You are on page 1of 19

‫أنواع العقود اإلدارية “دراسة وصفية تحليلية”‬

‫ملخص ‪ :‬‬
‫من المسلم به أن العقد الذي تبرمها اإلدارة مع احد األشخاص الطبيعية أو المعنوية ال‬
‫يختلف في مفهومه العام عن العقد المدني الذي يبرمه اإلفراد فيما بينهم حيث أن كالً منهم‬
‫يقوم على أساس توافق إرادتين بقصد القيام بالتزامات متقابلة‪ .‬وبناء على ذلك فان العقد‬
‫اإلداري يجب أن تتوافر فيه األركان العامة المتمثلة بالرضا والمحل والسبب‪ .‬بيد أن‬
‫العقدين – اإلداري والمدني – يختلفان من حيث النظام القانوني الذي يخضع لكل منهما‬
‫ومرجع هذا االختالف أن اإلدارة تبرم العقد باعتبارها سلطة عامة تتمتع بامتيازات ال‬
‫تتوافر للمتعاقد معها وذلك بهدف تحقيق أهداف أو أغراض المرفق العام الذي من اجله تم‬
‫إبرام العقد‪.‬‬
‫ومن جانب آخر ليس كل عقد تبرمه اإلدارة يكون عقدا إداريا ً ومن ثم يخضع للقضاء‬
‫اإلداري فهناك عقود تخضع للقضاء العادي على الرغم من كون اإلدارة طرفا ً فيها وهي‬
‫عقود اإلدارة الخاصة‪.‬‬
‫المنهجية المتبعة‪:‬‬
‫اعتمد الباحث في دراسته المنهج الوصفي ألنه اعتمد على الظاهرة كما توجد في الواقع‬
‫ويهتم بوصفها وصفا دقيقا ألنه المناسب لهذا الموضوع‪ ،‬واستعملنا عدة ومراجع مكتبية‬
‫ولإللمام بمختلف جوانب هذا الموضوع‪E.‬‬
‫وتلخص في اآلتي النتائج والتوصيات حال دراساتنا للعقود اإلدارية‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬النتائج‪:‬‬
‫ﻤﻥ ﺨﻼل ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺔ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻠﻴﺔ ﺍﻟﺴﺎﺒﻘﺔ ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻟﺨﺭﻭﺝ ﺒﻤﺠﻤﻭﻋﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻨﺘﺎﺌﺞ أهمها‪:‬‬
‫إن اإلدارة عند إبرامها لما تحتاجه من عقود قد تتصرف كشخص عادي وبالتالي‬ ‫‪‬‬
‫تخضع لما يخضع له الشخص العادي من قواعد مدنية وتخضع ألحكام القضاء‬
‫اإلداري فيما يتعلق بأعمال اإلدارة‪.‬‬
‫عليه يكون العقد إداريا ً وبالتالي يخضع لنظام العقود اإلدارية إذا كان أحد أطرافه‬ ‫‪‬‬
‫شخص معنوي عام واستخدم ماله من سلطات وامتيازات واتصال موضوع العقد‬
‫بمرفق العام‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬اﻟﺘﻭﺼﻴﺎت‪ :‬‬
‫ﻤﻥ ﺨﻼل ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺔ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻠﻴﺔ ﺍﻟﺴﺎﺒﻘﺔ ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻟﺨﺭﻭﺝ ﺒﻤﺠﻤﻭﻋﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻭﺼﻴﺎﺕ ﻨﺫﻜﺭ ﻤﻨها‪:‬‬
‫نقترح وضع نظام قانون خاص بالعقود اإلدارية مواكبا ً للتطور الحاصل في العالم‬. 
‫واالتجاهات الحديثة نحو إدارة المرافق العامة من قبل أشخاص القانون الخاص‬
.‫المتمثل بالشركات العمالقة أو الشركات الدولية‬
‫أن يكون النظام القانوني للعقود اإلدارية نظاما مرنا ً يسهل عمل األشخاص الخاصة‬ 
‫( الشركات ) والتعاون مع الدولة لغرض تطوير السلع والخدمات التي تقدمها‬
. ‫المنظمات الحكومية‬
-:Summary
It is recognized that the contract entered into by the administration
with a natural or legal person does not differ in its general concept
from the civil contract that the individuals enter into among
themselves, since each of them is based on the compatibility of two
wills with the intention of performing opposite obligations.
Accordingly, the administrative contract must have the general staff
of consent, place and reason. However, the two contracts –
administrative and civil – differ in terms of the legal system that is
subject to each of them and the reference for this difference is that
of administration The contract is concluded as a public authority
enjoying privileges not available to the contracting party with the aim
of achieving the goals or objectives of the public facility for which the
.contract was concluded
On the other hand, not every contract concluded by the
administration is an administrative contract, and then it is subject to
.the administrative judiciary
:Methodology used
The researcher adopted in his study the descriptive approach
because it relied on the phenomenon as it exists in reality and is
concerned with describing it accurately because it is appropriate for
this topic, and we used several library references and for familiarity
.with various aspects of this topic
The results and recommendations of our administrative contracts
:studies are summarized in the following
:First: Results
Through the previous analytical study, a set of results can be drawn
:up, the most important of which are
The administration, upon concluding the contracts it needs, may -1
act as a normal person and thus subject to the civil rules to which the
ordinary person is subject and subject to the provisions of the
administrative judiciary with regard to the work of the
.administration
Accordingly, the contract is administrative and therefore subject -2
to the administrative contract system if one of its parties is a public
legal person and uses his money from the powers, privileges and
.connection of the subject of the contract to the public facility
:Second: Recommendations
Through the previous analytical study, it is possible to come up with a
:set of recommendations, including
:‫المقدمة‬
‫ نحمده‬،‫ والذي شملت رحمته كل الوجود‬،‫الحمد هلل الواحد األحد الذي عمت بحكمته الوجود‬
،‫ ونشهد أنه ال إله إال هو وحده ال شريك له‬،‫هللا سبحانه وتعالى ونشكره بكل لسان محمود‬
‫ كما توعد‬،‫ وعد سبحانه وتعالى من أطاعه بالعزة‬،‫له الحمد وله الملك وهو الغفور الودود‬
‫ صاحب المقام‬،‫ ونشهد أن نبينا محمداً بن عبد هللا هو عبده ورسوله‬،‫من عصاه بالنار‬
.ً‫ وصل هللا عليه وسلم تسليما ً كثيرا‬،‫ والحوض المورود‬،‫المحمود‬
:‫وبعد‬
،‫لقد شهد القرن الحالي تطوراً هائالً في مجال تدخل الدولة واتساع مجاالت السلطة العامة‬
‫فقد بلغ اتساع نشاط الدولة وازدياد مجاالتها حداً كبيراً في جميع النواحي االقتصادية‬
‫ فضالً عن أنها‬،‫ فهي تقوم بدور الموجه والمخطط والمنظم والمنتج‬،‫واالجتماعية والثقافية‬
‫ كانت‬،‫ فبعد أ‬،‫أصبحت تحتل مجاالت عديدة من النشاط االقتصادي كانت حكراً على األفراد‬
‫وظيفة الدولة تقتصر على حماية األمن الداخلي والدفاع الخارجي والقضاء أصبحت‬
.‫وظيفتها اليوم واسعة ومتشبعة من خالل إشرافها على جميع نواحي الحياة‬
‫وبناء على ذلك فإن الحاجة الملحة للدولة تقتضي وجود مرافق مختلفة األداء وظيفتها‬
‫الجديدة‪ ،‬وتزداد حاجة للدولة إلى إقامة هذه المرافق كما تعاظم دورها في النشاط‬
‫االقتصادي واالجتماعي والثقافي بتأثير المفاهيم االشتراكية‪ ،‬وعلى ضوء خطط التنمية‬
‫االقتصادية‪.‬‬
‫ولكي تؤمن الدولة أداء وظيفتها وإشباع حاجات الجمهور وانجاز المشروعات االقتصادية‬
‫وخاصة مشروعات خطط التنمية‪ ،‬فإنها تلجأ إلى أهم الوسائل التي تكفل لها حسن أداء هذه‬
‫المهمة‪.‬‬
‫ولع العقود اإلداري هو انجح أسلوب لقيام اإلدارة بهذه المهمة‪ ،‬بيد أن اإلدارة كثيراً ما تلجأ‬
‫عند ممارسة نشاطها إلى طريقة التعاقد‪ ،‬سواء كان ذلك التعاقد بين الهيئات اإلدارية ذاتها أو‬
‫بينها وبين األفراد أو الشركات الخاصة لغرض إدارة المرافق العامة وتسييرها‪ ،‬أو ألجل‬
‫إقامة المنشآت واألشغال العامة‪.‬‬
‫أهمية البحث‪ :‬بيان ماهية العقود اإلدارية من مفهوم وعناصر العقود اإلدارية ومن ثم‬
‫توضيح أنواع العقود اإلدارية وأهداف هذه العقود‪.‬‬
‫مشكلة البحث‪ :‬مدى كفاية النظم القانونية التي تنظم موضوع إبرام العقود اإلدارية ومدى‬
‫توافر خصائص العقد اإلداري ما بين اإلدارة والجهة المتعاقدة معها ومدى إمكانية توافر‬
‫أركان وعناصر التعاقد في العقود اإلدارية‪.‬‬
‫تساؤالت الدراسة‪:‬‬
‫ما هي العقود اإلدارية؟‬ ‫‪‬‬
‫ما هي خصائص العقود اإلدارية؟‬ ‫‪‬‬
‫أركان العقد اإلداري؟‬ ‫‪‬‬
‫ما هي أنواع العقود اإلدارية؟‬ ‫‪‬‬
‫من هي الجهة المختصة في إبرام العقود اإلدارية؟‬ ‫‪‬‬
‫الفرضيات‪:‬‬
‫وضع آلية وإجراءات محددة للعقد اإلداري وتحديد التزامات وواجبات كل متعاقد‬ ‫‪‬‬
‫بحق المتعاقد اآلخر‪.‬‬
‫وضع قانون خاص يوضح وينظم أحكام العقود اإلدارية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫أهداف البحث‪:‬‬
‫الهدف من هذه الدراسة هو بيان مفهوم العقود اإلدارية وتأثيرها الملحوظ على المرافق‬
‫العامة وما هي أبعاد العقود اإلدارية‪ ,‬وﺍﻟﻭﻗﻭﻑ ﻋﻠﻰ ﺃﺒﻌﺎﺩ توافر أركان التعاقد‪ ,‬وﺒﻴﺎﻥ أنواع‬
‫العقود اإلدارية‪.‬‬
‫الزمان فقط دون المكاني في بيان مفهوم وأنواع‬
‫ِ‬ ‫نطاق وحدود‪ :‬لقد اتبعت في البحث النطاق‬
‫العقود اإلدارية بشكل عام‪.‬‬
‫منهجية‪ 6‬البحث اتبعت المنهج التحليلي الوصفي حيث تم عرض المعلومات المتعلقة‬
‫بموضوع البحث مع وصف ما يتعلق بها‪.‬‬
‫هيكلية البحث‪ :‬تتألف خطة البحث من المقدمة السابقة ومبحثين‪ ،‬وخاتمة على النحو اآلتي‪:‬‬
‫مقدمة‪6.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬ماهية العقود اإلدارية‪6.‬‬
‫وفي ِه مطلبان‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مفهوم العقد اإلداري‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أركان العقد اإلداري‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬طبيعة عقد القرض العام‪.‬‬
‫وفي ِه مطلبان‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬آلية تقسيم العقود اإلدارية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أنواع العقود اإلدارية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫مقدمة‪6:‬‬
‫انتشرت المبادئ االشتراكية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر وعمت أرجاء العالم‬
‫ولم تخلو دولة من دول العالم إال وباتت تعتنق تلك المبادئ واألفكار أو على األقل شغلت‬
‫عقول وأذهان بعض رواد الفكر فيها وبعض التطبيقات العلمية فيما يتعلق بكيفية تيسير‬
‫وتنظيم المرافق العامة المختلفة ‪ .‬ولقد ترتبت على ذلك أن صارت الدولة تتدخل في العديد‬
‫من أوجه وأنشطة المجاالت الخاصة التي لم تكن تطرق لها من قبل بل أصبحت تقوم‬
‫بأنشطة وعالقات كتلك التي يقوم بها األفراد في مجال القانون الخاص‪)]1[(.‬‬

‫والعقد اإلداري ما هو إال عقد بين شخصين من أشخاص القانون العام أو شخصين احدهما‬
‫عام واآلخر خاص بقصد تسيير مرفق عام‪ ،‬ولكن ليس كل عقد تبرمه اإلدارة يعد عقدا‬
‫إداريا بل البد أن تكون للعقد صلة بالمرفق العام وفي هذا القول عملت محكمة القضاء‬
‫اإلداري في مصر حكمها الصادر في ‪ 24‬فبراير سنة ‪ 1957‬س ‪ 13‬ص ‪ ” 557‬أن العقد‬
‫المبرم بين شخص معنوي وبين احد األفراد ال يستلزم بذاته اعتبار العقد من العقود اإلدارية‬
‫بل إن المعيار المميز لهذه العقود عما سواها من عقود القانون الخاص ليس في صفة‬
‫المتعاقد بل في موضوع العقد نفسه متى اتصل بمرفق عام من حيث تنظيم المرفق وتيسيره‬
‫أو إدارته أو استغالله أو المعاونة أو المساهمة فيه “‪.‬‬
‫فإذا كنا بصدد أداة العقود التي قد تلجأ لها اإلدارة لتحقيق أهدافها‪ ،‬نجـد أن العقد ال ينعقد وال‬
‫يكون له وجـود ‪ ،‬إال بالتقـاء إرادة اإلدارة مـع إرادات أخرى‪ ،‬منفردة أو في شكل تجمعات‬
‫قانونية ‪ ،‬تنتمي ألشخاص القانون الخاص أو كانت من أشخاص القانون العام‪)]2[(.‬‬

‫وإذا كان العقد اإلداري يختلف عن العقد المدني في أن األول يتطلب إلبرامه مجموعة‬
‫خاصة من اإلجراءات والشكليات الضروري‪ E‬وفي انه البد من أن يتصل بنشاط مرفق عام‬
‫تديره الدولة أو احد األشخاص المعنوية العامة بالطريق المباشر أو الغير مباشر إال انه ال‬
‫يفترق عنه في أن كالهما يترتب عليه العديد من االلتزامات القانونية التعاقدية المتبادلة بين‬
‫كال المتعاقدين بأن اخطأ في تنفيذ بنود التعاقد أو لم يقم بتنفيذها على النحو المتفق عليه أو‬
‫تراخى أو أهمل في التنفيذ أو خل بالبنود المالية التي تم التعاقد بناء عليها أو حث اإلخالل‬
‫تحت أي وصف من األوصاف األخرى فان ذلك يترتب عليه بال شك قيام المسئولية‬
‫التعاقدية تجاه الطرف اآلخر‪)]3[(.‬‬

‫وباعتبار ما تعقده اإلدارة عقداً ‪ ،‬فإنه يخضع في تكوينه للقواعد العامة في العقود‪ ،‬حسبما‬
‫تنظمها النظرية العامة في العقود في القانون الخاص‪ ،‬والتي تعلن أن عناصر العقد – أي‬
‫عقد – تكاد تنحصر في الرضا والسبب والمحل‪ .‬وتتميز عقود أشخاص القانون الخاص ‪،‬‬
‫بأنها يتم انعقادها بين أطـراف ذوي إرادات متساوية‪ ،‬مما يجعل تطبيق القانون عليها‬
‫ميسوراً‪ ،‬فضالً عن أنها عقود قديمة‪ ،‬وأنها تخضع لقواعد القانون الخاص القديمة كذلك‪.‬‬
‫وفي الجانـب اآلخر فإن العقد اإلداري‪ ،‬عقد يتم عقده بين اإلدارة العامة وآخرين‪ ،‬والقاعدة‬
‫أن لإلدارة العامة هدف متفق عليه‪ ،‬تسعى لتحقيقه‪ ،‬وهو هدف الصالح العام‪ ،‬فـيحين أن‬
‫المتعاقد مع اإلدارة – وهو في الغالب األعم من أفراد القانون الخاص– يسعى لتحقيق‬
‫صالحه الخاص‪ ،‬وأنه ال يهتم بالصالح العام‪ ،‬وال يسعى لتحقيق الصالح العام‪.‬‬
‫يعتبر العقد اإلداري اتفاقية مُبرمة بين طرفين أحدهما شخصية عامة‪ ،‬ويتم عقد سعيا ً إلدارة‬
‫مرفق عام أو تسييره وفقا ً للقانون العام‪ ،‬وتدخل في هذه االتفاقية بعض الشروط االستثنائية‬
‫غير المألوفة ضمن التعامالت الفردية‪  ,‬ولكن ال ب ّد من التنويه إلى أنّ ليس كل عقد أو‬
‫اتفاقية تبرمها اإلدارة يعتبر عقداً إداريا ً خاضعا ً ألحكام القانون العام‪)]4[(.‬‬

‫وإذا كان العقد اإلداري يختلف عن العقد المدني في أن األول يتطلب إلبرامه مجموعة‬
‫خاصة من اإلجراءات والشكليات الضروري‪ E‬وفي انه البد من أن يتصل بنشاط مرفق عام‬
‫تديره الدولة أو احد األشخاص المعنوية العامة بالطريق المباشر أو الغير مباشر إال انه ال‬
‫يفترق عنه في أن كالهما يترتب عليه العديد من االلتزامات القانونية التعاقدية المتبادلة بين‬
‫كال المتعاقدين بأن اخطأ في تنفيذ بنود التعاقد أو لم يقم بتنفيذها على النحو المتفق عليه أو‬
‫تراخى أو أهمل في التنفيذ أو خل بالبنود المالية التي تم التعاقد بناء عليها أو حث اإلخالل‬
‫تحت أي وصف من األوصاف األخرى فان ذلك يترتب عليه بال شك قيام المسئولية‬
‫التعاقدية تجاه الطرف اآلخر‪)]5[(.‬‬

‫المبحث األول ‪ :‬ماهية العقد اإلداري‬


‫ويشتمل هذا المبحث على مطلبين أساسيين وهما‪:‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬مفهوم العقد اإلداري‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬أركان العقد اإلداري‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬مفهوم العقد اإلداري‬
‫من خالل ما تقدم يمكن تعريف العقد اإلداري‪ :‬هو العقد الذي يبرمه شخص معنوي من‬
‫أشخاص القانون العام بقصد إدارة مرفق عام بمناسبة تسييره وأن تظهر نيته في األخذ‬
‫بأسلوب القانون العام وذلك بتضمين العقد شرطا ً أو شروطا ً غير مألوفة في عقود القانون‬
‫الخاص‪)]6[(.‬‬

‫كما وعرفه الدكتور سليمان محمد الطماوي‪ ،‬بأنه‪ :‬هو العقد الذي يبرمه شخص معنوي عام‬
‫بقصد تسيير مرفق عام أو تنظيمه‪ ،‬وتظهر في نية اإلدارة في األخذ بأحكام القانون العام‪،‬‬
‫وآية ذلك أن يتضمن شروطا ً استثنائية وغير مألوفة في القانون الخاص أو يخول المتعاقد‬
‫مع اإلدارة االشتراك مباشرة في تسيير المرفق العام‪ .‬لكن ليس كل عقد تبرمه اإلدارة مع‬
‫فرد أو هيئة خاصة يعتبر حتما ً والضرورة‪ E‬عقداً إدارياً‪ ،‬في الواقع األصل العام في عقود‬
‫اإلدارة العامة أنها عقود إدارية تخضع بهذه الصفة ألحكام القانون اإلداري التي تختلف عن‬
‫القانون المدني والقواعد التي تضمنها بالنسبة لعقود األفراد فيما بينهم‪.‬‬
‫غير أنه إلى جانب هذا األصل العام أي بجانب العقود اإلدارية قد تبرم السلطات اإلدارية‬
‫عقوداً مدنية خاصة أي غير عادية‪ ،‬تماما ً مثل أي عقد مدني أو تجاري بين فرد وفرد آخر‬
‫فقد تستأجر اإلدارة أحد العقارات أو الشقق بعقد إيجار مدني عادى أي قد تبيع بعض‬
‫محاصيل مزرعة خاصة تابعة للدولة ( من أموال الدولة الخاصة )‪ .‬وهذه العقود المدنية أو‬
‫الخاصة لإلدارة ال تعتبر عقوداً إدارية بالمعنى الدقيق وال ينطبق عليها كأصل عام النظام‬
‫القانوني للعقد اإلداري طبقا ً للقانون اإلداري وإنما ينطبق عليها القانون المدني‪)]7[(E.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬أركان العقد اإلداري‬


‫من المهم أن نعرف متى يكون العقد الذي تبرمه اإلدارة عقداً إداريا ً الن ليس كل عقود‬
‫اإلدارة لها صفة العقود اإلدارية حيث أن اإلدارة – كما قلنا – يمكنها أن تبرم عقوداً مدنية‬
‫تخضع للقانون المدني‪ .‬وأهمية التفرقة بين العقود اإلدارية وعقود اإلدارة المدنية هي أنه من‬
‫ناحية أولى تخضع العقود المدنية لقواعد القانون المدني والقانون الخاص ومن ناحية ثانية‪،‬‬
‫تخضع العقود اإلدارية عند حدوث منازعات بشأنها الختصاص مجلس الدولة أي القضاء‬
‫اإلداري بينما تخضع المنازعات المتولدة عن العقود المدنية لمحاكم القضاء العادي‪)]8[(.‬‬

‫نجد أن المعيار المستقر للعقد اإلداري هو معيار يتضمن شروطا ً ثالثة يجب توافرها جميعاً‪،‬‬
‫بحيث إذا تخلف واحد منها فقط ال يصبح العقد إداريا ً‪  ‬بل عقدا مدنيا ً من عقود القانون‬
‫الخاص‪ ،‬وهذه الشروط الثالثة هي على التوالي‪ ،‬أن يكون أحد طرفي العقد شخصا ً معنويا ً‬
‫عامة وأن يتعلق العقد بإدارة مرفق عام – وأخيراً أن يتضمن العقد شروطا ً غير مألوفة في‬
‫عقود القانون الخاص ولنتناول بالتفصيل هذه الشروط الثالثة التي تكون في مجموعها معيار‬
‫العقد اإلداري‪)]9[(.‬‬

‫نخلص من هذه األحكام أن القضاء لم يستقر على معيار واحد للتمييـز بـين العقد اإلداري‬
‫وغيره من عقود القانون الخاص‪ ،‬وإنما استند في ذلك إلى عـدد من العناصر‪ ،‬إذا توافرت‬
‫كان العقد إداريا ً وإذا تخلفت كان العقد مدنيا ً ويمكن القول بأن عناصر التمييز حسبما جاء‬
‫بأحكام القضاء‪ ،‬تنحصر‪ 6‬في ثالث أركان‪)]10[(.‬‬

‫أوالً‪ :‬أن يكون أحد طرفي العقد شخصا ً من أشخاص القانون العام‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬أن يتعلق العقد بإدارة مرفق عام‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬أن يتضمن العقد شروطا ً استثنائية غير مألوفة في عقود القانون الخاص‪.‬‬
‫وبناء على ذلك سيتم شرح أركان العقد اإلداري‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬أن يكون أحد طرفي العقد شخصا ً من أشخاص القانون العام‪:‬‬
‫أمر طبيعي أن تكون اإلدارة أحد أطراف العقد ‪:‬ويعتبر هذا العنصر من البديهيات‪ ،‬ذلك أنه‬
‫ال يجوز أن يوصف عقـد بأنه إداري‪ ،‬إال إذا كان أحد أطرافه على األقل جهة إداريـة‪ ،‬وإذا‬
‫كـان مـن الجائز والمقبول أن تكون اإلدارة طرفا ً في عقد مدني غير إداري‪ ،‬فإنه ليس من‬
‫المقبول أن يوصف عقد بأنه إداري‪ ،‬حالة أن جميع أطرافه من أشخاص القانون الخاص‪،‬‬
‫فالعقد الذي ال يكون أحد أطرافه من أشخاص القانون العام‪ ،‬ال يجوز اعتباره عقداً إداريا ً‬
‫على اإلطالق‪.‬‬
‫وينتج عن هذا الشرط األول أن العقود التي يكون أطرافها جميعا ً‪  ‬من أشخاص القانون‬
‫الخاص ( أفراد‪-‬شركات‪-‬جمعيات‪-‬نوادي‪ -‬نقابات‪-‬مؤسسات خاصة) ‪ ،‬فإن هذه العقود ال‬
‫تكتسب أبداً صفة العقود اإلدارية حتى ولو تصورنا أن موضوع العقد تعلق بمرفق عام‬
‫وحتى لو كان أحد طرفيه هيئة خاصة تخضع لرقابة قوية من الدولة‪.‬‬
‫ومع ذلك في حالة استثنائية واحدة فقط يمكن أن تكون العقد المبرم بين شخصين من‬
‫أشخاص القانون الخاص عقداً إداريا ً وهي حالة ما إذا كان أحد طرفي هذا العقد قد أبرم‬
‫العقد ليس لحسابه الخاص وإنما لحساب شخص معنوي عام‪،‬‬
‫فهنا يعتبر العقد إداريا ُ على أساس أن المتقاعد الخاص كان بمثابة وكيل عن الشخص العام‬
‫واألمر كما نرى ليس استثناء حقيقيا ً ألن العقد في النهاية لن يترتب آثاره في ذمة المتقاعد‬
‫وإنما سيرتبه إيجابيا ً أو سلبيا ً في ذمة الشخص العام الذي أبرم العقد لحسابه‪)]11[(.‬‬

‫ثانيا‪ :‬أن يتعلق العقد بإدارة مرفق عام‪:‬‬


‫هذا الشرط الثاني ضروري يتحصل في أن موضوع العقد يجب أن يتصل بمرفق عام‪،‬‬
‫وحكمة هذا الشرط أن ضرورات أو مقتضيات المرافق العامة وسيرها بانتظام وباضطراد‬
‫هي التي تبرر النظام القانوني االستثنائي أي أن المتغير للعقود اإلدارية ذلك النظام الذي‬
‫يختلف عن القانون الخاص في كثير من نواحيه سواء في حقوق اإلدارة المتعاقدة أم في‬
‫حقوق والتزامات المتعاقد معها‪ .‬والمرفق العام الذي يجب أن يتصل به العقد يأخذ التعريف‬
‫أو المعنى المحدد له في القانون اإلداري كنشاط تتواله اإلدارة إدارته ويستهدف تحقيق النفع‬
‫العام مباشرة ‪.‬‬
‫لكن اتصال العقد اإلداري بالمرفق العام ليس له صورة بذاتها‪ :‬فقد يتصل العقد بتنظيم‬
‫المرفق واستغالله أو تسييره أو بالمعاونة في تسييره وإدارته عن طريق توريد مواد أو‬
‫خدمات أو غير ذلك من صور االتصال‪]12[.‬‬
‫ويعتبر عنصر تعلق العقد بمرفق عام من أهم العناصر المميزة للعقـد اإلداري عن غيره مما‬
‫تعقده اإلدارة من عقود‪)]13[(.‬‬

‫ثالثاً‪ :‬أن يتضمن العقد شروطا ً استثنائية غير مألوفة في عقود القانون الخاص‪:‬‬
‫رأينا أن عنصر كون الدولة أحد أطراف العقد ال يكفي وحده للقول بأن العقد إداري‪ ،‬وذلك‬
‫ألن الدولة أو اإلدارة قد تتعاقد بأساليب القـانون الخاص وتخضع نفسها وعقدها لقواعد‬
‫وأحكام القانون الخاص ورأينا كذلك أن اتصال العقد بمرفق عام‪ ،‬ال يصلح وحده كذلك‬
‫للقـول بأن العقد إداري‪ ،‬وذلك للتطور الكبير الذي تعرض له القانون اإلداري‪ ،‬والذي أدى‬
‫إلى العدول عن الفكرة التي اتخذت من المرفق العام‪ ،‬أساسا ً لكل عالقـات ومبادئ وأفكار‬
‫ونظريات القانون اإلداري‪ ،‬وذلك بعد أن دخل في عداد المرافق العامة التقليدية‪ ،‬مرافق‬
‫عامة اقتصادية‪ ،‬فرضت طبيعتها على اإلدارة أن تديرها بأحكام ومبادئ القانون الخاص‬
‫المدني وهكذا لم يعد عنصر اتصال العقد بمرفق عام عنصراً مميزاً للعقد اإلداري‪ .‬ولهذآ‬
‫استقر القضاء اإلداري في كل من مصر وفرنسا‪ ،‬واتفـق الفقـه كذلك‪ ،‬على أن العنصر‪E‬‬
‫المميز الرئيسي‪ ،‬من بين العناصر الثالثة المميزة للعقد اإلداري‪ ،‬هو العنصر المتمثل في‬
‫أخذ اإلدارة في العقد بوسائل القـانون العـام وأساليبه‪ ،‬وهو ما يعني تضمن العقد لشروط‬
‫استثنائية‪ ،‬غير مألوفة في مجـال عقود القانون الخاص‪)]14[(.‬‬

‫وهذه الشروط االستثنائية غير مألوفة هي عبارة عن شروط يحتويها العقد المبرم بين‬
‫اإلدارة والفرد المتقاعد معها والتي ال يجوز قانونا ً لألفراد في القانون الخاص ارتضاها‬
‫وقبولها أي حتى إذا لم تكن محرمة في القانون الخاص ” وغير مألوفة” لديهم فهذه الشروط‬
‫االستثنائية هي إذن بإيجاز إما شروط غير جائزة في القانون الخاص أو جائزة ولكنها غير‬
‫مألوفة ونادرة في عقود األفراد الخاصة‪)]15[(.‬‬

‫ومن أمثلة هذه الشروط االستثنائية أو الغير مألوفة‪ :‬أن تعطي اإلدارة نفسها الحق في تعديل‬
‫العقد وشروطه في أي وقت أو الحق في فرض جزاءات على المتقاعد معها في بعض‬
‫الحاالت أو الحق في إلغاء العقد في أي وقت وبدون إنذار أو حتى بدون تعويض‪.‬‬
‫وحكمة اشتراط القضاء اإلداري لشرط يتضمن العقد شروطا ً استثنائية أو غير مألوفة حتى‬
‫يكتسب العقد الطابع اإلداري هي أن صلة العقد بالمرفق العام‪ -‬وإن كان ضرورية‪ -‬إال أنها‬
‫غير كافية بالمرة لكي تجعل من عقود اإلدارة عقوداً إداريا ً ‪.‬‬
‫فاشتراط وجود شروط استثنائية غير مألوفة ضروري من حيث أنه العقد يعبر عن إراداتها‬
‫في استعمال وسائل القانون العام بما تتضمنه من امتيازات السلطة العامة‪ .‬غير أنه ليس‬
‫بضرورة أن يتضمن العقد عدة شروط غير مألوفة أو استثنائية إذ انه من الممكن أن يكفى‬
‫وجود شرط واحد غير مألوف‪.‬‬
‫وأخيراً الشروط غير مألوفة وإن كان غالبا ً ما يتضمنه العقد نفسه إال أنه من الممكن أن‬
‫تكون موجودة خارجة من فانون أو الئحة إذ كان العقد يحيل إلى ذلك القانون أو تلك الالئحة‬
‫ومثال ذلك أن يحيل‪  ‬العقد إلى أحكام قانون المناقصات والمزايدات‪ E‬أو الئحته التنفيذية‬
‫كانت هذه الشروط الثالثة التي يتطلب ضرورة‪ E‬توافرها جميعا ً حتى يعتبر عقداً من العقود‬
‫عقداً إداريا ً بما يترتب على ذلك من آثار ومن أهمها خضوع العقد لنظام العقد اإلداري‬
‫المختلفة عن القانون الخاص وخضوع منازعاته لقضاء مجلس الدولة ( وليس القضاء‬
‫العادي )‪)]16[(.‬‬

‫وال كن يجب التنويه انه ليس كل عقد تبرمه جهة إدارية بعقد إداري حتما ً فكثيراً ما تلجأ‬
‫هذه الجهة وهي في سبيل استغالل أموالها الخاصة‪ ،‬إلى إبرام عقود بينها وبين جهة إدارية‬
‫أخرى‪ ،‬أو بينها من جهة وبين بعض األشخاص من جهة أخرى في ظل قواعد القانون‬
‫الخاص فيختص بها قاضى القانون الخاص وال تعنى بأمرها مبادئ القانون اإلداري‪.‬‬
‫وإنما تتميز العقود اإلدارية عن العقود المدنية بطابع معين مناطه احتياجات المرفق العام‬
‫الذي يستهدف العقد اإلداري تسييره وتغليب وجه المصلحة العامة عن مصلحة األفراد‬
‫الفردية الخاصة غير متكافئة‪.‬‬
‫المبحث الثاني تقسيمات العقود اإلدارية وسنتناول في هذا المبحث مطلبين أساسيين‬
‫وهما‪:‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬آلية تقسيم العقود اإلدارية‬ ‫‪‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬أنواع العقود اإلدارية‪6‬‬ ‫‪‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬آلية تقسيم العقود اإلدارية‬
‫نخصص هذا الفصل للتعـرض ألهـم أنواع تقسيم العقـود اإلداريـة بالدراسـة والتمحيص‪،‬‬
‫وهي دراسة من شأنها تعميق فكرة العقـد اإلداري وترسـيخها‪ ،‬ونرى – قبل الدخول بالبحث‬
‫في عقود معينة – أن نوضح التقسيم الذي يعنون له بـ “العقود اإلدارية المسماة‪ ،‬والعقود‬
‫اإلدارية بطبيعتها”‪.‬‬
‫للعقود اإلدارية تقسيمات عديـدة‪ ،‬تتنـوع وتـصنف حـسب الزاويـة المنظور منها‪.‬‬
‫وأشهر هذه التقسيمات‪ ،‬تقسيم العقود اإلدارية إلى عقود إدارية مسماة وعقود إدارية غير‬
‫مسماة أو العقود اإلدارية بطبيعتها‪.‬‬
‫ويقصد بالعقود اإلدارية المسماة‪ ،‬تلك العقود اإلدارية التي نظم القـانون أحكامها‪ ،‬ووضع لها‬
‫نظاما ً قانونيا ً محدداً‪ ،‬وجعل لها اسما ً ‪ ،‬هذه العقود توصف بأنها إدارية ألن القانون وصفها‬
‫بهذه الصفة‪ ،‬ووضع أحكامها على هذا األساس وألن القانون سماها وحدد أحكامها‪ ،‬فال‬
‫يجوز البحث في صفتها‪ ،‬فهي عقـود إدارية بال خالف‪ ،‬وبغير حاجة إلى بحث‪ ،‬فهي لذلك‬
‫عقود إدارية مسماة‪ ،‬إشارة إلى أن القانون سماها ووصفها بأنها إدارية‪ ،‬فهي عقود إدارية‬
‫بقوة القانون‪ ،‬فال خالف حول صفتها‪ ،‬وال مجال للجدال في هذه الصفة‪)]17[(.‬‬

‫ومن أمثلة العقود اإلدارية المسماة‪ ،‬ما جاء ذكره بقانون مجلس الدولـة المصري الرقيم ‪٤٧‬‬
‫لسنة ‪ ، ١٩٧٢‬وهي عقد امتياز المرافق العامـة‪ ،‬وعقـد األشغال العامة وعقد التوريد‪ ،‬ومنها‬
‫ما أضافه قانون مجلس الدولة الفرنسي وهي عقد النقل وعقد تقديم المساعدة أو المساهمة‬
‫وعقد القرض العام ثم عقـد إيجار الخدمات‪.‬‬
‫وعلى ما هو معروف‪ ،‬فإن النصوص متناهيـة وأن الحادثـات غيـر متناهية‪ .‬فمهما كان بعد‬
‫نظر المشرع واتساع رؤيته‪ ،‬فإنه ال يستطيع أن يـأتي بنصوص تحكم كل ما سيقع أو يكون‪،‬‬
‫ومن ناحية أخرى فإنـه ال يتـصور‪ E‬أن تقف اإلدارة مكتوفة األيدي‪ ،‬إزاء ما تواجهه من‬
‫أمور تحتاج إلى عقود مما ال يندرج تحت أي من العقود التي نظمها المشرع وسماها‪ ،‬من‬
‫هنا كان لـإلدارة سلطة إبرام عقود ال تدخل تحت أي عقد من العقود المسماة‪ ،‬وهذه عقود‬
‫إدارية متى استوفت شرائط العقود اإلدارية‪ ،‬على النحو الذي شـرحناه فـي الفـصل السابق‪،‬‬
‫ولقد أطلق على هذه العقود تسمية العقود اإلدارية غير المسماة‪ ،‬وسميت كذلك بالعقود‬
‫اإلدارية بطبيعتها‪.‬‬
‫وبديهي أن ال تقع العقود اإلدارية غير المسماة تحـت حـصر‪ ،‬فإنهـا متجددة متغيرة بتجدد‬
‫الحاجات وتغير الظروف‪ ،‬في حين أن العقـود اإلداريـة المسماة‪ ،‬عقود محددة وعلى سبيل‬
‫الحصر‪.‬‬
‫العقود اإلدارية كثيرة ومتنوعة ‪ ،‬فكل عقد تبرمه سلطة إدارية عامة طبقا ً لشروط المعيار‬
‫العقد اإلداري يعتبر عقداً إدارياً‪)]18[(.‬‬
‫المطلب الثاني أنواع العقود اإلدارية – سنتناول أهم ثالثة عقود إدارية أشارت إليها اغلب‬
‫التشريعات العربية‪ 6‬وهذه العقود وهي‪)]19[(:‬‬

‫‪ -1‬عقد االلتزام أو االمتياز‪.‬‬


‫‪ -2‬عقد األشغال العامة‪.‬‬
‫‪-3‬عقد التوريد‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬عقد االلتزام أو االمتياز‪:‬‬
‫يعد عقد االلتزام من أهم العقود اإلدارية‪ ،‬ألنه يمنح فرد أو شركة الحق بإدارة واستغالل‬
‫مرفق من المرافق العامة‪.‬‬
‫و عرفته محكمة القضاء اإلداري المصرية بقولها “‪ ..‬إن التزام المرافق العامة ليس إال عقداً‬
‫إداريا ً يتعهد أحد األفراد أو الشركات بمقتضاه بالقيام على نفقته وتحت مسئوليته المالية‬
‫بتكليف من الدولة أو إحدى وحداتها اإلدارية‪ ،‬وطبقا ً للشروط التي توضع لها‪ ،‬بأداء خدمة‬
‫عامة للجمهور وذلك مقابل التصريح له باستغالل المشروع لمدة محددة من الزمن‬
‫واستيالئه على األرباح “‪.‬‬

‫ويمكننا عرض الخصائص العامة األساسية لعقد التزام المرافق العامة بالشكل التالي‬
‫([‪]20‬‬

‫نظراً ألن التزام المرافق العامة أسلوب استثنائي إلدارة بعض المرافق العامة االقتصادية‬
‫عن طريق هيئة خاصة ‪ ،‬فال بد من رقابة قوية وإشراف فعال من اإلدارة المتعاقدة مانحة‬
‫االلتزام والجهة اإلدارية قد تكون الدولة أو السلطة من السلطات المحلية الالمركزية‪.‬‬
‫االلتزام له دائما ً مدة محدودة‪ ،‬وهي إذا كانت تتميز بطولها عادة إال أنها ال يمكن أن تزيد في‬
‫كل األحوال عن ثالثين سنة طبقا ً لقانون التزامات المرافق العامة‪ .‬وشرط المدة ركن في‬
‫العقد ألنه ليس متصوراً أن يمنح االلتزام إلى ما ال نهاية ألنه استثناء من القاعدة التي‬
‫تقضى بإدارة المرافق العامة عن طريق األشخاص اإلدارية العامة (الدولة‪-‬الهيئات‪-‬المحلية‪-‬‬
‫الهيئات العامة)‪.‬‬
‫وفي نظام االلتزام يتولى إدارة واستغالل المرفق الشخص من أشخاص القانون الخاص‪،‬‬
‫وقد يكون فرداً ولكن عادة تكون شركة قادرة على الوفاء باألعمال و اإلنشاءات الالزمة‬
‫لإلدارة واستغالل المرفق‪.‬‬
‫وبالنظر للتكاليف المالية الكبيرة التي يتحملها الملتزم فإن المقابل المالي الذي يتمثل في‬
‫السعر أو الرسم المدفوع من المنتفعين له أهمية مطلقة بالنسبة له‪ .‬فهذا المقابل النقدي الذي‬
‫يدفعه الجمهور هو الذي يعوضه عن اإلنشاءات إذا كانت الزمة لعمل المرفق ولآلالت‬
‫واألدوات واألشياء األخرى الضرورية الستغالل هذا المرفق باإلضافة إلى أن هذا المقابل‬
‫يغطى مصاريف العمل واإلدارة ويبقى له جانب يمثل أرباحه في النهاية‪.‬‬
‫([‪)]21‬‬ ‫‪ ‬السمات العامة لعقد التزام المرافق العامة‪:‬‬
‫على ما رأينا فإن عقد االمتياز أو االلتزام‪ ،‬هو عقد إدارة مرفق عـام‪ ،‬أطرافه اإلدارة‬
‫العامة‪ ،‬وأحد أشخاص القانون الخاص‪ ،‬واإلدارة مهتمة بتحقيق الصالح العام‪ ،‬المتمثل في‬
‫تقديم خدمات المرفق للمنتفعين بها‪ ،‬فـي حـين أن المتعاقد معها والمتولي إدارة المرفق‪،‬‬
‫مهتم بالدرجة األولى بصالحه الخـاص‪ ،‬وللتوفيق بين االتجاهين تبرز السمات المميزة لعقد‬
‫االلتزام في اآلتي ‪:‬‬
‫‪- ١‬االلتزام بمبادئ تسيير المرافق العامة ‪:‬‬
‫يلتزم المتعاقد مع اإلدارة باألحكام الضابطة لتسيير المرافـق العامة والمتمثلة في استمرار‬
‫سير المرفق العام‪ ،‬وتطويره وتحديثـه‪ ،‬والتـزام مبـدأ المساواة بين المنتفعين بخدماته‪ ،‬وذلك‬
‫إضافة إلى التزامه بشروط عقد امتياز وال يحتاج التزام المتعاقد بمبادئ تسيير المرافق العام‬
‫إلى نص على ذلك فـيعقد االلتزام إذا أن هذه من المسلمات في عقود االمتياز‪.‬‬
‫‪- ٢‬شروط عقد االمتياز التنظيمية‪( 6‬الالئحية)‪6:‬‬
‫يتضمن عقد امتياز المرافق العامة نوعين من الشروط‪ ،‬شروط تنظيمية أو الئحية‪ ،‬وهي‬
‫الشروط المتعلقة بكيفية أداء الخدمة للمنتفعين‪ ،‬والتـي كانـت اإلدارة البد لها من متابعة‬
‫المرافق العامة كما لو أنها كانت تتولى إدارة المرفق العام بنفسها‪،‬هذه الطائفة من الشروط‬
‫يكون لإلدارة حق تعديلها في أي وقت تشاء بإرادتهـا المنفردة‪ ،‬ودون توقف ذلك على قبول‬
‫الطرف اآلخر أو رضائه بذلك‪.‬‬
‫تعليل حق اإلدارة في تعديل الشروط التنظيمية ‪:‬وتعلل محكمة القضاء اإلداري حق اإلدارة‬
‫في تعديل هذا النوع ـمن الشروط بإرادتها المنفردة‪ ،‬بأن اإلدارة العامة هي المكلفة أصالً‬
‫بإدارة المرافق العامة‪ ،‬فإنها إذا عهدت إلى غيرها أمر القيام بها‪ ،‬لم يخرج الملتزم في‬
‫إدارتـه‬
‫عن أن يكون معاونا ً لها‪ ،‬ونائبا ً عنها في أمر هو من أخص خصائصها‪.‬وهذا النوع من‬
‫اإلنابة – أو بعبارة أخرى هذه الطريقة غير المباشـرة إلدارة المرفق العام – ال تعتبر تنازالً‬
‫أو تخليا ً من الدولة عن المرفق العام‪ ،‬بل تظل ضامنة ومسئولة قبل أفراد الشعب عن إدارته‬
‫واستغالله‪ ،‬وهي في سـبيل القيام بهذا الواجب تتدخل في شئون المرفق العام كلما اقتضت‬
‫المصلحة العامة‪.‬‬
‫‪- ٣‬شروط عقد االمتياز التعاقدية ‪:‬‬
‫والطائفة الثانية من الشروط هي شروط تعاقدية‪ ،‬إنها الـشروط التـي تتعلق بحقوق الملتزم‬
‫المالية‪ ،‬وتتماثل هذه الشروط‪ ،‬مع شروط التعاقد في دائرة المعامالت الخاصة‪ ،‬المحكومة‬
‫بقواعد ومبادئ القانون الخاص‪ ،‬القاعدة فيها أن العقد شريعة المتعاقدين‪ ،‬ومن ثم فإنه ال‬
‫يجوز لـإلدارة العامـة تعـديل هـذه الشروط إال باالتفاق مع الملتزم وبرضاه‪.‬‬
‫وتمثل هذه الطائفة من الشروط‪ ،‬الشروط الحارسة لمـصلحة الملتـزم‪ ،‬والتي من خاللها‬
‫يستطيع تحقيق هدفه المتمثل في تحقيق صالحه الخاص‪.‬‬
‫‪- ٤‬طول مدة عقد االمتياز ‪:‬‬
‫القاعدة العامة في عقود امتياز المرافق العامة أن يتولى المتعاقـد مـع اإلدارة‪ ،‬إدارة المرفق‬
‫العام على حسابه‪ ،‬فيتحمل كافة النفقات الالزمة للتشغيل والتطوير والتحديث واإلدارة بوجه‬
‫عام‪ ،‬وعادة ما يتحمل الملتزم في سـنواته األولى الكثير من النفقات والتي قد ال تكفي‬
‫عائدات التشغيل لتعويضها‪ ،‬ومـن هنا كان البد من منح الملتزم مدة يستطيع من خاللها‬
‫تعويض نفقاته‪ ،‬وتحقيـق عائد مناسب لرأسماله وجهده‪ ،‬ومن هذا أصبح عنصر المدة‬
‫عنصراً مميزاً لعقد امتياز المرافق العامة‪.‬‬
‫وكان قد ساد تقليد قديم في مصر أن يكون عقد امتياز المرافق العامـة لمدة تسعة وتسعين‬
‫عاماً‪ ،‬إال أنه مع التقدم العلمي والتكنولوجي‪ E،‬ومـا يترتـب عليهما من زيادة سرعة التطور‬
‫بوجه عام‪ ،‬فقد رأى المشرع التدخل لوضع حد أقصى لمدة االمتياز‪ ،‬فأصدر القانون رقم‬
‫‪ ١٢٩‬لسنة ‪، ١٩٤٧‬الذي جعل الحـد األقصى لعد االمتياز ثالثين عاما‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬عقد اإلشغال العامة‪:‬‬
‫يمكن القول بأن عقد األشغال العامة هو عقد بين اإلدارة العامة وأحـد أشخاص القانون‬
‫الخاص‪ ،‬محله القيام ببناء أو ترميم أو صيانة عقارات لحساب جهة اإلدارة‪ ،‬في مقابل مادي‬
‫متفق عليه‪ ،‬ويستهدف تحقيق مصلحة عامة‪.‬‬
‫ولقد اعتنقت محكمة القضاء اإلداري ذات التعريف إذ قالت “… إن عقد األشغال العامة هو‬
‫عقد مقاولة بين شخص من أشخاص القانون العام‪ ،‬وفرد أو شركة‪ ،‬بمقتضاه يتعهد المقاول‬
‫بالقيام بعمل من أعمـال البنـاء أو التـرميم أو الصيانة في عقار‪ ،‬لحساب هذا الشخص‬
‫المعنوي العام‪ ،‬وتحقيقا ً لمصلحة عامة مقابل ثمن يحدد في العقد”‪)]22[(.‬‬

‫وعقد االنشغال العامة هو من العقود اإلدارية التي لها هذه الصفة على الدوام هناك مجال‬
‫للقول بان هذا العقد قد يكون إداريا وقد يكون مدنيا بل أنه كعقد التزام المرافق العامة من‬
‫العقود اإلدارية وباإلضافة إلى ذلك فإنه يجب أن يكون محل ذلك العقد اإلداري عقارا وليس‬
‫منقوال‪ ،‬فكل اتفاق يكون موضوعه منقوالت مملوكة لإلدارة ولو كانت من األموال العامة ال‬
‫يعتبر من قبيل عقود اإلشغال العامة‪)]23[(.‬‬

‫وليس من الضروري‪ E‬أن يكون العقار موضوع العقد مملوكا لإلدارة بل كفى أن يتم العمل‬
‫لحساب شخص من أشخاص القانون العام‪.‬‬
‫وهذا والبد أن يكون الهدف من إبرام عقد المقاومة العامة هي تحقيق الصالح العام وبالتالي‬
‫فإن دور المقاول أو القائم بالعمل اإلنشاء أو الصيانة‪  ‬أو الترميم أو البناء يقتصر على ذلك‬
‫دون استغالل المشروع أو مرفق أو التربح من ورائه أو إدارته‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫من خالل ما تم بيانه‪ 6‬يمكن تحديد مالمح عقد األشغال العامة‪ ،‬وعناصره التي تميزه‪ 6‬عن‬
‫غيره تتبلور في اآلتي‪)]24[( :‬‬

‫‪- ١‬أن ينصب االلتزام في العقد على عقار ‪:‬‬


‫حسب ما رأينا في التعريف‪ ،‬فإن محل عقد األشغال العامة “القيام ببناء أو ترميم أو صيانة‬
‫عقار”‪ ،‬بمعنى أنه من الرئيسي والجـوهري‪ ،‬أن ينـصب االلتزام على “عقار”‪ ،‬فلو أبرمت‬
‫اإلدارة العامة عقداً ببناء أو ترميم أو صـيانة”منقول”‪ ،‬كان هذا العقد خارج دائرة عقود‬
‫األشغال العامة‪.‬‬
‫وبإعمال هذا العنصر‪ ،‬يعتبر من عقود األشغال العامـة‪ ،‬عقـد بنـاء مدرسة‪ ،‬وعقد ترميم‬
‫مستشفى‪ ،‬وعقد صيانة مبنى ومنشآت كلية أو محكمة‪ ،‬ألن االلتزام بالبناء أو الترميم أو‬
‫الصيانة ينصب على عقارات‪.‬‬
‫‪- ٢‬أن يكون محل العقد لصالح أحد أشخاص القانون العام ‪:‬‬
‫ال يكفي أن ينصب االلتزام في العقد على عقار للقول بأنه عقد إداري‪،‬وإنما يجب باإلضافة‬
‫إلى ذلك أن يكون االلتزام لصالح أحد أشخاص القـانون العام‪ ،‬ذلك أن أشخاص القانون العام‬
‫هم المنوط بهم السهر على تحقيق الصالح العام‪ ،‬وهو األمر المبرر إلخراج العقود اإلدارية‬
‫من دائرة األحكـام المنظمـة للعقود في القانون الخاص‪ ،‬وإخضاعها ألحكام خاصة‪ ،‬وخارجة‬
‫عن المعتاد في دائرة القانون الخاص‪ ،‬هي قواعد القانون العام بصفة عامة‪ ،‬وقواعـد‬
‫القـانون اإلداري بصفة خاصة‪.‬‬
‫وبأعمال هذا العنصر‪ ،‬يعتبر عقد أشغال عامة بناء مستـشفى لحـساب وزارة الصحة‪ ،‬وعقد‬
‫ترميم كلية لحساب الجامعة‪ ،‬عقد صيانة محكمة لحساب وزارة العدل‪.‬‬
‫وال يعتبر من عقود األشغال العامة‪ ،‬عقد بناء مستشفى لـصالح أحد األشخاص أو لحساب‬
‫شركة خاصة‪ ،‬وكذلك عقد ترميم مدرسـة خاصـة مملوكة لفرد أو أفراد‪.‬‬
‫‪- ٣‬أن يستهدف العقد تحقيق مصلحة عامة ‪:‬‬
‫قد يبدو أن اشتراط أن يكون االلتزام في العقد لصالح أحـد أشـخاص القانون العام‪ ،‬يتضمن‬
‫شرط تحقيق المصلحة العامـة‪ ،‬ذلـك أن الفـرض أن أشخاص القانون العام ال تسعى إال‬
‫لتحقيق الصالح العام‪ ،‬ولكن وقـع أن بـدأ مجلس الدولة الفرنسي يربط عقد األشغال العامة‬
‫بالمال العام‪ ،‬فالعقد عقد أشغال إذا انصب االلتزام فيه على عقار يدخل في الدومين العام‪،‬‬
‫أما إذا تعلق بعقـار من عقارات الدومين الخاص‪ ،‬فال يعتبر العقد عقد أشغال عامة‪ ،‬ثم تطور‬
‫قضاء مجلس الدولة‪ ،‬إلى اعتبار العقد عقداً من عقود األشغال العامـة إذا اسـتهدف تحقيق‬
‫مصلحة عامة‪ ،‬سواء انصب االلتزام على عقار من عقـارات الـدومين العام‪ ،‬أو عقار من‬
‫عقارات الدومين الخاص‪.‬‬
‫الفرع الثالث ‪ :‬عقد التوريد‪:‬‬
‫عرفت محكمة القضاء اإلداري المصرية عقد التوريد بأنه ” اتفاق بين شخص معنوي من‬
‫أشخاص القانون العام وفرد أو شركة يتعهد بمقتضاه الفرد أو الشركة بتوريد منقوالت معينة‬
‫للشخص المعنوي الزمة لمرفق عـام مقابل ثـمن معين‪)]25[(”.‬‬

‫ومن هذا التعريف يتضح الفارق بين عقد األشغال العامة وعقد التوريد اإلداري ففي حين ال‬
‫يرد عقد األشغال العامة إال على عقار بطبيعته أو على عقار بالتخصيص فإن عقد التوريد‬
‫اإلداري يجد محله في المنقوالت أيا كان محلها باإلضافة إلى أنه هو اتفاق بين أرادتين‬
‫وتقابلهما من حيث اإليجاب والقبول‪ -‬إرادة اإلدارة أو أحد أشخاص القانون العام أو احدي‬
‫الجهات اإلدارية – وإرادة الفرد أو الشركة أو أحد أشخاص القانون العام أو إحدى شركات‬
‫القطاع العام أو الخاص‪)]26[(.‬‬

‫كما أن عقد التوريد اإلداري ال يكون إداريا باستمرار كعقدي األشغال العامة والتزامها‬
‫بالمرافق العامة بل يكون كذلك بالنظر إلى طبيعته وقت التعاقد فقد يكون إداريا وقد يكون‬
‫مدينا‪ ،‬فإذا تضمن شروط غي مألوفة في مجال العقود في إطار القانون الخاص وكان‬
‫لمصلحة شخص معنوي عام وباستخدام وسائل القانون العام في عالقته بالمرافق المراد‬
‫التوريد إليه ما فان العقد إداريا‪ ،‬أما إذا ما تخلفت في هذه الشروط وتلك الوسائل وكان ال‬
‫يتصل بالمرافق العام فان العقد في هذا الحالة ال يكون إال مدينا أو تجاريا‪.‬‬
‫([‪)]27‬‬ ‫من خالل ما تقدم يمكن القول بان عقد التوريد يتميز‪ 6‬بالخصائص التالية‪:‬‬
‫أنه ال بد أن يرد على األشياء منقولة‪ ،‬فال يمكن أن تكون محله بناء عقار‪ ،‬وإال‬ ‫‪.1‬‬
‫أصبح عقد أشغال عامة وليس إطالقا ً عقد التوريد‪.‬‬
‫هو باعتباره عقداً‪ ،‬فإن التوريد يتحقق برضاء الفرد أو الشركة الموردة‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫ال بد أن تكون األشياء الموردة الزمة لخدمة مرفق عام‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫أن يكون المتعاقد مع المورد شخصا ً من أشخاص القانون العام‪ ،‬وهـذا عنصر‬ ‫‪.4‬‬
‫تشترك فيه كل العقود اإلدارية‪)]28[(.‬‬

‫أن يستهدف تحقيق مصلحة عامة‪ ،‬وهو على ما رأينا – عنصر الزم بلزوم أن يكون‬ ‫‪.5‬‬
‫التوريد لشخص من أشخاص القانون العام‪ ،‬إذ الفرض أن أشخاص القانون العام ال‬
‫يستهدفون إال تحقيق الصالح العام‪.‬‬
‫الخاتمة‪:‬‬
‫للعقد اإلداري بعد بيان مفهومه تبين أن له خصائص محددة تحكمه في تحديد كونه عقدا‬
‫إداريا تعقده اإلدارة مع غيره أم انه عدا مدنيا ‪ ,‬ومن ثم بيان أنواع العقود اإلدارية ؛ومن ثم‬
‫بيان الهدف من إبرام العقود اإلدارية ألن اإلدارة تهدف من وراء العقد اإلداري إدامة‬
‫المرافق العامة‪ ،‬ومن خالل كل ما تقدم نخلص إلى أهمية عملية تكوين العقود اإلدارية‪ ،‬وما‬
‫تتطلبه من حسن إبرام ونود أن نسجل جملة من النتائج والتوصيات التي توصل إليها الباحث‬
‫من خالل دراسة أثر القيود الموضوعية على سلطة اإلدارة المتعاقدة‪.‬‬
‫النتائج ‪:‬‬
‫ﻤﻥ ﺨﻼل ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺔ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻠﻴﺔ ﺍﻟﺴﺎﺒﻘﺔ ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻟﺨﺭﻭﺝ ﺒﻤﺠﻤﻭﻋﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻨﺘﺎﺌﺞ أهمها‪:‬‬
‫إن اإلدارة عند إبرامها لما تحتاجه من عقود قد تتصرف كشخص عادي وبالتالي‬ ‫‪‬‬
‫تخضع لما يخضع له الشخص العادي من قواعد مدنية ‪ ,‬وتخضع ألحكام القضاء‬
‫اإلداري فيما يتعلق بإعمال اإلدارة‪.‬‬
‫عليه يكون العقد إداريا ً وبالتالي يخضع لنظام العقود اإلدارية إذا كان احد أطرافه‬ ‫‪‬‬
‫شخص معنوي عام واستخدم ماله من سلطات وامتيازات واتصال موضوع العقد‬
‫بمرفق العام‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬اﻟﺘﻭﺼﻴﺎت‪ :‬‬
‫ﻤﻥ ﺨﻼل ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺔ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻠﻴﺔ ﺍﻟﺴﺎﺒﻘﺔ ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻟﺨﺭﻭﺝ ﺒﻤﺠﻤﻭﻋﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻭﺼﻴﺎﺕ ﻨﺫﻜﺭ ﻤﻨها‪:‬‬
‫‪.‬نقترح وضع نظام قانون خاص بالعقود اإلدارية مواكبا ً للتطور الحاصل في العالم‬ ‫‪‬‬
‫واالتجاهات الحديثة نحو إدارة المرافق العامة من قبل أشخاص القانون الخاص‬
‫المتمثل بالشركات العمالقة أو الشركات الدولية‪.‬‬
‫أن يكون النظام القانوني للعقود اإلدارية نظاما مرنا ً يسهل عمل األشخاص الخاصة‬ ‫‪‬‬
‫(الشركات) والتعاون مع الدولة لغرض تطوير السلع والخدمات التي تقدمها‬
‫المنظمات الحكومية ‪.‬‬
‫المصادر و المراجع‬
‫أوال‪ :‬المراجع األصلية‪:‬‬
‫القرءان الكريم‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬المراجع الثانوية‪6:‬‬
‫بالل أمين زين الدين ‪ ,‬اإلصالح اإلداري في مصر والدول النامية ‪ ,‬دار الفكر‬ ‫‪‬‬
‫العربي ‪ ,‬سنة ‪.2012‬‬
‫محمد الشافعي أبو رأس ‪ .‬العقود اإلدارية ‪ ,‬بنها ‪ ,‬مصر‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫محمد عبد الوهاب ‪ ,‬النظرية العامة للقانون اإلداري‪ ,‬مصر‪ ,‬دار الجامعة الجديدة ‪,‬‬ ‫‪‬‬
‫سنة ‪.2012‬‬
‫هاني غانم ‪ ,‬القانون اإلداري ‪ ,‬غزة ‪ ,‬سنة ‪ ,2014‬ص‪.257‬‬ ‫‪‬‬
‫([‪)]1‬بالل أمين زين الدين ‪ ,‬اإلصالح اإلداري في مصر والدول النامية ‪ ,‬دار الفكر العربي‬
‫‪ ,‬سنة ‪ .2012‬ص ‪.465‬‬
‫[‪ ))]2‬محمد الشافعي أبو رأس ‪ .‬العقود اإلدارية ‪ ,‬بنها ‪ ,‬مصر‪.‬‬
‫[‪ ))]3‬بالل زين الدين ‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬ص ‪.467‬‬
‫[‪ ))]4‬محمد الشافعي أبو رأس ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬ص‪.19‬‬
‫[‪ ))]5‬بالل زين الدين ‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬ص ‪.467‬‬
‫[‪ ))]6‬بالل زين الدين ‪ .‬مرجع سابق ‪.‬ص ‪.469‬‬
‫[‪ )) ]7‬محمد عبد الوهاب ‪ ,‬النظرية العامة للقانون اإلداري‪ ,‬مصر‪ ,‬دار الجامعة الجديدة ‪,‬‬
‫سنة ‪ 2012‬ص ‪.553‬‬
‫([‪ )]8‬محمد عبد الوهاب ‪ ,‬مرجع سابق ‪,‬ص‪.554‬‬
‫[‪ ))]9‬محمد عبد الوهاب ‪ ,‬مرجع سابق ‪.556 ,‬‬
‫[‪ ))]10‬محمد أبو رأس ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬ص ‪19.‬‬
‫([‪)]11‬محمد عبد الوهاب ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬ص ‪.557‬‬
‫[‪ ))]12‬محمد عبد الوهاب ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬ص ‪.557‬‬
‫([‪ )]13‬محمد أبو رأس ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬ص‪.24‬‬
‫[‪ ))]14‬محمد أبو رأس ‪ ,‬مرجع سابق ص‪27.‬‬
‫[‪ ))]15‬محمد عبد الوهاب مرجع سابق ص‪.560‬‬
‫([‪ )]16‬محمد عبد الوهاب مرجع سابق ‪ ,‬ص ‪.561‬‬
‫[‪ ))]17‬محمد أبو رأس ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬ص‪.32‬‬
‫[‪ ))]18‬محمد عبد الوهاب ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬ص‪.563‬‬
‫([‪)]19‬هاني غانم ‪ ,‬القانون اإلداري‪ ,‬غزة ‪ ,‬سنة ‪ ,2014‬ص‪.257‬‬
‫[‪))]20‬محمد عبد الوهاب مرجع سابق ‪.565,‬‬
‫[‪ ))]21‬محمد أبو رأس مرجع سابق ‪ ,‬ص ‪.36‬‬
‫[‪ ))]22‬محمد أبو رأس ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬ص‪.41‬‬
‫[‪ ))]23‬بالل زين الدين ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬ص‪.493‬‬
‫[‪ ))]24‬محمد أبو رأس ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬ص ‪.41‬‬
‫[‪ ))]25‬هاني غانم ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬ص‪.258‬‬
‫[‪ ))]26‬بالل زين الدين ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬ص‪.505‬‬
‫[‪ ))]27‬محمد عبد الوهاب ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬ص ‪.596‬‬
‫[‪ ))]28‬محمد أبو رأس ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬ص‪.50‬‬

You might also like