدة الصورة املمثلة هلذا الواقع لعرضها‬ ‫الواقع خيتلف عن تكوينها من خالل اتلعلم‬
‫ّ‬
‫عرب منصات اتلعليم‪ ،‬كما يرتبط اتلعلم ابلرصي بما يمارسه الطالب من عمليات اتلفكري ابلرصي‬
‫اليت تعتمد ىلع احلصيلة ابلرصية اليت سبق أن كونها الطالب من خالل خرباته الفنية وابلصـرية‬
‫ً‬
‫معـا‪.‬‬
‫وتشلك املواد ابلرصية جمموعة كبرية ومتنوعة من املواد الرقمية تمتاز بسهولة احلصول‬ ‫ ‬
‫ىلع أكرثها وإماكناتها اليت تتيح فرص االتصال ابلرصي املثمر؛ ما يثري املتليق ويؤدي إىل مشاركته‬
‫مشاركة فعالة يف احلصول ىلع املعلومات (سالمة‪.)1997 ،‬‬
‫فاملواد ابلرصية مواد يُعتمد يف استقباهلا ىلع حاسة ابلرص‪ ،‬أي استخدام العني يف إدراك ما‬ ‫ ‬
‫تشمله املادة ابلرصية من معاين ومعلومات وأفاكر وآراء‪ ،‬ويضم هذا انلوع جمموعة كبرية من املواد‬
‫مثل‪ :‬انلماذج والرشائح والرسوم واخلرائط والصور واألنماط ابلرصية اثلابتة واملتحركة والصامتة‬
‫والشفافيات (عبد الشايف؛ عبد اهلادي‪.)1994،‬‬
‫إن طبيعة الوسائط اتلكنولوجية تتصف باإلثارة ألنها تقدم املادة اتلعليمية بأسلوب‬ ‫ ‬
‫ّ‬
‫معارص يتفق مع املستجدات اتلكنولوجية اليت يتعايش معها املتعلمون بشلك شبه دائم يف حياتهم‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ايلومية‪ ،‬وختتلف عن الطرق اتلقليدية الصفية املعتادة‪ ،‬وهذا ما يثري دافعية املتعلم حنو اتلعلم‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫أنماطا عديدة من طرائق العرض؛ ما يسمح‬ ‫والرغبة فيه‪ .‬كما يتيح اتلعليم اإللكرتوين للمتعلم‬
‫ّ‬
‫هل حرية االختيار بني املواد اتلعليمية اليت تسهم يف نمو خرباته وأسلوب تعلمه بما يتفق وميوهل‬

‫‪256‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫وقدراته‪ ،‬فزييد هذا من مشاركته يف العملية اتلعليمية وبناء املفاهيم دليه‪.‬‬


‫لاً‬
‫ويعد علم الصورة ابلرصية كأحد أهم راكئز ميدان الفنون ابلرصية جما يرتبط بقدرة‬ ‫ ‬
‫ُ‬
‫مصميم مناهج الفنون ىلع اتلعامل مع معطيات تلك الصورة‪ ،‬سواء اكنت ثابتة أو متحركة أو‬
‫صامتة أو مصحوبة بنصوص لفظية مسموعة‪ ،‬أو مصحوبة بنصوص لفظية مرئية‪ ،‬أو مصحوبة‬
‫بموسيىق مصاحبة ذات داللة وارتباط وثيق باملعىن‪ .‬وعليه‪ ،‬فقد أصبح انتقاء هذه الصورة‬
‫ً‬
‫أطوارا من‬ ‫أمرا حيتاج إىل بذل اجلهد من املخططني‪ ،‬فالعالم ايلوم يشهد‬ ‫ألغراض اتلعليم واتلعلّم ً‬
‫انلمو املتضاعف يف حجم املعارف‪ ،‬واستحداث تصنيفات وتفريعات جديدة للمعرفة الواحدة‪،‬‬
‫وظهور جماالت تقنية جديدة بدأ استعماهلا يف العملية اتلعليمية نلقل املعلومة واالحتفاظ بها من‬
‫ّ‬ ‫لاً‬ ‫ُ‬
‫اتلواصل وغريها‪ ،‬فض عن الزيادة يف عدد املتعلمني؛ ما أدى إىل‬ ‫خالل منصات اتلعليم ومنصات‬
‫زيادة اإلقبال ىلع ابلحث العليم اذلي أدى بدوره إىل زيادة حجم املعرفة‪ ،‬لك تلك األمور تتطلب‬
‫من خمططي مناهج وبرامج الفنون العمل ىلع تطوير املواد ابلرصية املصاحبة للمحتوى العليم‪،‬‬
‫واالستفادة من اتلقنيات املعارصة اليت ساهمت بشلك غري مسبوق يف بناء قواعد من ابليانات‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫للمواد اتلعليمية وابلرصية‪ ،‬ولعل أبرزها ما يُعرف «بكائنات اتلعلم الرقمية» (‪Digital‬‬
‫‪.)Learning Objects‬‬
‫ّ‬
‫اكئنات اتلعلم الرقمية‬
‫أشار عبد العظيم (‪ )2020‬إىل رأي «الشييم» يف ماهية الاكئنات اتلعليمية الرقمية بأنها‬ ‫ ‬
‫عبارة عن مصدر رقيم وإلكرتوين نستطيع أن ندجمه ىلع شلك أجزاء مرتابطة حبيث يمكن إاعدة‬
‫ّ‬
‫استخدامها إلجناز عمل حمدد دلعم عملية اتلعلم‪ ،‬ويمكن أن نطلق ىلع الاكئن اتلعلييم عدة‬
‫أسماء‪ ،‬مثل‪ :‬نواة أو جسم أو نموذج أو عنرص تعلييم أو معريف‪ ،‬ويه طفرة رقمية تقبل املشاركة‬
‫هلا هدف حمدد وتتمزي باستقالهلا وذاتيتها‪.‬‬
‫ً‬
‫وقد أكد «عبد العظيم» أن هذه الاكئنات تعمل بوصفها تطبيقا يتضمن صفحات نصية‬ ‫ ‬
‫حتتوي ىلع وسائط متعددة مثل‪ :‬فيديو أو صور أو أصوت تلعرض املادة اتلعليمية بطريقة دينامية‪،‬‬
‫فيه اكئنات تفاعلية تعليمية قابلة للتحميل‪ ،‬يتم فيها جتزئة املادة اتلعليمية الستخدامها يف برامج‬
‫ّ‬
‫اتلعليمية من جمموعة عنارص يتم بها‬ ‫تعليمية متنوعة‪ ،‬ويتم جتميع املعلومات الوصفية للاكئنات‬
‫توصيف الاكئن اتلعلييم‪ ،‬تبدأ باملوضوع (وهو موضوع ومصدر الاكئن اتلعلييم)‪ ،‬ثم الوصف (وهو‬
‫وصف املحتوى اذلي يدرج داخل الاكئن اتلعلييم)‪ ،‬واللغة (أي نوع اللغة املستعملة يف صياغة‬
‫الاكئن اتلعلييم)‪ ،‬ثم املؤلف (وهو اجلهة أو األشخاص املسؤولون عن إتاحة الاكئن اتلعلييم‬
‫للمستفيدين)‪ ،‬واحلقوق (ويه حقوق الاكئن اتلعلييم يف النرش)‪ ،‬ويتم تسجيل هذه املعلومات‬
‫جُ‬
‫وابليانات الوصفية من خالل نظم إدارة املحتوى اليت ت ّهز وتعد الاكئن اتلعلييم‪ ،‬إذ إنها تسجل‬

‫‪257‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫ابليانات وتربجمها(عبد العظيم‪.)2020 ،‬‬


‫وقد أشار عبد العظيم (‪ )2020‬إىل ما خلصه املبارك يف دراسته (‪ )2006‬بما تمتاز به الاكئنات اتلعليمية‬
‫الرقمية من خصائص يف انلقاط اآلتية‪:‬‬
‫َّ‬
‫• سهولة الوصول إيلها‪ ،‬إذ تكون مصنفة ومرقمة داخل قواعد ابليانات الرقمية ومتاحة‬ ‫ ‬
‫ّ‬
‫جلميع املعلمني واملتعلمني‪.‬‬
‫• ال ترتبط مع برامج أخرى فتتمتع باالستقالل‪.‬‬ ‫ ‬
‫• يمكن إاعدة استخدامها يف العديد من املواقف اتلعليمية‪.‬‬ ‫ ‬
‫• يمكن استخدامها يف الصفوف االفرتاضية بوصفها مصادر إلكرتونية تعليمية‪.‬‬ ‫ ‬
‫• تعد بلنات أساسية بلناء اخلربات والنشاطات اتلعليمية‪.‬‬ ‫ ‬
‫• يمكن جتميع هذه الاكئنات مع بعضها تلكوين مناهج تعليمية رقمية‪.‬‬ ‫ ‬
‫• تتمتع الاكئنات اتلعليمية باخلصوصية‪ ،‬إذ إنها ترايع الفروق الفردية بني الطالب لك‬ ‫ ‬
‫ىلع حسب مستواه‪.‬‬
‫ّ‬
‫• ترايع رغبات وميول املتعلمني‪ ،‬فيه موجودة سهلة االستخدام واإلتاحة تثري دافعية‬ ‫ ‬
‫ّ‬
‫املتعلم ويمكن الرجوع إيلها يف الوقت املناسب للك فرد حبسب رغبته‪.‬‬
‫ّ‬
‫فمن خالل مفهوم اكئنات اتلعلم الرقمية يسهل حتميل ونرش املواد اتلعليمية ىلع شباكت‬ ‫ ‬
‫اإلنرتنت حيث يساعد مجيع الرتبويني ىلع االستفادة منها‪ ،‬ويتيح حوسبة املناهج اتلعليمية بوصفها‬
‫قطعا صغرية إلكرتونية سهلة االستخدام‪ ،‬ويمكن استخدام الاكئنات اتلعليمية الرقمية يف نرش‬ ‫ً‬
‫اثلقافة الرقمية يف العديد من ادلول العربية‪ ،‬إذ تعمل ىلع تطوير العملية اتلعليمية من خالل‬
‫ّ‬
‫دمج هذه الاكئنات يف اتلعلم اإللكرتوين‪ ،‬وعند إنشاء الصفوف واملدارس واجلامعات‪ ،‬ويمكن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫استخدامها يف نظم اتلعلم اذلايت اذلي جيعل املتعلم هو حمور العملية اتلعليمية‪ ،‬ويظهر دور‬
‫َّ‬
‫اتلدريسية يف إتاحة الاكئنات اتلعليمية الرقمية ومجعها‬ ‫مستوداعت الاكئنات اتلعليمية يف العملية‬
‫يف بيئة متنوعة متاكملة تسمح للمعلم باستخدام ما حيتاج إيله منها مثل‪ :‬انلصوص أو ملفات‬
‫الصوت والفيديو ً‬
‫وأيضا الرسوم اتلوضيحية والصور املتحركة (عبد العظيم‪.)2020 ،‬‬
‫ويف ذات السياق‪ ،‬أشار الفييف (‪ )2020‬إىل أن اهلدف األسايس من فكرة الاكئنات اتلعليمية‬ ‫ ‬
‫ّ‬
‫هو تقسيم املحتوى إىل أجزاء صغرية يمكن إاعدة استخدامها يف بيئات اتلعلم املختلفة‪ ،‬وبذلك‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فإن اكئنات اتلعلم الرقمية تمكن املتعلم من اكتساب خربات عن املحتوى اتلعلييم وتعزيز‬
‫ّ‬
‫املعرفة وتدعيم عملية اتلعلم‪ ،‬كما أنها جتعل املحتوى ذا فاعلية أكرب‪ ،‬فيه املكون األسايس‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫للمحتوى الرقيم‪ .‬كما توفر اكئنات اتلعلم الرقمية اتللكفة واجلهد والوقت يف عملية اتلعلم‪ ،‬كما‬
‫ّ‬
‫تشجع ىلع املنافسة وحتسني عملية اتلعليم واتلعلم‪ ،‬كما أنها بديل مناسب لكثري من اتلقنيات‬
‫ّ‬
‫اليت ال يمكن توفريها‪ .‬وتمتاز اكئنات اتلعلم الرقمية اجليدة بأنها تزيد من قيمة املحتوى الرقيم‪،‬‬

‫‪258‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫وتمتاز بالبساطة وسهولة الوصول والوضوح واثلبات واتلوافقية واملرونة والفاعلية واملالءمة‬
‫وإماكنية اتلحديث وابلحث وإماكنية إاعدة االستخدام يف مواقف تعليمية أخرى‪.‬‬
‫ّ‬
‫ومن خالل تلك اخلصائص واملمزيات لاكئنات اتلعلم الرقمية تتضح مدى أهميتها‬ ‫ ‬
‫ّ‬
‫يف ميدان تعليم الفنون ابلرصية وتعلمها؛ إذ توفر تنواعت هائلة ومفهرسة للمواد ابلرصية اليت‬
‫ّ‬
‫يمكن للمعلم والطالب االستعانة بها‪ ،‬كما أنها ترايع الفروق الفردية بني املتعلمني وتعمل‬
‫ىلع زيادة دافعيتهم وإثارتهم حنو املوضواعت املطروحة‪ ،‬وباتلايل إعمال اتلفكري وشحذ اخليال‬
‫واتلصورات اذلهنية ابلرصية بلناء األفاكر وبلورتها وتطويعها وفق مضمون الرسالة الفنية املراد‬
‫توصيلها خالل العمل الفين‪.‬‬
‫ّ‬
‫كما يمكن أن تسهم مستوداعت اكئنات اتلعلم ابلرصية يف بناء قواعد بيانات برصية‬ ‫ ‬
‫ّ‬
‫ملتعليم الفنون من خالل تضمني العديد من املصادر الرقمية خالهلا‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫‪ -‬بناء قاعدة بيانات برصية رقمية تؤسس لفهم واسع لعالم الفن وعالقته باملجتمع املحيل‪،‬‬
‫ودراسة األبعاد ابلرصية عرب املجتمع املحيل ثم اإلقلييم ثم العاليم بهدف تنظيم عمليات‬
‫الرؤية دلى داريس الفنون لفهم أوسع للعالقات اإلنسانية عرب عوالم برصية متعددة ثقافيًا‪،‬‬
‫فضلاً عن الرتكزي ىلع مستجدات املفاهيم واملضامني العاملية اليت أصبحت ً‬
‫جزءا ال يتجزأ من‬
‫اعلم الفن بوصفها مفاهيم السالم واتلنمية وحقوق اإلنسان وقضايا املناخ ومهددات األوبئة‬
‫وغريها‪ ،‬مع رصد مزتامن إلسهامات الفنون ابلرصية يف طرح ومعاجلة تلك املفاهيم والقضايا‬
‫اإلنسانية املشرتكة بطرائق إبداعية متنوعة‪.‬‬
‫‪ -‬مكتبة برصية رقمية تشمل العديد من املواد الرقمية ملصادر من الطبيعة والرتاث واألعمال‬
‫لاً‬
‫الفنية عرب احلقب املتتايلة تلاريخ الفنون وصو إىل أعمال الفن املعارص‪ ،‬ىلع أن يتم فهرسة‬
‫ّ‬
‫تلك املواد بما يسمح ملتعلم الفن باالطالع ىلع املئات من العنارص يف الطبيعة ويف أعمال‬
‫الفنانني واملصممني وأصحاب احلرف الفنية‪ ،‬واشتمال تلك الفهارس ىلع نماذج متنوعة من‬
‫املفردات ابلرصية اليت تتشلك منها األعمال الفنية املختلفة‪ ،‬كما يمكن تضمينها ىلع بعض‬
‫اتلحليالت ابلرصية وفق قواعد وأسس وعنارص العمل الفين ونظريات اتلذوق وعلم اجلمال‪،‬‬
‫لاً‬
‫فض عن فهرسة خامات وأدوات الفن ومضامني السياقات اثلقافية واالجتماعية نلماذج‬
‫متنوعة يف الفنون‪.‬‬
‫‪ -‬قاعدة برصية للمئات من ابليانات العملية املسجلة عرب تقنيات الفيديو واستخدام الربامج‬
‫يف معاجلة مقاطع الفيديو املسجلة لعمل املونتاج وإدخال املؤثرات ابلرصية والصوتية ىلع‬
‫ّ‬
‫ابليان العميل بهدف إثراء مقطع الفيديو اتلعلييم بما يعزز متابعة املتعلمني اذلين سرتسل هلم‬
‫تلك املواد اتلعليمية وأرشفتها ضمن أجبدية فنية تسهل الوصول إىل بياناتها‪ ،‬وذلك من خالل‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫برصيا تتضمن أسايلب املعاجلات الفنية وتقنيات الفن املختلفة‪ ،‬كذلك يمكن‬ ‫عملية ترشح‬

‫‪259‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫تناول هذا اجلانب عرب ممارسات ترتبط بمجاالت الفن املتعددة من تصوير وحنت وخزف‬
‫وتصميم‪ ،‬ومن خالل أفرع املجاالت الفنية اتلطبيقية مثل‪ :‬الطباعة والنسيج واألشغال‬
‫واحلرف الفنية خبامات فنية متنوعة ومتعددة األشاكل‪.‬‬
‫‪ -‬قاعدة بيانات ملواد الواقع االفرتايض املرتبطة باملتاحف الفنية والعلمية وابليوت األثرية‬
‫ومعارض الفنون‪ ،‬ومن ثم استخدام تلك اتلقنية يف اتلجول داخل قااعت املتاحف وفحص‬
‫األعمال وانلماذج عرب تقنيات الرؤية املحيطية‪.‬‬
‫‪ -‬اإلسهام عرب منصات اتلعليم يف تفعيل تبادل املعلومات بني األقران‪ ،‬وممارسة أسايلب‬
‫ّ‬
‫اتلوجيه واتلقويم اجلمايع والفردي بني املعلمني واملتعلمني‪ ،‬والسماح ببناء قاعدة بيانات‬
‫ّ‬
‫رقمية خاصة باملتعلم تسهم يف رصد خرباته اتلجريبية وممارساته هلا يف الفن بشلك مريئ‪.‬‬
‫ّ‬
‫طرائق واستراتيجيات التعليم والتعلم‬
‫ّ‬
‫العديد من طرائق واسرتاتيجيات اتلعليم واتلعلم هلا من املقومات ما يمكن إاعدة‬ ‫ ‬
‫ُ‬
‫للتعامل مع الطلبة‪ ،‬سواء اكن اتلعليم إلكرتونياً‬ ‫صياغتها برؤية رقمية تلقديم أسايلب متعددة‬
‫تفاعليًا عن بُعد أو من خالل ادلمج مع اتلعليم الصيف املعتاد‪ ،‬فالطرائق مثل املناقشة واحلوار‬
‫واملحارضة وانلدوة لكها صاحلة للتفاعل عرب شبكة املعلومات‪ ،‬كما أن طرائق حل املشكالت‬
‫واالكتشاف واالستقصاء والعديد من اسرتاتيجيات اتلعلّم النشط يمكن أن تتم إجراءاتها ً‬
‫أيضا‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫عرب اتلعلم عن بعد من خالل منصات اتلعلم اتلفاعيل اإللكرتوين مع الطلبة‪.‬‬
‫يمكن للوسائط املتعددة خالل فاعليات اتلعليم اإللكرتوين أن تتغلب ىلع الكثري من‬ ‫ ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الصعوبات اليت تواجه املتعلمني يف أثناء اتلعلم اتلقليدي‪ ،‬فقد يرتبط أحد موضواعت املحتوى‬
‫ّ‬
‫بأحداث ووقائع ذات أبعاد زمانية أو ماكنية؛ ما قد يمثل عقبة أمام املتعلم يف تصور تلك األبعاد‪،‬‬
‫ّ‬
‫فمن خالل اتلخطيط اجليد من قبل املعلمني يمكن أن تسهم الوسائط املتعددة يف تزويد املتعلمني‬
‫بتصورات متعددة هلذه األبعاد؛ ما يساعد ىلع توسيع آفاق اإلدراك واخليال املنطيق دليهم‪ .‬كما‬‫ّ‬
‫ّ‬
‫يمكن أن تساعد معطيات اتلعليم اإللكرتوين «يف حتقيق اإلرساع بانلمو العقيل واملعريف للمتعلم‪،‬‬
‫ّ‬
‫فما تقدمه الوسائط املتعددة عرب فاعليات اتلعليم اإللكرتوين من ثقافة للمتعلم يُعد من املنشطات‬
‫ّ‬
‫العقلية الالزمة للتفكري‪ ،‬كما يمكن للمعرفة املكثفة اليت يتلقاها املتعلم خالل تعامله مع‬
‫أدوات اتلكنولوجيا أن تساعده ىلع حل املشكالت»(شحاته‪ ،1995،‬ص ‪.)16‬‬
‫اتلعامل اتلفاعيل اإللكرتوين مع الطلبة‪ ،‬ويف ضوء‬ ‫ُ‬ ‫فعىل سبيل املثال‪ :‬يمكن خالل‬ ‫ ‬
‫ّ‬
‫مراحل وخطوات إحدى االسرتاتيجيات اتلدريسية اكالكتشاف أن يتم تأكيد مبدأ أصيل للتعلم‬
‫أال وهو «ماذا يمكن أن تفعله؟» وليس «ماذا تعرف؟»(يونس‪ ،)1995،‬وذلك من خالل وضع‬
‫ّ‬
‫املتعلم يف مواقف استكشافية وحثه ىلع ممارسة بعض األنشطة الفنية‪ .‬كما يسهم توظيف الوسائط‬

‫‪260‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫اتلفاعيل مع الطلبة يف إمدادهم بالقاعدة أو اتلعميم بعد عرض أمثلة‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫اتلواصل‬ ‫املتعددة عرب‬
‫ّ‬
‫توضيحية يستطيع املتعلم من خالهلا استنباط القاعدة مع تزويده بأمثلة برصية نوعية أخرى‬
‫ّ‬
‫للتأكد من استيعابه للمفهوم وقدرته ىلع اتلطبيق يف مواقف اتلعلم األخرى املشابهة‪ ،‬وهو ما يتفق‬
‫ّ‬
‫مع مبدأ استمرارية املعرفة‪ ،‬اذلي تؤكده اسرتاتيجيات اتلعليم واتلعلم بوصفه أحد املبادئ اهلامة‬
‫املرتبطة بمعايري اتلنظيم الفعال للمحتوى املعريف‪.‬‬
‫ّ‬
‫كما تؤكد اسرتاتيجية «االستقصاء» تفعيل عمليات العلم وابلحث العليم دلى املتعلمني‪،‬‬ ‫ ‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫ويمكن أيضا أن تسهم بأدوار اغية يف األهمية عرب فاعليات اتلعليم اإللكرتوين‪ ،‬فمتعلم الفن‬
‫خالل هذه االسرتاتيجية هو باحث عليم يمارس أسايلب املالحظة املقننة عرب استخدام بعض‬
‫ُ‬
‫األدوات اتلكنولوجية‪ ،‬اكلاكمريا الرقمية اليت تسجل من خالهلا تفاصيل ومقاطع يف العديد من‬
‫اهليئات الشلكية لعنارص ابليئة املحيطة اليت هلا ارتباط مبارش بموضوع ادلرس يف الفن‪ ،‬فهو‬
‫ً‬
‫يالحظ بياناته ويسجلها ويوثقها‪ ،‬وحيفظ ويفرس ويصنف وفقا ملعطيات اتلعليم وأهدافه املراد‬
‫حتقيقها‪ ،‬ومن ثم جيرب من خالل إسهام طرائق اتلدريس املتنوعة مثل طرق ابليان العميل الرقيم‬
‫وبمتابعة املعلم اذلي يوفر أوعية رقمية هل لريصد خالهلا ممارساته اتلجريبية‪ ،‬وحيفظها ويوثقها‬
‫ًّ‬ ‫ًّ‬ ‫لاً‬
‫تتابعيا لرصد خرباته املعرفية واملهارية يف ميدان الفنون‪.‬‬ ‫رقميا‬ ‫بوصفها سج‬

‫التقويم والتقييم‬
‫أن عملية تقييم الفنون ليست بالعملية السهلة‪ ،‬ألنها حتتاج إىل خربة من نوع خاص‬ ‫ ‬
‫ليست اكخلربات األخرى يف اتلقويم الرتبوي عرب ميادين املعرفة األخرى (العامري‪ .)2008 ،‬وقد‬
‫أشار العامري إىل ترصيح (واكر) إىل‪« :‬إن تقويم أعمال الطالب يف الفنون ابلرصية عملية اغمضة‬
‫بالنسبة إىل أوئلك اذلين ال يرتبطون بعملية اإلبداع الفين واتلدريس‪ ،‬وحىت ألوئلك اذلين دليهم‬
‫خربات كبرية يف تدريس الفنون ابلرصية تظل عملية اتلقويم ذاتية وبعيدة عن املوضوعية وتفتقر‬
‫ً‬
‫أيضا إىل اتلغذية الراجعة املرحلية‪)P.3 Walker ,1998 ( ».‬‬
‫كما أشار العامري (‪ً )2008‬‬
‫أيضا إىل رأي (ماسنرتي وزمالئه) حول أن اتلقييم يتطلب‬ ‫ ‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫رؤية فنية خاصة‪ ،‬وأنه جيب أن يكون جزءا ال يتجزأ من عملية اتلدريس وتأييد اتلعلم وإثرائه‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وهذا يعين أن اتلقييم يفرتض أن عملية اإلنتاج ال تنفصل عن عمليات اتلعليم واتلعلم‬
‫) ‪(2007 ,Macintyre Latta et al‬‬
‫كما يذكر (سينتاال)‪« :‬جيب أن يكون اتلقييم يف الفن مبنيًا ىلع أرضية قوية من أجل جتنب‬ ‫ ‬
‫أن تكون عملية اتلقييم عبارة عن مادة مكتوبة يوجد فيها خلل‪ ،‬وأن أي سبب فين إن لم يكن‬
‫ً‬
‫تماما سيكون ميتًا وضعيفا ما لم حتدد فيه وجهات انلظر الفنية‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫منسوبا إىل عملية اإلنتاج الفين ً‬
‫ً‬
‫لاً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫لاً ً‬
‫ملاذا قد نعترب عم فنيا جيدا أو رديئا أو أه للماكفأة أو اتلقدير» (‪.)P.319 Cnnatella,2001‬‬

‫‪261‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫ً‬ ‫لاً‬
‫هاما يف ضبط آيلات‬ ‫ويرى العامري (‪ )2008‬أن (ابلورتفويلو) يف الرتبية الفنية يعترب جما‬ ‫ ‬
‫تقييم داريس الفنون؛ فمكونات ابلورتفليو ليست جمرد أعمال وجتارب فنية مرتاكمة وتشكيله‬
‫عشوائية من املنجزات‪ ،‬بل جيب أن تكون مرتبطة بأهداف املادة ادلراسية واملهام واملرشواعت‬
‫ً‬
‫الفنية اخلاصة بها‪ .‬ومن هنا‪ ،‬اكن من الرضوري حتديد تلك املكونات األساسية مسبقا بني الطالب‬
‫واملعلم يف بداية ادلراسة ويف أثنائها‪ ،‬وحىت يف املراحل انلهائية من مرشوع (ابلورتفويلو)‪ ،‬وحتميًا‬
‫تعتمد تلك املكونات ىلع مدى انلمو واتلطور اذلي حيرزه الطالب يف مراحل إنتاجه ملرشواعته‬
‫العملية وانلظرية‪ .‬وأنه جيب أن تكون العالقة الرتابطية قوية بني اإلنتاج الفين اخلاص بالطالب‬
‫من جهة وبني إنتاج الفنانني ذات العالقة بأعمال الطالب من جهة أخرى؛ إذ جيب أن يتضمن‬
‫ّ‬
‫انعاكسا حقيقيًا ملدى اتلعلم واالستفادة من جتارب اآلخرين‬ ‫ً‬ ‫ملف (ابلورتفويلو) يف الفن التشكييل‬
‫وليس االعتماد ىلع عملية املحااكة تللك األعمال املنتجة للفنانني‪ .‬ومن هنا‪ ،‬جيب ىلع الطالب أن‬
‫يعكس شخصيته وتفرده من خالل املشاريع الفنية اليت يقوم بها‪ ،‬وأن يظهر طرقه الفنية وأسايلبه‬
‫ُ‬
‫اخلاصة بها يف اتلعامل معها وفق ما خطط هل من أهداف وعمليات ومعاجلات فنية‪.‬‬
‫ومع اتلقدم اتلكنولويج‪ ،‬أتيحت إماكنية استخدام شلك آخر من أشاكل اتلقييم واملعتمد‬ ‫ ‬
‫ىلع مجيع األفاكر واألسس واالستخدامات تلقنية (ابلورتفويلو)؛ فقد تم إدخال ابلورتفليو ضمن‬
‫عمليات اتلعليم اإللكرتوين حتت مسىم «امللف الوثائيق اإللكرتوين» واملعروف يف االصطالح‬
‫اإلجنلزيي بـ (‪ ،)E-Portfolio‬وهو يعتمد ىلع استغالل املساحات والفضاءات اإللكرتونية يف‬
‫لاً‬
‫الشبكة العاملية للمعلومات‪ ،‬وكما يستخدم األقراص املمغنطة بد من امللفات اتلقليدية وحافظات‬
‫األوراق؛ ذلا شلكت اتلقنيات احلديثة عالقة جديدة يف عملية اتلقييم بني املعلم والطالب‪ .‬تعتمد‬
‫تلك العالقة ىلع املعرفة اإللكرتونية إىل جانب املعرفة العلمية اخلاصة باتلخصص اذلي يوظف‬
‫فيه امللفات اإللكرتونية‪ ،‬إذ تشري عيسان وزمالؤها (‪ )2007‬إىل أن الشبكة العاملية قد أتاحت‬
‫ّ‬ ‫لاً‬ ‫ً‬
‫نصوصا وأشاك ومواد‬ ‫إماكنية استخدام امللف اإللكرتوين اذلي يمكن من خالهل تضمني حمتواه‬
‫سمعية ومرئية إضافة إىل املواد املكتوبة‪( .‬العامري‪.)2008 ،‬‬
‫وىلع هذا انلحو‪ ،‬فإن سبل تقييم أعمال داريس الفنون أصبحت أكرث تفاعلية‪ ،‬وتتفق مع‬ ‫ ‬
‫تعليما عن بعد من خالل املقررات الرقمية أو اكن تعليماً‬ ‫ً‬ ‫معطيات اتلعليم اإللكرتوين‪ ،‬سواء اكن‬
‫ً‬
‫مدجما‪ ،‬فمع تطور ادلراسات الرتبوية اختذ امللف الوثائيق اإللكرتوين صفة حمورية حتت مسىم‬
‫نظرا إىل ضخامته واحتوائه ىلع‬ ‫(ملف اإلجناز الشامل)‪ ،‬اذلي جرت العادة ىلع تقديمه إلكرتونيًا ً‬
‫أعمال منتقاة من جهود الطالب منذ بداية مساره اتلعلييم يف مرحلة ما‪ً .‬‬
‫وتبعا ذللك‪ ،‬اختذ اتلقويم‬
‫مفهوم «الشمويلة» تلتم عمليات اتلقويم واتلقييم وفق رؤية اعمة حمورية شاملة ملنجزات الطالب‬
‫عرب فرتات طويلة نسبيًا‪.‬‬
‫ويف هذا السياق‪ ،‬جتدر اإلشارة إىل جهود لكية الرتبية يف جامعة السلطان قابوس يف‬ ‫ ‬

‫‪262‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫إرساء قواعد (ملف اإلجناز الشامل) قبل حدوث جاحئة كوفيد‪ 19‬بعدة سنوات‪ ،‬حيث يقدم‬
‫طلبة اجلامعة هذا امللف بشلك نهايئ يف الفصل العارش واألخري دلراستهم اجلامعية‪ ،‬وهو الفصل‬
‫اخلاص باتلدريب امليداين عرب املدارس الرشيكة‪ .‬وقد جرت العادة أن يقدم الطلبة هذا امللف‬
‫ّ‬
‫تلخصصاتهم املختلفة بما فيها‬ ‫«إلكرتونيًا» متضمنًا جهودهم اتلعليمية عرب سنوات ادلراسة‬
‫متطلبات اتلدريب امليداين اكفة‪.‬‬
‫ً‬
‫وقد أوجدت جاحئة كوفيد‪ 19‬حتديات جساما لعمليات اتلقويم واتلقييم ملقرر اتلدريب‬ ‫ ‬
‫امليداين لطلبة لكية الرتبية يف جامعة السلطان قابوس‪ ،‬ومن ثم فقد اختذت اإلجراءات واتلدابري‬
‫العاجلة بشأن تعديل مسار خطة اتلدريب امليداين جلعل املالحظة الصفية من جانب املرشفني‬
‫لاً‬
‫تتم بشلك إلكرتوين تفاعيل عن بعد‪ ،‬فض عن تعديالت لوجستية تتعلق باملتطلبات األخرى‬
‫املصاحبة للتدريب امليداين‪ ،‬اكبلحث اإلجرايئ وفاعليات تنفيذ اخلطط اتلدريسية‪ .‬وقد أسهم‬
‫الطلبة املرشحون يف قسم الرتبية الفنية يف اللكية بدورهم خالل تلك اخلطة االستثنائية بما‬
‫يضمن مرورهم خبربات اتلدريس بأقىص ما هو متاح‪ ،‬فقد رشع الطلبة املرشحون يف تقديم‬
‫عروض تفاعلية وتسجيلها وعرضها بشلك تزامين ىلع املرشف‪ ،‬وبمتابعة ومالحظة مجيع األقران‬
‫املرشحني‪ ،‬وهو من األمور اإلجيابية اليت لم تكن متاحة من قبل‪ .‬ومع تفعيل املنصة اتلعليمية‬
‫لوزارة الرتبية واتلعليم يف سلطنة ُعمان أصبح من املتاح أن يتواصل املرشح مع الطلبة عرب تقنيات‬
‫املنصة‪ ،‬وممارسة مهارات اتلدريس من تهيئة بيانات عملية ورشحها وعرضها‪ ،‬ومتابعتها وتوجيهها‪،‬‬
‫ومن ثم إجراء عمليات اتلقييم واتلقويم‪.‬‬
‫ودلعم مفاهيم اتلعليم اإللكرتوين عرب اتلقويم الشامل‪ ،‬ينبيغ تدريب الطلبة ىلع‬ ‫ ‬
‫فهم حتديات اتلقويم عن بعد يف ميدان تعليم الفنون ابلرصية‪ ،‬ومن ثم توجيه برامج تدريبية‬
‫للمرشحني حبيث تعمل ىلع توعيتهم ببناء أدوات تقويم وتقييم عن بعد‪ ،‬من خالل إاعدة معاجلة‬
‫ُّ‬
‫املعايري املرجعية للتقويم يف الرتبية الفنية بما يسمح للمعلم بمتابعة الطالب عن بعد‪ ،‬وتفعيل‬
‫خمصصة مللف إجناز الطالب؛ األمر اذلي‬‫ممارسات فنية استقصائية يتم توثيقها عرب قنوات رقمية َّ‬
‫يسهل ىلع الطرفني (املعلم والطالب) عمليات الرصد واتلقويم اتلكويين واخلتايم ً‬
‫معا‪.‬‬

‫‪263‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫‪ *‬أهداف تسمح باستيعاب قدر كبري من‬


‫املفاهيم املتجددة يف ميدان الفنون‬
‫‪ *‬تسمح أهداف املنهج بممارسة شىت مهارات‬
‫ابلحث العليم واالستقصاء من مالحظة‬
‫وتصنيف وتنبؤ وجتريب واستنتاج من خالل‬
‫معطيات اتلكنولوجيا وأدواتها‬
‫‪ *‬تؤصل بلناء مواطنة اعملية تمتاز بالويع‬
‫املصحوب باتلأمل واتلفكري‬ ‫سياق مفاهيم املواطنة‪/‬‬
‫حقوق اإلنسان‪/‬املناخ‬
‫األهداف‬
‫‪ *‬حتليل للمحتوى املقرتح بهدف حتديد‬ ‫وابليئة العاملية‪/‬السلم‬
‫املفاهيم اجلديدة واملتجددة املطلوب ترمجتها‬
‫واألمن العاليم‪/‬اتلنوع‬
‫اىل فعايلات وأنشطة يمكن من خالهلا تأصيل‬
‫تلك املفاهيم‬ ‫واتلقبل واتلغري اثلقايف‬
‫‪ *‬توظيف اتلكنولوجيا يف ابلحث عن أعمال‬ ‫املحتوى‬
‫الفن املعارص وفهم الرسائل املتضمنة بها‬
‫‪« *‬فك شفرات الرموز» اليت حتملها أعمال الفن‬ ‫أبعاد تكنولوجيا‬
‫املعارص بمساعدة اتلطبيقات الربجمية‬ ‫املعلومات واتلعليم‬
‫املتالحقة‬ ‫املتغريات‬
‫ملحتوى الفنون ابلرصية‬
‫واتلعلم ‪-‬اتلطبيقات‬ ‫بيئة اتلعلم‬
‫عنارص‬
‫‪ *‬تكنولوجيا املعلومات تأخذ بابليئة اليت‬
‫ً‬
‫حيدث فيها اتلعلم إىل بعدا ميتافزييقيا يعرب‬ ‫منهج الرتبية‬ ‫وأدوار اتلكنولوجيا يف‬ ‫والربجميات‬ ‫املنهج يف‬
‫بالطالب حدود احلزي ابلييئ اذلي يتم فيه‬ ‫اتلخصصية‪.‬‬
‫اتلعلم‬ ‫الفنية الرقيم‬ ‫فهم الفنون ويف صياغة‬
‫الرتبية‬
‫الفنون‬ ‫(اتلعليم عن بعد‪/‬‬
‫املواد‬
‫‪ *‬أسايلب االتصال اتلكنولويج والرقيم يه‬
‫العامل الرئييس يف اتلدريس وخباصة إذا تم‬
‫املعارص‬ ‫اتلعليم االلكرتوين‪/‬‬ ‫اتلعليمية‬ ‫الفنية‬
‫اتلخطيط بليئة اتلعلم من قِبل املعلم تبعا‬ ‫اتلعليم املدمج‬
‫للموضواعت الىت يقدمها لطالبه‬
‫طرق‬
‫واسرتاتيجيات‬
‫‪ *‬اتلعلم ابلرصي يعتمد ىلع ابلحث ىف املرئيات الرقمية‬
‫وتصميمها‬ ‫اتلعليم واتلعلم‬
‫‪ *‬اكئنات اتلعلم الرقمية ودوها الكبري يف وضع قواعد وأسس‬ ‫االجتاهات املعارصة يف‬
‫للمنهج الرقيم يف ميدان الرتبية الفنية‬
‫‪ *‬االعتماد ىلع الصورة الرقمية اثلابتة واملتحركة يف تعليم‬
‫بناء وتصميم مناهج‬
‫الفنون‪.‬‬ ‫الرتبية الفنية وتفعيل‬ ‫اتلقويم‬
‫‪ *‬االجتاه حنو رقمنة بعض االسرتاتيجيات اتلدريسية اكبليانات‬
‫العملية والرشوع يف انشاء مكتبة برصية تضم العديد من‬ ‫دور اتلعليم االلكرتوين‬
‫اتلصنيفات املفهرسة للتجارب العملية يف جماالت الفنون‬ ‫(املزتامن وغري املزتامن)‬
‫ابلرصية‬
‫يف عمليات تصميم املنهج‬

‫‪ *‬تفعيل اسرتاتيجيات تسهم يف اتلعامل مع اسئلة‬


‫«ماذا يمكن أن تفعله» وليس «ماذا تعرف‪».‬‬
‫‪ *‬ااعدة صياغة وبرجمة بعض اسرتاتيجيات وطرق‬
‫اتلدريس بما يمكن من اتلعامل مع الطلبة خالهلا‬
‫عن بعد‬
‫‪ *‬تفعيل أدوات اتلكنولوجيا يف طرق الرشح‬
‫واملناقشة وابليان العميل وحل املشكالت‬
‫واالكتشاف واالستقصاء ‪ ....‬لك ذلك يمكن‬
‫اتلعايط معه خالل آيلات اتلعليم عن بُعد‬

‫‪ *‬تفعيل منظومة ابلورتفليو االلكرتوين‬


‫(‪)E-Portfolio‬‬
‫‪ *‬حبث ومناقشة معايري اتلقييم من خالل‬
‫ادوات منهجية مقننة الكرتونيا وفهم حتديات‬
‫اتلعامل معها خاصة يف ميدان الفنون اذلي‬
‫يمتاز خبصوصية يف عمليات اتلقويم نابعة نم‬
‫الفلسفة العامة للميدان‪.‬‬

‫شلك ‪ 1‬نموذج مقرتح يوضح مسار اتلحول يف بعض عنارص منهج الرتبية الفنية املعتادة إىل أنماط‬
‫تكنولوجية يف ظل املستجدات يف املفاهيم العامة وحمتوى الفن‪.‬‬

‫‪264‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫معلم الفنون البصرية في منظومة التعليم التقني المعاصر‬


‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫جديدا يف ظل منظومة اتلطوير بوصفه انعاكسا للتغريات‬ ‫أن دور املعلم اختذ سياقا‬ ‫ ‬
‫الرسيعة يف جمال املعرفة‪ ،‬واتساع نطاق استخدام تكنولوجيا املعلومات واالتصال يف اتلعليم‬
‫(فوزي‪)2020 ،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فقد رسعت من حتول دور املعلم من جمرد نقل املعرفة إىل توجيه عملية اتلعلم؛ ملا تتمزي‬ ‫ ‬
‫به املعلومات يف الوقت الراهن من تدفق رسيع يصعب معه ىلع املعلم الرتكزي ىلع جمرد نقل تلك‬
‫أدوارا جديدة مثل تسهيل العملية اتلعليمية وقيادة جمرياتها من خالل‬ ‫ً‬ ‫املعارف‪ ،‬بل حتتم عليه‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اتلعلم اذلايت واتلعلم النشط واتلعلم املدمج وغريها من األشاكل الرضورية اليت ينبيغ للمتعلم‬
‫ّ‬
‫إتقانها واتلمكن منها‪.‬‬
‫كما يرى العامري (‪،2014‬ص ص ‪ )14-13‬أنه من الرضوري امتالك معليم املستقبل‬ ‫ ‬
‫املعرفة ابلنائية بالفن وعن الفن يف جماالت الفنون التشكيلية املختلفة وعلومها اتلنظريية‬
‫والفلسفية‪ ،‬فقد أشار إىل أنه من أجل إصالح تدريس املقررات العملية (إستوديو الفن) فإن‬
‫رضوريا‪ ،‬وتعد نظرية (‪ )DBAE‬من انلظريات اليت‬ ‫ً‬ ‫أمرا‬‫ابلحث عن املداخل ابلديلة يصبح ً‬
‫ُ‬
‫تقدم الفرص جلعل برامج الرتبية الفنية أكرث موضوعية وأكرث فاعلية‪ .‬وتؤيد عدد من ادلراسات‬
‫لاً‬
‫استخدام نظرية (‪ )DBAE‬بوصفها مدخ شمويلًا إلعداد معلم املستقبل يف الفن‪ ،‬ومن هذه‬
‫ادلراسات دراسة لك من ‪Day, 1997), (Zimmerman, 1997), (Galbraith,1997) (DiBl a( :‬‬
‫‪ )sio, 1997), (Goodwin, 1997), (Champlin, 1997) (Hutchens, 1997‬وذلك من أجل مواجهة‬
‫اتلحديات احلايلة يف إعداد املعلم‪ ،‬ويعترب داي (‪ )Day, 1997‬إن نظرية (‪ )DBAE‬أو كما يطلق‬
‫عليها «املدخل املتمركز حول املحتوى» من املداخل ابلديلة لإلصالح الرتبوي يف إعداد املعلم‬
‫وتدريس الفنون‪.‬‬
‫إن ما تطرق إيله (هاتشينس) (‪ )Hutchens, 1997:139‬يف دراسته املشار إيلها يف العامري‬ ‫ ‬
‫لاً‬
‫(‪ )2014‬من أنه جيب ىلع مدريس الفن أو إدراك احتياجات اتلغيري‪ ،‬ومن ثم حتديد اتلحسينات‬
‫الرضورية لربامج إعداد املعلمني يف تلك اجلامعات‪ ،‬ويشري إىل ذلك بقوهل‪« :‬حنن يف اتلعليم العايل‬
‫جيب علينا اآلن بدء اختبار طرقنا يف أداء األشياء‪ ،‬وأن اتلغريات اليت نقوم بها لربامج إعداد معلم‬
‫ً‬
‫الفن جيب أن نركز فيها من خالل مضامني اإلصالح»‪ .‬ووفقا ملا ذكره هاتشينس (‪)Hutchens‬‬
‫فإنه من أجل أن تعمل الرتبية الفنية يف القرن احلادي والعرشين؛ جيب أن يكون هناك تعاون‬
‫وحتالف بني إدارة اجلامعة واهليئة اتلدريسية‪ ،‬وأن أن ختتار موضواعت ابلحوث وفق احتياجات‬
‫لاً‬
‫املجال بد من اهتمامات ابلاحثني اليت قد جيانبها الرتكزي ىلع مهارات إعداد معلم الفن‪.‬‬
‫تطور اتلقنيات احلديثة يف جمال تعليم الفنون قد أحدث‬ ‫ويرى العامري (‪ 2016‬ص‪ )8‬أن ّ‬ ‫ ‬
‫عالقة جديدة بني الطالب واملعلم يف عملية املعرفة واتلحصيل العليم‪ ،‬اليت ختلق بدورها نوعاً‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫جديدا من األنشطة الفنية املعتمدة ىلع اتلعلم اذلايت‪ .‬كما ذكر ماثويس (‪ )Matthews, 1997‬عددا‬

‫‪265‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫من األسباب اليت حتتم ىلع أساتذة الفن تدريس الفن بالكمبيوتر مع استمرارهم يف تدريس الطلبة‬
‫اخلامات واتلقنيات اتلقليدية‪ ،‬مثل‪ :‬السهولة يف االستخدام واتلنوع واالستمتاع ومناسبته جلميع‬
‫معا ىلع استخدام اتلقنيات احلديثة يف الفنون اجلميلة‪.‬‬ ‫األعمار؛ ما يشجع الطلبة واألساتذة ً‬
‫وباإلضافة إىل الفوائد الرتبوية السالفة اذلكر‪ ،‬فقد أشار العامري (‪ )2016‬إىل ما ذكره لك من‬
‫(كووس وسميث‪-‬شناك) (‪ )Koos and Smith-Shank,1997, 33-34‬من فوائد خاصة بتعليم‬
‫أشاكل فنية تنتيم إىل أشاكل‬ ‫ٍ‬ ‫الفنون «اكلشبكة العاملية لإلنرتنت اليت يمكننا من خالهلا ابتاكر‬
‫ً‬
‫ما بعد احلداثة أو الفن املعارص‪ ،‬واليت يمكن من خالهلا تبادل اللكمات والصور أيضا‪ .‬فشبكة‬
‫اإلنرتنت العاملية تمنحنا مداخل العبور إىل حمتويات املتاحف وأشاكل الفن املختلفة وإحضارها‬
‫إىل قاعة الفصول ادلراسية‪ ،‬تلك األشاكل اليت لم يمكن إظهارها من خالل الطباعة أو عن طريق‬
‫الرشائح امللونة أو من خالل أشاكل اإلعالنات‪ ،‬قد توفرت من خالل الشبكة العاملية‪.‬‬
‫تمثل أهداف وحمتوى الفنون املنطلق الرئيس األول ملعلم الفن بوصفها مدخالت هامة يف‬
‫ً‬
‫بعيدا عن املنىح الرتبوي األكادييم‪ ،‬فإن معلم‬ ‫منظومة اتلدريس‪ .‬وإذا حتدثنا يف هذا املضمار‬
‫الفن يمثل ذلك الشخص اذلي يتمتع باجتاهات إبداعية وسياق ثقايف يمكنه من بناء تصورات‬
‫لاً‬ ‫ّ‬
‫حول املحتوى اذلي يطرحه للتعلم واعتباره جما لنسج أنساق من اخليال حول كيفية تدريسه‬
‫ّ‬
‫وتقديمه للمتعلمني‪( .‬حاتم‪ ،‬فوزي‪.)2010 ،‬‬
‫قابلا من انلصوص واملعلومات واألداءات واملهارات‬ ‫ً‬
‫كثريا ما يعترب املحتوى ً‬ ‫فمعلم الفن انلمطي‬
‫دائما واغبلا نتاجئها‪ ،‬فرناه يصيغ أهدافه اتلدريسية بما يؤكد ذلك املنىح انلمطي‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫اليت يتوقع‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫ملخرجات اتلعلم بعيدا عن نوعية األهداف االبتاكرية اليت يتوقع حتقيقها دلى املتعلمني‪ ،‬واليت‬
‫ّ‬
‫يتسع نطاقها لتشمل مساعدة املتعلم يف تنظيم النسق اإلبدايع واخليايل دليه‪ .‬وهنا يتحدد موقف‬
‫املعلم من إسهامات اتلكنولوجيا يف تدريس موضواعت الفن وما تتضمنه من مدخالت خاصة‬
‫ّ‬
‫باملحتوى املراد تعلمه‪ ،‬فالواقع اذلي تدركه العني يف الطبيعة وابليئة املحيطة بكل ما تشمله من‬
‫ّ‬
‫عنارص‪ ،‬حينما يدخل يف نطاق اتلعلم حيتاج إىل العديد من اتلحليالت ابلرصية الرقمية اليت تعني‬
‫ىلع اإلدراك والفهم واتلفسري‪ ،‬إذ تتمثل هنا الفوارق بني الشخص العادي اذلي يطالع هذا الواقع‬
‫ويكيفه ىلع انلحو‬‫ّ‬ ‫برصيا‪ ،‬وبني املتعلّم اذلي يدرك مثل ذلك الواقع اذلي ّ‬
‫يطوعه املعلم‬ ‫ً‬ ‫ويدركه‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اذلي يؤكد ىلع مضامني ومفاهيم ذات مغزى وعالقة مبارشة بمحتوى اتلعلم املراد اكتسابه‪.‬‬
‫فمعلم الفن هو أول من يناط به األفق اخليايل املتسع احلدود يف رؤيته للواقع املريئ من حوهل‪،‬‬
‫يلتسىن هل اتلعامل مع ما توفره اتلكنولوجيا من وسائط وبرجميات تعمل ىلع تكييف مدخالت‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اتلعلم املقصودة ىلع حنو يسمح بانغماس املتعلمني يف بناء السياق املعريف حنو الفن اذلي يكشف‬
‫اجلوانب اإلبداعية دليهم‪ .‬وعليه‪ ،‬فإنه بذلك –أي معلم الفن– يستخدم تقنيات ومنصات اتلعليم‬
‫لاً‬ ‫ً‬
‫لعرض املحتوى بصورة تسمح برؤية أكرث عمقا وحتلي للواقع اثلقايف واالجتمايع وابلييئ عرب‬

‫‪266‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫سياقات موضواعت الفن ومضامينها‪ ،‬وما حتمله من رسائل ومفاهيم ودالالت رمزية معربة عن‬
‫ّ‬
‫ذلك الواقع املحيط باملتعلمني‪.‬‬

‫‪267‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫الخاتمة‬

‫ارتبط هذا الفصل بتقديم رؤية الاكتبني حول ُسبل تعليم الفنون ابلرصية عرب مساقات‬ ‫ ‬
‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫تفاعلية يمكن أن تسهم يف بناء منظومة ملنهج تفاعيل يف ميدان الرتبية الفنية‪ .‬ووفقا تللك‬
‫الرؤية‪ ،‬فإنه جيب اإلرساع يف وضع املعايري املالئمة بلناء ومعاجلة عنارص املنهج يف ميدان تعليم‬
‫ُ‬
‫تفاعلية تتيح االستفادة من هذا املنهج ىلع األصعدة اكفة‪ ،‬سواء اكن اتلعليم صفيًا‬ ‫الفنون بصورة‬
‫تقليديًا أو عن بعد‪ .‬إن اتلجارب واخلربات واملمارسات اليت تمت خالل جاحئة كوفيد‪ 19‬حتماً‬
‫ستؤدي إىل اخلروج بدروس مستفادة تعمل ىلع استمرارية تفعيل منظومة اتلعليم اإللكرتوين‪،‬‬
‫ُّ‬
‫واتلوجه احلتيم حنو تدريب الطلبة واملرشحني تلدريس‬ ‫والسيع بها عرب مفاهيم اتلعليم املدمج‪،‬‬
‫ً‬ ‫َّ‬
‫الفنون من خالل آيلات اتلعليم اإللكرتوين مع اتلالميذ يف املؤسسات اتلعليمية أيا اكن تموضع‬
‫معلّم الفن‪ ،‬سواء عرب نظام تعلييم صيف أو نظام َ‬
‫مدمج مع اتلعليم عن بعد‪ ،‬ويه أمور حتتاج إىل‬
‫إاعدة انلظر يف كفايات ختطيط ممارسات تدريس الفنون ابلرصية وتنفيذها وتقويمها‪.‬‬

‫المراجع‪:‬‬
‫* إبراهيم يونس‪ ،‬حممد (‪ .)1995‬تكنلوجيا املعلومات وثقافة الطفل‪ ،‬احللقة ادلراسية حول «عرص‬
‫املعلومات والكتابة للطفل وثقافته»‪ ،‬نوفمرب‪ ،‬مركز تنمية الكتاب‪ ،‬القاهرة‪ :‬اهليئة املرصية العامة‬
‫للكتاب‪.‬‬
‫* حاتم‪ ،‬أمحد؛ فوزي‪ ،‬يارس (‪ .)2010‬اخليال واتلفكري ابلرصي كأساس بلناء تعلم برصى قائم‬
‫ىلع اجلمع بني الواقع والصورة املمثلة هل‪ ،‬جملة حبوث اجلمعية العربية تلكنولوجيا الرتبية‪ ،‬ع‪4‬‬
‫ديسمرب‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫* سالمة‪ ،‬عبد احلافظ حممد (‪ .)1997‬خدمات املعلومات وتنمية املقتنيات املكتبية‪ .‬دار الفكر‪،‬‬
‫عمان‪.‬‬
‫* شحاتة‪ ،‬حسن (‪ .)1995‬الكمبيوتر ثورة تكنولوجية إلثراء ثقافة الطفل املرصي‪ ،‬احللقة‬
‫ادلراسية حول عرص املعلومات والكتابة للطفل‪ ،‬مركز تنمية الكتاب‪ ،‬اهليئة املرصية العامة‬
‫للكتاب‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫* صديق‪ ،‬رسية (‪ .)2008‬الرتبية الفنية ومهارات القرن احلادي والعرشين‪ ،‬مذكرات غري منشورة‪،‬‬
‫لكية الرتبية الفنية‪ ،‬جامعة حلوان‪.‬‬
‫* صدىق‪ ،‬رسيه عبد الرزاق؛ اعدل‪ ،‬دينا (‪ .)2009‬دور مهارات القرن احلادي والعرشين كإسرتاتيجية‬
‫فعالة يف خلق فرص عمل‪ ،‬املؤتمر العليم السنوي العريب الرابع – ادلور األول– االعتماد‬

‫‪268‬‬
‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد_‪19‬‬ ‫تحرير‪ :‬الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬

‫األكادييم ملؤسسات وبرامج اتلعليم العايل يف مرص والعالم العريب‪ .‬الواقع واملأمول‪ ،‬لكية الرتبية‬
‫انلوعية‪ ،‬جامعة املنصورة‪.‬‬
‫* الصغري‪ ،‬أمحد عبداهلل (‪ .)2012‬تصور مقرتح دلور املدرسة يف تربية تالميذها للمواطنة العاملية‬
‫يف ضوء بعض اتلوجهات العاملية املعارصة‪ :‬دراسة حتليلية‪ .‬جملة لكية الرتبية‪.116-84 .)2( 28 ،‬‬
‫العامري‪ ،‬حممد (‪ .)2008‬تفعيل دور «بورتفويلو الفن» يف تقويم‪/‬تقييم املجاالت العملية‪ ،‬جملة‬
‫حبوث يف الرتبية الفنية والفنون‪ ،‬لكية الرتبية الفنية‪ -‬جامعة حلوان‪.309-263 ،)23( 23 ،‬‬
‫* العامري‪ ،‬حممد (‪ .)2014‬نظرية الرتبية الفنية املعتمدة ىلع املجاالت املعرفية (‪ )DBAE‬كمدخل‬
‫شامل إلعداد معلم الفن جبامعة السلطان قابوس‪ .‬جملة العلوم الرتبوية‪ ،‬جامعة القاهرة‪،)4( 22 ،‬‬
‫‪.511-474‬‬
‫* العامري‪ ،‬حممد؛ (‪ .)2016‬االجتاهات املعارصة يف الرتبية الفنية‪ .‬جملة لكية اآلداب والعلوم‬
‫االجتماعية جامعة السلطان قابوس‪ )1( 3.‬إبريل‪.241-221 ،‬‬
‫* العامري‪ ،‬حممد‪ ،‬فوزي‪ ،‬يارس؛ ايلحيايئ‪ ،‬فخرية (‪ .)2018‬فاعلية مدخل تدرييس تكاميل يف‬
‫الرتبية الفنية تلفعيل قيم املواطنة العاملية يف ضوء مبادئ فلسفة اتلعليم بسلطنة ُعمان واجتاهات‬
‫طلبة دامعة السلطان قابوس حنوه‪ .‬جملة دراسات تربوية واجتماعية‪ -‬جامعة حلوان‪.)1( 24،‬‬
‫* عبد الشايف‪ ،‬حسن حممد وعبد اهلادي‪ ،‬حممد فتيح (‪ )1994‬املواد غري املطبوعة يف املكتبات‬
‫الشاملة‪ ،‬ادلار املرصية اللبنانية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص‪.271‬‬
‫* عبد العظيم‪ ،‬عمرو(‪ .)2020‬اكئنات اتلعلم الرقمية‪.‬‬
‫‪https://alroya.om/post/220282/%D %83 %9D %8A %7D %8A %6D %86 %9D %8A %7D %8AA-‬‬
‫‪%D%8A%7D%84%9D%8AA%D%8B%9D%-84%9D%-85%9D%8A%7D%84%9D%8B%1D%82%9D%85%9D9‬‬
‫* عيسان‪ ،‬صالح عبداهلل‪ ،‬وعطاري‪ ،‬اعرف توفيق‪ ،‬والعاين‪ ،‬وجيهة ثابت (‪ )2007‬إجتاهات حديثة‬
‫يف الرتبية‪ ،‬دار املسرية للنرش واتلوزيع والطباعة‪ ،‬عمان‪.‬‬
‫* الغنييم‪ ،‬حسنيه (‪ .)2005‬دراسات وحبوث ىف علم نفس الطفل‪ .‬اعلم الكتب‪ .‬القاهرة‪.‬‬
‫* ‪. https://shms.sa/authoring/-64998‬الفييف‪ ،‬يوسف ييح(‪ )2020‬اكئنات اتلعلم الرقمية‬
‫‪%D%83%9D%8A%7D%8A%6D%86%9D%8A%7D%8AA-%D%8A%7D%84%9D%8AA%D%8B%9D%9‬‬
‫‪%84D-85%9‬‬
‫* فوزي‪ ،‬يارس (‪ .)2020‬األدوار املستقبلية ملعلم الرتبية الفنية يف ضوء مهارات القرن احلادي‬
‫والعرشون‪ ،‬جملة لكية الرتبية‪ ،‬جامعة املنصورة‪ ،‬ع ‪ ،112‬أكتوبر‬
‫َّ ُ ِّ‬
‫* املعمري‪ ،‬سيف؛ فوزي‪ ،‬يارس؛ انلجار‪ ،‬اعدل (‪َ .)2020‬مدى تضمن أبعا ِد املواطن ِة یف أدل ِة معلیم‬
‫َ‬ ‫ُّ‬
‫ّ‬
‫الکویت‪ .‬املجلة العلمية جلمعية امسيا ‪ Amesea‬الرتبية‬ ‫ِ‬ ‫سلطنة ُعمان ودول ِة‬
‫الفن َّیة یف َ‬ ‫الرتبیة‬
‫عن طريق الفن‪63-32 .)21( 6 .‬‬
‫* حممود‪ ،‬فاطمة الزهراء سالم (‪ .)2020‬اتلباعد االجتمايع وآثاره الرتبوية يف زمن كوفيد ‪ 19‬املستجد‬

‫‪269‬‬
19_‫تطوير المناهج الدراسية في ظل كوفيد‬ ‫ الدكتور سيف بن ناصر المعمري‬:‫تحرير‬

23-1 .75 ‫ ج‬،‫ املجلة الرتبوية للكية الرتبية جامعة سوهاج‬،)‫(الكورونا‬

* The Organization for Economic Co-operation and Development (OECD), (2008).


21st Century Skills: How can you prepare students for the new Global
Economy? www.21st century skills.org
* Cnnatella, H. (2001) Art Assessment. Assessment and Evaluation in Higher
Education, 26 (4). pp319-26.
* Horn & Staker (2015). Blended Learning, https://www.new-educ.com /%D9%85%D8%A7-
%D9%87%D9%88-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D9%84%D9%8A
%D9%85-
* Kindler, A. (1992) Discipline Based Art Education in Secondary School: a possible
Approach, Journal of Art and Design Education, 11 (3). pp.60-71
* Center on Education Policy. (2007). The Imagine Nation, Washington, P1-13.
Haddad, W.(2001). Technologies for education UNESCO. available www.
konwledgeenterprise.org.

‫أمثلة لبعض محركات البحث على الشبكة العالمية للمعلومات التي‬


:‫تهتم بتعليم الفنون البصرية والتربية الفنية‬

- http://www.princetonol.com/groups/iad/lessons/middle/informat.htm
- http://www.getty.edu/
- http://www.everydayart.com/curriculum.html
- http://www.sasked.gov.sk.ca/docs/artsed/
- http://www.ncaction.org.uk/subjects/art/index.htm
- http://eduwight.iow.gov.uk/curriculum/foundation/art/
- http://www.teachingideas.co.uk/art/contents.htm
- http://www.arteducation.co.uk/
- http://www.hitentertainment.com/artattacK/menu_artattacks.html

270
View publication stats

You might also like