Professional Documents
Culture Documents
التطور الدلالي - مهدي عرار
التطور الدلالي - مهدي عرار
1
اإلهداء
2
بيان المحتوى
في م ِ
قاصد العنو ِ
ان ____________________________________ َ
األو ُل :اإلشكا ُل
المطلب ّ
ُ
األو ُل:
الفص ُل ّ
3
ق (سجال القدماء)___________________________الساب ِ
إشكا ٌل عند ّ
ق (سجال المحدثين)__________________________إشكا ٌل عند الالّح ِ
ردها____________
"المعاياة" أو "المغاالة" في قَبول هذه الظّاهرة أو ّ إشكا ُل
السابق)__________________نص ّ ق (في فهم ّ ق والالّح ِ
الساب ِ
بين ّ إشكا ٌل
الفص ُل الثّاني:
اللي في التّلقّي
الد ّطور ّ أثر استشراف التّ ّ
آني________________ طوِر ِ
ص القر ّ الن ِّ
اللي في فهم ّ
الد ِّ
ّ استشراف التّ ّ أثر
ُ
الحديثي________________ ص اللي في ِ طوِر ِ
ِّ الن ّ
فهم ّ الد ِّ
ّ استشراف التّ ّ أثر
ُ
4
أعن
يس ْر و ْ
رب ّ
ّ
ان:قاصد العنو ِ في م ِ
َ
ف بينها شعب يؤلّ ٍُ ِ
لغوي يأخ ُذ في ثالث درس ان العر ِ يتجلّى من ذلكم العنو ِ ِ
ٌّ أن هذا ٌ يض ّ
الكتاب اإلشكا ُل ،وثانيها األمثا ُل ،وثالُثها األشكا ُل. ِ مباحث هذا ِ اللي ،و ّأو ُل اسمه التّ ّ ِّ
طوُر الد ّ درس ُ ٌ
األلفاظ في العر ّبي ِة أفضى ِ ِ
دالالت تطوَر
أن ّ اللي؛ ذلك ّ الد ُّ طوُر ّأما اإلشكا ُل فباعثُه التّ ّ ّ
ظاهرين في سيرو ِرة العر ّبي ِة َ
ٍ
وجدل ٍ
إشكال فظ وداللتِه ،وهذا كلُّه أَِذن بتخلّ ِ
ق اخ بين اللّ ِ وجود تر ٍ ِ إلى
ِ
القدماء رس سجا ٌل بين الد ِ جت عليها في هذا ّ عر ُ ِ ِ ِ قديما وحديثًا ،و ِمن
مظاهر اإلشكال التي ّ أعرف ً
ِ
المأثور: ِ
القول ِ
آخر يفضي بالمرِء إلى استرفاد الدالل ِّي ،وسجا ٌل ُ صحيح ّ ِ يتصدرون أسنمةَ التّ ّ وهم
لف، نهج الس ِ ِ ِ ِ
حديث على يد الخلف الذين ساروا على ِ ّ ٌ بالبارحة!" ،فقد تخلّق إشكا ٌل "ما أشبهَ اللّيلةَ
ألحدهما ،وليس ُينسى في منتصر ِ
ًا يقف
ثالث ُ مجيز ،و ِمن رٍّاد إلى ٍ ٍ اللي إلى
الد ِّ طوِر ّ فَ ِمن ٍ
منكر للتّ ّ
نص مثيل ،وهو إشكا ُل التّلقّي؛ تلقّي ِّ وقفت عنده بال ّشرِح والتّ ِ ُ كنت قد خطره ُ المقام إشكا ٌل له ِ هذا
ُ
يظنون ق وهم ّ الساب ِ
نص ّ أبناء العر ّبي ِة َي ِردون على ِّتعبيره ،فكثير ِمن ِ
ٌ ِ ِ
ورسوم ِ
مقاصده ق ِ
وفهم الساب ِ
ّ
يح -ما ران وهم صر ٌ كانت تعنيه أم ِ ِ
األو ُل –وهذا ٌ ومحتكمهم ُّ س، ْ اليوم ما
بعض ألفاظه تعني َ َ أن
ّ
الكلمات معرفةً معاصرةً.ِ فة ِد ِ
اللة غوي المعاصر في معر ِ عليه إلفُهم اللّ ُّ
ُ
ِ
الكلمات التي مجموعة ِمن
ٍ البحث شطر استشر ِ
اف ِ القطب الثّاني ِمن
ِ هت وجهي في وج ُ
َ ثم ّ ّ
استقر في خاصةً ،وقد بي ِ
ّ ّ المعجم العر ّ
َ مضمار تلكم الوجهة
ُ داللي ،وقد كان
ٌّ تطوٌر
اعترى داللتَها ّ
األلفاظ عن داللتِها ،وفي
ِ ياح
نظر إلى انز ِ ِ
ولطف ٍ وروي ٍة
ّ تأم ٍل ِ
بكثير ّ القدماء التفتوا
َ أن ِ
الخاطر ّ
5
الحدود
َ ولكن
ّ ق، وقوف المدقِّ ِ
َ عند هذه الظّاهرِة
تصرُح بوقوِفهم َبل ّنصوص تُْل ِم ُح ْ
ٌ بي ِ
المعجم العر ِّ
ِ ِ أركان التّ ِ
ِ مكين ِمن
أنظارهم إلى ما يقعُ صرف أفضت إلىْ غوي
قعيد اللّ ِّ ٌ مانيةَ التي هي رك ٌن
الز ّّ
فقد كان ما اشتمل عليه هذا المطلب ِمن مثُ ٍل مجلّ ٍ
ية مدينة "عصور االحتجاج" ،ولذا ْ ِ ِ
حدود خارَج
ُ ُ
القدماء غويون ٍ ِ ُ ِ طوِر ّ
ُ داللي التفت إليه اللّ ّ
ٌّ تطوٌر
يأتلف من ثالثة أنماطّ ،أولُها ما اعتراه ّ اللي
الد ِّ للتّ ّ
ألنه
القدماء ّ غويون
يلتفت إليه اللّ ّ داللي لم تطوٌر مقررين ِ
ُ ْ ٌّ ومثْبتين ،وثانيها ما اعتراه ّ
ُ فعرجوا عليه ّّ
االجتماعيةُ
ّ يخيةُ و
أذنت العوام ُل الحضارّيةُ والتّار ّ
ْ ِ
احتجاجهم ،وثالثُها ما ِ
عصور مما خرج عن ّ
العلوم ونشوِء
المجتمع و ِ تطوِر ِ ِ
حادث
ٌ األخير جلّه
ُ أشياء لم تكن .وهذا
َ ِ بتطوِر داللته ً
وفاء بمساوقة ّ ّ
بي. ِ
المعجم العر ِّ ُثبتت في ِ بنسب ٍ
حميم إلى تلكم المعاني المتقادمة التي أ ْ ٍ يتّص ُل
6
األو ُل
َ ُ ّلب ْط الم
اإلِ ْشكال
7
األول
الفصل ّ
مظاهر اإلشكال:
إشكال عند السّابق (سجال القدماء)
إشكال عند الالّحق (سجال المحدثين)
إشكال "المعاياة" أو "المغاالة" في قبول الظّاهرة أو ردّها
نص السابق)إشكال بين السّابق والالّحق (في فهم ّ
8
ومسوغات َّأو ّلية: ِّ مقدمةّ
الوفاء ٍ
بوعد أبرمتُه معه ثَّم، ِ ِ
الجامعةُ ،بغيةَ أستاذ لي فيٍ نحو مشر ٍ
يوم ِ في ضحى ٍ
مت َ يم ُ
قَّ ،
غوي،
ضمار التّصحي ِح اللّ ّ ِ ائر في ِم الس ُغوية ،والجد ُل ّ السالمةُ اللّ ّ أسفار مباحثُها ّ
ًا َّطت
قد تأب ُ وكنت ْ
ُ
بمثالب فت كتابتَه ،فرماه كنت قد ُكلِّ ُ ير ُ ِ
الحديث بتقر ٍ ابل
منتسًبا ،واستفتحنا قو َ جت عليه مسلِّما ِ فعر ُ
َ ً ّ
علي في ذلك ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ
ومما استنكره ّ بعض األلفاظ في حدود دالالتها المنقولةّ ، استعمال تجافي عن ّ منها
أن في المدرسة الص ِ ِ ق طريقةَ ِ ِ
الحية"؛ إذ ّإنه رأى ّ ّ ّ شيخه في يطب ُ
المقام قولي" :وكان التّلمي ُذ ّ
استعمال "طَبق" –في ِ
عما انعقد عليه اإلجماعُ! فأستأذنتُه وخروجا ّ ً ستقبحةً،
َ سياقها ذاك– ُه ْجنةً ُم ِ ّ
ِّ ِ
خاصةً،
ّ اللي
عامةً ،والد ّ غوي ّ طوِر اللّ ّ اميس التّ ّ أن نو َ شير إلى ّ عما جرى به قلميُ ،م ًا حاميا ّ
بالكالم ُم ً
علي
ألقيت حكمي ُج ازفًا آنذاك ،فاستنكر ّ ُ الحق ّأنني
ك هذا المعنى في ذلكم المبنى ،و ّ ذن بص ّ تُ ْؤ ُ
حالة هياالنتقال ِمن ٍ طور"؛ إذ ّإنها تعني –كما زعم–
َ ثانيةً ما جـرى به لسان ــي في قولي "التّ ّ
مشير
ًا ذيل ورقتي بعبارٍة له ِ اقع في " ّ ِ أدنى إلى ٍ
ثم ّ الداللة العر ّبية"ّ ، حالة هي أسمى ،وهذا ليس بو ٍ
األلفاظ دالالتِها
ِ أخطاء باعثُها التّجافي عن إلزِام ٍ وقعت فيه ِمن ُ أن " ُي َن ِّوه" بماأحب ْ
ّ إلى ّأنه
ضوئها ،ويهتدي بهديِها ،إلى ِ ِ المنقولةَ ،ورأى أن في ذلك "التّ ِ
ونا لألخذ بيد َمن يعشو إلى َ نويه" َع ً ّ
حاجات.
ٌ فمضيت لِطيَّتي وفي نفسي حاجةٌ بل ُ يزد،
المسالك ،فاستزدتُه فلم ْ ِ أوضح
المناهج ،و ِ ِ أبلج
ِ
9
ألتمس فيها إقامةَ ْبو ٍن بين اللّ ِ
حن رت ُبرهةً ِ
الحادثة ّأنني َغ َب ُ ِ
محصول هذه وقد كان ِمن ْ
ُ
وتوسيعا طا وتضييقًا للد ِ
اللة وانحطا ً قياً ِّ اضه وبواعثِه(،)2 اللي( )1وأعر ِ طوِر ِّ
ً ثم ر ّأن ّ فألفيت ّ
ُ الد ِّ والتّ ّ
أن
ئت فيه ،وقد بدا لي ّ أنظر فيما ُخطِّ ُ
أن َ
ِّ ِ
المتقدمة آنفًا ْ
ِ
الحادثة ِ
محصول وقد كان ِمن ونقالًْ ،
عاني اب عنده :اتَّبع طريقتَه"( ) ،و ّ
3 ِّ
أن م َ الحق ّ الصو ُ
طبق طريقتَه" ،و ّ العدناني يخطئُ َمن يقو ُلّ " :
ّ
ِ
المفص َل َّ ِ
يف :أصاب َ الس ُ
وطبق ّ يء :غطاهّ ، وطبق ال ّش َ عمّ ،يءّ : طبق ال ّش ُمتعددة ،ومنهاّ : طبق" ّ " ّ
مجاز،
القصد ،وهو ٌ ِ يق إذا قطعتْه غير ٍ
مائلة عن وطبقت اإلب ُل الطّر َ
4
َ العضو( )ّ ، َ فأبان
تصدروا
فات الذين ّظر في مؤلّ ِ الن ِ
عكفت على ّ أيضاّ ،أنني ِ ِ قد كان ِمن
ُ محصول هذه الحادثةً ، وْ
المصن ِ
فات َّ ِ
الخصوص ،و ّأو ُل ما استرعى خواطري ،وأنا أق أُر في تلكم الداللي على ِ
وجه صحيح ِّ
ِ للتّ
ّ
عارضا عندها
أقف َ أن َ ِ ِ طوَر ِّ
ً قد أفرز مجموعةً من اإلشكاالت التي تستأه ُل ْ اللي كان ْ
الد َّ أن التّ ّ
ّ
ومحلّالً ومستدرًكا:
( )1انظر معنى اللحن ونشأته :عبد العزيز مطر ،لحن العامة ،31 -19 ،ورمضان عبد التواب ،لحن العامة
والتطور اللغوي.23 -9 ،
( )2انظر في بواعث التطور الداللي وأشكاله :أولمان ،ستيفن ،دور الكلمة ،207-169 ،وجيرو ،بيير ،علم
الداللة.121 ،
( )3انظر :محمد العدناني ،معجم األخطاء الشائعة.53 ،
( )4انظر :ابن منظور ،اللسان" ،طبق".
( )5انظر :الزمخشري ،األساس ،مادة "طبق".
( )6انظر :الزبيدي ،تاج العروس ،مادة"طبق".
10
ِ
ضمار يض بينهم مضماره ِ
كالم ٍ
سجال عر ٍ وقد تجلّى ذلك في
الم ْح َدثينْ ،
ُ عند ُ
وثانيها إشكا ٌل َ
مستدرٍك ،وقد وسمتُه ب:
ِ ٍ
مجيز إلى مانع ،و ِمن ٍ
مانع إلى ٍ
مجيز إلى ٍ بيانه آنفًاِ ،
فمن المتقدِم ُ
ّ
"إشكال الالّحق -سجال المحدثين".
الساب ِ
ق ظ المتقادمةَ عند ّ أن تلكم األلفا َ ق ًّ
ظانا ّ الساب ِ
نص ّ ق على ِّ ابعها يقع عند ِ
ورود الالّح ِ ور ُ
ُ
نصق– في تلقي ّ ق والالّح ِ الساب ِ
اليوم ،وقد وسمتُه ب" :إشكال بين ّ كانت تعني ما تعنيه
ْ
َ
ٍ
بكثير ِ
المباحث ِ
عرض هذه فألنتقل إلى مت ِمن ٍ
مهاد، قد ُ
أكتفي بما ّ أن
ْ َ يحسن ْ
ُ السابق" .لعلّه
ّ
ِمن التّ ِ
فصيل والتّ ِ
حليل:
األول:
اإلشكا ُل ّ
"السابق" ِ ِ
سجا ُل القدماء ّ
11
كانت تشتم ُل عليه، مما ٍ ٍ ِ الدالليةَ اختُِز ْ
ْ باقتصارها على جزء واحد ّ لت ،فأذن هذا الدائرةَ ّ
ولكن هذه ّ ّ
ٍ ٍ ِ
المذهب
ُ ب هذا يحسن –من وجهة ثانية– أ ْن ُيعقَّ َ ُ شيء ،ولعلّه
ٌ طه
األسود الذي لم يخال ْ
ُ وهو
هيم ِمن
فالب ُ
خاصةًَ " ، ّ األسود
ُ أن البهيـ ـ َـم هوغويين َمن ذهب إلى ّ أن من اللّ ّ
ِ
مضمونه ّ
ُ باحتر ٍ
اس
ائر فيالس ِ ِ األسود"( .)1وفي ِ
الجدل ّ فلك هذا ُ البهيم:
بياض فيها" ،و ُ َ وداء التــي ال
الس ُ
ـاجّ : النع ِ
ّ
تقترن
ُ أن داللتَها ال ظن ّي َوِهم إ ْذ ّ أن الحرير ّ ليقرَر ّالخفاجي ّ
ّ يطل علينااللي ُّالد ِّ
صحيح ّ
ِ ِ
ضمار التّ ِم
غويين ،و ِمنهم َمنبعض اللّ ّ ِ أي
الخفاجي– ر ُ
ّ يذهب
ُ أن هذا –كما شيء؛ ذلك ّ ٌ طه إالّ بما ْلم يخال ْ
تخصيصه" ،وبه جرى االستعما ُل ،فليس ما أنكره بمن َك ٍر"(.)2 ِ جنح إلى
الح ِشيش:
َ
قد
داللي ْ ق الخلَى ،م ِ
حتك ًما إلى فر ٍ شيش ،و َ الح ُ
ّ ُ ابن قتيبةَ بين كلمتَين اثنتَين ،وهما َ ق ُ يفر ُ
ّ
الخلَى هو حشيش ،و َ ٌ طًبااليابس ،وال ُيقا ُل له َر ْ
ُ فالحشيش هو ُ الم َبِّرُز،
اب ُ يض ّل عنه َّ
النقّ ُ
ضعه"(،)4بأنه "باب ما وضعوه غير مو ِ باب وسمه ّ ابن مكي في ٍ طب(،)3
َ ُ ّ ويتابعه في هذا ُ ُ الر ُ
ّ
وقد كاناألصمعيْ ، أن هذا الذي ذكره هو قو ُل أي ِ ولما عرض ابن الس ِ
ّ ابن قتيبةَ أشار إلى ّ ِّيد لر ِ ّ َ َ ُ
ابن قتيبةَ قائالً: ك على ِ ولكنه يستدر ُ
5
حشيش فقد أخطأ"( )ّ ، ٌ الن ِ
بات ط ِب ِمن ّ للر ْ
يقو ُلَ " :من قال َّ
ويابسا" ( ،)6وقد رطبا ِ "وحكى أبو ٍ
ً يكون ً ُ الحشيش ،فقال: سألت أبا ُعبيدةَ َم ْع َم ًار عن
ُ حاتم قال:
ِ
األرض بالفتحُ :خضرةُ
ِ اق
الور ُ آخر قال" :و َ
ٍ
سان( ) ،وفي مقام َ
7
صاحب اللّ ِ
ُ عرج على َذ ْينِك المعنيين ّ
8
ِ
الحشيش"( ). ِمن
شمة: ِ
الح ْ
موضعها؛ إذ ّإنها في كال ِمهم
ِ غير ِ
اس في زمانه وضعوها َ الن َ
أن ّابن قتيبةَ إلى ّ
ذهب ُ
ِ
الغضب األصمعي قال ّإنها بمعنى أن ِ
ّ وحجتُه في هذا ّ
عندهّ ،
االستحياء ،وليس ذلك كذلك َ بمعنى
حشم بني ِ ِ ِ ِ
مما ُي ُ
إن ذلك لَ ّالعرب ّأنه قالّ : فصحاء بعض االستحياء ،وقد َحكى عن ال بمعنى
12
األصمعي هو قول
أن َ رد عليه ابن الس ِ 1
ٍ
ّ ذاهبا إلى ّفن ًدا قولَهً ،
ِّيد ُم ّ ُ يغضبهم( ) ،وقد ّ
ُ فالن؛ أي
المتنبي جاءت في ِ
شعر ْ ِ
االستحياء ،وقد تكون بمعنى المشهور ،ولكن غيره ذكر أن ِ
الحشمةَ
ّ ُ ّ ّ َ ُ
ِ
بمعنى االستحياء:
يف أحسن ِفعالً منـه باللّ ِ
مم()2 الس ُ يف ألَم برأسي غير م ِ
حتشـم
ُ ّ َ ُ ض ٌ ّ َ
أن ّأو َل ِ الس ِ والمفارقةُ التي تفضي بنا إلى استشر ِ
المضمار ّ جال ثانيةً وثالثةً في هذا اف ِّ
االنقباض(.)3
ُ الحياء و
ُ مادة "حشم" هو صاحب اللّ ِ
سان ّ ُ معنى استفتح به
طأ:
َخ َ
أْ
تعم ًدا "أخطأ"؛ نب ُم ِّ
يقال لمن َيأتي ال ّذ َأن َ يستقيم ْ
ُ ي في ُد ّرتِه إلى ّأنه ال وقد ذهب الحرير ّ ْ
الفعل ،أو لِمنَ يتعمد
تكون إالّ لمن لم ّ ُ فظ والمعنى ،فداللةُ ا ِ
لفعل "أَخطأ" ال ألن في ذلك تحريفًا للّ ِ
ّ
خاطئٌ ،و ِمن يء ،فيقا ُل لهَ :خ ِطئ فهو ِ المتعم ُد لل ّش ِ أما نصيب ِمن ّ ِ
ِّ الصوابّ ، ٌ يكن له
فلم ْ اجتهد ْ
أن ث ّم ٍ 4
كان ِخ ً ِ عز– في التّنز ِ
بيرا"( ) ،وليس يخفى على ذي ُن ْه َية ّ طئا َك ً يل الكريمّ " :إنه َ ذلك قولُه ّ -
وتطوِره تغي ِر المعنى أهل اللّ ِقد يض ّل عنه الم َبِّرُز ِمن ِ ِ
ّ امل ّ ولكن عو َ
ّ غة بين الفعلَين، ُ اللياً ْ
فرقًا د ّ
المعنيين عرج على صاحب اللّ ِ الب ِ تُؤذن ِّ ِ
َ أن ّ قد قال بعد ْ سان ْ َ أن
الحق ّ
اللي ،و ّالد ّ ون ّ بامحاء هذا َ ُ
وسهوا ،ويقا ُلَ :خ ِطئ بمعنى ً عمدا
ً يل الخطأ خطىء إذا سلك سب َ المذكورين آنفًا" :وأخطَأ ي ِ
ُ َ
فوق الس ِ
َّعة. غة ما هو َ ألهل اللّ ِ
ي تكلّفًا والزاما ِ أن فيما ذهب إليه الحرير ُّ 5
ً أحسب ّ
ُ أخطأ"( ).
( )1انظر :ابن قتيبة ،أدب الكاتب ،25 ،وابن منظور ،اللسان ،مادة "حشم".
( )2انظر :ابن السيد ،االقتضاب ،13-11/2 ،والشعر في ديوان المتنبي(،شرح أبي البقاء العكبري).34/3،
( )3انظر :ابن منظور ،اللسان ،مادة "حشم".
( )4انظر :الحريري ،درة الغواص ،427 ،واآلية [اإلسراء.] 31 ،
( )5ابن منظور ،اللسان ،مادة "خطأ" ،وانظر رد الخفاجي عليه في شرح الدرة.427 ،
( )6انظر :ابن مكي ،تثقيف اللسان.15 ،
13
حديث مكي ابن ِ ٍ
ُ ّ ومما جاء بالمعنى الحادث الذي أنكره ُ المتقادمّ ،
ُ حادث مضافًا إليه المعنى
الوسخ"(.)1
ِ باء ،وأصلُه ِمن
الد ِرنةَ" ،والمعنى" :الجر ُ يعط ِ
الهرمةَ وال ّ الزكاة" :ولم ِ
ْ ّ
الملَّة :
َ
2
ابن
الناس -كما يقو ُل ُ نفسها( ) ،وقد ذهب ّ الجمر ،وقيل الحفرةُ ُ الحار و ُ
ُّ ماد
الر ُ
وهي ّ
إن الملّةَ موضعُ الخبزِة، ِ ِّك ِ
الس ِّ
الخبزِة َملّةً ،فيقولون :أُطعمنا ملّةً ،وذلك غلطٌ؛ إذ ّ تسمية ُ يت -إلى
ي(،)6 ابن الجوز ّ ي( ) و ُ
5 4
ابن قتيبةَ( )والتّبريز ّ
المذهب ُِ ُسمي بذلك لح اررتِه( ،)3وقد تابعه في هذا
عوالً علىابن قتيبةَ أنكر ما ليس بمن َك ٍرُ ،م ِّ ِ ِ
أن َ ليقرَر ّ
ابن السِّيد يتجافى عن تلكم التّخطئة ّ ولكن َ
ّ
ستشرفًا ناموسا فاعالً في تطوِر ِد ِ
الالت بسببُ ،م ِ ٍ يء إذا كان ِمنه
باسم ال ّش ِ
أن ال ّشيء يسمى ِ
ّ ً َ ُ ّ ّ
طب ُخ في الملّ ِة ،كما ألنها تُ َ
سمى الخبزةُ ملّةًّ ، األلفاظ ،وفي هذا يقو ُل" :وليس َيمتنعُ عندي أن تُ َّ ِ
أن ير َاد بقولِهم :أُطعمنا ملّةً: أيضا ْويجوز ًُ ٍ
بسبب، يء ،إذا كان ِمنه
باسم ال ّش ِيسمى ال ّشيء ِ
ُ ُ ّ
ووجدت ممكنا – قامه ،فإذا كان هذا ٍ
َ ً المضاف إليه ُم َ
ُ ويقام
المضافُ ،
ُ فثم ُيح َذ ُ
أُطعمنا خبزةَ ملّةّ ،
طا"(.)7
جع َل غل ً
يجب أن ُي َ
نظائر – ْلم ْ
َ له
خرجنا َن َّ
تنزهُ:
يتنزهُ عن
ياف ،وهو ّ المياه واألر ِ
ِ ظلِلنا ّ
متنزهين إذا تباعدوا عن أص ُل التّ ّنزِه التّ ُ
باعد ،فيقا ُلَ :
ِ
بالبساتين ان التّ ّنزِه
أفضت إلى اقتر ِ اللي اعث التّ ّ ِ ِّ يء إذا تباعد عنه(،)8 ال ّش ِ
ْ طور الد ّ ولكن بو َ
ّ
تطوٍر ،فقال" : ِ ِ
فعرج على ما وقع فيها من ّ الهرويّ ،
ّ الحادث
َ الخضر ،وقد استشرف هذا المعنى و
الخضر ،ومعناه راجعٌ إلى ِ ِ
البساتين و هة في ِ
كالمهم حتّى جعلوها في للنز ِ
اس ّالن ِ
ثم كثُر استعما ُل ّ ّ
ِ 9
ذلك األصل"( ).
( )1ابن األثير ،النهاية ،115/2 ،ابن منظور ،اللسان ،مادة "درن".
( )2انظر :ابن منظور ،اللسان ،مادة "ملل".
( )3انظر :ابن السكيت ،إصالح المنطق.284 ،
( )4انظر :ابن قتيبة ،أدب الكاتب.37 ،
( )5انظر :التبريزي ،تهذيب إصالح المنطق.108/2 ،
( )6انظر :ابن الجوزي ،تقويم اللسان.184 ،
( )7ابن السيد ،االقتضاب.27 /2 ،
( )8انظر :ابن منظور ،اللسان ،مادة "نزه".
( )9الهروي ،غريب الحديث.449 /2 ،
14
جانحا
ً باألصل والمعيارّي ِة،
ِ معتداً
نتنزهُ" أنكرها ّيت على قولِهم "خرجنا ّ ِّك ِ
ابن الس ِّولما ورد ُ ّ
باعد،
ـول ،وهو التّ ُ حتكما إلى المعنى المنق ِ ِ ِ العامةُ في ِ
غير موضعهُ ،م ً ّ تضعه
ُ مماعد هذا ّ إلى ّ
ِ
الجدل بدلوه في هذا ابن قتيبةَ ُمدلياً ِ 1 ُ ِ ِ و ِمنه " ٌ
ثم جاء ُ يتباعد منها"( )ّ ، األقذار؛ أي فالن يتن ّـزهُ عـن
ِّر
جديدا ،مفس ًا
ً داللياً
ّ طور ِ
مستشرفًا ًا ذاهبا إلى صوابِها،الليً ، ِ ِّ
صحيح الد ّ
ِ
ضمار التّ ائر في ِم الس ِ
ّ
صر ،وفي البساتين في ك ّل ِم ٍ ألن
الحادث ،قائالً" :وليس هذا عندي خطأًّ ، اللي ذلكم التّ ّ ِّ
َ َ طوَر الد ّ
يتباعد عن يتنزهَ ،أي:
أن ّ ِ ك ّل ٍ
َ فقد أراد ْ
يأتيها ْ
أن َ الرج ُل ْ
المصر ،فإذا أراد ّ تكون خارَجُ بلدّ ،إنما
نان.)2("... الج ِالخضر و ِ
ِ القعود في النزهةُ
ثم كثر هذا واستُعمل حتّى صارت ّ ِ ِ
َ المنازل والبيوتّ ،
اإلشكا ُل الثّاني:
الم ْح َدثين "الالّحق": ِ
سجا ُل ُ
تتبعتُه، ِ العر ِ ٍ
حديث عن مثُ ِل هذا ّ ِ تقدم ِمن
إن ّ يكثر ْ
يض عند القدماء ُ السجال َ ُ أن ما ّ الحق ّ
و ّ
بعض
َ أن ِ
األمس؛ ذلك ّ يب عنالغرض الذي قصدتُه ،وما اليوم بغر ٍ
ِ تنبهُ علىأوردت أمثلةً ّ
ُ وقد
ُ
ابة عر ٍ
يضة ،و ِمن ذلك: جال ِمن بو ٍ
الس ِ
اللي ولجوا في هذا ِّ
ّ الد ّ
صحيح ّ
ِ تصدروا للتّ
الم ْح َدثين الذين ّ ُ
داولَه:
َ
15
الدولةُ الفع ُل واالنتقا ُل ِمن ٍ
حال إلى تداو ُل ،و ّ ِ جاء في اللِّ ِ
سان ّ ُّ
اسم ال ّشيء الذي ُي َ
أن الدولةَ ُ
ِ
األمر ،...،و تداولتْه بالد َو ِل ،وقالوا :دوالَيك أي مداولةً على
األمر :أخذناه ُّ
َ
ٍ
حال ،و"تداولنا
عاوْرناه،)1("..
األمر بيننا بمعنى تَ َ
العمل و َ
َ مرةً...ويقا ُل :تداولنا
مرةً ،وهذه ّ
األيدي :أخذتْه هذه ّ
العدناني ومحمد شريف
ّ ليازجي و
ّ األمر( ،)2وا
َ ولست أدري لماذا أنكر داغر قولَهم :داوله ُ
3
يجيزونها( ).
استَلَم:
ْ
4
محمد
ـيء" إذا أخذه( ) ،وتابعه على هذا ّ ـالن الش ـّ َ
قول القائليـن "استَلَم ف ـ ٌ
وقد أنكر داغر َ
ِ
بالحجر، خاص الم ِ ِ 6 5
ّ االست َ
ْ أن
شريف( ) وخالد قوطرش( ) ،والعلّةُ الباعثةُ على هذه التّخطئة ّ
بول الس ِ و"استالمه :لَمسه ِ
تحرًيا لقَ ِ ّ
7
يستنكر هذه
ُ العدناني
ّ ولكن
ّ ،) تبركاً به"(
الم منهُّ ، باليد ِّ ُْ ُ
8
الرسالةَ واستلمهـ ــا"( ) ،وقد َّ ِ ِ
االستعمال ِّ التّخطئةَ قائالً بصو ِ
جو از "تسل َم ّ الحادثُ ،م ِّ اللي
الد ِّ اب هذا
يستقيم في لة أو ِ
باليد"( ،)9ولعلّه جاء في اللّسان نقالً عن األزهري " :استلم الحجر :لَمسه إما بالقُْب ِ
ُ ّ َ َ ّ
ِ
الفعل ِ
استعمال هذا البتةَ ِمن
ضير ّ َ ب إلى ّأنه ال ذه َ
أن ُي َس ْالمقتب ِ
َ ص الن ّ
عرض هذا ّ ِ بعد ِ
الفهم َ
بلة ،ونحن باليد كما يكون بالقُ ِ قد يكون ِ االستِالم –كما ّ
تقدم قَ ْبالً– ْ ِ ِ
ُ ُ أن ْ على الوجه الحادث؛ ذلك ّ
شيج ٍة تربطُه
الحادث عن َو َ
ُ شف هذا االستعما ُل باليد ،أفليس َي ّوتناول أشيائِنا نستلمها ِ
ُ
ِ في تواصلِنا
ِ
المتقادِم؟ بالمعنى
ان:
ب العدو َ
ش َج َ
َ
ِ
الكلمة ال أصول هذه أن
َ ان؛ ذلك ّشجب العدو َ
َ العدناني قولَهم:
ّ وقد أنكر مصطفى جواد و
المتقادم فهو :هلك وأحزن
ُ أما المعنى
االستنكارّ ،
ُ ـص و العيب والتّنقُّـ ُ
ُ الحادث ،وهو
َ فق والمعنى
تتّ ُ
16
المعجم
َ ولكن
ّ وذمها واستنكرها(.)1 عندهماَ :ج َدب أعمالَه ،أي عابها ّ اب َ وسد ،والصو ُ
وشغل ّ
ِ
االستعمال َّ
بالش ْج ِب في بأن "المر َاد
مسو ًغا ذلك ّ الوسيطَ أجازها( ،)2وكذلك مجمعُ القاه ِرة،
ّ
ِ
لحمل ِ الرغبةُ في ِ المعاصر هو الرفض لل ّش ِ
ِ
المجاز يتّسعُ
الستنكاره ،و ُ محوه االستبعاد له ،و ّ
ُ يء ،و ّ ُ
غبة في زوالِه ،وعلى ذلك ُ
تجيز اللّجنةُ ديد والر ِ
ّ
االستنكار ال ّش ِ
ِ يلزم ِمن
ألنه ُ
ِ
اإلهالكّ ، جب على ال ّش ِ
جب في داللتِه المعاصرِة"(.)3 استعمال ال ّش ِ
َ
ــدق:
صّ َ
تصديق
ُ األمر" ،و"
َ المجلس هذا
ُ صدق ِ
المعاصر قولُناّ " : يشيعُ في استعمالِنا اللّ ِّ
غوي
جي
اللي الياز ّ
َ ِّ
االستعمال الد ّ المتعي ُن ِمن ذلك اإلجازةُ ،وقد َخطّأ هذا
ّ ال ّشهادات" ،والمعنى
افق عليه أو أمضاه أو أجازه
اب :و َالصو ُ خالف التّ ِ
كذيب ،و ّ ُ صديق
َ أن التّ
وحجتُهما ّ
4
العدناني( )ّ ، و
ّ
أن قولَنا
ب هذه التّخطئةَ؛ ذلك ّ يصو ُ اللي ِ ِّ أو أق ّره(،)5
ّ صحيح الد ّ يتصدرون للتّ
ّ ممن
احدا ّ
ولكن و ً
ّ
ضير ِمن هذايجد أالّ َ
نظر ُولطف ٍ ِ المتبص َر َبرِوّي ٍة
ِّ أن صدقه" ال ِش َيةَ عليه وال ُشبهةَ( ) ،و ّ
الحق ّ
6
" ّ
صدق :خالف كذب) ِ
المتقادِم( ّ شبه بين المعنى وجه ٍ
يقف عند ِ اللي؛ ذلك ّأنه قد ُ التّ ّ ِ ِّ
طور الد ّ
الش ِ
بهة أو بصحتِها ،ورفع ُّ هادات هو اإلقرُار فتصديق ال ّش ِ أقر)، ِ
ُ ّ ُ صدق :أجاز و ّالحادث( ّ والمعنى
ِ
الكذب يكون في مما ال ِ
المجلس ٍ ِ
ُ اإلجماع عليه ،وهذا ّ
ِ انعقاد
ُ ألمر ما هو وتصديق
ُ الكذب عنها،
وال في ِشب ِهه.
اعتََنق:
األو ِل، ِ
للخاطر ّ اإلسالمي ،وليس يخفى،
ّ ين
الد َ
اليوم واستحكــم قولُنا :اعتنق ّ
َ ومما شاع
ّ
المتعي ُن ِمنه المالزمةُ
ّ
لفظه ،و ِ
المقص ُد ظاهر ِ
ِ ظر إلى نص المعنى ِمنه ّ
بالن ِ ي ال ُيقتَ ُ
تعبير مجاز ّ
ّأنه ٌ
ِ 7
عد
عنقه"( ) ،وقد ّ وعناقًا :التزمه فأدنى عنقَه ِمن
سان" :عانقه معانقةً ِ
بات ،وقد جاء في اللّ ِ والثّ ُ
األوروبي ِة ،واللّفظُ
ّ
يب الحرفي عن اللّ ِ
غات ّ
بركب التّعر ِ
ِ يلحق
ُ مما
ث ّالمحد َ
َ عبير
اليازجي هذا التّ َ
ّ
( )1انظر :مصطفى جواد ،قل وال تقل ،59/1 ،والعدناني ،معجم األخطاء الشائعة.128 ،
( )2انظر :المعجم الوسيط ،مادة "شجب".
( )3مجلة مجمع اللغة العربية األردني ،السنة الرابعة ،العددان ،23 ،14-13ونهاد الموسى ،اللغة العربية
وأبناؤها.101 ،
( )4انظر :اليازجي ،لغة الجرائد ،95 ،والعدناني ،معجم األخطاء الشائعة.140 ،
( )5العدناني ،معجم األخطاء الشائعة.140 ،
( )6انظر :خالد قوطرش ،األخطاء السائرة.49 ،
( )7ابن منظور ،اللسان ،مادة "عنق".
17
دين كذا ،أي اتّخذه ِد ًينا له ،وهو نِ ْحلتُه(بالكسر)( ،)1وتابعه في هذه ِ
بي –في زعمه– ْانتَ َحل َ العر ّ
اللي
الد ِّ ِ
الجدل ِّ ِ
مضمار هذا اليازجي في العدناني استدرك على ولكن محمد شريف(،)2 ِ
ّ ّ ّ التّخطئة ّ
إن ِمن معاني اعتنق: ِ
الفعل "اعتنق" ووجاهته؛ إذ ّ ِ ِ
استعمال صح ِة
محاميا عن ّ ً ُم ِّفن ًدا تخطئتَه،
المتقدِم ،بل
ِّ العدناني بهذا ِ
يكتف ثت به ،ولم تترْكه إلى ِ
غيره ،ولم تشب َ لَ ِزم ،واذا
ّ فقد ّشيئا ْ لزمت ًَ
اليازجي "انتحل"؛ ذلك ّأننا حي ـ ــن اب عندالصو ِ ِ ِ
ّ استعمال وجه ّ كثير إلى
أْل َمح إلى ّأنه ال َيمي ُل ًا
الديـ ـ ِـن َِ أو
اعتناق ّ
ُ فالن ال ّشعر أو الرأي ،نعني ّأنه ّادعاه ِ
لنفسه ،وهو لغيـ ـ ِـره ،و" نقو ُل :انتحل ٌ
َ َ
الدي ـ ِـن(مع ّأنه ِ
انتحال ّ تالؤما ِمن حيث معناهما ومبناهما ِمن ً أكثر
ُ ُمعانقتُه(المجازّيان)
حقيقةٌ)"(.)3
ضولي:
ّ فُ
آخر ضولي(،)4 ِّ
ولكن َ ّ ّ الغلبة" ،وصو ُابها هذا التّعبير :فُ بعضهم قولَنا "كثير َ ُ ويخطئُ
فيةٌ لمقابلِها اإلنجليزي "،)5("Curious عم ّأنها ترجمةٌ حر ّ فضولي"؛ إ ْذ ّإنه يز ُ
ّ ىء قولَنا" : يخطّ ُ
الزيادةُ،
ضلةَ هي ّأن الفَ ْ ك ،فقد جاء في اللّ ِ
سان ّ عوزه فض ُل ٍ
بيان واستد ار ٌ نظر َي ُأن هذا ٌ الحق ّ
و ّ
قسم( ،)6ولو ّأننا اكتفينا بمعنى ِ ِ ِ وفَض ِ
ضل منها حين تُ َ ضول الغنائم :ما فَ َ الماء :بقاياه ،وفُ َ الت َ
ِ
الفضول أو جل ذا
الر َ ِ ِ ِ ّ ِ
أن ّالزيادة لكان في ذلك ُس ْه َمةٌ في تجلية داللة المعنى الحادث؛ ذلك ّ
أن نقير والتّ ِ
فة والتّ ِ "الفضولي" تشطُّ به الرغبةُ في ز ِ
يادة المعر ِ
يمكن ْ
ُ نقيب إلى ما ال يعنيه ،أفال ّ ّ
األمس ،وداللةَ ِ
اليوم؟ ِ ينتظم تَْينِك ّ
الداللتَين؛ داللةَ ُ جامعا
ً يقتنص المرُء ِع ْق ًدا
َ
تَفانــى:
ِ
العمل" خطأٌ صو ُابه أن قولَنا" :تَفانى في
اللي ّ ِ ِّ
صحيح الد ّ المتصدرين للتّ
ّ بعض
ُ وقد ذهب
ِّن ِمنه :أفنى ِ
لم ِح المشاركة ،والمعنى المتعي ُ
ِ
ؤذن باستشراف َم َ
الفعل "تفانى" ُي ُ
َ أن
وحجتُه ّ
ض ّحى"ّ ، " َ
ب ِ 7
أن القالَ َ
ـض من وجهتَين ،أوالهما ّ يمكن أن تُنقَ َ
ُ أن هذه التّخطئةَ
الحق ّ
بعضا( ) ،و ًّ بعضهم
ُ
18
يت(،)1 وتعاطيت ،وتمار ُ اءيت له،
يت وتر ُ قاض ُ ٍ ِ
ُ يفي "تفاعل" قد يأتي من واحد؛ وذلك نحو :تَ َ
التّصر ّ
بعضا في ً بعضهم
ُ القوم :أفنى
ُ عبير ،فقيل" :تفانى
المعجم الوسيطَ أجاز هذا التّ َ
َ أن
وثانيهما ّ
ق هذه الموافق ـ َةالعدناني ُيعلّ ُ نفسه فيه حتّى كاد يفنى"( ،)2ولك ّن ِ ِ
ّ الحرب ،وتفانى في العمل :أَجهد َ
ِ
مجمعه(.)3 على مو ِ
افقة
( )1انظر :ابن قتيبة ،أدب الكاتب ،302 ،واألستراباذي ،شرح الشافية.104/1 ،
( )2المعجم الوسيط ،مادة "فني".
( )3انظر :العدناني ،معجم األخطاء الشائعة.197 ،
19
الث:
اإلشكا ُل الثّ ُ
ُمغاالة أم ُمعاياة؟
ف في إلزِام المغاالة والتّكلّ ِ
ِ عظيما في بلغا
اللي َم ً ِّ
ً المتصدرون للتّصحي ِح الد ّ ّ وقد يبلغُ
ِ
الحياة في قوج ْع ِل منط ِ ِ ِ
األلفاظ دالالت ِها المنقولةَ ،أو في إلزِام
االشتقاقيةَ األولىَ ،
ّ معانيها
َ األلفاظ
ليغدو الع ِج ِل، الن ِ عويل على االستقر ِ
الداللي ،أو التّ ِ صحيح ِّ ِ
َ اقص َ اء ّ ّ ِ اني محت َك ًما في التّ
الب ّر ّ
العالم َ
ِ حا ُل ِ
بيان يجلّي
أنفسهم ،وفي الذي يأتي ٌ اس بالبِّر َ
وينس ْون َ الن َ كحال أولئك الذين يأمرون ّ بعضهم
تقدم:
ما ّ
ِ
االست ْحمام:
غير، ِ ِ الحم :الح اررةُ ،والح ِميم والحميمةُ :الماء الحار ،و ِ
الص ُ
بكسر الميم ،القُ ْمقُ ُم ّ الم َح ّم، ّ ُ َ ُ َ َّ
ِ
االستحمام ِّن ِمن
يكون المتعي ُ
َ بأن
ؤذن ْ لي ُي ُاألو َّ
اللي ّ ِّ
الماء( ) ،ولع ّل هذا المعنى الد ّ
1
ُ سخ ُن فيه ُي ّ
وفاء لذلكم ِ ِ
يكون إالّ كذلك ً ُ مكي ،فرأى ّأنه ال ابن ّ الحار ،والى هذا الوجه ذهب ُ ّ بالماء سال
االغت َ
ِ
البارد هو ِ
بالماء االستحمام أن األصل االشتقاقــي العر ِ ِ
َ يض "حمم" ،وقد أفضى به هذا ثانيةً إلى ّ ّ
اني، ِ ِ األصل االشتقاقي ومنط ِ ِ ق اللّ ِ ساوق بين منط ِاالبتِر ُاد واال ْقتِرُارُ ،لي َ
الب َّر ّ
ق الحياة في العالم َ ّ غة و ْ
يف باعثُه -كما أن هذا َو َه ٌم طر ٌ
ِ 2 ِ أهل اللّ ِ
ولذا استنكر على ِ
الحق ّبالماء البارد( ) ،و ّ االستحمام
َ غة
جهة أخرى ،أشار جهة ،و ِمن ٍ ف يدفع من ٍ َّ ِ
االشتقاقي ،ولكنّه ُمتكل ٌ ُ ُ
ّ األصل الوفاء بمعنى
ُ تقدم آنفًا– ّ
بالماء الحــار" ،ثم صار ُّ
كل ِ األصل ِمن قولِنا "االستحمام" هو االغتسا ُل أن صاحب اللّس ِ
ّ ّ َ ان إلى ّ ُ
وجهة ٍ
نظر ِ اللي – ِمن أن هذا التّ ّ ِّ 3 ٍ ٍ
طوَر الد ّ بأي م ــاء كان"( ) ،وليس يخفى ّ استحماما ّ
ً اغتسال
وتوسيع دائرتِها(.)4
ِ الد ِ
اللة تعميم ِّ ينتسب إلى ظاه ِرة ٍ
حديثة– لساني ٍة
ُ ّ
20
ِ
القافلَــة:
كانت أو راجعةً، الس ِ
فر ذاهبةً يخطىء ابن قتيبةَ الذين يجعلون القافلةَ بمعنى ُّ ِ ِّ
ْ الرفقة في ّ ُ ُ
الرجوِع( ،)1وقد ِ ِ الس ِ ِ
فر؛ إذ ّإنها قافلةٌ مأخوذةٌ من القُفولّ : الراجعةُ من ّ أن معناها ّ اب عنده ّ الصو ُ
و ّ
سمى قافلةً إالّ منصرفةً إلى ظنه ّأنها ال تُ َّ مشير إلى ّ ًا ابن قتيبةَسان على َو َهِم ِ
صاحب اللّ ُِ عرج
ّ
بأن ُي َي ّس َر اهلل لها ِ ِ وطنِها" ،فما زالت
األسفار قافل ـ ـةً تفاؤالً ْ ابتداء الناهضين في تسمي ّالعرب ّ ُ
ِ
األصل ي تعويالً على معنى ِّ ِ 2
المتشدد الحرير ّ النه ِجابن قتيبةَ في هذا ّ فول"( ) .وقد تابع َ القُ َ
ألن ِ وجرًيا ،فقال" :ويقولونَ :وَّدعت قافلـةَ
الكالم منهّ ،ُ يتضاد
ّ الحاج ،فينطقون بما ّ الشتقاقي َ
ّ ا
قرُن بين ِ فقة الر ِ للر ِ الس ِ
الوطن ،فكيف ُي َ اجعة إلى ّ اسم ُّ فر ،والقافلةُ ٌ يكون لمن يخرُج إلى ّ ُ وديع ّإنما
التّ َ
استقبلت قافلة الحاج ،أو يت قافلةَ قال :تلقّ ُ أن ُي َالكالم ِْ
ُ ّ المعنيين؟ ووجهُ
َ اللّفظتَين مع تنافي
عد قولِنا "قافلة" للر ِ
فقة جانحا إلى ِّ الدرِة،
الخفاجي شارُح ّ ُّ يرد على الحرير ِّ 3
الحاج ،) ("...وقد ّ
ّ ً ّ
ِ 4
أن ذلك كذلك. الحق ّ
محاسن العر ّبية( ) ،و ّ ِ القافلة أو المسافرِة ِمن
ِ
مؤدى فمنهم َمن خطّأ قولَناَّ : ف سلكها بعض الم ْح َدثينِ ، المغاالة والتّكلّ ِ
ِ السبي ُل ِمن
ُ ُ وهذه ّ
الصو ِ ِ
أن هذا ليس بمن َك ٍر ،وال بخرو ٍج عن ّ
5
فالسبي ـ ُل
اب البتّةَّ ، الحق ّ
الصواب :فَ ْحواه( ) ،و ّ الكالم ،و ّ
مؤدى ٍ
الصة ما ،فله ّ الكالم في مضمونِه ومستصفاهُ ّ
يؤدي إلى ُخ ٍ ٍ
تؤدي إلى غاية أو َم ْوصل ما ،و ُ ّ
كانت ِمن ِ
باب اللهم إالّ إذا ِ
ْ فزعُ إلى هذه التّخطئةّ ، ولست أدري لماذا ُي َ ُ يكون مرادفًا لفحواه،
ُ اد
يك ُ
المعاياة .و ِمن ِمثل ما ّ
تقدم: ِ ِ
المماحكة أو
21
ومرد ذلك إلى القالَ ِب الم ْح ِ
تم ِل ،فإذا ما قيل: معنوي، تضاد مما يقعُ فيه ِ
ُ ّ ّ ّ األمين ّ
غيره ،و ُُيسمع َ
ِ ٌ ِ
تمني ،أو ّأنه الذي أَتَّمُنه على أمري( ) ،و ُ
1
قياسا
الصندوق – ًأمين ّ فالن أَميني فقد يعني ّأنه ُم ْؤ َ
الصندو ِ
ق وما يشتم ُل عليه. تأتمنه على ّ
تقدم آنفًا– هو الذي ُ على ما ّ
ََّ ِ
رجات: سقَط إلى أدنى الد َ
َ
أن ِ بعضهم صوابه :سقط إلى أدنى َّ ِ ِ وهذا خطأٌ في ِ
الد َركات ،وعلّة هذه التّخطئة ّ ُ َ نظر
ِ 2
تستعم ُل في
َ فالدرجةُ
يفّ ،أن هذا َو َه ٌم طر ٌ
عود( ) ،وليس يخفى ّ الص
تفاع و ّ
تكون في االر ِ
ُ الدرجةَ
ّ
رجات ،وهو مستهلُّه ،وأعلى الد ِ الس ِلم أدنى ّ الن ِ ِ الص ِ ِ
زول ،وفي ّ ومطلب ّ عود مطلب ّ طلَبين،الم ْ
َ
نفسه ِمغ ـ ٌ
ـالق الباب" ،وهــو في اآلن ِ
َ ِ فتاح ِ
الدرجات وهو غايتُه ،وليس ُينسى ّأننا نقو ُل" :هذا م ُ
ّ ِ
ق " ِم ٍ
فتاح" أو نفسه ِمهبطٌ ،أفيفضي هذا بنــا إلى إلحا ِ صعد ،وهو في اآلن ِ
َ للباب ،ونقو ُل :هذا ِم ٌ ِ
ك؟.تصويب أو استد ار ٌ
ٌ عوزه ِ
بركب الخطأ الذي َي ُ الد ِ
رجات" صعد" أو "أدنى ّ" ِم ٍ
صد :
اقتَ َ
اليوم؛ إذ ّإننا نقو ُل: ِ
القتصاد تخطئة معنى ا ِ صحيح في
ِ يتصد ُر للتّ
ّ بعض َمن يغالي
َ ُ
تغيير لمعنى
ٌ اليازجي–
ّ يذهب
ُ ضلةً ،وفي هذا –كما المال إذا استَ ْفضل ِمنـه فَ ِْ فالن ِمن
اقتصد ٌ
األمر( ،)4وتابعه على هذا ِ وسطُ فيغة االعتدا ُل والتّ ُّ فاالقتصاد في اللّ ِ
ُ ِ
االستعمال، ِ
ووجه ِ
الفعل
ِ
المعيشة ُعني ّأنه لم اقتصد في قات ،فإذا ما قيل: النفَ ِ
االقتصاد يكو ُن في َّ أن
َ َ العدناني؛ ذلك ّ
ّ
اللي ،والذي وتجافيا عن َس َن ِن التّ ّ ِ ِّ 5 ٍ
الحد بإفراط أو ٍ
طور الد ّ ً أن في هذا تكلّفًا الحق ّ
تقتير( ) ،و ّ يتجاوز ّ
ِ
المجاز، صد في معيشتِه واقتصد ِمن ِ
باب أن قولَنا :قَ َ
ِ
ي في أساسه يرى ّ الزمخشر ّ أن ّ
يسند هذا ّ
ُ
22
ِ
المجاز الحد ورضي بالتّوس ِ
ُّط( ،)1ولو ّأننا تلبَّثنا قليالً عند األمر إذا لم يجاوز ِمنه ّ ِ صد في
َ وقَ َ
ِ
للخيط األمر) لكان في ذلك تجليةٌ ِ ي (اقتصد في معيشتِه ،وقصد في الزمخشر ّالذي أَْلمح إليه ّ
تقترب
ُ أن داللةَ "اقتصد" ينتظم ِعقد َذ ْينِك االستعمالَين ،القديم والحديث ،وبذا ُ
نجد ّ ُ الجامع الذي
ِ
ق ِمن ِ
داللة " َوفَّر" المن َكرة. السيا ِ
في هذا ّ
يتصدرون ِ
أللفاظ الذين أن بِ ُم ْك َن ِة المتتب ِ
ِّع
ّ الخاطر ّ
َ يف الذي يسترعي
المْل َحظُ الطّر ُ
وَ
ِ
كحال َمن ينهى عن فيضحي حالُهم ِ ٍ ٍ ِ ِّ
يقف عند دالالت حادثات في كالمهمُ ، أن َ اللي ْ
صحيح الد ّ للتّ
ُخلُ ٍ
ق ويأتي مثلَه؛ وذلك نحو:
ص َمد:
َ
مر مة كتابِه في التّ مقد ِ
ص َمدت العر ّبي ـةُ على ّ ـوي" :ولقد َ صحيح اللّغ ـ ِّ أحدهم في ّ قال ُ
اليوم، 5 ٍ ُ ِ ات المهل َك ـ ِـة،
وجه التّيار ِ
ـور في ِالدهـ ِ
مود ،بمعناه َ الص َأن ّ اهر ّ
وستصمد من جديد ،) ("..والظّ ُ ّ ّ
أن ِ
للخاطر ّ فت 6
مقصود( ) ،والالّ ُ
ٌ ص َّم ٌد:
وبيت ُم َ
ٌ ص ُد،
َّمد :القَ ْ
األمس ،فالص ْ ِ للص ِ
مود بمعناه ب مفارق ّ
ٌ
ِ
األلفاظ ِ
الجديدة يجنحان إلى إلزِام ف اللّذين استعمال هذه الكلمةَ ِبداللتِها المصن ِ
َّ صاحبي ذلكم
أن 2 1 7 ِ
ضخ"( ) و"استلم"( ) و"تَحاشى"( ) .وقد كان حقّا عليهما ْ
دالالتها المنقولةَ ،ولذلك أنك ار " َر َ
23
المتشدِد وتعز ًيزا ،وقد أنكر هذا الوجهَ –أعني
ِّ ِ
لمنهجهما وفاء
حدودها المنقولةَ ً
َ ُيلزما داللةَ "نصمد"
األمر يد
اب هو :ثََبت له ،والذي يز ُ ِ
َ الصو َ
أن ّ مقرًار ّ
داللةَ صمد بمعناها الحادث– مصطفى جوادّ ،
محاميا عن المعنى
ً ص َمد له ،وثبت له،
يجوُز الوجهَين ،وهماَ :
العدناني ِّ
ّ أن
اعتياصا وتداخالً ّ
ً
يعطش وال يجوعُ
ُ َّم َد ِمن ِّ
الر ِ
جال :الذي ال أن الص َ
مشير إلى ّ
ًا الحادث ،ر ّاداً على مصطفى جواد،ِ
المكان المرتفعُ الغليـظُ ِمن
ُ َّمد هو
أن الص ْ
ِ الص ِ
بر والثّبات ،و ّ الحرب ،وفي هذا إلماحةٌ إلى ّ ِ في
غة بالقاهرِة أجازالصلب الذي ليس فيه َخور ،وأن مجمع اللّ ِ ِ
َ ّ ٌَ يء ُّ ُ ص َّمد هو ال ّش ُ
الم َ
أن ُاألرض ،و ّ
صمد" بمعنى "ثَبت"(.)3
قولَنا " َ
احتار:
وممن خطَّأها 4
تتفوْه بها( )ّ ،
العرب لم ّ
َ أن ِ
تقد َم تخطئةُ بعضهم "احتار"؛ ذلك ّ و ِمن ِ
مثل ما ّ
حار
نقولَ :
َ أن
اب ْالصو ُ
فالن ،و ّ
العدناني ومحمد شريف .يقو ُل األخي ـ ُر" :يقولون خطأً :احتار ٌ ّ
وقعت في ِ
كالم ينكرها في ثناياه ،وقد ٍ نجد هذه الكلمةَ "احتار" في ّ ِ 5
ْ مقدمة كتاب ُ ولكننا ُ
فالن"( )ّ ،
ِ
الكتابة، ِ
باختالف يختلف أن المعنى ِ
الكتاب ُم ِّ ِ
ُ ومعلوم ّ
ٌ قد ًما فقال" : الحديث في ابل
الذي استفتح قو َ
ِ
الحدس"(.)6 ِ
متاهة يحتار القارئُ ،ويقعُ في
ف ُ
24
يء
إن معنى "ناهَ ال ّش ُ
كانت عليه قَ ْبالً؛ إذ ّ
ْ مفارق لما
ٌ نوه"
أن استعمالَنا كلمةَ " ّ
اهر ّ
والظّ ُ
هت
ونو ُ ِ ينوهُ :ارتفع وعال… فهو نائِهُ ،
ونوهتُه تنويهًا :رفعتُهّ ،
هت بهّ ، ونو ُ
وها ّ ون ْهت بال ّشيء َن ً
ذكره ، … ،و ِمنه قو ُل أبي نخيلةَ لِ َمسلَمةَ :
فعت َ
ِ
باسمه :ر ُ
ذكر ال ّش ِ
يء كانت مقصورةً على ِ نوه" ،فقد ِ
ْ داللياً وقع في داللة " ّ
تطوًار ّ
أن ّتقدم ّ
مما ّ
يتجلّى ّ
يب ِمن
اإلشعار أو بقر ٍ
ِ ِ
اإلعالم أو اليوم تُستعم ُل بمعنى
ولكنها َ
فعة والتّ ِ
مجيدّ ، بالر ِ
مقرونا ِّ
ً ِ
االسم أو
لحق َبرْك ِب أحـ ِـد األعر ِ
اض مما َي ُ
اللي ّ طوُر ِّ
الد ُّ ِ اح ِّ ِ
الرفعة والتّمجيد ،وهذا التّ ّ َذ ْينِك المعنيين مع اطّر ِ
تعميمها". ِ
تصيب داللةَ اللّفظ ،وهو " ُ
ُ التي
ٍّ
مستمرة على ٍ ٍ ٍ ِ ِ
تصبح معه
ُ نحو دائبة حركة األلفاظ في دالالت أن وثالُثها َّ :أنه ّ
تبين ّ
مطالب العر ّبي ِة.
ِ طلًَبا ِمن
يخي َم ْ
لغوي تار ّ
ّ
ٍ
معجم وضع
ِ َّ
الملحةُ إلى الحاجةُ
25
الرابع:
اإلشكا ُل ّ
ق: ق والالّح ِ الساب ِ
بين ّ
عل في اللي خاصةً ،نافذةُ ِ
الف ِ الد ِّ عامةً ،و ّ طوِر اللّ ِّ قرِر الم ْ ِ ِ
ّ غوي ّ أن ظاهرةَ التّ ّ ستحكم ّ ُ الم َّ
من ُ
األسلوبي، المعجمي ،و ركيبي ،و
في ،والتّ ِّ الصر ِّ ِ ِ ِ
ِّ ِّ وتي ،و ّ الص ِّ
اللّغة ،ويتجلّى ذلك في ُمستويات اللّغةّ :
اض، اعث َمخصوصةٌ وأعر ٌ اللي الذي له بو ُ الد ِّ طوِر ّ ِ وموضعُ الّن ِ
خاص بالتّ ٌّّ المباحثة ظر في هذه
ثم ٍ ٍ ٍ ٍ ٍ ٍ ِ ِفد ُ
قي إلى انحطاط إلى نقلّ ، تخصيص إلى ر ٍّ تعميم إلى فمن
الالت األلفاظ في حركة دائمةْ ،
ينسحب ِ
الفكر ينسحب على دائبة متوثِّ ٍ
بة ،وما ٍ ٍ
حركة الفكر في ِ
ُ ُ ُ التفكير وأداتُه ،و ُ إن اللّغةَ وسيلةُ ّ
ِ ِ يجد بين ٍ ِ ِ ِ علَى اللّ ِ
كثير من األلفاظ وِدالالتها تر ً
اخيا الم ْع َجمات العر ّبية ُ َ اظر في ُ أن الّن َ الحق ّ
غة ،و ّ
طوِر، ِ ِ ِ ِ ا ِ
لناموس التّ ّ خضعت
ْ وقد
تداولةٌْ ،
الم َع َّمرة ُم َ كثير من ألفاظ العر ّبية ُ أن ً جليًّا ،وال ُي ْن َسى ّ
كان
وقد َ حكامْ ، اإل ِ دون ِ ِ
حد اإليهام َ اخت أخرى إلى ِّ األلفاظ عن ِدالالتِها قليالً ،وتر ْ ِ بعض
ُ احت
فانز ْ
يفهم ِ كثير ِمن المو ِ وغموضا في ٍ ِ ِمن ِ
كأن َ الكالميةْ ،
ّ اقف ً التباسا
ً ب
أن ُي ْعق َتقد َم ْ
شأن هذا الذي ّ
ظانا أن تلكم األلفاظَ الم ِ يفهمها في َع ِ الساب ِ
عند
كانت تَعني َ ْ تقاد َمةَ ُ صره ًّ ّ ق َكما ُ ظ ّ حق ألفا َالالّ ُ
ق. عند الالّح ِ
ق ما تَ ْعنيه َ الساب ِ
ّ
26
لحمة اإلنجليزّي ِة
هم الم ِ
َ
خاص كي نتم ّكن ِمن فَ ِ
َ ٍّ لغوي
ٍّ ٍ
استعداد ٍ
حاجة إلى ك فيه ّأننا في
فمما ال ش ّ
ّ
1
الملك ألفريد .) (" King Alfred ِ ثر في ِ
عهد الن ِ
أساليب ّ ق
نتذو َ ِ
َ أن ّ القديمة” ”Beowulfمثالً ،أو ْ
27
اآلن سائرةٌ على لسا ِن الالّح ِ
ق الساب ِ كانت سائرةً على ِ ٍ ِ
ق ،وهي َ لسان ّ ْ كلمات بعض لننظر في
ْ
كاألو ِل:
ّ بمعنى ليس
األو ِل الذي ال كالمذياع في ِ
كالم الالّح ِ الساب ِ ِ ِ
عند ّ ق؛ إذ ّإنه َ ِ ق ليس -المذياعُ في كالم ّ
الدالّ ِة على
صيغة " ِم ْفعال" ّ
ِ جاءت في
ْ أن هذه الكلمةَ قد أبدا ،وليس يخفى ّ سر ً
يكتم ّاً ُ
ِ
المبالغة.
اليومي،
ِّ يحتكم إليه في تواصلِه
ُ حق بالمعنى الذي فإن ورد عليه الالّ ُ -وكذلك "التَّ ْخت"ْ ،
أن َّ فإن حظَّه ِمن التّو ِ ِ ِ
سيكون خافتًا بل مط َرًحا؛ ذلك ّ ُ اصل المعاصرّ ، غوي
وِاْلفه اللّ ّ
ِ
األمس؟؟. اليوم ِمن
ياب ،وأين ُ تصان فيه الثّ ُ
ُ عاء
قو ٌ الساب ِ ِ
خت في كالم ّ التَّ َ
وتعالق؛ إذ ّإنه عند
ٌ س ،وا ْن كان بينهما لُحمةٌ كالصهريج أم ِّ اليوم ليس الصهريج -و ِّ
َ
الماء.
ُ ِ
كالحياض يجتمعُ فيها قالساب ِ
ّ
يردده الفح ُل في ِ
حلقه(.)1 هدير ّ الساب ِ -و َّ
ق ٌ الزْغردةُ عند ّ
هر ال ّشديد الجري(.)2
الن ُ
وجمعها َعربات ،و ّ
ُ اكد،
الرو ُ
فن ّ الس ُ
الع َربةُ عنده ّ
-و َ
طيب تفليجها ،أو صفاؤها ،أو ِ
األسنان ،أو ق تحز ُيز أطر ِ
اف الساب ِ -و َّ
ُ ُ ُ الش َنب عند ّ
البرد والعذوبةُ في ِ
الفم( ،)3وهي عند الالّحق مرادفةٌ لل ّشارب أو تكا ُد ُ نكهتِها ،أو
تكون.
ُ
خاصةً ،وقيل هي الخي ُل ّ الر ِ
هان ِ
الخيل في ِّ الدفعةُ ِمن
ق َّ الساب ِ ِ
الحْلبةُ في كالم ّ -و َ
احد( ،)4وما كان أنأى داللةَ ِ
اليوم موضع و ٍ أوب ال تخرُج ِمنكل ٍ ق ِمن ِّ للسبا ِ
ٍ جمع ّ تُ َ
ِ
المكان الذي تعقَ ُد فيه المباراةُ يب في ذلك-على ِ ِ
األمس ،فهي دالّةٌ -وال ر َ داللة عن
باق.
الس ُأو ّ
الكذب فيه( ،)5وقيل: الصفع في ِ كالم ّ ِ -والفَ ْش ُخ في ِ
لعب الصِّبيان ،و ُ طم و ّ ُ السابق اللّ ُ
ِ 6
بحجر أو ِ
نحوه. ٍ شج الر ِ
أس اليوم بمعنى ِّ
أسه بيده( ) ،وهي َ ب رَ ض َر َ
َ
نفسك على ِّ
الحق –تقدس اسمه" :-فلعلّك باخعٌ َ وغماً ،و ِمنه قو ُل
الب ْخعُ القت ُل غيظًا ّ
-وَ
ومخرجها(.)7
ُ نفسك
آثارهم" ،والمعنى :فلعلّك قات ٌل َِ
28
غنم ،والمتاعُ، ِ عند ّ ِ
السابق -كما سيتجلّى بعداً -الما ُل أجمع :اإلب ُل ،وال ُ األثاث َ
-و ُ
احت داللتُها عن ِ
األمثال انز ْ باب ٍ
كلمات أخر في ِ الباحث على
ُ وسيعرُج العبيد،
و ُ
َ ّ
افن، ُثرت عن ّ ِ ِ الد ِ
الص ُ
اطر وال َكّنة والمتّكئُ و ّ
القزم وال ّش ُ
السابق ،ومن ذلك ُ اللة التي أ ْ ّ
تغي ٍر. ِ بيان ٍّ
ك ّل ذلك سيأتي عليه فض ُل ٍ
مجل لما اعتراه من ّ
وجه التّ ِ
عيين المباحثة الجزئي ِة على ِ ِ الكتابة في هذهِ ك عنان ِ
القلم عن عن لي وأنا أمس ُ
ّ َ وقد ّ
ِّن ِمــن نصـ ِ
ـوص اللي فــي فهـِـم المتعــي ِ
اف التّطـ ّـوِر الـ ِّـد ِّأن أستصــفي م ـثُالً دالّـةً مبِين ـةً عــن أثـ ِـر استش ـر ِ
ُ َ ُ ْ
ول حسـ ٍـن أفضــى إلــى وقــوفي عنـ َـد ـتجدت هــذا الخــاطر ،وتلقفتُــه بقَبـ ٍ
َ ُ المعمـ ِرة المتقادمـ ِـة ،فاسـ
َّ العر ّبيـ ِـة
أن فيهـا ألفاظًـا
ـت ّ ـاس ،وقـد ألفي ُ الن ِ
ـالم ّـاس ،وك ِ الن ِـي ّ الن ِ
ـاس ،ونب ِّ رب ّـالم ّ ثالث قُرٍحِ :مـن ك ِ مثُ ٍل ِمن ِ
َ ُ
إن
داللي ـاً معاصـ ًـرا؛ إ ْذ ّ
فهمــا ّ ـق ً يفهمهــا الالّحـ ُ
أن َ ـتهجن ْ المسـ َ
ـور ُ رت داللتُهــا ،وغــدا ِمــن المحظـ ِ تطـ ّـو ْ
ـب إلــى ـص الالّح ـ ِ الســاب ِ ِ ِ
ممــا ينتسـ ُ
ق ّ ق علــى نـ ِّ ورود ّ ولمــا كــان ُ اخيــا بــين اللّفــظ وداللتــه قــد وقــعّ ، تر ً
ـب
ق متحقّقاً قري َ الساب ِنص ّ ق على ِّ ورود الالّح ِ
ولما كان ُ ِ
كسبتّ ،
ْ خلت لها ما أمةٌ قد ْ المحال ،فتلك ّ
ـث الرسـ ِ
ـول النهـ ِ ـاء اللّيـ ِـل وأط ـر َ
ـار ،وفينــا أحاديـ َ ّ اف ّ يمــا ش ـريفًا يتلــى آنـ َ
إن فينــا قرًآنــا كر ً المبتغــى؛ إذ ّ
لمـا كـان كـذلك- َّ ٍ الكر ِيم صلّى اهلل عليه وسلّم ،وفينا
معمـرةً كثيـرةً كثيـرةً ّ - اثيـةً متقادمـةً َّ مصنفات تر ّ
المثُـل ال ّشـريفةَ
ـت ُ تطبيقيـاً ،فجعل ُ
ّ رس
ـون ذلكـم ال ّـد ُ
أن يك َـطرها ْ
ـت قلمـي ش َ
آثرت في وجهتي التـي ولّي ُُ
فس شـتّى، اض فـي ال ّـن ِ الحديث ال ّشر ِ
يف َم ْـوِرًدا لطلبتـي ألغـر ٍ ِ ِ
الحكيم و المصطفاةَ المقتبسةَ ِمن ال ّذ ِ
كر
و ِمنها ما َ
كان:
تقدم.
مباحث تجلّي ك ّل ما ّ
َ الفصل القادم ِمن
ِ بروي ٍة فيما يأتي في
ظر ّ لِ َن ْرجع ّ
الن َ
29
الفصلُ الثّاني
طورِ الداللي في التّلقّي ِ
أثر استشراف التّ ّ
ُ
30
آني:
ص القر ِّ ِ أثر استشر ِ
اف التّ ّ ِ
ِّاللي في فهم ال ّن ّ
طور الد ّ ُ
سوغ ّأولي:
ُم ِّ
ردت عليه إ ْذ كان م ِ
حاض ًار في لة َو ْ نفس صاحبِه ِمن مساء ٍ ِ
الفصل في ِ ت فكرةُ هذاقام ْ
َ ُ ُ َ َ
ِ ض بِ ْ ِ بعد ِ
اعترضه نابِهٌَ ، طالّبِهْ ،
رجل َك هذا وتدب ٍر ،في قوله –تَ َّنزه ُ
اسمه(:-ارُك ْ ُّر ّطول تبص ٍ َ فقد
31
ق ال َكلِِمنيوي وتعال ِ ق البِ ِّ السيا ِ
اف ّ لة تلكم استشر َ ضمار المساء ِ
كان م ْ ُ ُ َ
ِ
وقد َ اب)( )ْ ،
1
ُم ْغتَ َس ٌل ِ
بارٌد َو َشر ٌ
وهل
الر ْج ُل؟ ْ اركض برجلِ َك"َ ،فلماذا ِّ الحق –ج ّل في ُعاله -يقو ُلْ " : ّ أن ِ
في اآلية ال ّشريفة؛ ذلك ّ
ِ
ض بر ِ ِ اب بِ يركض اإلنسان بِ ِ ِ
أس َك ،أو نقول :ارُك ْأن َ فهل لنا ْ اإليجابْ ، كان الجو ُ غير ِر ْجله؟ واذا َ ُ َ ُ
السؤ ِ
االت كل ذلك مجموعةٌ ِمن ُّ وكيد؟ ُّص ُد ِم ْنه التّ ُ إطناب الم ْق ِ نيوي فيهالتركيب البِ َّ أن هذا ِ
ٌ َ َ يد َك؟ ْأم ّ
القول علَى ِ طلَ ِب
ب إلى َم ْ ِ جنحت وقتَها إلى ِّ ِ ت في ال ّذ ِ
عدها م ّما ينتس ُ ُ وقد
هنْ ، ازدحم ْ
َ التي
ظر ،في الن ِعاودة ّ بعد م ِ بأم َعينِي ،و ّ وكيد( ) ،كقولِنا :رأيتُه ِّ
ِ 2
اإلطناب لِ ِ
ِ
نتُ َ ، تبي ُ
الحق ّأنني ّ غرض التّ
ألقيت حكمي ج ازفًا في تلكم المحاض ِرة ،فالمع َّو ُل ِ
عليه أن ذلك ليس كذلك؛ إ ْذ ّإنني ِ َم ِّ
َُ ُ ُ ُ ُ ُ التفسير ّ ظان
طوِر ِ سياقها ال ّشر ِ اللة "ركض" في ِ ِّن ِمن ِد ِ الوقوف على المتعي ِ ِ
فاد َمْل َحظ التّ ّ يف ذاك هو استر ُ في
معنيان ،أولُها م ِ
تقاد ٌم ُم َع َّمر ،وثانيهما ِ ّ ُ سيتبي ُن َب ْع ًدا -يقعُ تحتَها
ّ أن "ركض" –كما اللي؛ ذلك ّ الد ِّ ّ
يف ذاك بالمعنى الم ِ
تقادِم، سياقها ال ّشر ِ ِ جاءت في وقد
الليْ ، الد ِّ طوِر ّ ث متَ َخلِّ ٌ ِ ِ
ُ َ ْ ق من التّ ّ حاد ٌ ُ
ِّر البداءةُ به ،وهو العلوم اللفظيةُ ،وعلى ر ِ بعد هذا كلِّه ،ما
أسها - ّ ُ يجب على المفس ِ َ ُ عتَ ، ترج ُفاس َ ْ
ب ال َّ 3 األلفاظ الم َ ِ
ِ
المرك َ إن
فردة( ) ،و"هو َكما قالواّ : ُ تحقيق
ُ يوطي-
الس ُّ ركشي و ّ
الز ُّ اغب و ّ الر ُكما يرى ّ
الخارجي"(.)4 هني و
الذ ِّالوجود ِمن ِّ
ِ سابق على ِّ
الكل في ألن الجزَء ِ
العلم بمفرداته؛ ّ بعد ِ علم إالّ َ
ِّ ٌ ُي ُ
تَجلِية َو ْ
فض ُل َبيان:
ِ
المباحثة ،واستكماالً وض في م ِ
طالب هذه للخ ِ فاء َ
َ عندهَ ،و ً
ث َ الم ْك ُ
لع ّل ّأو َل ما ينبغي ُ
المتقدِم ُ رس المتخلِّق ِمن تلكم المساء ِ ِ ِ لمستَْل َزماتِهاّ ،
بيانها في ِّ لة ُ َ الد ِ ُ الباحث على َّ باعث ظر في
الن ُ ُ
ِ
آني ال ّشريف: ِ
الرْكض" في سياقها القر ِّ ِ
لي" ،وهي داللةُ " ّ
سوغٌ ّأو ٌّ
" ُم ِّ
ضوفالن يرُك ُ
ٌ ض َرب َج ْن َبيها برجلِه،
ضها َر ََ ْكضاًَ :
الد ّابةَ َي ْرُك ُ
ض ّ جاء في اللّ ِ
سانَ :رَك َ
اب ،فقالوا :هي فلما َكثَُر هذا على ألسنتِهم استعملوه في ّ
الدو ّ
ِ
ب َم ْرَكلَ ْيها برجلهّ ،ض ْر ُ
دابتَه :وهو َ
ّ
ض ِ ِ
ورَك َ
نينها في بطنهاَ ،
اضطرب َج ُ
َ رس إذا
ت الفَ ُ
كض ْ
أيضا :أ َْر َ
ويقا ُل ً كض منهاُ ، الر َكأن ّ
ض؛ ّتَْرُك ُ
32
الر ِ
كض ِ ِ
أص ُل ّ
البعير برجله :أي ضرَبه ،و ْ ُ ضه
ورَك َ
بجناحيهَ ،
ْ ض َرب
ائر في طَيرانه ،أي َ الطّ ُ
ابن ِ
عبد ِ
حديث ِ وب :ضرَبهما بِ ِرجلِه ،وفي ك ِّ ِ
األرض والثّ َ
َ ض ورَك َ
الر ْجلَ ، كض تحري ُ الر ُ
رب ،و ّ
الض ُ
ّ
األرض(.)1
َ برجلِه
ضرب ِ
َ ركض في لَ ْحِده"؛ أي
َ الوليد
َ دفنا
لما ّقالّ " :
يز َالعز ِ
ٍ
شيء ِ
يفيئان إلى كض في أصلِهما ّإنما يصح في الفَ ِ ُّ
الر َ
كل و َّ الر َ
إن َّ قال ّ أن ُي َ هم ْ ولعلّه
دو ،...،وقيل هو ِ جاء في اللِّ ِ و ٍ
ليع َ
الفرس برجلك ْ َ كل :ضرُبك الر َ
أن ّ مادة "ركل" ّ سان في ّ فقد َ احدْ ،
السؤا ُل 2
للرْك ِ ِ الداب ِة ِ كض ِّ ِ
أما ّض"( )ّ . حركه ّ الفارس برجله إذا ّ ُ حيث يركلُهاُ ومراك ُل ّ بالرجلَ ،...، الر ُ ّ
عن هذا ِ ِ ِ ِ ِ
اب ْ مادة "ركل" ،فالجو ُ مادة "ركض" مع ّ تداخل ّ الباعث على
َ عن علّة العلّة ،وهي تُمثّ ُل ْ
أن
اليوم؛ ذلك ّ ضاد ِ َ ليست
ْ ِ
أمس ضاد العر ّبي ِةَ أن ِ
المستَ ْحكِم ّ قرِر ُ الم َّ
إن من ُ
ِ
تيد؛ إ ْذ ّحاضر َع ٌ
ٌ
معها ّتي ُار ِ كانت ِرخوةً
اد الحادثةُ فهي انفجارّيةٌ ينقطعُ َ الض ُأما ّ جانبيةً كالالّمّ ،ّ ْ اد القديمةَ الض َ
ّ
ِ
القديمة والالِّم، الض ِاد الد ِ ِ الهو ِ
بين ّ أن ثَّم َمشابهَ َ ال ،وليس يخفى ّ القاف و ّ اء الخارِج؛ وذلك نحو
اد
الض َ ِ جانبي ،وكالهما ِر ْخ ٌوْ ، الص ِ
ألن ّ ص ّرح بهذا سيبويه فقا َلّ " : بل َ ألم َح ْ
وقد َ ّ جهور
وتين َم ٌ فكال ّ
الماد ِ استطالت لرخاوتِها حتّى اتّ ْ
3
جلياً في
تين ّ بين ّبم ْخ َرِج الالّم"( ) ،ولذلك ُيلفي المرُء تداخالً َ
صلت َ ْ
ٍ
أصل ِ
تنتسبان إلى ماد ِ
تان كض ّإنما هما ّ ِ
الر َ كل و ّ
الر َ
أن ّفاده ّ
خاطر َم ُ ٌ بي حتّى لَيس ُكنهالم ْعجم العر ّ
ُ
األمس والالِّم.
ِ سبي بين ِ
ضاد و ٍ
احدُّ ،
الن ُّ َ كل ذلكم باعثُه التّماث ُل ّ
( )1انظر :ابن منظور ،اللسان ،مادة "ركض" ،وقد قال الراغب" :فمتى نسب إلى الراكب فهو إعداء مركوب،
الفرس ،ومتى ُنسب إلى الماشي فوطء األرض" .انظر :المفردات.228 ،
َ تضُ
نحوَ :رَك ْ
( )2ابن منظور ،اللسان ،مادة "ركل".
( )3سيبويه ،الكتاب.457/4 ،
( )4اآلية (األنبياء.)12 ،
( )5اآلية (األنبياء.)13 ،
( )6اآلية (ص.)42 ،
33
اآلخر تُ ْؤِذ ُن باالنزيا ِح
ِ قام ِ وجود َب ْو ٍن بينهما ٍّ ِ ِِ ِ
جلي ،واقامةُ أحدهما ُم َ مع
المعنى الحادث والمتقادمَ ،
آني
ق القُر ِّ السيا ِ
الب الذين وقَفوا وجاهَ هذا ّ إن الطّ َ وقع هذا حقًّا؛ إ ْذ ّ وقد َ ِّنْ ، عن المرِاد والمتعي ِ
مقصود عن المعنى ٍ غير ٍ ِِ ال ّشر ِ
ذلكم تَجاف ُ المتقادم ،وانبنى على ْ ين تجافَ ْوا عن المعنى ُ فسر َيف ُم ِّ
الحق –ُّ ص ُد الذي َرَمى إليه نتفيا ،والم ْق ِ
ِ
اصل خافتاً ،ب ْل ُم ً كان حظُّهم ِمن التّو ِ ِّن فيها ،فَ َ المتعي ِ
َ
ِ
اآلية يجه على هذه ض تعر ِ برسي في َم ْع ِر ِ
وقد قال الطّ ُّ األرضْ ، برجلِ َك
اضرب ْ ْ تعالى -هو:
َ
اع"(،)1 جهة اإلسر ِ ِ جل على بالر ِ
فع ِّ كض َّ
بالد ِ ادفع برجلِ َك ِ
الر ُاألرض ،..،و َّ َ ْ أي:ال ّشريفةْ " :
القرطبي يقو ُل:
ُّ ين"( ،)2و بعت َع ٌاألرض ،...،فضربها فََن ْ َ ضرب برجلِ َكْ ي يقو ُل" :ا الزمخشر ُّ
وّ
ك، كض التّحري ُ ِ بالر ِ
الر ُالمبرُدّ :
ثوبه برجله ،وقال ّ وركض ََ الدابةَ،
ركض ّ َ جل ،يقا ُل: الدفعُ ِّكضّ : الر ُ" ّ
ككض ّإنما هو تحري ُ الر َ
ألن ّت هيّ ، ضْ ض ِت ّ
الد ّابةُ ،وال ُيقا ُل َرَك َ
ِ
األصمعيُ :يقال ُرك َ
ُّ قال
ولهذا َ
فعل لها في ذلك"(.)3 راكبِها ِر ْجلَ ْيه ،وال َ
اإليمان:
ُ
الليينّ ،أولُهما مجا ُل ال ّشارِع ،وثانيهما مجا ُل معلوم أن هذه الكلمةَ تنتسب إلى م ْ ِ
جالين د ّ َ ُ ٌ ّ
بالجوارِح(،)4
سان ،وعمالً َ ِ
بالقلب ،واق ار اًر باللّ ِ األو ِل فهي تعني تحقيقاً ِ
أما في المجال ّ اللّغويِّّ ،
بعده ،على ِد ِ
الالت البلخي ،وابن قتيبةَ ِمن ِ عرج ِ
ُ ُّ وقد ّ ب ومنازُل وشرائطُ َمخصوصةٌْ ، ولإليمان ُش َع ٌ
كذيب،
ضده التّ ُغوي ُّ وعند اللّ ِّ
الكفرَ ، ضده ُ عند ال ّشارِع ُّ اإليمان َ
ُ يكون
ُ اإليمان" ووجوِهها( ،)5وبهذا
ِ "
ٍ
بشيء آومن ديق"( ،)6فنقو ُل :ما
ص ُ غويين ِ فق أه ُل ِ ِ
ُ اإليمان معناه التّ ْ
َ أن
وغيرهم ّ العلم من اللّ ّ وقد اتّ َ
" ْ
بالمعنيين في التّنز ِ
ِ ِ ولكن ِداللةَ
7
يل ،وليس َيخفى وردت
ْ اإليمان ق بذلك( )ّ ، أصد ُ
أي :ما ّ مما تقو ُل؛ ْ ّ
ِ ِ
اإلسالمية من ِ ِ
نقل دالالت األلفاظِ مرده إلى ِ ث ُّ أن معنى ال ّشارِع هو معنى ُم ْح َد ٌ ٍ
ّ َعلى ذي ُن ْه َية ّ
ِ
الكلمة إلى انتماء هذه أن المتقادم ،و ُّ ٍ ِم
َ الحق ّ غوي ُ ُ األصل هو المعنى اللّ ُّ
َ أن
آخر ،و ّ
ضمار إلى َ
( )1الطبرسي ،المجمع ،281/8 ،والى هذا المعنى ذهب الطبري ،انظر :جامع البيان.107/23 ،
( )2الزمخشري ،الكشاف.376/3 ،
( )3القرطبي ،الجامع ،138/15 ،وانظر هذه المعاني :ابن كثير ،تفسير القرآن ،39/4 ،وأبو عبيدة ،مجاز
القرآن ،185/2 ،وابن قتيبة ،تفسير غريب القرآن ، 380 ،وابن عزيز ،نزهة القلوب ،118 ،واليزيدي ،غريب
القرآن ،118 ،والراغب ،المفردات ،202 ،وأبو حيان ،تحفة األريب ،115 ،وابن منظور ،اللسان ،مادة "ركض"،
وأبو حيان ،البحر.384/7 ،
( )4انظر :الراغب ،المفردات.34 ،
( )5البلخي ،األشباه والنظائر ،138-137 ،وابن قتيبة ،تأويل مشكل القرآن.482-481 ،
( )6ابن منظور ،اللسان ،مادة "أمن" ،وابن قتيبة ،تفسيرالغريب.9 ،
( )7انظر :ابن منظور ،اللسان ،مادة "أمن".
34
ِ
االحتمال. خول في بو ِ
ابة الد ِ فرز مواضع تَ ٍ
فاصل تُفضي إلى ّ قد ُي ُ
عي ْ
غوي وال ّشر ِّ ِ
ّ َ جالين :اللّ ّ
الم ْهذين َ
ِّ
الحق –تعالى:- لِننظر في ِ
قول ْ
الد ّابة:
ّ
طوِر يرد على قارئِها في ِ
سياقها إشكا ٌل ُّ الم َع َّم ِرة التي ْ ِ ّ ِ
مرده إلى التّ ّ قد ُ الد ّابةُ من األلفاظ ُ
األرض ُّ
أخف ِ ٍ
فارس -حركةٌ على ابن ِ ِّ
جماع المعنى –كما ُيْلم ُح إليه ُ
َ أناقع فيها؛ ذلك ّاللي الو ِ
الد ِّ
دابةٌ"( ،)6وليس يخفى تلكم ِّ
الص ْبغةُ ِ
األرض فهو ّ وكل ما مشى على بيباُّ ، المشي ،تقو ُل َّ
دب َد ً ِ ِمن
دابةٌ"،
األرض فهو ِّ وكل ما مشى على فارسُّ ": ٍ كالم ِ
ابن ئ ِمن ِ العريضةُ التي تَلُو ُح للقار ِ العموميةُ َ
ّ
فالطير ِ
البسيطة، وجه هذه يدب على ِ كل ما ُّ تشتمل على ِّ ألن اللغويةَ تُ ِّ
ُ َ رش ُح ْ ّ الداللةَ
أن ّ الحق ّ
و ّ
ِ
بعض رجلي ِه في
يدب على ْ فإن الطّ َير ُّ مردودّ ،...، ٌ اس الطّ َير ،وهوالن ِبعض ّ ُ وقد أخرَجدابةٌْ " ،
ّ
ِ
األرض يدب على بعض ما ُّ ِ اح
رت ،فأفضى هذا إلى اطّر ِ طو ْ
قد ت ّ الداللةَ ْولكن هذه ّ ّ حاالتِه"(،)7
فأشار إلى
َ الحاد ِث،
ِ اللي
الد ِّ طوِر ِّ
سان إلى هذا التّ ّ صاحب اللّ ُِ التفت
َ وقد ِ
كاإلنسانْ ، ِ
ضمارها، ِمن ِم
الصفةُ(،)8
اب ،وحقيقتُه ّ ب ِمن الدو ِّ ب على ما ُي ْرَك ُ االسم َغلَ َ
َ أن هذاب ،و ّ الد ّابةَ هي التي تُْرَك ُأن ّ ّ
35
كانت ِداللةً ر ْحبةً عريضةً تشتم ُل على م ْد َخ ٍ
الت خصيص؛ إ ْذ ّإنها تطوٌر ِد ٌّ
اللي هيئتُه التّ
ُ َ َ ْ ُ وهذا ّ
ير في هذه الجن والطّ ِ ِ
كاإلنس و ِّ ِ
تستغرقُه بعض ما
ُ انكمشت فاطُّ ِرَح
ْ الليةَ قد
الد ّ كثي ٍرةّ ،
ولكن دائرتَها ِّ
ِ
األيام.
ِ
الحادث ،واألمثلةُ اآلتيةُ ِ
المتقادم و ِ
بالمعنيين؛ يز الد ّاب ِة" في التّنز ِ
يل العز ِ وردت ِداللةُ " ّ
ْ وقد
ْ
تقد َم:
مجل لما ّبيان ٍّ
فيها فض ُل ٍ
ِ
ناصيتها)(.)3 دابة إالّ هو آخذ ِب ِ ِ
وربكم ،ما من ّ
ربي ِّ لت علَى اهلل ّ
(-2إ ّني تو ّك ُ
يض ،واليه ِ
المتقادم العر ِ ِ
اعتبار المعنى جاءت على المتقدِم
ِّ الداب ِة" في ِ
سياقها ِ
ْ لع ّل داللةَ " ّ ّ
ودابةٌ،
دابّ ، األرضُّ ،...،
وكل ما فيه روٌح يقا ُل له ٌّ ِ تدب علىنفس ُّ بي قائالً" :أيٌ : أشار القرط ُّ
َ
4
الهاء للمبالغة"( ).
و ُ
36
ولما 1 ِ
ير واألنعام والهو ِّام"( )ّ ، الجن و ِ
اإلنس والطّ ِ ِّ األرض ِمن
ِ جميع ما خلقَه اهلل تعالى على ِ
وجه ُ ُ
عن تربيتِه.) ("...
2
الجميع ،و ّأنه ال يغف ُل ْ
ِ أخبر برز ِ
ق سبحانه َ
َ أشار إلى " ّأنه
القرطبي َ
ُّ ورد عليها
َ
داب ٍة ال تحم ُل رزقَها اهللُ يرزقُها)( ،)3وتوجيهُ ِداللتِها ِ
تقد َم قولُه -تعالى( :-وما من ّ وم َِن ِ
مثل ما ّ ِ
تعقل"(.)4
عقلت أو ْلم ْ ِ
األرض ت على ِ
وجه دب ْ ي ":ك ّل ٍ
ْ نفس ّ الزمخشر ّعند ّ
ههنا َ
السبات:
نوم ُكم ُّبات في ِ المباحثة ِداللةُ الس ِ
ِ
(:و َجعْلنا َ تنزهَ - الحق – ّ ّ قول ب هذه طلَ َومما يجلّي َم ّْ
عرَج على أن ُي َّ ُّ ِ ِ وض في ِ الخ ِ ُسباتًا)( ،)5ولعلّه
الحق ْ الم ْقصد الذي َرَمى إليه بيان َ يحس ُن قب َل َُ
كل ٍ
جلد ت(بالكسر) ُّ طعُ ،والس ِّْب ُ المتقادم -فهو القَ ْ ِ األو ُل-أعني ِ ِِ
أما ّ المتقادم والحادثّ . المعنى ُ
عنها ،أيُ :حلِ َ شعرها ُسبِ َ وكأنها سم ْ ِ
6
شعره
ت َ يل( ) ،وقولُناَ :س َب َ ق وأُز َ ت ْ ألن َبتيةً ّ
يت س ّ مدبوٍغّ ُ ّ ،
تب َِ ُ
الراحةَ ،ولذلك نقو ُلَ :س َبت َي ْس ُ ت ّفصار الس َّْب ُ
َ انتقل
تطوَر هذا المعنى ،و َ أسهَ :حلَقَه ،ث ّم ّ
ور َ
وم،الن ِ
تدل على ّ فغدت ُّ لكلمة الس ِ
ُّبات، ِ ت ِداللةٌ جديدةٌ اح وس َكن ،و ِمن هنا تخلّقَ ْ
ْ َس ْبتًا :إذا استر َ
نام انقطعَ فكأنه إذا َ طعُ؛ ّ أصل الس َّْب ِت القَ ْ
َ إن
وقيل ّ
الراحةَُ ، سانّ -صاحب اللّ ِ
ُ وأصلُه -كما يقو ُل
الن ِ
اس(.)7 عن ّ
ِ
المتقاد َم هو اللي األصل ِّ
الد َّ إن رض ّ ِ الع ِ
َ أن ُيقا َل ّ
لمادة "سبت" ْ بعد هذا َ يستقيم َ
ُ لعلّه
ُّبات نوما .أما السؤا ُل عن ِ
هيئة هذا فصار الس ُ ً ّ ّ َ تطور تارةً أخرىثم ّ
الراحةَّ ،تطور فغدا ّ
ثم ّ طع"ّ ،
"القَ ْ
كالغ ِ
شية. خفيةٌ َماتَ -نومةٌ َخفيفةٌ ،أو ّ
الم ْع َج ُ النوِم فهو –كما إليه ُ
تشير ُ ّ
وردت في ٍ
آيات ْ ماد ِة "الس َّْبت"ْ ،
فقد المباحثة ،وهو ِداللةُ ّ
ِ عوًدا على ب ٍ
دء ،على م ِ
طلب هذه َ َ َْ
العلي:
ِّ ِّ
الحق ِمنها قو ُل
الس ْبت)(.)8 تدوا ِمن ُكم في َّ
اع َ
الذين ْ
َ (ولقد علمتُم
ْ -1
37
يوم ِ ِ ِ
هم َأتيهم حيتا ُن ْ
الس ْبت إ ْذ تَ ْ
ون في ّ البحر إ ْذ َي ْع ُد َ كانت حاضرةَ
القرية التي ْ َلهم عن
اسأ ُ
(-2و ْ
ويوم ال َيس ِب َ
تون ال تَأتيهم)(.)1 ِ
ش َّرعاَ ،
سبتهم ُ
سباتا)(.)2
نومكم ُ
(و َجع ْلنا َ
َ -3
توتم ْ
تت ّ األشياء ُسبِ ْ
َ إن اآلية األولى "مأخوٌذ ِمن الس َّْب ِت وهو القَ ْ
ط ِع ،فقيل ّ
ِ ت فيالس َّْب ُ
اآلية الثّ ِ
انية؛ الدعةُ"( ،)3وكذلك المعنى في ِ ِ ِ
الراحةُ و ّ َ
خلقتُها ،وقيل هو مأخوٌذ من السُّبوت الذي هو ّ
ِ
القول- وباب
ُ ).أما اآليةُ الثّالثةُ – وهي موضعُ التّمثُّ ِل 4 ِ
ك العمل واالنقطاعُ عنه( ّ ت فيها تر ُ فالس ْب ُ
ّ
ِّ
الحق يظن – والظّ ُّن ال ُيغني ِمنقد ّ أن المرَء ْ بعين الر ِ
وية والتّدب ُِّر؛ ذلك ّ
يجب أخ ُذه ِ ّ ّ
ففيها َمْل َحظٌ ُ
ولكن هذا اليوم، ِ ِ
ّ ان عليه إلفُنا َ وفاء لذلكم المعنى الحادث الذي ر َ وم ً الن ُ
ُّبات ههنا هو ّ أن الس َ شيئاّ -ً
نوما؟! ،وهنا يتجلّى ثانيةً نومكم ً يكون المعنى :وجعْلنا َ
ُ كيف
بيان؛ إ ْذ َ نظر وفض ُل ٍ يعوزه ٌب ُ الم ْذ َه َ
َ
ِّن ،وهو :وجعْلنا صِد والمتعي ِ
بيان الم ْق ِ اف أطو ِار ّ ِ
الداللة في ِ َ
اإلحكام فض ُل استشر ِ
ِ وثالثةً على ِ
وجه
ِ 6 ِ 5
الحق
االشتغال"( ) ،و ّ الن ِ
اس و انقطع عن ّ نام
َ وكأنه إذا َ
العمل( )ّ " ، ط ًعا عن
كونا وراحةً وقَ ْ
نومكم ُس ً َ
كان ذلك كذلكَ ،ع َدلوا كلُّهم إلى ِ
ولما َ بعض طالّ ِب العر ّبية ال ّش َ
ادين عليهاّ ، َ أوردت
ُ قد
كنت ْ
ّأنني ُ
دبرين عن المعنى الم ِ
تقادم ُ القار في ثقافتِهمُ ،م ِ سترشدين بالمعنى الم ِ
ستحكم ِّ ُ
الحادث ،م ِ
ُ
ِ المعنى
النتفاء ِ
عهدهم بِه. ِ
الس ْع ُي:
َّ
ظر في الن َ أنعمنا ّ
اليوم؛ ذلك ّأننا إذا ْ
غوي َمفارق ِلما ار َن عليه ِإْلفُنا اللّ ُّ
ٌ أمس معنى َّعي ِ
للس ِ
جاء في
وقد َ
7
المشي( )ْ ،
ِ اع فيتدل على اإلسر ِكانت ُّ ْ ألفينا ّأنها ِ
الحالْ ، ِ
األصل ال ِ
باعتبار ِداللتِها
أنتم تَ ْس َع ْون، ِ السعيَ :ع ْد ٌو دون ِّ اللّ ِ
الصالةَ فال تأتُوها و ْ
الشد ،...،وفي الحديث":إذا أتيتم ّ أن " ّ َ
سان ّ
اهر ِمن هذا ّ
8
صالن ِّ الع ْدو .سعى إذا َعدا"( ) ،والظّ ُ عي هنا َفالس ُ
السكينةُ"ّ ،...،
ولكن ائتوها وعليكم ّ
ْ
38
بأن الرسول -صلّى اهلل عليه وسلّم -ينهى المرء عن الع ْد ِو إلى الص ِ قتب ِ
ويأمر ْ
ُ الة، ّ َ َ َ ُ َ أن
س آنفًا ّ الم َ
ُ
غوي
لف اللّ ِّاإل ِ
ياحا عن ِ جهة أخرى ،يتجلّى للقار ِ يأتيها وعليه السكينةُ ،و ِمن و ٍ
أن ثَّم انز ًتقدم ّ
مما ّ ئ ّ ُ ّ َ
الع ْد َو" هي ِ الم ِ
ستحكِم َ
الداللةَ " َ
المتقادمةَ ،ولع ّل تلكم ّ الداللةَ
يفارق هذه ّ
ُ اليوم
عي َ الس َ
أن ّ
عندنا؛ ذلك ّ ُ
جليةً
1 ِ ِ ُّ
وتظهر هذه المعاني ّ ُ المشي"( )،
صد والعمل و ِ فأصبحت تدل على "القَ ْْ رت
تطو ْ
ثم ّ األص ُلّ ،
أن
أشار "إلى ّفقد َ المْل َح ِظْ ، ِ ِ ِ ِ
ابن قتيبةَ ،في باب اللّفظ الواحد للمعاني المختلفة ،إلى هذا َ
ِ
إلماحة ِ في
ُخ َر تلفُّها كلمةُ الس ِ
َّعي ،و ِمن ذلك العم ُل، ينصرف إلى َم ٍ
عان أ َ ُ ولكنه
المشيّ ، ِ عي هو إسراعٌ في
الس َ
ّ
3
عيكم لَ َشتّى)( )،
(إن َس َ
اسمهّ :- ِ 2
كقولِه –تعالى(:-فَ َ
شكورا)( ) ،وقوله-تبارك ُ كان َس ْعُيهم َم ً
أؤلئك َ
لمختلف(.)4
ٌ أي :عملَكم
ْ
تترد ُد
عي ّ الس ِ
أن كلمةَ ّ يرد على المرِء باعثُه ّقد ُ
ْ أن إشكاالً ليس يخفَى على ذي تبص ٍ
ُّر ّ َ
ومما الد ِ
اللتينّ ، يز تَْينِ َك ّ احتملت في التّنز ِ
يل العز ِ ْ ٍ
حادث ،و ّأنها ِ
متقادٍم ،ومعنى ِ
معنيين ،معنى بين
َ
ِ
المتقادِم قولُه -تبارك:- جاء في التّنز ِ
يل بالمعنى َ
س َعى)(.)5
حية تَ ْ
(-1فَإذا هي ّ
س ْعيا)(.)1
يأتينك َ
َ (-2ثُ ّم ْاد ُع ُه ّن
39
س َعى)(.)2 ِ ِ
المدينة رجل َي ْ
جاء من أقْصى َ
(و َ
َ -3
يقتلوك.)3("....
َ بك لِ
مرون َ
القوم َيأتَ َ إن
قال يا موسى ّ "-4وجاء رجل يسعى ِمن أقصى الم ِ
دينة َ
َ َ َ َْ َ
40
كان َمنزلُه أما اآليةُ الثّالثةُ" :وجاء ِمن أقصى الم ِ
جل َالر َ
إن هذا ّقيل ّ
فقد َ
رج ٌل َي ْسعى" ْ دينة َ َ ّ
وهموا بقتلِهم جاء يعدو
سل ّ الر َ
قد َك ّذبوا ّ
قومه ْ
َ أن
بلغه ّ فلما َ ِ ِ ٍ ِ
عند أقصى باب من أبواب المدينةّ ، َ
ُّ
ويشتد.)1("...
عون بقتلِه
أمر فر ُ يشتد في مشيِهّ ،
ولما َ ان" :يسعىّ : حي َ
ِ
الرابعة فقال فيها أبو ّ
ِ
أ ّما في اآلية ّ
أقرب إلى موسى"(.)2
الرج ُل طريقًا أخرى َ
فسلك ّ
َ األعظم لِطلبِه،
ِ الوَزةُ ِمن ال ّشارِع
الج ِ
خرَج َ
ِ
الفتْ َنة:
عند ِد ِ
اللة ث َ تلب َ ِ ِ ِ ابن قتيبةَ على ِ يجة ِ ض تعر ِ في َم ْع ِر ِ
باب "اللّفظ الواحد للمعاني المختلفة" ّ
ِ
االختبار ،وفتنةُ فكان ثَّم فتنةُ ِ نة" ووجوِهها التي يمكن أن تُتَصي َد ِمن ِ الفتْ ِ
" ِ
آني ال ّشريفَ ، سياقها القر ِّ َّ ْ
أنزل اللّهُ
بعض ما َِ عن
نوك ْ أن َي ْفتِ َ الل ،و ِمنه قولُه-تعالى(:-و ْ
اح َذرُه ْم ْ الص ِّد واالستز ِ
عذيب ،وفتنةُ ّ التّ ِ
تكون فتنةٌ"(،)4 لوهم َحتّى ال ِ ِ ِ اك و ِ إليك)( ،)3وفتنةُ اإلشر ِ
َ الكفر واإلثم ،ومنه قولُه –تعالى":-وقات ْ َ
تج َعْلنا ِفتنةً)(.)5 ِّ
الحق( :ربَّنا ال ْ وفتنةُ ِ
العب ِرة ،و ِمنه قول
حق ِداللةُ ِ
كلمة تعارف عليه الالّ ُ ق بما َي الساب ِ ِ ِ ِ ِ األمثلة الم ِ
ِ و ِمن
ُ خطر فهم دالالت ّ بينة عن ُ
صين، الخاطر إال َ ٍ ِ ِ ِ ِ
تخص َ الم ّعند ثلّة من ُ ينقدح في
ُ يكاد
ادما ال ُ إن لها معنى ُمتق ً "الفتنة"؛ إ ْذ ّ
الف ِ
تنة وقال "األزهري وغيرهِ :جماعُ معنى ِ َ الكلمة مأخوٌذ ِمن اإلح ار ِ
ق، ِ المتقادم لهذه واألص ُل
ُ ّ ُ
الن ِار
هب إذا أذبتَهما في ّالفضةَ وال ّذ َ
ّ االختبار ،وأصلُها مأخوٌذ ِمن قولِك فَتَْن ُ
ت ُ االمتحان و
ُ االبتالء و
ُ
لتنظر ما جودتُه ،...،والفَتْ ُن
َ الن َار
حاح :إذا أدخلتَه ّ الص ِ ّ الجيِد ،وفي
ّ ديء ِمن
الر َ ميز ّلِتَ َ
قت
ُحر ْ كأنها أ ِ قيل للحجارِة الس ِ
وداء التي ّ ان ،...،و ِمن هذا َ
ّ سمى الصائغُ الفتّ َ وي ّ
اقُ ،...، اإلحر ُ
ضةٌ ُم ْح َرقةٌ.)6("...
أي ف ّتينْ ،ق فَ ٌتينَ ،...،وَوِر ٌ
بالن ِار :الفَ ُ
ّ
عرج على هذه ِ ِ ِ ئ ِلما ّوالذي َيلو ُح للقار ِ
وقد ّ
االمتحان – ْ
االختبار و االبتالء و اني
أن مع َتقدم ّ
صاحب نص عليها ِ قت ِمن ِّ ِ صاحب اللّ ِ
ُ الداللة المتقادمة التي ّ سانّ -إنما هي حادثةٌ تخلّ ْ ُ المعاني
41
اللي تشعب إلى ِد ٍ ِ اللّ ِ
االختبار الخيطَ الجامعَ
ُ االمتحان و
ُ ُخ َر ،ويبقى الالت أ َ ليقرَر ّأنها أص ٌل د ٌّ ّ َ سان ِّ
قال ّإنها في ساب ِ
ق أن ُي َ
ويستقيم ْ
ُ
يصح في ِ
الفهم ُّ شتق ِمنها ،ولعلّه
الماد ِة وما ُي ُّ
ينتظم ِع ْق َد هذه ّ
ُ الذي
ولما ٍ إحر ِ ِّ ِ هب و ِ كانت تُستَعم ُل في ِ
إذابة ال ّذ ِ ِ
ق كل شيءّ ، انتقلت إلى ا ْ ثم
الفضة واحراقهاّ ، ّ ْ ْ َ عهدها
الرديءُ ،ن ِق َل هذا المعنى إلى ِ
الجيد و ّ
ّ ِ
تمييز اختبار لها في
ٌ الفض ِة
هب و ّ
ِ
إذابة ال ّذ ِ كان في
َ
الجامع الذي أن المعنى ٍ ِ الن ِ ِ ِ
االستعمال في َم ْع ِر ِ
َ اس وامتحانهم ،وال يخفَى على ذي ُن ْه َية ّ اختبار ّ ض
ط ِب( )ْ ،
وقد 1
نحو المعنى القُ ْ ِ ُ َّ ٍ
المعاني َ ستقطب كل تلكم االستعماالت و َ فارس َي ابن
أشار إليه ُ
َ
ظهر جودتُه هب ّ ِ فقال" :أص ُل الفَتْ ِن إدخا ُل ال ّذ ِ الم ِ
الن َار لتَ َ عنيينَ ، بين َ
الجامع َ
َ اغب الوجهَ
الر ُ
تحس َس ّ
ّ
ِ عمل في ْإد ِِمن رداءته ،واستُ َ
ِ
2
الن َار"( ).
اإلنسان ّ خال
42
بالن ِار،
وي ْح َرقون ّ برسي يقو ُل فيها" :أي يكون هذا الجزاء في ِ َّ 1
بون فيهاُ ،
يوم ُيعذ َ ُ ُ ْ ُم ْح َرقة"( ) .والطّ ُّ
النار قيل فُتِن ،أي فهؤ ِ
الء ُيفتَنون باإلح ار ِ
ق كما ُيفتَ ُن َ خل ّ َ
هب إذا أ ُْد َ
أن ال ّذ َ
ألم َتر ّ
وقال عكرمةُْ : َ
ِ هب بإح ار ِ
عذابكم وحريقَكم ،هذا أي َالن ِار" :ذوقوا فتنتَكم"ْ ،
الغش الذي فيه ،ويقو ُل لهم خزنةُ ّ ق ِّ ال ّذ ُ
حيان(.)3 ِ
الوجهة في التّ ِ 2 الذي كنتُم بِه تَست ِ
القرطبي وأبو ّ
ّ فسير تابعهما على هذه عجلون"( ) ،وقد َ
ِ
المؤمنات)؛ إ ْذ المؤمنين و (إن الذين فَتَنوا ِ ِ و ِمث ُل ما ّ
َ الرابعةّ :
تقدم قولُه –تعالى– في اآلية ّ
مال أص ٌل ،ولذا ِ
المتقادِم الذي هو في االستع ِ جاءت بالمعنى ق ال ّشر ِ
يف السيا ِ
ْ إن الفتنةَ في هذا ّ ّ
اغب
الر ُ ي وّذهب الطبر ُّ
الم َ
ذهب هذا َ َ بالن ِارْ ،
وقد إن الذين أحرقوهم وع ّذبوهم ّ ِّن هوّ : فالمتعي ُ
يخي السيا ِ
ق التّار ِّ المذهب استرجاعُ ّ
َ ويعضد هذا
ُ حيان(.)4
القرطبي وأبو ّ
ُّ برسي و
ي والطّ ُّ الزمخشر ُّ
وّ
الموضع بيًِّنا، أن ثَّم تفاصالً في هذا ذات الوقود( .)5والن ِار ِ ِ
أصحاب األ ِ وقص ِة
ِ الظاهر ّ
ُ ُخدود ،و ّ ّ
ِ
اقتصار هذه الحق ،ولع ّل َّ
مرد ذلك إلى ُّ قصِد الذي َرَمى إليه
وقد تجلّى ذلكم بتجافي أولئكم عن الم ِ
َ ْ
اللي الذي أَِذ َن طوِر ّ
الد ِّ مرده إلى التّ ّبل ُّ الخاطر ِ
لغيرهْ ، ِ ينقدح ِز ُ
ناد ُ يكاد
اليوم على معنى ال ُ ِ
الكلمة َ
أن هذه الكلمةَ ِمن عن المعنى الم ِ
تقادم هو ّ ُ اب ْ اإلضر ِ
ْ يد ِمن تجلّيإن الذي َيز ُ ثم ّ ِ
االقتصارّ ، بهذا
ِ
عصر ستعم ُل في
كانت تُ َْ َّ
المرج ِح ّأنها مان ،و ِمن
الز ُات ،وليس ِمن ُم َع َّم ََ ََ ََ ٍر يتغاف ُل عليه ّ المع َّمر ِ
َُ
اللي
الد ِّ طوِر ّ ُّ ِ ِ ِ الن ِ
أكثر هذا في التّنزيل ،ويدلنا على هذا التّ ّ االمتحان ،وما َ االختبار و زول بمعنى ّ
اللي ِ
غير ور ِد ٍّث المرُء بِطَ ٍ يتشب َ
أن ّ يحدث ْ
ُ وقد
منظور" :وأصلُها مأخوٌذْ ،"... ٍ ابن ِ
الحادث قو ُل ِ
تعاقب األطو ِار
َ إنيقال ّ
أن َ ِ
العرضْ ، بعد هذا
يستقيمَ ، األو َل ،ولعلّه
الخاطر ّ
َ الذي َس ّرَح إليه
ُ
قات فإن ذلك يفضي إلى ُّ
تعذ ِر ُ قات األثرّي ِة" ،فإذا ما تر ْ
اخت تلكم الطَّب ُ ّ
بعلم "الطّب ِ
َ
اللي ِة شبيهٌ ِالد ّ
ّ
ٍ
أحيان. الفص ِل َ
بينها في ْ
( )1الزمخشري ،الكشاف ،15/4 ،وهو المعنى الذي ذكره الفراء ،معاني القرآن.83/3 ،
( )2الطبرسي ،المجمع.195/9 ،
( )3انظر :القرطبي ،الجامع ،24/17 ،وأبو حيان ،البحر.134/8 ،
( )4انظر :الطبري ،تفسيره ،87/30 ،والراغب ،المفردات،416 ،والزمخشري ،الكشاف ،239/4 ،الطبرسي،
المجمع ،251/10 ،والقرطبي ،الجامع ،194/19 ،وأبو حيان ،البحر.444/8 ،
( )5انظر كالم الفراء عن تحريقهم في المعاني ،253/3 ،وكالم القرطبي عن قصتهم ومسير اليهودي إليهم من
فخد لهم األخدود فحرقهم :القرطبي.192/19 ،
حمير ،بعد أن دعاهم إلى اليهودية فأبواّ ،
43
يك:
ُن َن ِّج َ
ق َم ْنجاةٌ ،و ِمنهِّد ُ
ونجاةً ،والص ْون ْجواً َ
جاء َ ِ ِ َّ
الخالص من ال ّشيء ،فنقو ُلَ :نجا َي ْنجو َن ً ُ جاء
الن ُ
النجاةُ :ما ِ
العذاب وأهلَك ،والنَّ ْجوةُ و َّ صوك ِمن 1
أهلَ َك)( ) ،أي ُم َخلّ َ ُّوك َو ْ
قولُه-تعالىّ :-إنا ُم َنج َ
الخاطر إلى
ُ سرَح
أن ُي َّ
يستقيم ْ
ُ جاؤه( ،)2ولعلّه
فيظن المرُء ّأنه َن ُ
ّ السي ُل،
فلم يعلُه ّاألرض ِْ تفع ِمن
ار َ
ثم 3
يل ِ الس ِ ِ ِ ِ تفع ِمن األصل في هذه ّ ِ
وغيره( )ّ ، الهارب من ّ جاء
األرض…وهذا َن ُ الداللة هو ما ار َ َ أن
ّ
قتص ٍرة على ِ
طلب النجاةُ غير م ِ أصبحت َّ جرِد ،و
الم َّ ِ
َ ُ ْ للمحسوس و ُ فغدت تتّسعُ
ْ الداللةُ
رت هذه ّ تطو ْ
ّ
ونجاتُه.جاؤه َ ِ ِ ِ الناجي َّ
إن ك ّل ما يسعفُه على تنجيته هو َن ُ بل ّ األرضْ ، تفع منالن ْجوةَ أو ما ار َ ّ
اآليات الكر ِ
يمات: ِ ماد ِة "نجا" في لِننظر في ِد ِ
اللة ّ ْ
ناك ِمن ال َغ ِّم َوفَت ّن َ
4
اك فُتُونا)( ). َّي َ
(فَ َنج ْ
الكافرين)(.)5
َ (وَن ِّجنا ِب َر ْحم ِت َك ِمن ِ
القوم َ
َ
6
أعرضتُم)( ).
ْ البِّر
( َفلَ ّما َن ّجا ُكم إلى َ
يك ِب َب َد ِن َك)(.)7فاليوم ُن َن ِّج َ
َ (
44
يدي
يز واليز ِّ ابن عز ٍ
ابن قتيبةَ و ِ ِ
األخفش و ِ ين كأبي ُع َبيدةَ و إلى هذا المعنى َخْل ٌ ِ
غوي َ
ق من اللّ ّ
لقيك
الزمخشريُُّ" :ن َ ِ
اآلية يقو ُل ّ المفسرين ،ففي هذه
ِّ وقد تابعهم على هذا جمعٌ ِمن 1
ومكي( )ْ ،
ٍّ
المكان
ُ ِ
األرض ،وهي لقيك على نجوٍة ِمن
أي ُن َ
برسي يقو ُل فيهاْ " :
2
ِ
األرض"( ) ،والطّ ُّ بِنجوٍة ِمن
ائيل َش ُّكوا
بعض بني إسر َ إن ِ ِ عب ٍ ابن ٍ 3
َ السلف ّ
وغيره من ّ
اس ُ ابن ّ
كثير يقو ُل" :قال ُ المرتفعُ ،) ("...و ُ
سوياً بال رو ٍح وعليه ِدرُعه المعروفةُ ِ
لقيه بجسده ّ أن ُي َ
البحر ْ
َ فأمر اهللُ -تعالى-
عونَ ،
ِ
في موت فر َ
فاليوم ِ المكان المرتفعُ ،لِيتحقّقوا ِمن ِ على َن ْجوٍة ِمن
قال –تعالىَ ": - هالكه ،ولهذا َ ُ األرض ،وهو
ويسنده أيضاً قراءةُ يقل " ِ
بروحك"(،)5 ولم ْ ِ يك ببدنِ َك"(.)4
ُ ويسند هذا قولُه-تعالى" -ببدنك"ْ ، ُ ننج َ
ّ
البحر(.)6 مما يلي ٍ مسعود" :فاليوم ننح َ ِ ٍ ِ
َ لقيك بناحية ّ
أي ُن َ
يك ببدنك"(بالحاء المهملة)ْ ، َ ّ ابن
ِ
بالبارحة: أشبه اللّيل َة
َ ما
اللي قد طوِر ِّ
الد ِّ متباينين ُّ ِِ ِ ٍ
مرد تخلّقهما إلى التّ ّ معنيين كلمة ما على اشتمال
َ أن
الحق ّ
و ّ
ٍ
تفاصل أبناء العر ّبي ِة في
ِ بالبارحة ،فكما وقعَ ال ّشادون ِمن
ِ تكون اللّيلةُ شبيهةً
َ أن
أفضى إلى ْ
ين عهدهم بِهّ ،النتفاء ِ
ِ ِ شكال إذ تجافَوا عن استشر ِ وا ٍ
المفسر َ
ِّ بعض
ُ تردد المتقادم اف المعنى ْ
ياق
الس َ ِ ِ ِ ِ تعيين ِد ِ
ِ
أن ّ المتقادم أم الحادث؟ ذلك ّ معنيين ،أهي بالمعنى الكلمة بين اللة ين في غوي َ
واللّ ّ
ثم ِّ عي" في ِ ية لِما ّ ِ المعنيين ،و ِمن المثُ ِل المجلّ ِ
ِ يحتم ُل َذ ْينِ َك
تباركّ " :-
الحق – َ قول الس ِ
تقدم داللةُ َُ " ّ ُ ُ
ِّ ِ ِ ِ ِ
وقد تُُرِّد َد في دالالتها َ
8 7
سعى :يعم ُل فيفقيلَ :ي َ ذكرهما( )َ ،المتقدم ُ المعنيين بين ْأد َبر َي ْسعى"( )ْ ،
( )1انظر :أبو عبيدة ،مجاز القرآن ،281/1 ،واألخفش ،معاني القرآن ،378 ،وابن قتيبة ،تفسير غريب القرآن،
،198وابن عزيز ،نزهة القلوب ،458 ،واليزيدي ،غريب القرآن ،78 ،ومكي ،العمدة.153 ،
( )2الزمخشري ،الكشاف ،252/2 ،وعبارة الطبري في معناها..." :فاليوم نجعلك على نجوة من األرض" .انظر:
تفسيره.113/11 ،
( )3الطبرسي ،المجمع.166/5 ،
( )4ابن كثير ،تفسير القرآن ،431/2 ،وقد أشار القرطبي إلى أنها تحتمل معنيين :أحدهما نلقيك على نجوة من
األرض ،والثاني :نظهر جسدك الذي ال روح فيه .انظر :القرطبي ،الجامع.243/8 ،
مادة "نجا".
( ) انظر :ابن منظور ،اللسانّ ،
5
45
عوبا ُيسرعُ ِ ِ ِ ِ نِ ِ
أدبر مر ً
الحيةَ في عظَمها َ
لما رأى ّ
سعىّ :
وقيلَ :ي َ
األرضَ ، اإلفساد فيكاية موسى و
ُّ
ويشتد(.)1 في مشيِ ِه
ِ
األرض البذر في
ألنه ُيلقي َ كافرّ ، للزارِع ٌ لع ّل المعنى المر َاد ههناُّ :
الزّراعُ؛ إ ْذ ّإنه ُيقال ّ
ِ
الكفر الحة ،وهذه ِداللةُ الف ِ بات و ِبالن ِ ِ
البصر ّ ألنهم أه ُل
كر ّ صوا بال ّذ ِ وقد ُخ ُّفيكفره "فيغطّيه"ْ ،
ُ
نقيض ُّ
فغدت تدل على ما هو ِ
المشابهة، ِ ٍ
ٌ ْ لعالقة ُآخر َقلت إلى َمجال َ ولكنها ُن ْ
األصليةُ "التّغطيةُ"ّ ،
ّ
لإللف – أَِذ َن
ِ قلغوي مفار ٍ
ٍّ يفة –وهي منتسبةٌ إلى ٍ
حقل ُ
اآلية ال ّشر ِ
ِ قومجيئها في سيا ُِ ِ
لإليمان،
قد تعني الكفّ َار يف ْق ال ّشر ِ السيا ِ بتعدِد وجوِه القَ ِ ِ
إن الكفّ َار في هذا ّ فقيل ّ
ولَ ، بل ّ المساءلةْ ، بهذه
الدنياحال ّ
شبه اهللُ –تباركَ - فقد ّ
الكالم ال يأبى هذا الوجهَْ ، ِ وسياق مس على قلوبِهم،
ُ الذين طُ َ
ب به الكفّ ُار الجاحدون، الغيث فاستوى ،فأ ِ بالن ِ
تقضيها معَ قلّ ِة َجدواها ّ وسرعةَ ِّ
ُعج َ ُ بات الذي أنبتَه
ابن قتيبةَ على هذه عرَج ُ ولما ّ فصار ُحطاماً عقوبةً لهمّ ، َ اصفر
فهاج و َّ َ فبعث اهللُ عليه العاهةَ
َ
مما يستوي فيه ِ الم ِ ِ ِ
أن هذا ّ عند كلمة "الكفّار" ،ف أر َْوا ّ
تلبثوا َغرضين ّ قوما من ُ أن ً أشار إلى ّاآلية َ
دون
ص الكافرون َ أعجبهم ،فلماذا ُخ ّ
َ إن هو
المؤمنين
َْ إيمان
ُ ينقص
ُ المؤمنون والكافرون ،وال
َ
كتابيه" :تأوي ُل ِ
المتقادم في ْ غوي فقد وجه ابن قتيبةَ ِداللةَ هذه ِ
نحو المعنى اللّ ِّ
اآلية المؤمنين؟ ولذا ْ ّ ُ
ذرِ ِ آن" ،و"تفسير غر ِ ِ
مشكل القر ِ
ألنه إذا ألقى الب َ
كافر؛ ّ
ع ُيقال له ٌ
الزار َ
أن ّيب القرآن"ُ ،ملتفتًا إلى ّ ُ
أي غطّاه. ِ
األرض َكفَرهْ ، في
ي
الزمخشر ِّ
برسي و ّ
الراغب والطّ ِّ
ي وّ ين كالطّبر ّ
المفسر َ
ِّ يين ثُلّةٌ ِمن
بين المعن ِ
تردد َوقد ّ
ْ
ألنهم ُيغطّون
الزّراعُ؛ ّ
أن "الكفّار هنا ّ ِ
القول فيها ّ ومستصفى 3
ان و ِ
ابن كثيرٍ( )ُ ، حي َ
القرطبي وأبي ّ
ِّ و
يلبث
ثم ال ُ ِ لخضرتِه بكث ِرة كالزرِع ُي ِ ِ
األمطارّ ، ين إليه ُ
الناظر َ
ب ّ عج ُ الدنيا ّ
أن الحياةَ ّ
ذر ،والمعنى ّ
الب َ
حسن ،...،وقيل :الكفّ ُار هنااع فهو غايةُ ما ُيستَ ُ
الزّر َ
َعجب ّ
يكن ،واذا أ َ
كأن ْلم ْ
شيما ْ
يصير َه ً
َ أن
ْ
( )1انظر هذين المعنيين :الزمخشري ،الكشاف ،214/4 ،والطبرسي ،المجمع ،202/10 ،والقرطبي ،الجامع،
،131/19وأبو حيان ،البحر ،414/8 ،واكتفى ابن كثير بمعنى المكايدة واإلفساد ،انظر :ابن كثير ،تفسير
القرآن.468/4 ،
( )2اآلية (الحديد.)20 ،
( )3انظر :الراغب ،المفردات ،486 ،والطبرسي ،المجمع ،306/9 ،والزمخشري ،الكشاف ،65/4 ،والقرطبي،
الجامع ،165/17 ،وأبو حيان ،البحر ،223/8 ،وابن كثير ،تفسير القرآن.313/4 ،
46
فإن الدنيا ِمن ِ أشد إعجابا بز ِ
ألنهم ُّ الكافرون ِ
حسنّ ، ٌ المؤمنين ،وهذا قو ٌل
َ الحياة ّ ينة ً عز وج ّل؛ ّ
باهلل ّ
ردِد
وباعث التّ ّ
ُ للدنيا وما فيها"(،)1
عظيم ّ
يظهر ذلك ،وهو التّ ُُ
ِ
اإلعجاب لهم وفيهم ،و ِمنهم أصل
َ
احدة تكتسي كل و ٍ الليينُّ ، ِ ِ قام هو انتساب ِد ِ المعنيين في هذا الم ِ
ِ
الكفر إلى َمجالين د ّ اللة ُ َ بين
ِ
تغطية البِذر جامع ،فَمن حملَه على معنى التّغط ِ
ية؛ وجود ٍ
خيط ِ مع معنوي ُمفار ٍ بِلَ ٍ
ٍ َْ َ اآلخرَ ،
َ ق ّ بوس
ث
تشب َ ِ ِ ِ ِ بالتّر ِ
فقد ّ الكفر ْ حملَه على معنىومن َ غويَ ،
ث بداللة الكلمة في مجالها اللّ ّ تشب َ
فقد ّ ابْ ،
الفهم و ِ
الحكم أن هذا التّباين في ِ 2 ِ ِ ِ
َ تقدم ّ
مما ّيني( ) ،والحاص ُل ّالد ِّ
عي ّ بداللة الكلمة في مجالها ال ّشر ّ
اللي. طوِر ّ الداللي ِة" ّ ِ
الد ّ الناشئة عن التّ ّ مرده إلى "المجاالت ّ ّ ّإنما ّ
يل العز ِ
يز: تقدم ِداللةُ ِ
الوْزِر في التّنز ِ ِ ِ ِ
وم ْن مثل ما ّ َ
ِ ِ الوْزر لغةًِ :
ار
سمى أوزًا اآلثام تُ ّ
الداللةُ على ال ّذ ْنب لثقله ،و ُ ُسبغت هذه ّ ْ الحم ُل الثقي ُل ،وقد أ ِ ُ
اإلنسان على ِ
ظهره"(،)3 ظهر صاحبِها وتُثق ُل كاهلَه" ،وأص ُل ِ
الوْزِر :ما َحملَه ِ
ُ ألنها أحما ٌل تُنقض َ ّ
ير عينه ب أريِهَ ،
وقيل لوز ِ وي ُ ِ ِ الوز ِ الد ِو ِمن هذه ّ
الملك الذي يحم ُل ث ْقلَهُ ، ير" ،فهو َح َبأُ َ جاءت كلمةُ َ
ْ اللة
المملكة ،أي يحم ُل ذلك"(،)4 ِ ِ
تدبير أثقال ما أُسنِد إليه ِمن عنه
يزر ْ الس ِ
َ ألنه ُ لطان وز ٌير ّ ّ
ذنبا صار " ِ ِ الو ِ ِ
لكلمة " ِ
الوْزُر" ً ثم َ زر" هو الح ْم ُل الثقي ُلّ ، اللي
الد َّاألصل ّ
َ أن
تقد َم ّ
مما ّص ّ المستخلَ ُ
وُ
أن ٍ ِ
فإنه يحملُه ويتقلّ ُده ،وليس يخفَى ،من وجهة أخرىّ ، اجترحه ّ
َ ألن المرَء إذا ماتجوًاز وتشبيهًا؛ ّ
ّ
جرِد
الم َّ
ضمار ُ ِ الحمل الثّقيل" إلى ِم المحسوس " ِ
ِ الداللي هو انتقا ٌل ِمن ِمض ِ
مار طوَر ّ ّ هذا التّ ّ
ِ
القائم على ِ
الحادث ِ
المتقادم و ِ
بالمعنيين: يزيل العز ِ الوْزر" في التّنز ِ وردت كلمةُ " ِْ وقد
"ال ّذ ْنب"ْ ،
طوِر: لح ِظ االنز ِ
ياح والتّ ّ
ِ
استرفاد َم َ
47
ماد ِة
تفيء إلى ّ
ُ
كل و ٍ
احدة كلمةٌ يمات تتجلّى في ِّ آيات كر ٍ ثالث ٍنقف وجاه ِ
َ الء ُها نحن أو ِ
زر"؛ الو ِ ِ
كلمة " ِ اللي في صِد ّ
الد ِّ حيث تعيين الم ْق ِ تتفاوت ِمن ِ
اآليات أن هذه " ِ
الو ِ
ُ َ ُ ُ الحق ّ
زر" ،و ّ
يفق ال ّشر ِ
السيا ِ إن داللةَ ِ
الو ِ اآلية األولى ال ِش َيةَ عليه وال
فالمعنى في ِ
زر في ذلكم ّ إشكال؛ إ ْذ ّ
َ
2 1
انحي َ
عند أبي ّذنب َك"( ) ،وهي َعنك َطنا َ القرطبيَ ":حطَ ْ
ِّ عند
عن َك إثْ َمك( ) ،والمعنى َ ضعنا ْ
هيَ :وَو ْ
س"(.)3وتطهيره ِمن األدنا ِ
ِ عن ِعصمتِه ِمن ال ّذ ِ
نوب كنايةٌ ْ
48
ولكنا ُح ِّملنا
قديرّ : طوِر ّ ِ
يكون التّ ُ
ُ اللي ،وعلى هذا
الد ِّ قائم على استشراف التّ ّ
عندهم ٌ األو ُل َ
والمعنى ّ
جوِز والتّوس ِ
ُّع، القائم على التّ ُّ الحادث عماده المعنى آخر ِ ِ ِ ِ
ُ ُ ُ أثقاالً من الق ْبط وزينتهم ،وثَّم معنى ُ
ألنهم استعاروا عات ِمن حلي ِ
القوم؛ ّ ولكنا حملنا آثاما وتَبِ ٍ
قديرّ ُ ّ : يكون التّ ُ
ُ المتأخ ِر
ّ ِ
الوجه وعلى هذا
ّ ً
مصر؛ إ ْذ كانوا
َ عند الخرو ِج ِمن
يردوها عليهم َ ثم ْلم ّكان لهمّ ،
ٍ ِ ِ
حلياً من القبط ليتزّينوا بها في عيد َ ّ
ِ 1
دار الحرب( ). ْمنين في ِ ِ
المستَأ َ
معهم في ُحكم ُ َ
( )1انظر ما قيل في هذين المعنيين :الزمخشري ،الكشاف ،550/2 ،والطبرسي ،المجمع ،39/7 ،والقرطبي،
الجامع ،156/11 ،وأبو حيان ،البحر ،249/6 ،وابن كثير ،تفسير القرآن ،162/3 ،واكتفى الطبري بمعنى
األثقال واألحمال ،انظر :تفسيره.147/16 ،
49
الحديثي" ص ِ
ّ ِّاللي في فهم ال ّن ّطور الد ِّ"أثر استشراف التّ ّ ُ
حديث َّ
الش ْجب: ُ األو ُل:
الحديث ّ
ُ
س ثالثة :سالم وغانم وشاجب"(.)1 ِ
المجال َ
"إن ُ ّ
السـابق كمـا يفهمهـا فـي عص ِـره ّ
ظانـاً ظ ّ ـق ألفـا َ
يفهم الالّح ُ
ألن َ المرشحة ِّْ وداللةُ ال َّش ْج ِب ِمن المو ِ
اضع ِ
ق ،وجمــاعُإن لهــا دالل ـةً متقادم ـةً ليســت كــالتي عنــد الالّح ـ ِ
ق؛ إذ ّ الســاب ِ
ـت تعنيــه عنــد ّ ّأنهــا تعنــي مــا كانـ ْ
ـس –الشـجب أم ِ ان اإلسـرائيلي ،ولك ّـن َّب العـدو ِفض ،فيقولـونَ :ش ْـج ُ ـتنكار وال ّـر ُ
ّ ـوم التّندي ُـد واالس ُ
معناها الي َ
ـالك( ،)2وقــد ُح ِملـت ِداللـةُ َّ
الشـ ِ
ـجب النحـو اليــوم؛ إ ْذ ّإنهــا دالّـةٌ علــى اإله ِوقـد تقـ ّـدم هـذا -لــيس علـى هــذا ّ
َ
علــى ذلكــم المحمـ ِـل فــي قولِــه –صـلّى اهلل عليــه وسـلّم" :-فقــام رســو ُل اهلل -صـلّى اهلل عليــه وسـلّم -إلــى
طب منه الماء…" ،فقد قيل إن ال ّشـجب هـو السِّـقاء الـذي قـد أخلـق ِ
وبلـي وصـار َش ّـنا ،وهـو ُ َ ّ َ َش ْج ٍب ْ
فاص َّ
المباحثة؛ أعني كلمة "ال ّشاجب" في هـذاِ أما تجليةُ موضع هذه 3 مأخوٌذ ِمن َّ
ك( )ّ . الش ْجب الذي هو هال ٌ
،والمعجم المفهرس، ( )1انظرالحديث :المسند ،75/3 ،الزمخشري ،الفائق ،223/2 ،وابن األثير ،النهاية،
.66/3
( )2انظر :ابن منظور ،اللسان ،مادة "شجب".
( )3انظر :الزمخشري ،الفائق ،223/2 ،وابن األثير ،النهاية .444/2 ،
50
ـس إلـى ِّن منهـا ،وعـدلوا عـن معنـى األم ِ يف فقد جانب الطّلبةُ الصواب في استشر ِ
اف المتعـي ِ الشر ِق َّ السِّيا ِ
ّ َ
أن ذلـك لـيس كـذلك ،وق ْـد فُسِّـر ِ ِ اليوم ُم ْحتكمين في ذلك كلِّه إلى
معنى ِ
المعاصر ،وفـاتهم ّ غوي
اإللف اللّ ِّ
ـاجب هـو ِ اكت السالم ِمن ِ
أن ال ّش َ األجر ،و ّ غانم
الغانم هو ُ
َ أن
اإلثم ،و ّ الس ُ ّ ُ الم هو ّ الس َ
أن ّ
يف ّ
الحديث ال ّشر ُ
ُ
بالخنا(.)1
اآلثم الذي يأتي َ
ك ُ الهال ُ
الج ْهش:
حديث َ
ُ الحديث الثّاني:
عمر فإذا هو رسول ِ
ِ
فأجشهت بكاء ،وركبني ُ ُ اهلل صلّى اهلل عليه وسلّم، ارجع إلى
ْ "...فقال:
"فجهشت للبكاء".
ُ على أثري"( ،)2وقد روي:
ِ
االستعبار، ِ
للبكاء و االستعداد قديما هو ِ ِ
وداللة ِ ِ الد ِ
ُ فالمتعي ُن منها ًّ اليوم؛ القديمة اللة بون بين ّ ثم ٌ ّ
أمه وأبيه
بي يفزعُ إلى ّ اإلنسان إلى ِ
كالص ّ
ّ البكاء
َ يد
كأنه ير ُ غيره ،وهو مع ذلك ّ ُ أن يفزعَ ش ْ الج ْه ُ
و َ
مفارق لِما لنا به ٌ
ِ ِ 3
أن
استعمال اليوم؛ ذلك ّ عهد في ٌ أن هذا المعنى الحق ّللبكاء( ) ،و ّ تهيأ
وقد ّ ْ
أن الن ِ ِ ِ
أحسب ّ
حيب ،و ُ حد ّالبكاء وأطال إلى ّ أغرق في َ األيام على ّأنه "أجهش" تد ّل في هذه
أمر يفضي إلى ِ ومالحظة أطو ِار ّ ِِ ِ طوِر ّ ِ
الداللة المتعاقبة ٌ العناية، اللي بعين
الد ّ جافي عن أخذ التّ ّ التّ َ
فصل تر ِ
تيب ِ عالبي على ِ ِ الساب ِ ِ ِ اللّ ِ
عرج الثّ ّ ولما ّاألولّ ، ق فهماً مغاي اًر للقصد ّ بس والى فهم ألفاظ ّ
ِ
للبكاء قيل: الرج ُل ِ الكلمة في حقلِها ّ
ِ ِ
تهيأ ّ
اللي بين أخواتها ،فقال" :إذا ّ الد ّ البكاء ّبي َن موضعَ هذه
وهمعت،
ْ عت
سالت قيلَ :د َم ْ
ْ قت ،فإذاعينه وترقر ْ قت ُ امتألت عيناه دموعاً قيل :اغرور ْ ْ فإن
أجهشْ ،
أعول"(.)4
َ صوت قيلَ :نحب ونشج ،فإذا صاح مع بكائِه قيل: ٌ فإذا كان لبكائِه
( )1انظر ما قيل في هذا الحديث :الهروي ،غريب الحديث ،437-436/2 ،والزمخشري ،الفائق ،223/2 ،وابن
األثير ،النهاية ،445/2 ،وابن منظور ،اللسان ،مادة "شجب".
( )2انظر الحديث :النووي ،شرح صحيح مسلم ،حديث ،351/1 ،52والزمخشري ،الفائق ،249/1 ،وابن األثير،
النهاية ،322/1 ،والمعجم المفهرس.52/1 ،
( )3انظر :ابن منظور ،اللسان ،مادة "جهش".
الثعالبي ،فقه اللغة وسر العربية.125 ،
ّ ()4
51
صحيح ٍ
مسلم فقال في عبارٍة الج ِ
هش شارُح ِ ِ ِ ِ
ِ هيؤ للبكاء ،وقد التفت إلى داللة َ
البكاء ال ّشديد على التّ ّ
ولما ْيب ِك ُ
بعد"(.)1 ِ
متهيئٌ للبكاءّ ،
ِ
متغي ُر الوجهّ ،
غيره وهو ّ اإلنسان إلى ِ
ُ ع
أن يفز َ
دالّة" :وهو ْ
ِ
الجائ َزِة: حديث
ُ الث:
الحديث الثّ ُ
ُ
"الضياف ُة ثالثة ّأيام ،وجائزتُه يوم وليلة ،وما زاد فهو صدقة" ّ
فإن ِ ِ ِ
داللة الجائ ِزة مستشرفًا داللةَ
الجذر المستَقََيةَ منه "جوز"ّ ، اظر قليالً عندالن ُإذا ما لبث ّ
و"جزت الطّريق" إذا قطعتُه
ُ االشتقاقي بين قولِنا "الجائزة"
ّ عنده ،فما الجامعُ
ق َ تعج ٍب سيتخلّ ُ
خاطر َّ
المعاني أن هذه ٍ ِ
َ الرابطُ بينها وبين :أجازه إذا أنفذه ،وليس يخفى ،من وجهة أولىّ ، وسلكتُه ،وما ّ
ٍ
وجهة أخرى– المستهج ِن– ِمن ِ
البعيد العطيةُ أو المكافأةُ ،و ِمن داللة "الجائزة" التي هيِ بعيدةٌ عن
َ ّ
تنبعث المساءلةُ
ُ االشتقاقي الذي يكتنفُها ،و ِمن هناِّ ِ
الجذر تكون داللةُ "الجائزة" متجافيةً عن
َ أن
اللي وأصولِه
الد ِّ ِ
االستعمال ّ قص ِة هذااالشتقاقي ،أو ّ
ِّ للبحث عن الر ِ
ابط ّ
ِ كثير ِمن التّطلّ ِب
ثانيةً في ٍ
ِ
داللة الجائ ِزة: الد ِ
اللة؛ األصل في هذه ّ َ ٍ
متقادمة ،فقد قيل إن ٍ
عصور ِ
المنتسبة إلى
النهر فله كذا ،فكان كلّما جاز هذا ّ نهر ،فقالَ :من َ عدواً ،وبينهما ٌأمير واقف ّ أن ًا ّ -
احد أخذ جائزةً.
جاز منهم و ٌَ
لوج ِهه ،فيقول ليذهب
َ ويجيزه
َ ماء،
الرجل ً
َ الرج ُل
يعطي ّ
َ إن الجائزةَ أصلُها أن
-وقيل ّ
أجوز
لوجهي و َ أذهب ماء حتّى ِ ارد على ِ
الماء ِّ
َ ماء ،أي أعطني ً لقيم الماء :أجزني ً الو ُ
إن الجيزةَ ِمن
ّ ي 2
العطيةَ جائزةً"( ) ،وقد قال األزهر ّ
ّ سموا
"ثم كثر هذا حتّى َّ عنكّ ،
منهل إلى ٍ
منهل(.)3 يجوز به المسافر ِمن ٍ مقدار ما ُ ِ
الماء
ُ ُ
االشتقاقي "جوز"
ِّ ِ
األصل يستشرف داللةَ
َ أن
يعدم ْ
المتأم َل ال ُ
ّ أن ِ
العرض ّ اهر ِمن هذا
الظّ ُ
ِ
الحادث تنأى عنه ،و ّأياً كان الداللةَ المشتقَّة ِمنها "الجائزة" ،وا ْن ظهر ّأنها في معناها
المكتنِفةَ ّ
قصةَ أولئك الذين
هر ،أو ّ لقاء جو ِازهم ّ
الن َ العطيةَ َ
ّ جنوده
َ ِ
األمير الذي وهب قصةَ
األص ُل ،أعني ّ
أن الجائزةَ في ثوبِها ِ قيِم
يب ،وهو ّ احد ال ر َ المؤدى و ٌ
ّ ليجيزهم ،فلع ّل
َ الماء كانوا َي ِردون على ّ
الدائرةَ
إن ّ األو ِل ،ولع ّل ِ
تعميما أصابها؛ إذ ّ
ً متطورةٌ منزاحةٌ عن المعنى ّ ّ الحادث ّإنما هي اللي
الد ِّّ
كانت أن ٍ أصبحت ُّ
ْ عطية جائزةً ،بعد ْ
كل ّ ْ سعت ،فقد
غدت تترّبعُ عليها هذه الكلمةُ اتّ ْ
ْ الليةَ التي
الد ّ
ّ
52
يجوز به المرء ِمن ٍ
منهل إلى ٍ
مقدار ُ ِ
كالماء ،أو ٍ
مخصوصة عطي ٍة في ساب ِ ِ
ق عهدها مقصورةً على ّ
ُ
القطامي:
ِّ وردت بالمعنى ال ِ
متقادم في قول ْ موضع .وقد
ٍ موضع إلى
ٍ ٍ
منهل ،أو
ِ
الماء جائزة" أهل ظلِ ُ
لت أسأ ُل َ "َ
ِ
المتقادم في قولِه -صلّى اهلل وردت كذلك بالمعنى
ْ والمعنى المتعين منهاَ :شربة ٍ
ماء .وقد ّ
1
يوم وليلةٌ ،وما زاد فهو صدقةٌ"( ) ،ومعنى هذا ٍ
"الضيافةُ ثالثة ّأيام ،وجائزتُه ٌ
ّ عليه وسلّم:-
مما اتّسع ِمن بِّر ِ
األول ّ ِ
ف له في اليوم ّيضاف المرُء ثالثةَ ّأي ٍام ،فيتكلّ ُ
ُ الحديث ال ّشر ِ
يف ّأنه ِ
ثم يعطيه – وهنا تتجلّى داللةُ الجائ ِزة ِ ٍ
تيسر وحضرّ ، قد ُم له في الثّاني والثّالث ما ّثم ُي ّ
والطافّ ،
يوم ٍ
وليلة(.)2 يجوز به مسافةَ ٍ
المتقادمةُ – ما ُ
ضخ: الر ْ
الرابعُ :حديث ّ
الحديث ّ
نصيب ،ولك ّنهم الم ْغ َنِم ِ
ٌ العبد فليس له من َ
أما ُ تم إذا احتلم ،و ّ
الي ُ
بي فينقطعُ عنه ُ
الص ُّ
أما ّ..." -1و ّ
للن ِ
ساء يضرب ّ آخر قيل ّإنه -صلّى اهلل عليه وسلّم -لم ٍ 3
ْ ض ُخ لهم"( ) ،وفي حديث َ قد كان ُي ْر َ
لهن".
كان يرض ُخ ّ ِ
المغنم ،و"قد َ ٍ
بسهم في
أن
اس ْ ِ
بعد؛ فلكم ّأيها ال ّن ُ
أما ُ
ثم قالّ :
ثم سألوه ،فحمد اهلل –تعالى -وأثنى عليهّ ،ّ ..." -2
ِ
الفضل َِ"(.)4 ترضخوا ِمن
َ
( )1انظر الحديث :الزمخشري ،الفائق ،244/1 ،وابن األثير ،النهاية.314/1 ،
( )2انظر :الزمخشري ،الفائق ،244/1 ،وابن األثير ،النهاية ،314/1 ،وابن منظور ،اللسان ،مادة "جوز".
( )3انظر الحديث :أحمد بن حنبل ،المسند.224/1 ،
( )انظر الحديث :أحمد بن حنبل ،المسند ،379/ ،المعجم المفهرس.263/2 ،
53
الحي ِة
ّ أس
رضخت ر َ
ُ النوى ،فيقا ُل:
ّ وكسر
ُ أس، الر ِ
كسر ّ ُ متنوعةٌ ،و ِمنهاّ ٍ
معان ضخ
للر ِّ
فيقال :رضخ لهالعطاءُ ،
ُ إلى معانيها وينضاف
ُ بالحجا ِرة ،وهذا معنى ما ي از ُل قائماً في أذهانِنا،
أن ِ ِ
يظهر ّ
فالن شيئاً إذا أعطى وهو كارهٌ ،و ُ اضخ ٌالعطيةُ ،ور َ ّ الرضيخةُ من ماله إذا أعطاه ،و ّ
أن معنى فالناس يتعارفون على ّ
اليومّ ، غوي َ شائع في ُعرِفنا اللّ ّ غير ٍ العطاءُ ،
ُ األخير ،وهو
َ المعنى
ٍ
لفالن ،إذا فالن
ضخ ٌ ِ ِ
فيقالَ :ر َ
اإلذعان واالنقيادُ ، ق ،وقد تد ّل أيضاً على الد ّ
الكسر أو ّ
ُ الرضخ"" ّ
لما ق اللّ ِمرش ٌح لتخلّ ِ الد ِ
اللة ِّ
بس ،وقد وقع هذا حقّاً ّ تطوَر هذه ّ أن ّاستجاب له وأذعن ،والحاص ُل ّ
األو ِل قائماً على ما ران عليه إلفُهم ِ كان مذهب الطّ ِ
"الرضخ" في الحديث ّ جميعا في معنى ّ ً لبة ُ
يف ،بل المعنى :كانواق ال ّشر ِ
السيا ِ
ياد ،وليس ذلك كذلك في هذا ّ اإلذعان واالنق ُ
ُ اليوم ،وهو
غوي َ اللّ ّ
الرض ِخ فيه مقرونةً الحديث الثّ ِ
ِ
ووي داللةَ ّ
الن ّ
الث ،وقد جعل ّ شيئا قليالً ،وكذلك الحا ُل مع يعطون ً
ِ
بالعطاء(.)2
( )انظر الحديث :أحمد بن حنبل ،مسند اإلمام أحمد ،35/6 ،وانظر مع اختالف الرواية :شرح صحيح مسلم،
باب الزكاة ،حديث رقم ،2/7 ،89والمعجم المفهرس.263/2 ،
( )2انظر :النووي ،شرح صحيح مسلم.124/7 ،
( )3انظر الحديث :أحمد بن حنبل ،المسند ،265/2 ،شرح صحيح مسلم ،باب الحيض ،حديث رقم ،90المعجم
المفهرس ،239/7 ،وفي رواية أخرى يقول" :مما أنضجت النار" ،انظر :المسند.30/4 ،
( )4انظر :أحند بن حنبل ،المسند.30/4 ،
54
لغوي انبنى عليه ٍّ ٍ
إشكال يحا ،فشكا ِمن إلماحا صر ً ً ابن قتيبةَ إلى هذا اشتملت عليها ،وقد ألمح ُ ْ
ثانية ،يجعلُنا نقو ُل ثانيةً وثالثةً ورابعةً :ما أشبهَ اللّيلةَ ٍ فقهي ،وهذا اإلشكا ُلِ ،من ٍ
جهة ٌّ إشكا ٌل
عضوا ِمن أعضائِه، ً يده أو رجلَه أو حة ،فقد اختُلف في معنى الوضوِء ،فقد يقا ُل لمن غسل َ بالبار ِ
متعارف عليه. حده اهلل الباري فهو ّبي ٌن الوضوء الذي ّ أما ِ ِ ِ ِ
ٌ ُ وضأهّ .أو س ّكن من َشعث رأسه بالماءّ :
يحهما ،وقد جرى اليد و ِ النار فهو غس ُل ِ
ويطيب ر ُ َ اغ لينظفا
الفم بعد الفر ِ مست ّ ُمما ّالوضوء ّ
ُ أما
وّ
أنقبل ْ
أيديهم َ أن يقولوا إذا غسلوا َ هم ،و ْ ابن قتيبةَ -على الوضوِء ِمن ّ
الز ِ
بعد – كما يقو ُل ُ اس ُ الن ُ
ّ
تنتسب إليه طعم بها .وهذا هو المعنى الذي ()1 ِ
ُ أيدينا ل َن َ توضأنا" وهم يريدون بهذا نظّفنا َ يأكلوا " ّ
ِ
التباسها عي أفضى إلى ِ َّ ِ ِ ِ
نقل اإلسالم لهذه الكلمة إلى المجال الشر ّ ولكن َ
غويّ ، الكلمةُ في مجالها اللّ ّ
ووي على هذا يأخ ُذ ِ الن ِ ِ
الن ّ اإلمام ّ اب
عي ،وجو ُ وي وال ّشر ِّ المعنيين؛ اللّغ ِّ
َ وترددهم بين
اس ّ بعض ّ على
"...أن لك قولِه: النار ،وثانيهما :يدور في َف ِ ِ ِ
ّ ُ مست ّ ُ مما ّ نسخ الوضوء ّ الن ْسخ؛ ُ عبين ّأولُهماّ : في ش َ
ثم ِ الص ِ َّ ِ
األولّ ، در ّ الخالف الذي حكيناه كان في ّ َ إن هذا ثم ّالمر َاد بالوضوء غس ُل الفم والكفينّ ،
الن ُار ،واهللُ أعلم"(.)2
مستْه ّبأكل ما ّ يجب الوضوء ِ العلماء بعد ذلك ّأنه ال ُ أجمع
ُ ُ
األو ُل الخلطُ
إليه باعثُه ّ المشار
َ الفقهي الخالف
َ بأن
ير ّأميل إلى التّقر ِ
ولعلّني ألفي نفسي َ
ّ
أن فيها
أحسب ّ
ُ تولس ُ يف،الحديث ال ّشر َ
َ بعض َمن سمع ِ عي ِة عند الداللتَين اللّ ِ
غوية وال ّشر ّ
ّ بين ّ
يعضد هذا:
ُ ِ
البيان ما سخ ،ولع ّل في الذي يأتي ِمن فضل للن ِوجهًا ّ
ِ
بعضهم بين اإلشكال ِمن ِ
خلط ِ ق هذا الدالّةُ على تخلّ ِ -1إلماحةُ ِ
ابن قتيبةَ المعجبةُ ّ
مما ِ ِ
توضأ ّ
ّ ومن
عي)َ " : غوي) والحادثة(المعنى ال ّشر ّالداللتَين :المتقادمة(المعنى اللّ ّ ّ
جهة وضوئِهِ فإنما وقع غلطُه في ذلك ِمن الن ُار ،فغسل وجهَه ورجلَيه ّ غيرت ّ ّ
ِ (.)3
للصالة"
ّ
الخلفاء الن ُار ،ومنهم
مست ّ ِ ِ ِ ِ -2إجماعُ ِّ
ُ مما ّ الصحابة على ترك الوضوء ّ مشاهير ّ جل
عمر، عب ٍ مسعود ،وأبو ّ ِ ٍ
بن َ وعبد اهلل ُ
ُ اس، ابن ّالدرداء ،و ُ ابن
الراشدون األربعةُ ،و ُ
مذهب أبي حنيفةَ مالك ،وأبو موسى ،وأبو هريرةَ ،وعائشةُ و ....وهذا وأنس بن ٍ
ُ ُ ُ
4
بن حنبل( ).أحمد ِ
الشافعي و َ
ِّ ٍ
ومالك و
55
بأحاديث ثم أعقبها ِ ِ ِ ِ
َ الن ُارّ ،
مست ّ
مما ّ
بذكر األحاديث الواردة بالوضوء ّ مسلم
ٌ -3بدأ
الن ُار(.)1
مست ّ مما ّ ِ
ك الوضوء ّتر ُ مضمارها
ُ
56
حديث الس ْؤر:
ُ السابعُ:
الحديث ّ
ُ
"-1إذا شربتُم ِ
فأسئروا"(.)1
ِ
سائر الطّعام"(.)2 ِ
كفضل الثّريد على "-2فض ُل عائش َة على ال ّن ِ
ساء
ضاعة أحد ِمن
ِ الر
عليهن بتلك َّ
ّ يدخل
َ أن
بي –صلّى اهلل عليه وسلّمْ -
سائر أزواج ال ّن ّ
" -3وأبى ُ
ال ّن ِ
اس"(.)3
"سأر".
( )5انظر :الحريري ،درة الغواص.47 ،
( )6انظر :ابن األثير ،النهاية.327/2 ،
( )7انظر :الجوهري ،الصحاح ،مادة "سأر" ،السيوطي ،المزهر.136/1 ،
( )8انظر :الزبيدي ،التاج ،مادة "سأر".
57
الصالة:حديث ّ
ُ امن:
الحديث الثّ ُ
ُ
ص ِّل" (.)1 طعام َف ْلي ِج ْب ،وا ْن كان م ِ
كان صائما َف ْل ُي َيأكل ،وا ْن َفط ار َف ْل ْ ُ ُ كم إلى َ أحد ْ
عي ُ "إذا ُد َ
ص ِّل"؛ ذلك ّأنه ظُ َّن باحثة في هذا الم ِّ ِموضع الم ِ
تقدم قولُه –صلّى اهلل عليه وسلّ َم– " َفْلُي َ ُ ُ ُ
ٍ
يوم ،و ِمن وجهة أخرىَ ،يتجلّى لنا علّةُ َّ ِ
عية التي أُم ْرنا بها َخ ْم ًسا كل ٍ ِ ِ
الصالة ال ّشر ّّأنها بمعنى ّ
يب الح ِ صن ِ ِ ِ ِ ِ
األو ُل
الباعث ّ
ُ ديث( ،)2و دت لغر ِ َ فات التي أُ ْف ِر ْ الم َّ ق هذا الحديث ال ّشريف ب َرْكب ُ إلحا ِ
سيذهب إلى اهم الذي للخاطر الو ِ
ِ ص ِّل " َد ْرًءا بركب الغر ِِ ِ
ُ يب هو التّنبيهُ على معنى " َفْلُي َ إلحاقه على
البركة والمغف ِرة(.)3 بالخير و ِ
ِ ِ اللة ال ّشر ِ
الد ِ
ضيف بالض ِّد ،وهوَ :فْليدعُ ُ
للم ّ ِّن
عية ،والمتعي ُ ّ ِّ
( )1انظر الحديث :النووي ،شرح صحيح مسلم( ،طبعة دار المعرفة) ،238/9 ،والهيثمي ،مجمع الزوائد.56/4،
( )2انظر :الزمخشري ،الفائق ،309/2 ،وابن األثير ،النهاية ،50/3 ،وابن منظور ،اللسان ،مادة"صال".
( )3انظر :الزمخشري ،الفائق ،309/2 ،وابن األثير ،النهاية ،50/3 ،وابن منظور ،اللسان ،مادة "صال".
( )4انظر الحديث :الهيثمي ،مجمع الزوائد ،54/1 ،وابن األثير ،النهاية ،242/5 ،والمعجم ،61/7 ،وقد اختلف
58
رت
تطو ْ ِ ِ الحديث ال ّشر ِ
ِ في سيا ِ
الداللةَ ّ
أن هذه ّ
يتبدى ّ
والذي ّ المباحثة، المخوض فيه في هذه يف ق
المتقدم فقد جاء يف
الحديث ال ّشر ُ أما ِ ِ ِ
ّ ُ بامحاء المباالة واالكتراثّ . مقرونا ّ
ً ستهتار
ُ فغدا اال
ٍ
فارس هو ابن للمباالة واالكتر ِ
ِ "االستهتار" بمعنى مفار ٍ
المتقادم الذي ألمح إليه ُ
َ األصل
َ اث ،ولع ّل ق
فالن مستهتٌِر ِ ِ
تعيين المعنى ،فقد ِّ
بأنهم هم المولَعون بذكر اهلل ،ومثلُهٌ : الداللةُ ّ
وجهت ّ حتكم في
الم ُُ
بال ّشر ِ
اب :أي مولَعٌ به.
الجبين:
حديث َ
ُ العاشر:
ُ الحديث
أعيدت له بردت وظهره ،كلّما جنبه وجبي ُنه ِ
فأحمي عليها في ِ
ْ ْ ُ جهن َم فيكوى بها ُ نار ّ ..."-1
.)1("...
ِ
الجبين.)2("... العينين ناتئ كث اللّ ِ
غائر َ
مشرف الوجنتَين ُ
ُ حية ..." -2فجاء رج ٌل ّ
مسند فخ َذه
ٌ أن الوحي ينزُل عليه وهو رسول اهلل –صلّى اهلل عليه وسلّم -و ّ
َ أيت
... " -3ولقد ر ُ
ِ
رسول اهلل صلّى اهلل عليه وسلّم.)3("... ِ
جبين العرق عن
َ عثمان ،وا ّني ألمسح
َ على
ضعتا لمعنى مؤداه أن الجبهةَ والجبين ّإنما هما مترادفتان و ِ يشيعُ عند الالّح ِ
ُ َ داللي ّ ّ ٌّ وهم
ق ٌ
طوِر أن َّ ٍ ِ احد ،واخا ُل أن هذه ِ و ٍ
األو َل إلى التّ ّ
مردها ّ يب ّالمظّنةَ ضاربةٌ في العتاقة بسهم؛ وال ر َ َ ّ
ِ
داللة ق دائرِةاللي بين تَْينِ َك الكلمتَين فأفضى إلى تطاب ِ الد ِّون ّ الب ِ ِ ِ
بامحاء َ الداللي الذي أَذن ّ
ِّ
قدماء اللي
الد ِّ
تصدروا للتّصحيح ّ ممن ٍ طوِر ّ ِ
َ ّ غير واحد ّ اللي ُالد ِّ الكلمتَين ،وقد شكا من هذا التّ ّ
ق بينهما إلى الخطأ تفر ُ ومحدثين ،و ِمنهم ابن قتيبةَ الذي ارتضى أن ينسب تلكم ِ
ظنةَ التي ال ّالم ّ َ ْ ُ
الس ِ مسجد الر ِ ِ ()4 واله ِ
جود ،وقيل هي مستوى جل عند ّ ُ ّ أن الجبهةَ اب في ذلك ّ الصو ُ
المسقبحة ،و ّ َ جنة ُ
ِ
الجبهة، احد عن يمين الص ْد ِغ ،وهما جبينان؛ و ٌ ما بين الحاجبين إلى ّ ِ
فوق ّ الجبين َ
الناصية ،و ُ َ
ُّدغ ،وهو الذي مكان الص ِِ يحسن التّعريج على ِ
وتحديده يب التّعر ِ
يف وآخر عن شمالِها ،ولتقر ِ
)5 (
ُ ُ
الجبينين ،فقد قيل ّإنه ما
َ موضع الجبي ِن ،بل
ِ ِ
لتعيين الجبين ،لينبي على ذلك فض ُل ٍ
بيان َ
ِ أسفل
َ
ظياألذن ،وقيل هو ما بين لِحا َ
العين و ِ
ِ أس إلى َمرَك ِب اللَّ ْحيين ،وقيل هو ما بين
الر ِ ِ
انحدر من ّ
( )1انظر الحديث :النووي ،شرح الصحيح ،باب الزكاة ،حديث رقم .69/7 ،24
( )2انظر الحديث :النووي ،شرح الصحيح ،باب الزكاة ،حديث رقم .167/7 ،143
( )3انظر الحديث :أحمد بن حنبل ،المسند.261/6 ،
( )4انظر :ابن قتيبة ،أدب الكاتب.30 ،
( )5انظر :ابن قتيبة ،أدب الكاتب.36 ،
59
ِ ِ ِ
الم ْح َكِم ّ ِ ِ
1
جانبيها
الجبينين حرفان ُم ْكتَنفا الجبهة من َ
َ أن األذن( ) ،وقد جاء في ُ أصل العينين إلى
َ
2
عر( ). ِ
قصاص ال ّش ِ ِ
مصع ًدا إلى الحاجبين فيما بين
َ
ال
أن إنز َ ِ المتقدِم أن الجبين ليس كالج ِ
بي ،و ّ
العر ِّ المعجم بهة في َ َ ّ ّ يظهر بعد هذا
ُ ولعلّه
ِ
تعبيره ،وقد ِ
ورسوم مقاصد ِ
كلمه ِ ق قد يفع ُل في التّجافي عن الساب ِ و ٍ
نص ّ مكان األخرى في ّ َ احدة
ٍ
نصوص تقدم ِمن ِ
الجبين جبهةً فيما ّ أبناء العر ّبي ِة في ّ
عد ذهبت ثلّةٌ من ِ ْ وقع هذا حقًّا عندما
ِ
العناية يؤخ َذ بعين
أن َ نص ِ شر ٍ
يجب ْ
ُ ولكن الذي
ّ اليوم البتّةَ، أنكر عليهم هذا في ِّ ولست ُ
ُ يفة،
الجبينين. الجبين؛ بل ِ
الجبهة و ِ جلياً بين دب ِر هو المعنى ِ
َ داللياً ّ
إن فرقًا ّ المتقادم؛ إذ ّ
ُ وعظيم التّ ّ
الصافن:
حديث ّ
ُ الحديث الحادي عشر:
مقعده ِمن ال ّن ِ
ار"(.)3 َ قليتبوأ
ّ اس صفونا يقوم له ال ّن ُ
أن َ سره ْ "من ّ َ -1
افن"(.)4 الص ِ ِ
" -2نهى عن صالة ّ
مضمار إلىٍ انتقلت داللتُها ِمن
ْ عصور العر ّبي ِة سيرةٌ وأطو ٌار ،فقد ِ ِ
الكلمة في ِ
ولرحلة هذه
معاصر يشطُّ عن ًا فهما ًّ
لغويا فهمه لها ً
ٍ
ق في إشكال باعثُه ُ مضمار ،وانبنى على هذا وقوعُ الالّح ِ ٍ
تلقاء كالم الالّح ِمكان طَرو ٍح؛ فهي في ِ ٍ الساب ِ
نظره َ صرف َ َ الساجي الذي ق تد ّل على ّ ق إلى معنى ّ
جالسا
ً قاعدا أم
قائما أم ً الخاطر سواء أكان ً ِ يح
ق وتسر ِ كثير ِمن التّحدا ِ ظر مع ٍ الن َ
شيء ما فأطال ّ ٍ
جنس ِمن
ٍ ون يد ّل على الن ُ
الفاء و ّ
اد و ُ فالص ُ
ّ الساب ِ
ق، ولكن ذلك ليس كذلك عند ّ اكبا أم محموالًّ ، أم ر ً
قدميه ٍّ األثيرُّ :
ِ قدميه( ،)5وعند ِ ٍ افن عند ِ ِ
صاف َ كل ابن يصف َ ّ فارس هو الذي ابن الص ُ
القيام ،و ّ
افره( ،)7وعند طرف حو ِِ منظور هو الذي قام على ٍ افن برجلِه عند ِ
ابن 6
الص ُ
صافن( ) ،و ّ ٌ قائما فهو
ً
ميز به أعرف ما ُي ََّ
8
بعض( ) ،ولع ّلٍ بعضهما إلى َ ضاماً الص ْف ُن الجمعُ بين ال ّش َيئيناغب َّ الر ِ
ّ ّ
قائما لقائده مسلّ ًما ،أو ِ
قدميه ً صافنا صافّاً َ ً يكون
ُ ي حين المقام صورةُ العسكر ِّ ُّفون في هذاالص ُ
60
هيئة عسكرّي ٍة ٍ صافنا ثابتًا على
ً فيقف
ُ للرئيس ٍ
ض على موكب ّ ض عليه ،أو ُي ْع َر ُ عر ُ
حين ُي َ
ِ
ثالث الفرس على يقوم ِ ٍ
ُ أن َ ُّفونْ :
بالخيل ،فالص ُ تقترن
ُ السمةَ كانت
أن هذه ّ الحق ّ
مخصوصة ،و ّ
غويين 1 بطرف س ْن ِ
ِ
األرض( ) ،وهذا معنى أجمع عليه ج ّل اللّ ّ َ بكها ُ الرابعةَ ،إالّ ّأنه ينا ُل
ائم ويرفعَ ّ قو َ
األثير و ِ
ابن ِ ابن جستاني والر ِ
اغب و ِ ِّ ّ الس
فارس و ٍّ ابن قتيبةَ و ِ
ابن أمثال ِِ اإلثبات ِمن
ِ ير و بالتّقر ِ
ابي في صفة ٍ
فرس: ابن األعر ِّ
2
منظور( ) ،وقد أنشد ُ
الوجوب:
حديث ُ
ُ الحديث الثّاني عشر:
ُ
61
فقلت: ِ
األنصار وأهلُه يبكون ُ مي ٍت ِمن ِ
رسول اهلل -صلّى اهلل عليه وسلّم -على ّ "دخلت مع
ُ -1
هن
دع ّ
أتبكون وهذا رسو ُل اهلل صلّى اهلل عليه وسلّم ،فقال رسو ُل اهلل -صلّى اهلل عليه وسلّمْ :-
يبكين"(.)1
عندهن ،فإذا َو َجب فال ّ
ّ يبكين ما دام
جنوبها قال.)2("...
ُ وجبت
ْ "...فلما
ّ -2
قم
العشاء ،فقالْ :
َ مس ،ثم جاءه
ش ُقم فصلّه ،فصلّى حين وجبت ال ّ
المغرب فقا َلْ :
َ "...ثم جاءه
ّ -3
فصلّه ،فصلّى حين غاب َّ
الشفق.)3("...
62
ِ
الوجوب بالمعنى ِ
داللة ومجيء يتفرعُ(،)1 ِ ِ ِ
ُ ثم ّ احد يد ّل على سقوط ال ّشيء ووقوعهّ ،
الباء أص ٌل و ٌ
و َ
ِ
الخطيم: بن قول ِ
قيس ِ ِ
المتقادم في ِ
اج ِب(.)2
كان أو َل و ِ ِ ٍ
عن السِّلم حتّى َ ّ نهاه ُم
أمير ُ
عوف ًا أطاعت بنو
ْ
قطت
جنوبها" ،أي س ْ وجبت فلما حديث الض ِ الحديث ال ّشر ِ
ِ
ُ ْ حيةّ " :
ُ ّ ّ يف الثّاني ،وهو أما في
ّ
الث ال ّشر ِ
يف فوجبةُ ق الثّ ِالسيا ِ 3 َّ ستح َّ ِ
أما في ّ قياما معلقةً( )ّ ،
أن تُْن َح َر اإلب ُل ً
ب ْ الم َ
ألن ُ
األرضّ ، إلى
ِ
المغيب(.)4 ال ّش ِ
مس معناه سقوطُها مع
يتبدى
ثالثة مالحظَّ ،أولُها ّأنه ّ ِ المتقدِم ُ
بيانه ،اإلشارةُ إلى ّ ِ
العرض بعد هذا يحسنَ ، لعلّه
ُ
ِ
القدماء ٍ
حادثة ،وثانيهاُّ : ٍ الماد ِة :و ٍ
تنبهُ متقادمة ،وأخرى احدة ّ يقف على داللتَين لتلكم أن المرَء ُ ّ
اس بنقل هذه ّ ِ يض الذي اعتراه تطور أَِذن ِ اللي العر ِ ِ المْل ِم ُح إلى
الداللة ،وثالثُها احتر ٌ ٌّ الد ِّاألصل ّ ُ
داللي أفضى إلى تطوٌر الساب ِ ِ ِ أن على الالّح ِ
ٌّ ق التي اكتنفها ّ ط في فهم مقاصد ّ يتحو َ
أن ّ ق ْ مضمونه ّ
ُ
وردت في المادّيةَ العتيقةَ قد الداللةَ
أن تلكم ّ ِ ِ الد ِ
ْ ّ للخاطر ّ فت
مقاصدها ،والالّ ُ اللة عن ياح ّ انز ِ
جنوبها فكلوا ِمنها"(،)5
ُ وجبت
ْ اسمه":-فإذا تقدس ُ يز في قوِله ّ - يل العز ِ نصوص العر ّبي ِة ،كالتّنز ِ
ِ
تج به ِمن ٍ
شعر. ِ
والحديث ال ّشريف ،وما ُي ْح ّ
63
حديث الفسق:
ُ الحديث الثّالث عشر:
اسق ُيقتلن في الح ّل و ِ
الحرم"(.)1 مس فو َ "خ ُ
الحق،
ّ وعز ،والخرو ُج عن طري ِ
ق تبارك ّ
َ ك ِ
ألمر اهلل العصيان والتّر ُ ق هو إن معنى ِ
الفس ِ
ُ ّ
المْل َم ُح الجامعُ
قت ،وهذا هو َ الرطبةُ ِمن ِ
قشرها فَ َس ْ خرجت ّ
ْ العرب تقو ُل إذا
َ أن
واألص ُل في ذلك ّ
العود ِ الد ِ بين ِد ِ
اللة الفس ِ
أن َ
ويظهر ّ
ُ وحكم اهلل، ين ق لغةً وشرعاً ،ففي الحالين يحص ُل خروٌج عن ّ
الحديث الذين أثبتوا هذاِ المصنفين في غر ِ
يب ِّ ِ
اإلشكال ،ولع ّل ُمبتغى غوي ُيؤِذن بعلى المعنى اللّ ّ
سياقها لُِي ْرفَع اإلشكا ُل
لت فيه الكلمةُ في ِ اللي الذي استُ ْع ِم ْ
الد ّ
ِ
المجال ّ حديث هو التّنبيهُ على ال َ
يكون. ِ ِ
أن َ الواقعُْ ،أو لما قد يحتمل ْ
64
رت ِداللتُه،
تطو ْ
قد ّ كثير ِمنها ْ
ألن ًا لل والخطأّ ، جميعا ،فهي َم ْح ِم ُل ّ
الز ِ
ً ِداللتَها واضحةٌ مألوفةٌ لكم
ِ
الوقوف ِ
البحث عنها في َم ِّ
ظانها ،و هي ٌن ال تُكلّفُكم سوى ِ
فأمرها ّ
أما األولى ُ الزمنّ ، رت معوتغي ْ
ّ
على معناها"(.)1
الطيبي ِة:
ّ
ِ
المقامة ي في المثا ُل األو ُل ،وهو ِمن ِ
كالم الحرير ِّ ّ
تحت الجر ِ
باء، أعلم َمن ِ
َ َ العرباء ،و ُ العرب َ األسماءّ ،إني لفقيهُ
َ آدم
ماء ،وعلّم َ
الس َ
فطر ّ "...فوالذي َ
الص ِ
مود ٍ ٍ 2
ِ فتيق اللّ ِ
أن داللةَ ّ
تقدم في صفحات سابقة ّ الجنان ،) ("...وقد ّ يء
سان ،جر ُ ص َمد له ُ فَ َ
يظهر ّأنهم
ُ االستبانة التي أذعتُها في طالّ ِب العر ّبي ِة ال ّشادين ِ اليوم ،وفي
َ أمس ليست كداللتِها
ِ
أن المعنى الذي هو ِ أن معنى "صمد له" في سيا ِ
ي "ثبت له" ،واخال ّ مقامة الحرير ِّ ق جنحوا إلى ّ
ِ
الكالم " قصده وذهب إليه". أليق بسيا ِ
ق ُ
65
الم ْستَ ْح ِكِم ،أو
غوي ُ
لف اللّ ِّ اإل ِ
ياحها عن ِ العهد بها ،والنز ِ ِ ِ
النتفاء طوِر ال ّد ِّ
اللي ِ ِ
األنظار القائلة بالتّ ّ
قائم على
مطلب ٌ َ أن هذا ال تقدم ّ
مما ّ ص ّ المستَ ْخلَ ِ
عنها ،وصفوةُ ُ الم ْستَ ْح ِكِم ْ
غوي ُ
ِ
اإللف اللّ ِّ ياح
النز ِ
ِ
عصره يفهمه في الساب ِ مضمونه احتر ِ لح ٍظ ِ
ق كما ُ كالم ّ
حق َ يفهم الالّ ُأن َ اس من ْ ٌ ُ لساني
ٍّ استرفاد َم َ
تاليوم ،وقد تجلّ ْ َ ابق-ما تعنيهالس َعنده – أعني ّ كانت تعني َ ْ أن تلكم األلفاظَ المتقادمةَ ظاناً ّ
ّ
أحاديث
َ يمات ،و آيات كر ٍ عند ٍ ِ
بالوقوف َ نماذج جز ّئي ٍة ،وذلك يء إلى المباحثة بالفَ ِ
ِ معالجةُ هذه
َ
هات كلّّيةٌ
موج ٌ ِ تطوٌر ِد ٌّ ِ ِ ٍ
ماذج الجز ّئية ّ الن ِتلكم ّ
اللي ،وانبنى على ُ بعض كلماتها ّ وقع فيشريفةَ ،
قصِد الذي يانا للم ِ ِ ِ ِ
اللي وأعراضه وبواعثه ،ت ْب ً َ الد ِّ طوِر ّ
لحظ التّ ّ
اف م ِ ِ
قائم على استشر َ َ كين ٌ
الم ُمادها َ ِع ُ
يرد عليه
محظور ُ ٍ يقع المرُء في دة ،واحتر ِ لأللفاظ الم ْفر ِ
ِ ُّ
أن َ اسا من ْ ً َُ سبحانه ،وتحقيقًا َ الحق َرَمى إليه
فهم ِ
كالم الساب ِ
ق". اللي في ِ طوِر ّ
الد ِّ ِ لح ِظ " ِ
أثر استشراف التّ ّ عن َم َ
عند التّجافي ْ َ
امل ِ
الحديث ،كالعو ِ يضين عوام ُل مقررةٌ في ِ
علم اللّ ِ
سان العر ِ ِ وثاني َذ ْينِ َك
ّ الباعثين َ
ِ ِ ِ الن ِ االجتماعي ِة والثّقافي ِة والتّار ِ
بتطوِر دالالت األلفاظّ ،
ومما ورد في يؤذن ّ
مما ُفسية ،ك ّل ذلك ّ
يخية و ّ ّ ّ ّ ّ
وجه الب ِ
سيطة، دب على ِ كل ما َّ كانت ُّ
تدل على ِّ أن الد ّاب ِة" َ المباحثة تخصيص د ِ ِ
َ ْ بعد ْ اللة " ّ ُ هذه
( )1انظر :ابن قتيبة ،غريب الحديث ،54-8/1 ،ومن المظان التي أفردت للتصنيف في األلفاظ اإلسالمية كتاب
"الزينة في الكلمات اإلسالمية" ألبي حاتم الرازي ،ومن المحدثة "التطور الداللي بين لغة الشعر ولغة القرآن"
لعودة أبو عودة.
( )2اآلية (مريم.)26 ،
66
ِ
المحسوس ِ
ضمار تنة" ِمن ِم
الف ِ
اللة " ِ
عي" التي لم تَع ْد ركضا خالصا ،وانتقا ُل ِد ِ
ً ً ْ ُ الس ِ ِ ِ
وتعميم داللة " ّ
ُ
المجرِد.
ّ إلى
ب الثّانيَل
َ ُ ط
ْ الم
األمثا ُل
67
َ مأْتَـــم:
غويــون ،فــأنكر ـت فــي أط ـو ٍار دالليـ ٍـة متعـ ّـد ٍ
أن دالل ـةَ هــذه الكلمـ ِـة قــد تنقلّـ ْ
ـت إليهــا اللّ ّ
دة التفـ َ ّ إخــا ُل ّ
ـات هـذه يض الـذي تجتمـعُ عليـه كلم ُ اللي العـر َ بعضهم ،وارتضاها آخرون ،ولع ّل األص َـل ال ّـد ّ ُ بعضها
َ
1
اس فيه( ) ،واألتْ ُـم الن ِ
الجتماع ّ
ِ مأتما
سمي ً المأتم ّإنما ِّ
َ أن ِ
العرب ّ الماد ِة االجتماعُ ،فقد ورد في ِ
لسان ّ
ـامع فقــال :الهم ـزةُ
ـارس المعنــى الجـ َ تلمــس ابـ ُـن فـ ٍ الخـ َـرز :أن تُفتَــق ُخ ْرزتــان فتصــي ار واحــدةً ،وقــد ّ ِمــن ُ
ي فــي بعضــه إلــى بعــض( ،)2واألصـ ُل فــي صـ ِ ـيء ِ ـمام ال ّشـ ِ
والتّــاء والمــيم يــد ّل علــى انضـ ِ
ـحاح الجــوهر ّ ُ ُ
ابن ِ 3 الس ِ
الجامع الذي ألمح إليه ُ ِ األصل أن داللةَ تنفتق ُخ ْرزتان فتصيران واحدةً( ) ،وليس يخفى ّ ُ ِّقاء
68
ـاع
ـح االجتم ـ ِ
ولم ــا ك ــان ملم ـ ُ
الخ ــرزتَين؛ إذ ستص ــيران واح ــدةً فتجتمع ــانّ ،
ق ُ ـارس تتجلّ ــى ف ــي انفت ــا ِ
فـ ٍ
ُخر – لما كان ذلك كذلك -قيل المأتم مجتمع الر ِ
جال ٍ
ُ ُ َُ ّ ّ سعا لدالالت أ َ َ
ولما كان متّ ً غير هذاّ ، يستغرق َُ
ساء في الفرِح و ِ
الحزن(.)1 الن ِ
وّ
ـيبة والمناح ِـة ،وقـد شـكا ِمـن ذيـوِع هـذا المعنـى الح ِ
ـادث اب ُـن ـاد يقتـرن بالمص ِ ـوم فيك ُ
َ ُ المأتم الي َ
ُ أما
ّ
ـاء يجــتمعن فــي الخيـ ِـر ِ ِ
ـأتم الّنسـ ُ
ـرن بالمصــيبة ،واّنمــا "المـ ُ
إن دالل ـةَ المــأتم تقتـ ُقتيب ـةَ ،فخطّــأ َمــن يقــو ُل ّ
المستَصـفى ممـا 3 ـون ِمـن الرج ِ ِ 2
أيضـا( ) ،و ُ ـال ً ّ ـأتم يك ُ
إن الم َ
وال ّش ّر"( ) ،واستدرك عليه اب ُـن السِّـيد قـائالً ّ
النس ِ
ـاء ـرن بال ّشـ ّر و ّ ـبغة منداح ٍـة َّ ٍص ٍ ذات ِ ِ
معممـة؛ إذ ّإنهـا ل ْـم تقت ْ ـت َ ـديما كان ْ
أن داللةَ المـأتم ق ً تقدم آنفًا ّ
ّ
يض هـو الن ِ
ساء والر ِ ِ
اللي العـر َالد ّ األصل ّ
َ بأن
جال ،ولع ّل هذا ُيفسَّر ّ ّ الشر ،و ّ
بالخير و ِّ نت
فقط ،بل اقتر ْ
مقاييس ـه يعضـ ُـد هــذا ،ولكـ ّـن هــذه الكلم ـةَ فــي ســيرورِة ِ االجتمــاعُ واالنضــمام ،ونظـ ُـر ابــن فـ ٍ
ـارس فــي ُ
فمـن تعم ٍكانت تستغرقُه وتسـتوعبهِ ، ِ ِ ُّ ِ العر ّبي ِة قد ُخ ِّ
ـيم ُ ْ مما صصت ،فاط ِرح من دائرِة داللة المأتم ٌ
كثير ّ
تخصيص ذلكم المعنى المخصَّص ثالثًا. ِ ثانيا ،إلى ٍ ٍ
تخصيص ً داللة ّأوالً ،إلى اندياح
و ِ
األثاث:
يظهر ّأنه قد وقع فيها كثير
اليوم تداوالً ًا ِ ِ ِ ٍ ٍ
ُ وبنظرة سريعة إلى داللة هذه الكلمة التي نتداولُها َ
عة،الت متنو ٍكانت رحبةً تشتم ُل على م ْد َخ ٍ المتاع إن داللةَ
ّ ُ ْ ِ خصيص؛ إذ ّ
ُ داللي هيئتُه التّ
ّ تطوٌر
ّ
عند 4
العبيد( ) ،وهي َ الغنم ،والمتاعُ ،و ُ ِ
األثاث الما ُل أجمع :اإلب ُل ،و َُ أن
فقد جاء في "أدب الكاتب" ّ
األثاث إن ألشياء كثي ٍرة ،وفي اللّ ِ ِ 5 ِ
َ سان قيل ّ َ محتم ٌل أن قولَه "المتاع"
الفراء المتاعُ( ) ،وليس يخفى ّ ّ
اش أو ِدثار( ) ،وقد
6
حشو لفر ٍ
ٍ ٍ
لباس أو المال ،وقيل :الما ُل كلُّه ،والمتاعُ ما كان ِمن
ِ الكثير ِمن
ُ
اغب ِ
مفردات الر ِ 7
البيت والما ُل أجمع( ) ،وكذلك في ِ األثاث هو متاعُ أن ِ
ّ َ القاموس ّ جاء في
األصفهاني(.)8
ِّ
69
اسم داللة ر ٍ
ٍ ِ ائر في َفلَ ِك دال ِ
الد ِ ِ يظهر ِمن هذا
فاألثاث ٌ
ُ حبة، ذات
كانت َ ْ األثاث ّأنها لة العرض ّ ُ
الرحبةَ اختُِز ْ
لت الغنم ،و ِ اإلبل ،و ِ
المال ،و ِ
البيت ،و ِِ
الليةَ ّ
الد ّ
الدائرةَ ّ
ولكن هذه ّ ّ العبيد و،... لمتاع
ِ
رحلة العربي ِة على و ٍ
احدة، ِ فاقتصرت في
ْ الداللةُ،
تستوعبها هذه ّ فاطُّ ِرح كثير ِمن الم ْد َخ ِ
الت التي
ّ ُ ُ ٌ
األيام. عهد وتواضعٌ هذه البيت ،وهذا هو المعنى الذي لنا به ٌ وهي متاعُ ِ
َ
التّأفف:
ِ
الكلمة اقع في هذهاللي الو ِ طوِر ّ
الد ِّ ِ ِ ِ
ّأو ُل ما ُيستفتَح به في هذا المقام؛ مقام استشراف التّ ّ
ُف( ،)1وقد
ف إلى ّأنها إتباعٌ لأل ّ مادتَي "أفف" و"تفف" ،فقد ُذهب في التُّ ّ ٍ
تداخل بين ّ إلماحةٌ إلى
األف
ّ المعجمات العر ّبيةُ ،فقيل
ُ بون أثبتته ُف ،وهذا ٌ ف واأل ّ بونا بين التُّ ّ أن الخلي َل قد أقام ً ُروي ّ
حول الظّفُر ،والتُّ ّ ِ َو َس ُخ الظّفُ ِر ،والتُّ ّ
2
ف الذي فيها، َ الوسخ الذي
ُ ُف
األذن( ) ،وقيل األ ّ وسخ
ُ ف
فقت ِمنه ِداللةُ التُّ ّ المتقادم الذي تخلّ ْ
ُ أن هذا هو األص ُل قدِم اإلشارةُ إلى ّ المتعي ُن ِمن هذا المت ِّ و ّ
أن هذا متكرهٌ( ) ،وليس يخفى ّ
3
ِّ
متضجٌر ِّ صوت به المرُء ُعلِم ّأنه صوت إذا ّ ٌ أفيف
ُف َب ْع ًدا ،فالتّ ُ واأل ّ
أن
جديد اعترى هذه الكلمةَ ،فاألص ُل فيه ّ ٌ داللي
ٌّ تطوٌر
وينضاف إليه ّ ُ األو ِل،
ق عن ّ المعنى متخلِّ ٌ
كل ما عند ِّ
"ثم كثر حتّى صاروا يستعملونه َ ِ
ذلك كان -وال ي از ُل -يقا ُل عند ال ّشيء ُي ْستَ ْق َذرّ ،
ُف ك ّل إن أص َل األ ّ ِ ِ 4 َّ
المتقادم والحادث فقال ّ اغب على المعنيين الر ُ عرج ّ يتأذون به"( ) ،وقد ّ
ُف في التّنز ِ
يل وردت كلمةُ األ ّ ْ المة ظُفُ ٍر وما يجري َمجراهما( ،)5وقد وسخ أو قُ ِ ٍ ُمستق َذ ٍر ِمن
المتعين: أف"( ،)6والمعنى تقل لهما ٍّ
اسمه" :-وال ْ اضع ِ يز ،و ِمن مو ِ العز ِ
ّ تقدس ُ الحق ّ -
ّ ورودها قو ُل
يتلم ُس المدقِّ ُ صدر به ،وال تُغلِ ْ شيئا ِمن أمرِهما
7
ق أصالً دالليًّا ظ لهما( ) ،وقد ّ ًا وتضق
ْ تستثقل ًْ ال
ابيء يسقطُ عليك ِمن تر ٍ نفخك لل ّش ِ
"أصل هذا ُ َ أن
بي ،فقد أشير إلى ّ ِ
المعجم العر ِّ ُف في آخر لأل ّ َ
8
مستثقل"( ).َ فقيلت ِّ
لكل ْ وللمكان تريد إماطةَ أذى عنه، ِ أو ٍ
رماد،
التّيمم:
70
القصد ،وقد جاء في ِ
الكلمة ،فاألص ُل اقع في هذه اللي الو ِ
الد ِّ طوِر ّ
ُ غويون إلى التّ ّ
وقد التفت اللّ ّ
ِ
المتقادم ومما جاء بالمعنى 1 ِ ِ
قصدت( )ّ ،ُ المتعي ُن:
ّ "فيممت بها التّّنور" ،والمعنى مأثور الحديثّ :
طي ٍب(،)3 ٍ 2 في ِ
طيًبا"( ) ،والمعنى اقصدوا لصعيد ّ صعيدا ّ
ً "فتيمموا
ّ وتنزه:-
الحق -تبارك ّ ّ قول
الكلمة ِمن
ِ اللة ،وصيرو ِرة هذه الد ِ
تخصيص هذه ّ ِ أفضت إلى ْ اللي طوِر ّ
الد ِّ اعث التّ ّولكن بو َ
ّ
اللي، ِ ِ مصطلحات ال ّشر ِ
ِ
الد ّ
طوَر ّبي عبارةٌ دالّةٌ على استشرافهم التّ ّ المعجم العر ِّ يعة ،وقد جاء في
ِ
الوجه واليدين لمسح علما ِ
ِ اسما ًيمم ً "ثم كثر استعمالُهم لهذه الكلمة حتّى صار التّ ّ ومفادهاّ :
ُ
فيتمس ُح اب ِ األو ِل ّ ِ ِ ِ
ّ ألنه َيقصد التّر َ وض ُؤ بالتّراب....وأصلُه من ّ يمم :التّ ّ
بالتّراب .ابن سيده :التّ ّ
قد
عيد حتّى يقولواْ : فارس" :فصار التّيمم في أفو ِاه العام ِة فعالً للتّمس ِح بالص ِ ٍ ابن 4
ّ ّ ّ ُّ به"( ) ،وقال ُ
فالن بالتّر ِ
اب"(.)5 تيمم ٌ
ّ
سالم: ِ
ام معاهدة َ
إبر ُ
الزمخشري بالتّ ِ
جلية الحقيقة ،وقد وقف عنده ّ ِ ِ
بركب المي ِت الذي ركب ِ وهذا ِمن
ّ المجاز ّ
الحقيقة و ِ
الكناية عن ِ الفصيح بإفرِاد الخطاب و ِ
الكالم ِ ِ
فصل انين ِ
ِ يؤسس قو َ ّ اإلثبات وهو و
ِ
المتقادم قو ُل ومما جاء بالمعنى ِ ِ ِ 6
يح( ) ،وهو مستقى من إبرام الفَ ْتل إذا كان ذا طاقَينّ ، التّصر ِ
يم هو الحب ُل الذي ِ
البر ُ
الم ْب َرُم و َ
ثم فتله ،و ُ
بل إذا أجاد فتلَه ،أو إذا جعله ذا طاقَين ّ العرب :أبرم الح َ
تمتد حتّى
الحبل ،بل ِّ البرم مقصورةً على احدا ،وليست داللةُ ِ ُجمع بين مفتولَين ففُتِال حبالً و ً
ئ بعد ٍ
بجالء للقار ِ يظهر ياب :المفتو ُل الغزل طاقَين ،ولعلّه ياب ،فيقا ُل :المبرم ِمن الثّ ِ
ُ ُ َُ غرق الثّ َ
لَتَ ْستَ ُ
أي وابرِامالر ِ ِ ِ ثم َمشبهًا بين إبرِام ِ ِ
األمر أو المعاهدة أو ّ أن ّمادة "برم" ّ مضمار ّ الوقفة في هذه
ينقطع ،وال حكم فتلَه بِ ُعرى وثقى خشيةَ أن يبرم معاهدةً أو اتّفاقًا كالذي ُي ِ ِ
َ وي ُبرم حبلَه ُ الحبل ،فالذي ُ
أن ٍ ِ طوِر ّ أن للمج ِاز ُسهمةً جلّّيةً في تخلّ ِ
اللي ،وليس يخفى –من وجهة أخرى– ّ الد ِّ ق هذا التّ ّ يب ّر َ
اللة على الد ِ
ي إلى ّ الد ِ ِ المباحثة هيئتُه انتقا ٌل ِمن
ِ
الماد ّ
اللة على ّ مضمار ّ اللي في هذهالد َّ
طوَر ّالتّ ّ
المعنويِّ.
البطَل:
َ
( )1انظر :ابن منظور ،اللسان ،مادة "أمم".
( )2اآلية( النساء.)43 ،
( )3انظر :الراغب ،المفردات.613 ،
( )4ابن منظور ،اللسان ،مادة "أمم".
( )5ابن فارس ،المقاييس ،مادة "أمم".
( )6انظر :الزمخشري ،مقدمة األساس ،8 ،وانظر مادة "برم".
71
الجامع بين "الباطل" الذي هو ِ اللي
الد ِّ ِ
الوجه ّ الخاطر عند استشر ِ
اف ِ لع ّل مساءلةً تَِرُد على
ينتظم مادةَ "بطل" في ٍ
خيط فارس ،وهو يجمع ّ ٍ ابن ِ
ُ قرر ُ َم ْثلََبةٌ والبطولة التي هي َم ْح َمدةٌ ،فقد ّ
يء وقلّ ِة مكثِه ولبثِه( ،)1و ِمن ذهاب ال ّش ِ
ِ احد يد ّل على
الطاء والالّ َم أص ٌل و ٌ
الباء و َأن َ
ِ
مشتقاتهاّ ،
عما ٍ ِ ِ طالن والباط ُل واإلبطا ُل و ِ
ليست بنائية ّ
ْ البطل أن داللةَ
للخاطر ّ فت
الب ََطالةُ ،والالّ ُ الب ُذلك ُ
ألنه:
سمي بذلك ّ تقدم ،فقد قيل ّإنه ِّ
ّ
يكترث لها ،وال تبط ُل نجادتُه.
ُ .1شجاعٌ تبطُل جراحتُه فال
فيبهرجها. ألنه يبط ُل العظائم ِ
بسيفه سمي بطالً ّ
ُ َ .2وقيل ّإنه ّ
اء يبطلون عنده.
األشد َ
ّ ألن
سمي بذلك ّ .3وقيل ّإنه ِّ
عنده(.)2 دماء األقر ِ
ان تبط ُل َ ألن َ .4وقيل ّ
البتول:
َ
ملتمسا
ً الم– على ثلّ ٍة ِمن الطالّ ِب
لس ُيم –عليها ا ّعرضت كلمة "البتول" مقرونةً بمر َ ُ كنت قد ُ
اء الطّاهرةَ ،وقد أصابوا البتول ،فجنحوا كلّهم إلى ِِّ فضل ٍ
عد "البتول" العذر َ بيان يجلّي داللةَ َ منهم
ِ
األصل بل إلى اقع في هذهْ ، اللي الو ِ
الد ِّطوِر ّ
أن يلتفتوا إلى التّ ّ ولكنه فاتهم ْ في إجابتِهم تلكمّ ،
الب ْتل" في ٍ االشتقاقي العري ِ
إن " َ أظفر بأحد ذي عهد به؛ إذ ّ تنتسب هذه الكلمةُ ،فلم ْ ُ ض الذي إليه ِّ
النخلةُ التي
يت ّ سم ْ وتبتَّل :أبانه ِمن ِ
غيره ،و ِمن هنا ِّ غة القطعُ ،فنقو ُلَ :بتَلَه َبتْالً وبتَّله ْ
فان َبتَل َ
اللّ ِ
72
أمها استغنت عن أمها " ِ
البتول ،وهي المنقطعةُ عن ّ الم ْبتل" ،والفَسيلةُ َ
ُ ّ ْ انفردت و
ْ يكون لها فَسيلةٌ قد
ُ
يعني إما أن ِ
َ منقطعاّ ،
ً عطاء َبتْالً ،أي
ً الباب تُ ْح َمل القولةُ :أعطيتُه المستغنيةُ عنها ،وعلى هذا
بعده( ،)1وعلى هذاعطاء َ
ً يد ّأنه ال يعطيه أن ير َ
عطاء ،وا ّما ْ
ٌ عطاء ال يشبهُه
ً الغايةَ ،فقد أعطاه
ٍ
شيء وأقبل على اهلل ِ
للعابد إذا ترك ك ّل انقطع ،ويقا ُل قيل :تبتّ ْل إلى ا ِ
أخلص و ْ ْ هلل – تعالى :-أي
شيء إالّ أمر اهلل وطاعتَه( ،)2ومما ُيحم ُل على هذا ِ
الباب قولُنا: ٍ قطع ك ّل
َ ّ َ متنس ًكا :قد تبتّل ،أيَ :ِّ
البتل الذي
يض " َ
االشتقاقي العر َ
ّ األصل
َ أن
اء الطّاهرةُ ،وليس يخفى ّ يم البتو ُل ،والمعنى العذر ُمر ُ
الداللةُ توجيهَين ال يتدافعان:
هت هذه ّ يكتنف هذه الكلمةَ ،وقد ِّ
وج ْ ُ هو القطعُ"
زويج. جال ِ
وترك التّ ِ البتو ُل المنقطعةُ عن الر ِ
ّ ّ أولُهماَ :
الدنيا.
وثانيهما :المنقطعةُ إلى اهلل عن ّ
االنقطاع إلى
ِ جلياً في المعنيين؛ معنى
االشتقاقي "القطع" يبقى ّ
ُّ المتعين فاألص ُل
ّ و ّأياً كان
اج(.)3االنقطاع عن األزو ِ
ِ اهلل ،أو
البراز:
4
جميع ما
ِ يض في
وبدوه( ) ،وقد دار هذا األص ُل العر ُ ظهور ال ّشيء ّ ُ مادة "برز"
جماعُ معنى ّ
فمنهم َمن جنح إلى ضبطهاِ ،ِ غويين في ِ يمكن أن يشتَ َّ ِ
تباين اللّ ّ
ُ المباحثة ههنا ق منه ،وموضعُ ُ ْ ُ
يج على المعنى ِ المقدم ،و ِمنهم َمن قال فتح ِ
الباء ،ولعلّه َّ
بالكسر ،والملحظُ الثّاني هو التّعر ُ الفتح؛ ِ
ِ
الداللةُ من
ذت هذه ُّخ ْالغذاء ،وهو الغائطَُ ،وقد أ ِ
ِ ِ
داللة "البراز" ،وهو كنايةٌ عن ثُْف ِل ِ
الحادث في
ً
البعيد الواسعُ( ،)5فإذا ما خرج المرُء إلى ذاك
ُ ِ
األرض الفضاء ِمن
ُ المكان
ُ قولِناَ " :
البراز" ،وهو
أن هذه
البراز(قضاء الحاجة) ،وليس يخفى ّ بروزا ،أي :خرج إلى َالموضع "البراز" قيل :قد َب َرَز ً
ِ
يتبرزون في ِ ِ ِ
ف في وصف قضاء الحاجة؛ إذ ّإنهم كانوا ّ حسن التّأتّي والتّلطّ ُ
ُ كنايةٌ لطيفةٌ باعثُها
ِ خالية ِمن ّ
األمكنة ال ِ
ِ
البرِاز للحاجة ،و َ اس( ) ،و ِمنه قيلّ : الن ِ
6
البرُاز في الرج ُل إذا خرج إلى َ
تبرز ّ
73
ِ
الغذاء البرِاز التي هي ثف ُل البعيد ،و ِمن هنا المتقد ِ ِ
اكتسبت داللةُ َ
ْ ُ الفضاء
ُ المكان
ُ مة ّ الجملة
الجامع أن ِّ ِ
َ المحل الذي كانت تُقضى فيه ،وليس ُينسى ّ لعالقة الحادث
َ الت هذا المعنىض ُ والفَ َ
الفارسين؛ تبارز ِ
المتقادم ومما جاء بالمعنى ِّ
َ ُ المادة الحادثةَّ ، ينتظم داللةَ
ُ االشتقاقي بقي أصالً
َّ
ينفرد عن جماعتِه إلى صاحبِه(.)1
احد منهما ُ فارس أن ك ّل و ٍ
ٍ ّ وبيان ذلك عند ِ
ابن ُ
ِ ِ
رسول اهلل –صلّى اهلل عليه وسلّم– رأى رجالً يغتس ُل
َ أن و ِمن استعماالتها المتقادمة ً
أيضا ّ
الكنائي الذي ِ
الحادث وردت فيه بالمعنى ومما ٍ 2
المنكشف ِ
ِّ ْ بغير سترة( )ّ ، َ الموضع
َ يد:
بالبراز ،ير ُ
َ
كنوا عنه ِ
الغائط كما ّ ِ
قضاء كني عنالبرَاز أبعد" ،فقد ّ
الحديث" :كان إذا أراد َ
ُ غدا حقيقةً
ِ
بالخالء(.)3
صمة:
الب ْ
َ
ص َم اللة التي هي في اللّ ِ كالد ِ ِ
الب ْأن ُ سان ،فقد جاء فيه ّ ليست ّْ الكلمة داللةٌ حادثةٌ ولهذه
بر وال العرب قولُهم :ما فارقتُك ِش ًا
ِ ومما أُثِر عن ِ ِ ِ ِ
وت ما بين الخنصر إلى طرف البِنصرّ ، فَ ُ
ائر والمؤس ِ
سات الدو ِ
أكثر سيرورتَها في ّ
4
ِف ًا
ّ اليوم فما كان َ
أما َ ص ًما( )ّ ، تر وال َعتًَبا وال َرتًَبا وال ُب ْ
قيةغدت تو ِمئ بكونِها شارةً َخْل ّ
ْ ِ
المأثور؛ إذ ّإنها ق سيرورةً مجافيةً لذلكم المعنى ِ
ومكاتب التّحقي ِ
قيد. ِ ِ مستعينا بر ِ كأنه توقيع المرِء ِ
أس إصبعه وختمه على ما ّ ً بالمداد ُ فارقةً معناها ّ
ال ِبضاعة:
ِ ِ ِ ِ ِ
أن معناها ولداللة هذه الكلمة رحلةٌ متطاولةٌ في سيرو ِرة العر ّبية المتقادمة ،وليس يخفى ّ
القدماء، عرج عليها ِ
ُ حق؛ إذ ّإنه من المعاني التي ّابق والالّ ُ
الس ُ
السلعةُ ،وهو معنى ُيجمع عليه ّ ّ
السلعةُ أصلُها "القطعةُ ِمن
أن البضاعةَ التي هي ّ
ِ
اللي يتجلّى آن معرفتنا ّ
الد َّ
طوَر ّولكن التّ ّ
ّ
"ومما هو محمو ٌل على ٍ
فارس فقال: ابن 5
المال الذي ُيتّجر فيه"( ) ،والى هذا المعنى ألمح ُ ِ
ّ
األو ِل بضاعةُ التّاجر ِمن مالِه :طائفةٌ ِمنه"( ) ،و ّ ِ
6
بأنه
ف ّ أن هذا الذي قد ُيست َش ّالحق ّ القياس ّ
ِ ِ
إن لداللة هذه الكلمة أطو ًارا ،فاألص ُل في هذا كلِّه "القطعُ"ّ ،
فكأن المرَء أص ٌل ليس كذلك؛ إذ ّ
74
ذاهبا ٍ 1 ِ يقطعُ ِمن مالِه ًا
فارس ً ابن
ضع وهو القَطعُ"( ) ،وقد قال ُ
الب ْ
جر به" ،وأصلُها من َ
شطر ليتّ َ
ِ
المال ألنها قطعةٌ من
سميت البضاعةُ بضاعةً ّ "إنما ِّ
المتقادمّ : األصل
َ المذهب ،مستشرفًا
َ هذا
َ
جع ُل في التِّجا ِرة"(.)2
تُ َ
ال ِبطاقة:
فإنه
أعرْج عليه ّ ِ
الكلمة ،ومع ذلكم التّ ِ ِ
القول على ِ
لما ّ باين الذي ّ جذر هذه وجهُ وقد تباين
مقدار
ُ ت فيها
الصغيرةُ ُي َثب ُ
الرقعةُ ّ
إن البطاقةَ ّ
داللي ،فقد قيل ّ
ٌّ تطوٌر
ألم به ّ
مما ّّ كونها
ال َيرفعُ َ
متاعا فقيمتُه( ) ،وقد جاء في التّ ِ
هذيب 4
عدده ،وا ْن كان ً
عينا فوزُنه أو ُ
إن كان ً ْ جع ُل فيه،
ما تُ َ
تكون
ُ الرقعةَ التي
بمصر وما واالها ،وهم َي ْدعون ّ
َ أن البطاقةَ رقعةٌ صغيرةٌ ،و ّأنها كلمةٌ مبت َذلةٌ
ّ
يد ون ْد ٍ
حة تز ُ عمومي ٍة ُ ذات
اليوم ُ قم ثمنِه بطاقةً( ) ،والذي
5 ِ
ّ أن البطاقةَ َ يظهر ّ
ُ في الثّوب وفيها ر ُ
ِ
للدعوة ،والذي يسترعي االنتباهَ بحثية ،وثالثةٌ ّ
فثم بطاقةٌ للمعايدة ،وأخرى ّ المتقدمّ ،
ّ على هذا
البطاقة اختالفُهم في أصلِها ،فقد قيل
ِ ِ
داللة اقع في
اللي الو ِ طوِر ّ
الد ِّ يج على التّ ّ
في ِ
مقام التّعر ِ
75
ٍ
حينئذ زائدةً"()1؛ أي الباء ِمن ِ
هدب الثّ ِ ٍ
فتكون ُُ وب، بطاقة "ألنها تُ َش ّد
ّإنها ّإنما ُس ِّميت بذلك ّ
صعيد ال ّش ِ
فاه ،وا ْن على ِ إن على ِ
االستعمالْ ، كثرةَ
ولكن
ّ ومجرورها "طاقة"،ُ الجر،
باء ّ هي ُ
تكون كلمةً واحدةً ،وقد ِ ِ ِ ِ
أن َ فغلب عليها ْ
حدود الكلمتَينَ ، تداخل أفضت إلى
ْ األقالم ،قد صعيد
المذهب ابن سيده في م ِ
حكمه(.)2 ُ ِ ُ تجافى عن هذا
البلَد:
َ
ِ
األخير عند
ق؛ إذ ّإنها َ أرحب ِمن داللتِها َ
عند الالّح ِ أعم و ُ ق داللةٌ ّالساب ِ ِ ِ
وللبلد في كالم ّ
ِ
المعجم ولكن هذا المعنى جزٌء ِمن معناها في ّ ِ
الحدود، المسكون ذا
َ العامر
َ المكان
َ تعني
غير عام ٍرة ،خاليةً ٍ
قطعة ُمستحي ٍزة عامرةً
كانت أو َْ موضع أو
ٍ ينضاف إليه ّأنه ك ّل
ُ بي؛ إذ
العر ِّ
يف" :وأعوُذ بكالحديث ال ّشر ِ
ِ ِ
تفسير ِ
األثير في ابن 3
أو مسكونةً( ) ،وقد جنح إلى هذا المعنى ُ
بناء ،وأراد
ان وا ْن ْلم يكن فيه ٌ ِ
األرض ما كان مأوى للحيو ِ البلد ِمن
البلَد" ،فقال" :و ُ من ساكني َ
ِ
ِ
داللة اللي الواق ِع في طوِر ّ
الد ِّ ِ
األرض"( ،)4ولع ّل َّ
وصف هذا التّ ّ
َ انألنهم س ّك ُ
الجن ّ بساكنيه
ِ
خصيص. قائم على التّ ِ
البلد ٌ
البالَ ُة:
أن ِ ِ
المعاصـرِة؛ عامياتِنـا
ـطين واألردن ،وقـد جـاء فـي التّهـذيب ّ عاميـة فلس َ ّ ّ كلمةٌ عتيقةٌ تشـيعُ فـي
ـاء الطّيـ ِ
ـب( ،)6والظّــاهر اب ،وقيــل وعـ ُ
5
ـخم( ) ،وقيــل القــارورةُ والجـر ُ ـال جمــع "بالــة" ،وهــي ِ
اب الضـ ُ الجـر ُ ُ الب َ
ولكن، ِ
المعاصرْ ، هذيب هو المعنى الذي ُن ْج ِمع عليه في إِ ِلفنا اللّ ِّ
غوي صاحب التّ ِ
ُ أن المعنى الذي أثبته ّ
ـت
ملت ثـ ّـم بيعـ ْ
ـس التــي اســتُ ْع ْ ِ ِ
ـوم؛ إذ ّإنهــا تعنــي عنـ َـدنا المالبـ َ
ـي فــي داللــة "البالــة" اليـ َ
ـي جلـ ّ
ثـ ّـم تطـ ّـوٌر داللـ ّ
ـاحب ِ حال اسـتعمالِها ،والح ّ
على ِ
اللي ال ُي ْفهَـم إالّ باسـترفاد المعنـى الـذي أثبتـه ص ُ أن هـذا التّط ّـوَر ال ّـد ّ
ـق ّ
ـب ِم ـن
ـس المســتعملةَ "البالــة" تُســتَورد فــي الكثيـ ِـر الغالـ ِ
َ أن تلكــم المالبـ َالضــخم)؛ ذلــك ّالج ـراب ّ ـذيب( ِ
التّهـ ِ
يسمون ٍ بال ُ ٍ غرب في ٍ ال ِ
اس ّ الن ُ
المالبس المستعملةُ ،وصار ّ ُ ستخرج منها
ثم تُفتَح البا ُل ُلي َ وج ُرب ضخمةّ ،
( )1ورد هذا النص مع قليل تفاوت في العبارة عند ابن األثير ،النهاية ،135/1 ،وابن منظور ،اللسان ،مادة
"بطق" ،وابن سيده ،المحكم ،مادة "بطق".
( )2انظر :ابن سيده ،المحكم ،مادة "بطق".
( )3انظر :األزهري ،التهذيب ،مادة "بلد" ،وابن منظور ،اللسان ،مادة "بلد".
( )4انظر :ابن األثير ،النهاية ،151/1 ،وابن منظور ،اللسان ،مادة "بلد".
( )5انظر :األزهري ،التهذيب ،مادة "بول" ،وابن منظور ،اللسان ،مادة "بول".
( )6انظر :ابن منظور ،اللسان ،مادة "بول".
76
َّ
المحل ،وهم يريدون الحا ّل، باسم وعائِها الذي يشتم ُل عليها "البالة"ّ ،
وكأنهم بهذا يذكرون المالبس تلك ِ
َ
نت لك في ِ
باب ٍ
بسبب ،على ما ّبي ُ مجاور له ،أو كان ِمنه
ًا ِ
الشيء إذا كان و"العرب تسمي ال ّشيء ِ
باسم َ ُ ّ
يء ِ
باسم ِ
غيره"(.)1 تسمية ال ّش ِ
ابوت:
التّ ُ
ٍ
حميم، ٍ
بنسب الداللتين – تتّصالن
ولكنهما –أعني ّ ِ
األمسّ ، تفارق داللةَ اليوم داللةٌ ِ
ُ للتّابوت َ
عاميتِنا
ّ يكاد هذا المعنى في
ت ُلي ْح َم َل ،وال ُالمي ُ
يوضع فيه ّ
رف الذي َ اليوم ّأنه الظّ ُ
والمعنى ال ّشائعُ َ
ِ
المعجم الحادث لم ِ
يرْد في أن هذا المعنى ِ ينصرف إالّ ِ
َ الحق ّ
الموت ،و ّ لحقل ُ أعلمه–
– في الذي ُ
وردت هذه الكلمة في قولِه – تبارك
ْ ندوق( ،)2وقد الص ُ إن الذي ورد فيه ّأنه هو ّ بي؛ إذ ّ العر ِّ
عرج عليه 3 ِ
ابوت فيه سكينةٌ"( ) ،والمعنى –كما أشار إليه َمن ّ يأتيكم التّ ُ
أن َ إن آيةَ ملكه ْ
اسمهّ " :- ُ
ِ
الخشب فيه شيئا منحوتًا ِمن
الصندوق ،وقد قيل ّإنه "كان ً ّ المفسرينّ -أنه
غويين و ّ من اللّ ّ
ِ
ٍ
سمساد عليه توضع ،وقد كان ِمن ِ
عود كانت فيه التّوراةُ ندوق الذي
الص ُ
4
َُ ْ حكمةٌ"( ) ،وقيل هو ّ
الم -إذا ِ ِ 5
الس ُ
صندوق التّوراة ،وكان موسى-عليه ّ
ُ ي ّأنه
الزمخشر ِّ
هب( ) ،والمعنى عند ّ صفائح ال ّذ
ُ
6
يفرون( ). ائيل فال ّ
نفوس بني إسر َ
تسكن ُ ُ فكانت
ْ قدمه، قاتل ّ
غويين افترقوا في ِ
بيان ِ
ولكن اللّ ّ
ّ ندوق،
الص ُ أن التّابوت هو ّ تقدم ُي ْجمعُ على ّ
أن ك ّل ما ّ
إخا ُل ّ
ِ ِ 7
اللي– برأيينّ :أولُهما ّأنه على ِ
وزن طوِر ّ
الد ِّ ي –وهنا موضعُ تمثّل التّ ّ الزمخشر ّ
وقد قال ّ
اشتقاقه( )ْ ،
وآكد؛ إذ ّإنه مأخوٌذ ِمن "التّ ِ
وب"، عنده أعلى ُ األخير َ "فاعول" ،وثانيهما ّأنه على ِ
وزن "فعلوت" ،و ُ
ود ُعه فال ي از ُل يرجعُ إليه ما يخرُج ِم ْنه"(.)8
األشياء وتُ َ
ُ توضعُ فيه
ظرف َ
ٌ ألنه
الرجوعُّ " ،
وهو ّ
77
طوُر ي ِمن ٍ
بيان .وثانيه :التّ ّ الزمخشر ّ
تقدم عند ّ ِ
رجعة صاحبِه إليه كما ّ تابوتًا لِما فيه ِمن ابوت
التّ ُ
ق وماالصندو ِ ِ ِ ِ
معممةً تد ّل على ّ
كانت َّ
ْ أن
للميت بعد ْ
تخصيص داللة التّابوت ّ
ُ اليوم ،وهو
َ الحادث
ُ
أودعت
ُ أودعت تابوتي شيئاً ففقدتُه" ،أي ما
ُ ومما جاء بالمعنى المجازيِّ" :ما قّ ، يوضعُ فيه بإطال ٍ
َ
اللهم اجعل ِ ِ ِ 1 ِ
علما فعدمتُه( ) ،وكذلك قولُه– صلّى اهلل عليه وسلّم -في دعاء قيام اللّيلّ " : صدري ً
ِ
كالقلب ابوت ههنا األضالعُ وما تحويه نور –وذكر سبعا– في التّابوت" ،وقد أريد بالتّ ِ في قلبي ًا
ً
بالصندوق الذي ُي ْح َرز فيه المتاعُ(.)2 وغيرهما تشبيهاً و ِ
الكبد ِ
ّ
الت ّرهات:
ِ
المحسوس إلى المادي
ّ ِ
مضمار داللي هيئتُه انتقا ٌل ِمن
ّ تطور
ٌ
ِ
الكلمة وقد وقع في ِد ِ
اللة هذه ْ
يظهر ِ
األصل ،والذي ِ
وتبيان ِ
باإلثبات المعجميون فاستشرفوه المجرِد ،وقد التفت إلى هذا
َّ المعنوي
ِّ
ُ ّ
ِ
معجمات مقرٌر في هات والتَُّّرهات :األباطي ُل ،وواحدتُها تَُّرهة ،وهذا معنى– كما هو َّ أن التُُّّر ِ
غار المتشع ِ
ِّبة عن الص ِ آخر ،وأص ُل ذلك مستقى ِمن داللتِها على الطّر ِ العر ّبي ِة -منز ٌ
ق ّ اح عن َ
اللي ِ
األعظم( ،)3وقد قال الزمخشر ُّ الطّري ِ
الد ّمعرجاً على المعنى المجازيِّ ،مستشرفاً الوجهَ ّ ي ّ ق
ِ
الخالية من ِ
األقاويل ِ
لألباطيل و استعيرت فار البيد، ِ الب ِ ِ
ْ سابس ،وهي الق ُ الجامع" :وجاء بالتّّرهات َ
َ
ِ 4
الطائل"( ).
التِّ ْن َبل:
القصير( ،)5وذلك ليس كذلك في ِ
كالم الرج ُل والتِّْنب ُل والتِّنبا ُل والتِّْنبالةُ في ِ
كالم الالّح ِ
ُ ق ّ َ
هامشي ٍة
ّ
ٍ
يحاءات سلبي ٍة وا ٍ
ذات داللة ّ
وهي ُ ِ
الحماقة، ِ
بالخمول و ق؛ إذ ّإنها تد ّل على َمن ُو ِسم الالّح ِ
مرذولة في ِ
كالم الالّح ِ
ق. ٍ
التّّيار:
اعر:
ولجتُه ،وقد قال ال ّش ُ ِ
البحر ّ ِ
األخير مو ُج عند الساب ِ
ق؛ إذ ّإنه َ كتي ِار ّ وتي ُار الالّح ِ
ق ليس ّ ّ
78
تيا ار
يقذف بالتّّيار ّ
ُ ِ
كالبحر ِ
المكاسب ما تُ ْكدى حسافتُه عف
ّ
مما ِ ِ ٍ عند الالّح ِ
وغير ذلك ّ وتي ُار المعارضة ُ بائيّ ،
تيار كهر ّ
فثم ٌ بالبحر فقطّ ، بمقترن ق ليس وهو َ
ِ ِ
طوِر.
تقدم على وجه التّشبيه والتّ ّ مما ّ
يب ّأنه مأخوٌذ ّلتم َس في عر ّبيتنا المعاص ِرة ،وال ر َ
أن ُي َ
يمكن ْ
ُ
ال ِج ْلف:
المتعي ُن ِمن معناها :الجافي، ٍ
معنوية مرذولة ٍَ ،و ّ
ٍ
ّ
ٍ
صفة الجلف" تو ِمئ إلى أن كلمةَ " ِ معلوم ّ
ٌ
ِ
باألصل ِّ
المتقد ُم ليس وخلُِقه( ) ،وهذا المعنى
1
ابي الجافي ،وقيل الجافي في َخْل ِقه ُ وقيل هو األعر ُّ
المعجميون مستشرفين مادي ّنبه عليه آخر ٌّ ِ ِ في اللّ ِ
ّ ٍّ مشتق من َ االستعمال؛ إذ ّإنه غة وال في
قشر 2
ٍ الالم و ِ
الفاء عند ِ الجيم و ِ
ِ ومثْبِتين ،وجماعُ معنى
ف ُ الجْل ُ
القشر والقطعُ( ) ،وقيل َ ُ فارس ابن
ِ
إصبعه: وجلَف ظُفَُره عن ف أجفى ِمن الجر ِ ِ ٍ ِ ِ
أشد استئصاالًَ ، فو ّ َْ الجْل ُ
الجلد مع شيء من اللّحم ،و َ
جوِز :أصابته جالفةٌ، ٍ ِ ِ 3
يء قطعه واستأصله( ) ،ومن هنا قيل على وجه من التّ ّ وجلَف ال ّش ََك َشطَهَ ،
الجذر "القشر والقطع" تسري في ِ أن ِداللةَاس ،وال يخفى ّ الن ِال ّ تذهب بأمو ِ
ُ السنةُ التي
وهي ّ
بيانه ،وقد
تقدم ُ عما ّ ٍ ِ
المباحثة " ِ ِ
فليست ببعيدة ّ
ْ الجْلف" أما موضوعُ هذه تقدمّ .
أوصال ك ّل ما ّ
أس وال ٍ
بطن وال ِ
المسلوخة بال ر ٍ ِ
الشاة بدن غت هذه الفعلة "القشر" على ال ّش ِاة ،فقيل ِ أُسبِ ْ
لف هو ُ الج ُ
األو ِل؛ ْ
فقد ِ ٍ ِ
الصفةَ "الجلف" على امرئ ما مأخوٌذ من المعنى ّ إسباغنا هذه َّ أن
يظهر ّ
ُ ائم ،والذي قو َ
وعند
بطن( )َ ،
4
ائم وال ٍ ٍ ِ ِ ِ ِ
أصل ذلك من أجالف ال ّشاة المسلوخة بال رأس وال قو َ َ أن
ي ّ جاء عند الجوهر ّ َ
ِ
لضعف األحمق
ُ ف ،وقد ُشّبه بهما للد ّن الفارِغ أيضاً ِجْل ٌ
األثير األص ُل ال ّشاةُ المسلوخةُ ،وقيل َّ
ِ ِ
ابن
عقل
اء ال َ ِ ِ إن ِ ِ عقلِه( ،)5وفي
أن جوفَه هو ٌ شبه بجلف ال ّشاة ،أي ّ اآلدمي ّ
َّ لف
الج َ المحكم قيل ّ
اللة على الد ِ ِ
ضمار ّ قلت ِمن ِم
الجلف انت ْ ِ أن داللةَ
6
تعين آنفاً ّمما ّ ص ّ فيه( ) ،والمستخلَ ُ
اآلدمي ِ
صفات صفة ِمن
ٍ اللة علىالد ِمضمار ِّ أس لها) إلى
ّ اني(ال ّشاة المسلوخة التي ال ر َ الحيو ّ
طوِر ِ ِ ِ
السبي ُل إلى التّأتي لذلك االنتقال المفضي إلى التّ ّ المعنوية(الجافي األحمق)لعالقة المشابهة ،و ّ ّ
جوز والتّشبيهُ.
التّ ُ
الجنُب:
ُ
( )1انظر :ابن منظور ،اللسان ،مادة "جلف".
( )2انظر :ابن فارس ،المقاييس ،مادة "جلف".
( )3انظر هذه المعاني :الزمخشري ،األساس ،مادة "جلف" ،وابن منظور ،اللسان ،مادة "جلف".
( )4انظر :الجوهري ،الصحاح ،مادة "جلف".
( )5انظر :ابن األثير ،النهاية.287/1 ،
( )6انظر :ابن سيده ،المحكم ،مادة "جلف".
79
ٍ
معان المتقد ُم ِمن
ّ ني ،وهذا الم ّ
الصالة التي فرضتْها ال ّشريعةُ الجنابةُ ،والجنابةُ َ
ِ ِ
من ُم ْبطالت ّ
ِ
ب إذا كان غر ًيبا ،وكذلك االستعمال ،فنحن نقو ُل :رج ٌل ُجُن ٌِ الوضع وال في
ِ بأصل فيٍ ليس
ابة ،ونقو ُلَ :ج َن َبهضد القَر ِ
الجنابةُ ُّ فالن في بني ٍ
فالن َجنابةً إذا نزل فيهم غر ًيبا ،و َ وج َنب ٌ الجنيبَ ، َ
جماعها يد ّل على ُ المادةَ
إن هذه ّ ٍ
فارس ّ وجَّنبه وجانبه وتجانبه واجتنبه :بعد عنه( ) .وقد قال ُ
ابن 1
َ
ِ
المتقادم ،وقد ت ِمن ذاك المعنى عيةَ قد تخلّقَ ْ
2 ِ ّ ِ
الجُنب" ال ّشر ّ
أن داللةَ " ُ الناحية والبعد( ) ،واخا ُل ّ
ألنه ُن ِهيمشير إلى ّأنه قيل للمرِء ُجُنب ّ ًا الجُنب" ِ
اقع في كلمة " ُ اللي الو َ
الد َّ
ي التّط ّوَر ّ التمس األزهر ّ
تنحى ،وقيل أن يقرب مواضع الص ِ
تجنبها وأجنب عنها ،أي ّ يكون قد ّ ُ الة ما لم يتطهّ ْر ،وبذا َ ّ َ
األثير عند قولِه – صلّى اهلل عليه وسلّم" :-ال ِ لمجانبتِه ّ
3
ابن
يغتسل( ) ،وقد وقف ُ ْ اس ما ْلمالن َ
االسم ،وهي أن "الجنابةَ جانحا إلى ّ
ً ِ
المخوض فيه، تدخل المالئكةُ بيتًا فيه ُجُنب" مجلّياً داللةَ هذا
ُ
البعد"(.)4
األصل ُ ِ في
الجنازة:
ِ
ضبط تباينت في غويين قد
ْ مذاهب اللّ ّ
َ أن
باإللماح إلى ّ
ِ أستفتح هذه المباحثةَ
َ يحسن أن
ُ لعلّه
إن ِ ِ ِ
يره( ) ،و ِمنهم َمن قال ّ ت على سر ِ
5
الجنازةَ
إن َ المي ُ
الجنازة ّ الجنازةَ و َ هذه الكلمة ،فمنهم َمن قال ّ
نعش( ،)6و ِمنهم َمن قال
ت فهو سر ٌير أو ٌ المي ُ
يكن عليه ّ السر ُير ،وا ْن لم ْ ِ
وبالكسر ّ ت،
المي ُ
بالفتح ّ
النحار ُير ينكرونه"(،)7
بالفتح ،و ّ
ِ اس َجنازة، كالم أفو ِاه ّ
الن ِ الميت ،و"قد جرى في ِ اإلنسان ّ
ُ إن ِ
الجنازةَ ّ
حمل، ت على سر ِ أن ِ
السر َير الذي عليه ُي َ
يره ،أو ّ المي َ
تكون ّ
ُ الجنازةَ قد تقدم ّ
مما ّوالمستصفَى ّ
اليوم تد ّل على ِ ٍ
المعجمات العر ّبيةُ بمطابقة لداللة اليوم؛ إذ ّإنها َ
ُ الداللةُ التي أثبتتها
وليست تلكم ّ
تالمي َ ِ المشيعين ،ولسنا في ُعرِفنا اللّ ِّ ونعشه وجم ِ ِ المي ِت
نسمي ّ فلسطين ّ
َ المعاصر في غوي ّ هور ّ
أن هذا
ويظهر ثانيةً وثالثةً ورابعةً ّ تقدم،
مما ّ جنازةً ،ال وال سريره كذلك ،بل الجنازةُ ٌّ
ُ ك ّكل مشتر ٌ َ
ِ
مقصد صدين:
باين في المق َ المتقادم ،و ِمن هنا وجب التّنبيهُ على التّ ِ الحادث ليس هو
َ المعنى
َ
ق. ِ
ومقصد الالّح ِ السابق
ّ
80
اإلجهاض:
ْ
ـدت
ـان وج ُ ـدت إلـى اللّس ِ ـقاط الجنـين ،ولمـا ع ُ ـقاط؛ إس ِاأليام بمعنـى اإلس ِ ِ يشيعُ هذا اللّفظُ في هذه
جهاض ـا ،وهــي
ً الناقــة إِ
َجهَضــت ّ الناق ـةُ ولـ َـدها لغيـ ِـر تمـ ٍـام ،وقــد جــاء فيــه " :أ ْ
ـي ّأن تُلقـ َ
ـاض هــو ْ
أن اإلجهـ َ ّ
أن هــذهـف ّ
1
خاص ـةً ,) ("...والطّريـ ُّ للناقـ ِـة
ي :يقــا ُل ذلــك ّ ٍ
ُم ْج ِه ـض :ألقــت ولـ َـدها لغيـ ِـر تمــام ،وقــال األزهــر ّ
الناق ِـة ،والحاصـ ُلاإلخبار عـن ِّ الداللةَ ال تُستعم ُل اليوم إال للمرِأة ،وال تُستعم ُل – فيما أعلمه– في ِ
مقام ُ َ َ َ ّ
مضمار اقترانِهـا
ِ ان إلى ضمار اقترانِها بالحيو ِ ِ الكلمة ِمن ِم
ِ ِ
انتقال دائ ِرة داللياً وقع فأفضى إلى تطوًار ّأن ّ ّ
ِ
باإلنسان.
الجيل:
إن ما ورد في ِ
كالم ِ
داللة الالّح ِ الساب ِ ِ
ظاهرا؛ إذ ّ
ً ق افتراقاً تفترق عن
ُ ق ولهذه الكلمة داللةٌ عند ّ
العرب جي ٌل، الن ِ ٍ ق يشير إلى ّأنها تعني َّ الساب ِ
ين جي ٌل ،و ُ الص ُ
ك جي ٌل ،و ّ اس ،فالتّر ُ صنف من ّ كل ُ ّ
3
األمة( ) ،وبهذه المعاني ٍ إن ك ّل ٍ 2
الجيل َّ إن
يختصون بلغة جي ٌل ،وقيل ّ ّ قوم وم جي ٌل( ) ،وقيل ّالر ُ
وّ
دقيق 4
أخبث منكم"( ) ،ولع ّل التّ ََ جيل كان معاذ" :ما أعلم ِمن ٍ بن ٍ سعد ِحديث َِ ِ
األثير ابن
فسر ُ ّ
ُ
زمني، ٍ
معيار ِ
وتقييده على الجيل الحادثةَ قائمةٌ في ضبط معناها ِ بأن داللةَ ِ
ٍّ يفضي إلى االعتقاد ّ
ابن ٍ
بجالء عند ِ تبدى هذامكاني ،وقد ّ قي أو غابر ِكانت في ِ
ٌّ معيار عر ّ
ٌ يغلب عليها ُ عهدها ْ ولعلّها
عنده ِمن ّ
ي في قوِلهَ " : فارس في إشارتِه إلى قوم "جيل" إخو ِ ٍ
5
الناس أجيا ٌل؛ الزمخشر ِّ الديلم( ) ،و ّ
ان ّ
المتقدِم آنفًا ،وليس
ّ منظور في ِ
كالمه ٍ أي أصناف :جي ٌل ِمن التّرك ،وجي ٌل من َ
الخ َزر"( ،)6و ِ
ابن
ِ
المعاصر ين كذلك ،بل تناهى إلى ُعرِفنا اللّ ِّ
غوي الص َ
ك جيالً ،ال ،وال ّيعرف التّر َ
ُ ق َمنفي الالّح ِ
بت أعما ُرهم فصاروا أترًابا أو كادوا،اس الذين تقار ْ الجيل الجماعةُ ِمن ّ
الن ِ َ أن ِْ
المستحكم ّ وا ِلفنا
الجيل.
َ نطلق عليهم
ُ وصرنا
اإلحباط:
81
المادي إلى ِ
مضمار الد ِ
اللة من ِ
انتقال هذه ِّ قصةٌ طريفةٌ تد ّل على ِ
ِّ اليوم ّ
ولهذه الكلمة بمعناها َ
أن ِ طوِر الو ِ ِ
األثير إلى ّ ابن
اقع فيها ،فأشار ُ القدماء إلى ملحظ التّ ّ
ُ المعنويِّ ،وقد التفت اللّغويون
فتموت( ،)1ورأىَ تنتفخ
َ ِ
األكل حتّى فأفرطت في
ْ أصابت مرعى
ْ يكون إذا ُ قولَناَ " :حبِطت ّ
الدابة"
إن كأل يستوبلُه( ،)2وقال الجوهر ُّابن سيده ِمن قبلِه أن "الحبط" وجع يأخ ُذ البعير في بطنِه ِمن ٍ
ي ّ َ ٌ ّ ََ ُ
الح َبط" هو 3 ِ تأكل الماشيةُ فتُ ْكثِ َر حتّى
بطونها ،وال يخرُج منها ما فيها( ) ،و" َ
ُ تنتفخ لذلك
َ أن َ
الح َبط" ْ
" َ
اح َبنطأ
منتفخ الخاصرتَين ،و ْ
َ ص ْيرى إذا كانوفرس َحبِط القُ َ
ٌ جلده إذا ورم، الورم ،ومنه قولُناَ :حبِط ُ
ُ
ألنه كان في ٍ
سفر فأصابه مث ُل بن مازن؛ ُس ّمي بذلك ّ
الحرث ُ
ُ الحبِطُ هو
بطنه ،و َ
الرج ُل :انتفخ ُ
ّ
4 ٍ ِ
بطنه ورم من شيء أكله( ).
ألن َيصيب الماشية ،فنسبوا إليه ،وقيل ّ
ُ الح َبط الذي
َ
أما قولُناَ " :حبِط عملُه ،وأحبط اهلل أعمالَهم" ،فالمعنى فيها :أَبطلها( ،)5وهذا يقا ُل لِ َمن عمل ّ
اليوم حقيقةً ق ّارةً
َ مجاز ،وا ْن كان
ٌ حادث في أصلِه
ٌ يب فيه ،معنىثم أفسده ،وهو ،ال ر َ عمالً ّ
ِ
الحادث ِ
المتقادم والمعنى الجامع بين المعنى ِ
الوجه ي على في ُعرِفنا اللّغويِّْ ،
ِ عرج األزهر ّوقد ّ
ِ
البطن صاحب
َ ألن ِ
البطنّ ، وبطالنه مأخوذاً إالّ من َح َب ِط
َ ِ
العمل مشير إلى ّأنه ال يرى " َح ْبطًا
حم ُل قولُهم في العر ّبي ِة أويل ْ ِ
المعجب ُي َ
ق َي ْح َبط"( ،)6وعلى هذا التّ ِيهلِك ،وكذلك عم ُل المناف ِ
صحيح ال شيةَ عليه وال شبهةَ.
ٌ ِ
محاولة االغتيال ،والمعنى إبطالُها ،وهذا معنى المعاصرِة :إحباطُ
قاش:
احتدم ال ّن ُ
ْ
اللة على الد ِ ِ
مضمار ّ االحتدام هيئتُه االنتقا ُل ِمن اللي الذي اعترى
َ الد ّطوَر ّ
أن التّ ّ إخا ُل ّ
الح ْد ُم: 7
الحر( ) ،و َ
اشتداد ّ
ُ ِ
المقاييس مادتِها في ِ
داللة ّ الد ِ
اللة على المعنويِّ ،فجماعُ ي إلى ّ الماد ِّ
ّ
صوت التهابِها، الن ِار: بحر ال ّش ِ ِ ِ
ُ وح َدمةُ ّالن ِار ،ونقو ُلَ :ح َدمه فاحتدمَ ،
مس و ّ شدةُ إحماء ال ّشيء ّ ّ
8
الح َدمةُ سريعةُ الغلي( )، ِ ِ
در ُ اشتد غلي ُانها ،والق ُ
القدر إذا ّ
الحر ،واحتدمت ُ شديد ّ
ُ المحتد ُم: اليوم
و ُ
82
ي ِ
المتقادم ،والثّاني المجاز ِّ فعرج على المعنى ِ
ياح عن األصلّ ، ي إلى االنز ِالزمخشر ّ
وقد التفت ّ
تقدم( ،)1وليساب" أصلُهما ما ّ ظا" ،و"احتدم ال ّشر ُ صدر ٍ
فالن غي ً ُ أن قولَنا" :احتدم
مشير إلى ّ
ًا
تقدم؛ إذ يتعين ِمن داللتِه ما يتعين ِمن اتّ ِ
قاد بركب ما ِّ يسير
ُّ ُّ قاش" ُالن ُ
أن قولَنا" :احتدم ّ
يخفى ّ
قاش أو الس ِ
ِّجال. الن ِ
ّ
الحنيف:
َ
ِ
بإبهامها ،أي احدة ِمنهما على األخرى ف المي ُل في القدمين ،وهو أن تُ ْقبِ َل ك ّل و ٍ وأص ُل الح َن ِ
ْ َ َ
2
العقبين( ) ،وقيل ِ يكون بتداني صد ِ اعوجاج في الر ِ
القدمين ،وتباعد َ َ ور ُ جل إلى داخل ،وذلك ّ ٌ هو
ف في قيس بذلك لح َن ٍٍ بن ِ
َ األحنف ُ
ُ سميظهرها ،وقد ِّ َ بطنها
يصير ُ َ القدم حتّى انقالب
ُ هو
فالحنيف – ِ ِ رجلِه( ،)3و ِ
ي لعالقة المشابهةَ ، قي تخلّق المعنى المجاز ُّ ّ ل
ْ الخ
َ ي
ّ الماد
ّ المعنى هذا ن م
ِّ ِ
ف عن األديان ،أي يمي ُل إلى الحق، يتحن ُ
اإلسالمي -هو الذي ّ ِّ الد ِ
ين الم ،أو ّ
الس ُ اهيم عليه ّ كإبر َ
ِ
للمائل الح َنف االستقامةُ ،واّنما قيل اهلل ،فلم ِأمر ِ وقيل هو َمن أسلم في ِ
إن َ بعضهمّ :
ُ يلتو ،وقال
ِ
اإلسالم المي ُل إليه، الحنيفي ِة في
ّ أن معنى باالستقامة ،وقد جاء في التّ ِ
هذيب ّ
ِ جل "أحنف" تفاؤالً الر ِ
ِّ
ِ
"الميل" أصل أن ِ ِ ِ 4
َ يظهر ّ
ُ داللة "الحنيف" فالذي تفسير أي في
الر ُ
واإلقامةُ على َعقده( ) ،وأيًّا كان ّ
ق ،وحسبي بعدباالشتقا ِالماد ِة
ق ِمن هذه ّ يتخلّ َ أن
يلم شتات ما يمكن ْ المتقادم الذي ّ
ُ هو األص ُل
ثم ُيتّسعُ في ِّ فارس الثّا ِ
ٍ نظر ِ
اإللماح إلى ِ المتقدِم
ِّ
المادة" :واألص ُل هذاّ ، في هذه قب ابن ُ هذا
ِ
تفسيره"(.)5
َّ
المحنك:
ق والالّح ِ
ق وللساب ِ
جارب فه ّذبتْهّ ،األمور فراضتْه ،وأحكمتْه التّ ُُ عضتْه
ّ الرج ُل الذي
ك ّ و َّ
المحن ُ
مادة "حنك" وهذهاللي ِة بين ّالد ّ
ِ
العالقة ّ تلم ُس
الخاطر ههنا ّ
َ عهد بهذا المعنى ،والذي يسترعي ٌ
الفم ِمن داخل ،وقيل الد ّاب ِة باطن أعلى ِ
ُ ك ِمن اإلنسان و ّ فالح َن ُ
ادةَُ ،الم ّ ِ ِ
الكلمة التي أودع فيها هذه ّ
ِ
لإلنسان َح َنكان أحدهما معا يصبح ِ ِ ِ
طرف َّ ِ َّ
مقدم الل ْحيين من أسفلهما ،وبجمعهما ً هو األسف ُل في
مضمارها الوجهُ الجامعُ ،أو
ُ ِ
المذكور آنفًا تبقى المساءلةُ التي سفلي ،ومع هذا آخر
علوي ،و ُ
ّ
ّ
ابن األثير و ِ
ابن ي و ِ الزمخشر ِّ الداللي ،قائمةً ،فاألص ُل في ذلك –كما ورد عند الر ِ
اغب و ّ ّ طور ّ ّ التّ ّ
83
يقوده ِ
األسفل حبالً ُ منظور والفيروزأباديّ -أنه مستقى ِمن قولِهم :ح َنك الفرس إذا جعل في ِ
حنكه ٍ
َ َ ّ
ألقيت في ِ
حنكها حبالً دابتي ،أي ِ ِ 1
ُ احتنكت ُّ العرب: المضمار قو ُل ومما شاع في هذابه( )ّ ،
ِ
المجاز، السنِ ،من َّ
المحنك ،وحنكتْه ّ عبير اللّغويَّ؛ أعني
ي هذا التّ َالزمخشر ّ
وقدتُها ،وقد جعل ّ
مجرًبا مذلَّالً"(.)2 ِ
بالفرس إذا ُحّنك حتّى عاد َّ فعل
"فعلت ما ُي َ
ْ والمعنى:
الحنين:
َ
ان
فالحن ُ
ّ هر،الد ُ
تسامح عليه ّ َ المي ِت الذي ِ
المجاز ّ ِ
الحنين َوقفةٌ عند ِ
داللة تطوِر ِ
وفي استشراف ّ
أن ٍ الن ِ ِ ِ
يجنح في ُعجالة إلى ّ ُ فس ،ولع ّل المرَء ق وتََوقان ّ شو ُ
نين التّ ّالح ُالرحمة والتعطّف ،و َ اهلل ذو ّ
يخي ٍة ،وأص ُل ٍ
تأصيلية وال تار ّّ في ٍة ال ٍ ِ
أن ذلك كذلك من وجهة وص ّ الحق ّ
ق ،و ّ ادف لالشتيا ِ الحنين مر ٌ
َ
إثر اقة ،وهو ترجيع ّ ِ الن ِ ِ ِ
الناقة صوتَها َ ُ حنين ّ بي– مأخوٌذ من المعجم العر ِّ يظهر في
ُ ذلك –كما
اعر:العرب ،و ِمنه قو ُل ال ّش ِ ِ ِ
أشعار كثير في 3 ِ
المتقد َم ٌ
ّ يعضد هذا
ُ ومما
ولدها( )ّ ،
بح ترجيعُ ز ِ
امر الص ِ قَُبيل انعتا ِ ي ْ ِ
ق ّ نينها
كأن َح َ احا ّ عارضن ملو ً ُ
اآلدمي ،وهو به شبيهٌ إن لم حنين ولدها -جاء اقة صوتَها إثر ِ الن ِ
ترجيع ّ األصل –أعنيِ و ِمن هذا
ّ ُ َ َ
االشتياق ِمن المتر ِ
ادفات؛ َ الحنين و
َ يجعل
ْ ي لم أن العسكر َّ المتقدِم ّ
ّ طيف في هذا يكن له مماثالً ،واللّ ُ
ِ
أصل ِ
اعتبار ف من ِقَبل عر ُ
فرق ُي َ
غة ،وهو ٌ البصر باللّ ِ
ِ داللياً ال يعرفُه إالّ أهلذلك ّأنه التمس فرقاً ّ
ِ
القائلة فع ال ّش ْب ِ
هة اللي في ر ِ طوِر ّ
الد ِّ ِ ِ ِ
اللّفظ في اللّغة وحقيقته فيها ،وليس يخفى ّأنه احتكم إلى التّ ّ
اإلبل تُ ْحِدثُها
ات ِ صوت ِمن أصو ٌِ غة هوالحنين في اللّ ِ
ِ أصل
َ أن
ق؛ و"ذلك ّالحنين واالشتيا ِ
ِ بتر ِ
ادف
اآلخ ِر ،كما يجري احد منهما على َ أج ِري اسم ك ّل و ٍ ِ
ثم كثر ذلك حتّى ْ َ ُ اشتاقت إلى أوطانهاّ ،ْ إذا
وت قو ُل العرب: الص ُالحنين داللتُه ّ أن
يسند ّ ومما 4 ِ على ّ ِ
َ ُ السبب"( )ّ ،
اسم ّ
السبب وعلى المسبِّب ُ
ت إذا يصو ُ هم الذي اإلنباض ،ويقال للس ِ
ِ تحن عند
حنانة ّ
وقوس ّ ت،
صوت ْ
ّ ّ ٌ القوس حنيناً إذا ُّ حنتّ
حنان(.)5
األصابع ّ
ِ ُنفِّز بين
( )1انظر :الراغب ،المفردات ،150 ،والزمخشري ،األساس ،مادة "حنك" ،وابن األثير ،النهاية ،452/2 ،وابن
منظور ،اللسان ،مادة "حنك" ،والفيروزأبادي ،القاموس ،مادة "حنك".
النبت إذا
َ الم َحنك مأخوذ من قولنا :احتنك الجراد
( ) الزمخشري ،األساس ،مادة "حنك" ،ويرى ابن فارس أن ُ
2
84
ال َخ ْبت:
إن كلتيهما مجازّيةٌ ،وكلتيهما ِ ٍ وليس ما وقع في هذه ّ ِ
عما وقع في سابقتها؛ إذ ّ الداللة ببعيد ّ
أما ِ
األرضّ ،
ٍ
ضرب من المجرِد ،وكلتيهما تد ّل على
َّ ِ
مضمار ِ
المحسوس إلى ِ
مضمار انتقلت ِمن
ْ
اطمأن من
ّ ِ
األرض واتّسع ،وقيل ما اطمأن ِمن
ّ ِ
األرض ،وقيل :ما ِ
بطون ت فهو ما اتّسع ِمن الخ ْب ُ
َ
المتقدِم
ِّ ِ
االحتماالت أن ك ّل 1
خرجت ِمنه ِ
اهر ّ
أفضيت إلى َس َعة( ) ،والظّ ُ َ َ األرض وغمض ،فإذا ما
ِ
مضمار المادي إلى اللي
ّ الد ّالمْل َم ُح ّ
مطمئنةٌ ،وقد انتقل هذا َّ ضت أر ٌ الخ ْب َ
أن َ بيانها تلتقي على ّ ُ
الد ِ
عاء: حديث ّ ِ اطمأن وتواضع ،وفي أخبت المرُء إلى ربِّه ،والمعنى َ المعنوي ،فصرنا نقو ُل:
ّ ّ
ِ
األرض"(، )3 ِّ
المطمئن من الخ ْب ِت
مطيعا( )" ،وأص ُل ذلك ِمن َ
2
ً خاشعا
ً "واجعلني لك ُم ْخبِتًا" ،أي
اسمه–: يز ،و ِمن ذلك قولُه – ّ يل العز ِ ثالث مر ٍ
ات في التّنز ِ
تقدس ُ َ ّ الداللةُ الحادثةُوردت هذه ّ ْ وقد
الفراء:
عند ّ المتعي ُن ِمنها َّ الحات وأخبتوا إلى رّبهم" ،والمعنى "إن الذين آمنوا وعملوا الص ِ
ّ ّ
استعمال التّليين
َ اإلخبات
ُ األصفهاني :تواضعوا والنوا؛ إذ ّإنه "استُعملِّ "تخ ّشعوا( ) ،وعند الر ِ
اغب 4
ّ
اضع"(.)5
والتّو ِ
صلة:
ال َخ ْ
الخ ِ
صلة اقع بين َ اللي الو ِ
الد ِّ ِ
البون ّ الوقوف عند
ُ أستفتح به هذه المباحثةَ لع ّل ّأول ما
ُ
غلبت
ْ قد ِ
اإلنسان ،وقيل ْ تكون في
ُ الرذيلةُ
بالفتح ،فمعناها الفضيلةُ و ّ
ِ أما األولى ،وهي الخصلة؛ ّ و ُ
الخاء فتعني لفيفةً من ال ّش ِ
عر ِ بضم أما الثّانيةُ التي هي ِ ِ
ّ وجمعها ِخَصا ٌلّ ، ُ الفضيلة، على
أن هاتين الكلمتَين ليستابي ّ ِ
المعجم العر ِّ للمتدب ِر في يتبدى 6
صل"( ) ،والذي ّ
ّ وجمعها " ُخ َ
ُ المجتمع،
ِ
ِ
المعجم ويعضد هذا المذهب ما ورد من َش َذرات مبِي ٍ
نة في صل "القطع"، ٍ
ُ َ ُ الخ ْ
بأصل ،واّنما أص ُل َ
عم ،و ِمن ذلك:الز ِ
بي عن هذا ّ العر ِّ
صالً :قطعه. يخصله َخ ْ
ُ صلهَخ َ -
البعير :قطع له ذلك.
َ خصَّل -
يوف ِ
وغيرها. المخصل القطّاع من الس ِ المنجل ،و ِالمخصالِ : ِ -
ّ
خص َل ال ّشيء جعله ِقطَعاً.
ّ -
85
أغصانه وش ّذبته.
َ جر إذا قطّعت
خصلت ال ّش َّ -
احد يد ّل على القط ِع
الصاد والالّم أص ٌل و ٌ ِ ٍ
الخاء و ّ
فارس في مقاييسهُ " : ابن
-قال ُ
ِ ِ 1 ِ
الخصل وصاحب اللّ ِ
سان" :وأص ُل ُ ِ
األثير ابن
والقطعة من ال ّشيء"( ) ،وقال ُ
القطعُ"(.)2
قف
أن أ َ اقع في قولِنا " َ طوِر ّ ِ
صلة" ْالخ ْ اللي الو ِ
الد ِّ ويبقى حقّاً عل ّي استكماالً الستشراف التّ ّ
اللي،
الد ِّ ِ
األصل ّ يدور في َفلَ ِك تقدم ِمن ٍ
بيان ُ ثم مستأنساً فيما ّ
أن ّ
أحسب ّ
بيان ،و ُ
عندها بالتّ ِ
جلية والتّ ِ
ٍ
غصن من قطع ،وقد أُطلق على ك ّل وكأنها قطعةٌ ِمن ٍ
عر لفيفةٌ مجتمعةٌ منهّ ، فالخصلةُ من ال ّش ِ
ُ
طياتِها معنى القطع الخلق" فتحم ُل في ّمضمارها " ُ
ُ الخصلة التي أما َجر ُخصلةّ ، أغصان ال ّش ِ
ِ
صلة ِمن مجموٍع ،وقد جاء ٍ
ب ،وك ّل ُشعبة "قطعة" أو َخ ْ ِ
اإلنسان ُش َع ٌ فكأن أخالق
ومجازاّ ، ً تشبيهًا
ق "...والمعنى :شعبةٌ وجزٌء وحالةٌ ِمن صلةٌ ِمن ّ
النفا ِ ِ
في الحديث ال ّشريفَ " :من كانت فيه َخ ْ
ِ
ِ
المجاز(،)4 الرذيلةُ ِمن
صلة" التي هي الفضيلةُ أو ّ ي "ال َخ ْ حاالت َِه( ) ،وقد جعل ّ
الزمخشر ّ
3 ِ
ٍ
منظور، أساسه حقيقةٌ عند ِ
ابن ِ ي فيالزمخشر ّ المجاز الذي أثبته ّ
َ أن هذا
والمفارقةُ اللّطيفةُ ههنا ّ
مؤخ َرها
مادتَه ّ
ي ّ الزمخشر ُّ
األصلي ،وبه اختتم ّ
ّ مقد َمها على المعنىمادتَه ّ
األخير ّ
ُ وبه استفتح
ِ
األصل. باعتبارها مجا اًز لِقُ ْدمة
ِ
ال َخ ْوض:
المجرِد ،فقد كان
َّ المعنوي
ِّ ِ
المحسوس إلى المادي
ِّ احت في ِداللتِها عن وهذه كلمةٌ متقادمةٌ انز ْ
وتخوضه: يخوضه خوضاً وخياضاً الماء الماء ،فيقا ُل :خاض ِ ِ
خوض وض مقصو اًر على
ّ ُ َ الخ ُ
َ
دابتي، ِ
أخضت في الماء ّ ُ وركبانا ،و
ً اس فيه مشاةً مشى فيه ،والموضعَُ :مخاضةٌ ،وهي ما جاز ا ّلن ُ
العبور َِ عليه(،)5
ِ عند
فيخاض َ يتخضخض ماؤه ُ
ُ الكبير :الموضعُ الذيِ هر المخاض ِمن ّ
الن ِ ُ و
ولكن ِ
الماء"، المشي في المحسوس؛ إذ هو " المادي مضماره ٍ
داللة تقدم ِمن
أن ما ّ
ّ ُ ُ ّ ُ وليس يخفى ّ
ي معنويٍّ ،وقد آخر مجاز ٍّ ِ ِ انتقلت ِمن ذلكم ِ
المعرِج على أمثلته آنفاً إلى َ َّ ضمار الم ْ الداللةَ
هذه ّ
يز ،ومنه قولُه –تعالى" :-فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتّى الداللةُ الحادثةُ في التّنز ِ
يل العز ِ وردت ّ
ْ
86
ض في ِ
مال اهلل تعالى،)2("... متخو ٍ رب ِ ِ 1
َّ يوعدون"( ) ،وفي الحديث ال ّشريفّ " : يومهم الذي َ
ُيالقوا َ
ِ
األثير: ابن المجاز( ،)3وعن هذه ّ ِ ِ األخير ِمن ِ
الداللة قال ُ َ أساسه هذا ي في الزمخشر ّ
عد ّ وقد ّ
ْ
ف فيه"(،)4 باألمر والتّصر ِ
ِ ثم استُعمل في التّ ّلب ِ
س ِ الخ ِ
ّ المشي في الماء وتحري ُكهّ ،
ُ وض "أص ُل َ
جاءت داللةُ
ْ ِ
األمر ،وقد وض :اللَّْب ُس في
الخ ُ
الكذب والباط ُل ،و َ
ُ
ِ
الكالم :ما فيه وض من الخ ُ
و َ
فبيانه على المعنى المجازي؛ إذ إن المتعين :رب متصر ٍ المتقدِم ُ الحديث ال ّشر ِ
يف ِ ض في خو ِ
ّ َّ ّ ّ ّ ّ التّ ّ
غير وج ِهه كيف مال اهلل –تعالى -ال يرضاه اهلل ،وقيل :هو التّخليطُ في تحصيلِه من ِ في ِ
أمكن(.)5
دليس:
التّ ُ
س الذي هو الظُّلمة( ،)6وقد دليس مأخوٌذ ِمن َّ
الدلَ ِ أن التّ َ اهر إلى ّ الز ِ
ي في ّ يذهب ابن األنبار ُِّ
ترأحد وجوِهه -على َس ٍ الباب فجنح إلى ّأنه يد ّل –في ِ ِ الجامع ،لهذا قد فارس ِ
الع َ ٍ ابن
َ استجمع ُ
ِ
المدالسة: أن معنى " وظلمة( ،)7فنقول :دلس الظّ ِ
يدالس؛ أي ال يخادعُ ،والذي يبدو ّ
ُ وفالن ال
ٌ الم، ُ
األصلي ،وهو الظّلمةُ ،فأصبحنا نسمعُ بالتّ ِ
دليس في البي ِع ِّ ِ
متطوٌر من ذاك المخادعةُ" ما هو إالّ
ّ
عيب الس ِ ِ ِ
عند ِ
ابن لعة عن المشتري ،وهو َ كتمان ِ ُّ البيع فهو
دليس في ِ أما التّ ُ والحديث ال ّشريفّ .
ِ
الحديث دليس في ٍ 8
إبانة عن عيبِهّ ، غير ٍ فارس بيعٌ من ِ ٍ
أما التّ ُ
فكأنه خادعه وأتاه به في ظالم( )ّ ،
أن المدلِّ َس ال ُي َقبل حديثُه ،وهو الذي ال األصل ،وصفوةُ ِ ِ يف فليس ٍ ال ّشر ِ
القول فيه ّ ببعيد عن هذا
حدثه ليوِه َم ّأنه سمعه ِمنه ،وقد جعل ممن ّويذكر من هو أعلى ّ ُ يذكر في حديثِه َمن سمعه ِمنه، ُ
ِ
ي ّإنه مأخوٌذ من ِّ ِ
باب المجاز( ) ،وقد قال في وصف المدل ِ
س األزهر ُّ 9 ي هذا المعنى في ِ الزمخشر ّ ّ
األكبر ،وقد كان رآه إالّ ّأنه سمع ما أسنده إليه ِمن
ِ يخ
ث عن ال ّش ِ ِّ
المحد ُ ث حد َأن ُي ِّ ِ
الظّلمة ،وهو ْ
غيره ِمن دونِه(.)10 ِ
87
الدماثة:
ّ
الرسول –صلّى اهلل عليه ِ
الخلق لطيفُه ،وقد ورد في صفة ّ سبغ على َمن هو سه ُل ُ وصف ُي َ
ٌ
ٍ
بأصل أن هذا ليس 1 ٍ الخل ِ
الحق ّ
سهولة( ) ،و ّ ق في دمث ليس بالجافي ،والمعنى ّأنه ّلي ُن ُ وسلّم– ّأنه ٌ
الرم ُل الذي األصل هو " َّ ِ
الرخوة ،و ّ
السهلةُ ِّ
األرض ّ ُ الد ْمث" ،وهو َ إن
اللي؛ إذ ّ
الد ِّ االستعمال ّ في
يف ّأنه "مال إلىحديث شر ٍ
ٍ رمل ،وفيالمكان اللّّين ذو ٍ ي: ليس بمتلبٍد( ،)2و َّ ِ
ُ الدمث عند الجوهر ّ ّ
تطوًار
أن ّاهر ّ البول ،والظّ ُ
رشاش َ
ُ األرض فبال فيه" ،واّنما فعل ذاك لئالّ ير َّ
تد عليه ِ دم ٍث ِمن
ْ
(األرض ِ
المحسوس ي
الماد ِّ
ّ الد ِ
اللة على ِ
ضمار ّ االستعمال ِمن ِم
ِ ِ
بانتقال هذا داللياً وقع فأذن
ّ
الخلق) ،وقد
المجرد(سهولة ُ المعنوي الد ِ
اللة على ِ
مضمار ّ الرمل الذي ليس بمتلبِّد) إلى
ِّ ِّ السهلة و ّ
ّ
نسب إلى ٍ ِ
أخر تُ َ
وعرج على استعماالت َ مجازاّ ،
ً األخير
َ االنتقال ،فجعل ي إلى هذا الزمخشر ُّ
تنبه ّّ
ِ
المجاز. باب
الباب؛ أعني َهذا ِ
الد َّمل:
فاؤل في تغي ِر ِد ِ
الالت النفسي والتّ ِ ِ
الجانب أثر ر ِ
عاية الد ّم ِل إلماحةٌ إلى ِ ِ
داللة ّ تطوِر
ّ ِّ وفي ّ
احد دماميل القُرو ِح ،وهو فالد ّم ُل و ُ
العربّ ،ِ مستفيض في ِ
كالم ٌ األلفاظ ،وهذا نمطٌ ِمن التّ ِ
عبير ِ
التحم وتماثل ،والمفارقةُ اللّطيفةُ ّأنه قد َي ِرد ولكننا نقو ُل :اندمل الجرحِ َ ،
ودمل إذا برئ و َ ُ الخ َراجّ ، ُ
رجيع ِمن ٍ أن هذه الكلمةَ اجتمع فيها نقيضان ،ولع ّل هذا يفضي إلى يظن ّ ارد على المرِء إذ ّ و ٌ
فاد ر ِ
عاية ماثل؟ لع ّل استر َاالندمال والتّ ِ
ِ بالبرِء و مقترٌن بالقر ِ
آلد ّم ُل ِ
دب ِرّ : التّ ْس ِ
الخراج ،أم ُ حة و ُ آل والتّ ّ
االندمال ما هي ،فهذا ِ البرء و فسي يؤِذن برف ِع هذه ال ّش ِ ِ
ألنها إلى ُبهة ،فقد قيل له " ُد َّمل" ّ الن ِّ ُ ْ الجانب ّ
فر ذاهبةً الس ِ ِ ِ ِ
االندمال( ،)3ومث ُل هذا باب التّ ِ إذاً من ِ
للرفقة في ّ المخوض فيه قولُنا ّ الح و
بالص ِ
ّ فاؤل
كالقفول ،ومثل تَْينِ َ
َ ييس َر اهلل لها
بأن ّ فاؤل ْ باب التّ ِكانت أو راجعةً قافلة ،وهذا ّإنما هو من ِ
ِ ِ
قاطعها
ُ ينجو
بأن َ الم ْهلَكة مفازةٌ تفاؤالً ْ
وللصحراء و َ ّ ليم، الد ّم ِل والقافلة ،قولُهم للّديغ ّ
الس ُ الكلمتين؛ ّ
ِ
باجتيازها(.)4 الفوز
ليكون حظّه َ َ ِمن مجاهلِها
( )1انظر :ابن األثير ،النهاية ،132/2 ،وابن منظور ،اللسان ،مادة "دمث".
( )2انظر :الزمخشري ،الفائق ،438/1 ،وابن األثير ،النهاية ،132/2 ،وابن منظور ،اللسان ،مادة "دمث".
( )3انظر :ابن منظور ،اللسان ،مادة "دمل".
( )4انظر بعض هذه األمثلة عند السيوطي ،المزهر.393/1 ،
88
داهنة:
الم َ
ُ
ليين في ِ
الكالم والتّ ِ المصانعة والمقار ِ
بة في المواربة و ِ ِ
ُ َ يقترب من معنى ُ ُ وللمداهنة معنى
هن ِ
داللة ُّ
الد ِ يج على ِ ِ أصلِ ، ٍ القول َِ( ) ،ولع ّل هذه ّ
1 ِ
القول التّعر ُ فضول فمن الداللةَ فرعٌ عن
ي إلى الماد ِّ الد ِ
اللة على ِ
ضمار ّ طوِر هو االنتقا ُل ِمن ِم الد ِ
و ِّ
ّ شكل هذا التّ ّ
َ أن
يظهر ُّ هان ،والذي
ِ
المجاز، بيانه ِمن
المتقدِم ُ
ّ ي المداهنةَ بالمعنى الزمخشر ُّنوي ،وقد جعل ّ الداللة على المع ّ
مضمار ّ ِ ِ
ٍ
حركات بأعذار أو أقو ٍ
ال أو ٍ فيتمس ُح المالينةَ والمقاربةَ، وحق له ذلك(،)2
ّ يتصنعُ ُ
ّ وكأن فاعلَها
ّ ّ
ذميم ممجوٌج، ِ ِ تو ِمئ بلطافتِه
خلق ٌ ظهر ،وهذا ٌ خالف ما ُي ُ َ يضمر
ُ قد
مأخذه ،وهو بذاك ْ وسهولة
سحب على ِ الفلسطيني ِة
مأثور لفظه هو"َ :ي ُ ُ اصطالحي
ٌّ تعبير
ٌ ّ عامّيتنا
أن مرادفَه في ّ أحسب ّ
و ُ
الناعم".
ّ
الذ ّرّية:
ليست مهموزةً ،وا ْن
ْ بالهمز ِمن "ذرأ" ،وقيل
ِ أصل ال ّذ ّرّي ِة ،فقيل هي
ِ القول على وقد تباين وجهُ ِ
نثره على فمادتُها المؤلِّفةُ "ذرر" ،وجماعُ معناها األخ ُذ بأطر ِ غير مهمو ٍزة ّ
ثم ُ
األصابع ّ
ِ اف كانت َ ْ
اإلنسان من ٍ
ذكر ِ ِ
لنسل 3 ال ّش ِ
اسم جامعٌ
أما ال ّذ ّرّيةُ فهي ٌ
اء إذا نثرتُه( )ّ ،
الدو َ
الحب و ّ
ّ وذررت
ُ يء،
غير مهموزٍة( ،)4وقد اختُلِف في نسبتِها تشع إالّ َ
فلم ْ ولكنهم خفّفوه ْ الهمزّ ،
ُ إن أصلَه
وأنثى ،وقيل ّ
األصل مأخوٌذ من قولِنا: إن ِ
َ الصغار ،وقيل ّالنم ُل ّ ومأخذها ،فقيل ّإنها منسوبةٌ إلى ال ّذ ّر الذي هو ّ
أن اهلل
يق؛ ذلك ّالمتقادم التّفر َ يكون األص ُل
ُ األرض ،والمعنى َن َش َرهم ،وعلى هذا ِ الخلق في
َ ذر اهللُ
ّ
ُ
5
ِ
األرض( ). ذرهم في–تعالىّ -
َّ
الذكاء:
ِ
القول بدهي
ِّ القدماء ،ولع ّل ِمن
ُ داللي هيئتُه انتقا ٌل التفت إليه
ّ تطوٌر
وقد اعترى هذه الكلمةَ ّ
بأصل فيٍ أن هذا المعنى ليس فت للخاطر ّ وحدةَ الفؤ ِاد ،والالّ ُ
ادف الفطنةَ ّأن ال ّذكاء ير ُ
اإلشارةَ إلى ّ
اللة ِمن
الد ِ ِ
انتقال هذه ّ ناموس الم ِ
جاز إلى ُ يقترن ،وقد أفضى ُ بالن ِار
آخر ّ
ق من َ
اللّغة؛ إذ ّإنه متخلِّ ٌ ِ
الن ُار ِ
العرب" :قد َذ َكت ّ ي -مستقى ِمن ِ
قول ابن األنبار ّ
يقرره ُ ٍ ٍ
مضمار ،فاألص ُل –كما ّ مضمار إلى
89
النار( ،)2وقد وقودها"( ) ،و ِمنه قيلٌ :
1
هج ّ شدة َو ِ كاءّ : اشتعلت ،وال ّذ ُ
ْ لهبها و
اشتد ُ
ذكيةٌ إذا ّ نار ّ تم ُ إذا ّ
ِ مس ُذكاء ّ ِ
جب حقًّا ّ قيل لل ّش ِ
3
أساسه قد جعل قولَنا: ي في الزمخشر ّ أن ّ الم ْع ُ
ضوئها( ) ،و ُ ألنه من َ
الدا ّل على التّوقِّد
المتقادم ّ
َ األصل
َ المجاز( ،)4ولعلّه بهذا استرفد ِ ينتسب إلى
ُ مما
ذكاء" ٌّ "فيه
كي بالمتوقِّد ،بل ُ ِ ِ
ننعت
ُ ننعت الفَط َن ال ّذ ّ المخوض فيه ّأننا ما زلنا
َ يسند هذا
ومما ُ الن ِارّ ،اشتعال ّ و
ِ نفسه بالتّوقِّد ،فنقولٌ :
ملمحا
ً ثم يظهر من هذا كلِّه ّ
أن ّ ُ وذكاء متوقّ ٌد ،والذي
ٌ فالن متوقّ ٌد، كاء َال ّذ َ
الن ِار في ِ
اشتعال ّ مام؛ ِ
تمام دال على التّوقِّد والتّ ِالحادث؛ فكالهما ٌّ ِ ِ
المتقادم و جامعا بين ال ّذ ِ
كاء ً
ِ
الحادث. وحد ِة الفؤ ِاد في المعنى ِ
الفطنة ّ المتقادم ،وتم ِام
ِ المعنى
َّ
الذ ْوق:
المجرِد ،فال ّذ ُ
وق ّ المعنوي
ِّ ِ
المحسوس إلى المادي
ّ ِ
مضمار فانتقلت ِمن
ْ رت داللتُهتطو ْ
مما ّ وهذا ّ
الفم( ،)5وأراني ألفي هذا وبغير ِِ وق يكون ِ
بالفم إن ال ّذ َ و َّ
ُ ابي ّ
ابن األعر ّ عم،وقد قال ُ ذاق الطّ ُ
الم ُ اق و َالذو ُ
يستقيم في ال ّذهن المتقادم فليس ذلك كذلك؛ إذ ّإنه ِ ِ
األصل ِ
باعتبار أما ِ ِ
ُ باعتبار الحالّ ، صحيحاً
الفم ،وصار لدينا ُخلُق بغير ِ رت ،فصار ِ وتطو ْ الداللةُ
انتقلت هذه ّ ثم ِ
ّ ْ أن يقال ّإنه كان بالفم ّأوالًّ ، ْ
البالغي ِة ،وقد
ّ
ِ
المصطلحات ينتسب إلىُ أسه وق ،ولعلّه مما َغدا مصطلحاً قائماً بر ِ
ّ الذ ُ حميد اسمه َّ
ٌ ُ
عر إذاق لل ّش ِ حسن ال ّذو ِ ُ ذقت فالناً ووزنتُه وكلتُه ،وهو ي قولُهمُ : الزمخشر ِّ عند ّ ِ
المجاز َ جاء في ِ
باب
لما رأى حمزةَ الساب ِ ِ ِ 6
سفيان ّ
َ ي قو ُل أبي ق بالمعنى المجاز ِّ ومما ورد من كالم ّ كان مطبوعاً عليه( )ّ ،
ِ
ولطف وي ِة ٍ ِ ِ
الر ّ بكثير من ّ األثير ابن
طعم مخالفتك لنا ،وقد التفت ُ مقتوالًُ " :ذ ْق ُعقَق"؛ أي ُذ ْق َ
الكلمة في ذلكم ِ المعنوي في هذه ِّ ِ
مضمار المادي إلى ِ
مضمار اللة ِمن
الد ِ ِ
انتقال ّ ِ
ملحظ ظر إلى الن ِّ
ّ
مما يتعلّق ق – وهو ّ أن ُيستعمل ال ّذ ْو ُ ِ
المجاز ْ سفيان ،فقال" :وهذا ِمن َ ق كالم أبي ق؛ سيا ِ السيا ِ
ّ
وبال ِ
أمرهم" يم ،وقوله" :فذاقوا َ باألجسام– في المعاني ،كقولِه –تعالىْ " :- ِ
ذق ّإنك أنت العز ُيز الكر ُ
"(.)7
الرسوب:
90
ِ
الماء ُس ْفالً، هاب في ق والالّح ِ الساب ِ جلي بين الر ِ
ق ،فاألص ُل فيه ال ّذ ُ عند ّ سوب َ ّ وثَّم َمشبهٌ ٌّ
سوبا :ذهب فيه ُس ْفال( ) ،وقد استُ ْع ِملت هذه الكلمةُ استعماالً ِ
1
يء في الماء ُر ً فنقو ُلَ :ر َسب ال ّش ُ
سيف
الوليد –رضي اهلل عنه– ٌ ِ بن ِ
ولخالد ِ سوب إذا كان يغيب في الضر ِ
يبة، سيف َر ٌ مجازيًّا فقيلٌ :
ّ ُ
عرجالمجاز الذي ِّ المتقدم كلُّه ِمن
ّ ثابت ،وهذا
اسب ٌ ورسبت عيناه :غارتا ،وحب ٌل ر ٌ ْ سبا، ِ
سماه م ْر ً
ّ
ِ 2
زماننا ألضاف مقترن بالماء( ) ،ولو ّأنه أدرك َ ٌ سوب في أصلِه الر َ
بأن ُّ ًّ
معتدا ّ ي،
الزمخشر ّ عليه ّ
غدت
ْ ات التيقائمة تلكم المجاز ِ
ِ ِ
االنتخابات ،إلى ِ
االمتحان أو المعاصر :رسب في غوي
قولَنا اللّ َّ
َ
غوي المعاصر َب ْع ًدا. أساسه قَ ْبالً ،وفي إِْل ِفنا اللّ ِّ
مستحكما في ِ
ً
ِ أصالً
شوة:
الر َُ َِ ْ
َّ
ِ
الحاجة صلةٌ إلى ِ شيء ،وهي عند ِ ٍ ٍ
األثيرُ :و ْ ابن حاجة أو توصالً إلى
ّ ُج ْع ٌل يعطَى محاباةً
اللة ِمن
الد ِتحو ِل هذه ّ كيفيةُ ّاإلعجاب ،هو ّ ِ العجب ،بل على ِ الباعث على
ُ ِ
بالمصانعة( ،)3و
الد ِ
اللة قار في ّ الجامع ظ ّل مركو اًز ّاً االشتقاقي فإن المعنى ٍ ٍ
َ َّ مضمار ،وهذا إذ حدث ّ مضمار إلى
الد َلو :إذا جعل الرشاء" الذي هو الحب ُل ،فنقول :أرشى ّ فالرشوة مأخوذةٌ في أصلِها ِمن " ِّ ِ
الحادثةِّ ،
اليقطين :خيوطُه ،وقدِ ِ
الحنظل و شبيهْ " :أرِش َية"
وجه التّجوِز والتّ ِ
ّ
رسنا ،ومنه على ِ رشاء ،أي ً ً لها
المادي
ِّ اللة ِمن
الد ِ ِ
األمر هو انتقا ُل هذه ّ طيف في هذا 4
أغصانها( ) ،واللّ ُ ُ تامتد ْ
أ َْر َشت ال ّشجرةُ إذا ّ
فالرشوة –وهي اللة العر ّبي ِةِّ ،
الد ِ
األثر في ّ الفعل و ِ ِ ناموس ناف ُذ
ٌ
ِ
المشابهة ،وهذا ِ
لعالقة المعنوي
ِّ إلى
ِ
الماء كما بالرشاء(الحبل) الذي ُيتوصَّل به إلى ص ِّورت ِّ مستقبحةٌ لُ ِعن
أقطابها الثّالثة– ُ
ُ َ فعلةٌ
ِ 5 ِ
طوِر
إن األص َل–وهذا ال ينفي ملحظَ التّ ّ بالرشوِة إلى ما ُيطلَب من األشياء( ) .وقيل ّ ُيتوصَّل ِّ
أمه لتزقَّه( ،)6ولعلّني أسه إلى ِّ اللة البتّةَ -مستقى ِمن :أرشى الفرُخ إذا ّ
مد ر َ
الد ِ اقع في هذه ّ الو ِ
ِ
المتقادِم. االشتقاقي ،وا ٍ
بانة عن المعنى ِّ ِ
باألصل أغلّب المذهب األول لما فيه من لُ ْح ٍ
مة َ ّ ُ
ِ
المتقادِم؛ الحادث على قدموا المعنى
القدماء قد ّ المعجميين أن ِ
َ َ ّ للخاطر ثانيةً وثالثةً ّ فت
والالّ ُ
ي
الزمخشر ّ قدمه ّ ٍ
أصل ،وقد تجلّى هذا إ ْذ ّ أن كان فرًعا مستقى منبعد ْ
إذ ّإنه غدا أصالً عريضاً َ
غدت
ْ ِ
االستعمال ،فقد مجاز وما هو أص ٌل في
بون بين ما هو ٌ ِ
إقامة ٍ ِ
ملحظ أساسه ِ
القائم على في ِ
91
عنده في هذه ّ ِ
الداللة فهو تشبيهُ المجاز َ
ُ أما
مجاز فيها ،و ّ
َ مقد ًما ال
الرشوةُ أصالً عريضاً ّ
عنده ِّ
َ
ألفاظ العر ّبي ِة َّ
معمرةٌ كثير ِمن ِ
أن ًامرده إلى ّ
1 ِ
األرشية( ) ،ك ّل هذا ُّ يور البِطّيخ ب
وس ِ ِ ِ
أغصان الحنظل ُ
ِ ِ ٍ
المجاز قد يغدو حقيقةً ،والحقيقةَ قد تغدو
َ طوِر ،و ّ
أن متداولةٌ ،و ّأنها في حركة دائمة التّوثّب والتّ ّ
مجاز !.
ًا
الرفات:
الماد ِة
جماع معنى هذه َّ أن تخصيص ّ ِ
الداللة"؛ ذلك ّ ِ عارض "
ُ
ِ
الكلمة يتجلّى تطوِر هذه
وفي ّ
يء يرفُته ويرِفته فهو ر ٌ
فات؛ إذا كسره ودقّه ،ور ُّ ِ
2
فت ت ال ّش َق( ) ،فنقو ُلَ :رفَ َالد ّ
الكسر و ّ يلتقي على
ليطبخها( ،)3والمعنى الجامعُ لهذهَ كسرها
الجزور إذا ّ عظام َ
َ ت
ورفَ َ
وكس ْرتُهَ ،
يء إذا حطَ ْمتُه َ ال ّش َ
أن
اهر ّ
4
ولي( ) ،والظّ ُ
فت ٍّ احد يد ّل على ٍّ اء أص ٌل و ٌالفاء والتّ َ
الراء و َ أن ّ ابن فار ٍ
س ّ ِ
مقاييس ِ المادة في
ّ
المي ِت بعد ِ
جثمان ّ ق بما يبقى ِمن فات ّإنما هو متعلّ ٌالر َأن ّ
ِ
يقر في أذهانهم ّ اليوم ّ
َ أبناء العر ّبي ِة
َ
الحادث ّإنما هو أن هذا المعنى ِ ِ ِ تحلّلِه،
َ بمبالغ– ّ
ٍ ولست
أحسب – ُ المنثور ،و ُ الهباء كالعظم البالي
الت كثي ٍرة متنو ٍ
عة، كانت رحبةً تتّسع لم ْد َخ ٍ الرفات" ِ ِ ِ
ّ ُ ُ ْ أن دائرةَ داللة " ّ المتقادم؛ ذلك ّ شطر من المعنى ٌ
ِ
المتقادمة: عموم داللتِها ويشهد على هذا كلِّه؛ أعني ُ
َ
92
شيء ،كالفُ ِ
ٍ وبلِ َي ِمن ك ّل ِ
تات تكسر َ
فات ما ّ للرفات بعبارتِه" :و ّ
الر ُ القرطبي ّ
ِّ تفسير
ُ .3
ِ
ضاض"(.)1 الر والح ِ
طام و ُّ ُ
التَّْرميج :
السـ ِ
طور بعــد ـاد ّ
رميج :إفسـ ُ ـان :التّـ ُ ـزل أو اإلقالـ ِـة ،وقــد جــاء فــي اللّسـ ِ
دف للعـ ِ
ـطلح معاصـٌـر مـ ار ٌ
مصـ ٌ
أن ُيخطَّـأ هـذا ـح ْ فسد( ) ،ولـيس يص ّ
5
اب حتّى َ ونحوهُ ،يقال :رمج ما كتب بالتّر ِ
َّ ِ تسويتِها وكتابتِها بالتّر ِ
اب
المعني ــين القـ ـ ِ
ـديم ـمونها وجـ ــه ال ّشـ ـ ِ
به بـ ــين ـاطر مسـ ــاءلةٌ مض ـ ُ ِ ِ
َ ُ اللّفـ ـظُ بداللت ـ ـه الجدي ــدة ،وا ْن اسـ ــترعى الخ ـ َ
أن إســقاطَ هــذا اسـ ِـم العامـ ِـل وهِم ،وهــو ّ ـديث ،فــالجواب عــن هــذا حاضـ ٌـر عتيـ ٌـد ،ولعلّــه ِم ـن بـ ِ
ـاب التّـ ّ والحـ ِ
ِ ِ ِ ِ
العمل. َّدا في ديو ِ
ان يغدو مقي ً
اسمه لن َ ألن َ حاص ٌل بشطبِه أو إفساد الكتابة بعد تسويتهاّ ،
األرَملَة:
ْ
المساءلةُ األولى التي تَِرُد على ِ
داللي له أطو ٌار متعاقبةٌ ،و ُ
ٌّ تطوٌر
وقد وقع في هذه الكلمة ّ
يب -مأخوذةٌ ِمن ِ
الجذر في هذه الكلمة ،وهي–وال ر َ ِ تلم ُس معنىمضمارها ُّ
ُ
ِ
المقام الن ِ
فس في هذا ّ
ِ
الغموض؛ إ ْذ ال عالقةَ بين ِ
درجة أن هذه اإلبانةَ قد تَْرفعُ من المعروف ِمن التّر ِ
ِ الرْم ِل
الحق ّ
اب ،و ّ ّ
رجيع من التّ ِ
نقير ٍ اب ،ولع ّل هذا يفضي إلى مل الذي هو تر ٌ زوجها "األرملة" والر ِ َمن مات عنها ُ
ّ
الجامع:
ِ اللي
الد ِّ ِ
الوجه ّ ِ
لكشف والتّدقي ِ
ق
األول:
الطّور ّ
93
الم ْرِم َل الذي ِنفد ز ُاده ،وقد أَثبت هذا
أن ُ جوِز ّ
ٍ ِ ِ ِ
جاء في كالم العرب على وجه من التّ ّ
سول – ٍ
حديث للر ِ الداللةُ في
وردت هذه ّ ْ وقد 1
ِ
المجاز الزمخشريُّ( )ْ ، االستعمال في ِ
باب َ المعنى و
ّ
أصحابه كانوا معه في َغزٍاة فأرملوا وأنفضوا ،والمعنىِ :نفد َ أن
مفاده ّ
صلّى اهلل عليه وسلّم– ُ
للفقير التَِّرب"(.)2
ِ مل ،كما قيل كأنهم ِ
لصقوا بالر ِ ملّ " ،ز ُادهم ،وأصلُه ِمن الر ِ
ّ ّ
ور الثّاني:
الطّ ُ
فاألرملةُ األرَمل"، ِ ِ دنونا ِمن
ْ األرَملة" و" ْ
الجامع بين داللة " ْ
ِ اقتناص المعنى ولعلّنا َ
بعد أن ٍ
رجال أرملةٌ َ نساء ،أو ٍ
نساء دون رجال دون ٍ ٍ ٍ
ونساء ،أو ٍ
رجال جماعة ِمن
ٍ المحتاجةُُّ ،
وكل
رجل أو امرٍأة :أرملة ،واألرام ُل:
شيء من ٍ ٍ يقدر على ِ
للفقير الذي ال ُ يكونوا محتاجين ،ويقال
مثيل ،وهي، المساكين ،وليس يخفى أن تلكم المعاني المذكورةَ آنفًا متخلِّقةٌ ِمن ِ
جهة التّجوِز والتّ ِ
ّ َ ّ ُ
ٍ
متقادم. متطورةٌ عن معنى ٍ
وجهة أخرى، ِمن
ّ
ور الثّالث:
الطّ ُ
ماتت عنه زوجتُه ،فقيل:ْ وجها ،أومات عنها ز ُ ي على َمن َ الوصف المجاز ّ
ُ ثم أُسبِغ هذا
ّ
ِ
لذهاب اللة ُمْل ِمحاً إلى ّأنها ّإنما ُس ّميت بذلك
الد ِي عند هذه ّ ابن األنبار ّ
أرملت ،وقد وقف ُأرملةٌ ،و ْ
يِ -من قولِهم: ابن األنبار ّ ِ
مذهب ِ ومن كان عي ُشها صالحاً به ،وهو – في كاسبهاَ ،
َ
زِادهاِ ،
وفقدها
أن األرملةَ
ي ّ ابن األنبار ّ
ظاهر ِ
كالم ِ ِ ستشف ِمن
ّ الرج ُل إذا ذهب ز ُادهم( ،)3والذي ُي
القوم و ّ
ُ أرمل
َ
زوجها،
سب َغ على َمن يستأهلُهاّ ،أولُهماَ :من مات عنها ُ
دالليان حتّى تُ َ
محددان ّيجب أن يكتنفَها ِّ
ُ
ي
الزمخشر ُّ باب ا ِ
لمجاز ّ اللي في ِ
الد ِّ ِ
الملحظ ّ عرج على هذا وقد ّ
الفقر "اإلرمال"ْ ،
وثانيهما :الحاجةُ و ُ
لت ِمن ِ
زوجها ،وال يكون إالّ ورَم ْ ِ افدا ِمن
مالمح داللة "األرملة" فقال" :أرملت المرأةُ َ
ِ لمحا ر ً
فجعله َم ً
ِ
الحاجة"(.)4 مع
الرابع:
ور ّالطّ ُ
متقادما
ً االشتقاقي،
ِّ ِ
األصل ِ
اعتبار بالنظر إلى
ق قد يبدو أصيالً ّ تقدم ِمن تدقي ٍ
أن ما ّالحق ّ
و ّ
بمن مات عنها ِ ٍ آخر ِمن ِّ
نت في يومنا هذا َ األرملة قد اقتر ْ إن داللةَ
وصفية؛ إذ ّ
ّ وجهة متخلقًا عنه ُ
األخير قد ورد في
َ طوَر
أن هذا التّ ّ تحديد داللتِها ،و ّ
الحق ّ
ِ العسر في لليسر أو ُفعل ُ
زوجها ،وال َ ُ
94
غنيين
وجها سواء كانا ّ ِ
ماتت زوجتُه ،واألرملةُ التي مات ز ُ
ْ بي ،فقيل" :واألرم ُل الذي المعجم العر ِّ
الحقيقي الرْم ِل ٍ ِ ِ 1
ّ يخ العر ّبية وسيرةُ حياة ،فمن ّقصةٌ في تار ِ
فقيرين"( ) ،وهكذا كان لهذه الكلمة ّ أو َ
فغدت قصيرةَ زوجها
الفقر والحاجةَ ،إلى َمن مات عنها ُ ِ
ْ ي الذي يعني َ اإلرمال المجاز ّ الماديِّ ،إلى
وتعميمها – ِمن وجهة ِ الجنسين ،ال ّذ ِ
كر واألنثى، َ
ِ
الداللة على ِ
تعميم هذه ِ
اليد سائلةً ُم ْرِملَةً ،إلى
ِ
األخير قد ِ
االستعمال أن ِداللةَ "األرملة" في هذا
الفقر والغنى ،وليس يخفى ّ أخرى– على حالي ِ
وغنى.يسار ِ
أحدهما وهو ذو ٍ الفقر ،فقد تُسبغ على ِ ِ
الحاجة و ِ ملمحي ْ ِ
َ غدت خلواً من َ
الرّمة:
األمر بُِرَّمته" ،ومعناه :نظر فيه
ِ معمٌر وهو" :نظر في
عتيق َّ أسلوبي تعبير ِ
ٌ ّ يشيعُ في العر ّبية ٌ
ولم ما
إصالح ما فسدُّ ،
ُ الرّم
جذرها "رمم" ،و َّ
الرّمة ُ
أن ُّشيئا ،وليس يخفى ّ يغادر ِمنه ً
ْ بجماعتِه ،فلم
عهده
رم إذا بعد ُ
أن ُي َّ
استرم ،أي حان له ْ ّ الد ُار تَُرّم ،والحائط
رم ،و ّ تفرق ،و ِمن ذلك الحب ُل يبلى ُ
في ّ ّ
أن
يظهر ّ
2 ِ
الحبل باليةٌ ،وقيل الحب ُل ُيقلّد البعير( ) ،والذي الرّمة :قطعةٌ منالرّمةُ و َّ
ق ،و ُّبالتّطبي ِ
ُ
قص ِة ِ
المأثور ،وقد قال في ّ ِ
القول الرّمة" بمعنى "جميع" في ذلك تطو اًر دالليًّا أفضى إلى ذيوِع " ّ
ّ
ي قولَين: وتطوِرها ُ
ابن األنبار ّ ّ الرّمة"
" ّ
األسير أو القات ُل إذا قيد إلى القَ َود؛ ذلك ّأنهم كانوا شد بها أن الرمة قطعةٌ ِمن ٍ
حبل ُي ّ
ُ ّأولُهماّ ّ ّ :
عمل فيالمشدود به ،ثم استُ ِ
ِ ِ
بالحبل برمتِه؛ أي
ّ قدموه ُلي ْقتَل قالوا :قد أخذناه ّ
األسير ،فإذا ّ
َ يشدون
ّ
تقدم ِمن ٍ
مثال. حو ما ّغير هذا على ن ِ
ِ
برمتِه؛
أخذت الجمل ّ
ُ الجمل أو ِ
عنقه فيقال: ِ شد في ِ
رجل ِ
الحبل ُي ّ أن أصلَه قطعةٌ ِمن
وثانيهما ّ
بعير ٍ
بحبل آخر ًا ي في هذا ِ ِ
المشدود به( .)3وذهب الجوهر ُّ ِ
أن رجالً دفع إلى َ
القول إلى ّ بالحبل أي
يخاطب شيئا بجملتِه ،وقد ورد هذا المعنى في ِ
كالم األعشى وهو في ِ
عنقه ،فقيل لك ّل َمن دفع ً
ُ
ار:
خم ًا
ّ
حبل َِ م ْق ِ
تاد َِها بأدماء في ِ فقلت له :هذه ِ
هات َِها ُ
ُ َ
95
بحبل في ِ
عنقه فقيل ذلك ،وقد جعل بعير ٍأن رجالً باع ًا
أن أصلَه ّي إلى ّ الزمخشر ّ
وقد ذهب ّ
عد
مما ُي ّ ِّ المجاز( ،)1وأحسب ّأنه في يو ِمنا هذا أو ذاك
ِ ي هذا التّعبير في ِ
المتقدم ّ باب َ الزمخشر ّ ّ
الع ُمر.
ميتاً قد تطاول عليه ُ
مجا اًز ّ
الز ْخ ُرف:
أن ِ
محكم ِ ِ يين والتّزوي ِ
تقترن بالتّز ِ الز ِ
ابن سيده ّ اإلكمال ،فقد ورد في قو ُ خرف أن داللةَ ّ
معلوم ّ
ٌ
ومزوٍر به"( )،
3
مموٍه
كل َّ سمي ك ّل ز ٍ
ينة ُزخرفًا ،ثم ُشبِّه ُّ "ثم ِّ
2 األصل في ُّ ِ
َّ ّ هب( )ّ ، الزخرف ال ّذ َّ ََ ُ َ
وردت هذه الكلمةُ يكتنفُها المعنى يء( ،)4وقدحسن ال ّش ِِ هب وكما ُل ِ واألص ُل عند ِ
ْ األثير ال ّذ ُ ابن
نقوش
ٌ خرف ههنا
الز ُ فن ّحي" ،و ُّ
بالزخرف ُ"إنه لم يدخل الكعبةَ حتّى أمر ُّ ِ
الحديثّ : المتقادم في
ُ
الرسو ُل الكريم – صلّى اهلل عليه وسلّم- كانت قد ُزّينت بها الكعبةُ ،وقد أمر ّ ْ وتصاوير بال ّذهب
ُ
الحق – ق جليًّا في ِ
قول الساب ِ ت( ) ،ويظهر أثر استشر ِ
اف التّ ِ 5
فح َّك ْ
ّ نص ّ اللي في تلقّي ّ الد ِّ
طور ّ ُ ُ بها ُ
ق( ،)7وقد ذهب إلى مزو ٍ
ذهب َّ زخرف"( ،)6والمعنىِ :من ٍ ٍ بيت ِمن
يكون لك ٌ اسمه" :-أو
َ تقدس ُ ّ
كانت هذه الكلمةُ تستَعم ُل غويين( .)8وكما ِ ِ
ْ المفسرين واللّ ّ
الصحابة والتّابعين و ّ هذا المعنى ثلّةٌ من ّ
كالم ِ للد ِ الد ِ ِ
فغدونا نقو ُلٌ : المعنويَ ،
ّ مضمار اللة على انتقلت ّ
ْ الماديِّ ،فقد
اللة على ّ مضمار ّ في
قو ِ
البيان. مزوقًا يرقى في معارِج التّ ّأن ِ
القول ،إذا كان َّ وزخرف ِ
ُ ف، مزخر ٌ
َ
تزمت:
الم ِّ
ُ
اللي ،فقد جاء
الد ُّ
طوُر ّ الساب ِ وللمتزم ِت في ِ
كالم الالّح ِ
وباعث ذلك التّ ّ
ُ ق، ق معنى ليس عند ّ ِّ
ِّميت( ،)9أو الس ِّ
ِّكيت اكن القلي ُل الكالم ،كالص ِّ الزِم َ
يت و ِّ أن َّ ِ
الس ُالحليم ّ
ُ الزِّميت بي ّ
المعجم العر ِّ في
ِ
مجلسه ،و ِمنه ما يت إذا توقّر في تزمتَه ،ورج ٌل َزِم ٌ
يت ِ
وزِّم ٌ
10
أشد ّ
ت ،وما ّ متزم ٌ
( ) ،وقد قيل رج ٌل ِّ
96
ِ
المجلس" ،والمعنى وسلّمّ " -أنه كان ِمن أزمتِهم في سول الكر ِيم –صلّى اهلل عليه ّ
ِ
صفة الر ِ ورد في
ِ
الحادثة ِ
الداللة تفترق عن
ُ الداللةَ المتقادمةَ
أن هذه ّ يظهر المتعينِ :من أرزنِهم و ِ
أوقرهم( ،)1والذي
ّ ُ ّ
الهامشيةُ فذلك ّأنها تكتسي
ّ أما
الهامشيةُّ .
ّ الداللةُ ِمن جهتَينّ :أولُها ّ
الداللةُ المركزّيةُ ،وثانيهما
ّ
ممن ينتسبون ٍ ٍ هامشي ٍة ٍ
المتزمت" ّ
الموسوم بها " ِّ
َ صاحبها
َ أن
سلبية تد ّل على ّ وظالل ّ ّ بمعان اليوم
َ
صِم ّ ِ
الداللةَ "المتزمت" النصوص وحروِفهاّ ،
ولكن هذه ّ متشددين الذين يستمسكون بع َ الغالة وال ّإلى ُ
تقدم
نة ،ولع ّل ما ّيحاءات هامشي ٍة مستحس ٍ
ٍ ٍ
بظالل وا ق يكتسي داللي مشر ٍ ذات ٍ
وجه ق ُ الساب ِ
َ ّ ٍّ عند ّ
يسند هذا. ِ
المعالجة ُ في ُمفتَتَ ِح هذه
ظاهر
ًا ياحا
احت انز ًالداللةَ قد انز ْ أن هذه ّ اللة المركزّي ِة ّ
فمرده إلى ّ
الد ِ
اق الواقعُ في ّ أما االفتر ُ
ّ
الوقور ،وفي كالم الساجي األو ِل الساب ِ ِ ِ في ِ
كالم الالّح ِ
ُ الحليم ّ
ُ ق ،فعند ّ ق عن داللتها في كالم ّ
ق،ق والالّح ِالساب ِ
الداللتين؛ أعني داللةَ ّ المتشد ُد المغالي الجافي ،ولع ّل وجهَ االلتقاء بين ّ ّ الالّح ِ
ق
ق يبقى على ٍ
حال ت في ِ
كالم الالّح ِ المتزم َ فكأن ذلك ِ كوت أو التّوقّ ِر فيمأخوٌذ من الس ِ
ِّ المجلسّ ، ّ
مادة
يعد ّفارس ال ّ ٍ ابن ِ و ٍ
أن َ طيف في هذا المبحث ّ يبرحها وال يرتضي لها بدالً ،واللّ ُ يكاد ُ احدة ال ُ
طقي ِة، الصو ِرة ّ
الن ّ أن إبداالً وقع فأفضى بها إلى هذه ّ
ِ
قائما برأسه؛ ذلك ّأنه يرى ّ "زمت" أصالً ً
ت(.)2
الص ْم ُ ِ ِ
الصاد ،واألص ُل هو ّ عنده مبدلةٌ من ّ اي َ فالز ُ
ّ
السبب:
ب و َّ
الس ّ
َّ
قرر ّأنه القَطعُ( ،)3وهو كذلك في فقد ّب"ْ ، الس ّ ِ
أصل " ّ مذهب في
ٌ البن در ٍيد في جمهرتِهِ
بالس ُّ
يقطعها ،وقيل ّ ُ ألنه العر ِ
اقيب ّ اب َ يسمى َسّب َيف َّ الس ُ
سباً :قطعه ،و ّ
سبه ّ
4
سان( ) ،فيقا ُلّ :اللّ ِ
اللة في سيرورِة العر ّبي ِة فيالد ِ ِ
رحلة هذه ّ يظهر ِمن
ُ الناقةَ إذا عقرها .والذي
سب ّ العقر ،فيقا ُلَّ :
ُ
تفرع عن ذلكم الد ِ
انتقلت ِمن ّ ِ زمانِها
المادي إلى المعنويِّ ،فقد ّ
ِّ اللة على ْ بالس ّ
أن ّ المتطاول ّ
َّ ٍ ذات ٍ ِ
تم ،وأصلُه –كما ب الذي هو الش ُ نسب حميم به ،و ِمن ذلك ّ
الس ّ دالليةٌ أخرى ُ األصل فروعٌ ّ
ابن ِ المادّي ِة و سانِ -من ذلك( ،)5وقد التمس المعنى صاحب اللّ ِ
المعنوية ُ
ّ الداللتَين ّ
الجامع بين ّ
َ ُ يرى
( )1انظر الحديث وما قيل فيه :الزمخشري ،الفائق ،137/3 ،وابن األثير ،النهاية ،311/2 ،وابن منظور،
اللسان ،مادة "زمت".
( )2انظر :ابن فارس ،المقاييس ،مادة "زمت".
( )3انظر :ابن دريد ،الجمهرة ،مادة "سبب".
( )4انظر :ابن منظور ،اللسان ،مادة "سبب".
( )5انظر :ابن منظور ،اللسان ،مادة "سبب".
97
وس ْب َسب إذا قطع َرِح َمه، 1 ِ
تم" ،وال قطيعةَ أقطعُ من ال ّشتم"( )َ ، ب ال ّش ُ
الس ّ
أن ّ
ِ
فارس من قبله ،فرأى ٍّ
المعنوي قو ُل ذي
ّ المادي ،وداللةُ الفَرع
ّ ِ
األصل الداللتان؛ ِداللةُ
ومما ورد فيه ّ باب التّقاطعُّ ،والتَّ ْس ُ
وي: ُّ ِ
الخ َرق الطهَ ّ
ب فس ْ بِأن س َّ ِ فما كان ذنب بني ٍ
غالم َ
ب منهم ٌ ْ ُ مالك ُ
كب تَ ِخ ّر بوائ ُكها ُّ
للر ْ اقيب ُك ٍ
وم طوال ال ّذرى عر َ
صب يقُطُّ بأبيض ذي ُشطَ ٍب ٍ
الع ْالعظام ويبري َ
َ َ باتر َ
2
سب" األخيرة فالمعنى" :عقر"( ). أما " َّ المتعين منه :شتم ،و ّ
ّ سب" فالمعنىأما قولُه " ّ ّ
السجال:
ِّ
ٍ
مضمار ٍ
مضمار إلى اللة ِمن
الد ِ ِ
انتقال ّ بين عن الس ِ
جال مثا ٌل ُم ٌ ِ
داللة ّ تطوِر ِ
وفي استشراف ّ
اء ،وقولُنا: لعالقة التّ ِ
شبيه والتّ ِ ِ
الد ُلو الضخمةُ المملوءةُ م ً
مفردها َس ْجل ،وهو ّ
ُ فالسجا ُل
ّ مثيل،
سحيم خمسا ،ثم بدا له وعقر غالب مئة .انظر قصة هذه األبيات في اللسان في مادة "سبب".
( )3انظر :ابن منظور ،اللسان ،مادة "سبب".
( )4انظر :اللسان ،ابن منظور ،مادة "سبب".
( )5انظر :ابن منظور ،اللسان ،مادة "سبب".
( )6انظر هذه األوصاف الداللية في اللسان ،مادة "سبب".
98
ويدال علينا تارةً ًَ أخرى( ،)1وأص ُل ِ ِ
مما ُذكر آنفًا ،والمعنى ّأننا ُندال تارةً ُ
"الحرب سجا ٌل" مأخوٌذ ّ
ُ
جل :باراه،
الر َ البئر يكون لك ّل و ٍ
بس ْجلَين ِمن ِ
و"ساجل ّ
َ احد منهما َسجل "دلو"، ُ المستقيين َ
َ أن
ذلك ّ
احد منهما ما في َسجلِهاالستقاء ،وقد قيل إن المساجلةَ أن يستقي ساقيان فيخرج ك ّل و ٍ
ُ َ َ ّ
ِ وأصلُه في
العرب مثالً للمفاخ ِرة"( ،)2وقد ذهب قر ًيبا
ُ نكل فقد ُغلب ،فضربتْه فأيهما َاآلخرّ ،
ُ مثل ما ُيخرج
َ
أن الد ِ
أن أصلَها في ِّ جعل المساجلةَ مرادفةً للمفاخرِةًّ ، ٍ ِ
مشير إلى ّ
ًا الء، عادا ّ لما َ فارس ّ ابن
من هذا ُ
شيء بعد امتالئِه(.)3
ٍ ِ
انصباب أصل و ٍ
احد يد ّل على مادة "سجل" تجتمع على ٍ
ُ ّ
فاسف األمور:
ُ سَ
يح
الر ُ المس ْف ِسفةَ و َّ
الس ْفسافةَ ّ أن ُ بي ّ ِ
المعجم العر ِّ الس ْفساف" ،وقد ورد في مفرده " َّ
َّفاسف جمعٌ ُ الس ُ
إن ِ ِ ساف ما ّ ِ ِ
تثيره ،وقيل ّ
الريح التي ُ المس ْفسفة ّ دق من التّراب ،و ُ الس ْف َ
أن َّ األرض ،و ّ فويق
َ التي تجري
ِ ق بالم ِ ِ
الدقي ِ ُ
4
ونحوه ،والذي يبدو نخل انتخال ّ فقد دلّت على الس ْفسفةُ ْ
أما َّ اب الهابي( )ّ ، ساف التّر ُ
الس ْف َ
َّ
ٍ
شيء، ديء ِمن ِّ
كل ِ ات ِمن سيرِة هذه رصد َش َذر ٍ
ِ
الر َ َّفساف ّ
مت ،فغدا الس ُ الكلمة ّأنها ُع ّم ْ عند
أن هذا 5
عر واألخال ِ ديء من ِّ
الش ِ اإلحكام ،والر ِ
ِ وكل ٍ لحقيرِّ ،كاألمر ا ِ
ِ
ق( ) ،وليس يخفى ّ ّ عمل دون
المادي والمعنويِّ، الليةُ التي تترّبعُ عليها رحبةً تشتم ُل على ِ ِ
ِّ الد ّالدائرةُ ّ
لتغدو ّ
َ الكلمة داللة تعميم في
ٌ
6 ق إذا ُن ِخل ،والتّر ِ
اب إذا أُثير"( ). الدقي ِ يطير من ِ
غبار ّ و"أصلُه ما ُ
الساعة:
ّ
كل منهما اثنتَينصيب ٍّ بع وعشرين ساعةً ،فإذا اعتدال كان هار َّ
موزعان على أر ٍ
ُ الن ُ
اللّي ُل و ّ
الساعةَ ،أي في الحاضر؛ وذلك نحو قولِنا :جاء ٌ ِ ِ
فالن ّ الوقت الساعةُ على
عشرة ساعةً ،وقد تد ّل ّ
متعددةٌ، الساعةُ ِ ِ ِ
ّ وردت فيها ّ ْ يمات التي
يات الكر ُ القيامة ،واآل ُ يوم
هذا الوقت المعلوم ،وقد تعني َ
تطوٌر ِ ِ ِ 7
القمر"( ) ،وفي استعمالنا لها بمعنى يوم القيامة ّ انشق ُالساعةُ و ّ
الحق" :اقتربت ّ
ّ ومنها قولُه
ٍ
ساعة اس في ِ
الن َ
ألنها تَ ْفجأ ّ
سميت بذلك ّالعباد ،وقد ِّ
ُ يصعق فيه
َ للوقت الذي اسم
داللي؛ ذلك ّأنها ٌ
ّ
( )1انظر هذه المعاني :الزمخشري ،األساس ،مادة "سجل" ،وابن األثير ،النهاية ،344/3 ،وابن منظور ،اللسان،
مادة "سجل".
( )2ابن منظور ،اللسان ،مادة "سجل".
( )3انظر :ابن فارس ،المقاييس ،مادة "سجل".
( )4انظر :ابن منظور ،اللسان ،مادة "سفف".
( )5انظر :ابن منظور ،اللسان ،مادة "سفف".
( )6ابن األثير ،النهاية ،374/2 ،وابن منظور ،اللسان ،مادة "سفف".
( )7اآلية( القمر.)1 ،
99
اثنين:لمعنيين َ ِ
األصل تُطلَق الساعةَ في 1 الخلق كلُّهم عند الص ِ
َ أن ّ الحق ّ
يحة األولى( ) ،و ّ ّ ُ وت
فيم ُ
أن بعة وعشرين جزءاً هي مجموعُ ِ أحدهما أن تكون عبارةً عن جزٍء من أر ٍ
اليوم واللّيلة ،وثانيهما ْ ْ
وينضاف إلى ما
ُ ِ
القيامة"(،)2 يل" ،ثم استُعير ِ
السم ِ
يوم النهار أو اللّ ِ تكون عبارةً عن جزٍء قليل من ّ
ّ
َّن، ٍ آخر تخلّق بتخلّ ِ
الوقت ويعي ُ
ُ ضبطُ
ي جديد ،وهو اآللةُ التي بها ُي َ ماد ٍّ
ق مرج ٍع ّ داللي ُ
ٌّ تطوٌر
تقدم ّ ّ
ِ
تعيين ئيس في بملحظ المجاورِة والتّعال ِِ
كم ر ٌ اء محتَ ٌ
الص ّم ُ
ق ،فاآللةُ ّ وفاء
فصرنا نقو ُل لها ساعةً ً
اللة علىالد ِ ِ
مضمار ّ داللي هيئتُه انتقا ٌل ِمن تطوٌر ِ ِ ِ
ٌّ الوقت "الساعة" على وجه اإلحكام ،وهذا ّ
اآللة ،و ِ
الوقت تترد ُد الساعةُ بين ِ الد ِ ِ
ي "اآللة" ،وهكذا ّ ّ الماد ِّ
اللة على ّ مضمار ّ المعنوي "الوقت" إلى
ِّ
بعة وعشرين جزًءا. الحاضر ،وجزٍء من أر ٍ
ِ
الش ّباك:
باك ،وهيالش َاص الذين يجلبون ِّ الساب ِ ك السابق ليس ك ُشب ِ
ق القُّن ُ عند ّ اك الالّحق؛ إذ ّإنه َ ّ و ُشّبا ُ ّ
جعل على ِ ِ ٍ للص ِيد ،وقد تعني َ
المشبَّكة التي تُ َ اسما "لك ّل شيء كالقصب ُ أيضا ًعنده ً صايد ّ الم َُ
الشّباك ما وضع ِمن ِ
الحديد ،و ُّ الم َشبَّكةُ ِمن ُّ
البواري ،والشّباكةُ واحدةُ ال ّشبابيك ،وهي ُ
ِ
صنعة َ
الملمح للن ِ
افذة ،ولع ّل يكون مرادفًا ّ فيكاد اليوم ُّ 3 ِ ِ ِ
َ ُ ُ أما الشّباك َ البواري"( )ّ ، ونحوه على صنعة َ القصب
تداخل ال ّش ِ
ِ الد ُّ اك الالّح ِ ق وشب ِ ِ
يء (،)4 ال على ق هو األص ُل الجامعُ ّ الساب ِ ّ الجامع بين ُشّباك َّ
الد ِ
اللة تطوِر هذه ّ ٍ ٍ ٍ يكون مؤتلِفاً ِمن
طيف في ّ متشابك ،واللّ ُ مختلط حديد ُ وكذلك هيئةُ ال ّشّباك ،فقد
حديده وال مختلطٌ، اك شبا ًكا وهو غير م َشب ٍ
َّك ِ
ُ ُ ُ نسمي ال ّشّب َ ّ
تقدم– ّأننا في يومنا هذا قد ّ عما ّ – فضالً ّ
يكون نافذةً فقط.
وعندها ُ
َّ
الش ّحاذ:
أن فيها ِ عامّياتِنا المعاصرِة في بال ِد ال ّش ِام ّ
بالد ِ
أحسب ّ
ال المهملة ،و ُ تشيعُ هذه الكلمةُ في ّ
يف أصوالً عتيقةً؛ إذ كان العو ُّام فيها يخطئون فيقولونها تحريفًا أو تصحيفًا ،ويبدو أن لهذا التّحر ِ
ّ
ِ
العرض ِّن من هذا
المقصد المتعي ُ
ُ
5
ي( ) ،وابن الجوز ّاليقي و ُ
ي والجو ُّ بالثّاء ،وقد شكا ِمن هذا الحرير ُّ
ال المعج ِ
مادة "شحذ" عند
مة ،وجماعُ معنى ّ تكون الكلمةُ بال ّذ ِ ُ ْ َ
َ أن
اآلكد ْ
بأن األوجهَ و َ ِّ
المتقدم التّقر ُير ّ
100
اللي الجامعُ بين الن ِ الحدةُ( ،)1ولع ّل ٍ ِ
الد ّ
مضماره الوجهُ ّ
ُ فسيقفز إلى ّ خاطر ُ
ًا فارس الخفّةُ و ّ ابن
عند ِ
ابن حاضر َ اب عن هذا تحديد و َّ ِ ال ّش ِ
ٌ الش ْحذ الذي هو مسألةٌ و ُك ْديةٌ ،والجو ُ ٌ حذ الذي هو
ِ ِ األنباري والحريري؛ ِ
أن
ومْلحف ،وليس يخفى ّ فالمل ُّح في المسألة ُمشبَّهٌ بهذا ،ويقال سائ ٌل ُملحٌُّ ،
ُ ّ ّ
وجهة أخرىِ ،من
ٍ حديد( ،)2وهوِ ،من
يف إذا ألح عليه بالتّ ِ
ّ الس َ
الرج ُل ّشح َذ ّ
ِ
هذا أصلُه مأخوٌذ منَ :
الزمخشريُّ(.)3
عرج عليه ّ ِ ِ
المجاز المتقادم الذي ّ
َّ
الشريعة:
ٍ
عجب األردن ال ّشريعةَ ِ
بكثير ّ فلسطين منطقةَ ِ
نهر َ الس ّن -تسميةَ ِ
أهل حديث ُّ ف ،وأنا كنت أتلقّ ُ
ُ
نظرت في أصولِها فألفيتُها ِمن الفصي ِح ُ لما
إعجابا ّ
ً ب قد استحال الع َج َ
أن هذا َ الحق ّاب ،و ّ واستغر ٍ
مما تتكلّ ُم به شيئاّ -أنها ّ الحق ًِّ أظن – والظّ ُّن ال يغني ِمن كنت ّ ألسنة العو ِّام ،وأنا ُِ ائر علىالس ِ
ّ
اس فيشربون ِمنها الن ُبة التي كان َي ْش َرُعها ّ المتقادم موِرُد ال ّشار ِ
َْ
ِ العامة ،فإذا ال ّشريعةُ في أصلِها ّ
روعا: ِ الدو ُّ 4
اب في الماء َش ْرًعا و ُش ً عت ّالماء بفيه ،وشر ْ َ ارد إذا تناول ويستقون( ) ،وقد قيلَ :ش َرع الو ُ
ألمحت إليها آنفًا كذلك، ُ الماء ِمنها ،والمنطقةُ التي ِ در إلى َّ
دخلت ،والشريعةُ :المواضعُ التي ُي ْن َح ُ ْ
الشر ِ اإلبل إذا ورد بها على َّ ور َِ َد ِ وقد جاء في الم ِ
يعة لم َهون السَّقي التَّشريعُ" ،وذلك ّ
ألن ُم ِ ثل :أ ُ َ َ
ورَد ِ 5 إسقاء الم ِ
ِ
أن تُ َ اإلبل هو ْ سقي
أن َ بعيدا"( ) ،وقيل معناه ّ يتعب إذا كان ً ُ اء لها كما يتعب في
ْ
يعة ويترَكها فال الشر ِ
أن يوصلَها إلى َّ ِ
صاحبها على ُْ صر ثم ُيستقَى لها ،فإذا ا ْقتَ َ شريعةُ الماء ّأوالًّ ،
لكل ٍَّقي ،وهو مقدور عليه ِّ
يأن َي ْرِو َ
ام ْأحد ،واّنما السَّقي التّ ُّ ٌ أهون الس ِ ُ فإن هذا هو يستقي لهاّ ،
صاحبها(.)6
ُ اإلبل
َ
سنه اهلل ِ
لعباده وفرضه لهم ،مأخوذةٌ أن َّ
الشريعةَ ،وهي ما ّ تقدمني– ّ إخا ُل – كما يخا ُل َمن ّ
سميت كذلك "تشبيهًا ِ
الحدود ،واّنما ِّ الحق ،وظمأى المعر ِ
فة و ِّ مورد لطالّ ِب ِمن ذلك المعنىّ ،
فكأنها ٌ
ْ
ِ
المصدوقة ُرِوي وتطهّر"(.)7 ِ
الحقيقة إن َمن َش َرع فيها على يعة الم ِ
بشر ِ
حيث ّ
اء من ُ
101
ش ِ
اطر: ال ّ
ضاد؛ إذ
عتبة التّ ّاق داللي يص ُل إلى ِ الساب ِ
ق ،بل بينهما افتر ٌ ِ و"شاطر" الالّح ِ
ّ كشاطر ّ ق ليس
بخالف ذلك في ِ
كالم ِ األمر ٍ ٍ سلبي ٍة، ٍ الساب ِ ِ
هامشية مقيتة ،و ُ ّ وظالل ق ذو إيحاءات ّ ّإنه في كالم ّ
أن أعياهم ُخ ْبثًا ،وقيل ِ الالّح ِ
اغما أو مخالفًا بعد ْ قديما الذي نزح عن أهله وتركهم ُمر ً ق ،فهو يعني ً
إن ال ّشاطر تقدم قيل ّ
مما ّ ٍ َّ
ومصدره "الشطارة" ،وفي معنى قريب ّ ُ ومؤدبه خبثًا،
ّ هو الذي أعيا أهلَه
غير االستواء ،ولذلك قيل له األو َل بل يساوقُه -هو الذي أخذ في نحو ِ ِ
–وهذا معنى ال يدافعُ ّ
أنظار ِ
ابن ِ اء( ،)1ولع ّل تفسير هذا التّطوِر يغدو قريباً باستر ِ
فاد ألنه تباعد عن االستو ِ شاطر؛ ّ
ّ َ ٌ
ِ ِ
أحدهما على اء أصالن يد ّل ُ الر َ
اء و ّ الم ْع ِجبة في مقاييسه ،فقد جنح إلى ّ
أن ال ّشين والطّ َ ٍ
فارس ُ
ِ
األصل ق مأخوذةٌ ِمن الساب ِ ِ ِ 2 ِ
اآلخر على البعد والمواجهة( ) ،واخا ُل ّأنها في كالم ّ
ِ
نصف ال ّشيء ،و ُ
ِ
األهل مراغمةً أو مخالفةً ،أما في ِ
كالم ِ النزو ُح عن البعد و ّ
فارس ،وهو ُ ٍ ابن
ّ عرج عليه ُ الثّاني الذي ّ
تكون تكاد
يء؛ إذ ّإنها ُ نصف ال ّش ِ األو ِل ،وهو ِ الالّح ِ
ُ ُ كأنها -مأخوذةٌ من األصل ّ فكأنها –وأقول ّق ّ
ِ
بسهمه في يضرب يسم في العربي ِة المعاص ِرة مرادف ًة ل "ماهر" أو "ذكي" ،وكأن من يوسم بهذا ِ
الم ِ
ُ َ ّ َ ّ ّ
عرس له قرص"، ٍ دق فيه المث ُل وعليه" :في ِّ
كل ص َ ٌ ِ ك ّل ٍ
نصيب ،ل َي ْ شطر أو
ٌ ليكون له منه
َ باب
شاطر يأخذ ِمن هنا وهناك ما ُ
يفيده. ٌ فكأنه
ّ
َّ
الشكيمة:
ٍ
وعارضة الش ِ
كيمة ،والمعنى ّأنه ذو ٍّ
حد قوي َّ
فالن ُّ ات االصطالحي ِة ال ّش ِ
ائعة قولُناٌ : و ِمن التّعبير ِ
ّ
بي- ِ
المعجم العر ِّ آخر ،فاألص ُل – كما ورد في الحق أن هذا المعنى متخلّ ٌ ِ وقوِة ٍ
ق من َ قلب ،و ّ ّ ّ
ِ قوِة المعترضةُ في ِ شكيمةُ اللِّ ِ
ِ َ
4 3
الفرس"( )، "قوتها تد ّل على ّ
أن ّالفم( )؛ ذلك ّ جام ،وهي الحديدةُ
ي على هذه الزمخشر ّ سائر في يو ِمنا هذا ،وقد ّ
عرج ّ قد غدا أصالً ًا المتقادم ْ
َ المجاز
َ أن هذا واخا ُل ّ
ِ
المجاز(،)5 اح عنه ،وقد نسبه إلى ِ
باب ِ
المتقادم والمعنى المنز ِ المعنيين؛ المعنى
َ الماد ِة ُمْل ِم ًحا إلى
ّ
فمه
سد َالفاعل ّ
َ كأن
الي إذا رشوتُهّ ،
شكمت الو َ
ُ الكلمة المجازّي ِة قولُهم:
ِ ِ
استعماالت هذه و ِمن
الرسو َل – صلّى اهلل عليه وسلّم– فقال ِ ِ َّ ِ
أن أبا طَ ْيبةَ َح َجم ّ
بالشكيمة ،وقد جاء في الحديث ال ّشريف ّ
102
ِ
شكيمة ابن األ ِ
ثير -من يو ُالزمخشر ّ
أجره ،وأص ُل ذلك– كما يرى ّ
لهم :ا ْش ُكموه" ،والمعنى :أعطوه َ
ك فاه عن ِ
القول(.)1 كأنها تُمس ُ
جامّ ، اللّ ِ
َّ
الشلَل:
تقترن بها شلل ِ
اليد ،بل كانت هذه الكلمةُ تقتصر على ِ ق ،فقد الساب ِ ِ و َشل ُل الالّح ِ
ُ ُ ْ كشلل ّ ق ليس
يعضد ومما 2 لل يبس في ِ
ُ فسادها( )ّ ،ُ وذهابها ،وقيل هو
ُ اليد إن ال ّش َ ُ ٌالزما ،فقيل ّ
اقترًانا لفظيًّا ً
ق: قول الالّح ِ لل ِ
باليد في ِ ان ال ّش ِ
مذهب اقتر ِ
َ
يوم أُحد"(.)3 ِ ِ
يده َُحدَ " :شلّت ُ
يوم أ ُ
.1ما ورد في الحديث ال ّشريف َ
يدك وال تكلَ ْل. الدعاء :ال تَشلَل ُ
.2في ّ
ٍ
جعفر ابن
يوم أعلو َ .3وفي ِ
قول ال ّش ِ
ت يمينيَ ، اعر " :ف َشلّ ْ
الخناصر(.)4
ُ و َش ّل بناناها ،و َش ّل
تتبعتُه ،وقد لل ِ
باليد في اللّ ِ ان ال ّش ِ
إثبات اقتر ِ
يكثر إن ّغالب ،وهو ُ ٌ ظاهر
ٌ بي
سان العر ِّ َ أن
الحق ّ
و ّ
يد لِما بها
صاحبها على ما ير ُ َ بأنها "المنتشرةُ العصب التي ال تواتي الء ّاليد ال ّش َ ِ
األثير َ ابن
فسر ُ ّ
ِ
الجسم عموم يشتم ُل على ِ
يبس ٍ ذات
فتظهر داللتُه َ ُ أما ال ّشل ُل في العر ّبي ِة المعاصرِة 5 ِ
من اآلفة"( )ّ .
ِ
اللي
الد ِّ
صحيح ّ
ِ تصدروا للتّ
ّ بعض الذين ِ
الجارحة ،وقد خطّأ اإلنسان ،أو علىِ كلّه ،أو على ِّ
شق
ُ
أن معتدين بما ورد في ال ِ ِّ ِ
بي ،ذاهبين إلى ّ معجم العر ِّ ّ ذكره
المتقدم ُ الوجه استعمالَنا لها على هذا
اميس
أن نو َ
6
هو "الفالج" ال ال ّشل ُل( ) ،واخا ُل ّ اب
الصو َ
بأن ّعموم ،قائلين ّ ٍ ٍ
خصوص ال ذات
داللتَها ُ
ٍ
وجهة المتأخ ِر ،واخا ُل – ِمن
ِّ ِ
الوجه على الد ِ
اللة ق لهذه ّ استعمال الالّح ِ تجيز اللي طوِر ّ
َ ُ الد ّ التّ ّ
فتطرُح ما ِ ِ أهل اللّ ِ
أن في تخطئتِهم تكلّفاً وتضييقاً على ِ
تضيق ّ
ُ الكلمة قد داللة غة ،فدائرةُ أخرى– ّ
نصيب ِمنها ،وهذا الذي وقعٌ الت جديدةً لم يكن لها فتستغرق م ْد َخ ٍ
ُ ُ وقد تتّسعُ
قد كان داخالً فيهاْ ،
ِ
ي في الزمخشر َّ
أن ّيعضد هذا ّ
ُ ومما
الجسم كافّةّ ،
َ بس فاستغرق في داللة ال ّشلَ ِل ،فقد اتّسع ملحظُ ُ
الي ِ
ظاهر ِ
يؤذن مسوغٌ
7
عد قولِنا " ٌ ِ
ٌ فثم ّبصرها ،مجا اًز( )ّ .ُ عين شالّء"؛ أي ال ّذاهب أساسه جنح إلى ّ
الجسم.
َ لتشمل
َ اللة وانتقالِها
الد ِ ِ
بتعميم هذه ّ
103
الص ْبر:
َّ
ِ
المبالغة ،ومعناه الذي ال يعاج ُل العصاةَ ِ
أبنية العلي ِة "الصَّبور" ،وهو ِمن ِ
أسماء اهلل ِمن
ّ
يدور في ِ اآلدمي المخلو ِ باالنتقام و ِ
األخذ( ،)1وقد يقعُ هذا ِ
المتعي ُن منه ُ
ّ ق ،والمعنى ِّ الوصف على
ُ
الن ْفس على ماحبس ّ المكابدة ،وهو عند الر ِ
اغب: ِ الج َزِع و حم ِل واطّر ِ َفلَ ِك ّ ِ
ُ ّ اح َ الداللة على التّ ّ
حبسها عنه( ) ،و ِمن ذلك قولُه –تبارك" :-أولئك ُي َ
2
جزون عما يقتضيان َ يقتضيه العق ُل وال ّشرعُ ،أو ّ
مرضاة ِ
اهلل(.)4 ِ ِ
الوصول إلى بر في الص ِ ِ 3
تحملوا من ّ صبروا"( ) ،والمعنى :بما ّ الغرفةَ بما َ
متقادم ،و"أص ُل بر لها أص ٌل الص ِ ِ ٍ وبع ٍ
ٌ أن داللةَ ّ
الباحث ّ
َ بي يلفي
المعجم العر ِّ فاحص في ود َ
يء :حبسه، المعجم :صبره عن ال ّش ِ ِ ِ
الكلمة في ٍ
سياقات لهذه ومما ورد ِمن 5
ِ
َ ََ الحبس"( )ّ ،ُ الصبر
الرسو ُل–صلّى اهلل عليه وسلّم– عن المصبورِة، 6 ُّ
فقد صبره( ) ،ولذلك نهى ّ وكل َمن حبس شيئاً ْ
يحبس أن ِ ِ 7
َ وبيانها ْ
َّبرُ ، يمين الص ْ
تقدمُ :داللة ما ّ ينتسب إلى
ُ ومما
وهي المحبوسةُ على الموت( )ّ ،
ياح ،فقد قيل لها تجوز وانز ٌ
اليمين المصبورةُ فيها ّ
يحلف بها ،و َُ ِ
اليمين حتّى صاحبها على
َ ُّلطان
الس ُ
صبِر من أجلِها ،أي ُحبِس، المصبور ،واّنما ُ
ُ
ِ
الحقيقة هو صاحبها في
َ ألن
مصبورة "محبوسة" ّ
األصلي ِة؛
ّ
اللة المتقا ِ
دمة الد ِحمل على تلكم ّ ومما ُي َ
8
مجازا( )ّ ،ً أضيفت إليه
ْ بالصبر ،و
ّ فت ِ
فوص ْ
ابن
وقد جنح ُ
برْ ،الص ِ
بشهر ِّ رمضان
َ ِ
لشهر الحبس ،وصفُه– صلّى اهلل عليه وسلّم–ِ أعني داللةَ
إن فيه ِ ِ ِ ِ ِ
المتقادم "الحبس"؛ إذ ّ األصل لداللة سمي كذلكبأنه ّإنما ّ
الحديث ّ
َ تفسيره هذا األثير في
كاح(.)9
الن ِاب و ّ فس عن الطّ ِ
عام وال ّشر ِ للن ِ
حبسا ّ
ً
( )1انظر :ابن األثير ،النهاية ،7/3 ،وابن منظور ،اللسان ،مادة "صبر".
( )2انظر :الراغب ،المفردات.306 ،
( )3اآلية( الفرقان.)75 ،
( )4انظر :الراغب ،المفردات.307 ،
( )5ابن األثير ،النهاية ،7/3 ،وابن فارس ،المقاييس ،مادة "صبر" ،وابن منظور ،اللسان ،مادة "صبر".
( )6انظر :ابن منظور ،اللسان ،مادة "صبر".
( )7انظر :ابن األثير ،النهاية ،8/3 ،وابن منظور ،اللسان ،مادة "صبر".
( )8انظر :ابن منظور ،اللسان ،مادة "صبر".
( )9انظر :ابن األثير ،النهاية ،7/3 ،وابن منظور ،اللسان ،مادة "صبر".
104
آخر: ٍ ِ
يف في رجل أمسك رجالً ،وقتلَه ُ الحديث ال ّشر ُ
ُ المتقادم ومما جاء بالمعنى
ّ
1 يموت ِ
كفعله به( )، ِ
للموت حتّى ابر" ،والمعنى :احبسوا الذي حبسه
َ الص َ
القاتل ،واصبروا ّ
َ "اقتلوا
ِ
الحطيئة: العرب ِمن ِ
قول ِ تقدم ما ورد في ِ
شعر و ِمن ِ
مثل ما ّ
ويح ِك ،أمثا ُل طر ٍ
يف قليل جاهدا َصبُِرها
َ ً قلت لها :أ ْ
ُ
ص َب َرت نفسي على كذا :حبستُها ،واّنه ِ ومما جاء على ِ
ي قولُهمَ :
الزمخشر ّ
الحقيقة عند ّ وجه ّ
2
يحبسني( ).
ُ َليصبُِرني عن حاجتي:
بين أسمائِه
الخارجي ،خولف َ ِّ ِ
العالم أشياء كثي ٍرة في
َ عاماً يقعُ على
بر ّ الص ِ
ولما كان لفظُ ّ ّ
وضده الجزعُ ،وا ْن كانُّ صبرا، سمي ٍ
فس لمصيبة ِّ الن ِ
حبس ّ ِ ِ
ً الحبس َ
ُ الختالف مواقعه ،فإذا كان
سمي رحابةَ ض َجرٍة ِّ
الص ْب ُر في َم ْ الصبر في محار ٍ
الجبن ،واذا كان ّ ُ وضده
ّ بة ُس ِّمي شجاعةً، ُّ
المذل ،ك ّل ذلك ُّ
وضده َ ِ
بالكتمان، الكالم ُو ِسم
ِ ِ
إمساك الص ُبر في
جر ،وا ْن كان ّ الض ُ
وضده ُّّ ٍ
صدر،
ِ
البأساء الصابرين في ِ ِ ِ ِ
الصبر واطالقها" :و ّ ّ داللة عموم بلفظ اسمه–
ُ تقدس
يجمعه قولُه– ُّ
ِ 3
الض ّراء"( ).
و ّ
الص ْفقة:
َّ
تكون معروفةً، ُ ماد ِة "صفق"؛ إذ ّإنها ُ
تكاد ث عند معاني ّ الم ْك َ ِ ِ
أن من فضول القول ُ
ِ
إخا ُل ّ
باليدين،
صويت َ ُ فمنها التّصفيق ،وهو التّفضالً عن كونِها ذائعةً مستعملةً في عربيتِنا المعاص ِرةِ ،
ّ
ظر والروي ِة هو تلمس الر ِ ِ بكثير ِمن
االشتقاقي بين "صفّق"
ِّ ابطُّ ّ الن ِ ّ ّ لطف ّ ٍ حق المساءلةَ
ولكن ما يست ّّ
وقد
للبائع والمشتريْ ، الصفقةُ ِ
ِ بحت صفقتُك ،لل ّشراء ،و ّ
الصفقةَ المبايعةُ ،فيقال :ر ْ إن ّ الص ْفقة؛ إذ ّ
و َّ
مادي هو ٍّ ٍ
أصل يء( ،)4وهي ،في هذا كلِّه ،مأخوذةٌ ِمن االجتماع على ال ّش ِ
ِ تكون بمعنىُ
ِ
بالبيعة والبي ِع يده
بي "تصافقوا :والمعنى تبايعوا ،وصفّق َ ِ
المعجم العر ِّ صفيق؛ ذلك ّأنه جاء في
ُ التّ
ألم بهاالصفقة" التي ّ
َّر داللةُ " ّ
ِّ
المتقدم تُفس ُ بيده على ِيده ،وبهذا اإليضا ِح
على ِيده صفقًا :ضرب ِ
البيع أو ال ّشراء" ،واّنما قيل ِ
انعقاد ِ آن ٍ
حركي يقعُ َ
ٍّ تصوير الداللةَ قائمةٌ على
أن هذه ّ تطوٌر؛ ذلك ّ
ّ
ِ
أكثر هذه الفعلةَ في ّأيامنا 5 ِ
كان َ ألنهم كانوا إذا تبايعوا تصافقوا باأليدي"( ) ،وما َ للبيعة صفقة ّ
يعقبه
كل ذلك قد ُ أي ماُّ ، أمر أو ر ٍالبيع ،أو االجتماعَ على ٍ إن المعاهدةَ ،أو البيعةَ ،أو
هذه؛ إذ ّ
َ
105
العهد المقطوِع ،ولع ّل هذه الداللةَ "الصَّفقة" في أي ِ
امها األ َُو ِل ِ
ّ ووفاء بذلكم
ً توكيدا
ً فاق باأليدي
ص ُ التَّ ْ
اء ،فقد ورد في ِ
بيعا وشر ً
عهدا وميثاقًا ،وا ْن ً
إن ً االجتماع على ال ّشيءْ ،
ِ تكن مقصورةً علىلم ْ
أهل صفقتِك"، تقاتل َ
َ ِ
الكبائر أن إن ِمن ِ
أكبر ٍ
حديث شريف ّأنه –صلّى اهلل عليه وسلّم– قالّ " :
ٍ
ِ
اآلخر، يده في ِيدأحدهما َ
ألن المتعاهدين يضعُ ُ ثم ينكثَهّ " ،
عهده وميثاقَه ّ
الرج ُل َعطي ّ
أن ُي َوهو ْ
باليدين"(.)1
ق َ المرةُ من التّصفي ِ
كما يفع ُل المتبايعان ،وهي ّ
الص ِ
افن: ّ
ٍ
مضمار إلى انتقلت داللتُها ِمن
ْ عصور العر ّبي ِة سيرةٌ وأطو ٌار ،فقد
ِ ِ
الكلمة في ِ
ولرحلة هذه
فهما لغويًّا معاص اًر يشطّ عن ٍ مضمار ،وانبنى على هذا وقوعُ الالّح ِ
ٍ
فهمه لها ً
ق في إشكال باعثُه ُ
تلقاء
نظره َ الساجي الذي صرف َ ق تد ّل على ّ مكان طَرو ٍح؛ فهي في كالم الالّح ِ ٍ ق إلى لساب ِ
معنى ا ّ
جالسا
ً الخاطر سواء أكان قائماً أم قاعداً أم ِ كثير ِمن التَّحداق وتسر ِ
يح ظر مع ٍ الن َ
شيء ما فأطال ّ ٍ
جنس ِمن ٍ ون يد ّل على الن ُ
الفاء و ّ
اد و ُ فالص ُ
ّ ق، الساب ِ
ولكن ذلك ليس كذلك عند ّ اكبا أم محموالًّ ، أم ر ً
قدميه ٍّ األثيرُّ :
ِ قدميه( ،)2وعند ِ ٍ افن عند ِ ِ
صاف َ كل ابن يصف َ ّ فارس هو الذي ابن الص ُالقيام ،و ّ
افره( ،)4وعند طرف حو ِ ِ منظور هو الذي قام على ٍ عند ِ
ابن افن برجلِه َ
3
الص ُ صافن( ) ،و ّ ٌ قائما فهو
ً
أعرف ما ُي َّميز به َ
5
بعض( ) ،ولع ّلٍ بعضهما إلى َ الص ْف ُن الجمعُ بين ال ّشيئين ضا ّماً اغب َّ الر ِ
ّ
وم َسلِّماً، ِ ِ ِ
قائما لقائده ُم ْسل ًما ُقدميه ً صافنا صافّاً َ
ً يكون
ي حين ُ المقام صورةُ العسكر ِّ ُّفون في هذا الص ُ
هيئة عسكرّي ٍة صافنا ثابتاً على ٍ ً للر ِ
ئيس فيقف ٍ
ض هو على موكب ّ ض عليه أو َي ْع ِر ُ عر ُأو حين ُي َ
ِ
ثالث الفرس على يقوم ِ ٍ
ُ أن َ ُّفونْ :
بالخيل ،فالص ُ تقترن
ُ السمةَ كانت
أن هذه ّ الحق ّصوصة ،و ّ مخ
غويين جل اللّ ّ األرض( ،)6وهذا معنى أجمع عليه ُّ
َ َ بطرف ُس ْنُب ِكها
ِ الرابعةَ ،إالّ ّأنه ينا ُل ائم ويرفعَ ّ قو َ
األثير و ِ
ابن ِ اغب و ِ
ابن جستاني والر ِ
ِّ ّ الس
فارس و ّ ٍ أمثال ابن قتيبةَ و ِ
ابن ِ اإلثبات ِمن
ِ ير و بالتّقر ِ
صفة ٍ
فرس: ِ ابي في 7
ٍ
ابن األعر ّ منظور( ) ،وقد أنشد ُ
( )1ابن األثير ،النهاية ،38/3 ،وابن منظور ،اللسان ،مادة "صفق".
( )2انظر :ابن فارس ،المقاييس ،مادة "صفن".
( )3انظر :ابن األثير ،النهاية.39/3 ،
( )4انظر :ابن منظور ،اللسان ،مادة "صفن".
( )5انظر :ال ارغب ،المفردات.317 ،
( )6انظر :ابن فارس ،المقاييس ،مادة "صفن".
( )7انظر :ابن قتيبة ،الغريب ،379 ،وابن فارس ،المقاييس ،مادة "صفن" ،والسجستاني ،النزهة،301 ،
والراغب ،المفردات ،317 ،وابن األثير ،النهاية ،39/3 ،وابن منظور ،اللسان ،مادة "صفن".
106
مما يقوم على الثّ ِ
الث َكسيرا(.)1 كأنه
ُّفون فال يزال ّ ِ
ُ ّ أَلف الص َ
ِ
الخيل ،يقا ُل افن في الص ِ
جستاني فقال" :وأص ُل ّ الس ِ
االستعمال ّ ِ
بأصل هذا صرح
ّ بل ّ وقد ألمح ْ
ِ 2 ِ
تعميما
ً أن
اهر ّ
الرابعة"( ) ،والظّ ُ بك ّ ائم وثنى ٌس ْن َ صافن إذا قام على ثالث قو َ ٌ الفرس فهوُ صفَنَ
الليةُ
الد ّ
سعت دائرتُها ّ ثم اتّ ْ ِ
جستانيّ ،
ّ الس
يشهد به ّ ُ بالخيل ،وهذا ما يختص
ُّ دالليًّا وقع ،فقد كان
انتقلت في ثم طوِر ّ الخيل وغيره ،ولذلك و ِسم هذا الطَّ ِ
ْ تعميمّ ،ٌ بأنه
اللي ّ
الد ِّ ور من التّ ّ ُ ُ َ َ قت
فاستغر ْ
النظرق ّ أم ِل واحدا ِ كثير من التّ ّهيئة ِمن التّراخي مع ٍ الص ْفنة على ٍ ليغدو الصُّفون و َّ
َ ق ِ
كالم الالّح ِ
الرسول - ِ فهم الالّح ِ ِ
أمثلة ِ ِ
نهي ّ
معاصر ُ ًا فهما
ق لهذه الكلمة ً تقدم ْقبالً ،ومنالخاطر كما ّ يح
وتسر ِ
ِ
المنتقاة التي افن ،وقد ذهب جميع أبناء العربي ِة ِمن ِ
الفئة الص ِ ِ
ّ ُ صلّى اهلل عليه وسلّم -عن صالة ّ
ِ
لداللة خاطره وصفن؛ ولم يكن سرح ِ
َ افن ههنا هو الذي ّ الص َ
أن ّ أوردتها على هذا الحديث إلى ّ
ِ
حديث افن في
فالص ُ
ّ اف ،وأين هذا ِمن ذاك؟ فسير وال في االستشر ِ بيانها حظٌّ في التّ ِ المتقدِم ُ
ِّ الساب ِ
ق ّ
دال قال رسو ُل اهلل حديث آخر ٍّ ٍ 3
قدميه( ) ،وفي ِ
َ الرسول –صلّى اهلل عليه وسلّم– هو الذي يجمعُ َ ّ
الن ِار" ،والمعنى: مقعده ِمن ّ َ صفوناً فليتبوْأ اس ُ الن ُ
يقوم له ّسره أن َ-صلّى اهلل عليه وسلّمَ " :-من ّ
القيام(.)4
َ ُيديمون له
الضابطُ:
ّ
أسهٌّ ،
دال مصطلح قائم بر ِ اليوم عهد؛ إذ ّإنه
ق به ٌ للساب ِ ِ
ٌ ٌ َ وللضابط عند الالّحق معنى ليس ّ ّ
أمس ،فقدالرتَب ،وليس ذلك كذلك ِ ِ بنات حقلِها ّتبة عسكري ٍة لها موقعها بين ِ على ر ٍ
اللي من ّالد ّ ُ ّ
جار على تعبير ٍ وحبسه ،و ِمنه قولُنا–وهو َّبطَ هو لزوم ال ّش ِ
يء أن الض ْ ِ
ٌ ُ ُ بي ّ
المعجم العر ِّ جاء في
ِ
البطش شديد ديد ،وقيل:
القوي ال ّش ُ الضابطُ فهو ِ
ُ ّ أما ّ ض َبط عليه ،وضبطهّ . اليوم واألمسَ - األلسنة َ
داللة الض ِِ ِ
أن
يظهر ّ
ُ اليوم
َ ابط ّ وبالعود ثانيةً علىَ بعير ضابطٌ كذلك(،)5 القوِة والجسم ،وقيلٌ : و ّ
بالض ّد
ّ األمر
ق ،و ُ محدداتِها عند الالّح ِ
ليست ِمن ّ ْ الجسميةَ مطّ َرحةٌ ِمن دائ ِرة داللتِها؛ إذ ّإنها
ّ القوةَ
ّ
قفالضابطُ اليوم لم يرت ِ اإلحكام، الضبطُ و
الجامع فلعلّه ّ اللي
الد ِّ
المْل َم ِح ّ الساب ِ ِ
َ ّ ُ ِ أما عن َ قّ ، في كالم ّ
باإلحكام والض ِ
بط فاستأهلَها. ِ أحسن عملَه لما ِ ِ
ّ َ الرفيعة إالّ ّ الرتبة ّإلى ّ
107
ال ِمضمار:
الد ِ
اللة من ِ
انتقال ّ يصدق عليه هيئةُ تطوًار ِ ِ ِ
ُ المضمار في سيرورة العر ّبية ّ رت داللةُ
تطو ْ
وقد ّ
ْ
المجرِد ،ولع ّل في استعمالي لها قُبيل ٍ
قليل في َّ المعنوي
ِّ ِ
مضمار ِ
المحسوس إلى المادي
ِّ ِ
مضمار
ع" أو
تكاد "الموضو َ
ادف أو ُ يكتنف هذه الكلمةَ؛ إذ ّإنها تر ُ
ُ ِ
المباحثة إبانةً عن المعنى الذي هذه
ِ
المتقادم ،فاألص ُل ِ
األصل ولكن ذلك ليس كذلك في ِ ِ
يدور في َفلَك تَْين َك الكلمتَينّ ، المجال" أو ما ُ
َ "
ِ 1 ٍ
ولحوق
ُ ُّم ُر هو اله از ُل
فارس يد ّل على دقّة في ال ّشيء( ) ،وقيل الض ْ ٍ ابن
يض الذي ّنبه عليه ُ العر ُ
طيف ِ
البطن اللّ ُ َّم ِ ِ 2
ِ
المهَض ُ
الرجال في التّهذيب ُ َّم ُر من ّ ضامر وجم ٌل ،والض ْ ٌ البطن( ) ،ومنه قيل ناقةٌ
ذكره آنفًا ،وهو ٍ ِ ِ 3
تقدم ُ عما ّ المضمار– فهو ليس ببعيد ّ ُ المباحثة-وهو أما موضوعُ هذه الجسم( )ّ ،
ِ
العرب مير عند ض ِ ض َّمر فيه الخي ُل ،وهيئةُ ذلكم التّ ْ ِ ٌّ
الموضع الذي تُ َ
ِ المتقادم على دال في المعنى
ق أوللسبا ِ
ضمر فيها الخي ُل ّ لألي ِام التي ُي َّ
المضمار وقتًا ُّ ويكون
َ علف قوتًا بعد سمنِها،
أن تُ َ
فيذهب عنها
َ تعرق تحتَها،
َ أن ُي َش َّد عليها السُّرو ُج ،وتجلّ َل باألجلّ ِة حتّى
تضميرها ْ
ُ كض ،وقيلالر ِ ّ
ضمير ِ َّ
غير ُم ْعنفين بها ،وهذا هو التّ ُ خفاف ُي ْجرونها َ ٌ مان
حم َل عليها غل ٌ وي َلحمهاُ ،
ويشتد ُ َرَهلُها
ضم ُر فيه الخي ُل ،وقد
الموضع الذي تُ َّ ق على المضمار قد ُيطلَ ُ أن 4 وِ
ِ َ ضمار( ) ،والمستصفَى ّ ُ الم
ِ
البحث هو ".... مضمار هذا أن في قولِنا " 5
لألي ِام التي
ُ تضمر فيها( ) ،وليس يخفى ّ َّ يكون وقتًا ّ ُ
الليةُ ِ ِ ِ انزياحا لد ِ
الد ّ
سعت دائرتُها ّ
ثم اتّ ْ تضمير الخيلّ ، تقتصر على موض ِع ُ كانت
ْ المضمار؛ إذ اللة ً
ينتسب ،وقد جعل آخر أو مجالَه الذي إليه ٍ
ُ أي شيء َ موضع َِّ ادت عليه
المتقد َم وز ْ
ّ فشملت
ْ
ِ
تضمير ِ مضمار ال ّش ِ
الداللي الذي هو موضعُ
ِّ باألصل وفاء
مجاز ً ًا عر ُ الغناء
ُ ي قولَهم: الزمخشر ُّ ّ
ِ
الخيل(.)6
ي:
الع ْبقر ّ
َ
عرج عليه ِ
متقادم ّ
ٌ دالليين قد اعتراها؛ ّأولهما
ّ تطوَرين
أن ّيجد ّ
ي" ُ اظر في داللة "العبقر ّ
الن ُ
وّ
إن ِ حادث متخلّ ٌ ِ مقررين ومثْبِتين ،وثانيهما
األو ُل فقد قيل ّ
طوُر ّ أما التّ ّ
األولّ .
ق من ّ ٌ المعجميون ّ
ّ
( )1انظر :ابن فارس ،المقاييس ،مادة "ضمر" ،وقد أشار إلى أصل آخر ،وهو تستر الشيء وغيبته.
( )2انظر :ابن منظور ،اللسان ،مادة "ضمر".
( )3انظر :األزهري ،التهذيب ،مادة "ضمر".
( )4انظر :ابن األثير ،النهاية ،98/3 ،وابن منظور ،اللسان ،مادة "ضمر" ،وانظر الكفوي ،الكليات.568 ،
( )5انظر :ابن األثير ،النهاية ،98/3 ،وابن منظور ،اللسان ،مادة "ضمر".
( )6انظر :الزمخشري ،األساس ،مادة "ضمر".
108
ِ
األثير هذا ابن 1 ِ
الجن( ) ،وقد استشرف ُ كثير ّ منسوب إلى "عبقر" ،وهو موضعٌ في البادية ُ ٌ ي
العبقر َّ
ي ،فيما قيل، الداللة ُمبِ ٍ مشر ِ
ونص ِ اللي بعبا ٍرة مجلّ ٍ
ين ،فقال" :واألص ُل في العبقر ّ ق ّ ٍّ ية، الد َّ طوَر ّ التّ ّ
ق ،أو يسكنها الجن فيما يزعمون ،فكلّما أَروا شيئاً فائقًا غريبا مما يصعب عملُه ِ
ويد ّ ُ أن َع ْبقَ َر قريةٌ
ُ ً ّ ّ ّ
الكبير"(،)2
ُ السّي ُد
سمي به ّ ثم اتُّ ِسع فيه حتّى ِّ يّ ، عظيما في نفسه نسبوه إليها ،فقالوا :عبقر ّ ً شيئا
ً
ِ
باليمن يو ّشى بلد
عبقر" ٌ ِ
أن كلمةَ " َ ي صفةٌ لك ّل ما بولغ في وصفه ،وأصلُه ّ أصل العبقر ّ َ إن
وقيل ّ
فيع(.)3 شيء ر ٍ ٍ ٍ
منسوب إلى فغدت مثالً لك ّل أجود الثّ ِ
ياب، يابها ُ
ْ وغيرها ،وث ُالب ُسطُ ُ فيه ُ
اللي ِ ِ ِ ِ
الد ّطوُر ّ تعيين أصل االستعمالُ -يلتَ َم ُس منه التّ ّ اختالفه في تقدم – علىأن ما ّ أحسب ّ ُ
أن اإلجابةَ ِ طوِر ّ ٍ ِ َّ ِ
الحق ّ
الحادث ،و ّ اللي
الد ِّ رجيع من الت ْسآل عن التّ ّ ولكن هذا يفضي إلى المتقادمّ ،
ُ
إن
بي ،فقد قيل ّ ِ
ي في المعجم العر ِّ تحت العبقر ِّ ِ
َ استحضار المعاني التي تقعُ آن
تتبدى َ تقدم ّ عما ّ ّ
ونحو ذلك ،وقيل وقويهم
وشديدهم ّ ُ وكبيرهم
ُ سي ُدهم
قوم ،أي ّ ي ٍ فيقال :هذا عبقر ُّ السّي ُدُ ،
ي هو ّ العبقر َّ
ُ
أن
يظهر ّ ُ ِ
الجوهر( ،)4ولعلّه لفاخر من الحيو ِ
ان و ديد ،وقيل :ا ُ شيء ،وقيل :ال ّش ُ
ٌ هو الذي ليس فوقَه
وغدت تد ّل في عر ّبيتِناْ ي" قد اختُِزلت، ِ ِ
أن دائرةَ داللة كلمة "العبقر ّ داللياً وقع ،و ّ ّ تخصيصا
ً ثم
ّ
ٍ
ثانيةّ ،أننا ال ٍ
وجهة نبوغا ومعرفةً ،وليس يخفىِ ،من ً ِ
الممتاز ذكاء ،و المعاص ِرة على المتوقِّد
ً
الفاخر ِمن ِ ابق ،فليس عندنا بال ّش ِ
ديد ،ال وال الس ُبعض معانيه-كما عرفه ّ ِ ي –في نعرف العبقر َّ
ُ
أن ال لُ ْحمةَ بين المعنيين؛ معنى ِ الحيو ِ
يذهب بي الظّ ّن إلى ّأنني أُْلم ُح إلى ْ ُ ان ،وال القويِّ ،وليس
يكون له مزّيةٌ بيننا ،ولذا فهو أن ي عندنا ال ّ ِ ق والالّح ِ الساب ِ
َ بد من ْ ق ،فذلك ليس كذلك ،فالعبقر ُّ ّ
مي َز. فيع المتمي ِِّز ِ
يكون الجامعُ التّ ّ
المطاع ،وقد ُِ الر ِ
كالسّيد ّ
ّ
الع َربون:
َ
جار ،فيقال :عربان ،وعربون ،وعربون ،و ِ
المقص ُد ِ
صعيد التّجارِة والتّ ِ مصطلح ذائعٌ على
ٌ
ُْ ََ ُْ
ِ
المتعي ُن منه ّأنه ما ُعقد به البيعةُ من الثّمن( ) ،ولعلّه– بعبارٍة َ
5
ييكون بأن يشتر َ
ُ أبين وأجلى– ّ
ضرب من ،وا ْن َالبيع ُح ِسب ِمن الثّ ِ
َ إن أمضى ويدفع إلى صاحبِها ً
شيئا على ّأنه ْ َ السلعةَ،
المرُء ّ
ِ
المعجم تجع المشتري "العربون"( ،)6وفع ُل هذا في ِ ِ
السلعة ،ولم ير ْ لصاحب ّ صفحا كانً عنها
( )1انظر :ابن األثير ،النهاية ،173/3 ،وابن منظور ،اللسان ،مادة "عبقر" ،والزمخشري ،األساس ،مادة
"عبقر".
( )2ابن األثير ،النهاية ،173/3 ،وابن منظور ،اللسان ،مادة "عبقر".
( )3انظر :ابن منظور ،اللسان ،مادة "عبقر".
( )4انظر هذه المعاني :ابن منظور ،اللسان ،مادة "عبقر".
( )5انظر :ابن منظور ،اللسان ،مادة "عرب".
( )6انظر :ابن األثير ،النهاية.202/3 ،
109
جذر
أن َ اهر ّ
الع َربون ،والظّ ُ
وع ْربن ،ك ّل ذلك إذا أعطى َ وعرب تعر ًيباَ ،
َع َرب إعرًاباَّ ،
بي هو :أ ْالعر ِّ
ِ
الجامعة ق ِمنه ،فاألص ُل في داللتِه ِ
أوصال ما ُيشتَ ّ الكلمة ،وهو "عرب" ،يظ ّل يسري في ِ هذه
ِ الكلّّي ِة :اإلبانةُ و
اإلفصاح( ) ،و ِمنه أعرب ّ
1
حمل علىومما ُي َ
الرج ُل عن نفسه ،إذا ّبين وأوضحّ ، ُ
ق بين المعاني في اإلعر ِ
اب، المتقدِم ،فبه ُي ْف َر ُ
ّ ينقاس على المعنى
ُ
ِ
الكالم ،فهو اب
تقدم إعر ُ
مثل ما ّ ِ
ِ
المفعول(.)2 ِ
كالفاعل و
َ عرَقل:
حق ،فالعرقلةُ في اضع عليه الالّ ُ الساب ِ ِ ِ
ق معنى ليس كالمعنى الذي تو َ وللعرقلة في كالم ّ
الرج ُل إذا جاز معان متقار ٍ
ٍ ِ
عويج ،وقد يقال :عرقل ّ تكون التّ َ
ُ بة ،فقد بي تشتم ُل على المعجم العر ّ
الدواهي،
العراقي ُلّ : ٍ ِ
كالما ليس بمستقيم ،و ًَ عوجه وأدار عليه كالمهّ :َ القصد ،وعرقل عليه عن
نت
عما ُذكر آنفًا ،ولعلّها اقتر ْ ِ صعابها(،)4 ِ
اليوم ليس ببعيد ّ
ولكن معنى العرقلة َ ّ ُ األمور: وعراقي ُل
حم ُل ِ ِ جسمي ٍة ّ ٍ
وقد تُ َ
القصدْ ، ليجوز عن
َ لآلخر ليتعثّر ،أو يده
يمد فيها المرُء رجلَه أو َ ّ بحركة
ِ
المتقادم أن بين المعنىيظهر ّ ق ،والذييكاد يكو ُن مرادفًا للتّعوي ِ
ي ُ آخر مجاز ٍّ ٍ
ُ العرقلةُ على محمل َ
حميمين. ونسبا ِ
َ والحادث لحمةً ً
110
التّعزير:
الجاني الحد ِ
لمنعه ضرب دون ِّ ٌ رده ،والتّعز ُير
عزره إذا ّ
ِ ()1
األضداد ،فيقا ُل ّ وهذه كلمةٌ ِمن
َ
تقدم ،وهو
آخر يقاب ُل ما ّ أشد ّ ِ ِ ِ ِ ِمن
وثم معنى ُ الضربّ ، المعصية ،وقيل هو ّ وردعه عن المعاودة،
أعداءه ،ومنعتَهم
َ رددت عنه
َ فكأن َمن نصرتَه قد الرّدّ " ،
صر ،وأص ُل ذلك كلّه المنعُ و ّ الن ُ
وقير و ّ
التّ ُ
غوي ال اليوم فهي ِ ()2 ِ
تقدم افت ارقًا يسي اًر؛ ذلك ّأنها في ُعرفنا اللّ ّ عما ّ
مفترقةٌ ّ أما داللتُها َ من أذاه" ّ .
ٍ
متعاقبةّ :أولها مرت بأطو ٍار تشيع إالّ بمعنى التّ ِ
إن داللةَ "التّعزير" ّ قال ّ
أن ُي َيستقيم ْ
ُ أديب ،ولعلّه ُ
تمر ْ الن ِ األصل على معنى عام ،وهو المنع ،والمنع يقع بالتّ ِ
أديب ،ويقعُ بالتّ ِ ِ
ثم ّصرّ ، وقير و ّ ُ ُ ُ ّ داللةُ
بطور آخر ٍ
األخير اقتصر
َ ور أن هذا الطّ َأديب ،والحاص ُل ّ إلف ،وهو التّ ُ جديد لنا به ٌ ٍ َ الداللةُ
هذه ّ
تضييق لدائرِة المعنى التي تترّبعُ عليها هذه الكلمةُ، ٌ احد ،واطّرح اآلخر؛ فهو ملمح داللي و ٍ ٍ على
ّ
لتعزروه وتوقّروه.)3( ِ
المتقادمّ : يز بالمعنى وردت في التّنزيل العز ِ ْ وقد
ْ
كرية:
س ّ الع ْ
َ
ائح ِ بالج ِند والمقاتلين،
بأن للعسكرّية أصوالً ولو َ وغدونا نسمعُ ّ َ نت هذه الكلمةُ ُ وقد اقتر ْ
ِ
العسكر الجمعُ، تطوٌر ،فأص ُل ِ
ألم به ّ
مما ّ يجد ّأنها ّ
بي ُ المعجم العر ِّ اظر في
الن َ
ولكن ّ
مخصوصةًّ ،
عسكر، الخارجي ،فجماعةُ الر ِ
جال ِ
العالم ٍ
متباينة في أشياء الجمع قد يقعُ على أن
ٌ ّ ِّ َ َ وليس يخفى ّ
ٍ
شيء، الكثير من ك ّل العسكر إن 4 ِ ِ
ُ َ عسكر( ) ،وقد قيل ّ ٌ الكالب عسكر ،وجماعةُ
ٌ الخيل وجماعةُ
ِ
الداللةُ الباعث على تسمية َع َرفةَ و ِمنى َ
بالع ْس َك َرين هو هذه ّ َ أن
تجمع ،واخا ُل ّ ِ
بالمكانّ : وقد عسكر
معسكرهم
ُ يفيض
ُ ثم
الحجيج تعسكر "تجتمع" في عرفةَ ّ ِ جم َع ،فجموعُ
الجمع أو التّ ّ
َ الكلّّيةُ( ،)5أعني
ِ 6
ولما كان
ون َعمه( )ّ ، جماعة مالِه َ
ِ الرجل قد ُيطلَق على عسكر ّ َ إن
ي ّ إلى منى ،وقد قال األزهر ّ
ِ
ثم أسبِ َغت هذه الجيش" إذا اجتمعّ ،
ُ عماد وال هيئةٌ إالّ بالعسكرِة قيل " َع ْس َك َرٌ يكون له
ُ الجيش ال
ُ
ِ
لمكان بي-المعجم العر ُّ االسم ،وصرنا نقو ُل –وهذا معنى أثبته ِ مقام ِ
ُ فقامت َْ الجيش الصفةُ علىّ
سائر على
متلئباً ًاّ صناعياً صار
ّ مصدر
ًا الجيش "معسكر" ،واشتققنا في عر ّبيتنا المعاص ِرة ِ تجم ِع
ّ
ِ
األلسن ،وهو العسكرّية.
111
فية:
تعس ّ
قرارت ّ
أن داللة التّعس ِ
ِ
ظين؛ ّأولُهما ّ يج على َملح َ ف بالتّعر ِ ّ اقع في
اللي الو َ
الد َّ
طوَر ّ أستفتح استشرافي التّ ُّ
طوِر ّ ِ
القائم
ُ اللي االنتقا ُل
الد ّ أن هيئةَ ذلكم التّ ّتطوٍر ،وثانيهما ّتنبهوا إلى ما اعتراها من ّ القدماء ّ
َ
األصل أن تأخ َذ على ِ
غير ِ سف فيالع ُ جلياً فيما ورد في اللّ ِ جوِز،
سان" :و َ ويظهر األص ُل ّ ُ على التّ ّ
الس ِ فنقل هذا إلى الظّ ِلم و ِ جاد ٍة وال َعلٍَمُ ، طري ٍ
1
ير الليةَ بين ّ
الد ّ أن الوشيجةَ ّ أحسب ّ
الجور"( ) ،و ُ ق وال ّ
هداية ،واألخ ُذ على ِ
غير ٍ الس ُير بغير ٍ
هداية والظّ ِلم على ِ
ف ّ الع َس َ
أن َ أمرها؛ ذلك ّ جلي ٌُّ غير
مسلوك ،وكذلكٍ قوب وال طري ٍص ٍ ٍ وقطعها ِ ركوب المفا ِزة الطّري ِ
توخي َ قصد وال ّ بغير ُ ُ ق ،وقيل:
ِ
الحديث روي ٍة( ،)2وقد جاء في ٍ
تدبير وال ّ أمره باليركب َ
ُ فكأنه
ف رًأيا أو قوالً أو فعالًّ ، المتعس ُ
ّ
لوما ،واألص ُل كما تجلّى آنفًا. ِ
جائر ظَ ً
إماما َعسوفًا" ،أيً :اال ّشريف" :ال تَْبلغُ شفاعتي ً
ِ
العصابة:
القدماء ،وثانيهما غويون ِ ِ
ُ أحدهما التفت إليه اللّ ّ
الليانُ ،
تطوران د ّ
وقد اعترى داللةَ هذه الكلمة ّ
معنوي ٍة.
ّ نفسي ٍة ٍ ِ ِ اللة الهامشي ِة وما يقترن ّ ِ
بالداللة المركزّية من إيحاءات ّ ُ ّ
بالد ِ
مساس ّ
ٌ حادث له
ٌ
أن ٍ
فارس ّ ابن ِ
مقاييس ِ صب اللّ ّي( ،)3وقد جاء في الع ْ
أن أص َل َ اللي فباعثُه ّالد ّطوُر ّأما التّ ّ
ّ
فرع ذلك "ثم ُي ِّ ٍ ٍ صحيح يد ّل على ر ِ
مستديراّ ،
ً بشيء مستطيالً أو شيء بط ٌ الباء أص ٌل
اد و َ الص َ
العين و ّ
َ
ٍ
فارس ابن ِ ِ ٍ 4
ٍ فروعا ،وكلُّه راجعٌ إلى
القياس الواحد الذي ألمح إليه ُ ومما يرجعُ إلى
قياس واحد"( )ّ ، ً
أن ق جماعةً ما بين العش ِرة إلى األربعين ،والذي الساب ِ ِ ِ
يظهر ّ
ُ "العصابة" ،فقد كانت تعني في كالم ّ
كانت وسيلتُه االستعارةَ مجيئها ذاك قد أن ِ ِ
ْ َ يب ّ
الداللةَ آتيةٌ من المعنى المتقادم ،وال ر َ هذه ّ
متعصبين ملتفّين كأن أهلَها يتحلّقون ويستديرون ِ ِ ِ
ّ أيضا العمامةُ ،والعصابةُ ّ مثيل ،فالعصابةُ ً والتّ َ
العصب ُة صبت ،أي كأ ّنها ُرِبط قد ع ِ
بعضها ببعض ،و ُ ُ صبة أل ّنها ْ ُ س ِّميت ُع ْ مترابطين" ،وا ّنما ُ
ير و ِ
الخيل"(.)5 العصاب ُة ِمن ال ّن ِ
اس والطّ ِ وِ
112
القارِة ِ الداللةُ الهامشيةُ التي تحيطُ بتلكم ّ ِ
الداللة المركزّية ّ ّ فمضماره ّ
ُ الحادث
ُ اللي
الد ُّ
طوُر ّأما التّ ّ
ّ
ق طر ِ
سوداويةً عند َ
ّ سلبياً ،وظالالً
إيحاء ّ
ً اليوم يستحضرون
َ ناء العر ّبي ِة
بي ،فأب ُ
ِ
المعجم العر ِّ في
للعيث فيِ وشركاءهم أمرهم مسامعهم؛ إذ ّإنها تد ّل على ثلّ ٍة من ّ
الن ِ كلمة ِ
ِ
َ اس أجمعوا َ َ "عصابة"
وعصابات المافيا ِّالحِ ،
يب الس ِ فسادا ،وصرنا نسمع أو نق أرُ :القبض على ِع ٍ
صابة لتهر ِ ً ِ
األرض
ُ ُ
تقتحم...
ُ
ِ
داللة اقع في
اللي الو ِ طوِر ّ
الد ِّ ِ بد ِمن التّعر ِ
يج عليه استكماالً الستشراف التّ ّ وثم ملحظٌ ال ّ ّ
اليوم ال ير و ِ
الخيل و ّ ِ بل على الطّ ِ ِ غير مقتص ٍرة على ِ ِ
الناس ،و َ وحدهْ ،
اإلنسان َ كانت َ
ْ فقد
العصابةْ ،
ار دالليةً متراكمةًِ ،
فمن ِ ِ الن ِ
أن لداللة "العصابة" أطو ًا ّ يظهر ّ
ُ اس ،وهكذا تكون مقصورةً إالّ على ّ
تكاد ُ ُ
بالناس ،إلى ِ
تخصيصها ّ غيرهم ،إلى مجموعة ِمن ّ
الن ِ
اس أو ِ ٍ اللّ ِّي وال ّش ّد ،إلى تمثّ ِل هذ المعنى في
وي َم ّج.
ذكره ُ ِ
ستقبح ُ
مما ُي َ
صيرورتها ّ
طف:
الع ْ
َ
الذي يقع تحتَه معنيان أو أكثر ،فقد تد ّل على ال ّش ِ
فقة، المشترِك اللّ ِّ
فظي العطف ِمن
ِ وكلمةُ
ُ ُ َ
ابع ،وقد يد ّل على معنى ِ
ينتسب إلى ملحظ التّو ِ بر ِ
أسه حو ٍ
قائم الن ِ
مصطلح في ّ
ٍ وقد تد ّل على ْ
ُ
ذات
طف" ُ "الع ْ ٍ
المعاني المذكورةَ التي تلتقي عليها داللةُ َ
َ أن هذهالحني ،واخا ُل ّ
ثالث ،وهو المي ُل و َ
االنحناء ،وك ّل ما يأتي ِ
األصل ،وهو المي ُل و القدماء إلى ذلكم عت منه ،وقد التفتتفر ْ ٍ ٍ
ُ ُ أصل واحد ّ
ولطف ٍ
نظر. ِ بروي ٍة ِ الماد ِة يرجعُ إلى هذا ِ ٍ ِمن ٍ
اللي ّ
الد ِّاألصل ّ لكلمات هذه ّ استعماالت معان أو
ِ
العطف: القدماء في ِداللة
ِ النظر في أقو ِ
ال ِ ِ
ل َن ْرجع ّ َ
وعياج(.)1 ٍ
انثناء ِ ٍ
فارس يد ّل على صحيح عند ِ
ابن الفاء أص ٌل
ٌ اء و ُ العين والطّ ُ
ُ -
ِ
الوسادة ِ
الغصن و ِ
كعطف ِ
اآلخر، العطف يقا ُل في ال ّشيء إذا ثُنِي ُ
أحد طرفَيه إلى ُ -
و ِ
الحبل(.)2
يت بذلكسم ْسي ،وقد ِّ ُ ِ ِ
العطائف الق ّ الخشبة فانعطف ،أي حنيتُه ،و أس
عطفت ر َ
ُ -نقول:
وتعاطف في مشيِه:
َ منعرجه ومنحناه،
ُ ومنعطف الوادي
ُ النحنائِها ،كما ُس ِّميت َحنِّية،
عنقه ،أي النثنائِه ،و
جل ،وهما ناحيتا ِ
ّ لوقوعه على ِع ْ
طفي الر ِ ِ داء ِعطافًا
الر ُ وس ِّمي ّ
تثنىُ ،
ّ
حن عليه وأشفق، 3 ِ ِ
للميل وال ّشفقة إذا ُع ّدي بعلى"( ) ،فنقولَ :عطَف عليه إذا ّ يستعار
ُ "قد
ْ
113
حوي يسري فيه ذلكم الن َّ
العطف ّ
َ أن فكأنه يمي ُل عليه ويقرُبه ويحضُّه ،وما ِمن ر ٍ
يب ّ ّ
ّ
المعطوف عليه ،تابعٌ له ،متأثٌّر بحركتِه.
ِ نحو
المعطوف ُمما ٌل َ
َ فكأن
المتقادمّ ،
ُ المعنى
الع ْفو:
َ
االسم ال ّشريف "فَعول"، فية التي ِ
أودع فيها هذا ِ ِ ِ
ُ الصر ّ
الصيغةُ ّ
العفو ،و ّمن أسماء اهلل الحسنى ّ
ِ
االستعمال غة وك العقاب عليه ،وأص ُل هذا المعنى في اللّ ِ نب ،ويتر ُيتجاوز عن ال ّذ ِ
ُ والمعنى ّأنه
َ
ذنبك ،وهو مأخوٌذ ِمن: دعاؤنا "عفا اهللُ عنك" معناهَ :محا اهلل َ
ُ يصبح
ُ مس( ،)1وبذلكحو والطّ ُالم ُ
َ
2
امحى ،وعفا المنزُل، األثر :درس و ّ
أيضا :عفا ُ اآلثار إذا درستْها ومحتْها( ) ،ونقو ُل ً َ يح
الر ُ
َعفَت ّ
لعثمان - ِ
المتقادم قو ُل ِّأم سلمةَ الساب ِ
ق بالمعنى ِ
َ ومما جاء في كالم ّ درستّ ، ْ ونحوها:
ُ الد ُار
وعفت ّ
رضي اهلل عنهما" :-ال ِّ
تعف سبيالً كان رسو ُل اهلل-صلّى اهلل عليه وسلّم -لَ َحبها" ،والمعنى :ال
اس
طمس واندر ٌ
ٌ العفو الذي هوتجاوز عن ال ّذنب ،و ِ
ٌ عفو الذي هوأن بين ال ِ
تطمسها ،والظّاهر ّ
ْ
عروةً وثقى(.)3
الدين:
ُ عقوق الو َ
كأنه ِ
بالحجازّ ، العقيق" ،وهو و ٍاد ِ ق( ،)4وبهذه ّ ِ
الداللة قد ُوسم " َ العق هو ال ّش ّ
داللة ّ ِ األص ُل في
ٍ 5 ِ
فارس جميعَ ابن
الم( ) ،وقد قلّب ُ ألف و ٌ
االسم ولزمتْه ٌ الصفةُ غلبةَ
غلبت عليه ّ ْ ق ،وقد
ق أو ُش ّ ُع ّ
احد يد ّل على
القاف أص ٌل و ٌالعين و َ أن ِّ ِ ِ ق ِمن هذا
َ األصلي ُمْلم ًحا إلى ّ الجذر على المعنى ما اشتُ ّ
ِ
استعماالت نظر"( ،)6و ِمن ِ
بلطف ٍ نقير قال" :واليه يرجع فروعُ ِ
الباب أم ِل والتّ ِ ٍ ِ ال ّش ِّ
ُ وبكثير من التّ ّ ق،
ووسعه ِ الس ِ بي ّأنه يقال ِّ الجذر ودورانِه في ِ ِ
األرض فأنهره ّ يل في ماء ّ لكل ما شقّه ُ الكلم العر ِّ هذا
ِ
األرض ،ويقال :عقّت العقّة :حفرةٌ عميقةٌ في ِ
األرض مستطي ٌل ،و َ حفر في
قٌ : الع ّ
أن َ عقيق ،و ّ
ٌ
ِ
وسط البرق ،إذا رأيتَه في انعق ِ
الباب كأنها تشقّه شقًّا ،و ِمن
استدرتْه ّ تعقُّه إذا
ُ ّ ّ المزن ُ
َ يح
الر ُ
ّ
أما 7 ِ الس ِ
ق والقطعُ"( )ّ ،األصل ال ّش ّ العق في
انشق ،و" ّ
ّ وب إذا
انعق الثّ ُ
سيف مسلو ٌل ،و ّ
ٌ كأنه
حاب ّ ّ
( )1انظر :ابن األثير ،النهاية ،265/3 ،وابن منظور ،اللسان ،مادة عفو".
( )2انظر :ابن منظور ،اللسان ،مادة "عفو".
( )3انظر :ابن األثير ،النهاية ،265/3 ،وابن منظور ،اللسان ،مادة "عفو".
( )4انظر :ابن فارس ،المقاييس ،مادة "عقق" ،وابن منظور ،اللسان ،مادة "عقق".
( )5انظر :ابن منظور ،اللسان ،مادة "عقق".
( )6ابن فارس ،المقاييس ،مادة "عقق".
( )7انظر هذه المعاني :ابن فارس ،المقاييس ،مادة "عقق" ،والزمخشري ،األساس ،مادة "عقق" ،وابن منظور،
اللسان ،مادة "عقق".
114
ِ
األصل ولكنهما يلتقيان على تطوٌر -ففيها قوالن متباينانّ ، ِ ِ ِ
العقيقةُ – وفي داللة هذه الكلمة ّ َ
1
الجلد( )،
َ ألنه ُّ
يشق ِ
المولود عقيقة؛ ّ عر الذي يخرُج على ر ِ
أس الشق" ،فقد قيل لل ّش ِ اللي "القطع و ّ الد ِّ
ّ
ودجاها حلقومها َ ق
في َش ّ طع ،ثم قيل لل ّذ ِ
ُ ذب ُح ُ
ألنها تُ َ
بيحة عقيقة ّ ويق َ ُ ّ ق ُ ألنه ُي ْحلَ ُ
سمي بذلك ّ وقيل ّإنه ِّ
عد َّ
الش ِ
عر بيح إلى ِّ ِ ِ 2
ي في داللة العقيقة التي هي ال ّشاةُ ال ّذ ُ الزمخشر ّ قطعا( ) ،وقد جنح ّ ومر ُيئها ً
اجتماعياً لغوياً ٍ 3 ِ
ّ تفسير ّ
ًا منظور هذا ابن
فسر ُ وي ْقطَعُ أصالً ،وال ّشاةُ مشتقّة منه( ) ،وقد ّ ق ُالذي ُي ْحلَ ُ
ت ِ ِ ِ ٍ ٍ
كانت معها أو ْ غيرها إذاباسم ِ فقال في عبارٍة ُم ْع ِجبة دالّة" :وهذا من األشياء التي رّبما ُس ّ
مي ْ
الش ِ
عر"(.)4 ِ
لعقيقة َّ يت ال ّشاةُ عقيقةً ِمن سببِهاِّ ،
فسم ْ
ِ
االستعمال ،وا ْن ِ
صعيد إن على غدت للقار ِ ِ
جليةً ْ
ئ ّ ْ العق
أن داللةَ ّالعرض– ّ بعد هذا
إخا ُل – َ
الدين وتخلُّ ِ
ق ق الو َ يلبث قليالً عند عقو ِ
أن َ ِ ِ ِ صعيد استشر ِ
ِ
اآلن ْ
األصل المتقادم ،وللباحث َ اف على
المتعي ُن
ّ بيانه ،والمعنىالمتقدِم ُ
ّ ِ
المتقادم داللتِها ِمن المعني الماديِّ ،فاألص ُل مأخوٌذ ِمن المعنى
يصل َرِح َمه(.)5
ْ ط َعهما ولم شق عصا طاعتِهماّ ،
وكأنه قَ َ وم َعقّة" ّأنه ّ
الديه عقوقًا َ ِمنّ " :
عق و َ
تعا َل:
صل ِ
داللة األ ِ خاصةً تشطُّ عن
ّ أن الكلمةَ قد تأخ ُذ داللةًللمتدب ِر ّ
ّ
ِ
المباحثة يتجلّى وفي هذه
يعتوره ِمن معنى كلّ ٍّي ،فهذه الكلمةُ "تعال" اشتُقَّت
ُ
ِ
بخالف ما قد تغدو مفارقةً له ،أو
الجامع ،بل ْ
ِ
تفاع ،فال يش ّذ عنه
مو واالر ِالس ِّ
احد يد ّل على ّ فارس أص ٌل و ٌ ٍ عند ِ
ابن ماد ِة "علو" التي هي َِمن ّ
ينتظمه خيطٌ
ُ العلي ،و ،...ك ّل ذلك
العلياء ،والمتعالي ،و ّ
ُ العالء ،والعاليةُ ،و
ُ شيء( ،)6و ِمن ذلك
ٌ
تفاع.
تقدم ْقبالً– باالر ِ
يوسم -كما ّجامع َ
115
أقبل،
تفع و ْ ِ ٍ ٍ كمن ينادي ِمن ٍ
شخص في واد باإلقبال ،والمعنى :ار ْ جبل على إلى َمن هو فيها أدنىْ ،
ابن ِ ِ
الكالمي ،وقد التفت –كما يقو ُل ُ
ِّ الحدث قطبي
بالض ّد ،فقد تأتي من َ ّ األمر
َ أن
الحق ّو ّ
ق ِ
الكلم مع ِجبةً تد ّل على بصي ٍرة ّ
وتدب ٍر في اشتقا ِ طوِر ّ
اللي التفاتةً ْ
الد ِّ اء إلى هذا التّ ّ الفر ُ
يّ - األنبار ّ
ثم أكثروا ِ بي ،فقال في عبا ٍرة دالّ ٍة مبِ ٍ
تفع"ّ .
تفاع ْل من "العلّو" ،أي" :ار ْ
تعال"َ :
ينة" :أص ُل " َ ُ العر ِّ
ِ
المنخفض ،للذي هو الموضع
ِ الرج ُل يقو ُل ،وهو في
أقبل" ،فصار ّاستعمالَه حتّى جعلوه بمنزلة " ْ
أقبل"(.)1
تعال ،يريد ْ
تفعَ : ِ
المكان المر ِ على
ِ
وعياط ِ
اليوم، ِ
عياط الجامع بين
ِ ِ
الوجه استشفاف
ُ مضماره ِ
القول ف ِمنويبقى مستَ َأن ٌ
ُ
كانت تد ّل
ْ تقدم آنفًا مجموعةٌ ِمن المعاني التي
وقد ّ فصياح،
ٌ أما ِ
أمس فبكاء ،و ّ
ٌ اليوم
أما َ األمسّ ،
عيط":
عليها "التّ ّ
المدعو في مكان أعلى من مكان الداعي أو مكان دونه" .انظر :اللسان ،مادة "عال".
( )2انظر :ابن فارس ،المقاييس ،مادة "عيط".
( )3انظر :ابن فارس ،المقاييس ،مادة "عيط" ،وابن منظور ،اللسان ،مادة "عيط" ،والفيروزأبادي ،القاموس ،مادة
"عيط".
( )4انظر :ابن منظور ،اللسان ،مادة "عيط".
( )5انظر :ابن منظور ،اللسان ،مادة "عيط".
( )6انظر :الفيروزأبادي ،القاموس ،مادة "عيط".
( )7الزمخشري ،األساس ،مادة "عيط".
116
فإن ِ ِ ِ الحجر أو ال ّش ِ
ِ العياط مأخوذاً ِمن نب ِع -فإذا كان ِ
العود وخرو ِج شبه الماء منه ّ جر أو
العود أو ِ ِ
عياط الالّح ِ جلي بين ِ ثم وجه ٍ
ُ ق تسي ُل وتنبعُ بالماء كما ينبعُ فالعين في
ُ طين، العيا َ شبه ٍّ ّ َ
الن.
الحجر ،والمعنى الجامعُ هو الس ََّي ُُ
الس ِ ِ ِ ِ ِ
كر فالمعنى صياح األش ِر ،عند ّ ياح ،أو
الص ِالجلَبة و ّ
كانت مأخوذةً من معنى َ ْ -واذا
حيب .و ّأياً كان المعنى فالذي يتجلّى الن ِ ِ
كالولولة و ّ صوت، يقترن ببكائِه الباكي قد أن
ٌ ُ َ الجامعُ ّ
الساب ِ
ق ،وا ْن كان بينهما أرومةٌ ِ ٌ ِ ِ ط في ِ
كالم الالّح ِ ئ المتدب ِر أن ِ للقار ِ
مفارق للعياط في كالم ّ ق العيا َ ّ ّ
جامعةٌ.
ِ
الغائطُ:
أد ِب ِ ِ ِ
مقامات التّ ّ للمتدب ِر ُ
أثر ّ الكلمة يتجلّى اقع في هذه
اللي الو ِ طوِر ّ
الد ِّ وفي استشراف التّ ّ
المكث ِ
المقام هو ِ
العناية في هذا يؤخ َذ ِ
بعين أن َ ِ ِ تطوِر ِ
ُ يحسن ْ
ُ األلفاظ ،والذي دالالت والتّلطّف في ّ
اء أص ٌل يد ّل علىالغين والو َاو والطّ َ
َ أن
نجد ّ
يض ُ مدخل ِد ٍّ
اللي عر ٍ ٍ فمنالمتقادمِ ،
ِ عند ذلكم المعنى
الغوطة ،وهي سميت ُ الرج ُل في الوادي إذا غاب فيه ،ومنه ِّ
1
وغور( ) ،وقد قيل :غاط ّ ٍ ٍ
اطمئنان
فأد ِب والتّلطّ ِ ِ
مقامات التّ ّ وبالع ِ
ود على ِ
القعر، وبئر غويطةٌ بعيدةُ ِ ِ
َ األرض المطمئّنةٌ ، الوهدةُ في
َ
أن المرَء إذا ما أراد ِ ِ ِ ِ
طا ،وعلّةُ هذا ّ الغذاء غائ ً الحدث وثف ُل
ُ سمي
لعرض الفكرة ّ حسن التّأتّي في
اس" ،ثم قيل للبرِاز ن ِ التّ ّبرَز ارتاد غائطاً ِمن
الحدث،
ُ فسه ،وهو الن ِ ّ ِ
أعين ّ يغيب فيه عن
ُ ِ
األرض
ِ
بالمتروك ،واذا نحن الي
اللي الغز ُّ
2
الد ّطوَر ّ وسم هذا التّ ّ وقد َ
سببا له"( )ْ ، غائطٌ كنايةً عنه؛ إذ كان ً
ِ
ضرب مثاالً ُيبِ ُ
ين َ وقد
أصالًْ ، يصير ُْ قد
يصير فَرًعا ،والفَرعُ ْ
ُ قد
األصل ْ
َ فإن
استرجعنا لغةَ الفقهاء ّ
ْ
فناء ِ بيانه ،و ِمن ذلك الغائطُ والعِذرةُ ،و ِ لمتقدِم ُ
ظر ا ِّ مقصوده ِمن هذا ّ
الن ِ ِ
العذ َرةُ في أصلها ُ َ ََ عن
ْ
الغائط الذي هو ِ تدل على فغدت ُّ االجتماعي غوي ِ
االستعمال اللّ ِّ ِ
بفعل رت
تطو ْ الد ِارّ ،
ْ ِّ ولكنها ّ ّ
الف ِ
ناء ،كما ُكّن َي باسم ِ ِ
باألفنية ،ف ُكّني عنها ِ كانت تُلقَى ألنها
ات ّ يت عِذر ٍ 3
َ ْ السْل ُح( )" ،وقيل ّإنها ُس ِّم ْ َ
َّ
المطمئنةُ ،عنها(.)4
ّ األرض
ُ الغائطُ ،وهي
117
طوِر اللّ ِّ
غوي ات التّو ِ والظّاهر إذاً أن مقامي ِ
قد أذن بهذا التّ ّ االجتماعي ْ
َّ غوي
العرف اللّ َّ
اصل ،و َ ّ ّ ُ
اليوم َعِذ َرةً أو غائطاً" ،وهو ير ُ
يد َ أيت
قال" :ر ُ أن قائالً َ ولو ّ ِ
ان عليه إلفُناْ ، مما استحكم فر َ فغدا ّ
كالمتروك بع ِ
رف ِ صار الد ِارّ ،
ألنه وفناء ِّ ِ
األرض ئن ِمن
تقاد َم " ْلم ُيفهَ ْم ِمنه المطم ُّ
المعنى الم ِ
ُ َ ُ
كالحقيقي،
ِّ المجاز
ُ ِ
تردد اللّفظ بينهما ،وليس ِ الوضعي في ّ
ِّ في كالمعنى ِ
االستعمال ،والمعنى العر ُّ
ِ ِ 1
هجس
َ أن هذا الذياإلعجاب ّ يقود إلى
ومما ُ للعرف"( )ّ ، الحكم ُ
ُ فياً كا َن
صار عر ّ
المجاز إذا ََ لكن
ّ
الحديثة ،و ِمن ذلك وقفةُ "فندريس" ِ غوي ِة ِ
أنظارهم اللّ ّ العرب قد تلقّفه الغر ّبيون في
ُ المعجميون
ّ به
تطوِر ِ فقد عرج على البو ِ ِ ِ
االجتماعية التي تفع ُل في ّّ اعث عند هذا المثال على وجه التّعيينّ ْ ،
كلمة ِمن
ٍ ألن "استعارةَ ِ
األلمانية؛ ّ
ّ ومثّ َل لهذا ب " ”pissoirفي ِ ِ
دالالت األلفاظ مراعاةً للّياقةَ ،
ِ
ِ
الكناية"(.)2 دور ِ ف ِمن
تلعب َ ُ يعبر بها عنه ،فهي افتضاح ال ّشيء الذي ّ ِ الخارِج تخفّ ُ
صة:
الفُ ْر َ
أن هذهاهر ّاللي الواق ِع في "الفَ ْرض" و"الفرصة" ،والظّ ُ طوِر ّ
الد ّ جلياً بين التّ ّ
ثم َم ْش َبهًا ّ
أن ّ إخا ُل ّ
االنقطاع عن
َ المدرسي ،تعني
ِّ االستعمال في العربي ِة المعاص ِرة ،فهي ،على الص ِ
عيد ِ الكلمةَ ذائعةُ
ّ ّ
الحق
الن ْهزة" ،و ّ ِ
داللة " ُّ آخر ،نلفيها قريبةً ِمن ٍ يس إلى ٍ اسة أو التّدر ِ الدر ِ
مسمى ،وعلى صعيد َ أجل َّ ّ
ِ
العناية في عين ِ ِ أن تَْينِك ّ
أن نولَّيه َ يجب ُْ ولكن الذي ّ األمس، داللة الداللتَين ليستا ببعيدتَين عن
األصل في "الفَ ْرص" القطعُ ،ومنه أن الداللي الواقع ،فقد جاء في اللّ ِ ِ
َ سان ّ طوُر ّ ّ هذه المباحثة التّ ّ
يضة الطّ ِ
بحديدة عر ٍِ ِ اخر ْق في أذنِها ِّ ِ ص نعلَك ،أيِ :
رف الجلد شق
صّ : للشراك ،والفَ ْر ُ يقا ُل :ا ْف ِر ْ
ِ ٍ ت ْف ِر ُ
3
الجامع ثانيةً وثالثةً كما
ِ اللي
الد ِّ األصل ّ تنبه إلى فارس قد ّ ابن
أن َ الحق ّ
صا( ) ،و ّ صه بها ْفر ً
شيء عنٍ اقتطاع يدل على صحيح ُّ اد أص ٌل الص ُ
ِ ٌ اء و ّالر ُ
فالفاء و ّ
ُ مادة "فرض"، هي الحا ُل في ّ
القطن ،ولعلّها مأخوذةٌ ِمن: ِ وف أوشيء( ،)4و ِمن ذلك الفرصةُ(مثلّثة الفاء) :القطعةُ من الص ِ
ّ
ٍ
اص(.)6 ِ ِ يء ،أي قطعتُه( ،)5ولذلك كلِّه قيل
الفضة :م ْفر ٌ
ّ للحديدة التي تُ ْقطَعُ بها صت ال ّش َ فَ َر ُ
118
الوقت المقطوعُ كأنها
المدرسي ،فهي ّ داللة "الفرصة" على الص ِ
عيد ِ البحث عن أما ٍ 1
ُ ِّ ّ ُ بعجلة"( )ّ .
اللي
الد ِّ ِ
األصل ّ ان هذا ِ المتقدِم، الدر ِ ِ ِمن
يستقر في نفسه دور ُ
ُّ ّ اسة ،ولع ّل المرَء ،بعد هذا ساعات ّ
قصةً ،فقد ِ ِ ٍ شتق ِمنه ِمن
أن ُي َّ العر ِ
أن للفُرصة المتقادمة ّ الحق ّ
كلمات ،و ّ يمكن ْ
ُ جميع ما
ِ يض في
فأد ِل، لماء ،فقيل :إذا جاءتْك فرصتُك ِمن ِ
البئر ْ القوم يتناوبونها على ا ِتكون بين ِ ُ قيل ّإنها النَّ ْوبةُ
وفرصتُه ههنا :ساعتُه التي ُيستقى فيها(.)2
الفَ ْرض:
يرد ِمنها في اللّ ِ
سان بي ،و ّأو ُل ما ُ ِ
المعجم العر ِّ ماد ِة "فرض" في تحت ّ تتعد ُد المعاني التي تقعُ َ ّ
ضا إذا أوجبتُه ،و ِمنه قولُه –تعالى- ضه فَ ْر ً يء ِ
أفر ُ فرضت ال ّش َ
ُ اجب ،فنقو ُل: الفرض الذي هو و ٌ ُ
العمل بما فُ ِرض فيها ،و ّ
3
أن هذا المعنى الحق ّ َ ":سورةٌ أنزلناها وفرضناها"( ) ،والمعنى :ألزمناكم
الفرض القطعُ"(،)4ِ أصل
أن " َ متقادم؛ ذلك ّ ٍ ٍ
أصل اح عن حادث منز ٌ المتداول ما هو إالّ ائع
ٌ َ ال ّذ َ
ِ
كفرض أثير فيه ِ ِ ِ 5 ِ
الراغب" :قطعُ ال ّشيء الصُّلب والتّ ُ الحز في ال ّشيء والقطعُ( ) ،وهو عند ّ وقيل ّ
اليوم غوي ِ ِ الحديِد"( ،)6والظّاهر بال ر ٍ
َ األثر بهذا المعنى المتقادم المتواري عن إلفنا اللّ ّ َ أن
يب ّ ُ
وفرضت
ُ َّير ِ
وغيره، الزْنِد والس ِ الحز في ِ
الق ْد ِح و َّ ضّ : بي ،و ِمن ذلك :الفَ ْر ُ
ِ
المعجم العر ِّ مستفيض فيٌ
ابن ِ الزْن َد و ِ
العود و َّ
حززت فيهما َح ّزا ،والم ْفرض :الحديدةُ التي ُي َح ّز بها ،وقد التمس ُ ُ المسواك: َ
ماد ِة
ق عن ّ كل ما يتخلّ ُ بصره هذا المعنى االشتقاقي الجامع في ِّ
َ ّ
ِ ِ
وثاقب تأمِله ِ
فارس ببعيد ّ ٍ
ِّ
بالحز سميت بذلك تشبيهًا النهر ،وقد ِّ الم ْش َرعةُ في ّ "فرض" ،و ِمن هذا ِ
عنده "الفُ ْرضة" ،وهي َ الباب َ
ض من جوانبِه، ِ في ال ّش ِ
ألنه ُي ْف َر ُ
وس ِّمي بذلك ّ رسُ ، ض :التُّ ُ هر ،والفَ ْر ُالن ِ
طرف ّ حز في ألنها كال ِّ يء ّ
ِ
الحادث، ضداللي ٍة بين الفَ ْر ِ ٍ
اف وشيجة ّ خاطر باعثُه استشر ُ ٌ الباحث
َ يعترض
ُ وي َح ّز ،وقد
أي ُيقطَعُ ُ
باب عتيد ،فمن هذا ِ ٍ اب عند ِ ِ
الباب ،أعني َ حاضر ٌ ٌ فارس ابن اجب ،وذاك المتقادم ،والجو ُ أعني الو َ
وحدودا"(،)7
ً معالم ألن له
سمي بذلك ّأسماؤه ،و" ِّ
ُ ست
تقد ْ
ض الذي أوجبه ّ اشتقاق الفَ ْر ِ
ُ "فرض"،
َ
القطع ،وكذلك فرائض اهلل؛ و ِمنها فرض الص ِ
الة، ِ ِّ
بالحز أو فرضنا شيئاً فقد أثّرنا فيه
ْ ونحن إذا
ّ ُ ُ
119
الحاكم
ُ ضهيفر ُ ٍ
فارس ما ِ الباب ذاتِه عند ِ
ابن ِ الحز ِ
للق ْد ِح"( ،)1و ِمن ِ
كلزوم ِّ و" ّإنما هو الزم ِ
للعبد ٌ
ِ 2 ِمن ٍ
ومما جاء
كاألثر في ال ّشيء( )ّ ،ِ معلوم َيبين
ٌ شيء
ٌ ألنه
وسمي بذلك ّ غيرهاِّ ، نفقة لزو ٍج أو ِ
طعاً
3
مفروضا"( ) ،والمعنى :مقت َ نصيبا ِ
عبادك خذن ِمن ِ
ً ً المتقادم قولُه –تبارك" :-ألتّ ّ بالمعنى
السالم" :-لم ِ مقطوعا( ،)5و ِمنه محدودا( ،)4وقيل:
الحديث في صفة مرَي َم -عليها ّ ُ ً معلوما
ً ً
حديث الم( ) .و ِمنه
6
ولد"؛ أي لم يؤثِّْر فيها ،ولم َّ
ُ الس ُ
المسيح عليه ّ
ِ قبل
يحزها ،يعني َ يفترضها ٌ
ْ
طي في ألفَين، جل ِمن ٍّ يفرض للر ِ
ُ ّ أناس ِمن قومي ،فجعل ٍ بن الخطّ ِ
اب في عمر َ
أتيت َ عديَ " :ٍّ
ِ
العطاء(.)7 لكل ِمنهم في ألفَين في ويوجب ٍّ
ُ عني" ،أي يقطعُ ويعرض ّ
ُ
القَ َزم:
ٍ
دناءة الميم كلمةٌ تد ّل على الساب ِ ِ زم عند الالّح ِوللقَ ِ
اي و ُالز ُ
فالقاف و ّ
ُ ق، تفترق عن داللة ّ
ُ ق داللةٌ
الماد ِة ّ ِ رف مجالَه في اللّ ِ ٍ
8
سيقف
ُ فإنه مضمار هذه ّ سان في الدناءة( ) ،واذا ما جال الطّ ُ
ولؤم ،والقَ َزُم ّ
على:
120
ِ
األشياء :قَ َزم. للرذال ِمن
-و ّأنه يقا ُل ّ
يف ّأنه كان –صلّى اهلل عليه وسلّم– يتعوُذ ِمن ِ
القزم ،وهو الحديث ال ّشر ِ
ِ -وقد جاء في
ّ
ؤم وال ّش ّح(.)1
اللّ ُ
يظهر ّأنها في صر ،والذي ِ ِ القزم في عر ّبيتِنا المعاصرِة فهو
ُ المفرطُ في الق َ القصير
ُ أما ُ ّ
نت بداللتِهاسوداوي ٍة ،بل اقتر ْ
ّ هامشي ٍة
ّ ٍ
وظالل سلبي ٍة، ٍ
تعد مقترنةً بإيحاءات ّ ق لم ْ ِ
كالم الالّح ِ
تقييدين:
يقوم على َ كالم ّ ِعماد داللتِها في ِ ِ
السابق ُ َ أن
على الوصف الجسديِّ ،والذي يظهر ّ
ِ
لداللة األصول المقي ِ
ِّدة ِ الدناءةُ ،وهذا ِمنؤم و ّ
قي فهو اللّ ُ الخلُ ّ
أما ُ قيّ ،وآخر ُخلُ ّ
ُ قي
ّأولُهما َخْل ّ
ق.كالم الالّح ِ الد ِ
اللة في ِ القصر ،وهذا مح ِّد ُد هذه ّ قي فهو الساب ِ ِ
ُ الخْل ّ
أما َق ،و ّ "القزم" في كالم ّ
القاموس:
ُ
القاموس– ِمن
َ أن
ق ّ الساب ِ
عند ّق ،فجماعُ المعنى َ كقاموس الالّح ِ
ِ ق ليسالساب ِ
وقاموس ّ
ُ
ِ
أوصال هذه ائر في ٍ ِ داللي ٍة- ٍ
الس َ
الجامع ّ
َ ملتمسا المعنى
ً فارس ابن
يقترن بالماء ،وقد قال ُ
ُ ّ وجهة
يسمى ِ ٍٍ ِ صحيح ُّ الماد ِة:
نفسه ّ الماء ُ
غمس شيءَ في الماء ،و ُ يدل على ٌ ين أص ٌل
الس ُ
ميم و ّ
"القاف وال ُ
ُ ّ
ثم يرتفعُ فقد قَ َمس، ِ ُّ ٍ ُّ ِ 2
بذلك( ) ،فنقول :قَ َمس في الماء إذا انغطّ فيه ،وكل شيء ينغط في الماء ّ
اس ِ ِ ِ
غابت فيه ،والقام ُس والقَ ّم ُ
ْ الماء إذا الد ُلو في
ست ّ الماء إذا غاب فيه ،وقَ َم ْ الرج ُل في
وقَ َمس ّ
الهذلي:
ِّ شعر أبي ٍ
ذؤيب اص ،وقد جاء في ِ الغو ُ ّ
وهيج(.)3
ُ النبو ِح
تقطيع ّ
ِ بعد
لها َ ٍ
قامس درةُ
همي ّ
الس ِّ
كأن ابنةَ ّ
ّ
ي
الزمخشر ُّ
غور فيه ،و ّ
موضع ًا
ٍ أبعد
ومعظمه ،وقيلُ :
ُ ِ
البحر ،وقيل وسطُه قعر
القاموس ُ
ُ و
تقدم ِمن ٍ
بيان يجلّي 4
قعره األقصى( ) ،ولع ّل هذا الذي ّالبحر :في ِ
ِ ِ
قاموس يقو ُل :غرق في
قاموس
ٌ المعجم الساب ِ
ق ،و قاموس عند ّ
ٌ فالبحر
ُ ق،ق والالّح ِالساب ِ ِ
القاموس عند ّ الوشيجةَ بين معنى
ُ
وكأن
ّ لوجدان ضالّتِه أو مكنوناتِه،
ِ سيغوص في ِ
قعره ُ
لداللة ٍ
كلمة فيه ِ اشد
الن َ
وكأن ّ
ّ ق،عند الالّح ِ
ِ
المحيط على ِ
بالقاموس معجمه غة ،وقد وسم الفيروزأبادي أللفاظ اللّ ِ
ِ
َ عميق جامعٌ
ٌ بحر
المعجم ٌ
َ هذا
البحر ألنه
"القاموس المحيطَ" ّ "سميتُه ِ جوِز ٍ
ُ َ وفاء بالمعنى المتقادم "البحر" ،فقالّ : ً وجه من التّ ّ
األعظم"(.)5
ُ
121
ال َك َدمات:
ِ
ير بجرو ٍح و َك َدمات ،وهو الس ِ
الرج ُل في حادث ّ يشيعُ في عر ّبيتنا المعاص ِرة قولُنا :أصيب ّ
عمومي ٍة
ّ ذات
كانت َ ْ الوقوف عنده داللةُ "الكدمات"؛ إذ ّإنها
َ ولكن الذي ُّ
أود ّ تعبير ال ِشيةَ عليه،
ٌ
الحمار ،وقيل :هو الفم كما ي ِ
كد َُم العض بأدنى ُِّ أشهر معنى لها ق ،ولع ّل الساب ِ
ُ َ َ عند ّ
ساع َواتّ ٍ
ِ عامةً( ) ،و ِمن استعماالتِها التي أ ْ
1
المعجم: ُثبتت في العض ّ
ّ
دوم؛ أي َعضوض.
لكد ٌام و َك ٌ
ّإنه ّ
العض.
ّ وال َك ْد ُم
وحمار م َك َّد ٌم معض ٌ
َّض. ٌ
سمي بذلك ِّ
لعضه. ِ
األرض؛ ِّ ِ
أحناش وال ُك َد ُم ِمن
تنعقد
ُ العرض ّأننا في عر ّبيتنا المعاصرِة ال نتواضعُ على هذا المعنى ،بل
ِ اهر ِمن هذا
والظّ ُ
يكون قر ًيبا ِمن الجرو ِح ال ِمن
ُ يكاد
آخر ُ ِ ِ
الليةُ المتعيِّنةُ من ال َك َدمات على معنى َ
الد ّ
المواضعةُ ّ
ٍ
بحديدة، كدمه إذا أثّر فيه
بي ،فقد قيلَ : ِ
المعجم العر ِّ أن هذا المعنى قد ورد في ِّ
الحق ّ
العض ،و ّ
اح(.)2
رت فيه الجر ُ ورج ٌل َّ
مكدم إذا لقي قتاالً فأثّ ْ
ِ
الكاشح:
ٍ
متدافعة، غير ِ ال اللّغويين في ِ تباين أقو ِ
ومع ِ
جاءت متقاربةَ المعاني َ
ْ داللة "ال َك ْشح" فقد تقييد
خصر ،وقيل ِ غة ما بين الخاص ِرة إلى ِّ فقد قيل إن ال َك ْشح في اللّ ِ
الضلَ ِع الخلف ،وقيل هو ال ُ َ ّ
وباطن ،وعند األزهري هما َك ْشحان يقعان موقع الس ِ
يف ٍ ٍ
ظاهر البطن ِمن
ِ الحشى ،وقيل هما جانبا
َ ّ ّ َ
ِ
داللة ق– على وجه ِمن التّ ِ
وليف والتّوفي ِ ِمن المتقلِِّد( ) ،و ِمن هذه المعاني التي تلتقي -على ٍ 3
( )1انظر :الزمخشري ،األساس ،مادة "كدم" ،وابن منظور ،اللسان ،مادة "كدم" ،والفيروزأبادي ،القاموس ،مادة
"كدم".
( )2انظر :ابن منظور ،اللسان ،مادة "كدم" ،والفيروزأبادي ،القاموس ،مادة "كدم".
( )3انظر :األزهري ،التهذيب ،مادة "كشح" ،والزمخشري ،األساس ،مادة "كشح" ،وابن منظور ،اللسان ،مادة
"كشح" ،والفيروزأبادي ،القاموس ،مادة "كشح".
122
كأنما يطويها في َك ِ
شحه "خصره". يضمر العداوةَ ّ باطنا
عدوا ً
ُ كاشح ّ
يكون ال ُأن َ
أوالهماْ :
كشحه عنه وال
َ عرض عنه بوج ِهه ،فيطوي
وي ُكشحه ُ
َ خصمه
َ كأنه يولّي
يكون ّ
َ أن
وثانيتُهماْ :
كشحه
َ كشحه ،وطوى عنه
َ ِ
األمر ي قولَهم :طوى على
الزمخشر ُّ
وقد جعل ّ
1
يألفُه( )ْ ،
مجازين(.)2
َ
( )1انظر هذه المعاني :ابن فارس ،المقاييس ،مادة "كشح" ،وابن األثير ،النهاية ،175/4 ،وابن منظور ،اللسان،
مادة "كشح".
( )2انظر :الزمخشري ،األساس ،مادة "كشح".
( )3انظر :ابن األثير ،النهاية ،176/4 ،وابن منظور ،اللسان ،مادة "كشر" ،والزمخشري ،األساس ،مادة "كشر".
( )4انظر :الزمخشري ،األساس ،مادة "كشر" ،وابن منظور ،اللسان ،مادة "كشر" ،والفيروزأبادي ،القاموس ،مادة
"كشر".
( )5انظر :ابن منظور ،اللسان ،مادة "كشر".
123
أن الذي َي ِرُد ِ بالض ّد؛ أي للتّجهِّم و فَبدوها ،إذاً ،قد يكون للض ِ
الحق ّ
العبوس ،و ّ ّ األمر
ُ يكون
ُ حك ،وقد ُ ّ ُ ّ
بي معنى المعجم العر ُّ قدم
اللة تتّسعُ للحالَين ،وقد ّ الد ِ
كانت عائمةَ ّ مادةَ "كشر"
أن ّ ِ
ُ ْ الخاطر ّ على
ق ،فاطُّ ِرح ِمن خصيص في ِ
كالم الالّح ِ ِ رت بالتّتطو ْ
الداللةَ ّ
ولكن هذه ّ ِ ِ
بسِم في الوجه والمباسطةّ ، التّ ّ
ِ الد ِ
الع ِ
بوس، الزْمج ِرة و ُ ِ
مقتصرةً على ّ أفهام الالّح ِ
ق وشاعت في
ْ بس ُم،
ك أو التّ ّالضح ُ دائرتِها ّ ّ
اللية ّ
ِ
المباسطة. مطّ ِرحةَ الض ِ
َّحك و
ال َك ْهل:
فضل ٍ
بيان يجلّي َ الدنيا هذه الكلمةَ ِ
ملتم ًسا منهم الدر ِ
اسات ّ في ّ عرضت على طلبتي
ُ قد
كنت ْ
ُ
ِ ِ الكهل وان على ِ
ين
الستّ َ
الكهل َمن َربا على ّ
َ أن
اإلحكام ،فجنحوا جميعاً إلى ّ الاإلبهام وجه ِ ْ ُع ُم َر
أنعمت نظري في قد
وكنت قبلَها ْ بي، ِ
المعجم العر ِّ كذلك في أن ذلك ليس الحق ّ
السبعين ،و ّ
ُ ُ أو ّ
فس و ِ
الفهم: الن ِ
قار في ّ
يفارق ما هو ٌّ
ُ معجمات العر ّبي ِة فألفيتُها على ٍ
نحو ِ كثير ِمن
داللتِها في ٍ
هاية َمن زاد على ثالثين سنةً إلى األربعين ،وقيلِ :من
الن ِ ِ
األثير في ّ -فالكه ُل عند ِ
ابن
ٍ
ثالث وثالثين إلى ِ
تمام الخمسين(.)1
يب(.)2
الرجال الذي جاوز الثّالثين ووخطه ال ّش ُ
-وقيل الكه ُل من ّ
قوته(.)3 ِ ِ ِ
-ويقال له كه ٌل النتهاء شبابه وكمال ّ
شبابهما ،وذلك عند استكمالِهما ثالثًا وثالثين
ُ -وقيل رجل كه ٌل وامرأةٌ كهلةٌ إذا انتهى
سنةً(.)4
124
تم الن ْور"( ،)1وقد جاء في اللّ ِ
يعمها َّ ِ
بت إذا طال وانتهى منتهاه ،أو ّ
الن ُ
سان :اكتهل ّ أن َّ الروضة ْ ّ
2
طولُه ،وأظهر َن ْوره( ).
مجاز
ًا ي
الزمخشر ُّ عد هذا ّ وقد ّغيرهاْ ، الحق وعدل إلى ِ ِّ مال عن طري ِ
ق فألنه َ
الملحد ّ
ُ أما
ّ
ِ 9 ِ
جانبي الجدث( ) ،وهو عند فارس– في أحد َ ٍ فألنه مائ ٌل – في ِ
نظر ابن حد ّ أما اللّ ُ
8
يحا( ) ،و ّ
صر ً
ِ ِ
ٍ القبر إلى جانبِه( ) ،وقد ّ وسط ِ ِ ِ
10
األصل في منظور داللةَ ابن
تلمس ُ األثير قد أُميل عن ابن
قد المي ِت ّ
ألنه ْ موضع ّ َ جانب ِ
القبر ِ يكون في
ُ ق الذي اشتقاقنا "اللّحد" ،فقال في تعر ِيفه ّإنه ال ّش ّ
ِ
ِ ٍ
أُميل عن وسط إلى جانبِه( )ّ .
11
الهدف :مال في
َ هم
الس ُ
ومما جاء بالمعنى المتقادم قولُهم :ألحد ّ
تجد من دونِه ولن المتقدِم قولُه جانبيه(،)12 ِ
َ الحق–تباركْ ":- ّ ّ حمل على هذا ومما ُي َ
ّ َ أحد
125
تدور ِ طيف في هذه ِ 1
الت ُ األصل التي ما ز ْ اآلية هو داللةُ ُمْلتَ َح ًدا"( ) ،والمعنى الكلّ ّي :ملجأً ،واللّ ُ
تجد من دونِه م ِ
عدالً؛ ابن قتيبةَ المعنى :لن َ
2 ِ
َ عد ُ جىء َيمي ُل إليه( ) ،وقد ّ
إن الالّ َ في هذه الكلمة؛ إذ ّ
العدو ُل(.)3 غوي العر ِ
يض الذي هو المي ُل و ُ
ِ
األصل اللّ ّ أي ِمن
اللّ ْغز:
يظهر( ،)4وهذا ِ
خالف ما ضماره على ِ ُّ ُّ َّ
ُ أن الل َغ َز أو الل ْغ َز أو الل َغز هو تعميةُ المراد وا ُمعلوم ّ
ٌ
غز في أصلِه الحفرةُ اليربوعُ يفعلُها ليخفى ،فاللّ ُ ٍ
يض ،وأص ُل ذلك من فعلة كان َ باعثُه التّوريةُ والتّعر ُ
الفأر واليربوِع ،وقد ُو ِسم بهذه
ب و ِ الض ّ
جحر ّ ض ،وقيل هو ُ تحت األر ِ َ حرهيحفرها اليربوعُ في ُج ُِ
ثم تعد ُل عن يمينِه وشماله( )،
ِ 5
أسفلّ ،
َ مستقيما إلى
ً لغزها
تحفر َ ُ الدو َّ
اب ألن تلك ّ ّ ِ
الداللة ّ
جهة ،وتخرُج ِمن ٍ ذات جهتَين ،تدخ ُل اليرابيعُ ِمنتكون َ
ُ األلغاز(الحفر أو الطّرق الملتويةُ) و ُ
جانب ِمنه طريقًا،
ٍ إلغازا ،إذا حفر فيائر :ألغز اليربوعُ ًالس ِ
العرب ّ ِ أخرى( ،)6وقد ورد في ِ
كالم
البدوي بعصاه ابع ،فإذا ما طلبهالر ِ ِ ِ ِ ِ
ُّ اآلخر طريقًا ،وكذلك في الجانب الثّالث و ّ الجانب وحفر في
ِ
اآلخر(.)7 ِ
الجانب جانب نفق ِمنٍ ِمن
126
الجامع بين الم ْل ََ َم َح ٍ ِ ٍ
َ فارس َ ابن
تلمس ُالحادث على المعنى المتقادم ،وقد ّ
َ منظور المعنى ابن
قدم ُ ّ
الزاء أص ٌل يد ّل على التو ٍ
اء في ِ ِ
الغين و ّ َ
أن الالّ َم و َ
القائم على عالقة المشابهة ،فرأى ّ
َ الداللتين،
ّ
شيء ٍ
وميل(.)1 ٍ
اللَّ ْفح:
ضوصف َع َر ٍِ مؤداه إلى
تعبير ّ يشيعُ في عر ّبيتِنا المعاص ِرة قولُنا" :لفحه الهواء" ،ولُِف َح ،وهو
ٌ
ؤذن ِّ ِ ِ ِ الز ِ ِمن أعر ِ
المادة ُي ُ مضمار هذه بي في المعجم العر ِّ نقير فيولكن التّ َ ّ البرودة، كام و اض ّ
إن ٍ لفظي ِ ٍ أمره ،فليس اللَّ ْف ُح ٍ تطوٍر ِ
ثم؛ إذ ّ بمقترن به ّ للبرد ،وال ٍّ بضميم ظاهر ُ داللي
ٍّ بالوقوف على ّ
النار تْلفَ ُحه إذا 2
َّموم( ) ،فنقو ُل :لفحتْه ّ بالن ِار والس ِ
مقترن ّ ٌ أن اللّ ْف َح
بالض ّد ،والذي ورد فيه ّ ّ األمر
َ
بالن ِار سياقان شريفان؛ ّأولُهما قولُهية القترانِها ّ األمثلة المجلّ ِِ بحرها ،و ِمنأصابت وجهَه أو أحرقتْه ِّ ْ
ِ
الكسوف: ِ
حديث ورودها في 3
الن ُار"( ) ،وثانيهما ُ وجوههم ّ تلفح يل العز ِ قدس اسمه -في التّنز ِ
َ يزُ " : ُ –ت ّ
ووه ِجها. لفحها"( ،)4أيِّ : رت مخافةَ أن يصيبني ِمن ِ
حرها َ َ ْ تأخ ُ " ّ
الن ِار
مقترن ب ّ
ٌ فح في العر ّبي ِة الفصحى ِّ
المتقدم ،فاللّ ُ ِ
العرض جلياً ِمن
طوَر قد بدا ّ أن التّ ّ
إخا ُل ّ
ِ
الباب قد
الحر فهو ما عليه َع ُ ِ ِ الس ِ
أما ّ الحر والبردّ ، غويون بين هواء "لَ ْفح" ّ فرق اللّ ّ
موم ،وقد ّ و ّ
الن ْف ُح"(.)5 ٍ
شيء ،بل هو " ّ فح فيالبرد فليس من اللّ ِأما َ
"اللّ ْفح" ،و ّ
المجون:
ُ
بيان أصلِه،
ولكنهم افترقوا في تَ ِ
القدماءّ ،
ُ غويون
داللي التفت إليه اللّ ّ
ٌّ تطوٌر ِ
وفي هذه الكلمة ّ
ق والالّح ِالساب ِ ِ
المقابح
َ الماجن هو الذي يجترُح
َ أن
ق ّ عتيدا مطّ ِرًدا في كالم ّ
أن الذي بات ً واخا ُل ّ
مقرٍع( ،)6وأص ُل ذلك ٍ
عاذل ،وال تقريعُ ِّ يمضه في ذلك عذ ُل ّ المخزيةَ ،ال
ْ الفضائح
َ الم ْرديةَ ،و
ُ
جونا إذا صلب وغلظ، يء ُم ً ِ ِ ِ ِ
المجون ،فنقو ُلَ :م َجن ال ّش ُ العرب– من لسان ُمستقى –كما ورد في
127
ِ 1 ِ ِ
المذهب في
َ الماجن لصالبة وج ِهه ،وقلّة استحيائه"( )ّ ،
وممن ارتضى هذا ِ اشتقاق
ُ "و ِمنه
الماجن ِمن الر ِ
جال الذي ال ُ وجه ِمن التّح ّكِم" :و
المتقادم ابن سيده ،فقال على ٍ
ُ
ِ ِ
األصل استشر ِ
اف
ّ
ِ 2 ِ ِ يبالي بما قال ،وال ما قيل لهِ ّ ،
ٍ
فارس فقد التفت إلى ابن
أما ُ
الصالبة"( )ّ . كأنه من غلظ الوجه و ّ
أن ِ
العرب ّ ولكنه استشرف أصالً آخر متقادما ،فقد جاء في ِ
كالم اللي ْقبالًّ ، طوِر ّ
الد ِّ
ً َ هذا التّ ّ
عنده أص ُل 3
تكاد تلقَح( ) ،وهذا َ ِ
الفحولة فال ُ احد ِمن
النوق :التي ينزو عليها غير و ٍ
المماجن ِمن ّ
ُ َ
ِ
المجون.
أن ِ
المقام َملحظان؛ ّأولُهما ّ الخاطر في هذا أن يوجَّهَ إليه
و ّأياً كان األص ُل ،فالذي ينبغي ْ
ُ
وآخر حادثًا ِ ِ ِ ِ
متقادما َ
ً أن لها معنى
طورين دالليَّين ،و ّ
المجون َ الماجن و لداللة أن
القدماء لم َيفُتْهم ّ
َ
ٍ
فارس منظور ،ووجهَ ِ
ابن ٍ ابن سيده و ِ
ابن أن كال الوجهَين؛ وجهَ ِ ِ
المتقادم .وثانيهما ّ متخلّقًا ِمن ذلكم
داللي تطوٍر ِ ِ َّ
ٍّ لتفسير ما اعترى هذه الكلمةَ من ّ اآلخر؛ إذ ّإنهما صالحان
َ أحدهما
متقب ٌل ال َيدفَعُ ُ
ِ
المخوض فيه. أفضى إلى داللتِها على هذا المعنى
ِ
المداد:
يكتنف هذه الكلمةَ
ُ الجامع الذي
ِ ود على المعنى الع ِ
أن في َ يب ّالن ْق ُس الذي ُيكتَب به ،وال ر َِّ
مدهم به أوالم َد ُد ما ّ
اقع ،فنقولَ : اللي الو ِ طوِر ّ
الد ِّ ٍّ فضل ٍ
بيان مجل للتّ ّ َ شتق ِمنه
يمكن أن ُي َّ
ُ وما
ِ
داللة أن في 4
الدواة إذا أخذ ِمنها ِم ًاستمد ِمن َّ
الحق ّ
دادا( ) ،و ّ أمده ،و ّ القلم و ّ
مد َ أمدهم ،وكذلكّ : ّ
غدت ولكنها
مد بهّ ، ٍ
شيء ُي ّ كل ِ
المتقادم؛ إ ْذ ّإنها تد ّل على ِّ ِ
األصل اندياحا في " ِ
ْ عموميةً و ً
ّ المداد"
ٍ
منظور ابن ِ نت ِ ِ
الكتابة وال ُكتّ ِ ِ
مصطلحات ِ ِمن
الحبر ،وقد جنح ُ أمست رديفةَ
بالقلم ،و ْ اب ،فاقتر ْ حقل
ِ
المتقادم ومما ورد بالمعنى 5 ِ إلى أن ِ
الكاتب( )ّ ،َ إلمداده الحبر ّإنما ُس ِّمي بذلك
ُ داد الذي هو الم َ ّ
ِ
األخطل: ِ
الكتابة قو ُل انتفاء اقترانِها ِ
بحقل القائم على العمومي ِة و ِ
ِ
ّ
بم ِ
داد دت ِ
مصابيح ُسرٍج أوِق ْ كأنها ِّ
باألكف ّ أت بار ٍ
قات رْ
ُ
128
ٍ
شيء غ َيره، فقلِب ك ّل ت به ،كثر هذا االستعما ُل لِما تُ َم ّد به ّ
الدواةُُ ، الحادث" :بِ ُد ْه ٍن أ ِ
ُم ّد ْ ِ استعمالِها
شيء غيره"(.)1ٌ فعر ْ فإذا قيل ِم ٌ
داد لم ُي َ
الم ْع َم َعة:
َ
ِ ِ ِ
للحرب َمعمعة؛ وذلك تطوٍر كلمةُ " َ
الم ْع َمعة" ،فقد قيل ومما التُفت إلى ما وقع فيه من ّ ّ
نارها( ) ،واألص ُل في ذلك كلِّه معمعمةُ ّ
الن ِار( )، استعار ِ
3 2
ُ صوت المقاتَلَة ،والثّاني
ُ لمعنيين ّأولُهما
َ
بالضرِام ،و ِمنه قو ُل الن ِار إذا ُشَّب ْ
ت صوت ِ
لهب ّ ِ ِ
القصب ،وقيل :حكايةُ ق في صوت الحري ِ
ُ وقيل:
ّ
ال ّش ِ
اعر:
الموقَِد()4 معة َّ ِ
الس َعف ُ
َكمع ِ
َْ
أمتي حتّى ك ّ المتطوِر قولُه –صلّى اهلل عليه وسلّم" :-ال تهلِ ُ
ّ يومما ورد بالمعنى المجاز ِّ
ّ
الحرب و ِ
الج ّد في ِ شدةُ ق ال ّشر ِ
يفّ : السيا ِ مايز و ِ
المعامعُ في ذلكم ّ
المعامع" ،و َيكون بينهم التّماي ُل والتّ ُ َ
َ
التهاب نيرانِها(.)5 وهيج ِ
الفتن و ُ ُ ِ
القتال،
التّملّق:
اللي طوِر ّ
الد ِّ ِ عصور العر ّبي ِةِ ِ ِ
مبين عن التّ ّ ٌ المتقادمة مثا ٌل عبر
قصة هذه الكلمة َ وفي ّ
حادث ،والمعنى ال ّشائعُ عندنا ٌ معمٌر ،وثانيهمامتقادم َّ يعتورها معنيانّ :أولُهما ِ
الحادث؛ إذ ّإنه
ٌ ُ
ضرِع ودِد و ّ ِ مستقب ٌح ِمن ُ ِ
الدعاء والتّ ّ الزيادةُ في التّ ّ فالملَق ّ الخلُقَ ، َ يلحق بما هو
ُ الكلمة اليوم لهذه
َ
7
ٍ
معان متقاربةٌ( )، ق والمداراةُ ،وكلُّها ديد ،وقيل التّرفّ ُ طف ال ّش ُ فوق ما ينبغي( ) ،وقيل هو ُّ
الود واللّ ُ
6
َ
فالملَق ِّ ِ مرٍة في ثِني ٍ
ليينَ ،
المتقدم التّ ُ أصل هذا
َ بأن
مادة "ملق" ّ عرضه ّ غير ّمنظور َ ابن
صرح ُ وقد ّ
يء :ملّسه ،وانملق ِ ِ ِ ِمن التّملّ ِ
اللينةَ :ملَقَة ،وملّق ال ّش َ للصفاة الملساء ّ ليين ،فيقا ُل ّ ق ،وأصلُه التّ ُ
اعر:قول ال ّش ِاملق إذا صار أملس ،وقد جاء هذا المعنى في ِ يء و َّ
َ ال ّش ُ
129
انملق
ْ ساعده قد
ُ وحوقل
األرض شعر عليه( ،)1وملّق وولد ّ ِ
َ المليق :هو الذي ال َ
الناقة َ يلينُ ،
األديم إذا دلّكه حتّى ََ وملَقَ
ِ 2 ِ ِ
بالم ْملقة :ملّسها بالم ْملَسة( ).
130
االستنباط:
ِ
اجه الفقهَ
اليوم واألمس ،فيقا ُل :استنباطُ الفقيه ،أي استخر ُ اج َ هذه كلمةٌ شائعةٌ بمعنى االستخر ِ
يستنبطونه ِمنهم"( ،)2أي يستخرجونه
َ باجتهاده( ،)1و ِمن ذلك قولُه –تعالى":-لَ َعلِ َمه الذين ِ الباطن
َ
ْ ِ ٍ ِ
منهم( ) ،وبنظرٍة فاحصة يتجلّى ّ
3
األصل
َ إنآخر؛ إ ْذ ّ
مستن َبطٌ من َ أن هذا المعنى ما هو إالّ
الماء ون َبط
فرتَ ، قعر ِ
البئر إذا ُح ْ الماء الذي َي ْن ِب َُطُ من ِ الن ْبطة": ِ
المياه ،و ِمنه " َّ
الن َبط" و" ُّ اج
ُ ُ استخر ُ
عائد إلى
اللي ٌ الد َّ
األصل ّ
َ أن وصاحب اللّ ِ
سان إلى ّ ُ ابن األث ِ
ير اغب و ُالر ُ
طا :نبع ،وقد أشار ّ ُنبو ً
الماء الذي يخرُج ِمن ِ
البئر ّأو َل ما تُ ْحفَر(.)4 ُ " َّ
الن َبط" ،وهو
المعنوي
ِّ ِ
مضمار المادي إلى
ِّ ِ
المحسوس ِ
مضمار انتقلت ِمن
ْ الداللةَ قد
أن هذه ّ اهر ّ والظّ ُ
شأنه وهو يستخرُج األرض ،فكذلك ُ ِ ِ
غامض الماء ويستنبطُه ِمن
َ أن المرَء يستخرُج المجرِد ،فكما ّ َّ
ومما ُح ِمل على معنى ِ
األمور واستشراف أغو ِارها ،فكالهما استنباطٌّ ، ِ ِ
تقليب علمه عندرَأيه أو َ
الن َب ِط ،والمعنى ّأنه داني بعيد َّ
يب الثّرىُ ، رجل فقال :ذاك قر ُ بعضهم وقد سئل عن ٍ
ُ
المجاز قو ُل ِ ِ
ِ
كلمات هذه ينتظم الجامع الذي ِ
مقاييسه الخيطَ ٍ
فارس في ابن 5
ِ ِ
ُ َ تلمس ُ إلنجاز( ) ،وقد ّ بعيد ا
الموعد ُ
يدل على استخ ار ِج ون والراء والطّاء أص ٌل ُّ
َ الن َ ّ َأن ّ أم ِل إلى ّ
ق والتّ ّبكثير ِمن التّدقي ِ
ٍ المادةُ ،مْل ِم ًحا
ّ
أيضا تسميةُ النَّ َب ِطُ ،س ُّموا به نفسه إذا استُ ْخ ِرج َنبط ،و ِمن ذلك ً فالماء ُ
ُ شيء؛ وذلك نحو "الماء"، ٍ
ِ
الفرس، تحت ِ
إبط َِ َ يكون البياض تقدم النُّ ْبطة ،وهي
المحمول على ما ِّ ِ
الستنباطهم المياهَ ،و ِمن
ُ ُ
كل ذلك مشبَّهٌ بما َن َبط(.)6 ُّ
ت ضالّتي:
شد ُ
َ ن ْ
وتنويه( ،)7وير ُاد ِمن هذا التّ ِ
ركيب ٍ ذكر ال ّش ِ
يء الدا ُل أص ٌل يد ّل على ِ
ين و ّون وال ّش ُ
الن ُ
ّ
االشتقاقي ِة التي
ّ
استرشد ،والذي يسترعي االنتباه ههنا هو تلمس الص ِ
لة ّ ُّ َ َ طلبها و ِ
المذكور آنفًاَ :
131
ِ
وجدان الغلّةَ في
بي ما َيشفي ُ ِ
المعجم العر ِّ أن في ِ ف بين َّ
الحق ّ
و"نشدت" ،و ّ
ُ و"اإلنشاد" "النشيد" تؤلّ ُ
ِّ ق ِمن هذه الضالّ ِة ،فاألص ُل ّ
المادة هو رفعُ دم الذي يجمعُ َشتات ما ُيشتَ ّ اللي المتقا ُالد ُّ هذه ّ
وسألت ناديت يكون إذا الضالّةَ" ِ وت ،و ِمن ذلك ما عليه َع ُ الص ِ
ُ ُ ُ "نشدت ّ
ُ المباحثة ،فقولُنا: قد هذه ّ
الضوا ّل فيأخذونها ويحبسونها على أربابِها، اإلبل ويطلبون ّ َ الناشدون :الذين ينشدون عنها ،و ّ
مفاده ّأنه–صلّى اهلل عليه وسلّم- يف ُ حديث شر ٍ
ٍ وردت هذه الكلمةُ في وت ،وقدشيد رفع الص ِ
ْ الن ُ ُ ّ وّ
وجدت ،قال ذلك اجد" ،والمعنى :ال غيرك الو ُ ِ ٍ
َ اشدُ ، الن ُ
المسجدّ :أيها ّ ينشد ضالّتَه في
لرجل ُ "قال
جاء في التّ ِ
هذيب 1 المسجد ،و"هو ِمن ّ ِ ِ
الصوت"( ) ،وقد َ النشيد :رفع ّ تأديبا له؛ إذ طلب ضالّته في ً
إنشاد ال ّش ِ لب ،و ِمن هذا فع صوتِه بالطّ ِ ّأنه ّإنما قيل للطّ ِ
عر ،واّنما هو رفعُ ُ الب "ناشد" لر ِ
ق ،وهي :نشدتُك الساب ِ ِ ِ وت( ،)2وليس ُينسى في هذا الص ِ
نصوص ّ المقام قولةٌ مأثورةٌ ذائعةٌ في ّ
إن ِ تقدم ِمن ر ِ ٍ اهلل ،ونشدتُك ِ
باهلل وبالر ِ
الصوت؛ إ ْذ ّ
فع ّ عما ّالمتعي ُن فيها ليس بمتجاف ّ ّ حم ،والمعنى ّ َ
تقدم
ينضاف إلى ما ّ ومما 3 وبحق الر ِ المتعين :طلبت إليك ِ
ُ فع نشيدي؛ أي صوتي( )ّ ، حم بر ِ ّ ّ باهلل ُ َّ
المتقدِم
ّ وت ،ك ّل هذا صوت وال رفع للص ِ ٌ العلم ،وليس في نِشدتِه تلكم ينشد
ُ ّأننا نقو ُل :فالن
ٌ ّ َ
فمن الص ِ اكم الطَّ ِ
بقات األثري ِةِ ، المتقادم كتر ِ
ِ
وت ّ ّ دالليةٌ متراكمةٌ في سيرو ِرة العر ّبية ُ
وع ُم ِرها طبقات ّ
ٌ
شيد؛ أعنيبالن ِ
البحث مطلقًا وا ْن لم يكن ّ ِ الد ِ
اللة على الضالّ ِة ،إلى ّ ِ ِ ور ِ
وطلب ّ االسترشاد فعه إلى
رفع الص ِ
وت. َ ّ
َّ
الن ّخاس و ِّ
النخاسة:
ِ
اس بائعُومثْبِتين ،فالنَّ ّخ ُ
مقررين ُ
القدماء ِّ
ُ داللي التفت إليه
ّ تطوٌر
وقد وقع في هذه الكلمة ّ
األو َل هو األص ُل(،)4 ولكن ّ ّ اسا،
نخ ً
ق ّالرقي ِ
يسمى بائعُ ّ النخاسةُ ،وقد َّ النخاسةُ و َّ
اب ،وحرفتُه ِّالدو ّ
ّ
5
الدفعُ والحركةُ( ) ،وقد جاء عند ٍ
منظور هو ّ األثير و ِ
ابن ِ ابن ٍ
فارس و ِ المتقادم عند ِ
ابن أما األص ُل
ّ
ُ
حاد ،فنقو ُلَ :ب َخسه ٍ
بعود أو ٍ
بشيء ّ ٍ
شيء ين كلمةٌ تد ّل على َب ْزِل ٍ ِ
الس َ
الخاء و ّ
ون و َ الن َ
أن ّ
فارس ّ ابن
اب ِ ِ ِ ٍ
حديدة َب ْخ ًسا( ،)6والوجهُ الجامعُ بين هذا
الدو ّ
الحادث( بائع ّ المتقادم ،وذلكم المعنى األصل
( )1ابن األثير ،النهاية ،53/5 ،وابن منظور ،اللسان ،مادة "نشد".
( )2انظر :األزهري ،التهذيب ،مادة "نشد".
( )3انظر :ابن منظور ،اللسان ،مادة "نشد".
( )4انظر :ابن منظور ،اللسان ،مادة "نخس".
( )5انظر :ابن فارس ،المقاييس ،مادة "نخس" ،وابن األثير ،النهاية ،32/5 ،وابن منظور ،اللسان ،مادة
"نخس".
( )6انظر :ابن فارس ،المقاييس ،مادة "نخس".
132
ِ
ويدفعها َن ْخ ًسا
ُ ك ماشيتَه يحر ُ
اس ّ فالن ّخ ُ أم ِل والتّ ّ
دب ِرّ ، داللي ُيهتَدى إليه بلطف التّ ّ ٌّ الرقيق) ملحظٌوّ
يعضد ومما 1 ِ ِ
ُ ط"( )ّ ، "لنخسه ّإياها حتّى تن َش َ الن ّخاس بذلك للبيع ،واّنما ُس ّمي ّ
عرضها ِ أجل
خز َون ًاَ
سان أسف َل أمره ،فقد جاء في اللّ ِ ظاهر ُ
ًا التقاء
ً فالداللتان تلتقيان ماد ِة "نخز"ِّ ،
المذهب داللةُ ّ
َ هذا
ٍ
فارس ابن 2 ٍ
يب -ما أشار إليه ُ بحديدةَ :و َجأه"( ) ،وهذا – وما في ذلك ر ٌ مادة "نخز"َ ..." :ن َخزهّ
آتمادةَ "نخس" و "نخز" ٍ المادتين؛ أعني ّ داخل بين ّ أن هذا التّ َ قبيل ٍ ٍ
أحسب ّ
قليل ،و ُ منظور َ ابن
و ُ
صوت ِرخو، بي( ،)3فكالهما ِ
المعجم العر ِّ نمو ِ الس ِ ِ ِمن
ٌ كبير في ّ أثر ٌ اي ،وللمماثلة ٌ الز ِ
ين و ّ تعاقب ّ
ين
فالس ُ
الجهر؛ ّ ُ ون بينهما هو الب ُ
قام َالمْل َم ُح الذي به ُي ُ
ق ،و َ أسناني ،وكالهما مرقَّ ٌ
ّ لثوي
وكالهما ّ
مجهور.
ٌ اي
الز ُ
مهموس ،و ّ
ٌ
الن َعرة:
تد إلىبمحد ٍث؛ إذ ّإنه ير ُّ
َ تعبير ليس
ائفيةُ ،وهو ٌ يشيعُ في عر ّبيتنا المعاص ِرة القو ُلّ :
الن َعرةُ الطّ ّ
النعرة الخيشوم ،ومنها ي ِ أصول عر ّبي ٍة أثبتتها
ٍ
اعر ،وقيل – وهذا الوجه الن ُ
نعر ّ َ ُ فالن َعرة و ُّ ْ
المعجماتُّ ،
ُ
ت بخيشو ِمه، وصو َ
ّ الخيشوم ،و ِمنه قولُناَ :ن َعر ّ
الرج ُل إذا صاح ِ صوت فيٌ الن ْعرة:
إن ّ هو َّ
المقد ُم– ّ
دمه ِمنه( ،)4وقد شد ِة خرو ِج ِ
ت ِمن ّ يصو ُ
ألنه ِّ سمي بذلك ّ دما وال ْيرقأِّ ، ِ
وع ْرق ناعٌر :الذي يسي ُل ً
ِ
مفرد نواعير -لصوتِه(.)5 الناعور – ُ البّ : للدو ِ
قيل ّ
ِ
المباحثة الصوت" ،وتبقى المساءلةُ في هذه ِ
ينتظمها معنى " ّ ُ الكلمات المذكورةَ آنفاً أن
إخا ُل ّ
أسه " ُلن َعرة" يعنيِ :كب اًر ،ولهذه اقع فيها ،فقولُنا :إن في ر ِ
ّ طوِر ال ِّد ِّ
اللي الو ِ ِ
واقعةً في استشراف التّ ّ
سميأزرق ِّ كبير أن ُّ ِ أي ِ ِ ِ ِ ّ ِ
ُ ذباب ٌٌ الن َعرةَ األثير فيها ّ ابن قصةٌ ،ور ُ
الداللة المجازّية الحادثة المشتقّة ّ
ثم بالبعير فيدخ ُل في ِ
ِ ِ ِ
أسهّ ، فيركب ر َ
ُ أنفه، لنعيره ،أي :صوته ،وله إبرةٌ يلسعُ بها ،ويتولّعُ كذلك
ِ
المجاز(.)7 ِ
بركب يلحق مما 6 للنخوِة و ِ
األنفة و ِ
ُ ي هذا المعنى ّ الزمخشر ّ عد ّالكبر( ) ،وقد ّ استُعيرت ّ
باألو ِل ،فقد قيل :أل َ
طيِّرن ٍ تقدم ِمن ر ٍ ٍ مذهب ِ
بآخر ذي لُ ْح َمة ّ أي ،وقال َ منظور فقد أورد ما ّ ابن ُ أما
ّ
133
أسه ،فيقا ُل ِّ
لكل َمن ِ ِ ِ
ركب ر َ
الحمار إذا نعر َ
َ أن
كبرك وجهلَك من رأسك ،و"األص ُل فيه ّ ُن َعرتك ،أي َ
أسه :فيه ُن َعرة"(.)1
ركب ر َ
َ
134
المتََنطِّعون:
ُ
يسمى وصف ِ ِ
يء قد ّ
أن ال ّش َ
ابن قتيبةَ في ّ ُ يص ُدق عليه
تطوًار ْ
رت داللةُ هذه الكلمة ّتطو ْ
وقد ّ
ْ
فالمتعي ُن ِمن المتنطِّعين المغالون في
ّ ٍ
بسهم، ٍ
بسبب ،أو ضارًبا فيه اآلخر إذا كان ِمنه
ِ ِ
باسم
الوضع وال
ِ ٍ
بأصل في أن هذا المعنى ليس المعجميون إلى ّ
ّ المتعمقون فيه( ،)1وقد التفت ِ
الكالم ،و ِّ
الفم األعلى ،وهي ِ
الجلدةُ غار ِ طعُ ما ظهر من ِ تطوًار دال ّلياً وقع؛ ِّ
فالن ْ ِ
إن ّ االستعمال؛ إذ ّ في
نك( ،)2والتّنطُّعُ الذي هوسان في الح ِ
َ يز ،وهنالك موقعُ اللّ ِ آثار للتّحز ِ الملتصقةُ بعظم ُ ِ
الخليقاء فيها ٌ
بيانه" :مأخوٌذ ِمن ِّ
النطَع ،وهو المتقدِم ُ
ّ ِ
األثير في هذا ابن ِ
ق في الكالم منه مأخوٌذ ،فقد قال ُ تعم ٌ
ّ
سول –صلّىحديث الر ِ 3
ق قوالً وفعالً"( ) ،وقد ُحملتعم ٍ ِّ ِ ِ ِ
ُ ّ ثم استُعمل في كل ّ الغار األعلى من الفمّ ، ُ
ِ
الكالم ،الذين يتكلّمون المتعمقون في اهلل عليه وسلّمَ " :-هلَك المتنطِّعون" على ذلك الم ِ
حمل ،فهم
ّ َ
ق
المتشد َ
ّ فكأن المتنطِّ َع
ّ ِ
المجاز، ي ِمنالزمخشر ّ
األخير جعله ُّ بأقصى حلوِقهم ّ
تكب اًر( .)4وهذا
طع ِ
الفم(.)5 يرمي بلسانِه إلى نِ َ
َّ
النكهة:
اليوم في عر ّبيتِناَ ق؛ إذ ّإنها تشيعُ
كهة في ِ
كالم الالّح ِ كالن ِ
ليست ّ ْ الساب ِ
ق ِ
الن ْكهة في كالم ّ و َّ
ساءلت ثلّةً ِمن طالّ ِب العر ّبي ِة
ُ الحق ّأنني
ائحة ،و ّالمذاق بالر ِ
ُ ّ يقترن
ُ "المذاق" ،وقد ِ
المعاصرة بمعنى َ
يج ِمن احد ِمنهم ّ
بأنها مز ٌ ذاق ،وانفرد و ٌ الم ُ ِ
المتعي َن منها َ
ّ أن داللة ّ ِ
النكهة ،فجنحوا إلى ّ
ِ ال ّشادين في
يح ِ
الفم سان ألفيتُها دالّةً في أصلِها على ر ِ ولما راجعتُها في اللّ ِ كيةّ ، الز ّ
ق الطّي ِب والر ِ
ائحة ّ ّ ّ المذا ِ
ِ
صحاحه: ي فييعضد هذا المعنى ما تمثّله الجوهر ُُّ ِ
العرب فقط( ،)6ومما جاء ِمن ِ
كالم ّ
7
حديث عهد( ).
َ مات
الكلب َ ِ يح
كر ِ فوجدت ِمنه
ُ مجالدا
ً َن ِك ُ
هت
وقول اآلخر:
أكلت َس ْفر َجال
بل ُ فقلت لهم :ال ْ
ُ بت مدامةً
يقولون ليْ :ان َك ْه قد شر َ
( )1انظر :ابن األثير ،النهاية ،74/5 ،وابن منظور ،اللسان ،مادة "نطع".
( )2انظر :ابن منظور ،اللسان ،مادة "نطع".
( )3ابن األثير ،النهاية.74/5 ،
( )4انظر :ابن منظور ،اللسان ،مادة "نطع".
( )5انظر :الزمخشري ،األساس ،مادة "نطع".
( )6انظر :الزمخشري ،األساس ،مادة "نكه" ،وابن األثير ،النهاية ،117/5 ،وابن منظور ،اللسان ،مادة "نكه"،
والفيروزأبادي ،القاموس ،مادة "نكه".
( )7انظر :الجوهري ،الصحاح ،مادة "نكه".
135
ون َكه: االسم َّ
النكهةَ ، ِّ وبالفَ ِ
شم رائحةَ فيه ،و ُ
المتقدم يغدو المعنىَ :ن َكهَه واستنكههّ : يء على هذا
شموا نكهتَه ورائحةَ ِ ِ ِ
الخمر" :استنكهوه ،أي ّ شارب حديث نفسه إلى أنفي ،وقد جاء فيإذا أخرج َ
أن
النكهةّ ،الدا ّل على دالل ِة ّ ِ
العرض ّ ٍ
شارب( ،)1واخا ُل ،بعد هذا غير
أشارب هو أم ُ
ٌ فيهُ ،لي ْعلَم
أصبحت في ثم ِ ٍ داللياً مؤتلفًا ِمن أطو ٍار
ْ يح الفمّ ، المتقادم ر ُ
ُ متعاقبة قد اعتراها ،فاألص ُل تطوًار ّّ
ائحة ال ّش ِ
يء الفم ،بل بر ِ تعد مقترنةً بر ِ
ائحة ِ ق ،ولم ْ ق دالّةً على الر ِ
ائحة ممزوجةً بالمذا ِ ِ
كالم الالّح ِ
ّ
َّ
المميزة". الن ِ
كهة "مذاق ّ المنتَجات: ِ عام ،فصرنا نسمع أو نق أر على ِ أو الطّ ِ
ُ بعض ُ علب ُ
وتي:
الن ّ
جذرين ٍ ِ ِ كلمات العر ّبي ِة ِ
ِ ِمن
تحت َ َ منظور ابن
غير ال ّشائعة في العر ّبية المعاصرة ،وقد أثبتها ُ
السفينةَ، ِ ِ
يدب ُر ّ
المتعي ُن من هذه الكلمة هو المالّ ُح الذي ّ
ّ يائي ،والمعنى
اوي ،وثانيهما ّ ّأولُهما و ّ
ِ
البحر ،واألص ُل في هذا – كما اتي ،وهم المالّحون في ٍ ٍ
النو ّ
وجمعها ّ
ُ جانب، جانب إلى ويميلُها من
ُ
عاس( ) ،وقيل التّماي ُل ِمن ضعف( )،
ٍ 3 2
الن ِ ِ
المعجمات– هو التّماي ُل ،وقيل التّماي ُل من ّ يتجلّى في
ِ
العالقة بين اقتناص وتي هي ِ الخاطر بعد استشر ِ
ِ ولع ّل المساءلةَ التي تَِرد على
ُ الن ّ
داللة ّ اف
السفينةَ يمنةً ويسرةً ،وقد
وتي "المالّح" يمي ُل ّ فالن ّ
األو ُلّ ،
المْل َم ُح ّ
أن التّماي َل هو َالمعنيين ،واخا ُل ّ
ِ
كتمايل المرِء يدافعها المو ُج ِ
البحر وهي تدافعُ المو َج أو نفسها تتماي ُل في ُع ِ
رض
ُ السفينةُ ُ
تكون ّ
ُ
يلالحق في التّنز ِ اس عن ِ
قول عب ٍ ِ
ّ وردت هذه الكلمةُ في حديث ابن ّ ْ نعاسا .وقد
ً ضعفاً أو
مع"( ،)4فقالّ :إنهم كانوا َن ّواتين ،أي مالّ ِحين(.)5 تفيض ِمن ّ
الد ِ ُ أعينهم
يز":ترى َ العز ِ
اله َمج:
َ
حقل داللتِها على اللة ،وهو انتقا ٌل ِمن ِ
الد ِ ِ
انتقال ّ ِ
ملحظ ِ
داللة الهَ َمج إلماحةٌ إلى تطوِر
وفي ّ
أبناء العر ّبي ِة،
عرضت هذه الكلمةَ على ثلّ ٍة من ُِ وكنت قد
ُ اآلدمي،
ّ حقل داللتِها علىالحيواني إلى ِ
ّ
اس والس ِ عاع ِمن ّ فذهبوا بمعناها إلى اقترانِه
الحق ّأنهم
فلة ،و ّ الن ِ ّ الر ِ ِ
باإلنسان ،والى ّأنها تد ّل على َّ
ولكنه
المعاصرّ ، ِ بيانه وان احتكموا إلى عرِفهم اللّ ّ
غوي المتقدِم ُ
ّ اب في مذهبِهم الصو َ
لم يجانبوا ّ
العرب – كما يرى ِ بي ،وأصلُه في ِ
كالم ِ
المعجم العر ِّ ميتاً في
مجاز ّ
ًا عد
مما ُي ّ
مذهبهم ذاك ّ َ أن
فاتهم ّ
ذباب صغير يسقطُ على وجوِه ِ
الغنم البعوض أو وغيرهم- ِ
ٌ ٌ ُ ي ُ الزمخشر ّاألثير و ّ ابن
يو ُ ابن األنبار ّ
ُ
( )1انظر :ابن األثير ،النهاية ،117/5 ،وابن منظور ،اللسان ،مادة "نكه".
( )2انظر :ابن األثير ،النهاية ،123/5 ،وابن منظور ،اللسان ،مادة "نوت".
( )3انظر :ابن فارس ،المقاييس ،مادة "نوت".
( )4اآلية( المائدة.)83 ،
( )5انظر هذا الحديث :ابن األثير ،النهاية.123/5 ،
136
الزمخشري في ِ
أساسه قولَنا" :ما هم إالّ َه َم ٌج عد ّ
1
ورذالتُهم( ) .وقد ّ الن ِ و ِ
ّ اس ُ الحمير ،ف ُشّبه به َرعاعُ ّ
ِ
أن
مفاده ّ ِ
خاطره معتَقَ ًدا ُ ئ في أن ينش َالمتقدِم ْ
ّ المجاز( ،)2وللمرِء بعد هذا
ِ ينتسب إلى
ُ مما
َرعاع" ّ
المعجميين
ّ ميتاً ليس فيه ِمن المجازّي ِة إالّ إلماحة مان ،فأمسى ّ الز ُ
المجاز قد تقادم عليه ّ
َ ذلكم
ِ
القدماء.
اله ْمس:
َ
الليةُ تترّبع في ِ
كالم ُ الد ّكانت دائرتُها ّ
ْ خصيص؛ إذ
ُ تطوٌر هيئتُه التّ ِ
الهمس ّ وقد اعترى ِداللةَ
مقصور على ق ق ،فالهمس في ِ
كالم الالّح ِ مساحة أرحب ِمن دائرتِها في ِ
كالم الالّح ِ ٍ ق على الساب ِ
ٌ َ َ ّ
الخفي ِمن
ّ فالهمس هو البتّةََ ،
أمس فذلك ليس كذلك ّ أما ِ يكاد ُيفهَمّ ،
وت الذي ال ُ لخفي ِمن الص ِ
ّ ا ِّ
اسكت،
خفياً و ْ وص ْه ،أي ِ ِ مأثور ِ ِ الوطء و ِوت و ِ الص ِ
امش ّ اهمس َ ْ العرب: كالم األكل ،وقد قيل في ّ
المضغُ الذي ال
ْ الخفي الوطء ،والهَميس:ّ األسد الهَموس:
ُ ق قاله لصاحبِه ،وقيل: وهذا قو ُل سار ٍ
منضم قيلَ :ه َمس،
ٌّ الرج ُل ِمن الطّعام وفوهالحس ،واذا مضغ ّ ّ الخفي
ّ المشي
ُ فغر به الفم ،وكذلك ُي َ
الراجز:
ويعضد هذا قو ُل ّ
ُ
يأكلن ما في َر ْحلِ ّ
3
هن َه ْمسا( ) َ
األكل و ِ
الوطء وت و ِ الخفي ِمن الص ِ الهمس الثّالثة؛ أعني ِ معاني ي
ّ َّ َ الزمخشر ّ وقد جمع ّ
ِ 4 في ِ
الهمس بهذه المعاني داللتُها العائمةُ التي ِ أن الباعث على اقتر ِ
ان أحسب ّباب الحقيقة( ) ،و ُ
السين ٍ عند ِ متعد ٍ
معنوي ٍة ّ تتّسع لم ْد َخ ٍ
الميم و ّ
فالهاء و ُ ُ حاضر،
ٌ فارس ابن دة ،والتّمثي ُل على هذا َ ّ الت ُ ُ
الكالم ،أو خفاء صوتِ ِ خفاء مضماره يكون ِ
الصوت قد ٍ ِ
َ َ ُ ُ فخفاء ّ ُ وحس،
ّ يد ّل على خفاء صوت
وطء ِ
القدم"(،)5 األقدام أخفى ما يكون ِمن ِ ِ "ه ْم ُس ِ ِ ِ ِ
ُ خفاء صوت األخفاف والوطء؛ و َ َ األكل ،أو
مسا" تباينوا في ست أسماؤه" :-فال تسمعُ إالّ َه ً تقد ْالحقّ -ّ المفسرون على قولِه غويون و ّ ولما ورد اللّ ّ
ّ
اغب في مفرداتِه الر ُ
ِ ِ
وفاء بداللتها المتقادمة المنداحة ،فذهب ّ
ِ
الهمس ً ِ المتعي ِن ِمن
ّ
ِ
المقصد ِ
اقتناص
ِ
األقدام الفراء في المعاني"َ :ن ْق ُل ِ 6
همس األقدام( ) ،وقال ّ ِ الخفي ِمنّ وت
الص ُالمتعي َن هو ّ ّ أن
إلى ّ
الخفي، وت
َ الص
ّ تعني ها أن
ّ إلى ا
و فذهب ن ابن الملقّ ِ
ُ و جستاني
ُّ الس
ّ و ة
َ قتيب ابن
ُ ا أم
ّ )، 7
ِ
المحشر"( إلى
ّ
( )1انظر :ابن األنباري ،الزاهر ،178/1 ،وابن األثير ،النهاية ،273/5 ،وابن منظور ،اللسان ،مادة "همج".
( )2انظر :الزمخشري ،األساس ،مادة "همج".
( )3انظر هذه المعاني :ابن منظور ،اللسان ،مادة "همس".
( )4انظر :الزمخشري ،األساس ،مادة "همس".
( )5ابن فارس ،المقاييس ،مادة "همس".
( )6انظر :الراغب ،المفردات.578 ،
( )7الفراء ،معاني القرآن.192/2 ،
137
يف جنح إلى ِ
ذكر سياقها ال ّشر ِ
الكلمة في ِ
ِ القرطبي على هذه ولما ورد ِ 1
ُّ صوت األقدام( )ّ ،
ُ ويقال ّإنه
ِ
األقدام بعضها وقع
صوت ِ الخفي ،وهو وت الخفي ،وقيلِ :
الح ّس الص ُ
ُ ّ ّ مسّ : المعنيين ،فقال الهَ ُ
َ
المذهب ِمن
َ اجز –كما ما استشهد َمن ذهب هذا الر ِ ِ ِ
المحشر ،وقد استشهد بقول ّ ٍ
بعض إلى على
قبلِه:-
يمشين بِنا َهميسا()2
َ وهن
ّ
المعاني
َ يستغرق
ُ داللي
ّ انفتاح
ٌ ثم
يكون ّ
َ عمادها أن
ُ بالغيةً ُم ْع ِجبةً
ّ القرطبي نكتةً
ّ وقد التمس
كعب" :فال ينطقون إالّ َهمسا" ،والمعنىبن ٍ ِ الثّالثةَ في هذا ّ ِ
أبي ُ
السياق ال ّشريف ،فقال" :وق أر ّ
الخفاء كيفما وبناء (همس) أصلُه صوت ٍ
أقدام، كالم وال
ُ ُ ُ نطق وال ٌ ٌ متقارب؛ أي ال ُي ْس َمع لهم
ٌ
3
تصرف"( ).
ّ
اله ْم َهمة:
َ
قرروا على ِ
داللي هيئتُه التّعميم كلمةُ "الهَ ْمهَمة" ،فقد ّ
ّ تطور
المعجميون من ّ
ّ ومما وقف عليه ّ
ِ ٍ ِ
وجه من التّح ّكِم ّ
ِ 4
الليةَ التي تترّبعُ
الد ّ
الدائرةَ ّ
ولكن هذه ّ
ّ صوت البقرة( )،
ُ الهمهمة أن األص َل في
فالن،
ٌ فغدونا نقو ُلَ :ه ْمهَم ٍ
جديدةَ ، فاشتملت على م ْد َخ ٍ
الت ْ سعت
عليها كلمةُ "الهَمهمة" قد اتّ ْ
ُ
يق ،وعلى ألبق وأل ُ
المقصد الذي هو بالمعنى ُ
ُ دوي ،وصار
عد إذا ُسمع له ّالر ُ
األسد ،وهمهم ّ
ُ وهمهم
الرج ُل إذا الص ِ الز ِ ِ
در ،وهمهم ّ ئير في ّ ترد ُد ّ
الخفي ،وقيل ّ
ّ الكالم
ُ أن الهمهمة
أعرفّ ،
األلسنة أشيعُ و ُ
ثانيا، ِ ِ ِ 5
داللي ً
ّ تطوٌر
يبي ْن في كالمه( ) ،ك ّل هذا مأخوٌذ من صوت البقرة ّأوالً ،وقد وقع فيه ّ لم ّ
الد ِ
اللة" ثالثًا. تعميم ّ
وهيئتُه " ُ
سم:
الو ْ
َ
( )1انظر :ابن قتيبة ،تفسير الغريب ،282 ،والسجستاني ،النزهة ،475 ،وابن الملقن ،تفسير غريب القرآن،
.250
( )2انظر الشعر :الفراء ،معاني القرآن ،192/2 ،واألزهري ،التهذيب ،مادة "همس" ،وابن منظور ،اللسان ،مادة
"همس" ،والقرطبي ،الجامع.164/11 ،
( )3القرطبي ،الجامع.164/11 ،
( )4انظر :ابن األثير ،النهاية ،276/5 ،وابن منظور ،اللسان ،مادة "همهم".
( )5انظر :ابن منظور ،اللسان ،مادة "همهم".
138
األصل قد غدا إن ِ ماد ِة "وسم" رحلةٌ في العربي ِة عتيقةٌ تص ُل بالمتدب ِر إلى ِ و ِلد ِ
َ القول ّ عتبة ّ ّ اللة ّ
الكي، ٍ األثير و ِ
ِ يو ِ ٍ عند ِ
أثر ّ منظورُ - ابن ابن الزمخشر ِّفارس و ّ ابن يظهر َ ُ الوسم –كما فرًعا ،فأص ُل َ
سام ما ُو ِسم به ِ
وكي ،والو ُ بسمة ٍّ ٍ وسمةً إذا أثّر فيه والجمع وسوم ،ونقو ُل أيضاً :وسمه وسما ِ
ً ََ ٌ ُ
ومما جاء بهذا ِ ِ ٍ ِ
ابّ ، الدو ّيوسم به ّ يء الذي َ يسم :المكواةُ أو ال ّش ُ ضروب ،....والم َ البعير من
ُ
فرطوم"( ) ،وللمرِء أن يتوقّ َ
1
الخ ِ "سنسمه على ُ ست صفاتُه:- تقد ْ
الحق – ّ ّ ِ
المتقادم قو ُل المعنى
ُ
ِ
الكلمات أن تلكم مي أو التّوسُّم ،وما ِمن ر ٍ ِ ِ ِ عند ّ ِ
يب ّ الو ْس ِّ
الموسم أو َ الداللة الحادثة للوسم أو َ
المتعي ِن األصل عند استشر ِ
اف ِ ِ
داللة تنتسب إلى المعنى األو ِل انتسابا جليًّا يفضي إلى استر ِ
فاد
ّ ً ّ ُ
الماد ِة ،فجعل
ّ المجاز في هذه ِ صل الحقيقةَ عن لما فَ َي ّ الزمخشر ّ الكلمات ،وقد أجاد ّ ِ ِمن تلكم
ِ ِ ِ ِ
ب هذا وس ًما وسمةً ،وما جاء َعق َ دابته بالميسم ْ مقتصر على قولِناَ :و َسم ّ ًا األو َل– أعني الحقيقةَ– ّ
2
ق( ). ِ
األصل العتي ِ اح عنالمتطوِر المنز ِ
ّ ِ
المجاز فهو ِمن
أثر
بات ،فيصيِّر فيها ًا بالن ِ
األرض ّ ألنه َي ِسم
بيعُ ،س ّمي بذلك ّ
الر ِ ِ
َ مطر ّأول ّ
سمي فهو ُ الو ّ أما َّ -
في أول الس ِ
نة. ّ ّ
اس. الحج أو ِ ِ
الن ُ
ألنه َم ْعلٌَم يجتمعُ إليه ّ
غيره ،فقد ُس ّمي ذلك كذلك ّ الموسم ،كموسم ّ ُ أما
وّ -
المتقادم يسري فيه؛ األو ُل
الخير ،فالمعنى ّ َ توسم فيه وسم الذي هو ِمن ِ
نحو قولِناّ : أما التّ ّ
وّ -
ُ
أثر ِم َِنه.
كأنه رأى فيه ًا وتخيله ،و ّ ِ
تفرسه ّ المتعي َن منه ّأنه ّ
ّ إن
إ ْذ ّ
البعير أو اإلب ُل مة التي كان ُيميَّز بها ممي ٍزة كالس ِ ٍ
داللة ِّ ذات
السمةُ فهي عالمةٌ فاقعةٌ ُ
ُ ّ أما ّ وّ -
إبل الص ِ
دقة" ،أي ُي َعلِّم ِ ِ ِ ِ ِ
بالكي ،وقد ورد من شاكلة هذا في الحديث ال ّشريف ّأنه "كان َيس ُم َ ّ ّ
3
بالكي( ).
ِّ عليها
الوعو ُل:
ُ
ِ ِ ِ ِ ِ
الجبل، الو ِعل ُ
تيس فالو ْع ُل و َ
ِ
عبر زمانها المتطاولَ ،
ِ
ولداللة الوعول رحلةٌ في سيرورة العر ّبية َ
ِ
بركب تلحق هذه الكلمةُ أن
داللي أفضى إلى ْ تطوٌر
َ ٌّ وو ُعل ،وقد وقع ّ ووعول ُ والجمعُ أوعا ٌل ُ
ؤوس و ِ
العلية ،وقد الر ِ ِ
فغدت الوعو ُل تد ّل على األشراف و ّ
ْ فظي الذي يقعُ تحتَه معنيان،
المشترك اللّ ِّ
َ
اللي الواقع في األخيرِة ،فقيل ّ
إن الد ّطوِر ّ
لمح التّ ّ ٍ
منظور َم َ ابن ِ
األثير و ُ ابن ٍ
فارس و ُ ابن
التمس ُ
( )1انظر هذه المعاني :ابن فارس ،المقاييس ،مادة "وسم" ،والزمخشري ،األساس ،مادة "وسم" ،وابن منظور،
اللسان ،مادة "وسم" ،وابن األثير ،النهاية.185/5 ،
( )2انظر :الزمخشري ،األساس ،مادة "وسم".
( )3انظر :ابن األثير ،النهاية.186/5 ،
139
أن
ويظهر ّ
ُ الجبال وُقلَلِها،
ِ ِ
رؤوس ِ
بالوعول التي ال تُرى إالّ في سميت بذلك تشبيهًا الوعول ّإنما ِّ
َ
وردت هذه الكلمةُ بالمعنى ْ ٍ
مضمار ،وقد ٍ
مضمار إلى اللة ِمن
الد ِ
داللي هيئتُه انتقا ُل ّ
ٌّ تطوٌر
هذا ّ
ط الس ِ
اعة ٍ ٍ ِ ِ
يصف أش ار َ ّ ُ للرسول –صلّى اهلل عليه وسلّم -وهو األخير الحادث في حديث شريف ّ
الن ِ
اس المتعي ُن منها :وجوهُ ّ
1 ِ تظهر التُّ ُ
الوعول"( ) ،و ّ حوت ،وتهل َك ُ َ الساعةُ حتّى
تقوم ّ قائالً" :ال ُ
مقاصد ِ
كالم ِ الدا ّل عن مدلولِه في ِ
فهم ياح ّأثر انز ِ
أتلم ُس َ
كنت – وأنا ّ الحق ّأنني ُاف ،و ّ واألشر ُ
أبناء العربي ِة ال ّشادين ِ
ملتم ًسا منهم فض َل الحديث ال ّشريف على ثلّ ٍة من ِ َ عرضت هذا
ُ السابق– قد
ّ ّ
استقر في يف ذاك ،فعدلوا كلُّهم إلى المعنى الذي سياقها ال ّشر ِ
الوعول في ِ ِ المتعي َن ِمن ٍ
بيان يجلّي
ّ ّ
ق كما الساب ِ ِ اللة معتمدين على ِ
فهم الالّح ِ الد ِ ِ ِ
ق أللفاظ ّ اقتناص هذه ّ اليوم ،فقد وردوا على نفوسهم َ
عصره ،فقالوا ّإنها "التّيوس".ِ حق في يفهمها الالّ ُ
ُ
الوغى:
َ
بي ُيْل ِمح ِ
المعجم العر ِّ الحرب ،والذي ورد في
ُ اس ِمن الوغى الن ِ
رف ّالمستح ِكم في ع ِ
ُ ْ المتعي ُن
ّ
وت ،وقد جمع الص ُ
الوغى ّإن َ
وسبب؛ إذ ّإنه قيل ّ
ٌ آخر له به لُ ْحمةٌ
ق من َأن هذا المعنى متخلّ ٌإلى ّ
الن ِ
حل ات ّ إن الوغى أصو ُ الصوت( ،)2وقد قال ِ ٍ
بعضهم ّ
ُ الجلَبة و ّفارس هذا األص َل على معنى َ ابن
ُ
ق،
الب ّ
الكثير الطّنين ،يعني َ الخموش
الوغى َ ِ ِ
ُ ابي َ
ابن األعر ِّ
اجتمعت ،وقال ُ
ْ ونحو ذلك إذا البعوض و
و ِمنه قو ُل ال ّش ِ
اعر:
مآتم َيلتدمن على ِ
قتيل()3 بجانبيه
َ الخ ِ
موش كأن وغى َ ّ
ْ ُ
( )1انظر الحديث عند ابن األثير ،النهاية ،207/5 ،وفي اللسان تحت مادة "وعل".
( )2انظر :ابن فارس ،المقاييس ،مادة "وغا".
( )3انظر البيت في مادة "وغا" في التهذيب واللسان ،وقد اختلف في رواية العجز.
140
العهد تد ّل على الص ِ
وت ِ قكانت في ساب ِ الوغى ِ المتقدِم ِمن
ّ ْ أن داللةَ َ
العرض ّ ّ أحسب بعد هذا
ُ
بحرب أو ٍ
نحل أو ٍ فارس لها وانتفاء ِ
تقييدها أو اقترانها ٍ إطالق ِ
ابن ُ ق ،ويد ّل على ذلك بإطال ٍ
ُ
ِ
المتطاول، مان الداللةَ العائمةَ المتّسعةَ ُخصِّصت في سيرورتِها عبر ّ
الز ِ ولكن هذه ّ بقّ ، ٍ
بعوض أو ّ
ِ
األصل المعجميون إلى هذا ِ
الحرب ،وقد التفت وت فيفأمست تقترن بالص ِ
ْ المكان المتغايِر،
و ِ
ّ ّ ُ
الوغى دالّةً ِ 1 ِ ِ
األثير َ ابن
مجازا( ) ،وجعل ُ ً الحرب الوغى على
ي داللةَ َ
الزمخشر ّ
المتقادم ،فقد جعل ّ
ِ 2 ِ ِ
تقدمه" :الوغى
ال َمن ّ
مستجمعا أقو َ
ً منظور في اللّ ِ
سان ٍ ابن
الصوت ال ّشديد( ) ،وقال ُ
الجلَبة و ّعلى َ
للحرب وغى لِما فيه ِمن
ِ الحرب وغى ،...،و ِمنه قيل
َ سموا
ثم كثر ذلك حتّى َّ الو َعىّ ،مث ُل َ
وت والجلَ ِ
بة"(.)3 الص ِ
َ ّ
المتَّ ِكئ:
بيان ِ
جذرها ،فقد المعجميين في ِ المادة اإلشارةُ إلى ِ
تباين ِ
بالمعالجة في هذه ّ لع ّل ّأو َل ما يولَ ُج
ّ
مادة "تكأ"،
تحت ّ ِ ِ ٍ
َ اغب فقد جعالها تقعُ
الر ُ
األثير و ّ ابن
أما ُ فارس في باب "وكا"ّ ، ابن
ورد عليها ُ
األثير ،وتابعه عليه ِ ابن
متقادم شكا منه ُ ٌ داللي
ٌّ تطوٌر
أن داللةَ المتّكئ يعتريها ّ ِ
للخاطر ّ فت
والالّ ُ
تحمل واعتمد ،والتُّ َكأة: ِ ِ ٍ
منظور ،فقد ورد عن العرب ّأنه يقا ُل :تو ّكأ على ال ّشيء واتّكأ إذا ّ ابن
ُ
نعهده ِمن ُ هيئة "المتّكئ"؛ إذ ّإنها مفارقةٌ لِماتعيين ِِ كاء ،والمفارقةُ اللّطيفةُ تتجلّى في كثير االتّ ِ
ُ
4
ِ
األثير( )، ابن ِ معتمدا على ِ ٍ
العامة الذي أشار إليه ُ مذهب ّ ُ أحد شقّيه ،وهذا ً القاعد
ُ هيئة َيمي ُل فيها
العامةُ ال ٍ الخلَّص" :ك ّل َمن استوى ِ ولكن المتّكئ في ِ
قاعدا على وطاء متم ّكناً ،و ّ ً العرب ُ كالم َ ّ
يثير أحد شقَّيه"( ) ،و ّ
5 معتمدا على ِ مال في ِ
تقدم ُ أن هذا الذي ّ الحق ّ ً قعوده تعرف المتّكئ إالّ من َ ُ
تبيان ،وثالثها إشكا ٌل:
ك ،وثانيها ٌ فس ثالثةَ مالحظَّ ،أولُها استد ار ٌ الن ِ
في ّ
141
اء ِ ِ ِ
إن التّ َ
الجذر المكتنف كلمةَ "المتّكئ" ،فقد قيل ّ داللة بيان
فمضماره ُ
ُ أما التّبيان
ّ -
فكأن
ّ ونحوه،
ُ الكيس
ُ فيه بد ٌل ِمن الواو ،وأصلُه ِمن "الوكاء" ،وهو ما ُي َش ّد به
ِ
الوطاء الذي ِ
بالقعود على فشدها
ق أوكأ َم ْق َع َدتَه ّ الساب ِ الساب ِ ِ
ق ّ المتّكئ في كالم ّ
ٍ
شيء مادة "وكا" تد ّل على ِّ
شد أن ّ ٍ هو تحتَه(،)1
فارس إلى ّ ويسند هذا إلماحةُ ابن
ُ
ق.العام ِة والالّح ِ ِ
يكون في قَعدة المتّكئ المسترخي بلغة ّ
ِ
مما ال ُ
ِ ٍ 2
وشدة( ) ،وهذا ّ
ِ
بالفهم ِ
عصره ق فيالساب ِ
كالم ّ
َ حق
يفهم الالّ ُ
أن َ فمرده إلى ْ
ّ أما اإلشكا ُل
ّ -
سول الكر ِيم –صلّى
قول الر ِ
ِّن من ِ ِ
اقتناص المتعي ِ ِ
الحادث َِ ،وقد وقع ذلك حقّاً في
ّ
كئ في هذا ِ
داللة المتّ ِ اهلل عليه وسلّم" :-ال آك ُل متّكئاً" ،وقد ُذ ِهب في ِ
فهم
فمن حمله ِ الد ِ ِ الد ِ ق ال ّشر ِالسيا ِ
الحادثةَ ، اللة المتقادمة ،و ّ اللة يف إلى الوجهَين؛ ّ ّ
ينحدر في مجرى ال فإنه
بّ ، ِ ِ ِ
ُ مذهب الطّ ّ تأوله على
الميل إلى أحد ال ّشقّين ّعلى َ
ِ
المتقادم ،فقد ذهب إلى ّأنه ومن حمله بالمعنى الطّ ِ
يسيغه هنيئاًَ ،
ُ عام سهالً ،وال
قعود
القعود للطّعام َ
ُ يكون
ُ البْلغةَ ،وعند هذا االستكثار ِمنهّ ،
ولكنه يأك ُل ُ َ يد
ال ير ُ
المستوِف ِز ال المسترخي(.)3
الوليمة:
َ
ين ِ ِ ِ ِ
ذن باستشراف معنى الوليمة استش ارفًا ْأب َ اللي ُي ْؤ ُ
الد ِّ
الكلمة ّ أصل هذه الوقوف عند
َ لع ّل
ابن
وخصها ُ ّ ِ
وغيره(،)4 ٍ
لعرس صنِع ٍ ُّ
العرس واإلمالك ،وقيل هي كل طعام ُ
ِ ِ طعام
ُ أظهر ،فهي و َ
االجتماع( ،)6ولع ّل
ِ بي–من ر الع ِ
المعجم في ورد كما – ه ل
ّ ك ذلك لُ أص و )،5
ِ
العرس( ِ
بطعام ِ
األثير
ّ
الوصف الذي ورد في َ األصل و
َ يعضد هذا
ُ اقف
ال ومو َ الوليمة وما يساوقُها ِمن أحو ٍ ِ فاد ِ
هيئة استر َ
ِ ِ
الكلمة ّأنه انبعث داللة هذه تطوِر
يظهر في ّ ُ ترحا ،والذي
فرحا وان ً إن ً سان ،فهذا كلُّه اجتماعٌْ ، اللّ ِ
غيره إذا كان يء ِ
باسم ِ الكلمات ،وهو تسميةُ ال ّش ِِ ِ
دالالت تطوِر لفعل و ِ نافذ ا ِ ناموس ِ
ٍ ِمن
األثر في ّ
مجاور له.
ًا ٍ
بسبب ،أو ِمنه
( )1انظر :ابن األثير ،النهاية ،193/1 ،وابن منظور ،اللسان ،مادة "وكأ".
( )2انظر :ابن فارس ،المقاييس ،مادة "وكا".
( )3انظر هذين المعنيين :ابن األثير ،النهاية ،193/1 ،وابن منظور ،اللسان ،مادة "تكأ".
( )4انظر :ابن منظور ،اللسان ،مادة "ولم".
( )5انظر :ابن األثير ،النهاية.226/5 ،
( )6ابن منظور ،اللسان ،مادة "ولم".
142
َ يمين:
فثم بنات هذه ّ ِ لكلمة "اليمين" مساءلةٌ مضمارها الوجه الجامع بين ِ ِ
المادةّ ، ُ ُ ُ المتدب َر
ّ يستوقف
ُ قد
ْ
ِ
باإلجابة؛ ذلك أن تلكم المساءلةَ حقيقةٌ ِ ُّ
القسم ،واخا ُل ّ يمين
وثم ُ اليسارّ ، وضدها َ اليمين الجارحةُ،
ُ
ِ
وداللة اليمين التي هي جارحةٌ، ِ ِ
داللة الداللتين؛جليةٌ بين تَْينِك ّ أن ال لُ ْحمةَ ّ يتوه ُم ْ
الخاطر قد َّ أن
ّ
فارس فيٍ المساءلة حاضرةٌ عند ِ
ابن ِ أن اإلجابةَ على هذه الحق ّ
القسم ،و ّ ُ اليمين التي هي
ِ
المتحالفَين ألن الحِلف ً قياس و ٍ
ٍ كلمات ِمن ِ
يمينا ّ سمي َ احد ،وقد ِّ ٌ ون
الن َ
الميم و ّ
الياء و َ إن َ مقاييسه؛ إذ ّ
قائم ِ ِ يمين صاحبِه(،)1 ص ِفق بيمينِه على ِ
اليمين "القسم" ٌ داللة ي في
ومذهب الجوهر ِّ
ُ أحدهما َي ْ
كأن َ ّ
ألنهم كانوا ي إلى المعنويِّ ،ذلك ّأنها ُس ِّميت بذلك ّ القائلة بانتقالِها ِمن الم ّ
اد ِّ ِ ِ
األنظار على استر ِ
فاد
آخر في ِ 2
يمينه على ِ كل امر ٍ ضرب ُّ
مذهبا َ ً غيره
يمين صاحبه( ) ،وقد ذهب ُ ئ منهم َ َ إذا تَحالفوا
ِ
الجارحة ،فقد يمين ِ
اليد باسم ِ يمين ِللحلِف ٌ ِ ِ طوِر ّ ِ
اليمين ،فقيل َ داللة اقع في
اللي الو ِ
الد ِّ استشراف التّ ّ
اببن الخطّ ِ عمر ُ
3
سي ُدنا ُ أيمانهم إذا حلفوا وتحالفوا وتعاقدوا وتبايعوا( ) ،ولذلك قال ّ كانوا يبسطون َ
أبايعك"(.)4يدك ْ ط َق-رضي اهلل عنهما" :-ابس ْ للص ّدي ِ
ّ
143
144
الث
ب الثّ ُ
ُ ل
َ ط
ْ م
َ ال
األشكالُ
ْ
145
األشكا ُل:
اللي،
الد ِّصحيح ّ
ِ يتصدرون للتّ
ّ للمناهج التي صدر عنها َمن
ِ المطلب استش ارفًا
ُ ويأتي هذا
معنوي قد وآخر لتطوٍر أشكال تطوِر ّ ِ ِ
ٍّ الدا ّلَ ،شكلي قد يقعُ على ّ
ٍّ الدالالت ،وتجليةً ّ ّ يجا علىوتعر ً
المدلول(المعنى) ،وما يأتي ِمن
َ ال (ال ّشكل) والد َّ
وثالث قد يعتري الوجهَين؛ ّ ٍ ِ
المدلول، يقعُ على
المتقد َم: اإلجمال ِ
المهاد سيجلّي هذا ب هذا ٍ ِ
ّ َ مباحثات َعق َ
الد ِ
رس: مناهج هذا ّ
ِ - 1أشكا ُل
ومباحث اللي ،وما تشتم ُل عليه من مسائ َل طوِر ّ
الد ِّ ِ
َ قضية التّ ّ
ّ بحث
ُ البحث؛
ُ انتسب هذا
َ وقد
ٍ
متباينة، مناهج ِ
وغير ذلك ،إلى جمي
النظر المع ِّ طوِر و ّ ِ متفر ٍ
َ اللي واستشراف التّ ّ الد ِّ
صحيح ِّ قة كالتّ ّ
المناهج التي
ِ ومذهبه ،و ِمن أجلى
َ البحثيةَ التي يبني عليها رَأيه
ّ يلج بحثَه وقد أخذ له ُع ّدتَه كل ُ ٌّ
ِ
المطلب: أصحابها للتّأتّي لهذا
ُ سلكها
146
طوِر
س التّ ّبأن اللّغةَ "راضخة" لنوامي ِ أشياعه الفكرةَ القائلةَ ّ
ُ الوصفي الذي ارتضى المنهج
ُ
ّ
طوِر ِ ِ
جانبا من جوانب التّ ّ ً خاصةً ،فتغيُّر "المعنى ليس إالّ ّ اللي
الد ّ عامةً ،و ّغوي ّ اللّ ّ
تقد َمها قد
أن ّ ال ،وبالر ِ ِ بحال ِمن األحو ِ ليست هامدةً أو ساكنةً ٍ
غم من ّ ّ ْ غوي ، ...،فاللّغةُاللّ ّ
ِ
األلفاظ لمنهج عن إلزِام أنصار هذا ا ِ ِ
األحيان"( ،)1ولذا تجافى ِ
بعض بطيئا في
ً يبدو
ُ
متباينة ،وأعر ٍ
اض ٍ ٍ
بعالقات الد ِ
الالت انتقال ّ أن ِ ِ
َ دالالتها المنقولةَ ،واستشعر أثباتُهم ّ
ناموس ناف ٌذ ال شبهةَ الن ِ
قل، ِ
االنحطاط ،و ّ قي ،و ِ ٍ
مخصوصة ،كالتّ ِ
ٌ الر ّ
خصيص ،و ّ عميم ،والتّ
خطئة أو إلزِام ِ
أهل عليه ،ولذلك كلِّه قَبِل أنصار هذا المنه ِج التّطور ،فلم يجنحوا إلى التّ ِ
َّ ُ
أظن ِ ِ فوق الس ِ اللّ ِ
المنهج نهاد الموسى إ ْذ يقو ُل" :وال ّ ِ َّعة ،ومن شيعة هذا غة الذي هو َ
ٍ
لفظة ِ
استعمال موقعه ال ّذاتي اآلني أن يحكم بالخطأ في ِ
وجه ِ معاصر يستطيعُ من ًا
َ ّ ْ ّ
أحدنا
األلفاظ ،فليس ُ ِ ِ
دالالت تض ْينا مواضعاتِنا المعاصرةَ َ
حول ٍ
لداللة؛ وذلك ّأننا إذا ار َ
لأللفاظ ِدالالتِها
ِ ونعرف
ُ االستعماالت،
ُ احية؛ إذ تتناهى إلينا الن ِ
اآلخر في هذه ّ ِ اما على قو ً
ّ
2
ية.) ("...غوية الجار ِاميس اللّ ِللنو ِ َوْفقًا ّ
147
ِ
تسمية نت لك في ِ
باب ٍ
بسبب ،على ما ّبي ُ مجاور له ،أو كان ِمنه
ًا باسم ال ّش ِ
يء إذا كان ِ
يء ِ
باسم ِ
غيره"(.)1 ال ّش ِ
ٍ
حميم، ٍ
بنسب اريخي
ّ القضي ِة يتّص ُل في إحدى ُوجهاتِه بال ِ
منهج التّ ّ بحث هذه
َ أن
وقد بدا ّ
الد ِ
اللة تطوِر ّ ِ تتب ًعا تار ًّ ِ وقد تجلَّى هذا في تتب ِ ِ ِ
يخيا مع مالحظة ّ ُّع دالالت الكلمات ّ
وأطو ِارها ،واستقر ِ
اء سيرتِها.
"االستقر ِ
اء يتصدرون للتّصحي ـ ِـح ُيدلون بد ِلوهم ِّ
معولين على بعض الذين أن
ّ َ أحسب ّ
و ُ
منتص ار ِ
ألحدهما، ِ يقف
ثالث ُِّح ٍ
ِّع ألخطائِه ،إلى مصح ٍ ٍّ
مصح ٍح إلى متتب ٍ ال ّناقص"ِ ،
فمن
ً
ألم بما َدنا واستقرب إِلماما كع ِ
جالة حكمه ُج ازفًا؛ إذ ّإنه َّ
ً ُ َ بعضهم كان ُيلقي َ َ أن
أحسب ّ
و ُ
الم ْحدثون يجلّيان الر ِ
الذي خاضه ُ جال
الس َلقدماء ،و ّ
ُ ـال الذي خاضه ا السج ـ َ
اكب ،ولع ّل ِّ ّ
لدالالتِها وتخطئتِه ،وهو-أعني ِ
األلفاظ ِ
استعمال ِ
تصويب اقص فيالن ِاء ّ مْلحظَ االستقر ِ
َ َ
كاره؛ إذ ال َّ
بد الم ِ
ق وَ بالمزال ِ
محفوف َ
ٌ وباطنه
الي ْسرُ " ، ظاهره ُ
ُ عامةً-
غوي ّ صحيح اللّ ّ
َ التّ
ِ
بشعرهم عالما ِ ِ ِ ِ للمتوغ ِل فيه ْ
ِّ
بصير بأساليبهمً ، ًا بأكثره، العرب أو بكالم طا
يكون محي ًَ أن
وضرب َِ
ِ ِ
االستشهاد قادر على
ذاكر ًا
ظا ًا ِ
البيئات ،حاف ً وتعدِد ِ
العصور مر ِ
ّ ونثرهم على ّ
ِ
اإلدالء بالحجَّة"(.)2 ِ
المثل و
كأنهم بهذا
الخارجي ،و ّ العالم ِ
األشياء و ِ ق يف ،وهو ِ
منط ُ وقد جنح بعضهم إلى محت َكٍم طر ٍ
ّ ُ
ولكن،
ْ تنقص، يد وال
الخارجي ال تز ُ ِ
العالم ت على قَ ّد أن اللّغةَ قَ ْد قُ َّد ْ
ظر يذهبون إلى ّ الن ِ
ّ
ُ ّ
ِ
هيهات هيهات ،و ِمن ذلك تخطئةُ بعضهم " َ
البقّال" و"القافلة" و"االستحمام" و" َّ
الدرجة" ،وقد
يستقيم(.)3 يصح في ِ
الفهم وال نظر ال
ُ ّ أن هذا ٌ
تبين ْقبالً ّ
ّ
148
ِ نيوي المتمثّ ِل في ِ ٍ ُ ِ
مالحظة البعد ال ِب ّ
البحث ،من وجهة أخرى ،إلى ُ انتسب هذا
َ وقد
ِ
الكلمة ِ
داللة متشكالً ِمن
ِّ إن المعنى ليس ِ ِ ق اللّ ِ العالئ ِ
غوية بين مستويات اللّغة؛ إ ْذ ّ
ّ َ
كلمة ما قد يشطُّ
وحدها ،فالقالَب التّصريفي يؤذن بمز ِيد معنى ،وتباين ضميم ٍ ِ
المعجمية َ
َ ُ َ ّ ُ ُ ُ ّ
لة طَرو ٍح؛ وذلك نحوَ ":سها عن صالتِه" ،و"سها في صالتِه" ،و"رغب بالمعنى إلى منز ٍ
المباعة" ،و"تفانى"(.)1
به" ،و"رغب عنه" ،و"البضاعة ُ
ِ
الكلمة قد ِ
داللة أن دائرةَ ِ ِ الد ِ
المتعي ُن منه ّ
ّ المقصد
ُ لتوسيعها ،و ادف
اللة فهو مر ٌ أما تعمي ُم ّّ
دائرِة داللتِها ،و ِمن ذلك كلمةُ "ال ّشلل" ٍ
جديدة لم تكن مثبتةً في أشياء
َ تتّسعُ فتشتم ُل على
اتسعت دائرتُها
ْ ٍ
وذهاب ،ثم في ِ
اليد تقتصر على ٍ
يبس داللة ضي ٍ
قة ٍ ذات
كانت َ
ْ التي
ُ ّ
اشتملت على
ْ الجسم كلَّه أو شقّه ،وهذا يعني ّأنها
َ ق فاستغرقت الليةُ في ِ
كالم الالّح ِ الد ّّ
حديث عنٍ تقدم ِمن
اندياح ،وليس ُينسى ما ّ ٍ
عمومية و ٍ ذات
جديدة ،فصارت َ ٍ مدخ ٍ
الت َ
القوي والذي ليس فوقَه ِ ِ
ديد و ّ الكبير وال ّش ُ
السّي ُد ،و ُ
ي" ،فقد قيل ّإنه ّ تخصيص داللة "العبقر ّ
مما اح ٍ
كثير ّ صت باطّر ِ ص ْ الداللةَ ُخ ِّ
ولكن هذه ّ
ّ ِ
الجوهر(،)2 ان والفاخر ِمن الحيو ِ
شيء و ُ ٌ
ِ
الممتاز ذكاء ،و
ً وصارت تد ّل في عر ّبيتنا المعاصرِة على المتوقِّد ْ كانت تشتم ُل عليه،
ْ
( )1انظر :أحمد مختار عمر ،أخطاء اللغة العربية المعاصرة.80-79 ،
( )2انظر هذه المعاني :ابن منظور ،اللسان ،مادة "عبقر".
149
ِ
بعض معانيه- ي –في نعرف العبقر َّ
ُ وجهة ٍ
ثانيةّ ،أننا ال ٍ نبوغا ومعرفةً ،وليس يخفىِ ،من
ً
الفاخر من الحيو ِ
ان ،وال القويِّ ،وكذلك ِ ديد ،ال والابق ،فليس عندنا بال ّش ِ
الس ُ
كما عرفه ّ
سعت
الليةَ التي تترّبعُ عليها قد اتّ ْ
الد ّالدائرةَ ّ
ولكن هذه ّصوت البق ِرةّ ،َ كانت
ْ "الهمهمةُ" التي
أن عد ،حتّى وصل األمر بهذه ّ ِ األسد والر ِ
اإلنسان و ِ
ِ فاشتملت على همه ِ
الداللة إلى ْ ُ ّ مة َْ َ ْ
داللي.
ٌّ تعميم
ٌ الخفي ،وهذا كلُّه
ّ الكالم
َ تصبح الهمهمةُ
َ
ستحسن ِ
الكلمة راقيةً ت تغدو داللةُ ِ ِ الد ِ
ُ أن َ المتعي ُن منه ْ
ّ فالمقص ُد سموها
اللة أو ُّ أما رقي ّ
ّ
ثم فقد تكون في ساب ِ ِ
السمعُّ ،
ذكره ،أو ينبو عنه ّ سقب ُح ُ
مما ُي َ ق عهدها ّ ُ المجتمع؛ ْ
ِ بول
قَ َ
ٍ
ابتذال ،و ِمن ذلك ت عنها ما كان يعتريها ِمن ٍ
ومكانة َرفَ َع ْ ذات ٍ
شأن ق َ عند الالّح ِ
تمسي َ
ٍ
مقيتة ،فهو يعني هامشي ٍة ٍ
وظالل سلبي ٍة، ٍ الساب ِ ِ
ّ ق ذو إيحاءات ّ اطر"؛ إذ ّإنه في كالم ّ "ال ّش ُ
أن أعياهم ُخ ْبثًا ،وفي معنى ِ
اغما أو مخالفًا بعد ْ قديما الذي نزح عن أهله وتركهم ُمر ً ً
األو َل بل يساوقُه -هو الذي أخذ ِ ٍ
إن ال ّشاطر –وهذا معنى ال يدافع ّ تقدم قيل ّ مما ّقريب ّ
اء.ألنه تباعد عن االستو ِ شاطر؛ ّ اء ،ولذلك قيل له غير االستو ِفي نحو ِ
ٌ
( )1انظر :األزهري ،التهذيب ،مادة "بلد" ،وابن منظور ،اللسان ،مادة "بلد".
150
الحديث عنِ يدور في َفلَ ِك تقدم ِمن ٍ أما انحطاطُ ّ ِ
بيان ُ نقيض ما ّ ُ بأنه
ف ّ عر ُ
الداللة فقد ُي ّ ّ
حسن؛ إذٍ ابق يتلقّفُها بقَ ٍ
بول الس ُ ٍ ٍ الد ِ
ذات داللة مستحسنة كان ّ ثم كلمةٌ ُ تكون ّ
ُ اللة ،فقد قي ّ
رّ
ِ
اإلنسان مان و ِ
المكان و ولكنها في سيرو ِرة العر ّبي ِة مع َسيرو ِرة ّ
الز ِ ال شيةَ عليها وال شبهةَّ ،
بالض ِّد، أمرها عند الالّح ِ
ق والس ِ
ّ تقترن بما هو ُمست َقب ٌح أو ممجوٌج ،فغدا ُ ُ أصبحت
ْ ياقات ّ
ِ
القصير( ،)1وذلك ليس ُ الرج ُل
ق ّ و ِمن ذلك التِّْنَبل والتِّنبال والتِّْنبالة ،وهي في كالم ّ
الساب ِ
ٍ
داللة ذات
الحماقة ،وهي ُ ِ بالخ ِ
مول و ق؛ إذ ّإنها تد ّل على َمن ُو ِسم ُ كذلك في ِ
كالم الالّح ِ
باش ِمن األو ُ ِ
األوباش ،ف ْ ق ،وكذلك داللةُ كالم الالّح ِ ٍ
مرذولة في ِ هامشي ٍة
ّ
ٍ
يحاءات سلبي ٍة وا
ّ
أوباش ِمن ال ّشجـ ِـر
ووَبش ،و ٌ ش َ احدهم َوْب ٌ
المتفرقون ،و ُ
ِّ ُّروب
اس :األخالطُ ،وهم الض ُ الن ِّ
المتفرقة( ) ،واألوباش :هم أخالطٌ ِمن ّ
الن ِ النبات ،وهي ُّ
2
رؤساء
َ اس وا ْن كانـ ـوا ّ ـروب
الض ـ ُ وّ
داللتَها تحتم ُل أن ِ
األمس؛ ذلك ّ أوباش
َ تفارق
ُ أوباش ِ
اليوم َ أن
أفاضل( ) ،وال يخفى ّ
3
َ و
ما " َوْبش" ،أو انقباضا ،بل هي ُسبَّة إذا ما أُسبغت على ٍ
فرد الن ِ
فس يثير في ّ
ً ملمحا ُ
ً
الد ِ
اللة". داللي هيئتُه "انحطاطُ ّ ٍ
مجموعة متكاث ٍرة "أ َْوباش" ،وهذا تطـ ّـوٌر
ّ
يفسر
المتعي ُن منه َّ فالمقصد بي، ِ
المعجم العر ِّ اللي ،وما كان أجاله في
ّ ُ الد ّ
أما االنتقا ُل ّ ّ
نسب في ِ ِ باستر ِ
فاد ظاهرِة
غوي لها حق ٌل إليه تُ َ أن الكلمةَ في العالم اللّ ّ اللية؛ ذلك ّ الد ّ
الحقول ّ
ِ
المحسوس ،وهكذا ي بالماد ِّ
ّ المجرِد ،وأخرى بالمعنوي
ِّ تقترن الخارجي ،فهناك ألفاظٌِّ ِ
العالم
ّ ُ
متباينة ِمن هذا
ٍ يج على ُمثُ ٍل ئ التّعر ُ االنتقال يغدو بِم ْك َن ِة القار ِ
ُ
ِ دوالَيك ،...وفي ِ
باب
آخر ،وانتقالُها ِمن داللي َ ّ
ٍ
مجال داللي إلى
ّ
ٍ
مجال اللة ِمن
الد ِ االنتقال ،و ِمن ذلك انتقا ُل ِّ
الد ِ
اللة اآلدمي ،وانتقالُها ِمن ّ اللة علىالد ِ ضمار ِّ اني إلى ِم اللة على الحيو ِّ الد ِ ِ
مضمار ّ
ّ
ِ
المحسوس إلى المادي
ّ المحسوس ،وانتقالُها ِمن
ِ المادي
ِّ المجرِد إلى
َّ المعنوي
ّ على
ِ
وجحوره إلى ألغاز اليربوِعلة على ِ الدال ِ
غز ِمن ّ المعنوي المجرِد ،و ِمن ذلك انتقا ُل ِ
كلمة اللّ ِ ّ ّ
ِ
البعوض الد ِ
اللة على المشابهة ،وانتقال "الهمج" ِمن ّ ِ ِ
لعالقة شك ُل حلّه األسرِار وما ي ِ
ُ
ِ
داللة اس وسفلتِهم ،وانتقا ُل الن ِ
اذل ّاللة على أر ِ الد ِ اني ،إلى ّ الحقل الحيو ِّ ِ باب؛ أي ِمن وال ّذ ِ
ِ
األشياء، يتوصل به ِمن ِ
الماء إلى ما يتوص ُل به إلى ِ
الحبل الذي الرشوِة من ِ
رسن ِّ
ّ ّ
الخل ِ
ق ِ
صاحب ُ ين إلى الس ِ
هل اللّ ِ ِ
المكان ّ الدالل ِة على ِ
مضمار ّ ماثة ِمن
الد ِ ِ
داللة ّ وانتقا ُل
تقترن صارت ثم ِ ِ الحسن اللّ ِ
ِ
ُ ْ البسابسّ ، القفار و كانت تد ّل على
ْ هات التي
طيف ،وكذلك التّّر ُ
( )1انظر هذا المعنى :ابن األثير ،النهاية ،198/1 ،وابن منظور ،اللسان ،مادة "تنبل" ،والفيروزأبادي ،القاموس
المحيط ،مادة "تنبل".
( )2انظر :ابن منظور ،اللسان ،مادة "وبش".
( ) 3انظر :ابن مكي ،تثقيف اللسان.164 ،
151
وغير الم َّ
حنك"ُ ، " ُ طائل تحتَها ،وكذلك ِداللة "االحتدام" ،و
َ ِ
األباطيل التي ال ِ
باألقاويل و
كثير.....
كثير ٌ
ذلك ٌ
العربي ِة:
ّ
ِ
الكلمة تطور
-3أشكا ُل ّ
غويةَ الت "دي سوسير" اللّ ِ النظر في مقو ِ
بأن العالمةَ اللّ ّ
غوية أللفيناه يقو ُل ّ
ّ لو ّأننا أعدنا ّ َ
كلم العر ّبي ِة ُ
بروي ٍة في ِ ُ ِ
1
قد
طور ْ أن التّ ّ
يجد ّ المتأم ُل ّ
الدا ّل والمدلو ُل( ) ،و ّجانبين هما ّتأتلف من َ
تقدم في ِ
باب ِ
المدلول فك ّل ما ّ تطوُر
أما ّالمدلولّ ،
َ غوي ِة ،أعني ّ
الدا ّل و ِ
جانبي العالمة اللّ ّ
يصيب َُ
بنيوية شكلي ٍة -كما
ٍ ٍ
وجهة ت سائرةً – من نتحدث عن ٍ
كلمة ظلّ ْ مضماره؛ ذلك ّأننا َّ
ِ
األمثال كان
ٍ
أمثال ُمستكفى و َم ْغنى عن تقدم من
طوَر اعترى مدلولَها؛ أي معناها ،ولع ّل فيما ّ ولكن التّ ّ
ّ هي،
ِ
المقام. أخر في هذا ٍ ِ
استشراف أمثلة َ
مؤتلفةٌ ِمن صو َ
امت حيث هي بنيةٌ ْ ُ فمضماره الكلمةُ العر ّبيةُ ِمن
ُ الد ِّ
ال تطوُر ّ
أما ّ ّ
ٍ
وجهة أخرى ،إذا ِ
المدلول ،و ِمن وتطوِر الد ِّ
ال تطوِر ّ
ّ جلياً بين ّ
ثم َبوًنا ّ
أن ّ ائت ،وليس يخفى ّ وصو َ
ِ
الكلمة إلى تغي ُر يقف على ضرَبين ِمنه؛ ّأولُهما الد ِّ
تطوِر ّ
فونيمي يفضي ّ
ّ ال فقد ُ ما نظر المرُء في ّ
شكلي مضماره البنيةُ ال المعنى ،و ِمن أمث ِ
لة ذلك في ُ ٌّ فونيمي ،بل هو
ّ تغي ِر المعنى ،وثانيهما ُ
غير ّ
العر ّبي ِة:
152
حيث شكلُها ال معناها ،فمن َس ِ
نن ُ مضمارها الكلمةُ من
ُ ظاهرةُ ال ّنحت :وهي ظاهرةٌ
االختصار"( ،)1و ِمن
ِ جنس ِمن
يد كلمةً واحدةً" ،وهو ٌ تنحت ِمن كلمتَين أو أز َ
َ أن ِ
العرب ْ
يصيب الكلمةَ العر ّبيةَ على طوِر الذي ِ ِ ِ
ُ أمثلة هذه الظّاهرة التي هي شك ٌل من أشكال التّ ّ
الح ْيعلة" ،وهي حكايةُ ِ
قول المؤّذن: ِ مستوى ال ّش ِ
العبشمي" نسبةً إلى عبد شمس ،و" َ
ّ كل "
بقاءك، المتعي ُن ِمنها: َّ ِ
أطال اهلل َ
َ الفالح ،و"الطلبقة" ،و ّ
ِ حي على الصالةّ ، حي على ّ ّ
قوةَ إالّ باهلل(.)2
حول وال ّ
الحمد هلل ،و"الحوقلة" ،وهي قولُنا :ال َ
ُ الحمدلة" ،وهي قولُنا:
و" َ
ِ ِ
وتي الحديث بالمغاي ِرة؛ ذلك ّ
أن الص ّ رس ّ الد ِ
ف في ّ تعر ُ
ظاهرةُ المخالفة :وهي ظاهرةٌ َ
صوت مؤثٌِّر مكي ٌ
ِّف، ٌ ثم
فيكون ّ
ُ أعرْج عليها، لما ّ ق كما المماثلة التي ّ تيسير ا ّلنط ِ
ُ عمادها
َ
تكون قد ِ
المخالفة ُيشار إلى ّأنها ْ ِ
الحديث عن ِّف ،وفي ِ
باب آخر متأثٌّر متكي ٌ
ُ وصوت ُ
ٌ
تكون قد
ف ،و ّأنها ْ ف في المتكي ِ وت المكي ِ تأثير الص ِ
ظر إلى مدى ِ بالن ِ
تامةً أو جز ّئيةً ّ
ُ ّ ّ ّ ّ
تباعديةً تكون تجاورّيةً أو قد
ف ،و ّأنها ْ وت المتكي ِموقع الص ِ ظر إلىبالن ِ
أماميةً ّ رجعيةً أو
ّ ُ ّ ِ ّ ّ ّ
"إجاص" التي ِ ٍ ِ بالن ِ
بين المكيِّف والمتكيِّف ،ومثا ُل ذلك ّ وجود صوت يفص ُل َ ظر إلى ّ
لت "دينار"(ُّ ،)3
كل تحو ْ ِ
"جْلمد" ،و"دّنار" التي ّ و"جمد" التي غدت َّ لت إلى "إنجاص"، تحو ْ
ّ
ِّ
الدال ال
تطوٌر يقعُ على مستوى ّ ٍ ِ
لغوي له بواعثُه ،وهو ،من وجهة أخرىّ ، ّ تطوٌر
ذلك ّ
ِ
المدلول.
153
عرجوا على هذا ِ ِ ِ ًّ الظّاهرِة
بعض مالحظ القدماء الذين ّ لسانيا حديثًا ،ملتفتًا إلى تفسير
ًا
سأضرب وتي ،و َّ ِ ِ الد ِ
ُ وثانيهما:الص ّ
َّ جي،
نظرين من التّفسير؛ ّأولُهما :الل ْه ّ مترددين بين َ
رس ّ ّ
مجموعةَ ٍ
أمثلة على ك ّل ٍ
شكل:
َّ
نية(الشكل): الدا ّل -ال ِب
تطور على مستوى ّ
ّ
غتت -غطط:
ابن ِ المادتين يتجلّى أثر التّ ِ
فخيم أو التّرقي ِ
فقد ذهب ُ بيْ ،
نمو المعجم العر ّق في ّ ُ وفي هاتَين ّ
ماد ِة
ق ،وقد جاء في ّ بعض االفت ار ِ
َ فاق ال ينفيولكن هذا االتّ َ
ّ ت كالغطّ(،)1الغ ّ
أن َ ٍ
منظور إلى ّ
النفَ َسين وغت في ِ
الماء ،وهو ما بين ّ خفيه، "غتت"َّ :
ّ ثوبه على فيه ُلي َ يده أو َحك :وضع َ الض َغت ّ
اب ،وغتّه :عصره ،وغتّه في ِ
الماء غتًّا: ارب ِمن ال ّشر ِ من ال ّش ِ
اإلناء على فيه ،أي :تنفّس ال ّش ُ
رب و ُ
غطّه(.)2
تكاد
المادةُ ال ُ
الداللةَ التي تلتقي عليها هذه ّأن ّ ماد ِة "غطط" ّ
فإننا نلفي ّ ِ
الورود على ّ وعند
َ
ديد
العصر ال ّش ُ الغطّ:
الماء :غطسه ومقلَه فيه ،و َ ِ فيقال :غطّه في تفارق ِداللةَ ّ
ُ مادة "غتت"ُ ، ُ
وت الذي يخرُج مع
الص ُ وص ،وغطّ في نو ِمهَ :ن َخ َر ،و َ والكبس ،ومنه الغطّ في ِ
الغطيطُّ : لغ ُ
الماء :ا َ ُ
3
ساغا( ).
يجد َم ً
ترديده حيث ال ُ
ُ النائم ،وهو
َنفَس ّ
غت ال ّشارب في ِ
الماء ،وهو يب ِمن معنىّ :
األخير قر ٌ أن هذا المعنى بروي ٍة ُ
ُ َ يجد ّ المتأم ُل ّ
و ّ
يصدر ِمن ّ
النائم في َن َخره ،وقد استشرف ُ ت كمايصدر ِمنه صو ٌُ قد التنفّ ُس في ال ّشر ِ
اب؛ إ ْذ ّإنه ْ
صحيح يد ّل
ٌ اء أص ٌلالغين والطّ َ
َ أن
مادة "غطط" مشي اًر إلى أنهّا تلتقي على ّ معاني ّ ٍ
فارس ابن
ُ
َ
يت بذلك
سم ْ
الغطَاط :وهي القَطا ِّ اإلنسان في نو ِمه ،و ِمنه َ
ِ على "صوت" ،و ِمن هنا جاء َغطيطُ
المتعي ُن ِمنها ذلك
ّ يكون
َ أن
ويستقيم ْ
ُ
يصح في ِ
الفهم ّ مما ِ
لصوتها ،وكذلك :غطّه في الماء ،و ّ
ِ
ابن الن َخر( ،)4و ِمن مثلِه :غتّه في ِ الصوت الذي يكون ِمن ِ
الماء أو َّ
مادة "غتت" جنح ُ الماء .وفي ّ ُ َ
ِ
بالفيء على ما ُذكر ثم إبداالً وقع؛ إ ْذ ّإننا نقول :غططتُه وغتتُه( ،)5والمرجَّح – ٍ
أن ّ
فارس إلى ّ
ِ ِ جاءت ِمنها ،واذا
كانت في أصلها المتقادِم بالتّاءّ ،
فإن ْ ْ أن أخرى أماً هي األص ُل ،و ّ
مادة ّ
أن ّ
آنفًا– ّ
154
وتيةَ،
الص ّالسمةَ ّ اء هذه ّ مفخم ،فأكسب التّ َ الغين َّ
َ إن
حاضر عتيد؛ إذ ّ
ٌ مادة "غطط" وجود ّ ِ تعليل
َ
فخيم، ٍ صوتي ٍة – إالّ في ٍ ون بينهما – ِمن
ملمح واحد ،وهو التّ ُ ٍ ّ وجهة اء صنوان ال َب َ اء والطّ ُوالتّ ُ
وتي هو الذي ِ
الص ّ طابق في الوصف ّ أن هذا التّ َ ويظهر ّ
ُ لثوي،
أسناني ّ
ّ يو مهموس وانفجار ّ
ٌ فكالهما
ص الذين ُيحتَ ّج الخلَّ ِ ِ
العرب ُ عت عن طائيا" فقد ُس ِم ْ
أما إذا كان األص ُل " ّ طاءّ .
ِ
أَذن باستحالة التّاء ً
ِ
المادتين قائما ،وقد ورد اللّغويون على ٍ
أمثلة ائي ،وظ ّل تداخ ٌل بين ّ
ّ ً ائي والطّ ّبعر ّبيتهم بالوجهَين :التّ ّ
مستقبحةً،
َ عدوها ُه ْجنةً
مضماره فقد ِّ االحتجاج ،ولكونِها خارجةً عن
ِ ِ
عصور بعد
مثل هذا َ ِمن ِ
حديث ِ
ابن ُ ماد ِة "غتت" و "غطط" ،و ِمن ذلك وقع في ّ مما َ
ِ
ولَ ْحناً َمرذوالً ،وهي في حقيقتها قريبةٌ ّ
العامة بالس ِ ِ عما ُيتكلَّم فيه ِ
بالسين فيتكلّم ّ ومما ُيتكلّم فيه ّ ينّ ، العامةُ ّ
مما َيتكلّ ُم به ّبالصاد ّّ الس ّكيت " ّ
ّ
ين صاداً، الس ِ الد ِ ِ ِ وحديث ابن م ّكي عن نط ِ بالصاد"(،)1
ال ضاداً ،و ّ ذاء ،و ّ
تاء ،والظّاء ً ق الطّاء ً ّ ُ ّ
2
مما ذكره( ). وغير ذلك ّ
سغسغ – صغصغ:
ملمح من افت ار ٍ
ق؛ ٍ ملمح أو أدنى
ٌ يظهر
ُ يكاد
فاق كلّ ّي ،وال ُ
المادتين يتجلّى اتّ ٌ
وبين هاتَين ّ
آخر فيمكان ٍَ وردت في
ْ نفسها التي
مادةُ "سغسغ" هي ُ معان تشتم ُل عليها ٍّ أن ما جاء ِمن ذلك ّ
خائض فيه: البحث مادة "صغصغ" ،وفيما يأتي فض ُل بيان يجلّي ما تحت ّ
بي َ ِ
ٌ ُ المعجم العر ّ
هن تحت ِ الدهن في ر ِ
الد َرواه ووضع عليه ّ بالدهن ّ
أسه ّ شعره ،وسغسغ ر َ أسه :أدخله َ سغسغ ّ َ
َ
3
األرض :دخل( ) ،وكذلك ِ من ،وتسغسغ في الس ِ
بالدهن و ّ
رواه ّ يدهّ : صره ،وسغسغ ثر َ وع َ
بكفّيه َ
يده" ،وهي لغةٌ في هن ،وصغصغ ثر َ بالد ِ
أسه ّ صغصغ ر َ
َ ماد ِة "صغصغ" ،فنقو ُل:الحا ُل في ّ
سغسغ"(.)4
الغين ِمن
َ ولكن
ّ انشعبت عنها األخرى هي "سغسغ"، ْ األصل التي
َ المادة
ّ أن
إخا ُل ّ
ين المرقّقةُ ِ ّ ِ األصو ِ
الس ُ
أن تكتسي ّ الغين في سياقه ْ
َ فخيم الذي يعتري
المفخمة ،وقد أذن هذا التّ ُ ات
احد ،فأفضى هذا كلّه إلى استحالتِها صاداً، ملمح صوتي و ٍ
ّ ٍ ٍ
بشيء منه تأثّ اًر ومماثلةً للغين في
إطباق في الظّ ِ
اء لكانت داالً ،ولوال إطباق في الطّاء لكانت سيناً ،ولوال الص ِاد
ٌ ْ ٌ ْ إطباق ُّ و"لوال
مادتين
وجود ّ
ُ جمع العر ّبية،
ِ المعجميين عند
ّ ِ
أنظار لكانت ذاالً"( ،)5وقد انبنى على هذا ،في ْ
155
يعضد هذا ومما ٍ
تقارب صوتي ،وتطاب ٍ
ُ معنويّ ،
ّ ق ّ صوتيتَين متباينتَين ،مع تجلّي
ّ تُرويان بهيئتَين
تعاقبت مع الغين(.)1
ْ قد
اد ْالص َ
أن ّ بالس ِ
ين ،و ّ يكون "سغسغ" ّ
أن َ رجح ْ غويين ّ
بعض اللّ ّ
َ أن
المذهب ّ
َ
لعثم – لعذم:
ال مالمح صوتيةٌ متماثلةٌ ،فكلتاهما ِرخوة مرقَّقة بيأسنانية ،ولكن وقوعَ الثّ ِ
اء للثّ ِ
اء وال ّذ ِ
ّ ّ ّ ُ
ق المتلفّ ِظ صوتي ٍة ما قد يعم ُل على صيرورت ِها مجهورةً ،لتغدو في نط ِ
َ ّ
لمجهور في ٍ
بيئة ٍ مجاورةً
ِ ِ
وتي بين الص ّ بي ،و ِمن ذلك التّداخ ُل ّ بها ذاالً صريحةً ،وقد وقع أمثلةٌ من هذا في المعجم العر ّ
ثمك ُاحد( ،)3وجماعُ معناهما التّ ُّ المباحثة الجزئي ِة "لعثم– لعذم" ،وهما بمعنى و ٍ ِ ان هذه عنو ِ
ّ
أن ِ 4 ٍ واالنتظا ُر والتّ ّأني ،وقد ِ
الس ّكيت إلى ّ ابن ّتلعثم عن شيء :وما تلعذم( ) ،وقد أشار ُ قرئ :وما ْ
ِ
الكثير ،وقد ِ
الغالب أن الثّاء هي األص ُل فيالمتقدِم فالحاص ُل ّ
ّ ال بد ٌل ِمن الثّاء( ،)5وعلى هذا ال ّذ َ
لتغدو ِ
الجهر اء صفةَ ِ
المهموسة َِ و ِ
العين المجهورِة ،ف وقعت مماثلةٌ صوتيةٌ بين الثّ ِ
َ اكتسبت الثّ ُ
ْ اء ّ ْ
مادتين لهما أص ٌل واحد.
وجود ّ
ُ ولينبي على هذا كلّه النط ِ
ق، ذاالً في ّ
َ
156
ِ
لي
الحبل إذا أحكم فتلَه ،وفي إحكامه ّ َ وعس َد
أسهَ ، البعير ر َ
ُ عصدالث هو اللّ ّي ،و ِمن هنا جاءَ : الثّ َ
الث معا في ج ٍ
عبة ِ ِ ِ وتوثيق ،وكذلك الحا ُل في ّ ِ
َ ابن السِّيد هذه الكلماتَ الثّ َ ً مادة "عزد" ،وقد جمع ُ ٌ
معان و ٍ
احدة ٍ اجتماع هذه المو ّاد على ِ
باعث أما عن 1 ٍ
ِ احد( )ّ . أن معناها و ٌ واحدة ذاهباً بها إلى ّ
بي ِ ِ ِ جهة التّ ِ جهة ِ : غير ٍ المماثلة ِمن ِِ
تكون في المعجم العر ّ الجهر ،ولذا َّ وجهة فخيم، فمرده إلى ّ
تمي ُزها عن األخرى ،و ّأولُها: احدة ِاحدة ،ولك ّل و ٍ أرومة و ٍ ٍ
صوتيةٌ ّ ّ صبغةٌ تفيء إلى
ُ ثالث مو ّاد ُ
آت ِمن قيق فلعلّه ٍ أما التّر ُ َّ
المفخمةُ "عصد" ،وثانيها :المرققةُ "عسد" ،وثالثُها المجهورةُ "عزد"ّ . َّ
ِ ال المرقَّقَينْ ، الد ِ الص ِاد
ِ
بعض ألسنة ين على الس ُ
قيق ففُ ّخمت ّ يكون األص ُل التّر َ ُ وقد ِ
للعين و ّ مجاو ِرة ّ
فرق بينهما إالّ في اد شقيقتان ال َ الص َين و ّ الس َ
إن ّ فغدت صاداً ،فصار لدينا "عصد"؛ إ ْذ ّ ْ ِ
العرب
مهموس ِ ٍ
اي
الز ُ أما ّ لثويّ ، أسناني ّ ّ خو و ور ٌ ٌ الصوتَين
فخيم ،فكال ّ صوتي واحد ممي ٍِّز ،وهو التّ ُ ّ ملمح
ٍ
ملمح
َ السين
فاكتسبت ّ
ْ ين مهموسةٌ، الس ُ
ال -مجهورةٌ ،و ّ الد َ
ال ،وهي –أعني ّ بأثر ِمن ّ
الد ِ جاءت ٍ ْ فقد
ظرالن ِ لطف ّ ِ بكثير ِمن
ٍ القدماء التفتوا أن ال ،فأَِذ َن هذا بصيرورت ِها زًايا ،و ّ الجهر ِمن ّ
الد ِ ِ
َ الحق ّ
عند
اي ،وقد وقف َ الز ِ
ين مع ّ الس ِ ِ الس ِ ِ مطلب َِ
ِ ِ وي ِة إلى هذا
الصاد ،و ّ ين مع ّ تعاقب ّ المطلب؛ الر ّ وّ
بعضها ،وهو ما ات في ِ تجاور األصو ِ ِ وقع المتبص ِر وقوف المدقّ ِ ِ هذه الظّاه ِرة
ملتمسا ًَ ّ ق َ سيبويه
قلبحديث عن ِ ٍ األلفوني ،و ِمن ذلك ما ُع ِرض آنفًا ِمن ِ
الحديث بالتّ ِ
باين وتي الد ِ
ّ الص ّ رس ّ وسم في ّ ُي َ
صوتي ٍة
ّ
ٍ
وجهة الحق ّأننا – ِمن
الكالمي ِة ،ومنه "العصد" ،و ّ ّ
ِ
البيئات ِ
بعض ين زًايا في الس ِ
الصاد أو ّ
ِ
ّ
تفخيم
ٌ ق زًايا يعتريها بل نحقّ ُ ننطق صاداً صريحةً عند تلفّ ِظنا بكلمة "العصد"ْ ، ُ فاقعة -ال ٍ نطقي ٍة
ّ
ِ
البحث، مضمار هذا سيبويه ِمن قب ُل على هذا ُمْل ِم ًحا إلى ملحظَين هما ِ العين ،وقد ورد ِ آت ِمن ٍ
ُ
ال: الص ِاد ّ
للد ِ ِ
وتي ،فقال في حديثه عن مجاو ِرة ّ الص ّ جاور ّ جي ،وثانيهما :التّ ُ الباعث اللّ ْه ّ
ُ و ّأولُهما:
صدير :التّْزدير ،وفي الفصحاء يجعلونها زاياً خالصةً ،...،وذلك في قوِلهم :التّ ْ َ العرب
َ "وسمعنا
أزدرت"(.)2
ُ صد :الفزد ،وفي أصدرت:
الفَ ْ
المؤِذ ِن ِ للد ِ الس ِ ِ الم ْع ِجبةُ إلى ِ و ِمن ِ
الساكنة ْ
ال ّ ين ّ تجاور ّ أثر ان ُحي َ
تقدم التفاتةُ أبي ّمثل ما ّ
بدل زًاياً
أن تُ َ
يجوز ْ
ُ وي ْسدل ،فقيل:
أسدل ُ
ين ووليتها دا ٌل؛ نحوْ :
الس ُ
نت ّ بقلبِها زًايا ،فقال" :وا ْن ُس ِّك ْ
اصدق"(،)4
ْ تخلص زًايا"(" ،)3والعرب تقو ُلْ :ازدق ،بمعنى:
ُ الزاي وال
محضةً ،وقيل ُيضارعُ بها ّ
الص ِاد ِ
ملحظ ِ
قلب ّ شار إلى
يوطي ،وفيه ُي ُ
الس ّالقالي و ّ
ِ
الس ّكيت و ّ
نص ورد عند ِ
ابن ّ
وقر ٌ ِ
يب من هذا ّ
157
اد
الص َ فُ ِ وسمعت أعر ًّ
أبدل ّ
صد له ،فخفّف ،و َ حرْم َمن فُ ْزَد له ،أرادَ :من
ابيا يقو ُل :لم ُي َ ُ وهو" : زًايا،
كلّها"(.)1 بعض حاجتِه وا ْن ْلم ينْلها ٌ
أحد َ حرْم َمن أصاب والمعنى :لم ُي َ زًايا،
سرط – صرط:
جماعُ ِد ِ
طانا إذاوس َر ً
سرطًا َ
يء َ مادة "سرط" االبتالعُ ،فنقو ُلَ :س ِرطَ الطّ َ
عام وال ّش َ اللة ّ
بعض القَرِأة: ِ 2
بالصاد( ) ،وقد ق أر ُّ يكون
ُ السبي ُل الواضحةُ ،وقد
الس ارطُّ :
البلعوم ،و ِّ
ُ
ابتلعه ،و ِ
الم ْسرطُ:
الص ِاد،
ين أو ّ بالس ِ
إن ّ السراط"ْ ،
أن داللةَ " ّ اهر ّ
4
بالصاد( ) ،والظّ ُ
ّ المستقيم"()3
َ ط
الص ار َ
"اهدنا ّ
فارس في حديثِه عن المعنى ٍ األو ِل ،وقد ألمح إلى هذا ُ
ابن ِ
متطورةٌ في داللتها عن المعنى ّ ّ
صحيح يد ّل على اء أص ٌل ِ
ٌ اء والطّ َ
الر َ
ين و ّ
الس َ
أن ّ فأشار إلى ّ
َ مادة "سرط"، عقد ّينتظم َ
ُ جامع الذي
ال ِ
ألنه إذا ُس ِرط غاب ،وكذلك ِّ
الس ارطُ، عام :إذا َبِلعتهّ ،
سرطت الطّ َ
ُ ٍ
وذهاب ،و ِمن ذلك: مر ٍ
َغيبة في ّ
ي ،فرأى ٍ 5 ألن ال ّذاهب فيه يغيب َغيبةَ الطّ ِ
جامع العكبر ّ
ٍ آخر
المسترط( ) ،وقد التفت إلى وجه ََ عام ُ َ ّ
6 يان ال ّش ِ
يء المبتلَ ِع( ). الن ِ
اس فيه كجر ِ يان ّّأنه ُس ّمي ِسراطاً لجر ِ
الصراط" ،وهي
السراط و ّت إلى وجود هاتَينّ " : ثم مماثلةً ال تخفى ّأد ْ أن ّ
تقدم ّ
مما ّ اهر ّ
والظّ ُ
اكتسبت ولكنها
ينّ ، ٍ مماثلةٌ في التّ ِ
ْ الس ُ
ي– ّ منظور والعكبر ُّ ابن
يقرُر ُ األصل – كما ّ َ إن
فخيم؛ إ ْذ ّ
صادا ،وأصبح في ج ِ ِ ِ
المعجميين
ّ عبة َ ً فغدت
ْ اء "سرط"، صفةَ التّفخيم اآلتي من مجاورتِها الطّ َ
الس ِ
ين ِ ِ ِ ٍ
ي على هذه المماثلة الواقعة بين الطّاء و ّ عرج العكبر ُّ
حمالتان لمعنى واحد ،وقد ّ مادتان ّّ
بالس ِ
ين جاء به ِ ِ ِ ٍ
فمن قرأه ّ لتباين القراءات في هذا الحرفَ " ، تفسير ،ومجلّياً أحسن
َ ِّر
مستشرفاً ومفس ًا
كالسين تشار ُ اء في اإلطبا ِ ِ ِ ِ
ق ،و ّ جانس الطّ َ
ين صاداً لتُ َ
الس َ
قلب ّ
بالصاد َ
ّ األصل ،ومن قرأه على
مجوَزةً
فكانت مقاربتُها لها ّ
ْ قربت منها،اد في ذلك ُالص َ
فلما شاركت ّ ِ
الهمسّ ، الص ِ
فير و اد في ّ
الص َ
ّ
اء في اإلطباق"(.)7
لتجانس الطّ َ
َ قلبها إليها
َ
خسق – خزق:
( )1انظر النص :ابن السكيت ،القلب ،44،والقالي ،األمالي ،114/2 ،والسيوطي ،المزهر.467/1 ،
( )2انظر :ابن منظور ،اللسان ،مادة "سرط".
( )3اآلية(الفاتحة.)6 ،
( )4انظر :ابن منظور ،اللسان ،مادة "صرط".
( )5انظر :ابن فارس ،المقاييس ،مادة "سرط".
( )6انظر :العكبري ،إمالء ما من به الرحمن.7 ،
( )7العكبري ،إمالء ما من به الرحمن.7 ،
158
وخزق
عنَ ، تأم ٍل ،وجماعُ معناهما :الطّ ُ المادتين تداخ ٌل ال يخفى على ذي ّّ وبين هاتَين
مادةُ "خسق" فعنها قالأما ّ
1 ِ
خازق :مقرط ٌس نافذ( )ّ .
ٌ وسهم
ٌ ميةَ ونفَذ فيها،
الر ّ
هم :إذا أصاب ّ الس ُ
ّ
ت ِ 2
شديدا( ) ،وقد التُف َ ِ
هام هو المقرط ُس ،وخسق :لم ينف ْذ نفا ًذا ِ
الخاسق من الس ِ إن ٍ
ً ّ َ منظور ّ ابن
ُ
هم 3
منظور" :وهو لغةٌ في الخاز ِ
ٍ إلى هذا التّ ِ
الس ُ
ق"( ) ،و" َخ َزق ّ ابن
المادتين ،فقال ُ
داخل بين هاتَين ّ
4
اهر،وخاسق"( ) .والظّ ُ ٌ خازق
ٌ سهم
وخ َزق ،و ٌ هم إذا قرطس فقد َخ َسق َ الس ُ
وخ َسق بمعنى واحد....و ّ َ
ماد ِة
ت تحت ّ المثَْب َ
أن المعنى ُ أصل واحد؛ ذلك ّ
ٍ ٍ المادتَين ّإنما تعودان إلى
ّ أن هاتَين يبّ ، بال ر ٍ
ٍ
منظور إشارةً المتقدِم إشارةُ ِ
ابن ّ وينضاف إلى هذاُ ماد ِة "خسق"،تحت ّت َ المثَْب ُ
"خزق" هو المعنى ُ
ِ
المعجم تضخِم
ّ بوت إلى أنهّما لغتان ،وينبني على هذه اإلشا ِرة إشارةٌ إلى اللة والثّ ِالد ِ قطعيةَ ّّ
أثر اللَّه ِ ونموه ّأوالً ،والى اشتمالِه على مو ّاد
جات ثانيا ،والى ِ َ أن تَُرَّد إلى أخرى ً جدا ْ يمكن ًّ
ُ بي ّ العر ّ
المماثلة الصوتي ِة في شيوِع هذه اللّ ِ
هجات ِ العر ّبي ِة التي كان لها ُس ْه َمةٌ في ذلك ثالثًا ،والى ِ
دور
ّ ّ
ومعلوم طبقيةٌ، ِ
ٌ القاف ّ لثويةٌ ،و ُ أسنانيةٌ ّ
ّ السين" في "خسق" ،وهي لهوي ،ويليه " ّّ الخاء ابعا ،فمخرُج رً
قد
بقي ْ ِ طرف اللّ ِ ِ ِ
السين" إلى الطّ ّ ثوي " ّ األسناني اللّ ّ
ّ هوي "الخاء" إلى الصوت اللّ ّ سان من ّ انتقال
َ أن
ّ
ين في هذه الس ِ
اي مح ّل ّ الز ِ ِ
بحلول ّ ق زائداً ،ولع ّل هذا هو الذي أَِذ َن عضلياً في ا ّلنط ِّ يقتضي جهداً
الخاء َِ والقاف ،وقد ِ خالصِ ،من مخرِج لثوي وتي ِة "خسق" ،فاقترب مخرُج ّ ِ
ٌ اي ،وهو ّ الز ِ الص ّالبيئة ّ
قاضع االتّفا ِ ِ انبنى على هذا أن و ِجد جذران لغويان ينضويان َ ِ
ولكن مو َ بيّ ، تحت لواء المعجم العر ّ ّ ْ ُ
تفسير احد ،ورّبما كان هناك أصل و ٍ ٍ المادتين تشي بأنهّما يفيئان إلى أمره على هاتَين ِ
ٌ ّ الغالب ُ
القاف
ُ مادة "خسق" ،ولعلّها القاف في ّ ِ وجود
ُ احد ،وهوالمادتَين بمعنى و ٍ ّ لوجود هاتَينِ آخر
ُ
ين بهذا ِ
الس َ
نرسمها " "gفي اإلنجليزّية ،وهي مجهورةٌ ،وجه ُرها هذا هو الذي كسا ّ ُ اليمانيةُ التي
ّ
سابقه أمران: يسند هذا الرأي الذي أرجحه على ِ فغدت زًايا ،ولع ّل ما ُ وتي ِ
ُّ َ ْ الص ّ الوسم ّ
159
بعض اللّ ِ
هجات ِ الس ِ
ين زاياً في ان إلى ظاهرِة ِ ِ
قلب ّ حي َ
جني وأبي ّ
وثانيهما :إلماحةُ ابن ّ
تحركت
ان" ،فلو ّ
حي َ
متحركةً عند أبي ّ
ّ جني أم ِ
أكانت ساكنةً عند ابن ّ
ْ الكالمي ِة ،سواء
ّ
و ِ
البيئات
قاف فلغةُ َكْل ٍب إبدالُها زًايا :يقولونَ " :سقَر"َ " :زقَر"(،)1ويقولونَ ":س ْقر" و" َزْقر"(.)2
ين ووليها ٌ
الس ُ
ّ
ِ
المدلول):(الدا ّل و
كل والمعنى ّ ش ِتطّ .ور على مستوى ال ّ
رجس – رجز:
ق، ق ِداللي وافت ار ٍسيقف على اتّفا ٍ
ُ المتبص َر
ِّ فإن
المادتين ّ
ّ ظر في هاتين الن ُ
إذا ما أ ِ
ُنعم ّ
ّ
ت ك ّل و ٍ
احدة اختص ْ ثم
ّ احدّ ،
مادتان لهما أص ٌل و ٌ خاطره ّأنهما ّ
َ يسكن
ُ الهاجس الذي
َ أن
واخا ُل ّ
ماد ِة
لننظر فيما ورد في ّ ْ داخل البتّةَ.
ولكن هذا ال ينفي التّ َ
ّ وذاعت،
ْ نت بها ٍ
معان اقتر ْ بمعنى أو
ق ِ
أوجه االتّفا ِ تلم ُس "رجس" أوالً ،وما ورد في ّ ِ
يتأس ُس عليه ّ ليكون هذا مدخالً ّ
َ ثانيا،
مادة "رجز" ً ّ
ق ثالثاً:واالفت ار ِ
ماد ِة "رجس":
رحاب ِّ في
النجاسةُ،
الرجاسةُّ : نجس ،و َّ مرجوس ِ
ورج ٌسٌ : ٌ يء القَِذ ُر ،ورج ٌل
جس :القَ َذر ،وقيل :ال ّش ُ
الر ُ
ِّ
العذاب جس: عنة ،و ِ
العذاب ،و ِ
الكفر( ،)3و" ِّ بيح ،واللّ ِ وقد ُيعبَّر به عن الحرِام ،و ِ
ُ الر ُ الفعل الق ِ
وعذابك" أنزل عليهم ِر ْج َسك ِ
الوتر" :و ْ ِ
دعاء جس في 4
َ الر َ
أن ِّ ي إلى ّ كالرجز"( ) ،وقد جنح األزهر ّ
ِّ
شدةُ
الر َجس ّاألزد"( ،)5و َّ
األس ُد و ْ
ْ سينا ،كما قيل
الزاي ً
العذاب ،وقد ُقلبت ّ
ُ الرجز ،وهو
بمعنى ِّ
ساء وصوت الر ِ الص ِ
ضت ،وناقة َر ْج ُ
وتمخ ْ
ّ عدت
ماء إذا أر ْ
الس ُ
ضه ،ويقال :ارتجست ّ
وتمخ ُ
ّ عد ُ ّ وت، ّ
ور ْجس ال ّش ِ
يطان :وسوستُه(.)6 الحنين :متتابعتُهِ ،
ِ
160
جس:
الر ُ
العذاب ،و ِّ
ُ جز:
الر ُ الر ْج ِ
س ،و ِّ الر ْج ُز :القَ َذر مث ُل ِّ
صوت متتابعٌ ،و" ِّ
ٌ تجاز إذا كان له
عد ار ًا الر ُ
ّ
1
ِ
األوثان"( ). عبادةُ
اء إلى ّأنهما الرجز ،إشارةُ الفر ِ صنو ِّ الر ْج َس
إن ِّ ِ
ّ ُ لنقل ّ
بل ْ المادتَينْ ،تداخل ّ وما يد ّل على
اإلبدال( ،)7وال ُينسى ِ الزجاجي ِمن ِ
باب ّ هما عد
ّ وقد ،) ٍ 6
( احد
و بمعنى ه لغتان( ،)5و ّأنهما في مذهبِ
ّ
الر ْجز هو أن " ِّ ِ ٍ ِ
المقام إشارةُ ِ
مادة "رجس" ،و ّ الر ْجز" في ّ الر ْجس هو ِّ أن " ِّ منظور إلى ّ ابن في هذا
رحلة العر ّبي ِة
ِ ٍ
مخصوصة في ٍ
بمعان تمايزت مستقلّةً ْ مادةَ "رجز" ولكن ّّ ماد ِة "رجز"،الر ْجس" في ّ ِّ
داخل بينهما بأن التّ َ ِ
اقتضاء التّقر ِ ِ المتقادمة ،ك ِِ ِ
ير ّ المعروف ،مع روضي
ّ الع
البحر َ عصورها في
فإن مماثلةً ين -وهو ما أُغلُّبه- بالس ِ ِِ ِ
ّ عصورها المتقادمةَ ّ المادةُ في
ّ كانت هذهْ قائم ،واذا ٌ
ينالس ِ ِ ُّ
رت في ّ الجيم المجهورةَ أثّ ْ َ إن
فأفضت إلى تخلق شقيقتها؛ إ ْذ ّ ْ وقعت
ْ الجهر قد
ُ مضمارها
ُ
الجهر اآلتي عليها ِمن "الجيم" ،وا ْن ِ ملمح
ُ بعد أن اعتراها بت زًايا صفيرّيةً َ فقلِ ْ ِ
المهموسة ُ الصفيرّي ِةّ
الماد ِة األخرى،ق ّ الرجس" أفضى إلى تخلِّ ِ اي في " ّ الز ِ
جهر ّ ف ِمن ِ فإن التّخفّ َاألصل ّ ِ ائيةَ
كانت ز ّ ْ
الجيم فيِ أثر ِ عند هذه الظّاه ِرة َِ الص ِ
وتية على وجه التّعيين ،أعني َ ّ ّ ان قد وقف َ حي َ
أن أبا ّ الحق ّ و ّ
161
ت" جيم أو ر ٍ
اء؛ نحوُ " :ج ْز ُ لت زايا بعد ٍ ِ ٍ ين في سيا ِ
الس ِ
السين "رّبما أ ُْبد ْ ً
أن ّفقد ذكر ّ
كلمة ماْ ، ق ّ
1
رست"( ).
جست" و" ُ
رزت" في " ُ
و" ُ
صعق – زعق:
اإلنسان ،فهو صعقيض هو "الصياح" ،فيقا ُلِ : مادتان تلتقيان على معنى عر ٍ وهاتان ّ
ُ ّ ُ
وت
الص ُ ِ ِ ِّ ٍ ق إذا ُغشي عليه ،وذهب عقلُه ِمنص ِع ٌ
الصاعقةّ : كالهدة ال ّشديدة ،ومث ُل ّ يسمعه
ُ صوت َ
اللي ٍ ِ 2 ِ ال ّش ُ ِ
الد ّطوَر ّ منظور التّ ّ ابن
الصاعقةُ :صيحةُ العذاب( ) ،وقد استشرف ُ الرعدة ،وقيل ّ
ديد من ّ
يسمعه ٍ
شديد ٍ
صوت ٍَ اإلنسان ِمن
ِ َّعق" أن ُيغ َشى على في قولِنا "صعق" إذا َ
ُ إن "الص ْمات؛ إ ْذ ّ
ص َعق استعماالت هذه ّ ِ
ِ 3 ِ ِ ِ
المادةَ : أيضا في
ويقال ً كثيرا"( )ُ ،
ثم استعمل في الموت ً ورّبما مات منهّ " ،
شديدا(.)4
ار ً صعاقًا :خار ُخو ًا
ور ُ
الثّ ُ
ٍ
بمتجافية عن ماد ِة "صعق"
بيانها ،واآلتيةُ ِمن ّ ِّ
المتقد ُم ُ االستعماالت
ُ وليست تلكم
ْ
ويصيح بدو ّابه
ُ يسوق
ُ اعق :الذي
الز ُ
ياح ،و ّ
الص ُ ماد ِة "زعق"َّ ،
فالزْعق " ّ اآلتية ِمن ّ
ِ ِ
االستعماالت
وزْعقةُ المؤّذ ِن: ويصيح في ِ
آثارهاَ ، ُ يطردها مسرعاً
ُ عق بدو ّابه :أي
مر يز ُ
شديدا ،ويقا ُلّ :
ً صياحاً
شيء( ،)5وليس أد ّل على هذا التّ ِ
داخل بين ٍ النشيطُ الذي يفزعُ ِمن ِّ
كل عوقّ :
ق والمز ُ الزِع ُ
صوتُه ،و ّ
ماد ِة
فارس ،فقد قال في ّ ٍ عند ِ
ابن ماد ٍة َ
ينتظم ك ّل ّ
ُ المادتين ِمن المعنى القُ ْ
ط ِب الذي معاني هاتَين ّ
ماد ِة ٍ 6
ملوحة"( ) ،وفي ّ صياح أو م ار ٍرة أو
ٍ شد ٍة في
القاف أص ٌل يد ّل على ّ
العين و ُ
اء و ُ الر ُ
"زعق"ّ " :
صوت"( ،)7وليس يخفى ٍ وشد ِة
صْلقَ ٍة ّ
احد يد ّل على َ القاف أص ٌل و ٌ
العين و ُ
اد و ُ الص ُ
"صعق" قالّ " :
اق
ثم افتر ٌ
ولكنّ ،
ْ يب،
احد ال ر َ
إنما هما و ٌالمادتين ّ
يضين اللّذين ينتظمان هاتَين ّ أن المعنيين العر َ ّ
كثير
وطعام ُزعاقُ :ٌ طاق شرُبه ِمن أُجوجتِه،
مر غليظٌ ال ُي ُ عاقٌّ :
ماء ُز ٌ
اللي؛ إ ْذ ّإنه يقا ُلٌ :
د ّ
ِ
تردِد
باعث ّ
َ أظهر ،ولع ّل
األخير أعلى و ُُ فاق البتّة ،بل
اق ال ينفي االتّ َ
ولكن هذا االفتر َ
ّ الملح"(،)8
ِ
مجهور ،ولع ّل العين إن اي و ِ
ٌ َ العين؛ إ ْذ ّ
ُ لثوي ،هو
ي ّ خو صفير ّ الصاد ،وكالهما ر ٌ
ّ الز ِ
المادتين بين ّ
ّ
162
ِ اد زايا وفاء بقو ِ
المماثلة، اعد ً ثم ُقلبِت ّ
الص ُ ً يكون األص ُل "صعق"ّ ، َ أن
جزمْ - يرج ُح –وال أقو ُل ي ُ هذا ّ
الزاي، الرخاوِة ،فكان ّ يب منه في المخرِج و ّ مهموس ،فح ّل محلّه ما هو قر ٌ ٌ اد
الص ُ
مجهور ،و ّ ٌ فالعين
ُ
المتقدِم ،فنحن نقو ُل في "صعتر" – ِّ ثل هذا ِ ِ
نجد أمثلةً من م ِ ِ
عاميتنا ُ ِ
كالعين ،وفي مجهور ألنه
ّ
ّ ٌ
بالس ِ
ين ِ ِ
بي ّ وردت في المعجم العر ّ ْ اي ،وقد
الز ِ
بالكلمة نحو ّ المعروف" -زعتر" ذاهبين ُ بات
الن ُ
وهو ّ
عاميتِنا،
اي في ّ بالز ِ
نطقها ّ العين هو الذي أفضى إلى ِ ِ جهر
ولكن َ
1
الصاد" :سعتر" ،و"صعتر"( )ّ ،
و ِ
ّ
مما استحكم وشاع، اليوم ،فغدا ّ
انعقد عليه اإلجماعُ َ َ مما
العامي ّ
ّ اي في إِْلفنا بالز ِ
إن نطقَها ّ بل ّ
أن أبناء العربي ِة ال ّشادين أن يكتبها فجنح في ِ سألت طالباً من ِ
الزاي" واهماً ّرسمها إلى " ّ َ ْ َ ّ ُ وكنت قد
ُ
ٍ
وجهة ٍَ آويةً هيئةَ التّلفّ ِظ بها ،وليس ذلك كذلك ،وليس – ِمن هيئةَ ِ
تطابق مطابقةً مر ّ ُ رسمها
ماد ِة "صعق" و"زعق". عما وقع في ّ ٍ ِ
عاميتنا ببعيد ّ
ِ
أخرى -هذا المثا ُل المستقَى من ّ
163
مشترٍك ،وأنهّما تفترقان،
َ نوي
قدر مع ّ المادتين تلتقيان على ٍ ّ أن هاتينّ تقدم
مما ّ يظهر ُّ
ِ العام ِة فالن ْزغُ في داللتِه
أحسب
مح ،و ُ الر ِ النسغُ تغر ُيز اإلب ِرة والطّ ُ
عن باليد أو ّ عن ،و ّ
اإلفساد والطّ ُ
ُ ّ ّ
كانت
ْ فإن
وجود أخرىْ ، ِ ت إلى
خاصةً ّأد ْ
ّ صوتيةً
ّ ارض
أن عو َ واحداً ،و ّ أن لهما أصالً بعد هذا ّ
أن ينا َل ِ
اقتضت ْ
ْ السين"
وردت فيها " ّ
ْ وتيةَ التي
الص ّ
عد المماثلة ،والبيئةَ ّ فإن قوا َ
األصل ّ
َ ين هي
الس ُ ّ
ين
الس ُ
فاستحالت ّ
ْ الجهر اآلتي ِمن مجاورتِها "الغين"، ِ بعض
ُ ين –وهي مهموسةٌ صفيرّيةٌ–الس َ ّ
المادةَ الحادثةَ المتخلِّقةَ ِمنها ،ويد ّل على هذا المعنى
األم مكتنِفًا ّ "زايا" مجهورةً ،وبقي معنى ّ ِ
المادة ّ ً
تغرز
ُ كنسغ الو ِ
اشمة التي ِ ِ
المفسد مادتي "نزغ" و"نسغ"َ ،فن ْزغُ ال ّش ِ
يطان أو يكتنف ّ
ُ الكلّ ُّي الذي
فس،الن ِ
اس يقعُ في ّ ٌ ِ
ضرب من ال ّش ّر أو وسو ٌ المجردةَ التي هي
َّ يغرز إبرتَه
األو َل ُ
إن ّ إبرتَها؛ إ ْذ ّ
إن
ثم ّمادّياً ََّ ،
معنوياً وا ْن ّ
ّ إن
عن" ْ الماد ِ
تان هو "الطّ ُ ولع ّل المعنى الكلّ ّي الذي تلتقي عليه هاتان ّ
ماد ِة "نزغ" قال:المادتين ،ففي ّ
تداخل معاني هاتَين ّ ِ منظور جنح جنو َح المدلّ ِل الممثّ ِل على
ٍ ابن
َ
أن "نزغه مث ُل ِ 1 ٍ
مقر اًر ّ
مرتين ّ ي في أساسه ّ الزمخشر ّ
بكلمة :مثل َن َزَغه"( ) ،وقد جمعهما ّ ون َس َغه
"َ
نسغه"(.)2
جذا – جثا:
أن ظاهر ،فقد جاء في اللّ ِ ِ
سان ّ ٌ مستحك ٌم فاق
ولكن االتّ َ
اقّ ، فاق وافتر ٌ معنييهما اتّ ٌ
مادتان بين َوهاتان ّ
جاثيت ركبتي إلى ركبتِه ،وتجاثَوا على الر ِ
كب، الركبتين ،ويقال
ّ ْ ُ الجلوس على ّ
ُ معنى "جثا"
أن "جثا 4
الجاثي كالجاذي( ) ،و ّ أن فقد جاء في اللّ ِ
سان ّ ق ْ أما عن وجوِه االتّفا ِ 3
القاعد( )ّ ،
ُ والجاثي:
َ
الجذوِة و ِ
الجذوِة و ُ
الجذوة ،وزعم الجثوة وال ِجثوة و ُ
الجثوة لغةٌ في َ وج ُذ ّواً ،...،و َ
وجثُّواً كجذا ج ْذوا ُ
َجثْ ًوا ُ
المادتان على معنى و ٍ
احد، وعند الفر ِ
اء تستوي هاتان أن الثّاء هنا بد ٌل ِمن ال ّذال"(،)5
ّ َ ّ يعقوب ّ
ُ
6
جن ّي" :جذا وجثا لغتان"( ). عمرو و ِ
ابن ّ وعند أبي ٍ
164
الجثو على ثعلب :الجذو على أطر ِ ِ
أصابعه( ،)1وعند ٍ القدمين ،وهو على أطر ِ
األصابع ،و ّ
ِ اف ّ اف َ
ِ 2
قدميه ،والجاثي على ركبتَيه.
ابي :الجاذي على َ ِ
الركب( ) ،وعند ابن األعر ّ
ّ
القدماء إلى ِ
وجه ِ ِ
إلماحات تقدم ِمن
ظر ما ّ مادةً ِ
الن َ
ويسند هذا ّ
ُ أصيلةً، ثم ّ أن ّ
أحسب ّ
ُ
ولكن سيرورةَ هذه ّ ق ،أو إلى كونِهما لغتَين تفترقان في المبنى ،وتلتقيان في المعنى، االتّفا ِ
ِ
انشعاب ليفضي إلى تضافر مان ،وتقادم العربي ِة ،وتباين اللّ ِ
هجات ،ك ّل هذا الز ِ
عبر ّ ِِ
َ َ َ ّ َ الكلمةَ َ
يكون كأن ٍ ٍ ِ ِ ِ ِ ت ك ّل و ٍ
َ اللي واحدْ ، عند بعض علماء العر ّبية– بفرق د ّ احدة َ - فاختص ْ
ّ تالبسها،
ُ أخرى
يضا جامعاً، كب ،والج ّذو على أطر ِ الجثو على الر ِ
داللياً عر ً
ّ ثم ملمحاً
أن ّ ويظهر ّ
ُ األصابع،
ِ اف ّ ّ
مذهب أبي هجي يداً في ذلك ،وهذا ِ
ُ أن للباعث اللّ ّ حاضر؛ ذلك ّ
ٌ تفسير هذا فالقول فيه
ُ واذا ما أريد
ابن قتيبةَ(،)5
يد في ذلك كذلك ،وقد ذهب ُ وتي ٌ الص
ّ جني( ،)4وللتّ ِ
قارب ّ عمرو( ،)3و ِ
ابن ٍ
ّ ّ
احد ،فإذا كان األص ُل في تَْينِك الزجاجي()6وأبو حيان( )7إلى أن "جثوت" و"جذوت" بمعنى و ٍ
ّ ّ َ ّ وّ
ال منقلبةٌ عن أن ال ّذ َ
مفاده ّ
فس ُ الن ِ
يقوم في ّ
لظن ُ فإن ذلك ير ّش ُح ّ المادتين هو "جثو" و"الجثوة" ّ ّ
ِ
الجيم الجهر ِمن
ِ فدت صفةَ
اء المهموسةَ استر ْ إن الثّ َ
المماثلة الص ِ
وتية؛ إ ْذ ّ
ّ ّ
ِ وفاء بقواعِد ِ
"الثّاء" ً
ِ
الجهر صوتي ٍة– إالّ فيّ
ٍ
وجهة ال – ِمن
اء وال ّذ ِفاستحالت ذاالً؛ إ ْذ ال بون بين الثّ ِ
َ ْ المجهو ِرة،
ق.
خو ،ومرقّ ٌ
بيأسناني ،ور ٌ ال –
اء وال ّذ َ ِ
الهمس ،فكالهما– أعني الثّ َ
و
ّ
165
النص الذي لما ِ
يأت بياُنه عند ِ أثرهما الظّ ِ
الملحظَين و ِ
ّ ورد هذا ّ ّ بي ،وقد
نمو المعجم العر ّ
اهر في ّ
القالي في مطلبِه" :ما ِ 1
عن اإلبدال( ) ،و ّ يت في حديثِهكابن الس ّك ِ ِ ِ ٍ
غير واحد من علماء العر ّبيةّ ِ ، ِ
ِ
القاف( ،)3و ِ
ابن ِ
صوت في حديثِه عن جنيابن ّ ِ
األلفاظ"( ،)2و ِ الكاف من
القاف و ُ
ُ تتعاقب فيه
ُ
القاف بالقاف ،وقيس تقو ُلَ :ك َشطت ،وليست ِ أس ٌد يقولون :قَ َشطت ٍ
ُ تميم و َ
مادة "قشط"ٌ " : منظور في ّ
ٍ
مسعود" :واذا بن اءة ِ
عبد اهلل ِ الكاف؛ ألنهما لغتان ألقو ٍام مختلفين ،وقال في قر ِ ِ في هذا بدالً ِمن
ّ
ٍ ِ ِ ماء قُ ِشطت" ،بالقاف ،والمعنى و ٌ
صلة بما آخر ذايستشرف ُب ْعداً َ
َ أناحد" ،وبِ ُمكنة الباحث ْ الس ُّ
ق ٍ
كلمة ما أجمعت على نط ِ كانت قد ِ
القبائل بعض أن ِ ِ
ْ ْ َ ومستصفاه ّ تفسير هذه الظّاهرةُ ، ُذكر في
الص ِاد أو ِ
نطقت بها بالطّاء أو ّ ْ أن قبائ َل أخرى ِ
ين أو الكاف ،و ّ الس ِ ِ
أو كلمات بالتّاء مثالً أو ّ
ٍ
عت بعض المو ّاد وال ِ
كلمات سم ْ جم ِعت العر ّبيةُ من أفو ِاه العرب ُ
الخلَّ ِ ِ
ُ حاح ُص األ ْق ِ لما ُ ثم ّ
القافّ ،
بأن ك ّل ما ورد عن ِ ِ ِ فبثَّ ْ
بي على الهيئات المسموعة إق ار اًر ّ ت في المعجم العر ّ على هيئتَين أو أ َْزَيدُ ،
ِ
عصور بعد ٍ
أمثلة َ حديث عن وقد ورد في ال ِ
كتاب قَ ْبالً صحيحْ ، تج بعر ّبيتهم ِ
ٌ ٌ العرب الذين ُي ْح ّ
تقدم ِمنالبحث ،و ِمن ذلك ما ّ ُ يقوم عليه هذا مما ُ تفسر جزءاً ّ
ِ
االحتجاج ،وهي في حقيقتها قد ّ ِ
مما ُذكر. الس ِ الد ِ ِ حديث عن نط ِ ٍ
ين صاداً ،وغير ذلك ّ ال ضاداً ،و ّ تاء ،والظّاء ذاالً ،و ّ
ق الطّاء ً
ِ
رحلة فمنها ما بقي في المباحثة ِ
ِ عولجت في هذه
ْ ِ
الجذور والمو ّاد التي أما عن ِد ِ
اللة ّ
الصراط"،
السراط"ّ "- معنوي كلّ ّي؛ وذلك نحو "صغصغ""-سغسغ" ،و" ّ ّ العر ّبي ِة على حالِه ِمن تطاب ٍ
ق
الجامع؛ وذلك نحو "جثا"
ِ ردها إلى المعنى الكلّ ّي
يمكن ّ ٍ
مخصوصة ٍ
بمعان و ِمنها ما تمايز مستقالًّ
ُ
زت عن األخرى في سيرو ِرة العر ّبي ِة عبر ّ
الز ِ
مان فتمي ْ ِ ِ
سعت دائرةُ داللته ّ و"جذا" ،و ِمنها ما اتّ ْ
اثنين:
مستويين َ لغوي وقع على تطوٌر ُّ ِ ِ ِ ِ
المتقادم ،و ِ
َ ٌّ المتمايز ،وهذا كله ّ اإلنسان المتطاول ،و المكان
الباب والموضوعُ. عقد ِ
حيث هي بِنيةٌ ،والمعنى ،وهو الذي عليه ُ الكلمة ِمن ُ
ِ
( )1انظر :ابن السكيت ،القلب ،37 ،مع اختالف يسير في لفظ هذا النص بين هذه المصادر.
( )2انظر :القالي ،األمالي.139/2 ،
( )3انظر :ابن جني ،سر الصناعة.277/1،
166
167
موجهات كلّ ّية:
ِّ
ّأولُها:
ٍ
حميم إلى ٍ
بنسب اللي ،يتّص ُل طوِر ّ ِ ِ ِ
الد ّ باب القول على هذا المبحث؛ مبحث التّ ّ أن َ إخا ُل ّ
الباحث يو ِمئُ إلى
َ ئ الظّ ُّن ثانيةً وثالثةً إلى ّ
أن يذهب بالقار ِ
ُ المجاز ،وليس
ُ بالغي عنو ُانه
ٍّ ٍ
مطلب
وتطاول ولكن سيرورتَه، حياً لحظةَ ِ
وقوعه، الد ِ ِ ِ
َ ّ مجاز ّ
ًا قد كاناللة ْ طوَر ّ أن ت ّدرس البالغة؛ ذلك ّ
أن ِ
األقالم؛ ُّ ِ صعيد ال ّش ِ
ِ
كل ذلك أفضى به إلى ْ صعيد فاه ،أو على إن على الع ُمر به ،وغلبتَه ْ ُ
جني مأثورةٌ ،وهي ذاهبةٌ ابن ّ نسب إلى ِ ِ ِ ِ
فد في هذا المقام قولةٌ تُ َ أن نستر َ بركب الحقيقة ،ولنا ْ يلحق
َ
الصفقةَ ِ
مجاز ،وا ّن ّ ٌ اليوم
الرشوةَ َ إن ِّ أن ُيقا َل ّ يصح ْ
ّ بالحقيقة ،فليس لحق
المجاز إذا كثر َ َ أن
إلى ّ
ثانية– يكون في استر ِ
فاد وجهة ٍ ٍ الفصل – ِمن بالض ّد ،ولع ّل القو َل األمر
ُ َ ّ أمرهما ،بل ُ الدماثةَ كذلك ُ وّ
ِ
ثالثة ِ
المجاز ،فقد ُمّيز بين ِ
تقسيم مذاهب في ِ
ثالثة الحديثة ال ّذ ِ
اهبة إلى ِ ساني ِة ِ ِ
َ األنظار اللّ ّ بعض
بين بين( ،)1وك ّل ذلكم يترد ُد َ
النائم الذي ّ ت ،وثالثُها ّ المي ُ
المجاز ّ
ُ الحي ،وثانيها
ّ المجاز
ُ اع ّأولُهاأنو ٍ
المي ِت.
المجاز ِّ ينتسب إلى
ُ مما ِ
المخوض فيه في هذه المباحثات ّ ِ
وثانيها:
الد ِ
اللة طوِر ّ ٍ ِ ِ ِ المتقدِم ُ ِ
بيانها ،الخائضة في الوقوف عند ُمثُل من ت ّ ّ المباحثات عماد
َ أن
ّ
عامةً ،وانتقالِها خاصةً ،قائم على ِ
ثالث ُش َع ٍبّ ،أولها "األص ُل" ،وثانيها " ّ
النقل" ،وثالثُها "الوص ُل". ٌ ّ ّ
غة يتخلّ ُ ِ أما "األص ُل" فقد بدا أن ثم أصالً في اللّ ِ
حادث ،و ِمن ذلك ّ
الرشوةُ التي ٌ آخر
ق منه معنى ُ ّ ّ ّ
ِ
الدماثةُ التي هي من البيع ،و َّ ِ
ق األيدي عند البيعة أو ِ ِ
الر َسن ،والصَّفقةُ من تَصفا ِ ِ ِ
هي من رشاء ّ
الموِهمة. ِّ
وحفَ ِره المضللة ُ غز الذي هو ِمن ِ
ألغاز اليربوِع ُ
األرض الس ِ
َّهلة التي ليست بمتلبِّدة ،واللّ ُ ِ
فثم حق ٌل ِ الد ِ
الالت تُْنسب إلى ٍ داللة ِمن تلكم ّ
ٍ
ارجيّ ،
العالم الخ ِّ حقل في َ كل
أن ّ
فعماده ّ
ُ أما "النقل"
ّ
يحدث ،أو أيضا ،والذي جي و ِ ِ ِ
ُ غوي ً
العالم اللّ ِّ الكوني الخار ِّ
ّ العالم للمجردات في
ّ وآخر
للمحسوساتُ ،
168
ِ
باالنتقال ِ
الكلمة عن معناها ياح ِ ِ المثُ ِل المذكورِة في ثِْني
الكتاب ،هو انز ُ صفحات هذا حدث في َُ
ِ
خصيص..... أو التّ ِ
عميم أو التّ
الن ِ
قل ِ
األصل و ّ فبين ِ ِ ِِ ِ
حبات العقد الواحدَ ، ينتظم ّ
ُ الجامع الذي
ِ كالخيط أما "الوص ُل" فهو ّ
ٍ
مضمار، ٍ
مضمار إلى اللة ِمن
الد ِ ِ
بانتقال ّ الوصل ،وهو المعنى الجامعُ الذي ُي ْؤِذن ِ وجود
ُ يتعي ُن
ّ
غير ما المجاز هو اللّفظُ المستعم ُل في ِ إن ِ ِ ِ ِ
َ ولع ّل هذا قد ُوسم في البالغة العر ّبية بالمناسبة؛ إذ ّ
المجاز" :هوِ الدالّ ِة على "الوصل" في تعر ِ
يف الكفوي ّ
ِّ لمناسبة بينهما( ،)1وبعبا ِرة ٍ ضع له ّأوالً وِ
َ ُ
صال بينهما"( ) ،والمناسبةُ تلك ،أو االتّصال ذاك ،هو حلقةُ
2 ِ
يد به غير موضعه التّ ٍ ِ
اسم لما أر َ
ُ ٌ
ِ ِ ِ ِ ٍ ٍ
القدماء
َ أنالداللة الحادثة ،ولع ّل هذا يفضي إلى اإلشا ِرة إلى ّ الداللة المتقادمة و ّ وصل جامعة بين ّ
ِ
بالمثال ،وا ْن إن اللي عامةً ،وموضوِع هذه الور ِ طوِر ِّ ِ
خاصةًْ ،ّ قة الد ِّ ّ كانوا قد التفتوا إلى ملحظ التّ ّ
طوِرها ِ ا ِ ّ ِ بالتّ ِ
المثُل التي ّنبهوا على ت ّ متكاثر من ُ ً مجموعا
ً بأن لديهم مصنفاتهم ما يومئُ ّ نظير ،وفي
النظر في ِ
قول: الساب ِ ِ ِ ِ ِ
ق ،ل َن ْرجع ّ َ أو مجازّيتها في عهدها ّ
ٍ
بسبب مجاور له ،أو كان ِمنه ًا يء إذا كان باسم ال ّش ِ ابن قتيبةَ" :والعرب تسمي ال ّشيء ِ
َ ُ ّ ِ -
باسم ِ
غيره"(.)3 يء ِ تسمية ال ّش ِ
ِ نت لك في ِ
باب على ما ّبي ُ
الكلمة إذا كان ِ مكان فتضعها تستعير الكلمةَ ب وكذلك في قولِه في سيا ٍ
َ ُ ُ آخر" :فالعر ُ ق َ -
مجاور لها أو مشاكالً"(.)4 ًا بسبب ِمن األخرى أو ٍ المسمى بها
َّ
ٍ
بسبب"(.)5 يء إذا كان ِمنه باسم ال ّش ِ ابن السِّيد" :كما يسمى ال ّشيء ِ
ُ ّ وقول ِ ِ -
صار به َّب حتّى موضع المسب ِ بب في الس ِ الن ِ ِ وقول ِ ِ
َ ِ ظ ّ هاية" :فاستعملوا لف َ األثير في ّ ابن -
أشهر"(.)6
َ
ِ
انتقال عرج فيه على
موسوما "باالستعارات" ،وقد ّ
ً بابا ابن در ٍيد في جمهرتِه ُ
يعقد ً وهذا ُ -
الر ِ
كض(.)7 داللة الم ْجِد والع ِ
قيقة و َّ األلفاظ ،كتطوِر ِ ِ ِ
دالالت
َ َ ّ
غيرها"(.)8 ٍ ِ
بابا في "أصول أسماء قيس عليها وأُلحق بها ُ ابن فارس يعق ـ ُـد ً
وهذا ُ -
169
ينتظم ملتمسا الخيطَ الذي ٍ
كلمات إسالميةً منقولةً، الز ِ
ينة" يتتبعُ في " ّ ٍ
ُ ً ي ّ وهذا أبو حاتم الراز ّ -
ِ
الحادث. ِ
القديم و المعنيين:
َ ِعقد
نقل اللّفظُ ِمن موضوعـِه إلى
كأن ُي َ ِ
الي على المعانــي المنقولةْ ، يج الغز ّيب من هذا تعر ُ وقر ٌ -
لما ِ ِ ِ العلوم كلِّها لِ
ِ
مسيس الحاجة إليها؛ إذ واضعُ اللّغة ّ آخر ،و"ُيستعمل المنقو ُل في معنى َ
الن ِ
قل"(.)1 غيره إلى ّ
فاضطر ُ يفردها باألساميّ ، عنده جميعُ المعانيْ ،لم ْ يتحقق َْ ْلم
وثالثُها:
قليل ِمن
الوصل في ٍ ِ ِ
عالقة ِ
استجالء يضل عن ُّ طوِر َِ قدأمر ذلكم التّ ّ المتدب َر في ِّ أن
ّ
مقاييسه ،وهو –وال ِ ائد في ٍ
فارس الر ُ الل صنيعُ ابن الض ِاضع ،وقد يشفعُ له في ح ّل هذا ّ المو ِ
اللي الذيالد ِّ
باألصل ِّ وفاء ِ كلمات ّ ِ ِ
المادة الواحدة على معنى تلتقي عليه ً جمع
قائم على ِ يب– ٌ ر َ
وجهة تنقيرّي ٍة أخرى– ٍ يرد المرُء ِ -من ولكن ،قد ُ قْ ، ق باالشتقا ِ أن يتخلّ َ يمكن ُْ ِ
أوصال ما يسري في
أن ِ ِ ِ ٍ
الحق ّ
الحادث ،و ّ المتقادم و المعنيين؛
َ الوصل بين يستجلي عالقةَ
َ أن
يعسر عليه ْ ُ كلمات على
أم ِل والتّ ِ
نقير، ِ ٍ ِ هذا الذي قد يشكو ِمنه
بكثير من لطف التّ ّ اج
الس ّر ِ
ابن ّ التفت إليه ُ َ بعضنا قد ُ
يصف
ُ فيسمي المرُء أو ّ ٍ
مضمار، مضمار إلىٍ يحدث الّنق ُل ِمن
ُ عنده ،فقد حاضر َ ٌ اب عنه والجو ُ
يسعف المرَء ال "األصل" شرحها ،وعند ذلك ال ِ ٍ
ُ قصةٌ يطو ُل ُ عندها ّ للكلمة َ بسبب ،وتكون يء
ال ّش َ
الخارجي ِة وما البسه ِمن ّ الكالم وأحوالِه
ِ اتوال "الوصل" ،بل الذي يسعفُه هو أن يتبصر في مقامي ِ
ّ َّ
ومما ٍ ِ أحو ٍ
معمرةٌ عتيقةٌ ضاربةٌ في العتاقة بسهمّ ، عجب في ذلك ،فهذه لغةٌ َّ َ تصل إلينا ،وال
ْ ال لم
المتقدِم آنفًا؛ أعني أركان الثّ ِ
الوث ِ عند
نقف ََ َ أن َ
ّ العقيرة" ،واذا ما أردنا ْ يجلّي هذه المباحثةَ كلمةُ " َ
افعنده في استشر ِ نركن إليه أو نطمئ ّن َ يكون في ذلك َم ْوص ٌل فلن
ُ َ الوصلْ ،َ قل والن َ
األصل و ّ
َ
ِ
بالغناء ،وقد النق ُل هو داللتُها على َمن رفع صوتَه العقيرِة القطعُ ،و ّ الجامع ،فاألص ُل في َ ِ المعنى
يشهد غير حاضرٍة لمن لم ِ
ْ ولكن عالقةَ الوصل غائبةٌ ُ ّ غنى :رفع عقيرتَه أي صوتَه، قيل لمن ّ
سموا ِ ِ ِ ِ
أن ُي ّ ألهل اللّغة الواحدة ْ يعرض
ُ اج" : الس ّر ِ
ابن ّالمقاميات ،وفي هذا يقو ُل ُ ّ الحال و داللةَ
تبلغنا"( ،)2ولذلك ما فتئ تبلغنا ،ويجوز أالّ َ أخبار ،فيجوز أن َ ٌ وتكون لها
َ ٍ
بأسباب، أشياء
َ ويصفوا
ِ
األصول ِ
العرب ليس فيها لفظتان تتّفقان في بأن لغةَ ِ
القائل ّ الز ِ
عم دحض ِّ يلح على
اج ّ
الس ّر ِ
ابن ّ
ُ
ِ
الحال، وشاهد العقيرِة، ِّ ِ ِ
ُ المتقدم ،فأص ُل َ المثال بالفيء على القول
َ فند هذاجمعهما ،وقد ّ
إالّ لمعنى ي ُ
ٍ كانت لما ع ِق ْ ِ
فعها،رت "قُطعت" ِرج ُل َرجل ،فكان ينو ُح عليها وير ُ ْ ّ ُ العقيرة"
قصةَ " َ
أن ّ يدالّن على ّ
الخبر ،هل كان يبلغنا
لت :فلو ْلم ْ
فع عقيرتَه" ،ق ُ ِّ
ُ فع صوتًا مترّن ًما :قد ر َ
بعد ذلك لكل َمن ر َ
فقيل َ
170
تجيء ألفاظٌ أن شتق للعقيرِة معنى ِمن الص ِ
أن تَ َّ
َ تنكر ْ
فقلت له :فما ُيجوزُ ،ُ وت ،فقال :ال ّ يجوز ْ
ُ
1
عرف اشتقاقُها ،فقال :ما أدفعُ ذلك"( ).يجوز أن ُي َ
تبلغنا ،فال ُ ٍ
لقصص لم ْ عملت
استُ ْ
ابعها:
ور ُ
ٍ
وجهة اللي ،فهي – ِمن طوِر ّ ِ ِ ِ
الد ّ مقام من هذا البحث يتّسع للتّعري ِج على بواعث التّ ّ
وليس ٌ
اللي ،وهي – ِمن
الد ّ
طور ّ ِ
يتسنمون أسنمةَ بحث التّ ّفات َمن ّ مصن ِ
ّ غدت سائرةً مبسوطةً في
ْ أولى-
غب 2 ٍ ٍ
ولكن الذي أر ُ
ونفسيةٌ( )ّ ،
ّ يخيةٌ
ولغويةٌ وتار ّ
ّ اجتماعيةٌ
ّ اعث
فثم بو ُ
وجهة ثانية– معروفةٌ ذائعةٌّ ،
خالف حكم المعاني ِ ِ
ُ أن َ اعلم –حفظك اهللُ ّ"ثم ْمفادهاّ :
"البيان" ُ للجاحظ في اإللماح إليه مقولةٌ
ِ في
أسماء المعاني ٍ َّ
وممتدةٌ إلى ِ ٍ ألن المعاني مبسوطةٌ إلى ِ ِ ِ
غير نهاية ،و َ غاية، غير َ حكم األلفاظ؛ ّ
يذهب فيها ِ
الجاحظ هر عبارةٌ مضارعةٌ لعبارِة مقصورةٌ معدودوةٌ ،ومحصَّلةٌ محدودةٌ"( ،)3وفي المز ِ
ُ
أن
غير متناهية ،و ّ المعاني ُ
َ أن
ومفادها عنده ُّ فظي في العر ّبي ِة، ِ
المشترك اللّ ِّ ِ
بوجود يرإلى التّقر ِ
الد ِ ِ
أن بِ ُم ْكنة الباحث ْ
4
اللة انتقال ّ
عامةً ،و َ اللي ّ الد ّ طوَر ّأن ُيفسِّر التّ ّ الحق ّظ متناهية( ) ،و ّ األلفا َ
فر يحصيها قد تُ ْج َمع في ِس ٍ الم ْع ِجبة ،فاأللفاظُ متناهيةٌ ْ كون إلى هذه الحج ِة ّ ِ
الدامغة ُ ّ خاصةً ،بال ّر ِ
ّ
ث وتُن َشر،تبع ُ ق ك ّل ٍ فثم ٍ ٍ
تموت ،وثالثةٌ َ ُ يوم ،وأخرى معان تتخلّ ُ غير متناهيةّ ، المعاني ُ
َ ولكن
عدداّ ، ً
وتغي ٍر ،وال يبقى على ٍ دائمة متوثّ ٍ
ٍ ٍ
حال ٍّ
حال إالّ تبد ٍل ّومظاهرها في ّ ُ بة ،والحياةُ حركة الفكر في
و ُ
ِ
خصيص، ولست أعني العر ّبيةَ بالتّ ُ الحال ،وهذا كلّه ينعكس انعكاسا مرآويًّا على اللّ ِ
غة، ِ مغي ُر
ً ُ ّ
المْل َح ِظ. ِ
ليست ب َد ًعا بين أخواتها في هذا َ
ْ ِ فليست في نجوٍة ِمن ذلك كلِّهّ ،
ألنها ْ
وخامسها:
ُ
اللي قلي ٌل قلّةً بالغةً من طوِر ِّ
الد ِّ ٍ المبثوث في هذه األو ار ِ ِ
ق من أمثلة دالّة على التّ ّ َ أن هذا ّ
المعنويةُ المتخلِّقةُ من أخرى بي كثرةً بالغةً ،فهناك داللةُ "ال ّش ِ
رف" كثير في المعجم العر ِّمجموٍع ٍ
ّ
ِ
امتالء كانت تد ّل علىْ المجِد" التي
األرض وارتفع ،وهناك داللةُ " ْ ِ مادّي ٍة تد ّل على ما نشز ِمن
ّ
كانت تد ّل
ْ ق" التي كرما ورفعةً ،وهناك ِداللةُ " ِ
المأز ِ الماجد قد امتأل ً َ فكأن
بالعلَفّ ، ِ
البعير َ بطن
الح ِ
ذافير" ِ فصارت تُطلَق على ال ّش ّد ِة أو الضِّي ِ ِ
بيانها ،وهناك داللةُ " َ المتقدم ُ
ّ الورطة ْ ق، المكان ّ على
قت من أخرىيء وأعاليه ،وهناك ِداللة "إبرِام المعاهدة" التي تخلّ ْ
انب ال ّش ِ
كانت تد ّل على جو ِ
ْ التى
تتبعتُه
إن أنا ّ
الحبل وفتلُه ،وهناك وهناك وهناك....ولعلّه يطول ْ ِ إحكام األو ُل
ُ مضمارها ّ
ُ
171
ٍ
أشتات تلمس
األو ُل " ُّ ِ للد ِ ِ
وعماده ّ
ُ الغرض الذي قصدتُه، اللة على قدمتُهّ ،
فألكتف بما ّ واستقصيتُه،
بي". ِ
المعجم العر ِّ طوِر ّ
الدالل ِّي في ِ ِ
من أمثلة التّ ّ
وسادسها:
ُ
جليةً في الز ِ ِ ِ ِ
مان ُس ْهمةً ّ عبر ّ
أن لسيرورة العر ّبية َ سيجد ّ
ُ فإنه
األلفاظ ّ نظر المرُء إلى
إذا ما َ
آلخر ،وهنا ٍ ِ ِ ِ فظ وداللتِه إلى ّ اخ بين اللّ ِ
حد اإليهام في مواضعَ ،وفي نقل معنى من مجال َ وقوِع تر ٍ
يخي الذي الكلمة الو ِ
ِ ِ طلَ ٍب عز ٍ
غوي التّار ّ المعجم اللّ ّ
ُ احدةّ :إنه دالالت الستجماع
ِ يز يأتي دوُر َم ْ
األدبي ِة
غوية و ّ
بطون المظان اللّ ِ
ّ ّ ِ العصور مستخرجين داللتَها ِمن ِ َيسيح القائمون عليه والكلمةَ عبر
عة ،وصوالً بها ياقات المتنو ِوالفقهي ِة ،مقتنصين تطورها وأطوارها ،متتبعين داللتَها في ضوِء الس ِ
ّ ّ َ ّ َ َّ ّ
المستشرق
ُ ِ
ووصفه ِ
المعجم هيئة هذا ِ ِ
الحديث عن استخدام لها ،وقد كفاني ُم ْؤنةَ ٍ إلى ِ
آخر
أن معجم َِه الذي ْلم َير ّ ِ مقد ِ
مشير إلى ّ ًا أسسه وبنيتَه،
النور َ مة "أوغست فيشر"؛ إذ أرسى في ّ
األسلوبي ِة،
ّ حوي ِة ،و
الن ّ يفي ِة ،و ّ ِ
االشتقاقية ،والتّصر ّ ّ يخي ِة ،و ٍ
انب متباينة كالتّار ّ عرض من جو َ
ِ
مو ّاده ستُ َ
ِ ِ ِ ِ ِ ِ ٍ
يخي" ،يقعُ بي التّار ّ ولست أنسى اإلشارةَ إلى س ْفر كبير الجرم ،عظيم القدر ،عنو ُانه "المعجم العر ّ ُ
أنفسنا كث ٌير ِمن
المعجم الذي نرنو إليه وفي ِ ِ صفحة تعرج على ِ
هيئة هذا ُّ
ٍ خمس ِ
مائة يد على ِ فيما يز ُ
التّطَلُّ ِب والتّ ُّ
شو ِ
1
ولكن:
ق( )ْ ،
الي َب ِ
س السفين َة ال تَ ْجري َعلى َ
إن ّّ تسلك مسال َكها
ْ ولم
تَرجو ال ّنجاةَ ْ
( )1لمزيد معرفة بالمعجم اللغوي التاريخي انظر :فيشر ،أوغست ،المعجم اللغوي التاريخي ،مجمع اللغة العربية،
القاهرة1967 ،م ،25-5،وانظر :عبد المنعم محمد ،المعجم اللغوي التاريخي :مفهومه ،وظيفته ،محتواه ،من
وقائع الندوة التي نظمتها جمعية المعجمية العربية ،تونس1989 ،م.186-159 ،
172
ثبت المصادر والمراجع:
-إبراهيم أنيس ،داللة األلفاظ ،ط ،6دار المعارف ،القاهرة1986 ،م.
-إبراهيم اليازجي ،لغة الجر ائد ،ط ،1دار مارون عبود ،بيروت1984 ،م.
-ابن األثير ،مجد الدين أبو السعادات( ،)606النهاية في غريب الحديث واألثر،
تحقيق أحمد الزاوي ومحمود الطناجي ،دار الفكر ،بيروت1963 ،م.
-أحمد بن حنبل ،مسند اإلمام أحمد ،دار صادر ،بيروت ،د.ت.
-أحمد مختار عمر ،أخطاء اللغة العربية المعاصرة عند الكتاب واإلذاعيين ،ط،1
عالم الكتب ،القاهرة1991 ،م.
اللغوي ،عالم الكتب ،القاهرة1991،م.
ّ -أحمد مختار عمر ،دراسة الصوت
-أحمد مختار عمر ،علم الداللة ،ط ،3عالم الكتب ،القاهرة1992 ،م.
-أبو الخضر منسي ،حول الغلط والفصيح ،مكتبة دار العروبة ،القاهرة1963 ،م.
-األخفش ،أبو الحسن سعيد بن مسعدة( ،)215معاني القرآن ،تحقيق هدى قراعة،
ط ،1مكتبة الخانجي ،القاهرة1990 ،م.
-األزهري ،أبو منصور محمد بن أحمد()370هـ ،تهذيب اللغة ،تحقيق عبدالسالم
هارون ،مراجعة على النجار ،الدار المصرية للتأليف والترجمة ،القاهرة1964،م.
173
-األستراباذي ،رضي الدين محمد بن الحسن( ،)686شرح شافية ابن الحاجب ،تحقيق
محمد الحسن وآخرين ،دار الكتب العلمية ،بيروت1982،م.
-أسعد داغر ،تذكرة الكاتب ،مكتبة العربي ،ط ،1القاهرة1923 ،م.
-إسماعيل عمايرة ،تأصيل الجذور اللغوية في المعجم العربي :في سبيل معجم
تاريخي للعربية ،مجلة الدراسات اإلسالمية والعربية ،بلومنغتون ،إنديانا،
أميريكا(منشور في كتابه :تطبيقات في المناهج اللغوية ،دار وائل،عمان2000،م).
-إسماعيل عمايرة ،نمو الجذور اللغوية ،في سبيل معجم تاريخي للعربية ،مجلة
دراسات ،مج -26ع ،2الجامعة األردنية1999 ،م.544-518 ،
-األنباري ،أبو بكر محمد بن القاسم( ،)328األضداد ،تحقيق محمد أبو الفضل
إبراهيم ،المكتبة العصرية ،بيروت1987 ،م.
-األنباري ،أبو بكر محمد بن القاسم( ،)328الزاهر في معاني كلمات الناس ،تحقيق
حاتم الضامن ،ط ،2دار الشؤون الثقافية ،بغداد1989 ،م.
-أولمان ،ستيفين ،دور الكلمة في اللغة ،ترجمة كمال بشر ،ط ،1مكتبة الشباب،
القاهرة1962 ،م.
-بالمر ،ف.ر ،علم الداللة :إطار جديد ،ترجمة صبري السيد ،دار المعرفة الجامعية،
اإلسكندرية1992 ،م.
-البلخي ،مقاتل بن سليمان( ،)150األشباه والنظائر في القرآن الكريم ،تحقيق عبد اهلل
شحاته ،ط ،2الهيئة المصرية للكتاب ،القاهرة1994 ،م.
-التبريزي ،أبو زكريا يحيى بن علي ،تهذيب إصالح المنطق ،ط ،1تحقيق فوزي عبد
العزيز مسعود ،الهيئة المصرية العامة للكتاب ،القاهرة1986 ،م.
-الثعالبي ،أبو منصور عبد الملك بن محمد( ،)430فقه اللغة وسر العربية ،تحقيق
مصطفى السقا وآخرين ،ط ،3دار الفكر ،القاهرة(د.ت).
-جاسر أبو صفية ،الجدل السائد حول التصحيح اللغوي ،بحث قدم في ندوة "مجادلة
السائد في اللغة واألدب والفكر ،الجامعة التونسية ،شباط1996،م.
-جسبرسن ،أوتو ،اللغة بين الفرد والمجتمع ،ترجمة عبد الرحمن أيوب ،مكتبة
األنجلو ،القاهرة1954 ،م.
-ابن جني ،أبو الفتح عثمان(392هـ) ،الخصائص ،تحقيق محمد علي النجار،ط،3
الهيئة المصرية العامة للكتاب ،ودار الشؤون الثقافية ،بغداد1990 ،م.
-ابن جني ،أبو الفتح عثمان(392هـ)،سر صناعة اإلعراب ،تحقيق حسن هنداوي،
ط ،2دار القلم ،دمشق1993 ،م.
174
-الجواليقي ،أبو منصور موهوب بن أحمد( ،)539تكملة إصالح ما تغلط فيه العامة،
تحقيق عبد الحفيظ القرني(،مطبوع مع كتاب درة الغواص) ،دار الجيل ،بيروت،
ومكتبة التراث اإلسالمي ،القاهرة1996 ،م.
-الجوهري ،أبو نصر إسماعيل بن حماد( ،)393الصحاح ،تحقيق أحمد عبد الغفور
عطار ،دار الكتاب العربي ،القاهرة1956 ،م.
-ابن الجوزي ،أبو الفرج عبد الرحمن( ،)597تقويم اللسان ،تحقيق عبد العزيز مطر،
ط 1دار المعرفة ،القاهرة1966 ،م.
-جيرو ،بيير ،علم الداللة ،ترجمة منذر عياشي ،ط ،1دار طالس ،دمشق1992،م.
-الحريري ،أبو محمد القاسم بن علي( ،)516درة الغواص في أوهام الخواص ،تحقيق
عبد الحفيظ القرني ،دار الجيل ،بيروت ،ومكتبة التراث اإلسالمي ،القاهرة1996 ،م.
-حلمي خليل ،الكلمة :دراسة لغوية معجمية ،ط ،2دار المعرفة الجامعية،
اإلسكندرية1992 ،م.
-أبو حيان ،أثير الدين محمد بن يوسف(745هـ) ،ارتشاف الضرب من لسان العرب،
تحقيق مصطفى النحاس ،المكتبة األزهرية للتراث ،القاهرة1997 ،م.
-أبو حيان ،محمد بن يوسف( ،)745تحفة األريب بما في القرآن من الغريب ،تحقيق
أحمد مطلوب وخديجة الحديثي ،و ازرة األوقاف ،بغداد1977 ،م.
-أبو حيان ،محمد بن يوسف( ،)745تفسير البحر المحيط ،تحقيق عادل عبد
الموجود وآخرين ،ط ،1دار الكتب العلمية ،بيروت1993 ،م.
-خالد قوطرش ،وعبد اللطيف األرناؤوط ،األخطاء السائرة في اللغة العربية ،مطابع
ابن زيدون ،دمشق1966 ،م.
-الخفاجي ،أحمد بن محمد( ،)1069شرح درة الغواص( ،مطبوع مع درة الغواص)،
تحقيق عبد الحفيظ القرني ،دار الجيل ،بيروت ،ومكتبة التراث اإلسالمي ،القاهرة،
1996م.
-أبو داود ،سليمان بن األشعث( ،)275سنن أبي داود ،إعداد عزت عبيد الدعاس
وعادل السيد ،ط ،1دار ابن حزم ،بيروت1997 ،م.
-ابن دريد ،أبو بكر محمد بن الحسن( ،)321جمهرة اللغة ،ط ،1دائرة المعارف
العثمانية ،حيدر أباد1345 ،هجرية.
-الرازي ،أبو حاتم أحمد بن حمدان( ،)322كتاب الزينة في الكلمات اإلسالمية
العربية ،تحقيق حسين بن فيض اهلل الهمذاني(،د.ن) ،القاهرة1957 ،م.
175
-الراغب األصفهاني( ،)503معجم المفردات في غريب القرآن ،تحقيق إبراهيم شمس
الدين ،ط ،1دار الكتب العلمية ،بيروت1997 ،م.
-رمضان عبد التواب ،التطور اللغوي :مظاهره وعلله وقوانينه ،ط ،2مكتبة الخانجي،
القاهرة1990 ،م.
-رمضان عبد التواب ،لحن العامة والتطور اللغوي،ط( ،1د.ن) ،القاهرة1967 ،م.
-الزبيدي ،أبو بكر محمد بن الحسن( ،)379لحن العوام ،تحقيق رمضان عبد
التواب(د.ن) ،القاهرة1964 ،م.
-الزبيدي ،السيد محمد مرتضى ،تاج العروس من جواهر القاموس ،ط ،1دار ليبيا،
بنغازي1306 ،هجرية.
-الزجاجي ،أبو القاسم عبدالرحمن بن إسحاق(337هـ) ،اإلبدال والمعاقبة والنظائر،
تحقيق عز الدين التنوخي ،ط ،2دار صادر ،بيروت1993 ،م.
الزركشي ،بدر الدين محمد بن عبد اهلل( ،)794البرهان في علوم القرآن ،تحقيق -
محمد أبو الفضل إبراهيم ،دار الجيل ،بيروت1987 ،م.
-الزمخشري ،أبو القاسم محمود بن عمر( ،)538أساس البالغة ،دار الفكر ،بيروت،
1989م.
-الزمخشري ،أبو القاسم محمود بن عمر( ،)538الفائق في غريب الحديث ،تحقيق
علي البجاوي ومحمد أبو الفضل إبراهيم ،دار الفكر ،بيروت1993 ،م.
-الزمخشري ،أبو القاسم محمود بن عمر ( ،)538الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون
األقاويل في وجوه التأويل ،دار الفكر ،القاهرة1977،م.
-السجستاني ،أبو بكر محمد بن عزيز( ،)330نزهة القلوب في تفسير القرآن العزيز،
تحقيق يوسف المرعشلي ،ط ،1دار المعرفة ،بيروت1990 ،م.
-ابن السراج ،أبو بكر محمد بن سهل( ،)316االشتقاق ،تحقيق محمد علي الدرويش
ومصطفى الحدري( ،د.ن) ،دمشق1972 ،م.
-ابن السكيت ،أبو يوسف يعقوب بن إسحاق( ،)244إصالح المنطق ،تحقيق أحمد
شاكر وعبد السالم هارون ،ط ،2دار المعارف ،القاهرة1956،م.
-ابن السكيت ،يعقوب بن إسحاق( ،)244القلب واإلبدال ،منشور ضمن كتاب "الكنز
اللغوي في اللَّسن العربي ،تحقيق أوغست هفنر ،المطبعة الكاثوليكية ،بيروت،
1903م.
-سيبويه ،أبو بشر عمرو بن عثمان( ،)180الكتاب ،تحقيق عبد السالم هارون،ط،3
مكتبة الخانجي ،القاهرة1988 ،م.
176
-ابن السيد ،عبد اهلل بن محمد البطليوسي( ،)521االقتضاب في شرح أدب الكتاب،
تحقيق مصطفى السقا وحامد عبد المجيد ،دار الشؤون الثقافية ،بغداد1990 ،م.
-ابن السيد ،عبداهلل بن محمد البطليوسي(521هـ) ،الفرق بين الحروف الخمسة،
تحقيق علي زوين ،مطبعة العاني ،بغداد(،د.ت).
-السيوطي ،جالل الدين عبد الرحمن بن أبي بكر( ،)511اإلتقان في علوم القرآن،
تحقيق مركز الدراسات والبحوث بمكتبة الباز،ط ،2مكتبة الباز ،الرياض1998،م.
-السيوطي ،جالل الدين عبد الرحمن بن أبي بكر(911هـ) ،المزهر في علوم اللغة
وأنواعها ،تحقيق محمد أحمد جاد المولى وعلي البجاوي ومحمد أبو الفضل إبراهيم،
دار الفكر ،القاهرة( ،د.ت).
-الشريشي ،أبو العباس أحمد بن عبد المؤمن ،شرح مقامات الحريري ،وضع حواشيه
إبراهيم شمس الدين ،دار الكتب العلمية ،بيروت1998 ،م.
-الصولي ،أبو بكر محمد بن يحيى( ،)335أدب الكتاب ،شرح أحمد بسج ،ط ،1دار
الكتب العلمية ،بيروت1994 ،م.
-الطبرسي ،الفضل بن الحسن( ،)5--مجمع البيان في تفسير القرآن ،دار الكتب
العلمية ،بيروت1997 ،م.
-الطبري ،أبو جعفر محمد بن جرير( ،)310جامع البيان في تفسير القرآن ،دار
المعرفة ،بيروت1978 ،م.
-أبو الطيب اللغوي( ،)351اإلبدال ،تحقيق عز الدين التنوخي ،المجمع العلمي
العربي ،دمشق1961 ،م.
-عبد العزيز مطر ،لحن العامة في ضوء الدراسات اللغوية الحديثة ،الدار القومية،
القاهرة1966 ،م.
-عبد الفتاح الحموز ،ظاهرة القلب المكاني في العربية :عللها وأدلتها وتفسيراتها
وأنواعها ،دار عمار ودار الرسالة ،ط ،1عمان1986 ،م.
-عبد المنعم محمد ،المعجم العربي التاريخي :مفهومه ،وظيفته ،محتواه ،وقائع الندوة
التي نظمتها جمعية المعجمية العربية ،تونس1989/7/14 ،م.
-أبو عبيدة ،معمر بن المثنى( ،)210مجاز القرآن ،تحقيق محمد فؤاد سزكين ،مكتبة
الخانجي ،القاهرة1962 ،م.
-العسكري ،أبو هالل الحسن بن عبد اهلل( ،)395الفروق اللغوية ،ط ،1دار الكتب
العلمية ،بيروت2000 ،م.
177
-العكبري ،عبد اهلل بن الحسين( ،)616إمالء ما من به الرحمن من وجوه اإلعراب
والقراءات في جميع القرآن ،دار الكتب العلمية ،بيروت ،ط1،1979 1م.
-عودة أبو عودة ،التطور الداللي بين لغة الشعر ولغة القرآن ،ط ،1مكتبة المنار،
الزرقاء1985 ،م.
-الغزالي ،أبو حامد محمد بن محمد( ،)505المستصفى من علم األصول ،تحقيق
إبراهيم رمضان ،دار األرقم ،بيروت1994 ،م.
-الغزالي ،أبو حامد محمد بن محمد( ،)505معيار العلم ،تحقيق سليمان دنيا ،دار
المعارف ،القاهرة1969 ،م.
-ابن فارس ،أحمد بن فارس( ،)395الصاحبي في فقه اللغة العربية ومسائلها وسنن
العرب في كالمها ،تحقيق عمر الطباع ،ط ،1مكتبة المعارف ،بيروت1993 ،م.
-ابن فارس ،مقاييس اللغة ،تحقيق عبد السالم هارون ،ط ،1دار الجيل ،بيروت،
1991م.
-الفراء ،أبو زكريا يحيى بن زياد( ،)207معاني القرآن ،تحقيق أحمد نجاتي ،ومحمد
النجار ،الدار المصرية ،القاهرة1955 ،م.
-فندريس ،جوزيف ،اللغة ،ترجمة عبد الرحمن الدواخلي ،ومحمد القصاص ،مكتبة
األنجلو المصرية ،القاهرة1950 ،م.
-الفيروزأبادي ،مجد الدين محمد بن يعقوب( ،)817القاموس المحيط،ط ،1المؤسسة
العربية للطباعة ،بيروت(،د.ت).
-فيشر ،أوغست ،المعجم اللغوي التاريخي ،مجمع اللغة العربية ،القاهرة1967 ،م.
علي إسماعيل بن القاسم(356هـ) ،اآلمالي ،تحقيق محمد عبدالجواد
ّ -القالي ،أبو
األصمعي ،ط ،1دار الكتب العلمية ،بيروت1996 ،م.
-ابن قتيبة ،عبد اهلل بن مسلم( ،)276أدب الكاتب ،شرح علي فاعور ،ط ،1دار
الكتب العلمية ،بيروت1988 ،م.
-ابن قتيبة ،عبد اهلل بن مسلم( ،)276تأويل مشكل القرآن ،تحقيق السيد صقر،
المكتبة العلمية ،بيروت1973،م.
-ابن قتيبة ،عبد اهلل بن مسلم( ،)276تفسير غريب القرآن ،تحقيق السيد صقر ،دار
الكتب العلمية ،بيروت1978 ،م.
-ابن قتيبة ،عبد اهلل بن مسلم( ،)276غريب الحديث ،دراسة رضا السويسي ،الدار
التونسية ،تونس1979 ،م.
178
-القرطبي ،محمد بن أحمد( ،)671الجامع ألحكام القرآن ،ط ،5دار الكتب العلمية،
بيروت1996 ،م.
-ابن كثير ،إسماعيل بن كثير( ،)774تفسير القرآن العظيم ،دار المعرفة،
بيروت1980،م.
-اإلمام مالك بن أنس ،الموطأ ،صححه محمد فؤاد عبد الباقي ،دار إحياء الكتب
العربية ،القاهرة1951 ،م.
-المتنبي ،أحمد بن الحسين ،ديوانه(بشرح أبي البقاء العكبري ،تحقيق مصطفى السقا
وآخرين ،دار المعرفة ،بيروت ،د.ت.
-محمد شريف ،من األخطاء الشائعة في النحو والصرف واللغة ،ط ،1مكتبة الناشر،
القاهرة1976 ،م.
-محمد ضاري حمادي ،حركة التصحيح اللغوي في العصر الحديث ،ط ،1دار
الرشيد (منشورات و ازرة الثقافة واإلعالم) ،بغداد1980 ،م.
-محمد العدناني ،معجم األخطاء الشائعة ،ط ،2مكتبة لبنان ،بيروت1983 ،م.
-محمد النجار ،لغويات وأخطاء لغوية شائعة ،دار الهداية ،القاهرة1986 ،م.
-مصطفى جواد ،قل وال تقل ،ط ،2مكتبة أسعد ،بغداد1970 ،م.
-المعجم المفهرس أللفاظ الحديث النبوي ،رتبه ونظمه لفيف من المستشرقين ،دار
الدعوة ،إستانبول1988 ،م.
-المعجم الوسيط،
-مكي بن أبي طالب( ،)437العمدة في غريب القرآن ،تحقيق يوسف المرعشلي،
مؤسسة الرسالة ،بيروت1981 ،م.
-ابن مكي الصقلي( ،)501أبو حفص عمر بن خلف ،تثقيف اللسان وتلقيح الجنان،
تحقيق مصطفى عبد القادر عطا ،ط ،1دار الكتب العلمية ،بيروت1990 ،م.
-ابن الملقن ،عمر بن أبي الحسن ،تفسير غريب القرآن ،ط ،1تحقيق سمير طه
المجذوب ،عالم الكتب ،بيروت1987 ،م.
-ابن منظور ،جمال الدين محمد بن مكرم( ،)711لسان العرب ،ط ،1دار صادر،
بيروت(د.ت).
-مهدي عرار ،أثر استشراف التطور الداللي في فهم النص القرآني :نماذج جزئية
وموجهات كلية ،بحث قبل للنشر في مجلة مجمع اللغة العربية األردني،
عمان2002،م.
179
-مهدي عرار ،جدل اللفظ والمعنى :دراسة في داللة الكلمة العربي ،ط ،1دار وائل،
عمان2002 ،م.
-مهدي عرار ،ظاهرة اللبس في العربية :جدل التواصل والتفاصل ،ط ،1دار وائل،
عمان2003 ،م.
-مهدي عرار ،قضية التطور الداللي بين اإلنكار واإلثبات ومنهج الحل ،مجلة
دراسات ،الجامعة األردنية2000 ،م.
-ناصر الدين األسد ،العشرينات والعشرينيات ،مجلة مجمع اللغة العربية األردني،
م،1ع1978م.
-النسائي ،أحمد بن شعيب ،سنن النسائي (بشرح السيوطي) ،دار إحياء التراث
العربي ،بيروت ،د.ن.
-نهاد الموسى ،اللغة العربية وأبناؤها :أبحاث في قضية الخطأ وضعف الطلبة في
اللغة العربية ،ط ،2مكتبة وسام ،عمان1990 ،م.
-النووي( ،)676شرح صحيح مسلم ،دار المعرفة ،بيروت2000 ،م.
-النووي( ،)676شرح صحيح مسلم ،دار القلم ،بيروت ،د.ن.
-الهروي ،القاسم بن سالم( ،)224غريب الحديث ،تحقيق حسين محمد شرف ،الهيئة
العامة لشؤون المطابع األميرية ،القاهرة1984 ،م.
-الهيثمي ،نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي( ،)807مجمع الزوائد ومنبع الفوائد،
تحقيق محمد عبد القادر عطا ،دار الكتب العلمية ،بيروت2001 ،م.
-اليزيدي ،عبد اهلل بن يحيى( ،)237غريب القرآن وتفسيره ،تحقيق مازن المبارك
ومحمد حمد اهلل ،ط ،2مكتبة سيد الشهداء(د.ن)1972 ،م.
180