You are on page 1of 31

‫ﺍﻟﺘﻌﻠﻢ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﺍﻟﺬﺍﺕ ‪ -‬ﺍﻟﻬﻴﺘﺎﺟﻮﺟﻲ‪ :‬ﻧﻤﻮﺫﺝ ﻟﻠﺘﻌﻠﻢ ﺍﻟﻤﺴﺘﻤﺮ ﻣﺪﻯ‬ ‫ﺍﻟﻌﻨﻮﺍﻥ‪:‬‬

‫ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ‬
‫ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﺘﺮﺑﻮﻳﺔ‬ ‫ﺍﻟﻤﺼﺪﺭ‪:‬‬
‫الييتاجـوجـي‪-‬‬ ‫التعمُـــم لتحقـيق الـــذات‪-‬‬
‫ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ‪ -‬ﻛﻠﻴﺔ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ ﻟﻠﺘﺮﺑﻴﺔ‬ ‫ﺍﻟﻨﺎﺷﺮ‪:‬‬

‫نموذج لمتعمُم المستمر مدى الحياة‬


‫ﺟﻤﺎﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬ﻧﺎﺩﻳﺔ ﻳﻮﺳﻒ‬ ‫ﺍﻟﻤؤﻟﻒ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻲ‪:‬‬
‫ﻫﺎﺷﻢ‪ ،‬ﻧﺎﺩﻳﺔ ﺳﻼﻣة)ﻡ‪ .‬ﻣﺸﺎﺭﻙ(‬ ‫ﻣؤﻟﻔﻴﻦ ﺁﺧﺮﻳﻦ‪:‬‬
‫ﻣﺞ‪ ,30‬ﻉ‪1‬‬ ‫ﺍﻟﻤﺠﻠﺪ‪/‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪:‬‬
‫ﻧﻌﻢ‬ ‫ﻣﺤﻜﻤﺔ‪:‬‬
‫‪2022‬‬ ‫ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩﻱ‪:‬‬
‫ﻳﻨﺎﻳﺮ‬ ‫ﺍﻟﺸﻬﺮ‪:‬‬
‫‪1 - 29‬‬ ‫ﺍﻟﺼﻔﺤﺎﺕ‪:‬‬
‫‪10.21608/ssj.2022.245294‬‬ ‫‪:DOI‬‬
‫‪1356552‬‬ ‫ﺭﻗﻢ ‪:MD‬‬
‫ﺑﺤﻮﺙ ﻭﻣﻘﺎﻻﺕ إعــــــــــــــداد‬ ‫ﻧﻮﻉ ﺍﻟﻤﺤﺘﻮﻯ‪:‬‬
‫‪Arabic‬‬ ‫ﺍﻟﻠﻐﺔ‪:‬‬
‫‪EduSearch‬‬ ‫ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ‪:‬‬
‫سالمو ىاشم‬
‫ﺍﻟﺼﻐﺎﺭ‪،‬‬ ‫ﺗﻌﻠﻴﻢنادية‬
‫ﺍﻟﻜﺒﺎﺭ‪ ،‬ﺗﻌﻠﻴﻢ‬ ‫الدينﺗﺤﻘﻴﻖ ﺍﻟﺬﺍﺕ‪ ،‬د‪/‬‬ ‫ﺍﻟﻨﻤﺎﺫﺝجمال‬
‫ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ‪،‬‬ ‫يوسف‬ ‫أ‪.‬د‪ /‬نادية‬ ‫ﻣﻮﺍﺿﻴﻊ‪:‬‬
‫ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺬﺍﺗﻴﺔ‪ ،‬ﻗﻴﻢ ﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻨﺔ‬
‫باحث‬ ‫أستاذ أصول التربية المتفرغ‬
‫‪http://search.mandumah.com/Record/1356552‬‬ ‫ﺭﺍﺑﻂ‪:‬‬
‫الييئة العامة لتعميم الكبار‬ ‫كمية الدراسات العميا لمتربية‪-‬جامعة القاىرة‬

‫© ‪ 2023‬ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪ .‬ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪.‬‬


‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﻣﻊ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ‪ ،‬ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪ .‬ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺗﺤﻤﻴﻞ ﺃﻭ‬
‫ﻃﺒﺎﻋﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﻭﻳﻤﻨﻊ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻋﺒﺮ ﺃﻱ ﻭﺳﻴﻠﺔ )ﻣﺜﻞ ﻣﻮﺍﻗﻊ ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﺮﻳﺪ‬
‫ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ( ﺩﻭﻥ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺧﻄﻲ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪.‬‬
‫ﻟﻺﺳﺘﺸﻬﺎﺩ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻗﻢ ﺑﻨﺴﺦ ﺍﻟﺒﻴﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﺣﺴﺐ ﺇﺳﻠﻮﺏ ﺍﻹﺳﺘﺸﻬﺎﺩ‬
‫ﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺏ‪:‬‬

‫‪-‬‬ ‫الييتاجـوجـي‬ ‫‪-‬‬ ‫الـــذات‬ ‫لتحقـيق‬ ‫ـــم‬‫ُ‬‫م‬‫التع‬ ‫ﺇﺳﻠﻮﺏ ‪APA‬‬


‫ﺟﻤﺎﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬ﻧﺎﺩﻳﺔ ﻳﻮﺳﻒ‪ ،‬ﻭ ﻫﺎﺷﻢ‪ ،‬ﻧﺎﺩﻳﺔ ﺳﻼﻣﺔ‪ .(2022) .‬ﺍﻟﺘﻌﻠﻢ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﺍﻟﺬﺍﺕ ‪-‬‬
‫ﺍﻟﻬﻴﺘﺎﺟﻮﺟﻲ‪ :‬ﻧﻤﻮﺫﺝ ﻟﻠﺘﻌﻠﻢ ﺍﻟﻤﺴﺘﻤﺮ ﻣﺪﻯ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ‪.‬ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﺘﺮﺑﻮﻳﺔ‪ ،‬ﻣﺞ‪ ,30‬ﻉ‪، 1 - 29. 1‬‬
‫نموذج لمتعمُم المستمر مدى الحياة‬
‫ﻣﺴﺘﺮﺟﻊ ﻣﻦ ‪1356552/Record/com.mandumah.search//:http‬‬
‫ﺇﺳﻠﻮﺏ ‪MLA‬‬
‫ﺟﻤﺎﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬ﻧﺎﺩﻳﺔ ﻳﻮﺳﻒ‪ ،‬ﻭ ﻧﺎﺩﻳﺔ ﺳﻼﻣﺔ ﻫﺎﺷﻢ‪" .‬ﺍﻟﺘﻌﻠﻢ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﺍﻟﺬﺍﺕ ‪-‬‬
‫ﺍﻟﻬﻴﺘﺎﺟﻮﺟﻲ‪ :‬ﻧﻤﻮﺫﺝ ﻟﻠﺘﻌﻠﻢ ﺍﻟﻤﺴﺘﻤﺮ ﻣﺪﻯ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ‪".‬ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﺘﺮﺑﻮﻳﺔﻣﺞ‪ ,30‬ﻉ‪1 :(2022) 1‬‬
‫‪ .29 -‬ﻣﺴﺘﺮﺟﻊ ﻣﻦ ‪1356552/Record/com.mandumah.search//:http‬‬

‫إعــــــــــــــداد‬

‫د‪ /‬نادية سالمو ىاشم‬ ‫أ‪.‬د‪ /‬نادية يوسف جمال الدين‬


‫باحث‬ ‫أستاذ أصول التربية المتفرغ‬
‫الييئة العامة لتعميم الكبار‬ ‫كمية الدراسات العميا لمتربية‪-‬جامعة القاىرة‬

‫© ‪ 2023‬ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪ .‬ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪.‬‬


‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﻣﻊ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ‪ ،‬ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪ .‬ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺗﺤﻤﻴﻞ ﺃﻭ‬
‫ﻃﺒﺎﻋﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﻭﻳﻤﻨﻊ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻋﺒﺮ ﺃﻱ ﻭﺳﻴﻠﺔ )ﻣﺜﻞ ﻣﻮﺍﻗﻊ ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﺮﻳﺪ‬
‫ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ( ﺩﻭﻥ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺧﻄﻲ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪.‬‬
‫التعمُـــم لتحقـيق الـــذات‪ -‬الييتاجـوجـي‪-‬‬

‫نموذج لمتعمُم المستمر مدى الحياة‬

‫إعــــــــــــــداد‬

‫د‪ /‬نادية سالمو ىاشم‬ ‫أ‪.‬د‪ /‬نادية يوسف جمال الدين‬


‫باحث‬ ‫أستاذ أصول التربية المتفرغ‬
‫الييئة العامة لتعميم الكبار‬ ‫كمية الدراسات العميا لمتربية‪-‬جامعة القاىرة‬
‫التعمُـــم لتحقـيق الـــذات‪ -‬الييتاجـوجـي‪ -‬نموذج لمتعمُم المستمر مدى الحياة‬ ‫‪2‬‬
‫‪3‬‬ ‫العموم التربوية‪ /‬العدد األول –ج‪ /3‬يناير ‪2222‬‬

‫التعمُـــم لتحقـيق الـــذات‪ -‬الييتاجـوجـي‪ -‬نموذج لمتعمُم المستمر مدى الحياة‬


‫أ‪.‬د‪ /‬نادية يوسف جمال الدين ود‪ /‬نادية سالمو ىاشم‬
‫‪‬‬

‫الممخص‪:‬‬
‫تيدف ىذه الدراسة إلى تناول أحد التوجيات المطروحو في مجال التعميم والتعمُم‬
‫المستمر مدى الحياة في القرن الحادي والعشرين؛ حيث بدأت بتناول نموذج الييتاجوجي‬
‫لمتعمُم والذى ظير منذ عام ‪ ،0222‬ومع مرور الوقت وتغير الظروف العالمية النابعة من‬
‫الثورات العممية والتكنولوجية واالىتمام بالتعمم المستمر مدى الحياة لإلنسان المعاصر‪.‬‬
‫ومؤخر ظيور األزمات العالمية ومنيا جائحة كورونا ‪0210‬م كان التوجو نحو نماذج جديدة‬ ‫ًا‬
‫لمتعمُم كضررورة ٌممحة لمواجية التحديات المنبثقة والمتجددة نتيجة التغيرات الكاسحة في كافة‬
‫ومحميا‪ ،‬والتي تطمبت من المتخصصين معاودة التفكير في كافة‬ ‫ً‬ ‫عالميا‬
‫ً‬ ‫مجاالت الحياة‬
‫الجيود التعميمية في المجتمعات المعاصرة‪ ،‬وبالتالي محاولة اإلنطالق إلى آفاق فمسفية‬
‫وعممية مرتبطة بتعميم اإلنسان وتعممو لمساعدتو عمى التكيف مع كل ما يحيط بو متغيرات‪.‬‬
‫تحديدا مؤسسة عمى ما ُيعرف بالدراسات المكتبية والتي تعتبر كيفية في‬ ‫ً‬ ‫وىذه الدراسة‬
‫ير في المجال التربوي والدراسات‬ ‫طبيعتيا وىي طريقة بحثيىة لم تعد مشيورة أو مستخدمة كث ًا‬
‫حاليأ نحو الدراسات الميدانية أو التطبيقية‪ .‬وىذا النوع من‬
‫االنسانية حيث اإلتجاة المتزايد ً‬
‫الدراسات أي المكتبية قائم عمى مراجعة وتحميل األدبيات والوثائق الموثوق بيا والمصادر‬
‫الثانوية التي يتم الحصول عمييا‪ ،‬وكميا في حالة ىذه الدراسة دراسات غربية بالمغة‬
‫االنجميزية؛ حيث ال يوجد بالمغة العربية في حدود العمم ما تناول ىذا المفيوم (الييتاجوجي)‬
‫رغم أن الحوار حولو قد بدأ في بداية ىذا القرن عام ‪ 0222‬في استراليا كما سبقت االشارة‪.‬‬
‫الكممات المفتاحية األساسية‪ :‬البيداجوجي – األندراجوجي‪ -‬الييتاجوجي‪.‬‬
‫الترجمة إلى المغة العربية‬ ‫الكممة بالمغة االنجميزية‬
‫تعميم الصغار‬ ‫‪Pedagogy‬‬
‫تعميم الكبار‬ ‫‪Andragogy‬‬
‫التعمم لتحقيق الذات‬ ‫‪Heutagogy‬‬

‫‪ ‬أ‪.‬د‪ /‬نادية يوسف جمال الدين‪ :‬أستاذ أصول التربية المتفرغ‪-‬كمية الدراسات العميا لمتربية‪-‬جامعة القاىرة‪.‬‬
‫د‪ /‬نادية سالمو ىاشم‪ :‬باحث الييئة العامة لتعميم الكبار‪.‬‬
‫التعمُـــم لتحقـيق الـــذات‪ -‬الييتاجـوجـي‪ -‬نموذج لمتعمُم المستمر مدى الحياة‬ ‫‪4‬‬

‫أدت التغيرات المتراكمة في سرعة والناجمة عن الثورات العممية والتكنولوجية وما‬


‫ارتبط بيا من ظيور أفكار ومعمومات جديدة إلى إحداث تغيرات جذرية وكاسحة في‬
‫المجتمع العالمي والمحمي‪ ،‬وقد داىمنا من بين ما داىم العالم وفي مجال التربية والتعميم‬
‫عمى وجو الخصوص مصطمحات بمغات أجنبية نتمقاىا عمن أبتكروىا أو استخدموىا‬
‫كثير في محاولة‬
‫غالبا دون أن نضيف إلييا ًا‬ ‫واستفادوا منيا فعال ونرددىا معيم ومن بعدىم ً‬
‫لكي نستجيب نحن أيضا لما انتيى إليو العالم‪ ،‬وتأتى اإلضافة ليا عمى ىيئة ترجمتيا‬
‫وكتابة المصطمح بحروف عربية ومن ثم يختمف أحيانا تفسيرنا ليا وفقا لممراجع التى نرجع‬
‫إلييا‪.‬‬
‫ولعل القارئ يتذكر اجتيادات حنين بن اسحاق الذي ترجم الفمسفة اليونانية إلى‬
‫المغة العربية في عصر األمويين واستخدميا العرب وبخاصة الكندي والفارابي وأمثالو ممن‬
‫شغفوا بالفمسفة اليونانية وصاغوىا فيما بعد بمغة عربية مفيومة ومقروءة وان كانت لمخاصة‬
‫أو القمو من الفالسفة والعمماء في ذلك الزمان‪ ،‬ومن ىنا يأتي الحديث في شيئ من‬
‫التفصيل عن أحد النماذج المطروحة حديثا فى مجال التعميم والتعمم‪ ،‬وان كانت الكممة وفقا‬
‫ألصوليا اليونانيو غير جديدة ولكن تم إحياء استخداميا بواسطة عمماء ومفكري الغرب‬
‫الذين تعممنا منيم وتعودنا أن نق أر ليم ونترجم عنيم‪ ،‬والتي قد تكون غير مألوفة لمبعض‬
‫وىو ذلك المصطمح المكمل لمصطمحات أخرى سبقتو وألفناىا أال ىى البيداجوجى أو كما‬
‫يكتبيا ويقرأىا البعض البيداجوجيا وىذة كانت كممة شائعة فى مصر استخدميا الدكتور طو‬
‫حسين كثي ار وفى محاولة منو لمتفرقة بين االكاديميين المتخصصين في العموم المختمفة‬
‫غير التربوية وبين التربويين الذين يعممون حقا فى مجاالت إنسانيو إجتماعيو عمميو‬
‫تختص باإلنسان وما أروعيا من ميمو أى التعميم‪ .‬واألندراجوجى أو األندراجوجيا كما‬
‫ذكرىا )‪ (Knowles,1968‬ثم تابع ذلك في عديد من مؤلفاتو وخاصة في الكتابات‬
‫الصادرة في ‪ 1093 ،1091‬من القرن الماضى‪ ،‬ويعنى بيا التعمم المستمر المتمركز‬
‫يدا‪ .‬ثم جاءا كل من )‪ (Hase&Kenyon,2000‬بالمصطمح الجديد أال‬ ‫حول الكبار تحد ً‬
‫وىو الييتاجوجي‪ /‬الييتاجوجيا الذى يأتي التوقف أمامو في ىذه الدراسة‪ .‬فمنذ بداية القرن‬
‫العشرين جاء طرح ىذا المصطمح استجابة لمتطمبات مجتمع المعرفة وعصر اقتصاد‬
‫المعرفة أي إنطمق مما ترتب عمى الثورات العممية والتكنولوجية وما ارتبط بيا من ثورة في‬
‫عالم المعمومات واالتصاالت المرتبطة بالشبكات الضوئية‪.‬‬
‫‪5‬‬ ‫العموم التربوية‪ /‬العدد األول –ج‪ /3‬يناير ‪2222‬‬

‫والييتاجوجي كممة ذات أصول يونانية تم نقميا عن المغة الالتينية إلى المغة‬
‫اإلنجميزية ولغات أخرى مستخدمة في أوروبا وغيرىا؛ حيث تُرجمت ووضع ليا مبررات‬
‫لتوضيح أسباب تبنييا وتحديد القواعد العممية التي تفسرىا والممارسات العممية التي يتم‬
‫تحديدا؛ حيث‬
‫ً‬ ‫التعبير عنيا في زماننا ىذا؛ ويتضح معناىا في التعمم المستمر مدى الحياة‬
‫أنيا تعني قيادة وتحقيق الذات والتى تحقق لإلنسان الواعى تقرير المصير بكل ما تتضمنو‬
‫من ممارسات ومبادئ تتكامل معيا وتمتد جذورىا إلى األندراجوجي والبيداجوجي فيما قبميا‬
‫من تعميم وتعمم في مراحل عمرية وأنماط تعميمية مختمفة‪.‬‬
‫وقد القت الييتاجوجي إقباال سريعا من الباحثين في مجال التعميم والتعمم وخاصة‬
‫في ذلك المجال المتاح لمن يرغب من بعد؛ حيث وكما تشير (‪ )Blaschke,2012‬تم‬
‫تخطي وعبور حواجز الزمان والمكان كاستجابة لمتطمبات السوق والتي تتحدد في أن يكون‬
‫أيضا ما بين الراغبين في العمل كي‬ ‫الفرد ٌمبتك ارً خال ًقا قاد ارً عمى التنافس‪ ،‬وكذلك تتحدد ً‬
‫يتكيفوا لمتغيرات والتعقيدات الحادثة في بيئة العمل وعالم التكنولوجيا المعاصرة‪ .‬وحين‬
‫تعميميا يرتكز عمى المتعمم في تعممو وٌيدعم من‬
‫ً‬ ‫نموذجا‬
‫ً‬ ‫ُيستخدم ىذا المصطمح فإنو يقدم‬
‫يدا من التفصيالت حول األساس‬ ‫استقالليتو وقيادتو لذاتو‪ ،‬ومن ثم فإن األمر يتطمب ىنا مز ً‬
‫النظري ليذا المصطمح وتطبيقات ىذا النموذج في إطار المستويات التعميمية المختمفة منذ‬
‫أن يبدأ المتعمم خطواتو األولى في المؤسسة التعميمية ثم يستمر في التعمم مدى الحياة وبما‬
‫يدعم إمكانية استخدام المتعمم لمتكنولوجيا الرقمية بل وكل جديد ٌمبتكر في مجال التعميم‪،‬‬
‫التعمم والعمل‪.‬‬
‫تحديد وتفسير استخدامات المصطمح‪:‬‬
‫تنطمق الرؤية األساسية ليذه الدارسة ليس من منطمق تحديد المصطمح بل لمتعريف‬
‫بنموذج لمتعمم جديد ولمتأكيد عمى أن التعميم في الجامعة أو التدريب الميني ال يعتبران في‬
‫ىذا الزمان الرقمي المحك األساسي المييئ لمتطمبات سوق العمل فقط؛ فالتعميم المؤسسي‬
‫‪-‬من وجية النظر‪ -‬ىنا إنما ىو لإلعداد لمحياة والنمو الذاتي والمواطنة في مجتمع متغير‬
‫قادر عمى االستفادة من الفرص حولو‬ ‫متعمما ًا‬
‫ً‬ ‫وىذا التغير يفرض عمى اإلنسان أن يظل‬
‫ليختار بنفسو المسارات التي توجيو لمحصول عمى الميارات الالزمة والكفايات المطموبة لما‬
‫يتوافر في سوق العمل من مين أو أعمال قد تتغير بعد قميل من السنوات‪ ،‬حقًا التعميم في‬
‫العالم الذي سبقنا في التقدم لم يعد المبرر الوحيد لمحصول عمى فرصة عمل ولكنو‬
‫حق من حقوق اإلنسان وضرورة ال ميرب منيا إلعداده لمستقبل غير محدد‬ ‫أساسا ٌ‬‫ً‬
‫المعالم‪ .‬والذي يمكن أن يقدمو التعميم الرسمي لممنخرطين فيو ىو أن يساعدىم عمى اختيار‬
‫التعمُـــم لتحقـيق الـــذات‪ -‬الييتاجـوجـي‪ -‬نموذج لمتعمُم المستمر مدى الحياة‬ ‫‪6‬‬

‫طريقيم وتحقيق ذواتيم من خالل إكتساب الكفايات الضرورية المؤىمة لما يتوفر في سوق‬
‫العمل المتجددة من فرص‪ .‬فالتعمم أصبح وكما ىو معروف في تراث ىذه األمة ضرورة‬
‫من الميد إلى المحد وان تم تعريفو بمغة معاصرة عمى أنو التعمٌم المستمر أى عمى امتداد‬
‫العمر وما استمرت فى اإلنسان حياة‪.‬‬
‫ال إلى ىذه التغيرات الكاسحة بالنسبة لمتعميم‬‫أما لماذا البد وأن ينتبو اإلنسان أو ً‬
‫أيضا؛ فذلك ألن الثورة‬
‫والمؤىالت وسوق العمل ويصدق ىذا عمى المسؤولين عن التعميم ً‬
‫العممية والتكنولوجية التي نعيشيا لم تترك فرصة إلستقرار األمور أو ثبات األحوال لفترة‬
‫زمانية قد تستغرق عمر االنسان‪ .‬فالتيديدات قائمة‪ ،‬والفرص الجديدة متاحة‪ ،‬والتنافس عمى‬
‫متعمما يستطيع أن يتعامل ويواجو ىذا الجديد والمختمف والكاسح‬
‫ً‬ ‫إنسانا‬
‫ً‬ ‫ىذه الفرص يتطمب‬
‫فى سرعتو والذي قد يحقق لإلنسان االستقرار واآلمان في عالم جعل من المعرفة متاحة‬
‫أمام كل من يرغب ومستعد إلختراق مجاالتيا من أجل أن يعيش حياة آمنة‪ .‬وىذا كمو‬
‫يؤدي إلى القول بأن مصطمح الييتاجوجي إنما يتالءم مع المتغيرات ويؤسس لممارسات‬
‫جديدة في مجال التعميم والتعمٌم خالل السنوات القادمة حتى يدىمنا جديد مختمف‪.‬‬
‫ترابط المصطمحات وتتابعيا‪:‬‬
‫الييتاجوجي‬ ‫االندراجوجي‬ ‫البيداجوجي‬
‫الممارسون في مجال التعميم والتعمم في ىذه األيام ييتمون بالحديث عن تنمية‬
‫معارفيم المينية من خالل نظام تربوي يبدأ من مراحل المدرسة العامو ومنيا ينطمقون إلى‬
‫المرحمة الجامعية في كمية متخصصة فى العمم األساسى عادةً‪ ،‬ثم التدريب أو التنمية‬
‫المينية فى المجاالت المتاحة والمطموبة فى سوق العمل؛ حيث التعميم فى الجامعة أو‬
‫غيرىا من المؤسسات التعميمية وحده ما عاد يكفى لمتأىل لمتطمبات سوق العمل المتغيرة‬
‫والمتجددة في سرعة‪.‬‬
‫تحديدا إلى معانى المصطمحات يونانية الجذور المغويو لمكممات‬ ‫ً‬ ‫وباإلنتقال‬
‫المستخدمة ىنا ورغم أن األصل في المغة الالتينية لكممة بيداجوجي تتضمن التدريس‬
‫وتٌخصصو لألطفال؛ إال أن (‪ )Bull, 2013‬يرى أن ىذه الكممة تشير إلى "عمم وفن‬
‫اىتماما بماذا‪ .‬فالنموذج‬
‫ً‬ ‫التدريس والتعمم" فيي تدور حول " كيف" بالنسبة لمتدريس وأقل‬
‫البيداجوجي إنما يركز عمى المعمم؛ فالمعمم يقوم بإتخاذ كافة الق اررات بالنظر لما سوف‬
‫يقوم بتدريسو من حيث‪ :‬لماذا يعممو ومتى وكيف سيتم تعميم ىذا المحتوى لممتعممين‬
‫غالبا وينطبق عميو في حقيقة األمر نموذج " المعمم يعرف أفضل أو أكثر"‪.‬‬
‫الصغار ً‬
‫‪7‬‬ ‫العموم التربوية‪ /‬العدد األول –ج‪ /3‬يناير ‪2222‬‬

‫وقد أضاف إلى ذلك (‪ )connor,1996‬بأنو حتى المعمم الذي كان يمتمك إتجاىات‬
‫جيدة في التدريس كان يكبت الغرائز الطبيعية لألطفال من خالل تشكيمو لبيئة تعميمية‬
‫ُمحكمة أو شديدة اإلنضباط‪ .‬ولكن ولسوء الحظ مازال النظام التعميمي القائم عمى‬
‫المسيطر حتى اآلن ويبدأ من المدرسة وينتقل مباشرة حتى يصل إلى كثير‬ ‫البيداجوجي ىو ُ‬
‫من المجاالت التعميمية والمينية‪.‬‬
‫وانطال ًقا من الممارسات الواقعة في حقل التعميم واالحتياجات المتجددة‪ ،‬اىتم العمماء‬
‫والمنظرين في مجال التربية منذ سنوات طويمة باستكمال الطريق الذي يؤدي إلى إتاحة‬
‫الفرصة لمكبار لكي يستمروا في التعمم فظيرت الدراسات واىتم الباحثون بالبحث حول كيف‬
‫يتعمم الكبار؟‪ ،‬والذي تكامل في تمك الفترة وارتبط بالتقارير العالمية والتي كان من أىميا‬
‫ذلك التقرير الصادر عن منظمة اليونسكو وعنوانو " تعمم لتكون" (‪ (Faure,1972‬وىنا‬
‫كان ظيور االندراجوجي كنموذج ورؤية لتعميم الكبار‪.‬‬
‫األندراجوجي‪:‬‬
‫نشر (‪ )Knowles,1973‬مفيوم األندراجوجي في إطار مقارنتو لنموذجين أساسين‬
‫لمتعمم ىما تعميم الصغار وتعميم الكبار‪ ،‬حيث عرف األندراجوجي بأنو "فن وعمم مساعدة‬
‫الكبار عمى التعمم"‪ ،‬والذي يختمف عن عمم التربية ‪/‬التعميم الذي ىو "عمم وفن مساعدة‬
‫الصغار عمى التعمم"‪ ،‬ومنذ ظيور ذلك المفيوم أصبح نقطة االلتقاء التي تجمع أولئك‬
‫الذين يحاولون تحديد مجال تعميم وتعمم الكبار المستمر بشكل منفصل عن مجاالت‬
‫التعميم األخرى (‪ .)Merriam, 2001‬وقد تطورت ىذه الرؤية إلى نموذج معاصر يؤكد‬
‫ممكنا ألية مرحمو‬
‫ً‬ ‫تحول ليصبح‬‫عمى أن التعميم المتمركز حول المتعمم والمتعمم فقط قد ّ‬
‫عمرية ولقد كان لمتكنولوجيا الرقمية دورىا في ىذه الرؤية وان اختمفت اآلراء بِشأن الصغار‬
‫وتمركزت عند كثير من الباحثين حول أن ىذا النموذج من األفضل أن يظل لمكبار حتى‬
‫اآلن‪.‬‬
‫يؤكد الواقع ومايزال عمى أن المدرسة لمصغار وىي رؤية ليا أنصارىا الذين يتمسكون‬
‫وثقافيا كما‬
‫ً‬ ‫إجتماعيا‬
‫ً‬ ‫بيا كمؤسسة تربوية تسيم بصورة جذرية في تكوين الناشئة واعدادىم‬
‫تربطيم بوطنيم‪ .‬ويمكن القول بأن مصطمح األندراجوجي كان البداية الفاصمة بين التعميم‬
‫النظامي وغير النظامي في األدبيات والممارسات الخاصة بمجال التعميم والتعمم ككل‪.‬‬
‫وتتضح مالمح األندراجوجي كما حددىا (‪ )Knowles, 1973‬في خمس افتراضات‬
‫خاصة بالمتعممين الكبار ىي‪:‬‬
‫التعمُـــم لتحقـيق الـــذات‪ -‬الييتاجـوجـي‪ -‬نموذج لمتعمُم المستمر مدى الحياة‬ ‫‪8‬‬

‫‪ .1‬مفيوم الذات‪ :‬عندما ينضج الشخص يصبح لو مفيومو المستقل عن ذاتو الذاتي‪،‬‬
‫ويمكنو إدارة التعمم الخاص بو‪.‬‬
‫‪ .0‬تجربة المتعممين الكبار (الخبرة)‪ :‬عندما ينضج الشخص يتراكم لديو مخزونا متنا ً‬
‫ميا‬
‫من الخبرات؛ من ثم فالمتعمم الكبير يصل إلى الساحة التعميمية ُمحمالً بمجموعة غنية‬
‫من الخبرات التي تؤثر عمى أساليب التعمم واستيعابو المعرفة‪.‬‬
‫‪ .1‬الجاىزية (االستعداد) لمتعمم‪ :‬عندما ينضج الشخص يمكن أن يزداد استعداده لتعمم‬
‫الموضوعات التي تسيم في تنمية أدواره االجتماعية وغيرىا‪.‬‬
‫‪ .2‬وجية التعمم (األىداف)‪ :‬عندما ينضج الشخص‪ ،‬ينتقل من االىتمام بالمعرفة‬
‫المؤجمة التطبيق إلى االىتمام بالمعرفة القابمة لمتطبيق في الحال‪ ،‬ومن ثم يتجو من‬
‫التركيز عمى الموضوع إلى التركيز عمى المشكمة‪.‬‬
‫(ذاتيا)‪.‬‬
‫داخميا ً‬
‫ً‬ ‫‪ .3‬الدافع لمتعمم (الذاتية)‪ :‬عندما ينضج الشخص يصبح الدافع لمتعمم‬
‫وفي ضوء االفتراضات السابقة وضع نولز مجموعة من األدوار المرتبطة بمن‬
‫يعممون في مجال تعميم وتعمم الكبار كمعممين أو ميسرين وىي‪:‬‬
‫‪ o‬يجب أن يضع المعممون في اعتبارىم حاجة المتعمم الكبير إلى تعرف اليدف من‬
‫عممية التعمم؛ ومن ثم تعتبر مشاركتيم ىامة في تحديد أىداف التعمم واألنشطة‪.‬‬
‫‪ o‬تييئة مناخ تعاوني في مكان التعمم‪.‬‬
‫‪ o‬تقييم احتياجات ومتطمبات المتعمم الخاصة‪.‬‬
‫‪ o‬تطوير أىداف التعمم عمى أساس احتياجات المتعمم واىتماماتو ومستويات مياراتو‪.‬‬
‫‪ o‬تصميم أنشطة متسمسمة لتحقيق األىداف‪.‬‬
‫‪ o‬العمل بشكل تعاوني مع المتعمم إلختيار المواد‪ ،‬واألنشطة‪ ،‬والموارد الالزمة لمتعمم‪.‬‬
‫‪ o‬تقييم جودة تجربة التعمم واجراء التعديالت‪ ،‬حسب الحاجة‪ ،‬باإلضافة إلى تحديد‬
‫االحتياجات لمزيد من التعمم‪.‬‬
‫وما سبق عبرت عنو أيضا عنو فيما بعد )‪ )Conner,1996‬في شكل نصائح‬
‫مختصره لممعمم عمى النحو التالي‪:‬‬
‫‪ -‬دع المتعمم يعرف لماذا يعتبر ما يتعممو ميما‪.‬‬
‫‪ -‬إظير لممتعمم كيف يدير ذاتو من خالل ما يتعممو‪.‬‬
‫‪ -‬قم بالربط بين موضوع التعمم وخبرة المتعمم‪.‬‬
‫‪ -‬شجع المتعمم عمى أن تكون لديو دوافع قوية نحو التعمم‪.‬‬
‫‪9‬‬ ‫العموم التربوية‪ /‬العدد األول –ج‪ /3‬يناير ‪2222‬‬

‫كل ماسبق يتطمب مساعدة المتعمم في التغمب عمى عاداتو وسموكو ومعتقداتو التي قد‬
‫تحول بينو وبين التعمم‪.‬‬
‫لقد اعترف (‪ )Knowles,1975‬بأن أربعو من مبادئو الخمسة يمكن أن تنطبق عمى‬
‫كل األعمار فيما عدا ذلك المرتبط بالخبرة؛ ذلك ألن األطفال تنقصيم الخبرات الحياتية‬
‫ذاتيا المممح‬
‫ويعد التعمم الموجو ً‬ ‫التي يمكن البناء عمييا بصورة أقل مما لدى الكبار‪ُ .‬‬
‫الرئيسي لألندراجوجي حيث عرفو نولز بأنو‪:‬‬
‫"العممية التي يمكن لمفرد بواسطتيا يمكن أن‪:‬‬
‫‪ ‬يأخذ مبادرة التعمم مع أو بدون مساعدة اآلخرين‪،‬‬
‫‪ ‬يحدد أو يشخص احتياجاتو التعميمية‪،‬‬
‫‪ ‬يصوغ أىدافو من التعمم‪،‬‬
‫‪ ‬يحدد مصادره اإلنسانية والمادية من أجل التعمم‪،‬‬
‫‪ ‬يختار تطبيق استراتيجيات التعمم المناسبة‪،‬‬
‫‪ّ ‬يقوم مخرجات تعممو‪.‬‬
‫وىذا المدخل يكتسب قوتو من المراحل قبمو والنظريات التي صيغت بشأنيا وبروز‬
‫ىذا االتجاة كمفيوم لمتعمم الذاتي الذي أكده نولز وذكرتو عنو (‪)Richard, 2005‬؛ حيث‬
‫اعتبر عممية غير رسمية تجري في المقام األول خارج المؤسسة التعميمية وان ارتكزت‬
‫ذاتيا" إلى أن المتعمم‪ ،‬ىو الذي يمتمك‬ ‫"موجيا ً‬
‫ً‬ ‫عمييا‪ .‬ويرجع وصف التعمم بإعتباره‬
‫الدوافع ويتخذ ق اررات حول المحتوى‪ ،‬ومصادر التعمم‪ ،‬وتقييم التعمم؛ فاألفراد يتحممون‬
‫مسؤولية عممية التعمم الخاصة بيم من خالل تحديد احتياجاتيم وتحديد األىداف وتحديد‬
‫الموارد وتنفيذ خطة لتحقيق أىدافيم وتقييم النتائج‪ .‬وترجع أىمية ىذا المدخل في إتاحة‬
‫وفقا لظروفيم واحتياجاتيم وأنو يٌم ّكن الفرد ليكون‬
‫الفرصة لمكبار في أن يستمروا في التعمُم ً‬
‫أكثر مسؤولية تجاة مجتمعو بل إن ق ارراتو إنما تنبثق من احتياجاتو المرتبطة بالمتغيرات‬
‫اعتمادا عمى المفاىيم واالفتراضات الخاطئة‬
‫ً‬ ‫وموجيًا ذاتيًا‪ ،‬وأقل‬
‫ّ‬ ‫المحيطة بو في مجتمعو‪،‬‬
‫التي قد تكون تم اكتسابيا من خالل البيئو عبر الثقافة أو التنشئة االجتماعية أو غيرىا‪.‬‬
‫كما يستند نموذج التعمم ىنا أى األندراجوجى بشكل أساسي عمى مواقف وقيم فردية تتالءم‬
‫مع األىداف األساسية لمتعمم مدى الحياة التي تتعمق بمسؤوليات الفرد تجاة نفسو ومجتمعو‬
‫(‪.)Richard,2005‬‬
‫ذاتيا‪:‬‬
‫خصائص التعمم الموجو َ‬
‫يمكن النظر إلى ىذا النوع من التعمم من زاويتين‪:‬‬
‫التعمُـــم لتحقـيق الـــذات‪ -‬الييتاجـوجـي‪ -‬نموذج لمتعمُم المستمر مدى الحياة‬ ‫‪10‬‬

‫األولى‪ -‬أنو تعمم نشط (فعال)‪ :‬يحدث التعمم النشط عندما يشارك المتعمم في أكثر‬
‫من مجرد االستماع إلى محاضرة؛ وىو ال يعني التحرك الجسدي داخل الفصل‪ ،‬إنما‬
‫يعني القيام بأنشطة تعميمية؛ حيث يقوم المتعممون بالمشاركة في أنشطة جماعية مع‬
‫تقديم التوجيو المستمر من قبل المعمم من خالل‪:‬‬
‫‪ ‬المناقشة مع اآلخرين‪.‬‬
‫‪ ‬أخذ المالحظات المنتظمة‪.‬‬
‫‪ ‬حل المشكالت‪.‬‬
‫‪ ‬استخدام مستويات التفكير العميا مثل التحميل والتقييم والتركيب‪.‬‬
‫‪ ‬القيام بأنشطة جماعية‪.‬‬
‫الثانية‪ -‬أنو تعمُم اتصالي‪ :‬ييتم ىذا التعمم بالحالة التي يكون عمييا اآلخرون من‬
‫حيث التواصل فيما يتعمق بالمشاعر والتوقعات والقيم والقضايا المجردة وغير الممموسة‬
‫مثل العدالة والحب والحرية والجمال والمسؤولية وما إلى ذلك‪.‬‬
‫تحديدا آراء مكممة‬
‫ً‬ ‫وقد ارتبط بيذه التطورات فى النظر إلى تعميم وتعمٌم الكبار‬
‫تضيف إليو وتحدد مالمحو منيا أنو‪:‬‬
‫‪ ‬تعمم تحويمي‪ :‬يوصف بأنو التعمم الذي يغير الطريقة التي يفكر بيا األفراد حول أنفسيم‬
‫وعالميم‪ ،‬وىذا ينطوي عمى تحول في الوعي وقد قدم المنظرون لو نماذج مختمفة ليذا‬
‫النوع من التعمم ومن ىؤالء‪:‬‬
‫‪ .1‬باولو فريري (‪ (Freire, 1970‬والذى قام بتعميم العمال الب ارزيميين القراءة عن‬
‫طريق إشراكيم في مقاربة ثقافية تستخدم الحوار والمناقشة حول ظروف العمل‬
‫وتدني التعويض‪ ،‬مما ساعدىم عمى تغيير تفكيرىم والسعي من أجل التغيير‬
‫االجتماعي‪ ،‬فالتعمم التحويمي الذي ييدف إلى التغيير الجذري يعني عند باولو‬
‫فريري التحــــرر‪.‬‬
‫‪ .0‬ميزاروف (‪ )0222‬ييدف نموذج التعمم التحويمي عنده إلى بناء المعنى؛ حيث‬
‫وصف التعمم التحويمي عمى أنو "عممية عقالنية‪ ،‬يتأمل األفراد ويناقشوا من خالليا‬
‫ال أو تغيي ار جذريا في األطر‬‫افتراضاتيم حول العالم‪ ،‬ويحدث ليم أثناء ذلك تحو ً‬
‫المرجعية أو نظرتيم لمعالم"‪ .‬ولكي يحدث ىذا‪ ،‬يتعين عمى األفراد أن ينخرطوا في‬
‫خطاب تأممي ناقد يعتمد عمى)‪: (Merriam,2001‬‬
‫‪ ‬نقد إفتراضات بعضيم البعض حول القضية أو الموضوع المطروح لممناقشة‪.‬‬
‫‪11‬‬ ‫العموم التربوية‪ /‬العدد األول –ج‪ /3‬يناير ‪2222‬‬

‫‪ ‬تشجيع أعضاء المجموعة لمتفكير واعادة النظر في وجيات النظر المختمفة‬


‫المقدمة‪.‬‬
‫‪ ‬امتالك المشاركين في جمسة التأمل النقدي لممعمومات الكاممة والدقيقة عن‬
‫موضوع النقاش والتي تمكنيم من أن يتحرروا من التحيز‪.‬‬
‫‪ ‬توفر بيئة نقاش تتميز بالود والثقة وقبول اآلخر‪.‬‬
‫وبناء عمى ما سبق فنموذج التعمم التحويمي)‪ )Richard,2005‬يصف الطرق التي‬
‫يغير بيا األفراد فيميم ليويتيم وثقافتيم وسموكيم ويتم عادة عند طرح مشكمة ُمزعجة أو‬
‫حدث خطير يعمل كمحرك يتيح فرص التفكير والحوار‪ ،‬التعبير‪ ،‬وما إلى ذلك وأن يقود‬
‫المتعممين إلى االنخراط في عممية تعمم يتم بموجبيا تقييم االفتراضات والقيم والمعتقدات‬
‫والعادات وأسموب الحياة التي يؤمن بيا ىؤالء األفراد‪.‬‬
‫أدوار المعمم في نموذج التعمم التحويمي‪:‬‬
‫ُيبني نموذج التعمم التحويمي عبر عدة خطوات يمكن أن يقوم بيا المتعمم بمفرده كما‬
‫يمكن أن يقوم بيا المعمم لتوجيو عممية التعمم مع المتعممين الكبار(‪:)Richard, 2005‬‬
‫‪ o‬طرح مشكمة ٌممحة‪.‬‬
‫‪ o‬مساعدة المتعمم عمى إجراء تقييم ذاتي لمشاعره مثل الخوف والغضب والشعور بالذنب‬
‫أو الخجل نحو القضية المطروحة‪.‬‬
‫‪ o‬مساعدة المتعمم عمى التقييم النقدي لالفتراضات القائمة حول المشكمة أو الموضوع‪.‬‬
‫‪ o‬التأكد من أن الفرد يشارك في عممية التعمم‪.‬‬
‫‪ o‬مساعدة المتعممين عمى استكشاف أدوار‪ ،‬عالقات‪ ،‬واجراءات جديدة‪.‬‬
‫‪ o‬تخطيط مسار العمل‪.‬‬
‫‪ o‬تزويد المتعممين بالمعرفة والميارات الالزمة لتنفيذ خطط مشتركة‪.‬‬
‫‪ o‬مساعدة المتعممين تجريب أدوار جديدة بشكل مؤقت‪.‬‬
‫‪ o‬بناء الكفاءة والثقة بالنفس في األدوار والعالقات الجديدة‬
‫‪ o‬إعادة مشاركة األفراد عمى أساس األفكار والمنظورات الجديدة التي تم اكتسابيا وبعبارة‬
‫أخرى تطبيق المعارف واالتجاىات التي تم تعديميا في الواقع‪.‬‬
‫ما سبق كمو يتضمن محاوالت واجتيادات فكرية قام بيا عديد من الباحثين والمشغولين‬
‫بتعميم وتعمم الكبار أسفرت في النياية ومع التغيرات المتوالية إلى تكوين المالمح األساسية‬
‫التراكمية لممفاىيم التعميمية البيداجوجي‪ /‬األندراجوجي وتتبمور في ظيور نموذج مكمل لكل‬
‫ما سبق من اجتيادات يتكامل مع ىذه النماذج ويتالءم مع متغيرات ومتطمبات العصر‬
‫التعمُـــم لتحقـيق الـــذات‪ -‬الييتاجـوجـي‪ -‬نموذج لمتعمُم المستمر مدى الحياة‬ ‫‪12‬‬

‫التي تفرض معودة التعمم والتدريب وىكذا كمما جد جديد وتطمب اكتساب مياراتو والتعمم لما‬
‫جاء بو من مختمف وىذا النموذج ىو‪:‬‬
‫الييتاجوجي‪:‬‬
‫طرح كل من )‪ (Hase&Kenyon,2000‬مصطمح الييتاجوجي في دراستيم حول‬
‫ذاتيا ‪ ،‬حيث اقترحا توسيع النموذج األندراجوجي من التعمم الموجو‬ ‫نموذج التعمُم الموجو َ‬
‫ذاتيا إلى نموذج التعمم المحقق لمذات‪ ،‬وقد كان الدافع ليذا التطور ىو ما يحدث حولنا في‬
‫ً‬
‫المجتمع المعاصر من تغيرات سريعة وما يصاجبيا من إنفجار معرفي ىائل فكان اإلقتراح‬
‫بأنو البد وأن يكون ىناك نموذج تعميمي ٌيم ّكن المتعمم من أن يحقق ذاتو وأن يستطيع‬
‫تحديد ماذا وكيف يمكن لو أن يتعممو‪ .‬ومن ىنا كانت رؤيتيم إلى الييتاجوجي عمى أنيا‬
‫استكمال وتطور طبيعي لمنماذج التعميمية السابقة عمييا ال سيما من حيث تنمية القد ارت‪،‬‬
‫أيضا الطريقة األفضل واألكثر مناسبة لمتعمم في القرن الحادي والعشرين‪.‬‬
‫ولكنيا تضيف ً‬
‫عاما‬
‫وقد استم ار في اىتماميما عبر ما أخرجوه من دراسات عمى امتداد العشرين ً‬
‫الماضية في مناقشة الثورة التي تأخذ مجاليا في التعميم والتي تذىب أبعد من البيداجوجي‬
‫الذي ُيعبر عن العالقة التربوية بين المعمم والمتعمم ؛حيث يقرر فييا المعمم ما ينبغي أن‬
‫يتعممو المتعمم كما سبق ذكره ‪ ،‬وكذلك األندراجوجي والتى يتشكل ويتحدد مضمونيا في أن‬
‫التعميم والتعمم يحدث من خالل الفرد كما سبقت اإلشارة‪ ،‬وبناء عمى ىذا فمم يتوقف األمر‬
‫عمى االجتيادات التي أخرجيا نولز عام ‪ 1091‬إلى المجاالت العممية ومن تابعوه‬
‫فالتغيرات خالل السنوات الماضية أدت إلى نمو ىائل في البحث حول كيف يتعمم‬
‫اإلنسان؟ وماذا يمكن أن يتعمم؟ أو كيف يكتسب الميارات والكفايات الالزمة لمواجية‬
‫متطمبات الواقع المتغير؟ وغير ىذا من تساؤالت‪ .‬ومع كل ما قدمو نولز في سبعينيات‬
‫ال عالميًا نحو ىذه‬‫القرن الماضى وما تاله من اجتيادات حول األندراجوجي والتي القت قبو ً‬
‫الطريقة التي يتعمم بيا الكبار واختالفيا عن البيداجوجي أو تعميم الصغار‪ ،‬إال أنيا ىي‬
‫األخرى ما تزال تحمل دالالت لعالقة المعمم والمتعمم وفى حاجة لمعاودة التفكير بشأنيا‪.‬‬
‫حقا إن المقارنة التي أجراىا نولز ومن تابعوه حول االختالف بين كيفية تعمم الكبار‬
‫والصغار تعد عالمة بارزة في ممارسات التدريس والتعميم وفي التعمم والتدريب الميني‬
‫والتعميم العالي‪ .‬لقد أسست األندراجوجي مبادئ تعميم الكبار والمستمدة منيا طريقة التدريس‬
‫المباشر وجيًا لوجو وقدمت األساس المنطقي لمتعمم عن بعد القائم عمى فكرة التوجيو الذاتي‬
‫أو االعتماد عمى الذات‪ .‬ومع ذلك برزت ثورة أخرى في الدوائر التعميمية والتي يبدو أنيا‬
‫‪13‬‬ ‫العموم التربوية‪ /‬العدد األول –ج‪ /3‬يناير ‪2222‬‬

‫تتجاوز االندراجوجي نحو مجموعة جديدة من المبادئ والممارسات التي يترتب عمييا‬
‫ممارسات عبر طيف واسع من المبادئ األساسية لمتعميم والتعمم مدى الحياة عمى امتداد‬
‫العمر لمواجية كافة المتغيرات الكاسحة والمؤثرة في واقع المتعمم ومستقبمو‪.‬‬
‫وبناء عمى ىذه الرؤية وصفا ىاس وكينون العالم بأنو يواجو وبصورة غير مسبوقة‬
‫طوفان من المعمومات المتاحة اآلن عند أطراف األصابع وسيولة الحصول عمى‬
‫المعمومات من المواقع ومستودعات المعرفة التي ال تتوقف في عطائيا لمن يطمب ويرغب‬
‫في أن يستمد منيا المعمومات فبنوك المعرفة التي تتباري جيات عديدة في إنشائيا تقدم‬
‫خدماتيا آناء الميل وأطراف النيار لمجميع ماداموا يمتمكون الرغبة والميارات الالزمة‬
‫الستخداميا‪.‬‬
‫ويعنى ىذا أن شبكة اإلنترنت بكل ماجاءت بو من سرعة فى نقل المعارف‬
‫والمعمومات والتشابك الذي يمغى المسافات‪ ،‬ىذا باالضافة إلى أن المعمومات تتغير بسرعة‬
‫شديدة وذلك بالمقارنة بين المعمومات المتعممة القديمة التي لم يكن لدييا ىذه الفرصة؛‬
‫باإلضافة إلى أن الواقع يتطمب ممارسات تعميمية مرنة تستدعى الحاجة إلى تعميم قائم‬
‫عمى" التعمُم المتزامن" والذي يعتمد عمى أن المتعمم يتمقى مادتو التعميمية مباشرة من‬
‫خالل الشبكات الضوئية فعممية التزامن والسرعة في الحصول عمى المادة المتعممة واعتماد‬
‫المتعمم في الحصول عمى المعرفة مباشرة دون مساعدة من أحد ‪.‬وفي ىذه الحالة يأتي‬
‫نموذج الييتاجوجي ليتعامل ويواجو النقص الموجود في النموذجين المشار إلييما سابقًا‬
‫البيداجوجي واألندراجوجي حيث يقدم ىذا النموذج الجديد تحوالً من التعميم المتمركز عمى‬
‫المعمم إلى التعمم المتمركز والقائم أساسا عمى المتعمم‪ .‬وتقع المسؤولية والحالة ىذه عمى‬
‫عاتق المتعمم فعميو أن يختار ما الذي يمكن أن يتعممو وكيف يمكن أن يتعممو ومتى‬
‫يمكن أن يتعممو؟‪.‬‬
‫فالييتاجوجي تشير إلى "تطبيق مدخل متكامل لتطوير قدرات المتعمم‪ ،‬والتعامل مع‬
‫عممية التعمم باعتبارىا عممية نشطة تعتمد عمى االبتكار‪ ،‬ويمارس المتعممون التعمُم‬
‫بإعتباره مسؤولية ورغبة ذاتية لتحقيق ما يطمحون إليو ويرغبون فيو‪ ،‬فيم الذين‬
‫يحددون ويصممون اليدف والمحتوى والزمان والمكان والوسائل التي تؤدي كميا إلى‬
‫إشباع رغباتيم في التعمم وتحقيق أىدافيم في الحياة" (‪ ،(Blaschke,2012‬وىذا يعني‬
‫أن الدوافع التي يمتمكيا المتعمم في ىذه الحالة تمثل ركيزة أساسية ال تقل أىمية عن‬
‫االتجاىات والقيم والتي تتم في إطار من التجارب الشخصية ونتائجيا؛ حيث أنو مسؤول‬
‫مسؤولية تامة عن عممية تعممو بكل ما تتضمنو من أىداف ومحتوى وبحث عن الجديد‬
‫التعمُـــم لتحقـيق الـــذات‪ -‬الييتاجـوجـي‪ -‬نموذج لمتعمُم المستمر مدى الحياة‬ ‫‪14‬‬

‫المختمف ونقد ذاتي وتقويم لممخرجات والنتائج التي حققيا والتي يمكن أن تؤىمو إلنجاز ما‬
‫يرغب فيو)‪.‬‬
‫الييتاجوجي إ ًذا ىي امتداد لمبيداجوجي واألندراجوجي كما سبقت اإلشارة ؛ حيث تؤكد‬
‫عمى ارتباط تعميم الكبار وتعمميم بالتعمم المستمر مدى الحياة‪ ،‬كما تركز عمى التكيف‬
‫والتفاعل مع متغيرات العصر التكنولوجية خاصة بعد ظيور شبكات التواصل االجتماعي‪،‬‬
‫مما جعل التعمُم يعتمد بصورة كبيرة عمى اال نترنت كبيئة تعمم وأداة لمتعمم وليذا السبب‬
‫أيضا عرفت الييتاجوجي بأنيا "التعمم المتمركز عمى الشبكة" ؛ فيي إذا نتيجة من نتائج‬
‫الثورة العممية التكنولوجية في مجال االتصاالت ولعل ىذا يؤكد أن التعمُم واالحتياجات إلى‬
‫الجديد فيو والتجديد لو تأتي كرد فعل واقعي وحقيقي لممتغيرات المحيطة لتمبي متطمباتيا‬
‫وتتشكل بمضمونيا‪.‬‬
‫ماسبق يدفع إلى القول بأن ماىو سائد عن تعميم الكبار في الدول المتطمعة لمتقدم‬
‫والتى ىى بالفعل كذلك ويطمق عمييا فى أحيان كثيرة ناميو أو دول العالم الثالث عمى أنو‬
‫تماما عما وصمت إليو‬ ‫ييدف إلى إمداد الكبار بالقرائية وتحويميم إلى متعممين يختمف ً‬
‫المجتمعات المتقدمو عمى إعتبار أن إتاحة التعميم لمكبار تعني المزيد من اإلستمرار في‬
‫أساسا عمى التعميم النظامي وحق االنسان في الحصول عميو‪.‬‬
‫ً‬ ‫التعمُم المرتكز‬
‫فالييتاجوجي ىنا كنموذج لمتعمم تأتي لكي تعطي االنسان الفرصة الستكمال حقو‬
‫في التعمُم ليس فقط ذلك الحق الموقوت بمراحل العمر األولي أو لما فاتو من فرص‬
‫تعميمية أو لما فرض عميو من نمط تعميمي ال يتالءم مع رغبتو الذاتية‪ ،‬بل ذلك الحق‬
‫الذي يتيح لو اإلستمرار في التعمم لما يرغب ويقدر من معارف وميارات لتمكينو من‬
‫التعامل مع المتغي ارت حولو ولمتفاعل مع الواقع الجديد ولكي يستطيع أن يكون قاد ار‬
‫بالفعل عمى االختيار وتقرير المصير‪.‬‬
‫فالييتاجوجي‪ -‬ومن وجية النظر ىنا‪ -‬ىي أكثر تالؤما مع متطمبات الزمان الرقمي‬
‫بكل احتياجاتو حيث أنيا تركز في استراتيجياتيا عمى إكتشاف االنسان لذاتو وأيضا بناء‬
‫أساسا بتمكين المتعممين من اإلستمرار في التعمم‬
‫ً‬ ‫القد ارت المطموبة منو ولو‪ ،‬فيي تيتم‬
‫ليييئوا أنفسيم لفرص العمل الجديدة والمتاحة وتعقيدات الحياة عمى تنوعيا‪.‬‬
‫ولعل أبرز مالمح ما يوحي بو ىذا النموذج المتكامل مع سابقيو في أنو لم يتوقف‬
‫عمى مساعدة المتعمم ألن يتعمم ولكن يساعده ألن يسعى لتعمم كيف يستفيد مما تعممو‬
‫ويبني عميو لينطمق وحده وبإرادتو ووفقا لدوافعو وما يمتمكو من ميارات جديدة وما‬
‫‪15‬‬ ‫العموم التربوية‪ /‬العدد األول –ج‪ /3‬يناير ‪2222‬‬

‫يتبناه من اتجاىات إلى أن يتعمم ما قد يؤدي بو إلى أن يبحث بنفسو ولنفسو عما يريد‬
‫اكبا لمجديد والمختمف حولو‬
‫ويمكنو أن يتعممو وبما يؤدي إليو اختياره ىذا ألن يكون مو ً‬
‫ال في أن يحقق ذاتو ويقرر مصيره بنفسو؛ وذلك ألن ما يتعممو يمكن أن يحصل عميو‬ ‫أم ً‬
‫نتيجة إلجتياده الشخصي وقدراتو الذاتية وليس عن طريق برنامج ُمسبق ُمممى عميو أو‬
‫خطة ُمسبقة موضوعو لتعميمو مثل غيره أو معمم يقوم بالتدريس لو أو توجييو وفقاً ألىداف‬
‫مسبقا وكل ىذا يعني أن المتعمم مسئول عن قراره وعن كل ما يحققو من‬ ‫ً‬ ‫موضوعة‬
‫إنجازات نتيجة لما يختار أن يتعممو بنفسو ليحقق ذاتو‪.‬‬
‫فالييتاجوجي تيتم باستقاللية المتعمم وقدراتو الذاتيو عمى اتخاذ القرار بشأن ما‬
‫يتعممو في ضوء المتغيرات من حولو‪ ،‬ولعل االختالفات بين النماذج الثالث أي‬
‫البيداجوجي واألندراجوجي والييتاجوجي تعتمد عمى مدى استقاللية المتعمم وعمى الفترة‬
‫الزمانية التي يتخذ فييا قرار تعممو ورؤيتو ليذا القرار وكفاءتو في إداره عممية التعمم‬
‫وذلك كما يمي‪:‬‬
‫البيداجوجي‪ :‬يعتمد الدارسون في ىذا النموذج عمى المعممين ويتعممون الموضوعات‬
‫بالترتيب الذي قدمت بو والموضوعو ليم بصيغة جماعية دون تمييز بين فرد وآخر‪.‬‬
‫األ ندراجوجي‪ :‬يستعين الدارسون بالمعمم كموجو أو مرشد لعمميو تعمميم‪.‬‬
‫الييتاجوجي‪ :‬يتعمم الدارسون كيف يبحثون ويبتكرون حموليم الخاصة اآلنية المرتبطة‬
‫بالمتغيرات من حوليم والمحققو ألىدافيم ومتطمباتيم من خالل ما يرغبون فى أن يتعمموه‬
‫ويختاروه بأنفسيم‪.‬‬
‫والجدول التالي يوضح االختالف أوالتداخل فيما نموذجي األندراجوجي والييتاجوجي‬
‫من حيث عالقة المتعمم الكبير خاصة‪.‬‬
‫جدول يوضح الفرق بين االندراجوجي والييتاجوجي‬
‫الييتاجوجي‬ ‫االندراجوجي‬
‫نموذج لمتعمم يسير بشكل ال خطي‬ ‫نموذج لمتعمم يسير بشكل خطي‬
‫بناء القدرات‬ ‫تنمية الكفايات‬
‫توجيو أو قيادة المتعمم لنفسو‬ ‫توجيو أوقيادة المعمم لممتعمم‬
‫مساعدة الدارسين في أن يتعمموا كيف يتعمم‬ ‫مساعدة الدارسين في أن يتعمموا المحتوى‬
‫وبالنظر إلى الجدول أعاله يمكن توضيح ىذه الفروق كما يمي‪:‬‬
‫التعمُـــم لتحقـيق الـــذات‪ -‬الييتاجـوجـي‪ -‬نموذج لمتعمُم المستمر مدى الحياة‬ ‫‪16‬‬

‫‪ ‬بناء القدرات‪ :‬من المعروف أن التالميذ الذين حصموا عمى درجات جيدة والتي تعني‬
‫درجة عالية في السيطرة عمى المحتوى الذي قدم ليم خالل مرحمة التمدرس‪ ،‬ولكن ىذا‬
‫ال يعني بأن المتعمم أصبح قاد ار عمى تطبيق الميارات التي اكتسبيا والمعارف بطريقة‬
‫جديدة في المواقف الجديدة غير المألوفة‪ .‬فالمتعمم المتمكن يستطيع أن يكتشف‬
‫المعمومات التي يحتاج إلييا وينجز ما يكمف بو من ميام فتنمية المتعمم المعتمد عمى‬
‫ذاتو يعتبر النتيجة الكمية من الييتاجوجي‪.‬‬
‫المتمكن ىو " الذي يكون‬ ‫وقد رأى كل من (‪ )Hase&Kenyon,2000‬أن المتعمم ُ‬
‫قادر عمى التعامل بفاعمية مع المواقف الداىمة والبيئة المعقدة التي يعيش فييا عن طريق‬ ‫ًا‬
‫ما يمتمكو من قدرات متكاممة ومتمركزة عمى مالمح الكفاءة الذاتية‪.‬ويعرف كيف يتعمم‬
‫قيما مناسبة‬
‫أيضا يمتمك ً‬‫ويبدع ويمتمك القدرة عمى استخدام كفاياتو في مواقف جديدة و ً‬
‫جيدا مع اآلخرين"‪.‬‬
‫ويعمل ً‬
‫كل ذلك يتطمب‪:‬‬
‫‪ o‬متعمم يقظ‪.‬‬
‫‪ o‬متقدم في تعمم تخصصو وممارستو لو‪.‬‬
‫‪ o‬يستطيع استخدام التكنولوجيا‪.‬‬
‫‪ o‬يمتمك إلى حد كبير ميارات العمل المطموبة‪.‬‬
‫‪ o‬يتوسع في الممارسات المتخصصة‪.‬‬
‫ويصبح والحالة ىذه اليدف األساسي من التعميم بالنسبة ليؤالء ىو أن يكونوا قادرين‬
‫عمى السيطرة عمى الميارات التي من المفترض أن يقوموا بأدائيا ومن ثم أن يكونوا قادرين‬
‫عمى‪:‬‬
‫‪ o‬التعمم المؤسس عمى المشكالت‪.‬‬ ‫‪ o‬التفكير النقدي والتحميل والتأمل‪.‬‬
‫‪ o‬االستمرار في التعمم مدى الحياة‪.‬‬ ‫‪ o‬المنافسة والبحث وابتكار الجديد‪.‬‬
‫أما التعمم الخطي(‪ )linear learning‬الذي تم االشارة إليو في الجدول أعاله فيو‬
‫ذلك النوع من التعمم الذي يتوقف عند حل المشكمة أو موقف التعمم ثم ينتقل إلى موضوع‬
‫غالبا ال يسمح لمشخص أن يعبر عن احتياجاتو التعميمية كما‬ ‫أو مشكمة أخرى وىو بذلك ً‬
‫أنو ال يسمح لو باكتشاف الحالة المختمفة التي وصل إلييا أو التغير الذي حدث في‬
‫معتقداتو وأفكاره‪.‬‬
‫‪17‬‬ ‫العموم التربوية‪ /‬العدد األول –ج‪ /3‬يناير ‪2222‬‬

‫أما التعمم المزدوج ( ‪ (Double- loop learning‬فيرتبط بشكل كبير بالتفكير‬


‫التأممي فتعريف التعمم المزدوج كما حدده (‪ ،)Eberle,2013‬ىو "نظام لمتعمم يبحث فيو‬
‫الفرد حول أىداف التعمم والقواعد المؤسسو عميو ويستق أر األخطاء في محاولة لحل‬
‫إبداعا ويؤدي إلى إتباع القواعد والخطط واالستراتيجيات‬
‫ً‬ ‫لممشكالت أي أنو طريقة أكثر‬
‫والوصول إلى نتائج تكون مرتبطة بالمشكالت التي يواجييا المتعمم‪ .‬والتعمم المزدوج‬
‫أيضا التأمل النقدي لألىداف والمعتقدات والقيم والمفاىيم واألطر العامة‬ ‫ً‬ ‫يتضمن‬
‫واالستراتيجيات؛ حيث أن ىذه الطريقة في التعمم ضرورية وميمة بالنسبة لممنظمات واألفراد‬
‫الذين يجدون أنفسيم في زمان سريع التغير واطار غير محدد المالمح‪.‬‬
‫ويمكن توضيح الفرق بين التعمم الخطي والتعمم المزدوج في الشكل التالي‪:‬‬
‫المخرجات‬ ‫الفعل‬ ‫المشكمة‬ ‫المعتقدات–‬
‫السموك‬

‫التعمم‬
‫الخطي‬

‫التعمم المزدوج‬

‫شكل (‪ )1‬يوضح االختالفات بين التعمم الخطي والتعمم المزدوج‬


‫غالبا يكون‬
‫التعمم المزدوج يعتني بعممية التأمل الذاتي في حل المشكالت ومخرجاتو ً‬
‫ليا مردود عمى معتقدات المتعمم وسموكو والتي تتضح قيمتيا عندما يحدث تعمم جديد‪.‬‬
‫ىناك أربعة خطوات أساسية لمتعمم المزدوج‪:‬‬
‫‪ ‬اكتشاف النظرية في حالة االستخدام والتطبيق‪  .‬ابتكار معاني جديدة‪.‬‬
‫‪ ‬تعميم النتائج‪.‬‬ ‫‪ ‬إنتاج فعل جديد‪.‬‬
‫أما التعمم الالخطي )‪ (non-linear learning‬وىو يتضح أكثر في النموذج‬
‫الييتاجوجي؛ حيث إنو ال يمكن أن يسير التعمم بشكل خطي إذ يشير التعمم الالخطي إلى‬
‫أن المتعممين يضعون خطط التعمم الخاصة بيم ويمكنيم إدراتيا وحدىم عمى خالف‬
‫النموذج البيداجوجي الذي يحصل فيو المتعمم عمى مايقدمو لو المعمم وربما ال يحصل عمى‬
‫نتيجو منو وال يعرف المراد بو إال بعد فترة طويمة من الزمن وتجعمو الخبرات التي مر بيا‬
‫مبص ًار لنتائج التعمٌم التي مر بيا فيما سبق؛ وىذا التعمم الخطي كما ترى بالشيكا‬
‫التعمُـــم لتحقـيق الـــذات‪ -‬الييتاجـوجـي‪ -‬نموذج لمتعمُم المستمر مدى الحياة‬ ‫‪18‬‬

‫)‪ (Blaschke, 2014‬قد تظير فائدتو لممتعمم أو ال تظير إال بعد فترة من الوقت غير‬
‫وفقا‬
‫معروفة أما التعمم الالخطي ففيو يطور المتعممون أىدافيم ويصمون ألىداف جديدة ً‬
‫لما تقوده إلييم المعطيات المعرفية الجديدة التي توصموا إلييا أو ما يحصمون عميو من‬
‫ميارات جديدة بإستمرار ومن ىنا يأتي ارتباطو بالتعمم المستمر مدى الحياة فاكتساب‬
‫المعارف والميارات واستمرارىا تأتي كتغذية راجعة تزيد من حصيمة الخبرة ومن فرص‬
‫التعمم وتفتح آفا ًقا جديدة من التعمم واكتساب الميارات وىكذا‪.‬‬
‫االتصالية كنظرية مفسرة لمييتاجوجي‪:‬‬
‫وترتبط الييتاجوجي أكثر ما ترتبط بنظرية التعمم الجديدة وىي النظرية االتصالية التي‬
‫تعتمد عمى تفسير وتوضيح ما أدت إليو ثورة المعمومات واالتصاالت‪ ،‬وتطبيقاتيا في مجال‬
‫التكنولوجيا الرقمية حيث يدور بين الباحثين اآلن محاوالت جادة لتأصيل النظرية االتصالية‬
‫في ىذا المجال‪ .‬فمن المشيور أن نظريات التعمم منذ بدايتيا مع النظرية السموكية ركزت‬
‫عمى تعرف القاعدة األساسية لممعرفة التي يتعمم من خالليا الصغار؛حيث المثير‬
‫واالستجابة‪ .‬ومع التطور العممي اليائل فقد شيدت نظريات التعمم أيضًا تنوعًا وتطو اًر‬
‫عديدا من النظريات منيا النظرية المعرفية التي ركزت عمى الجوانب اإلنسانية‬‫ً‬ ‫كبي ار أفرز‬
‫لعممية التعمم واىتمت بالفروق الفردية وميارات التفكير والذكاءات المتعددة وكذلك النظرية‬
‫البنيوية التي تكاممت مع ما سيقيا ‪ ،‬ومع نتائج الثورة العممية والتكنولوجية وما ولدتو من‬
‫ثورة ىائمة في اإلتصاالت والمعمومات ظيرت نظريات جديدة تُبرز جوانب أخرى لمتعمُم إذ‬
‫تؤكد عمى التعمم من خالل التواصل اإلنساني عبر الشبكات والوصول لممعمومات‪ ،‬والتعمم‬
‫الذاتي‪ ،‬وكل تمك النظريات انتيت بكثير من الممارسات التعميمية التي قد تتعارض‬
‫أوتتكامل أو تسير جنباً إلى جنب في كثير من األحيان‪.‬‬
‫ولم يكن مجال التعمم المستمر مدى الحياة بعيدًا تماماً عن كل تمك التوجيات النظرية‬
‫ومازال‪ ،‬ولكن ظيرت منذ نيايات القرن العشرين مجموعة متنوعة من النماذج‪،‬‬
‫االستنتاجات والمبادئ‪ ،‬والتفسيرات التي توضح قاعدة المعرفة لمتعمم المستمر؛ والتي ترتبط‬
‫أساساً بتعميم وتعمم الكبار؛ حيث تصف نظريات التعمم كيفية اكتساب المعمومات ومعالجتيا‬
‫واالحتفاظ بيا أثناء وبعد التعمم لكنو وكما تشير ماريام )‪ (Merriam,2001‬منذ تأسيس‬
‫تعميم الكبار كمجال ميني لمممارسة في العشرينات من القرن العشرين وىو ييتم باالجابة‬
‫عن التساؤالت المطروحة حول كيفية تعمم الكبار إال أنو ال توجد حتى اآلن إجابة وال‬
‫نظرية واحدة أو نموذج لتعميم الكبار يشرح كل ما يمكن معرفتو عن المتعممين الكبار‪،‬‬
‫‪19‬‬ ‫العموم التربوية‪ /‬العدد األول –ج‪ /3‬يناير ‪2222‬‬

‫والسياقات المختمفة التي يحدث فييا التعمم‪ ،‬وعممية التعمم نفسيا‪ ،‬فما يوجد في األدبيات‬
‫الخاصة بتعميم وتعمم الكبار المستمر ال يمكن اعتباره نظريات كبرى وانما يمكن القول أنيا‬
‫مجموعة من النماذج النظرية والمبادئ‪ ،‬والتفسيرات التي تشكل مجتمعو قاعدة المعرفة‬
‫لتعميم وتعمم الكبار المستمر والتي ترتكز في مجمميا عمى عمم األندراجوجي‪ ،‬والتي ىي‬
‫مرحمة سابقة عمى الييتاجوجي‪.‬‬
‫وثيقا بالسرعة الزائدة لمتغير في المجتمعات المتقدمة‬
‫طا ً‬ ‫ترتبط النظرية االتصالية ارتبا ً‬
‫تمك المجتمعات التي تُعرف بأنيا مجتمعات مؤسسة عمى المعرفة ومن ثم فإن سرعة‬
‫انتشار المعرفة أدت إلى االىتمام بكيفية توزيعيا وتحقيقيا لمربط بين األفراد في البيئة‬
‫حقا ىو عصر رقمي تنتشر فيو استخدامات‬ ‫االجتماعية‪ .‬ولما كان العصر الذي نعيش فيو ً‬
‫تكنولوجيا المعمومات بكل تنوعيا فإن ىذا يقودنا إلى البحث عن التعمم في ىذا الزمان‬
‫وكيف يتحقق في البيئة االجتماعية والتعميمية سريعة التغير وما الميارات األساسية‬
‫والضرورية الالزمة لممتعممين ليستطيعوا إدارة شؤون حياتيم؟ وأيضا االستمرار في تعمميم‬
‫متاحا بإستمرار لمن يرغب في تعمم الجديد لمبحث عن فرص عمل متجددة ولمتفاعل‬ ‫وجعمو ً‬
‫والتكيف مع الواقع المتغير‪.‬‬
‫حاليا والذي يمكن أن نتوقف أمامو ىو أن سرعة التغيرات التكنولوجية‬ ‫والمالحظ ً‬
‫الحادثة في المجتمعات عمى اختالفيا ال تشير إلى أنيا سوف تتراجع بل ربما العكس ىو‬
‫المتوقع‪ .‬وىذا بدوره يؤكد ويقودنا إلى اإلعتراف بما ترتب عمى التغيرات التكنولوجية من‬
‫تغيرات في مجال االقتصاد وكيف أن كل من االقتصاد واالتصاالت يؤثر كل منيما في‬
‫ساسا‬
‫اآلخر كما أنو يرتبط وبصورة واضحة ومتزايدة بالطمب االجتماعي عمى التعميم وأ ً‬
‫كيفية التعمُم‪.‬‬
‫وقد سبقت االشارة إلى أن مؤسسات التعميم قد ظيرت في مراحل مختمفة من مراحل‬
‫التطور اإلنساني ومن ثم فإن ما ىو معروف بأجيزة االتصال والتواصل االجتماعي قد‬
‫أدت إلى العمل باستمرار لدفع المؤسسات التعميمية لمبحث عن أفضل أساليب التعمم واتاحة‬
‫الفرص لو لمواجية ىذه التغيرات الكاسحة‪ .‬والحقيقة المعترف بيا أن أي متعمم وكل متعمم‬
‫يحتاج إلى ميارات جديدة وكفايات متجددة لمحياة فيما بات مشيو ًار بأنو مجتمع المعرفة‪.‬‬
‫لقد ميد سيمنز )‪ )Siemens,2005‬الطريقة أمام النموذج الجديد لمتعمم والمالئم‬
‫لمجتمع المعرفة والذي اعتبر أن "التعمم عممية ربط ما بين نقاط متخصصة أو مصادر‬
‫لممعرفة‪ ،‬وذلك ألن اإل نترنت قد أحدثت تحوًال ىائالً في فيم المعرفة وطبيعتيا"‪.‬‬
‫التعمُـــم لتحقـيق الـــذات‪ -‬الييتاجـوجـي‪ -‬نموذج لمتعمُم المستمر مدى الحياة‬ ‫‪20‬‬

‫ويعتبر سيمنز المؤسس أو القائل بنظرية االتصالية تمك ليصف شبكات التعمم وطبقا‬
‫لنموذج التعمم الجديد‪ ،‬فالمعرفة قد تكونت بصورة كبيرة من مشاركة اإلنسان الفرد مع غيره‬
‫وىي دائمة التغير والتحول واإلضافة إلييا أو تعديميا والمعرفة في الشبكات ال يمكن‬
‫ضبطيا أو التحكم فييا وال يمكن ألي مؤسسة السيطرة عمييا أو إيقاف تدفقيا في ىذا‬
‫العالم‪.‬‬
‫الموزع نظ ار ألنيا‬
‫واالتصالية كنظرية تعمٌم تكمن نشأتيا في مفيوم التعمم المنتشر‪ٌ /‬‬
‫مرتبطة بالمجتمع الرقمي‪ .‬وعمى أية حال فاإلتصالية ىي" دراسة المعرفة الموزعة عمى‬
‫النقاط المختمفة والمتصمة بالشبكات االلكترونية" وكما نعرف فإنو في الشبكات يوجد عديد‬
‫من نقاط االتصال يتم الربط فيما بينيا ويمكن أن تعبر نقطة اإلتصال أو جية اإلتصال‬
‫إتجاه‪ ،‬فيمكن أن تكون شخص أو مجموعة من البشر أو كمبيوتر أو أفكار أو مجتمعات ‪.‬‬
‫ويستطيع المتعمم أن يتعمم من خالل كل تواصل يتم مع الشبكة ومع العالم ومن ثم "‬
‫األنشطة التي يقوم بيا المتعمم عندما يقود الممارسات من أجل أن يتعمم فإنو يعتبر في‬
‫حالة تنمية مع نفسيو والمجتمع بأساليب مختمفة‪.‬‬
‫وقد أخذ سيمنز )‪ (Siemens,2005‬مواصفات االتصالية من ثالث محاور‬
‫أساسية‪ :‬المعرفة‪ -‬المتعمم‪ -‬المجتمع يوضحيا الشكل التالي‪:‬‬

‫وفقا لمنظرية االتصالية‬


‫شكل(‪ )0‬يوضح المحاور األساسية لمتعمم ً‬
‫‪21‬‬ ‫العموم التربوية‪ /‬العدد األول –ج‪ /3‬يناير ‪2222‬‬

‫وقد أشار سيمنز إلى أن ىذه المحاور تبدو عمى شكل دوائر فالمعرفة تُخبر المتعمم‬
‫ماذا يتعمم وىو بدوره يُخبر المجتمع ‪ ،‬والمجتمع بدوره يخمق المعرفة والعودة بصورة دائرية؛‬
‫فالمعرفة تبني المجتمعات بينما المجتمعات تحدد ما الذي تم تٌعممو‪ ،‬والذي تم تعممو أصبح‬
‫معرفة والثالثة يشكمون أسس التعمم في النظرية االتصالية‪.‬‬
‫وبالعودة إلى سيمنز )‪ )Siemens,2005‬وافتراضو المرتبط بنظرية التعمم االتصالية‬
‫فقد حدد المبادئ األساسية ليا كما يمي‪:‬‬
‫‪ ‬التعمم والمعرفة توجد في تنوع اآلراء‪.‬‬
‫‪ ‬التعمم ىو عممية لربط النقاط المنتشرة المختمفة أو مصادر المعمومات‪.‬‬
‫‪ ‬التعمم ربما يوجد في تطبيقات غير إنسانية‪.‬‬
‫حاليا‪.‬‬
‫‪ ‬القدرة عمى تعمم المزيد أكثر أىمية مما نعرفو ً‬
‫‪ ‬الحاجة إلى االىتمام بالروبط بين المفاىيم والحقول المعرفية المختمفة من أجل التعمم‬
‫المستمر وىذه ميارة محورية‪.‬‬
‫‪ ‬المعرفة الدقيقة والحديثة ىي اليدف من كل تعمم يتم من خالل عممية االتصال‪.‬‬
‫غدا والقرار الصحيح اليوم قد‬‫‪ ‬صنع القرار ىو عممية تعمم أن ما نعرفو اليوم قد يتغير ً‬
‫خاطئا غدًا‪.‬‬
‫ً‬ ‫يكون‬
‫وفي عالم يتزايد فيو الوصول إلى المعمومات سيحتاج المتعمم إلى الميارات الالزمة‬
‫حيويا لمتعمُم وما‬
‫أمر ً‬‫لفحص ما ىو مالئم وما ىو غير مالئم؛ إذا فالنظرية االتصالية تعد ًا‬
‫يزال من المؤكد أن محاولة رؤية نظريات التعمم الراسخة في زماننا ىذا وىي السموكية‬
‫نظر لما توفره من أفكار وتفسيرات حول تفاعل‬ ‫والبنيوية والمعرفية أساسية بالنسبة لمتعمم ًا‬
‫المتعمم مع أقرانو والبيئة المحيطة بو وأن ىذا يشكل إمكانيات رائعة لمستقبل التعمم‪.‬‬
‫لقد استطاع سيمنز وزمالؤه تطبيق النظرية االتصالية في عمميات التعمم عندما بدأوا‬
‫في إنشاء أول برنامج تعمم عمى الشبكة (‪ )MOOC‬ويترجم بإعتباره (برنامج واسع االنتشار‬
‫مفتوح عبر الشبكة)؛ حيث افترضوا أن ىذا النموذج لمتعمم المفتوح واسع االنتشار عبر‬
‫الشبكة سوف يجعل المشاركين يفيمون التأثير التواصمي لمتكنولوجيا في التدريس والتعمم‪.‬‬
‫فالشبكات والحالة ىذه شبكات مفتوحة ليس ليا حدود متصمة بنقاط تتضمن ( ُمدرب –‬
‫مكتبة وغيرىا وتفترض باختصار حدث‪،‬فعل ‪،‬أنشطة تفاعمية وتعمٌم ُموزع واسع االنتشار‬
‫مفتوح فيو شبكة متاحة لمجميع لمتعمم مدى الحياة)‪.‬‬
‫واإلتصالية كمدخل يجادل من خالليا كل من سمينز ودونز وكريمر‬
‫)‪ (Siemens,2005‬بشأن دور المعمم في عممية التعمم ويركزون عمى مشاركة األفراد في‬
‫التعمُـــم لتحقـيق الـــذات‪ -‬الييتاجـوجـي‪ -‬نموذج لمتعمُم المستمر مدى الحياة‬ ‫‪22‬‬

‫التعمم وعمى انتشار المعمومات بين النقاط والشبكات مما يؤدي ألشكال جديدة في التعميم‬
‫حاليا ىو أنو ُميسر يمنح المتعممين البيئة‬
‫والتعمم‪ .‬ومن المعروف أن الدور األساسي لممعمم ً‬
‫واالطار األولي لمتعمم ليكونوا معو محتوى التعمم؛ فالشبكة انسانية وبعد ذلك فإن دور‬
‫الميسر بالنسبة لممتعممين أن يساعدىم عمى بناء بيئتيم التعميمية الخاصة بيم واالرتباط‬ ‫ُ‬
‫بشبكات التعمم الناجحة‪ ،‬ومن ثم فإن المأمول أن التعمم مدى الحياة سوف يمقى اىتمام‬
‫األفراد بصورة أوتوماتكية عن طريق الظيور ليم في صورة معمومات متوالية وقدرة ذاتية‬
‫عمى التأمل ولكن السؤال ‪ :‬من الذي سوف يعترف بنوعية المعرفة المقدمة لمتعمم من‬
‫خالل الشبكات؟ ومن الذي سوف يكون الخبير المختص بيذه العممية؟‬
‫وعمى أي حال فإنو يمكن القول بأنو الحاجة لممؤسسات الرسمية لدعم ىذا النوع من‬
‫التعمم خاصة وأن أي تعمم يعتمد عمى التواصل االجتماعي ويمكن بسيولة لكل المشتركين‬
‫أن ينفذوا إليو‪.‬‬
‫وىناك انتقادات شديدة لمدخل اإلتصالية ىذا في التدريس والتعمم وبعض ىذا النقد‬
‫يمكن أن ينظر إليو كممارسة لمتحسين أو كوسيمة جديدة لمتقويم وأيضا كعممية تأسيس‬
‫لنظام عمل تعاوني مع أعداد كبيرة ‪،‬ويعطي مزيداً من الخبرة في ىذه الحالة وبصورة أكثر‬
‫وضوحا تعتبر النظرية اإلتصالية ىي المحاولة األولي التي تطبق بصورة ثورية معاودة‬ ‫ً‬
‫إختبار مضمون التعمم بواسطة اإلنترنت واإلنفجار الجديد لممعمومات بواسطة التكنولوجيا‪.‬‬
‫إن التحوالت الحادثة في البحث حول الذكاء األصطناعي (‪ ،)AI‬ونمو المعرفة المتزايد‬
‫وكذلك أيضا فالمطموب البحث حول نماذج نماذج جديدة لمتعمم والتي تتنافس وتتالئم مع‬
‫األفراد الذين يتعممون ويعممون أنفسيم والبدائل التي يحتاجون إلييا من أجل التعمم في زمان‬
‫المعرفة وىذا بدروه ينقمنا إلى العودة مرة أخرى إلى الييتاجوجي وأىمية ىذا النموذج في‬
‫التعمٌم وكيف أنو يستجيب لمتطمبات العصر بكل مافيو من تغيرات‪ .‬فقد جذب ىذا النموذج‬
‫الجديد لمتعميم والتعمم في العصر الحالي أنظار كثير من الباحثين والميتمين بتطوير التعميم‬
‫واتاحة التعمم المستمر مدى الحياة‪ ،‬فمن المؤكد اآلن أن الواقع المحيط بنا يدفع لتأمل‬
‫التغيرات المتالحقة الشديدة السرعة والتي يالزميا إبداع مستمر ومتجدد في إنتاج المعرفة‬
‫وانفجار معموماتي ىائل يزيد من حاجة األفراد إلى تنمية مياراتيم باستمرار خاصة مع‬
‫التحوالت والتغيرات المستمرة في سوق العمل ومتطمبات الحياة اليومية ما يفرض ضرورة‬
‫إحداث مواءمات مستمرة مع ىذه التغيرات‪ ،‬كما وقد أتاحت التكنولوجيا بوسائطيا المتعددة‬
‫‪23‬‬ ‫العموم التربوية‪ /‬العدد األول –ج‪ /3‬يناير ‪2222‬‬

‫في العصر الحالي عممية التعمم المحقق لمذات فأصبح من الممكن أمام الكثيرين االستمرار‬
‫بعيدا عن أسوار المؤسسات الرسمية‪.‬‬‫في عمميات تعمُم منظمة ً‬
‫في نفس الوقت وفرت المجتمعات االفتراضية عبر الشبكات أيضاً أنماطاً متنوعة‬
‫ومصادر مختمفة شجعت ظيور أنماط لمتعمم تعتمد عمى التكنولوجيا بشكل أساسي منيا(‬
‫التعمم عن بعد‪ /‬التعمم االلكتروني‪ /‬بيئات التعمم االفتراضية)‪ ،‬وغيرىا مما يستند إلى مفيوم‬
‫الييتاجوجي حيث تبدأ مبادرة التعمم من المتعمم نفسو كما يكون مسئوًال عن قيادة تعممو‬
‫وتقييم أدائو وغيرىا من متطمبات عممية التعمم‪.‬‬
‫تصميم نموذج التعميم والتعمم القائم عمى الييتاجوجي‪:‬‬
‫حين يستقر رأي المتعمم عمى أن يخوض تجربتو التعميمية الذاتية فإن ىناك عدة‬
‫اعتبارات البد وأن يتوقف أماميا‪ .‬فالنموذج الييتاجوجي لمتعمم إنما يتميز أوالً وخاصة‬
‫بأنو متمركز حول المتعمم ذاتو بمعنى أن المتعمم ي ّكون مادتو المتعممو ويصمم عناصر‬
‫الخبرة التعميمية التي يريدىا ويرغب في تعمميا كما يمي)‪:(Blaschke,2014‬‬
‫‪ -‬التعاقد بين المتعمم والمعمم‪ :‬يعد تصميم عقد تعمم محدد من قبل المتعمم ىو الخطوة‬
‫معا لتحديد احتياجات التعمم والنتائج‬
‫األولى خالل ىذه المرحمة فيعمل المتعمم والمعمم ً‬
‫المرجوة؛ ىنا المتعمم في تصميمو ألىدافو التعممية فعميو البحث عن إجابات لالسئمة‬
‫التالية‪:‬‬
‫‪ o‬ما الذي يريد تعممو؟‬
‫‪ o‬ما أىداف المحتوى التعميمي المطموب؟‬
‫‪ o‬ما النتائج التي يتوقعيا من تجربة التعمم؟‬
‫ممكنا إال إذا كان المنيج الدراسي أو المحتوى‬
‫ً‬ ‫‪ -‬محتوى مرن‪ :‬ال يكون التطبيق الجيد‬
‫الذي تم االتفاق عميو يتسم بالمرونة‪ ،‬ويأخذ في االعتبار أسئمة المتعمم ودوافعو وكيفية‬
‫تغير تفكيره نتيجة لما تعممو ‪ ،‬كما ُيمكن المتعمم من إنشاء المحتوى الخاص بو بحيث‬
‫يتالءم مع احتياجاتو الفردية‪ .‬وقد يُطمب من المتعمم بناء خطتو عمى أساس مجموعة‬
‫نيائيا فمديو الحرية في تحديد ماذا‬
‫ً‬ ‫من أىداف التعمُم المحددة‪ ،‬لكن ىذا ليس شرطاً‬
‫وكيف يتعمم‪ ،‬ويمكن أن يساعد ىذا عمى شعور المتعمم بالتمكين ويشجعو عمى مزيد‬
‫من المشاركة‪.‬‬
‫ميما من جميع األساليب التعميمية‪ ،‬بما في ذلك نموذج‬ ‫‪ -‬تقييم مرن‪ :‬يعتبر التقييم جزًءا ً‬
‫الييتاجوجي ومع ذلك‪ ،‬في ىذا النمط من التعمم‪ ،‬يقوم المتعمم بتصميم التقييمات‬
‫التعمُـــم لتحقـيق الـــذات‪ -‬الييتاجـوجـي‪ -‬نموذج لمتعمُم المستمر مدى الحياة‬ ‫‪24‬‬

‫ال من الخضوع إلختبارات قياسية‪ ،‬ويسيم ذلك في بناء بيئة آمنة لممتعمم‬ ‫الخاصة بو بد ً‬
‫ُمشجعة عمى التعمم بعمق‪.‬‬
‫من الميم أن تتضمن التقييمات التي يصمميا المتعمم طرًقا لقياس فيمو لممحتوى‬
‫والميارات التي اكتسبيا‪ ،‬ألنو في نياية العممية سيتم تقييمو لتحديد ما إذا كانت النتائج‬
‫المتفق عمييا قد تحققت أم ال‪.‬‬
‫نظر لطبيعتو المستقمة‪ ،‬يمكن أن يتسبب التعمم في فصل دراسي يرتكز عمى‬ ‫تعمم تعاوني‪ً :‬ا‬
‫معتادا عمى تحمل‬‫ً‬ ‫الييتاجوجي في حدوث صراع داخمي لممتعمم‪ ،‬خاص ًة إذا لم يكن‬
‫معا‬
‫مسؤولية تعممو‪ ،‬ولتيسير االنتقال إلى الييتاجوجي يمكن تشجيع المتعممين عمى العمل ً‬
‫لمتشارك في المعرفة وجيًا لوجو أو من بعد لتحقيق ىدف مشترك ‪،‬فيمكنيم حل المشكالت‬
‫ودعم تعمميم من خالل مشاركة المعمومات والخبرات والمفاىيم والتجربة ككل‪ ،‬وتعد‬
‫الجمسات التعاونية فرصة لممتعممين لمتعمم بعضيم من بعض‪ ،‬وكذلك التفكير في كيفية‬
‫تطبيق مياراتيم‪.‬‬
‫موقع الييتاجوجي من التعمم عن بعد‪:‬‬
‫يتضمن التعمم عن بعد بعض المميزات التي تجعمو متسق مع الييتاجوجي وأىميا‪:‬‬
‫حاليا عمى األلياف الضوئية‬‫‪ -‬االعتماد عمى التكنولوجيا الرقمية‪ :‬فالتعمم عن بعد يعتمد ً‬
‫والشبكات والمنصات وىذا يعتبر من المتطمبات األساسية لو ومع كل تطورات تحدث‬
‫في ىذه التكنولوجيا فإن التعمم عن بعد يستخدميا عن طريق المعممون الذين يعتبرون‬
‫أن ىذه التكنولوجيا الرقمية الجديدة ساىمت وتسيم في انتشار التعمم عن بعد ألكبر عدد‬
‫ممكن من الراغبين في التعمُم‪ .‬الييتاجوجي كنموذج لمتعمُم ليس قاص ًار عمى التعميم‬
‫العالي أو تعميم ما بعد المدرسة أو التعميم المدمج فقط‪ ،‬فالفرص المتاحة أمام ىذا‬
‫النموذج تجعل منو منطمقا لصيغ جديدة من التعمُم تعتمد عمى إدارة المتعمم لذاتو‬
‫وتحقيقو ألىدافو بصورة مستقمة وتنميتو ألفكاره بثقة وتعتبر التكنولوجيا الرقمية في‬
‫ىذه الحالة وسيمة لتطبيق نموذج الييتاجوجي وتحقيق انتشاره‪.‬‬
‫صمم وتتطور وأتيح من أجل المتعمم‬ ‫‪ -‬المتعمم‪ :‬وكما ىو معروف فإن التعمم من بعد ُ‬
‫الكبير والذي عادة ما يعتبر من المشغولين في أعماليم والذي تضيف إليو خبرات‬
‫متدادا ليذا فإن‬
‫الحياة كثير من النضج أكثر مما تفعل المؤسسة التعميمية مع تالميذىا وا ً‬
‫الي يتاجوجي كنموذج يعتمد عميو التعمم عن بعد في الزمان الحالي آخذ في االتساع‬
‫ليتالءم مع احتياجات المتعممين في جميع مراحل العمر دون ما تفرقة‪.‬‬
‫‪25‬‬ ‫العموم التربوية‪ /‬العدد األول –ج‪ /3‬يناير ‪2222‬‬

‫‪ -‬االستقاللية‪ :‬التعمم من بعد وكذلك الييتاجوجي يسمحان باستقاللية المتعمم فميارات‬


‫المتعمم وتطويرىا وتنميتيا تعتبر ىي المحور األساسي الذي ترتكز عميو عممية التعمم‬
‫ال فإن‪:‬‬
‫ولما كان المتعمم مستق ً‬
‫‪ ‬بيئة التعمم عن بعد تدعم من ممارسات نموذج الييتاجوجي‪.‬‬
‫‪ -‬وبدييي أن الحديث عن التعميم والتعمم من بعد في األلفية الثالثة يحمل في طياتو‬
‫الوسائط المتعددة التي يمكن استخداميا بصورة تسمح بحرية التعمم في أي زمان ومكان‬
‫نظر إلمكانية استخدام األجيزة الرقمية المحمولة أو أي وسائط رقمية أخرى قد يحمميا‬ ‫ًا‬
‫المستقبل لنا‪.‬‬
‫‪ -‬ومن ىنا فوسائط االتصال االجتماعية يمكن أن توضح اإلمكانيات القائمة والمحتممة‬
‫أيضا لنموذج الييتاجوجي؛ فالمتعمم يستطيع أن يحتفظ وأن يضيف إلى‬ ‫لمتعمم من بعد و ً‬
‫المادة التي يتعمميا حيث المعرفة يتم االحتفاظ وتخزينيا لإلستدعاء عند الضرورة‪ ،‬كما‬
‫أنو يمكن أن يشارك بنشاط في عممية التعمم ويتفاعل مع المجموعات األخرى‪،‬و يمكنو‬
‫أيضا أن يبحث من خالل ىذه الوسائط االجتماعية عن الجديد من المعارف‬ ‫ً‬
‫والمعمومات والتي تتضمن أنو يستطيع االنطالق إلى آفاق جديدة في المعرفة التي تدعم‬
‫ما حصل عميو من خالل التعمم من بعد‪.‬‬
‫‪ -‬ما يمكن التأكيد عميو أنو منذ أن ٌعرف التعمم من بعد منذ أكثر من قرنين لم يكن بمثل‬
‫ىذه االمكانيات المحققو لحرية المتعمم والمدعمة الستقالليتو والمؤدية إلى تميزه‬
‫الفردي وتحقيقو لذاتو وىذا ىو أىم ما تيدف إليو ويتضمنو نموذج الييتاجوجي‪.‬‬
‫وخالصة ىذه الدراسة تتحدد بعضيا في‪:‬‬
‫‪ -‬تعميم المتعمم التخطيط ألىدافو وكيفية إدارة تعممو وتحديد محتوى ما يتعممو ومتابعة‬
‫وتقويم التحسن المستمر لتعممو وىي الركائز األساسية لمييتاجوجي‪.‬‬
‫‪ -‬التمركز حول المتعمم سواء في التدريس لو أو تعممو بما يدعم ويعزز تحقيقو لذاتو‬
‫وتقرير مصيره‪.‬‬
‫‪ -‬االستفادة من التكنولوجيا الرقمية المتوفرة وربط المتعمم بيا وتمكينو من استخداميا في‬
‫مجال التعمم والعمل‪.‬‬
‫وبناء عمى ما سبق فالخالصة األساسية لمجيود البحثية في مجال الييتاجوجي‬
‫تكشف عن عالقة وثيقة بينيا وبين نظرية التعمم في العصر الرقمي (النظرية االتصالية)‬
‫أساسا عمى ىذا‬
‫ً‬ ‫أيضا عن أن التوجو والتوسع في التعميم والتعمم من بعد إنما يعتمد‬
‫وتكشف ً‬
‫التعمُـــم لتحقـيق الـــذات‪ -‬الييتاجـوجـي‪ -‬نموذج لمتعمُم المستمر مدى الحياة‬ ‫‪26‬‬

‫معتمدا عمى مفاىيم أساسية ىي أن يفكر‬


‫ً‬ ‫النموذج الذي يسعى ألن ينمي استقاللية المتعمم‬
‫ويبحث ويبدع ويتعاون ويعادو إنتاج المعرفة المتجددة‪.‬‬
‫وفي نياية ىذا البحث يمكن القول أن الفكر االنساني ال يمكن أن يكون شيئًا ولكنو‬
‫معرفة متجددة يمتمكيا الجميع تطبق في الحياة من أجل الجميع‪ ،‬وليذا فقد تم التوقف‬
‫فيماسبق عمى ما يطمق عميو اآلن في األدبيات الثالث”‪.“Three gogies‬‬
27 2222 ‫ يناير‬/3‫ العدد األول –ج‬/‫العموم التربوية‬

‫مراجع مختارة‬
Argyris, C., & Schön, D. (1978). Organizational learning: A theory
of action perspective .
Blaschke, L., Heutagogy and Lifelong Learning: A Review of
Heutagogical Practice and Self-Determined Learning, the
international review of research in open and distance learning ,
Vol 13 | No Research Articles, January, 2012 p.59, available
at https://files.eric.ed.gov/fulltext/EJ979639.pdf
Blaschke, L., Chris Kenyon & Stewart Hase (Eds2014.) Experiences
in Self-determined Learning
Blaschke, L., Heutagogy and Lifelong Learning: A Review of
Heutagogical Practice and Self-Determined Learning, the
international review of research in open and distance learning ,
Vol 13 | No 1 Research Articles January 2012 p.59, available
at https://files.eric.ed.gov/fulltext/EJ979639.pdf
Brian, D., (1987). The Orthogonal Relationship between Pedagogy
and Andragogy. Australian Journal of Adult Education, v27
n3 p4-8 Nov 1987. (ERIC(Document Reproduction Service
No. EJ378404).
Bull,B.(2013,April 23), A primer on three “gogies” #Pedagogy#
Andragogy-Heutagogy -Etale- Ideas that Matter.
Conner, M. L. (1996), Learning: The Critical Technology® A
whitepaper on adult education in the information age, Wave
Technologies International, Inc.
Eberle, J. H. (2013), Heutagogy: Practical applications for all ages.
In S. Hase & C. Kenyon (Eds.)
Faure (Ed.), Learning to be: The world of education today and
tomorrow (p. 116). UNESCO Paris, 1972.
Freire, P. (1970, Pedagogy of the oppressed, Continuum .New York.
Hase.S & Kenyon. C,(2000), From andragogy to Heutagogy,
available
at:https://www.researchgate.net/publication/301339522_From
_andragogy_to_heutagogy
‫ نموذج لمتعمُم المستمر مدى الحياة‬-‫ الييتاجـوجـي‬-‫التعمُـــم لتحقـيق الـــذات‬ 28

Knowles M. (1973) The Adult Learner, Gulf Publishing Company,


Houston, Texas.
Knowles, M. S. (1970). The modern practice of adult education:
Andragogy vs. Pedagogy. New York: Association Press.
Knowles, M. S. (1972). The manager as educator. Journal of
Continuing Education and Training, 2(2), 97-105. Baywood
Publishing Company, Inc.
Knowles, M. S. (1973). The Adult Learner: A Neglected Species.
Houston: Gulf
Knowles, M. S., (1968b, October). How andragogy works in
leadership training in the Girl Scouts, No volume or page
numbers provided. However, a replica and reprint
Knowles, M. S., (1975). Self-Directed Learning: A guide for
learners and teachers. New York: Cambridge Book Company
Merriam B. Sharan.,( Spring 2001), Andragogy and Self-Directed
Learning: Pillars of Adult Learning Theory Directed Learning:
Pillars of Adult 89, , jossey-Boss. A Publishing unit of John
Wiley & Sons, Inc
Merriam B. Sharan (2004). The changing landscape of adult learning
theory. In J. Comings, B. Garner, & C. Smith (Eds.), Review
of adult learning and literacy: Connecting research, policy,
and practice (pp. 199-220). Mahwah, NJ: Lawrence Erlbaum
Associates .Publishing Company.
Richard, K., A Transformative Learning Model for Service-
Learning: A Longitudinal Case Study, Michigan journal of
community service learning ,Volume 12, Fall 2005
Siemens, G., Jan 2005,Connectivism: A Learning Theory for the
Digital Age, http://www.itdl.org/Journal/Jan_05/article01.htm
29 2222 ‫ يناير‬/3‫ العدد األول –ج‬/‫العموم التربوية‬

:‫مراجع لمزيد من التوسع في القراءة‬


Knowles, M. S. (1977). The adult education movement in the United
States. Malabar, FL: Krieger.
Knowles, M. S. (1980). The modern practice of adult education:
From pedagogy to andragogy. Englewood Cliffs: Prentice
Hall/Cambridge.
Knowles, M. S., et al. (1984). Andragogy in action: Applying modern
principles of adult education. San Francisco: Jossey-Bass.
Knowles, M. S. (1986). Using learning contracts. San Francisco:
Jossey-Bass.
Knowles, M. S. (1989). The making of an adult educator: An
autobiographical journey. San Francisco: Jossey-Bass.
.

Powered by TCPDF (www.tcpdf.org)

You might also like