You are on page 1of 191

‫الدر ِاسيَّةُ‪ِ ،‬ع ْل ُم احلَ ِديث‪ ،‬املستوى (الثالث)‪.

‬‬ ‫العنوان‪ِ :‬‬
‫املناه ُج ِّ‬

‫الدر ِاسيَّة يف اململ َكة العربيَّة ُّ‬ ‫لميَّةُ تَه ِذيباً واختِصاراً لِ ِ‬
‫املادة العِ ِ‬
‫ختصرة‪ :‬تُعتَبَ ُر هذه َّ‬
‫السعوديَّة‬ ‫لمناه ِج ِّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫نُب َذةٌ ُم َ‬
‫ص بِ ِدراس ِة ِع ْل ِم ِ‬
‫الف ْق ِه‪ ،‬وهي‬ ‫ويات‪ِ ،‬‬
‫ومن ِض ْم ِن هذه َّ‬ ‫املو َّجه ِة لِلطُّاّل ِ‬
‫ب‪ ،‬وهي م َق َّسمةٌ على ِعدَّة مستَ ٍ‬
‫املادة ما ََيتَ ُّ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َُ َ‬
‫اشتم َل عليه املستوى الثاالث ِمن املوضوعات واملسائِل ما‬ ‫وإن ِمن ِّ‬
‫أهم ما َ‬
‫قسمةٌ إىل ِ‬
‫مثاِن (‪ُ )8‬م ْستَ َويات‪َّ ،‬‬ ‫ُم َّ َ‬
‫يَلِي‪:‬‬
‫ِ‬
‫األحاديث اليت اشتَ َملَت على ال َكثِ ِري ِمن‬ ‫ُّصوص النَّب ِويَّة اليت تُع اد ِمن ِّ‬
‫أهم‬ ‫جمموع ٍة ِمن الن ِ‬ ‫َش ْر ُح‬ ‫‪-1‬‬
‫َ‬
‫بارة‪ ،‬بِ ْدءً بالتَّع ِريف‬‫ِ‬ ‫امتاز بِ ُّ‬ ‫لميَّ ِة وفْ َق أ ٍ‬
‫َّرعيَّة وال َفوائِد العِ ِ‬
‫األحكام الش ِ‬
‫ِ‬
‫ووضوح الع َ‬
‫السهولَة ُ‬ ‫ُسلوب َ‬
‫يان أَه ِّم األَحكام والت ِ‬
‫َّوجيهات اليت ا ْشتَ َمل عليها‬ ‫ِ‬ ‫بالصحايب را ِوي احلَ ِديث‪ ،‬مث َش ْرح الغَ ِر ِ‬
‫يب‪ ،‬إىل بَ َ ْ‬ ‫َّ‬
‫احل ِديث‪ ،‬وانتِهاء بِطَرح ب ْعض األَسئِلَة اليت تُعِني على استِ ِ‬
‫يعاب الد َّْرس‪ ،‬ومع ِرفَة مدى فَ ْه ِم‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫الطُّاّلب له‪.‬‬

‫صلى اهلل عليه وسلَّم وأصحابِه‪ ،‬ومدى حتَ ُّملِ ِهم لِألَذَى يف‬
‫َّيب َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وص َوٍر من بُطوالت الن ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ذ ْكر ََناذ َج ُ‬ ‫‪-2‬‬

‫َسبِ ِيل نَ ْش ِر ِدي ِن اهللِ َج َّل َو َعّل‪.‬‬

‫لمسلِم عن غريه‪.‬‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بيان اخلصائِص اليت تتميَّز هبا َّ‬


‫الش ِر َيعة اإلسّلمية‪ ،‬والشَّخصيَّة املَُميِّ َزة ل ُ‬ ‫‪-3‬‬
‫الزيارة‪ ،‬ودخول ِ‬
‫املسجد‬ ‫ِ‬
‫اإلسّلم‪ ،‬كاآلداب املتعلِّقة ِّ‬ ‫بعض اآلداب ِ‬ ‫ال َكّلم على ِ‬
‫بالضيافة و ِّ َ ُ‬ ‫وحماسن‬ ‫‪-4‬‬

‫وحقوقِه‪ ،‬واملال وآداب إنفاقِه‪ ،‬وحنو ذلك‪.‬‬


‫مارته‪ ،‬واجلا ِر ُ‬
‫وع َ‬
‫ِ‬

‫السيِّئة على ال َف ْرد واجملتَمع‪.‬‬


‫ّلط وآثاره َّ‬ ‫بيان م ِ‬
‫ظاه ِر تَك ِرمي املرأة يف اإلسّلم‪ ،‬وخطورة االختِ ِ‬ ‫‪-5‬‬
‫ُ َ‬ ‫َ َ‬
‫ب اهل اد َام ِة كالِعلمانِيَّة والقاديانيَّة والبابِيَّة والبهائِيَّة وغريها‪ ،‬وبيان أفْكا ِرها‬ ‫بعض ِ‬
‫املذاه ِ‬ ‫التَّع ِريف بِ ِ‬ ‫‪-6‬‬

‫ومدى ُخطورِتا على اإلسّلم‪.‬‬ ‫ِ‬


‫أهم ُمعتقداِتا‪َ ،‬‬
‫و ا‬
‫‪1‬‬
‫يث والثقافَة اإلسالميةُ‬
‫الحد ُ‬
‫َ‬

‫‪2‬‬
‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬

‫‪3‬‬
‫ُم َقد َمة‬
‫ومن َسيِّئات أَ ْعمالِن ا‪َ ،‬م ن يَ ْه ِده‬
‫احلمد هللِ حنم ُده ونَستَعِينُه ونَستَ ْغ ِفره‪ ،‬ونعوذُ باهللِ ِمن ُشروِر أَنْ ُف ِسنا ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫إن َ‬ ‫َّ‬
‫ول‬
‫حمم داً رس ُ‬ ‫أن َّ‬ ‫ي له‪ ،‬ونَ ْش َهد أن ال إله اإال اهللُ وح َده ال َش ِريك ل ه‪ ،‬و َّ‬ ‫ِ‬ ‫ض َّل له‪ ،‬ومن ي ْ ِ‬
‫اهلل فّل م ِ‬
‫ضلل فَّل هاد َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ ُ‬
‫اهللِ‪.٪‬‬
‫ما بعد‪:‬‬
‫وس هولَة العِب َارة‪،‬‬ ‫اإلسّلميَّة‪ ،‬وقد تَو َّخينا فيه حسن الع رض و َّ ِ‬
‫ِ‬ ‫يث والثَّقافَِة‬ ‫مادة ِ‬
‫احلد ِ‬
‫الّتتي ب‪ُ ،‬‬ ‫ُ ْ َْ‬ ‫َ ْ‬ ‫فهذا ُم َقَّرر َّ‬
‫لميَّة‪ ،‬لِيَتَ َزَّود‬
‫وص والع زو لِلمر ِاج ع العِ ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واالعتماد على املصادر األَصليَّة ما استَطَ ْعنا‪ ،‬مع االهتمام بتَخ ِريج النُّص ِ َ ْ َ‬
‫ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص ْبنا في ه فَم َن اهلل َو ْح َده‪ ،‬وبِتَوفي ٍق من ه‪ ،‬وم ا أَ ْخطَأْن ا فَنَس أَل اهللَ َ‬
‫الع ْف َو‬ ‫املعلِّ م والطاال ب‪ ،‬فم ا أَ َ‬
‫منه ا ك ل م ن َ‬
‫الص ْفح‪.‬‬
‫و َّ‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫نسأل اهلل تعاىل أن ي ْن َفع بِه وي ْكتُب له ال َقبول‪ ،‬و ُ ِ‬ ‫ِ‬
‫الصاحلات‪ ،‬وصلَّى‬ ‫احلمد هلل الذي بِن ْع َمته تَت ام ا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وختاماً ُ َ‬
‫وص ْحبِه أجَعِني ‪،،،،‬‬ ‫ِ‬ ‫اهلل وسلَّم على نَبِيَّنا َّ‬
‫حممد وعلى آله َ‬
‫ﭐ‬

‫‪4‬‬
‫الحديث الشريف‪:‬‬
‫أوالً‪َ :‬‬

‫‪5‬‬
‫يث األول‪:‬‬
‫الحد ُ‬
‫َ‬
‫ّلوَة اإلمي ان‪ :‬أن‬ ‫ع ن أن ب ن مال ك ‪ ‬أنَّه ق ال‪ :‬ق ال رس ول اهلل ‪ ((:‬ثَ ٌ‬
‫ّلث َم ن ُك َّن في ه َو َج َد َح َ‬
‫يعود يف ال ُك ْف ِر كما يَ ْكَره‬ ‫ِ‬ ‫اها‪ ،‬وأن ِي َّ‬
‫ب إليه ماا ِسو ُ‬ ‫يكو َن اهللُ َورسولُه أَ َح َّ‬
‫ب املرءَ ال يباه اإال هلل‪ ،‬وأن يَ ْكَره أن َ‬
‫ف يف الناا ِر ))‪ُ .‬متَّ َفق عليه (‪.)1‬‬ ‫أن يُ ْق َذ َ‬
‫التعريف بالراوي‪:‬‬
‫اخلزرِج ي‪ ،‬اإلم ام‪ ،‬املق ِرئ‪ ،‬ال ُم ْف ِيت‪ ،‬احمل ِّدث‪،‬‬‫الصحايب اجللي ل‪ ،‬أب و ة زة أن ب ن مال ك ب ن النَّض ر َ‬ ‫هو َّ‬
‫والزَم ه أَ ْك َم َل‬ ‫ول اهللِ ‪ ،‬ق ال ال َّذهيب رة ه اهلل‪ :‬ص ِحب النَّ يب ‪ ‬أََتَّ ُّ ِ‬
‫الص ْحبَة‪َ ،‬‬ ‫َ َ َّ‬ ‫ّلم‪ ،‬خ ِادم رس ِ‬ ‫را ِوي ةُ اإلس ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫الّتِم ِذي وغ ريُه أنَّ ه‬ ‫الش َجَرةِ‪ ،‬وروى ِّ‬ ‫ت َّ‬ ‫اجر وإىل أن م ات‪ ،‬و َغ زا مع ه غ َري َم َّرةٍ‪ ،‬وب ايَ َع حت َ‬‫املّلزَم ة‪ ،‬من ذ أن ه َ‬
‫َ‬
‫يب ‪ ‬بِ َكثْ رةِ‬ ‫ِِ‬
‫َ‬ ‫ض َربَِن‪ ،‬وال َس بَِّن‪ ،‬وال َع بَ َ يف َو ْج ِه ي‪َ ،‬دع ا ل ه النَّ ُّ‬ ‫يب ‪ ‬عش َر س نني‪ ،‬فم ا َ‬ ‫دمت النَّ َّ‬
‫ق ال‪َ :‬خ ُ‬
‫والده قُبَ ْي ل َموتِه أكثَر ِم ن مائِة‪ ،‬م ات س نة إح َدى وتِ ْس عِني‪ ،‬وقي ل‬ ‫ِ‬ ‫املال و ِ‬
‫ِ‬
‫عاؤه ‪ ‬فبَ لَ غ أَ ُ‬
‫يب ُد ُ‬‫فاستُج َ‬ ‫الولَد‪ْ ،‬‬
‫َ‬
‫ف‬ ‫الصحاب ِة بِالبصرةِ‪ ،‬ح ِزن له النااس حزن اً َش ِديداً‪ ،‬ح قي ل‪ :‬ق د ذَه ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص ُ‬ ‫بن ْ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ ُْ‬ ‫بعدها‪ ،‬وهو آخر َمن مات من َّ َ َ ْ َ َ‬ ‫َ‬
‫العِْلم (‪.)2‬‬
‫ث اللغَوية‪:‬‬
‫المباح ُ‬
‫َ‬
‫َمعناها‬ ‫ال َكل َمة‬
‫أي‪ :‬ثَّلث ِخ ٍ‬
‫صال‪.‬‬ ‫ثَّلث‪:‬‬
‫ص ْل َن ل ه‬ ‫ص ْلن‪ ،‬فَ ِه ي (ك ان) التا َّام ة‪ ،‬وامل راد‪ :‬ثَ ٌ‬ ‫ِ‬
‫ّلث َم ن َح َ‬ ‫ُك ان‪ ،‬أي‪َ :‬ح َ‬ ‫اإلميان‪:‬‬ ‫ّلوَة‬
‫َمن ُك َّن فيه َو َج َد َح َ‬
‫ب‬‫طاع ِة اهللِ تع اىل‪ ،‬وا ِمْئن ان ال َق ْل ِ‬ ‫ِ‬
‫ّلوَة اإلمي ان‪ ،‬وه ي التَّلَ ُّذذ بِ َ‬ ‫َو َج َد َح َ‬
‫ةزة‪:‬‬ ‫انشر ِ‬
‫و ِ‬
‫حممد بن أيب َ‬ ‫احه‪ ،‬قال ابن حجر رةه اهلل‪ :‬قال الشيخ أبو َّ‬
‫جرةِ يف قولِه تعاىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﭐﳃ‬ ‫الش ََ‬ ‫احلّلوةِ؛ َّ‬
‫ألن اهللَ َشبَّهَ اإلميا َن بِ َّ‬ ‫ِ‬
‫َّإَنا َعبَّ َر ب َ‬
‫ﳄ ﳅ ﳆ ﳇ ﳈ ﳉﱠ [إب راهيم‪ ،]24 :‬فال َكلِ َم ة‬
‫ص لُها اإلمي ان‪ ،‬وأَ ْغص ااا اتِّب ا األَو ِام ر‬ ‫الش َجَرة أَ ْ‬
‫ّلص‪ ،‬و َّ‬ ‫هي َكلِ َمة اإلخ ِ‬
‫ووَرقُه ا م ا يَ َه تَ ام بِ ه امل ِمن ِم ن اخل ِري‪ ،‬وَمثَُره ا َع َم ل‬ ‫ِ‬ ‫و ِ‬
‫اجتن اب النَّ واهي‪َ ،‬‬‫ْ‬

‫ص ِحيحه‬
‫ل ه‪ ،‬ورواه مس لم يف َ‬ ‫ّلوة اإلمي ان‪ ،‬واللَّف‬
‫) أخرج ه البخ اري يف ص حيحه (‪ ،)30/1‬كت اب اإلمي ان‪ ،‬ب اب‪َ :‬ح َ‬
‫‪1‬‬

‫صال من اتَّص ِ‬ ‫ِ‬


‫ّلوة اإلميان‪.‬‬
‫ف هب ان َو َج َد َح َ‬ ‫(‪ ،)210/20‬كتاب اإلميان‪ ،‬باب‪ :‬بَيان خ ِ َ َ َ‬
‫هذيب (‪.)376/1‬‬ ‫‪ )2‬ينظر‪ِ :‬سري أَعّلم النُّبّلء (‪ ،)395/3‬وِتذيب التَّ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫‪6‬‬
‫ض ج الثَّ َم َرة‪،‬‬
‫ناهي نُ ْ‬ ‫الطااعات‪ ،‬وحّلوة الثَّمر جن الثَّمرةِ‪ ،‬وغايةُ َكمالِه تَ ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ َ َ ْ ََ‬
‫ّلوِتا‪ .‬اه (‪.)3‬‬ ‫وبِه تَظْ َهر َح َ‬
‫العّلقَ ةُ ب ني املس لِم وأَ ِخي ِه املس لِم قائِ َم ةً عل ى‬ ‫امل راد ب ذلك أن تك و َن َ‬ ‫ب املرءَ ال يباه اإال هلل‪:‬‬ ‫وأن ِي َّ‬
‫ّلمة ذلك‪ :‬أنَّه ال يَِزيد بِ ِ ِّ‬ ‫ِ ِ‬
‫الب وال يَ ْن ُقص‬ ‫وع َ‬
‫الصاحل‪َ ،‬‬ ‫الع َم ِل ا‬‫اإلميان باهلل و َ‬
‫بِاجلَفاء‪.‬‬
‫وعلِ م َّ‬
‫أن‬ ‫ِ‬
‫ّلوَة اإلمي ان َ‬ ‫أن َم ن َو َج َد َح َ‬ ‫أن امل ر َاد ب ذلك َّ‬ ‫ود يف ال ُك ْف ر كم ا ذَ َك ر أه ُل العِْل م َّ‬‫وأن يَ ْك َره أن يَعُ َ‬
‫الكافِر يف الناا ِر فإنَّه ي ْكره ال ُك ْفر؛ لِ َكر ِاهيَّتِه لِ ُد ِ‬
‫خول الناا ِر‪.‬‬ ‫يَ ْكَره أن يُ ْق َذف يف الناار‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬

‫حكام والت وجيهات‪:‬‬ ‫األَ ُ‬


‫ص ٍ‬
‫فات‬ ‫ص فون بِ ِ‬ ‫ان ب اهللِ تع اىل ح ّلوةٌ ال ي تَ َذ َّو َق َعمه ا اإال امل من ون الص ِادقون ال ذين ي تَّ ِ‬ ‫‪ -1‬لإلمي ِ‬
‫َ‬ ‫ا‬ ‫َْ‬ ‫َ َ َ‬
‫ّلوَة‪.‬‬ ‫ِ ِِ‬
‫كل َمن َّاد َعى اإلميا َن يد هذه احلَ َ‬ ‫ا‬ ‫تُ َ ِّهلُ ُهم لذلك‪ ،‬ولي‬
‫ومن َمثَّ حمبَّةُ َرسولِه ‪ ‬أَ َه ام ِصفات َمن يَتَ َذ ُ‬
‫وق َ ْع َم اإلميان‪ ،‬فَ َم َحبَّةُ اهللِ تع اىل‬ ‫‪ -2‬حمبَّة اهللِ تعاىل‪ِ ،‬‬
‫الولَ ِد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ (‪)4‬‬ ‫ِ‬
‫أي حمبَّ ة ‪ ،‬ب ل ه ي ُم َق َّد َم ةٌ عل ى حمبَّ ة ال نَّ ْف ِ والوال د و َ‬ ‫وحمبَّ ة َرس وله ‪ ‬ال تَ ْعلُ و عليه ا ا‬
‫رسول اهلل‪ ،‬ألنت أَحب إل ِمن ك ل ش ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يء اإال‬ ‫ا َ‬ ‫َ َ ا َّ‬ ‫يب ‪ :‬يا َ‬ ‫والنااس أجَعني‪ ،‬وقد قال عمر ‪ ‬للنَِّ ِّ‬
‫ب إلي ك ِم ن نَ ْف ِس ك ))‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ ِ‬
‫يب ‪ ((:‬ال‪ ،‬والذي نَ ْفسي بيَ ده ح َّ أك و َن أَ َح ا‬ ‫من نَ ْفسي‪ ،‬فقال النَّ ُّ‬
‫يب ‪ ((:‬اآلن ي ا عُ َم ر ))‬ ‫ِ‬ ‫فق ال عم ر‪ :‬فإنَّه اآلن‪ ،‬واهللِ ألَنْ ت أَح ب َّ ِ‬
‫إل م ن نَ ْفس ي‪ ،‬فق ال النَّ ُّ‬ ‫َ َ ا‬
‫ب إلي ه ِم ن‬ ‫ول اهللِ ‪ ‬ق ال‪ ((:‬ال يُ ْ ِمن أَ َح ُد ُكم ح َّ أك و َن أَ َح َّ‬ ‫أن رس َ‬‫(‪ ،)5‬وع ن أن ‪َّ ‬‬
‫اس أَ ْجَعِني )) (‪.)6‬‬ ‫وولَ ِده والنا ِ‬ ‫ِِ‬
‫والده َ‬
‫الم َحبة‪:‬‬ ‫والزم هذه َ‬
‫ض ى والتَّس لِيم‬
‫الر َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫االس تجابَةُ لم ا أََم َر اهللُ ب ه رس ولَه ‪ ،‬واالنته اءُ ا‬
‫عم ا اَى اهللُ عن ه ورس ولُه ‪ ،‬م ع ِّ‬
‫التاام‪ ،‬قال تعاىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱠ ﭐ ﭐ[آل عمران‪.]31 :‬‬
‫سباب اجلالِبَةَ لِ َم َحبَّ ِة اهللِ تعاىل بعد فِ ْع ِل ال َفرائِ ِ‬
‫ض‪ ،‬ومنها‪:‬‬ ‫اإلمام ابن ال َقيِّم رةه اهلل األَ َ‬
‫‪ -3‬ذَ َكر ُ‬

‫‪ )3‬يُنظر‪ :‬فتح الباري (‪.)60/1‬‬


‫لّلستفادة انظر‪ :‬جممو الفتاوى لشيخ اإلسّلم ابن تيميَّة (‪.)48/10‬‬
‫َ‬ ‫‪)4‬‬
‫يب ‪ ،‬رقم (‪.)6632‬‬ ‫‪ )5‬رواه البخاري يف صحيحه (‪ ،)523/11‬كتاب اإلميان والنذور‪ ،‬باب‪ :‬كيف ميني النَّ ِّ‬
‫سول ‪ِ ‬من اإلميان‪ ،‬رقم (‪.)15‬‬ ‫الر ِ‬
‫ب َّ‬
‫‪ )6‬أخرجه البخاري يف صحيحه (‪ ،)58/1‬كتاب اإلميان‪ ،‬باب‪ُ :‬ح ا‬
‫‪7‬‬
‫رآن بِتَ َدبار َوتَُّعن‪.‬‬‫أ‪ -‬قِراءة ال ُق ِ‬
‫َ‬
‫ب‪ -‬التَّ َقارب إىل اهللِ بِالنَّوافِل‪.‬‬
‫ٍ‬
‫كل حال بِاللِّسان وال َق ْلب و َ‬
‫الع َمل‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ج‪َ -‬دوام ذَ ْكره على ا‬
‫حماب النَّ ْف ِ ‪.‬‬
‫د‪ -‬إيثار حماباه على ِّ‬
‫الص ِادقِني‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ه ‪ -‬جمالَ َسة ال ُمحبِّني ا‬
‫يول بني ال َق ْلب وبني اهللِ (‪.)7‬‬ ‫ب ُ‬ ‫كل َسبَ ٍ‬‫باع َدة ِّ‬ ‫و‪ُ -‬م َ‬
‫ّلمات‪ ،‬منها‪:‬‬
‫خملوق‪ ،‬وهلا َع ٌ‬ ‫‪ -4‬حمبَّة النَّيب ‪ِ ‬من ال ِزِم َحمبَّ ِة اهللِ تعاىل‪ ،‬وفوق حمبَّة كل ٍ‬
‫ا‬ ‫َ‬ ‫ا‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اس كافَّةً بَش رياً ونَذيراً‪ ،‬وداعي اً إىل اهلل وس راجاً‬ ‫ِ‬
‫سول من عند اهلل أرس لَه اهللُ إىل النا ِ‬ ‫ِ‬ ‫أ‪ -‬اإلميا ُن بأنَّه َر ٌ‬
‫ُمنِرياً‪.‬‬
‫تن ُرْؤيَتِه ‪ ‬واحلزن على فَ ْق ِدها‪.‬‬ ‫ب‪ِّ -‬‬
‫ب ُم ِطي ع‪ ،‬فَ ِم ن ِخ دا ِ ال نَّ ْف ِ أن تُ َّد ِعي‬ ‫فاحمل ُّ ِ ِ‬ ‫ج‪ -‬امتِث ال أو ِام ِره ‪ ‬واجتِن اب نو ِاهي ه‪ِ ،‬‬
‫ب ل َم ن ي ا‬ ‫َ‬
‫وُتالِف أو ِامَره وتَ ْرتَ ِكب نَو ِاهيه‪.‬‬ ‫حمبَّتَه ُ‬
‫اجملاه َدةُ يف َسبِ ِيل ذلك‪.‬‬ ‫الع َمل هبا‪ ،‬ونَ ْشرها‪ ،‬و َّ‬ ‫ِ‬
‫ب عنها‪ ،‬و َ‬ ‫الذ ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ص ُر ُسنَّته‪ ،‬و َ ُ‬ ‫د‪ -‬نَ ْ‬
‫ّلم عليه‪.‬‬ ‫الس ِ‬‫الصّلةِ و َّ‬ ‫ه ‪َ -‬كثْ َرة َّ‬
‫و‪ -‬التَّ َخلُّق بِأَ ْخّلقِه‪ ،‬والتَّأَ ُّدب بِآدابِه‪.‬‬
‫ب عنهم‪.‬‬ ‫صحابِه‪ ،‬و َّ‬
‫الذ ُّ‬ ‫ز‪ -‬حمبَّة أَ ْ‬
‫وم ْع ِرفَة أَ ْخبا ِره‪.‬‬ ‫ِ ِ‬
‫ح‪ -‬حمبَّة اال ِّّل على س َريته‪َ ،‬‬
‫العّلقَة ب ني املس لِم وأَ ِخي ه املس لِم قائِ َم ةً عل ى احملبَّ ِة يف اهللِ تع اىل‪ ،‬وهل ذه احملبَّ ِة‬ ‫‪ -5‬يَْنبَغ ي أن تك ون َ‬
‫ِ‬
‫الش يخان ع ن أيب هري رة‬ ‫يل‪ ،‬وقد ورد يف ذلك آث ٌار كثِ َريةٌ‪ ،‬منه ا م ا رواه َّ‬ ‫يم وثَو ٌ ِ‬
‫اب َجز ٌ‬
‫فَ ْ ِ‬
‫ض ٌل َعظ ٌ‬
‫ول اهلل ‪ ‬ق ال‪َ ((:‬س ْب َعة يُ ِظلُّ ُه م يف ِظلِّ ه يَ ْوَم ال ِظ َّل اإال ِظلا ه‪ ))...‬وذَ َك ر م نهم‪:‬‬ ‫أن رس َ‬ ‫‪َّ ‬‬
‫اجتَ َمعا عليه وافْ تَ َرقا عليه)) (‪.)8‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫((ر ُجّلن حتاباا يف اهلل‪ْ ،‬‬ ‫َ‬
‫حقوق احملبَّ ِة يف اهللِ تعاىل‪:‬‬‫‪ِ -6‬من ِ‬
‫اس‪.‬‬ ‫اس أَنْ َفعُ ُهم لِلنا ِ‬‫القيام هبا‪ ،‬فَ َخ ْري النا ِ‬ ‫(أ) قَضاء احلاجات و ِ‬
‫ُ‬

‫صارف‪.‬‬ ‫ِ‬
‫السالكني البن القيم (‪ )18 -17/3‬بتَ َ‬
‫‪ )7‬انظر‪ :‬مدارج ا‬
‫يَْنتَ ِظ ر َّ‬
‫الص ّلة‪ ،‬ومس لم يف ص حيحه (‪،)715/2‬‬ ‫‪ )8‬أخرجه البخ اري يف ص حيحه (‪ ،)209/1‬كت اب األذان‪ ،‬ب اب‪َ :‬م ن َجلَ‬
‫الص َدقَة‪ ،‬برقم (‪.)1031‬‬ ‫كتاب الزكاة‪ ،‬باب‪ :‬فَضل إخ ِ‬
‫فاء َّ‬ ‫ْ ْ‬
‫‪8‬‬
‫ب أن يَ ْس تُ َر املس لِ ُم‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫الس كوت ع ن ذ ْك ر العُي وب‪ ،‬والتم اس العُ ْذر عن د ُوق وِ اخلَط أ‪ ،‬فَ َكم ا حت ا‬
‫ِ‬ ‫(ب) ُّ‬
‫ب له ذلك‪.‬‬ ‫ك فَأَ ِح َّ‬ ‫عُيوبَ َ‬
‫(ج) َع َدم الغِ ال واحلِْقد واحلَ َسد لِما أَنْ َع َم اهللُ بِه على أَ ِخيك‪.‬‬
‫جاب‪،‬‬‫ب ُم ْس تَ ٌ‬ ‫(د) ال ُّدعاء ل أل ِ ‪ -‬يف ظَ ْه ِر الغَْي ب ‪ -‬يف َحياتِه وبع د ماتِه‪ ،‬فال ُّدعاء يف ظَ ْه ِر الغَْي ِ‬
‫ُ‬
‫اعي ِمثْ لَه‪.‬‬ ‫ولِل اد ِ‬
‫الك ِْب والغُروِر‪.‬‬ ‫الس ال عن أَحوالِه‪ ،‬والتَّ َف ُّقد هلا‪ ،‬وجتنُّب ِ‬ ‫الس ِ‬
‫ّلم‪ ،‬و ُّ‬ ‫باد َرتُه بِالتَّ ِحيَّ ِة و َّ‬
‫ْ‬ ‫(ه ) ُم َ‬
‫صح لِ ُك ال ُم ْسلِ ٍم‪.‬‬ ‫(و) النُّ ْ‬
‫ِ ِ‬ ‫يض إىل اهللِ تعاىل‪ ،‬ويب أن يَ ْكَرَهه امل ِمن كما يَ ْكَره أن يُ ْق َذ َ‬ ‫ِ‬
‫ف يف الناا ِر‪ ،‬والكاف ُر بَغ ٌ‬
‫يض‬ ‫‪ -7‬ال ُك ْفر بَغ ٌ‬
‫يمة اليت تُ َ ِّدي‬ ‫الص َف ِة َّ ِ‬ ‫عند اهللِ تعاىل‪ ،‬و ِيب أن ي ْكرهه امل ِمن لِما اتَّصف بِه ِمن ِ‬
‫الذم َ‬ ‫هذه ِّ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ََ ْ‬
‫ِ‬ ‫صاحبِها إىل الناار‪ ،‬وعليه فَمواالة ال ُك افار سب ِ ِ ِ‬ ‫بِ ِ‬
‫ص َور املواالة‪:‬‬ ‫ضبِه‪ ،‬ومن ُ‬ ‫ب ل َس َخط اهلل تعاىل و َغ َ‬ ‫ََ ٌ‬ ‫ُ‬
‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬
‫ني‪ ،‬يقول تعاىل‪ :‬ﭐﱡﭐ ﲫ ﲬ‬ ‫صاحبَتُ ُهم و ِّاُتاذُ ُهم بِطانَةً من دون امل من َ‬ ‫وم َ‬ ‫داهنَتُ ُهم ُ‬ ‫وم َ‬ ‫َحمَبَّتُهم ُ‬
‫ﲲﲴﲵﲶﲷﲸﲹﲺﲻﲼﲽ‬
‫ﲳ‬ ‫ﲭﲮﲯﲰﲱ‬

‫ﲾ ﲿ ﳀﱠ [آل عمران‪.]28 :‬‬


‫ب بِاحلُ ْس ىن كم ا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ ِ‬
‫عام ل ي ُ‬ ‫عام ِل َم َعه م أو َع َد َم ُمع َاملَتهم ب األَخّلق َ‬
‫احلس نَة‪ ،‬فَالتَّ ُ‬ ‫وال يع ن ه ذا َع َدم التَّ ُ‬
‫اس ِبُلُ ٍق َح َس ن ))‬ ‫َّ‬
‫ن‬ ‫ال‬ ‫ق ال تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﲶ ﲷ ﲸ ﱠ (‪[)9‬البق رة‪ ،]83 :‬وق ال ‪ ((:‬وخ الِ ِ‬
‫ق‬
‫َ‬
‫(‪.)10‬‬
‫األسئلَة‪:‬‬
‫س‪َ :1‬من أَنَ بن مالِك ؟ اذ ُكر شيئاً ماا تيَّ َز به ؟‬
‫احلّلوة ؟ وأين ِيد َ ْع َمها ؟‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫س‪ :2‬مل ع َّب يف احلديث ب َ‬
‫بعض األُموِر اجلالِبَ ِة لِ َم َحبَّ ِة اهلل تعاىل‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫س‪ :3‬حمبَّة اهلل تعاىل غايَة يَطْلُبُها امل من ؟ َع ِّدد َ‬
‫سول ‪ ،‬ما َم ْوقِ ُفك ِمن ذلك ؟‬ ‫الر ِ‬‫يث عن َّ‬ ‫س‪ :4‬رأيت َشخصاً ي ِرمي أَوراقاً فيها ِ‬
‫أحاد ٌ‬ ‫َ ْ َ ْ‬
‫ط‪:‬‬
‫نَشا ٌ‬

‫الع َملِيَّة‪.‬‬ ‫ِ ِ‬
‫الرسول ‪ ‬يف س َريته َ‬
‫‪ )9‬وهكذا كان َّ‬
‫كّلم ابن رجب عليه يف‬ ‫ِ‬
‫‪ )10‬رواه الّتمذي يف جامعه (‪ ،)355/4‬رقم (‪ ،)1987‬وقال‪ ":‬هذا َحديث َح َسن صحيح "‪ .‬وانظر َ‬
‫َشرح احلديث (‪ِ )18‬من ِ‬
‫جامع العلوم واحلكم‪.‬‬ ‫ْ‬
‫‪9‬‬
‫حممد ‪ ‬لِلنَّ ْي ِل منه والتَّ ْقلِ ِيل‬ ‫يقوم بِه ال ُك افار َ‬
‫جتاه نَبِيِّنا َّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫يا ِو ُل الطاالب ذ ْكَر ََناذج من الواق ِع املعاصر لما ُ‬
‫ط ِمن قَ ْد ِره‪.‬‬
‫ِمن َشأْنِه واحلَ ا‬

‫‪10‬‬
‫الحديث الثاني‪:‬‬
‫َ‬
‫وء‪ ،‬فَ أْفَ َرغ عل ى يَ َديْ ه من ه‬ ‫ع ن ة را َن م وىل عثْم ان ب ن ع اف ان‪ ،‬أنَّه رأى عثم ان ب ن ع اف ان ‪ ‬دع ا بِوض ٍ‬
‫َُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ ُ‬
‫ِ‬ ‫إنائِ ه‪ ،‬فَغَس لَهما ثَ َ ٍ‬
‫اس تَ ْنثَر‪ ،‬مثا َغ َس ل َو ْج َه ه‬ ‫ض واستَ ْن َش َق و ْ‬ ‫ض َم َ‬
‫الوض وء‪ ،‬مثَّ َتَ ْ‬ ‫ّلث َم ارات‪ ،‬مث أَ ْد َخ ل ميينَ ه يف َ‬ ‫َ ُ‬
‫كل ِر ْج ٍل ثَّلثاً‪ ،‬مث قال‪َ :‬رأَيْ ُ‬ ‫ِ‬
‫ض أ حن َو‬ ‫يب ‪ ‬يَتَ َو َّ‬ ‫ت النَّ َّ‬ ‫ثَّلثاً‪ ،‬ويَ َديْه إىل املرفَ َق ْني ثَّلثاً‪ ،‬مث َم َسح برأَ ْسه‪ ،‬مثَّ َغ َسل ا‬
‫وص لَّى َرْك َعتَ ْني ال ُيَ ِّدث فِي ِهم ا نَ ْف َس ه غُ ِف َر ل ه م ا تَ َق َّدم‬ ‫ِ‬
‫ض أَ حن َو ُوض وئي ه ذا‪َ ،‬‬ ‫ُوضوئِي هذا‪ ،‬وقال‪َ ((:‬م ن تَ َو َّ‬
‫ِمن َذنْبِه )) متَّفق عليه (‪.)11‬‬
‫التعريف بالراوي‪:‬‬
‫أدرك أب ا بك ر وعم ر‪،‬‬
‫ه و ُة ران ‪ -‬بض م احل اء املهمل ة وس كون امل يم ‪ -‬اب ن أب ان‪ ،‬م وىل عثم ان ‪َ ،‬‬
‫وحمدثِيهم‪ ،‬مات سنةَ مخ وسبعني‪ ،‬وقيل بعدها (‪.)12‬‬ ‫وروى عن عثمان ومعاوية‪ِ ،‬من تابعِي أهل ِ‬
‫املدينَة ِّ‬
‫التعريف بالصحابي‪:‬‬
‫الر ِاش ِدين‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫الصحايب اجلليل عثمان بن عفان بن أيب العاص بن أميَّة‪ ،‬أم ري امل منني‪ ،‬وثال ث اخللَف اء ا‬ ‫هو َّ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫يب ‪ ‬ابنَتَ ه‬ ‫ويُلَ َّقب بِذي النُّ َوريْن‪ ،‬أَ ْس لَم يف َّأوِل اإلس ّلم‪ ،‬وك ان يق ول‪ :‬إِن لَرابِع أَْربَ َع ة يف اإلس ّلم‪َ ،‬زَّو َج ه النَّ ُّ‬
‫ول اهلل ‪ ‬بِ َس ْه ٍم‪،‬‬ ‫وض َرب ل ه َرس ُ‬ ‫أم َكلثوم رضي اهلل عنها‪ ،‬مل ي ْشهد عثمان ‪ ‬بدراً‪ ،‬لِتم ِر ِ ِ ِ‬
‫يضه لَزْوج ه ُرقَيَّة‪َ ،‬‬ ‫َْ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ا ُ‬
‫ِ‬ ‫هاب إىل م َّك ةَ س ِفرياً ع ن رس ِ‬‫ول اهللِ ‪ ‬ل ه بال َّذ ِ‬ ‫الش جرةِ ألم ِر رس ِ‬
‫ض هم يف‬ ‫ول اهلل ‪‬؛ ليُفا ِو َ‬ ‫َ َ‬ ‫ت َّ َ َ ْ َ‬ ‫ومل يُب ايع َحت َ‬
‫ش العُ ْسَرةِ املتَ َو ِّجه إىل‬ ‫صف َجْي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وج َّهَز عُثْمان ‪ ‬ن ْ‬ ‫رسول اهلل ‪ ‬يَ َده باألُ ْخرى عن عثمان‪َ ،‬‬ ‫ب ُ‬ ‫وضَر َ‬
‫ُد ُخوهلا‪َ ،‬‬
‫ووَرَد أنَّه تَ ْس تَ ِحي من ه املّلئِ َك ة‪ ،‬بُويِع‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫وصف باحلي اء‪َ ،‬‬ ‫الع َشَرةِ املبَ َّش ِرين بِاجلنَّة‪ ،‬ومَّن يُ َ‬
‫تَبوك من ماله‪ ،‬وهو أَ َحد َ‬
‫آخَر سنَة مخَْ ٍ وثَّلثِني (‪.)13‬‬ ‫وع ْشرين‪ ،‬وقُتِل ‪ِ ‬‬
‫َ‬
‫بِاخلِّلفَة سنَة أَربع ِ‬
‫َ َْ‬
‫المباحث اللغوية‪:‬‬ ‫َ‬
‫َمعناها‬ ‫ال َكل َمة‬
‫ض أ بِه‪ ،‬وه و امل راد بقول ه َ‬
‫(دع ا‬ ‫ضبَط بَِفْتح الواو‪ ،‬فيكون املعىن‪ :‬املاء الذي يَتَ َو َّ‬
‫تُ ْ‬ ‫ضوء‪:‬‬
‫َو ُ‬
‫وء‪ ،‬كم ا يف قول ه‪( :‬حن و ُوض وئِي‬ ‫بِوض وء)‪ ،‬وبِض م ال واو يك ون امل راد‪ :‬فِع ل الوض ِ‬
‫ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫هذا)‪.‬‬

‫أخرج ه مس لِم يف‬


‫‪ )11‬أخرج ه البخ اري يف ص حيحه (‪ ،)266/1‬كت اب الوض وء‪ ،‬ب اب‪ :‬املضمض ة يف الوض وء‪ ،‬واللَّف ل ه‪ ،‬و َ‬
‫ص ِحيحه (‪ ،)204/1‬كتاب الطَّهارة‪ ،‬باب‪ِ :‬صفة الو ِ‬
‫ضوء وَكماله ‪،‬برقم (‪.)226‬‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫‪ )12‬ينظر‪ :‬سري أعّلم النبّلء (‪ ،)182/4‬وِتذيب التَّهذيب (‪.)24/3‬‬
‫‪ )13‬يُنظر‪ِ :‬تذيب التَّهذيب (‪ ،)139/7‬واإلصابة (‪.)462/2‬‬
‫‪11‬‬
‫ض ة‪،‬‬ ‫يع ل امل اءَ يف فِي ه‪ ،‬ويُ ِد ُيره مثا ميَُ ُّج ه‪ ،‬وه ذا كم ال ْ‬
‫املض َم َ‬ ‫ض ة‪ :‬أن َ‬ ‫املض َم َ‬
‫ْ‬ ‫تض َمض‪:‬‬
‫ْ‬
‫يع َل املاءَ يف فِيه مثا َي ِرجه‪.‬‬ ‫وأَقَلاها‪ :‬أن َ‬
‫ف‪.‬‬ ‫اجتَ َذب املاء بِالنَّ َف إىل با ِ ِن األَنْ ِ‬ ‫استَ ْن َشق‪:‬‬
‫َ َ‬
‫أخر َج املاءَ ِمن أَنْ ِفه بعد االستِْنشاق‪.‬‬ ‫استَ ْنثَر‪:‬‬
‫الرأس (‪ )14‬إىل ما احنَ َد َر ِمن اللا ْحيَ ْني وال َّذقْن‬ ‫ت َش ْع ِر َّ‬‫ح اد الوجه ُوالً‪ِ :‬من منابِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ َْ‬ ‫َو ْج َهه‪:‬‬
‫وعرضاً ِمن األُذُن إىل األُذُن‪.‬‬
‫َجيعاً‪ْ ،‬‬
‫ِ‬
‫العظْ َم ْني‬
‫وعكس ه لُغَت ان َمش هورتان‪ ،‬وه و‪ :‬جمتَ َم ع َ‬ ‫بِ َك ْس ر امل يم وف تح الف اء َ‬ ‫إىل ال ِم ْرفَ َق ْني‪:‬‬
‫وعظْ م ال ِّذرا ‪ ،‬وه و ال ذي يَتَّ ِك ئ علي ه‬ ‫ض د‪َ ،‬‬ ‫الع ُ‬
‫ِ‬
‫املت داخلَ ْني‪ ،‬وه ا ََرف ا َعظْ م َ‬
‫املتَّ ِكئ‪.‬‬
‫ُ‬
‫إىل‪ :‬هلا َم ْعنَيان‪:‬‬
‫أ‪ -‬مبعىن‪ :‬مع‪ ،‬فيكون املعىن‪ :‬مع املرفَ َق ْني‪.‬‬
‫داخ ّلً فيم ا قبله ا إذا ك ان ِم ن‬ ‫ب‪ -‬تك ون مبع ىن الغاي ة‪ ،‬فيك ون م ا بع َدها ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك ه ذه‬ ‫جْن ِس ه‪ ،‬ويك ون خا ِرج اً إذا مل يَ ُك ن ِم ن جْن ِس ه‪ ،‬تق ول م ثّلً‪ :‬بِ ْعتُ َ‬
‫داخ ل فيم ا قَ ْب لَه ا‪ ،‬وهك ذا‪ ،‬وامل راد‬ ‫األشجار ِمن هذه إىل هذه‪ ،‬فم ا بع د (إىل) ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫أن املرفَ َقني ِ‬ ‫ِ‬
‫داخّلن يف الغسل‪.‬‬ ‫باحلديث َّ ْ‬
‫فالف ْعل (مسح) يتَ َع َّدى هبا وبِنَ ْف ِسه‪.‬‬ ‫الباء هنا للتَّع ِدية‪ ،‬يوز ح ْذفها وإثْباِتا‪ِ ،‬‬ ‫بِر ِ‬
‫أسه‪:‬‬
‫َ‬ ‫ْ َ‬
‫طيع َدفْ َعها‪.‬‬ ‫أي ِمن أموِر ُّ‬
‫الدنيا ماا يستَ ُ‬ ‫يدث في ِهما نَ ْف َسه‪:‬‬
‫ال ِّ‬

‫كام والتوجيهات‪:‬‬ ‫األَح ُ‬


‫روعيَّة َغ ْس ل ال َك َّف ْني‪ ،‬ثّلث اً قب ل إدخاهلم ا يف اإلن اء‪ ،‬ويتأَ َّك د ذل ك ِم ن‬‫ديث عل ى مش ِ‬
‫َ‬ ‫‪َّ -1‬‬
‫دل احل ُ‬
‫استَ ْي َق َ أَ َحد ُكم ِمن نَ ْوِمه فَ ْليَ ْغ ِسل يَ َده قب ل أن‬ ‫حق القائِم ِمن نَوِم لَ ٍيل؛ ِ‬
‫يب ‪ ((:‬إذا ْ‬
‫لقول النَّ ِّ‬ ‫ْ‬ ‫َا‬
‫يُ ْد ِخلَها يف َوضوئِه‪َّ ،‬‬
‫فإن أَ َح َد ُكم ال يَد ِري أين باتَت يَ ُده )) (‪.)15‬‬
‫أن َِ‬
‫جي َع َم ن‬ ‫الوض وء‪ ،‬وما ا يُ َيِّ د ذل ك َّ‬ ‫ِ‬ ‫‪ِ َّ -2‬‬
‫ض ة واالستْنش اق يف ُ‬ ‫املضم َ‬
‫دل احل ديث عل ى ُوج وب ْ‬
‫ضةَ واالستِْنشاق (‪.)16‬‬‫املض َم َ‬
‫يب ‪ ‬ذَ َكَر ْ‬‫ف ُوضوءَ النَّ ِّ‬
‫ص َ‬
‫َو َ‬

‫‪ )14‬يُنظر‪ِ :‬تذيب التَّهذيب (‪ ،)139/7‬واإلصابة (‪.)462/2‬‬


‫الوضوء‪ ،‬باب‪ :‬االستِ ْجمار وتراً‪.‬‬
‫‪ )15‬رواه البخاري يف صحيحه (‪ ،)263/1‬كتاب ُ‬
‫‪12‬‬
‫ضة واالستنشاق‪:‬‬ ‫المض َم َ‬ ‫ومن أحكام َ‬
‫تسرب املاء إىل َج ْوفِه‪.‬‬ ‫َيشى ِمن ُّ‬ ‫الصائم‪ ،‬وذلك ملا َ‬ ‫أ‪ -‬املبالَغة فيهما ُسنُّة م َّك َدة لغري ا‬
‫ض َمض ويستَ ْن ِشق بِيَ ِمينه‪ ،‬ويستَ ْنثِر بِ ِشمالِه‪.‬‬ ‫حب أن يتَ َم ْ‬ ‫ب‪ -‬يستَ ُّ‬
‫ف ُوض وءَ‬ ‫ص َ‬ ‫ألن ك ال َم ن َو َ‬ ‫ب الب داءَة هبم ا؛ َّ‬ ‫الو ْجه‪ ،‬ولكن تُ ْس تَ َح ا‬ ‫الّتتيب بينهما وبني َ‬ ‫ج‪ -‬ال يب َّ‬
‫يب ‪ ‬ذ َكر أنَّه بدأ هبما‪.‬‬ ‫النَّ ِّ‬
‫حبدوده املذكورة‪ ،‬وماا يُنَبَّه إلي ه هن ا‬ ‫يدل عليه احلديث أيضاً وجوب َغسل الوجه يف الوضوء ِ‬ ‫‪ -3‬ماا ُّ‬
‫ْ َْ‬ ‫ُ‬
‫داخ ٌل فيه فيَ ِجب َغ ْسلُه‪ ،‬وإذا كانت اللا ْحيَ ة َكثِي َف ةً مبع ىن َّأا ا ال تُرى‬ ‫الشعر الذي يف الوجه ِ‬
‫َْ‬ ‫أن َّ ْ َ‬ ‫َّ‬
‫ب ُتلِيلُها‪.‬‬ ‫ِ ِ‬
‫البَ َشَرة من حتتها فَيُ ْستَ َح ا‬
‫داخّلن فيما يب َغ ْسلُه؛ لِم ا َس بَق‬ ‫‪ِ -4‬من فروض الوضوء‪َ :‬غسل الي َدين إىل املرفَ َقني‪ ،‬فال ِمرفَقان ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫ُ‬
‫ِذ ْك ُره يف معىن (إىل)‪.‬‬
‫ّلف ب ني أه ِل العِْل ِم يف ُوج وب َم ْس ح ال َّرأس‪ ،‬وال َّرأس م ا ا ْش تَ َملَت علي ه َمنابِ ت َّ‬
‫الش ْعر‬ ‫‪ -5‬ال ِخ َ‬
‫كيفيَّ ة َم ْس حه‪ :‬أن يَأْ ُخ َذ امل اءَ بِ َك َّفْي ه‪ ،‬مثا يُْرِس له‪ ،‬مث‬ ‫املعت ادة‪ ،‬والو ِاج ب مس ح عم ِوم ال َّرأس‪ ،‬و ِ‬
‫َْ ُ‬ ‫َ‬
‫أس ه‪ ،‬مث يَ ْذ َهب هبِم ا إىل‬ ‫ف سبابتِه األُخرى‪ ،‬مث يضعهما على م َق َّدم ر ِ‬ ‫صق َر َ ِ ِ ِ‬ ‫ي ْل ِ‬
‫ُ‬ ‫َ َُ‬ ‫ف َسباابَته بطََر َ ا َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫يأخذ هلم ا م اءً‬ ‫الرأس األُذُنَ ْني‪ ،‬وال ُ‬ ‫ويدخل يف َم ْسح ا‬ ‫قَفاه‪ ،‬مث يَ ُرادها إىل املكان الذي بدأ منه‪ُ ،‬‬
‫َج ِديداً‪ ،‬فيَ ْك ِفي املاء الذي َم َسح بِه َّ‬
‫الرأس‪.‬‬
‫روض الوض وء‪َ :‬غس ل ال ِّرجلَني إىل ال َكعب ني‪ ،‬وال َكعب ان ه ا‪ :‬العظْم ان النااتِئ ِ‬ ‫ِ‬
‫ان عن د ُم ْلتَ َق ى‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َْ ْ‬ ‫ْْ‬ ‫ْ‬ ‫‪ -6‬من فُ ِ ُ‬
‫الساق مع ال َق َدم‪.‬‬ ‫ا‬
‫ال االس تِحباب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب‪ ،‬وكم ُ‬ ‫الوض وء َم َّرة واح َدة‪ ،‬وم ا زاد فه و ُم ْس تَ َح ا‬ ‫‪ -7‬الواج ب يف َغ ْس ِل أَ ْعض اء ُ‬
‫يد ًة‪ ،‬ق ال‬ ‫اح َدة‪ ،‬اأم ا م ا زاد ع ن ال ثاّلث فَيُ ْك َره َكر َاه ةً َش ِد َ‬ ‫الرأس فَمرة و ِ‬
‫ثَّلث َمارات‪ ،‬اإال َم ْسح َّ َ ا‬
‫اإلمام أةد رةه اهلل‪ ((:‬ال يَِزيد على الثَّّلث اإال َر ُج ٌل ُمْبتَلى )) (‪.)17‬‬
‫صف‬ ‫الّتتِيب يف الوضوء بني األعضاء املذكورة‪ ،‬ويُ َيِّده َّ‬ ‫‪ِ َّ -8‬‬
‫جيع َمن َو َ‬ ‫أن َ‬ ‫يث على ُوجوب َّ‬ ‫دل احلد ُ‬
‫ص َفه على ما ذُكِر يف احلديث‪ ،‬وكذا َداللَة اآلية‪ :‬ﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ‬ ‫يب ‪َ ‬و َ‬ ‫ُوضوءَ النَّ ِّ‬
‫َ‬

‫‪ )16‬يُنظر‪ :‬صحيح البخاري‪ ،‬كتاب الوضوء‪ ،‬فَ ِفيه َع َد ٌد ِمن األحاديث تُ َقيِّد ذلك‪.‬‬
‫‪ )17‬انظر‪ :‬املغن البن قدامة (‪.)140/1‬‬
‫‪13‬‬
‫ﱅﱆﱇﱈﱉﱊﱋﱌﱍﱎﱏ‬

‫ﱐ ﱑ ﱠ‪.‬‬
‫الوض وء تَف ِريق اً َ ِويّلً‪ ،‬اأم ا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِم ن فُ ِ‬
‫الوض وء‪ :‬امل واالة في ه‪ ،‬وه ي َع َدم التَّفري ق ب ني أعض اء ُ‬ ‫روض ُ‬ ‫‪-9‬‬
‫ضار‪.‬‬ ‫ِ‬
‫التَّفريق اليَسري فّل يَ ُ‬
‫الوض وء‪ ،‬وتك ون حينَئِ ٍذ َس بَباً لِ َم ْغ ِف َرة‬ ‫كعتَ ْني أو أكثَر بع د ُ‬ ‫ص ّلة ر َ‬
‫ِم ن فَ ْ ِ‬
‫ض ِل اهلل تع اىل أن َش َر َ َ‬ ‫‪-10‬‬
‫ألن ال َكب ائِر ال يُ َك ِّفره ا‬ ‫الص غائِر؛ َّ‬ ‫السيِّئات‪ ،‬واملراد بال ُّذنوب املغف ورة‪ :‬ال ُّذنوب َّ‬ ‫الذنوب ِ‬
‫وتكفري َّ‬ ‫ُّ‬
‫اإال التَّ ْوبَة منها‪.‬‬
‫ول اهلل ‪ ‬ونَ ْق ل ُس نَّتِه إىل النا اس‪،‬‬ ‫أس ي بِرس ِ‬ ‫الصحابة رضي اهلل عنهم على االقتِداء والتَّ ِّ‬ ‫ص َّ‬ ‫ح ْر ُ‬
‫ِ‬ ‫‪-11‬‬
‫وهكذا تكون ِص َفة الِب العِْلم االقتِداء واالتِّبا ونَ ْشر ُّ‬
‫السنَّة‪.‬‬
‫ب ل ه عن د انتِهائِ ه أن‬ ‫الوض وء كم ا يُ ْس تَ َح ا‬
‫ِ‬
‫ض ئ أن يَ ْذ ُكَر اس َم اهلل تع اىل عن د بدايَ ة ُ‬ ‫عل ى املتَ َو ِّ‬ ‫‪-12‬‬
‫الوض وءَ‪ ،‬مث‬ ‫ِ‬
‫ض أ فيُبل غ (أو يُ ْس بغ) ُ‬ ‫أح ٍد يَتَ َو َّ‬ ‫ِ ِ‬
‫يب ‪ ((:‬م ا م ْنكم م ن َ‬
‫ي ْدعو مب ا ثَب ت يف ق ِ‬
‫ول النَّ ِّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫حممداً عبد اهلل ورسوله‪ ،‬اإال فُتِ َحت له أبواب اجلنَّ ِة الثَّمانِيَ ة‬ ‫أن َّ‬ ‫أشهد أن ال إله اإال اهلل‪ ،‬و َّ‬ ‫يقول‪َ :‬‬
‫يَ ْد ُخل ِمن أَيِّها شاء )) (‪.)18‬‬
‫الوض وء والغُس ل وغ ِريه ا‪ ،‬ونَظافَ ة الب ا ِ ن‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫دي ُن اإلس ّلم دي ن الط ْه ر والنَّظافَ ة‪ ،‬نَظافَ ة الظا اهر ب ُ‬ ‫‪-13‬‬
‫ّلم النَّظافَ ةَ‬ ‫يص ه ماا ي ُش وبه ِم ن األَحق اد و َّ ِ‬ ‫بِتَخلِ ِ‬
‫الض غائن وحنوه ا‪ ،‬وألهِّيَّ ة ه ذا األَ ْم ر َربَط اإلس ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ‬ ‫ْ‬
‫بادة اليت يقوم هبا املسلِم ليّلً وااراً‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احل ِّسيَّةَ بِالع َ‬
‫اب‬‫ض ئ نَ ْفس ه لِلعِق ِ‬ ‫ض املتَ َو ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫االس تعجال يف الوض وء ق د يُ َ ِّدي إىل اإلخ ّلل ب ه‪ ،‬وم ن مثَّ يُ َع ِّر ُ‬
‫ِ‬ ‫‪-14‬‬
‫َ‬
‫ول اهلل ‪ِ ‬م ن‬ ‫الش ِديد‪ ،‬فع ن عب د اهلل ب ن عم رو رض ي اهلل عنهم ا ق ال‪ :‬رج ْعن ا م ع رس ِ‬ ‫الو ِعيد َّ‬
‫ََ‬ ‫وَ‬
‫ض ئوا وه م ِعج ال‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫ص ر فَتَ َو َّ‬ ‫الع ْ‬
‫وم عن د َ‬ ‫َم َّك ة إىل املدين ة ح إذا كن ا مب اء بِ الطَِّريق تَ َع َّج ل ق ٌ‬
‫اب ِم ن الناا ِر‪،‬‬ ‫فانتَ هْينا إلي ِهم وأَعقاهبم تَلُوح مل ميسها امل اء‪ ،‬فق ال رس ول اهلل ‪ ((:‬ويْل لِألَ ْعق ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ا‬ ‫َ‬
‫الوضوء )) ‪ ،‬واملعىن‪َ :‬ويْ ٌل للذين يّتكو َن أَ ْعقابَ ُهم فَّل ميََ اسها املاءُ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫أَ ْسبغوا ُ‬
‫(‪)19‬‬

‫األَسئلَة‪:‬‬
‫س‪ :1‬ما ال َف ْرق بني كل ِمن‪:‬‬

‫الوضوء‪ ،‬رقم (‪.)234‬‬ ‫الذ ْكر املستح ِ‬ ‫‪ )18‬رواه مسلم يف صحيحه‪ ،‬كتاب الطَّهارة‪ ،‬باب‪ِّ :‬‬
‫ب َعقب ُ‬ ‫ََ ا‬
‫ص ْوتَه بِ العِْلم رق م (‪ ،)60‬ورواه مس لم يف ص حيحه (‪،)214/1‬‬
‫‪ )19‬رواه البخ اري يف ص حيحه كت اب العل م‪ ،‬ب اب‪َ :‬م ن َرفَ ع َ‬
‫ِ‬
‫الوضوء ))‪.‬‬
‫الر ْجلَني‪ ،‬برقم (‪ )241‬وهذا لفظُه‪ ،‬ولي يف البخاري هنا‪ ((:‬أَ ْسبغوا ُ‬ ‫كتاب الطَّ َ‬
‫هارة‪ ،‬باب‪ُ :‬وجوب َغ ْسل ِّ‬
‫‪14‬‬
‫االستِنشاق واالستِْنثار ؟‪.‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫ب‪ -‬املرفَ َق ْني وال َك ْعبَني ؟‪.‬‬
‫أس‪ِّ ،‬بني ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫فروض الو ِ‬ ‫ِ‬
‫كيفيَّة ذلك ؟‬ ‫ضوء َم ْسح َّ‬ ‫س‪ :2‬من ِ ُ‬
‫الوضوء‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ص ِديق باب بَْيتِك وأنت تَتَ َّ‬
‫وضأ‪ ،‬ف َذ َهْبت ل َفْتح الباب‪ ،‬مث َر َج ْعت إلكمال ُ‬ ‫س‪ََ :3‬رق عليك َ‬
‫فهل تُ ْكمله أو تَ ْب َدأ ِمن َج ِديد ؟‬
‫ضله ؟‬ ‫الوضوء ؟ وما فَ ْ‬ ‫ِّ‬
‫س‪ :4‬ما الذ ْكر املشرو بعد ُ‬
‫ضح ذلك ؟‬ ‫احلسيَّ ِة واملعنَ ِويَّة‪َ ،‬و ِّ‬
‫ديث على أهِّيَّ ِة النَّظافَة ِّ‬
‫دل احلَ ُ‬ ‫س‪َّ :5‬‬
‫نَشاط‪:‬‬
‫الوض وء‪ ،‬مثَّ اع ِر ْ‬
‫ض ها عل ى‬ ‫ض النا ِ‬ ‫ِ‬
‫اس عن د ُ‬ ‫ض األَ ْخط اء ال يت ي َق ع فيه ا بع ُ‬
‫جمموعت ك بع َ‬
‫َ‬ ‫اكتُ ب م ع‬
‫ُم َعلِّ ِمك‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫يث الثالث‪:‬‬ ‫الحد ُ‬ ‫َ‬
‫يب ‪ ‬فَ َرَّد‬ ‫َّ‬ ‫يب ‪ ‬دخ ل املس ِجد‪ ،‬فَ َد َخل َر ُج ل َ َّ‬ ‫عن أيب هري رة ‪َّ ‬‬
‫فص لى‪ ،‬مث ج اء فس لم عل ى النَّ ا‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫أن النَّ َّ‬
‫ِ‬
‫يب ‪‬‬ ‫ص لَّى مثَّ ج اءَ فَ َس لَّم عل ى النَّ ِّ‬ ‫ص ال ))‪ ،‬فَ َ‬ ‫ص ال‪ ،‬فإنَّ ك مل تُ َ‬ ‫الس ّلم‪ ،‬فق ال‪ ((:‬ارج ع فَ َ‬ ‫يب ‪َّ ‬‬ ‫النَّ ُّ‬
‫ُح ِس ن َغْي َره فَ َعلِّ ْم ِن‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص ال )) ثَّلث اً‪ ،‬ق ال‪ :‬وال ذي بَ َعثَ ك بِ احلَ اق م ا أ ْ‬ ‫ص ال‪ ،‬فإنَّ ك مل تُ َ‬ ‫فق ال‪ ((:‬ارج ع فَ َ‬
‫الصّلةِ فَ َك ِّب‪ ،‬مث اق َرأ م ا تَيَ َّس ر مع ك ِم ن ال ُق رآن‪ ،‬مث ارَك ع ح تَطْ َم ئِن راكِع اً‪ ،‬مثَّ‬ ‫ت إىل َّ‬ ‫قال‪ ((:‬إذا قُ ْم َ‬
‫اجداً‪ ،‬مث ْارفَع ح َّ تَطْ َم ئِن جالِس اً‪ ،‬مث اس ُجد ح َّ‬ ‫ارفَع ح َّ تَعت ِد َل قائِم اً‪ ،‬مث اس جد ح َّ تَطْم ئِ َّن س ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َْ‬ ‫ْ‬
‫(‪)20‬‬
‫صّلتِك كلاها ))‪ .‬متَّفق عليه‬ ‫ِ ِ‬
‫تَطْ َمئ ان ساجداً‪ ،‬مث افْ َعل ذلك يف َ‬
‫التعريف بالراوي‪:‬‬
‫اسه واس ِم أَبِيه عل ى أق و ٍال كثِ َريةٍ‪،‬‬ ‫الصحايب اجلليل سيِّد احل افاظ األثبات أبو هريرة ‪ ،‬اختُلِف يف ِ‬ ‫هو َّ‬
‫هيب‪َ :‬ةَ َل عن‬ ‫عام َخْي َب‪َّ ،‬أول َسنَة َسْبع لِل ِه ْجرة‪ ،‬قال َّ‬
‫الذ ِ‬ ‫الدوسي‪ ،‬أسلَم َ‬
‫الرةن بن صخر َّ ِ‬
‫َْ‬ ‫أَْر َج ُحها أنَّه‪ :‬عبد َّ‬
‫َ‬
‫ّلزَمتِ ه ل ه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يب ‪ ‬أكثَر من ه؛ ل ُم َ‬ ‫يب ‪ ‬ع ْلماً كثرياً َيِّب اً ُمبارك اً في ه‪ ،‬مل يُْل َح ق يف كثْ َرت ه‪ ،‬ومل يَ ْرِو أَ َح ٌد ع ن النَّ ِّ‬ ‫النَّ ِّ‬
‫فقد بَلَغَت َم ْرِويااتُه ‪َ 5374‬ح ِديثاً‪.‬‬
‫ِ‬
‫ول اهلل ‪،‬‬ ‫يث ع ن رس ِ‬
‫َ‬ ‫روى البُخ اري ع ن أيب هري رة ‪ ‬ق ال‪ :‬إنَّك م تقول ون‪ :‬إ َّن أب ا هري َرة يُ ْكثِ ر احل د َ‬
‫وإن إخ َويت ِم ن‬ ‫ول اهلل ‪ ‬مبث ِل َح ِديث أيب هري رة ؟ َّ‬ ‫املهاجرين واألنص ار ال ي ِّدثو َن ع ن رس ِ‬
‫َ‬
‫وتقولون‪ :‬ما بال ِ‬
‫ول اهللِ ‪ ‬عل ى ِم ْلء بَطْ ِن‪ ،‬فأ ْش َهد إذا غ ابوا‪،‬‬ ‫الص ْفق باألس واق‪ ،‬وكن ت أَلْ َزم َرس َ‬ ‫غلهم َّ‬ ‫امله اجرين ك ان ي ْش ُ‬
‫الص َّف ِة‪،‬‬
‫إخويت ِم ن األَنْص ار َع َم ل أَْم واهلم‪ ،‬وكن ت ا ْم رءاً ِم ْس ِكيناً ِم ن َمس اكِني ُّ‬ ‫أح َف ْ إذا نَ ُسوا‪ ،‬وكان يُ ْشغل َ‬ ‫وْ‬
‫جي َع‬ ‫ض ي َِ‬ ‫ط أَح ٌد ثَوب ه ح َّ أَقْ ِ‬
‫يدث ه‪ ((:‬إنَّه ل ن يَْب ُس َ َ ْ َ‬ ‫ول اهلل ‪ ‬يف َح ِديث ِّ‬ ‫أعي حني يَْن َس ون‪ ،‬وق د ق ال رس ُ‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل ‪َ ‬مقالَتَه‬ ‫ضى ُ‬ ‫هذه‪ ،‬مث يمع إليه ثَوبه اإال وعى ما أَقُول ))‪ ،‬فَبسطْ ِ‬ ‫مقالَِيت ِ‬
‫علي‪ ،‬ح َّ إذا قَ َ‬ ‫ت ََنَرًة َّ‬ ‫ََ ُ‬ ‫َْ َ َ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬
‫سول اهللِ ‪ ‬تلك ِمن َش ْي ٍء (‪.)21‬‬ ‫يت ِمن مقالِةَ ر ِ‬
‫ص ْد ِري‪ ،‬فما نَس ُ َ َ‬
‫ِ‬
‫َجَ ْعتُها إىل َ‬
‫تُويف أبو هريرة ‪ ‬سنَةَ َسْبع ومخَْ ِسني لِل ِه ْجَرة (‪.)22‬‬
‫ث اللغَوية‪:‬‬
‫المباح ُ‬
‫َ‬
‫معناها‬ ‫الكلمة‬

‫أخرجه مسلِم يف‬


‫باإلعادة‪ ،‬و َ‬
‫َ‬ ‫كوعه‬ ‫ِ‬
‫يب ‪ ‬الذي ال يُت ام ر َ‬ ‫‪ )20‬أخرجه البخاري يف صحيحه (‪ ،)276/2‬كتاب األذان‪ ،‬باب‪ :‬أَْمر النَّ ِّ‬
‫كع ٍة‪ ،‬برقم (‪.)398‬‬ ‫ِ‬
‫كل ر َ‬
‫الصّلة‪ ،‬باب‪ُ :‬وجوب قراءَة الفاحتة يف ا‬
‫صحيحه (‪ ،)298/1‬كتاب َّ‬
‫وجل‪ ،:‬رقم (‪.)2047‬‬
‫عز ا‬ ‫‪ )21‬أخرجه البخاري يف صحيحه (‪ ،)247/4‬كتاب البيو ‪ ،‬باب‪ :‬ما جاء يف قول اهللِ َّ‬
‫‪ )22‬يُنظر‪ :‬سري أعّلم النابّلء (‪ ،)578/2‬وِتذيب التَّهذيب (‪.)262/12‬‬
‫‪16‬‬
‫اسه َخ اّلد بن رافِع ‪.‬‬ ‫فد َخل َر ُج ٌل‪:‬‬
‫َ‬
‫الصّل َة األُوىل مل ُْجت ِزئك‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صّلتَك؛ أل َن َ‬ ‫أي‪ :‬أعد َ‬ ‫ص ال فإنَّك مل تُ َ‬
‫ص ال‪:‬‬ ‫ارجع فَ َ‬
‫ق ال جه ور أه ِل العِْل م‪ :‬امل راد ب ذلك ق راءَة الفاحت ة‪ ،‬ويُ َيِّده م ا ج اء‬ ‫اقرأ ما تَيَ َّسر معك ِمن القرآن‪:‬‬‫مث َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫يف ِروايَ ة اإلم ام أة د وأيب داود والنَّس ائي م ن َح ديث ِر َ‬
‫فاع ة ب ن‬
‫اقرأ بِ اأم ال ُقرآن‪ ،‬ومبا شاء اهلل )) (‪.)23‬‬ ‫ِ‬
‫رافع‪ ((:‬مثَّ َ‬
‫األحكام والتوجيهات‪:‬‬
‫ص ّلتِه)‪ ،‬وذل ك لِم ا َوقَ ع في ه ِم ن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العظ يم يُ َس ِّميه العُلم اء‪َ (:‬ح ديث املس يء يف َ‬
‫ِ‬
‫‪ -1‬ه ذا احل ديث َ‬
‫باإلعادة‪.‬‬
‫َ‬ ‫سول ‪ ‬له‬ ‫الر ِ‬
‫صّلتَه‪ ،‬وأَْم ُر َّ‬ ‫إساءَةِ َّ‬
‫الر ُج ِل َ‬
‫الص ّلة‪ ،‬ويُ َيِّد ذل ك م ا رواه‬ ‫ات َّ‬ ‫دل احل ديث عل ى وج وب قِ راءة الفاحت ة يف ك ل ركع ٍة ِم ن رَكع ِ‬ ‫‪َّ -2‬‬
‫ا‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ص ّل َة لِ َم ن مل يَ ْق َرأ بِفاحتَ ِة‬
‫يب ‪ ‬ق ال‪ ((:‬ال َ‬ ‫أن النَّ َّ‬‫الص ِامت ‪َّ ‬‬ ‫الش يخان ع ن عب ادة ب ن ا‬ ‫َّ‬
‫الكتاب ))(‪.)24‬‬ ‫ِ‬
‫الرس ول ‪ ‬املس يء‬ ‫الص ّلةُ ب دواا‪ ،‬ول ذلك أم َر َّ‬ ‫ص اح َّ‬ ‫الصّلة رْكن ِمن أركاا ا ال تِ ِ‬ ‫‪ -3‬الطُّ َمأنِينَة يف َّ‬
‫ٌ‬
‫ألا ا فَ َق َدت ه ذا ال ُّركن‪َ ،‬و َح ُّد الطُّ َمأنِينَ ة‪ُ :‬رج و ُ أَ ْعض ِاء اجلَ َس ِد إىل‬ ‫ص ّلتِه أن يُعِي َدها؛ َّ‬ ‫يف َ‬
‫القي ام‪،‬‬‫الص ّلةِ كلاه ا ِم ن ِ‬ ‫اس تِ ْقرا ِرها وقِ راءَة ال ِّذ ْكر الو ِاج ب‪ ،‬وه ذه الطُّمأنِينَ ة تك ون يف أَفْع ِال َّ‬
‫الرفْع منه‪ ،‬واجللوس لِلتَّ َش ُّهد‪.‬‬ ‫السجود و َّ‬ ‫الرفْع منه‪ ،‬و ُّ‬ ‫الركو ‪ ،‬و َّ‬ ‫و ُّ‬
‫‪ -4‬م ا ذُكِ ر يف احل ديث ِم ن األَرك ان و ِاج ب يف ُك ل ر ٍ‬
‫كع ة م ا َع دا تَكبِ َرية اإلح رام‪ ،‬فَ ِه ي يف الر َ‬
‫كع ة‬ ‫ا َ‬ ‫ٌ‬
‫األوىل فقط‪.‬‬
‫وباص ة م ا يَتَ َعلَّ ق بِ أَ ْمر‬
‫َّ‬ ‫اجلاه ل‪ ،‬وتَ ْنبِي ه الغافِ ل‪،‬‬‫ث عل ى املب ادرةِ لِت علِ يم ِ‬
‫ََ َ ْ‬ ‫‪ -5‬يف احل ِديث احلَ ا‬
‫ف‪.‬‬ ‫يان‪ِ ،‬من غري ِش َّدةٍ وال عُْن ٍ‬ ‫يح وب ٍ‬ ‫ِ‬
‫ني‪ ،‬وتَوض ٍ َ‬ ‫العِبادات‪ ،‬ويَْنبَغِي أن يكون هذا التَّعلِيم بِ ِرفْ ٍق ولِ ٍ‬
‫‪ِ -6‬من آداب املتَ َعلِّم‪:‬‬
‫ول اهلل‬ ‫ص غَى إىل رس ِ‬ ‫يد ِمن ُم َعلِّ ِمه‪ ،‬فهذا َّ‬
‫الر ُجل أَ ْ‬ ‫وح ْرص‪ ،‬لكي يَ ْستَ ِف َ‬ ‫أ‪ -‬اإلصغاء إىل معلِّ ِمه بِر ْغب ٍة ِ‬
‫َُ َ َ‬ ‫ْ‬
‫صّلتَه‪.‬‬ ‫يسن بِه َ‬ ‫‪ ‬لِ َكي يَ ْس َمع منه ما ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املعلِّم تَ ْعل َ‬
‫يمه‪.‬‬ ‫ب املتَ َعلِّم ما أراد َ‬
‫املعلِّم يف التَّلَ ِّقي منه‪ ،‬ل َكي يَ ْستَ ْوع َ‬ ‫ب‪ -‬األَ َدب اجلَ ام‪ ،‬واحّتام َ‬

‫‪ )23‬يُنظر‪ :‬فتح الباري (‪.)278/2‬‬


‫ومسلِم يف‬ ‫القراءَة لِإلمام واملأموم يف َّ‬
‫الصلوات كلاها‪ُ ،‬‬
‫‪ )24‬أخرجه البخاري يف صحيحه (‪ ،)236/2‬كتاب األذان‪ ،‬باب‪ :‬وجوب ِ‬
‫ُ‬
‫كل رْك َع ٍة‪ ،‬برقم (‪.)394‬‬ ‫ِ‬
‫الصّلة‪ ،‬باب‪ُ :‬وجوب قراءَة الفاحتة يف ا‬
‫صحيحه (‪ ،)95/1‬كتاب َّ‬
‫‪17‬‬
‫ِ‬
‫املعلِّ م‪ ،‬ق ال‬ ‫ص َده َ‬ ‫املعلِّ ِم‪ ،‬أو مل يَ ْس تَ ْوعب امل تَ َعلِّ ُم م ا قَ َ‬‫ود َ‬
‫الس ال واملناقَ َش ة إذا مل يَتَبَ َّني َم ْقص َ‬‫ُّ‬ ‫ج‪-‬‬
‫جماهد رةه اهلل‪ ((:‬ال يَتَ َعلَّم العِْل َم ُم ْستَحي أو ُم ْستَ ْكِب ))(‪.)25‬‬ ‫ِ‬
‫ِ‬ ‫صيح ِة لِلمت علِّم ِمن أَنْ َف ِع ما ي َق ِّدمه العامل و َ ِ‬ ‫ِ‬
‫األول ‪.‬‬ ‫املد ِّرس لطُاّلبِه‪ ،‬اقتداءً بِ َ‬
‫املعلِّم َّ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ض النَّ َ ُ َ َ‬ ‫‪َْ -7‬حم ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اس ُمتَفا ِوتَة‪،‬‬ ‫‪ -8‬تَغيِري األُسلوب يف التَّعليم ويف اإلجابَة عن األسئلَة أَْمٌر يَ ْقتَضيه التَّعليم‪ ،‬فَأَفْ ُ‬
‫هام النا ِ‬
‫واستِيعاهبم ُمتَبايِن‪.‬‬
‫ص لاى‬ ‫ِ‬ ‫روعيَّة حتيَّ ة املس ِجد‪ ،‬حي ث َد َخ َل ه ذا َّ‬ ‫يث مش ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫الر ُج ُل املس ج َد فَ َ‬ ‫‪ -9‬ما ا يُ ْس تَ ْنبَط م ن احل د َ‬
‫باإلعادةِ‪.‬‬
‫َ‬ ‫سول ‪‬‬
‫الر ُ‬ ‫ركعتَ ني‪ ،‬ولَما مل ِ‬
‫يسْنها أََمَرهُ َّ‬ ‫َْ ا‬
‫ص ْني َزَمناً يَ ِسرياً‪.‬‬
‫الش ْخ َ‬
‫السّلم‪ ،‬ولو كان ِ‬
‫الفاصل بني َّ‬ ‫‪ -10‬م ِ‬
‫شروعيَّة َّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يف ‪ ‬وم َ ِ‬
‫عاشَرته ألَصحابِه‪ ،‬ولُطْفه َم َعهم‪ ،‬وحمبَّته هلم‪ ،‬فَيَ ْنبَغي االقتداء بِه ‪‬وأخرياً‪ُ :‬ح ْسن ُخلُ ِق النَّ ِّ‬
‫يب‬ ‫ُ‬
‫حوالِه كلاها‪ ،‬قال تعاىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅ ﳆ ﳇ ﳈ ﳉ ﳊ ﳋ ﳌ ﳍ‬ ‫أَ ْ‬
‫ﳎ ﱠ [األحزاب‪.]21 :‬‬
‫األسئلَة‪:‬‬
‫الصّلةُ األوىل با ِ لَةً ؟ َعلِّل ذلك ؟‬ ‫ِ‬
‫صّلتَه ؟ وهل تُ ْعتََب َّ‬ ‫يد َ‬‫الر ُج َل أن يُعِ َ‬
‫سول ‪َّ ‬‬ ‫الر ُ‬ ‫س‪ :1‬ملَ أََمر َّ‬
‫الكت اب )) م ا َد َر َج ة ه ذا احل ديث ؟ وم ا‬ ‫ول ‪ ((:‬ال ص ّل َة لِم ن مل ي ْق رأ بِفاحت ِة ِ‬ ‫الرس ُ‬‫س‪ :2‬ق ال َّ‬
‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫صّلتَه ؟‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َعّلقَتُه حبديث املسيء َ‬
‫حنوه ؟‬ ‫س‪ :3‬رأَيت شاباً يف مس ِج ِد املدرس ِة يس ِر يف ِ‬
‫صّلته ؟ ماذا تَ ْع َمل َ‬ ‫َ‬ ‫ََ ُ‬ ‫ا َْ‬ ‫ْ‬
‫س‪ :4‬خرجت ِمن فَصلِك مث رجعت إليه‪ ،‬ما َّأو ُل عم ٍل تقوم بِه يف ضوِء ما است َف ْدتَه ِمن ِ‬
‫احلديث ؟‬ ‫َْ‬ ‫َْ‬ ‫ُ‬ ‫ََ‬ ‫ْ ا ََْ‬ ‫ََ ْ‬
‫باحلديِث‪.‬‬
‫يب ‪ ‬واربِطْها َ‬ ‫ِ‬
‫بعض أَ ْخّلق النَّ ا‬‫س‪َ :5‬ع ِّدد َ‬
‫املصلِّني‪ ،‬م ع‬
‫ض َ‬ ‫ص ِد األَ ْخطاء اليت تَ َقع ِمن بَ ْع ِ‬
‫جمموعتَ ْني تَ ْش َِّتكان يف َر ْ‬
‫َ‬ ‫نَشاط‪ :‬يُ َق ِّسم املعلِ ُم ُاّلبَه إىل‬
‫ِ‬
‫اخلصوص‪.‬‬ ‫كِتابة ِرسالَِة تَ ِ‬
‫وجي ِهيَّة هبذا‬ ‫َ‬

‫‪ )25‬ذكره البخاري يف صحيحه (‪ )228/10‬تعليقاً كتاب العلم‪ ،‬باب‪ :‬احلياء يف العِْلم‪.‬‬


‫‪18‬‬
‫الحديث الرابع‪:‬‬ ‫َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ٍ‬ ‫ول اهلل ‪َّ ((:‬‬
‫وص ّلةُ‬ ‫ص ّلةُ العش اء َ‬ ‫ني َ‬
‫ص ّلة عل ى املن افق َ‬ ‫إن أَثْ َق َل َ‬ ‫ع ن أيب هري َرة ‪ ‬ق ال‪ :‬ق ال رس ُ‬
‫آم َر َر ُج ّلً‬ ‫ال َفج ر‪ ،‬ول و ي علَم و َن م ا فِي ِهم ا ألَتَوه ا ول و حب واً‪ ،‬ولق د َهم ت أن آم ر بِ َّ ِ‬
‫الص ّلة فَتُق َام‪ ،‬مثا ُ‬ ‫َُ‬ ‫َْ ُ‬ ‫َْ‬ ‫ْ‬ ‫َْ‬ ‫ْ‬
‫ُحِّر َق‬ ‫ب إىل قَ ْوٍم ال يَ ْش َهدو َن َّ‬
‫الص ّلةَ فَ أ َ‬ ‫اس‪ ،‬مثَّ أَنْطَلِ ق َمعِ ي بِ ِرج ٍال َم َع ُه م ُح َزٌم ِم ن َحطَ ٍ‬
‫ص لِّي بِالنا ِ‬
‫فَيُ َ‬
‫علي ِهم بُيوِتم بِالناا ِر ))‪ .‬متَّفق عليه‪ ،‬واللَّف لِ ُمسلِم (‪.)26‬‬
‫التعريف بالراوي‪:‬‬
‫احلديث الذي قبلَه‪.‬‬ ‫سبق التَّعريف به يف ِ‬
‫ث اللغَوية‪:‬‬
‫المباح ُ‬
‫َ‬
‫معناها‬ ‫الكلمة‬
‫ضيل ِمن الثِّ َقل‪ ،‬واملراد بِالثِّ َقل‪َ :‬‬
‫املش َّقة‪.‬‬ ‫أَثْ َقل‪ :‬أَفْ عل تَ ْف ِ‬
‫َ‬ ‫صّلةٍ‪:‬‬ ‫أثْ َقل َ‬
‫وسِّ ي املن افِ ُق ب ذلك؛ ألنَّه يَ ْس ُّت ُك ْف َره ويُظْ ِه ر‬
‫الس ّْت‪ُ ،‬‬ ‫ُّ ِ‬ ‫ِ‬
‫ص ل النِّف اق يف اللغَ ة‪ :‬ا‬ ‫أَ ْ‬ ‫ني‪:‬‬ ‫ِِ‬
‫على املنافق َ‬
‫سّلم ويُْب ِطنو َن ال ُك ْفر‪.‬‬ ‫ِِ‬
‫ني هنا‪ :‬الذين يُظْ ِهرو َن ا ِإل َ‬ ‫اإلميا َن‪ ،‬واملراد باملنافق َ‬
‫ض ِل واألَ ْج ِر‪.‬‬ ‫لو ي علَمو َن ما فِي ِهما‪ :‬أي‪ِ :‬من م ِز ِ‬
‫يد ال َف ْ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬
‫اجلماع ِة‪.‬‬ ‫صلُّوها مع‬ ‫ِ ِ‬
‫َ‬ ‫الصّلتَ ْني‪ ،‬واملعىن‪ ،‬ألَتَوا إىل املسجد ليُ َ‬ ‫أي‪َّ :‬‬ ‫ألَتَ ْو ُها‪:‬‬
‫الص غِري عل ى يَ َديْ ه‬ ‫أي‪ :‬يَ ْز َحف و َن إذا َم نَ َع ُهم م انِ ٌع ِم ن املش ي‪ ،‬كم ا يَ ْز َح ف َّ‬ ‫ولو َحْبواً‪:‬‬
‫ض ل واخل ري‪ ،‬مث مل‬ ‫وِر ْجلَْي ه‪ ،‬ق ال النَّ وِوي‪ :‬معن اه‪ :‬ل و يعلم ون م ا في ِهم ا ِم ن ال َف ْ‬
‫يستطيِعوا اإلتيا َن إلي ِهما اإال حبواً حلبوا إلي ِهما ومل ي َف ِّوتوا َجاعت هما يف ِ‬
‫املسجد‬ ‫ََ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َْ‬ ‫َ َ‬
‫(‪.)27‬‬
‫الع ْزم‪.‬‬
‫الع ْزم‪ ،‬وقيل‪ :‬دون َ‬
‫اهلَ ام‪َ :‬‬ ‫ولقد َهَ ْمت‪:‬‬
‫حكام والتوجيهات‪:‬‬ ‫األَ ُ‬
‫ول ‪َ ‬رتَّ َ‬
‫ب‬ ‫الرس َ‬ ‫اع ةً يف املس ِجد‪ ،‬وذل ك َّ‬
‫أن َّ‬ ‫وب ص ّلةِ ال َف ِر ِ‬
‫يض ة َج َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ص ل يف وج ِ‬
‫يث أَ ْ ٌ ُ‬
‫ِ‬
‫‪ -1‬ه ذا احل د ُ‬
‫العقوبةَ بِالناا ِر على من ي تَخلَّف عن صّلةِ اجلماع ِة ِمن َغ ِري ع ْذ ٍر َش ِ‬
‫رع اي‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ُ َ‬

‫‪ )26‬أخرج ه البخ اري يف ص حيحه (‪ ،)125/2‬كت اب األذان‪ ،‬ب اب‪ :‬وج وب ص ّلة اجلماع ة‪ ،‬وأخرج ه مس لِم يف ص ِح ِ‬
‫يحه‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ماعة‪ ،‬برقم (‪.)651‬‬ ‫ِ‬
‫صّلة اجلَ َ‬
‫ضل َ‬
‫(‪ ،)451/1‬كتاب املساجد‪ ،‬باب‪ :‬فَ ْ‬
‫‪ )27‬شرح النَّوِوي على ُمسلِم (‪.)145/5‬‬
‫‪19‬‬
‫الحديث ويُ َؤي ُده‪:‬‬ ‫ضد هذا َ‬ ‫ومما يَع ُ‬
‫يب ‪َ ‬ر ُج ٌل أَ ْع َم ى‪ ،‬فق ال‪:‬‬ ‫ِ‬
‫أ‪ -‬ما رواه ُمسلم رةه اهلل يف صحيحه عن أيب هريرة ‪ ‬قال‪ :‬أت ى النَّ َّ‬
‫ص له‬ ‫ول اهلل ‪ ‬أن يُ َر ِّخ َ‬
‫أل رس ُ ِ‬ ‫ودِن إىل املس ِجد‪ ،‬فس َ‬ ‫ِ‬
‫ول اهلل‪ ،‬إنَّ ه ل ي ل قائ ٌد يَ ُق ُ‬
‫ي ا رس َ ِ‬
‫وىل َدع اه فق ال‪ ((:‬ه ل تَ ْس َمع النا داءَ بِ َّ‬ ‫ِ‬
‫الص ّلة ؟)) ق ال‪:‬‬ ‫فلم ا ا‬ ‫ص ل ه‪ ،‬ا‬ ‫ص لِّي يف بَْيت ه‪ ،‬فَ َر َّخ َ‬‫فَيُ َ‬
‫نعم‪ ،‬قال‪ ((:‬فَأَ ِجب ))(‪.)28‬‬
‫ب‪ -‬وروى ُمسلِم رةه اهلل عن عبد اهلل بن مسعود ‪ ‬قال‪ :‬لقد َرأَيْنا وما يَتَ َخلَّف ع ن َّ‬
‫الص ّلةِ اإال‬
‫يض لَيَ ْم ِشي بني َر ُجلَ ْني ح يأيت َّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫الصّلةَ (‪.)29‬‬ ‫ُمناف ٌق قُد عُل َم نفاقُه أو َم ِريض‪ ،‬وإن كان امل ِر ُ‬
‫عظ يم‪ ،‬وثَ واب َج ِزي ل‪ :‬روى البخ اري وغ ريه ع ن اب ن عم ر رض ي اهلل‬ ‫‪ -2‬لِص ّلةِ اجلماع ة فَض ل ِ‬
‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ص ّل َة ال َف رد ب َس ْب ٍع وعش ِر َ‬
‫ين‬ ‫ضل َ‬ ‫اجلماع ة تَ ْف ُ‬
‫َ‬ ‫ص ّلةُ‬ ‫عنهم ا أ ان رس ول اهلل ‪ ‬ق ال‪َ ((:‬‬
‫ص اّله‪ ،‬تق ول‪:‬‬ ‫ِ‬
‫ص لِّي علي ه املّلئ َك ةُ م ا دام يف ُم َ‬ ‫أن املُص لِّي تُ َ‬ ‫ض لِها‪َّ :‬‬ ‫(‪)30‬‬
‫َد َر َج ةً)) ‪ ،‬وماا َوَرد يف فَ ْ‬
‫أن ل ه بِ ُك ال ُخطْ َوةٍ َيطوه ا إىل املس ِج ِد َح َس نَة‪،‬‬ ‫ص ال عليه‪ ،‬اللَّه ام ارةَْ ه‪ ،‬م ا مل ُي ِدث‪ ،‬و َّ‬ ‫اللَّ ا‬
‫هم َ‬
‫وتَ ْرفَعُه عنه َخ ِطيئَة‪ ،‬وإذا َر َج َع إىل بَْيتِه كذلك‪.‬‬
‫اع ةً يف املس ِجد‪ ،‬فق د َع َّب َّ‬ ‫العظ يم والثَّواب اجل ِزي ل يف ِ ِ ِ‬ ‫‪ -3‬األَج ر ِ‬
‫ول‬‫الرس ُ‬ ‫ص ّلة العش اء وال َف ْج ِر َج َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫يب‪.‬‬ ‫ف َِّ‬
‫الص ا‬ ‫احلصول عليه ولو َز ْحفاً كما يَ ْز َح ُ‬ ‫َ‬ ‫‪ ‬عن ِعظَ ِم هذا األَ ْج ِر بأن الذي يَ ْعلَ ْمه يا ِو ُل‬
‫ص لَّى العِش اءَ يف‬ ‫وروى مسلِم وغريه عن عثمان بن ع افان ‪ ‬قال‪ :‬سعت َ ِ‬
‫رسول اهلل ‪ ‬يقول‪َ ((:‬من َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ص لَّى اللَّي َل ُكلَّه ))(‪ ،)31‬وق د ج اء‬ ‫اع ٍة َّ‬
‫فكأَن ا َ‬ ‫الص ْب َح يف َج َ‬ ‫ومن ص لَّى ُّ‬ ‫ف اللَّ ِيل‪َ ،‬‬ ‫ص َ‬
‫فكأَنا ِ‬
‫قام ن ْ‬‫اعة َّ َ‬
‫َج ٍ‬
‫َ‬
‫صّلةِ ال َف ْجر ما رواه ُمسلِم يف صحيحه عن ُجندب بن عبد اهلل ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول‬ ‫ِ‬
‫أجر املصلِّي ل َ‬ ‫يف ْ‬
‫الص بح فه و يف ِذ َّم ِة اهللِ‪ ،‬ف ّل يطْلُب نَّ ُكم اهلل يف ِذ َّمتِ ه بِش ٍ‬
‫يء فَيُد ِرَك ه فَيَ ُكبا ه يف ن ا ِر‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫اهلل ‪َ ((:‬م ن ص لَّى ُّ ْ َ‬
‫َج َهنَّم ))(‪.)32‬‬
‫داء صّلةِ ال َفجر َجاعةً يف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املسجد‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫وماا يُعني على أَ َ‬
‫الصّلةِ‪.‬‬
‫داء َّ‬ ‫يقاظ ألَ ِ‬
‫أ‪ -‬العزم األَكِيد على االستِ ِ‬
‫َْ‬

‫املساجد‪ ،‬باب‪ :‬إتيان املسجد على َمن سع النِّداء‪.‬‬ ‫‪ )28‬رواه مسلم يف صحيحه (‪ ،)452/1‬كتاب ِ‬
‫اجلماعة ِمن ُسنَ ِن اهلدى‪ ،‬رقم (‪.)654‬‬ ‫َ‬ ‫صّلة‬‫‪ )29‬رواه مسلم يف صحيحه (‪ ،)453/1‬كتاب املساجد‪ ،‬باب‪َ :‬‬
‫اجلماع ِة‪.‬‬ ‫ضل صّلةِ‬
‫َ‬ ‫‪ )30‬أخرجه البخاري يف صحيحه (‪ ،)131/2‬كتاب األذان‪ ،‬باب‪ :‬فَ ْ َ‬
‫اع ة‪ ،‬ب رقم (‪،)256‬‬ ‫ص ّلةِ العِش اء و ُّ‬
‫الص ْبح يف َج َ‬ ‫ضل َ‬ ‫‪ )31‬أخرج ه مس لم يف ص حيحه (‪ ،)454/1‬كت اب املس اجد‪ ،‬ب اب‪ :‬فَ ْ‬
‫وح ْكم تا ِركِها )‪ ،‬لإلمام ابن ال َقيِّم َرِةَه اهللُ تعاىل‪.‬‬
‫الصّلة ُ‬
‫الرجو لكتاب‪َّ (:‬‬ ‫ولّلستِزادة يف املسألَة ِ‬
‫ميكن ُّ‬ ‫َ‬
‫اعة‪ ،‬برقم (‪.)657‬‬‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الصْبح يف َج َ‬
‫صّلة العشاء و ُّ‬ ‫ضل َ‬ ‫‪ )32‬أخرجه مسلم يف صحيحه (‪ ،)454/1‬كتاب املساجد‪ ،‬باب‪ :‬فَ ْ‬
‫‪20‬‬
‫الدعاء املستَ ِمار بأن يُعِينَه اهللُ تعاىل على ذلك‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫ب‪-‬‬
‫اح ِة‪.‬‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِّ‬
‫النَّ ْوم املبَكر ح يَأْ ُخ َذ اجل ْسم ق ْسطَه من ا‬
‫الر َ‬ ‫ج‪-‬‬
‫يقاظ منه‪.‬‬‫الذ ْكر املشرو عند النَّ وم وعند االستِ ِ‬ ‫االستِمرار على ِّ‬ ‫د‪-‬‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ضع املنَبِّه‪ ،‬أو االستِعانَة ِمبَن يف البيت لِيُوقِظُوه‪ ،‬وحنو ذلك‪.‬‬ ‫سباب املعِينَة‪ ،‬مثل‪َ :‬و ْ‬‫َعمل األَ ِ‬
‫َ‬ ‫ه‪-‬‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫اع ةً يف املس جد م ن غ ِري عُ ْذ ٍر َش رعي‪ ،‬ع َّر َ‬
‫ض نَ ْف َس ه‬ ‫وص ّل َة ال َف ْج ِر َج َ‬
‫ص ّل َة العش اء َ‬ ‫َم ن تَ َرَك َ‬ ‫‪-4‬‬
‫ض باً‬ ‫ِ‬ ‫ب َكبِ ٍري‪ ،‬واتَّص ِ ِ ٍ ِ ِ ِ ِ ِ‬ ‫خلطَ ٍر َع ِظي ٍم وذَنْ ٍ‬
‫ول ‪َ ‬غ َ‬ ‫الرس ُ‬
‫ب َّ‬‫ف بص َفة من ص فات املن افقني‪ ،‬فق د َغض َ‬ ‫َ َ‬
‫بإحراقِ ِهم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫َشديداً على تا ِرك ِهما‪َ ،‬‬
‫وه َّم ْ‬
‫ِ‬
‫ك ُه م‪ ،‬ق ال تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﲡ‬ ‫ص ف ب ه فَ ْرٌد أو أَفْ راد اإال أَ ْهلَ َ‬ ‫اق ِص َفةٌ ذَ ِميم ةٌ وآفَ ةٌ خ ِط ريةٌ‪ ،‬مل يتَّ ِ‬‫النِّف ُ‬ ‫‪-5‬‬
‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ﲢ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦ ﲧ ﱠ [النِّساء‪.]145 :‬‬
‫المنافقين‪:‬‬ ‫ومن صفات ُ‬
‫ِ‬
‫اإلسّلم وإبْطا ُن ال ُك ْف ِر‪.‬‬ ‫إظهار‬ ‫أ‪-‬‬
‫ُ‬
‫اعي إىل تَركِ ِهم ا‪،‬‬ ‫وباص ة ص ّلة العِش اء وص ّلة ال َفج ر‪ ،‬وذل ك لُِق َّوةِ ال اد ِ‬ ‫ب‪ -‬ثَِقل العِبادات َعلَ ي ِهم‪،‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ‬
‫ت لَ َّذةِ النَّ ْوِم‪ ،‬وكِّله ا بعي ٌد ع ن‬ ‫ت ال َف ْج ِر َوقْ ُ‬
‫كون ور ٍ‬
‫احة‪ ،‬وَوقْ ُ‬‫َ‬
‫شاء وقْت س ٍ‬
‫ت الع َ ُ ُ‬
‫حيث إ َّن وقْ ِ ِ‬
‫َ َ‬
‫َم ْرأى النا ِ‬
‫اس‪.‬‬
‫صو َن على إظْها ِر أَ ْعماهلِم اليت يرون أاا َح َس نَةً‪،‬‬ ‫الس ْم َعة‪ ،‬فيَح ِر ُ‬
‫الرياءَ و ُّ‬ ‫صدون بِأَ ْعماهلِم ِّ‬ ‫ج‪ -‬أام ي ْق ِ‬
‫َ‬
‫ورْؤيَتِ ِهم هلم‪ ،‬وَيتَفون حني ال يَر ُاهم النااس‪.‬‬ ‫اس ُ‬‫ت ُحضوِر النا ِ‬ ‫يحضرو َن َوقْ َ‬
‫فَ ُ‬
‫ص َورةِ ِعب َادة‪ ،‬ج اء يف رواي ة عن د البخ اري يف‬ ‫د‪ِ -‬حرص هم َّ ِ‬
‫الش ديد عل ى ال ُّدنيا‪ ،‬ول و ك ان عل ى ُ‬ ‫ُْ‬
‫ص حيحه‪ ((:‬وال ِذي نَ ْف ِس ي بِيَ ِده ل و يعلَ م أَح ُدهم أنَّ ه ِي د َع ْرق اً َِسين اً أو ِم ْرم اتَ ْني َح َس نَتَ ْني‬
‫لَ َش ِه َد العِشاء ))(‪.)33‬‬
‫الش ْر ‪ ،‬وذل ك َّ‬
‫أن‬ ‫اع د َّ‬ ‫قاع َدةٌ ع ِظيم ةٌ ِم ن قَو ِ‬ ‫ب املص ا ِحل‪ ،‬وه ذه ِ‬ ‫املفاس د ُم َق َّد ٌم عل ى َج ْل ِ‬ ‫‪ -6‬درء ِ‬
‫َ َ‬ ‫َْ‬
‫وت ِم ن النِّس ِاء و ُّ‬
‫الذ ِّريَّ ة‬ ‫ول ‪ ‬مل مينَ ع ه ِم ن تَع ِذيبِ ِهم وح رقِ ِهم بِالنا ا ِر اإال م ا يف ه ذه البي ِ‬
‫ُ‬ ‫َْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫الرس َ‬
‫َّ‬
‫بعض ِروايات ِ‬ ‫ذاب‪ ،‬كما جاء يف ِ‬ ‫ِ‬
‫احلديث‪.‬‬ ‫الع َ‬ ‫الضَرر‪ ،‬وهم ال يَ ْستَح ُّقون َ‬ ‫الذين َسيَ ْل َح ُق ُهم َّ‬
‫جي ع ُش ِ‬
‫ون‬ ‫اض حاً ي ِس ريو َن علي ه يف َِ‬ ‫ض ع لِلمس لِ ِمني مْن هج اً متَك ِامّلً و ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ف َو َ ُ ْ َ َ َ ُ‬ ‫‪ -7‬ه ذا ال ِّدين احلني ُ‬
‫وم ن ه ذا املنه اج‪:‬‬ ‫حي اِتِم‪ ،‬ويف م َق ِّدمتِها‪ ،‬العِب ادات ال يت ي تَ َقَّرب ون هب ا إىل امل وىل ج َّل وع ّل‪ِ ،‬‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬

‫العظْم الذي‬ ‫‪ )33‬صحيح البخاري (‪ ،)125/2‬كتاب األذان‪ ،‬باب‪ :‬وجوب صّلةِ‬


‫الراء‪ ،‬وهو َ‬
‫وسكون ا‬
‫الع ْني ُ‬
‫الع ْرق‪ :‬بفتح َ‬‫اجلماعة‪ ،‬و َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عليه َحلْ ٌم‪ ،‬واملرماتَ ْني‪ :‬تَثْنِيَة ِم ْرماة‪ ،‬بكسر امليم‪ ،‬ويوز فَ ْت ُحها‪ ،‬وهي ما بني ظ ْل َعي ا‬
‫الشاة من اللَّ ْح ِم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫‪21‬‬
‫اعةً يف املس ِجد‪ ،‬ال يَتَ َخلَّف و َن عنه ا‬ ‫صّلِتم يف اليوم واللَّيلة يُ َ ُّدواا يف أَْوقاِتا َج َ‬
‫ِ‬
‫قامتُهم يف َ‬
‫ِ‬
‫است َ‬
‫كاملر ِ‬
‫ض َمثَّلً‪.‬‬ ‫ِ ٍ ِ‬
‫اإال لعُ ْذر َشرعي َ‬
‫األسئلَة‪:‬‬
‫ّلل م ا حت َفظُه ِم ن‬ ‫فات املنافِ ِقني‪ ،‬مث اذ ُكر ما تَي َّسر لك ِمن ِصفاِتِم ِمن ِخ ِ‬ ‫س‪ :1‬ع ِّدد ما تَع ِرفُه ِمن ِص ِ‬
‫َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫آيات‪.‬‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صّلةُ ال َف ْج ِر ثَقيلَةً على املنافق َ‬
‫ني ؟‬ ‫س‪ :2‬ملَ كانَت َ‬
‫اجلماعة ؟‬
‫َ‬ ‫كل ُم ْسلِ ٍم‪ ،‬ما َم ْوقِ ُفك ِمن جا ِرك الذي ال يَ ْش َه ُدها مع‬ ‫ِ‬
‫اجلماعة واجبَةٌ على ا‬ ‫َ‬ ‫صّلةُ‬‫س ‪َ :3‬‬
‫باب ال يت تَ ْذ ُكرها هل م‬‫س‪َ :4‬ش كا إلي ك بع ض ُزمّلئِ ك َع َدم قِي ِام ِهم لِص ّلةِ ال َف ْج ر‪ ،‬فم ا أَ َه م األَس ِ‬
‫ا‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫لِتُعِينَ هم على االستِ ِ‬
‫يقاظ ؟‬ ‫ُ‬
‫ض ح امل ر َاد هب ا‪ ،‬م ع ِذ ْك ِر ِمث ٍال‬ ‫قاع َدةٌ َش ِ‬
‫رعيَّةٌ ُم ِه َّمةٌ‪َ ،‬و ِّ‬ ‫ب املصاحل ) ِ‬ ‫املفاس ِد ُم َق َّدم على َج ْل ِ‬
‫س‪ ( :5‬درء ِ‬
‫َْ ُ‬
‫مل ي ْذ َكر يف ِ‬
‫الكتاب ؟‬ ‫ُ‬
‫نَشاط‪:‬‬
‫املعلِّم ُاّلبَه إىل جمموعتني‪:‬‬‫يُ َق ِّسم َ‬
‫صّلةِ اجلماعة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جموعة األُولى‪ :‬تَ ْكتُب أَدلَّة ُوجوب َ‬
‫الم َ‬ ‫َ‬
‫الصّلة يف ِ‬
‫املسجد‪.‬‬ ‫المجموعة الثانية‪ :‬تكتُب أَ ِدلَّة و ِ‬
‫جوب َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬

‫‪22‬‬
‫س‬
‫يث الخام ُ‬ ‫الحد ُ‬ ‫َ‬
‫الص ّل َة ي وم العِي د‪ ،‬فب دأ‬ ‫ول اهلل ‪َّ ‬‬ ‫دت م ع رس ِ‬ ‫ع ن ج ابر ب ن عب د اهلل رض ي اهلل عنهم ا ق ال‪َ :‬ش ِه ُ‬
‫اعتِ ه‪،‬‬‫ث عل ى َ‬ ‫وح َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إقام ة‪ ،‬مثا ق َام ُمتَ َوِّكئ اً عل ى ب ّلل‪ ،‬ف َأمر بتَ ْق وى اهلل‪َ ،‬‬
‫أذان وال ٍ‬
‫َ‬
‫بالص ّلة قب ل اخلطب ة بغ ِري ٍ‬ ‫َّ‬
‫ب‬‫إن أَ ْكثَ َرُك َّن َحطَ ُ‬ ‫ضى‪ ،‬ح أتى النِّساءَ فَ َو َعظَ ُه ان وذَ َّك َرُه ان‪ ،‬فق ال‪ ((:‬تَ َ‬
‫ص َّدقْن ف َّ‬ ‫اس وذَ َّكَرُهم‪ ،‬مث َم َ‬
‫وو َع َ النا َ‬ ‫َ‬
‫ول اهلل ؟ ق ال‪ ((:‬ألنَ ُك َّن تُ ْكثِ ر َن‬ ‫قام ت ام رأَةٌ ِم ن ِس طَة النِّس ِاء َس ْفعاءُ اخلَ َّديْ ِن‪ ،‬فقالَت‪ِ :‬ملَ ي ا رس َ‬ ‫َج َهنَّم ))‪ ،‬فَ َ‬
‫ّلل ِم ن أَقْ ِر َتِ ِه ان‬ ‫ب بِ ٍ‬ ‫ني يف ثَ و ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش كا َة‪ ،‬وتَ ْك ُف ر َن ِ‬
‫ْ‬ ‫ص َّدقْن م ن ُجلِّ يِّ ِه ان‪ ،‬يُْلق َ‬ ‫العش َري ))‪ ،‬ق ال‪ :‬فَ َج َع ْل ن يَتَ َ‬
‫ْ َ‬ ‫َّ‬
‫فق عليه‪ ،‬واللَّف ملسلِم (‪.)34‬‬ ‫ِ‬
‫وخوات ِه ان ))‪ .‬متَّ ٌ‬ ‫َ‬
‫التعريف بالراوي‪:‬‬
‫الصحايب اجلليل جابِر بن عبد اهلل بن عمرو بن ح رام األنص ا ِري‪ ،‬ل ه وألبي ه ُ‬
‫ص ْحبَة‪َ ،‬ش ِهد م ع أبي ه‬ ‫هو َّ‬
‫ول اهلل ‪ ،‬يق ول ‪:‬‬ ‫اهد كث رية م ع رس ِ‬ ‫األخ رية‪ ،‬وك ان أب وه أح د النُّقب اء يف البيع ة‪ ،‬ش ِهد مش ِ‬
‫ب ي ع ةَ الع َقب ة ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َْ َ َ‬
‫سع عشرة َغ ْزَوة‪ ،‬وهو أَ َحد املكث رين لِروايَ ِة احل ديث ع ن رس ول اهلل ‪ ،‬وكان ت ل ه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫غزْوت مع رسول اهلل ‪ ‬ت َ‬ ‫َ‬
‫حلقة يف املس جد النَّب ِوي يتم ع النااس فيه ا لِيأخ ذوا عن ه العِْل م‪ ،‬وق د ك ان ‪ِ ‬م ن املع ِّم ِرين‪ ،‬فه و ِم ن أَو ِ‬
‫اخ ر‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ا‬
‫ِ ِ‬ ‫باملدينَة‪ ،‬تُويف ‪ ‬سنةَ مثان ِ‬ ‫الصحابة الذين ماتوا ِ‬
‫ني َسنَةً (‪.)35‬‬ ‫وعاش أَْربَعاً وت ْسع َ‬
‫ني‪َ ،‬‬‫وسْبع َ‬
‫َ‬ ‫َّ َ‬
‫ث اللغَوية‪:‬‬
‫المباح ُ‬
‫َ‬
‫معناها‬ ‫الكلمة‬
‫الروايات‪.‬‬‫الفطْر املبارك‪ ،‬كما َوَرد يف بعض ِّ‬ ‫املراد به‪ِ :‬عيد ِ‬ ‫يَ ْوم العِيد‪:‬‬
‫املخ َّف َف ِة‪ ،‬وامل راد‪ :‬أا ا ام رأةٌ جالِ َس ةٌ يف َو َس ط‬ ‫بكس ِر ِّ‬
‫الس ني وفَ ْتح الطا اء َ‬ ‫ِمن ِسطَة النِّساء‪:‬‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫النِّساء‪ ،‬وقيل‪ :‬سطَة النِّساء‪ ،‬أي‪ :‬من خيا ِره َّن‪ ،‬ولكنَّه قَ ْوٌل َم ٌ‬
‫رجوح‪.‬‬
‫وسو ٌاد‪.‬‬
‫السني‪ ،‬أي‪ :‬فيها تَغَيُّ ٌر َ‬ ‫بفتح ِّ‬ ‫َس ْفعاء اخلَ َّدين‪:‬‬
‫الشني‪ ،‬أي‪ :‬تُ ْكثِْرن َّ‬
‫الش ْكوى‪.‬‬ ‫بفتح ِّ‬ ‫تُ ْكثِْرن َّ‬
‫الشكا َة‪:‬‬
‫ور العُلم ِاء عل ى ال َّزْوج‪،‬‬ ‫ِ‬
‫العش ري يف أص ِل اللُّغ ة‪ :‬ه و املخ الط‪ ،‬وةلَ ه جه ُ‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫الع ِش َري‪:‬‬
‫تَ ْك ُف ْر َن َ‬
‫ض ْعف عُقوهلِ ان وقِلَّ ِة َمع ِرفَتِ ِه ان‪.‬‬ ‫ِ‬
‫واملعىن‪ :‬أنَّ ُه َّن ْي َح ْد َن اإلحسا َن؛ ل َ‬
‫يدي ِه ان وغ ِريها‪.‬‬‫ما لَبِسنه ِمن حلِي يف أَ ِ‬ ‫ُحلي ِه َّن‪:‬‬
‫ُ ا‬ ‫َْ‬

‫وعظَة اإلمام لِلنِّس اء‬


‫‪ )34‬أخرجه البخاري يف صحيحه‪ ،‬كتاب العيدين‪ ،‬باب‪ :‬املشي والركوب إىل العيد (‪ ،)451/2‬ويف باب‪ :‬م ِ‬
‫َ‬
‫يدين (‪ ،)603/2‬رقم (‪.)885‬‬ ‫يوم العيد (‪ ،)466/2‬وأخرجه مسلم يف صحيحه‪ ،‬كتاب صّلة العِ َ‬
‫‪ )35‬يُنظر‪ :‬سري أعّلم النبّلء (‪ ،)189/3‬وِتذيب التَّهذيب (‪.)42/2‬‬
‫‪23‬‬
‫كل ما عُلِّ َق بِ َش ْح َمة األُذُن‪ ،‬سواء أك ان ِم ن ال َّذ َهب أم ِم ن‬
‫جع قُ ْرط‪ ،‬وهو ُّ‬ ‫أَقْ ِر َتِ ِه ان‪:‬‬
‫غ ِريه‪.‬‬
‫األحكام والتوجيهات‪:‬‬ ‫ُ‬
‫صّلة العيد‪ ،‬ومنها‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األحكام والتَّوجيهات يف َ‬ ‫يم‪ ،‬فيه بيا ٌن لبَ ْعض ْ‬ ‫‪ -1‬هذا احلديث َعظ ٌ‬
‫وحض ورها واس تِما‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِ‬
‫رض كفايَ ة‪ ،‬فينبغ ي عل ى املس لم أن ي ِرص عل ى أدائه ا ُ‬ ‫أ‪ -‬ص ّلةُ العي دين ف ُ‬
‫اإلمام وتَذكِ ِريهِ‪.‬‬
‫يد ماا يسمع ِمن مو ِعظَِة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َْ‬ ‫األج ِر والثَّواب‪ ،‬ويستَف َ َ ْ َ‬ ‫صل على ْ‬ ‫اخلطبَة؛ ليَ ْح ُ‬
‫ب‪ -‬نَص احل ِديث على أنَّه لي لِ ِ ِ ِ‬
‫صّلة العيد أَذا ٌن وال َ‬
‫إقامةٌ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ا َ‬
‫ث‬‫ث عل ى تَ ْق وى اهللِ تع اىل‪ ،‬فه ي ِج ا ُ ك ِّل َخ ٍْري‪ ،‬واحل ا‬ ‫يد على احل ا‬ ‫ج‪ -‬ينبغي أن تشت ِمل خطْبة العِ ِ‬
‫َ ُ َ‬
‫اع ِة اهلل تعاىل‪ ،‬والتَّذكِري بذلك‪.‬‬ ‫كذلك على َ‬
‫اجلم َع ة قب ل‬ ‫ِ‬ ‫د‪ -‬اخلطبة بعد ِ‬
‫صّلة العيد وليست قَ ْب لَها كاجلمعة‪ ،‬فل ُك ِّل منهم ا ُخطبَت ان‪ ،‬ولك ن يف ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الراشدون‪.‬‬ ‫وخلفاؤه ا‬
‫يب ‪ُ ‬‬ ‫الصّلة‪ ،‬وهذا ما فَ َعلَه النَّ ا‬ ‫الصّلة‪ ،‬ويف العيد بعد َّ‬ ‫َّ‬
‫ومن ِزلَ ةً َرفِ َيع ةً‪ ،‬ويَظْ َه ر يف ه ذا احل ديث‬ ‫ِ‬
‫وجع ل هل ا َمكانَ ةً س اميَةً َ‬
‫ِ‬
‫‪ -2‬اه تَم اإلس ّلم ب املرأة‪َ ،‬‬
‫األحكام واملزايا‪ ،‬فَ ِمن ذلك‪:‬‬‫ِ‬ ‫اختِصاصها ببعض‬
‫الرج َال وذَ َّك َرُهم‪ ،‬وعلي ه‬ ‫ص هل َّن ُخطْبَ ةً ُم ْس تَ ِقلَّةً يف العي د‪ ،‬بع د أن َو َع َ ِّ‬ ‫ص َّ‬ ‫يب ‪َ ‬خ َ‬ ‫َّ‬
‫أ‪ -‬أن النَّ ا‬
‫وان وأح واهلِ ان‪ ،‬وذل ك إذا مل‬ ‫ص هل َّن ُخطْبَ ةً يَتَ َح َّدث فيه ا ع ن ُش َّ‬ ‫َيص َ‬‫إلمام العِيد أن ِّ‬ ‫فينبغي ِ‬
‫َيص أَْمَر النِّساء‪.‬‬ ‫العامة‪ ،‬فإن ُك َّن كذلك فيَ ْج َعل ُجزءاً ِمن اخلطبَة ماا ُّ‬ ‫يَ ُك َّن يَ ْس َمعُ َّن اخلطبةَ َّ‬
‫اجد أم يف غريه ا‪،‬‬ ‫اةتهم‪ ،‬س واء أك ان ذل ك يف املس ِ‬ ‫ب‪َّ -‬‬
‫الرج ال أو ُم ز ََُ‬ ‫أن امل رأ َة ي ُرم عليه ا خمالَطَةُ ِّ‬
‫الفْت نَ ةَ أو يك ون َو ِس يلَةً إىل‬ ‫املخصص ة هل ن‪ ،‬ك ل ذل ك لِلب ع د عم ا يس بِّب ِ‬ ‫ب ل ي ُك َّن يف األم اكن‬
‫َُ‬ ‫ُْ‬ ‫َّ َ ا ا‬
‫يمة يب أن تَ ْف َق َهها‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬
‫احملرمات‪ ،‬وهذه ‪ -‬أعن عدم خمالَطَة املرأة ل ِّلرجال ‪ -‬قاع َدة َعظ َ‬ ‫الوقو يف َّ‬
‫وولِياها؛ لِما يَتَ َرتَّب عليها ِمن ال َفوائِد ال َكثِ َرية‪.‬‬ ‫ِ‬
‫املرأة املسل َمة َ‬
‫ص عل ى العِْل ِم ال ذي تَ ْع ِرف بِه أُم َور‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫لج ِمي ع‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الر ُج ل وامل رأة‪ ،‬فَيَ ْنبَغ ي للم رأَة أن حت ِر َ‬ ‫ج‪ -‬الع ْل ُم َح اق ل َ‬
‫عم ا يُش ِكل عليه ا أو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ ِ‬
‫دينه ا‪ ،‬وم ن َوس ائل ذل ك‪ :‬ح ْرص ها عل ى س ا امل واع ‪ ،‬وك ذا س اهلا ا‬
‫اض ٌح ِمن احلَ ِديث‪.‬‬ ‫ي ْلتَبِ ‪ ،‬كما هو و ِ‬
‫َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫د‪ِ -‬من ِصفات النِّساء يف اجلملَة َكثْ َرة َّ‬
‫يمةٌ‬‫وجحود ن َعم أَزواجه ان عليه ان‪ ،‬وهذه ص َفةٌ َذم َ‬ ‫الش ْكوى‪ُ ،‬‬
‫تقود إىل الناار‪ ،‬وعليه فيلزم املرأة املسلِ َمة أن جتتَنِبَها‪ ،‬وأن حت ِرص على االبتِعاد عنها‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫ض ف امل رأَة املس لِ َمة إىل‬ ‫ه ‪ِ -‬س ة امل رأَةِ املس لِمة أا ا تُس ا ِر إىل اخل ِري‪ ،‬وتَس ت ِجيب لِنِ ِ‬
‫داء اإلمي ان‪ ،‬فَ ْلتُ ِ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫كل ما تستطيع‪.‬‬ ‫نات َّ‬ ‫يدها ِمن احلس ِ‬ ‫ر ِص ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫صرف في ه‪ ،‬ول ذا س َار نس اء‬ ‫ِ‬
‫الرجل واملرأة‪ ،‬فلكل منهما ماله‪ ،‬وله َح اق التَّ ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫و‪ -‬التَّ ُملاك للمال من َح اق َّ‬
‫ص َّرف‪ ،‬وأن تتَص َّدق ِم ن‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص ُّدق م ن أم واهل ان بغ ِري إِ ْذن أَْزواج ِه ان‪ ،‬ف املرأة ي وز هل ا أن تتَ َ‬ ‫الص حابَة إىل التَّ َ‬
‫َّ‬
‫عنهن‪.‬‬ ‫ف نِ ِ‬
‫الصحابة رضي اهلل ا‬ ‫ساء َّ‬ ‫تصر َ‬
‫يب ‪ُّ ‬‬ ‫أقر النَّ ا‬
‫زوجها‪ ،‬وقد َّ‬ ‫ماهلا ولو مل يأ َذن ُ‬
‫ّلل واحل رام‪،‬‬ ‫اع مس وليَّة َع ِظيم ة‪ ،‬حي ث أن ه ي ب لِّ غ ع ن اهللِ تع اىل أُم ور احل ِ‬ ‫‪ -3‬عل ى اخلطي ب وال و ِ‬
‫َ َ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬
‫اس مب ا يَ ْع ِرف ون‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫وم ن هن ا ي ْنبغِ ي لِ ِ‬ ‫ِ‬
‫لخطي ب أن يق وم هب ذه املس وليَّة َخْي َر قي ام‪ ،‬فَيُخا ب النا َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫ويَ ِّذ َرُهم ِم ن َّ‬
‫الش ار‪ ،‬ويُبَ ِّني هل م م ا‬ ‫يهلو َن ِمن أُموِر ِدينِ ِهم‪ ،‬وأن يَُر ِّغبَهم يف اخلري‪ُ ،‬‬ ‫ويُ َعلِّ ُم ُهم ما َ‬
‫وم النا اس وال‬ ‫ِ‬
‫أن علي ه أن يتَن ب م ا ال يَ ُه ام عم َ‬ ‫يُ َق ِّرهبم ِم ن اجلنَّ ِة وم ا يُْن ِج ي ِهم ِم ن النا ار‪ ،‬كم ا َّ‬
‫يَْن َفعُهم يف ِدينِ ِهم‪.‬‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫الوق و يف النا ار‪،‬‬ ‫يم ة‪ ،‬ومث ار َجليل ةَ يف ال ُّدنيا واآلخ رة‪ ،‬ومنه ا‪ :‬أا ا تَق ي م ن ُ‬ ‫للص َدقَة فوائ د عظ َ‬ ‫َّ‬ ‫‪-4‬‬
‫ِِ‬
‫ترة ))(‪.)36‬‬ ‫ويُ َيِّد ذلك قوله ‪ ((:‬اتَّقوا النا َار ولو بش اق َ‬
‫اآلخ ِرين َسلِيماً‪ ،‬ح ولو كان مع أَقْ َرب‬ ‫عامله مع َ‬
‫‪ -5‬اإلسّلم ي ِرص أن يكون مْن هج املسلِم يف تَ ِ‬
‫ُ‬ ‫ََ‬
‫اس ُحق وقَ ُهم‪،‬‬ ‫ضلَ ُهم‪ ،‬وأله ل احل اق َح َّق ُه م‪ ،‬وأن ال يَ ْب َخ َ النا َ‬ ‫ضل فَ ْ‬ ‫األقْ َربِني‪ ،‬فيَ ْع ِرف ِ‬
‫ألهل ال َف ْ‬
‫الفاحش‪ ،‬وجحود النِّ َعم‪.‬‬ ‫وأن ي بتَعِ َد عن كل ما ي ِسيء إليهم‪ ،‬وأن يتَنِب ال َكّلم ِ‬
‫َ‬ ‫ا ُ‬ ‫َْ‬
‫أد ٍ‬ ‫ِِ ِِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ب‬ ‫كل علي ه‪ ،‬ول ي ُكن س الُه ب َ‬ ‫ِّ‬
‫يص على تَ ْنميَ ة ع ْلم ه‪ ،‬فيس أل ُم َعل َم ه َع ام ا أش َ‬ ‫‪ -6‬الب الع ْلم َح ِر ٌ‬
‫نال بُ ْغيَتَه ِمن ُم َعلِّ ِمه‪.‬‬
‫احّت ٍام ح يَ َ‬ ‫و ِ‬
‫األسئلَة‪:‬‬
‫الع ِش َري )‪.‬‬ ‫وضح املراد بال َكلِمات اآلتية‪ِ (:‬من ِسطَة النِّساء )‪ ( ،‬تُكثِْرن َّ‬
‫الشكا َة )‪ ( ،‬تَ ْك ُفرن َ‬ ‫س‪ِّ :1‬‬
‫اهتم اإلسّلم باملرأةِ وأعلى مكانَتها‪ ،‬اذ ُكر شيئاً ِم ن تَ ْك ِرمي اإلس ّلم للم رأة ِم ن ِخ ّلل م ا َد َر ْس تَه‬
‫س‪َّ :2‬‬
‫يف احلديث‪.‬‬
‫س‪ :3‬ما رأيُك فيما يلي‪:‬‬
‫اظب على صّلةِ العِيد ؟‬ ‫أ‪ -‬رجل ال يو ِ‬
‫ٌ‬
‫يب عنها ؟‬ ‫ِ‬ ‫ب‪ -‬امرأة حتضر لِصّلةِ العِيد مع ِ‬
‫السائق األجنَ ا‬
‫ا‬ ‫ُ َ‬

‫‪ )36‬أخرجه البخاري يف صحيحه‪ ،‬كتاب الزكاة‪ ،‬باب‪ :‬اتَّقوا النا َار ولو بِ ِش ِّق ترة (‪ ،)283/3‬برقم (‪ ،)1417‬وأخرجه مس لم يف‬
‫الصدقة (‪ ،)704/2‬برقم (‪.)1016‬‬ ‫احلث على َّ‬
‫صحيحه‪ ،‬كتاب الزكاة‪ ،‬باب‪ :‬ا‬
‫‪25‬‬
‫ص َّدق ؟‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ج‪ -‬شاب ال ميلك إال قَليّلً من املال فكيف يتَ َ‬
‫س‪ :4‬قا ِرن بني ما يلي‪:‬‬
‫اجلم َعة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وصّلة ُ‬ ‫صّلةُ العيد َ‬
‫َ‬ ‫أ‪-‬‬
‫اجلمعة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ضور ُخطبَة ُ‬ ‫وح ُ‬‫ب‪ُ -‬حضور خطْبَة العيد ُ‬
‫طو ‪.‬‬ ‫وص َدقَة التَّ ا‬ ‫وضة َ‬ ‫املفر َ‬
‫ج‪ -‬الزكاة ُ‬
‫ّلج ذلك ؟‬ ‫ِ‬
‫الشكوى‪ ،‬ما ع ُ‬ ‫فات املرأةِ َج ْح ُد النِّ ْع َم ِة وَكثْ َرة َّ‬
‫س‪ِ :5‬من ِص ِ‬

‫‪26‬‬
‫يث السادس‬
‫الحد ُ‬
‫َ‬
‫ول اهلل ‪ ‬زك ا َة ِ‬
‫الفطْ ِر ص اعاً ِم ن ت ٍر‪ ،‬أو ص اعاً ِم ن‬ ‫ض رس ُ‬ ‫ع ن اب ن عم ر رض ي اهلل عنهم ا ق ال‪ ((:‬فَ َر َ‬
‫الصغِري والكبِ ِري ِمن املسلِ ِ‬ ‫العْب ِد واحلر‪ ،‬و َّ‬ ‫ِ‬
‫روج النا ِ‬
‫اس‬ ‫قبل ُخ ِ‬
‫َ‬ ‫ى‬ ‫د‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ت‬
‫ُ‬ ‫أن‬ ‫هبا‬ ‫ر‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫أ‬‫و‬ ‫ني‪،‬‬ ‫م‬ ‫َّ‬ ‫و‬ ‫ثى‪،‬‬ ‫ْ‬‫ن‬‫ُ‬‫أل‬‫ا‬‫و‬ ‫ر‬‫ك‬‫َ‬ ‫الذ‬ ‫ا‬ ‫َشع ٍري‪ ،‬على َ‬
‫فق عليه‪ ،‬واللَّف لِلبُخاري (‪.)37‬‬ ‫الصّلة ))‪ُ .‬متَّ ٌ‬
‫إىل َّ‬
‫التعريف بالراوي‪:‬‬
‫الع َد ِوي‪ِّ ،‬‬
‫املك ي‪ ،‬مث امل َدِن‪ ،‬أب و‬ ‫الصحايب اجلليل عبد اهلل بن عمر بن اخلطاب ب ن نُ َفي ل‪ِ ،‬‬
‫القرش اي‪َ ،‬‬
‫َ‬ ‫هو َّ‬
‫وم أُ ُح ٍد‪ ،‬و َّأول‬ ‫عب د ال َّرةن‪ ،‬اإلم ام ال ُق ْدوة‪ ،‬أَس لَم وه و ص غِري‪ ،‬وه اجر م ع أبي ه ومل ي ب لُ غ احلل م‪ ،‬واستُ ِ‬
‫ص غَر ي َ‬
‫ْ ْ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬
‫الر ِاش ِدين‪ ،‬ت ويف ‪‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫يب ‪ ‬وعن اخللَفاء ا‬ ‫الش َجَرة‪ ،‬وروى ع ْلماً كثرياً عن النَّ ِّ‬
‫حتت َّ‬
‫َغزواته اخلْن َدق‪ ،‬وهو من بايَ َع َ‬
‫ني (‪.)38‬‬ ‫سنَةَ ثَّلث ِ‬
‫وسْبع َ‬
‫َ‬
‫المباحث اللغَوية‪:‬‬
‫َ‬
‫َمعناها‬ ‫ال َكل َمة‬
‫فاعلُه امتِثاالً وعُوقِب تاركه‪.‬‬‫االصطّلح‪ :‬ما أُثِيب ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ألزم‪ ،‬وأَْو َجب‪ ،‬وهو يف‬ ‫أي‪َ :‬‬ ‫فَ َرض‪:‬‬
‫الص ا يُس ا ِوي أَْربَ َع ة أَْم داد‪ ،‬وال ُم اد‪ِ :‬م ْلء اليَ َديْن‬
‫ص اعاً‪ ،‬منص وبَة عل ى التَّميي ز‪ ،‬و ا‬ ‫صاعاً ِمن تر‪:‬‬
‫املعتَ ِدلَتَ ْني‪ ،‬وها جمتَ ِم َعتان (‪.)39‬‬
‫َ‬
‫املبارك‪.‬‬ ‫ِ ِ‬
‫صّلة عيد الفطْر َ‬ ‫روج النا اس أي‪َ :‬‬ ‫قب ل ُخ ِ‬
‫الصّلة‪:‬‬‫إىل َّ‬
‫األحكام والتوجيهات‪:‬‬
‫الص غِري والكب ري‪ ،‬وال َّذ َكر واألُنث ى‪ ،‬واحل ار والعب د‬‫الفطْ ر عل ى َّ‬ ‫‪ -1‬ي ُد ال احل ديث عل ى وج وب ص َدقَة ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫خرجه ا ال َول ع ن‬ ‫احلديث‪ ،‬ح الذين ال ِيب عل يهم ِّ‬ ‫ِمن املسلِمني‪ ،‬كما هو نَص ِ‬
‫الص يام‪ ،‬فَيُ َ‬ ‫ا‬
‫وعمن حتت ي ِده ِمن النِّ ِ‬
‫ساء و ُّ‬
‫الذ ِّريَّة‪.‬‬ ‫نَ ْف ِسه َّ‬
‫َ َ‬

‫الفطْر‪ ،‬ب رقم (‪ ،1503‬و‪ ،)1504‬ومس لم يف‬ ‫‪ )37‬أخرجه البخاري يف صحيحه (‪ ،)367/3‬كتاب الزكاة‪ ،‬باب‪ :‬فَرض صدقَة ِ‬
‫ْ ََ‬
‫الفطْر على املسلمني‪ ،‬رقم (‪.)984‬‬ ‫صحيحه (‪ ،)677/2‬كتاب الزكاة‪ ،‬باب‪ :‬زكاة ِ‬
‫هذيب (‪.)328/5‬‬ ‫‪ )38‬ينظر‪ :‬سري أعّلم النُّبّلء (‪ِ ،)203/3‬تذيب التَّ ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كيلويْن‬
‫العلَماء بالنِّ ْسبَة للبُ ِّر اجليِّد ب َ‬ ‫املخَرج‪ ،‬وقد قَ َّد َره ُ‬
‫بعض ُ‬ ‫الصا ‪ ،‬وَيتَلف ما يُعادلُه بالكيلو َح َسب النَّو ْ‬
‫الشرعي ب ا‬
‫‪ )39‬التَّقدير َّ‬
‫وأَربَعِني جراماً‪.‬‬
‫‪27‬‬
‫اجه ا عن ه‪ ،‬لِِف ْع ل‬
‫ب إخر َ‬
‫ِ‬
‫احلديث ُوجوهب ا عل ى اجلن ني ال ذي يف بَطْ ِن أُِّم ه‪ ،‬لك ن يُ ْس تَ َح ا‬
‫ُ‬ ‫مل يَ ْذ ُكر‬ ‫‪-2‬‬
‫عثما َن ‪.‬‬
‫ف ِم ن األص ناف‬ ‫اح د ص ا ٌ‪ ،‬س واء أك ان ِم ن ت ٍر أو ِم ن أي ِص ْن ٍ‬ ‫‪ -3‬الو ِاج ب فيه ا عل ى ال َف رد الو ِ‬
‫ا‬ ‫ْ‬
‫ض لُها م ا ك ان أَنْ َف ع لِل َف ِق ري‪ ،‬وعلي ه ف ّل‬ ‫ِ‬
‫ودة يف البَ لَ د‪ ،‬ك األرز والبُ ار وحن ِوه ا‪ ،‬وأَفْ َ‬ ‫ومة املوج َ‬ ‫ال َمطْعُ َ‬
‫أي نَ ْوٍ ِم ن األَث اث‪،‬‬ ‫اجه ا م ن الثِّي اب أو ال ُف ْرش أو ا‬
‫ُي ِزئ َع ام البه ائِم‪ ،‬وك ذا ال ي ِزئ إخر ِ‬
‫ْ ُ‬ ‫ُ َ‬
‫ضها عن الطَّعام‪.‬‬ ‫ِ‬
‫سول ‪ ‬فَ َر َ‬
‫الر َ‬ ‫يمةُ؛ َّ‬
‫ألن َّ‬ ‫وكذا ال جت ِزئ الق َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وجوب زكاةِ ِ‬ ‫ِ‬
‫الوج وب‬ ‫الش ْم لَْي لَةَ العيد‪ ،‬فَ َمن ك ان م ن أَ ْه ِل ُ‬ ‫الفطْر‪ :‬غُروب َّ‬ ‫‪ -4‬اأما وقتُها‪ :‬فَ َوقْت‬
‫الش ْم ول و بِ َدقائِق مل ِجت ب علي ه‪ ،‬وإن‬ ‫روب َّ‬ ‫خص قب ل غ ِ‬ ‫حينَ ذاك َو َج ب علي ه‪ ،‬فل و م ات ش ٌ‬
‫ِ‬
‫ود قب ل غُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫مات بعد الغُ ِ‬
‫الش م ِ َو َج ب إخر ُ‬
‫اجه ا‬ ‫روب َّ‬ ‫اجه ا عن ه‪ ،‬وإن ُول َد َمول ٌ َ‬ ‫إخر ُ‬ ‫روب َو َج ب ْ‬
‫اجها عنه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عنه‪ ،‬وإن ُول َد بعد الغُروب مل يب إخر ُ‬
‫ووقْت َجواز‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اأما َوقْت إخراجها فَلَها َوقْتان‪َ :‬وقْت فَضيلَة‪َ ،‬‬
‫أخري ص ّلةُ ِعي ِد ِ‬
‫الفطْ ر املب ارك‬ ‫َ‬
‫ب تَ ِ‬ ‫الص ّلةِ‪ ،‬ول ذلك اُس تُ ِح َّ‬ ‫باح يَ ْوِم العِي ِد قب َل َّ‬
‫ص ُ‬
‫ِ‬
‫فَ َوقْ ت ال َفض يلَة‪ :‬ه و َ‬
‫الوقْت إلخر ِاجها‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ليَتَّسع َ‬
‫الص حيح ع ن اب ن عم ر رض ي اهلل‬ ‫ص ّلةِ العِي ِد بِيَ ٍوم أو يَ ْوَم ْني؛ لِم ا َوَرد يف َّ‬ ‫اأم ا َوقْ ت اجل وا ِز‪ :‬فه و قب ل َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫وم ْني )) (‪.)40‬‬ ‫عنهما أنَّه قال‪ ((:‬وكانوا يعطُون قبل الفطْر بيوم أو يَ َ‬
‫ص َدقَةً م ن‬
‫اجه ا‪ ،‬وتك ون َ‬ ‫أخَره ا َو َج ب علي ه إخر ُ‬ ‫تأخريه ا بع د العِي د ف ّل ي وز ِم ن غ ِري عُ ْذ ٍر‪ ،‬ف إن َّ‬ ‫أم ا ِ‬
‫ا‬
‫الص َدقات‪.‬‬
‫َّ‬
‫وم ن َعلَ ْي ِهم ُدي و ٌن ال يس تطيعون َوفاءَه ا‪ ،‬فَيُ ْعطَ ْون منه ا‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫‪ -5‬تُعطَ ى زك اةُ الفطْ ر لل ُفق راء واملس اكني َ‬
‫اح ٍد‪ ،‬وي وز تَوِزيعُه ا عل ى‬ ‫اح د م ثّلً إىل فَِق ٍري و ِ‬ ‫بَِق ْدر حاجتِ ِهم‪ ،‬ويوز أن تُعطى زك اة الب ي ت الو ِ‬
‫َْ‬ ‫َ‬
‫نفسه أو عن أح ٍد‬ ‫ع َد ٍد من ال ُف َقراء‪ ،‬وإذا ملَ َكها الفقري وصارت يف حوزتِه جاز أن َي ِرجها عن ِ‬
‫َ‬ ‫َ َْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫عائِلَتِه‪.‬‬
‫يمة وأسرار َجلِيلَة‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ص َدقَة الفطْر ح َكم َعظ َ‬ ‫‪ -6‬يف َ‬
‫أ‪ -‬اإلحس ا ُن إىل ال ُفق راء واملس اكِني‪ ،‬وارتِف اعُهم ع ن ذُ ال املس أَلَِة يف أَياام العِي د؛ لِيُش ا ِركوا إخ وااُم‬
‫رورُهم بِالعِيد‪.‬‬ ‫ِِ‬
‫وس َ‬‫ني فَ ْر َحتَ ُهم ُ‬
‫املسلم َ‬

‫احلر واململوك‪.‬‬ ‫ِ‬


‫ص َدقَة الفطْر على ا‬
‫‪ )40‬أخرجه البخاري يف صحيحه (‪ ،)357/3‬كتاب الزكاة‪ ،‬باب‪َ :‬‬
‫‪28‬‬
‫يام َش ْهر َرَمض ان وقِيام ه‪ ،‬وعل ى م ا يَ َّس ر ِم ن األَ ْعم ِال‬
‫ب‪ -‬إظْه ار ُش ْكر نِ ْعم ِة اهللِ تع اىل بإت ام ِص ِ‬
‫َ‬
‫الصاحلة فيه‪ ،‬امل َقِّربَة إليه‪.‬‬
‫ا‬
‫يامه ِمن َشوائِب ونَ ْق ٍ‬
‫ص ولَ ْغ ٍو ٍْ‬
‫وإمث‪.‬‬ ‫الفطْر ُهرة لِلصائِم عما وقَع يف ِص ِ‬ ‫صدقَة ِ‬
‫َ‬ ‫ج‪-‬‬
‫ا َ‬ ‫َْ ا‬
‫ب املواساة‪ ،‬وقَ ْهر لِ َش َهوات النَّ ْف وأَنانِيَّتِها‪.‬‬ ‫د‪ -‬فيها تَع ِوي ٌد على ال َكرِم والب ْذ ِل و ِ‬
‫وح ا‬
‫العطاء ُ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬
‫األسئلَة‪:‬‬
‫فصيل ؟‬‫ضح ذلك بالتَّ ِ‬ ‫س‪ :1‬م تُ َّدى زكاةُ ِ‬
‫الفطْر ؟ َو ِّ‬ ‫َ‬
‫ضح ذلك ؟‬ ‫لصائِم‪َ ،‬و ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫س‪ :2‬زكاة الفطْر ُ ْهَرة ل ا‬
‫الصورة املثالِيَّة لِعِباداتِه‪ ،‬كيف يطَبَّق ذلك يف زكاةِ ِ‬
‫الفطْر ؟‬ ‫س‪ :3‬ي بح ُ ِ‬
‫ُ‬ ‫ث امل من عن ُّ َ‬ ‫َْ َ‬
‫الفطْر ماا يَلِي‪ ،‬مع التَّعلِيل‪:‬‬
‫س‪ِّ :4‬بني ما ي ِزئ وما ال ي ِزئ يف زكاة ِ‬
‫أ‪ -‬العِنَب‪ .‬ب‪ -‬البَطِّيخ‪ .‬ج‪ -‬الثِّياب‪.‬‬
‫الرياالت‪ .‬ه ‪ -‬ال ُكتُب‪ .‬و‪ -‬األرز‪.‬‬ ‫د‪ِّ -‬‬

‫‪29‬‬
‫يث السابع‬
‫الحد ُ‬ ‫َ‬
‫ض ب ))‪ ،‬فَ َرَّدد ِم راراً ق ال‪ ((:‬ال‬ ‫ِ‬
‫يب ‪ :‬أَْو ِص ن‪ ،‬ق ال‪ ((:‬ال تَ ْغ َ‬ ‫ع ن أيب هري رة ‪َّ ‬‬
‫أن َر ُج ّلً ق ال للنَّ ِّ‬
‫ضب ؟))‪ .‬رواه البُخا ِري (‪.)41‬‬ ‫تَ ْغ َ‬
‫التعريف بالراوي‪:‬‬
‫سبق التَّع ِريف بِه يف احلديث الثاالِث‪.‬‬
‫ث اللغَوية‪:‬‬
‫المباح ُ‬
‫معناها‬ ‫الكلمة‬
‫دامة )) ‪.‬‬‫قال ابن حجر رةه اهلل‪ ((:‬هو جا ِرية بن قُ َ‬ ‫رجّلً‪:‬‬‫أن ُ‬ ‫َّ‬
‫قال اخلطاايب‪ :‬أي‪ِ :‬‬
‫ضب‪.‬‬ ‫اجتَنب أَ َ‬
‫سباب الغَ َ‬ ‫ْ‬ ‫ضب‪:‬‬ ‫ال تَ ْغ َ‬
‫الس َال يَ ْلتَ ِم أَنْ َفع ِمن ذلك أو أَبْلَغ أو أَ َع ام‪ ،‬فلم يَِزْده على ذلك‪.‬‬ ‫أي‪َ :‬رَّدد ُّ‬ ‫َفرَّدد ِمراراً‪:‬‬
‫األحكام والتوجيهات‪:‬‬
‫ان كث رية‪ ،‬وق د أ نَ ب‬ ‫اظ قليل ة‪ ،‬ومع ٍ‬ ‫‪ -1‬ه ذا احل ِديث ِم ن جو ِام ع كلم ه ‪ ‬ال ذي يت وي عل ى ألف ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ُش اراح احل ديث يف التَّعلِي ق علي ه؛ لِم ا ي ِوي ه ِم ن ال َفوائِ د واحلِ َك م واألس رار‪ ،‬واملس لِم يتَأََّم ل‬
‫عندها لِيُطَبِّق ما يتوي عليه‪.‬‬ ‫ووصاياه‪ ،‬فيَ ِقف َ‬ ‫يب ‪َ ‬‬
‫ِ‬
‫توجيهات النَّ ِّ‬
‫اجلس ِد وبا ِ نَ ه يف حالَ ٍة غ ِري َبِيعِيَّ ة تَ ْن َش أ ع ن‬ ‫ِ‬
‫جتع ُل ظ اهَر َ‬
‫ِ‬
‫ض ب تل ك احلالَ ة النَّ ْفس يَّة ال يت َ‬
‫ِ‬
‫‪ -2‬الغَ َ‬
‫أسباب معيَّنة‪ ،‬وهلا نتائِج خ ِطرية‪ ،‬ي ِقف منها النااس مواقِف ش َّ ‪ ،‬ولإلسّلم تَ ِ‬
‫وج ُيه ه وإرش اداته‬ ‫َُ َ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ٍ َُ َ‬
‫قوف ِع َ‬ ‫حنوها‪ ،‬ينبَغِي لِ ُ ِ َّ‬
‫ندها‪.‬‬ ‫الو َ‬‫لمسلم تَأَاملها و ُ‬
‫ضب أَنوا ‪:‬‬ ‫‪ -3‬الغَ َ‬
‫ةيَّةً لِ ِدي ِن‬
‫ضب َِ‬ ‫ضب الذي يكون هللِ عَّز وجل‪ ،‬فإذا ما رأى حمظوراً ي رتَ َكب َغ ِ‬
‫ُْ‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫أ‪ -‬حممود‪ ،‬وهو الغَ َ‬
‫اب؛ َّ‬
‫ألن اهللَ تع اىل يق ول‪:‬ﭐﱡﭐ ﭐ ﭐ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ﲥﲧﲨ‬ ‫ﲦ‬ ‫أجور ُمث ٌ‬‫اهلل ع َّز وج ال‪ ،‬فه ذا ص احبُه َم ٌ‬
‫[احلج‪.]30 :‬‬
‫ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﭐ ﭐﱠ ا‬
‫صاحبه َمأْزور‪.‬‬ ‫صر لِنَ ْف ِسه بِالبا ِ ل‪ ،‬وهذا ِ‬ ‫سول ‪ ،‬كمن ي ْنتَ ِ‬ ‫الر ُ‬
‫ب‪َ -‬مذموم؛ وهو الذي اَى عنه َّ‬
‫َ َ‬
‫ض ب ألج ِل َع َدِم تَ ْلبِيَ ِة أَْم ِره‪ ،‬وحن و ذل ك‪ ،‬فه ذا يف‬ ‫ضب ِجبِلِّي؛ ِمن َب ِع اإلنس ِ‬
‫ان‪َ ،‬ك َم ن يَ ْغ َ‬ ‫ْ‬ ‫ج‪َ -‬غ َ ٌ ٌ‬
‫ضِ‬
‫ب‪.‬‬ ‫الر ِ‬ ‫أَصلِه مباح‪ ،‬ولكن لِنَتائِ ِجه ي ْن هى عنه‪ ،‬وهو ِ‬
‫سول ‪ ‬عن الغَ َ‬ ‫داخ ٌل يف اي َّ‬ ‫َُ‬ ‫ْ ُ ٌ‬

‫ضب‪.‬‬ ‫ِ‬
‫‪ )41‬أخرجه البخاري يف صحيحه (‪ ،)518/10‬كتاب األدب‪ ،‬باب‪ :‬احلَ َذر من الغَ َ‬
‫‪30‬‬
‫ِ‬
‫باب‪ ،‬منها‪:‬‬‫ضب أَ ْس ٌ‬ ‫‪ -4‬للغَ َ‬
‫أ‪ -‬الطَّْبع واجلِبلَّة‪.‬‬
‫الك ْب على النا ِ‬
‫اس‪.‬‬ ‫ب‪ -‬التَّعال و ِ‬
‫ب ال اذات‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وح ا‬‫ج‪ -‬األنانيَّة ُ‬
‫الع ِقيم الذي ال ائِل حتتَه وال َمْن َف َعةَ ِمن ورائِه‪.‬‬ ‫اجلدال َ‬
‫ُ‬ ‫د‪-‬‬
‫بادل التُّ َهم على َسبِيل املزاح‪.‬‬ ‫ه ‪ -‬تَ ُ‬
‫ِ‬
‫السخ ِرية واالستهزاء بِ َ‬
‫اآلخ ِرين‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫و‪-‬‬
‫ض ِ‬
‫بان‪.‬‬ ‫ب بِ َع ْق ِل الغَ ْ‬
‫ّلع ُ‬
‫الشيطا ُن فَيَتَ َ‬ ‫ب لِيَلِ َج َّ‬‫ضِ‬ ‫كل هذه أسباب تفتَح أَبو َ‬
‫اب الغَ َ‬ ‫ا‬
‫ذمومة‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫وآثار َم َ‬
‫ضب نَتائج َخط َرية‪ٌ ،‬‬ ‫‪ -5‬للغَ َ‬
‫فات َس يِّئَ ٍة يَْن َدم‬‫الس لِيمة‪ ،‬فتَ تَح َّكم ب ه عوا ِ ف ه اهلائِج ة‪ ،‬فَيتَص َّرف تَص ر ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ا‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أ‪ -‬يَ ْفق د العاق ل تَص ارفاته َّ َ‬
‫ض َّر بَِزِميلِ ه‬‫ض ْرباً ُم َثِّراً‪ ،‬أو يَ ُ‬
‫ب ابنَ ه َ‬ ‫ض ِر َ‬ ‫ض بُه‪ ،‬مث ل أن يُطَلِّ ق َزْو َجتَ ه‪ ،‬أو أن يَ ْ‬ ‫عليها إذا َس َكن َغ َ‬
‫وحنو ذلك‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ضرراً بالغاً َ‬ ‫َ‬
‫ضوب‪ ،‬فَيتحاشاه النا ِ ِ‬ ‫خص الغَ ِ‬ ‫اس ِمن َّ‬
‫عندهم َغ ْري‬ ‫ضبِه‪ ،‬فيكون َمكروهاً َ‬ ‫اس تَقيَّةً لغَ َ‬‫ُ‬ ‫َ‬ ‫الش ِ‬ ‫ب‪ -‬يُنَ ِّفر النا َ‬
‫حمتَ رٍم وال ٍ‬
‫حمبوب‪.‬‬ ‫َ‬
‫ّلعب به‪.‬‬ ‫لشيطان فيدخل منه لعقل هذا الغضبان فيتَ َ‬ ‫ج‪ -‬يَ ْفتَح باباً لِ َّ‬
‫يمةً وأَوزاراً كبِرية‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ضب باب لِ ِ‬
‫لمعصيَة اليت ُجتُار آثاماً َعظ َ‬ ‫ٌ َ‬ ‫د‪ -‬الغَ َ‬
‫ماس ِكه‪.‬‬ ‫ضب ي َف ِّكك اجملتَمع‪ ،‬وَيَْل ِخل َعّلقاتِه األُ َخ ِويَّة‪ ،‬وي ُ ِ‬
‫ضار بتَ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ه ‪ -‬الغَ َ ُ‬
‫الوظ ائِف عل ى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫ص َدر تَوزي ع َ‬ ‫املخ‪ ،‬الذي هو َم ْ‬ ‫ضراراً ِصحيَّةً وبَ َدنيَّة تُ َثِّر على أَ ْعصاب ا‬ ‫ضب أَ ْ‬ ‫و‪ -‬للغَ َ‬
‫الش رايني‬ ‫ب و َّ‬ ‫ض ْغ ِط ال َّدم واإلثْق ال عل ى ال َق ْل ِ‬ ‫الس َّكر وِزي َادة َ‬ ‫اجلس د كلِّ ه‪ ،‬ومنه ا ارتِف ا نِ ْس بَة ُّ‬ ‫َ‬
‫امل ِر َ‬
‫يضة‪.‬‬
‫ِ‬ ‫تلكات أو تأث ٍري على‬ ‫إتّلف ُم ٍ‬ ‫ب ِمن ِ‬ ‫ضِ‬
‫ضبان‪.‬‬ ‫ض َمنه الغَ ْ‬ ‫األشخاص‪ ،‬فَيَ ْ‬ ‫ز‪ -‬ما يّتتَّب على الغَ َ‬
‫ان‪،‬‬‫ألسباب خا ِرج ٍة ع ن إرادةِ اإلنس ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ٍ‬ ‫ضب ‪ -‬كما سبق ‪ -‬قد يكون َْبعاً ِجبِلِّياً‪ ،‬وقد يَْنشأ‬ ‫‪ -6‬الغَ َ‬
‫رع اي‪ ،‬ومنه‪:‬‬ ‫الش ِ‬
‫ّلج َّ‬ ‫فمن َوقَع يف ذلك فَ ْليَ ْح ِرص على العِ ِ‬ ‫َ‬
‫ضب‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أ‪ -‬تَفادي األَسباب املوق َعة يف الغَ َ‬
‫الش يطان‪ ،‬ف إذا ذُكِ َر اهللُ ْانَ نَ ‪ ،‬يق ول‬ ‫ب ِم ن َّ‬ ‫ض َ‬ ‫ألن الغَ َ‬ ‫ب‪ِ -‬ذ ْك ر اهللِ تع اىل باللِّس ان وال َق ْل ب؛ َّ‬
‫[الرعد‪.]28 :‬‬
‫ﳛ ﳝ ﳞ ﳟ ﳠ ﳡ ﱠ َّ‬
‫ﳙﳚ ﳜ‬ ‫تعاىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﳖ ﳗ ﳘ‬

‫‪31‬‬
‫قول اهلل تعاىل‪ :‬ﭐﱡﭐ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ‬ ‫وعفا عن النااس‪ ،‬ويف‬
‫ج‪ -‬تَ َذ اكر ثَواب َمن َكظَ َم َغْيظَه‪َ ،‬‬
‫ﱆﱇﱈﱉﱊﱋﱌﱍﱎﱏﱐﱑ‬

‫ﱗ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱠ [آل عمران‪:‬‬ ‫ﱘ‬ ‫ﱒﱓﱔﱕﱖ‬


‫ضب ولك اجلنَّة ))(‪.)42‬‬ ‫‪ ،]134 - 133‬وقال ‪ ((:‬ال تَ ْغ َ‬
‫ض بِه لَ َس َكن‬ ‫ض با َن َرأى نَ ْف َس ه يف ح ِال َغ َ‬ ‫أن الغَ ْ‬‫ض ب‪ ،‬فل و َّ‬ ‫املّتتِّبَ ة عل ى الغَ َ‬
‫الس يِّئَة َ‬
‫د‪ -‬تَ َذ اكر اآلث ار َّ‬
‫ص َورتِه واستِحالَة ِخ ْل َقتِه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ضبُه َحياءً من قُْب ِح ُ‬ ‫َغ َ‬
‫زول بِتَ غُ ِّري األَح و ِال والتَّنَ ُّق ل ِم ن‬
‫ب يَ ُ‬ ‫ض َ‬ ‫إن الغَ َ‬‫ه ‪ -‬أن يَْنتَ ِقل ِمن احلالَة ال يت ه و فيه ا إىل حالَ ٍة غريه ا‪ ،‬ف َّ‬
‫ض بُه‬ ‫حال‪ ،‬فإن كان قائِماً فَ ْليجلِ ‪ ،‬فإن مل ي ْذهب َغضبه فَ ْلي ْ ِ‬ ‫حال إىل ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ضطَجع‪ ،‬وكذا إن مل يَ ْذ َهب َغ َ‬ ‫َُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َْ‬
‫ضأ أو لِيَ ْغتَ ِسل (‪.)43‬‬ ‫فَ ْليَتَ َو َّ‬
‫الشيطا ُن ُخلِ َق ِمن نا ٍر‪ ،‬واملاءُ يُطْ ِفئ النا َار‪،‬‬ ‫يطان‪ ،‬و َّ‬ ‫الش ِ‬ ‫ب ِمن َّ‬ ‫ضَ‬ ‫ضب؛ َّ‬
‫ألن الغَ َ‬ ‫ضأ إذا َغ ِ‬ ‫و‪ -‬أن يتَ َو َّ‬
‫يب ‪.)44( ‬‬ ‫كما َورد ذلك عن النَّ ِّ‬
‫الش يطان‪ ،‬ف إذا تع َّوذ من ه املس لِم انَنَ ‪،‬‬ ‫الغضب ِم ن َّ‬ ‫َ‬ ‫الرجيم؛ َّ‬
‫ألن‬ ‫الشيطان َّ‬ ‫يتعوذ باهللِ ِمن َّ‬ ‫ز‪ -‬أن َّ‬
‫أن رج ّلن اس تَبا عن د النَّيب ‪ ‬وأح ُدها يس ب ص ِ‬
‫احبَه‪ ،‬ق د اةَ ار َو ْج ُه ه‪،‬‬ ‫َُ ا‬ ‫ِّ‬ ‫ا‬ ‫روى البخاري وغريه َّ َ ُ‬
‫ألعلَ م َكلِ َم ةً ل و قاهل ا لَ َذ َهب عن ه م ا ِي د‪ ،‬ل و ق ال‪ :‬أع وذُ ب اهللِ ِم ن‬ ‫إِن ْ‬ ‫يب ‪ِّ ((:‬‬ ‫فق ال النَّ ُّ‬
‫الرِجيم )) (‪.)45‬‬ ‫الشيطان َّ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫يحةً‬
‫يب ‪ ‬ليُ ْس دي ل ه نَص َ‬ ‫وده عن د النَّ ِّ‬ ‫غل ُوج َ‬ ‫الرج ل اس تَ َّ‬ ‫يص عل ى م ا يَْن َفع ه‪ ،‬فه ذا َّ‬ ‫‪ -7‬امل من َح ِر ٌ‬
‫وم َو ِّج ِهني‪ ،‬فَيَ ْنبَغِ ي لِلطاالِب‬ ‫ني ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تكون ن ْباساً حلياته كلاه ا‪ ،‬وحن ن يف ه ذا ال َّزَمن َهيَّأ اهللُ لن ا ُم َعلِّم َ‬
‫ِ‬
‫يم ِهم ونَصائِ ِح ِهم وتَ ْوِجيهاِتم‪.‬‬ ‫يد ِمن تَعلِ ِ‬
‫ص على أن يَ ْستَ ِف َ‬ ‫أن ي ِر َ‬
‫األسئلَة‪:‬‬
‫ِ‬
‫ضب ؟ مع التَّمثِيل ل ِّ‬
‫كل نَ ْوٍ ؟‬ ‫س‪ :1‬ما أنْوا الغَ َ‬

‫ِ‬
‫الزوائ د‬ ‫‪ )42‬رواه الطَّ باِن يف الكب ري‪ ،‬واألوس ط‪ .‬انظ ر‪ :‬جمم ع البَح رين يف زوائ د املعجم ني (‪ ،)293/5‬وق ال اهليثم ي يف َ‬
‫جمم ع َّ‬
‫الّتهي ب (‪ ":)446/3‬رواه الط باِن بإس نادين أح ُدها‬ ‫الّتغي ب و َّ‬
‫نادي الكب ري رجالُ ه ثق ات "‪ .‬وق ال املن ذري يف َّ‬
‫أح د إس َ‬ ‫(‪َ ":)70/8‬‬
‫صحيح"‪.‬‬
‫‪ )43‬انظر األحاديث يف ذلك‪ :‬يف جامع العلوم واحلكم شرح احلديث (‪.)16‬‬
‫السنَّة للبغوي رقم (‪ ،)3583‬ولّلستِز َادة انظر‪ :‬جامع‬
‫‪ )44‬انظر‪ :‬مسند أةد (‪ ،)226/4‬وسنن أيب داود رقم (‪ )4784‬وشرح ُّ‬
‫العلوم واحلكم شرح احلديث رقم (‪.)16‬‬
‫‪ )45‬رواه البخاري يف صحيحه (‪ ،)377/6‬كتاب بدء اخللق‪ ،‬باب‪ِ :‬ص َفة إبلي وج ِ‬
‫نوده‪ ،‬برقم (‪.)3282‬‬ ‫ُ‬
‫‪32‬‬
‫العاديَّ ة‪ ،‬فَم ا ُ ُرق‬ ‫َ‬ ‫الش يطان لِيُ ْخ ِر َج الغَ ْ‬
‫ض با َن ع ن تَص ُّرفاته ِ‬ ‫ض َخ ِط ريٌ‪ ،‬يَتَ َس لَّل من ه َّ‬‫ض ب َم َر ٌ‬
‫س‪ :2‬الغَ َ‬
‫ال ِوقايَة منه ؟‬
‫ضب ؟ اذ ُكر ثَّلثَةَ أمثِلَة ِمن إنشائِك‪.‬‬ ‫يمد الغَ َ‬
‫س ‪ :3‬م َ‬
‫ب هللِ‪.‬‬
‫ضِ‬ ‫س‪ :4‬قا ِرن بني الغَض ِ ِ‬
‫ب للنَّ ْف والغَ َ‬ ‫َ‬

‫‪33‬‬
‫الحديث الثامن‪:‬‬ ‫َ‬
‫ول اهللِ ‪ ‬ق ال‪ ((:‬م ا ح ُّق ام ِر ٍئ مس لِ ٍم ل ه َش يء ي ِ‬
‫وص ي‬ ‫أن رس َ‬‫عن عبد اهلل بن عمر رضي اهلل عنهم ا َّ‬
‫ٌُْ‬ ‫ُْ‬ ‫َ‬
‫فق عليه (‪.)46‬‬ ‫فيه‪ ،‬يبِيت لَي لَتَ ني اإال ِ‬
‫ووصيَّتُه َم ْكتُوبَةٌ عن َده ))‪ .‬متَّ ٌ‬
‫َ‬ ‫َ ُ ْ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ول اهلل ‪ ‬ق ال‬
‫ت رس َ‬ ‫زاد مسلم يف ِروايته‪ :‬قال ابن عمر رضي اهلل عنهما‪ :‬ما َمَّرت َعلَ َّي لَْي لَة منذ َس ْع ُ‬
‫صيَِّيت‪.‬‬ ‫ذلك اإال ِ‬
‫وعْندي َو ِّ‬
‫التعريف بالراوي‪:‬‬
‫سبق التَّع ِريف به يف احلديث الثاالث‪.‬‬
‫المباحث اللغوية‪:‬‬
‫َ‬
‫َمعناها‬ ‫ال َكل َمة‬
‫لم ْسلِم أن تَكو َن َو ِّ‬
‫صيَّتُه َمكتوبَة ِعْن َده‪.‬‬ ‫ِ ِ‬
‫احلزم واالحتياط ل ُ‬ ‫ما ْ‬ ‫ما َح اق امر ٍئ ُم ْسلِم‪:‬‬
‫الو ِصيَّة يف اللُّغة‪ :‬األَ ْمر‪.‬‬
‫َ‬ ‫وصي‪:‬‬ ‫ي ِ‬
‫ُ‬
‫ان بِ ِرعايَ ِة‬
‫وص ي إىل إنس ٍ‬ ‫الش ر ‪ :‬األم ر بِالتَّص رف بع د امل وت‪ ،‬ك أن ي ِ‬
‫ُ‬ ‫َا‬ ‫ويف َّ‬
‫القي ام عل ى ِص غا ِره‪ ،‬أو تَ ْزِويج بَناتِ ه‪ ،‬وقَض ِاء َديْنِ ه‪ ،‬وحن و‬ ‫ثُلُ ث مالِ ه‪ ،‬أو ِ‬
‫صل ما كان له يف َحياتِه مبا بعد َم ْوتِه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ذلك‪ ،‬فاملوصي َو َ‬
‫ت‬ ‫حديد‪ ،‬ف املراد‪ :‬ال ِ‬ ‫ِذ ْكر اللَّيلَة أو اللَّيلَت ني لِلتَّق ِريب ال لِلتَّ ِ‬
‫ميض ي علي ه َوقْ ٌ‬ ‫َْ‬ ‫لَيلَةً أو ليلَتَ ْني‪:‬‬
‫وو ِصيَّتُه َمكتُوبَة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ولو كان قَصرياً اإال َ‬
‫األحكام والتوجيهات‪:‬‬
‫ث عليه ا‪،‬‬ ‫السابق ‪ -‬أَْمٌر ُم ْستَ َحب لِ ِّلرج ِال والنِّس اء‪ ،‬نَ َدب إليه ا َّ‬
‫الش ر ‪ ،‬وح َّ‬ ‫ِ‬
‫الوصيَّة ‪ -‬مبعناها ا‬ ‫‪َ -1‬‬
‫صيَّة بِبَيااا كما قال سبحانَه وتع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ‬ ‫وإن كان له أو عليه حقوق وأَمانات وحنوها وجبت الو ِ‬
‫ََ َ‬ ‫ُ‬
‫ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ ﱠ(‪[ )47‬البق رة‪ ،]180 :‬وذل ك‬
‫املتو َّّف أو غريه ُحقوقَه‪.‬‬ ‫إيصال ِّ ِ‬
‫ملا يِتَ رتَّب عليها ِمن ِ‬
‫َ‬ ‫كل ذي َحق َح َّقه‪َ ،‬‬
‫وع َدم َبْ‬ ‫َ‬
‫ألن اإلنسا َن ال يد ِري م‬
‫أسر َوقْت؛ َّ‬ ‫ِ‬ ‫دل ِ‬ ‫‪َّ -2‬‬
‫الشريف على املبادرة إىل كتابة الوصيَّة يف ْ‬ ‫احلديث َّ‬
‫ي ِ‬
‫فاجئَه األَ َجل‪.‬‬ ‫ُ‬

‫‪ )46‬أخرجه البخاري يف صحيحه‪ ،‬كتاب الوصايا‪ ،‬وقول النيب ‪ ‬وصية الرجل مكتوبة عنده رقم (‪ ،)2738‬وأخرجه مسلم يف‬
‫صحيحه‪ ،‬كتاب الوصية‪ ،1249/3 ،‬برقم (‪.)1227‬‬
‫‪ )47‬واملراد باخلري هنا‪ :‬املال‪ ،‬كما يف قوله تعاىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱠ أي‪ :‬املال‪.‬‬
‫‪34‬‬
‫ب اإلش هاد‬ ‫ط غ ِريه‪ ،‬ويس تَ َح ُّ‬ ‫صاحبِها‪ ،‬فإن مل ِ‬
‫ميكن فَبِ َخ ا‬ ‫بط ِ‬ ‫الو ِصيَّة َمكتوبَة ِّ‬ ‫األوىل أن تكون َ‬ ‫‪-3‬‬
‫الو ِص يَّة ولكنَّه تَلَ َّف هب ا وأش َهد‬ ‫ِ‬
‫عليها قَطْعاً للنِّزا ِ ؛ وألنَّه أَ ْح َوط وأَ ْح َف علي ه‪ ،‬فل و مل يَ ْكتُب َ‬
‫جلاز‪.‬‬
‫عليها َ‬
‫وص ي مب ا ال ي ِزي د ع ن الثُّل ث‬ ‫مال كثري عرفاً ال يتاج إليه الورثة (‪ )48‬أن ي ِ‬
‫ُ‬ ‫ََ‬ ‫ُ‬ ‫حب لِ َمن كان له ٌ‬ ‫‪ -4‬يُستَ ا‬
‫ودور العِْل م وغريه ا؛‬ ‫ِ‬ ‫(‪ )49‬يف أعم ِال اخل ِري املتَ َع ِّددة ِم ن َّ‬
‫الص دقات اجلاري ة‪ ،‬وبن اء املس اجد ُ‬
‫ات اب ُن آدم ان َقطَع َع َملُ ه‬ ‫الص احل بع د َم ْوتِه‪ ،‬ج اء يف َّ‬ ‫ِ ِ‬
‫الص حيح مرفوع اً‪ ((:‬إذا م َ‬ ‫ليَ ْس تَمار َع َملُه ا‬
‫صدقَة جا ِرية‪ ،‬أو ِع ْلم يُْنتَ َفع به‪ ،‬أو َولَ ٌد صاحل يَ ْدعُو له )) (‪.)50‬‬ ‫اإال ِمن ثَّلث‪َ :‬‬
‫وص ي مب ال كلِّ ه ؟ ق ال‪:‬‬ ‫أن النَّ يب ‪ ‬ق ال لس عد ب ن أيب وق اص ‪ ‬ح ني ق ال‪ :‬أُ ِ‬
‫الش يخان َّ َّ‬ ‫ومل ا روى َّ‬
‫فالشطْر؟ قال‪(( :‬ال))‪ ،‬قال الثُّلُث ؟ قال‪ ((:‬فَالثُّلُث والثُّلُث كثَِري )) (‪ ،)51‬لك ن بِ َش ْرط‬ ‫((ال))‪ ،‬قال‪َّ :‬‬
‫يب ‪ ‬قال‪ ((:‬ال َو ِصيَّةَ لِوا ِرث ))(‪.)52‬‬ ‫ا‬ ‫الن‬
‫ا‬ ‫ن‬
‫ا‬ ‫أ‬ ‫وغريه‬ ‫أةد‬ ‫روى‬ ‫ما‬ ‫اأال تكون هذه الو ِصيَّة ألح ِد الورثَِة‪ :‬لِ‬
‫َ ََ‬ ‫َ‬
‫وت‪ ،‬وك ل م ن عليه ا ف ان‪ ،‬وي ب َق ى وج ه ربِّ ك ذو اجل ِ‬ ‫ِ‬
‫ّلل‬ ‫َْ َ ْ َ‬ ‫اَ‬ ‫وت َح ق‪ ،‬وك ال نَ ْف ٍ ذائ َق ة امل ُ‬ ‫‪ -5‬امل ُ‬
‫واإلك رام‪ ،‬ول ذا يُش َر للم ِمن أن يَستَ ْحض ر ذل ك الي وم‪ ،‬وأن يس تَعِ اد ل ه ولِم ا بع َده م ا دام يف‬
‫الوقْت ُم ْهلَة‪ ،‬ويف العُ ُمر فُ ْس َحة‪ ،‬قبل أن يَْن َدم حني ال يَْن َف َعه النَّ َدم‪.‬‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫الرس ول ‪ ،‬وأكث رهم اقت داء ب ه وس رياً‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اس اس تجابَةً ألَوام ر َّ‬ ‫الص حابة رض ي اهلل ع نهم أَ ْس َر النا ِ‬ ‫َّ‬ ‫‪-6‬‬
‫رعة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عل ى منهاج ه‪ ،‬ف امل من يَ راهم ويقتَ دي هب م يف ُس رعة االس تجابة واالمتث ال‪ ،‬ول ذا نَ رى س َ‬
‫صيَّة‪.‬‬ ‫الو ِّ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬
‫استجابة عبد اهلل بن عمر رضي اهلل عنهما لتَطبيق هذه َ‬
‫الوقْ ف )‪ ،‬وه و م ا يُوقِ ُف ه املس لِم يف َحياتِه عل ى أعم ِال ال ِ اب املتَ َع ِّد َدة‪،‬‬ ‫مال ِ ِّ ِ‬
‫الب اخلرييَّة‪َ (:‬‬
‫‪ِ -7‬من أَ ْع ِ‬
‫الو ِصيَّة مبا يلي‪:‬‬ ‫ِ‬
‫الوقْف عن َ‬ ‫وَيتَلف َ‬
‫تنفيذ اإال بعد املمات‪.‬‬ ‫أ‪ -‬الوقْف ي ِري يف احلياة‪ ،‬أما الوصيَّة فّل ِ‬
‫ا َ‬ ‫َ‬

‫الروض البن قاسم ‪ ،)42/6‬املغن (‪.)392/8‬‬ ‫الوَرثَة فَ ُهم أَ َح اق بِه ِمن غ ِريِهم‪( ،‬انظر‪ :‬حاشية َّ‬
‫املال قليّلً يتاجه َ‬
‫‪ )48‬إن كان ُ‬
‫الربُ ِع؛ َّ‬
‫ألن‬ ‫اس إىل ُّ‬
‫ض النا ُ‬
‫اخلم م ثّلً‪ :‬ق ال اب ن عبااس رض ي اهلل عنهم ا‪ :‬ل و َغ َّ‬
‫الربع أو ُ‬ ‫أقل ِمن الثُّل ث فه و أوىل‪ ،‬ك ُّ‬
‫‪ )49‬إن كان ا‬
‫النَّيب ‪ ‬قال‪ ((:‬الثُّلث‪ ،‬والثُّلث كثِري ))‪ .‬رواه البخاري‪ ،‬كتاب الوصايا‪ ،‬رقم (‪ ،)2743‬وانظر‪ :‬املغن (‪.)393/8‬‬
‫يلحق اإلنسا َن ِمن الثَّواب بعد َوفاتِه (‪ ،)1255/3‬برقم (‪.)1631‬‬ ‫‪ )50‬رواه مسلم يف صحيحه‪ ،‬كتاب الوصية‪ ،‬باب‪ :‬ما َ‬
‫الو ِص يَّة بِالثُّل ث (‪ ،)369/5‬ب رقم (‪ ،)2744‬ومس لم يف ص حيحه‪،‬‬ ‫‪ )51‬أخرج ه البخ اري يف ص حيحه‪ ،‬كت اب الوص ايا‪ ،‬ب اب‪َ :‬‬
‫الوصيَّة بِالثلث (‪ ،)1250/3‬برقم (‪.)1628‬‬ ‫كتاب ِ‬
‫الو ِص يَّة لِل وا ِرث (‪ ،)127/2‬ب رقم (‪ ،)2870‬ورواه أة د يف مس نده‬ ‫‪ )52‬أخرج ه البخ اري كت اب الوص ايا‪ ،‬ب اب‪ :‬م ا ج اء يف َ‬
‫(‪.)267/5‬‬
‫‪35‬‬
‫أقل وأكثر‪ ،‬والوصيَّة ال جتوز بأكثَر ِمن الثُّلث‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الوقْف يوز بالثُّلُث و ا‬ ‫ب‪َ -‬‬
‫الو ِصيَّة فَيجوز تغيِريها وِزيادِتا ونَ ْقصها ِمن حني‬
‫وهب وال يُبا وال يوز تَغيريه‪ ،‬اأما َ‬ ‫الوقْف ال يُ َ‬
‫ج‪َ -‬‬
‫ت ِ‬
‫املوصي‪.‬‬ ‫كِتابتِها إىل مو ِ‬
‫َْ‬ ‫َ‬
‫األسئلَة‪:‬‬
‫س‪ :1‬ماذا تع ِرف عن ابن عمر رضي اهلل عنهما ؟‬
‫شروعيَّتِها ؟‬
‫س‪ :2‬ما املراد بالوصيَّة ؟ واذ ُكر بعض ِح َكم م ِ‬
‫َ‬
‫الو ِصيَّة لوا ِرث ؟‬
‫س‪ :3‬مل ال تُ ْشَر َ‬
‫الوقْف ؟‬ ‫س‪ :4‬ما الفرق بني ِ ِ‬
‫الوصيَّة و َ‬‫َ‬
‫ِ‬
‫لم ْوت ؟‬ ‫س‪ :5‬ﱡﭐ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﱠ ما أثَر تَ َذ ُّكرك ل َ‬
‫صر ؟‬ ‫ميكن تَوثِيق ِ‬
‫س‪ :6‬اذ ُكر الطُّرق اليت ِ‬
‫الع ْ‬
‫الوصيَّة هبا يف هذا َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬

‫‪36‬‬
‫الحديث التاسع‪:‬‬
‫َ‬
‫رسول اهلل ‪ ‬يقول‪ ((:‬انطَلَق ثَّلثَةُ َرْه ٍط مَّن ك ان‬ ‫سعت َ‬ ‫عن عبد اهلل بن عمر رضي اهلل عنهما قال‪ُ :‬‬
‫ص ْخَرةٌ ِم ن اجلب ل‪ ،‬فَ َس َّدت عل يهم الغ َار‪ ،‬فق الوا‪ :‬إنَّه ال‬ ‫ت إىل غ ا ٍر فَ َدخلوه‪ ،‬فاحن َد َرت َ‬ ‫ق بلكم ح أَووا املبِي َ‬
‫الصخرة اإال أن تدعوا اهلل بِصاحل أعمالِكم‪ ،‬فقال رجل منهم‪ :‬اللَّه م ك ان ل أب وان َش ي ِ‬
‫خان‬ ‫نجيكم من هذه َّ‬ ‫يِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫ٌ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ‬
‫يء يوم اً فَلَ م أُ ِرح َعلَْي ِهم ا ح َّ نام ا‪،‬‬ ‫كبِ ريان وكن ت ال أَ ْغبِ ق قَب لَهم ا أَه ّلً وال م االً‪ ،‬فن أى يب يف لَ ب ش ٍ‬
‫َ‬ ‫ُْ ْ‬
‫فَ َحلَْب ت هلم ا َغبوقَ ُهم ا‪ ،‬فَ َو َج ْدِتما ن ائِ َم ْني وَك ِرْه ت أن أَ ْغبَ ق قَ ْب لَ ُهم ا أَ ْه ّلً أو م االً‪ ،‬فلَبِثْ ت ‪ -‬وال َق َد ُح عل ى‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ت ذل ك ابتغ اءَ‬ ‫فاس تَ ْي َقظا فَ َش ِربا َغبوقَ ُهم ا‪ ،‬اللَّه ام إن كن ت فَ َع ْل ُ‬
‫ي ‪ -‬أنتَظر استيقاظَ ُهما ح َّ بَرق ال َف ْج ر‪ْ ،‬‬ ‫يَ َد َّ‬
‫اخلروج‪.‬‬
‫َ‬ ‫خرةِ‪ ،‬فانْ َفَر َجت َشيئاً ال يَ ْستَ ِطيعو َن‬
‫الص َ‬‫َو ْج ِهك فَ َفِّرج عناا ما حنن فيه ِمن هذه َّ‬
‫إل فَأَردِت ا ع ن نَ ْف ِس ها‪،‬‬ ‫اس ا‬ ‫ب النا ِ‬ ‫أح ا‬
‫ِ‬
‫اآلخ ر‪ :‬اللَّه ام كان ت ل بْن ت َع ام‪،‬كان ت َ‬ ‫يب ‪ :‬وق ال َ‬ ‫ق ال النَّ ا‬
‫أعطَْيتُه ا ِعش ِرين ومائ ة ِدين ا ٍر عل ى أن ُتَلِّ ي بي ِن‬ ‫الس نِني‪ ،‬فَج اءَتن فَ ْ‬‫فامتَ نَ َع ت م ِّن ح َّ أَلَ َّم ت هب ا َس نَة ِم ن ِّ‬
‫حبق ه‪ ،‬فَتَ َحَّر ْج ت ِم ن‬ ‫ض اخل َات اإال ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وب ني نَ ْفس ها‪ ،‬فَ َف َعلَ ت ح إذا قَ د ْرت عليه ا‪ ،‬قال ت‪:‬ال أُح ال ل ك أن تَ ُف ا‬
‫َّ‬ ‫ِ‬
‫ت‬ ‫ب ال ذي أَ ْعطَْيتُه ا‪ ،‬اللَّه ام إن كن ُ‬
‫ت فَ َع ْل ُ‬ ‫إل‪ ،‬وتَ َرْكت الذ ْه َ‬
‫اس ا‬ ‫ب النا ِ‬ ‫فانصَرفْت عنها وهي أَ َح ا‬‫الوقو عليها‪َ ،‬‬ ‫ُ‬
‫اخلروج منها‪.‬‬‫َ‬ ‫خرة غري َّأام ال يَستَ ِطيعو َن‬ ‫الص َ‬‫حنن فيه‪ ،‬فان َفَر َجت َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ذلك ابتغاءَ َو ْجهك فافْ ُرج عناا ما ُ‬
‫إِن استَأْجرت أُجراء‪ ،‬فأعطَيتُهم أَجرهم غري رج ٍل و ِ‬
‫اح د تَ َرك ال ذي‬ ‫ْ َُ َ َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫هم ِّ‬‫قال النَّيب ‪ :‬وقال الثاالث‪ :‬اللَّ ا‬
‫إل أَ ْج ِري‪،‬‬‫ل ه و َذ َه ب‪ ،‬فَثَ َّم رت أَ ْج َره ح َّ َكث رت من ه األَم وال‪ ،‬فج اءَِن بع د ح ني‪ ،‬فق ال‪ :‬ي ا عب َد اهللِ‪ ،‬أَِّد َّ‬
‫الرقِي ق‪ ،‬فق ال‪ :‬ي ا عب د اهلل‪ ،‬ال تَ ْس تَ ْه ِزئ يب‬ ‫فقل ت ل ه‪ :‬ك ال م ا تَ رى ِم ن أَ ْج ِرك‪ِ ،‬م ن اإلب ل‪ ،‬والبق ر‪ ،‬والغَ نَم‪ ،‬و َّ‬
‫ِ‬
‫ت ذل ك ابتغ اءَ‬ ‫فع ْل ُ‬
‫ت َ‬ ‫فاس تاقَه فل م يَْت ُرك من ه َش يئاً‪ ،‬اللَّه َّم ف إن كن ُ‬ ‫فأخ َذه كلَّ ه ْ‬ ‫فقل ت‪ :‬إِن ال أس تَ ْه ِزئ بِك‪َ ،‬‬
‫خرة‪ ،‬فَخرجوا ميشون ))(‪.)53‬‬ ‫الص َ‬‫َو ْج ِهك فافْ ُرج عناا ما حنن فيه‪ ،‬فانْ َفَر َجت َّ‬
‫التعريف بالراوي‪:‬‬
‫السادس‪.‬‬
‫سبق التَّعريف به يف احلديث ا‬
‫المباحث اللغوية‪:‬‬
‫َ‬
‫معناها‬ ‫الكلمة‬
‫الع َشرة‪.‬‬
‫ما دون َ‬ ‫َرْهط‪:‬‬
‫الدعاء‪ ((:‬ثَّلثَة نَ َفر ِمن بن إسرائِيل ))‪.‬‬
‫يف ِرواية عند الطَّباِن يف كتاب ُّ‬ ‫مَّن كان قبلَكم‪:‬‬

‫‪ )53‬رواه البخاري يف صحيحه كتاب اإلجارة‪ ،‬باب‪َ :‬من استَأْ َجر أَ ِجرياً فتَ َرك أَ ْجَره (‪ ،)449/4‬ورواه مسلم يف صحيحه‪ ،‬كت اب‬
‫صحاب الغا ِر الثَّّلثَة (‪ ،)2099/4‬برقم (‪.)2743‬‬ ‫الذ ْكر‪ ،‬باب‪ :‬قِ َّ‬
‫صة أَ ْ‬ ‫ِّ‬
‫‪37‬‬
‫أي‪ :‬استَ َقَّر هبِم األَ ْمر إىل غا ٍر لِيَبِيتُوا فيه‪.‬‬ ‫أووا املبِيت إىل غا ٍر‪:‬‬
‫أي‪َ :‬هبَطَ ت ونََزلَ ت‪ ،‬ويف ِروايَ ة عن د البخ اري‪ (:‬فَ أََووا إىل غ ا ٍر ف انْطَبَ َق‬ ‫فاحند َرت‪:‬‬
‫َ‬
‫علي ِهم )(‪.)54‬‬
‫ال َيَلِّ ُ‬
‫ص ُكم ماا َوقَع عليكم‪.‬‬ ‫ال يُنَ ِّجي ُكم‪:‬‬
‫الصاحلة اليت َع ِملتُ ُموها‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫أن تَ ْدعو اهللَ بِصاحل أعمالكم‪:‬‬
‫أي‪ :‬تَ َو َّسلوا إىل اهلل تعاىل وادعُوه بأعمالكم ا‬
‫امل راد‪ :‬األب واألم‪ ،‬وه و ِم ن ب اب التَّغلِي ب‪ ،‬كم ا يُق ال‪ (:‬ال َق َم ران )‬ ‫أَبَوان‪:‬‬
‫لشم والقمر‪.‬‬ ‫لِ َّ‬
‫الش رب ِ‬
‫آخ ر النَّه ا ِر‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫وكنت ال أَ ْغبِق قَ ْب لَهما‪:‬‬
‫وكنت ال أغبق قَ ْب لَهما أَ ْه ّلً وال م االً‪ :‬الغَبُوق‪ :‬ه و ُّ ْ‬
‫وج ة‬
‫الز َ‬
‫الش راب َّأول النَّه ار‪ ،‬واملقص ود باأله ل‪َّ :‬‬ ‫الص بوح‪ ،‬وه و َّ‬ ‫يُقابِ ل َّ‬
‫الرقِيق واخلَ َدم‪ ،‬واملعىن‪ :‬ال أُقَ ِّدم علي ِهما أَ َحداً يف‬ ‫الولَد‪ ،‬واملقصود باملال‪َّ :‬‬ ‫وَ‬
‫صيبِ ِهما ِمن اللَّ َب الذي يَ ْشَربانه‪.‬‬ ‫ُشرب نَ ِ‬
‫ْ‬
‫نأى‪ :‬بَعُد‪ ،‬واملراد‪َ :‬ذ َهْبت أَ ْلُب أَْمراً بَعِيداً‪.‬‬ ‫فنأى يب‪:‬‬
‫آخر النَّه ار‪،‬‬ ‫الرجو ِ‬ ‫الرواح‪ُّ :‬‬ ‫أي‪ :‬مل أَْر ْجع إىل أَبَوي ح َّ أخ َذها النَّوم‪ ،‬و َّ‬ ‫فلم أُ ِرح علي ِهما ح َّ ناما‪:‬‬
‫والغُ ُد او‪ :‬ال َّذهاب اأول النَّه ار‪ ،‬ويف رواي ة لِلبُخ اري‪ ((:‬فَأَبْطَ أْت عنهم ا‬
‫ليلَةً‪ ،‬فَ ِجْئت َوقَد َرقَدا ))(‪.)55‬‬
‫أي‪ِ :‬م ْقدار ما يَ ْشربانه ِمن اللَّ َب‪.‬‬ ‫فحلَْبت هلما َغبوقَ ُهما‪:‬‬
‫َ‬
‫هو الذي يُ ْشَرب منه أو يُ ْ َكل فيه‪.‬‬ ‫ال َق َدح‪:‬‬
‫أَضاءَ وأَ ْس َفر‪.‬‬ ‫بَرق‪:‬‬
‫أي‪َ :‬لَ ب َم ْرض اتِك‪ ،‬ويف رواي ة لِلبخ اري‪ِّ ((:‬‬
‫أِن فَ َع ْل ت ذل ك ِم ن‬ ‫ابتِغاءَ َو ْج ِهك‪:‬‬
‫َخ ْشيَتِك ))(‪.)56‬‬
‫يعن ر َاوَدِتا لِ ِّلزىن هبا‪.‬‬ ‫فأرْدِتا عن نَ ْف ِسها‪:‬‬
‫َ‬
‫إل‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ألَ َّمت هبا سنَة ِمن ِّ ِ‬
‫أح َو َجْتها ا‬
‫أي‪ :‬نََزلَت هبا َسنَة قَ ْحط َو َج ْدب فَ َ‬ ‫ني‪:‬‬
‫السن َ‬ ‫َ‬
‫الش ِ‬
‫رع اي‪.‬‬ ‫الو ْج ِه َّ‬ ‫ِ‬ ‫ال أُ ِح ال ل ك أن تَ ُف َّ‬
‫ض اخل َات اإال املراد بذلك أاا لَبَت منه اأال يام َعها اإال على َ‬

‫‪ )54‬رواه البخاري يف صحيحه (‪ ،)505/6‬كتاب األنبياء‪ ،‬باب‪ِ :‬‬


‫حديث الغار‪ ،‬برقم (‪.)3465‬‬
‫‪ )55‬رواه البخاري يف صحيحه (‪ ،)505/6‬كتاب األنبياء‪ ،‬باب‪ِ :‬‬
‫حديث الغار‪ ،‬برقم (‪.)3465‬‬
‫‪ )56‬رواه البخاري يف صحيحه (‪ ،)505/6‬كتاب األنبياء‪ ،‬باب‪ِ :‬‬
‫حديث الغار‪ ،‬برقم (‪.)3465‬‬
‫‪38‬‬
‫حبَ ِّقه‪:‬‬
‫جَْع‪ :‬أَ ِجري‪.‬‬ ‫أُ َجراء‪:‬‬
‫صار كثرياً‪.‬‬
‫َ‬ ‫ََنَّْيت أَ ْجَره ح‬ ‫فثَ َّمرت أَ ْجَره‪:‬‬
‫ب بِه‪.‬‬
‫أي‪ :‬ذَ َه َ‬ ‫فاستاقَه‪:‬‬
‫األحكام والتوجيهات‪:‬‬
‫هذا احلديث ِملِيء بالتَّوجيهات واألسرار‪ ،‬نَع ِرض منها ما يلي‪:‬‬
‫فادة منه ا يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وف عن دها وتَ َدبارها واالس ت َ‬ ‫الوق َ‬
‫للمس لم ُ‬ ‫الس ابقني عظ ات وع ب‪ ،‬يُش ر ُ‬ ‫‪ -1‬يف أخب ار ا‬
‫املرس لِني وغ ِريِهم‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ص علين ا م ن أخب ار املاض ني م ن َ‬ ‫حياتِ ه‪ ،‬أال ت رى َّ‬
‫أن اهللَ س بحانه وتع اىل قَ ا‬
‫السابِق فَيَتَّعِ ويَ ْعتَِب‪ ،‬وقد قال تع اىل‪:‬ﭐ‬ ‫الّل ِحق ِ‬ ‫ألجل أن يست ِ‬
‫ا‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ا‬ ‫يد‬
‫َ‬ ‫ف‬ ‫كل ذلك ِ َ َ‬ ‫الشيءَ الكثري‪ ،‬ا‬ ‫َّ‬
‫ﳀﳂﳃﳄﳅﳆﳇﳈﳉ‬
‫ﳁ‬ ‫ﱡﭐ ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ‬

‫ﳊ ﱠ [يوسف‪.]111 :‬‬
‫الس ِامع والق ا ِرئ يَ ْه ُف و لِ َس ما ِ املطل وب‪ ،‬ويَتَ َقبَّل ه ويَ ْع َم ل ب ه‪ ،‬وهل ذا‬ ‫يع ل ا‬ ‫صص اي َ‬
‫األُس لوب ال َق ِ‬
‫ُ َ‬ ‫‪-2‬‬
‫املعلِّ م ‪ -‬وه و‬ ‫كان النَّيب ‪ ‬يوِرد مثل هذا بني احلني واآلخر لِ ِ ِ ِ ِ‬
‫صحابَته‪ ،‬وم ن َمثَّ لألَُّم ة بَ ْع َده‪ ،‬و َ‬ ‫َ َ‬ ‫ا ُ‬
‫ص ةً ل ذلك‪ ،‬فَلَ ه آث ار‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يُْلقي َد ْر َسه على ُاّلبه ‪ -‬يَْنبَغ ي أن يَ ْس لُك ه ذا املس لَك إذا م ا َو َج د فُ ْر َ‬
‫وسلوكِ ِهم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫َيِّبَة على عُقوهلم ُ‬
‫وع ِ‬ ‫احبَه ِم ن َمص ائِ ِ‬ ‫وحي د أَ ْعظَ م عم ٍل ي ْن ِج ي ص ِ‬ ‫س ّلمة الع ِقي َدة‪ ،‬وص فاء التَّ ِ‬
‫ذاب‬ ‫ب ال ُّدنْيا َ‬ ‫ََ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫‪-3‬‬
‫ض ل م ا يَ َرْون أَ َّا م قَ َّدموه هللِ تع اىل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اآلخَرة‪ ،‬فه الء الثَّّلثَة اتَّ َفقوا على التَّ َو ُّسل إىل اهلل تع اىل بِأَفْ َ‬
‫بإخّلص‪ ،‬فكان أَثَر ذلك َس ِريعاً يف ُّ‬
‫الدنيا‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫وس ل بغ ري‬‫الص احلة ابتِغ اءَ َم ْرض اةِ اهللِ تع اىل‪ ،‬و اأم ا التَّ ُّ‬
‫َمش روعيَّة التَّ َو اس ل إىل اهلل تع اىل باألعم ال ا‬
‫ِ‬ ‫‪-4‬‬
‫أكب خم ِرج ِمن‬ ‫ِ‬
‫عاؤُهم من دون اهلل فهو ش ْرٌك َ‬
‫األض ِرحة واألولياء ود ُ ِ‬
‫ُ‬ ‫ذلك من األَ ْشجا ِر وال ُقبور و ْ َ‬
‫ِ‬
‫ﲴﲶﲷ‬ ‫ﲵ‬ ‫ال ِملَّة‪ ،‬ق ال تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﲲ ﲳ‬

‫ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ ﱠ [األعراف‪.]194 :‬‬
‫وقال سبحانَه‪:‬ﭐﱡﭐ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅ ﳆ ﳇ ﳈ ﳉ ﳊ ﳋ ﳌ ﳍ‬

‫ﳎ ﳏ ﳐ ﳑ ﳒ ﳓ ﳔ ﳕ ﳖ ﳗ ﳘ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈﭐ ﭐﱠ [سبأ‪22 :‬‬
‫‪.]23-‬‬

‫‪39‬‬
‫ِ‬
‫ض ل م ا يُتَ َق َّرب ب ه امل ِمن إىل َربِّه‪ ،‬وفي ه جل وءُ العب د إىل َربِّه‪ُ ،‬‬
‫وش عوره‬ ‫ِ‬
‫بادة‪ ،‬وهو من أَفْ َ‬
‫ُّ ِ‬
‫الدعاء ع َ‬ ‫‪-5‬‬
‫وذلَّتِ ه وس كونِه‪ ،‬وض عف قُ َّوتِه وحولِه‪ ،‬وه ِ‬
‫الء الثَّّلث ة جل وا إىل اهلل تع اىل؛ لِيُ ْن ِق َذ ُهم ماا‬ ‫بَِف ْق ِره ِ‬
‫َْ َ‬ ‫َْ‬ ‫ُ‬
‫ﱑﱓ‬ ‫ﱒ‬ ‫وس ل إلي ه‪ ،‬يق ول س بحانَه‪:‬ﭐﱡﭐ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ‬ ‫ه م في ه بِ ُدعائ ه والتَّ ُّ‬
‫ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱠ [غ افر‪ ، ]60 :‬وق ال ج َّل‬
‫ﳂ ﳄ‬
‫ﳃ‬ ‫ﲼﲾﲿﳀﳁ‬
‫ﲽ‬ ‫ّل‪:‬ﭐﱡﭐ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ‬ ‫وع‬
‫ﳅ ﳆ ﳇ ﳈ ﳉﱠ [البقرة‪. ]186 :‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اق‬
‫وحتم ل املش ا‬
‫اعتهم ا والقي ام حبقوقهم ا وخ ْد َمتهما ا‬ ‫ض ل بِ ار الوال دين و َ‬‫دل احل ديث عل ى فَ ْ‬ ‫‪َّ -6‬‬
‫الصعاب ِمن أَ ْجلِ ِهما‪.‬‬ ‫و ِّ‬
‫اع َدِتما باجلُه د‬ ‫القيام بِ‬ ‫الب‪ :‬تَ ْن ِفيذ أَو ِام ِرِها ما مل تَ ُكن يف مع ِ‬
‫صي ِة اهللِ تعاىل‪ ،‬و ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ومس َ‬
‫ُ‬ ‫واما‪،‬‬ ‫ش‬
‫ُ‬ ‫َْ َ‬ ‫ومن أنوا ا‬
‫ِ‬
‫الدعاء هلما‪.‬‬ ‫صيااما‪ ،‬و ُّ‬ ‫وخما َبَتُ ُهما بِال َق ْوِل اللَِّّني‪َ ،‬‬
‫وع َدم ع ْ‬ ‫و ِ‬
‫املال‪ُ ،‬‬
‫وصلَة أَ ِ‬
‫رحام ِهما‪،‬‬ ‫الدعاء هلما‪ ،‬وإجراء ص َدقٍَة جا ِرية عنهما‪ ،‬وتَ ْن ِفيذ و ِصيَّتِ ِهما‪ِ ،‬‬‫كثرة ُّ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ومن ِّبرها بعد َموِتما‪َ :‬‬
‫ﲎﲐ ﲑﲒ‬ ‫ﲏ‬ ‫ص ِدقائِ ِهما‪ ،‬يقول تعاىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ‬ ‫وإكرام أَ ْ‬
‫ﲓﲔﲕﲖﲗﲘﲙﲚﲛﲜﲝﲞﲟﲠﲡﲢﲣﲤ‬

‫ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ ﱠ [اإلسراء‪. ]24- 23 :‬‬


‫الر ُج ل‬ ‫ّلص ِم ن مش ِكّلت ال ُّدنْيا‪ ،‬والنَّج اة ِم ن ع ذاب ِ‬
‫اآلخ َرة‪ ،‬فه ذا َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ب لِلخ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫‪ -7‬ب ار الوال َديْن َس بَ ٌ‬
‫الّتِم ِذي وغ ريه‪ ،‬ع ن أيب ال َّدرداء ‪‬‬
‫الص ْخَرة ع نهم‪ ،‬روى ِّ‬ ‫الب ار بِوالَ َدي ه ك ان بِ ُّره س بباً ِ‬
‫النف ر ِاج َّ‬ ‫ََ‬ ‫ْ‬ ‫ا‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ول اهللِ ‪ ‬يق ول‪ ((:‬الوال د أَْو َس ط أَب واب اجلَنَّ ة‪ ،‬ف إن ِش ْئت فَح اف عل ى‬ ‫أنَّه ق ال‪ :‬سع ت رس َ‬
‫ضيِّع ))(‪.)57‬‬‫الباب أو َ‬‫ِ‬
‫ب لِلعقوبَ ة يف ال ُّدنيا واآلخ رة‪ ،‬ق ال ‪ ((:‬ثَّلثَ ةٌ ال‬‫العقوق َس بَ ٌ‬
‫ُ‬ ‫أن ال ِ َّب س بب لِ ُد ِ‬
‫خول اجلنَّ ة‪ ،‬ف‬ ‫ََ ٌ‬ ‫وكم ا َّ‬
‫الديوث‪ ،‬ورِجلَةُ النِّ ِ‬ ‫يدخلو َن اجلنَّة‪ِ ِ ُّ :‬‬
‫ساء ))(‪.)58‬‬ ‫العاق لوال َديْه‪ ،‬و َّ ا ُ َ‬ ‫َ‬

‫ض ل يف ِرض ا الوالِ َدين (‪ ،)274/4‬رق م (‪ ،)1899‬ورواه‬ ‫الصلَة‪ ،‬باب‪ :‬ما ج اء ِم ن ال َف ْ‬ ‫ِ‬


‫الب و ِّ‬
‫السنن‪ ،‬كتاب ا‬‫‪ )57‬رواه الّتمذي يف ُّ‬
‫ابن ماجه‪ ،‬كتاب األدب‪ ،‬باب‪ :‬بِار الوالِ َدين (‪ ،)1206/2‬رقم (‪.)3663‬‬
‫إسناده املنذري‬
‫وجود َ‬ ‫‪ )58‬رواه احلاكم يف املستدرك (‪ ،)72/1‬وقال‪ ":‬صحيح اإلسناد "‪ ،‬والبزار كما يف كشف األستار (‪َّ ،)372/2‬‬
‫الضياء يف املختارة (‪ ،)308/1‬ورواه بنحوه النَّسائي (‪ ،)80/5‬وانظر أيضاً‪ :‬صحيح ابن حبان‬ ‫الّتهيب (‪ ،)327/3‬ورواه ِّ‬ ‫الّتغيب و َّ‬ ‫يف َّ‬
‫الرِجلَة‪ :‬املرأَة‬
‫الزنا‪ ،‬و َّ‬ ‫ِ‬ ‫(‪ ،)335/16‬واملستدرك (‪ ،)147 -146/4‬ومسند أةد (‪ ،69/2‬و‪ ،128‬و‪ ،)134‬و َّ‬
‫الديُّوث‪ :‬الذي يُقار أَ ْهلَه على ا‬
‫الرجال‪.‬‬‫املتَ َشبِّ َهة بِ ِّ‬
‫‪40‬‬
‫النَّظافَ ة احلِ ِّس يَّة والطَّه َارة املعنَ ِويَّة ِم ن أَ َه ام األُم ور ال يت يَ ْس عى هل ا اإلس ّلم‪ ،‬ويُرتِّ ب عليه ا آث اراً‬ ‫‪-8‬‬
‫الر ُج ُل ال ذي امتَ نَ ع‬ ‫اإلنسان وبعد ماتِه‪ ،‬واملس لِم ِظ ِ‬
‫اهره يُْنبِ ئ ع ن با ِ نِ ه‪ ،‬فه ذا َّ‬ ‫ِ‬ ‫يد ًة يف َحياة‬ ‫َِ‬
‫ةَ‬
‫خرة‪ ،‬وم ا‬ ‫الفاحشة لَم ا ذَ َّكرتْ ه امل رأةُ بِربِّه ج َّل وع ّل‪ ،‬ن َال ج زاءه يف ال ُّدنيا ب ِ‬
‫ِمن فِعل ِ‬
‫الص َ‬
‫انفراج َّ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ ا َ‬ ‫ْ‬
‫عند اهللِ خريٌ وأَبْ َقى‪.‬‬
‫يقّتب ِمن املعاصي واآلثام‪ ،‬وي ِرص‬ ‫احش واملنكرات‪ ،‬وال َِ‬ ‫امل ِمن احلق هو الذي يبتَعِد عن ال َفو ِ‬
‫ا‬ ‫‪-9‬‬
‫أن يَ ْل َقى اهللَ تعاىل على ذلك‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ض ها اهللُ‬ ‫عر َ‬
‫وش أاا كب ريٌ عن د اهلل تع اىل وعن د النا اس‪ ،‬ولعظَ م ش أاا فق د َ‬ ‫يم ة‪َ ،‬‬ ‫األمانَ ة َعظ َ‬ ‫‪-10‬‬
‫يم ْلنَه ا وأَ ْش َف ْقن منه ا‪ ،‬ولك ن‬ ‫الس ماوات واألرض واجلب ال ف أب ني أن ِ‬ ‫ُس بحانَه وتَع اىل عل ى َّ‬
‫َْ‬
‫وإال كانت َوباالً عليه‪ ،‬ومن‬ ‫يف َةَلَها‪ ،‬فإذا قام هبا استَ َح اق أَ ْجَرها ُدنْيا وأُ ْخرى‪ ،‬ا‬ ‫اإلنسا َن َّ ِ‬
‫الضع َ‬
‫صوِر األمانَة‪:‬‬ ‫ُ‬
‫عز وجل‪.‬‬ ‫بتوحيد اهللِ َّ‬ ‫القيام ِ‬ ‫ِ‬ ‫أ‪-‬‬
‫الصاحلة عموماً‪.‬‬ ‫ِ‬
‫القيام باألعمال ا‬ ‫ب‪-‬‬
‫الضمانات وااللتِزامات املاليَّة َّ‬
‫باصة‪.‬‬ ‫بعامة‪ ،‬والودائِع و َّ‬ ‫حبقوق اآلخرين َّ‬ ‫القيام ِ‬ ‫ِ‬ ‫ج‪-‬‬
‫الص عاب‪ ،‬يق ول تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﲊ‬ ‫روج ِم ن امل آ ِزق و ِّ‬
‫سبب للخ ِ‬ ‫الصاحل ‪ -‬مبختلف أنواعه ‪ٌ -‬‬ ‫العمل ا‬ ‫‪-11‬‬
‫ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ ﲕ ﱠ [الطَّّلق‪.]3-2 :‬‬
‫األسئلَة‪:‬‬
‫س‪ :1‬ما املراد بالغَبوق ؟ وماذا يُقابِلُه ؟‬
‫استك للحديث‪.‬‬ ‫ِِ ِ ِ ِ ِ‬ ‫س‪َّ :2‬‬
‫حتدت عن أهِّيَّة بار الوال َديْن من خّلل در َ‬
‫وضح ذلك ِمن خّلل احلديث‪.‬‬ ‫قاصد اإلسّلم‪ِّ ،‬‬ ‫األنساب ِمن م ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫س‪ :3‬احملافظة على‬
‫س‪ :4‬رَّكز اإلسّلم كثرياً على ُحقوق اآلخرين‪ ،‬كيف فَ ِه ْمت ذلك ِمن احلديث ؟‬
‫س‪ِ :5‬بَ اشتَ َرك الثَّّلثَة يف َد ْع َوِتِم اليت َسبَّبَت هلم النَّجا َة ؟‬
‫الدلِيل ؟‬
‫ضح ما تقول بِ َّ‬ ‫اف على قَ ِب ول ِمن األَو ِ‬
‫لياء ؟ َو ِّ‬ ‫س‪ :6‬ما ح ْكم التَّ َقُّرب إىل اهللِ تعاىل بالطَّو ِ‬
‫ْ َ‬ ‫ُ‬

‫‪41‬‬
‫ثانياً‪ :‬الثقافَة اإلسالمية‪:‬‬

‫‪42‬‬
‫ص َور بُطولَة النبي ‪ ‬وأصحابه رض َي اهلل عنهم‬
‫من ُ‬
‫من َخصائص هذه البُطولَة‪:‬‬
‫‪ -1‬أاا بطولَة مل تَص ن عها األَح داث‪َّ ،‬إَن ا ص ن عها اإلمي ا ُن ب اهللِ تع اىل‪ ،‬فَأَه ل م َّك ةَ‪ ،‬وأَه ل ِ‬
‫املدينَ ة ‪-‬‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫َََ‬ ‫ْ ُ‬ ‫َْْ‬ ‫ُ‬
‫ِِ ِِ‬
‫فلم ا ج اءَ‬‫ذكورة‪ ،‬ا‬ ‫ال ذين م نهم َّأول َةَلَ ة ه ذا ال ِّدين ‪ -‬مل يَ ُك ن هل م يف ج اهليَّتهم بُط والت َم َ‬
‫ِ‬
‫ّلد ف ا ِرس وال اروم‪ ،‬وال يت ك انوا ال ي َرؤون عل ى ال ُق ْرب‬ ‫ّلم ح َّوهلم ق َاد ًة لل ُّدنيا‪ ،‬ف َفتَح وا بِ َ‬ ‫اإلس ُ‬
‫وم أَ َعَّزن ا اهللُ باإلس ّلم‪ ،‬ف ّل نَطْلُ ب بِغَ ِري اهللِ بَ ِديّل ))‪ ،‬ويف رواي ة‬ ‫منه ا‪ ،‬ق ال عم ر ‪ :‬حن ن ق ٌ‬
‫أعَّزُكم اهللُ باإلس ّلم‪،‬‬ ‫اس‪ ،‬وأَقَ ال النا ِ‬
‫اس‪ ،‬فَ َ‬ ‫اس‪ ،‬وأَ ْح َق ر النا ِ‬
‫أخرى عنه ق ال‪ ((:‬إنَّك م كن تم أَذَ ال النا ِ‬
‫فَ َم ْهما تَطْلُبوا العَِّزةَ بِغ ِريه يُ ِذلاكم اهلل ))(‪.)59‬‬
‫وع ّل‪ ،‬تَ ْس تَ ِم اد قُ َّوِت ا ِم ن‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫‪ -2‬أا ا ليس ت بط والت ِ‬
‫حمض ة‪ ،‬ب ل ه ي ُم َيَّ َدة م ن قبَ ل اهلل ج ال َ‬ ‫أرض يَّة َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص ِره‪ ،‬ق ال‬ ‫خّلل ُدعائ ه واالس تعانة ب ه‪ ،‬واللُّج وء إلي ه‪ ،‬والتَّوُّك ل علي ه‪ ،‬فيَ ُم اد أص حاهبا بِتَأيِي ده ونَ ْ‬
‫[حممد‪.]7 :‬‬ ‫تعاىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﱠ ا‬
‫آت م ا َو َع ْدتن‪ ،‬اللَّه ام إن ِتل ك ه ذا العِص ابَة‬ ‫أنز ل ما وع ْدتَِن‪ ،‬اللَّه م ِ‬ ‫هم ِ‬ ‫ويقول ‪ ‬يوم بدر‪ ((:‬اللَّ َّ‬
‫ا‬ ‫ََ‬
‫القْب لَ ة‪ ،‬ح س َقط‬ ‫األرض ))‪ ،‬فما زال ي هتِف بِربِّه‪ ،‬م اداً ي َدي ه‪ ،‬مس ت ْقبِل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلسّلم ال تُعبَد يف‬ ‫ِمن ِ‬
‫أهل‬
‫ا َ ْ ُ َْ َ‬ ‫َْ َ‬
‫ِرداؤه عن َمْن ِكبَ ْيه (‪.)60‬‬
‫ف أَ ْس ى‪ ،‬وغايَ ة أَنْبَ ل‪َ ،‬ح َّد َدها‬ ‫األرض وامل َّادة‪ ،‬ب ل ألج ِل ه َد ٍ‬
‫ِ‬ ‫ألج ِل‬
‫َ‬ ‫‪ -3‬ه ذه البُط والت لَْي َس ت ْ‬
‫رسول اهلل ‪ ‬بقولِه‪َ ((:‬من قاتَ َل لِتَكو َن َكلِ َمةُ اهللِ هي العُْليا فهو يف َسبِيل اهللِ ))(‪.)61‬‬ ‫ُ‬
‫توح‪ِ ،‬‬
‫وه ي تَ ْس ِميَّة قُرآنِيَّ ة‪ ،‬ق ال‬ ‫ات اإلس ِ‬
‫ّلميَّة بِال ُف ِ‬ ‫وم ن هن ا لَعلَّ ك تَ ْلم احلكم ةَ ِم ن تَس ِمي ِة االنتِص ار ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ّلد الستِ ْق ِ‬ ‫لوب لِت لَ ِّقي نُوِر اهللِ‪ ،‬وفَ ْتح لِلبِ ِ‬ ‫ِ‬
‫بال‬ ‫ألاا فَ ْتح لل ُق ِ َ‬
‫تعاىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱠ [الفتح‪]1 :‬؛ َّ‬
‫الع ِظي ِم‪.‬‬
‫الدي ِن َ‬
‫هذا ِّ‬
‫ِ‬
‫ص ر‪،‬‬ ‫ش والتَّنكي َل عن د ال تَّ َم ُّكن والنَّ ْ‬‫أن غايَة هذه البطوالت غايَة نَبِيلَة‪ ،‬فإنَّك ال َترى فيه ا ال بَطْ َ‬ ‫‪َّ -4‬‬
‫املساحمَةَ ما كان إىل ذلك َسبِيل‪ ،‬وما مل تَ ْد ُ املصلَ َحةُ إىل ِخّلفِه‪.‬‬ ‫الع ْف َو و َ‬ ‫بل إنَّك تَ َرى َ‬

‫‪ )59‬البداية والنِّهايَة (‪( )61/7‬أحداث سنة مخ عشرة سنة‪ ،‬فتح بيت املقدس)‪ ،‬انظر‪ :‬مستدرك احلاكم (‪.)82/3‬‬
‫‪ )60‬رواه مسلم‪ ،‬كتاب اجلهاد‪ ،‬باب‪ :‬اإلمداد باملّلئكة (‪ ،)1384/3‬رقم (‪.)1763‬‬
‫الس َري‪ ،‬باب‪َ :‬من قاتَل لِتكون َكلِ َمة اهلل هي العليا (الفتح ‪ ،)27/6‬رقم (‪.)2810‬‬
‫‪ )61‬رواه البخاري‪ ،‬كتاب اجلهاد و ِّ‬
‫‪43‬‬
‫الع ِمي ِق‪ ،‬وامل ِمن ال يَ ِذ ال‬ ‫ِ‬ ‫طوالت دائِمة‪ ،‬ال يَتَ َخلَّلُها ُخضو ٌ وذُل؛ َّ‬
‫ألاا نابِ َع ةٌ م ن اإلمي ان َ‬ ‫أاا بُ ٌ َ‬ ‫‪-5‬‬
‫اف لِلبُطولَة‪ ،‬ب ل‬ ‫بالذ ال واخلضوِ له كالوالِ َدين‪ ،‬وهذا غ ري من ٍ‬
‫ُُ‬ ‫ْ‬ ‫َيضع اإال هلل‪ ،‬أو ِمن أََمره اهللُ ُّ‬
‫َ‬ ‫وال َ‬
‫هو ِمن َكماهلا‪.‬‬
‫ض الص َور‪:‬‬‫بَع ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يب فيه ا رس ول‬ ‫رسول اهلل ‪ ‬وأصحابُه‪ ،‬وأُص َ‬ ‫خاضها ُ‬ ‫‪ -1‬كانت َم ْعرَكة أُ ُحد من أَ َش اد املعا ِرك اليت َ‬
‫ابات قَ ِويَّ ٍة‪ ،‬أس الَت َد َم ه‪ ،‬وأَ ْ‬ ‫اهلل ‪ ‬إص ٍ‬
‫ات‪،‬‬ ‫ض َع َفت قُ َّوتَه‪ ،‬ح َّ أَش ا َ املش ركون أنَّه ‪ ‬ق د م َ‬
‫وبينَم ا ه و عل ى ه ِذه احل ال‪ ،‬وبع ض أص حابِه ُِييط و َن بِه‪ ،‬إذ بِأُيب ب ن َخلَ ف يُ ْقبِ ل ق ائِّلً‪ :‬أي‬
‫الص حابَة رض ي اهلل ع نهم‪ :‬أَيَ ْع ِط ف علي ه َر ُج ٌل ِمنا ا‪ ،‬فق ال‬ ‫ت‪ ،‬فق ال َّ‬ ‫ت إن نَ ْو َ‬ ‫حمم د‪ ،‬ال نَ ْو ُ‬
‫َّ‬
‫فاض ةً‬ ‫ِ‬ ‫احلربَةَ ِمن احلا ِرث بن ِّ‬ ‫‪ :‬دعوه‪ ،‬فَلَما دنا‪ ،‬تَناوَل ر ُ ِ‬
‫ض هب ا انت َ‬ ‫الص َّمة‪ ،‬وانتَ َف َ‬ ‫سول اهلل ‪ْ ‬‬ ‫َ َ‬ ‫ا َ‬ ‫َُ‬
‫سول اهللِ ‪ ‬فَطَ َعنَه يف عُنُِقة َ ْعنَةً َج َع ل يَتَ ْد َحَرج منه ا‬ ‫استَ ْقبَ لَه َر ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ح َّ تَطايَر عنه من َح ْوله‪ ،‬مث ْ‬
‫جوع ِهم إىل َم َّكةَ (‪.)62‬‬ ‫عن فِرِسه ِمراراً‪ ،‬فَأَثَّرت فيه ح مات منها عند ر ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مام ة‪،‬‬
‫ول اهلل ‪ ‬إىل ُم َس ْيل َمة ال َك اذاب باليَ َ‬ ‫ي ‪ ‬ق د بَ َعثَ ه رس ُ‬ ‫‪ -2‬وك ان َحبي ب ب ن َزيْ د األنص ا ِر ا‬
‫ول اهلل ؟ ق ال‪ :‬نع م‪ ،‬وإذا ق ال‪ :‬أتَ ْش َهد أِن‬ ‫حمم داً رس َ‬‫أن َّ‬ ‫فك ان ُم َس ْيلِ َمة إذا ق ال ل ه‪ :‬أَتَ َش َّهد َّ‬
‫ض واً‪ ،‬ح َّ‬ ‫ض واً عُ ْ‬‫ص ام ال أَ ْسَ ع ! فَ َف َع ل ذل ك ِم راراً‪ ،‬فَ َقطَّ َع ه ُم َس ْيلِ َمة عُ ْ‬ ‫رس ُ ِ‬
‫ول اهلل‪ ،‬ق ال‪ :‬أن ا أَ َ‬
‫مات َش ِهيداً ‪.)63( ‬‬ ‫َ‬
‫احلدي َق ِة ال يت فيه ا ُم َس ْيلِ َمة‪ ،‬ق ال ال باء ب ن‬ ‫‪ -3‬لَم ا ك ان ي وم اليمام ِة واش ت اد قِت ال ب ِن حنِي َف ة عل ى ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َْ َ َ‬ ‫ا‬
‫ف عل ى اجل دار اقْ تَ َحم‪،‬‬ ‫فاحتَ َملوهُ ح إذا أَ ْش َر َ‬ ‫مالك ‪ :‬يا َم ْع َشر املسلمني‪ ،‬أَلْ ُقوِن َعلَْي ِهم‪ْ ،‬‬
‫لمني‪ ،‬فَ َد َخل املس لمو َن‪ ،‬فَ َقتَ َل اهللُ ُم َس ْيلِ َمةً‪،‬‬ ‫احلدي َق ة ح َّ فَتَح ه لِلمس ِ‬
‫َ ُْ‬
‫فَق اتَلَهم عل ى ب اب ِ‬
‫ُ‬
‫وض ْربٍَة (‪.)64‬‬ ‫ٍ‬ ‫ضعاً ومثانِ ِ‬ ‫ومئِ ٍذ بِ ْ‬
‫وج ِرح الباء ي ِ‬
‫احة‪ ،‬ما بني َرْميَة َ‬ ‫ني جر َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َ‬
‫يب ‪‬‬ ‫ِ‬ ‫‪ -4‬قال ابن عباس رضي اهلل عنهم ا‪ :‬أَس رت ال ُّروم عب َد اهلل ب ن حذافَة َّ ِ‬
‫ب النَّ ِّ‬‫الس ْهمي ص اح َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ََ‬
‫وإال أَلْ َقْيتُك يف البَ َق َرة ‪ -‬لِبَ َق َرة ِم ن حن اس‪ -‬ق ال‪ :‬م ا أَفْ َع ل‪ ،‬فَ َدعا‬
‫)‬‫‪65‬‬ ‫(‬
‫صر ا‬ ‫فقال له الطا ِ‬
‫اغيَة‪ :‬تَنَ َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ض علي ه‬ ‫ودع ا بَِر ُج ٍل م ن أَ ْس رى املس لمني‪ ،‬فَ َع َر َ‬ ‫بِ البَ َقَرة النَّح اس‪ ،‬فَ ُملئَ ت َزيْت اً وأُ ْغليَ ت‪َ ،‬‬

‫‪ )62‬سرية ابن هشام (‪ ،)84/3‬واجلهاد البن أيب عاصم (‪.)601/2‬‬


‫‪ )63‬االستِيعاب (ترجته)‪ ،‬وأسد الغابة (‪.)370/1‬‬
‫‪ )64‬أسد الغابة (‪.)172/1‬‬
‫تامة‪( .‬النِّهاية‪ ،‬واللِّسان)‪.‬‬ ‫‪ )65‬البقرة‪ :‬قِ ْدر َكبِري و ِاس َعة‪ ،‬مأخوذٌ ِمن التَّبَ ُّقر‪ ،‬وهو التَّو اسع‪ ،‬أو َّ‬
‫ألاا بَ َقَرة َّ‬ ‫َ‬
‫‪44‬‬
‫وإال أَلْ َقْيتُك‪ ،‬ق ال‪:‬‬
‫صر ا‬ ‫ظامه تَلُوح‪ ،‬وق ال لعِب د اهللِ‪ :‬تَنَ َّ‬ ‫ِ‬
‫قرة‪ ،‬فإذا ع ُ‬
‫ِ‬
‫النَّصرانيَّة‪ ،‬فأىب‪ ،‬فَأَلْقاه يف البَ َ‬
‫م ا أَفْ َع ل‪ ،‬فَ أََمر بِ ه أن يُْل َق ى يف البَ َق َرة‪ ،‬فَبَك ى! فق الوا‪ :‬ق د َج ِز ‪ ،‬ق د بَ َك ى‪ ،‬ق ال‪ُ :‬رُّدوه‪ ،‬فق ال‬
‫ُ ِ‬
‫كيت حيث ل ي ل اإال نَ ْف ٌ‬ ‫صنَع يب‪ ،‬لكن بَ ُ‬ ‫عبد اهلل‪ :‬ال تَرى أِن بَ َكْيت َجَزعاً ماا تُِريد أن تَ ْ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب أن يك ون ل م ن األَنْ ُف ِ َع َدد ك ال َش ْعَرة ا‬
‫يف‪ ،‬مثَّ‬ ‫واح َدةٌ يُ ْف َع ل هب ا ه ذا يف اهلل‪ ،‬كن ت أُح ا‬
‫تُ َسلَّط َعلَ اي فَتَ ْف َعل يب هذا‪.‬‬
‫ب أن يُطْلِ َقه‪ ،‬فقال له‪ :‬قَبِّل َرأْ ِسي وأُ ْلُ ُقك‪ ،‬ق ال‪ :‬م ا أَفْ َع ل‪ ،‬ق ال‪:‬‬ ‫ِ‬
‫قال ابن عبااس‪ :‬فأ ُْعجب منه‪ ،‬وأَ َح ا‬
‫ني ِم ن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص ر وأََزِّو ُج ك بِْن ِيت‪ ،‬وأُقاس ك ُم ْلك ي‪ ،‬ق ال‪ :‬م ا أَفْ َع ل‪ ،‬ق ال‪ :‬قَبِّ ل َرأْس ي وأُ ْل ُق ك‪ ،‬وأُ ْل ق مع ك مث ان َ‬ ‫تَنَ َّ‬
‫ني ِم ن املس لمني‪ ،‬فَلَ ام ا قَ ِدموا عل ى عُ َم ر‬ ‫ِ‬
‫ني‪ ،‬قال‪ :‬اأما هذه فَنَ َعم‪ ،‬فَ َقبَّ َل َرأْ َس ه‪ ،‬وأَ ْلَ َق ه وأَ ْلَ َق مع ه مث ان َ‬
‫ِِ‬
‫املسلم َ‬
‫ول اهلل ‪ ‬مي ا ِزحو َن عب َد اهلل‪،‬‬ ‫بن اخلطااب ‪ ‬قام إليه عُمر فَ َقبَّل رأْسه‪ ،‬قال ابن عباس‪ :‬فكان أصحاب رس ِ‬
‫ُ‬ ‫َََ‬ ‫َ‬
‫ِ ِ (‪)66‬‬ ‫فيقولون‪ :‬قَبَّ ْلت رأْس ِع ْلج ؟ فيقول هلم‪ :‬أَ ْلَق اهلل بِتِْلك ال ُقب لَ ِة مثانِ ِ‬
‫ني ‪.‬‬ ‫ني من املسلم َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ‬
‫األسئلَة‪:‬‬
‫س‪َ :1‬من أين تَستَ ِمد البُطوالت اإلسّلميَّة َّقوِتا ؟ استَش ِهد لِما تقول‪.‬‬
‫أصل هذه التَّسميَّة ؟ وملاذا ؟‬
‫تسمى االنتصارات اإلسّلميَّة بالفتوح‪ ،‬ما ُ‬ ‫س‪َّ :2‬‬
‫صحابِه َر ِضي اهلل عنهم‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫احداً ِمن بطولَة النَّيب ‪ِ ،‬‬ ‫س‪ :3‬اذ ُكر موقِفاً و ِ‬
‫آخر من بُطولَة أَ ْ‬
‫وم ْوقفاً َ‬
‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫َْ‬

‫‪ )66‬أسد الغابة (‪.)172/1‬‬


‫‪45‬‬
‫ورة من تَ َحمل األَ َذى في الدع َوة إلى اهلل تعالى‬
‫صَ‬ ‫ُ‬
‫االبتالء‪:‬‬
‫االبتِّلء ِمن سنَ ِن اهللِ يف كل دعوةٍ‪ ،‬ف َكم ِم ن ن يب قُتِ ل‪ ،‬وك م ِم ن ن ِيب أُ ِ‬
‫وذي‪ ،‬وك ذلك أَتْب اعُ ُهم معه م يف‬ ‫ا َ َْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ه ذا الطَّ ِري ق‪ ،‬ق ال تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟ‬

‫ﲢ ﲤ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﱠ [العنكبوت‪.]3-1 :‬‬
‫ﲣ‬ ‫ﲠﲡ‬
‫ُمعاداة أهل الباطل‪:‬‬
‫الوسائِل‪ ،‬وم ا عل ى‬ ‫ِ‬ ‫ٍِ‬ ‫ِ‬
‫لحق اإال ويُقابلها ُدعاة للبا ل‪ ،‬يا ِولون إيقافَها‪ ،‬والنَّيل منها ب َش َّ َ‬ ‫لي من دعوة ل ا‬
‫يب ‪‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أصحاب احل اق اإال أن يستَعِينوا باهللِ‪ ،‬وي ْعملوا‪ ،‬وي ْ ِ‬
‫ِ‬
‫صبوا ح يُظْهَر اهللُ دينَه‪ ،‬ويُ ْعلي َكل َمتَه‪ ،‬كما قال النَّ ا‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬
‫ص َر م ع‬ ‫الص ْب عل ى م ا تَ ْك َره َخ رياً كثِ رياً‪ ،‬و َّ‬
‫أن النَّ ْ‬ ‫يف َو ِص يَّتِه الب ن عب اس رض ي اهلل عنهم ا‪ ((:‬واعلَ م َّ‬
‫أن يف َّ‬
‫أن ال َفَرج مع ال َك ْرب‪ ،‬و َّ‬
‫أن مع العُ ْسر يُسراً ))(‪.)67‬‬ ‫الص ْب‪ ،‬و َّ‬
‫َّ‬
‫ألن شريعةَ احلق ُتالِف أهواء ِ ِ‬ ‫العداء لِ َّ‬
‫احلق ثقي ٌل عل يهم‪ ،‬فل ذلك ال‬ ‫أهل البا ل‪ ،‬ف ا‬ ‫َ‬ ‫لد ْع َوة؛ َّ َ ا‬ ‫يصل َ‬ ‫وإَنا ُ‬
‫يقبَلونَه‪ ،‬وليسوا بِتا ِركِي النااس يَْتبَعونَه‪ ،‬كما قال تعاىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﳖ ﳗ ﳘ ﳙ ﳚ ﱠ [األنعام‪.]26 :‬‬
‫ص َوٌر من تَ َحمل األَذى‪:‬‬
‫ُ‬
‫ص لاي عن د البي ت‪ ،‬وأب و جه ٍل وأص حاب ل ه ُجل وس‪ ،‬فق ال أب و جه ل‪:‬‬ ‫‪ -1‬ك ان رس ول اهلل ‪ ‬يُ َ‬
‫حمم د إذا َس َجد ؟ فق ام عُقبَ ة ب ن‬ ‫ض َعه عل ى ظَ ْه ر َّ‬ ‫أيُّكم يق وم إىل س ّل (‪ )68‬ج زوِر ب ن فُ ٍ‬
‫ّلن فَيَ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ض َحكو َن وميي ل‬ ‫ِ‬
‫يب ‪ ‬وه و س اجد‪ ،‬فَ َجعل وا يَ ْ‬ ‫ِ‬
‫ض َعه عل ى ظَ ْه ر النَّ ا‬ ‫وو َ‬ ‫الس ّل‪َ ،‬‬ ‫أخ َذ َّ‬ ‫أيب ُم َع ْيط‪ ،‬و َ‬
‫الس جود ح َّ ج اءَت فا ِ َم ةُ وه ي ُج َويْ ِريَة‬ ‫أس ه ِم ن ُّ‬ ‫يب ‪ ‬ر َ‬ ‫ٍ‬
‫بعض هم عل ى بع ض‪ ،‬فلَ م يَ ْرفَ ع النَّ ا‬ ‫ُ‬
‫ودع ا َعل ي ِهم‪ ،‬وك ان إذا َدع ا‬ ‫ص ْوتَه َ‬
‫يب ‪ ‬صّلتَه َرفَع َ‬ ‫ضى النَّ ا‬‫فَأَ َخ َذت األَذى عن ظَ ْه ِره‪ ،‬فَلَ اما قَ َ‬
‫أل ثَّلث اً‪ ،‬فق ال‪ ((:‬اللَّه ام علي ك بِ ُق َريش )) ثَّلث م ارات‪ ،‬فلَ ام ا سع وا‬ ‫أل س َ‬ ‫َدع ا ثَّلث اً‪ ،‬وإذا س َ‬
‫عوةَ يف ذلك البلد ُمستَجابَةً‪ ،‬مث‬ ‫الد َ‬ ‫الض ِحك وخافوا َد ْع َوتَه‪ ،‬وكانوا يََرْو َن َّ‬
‫أن َّ‬ ‫ص ْوتَه ذَ َهب عنهم َّ‬ ‫َ‬
‫احداً‪ ،‬وهم َس ْب َعة ِرج ٍال‪ ،‬ق ال اب ن مس عود ‪ :‬ف و ال ذي نَ ْف ِس ي‬ ‫احداً و ِ‬ ‫دعا عليهم النَّيب ‪ ‬و ِ‬
‫ا‬ ‫َ‬
‫يب‪ ،‬قَلِيب بَ ْدر (‪.)69‬‬
‫ص ْر َعى يف ال َقلِ ِ‬‫رسول اهلل ‪َ ‬‬ ‫بِيَ ِدهِ‪ ،‬لقد رأيت الذين َع اد ُ‬

‫‪ )67‬رواه اإلمام أةد (‪ ،)307/1‬وعبد بن ةيد (املنتخب رقم‪ ،)635 :‬وانظر‪ :‬جامع العلوم واحلكم‪ ،‬حديث رقم (‪.)19‬‬
‫يمة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫‪ُّ َّ )68‬‬
‫الولَ ُد يف بَطْن النااقَة وسائر احليوان‪ ،‬وهي اليت تُ َس َّمى يف اآلدمية‪ :‬املش َ‬
‫السّل‪ :‬اللفافَة اليت يكون فيها َ‬
‫املصلِّي قَ َذر (الفتح‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ )69‬اخلب جممو من روايات يف َّ‬
‫الصحيحني مع بعض اختصار‪ ،‬البخاري كتاب الوضوء‪ ،‬باب‪ :‬إذا أُلْقي على ظَ ْهر َ‬
‫يب ‪ِ ‬من أَذى املشركني (‪ ،)1418/3‬رقم (‪.)1794‬‬ ‫‪ ،)349/1‬رقم (‪ ،)240‬ومسلم كتاب اجلهاد‪ ،‬باب‪ :‬ما لقي النَّ ا‬
‫‪46‬‬
‫ول اهلل ‪ ‬فل م يَ ُق م لَْي لَتَ ْني أو ثَّلث اً‪ ،‬فَجاءَتْ ه‬
‫ع ن جن دب ب ن س فيان ‪ ‬ق ال‪ :‬ا ْش تَكى رس ُ‬ ‫‪-2‬‬
‫ألر ُجو أن يكون َش ْيطانُك ق د َترَك ك‪ ،‬مل أََره قَ َربَك من ذ لَْي لَتَ ْني أو‬ ‫امرأَة‪ ،‬فقالت‪ :‬يا َّ‬
‫حممد‪ ،‬إِن ْ‬
‫وجل‪:‬ﭐﱡﭐ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃﲄﱠ‬ ‫عز‬
‫فأنزَل اهللُ َّ‬ ‫ثّلث‪ ،‬قال َ‬ ‫َ‬
‫ا‬
‫[الضُّحى‪.]3-1 :‬‬
‫ط ِم ن املس لمني واملش ركني واليه ود‪،‬‬ ‫يب ‪ ‬مبجلِ ٍ في ه أَ ْخ ّل ٌ‬ ‫ِ‬
‫ويف املدين ة قب َل َوقْ َع ة بَ ْدر‪َ ،‬م َّر النا ا‬ ‫‪-3‬‬
‫اهم إىل‬ ‫ودع ُ‬ ‫ف َ‬ ‫يب ‪ ‬عل ي ِهم‪ ،‬مث َوقَ َ‬ ‫َّ‬
‫فيهم عبد اهلل بن أيب‪ ،‬وعبد اهلل ب ن رواح ة ‪ ،‬فس لم النَّ ا‬
‫اهلل‪ ،‬وق رأ عل ي ِهم الق رآ َن‪ ،‬فق ال عب د اهلل ب ن أيب‪ :‬أياه ا امل رء‪ ،‬ال أُ ْح ِس ن ِم ن ه ذا‪ ،‬إذا ك ان م ا‬
‫صص عليه‪ ،‬فقال عبد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫تقول َح اقاً فّل تُ ْ ذنا يف جمالسنا‪ ،‬وارجع إىل َر ْحلك‪ ،‬فَ َمن جاءَك مناا فاقْ ُ‬
‫ب املس لِمو َن واملش ركون واليه ود‪،‬‬ ‫ب ذل ك‪ ،‬فاس تَ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫اهلل بن رواحة ‪ :‬اغشنا يف جمالسنا‪ ،‬فإناا حن ا‬
‫ض ُهم (( أي يُ َس ِّكنُ ُهم ))(‪.)70‬‬ ‫الرسول ‪َ ‬يَِّف ُ‬ ‫ح َهاوا أن يَتَواثَبُوا‪ ،‬و َّ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وش َّج يف َرأْس ه‪ ،‬فَ َج َع ل يَ ْس لُ ُ‬
‫ت ال َّد َم‬ ‫يوم أُ ُح د‪ُ ،‬‬ ‫رسول اهلل ‪ُ ‬كسَرت ُرباعيَّتُه َ‬ ‫أن َ‬ ‫عن أن ‪َّ ‬‬ ‫‪-4‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وهم إىل اهلل ؟ ف أنزل‬ ‫وم َش اجوا نَبِ يَّ ُهم‪ ،‬وَك َس روا ُرباعيَّتَ ه‪ ،‬وه و يَ ْدعُ ُ‬ ‫عن ه ويق ول‪ ((:‬كي ف يُ ْفل ح قَ ٌ‬
‫وجل‪:‬ﭐﱡﭐ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ ﱠ [آل عمران‪.)71( ]128 :‬‬ ‫عز ا‬
‫اهلل َّ‬
‫بعض تِلك ِ‬
‫املشاهد‪ ،‬فقال‪:‬‬ ‫وقال جندب بن سفيان ‪َ :‬د ِميت إصبع ِ‬
‫رسول اهلل ‪ ‬يف ِ‬ ‫َ‬
‫ويف سبِيل اهللِ ما لَِق ِ‬
‫يت (‪.)72‬‬ ‫ت اإال إِصبع د ِم ِ‬
‫يت‬ ‫هل أَنْ ِ‬
‫َ‬ ‫َْ ٌ َ‬

‫يب ‪ِ ‬من أذى املشركني (‪ ،)1422/3‬رقم (‪.)1797‬‬ ‫ِ‬


‫‪ )70‬رواه مسلم‪ ،‬كتاب اجلهاد‪ ،‬باب‪ :‬ما لَقي النا ا‬
‫‪ )71‬رواه مسلم‪ ،‬كتاب اجلهاد‪ ،‬باب‪ :‬غزوة أحد (‪ ،)1417/3‬رقم (‪.)1791‬‬
‫يب ‪ِ ‬من أَذى املشركني (‪ ،)1421/3‬رقم (‪.)1796‬‬ ‫ِ‬
‫‪ )72‬رواه مسلم‪ ،‬كتاب اجلهاد‪ ،‬باب‪ :‬ما لَقي النَّ ا‬
‫‪47‬‬
‫من َخصائص الشريعة‬
‫اإلسّلميَّة خصائِص تيِّ زها ع ن َغ ِريه ا‪ ،‬ي ْنبغِ ي لِلم ِمن أن ي ت ع َّرف عليه ا‪ ،‬ويست ْش عِرها؛ لِت ِ‬
‫وج َد‬ ‫ِ‬ ‫للش ِر َيعة‬
‫َّ‬
‫َ َْ َ ُ‬ ‫ََ َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ ََ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ف ما ِسواه‪ ،‬وهذه اخلصائِص َكثِ َرية‪ ،‬نَ ْذ ُكر منها ما يلي‪:‬‬ ‫نفسه ُشعوراً بِعظَمة ِدينِه‪َ ،‬وزيِ ِ‬
‫يف ِ‬
‫َ َ‬
‫المصدر والغايَة‪:‬‬ ‫‪ -1‬إالهية َ‬
‫ألح ٍد ِم ن‬
‫َ‬ ‫ص َد َرها ِمن عند اهلل‪ ،‬فإنَّه ل ي‬ ‫ِ‬
‫بادة اهلل وِرضاه‪ ،‬ومبا أ ان َم ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صدرها من عند اهلل‪ ،‬وغايَتُها ع َ‬ ‫فم ُ‬ ‫َ‬
‫ش ريعاً ِم ن ِعن ِده‪ ،‬ح َّ َرس ول اهلل ‪ ‬فإنَّه إَن ا يُبَ لِّ غ ِرس الَةَ َربِّه‪ ،‬كم ا ق ال تع اىل‪ :‬ﭐﱡﭐ ﲀ‬ ‫البَ َشر أن يَ ْد ِخ َل فيها تَ ْ‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﱠ [املائ دة‪ ،]99 :‬ويطبِّ ق ش ر َيعةَ اهللِ يف‬
‫ش ر‪:‬ﭐﱡﭐ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ‬ ‫ي بِ ه البَ َ‬
‫األرض ليَ ْقتَ د َ‬
‫ﳂ ﳃ ﳄ ﳅ ﱠﭐ [األحزاب‪.]21 :‬‬
‫ومب ا أا ا ِم ن عن د اهلل فإنَّ ك ال جت د فيه ا تَناقُض اً‪ ،‬كم ا ق ال تع اىل‪ :‬ﭐﱡﭐ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ‬

‫آخر‪.‬‬
‫احلق‪ ،‬وال َمْيّلً جلن دون َ‬ ‫ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱠ [النِّساء‪ ،]72 :‬وال جتد فيها حتيُّزاً لغ ِري ا‬
‫اح َدة‪ ،‬وه َدفُ ه و ِ‬
‫اح د‪ ،‬ال تَتَجاذَبُ ه‬ ‫ومب ا أن غايتَه ا ِعب ادةُ اهللِ وح َده‪ ،‬فإنَّ ك ت رى املتم ِّس ك هب ا غاي تُ ه و ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫االجتاه ات‪ ،‬وال تَتَقاذَفُ ه األَ ْه واء‪ ،‬ق ال تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ‬

‫[الزمر‪.]29 :‬‬‫ﳃ ﳄ ﳅ ﳆ ﱠ ُّ‬


‫يح‪.‬‬‫وجد يف نَ ْف ِ امل ِمن َرقابَةً منه على نَ ْف ِسه‪ ،‬تَ ْدفَعُه إىل فِ ْع ِل احلَ َس ِن‪ ،‬وتَ ْرِك ال َقبِ ِ‬‫ومن آثا ِر ذلك أاا تُ ِ‬ ‫ِ‬
‫ظ َمصادرها‪:‬‬ ‫‪ -2‬حف ُ‬
‫الس نَّة‪ ،‬فم ا دام ه ذان املص در ِان‬ ‫الض يا والتَّ ْح ِري ف‪ ،‬ه ا ال ُق رآن و ُّ‬ ‫ص دران حمفوظ ان ِم ن َّ‬ ‫للش ر َيعة َم ْ‬
‫َّ‬
‫ض لاوا بع َده إن‬ ‫بإذن اهللِ تعاىل‪ ،‬ولذلك قال ‪ ((:‬تَرْكت في ُكم م ا ل ن تَ ِ‬ ‫ظ وقائِم ِ‬
‫َ‬ ‫فالدين حمفو ٌ ٌ‬ ‫وديْن ِّ‬‫وج َ‬ ‫َم ُ‬
‫ص ْمتُم به‪ ،‬كتاب اهلل ))(‪ ،)73‬ويف حديث العِرب اض ب ن س ا ِريَة ‪ ‬ق ال‪ :‬ق ال ‪ ((:‬فعل ي ُكم بِ ُس نَّيت‬ ‫اعتَ َ‬
‫ضوا عليها بالنَّو ِاجذ ))(‪.)74‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الر ِاشدين املهديِّني‪َ ،‬ع ا‬
‫وسنَّة اخللفاء ا‬
‫‪ -3‬غنَى َمصادرها‪:‬‬
‫ويظهر ذلك يف أُموٍر‪ ،‬منها‪:‬‬
‫السنَّة على نَ ْو َع ْني ِمن النُّصوص‪:‬‬ ‫مال ِ‬
‫القرآن و ُّ‬ ‫َّأوالً‪ :‬اشتِ ُ‬

‫‪ )73‬رواه مسلم‪ ،‬كتاب احلج‪ ،‬باب‪ :‬حجة النَّ ا‬


‫يب ‪ ،)890/2( ‬رقم (‪.)1218‬‬
‫صحيح َح َس ٌن "‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫‪ )74‬رواه أبو داود رقم (‪ ،)4607‬والّتمذي رقم (‪ ،)2676‬وقال‪":‬‬
‫‪48‬‬
‫الصّلة والزكاة‪ ،‬وحت ِرمي ِّ‬
‫الزنا‪،‬‬ ‫تدل على ُح ْكم َمسألَة بِ َعْينِها‪ ،‬كوجوب َّ‬ ‫خاصة‪ ،‬وهي ما ُّ‬ ‫صوص َّ‬ ‫أ‪ -‬نُ ٌ‬
‫وغري ذلك‪.‬‬
‫ص ر ل ه ِم ن‬ ‫دخل فيه ا م ا ال َح ْ‬
‫ِ‬
‫عام ة‪ ،‬وه ي أش بَه م ا تك ون بِالقواع د ال ُكلِّيَّ ة ال يت ي ُ‬ ‫وص َّ‬ ‫ب‪ -‬نُص ٌ‬
‫ّلحيَّتِها لك ل َزم ٍ‬ ‫الش ِريعة وص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ان‬ ‫ا‬ ‫األحك ام‪ ،‬وه ذا النَّ و م ن النُّص وص ه و س ر م ن أس را ِر بَق اء َّ َ َ‬
‫الزم ان ِم ن تَغَ ٍُّري وحت ُّوٍل‬
‫الش ِر َيعةَ ع امل بك ِّل م ا يك ون علي ه َّ‬
‫ضع هذه َّ‬ ‫كان‪ ،‬وذلك َّ‬
‫أن الذي َو َ‬ ‫وم ٍ‬
‫َ‬
‫ان أو َمس ألَة ُم َعيَّنَ ٍة‪ ،‬ول ذلك‬ ‫مان أو مك ٍ‬
‫اعد اليت ال تتَ علَّق بِز ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فلذلك ض َّمن َشرعه ِمثْل هذهِ ال َقو ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ َْ‬
‫أمثِلَة كثِ َريةٌ‪ ،‬منها‪:‬‬
‫‪ -1‬قولُه تعاىل‪ :‬ﭐﱡﭐ ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﱠﭐ[البقرة‪.]29 :‬‬
‫الش ِ‬
‫رع اي عل ى املن ِع‬ ‫اإلباح ة‪ ،‬اإال م ا َّ‬
‫دل ال َّدليل َّ‬ ‫تدل على َّ‬ ‫ِ‬
‫األصل يف األشياء كلاها َ‬ ‫َ‬ ‫أن‬ ‫يمة ا‬ ‫وهذه آية عظ َ‬
‫ِ‬
‫األحكام‪ ،‬بل أكثَر‪.‬‬ ‫ويدخل يف ذلك ِمئات‬ ‫منها‪ُ ،‬‬
‫‪ -2‬ق ال ‪ ((:‬م ن أَح َدث يف أَم ِرن ا ه ذا م ا ل ي من ه فه و رد ))(‪ ،)75‬وه ذا احل ِديث ِ‬
‫قاع َدة‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ‬
‫ِ‬
‫يادة فيه فَ ِهي َم َ‬
‫ردودة‪.‬‬ ‫كل ِز َ‬
‫أن َّ‬‫الدين‪ ،‬و َّ‬ ‫مال هذا ِّ‬ ‫يمة تُبَ ِّني َك َ‬‫َعظ َ‬
‫ياس يَّة‪ ،‬واالقتِص ِاديَّة‪ ،‬وغ ري‬
‫الس ِ‬ ‫جلمي ِع جوانِ ب احلي اة‪ :‬االجتِ ِ‬
‫ماعيَّ ة‪ ،‬و ِّ‬ ‫َ‬
‫الس نَّة ِع ّلج ِ‬
‫ٌ‬ ‫رآن و ُّ‬ ‫ثاني اً‪ :‬يف الق ِ‬
‫ذلك‪.‬‬
‫الع ْدل‬ ‫الص حيحة لِعّلقَ ة العب ِد بِربِّ ه‪ ،‬وعّلقَت ه ب اآلخرين عل ى أس ٍ ِ‬ ‫ثالث اً‪ :‬في ِهم ا بَي ا ُن النَّظْ َرةِ َّ‬
‫اس م ن َ‬ ‫َ‬ ‫َْ َ‬ ‫َ‬
‫الر ْةَة‪.‬‬
‫و َّ‬
‫يحة لِل َك ْون‪ ،‬واحلياةِ‪ ،‬واإلنسان‪.‬‬ ‫رابعاً‪ :‬في ِهما بيان النَّظْرة َّ ِ‬
‫الصح َ‬ ‫َ‬
‫حتق ِيقه‪ ،‬وماذا ي ْنتَ ِظره بعد ِ‬
‫املوت‪.‬‬ ‫كيفيَّة ِ‬
‫ف اإلنسان يف احلياةِ‪ ،‬و ِ‬ ‫هلد ِ‬
‫خامساً‪ :‬في ِهما بَيان َ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫الحياة‪:‬‬
‫‪ُ -4‬شمولُها ل َجميع َجوانب َ‬
‫الش ريعة‪ ،‬س واء‬
‫ميك ن أن َي رج ع ن حك م َّ‬ ‫الش ِريعة أَحك ام احلي اةِ كلَّه ا‪ ،‬ف ّل يوج د ش يء ِ‬
‫ٌ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫لق د انتَظَ َم ت َّ َ‬
‫أكان يف حياة ال َف ْرد أم كان يف حياة اجملتَ َمع‪.‬‬
‫ِ‬
‫الش ِر َيعة بِبَيان ما يُنَظِّم حيا َة ال َف ْرد ‪ -‬الذي هو إح ْدى لَبِن ات اجملتم ع ‪ -‬قب َل ِو َ‬
‫الدت ه وبع َدها‪،‬‬ ‫فاهتَ َّمت َّ‬
‫يوم ِه‬
‫اح ل عم ره‪ ،‬تنظيم اً دقيق اً ال يوج د ل ه مثِي ل مطلق اً‪ ،‬ونظَّم ت حياتَ ه يف ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِِ‬
‫يف ص غَ ِره وك َبه‪ ،‬ويف جي ع مر ُ ُ‬
‫عيد‪ ،‬مان هو على ِدينِه أو َيالُِفه‪ ،‬ح قال بعض‬ ‫يب أو ب ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ولَْي لَته‪ ،‬يف نَ ْومه وقَ ْوَمته‪ ،‬يف نَ ْفسه ومع غ ِريه من ق ِر ٍ َ‬

‫فالص لح َم ردود (الف تح ‪ ،)301/5‬رق م (‪،)2697‬‬


‫ص ْلح َج ْور ا‬
‫الص لح‪ ،‬ب اب‪ :‬إذا اص طَلَحوا عل ى ُ‬ ‫‪ )75‬رواه البخ اري‪ ،‬كت اب ُّ‬
‫حمدثات األمور (‪ ،)1343/3‬رقم (‪.)1718‬‬ ‫ومسلم كتاب األقضية‪ ،‬باب‪ :‬نَ ْقض األحكام البا ِ لَة َوراد َ‬
‫‪49‬‬
‫شيء ح اخلراءَة‪ ،‬فقال له سلمان ‪ُ ‬م ْعتَ ازاً بذلك‪:‬‬ ‫املشركني لِسلمان الفا ِرِسي ‪ :‬قد علَّم ُكم نَبِيُّكم كل ٍ‬
‫َّ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬
‫القْب لَةَ لِغائِ ٍط أو بَ ْوٍل )) ‪.‬‬
‫(‪)76‬‬ ‫((أَجل‪ ،‬لقد َاانا أن نَست ْقبِل ِ‬
‫َْ َ‬ ‫َ‬
‫الش ِر َيعة َحياةَ اجملتَ َمع‪ ،‬وم ا يَْنبَغِ ي أن يك ون علي ه ِم ن تَع ُاو ٍن وإخ ٍاء‪ ،‬وم ا ينبغ ي أن يك ون‬
‫كما نظَّ َمت َّ‬
‫الر ِاد َع ة‬
‫الش ِر َيعة العقوب ات ا‬ ‫وعّلقَتُ ُهم بغ ِريِهم ِمن اجملتمعات يف ِّ‬
‫الس ْلم واحلَ ْرب‪ ،‬وبَيَّنَ ت َّ‬ ‫ِ‬
‫عليه احلاكم واحملكوم‪َ ،‬‬
‫ش م ع َش ِر َيع ِة اهلل‪ ،‬ونَ َّو َع ت ه ذه العقوب ات عل ى حس ب اخ تِّلف اجل رائم‪ ،‬إىل غ ري ذل ك ما ا‬ ‫ِ‬
‫ل َم ن مل يَ تَ َم ا‬
‫ص ُره‪.‬‬
‫صعُب َح ْ‬ ‫يَ ْ‬
‫وازن والت َوسط‪:‬‬ ‫العدل والت ُ‬
‫‪َ -5‬‬
‫أن العم ل لِ ِ‬
‫آلخ َرةِ ه و‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش ِر َيعة َمْبناه ا عل ى َ‬
‫العدالَ ة والتَّ و ُازن‪ ،‬تَ و ُاز ٌن ب ني َلَ ب ال ُّدنيا واآلخ َرة‪ ،‬فكم ا َّ َ َ َ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫املطلوب األَ ْسى‪ ،‬فالعمل لِ ُّ ِ‬
‫طلوب َش ْرعاً‪ ،‬ويَْن َقلب بِالنِّ يَّة ا‬
‫الص احلَة‬ ‫الولَد وغ ِري ذلك َم ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لدنيا من ال َك ْسب و َلَب َ‬ ‫ََ‬
‫أخرِويااً‪.‬‬
‫للشريعة عمّلً ُ‬‫واملواف َقة َّ‬
‫شخص حقوقاً‪ ،‬فعليه و ِاجبات‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫لكل‬ ‫ِ‬
‫وتو ُازن بني احلقوق والواجبات‪ ،‬فكما أ ان ِّ‬
‫اجلس د‪ ،‬وح ِّق ال نَّ ْف ‪ ،‬وحق وق‬ ‫الصغري والكبري‪ ،‬وح ِّق ال ُّروح وح ِّق َ‬
‫وحق َّ‬ ‫الرجل واملرأة‪ِّ ،‬‬ ‫حق َّ‬
‫وتوازن بني ِّ‬
‫الص راط املس تقيم‪ ،‬ال ذي ه و َو َس ط ب ني اإلف راط والتَّف ِريط‪ ،‬وب ني الغُلُ او‬ ‫الو َس ِطيَّة ه ي‪ :‬اتِّب ا ِّ‬
‫اآلخ رين‪ :‬و َ‬
‫َ‬
‫ري‪:‬ﭐﱡﭐ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ‬ ‫والتَّقص‬
‫ﱣ ﱤ ﱠ [الفاحتة‪.]7-6 :‬‬
‫‪ -6‬العالَمية‪:‬‬
‫ق ال تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﱠ [األنبي اء‪ ،]107 :‬فه ي َش ِر َيعة عالَ ِميَّ ة ل ي‬
‫عام ة لإلن ِ واجل ان‪،‬‬ ‫وآخ ر‪ ،‬ال ي ُّدها زم ا ٌن وال مك ا ٌن‪َّ ،‬‬ ‫ٍ‬ ‫حدود‪ ،‬ال تُ َفارق بني ِج ْن‬
‫وآخ ر‪ ،‬أو بلَ د َ‬ ‫َ‬ ‫هلا ٌ‬
‫الع َج ِم اي‪.‬‬
‫العريب و َ‬
‫الغن والفقري‪ ،‬ا‬
‫األسود واألبيض‪ ،‬ا‬
‫مال‪:‬‬
‫‪ -7‬ال َك ُ‬
‫ص‪ ،‬وال حتت اج إىل ِزي َادةٍ أو تَ ْع ِد ٍيل‪ ،‬ق د َك َّملَه ا اهللُ تع اىل‬ ‫ِ‬
‫ش ريعة اإلس ّلم َش ريعةٌ كاملَ ة ال يَ ْع َِّتيه ا نَ ْق ٌ‬
‫عن دما أن زل ه ذه اآليَة عل ى رس ولِِه ‪ ‬فق ال‪ :‬ﭐﱡﭐ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ‬

‫ﱳ ﱴ ﱵ ﭐ ﭐﱠ [املائدة‪.]3 :‬‬
‫الح َرج‪:‬‬
‫ورفع َ‬
‫‪ -8‬اليُسر والسهولَة َ‬

‫‪ )76‬رواه مسلم كتاب الطَّهارة‪ ،‬باب‪ :‬االستِطابَة (‪ ،)223/1‬رقم (‪.)262‬‬


‫‪50‬‬
‫اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﱠ‬ ‫يس ري‪ ،‬كم ا ق ال تع‬ ‫الش ريعة كلُّه ا مبناه ا عل ى التَّ ِ‬
‫َْ‬ ‫َّ َ‬
‫[البقرة‪.]185 :‬‬
‫الض عف أو املش َّقة‪،‬‬ ‫أحكامه ا ميَ َّس رة ال ح َرج فيه ا‪ ،‬وعن دما يع ِرض لِلعب د بع ض ح االت َّ‬ ‫فتَش ريعاِتا و ُ‬
‫صلِّي جالِساً‪ ،‬واملسافر‬ ‫ِ‬
‫يش ُّق عليه القيام فإنَّه يُ َ‬
‫يض ُ‬ ‫ُتفف عنه ِمن يُ ْس ٍر إىل أيْ َسر منه‪ ،‬كاملر ِ‬ ‫الشريعةَ ِّ‬
‫فإن َّ‬ ‫َّ‬
‫ط ر يف َرَمض ان‪ ،‬وغ ري ذل ك‪ ،‬ق ال تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟ ﲠ‬ ‫الص ّلةَ‪ ،‬وي ْف ِ‬‫ص ر َّ‬
‫ُ‬ ‫يَ ْق ُ‬
‫فإن هذا‬ ‫الشر وايِه‪ُ ،‬حمتَ اجاً بِيُ ْس ِر َّ‬
‫الش ِر َيعة‪َّ ،‬‬ ‫هاو َن بأَ ْم ِر َّ‬ ‫ٍ‬
‫ألحد أن يتَ َ‬ ‫َ‬ ‫[احلج‪ ،]78 :‬ولكن لي‬ ‫ﲡﱠ ا‬
‫الش ِر َيعة‪.‬‬ ‫ط وفَهم خا ِ ئ لِلتَّ ِ‬
‫يسري يف َّ‬ ‫َِت ُاو ٌن وتَ ْف ِري ُ ْ‬
‫األسئلَة‪:‬‬
‫املصدر والغايَة ؟‬‫الشر َيعة إهليَّة َ‬‫كون َّ‬ ‫س‪ :1‬ما معىن ِ‬
‫الشر َيعة جلمي ِع اجلوانِب‪.‬‬ ‫حتدث عن ِ‬
‫مشول َّ‬ ‫س‪َّ :2‬‬
‫الص ِحيح‬ ‫إفهام ه املع ىن َّ‬
‫ك ُ‬
‫أن ال ِّدين يس ر‪ ،‬كي ف ِ‬
‫ميكنُ َ‬ ‫ُْ‬ ‫قص ِريه ب َّ‬ ‫س‪ :3‬ي تَج بع ض ال ُكس اىل عل ى تَ ِ‬
‫ُ‬
‫لِ َّ‬
‫لش ِر َيعة؟‬

‫‪51‬‬
‫لمسلم‬
‫المتَ َمي َزة ل ُ‬
‫الشخصيةُ َ‬
‫أَص ُل َخلق الناس‪:‬‬
‫تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﱥ ﱦ ﱧ‬ ‫اح د يَ ْرِجع ون إلي ه كلاه م‪ ،‬ق ال‬
‫خل ق اهلل س بحانَه وتع اىل اخلل ق ِم ن أص ٍل و ِ‬
‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱠ [احلج رات‪ ،]13 :‬وق ال رس ول اهلل ‪ ‬يف ف تح‬
‫مك ة‪(( :‬ي ا معش ر ق ريش‪ :‬إن اهلل ق د أذه ب ع نكم ن وة اجلاهلي ة وتعظمه ا باآلب اء‪ ،‬الن اس م ن آدم‪،‬‬
‫وآدم من تراب)) (‪.)77‬‬
‫َخلق اإلنسان على الفط َرة‪:‬‬
‫الدالئل والباهني ال ادالَّة‬ ‫ِ‬
‫أوجد له َّ‬ ‫َخلَ َق اهللُ تعاىل هذا اإلنسا َن وفَطََره على َمع ِرفَته وتَوحيده‪ ،‬ومع ذلك فقد َ‬
‫اخ َذةِ اإلنسان على‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫على ربوبِيَّتِه وأُ ِ‬
‫لوهيَّتِه‪ ،‬وهذه َّ‬
‫وحه‪ ،‬ومل يعل ذلك كافياً مل َ‬ ‫ور َ‬‫الدالئل ُتا ب َع ْقلَه وح َّسه ُ‬ ‫ُ‬
‫الص ِحيح‪ ،‬واآليات‬ ‫ِ ِ‬ ‫الرسل‪ ،‬وأنزَل ال ُكت ِ‬ ‫ِ‬
‫ب ل ُمخا َبَة الفطَْرة البَ َش ِريَّة‪ ،‬وإرشادها إىل التَّ َ‬
‫ص ُّور َّ‬ ‫َع َدم َم ْع ِرفَته‪ ،‬بل أرسل ُّ ُ َ َ ُ َ‬
‫ﲧ‬ ‫ﲦ‬ ‫بالرجو إىل فِطْرتِه‪ :‬ﭐﱡﭐ ﲣ ﲤ ﲥ‬ ‫حول هذه املعاِن كثرية ِج اداً‪ ،‬يقول سبحانَه خما ِ باً اإلنسان ُّ‬
‫َ‬
‫ﲲﲴﲵﲶﲷﲸﲹﲺﲻ‬
‫ﲭﲯﲰﲱ ﲳ‬
‫ﲮ‬ ‫ﲨﲩﲪﲫﲬ‬

‫[الروم‪.]31- 30 :‬‬ ‫ﲼ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅ ﳆ ﱠ ُّ‬


‫اس ق د يَْن َح ِرف ون مينَ ةً ويَ ْس َرةً مب ا تلِي ه عل يهم عُق وهلُم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ه ذا م ا يُري د اهللُ س بحانَه م ن النا اس‪ ،‬ولك ن النا َ‬
‫وروح اً‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يميَّ ة‪ ،‬أو َع وا ِ ُفهم ونَ َزواِتم؛ َّ‬
‫القاص رة أو َش هواِتم الب ِه ِ‬
‫ِ‬
‫ألن اهللَ س بحانَه وتع اىل َج َع ل لإلنس ان َع ْق ّلً ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ب‬ ‫ِ‬
‫اس ما يُلَ ِّيب هذه اجلوان َ‬‫وحاد عن الطَِّريق املستَ ِقيم‪ ،‬واهللُ سبحانَه َشَر لِلنا ِ‬ ‫زل َ‬ ‫فَمن َغلَّب جانِباً على جانب َّ‬
‫َ‬
‫فصيل اآليت إن شاء اهلل تعاىل‪:‬‬ ‫ساق وتَو ُازٍن على التَّ ِ‬
‫باتِّ ٍ‬
‫المسلم‪:‬‬
‫من ُم َميزات َشخصية ُ‬
‫ب َعقي َدة‪:‬‬ ‫أ‪ -‬أنه صاح ُ‬
‫املس لِم يُ ْ ِمن ب اهللِ ِربا اً‪ ،‬وباإلس ّلم ِدين اً‪ ،‬و َّ‬
‫مبحم د ‪ ‬نَبِيا اً َورس والً‪ ،‬ويُ ْ ِمن ب اهلل‪ ،‬ومّلئِ َكتِ ه‪ ،‬وكتُبُ ِه‪،‬‬
‫ورسلِه‪ ،‬وباليوم ِ‬
‫اآلخر‪ ،‬وبِال َق َد ِر َخ ِريهِ َ‬
‫وشِّره‪.‬‬ ‫ُ‬

‫السرية (‪ )412/2‬عن ابن إسحاق هبذا اللَّف ‪ ،‬ورواه أبو داود يف كتاب األدب‪ ،‬باب‪ :‬يف التَّفاخر‬ ‫‪ )77‬أخرجه ابن هشام يف ِّ‬
‫وفاجر َش ِقي‪ ،‬أنتم بنو‬
‫اجلاهلِيَّة وفخرها باآلباء‪ ،‬م ِمن تَِقي‪ِ ،‬‬
‫إن اهلل قد أذهب عنكم عيبة ِ‬
‫َ َْ‬ ‫باألحساب (‪ ،)331/4‬برقم (‪ )5116‬بلف ‪َ َّ (:‬‬
‫فسري باب (‪ ،)363/4‬برقم (‪ )3270‬بنحوه‪.‬‬ ‫الّتمذي يف كتاب التَّ ِ‬
‫وآدم ِمن تُراب) ورواه ِّ‬
‫آدم‪َ ،‬‬
‫‪52‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ينطَل ق املس لم يف نَظَْرت ه إىل احلي اة عل ى أس اس ه ذا اإلمي ان ال ذي ي ِّدد ل ه ُمنطَلَقات ه وأَ ْهداف ه ُ‬
‫وس لوكه‪،‬‬
‫وره بِوض وح‬ ‫ِ‬
‫عامل ه فيه ا‪ ،‬وعل ى ه ذا تق وم حيات ه‪ ،‬وتتَ َح َّدد نَظَراتُه‪ ،‬وتَس ري أم ُ‬
‫ونَظَْرته إىل هذا الكون‪ ،‬واحلي اة وتَ ُ‬
‫يل‪.‬‬ ‫وجّلء‪ ،‬فّل ُتبُّط وال تَيه‪ ،‬وال تَغيري وال تَب ِ‬
‫د‬
‫ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫ََ‬
‫ولق د رَّك ز اإلس ّلم عل ى ه ذا املع ىن الكبِ ري؛ ألنَّه ه و ال ذي ي ِّدد بِدايَة َمس ار اإلنس ان يف ه ذه احلي اة‬
‫[حممد‪.]19 :‬‬ ‫ومْنطَلَ ِقه منها‪ ،‬يقول تعاىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﳙ ﳚ ﳛ ﳜ ﳝ ﳞ ﳟ ﳠ ﱠ َّ‬ ‫ُ‬
‫ﲎﲐﲑﲒﲓ‬ ‫ﲏ‬ ‫ويقول سبحانه‪ :‬ﭐﱡﭐ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ‬

‫ﲟ ﲡ ﲢ ﲣ ﲤﱠ [البقرة‪:‬‬
‫ﲠ‬ ‫ﲛﲝﲞ‬
‫ﲜ‬ ‫ﲔﲕﲖﲗﲘﲙﲚ‬
‫‪.]285‬‬
‫ﱮﱰ‬
‫ﱯ‬ ‫س بحانه‪:‬ﭐﱡﭐ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ‬ ‫ويق ول‬
‫ﱸ ﱠ [النَّحل‪.]36 :‬‬
‫ﱹ‬ ‫ﱶﱷ‬ ‫ﱱﱲﱳﱴﱵ‬

‫بادة‪:‬‬‫ب‪ -‬أنه صاحب ع َ‬


‫واملسلِم كذلك حياتُه ِعب َادةٌ هللِ س بحانه وتع اىل‪ ،‬تس ري بنِظ ٍام واتِّس اق وتَو ُازن‪ ،‬وه و ُملتَ ِزم هب ذه العب ادة‬
‫اجلليل ة ال يت تش َمل جي ع جوانِ ب احلي اة‪ ،‬يق ول تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱠ‬

‫[ال اذاريات‪ ،]56 :‬ويق ول س بحانَه‪:‬ﭐﱡﭐ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ‬

‫ﲮ ﲰ ﲱ ﲲ ﲳ ﲴ ﱠ [األنعام‪.]163 - 162 :‬‬


‫ﲭ ﲯ‬

‫تع اىل‪:‬ﱡﭐ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ‬ ‫وعلي ه فاملس لم يق وم هب ذه العب ادة‪ ،‬خملص اً فيه ا هلل ع ز وج ل‪ ،‬ق ال‬
‫ﲱ ﲲ ﲳ ﱠ [البيِّ نَة‪.]5 :‬‬
‫ج‪ -‬أنه صاحب أَخالق‪:‬‬
‫ةي د‪ُ ،‬م ْقتَ ِدياً يف ذل ك كلِّ ه‬ ‫خصية املسلِم أنَّه رجل خلُ ٍق َك ِرمي‪ ،‬وتَعام ٍل حس ٍن‪ ،‬وس ٍ‬
‫لوك َِ‬
‫ُ‬ ‫ُ ََ‬ ‫َُ ُ‬
‫وما تتميَّز به َش ِ‬
‫حمم د ‪ ‬ال ذي أث ىن اهللُ تع اىل علي ه يف ه ذا اجلانِب‪ ،‬فق ال‪:‬ﭐﱡﭐ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﱠ [ال َقل م‪:‬‬ ‫دوتِه األوىل َّ‬ ‫ِ‬
‫ب ُق َ‬
‫‪.]4‬‬
‫وسئِلَت عائِ َشة رضي اهلل عنها عنه فَقالَت‪ ((:‬كان ُخلُقه ال ُقرآن )) (‪.)78‬‬‫ُ‬

‫ومن نام عنه أو َم ِرض‪ ،‬برقم (‪.)746‬‬ ‫ِ‬


‫‪ )78‬رواه مسلم يف صحيحه (‪ ،)513/1‬كتاب صّلة املسافرين‪ ،‬باب‪ :‬جامع صّلة اللَّيل َ‬
‫‪53‬‬
‫ِِ‬ ‫ث عل ى التِ زام األخ ّلق والتَّ أَ ُّدب ب آداب اإلس ِ‬
‫ّلم‪ ،‬ق ال ‪ ((:‬أَ ْك َم ل امل من َ‬
‫ني‬ ‫وزخ رت ُس نَّته ‪ ‬باحلَ ا‬ ‫َ‬
‫الو ِص يَّة‪ ((:‬اتَّ ِق اهللَ حيثم ا كن ت‪ ،‬وأَتْبِ ع َّ‬
‫الس يِّئَة احلَ َس نَةَ‬ ‫ه‬ ‫من‬ ‫ب‬ ‫ل‬
‫َ‬‫َ‬ ‫ن‬‫م‬ ‫إمياناً أَحسنهم خلُقاً ))(‪ ،)79‬وقال ‪ ‬لِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َُ ُ‬
‫اس بلُ ٍق َح َس ٍن ))(‪.)80‬‬ ‫ِ‬
‫تحها‪ ،‬وخالق النا َ‬ ‫ُ‬
‫بادتِه بِتَ ْق ِومي أخّلقِ ه‬ ‫وربط اإلسّلم بني العب ادة واألخ ّلق‪ ،‬فالعابِد القانِت هلل ه و ال ذي اس تَ ِ ِ‬
‫فاد م ن ع َ‬
‫َ‬ ‫ََ‬
‫الص ّلة‪:‬ﭐﱡﭐ ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﱠ [العنكب وت‪:‬‬ ‫وس لوكِه‪ ،‬يق ول تع اىل ع ن َّ‬ ‫ُ‬
‫ص َخب‪ ،‬ف إن س ابَّه‬ ‫ص ْوم أَ َح دكم ف ّل يَ ْرفَث وال يَ ْ‬
‫الص يام‪ ((:‬إذا ك ان ي وم َ‬ ‫الرس ول ‪ ‬يف ش أن ِّ‬ ‫‪ ،]45‬ويقول َّ‬
‫إِن صائِم ))(‪.)81‬‬ ‫أَ َح ٌد أو شاتَه فَ ْليَ ُقل ِّ‬
‫مس ك هب ا‪ ،‬والتِزامه ا‪ ،‬فاملس لم احل اق‬ ‫الشرعيَّة ُمتواتِرة يف احلث على األخّلق‪ ،‬والتَّ ُّ‬ ‫وهكذا ند النُّصوص َّ‬
‫ض‬ ‫ت احلَ ِمي َدة‪ ،‬مث ل‪ِّ :‬‬ ‫الص فا ِ‬ ‫هو ِ‬
‫اض ع‪ ،‬و َغ ا‬ ‫الص دق‪ ،‬والك رم‪ ،‬والتَّو ُ‬ ‫الس لوك املس تقيم و ِّ‬‫صاحب اخلل ق الك رمي‪ ،‬و ُّ‬
‫الص ْب واحلياء‪ ،‬وغريها‪.‬‬ ‫احش‪ ،‬و َّ‬ ‫البصر عن احملارم‪ ،‬والبعد عن ال َفو ِ‬
‫ََ‬
‫ودع َوة‪:‬‬
‫عامل َ‬ ‫المسلم صاحب علم وتَ ُ‬ ‫ُ‬ ‫د‪-‬‬
‫وهذه ميزة أخرى لشخصية املسلم أنه يسري يف احلياة على علم وبصرية‪ ،‬ويتعامل مع اآلخرين مبا ي ب‬
‫أن يعاملوه به‪ ،‬فينطلق يف تعامله يف حمبته هلم‪ ،‬وتن اخلري هلم‪ ،‬والدعاء هلم بكل ما يص لح ح اهلم ويس عدهم‬
‫يف دنياهم وأخراهم‪.‬‬
‫اخلري اإال لِنَ ْف ِسه‪ ،‬ولي َح ُسوداً يتَ َم َّىن َزو َال النِّ ْع َم ة ع ن غ ِريه‪ ،‬ول ي َح ُق وداً‬ ‫ِ‬
‫فاملسلم لي أنانيااً ال ي ِريد َ‬
‫ود ْع َوته قائِ َمة عل ى ذل ك‪ ،‬واملس لِم احلَ اق َم ن يك ون ك ذلك‬ ‫رسول اهلل ‪َ ،‬‬ ‫لآلخ ِرين‪ ،‬وهكذا كان ُ‬ ‫الشار َ‬
‫يتَ َم َّىن َّ‬
‫هذه األَُّم ة قائِ َم ة عل ى أس اس ه ذا‬ ‫وخرية ِ‬ ‫ِ ِِ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فَيُوصل أَ ْعظَم اخلري إىل الناس‪ ،‬من هدايَتهم وإرشادهم َوتَوجيههم‪َ ،‬‬
‫ظ يم‪ ،‬ق ال تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ‬ ‫املب َدأ الع ِ‬
‫َ‬
‫ﱙ ﱠ [آل عمران‪ ،]110 :‬وقال تعاىل حاثااً عل ى ه ذا األم ر‪ :‬ﭐﱡﭐ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ‬ ‫ﱚ‬ ‫ﱘ‬

‫[فصلت‪.]33 :‬‬
‫ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱠ ِّ‬ ‫ﱲﱳﱴﱵ‬

‫الدليل على زيادة اإلميان ونقصانه (‪ ،)632/2‬برقم (‪ ،)4682‬وأخرجه الّتمذي‪ ،‬كتاب‬ ‫‪ )79‬أخرجه أبو داود‪ ،‬كتاب ُّ‬
‫السنَّة‪ ،‬باب‪َّ :‬‬
‫حق املرأة على زوجها (‪ ،)466/3‬برقم (‪.)1162‬‬ ‫الرضا ‪ ،‬باب‪ :‬ما جاء يف ا‬ ‫ا‬
‫عاشَرة النااس (‪ ،)313/4‬برقم (‪ ،)1987‬ورواه اإلمام أةد يف مسنده‬ ‫م‬ ‫يف‬ ‫جاء‬ ‫ما‬ ‫‪:‬‬‫باب‬ ‫لة‪،‬‬‫الص‬
‫ِّ‬ ‫و‬ ‫ِ‬
‫الب‬ ‫كتاب‬ ‫ي‪،‬‬ ‫ِ‬
‫مذ‬ ‫الّت‬
‫ِّ‬ ‫أخرجه‬ ‫)‬ ‫‪80‬‬
‫ُ َ‬
‫(‪ ،)227 ،158 ،153/5‬وال ادارمي (‪.)363/2‬‬
‫إِن صائِم إذا ُشتِم (‪ ،)118/4‬برقم (‪ )1904‬وأخرجه مسلِم‪،‬‬
‫الصوم‪ ،‬باب‪ :‬هل يقول ا‬ ‫‪ )81‬أخرجه البخاري يف صحيحه‪ ،‬كتاب َّ‬
‫الصيام (‪ ،)807/2‬برقم (‪.)1151‬‬ ‫ضل ِّ‬ ‫الصيام‪ ،‬باب‪ :‬فَ ْ‬
‫كتاب ِّ‬
‫‪54‬‬
‫املبن على ُمشول نَظَْرتِه إىل‬ ‫ِ‬ ‫وعبادتِه وتَ ِ‬
‫خصيَّة املسلِم تَ ْكمن يف ع ِق َ ِ ِ‬ ‫أن َش ِ‬ ‫وهكذا عرفنا َّ‬
‫وسلوكه ا‬ ‫عامله ُ‬ ‫ُ‬ ‫يدته َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ّلم َحيااً ُمتَ َحِّرك اً‪ ،‬يف آرائِه وأفك ا ِره‪ ،‬وأَخّلقِ ه‪،‬‬
‫ال َك ْون واإلنسان واحلياة‪ ،‬فإذا سار بني النااس يَْنظرون في ه اإلس َ‬
‫حكامه‪ ،‬وسلوكه‪ ،‬ويف با ِ نِه ِ‬
‫وظاهره‪ ،‬بَعِيداً عن التَّ َشبُّه بغ ِريه ِمن الك افار‪.‬‬ ‫وأَ ِ‬
‫ُ‬
‫ثَ َمرات هذا الت َميز‪:‬‬
‫خصيَّة املسلِ َمة فيما يلي‪:‬‬ ‫لش ِ‬ ‫تكمن مثرات هذا التَّ َميُّز لِ َّ‬
‫ُ‬
‫يب والنَّ ْف ِس اي‪ ،‬فاإلنسان ُم َعَّرض يف هذه احلياة لِم ا يُ ْف ِرح ويُ ِّْتح‪ ،‬فَِف ي ك ال أَ ْحوالِه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أ‪ -‬اال مئنان ال َق ْل ا‬
‫ﳛﳝﳞﳟ‬ ‫ال‪ ،‬يق ول تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﳖ ﳗ ﳘ ﳙ ﳚ ﳜ‬ ‫ئ الب ِ‬ ‫يكون مطْمئِناً ِ‬
‫هاد َ‬ ‫ُ َ‬
‫[الرع د‪ ،]28 :‬ويق ول س بحانه‪:‬ﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ‬ ‫ﳠ ﳡ ﱠ َّ‬
‫[الزم ر‪ ،]22 :‬وق ال تع اىل‪ :‬ﭐﱡﭐ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ‬ ‫ﱈ ﱉ ﱊ ﱠ اآلي ة ُّ‬
‫ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱠ [الفتح‪.]4 :‬‬
‫عبوديَّة اهلل يف األرض‪.‬‬ ‫ب‪ -‬حتقيق ِ‬
‫يص ل األَ ْم ن واالس تِقرار‪ ،‬وحتص ل ِعم َارة األَْرض‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الس ْري على مْنه اج اهلل ُ‬ ‫ج‪ -‬االستِقرار واإلنتاج‪ ،‬فبِ َّ‬
‫يصل ِخّلف ذلك‪.‬‬ ‫املنهج ُ‬
‫ِ‬
‫وتتَ َح َّقق الغايات‪ ،‬وتَ ْب لُغ األماِن‪ ،‬وبِض اد هذا َ‬
‫ك ني يف ه ِذه األَْرض‪ ،‬ق ال تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﱠ‬ ‫د‪ -‬العَِّزة والنَّص ر والتَّم ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫[حممد‪.]7 :‬‬ ‫َّ‬
‫ه ‪ -‬الغايَ ة العُظْم ى واهل َدف األَ ْس ى ِرض وان اهللِ واجلنَّ ة‪ ،‬ق ال تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﲲ‬

‫ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ ﱠ [الكهف‪.]108 - 107 :‬‬ ‫ﲳﲴﲵﲶﲷﲸﲹ‬


‫األسئلة‪:‬‬
‫وضح ذلك‪.‬‬ ‫الفطْرة‪ِ ،‬‬ ‫س‪ :1‬خلق اهلل اإلنسا َن على ِ‬
‫َ‬
‫ض األَ ِدلَّة ُم ْستَ ْش ِهداً هبا على ما تقول ؟‬
‫وضح ذلك‪ ،‬مع ِذ ْكر بَ ْع ِ‬ ‫س‪( :2‬املسلِم َر ُجل ُخلق َك ِرمي) ِّ‬
‫خصيَّة املسلِ َمة‪.‬‬
‫الش ِ‬
‫بعض مثرات تيِّز َّ‬
‫س‪ :3‬اذ ُكر َ‬

‫‪55‬‬
‫باب‬
‫الش ُ‬
‫الحديث عن الشباب ؟‬ ‫لماذا َ‬
‫ومن أهِّها‪:‬‬ ‫شك فيه أ ان الشَّباب يتَميَّز بصائِص ال توجد يف غريه‪ِ ،‬‬ ‫ماا ال َّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫بكام ل قِ واه اجلس ِديَّة‪ ،‬فه و ق د تع دَّى‬ ‫باب ه ي املرحلَ ة ال يت يتمتَّ ع فيه ا اإلنس ان ِ‬ ‫الش ِ‬‫أن ف َّتة َّ‬ ‫‪َّ -1‬‬
‫االحندار (الشَّيخوخة)‪.‬‬‫الصعود (الطفولة)‪ ،‬ومل يبدأ مرحلَة ِ‬ ‫َمرحلَة ُّ‬
‫َ‬
‫الش باب ه م ِرج ال الغ د‪ ،‬وآب اء املس تقبل‪ ،‬وعل يهم م ِه َّم ة تَربِي ة األَجي ال ِ‬
‫القاد َم ة‪ ،‬وإل يهم‬ ‫أن َّ‬ ‫‪َّ -2‬‬
‫َ ْ‬ ‫ُ‬
‫جيع جماالِتا‪.‬‬‫ول قِيادة األ َُّمة يف َِ‬
‫تَ ُ َ‬
‫ألام هم ال ُق َّوة املتَ َحِّركة يف اجملتَ َمع‪.‬‬ ‫ساد هلا؛ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ّلح الشَّباب ص ِ‬
‫ّلح لأل َُّمة‪ ،‬ويف فَسادها فَ ٌ‬
‫َ ٌ‬ ‫ص ِ‬ ‫‪ -3‬يف َ‬
‫ض جة ب ع د‪ ،‬فه و قابِل لِلتَّش ُّكل والتَّغَ ُّري‪ ،‬ف إن ك ان تَ ِ‬
‫وج ُيه ه إىل اخل ري قَبِلَ ه‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫الش باب مل يَكْتَم ل نُ ْ ُ َ ْ‬ ‫َّ‬ ‫‪-4‬‬
‫ونَ َفع اهلل به‪ ،‬وإن كان األُخرى فالدَّمار م ِ‬
‫صريه‪ ،‬وقد قيل‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫ناشئ الفْتيان مناا على ما كان َع َّوده أَبُوه‪.‬‬ ‫وي ْن َشأ ِ‬
‫َ‬
‫اهتمام اإلسالم بالشباب‪:‬‬
‫أ‪ -‬الشباب في ال ُقرآن‪:‬‬
‫ص األ ََّولِني لِنأْ ُخ ذ منه ا‬
‫ص ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫كل ما فيه هداية للبَ َشر‪ ،‬فَم ن ذل ك ذ ْك ره ل َق َ‬
‫يذ ُكر اهلل تعاىل يف كتابه الكرمي ا‬
‫العِْب َرة‪ ،‬كما قال تعاىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ ﱠ [يوسف‪ ]111 :‬أو ال ُقدوة‪ ،‬كما ق ال‬
‫ﲾ ﳀ ﳁ ﱠ [األنعام‪.]90 :‬‬ ‫تعاىل بعد ِذ ْكر األنبِياء خما ِ باً رسولَه ‪:‬ﱡﭐ ﲻ ﲼ ﲽ ﲿ‬

‫وقال تعاىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﲒ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﱠ [املمتحنة‪.]4 :‬‬


‫وص ْبِهم‪:‬ﭐﱡﭐ ﲺ ﲻ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص ص األَنبِي اء؛ حل َك ٍم َكث َرية منه ا‪ :‬ال ُق ْد َوة هب م يف إمي اام َ‬
‫ود ْع َوِتم َ‬ ‫فيَ ذ ُكر َربُّن ا قَ َ‬
‫ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ ﱠ [األحقاف‪.]25 :‬‬
‫ث اهللُ نَبِيا اً اإال ش ابااً‪ ،‬وال أُويت العِْل م ع املٌ اإال وه و‬
‫وق د ق ال اب ن عبا اس رض ي اهلل عنهم ا‪ :‬م ا بَ َع َ‬
‫ص ِهم ما يلي‪:‬‬‫ومن قَص ِ‬ ‫شاب(‪ِ ،)82‬‬
‫َ‬ ‫ا‬

‫سبعةَ َعشرة سنة إىل‬ ‫ِ‬ ‫‪ )82‬رواه ابن أيب حات‪ ،‬وذكره ابن كثري يف تفسريه (آية ‪ 60‬من سورة األنبياء)‪ ،‬وقيل يف ِ‬
‫حتديد ِس ان َّ‬
‫الشباب‪ :‬من َ‬
‫الشاب البالِغ إىل أن يكمل ثَّلثِني‪ ،‬وقيل‪ :‬غري ذلك‪ .‬انظر‪ :‬شرح كفاية املتَ َح ِّف‬
‫يخوخة إىل املوت‪ ،‬وقيل‪ :‬ا‬
‫الش َ‬‫إحدى ومخَْ ِسني سنة‪ ،‬مث ِس ان َّ‬
‫(ص ‪.)228‬‬
‫‪56‬‬
‫ه‪:‬ﭐﱡﭐ ﱓ ﱔ ﱕ‬ ‫الس ّلم ‪ِ -‬‬
‫يك ي م ا ق ال قَ ْوَم‬ ‫ص ة إب راهيم ‪ -‬علي ه َّ‬ ‫‪ -1‬ق ال تع اىل يف قِ َّ‬
‫ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱠ [األنبياء‪ ، ]60 :‬قال ابن كثِري‪ :‬أي شابااً‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫‪ -2‬ويذ ُكر اهللَ تعاىل لنا قِ َّ‬
‫السّلم ‪ -‬بتَفاصيلها‪ ،‬وفيها من الع َب وال َفوائد الشَّيءَ‬ ‫صة يوسف ‪ -‬عليه َّ‬
‫لش اب يف العِ َّف ة والطُّه ر‪ ،‬وإيث ار َم ْرض اة اهلل‪ ،‬وإن نالَه يف ال دُّنيا ِم ن‬ ‫َح َسن قُ ْد َوة لِ ا‬ ‫ِ‬
‫الكثري‪ ،‬وهو أ ْ‬
‫وعناء‪.‬‬
‫ب َ‬ ‫تَ َع ٍ‬
‫ك ْهف‪:‬ﭐﱡﭐ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﱠ‬ ‫صة ِ‬
‫الفْت يَة‪ :‬أ َْهل ال َ‬ ‫‪ -3‬ويذ ُكر اهللَ تعاىل قِ َّ‬
‫[الكهف‪.)83(]13 :‬‬
‫ودع ُاؤه‪ ،‬واعتِ زال أه ل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وم ن َمواض ع االقت داء فيه ا‪ :‬االعت زاز بال دِّين‪ ،‬وال دَّعوة إلي ه‪ ،‬واالس تعانَة ب اهلل‪ُ ،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ّلح ِهم‪ ،‬وغري ذلك‪.‬‬ ‫البا ِ ل عند العج ِز عن إص ِ‬
‫ْ‬ ‫َْ‬
‫الش باب‪ ،‬وه م أَقْ بَ ل لِْل َح اق‪ ،‬وأ َْه َدى‬ ‫ق ال اب ن كث ري رة ه اهلل تع اىل‪ :‬فَ َذ َكر اهللُ تع اىل َّأا م فِْت يَ ة‪ ،‬وه م َّ‬
‫املس تَ ِجيبِني هللِ تع اىل ولَِرس ولِه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لسب ِيل من الشُّيو الذين قَد َعتَ ْوا‪ ،‬وانْغَ َمسوا يف دي ِن البا ل‪ ،‬وهل ذا ك ان أكثَر ْ‬
‫لِ َّ ِ ِ‬
‫فعامتُ ُهم بَقوا على ِدينِ ِهم‪ ،‬ومل يُ ْسلِم منهم اإال ال َقلِيل‪.‬‬‫‪َ ‬شباباً‪ ،‬و اأما الشُّيو ِمن قريش َّ‬
‫ب‪ -‬الشباب في السنة‪:‬‬
‫لش باب‪ ،‬وظَ َه رت ِعنايَتُ ه الفائَِق ة هبِ م‪ ،‬وإلي ك ه ذه‬ ‫وج ُيه ه لِ َّ‬
‫ول اهل دى ‪ ‬فق د اش ت اد ِحرص ه وتَ ِ‬
‫َ ُْ‬ ‫اأم ا رس ُ‬
‫الن ِ‬
‫َّماذج اليَ ِس َرية‪:‬‬
‫وم ال ِظ َّل اإال‬ ‫ِ‬
‫‪ -1‬ع ن أيب هري رة ‪ ‬ق ال‪ :‬ق ال رس ول اهلل ‪َ ((:‬س ْب َعة يُظلِّ ُه م اهللُ يف ظلِّ ه ي َ‬
‫اع ِة اهلل ))(‪.)84‬‬
‫ظلاه‪ ،))..‬احلديث وفيه‪ ((:‬وشاب نَ َشأ يف َ‬
‫ِ‬
‫ول اهلل‬ ‫باب ال ِن د َش ْيئاً‪ ،‬فق ال لن ا رس ُ‬‫يب ‪َ ‬ش ٌ‬ ‫‪ -2‬ع ن عب د اهلل ب ن مس عود ‪ ‬ق ال‪ :‬كنا ا م ع النَّ ا‬
‫ومن‬ ‫‪ ((:‬يا معشر الشَّباب‪ ،‬من استطا الباء َة فَليتزَّوج‪ ،‬فإنَّه أَ َغض لِلبصر‪ ،‬وأَح ِ‬
‫صن لل َف ْرج‪َ ،‬‬‫ْ َ‬ ‫ا ََ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َْ َ‬
‫بالصوم‪ ،‬فإنَّه له ِوجاء ))(‪.)85‬‬ ‫مل يَ ْستَ ِطع فعليه َّ‬
‫‪ -3‬قال ‪ ‬لعمر بن أيب سلمة‪ ((:‬يا غُّلم‪َ ،‬س ام اهلل‪ ،‬وكل بِيَ ِمينِك‪ ،‬وُكل ماا يلِيك )) (‪.) 86‬‬

‫‪ )83‬انظر‪ :‬تفسري ابن كثري هلذه اآلية‪.‬‬


‫الص ّلة‪ ،‬وفض ل املس اجد‬
‫ض ل َّ‬ ‫‪ )84‬متَّفق عليه‪ ،‬صحيح البخ اري‪ ،‬كت اب األذان‪ ،‬ب اب‪َ :‬م ن جل يف املس جد ينتظ ر َّ‬
‫الص ّلة‪ ،‬وفَ ْ‬
‫الصدقة (‪ ،)715/2‬رقم (‪.)1031‬‬ ‫(الفتح ‪ )143/2‬رقم (‪ ،)660‬ومسلم‪ ،‬كتاب الزكاة‪ ،‬باب‪ :‬فضل إخفاء َّ‬
‫ِ‬
‫صم‪( ،‬الفتح ‪ )112/9‬ومسلم‪ ،‬كتاب النِّكاح‪،‬‬ ‫‪ )85‬متفق عليه‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬كتاب النِّكاح‪ ،‬باب‪َ :‬من مل يَ ْستَطع الباءَة فَ ْليَ ُ‬
‫وو َجد م نة (‪ ،)1018/2‬رقم (‪.)1400‬‬ ‫ِ‬
‫نفسه إليه َ‬
‫باب‪ :‬النِّكاح ل َمن تاقَت ُ‬
‫‪57‬‬
‫‪ -4‬وق ال الب ن عب اس رض ي اهلل عنهم ا‪ ((:‬ي ا غُ ّلم إِن أ َُعلِّم ك َكلِم ات‪ :‬اح َف اهللَ َْي َفظ ك‪،‬‬
‫جتاهك ‪.)87())...‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اح َف اهللَ جتده َ‬ ‫ْ‬
‫السرية‪.‬‬
‫الصحابة‪ ،‬وكتُب ِّ‬ ‫السنَّة‪ ،‬وتر ِاجم َّ‬
‫وغري ذلك كثري ماا هو ُم َسطَّر يف كتُب ُّ‬
‫َح َملَة اإلسالم األَوائل كانوا َشباباً‪:‬‬
‫وقد كان أكثَر ةَلَة اإلسّلم األوائِل يف َّأول َزمن البِ ْعثَة ِمن الشَّباب‪:‬‬
‫الس ابِ َعة والعِ ْش رين‪ ،‬وه ذا‬
‫الس ابعة والثَّّلث ني‪ ،‬وه ذا عم ر ‪ ‬مل يتج اوز ا‬ ‫الص ديق ‪ ‬مل يتج َاوز ا‬ ‫فه ذا ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الرابِ َع ة والثَّّلث ني‪ ،‬وعل ي ‪ ‬مل ي ُك ن جت َاوَز العاش َرة‪ ،‬وك ذلك بَقيَّ ة َ‬
‫الع َش َرة رض ي اهلل‬ ‫عثم ان ‪ ‬لَ ام ا يَتَج َاوز ا‬
‫الس ِاد َس ة عش رة‪ ،‬وس عد ب ن‬ ‫عنهم‪َْ :‬لحة ب ن عبي د اهلل مل يتج اوز ِ‬
‫الراب َع ة َعش َرة‪ ،‬وال ُّزبَري ب ن الع اوام مل يتَج َاوز ا‬
‫َ ا‬ ‫َ‬
‫أيب وقاص مل يتجاوز السابعة عشرة‪ ،‬وسعيد بن زي د مل يتَج اوز ِ‬
‫اخلامس ة َعش رة‪ ،‬وأب و عُبَي َدة مل يتَج َاوز َس ْبعاً‬ ‫َ‬ ‫َ ا‬
‫ِ (‪)88‬‬ ‫ِ‬
‫جاوز الثَّّلثني ‪.‬‬ ‫الرةن بن عوف مل يتَ َ‬ ‫وعشرين‪ ،‬وعبد َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وجاعة كثِ َريةٌ ِمن‬
‫َّيب ‪ ‬كانوا َش باباً‪ ،‬ق ام عل يهم ال دِّين‪ ،‬وةَلُوه عل ى أكت اف ِهم ح َّ أ َ‬
‫َع َّزُهم‬ ‫أصحاب الن ِّ‬ ‫َ‬
‫صَرُهم‪.‬‬
‫اهللُ ونَ َ‬
‫ص َور من حال الشباب في َعهد الرسول ‪:‬‬ ‫ُ‬
‫يب ‪ ‬وحن ن ش ببة ُمتق اربون‪ ،‬فأقَ ْمن ا عن َده ِعش ِرين‬ ‫‪ -1‬ع ن مال ك ب ن احل َوي ِرث ‪ ‬ق ال‪ :‬أتَين ا النَّ َّ‬
‫فأخبَ ْرن اه‪ ،‬وك ان َرقِيق اً َرِحيم اً‪ ،‬فق ال‪:‬‬ ‫ِ‬
‫وس أَلَنا َع َّم ن تَرْكن ا يف أهلن ا ْ‬
‫ليل ةً‪ ،‬فَظَ ان أناا ا ْش تَ ْقنا أ َْهلَن ا‪َ ،‬‬
‫الص ّلة فَ ْليُ َذِّن‬
‫ض َرت َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُص لاي‪ ،‬وإذا َح َ‬ ‫وص لاوا كم ا رأيتم وِن أ َ‬ ‫وم ُروهم‪َ ،‬‬ ‫((ارجع وا إىل أهل ي ُكم‪ُ ،‬‬
‫َح ُد ُكم‪ ،‬مث ليَ ُ ام ُكم أَ ْك َبكم ))(‪.)89‬‬ ‫لكم أ َ‬
‫باب ِم ن األنص ار َس ْبعِني َر ُج ّلً‬‫‪ -2‬روى اإلم ام أة د يف ُمس نَده‪ ،‬ع ن أن ‪ ‬ق ال‪ ((:‬ك ان َش ٌ‬
‫ناحيَ ة ِم ن املدين ة‬ ‫يق ال هل م ال ُق راء‪ ،‬ق ال‪ :‬ك انوا يكون ون يف املس ِجد‪ ،‬ف إذا أَمس وا انتَح وا ِ‬
‫َْ‬ ‫ا‬
‫املسجد‪ ،‬ويسب أ َْه ل املس ِجد أ ََّا م يف أهلِ ي ِهم‪،‬‬ ‫فيتدارسون ويصلاون‪ ،‬يسب أَهلوهم أام يف ِ‬
‫ْ‬ ‫َُ‬ ‫ََ‬
‫َس نَدوه‬ ‫احتَطَب وا ِم ن احلَطَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب‪ ،‬فَج اءوا ب ه‪ ،‬فَأ ْ‬ ‫الصْبح‪ ،‬استَ ْع َذبوا م ن امل اء و ْ‬
‫ح إذا كانوا يف َو ْجه ُّ‬

‫‪ )86‬رواه البخ اري‪ ،‬كت اب األ عم ة‪ ،‬ب اب‪ :‬التَّس ِميَة عل ى الطَّع ام‪ ،‬رق م (‪ ،)5376‬ومس لم كت اب األش ربة‪ ،‬ب اب‪ :‬آداب الطَّع ام‬
‫الشراب (‪ ،)1599/3‬رقم (‪.)2022‬‬ ‫و َّ‬
‫يح "‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫‪ )87‬رواه أةد (‪ ،)293/1‬والّتمذي‪ ،‬كتاب صفة القيامة‪ ،‬باب (‪ ،)59‬ح (‪ ،)2516‬وقال‪":‬‬
‫حسن صح ٌ‬
‫حديث ٌ‬ ‫ٌ‬
‫حجر رةه اهلل‪ ،‬وغريه‪.‬‬ ‫بعض أعما ِرهم اختِّلف يسري‪ ،‬تُر ِ‬‫‪ )88‬يف ِ‬
‫اجع س َريُهم يف كتاب‪ :‬اإلصابة‪ ،‬البن َ‬ ‫َ‬
‫اس والبَهائِم (الفتح ‪ ،)4327/10‬رقم (‪.)608‬‬ ‫‪ )89‬رواه البخاري يف مواضع‪ ،‬منها‪ :‬كتاب األدب‪ ،‬باب‪َ :‬ر ْةَة النا ِ‬
‫‪58‬‬
‫يب ‪ ‬عل ى‬ ‫جيع اً فَأ ِ‬
‫ُص يبوا ي َ ِ‬ ‫ول ‪ ،‬فب ع ثَهم النَّ يب ‪َِ ‬‬ ‫الرس ِ‬‫إىل ُح ْج َرةِ َّ‬
‫وم بْئ ر َمعونَ ة‪ ،‬فَ َدعا النَّ ا‬ ‫ا‬ ‫ََ ُ‬
‫صّلةِ الغَداة ))(‪.)90‬‬ ‫ِ‬
‫قَتَ لَت ِهم مخَْ َسةَ َع َشر يَ ْوماً يف َ‬
‫يش ال اذ ِاهب إىل‬ ‫يادةَ اجل ِ‬ ‫ِ‬
‫َّيب ‪ ‬يف حادثَة اإلفك ‪ ،‬ويُ َسلِّ ُمه ق َ‬
‫(‪)91‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سامة بن َزيد ‪ ‬يُشاوره الن ا‬ ‫وأ َ‬ ‫‪-3‬‬
‫الروم (‪.)92‬‬ ‫ُّ‬
‫يعله أ َِمرياً على َم َّكةَ (‪.)93‬‬
‫ُسيد‪َ ،‬‬ ‫وعتااب بن أ َ‬ ‫‪-4‬‬
‫َّيب ‪.)94( ‬‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫وعبد اهلل بن الزبري‪ ،‬يقود الغ ْلمان ل ُمبايَ َعة الن ِّ‬ ‫‪-5‬‬
‫املدينَ ة‪ ،‬فَيُ ْس لِم عل ى يَ َديْه أَ ْكثَر أ َْهلِه ا‪ ،‬ويُ ْد ِخل نُ َور‬
‫داعيةً إىل أهل ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ص َعب بن عُ َمري‪ ،‬يُْرسله َ‬ ‫وم ْ‬
‫ُ‬ ‫‪-6‬‬
‫ت ِمن بُيوِتا (‪.)95‬‬ ‫كل ب ي ٍ‬ ‫ِ‬
‫اإلسّلم َّ َْ‬
‫اهلجرةِ‪.‬‬ ‫وأساء بنت أيب بكر رضي اهلل عنها‪ِ ،‬‬
‫وم ْوق ُفها يف َ‬ ‫َ‬ ‫‪-7‬‬
‫الص حابَة فيم ا‬ ‫الصدِّيق رض ي اهلل عنه ا كان ت عالِ َم ة فَِق َيه ة يَ ْرِج ع إليه ا َّ‬ ‫وعائِ َشة بنت أيب بكر ِّ‬ ‫‪-8‬‬
‫أش َكل َعلَْي ِهم‪.‬‬
‫يهات للشباب‪:‬‬ ‫تَوج ٌ‬
‫ِ‬
‫ّلم يف‬
‫فالش باب اقَ ة يُ َس ِّخرها اإلس ُ‬ ‫عاس ة وبَ ّلء‪َّ ،‬‬ ‫باب باإلس ّلم َخ ريٌ وبِن اء‪ ،‬وبغ ِري اإلس ّلم تَ َ‬ ‫الش َ‬‫إن َّ‬
‫َّوجيهات اليت ميلِيها عليك ِدينُك‪:‬‬ ‫الشاب هذه الت ِ‬ ‫إصّلح البَش ِريَّة‪ ،‬فإليك أخي ا‬
‫تام ة ب ه‪ ،‬وال يَ ْلتَ ِف ت‬
‫وع َملِه‪ ،‬ويكون على قَناع ة َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الشاب أن يع ِرف دينَه‪ ،‬وميتَثله يف ُسلوكه َ‬ ‫‪ -1‬على ا‬
‫ور وبا ِ ل‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ض ل ِدي ن‪ ،‬و َّ‬ ‫ألقو ِال احلاقِ ِدين واملش ِّككني‪ ،‬ولِي علَم َّ ِ‬
‫أن ك ال م ا س واه فه و ُز ٌ‬ ‫أن دينَ ه أَفْ َ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬
‫أن عليه أن يُ َس ِّخر ما أَْوَد َعه اهللُ ِمن قُ َّوةٍ ونَشاط يف ِخ ْد َمة هذا الدِّين‪.‬‬
‫و َّ‬
‫دام ت ُمتَ َم ِّس َكةً‬ ‫ِ‬ ‫أن أ َُّمتَ ه ه ي خ ريُ أ َُّم ة‪ ،‬و َّ‬
‫الش اب أن يعلَ م َّ‬
‫أن ه ذه اخلرييَّ ة ثابتَ ة هل ا م ا َ‬ ‫‪ -2‬عل ى ا‬
‫ب ِدينها‪ ،‬ول يعلَم أ ان أ َُّمت ه بَِقي ت َد ْه راً َ ِويّلً رائِ َدة لِلع امل‪ ،‬وأنَّه ِي ب أن تبق ى هل ا ه ِذه ِّ‬
‫الري ادة‪،‬‬
‫بدين اإلسّلم‪.‬‬ ‫وذلك ال يتحقَّق اإال بااللتِزام ِ‬

‫الصحيحني‪ ،‬لكن لي فيه مو ِضع الش ِ‬


‫اهد‪.‬‬ ‫‪ )90‬مسند اإلمام أةد (‪ ،)2235/3‬وأصله يف َّ‬
‫ا‬ ‫َْ‬
‫‪ )91‬البخاري‪ ،‬كتاب الشهادات‪ ،‬باب‪ :‬إذا َع َّدل َّ‬
‫الرجل أَ َحداً‪( ،‬الفتح ‪ ،)248/5‬رقم (‪.)2637‬‬
‫‪ )92‬ترجة أسامة يف اإلصابة‪.‬‬
‫‪ )93‬ترجتُه يف اإلصابة‪.‬‬
‫‪ )94‬ترجة ابن ا‬
‫الزبري يف اإلصابة‪.‬‬
‫‪ )95‬ترجة ُم َ‬
‫صعب يف اإلصابة‪.‬‬
‫‪59‬‬
‫ب الع املني‪،‬‬ ‫نفس ه إص ّلح اآلخ رين‪ ،‬وتَعبِي د النا ِ ِ‬ ‫الشاب أن تكون هَّتُه بعد إص ّلح ِ‬
‫اس ل َر ا‬ ‫ْ‬ ‫على ا‬ ‫‪-3‬‬
‫وء‪ ،‬يكون عليه ِوْزر نَ ْف ِسه‪ ،‬وِوْزر غ ِريهِ‪.‬‬ ‫داعية س ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وليَ ْح َذر أن يكون َ ُ‬
‫ّلم ال ذي ُولِ َد في ه‪ ،‬وعل ى‬ ‫الشاب أن ي ْع ِرف ما لِو َنِه وواالة أ َْم ِرهِ ِمن احل اق‪ ،‬فهو ب لَ ُد اإلس ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫على ا‬ ‫‪-4‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اعة يف املعروف‪ ،‬وليَ ْح َذر أن يكون آلَةً يَ ْستَ ْخد ُمها األَعداءُ‬ ‫أن عليه ل ُواالة أ َْم ِره الطا َ‬ ‫أرضه نَ َشأ‪ ،‬و َّ‬
‫الو َ ِن‪.‬‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬
‫هل ْدم األ َُّمة من داخلها‪ ،‬واإلفساد يف َ‬
‫الصّلة يف وقْتها‪ ،‬وكثرة ِّ‬
‫الذ ْكر‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الشاب أن يكون دائِم االرتِباط باهلل تعاىل‪ِ ،‬من ِخّلل أداء َّ‬ ‫على ا‬ ‫‪-5‬‬
‫وال ادعاء‪ ،‬واالس تعانة ب ه يف جي ع األم ور‪ ،‬والتَّواك ل علي ه‪ ،‬واحملافظ ة عل ى األور ِاد املش روعة‪،‬‬
‫الصباح واملساء‪ ،‬والدُّخول واخلروج‪ ،‬والركوب‪ ،‬ونزول املكان‪ ،‬وغري ذلك‪.‬‬ ‫كأذكار َّ‬
‫ليح َذر ِم ن التَّقلِي د األ َْعم ى ال ذي‬ ‫حمم د ‪ ،‬و ْ‬ ‫احلق ِيقيَّ ة ه و َّ‬
‫الش اب أن يعلَ م أ ان قدوتَ ه ِ‬
‫َ‬ ‫عل ى ا‬ ‫‪-6‬‬
‫ي ْف ِق ُده َشخ ِ‬
‫صيَّتَه وتيُّ َزه‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫يوع ٍة وتَ َك ُّس ٍر‬ ‫الشاب أن يافِ على رجولَتِه‪ ،‬وي تَجنَّب كل ما ِمن شأنِه أن ي ْ ِ ِ‬
‫ضع َفها من ُم َ‬ ‫ُ‬ ‫ا‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫على ا‬ ‫‪-7‬‬
‫وتَ َشباه بِالنِّساء‪ ،‬وغ ِري ذلك‪.‬‬
‫نفس ه عل ى ذل ك‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يصب على مشقَّة فعل الطااعة‪ ،‬وت رك املعص يَة‪ ،‬ح َّ تس تَقيم ُ‬ ‫الشاب أن َ‬ ‫على ا‬ ‫‪-8‬‬
‫وتستَلِ اذ بِه‪ ،‬ففي احل ديث‪ ((:‬اخل ري ع َادة ))(‪ ،)96‬وعلي ه أن ال يَتَ أَثَّر ِمبَن يَ ْس َخر من ه أو يَ ْل ِم َزه‪،‬‬
‫فقد قال تعاىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﳈ ﳉ ﳊ ﳋ ﳌ ﳍ ﳎ ﳏ ﱠ [املطفِّفني‪ ]29 :‬اآليات‪.‬‬
‫أنفسهم لّتبيَّة أبن ائِهم َّ‬
‫الّتبي ة‬ ‫ِ‬
‫‪ -9‬على الشَّباب أن يستَ ْشعروا بأام آباء املستَقبل‪ ،‬فّل ب اد أن يع ادوا َ‬
‫الصحيحة‪ ،‬فَيُ َسلِّحوا أَنْ ُف َسهم بِالعِْلم واأل ََدب‪.‬‬‫َّ‬
‫إن يف احل ِ‬
‫ّلل‬ ‫ّلل‪ ،‬ويتَ َجنَّ ب احل ر َام‪ ،‬ف َّ‬ ‫الش اب إذا أراد أن ي رِّوح ع ن ِ‬
‫نفس ه‪ ،‬أن يلت زم احل َ‬ ‫‪ -10‬عل ى ا‬
‫َُ‬
‫اكف ِن حبّللِ ك ع ن‬ ‫غُْن ي ة ع ن غ ِريه‪ ،‬وأ ان عاقِب ة احل رِام و ِخيم ة‪ ،‬ول ي ُكن ِم ن دعائِ ه‪ ((:‬اللَّه م ِ‬
‫ا‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ضلِك َع َّمن ِسواك ))(‪.)97‬‬ ‫َحر ِامك‪ ،‬وأَ ْغنِن بَِف ْ‬
‫الص ّلح‪،‬‬ ‫ظاهره ا َّ‬ ‫الش باب أن يكون وا ح ِذ ِرين ِم ن األفك ار اهل اد َّام ة ح ول و ك ان ِ‬ ‫‪ -11‬عل ى َّ‬
‫َ‬
‫يس ة يف‬ ‫واإلص ّلح ف ّل يَ ْقبَل وا فِ ْك رة اإال بع د َع ْر ِض ها عل ى العلم اء واألس اتذة ح ال يقع وا فَ ِ‬
‫ر‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫أيدي ُدعاة البا ل‪.‬‬ ‫ِ‬
‫األسئلَة‪:‬‬

‫‪ )96‬جزء من حديث رواه ابن ماجة يف املقدمة‪ ،‬باب‪ :‬فضل العلماء‪ ،)221( ،‬وابن حبان يف صحيحه (‪ )8/2‬وغريهم‪.‬‬
‫‪ )97‬رواه الّتمذي رقم (‪ ،)3634‬وقال‪ ":‬حديث حسن "‪.‬‬
‫‪60‬‬
‫الّتكيز على الشَّباب ؟‬
‫س‪ :1‬ما َسبَب َّ‬
‫حال الشَّباب يف عهد النَّيب ‪ ‬مع التَّعلِيق على كل و ِ‬
‫اح َدةٍ منهما مبا تراه‪.‬‬ ‫س‪ :2‬اذ ُكر صورتني ِمن ِ‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫َْ‬ ‫َُ‬
‫ِ‬
‫األغّلط اليت تراها على شبابِنا اليوم‪ ،‬وما رأيك أنت يف ذلك ؟‬ ‫س‪ :3‬اذ ُكر أر َبعةً ِمن‬
‫ّلجها ؟‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫س‪ :4‬اذ ُكر إحدى َمشاكل الشَّباب‪ ،‬وكيف تَرى ع َ‬

‫‪61‬‬
‫جاعة والرجولَة‬
‫الش َ‬
‫ض ماا ينبَغِ ي أن‬ ‫ِ‬ ‫َّجاعة ِمن أ َْعظَم ِّ‬
‫الرج ال‪ ،‬وهن ا نَتَ َع َّرض لبَياا ا مث نَ ْذ ُكر بع َ‬
‫الصفات اليت يَتَ َميَّز هب ا ِّ‬ ‫الش َ‬
‫يَتَ َميَّز هبا املسلِم ِمن ِصفات ُّ‬
‫الرجولَة‪.‬‬
‫والجبن‪:‬‬
‫جاعة‪ ،‬والت َهور‪ُ ،‬‬ ‫الش َ‬
‫ب وثَباتِه (‪.)98‬‬ ‫الشَّجاعة‪ :‬اإلقدام على قَوٍل أو فِع ٍل فيه خما َرة‪ ،‬لِتَح ِ‬
‫صيل َخ ٍْري أو َدفْ ِع َشر‪ ،‬بِ ُق َّوةِ قَ ْل ٍ‬ ‫َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫َّجاعة لَْي َست هي قُ َّوة البَ َد ِن‪ ،‬وإَن ا ق َّوة ال َق ْل ب وثَباتُه‪،‬‬
‫قال شيخ اإلسّلم ابن تيميَّة رةه اهلل تعاىل‪ :‬الش َ‬
‫ب (‪.)99‬‬ ‫يف ال َق ْل ِ‬ ‫الرجل قَ ِوي الب َد ِن ِ‬
‫ضع َ‬ ‫َ َ‬ ‫وقد يكون َّ ُ‬
‫َّجاعة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اجلب‪ :‬ض اد الش َ‬ ‫و ْ‬
‫ِ‬ ‫والتَّهور‪ :‬إقدام بِّل تَ ْف ِكري يف ِ‬
‫العواقب‪ ،‬وال َتيِيز بني الف ْع ِل احملمود و ُ‬
‫املذموم‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َا‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)100‬‬
‫َّه اور‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فالشَّجاعة ُخلُق فاضل ُمتَ َو ِّسط بني ُخلُقني َرذيلَ ْني‪ :‬اجلب والت َ‬
‫الجبن‪:‬‬‫جاعة‪ ،‬وذَم ُ‬
‫َمدح الش َ‬
‫كل ذلك َم ْدح‬ ‫ِ‬ ‫السناة النَّبويَّة ِمن األمر باجلهاد و َّ‬
‫وذم التااركني له‪ ،‬ا‬
‫الّتغيب فيه‪ ،‬ا‬ ‫كما يف القرآن الكرمي و ُّ‬
‫للج ْب (‪ ،)101‬قال تعاىل‪ :‬ﭐﱡﭐ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ‬ ‫ِ‬
‫َّجاعة وذَم ُ‬
‫للش َ‬
‫ﱸﱺﱻﱼﱽﱾ‬
‫ﱹ‬ ‫ﱲﱴﱵﱶﱷ‬
‫ﱳ‬ ‫ﱮﱯﱰﱱ‬

‫ﱿ ﲀ ﲁ ﱠ [التَّوبة‪.]28 :‬‬
‫هم إِن أعوذ بِك ِمن اجلب ))(‪.)102‬‬
‫وكان ‪ ‬يقول‪ ((:‬اللَّ ا‬
‫َمراتب الناس‪:‬‬
‫أعّله م ال َّديِّن ُّ‬
‫الش جا ‪ ،‬مث‬ ‫ق ال ش يخ اإلس ّلم اب ن تيميَّ ة رة ه اهلل تع اىل‪ :‬النا اس عل ى أربَ َع ة أَقْس ام‪ُ :‬‬
‫ي منهما (‪.)103‬‬ ‫الع ِر ا‬
‫ْسه‪ ،‬مث َ‬ ‫الديِّن بِّل َش َ‬
‫جاعة‪ ،‬مث َعك ُ‬ ‫َّ‬
‫وسبُل تَقويَتها (‪:)104‬‬
‫جاعة من حيث أَصلُها‪ُ ،‬‬
‫أنواع الش َ‬

‫السعدي‪ ،‬اجمللد األول (‪.)400/5‬‬ ‫للميداِن (‪ ،)586/2‬وجممو م لَّفات ا‬


‫العّلمة َّ‬ ‫‪ )98‬يُنظر‪ :‬األخّلق اإلسّلمية‪َ ،‬‬
‫ِ‬
‫صارف‪.‬‬ ‫‪ )99‬جممو الفتاوى (‪ )158/28‬بتَ َ‬
‫الروح البن القيِّم (ص ‪.)236‬‬
‫اهري (ص ‪ ،)32‬و ُّ‬‫السري البن حزم الظا ِ‬ ‫‪ )100‬يُنظر الكتب الثَّّلثَة املت ِّ‬
‫قد َمة‪ ،‬وانظر‪ :‬األخّلق و ِّ َ‬
‫‪ )101‬جممو الفتاوى (‪ )157/28‬وما قبلها وما بعدها‪.‬‬
‫يتعوذ ِمن اجلب (الفتح ‪ ،)35/6‬رقم (‪.)2822‬‬ ‫‪ )102‬رواه البخاري‪ ،‬كتاب اجلهاد‪ ،‬باب‪ :‬ما َّ‬
‫‪ )103‬جممو الفتاوى (‪ ،)26/28‬وانظر أيضاً (ص ‪.)164‬‬
‫‪62‬‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لخ ْل ق‪ ،‬وكم ال‬
‫ص ر احلَ اق‪َ ،‬وراد البا ل‪ ،‬وحتص يل املن افع ل َ‬ ‫أ‪ -‬نَ وع َمحم و ٌد‪ :‬وه ي ال يت يك ون هب ا نَ ْ‬
‫وألجل َم ْرضاتِه‪.‬‬
‫ِ‬ ‫هذا النَّو والثَّواب عليه ُمتَ َعلاق بِ َك ْون ذلك يف َسبِ ِيل اهللِ تعاىل‪،‬‬
‫وق اهللِ تع اىل‪ ،‬وال‬
‫ذموم‪ :‬وه ي ال يت يك ون فيه ا حظ وظ ال نَّ ْف ِ الدَّنِيئَ ة‪ ،‬ال يف حق ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ب‪ -‬ن وع َم ٌ‬
‫حق ِيق َمصاحل َخ ْل ِقه‪.‬‬‫لِت ِ‬
‫َ‬
‫أنواع الشجاعة من حيث ما تتَ َعلَق به (‪:)105‬‬
‫يادة فيه بِأُموٍر‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الز َ‬
‫حتصل ِّ‬ ‫ومكْتَ َسب‪ ،‬كّلها ُ‬ ‫ي‪ُ ،‬‬ ‫َّجاعة نَ ْوعان‪ :‬فطْ ِر ا‬
‫الش َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص ِره وتَأيي ُده‪ ،‬ق ال تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﲤ ﲥ ﲦ‬ ‫عاؤه‪ ،‬والثِّ َقة بِنَ ْ‬
‫ود ُ‬‫‪ -1‬االستعانَة بِاهلل‪ ،‬والتَّوُّكل عليه‪ُ ،‬‬
‫[حممد‪.]7 :‬‬‫ﲧﲨﲩﲪﲫﲬﱠ ا‬
‫ِ‬
‫صيب اإلنسا َن فه و ُم َق دَّر علي ه‪ ،‬وال ميك ن أن‬ ‫أن ما ي ِ‬
‫يدة اإلميان بال َقضاء وال َق َدر‪ ،‬و َّ ُ‬ ‫تَ ْرِسيخ َع ِق َ‬ ‫‪-2‬‬
‫ِ‬
‫َيطئَه‪.‬‬
‫كل‬
‫يل ُّ‬ ‫ِ‬
‫َّجاعة هو املوت‪ ،‬واملوت َسب ٌ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أن غايَة ما ميكن أن يَصل إليه بِ َسبَب الش َ‬ ‫أن يُد ِرك املسلِم َّ‬ ‫‪-3‬‬
‫اس سالِ ُكه‪.‬‬ ‫النا ِ‬
‫احد‪.‬‬ ‫تَعدَّدت األَسباب واملوت و ِ‬ ‫مات بِغَ ِْريه‬ ‫السْي ِ‬
‫َمن مل ميت بِ َّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ف َ‬
‫جاعة يف‬
‫الش َ‬ ‫إن ذل ك أعظَ م َع ْون عل ى تق ِويَ ة روح َّ‬ ‫بطاع ة اهلل‪ ،‬وال ُق رب من ه‪ ،‬ف َّ‬ ‫َّمس ك َ‬ ‫الت ا‬ ‫‪-4‬‬
‫اإلنسان‪.‬‬
‫الش يطان ق د يثريه ا‬ ‫أن َّ‬ ‫ب أكثَره ا أوه ٌام وُت يَّّلت ال أص َل هل ا‪ ،‬و َّ‬ ‫بأن ُمثريات اجل ِ‬ ‫نفسه َّ‬ ‫ِ‬
‫أن يُقنع َ‬ ‫‪-5‬‬
‫جم ع ن اإلق دام عل ى فِ ْع ل اخل ري‪ ،‬ق ال تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ‬ ‫نفس ه لِ يح ِ‬
‫ُْ‬
‫يف ِ‬
‫ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱠ [آل عم ران‪ ،]175 :‬واملع ىن‪ :‬يُثِ ري يف‬
‫اخلوف ِمن أ َْولِيائِه‪.‬‬
‫َ‬ ‫أَن ُف ِسكم‬
‫فش ْيئاً‪ ،‬ح تك ون ُخلُق اً ر ِاس خاً يف ال نَّ ْف ‪ ،‬وق د ك ان ال ُّزبري ب ن‬ ‫جاعة َش يئاً َ‬ ‫الش َ‬ ‫التَّ َد ارب عل ى َّ‬ ‫‪-6‬‬
‫ص غِري‪ ،‬ويض ره َمْي دان املعرَك ة لِتَتَ َع َّود نَ ْف ُس ه عل ى‬
‫صطَحب معه َولَ َده عبد اهلل وه و َ‬
‫العوام ‪ ‬ي ِ‬
‫َْ‬ ‫ا‬
‫جاعة‪ ،‬فال ذي يري د أن يك ون َخ ِطيب اً أو ُمتَ َح دِّثاً‪ ،‬ال‬ ‫ِ‬ ‫(‪)106‬‬
‫‪ ،‬وال َكل َم ة حتت اج إىل َش َ‬ ‫جاعة‬
‫الش َ‬‫َّ‬
‫َصلِه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫خول هذا امليدان من أ ْ‬ ‫يجم ب ْع َدها عن ُد ِ‬
‫َ‬
‫يبدأ بطبة على ع َدد كثِري‪ ،‬لعلَّه أن ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬

‫األول (‪.)403/5‬‬ ‫السعدي‪ ،‬اجمللد ا‬ ‫‪ )104‬يُنظر‪ :‬م لَّفات ا‬


‫العّلمة َّ‬
‫السابقة‪.‬‬ ‫‪ )105‬ينظر‪ :‬املواضع ِّ ِ‬
‫املتقدمة من املراجع ا‬ ‫ُ‬
‫‪ )106‬انظر صحيح البخاري‪ ،‬كتاب املغازي‪ ،‬باب‪ :‬قَ ْتل أيب جهل‪ ،‬احلديث رقم (‪.)3975‬‬
‫‪63‬‬
‫ِ‬ ‫وع دم ُم راءاة النا ِ‬ ‫ِ‬
‫وع َدم املب االة‬
‫جاعة‪َ ،‬‬
‫وش َ‬ ‫اس عن د ف ْع ِل م ا يت اج إىل إقْ دام َ‬ ‫العم ِل هلل‪َ ،‬‬
‫إخّلص َ‬ ‫ُ‬ ‫‪-7‬‬
‫مب ْد ِح ِهم و َذ ِّم ِهم‪.‬‬
‫استِ ْحض ار أ َْم ِره تع اىل ب ذلك‬ ‫جاع ٍة وإقْ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫دام‪ ،‬و ْ‬ ‫استحض ُار َعظَ َم ة اهلل عن د ف ْع ل م ا يت اج إىل َش َ‬ ‫‪-8‬‬
‫الع َمل أو ال َق ْول‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وثَباتُه عليه‪ ،‬وأنَّه يُعاقَب على تَ ْرك اإلقْدام على هذا َ‬
‫الش جاعة‪ِ َّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫وقادِت ا‬
‫يب ‪ ‬وأص حابه‪ ،‬وعُلم اء األ َُّم ة َ‬ ‫خاص ة س َرية النا ِّ‬ ‫ُمطالَ َع ة س َِري األَبْط ِال و َّ َ‬ ‫‪-9‬‬
‫ِ‬
‫الكبار‪.‬‬
‫المسلم‪:‬‬ ‫من صفات الرجولَة التي تَ َميز بها ُ‬
‫بالسنان واللِّسان‪ ،‬والدَّعوة إليه‪ ،‬واألمر باملعروف والنَّهي عن املنكر‪.‬‬ ‫‪ -1‬اجلِهاد يف سبيل اهلل ِّ‬
‫ورد البا ِ ل‪ ،‬والتَّخلِّي عنه بالقول والفعل‪.‬‬ ‫ِ‬
‫احلق‪ ،‬ا‬ ‫َّجاعة يف قَ ْول كل َمة ا‬ ‫‪ -2‬الش َ‬
‫الفاضل‪ ،‬واألدب ِ‬
‫الكامل‪.‬‬ ‫‪ -3‬التَّحلِّي بالعِلم والعمل‪ ،‬واخللُق ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ألجلِها‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫اهلدف والغايَة اليت يَ ْسعى اإلنسان لتَحقيقها‪ ،‬وتَسخري اقَته ْ‬ ‫‪ُ -4‬وضوح َ‬
‫الس ِفيه‪ ،‬ف ّل تَ ْس تَثِريه تَوافِ ه األُم وِر‬
‫ض ب‪ ،‬واحلِْل م عل ى َّ‬ ‫ال األَذى‪ ،‬ومل ك ال نَّف ِ عن د الغَ َ‬ ‫‪ -5‬احتِم ُ‬
‫الش ِديد ال ذي‬ ‫الش ِديد بِ ُّ‬
‫الص َر َعة‪َّ ،‬إَن ا َّ‬ ‫َّ‬ ‫ون‪ ،‬ق ال ‪ ((:‬ل ي‬ ‫فَتُخ ِرج ه ع ن ح اد الع ْق ِل إىل اجلن ِ‬
‫َ َ‬ ‫ْ‬
‫ضب ))(‪.)107‬‬ ‫ِ‬
‫ميلك نَ ْف َسه عند الغَ َ‬
‫‪ -6‬الدِّفا عن الدِّين واحملا ِرم‪ ،‬والغَْي َرة عليها‪.‬‬
‫ألج ِل َم ْرض اةِ َربِّ ه‪ ،‬فه و‬ ‫ِ‬
‫ُتض ع هب ا نَ ْف ُس ه ْ‬ ‫‪ -7‬عُلُ او اهل َّم ة‪ ،‬والت ََّرفُّ ع ع ن ال دَّنايا‪ ،‬وقُ َّوة اإلر َادة ال يت َ‬
‫اع ِة َم ْواله‪.‬‬
‫َّهاون يف َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يَتَ غَلَّب هبا على نَ ْفسه حني تَأْ ُم ُره بال َك َس ِل والت ُ‬
‫جاعة‪:‬‬
‫َمظاهر خاطئة للرجولَة والش َ‬
‫يارة مثّلً‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الس َ‬
‫يادة َّ‬
‫َّهور يف ق َ‬
‫صحيح‪ ،‬كالت ا‬ ‫الر ُجل نفسه يف املهالك دون َغَرض َ‬ ‫أ‪ -‬إلقاءُ َّ‬
‫ٍ‬
‫وزوجات وغ ِريهم‪.‬‬ ‫ب‪ -‬الغِْلظَة على األ فال والنِّساء ِمن ٍ‬
‫أوالد‬
‫احب دون َمع ِرفَة َو ْجه ِّ‬
‫احلق الذي له (‪.)108‬‬ ‫لمه‪ ،‬و ِ‬
‫القيام مع الص ِ‬ ‫ج‪ -‬معاونة الظاامل على ظُ ِ‬
‫ا‬ ‫ُ‬

‫ض ل َم ن ميلِ ك‬
‫‪ )107‬رواه البخاري‪ ،‬كتاب األدب‪ ،‬باب‪ :‬احل َذر ِمن الغضب‪( ،‬الفتح ‪ ،)518/10‬ومسلم‪ ،‬كتاب ال ِ اب‪ ،‬ب اب‪ :‬فَ ْ‬
‫ضب (‪ ،)2014/4‬رقم( ‪.)2609‬‬ ‫نفسه عند الغَ َ‬
‫َ‬
‫تقدم‪ :‬كتاب َمشا ِر‬ ‫الشجاعة‪ ،‬انظر غري ما َّ‬ ‫ِ‬
‫‪ )108‬انظر يف هذا‪ :‬فتاوى شيخ اإلسّلم (‪ ،)17 - 16/28‬لّلستز َادة يف َموضو َّ‬
‫ضل اجلهاد) أليب زكري ا أة د ب ن إب راهيم ال ادميا ِ ي‪ ،‬املش هور ب ابن الناح اس‬ ‫ومثِري الغَرام إىل دا ِر َّ‬
‫السّلم (يف فَ ْ‬ ‫األَ ْشواق إىل َمصا ِر ُ‬
‫الع اشاق‪ُ ،‬‬
‫(‪.)1015-951/2‬‬
‫‪64‬‬
‫األسئلَة‪:‬‬
‫كل منها ِمن إنشائِك‪.‬‬ ‫ِ‬
‫َّهور‪ ،‬واجلب ؟ اذ ُكر مثاالً على ا‬ ‫َّجاعة‪ ،‬والت ا‬
‫س‪ :1‬ما ال َف ْرق بني الش َ‬
‫ِ‬ ‫العو ِامل‬ ‫ِ‬
‫الرجل‪.‬‬ ‫املساعدة لتَ ْق ِويَة روح الش َ‬
‫َّجاعة عند َّ‬ ‫َ‬ ‫س‪ :2‬اذ ُكر أربَعةً من َ‬
‫ِ‬
‫الرجولَة احلَقَّة‪.‬‬‫س‪ :3‬اذ ُكر أ َْربعاً ِمن سات ُّ‬
‫املظاهر اخلا ِ ئَة لِ ُّلرجولَة ( اثنني ِمن ِ‬
‫الكتاب‪ ،‬واثنني ِمن إنشائِك )‪.‬‬ ‫س‪ :4‬اذ ُكر أربعاً ِمن ِ‬

‫‪65‬‬
‫المال في اإلسالم‬
‫ُ‬
‫تَمهيد‪:‬‬
‫هذه احلياة‪ ،‬وجعل له عو ِامل تَقوم هب ا حيات ه ال َفرِديَّة‪ ،‬و ِ‬
‫اجلماعيَّة‪ ،‬واإلنس ان‬ ‫خلَق اهلل تعاىل اإلنسا َن يف ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ ُ‬
‫اعي‬‫ياس ي واالقتِص ِادي واالجتِم ِ‬ ‫الس ِ‬
‫ِّ‬ ‫ه‬‫َ‬ ‫ا‬ ‫ش‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ه‬ ‫ج‬ ‫و‬ ‫ي‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫ي‬ ‫أي إنْسان ي ْنطَلِق يف حياتِه بِناء على تَص ُّوِره االعتِق ِ‬
‫اد‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ا‬
‫وغ ِريها بِناءً على هذا االعتِقاد‪.‬‬
‫الش ْر املطَ َّه ر‪ ،‬تل ك النَّظْ َرة املتَ َميِّ َزة ع ن س ائِر‬
‫ص لَها َّ‬ ‫لم ْس لِم نَظراتُه َّ‬
‫اخلاص ة حن َو امل ِال‪ ،‬النَّظْ َرة ال يت فَ َّ‬ ‫ِ‬
‫ول ُ‬
‫ميكن تَ ْق ِسيمها إىل أَقْ ٍ‬
‫سام ثَّلثَة‪:‬‬ ‫النُّظم املالية يف عامل اليوم‪ ،‬واليت ِ‬
‫ِ‬
‫اإلسّلمي‪.‬‬ ‫‪ -1‬النِّظام‬
‫الرأسال‪.‬‬
‫‪ -2‬النِّظام َّ‬
‫‪ -3‬النِّظام ِ‬
‫االشّتاكي‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬النظام اإلسالمي‪:‬‬
‫ّلم إىل امل ِال يف َكلِم ات ي ِس رية‪ ،‬ولك ن ِ‬
‫ميك ن االقتِص ار عل ى بع ض‬ ‫الص عب تَ ِ‬
‫لخ يص نَظ رة اإلس ِ‬ ‫ِم ن َّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫األصول الضروِريَّة اليت حتيط باملوضو ‪:‬‬
‫مال اهلل‪:‬‬
‫المال ُ‬
‫ُ‬ ‫‪-1‬‬
‫تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﳧ ﳨ ﳩ ﳪ ﳫ‬ ‫ض وم ا عليه ا ِم ْل ك ل ه ع َّز وج ال‪ ،‬فق ال‬ ‫ب َّني اهللُ تع اىل َّ‬
‫أن األ َْر َ‬
‫اآلدميِّ ني لِي عمروه ا‪ ،‬وأَع دَّها النتِف ِ‬
‫اع ِهم‪،‬‬ ‫ﳬ ﳮ ﳯ ﳰ ﳱ ﳲ ﱠ [املائ دة‪ ،]120 :‬خلَ ق فيه ا ِ‬
‫ﳭ‬
‫َ‬ ‫َْ ُ‬ ‫َ‬
‫س بحانه‪:‬ﭐ‬ ‫ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﱠ [البق رة‪ ،]29 :‬ويق ول‬ ‫ﱡﭐ ﲺ‬ ‫يق ول س بحانه‪:‬‬
‫‪،]33‬ﱡﭐ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇ ﲈ ﱠ‬ ‫ور‪:‬‬ ‫ﱡﭐﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱠ [النُّ‬
‫الع ِظيم‪.‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ص ِرف املسلم فيه بِناءً على هذا األ ْ‬
‫َصل االعتقادي َ‬ ‫[احلديد‪ ،]107 :‬فَ ْي نَ َ‬
‫‪ -2‬لإلنسان َحق الت َملك‪:‬‬
‫َم ر املس لم بِتَ ْن ِميَتِ ه‪ ،‬ق ال تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﱘ‬
‫ب التَ َملا ك‪ ،‬واإلس ّلم ل َّي ه ذه الغَ ِري َزَة‪ ،‬وأ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫م ن َغرائ ز اإلنس ان ُح ا‬
‫َ‬
‫ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱠ [اجلمع ة‪،]10 :‬‬
‫ﲼﲾﲿ ﳀﳁ‬ ‫ﲽ‬ ‫وم ه‪ :‬ﭐﱡﭐ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ‬ ‫وق ال فيم ا ح ِك ي ع ن ق ارون وقَ ِ‬
‫ُ َ‬
‫ﳂ ﱠ [القصص‪ ،]77 :‬وغريها ِمن النُّصوص كثري‪.‬‬
‫َّملاك‪ ،‬ومنها‪:‬‬ ‫ِ‬
‫ووسائل هذا الت َ‬ ‫اإلسّلم حدَّد ُرق َ‬
‫َ‬ ‫لكن‬
‫و َّ‬

‫‪66‬‬
‫تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ‬ ‫الس ْعي لِ َك ْسب ال ِّرْزِق‪ :‬يق ول‬
‫ِّجارة و َّ‬
‫الت َ‬ ‫أ‪-‬‬
‫ﱟ ﱡ ﱢﱠ [امللك‪.]15 :‬‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱝﱞ‬
‫ب‪ -‬التَّملاك عن ِريق ِ‬
‫الوصيَّة واإلرث‪.‬‬ ‫َ‬
‫ِ ِِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ج‪ -‬التَّ َملاك عن َ ِريق اجلهاد يف َسبيل اهلل من الغَن َ‬
‫يمة وال َف ْيء‪.‬‬
‫ألح د‪ ،‬فيُحييه ا بِ َّ‬
‫الس ْقي أو ال َّزْر‬ ‫ِ‬
‫د‪ -‬التَّ َملاك عن ريق إحياء األرض املوات‪ ،‬اليت ال تكون م ْلكاً َ‬
‫الص حيح ع ن عائش ة رض ي اهلل عنه ا َمرفوع اً‪َ ((:‬م ن أ َْع َم ر أ َْرض اً ليس ت‬ ‫أو البِن اء‪ ،‬ج اء يف َّ‬
‫ول األ َْمر‪.‬‬ ‫ن‬ ‫ألح ٍد فهو أَحق ))(‪ ،)109‬ولكن يف الوقْت ِ‬
‫احلاضر ال ب َّد ِمن إ ْذ ِ‬
‫ا‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َا‬ ‫َ‬
‫َّملاك عن َ ِريق اهلبات واهلدايا و َ‬
‫العطايا‪.‬‬ ‫ذ‪ -‬الت َ‬
‫عامل المالي في اإلسالم‪:‬‬ ‫‪ -3‬أُصول الت ُ‬
‫رسول اهلل ‪َّ ((:‬إَنا األعمال بالنِّياات‪ ،‬وإاَن ا لك ال‬ ‫َّعامل املال‪ ،‬قال ُ‬ ‫صد يف الت ُ‬ ‫ّلمة النِّ يَّة وال َق ْ‬
‫‪َ -1‬س َ‬
‫الس ِال‪ ،‬والتَّ َق ارب بِه‬ ‫ّلل‪ ،‬واالستِ ْع َ‬ ‫مبعامّلتِه ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫(‪)110‬‬
‫فاف عن ُّ‬ ‫الرْز َق احلَ َ‬ ‫امرئ ما نَوى )) ‪ ،‬فيَ ْقصد َ‬
‫إىل اهللِ تعاىل‪.‬‬
‫ص َدقا وبَيَّن ا بُوِرك‬
‫ول اهلل ‪ ((:‬البَ يِّع ان باخلي ا ِر م ا مل يتَ َفَّرق ا‪ ،‬ف إن َ‬‫الص ْدق‪ ،‬ق ال رس ُ‬ ‫‪ -2‬األمانَة و ِّ‬
‫هلما يف بَْيعِ ِهما‪ ،‬وإن َك َذبا وَكتَما ُِحم َقت بَرَكة بَْيعِ ِهما ))(‪.)111‬‬
‫سبحانه‪ ،‬قال سبحانه وتعاىل‪ :‬ﭐ‬ ‫ِِ‬ ‫املال عن ِ ِ‬ ‫‪ -3‬أن ال يُْل ِهي ُ‬
‫اعة اهلل تعاىل‪ ،‬وأن ال يُ َ ِّدي إىل َم ْعصيَته ُ‬ ‫َ‬
‫ﱡﭐﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲘ‬
‫ﲗﲙﲚ ﲛ‬
‫ﲜ ﲝ ﲞﱠ [املنافقون‪.]9 :‬‬
‫ور‬
‫احلّلل ِّبني واحلرام ِّبني‪ ،‬وبينهم ا أم ٌ‬
‫ُ‬ ‫املعامّلت املشتَبِ َهة لِئَ اّل يَ َقع يف احلرام‪ ،‬قال ‪((:‬‬ ‫اتِّقاء َ‬ ‫‪-4‬‬
‫وم ن‬ ‫ِِ ِ ِ ِ‬ ‫ُم ْش تَبِهات ال يَ ْعلَ ُم ُه ان كثِ ريٌ ِم ن النا اس‪ ،‬فَ ِم ن اتَّق ى ُّ‬
‫الش بُهات فق د اس تََبأ لدين ه وع ْرض ه‪َ ،‬‬

‫‪ )109‬أخرجه البخاري يف كتاب احلرث واملزارعة‪ ،‬باب‪َ :‬من أحيا أرضاً َمواتاً (‪ ،)18/5‬رقم (‪ ،)2335‬وهذا لفظ ه ق ال احل اف ‪":‬‬
‫اإلساعيلِ اي (فهو أَ َح اق هبا)‪.‬‬
‫ِ‬ ‫زاد‬
‫‪ )110‬أخرجه البخ اري يف ص حيحه‪ ،‬كت اب ب دء ال وحي‪ ،‬ب اب‪ :‬كي ف ك ان ب دء ال َو ْحي (‪ ،)9/1‬رق م (‪ ،)1‬ومس لم‪ ،‬كت اب اإلم َارة‬
‫باب‪ :‬قوله ‪ ((:‬إَنا األعمال بالنِّ يَّة )) (‪ ،)1515/3‬برقم (‪.)1907‬‬
‫‪ )111‬أخرجه البخاري يف ص حيحه‪ ،‬كت اب البي و ‪ ،‬ب اب‪ :‬إذا بَ َّني البَ يِّع ان ومل يَ ْكتُم ا (‪ ،)309/4‬ب رقم (‪ ،)3079‬ومس لم كت اب‬
‫الص ْدق يف البيع والبَيان (‪ ،)1164/3‬رقم احلديث (‪.)1532‬‬ ‫البيو ‪ ،‬باب‪ِّ :‬‬
‫‪67‬‬
‫وش ك أن يَ َق ع في ه‪ ))..‬احل ِديث‬
‫اعي ي رعى ح وَل احلِم ى ي ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫َوقَ َع يف الشُّبهات َوقَع يف احلرام‪ ،‬كالار َ ْ َ ْ‬
‫(‪.)112‬‬
‫الش ر عل ى حت ِرميِه‪ ،‬و ِ‬ ‫ِ‬
‫ميك ن‬ ‫َّعام ل امل ال احل ال اإال م ا َد َّل َّ ْ ُ‬
‫َص ل يف الت ُ‬ ‫احملرَم ة‪ :‬األ ْ‬
‫جتنَّ ب املع َامّلت َّ‬ ‫‪-5‬‬
‫العامة اآلتية‪:‬‬
‫اعد َّ‬ ‫جَْع ذلك يف ال َقو ِ‬
‫الر ْةَة بِاخلَْلق‪ ،‬ق ال تع اىل‪:‬ﭐ‬
‫الع ْدل و َّ‬
‫الربا‪ ،‬وهو ُم ْقتَضى َ‬ ‫السنَّة حت ِرمي ِّ‬
‫الربا‪ ،‬وقد ثَبَت يف الكتاب و ُّ‬ ‫ِّ‬ ‫أ‪-‬‬
‫ﱡﭐ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱠ [البقرة‪.]275 :‬‬
‫ّلحه‪ ،‬وحن و‬ ‫امليس ر‪ ،‬واجمله ول‪ ،‬وب ي ع الثَّم ر قب ل ب ُدو ص ِ‬ ‫املعامّلت اليت فيها َغرر‪ ،‬وي ْدخل فيه ا ِ‬ ‫ب‪-‬‬
‫ُ ا َ‬ ‫َْ َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َ‬
‫ذلك‪.‬‬
‫ما فيه ِغش وتَ ْدلِي ٌ ‪ ،‬قال رسول اهلل ‪َ ((:‬من َغ َّشنا فلي ِمناا ))(‪.)113‬‬ ‫ج‪-‬‬
‫ضَرَر وال ِضرار ))(‪.)114‬‬ ‫إضر ٌار‪ ،‬قال رسول ‪ ((:‬ال َ‬ ‫ضَرٌر أو ْ‬ ‫أن يَتَ َرتَّب على َ‬
‫املعاملَة َ‬ ‫د‪-‬‬
‫احلق املشرو َ فيه‪ ،‬مثل‪:‬‬ ‫أن يُ َ ِّدي ا‬ ‫‪-6‬‬
‫املال وقَ ْد ِره‪ ،‬وهذا َحق َم ْفروض‪.‬‬ ‫قاديرها يف الشَّر ‪ ،‬حبسب نَوِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫املفروضةُ املعيَّنَة َم ُ‬
‫َ‬ ‫الزكاة‬ ‫أ‪-‬‬
‫حاج ة املس لِ ِمني إذا مل يَ تَ َم َّكن‬
‫الزْو َج ة واألوالد‪ ،‬وك ذا عن د َ‬ ‫ات الو ِاجبَ ةُ‪ ،‬كالنَّ َف َق ة عل ى َّ‬
‫النَّ َفق ُ‬ ‫ب‪-‬‬
‫حتق ِيقها‪.‬‬
‫املال ِمن ِ‬ ‫بيت ِ‬ ‫ُ‬
‫وعظَّم أَ ْجَر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب إليها اإلسّلم َ‬ ‫الب املتَ َع ِّد َدة‪ ،‬وهذه ُم ْستَ َحباة نَ َد َ‬
‫الص َدقات والتَّبَ ُّرعات واهلبات وأنوا ا‬ ‫َّ‬ ‫ج‪-‬‬
‫املودة وس اد احلاجة‪ ،‬ومواساة ال َف ِق ِري و ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املسكني‬ ‫َ ُ‬ ‫ف َمثُوبَتَه؛ لما يُوِرثُه من احملبَّة و َّ َ‬ ‫صاحبِها‪َ ،‬‬
‫وضاع َ‬
‫وغري ذلك‪ ،‬قال سبحانه وتعاىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ‬

‫ﲂ ﲄ ﲅ ﲆ ﱠ [البقرة‪:‬‬
‫ﲃ‬ ‫ﱽﱿﲀﲁ‬
‫ﱾ‬ ‫ﱷﱸﱹﱺﱻﱼ‬
‫‪.]261‬‬
‫ثانياً‪ :‬النظام الرأسمالي‪:‬‬

‫‪ )112‬أخرج ه البخ اري‪ ،‬كت اب اإلمي ان‪ ،‬ب اب‪ :‬فض ل َم ن اس تبأ لِ ِدين ه (‪ ،)126/1‬رق م احل ديث (‪ ،)52‬ومس لم كت اب املس اقاة‪،‬‬
‫الشبهات (‪ ،)1219/3‬رقم احلديث (‪.)1599‬‬ ‫باب‪ :‬أخذ احلّلل وترك ُّ‬
‫يب ‪َ ((:‬من َغ َّشنا فلي ِمناا )) (‪ ،)199/1‬برقم (‪.)20‬‬ ‫) أخرجه مسلم‪ ،‬كتاب اإلميان‪ ،‬باب قول النَّ ِّ‬
‫‪113‬‬

‫ضار جبا ِره (‪ ،)784/2‬برقم (‪ ،)2240‬وأخرجه اإلمام أةد‬‫) أخرجه ابن ماجه‪ ،‬كتاب األحكام‪ ،‬باب‪َ :‬من بىن يف َح ِّقه ما يَ ُ‬
‫‪114‬‬

‫الصحيحة (‪.)250‬‬ ‫السلسلة َّ‬


‫الشيخ األلباِن يف ِّ‬
‫وصححه َّ‬
‫(‪َّ ،)313/1‬‬
‫‪68‬‬
‫األساس يَّة وفَ ْلس َفته ِ‬
‫الف ْك ِريَّ ة تق وم عل ى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ُ‬ ‫عامت ه‬
‫ود َ‬‫الرأس ال عل ى ِو ْج َه ة االقتص اد احلُ ار‪َ ،‬‬ ‫يق وم النِّظ ام َّ‬
‫ي‪.‬‬ ‫ِ‬
‫امل ْذ َهب ال َفرد ا‬
‫أسس النظام الرأسمالي‪:‬‬ ‫أهم ُ‬
‫ذهب ال َف ْرِدي َح اق‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪ -1‬امللكيَّ ة ال َف ْرديَّ ة أل ََدوات اإلنت اج‪ ،‬وةايَ ة الد َّْولَ ة هل ا‪ ،‬فامللكيَّ ة ال َف ْرديَّ ة يف امل َ‬
‫كل قَ ْي ٍد‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ُمطْلَ ٌق من ا‬
‫صادي‪ ،‬وتكره ُحراً لتناف األفراد‪.‬‬ ‫َّشاط االقتِ ِ‬ ‫الدولَة يف الن ِ‬ ‫‪َ -2‬ع َدم تَ َد ُّخل َّ‬
‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ي‬ ‫فع ة ال اذاتِيَ ة ه ي األُم ور ِّ‬
‫احملرَك ة للنَّش اط االقتص اد ا‬
‫ِ‬
‫‪ -3‬ح اف ال ِّربْح واملص لَ َحة الشَّخص يَّة‪ ،‬واملنَ َ‬
‫و ِ‬
‫الباعثَة له‪.‬‬
‫انقسام اجملتَ َمع إىل ُم اّلك وغ ِري ُم اّلك‪.‬‬ ‫‪ِ -4‬‬
‫دعامة أساسيَّة يف النِّظام الرأسال‪.‬‬ ‫ِ‬
‫املسمى عندهم‪( :‬الفائدة) َ‬ ‫(الربا) َّ‬ ‫ِّ‬ ‫‪-5‬‬
‫املال ِسوى مالِكه‪.‬‬ ‫‪ -6‬لي ألي كان حق يف ِ‬
‫َ‬
‫المترتبة على هذا النظام‪:‬‬ ‫اآلثار ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّدت‬ ‫‪ -1‬تُ َ ِّدي ه ذه املب ادئ إىل ُس لوك َس بِ ٍيل يُوص ُل إىل امل ال ويَِزي د م ن األ َْرب اح‪ ،‬وبِن اء علي ه تَ َع د َ‬
‫القم ار وجت َارة اخلم ر واملخ ِّدرات‪ ،‬وأس لِ َحة‬ ‫الش ِريف‪ ،‬فانْتش ر االحتِك ار و ِ‬
‫ََ‬ ‫وس ائِل ال َك ْس ب غ ري َّ‬
‫الدَّمار‪ ،‬وغريها‪.‬‬
‫ألن امل َال احنص ر يف بن ٍ‬
‫وك ِربَ ِويَّ ة‬ ‫ََ ُ‬ ‫ض ِحيَّتَه َمّلي ني األف راد؛ َّ‬ ‫ووقَ ع َ‬
‫ِ‬ ‫‪ -2‬انتَ َش ر ِّ ِ‬
‫الرب ا انتش اراً واس عاً‪َ ،‬‬
‫رأسالِيَّة‪.‬‬
‫أي َد ْوٍر يف ه ذا‬ ‫يص ني عل ى املثُ ل العلي ا واأل ِ ِ‬ ‫لض عفاء وال ُف َق راء أو احل ِر ِ‬ ‫ِ‬
‫َخ ّلق احلَمي َدة ا‬ ‫ْ‬ ‫ُ ُ‬ ‫‪ -3‬ل ي ل ُّ َ‬
‫النِّظام‪.‬‬
‫ِ‬
‫صحاب اجلاه على اجملتَ َم ِع‪ ،‬والتَّ َح اكم فيه‪.‬‬ ‫‪َ -4‬سْيطََرة األَ ْغنياء وأَ ْ‬
‫ثالثاً‪ :‬النظام االشتراكي (الشيوعي)‪:‬‬
‫اجلماع ِة‬
‫َ‬ ‫ص لَ َحةَ‬ ‫االشّتاكِي (الشُّيوعي) على ِض اد نَظَ ِريَّة امل ْذ َهب ال َف ْرِدي‪ ،‬حي ث يَ َرى أ َّ‬
‫َن َم ْ‬
‫يقوم النِّظام ِ‬
‫هي احلاكِ َمة‪ ،‬اأما املصلَ َحة ال َف ْرِديَّة فَ ُم ْلغاة‪.‬‬
‫ُسس النظام االشتراكي‪:‬‬ ‫أهم أ ُ‬
‫‪ -1‬إلغاء امل ْل ِكيَّة ال َف ْرِديَّة‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫حاجتِ ه‪ ،‬وعلي ه أن‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫لمال‪ ،‬وامل ِّ ِ ِ‬‫‪ -2‬الدَّولَة هي املالِ َكة لِ ِ‬
‫وج َهة لّلقْتصاد كلاه‪ ،‬ف ّل َح َّق لل َف ْرد اإال ب َق ْد ِر َ‬ ‫ْ‬
‫يع اقَتِه‪.‬‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫يَْب ُذ َل للد َّْولَة َج َ‬
‫‪َ -3‬زعم تَوِزيع الثَّروة على ِ‬
‫اجلمي ِع‪.‬‬ ‫َْ‬
‫المترت بَة عليه‪:‬‬ ‫اآلثار ُ‬
‫ُ‬
‫َّملُّك اليت َغَرَزها اهللُ سبحانَه وتعاىل يف اإلنسان‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حلب الت َ‬
‫صاد َمة الفطْرة اإلنسانيَّة ا‬ ‫‪ُ -1‬م َ‬
‫ألن اإلنسا َن يَ ْع َمل لِغَ ِْريه‪.‬‬ ‫‪ -2‬ال َقضاء على َحوافِز اجلِ اد واالجتِهاد؛ َّ‬
‫يل لِتَ ْن ِميَتِها‪.‬‬
‫َ‬
‫‪ -3‬ال َقضاء على املو ِاهب واإلبداعات‪ ،‬فّل َسبِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الدولَة تَعِيش بِرخاء ور ِ‬ ‫املسي ِطَرة يف َّ‬
‫فاهيَّة‪ ،‬وتَ ْس ُكن م ا تَش اء م ن املس اكن‪ ،‬وتُ ْغ دق امل َال‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫‪ -4‬الطَّبَ َقة ْ‬
‫َّعاس ِة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫على نَ ْفسها‪ ،‬وبَقيَّة اجملتَ َم ِع يَعيش َع ْك َ ه الء تاماً من الشِّفاء والت َ‬
‫وثار عليه أ َْهلُه‪ ،‬وتَ َف َّكك ت َد ْولَتُه يف َمطْلَ ع ه ذا الق رن‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َّ‬
‫ولذا مل يَتَ َمكن هذا امل ْذ َهب الفاسد من البَقاء‪َ ،‬‬
‫اهلج ِري‪.‬‬
‫األسئلَة‪:‬‬
‫س‪ ( :1‬املال نِ ْع َمة ِمن اهللِ ) ما أَثَر ذلك على املسلِم ؟‬
‫بارة‪.‬‬‫ِ‬ ‫مال اهللِ ) َو ِّ‬
‫ضح معىن هذه الع َ‬ ‫املال ُ‬ ‫س‪ُ ( : 2‬‬
‫ض األ َِدلَّة‬
‫َّملا ك في ه‪ ،‬اذ ُك ر بع َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ّلم إىل امل ال بأنَّه ُم ْل ك هلل تع اىل ُم ن َح اإلنس ا ُن َح اق الت َ‬ ‫س‪ :3‬ينظَر اإلس ُ‬
‫شروعة‪.‬‬
‫َّملاك امل َ‬ ‫بعض ُسبُل الت َ‬ ‫ضحاً َ‬ ‫على ذلك ُم َو ِّ‬
‫ضَرر ؟‬ ‫املعامّلت اليت فيها َ‬ ‫الربا و َ‬ ‫اإلسّلم ِّ‬
‫َ‬ ‫س‪ِ :4‬ملَ َحَّرم‬
‫عم ا‬ ‫ِ‬
‫اآلخ رة ال ب َّد وأن ي تَعام ل بِ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ض وابط‪ ،‬حت دَّث ا‬ ‫َ َ‬ ‫س‪ :5‬لك ي يَتَ َمتَّ ع املس لم بامل ال‪ ،‬ويُثْم ر يف ال دُّنيا و َ ُ‬
‫املعامّلت امل ْشتَبِ َهة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫يتَ َعلَّق ب َ‬
‫االشّتاكي‪ ،‬فيما يلي‪:‬‬‫ِّظام ِ‬ ‫الرأسال‪ ،‬والن ِ‬ ‫اإلسّلم املال‪ ،‬والن ِ‬
‫ِّظام َّ‬ ‫ِ‬ ‫س‪ :6‬قا ِرن بني نِظام‬
‫َص ِل ِ‬
‫املال‪.‬‬ ‫‪ -1‬النَّظَْرة إىل أ ْ‬
‫َّملاك‪.‬‬ ‫َح ِّقيَّة الت َ‬
‫‪ -2‬أ َ‬
‫‪ -3‬النَّتائِج‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫اإلنفا ُق وآدابُه‬
‫نع َمةُ المال‪:‬‬
‫حتص ى‪:‬ﭐﱡﭐ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌﭐ ﭐ ﭐﱠ [إب راهيم‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ن َع م اهلل س بحانَه وتع اىل كث َرية ال تُ َع اد وال َ‬
‫عم ة امل ال‪ ،‬وال ِّرزق‪ ،‬وه ذه النِّعم ة ال يت تُ َ َّدى ِم ن ِخّلهل ا كثِ ريٌ ِم ن العب ادات‪ ،‬وال‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪ ،]34‬وم ن أعظ م ال نِّعم‪ :‬ن َ‬
‫احها‪.‬‬ ‫يستغن عنها خملوق حي ح َّ الطُّيور تبحث عن أرزاقِها يف غُ ُد ِّوها ورو ِ‬
‫َ‬ ‫َا‬
‫ك ُفرونَ ه‪ ،‬ق ال تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﲖ‬ ‫ودعُ ه ِعب َاده؛ لِيَْبتَلِ يَ ُهم أَيَ ْش كرونَه أم يَ ْ‬
‫ال اهللِ تع اىل ي ِ‬
‫ُ‬ ‫وه ذا امل ال م ُ‬
‫ﲗ ﲘ ﱠ [اإلس راء‪ ،]6 :‬وق ال س بحانَه‪:‬ﭐﱡﭐ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗﱠ‬

‫ﱢﱤﱥﱦﱧﱨﱠ‬ ‫ﱣ‬ ‫وع ّل‪:‬ﭐﱡﭐ ﱠ ﱡ‬ ‫[العنكب وت‪ ،]60 :‬وق ال ج ال َ‬


‫[إبراهيم‪.]7 :‬‬
‫وص َوُره‪:‬‬
‫المشروع ُ‬ ‫أنواع اإلنفاق َ‬
‫المشروعة‪ ،‬وهي نَوعان‪:‬‬ ‫َ‬ ‫األوجه‬
‫ومن حقوق المال إنفاقُه في ُ‬
‫الزوجة‪ ،‬وأداء الزكاة املفروضة وحنو ذلك‪.‬‬ ‫أ‪ -‬و ِاجب‪ :‬كاإلنفاق على النَّف والولد و َّ‬
‫ب‪ ،‬كص َدقَة التَّط او ‪ ،‬واإلنف اق يف أَْو ُج ه ال ِ اب املتَ نَ ِّو َع ة‪ ،‬كالنَّف َق ة عل ى اليت امى واألرام ل‬ ‫ب‪ُ -‬مس تَ َح ا‬
‫والفق راء واملس اكني‪ ،‬وكاهلب ات واهل دايا‪ ،‬والتَّ ُّب مل َّسس ات ال ِ اب واإلغاث ة‪ ،‬وحن و ذل ك‪ ،‬وإنف اق‬
‫وجة الغِنِيَّة على َزْوِجها ال َف ِقري‪.‬‬
‫الز َ‬
‫َّ‬
‫المشروع‪:‬‬
‫من ثَمرات اإلنفاق َ‬
‫تعاىل‪ :‬ﭐﱡﭐ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ‬ ‫دخول اجلنَّة‪ ،‬يقول‬ ‫‪-1‬‬
‫ﱊﱋﱌﱍﱎﱏﱐﱑﱒﱓﱔﱕ‬
‫ﱗ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱠ [آل عمران‪.]134- 133 :‬‬ ‫ﱘ‬ ‫ﱖ‬
‫يب ‪ ‬ق ال‪ ((:‬اتَّق وا النا َار ول و بِ ِش اق‬ ‫الش يخان َّ‬ ‫ال ِوقاي ة ِم ن النا ار‪ِ ،‬‬
‫أن النَّ َّ‬ ‫الس يائات‪ ،‬روى َّ‬ ‫وتكف ري َّ‬ ‫َ‬ ‫‪-2‬‬
‫الص َدقَة تُطْ ِفئ اخلَ ِطيئَة كما يُطْ ِفئ املاءُ النا َار ))(‪.)116‬‬
‫ترة ))(‪ ،)115‬ويقول ‪ ((:‬و َّ‬ ‫َ‬

‫‪ )115‬أخرجه البخاري‪ ،‬كتاب الزكاة‪ ،‬باب‪ :‬اتَّقوا النا َار ولو بِ ِش اق ت رة (‪ ،)283/3‬ب رقم (‪ )1417‬ب رقم (‪ ،)1019‬كت اب الزك اة‪،‬‬
‫ترة‪.‬‬ ‫ِِ‬
‫الص َدقة ولو بش اق َ‬
‫ث على َّ‬
‫باب‪ :‬احلَ ا‬
‫الص ّلة (‪ ،)13/5‬رق م احل ديث (‪ ،)2626‬وأخرج ه النَّس ائي يف‬
‫‪ )116‬أخرج ه الّتم ذي‪ ،‬كت اب اإلمي ان‪ ،‬ب اب‪ :‬م ا ج اء يف ُح ْرَم ة َّ‬
‫فسري‪.‬‬ ‫الكبى (‪ ،)428/6‬برقم (‪ ،)11394‬كتاب التَّ ِ‬
‫‪71‬‬
‫ضاع َفةً‪ ،‬يقول تعاىل‪ :‬ﭐﱡﭐ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ‬ ‫ضاع َفة األُجور أَ ْ‬ ‫ِ‬
‫ضعافاً ُم َ‬ ‫وم َ‬‫تكثري احلسنات‪ُ ،‬‬ ‫َ‬ ‫‪-3‬‬
‫ﱽﱿﲀﲁ‬
‫ﱾ‬ ‫ﱱﱲﱳﱴﱵﱶﱷﱸﱹﱺﱻﱼ‬

‫ﲂ ﲄ ﲅ ﲆﭐﱠ [البقرة‪ ،]261 :‬ويقول سبحانَه‪:‬ﭐﱡﭐﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ‬


‫ﲃ‬

‫ﲃ ﲅ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐﲑ ﲒ ﲓﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ‬
‫ﲄ‬ ‫ﲂ‬

‫[الزَمر‪.]20 :‬‬
‫ﱠ ُّ‬
‫ّلمة ل ه ِم ن اآلف ات‪ ،‬يق ول س بحانَه وتع اىل‪:‬ﭐ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ُه رة لِ ِ‬
‫وس َ‬‫لمْنف ق‪ ،‬وتزكيَ ة ل َق ْلبِ ه‪ ،‬وتَ ْنميَ ة للم ال‪َ ،‬‬
‫َْ ُ‬ ‫‪-4‬‬
‫ﱡﭐﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﱠ [التَّوبة‪.]103 :‬‬
‫آداب اإلنفاق‪:‬‬
‫ُ‬
‫ض راً آداب اً ُم ِه َّم ةً‬ ‫املنف ق مستَح ِ‬ ‫اإلنفاق تلك الثِّمار الع ِظيمةَ وال َفوائِ َد اجللِيلَة ال ب اد أن يكون ِ‬ ‫َ‬ ‫لكي يُ َ ِّدي‬
‫ُ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬
‫فيه‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫اإلخّلص‪:‬‬
‫ُ‬ ‫‪-1‬‬
‫العبوديَّ ة هلل تع اىل ال يَ ُش وهبا ش ائِبَة ِري ٍاء أو ُس َع ٍة أو غ ِريه ا‪ ،‬ف إذا أنْ َف َق عل ى‬ ‫اإلخ ّلص يع ن‪ :‬جت ِري د ِ‬
‫حامداً له على هذه النِّ ْع َمة‪ ،‬وإذا أنفق على‬ ‫نَ ْف ِسه وأُسرتِه ي ْن ِفق شاكِراً هلل تعاىل على ما أعطاه ِمن هذا املال‪ِ ،‬‬
‫َْ ُ‬
‫الرس ول ‪:‬‬ ‫اب ِم ن ه ذا اإلنف اق‪ ،‬يق ول َّ‬ ‫ِ‬
‫ال ُفق راء واملس اكني‪ ،‬أو َمش اريع اخل ري وأعم ال ال اب يري د األج َر والثَّو َ‬
‫لكل امر ٍئ ما نَوى ))(‪.)117‬‬ ‫ِّ‬
‫((إَنا األعمال بالنِّ ياات‪ ،‬وإَنا ا‬
‫اس يف ال ُّدنيا‪ ،‬ول ي‬ ‫أخ َذ َحظَّه ِم ن ثَن ِاء النا ِ‬‫ومن أَنْ َف َق ِرياءً أو سُْ َعةً َ‬
‫ِ‬
‫فمن أن َف َق يَْبتَغي األَ ْجَر فلَه ذلك‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫ض ى علي ه‬ ‫إن َّأوَل النا ِ‬
‫ل ه َح يف اآلخ رة‪ ،‬فع ن أيب هري رة ‪ ‬أنَّه ق ال‪ :‬سع ت رس ول اهلل ‪ ‬يق ول‪َّ ((:‬‬ ‫ِ‬
‫اس يُ ْق َ‬
‫ص ناف امل ِال كلِّ ه‪ ،‬ف أُيت ب ه فَ َعَّرفَ ه نِ َع َم ه‬ ‫ِ‬
‫ي وم القيام ة ثّلث ة‪ ))...‬وم نهم‪َ ((:‬ر ُج ٌل َو َّس َع اهللُ علي ه وأعط اه م ن أَ ْ‬
‫فعَرفَها‪ ،‬قال‪ :‬فم ا َع ِم ْل ت فيه ا ؟ ق ال‪ :‬م ا تَ ْرُك ت ِم ن َس بِ ٍيل ِحت ب أن يُْن َف ق فيه ا اإال أَنْ َف ْق ت فيه ا ل ك‪ ،‬ق ال‪:‬‬ ‫َ‬
‫ب على َو ْج ِهه‪ ،‬مثَّ أُلْ ِق َي يف الناار ))(‪.)118‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َك َذبْت‪ ،‬ولكنَّك فَ َعلت ليُقال َجواد‪ ،‬فقد قيل‪ ،‬فَ ُسح َ‬
‫عدم ال َم ان واألَذى‪:‬‬
‫َ‬ ‫‪-2‬‬
‫عطي فَيُ ِذيه‪.‬‬‫ال من هو‪ :‬التَّح ُّدث مبا أَ ْعطَى ح ي ب لُغ ذلك امل ِ‬
‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َا‬
‫ُ‬
‫طاول والتَّ َش ِّكي‪.‬‬
‫ب والتَّ ُ‬‫الس ُّ‬
‫واألَ َذى هو‪َّ :‬‬

‫‪ )117‬أخرجه البخاري يف صحيحه‪ ،‬كتاب بدء ال َوحي (‪ ،)9/1‬ب رقم (‪ ،)1‬ومس لم‪ ،‬كت اب اإلم ارة‪ ،‬ب اب قول ه ‪َّ ":‬إَن ا األعم ال‬
‫بالنِّ يَّة " (‪ ،)1515/3‬برقم (‪.)1907‬‬
‫) رواه مسلم‪ ،‬كتاب اإلمارة‪ ،‬باب‪َ :‬من قاتَل لِلِّرياء و ُّ‬
‫الس ْم َعة استَ َح اق الناار (‪ ،)1514/3‬برقم (‪.)1905‬‬ ‫‪118‬‬

‫‪72‬‬
‫وع َدم ال َم ِّن واألَذى ه و األَ َدب الثا اِن ال ذي يَتَّ ِف ق م ع م ا فَطَ َر اهللُ تع اىل ال نَّ ْف َ اإلنس انِيَّةَ علي ه ِم ن‬
‫العط اءُ َم ْقرون اً ِمبَن أو أَذى؛ إذ إ َّن ه ذا ال َم ان ََيْ َدش َكر َام ة‬ ‫ِ ِ‬
‫ال َكر َام ة والع َّزة‪ ،‬فتل ك ال نَّ ْف ُ تَأىب أن يك ون ه ذا َ‬
‫شاعَرها‪ ،‬ويَ ْستَ ِذ ُّهلا مبِِنَّتِه‪ ،‬ويُ ْشعُِرها بِ َّ‬
‫الصغا ِر واهلو ِان‪.‬‬ ‫فوس ال َك ِرمية ويرح م ِ‬
‫َْ َ‬ ‫النُّ ِ‬
‫غري َمقبولَة‪ ،‬يقول تعاىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﲯ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الص َدقات املقرونَة بال َم ان واألَذى با لَة َ‬ ‫جعل اهللُ سبحانه َّ‬ ‫ومن هنا َ‬
‫ﳁ‬ ‫ﳀ‬ ‫ﲰﲱﲲﲳﲴﲵﲶﲷﲸﲹﲺﲻﲼﲽﲾﲿ‬

‫ﳑﳓﳔﳕ‬
‫ﳒ‬ ‫ﳊﳌﳍﳎﳏﳐ‬
‫ﳋ‬ ‫ﳂﳃﳄﳅﳆﳇﳈﳉ‬

‫ﳖ ﳗ ﱠ [البقرة‪.]264 :‬‬
‫الل النا ِ‬
‫اس‪َ ،‬ج َعلَ ه‬ ‫وخلسة نف ِ املناان بِع ِطيَّتِه‪ ،‬ولُ ِم َبعِه ور ْغبتِ ه يف االس تِع ِ‬
‫ّلء الك ِاذب‪ ،‬وتَطَلُّعِ ه إىل إ ْذ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ْ ََ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬
‫يام ة وال ينظُر إل يهم وال يُزِّكي ِهم وهل م َع ذاب أَلِيم‪ ،‬وه م‬ ‫الرسول ‪ِ ‬م ن الثَّّلث ة ال ذين ال ي َكلِّمه م اهلل ي ِ‬
‫وم الق َ‬‫ُ َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َّ‬
‫كما يف احلديث‪ ((:‬املسبِل‪ ،‬واملناان‪ ،‬واملنَ ِّفق ِس ْلعته باحللِف ِ‬
‫الكاذب ))(‪.)119‬‬ ‫ََ َ َ‬ ‫ُ‬
‫‪ -3‬اإلنفاق ِمن ِ‬
‫املال الطَّيِّب‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫ب‬
‫فأح ا‬ ‫ألن اهللَ تعاىل َيِّب ال يقبَل اإال َيِّباً‪ ،‬فقد أََمر سبحانَه باإلنفاق من الطَّيِّب احملبوب للنَّ ْف ‪َ ،‬‬ ‫َّ‬
‫آمراً باإلنفاق ِمن الطَّيِّبات‪:‬ﭐﱡﭐ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ‬ ‫ألخيك ما حتب لِنَ ْف ِسك‪ ،‬يقول تعاىل ِ‬ ‫ِ‬
‫ا‬
‫ﲏﲑﲒﲓﲔﲕﲖﲗﲘﲙﲚ‬
‫ﲐ‬ ‫ﲊﲋﲌﲍﲎ‬

‫ﲛ ﲝ ﲞ ﲟ ﲠ ﲡ ﱠ [البقرة‪.]267 :‬‬ ‫ﲜ‬

‫املال الطَّيِّب احملبوب‪ ،‬يقول تع اىل‪ :‬ﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ‬ ‫نال بِاإلنفاق ِمن ِ‬ ‫ِ‬
‫الب واألَ ْجر َّإَنا يُ ُ‬
‫و ا‬
‫ﱇ ﱠ [آل عمران‪.]92 :‬‬
‫‪ -4‬االعتِدال يف اإلنْفاق‪:‬‬
‫عامل بِه َوفْق َمْن َه ِج اهللِ تع اىل‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫صاحبِه‪ ،‬فهو ُ ِ‬
‫املال أَمانَةٌ عند ِ‬ ‫َّ‬
‫مال اهلل تعاىل‪َ ،‬رَزقَه هذا اإلنسان؛ ليَتَ َ‬ ‫ألن َ‬
‫فّل ي تعاىل فيه فَيب ِّذر ويس ِرف ويتجاوز ال َقصد واالعتِدال‪ ،‬وال ي َق ِّّت فَيشح وي بخل وميُْ ِسك‪ ،‬قال تع اىل ِ‬
‫مادح اً‬ ‫ُ َ ُ ا َْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َُ ُ ْ‬ ‫ََ‬
‫املنهج‪:‬ﭐﱡﭐ ﳇ ﳈ ﳉ ﳊ ﳋ ﳌ ﳍ ﳎ ﳏ ﳐ ﳑ ﱠﭐ[الفرقان‪:‬‬ ‫الذين يَ ْسلكو َن هذا َ‬
‫‪. ]67‬‬
‫األسئلَة‪:‬‬

‫بالع ِطيَّة (‪ ،)102/1‬برقم (‪.)106‬‬ ‫ِ‬


‫) رواه مسلم‪ ،‬كتاب اإلميان‪ ،‬باب‪ :‬بَيان غلَط حت ِرمي إسبال اإلزار وال َمن َ‬
‫‪119‬‬

‫‪73‬‬
‫س‪ :1‬يق ول تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﱠ ﱡ ﱢ ﱠ [إب راهيم‪ ]7 :‬م ا عّلقَة ه ذه اآلي ة بنَم اء امل ال‬
‫ونُقصانِه ؟‬
‫صور اإلنفاق الو ِاجبَة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ص َور‪ ،‬اذ ُكر بعضاً من َ‬ ‫عدة ُ‬ ‫اإلنفاق املشرو له َّ‬
‫ُ‬ ‫س ‪:2‬‬
‫ضح ذلك‪.‬‬ ‫لمْن ِفق ولِلمال)‪َ .‬و ِّ‬ ‫ِ‬
‫س‪( :3‬اإلنفاق املشرو ُ ْهَرة ل ُ‬
‫س‪ِ :4‬من آداب اإلنْفاق‪َ :‬ع َدم ال َم ان‪ ،‬كيف يُطَبِّق املسلِم ذلك َع َملِيااً ؟‬
‫كل ما يلي‪:‬‬ ‫س‪ِّ :5‬بني ما هو َمشرو ٌ وما هو غري َمشروٍ مع التَّ ْعليل يف ِّ‬
‫أ‪ -‬رجل اشّتى ِ‬
‫ألوالده َمّلبِ َ َشْت ِويَّة‪.‬‬ ‫َُ َ‬
‫ويرمي بقيَّة األكل‪.‬‬ ‫ينفق على أسرتِه ما ي ِزيد على أكلِ ِهم ِضع َفني‪ِ ،‬‬ ‫ب‪ -‬رجل ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬
‫خصص ِمن راتِبه ( ‪ ) 2%‬لِليَتامى‪.‬‬ ‫رجل َّ‬ ‫ج‪ُ -‬‬
‫ساعة ب (‪ )10.0000‬لاير‪.‬‬ ‫اخلاص َ‬ ‫ا‬ ‫اشّتى ِمن مالِه‬
‫رجل َ‬‫ُ‬ ‫د‪-‬‬
‫احدة ب (‪ )5000‬لاير‪.‬‬ ‫ه ‪ -‬فُستان سهرة ي ْلب لِمَّرة و ِ‬
‫َ ْ َُ َ‬
‫ِ‬
‫اإلنفاق‪.‬‬ ‫أمسك عن‬ ‫ينفق أمام أصدقائِه على ال ُفقراء‪ ،‬وإذا خّل لِ ِ‬ ‫و‪ -‬رجل ِ‬
‫وحده َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬

‫‪74‬‬
‫المسجد وآدابُهُ‬
‫َ‬
‫المسجد‪:‬‬ ‫َمكانَةُ َ‬
‫وج ُزها يف النِّقاط التاالِيَة‪:‬‬ ‫لِلمس ِجد يف حياةِ األَُّمة مكانَة عالِيةٌ‪ ،‬لعلَّنا نُ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬
‫‪ -1‬املس اجد بُي وت اهللِ تع اىل‪ ،‬ق ال ‪ ((:‬م ا اجتَ َم ع قَ ْوٌم يف بَْي ت ِم ن بُي وت اهلل )) ‪ ،‬وق ال‬
‫(‪)120‬‬ ‫ِ‬
‫[اجلن‪ ،]18 :‬وقال العُلَماء‪ :‬وهذه اإلضافَة إضافَة تَ ْش ِريف‪.‬‬ ‫تعاىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﱧ ﱨ ﱩ ﱠ ا‬
‫اج ُدها‪ ،‬وأب غَ ض ال بِ ِ‬
‫ّلد‬ ‫ّلد إىل اهللِ مس ِ‬‫األرض‪ ،‬قال ‪ ((:‬أَح ب ال بِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫أفضل البِقا يف‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ا‬ ‫‪ -2‬املساجد َ‬
‫إىل اهللِ أَ ْسواقُها ))(‪.)121‬‬
‫الركن الثااِن ِمن أركان اإلسّلم‪.‬‬ ‫الصّلةِ‬ ‫املساجد مو ِضع أَ ِ‬
‫ِ‬
‫املفروضة اليت هي ُّ‬ ‫َ‬ ‫داء َّ‬ ‫َْ‬ ‫‪-3‬‬
‫املساجد مو ِض ع الجتِم ا املس لِ ِمني وتَع ارفِ ِهم وتَآلُِف ِهم‪ ،‬وفيه ا تُق ام دروس العِْل م ِ‬
‫وحلَ ق ال ُق رآن‬ ‫ِ‬ ‫‪-4‬‬
‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َْ‬
‫ال َك ِرمي‪.‬‬
‫يب ‪ ‬ب َادر بِبِن اء َم ْس ِج ِده َّأول م ا‬ ‫‪ -5‬وما ا يَ ُد ال عل ى ِعظَ ِم َمكانَ ِة املس ِجد وأهِّيَّتِ ه أَيْض اً َّ‬
‫أن النَّ َّ‬
‫السّلم‪.‬‬
‫الصّلة و َّ‬ ‫األعمال اليت قام هبا عليه َّ‬‫ِ‬ ‫املدينَة‪ ،‬وكان ذلك ِمن أََّول‬ ‫هاجر إىل ِ‬
‫َ‬
‫مارته‪:‬‬
‫فَضل ع َ‬
‫المسجد نَوعان‪:‬‬ ‫مارة َ‬
‫ع َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أ‪ -‬العم َارة املاديَّة‪ ،‬وامل راد بِن ُاؤه‪ ،‬وفي ه فض ٌل عظ يم‪ ،‬يق ول ‪َ ((:‬م ن بَىن َم ْس جداً يَْبتَغ ي بِه َو ْج هَ‬
‫اهللِ بَ َىن اهللُ له ِمثْ لَه يف اجلنَّة ))(‪.)122‬‬
‫خول اجلنَّة لِ َم ن بَ َىن هللِ َم ْس ِجداً‪ ،‬خملِص اً يف ذل ك؛ َّ‬
‫ألن بِن اءَ اهللِ ل ه بَْيت اً يف اجلنَّة‬ ‫ويف احلديث بِشارة بِ ُد ِ‬
‫َ‬
‫وسكناه فيه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫يَ ْقتَضي نُزولَه ُ‬
‫وورَد يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِّ‬ ‫مارة املعنَ ِويَّة‪ ،‬واملراد‪َّ :‬‬ ‫ِ‬
‫الصّلة فيه‪ ،‬والذ ْكر‪ ،‬وقراءَة القرآن‪ ،‬وحنو ذلك من الطااع ات‪َ ،‬‬ ‫ب‪ -‬الع َ‬
‫اح أَ َع اد اهللُ ل ه يف اجلنَّ ِة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وص َكث َرية‪ ،‬منه ا قول ه ‪َ ((:‬م ن َغ دا إىل املس جد أو ر َ‬ ‫ض ِل ذلك نُص ٌ‬ ‫فَ ْ‬
‫نُُزالً كما َغدا أو َراح ))(‪.)123‬‬

‫ض ل االجتِم ا عل ى ت ّلوة الق رآن (‪ ،)2074/4‬رق م‬ ‫) رواه مس لم‪ ،‬كت اب ال ِّذكر وال ُّدعاء والتَّوب ة واالس تغفار‪ ،‬ب اب‪ :‬فَ ْ‬
‫‪120‬‬

‫(‪.)2699‬‬
‫الص بح وفَض ل املس ِ‬
‫اجد (‪ ،)464/1‬رق م‬ ‫‪ )121‬رواه مسلم‪ ،‬كتاب املساجد ومو ِ‬
‫ْ‬ ‫ص اّله بع د ُّ ْ‬
‫ضل اجللوس يف ُم َ‬ ‫الصّلة‪ ،‬باب‪ :‬فَ ْ‬
‫اضع َّ‬ ‫َ‬
‫(‪.)67‬‬
‫الصّلة‪ ،‬باب‪َ :‬من بىن َم ْس ِجداً (الفتح ‪ ،)544/1‬رقم (‪.)450‬‬ ‫‪ )122‬رواه البخاري‪ ،‬كتاب َّ‬
‫‪75‬‬
‫اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ‬ ‫ويم ع َه ذين النَّ ْو َع ْني قولُ ه تع‬
‫َ‬
‫ﲜ ﲝ ﲞ ﲟ ﲠ ﱠ [التَّوبة‪.]18 :‬‬ ‫ﲙﲛ‬
‫ﲓﲔﲕﲖﲗﲘ ﲚ‬
‫المسجد‪:‬‬ ‫بعض األحكام واآلداب المتَ َعل َقة ب َ‬
‫ص لِّي‪ ،‬وف تح ب اب‬ ‫ِ‬ ‫‪ -1‬إحس ان بِنائِه ا‪ ،‬وت رك َز ْخرفَتِه ا؛ َّ‬
‫لم َ‬
‫ألن َز ْخَرفَتَه ا أم ٌر ُحم َدث‪ ،‬وفي ه إش غال ل ُ‬
‫املفاخرة‪ ،‬ع ن اب ن عب اس رض ي اهلل عنهم ا ق ال‪ :‬ق ال رس ول اهلل ‪ ((:‬م ا أ ُِم ْرت‬ ‫ِ‬
‫لمباهاة هبا و َ‬ ‫لُ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫بتَ ْشييد املساجد ))‪ .‬قال ابن عباس‪ :‬لَتُ َز ْخ ِرفنَّها كما َز َخَرفَت اليهود والنَّ َ‬
‫صارى (‪.)124‬‬
‫اس ِمن املطَ ِر‪ ،‬وإيااك أن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ ِ‬
‫قال اإلمام البخاري رةه اهلل تعاىل‪ :‬وأََمر عُ َمر ببناء املساجد‪ ،‬وقال‪ ":‬أك َّن النا َ‬
‫باه ْون هبا مث ال يَ ْع ُمرواا اإال قَلِيّلً "(‪.)125‬‬‫اس "‪ ،‬وقال أن ‪ ":‬يتَ َ‬ ‫ت النا َ‬
‫ِ‬
‫ص ِّفر فَتَ ْف َ‬
‫ُحتَ ِّمر أو تُ َ‬
‫ألن ذل ك َو ِس يلَةً إىل ِّ‬
‫الش رك‬ ‫اجد؛ َّ‬ ‫ض ع القب وِر يف املس ِ‬ ‫‪ -2‬ي رم بن اء املس ِ‬
‫اجد عل ى القب ور‪ ،‬أو َو ْ‬ ‫ُ‬
‫دون اهللِ تعاىل‪.‬‬
‫وعبادِتا ِمن ِ‬ ‫ِ‬
‫بِتَعظيِم ال ُقبور َ‬
‫ساجد ))(‪.)126‬‬ ‫قال ‪ ((:‬لَعن اهلل اليهود والنَّصارى َّاُتذوا قُبور أَنبِيائِ ِهم م ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ ُ َ‬
‫َّ‬ ‫يب ‪ ‬قَ ْب َل َم ْوتِه بم ٍ وه و يق ول‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ويف حديث جندب بن عبد اهلل ِ‬
‫((‪...‬وإن‬ ‫البجل ي ‪ ‬أنَّه س ع النَّ َّ‬‫َ‬
‫إِن‬
‫اجد‪ ،‬ف ِّ‬ ‫اجد‪ ،‬أال ف ّل تتَّ ِخ ذوا القب ور مس ِ‬ ‫من كان ق بلكم ك انوا يتَّخ ذوا قب ور أنبِي ائِ ِهم وص احليهم مس ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫(‪)127‬‬
‫اجلنازة‪.‬‬
‫صّلة َ‬ ‫املقبة‪ ،‬اإال َ‬
‫الصّلة يف َ‬ ‫أاا ُكم عن ذلك )) ‪ ،‬وال جتوز أيضاً َّ‬
‫اق يف‬
‫ض ع األَذَى في ه‪ ،‬وق د ق ال ‪ ((:‬البُص ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫وو ْ‬‫‪ -3‬جت ب العنايَة بتَنظْي ف املس جد‪ ،‬وي رم تَق ذيُره‪َ ،‬‬
‫املس ِجد خ ِطيئَ ة‪ ،‬وك افارِت ا دفْ نُه ا ))(‪ ،)128‬وحي ث ال ِ‬
‫ميك ن ال َّدفْن فَال َك اف َارة إزالَة ذل ك ال َق َذر‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫املسجد (‪.)129‬‬‫صاق ِمن ِجدا ِر ِ‬ ‫يب ‪ ‬البُ َ‬ ‫ك النَّ ا‬ ‫كما َح ا‬

‫الدرجات (‪ ،)463/1‬رقم (‪.)669‬‬ ‫الصّلة تحى به اخلطايا وتُ ْرفَع به َّ‬ ‫‪ )123‬رواه مسلم‪ ،‬كتاب املساجد‪ ،‬باب‪ :‬املشي إىل َّ‬
‫اجد رق م (‪ ،)448‬وق ول اب ن عب اس ق د علَّق ه البخ اري جمزوم اً ب ه قب ل رق م‬ ‫الصّلة‪ ،‬ب اب‪ :‬يف بن اء املس ِ‬
‫‪ )124‬رواه أبو داود‪ ،‬كتاب َّ‬
‫(‪.)446‬‬
‫املسجد (الفتح ‪.)539/1‬‬ ‫الصّلة‪ ،‬باب‪ :‬بنيان ِ‬ ‫‪ )125‬علَّقهما البخاري هكذا باجلزم‪ :‬كتاب َّ‬
‫ُ‬
‫اجد عل ى القب ور (الف تح ‪ ،)200/3‬رق م (‪ )1330‬ومس لم‪،‬‬ ‫‪ )126‬رواه البخ اري ‪ ،‬كت اب اجلن ائز‪ ،‬ب اب‪ :‬م ا يك ره ِم ن ِّاُت اذ املس ِ‬
‫ُ َ‬
‫املساجد على القبور (‪ ،)376/1‬رقم (‪.)530‬‬ ‫كتاب املساجد‪ ،‬باب‪ :‬النَّهي عن بِناء ِ‬
‫السابِق‪ ،‬رقم (‪ ،)532‬واألحاديث يف الباب متواترة‪ .‬انظر‪ :‬نَظْم املتَناثِر (ص ‪.)71‬‬ ‫) رواه مسلم‪ ،‬املوضع ا‬
‫‪127‬‬

‫الصّلة‪ ،‬باب‪ :‬ك اف َارة البُزاق يف املسجد‪( ،‬الفتح ‪ ،)511/1‬رقم (‪.)415‬‬ ‫‪ )128‬رواه البخاري‪ ،‬كتاب َّ‬
‫ك البُزاق ِمن املسجد (الفتح ‪ ،)507/1‬رقم (‪.)405‬‬ ‫الصّلة‪ ،‬باب‪َ :‬ح ا‬
‫‪ )129‬رواه البخاري‪ ،‬كتاب َّ‬
‫‪76‬‬
‫دوء و ُ َمأنِينَ ة‪ ،‬ف ّل يش تَ اد يف املش ي‪ ،‬وال يُ َه رِول‪ ،‬فق د ق ال ‪ ((:‬إذا‬ ‫‪ -4‬املش ي إىل املس ِجد هب ٍ‬
‫(‪)130‬‬
‫ص لاوا‪ ،‬وم ا ف اتَ ُكم ف أتوا )) ‪ ،‬وص ّلةُ‬ ‫بالس كينَة‪ ،‬فم ا أدرك تُم فَ َ‬ ‫الص ّل َة فَ َعل ي ُكم َّ‬ ‫أَتَ ْي تُم َّ‬
‫صّلِتا يف بَْيتِها‪ ،‬وال‬ ‫ِ ِ‬
‫ضل يف َح ِّقها َ‬ ‫الرجال‪ ،‬اأما املرأة فاألَفْ َ‬ ‫كل ِّ‬ ‫اجلماعة يف املسجد واجبَة على ا‬ ‫َ‬
‫الصّلة يف ِ‬
‫املسجد‪.‬‬ ‫تُْنَع ِمن َّ‬
‫ت‬ ‫‪ -5‬أن يُ َق ِّدم رجلَه اليمىن يف ال ُّدخول‪ ،‬واليُس رى يف اخل روج‪ ،‬ق ال أن ‪ِ :‬م ن ُّ‬
‫الس نَّة إذا َد َخ ْل َ‬
‫املسجد أن تبدأ بِ ِر ْجلِك اليمىن‪ ،‬وإذا َخَر ْجت أن تَ ْب َدأ بِ ِر ْجلِك اليُسرى (‪.)131‬‬ ‫ِ‬
‫يب ‪ ‬بقول ه‪ ((:‬إذا َد َخ ل أح د ُكم املس ِجد‪،‬‬ ‫ويق ول عن د ال ُّدخول واخل روج م ا َوَرد‪ ،‬ومن ه م ا أم ر ب ه النَّ ا‬
‫ضلِك )) (‪.)132‬‬ ‫إِن أَ ْسأَلُك ِمن فَ ْ‬ ‫هم ِّ‬ ‫ِ‬
‫اب َر ْةَتك‪ ،‬وإذا َخَرج فَ ْليَ ُقل‪ :‬اللَّ ا‬ ‫هم افتَ ْح ل أبو َ‬ ‫فليقل‪ :‬اللَّ ا‬
‫يب ‪‬‬ ‫ث النَّ ا‬ ‫ف األَاول‪ ،‬فق د ح ا‬ ‫الص ا‬
‫الص ّلة يف َّ‬ ‫بكري يف ال َّذهاب إىل املس ِجد‪ ،‬واحل رص عل ى َّ‬ ‫‪ -6‬التَّ ِ‬
‫ف األَاول مثَّ مل ِي دوا اإال أن يَ ْس تَ ِه ُموا‬ ‫عل ى ذل ك فق ال‪ ((:‬ل و ي علَ م النا اس م ا يف النِّ ِ‬
‫الص ا‬
‫داء و َّ‬ ‫ُ‬ ‫َْ‬
‫علي ه ال ْس تَ َهموا عل ى ذل ك‪ ،‬ول و يَ ْعلم ون م ا يف التَّ ْه ِج ري‪ :‬الس تَبَقوا إلي ه ))(‪ ،)133‬والتَّ ْه ِج ري‪:‬‬
‫التَّ ِ‬
‫بكري‪.‬‬
‫ف األََّول اإال لِعُ ْذر‪ ،‬ق ال ش يخ اإلس ّلم اب ن تيمي ة رة ه‬ ‫وال ينبغ ي لِ َم ن ج اء ُمبَ ِّك راً أن يَتَ أَ َّخر ع ن َّ‬
‫الص ا‬
‫الش ِر َيعة ))(‪.)134‬‬ ‫ف َّ‬ ‫ف يف َغ ِري األََّول‪ ،‬فقد خالَ َ‬ ‫ص ا‬ ‫اهلل تعاىل‪ ((:‬فَ َمن جاءَ أَاول النا ِ‬
‫اس َو َ‬
‫وهو بِتَ أَ ُّخ ِره ي ِرم نَ ْف َس ه ِم ن َخ ٍري َع ِظ ي ٍم‪ ،‬وق د ق ال ‪ ((:‬تَ َق َّدموا ف ائْ تَ ُّموا يب‪ ،‬ولْيَ أْ َتَّ بِ ُك م َم ن بَ ْع َد ُكم‪،‬‬
‫وال يَزال قَ ْوٌم يَتَأَ َّخرون ح يُ َ ِّخَرُهم اهلل ))(‪.)135‬‬
‫وحص ول اس تِغفار‬ ‫ِ‬ ‫بك ري فَوائِ د‪ ،‬منه ا‪ :‬إدراك َّ ِ‬ ‫ويف التَّ ِ‬
‫الص ّلة م ن َّأوهل ا‪ ،‬وأداء الناافلَ ة‪ ،‬وق راءة الق رآن‪ُ ،‬‬
‫ف األََّول‪ ،‬وغري ذلك‪.‬‬ ‫الص ا‬‫الصّلةَ‪ ،‬وإدراك َّ‬ ‫صّلةٍ ما انتَظََر َّ‬ ‫ِ‬
‫املّلئ َكة له‪ ،‬وأنَّه ال يزال يف َ‬

‫الص ّلة (الف تح ‪ )116/2‬رق م (‪ ،)635‬ومس لم كت اب املس اجد‪،‬‬


‫الر ُج ل‪ :‬فاتَْتن ا َّ‬
‫) رواه البخ اري‪ ،‬ك اب اآلذان‪ ،‬ب اب‪ :‬قَ ْول َّ‬
‫‪130‬‬

‫وس ِكينة (‪ ،)422/1‬رقم (‪.)603‬‬ ‫باب‪ :‬استحباب إتيان َّ ِ‬


‫الصّلة ب َوقار َ‬
‫‪ )131‬رواه احلاكم (‪ ،)218/1‬وقال‪ ":‬صحيح على شرط مسلم "‪.‬‬
‫‪ )132‬رواه مسلم‪ ،‬كتاب صّلة املسافرين‪ ،‬باب‪ :‬ما يقول إذا دخل املسجد (‪ ،)494/1‬رقم (‪.)713‬‬
‫الص ّلة‪ ،‬ب اب‪:‬‬
‫‪ )133‬رواه البخ اري‪ ،‬كت اب األذان‪ ،‬ب اب‪ :‬االس تفهام يف األذان (الف تح ‪ ،)96/2‬رق م (‪ )615‬ومس لم‪ ،‬كت اب َّ‬
‫الصفوف (‪ ،)325/1‬رقم (‪.)437‬‬ ‫تَ ْس ِويَة َّ‬
‫‪ )134‬جممو الفتاوى (‪.)262/22‬‬
‫الصفوف (‪ ،)325/1‬رقم (‪.)438‬‬ ‫الصّلة‪ ،‬باب‪ :‬تَ ْس ِويَة ُّ‬
‫‪ )135‬رواه مسلم‪ ،‬كتاب َّ‬
‫‪77‬‬
‫كعتَ ْني حتيَّة املس ِجد‪ ،‬فع ن أيب قت ادة األنص اري ‪‬‬ ‫صلاي ر َ‬
‫ِ‬
‫‪ -7‬اأال يل ال اداخل يف املسجد ح َّ يُ َ‬
‫ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كعتَني ))(‪.)136‬‬ ‫صلِّي ر َ‬‫أحد ُكم املسج َد فّل ْيل ح َّ يُ َ‬ ‫يب ‪ ‬قال‪ ((:‬إذا َد َخل َ‬ ‫أ ان النَّ َّ‬
‫حال ُخطْبَة اإلمام يوم اجلمع ة‪ ،‬ولك ن َيَِّففه ا‪ ،‬فع ن‬ ‫اخل ولو كان َ‬ ‫وحكمها‪ :‬سنَّة م َُّك َدة‪ ،‬ويصلِّيها ال اد ِ‬
‫َُ‬ ‫ُ ُ ُ ُ‬
‫كعتَ ْني ويَتَ َج اوز‬‫ص ال ر َ‬ ‫اجلم َع ة واإلم ام َيطُب فَ ْليُ َ‬ ‫وم ُ‬ ‫أح ُد ُكم ي َ‬ ‫يب ‪ ‬ق ال‪ ((:‬إذا َد َخ ل َ‬ ‫أن النَّ َّ‬ ‫ج ابِر ‪َّ ‬‬
‫في ِهما ))(‪.)137‬‬
‫املسجد‪ ،‬والتَّ ْش ِويش على املصلِّني أو القا ِرئِني‪ ،‬س واء أك ان ذل ك بِ َك ٍ‬
‫ّلم‬ ‫ت يف ِ‬ ‫الصو ِ‬
‫َ‬ ‫‪ -8‬ويُ ْكَره َرفْع َّ ْ‬
‫القراءَة حبي ث يُ ْ ِذي َم ن جبانِب ه‪ ،‬ق ال ‪ ((:‬إ ان‬ ‫وت بِ ِ‬‫الص ِ‬ ‫وحم َادثَ ة‪ ،‬أم ك ان ذل ك بَِرفْ ِع َّ‬ ‫ُمعت ٍاد ُ‬
‫ض بِال ُقرآن ))(‪.)138‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ضكم على بَ ْع ٍ‬ ‫املصلِّي يُناجي َربَّه‪ ،‬فَ ْليَ ْنظُر مبا يُناجيه‪ ،‬وال َ‬
‫يهر بَ ْع ُ‬
‫إمام ه‪ ،‬ف ّل يَتَ َق َّدم علي ه وال‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ -9‬وماا يتَ َعلَّق مبا َّ‬
‫أموم علي ه أن يُت اب َع َ‬ ‫تقدم ُح ْكم االقتداء باإلم ام‪ ،‬فامل ُ‬
‫يُوافِقه وال يَتَأَ َّخر عنه كثرياً‪ ،‬ق ال ‪َّ ((:‬إَن ا ُجعِ َل اإلم ُام لِيُ ْ َتَّ بِه‪ ،‬ف ّل ُتتَلِف وا علي ه‪ ،‬ف إذا َكبَّ َر‬
‫ة َده‪ ،‬فقول وا‪ :‬اللَّه ام َربَّن ا ول ك احلم د‪ ،‬وإذا‬ ‫كبوا‪ ،‬وإذا رَكع فارَكعوا‪ ،‬وإذا قال‪ِ :‬س ع اهلل لِم ن َِ‬ ‫فَ ِّ‬
‫ُ َ‬
‫ِ‬
‫صلاوا ُجلوساً أجعون ))(‪.)139‬‬ ‫صلَّى جالساً فَ َ‬ ‫فاس ُجدوا‪ ،‬وإذا َ‬ ‫سجد ْ‬ ‫َ‬
‫س‬‫أس ه قب ل اإلم ام أن ي ِّوَل اهللُ َرأْ َس ه َرأْ َ‬ ‫َيش ى ال ذي رفَ َع ر َ‬ ‫ويف حت ِرمي ُمس ابَ َقة اإلم ام ق ال ‪ ((:‬أم ا َ‬
‫ص َورةَ ِةار ))(‪.)140‬‬ ‫وص َورتَه ُ‬ ‫ةا ٍر‪ُ ،‬‬

‫مثىن مثىن (الفتح ‪ ،)48/3‬رقم (‪.)1163‬‬ ‫طو‬


‫هجد‪ ،‬باب‪ :‬ما جاء يف التَّ ا‬ ‫) رواه البخاري‪ ،‬كتاب التَّ ا‬
‫‪136‬‬

‫مث ىن مث ىن (‪ ،)49/3‬رق م (‪ ،)1166‬ورواه مس لم‪ ،‬كت اب اجلمع ة‪،‬‬ ‫هج د‪ ،‬ب اب‪ :‬م ا ج اء يف التَّط او‬
‫) رواه البخ اري‪ ،‬يف التَّ ا‬
‫‪137‬‬

‫باب‪ :‬التَّحيَّة واإلمام َيطب (‪ ،)596/2‬رقم (‪ ،)875‬وهذا لفظُه‪.‬‬


‫القراءة (‪ ،)80/1‬وبنح وه أب و داود رق م (‪ ،)1332‬وأة د يف مو ِ‬
‫اض ع‬ ‫الصّلة‪ ،‬باب‪ :‬العمل يف ِ‬ ‫‪ )138‬رواه مالك يف املو أ‪ ،‬كتاب َّ‬
‫َ‬
‫لسخاوي (ص ‪.)361‬‬ ‫وصححه احلاف ابن حجر كما يف املقاصد احلسنَة لِ َّ‬ ‫ِمن املسنَد‪ ،‬منها (‪َّ ،)94/3‬‬
‫الص ّلة‪ ،‬ب اب‪:‬‬
‫الص ّلة (الف تح ‪ ،)209/2‬رق م (‪ ،)722‬ومس لم‪ ،‬يف َّ‬ ‫ف ِم ن ت ام َّ‬ ‫الص ا‬‫إقامة َّ‬
‫) رواه البخاري يف األذان‪ ،‬باب‪َ :‬‬
‫‪139‬‬

‫ائتمام املأموم باإلمام (‪ ،)309/1‬رقم (‪ )414‬وهذا لَ ْفظُه‪.‬‬


‫الصّلة‪ ،‬باب‪ :‬حت ِرمي سبق‬
‫‪ )140‬رواه البخاري‪ ،‬كتاب األذان‪ ،‬باب‪ :‬إمث َمن َرفَع َرأْ َسه قبل اإلمام (الفتح ‪ ،)182/2‬ومسلم كتاب َّ‬
‫اإلمام بركو أو سجود وحنوها (‪ ،)320/1‬رقم (‪.)427‬‬
‫‪78‬‬
‫األسئلَة‪:‬‬
‫اح ٍد منها‪.‬‬
‫املسجد يف اإلسّلم‪ ،‬مستَ ِداالً على و ِ‬
‫ُْ‬
‫تدل على مكانَِة ِ‬
‫َ‬ ‫س‪ :1‬اذ ُكر ثّلثَةَ أُموٍر ُّ‬
‫الدلِيل‪.‬‬
‫ضل ؟ مع ِذ ْك ِر َّ‬ ‫املساجد‪ ،‬وما َشرط ح ِ‬ ‫ِ‬ ‫س‪ :2‬اذ ُكر فَضل بِ ِ‬
‫صول هذا ال َف ْ‬ ‫ْ ُ‬ ‫ناء‬ ‫َْ‬
‫ض ال َفوائِد اليت ِّ‬
‫يصلها املبَ ِّكر‪.‬‬ ‫الصّلة ؟ اذ ُكر بَ ْع َ‬‫الذهاب إىل َّ‬ ‫ضل التَّ ِ‬
‫بك ِري يف َّ‬ ‫الدليل على فَ ْ‬‫س‪ :3‬ما َّ‬

‫‪79‬‬
‫وحقوقُهُ‬
‫الجار ُ‬
‫ُ‬
‫مام اإلسالم به‪:‬‬
‫الجار واهت ُ‬
‫ُ‬
‫الع َم ل‪ ،‬وحن و ذل ك‪،‬‬ ‫اجل ار يف األص ل‪ :‬ه و اجمل ا ِور يف ال ادار‪ ،‬وق د يطلَ ق عل ى الص ِ‬
‫الس َفر‪ ،‬أو َ‬
‫احب يف َّ‬ ‫ا‬ ‫ُ‬
‫وم ْع ِرفَة ألحوالِه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ب النا ِ ِ‬
‫اس التصاقاً باإلنسان َ‬
‫وهو ِمن أقر ِ‬
‫َ‬
‫ﲌﲎ‬
‫ﲍ‬ ‫وعظَّم َ‬
‫ح َّقه‪ ،‬قال تعاىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ‬ ‫باجلار َ‬ ‫َ‬ ‫الشر‬
‫ولقد اهتَ َّم َّ‬
‫ﲏﲐﲑﲒﲓﲔﲕﲖﲗﲘﲙﲚ ﲛ‬

‫ﲜ ﱠ (‪[ )141‬النِّساء‪.]36 :‬‬


‫وص ِين بِاجلار ح ظَنَ ْنت أنَّه َسيُ َوِّرثه ))(‪.)142‬‬ ‫وقال ‪ ((:‬ما ز َال ِجبيل ي ِ‬
‫ْ ُ‬
‫الش ْر باجلار ما يلي‪:‬‬ ‫لعل ِمن احلَ َك ِم يف اهتِمام َّ‬ ‫أي‪ :‬أنَّه يكون له َحق يف املرياث‪ ،‬و َّ‬
‫اس بذلك اجلِريان‪.‬‬ ‫ومن أوىل النا ِ‬ ‫‪ -1‬أنَّه تَسود احملبَّة واألُلْ َفة بني املسلمني‪ِ ،‬‬
‫وم ْع ِرفَتِه مبشاكِلِه وأَحوالِه‪.‬‬ ‫ِ ِ‬
‫ساع َدته؛ ل ُق ْربِه منه َ‬ ‫اس بإعانَة جا ِرهِ ُ‬
‫وم َ‬ ‫اجلار أوىل النا ِ‬
‫أن َ‬ ‫‪َّ -2‬‬
‫وولَ ِده وأَ ْهلِه ومالِه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫‪ -3‬أن يصل لِ ِ‬
‫لمسلم األَما ُن على نَ ْفسه َ‬ ‫ُ ُ‬
‫ُحدود الجيران‪:‬‬
‫حتدي د اجل ار ال ذي ج اءت النُّص وص باالهتِم ام ب ه‪ ،‬فقي ل‪ :‬ح اد اجل وار أربع ون داراً‬ ‫اخت لَ ف العلم اء يف ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ب‪ ،‬وقيل أربعون ِمن جيع اجلوانِب‪ ،‬وقيل‪َ :‬من صلَّى معك ال َف ْجَر فهو جار‪ ،‬وقيل غري ذلك‪.‬‬ ‫كل جانِ ٍ‬‫ِمن ِّ‬
‫أحسن األقوال وأع َدهلا قَ ْول َم ن ق ال‪ :‬اجل ار ه و َم ن‬
‫لعل َ‬ ‫صحيح‪ ،‬و َّ‬
‫ٌ‬ ‫دليل‬
‫وكل هذا األقوال لي عليها ٌ‬
‫فمن كان يف عرف النااس جار فهو ج ار‪ ،‬وذل ك‬ ‫رجع يف حتديده إىل العُْرف‪َ ،‬‬ ‫دار جا ِره‪ ،‬ويُ َ‬
‫داره َ‬
‫قاربَت ُ‬ ‫َ‬
‫الص حيح‪ ،‬وق د اخت ار‬‫رج ع يف َمعناه ا إىل العُ ْرف َّ‬ ‫يدد َمعناها فإنَّه يُ َ‬
‫الشر ومل ِّ‬‫ألن األساءَ اليت ورد هبا َّ‬‫َّ‬
‫احملقق ني‪ ،‬م نهم اإلم ام اب ن قدام ة‪ ،‬ص احب املغ ن‪ ،‬واإلم ام امل رداوي‬ ‫ه ذا الق ول جاع ة م ن العلم اء ِّ‬
‫صاحب اإلنصاف‪ ،‬وغريها (‪.)143‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫الرفي ق يف‬ ‫) واجلار ذي ال ُقرىب‪ :‬ال َق ِريب‪ ،‬اإما نَ َسباً‪ ،‬أو َم ْوضعاً‪ ،‬واجلار اجلنُب‪ :‬البَعيد‪ ،‬اإما نَ َسباً أو َم ْوضعاً‪ ،‬و ا‬
‫الص احب باجلْن ب‪َّ :‬‬
‫‪141‬‬

‫الس َفر وحنوه‪( ،‬انظر‪ :‬تفسري ابن كثري‪ ،‬والقر يب)‪.‬‬ ‫َّ‬
‫) رواه البخ اري‪ ،‬كت اب األدب‪ ،‬ب اب‪ :‬الوص اة باجل ار (الف تح ‪ ،)441/10‬رق م (‪ ،)4015 ،6014‬ومس لم‪ ،‬كت اب ال ِب‪،‬‬ ‫‪142‬‬

‫باب‪ :‬الوصية باجلار (‪ ،)2025/4‬رقم (‪.)2625( ،)2624‬‬


‫اخلب فاجلار هو املقا ِرب‪ ،‬ويَْرِجع يف ذلك إىل‬
‫) املغن (‪ ،)537/8‬وقال بعد أن ذكر حديث‪ (:‬اجلار أربعون )‪ ":‬وإن مل يَثْبُت َ‬
‫‪143‬‬

‫ص اح احلديث "‪ .‬اه ‪.‬‬ ‫الصواب إن مل ي ِ‬ ‫الع ْرف‪ ،‬قلت‪ :‬وهو َّ‬
‫َ‬ ‫رجع فيه إىل ُ‬ ‫الع ْرف "‪ .‬اه ‪ .‬وقال يف اإلنصاف (‪ ،)224/7‬وقيل‪ ::‬يُ َ‬ ‫ُ‬
‫‪80‬‬
‫َمراتب الجيران‪:‬‬
‫الب واإلك رام ِم ن األبع د‪ ،‬ودلي ل ذل ك أن‬ ‫األقرب أوىل ب ِّ‬ ‫ِ‬
‫حبسب قُرهبم وبُع دهم‪ ،‬ف َ‬ ‫ُتتَلف َمراتب اجلريان َ‬
‫إن ل ج َارتَ ْني‪ ،‬ف إىل أيِّ ِهم ا أُ ْه ِدي ؟ ق ال ‪ ((:‬إىل أَقْ َرِهبِم ا‬
‫يب ‪ ‬فقال ت‪َّ :‬‬ ‫عائشة رضي اهلل عنها س ألت النَّ َّ‬
‫ِ‬
‫ِمنك باباً ))(‪.)144‬‬
‫وُتتلف مراتِبهم أيضاً باختِّلف أنو ِ‬
‫اع ِهم‪:‬‬ ‫َ ُ‬
‫‪ -1‬فنَو له ثّلثة ُحقوق‪ ،‬وهو اجلار املسلِم ال َق ِريب‪ ،‬فله َح اق اجلِوار واإلسّلم وال َقرابَة‪.‬‬
‫وحق اإلسّلم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫حق اجلوار‪ ،‬ا‬ ‫‪ -2‬ونَو ٌ له َح اقان‪ ،‬وهو اجلار املسلم‪ ،‬له ا‬
‫حق اجلِوا ِر فق ط‪ ،‬وك ان اب ن عم ر رض ي اهلل عنهم ا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪ -3‬ونو ٌ له َحق واحد‪ ،‬وهو اجلار الكافر‪ ،‬فله ا‬
‫ِ‬
‫ي‪.‬‬‫صنَع أَ ْهلُه َعاماً قال‪ :‬هل أَ ْه َديْتُم إىل جا ِرنا اليهود ا‬
‫إذا َ‬
‫أهمية اختيار الجار‪:‬‬
‫الص احل ال ذي يُ َ ِّدي ل ه ُحقوقَه وال يُ ْ ِذي ه‪ ،‬وي َفظ ه ويُعا ِون ه‪ ،‬والنا اس‬ ‫ِ‬
‫واملس لم ي ِرص عل ى اختي ار اجل ار ا‬
‫ص ِحيح‪ ،‬وماا يَ ْش َهد ل ه يف الق رآن الك رمي قول ه تع اىل ع ن ام رأة‬ ‫معىن َ‬
‫يقولون‪ (:‬اجلار قبل ال ادار )‪ ،‬وهذا ً‬
‫فِْر َعون‪:‬ﭐﱡﭐ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﱠ [التَّحرمي‪.]11 :‬‬
‫اجلار قبل ال ادار‪ ،‬وقد َوَرد شيءٌ ِمن ذلك‬ ‫اختارت َ‬ ‫قال احلاف ابن كثري رةه اهلل تعاىل‪ :‬قالت العلماء‪َ :‬‬
‫يف حديث َمرفو ‪ .‬اه (‪.)145‬‬
‫أن اجل ار ي ثِّر يف ج ا ِره و ِ‬
‫أوالده بِ َس بَب املخالَطَة‪ ،‬ف إن ك ان ص احلاً أَِمنَ ه عل ى‬ ‫ِ‬
‫وتتَّضح أهِّيَّة ذلك مبع ِرفَة َّ َ ُ َ‬
‫الص احل ي َف م ا ق د يَطَّلِ ع علي ه ِم ن‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫أَ ْهله وبَْيته‪ ،‬وإن كان فاسداً فإنَّه ال يَأْ َمنُه على أهله وبَْيت ه‪ ،‬واجل ار ا‬
‫الص احل يُعِ ني ج َاره عل ى فِ ْع ل اخل ِري‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اخلاص ة‪ ،‬والفاس د ق د يُش يع ذل ك ويُظْ ِه ره‪ ،‬و ا‬ ‫أس را ِر ج ا ِره‪ ،‬وأحوالِه َّ‬
‫ناصحه‪ ،‬و ِ‬
‫الفاسد قد يُثَبِّطُه ويُ ْغ ِويه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ويُ ُ‬
‫من ُحقوق الجار على جاره‪:‬‬
‫‪ -1‬تَ رك أَذيته‪:‬‬
‫احش‪ ،‬و َغْيبَتِ ه‪ ،‬وغ ري ذل ك‪ ،‬أم كان ت‬ ‫وس واء أكان ت األَ ِذيَّة بِال َقوِل‪ :‬كس بِّه‪ ،‬وال تَّ َكلُّم علي ه ب ال َكّلم الف ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫بالسيا َارة‪ ،‬أو بّتك األوالد يُ ْف ِسدون شيئاً ِمن بَْيتِه‪ ،‬أو َس يا َارتِه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الو َسخ أمام منزله‪ ،‬أو ُمضايَ َقتِه َّ‬ ‫بالفعل‪ ،‬كإلقاء َ‬

‫حق اجلِوار يف قرب األبواب (الفتح ‪ ،)447/10‬رقم (‪.)6020‬‬ ‫) رواه البخاري يف األدب‪ ،‬باب‪ :‬ا‬
‫‪144‬‬

‫‪ )145‬تفس ري اب ن كث ري عن د ه ذه اآلي ة‪ ،‬وحن وه يف تفس ري اآللوس ي‪( :‬روح املع اِن)‪ ،‬واحل ديث ال ذي أش ار إلي ه اب ن كث ري ((اجل ار قب ل‬
‫الصغري‪ ،‬حرف اجليم)‪.‬‬‫صح‪( .‬وانظر‪ :‬اجلامع َّ‬ ‫الدار))‪ :‬رواه اخلطيب البغدادي يف اجلامع ألخّلق الراوي‪ ،‬وال ي ِ‬
‫َ‬
‫‪81‬‬
‫ول اهلل ؟ ق ال‪:‬‬ ‫أو غ ري ذل ك‪ ،‬ق ال ‪ ((:‬واهللِ ال يُ ْ ِمن‪ ،‬واهلل ال يُ ْ ِمن‪ ،‬واهلل ال يُ ْ ِمن )) قي ل‪َ :‬م ن ي ا رس َ‬
‫جاره بَوائَِقه))(‪.)146‬‬
‫((الذي ال يَأْ َم ُن ُ‬
‫وقال‪ ((:‬ال يَ ْد ُخل اجلنَّةَ َم ن ال يَأْ َم ُن ج ُاره بَوائَِق ه ))(‪ ،)147‬وق ال‪َ ((:‬م ن ك ان يُ ِمن ب اهللِ والي وم اآلخ ر‬
‫جاره ))(‪.)148‬‬ ‫ِ‬
‫فّل يُ ْ ذ َ‬
‫ع ن عب د اهلل ب ن مس عود ‪ ‬ق ال‪ :‬س ألت النَّ يب ‪ :‬أي ال َّذنْب عن د اهللِ أك ب ؟ ق ال‪ ((:‬أن جتع ل هللِ‬
‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫أي ؟ ق ال‪:‬‬ ‫ِ‬
‫أي ؟ ق ال‪ ((:‬أن تَ ْقتُ َل َولَ َدك َخ ْش يَةَ أن يَطْ َع َم َم َع ك )) قل ت‪ :‬مث ا‬ ‫ن اداً وهو َخلَ َقك ))‪ ،‬قلت‪ :‬مث ا‬
‫((أن تُزاِن حبلِيلَ ِة جا ِرك))(‪.)149‬‬
‫حاص ٌل ِم ن الطََّرفَ ْني‪ ،‬وامل راد أنَّه يُ ْف ِس د َزْو َج ةَ ج ا ِره ويَ ْس تَ ِميلُها‬
‫أن الزن ا ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فاعلَة‪ ،‬فَتُفي د َّ ا‬
‫(وتُزاِن)‪ :‬صيغَة ُم َ‬
‫جمرِد ِّ‬
‫الزنا بِغَ ِْري ِرضاها‪.‬‬ ‫إىل فِع ِل ِ‬
‫الفاح َشة بِ ِرضاها‪ ،‬وهو أَ َش اد ِمن َّ‬ ‫ْ‬
‫الر ُج ل بِ َع ْش ِر نِ ْس َوةٍ أَيْ َس ر علي ه ِم ن‬
‫يب ‪ ‬ق ال‪ ((:‬ألن يَ ْزِن َّ‬ ‫َّ‬
‫ويف احل ديث املق داد ب ن األس ود ‪ ‬أن النَّ ا‬
‫أن يَ ْزِن بامرأَةِ جا ِره ))(‪.)150‬‬
‫ب تَعظيم ذلك على غيره‪:‬‬ ‫وسبَ ُ‬
‫اجلار مأمو ٌن على جا ِره‪ ،‬فخا َن هذه األمانَة‪.‬‬ ‫أن َ‬ ‫َّ‬ ‫(أ)‬
‫ِ‬
‫بّلف غريه‪.‬‬ ‫عد ِمه‬
‫ووقْت ُوجوده ِمن َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫أن َ ِ‬ ‫(ب) َّ‬
‫اجلار عارف بأحوال جاره‪َ ،‬‬
‫داخلَتِه له‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وم َ‬‫(ج) ُسهولَة ُوصول أذاه جلا ِرهِ؛ ل ُق ْربِه منه‪ُ ،‬‬
‫ك فيه أَ َح ٌد‪ ،‬أو يَ ْشعُُر به‪.‬‬‫(د) أنَّه ال يَ ُش ا‬
‫إكرامه واإلحسان إلي ه‪ :‬ق ال ‪َ ((:‬م ن ك ان يُ ِمن ب اهلل والي وم اآلخ ر فَ ْليُ ْك ِرم ج َاره ))(‪،)151‬‬ ‫ُ‬ ‫‪-2‬‬
‫يتض َّمن أنواعاً كثِ َرية‪ ،‬منها‪:‬‬
‫وهذا حق عام َ‬

‫جاره بَوائَِقه (الفتح ‪ ،)443/10‬رقم (‪ ،)6016‬والبَوائِق‪ :‬ج ع بائَِق ة‪،‬‬


‫) رواه البخاري‪ ،‬كتاب األدب‪ ،‬باب‪ :‬إمث َمن ال يَأْ َمن ُ‬
‫‪146‬‬

‫الش ِديد الذي يُوايف بَ ْغتَة‪.‬‬


‫الش ْيءُ ال ُم ْهلِك واألَ ْمُر َّ‬
‫وهي َّ‬
‫‪ )147‬رواه مسلم (‪ ،)68/1‬رقم (‪.)46‬‬
‫‪ )148‬رواه البخ اري‪ ،‬كت اب األدب‪ ،‬ب اب‪َ :‬م ن ك ان يُ ِمن ب اهلل والي وم اآلخ ر ف ّل يُ ْ ِذ ج َاره (الف تح ‪ ،)445/10‬رق م (‪،)6018‬‬
‫ومسلم (‪ ،)68/1‬رقم (‪.)47‬‬
‫‪ )149‬رواه البخاري‪ :‬كتاب التَّفسري‪ ،‬باب‪ :‬الذين ال يدعون مع اهلل إهل اً آخ ر (الف تح ‪ ،)492/8‬رق م (‪ )4761‬ومس لم‪ :‬كت اب‬
‫الشرك أقبح ال اذنوب (‪ ،)90/1‬برقم (‪.)86‬‬ ‫اإلميان‪ ،‬باب‪َ :‬ك ْون ِّ‬
‫الزوائد (‪ ":)168/8‬ورواه أةد‪ ،‬والطَّباِن‬
‫‪ )150‬رواه أةد (‪ ،)8/6‬والبخاري يف األدب املفرد رقم (‪ ،)103‬قال اهليثمي يف جممع َّ‬
‫يف الكبري واألوسط‪ ،‬وِرجالُه ثِقات "‪.‬‬
‫‪82‬‬
‫اجلار ال يَكاد يَ ْس تَ ْغ ِن ع ن ج ا ِره‪ ،‬وق د َذ َّم‬ ‫وإعارته ما يَطْلُب‪َّ ،‬‬ ‫ضاء ِ‬ ‫إعانَته على قَ ِ‬ ‫(أ)‬
‫فإن َ‬ ‫حاجته‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫الذ ام هلم‪:‬ﭐﱡﭐ ﱳ ﱴﱠ [املاعون‪.]7 :‬‬ ‫الذين مينَعو َن املاعون‪ ،‬فقال يف ِس ِ‬
‫ياق َّ‬
‫(ب) اإله داءُ إلي ه‪ِ ،‬م ن الطَّع ِام وغ ِريه‪ ،‬وق د تق َّدم ح ديث عائش ة رض ي اهلل عنه ا‪ ،‬وع ن أيب ذر ‪‬‬
‫ت ِم ن ِجريانِك فَأَ ِص ْب ُهم‬ ‫أ ان النايب ‪ ‬أوصاه‪ ((:‬إذا َبخت مرقاً ف أكثِر م اءه‪ ،‬مث انظُر أَه ل ب ي ٍ‬
‫ْ َ َْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ ََ‬ ‫ا‬
‫ِ‬
‫جارَِت ا ول و بِف ْر َس ن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫)‬‫‪152‬‬ ‫(‬
‫منه ا مبع روف )) ‪ ،‬وق ال‪ ((:‬ي ا نس اءَ املس لمات ال حتق َر ان ج َارة َ‬
‫شاة))(‪.)153‬‬
‫ان إلي ه إذا افْ تَ َق ر‪ ،‬ق ال ‪ ((:‬ل ي امل ِم ُن ال ذي يَ ْش بَع‬ ‫اضه إذا استَ ْقرض‪ ،‬وتَعه ُده باإلحس ِ‬
‫َُ‬ ‫َ‬ ‫(ج) إقر ُ‬
‫وجاره جائِع ))(‪.)154‬‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫هار ال َفَرِح ل َفَرحه‪ ،‬فإذا تَ َزَّوج أو ُرِز َق مبولود‪ ،‬أو َنَح أَوالده‪َ ،‬هنَّأَه بذلك‪َ ،‬‬
‫وبارك له‪.‬‬ ‫(د) ِتنَئتَه وإظْ ُ‬
‫المسلمين‪:‬‬ ‫‪ -3‬أن تُؤدي إليه الحقو َق العامة بين ُ‬
‫صح ل ه عن د ُرؤيَتِ ه‬ ‫وعيادته إذا َم ِرض‪ ،‬وإجابَة َد ْع َوته‪ ،‬والنُّ ْ‬
‫ورده‪َ ،‬‬ ‫كالسّلم عليه‪ِّ ،‬‬ ‫فهو ِمن أوىل النااس هبا َّ‬
‫ضهُ اهللُ عليه‪ ،‬وغري ذلك (‪.)155‬‬ ‫ِ‬
‫يف أداء ما افتَ َر َ‬
‫األسئلَة‪:‬‬
‫مام باجلا ِر ؟ اذ ُكر َدليّلً ِمن ُّ‬
‫السنَّة يُبَ ِّني َعظَ َمة َح ِّقه‪.‬‬ ‫شروعيَّة االهتِ ِ‬
‫س‪ :1‬ما احلِ ْكمة ِمن م ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫حتدث عن أهِّيَّة اختِيار اجلار‪.‬‬ ‫س‪َّ :2‬‬
‫الدلِيل على ذلك ؟ وملاذا ؟‬ ‫الش ْر أَ ِذيَّة اجلا ِر يف ِع ْر ِضه‪ ،‬ما َّ‬
‫س‪ :3‬لقد َعظَّم َّ‬

‫‪ )151‬رواه البخاري‪ ،‬كتاب األدب‪ ،‬باب‪َ :‬من كان يُ ِمن باهلل واآلخر فّل يُ ِذ جاره (الف تح ‪ )445/10‬رق م (‪ ،)6019‬ومس لم‪،‬‬
‫كتاب اإلميان‪ ،‬باب‪ :‬اجلار (‪ ،)68/1‬رقم (‪.)47‬‬
‫الصلة‪ ،‬باب‪ :‬الوصية باجلار (‪ ،)2025/4‬رقم (‪.)2625‬‬ ‫ِ‬
‫الب و ِّ‬
‫) رواه مسلم‪ ،‬كتاب ا‬
‫‪152‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جارِتا ح (‪ .)6017‬والف ْر َسن‪ :‬بِ َك ْسر الفاء‪ُ :‬كرا ا‬
‫الشاة‪.‬‬ ‫جارة َ‬
‫) رواه البخاري‪ ،‬كتاب األدب‪ ،‬باب‪ :‬ال حتقَر ان َ‬
‫‪153‬‬

‫‪ )154‬رواه البخ اري‪ ،‬يف األدب املف رد‪ ،‬رق م (‪ ،)2112‬واحل اكم يف املس تَ ْدرك (‪ ،)67/4‬ووافق ه ال َّذهيب‪ ،‬وق ال اهليثم ي يف جمم ع‬
‫ِ ِ‬
‫الزوائد (‪ ":)167/8‬رواه الطَّباِن‪ ،‬وأبو يعلي‪ ،‬ورجالُه ثقات "‪ ،‬وذكر نصوصاً أخرى باملعىن‪ ،‬فراج ْعه ل ِّلز َ‬
‫يادة‪.‬‬ ‫َّ‬
‫يادة ر ِاجع‪ :‬شروح األحاديث املذكورة من فتح الباري‪ ،‬وأيضاً جامع العلوم واحلكم حديث (‪.)15‬‬ ‫للز َ‬
‫‪ِّ )155‬‬
‫‪83‬‬
‫التحيةُ وآدابُها‬
‫التحيةُ‪:‬‬
‫الدعاء باحلياةِ‪ ،‬فيُقال‪ :‬حيااك اهللُ‪ ،‬أي‪ :‬أَبْ َ‬
‫قاك‪ ،‬مث تُ ُو ِّس َع‬ ‫وم ْعناه يف اللُّغَة‪ُّ :‬‬‫ص َدر َحياه‪ُ ،‬ييِّيه‪َ ،‬‬
‫ِ‬
‫التَّحيَّة‪َ :‬م ْ‬
‫ّلق التَّ ِحيَّ ِة عل ى ك ال م ا ه و يف َم ْعناه ا ِم ن ال ُّدعاء ال ذي يُق ال عن د االلتِق ِاء وحن ِوه‪ ،‬والتَّ ِحيَّ ة أَ َع ام ِم ن‬
‫يف إ ِ‬
‫فالسّلم نو ٌ ِمن أنوا ِ التَّ ِحيَّة‪.‬‬
‫السّلم‪َّ ،‬‬ ‫َّ‬
‫تَحية اإلسالم‪:‬‬
‫اب‪ ،‬وجعله ا ح اق اً ِم ن حق وق‬ ‫ِ‬
‫قَد شر اهللُ ورس ولُه ‪ ‬لن ا حتيَّة تيِّزن ا ع ن غ ِرين ا‪ ،‬ورتَّب عل ى فعله ا الثَّو َ‬
‫َ َ َ َ َْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫املس لِم عل ى أخي ه‪َّ ،‬‬
‫فتحول ت ه ذه التَّحيَّ ة ِم ن ع ادةٍ ِم ن الع ادات اجمل َّردةِ إىل عم ٍل ي ْفعلُ ه العب ُد تَ َقُّرب اً إىل اهللِ‬
‫يمة بِعِبارات أُخرى ال تُ َ ِّدي ما تُ َ ِّديه‬ ‫صح أن تُب َّدل هذه التَّ ِحيَّة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العظ َ‬‫َ‬ ‫ألم ِر َرسوله ‪ ،‬فّل يَ ا َ‬ ‫تعاىل‪ ،‬واستجابَةً ْ‬
‫ص باح اخل ري‪ ،‬أو َمس اء اخل ري أو َم ْر َحب اً‪ ،‬أو غ ري ذل ك‪ ،‬ما ا ق د يَ ْس تَ ْع ِمله‬ ‫‪ ،‬مث ل‪َ :‬‬
‫(‪)156‬‬
‫حتيَّ ة اإلس ّلم املبارك ة‬
‫إعراضاً (‪.)157‬‬ ‫بعض النا ِ‬
‫اس َج ْهّلً أو ْ‬
‫السّلم علي ُكم )(‪.)158‬‬ ‫ّلم عليكم َور ْةَة اهللِ وبركاته) هذا أَ ْك َملُها‪ ،‬وأَقَلاها‪َّ (:‬‬ ‫الس ُ‬
‫وحتيَّة اإلسّلم هي‪َّ (:‬‬
‫وخصائصه‪:‬‬ ‫من فَضائل السالم َ‬
‫ِ‬
‫فعن عبد اهلل بن عمرو بن العاص رض ي اهلل عنهم ا أ ان َر ُج ّلً س أل‬ ‫‪ -1‬أنَّه من َخ ِري أُموِر اإلسّلم‪َ ،‬‬
‫وم ن‬ ‫ت َ‬ ‫ّلم عل ى َم ن َعَرفْ َ‬ ‫اإلسّلم خ ريٌ ؟ ق ال‪ ((:‬تُطْعِ م الطَّع َام‪ ،‬وتَ ْق َرأُ َّ‬
‫الس َ‬
‫ِ‬ ‫أي‬
‫رسول اهلل ‪ :‬ا‬ ‫َ‬
‫مل تَ ْع ِرف ))(‪.)159‬‬
‫ول اجلنَّة‪ ،‬ق ال ‪ ((:‬ال‬ ‫املودة واحملبَّة بني املسلمني‪ ،‬وال يت ه ي ِم ن أس باب دخ ِ‬ ‫‪ -2‬أنَّه ِمن أسباب َّ‬
‫تدخلون اجلنَّةَ ح ت ِمنوا‪ ،‬وال تُ ِمنوا ح َّ حتابوا‪ ،‬أو ال أَدلُّكم على ش ٍ‬
‫يء إذا فَ َع ْلتُم وه حت ابَْبتُم‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫؟ أَفْشوا َّ‬
‫السّلم بينَكم ))(‪.)160‬‬
‫كل جلَ ٍة من ه بِ َع ْش ر َح َس نات‪ ،‬وه و ث ّلث ُجَل‪ ،‬فَلِ َم ن ج اء ب ه ك ِامّلً ثّلث ون َح َس نَة‪ ،‬ع ن‬ ‫‪ -3‬أ ان َّ‬
‫الس ّلم عل يكم‪ ،‬ف َرَّد‬ ‫يب ‪ ‬فق ال‪َّ :‬‬ ‫ِ‬
‫ص ني رض ي اهلل عنهم ا ق ال‪ :‬ج اء رج ٌل إىل النَّ ِّ‬ ‫عم ران ب ن ُح َ‬

‫‪ )156‬انظر يف بعض َمعانيها ‪:‬كتاب أحكام أهل ِّ‬


‫الذ َّمة‪ ،‬البن القيِّم (‪ )193/1‬وما بعدها‪.‬‬
‫كّلم جيِّد حول هذا املعىن يف كتاب األذكار‪َّ ،‬أول باب‪َ :‬مسائِل تَتَ َفَّر على َّ‬
‫السّلم‪.‬‬ ‫) للنَّوِوي ‪ -‬رةه اهلل ‪ٌ -‬‬
‫‪157‬‬

‫رعيَّة (‪.)360/1‬‬‫الش ِ‬
‫‪ )158‬انظر‪ :‬اآلداب َّ‬
‫السّلم ِمن اإلسّلم (الفتح ‪ ،)82/1‬رقم (‪ ،)28‬ومسلم‪ ،‬يف اإلميان‪ ،‬باب‪ :‬بيان‬ ‫) رواه البخاري‪ ،‬كتاب اإلميان‪ ،‬باب‪ :‬إفْشاء َّ‬
‫‪159‬‬

‫فاضل اإلسّلم (‪ ،)65/1‬رقم (‪.)39‬‬‫تَ ُ‬


‫‪ )160‬رواه مسلم‪ ،‬كتاب اإلميان‪ ،‬باب‪ :‬بَيان أنَّه ال يَ ْد ُخل اجلنَّةَ اإال امل منون (‪ ،)74/1‬رقم (‪.)54‬‬
‫‪84‬‬
‫الس ّلم عل يكم ورةَة‬ ‫آخ ر‪ ،‬فق ال‪َّ :‬‬ ‫يب ‪َ ((:‬عشر ))‪ ،‬مثَّ جاءَ َر ُج ل َ‬ ‫عليه‪ ،‬مث َجلَ ‪ ،‬فقال النَّ ُّ‬
‫الس ّلم عل يكم ورة ة‬ ‫آخ ر‪ ،‬فق ال‪َّ :‬‬ ‫ِ‬
‫اهلل‪ ،‬فَ َرَّد علي ه‪ ،‬مث جل ‪ ،‬فق ال‪ ((:‬عش رون ))‪ ،‬مث ج اء َ‬
‫وجلَ ‪ ،‬فقال‪ ((:‬ثَّلثون ))(‪.)161‬‬ ‫اهلل وبركاته‪َ ،‬فرَّد عليه‪َ ،‬‬
‫ُحكم السالم َوَرده‪:‬‬
‫صد‬ ‫اح د‪ ،‬وعل ى ِ‬
‫الكفاي ة إن قُ ِ‬ ‫ص َد ب ه َش خص و ِ‬ ‫الس ّلم س نَّة م ََّك َدة (‪ ،)162‬وراده و ِاج ب عين اً‪ ،‬إذا قُ ِ‬
‫َ‬ ‫ْ ٌ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َّ ُ ُ‬
‫ضل‪.‬‬ ‫جيعُ ُهم فهو أَفْ َ‬‫َجاعة‪ ،‬فإن رَّد َِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ص َفة َرد السالم‪:‬‬
‫فم ن َس لَّم‬‫ض ل‪ ،‬لك ن ال يَ ْن ُقص عن ه‪َ ،‬‬ ‫ّلم‪ ،‬وإن ز َاد علي ه فه و أَفْ َ‬ ‫الو ِاج ب يف ال َّراد أن يك ون ِمثْ ل َّ‬
‫الس ِ‬
‫الس ّلم ورةَ ة اهلل‪ ،‬وإن زاد‪ :‬وبَركاتُ ه‪ ،‬فه ذا‬ ‫الس ّلم عل يكم ورة ة اهلل‪ ،‬فجوابُ ه الو ِاج ب‪ :‬وعل يكم َّ‬ ‫فق ال‪َّ :‬‬
‫الس ّلم‪ ،‬ق ال تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﳎ‬ ‫الس ّلم ) فق ط؛ ألا ا دون َّ‬ ‫أفضل‪ ،‬لك ن ال ي وز االقتِص ار يف اجل واب‪ (:‬وعل ي ُكم َّ‬ ‫َ‬
‫ﳏ ﳐ ﳑ ﳒ ﳓ ﳔ ﳕﭐ ﭐ ﭐﱠ [النِّساء‪.)163( ]86 :‬‬
‫أفض ل ماا َس لَّم‪ ،‬أو ُرادوا علي ه‬ ‫ِ‬
‫ق ال اب ن كث ري رة ه اهلل تع اىل‪ :‬أي‪ :‬إذا َس لَّم عل ي ُكم املس لم فَ ُرادوا علي ه َ‬
‫روضة‪.‬‬
‫ندوبَة‪ ،‬واملماثَلَة َم ْف َ‬ ‫يادة َم ُ‬ ‫مبثل ما َسلَّم‪ِّ ،‬‬
‫فالز َ‬ ‫ِ‬
‫وم ْر َحب اً‪ ،‬أو حنوه ا‪ُ ،‬م ْكتَ ِفي اً هب ا‪ ،‬وذل ك َّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ألا ا‬ ‫وما ا يُعتَ َب َجواب اً غ ري س ائغ َش ْرعاً أن يَ ُراد بقول ه‪ :‬أَ ْه ّلً َ‬
‫الس ّلم ورة ة اهلل وبركات ه‪،‬‬ ‫فإن قولَه‪ :‬وعليكم َّ‬ ‫السّلم بِ َكثِري‪َّ ،‬‬ ‫وألاا أَنْ َقص ِمن َّ‬ ‫لسّلم‪َّ ،‬‬ ‫رع اي لِ َّ‬
‫اب َش ِ‬ ‫ليست جبو ٍ‬
‫ِ‬ ‫ان ع ِظيم ٍة أَفْ ِ‬ ‫وم ا ِ ِ‬
‫وم ْرحب اً‪ ،‬ولك ن ال ب أس بَِق ْوهل ا ال عل ى َّأا ا َراد‬ ‫ض ل م ن قَ ْول القائ ل‪ :‬أَ ْه ّلً َ‬ ‫حتمل ه م ن َمع ٍ َ َ َ‬
‫بأم هانِئ ))(‪.)164‬‬ ‫يب ‪َ ((:‬م ْر َحباً ا‬ ‫قول النَّ ِّ‬
‫ّلم‪ ،‬مث يقوهلا بعد ذلك‪ ،‬فقد ثَبَت ُ‬ ‫الس َ‬
‫السّلم‪ ،‬لكن يَ ُراد َّ‬‫َّ‬
‫الت لَ ُفظ بالسالم‪:‬‬

‫الس ّلم (‪ )379/5‬رق م (‪ ،)5195‬والّتم ذي يف االس تئذان‪ ،‬ب اب‪ :‬م ا ذُكِ ر يف‬
‫) رواد أب و داود‪ ،‬كت اب األدب‪ ،‬ب اب‪ :‬كي ف َّ‬
‫‪161‬‬

‫إسناد قَ ِوي "‪ ،‬وقال ابن مفلح يف‬


‫السّلم (‪ ،)52/5‬رقم (‪ ،)2689‬وقال‪ ":‬حديث صحيح "‪ ،‬وقال احلاف يف الفتح (‪ٌ ":)6/11‬‬ ‫ضل َّ‬
‫فَ ْ‬
‫ٍ‬
‫بإسناد َجياد "‪.‬‬ ‫الشرعيَّة‪":‬‬
‫اآلداب َّ‬
‫‪ )162‬غذاء األلباب (‪.)275/1‬‬
‫فسريها‪ ،‬وحنوها ما ذكره القر يب يف تفسري هذه اآلية (‪ )299/5‬مع بعض زيادات‪.‬‬ ‫‪ )163‬وكّلم ابن كثري يف ت ِ‬
‫ص ّلة‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬
‫الص ّلة بث وب واح د ُم ْلتَحف اً ب ه (الف تح ‪ )469/1‬رق م (‪ ،)357‬ومس لم كت اب َ‬
‫الصّلة‪ ،‬ب اب‪َّ :‬‬
‫‪ )164‬رواه البخاري‪ ،‬كتاب َّ‬
‫الضحى (‪ ،)498/1‬رقم (‪.)336‬‬ ‫صّلة ُّ‬ ‫ِ‬
‫املسافرين‪ ،‬باب‪ :‬است ْحباب َ‬
‫‪85‬‬
‫الس ّلم عل يكم )‪ ،‬واإلش َارة بِاليَ ِد وغ ِريه ا‬ ‫ّلم ه و ال تَّ ُّلف بقولِك‪َّ (:‬‬ ‫الس َ‬ ‫السّلم واجلواب اجلَ ْهر؛ َّ‬
‫ألن َّ‬ ‫السنَّة يف َّ‬
‫ُّ‬
‫ال تُ ْعتََب َسّلماً‪ ،‬واجلهر ب اجلواب ح يَ ْس َمعه املس لِم؛ ألنَّه إن مل يُ ْس ِم ْعه فَكأَنَّه مل ِيْب ه‪ ،‬اإال أن يك و َن عُ ْذر‬
‫ُ‬
‫ساعه‪.‬‬
‫مينَع َ‬
‫من أَحكام السالم وآدابه‪:‬‬
‫ص بِ ه فِئَ ة دون‬ ‫ِ‬
‫‪ -1‬إفْش ُاؤه وإظه ُاره وإعّلنُ ه ب ني النا اس‪ ،‬ح يك ون ش عاراً ب ني املس لمني‪ ،‬ال َي ا‬
‫وتقدم حديث عبد اهلل بن عم رو‬ ‫صغِ ٍري‪ ،‬وال َمن يَع ِرف دون َمن ال يَ ْع ِرف‪َّ ،‬‬ ‫أخرى‪ ،‬أو كبِرياً دون َ‬
‫ّلم بينَ ُكم ))‪.‬‬ ‫يب ‪ ((:‬أَفْشوا َّ‬
‫الس َ‬ ‫وتقدم أيضاً قول النَّ ِّ‬ ‫رضي اهلل عنهما‪َّ ،‬‬
‫اف ِم ن نَ ْف ِس ك‪،‬‬ ‫ّلث َم ن َجَ َع ُه ان فق د َجَع اإلمي ان‪ :‬اإلنص ُ‬ ‫عم ار ب ن ياس ر رض ي اهلل عنهم ا‪ ((:‬ث ٌ‬ ‫وق ال ا‬
‫ّلم لِلعا ِمل‪ ،‬واإلنفاق ِمن اإلقْتار ))(‪.)165‬‬ ‫الس ِ‬
‫وبَ ْذل َّ‬
‫السّلم ))(‪.)166‬‬ ‫اس َمن َِب َل بِ َّ‬ ‫يب ‪ ((:‬أبَل النا ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫قول النَّ ِّ‬
‫يم ُ‬ ‫وماا ورد يف ذَ ام َمن تَ َرَك التَّسل َ‬
‫يب‬ ‫ّلم‪ ،‬فَ َع ن عائِ َش ة رض ي اهلل عنه ا َّ‬
‫أن النَّ َّ‬ ‫وحتمل ه‪ ،‬وعل ى املبَ لِّ غ أن يَ ُراد َّ‬ ‫‪ -2‬ي ْش ر تَ ْبلِي غ َّ ِ‬
‫الس َ‬ ‫الس ّلم‪ ،‬ا‬ ‫ُ َ‬
‫السّلم ورةة اهلل (‪.)167‬‬ ‫السّلم )) فقالَت‪ :‬وعليه َّ‬ ‫عليك َّ‬ ‫إن ِجبيل ي ْقرأ ِ‬ ‫‪ ‬قال هلا‪َّ ((:‬‬
‫ََ‬
‫الراكِ ب عل ى‬ ‫ِ‬ ‫بالسّلم أن يُ َسلِّم َّ‬ ‫ضل يف االبتِداء َّ‬
‫الصغري على الكبري‪ ،‬واملاشي على اجل ال ‪ ،‬و ا‬ ‫‪ -3‬األفْ َ‬
‫الص غِري عل ى الكب ري‪ ،‬وامل اار‬ ‫املاش ي‪ ،‬وال َقلِي ل عل ى الكث ري‪ ،‬فع ن أيب هري رة ‪َ ،‬مرفوع اً‪ ((:‬يُ َس لِّم َّ‬
‫القاع ِد‪ ،‬والقليل على الكثري ))(‪.)168‬‬ ‫على ِ‬
‫روج‪ ،‬أو ح ال بينهم ا‬ ‫خول أو ُخ ٍ‬ ‫الش ْخص ان مثَّ تَق ابّل‪ ،‬بِ ُد ٍ‬
‫َ‬ ‫ّلم إذا اف ّتق َّ‬ ‫الس ِ‬ ‫الس نَّة إع َادة َّ‬‫‪ِ -4‬م ن ُّ‬
‫يب ‪ ((:‬إذا لَِق َي أَ َح ُدكم أَخ اه فَ ْليُ َس لِّم علي ه‪،‬‬ ‫دل علي ه ق ول النَّ ا‬ ‫حائِل مثَّ تَق ابَّل‪ ،‬وحن و ذل ك‪ ،‬وي ا‬
‫فإن حالَت بينَهما َش َجَرة أو ِجدار أو َح َجر‪ ،‬مثَّ لَِقيَه فَ ْليُ َسلِّم عليه أيضاً ))(‪.)169‬‬

‫السّلم ِمن اإلسّلم (الفتح ‪ )82/1‬قبل حديث (‪.)28‬‬ ‫) ذكره البخاري معلَّقاً بصيغة اجلزم‪ ،‬كتاب اإلميان‪ ،‬باب‪ :‬إفشاء َّ‬
‫‪165‬‬

‫إسناده‪ ،‬وع زاه للطَّباِن يف املع اجم الثَّّلث ة ع ن‬


‫وجود َ‬‫) عزاه يف غذاء األلباب (‪ )276/1‬للطَّباِن يف األوسط‪ ،‬عن أيب هريرة‪َّ ،‬‬
‫‪166‬‬

‫بأس به "‪.‬‬ ‫ِ‬


‫إسناد أةَد ال َ‬ ‫إسناده أيضاً‪ ،‬وألةد معناه (الفتح الرباِن ‪ )252/19‬عن جابر‪ ،‬وقال يف الغذاء‪ُ ":‬‬ ‫وجود َ‬ ‫عبد اهلل بن ُمغَ افل‪َّ ،‬‬
‫الس ّلم‪( ،‬الف تح الرب اِن ‪ ،)38/11‬رق م (‪ ،)6253‬وانظ ر يف‬ ‫) رواه البخ اري يف االس تئذان‪ ،‬ب اب‪ :‬إذا ق ال‪ :‬ف ّلن يُ ْق ِرئ ك َّ‬
‫‪167‬‬

‫شرحه وأيضاً‪ ،‬الفتح (‪ ،)139/7‬شرح احلديث رقم (‪.)3820‬‬ ‫املسألة َ‬


‫‪ )168‬رواه البخاري يف االستئذان‪ ،‬باب‪ :‬تَسلِيم القلِيل على الكثري (الفتح ‪ ،)14/11‬رقم (‪.)6231‬‬
‫الش ِ‬
‫رعيَّة‬ ‫الر ُج ل يُف ا ِرق َّ‬
‫الر ُج َل مثا يَْلق اه (‪ )381/5‬رق م (‪ ،)5200‬ق ال يف اآلداب َّ‬ ‫‪ )169‬رواه أب و داود يف األدب‪ ،‬ب اب‪ :‬يف َّ‬
‫وإسناده َجيِّد‪.‬‬
‫ُ‬ ‫(‪،)397/1‬‬
‫‪86‬‬
‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ّلث‬
‫ك ثَ َ‬ ‫ّلم‪ ،‬فَ َع َل َذل َ‬ ‫الس َ‬‫يب ‪َّ ‬‬ ‫ب َور َج ع س لم َوَرَّد علي ه النَّ ا‬ ‫ص ّلته أنَّ ه كلَّم ا َذ َه َ‬‫ويف ح ديث املس يء َ‬
‫مرات (‪.)170‬‬ ‫ا‬
‫ِ‬
‫اس تَ ْقبَ لَْت ُهم َش َجَرةٌ أو أَ َك َم ةٌ فَتَ َفَّرق وا ميين اً‬ ‫وق ال أن ‪ ":‬ك ان أص حاب رس ِ‬
‫ماش ْون‪ ،‬ف إذا ْ‬ ‫ول اهلل ‪ ‬يتَ َ‬ ‫ُ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ض "(‪.)171‬‬ ‫ضهم على بَ ْع ٍ‬ ‫ومشاالً‪ ،‬مثَّ التَقوا من َورائها َسلَّم بَ ْع ُ‬
‫ّلمه إذا َسلَّم (‪:)172‬‬ ‫السّلم على الكافِر‪ ،‬ورد س ِ‬ ‫‪ُ -5‬ح ْكم َّ‬
‫َا َ‬
‫ِ‬ ‫لم ِمنِني َّ‬ ‫ِ‬
‫ود والنَّص َارى‬ ‫خاص ة‪ ،‬ف ّل ي وز إلق ُاؤه عل ى غ ِريهم‪ ،‬ق ال ‪ ((:‬ال تَ ْب دؤوا اليه َ‬ ‫الس ّلم حتيَّ ة ل ُ‬
‫َّ‬
‫ضيَ ِقه ))(‪.)173‬‬ ‫السّلم‪ ،‬فإذا لَِقيتُم أَ َح َد ُهم يف َ ِر ٍيق ْ‬
‫فاضطَاروه إىل أَ ْ‬ ‫بِ َّ‬
‫ني‪ ،‬فَِف ي َح ِديث أس َامة‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ضر َم ْوضعاً فيه أَ ْخّلط من املسلمني والكافرين‪ ،‬فَيُ َسلِّم ويَ ْقصد املسلم َ‬
‫أما إن ح َ ِ‬
‫َ‬ ‫ا‬
‫ط ِم ن املس لمني واملش ركني َعبَ َدة األَْوث ان‪،‬‬ ‫يب ‪َ ‬م َّر عل ى جمل ٍ في ه أَ ْخ ّل ٌ‬ ‫بن َزيْ ٍد رضي اهلل عنهما َّ‬
‫أن النَّ َّ‬
‫فسلَّم َعلي ِهم (‪.)174‬‬
‫إن أه َل‬ ‫يب ‪َّ ((:‬‬ ‫ِ‬ ‫وإذا َس لَّم الك افِر فإنَّه يُ َراد علي ه مبث ل م ا روى أنَ ‪َّ ‬‬
‫يب ‪ ‬ق الوا للنَّ ِّ‬
‫حاب النَّ ِّ‬ ‫أن أص َ‬
‫ِ‬
‫وعلَي ُكم ))(‪ ،)175‬وال يَِزيد على ذلك (‪.)176‬‬ ‫الكتاب يُ َسلِّمو َن َعلَْينا‪ ،‬فكيف نَ ُراد علي ِهم ؟ قال‪ :‬قولوا‪َ :‬‬
‫السّلم على النِّساء‪:‬‬ ‫َّ‬ ‫‪-6‬‬
‫وعلَ ْي ِه ان‪ ،‬وه ذا َيتَلِ ف‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫وز إذا أُمنَ ت الفْت نَ ة هب ان َ‬ ‫الس ّلم عل ى النِّس اء احمل ا ِرم‪ ،‬اأم ا غ ريُُه ان‪ :‬فيج ُ‬ ‫ي وز َّ‬
‫العجوز‪ ،‬وال َم ن َد َخ ل بَْيتَ ه فَ َو َج د في ه نِ ْس َوًة‬ ‫الش ابَّة ك َ‬‫اض ع‪ ،‬فليس ت ا‬ ‫ب اختِّلف النِّس اء‪ ،‬واألح و ِال‪ ،‬واملو ِ‬

‫الصلوات كلاها‪( .‬الفتح ‪ ،)237/2‬رقم (‪.)757‬‬ ‫‪ )170‬رواه البخاري يف األذان‪ ،‬باب‪ُ :‬وجوب القراءة لإلمام واملأموم يف َّ‬
‫ص نَّفه‪ :‬كت اب األدب‪ ،‬والبخ اري يف األدب املف رد رق م (‪ )1011‬حن وه‪،‬‬ ‫الس ان رق م (‪ ،)245‬واب ن أيب ش يبة يف ُم َ‬ ‫) رواه اب ن ُّ‬
‫‪171‬‬

‫إسناده‪.‬‬
‫وح َّسنا َ‬ ‫الزوائد (‪ )34/8‬للطَّباِن يف األوسط‪َ ،‬‬ ‫الّتغيب والّتهيب (‪ ،)268/3‬واهليثمي يف جممع َّ‬ ‫وعزاه املنذري يف َّ‬
‫الذ َّمة البن القيم (‪.)191/1‬‬ ‫رعيَّة (‪ ،)387/1‬وأحكام أهل ِّ‬ ‫الش ِ‬
‫‪ )172‬لّلستزادة انظر‪ :‬فتح الباري (‪ ،)39/11‬واآلداب َّ‬
‫وهم‬
‫اضطر ُ‬
‫بالسّلم (‪ ،)1707/4‬رقم (‪ ،)2167‬ومعىن‪ (:‬ا‬ ‫السّلم‪ ،‬باب‪ :‬النَّهي عن ابتِداء أهل الكتاب َّ‬ ‫) رواه مسلم‪ ،‬كتاب َّ‬
‫‪173‬‬

‫ضيِّقوا علي ِهم؛ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ضيَ ِقه)‪ :‬ال تَتَ نَ َّحوا هلم عن الطَّ ِر ِيق َّ‬
‫الضيِّق إ ْكراماً هلم و ِ‬
‫ألن هذا أَذى‬ ‫احّتاماً‪ ،‬ولي املعىن‪ :‬إذا لَقيتُموهم يف َ ِر ٍيق واسع فَ َ‬ ‫إىل أَ ْ‬
‫ب "‪ .‬خمتصراً ِمن فتح الباري (‪.)40/11‬‬ ‫ذاهم بغ ِري َسبَ ٍ‬ ‫ِ‬
‫هلم‪ ،‬وقد ُاينا عن أَ ُ‬
‫‪ )174‬رواه البخ اري كت اب االس تِئذان‪ ،‬ب اب‪ :‬التَّس ليم يف جمل في ه أَخ ّلط م ن املس لمني واملش ركني (الف تح ‪ ،)38/11‬رق م‬
‫وصبه على أذى املنافقني (‪ ،)1422/3‬رقم (‪.)1798‬‬ ‫يب ‪َ ‬‬ ‫(‪ ،)6254‬ومسلم‪ ،‬كتاب اجلهاد‪ ،‬باب‪ :‬دعاء النَّ ا‬
‫الذ ام ة (الف تح ‪ ،)42/11‬رق م (‪ ،)6257‬وه و أيض اً يف البخ ا ِري‬ ‫‪ )175‬رواه مسلم‪ ،‬كتاب االستِئذان‪ ،‬باب‪ :‬كيف الرد على أهل ِّ‬
‫الذ َّمة (الفتح ‪ ،)42/11‬رقم (‪.)6257‬‬ ‫أهل ِّ‬‫الراد على ِ‬ ‫الس ال‪ ،‬كتاب االستِئذان‪ ،‬باب‪ :‬كيف َّ‬ ‫حنوه دون ِذ ْكر ُّ‬
‫‪ )176‬ه ذا ال ذي علي ه اجلمه ور‪( ،‬انظ ر‪ :‬تفس ري اب ن كث ري والق ر يب‪ ،‬آي ة ‪ِ 86‬م ن س ورة النِّس اء‪ ،‬واآلداب َّ‬
‫الش رعيَّة الب ن مفل ح‬
‫الذ َّمة (‪.)199/1‬‬ ‫تفصيل يف املسألة‪ ،‬انظر‪ :‬أحكام أهل ِّ‬ ‫(‪ ،)389/1‬ولإلمام ابن القيِّم ِ‬
‫‪87‬‬
‫كم ن َم ار بِنِس ٍاء ال يَ ْع ِرفُ ُه ان يف الطَِّري ق‪ ،‬و اأم ا املص افَ َحة لِلنِّس اء األجانِب ف ّل جت وز ُمطْلَق اً‪،‬‬ ‫ِ‬
‫فس لَّم عل يه ان َ‬
‫ومن أَ ِدلَّة ذلك‪:‬‬
‫ِ‬
‫‪ -1‬قوله ‪ ((:‬ال أُصافِح النِّساء ))(‪.)177‬‬
‫رسول اهللِ ‪ ‬يَ َد امرأةٍ‪ ،‬اإال امرأَة ميَْلِ ُكها ))(‪.)178‬‬
‫‪ -2‬قول عائشة رضي اهلل عنها‪ ((:‬ما م َّست ي ُد ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫يد َخْي ٌر له ِمن أن يَ َم َّ ام رأًَة ال ِحت ال له‬ ‫أس أَح ِد ُكم بِ ِمخي ٍط ِمن ح ِد ٍ‬
‫َ‬ ‫َْ‬ ‫‪ -3‬قوله ‪ ((:‬ألن يُطْ َعن يف ر ِ َ‬
‫)) (‪.)179‬‬
‫األسئلَة‪:‬‬
‫السّلم ؟‬ ‫س‪ :1‬ما املراد بالتَّحيَّة ؟ وما العّلقَة بينها وبني َّ‬
‫الدلِيل‪.‬‬
‫إتامه ؟ مع ِذك ِر َّ‬‫ضيلَة ِ‬ ‫السّلم وأكمله ؟ وما فَ ِ‬
‫َ‬ ‫س‪ :2‬ما أقَ ال َّ‬
‫فصيل ُم ْستَ ِداالً على ما تقول‪.‬‬
‫ضح ذلك بالتَّ ِ‬ ‫س‪ :3‬ما ِص َفة َراد َّ‬
‫السّلم ؟ َو ِّ‬
‫وس ْهّلً)؟ مع التَّعلِيل لِما تقول‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫فاء يف راد َّ ِ‬ ‫س‪ :4‬ما حكم االكتِ ِ‬
‫(م ْرحباً)‪( ،‬أهّلً َ‬
‫السّلم ب َق ْول القائل‪َ :‬‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ‬

‫‪ )177‬يأيت ُتريه يف موضو ‪( :‬العفة) إن شاء اهلل‪.‬‬


‫‪ ) 178‬رواه البخاري‪ ،‬كتاب األحكام‪ ،‬باب بيعة النساء (الفتح ‪ )203/13‬رقم (‪.)7214‬‬
‫‪ )179‬رواه الطباِن يف الكبري ‪ ،212 ،211/20‬قال اهليثمي‪ :‬رجاله رجال الصحيح (جممع الزوائد ‪ )326/4‬والروياِن يف مسنده‬
‫‪ 323/2‬رقم (‪ ،)1283‬من حديث معقل بن يسار‪ ،‬السلسلة الصحيحة رقم (‪.)226‬‬
‫‪88‬‬
‫يارةُ وآدابُها‬
‫الز َ‬
‫أَنواع الز َ‬
‫يارة‪:‬‬
‫حممودةٌ‪:‬‬
‫شروعةٌ َ‬ ‫يارة َم َ‬ ‫أ‪ِ -‬ز َ‬
‫ص لَ َحةٌ لِألَُّم ة‪ ،‬وحن و ذل ك‪ ،‬وق د تك ون و ِاجبَ ةً ك ِزي َارة‬ ‫ِ‬
‫ب عليه ا َمْن َف َع ةٌ َش ْرعيَّة‪ ،‬أو َم ْ‬ ‫ِ‬
‫وه ي ك ال زي َارة تَ َرتَّ َ‬
‫يارةٍ يف اهلل‪ ،‬وعلى حمبَّ ِة اهلل‪.‬‬ ‫كل ِز َ‬ ‫يارة العُلَماء‪ ،‬و ا‬ ‫األَْرحام‪ ،‬أو ُم ْستَ َحبَّة ك ِز َ‬
‫ضلِها‪ ،‬فَ ِمن ذلك‪.‬‬ ‫تدل على فَ ْ‬ ‫صوص ا‬‫الزيارة نُ ٌ‬ ‫وقد َورد يف بعض األمثِلة هذه ِّ‬
‫الزي َارة يف اهلل ِم ن ق ول ‪َ ((:‬م ن ع َاد َم ِريض اً‪ ،‬أو زاراً أخ اً ل ه يف اهللِ‪ ،‬ن اداه ُمن ٍاد أن‬ ‫ض ل ِّ‬ ‫م ا َوَرد يف فَ ْ‬
‫ت ِمن اجلنَّ ِة َمْن ِزال ))(‪.)180‬‬ ‫اب مَْشاك‪ ،‬وتَبَ َّوأْ َ‬ ‫تو َ‬ ‫ْب َ‬
‫ِ‬
‫منوعة َش ْرعاً‪:‬‬‫مذمومةٌ‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫ب‪َ -‬زيارة‬
‫حمرم‪ ،‬أو الجتِما ٍ عل ى‬ ‫ألجل فِ ْع ٍل َّ‬
‫يارةٍ ِ‬‫ضَرٌر يف دي ٍن أو ُخلُ ٍق‪ ،‬وحنو ذلك‪ ،‬ك ِز َ‬
‫ِ‬
‫يارةٍ تَ َرتَّب عليها َ‬ ‫كل ِز َ‬ ‫وهي ا‬
‫هلو با ِ ٍل‪.‬‬
‫باحة‪:‬‬
‫يارةٌ ُم َ‬‫ج‪ِ -‬ز َ‬
‫كالزي َارة لِ ُم َج َّرد قَض ِاء‬
‫ض َّرة‪ ،‬وال تَ ْش تَ ِمل عل ى حم َّرم‪ِّ ،‬‬ ‫الزي َارة ال يت ال يَتَ َرتَّ ب عليه ا َمْن َف َع ةٌ أو َم َ‬ ‫وه ي ِّ‬
‫املباحة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بادل األَحاديث َ‬ ‫الوقْت‪ ،‬وتَ ُ‬ ‫َ‬
‫حكمه ا‪ ،‬ك أن تش تَ ِمل عل ى‬ ‫ِ‬
‫باح ة‪ ،‬لك ن يَع ِرض هل ا م ا يُغ ِّري َ‬ ‫ودة أو ُم َ‬ ‫الزي َارة يف أص لها حمم َ‬ ‫وق د تك ون ِّ‬
‫الزي َارة إىل‬ ‫الزي ارة عل ى أَص لِها‪ ،‬ف إن مل ِ‬
‫ميك ن إزالَة املن َك ر تَتَ َح َّول ِّ‬ ‫ْ‬ ‫ُمْن َك ر‪ ،‬فهن ا ي ب إزالَ ة ه ذا املنك ر‪ ،‬وتبق ى ِّ َ‬
‫َّ‬
‫الذ ِّم‪ ،‬فَيَ ْلَزم تَ ْركها‪.‬‬
‫يارة‪:‬‬
‫من آداب الز َ‬
‫ة ه‪ ،‬وأَداء ُحق وقِهم‪ ،‬أو يَْن ِوي هب ا‬ ‫الزي ارة‪ ،‬ك أن ي ْن ِوي هب ا ِص لَة رِِ‬ ‫‪ -1‬أن ِّ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫صد ه ذه ِّ َ‬ ‫يس َن نيَّتَه يف َم ْق َ‬
‫فادة ِم ن‬ ‫ِ‬
‫ناص ح‪ ،‬واالس ت َ‬ ‫احلاص ل ِم ن ِّ‬
‫الزي َارة‪ ،‬أو التَّ ُ‬
‫اب ِ‬ ‫ِزي ارة احملبَّ ِة يف اهللِ‪ ،‬أو اكتِس اب الثَّ و ِ‬
‫َ‬
‫الوقْت‪ ،‬وحنو ذلك‪.‬‬ ‫َ‬
‫اح ِة والنَّ ْوم‪ ،‬أو أوق ات‬ ‫املناس ب لِ ِّلزي ارة‪ ،‬فل ي ِم ن ِ‬ ‫‪ -2‬اختِيار الوقْت ِ‬
‫الر َ‬
‫الزي َارة يف أوق ات ا‬ ‫املناس ب ِّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ات َم َعيَّنَ ة ال يبا ون أن ي أتي ِهم فيه ا أَ َح ٌد‪ ،‬ف ّل يَْنبَغ ي‬ ‫الطَّع ام‪ ،‬وق د يك ون ل بعض النا اس أوق ٌ‬
‫يارة فيها‪.‬‬ ‫اإلثْقال علي ِهم بِ ِّ‬
‫الز َ‬

‫‪ )180‬رواه الّتمذي‪ ،‬كتاب ِ‬


‫الب‪ ،‬باب‪ :‬ما جاء يف ِزيارة اإلخوان (‪ ،)365/4‬رقم (‪ ،)2008‬وقال‪َ ":‬ح َس ٌن َغ ِريب "‪ ،‬ورواه أةَد‬
‫(‪ ،)326/2‬والبخاري يف األدب املفرد برقم (‪.)345‬‬
‫‪89‬‬
‫ب بَق اءَه‬ ‫ول البق ِاء أو غ ري ذل ك‪ ،‬اإال إن علِ م الزائِر َّ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫أن ص احبَه ي ا‬ ‫َ َ ا‬ ‫‪ -3‬تَ ْرك اإلثْق ال عل ى امل زور بطُ َ‬
‫حال املزوِر‪ ،‬فَلَعلَّه م رتَبِط ِ‬ ‫ملدة أَ ْول‪ ،‬وينبغِي لِلزائِر أن ير ِ‬
‫مبوع د‪ ،‬أو َمش غول‪ ،‬وحن و ذل ك‪،‬‬ ‫َ ُْ‬ ‫اعي َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ا‬ ‫َّ َ‬
‫الش ْخص‪ ،‬ك أن يب دو علي ه َعّلم ات ال َملَل‪ ،‬أو يُ َك ِّرَر النَّظَ ر إىل‬ ‫وه ذا غالِب اً يَتَبَ َّني ِم ن ح ِال َّ‬
‫الزائِر أن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص ِّرح أَ ْحيان اً بكون ه َم ْش غوالً‪ ،‬فعن َدها عل ى ا‬ ‫روج‪ ،‬وق د يُ َ‬ ‫خول واخل َ‬‫اع ِة‪ ،‬أو يُ ْكثِ َر ال ُّد َ‬ ‫الس َ‬
‫ا‬
‫ِ‬
‫يَ ْستَأْذن ُ‬
‫وَيرج‪.‬‬
‫الروائِح ال َك ِر َيهة‪ ،‬قال أبو العالِيَة رة ه اهلل‪:‬‬ ‫وهْيئَتَه‪ ،‬ويُِزيل عن نَ ْف ِسه َّ‬‫ويسن َم ْلبَ َسه َ‬ ‫‪ -4‬أن يتَ َج َّمل‪ِّ ،‬‬
‫(( كان املسلِمون إذا تَز َاوروا جتَ َّملوا ))(‪.)181‬‬
‫ص‪ ،‬وعل ى َم ن اعُتُ ِذر إلي ه أن يَ ْقبَ ل‬ ‫أي َش ْخ ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ب ال ادار أن يعتَ ذر ع ن اس تقبال ا‬ ‫اح ِ‬‫‪ِ -5‬م ن ح ِّق ص ِ‬
‫ب ذل ك‪،‬‬ ‫يم ل يف نَ ْف ِس ه عل ى أخي ه ش يئاً بِس بَ ِ‬ ‫الع ْذر َيِّبةً به نَ ْفسه‪ ،‬وي رِجع سَْح اخلا ِ ر‪ ،‬وال ِ‬
‫َ‬ ‫ُ َْ‬ ‫ُ َ َ‬
‫ناس ب‪ ،‬ق ال تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ‬ ‫ب ل ي َق ِّدر ل ه اعتِ ذاره‪ ،‬فلرمب ا ك ان الوقْ ت غ ري م ِ‬
‫َُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫اجرين‪ :‬لق د‬ ‫ﱐ ﱒ ﱓ ﱔ ﭐ ﭐ ﭐﱠ [النُّ ور‪ ،]28 :‬ق ال قت ادة رة ه اهلل‪ :‬ق ال بع ض امله ِ‬ ‫ﱑ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ارجع‪ ،‬فَأَْرِجع‪،‬‬ ‫بعض إخواِن فيقول ل‪ِ :‬‬ ‫هذهِ اآليةَ فما أَ ْدرْكتُها‪ ،‬أن استَأْ ِذ َن على ِ‬
‫َ‬
‫َلَبت عمري ِ‬
‫ْ ُْ‬
‫وأنا ُم ْغتَبِط (‪.)182‬‬
‫‪ -6‬عل ى الزائِ ر إذا دخ ل ال ادار أن ي غُ ض بص ره‪ ،‬وي َف سع ه‪ ،‬وال يس أَل عم ا ال ي عنِي ه‪ ،‬ويلِ‬
‫ا َْ‬ ‫َْ‬ ‫َْ َ‬ ‫َ ا َ ََ‬ ‫َ‬ ‫ا‬
‫أذن‪ ،‬وإذا َخَرج فَ ْليُ َسلِّم‪.‬‬ ‫صاحب ال ادار‪ ،‬وال َيرج ح يست ِ‬
‫َ َْ‬ ‫حيث يلِسه ِ‬
‫ُ‬
‫ريه ح َّ يُ ْ َذن ل ه‪ ،‬ق ال تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﲾ ﲿ‬ ‫ت َغ ِْ‬ ‫ِ‬
‫وز ألَ َح د أن يَ ْد ُخ َل بَْي َ‬ ‫‪ -7‬االس تْئذان‪ :‬ال ي ُ‬
‫ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅ ﳆ ﳇ ﳈ ﳉ ﳊﱠ [النُّور‪.]27 :‬‬
‫استَأْ َذن أَ َح ُد ُكم ثَّلثاً فلم يُ ْ َذن له فَ ْل َِريِجع ))(‪.)183‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ومعىن‪ :‬تَ ْستَأنسوا‪ :‬تَ ْستَأذنوا‪ ،‬وقال ‪((:‬إذا ْ‬
‫حك َمة َمشروعية االستئذان‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫أن أَ ْه َل البَ ْيت قد ال يُناسبُ ُهم ُدخول أَ َحد يف هذا َ‬
‫الوقْت‪.‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫وس ّْت على أهلِها‪.‬‬ ‫ِ ِ‬
‫ب‪ -‬فيه ح ْف ل َعورات البُيوت‪َ ،‬‬
‫الدخول ِ‬
‫املفاجئ‪ ،‬وغري ذلك‪.‬‬ ‫ت ِمن ُّ‬ ‫ج‪ -‬فيه أَمن لَِفز أَه ِل الب ي ِ‬
‫ْ َ ْ َْ‬

‫‪ )181‬رواه البخاري يف األدب املفرد‪ ،‬رقم (‪.)348‬‬


‫‪ )182‬عن تفسري ابن كثري (اآلية نفسها)‪.‬‬
‫األدب‪ ،‬ب اب‪:‬‬ ‫ِ‬
‫) رواه البخ اري‪ ،‬كت اب االس تئذان ‪ ،‬ب اب‪ :‬التَّس ليم ثَّلث اً (الف تح ‪ ،)27/11‬رق م (‪ ،)6245‬ومس لم‪ ،‬كت اب َ‬
‫‪183‬‬

‫االستِْئذان (‪ ،)1694/3‬رقم (‪.)2153‬‬


‫‪90‬‬
‫وآداب االستئذان‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫أحكام‬
‫ُ‬
‫نوجز أهَّها فيما يلي‪:‬‬ ‫لّلستِئذان آداب وأحكام‪ِ ،‬‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫وإال ِ‬ ‫ّلث َم ارات‪ ،‬ف إن أُِذ َن ل ه ا‬
‫فلريج ع‪ ،‬كم ا تق َّدم يف احل ديث‪ ،‬وليجع ل‬ ‫أ‪ -‬االس تِْئذان املش رو ُ ثَ َ‬
‫كل َمَّرة وأخرى َوقْتاً يَ ِسرياً‪.‬‬ ‫بني ا‬
‫الرفْ َق ال‬ ‫ب‪ -‬ينبَغِ ي أن يك ون َْرقُ ه لِلب اب‪ ،‬أو ُمنادات ه ِم ن بِالبَ ْي ت بِ ِرفْ ٍق وأَ َدب‪ ،‬ق ال ‪َّ ((:‬‬
‫أن ِّ‬
‫شيء إال شانَه ))(‪.)184‬‬ ‫يء إال زانَه‪ ،‬وال ي ْن ز ِمن ٍ‬ ‫يكون يف ش ٍ‬
‫َُ‬ ‫َ‬
‫ج‪ -‬إذا قِيل له‪َ :‬من بِالباب ؟ فلي ُقل‪ :‬فُّلن بن فّلن‪ ،‬يُ َس ِّمي نَ ْف َسه مب ا يَ ْع ِرف بِه‪ ،‬وال يَ ُق ل‪( :‬أن ا)‪،‬‬
‫ص ُدق عل ى ك ال أَ َح ٍد‪ ،‬ف ّل يع ِرف َم ن ه و الطاا ِرق‪ ،‬ويف ح ديث ج ابِر أنَّه‬ ‫ِ‬
‫ألن ه ذه ال َكل َم ة تَ ْ‬‫َّ‬
‫اب‪ ،‬فق ال ل ه‪َ ((:‬م ن ذا ))؟ فقل ت‪ :‬أن ا‪ ،‬فق ال‪ ((:‬أن ا أن ا ))‪ ،‬كأنَّ ه‬ ‫يب ‪ ‬الب َ‬ ‫َر َق عل ى النَّ ا‬
‫َك ِرَهها (‪.)185‬‬
‫داخ ل‬‫د‪ -‬ال ي ِق ف املس تَأْ ِذن مقابِ ل الب اب‪ ،‬ب ل ي تَ نَ َّح ى عن ه ميين اً أو يس اراً‪ ،‬ح َّ ال يطَّلِ ع عل ى ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫ال ادا ِر إذا فُتح ُ‬
‫الباب‪.‬‬
‫خول على غُرفَة أبيه‪ ،‬أو ِّأمه‪ ،‬أو أختِه‪ ،‬وحن ِو ذلك‪.‬‬ ‫الد َ‬ ‫الر ُجل إذا أر َاد ُّ‬ ‫ستأذن َّ‬‫ذ‪ -‬ي ِ‬
‫َ‬
‫ذان‪،‬‬ ‫ِ‬
‫كالرج ِل‪ ،‬وبع ض النِّس اء ي تَس اه ْلن يف ذل ك‪ ،‬فَي ْدخ ْلن الب ي ت بِّل اس تِْئ ٍ‬ ‫ِ ِ‬
‫َ ُ َ َْ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫و‪ -‬املرأةُ يف االس تْئذان َّ ُ‬
‫الشائِ َعة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وهذا ِمن األَ ْخطاء ا‬

‫الرفْق‪ ،‬رقم (‪.)2594‬‬ ‫ضل ِّ‬‫الصلة‪ ،‬باب‪ :‬فَ ْ‬


‫الب و ِّ‬
‫) رواه مسلم يف صحيحه (‪ ،)2004/4‬كتاب ا‬
‫‪184‬‬

‫‪ )185‬رواه البخاري يف صحيحه (الفتح ‪ ،)35/11‬كتاب االستِْئذان‪ ،‬باب‪َ :‬من قال‪َ :‬من ذا ؟ فقال‪ :‬أنا‪ ،‬رقم (‪ ،)6250‬ومسلم‬
‫أذن‪ :‬أنا‪ ،‬رقم (‪.)2155‬‬ ‫يف صحيحه (‪ ،)1697/3‬كتاب األدب‪ ،‬باب‪َ :‬كراهة قَوِل املست ِ‬
‫َ‬ ‫َ ْ‬
‫‪91‬‬
‫األسئلَة‪:‬‬
‫لكل نوٍ ؟‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الزيارة ؟ مع التَّوضيح والتَّمثيل ا‬ ‫س‪ :1‬ما أنوا ِّ‬
‫احد منها‪.‬‬‫الزيارة‪ ،‬مستَ ْش ِهداً على و ِ‬ ‫ِ‬
‫س‪ :2‬اذ ُكر ثّلثاً من آداب ِّ ُ‬
‫اح ٍد منها‪.‬‬
‫ذان‪ ،‬مستَ ْش ِهداً على و ِ‬
‫ُْ‬
‫س‪ :3‬اذ ُكر ثَّلثاً ِمن آداب االستِْئ ِ‬
‫س‪ :4‬قل يف هذا الزمان زيارة األقارب بعضهم لبعض‪ ،‬ما الوسائل اليت تقّتحها لتقوية صلة الرحم؟‬

‫‪92‬‬
‫الضيافَة وآدابُها‬
‫وحك ُمها‪:‬‬‫َمكانَتُها ُ‬
‫ث عليه ا اإلس ّلم‪ ،‬ودع ا إليه ا‪ ،‬ق ال ‪َ ((:‬م ن ك ان يُ ِمن ب اهلل‬ ‫الض يافَة ِم ن َمك ا ِرم األخ ّلق ال يت ح َّ‬ ‫ِّ‬
‫ضْي َفه ))(‪.)186‬‬ ‫واليوم اآلخر فَ ْليُ ْك ِرم َ‬
‫الض ْيف‬ ‫وق ال أيض اً لعب د اهلل ب ن عم رو رض ي اهلل عنهم ا‪ ((:‬وإن لِ َزْوِرَك علي ك َح اق اً ))(‪ ،)187‬يع ن‪َّ :‬‬
‫وم ْقدار الو ِاجب يف هذه‬ ‫الضيافَة لِمسلِم مسافِر نَزَل على م ِقيم‪ِ ،‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫ورك‪ ،‬واألصل فيها أاا ُسنَّة‪ ،‬وجتب ِّ ُ ُ‬ ‫الذي يَ ُز ُ‬
‫الضْيف‪.‬‬
‫ص َدقَة على َّ‬‫ب إىل ثَّلثَة أَياام‪ ،‬مثَّ ما ز َاد فهو َ‬‫احلالَة يوم وليلة‪ ،‬وما زاد فَ ُم ْستَ َح ا‬
‫ودلِيل ذلك حديث أيب شريح الكع يب ‪ ‬ع ن النَّيب ‪ ‬أنَّه ق ال‪ ((:‬م ن ك ان ي ْ ِمن ب اهللِ والي وم ِ‬
‫اآلخ ر‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫َ‬
‫ص َدقَة‪ ،‬وال ِي ال ل ه أن يَثْ ِوي عن ده‬
‫الضيافَة ثَّلثَة أَياام‪ ،‬فما بعد ذلك فه و َ‬ ‫ضْي َفه جائَِزتَه‪ ،‬يوم وليلة‪ ،‬و ِّ‬ ‫فَ ْليُ ْكرم َ‬
‫ح َّ ْي ِر َجه ))‪ ،‬ويف لف ُمسلِم‪ ((:‬ح يُ َِّمثه ))‪ ،‬قالوا‪ :‬وكيف يُ َِّمثه ؟ قال‪ ((:‬يُِقيم َ‬
‫عنده وال شيءَ له يُ ْق ِريه‬
‫به ))(‪.)188‬‬
‫من أحكام وآداب الضيافَة‪:‬‬
‫بالمضيف‪:‬‬ ‫أوالً‪ :‬ما يتعلق ُ‬
‫الض يافَة‪ ،‬وال ب أس ب التَّ َكلُّف ال ذي ال َُي ِرج إىل َح اد اإلس راف‪ ،‬ويك ون‬ ‫‪ -1‬البُ ْعد عن اإلسراف يف ِّ‬
‫الس ّلم‪ :‬ﱡﭐ ﲽ ﲾ ﲿ ﱠ‬ ‫ص ة إب راهيم علي ه َّ‬ ‫احلاج ة‪ ،‬وق د ق ال تع اىل يف قِ َّ‬
‫ب َق ْدر َ‬
‫ِ‬
‫[ال اذاريات‪.]26 :‬‬
‫ض ه‪ ،‬وه ذا ِم ن ت ام َكَرِم ه ‪ ،‬مث إنَّه‬ ‫كام ل‪ ،‬ومل ي أت بِب ع ِ‬
‫َْ‬
‫قال ابن الق يِّم رة ه اهلل تع اىل‪ ((:‬ج اء بِعِج ل ِ‬
‫ْ‬
‫ومثْ لُ ه يُتَّ َخ ذ لّلقْتِن ِاء و َّ‬
‫الّتبِيَ ة‪ ،‬ف آثَر بِ ه‬ ‫أن ذل ك ِم ن أَفْخ ِر أَم واهلم‪ِ ،‬‬
‫َ ْ‬
‫ِ‬
‫ج اء بِ ه َسين اً ال َه ِزيّلً‪ ،‬ومعل ٌ‬
‫وم َّ‬
‫ِضيفانَه )) (‪.)189‬‬

‫الض يف (‪ ،)533/10‬رق م (‪ ،)6136‬وأيض اً رق م (‪،)6019( )6018‬‬ ‫‪ )186‬رواه البخ اري‪ ،‬كت اب األدب‪ ،‬ب اب‪ :‬إك رام َّ‬
‫الضيف (‪ ،)68/1‬رقم (‪ ،)47‬و(‪.)48‬‬ ‫احلث على إكرام اجلار و َّ‬
‫ومسلم‪ ،‬كتاب اإلميان‪ ،‬باب‪ :‬ا‬
‫الضيف (الفتح ‪ ،)531-10‬رقم (‪.)6134‬‬ ‫‪ )187‬رواه البخاري‪ ،‬كتاب األدب‪ ،‬باب‪َ :‬ح اق َّ‬
‫الض يف (الف تح ‪ ،)531/10‬رق م (‪ ،)6135‬ومس لم كت اب اللُّ َقطَ ة‪ ،‬ب اب‪ِّ :‬‬
‫الض يافَة‬ ‫‪ )188‬رواه البخ اري‪ ،‬كت اب األدب‪ ،‬ب اب‪َّ :‬‬
‫آخر األ عِ َمة‪ ،‬وجامع العلوم‬ ‫الذبائح‪ ،‬واملبد (‪ِ )211/9‬‬
‫الصيد و َّ‬ ‫(‪ ،)1352/3‬واللَّف له‪ ،‬وينظر يف املسألة‪ :‬املغن (‪ )352/13‬أو ِ‬
‫اخر َّ‬
‫واحلكم شرح حديث (‪ ،)15‬ونيل األو ار (‪ )36/9‬وغريها‪.‬‬
‫‪ )189‬جّلء األفهام (ص ‪ )147‬بتصرف ِ‬
‫يسري‪.‬‬ ‫َ َا‬
‫‪93‬‬
‫الس روِر لِ َم ِجيئِ ه‪ ،‬فَِف ي‬
‫عاره بِ ُّ‬ ‫ِ‬
‫شاش ة يف َو ْجه ه‪ ،‬وإش ُ‬
‫ِ‬
‫اس تِقباله‪ ،‬والبَ َ‬ ‫وح ْس ن ْ‬ ‫الض ْيف‪ُ ،‬‬ ‫ب بِ َّ‬ ‫‪ِ َّ -2‬‬
‫الّتحي ُ‬
‫يب ‪ ‬وأب و بك ر وعم ر رض ي اهلل عنهم ا‪ ،‬أنَّ ه لَم ا نَظَ َر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َح ديث األنص اري ال ذي قَ دم إلي ه النَّ ا‬
‫الش ِ‬ ‫ِ (‪)190‬‬
‫اعر‪:‬‬ ‫‪ ،‬وقال ا‬ ‫ضيافاً م ِّن‬ ‫إلي ِهم قال‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬ما أَ َح ٌد َ‬
‫اليوم أَ ْكَرم أَ ْ‬
‫قِراك وأرم ته إليك ال َمسالِك‪.‬‬ ‫إذا املرءُ واّف َمْنزالً ِمنك الِباً‬
‫بارك‪.‬‬ ‫م‬ ‫م‬‫و‬ ‫وي‬ ‫‪،‬‬ ‫ّل‬ ‫ه‬ ‫َ‬
‫أ‬ ‫ا‬ ‫ب‬ ‫ح‬‫ر‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ق‬‫و‬ ‫ّل‬ ‫ِّ‬
‫ل‬ ‫ه‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ه‬‫ِ‬ ‫ج‬ ‫و‬ ‫يف‬ ‫ا‬ ‫ف ُك ن ِ‬
‫باس‬
‫ٌ‬
‫َْ ُ َ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫َْ َ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫َُ‬‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫الش ِ‬
‫اعر‪:‬‬ ‫(‪)191‬‬ ‫وقيل‪ :‬البشاشة خي ر ِمن ِ‬
‫‪ ،‬ويف هذا يقول ا‬ ‫القرى‬ ‫َ َ ٌَْ‬
‫ك‪.‬‬ ‫فكيف مبن يأيت بِه وهو ِ‬ ‫املرء خي ر ِمن ِ‬ ‫بشاشةُ وج ِه ِ‬
‫ضاح ُ‬ ‫القَرى‬ ‫ٌَْ‬ ‫َ َ َْ‬
‫لض ْيف‪ ،‬وال يُ َ ِّخره؛ الحتِم ِال َك ْونِ ه جائِع اً‪ ،‬وال يُ ْش عِره ب ذلك أو‬ ‫‪ُ -3‬س ْرعة إحض ا ِر الطَّع ِام لِ َّ‬
‫ض يافِه‬ ‫الس ّلم م ع أَ ْ‬‫ص ة إب راهيم علي ه َّ‬ ‫احلاج ة‪ ،‬ويف قِ َّ‬‫اس تَ ْحيا ف َّاد َعى َع َدم َ‬
‫ِ‬
‫يَ ْستَش ريُه؛ ألنَّ ه رَّمب ا ْ‬
‫يقول اهلل تعاىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ ﱠ [ال اذاريات‪.]26 :‬‬
‫الضْيف‪ ،‬فإنَّه رمبا يُثْنِيه عن تَ ْق ِدمي ما يُِريد‪.‬‬ ‫وخ ْفيَ ٍة ح ال يَ ْشعُر بِه َّ‬ ‫رعة ُ‬
‫الذهاب بِس ٍ‬
‫َُ‬ ‫الروغان‪َّ :‬‬
‫و َّ‬
‫صة‬ ‫ناولِ ه‪ ،‬ويف قِ َّ‬
‫اب‪ ،‬ويَ ْدعُوه إىل تَ ُ‬ ‫ض ْي َفه بِنَ ْف ِس ه‪ ،‬وي َق ِّدم ل ه الطَّع َام و َّ‬
‫الش ر َ‬ ‫‪ -4‬أن َي ُدم اإلنس ا ُن َ‬
‫الس ّلم م ع أض يافِه يق ول تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅ ﱠ [ال اذاريات‪:‬‬ ‫إب راهيم علي ه َّ‬
‫‪ ،]27‬ق ال اب ن الق يِّم رة ه اهلل تع اىل‪ ((:‬ه و ال ذي َذ َه ب َوج اءَ ب ه بِنَ ْف ِس ه‪ ،‬ومل يَْب َعث ه م ع‬
‫ِ‬
‫خاد ِمه‪ ،‬وهذا أَبْلَغ يف إكرِام َّ‬
‫الضْيف ))(‪.)192‬‬
‫ثانياً‪ :‬ما يتَ َعلق بالضيف‪:‬‬
‫‪ -1‬اأال ي ِطي ل اإلقام ةَ ح َّ مي ل من ه ص ِ‬
‫الش ر ُم َّدة َ‬
‫اإلقام ة‪،‬‬ ‫احب ال ادار‪ ،‬ويُ ْك َره بَق اءه‪ ،‬وق د َح َّدد َّ‬ ‫ا‬ ‫ُ َ َ‬
‫الضيف بِع َدِم اإل الَِة ح َّ ال ُي ِرج ِ‬ ‫املضيف حبس ِن ِّ‬ ‫فإنَّه كما أََمَر‬
‫صاحبَه‪.‬‬ ‫الضيافَة أََمَر َّ ْ َ َ‬ ‫َ‬
‫الض يف ِ‬
‫قادم اً ِم ن َس َف ٍر‪ ،‬فَ ُم َّدة ِض يافَتِه ثَّلثَة أَيا ٍام‪ ،‬كم ا تق َّدم يف ح ديث أيب ُش َريح‬ ‫أ‪ -‬ف إن ك ان َّ ْ‬
‫ال َك ْعِيب ‪.‬‬
‫اء ِم ن الطَّع ام‪ ،‬ق ال تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﲙ‬ ‫الض يف ِم ن أَه ل الب لَ ِد‪ ،‬فَم َّدة بقائِ ه إىل االنتِه ِ‬ ‫ب‪ -‬وإن ك ان َّ‬
‫ُ َ‬ ‫ْ َ‬
‫ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ ﱠ [األحزاب‪.]53 :‬‬
‫الرغبَ ِة يف ذلك‪.‬‬
‫ب ال ادا ِر ِص ْد َق َّ‬ ‫ف أن ي ب َقى أَ ْول م ما علِم ِمن ِ‬
‫صاح ِ‬ ‫لضْي ِ‬
‫َّ‬ ‫فإن لِ‬
‫ويف كلتا احلالتَ ْني َّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬

‫‪ )190‬رواه مسلم‪ ،‬كتابة األشربة‪ ،‬باب‪َ :‬جواز استِتباعه غريه إىل دار َمن يثِق بِ ِرضاه بذلك (‪ ،)1609/3‬رقم (‪.)2038‬‬
‫‪ )191‬من غذاء األلباب (‪.)151 -150/2‬‬
‫السّلم‪ ،‬وغذاء األلباب (‪.)149/2‬‬
‫صة إبراهيم عليه َّ‬ ‫‪ )192‬جّلء األفهام (ص ‪ ،)146‬وذَ َكر فَوائِد أُخرى ِمن قِ َّ‬
‫‪94‬‬
‫عام‪ ،‬وال يَ ْعتَ ِذر بِ ِشبَ ٍع أو غ ِريه‪.‬‬ ‫ِ ِ ِ ِِ‬
‫‪ -2‬أن يُباد َر ل ُموافَ َقة ُمضيفه إذا قَ َّدم له الطَّ َ‬
‫الش كر واملكاف أة امل أمور هب ا (‪ ،)193‬وماا َوَرَد يف ذل ك ِم ن ال ُّدعاء‬ ‫ض يف‪ ،‬وه ذا ِم ن ُّ‬ ‫‪ -3‬ال ُّدعاء للم ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫الص ائمو َن‪ ،‬وأَ َك ل‬
‫يب ‪ ‬لَ ام ا أك َل عن د س عد ب ن عب ادة ‪ ‬ق ال‪ ((:‬أَفْطَ ر عن د ُكم ا‬ ‫أ ان النَّ َّ‬
‫صلَّت علي ُكم املّلئِ َكة ))(‪.)194‬‬ ‫عام ُكم األَبْر ُار‪َ ،‬و َ‬
‫َ َ‬
‫ول ‪ ‬لَ ام ا أك َل ِعن َدهم و َلب وا من ه ال ُّدعاء‪ ،‬ق ال‪ ((:‬اللَّه َّم‬ ‫الرس َ‬
‫أن َّ‬ ‫ويف حديث عب د اهلل ب ن بُ ْس ر ‪َّ ‬‬
‫با ِرك هلم فيما َرَزقْ تَ ُهم‪ ،‬وا ْغ ِفر هلم‪ ،‬و ْارةَْهم ))(‪.)195‬‬
‫األسئلَة‪:‬‬
‫الضيافَة ؟ وما حكمها ؟ وم جتب ؟ اذ ُكر َّ‬
‫الدليل‪.‬‬ ‫س‪ :1‬ما َمكانَة ِّ‬
‫س‪ :2‬اذ ُكر ثّلثَةً ِمن اآلداب املتَ علِّ َقة بِ ِ‬
‫املضيف‪.‬‬ ‫َ‬
‫س‪ :3‬اذ ُكر ثَّلثَةً ِمن اآلداب املتَ َعلِّ َقة بِ َّ‬
‫الضْيف‪.‬‬
‫قال لِلم ِ‬ ‫ِ‬
‫ضيف‪.‬‬ ‫س‪ :4‬اذ ُكر أَ َحد األَ ْدعيَة اليت تُ ُ ُ‬

‫‪ )193‬انظر بعض الناصوص الوا ِردة يف املكافأة يف شرح األذكار النووية‪ ،‬البن ا‬
‫عّلن (‪.)248/5‬‬
‫ِ‬
‫ناده النَّوِوي يف األذك ار‬ ‫) رواه أبو داود‪ ،‬كتاب األ عمة‪ ،‬باب‪ :‬ال ادعاء لَرب الطَّع ام (‪ ،)189/4‬رق م (‪َ ،)3854‬‬
‫وص َّحح إس َ‬
‫‪194‬‬

‫أن يف إس ِ‬
‫ناده َمق االً‪ ،‬مث قَ اواه مبجم و رق ه (انظ ر‪ :‬ش رح اب ن ع اّلن عل ى األذك ار‬ ‫وتع َّقب ه احل اف اب ن حج ر ب َّ‬
‫(ص ‪َ ،)203 ،162‬‬
‫‪ )343/4‬ورواه أةد يف ُمسنَ ِده (‪.)138/3‬‬
‫ضع النَّوى خا ِرج التَّمر (‪ ،)1615/3‬رقم (‪.)2042‬‬ ‫) رواه مسلم‪ ،‬كتاب األشربة‪ ،‬باب‪ :‬استحباب َو ْ‬
‫‪195‬‬

‫‪95‬‬
‫ظ وآدابُ ُهما‬
‫الن و ُم واالستيقا ُ‬
‫نع َمة الن وم‪:‬‬
‫ت هب ا عل ى ِعب ِاده‪ ،‬وي َّس رها هل م‪ِ ،‬‬
‫وم ن َح ِّق النِّ ْع َم ِة‬ ‫َ‬ ‫وم نِ ْع َم ةٌ ِم ن اهلل تع اىل ام َ َّ‬ ‫املس لِم يَ ْستَ ْش عِر َّ‬
‫أن النَّ َ‬
‫تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ‬ ‫الش ْكر‪ ،‬قال‬
‫ُّ‬
‫ﱹ ﱠ [القصص‪ ،]73 :‬وقال‪:‬ﭐﱡﭐ ﱟ ﱠ ﱡ ﱠ [النَّبأ‪.]9 :‬‬
‫اعد عل ى حي اة اجلس م‪ ،‬وَنائِه ونَش ا ِ ه‪ ،‬لِيُ َ ِّدي‬ ‫فسكون اجلس ِم باللَّيل بع د حرَك ة النَّه ار ال ادائِب ة ماا يس ِ‬
‫َ ُ‬
‫وظائَِفه اليت َخلَ َقه اهللُ ِمن أَ ْجلِها‪.‬‬
‫بادة‪:‬‬
‫الن و ُم ع َ‬
‫اع ِة‬
‫وع ْقلَ ه ليك ون أَقْ وى ل ه يف َ‬ ‫يح بَ َدنَه َ‬
‫النَّوم ض رورةٌ ِم ن ض رورات احلي اة‪ ،‬ف إذا قَ ِ ِ‬
‫ص د ب ه امل م ُن أن يُ ِر َ‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُْ َ َ‬
‫إن ذل ك يعتَ ب ل ه ِعب َادة يُث اب‬ ‫الش رعيَّة‪ ،‬ف َّ‬
‫الس نَّة واآلداب َّ‬ ‫اول أن يَ ْس تَ ْع ِم َل في ه م ا ورد م ن ُّ‬‫اهللِ تع اىل‪ ،‬مث ح َ‬
‫عليها‪ ،‬كان معاذ بن جبل ‪ ‬يقول‪ :‬اأما أنا فأنام وأقوم‪ ،‬فأحتَ ِسب نَ ْوَم ِيت كما أحتَ ِسب قَ ْوَم ِيت (‪.)196‬‬
‫ألن الراح ةَ إذا قُ ِ‬ ‫احة كما يَطْلُبه يف التَّ َع ِ‬
‫صد‬ ‫ب؛ َّ ا َ‬ ‫الر َ‬
‫اب يف ا‬ ‫ب الثَّو َ‬
‫قال ابن حجر رةه اهلل‪ :‬معناه أن يَطْلُ َ‬
‫وصّلتُه‪.‬‬‫يل َ‬ ‫صل هبا الثَّواب‪ ،‬واملراد بَِق ْوَمتِه هنا‪ :‬قِ ُ َّ‬ ‫ِ‬
‫يامه الل َ‬ ‫بادة َح َ‬
‫هبا اإلعانَة على الع َ‬
‫من أحكام النوم وآدابه‪:‬‬
‫ص ّلةِ العِش اء‪ ،‬واحل ديث بع دها(‪،)197‬‬ ‫الس َهر‪ ،‬فقد كان ‪ ‬يكره النَّوم قب ل َ‬ ‫‪ -1‬النَّوم ُمبَكراً‪ ،‬وترك َّ‬
‫ف‪ ،‬أو ُم انَ َس ِة أَ ْه ل‪ ،‬وحن و ذل ك‪،‬‬ ‫ض ْي ٍ‬‫حادثَ ة َ‬
‫كم َ‬
‫ِ‬
‫بالس َمر بع د العش اء َلع َم ٍل ص احل‪ُ ،‬‬ ‫وال ب أس َّ‬
‫صّلةِ ال َف ْجر َمثّلً‪.‬‬ ‫ضييع َ‬ ‫على اأال يّتتَّب عليه َم ْف َس َدة كتَ ْ‬
‫ِ‬
‫ومن املصاحل املّتتِّبة على النَّوم ُمبَ ِّكراً‪:‬‬
‫أ‪ -‬اتِّبا ُّ‬
‫السنَّة‪.‬‬
‫ِ‬
‫نوم اللَّ ِيل ال ميكن أن يُ َع ِّو َ‬
‫ضه نَ ْوم النَّهار‪.‬‬ ‫ألن َ‬ ‫اجلسم؛ َّ‬
‫ب‪ -‬راحة ْ‬
‫ج‪ -‬ال ُقدرة على القيام لِصّلة ال َفجر بِسهولَة‪ ،‬ويف حال نَ ٍ‬
‫شاط وقُ َّوة‪.‬‬ ‫ْ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫صّلة التَّ َه ُّجد‪.‬‬‫د‪ -‬فيه َع ْون لَ َمن أراد قيام آخر اللِّيل ل َ‬

‫‪ )196‬رواه البخ اري‪ ،‬كت اب املغ ازي‪ ،‬ب اب‪ :‬بَ ْع ث أيب موس ى ومع اذ إىل ال يمن (الف تح ‪ ،)60/8‬رق م (‪ ،)4341‬ومس لم‪ ،‬كت اب‬
‫اإلمارة‪ ،‬باب‪ :‬النَّهي عن َلَب اإلمارة واحلرص عليها (‪.)1457/3‬‬
‫الص ّلة‪ ،‬ب اب‪ :‬وقْ ت العص ر (الف تح ‪ ،)26/2‬رق م (‪ ،)547‬ومس لم يف املس اجد ومو ِ‬
‫اض ع‬ ‫‪ )197‬رواه البخ اري‪ ،‬كت اب مواقي ت َّ‬
‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬
‫الصْبح يف َّأول َوقْتِها (‪ ،)447/1‬رقم (‪.)647‬‬ ‫الصّلة‪ ،‬باب‪ :‬استِحباب التَّ ِ‬
‫بكري بِ ُّ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬
‫‪96‬‬
‫يب ‪ ‬لل باء ب ن ع ازب رض ي اهلل‬ ‫ِ‬
‫‪ -2‬أن يتَه د املس لم اأال ين َام اإال عل ى ُوض وء؛ لق ول النا ا‬
‫لصّلة ))(‪.)198‬‬ ‫ضأ ُوضوءك لِ َّ‬ ‫ض ِج َعك فَتَ َو َّ‬
‫عنهما‪((:‬إذا أخ َذت َم ْ‬
‫ض طَ ِجع عل ى ِش ِّقه األَمي ن؛ لقولِ ه يف ح ديث ال باء املت َق ِّدم‪ ((:‬مث اض طَ ِجع عل ى ِش ِّقك‬ ‫‪ -3‬أن يَ ْ‬
‫األَمين ))‪.‬‬
‫ض ْج َعة يُْبغِضها اهلل ))(‪.)199‬‬ ‫إن هذه َ‬ ‫االض ِطجا على البَطْن‪ ،‬لِقولِه ‪َّ ((:‬‬ ‫كره ْ‬ ‫‪ -4‬يُ َ‬
‫ِ‬
‫ينام دون أن يذ ُكَر اهللَ تعاىل‪ ،‬فعن‬ ‫‪ -5‬أن يقرأ ما تيَ َّسر من األذكار الوا ِرَدة عند النَّوم‪ ،‬ويُ ْكَره له أن َ‬
‫ض ِجعاً مل ي ْذ ُكر اهلل تعاىل في ه اإال ك ان علي ه ِم ن اهللِ‬ ‫((‪...‬ومن اضطَ َج َع َم ْ‬ ‫أيب هريرة ‪َ ‬مرفوعاً‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ومن األذكار الوا ِرَدة‪:‬‬ ‫القيامة ))(‪ِ ،)200‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تَرًة يوم َ‬
‫ول اهلل ‪ِ ‬حب ْف زك اةِ َرَمض ان‪ ،‬فأت اِن‬ ‫الكرس اي‪ ،‬فع ن أيب هري رة ‪ ‬ق ال‪ :‬وَّكلَ ِن رس ُ‬ ‫أ‪ -‬قِ راءة آي ة ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ت إىل‬ ‫أن ه ذا اآليت ق ال ل ه‪ :‬إذا أََويْ َ‬ ‫يث‪ ،‬وفي ه َّ‬ ‫آت فَ َج َع ل يثُ و ِم ن الطَّع ِام ‪ ...‬وذَ َك ر احلَ د َ‬
‫رس اي‪ ،‬فإنَّه ل ن يَز َال َم َع ك ِم ن اهللِ تع اىل ح افِ ٌ ‪ ،‬وال يَ ْقَربَك َش ْيطا ٌن ح‬ ‫فِر ِاشك فاقرأ آية ال ُك ِ‬
‫ص َدقَك‪ ،‬وهو َكذوب‪ ،‬ذاك َشيطان ))(‪.)201‬‬ ‫صبِح‪ ،‬فقال ‪َ ((:‬‬ ‫تُ ْ‬
‫يب ‪ ‬ك ان إذا أوى‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫ب‪ -‬ق راءَة ُس ورة اإلخ ّلص واملع ِّوذتني؛ حل ديث عائش ة رض ي اهلل عنه ا‪ ،‬أن النَّ ا‬
‫ث في ِهما‪ ،‬وق رأ فيهم ا‪:‬ﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄﱠ‪ ،‬وﭐﱡﭐ ﱔ ﱕ‬ ‫كل لَْي لَ ٍة َجَع َّ‬ ‫ِ‬
‫كفْيه مث نَ َف َ‬ ‫إىل فراشه ا‬
‫ﱖ ﱗ ﱠ‪ ،‬وﭐﱡﭐ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱠ‪ ،‬مث َم َسح هبِما ما استطا ِمن َج َس ِده‪ ،‬يب دأ‬
‫ِ‬
‫ثّلث َمارات ))(‪.)202‬‬ ‫ووج ِهه وما أَقْ بَل ِمن َج َسده‪ ،‬يَ ْف َعل ذلك َ‬ ‫ِ‬
‫هبما على رأسه ْ‬
‫باسك أَ ْحيا وأموت ))(‪.)203‬‬ ‫ج‪ -‬يقول‪ ((:‬اللَّهم ِ‬
‫ا‬

‫املضجع (‪ ،)2081/4‬رقم (‪.)2710‬‬ ‫َ‬ ‫الدعاء‪ ،‬باب‪ :‬ما يقول عند النَّوم وأَ ْخذ‬ ‫‪ )198‬رواه مسلم‪ ،‬كتاب ِّ‬
‫الذكر و ُّ‬
‫الر ُج ل يَْن بَ ِطح عل ى بَطْنِ ه (‪ )294/5‬رق م (‪ ،)5040‬وحن وه اب ن ماج ه يف األدب‪،‬‬ ‫) رواد أب و داود‪ ،‬كت اب األدب‪ ،‬ب اب‪ :‬يف َّ‬
‫‪199‬‬

‫الو ْجه رقم (‪ ،)3723‬والبخاري يف األدب املفرد رقم (‪.)1187‬‬ ‫ِ‬


‫باب‪ :‬النَّهي عن االضطجا على َ‬
‫‪ )200‬رواه أبو داود‪ ،‬كتاب األدب‪ ،‬باب‪ :‬ماذا يقول عند النَّوم (‪ )305/5‬رقم (‪ ،)5059‬والتِّ َرة‪ :‬النَّ ْقص‪.‬‬
‫‪ )201‬رواه البخ اري‪ ،‬كت اب الوكال ة‪ ،‬ب اب‪ :‬إذا َوَّك ل َر ُج ّلً فَ َّتك الوكي ل َش يئاً فأج ازه املوِّك ل فه و ج ائز (الف تح ‪ ،)487/4‬رق م‬
‫(‪.)2311‬‬
‫الدعوات‪ ،‬باب‪ :‬التَّعوذ و ِ‬
‫القراءَة عند املنام (الفتح ‪ ،)125/11‬رقم (‪.)6319‬‬ ‫) رواه البخاري‪ ،‬كتاب َّ َ‬
‫‪202‬‬
‫َا‬
‫الس ال بأس اء اهلل تع اىل (الف تح ‪ ،)378/13‬رق م (‪ ،)7394‬ومس لم‪ ،‬كت اب ال ِّذكر‬ ‫) رواه البخ اري‪ ،‬كت اب التَّوحي د‪ ،‬ب اب‪ُّ :‬‬
‫‪203‬‬

‫املض َجع (‪ ،)2083/4‬رقم (‪.)2711‬‬ ‫و ُّ‬


‫الدعاء‪ ،‬باب‪ :‬ما يقول عند النَّ ْوم وأَ ْخذ ْ‬
‫‪97‬‬
‫ضت أَم ِري إليك‪ ،‬وأجلأت ظَ ْه ِري إليك‪َ ،‬ر ْغبَةً َورْهبَةً‬ ‫هم أَ ْسلَ ْمت نَ ْف ِسي إليك‪ ،‬وفَ َّو ْ‬
‫د‪ -‬يقول‪ ((:‬اللَّ ا‬
‫أنزلْ ت‪ ،‬ونَبِيِّ ك ال ذي‬ ‫إلي ك‪ ،‬ال َم ْل َج أ وال َمْنج ى من ك اإال إلي ك‪َ ،‬آمْن ت بِكتابِ ك ال ذي َ‬
‫أَْر َسلت))(‪.)204‬‬
‫أرش َده ‪ ‬إىل فِ ْع ِل مخَْ َس ِة أشياء‪:‬‬‫نامه ما يَ ْكَره‪ ،‬فقد َ‬ ‫‪ -6‬من رأى يف م ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫الشيطان‪.‬‬ ‫ث عن يَسا ِره ثّلثاً‪ .‬ب‪ -‬أن يستعيذ باهلل من َّ‬ ‫أ‪ -‬أن يَْن ُف َ‬
‫يتحول عن جْنبِه الذي كان عليه‪.‬‬ ‫د‪ -‬أن َّ‬ ‫َيب هبا أحداً‪.‬‬ ‫ج‪ -‬أن ال ِ‬
‫صلِّي‪.‬‬
‫يقوم فيُ َ‬
‫ه ‪ -‬أن َ‬
‫املكروه ِة‪،‬‬
‫َ‬ ‫الرْؤي ا‬
‫ض َّره ُّ‬
‫قال اإلمام ابن القيام رةه اهلل تعاىل بعد ذلك هذه اخلمسة‪ :‬وم فَ َعل ذل ك مل تَ ُ‬
‫بل هذا يَ ْدفَع َشَّرها‪ .‬اه (‪.)205‬‬
‫املضاجع ب ني اإلخ َوة وغ ِريِهم إذا بَلغ وا َع ْش ر ِس نِني‪ ،‬ق ال ‪ُ ((:‬م روا أَْوال َد ُك م‬ ‫ِ‬ ‫‪ -7‬يب التَّف ِريق يف‬
‫اجع ))‬ ‫الصّلةِ وهم أبناء سبع سنني‪ ،‬واض ِربوهم عليها وهم أَبناء ع ْشر‪ ،‬وفَ ِّرقوا بينهم يف املض ِ‬ ‫بِ َّ‬
‫ْ َ‬ ‫َْ‬
‫(‪.)206‬‬
‫‪ -8‬يب أن يكون استِيقاظ املسلِم دائِماً قبل صّلة ال َف ْجر؛ لِيُ َ ِّديها يف َوقْتِها مع اجلماعة‪ ،‬وي ب‬
‫يب ‪ ‬ع ن َر ُج ٍل ن َام ح‬ ‫َّ‬
‫ن‬ ‫ال‬ ‫ل‬ ‫ياه َد نفس ه يف ذل ك‪ ،‬ويتَّ ِخ ذ األس باب املعِينَ ة علي ه‪ ،‬س ئِ‬ ‫أن ِ‬
‫ا‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الشيطا ُن يف أُذُنَْيه ))(‪.)207‬‬ ‫بال َّ‬
‫أصبَح ؟ قال‪ ((:‬ذاك َر ُج ٌل َ‬
‫احلمد هلل الذي أحيانا بعد ما أماتَنا وإليه النُّشور ))(‪.)208‬‬ ‫‪ -9‬إذا استيق َ ِمن النَّوم قال‪ُ ((:‬‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫رد عل َّي ُروح ي‪ ،‬وعاف اِن يف َج َس دي‪ ،‬وأَذ َن ل ب ذ ْك ِره )) ‪ ،‬مث يَتَ َس َّوك اقت داءً‬
‫(‪)209‬‬
‫( احلم ُد هلل ال ذي َّ‬
‫يب ‪.)210( ‬‬ ‫بالنَّ ِّ‬

‫آخَر ما تقول "‪.‬‬ ‫ِ‬


‫الفطْرة‪ ،‬واجع ْلهن ِ‬ ‫‪ )204‬ثبت هذا من حديث الباء املتقدم يف آخره‪ ،‬قال‪ ":‬فإن ِم ِ‬
‫َ ُا‬ ‫ت على َ‬ ‫تم ا‬ ‫ا‬
‫‪ )205‬زاد املعاد (‪ ،)458/2‬وأدلَّة هذه املسألة مذكورة هناك‪ ،‬ولّلستفادة ينظر‪ :‬فتح الباري شرح احلديث رقم (‪.)6985‬‬
‫بالصّلة (‪ ،)334/1‬رقم (‪.)495‬‬ ‫الصّلة‪ ،‬باب‪ :‬م يُ َمر الغّلم َّ‬
‫‪ )206‬رواه أبو داود‪ ،‬كتاب َّ‬
‫‪ )207‬رواه البخاري‪ ،‬كتاب بدء اخللق‪ ،‬باب‪ِ :‬ص َفة إبل ي وجن وده (الف تح ‪ ،)335/6‬ومس لم‪ ،‬كت اب ص ّلة املس افرين‪ ،‬ب اب‪ :‬م ا‬
‫نام اللَّيل أجع ح أصبَح (‪ ،)538/1‬رقم (‪.)774‬‬ ‫فيمن َ‬ ‫روي َ‬
‫الس ال بأساء اهلل تع اىل واالس تِعاذة هب ا (‪ ،)379/13‬رق م (‪ ،)7395‬ومس لم كت اب‬ ‫) رواه البخاري‪ ،‬كتاب التَّوحيد‪ ،‬باب‪ُّ :‬‬
‫‪208‬‬

‫الدعاء‪ ،‬باب‪ :‬ما يقول عند النَّوم (‪ ،)2083/4‬رقم (‪.)2711‬‬ ‫ِّ‬


‫الذكر و ُّ‬
‫الس ِّن رق م‬
‫الدعوات‪ ،‬باب (‪ ،)473/5( ،)20‬قال النَّووي يف األذكار‪ ":‬بإسناد صحيح "‪ ،‬ورواه ابن ُّ‬ ‫‪ )209‬رواه الّتمذي‪ ،‬كتاب َّ‬
‫(‪.)9‬‬
‫‪98‬‬
‫األسئلة‪:‬‬
‫باد ًة يُثاب عليها‪ُ ،‬م ْستَ ْش ِهداً لِما تقول‪.‬‬ ‫ضح م يكون النَّ ِ‬
‫وم ع َ‬ ‫ُ‬ ‫س‪َ :1‬و ِّ‬
‫بكراً‪ ،‬اذ ُكر م ا ميكن ك ِذ ْك ره ِم ن ِ‬
‫املفاس د املّتتِّبَ ة عل ى‬ ‫س‪ :2‬قد عرفنا بعض املصاحل املّتتِّبة على النَّوم ُم ِّ‬
‫السهر‪.‬‬
‫َّ‬
‫يكرهه ؟‬ ‫ِ‬ ‫س‪ :3‬ماذا يشر لِ ِ‬
‫يفعلَه إذا رأى يف نَ ْومه ما َ‬ ‫لمسلم أن َ‬ ‫ُ َ ُ‬
‫س‪ :4‬اذ ُكر بعض األذكار اليت تُقال عند النَّوم واالستيقاظ‪.‬‬

‫ِ‬
‫صّلة اللَّيل (الفتح ‪ ،)19/3‬رقم (‪ )1136‬ومسلم‪ ،‬يف الطَّ َ‬
‫هارة‪ ،‬باب‪:‬‬ ‫هجد‪ ،‬باب‪ :‬ول القيام يف َ‬
‫) رواه البخاري‪ ،‬كتاب التَّ ا‬
‫‪210‬‬

‫السواك (‪ ،)220/1‬رقم (‪.)255‬‬‫ِّ‬


‫‪99‬‬
‫والحياةُ في نَظَر اإلسالم‪:‬‬
‫ال َكو ُن واإلنسا ُن َ‬
‫ول‪ ،‬وهنا نذ ُكر بِش ٍ‬
‫يء‬ ‫ومش ٍ‬
‫ضوح ُ‬
‫بكل ُو ٍ‬ ‫حدد اإلسّلم نَظْرتَه َّ ِ‬ ‫هذه ِمن ال َقضايا الكبى اليت َّ‬
‫َ‬ ‫الدقي َقة إليها ا‬ ‫ُ َ‬
‫ناسب بينها‪:‬‬ ‫ِمن اإلياز نَظَْرةَ اإلسّلم إىل هذه القضايا وعُ ْمق َّ‬
‫الّتابُط والتَّ ُ‬
‫أوالً‪ :‬ال َكون‪:‬‬
‫الس ماوات واألرض‪ ،‬واجلب ال‪،‬‬ ‫وحن اس ه‪ ،‬وما ا ال نُدركِ ه ِم ن َّ‬ ‫اهده ِ‬ ‫ال َك و ُن‪ :‬ذل ك الع امل ال َف ِس يح ما ا نُش ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واحليوانات‪ ،‬واملاء واهلواء‪ ،‬والناجوم‪ ،‬واألفّلك‪ ،‬وغريها‪ ،‬ماا ال ي يط ب ه َع ْق ل بَش ِر ا‬
‫ي‪ ،‬يَْنظُر إلي ه اإلس ّلم نَظْ َرة‬
‫َدقِي َقة مل يَ ْستَ ِطع َم ْذ َهب وال ِملَّة أن ِّ‬
‫يد َد مثل تلك النَّظَْرة‪:‬‬
‫أثارة ِمن اخلَْلق‬
‫أي َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أ‪ -‬هذا ال َك ْون من َخ ْلق اهلل تعاىل‪ ،‬أر َاده اهلل تعاىل فكان‪ ،‬ولي لكائن أو خملوق ا‬
‫هذه ِ‬‫قرراً ِ‬
‫احلقي َقة‪:‬ﭐﱡﭐ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ‬ ‫أو التَّدبِري أو ْ‬
‫اهلي َمنَة فيه‪ ،‬يقول تعاىل ُم ِّ‬
‫ﲂﲄﲅﲆﲇﲈﲉﲊ‬
‫ﲃ‬ ‫ﱻﱼﱽﱾﱿﲀﲁ‬
‫ﲒ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﱠ [األعراف‪،]54 :‬‬
‫ﲓ‬ ‫ﲍﲏﲐﲑ‬
‫ﲎ‬ ‫ﲋﲌ‬

‫ﱡﭐ ﲻ ﲼ ﲽ‬ ‫ويقول ُسبحانَه‪ :‬ﱡﭐ ﳛ ﳜ ﳝ ﳞ ﳟ ﱠ [القمر‪ ،]49 :‬ويقول‪:‬‬


‫ﲾ ﲿ ﱠ [الفرقان‪.]2 :‬‬
‫الس حاب‪ ،‬ون زول‬ ‫الري اح و َّ‬ ‫وعلي ه ف ُك ال م ا يك ون يف ه ذا الك ون ِم ن احلي اة وامل وت وال ارْزق وتَص ِريف ِّ‬
‫درتِه‪.‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كل هذا ونَظائره خاض ٌع إلر َادة اهلل تعاىل وقُ َ‬
‫َنو املخلوقات‪ ،‬ا‬ ‫وحرَكة األَفّْلك‪ ،‬و ِّ‬
‫املطر‪َ ،‬‬
‫يب يف َحرَكتِها‪ ،‬ويف َوظائِِفها‬ ‫ِ‬
‫ناس ٌق َعج ٌ‬
‫ِ‬
‫ب‪ -‬هذا ال َك ْون امل َك َّون من هذه األجزاء املذكورة وغريها بينها تَ ُ‬
‫وأعماهلا‪ ،‬يقول تعاىل‪ :‬ﱡﭐ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ‬
‫ﲴ ﲶﲷﲸﲹﲺﲻﲼﲽﲾ ﲿﳀ‬
‫ﲲﲳ ﲵ‬
‫ﳍﳏﳐﳑﳒ‬
‫ﳎ‬ ‫ﳁﳂﳃﳄﳅﳆﳇﳈ ﳉﳊﳋﳌ‬

‫ﱠ [ي ‪.]40-37 :‬‬
‫اهَرة‪ ،‬ال يت جتع ل اإلنس ا َن العاقِ َل‬
‫ج‪ -‬ال َكون وأجزاؤه دلِيل ع ِظيم عل ى وحدانِيَّة اهللِ تع اىل وقُ ْدرتِه الب ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ُ َ ٌ َ ٌ‬
‫يق ق َو ِظي َفتَ ه يف ه ذه‬
‫وم ن مث ِّ‬‫تأملِ ه وتَ ْف ِك ِريه‪ :‬آمْن ت ب اهللِ تع اىل‪ِ ،‬‬
‫يتَأََّم ل ويَتَ َف َّك ر؛ ليق ول بع د ُّ‬
‫َ‬
‫س بحانَه‪:‬ﭐﱡﭐ ﱙ ﱚ ﱛ‬ ‫احلي اة‪ ،‬واهللُ س بحانَه وتع اىل َدع ا إىل ه ذا التَّأَُّم ل يف ال َك ْون‪ ،‬فق ال‬
‫[الروم‪.]8 :‬‬
‫ﱜ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱠ ُّ‬
‫ﱝ‬

‫‪100‬‬
‫ﱡﭐ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ‬ ‫ويقول سبحانه‪:‬‬
‫ﲅﲆﲇﲈﲉﲊﲋﲌﲍﲎﲏﲐ ﲑﲒﲓ‬
‫ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﱠ [آل عمران‪.]191- 190 :‬‬
‫ص ْدفَةً ال يُ ْع َرف كي ف‬ ‫الساب َقة وغ ِريها يتَبَ َّني َّ‬ ‫ِ ِ‬
‫وده ُ‬
‫أن هذا الكون مل يَ ُكن ُوج ُ‬ ‫د‪ -‬من خّلل اآليات ا‬
‫لش ِ‬ ‫العلِيم القائِل لِ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يء ُك ْن فَيَ ُكون‪.‬‬ ‫ُوج َد‪ ،‬بل هو من َخ ْل ِق اخلالق َ‬
‫اإلدراك ما ا ي رى ِم ن نَظَْرتِ ه ال َق ِريبَ ة‪ ،‬فَ ْ‬ ‫ِ‬
‫ض ّلً ع ن التَّ َع ُّم ق يف ُجزئي ات‬ ‫املتأم ل العاق ل يُ ْد ِرك ه ذا ت َام ْ‬ ‫و ِّ‬
‫الس ماوات وم ا فيه ا‪ ،‬وه ذه األرض وم ا فيه ا‪ ،‬وم ا بينهم ا ِم ن خملوق ات‬ ‫اظر إىل ه ذه َّ‬ ‫الك ون‪ ،‬فل و نَظَ ر النا ِ‬
‫وخ ِلقه يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫أن هلذا الكون ُموجداً‪ ،‬بل لو نَظَر إىل نَ ْفسه من تَ ْك ِوينه َ‬ ‫ص ُّورها وإدراكِها‪ ،‬لَ َعلِ َم َّ‬ ‫ِ‬
‫َعجيبَة يَ ْعجز عن تَ َ‬
‫املخلوق خالِقاً‪ ،‬سبحانَه وتعاىل‪ ،‬أفّل ي ِمنو َن ؟‬ ‫ِ‬ ‫ص ِره‪ ،‬لَ َعلِم َّ‬
‫أن هلذا‬ ‫وسعه وبَ َ‬
‫وإدراكِه‪ِ َ ،‬‬ ‫أَحسن تَ ْق ِومي‪ِ ،‬‬
‫وع ْقله ْ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬
‫ثانياً‪ :‬اإلنسان‪:‬‬
‫ذل ك املخل وق احل ي‪ ،‬ال ذي خلَ َق ه اهلل تع اىل فأحس ن خ ْل َق ه‪ ،‬ح َّدد اإلس ّلم نَظْرتَ ه إلي ه‪ ،‬وال يت ِ‬
‫ميك ن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََْ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َا‬
‫إجاهلا يف النِّقاط اآلتية‪:‬‬
‫ِ‬ ‫أ‪ -‬اإلنسا ُن كائِن ٌ ِ‬
‫خملوق ض ْم َن املخلوقات يف هذا ال َك ْون‪َ ،‬خلَ َقه َربُّه يف أَ ْح َسن تَ ْق ِومي‪َ ،‬‬
‫وص َّوره‬ ‫ٌ‬
‫ِ‬ ‫ضلَه على سائِر‬
‫املخلوقات‪ ،‬يقول تعاىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ‬ ‫فَأَ ْح َسن ُ‬
‫ص َورتَه‪ ،‬وَكَّرَمه‪ ،‬وفَ َّ‬
‫ﲂﲃﲄﲅﲆﲇﲈﲉﲊﲋﲌﲍﲎﱠ‬

‫[اإلسراء‪ ،]70 :‬ويقول ُسبحانَه‪ :‬ﭐﱡﭐ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱠﭐ [التِّني‪.]4 :‬‬


‫الع ْق ل والتَّ ْف ِك ري‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يم ةً يف َخ ْلق ه وتَ ْك ِوين ه‪ ،‬م ن أهِّه ا‪ :‬ن ْع َم ة َ‬
‫ب‪َ -‬م نَ َح اهللُ س بحانَه وتع اىل ن ْع َم ةً َعظ َ‬
‫ض ل هب ا عل ى س ائِر املخلوق ات‪ ،‬وةَّلَ ه ِم ن ِخّلهل ا املس وليَّة والتَّكلِي ف‪ ،‬وجعل ه‬ ‫واإلدراك اليت فُ ِّ‬
‫قاوة يف ال ُّدنيا‬‫الش َ‬‫عادة و َّ‬
‫الس َ‬‫أه ّلً ل ذلك‪ ،‬وائْ تَ َمنَ ه عل ى ه ذه املس وليَّة العظيم ة ال يت ه ي حمَ ال َّ‬
‫اآلخرة‪ ،‬يقول تع اىل‪ :‬ﱡﭐ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ‬ ‫ِ‬
‫و َ‬
‫ﲻ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ ﱠ [األحزاب‪.]72 :‬‬ ‫ﲼ‬ ‫ﲸﲹﲺ‬
‫جيع اً‪ ،‬وأَ ْس بَغ‬‫األرض َِ‬
‫ِ‬ ‫الس موات وم ا يف‬
‫ان أن َس َّخر ل ه م ا يف َّ‬ ‫ض ل اهللِ تع اىل عل ى اإلنس ِ‬ ‫ج‪ِ -‬م ن فَ ْ‬
‫ض‪ ،‬يق ول تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ‬ ‫وج َعلَ ه ُم ْس تَ ْخلَفاً يف األَْر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫علي ه ن َع َم ه ظ اهَرة وبا نَ ة‪َ ،‬‬
‫ضي‬ ‫ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱠ [البقرة‪ ،]30 :‬وكونُه خلِي َف ة اهلل يف األرض ي ْقتَ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫وإقام ة َش ْر ِعه يف ه ذه األرض‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫أن يق َ ِ‬
‫وم بالغايَة ال يت أُوج د م ن أَ ْجله ا‪ ،‬وه ي عب َادةُ اهلل تع اىل‪َ ،‬‬
‫يقول تعاىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱠ [ال اذا ِريات‪.]56 :‬‬
‫‪101‬‬
‫وج ه‬ ‫ِ‬ ‫يذ أَو ِام ِر اهللِ تع اىل‪ ،‬و ِ ِ ِ‬ ‫وهذا يعن أن يقوم اإلنسا ُن بِت ْن ِف ِ‬
‫الوق وف عن د ُح دوده‪ ،‬والتَّ ا‬ ‫اجتن اب نَواهي ه‪ ،‬و ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫صغِ ِريها وَكبِ ِريها‪ ،‬وأن يُ َو ِّجه اإلنسان نَشا َه يف هذه احلياة وفْ َق ِدي ِن اهللِ تعاىل‪.‬‬ ‫كل أُموِر احلَياة َ‬
‫إليه يف ا‬
‫ص ل النا ِ‬
‫اس‬ ‫ْ‬ ‫َ‬‫أ‬‫َ‬‫ف‬ ‫ّلم‪،‬‬ ‫الس‬
‫َّ‬ ‫ه‬ ‫علي‬ ‫م‬‫آد‬
‫َ‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ة‬ ‫ي‬
‫ر‬
‫َّ‬‫وق ِم ن ِ ني‪ ،‬وأب و البَ َش ِ‬ ‫د‪ -‬اإلنس ا ُن يف نَظَر اإلس ِ‬
‫ّلم خمل ٌ‬
‫ُ‬
‫كلِّف وا هب ا‪ ،‬يق ول تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ‬ ‫ب قِي ِام ِهم بِ َو ِظي َفتِ ِهم ال يت ُ‬
‫املفاض لَة بَْي نَهم إَن ا تك ون حبس ِ‬
‫َ‬ ‫واح د‪ ،‬و َ‬
‫ِ‬
‫ﱶ‬ ‫ﱵ‬ ‫ﱯﱱﱲﱳﱴ‬
‫ﱰ‬ ‫ﱥﱦﱧﱨﱩﱪﱫﱬ ﱭﱮ‬
‫ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱠ [احلجرات‪.]13 :‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫فاض ل ب ني‬ ‫وعليه فالنَّسب واملال واللَّون واجلْن والطَّبَ َقة وحنوها من الق يَم األَْرض يَّة ل ي هل ا ق َ‬
‫يم ة يف التَّ ُ‬
‫الش ِ‬
‫رع اي‪ :‬التَّ ْقوى‪.‬‬ ‫البَ َشر إذا مل تَ ُكن َم ْقرونَةً بامليزان َّ‬
‫الحياة‪:‬‬‫ثالثاً‪َ :‬‬
‫وه ي ال َف ّْتة ال يت يعِيش ها اإلنس ان يف ه ذا ال َك ون‪ ،‬ي ْنظُ ر إليه ا اإلس ّلم نَظْ رةَ إحي ٍاء واس تِثما ٍر‪ِ ،‬‬
‫ميك ن‬ ‫ْ‬ ‫ُ َ ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬
‫إيازها يف النِّقاط اآلتية‪:‬‬‫ُ‬
‫ناس َقة‪َ ،‬ي ُدم بعض ها بعض اً‪ ،‬ويُ َك ِّم ل‬ ‫أ‪ِ -‬من ِح ْكمة اهللِ تعاىل كما س بق أن جع ل أَج زاء الك ون متَ ِ‬
‫ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬
‫أن اإلنس ا َن ال‬ ‫تأم ل يف ح ال اللَّي ل والنَّه ار وتَعاقُبِ ِهم ا َلعلِ َم يقين اً َّ‬‫تأم ل ُم ِّ‬‫بعض ها بعض اً‪ ،‬فل و َّ‬
‫كام ل أَ ْجزائِه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫يش يف ظَّلم دائ م‪ ،‬أو ا ار دائ م‪ ،‬فَعم َارة ه ذا الك ون قائ َم ة عل ى تَ ُ‬
‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬
‫ميك ن أن يَع َ‬
‫ِ‬
‫وعمارت ه باس تِخدام ذل ك التَّناس ق ِ‬ ‫وعلي ه فَي ْنبغِ ي إحي اء ه ذا ال َك و ِن ِ‬
‫العجي ب وف ق م ا أر َاد اهللُ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ََ‬
‫تعاىل‪.‬‬
‫وج َد فيه ا لِتَ ْح ِقي ِق‬‫بوديَّة اهللِ تعاىل‪ ،‬فاإلنسان يستغِل م ا أُ ِ‬
‫ا‬ ‫َ‬
‫ب‪ -‬الغاية ِمن هذه احلياة أن ُحت َّقق فيها ع ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫هذه الغايَة اجلَلِيلَة‪ ،‬وعلى هذا االعتِقاد ينبغي أن يَ ِس َري اإلنسان لِيَ ْع ُمر هذه األرض‪ ،‬ومل يُْر َس ل‬
‫الس ابَِقة ال يت ذَ َك ْرناه ا يف‬ ‫ِ ِ‬
‫ب اإال لتَ ْحقي ق ه ذه الغايَة‪ ،‬وك ال اآلي ات ا‬ ‫الر ُس َل ويُْن ِزل ال ُكتُ َ‬
‫اهلل تع اىل ُّ‬
‫اض َحة على هذه احلَِقي َقة‪.‬‬ ‫التَّصور عن الكون تَ ُد ال داللَة و ِ‬
‫َ‬ ‫َا‬
‫املمارس ة يف‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫وإقامة احلياة فيه يُ َو ِّجه اإلسّلم إىل أن تكون َجيع النَّشا ات َ‬ ‫مارة هذا الكون‪َ ،‬‬ ‫ج‪ -‬لع َ‬
‫الش راء‪،‬‬‫اجلماعيَّة‪ ،‬ويف أُم ور البي ع و ِّ‬ ‫ِ‬ ‫الش ون ال َف ْرِديَّة أو‬
‫هذه احلياة وفْق ِدي ِن اهللِ تعاىل‪ ،‬سواء يف ُّ‬
‫ض روب‬ ‫ِ‬ ‫ويف ش ون األس رة‪ ،‬ويف ُش ون املآكِ ل واملش ارب‪ ،‬وحي اة ِّ‬
‫الس ْلم واحل رب‪ ،‬وغريه ا م ن ُ‬
‫احلي اة‪ ،‬كلاه ا يَْنبَغِ ي أن تك ون قائِ َم ةً عل ى َش ْرِ اهلل ع َّز وج ال‪ ،‬وإذا م ا اختَ ال ه ذا املي زان ف ّل‬
‫رعي‪ ،‬ك م م ن‬ ‫الش ِ‬‫تنظ يم األُ ْس َرة الق ائِم عل ى ابتِ داء ال َّزواج َّ‬ ‫أن ه ذه احلي اةَ ُتتَ ل‪ ،‬فَم ثّلً‪ِ :‬‬ ‫ك َّ‬ ‫ش َّ‬
‫ا َ‬
‫ِ‬
‫اب وال‬ ‫ض ِويَّة ال أنس َ‬ ‫الر ُج ل وامل رأة َعّلقَة فَ ْو َ‬ ‫العّلقَة بني َّ‬ ‫حتصل لو كانت َ‬ ‫املفاسد يف هذا احلياة ُ‬

‫‪102‬‬
‫ص َر هل ا‪ ،‬فَ ُس ْبحانَك ريب ِم ن ِح َك ي ٍم‬ ‫ِ‬
‫ض ّلً ع ن األَم راض والبَّلي ا وال م َح َن ال يت ال َح ْ‬ ‫تَ ز ُاوج‪ ،‬فَ ْ‬
‫َخبِ ٍري‪.‬‬
‫ات اس تِثماراً‬ ‫أن احلي اةَ يف نَظَ ِر اإلس ّلم اس تِثْمار م ا أَودع ه اهلل يف املخلوق ات ِم ن اق ٍ‬ ‫ّلصة األَ ْم ر‪َّ :‬‬
‫ُ ََُْ ُ‬ ‫وخ َ‬ ‫ُ‬
‫وج ال‪.‬‬
‫عز َ‬ ‫صاحلاً وفْق ِدي ِن اهللِ َّ‬
‫األسئلَة‪:‬‬
‫ضح ذلك‪.‬‬ ‫وربوبِيَّتِه‪َ ،‬و ِّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫س‪ :1‬ال َكون دلِ ِ‬
‫يم على وحدانيَّة اهلل تعاىل ُ‬ ‫يل َعظ ٌ‬ ‫ْ َ ٌ‬
‫س‪ :2‬ما عّلقَة اإلنسان بال َك ْو ِن ؟‬
‫وق َح ي ُم َكلَّ ف يف ه ذه احلي اة‪ ،‬ق ا ِرن ه ذه النَّظ َرة مب ا تَ ْع ِرف ه‬ ‫ان بأنَّه خمل ٌ‬‫س‪ :3‬ينظُر اإلس ّلم إىل اإلنس ِ‬
‫ُ‬
‫املذاهب ِ‬
‫الفاس َدة‪.‬‬ ‫العامة عن ب عض ِ‬ ‫ِمن ثَقافَتِك َّ‬
‫َْ‬
‫س‪ :4‬ما الغايَة ِمن احلياة ؟ وكيف يَ ْع ُمرها اإلنسا ُن ؟‬

‫‪103‬‬
‫يث‬
‫الحد ُ‬
‫ثالثاً‪َ :‬‬

‫‪104‬‬
‫يث العاشر‬ ‫الحد ُ‬
‫َ‬
‫كمثِ ل‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫يب ‪ ‬أنَّه ق ال‪َ ((:‬مثَ ل م ا بَ َعث ِن اهللُ ب ه م ن اهل دى والع ْل م َ‬ ‫ع ن أيب موس ى األش عري ‪ ‬ع ن النَّ ِّ‬
‫ث ال َكثِ ري أص اب أ َْرض اً‪ ،‬فك ان منه ا نَِقيَّ ة قَبِلَ ت امل اء‪ ،‬فأنبتَ ت الك أل والعُش ب الكث ري‪ ،‬وكان ت منه ا‬ ‫الغَي ِ‬
‫ْ‬
‫وسقوا َوزَرعوا‪ ،‬وأصاب منها ائَِفة أخ رى‪ ،‬إَن ا ه ي قِيع ان‬ ‫اس فشربوا َ‬ ‫أجادب أمس َكت املاء‪ ،‬فنفع اهلل هبا النا َ‬
‫ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ومثَل َم ن‬ ‫وعلَّم‪َ ،‬‬‫ال ُتسك ماءً وال تُنبِت ال َكأل‪ ،‬فذلك مثل َمن فَقه يف دي ِن اهلل ونَفعه ما بَ َعثَ ِن اهللُ بِه فَ َعل م َ‬
‫ُرس ْلت به )) متَّفق عليه (‪.)211‬‬ ‫مل ي رفَع بذلك رأساً‪ ،‬ومل ي ْقبل هدى اهللِ الذي أ ِ‬
‫ََ ُ‬ ‫َْ‬
‫التعريف بالراوي‪:‬‬
‫الصحايب اجلليل‪ ،‬اإلمام الكبري‪ ،‬عبد اهلل بن قي ب ن ُس ليم‪ ،‬أب و موس ى األش عري‪ ،‬الفقي ه‪ ،‬املق ِرئ‬ ‫هو َّ‬
‫اغف ر لعب د اهلل ب ن ق ي َذنْبَ ه‪ ،‬وأ َْد َخل ه‬ ‫أقرأ أهل البصرة‪ ،‬وفَقَّههم يف الدِّين‪ ،‬ودعا له النَّيب ‪ ‬فق ال‪ ((:‬اللَّه م ِ‬
‫ا‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬ ‫َ َ‬
‫ِ ٍ‬ ‫يام ة ُم َ ِ‬ ‫ِ‬
‫اس ويُ َعلِّ ُمه م ويُ َفق ُ‬
‫يب ‪ ‬إىل ناحيَ ة يف ال يَ َم ِن‪ ،‬ي دعو النا َ‬
‫)‬‫‪212‬‬ ‫(‬
‫ِّهه م يف‬ ‫دخّلً َكرمي اً )) ‪ ،‬أرس لَه النَّ ا‬ ‫ي وم الق َ‬
‫هيب‪ :‬وق د ك ان أب و‬ ‫الذ ِ‬‫بعدها ِمن الغََزوات‪ ،‬قال َّ‬ ‫فيما‬ ‫ك‬ ‫وشار‬ ‫‪،‬‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫خ‬ ‫ليال‬ ‫منها‬ ‫م‬‫د‬‫الدِّين‪ ،‬هاجر إىل احلبشة وقَ ِ‬
‫ا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬
‫الص در‪ ،‬مل تغ اريه اإلم َارة وال‬ ‫ص اواماً قَ اواماً َرباانِيااً ز ِاه داً عابِداً‪ ،‬مَّن ج ع العل م والعم ل واجله اد وس ّلمة َّ‬
‫موسى َ‬
‫اغتَ َّر بِال ادنيا‪ ،‬مات ‪ ‬سنة اثنتني وأربعني‪ ،‬وقيل سنةَ ثَّلث وأربعني (‪.)213‬‬
‫المباحث اللغَوية‪:‬‬
‫َ‬
‫معناها‬ ‫الكلمة‬
‫السائِر‪.‬‬ ‫الص َفة ِ‬ ‫ِمثْل‪:‬‬
‫العجيبَة‪ ،‬ال ال َق ْول ا‬
‫بفتح امليم والثاء‪ ،‬قال ابن حجر‪ :‬املراد به ِّ َ‬
‫ال اداللة ِ‬
‫املوصلَة إىل املطلوب‪.‬‬ ‫اهلدى‪:‬‬
‫بفتح الناون وكسر القاف وتشديد الباء‪ ،‬واملراد َس ْهلَة َيِّبَة‪.‬‬ ‫نَِقيَّة‪:‬‬
‫الر ْ ب والي ابِ ‪ ،‬اأم ا العُ ْش ب فه و َّ‬
‫الر ْ ب دون‬ ‫ب اهلمزة بِ ّل َم د‪ ،‬وه و النَّب ات َّ‬ ‫ال َكأل‪:‬‬
‫اليابِ ‪.‬‬
‫ات فيه ا الحتِب اس‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫أ ِ‬
‫اجلَ ْدب‪ :‬ض اد اخلض ب‪ ،‬واألج ادب‪ :‬ه ي األَراض ي ال يت ال نَب َ‬ ‫َجادب‪:‬‬
‫املطَ ِر عنها‪.‬‬

‫ضل َمن َعلِم وعلَّم (‪ ،)175/1‬أخرجه مسلم يف كتاب الفضائل‪ ،‬باب‪:‬‬


‫) أخرجه البخاري يف صحيحه‪ ،‬كتاب العلم‪ ،‬باب‪ :‬فَ ْ‬
‫‪211‬‬

‫يب ‪ ‬يف (‪ ،)787/4‬رقم (‪.)2282‬‬ ‫بيان مثل ما بعث النَّ ِّ‬


‫‪ )212‬أخرجه البخاري يف صحيحه‪ ،‬باب‪ :‬غزاة أو اس (‪ ،)41/8‬ومسلم‪ ،‬باب‪ :‬فَضائل أيب موسى‪ ،‬برقم (‪.)2498‬‬
‫‪ )213‬يُنظر‪ :‬سري أعّلم النبّلء (‪ ،)380/2‬وِتذيب التَّهذيب (‪.)249/5‬‬
‫‪105‬‬
‫ِ‬
‫األجادب اليت أ َْم َس َكت املاءَ‪.‬‬ ‫أي باألرض‬ ‫فنَ َفع اهللُ هبا‪:‬‬
‫صحيح‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫(ور َعوا)‪ِ :‬من َّ‬
‫الرعي‪ ،‬قال النَّووي‪ :‬كّلها َ‬ ‫ويف رواية‪َ :‬‬ ‫َوزَرعوا‪:‬‬
‫بِ َك ْسر الفاء جع قا ‪ ،‬وهي األرض املستَ ِويَّة ال َم ْلساء اليت ال تْنبِت‪.‬‬ ‫قيعان‪:‬‬
‫عمن جاءَه العِْلم فلم ي َفظْه ومل يَ ْع َمل به‪ ،‬ومل يَْن ُقله إىل غ ِريه‪.‬‬
‫ومثل َمن مل يَ ْرفَع ب ذلك كنايِة َّ‬
‫رأساً‬
‫األَحكام والتوجيهات‪:‬‬
‫أفض لها‪،‬‬‫السنَّة‪ ،‬وما يتعلَّق هبم ا رأس العل وم و َ‬ ‫َّرعي‪ :‬وهو العِْلم املستَ ْنبَط ِمن الكتاب و ُّ‬ ‫‪ -1‬العِْلم الش ِ‬
‫الرس ِ‬ ‫ي ب أن يتَس ابَق إلي ه اجل اادون واحل ِريص ون اس تِجابَةً لِتَ ْر ِغي ِ‬
‫ول ‪ ‬يف ه ذا احل ديث‪،‬‬ ‫ب َّ‬ ‫َح ِر ا‬
‫نفع األرض فاستَفاد من ه النا اس‪ ،‬يق ول تع اىل‪ :‬ﱡﭐ ﳁ‬ ‫ِ‬
‫فجع َل أ َْه َل الف ْقه يف الدِّين كالغَْيث الذي َ‬ ‫َ‬
‫مادح اً أه َل‬ ‫[الزم ر‪ ،]9 :‬ويق ول س بحانَه ِ‬ ‫ﳂ ﳃ ﳄ ﳅ ﳆ ﳇ ﳈ ﱠ ُّ‬
‫ُ‬
‫العِل م ال ذين ه م أه ل َخ ْش يَ ِة اهلل‪:‬ﭐﱡﭐ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﲲ ﱠ [ف ا ر‪،]28 :‬‬
‫ضل العامل على العابِد َك َفضل القم ِر ليلةَ البَ ْد ِر على سائِر ال َكواكِب ))(‪.)214‬‬ ‫ويقول ‪(( :‬فَ ْ‬
‫بادة َربِّه‪ ،‬وكي ف تق وم َعّلقَتِ ه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ألي ُم ْسلم عن الع ْلم؛ إذ به يَ ْع ِرف دينَه‪ ،‬وكيف يُ َ ِّدي ع َ‬ ‫‪ -2‬ال غىن ا‬
‫اجتَ ِهم إىل املطَ ر‪ ،‬وم ا ارتَ َف ع فَ ْرٌد أو أف راد اإال‬ ‫اس لِلعِْل م أ َ ِ‬ ‫فحاج ةُ النا ِ‬
‫َش اد م ن ح َ‬ ‫م ع النا اس‪َ ،‬‬
‫بالعِْلم‪ ،‬وقد تَضافَرت النُّصوص الش ِ‬
‫َّرعيَّة على ذلك‪.‬‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ض ْرب‬ ‫املعلِّ ِم ني‪ ،‬يُ ْعط ي َد ْرس اً يف أس لوب التَّعل يم‪ ،‬ذلك م ه و َ‬ ‫الرس ول ‪ُ ‬م َعلِّ م البَش ِريَّة وإم ام َ‬ ‫‪َّ -3‬‬
‫اس بِاأل َْرض‪ ،‬ويُ َش بِّه العِْل َم‬ ‫الس ِامعِني‪َّ ،‬‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬
‫فالرس ول ‪ ‬هن ا يُ َش بِّه النا َ‬ ‫األ َْمث ال لتَ ْقري ب الف ْك َرة لَدى ا‬
‫ك‬ ‫األرض ويَعِيش ونَه‪ ،‬فعل ى املعلِّ م وامل َريب أن يَ ْس لُ َ‬ ‫ِ‬ ‫ث يف‬ ‫اس يَعرف ون َع َم ل الغَْي َ‬ ‫ِ‬
‫بالغَْي ث‪ ،‬والنا ُ‬
‫يب امل َقِّربَة لِلعِْل ِم ألَبْنائِه و ُاّل ِبه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫األَسال َ‬
‫اس خمتَلِ َفة‪ ،‬وتَ َقبُّلُهم ُمتَفا ِوت‪ ،‬ولذلك ك انوا أَقْس اماً يف تَ َق بُّلِهم لِلعِْل م‪ ،‬وعل ى املس لِم‬ ‫‪ -4‬قُ ُدرات النا ِ‬
‫الق ْسم األ َْعلى يَ ْستَ ْقبِل العِْل َم ويَ ْع َمل به ويَْن ُشره بني النااس‪.‬‬‫أن ي ِرص أن يكون ِمن ِ‬
‫َ‬
‫ِ ِ‬
‫ّلث َد َرجات‪:‬‬ ‫اس يف تَ َقبُّل ِهم للعِْلم ثَ َ‬ ‫سول ‪ ‬النا َ‬ ‫الر ُ‬ ‫‪َ -5‬ج َعل َّ‬

‫الّتِمذي‪ ،‬كتاب‬
‫احلث على َلب العِْلم (‪ ،)341/2‬رقم احلديث (‪ ،)3641‬و ِّ‬
‫السنن‪ ،‬كتاب العلم‪ ،‬باب‪ :‬ا‬
‫) رواه أبو داود يف ُّ‬
‫‪214‬‬

‫العلم‪ ،‬باب‪ :‬ما جاء يف فَضل ِ‬


‫الف ْقه (‪ ،)46/5‬رقم احلديث (‪.)2681‬‬ ‫ْ‬
‫‪106‬‬
‫أفضل‬‫وعلَ َّمه مبا فيه‪ ،‬وعلَّم النااس‪ ،‬فه الء هم َ‬ ‫سول ‪َ ‬‬ ‫الر ُ‬
‫َّر َجة األوىل‪َ :‬من تَ َقبَّل ما جاء به َّ‬ ‫أ‪ -‬الد َ‬
‫غريهم‪.‬‬ ‫ِِ‬
‫النااس؛ ألام انتَفعوا يف أنفسهم ونَ َفعُوا َ‬
‫وةَلَ ه إىل النااس ف انْتَ َفعوا ب ه‪ ،‬لكنَّه مل يَتَ َف َّق ه‬
‫ول ‪َ ‬‬ ‫َّر َج ة الثاانِيَ ة‪َ :‬م ن تَ َقبَّل م ا ج اء ب ه َّ‬
‫الرس ُ‬ ‫ب‪ -‬الد َ‬
‫الع َم ِل به‪.‬‬ ‫فيه‪ِ َّ ،‬‬
‫هاده يف َ‬ ‫وقل اجت ُ‬
‫اس‪ ،‬وه الء‬ ‫الد َر َجة الثاالثة‪َ :‬من مل يَ ْستَ ِفد ماا جاء ب ه َّ‬
‫الرس ول ‪ ‬ومل يَ ْع َم ل بِه أو يَْنقل ه إىل النا ِ‬ ‫ج‪َّ -‬‬
‫سول ‪.‬‬ ‫الر ِ‬ ‫مذمومون على لِ ِ‬
‫سان َّ‬ ‫َ‬
‫األسئلة‪:‬‬
‫س‪ِّ :1‬بني معاِن ال َكلِمات اآلتية‪:‬‬
‫أجادب ‪ ،‬قِيعان‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫نَِقيَّة ‪،‬‬
‫استِك هلذا احلديث‪.‬‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫ضح ذلك من خّلل در َ‬ ‫س‪ :2‬النااس أقسام يف تقبُّلِ ِهم العِْلم‪َ ،‬و ِّ‬
‫س‪ :3‬لِلعِْلم أهِّيَّة ُكبى‪ ،‬فما هذه األهِّيَّة ؟‬

‫‪107‬‬
‫شر‬
‫الحديث الحادي َع َ‬ ‫َ‬
‫احبِه العُقوبَةَ يف‬ ‫ب أَج َدر أن ي ع ِّج ل اهلل لِص ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َُ‬ ‫ول اهلل ‪ ((:‬م ا م ن َذنْ ٍ ْ‬ ‫ع ن أيب بك رة ‪ ‬ق ال‪ :‬ق ال رس ُ‬
‫الّتم ذي‪ ،‬واب ن ماج ه‪،‬‬ ‫اآلخ َرة ِم ن البَ ْغ ي وقَ ِط َيع ة ال َّرِحم ))‪ .‬رواه أب و داود و ِّ‬
‫َّخره ل ه يف ِ‬
‫ِ‬
‫ال ُّدنْيا م ع م ا يَد ُ‬
‫ص ِحيح (‪.)215‬‬ ‫ِ‬ ‫وقال ِّ ِ‬
‫الّتمذي‪َ :‬حديث َح َسن َ‬
‫التعريف بالراوي‪:‬‬
‫َّيب ‪ ،‬تَ َد َّىل يف ِحصا ِر الطاائِف بِبَكَْرة‪َ ،‬وفَ َّر‬
‫الصحايب اجلليل‪ :‬نُ َفيع بن احلا ِرث‪ ،‬موىل الن ِّ‬ ‫أبو بَكَْرة‪ :‬هو َّ‬
‫َحادي ث‪ ،‬وك ان ِم ن فُقه اء‬ ‫إىل النَّ يب ‪ ‬وأس لَم عل ى ي ِده‪ ،‬وأخ به أنَّ ه عب د فَأَعت َق ه‪ ،‬روى جلَ ة أ ِ‬
‫َْ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬
‫بالبصرة (‪.)216‬‬
‫َ‬ ‫الصحابة‪ ،‬مات ‪ ‬يف خّلفَة معاوية بن أيب سفيان‬ ‫َّ‬
‫المباحث اللغوية‪:‬‬
‫معناها‬ ‫الكلمة‬
‫أحَرى‪.‬‬‫أح اق وأوىل و ْ‬
‫َ‬ ‫أج َدر‪:‬‬
‫ْ‬
‫َّخره يف اآلخرة‪ :‬أي‪ :‬مع ما ي ِّجله له ِمن العقوبة يف ِ‬
‫اآلخَرة‪.‬‬ ‫مع ما يد ِ‬
‫ُ َ‬ ‫َُ‬
‫الظُّلم‪.‬‬ ‫البَ ْغي‪:‬‬
‫ال َّرِحم‪ :‬ه م ذوو األرح ام واألق ارب‪ ،‬ك العم‪ ،‬واخل ال‪ ،‬و َّ‬
‫العم ة‪ ،‬واخلال ة‪،‬‬ ‫الرِحم‪:‬‬
‫قَ ِط َيعة َّ‬
‫السّلم عليهم‪.‬‬ ‫صلِ ِهم وِزيارِتم و َّ‬ ‫وأبنائهم‪ ،‬وبناِتم‪ ،‬وقطيعة َّ ِ‬
‫الرحم‪َ :‬ع َدم َو ْ‬
‫األحكام والتوجيهات‪:‬‬
‫احبُه العُقوبَ ةَ يف ال دُّنيا َفرياه ا قب ل َم ْوتِ ه‪ ،‬وق د‬
‫اآلخ رة‪ ،‬يس تَ ِحق ص ِ‬
‫ِ‬
‫‪ -1‬الظُّْل م ظُلم ات يف ال دُّنيا و َ َ ْ ا‬
‫َح د‪َ ،‬س واء أك ان ُم ْس لِماً‬ ‫وز ظُْل م أ َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫تضافَ َرت اآلي ات واألحادي ث يف التَّح ذير م ن الظُّْل ِم ف ّل ي ُ‬
‫أم ك افِراً‪ ،‬يق ول تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱠ [غ افر‪ ،]18 :‬ويق ول‬
‫س بحانه‪:‬ﭐ‬ ‫س بحانه‪:‬ﭐﱡﭐ ﳅ ﳆ ﳇ ﳈ ﳉ ﳊ ﳋ ﱠ [إب راهيم‪ ]42 :‬ويق ول‬
‫ﱡﭐ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑﱠ [الفرقان‪.]27 :‬‬

‫الّتمذي‪ ،‬كتاب ِص َفة القيامة‪ ،‬باب‪ :‬رقم‬


‫‪ )215‬أخرجه أبو داود‪ ،‬يف األدب‪ ،‬باب‪ :‬النَّهي عن البغي (‪ ،)693/2‬برقم (‪ ،)4902‬و ِّ‬
‫الزهد‪ ،‬باب‪ :‬البغي (‪ ،)1408/2‬ورقم (‪.)4211‬‬‫(‪ ،)664/4( )57‬رقم (‪ ،)2511‬وابن ماجه يف ا‬
‫‪ )216‬يُنظر‪ :‬سري أعّلم النابّلء (‪ ،)5/3‬وِتذيب التَّهذيب (‪.)469/10‬‬
‫‪108‬‬
‫ِ ِ‬
‫إن اهللَ لَيُ ْمل ي للظاا ِمل‪ ،‬ف إذا أ َ‬
‫َخ َذه‬ ‫الش يخان ع ن أيب موس ى ‪ ‬أنَّه ق ال‪ :‬ق ال رس ول اهلل ‪َّ ((:‬‬ ‫وروى َّ‬
‫ﲄ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ ﱠ [ه ود‪:‬‬ ‫ﲅ‬ ‫مل يُ ْفلِْت ه ))‪ ،‬مث ق رأ‪:‬ﭐﱡﭐ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ‬
‫‪.)217( ]102‬‬
‫س ه اإلش راك ب اهللِ تع اىل‪ ،‬ق ال تع اىل يف ِذ ْك ر َوص ايا ل ُقم ان البنِ ه‪:‬ﭐﱡﭐ ﱜ ﱝ‬‫‪ -2‬الظُّل م أن وا ‪َ ،‬ورأْ ُ‬
‫ﱟ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱠ [لقمان‪.]13 :‬‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱞ‬
‫األسرة واألوالد بعدم تَربِيَتِ ِهم َّ‬
‫الّتبية اإلسّلميَّة احلقَّة‪.‬‬ ‫ِ ُّ‬
‫ومن الظلم‪ :‬ظُْلم َ‬
‫بس ِهم حقوقَهم‪ ،‬أو النَّيل ِمن أَعر ِ‬
‫اض ِهم‪.‬‬ ‫عامة‪ ،‬باالعتِداء عليهم‪ ،‬أو ِ‬ ‫اس بِ َّ‬
‫ومنه أيضاً‪ :‬ظُْلم النا ِ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫تأخري َمص احل‬‫العامة‪ ،‬كعدم اإليفاء مبتطلَّبات األعمال‪ ،‬أو ِ‬ ‫َّقصري يف أداء املصاحل َّ‬ ‫ومنه أيضاً‪ :‬الظُّلم بالت ِ‬
‫النااس وحنو ذلك‪.‬‬
‫اخلدم والعُ امال واألُجراء بِبَ ْخ ِس ِهم ُحقوقَ ُهم‪ ،‬أو تَكلِيفهم ما ال يُ ِطيقون‪.‬‬ ‫ومنه أيضاً‪ :‬الظُّلم الواقِع على َ‬
‫ص لُها‪ ،‬وحت ُرم قَ ِط َيعتُه ا‪ ،‬وروى البخ اري وغ ريه ع ن أيب‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫يم‪ِ ،‬ي ب َو ْ‬ ‫‪ -3‬لل َّرحم يف دي ِن اهلل َش أ ٌن َعظ ٌ‬
‫قام ت ال َّرِحم‬
‫إن اهللَ تعاىل َخلَ َق اخلَْل َق‪ ،‬ح إذا ف رغ َ‬ ‫هريرة ‪ ‬أنَّه قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪َّ ((:‬‬
‫ص لَك‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ض ْني أن أص َل َم ن َو َ‬ ‫فقال ت‪ :‬ه ذا َمق ُام العائ ذ ب ك م ن ال َقط َيع ة‪ ،‬ق ال‪ :‬نع م‪ ،‬أم ا تَ ْر َ‬
‫ك‪ ،‬قالت‪ :‬بلى‪ ،‬قال‪ :‬فذلك لك))‪ ،‬مث قال رس ول اهلل ‪ :‬اق رأوا إن ِش ْئتُم ))ﭐ‬ ‫وأَقْطَع من قَطَع ِ‬
‫َ َ‬
‫ﱡﭐ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ‬
‫(‪)218‬‬
‫[حممد‪.]23- 22 :‬‬ ‫َّ‬ ‫ﱻﱼﱽﱾﱠ‬
‫الس ال ع ن احل ال‪ ،‬واال ِمْئن ان عل ى ال َق ِري ب‪ ،‬والتَّلَطا ف يف‬ ‫ِص لَة ال َّرِحم تك ون‪ِّ :‬‬
‫بالزي َارة‪ ،‬و ُّ‬ ‫‪-4‬‬
‫اعدة امل ِدين‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ومس َ‬‫يص ل م ن اخل ري‪ُ ،‬‬‫اخلطاب‪ ،‬كما تكون بإه داء اهلَدايا املناس بة‪ ،‬والتَّهنئَ ة فيم ا ُ‬
‫الس عي ل ه يف َس داده‪ ،‬وبَ ْذل اجل اه‪ ،‬وقَض اء احلاج ات‪،‬‬ ‫املع ِس ر يف س داد ش ٍ‬
‫يء ِم ن ِدينِ ه‪ ،‬و َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫والدُّعاء بالتَّوفِيق و ِ‬
‫املغفَرة‪ ،‬وغري ذلك‪.‬‬
‫الس يِّئات‪،‬‬ ‫الرِحم تَ ِزيد يف العمر‪ ،‬وتُبا ِرك فيه‪ ،‬كما تَ ِزي د امل َال وتُن ِّمي ه‪ ،‬باإلض افَة إىل ِ‬
‫تكف ري َّ‬ ‫ِصلَة َّ‬ ‫‪-5‬‬
‫َ‬ ‫ُُ‬
‫وع ّل‪ ،‬روى البخ اري وغ ريه ع ن أن ‪َّ ‬‬
‫أن‬ ‫ِ‬
‫احلس نات‪ ،‬وإرض اء ال خالق ج َّل َ‬ ‫ضاع َفة َ‬ ‫وم َ‬ ‫ُ‬

‫‪ )217‬أخرج ه البخ اري‪: ،‬ت اب التَّفس ري‪ ،‬ب اب‪:‬ﭐﱡﭐ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄﭐ ﭐﱠﭐ(‪ ،)354/8‬رق م (‪ )4686‬ورواه‬
‫الصلَة‪ ،‬باب‪ :‬حترمي الظُّلم (‪ ،)1977/4‬رقم (‪.)2583‬‬ ‫ِ‬
‫الب و ِّ‬
‫مسلم‪ ،‬كتاب ا‬
‫فس ري‪ ،‬ب اب‪:‬ﭐﱡ ﱵ ﱶ ﱠ (‪ )579/8‬ب رقم (‪ ،)4830‬ومس لم‪ ،‬كت اب ال ِ اب‬ ‫‪ )218‬واحل ديث رواه البخ اري‪ ،‬كت اب التَّ ِ‬
‫الصلة (‪ ،)1980/4‬برقم (‪.)2554‬‬ ‫و ِّ‬
‫‪109‬‬
‫صل َرِةَه ))(‪،)219‬‬
‫رسول اهلل ‪ ‬قال‪ ((:‬من أَحب أن يبسط له يف ِرْزقِه‪ ،‬وينسأَ له يف أثَِرهِ فَ ْلي ِ‬
‫َ‬ ‫َُ‬ ‫َ َ ا َُ‬ ‫َ‬
‫ومعىن ينسأ له يف أثره‪ :‬ي جل له يف عمره‪.‬‬
‫ب لِنَ ْف ِس ه‪ ،‬فَي ِّدي ُحق وقَهم وال يَتَ َع دَّى عل يهم أو‬
‫ب لآلخ رين م ا ي ا‬
‫ِ‬
‫احلق هو الذي ي ا‬ ‫املسلم ا‬
‫ِ‬ ‫‪-6‬‬
‫طاول علي ِهم ِح ِّسيااً أو َم ْعنَ ِويااً‪.‬‬ ‫ِ‬
‫يَظْلمهم‪ ،‬أو يَتَ َ‬
‫ض ِعب ِاده ق د تك ون يف ال دُّنيا وق د تُ َّج ل يف ِ‬
‫اآلخ َرة‪،‬‬ ‫العُقوبات اليت يُ َسلِّطُها اهلل تعاىل على بع ِ‬ ‫‪-7‬‬
‫َ‬
‫نوب أو ِ‬
‫املعاصي عندما ال يَرى أَثََرها يف الدُّنيا‪.‬‬ ‫الذ ِ‬ ‫يقر َشْيئاً ِمن ُّ‬ ‫فَ ْلي ْنتبِه املسلِم لِن ْف ِسه فَّل ِ‬
‫َ‬ ‫ََ‬
‫األسئلَة‪:‬‬
‫الرِحم‪.‬‬
‫َج َدر‪ ،‬البَ ْغي‪ ،‬قَ ِط َيعة َّ‬ ‫ِ‬
‫ضح معاِن ال َكلمات اآلتية‪ :‬أ ْ‬ ‫س‪َ :1‬و ِّ‬
‫س‪ :2‬الظُّلم أنوا ‪ ،‬اذ ُكر بعضاً منها‪.‬‬
‫الرِحم فَوائِد‪ ،‬اذ ُكر بعضاً منها‪.‬‬
‫صلَة َّ‬ ‫س‪ :3‬لِ ِ‬
‫س‪ :4‬بني كيف اهتم اإلسّلم مبنع الظلم؟‬

‫ِ‬ ‫صلَة َّ ِ‬ ‫) أخرجه البخاري‪ ،‬كتاب األدب‪ ،‬باب‪َ :‬من بُ ِسط له يف ِّ‬
‫الرزق بِ ِ‬
‫الرحم (‪ )415/10‬برقم (‪ )5986‬ورواه مسلم‪ ،‬كتاب البا‬
‫‪219‬‬

‫الرِحم‪ ،‬وحترمي قَ ِط َيعتها (‪ ،)1982/4‬برقم (‪.)2557‬‬


‫الصلَة‪ ،‬باب‪ِ :‬صلَة َّ‬
‫و ِّ‬
‫‪110‬‬
‫شر‬‫الحديث الثاني َع َ‬ ‫َ‬
‫ومناا ِ‬
‫املفط ر‪ ،‬ق ال‪ :‬فنَ َزلْن ا َمْن ِزالً يف ي وم‬ ‫فمناا الصائِم ِ‬ ‫رسول اهللِ ‪ ‬يف س َفر‪ِ ،‬‬
‫عن أن ‪ ‬قال‪ :‬كناا مع ِ‬
‫ا‬ ‫َ‬
‫الصوام‪ ،‬وق ام ِ‬
‫املفط رون‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حار‪ ،‬أكثَرنا ظ اّلً صاحب الكساء‪ ،‬ومناا َمن يَتَّقي الشَّم َ بيَده‪ ،‬قال‪ :‬فَ َس َقط ُّ ا‬ ‫ا‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َجر ))‪ .‬رواه البخ اري‬ ‫وم بِاأل ْ‬
‫ب امل ْفط رون الي َ‬‫اب‪ ،‬فق ال رس ول اهلل ‪ ((:‬ذَ َه َ‬
‫الرك َ‬
‫وس قوا ِّ‬
‫ضربوا األبنيَ ةَ َ‬‫فَ َ‬
‫ومسلِم (‪.)220‬‬
‫التعريف بالراوي‪:‬‬
‫سبق التَّعريف به يف احلديث األول‪.‬‬
‫المباحث اللغوية‪:‬‬
‫معناها‬ ‫الكلمة‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لس اكت‪ :‬ص ائم‪،‬‬ ‫ف واالمتن ا ‪ ،‬يق ال ل ا‬ ‫الص وم يف اللُّغ ة‪ :‬اإلمس اك وال َك ا‬ ‫َّ‬ ‫الصائم‪:‬‬
‫مناا ا‬
‫خمصوص ة‪ِ ،‬م ن‬
‫َ‬
‫ِِ‬
‫الش ر ‪ :‬إمس اك بنيَّ ة ع ن أش ياءَ‬ ‫إلمس اكه ع ن الك ّلم‪ ،‬ويف َّ‬
‫َّم ‪.‬‬ ‫لوِ ال َف ْجر إىل غروب الش ْ‬
‫صاحب الث َّْوب الذي يَ ْستَ ِظ ال بِثَ ْوبِه‪.‬‬‫أي‪ِ :‬‬ ‫الكساء‪:‬‬ ‫صاحب ِ‬ ‫ِ‬
‫يده ِوقايَة له ِمن الشَّم ‪.‬‬ ‫َّخذ َ‬ ‫أي‪ :‬يت ِ‬ ‫يَت َِّقي الشَّم َ بِيَ ِده‪:‬‬
‫الص حراء‪ ،‬وامل راد‪ :‬أن‬
‫الع َرب يف َّ‬ ‫ِ‬ ‫ضَربوا األبْنِية‪:‬‬
‫األبْنيَة جع بناء‪ ،‬وهي البيوت اليت تَ ْس ُكنها َ‬ ‫فَ َ‬
‫املفط ِرين أَقاموا هذه األبنِيَة‪.‬‬
‫ِ‬
‫كل دابٍَّة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الرواحل من اإلبل‪ ،‬وهي ما يُْرَكب من ا‬
‫َّ ِ ِ‬ ‫الركاب‪:‬‬
‫ِّ‬
‫األحكام والتوجيهات‪:‬‬
‫الس نَّة واإلج ا ‪،‬‬ ‫كان اإلسّلم‪ ،‬وفَرض ِمن فَرائِ ِ‬
‫ضه‪َ ،‬د ال علي ه الكت اب و ُّ‬ ‫‪ -1‬صوم رمضان رْكن ِمن أر ِ‬
‫ْ ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫َ َُ‬
‫اىل‪ :‬ﭐﱡﭐ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ‬ ‫ال تع‬ ‫ق‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب عل ى ك ال‬ ‫ﱞ ﱟ ﱠ ﱠ [البق رة‪ ،]183 :‬ومع ىن ُكت ب‪ :‬فُ ِر َ‬
‫ض‪ ،‬وه و واج ٌ‬
‫مسلِم بالِغ عاقِل ِ‬
‫قادر‪.‬‬ ‫ُْ‬

‫اخلدم ة يف الغ زو (‪ )84/6‬ب رقم (‪ ،)2890‬وأخرج ه مس لم‪ ،‬كت اب الص يام‪،‬‬


‫ضل َ‬ ‫) أخرج ه البخ اري‪ ،‬كت اب اجله اد‪ ،‬ب اب‪ :‬فَ ْ‬
‫‪220‬‬

‫السفر (‪ ،)788/2‬برقم (‪ ،)1119‬واللَّف له‪.‬‬ ‫باب‪ :‬أجر ِ‬


‫املفطر يف َّ‬
‫‪111‬‬
‫ِ‬ ‫‪ِ -2‬من رة ِة اهللِ تعاىل باأل َُّمة أن ر َّخص لِ ِ‬
‫لمساف ِرين ب أن يُ ْفط روا يف َرَمض ان‪ ،‬ويَ ُ‬
‫قض وا م ا أَفْطَروا في ه‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َ‬
‫دل عل ى ه ذا قول ه تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ‬ ‫بع د رَمض ان‪َّ ،‬‬
‫َ‬
‫الس َفر‪.‬‬
‫الصيام يف َّ‬ ‫الفطْر و ِّ‬ ‫ﱭ ﱮ ﱯ ﱠ [البقرة‪ ،]183 :‬وعليه فيجوز للمسافِر ِ‬
‫ُ‬
‫الص وم أَفْض ل لِلمس افِر إذا ك ان ي ِطي ق ذل ك ب ّل مش قَّة ظ ِ‬
‫اهَرة‬ ‫ور أه ِل العِْل م إىل َّ‬
‫ََ‬ ‫ُ‬ ‫أن َّ َ َ ُ‬ ‫‪ -3‬ذه ب جه ُ‬
‫ضل ِمن َّ‬ ‫ِ‬
‫الصوم‪.‬‬ ‫ضَرر فالفطْر أَفْ َ‬
‫ضَرر‪ ،‬فإن كان هناك َم َشقَّة أو َ‬ ‫وال َ‬
‫املفط ِرين ال ذين َخ َدموا ص اروا أكثَر‬ ‫ول ‪ ‬أن ِ‬ ‫الرس َ‬‫دل على هذا احلك م يف ه ذا احل ديث‪ ،‬حي ث ذك ر َّ‬ ‫َّ‬
‫الصائِ ِمني‪.‬‬ ‫أ ِ‬
‫َجراً من ا‬
‫ْ‬
‫رسول اهلل ‪ ‬يف َسفر‪ ،‬فرأى ِزحام اً‬ ‫ويدل عليه أيضاً ما رواه البخاري وغريه‪ ،‬عن جابر ‪ ‬قال‪ :‬كان ُ‬ ‫ا‬
‫الس َفر‬
‫وم يف َّ‬ ‫َور ُج ّلً ق د ظُلِّ ل علي ه فق ال‪ ((:‬م ا ه ذا ؟)) ق الوا‪ :‬ص ائِم‪ ،‬فق ال‪ ((:‬ل ي ِم ن ال ِ ِّب َّ‬
‫الص ُ‬
‫))(‪.)221‬‬
‫يب ‪ ‬وأص حابِه‪ ،‬فق د روى‬ ‫ِ‬ ‫األمر ج ائِز‪ ،‬و َّ‬ ‫ِ‬
‫ص وم النَّ ِّ‬
‫الص وم أوىل كم ا س بَق‪ :‬ل َ‬ ‫اأم ا يف ح ال َع َدم املش قَّة ف ُ‬
‫البخاري وغريه عن أن ب ن مال ك ‪ ‬ق ال‪ :‬كناا نُس افِر م ع النَّيب ‪ ‬فَلَ م يعِ ب الص ائِم عل ى ِ‬
‫املفط ر‪،‬‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬
‫الصائِم (‪.)222‬‬ ‫ِ‬
‫وال املفطر على ا‬
‫اهَرة‪ ،‬ولكنَّه‬‫الس َفر ح ول و ترتَّب عل ى الص ائِم مش قَّة ظ ِ‬ ‫يدل احلديث على َج وا ِز ِّ‬
‫الص يام يف َّ‬ ‫ا‬ ‫‪-4‬‬
‫ا ََ‬
‫ِخّلف األوىل‪.‬‬
‫املش قَّة‪،‬‬ ‫َّيس ري والتَّس ِهيل‪ ،‬فه ذا املس افِر يَ ْل َح ُق ه م ا يَ ْل َح ُق ه ِم ن َّ‬
‫الض َرر و َ‬ ‫‪ -5‬ب ن ه ذا ال دِّين عل ى الت ِ‬
‫َُ‬
‫الس َفر الطَّ ِوي ل‪ ،‬أو يف أوق ات يك ون اجل او ح ااراً‪ ،‬وحن و ذل ك‪ ،‬ول ذا ق ال تع اىل بع د أن‬ ‫وباص ة َّ‬
‫َّ‬
‫ب َّني أحك َام امل ِريض واملس افِر‪:‬ﭐﱡﭐ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﱠ [البق رة‪:‬‬
‫ول اهلل ‪ ‬ب ني ْأم َرين‪ ،‬اإال اخت َار أَيْ َس َرُها‬
‫‪ ،]185‬وقال ت عائش ة رض ي اهلل عنه ا‪ :‬م ا ُخ ِّري رس ُ‬
‫اس منه (‪.)223‬‬ ‫أبعد النا ِ‬
‫ما مل يَ ُكن إمثاً‪ ،‬فإن كان إمثاً كان َ‬

‫يب ‪ ‬لِ َم ن ظُلِّ ل علي ه‪ ،)183/4( ...‬ب رقم (‪ ،)1946‬وأخرج ه مس لم ‪،‬‬


‫الص وم‪ ،‬ب اب‪ :‬ق ول النا ا‬
‫‪ )221‬أخرج ه البخ اري‪ ،‬كت اب َّ‬
‫الصوم يصل بِطلو الفجر (‪ )786/2‬برقم (‪.)1115‬‬ ‫الصيام‪ ،‬باب‪ :‬بَيان َّ‬
‫أن الدُّخول يف َّ‬ ‫كتاب ِّ‬
‫الص وم واإلفط ار (‪ ،)186/4‬ب رقم‬
‫يب ‪ ‬بعض هم بعض اً يف َّ‬ ‫ِ‬
‫ص حاب النَّ ا‬ ‫) أخرج ه البخ اري‪ ،‬كت اب الص وم‪ ،‬ب اب‪ :‬مل يُع ب أَ ْ‬
‫‪222‬‬

‫الصوم يصل بطلو الفجر (‪ ،)786/2‬برقم (‪.)1118‬‬ ‫خول يف َّ‬‫الد َ‬ ‫الصيام‪ ،‬باب‪ :‬بيان أ ان ُّ‬
‫(‪ ،)1947‬وأخرجه مسلم‪ ،‬كتاب ِّ‬
‫يب ‪ )566/6( ‬برقم (‪ ،)3560‬وأخرجه مسلم‪ ،‬كتاب الفضائل‪ ،‬ب اب‪:‬‬ ‫ِ‬
‫) أخرجه البخاري‪ ،‬كتاب املناقب‪ ،‬باب‪ :‬صفة النا ا‬
‫‪223‬‬

‫مباعدته ‪ ‬لآلثام (‪،)1813/4‬برقم (‪.)2327‬‬


‫‪112‬‬
‫لس َف ُر‬‫الس فر جمل َّرِد أن يُ ْف ِط ر فَيَ ْح ُرُم ا َّ‬
‫الس َفر املب اح‪ ،‬اأم ا إذا ك ان َّ‬ ‫خاص ة يف َّ‬ ‫‪ -6‬ه ذه األحك ام َّ‬
‫وِ‬
‫الفطُْر‪.‬‬
‫أن ه الء ال ذين أَفْطَروا‬ ‫دل احل ديث عل ى َّ‬ ‫لآلخ رين‪ ،‬فق د َّ‬ ‫ِ‬
‫‪ -7‬من أفضل األعمال ما فيه نفع ُمتَ َع اد َ‬
‫الص ائِ ِمني ك انوا أكث ر أج راً وثواب اً‪ ،‬وعلي ه فك ال َع َم ٍل يتَ َع دَّى نَ ْفع ه‬ ‫بدم ة إخ واام ا‬ ‫وق اموا َ‬
‫َج ر‪ ،‬وي زداد في ه الثَّ واب‪ ،‬مث ل تعل يم العِْل م‪ ،‬وإق راء الق رآن‪ ،‬وال اب‬ ‫لآلخ ِرين يَ ْعظُ م في ه األ ْ‬ ‫َ‬
‫دمة اآلخرين‪ ،‬والشَّفاعة هلم‪ ،‬وغري ذلك‪.‬‬ ‫ِ‬
‫واإلحسان‪ ،‬وإعانة احملتاج‪ ،‬وخ َ‬
‫الع َم ل وتَ َرتَّب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الع َمل‪ ،‬ال دين ال َك َسل واخلمول وال ُفتور‪ ،‬فإذا زاد َ‬ ‫اإلسّلم دين احلرَكة والنَّشاط و َ‬ ‫ُ‬ ‫‪-8‬‬
‫ِ‬ ‫ص يَة اهللِ ز َاد ال َف ْ‬‫علي ه نَش اط يف غ ري مع ِ‬
‫وخ دموا‬ ‫ص ة الفطْ ِر َ‬ ‫ض ل في ه‪ ،‬فه الء ال ذين أخ ذوا بُِر ْخ َ‬ ‫َْ‬
‫َجر والثَّ واب‪ ،‬ق ال رس ول اهلل ‪ ((:‬امل ِمن‬ ‫ص بوا بُي وِتم وس قوا ِرك اهبم َذ َهب وا بِ األ ْ‬ ‫إخ واام ونَ َ‬
‫ب إىل اهلل ِمن امل ِمن الضَّعِيف‪ ،‬ويف كل خري ))(‪.)224‬‬ ‫أح ا‬ ‫ي خريٌ و َ‬ ‫ال َق ِو ا‬
‫عم ا يُ ْس عِده يف ال دُّنيا واآلخ رة‪ ،‬ف ّل يك ون خ ِامّلً َكس والً‪ ،‬ب ل‬ ‫يبح ث ا‬ ‫‪ -9‬امل من احل اق ه و ال ذي َ‬
‫ِ‬
‫حلظات عُ ُم ِره‪ ،‬وحينئذ تكون حياتُه كلُّها ِعب َادة هللِ ع َّز وج َّل يُث اب‬ ‫ِ‬ ‫جيع‬ ‫يسعى ا ِ ِ‬
‫جاداً ليَ ْستَثْمر َ‬ ‫َ‬
‫عليها‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ذكور يف‬‫الع َم ل امل ُ‬ ‫ص ٌل ألم وِر ال دُّنيا ع ن اآلخ َرةِ‪ ،‬وه ذا َ‬ ‫ّلم دي ٌن ش امل‪ ،‬فل ي في ه فَ ْ‬ ‫‪ -10‬اإلس ُ‬
‫َج َر واملثوبَة؛ لِم ا في ه ِم ن ِخ ْد َم ة‬ ‫ِِ‬
‫ي حم ض‪ ،‬ق د رت ب اهلل تع اىل عل ى ف ْعل ه األ ْ‬ ‫احلديث َع َم ٌل ُدنْيَ ِو ا‬
‫العْبد إىل اهلل تعاىل‪.‬‬ ‫صار قُ ْربَة يَتَ َقَّرب هبا َ‬
‫َّعاون على اخلري‪ ،‬فَ َ‬ ‫اآلخرين‪ ،‬والت ُ‬
‫األسئلَة‪:‬‬
‫م‬ ‫الش‬
‫َّ‬ ‫ي‬ ‫ومناا م ن يت ِ‬
‫َّق‬ ‫الكس اء‪ِ ،‬‬
‫احب ِ‬‫س‪ :1‬اشرح قوله‪ ((:‬فنَ زلْنا من ِزالً يف ي وم ح ار‪ ،‬وأكثرن ا ِظ اّلً ص ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫َ َ‬
‫بِ ِ‬
‫يده ))‪.‬‬
‫باألجر ؟‬ ‫ِ‬
‫س‪ :2‬مل َذ َهب املفطرون ْ‬
‫الع َمل واجلِ اد والنَّشاط‪ِّ ،‬بني كيف استَ ْف َدت ذلك ِمن هذا احلديث‪.‬‬ ‫ِ‬
‫س‪ :3‬اإلسّلم دين َ‬
‫السماحة‪ ،‬كيف عرفْت هذا ِمن ِ‬
‫احلديث ؟‬ ‫ِ‬
‫ََ َ‬ ‫س‪ :4‬اإلسّلم دين اليُ ْسر و َّ َ‬

‫الع ْجز (‪ ،)2052/4‬برقم (‪.)2664‬‬ ‫) أخرجه مسلم‪ ،‬كتاب القدر‪ ،‬باب‪ِ :‬من األمر َّ‬
‫بالقوة وترك َ‬
‫‪224‬‬

‫‪113‬‬
‫الحديث الثالث َعشر‬
‫أزوره ل يّلً‪ ،‬فحدَّثت ه‪ ،‬مث‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يب ‪ُ ‬م ْعتَكف اً‪ ،‬فأتيت ه ُ‬‫ع ن ص فيَّة بن ت ُحيَ ي رض ي اهلل عنه ا قال ت‪ :‬ك ان النَّ ا‬
‫فلم ا رأي ا‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫فمار َر ُجّلن من األنص ار‪ ،‬ا‬ ‫أسامة بن زيد‪َ ،‬‬
‫قُ ْمت ألَنْ َقلب‪ ،‬فقام معي ليَ ْقلبَن‪ ،‬وكان َم ْس َكنُها يف دار َ‬
‫ص ِفياة بن ت حي ي )) فقال ت‪ :‬س بحان اهلل ي ا‬ ‫ِ‬
‫يب ‪ ((:‬عل ى ِر ْس لكما‪ ،‬إَن ا َ‬ ‫ول اهلل ‪ ‬أس َرعا‪ ،‬فق ال النَّ ا‬
‫رس َ‬
‫جمرى ال ادم‪ ،‬وإِن َخ ِشيت أن يَ ْق ِذ َ‬
‫ف يف قُلوبِ ُكم ا َش اراً ))‪،‬‬ ‫ِ ِ‬
‫إن الشَّيطا َن يري من اإلنسان َ‬ ‫رسول اهلل‪ ،‬قال‪َّ ((:‬‬
‫أو قال‪ ((:‬شيئاً ))‪ .‬رواه البخاري ومسلم (‪.)225‬‬
‫التعريف بالراوي‪:‬‬
‫ّلمه س ّلام ب ن أيب‬ ‫تزوجه ا قب ل إس ِ‬
‫ه ي اأم امل منني ص فياة بن ت حي ي ب ن أخط ب‪ ،‬م ن ب ن النَّض ري‪َّ ،‬‬
‫وس بِيَت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احلقي ق‪ ،‬مث خلَف ه عليه ا كنانَة ب ن أيب احلقي ق وكان ا م ن ش عراء اليه ود‪ ،‬وقت ل كنان ة ي وم خي ب عنه ا‪ُ ،‬‬
‫ووق ا ٍر‪،‬‬ ‫ٍ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص داقَها‪ ،‬وكان ت رض ي اهلل عنه ا ذات َح َس ب ودي ٍن وح ْل م َ‬‫وجعل عْت َقها َ‬
‫َّيب ‪َ ‬‬ ‫صفيَّة‪ ،‬مث تَ َزَّو َجها الن ُّ‬‫َ‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)226‬‬ ‫ِ‬
‫تُ َوفِّيَت يف َرَمضان سنة مخسني لل ِه ْجَرة‪ ،‬رضي اهلل عنها وأرضاها‬
‫المباحث اللغوية‪:‬‬
‫َ‬
‫معناها‬ ‫الكلمة‬
‫طاع ِة‬‫ِِِ‬ ‫االعتِكاف لغ ة‪ :‬لُزوم َّ ِ‬ ‫ُم ْعتَ ِكفاً‪:‬‬
‫وم املس جد ل َ‬ ‫وح ْب ُ ال نَّ ْف ِ علي ه‪َ ،‬‬
‫وش ْرعاً‪ :‬لُ ُز ُ‬ ‫الش ْيء َ‬ ‫ُ‬
‫عز َو َجل‪.‬‬ ‫اهللِ َّ‬
‫ألرجع إىل بَْييت‪.‬‬‫أي‪ِ :‬‬ ‫ألَنْ َقلِب‪:‬‬
‫أي‪ :‬يَ ُرَّدِن إىل بَْي ِيت‪.‬‬ ‫لِيَ ْقلِبَن‪:‬‬
‫ِ‬
‫بكس ر ال راء‪ ،‬وي وز فتحه ا‪ ،‬أي‪ :‬عل ى َهْيئَتكم ا يف املش ي‪ ،‬فل ي هن ا َش يءٌ‬ ‫ِر ْسلِكما‪:‬‬
‫تَكَْرهانِه‪.‬‬
‫يَ ْق ِذف يف قُلوبِكما َشاراً‪ :‬ويف رواي ة عن د البخ اري ((س وءاً))‪ ،‬وامل راد أنَّ ه َخ ِش َي علي ِهم ا أن يُ َو ْس ِوس هلم ا‬
‫رسول اهلل ‪ ‬مبا ال ينبغِي‪.‬‬
‫الشَّيطان عن ِ‬

‫‪ )225‬أخرج ه البخ اري‪ ،‬كت اب ب دء اخلل ق‪ ،‬ب اب‪ِ :‬ص َفة إبل ي وجن وده (‪ ،)336/6‬ب رقم (‪ ،)3281‬وأخرج ه مس لم‪ ،‬كت اب‬
‫ب مل رؤي خالياً‪ ،)1712/4( ...‬واللَّف له‪.‬‬ ‫السّلم‪ ،‬باب‪ :‬بَيان أنَّه يُ ْستَ َح ا‬
‫َّ‬
‫) يُنظر‪ :‬سري أعّلم النابّلء (‪ ،)231/2‬وِتذيب التَّهذيب (‪.)429/12‬‬ ‫‪226‬‬

‫‪114‬‬
‫األحكام والتوجيهات‪:‬‬
‫حتري اً لِ ُموافَ َق ِة ليلَ ِة ال َق ْدر لِم ا‬ ‫‪ -1‬االعتِك اف ُس نَّة‪َّ ،‬‬
‫ويتأك د يف العش ر األواخ ر م ن ش هر رمض ان‪ِّ ،‬‬
‫أن اعتِكافَه ‪ ‬كان يف الع ْشر األو ِ‬
‫اخر (‪.)227‬‬ ‫ورد َّ‬
‫َ‬
‫اغل ال دُّنيا كله ا‬ ‫احبه؛ إذ إنَّه ق د فَ َّرغ نَ ْفس ه ِم ن مش ِ‬ ‫‪ -2‬االعتِك اف عم ل مش رو ٌ ي ْجر علي ه ص ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ٌَ‬
‫أن على املعتَ ِكف أن يَ ْشغَل َوقْ تَه‬ ‫أهل العلم َّ‬ ‫وع ِ‬ ‫ِ‬ ‫لِي ْشتَغِل بِ ِ ِ‬
‫بادته‪ ،‬وعليه فقد ذَ َكر ُ‬
‫طاعة اهلل تعاىل َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ويتأكد علي ه أن يَْبتَعِ د ع ن ك ال م ا يُْل ِهي ه ع ن ذل ك‬ ‫بالذ ْكر‪ ،‬وقِراءَة القرآن‪ ،‬و َّ‬
‫الصّلة‪ ،‬والدُّعاء‪َّ ،‬‬ ‫ِّ‬
‫ص غِ َريها‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب املعاص ي َ‬ ‫م ن أُم ور ال دُّنيا م ن ال َق ْول والف ْع ل‪ ،‬وم ن ب اب أوىل وأح رى أن يَتَ َجنَّ َ‬
‫وَكبِ َريها‪.‬‬
‫كام االعتِكاف‪:‬‬ ‫َح ِ‬
‫‪ -3‬من أ ْ‬
‫ِ‬
‫املسجد وعدم اخلروج منه إىل حلاجة‪ ،‬كالو ِ‬
‫ضوء وحن ِوه‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫أ‪ -‬لُزوم ِ َ َ‬
‫وتع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﱶ ﱷ ﱸ‬ ‫باش رة النِّس اء جبم ا ٍ أو م ا دونَ ه‪ ،‬يق ول ُس بحانَه‬ ‫ب‪ -‬ال ي وز ُم َ‬
‫حمادثته ا‪،‬‬
‫وج ة أو َ‬ ‫بالز َ‬
‫ﱹ ﱺ ﱻ ﱠ [البق رة‪ ،]187 :‬وه ذا ال يع ن ع دم اخلل وة َّ‬
‫زوجتَه ِص ِفيَّة رضي اهلل عنها‪ ،‬كما يف هذا احلديث‪.‬‬ ‫حادث َ‬ ‫فالرسول ‪َ ‬‬ ‫َّ‬
‫ص اح فيه‪.‬‬‫الشراء والتَّ َكسب أثناء اعتِكافه؛ ألنَّه يف املسجد‪ ،‬وهذا األمور ال تَ ِ‬ ‫ج‪ -‬ال يوز البيع و ِّ‬
‫ا‬
‫َّح ادث يف أُم ور ال دُّنيا‪ ،‬ول و كان ت‬ ‫ِ‬
‫‪ -4‬م ن أخط اء املعتكف ني‪ :‬كث َرة النَّ وم يف املس جد‪ ،‬وكث رة الت َ‬
‫الوقْت يف أنوا الطااعات وال ُقَرب‪.‬‬ ‫مباحة‪ ،‬أو عدم قَضاء َ‬ ‫َ‬
‫يب ‪ ‬م ع أهلِ ه‪ ،‬وال َغرابَة يف ذل ك‪ ،‬فق د ق ال ‪ ((:‬خ ريُُكم‬ ‫‪ -5‬يف ه ذا احل ديث ُح ْس ن ُخلُ ق النَّ ا‬
‫خريُكم ألهلِه‪ ،‬وأنا َخ ْريُكم ألهلِي ))(‪.)228‬‬
‫َّيب ‪ ‬على أ َُّمتِه‪ ،‬وإرشادهم إىل ما يَ ْدفَع عنهم اإلمثَ‪.‬‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫ة‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ش‬ ‫ن‬‫ُ‬ ‫يا‬ ‫ب‬ ‫يث‬ ‫‪ -6‬يف هذا ِ‬
‫احلد‬
‫ا‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الريب؛ لئ اّل تَ ْل َحقه الت ُّْه َمة من النااس‪ ،‬فإذا كان‬ ‫ِ‬
‫َّك و ا‬
‫ضع نَ ْف َسه يف َمواضع الش ا‬ ‫‪ -7‬على املسلم اأال يَ َ‬
‫ضعُه يُثِري الت ُّْه َمةَ فَ ْليُ ِزهلا‪ ،‬لِئَ اّل يُظَ َّن بِه ظَ ان َسيء‪ ،‬وهو بَِريءٌ منه‪.‬‬‫َو ْ‬
‫الش يطان ال ذي أخ َذ العه َد عل ى نَ ْف ِس ه أن يُ ْغ ِوي َم ن‬ ‫وم ن أش دِّهم َع داوة َّ‬ ‫‪ -8‬لإلنس ان أع داء‪ِ ،‬‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كل باب يَ ْس تَطيع‪ ،‬ف إن اس تَطا َ‬ ‫صدورهم يف ا‬ ‫الو ْس َو َسة يف ُ‬
‫آدم‪ ،‬فله قُ ْد َرة على َ‬ ‫استَطا َ من بن َ‬

‫‪ )227‬رواه البخاري يف كتاب االعتِكاف‪ ،‬برقم (‪ ،)2025‬ومسلم كتاب االعتكاف برقم (‪.)1172‬‬
‫ص ِحيح "‪،‬‬ ‫ِ‬
‫يب ‪ ،)666/5( ‬ب رقم (‪ )3895‬وق ال‪َ ":‬ح َس ن َغ ِري ب َ‬
‫ض ل أزواج النا ا‬
‫) رواه الّتم ذي‪ ،‬كت اب املناق ب‪ ،‬ب اب‪ :‬فَ ْ‬
‫‪228‬‬

‫ورواه ابن ماجه‪ ،‬كتاب النِّكاح (‪ ،)636/2‬برقم (‪.)1977‬‬


‫‪115‬‬
‫الزي ادة يف الطا ِ‬ ‫وإال أتى ِمن أَبْو ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫اع ة ومب ا ال يش ر ‪ ،‬ول ذا ح َّذ َرنا اهللُ‬
‫َ‬ ‫اب ِّ َ‬ ‫أن يَُزيِّ َن املعصيَةَ لبَِن َ‬
‫آد َم ا‬
‫يدة ِم ن كِتابِه‪ ،‬ق ال تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ‬ ‫اضع َع ِد َ‬
‫تعاىل منه يف مو ِ‬
‫َ‬
‫ﲚﲜﲝﲞﲟﲠﲡﲢ‬
‫ﲛ‬ ‫ﲒﲓﲔﲕﲖﲗﲘﲙ‬

‫ﲣ ﲥ ﲦ ﲧ ﱠ [الكهف‪.]50 :‬‬
‫ﲤ‬

‫وقال سبحانَه‪:‬ﭐﱡﭐ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱠ [يوسف‪.]5 :‬‬


‫األسئلَة‪:‬‬
‫احلديث‪.‬‬‫س‪ :1‬عِّرف بِ ِرواية ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫س‪ :2‬ما املراد باالعتِكاف ؟ وما ُح ْك ُمه ؟‬
‫ضح ذلك‪ ،‬وما األشياء اليت يَ ْستَعِني هبا املس لِم لِ َدفْع‬ ‫ِ‬
‫س‪( :3‬الشَّيطان ي ِري من ابن َ‬
‫آدم َْجمَرى الدَّم) َو ِّ‬
‫أذَى الشَّيطان ؟‬
‫ني‪.‬‬ ‫س‪ِّ :4‬بني بعض أ ِ ِ ِ‬
‫َخطاء املعتَكف َ‬
‫َ ْ‬

‫‪116‬‬
‫شر‬‫الحديث الرابع َع َ‬ ‫َ‬
‫الش ام‬
‫ألهل املدين ة ذا احلليف ة‪ ،‬وأله ل ا‬ ‫َّيب ‪َ ‬وقَّت ِ‬ ‫عن عبد اهلل بن عبااس رضي اهلل عنهما قال‪َّ :‬‬
‫إن الن َّ‬
‫هن َهلُ َّن‪ ،‬ولِ َم ن أت ى َعل ي ِه ان ِم ن غ ِريِه ان مَّن أر َاد احل َّج‬‫اجلحفة‪ ،‬وألهل ند قَ ْرن املنا ِزل‪ ،‬وألهل اليمن يَلَ ْملَم‪ ،‬ا‬
‫ومن كان دون ذلك فَ ِمن حيث أَنْ َشأ‪ ،‬ح َّ أ َْه ُل َم َّكةَ ِمن َم َّكةَ‪ .‬متَّفق عليه(‪.)229‬‬ ‫والعُ ْمرةَ‪َ ،‬‬
‫التعريف بالراوي‪:‬‬
‫يب ‪ ‬العبااس ب ن عب د‬ ‫ِ‬
‫الصحايب اجلليل‪َ ،‬ح ْب األ َُّمة وإمام التَّفسري‪ ،‬أبو العبااس‪ ،‬عبد اهلل بن ع ام النَّ ا‬ ‫هو َّ‬
‫اهلجرة بِثَّلث س نني‪ ،‬انتق ل م ع أبوي ه إىل دار اهلج رة س نة‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫املطلب القرشي اهلامشي رضي اهلل عنهما‪ ،‬ولد قبل َ‬
‫الف ْق ه يف ال دِّين‪ ،‬روى البخ اري عن ه ‪ ‬ق ال‪ :‬دخ ل رس ول اهلل ‪‬‬ ‫الرس ول ‪ ‬بِس ع ِة العِْل م و ِ‬ ‫الف تح‪ ،‬دع ا ل ه َّ‬
‫ََ‬
‫ص نَع ه ذا؟ )) فقل ت‪ :‬أن ا‪ ،‬فق ال‪ ((:‬اللَّه ام َعلِّ ْم ه تَأ ِوي َل‬ ‫ُم ْغطَّى‪ ،‬فق ال‪َ ((:‬م ن َ‬
‫(‪)230‬‬
‫املخ رج وخ رج‪ ،‬ف إذا ت ور‬
‫يل وفَقِّهه يف الدِّين ))(‪.)232‬‬ ‫هم َعلِّ ْمه التَّأ ِ‬
‫و‬ ‫َّ‬
‫ل‬ ‫ال‬ ‫قال‪((:‬‬ ‫َّه‬
‫ن‬ ‫أ‬ ‫ة‬‫َ‬‫اي‬
‫و‬ ‫ِ‬
‫ر‬ ‫ويف‬ ‫)‪،‬‬ ‫‪231‬‬
‫القرآن ))(‬
‫َ‬ ‫ا‬
‫اس‪ ،‬ف إذا‬ ‫ص ح النا ِ‬ ‫ت اب َن عبا اس‪ :‬قل ت‪ :‬أجَ ل النا اس‪ ،‬ف إذا نَطَ َق قل ت‪ :‬أَفْ َ‬ ‫ق ال َم ْس روق‪ :‬كن ت إذا رأي ُ‬
‫حتدَّث قلت‪ :‬أ َْعلَم النااس‪.‬‬
‫َّفس ري‪ ،‬وأَقْ َدرهم عل ى االس تِْنباط‪ ،‬ت ويف ‪ ‬س نَةَ مث ان‬ ‫الصحابة رواي ةً للح ِديث‪ ،‬وأ َْعلَمه م بِالت ِ‬ ‫ِمن أكثَر َّ‬
‫َ‬
‫وستِّني لِل ِه ْجَرة النَّب ِويَّة‪ ،‬وعاش إحدى وسبعِني سنة (‪.)233‬‬
‫المباحث اللغوية‪:‬‬
‫َ‬
‫معناها‬ ‫الكلمة‬
‫بتشديد القاف‪ ،‬أي‪َ :‬حدَّد‪.‬‬ ‫َوقَّت‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ول ‪ ‬وقَّ َ‬
‫ت ه ذه‬ ‫الرس َ‬ ‫الوقْ ت‪ ،‬وامل راد هن ا‪َّ :‬‬
‫أن َّ‬ ‫والتَّوقي ت يف األص ل‪ :‬ذ ْك ر َ‬
‫جماوزِتا ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫بدون إحرام‪.‬‬ ‫األماكن ل ُم ِريد ا‬
‫احلج والعُ ْمَرة‪ ،‬فّل يوز له َ‬
‫الّلم‪ ،‬وهو مكا ٌن قُرب ِ‬
‫املدينَة يَْب عُد عنها قَ ِريب ِمن إثن عشر‬ ‫بضم احلاء‪ ،‬وفتح ا‬ ‫ذو احلليفة‪:‬‬
‫َْ‬ ‫َ‬

‫للحج والعمرة (‪ ،)384/3‬وهذا لفظه‪ ،‬وأخرجه مسلم ‪ ،‬كتاب احل اج‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫احلج‪ ،‬باب‪َ :‬مهل أهل َمكة ا‬ ‫) أخرجه البخاري‪ ،‬كتاب ا‬
‫‪229‬‬

‫العمرة (‪ ،)838/2‬رقم (‪.)1181‬‬ ‫ِ‬


‫احلج و ُ‬
‫باب‪َ :‬مواقيت ا‬
‫ضأ منه‪.‬‬
‫جارة يُتَ َو َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص ْفر أو ح َ‬‫) التَّ ْور‪ :‬إناء من ُ‬
‫‪230‬‬

‫يب ‪ ((:‬اللَّه ام َعلِّ ْم ه الكت اب)) (‪،)169/1‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫) أخرجه البخاري يف صحيحه يف مواضع منها‪ :‬يف كتاب العلم‪ ،‬باب‪ :‬قَ ْول النَّ ِّ‬
‫‪231‬‬

‫واحلاكم يف املستدرك (‪ ،)618/3‬واللَّف له‪.‬‬


‫‪ )232‬رواه الطَّباِن يف الكبري (‪ ،)238/10‬برقم (‪.)10587‬‬
‫هذيب (‪.)276/5‬‬ ‫‪ )233‬ينظر‪ :‬سري أعّلم النُّبّلء (‪ ،)331/3‬وِتذيب التَّ ِ‬
‫ُ‬
‫‪117‬‬
‫ك يّلً جنوب اً‪ ،‬ويَْب عُ د ع ن َم َّك ةَ قَ ِريب اً ِم ن أربعمائ ة ك يّلً‪ ،‬ويع َرف اآلن ب "أبيار‬
‫علي"‪.‬‬
‫الزم ِ‬ ‫بِ َ‬
‫ان‪،‬‬ ‫السْيل اجتَ َح َفها يف ِ‬
‫بعض َّ‬ ‫ألن َّ َ‬ ‫وسكون احلاء‪ُ ،‬سِّيت بذلك؛ َّ‬ ‫ض ِّم اجلي ِم ُ‬ ‫اجلُ ْح َفة‪:‬‬
‫وهي اآلن قَ ِريبة ِمن م ِدينَة رابِغ‪ ،‬وهي تَب عد عن م َّك ةَ قَ ِريب اً ِم ن مائِة ِ‬
‫وس تاة ومثاني ة‬ ‫َ‬ ‫ُْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫كيّلً‪.‬‬
‫وس كون ال اراء‪ ،‬ويُق ال ل ه‪ (:‬قَ ْرن الثَّعالِ ب )‪ ،‬ويُس َّمى اآلن‪َّ :‬‬
‫الس ْيل‬ ‫بف تح الق اف ُ‬ ‫قَ ْرن املنا ِزل‪:‬‬
‫الكبِري‪ ،‬وهو واد كبِري أ َْعّله يف َمْن ِط َقة اهلدا َغ ْريب الطاائِف‪ ،‬ويُ َس َّمى امليق ات في ه‪:‬‬
‫الس ْيل الكبِ ري‪ ،‬وال ذي ي أيت ِم ن‬ ‫حمرم‪ ،‬فالذي يأيت ِمن ْند ي ِرم ِمن َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ميقات وادي َ‬
‫ومس افَتُ ُهما ِم ن َم َّك ة ُمتقا ِربَ ة يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫أ َْعل ى ي ِرم م ن وادي َْحم َرم‪ ،‬وكّله ا ميق ات‪َ ،‬‬
‫وسْبعِني كِيّلً‪.‬‬
‫حدود مخَْ َسة َ‬
‫الّلم وسكون امليم‪ ،‬وهو و ِادي ي ِرم منه أ َْهل ال يَ َمن‪ ،‬يَْب عُ د ع ن َم َّك ةَ‬ ‫بفتح الياء و ا‬ ‫يَلَ ْملَم‪:‬‬
‫قَ ِريباً ِمن اثنني وتِ ْسعِني كِيّلً‪.‬‬
‫أي‪ :‬املواقِيت‪:‬‬ ‫هن‪:‬‬
‫ا‬
‫أي‪ :‬هذه املواقِيت ألهلِها‪ ،‬فَأَهل ِ‬
‫املدينَة النَّب ِويَّة َمثَّلً ي ِرمو َن ِمن ِذي احللَْي َفة‪.‬‬ ‫هلن‪:‬‬
‫ْ‬ ‫ا‬
‫ِ‬
‫الش ِامي‬ ‫ول َم ن أتَ ى َعل ي ِه ان ِم ن املعىن َمن أتى عل ى ه ذه املواقِي ت ِم ن غ ري أهلِه ا فَيُح ِرم منه ا‪ ،‬ف إذا أت ى ا‬
‫ِمن َ ِريق املدينة َمثَّلً ي ِرم ِمن ِذي احلُلَْي َفة‪.‬‬ ‫غ ِريِه ان‪:‬‬
‫وم ن ك ان دون ذل ك‪َ :‬من كان دون املواقِيت ِمن ِج َهة َم َّكة‪.‬‬ ‫َ‬
‫الشرائِع (‪ )234‬مثّلً ي ِرمون منها‪.‬‬ ‫احلج‪ ،‬فَأ َْهل َّ‬ ‫أي من حيث ابتدأ العُ ْمَرة و ا‬
‫ِ‬ ‫أنشأ‪:‬‬
‫األحكام والتوجيهات‪:‬‬
‫داس تِه؛ إذ جع ل ل ه ه ذا احلِ َم ى ال ذي ال ي وز لِ َم ن‬ ‫ِ‬
‫ديث عل ى عظَم ة البي ت احل رام وقَ َ‬ ‫دل احل ُ‬ ‫‪َّ -1‬‬
‫وم َعظِّماً‪ ،‬وعليه فّل ِي ال‬ ‫ِ‬
‫خمصوصة خاشعاً ُ‬
‫َ‬ ‫احلج اإال أن يَ ْد ُخل إليه على َهْيئَة‬ ‫قَ َ ِ‬
‫ص َده بالعُ ْمَرة أو ا‬
‫جاوز امليقات اإال بِإحرام‪.‬‬ ‫ِ‬
‫احلج أو العمرة أن يتَ َ‬ ‫ل َمن أر َاد ا‬
‫يت ألهلِها‪ ،‬فأ َْهل اليَ َم ِن َمثَّلً ي ِرمو َن ِمن يَلَ ْملَم‪ ،‬وكذا َمن َمار على ه ذا امليق ات ِم ن‬ ‫ِ‬
‫‪ -2‬هذه املواق ُ‬
‫َحَرموا منه‪.‬‬ ‫غ ِري أَهل اليم ِن‪ ،‬فلو مَّر أَهل ِمصر و ا ِ‬
‫الشام من هذا امليقات أ ْ‬ ‫َ ْ ْ‬ ‫ْ ََ‬

‫مرة التَّنعِيم (‪.)606/3‬‬


‫) أخرجه البخاري يف صحيحه‪ ،‬كتاب العمرة‪ ،‬باب‪ُ :‬ع َ‬
‫‪234‬‬

‫‪118‬‬
‫ص ده التِّج َارة‪ ،‬وحن و ذل ك‪ ،‬فل ي‬ ‫احلج‪ ،‬كأن يك ون قَ ْ‬ ‫َّ‬
‫العمرة أو ا‬‫َمن جاء إىل مكة وهو ال يريد َ‬ ‫‪-3‬‬
‫الص ِحيح لِقولِ ه ‪ ‬يف ه ذا احل ديث‪ ((:‬لِ َم ن أر َاد احل اج والعم َرة))‪ ،‬ف اإلحرام‬ ‫علي ه إح رام عل ى َّ‬
‫خاص مبن أراد ذلك‪.‬‬ ‫ا‬
‫َم ن ك ان َم ْس َكنُه دون املواقِي ت ِم ن ِج َه ِة َم َّك ةَ‪ ،‬فإحر ُام ه ِم ن َمكانِه ال ذي ه و في ه‪ ،‬كم ا ق ال‬ ‫‪-4‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الرسول ‪ ((:‬فَمن حيث أَنْ َشأ )) سواء كان للعُ ْمَرة أو ل َ‬
‫لح اج‪.‬‬ ‫َّ‬
‫لح اج‪ ،‬وه و َم َّك ة‪ ،‬فيُح ِرم و َن ِم ن َم َّك ة‪ ،‬والث اِن لِلعُ ْم َرة‪ ،‬وه و‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أه ل َم َّك ةَ هل م ميقات ان‪ :‬أ َ‬
‫َح ُدها ل َ‬ ‫‪-5‬‬
‫أي ِج َه ٍة ِم ن‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫احلِ ل‪ ،‬ف إذا أراد ِّ‬
‫املك اي أن ي ِرَم للعُ ْم َرة َي ُرج إىل احل ال خ ارِج ُح دود احل َرم م ن ا‬ ‫ا‬
‫اجلهات فَيُ ْح ِرم منه‪ ،‬كما فَ َعلَت عائِ َشة رض ي اهلل عنه ا عن دما أَر َادت العُ ْم َرَة بع د احلَ اج‪ ،‬وروى‬
‫ف عائِ َش ة‬ ‫يب ‪ ‬أ ََم َره أن يُ ْرِد َ‬ ‫َّ‬
‫البُخ اري ع ن عب د ال َّرةن ب ن أيب بك ر رض ي اهلل عنهم ا أن النَّ ا‬
‫وي ع ِمرها ِمن التَّنعِيم (‪ ،)235‬والتَّنعِيم‪ :‬مكا ٌن خارِج حدود احلرِم على َ ِريق ِ‬
‫املدينَة النَّب ِويَّة‪.‬‬ ‫ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُْ َ‬
‫ْم يَتَ َعلَّق بِأ َْه ِل َم َّكةَ‪ ،‬وكذلك غريهم مَّن أَنْ َشأ العُ ْمَرة وهو يف َم َّكة‪ ،‬فيُح ِرم ك ذلك ِم ن‬ ‫هذا ُحك ٌ‬
‫احلِ ال‪.‬‬
‫هذه املواقِيت‪ ،‬وأراد أن ي ِرم بِعُ ْمَرةٍ أو َح اج‪ ،‬فيُ ْح ِرم إذا ح اذى‬ ‫من كان َ ِري ُقه ال مير على أَح ِد ِ‬
‫َ‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫‪-6‬‬
‫أَقْ َرب املواقِيت إليه‪ ،‬وكذا إذا كان املسافِر بِالطاائَِرة فَيُ ْح ِرم إذا حاذى امليقات‪ ،‬وعليه أن يَ ْستَعِ اد‬
‫جاوزه بدون إحرٍام‪.‬‬ ‫قبل ُحماذاته ح ال يَتَ َ‬
‫العمرة أن يتَج َاوز امليق ات ب دون إح رام‪ ،‬ول و جت َاوَزه‬ ‫احلج أو َ‬ ‫َّبني احلديث أنَّه ال يوز لِ َمن أر َاد َّ‬ ‫‪-7‬‬
‫وه و يُِري د احلَ َّج أو العم رةَ‪ ،‬وقب ل أن يَتَ لَ بَّ ب اإلحرام فَ َعلَْي ه أن يَ ْرِج َع إىل امليق ات لِيُ ْح ِرم من ه‪،‬‬
‫إحر ُام ه وعلي ه َد ُم ُج ْبان يَ ْذ َحب ه يف احل َرم ويُ َوِّزع ه عل ى َمس اكني احل َرم وال‬ ‫ِ‬
‫ص اح ْ‬ ‫ف إن مل يَ ْرج ع َ‬
‫يأ ُكل منه شيئاً‪.‬‬
‫ه ذه األحك ام كلاه ا رةَ ة ِم ن اهللِ تع اىل بعب ِاده امل ِمنِني حي ث َج َع ل اإلح ر َام ِم ن املواقي ت‬ ‫‪-8‬‬
‫اح ٍد أو يف ِجهة و ِ‬
‫اح َدة‪.‬‬ ‫يقات و ِ‬‫متَ عدِّدة‪ ،‬ومل ي ُشق عليهم جبع ِل ذلك ِمن ِم ٍ‬
‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َ ا‬ ‫َُ َ‬
‫األسئلة‪:‬‬
‫(وقَّت) ؟ وأين َموقِع يَلَ ْملَم ؟‬
‫س‪ :1‬ما معىن‪َ :‬‬
‫هلن ولِ َمن أتى علي ِه ان ِمن غ ِريِه ان مَّن أراد َّ‬
‫احلج أو العمرة )؟‬ ‫هن ا‬‫ضح املراد بقوله‪ ( :‬ا‬
‫س‪َ :2‬و ِّ‬

‫‪ )235‬أخرجه البخاري يف صحيحه‪ ،‬كتاب العمرة‪ ،‬باب‪ :‬عمرة التَّنعيم (‪.)606/3‬‬


‫‪119‬‬
‫لح اج والعُ ْمَرة ؟‬‫س‪ِ :3‬من أين ُي ِرم ِّ ِ‬
‫املك اي ل َ‬
‫لح ِديث‪.‬‬‫ّلل ِدر ِ ِ‬
‫استك ل َ‬
‫َ‬
‫ضح ذلك ِمن ِخ ِ‬ ‫رةة اهللِ بِعِ ِ‬
‫باده‪َ ،‬و ِّ‬ ‫س‪ :4‬د َّل احلديث على ِ‬
‫َ‬

‫‪120‬‬
‫شر‬
‫الحديث الخامس ع َ‬
‫َ‬
‫اس رضي اهلل عنهما أنَّه ق ال‪ :‬ق ال رس ول اهلل ‪ ‬ي وم الف تح ف تح َم َّك ة‪ ((:‬ال ِه ْج َرَة‬ ‫عن ِ‬
‫عبد اهللِ بن عبا ٍ‬
‫وم خل ق‬ ‫اس تُ ْن ِف ْرت ف انْ ِفروا )) وق ال ي وم ال َف ْتح فَ ْتح َم َّك ة‪َّ ((:‬‬
‫إن ه ذا البَ لَ د َحَّرَم ه اهللُ ي َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ولك ن جه اد ونيَّ ة‪ ،‬وإذا ْ‬
‫ألح ٍد قَ ْبلِ ي‪ ،‬ومل ِي ال ل اإال‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫السماوات واألرض‪ ،‬فهو حرام حبُْرَمة اهلل إىل يوم القيامة‪ ،‬وأنَّه مل ي ال القت ال في ه َ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ساعة ِمن اار‪ ،‬فهو حرام ِ ِ‬
‫ص ْي ُده‪ ،‬وال يُل تَ َقط لَُقطَتُه اإال‬ ‫ضد َش ْوُكه‪ ،‬وال يُنَ َّف ر َ‬
‫يامة‪ ،‬ال يُ ْع َ‬
‫حبرمة اهلل إىل يوم الق َ‬‫َ ٌ َ‬ ‫َ‬
‫َمن َعَّرفَها‪ ،‬وال َيْتَل ى َخ ّله )) فق ال العبااس‪ :‬ي ا رس ول اهللِ‪ ،‬اإال ا ِإل ْذ ِخ ر‪ ،‬فإنَّه لِِقي نِ ِهم ولِبُي وِتِم‪ ،‬فق ال‪ ((:‬اإال‬
‫اإل ْذ ِخر ))‪ .‬رواه البخاري ومسلم (‪.)236‬‬
‫التعريف بالراوي‪:‬‬
‫سبق التَّع ِريف به يف احلديث الرابع عشر‪.‬‬
‫المباحث اللغوية‪:‬‬
‫َ‬
‫معناها‬ ‫الكلمة‬
‫َمن اهلَ ْجر‪ ،‬وهو يف اللُّغَة‪ :‬الت َّْرك‪.‬‬ ‫ِه ْجَرة‪:‬‬
‫ال ِم ن ب لَ ِد ال ُك ْف ِر إىل ب لَ ِد اإلس ِ‬
‫ّلم بِنِيَّ ٍة‬ ‫الش ر ‪ :‬االنتِق ُ‬ ‫ويف َّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫صاحلٍَة‪.‬‬
‫َّعب‪.‬‬ ‫اجلهاد لغةً‪ِ :‬من اجلهد‪ ،‬وهو َ‬
‫املشقَّة والت َ‬ ‫ِجهاد‪:‬‬
‫ِ‬
‫إلعّلء َكلِ َم ِة اهللِ‪.‬‬ ‫ويف الشَّر ‪ :‬قِ ُ‬
‫تال ال ُك افا ِر‬
‫صد واإلر َادة‪.‬‬ ‫هي ال َق ْ‬ ‫نِيَّة‪:‬‬
‫أجيبوا وان ْفروا‪.‬‬ ‫أي‪ :‬إذا ُلِب ِمنكم النُّصرة فَ ِ‬ ‫استُ ْن ِف ْرُت‪:‬‬
‫َْ‬
‫السنَة الثا ِامنَة لِل ِه ْجرة‪.‬‬
‫كان ذلك يف َّ‬ ‫يوم ال َفْتح فَ ْتح َم اكة‪:‬‬
‫ال يف َم َّك ةَ اإال َوقْت اً ِم ن النَّه ا ِر فَ َح ْس ب‪ ،‬مث‬ ‫مل ِي ل ل ِ‬
‫القت ُ‬ ‫ساعة ِمن اار‪:‬‬ ‫ِ‬
‫وال ي ال ل اإال َ‬
‫عادت ُح ْرَمتُها‪.‬‬
‫يُ ْقطَع‪.‬‬ ‫ضد‪:‬‬
‫يُ ْع َ‬
‫يُْز َجر‪.‬‬ ‫يُنَ فَّر‪:‬‬

‫الصيد‪ ،‬ب اب‪ :‬ال ِي ال القت ال مب اك ة (‪ ،)46/4‬ب رقم (‪ ،)1834‬وأخرج ه مس لم‪ ،‬كت اب احل ج‪،‬‬
‫‪ )236‬أخرجه البخاري‪ ،‬كتاب جزاء َّ‬
‫وصيدها (‪ ،)986/2‬برقم (‪ )1353‬واللَّف له‪.‬‬ ‫باب‪ :‬حت ِرمي َم َّكة َ‬
‫‪121‬‬
‫املال امللقوط‪ ،‬وهو املال‬ ‫الّلم وفتح القاف‪ :‬اسم ِ‬ ‫ضم ا‬ ‫اللُّ َقطَة‪ :‬بِ َ‬ ‫لَُقطَتُه‪:‬‬
‫ُ‬
‫ب وال ي عرف ِ‬
‫صاحبُه‪.‬‬ ‫الذي يُ ْعثَر عليه ِمن َغ ِري َلَ ٍ‬
‫ُ َْ‬
‫احلشيش إذا كان َر ْباً‪.‬‬ ‫بفتح اخلاء‪ ،‬وهو ِ‬ ‫َخّله‪:‬‬
‫الرائِ َح ة‪ ،‬يَ ْس تَ ْع ِمله أ َْه ُل َم َّك ةَ لِبُي وِتِم‬ ‫ت َمع ٌ َّ‬
‫روف مبك ةَ َيِّ ب ا‬ ‫نَْب ٌ‬ ‫اإل ْذ ِخر‪:‬‬
‫ف‪ ،‬ويَ ُس ادو َن بِه اخلَلَ َل ب ني‬ ‫الس ْق ِ‬
‫ب يف َّ‬ ‫قَ ِدمياً‪ ،‬يعلونَه بَ ْني اخلَ َش ِ‬
‫اللَّبِ ِ‬
‫نات يف ال ُقبوِر‪.‬‬
‫األحكام والتوجيهات‪:‬‬
‫املكرَمة إىل املدين ة النَّبويَّة كانَت و ِاجبَ ة يف َّأول اإلس ّلم‪ ،‬أي‪ :‬قب ل فَ ْتح َم َّك ة‪،‬‬ ‫مكةَ َّ‬‫‪ -1‬اهلجرة ِمن َّ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫هبجرِتم‪ ،‬ولَ اما فُت َحت َم َّك ة ان َقطَ َع ت ه ذه اهلج َرة‪ ،‬وبَق ي‬ ‫ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ضل َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ومزيَّة على غريهم َ‬ ‫لمهاج ِرين فَ ْ‬‫ول ُ‬
‫املعىن العام هلا‪ ،‬وهو االنتِقال ِمن ِديا ِر ال ُك ْفر إىل ِديا ِر اإلسّلم‪.‬‬
‫الفئَ ة امل ِمنَ ةَ ال َقلِيلَ ة‪،‬‬
‫َّوحي د‪ ،‬ف آذوا ِ‬‫أن أه ل م َّك ةَ مل يس تَ ِجيبوا لِ َد ْعوةِ الت ِ‬
‫َ‬ ‫َْ‬ ‫وك ان َس بَب اهلج َرة إىل املدين ة َّ َ َ‬
‫وحفاظ اً عل ى‬ ‫أذ َن اهلل تع اىل لنَبِيِّ ه ‪ ‬وأص حابِه بِ اهلجرة إىل املدين ة فِ راراً بِ ِدينِ ِهم‪ ،‬وإقام ِة لِ َش عائِِره‪ِ ،‬‬
‫ف ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫إمياام‪.‬‬
‫اعة‪ ،‬فعلَ ى َم ن ال يس تطيع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ -2‬ذَ َك ر العلم اء رِةه م اهلل َّ ِ‬
‫الس َ‬ ‫أن اهل ْج َرة مبعناه ا الع ام باقيَ ة إىل قي ام ا‬ ‫ُ ُ َ َُ ُ‬
‫اجر إىل بل د ِم ن بل دان اإلس ّلم؛‬ ‫الزي غ واهل ّلك أن يه ِ‬ ‫إظه ار َش عائِر ِدينِ ه‪ ،‬وَيش ى عل ى ِ‬
‫ُ‬ ‫نفس ه َّ َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫ليقيم شعائِر دينه ويسلَم ِمن ِ‬
‫االحنراف‪.‬‬ ‫َْ‬
‫ض ٌل‬
‫يامة‪ ،‬له فَ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫‪ -3‬جهاد الك افار إلعّلء َكل َمة اهلل َشع َرية من شعائر هذا الدِّين‪ ،‬وهو باق إىل يوم الق َ‬
‫يقول اهللُ تعاىل‪ :‬ﭐﱡﭐ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ‬ ‫جاه ِدين‪ُ ،‬‬ ‫ع ِظيم وثَواب جزيل أعدَّه اهلل تعاىل للم ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫َ ٌ‬
‫ﲷ‬ ‫ﲶ‬ ‫ﲯﲱﲲﲳﲴﲵ‬
‫ﲰ‬ ‫ﲪﲫﲬﲭﲮ‬

‫ﳄﳆ‬
‫ﲾﳀﳁﳂﳃ ﳅ‬
‫ﲿ‬ ‫ﲸﲹﲺﲻﲼﲽ‬

‫ﳊ ﳌ ﳍ ﳎ ﳏ ﱠ‪.‬‬
‫ﳇﳈﳉ ﳋ‬

‫ﲋﲍﲎﲏﲐﲑﲒﲓ‬
‫ﲌ‬ ‫بحانَه‪:‬ﭐﱡﭐ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ‬ ‫وق ال س‬
‫ﲔﲕﲖﲗﲘﲙﲚﲛﲜ ﲝﲞﲟﲠﲡﲢﲣﲤ‬

‫ﲥ ﱠ [آل عمران‪.]170- 169 :‬‬

‫‪122‬‬
‫ب باجلِه ِاد ول و أن ي دِّث نَ ْف َس ه ب ذلك‪ ،‬روى مس لم وغ ريه ع ن أيب هري رة ‪َّ ‬‬
‫أن‬ ‫ِ‬
‫وك ُّل ُم م ٍن ُمطالَ ٌ‬
‫ِّفاق ))(‪.)237‬‬ ‫رسول اهلل ‪ ‬قال‪ ((:‬من مات ومل ي ْغز‪ ،‬ومل يدِّث نَ ْفسه بِالغَزو‪ ،‬مات على ُشعب ٍة ِمن الن ِ‬ ‫َ‬
‫َْ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫بإرغامه ا‬ ‫‪ -4‬هناك أنوا ِمن اجلِهاد عدا ِجه اد ال ُك اف ار‪ ،‬يُطالَب هب ا املس لِم‪ ،‬ومنه ا‪ِ :‬جه اد ال نَّ ْف‬
‫الع ْه َد عل ى نَ ْف ِس ه‬ ‫على فِعل الطااعات‪ ،‬وبِ َكب ِحها عن نَزواِتا‪ ،‬وكذا ِجهاد َّ ِ‬
‫َخ َذ َ‬ ‫الشيطان الذي أ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الش بُهات‪،‬‬ ‫الش َهوات و ُّ‬ ‫يص عل ى تَ زيني َّ‬ ‫وح ِر ٌ‬
‫آدم َْجم َرى ال دَّم‪َ ،‬‬‫آدم فه و ي ِري م ن َ‬ ‫ب إغواء بَ ِن َ‬
‫املعاص ي بِ َع َدم فِ ْعلِه ا‪ ،‬واالبتِع اد عنه ا‪،‬‬ ‫وجه اده باالس تِعاذَة من ه‪ ،‬واالنتِب اه إىل م ا ي زيِّن ه ِم ن ِ‬
‫َُ‬
‫ِ‬
‫واحل َذر ِمن َو ْس َو َستِه‪.‬‬
‫ْفي َس َقط اإلمث ع ن الب اقِني‪ ،‬ه ذا ه و احلك م الع ام‬ ‫‪ِ -5‬جهاد ال ُك افار فَرض كِفاي ٍة إذا قام بِه من يك ِ‬
‫َ َ‬ ‫ْ ُ َ‬
‫اس تَ ْن َفَر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫للجه اد‪ ،‬وهن ا ح االت يك ون فيه ا اجله اد فَ ْرض َع ْني‪ ،‬منه ا م ا ذُك ر يف احل ديث‪ :‬إذا ْ‬
‫ِ‬
‫ُّصَرة وإجابَة الطَّلَب‪ ،‬فيكون يف َحقِّهم فَ ْرض َع ْني‪.‬‬ ‫اس أو فئَةً منهم فَ َعلَي ِهم الن ْ‬ ‫اإلمام النا َ‬
‫ُ‬
‫يمة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الع َم ل َعظيم اً والنِّ يَّ ة في ه غ ري َس ل َ‬ ‫فم ْهم ا ك ان َ‬
‫‪َ -6‬م دار قب ول األعم ال عل ى النِّ يَّ ة واملتابَ َع ة‪َ ،‬‬
‫الع َم ل قَلِ يّلً والنِّ يَّة في ه‬ ‫ِ‬
‫َج ر يف َع َمل ه‪ ،‬ومهم ا ك ان َ‬
‫ِ‬
‫فَ َمردود على صاحبِه‪ ،‬ولي ل ه َح م ن األ ْ‬
‫ِ‬
‫َج ُره َع ِظيم‪ ،‬يقول رسول اهلل ‪ ((:‬إَنا األعمال بالنِّياات‪ ،‬وإَن ا لك ِّل ام ر ٍئ‬ ‫خالِ ِ‬
‫صة هلل تعاىل فأ ْ‬ ‫َ‬
‫وم ن كان ت ِه ْجَرت ه إىل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جرتُه إىل اهلل ورس وله‪َ ،‬‬‫جرت ه إىل اهلل ورس وله فه َ‬ ‫م ا نَوى‪ ،‬فَ َم ن كان ت ه َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُدنْيا يُصيبُها أو امرأَة يَْنك ُحها فَ ِه ْجَرته إىل ما َ‬
‫هاجر إليه ))(‪.)238‬‬
‫ِ‬ ‫أن م َّك ةَ ِ‬
‫ص هب ا ع ن‬ ‫يام ة‪ ،‬وهل ا أحك ام ُت تَ ا‬ ‫دار م ن دور اإلس ّلم إىل ي وم الق َ‬ ‫ٌ‬ ‫الرس ول ‪َ َّ ‬‬ ‫‪ -7‬أخ َب َّ‬
‫ومنها (‪:)239‬‬ ‫غريها‪ِ ،‬‬
‫يام ِة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ُح ْرَمة القتال هبا إىل يوم الق َ‬ ‫أ‪-‬‬
‫تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ‬ ‫بالس يِّئات‪ ،‬وإن مل يَ ْف َع ْله ا‪ ،‬ق ال‬
‫ب‪ُ -‬معاقَبَ ة َم ن َه َّم فيه ا َّ‬
‫[احلج‪.]25 :‬‬ ‫ﱡﱢﱣﱤﱠ ا‬
‫ِ ِ‬
‫ج‪ُ -‬ح ْرَمة قَطْع َش ْوكِها َ‬
‫وش َج ِرها اإال اإل ْذخر ل َ‬
‫لحاجة إليه‪ ،‬فيجوز أَ ْخ ُذه َر ْباً‪.‬‬
‫عاونَة َمن يُِريد أن يَ ْف َعل ذلك‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫د‪ -‬حرمة تَ ِنف ِري ِ‬
‫صْيدها‪ ،‬أو َحْبسه‪ ،‬أو قَ ْتله‪ ،‬أو ُم َ‬
‫َ‬ ‫َُْ‬

‫يدث نَ ْف َسه بِالغَْزو (‪ ،)1517/3‬برقم (‪.)1910‬‬


‫‪ )237‬أخرجه مسلم كتاب اإلمارة‪ ،‬باب‪ :‬ذَ ام َمن مات ومل يَ ْغز ومل ِّ‬
‫اإلمارة‪ ،‬باب‪:‬‬
‫الو ْحي (‪ ،)9/1‬برقم (‪ ،)1‬وأخرجه مسلم‪ ،‬كتاب َ‬ ‫) أخرجه البخاري‪ ،‬كتاب بدء الوحي‪ ،‬باب‪ :‬كيف كان بدء َ‬
‫‪238‬‬

‫قوله ‪ ((:‬إَنا األعمال بالنِّ يَّة )) (‪ ،)1515/3‬برقم (‪.)1907‬‬


‫‪ )239‬لّلستزادة انظر‪ :‬زاد املعاد‪ ،‬البن القيم (‪ ،)46/1‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪123‬‬
‫وص لها إىل أَه ِل‬ ‫ود أو األعي ان اإال لِم ن ي ِري د أن ي ع ِّرف هب ا‪ ،‬أو ي ِ‬ ‫ه ‪ -‬حت ِرمي أَخ ذ لَُقطَتِه ا ِم ن النُّق ِ‬
‫ُ‬ ‫ُْ‬ ‫َ ُ‬ ‫ْ‬
‫ل األَ ْم ِر بذلك‪.‬‬ ‫َّ‬
‫صاص الذين َكل َف ُهم َو ا‬ ‫االختِ ِ‬
‫ف عن َغ ِريه‪.‬‬ ‫مبكة مائِة أَلْف ِض ْع ٍ‬ ‫املسجد احلرام َّ‬‫الصّلة يف ِ‬ ‫ضاع َفة َّ‬ ‫و‪ُ -‬م َ‬
‫حمرَمة‪.‬‬ ‫جيع ِ‬
‫املعاصي َّ‬ ‫أن َِ‬
‫كاملعصيَة يف غ ِريها‪ ،‬مع َّ‬‫ِ‬ ‫املعصيَة فيها تُ َعظَّم‪ ،‬فليست‬ ‫أن ِ‬ ‫َّ‬ ‫ر‪-‬‬
‫رسول اهلل ‪ ‬يوم فَ ْت ِح َم َّكةَ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ح‪َّ َّ -‬‬
‫اعة‪ ،‬كما أعلَن ذلك ُ‬ ‫أن َمكة بَلَ ُد أَْم ٍن وأَمان إىل أن تقوم ا‬
‫الس َ‬
‫ساعة ِمن َاار فقط يوم فَ ْت ِحها‪.‬‬ ‫تال َّ ِ‬ ‫أن ِ‬‫رسول اهلل ‪َّ ‬‬ ‫‪ِ -8‬من خصائِص ِ‬
‫مبكة أُح ال له َ‬ ‫الق َ‬ ‫َ‬
‫ِ ِ‬
‫اجر منه ا إىل املدين ة‪،‬‬ ‫الس نَة الثاامنَ ة لل ِه ْج َرة‪ ،‬بع د أن ه َ‬
‫ول اهلل ‪َ ‬م َّك ةَ فاحت اً هل ا يف َّ‬ ‫دخ ل رس ُ‬ ‫َ‬ ‫‪-9‬‬
‫وأعلَن يوم ال َفْتح َكثِرياً ِمن املبادئ اإلسّلميَّة‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫حمل الشِّرك‪.‬‬ ‫ِ‬
‫أ‪ -‬إعّلن التَّوحيد هلل سبحانه وتعاىل‪ ،‬وإحّلله ا‬
‫َس َوَد اإال‬ ‫ِ‬
‫ض عل ى أ ْ‬ ‫ض َل لع ريب عل ى َع َجم ي‪ ،‬وال ألبْ يَ َ‬ ‫َّفاض ل ب ني الن اس ب التَّقوى‪ ،‬ف ّل فَ ْ‬ ‫ب‪ -‬أن الت ُ‬
‫َّقوى‪.‬‬ ‫بالت َ‬
‫وص ْف َحه وتَس احمَه ع ن ب ن قَ ْوِم ه ال ذين آذوه و َ َردوه‪ ،‬وجع ل ه ذا املب دأَ‪،‬‬ ‫ج‪ -‬كم ا أعلَ ن ‪َ ‬ع ْف َوه َ‬
‫الع ْف َو َمْب َدئاً َع ِظيم اً يَ ِس ري علي ه العُظَم اء‪ ،‬ق ال هل م ‪ ((:‬أق ول لك م كم ا ق ال يوس ف‬ ‫أي‪َ :‬‬
‫اذهبوا فأنتم الطُّلَقاء ))(‪.)240‬‬ ‫ِ‬
‫إلخوته‪ :‬ال تَثْ ِريب عليكم اليوم‪َ ،‬‬
‫الزم ان‪:‬ﭐﱡﭐ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ‬ ‫ص ر وإن ال َّ‬ ‫احب احل ق ه و املنتَ ِ‬ ‫‪ -‬إعّلء احلق على البا ِ ل‪ ،‬وص ِ‬
‫َا‬ ‫َا‬
‫ﲍ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﱠ [اإلسراء‪.]81 :‬‬ ‫ﲎ‬
‫األسئلَة‪:‬‬
‫ضد)؟‬ ‫ِ‬
‫س‪ :1‬ما معىن ال َكلمات اآلتية‪( :‬اهل ْجَرة‪ ،‬النِّ يَّة‪ْ ،‬يع َ‬
‫س‪ :2‬ما َسبَب اهلِ ْجَرة ِمن َم َّكة إىل املدينة ؟ وهل هي باقِيَة إىل اليوم ؟ َو ِّ‬
‫ضح ذلك‪.‬‬
‫املكرمة‪.‬‬
‫مكة َّ‬ ‫بعض َخصائِص َّ‬ ‫س‪ :3‬اذ ُكر َ‬
‫يوم ال َفْت ِح‪.‬‬ ‫س‪ :4‬ما ِ‬
‫سول ‪َ ‬‬ ‫الر ُ‬ ‫املبادئ اليت أعلَنَها َّ‬
‫س‪ :5‬اذ ُكر َمخساً ِمن فوائِد احلَ ِديث‪.‬‬

‫تسمية هذه ِ‬
‫الفئَة بالطُّلَقاء يف صحيح مسلم (‪ )736/2‬رقم (‪ )1059‬يف‬ ‫ِ‬
‫السرية (‪ ،)412/2‬وثبتت َ‬
‫) أخرجه ابن هشام يف ِّ‬
‫‪240‬‬

‫إحدى رواياته‪.‬‬
‫‪124‬‬
‫شر‬
‫الحديث السادس َع َ‬
‫ص َدقَةٌ‪ ،‬ك ال يَ ْوٍم تَطْلُع في ه‬
‫اس علي ه َ‬‫ّلمى ِم ن النا ِ‬
‫رسول اهلل ‪ُ (( :‬ك ال ُس َ‬ ‫عن أيب هريرة ‪ ‬قال‪ :‬قال ُ‬
‫تاعه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الر ُج َل على دابَّته فَتَ ْحملُه عليها أو تَ ْرفَع له عليها َم َ‬
‫ني َّ‬‫ص َدقَة‪ ،‬وتُع ُ‬
‫الشم ))‪ ،‬قال‪ ((:‬تَ ْعدل بني االثنَ ْني َ‬ ‫َّ‬
‫ط األَذَى ع ن الطَِّري ق‬ ‫ص َدقَة‪ ،‬وت ي ُ‬ ‫تش يها إىل َّ ِ‬ ‫ص َدقَة))‪ ،‬ق ال‪ ((:‬وال َكلِم ة الطَّيِّب ة ص َدقَة‪ ،‬وك ل خطْ وةٍ ِ‬
‫الص ّلة َ‬ ‫ا ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ص َدقَة ))‪ .‬رواه البخاري ومسلم (‪.)241‬‬ ‫َ‬
‫التعريف بالراوي‪:‬‬
‫احلديث الثالث‪.‬‬ ‫سبق التَّعريف به يف ِ‬
‫المباحث اللغوية‪:‬‬
‫َ‬
‫معناها‬ ‫الكلمة‬
‫الص غا ِر يف اإلب ل‪ ،‬مث ع َّب هب ا ع ن العِظ ام‬ ‫ض العِظ ِام ِّ‬ ‫صل‪ :‬اس ٌم لِبَ ْع ِ‬ ‫هو يف األَ ْ‬ ‫ّلمى‪:‬‬
‫ُس َ‬
‫اآلد ِم اي وغريه‪.‬‬‫يف اجلملة بالنِّ ْسبَة إىل َ‬
‫ص َدقَة )) أي‪ :‬على ُك ال َعظْ ٍم ِمن‬ ‫ّلمى من النااس عليه َ‬
‫ِ‬
‫واملراد بقوله‪ُ ((:‬ك ال ُس َ‬
‫ص َدقَة‪.‬‬ ‫ظام بَِن َ‬ ‫ِع ِ‬
‫آد َم َ‬
‫آدم ِمن ه ذه األعض اء يف ك ال ي ٍوم ِم ن أياام ال ُّدنيا‪،‬‬ ‫الص َدقَة على ابن َ‬ ‫أن َّ‬ ‫كل يَ ْوٍم تَطْلُع فيه َّ‬
‫الشم ‪ :‬املراد َّ‬ ‫ا‬
‫جمموع ة أَيا ام اش تَ َرَكت يف‬
‫َ‬ ‫وامل راد ب اليوم إذا أُ لِ ق‪ :‬الي وم واللَّيل ة‪ ،‬وق د يُ راد ب ه‬
‫ِص َفة‪ ،‬كما يُقال‪ :‬يوم اخلْن َدق‪.‬‬
‫الع ْدل ِض اد اجلَ ْور‪ ،‬وامل راد هن ا‪ :‬تَ ْع ِدل ب ني اثْنَ ْني يف احلك م بي نَ ُهم‪ ،‬أو يف‬ ‫َ‬ ‫تَ ْع ِدل بني االثْنَ ْني‪:‬‬
‫اإلصّلح‪.‬‬
‫الش ر ‪َ :‬ح ق‬ ‫يء بِ َش ْي ٍء وعض ده ب ه‪ ،‬وه ي يف َّ‬ ‫حتقي ق ش ٍ‬
‫َ‬
‫الص َدقَة‪ِ :‬‬ ‫األص ل يف َّ‬ ‫ص َدقَة‪:‬‬
‫َ‬
‫خمصوص ٍة‪.‬‬
‫َ‬ ‫ن لِطائَِف ٍة‬ ‫و ِاجب يف ِ‬
‫مال الغَِ ِّ‬ ‫ٌ‬
‫ص َدقَِة‬
‫ب عل ى َ‬
‫وال فَ رق بينه ا وب ني الزك اة املفروض ة اإال َّ ِ‬
‫أن اس ت ْعماهلا َغلَ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫التَّطَُّو ‪.‬‬
‫ص َدقَة‪ ،‬يعن فيها‬ ‫فالع ْدل بني االثنَ ْني َمثَّلً َ‬
‫اأما املراد هبا هنا‪ :‬فالثَّواب واألَ ْجر‪َ ،‬‬
‫أَ ْجر وثَواب‪.‬‬

‫الس فر (‪ ،)85/6‬ب رقم (‪ ،)2891‬وأخرج ه مس لم‪،‬‬


‫ضل َم ن َةَل َمت ا ص احبه يف َّ‬
‫) أخرجه البخاري‪ ،‬كتاب اجلهاد‪ ،‬باب‪ :‬فَ ْ‬
‫‪241‬‬

‫الص َدقَة يَ َقع على نَ ْوٍ ِمن املعروف (‪ ،)699/2‬برقم (‪.)1009‬‬


‫اسم َّ‬ ‫كتاب الزكاة‪ ،‬باب‪ :‬بَيان َّ‬
‫أن َ‬
‫‪125‬‬
‫جاج واألَْوسا ِ وغ ِريها‪.‬‬
‫الز ِ‬ ‫تُِزيل األَ َذى الواقِع يف َ ِر ِيق النا ِ‬
‫اس ِمن ُّ‬ ‫وتيط األَ َذى‪:‬‬
‫األَحكام والتوجيهات‪:‬‬
‫ومن أَ ْعظَ ِمها نِ ْع َمة اخلَْل ِق والتَّك ِوين‬ ‫‪ -1‬نِعم اهللِ سبحانَه وتعاىل على ِع ِ‬
‫باده َكثِريةٌ ال تُع ُّد وال ُْحتصى‪ِ ،‬‬
‫َ َ‬ ‫َُ‬
‫ِ‬
‫ص َورتَك‪ ،‬قال‬ ‫فأح َسن ُ‬ ‫وص َّوَرك ْ‬ ‫وخلَ َقك يف أَ ْح َسن تَ ْق ِومي‪َ ،‬‬ ‫واإلياد‪ ،‬فقد أَْو َج َدك اهللُ من َ‬
‫الع َدم‪َ ،‬‬
‫سبحانَه‪:‬ﭐﱡﭐ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ‬ ‫تعاىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﳊ ﳋ ﳌ ﳍ ﳎ ﳏ ﱠ [النَّحل‪ ،]53 :‬وقال‬
‫ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨﱠ [االنفطار‪-6 :‬‬
‫‪.]8‬‬
‫ّلمتِها ِم ن أَ ْعظَ ِم نِ َع ِم اهللِ تع اىل عل ى َعْب ِده‪ ،‬فيَ ْحت اج‬
‫وس َ‬
‫أن تركِي ِ ِ‬
‫ب العظ ام َ‬ ‫َ‬ ‫الرس ول ‪َّ ‬‬‫َيبن ا َّ‬‫ِ‬ ‫‪-2‬‬
‫ٍ‬
‫ش كراً هل ذه النِّ ْع َم ة‪ ،‬ق ال تع اىل‪:‬ﭐ‬
‫آدم عنه؛ ليكون ذل ك ُ‬ ‫ص َّدق ُ‬
‫ابن َ‬ ‫كل َعظْ ٍم منها إىل َ‬
‫ص َدقَة يَتَ َ‬ ‫ا‬
‫ﳍ ﳏ ﳐ ﳑ ﱠ [امللك‪،]23 :‬‬ ‫ﳎ‬ ‫ﱡﭐ ﳅ ﳆ ﳇ ﳈ ﳉ ﳊ ﳋ ﳌ‬

‫بحانه‪:‬ﭐﱡﭐ ﲱ ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ‬ ‫ق ال س‬
‫ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ ﱠ [النَّحل‪.]78 :‬‬
‫ص ُّدق ع ن أعض ائِه‬ ‫آدم أن يَ ْش ُكَر اهللَ تع اىل بِالتَّ َ‬
‫أن عل ى اب ن َ‬ ‫ول ‪ ‬يف ه ذا احل ديث َّ‬ ‫الرس ُ‬ ‫‪َّ -3‬بني َّ‬
‫الش ْك ِر بِاألمثِلَة اليت ِذ ْك ِرها يف احلديث‪.‬‬‫يل ُّ‬ ‫ِ‬ ‫يوم ِمن أياام ُّ‬‫يف كل ٍ‬
‫الرسول ‪َ ‬سب َ‬ ‫الدنْيا‪ ،‬مث َّبني َّ‬ ‫ا‬
‫الش ْكر َد َر َجتان‪:‬‬
‫‪ -4‬قال أهل العلم‪ُّ :‬‬
‫احملرمات‪.‬‬‫ب‪ :‬وهو أن يأيت املسلِم بِالو ِاجبات‪ ،‬ويتَ َجنَّب َّ‬ ‫ِ‬
‫ُش ْكٌر واج ٌ‬ ‫أ‪-‬‬
‫احملرمات بِنَوافِل الطا ِ‬
‫اعات‪.‬‬ ‫أداء ال َفرائِض واجتِناب َّ‬ ‫ب‪ -‬ش ْكر مستحب‪ :‬وهو أن يعمل العبد بعد ِ‬
‫َ َ َ َْ ُ‬ ‫ُ ٌ ُ َْ َ ا‬
‫وع َم ل م ا يل ب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪ -5‬من األعمال اليت يُ ْ َجر عليها صاحبها‪ ،‬ويَ ْش ُكر َربَّه هبا اإلصّلح بني النااس‪َ ،‬‬
‫الش ْحناء والبَ ْغضاء‪.‬‬ ‫املودةَ واحملبَّةَ واألُلْ َفة‪ ،‬ويُِزيل اخلِ َ‬
‫ّلف و َّ‬ ‫َّ‬
‫اآلخ ِرين وإعانتهم على قَضاء حوائِ ِجهم‪ ،‬واملشي حبقوقِ ِهم‪ ،‬وإنظار ُم ْع ِس ِرهم‪ ،‬وغريها ماا‬ ‫ساع َدة َ‬ ‫‪ُ -6‬م َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أجراً‪ ،‬قال تعاىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ‬ ‫أفض ِل األَ ْعمال وأكثَ ِرها ْ‬
‫آلخ ِرين من َ‬ ‫نَ ْفعُها متعداً ل َ‬
‫ﱑﱓﱔﱕ ﱖ‬
‫ﱒ‬ ‫ﱇﱈﱉﱊﱋ ﱌﱍﱎﱏﱐ‬

‫ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱠ [النِّساء‪.]114 :‬‬
‫إلنسان نِ َعماً ُك ْبى‪ ،‬ومنها َجوا ِرحه اليت ِمن ِخّلهلا يقوم بِ ُش ونِه يف‬
‫ِ‬ ‫س َّخر اهلل سبحانَه وتعاىل لِ‬ ‫‪-7‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫هذه احلياة‪ ،‬والناا ِ ق عن هذه اجلوا ِرح هو اللِّسان الذي ي تَ َكلَّم ب ه‪ ،‬ف إذا اس تَ عملَه يف اع ِة اهللِ‬‫ِ‬
‫َ‬ ‫ْ َْ‬ ‫َ‬
‫ص َدقَة ))‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تعاىل كان أَ ْجراً وثَواباً‪ ،‬ولِذا قال ُ‬
‫رسول اهلل ‪ ‬يف ه ذا احل ديث‪ ((:‬وال َكل َم ة الطَّيِّبَ ة َ‬
‫‪126‬‬
‫وإرش اد‬ ‫ِ ِ‬
‫دخل فيه ا‪ :‬تَ ْعل يم الع ْل م‪ ،‬وإقْ راء ال ُق رآن‪ ،‬واألَ ْم ر ب املعروف‪ ،‬والنَّ ْه ي ع ن املن َك ر‪ْ ،‬‬ ‫وي ُ‬
‫يت العا ِ ِ ‪ ،‬وغري ذلك‪.‬‬ ‫ِ‬
‫السّلم َورُّده‪ ،‬وتَ ْشم ُ‬ ‫ال‪ ،‬و َّ‬ ‫الض ا‬
‫ا‬
‫ميش يها املص لِّي ِ‬
‫ألداء‬ ‫الص ّلةِ وعلُ و مكانَتِه ا‪ ،‬وِرفْ ع ة مْن ِزلَتِه ا كانَ ت اخلط وات ال يت ِ‬ ‫‪ -8‬لِعِظَ ِم أَْم ِر َّ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُاَ‬
‫ِِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املصلِّي إىل املسجد َ‬
‫ص َدقَة‪.‬‬ ‫كل ُخطْ َوة ميشيها َ‬ ‫صّلته أَ ْجراً وثَواباً‪ ،‬فَفي ا‬ ‫َ‬
‫رور إىل قَ ْلبِ ه‪ ،‬ويُِزي ل ك ال م ا يُ ْ ِذي ه‬ ‫ب لِنَ ْف ِس ه‪ ،‬فيُح ا ِول أن يُ ْد ِخل ُّ‬
‫الس َ‬
‫‪ -9‬املسلِم ُِيب ِ‬
‫ألخ ِيه ما ِي ُّ‬ ‫ا‬
‫ِ‬
‫ِمن األشياء احلِ ِّسيَّة واملعنَ ِويَّة‪ ،‬ومنها‪ :‬إما َة األَذَى ع ن َ ِريق ه‪ ،‬س واء ك ان َح َج راً أو ُزجاج اً أو‬
‫ب اإلمي ان‪ ،‬فق ال ‪:‬‬ ‫العم ل ِم ن ُش َع ِ‬ ‫أوس اخاً أو َمس ِامري وغريه ا‪ ،‬ق د جع ل َّ‬
‫ول ‪ ‬ه ذا َ َ‬ ‫الرس ُ‬
‫وسْبعون ُش ْعبَة‪ ،‬أَ ْعّلها قول ال إله اإال اهلل‪ ،‬و ْأدناها إما َة األَ َذى عن الطَِّريق ))‬ ‫بضع َ‬ ‫((اإلميان ٌ‬
‫(‪.)242‬‬
‫كر اهللِ تع اىل‪،‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫يث أمثِلَةٌ لِما ينبغِي أن يق َ ِ‬
‫احلد ِ‬‫هذه األعمال املذكورة يف ِ‬ ‫‪ِ -10‬‬
‫وم ب ه املس لم ليُ َ ِّدي ش َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ ِ‬ ‫وقد جاء يف رواي ات أخ رى لِ ِ‬
‫لح ديث أعم ال أخ رى‪ ،‬ومنه ا‪ :‬ذ ْك ر اهلل تع اىل‪ ،‬وةَْ ُده وتَس بِ ُ‬
‫يحه‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احلم ُل‬
‫احلاج ة املله وف‪ ،‬و ْ‬ ‫وِتليلُه‪ ،‬وتَكبِ ريُه‪ ،‬واألم ر ب املعروف‪ ،‬والنَّ ْه ي ع ن املنك ر‪ ،‬وإعانَة ذي َ‬
‫مال‪ ،‬وغ ِريها‪.‬‬‫وهداية األَ ْع ِ‬ ‫ِ‬ ‫على َّ ِ‬
‫الضعيف‪َ ،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كعت ان‬ ‫‪ -11‬ج اء يف اايَ ة ِرواي ة عن د ُمس لم رة ه اهلل ع ن أيب ذر ‪ ...((:‬وي ِزئ م ن ذل ك ر َ‬
‫باص ة‪،‬‬
‫الض حى َّ‬ ‫الصّلة عُموم اً‪ ،‬وص ّلة ُّ‬ ‫دل على ِعظَم َّ‬ ‫الضحى)) (‪ ،)243‬وهذا ي ا‬ ‫يَ ْرَكعهما ِمن ُّ‬
‫الص ّلةِ اس تِ ْعمال األَ ْعض اء كلاه ا يف‬ ‫ألن يف َّ‬ ‫قال أه ل العل م‪َّ :‬إَن ا كانَت ا ُجم ِزئَتَ ْني ع ن ذل ك كلاه؛ َّ‬
‫ّلمى هذه األعضاء (‪.)244‬‬ ‫ِ‬ ‫الطا ِ ِ‬
‫بادة‪ ،‬فتكون كافيَة يف ُش ْكر ُس َ‬ ‫اعة والع َ‬ ‫َ‬
‫األسئلَة‪:‬‬
‫ص َدقَة )؟‬ ‫ِ‬
‫ّلمى من النااس عليه َ‬ ‫س‪ :1‬ما املراد بقوله ‪ُ (:‬ك ال ُس َ‬
‫جوب ُش ْكر نِ َع ِم اهللِ تعاىل‪ ،‬كيف استَ َف ْدت هذا ِمن احلديث ؟‬
‫احلديث على و ِ‬ ‫دل ِ‬ ‫س‪َّ :2‬‬
‫ُ‬
‫الدلِيل‪.‬‬
‫عما ذُكَِر يف احلديث‪ ،‬اذ ُكر ذلك مع َّ‬ ‫ٍ‬
‫س‪ :3‬جاء يف رواية أخرى َع َمل َشيء ُي ِزئ ا‬
‫س‪ :4‬اذ ُكر بعض فَوائِد ِ‬
‫احلديث‪.‬‬ ‫َ‬

‫‪ )242‬أخرجه مسلم يف صحيحه‪ ،‬كتاب اإلميان‪ ،‬باب‪ :‬بَيان َع َدد ُش َعب اإلميان (‪ )63/1‬برقم (‪.)35‬‬
‫الضحى (‪ ،)449/1‬رقم (‪.)720‬‬
‫صّلة ُّ‬ ‫ِ‬
‫) رواه مسلم يف صحيحه‪ ،‬كتاب صّلة املسافرين‪ ،‬باب‪ :‬است ْحباب َ‬
‫‪243‬‬

‫‪ )244‬يُنظر‪ :‬جامع العلوم واحلكم‪ ،‬البن رجب (ص ‪ ،)216‬حديث رقم (‪.)26‬‬


‫‪127‬‬
‫رابعاً‪ :‬الثقافَة اإلسالمية‬

‫‪128‬‬
‫حقوق الراعي والرعية‬
‫حاجة الناس إلى االجتماع‪:‬‬ ‫َ‬
‫حكمتِ ه س بحانَه‬ ‫وجعل من َ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫عض ُهم ُمرتَبطاً ببعض يف َمعاشهم وحياِتم‪َ ،‬‬
‫ِ‬ ‫وج َعل بَ َ‬ ‫اس‪َ ،‬‬
‫َخلَق اهللُ تعاىل النا َ‬
‫ويتوىل أم َرُهم‪ ،‬ويق وم عل ى ُش وام‪ ،‬وال تص لُح ح اهلم وال تَس تَ ِقيم َحي اِتم‬ ‫حباجة إىل َمن يَسوسهم َّ‬
‫ُ‬ ‫أن البَ َشَر َ‬ ‫َّ‬
‫وول أ َْم ِرِهم‪.‬‬
‫إمامهم ا‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫اإال بتَ ْنظيم أُموِرهم اليت يَ ْرعاها ويقوم هبا ُ‬
‫الص غرى ال يت حت ت ال ِواليَ ة ال ُك ْبى‪ ،‬ف إذا مل ي ُك ن‬ ‫ازدادت الوالي ات ُّ‬ ‫َّس َعت ُرقْ َع ة ه ذا اجملتم ع َ‬ ‫َّ‬
‫وكلم ا ات َ‬
‫وش قاق‪،‬‬ ‫آل أَم ر ه ذا اجملتَم ِع إىل فُرقَ ة وتَن احر‪ ،‬واخ تِّلف ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫للمجتَ َم ِع قائ د يَتَ وىل أ َْم َره‪ ،‬وإم ام يُط ا ويُ ْس َمع‪ُ ْ َ ،‬‬
‫ض ْعف يف تلك اإلمارات وتَنَ او واخ تِّلف‪ ،‬فج اء اإلس ّلم ف نَظَّم‬ ‫وهكذا كانت اجملتمعات قبل اإلسّلم على َ‬
‫الر ِعيَّ ة‪،‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫الواقِ ع تَ ْن ِظيم اً دقِيق اً‪ِ َّ ،‬‬
‫فج َع ل لإلم ام ُحقوق اً عل ى َّ‬ ‫وحولَ ه م ن ع ادات وأع راف إىل دي ٍن يَ دينون ب ه‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ص ٍيل ل ي ل ه مثِي ل يف ِ‬
‫أنظ َم ة البَ َش ِريَّة كلاه ا‪ ،‬ومل تَ ْس َعد البَ َش ِريَّة كم ا‬ ‫ولِ َّلر ِعيَّة حقوقاً على اإلمام‪ ،‬بكل ِدقٍَّة وتَ ْف ِ‬
‫َ ٌ‬ ‫ا‬ ‫ُ‬
‫الر ِعيَّة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫سعِ َدت يف عصور اإلسّلم املختَل َفة اليت انتَظَم فيها أَمر الر ِ‬
‫اعي و َّ‬ ‫ُْ ا‬ ‫َ‬
‫المراد بالراعي‪:‬‬ ‫ُ‬
‫صاحب ال ِواليَة ال ُك ْبى‪ ،‬أو َمن تكون له ِواليَة يُ َف ِّوض ها ل ه ال وال َّ‬
‫األول‪،‬‬ ‫اعي هو اإلمام‪ ،‬سواء كان ِ‬ ‫الر ِ‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ا‬
‫احداً علي ِهم فهو وال‪.‬‬ ‫املدير وال‪ ،‬وهكذا ح املسافِرون إذا أ ََّمروا و ِ‬ ‫مهما صغُرت‪ ،‬فالوِزير وال‪ ،‬و ِ‬
‫َ‬ ‫ََ‬
‫ول ع ن‬ ‫ع ن اب ن عم ر رض ي اهلل عنهم ا ق ال‪ :‬سع ت رس ول اهلل ‪ ‬يق ول‪ ((:‬كلُّك م را ٍ ‪ ،‬وكلُّك م َمس ٌ‬
‫ت َزْوِجه ا‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫الر ُج ل را ٍ يف أَ ْهلِ ه وه و َمس ٌ‬
‫ول ع ن ر ِعيَّتِ ه‪ ،‬وامل رأةُ يف ب ي ِ‬ ‫ول ع ن َر ِعيَّتِ ه‪ ،‬و َّ‬ ‫ومس ٌ‬ ‫ِِ‬
‫َرعيَّته‪ ،‬فاإلم ام را ٍ َ‬
‫ومس ول عن َر ِعيَّتِه ))(‪.)245‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ومس ولَة عن َرعيَّتها‪ ،‬واخلادم يف مال َسيِّده را ٍ َ‬ ‫راعيَة َ‬
‫ومس والً عن َر ِعيَّتِه‪.‬‬ ‫ِ ِ‬
‫كل َمن عليه َمس وليَّة راعياً‪َ ،‬‬ ‫سول ‪َّ ‬‬ ‫الر ُ‬ ‫فج َعل َّ‬‫َ‬
‫ُحقوق الراعي‪:‬‬
‫القيام‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫اعي حق ِ‬ ‫حبقوق ِ‬ ‫الر ِعيَّة ويقوم شأاا وتَستَ ِقيم حياِتا ال ب َّد أن تقوم ِ‬ ‫لكي يَْنتَ ِظم أ َْمر َّ‬
‫الر َ ا‬ ‫ا‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عم ا يَْن َه ى عن ه م ا مل تَ ُك ن يف‬ ‫اعة‪ :‬واملراد هبا االنقياد ل ه والتَّنفي ذ ألم ِره‪ ،‬واالنته اء ا‬ ‫الس ْمع والطا َ‬‫َّ‬ ‫‪-1‬‬
‫رية يف ذل ك‪ ،‬ق ال تع اىل‪ :‬ﭐﱡﭐ ﳄ ﳅ ﳆ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َم ْعص يَة اهلل تع اىل‪ ،‬وق د ج اءَت النُّص وص الكث َ‬
‫اع ة تك ون يف جي ِع‬
‫ﳌ ﳍ ﱠ [النِّس اء‪ ،]59 :‬وه ذه الطا َ‬ ‫ﳇﳈﳉﳊﳋ‬

‫‪ )245‬أخرجه البخاري يف صحيحه‪ ،‬كتاب اجلمعة يف القرى واملدن (‪ ،)380/2‬رقم (‪ ،)893‬وأخرجه مسلم يف صحيحه‪ ،‬كتاب‬
‫العادل (‪ ،)1459/3‬برقم (‪.)1329‬‬‫ضيلة اإلمام ِ‬‫اإلمارة‪ ،‬باب‪ :‬فَ ِ‬
‫‪129‬‬
‫املنش ِط وامل ْك َره‪ ،‬ويف ح ال احملبَ ِة وال ُك ْره‪ ،‬ومهم ا ك ان‬
‫ان‪ِ ،‬م ن العُ ْس ِر واليُ ْس ر‪ ،‬و َ‬
‫أح و ِال اإلنس ِ‬
‫الوال‪.‬‬
‫أخرج البخاري وغريه عن أن بن مالك ‪ ‬قال‪ :‬ق ال رس ول اهلل ‪ ((:‬اسعُ وا وأ ِ يع وا وإن اس تُ ْع ِمل‬
‫أسه َزبِيبَة ))(‪.)246‬‬ ‫علي ُكم َعْب ٌد َحبَ ِشي َّ‬
‫كأن ر َ‬ ‫ا‬
‫اع ة يف عُ ْس ِرك‬ ‫ول اهللِ ‪ ((:‬علي ك َّ‬
‫الس ْمع والطا َ‬ ‫وأخرج مسلم وغريه‪ ،‬ع ن أيب هري رة ‪ ‬ق ال‪ :‬ق ال رس ُ‬
‫الش يخان ع ن عب د اهلل ب ن عم ر رض ي اهلل‬ ‫وم ْكَرِه ك‪ ،‬وأَثَ َرةٍ علي ك ))(‪ ،)247‬وروى َّ‬ ‫ِ‬
‫ومْن َش طك َ‬ ‫ويُ ْس ِرك‪َ ،‬‬
‫ب وَك ِره م ا مل ي ْ مر ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫يب ‪ ‬أنَّه قال‪َّ ((:‬‬
‫مبعص يَة‪،‬‬ ‫َُ‬ ‫اعة على املرء املسلم فيما أَ َح َّ َ‬ ‫الس ْمع والطا َ‬ ‫عنهما عن النَّ ا‬
‫ٍِ‬
‫فإذا أََمَر مبعصيَة فّل سَْ َع وال َ‬
‫اعة ))(‪.)248‬‬
‫يب‬
‫الش يخان ع ن النَّ ا‬ ‫اع ِة َرس ولِه ‪ ،‬روى َّ‬ ‫وهذه الطَّاعة هلا أَجر وثَواب؛ إذ هي ِم ن ِ ِ‬
‫اع ة اهلل تع اىل و َ‬ ‫َ‬ ‫ٌْ‬ ‫َ‬
‫اع ِن‪،‬‬ ‫ِ ِ‬
‫ومن يُط َع األَم َري فق د أَ َ‬ ‫صى اهللَ‪َ ،‬‬‫ومن َعصاِن فقد َع َ‬ ‫اع ِن فقد أ ا َ اهللَ‪َ ،‬‬‫‪ ‬أنَّه قال‪َ ((:‬من أَ َ‬
‫صي األَِم َري فقد َعصاِن ))(‪.)249‬‬ ‫ومن ي ع ِ‬
‫َ َْ‬
‫‪ -2‬االجتِما على الوال‪:‬‬
‫ِمن أَ َه ام احلقوق‪ :‬االجتِما على الوال‪ ،‬و َع َدم ال ُفرقَِة واالختِّلف عليه‪ ،‬فاالجتِم ا َر ْةَةٌ‪ ،‬وال ُف ْرقَة َش ر‪،‬‬
‫وكلَّما اجتَ َم َعت األَُّمة على الوال قَ ِويَت َش وَكتُها‪ ،‬وش ا األَ ْم ن فيه ا‪ ،‬وا م أَ َّن النااس‪َ ،‬‬
‫وهاهب ا أَ ْع داؤها‪،‬‬
‫ول اهلل ‪ ‬ع ن اخل ِري‪ ،‬وكن ت‬ ‫واستَقام أَْم ُرها‪ ،‬فعن ُح َذيْ َفة ب ن اليم ان ‪ ‬ق ال‪ :‬ك ان النا ُ‬
‫اس يَس ألو َن رس َ‬
‫وش ار‪ ،‬فَجاءَن ا اهلل هب ذا‬ ‫ول اهلل‪ ،‬إنا ا كنا ا يف جاهليَّ ة َ‬ ‫الش ار خمافَ ة أن يُ ْد ِرَكن‪ ،‬فقل ت‪ :‬ي ا رس َ‬
‫أس أَلُه ع ن َّ‬
‫الشِّر ِمن َخ ٍْري ؟ قال‪ ((:‬نَعم‬ ‫اخلري‪ ،‬فهل بعد هذا اخل ِري ِمن َشر ؟ قال‪ ((:‬نعم ))‪ ،‬فقلت هل بعد هذا َّ‬
‫قوم يَ ْس تَ نُّو َن بغ ِري ُس نَِّيت‪ ،‬ويَ ْه دون بغ ري َه ْديي‪ ،‬تَ ْع ِرف‬
‫وفيه َد َخ ٌن ))‪ ،‬قال‪ :‬قلت‪ :‬وما َد َخنُه ؟ قال‪ٌ ((:‬‬
‫م نهم وتُْن ِك ر ))‪ ،‬فقل ت‪ :‬ه ل بع د ذل ك اخل ري ِم ن َش ار ؟ ق ال‪ ((:‬نع م‪ُ ،‬دع اةٌ عل ى أب واب َج َه نَّم َم ن‬
‫أج اهبُم قَ ذفوه فيه ا ))‪ ،‬فقل ت‪ :‬ي ا رس ول اهلل‪ِ ،‬ص ْف ُهم لن ا ؟ ق ال‪ ((:‬نع م‪ ،‬قَ ْوٌم ِم ن ِج ْل َدتِنا‪ ،‬يَتَ َكلَّم ون‬
‫وإمام ُهم ))‪،‬‬ ‫ِِ‬ ‫بألسنَتِنا ))‪ ،‬قلت‪ :‬يا َ‬ ‫ِ‬
‫ني َ‬ ‫اعةَ املسلم َ‬ ‫رسول اهلل‪ ،‬فما ترى إذا أدركن ذلك؟ قال‪ ((:‬تَ ْلَزم َج َ‬

‫‪ )246‬أخرجه البخاري يف صحيحه‪ ،‬كتاب صّلة اجلماعة‪ ،‬باب‪ :‬إمامة العبد واملوىل (‪ ،)184/2‬برقم (‪.)693‬‬
‫‪ )247‬رواه مسلم يف صحيحه‪ ،‬كتاب اإلمارة‪ ،‬باب‪ :‬وجوب اعة األمراء يف غري معصية‪ ،)1467/3( ...‬برقم (‪.)1836‬‬
‫الس مع والطااع ة لإلم ام م ا مل تك ن معص ية (‪ ،)121/13‬ب رقم‬
‫) أخرج ه البخ اري يف ص حيحه‪ ،‬كت اب األحك ام‪ ،‬ب اب‪َّ :‬‬
‫‪248‬‬

‫(‪ ،)7144‬وأخرجه مسلم يف صحيحه‪ ،‬كتاب اإلمارة‪ ،‬باب‪ :‬وجوب اعة األمراء يف غري معصية (‪.)1839( ،)1469/3‬‬
‫الرسول ‪ ،)111/13( ‬برقم (‪،)7137‬‬ ‫) أخرجه البخاري يف صحيحه‪ ،‬كتاب األحكام‪ ،‬باب‪ :‬وجوب أ يعوا اهلل وأ يعوا َّ‬
‫‪249‬‬

‫ومسلم‪ ،‬كتاب اإلمارة‪ ،‬باب‪ :‬وجوب اعة األمراء يف غري معصية (‪ ،)1466/3‬برقم (‪.)1835‬‬
‫‪130‬‬
‫ِ‬
‫ص ِل‬
‫ض عل ى أَ ْ‬ ‫جاعةٌ وال إمام ؟ قال‪ ((:‬ف اعتَ ِزل تل ك الف َر َق كلَّه ا‪ ،‬ول و أن تَ َع ا‬ ‫فقلت‪ :‬فإن مل ي ُكن هلم َ‬
‫املوت‪ ،‬وأنت على ذلك ))(‪.)250‬‬ ‫َش َجَرةٍ ح يُ ْد ِرَكك ُ‬
‫الدعاء له‪:‬‬ ‫صَرة واجلِهاد معه و ُّ‬
‫‪ -3‬النُّ ْ‬
‫الس مع والطااع ة‪ ،‬واالجتِم ا علي ه أن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ياه دوا مع ه وال‬ ‫َ‬ ‫وه ذا م ن حق وق ال وال؛ إذ إنَّ ه م ن ُم ْقتَض ى َّ ْ‬
‫وجمموعه ا‪ ،‬وق ال‬ ‫ِ‬ ‫ص لَ َحةُ األَُّم ِة بِأفر ِاده ا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بالص ّلح والتَّوفي ق والتَّ ْس ديد‪ ،‬فف ي ذل ك َم ْ‬ ‫َي ذلوه‪ ،‬وأن يَ ْدعُو ل ه َّ‬
‫اج ِرِهم‪ ،‬إىل قِي ام‬ ‫ماضيان مع أول األم ِر ِم ن املس لمني‪ ،‬ب ِّرِهم وف ِ‬
‫َ‬
‫الطَّحا ِوي احلنفي رةه اهلل‪ ((:‬واحلج واجلِهاد ِ‬
‫ا‬
‫اعة‪ ،‬ال يُْب ِطلهما َشيءٌ وال يَْنقصهما ))(‪.)251‬‬ ‫الس َ‬
‫َّ‬
‫الر ِعيَّ ة‪،‬‬
‫ّلح َّ‬
‫ص َ‬ ‫ألن بِه َ‬‫جلع ْلتُه ا لإلم ام؛ َّ‬ ‫أن ل َد ْع َوًة ُمس تجابَةً َ‬ ‫وقال الفضيل بن عياض رةه اهلل‪ ((:‬لو َّ‬
‫باد والبِّلد ))(‪.)252‬‬ ‫ِ ِ‬
‫صلَ َحت أَمن الع ُ‬ ‫فإذا َ‬
‫يحة له‪:‬‬ ‫ِ‬
‫‪ -4‬النَّص َ‬
‫يكم ل اخل ريُ‪ ،‬ويتع َاون اجلمي ع عل ى ال ِ ِّب والتَّق وى‪ ،‬أخ َرج ُمس لِم وغ ريه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫وه ذا م ن أج ِّل احلق وق‪ ،‬إذ هب ا ُ‬
‫ِ‬
‫ول اهلل ؟‬ ‫يحة )) ثَّلثاً‪ ،‬قلن ا‪ :‬لِ َم ن ي ا رس َ‬ ‫ِ‬
‫الدين النَّص َ‬ ‫يب ‪ ‬قال‪ِّ ((:‬‬ ‫عن تيم بن أوس ال ادا ِري ‪َّ ‬‬
‫أن النَّ َّ‬
‫وعامتِهم ))(‪.)253‬‬ ‫قال‪ ((:‬هللِ‪ ،‬ولِكتابِه‪ ،‬ولَِرسولِه‪ ،‬وألئِ َّمة املسلمني َّ‬
‫ضى‬ ‫ط لك م ثَّلث اً‪ ،‬يَ ْر َ‬ ‫ضى لكم ثَّلث اً‪ ،‬ويَ ْس َخ ُ‬ ‫إن اهللَ يَ ْر َ‬ ‫وعن أيب هريرة ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪َّ ((:‬‬
‫ناص حوا َم ن َوااله اهللُ أَْم َرُكم‬‫ص موا حبب ِل اهللِ جيع اً‪ ،‬وأن تُ ِ‬ ‫لك م‪ :‬أن تعب دوه وال تُش ركوا ب ه ش يئاً‪ ،‬وأن تعتَ ِ‬
‫‪ ))...‬احلديث (‪.)254‬‬
‫اخلروج عليه‪:‬‬
‫‪َ -5‬ع َدم ِ‬
‫الس ْيف وغ ِريه‪ ،‬ول و‬ ‫ك أن ُم ْقتَض ى االجتِم ا علي ه والطااع ة ل ه‪َ :‬ع َدم اخل روج علي ه أو ُمنابَ َذت ه بِ َّ‬ ‫وال َش ا‬
‫وع َدم األَ ْم ن والطُّ ْمأنِينَ ة‪،‬‬ ‫املفاس د ِ‬ ‫كان جائِزاً‪ ،‬لِما ي تَ رتَّب على اخل روج علي ه ِم ن ِ‬
‫يم ة كالتَّ ْف ِرقَة والتَّ َش تُّت‪َ ،‬‬ ‫العظ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫وغري لك‪ ،‬وقد تَ َق َّدم ما يَ ُد ال على ذلك ِمن حديث ُحذي َفة وغ ِريه‪.‬‬

‫‪ )250‬أخرج ه البخ اري يف ص حيحه‪ ،‬كت اب الف ت‪ ،‬ب اب‪ :‬كي ف األم ر إذا مل تك ن جاع ة (‪ ،)35/13‬ب رقم (‪ ،)7084‬وأخرج ه‬
‫الفت (‪ ،)1475/3‬برقم (‪.)1847‬‬ ‫مسلم يف صحيحه‪ ،‬كتاب اإلمارة‪ ،‬باب‪ :‬وجوب مّلزمة جاعة املسلمني عند ظهور ِ‬
‫ُ‬
‫‪ )251‬يُنظر‪ :‬شرح العقيدة الطحاوية (ص ‪.)387‬‬
‫‪ )252‬يُنظر ترجته يف‪ :‬البداية والنِّهاية (‪( ،)207/10‬أحداث سنة ‪ 187‬ه )‪.‬‬
‫الدين النَّصيحة (‪ ،)74/1‬برقم (‪.)55‬‬ ‫‪ )253‬رواه مسلم يف صحيحه‪ ،‬كتاب اإلميان‪ ،‬باب‪ :‬بيان َّ‬
‫أن ِّ‬
‫‪ )254‬أخرجه مس لم يف ص حيحه‪ ،‬كت اب األقض ية‪ ،‬ب اب‪ :‬النَّه ي ع ن كث رة املس ائل ِم ن غ ري حاج ة (‪ ،)1340/3‬رق م (‪،)1715‬‬
‫وأخرجه مالك يف املو اأ (‪.)990/2‬‬
‫‪131‬‬
‫وع ن اب ن عبا اس رض ي اهلل عنهم ا ق ال‪ :‬ق ال رس ول اهلل ‪ ‬ق ال‪َ ((:‬م ن َرأَى ِم ن أَِم ِريه َش يئاً يَ ْكَرُه ه‬
‫جاهلِيَّة ))(‪.)255‬‬
‫فَ ْليصِب‪ ،‬فإن فار َق اجلماعة ِشباً فَمات فَ ِميتة ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬
‫حقوق الرعية‪:‬‬
‫‪ -1‬احلكم بينَهم بِ َش ْر اهللِ‪:‬‬
‫اع ي بي نَهم مب ا أن َزَل اهلل‪ ،‬وأن يُطَبِّ َق َش ْر اهللِ ُس بحانَه وتع اىل‪ ،‬ق ال اهلل‬
‫الر ِعيَّ ة أن ي ُك م الر ِ‬
‫ا‬
‫ِم ن حق ِ‬
‫وق َّ‬ ‫ُ‬
‫تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ‬

‫ﱠ [املائدة‪.]49 :‬‬
‫الع ْد َل واإلخ اء‪،‬‬ ‫الس ّلم‪ ،‬و َ‬ ‫ك أن احلك َم بِ َش ِر َيعة اهللِ تع اىل يُ وِرث األَ ْم َن واألَم ان‪ ،‬والطُّ َمأنِينَ ة و َّ‬ ‫وال ش ا‬
‫احلق واهلُدى والنُّور‪.‬‬‫املودة‪ ،‬ويمع النااس على ا‬ ‫واحملبَّة و َّ‬
‫صح لِ َّلر ِعيَّة‪:‬‬
‫‪ -2‬النُّ ْ‬
‫اع ي يف ك ال أُم وِره‪ ،‬ويتَ ِه د يف ذل ك ويَْب ُذل ُو ْس َعه و اقَتَ ه‪ ،‬روى‬ ‫الر ِعيَّ ة أن ي ْنص ح هل م الر ِ‬ ‫ِم ن َح ِّق َّ‬
‫ا‬ ‫َ َ‬
‫الشيخان عن َم ْع ِقل بن يَس ار ‪ ‬ق ال‪ :‬سع ت رس ول اهلل ‪ ‬يق ول‪ ((:‬م ا ِم ن َعْب ٍد يَ ْس تَ ْر ِعيه اهللُ َر ِعيَّةً مي وت‬ ‫َّ‬
‫يوم ميوت وهو غاش لَِر ِعيَّتِه اإال َحَّرم اهللُ عليه اجلنَّة ))(‪.)256‬‬ ‫َ‬
‫الرأْفَة هبِم‪:‬‬ ‫الرفْق و َّ‬
‫‪ِّ -3‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ناص ُح األَُّم ة‬
‫ص ُفوا األَفْئ َدة‪ ،‬وتَتَ َ‬ ‫احملبَ ة‪ ،‬وتَ ْ‬
‫فوس‪ ،‬وتَ ْف ُش وا َ‬ ‫ِ‬ ‫وهذا أَْمٌر ُم ِه ام‪ ،‬وبِه تَأْتَلف ال ُق ُ‬
‫لوب‪ ،‬وتَ ْق َّتب النُّ ُ‬
‫هم َم ن ول‬ ‫را ِ َور ِعيَّة؛ روى مسلم وغريه عن عائشة رضي اهلل عنها قالت‪ :‬سعت رسول اهلل ‪ ‬يقول‪ ((:‬اللَّ َّ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فارفُق به ))(‪.)257‬‬ ‫ومن ول من أَُّميت َشيئاً فَ َرف َق هبم ْ‬ ‫من أَُّم ِيت َشْيئاً فَ َش َّق علي ِهم فا ْش ُقق عليه‪َ ،‬‬
‫الع ْد ِل فِي ِهم‪:‬‬ ‫إقامةُ َ‬
‫َ‬ ‫‪-4‬‬
‫وع َّم يف أرج ِاء‬ ‫ٍ‬
‫الع ْدل يف أَُّم ة اإال وانتَ َش ر اخل ريُ‪َ ،‬‬ ‫رورة‪ ،‬فم ا فَش ا َ‬ ‫الض َ‬
‫عم ا قَ ْب لَ ه يف األهِّيَّ ة و َّ‬ ‫ِ‬
‫وه ذا ال يَق ال ا‬
‫األَْرض وتَكاثَر وازداد وَنا‪ ،‬وقال تعاىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱠ [النَّحل‪:‬‬
‫‪ ،]90‬وقال سبحانَه‪:‬ﭐﭐﱡ ﲰ ﲱ ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶ ﱠ اآلية [النِّساء‪.]58 :‬‬

‫يب ‪( ‬س ّتون بع دي أم ورا‪ )5/13( )...‬ب رقم (‪،)7054‬‬ ‫) أخرج ه البخ اري يف ص حيحه‪ ،‬كت اب الف ت‪ ،‬ب اب‪ :‬ق ول النَّ ِّ‬
‫‪255‬‬

‫ّلزمة جاعة املسلمني عند ظهور الفت (‪ ،)1477/3‬برقم (‪.)1849‬‬ ‫وأخرجه مسلم يف صحيحه‪ ،‬كتاب اإلمارة‪ ،‬باب‪ :‬وجوب ُم َ‬
‫صح (‪ ،)127/13‬برقم (‪ ،)7150‬وأخرجه‬ ‫ِ‬
‫) أخرجه البخاري يف صحيحه‪ ،‬كتاب األحكام‪ ،‬باب‪َ :‬من استَ ْرعى َرعيَّة فلم يَْن َ‬
‫‪256‬‬

‫الغاش لَِر ِعيَّتِه الناار (‪ ،)125/1‬برقم (‪.)142‬‬ ‫ِ‬


‫مسلم يف صحيحه كتاب اإلميان‪ ،‬باب‪ :‬استحقاق الوال ا‬
‫وعقوبَة اجلائِر (‪ ،)1458/3‬برقم (‪.)1828‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫) أخرجه مسلم يف صحيحه‪ ،‬كتاب اإلمارة‪ ،‬باب‪ :‬فَضيلَة اإلمام العادل ُ‬
‫‪257‬‬

‫‪132‬‬
‫آثار القيام ب ُحقوق الراعي والرعية‪:‬‬ ‫ُ‬
‫الر ِعيَّة عل ى ه ذه األُ ُس ِ املتِينَ ة والثَّوابِت املس تَ ِقَّرة‪ ،‬أراد لِألَُّم ة‬ ‫اعي و َّ‬ ‫عندما نَظَّم اإلسّلم العّلقَةَ بني الر ِ‬
‫ا‬ ‫ُ َ‬
‫ض اآلث ا ِر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عاوا ا‪ ،‬وميك ن أن نَ ْذ ُكر بع َ‬ ‫املس ل َمة أن تك ون أَُّم ةً ُمتَ َميِّ َزة ب ني األم م يف عّلقَته ا وأَْمنه ا َورخائه ا وتَ ُ‬
‫اإليابِيَّة لِ ِلقيام هبذه احلقوق‪:‬‬
‫ألام نَ َّفذوا أَو ِامَر اهللِ تعاىل‪.‬‬
‫إن اجلميع مأجورون؛ َّ‬ ‫الع ِظيم والثَّواب اجلَ ِزيل‪ ،‬إذ َّ‬ ‫‪ -1‬يف ذلك األَ ْجر َ‬
‫فاألم ة املت ِ‬ ‫تكني لُِق َّوة األَُّمة ِ‬
‫ّلةَة يَهاهب ا‬ ‫وعِّزها وِرفْ َعتِها بني األَُمم‪َ َّ ،‬‬ ‫الر ِعيَّة مع ِ ِ‬
‫الراعي ٌ‬ ‫ا‬ ‫ّلح ِم َّ‬
‫‪ -2‬يف تَ ُ‬
‫أعداؤها‪ ،‬وَيشون قُ َّوَِتا‪.‬‬‫ُ‬
‫انشغاهلم مبا ي ِ‬ ‫نمية‪ ،‬و ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ضارتَ ُهم‪ ،‬ومييِّزهم بني األَُمم‪.‬‬ ‫صلح حاهلم‪ ،‬ويُطَِّور َح َ‬ ‫ُْ‬ ‫‪ -3‬اجتاه األَُّمة للبِناء والتَّ َ‬
‫الرخاء‪ ،‬ويَعُ ام اخل ريُ والنَّ ْف ع س ائِر أَْرج ِاء ال بِّلد‪ ،‬فم ا بُلِيَ ت‬‫العّلقَة املتِينَة يَْنتَ ِشر األَ ْمن و َّ‬ ‫‪ -4‬يف هذه َ‬
‫الشحناء واالختِّلف‪.‬‬ ‫أَُّمة بِأَ ْعظَم ِمن ال ُف ْرقَة و َّ‬
‫ف ُمقابِلِ ه‪،‬‬ ‫ض ْع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ -5‬يف تع اون َّ ِ‬
‫ص فوف ِهم‪ ،‬ف ّل يَْن ُف ُذ َع ُدو اإال بِ َ‬ ‫الراع ي َع َدم نَف اذ األَ ْع داء يف ُ‬ ‫الرعيَّ ة و ا‬ ‫ُ‬
‫كما هي سنَّة اهللِ تعاىل يف َخ ْل ِقه‪.‬‬
‫األسئلة‪:‬‬
‫اعي؟ ُمستَ ِداالً على ما تقول ؟‬
‫س‪ :1‬ما املراد بالر ِ‬
‫ا‬
‫الر ِعيَّة‪.‬‬ ‫حبقوق الر ِ‬
‫اعي و َّ‬ ‫يام ِ‬ ‫ِ‬
‫س‪ :2‬اذ ُكر ثَّلثَةً ِمن آثا ِر الق ِ‬
‫ا‬
‫اخلروج عليه‪ ،‬ما املراد بذلك ؟ وما ح ْكمه ؟ ذاكِراً بعض ِ‬
‫األدلَّة عليه ؟‬ ‫اعي َع َدم ِ‬ ‫س‪ِ :3‬من حقوق الر ِ‬
‫ُ ُ‬ ‫ا‬ ‫ُ‬

‫‪133‬‬
‫طورةُ االختالط‬
‫وخ َ‬‫لمرأَة‪ُ ،‬‬
‫تَكريم اإلسالم ل َ‬
‫المرأَة في الجاهلية ال َقد َ‬
‫يمة‪:‬‬ ‫َ‬
‫ض ى يف ك ال َش ْيء‪،‬‬ ‫ِِ‬ ‫اس قَ ْب ل بِ ْعثَ ِة َّ‬
‫ود ُهم ال َف ْو َ‬
‫وض ّللَة َع ْمي اء‪ ،‬تَ ُس ُ‬
‫حمم د ‪ ‬يف جاهليَّة َج ْه ّلء‪َ ،‬‬ ‫كان النا ُ‬
‫وضى يف التَّعامل واألخّلق‪ ،‬ويف جيع ش ون احلياة كلاها‪ ،‬فلي هناك نِظ ام‬ ‫السلوك‪ ،‬وفَ َ‬ ‫ضى يف االعتِقاد و ُّ‬ ‫فَ ْو َ‬
‫الص ور الكاحلَ ة يف‬ ‫وم ن ُّ‬ ‫اخلاص ة‪ِ ،‬‬
‫س ائِد تق وم علي ه تل ك اجملتَمع ات ِس وى بع ض األع راف والتَّقالي د واملص احل َّ‬
‫يس ة‪ُ ،‬حقوقه ا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اهلي‪ :‬م وقِ ُفهم َ ِ‬ ‫ذل ك اجملتم ع اجل ِ‬
‫املش ني م ن امل رأة‪ ،‬فق د كان ت تع يش واقع اً ُم مل اً‪ ،‬وحي اة تَع َ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬
‫ساقِطَة‪ ،‬وو ِاجباِتا فوق اقَتِها‪ ،‬ال َح َّق هلا يف احلياة وال بعد املمات‪ ،‬وهذه بعض األمثِلَة على ذلك‪:‬‬
‫الدِت ا‪ ،‬ب ل قب ل أن تُولَ د يك ون األَب‬ ‫ني ِو َ‬ ‫عاس ة ِم ن ِح ِ‬
‫أ‪ -‬م ن حي ث النَّظَر إليه ا‪ ،‬فَنَظْ َرة بُ ْ ٍس وتَ َ‬
‫ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص ْد ُره‬
‫يق هب ا َ‬ ‫عل ى أَ َح ار م ن اجلَ ْم ر بانتظ ا ِر املول ود أه و ذَ َك ر يَ ْف َرح بِ ه ومي َرح‪ ،‬أو ه و أُنْث ى يَض ُ‬
‫استَ َحى أن يُو ِاجه هبا قَ ْوَمه‪.‬‬ ‫الدنْيا يف َو ْج ِهه‪ ،‬و ْ‬
‫ويَ ْس َواد َو ْج ُهه‪ ،‬فإذا بُ ِّشر هبا أظلَ َمت ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ص ِّور‬‫وم َذلَّة ويُ َ‬
‫ضهم عندما يُولَد له أُنْثى من َدفْنها وهي حيَّة‪ ،‬أو يُْبقيها على هون َ‬ ‫ب‪ -‬ما يَ ْف َعله بَ ْع ُ‬
‫وع ّل ه ذين امل وقِ َف ْني بقولِ ه تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ‬ ‫َربُّن ا ج َّل َ‬
‫ﱸﱺ‬
‫ﱹ‬ ‫ﱰﱲﱳﱴ ﱵﱶﱷ‬
‫ﱧ ﱨﱩﱪﱫﱬﱭﱮﱯ ﱱ‬
‫س بحانَه‪:‬ﭐﱡﭐ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ‬ ‫ﱻ ﱼ ﱽ ﱠ [النَّح ل‪ ،]59- 58 :‬ويق ول‬
‫ﱪ ﱫ ﱠ [التَّكوير‪.]9-8 :‬‬
‫ومن ذلك‪َّ :‬أاا مل يَ ُكن هلا َحق‬ ‫ج‪ -‬أما ِمن ِجه ِة حقوقِها املالِيَّة فَّل ي ِقل عن سابِقيه ذُاالً واحتِقاراً‪ِ ،‬‬
‫َ ا‬ ‫َ ُ‬ ‫ا‬
‫يف امل رياث ُمطْلَق اً‪ ،‬ولي ت األم َر َوقَف عن د ه ذا احل اد‪ ،‬ب ل ُجعِلَ ت ِه ي َمتاع اً وم االً يُ َورث بع د‬
‫ت َزْوِجها‪.‬‬
‫مو ِ‬
‫َْ‬
‫الزوجيَّة‪ ،‬ه ذا بَعِي د عنه ا‪ ،‬فكي ف يك ون ذل ك‬ ‫ِ‬ ‫د‪ -‬وإذا كانت َزْو َجة فَ َهل هلا أن تُ َف ِّكر يف ُحقوقه ا َّ‬
‫وه ي تُ َورث‪ ،‬فَ َِريثُه ا أَبْن اء َزْوِجه ا وأَقا ِرب ه‪ ،‬فَ َم ن ش اءَ م نهم نَ َك َحه ا‪ ،‬أو َعض لُوها فَ َمنَعوه ا‬
‫تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ‬ ‫النِّك اح‪ ،‬وج اء اإلس ّلم فَنَ َه ى ع ن ذل ك كلا ه‪ ،‬فق ال‬
‫اء‪:‬‬ ‫ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﱠ [النِّس‬ ‫ﲣﲥﲦ‬
‫ﲤ‬ ‫ﲟﲠﲡﲢ‬

‫ﱫ‬ ‫ﱪ‬ ‫ﱡﭐ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ‬ ‫‪ ،]19‬وق ال تع اىل‪:‬‬


‫ﱰ ﱱ ﱠ [النِّساء‪.]22 :‬‬ ‫ﱬﱭﱮﱯ‬

‫‪134‬‬
‫ه ‪ -‬أما ِ‬
‫االحّتام والتَّقدير وما ي ْتبع ذلك فه ذا ال تُ َف ِّك ر في ه‪ ،‬وال يص ل هل ا‪ ،‬ف امرأة ت َدس يف ال ُّّت ِ‬
‫اب‬ ‫ا‬ ‫ُ‬ ‫ََ‬ ‫ا‬
‫ِ‬
‫عاشْتها تلك املرأَة ؟! ‪.‬‬ ‫فأي َمعِ َ‬ ‫ِ‬
‫(‪)258‬‬
‫يشة َ‬ ‫ومتا إن بَقيَت‪ ،‬ولي هلا َحق يف احلياة‪ ،‬ا‬ ‫صغ َرية‪َ ،‬‬‫َ‬
‫المرأَة في اإلسالم‪:‬‬ ‫َ‬
‫ط وحياِت ا ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫املش ينَة إىل م ا في ه‬ ‫ّلم وامل رأةُ عل ى ه ذه احل ال املخ ِزيَة‪ ،‬فانتَ َش لَها م ن واقعه ا امل ْن َح ا َ‬ ‫ج اء اإلس ُ‬
‫ِ‬ ‫ِعُّزها وتَش ِري ُفها وتَك ِرميها‪ ،‬ومع ِرفة مكانَتها ِ ْفلَة ِ‬
‫صغ َرية حمبوبَة‪ ،‬وبِْنتاً ياف َعة‪ ،‬وأُ ْختاً حمتَ َرَمة‪َ ،‬وزْو َجة َوُد َ‬
‫ودة‪ ،‬وأُام اً‬ ‫َ‬ ‫َْ َ‬
‫وم ن ص َوِر‬‫ون حياِتا منذ ِوالدِت ا‪ ،‬وح بع د وفاِت ا‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫اإلسّلم لِ ِ ِ‬‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫لمرأة يف َجي ِع ُش َ‬ ‫َ‬ ‫َحنونَة ُم َكَّرَمة‪ ،‬ويَْب ُرز تَكرميُ‬
‫التَّك ِرمي‪:‬‬
‫وج َعلَ ُهم َمس ولِني عن ذلك ِرجاالً ونِساء‪ ،‬ومل يُ َفِّرق بينهم‪،‬‬ ‫أ‪ -‬خلَق اهلل اخللق‪ ،‬وَكلََّفهم بِعِ ِ‬
‫بادته‪َ ،‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ُ َ‬
‫ب اجلزاءَ على التَّكلِيف‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﭐﱡﭐ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ‬ ‫َورتَّ َ‬
‫ﱪﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ‬

‫ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ ﱠ [النِّساء‪.]124 – 123 :‬‬


‫بلق ه‪ ،‬أن َج َع ل لك ِّل ِج ْن ٍ م نهم ِس ات تَ ْغلِ ب علي ه‪،‬‬ ‫ب‪ِ -‬م ن ِح ْكم ِة اهللِ تع اىل وه و العل يم ِ‬
‫َ‬
‫الرقِي ق‪ ،‬والتَّ أَثُّر َّ‬
‫الس ِريع ِم ن ِص فات امل رأة‬ ‫اش ة‪ ،‬واإلحس اس َّ‬ ‫وص فات تَظْ َه ر علي ه‪ ،‬فالعا ِ َف ة اجليا َ‬ ‫ِ‬
‫ص فاِتا‪ ،‬فل م يُ َكلِّ ْفه ا مب ا ال تُ ِطي ق‪ ،‬وجع ل‬ ‫ناس باً لِ ِ‬
‫اجلبِلِيَّ ة‪ ،‬ول ذا جع ل اهلل س بحانَه التَّكلِي ف م ِ‬
‫َ ُ‬ ‫َ ُ‬
‫احلكمة البالِغَة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِِ ِ‬
‫للر ُج ِل القو َامة عليها مبقتَضى تَكليفه وصفاته اليت َميَّ َزه اهللُ هبا‪ ،‬فلله َ‬
‫ِ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يب ‪ ‬ق ال‪َ ((:‬م ن ع َال‬ ‫ص غرية حمبوبَة‪ ،‬روى مس لم ع ن أن ‪َّ ‬‬
‫أن النَّ َّ‬ ‫ج‪ -‬عظَم األَ ْج ر بِرعايَته ا َ‬
‫ض ام أَصابِ َعه (‪.)259‬‬ ‫ِ‬
‫يامة أنا وهو ))‪َ ،‬و َ‬ ‫جا ِريَتَ ْني ح تَ ْب لُغا‪ ،‬جاءَ يوم الق َ‬
‫اف‪ ،‬فق ال‬‫الص غَر عل ى ال ِّدين واألخ ّلق والطُّه ر والعف ِ‬ ‫رورةِ تَربِيَتِه ا من ذ ِّ‬
‫ْ َ‬ ‫ض َ‬ ‫أرش د اإلس ّلم إىل َ‬ ‫َ‬ ‫ذ‪-‬‬
‫بوهم عليه ا لِ َع ْش ر‪ ،‬وفَ ِّرق وا بي نهم يف‬ ‫رس ول اهلل ‪ ((:‬م روا أوال َد ُك م بِ َّ ِ ِ‬
‫الص ّلة ل َس ْب ٍع‪ ،‬واض ر ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫املضاج ِع ))(‪.)260‬‬

‫الصور عن العرب كانت موجودةً يف كثري منهم على تَفاو ٍ‬


‫ت بينَ ُهم فيها‪.‬‬ ‫ِ ِ‬
‫) ما ذُكر من هذه ُّ َ‬
‫‪258‬‬
‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ََ‬
‫ضل اإلحسان إىل البَنات (‪ ،)2027/4‬برقم (‪.)2631‬‬ ‫الصلَة‪ ،‬باب‪ :‬فَ ٍ‬ ‫ِ‬
‫الب و ِّ‬
‫) أخرجه مسلم يف صحيحه‪ ،‬كتاب ا‬
‫‪259‬‬

‫الصّلة‪،‬‬
‫بالصّلة (‪ )187/1‬برقم (‪ ،)495‬وأخرجه الّتمذي‪ ،‬كتاب َّ‬ ‫الصّلة‪ ،‬باب‪ :‬م يُ َمر الغُّلم َّ‬
‫‪ )260‬أخرجه أبو داود كتاب َّ‬
‫بالصّلة (‪ )259/2‬برقم (‪.)407‬‬
‫يب َّ‬ ‫باب‪ :‬ما جاء م يُ ْ َمر َِّ‬
‫الص ا‬
‫‪135‬‬
‫وح َّدد َمع املَ َم ن يُ ْقبَ ُل‪،‬‬ ‫ِ ِ‬
‫يمن تَ َق َّدم خلطْبَته ا‪َ ،‬‬
‫ِ‬
‫اإلسّلم باستش َارِتا ف َ‬
‫ُ‬ ‫ياِتا مع َزْوِجها أََمر‬
‫ه ‪ -‬وأله ِّميَّة ح ِ‬
‫َ‬
‫وخلَُق ه فَ َزِّوج وه‪ ،‬اإال تَ ْف َعل وا تَ ُك ن فِْت نَ ة يف‬ ‫ِ‬
‫ض ْون دينَ ه ُ‬‫وه و ال ِّدين واخلُلُ ق‪ ،‬ق ال ‪ ((:‬إذا أَت ا ُكم َم ن تَ ْر َ‬
‫ساد َع ِريض ))(‪.)261‬‬‫ض وفَ ٌ‬ ‫األَْر ِ‬
‫يب ‪ ‬أنَّه قال‪َ ((:‬خريُكم َخ ْريُكم ألهلِ ه‪ ،‬وأن ا َخ ْريُكم‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬
‫و‪ -‬أََمَر بِتَ ْك ِرميها وِرعايَتها من قبَ ِل َزْوجها‪ ،‬فعن النَّ ِّ‬
‫فإن املرأََة ُخلِ َقت ِمن ِض ْل ٍع أَ ْع َوج ))(‪.)263‬‬ ‫استَوصوا بِالنِّساء خرياً‪َّ ،‬‬ ‫(‪)262‬‬
‫ألَ ْهلي )) ‪ ،‬وقال ‪ْ ((:‬‬
‫ِ‬
‫وح ِديثاً‪ ،‬ويَ ْك ِفي َّ‬
‫أن‬ ‫ظام بش ِر ِ‬
‫ي قَدمياً َ‬
‫ِ ٍ‬
‫أوجب هلا من احلقوق ما ال َيطُر على ن َ َ ا‬
‫ِ‬
‫ز‪ -‬اأما كواا أُاماً فقد َ‬
‫ﱡﲇﲈﲉﲊﲋﲌﲍ‬ ‫وعّل فقال‪:‬‬ ‫اهللَ سبحانَه َج َع َل َح َّقها بعد َح ِّقه َّ‬
‫جل َ‬
‫ﲎﲐﲑﲒﲓﲔﲕﲖﲗﲘﲙﲚﲛﲜﲝﲞ‬
‫ﲏ‬

‫ﲟﲠﲡﲢ ﲣﲤﲥﲦﲧﲨﲩﲪﲫﲬ ﲭﱠ‬


‫[اإلسراء‪.]24- 23 :‬‬
‫المتَ َميزة في اإلسالم‪:‬‬ ‫لمرأة َشخصيتُها ُ‬ ‫لَ‬
‫صيَّة تيِّزها عن غ ِريها‪ ،‬وأََمَرها أن حتافِ عليها‪ ،‬وذلك بأموٍر منها‪:‬‬ ‫كرم اإلسّلم املرأة واعتَب هلا َشخ ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫جي َع ِج ْس ِمها ع ن ِّ‬
‫الرج ال األجانِ ب عنه ا‪ ،‬ل ئَ اّل تُص يبَها‬ ‫أ‪ -‬أم ر اإلس ّلم ِحبجاهب ا‪ ،‬ب أن تُغَطِّ ي َِ‬
‫خ َدش ِع َّفتَه ا و ُ ْهره ا‪ ،‬ق ال تع اىل‪ :‬ﱡﭐ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ‬ ‫ت‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ة‬ ‫ي‬
‫َّ‬ ‫الس هام اخل ِ‬
‫ف‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ِّ ُ َ‬
‫ﲞﲠ ﲡ‬
‫ﲟ‬ ‫ﲗﲙﲚﲛﲜﲝ‬
‫ﲘ‬ ‫ﲒﲓﲔ ﲕﲖ‬
‫ﲢ ﲣ ﱠ [األحزاب‪.]59 :‬‬
‫تعاىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ‬ ‫وقال‬
‫ﲍ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﱠ [النُّور‪.]31 :‬‬
‫ﲎ‬ ‫ﲋﲌ‬

‫ضون ِدينَه فَ َزِّوجوه (‪ )394/3‬برقم (‪ ،)1084‬وابن ماجه‬ ‫الّتمذي‪ ،‬كتاب النِّكاح‪ ،‬باب‪ :‬ما جاء إذا جاءكم َمن تَ ْر َ‬ ‫‪ )261‬أخرجه ِّ‬
‫الّتِم ذي باالنقط ا ‪ ،‬مث ذ َك ر ل ه ش ِ‬
‫اهداً ِم ن ح ديث أيب ح ات امل زِن َّ‬
‫الص حايب رض ي اهلل عن ه‪،‬‬ ‫ب رقم (‪ِ )1967‬م ن َح ِديث أيب هري رة وأعلَّ ه ِّ‬
‫وحسنَه األلباِن يف إرواء الغليل (‪.)266/6‬‬ ‫وحسنه برقم (‪َّ ،)1085‬‬‫َّ‬
‫يب ‪ ،)666/5( ‬برقم (‪.)3895‬‬ ‫ضل أزواج النَّ ِّ‬
‫) أخرجه الّتمذي‪ ،‬كتاب املناقب‪ ،‬باب‪ :‬فَ ْ‬
‫‪262‬‬

‫‪ )263‬أخرج ه البخ اري يف ص حيحه كت اب النِّك اح‪ ،‬ب اب‪ :‬امل داراة م ع النِّس اء (‪ ،)253/9‬ب رقم (‪ ،)5186‬وأخرج ه مس لم يف‬
‫الو ِصيَّة بالنِّساء (‪ ،)1091/2‬برقم (‪.)1468‬‬ ‫صحيحه كتاب الَّرضا ‪ ،‬باب‪َ :‬‬
‫‪136‬‬
‫الع ام‪ ،‬واب ن اخل ِال‪،‬‬ ‫ن‬ ‫اب‬ ‫‪:‬‬ ‫ك‬ ‫ا‬ ‫يب‬
‫ر‬‫ِ‬ ‫ق‬ ‫ان‬ ‫ك‬ ‫و‬ ‫ل‬‫و‬ ‫ح‬ ‫‪،‬‬ ‫الرج ِل غ ري احمل رِم بِ املرأَةِ‬
‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّلم َخ ْل َوَة َّ ُ‬
‫ب‪ -‬ح َّرم اإلس ُ‬
‫خول عل ى النِّس اء ))‪ ،‬فق ال َر ُج ٌل ِم ن‬ ‫الزوج‪ ،‬وحنوهم‪ ،‬قال رس ول اهلل ‪ ((:‬إياا ُكم وال ُّد َ‬ ‫وأخو َّ‬
‫رسول اهلل ؟ قال‪ ((:‬احلَ ْمو املوت ))(‪ ،)264‬واحلمو‪ :‬قَ ِريب َّ‬
‫الزْوج‪.‬‬ ‫احلمو يا َ‬ ‫أفرأَيْت ْ‬ ‫األنصار‪َ :‬‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ريب‬
‫ص َرها‪ ،‬وتُ ِّ‬
‫ومْي دان َع َمله ا‪ ،‬وحمَل ذ َمس وليَّتها‪ ،‬ب ه َْحت َف بَ َ‬ ‫ج‪َ -‬مك ا ُن امل رأَة بَْيتُه ا‪ ،‬وه و َوظي َفتُه ا‪َ ،‬‬
‫الص حيح‪ ((:‬كلُّك م را ٍ‬ ‫أَ ْفاهل ا‪ ،‬وتق وم بِ ُش ون َزْوِجه ا‪ ،‬وتَ ْر َع ى َمس ولِيَّتَها‪ ،‬ج اء يف احل ديث َّ‬
‫ومس ولَة‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِِ‬ ‫وكلُّكم َمس ٌ‬
‫ول عن َرعيَّته‪ ،...‬واملرأة يف بيت َزْوجه ا َ‬ ‫ومس ٌ‬ ‫ول عن َرعيَّته‪ ،‬فاإلمام را ٍ َ‬
‫ومس ول عن َر ِعيَّتِه ))(‪.)265‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫عن َرعيَّتها‪ ،‬واخلادم يف مال َسيِّده را َ‬
‫وق ال تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱠ [األح زاب‪ ،]33 :‬وال يع ن‬
‫اخلاص ة هب ا‪ ،‬كالتَّ د ِري للنِّس اء‪،‬‬ ‫تعم َل يف املي ِادين َّ‬ ‫العم ل ُمطلق اً‪ ،‬ب ل هل ا أن َ‬ ‫ه ذا أا ا ال ي وز هل ا َ‬
‫الش ِ‬
‫رعيَّة‪.‬‬ ‫بالضوابِط َّ‬
‫هلن وحنوها َّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫الرعايَة االجتماعيَّة ا‬ ‫هلن‪ ،‬و ِّ‬
‫والتَّطبيب ا‬
‫روجه ا ِم ن َمْن ِزهل ا ينبغ ي أن تت أَ َّدب ب آداب اخل روج‪ ،‬ومنه ا‪ُ :‬حمافَظَتُه ا عل ى ِحجاهب ا‪،‬‬ ‫د‪ -‬عن د خ ِ‬
‫ُ‬
‫ِ ِ‬
‫وس ِّْتها‪ ،‬وح ْش َمتها‪ ،‬ووقا ِره ا‪ ،‬و اأال ُت ُر َج اإال َ‬
‫حلاج ة‪ ،‬وُت رج غ ري ُمتَ َعطِّ َرة وال ُمتَ َزيِّنَ ة‪ ،‬روى أب و‬ ‫َ‬
‫استَ ْعطََرت فَ َمَّرت ب اجمللِ ف ِه ي ك ذا وك ذا ))‬ ‫رسول اهلل ‪ ‬قال‪َّ ((:‬‬
‫إن املرأ َة إذا ْ‬ ‫أن َ‬ ‫داود وغريه َّ‬
‫الر ِ‬
‫جال‪.‬‬ ‫الشيطا ُن َم ْد َخّلً لَِق ْلبِها أو قُلوب ِّ‬‫ألجل اأال ِي َد َّ‬ ‫كل ذلك ِ‬ ‫َ ا‬ ‫ة‪،‬‬ ‫ي‬‫(‪ ،)266‬يعن‪ :‬زانِ‬
‫ِ‬ ‫حمادثَتِها لِ ِّلر ِ‬
‫ضروِري أو َ‬
‫حاجة‬ ‫ألم ٍر َ‬
‫احملادثَة اإال ْ‬‫جال األَجانب عنها ينبغي اأال تكون هذه َ‬ ‫ذ‪ -‬عند َ‬
‫وع َدم لِيونٍَة يف ال َك ِ‬
‫سر‪ ،‬يقول تعاىل‪ :‬ﱡﭐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ‬ ‫ّلم أو تَ َك ُّ‬ ‫وبِأَ َدب َ ُ‬
‫ﱘ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱠ [األحزاب‪:‬‬
‫ﱙ‬ ‫ﱗ‬
‫‪.]32‬‬
‫وأخ رياً حنم د اهلل س بحانه وتع اىل ال ذي م َّن علين ا هب ْدي ه الق ِومي ال ذي في ه ِص يانة لِألَع راض‪ِ ،‬‬
‫وةايَ ة‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قامة يف أُموِر احلياةِ بِ َّ‬
‫عامة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وحمافَظَة على النَّ ْسل‪ ،‬واست َ‬
‫ِ‬
‫لألخّلق‪ُ ،‬‬

‫‪ )264‬أخرج ه البخ اري‪ ،‬يف ص حيحه‪ ،‬كت اب النِّك اح‪ ،‬ب اب‪ :‬ال َيل َو ان َر ُج ل ب امرأة (‪ )330/9‬ب رقم (‪ ،)5232‬وأخرج ه مس لم‪،‬‬
‫السّلم‪ ،‬باب‪َ :‬حت ِرمي اخللوة بِاألجنَبِيَّة (‪ ،)1711/7‬برقم (‪.)2172‬‬
‫كتاب ا‬
‫ض يلَة اإلم ام الع ِادل‬
‫‪ )265‬أخرج ه البخ اري يف ص حيحه‪ ،‬كت اب اجلمع ة‪ ،‬ب اب‪ :‬اجلمع ة يف الق رى وامل دن‪ ،‬وأخرج ه مس لم‪ ،‬ب اب‪ :‬فَ ِ‬
‫(‪ ،)145/3‬برقم (‪.)1829‬‬
‫‪ )266‬أخرج ه أب و داود‪ ،‬كت اب التَّ َر اج ل‪ ،‬ب اب‪ :‬م ا ج اء يف امل رأة تَتَطَيَّ ب لِلخ روج‪ ،)478/(2‬ب رقم (‪ ،)1473‬وأخرج ه ِّ‬
‫الّتِم ذي‪،‬‬
‫كتاب األدب‪ ،‬باب‪ :‬ما جاء يف كر ِاهيَّة خروج املرأة ُمتَ َعطِّرة (‪ ،)98/5‬برقم (‪.)2786‬‬
‫‪137‬‬
‫األسئلَة‪:‬‬
‫قبل اإلسّلم إىل املرأة‪.‬‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫الصور الكاحلة لنَظَْرة اجلاهليِّني َ‬ ‫بعض ُّ‬‫س‪ :1‬اذ ُكر َ‬
‫ضح ذلك‪.‬‬ ‫خصيَّة املرأة يف ِدي ِن اهللِ ُمتَ َميِّ َزة‪َ ،‬و ِّ‬
‫س‪َ :2‬ش ِ‬
‫بعض ِ‬
‫األدلَّة‪.‬‬ ‫السبب يف ذلك ؟ مع ِذ ْكر ِ‬ ‫الذ َكر واألُنثى‪ ،‬فما َّ‬ ‫اإلسّلم االختِّل َط بني َّ‬ ‫س‪َ :3‬حَّرم‬
‫ُ‬
‫صها‪ ،‬ما معىن هذه اجلملَة ؟‬ ‫س‪ِ :4‬حجاب املرأةِ املسلِمة ِمن أَ ْعظَم خصائِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫اض َحة‪ ،‬بَ ِّني أَْربَ َعةً منها‪.‬‬ ‫ضرار و ِ‬ ‫س‪ :5‬لِّلختِّلط أَ ْ‬

‫‪138‬‬
‫ُحقو ُق الزو َجين‬
‫وج ْني‪:‬ﭐ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال َّزواج ِرب ا ٌ ِ‬
‫ال َّز َ‬‫طاع ه‪ ،‬ق ال تع اىل يف َح ِّق‬ ‫ب اهللُ بَق اءَه‪ ،‬ويَ ْك َره انْق َ‬‫وج ْني‪ُ ،‬ي ا‬
‫ط َوثي ٌق ب ني ال َّز َ‬
‫ﭐﱡﭐﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞﱠ [النِّس اء‪،]21 :‬‬
‫الز ِ‬
‫وجيَّ ة‬‫إن ذل ك ‪ -‬ب إ ْذ ِن اهللِ تع اىل ‪ُ -‬م ْ ِذ ٌن باس تِمرا ِر احلي اةِ َّ‬‫تس كا هب ا ف َّ‬
‫وج ْني ُحقوق اً إن َّ‬ ‫ول ذلك َش َر لل َّز َ‬
‫عادِتما‪.‬‬
‫وس َ‬‫َ‬
‫ﲑ‬ ‫ﲐ‬ ‫ﲌ ﲎﲏ‬
‫ﲍ‬ ‫تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ‬ ‫قوق هو قَ ْولُه‬ ‫اجلامع ِ‬
‫هلذهِ احل ِ‬ ‫واألَصل ِ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ﱠ [البقرة‪.]228 :‬‬
‫الر ُج َل يَِزي د عليه ا ب َّ‬
‫أن ل ه‬ ‫اآلخ ر ُحقوق اً‪ ،‬و َّ‬
‫أن َّ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫فبَ َّني ُس بحانَه وتع اىل يف ه ذه اآليَة لك ّل ال َّزْو َج ْني عل ى َ‬
‫القو َامة وحنو ذلك‪ ،‬وحنن نَ ْذ ُكر هنا أ ََه ام هذه احلقوق‪ ،‬وهي أنوا ‪:‬‬‫حق الطااع ِة و ِ‬
‫َا َ‬
‫المشتَ َرَكة‪:‬‬
‫الحقو ُق ُ‬ ‫أَوالً‪ُ :‬‬
‫ِ‬
‫املعروف‪:‬‬ ‫املعاشرة بِ‬ ‫‪-1‬‬
‫ََ‬
‫الزوج ان‪ ،‬فَلِ َك ْي تَ ْس تَ ِمار احلي اةُ‬
‫املعاش َرة واملخالَطَة َّ‬
‫ص ل بينهم ا َ‬ ‫املعاش َرةُ‪ :‬املخالَطَة‪ ،‬وأَ ْكثَ ر َش ْخ َ‬
‫ص ْني َْحت ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫الزوجيَّ ة بَينَ ُهم ا ال بُ َّد م ن ُح ْس ن اخللُ ِق بَْي نَ ُهم ا‪ ،‬واالح ِّتام املتَب َادل‪ ،‬والتَّلَطُّ ف يف اخلط اب‪ ،‬و َ‬
‫املماز َح ة‬
‫اآلخر يف نَ ْف ِسه وأ َْهلِه َكوالِ َديْه أو ِغ ِريِها‪.‬‬ ‫ِ‬
‫َح ُدها ما يُ ْ ذي َ‬ ‫الزاالت‪ ،‬وأاَال يأيت أ َ‬ ‫َّجاوز عن َّ‬ ‫املّلعبَة‪ ،‬والت ُ‬‫و َ‬
‫احلق قَ ْولُه تعاىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﲱ ﲲ ﱠ [النِّساء‪ ،]19 :‬وقوله ‪َ ((:‬خ ْريُكم َخ ْريُكم‬ ‫ِ‬
‫ودليل هذا ا‬ ‫َ‬
‫ألهلِي ))(‪.)267‬‬ ‫ألهله‪ ،‬وأَنا َخ ْريُكم ْ‬
‫ِ‬
‫ْ‬
‫جامعةٌ قد ي ْدخل فيها كل ما يأيت ب ع َدها ِمن ح ٍ‬
‫قوق‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َْ‬ ‫ا‬ ‫املعاشَرة باملعروف َكل َمة َ َ ُ‬ ‫و َ‬
‫‪ -2‬االستِ ْمتا ُ‪:‬‬
‫َّس َخة‪ ،‬وحن و ذل ك‪ ،‬فاملش رو‬ ‫الروائِح ال َك ِريهة‪ ،‬واملّلبِ املت ِ‬
‫َّج ُّمل والتَّطَيُّب‪ ،‬وإزالَة َّ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫وما يَْتبَع ذلك من الت َ‬
‫املعاش َرة بِاملعروف‪ ،‬وق د ق ال اب ن عبا اس رض ي اهلل عنهم ا‪ ((:‬إِن‬ ‫داخ ٌل يف َ‬ ‫الزوجني مراعاة ذلك‪ ،‬وه ذا ِ‬ ‫ِِ‬
‫لكّل َّ ْ َ ْ ُ‬
‫ب أَن تَتَ َزيَّن ل ))(‪.)268‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لم ْرأَة كما أُح ا‬ ‫ب أن أَتَ َزيَّن ل َ‬‫َح ا‬
‫أل ُ‬

‫ص ِحيح "‪ ،‬وابن‬


‫يب ‪ )709/5( ‬رقم (‪ ،)3895‬وقال‪َ ":‬ح َسن َغ ِريب َ‬ ‫ضل أزواج النَّ ا‬
‫) رواه الّتمذي‪ ،‬كتاب املناقب‪ ،‬باب‪ :‬فَ ْ‬
‫‪267‬‬

‫عاشَرة النِّساء (‪ ،)636/1‬رقم (‪.)1977‬‬ ‫ماجه يف النِّكاح‪ ،‬باب‪ُ :‬ح ْسن ُم َ‬


‫سورة البَ َقَرة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫) عن تفسري ابن كثري‪ ،‬تفسري اآلية (‪ )228‬من َ‬
‫‪268‬‬

‫‪139‬‬
‫وب‪،‬‬‫ت ال يت ال حتت اج إىل إظها ِره ا‪ ،‬وس ّْت العي ِ‬ ‫وجيَّ ة‪ :‬ومش اكِل البي ِ‬ ‫الز ِ‬
‫احملافظَ ة عل ى أس را ِر َّ‬ ‫‪-3‬‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫اس عن د‬ ‫إن ِمن أَ َش ار النا ِ‬
‫يصل بينهما ِمن استِ ْمتا ٍ وحن ِوه‪ ،‬قال رسول اهلل ‪َّ ((:‬‬ ‫ص ما ُ‬ ‫وباألخ ا‬
‫َ‬
‫ضي إليه مثَّ يَْن ُشر ِسَّرها ))(‪.)269‬‬
‫ضي إىل امرأتِه وتُ ْف ِ‬ ‫الرجل ي ْف ِ‬ ‫ِ‬
‫يامة‪ُ ُ َّ :‬‬ ‫اهلل َمن ِزلَة يوم الق َ‬
‫اع ِة اهللِ تع اىل‪ ،‬وه ا أَ َح اق‬
‫الص ْب علي ه‪ ،‬والتَّع ُاون عل ى َ‬ ‫احلق و َّ‬ ‫ِ‬
‫املناص َحة بينهم ا‪ :‬والتَّواص ي بِ ا‬ ‫َ‬ ‫‪-4‬‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اس بِتَب ِ ِ‬
‫عاون ا يف‬
‫يحة بينَ ُهم ا‪ ،‬وم ن ذل ك‪ :‬أن تُعينَ ه عل ى ص لَة َرة ه‪ ،‬ويُعينه ا‪ ،‬ويَتَ َ‬ ‫ادل النَّص َ‬ ‫النا ِ ُ‬
‫عموم قولِه تعاىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ ﱠ‬ ‫داخل يف ِ‬ ‫ِ‬
‫الصاحلة‪ ،‬وهذا ٌ‬ ‫أوالد ِها َّ‬
‫الّتبِية ا‬
‫تَربِيَّة ِ‬
‫[املائدة‪.]2 :‬‬
‫ثانياً‪ُ :‬حقو ُق الزوج (واجبات الزو َجة)‪:‬‬
‫اعة‪:‬‬
‫‪ -1‬الطا َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اعة َزْوجها إذا توفَّرت شروط الطا َ‬
‫اعة الثَّّلثَة‪:‬‬ ‫وجة َ‬ ‫الز َ‬
‫ب على َّ‬ ‫فواج ٌ‬
‫صيَة اخلالِق‪.‬‬
‫ملخلوق يف مع ِ‬
‫َْ‬
‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫أ) أن تكون باملعروف‪ ،‬أي‪ :‬من غ ِري َم ْعصيَة اهلل‪ ،‬فّل َ‬
‫اعة‬
‫طاعة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ب) االست َ‬
‫ضَرٌر‪.‬‬‫ج) اأال يَتَ َرتَّب عليها َ‬
‫ﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ‬ ‫ق ال تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﲎ ﲏ ﲐ ﱠ [البق رة‪ ،]228 :‬وق ال‪:‬‬
‫ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱠ [النِّساء‪.]34 :‬‬
‫اع ِة امل رأةِ َزْو َجه ا‪ ((:‬إذا‬
‫ض ِل َ‬ ‫وجيَّ ة‪ ،‬وتَ ْس تَ ِقيم األُ ْس َرة‪ ،‬وق د ق ال ‪ ‬يف فَ ْ‬ ‫الز ِ‬
‫اع ة تَ ْس تَ ِقار احلي اةُ َّ‬
‫وبالطا َ‬
‫اب اجلنَّ ِة‬
‫اع ت ب ْعلَه ا‪َ ،‬د َخلَ ت ِم ن أَي أَبْ و ِ‬
‫ا‬ ‫ص نَت فَ ْر َجه ا‪ ،‬وأ َ َ‬ ‫ص لَّت امل رأَة مخْ َس ها‪ ،‬وص َامت َش ْهَرها‪َ ،‬‬
‫وح َّ‬ ‫َ‬
‫‪270‬‬
‫شاءَت ))( )‪.‬‬
‫وح اق‪ ،‬ويَتَ َحلَّ ى بِ اخللُق‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والواج ب عل ى ال َّزْوج أن يُراع َي اهللَ يف ه ذا احلَ اق‪ ،‬فَ ّل يَ ُأم ْره ا اإال مب ا ه و َخْي ٌر َ‬
‫يب نَ ْف ٍ وِرضى‪.‬‬ ‫اعة عن ِ ِ‬ ‫َِّ‬
‫صل له الطا َ‬‫الرفيع عندما يَأْ ُمر ويَْن َهى ح َّ َْحت ُ‬
‫‪ -2‬ال َقرار يف البَ ْيت‪:‬‬

‫ضي إىل امرأَتِه ) أي‪ :‬ي ِ‬


‫صل‬ ‫‪ )269‬رواه مسلم‪ ،‬كتاب النِّكاح‪ ،‬باب‪ :‬حترمي إفشاء ِسر املرأة (‪ )1060/2‬رقم (‪ ،)1437‬وقوله‪ (:‬ي ْف ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ا‬
‫باملباش ِرة واجلِما ‪.‬‬
‫َ‬ ‫إليها‬
‫وجني (‪ ،)471/9‬رقم (‪.)4163‬‬
‫الز َ‬
‫عاشَرة َّ‬
‫) رواه ابن حبان‪ ،‬كتاب النِّكاح‪ ،‬باب‪ُ :‬م َ‬
‫‪270‬‬

‫‪140‬‬
‫ض ل النِّس ِاء بِال َقرا ِر يف‬ ‫رورةٍ‪ ،‬وق د أََم ر اهللُ تع اىل أَفْ َ‬
‫ض َ‬
‫ِ‬
‫يوز هلا اخلروج اإال ب إ ْذ ِن َزْوجه ا‪ ،‬اإال يف حالَة َ‬ ‫فّل ُ‬
‫يب ‪ ،‬وبَِقيَّ ة املس لِمات تَبَ ع هل ان يف ذل ك‪:‬ﭐﱡﭐ ﱦ ﱧ ﱨ‬ ‫اج النَّ ِّ‬
‫ِ‬
‫البُي وت‪ ،‬فق ال تع اىل خما ب اً أزو َ‬
‫ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱠ [األحزاب‪.]33 :‬‬
‫ص لَ َحة هل ا‪ ،‬وال يّتتَّ ب علي ه َم ْف َس َدة‪ ،‬عل ى أن ُت رج ُْحمتَ ِش َمة‬ ‫ِ ِ‬
‫وال ينبَغ ي لل َّزوج أن مينَ َعه ا ما ا في ه َم ْ‬
‫ول اهلل‬‫ُمتَ َح ِّفظَة‪ ،‬غ ري ُمتَبَ ِّر َج ة وال ُمْب ِديَة َش ْيئاً ِم ن ِزينَتِه ا‪ ،‬فع ن اب ن عم ر رض ي اهلل عنهم ا ق ال‪ :‬ق ال لن ا رس ُ‬
‫ساج َد اهلل ))(‪.)271‬‬ ‫‪ ((:‬ال تنعوا إماء اهللِ م ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬
‫قفيَّ ة ام رأة عب د اهلل ب ن مس عود رض ي اهلل عنهم ا قال ت‪ :‬ق ال لن ا رس ول اهلل ‪ ((:‬إذا‬ ‫وع ن زين ب الثَّ ِ‬
‫املسج َد فَّل ت ا ِ يباً ))(‪.)272‬‬ ‫ش ِه َدت إحدا ُكن ِ‬
‫ا‬ ‫َ‬
‫أوالده ا‪ ،‬وحت افِ عل ى م ِال َزْوِجه ا‪ ،‬وال تُ َكلِّ َف ه م ا ال يُ ِطي ق‪ ،‬ق ال ‪ ((:‬امل رأة‬ ‫‪ -3‬أن تَ ْر َعى بَْيتَها و َ‬
‫ومس ولَة عن َر ِعيَّتِها ))(‪.)273‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫راعيَة يف بَْيت َزْوجها‪َ ،‬‬
‫ِِ‬ ‫‪ -4‬أن حتافِ على ِعر ِض ها ِ‬
‫يب ‪:‬‬ ‫وش َرفها‪ ،‬وال تُ َع ِّرض نَ ْف َس ها للفْت نَ ة‪ ،‬وتق َّدم يف احل ديث ق ول النَّ ا‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫صنَت فَ ْر َجها))‪.‬‬ ‫((وح َّ‬
‫َ‬
‫ب أن يَ ْد ُخ َل َمْن ِزلَه‪ ،‬ول و ك ان قَ ِريب اً هل ا‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ص ال يُِري ُده‪ ،‬وال ي ا‬ ‫ألي َش ْخ ٍ‬‫‪ -5‬ال ت أذَن يف بَْي ت َزْوجه ا ا‬
‫ِ‬
‫كرهونَه ))(‪.)274‬‬ ‫كأ وغ ِريه‪ ،‬قال ‪ (( :..‬ولَ ُكم َعلي ِه ان أن ال يُو ئَ ان فُ ُر َش ُكم أَ َحداً تَ ُ‬
‫ِ‬ ‫الص ِ‬ ‫إذن َزْوِجه ا؛ َّ‬ ‫ص يام التَّط و اإال ب ِ‬ ‫‪ -6‬ع َدم قِ ِ‬
‫يامه ا بِ ِ‬
‫اع ة واجبَ ة فَتُ َق َّدم الطا َ‬
‫اع ة‪،‬‬ ‫يام نافلَ ة والطا َ‬
‫ألن ِّ َ‬ ‫ا‬ ‫َ‬
‫اه ٌد اإال بإذنِ ه‪ ،‬وال تَ أَ َذن يف بَْيتِ ه اإال‬ ‫الرس ول ‪ ((:‬ال ِي ل لِلم رأة أن تص وم وزوجه ا ش ِ‬ ‫يق ول َّ‬
‫َ َْ ُ‬ ‫ا َْ‬
‫بإذنِه ))(‪.)275‬‬
‫وجة (واجبات الزوج)‪:‬‬
‫ثانياً‪ُ :‬حقو ُق الز َ‬
‫املهر‪:‬‬
‫ْ‬ ‫‪-1‬‬

‫اجد (الف تح ‪ )382/2‬رق م (‪ ،)900‬ومس لم‪ ،‬كت اب‬ ‫‪ )271‬رواه البخ اري‪ ،‬كت اب اجلمع ة‪ ،‬ب اب‪ :‬أذن وا للنِّس اء باللَّي ل إىل املس ِ‬
‫املساجد (‪،)326/1‬رقم (‪.)442‬‬ ‫الصّلة‪ ،‬باب‪ :‬خروج النِّساء إىل ِ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫الصّلة‪ ،‬باب‪ :‬خروج النِّساء إىل املساجد (‪ )328/1‬رقم (‪.)443‬‬ ‫) رواه مسلم‪ ،‬كتاب َّ‬ ‫‪272‬‬

‫‪ )273‬رواه البخاري‪ ،‬كتاب اجلمعة‪ ،‬باب‪ :‬اجلمعة يف القرى واملدن‪( ،‬الفتح ‪ )380/2‬رقم (‪.)893‬‬
‫ِ‬
‫احلج (‪ )890/2‬رقم (‪.)1218‬‬ ‫) رواه مسلم يف حديث جابر الطَّ ِويل يف ص َفة ا‬
‫‪274‬‬

‫ألح د اإال بإذنِ ه (الف تح ‪ ،)295/9‬رق م (‪،)5195‬‬ ‫ِ ِ‬


‫) رواه البخ اري‪ ،‬كت اب النِّك اح‪ ،‬ب اب‪ :‬ال تَ أْ َذن امل رأَة يف بَْي ت َزْوجه ا َ‬
‫‪275‬‬

‫مال َم ْواله (‪ )711/3‬رقم (‪.)1026‬‬ ‫ومسلم‪ ،‬كتاب الزكاة‪ ،‬باب‪ :‬ما أَنْ َفق العب ُد ِمن ِ‬
‫َْ‬
‫‪141‬‬
‫ﱡﭐ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﱠ‬ ‫وه و و ِاج ب للم رأَة‪ ،‬وح اق هل ا ول ي لِغَ ِْريه ا‪ ،‬ق ال تع اىل‪:‬‬
‫[النِّساء‪.]4 :‬‬
‫‪ -2‬النَّ َف َقة‪:‬‬
‫املعروف‪ ،‬وه ذا َيتَلِ ف ب اختِّلف األَْزِمنَ ة واألَ ِ‬
‫مكنَ ة‪ ،‬وح ال‬ ‫ِ‬ ‫وج أن ي ْن ِف ق عل ى َزوجتِ ه بِ‬ ‫ِ‬
‫َْ‬ ‫ب عل ى ال َّز ِ ُ‬ ‫فَواج ٌ‬
‫ﱲﱴﱵﱶ‬
‫ﱩﱫﱬﱭﱮﱯﱰﱱ ﱳ‬
‫ﱪ‬ ‫تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ‬ ‫ال َّزْو َجني‪ ،‬ق ال‬
‫ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱠ [الطَّّلق‪.]7 :‬‬
‫الص ْب عليها‪:‬‬ ‫وع َدم ظُْل ِمها‪ ،‬و َّ‬
‫الر ْةَة هبا َ‬‫الش َف َقة عليها و َّ‬
‫َّ‬ ‫‪-3‬‬
‫أن أَع وج ش ٍ‬ ‫ِ‬
‫الض ْلع‬
‫يء يف ِّ‬ ‫إان ُخل ْق َن ِم ن ِض ْلع‪ ،‬و َّ ْ َ َ‬ ‫ق ال رس ول اهلل ‪ ((:‬واستَ و ُ ِ‬
‫ص وا بالنِّس اء َخ ْرياً‪ ،‬ف ا‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫وصوا بِالنِّساء َخرياً )) ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫يمه َك َس ْرتَه‪ ،‬وإن تَرْكتَه مل يََزُل أَ ْع َوج‪ْ ،‬‬
‫أَ ْعّله‪ ،‬فإن ذَ َهبَت تُق َ‬
‫(‪)276‬‬
‫فاستَ ُ‬
‫وحتقيق ِ‬
‫وصيانَتها‪ِ ،‬‬
‫القو َامة عليها‪:‬‬ ‫‪ -4‬الغِ َرية عليها‪ُ ِ ،‬‬
‫وجي ٍه ودون األَ ْخ ِذ عل ى يَ ِدها فَلَرمب ا فَ َس َدت‬ ‫إن ِم ن َبِيع ة امل رأة َّأا ا ض عِيفةَ‪ ،‬ول و تُركِ ت دون تَ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ف َّ‬
‫الرج ِال‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫وأفْ َس َدت‪ ،‬ولذلك َح َّذ َر َّ‬
‫ض ُّر عل ى ِّ‬ ‫الرسول ‪ ‬من فْت نَة النِّساء فقال‪ ((:‬م ا تَ َرْك ت بَ ْع دي فْت نَ ةً أَ َ‬
‫ِمن النِّساء ))(‪.)277‬‬
‫وجاء يف الغرية قوله ‪ ((:‬أَتَ ْع َجبون ِمن ِغ َرية َس ْعد ؟ ألنا أَ ْغ َري ِمنه‪ ،‬واهللُ أَ ْغ َري ِم ِّن ))(‪.)278‬‬
‫وث‪ ،‬وق د ج اء يف احل ديث‪ ((:‬ال يَ ْد ُخل اجلنَّ ةَ‬ ‫وم ن ال يَغ ُار فه و َديُّ ٌ‬‫ق ال ش يخ اإلس ّلم اب ن تيميَّ ة‪َ ":‬‬
‫ِ‬ ‫ديوث ))(‪ ،)279‬وهلذا كانت الغرية الو ِاجبة على العب ِ‬
‫وم ن‬ ‫غريته على أهله‪ ،‬وأَ ْعظَم ذلك امرأَتُه مث أَقا ِربُه َ‬ ‫َ‬ ‫هي‬ ‫د‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َا‬
‫اعتِه "اه (‪.)280‬‬
‫هو حتت َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وأخ رياً فإنَّ ه ال َيل و ب ي ِ‬
‫أن بَْيت اً‬‫ص َّ‬‫ت م ن ُمش كّلت وخّلف ات‪ ،‬وه ذه َبِ َيع ة البَ َش ر‪ ،‬ف ّل يَظُ ان َش ْخ ٌ‬ ‫َْ ٌ‬
‫ض مل َي ل ِم ن ذل ك وه و‬ ‫ضل بَْي ت ك ان عل ى َو ْج ه األَْر ِ‬ ‫ِ‬
‫ص ُفو من َك َدر‪ ،‬أو َيلو من ُمنَ غِّصات‪ ،‬وإن كان أَفْ َ‬
‫ِ‬
‫يَ ْ‬

‫‪ )276‬رواه البخاري‪ ،‬كتاب احلدود‪ ،‬باب‪َ :‬من َرأى مع امرأتِه َر ُجّلً فَ َقتَله (الفتح ‪ ،)174/12‬رقم (‪.)6846‬‬
‫‪ )277‬رواه البخاري‪ ،‬كتاب النِّكاح‪ ،‬باب‪ :‬ما يُتَّقى ِمن ُش ْ م املرأة (الفتح ‪ ،)137/12‬رقم (‪.)5096‬‬
‫‪ )278‬رواه البخاري‪ ،‬كتاب احلدود‪ ،‬باب‪َ :‬من رأى مع امرأته َر ُجّلً فَ َقتله (الفتح ‪ )174/12‬رقم (‪.)6846‬‬
‫جامع ه (م ع مص نف عب د ال رزاق‬ ‫‪ )279‬رواه الطَّ باِن يف الكب ري ع ن عم ار (كن ز العم ال ‪ ،)18/16‬ومعم ر ب ن راش د يف ِ‬
‫ا‬
‫ِ‬
‫الس َادة امله رة للبوص ريي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الزوائ د (‪ ،)327/4‬وخمتص ر إحت اف ا‬
‫جمم ع َّ‬
‫‪ ،)243/11‬وأب و داود الطيالس ي (ص ‪ ،)89‬ول ه ش اهد‪ .‬انظ ر‪َ :‬‬
‫الّتِهيب ِمن ُش ْرب اخلم ِر‪.‬‬
‫الّت ِغيب والّتهيب (‪ )257 -256/3‬يف َّ‬ ‫(‪ ،)115/5‬و َّ‬
‫بتصارف يَ ِسري‪.‬‬
‫قامة البن تيمية (‪َ )7/2‬‬
‫ِ‬
‫) االست َ‬
‫‪280‬‬

‫‪142‬‬
‫يأخ ذه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حمم د ‪ِ ،)281( ‬‬
‫الر ُج َل العاق َل يَتَ َريَّ ث يف األُم ور‪ ،‬وال يَ ْس تَ ْعجل فَ ُ‬ ‫فم ن ب اب أوىل غ ريه‪ ،‬لك َّن َّ‬ ‫بي ت َّ‬
‫الر ُج ِل اإال لِعِْل ِم ه مب ا‬
‫القو َام ةَ بِيَ ِد َّ‬
‫الش يطان‪ ،‬وتأخ َذه العِ َّزة ب اإلمث‪ ،‬مث ي ْن َدم بع د ذل ك‪ ،‬وم ا جع ل اهلل ِ‬
‫ََ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫الطَّ ْيش و َّ ْ‬
‫ّلج األُموِر ِحب ْك َم ٍة َوَرِويٍَّة‪.‬‬
‫كالع ْق ِل احلِ ْك َم ِة وغ ِريها‪ُ ،‬ت ِّكنُه ِمن ِع ِ‬
‫ص َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫تيَّ َز به من َخصائ َ‬
‫األسئلَة‪:‬‬
‫اعيه يف هذا احلَ اق ؟‬ ‫الزوج أن ير ِ‬ ‫س‪ :1‬ما ح ُّد ِ ِ ِ ِ‬
‫ُ‬ ‫اعة املرأة لَزْوجها ؟ وماذا على َّ ْ‬ ‫َ َ‬
‫الزوج على َزْو َجتِه وحما ِرِمه‪.‬‬
‫س‪ :2‬حتدَّث عن أَثَر َغْي َرة َّ‬
‫وخّلفات ؟‬ ‫الرجل فِعله عندما يصل يف بيتِه مشاكِل ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫س‪ :3‬ماذا على َّ ُ ْ‬

‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ِ 281‬‬


‫عنهن‪.‬‬
‫صواِتُ ان رضي اهللُ ا‬ ‫) من حادثَة إيّلئه ‪ ‬من نسائه َش ْهراً‪ ،‬بعد أن الَْب نَه بِ ِز َ‬
‫يادة النَّ َف َقة‪ ،‬وارتَ َف َعت أَ ْ‬
‫‪143‬‬
‫تَ َعدد الزوجات في اإلسالم‬
‫الت َعدد قَ بل اإلسالم‪:‬‬
‫الش عوب وال ِّديانات‪ ،‬فعل ى س بيل املث ال عن د‬ ‫ّلم ب ني خمتَ لَ ف ا‬ ‫لقد كان تَع ُّدد َّ ِ ِ‬
‫الزوجات شائعاً قب ل اإلس َ‬ ‫َ‬
‫وإباحتِ ه‪ ،‬روى أب و هري رة ‪ ‬ع ن رس ول اهلل ‪ ‬أنَّه ق ال‪ ((:‬ق ال‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اليهوديَّة َدلَّت النُّصوص على ُوج ود التَّ َع ُّدد َ‬
‫كله َّن ت أيت بِف ا ِر ٍس يُقاتِ ل يف َس بِ ِيل اهلل‪ ))...‬احل ديث‬ ‫ني ام رأة‪ُ ،‬‬
‫ِ‬
‫س ليمان ب ن داود‪ :‬أل وفَ َّن اللَّيلَ ةَ عل ى َس ْبع َ‬
‫(‪.)282‬‬
‫اح َدةٍ لَِر ُج ِل‬
‫الزوج ات‪ ،‬وإَن ا استَحس ن ((ب ولي )) االكتِف اء بِزوج ٍة و ِ‬
‫َْ َ‬ ‫ْ َْ‬ ‫ول ي يف النَّص رانِيَّة م ا ُي ِّرم تَ َع ُّدد َّ‬
‫الدنيا (‪.)283‬‬ ‫الدي ِن تَ َع ُّففاً عن ُمْت َع ِة احلياة ُّ‬
‫ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫ص َر ل ه‪ ،‬ع ن اب ن عم ر رض ي اهلل عنهم ا ق ال‪ :‬أس لم‬ ‫اأما عن د الع رب يف اجلاهليَّة فالتَّ َع ُّدد ق ائم مب ا ال َح ْ‬
‫يب ‪ ‬أن َيتار ِمْن ُهن أَْربعاً (‪.)284‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫غيّلن الثَّ َقفي وحتتَه َع ْشر ن ْس َوة يف اجلاهليَّة‪ ،‬فَأَ ْسلَ ْم َن معه‪َ ،‬‬
‫فأمره النَّ ا‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يب ‪ ‬ف ذ َك ْرت ذل ك ل ه‪ ،‬فق ال‪:‬‬ ‫وع ن ق ي ب ن احل ا ِرث ق ال‪ :‬أَ ْس لَ ْمت وعن دي مث ان ن ْس َوة‪ ،‬فَأَتَ ْي ت النَّ َّ‬
‫((اخّت ِمْن ُه ان أَْربعاً)) (‪.)285‬‬
‫َ‬
‫الديانات قبل اإلسّلم‪.‬‬ ‫الزوجات يف اجملتَمعات و ِّ‬ ‫ّلح هنا أنَّه ال َح َّد لِ َع َدد َّ‬ ‫ونُ ِ‬
‫َموقف اإلسالم من الت َعدد‪:‬‬
‫وم ن أهِّه ا‪ :‬م ا يتعلَّ ق باألس رة‪ ،‬ف نَظَّم‬ ‫كام ل ش ِامل جلمي ع ش ون احلي اة‪ِ ،‬‬ ‫بع ث اهلل تع اىل ‪ ‬بِ ِدين ِ‬
‫ث عل ى ال َّزواج‪َ ،‬ورغَّ ب في ه َو َش َّجع‬ ‫أت قبلَ ه وال بع َده ِمثْ لَ ه‪ِ ،‬‬
‫وم ن ذل ك أنَّه َح َّ‬ ‫تنظيم اً ف ِري داً مل ي ِ‬
‫العّلقَة فيها ِ‬
‫َ‬
‫الش ِ‬ ‫ِ‬
‫باب‪َ ،‬م ن اس تَطا َ‬ ‫ول اهلل ‪ ((:‬ي ا َم ْع َش ر َّ‬ ‫طاعه‪ ،‬فق ال رس ُ‬ ‫بالزواج املبَ ِّكر ل َم ن اس تَ َ‬‫الشباب َّ‬ ‫عليه‪ ،‬ونادى َّ‬
‫ومن مل يَ ْستَ ِطع فَ َعلَْيه بِ َّ‬
‫الص ْوم فإنَّه له ِوجاء ))(‪.)286‬‬ ‫منكم الباءَة فَ ْليَتَ َزَّوج‪َ ،‬‬

‫ﱮ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱠﭐ(‪)458/6‬‬ ‫ﱯ‬ ‫‪ ) 282‬أخرجه البخاري يف صحيحه‪ ،‬كتاب األنبياء‪ ،‬باب‪ :‬قول ه تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﱬ ﱭ‬
‫رقم (‪ ،)3424‬وأخرجه مسلم يف صحيحه‪ ،‬كتاب اإلميان‪ ،‬باب‪ :‬االستثناء (‪ ،)1275/3‬برقم (‪.)1654‬‬
‫السباعي (ص ‪.)72-71‬‬ ‫الزوجات‪ ،‬لعبد الثواب َهْيكل‪ ،‬واملرأة بني النَّ َفقة والقانون‪ ،‬ملصطفى ِّ‬ ‫‪ )283‬انظر تع ادد َّ‬
‫الر ُجل يُ ْسلِم وعنده َع ْشر نِ ْس َوة (‪ ،)435/3‬برقم (‪ ،)1128‬وأخرجه ابن‬ ‫الّتمذي‪ ،‬كتاب النِّكاح‪ ،‬باب‪ :‬ما جاء يف َّ‬ ‫‪ )284‬أخرجه ِّ‬
‫وعنده أَ ْكثَر ِمن أَْربَع (‪ ،)628/1‬برقم (‪.)1935‬‬ ‫ِ‬
‫الر ُجل يُ ْسلم َ‬
‫ماجه‪ ،‬كتاب النِّكاح‪ ،‬باب‪َّ :‬‬
‫وعن َده نِس اء أكثَر ِم ن أربَع (‪ ،)680/1‬ب رقم (‪ ،)2241‬وأخرج ه اب ن‬ ‫‪ )285‬أخرج ه أب و داود‪ ،‬كت اب الطَّّلق‪ ،‬ب اب‪ :‬م ن أَس لَم ِ‬
‫َ ْ‬
‫وعنده أكثَر ِمن أَْربَع (‪ ،)628/1‬برقم (‪.)1952‬‬ ‫ِ‬
‫الر ُجل يُ ْسلم َ‬
‫ماجه‪ ،‬كتاب النِّكاح‪ ،‬باب‪َّ :‬‬
‫يب ‪َ ":‬م ن اس تَطا َ ِم ن ُكم الب اءَة " (‪ ،)106/9‬وأخرج ه أب و‬
‫) أخرج ه البخ اري يف ص حيحه‪ ،‬كت اب النِّك اح‪ ،‬ب اب‪ :‬قَ ْول النَّ ا‬
‫‪286‬‬

‫الق ْس َمة بني النِّساء (‪ ،)648/1‬برقم (‪ ،)1068‬برقم (‪.)1400‬‬ ‫داود‪ ،‬كتاب النِّكاح‪ ،‬باب‪ِ :‬‬
‫‪144‬‬
‫الرج ل أن ي تَ زَّوج أكثَر ِم ن و ِ‬
‫اح َدة‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ََ‬ ‫ّلم يف ذل ك‪َ :‬م ْوق ُف ه م ن التَّ َع ادد‪ ،‬فَ َج َع ل م ن َح ِّق َّ ُ‬
‫ض َحه اإلس ُ‬ ‫وماا َو َّ‬
‫الزوج ات ع ن أَْربَع‪ ،‬ق ال تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ‬ ‫بِ َش ْرط اأال يَِزي د َع َدد َّ‬
‫ﲌ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﱠ [النِّس اء‪:‬‬
‫ﲍ‬ ‫ﲈﲉﲊﲋ‬ ‫ﲂﲄﲅﲆﲇ‬
‫ﲃ‬ ‫ﱾﱿﲀﲁ‬
‫‪.]3‬‬
‫اإلباحة ُم َقيَّ َدة بِأَْربَع‪.‬‬
‫فجعل اهللُ سبحانَه وتعاىل َ‬
‫الزوج ات‪ ،‬فم ن مل يس تَ ِطع الع ْد َل أو َي اف اجل ور والظُّْل م فَلي ْقتَ ِ‬
‫صر‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫الع ْد َل ب ني َّ‬
‫ب َ‬ ‫مث إ َّن اهللَ تع اىل أَْو َج َ‬
‫تقدم يف اآلية الكرمية‪.‬‬ ‫اح َدة‪ ،‬ألجل أن ال يُوقِع نَ ْف َسه يف اإلمث‪ ،‬كما َّ‬ ‫على و ِ‬
‫الع ْدل املقصود هنا‪ :‬فيما ميتَلِ ُكه اإلنس ان ِم ن املطع م‪ ،‬واملش رب‪ ،‬واملل بَ ‪ ،‬واملس َكن‪ ،‬واملبِي ت‪ ،‬اأم ا م ا‬ ‫وَ‬
‫يتَ َعلَّ ق باملي ل النَّ ْف ِس ي حن و َزْو َج ة دون أخ رى ماا ال ميلِ ُك ه اإلنس ا ُن‪ ،‬فَلَ م يُ َكلِّ ف اهللُ تع اىل ِعب َاده بِه؛ ألنَّه ال‬
‫ﱩﱫﱬﱭﱮ ﱯ‬
‫ﱪ‬ ‫اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ‬ ‫ُميلَ ك‪ ،‬ق ال تع‬
‫ﱰ ﱠ [النِّساء‪.]129 :‬‬
‫الع ْدل‪ ،‬وك ان ‪ ‬يُ َق ِّس م ب ني نِس ائِه فَيَ ْع ِدل‪ ،‬ويق ول‪:‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ول ي هن اك أَ ْح َرص م ن رس ول اهلل ‪ ‬يف حت ِّري َ‬
‫سمي فيما أَْملِك‪ ،‬فّل تَلُ ْمن فيما ال أملِك ))(‪.)287‬‬ ‫هم هذا قَ ِ‬
‫((اللَّ َّ‬
‫العوامل التي تَدعو إلى الت َعدد‪:‬‬ ‫َ‬
‫ّلم للتَّع َّدد ِن د أنَّ ه راع ى العو ِام ل ِ‬
‫الفطْ ِريَّ ة ال يت َخلَ َق اهللُ س بحانَه ال َّذ َكَر‬ ‫عن د التَّ ُّأم ل يف إباح ة اإلس ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ومن ذلك‪:‬‬ ‫تعّتض أحو َال النااس‪ِ ،‬‬ ‫العو ِامل االجتماعيَّة واالقتِصاديَّة اليت َِ‬ ‫وجبَ لَ ُهم عليها‪ ،‬كما راعى َ‬ ‫واألُنثى َ‬
‫عداد لإلن اب يف األح وال العاديَّة ِم ن ِس ان البُل وغ إىل‬ ‫ِ‬
‫وج َع َل لَ َديْه االس ت َ‬ ‫الر ُج َل َ‬ ‫َخ ْل َق اهللُ تعاىل َّ‬ ‫أ‪-‬‬
‫ألدى‬‫اخلمس ني‪ ،‬فل و مل يُ بَح التَّ َع ادد َّ‬‫ِسن املائة غالِباً‪ ،‬أما املرأة ف إن اس تِعدادها ال يتج اوز ِس ن ِ‬
‫َ‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫الر ُج ِل لَِو ِظي َف ِة النَّ ْسل تلك َّ‬
‫املدة الطَّ ِويلَة‪.‬‬ ‫تعطيل استِعداد َّ‬‫إىل ِ‬
‫اس ع ِقيم اً ال ي ْن ِ‬ ‫ب‪ِ -‬م ن ب ِ ِ ِ ِ‬
‫ج ب ﭐ ﭐ ﭐﱡ ﭐ ﲾ ﲿ‬ ‫ُ‬ ‫ض النا ِ َ‬ ‫اب ح ْكم ة اهلل ُس بحانَه وتع اىل أن َج َع ل بع َ‬
‫ف َزْوِجه ا‬ ‫ك أن بقاءه ا يف َكنَ ِ‬
‫وجة ف ّل َش َّ َ َ‬ ‫الز َ‬
‫ظهر عُ ْقم َّ‬
‫ﳀ ﳁ ﱠ [الشُّورى‪ ،]50 :‬فإذا َ‬
‫مع َزو ِاجه بِأُخرى عليها َلَباً لإلناب َخ ْري ِمن َّلقِها‪.‬‬

‫‪ )287‬أخرج ه الّتم ذي‪ ،‬كت اب النِّك اح‪ ،‬ب اب‪ :‬م ا ج اء يف التَّس ِويَة ب ني َّ‬
‫الض رائر (‪ ،)446/3‬ب رقم (‪ ،)1140‬وأخرج ه أب و داود‪،‬‬
‫الق ْس َمة بني النِّساء (‪ ،)648/1‬برقم (‪.)2134‬‬ ‫كتاب النِّكاح‪ ،‬باب‪ِ :‬‬
‫‪145‬‬
‫جع ل امل رأ َة تَ ْع َِّتض ها َع وا ِرض فِطْ ِريَّة َخ ْل ِقيَّ ة ِم ن احل يض والنِّف اس ماا‬ ‫ِ‬
‫ج‪ -‬م ن ح ْك َم ة اهلل تع اىل أن َ‬
‫ِ ِ‬
‫الر ُجل‪ ،‬فكان التَّ َع ادد َح اّلً هلذا العائِق‪.‬‬ ‫وق اجلِما ‪ ،‬وهذا ماا قد ال يتَ ِملُه َّ‬ ‫يَعُ َ‬
‫ث عل ى اجله اد يف‬ ‫ّلم ح َّ‬‫الصرا بني األَُمم‪ ،‬واإلس ُ‬ ‫ضْته ُسنَّة اهللِ تعاىل يف ال َك ْو ِن أن يَ َق َع ِّ‬ ‫د‪ -‬ماا اقتَ َ‬
‫ِ‬
‫الرج ال‪،‬‬ ‫ص َرة لِ َش ِر َيعتِه‪ ،‬وةاي ة ألرض ه‪ ،‬واجله اد يَ َق ع عل ى ع اتِق ِّ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫س بيل اهلل نَ ْش راً ل دي ِن اهلل‪ ،‬ونُ ْ‬
‫ويّتَّمل النِّساء‪ ،‬ويكثُر َع َد ُد ُه ان‪ ،‬وهب ذا تك ون‬ ‫ِ‬
‫ومن بيعة احلروب القتل‪ ،‬فيموت الكثري منهم‪َ ،‬‬
‫ض يا ِ النِّس ِاء‬ ‫ِ‬
‫الزوج ات أفض ل ح ل ل َمْن ع َ‬ ‫الرج ال أَقَ ال ِم ن نِ ْس بَة النِّس اء‪ ،‬فيك ون تع ادد َّ‬ ‫نِس بَة ِّ‬
‫ساد ِه ان‪.‬‬
‫وفَ ِ‬
‫الر ُج َل ال يُ َع ِّدد اإال إذا ُوِج َدت ه ذه‬ ‫أن َّ‬‫ضيَة لِلتَّ َع ُّدد‪ ،‬وه ذا ال يَ ْع ِن َّ‬ ‫ه ذه بع ض احلِ َك م والعو ِام ل ال م ْقتَ ِ‬
‫ُ‬
‫حال النااس‪،‬‬ ‫صلِح َ‬ ‫وقام به‪ ،‬واهللُ سبحانَه وتعاىل أعلَم مبا يُ ْ‬ ‫بالع ْدل‪َ ،‬‬ ‫استَ َع َّد َ‬ ‫احل َك ُم أو بَ ْعضها‪ ،‬بل له ذلك إذا ْ‬
‫ِ‬
‫تقوم به َحياِتم‪.‬‬
‫وماا ُ‬
‫الح َكمة من التَ َعدد‪:‬‬
‫الزوج ات‪ ،‬ف الظُّروف ال يت ذُكِ َرت يف العُْنص ر‬ ‫إباح ة اإلس ّلم تَ َع ادد َّ‬ ‫احلكم ةَ يف َ‬
‫ِ ِ‬
‫يَتَ َّبني لنا ماا ذُك َر س ابقاً َ‬
‫أن م ا ِ‬ ‫يم ة يف ه ذا التَّش ِريع‪ ،‬ذل ك َّ‬ ‫ض ح لن ا احلكم ةَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حتدث ه‬ ‫العظ َ‬‫َ َ‬ ‫ي أو ُم ْكتَ َس ب ج اءَت تُ َو ِّ‬ ‫الس ابق ماا ه و فطْ ِر ا‬
‫ا‬
‫احللول ِ‬
‫املمكنَةَ َو َج ْدنا أا ا ال‬ ‫صيانَة اجملتَ َم ِع ِمن اخلَلَ ِل وال َفساد‪ ،‬وإذا تَ َدبَّْرنا َ‬ ‫ِ‬
‫ّلج ل ِ‬ ‫السابَِقة حتتاج إىل ِع ٍ‬ ‫ِ‬
‫العوامل ا‬
‫ُترج ِمن احللول اآلتية‪:‬‬
‫الر ُج َل ام رأ ًة بِ َعْينِه ا‪ ،‬وال امل رأة َرج ّلً‬
‫الرج ال والنِّس اء ُمش اعاً‪ ،‬ال يَ ْع ِرف َّ‬ ‫ال ب ني ِّ‬ ‫‪ -1‬أن يك و َن االتِّص ُ‬
‫أح ٌد؛ لِم ا يَتَ َرتَّ ب علي ه ِم ن‬ ‫ِ‬
‫الش رائع وامل ذاهب‪ ،‬ومل يَ ُق ل ب ه َ‬
‫جي ع َّ ِ‬ ‫ض ه َِ‬ ‫ِ‬
‫بِ َعْين ه‪ ،‬وه ذا احلَ ال تَ ْرفَ ُ‬
‫الفطْرة البش ِريَّة‪.‬‬ ‫ال َفوضى األخّلقِيَّة‪ ،‬وحماربة ِ‬
‫ََ‬ ‫ْ‬
‫ّتىب األَ ْف ال‪ ،‬وه ذا عن د تأَُّملِ ه‬ ‫اح َدةٍ فق ط‪ ،‬وتَ ْنش أ ِم ن ِخّللِ ه األُ ْس َرة‪ ،‬وي َّ‬ ‫‪ -2‬أن يك ون ال َّزواج بِو ِ‬
‫ُ‬
‫َسيُْب ِقي أَعداداً ِمن النِّساء بِّل َزواج وال بَْيت‪ ،‬وال أ ْفال‪ ،‬وال أُ ْسَرة‪ ،‬وحينَئِذ يدث أمران‪:‬‬
‫الفطْ ِريَّة اليت َخلَ َق ُه ان اهللُ عليها‪.‬‬‫ِحرمان ع َد ٍد ِمن النِّساء ِمن تلبِية احلاجات ِ‬ ‫أ‪-‬‬
‫َ‬ ‫ْ َ‬
‫الدما ِر واهلَّلك على اجملتَ َمع بِ َّ‬
‫عامة‪.‬‬ ‫ب‪ -‬ما ينشأ عنه ِمن مارسات غري أخّلقِيَّة تعود بِ َّ‬
‫ض‪،‬‬ ‫الزوج غريها ِمن اخلليّلت ما شاء‪ ،‬ويف ه ذا انتِه اك لِلعِ ْر ِ‬ ‫اح َدةٍ‪ ،‬ويَتَّ ِخذ َّ‬ ‫الزواج بِو ِ‬
‫‪ -3‬أن يكون َّ ُ‬
‫اعد‪.‬‬‫وإباحيَّة تأيت على ب ْنيان اجملتَمع ِمن ال َقو ِ‬ ‫لشرف‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ونَْبذ ل َّ َ‬

‫‪146‬‬
‫حلكم ِة اهللِ تع اىل يف َخ ْل ِق ه‬ ‫ِ‬
‫الع ْدل حتقي ق َ‬
‫ِ ِ‬
‫‪ -4‬أن يك ون ال َّزواج ب أكثَر م ن واح َدة‪ ،‬ويف ه ذا م ع َ‬
‫اض َح ٍة نَِقيَّ ة‪،‬‬ ‫لِلنا اس‪ ،‬وتَطْ ِه ري لِلمجتَم ع ِم ن لَوثَ ة اجل ِرمي ة‪ ،‬وتلبِي ة لِلحاج ات الب َش ِريَّة بِطُ ٍ‬
‫رق و ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُْ َ‬
‫الش ْرف‪.‬‬‫وحمافَظَة على النَّ ْسل و َّ‬
‫ان وتَكوينِ ه‪ ،‬ويتَوافَق م ع‬ ‫الفطْرة والواقِ ع‪ ،‬فه و يتَوافَق م ع فِط رة اإلنس ِ‬ ‫وهذا ما شَّرعه اإلسّلم؛ ألنَّه ِدين ِ‬
‫َ َ‬
‫احلكمةُ البالِغَة‪ ،‬وهو أَ ْح َكم احلاكِ ِمني‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وضروراته‪ ،‬وبعد‪ ،‬فللَّه َ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫واقعه َ‬
‫األسئلَة‪:‬‬
‫الدلِيل‪.‬‬‫الزوجات ؟ اذ ُكر َّ‬ ‫س‪ :1‬ما َش ْرط َجوا ِز تَ َع ادد َّ‬
‫الزوجات‪.‬‬ ‫العو ِامل اليت تَ ْدعو إىل تَ َع ادد َّ‬ ‫س‪َ :2‬ع ِّدد َ‬
‫الزوجات ؟‬ ‫الش ْر لِتَ َع ُّدد َّ‬
‫إباح ِة َّ‬
‫احلكمة من َ‬
‫ِ‬
‫س‪ :3‬ما َ‬

‫‪147‬‬
‫ُحقو ُق األَوالد‬
‫الد نع َمةٌ‪:‬‬
‫األَو ُ‬
‫الزواج‪ :‬إناب األَو ِ‬
‫الد‪ ،‬الذين هم نِ ْع َمةٌ ِمن اهللِ س بحانَه وتع اىل‪ ،‬مي ان هب ا عل ى َم ن يش اء ِم ن‬ ‫ات َّ‬‫ِمن مثر ِ‬
‫ُ ْ‬
‫ﱅﱇﱈ ﱉﱊﱋﱌﱍ‬ ‫ﱆ‬ ‫اده‪ ،‬ق ال تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ‬ ‫ِعب ِ‬
‫ﱎﱠ [الكهف‪.]46 :‬‬
‫ّلم هل ا ُحقوق اً و ِاجبَ ة عل ى الوالِ َديْن لِيقوم وا هب ا‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ولك ي تُثْم ر ه ذه الن ِّْع َم ة َمثََرِت ا اليان َع ة فق د َج َع ل اإلس ُ‬
‫ِ‬
‫ومنها‪:‬‬
‫‪ -1‬الت ِ‬
‫َّسميَة (‪:)288‬‬
‫نادى ب ه‪ ،‬واالس م‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عرف به ويُ َ‬
‫احلسن الذي يكون َعلَماً عليه‪ ،‬يُ َ‬ ‫االسم َ‬‫َيتار له وال ُده َ‬
‫من َح اق املولود أن َ‬
‫ِ‬ ‫احلس ن يك ون فَأْالً َح َس ناً عل ى ه ذا االب ن أو تِْل ك البِْن ت‪ ،‬وق د غ َّري رس ُ‬
‫ض األَس اء ال َقبِ َ‬
‫يح ة أو‬ ‫ول اهلل ‪ ‬بع َ‬ ‫َ‬
‫اليت هلا َدالالت غري َيِّبَة‪.‬‬
‫يب ‪ ‬فق ال‪ ((:‬م ا اس ك ؟)) ق ال‪:‬‬ ‫روى البخ اري ع ن اب ن املس يِّب‪ ،‬ع ن أبي ه‪ ،‬أ ان أب اه ج اءَ إىل النَّ ا‬
‫احلزونَة فِين ا بع د))‬ ‫ِ‬
‫َحزن‪ ،‬قال‪ ((:‬أنت َس ْهل ))‪ ،‬قال‪ :‬ال أُ َغ ِّري اس اً َسااني ه أيب‪ ،‬ق ال اب ن املس ياب‪ :‬فَم ا زالَت ُ‬
‫(‪.)289‬‬
‫ول اهلل ‪َ ‬زيْنَ ب‬ ‫ب ك ان اسه ا‪ :‬بَ َّره‪ ،‬فَِقي ل‪ :‬تَُزِّك ي نَ ْف َس ها‪ ،‬فَ َس اماها رس ُ‬ ‫وع ن أيب هري رة ‪َّ ‬‬
‫أن َزيْنَ َ‬
‫(‪.)290‬‬
‫َّسب لِوالِ ِدي ِهم‪:‬‬
‫‪ -2‬ثُبوت الن َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫وقد اعتىن اإلسّلم هبذا األ َْمر غايَة العناية‪ ،‬لما يتَ َرتَّب عليه من آثار ُم ِه َّمة من ثبوت األنساب‪َ ،‬‬
‫وع دم‬
‫االدع اء‬
‫ض ى عل ى ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ياعها‪ ،‬وم ا يتب ع ب ذلك ِم ن احلق وق والو ِاجب ات ِّ‬
‫احلس يَّة واملاديَّ ة‪ ،‬واملعن ِويَّ ة‪ ،‬ول ذلك قَ َ‬
‫ض ِ‬
‫َ‬
‫اجلاهلِيَّ ة‪ ،‬وح دَّد َ ِري َق النَّس ب‪ ،‬وه و ال َّزواج أو ِم ْل ك اليم ني‪ ،‬ق ال تع اىل‪:‬ﭐﱡ ﱷ‬
‫والتَّب ِّن الذي ك ان معروف اً يف ِ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫ﱾ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﱠ[األحزاب‪.]4 :‬‬ ‫ﱿ‬ ‫ﱺﱼﱽ‬ ‫ﱻ‬ ‫ﱸﱹ‬

‫َد ِعياءُ إىل آبائِ ِهم إن عُ ِرفوا‪ ،‬وأن مل يُ ْعرفوا فهم إخوان يف الدِّين‪ ،‬قال تعاىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﲇ‬ ‫و َأمر أن يُْن َسب األ ْ‬
‫َ‬
‫ﲌ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ ﲕ ﱠ [األحزاب‪.]5 :‬‬ ‫ﲈﲉﲊﲋ ﲍ‬

‫للشيخ‪ :‬بكر أبو زيد‪.‬‬ ‫‪ )288‬لّلستِزادة فيما يتعلق بالتَّسمية ينظر‪ِ :‬‬
‫تسميَة املولود َّ‬
‫‪ )289‬أخرجه البخاري يف صحيحه‪ ،‬كتاب األدب‪ ،‬باب‪ :‬اسم احلزن (‪ ،)574/10‬رقم (‪.)6190‬‬
‫اس ٍم أَ ْح َسن منه (‪ ،)575/10‬برقم (‪.)6292‬‬
‫) أخرجه البخاري يف صحيحه‪ ،‬كتاب األدب‪ ،‬باب‪ :‬حت ِويل االسم إىل ْ‬
‫‪290‬‬

‫‪148‬‬
‫يب ‪َ ((:‬م ن َّاد َع ى إىل غ ري‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َّ‬
‫وحذر اإلسّلم من انتساب األبناء إىل غري آبائهم غايَة التَّح ذير‪ ،‬ق ال النَّ ا‬
‫أَبِيه‪ ،‬وهو يَ ْعلَم أنَّه غري أَبِيه فاجلنَّة عليه َحرام ))(‪.)291‬‬
‫وحذر اآلباء ِمن ُج ْحدان أَبْنائِ ِهم‪ ،‬قال ‪ ((:‬أَاميا َر ُجل َج َحد َولَ َده وهو ينظُر إلي ه احتَ َج ب اهللُ تع اىل‬ ‫َّ‬
‫يامة ))(‪.)292‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫منه‪ ،‬وفَضحه على ر ِ ِ‬
‫ؤوس األ ََّولني واآلخرين إىل يوم الق َ‬ ‫ُ‬ ‫ََ‬
‫الع ِقي َقة‪:‬‬
‫‪َ -3‬‬
‫ْمه ا‪ُ :‬س نَّة ُمتَأ ِّ‬
‫َك َدة‪،‬‬ ‫وامل راد هب ا‪ِ َّ :‬‬
‫وحك ُ‬
‫روعةٌ يف َح اق األَب‪ُ ،‬‬ ‫يح ة ال يت تُ ْذبَح ع ن املول ود‪ ،‬وه ي َمش َ‬ ‫الذب َ‬
‫سول اهلل ‪ ‬وأ ََمر هبا‪.‬‬ ‫فعلَها َر ُ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫الدة املول ود‪ ،‬ويلَ ق‬ ‫الس ابِع م ن ِو َ‬
‫السنَّة أن يَعُ َّق ع ن الغ ّلم ش اتان‪ ،‬وع ن اجلاري ة ش اة‪ ،‬تُذبَح يف الي وم ا‬ ‫و ُّ‬
‫الرياالت‪.‬‬‫عادل ذلك من ِّ‬ ‫الذ َكر‪ ،‬وي تصدَّق بِوْزنِه فِضَّة على ما ي ِ‬ ‫فيه رأْس َّ‬
‫ُ‬ ‫َُ َ َ‬ ‫َ‬
‫روى اإلمام أةد وغريه عن اأم كرز ال َكعبِيَّة رض ي اهلل عنه ا قال ت‪ :‬سع ت رس ول اهلل ‪ ‬يق ول‪ ((:‬ع ن‬
‫احلسن واحلسني ابنا عل ي ب ن أيب‬ ‫‪293‬‬ ‫الغُّلم شاتان ُمتَكافِئَتان‪ ،‬وعن اجلا ِ‬
‫َّيب ‪ ‬عن َ‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫ق‬
‫ا‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫وقد‬ ‫)‪،‬‬ ‫))(‬ ‫شاة‬ ‫ة‬ ‫ي‬
‫َ‬‫ر‬
‫الِب رضي اهلل عنهم (‪.)294‬‬
‫ضاعة‪:‬‬‫الر َ‬ ‫‪َّ -4‬‬
‫ﲞﲠﲡﲢ‬ ‫ﲟ‬ ‫ضاعة‪ ،‬قال تعاىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ‬ ‫ومن َح اق املولود على والِ ِده َّ‬
‫الر َ‬
‫ِ‬
‫ﲱﲳﲴﲵ‬
‫ﲲ‬ ‫ﲫﲭﲮﲯﲰ‬
‫ﲬ‬ ‫ﲤﲦﲧﲨﲩ ﲪ‬
‫ﲥ‬ ‫ﲣ‬

‫ﳋ‬ ‫ﳊ‬ ‫ﲿﳁﳂﳃﳄﳅﳆﳇﳈﳉ‬


‫ﲺﲼﲽﲾ ﳀ‬
‫ﲻ‬ ‫ﲶﲷﲸﲹ‬

‫ﳘﳚﳛﳜﳝﳞﳟ‬
‫ﳙ‬ ‫ﳌﳍﳎﳏﳐﳑﳒﳓﳔﳕﳖﳗ‬

‫ﳠ ﳡ ﱠ [البقرة‪.]233 :‬‬
‫احلَضانَة‪:‬‬ ‫‪-5‬‬

‫‪ )291‬أخرجه البخاري يف صحيحه‪ ،‬كتاب الفرائض‪ ،‬باب‪َ :‬من َّادعى إىل غري أبي ه (‪ ،)54/12‬ب رقم (‪ ،)6766‬وأخرج ه مس لم‪،‬‬
‫كتاب اإلميان‪ ،‬باب‪ :‬بيان َمن َر ِغب عن أبيه (‪ ،)80/1‬برقم (‪.)63‬‬
‫‪ )292‬أخرجه أبو داود ‪ ،‬كتاب الطَّّلق‪ ،‬ب اب‪ :‬التَّغلِ ي يف االنتِف اء (‪ ،)688/1‬رق م (‪ ،)2263‬والنَّس ائي يف العقيق ة‪ ،‬ب اب‪َ :‬ك م‬
‫يعق عن اجلارية‪ ،‬وأخرجه اإلمام أةد يف مسنده (‪.)422/6‬‬
‫‪ )293‬أخرجه أبو داود‪ ،‬كت اب األض احي‪ ،‬ب اب‪ :‬العقيق ة (‪ ،)166/2‬ب رقم (‪ ،)2834‬والنَّس ائي يف العقيق ة‪ ،‬ب اب‪ :‬ك م يع ق ع ن‬
‫اجلا ِرية (‪ ،)165/7‬وأخرجه اإلمام أةد يف مسنده (‪.)422/6‬‬
‫‪ )294‬أخرجه أبو داود‪ ،‬كتاب العقيقة‪ ،)118/2( ،‬برقم (‪ ،)2841‬وأخرجه النَّسائي‪ ،‬كتاب العقيقة‪ ،‬باب‪ :‬كم يعق عن اجلا ِري ة‬
‫(‪ ،)166/7‬برقم (‪.)4219‬‬
‫‪149‬‬
‫ِ‬ ‫واملراد باحلضانَة‪ِ :‬‬
‫الصغري وِرعاية ُش ونه وتَ ْدبِري أم وِره م ن َ‬
‫املطع م وامل ْش َرب واملل بَ ِ وغريه ا‪،‬‬ ‫القيام بّتبِيَة َّ‬
‫الرعاي ة لِعج ِزه ع ن ِ‬
‫القي ام ب ذلك بِنَ ْف ِس ه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫وم بِ ُش ونه ويَ ْرع اه َح َّق ِّ َ َ ْ‬
‫الص غَر يت اج إىل َم ن يق ُ‬ ‫والطِّْف ل يف ح ال ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلسّلم من ُحقوقه على أَبَ َويْه َحضانَتَه‪ ،‬وِرعايتَه ح يَك ُ‬
‫ْب‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫فج َعل‬
‫َ‬
‫‪ -6‬النَّف َقة‪:‬‬
‫وجت ب نَ َف َقتُه يف مالِه‪ ،‬س واء ك ان ص غرياً أو كبِ رياً اإال َّ‬
‫الزْو َج ة‪،‬‬ ‫األصل يف اإلنسان أنَّه ي ْن ِفق على نَ ْف ِسه‪ِ ،‬‬
‫ُ‬
‫فَنَ َف َقتُها على َزْوِجها‪.‬‬
‫ج ِزِهم‪ ،‬ق ال تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﲦ ﲧ ﲨ‬ ‫قاص ِر ِ ِ ِ‬
‫ين؛ لص غَ ِرهم أو َع ْ‬ ‫َ‬
‫َوالد عل ى والِ ِد ِهم م ا دام وا ِ‬ ‫نَ َف َق ة األ ِ‬
‫ﲫ ﱠ [البقرة‪.]233 :‬‬ ‫ﲬ‬ ‫ﲩ ﲪ‬
‫الّتبِيَة‪:‬‬
‫‪َّ -7‬‬
‫فأوج ب املس ولِيَّة عل ى الوالِ َديْن‬
‫الش ر ‪َ ،‬‬‫املبنِيَ ة عل ى تَع الِيم َّ‬ ‫ِم ن أعظَ م ُحق وق األوالد تَ ربِيَتُ ُهم َّ‬
‫الّتبِيَ ة ْ‬
‫رسول اهلل ‪ ‬يف بَيان ِعظَم هذه املس ولِيَّة‪ ((:‬كلُّكم را ٍ‬
‫نشئَتِ ِهم على اإلميان والتَّقوى‪ ،‬قال ُ‬ ‫الد ِهم وتَ ِ‬
‫لِ ِرعاية أَو ِ‬
‫َ ْ‬
‫ول عن َر ِعيَّتِه )) ‪.‬‬
‫(‪)295‬‬
‫وكلُّكم َمس ٌ‬
‫وق ال اهلل تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﲲ ﲳ ﲴ‬

‫ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ ﱠ [التَّحرمي‪.]6 :‬‬
‫يمة‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﭐﱡﭐ ﲣ ﲤ ﲥ‬ ‫الفطْرة َّ ِ‬
‫واهلل سبحانَه وتعاىل خلَق النااس على ِ‬
‫ﲦﲨ‬ ‫ﲧ‬ ‫السل َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫[الروم‪:‬‬
‫ﲲ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ ﱠ ُّ‬ ‫ﲭﲯﲰﲱ ﲳ‬ ‫ﲮ‬ ‫ﲩﲪﲫﲬ‬
‫‪.]30‬‬
‫اعد عل ى فَس ِادها إن ك ان‬ ‫الفطْ رة إن ك ان ص احلاً‪ ،‬أو يس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫وامل َريب ه و ال ذي يُس اعد عل ى َن ِّو ه ذه َ‬
‫ود اإال ويولَد عل ى ِ‬
‫الفطْ َرة‪ ،‬فَأبواه يُ َه ِّودانِه‬ ‫مْنح ِرفاً‪ ،‬فعن أيب هريرة ‪ ‬ق ال‪ :‬ق ال رس ول اهلل ‪ ((:‬م ا ِم ن مول ٍ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬
‫حتسون فيها ِمن َج ْدعاء )) ‪.‬‬
‫(‪)296‬‬
‫يمة جَْعاء‪ ،‬هل ا‬
‫ميجسانِه‪ ،‬كما تُْنتِج الب ِه ِ‬
‫يمة َهب َ‬
‫َ َ‬ ‫صرانِه أو ِّ‬
‫أو يُنَ ِّ‬
‫الم َربي َوسائل ُمتَ َعد َدة‪ ،‬منها‪:‬‬
‫ولرعايَة التربيَة يُمكن أن يَسلُك ُ‬

‫‪ )295‬أخرجه البخ اري يف ص حيحه‪ ،‬كت اب اجلمع ة‪ ،‬ب اب‪ :‬اجلمع ة يف ال ُق رى وامل دن (‪ )379/2‬ب رقم (‪ ،)892‬وأخرج ه مس لم يف‬
‫ضيلة اإلمام العادل (‪ ،)1459/3‬برقم (‪.)1829‬‬ ‫صحيحه‪ ،‬كتاب اإلمارة‪ ،‬باب‪ :‬فَ ِ‬
‫ص لاى علي ه (‪ )219/3‬ب رقم (‪،)1358‬‬‫ات فَ َه ل يُ َ‬ ‫‪ )296‬أخرجه البخاري يف صحيحه‪ ،‬كت اب اجلن ائز‪ ،‬ب اب‪ :‬إذا أَ ْس لَم َّ ِ‬
‫يب فَم َ‬
‫الص ا‬
‫الفطْرة (‪ ،)2047/3‬برقم (‪.)2658‬‬ ‫ومسلم يف صحيحه‪ ،‬كتاب القدر‪ ،‬باب‪ :‬معىن كل مولود يولَد على ِ‬
‫اَ ُ‬
‫‪150‬‬
‫وخ ْل ِق ه وقُ ْد َرتِه‪ ،‬من ذ‬ ‫ِ‬
‫س يف نُف وس األبن اء والبَن ات اإلمي ا َن ب اهلل ع َّز وج ل‪ ،‬وبي ان َعظَ َمت ه َ‬ ‫ِ‬
‫أ‪ -‬أن يغ ر َ‬
‫الصغَر‪ ،‬باألسلوب ِ‬
‫املناسب هلم‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫الرس ول ‪ُ ((:‬م روا أَبْن اءَكم‬ ‫لوغ ِهم ِس ان التَّميِيز‪ ،‬كم ا ق ال َّ‬ ‫اهرة منذ ب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ب‪ -‬ترينُهم على العبادات الظا َ‬
‫املضاجع ))(‪.)297‬‬ ‫ِ‬ ‫وفرقوا بينهم يف‬ ‫بالصّلة لِ َسْبع‪ ،‬واضربوهم عليها لِ َع ْشر‪ِّ ،‬‬ ‫َّ‬
‫السلِيم‪ ،‬وك ذا ش يئاً ِم ن ُس نَّ ِة َّ‬
‫الرس ول‬ ‫يظ ِهم القرآ َن الكرمي‪ ،‬منذ بِدايَة نُطْ ِق ِهم النُّطْ َق َّ‬
‫حف ِ‬ ‫ج‪ -‬العِناية بِت ِ‬
‫َ َ‬
‫وسريتِه الطا ِ‬ ‫ِ‬
‫الص غَر تَ َراىب علي ه‬
‫لوب من ذ ِّ‬ ‫السنَّة النَّب ِويَّة إذا َع َمَرت ال ُق َ‬ ‫اهَرة‪َّ ،‬‬
‫فإن القرآ َن الكرمي و ُّ‬ ‫‪َ ‬‬
‫ِ‬
‫اجلن واإلن ‪.‬‬ ‫الطِّْفل‪ ،‬وابتَ َع َدت عنه َشيا ني ا‬
‫الص ْد َق يف‬
‫هامةَ و ِّ‬ ‫الص فات الطَيِّبَ ة‪ ،‬ف االبن يُعلَّ م ُّ‬ ‫د‪ -‬تع ِوي ُدهم األخ ّلق ِ‬
‫الش َ‬‫الرجولَ ة و َّ‬ ‫احلمي َدة و ِّ‬
‫الوق ار‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ب التَّض حيَة والف داء‪ ،‬وال َك رم‪ ،‬والبْن ت تُ َعل م احلش َمةَ واحلَي اء و َ‬ ‫الع َم ل‪َ ،‬و ُح ا‬ ‫ال َق ْول و َ‬
‫واألعمال املن ِزلِيَّةَ‪ ،‬وما يُّلئِ ُمها‪ ،‬وهكذا‪.‬‬
‫كل مبا َمنَ َحه اهللُ ِمن املو ِاهب وال ُقدرات‪ ،‬فالذي مييل مثّلً إىل األمور‬ ‫ذ‪ -‬تَ ْنميَة َمهاراِتم وقُدراِتم‪ ،‬ا‬
‫ِ‬
‫ناعيَّة تُن َّمى فيه هذه ِ‬
‫ب يف بِدايَة عُ ُم ِره‪ ،‬وهكذا‪.‬‬ ‫املوهبَة‪ ،‬ولو على شكل لُ َع ٍ‬ ‫الص ِ َ‬ ‫ِّ‬
‫وج ُههم إىل م ا‬ ‫الده‪ ،‬ويُ ِّ‬‫و‪ -‬مش ارَكة الوالِ َدين لِلولَ د يف جي ع أُم وِره؛ لِيطَّلِ ع الوالِ ُد عل ى أح و ِال أَو ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ُ‬
‫صلِح حاهلم‪ ،‬وكذا األ اُم مع بناِتا‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ويقوم ُسلوَك ُهم‪ ،‬ويُْرش ُدهم إىل ما يُ ْ‬ ‫يَْن َفعُ ُهم‪ِّ ،‬‬
‫ص ِد ِيقه س ْلباً وإياباً‪.‬‬ ‫ر‪ -‬اختِيار األَص ِدقاء الصاحلني لألوالد منذ ِصغَ ِرِهم‪ِ َّ ،‬‬
‫فالصديق يَتَأَثَّر بِ َ‬ ‫ا‬ ‫ْ‬
‫الع ْدل‪:‬‬ ‫‪َ -8‬‬
‫نفوسهم‪.‬‬ ‫كم حقوق األبناء والبنات الع ْدل بينهم دون تيي ٍز أو حماباة‪ ،‬فهذا له تَأْثِريه الع ِميق يف ِ‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫احلس د‪ ،‬وم ا يَتَ َرتَّب علي ه ِم ن أ َْعم ال‪،‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الس يِّئَة عل ى االب ن نفس ه‪ ،‬م ن إي اد احل ْق د و َ‬ ‫الع ْدل آث ُاره َّ‬ ‫ول َع َدم َ‬
‫أوالدكم ))(‪.)298‬‬ ‫اعدلوا بني ِ‬ ‫وقد قال رسول اهلل ‪ ((:‬اتَّقوا اهلل و ِ‬
‫َ‬
‫األسئلَة‪:‬‬
‫َوالد نِ ْع َمةٌ ِمن عند اهلل ؟‬ ‫س‪ :1‬بني كيف َّ‬
‫أن األ َ‬
‫الولَد ؟‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احلسنَة‪ ،‬ما تأثري االسم على َ‬
‫س‪ :2‬من حقوق األوالد التَّسميَة َ‬

‫الصّلة‪ ،‬باب‪:‬‬
‫بالصّلة (‪ ،)187/1‬برقم (‪ ،)459‬والّتمذي كتاب ا‬ ‫الصّلة‪ ،‬باب‪ :‬م يُ َمر الغّلم َّ‬ ‫‪ )297‬أخرجه أبو داود‪ ،‬كتاب َّ‬
‫وحسنَه النَّوِوي يف ِرياض ا‬
‫الصاحلني‪.‬‬ ‫بالصّلة (‪ ،)259/2‬برقم (‪َّ ،)407‬‬ ‫يب َّ‬ ‫ما جاء م يُ ْ َمر َِّ‬
‫الص ا‬
‫األوالد يف ِاهلبَة (‪ ،)1242/3‬برقم (‪.)1633‬‬
‫ِ‬ ‫ضيل بعض‬ ‫‪ )298‬رواه مسلم يف صحيحه‪ ،‬كتاب اهلبات‪ :‬باب‪َ :‬كراهة تَ ْف ِ‬
‫َ‬
‫لّلستِز َادة يف أحكام األوالد يُنظر‪ :‬حتفة املولود لإلمام ابن قيم اجلوزية‪.‬‬
‫‪151‬‬
‫َوالد ِها ؟‬
‫س‪ :3‬اذ ُكر بعضاً ماا ينبغِي أن يسلُ َكه الوالِدان يف تَربِية أ ِ‬
‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬

‫‪152‬‬
‫آفات اللسان‬
‫ُ‬
‫اللسا ُن نع َمةٌ‪:‬‬
‫ِمن نِ َع ِم اهللِ تع اىل وآالئِه عل ى اإلنس ان م ا َرَزقَه ِم ن َج وارِح يف بَ َدنِه‪ ،‬يَ ْس تَ ْخ ِد ُمها فيم ا ش اءَ ِم ن قَض ِاء‬
‫وم ن ه ِذه اجلَوارِح اللِّس ان‪ ،‬تل ك األداة امل ِه َّم ة‪،‬‬ ‫حوائِ ِج ه‪ ،‬ويس ِّخرها يف اع ة ربِّه‪ ،‬ب دون أن ميُن علي ه أَح ٌد‪ِ ،‬‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬
‫اضه‪ ،‬ي ت َكلَّم بِه‪ ،‬وي ِ‬ ‫الفاعلَة‪ ،‬الذي ي ع ِّب به املرء عما ي ِريد‪ ،‬ويست ِ‬ ‫واآللَة ِ‬
‫نادي بِه‪ ،‬ويُ َع ِّب ع ن‬ ‫ُ‬ ‫ب أَ ْغر ِ ََ‬ ‫خد ُمه يف َلَ ِ‬ ‫َ َْ‬ ‫ُ ا ُ‬ ‫َُ‬
‫آرائِه وأَفْكا ِره بِو ِ‬
‫ص ح ويُ َو ِّج ه ويرش د‪ ،‬وي ُأمر ب املعروف وينه ى ع ن املنك ر‪،‬‬ ‫اسطَته‪ ،‬وبِه يَ ْقرأ َك َ‬
‫ّلم َم ْواله‪ ،‬وب ه يَْن َ‬ ‫َ‬
‫وغري ذلك‪.‬‬
‫حفظ اللسان‪:‬‬
‫َّحذير ِمن استِغّللِه بِالشاَّر‬
‫وح ْف ِظه‪ ،‬والت ِ‬
‫جاءت النُّصوص الكثرية من القرآن والسنَّة بِبيان أهِّيَّة اللِّسان ِ‬
‫ا َ‬
‫طق بِه اإلنسان‪:‬ﭐﱡﭐ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ‬ ‫ّلم الذي ي ْن ِ‬‫اعه وصنوفِه‪ ،‬يقول اهلل تعاىل مبيناً أهِّيَّة ال َك ِ‬
‫بأنو ِ‬
‫َ‬ ‫َُ‬ ‫ُ‬
‫سبحانَه‪ :‬ﭐﱡﭐ ﱍ ﱎ ﱏ ﱠ [آل عمران‪ ،]181 :‬ويقول أيضاً‪ :‬ﱡﭐ ﲏ ﲐ‬
‫ﱡ ﱠ ﭐ [ق‪ ،]18 :‬ويقول ُ‬
‫ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ ﱠ [النُّور‪ ،]15 :‬ويقول‬
‫شغِل هبا اللِّسان‪:‬ﭐﱡﭐ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ‬
‫بعض ُسبُ ِل اخل ِري اليت يَْنبَغِي أن يَْن َ‬
‫ضحاً َ‬
‫سبحانه ُم َو ِّ‬
‫ﱑﱓﱔﱕﱖﱗﱘﱙﱚﱛ‬
‫ﱒ‬ ‫ﱊﱋﱌﱍﱎﱏﱐ‬
‫السّلم‪َّ ((:‬‬
‫إن‬ ‫الصّلة و َّ‬‫الع ِمي َقة‪ ،‬فيقول عليه َّ‬‫آثارها َ‬‫الرسول ‪َ ‬‬ ‫ﱜ ﱠ [النِّساء‪ ،]114 :‬ولِعِظَم ال َكلِ َمة يُبَ ِّني َّ‬
‫الر ُج َل لَيَتَ َكلَّم بِال َكلِ َمة ما يَتَبَ َّني ما فيها يَِزل هبا يف الناا ِر أَبْ َعد ما بني املش ِرِق واملغ ِرب ))(‪.)299‬‬ ‫َّ‬
‫لم ْرِء أن ي افِ َ عل ى لِس انِه‪ ،‬و اأال يَ تَ َكلَّم اإال مب ا ه و َح ق ِم ن ِذ ْك ِر اهللِ تع اىل‪ ،‬وقِ راءَة‬ ‫ِ ِ‬
‫وعلي ه فَيَ ْنبَغ ي ل َ‬
‫صص ُم ِف َ‬
‫يدة‪ ،‬وَك ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ّلم ُمباح‪ ،‬وغريها‪.‬‬ ‫ّلح بني النااس‪ ،‬وإرشاد هلم وتَ ْوجيه‪ ،‬وقَ َ‬ ‫وإص ِ‬ ‫كتابِه‪ْ ،‬‬
‫الصمت وفَوائده‪:‬‬
‫الر ِاش د يف اس تِ ْغّللِه مب ا ه و ُم ِفي د‪ ،‬ف إن مل يَ ُك ن ك ذلك ف ّل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ ِ‬
‫ولعظَم أَثَ ِر اللِّس ان يُ َو ِّج ه اإلس ّلم تَوج َيه ه ا‬
‫ول اهللِ ‪ ‬ق ال‪َ ((:‬م ن ك ان‬ ‫أن رس َ‬ ‫يحني َّ‬ ‫السكوت‪ ،‬وع َدم النُّطْ ِق مبا ال ي ِفيد‪ ،‬ج اء يف َّ ِ‬ ‫أَقَ ال ِمن ِح ْف ِظه بِ ُّ‬
‫الص ح َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ص ُمت ))(‪.)300‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬
‫ي من باهلل واليوم اآلخر فَ ْليَ ُقل َخ ْرياً أو ليَ ْ‬

‫الرق اق‪ ،‬ب اب‪ِ :‬ح ْف اللِّس ان (‪ ،)308/11‬ب رقم (‪ ،)6477‬وأخرج ه مس لم يف‬ ‫) أخرج ه البخ اري يف ص حيحه‪ ،‬كت اب ا‬
‫‪299‬‬

‫الزهد‪ ،‬باب‪ :‬التَّ َكلام بِال َكلِ َمة يَ ْه ِوي هبا يف الناار (‪ ،)2290/4‬برقم (‪.)2988‬‬
‫صحيحه‪ ،‬كتاب ا‬
‫الض يف ِ‬
‫وخ ْد َمت ه‪ ،‬ب رقم (‪ ،)6235‬وأخرج ه مس لم يف ص حيحه‪،‬‬ ‫) أخرجه البخاري يف صحيحه‪ ،‬كت اب األَ َدب‪ ،‬ب اب‪ :‬إك رام َّ ْ‬
‫‪300‬‬

‫الضْيف (‪ ،)69/1‬برقم (‪.)48‬‬ ‫ث على إكرام اجلار و َّ‬ ‫كتاب اإلميان‪ ،‬باب‪ :‬احلَ ا‬
‫‪153‬‬
‫ويف ح ِديث مع اذ ب ن جب ل ‪ ‬لَم ا أخ به النَّ يب ‪ ‬مب ا ي ْد ِخل اجلنَّ ةَ وي ِ‬
‫باع د ِم ن النا ا ِر‪ ،‬وأخ َبه بِأَبْو ِ‬
‫اب‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ا َ ُّ‬ ‫ََ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ّلك ذل ك كلاه )) ق ال مع اذ‪ :‬قل ت بل ى ي ا‬ ‫نامه‪ ،‬قال له‪ ((:‬أَال أُخ ِبُكم ِمبَ ِ‬ ‫اخل ِري‪ ،‬ورأْس األَمر وع ِ‬
‫موده و َذروة س ِ‬
‫ْ‬ ‫َْ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬
‫اخ ذو َن مب ا نَ تَ َكلَّم ب ه‪ ،‬فق ال‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أخذ بِلسانه فق ال‪ُ ((:‬ك َّ‬ ‫نَِ ِ‬
‫يب اهلل‪ ،‬وإناا لَ ُم َ‬ ‫ف علي ك ه ذا )) فقل ت‪ :‬ي ا نَِ َّ‬ ‫يب اهلل‪ ،‬فَ َ‬
‫َّ‬
‫اخ ِرهم ‪ -‬اإال َحص ائِد‬ ‫وه ِهم ‪ -‬أو عل ى من ِ‬ ‫‪ ((:‬ثَ ِكلَْتك أ ُُّمك يا معاذ‪ ،‬وه ل ي ُك ب النااس يف الناا ِر عل ى وج ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ا َ‬ ‫ُ‬
‫َلسنَتِ ِهم ))(‪.)301‬‬
‫أِ‬
‫أن س فيا َن ب ن عب د اهلل الثَّ َق ِ‬ ‫وروى ِّ ِ‬
‫َخ َوف م ا ُت اف ؟‬ ‫يب ‪ ‬فق ال‪ ((:‬م ا أ ْ‬ ‫ا‬ ‫َّ‬
‫ن‬ ‫ال‬ ‫أل‬
‫َ‬ ‫س‬ ‫‪‬‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫الّتم ذي َّ ُ‬
‫فسه))‪ ،‬مث قال‪ ((:‬هذا ))(‪.)302‬‬ ‫فأخ َذ بِلِ ِ‬
‫سان نَ ِ‬
‫َ‬
‫اظ ِج اداً‪ ،‬لك ن نَتائِ َجه ا‬ ‫إن بع ض ال َكلِم ات قَلِيلَ ة األَلْف ِ‬ ‫ِ‬
‫ه ذه الناص وص وغريه ا تُبَ ِّني َخطَر ال َكل َم ة؛ إذ َّ َ‬
‫َخ ِط َرية‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫االستِ ْهزاء بِ ِدي ِن اهللِ‪ ،‬أو كِتابِه‪ ،‬أو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أ‪ -‬أنَّه قد تُوِرد صاحبَها النا َار والعياذ باهلل‪ ،‬مثل الش ِّْرك باهلل‪ ،‬أو ْ‬
‫َرسولِه ‪.‬‬
‫يم ة‪ ،‬والك ذب‪ ،‬وق ول ال ُّزور‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب‪ -‬أن ه ق د يُعاقَ ب عليه ا ص احبها يف اآلخ رة‪ ،‬مث ل‪ :‬الغيبَ ة‪ ،‬والنَّم َ‬
‫وغريه‪.‬‬
‫الش ْتم‪ ،‬م ع‬‫ب و َّ‬
‫بالس ِّ‬
‫الدنيا‪ ،‬كال َق ْذف مثّلً‪ ،‬أو االعتداء على اآلخرين َّ‬ ‫ج‪ -‬أنَّه قد يُعاقَب عليها يف ُّ‬
‫ما ِ‬
‫يده يف اآلخرة‪.‬‬
‫من آفات اللسان‪:‬‬
‫الرَدى َكثِ َرية‪ ،‬نذ ُكر منها ما يلي‪:‬‬ ‫آفات اللِّسان اليت تُوِرُده املوا ِرد وتَ ُز ُّجه يف َمها ِوي َّ‬
‫ُ‬
‫‪ -1‬الشِّرك باهلل‪ ،‬أو ما يُ َ ِّدي إليه‪:‬‬
‫بألفاظ ِشركِيَّة‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫وهذا ِمن أعظم آفات اللِّسان‪ ،‬فقد يت َكلَّم املرء بِ َكلِم ٍة و ِ‬
‫اح َدةٍ تُ ْد ِخله النا َار‪ ،‬كأن يَتَ لَ َّف‬ ‫ُ َ‬
‫َّحك‪ ،‬يقول اهلل تعاىل‬ ‫بالرسول ‪ ‬ولو على سبِيل املزاح والض ِ‬
‫َ‬ ‫مثل االستِهزاء بِ ِدي ِن اهللِ تعاىل‪ ،‬أو بالقرآن‪ ،‬أو َّ‬
‫ك ْفر َمن َع ِمل مثل ذلك‪ :‬ﭐﱡﭐ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ‬
‫ﱩﱫ‬ ‫ﱪ‬
‫ُمبَ يِّناً ُ َ‬
‫ﱹﱻﱼ‬
‫ﱺ‬ ‫ﱬﱭﱮﱯﱰﱱﱲﱳﱴﱵﱶﱷﱸ‬

‫أخرجه النَّسائِي يف الكبى‪ ،‬كتاب‬


‫الصّلة (‪ ،)11/5‬برقم (‪ ،)2616‬و َ‬
‫الّتمذي‪ ،‬يف أبواب اإلميان‪ ،‬باب‪ :‬ما جاء يف ُح ْرمة َّ‬
‫‪ )301‬رواه ِّ‬
‫ص ِحيح‪.‬‬ ‫فسري‪ ،‬باب‪ :‬قوله تعاىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ ﱠ (‪ )428/6‬برقم (‪ ،)11394‬وقال ِّ ِ‬
‫الّتمذي‪َ :‬ح َسن َ‬
‫التَّ ِ‬
‫ص ِحيح "‪.‬‬
‫الزهد‪ ،‬باب‪ :‬ما جاء يف حف اللِّسان (‪ )607/4‬برقم (‪ )2410‬وقال‪ ":‬حديث َح َسن َ‬ ‫‪ )302‬رواه الّتمذي‪ ،‬كتاب ُّ‬
‫‪154‬‬
‫ﲇﲉﲊﲋﲌﲍ‬
‫ﲈ‬ ‫ﱽ ﱾﱿﲀﲁﲂﲃﲄﲅ ﲆ‬

‫ﲐ ﲑ ﲒ ﱠ [التَّوبة‪.]66 – 64 :‬‬ ‫ﲎﲏ‬


‫الش رك األص غَر‪ ،‬ال ذي ه و أك ب الكب ائر‪ ،‬ولكنَّ ه ال يُ َ ِّدي إىل الكف ر املخ رِج ع ن‬ ‫الش رك‪ِّ :‬‬ ‫وم ن أن وا ِّ‬ ‫ِ‬
‫امللَّ ة‪ ،‬مث ل‪ :‬احلَلِ ف بِغَ ِْري اهللِ‪ ،‬وقَ ْول‪ :‬م ا ش اء اهلل وش اءَ فُّلن‪ ،‬وق ول‪ :‬ل وال اهلل ول وال ف ّلن‪ ،‬وغريه ا‪ ،‬فَيَ ْح َذر‬
‫الوقو يف مثل هذا‪.‬‬ ‫ِ ِ‬
‫امل من من ُ‬
‫‪ -2‬ال َك ِذب‪:‬‬
‫َش اد أن وا اآلث ام‬ ‫ات اللِّس ان‪ِ ،‬‬‫ّلف الواقِ ع‪ ،‬وه و ِم ن أَخطَ ر آف ِ‬
‫يء ِب ِ‬ ‫الش ِ‬
‫وم ن أ َ‬ ‫ْ‬ ‫وه و اإلخب ُار ع ن َّ‬
‫ك ِذب عل ى رس ولِه ‪ ‬ق ال تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ‬ ‫واملعاص ي‪ ،‬وأش اده ال َك ِذب عل ى اهلل تع اىل‪ ،‬وال َ‬
‫بحانَه‪:‬ﭐﱡﭐ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ‬ ‫ﲅ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﱠ [األنع ام‪ ،]21 :‬وق ال س‬
‫ﲆ‬ ‫ﲁﲂﲃﲄ‬
‫ﲨ ﲪﲫﲬﲭﲮﲯ‬
‫ﲩ‬ ‫ﲟﲠﲡﲢﲣﲤﲥﲦﲧ‬

‫ﲰ ﲱ ﱠ [النَّحل‪.]116 :‬‬
‫يب ‪ ((:‬ال تَ ْك ِذبوا َعلَ َّي‪ ،‬فإنَّ ه َم ن َك َذب عل َّي فَ ْل يَلِ ِج‬ ‫الش يخان ع ن عل ي ‪ ‬ق ال‪ :‬ق ال النَّ ا‬ ‫وروى َّ‬
‫النا َار))(‪.)303‬‬
‫وع ن س لَمة ب ن األك و ‪ ‬ق ال‪ :‬سع ت رس ول اهلل ‪ ‬يق ول‪َ ((:‬م ن يَ ُق ل عل َّي م ا مل أَقُ ل‪ ،‬فليتَبَ َّوأ‬
‫مقع َده ِمن الناار ))(‪.)304‬‬
‫َ‬
‫اس‪ ،‬روى أص حاب‬ ‫إض حاك النا ِ‬ ‫الس ْخ ِريَّة أو ْ‬‫اس‪ ،‬ول و عل ى َس بِ ِيل ُّ‬ ‫ومن أنوا ال َك ِذب‪ :‬ال َك ِذب على النا ِ‬ ‫ِ‬
‫ك بِ ه ال َق ْوم‪َ ،‬ويْ ٌل ل ه‪َ ،‬ويْ ل ل ه))‬ ‫ض ِح َ‬ ‫يث لِيُ ْ‬‫ول اهللِ ‪ ‬ق ال‪ ((:‬وي ل لِم ن ي دِّث بِاحل ِد ِ‬
‫َْ َ‬ ‫الس نَن َّ‬
‫أن َرس َ‬ ‫ُّ‬
‫(‪.)305‬‬
‫يم ة‪ ،‬وعاقِبتُه‬ ‫ِ‬
‫يجتُه َوخ َ‬
‫ِ‬
‫كل هذا نَت َ‬ ‫ِ‬
‫احملادثَة وغريها‪ ،‬و ا‬‫الشراء و َ‬ ‫ومن ال َك ِذب على النااس‪ :‬ال َك ِذب يف البَ ْيع و ِّ‬ ‫ِ‬
‫ب يَ ْه ِدي إىل ال ُفج وِر‪ ،‬وال ُفج ور يَ ْه ِدي إىل النا ار‪ ،‬وال َك اذاب في ه‬ ‫ول ‪ ‬ب َّ ِ‬
‫أن ال َك ذ َ‬ ‫الرس ُ‬‫َس يِّئَة‪ ،‬كم ا أخ َب َّ‬
‫ني‪.‬‬ ‫خصلَة ِمن ِخ ِ ِ ِ‬
‫صال املنافق َ‬ ‫َ ْ‬

‫يب (‪ )199/1‬برقم (‪ ،)106‬وأخرجه مسلم يف‬ ‫) أخرجه البخاري يف صحيحه‪ ،‬كتاب العلم‪ ،‬باب‪ :‬إمث َمن َك َذب على النَّ ا‬
‫‪303‬‬

‫صحيحه‪ ،‬يف ُم َق ِّد َمتِه (‪ )9/1‬برقم (‪.)1‬‬


‫‪ )304‬أخرجه اإلمام أةد يف مسنده (‪.)74/4‬‬
‫الّتِم ِذي‪ ،‬كتاب ُّ‬
‫الزهد‪،‬‬ ‫شديد يف ال َك ِذب (‪ )715/2‬برقم (‪ ،)4989‬وأخرجه ِّ‬ ‫‪ )305‬أخرجه أبو داود‪ ،‬كتاب األدب‪ ،‬باب‪ :‬يف التَّ ِ‬
‫ض ِحك ِهبا النااس (‪ ،)483/4‬برقم (‪.)2315‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يمن تَ َكلَّم بِ َكل َم ِة يُ ْ‬
‫باب‪ :‬ف َ‬
‫‪155‬‬
‫يمة‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪ -3‬الغْيبَة والنَّم َ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احلسنات وتأ ُكّلاا كما تَأ ُكل الناار احلطَ َ‬ ‫حتصدان َ‬ ‫يمة آفَتان َخط َريتان‪ُ ،‬‬ ‫الغيبَة والنَّم َ‬
‫والغِيبَة هي‪ِ :‬ذ ْك ُرك أ َ‬
‫َخاك مبا يَكَْره‪.‬‬
‫اس ب عضهم إىل ب عض على ِجهة اإلفْ ِ‬ ‫َّميمة‪ :‬نَ ْقل َك ِ‬‫ِ‬
‫ساد بَْي نَهم‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫ّلم النا ِ َ ْ‬ ‫والن َ‬
‫َحق ِاد و َّ‬
‫الض غائِن‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وكّلها َوَرَد التَّحذير منهما أاميا َحتذير لم ا يَْن تُج م ن آث ار س يِّئَة‪ ،‬ونَت ائ َج َخط َرية م ن األ ْ‬
‫ﱒﱔﱕﱖ‬ ‫ﱓ‬ ‫الش حناء‪ ،‬يق ول اهلل تع اىل‪:‬ﭐﱡ ﱏ ﱐ ﱑ‬ ‫وفَس ِاد ال ُقل وب والبَ ْغض اء و َّ‬
‫ﱞ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱠ [احلجرات‪.]12 :‬‬ ‫ﱛﱝ ﱟ‬ ‫ﱜ‬ ‫ﱗﱘﱙﱚ‬

‫ويقول سبحانه‪:‬ﭐﱡﭐ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱠ [اهلمزة‪.]1 :‬‬


‫ص َرية‪ ،‬فق ال‪:‬‬ ‫وعن عائشة رضي اهلل عنها قالت‪ :‬قلت للنايب ‪ :‬حسبك ِم ن ص ِفيَّة ك ذا وك ذا‪ ،‬تع ن قَ ِ‬
‫َ‬ ‫َْ‬ ‫ا‬
‫ت َكلِمةً لو م ِزجت ِ‬
‫مباء البَ ْح ِر لَ َمَز َجْته )) ‪.‬‬
‫(‪)306‬‬ ‫((لََق ْد قُ ْل ِ‬
‫َ ُ َ‬
‫رسول اهلل ‪ ‬يقول‪ ((:‬ال يَ ْد ُخل اجلنَّةَ قَتاات ))(‪.)307‬‬ ‫وعن ُح َذيْ َفة ‪ ‬قال‪ :‬سعت َ‬
‫َّمام‪.‬‬
‫وال َقتاات‪ :‬الن ا‬
‫الزور‪:‬‬
‫‪ -4‬قَ ْول ا‬
‫ص ُفه ِب ّلف ِص َفتِه ح َّ َُييَّ َل إىل َم ن يَ ْس َمعه أو يَراه أنَّه ِخ ّلف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وو ْ‬
‫الزور يف األصل‪ :‬حتسني الشَّيء َ‬ ‫و ُّ‬
‫الّتِهي ب ِم ن اقِّتافِ ه يف‬
‫م ا ه و ب ه‪ ،‬وعلي ه فَ ُك ال م ا ه و با ِ ٌل ِم ن ال َك ّلم يُ َع اد ُزوراً‪ ،‬وق د َوَرد التَّح ِذير من ه و َّ‬
‫الس نَّة‪ ،‬ق ال تع اىل ع ن ِص فات امل منني‪ :‬ﱡﭐ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﱠ [الفرق ان‪ ،]72 :‬وق ال‬ ‫ال ُق رآن و ُّ‬
‫[احلج‪.]30 :‬‬ ‫ِّ ِ‬
‫الوقو فيه‪:‬ﭐﱡﭐ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿﱠ ا‬ ‫تعاىل حمَذراً من ُ‬
‫يب ‪ ((:‬أَال أُنَبِّ ئُكم بِ أَ ْك َب ال َكب ائِر ؟)) ثَّلث اً‪ ،‬ق الوا‪ :‬بل ى ي ا رس ول‬
‫وع ن أيب بك رة ‪ ‬ق ال‪ :‬ق ال النَّ ا‬
‫اهلل‪ ،‬ق ال‪ ((:‬اإلش راك ب اهلل‪ ،‬وعق وق الوالِ َدين ))‪ ،‬وجلَ وك ان مت ِ‬
‫َّكئ اً‪ ،‬فق ال‪ ((:‬أََال وقَ ْوَل ال ُّزور )) فم ا زال‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫يُ َكِّررها ح قلنا‪ :‬لَْيتَه َس َكت (‪.)308‬‬
‫‪ -5‬ال َق ْذف‪:‬‬

‫‪ )306‬أخرجه أبو داود‪ ،‬كتاب األدب‪ ،‬باب‪ :‬الغِيبَة (‪ ،)685/2‬وأخرجه ِّ‬


‫الّتمذي‪ ،‬كتاب القيامة‪ ،)570/4( ،‬برقم (‪.)2502‬‬
‫الرج ل‪َ :‬ويْلَ ك (‪ ،)552/10‬ب رقم (‪ ،)6162‬وأخرج ه مس لم يف‬
‫) أخرج ه البخ اري‪ ،‬كت اب األدب‪ ،‬ب اب‪ :‬م ا ج اء يف ق ول َّ‬
‫‪307‬‬

‫يف منه فِْت نَة على املمدوح (‪ ،)2296/4‬برقم (‪.)3000‬‬ ‫ِ‬


‫الزهد‪ ،‬باب‪ :‬النَّهي عن املدح إذا كان فيه إفراط وخ َ‬
‫صحيحه‪ ،‬كتاب ُّ‬
‫الزور (‪ ،)261/5‬برقم (‪ ،)2654‬وأخرجه مسلم‬
‫هادة ُّ‬
‫الشهادات‪ ،‬باب‪ :‬ما قيل يف َش َ‬ ‫‪ )308‬أخرجه البخاري يف صحيحه‪ ،‬كتاب َّ‬
‫يف صحيحه‪ ،‬كتاب اإلميان‪ ،‬باب‪ :‬بَيان ال َكبائِر (‪ ،)91/1‬رقم (‪.)87‬‬
‫‪156‬‬
‫الزنا وحن ِوه‪ ،‬كأن يقول‪ :‬يا زاِن‪ ،‬أو ابن ال زاِن‪ ،‬أو ي ا لُو ِ ي‪ ،‬وه ذه ِم ن آف ِ‬
‫ات‬ ‫آلخَر بِ ِّ‬ ‫وهو َرْمي َش ْخ ٍ‬
‫ا‬ ‫ص َ‬
‫ِ‬
‫اآلخ رة‪ ،‬ق ال تع اىل‪:‬ﭐ‬ ‫ِ ِ َّ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِّ‬
‫اللسان اخلطرية‪ ،‬وكبرية من كبائر الذنوب‪َ ،‬توعَّد اهللُ تعاىل فاعلَه ب الل ْعن يف ال دُّنيا و َ‬
‫ﱡﭐ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ‬

‫ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﱠ [النُّور‪.]24 - 23 :‬‬
‫ف‬‫الس ْبع املوبِق ات ))‪ ،‬وذَ َك ر منه ا‪ ((:‬قَ ْذ ُ‬ ‫يب ‪ ((:‬اجتَنِب وا َّ‬ ‫وع ن أيب هري رة ‪ ‬ق ال‪ :‬ق ال النَّ ا‬
‫نات الغافِّلت ))(‪.)309‬‬ ‫ال محصنات امل ِم ِ‬
‫ُْ َ‬
‫السباب والشَّتائِم‪:‬‬
‫‪ -6‬ال ُف ْحش و ِّ‬
‫ص ى علي ه َكلِماتُه وألفاظُه‪،‬‬ ‫العْبد؛ َّ‬
‫ألن اإلنسا َن ُي َ‬ ‫ياسب عليها َ‬
‫ِ‬
‫وهذه من آفات اللِّسان اخلط َرية‪ ،‬اليت َ‬
‫ِ‬
‫قال تعاىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱠ [ق‪.]18 :‬‬
‫ِ‬
‫ض ل ؟ ق ال‪:‬‬ ‫أي املس ل ِمني أَفْ َ‬
‫ول اهلل‪ ،‬ا‬ ‫الش يخان ع ن أيب موس ى األش عري ‪ ‬ق ال‪ :‬قل ت‪ :‬ي ا رس َ‬ ‫وروى َّ‬
‫((من َسلِ َم املسلِمو َن ِمن لِسانِه ويَ ِده ))(‪.)310‬‬
‫َ‬
‫ض َمن ل ما بني حليَ ْي ه وم ا ب ني ِر ْجلَْي ه أ ْ‬
‫َض َمن‬ ‫رسول اهلل ‪ ‬قال‪َ ((:‬من يَ ْ‬ ‫وعن س ْهل بن سعد ‪ ‬عن ِ‬
‫َ‬
‫(‪)311‬‬
‫له اجلنَّة )) ‪.‬‬
‫ألخي ه ي ا ك افِر‪ ،‬فق د‬ ‫ول اهلل ‪ ‬ق ال‪َّ ((:‬أمي ا رج ٍل ق ال ِ‬
‫َُ‬ ‫وعن عب د اهلل ب ن عم ر رض ي اهلل عنهم ا َّ‬
‫أن رس َ‬
‫وإال َر َج َعت إليه ))(‪.)312‬‬
‫باءَ هبا أحدها‪ ،‬إن كان كما قال ا‬
‫َّحاك ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪ ((:‬لَ ْعن امل ِمن َك َقْتلِه ))(‪.)313‬‬ ‫وعن ثابِت بن الض ا‬
‫احش‪ ،‬وال‬ ‫وعن ابن مسعود ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪ ((:‬ل ي امل ِمن بِالطَّع ان‪ ،‬وال اللَّع ان‪ ،‬وال الف ِ‬
‫ا‬ ‫ا‬
‫البَ ِذيء ))(‪.)314‬‬

‫تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱠ‬ ‫‪ )309‬أخرج ه البخ اري يف ص حيحه (‪ ،)393/5‬كت اب الوص ايا‪ ،‬ب اب‪ :‬قَ ْول اهلل‬
‫أكب ال َكبائِر (‪ ،)92/1‬برقم (‪.)89‬‬
‫[النِّساء‪ ،]10 :‬برقم (‪ )2766‬وأخرجه مسلم يف صحيحه‪ ،‬كتاب اإلميان‪ ،‬باب‪ :‬بَيان َ‬
‫أي اإلسّلم أَفْضل (‪ ،)54/1‬برقم (‪ ،)11‬وأخرجه مسلم يف صحيحه‪،‬‬ ‫) أخرجه البخاري يف صحيحه‪ ،‬كتاب اإلميان‪ ،‬باب‪ :‬ا‬
‫‪310‬‬

‫فاضل اإلسّلم (‪ ،)66/1‬برقم (‪.)42‬‬


‫كتاب اإلميان‪ ،‬باب‪ :‬بَيان تَ ُ‬
‫الرفاق‪ ،‬باب‪ِ :‬ح ْف اللِّسان (‪ ،)308/11‬برقم (‪.)6474‬‬ ‫) رواه البخاري يف صحيحه‪ ،‬كتاب ِّ‬
‫‪311‬‬

‫‪ )312‬أخرجه البخاري يف صحيحه‪ ،‬كتاب األدب‪ ،‬باب‪َ :‬من أك َفر أخاه بغري تأويل فهو كما قال (‪ )514/10‬برقم (‪،)6104‬‬
‫حال َمن قال ألخيه املسلِم يا كافِر (‪ )79/1‬برقم (‪.)60‬‬ ‫وأخرجه مسلم يف صحيحه‪ ،‬كتاب اإلميان‪ ،‬باب‪ :‬بيان ِ‬
‫َ‬
‫الس باب واللِّع ان (‪ )465/1‬ب رقم (‪ ،)6047‬وأخرج ه‬‫) أخرج ه البخ اري يف ص حيحه‪ ،‬كت اب األدب‪ ،‬ب اب‪ :‬م ا يُْن َه ى ع ن ِّ‬
‫‪313‬‬

‫مسلم‪ ،‬كتاب اإلميان‪ ،‬باب‪ :‬غل حترمي قتل اإلنسان نَ ْف َسه (‪ )104/1‬برقم (‪.)110‬‬
‫‪157‬‬
‫ص و َن لِس انَه‪ ،‬وأن يُ َع ِّوَده عل ى ال تَّلَ ُّف‬ ‫ِ‬
‫لمس لم أن ي َذر م ن ه ذه اآلف ات وغريه ا‪ ،‬وأن يَ ُ‬
‫وبعد‪ :‬فَينبغِ ي لِ ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫يحة‪ ،‬وال َكّلم املباح‪ ،‬أو لِيَ ْس ُكت‪.‬‬ ‫ِ‬
‫َّع َوة‪ ،‬والنَّص َ‬
‫ِ‬ ‫مبا يَستَ ِفيد منه‪ِ ،‬من ِّ‬
‫الذ ْكر‪ ،‬وقراءَة القرآن‪ ،‬والدُّعاء‪ ،‬والد ْ‬ ‫ْ‬
‫األسئلَة‪:‬‬
‫ضح ذلك بأمثِلَة ما تَع ِرفه يف واقِع احلياة‪.‬‬ ‫الصمت حمموداً ؟ وم يكون َمذموماً ؟ َو ِّ‬ ‫س‪ :1‬م يكون َّ‬
‫اهَرة ِمن اجملتمع ؟‬‫س‪ِ :2‬من أكثر آفات اللِّسان انتِشاراً الغِيبة‪ ،‬ما احللول اليت تَراها إلزالَِة هذه الظا ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫س‪ :3‬ما أ َْعظَم أَنْوا ال َك ِذب ؟ استَ ْش ِهد لِما تقول ببعض األ َِدلَة‪.‬‬

‫الصلَة‪ ،‬باب‪ :‬ما جاء يف اللَّ ْعنَة (‪ )308/4‬برقم (‪.)1978‬‬ ‫‪ )314‬أخرجه الّتمذي‪ ،‬كتاب ِ‬
‫البا و ِّ‬
‫‪158‬‬
‫اضها‬
‫لوب وأَمر ُ‬
‫ال ُق ُ‬
‫ال َقلب وأ ََهميتُه‪:‬‬
‫يء يف اإلنس ان‪ ،‬وحبياتِ ه َحي اة البَ َدن‪ ،‬ومبوتِ ه َم ْوت البَ َدن‪ ،‬وألج ِل ه ذه املكانَ ِة‬ ‫ال َق ْل ب ه و أَ ْش رف ش ٍ‬
‫َ َ‬
‫َّرعيَّة ال َكثِ َرية بِ ِذ ْك ِره‪ ،‬والتَّن ِويه مبكانَتِه‪.‬‬
‫ب جاءت النُّصوص الش ِ‬
‫َ‬
‫الع ِظيمة لِْل َق ْل ِ‬
‫َ َ‬
‫ﱗ ﱘ ﱠ [ق‪.]37 :‬‬ ‫تعاىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ‬ ‫قال‬
‫[احلج‪.]46 :‬‬
‫ﳃﳄﳅﳆﳇﳈﳉﳊﳋﱠ ا‬ ‫وقال‪:‬ﭐﱡﭐ ﳂ‬

‫وقال‪:‬ﭐﱡﭐ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟ ﲠ ﱠ [األحزاب‪.]5 :‬‬


‫اجلس ِد ُم ْ‬
‫ض غَةً‪ ،‬إذا‬ ‫وإن يف َ‬ ‫ا‬
‫ويف حديث النُّعم ان ب ن بَ ِش ري رض ي اهلل عنهم ا َّ‬
‫أن النَّيب ‪ ‬ق ال‪ ...((:‬أال َّ‬
‫صلَحت صلح اجلس ُد كلُّه‪ ،‬وإذا فَس َدت فَسد اجلسد ُكلاه‪ ،‬أال ِ‬
‫وهي ال َق ْلب ))(‪.)315‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬
‫ال َقلب ال يَثبُت على حال‪:‬‬
‫ف باإلنسان أَطواراً‪.‬‬ ‫ب إال من تَ َقلبه والرأي يَصر ُ‬ ‫ما ُسم َي ال َقل ُ‬
‫فال َق ْل ب ال ي ثْب ت عل ى ح ٍال‪ ،‬ول ذلك ك ان النَّ يب ‪ ‬يكْثِ ر ِم ن ال َق ول‪ ((:‬ي ا م َقلِّ ب ال ُقل ِ‬
‫وب ثَبِّ ت قَ ْل ِيب‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ا ُ‬ ‫َُ‬
‫وب‬
‫إن ال ُقل َ‬ ‫رسول اهلل‪ ،‬آمناا بِك ومبا ِجْئت به‪ ،‬فهل ُتاف َعلَْينا ؟ قال‪ ((:‬نع م‪َّ ،‬‬ ‫على ِدينِك ))‪ ،‬فقيل له‪ :‬يا َ‬
‫بني أُصبَ َع ْني ِمن أَصابِع اهللِ يُ َقلِّبُها كيف يَشاء ))(‪.)316‬‬
‫صالح ال َقلب‪:‬‬ ‫الدعاء ب َ‬
‫ت اهللُ قَ ْلبَ ه‪ ،‬ق ال تع اىل خم ِباً ع ن ُدع ِاء‬ ‫ولِم ا علي ه ال َق ْل ب ِم ن التَّ َقلا ب ش ِر لِ ِ‬
‫لمس لم ال دُّعاء ب أن يُثَبِّ َ‬
‫ُ ُ‬
‫يب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الراس خني يف الع ْل م ﱡﭐ ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ ﱠ [آل عم ران‪ ،]8 :‬وك ان م ن ُدع اء النَّ ا‬ ‫عب اده ا‬
‫اعتِك ))(‪ ،)317‬وكان ِمن ُدعائِه أَيْضاً ‪ ...((:‬وأَسألُك‬ ‫صِّرف قُلوبَنا على َ‬ ‫ِ‬
‫صِّرف ال ُقلوب‪َ ،‬‬ ‫‪ ((:‬اللَّ ا‬
‫هم ُم َ‬
‫قَ ْلباً َسلِيماً)) (‪.)318‬‬

‫ض ل َم ن اس تبأ لِ ِدين ه (الف تح ‪ ،)126/1‬رق م‪ ،)529( :‬ومس لم يف‬‫) ج زء م ن ح ديث رواه البخ اري يف اإلمي ان‪ ،‬ب اب‪ :‬فَ ْ‬
‫‪315‬‬

‫الشبهات‪ ،)1219/3( ،‬رقم (‪.)1599‬‬ ‫املساقاة‪ ،‬باب‪ :‬أخذ احلّلل وترك ا‬


‫وب ب ني أص بُ َعي ال َّرةن (‪ )448/4‬رق م (‪ ،)2140‬وق ال‪َ ":‬ح ِديث‬ ‫‪ )316‬رواه الّتم ذي‪ ،‬كت اب ال َق َدر‪ ،‬ب اب‪ :‬م ا ج اء َّ‬
‫أن ال ُقل َ‬
‫َح َسن"‪ ،‬وبنحوه رواه مسلم (‪ ،)2045/4‬برقم (‪.)2654‬‬
‫القلوب كيف يشاء (‪ ،)2045/4‬رقم (‪.)2654‬‬ ‫َ‬ ‫ص ِريف اهللِ تعاىل‬
‫) رواه مسلم‪ ،‬كتاب القدر‪ ،‬باب‪ :‬تَ ْ‬
‫‪317‬‬

‫الدعوات‪ ،‬باب (‪ ،)476/5( ،)23‬برقم (‪ ،)3407‬والنَّسائي (‪ ،)54/3‬وابن حبان‬ ‫الّتمذي يف َّ‬‫‪ )318‬رواه أةد (‪ ،)125/4‬و ِّ‬
‫رقم (‪.)1974‬‬
‫‪159‬‬
‫أنواعُ ال ُقلوب (‪:)319‬‬
‫السلِيم‪:‬‬
‫الص ِحيح َّ‬‫‪ -1‬ال َق ْلب َّ‬
‫وهو ال ذي س لِم ِم ن ك ل َش هوةٍ ُُت الِف أَم ر اهللِ واي ه‪ِ ،‬‬
‫وم ن ك ال ُش ْب َه ٍة تُع ا ِرض َخبَ َره‪ ،‬فه و يُقابِل َخ َب‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫ا َْ‬ ‫َ‬
‫ضه بِ َّ‬
‫الرأْي أو اهلوى كما يَ ْف َعل أ َْهل البِ َد و َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وم‬
‫الزيْغ‪ ،‬وال ن اةَ ي َ‬ ‫اهلل تعاىل ورسوله ‪ ‬بالتَّسليم‪ ،‬وال يُعا ِر ُ‬
‫الس ّلم‪:‬ﭐﱡﭐ ﱚ ﱛ ﱜ‬ ‫الس لِيم‪ ،‬ق ال تع اىل يف ِحكايَة ُدع ِاء إب راهيم علي ه َّ‬ ‫ب َّ‬ ‫احب القل ِ‬ ‫القيام ة اإال لِص ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫ﱦ ﱠﭐ [الشُّعراء‪.]89 - 88 :‬‬ ‫ﱝﱞﱟﱠﱡﱢﱣﱤﱥ‬
‫ب امليِّت‪:‬‬ ‫‪ -2‬ال َق ْل ُ‬
‫وش هواتِه‪ ،‬م ع َغ ْفلَ ة َش ِد َ‬
‫يدة ع ن ُم ر ِاد‬ ‫وهو ِض اد َّ ِ‬
‫الس ليم‪ ،‬فه و ال يَ ْع ِرف َربَّه‪ ،‬وال يَ ْعبُده‪َّ ،‬إَن ا يَتَّبِ ع َه واه َ‬
‫ّلك‪.‬‬ ‫صاحبِه‪ ،‬فإن ُم َ‬
‫عاشَرتَه ُس ام‪ ،‬وجمالَ ُستُه َه ٌ‬ ‫ربِّه منه‪ ،‬فاحل َذر احل َذر ِمن هذا ال َق ْلب‪ ،‬ومن خمالَطَة ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫‪ -3‬ال َق ْلب امل ِريض‪:‬‬
‫وج ال‪ ،‬وإمي ا ٌن ب ه‪ ،‬وفي ه باملقابِل حمبَّة لِ َش هواتِه البا ِ لَ ة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ب له َحياةٌ‪ ،‬وبِه علَّة‪ ،‬فَفي ه حمبَّةُ اهلل َع َّز َ‬ ‫وهو قَ ْل ٌ‬
‫ب ال َق ْل ب امليِّ ت‪َ ،‬ورامب ا َغلَبَ ت‬ ‫حتصيلِها‪ ،‬فرمبَّا َغلَب عليه املرض فالتَحق بِ ِ‬
‫صاح ِ‬ ‫وحرص على ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ُ ََ‬ ‫َ‬ ‫وإيثار هلا‪ْ ،‬‬
‫السلِيم‪.‬‬
‫ب َّ‬ ‫ب ال َق ْل ِ‬ ‫الص َّحة فالتَحق بِ ِ‬
‫صاح ِ‬ ‫ََ‬ ‫عليه ِّ‬
‫ض ال ُقلوب للفتَن‪:‬‬ ‫تَ َعر ُ‬
‫أي قَ ْل ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب‬ ‫يب ‪ ‬أنَّه ق ال‪ ((:‬تُ ْع َرض الف َت عل ى القل وب كاحلص ِري عُ وداً عُ وداً‪ ،‬ف ا‬ ‫عن حذيفة ‪ ‬عن النَّ ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أي قَ ْل ٍ‬ ‫ِ‬
‫وب عل ى‬ ‫ب أَنْ َكره ا نُك ت في ه نُكْتَ ة بَْيض اء ح َّ تَص َري ال ُقل ُ‬ ‫أُ ْش ِرهبا نُك ت في ه نَكْتَ ةٌ َس وداء‪ ،‬و ا‬
‫َس َوداً ِم ْرب اداً‬ ‫الص فا‪ ،‬فَ ّل تَ ِ‬ ‫قَ ْلبَ ْني‪ :‬عل ى أَبْ يَض ِمثْ ل َّ‬
‫اآلخ ر أ ْ‬
‫الس ماوات واأل َْرض‪ ،‬و َ‬ ‫دام ت َّ‬ ‫ض اره فْت نَ ة م ا َ‬ ‫َ‬
‫ب ِمن َهواه ))(‪.)320‬‬ ‫ِ‬
‫كال ُكوز ُجمَ ِّخياً‪ ،‬ال يَ ْع ِرف َم ْعروفاً‪ ،‬وال يُْنكر ُمْن َكراً‪ ،‬اإال ما أُ ْش ِر َ‬
‫أَمراض ال َقلب نَوعان‪:‬‬
‫الش ْرك‬
‫َش ادها‪ِّ :‬‬ ‫َش اد الن َّْو َع ْني‪ ،‬ويَ ْد ُخل فيها جيع االعتِقادات البا ِ لَ ة‪ ،‬وأ َ‬ ‫‪ -1‬أ َْمراض ُشبُهات‪ :‬وهي أ َ‬
‫وم ن ذل ك‪:‬‬ ‫والنِّفاق‪ ،‬ق ال تع اىل‪ :‬ﱡﭐ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱠ [البق رة‪ِ ،]10 :‬‬
‫الش بُهات التِ زام م ا ج اءَ يف الكت اب وال ُّس نَّة‪،‬‬ ‫البِ َد بأنو ِ‬
‫اعه ا‪ ،‬والطَّري ق احل اق يف البُ ْع د ع ن ُّ‬
‫الصاحل رضي اهلل عنهم‪.‬‬
‫ف ا‬ ‫السلَ ُ‬
‫عنده َّ‬
‫الوقوف عند ما َوقَف َ‬ ‫وُ‬

‫) يُنظر‪ :‬إغاثة اللَّ ْهفان‪ ،‬اجلزء َّ‬


‫األول‪.‬‬ ‫‪319‬‬

‫اإلسّلم بَ َدأَ َغ ِريباً (‪ ،)123/1‬رقم (‪.)44‬‬


‫َ‬ ‫‪ )320‬رواه مسلم‪ ،‬يف اإلميان‪ ،‬باب‪ :‬بَيان َّ‬
‫أن‬
‫‪160‬‬
‫ّلف االعتِ ِ‬
‫قاد احلَ اق‪.‬‬ ‫‪ -2‬أَمراض َشهوات‪ :‬ويدخل فيها أَنْوا العمل ِب ِ‬
‫ََ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫الزن ا‪ ،‬والنَّظَ ر احل رام‪ ،‬ق ال تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﱚ ﱛ ﱜ‬
‫وش ْه َوة ِّ‬
‫احلس ُد‪ ،‬والبُ ْخ ل‪َ ،‬‬ ‫ِ ِ‬
‫وم ن أ َْمثلَ ة ذل ك‪َ :‬‬
‫ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱠ (‪.)321‬‬
‫الش هوات البا ِ لَ ة‪ ،‬التِ زام م ا أ ََم ر اهللُ ب ه‪َ ،‬ورس ولُه ‪ ،‬واجتِن اب م ا ا ى اهلل‬
‫والطَِّريق احلَ اق يف البُ ْعد ع ن َّ‬
‫عنه ورسولُه ‪.‬‬
‫َعالمات وأَسباب َحياة ال َقلب‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ضها اهلل س بحانه وتع اىل‪،‬‬ ‫الع َمل بِال َفرائض اليت فَ َر َ‬
‫‪ -1‬تَ ْوحيد اهلل تعاىل واإلميان به‪ ،‬وجتديد ذلك؛ و َ‬
‫عادِتا‪.‬‬
‫وس َ‬‫ب َ‬ ‫فه ِذه األُمور رأْس َحياةِ ال َق ْل ِ‬
‫َ‬
‫َ ُ‬
‫ومراقَبَتِه‪ ،‬والتَّ َف ُّكر يف آالئِه‪ ،‬وخملوقاتِه‪ ،‬ق ال‬ ‫‪ -2‬التَّضر إىل اهللِ‪ ،‬واللُّجوء إليه‪ ،‬وَكثْ رة ِذ ْك ِره ِ‬
‫ودعائه‪ُ ،‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َا‬
‫اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﳖ ﳗ ﳘ ﳙ ﳚ ﳜ‬
‫ﳛ ﳝ ﳞ ﳟ ﳠ ﳡ ﱠﭐ‬ ‫س بحانه وتع‬
‫[الرعد‪.]28 :‬‬
‫َّ‬
‫تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﲀ ﲁ ﲂ‬ ‫تدبار القرآن الكرمي‪ ،‬والنَّظَر يف َمعانِيه‪ ،‬والعمل مب ا ج اء في ه‪ ،‬ق ال‬
‫َ‬ ‫‪-3‬‬
‫[حممد‪.]24 :‬‬‫ﲃ ﲄ ﲅ ﲆﱠ َّ‬
‫ﱴﱶﱷ‬ ‫الذنوب تيت ال ُقلوب‪ ،‬وبِتَ ركِه ا حي اة ال ُقل ِ‬
‫وب‪ ،‬ق ال تع اىل‪ :‬ﭐﱡﭐ ﱳ‬
‫ﱲ ﱵ‬ ‫فإن ُّ‬ ‫تَ ْرك ُّ‬
‫الذنوب‪َّ ،‬‬ ‫‪-4‬‬
‫َ ْ َ‬
‫ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ ﱠ [املطفِّفني‪.]14 :‬‬
‫قال ابن املبارك رةه اهلل تعاىل‪:‬‬
‫وقَد يُورث الذل إدمانُها‪.‬‬ ‫نوب تُميت ال ُقلوب‬ ‫رأيت الذ َ‬ ‫ُ‬
‫فَ َخي ٌر لنَ فسك عصي انُها‪.‬‬ ‫وتَ ر ُك الذن وب َحياةُ ال ُق لوب‬
‫‪ -5‬االهتِمام بِتص ِحيح األَقوال واألَعمال الظا ِ‬
‫اهَرة والبا ِ نَة‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫َْ‬
‫ات َحظاه ِمن أُموِر الدُّنيا‪.‬‬ ‫املرء على فَو ِ‬ ‫حتسر ِ‬ ‫َش اد ُّ‬ ‫ِ‬
‫اعة أ َ‬
‫َّح اسر على فَوات الطا َ‬ ‫‪ -6‬التَّأَمل والت َ‬
‫اآلخَرة‪ ،‬واإلقبال عليها‪ ،‬وتَ َذ ُّكرها‪ ،‬واالستِ ْعداد هلا‪.‬‬ ‫‪ -7‬االهتِمام الكبِري بِ َشأْ ِن ِ‬
‫ِ‬
‫اإلنسان‪.‬‬ ‫ب وتُ َذ ِّكر نِ ْع َمةَ اهللِ تعاىل على‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ‬
‫ضى واملقابر فإاا تُ َذ ِّكر اآلخَرة‪ ،‬وحتي ال َق ْل َ‬ ‫املر َ‬ ‫‪ِ -8‬ز َ‬
‫يارة ْ‬
‫العمل‪:‬‬
‫بصالح َ‬
‫صالح ال َقلب َ‬
‫ارتباط َ‬

‫‪ )321‬آية ‪ 32‬من سورة األحزاب‪.‬‬


‫‪161‬‬
‫أن بع ض َم ن نق ص‬ ‫وه ذا إن ك ان مفهوم اً ماا تق دَّم‪ ،‬ولك ن نُش ري إلي ه ِزي اد ًة يف االهتِم ام ب ه‪ ،‬وذل ك َّ‬
‫يب ‪:‬‬ ‫اهر‪ ،‬وق د يس تَ ِد ال بق ِ‬
‫ول النَّ ِّ‬
‫انفص االً ب ني ص ّلح القل ب وص ّلح العم ل الظا ِ‬ ‫ِع ْلم ه ق د يظُن أ ان هن اك ِ‬
‫َ ا‬
‫ّلث َمارات (‪.)322‬‬ ‫ص ْد ِره‪ ،‬ثَ َ‬ ‫ِ‬
‫((التَّ ْقوى هاهنا)) ويُشري إىل َ‬
‫وإما اهلوى‪.‬‬
‫َحد أ َْمَريْن‪ :‬اإما اجلهل‪ ،‬ا‬ ‫وهذا فَ ْه ٌم خا ِ ئ لِ َّ‬
‫لش ِر َيعة‪ ،‬وإَنا يدعو إليه أ َ‬
‫ّلح الظا ِ‬ ‫ِ‬ ‫وع َم ل ونِيَّ ة‪ ،‬و َّ‬ ‫والو ِاج ب علين ا أن نَ ْعلَ م‪َّ :‬‬
‫اهر‪،‬‬ ‫ص ِ‬ ‫ّلح الب ا ن يُ َثِّر يف َ‬
‫ص َ‬ ‫أن َ‬ ‫أن اإلمي ا َن قَ ْوٌل َ‬
‫ّلح الظا ِ‬ ‫ِ‬
‫اهر‪.‬‬ ‫ص ِ‬ ‫صّلح البا ن كان ذلك ِز َ‬
‫يادةً يف َ‬ ‫وكلَّما َ‬
‫ازداد َ‬
‫الّتابُط‪ :‬ما تقدَّم ِمن ح ديث النُّعم ان ب ن بَ ِش ري رض ي اهلل عنهم ا‪ ،‬وأيض اً قولُه ‪:‬‬ ‫يدل على هذا َّ‬ ‫وماا ُّ‬
‫ص َوِركم وأ َْموالِكم‪ ،‬ولكن يَْنظُر إىل قُلوبِكم وأ َْعمالِكم ))(‪.)323‬‬ ‫َّ‬
‫((إن اهللَ ال يَْنظُر إىل ُ‬
‫ب ص ّلح حرك ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ات اجلَوارِح ))‬ ‫ص ّلح َحرك ات ال َق ْل ِ َ ُ َ‬ ‫قال احلاف ابن رجب رةه اهلل تعاىل‪ ((:‬ويَ ْلَزم م ن َ‬
‫ا‪.‬ه (‪.)324‬‬
‫صالح ال َقلب وثَ َم َرته‪:‬‬ ‫أَثَر َ‬
‫صلَ َحت قُلوهبم فل م يَْب َق فيه ا إر َادةٌ‬ ‫ِ‬
‫يُلَ ِّخص ذلك احلاف ابن رجب رةه اهلل تعاىل بقوله‪ ((:‬فَال َق ْوم إذا َ‬
‫صلَ َحت َجوا ِر ُحهم‪ ،‬فلم تَتَ َحَّرك اإال هللِ َعَّز َو َج ال‪ ،‬ومبا فيه ِرضاه‪ ،‬ا‪.‬ه )) (‪.)325‬‬ ‫ِ ِ‬
‫لغَ ِْري اهلل عَّز َو َج ال َ‬
‫األسئلَة‪:‬‬
‫نصوص ِمن الكتاب و ُّ‬
‫السنَّة‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫س‪ :1‬حتدَّث عن أهِّيَّة ال َق ْلب‪ ،‬مستَ ْش ِهداً على ما تقول بِ‬
‫ُ‬
‫س‪ :2‬ما أمراض القلوب ؟ َمثال لِما تقول‪.‬‬
‫س‪ :3‬و ا ِ‬
‫الع َمل‪.‬‬
‫ّلح َ‬‫ص ِ‬ ‫صّلح ال َق ْلب بِ َ‬‫ضح ارتباط َ‬ ‫َ‬

‫الصلَة‪ ،‬باب‪ :‬حت ِرمي ظُْلم املسلِم (‪ ،)1974/4‬رقم (‪.)2564‬‬ ‫ِ‬


‫الب و ِّ‬
‫) جزء من حديث رواه مسلم يف ا‬
‫‪322‬‬

‫السابِق)‪.‬‬ ‫ِ‬
‫) رواه مسلم‪( ،‬املوضع ا‬
‫‪323‬‬

‫فادة انظ ر‪ :‬اجمللَّ د العاش ر ِم ن جمم و فت اوى ش يخ اإلس ّلم اب ن‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫) ج امع العل وم واحلك م‪ ،‬آخ ر َش ْرح احل ديث رق م (‪ ،)6‬لّلس ت َ‬
‫‪324‬‬

‫تيميَّة‪.‬‬
‫صرف يَ ِسري‪.‬‬
‫السابق بتَ ا‬
‫ِ‬
‫) املوضع ا‬
‫‪325‬‬

‫‪162‬‬
‫الع فةُ‬
‫المراد بالعفة‪:‬‬‫ُ‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)326‬‬ ‫اإلنسان فِعلُه‪ِ ،‬‬
‫وض ادها‪ :‬الدَّناءَةُ واخلِ َّسة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ف النَّ ْف ِ عن احملا ِرم‪ ،‬وعما ال يمل بِ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ا‬ ‫هي‪َ :‬ك ا‬
‫َّع َوة إليها‪ ،‬والدُّعاءُ هبا‪:‬‬
‫الد ْ‬
‫ِ‬
‫يب ‪ ‬فق ال‪ :‬م اذا يَ أْ ُمرُكم ؟ قل ت‪ :‬يق ول‪ :‬اعب ُدوا اهللَ‬ ‫يف ح ديث أيب س فيان أ ان هَرقْ ل َس أَلَه ع ن النَّ ِّ‬
‫الصلَة (‪.)327‬‬
‫فاف‪ ،‬و ِّ‬ ‫دق‪ ،‬والع ِ‬ ‫الصّلةِ‪ ،‬و ِّ‬
‫الص ِ‬ ‫ويأمرنا بِ َّ‬
‫َ‬ ‫َو ْح َده وال تُشركوا به شيئاً‪ ،‬واترُكوا ما يقول آباؤُكم‪ُ ،‬‬
‫فاف والغِ َىن ))(‪.)328‬‬ ‫الع َ‬
‫اهلدى والتُّ َقى‪ ،‬و َ‬ ‫هم إِن أسألُك َ‬ ‫َّيب ‪ ‬يقول‪ ((:‬اللَّ ا‬ ‫وكان الن ا‬
‫من أَنواعها‪:‬‬
‫أ‪ -‬العِفَّة عن أكل احلرِام‪:‬‬
‫ت فالنا ار أوىل بِ ه‪،‬‬ ‫ألن ك َّل جس ٍد نَب ت ِم ن س ح ٍ‬ ‫وم ن فَوائِ ِدها‪ :‬النَّج اة ِم ن النا ار؛ َّ‬ ‫وه ي و ِاجب ة‪ِ ،‬‬
‫ُ ْ‬ ‫ََ َ َ‬ ‫َ‬
‫وح ْف اهللِ تعاىل لِْل َعْبد‪.‬‬
‫َّعوة‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬
‫واستجابَة الد ْ َ‬
‫ب‪ -‬العِفَّة عن ُس ال النا ِ‬
‫اس‪:‬‬
‫ق ال تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﲝ ﲞ ﲟ ﲠ ﱠ [البق رة‪ ،]273 :‬ويف ح ديث ع وف ب ن مال ك‬
‫ول‬
‫الص حابَة‪ ((:‬أال تُب ايعون ؟‪ ))...‬ق الوا‪ :‬ق د بايَ ْعناك ي ا رس َ‬ ‫يب ‪ ‬قال له مع نَ َف ٍر ِم ن َّ‬ ‫األشجعِي ‪َّ ‬‬
‫أن النا َّ‬ ‫َ‬
‫اس َشْيئاً ))(‪.)329‬‬ ‫ِ‬
‫اهلل! فَ َعّلم نُبايعُك ؟ قال‪...(( :‬وال تَسألوا النا َ‬
‫وص ْدق االعتِم اد علي ه‪ ،‬وإك رام ال نَّ ْف ‪ ،‬وإعزازه ا ع ن‬ ‫وم ن فَوائِ ِدها‪ :‬ع َدم االلتِج ِاء اإال إىل اهلل وح َده‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬
‫َْ‬ ‫َ‬
‫لوق‪.‬‬‫الس ال لِلمخ ِ‬ ‫ذُ ال ُّ‬
‫َْ‬
‫اح َدةٍ‪ ،‬فَ ِمن ه الو ِاج ب‪ ،‬ك ّتك ُس ال امل ال‬ ‫وهذا النَّو ي تَفاوت النااس يف تَطبِ ِيقه‪ ،‬ولي هو على درج ٍة و ِ‬
‫ََ َ‬ ‫ْ َ َ‬
‫اس أ َْمواهلم تَ َكثُّراً فإَن ا يَ ْس أَل جَْ راً‪ ،‬فَ ْليَ ْس تَ ِق ال أو لِيَ ْس تَ ْكثْر ))‬
‫احلاجة‪ ،‬قال ‪َ ((:‬من َسأَل النا َ‬ ‫وع َدم َ‬
‫ِ‬
‫مع الغ َىن َ‬
‫(‪.)330‬‬

‫‪ )326‬األخّلق اإلسّلمية‪ ،‬للميداِن (‪.)581/2‬‬


‫‪ )327‬رواه البخاري‪ ،‬كتاب بدء الوحي‪ ،‬باب (‪ ،)32/1( ،)6‬رقم (‪.)7‬‬
‫الذ ْكر‪ ،‬باب‪ :‬التَّ َع ُّوذ ِمن َش ِر ما َع ِمل وما مل يَ ْع َمل (‪ ،)2087/4‬رقم (‪.)2721‬‬
‫‪ )328‬رواه مسلم‪ ،‬كتاب ِّ‬
‫‪ )329‬رواه مسلم‪ ،‬يف الزكاة‪ ،‬باب‪َ :‬كر َاهة املسأَلَ ِة لِلنااس (‪ ،)721/2‬رقم (‪.)1043‬‬
‫أن املس أَلَة ال ِحت ال‬ ‫الس ابق (‪ )720/2‬رق م (‪ ،)1041‬وانظ ر في ه أيض اً ح ديث قَبِ َ‬
‫يص ة ب ن خم ارق‪َّ ((:‬‬ ‫املوض ع ِ‬
‫ا‬
‫‪ )330‬رواه مس لم‪ِ ،‬‬
‫َح ِد ثَّلثَة‪ ،))...‬رقم (‪.)1044‬‬
‫أل َ‬
‫‪163‬‬
‫ض ل‪ ،‬كم ا يف ح ديث ع وف ب ن مال ك املتَ َق دِّم‪،‬‬ ‫ومن ه م ا ل ي بِو ِاج ب‪ ،‬وتَرك ه يُ ْعتَ َب ِم ن ال َكم ِال وال َف ْ‬
‫َحداً يُنا ِوله إيااه ))‬ ‫وفيه‪ :‬قال الراوي‪ ((:‬فلَ َقد رأيت بعض أولئِك النَّ َفر يس ُقط سوط أ ِ ِ‬
‫َحدهم فّل يَ ْسأَل أ َ‬
‫َ ْ َْ َ‬ ‫ُ‬ ‫ا‬
‫‪:‬‬ ‫(‪)331‬‬ ‫ِ‬
‫ج‪ -‬ع َّفة ال َف ْرج‬
‫اج ب‪ ،‬ق ال تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﱮ ﱯ ﱰ‬ ‫الفاحشة‪ ،‬ووسائِلِها‪ ،‬وهذا النَّو و ِ‬ ‫حتصينُه عن فِعل ِ‬ ‫واملراد ِ‬
‫َ َ‬ ‫ْ‬
‫ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱠ [النُّ ور‪ ،]30 :‬وق ال تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱠﭐ [النُّ ور‪:‬‬
‫‪.]33‬‬
‫من فَضائلها‪:‬‬
‫يف يف ِظ ال َع ْرِشه‪ ،‬قال ‪َ ((:‬سْب َعة يُ ِظلُّ ُهم اهللُ يف ِظلِّه يَ ْوَم ال‬ ‫إظّلل اهللِ تعاىل لِلع ِف ِ‬
‫‪ -1‬سبب يف ِ‬
‫َ‬ ‫ََ‬
‫(‪)332‬‬
‫وجال‪ ،‬فقال إِن أَخاف اهللَ )) ‪.‬‬ ‫صب َ‬ ‫ِظ َّل اإال ِظلُّه‪ ...‬ورجل دعْته امرأَةٌ ذات مْن ِ‬
‫َ‬ ‫َُ ٌ ََ‬
‫َض َمن له اجلنَّةَ ))‬ ‫ض َمن ل ما بني حليَ ْيه وما بني ِر ْجلَْيه أ ْ‬ ‫خول اجلنَّة‪ ،‬قال ‪َ ((:‬من يَ ْ‬ ‫‪ -2‬سبب لِ ُد ِ‬
‫ََ‬
‫(‪.)333‬‬
‫َوسائل عفة ال َفرج‪:‬‬
‫املطهر إىل وس ائِل احملافظَة عليه ا‪ ،‬ف أمر بأش ياء‪ ،‬واَى ع ن‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫لما للعِفَّة ِمن أهِّيَّة بالغَة‪ ،‬فقد َ‬
‫أرشد الشَّر َّ‬
‫الزواج‪.‬‬ ‫الصوم ِ‬
‫للعاجز عن َّ‬ ‫للشباب‪ ،‬و َّ‬ ‫الزواج ِّ‬ ‫ِ‬
‫املبكر ا‬ ‫صر‪ ،‬و َّ‬
‫ض البَ َ‬
‫أشياء‪ ،‬فم اما أ ََمر به‪َ :‬غ ا‬
‫تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ‬ ‫َّس ُّّت‪ ،‬وال َق رار يف البي وت‪ ،‬ق ال‬
‫كم ا أم ر النِّس اء باحلج اب والت َ‬
‫ﱫ ﱬ ﱭ ﱠ [األحزاب‪.]30 :‬‬
‫وم ا ا ى عن ه‪ :‬اخلل وة ب املرأة األجنِبِيَّ ة‪ ،‬ق ال ‪ ((:‬إيا ا ُكم وال د َ‬
‫ُّخول عل ى النِّس اء ))(‪ ،)334‬وا ى ع ن‬
‫ُمصافَ َحتِها‪ ،‬قال ‪ ((:‬إِن ال أُصافِح النِّساءَ ))(‪.)335‬‬

‫داخل يف العِ َّفة عن ما َحَّرم اهلل‪ ،‬وإَنا أفردناه وأ َْلنا فيه لّلهتِمام به‪.‬‬
‫‪ )331‬هذا ِ‬
‫الص ّلة (الف تح ‪ )143/2‬رق م (‪ ،)660‬ومس لم يف الزك اة‪،‬‬ ‫‪ )332‬رواه البخ اري‪ ،‬يف األذان‪ ،‬ب اب‪َ :‬م ن َجلَ يف املس ِجد يَْنتَ ِظ ر َّ‬
‫الص َدقَة (‪ ،)715/2‬رقم (‪.)1031‬‬ ‫باب‪ :‬فضل إخفاء َّ‬
‫الرقاق‪ ،‬باب‪ِ :‬ح ْف اللِّسان (الفتح ‪ ،)308/11‬رقم (‪.)6474‬‬ ‫) رواه البخاري‪ ،‬يف ِّ‬
‫‪333‬‬

‫السّلم‪ ،‬باب‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬


‫َيلو ان َر ُج ٌل بامرأَة (الفتح ‪ ،)26/11‬رقم (‪ ،)6343‬ومسلم‪ ،‬كتاب ا‬ ‫) رواه البخاري‪ ،‬كتاب النِّكاح‪ ،‬باب‪ :‬ال َ‬
‫‪334‬‬

‫اخللوة باألجنَبِيَّة (‪ ،)1711/4‬رقم (‪.)2172‬‬ ‫حترمي َ‬


‫‪ )335‬رواه النَّس ائِي‪ ،‬كت اب البيع ة‪ ،‬ب اب‪ :‬البَ ْي َع ة لِلنِّس اء (‪ ،)149/7‬واب ن ماج ه يف اجله اد‪ ،‬ب اب‪ :‬بَْي َع ة النِّس اء (‪ ،)959/2‬رق م‬
‫(‪ ،)2774‬وأةد (‪.)357/6‬‬
‫‪164‬‬
‫تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﱺ ﱻ ﱼ ﱠ‬ ‫جال بِالنِّساء‪ ،‬واى عن كل ما ي َقِّرب إىل ِ‬
‫الفاح َشة‪ ،‬فق ال‬ ‫الر ِ‬ ‫ومنَع اختِّل َط ِّ‬
‫ا ُ‬ ‫َ‬
‫املاجنَ ة‪ ،‬وقِ راءَة م ا يَ ْدعُو إىل‬
‫احملرم‪ ،‬ومش اه َدة األَفْ ّلم ِ‬ ‫ِ‬
‫ويدخل يف ذلك َسا اجملون‪ ،‬والنَّظَر َّ ُ َ‬ ‫[اإلسراء‪ُ ،]32 :‬‬
‫الفاح َشة‪ ،‬ويُ َهيِّج إىل فِ ْعلِها‪.‬‬
‫ِ‬
‫ضعف العفة أو َع َدمها‪:‬‬ ‫أسباب َ‬
‫الرقاب ة ِم ن بع ض امل ربِّني عل ى م ن اواله م اهلل تع اىل أَم رهم ِم ن بنِ ني وبن ٍ‬
‫ات‬ ‫الّتبي ة و َّ‬
‫ض ْعف َّ‬
‫َ َ َ‬ ‫ْ َُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫‪َ -1‬‬
‫َوزْوجات‪.‬‬
‫‪ -2‬إ ّلق البص ر لِلنَّظَ ر فيم ا ح َّرم اهلل‪ ،‬وه ذا ِم ن أك ِب أ ِ ِ‬
‫َس باب الفْت نَ ة‪ ،‬ق ال ‪ ((:‬فَ ِزن ا َ‬
‫العْي نَ ْني‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫ول اهلل ‪ ‬ع ن نَظَ ر ال ُفج اءَة‪،‬‬ ‫النَّظَ ر‪ ،)336( ))...‬وع ن جري ر ب ن عب د اهلل ق ال‪ :‬س ألت رس َ‬
‫يب ‪ ‬ق ال‪ ((:‬ي ا َعلِ ي‪ ،‬ال تُْتبِ ع‬ ‫ص ِري (‪ ،)337‬ويف ح ديث بَُري َدة ‪َّ ‬‬
‫أن النَّ َّ‬ ‫ف بَ َ‬ ‫َص ِر َ‬
‫فأمرِن أن أ ْ‬
‫َ‬
‫اآلخَرة ))(‪.)338‬‬‫النَّظْرَة النَّظْرة‪ ،‬فإن لك األُوىل وليست لك ِ‬
‫َ َ‬
‫الزواج لِ َّلر ُجل واملرأَة‪.‬‬
‫َخر َّ‬
‫‪ -3‬تَأ ُّ‬
‫حاج ٍة وال َحصانَة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الس َفر إىل البّلد اليت يَظْ َهر فيها التَّ َف ُّسخ والعُْري من دون َ‬ ‫َّ‬ ‫‪-4‬‬
‫الس لف الص احل‪ ،‬وتَ َدبَّر م ا ق ال‬ ‫ِ‬
‫‪ -5‬التَّه اون ب االختّلط‪ ،‬واخلل وة باألجنبيَّ ة‪ ،‬وه ذا ماا ك ان ي ذره ا‬
‫الص ِامت ‪ ‬وه و ِم ن أك ابِر األنص ار‪ ،‬ق ال‪ :‬أال ت روِن ال أق وم إال رافِ داً‪ ،‬وال آ ُك ل‬ ‫عُب ادة ب ن ا‬
‫احيب من ذ َزم ان (يع ن ذَ َك َره)‪ ،‬وم ا يَ ُس ُّرِن أِن َخلَ ْوت‬ ‫اإال ما لوق (لُِّني وس ِّخن)‪ ،‬وق د م ات ص ِ‬
‫َ ُ‬
‫َّم خمافَةَ أن يأيتَ الشَّْيطا ُن فَيُ َحِّرَكه ‪.)339(...‬‬ ‫أن ل ما تَطْلُع عليه الش ْ‬ ‫بامرأَةٍ ال ِحت ال ل‪ ،‬و َّ‬
‫ف‬ ‫الرِذيلَ ة‪ ،‬فالو ِاج ب تَ ْرك خمالَطَ ِة ه ذا ِّ‬
‫الص ْن ِ‬ ‫ّلم ِة جمتَ َمعِ ه ِم ن َّ‬ ‫ِِ ِ‬
‫‪ -6‬خمالَطَة َم ن ال يَ ْه تَ ام بع َّفت ه وال َس َ‬
‫الس ِّيء‪.‬‬
‫اجه َّ‬ ‫ِمن النااس‪ ،‬واالستِعاضة عنه ِمبن هم على ِض اد ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫‪َ -7‬كثْ َرة ال َف راغ‪ ،‬واألوىل أن مي ألَ امل رءُ َوقْ تَ ه مب ا يَْنتَ ِف ع بِ ه يف ال دِّين وال دُّنيا‪ ،‬ح َّ ال تَتَ َس لَّط علي ه‬
‫َوهام واخلياالت الشَّيطانِيَّة‪.‬‬ ‫األ ُ‬

‫‪ )336‬رواه البخاري‪ ،‬كتاب االستئذان‪ ،‬باب‪ِ :‬زنا اجلوا ِرح‪ ،‬الفتح (‪ ،)26/11‬ومسلم يف ال َق َدر‪ ،‬باب‪ :‬قدر على ابن آدم َحظاه ِمن‬
‫الزنا (‪ ،)2046/4‬برقم (‪.)2657‬‬ ‫ِّ‬
‫) رواه مسلم يف األدب‪ ،‬باب‪ :‬نَظَر ال َفجأة (‪ ،)1699/3‬رقم (‪.)2159‬‬ ‫‪337‬‬

‫الّتِم ذي يف األدب‪ ،‬ب اب‪:‬‬ ‫ص ر (‪ ،)610/2‬ب رقم (‪ ،)2149‬و ِّ‬ ‫ض البَ َ‬


‫ِ‬
‫) رواه أبو داود‪ ،‬كتاب الناكاح‪ ،‬باب‪ :‬ما يُ َمر به من َغ ا‬
‫‪338‬‬

‫نَظَر ال َف ْجأة رقم (‪ ،)2778‬وقال‪َ ":‬ح َسن َغ ِريب "‪.‬‬


‫عاونَة‪ ،‬يُ ِشري بذلك إىل كِ َب ِسنِّه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وم َ‬‫مبساع َدة ُ‬
‫) سري أعّلم النابّلء (‪ ،)8/2‬وقوله‪ ":‬ال أقوم إال رافدا "‪ :‬أي اإال َ‬
‫‪339‬‬

‫‪165‬‬
‫ف العِ َّف ة‬
‫ض ْع ِ‬ ‫ترك اتِّبا األحكام الشَّرعيَّة يف النَّ ْف واجملتَمع هو ِمن أ َْعظَم أَس ِ‬
‫باب َ‬ ‫َ‬ ‫وأخرياً َّ‬
‫فإن َ‬ ‫‪-8‬‬
‫أو ض ِ‬
‫ياعها‪.‬‬ ‫َ‬
‫من ثَ َمرات عفة ال َفرج‪:‬‬
‫خول اجلنَّة‪.‬‬
‫يف ُد َ‬ ‫سول ‪ ‬لِلع ِف ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫ضمان َّ‬ ‫‪َ -1‬‬
‫َ‬
‫يامة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫ف عن الفاح َشة يف ظ ال َع ْرشه يوم الق َ‬ ‫‪ -2‬إظّلل اهلل ل َمن َع ا‬
‫ك أن ي ِ‬
‫ص يبَه‬ ‫‪ِ -3‬ع َّف ة امل رء س بب يف ِع َّف ِة أَهلِ ه وحما ِرِم ه‪ ،‬ويف ِح ْف ِ اهللِ هل م‪ِ ،‬‬
‫أوش َ ُ‬ ‫وم ن واقَع احل رام َ‬ ‫ْ‬ ‫ََ ٌ‬
‫السوء يف نَ ْف ِسه وأهلِه (‪.)340‬‬ ‫ُّ‬
‫ومن انتِشار الفساد واألمراض الفتاا َكة‪.‬‬ ‫‪ -4‬العِفَّة سبب لِسّلمة اجملتمع ِمن الشُّرور واآلفات‪ِ ،‬‬
‫ََ َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اخلاص‪.‬‬ ‫‪ -5‬العفَّة َسبَب للبُعد عن َس َخط اهلل تعاىل وعقابِه ا‬
‫العام و ا‬
‫األسئلَة‪:‬‬
‫ذموم‪ ،‬ما فَوائِد تَركِه ؟ وما َمراتِب ذلك ؟ استَ ْش ِهد لِما تقول ؟‬
‫اس ُخلُق َم ٌ‬ ‫س‪ُ :1‬س ال النا ِ‬
‫س‪ :2‬ما املراد بِعِفَّة ال َف ْرج ؟ واذ ُكر بعضاً ِمن فَضائِلِه‪.‬‬
‫ض ْعف ِعفَّة ال َف ْرج ؟‬
‫أسباب َ‬
‫ُ‬ ‫س‪ :3‬ما‬

‫عف نِساؤُكم ))‪.‬‬


‫) للفائدة ينظر‪ :‬كشف اخلفاء (‪ )61/2‬حرف العني‪ ،‬خب‪ ((:‬عُ افوا تَ ا‬
‫‪340‬‬

‫‪166‬‬
‫حاسبَةُ‬
‫الم َ‬
‫ُ‬
‫حاسبَة‪:‬‬
‫الم َ‬‫المراد ب ُ‬
‫ُ‬
‫ة َد اهللَ عليها وحافَ على فِ ْعله‪ ،‬وما َو َج د ِم ن‬ ‫أن ي ْنظُر العبد يف أَعمالِه وأَقْوالِه‪ ،‬فما وجد ِمن حسنَ ٍة َِ‬
‫ََ‬ ‫ََ‬ ‫َ َ َْ‬
‫َح َدث هلا تَ ْوبَةً واستِ ْغفاراً‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫تَ ْقص ٍري َسعى لتَداركه‪ ،‬وما َو َجد من َسيِّئَة أ ْ‬
‫َأهميتُها‪:‬‬
‫يجتِ ه‪ ،‬وه ل ه و‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ ِ‬
‫أن العاق َل البَص َري هو الذي يتَ ِهد اأال يَ ْف َعل أ َْم راً ح يَق َ‬
‫ف قَ ْب ل ف ْعل ه ل ه‪ ،‬ويَْنظُر يف نَت َ‬
‫ِ‬
‫أح َجم عنه‪.‬‬ ‫صلَ َحةَ املن َف َعة أَقْ َدم عليه‪ ،‬وأن رأى فيه سوى ذلك ْ‬ ‫ماا يعود عليه بالنَّ ْفع أم ال ؟ فإن رأى فيه َم ْ‬
‫اجر‪ ،‬والعام ل‪ ،‬وال ادارس‪ ،‬وغ ريهم‪ ،‬ك ال يُ َف ِّك ر يف َمص لَ َح ِة‬ ‫وه ذا ي ْفعل ه النا اس يف ال دُّنيا وأعماهل ا‪ ،‬فالتا ِ‬
‫ََ‬
‫يص ل من ه‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أي َش يء ُ‬ ‫يجتُ ه ؟ مث إذا أق َدم علي ه‪ ،‬فه و دائ م النَّظَ ر يف ا‬ ‫الع َم ل ال ذي يُ ْق دم علي ه‪ ،‬وم ا ه ي نَت َ‬ ‫َ‬
‫الع َمل‪ ،‬وبَ ْع َده أَيْضاً‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ويَ ْستَمار على هذا أبداً ما دام يف َ‬
‫وع َملُه َّإَن ا ه و م ع اهللِ تع اىل ه و‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واملسلم الذي ي رى ال دُّنيا َم ْزَر َع ةً لآلخ َرة‪ ،‬وم ا يُ َق دِّم فيه ا يَ ْلق اه َغ داً‪َ ،‬‬
‫جتارة‪ ،‬وال ِّربْح فيه ا أعظَم ِربْح‪ ،‬واخلس َارة فيه ا ل ي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احملاسبَة‪ ،‬وذلك النَّظر؛ ألنَّه من أ َْعظَم َ‬ ‫أوىل وأحرى بتلك َ‬
‫َّقاوة األَبَ ِديَّة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫عادة ال ادائ َمة‪ ،‬أو الش َ‬ ‫الس َ‬
‫يل َّ‬ ‫ِ‬
‫عاوَدة‪ ،‬وهبا حتص ُ‬
‫بعدها ُم َ‬‫َ‬
‫حاسبَة‪:‬‬
‫بالم َ‬
‫األَمر ُ‬
‫ق ال تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱠ [احلش ر‪ ،)341(]18 :‬ق ال‬
‫حتاس بُوا‪ ،‬وانظُ روا م اذا َّاد َخ ْرت ألن ُف ِس كم ِم ن‬
‫أنفس ُكم قب ل أن َ‬
‫ِ‬
‫اإلم ام اب ن كث ري رة ه اهلل تع اىل أي حاس بوا َ‬
‫وع ْر ِض ُكم على َربِّكم ا‪.‬ه ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الصاحلَة يَ ْوَم َمعاد ُكم َ‬
‫األ َْعمال ا‬
‫ماا َوَرد يف اآلثار‪:‬‬
‫أنفس ُكم قبل أن تُ َوزنوا‪ ،‬فإنَّه أ َْه َون‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حتاسبوا‪ ،‬وزنوا َ‬ ‫قال عمر بن اخلطاب ‪ :‬حاسبُوا أن ُف َسكم قبل أن َ‬
‫ومئِ ذ تُ ْعَرض ون ال ُت َف ى م نكم‬ ‫ض األَ ْك َب‪ ،‬يَ َ‬‫حتاس بوا أَنْ ُف َس ُكم الي وم‪ ،‬وتَ َزيَّن وا لِ َلع ْر ِ‬
‫عل يكم يف احلس اب َغ داً أن ِ‬
‫خافِيَة (‪.)342‬‬
‫حماس بَةً ِم ن َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الش ِريك‬ ‫َش اد َ‬‫الر ُج ُل تَقيا اً ح يك ون لنَ ْف ِس ه أ َ‬ ‫يم ون ِم ْه ران‪ :‬ال يك ون َّ‬ ‫‪ -‬ق ال َم ُ‬
‫يكه(‪.)343‬‬ ‫لِ َش ِر ِ‬

‫‪ )341‬انظر‪ :‬تفسري ابن كثري هلذه اآلية (‪.)341/4‬‬


‫الّتمذي بنحوه معلَّقاً قال‪ :‬يروى عن عمر (‪.)638/4‬‬
‫) رواه ابن أيب ال ادنيا يف حماسبة النَّف رقم (‪ ،)22‬وذكره ا‬
‫‪342‬‬

‫‪167‬‬
‫اب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ف احلس ُ‬ ‫احلس ن البَص ري‪ :‬امل من قَ او ٌام عل ى نَ ْفس ه‪ ،‬ياس ب نَ ْف َس ه هلل َع َّز َو َج ال‪ ،‬وإَن ا َخ ا‬
‫‪ -‬وقال َ‬
‫َخ ذوا‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حاس بوا أَنْ ُفس هم يف ال دُّنيا‪َّ ،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫يام ة عل ى ق وم أ َ‬
‫اب ي وم الق َ‬ ‫وإَن ا َش اق احلس ُ‬ ‫َ‬ ‫يام ة عل ى قَ ْوم َ‬
‫ي وم الق َ‬
‫حماسبَ ٍة (‪.)344‬‬ ‫ِ‬
‫األ َْمَر من غ ِري َ‬
‫حاسبَة‪:‬‬
‫الم َ‬ ‫كيفية ُ‬
‫اب نَ ْف ِس ه مب ا يَ راه‬
‫الش ر ‪َّ ،‬إَن ا عل ى امل ِمن أَن ْيتَ ِه د يف ِحس ِ‬ ‫ل ي لِلمحاس بة ِ‬
‫خاص ة َوَرد هب ا َّ ْ‬ ‫كيفيَّ ة َّ‬ ‫ُ ََ‬
‫ياس ب نَ ْف َس ه علي ه‬ ‫ميك ن أن ُْن ِم ل م ا ينبغ ي أن ِ‬ ‫ناسباً‪ ،‬وكلَّما أكثَر ِمن ُحماسب ِة نَ ْف ِسه كان ذلك خرياً ل ه‪ ،‬و ِ‬ ‫م ِ‬
‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ُ‬
‫فيما يلي‪:‬‬
‫َخلَص فيه‬ ‫ب والبَ َدن‪ ،‬هل أ اَداه أم ال ؟ مث هل أ ْ‬ ‫ض اهللُ عليه ِمن َعم ِل ال َق ْل ِ‬ ‫ِ‬
‫أ‪ -‬يَْنظُر ابتداءً فيما افتَ َر َ‬
‫َ‬
‫اب‪،‬‬ ‫ِ‬
‫السنَّة أم ال ؟ فإذا رأى تَقصرياً استَ ْد َرَكه‪ ،‬وإذا رأى تركاً استَ ْغ َفر وت َ‬ ‫أم ال ؟ مث هل اتَّبَع فيه ُّ‬
‫الع َمل املفتَ َرض عليه‪.‬‬ ‫مث ابتَ َدأ َ‬
‫اهر و ِ‬ ‫الش رك الظا ِ‬ ‫وخلُِّوه ِمن َش وائِب ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫اخلف ي‪ ،‬وماا‬ ‫فيكون َأه ام ما يَ ْهتَ ام بِتَ ْنقيَته الوحيدة‪ ،‬فينظُر يف إتامه‪ُ ،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ودعائه إيااه‪ ،‬وحنو ذلك‪.‬‬ ‫ينظر فيه هنا ما َمدى اعتماده على َربِّه‪ ،‬وتَوُّكله عليه‪ ،‬وجلوئه إليه‪ُ ،‬‬ ‫ينبَغي أن َ‬
‫الص ّلة‪ ،‬فيَ ْنظ ر اأوالً ه ل ه و يُ َ ِّديه ا أم ال ؟ مث ه ل يُ َ ِّديه ا يف أوقاِت ا‪،‬‬ ‫مث ال َف رائِض العملِيَّ ة‪ ،‬وأهاه ا َّ‬
‫ص ّلة ال َف ْج ر‪ ،‬ف إذا رأى‬ ‫وخاصة َ‬
‫َّ‬ ‫اضعِها مع اجلماعة أم ال ؟‬ ‫ضها ؟ مث هل ي ِّديها يف مو ِ‬
‫َ‬ ‫َُ‬
‫ِ‬
‫ويُراعي ُشرو َها وفَرائ َ‬
‫ِ‬
‫الع َم ِل‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫دارك التَّقصري‪ ،‬وهكذا يف سائر َ‬ ‫وعَزم على تَ ُ‬ ‫ودعاه أن يُ َوفِّ َقه‪َ ،‬‬‫صراً استَ ْغ َفر ربَّه َ‬
‫نَ ْف َسه ُم َق ِّ‬
‫وجد َذنْباً استَ ْغ َفر اهللَ منه وتَرَكه‪.‬‬
‫ب‪ -‬وينظُر أيضاً إىل ما نَ َهى اهللُ عنه‪ ،‬ويُ َفتِّش نَ ْف َسه‪ ،‬فإن َ‬
‫ّلق‪ ،‬وتَركِه لِرذائِلِها‪ِ ،‬‬
‫وياسب نَ ْف َسه‪.‬‬ ‫ج‪ -‬وي ْنظُر أيضاً إىل فِعلِه لَِفضائِل األَخ ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫وم دى ِح ْر ِص ه عليه ا ِم ن‬ ‫ِ‬ ‫د‪ -‬وينظُر أيض اً إىل َحظِّه ِم ن ُم َك ِّم ّلت األَعم ِال ِم ن ُّ‬
‫الس نَن والنَّواف ل‪َ ،‬‬
‫َع َد ِمه‪.‬‬
‫ياسب نَ ْف َسه قب ل اإلق دام علي ه‪ ،‬فيَ ْنظُر ه ل ه و ِم ن َم ْرض اةِ اهلل‬ ‫ذ‪ -‬وفيما ال ي ْد ِري حكْمه ؟ فإنَّه ِ‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫ِِ‬
‫ص لَ َحةٌ‬
‫س وك ان يف ف ْعل ه َم ْ‬ ‫َباحه الشَّر أم ال ؟ فإن مل يَ ُك ن علي ه في ه بَأْ ٌ‬ ‫أم ال ؟ أو هل هو ماا أ َ‬
‫لم ْرِء املسلِم أن يَ ْرفَع نَ ْف َسه لِيُ َقِّرهبا ِم ن ال َكم ِال م ا اس تَطا َ‪ ،‬ول يعلم‬ ‫ِ ِ‬
‫له أَقْ َدم عليه‪ ،‬وهبذا ميكن ل َ‬

‫الّتمذي معلَّقاً قال‪ :‬يروى عن ميمون‪ ،‬وزاد يف آخره‪ِ :‬من أي ن َمطْ َعم ه‬
‫‪ )343‬رواه ابن أيب الدنيا يف حماسبة النَّف رقم (‪ ،)7‬وذكره ِّ‬
‫وم ْشَربه ؟‬
‫َ‬
‫حماسبة النَّف رقم (‪.)17‬‬
‫الدنيا يف َ‬‫) رواه ابن أيب ُّ‬ ‫‪344‬‬

‫‪168‬‬
‫ص رياً‪ ،‬اإم ا يف‬ ‫ويس ن الظَّ َّن هب ا‪ ،‬فإنَّه ال ب َّد يف نَ ْف ِس ه تَ ْق ِ‬ ‫اإلنس ا ُن أن ه ال ينبغِ ي أن يغتَ ر بِنَ ْف ِس ه ِ‬
‫ُ‬ ‫ا‬ ‫َ‬
‫ترك املأمور‪ ،‬أو فِ ْعل احملظوِر‪ ،‬فَ ْليُ ْد ِرك نَ ْف َسه ويُْن ِقذها‪.‬‬ ‫ِ‬
‫حاسبَة‪:‬‬
‫الم َ‬‫المعينَة على ُ‬ ‫الوسائل ُ‬ ‫من َ‬
‫الض اار والناافِع‪ ،‬واخل ري‬ ‫الض ّلل‪ ،‬و ا‬ ‫احلق والبا ِ ل‪ ،‬واهلدى و َّ‬ ‫العْبد بني ا‬ ‫َّرعي مييِّز َ‬
‫ا‬ ‫الش‬ ‫لم‬‫أ‪ -‬العِْلم‪ ،‬فبِالعِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والشاَّر‪ ،‬وكلَّما كان َحظاه من الع ْلم أَقْ َوى كان َحظُّه من َ‬
‫احملاسبَة أَ ْك َمل وأ ََتا‪.‬‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫الص احلات‬ ‫الع َم ِل‪ ،‬ول يَ ْعلَم اإلنس ا ُن أنَّه مهم ا َعم ل م ن ا‬ ‫ب‪ُ -‬س وء الظَّ ِّن بِ النَّ ْف ِ ‪ ،‬وتَ ْرك العُ ْج ب بِ َ‬
‫اس بَتِها‪ ،‬فَلَ َعلَّه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َح َسن الظَّ َّن بنَ ْفسه َمنَ َع ه ذل ك م ن َكم ال ُحم َ‬ ‫ومن أ ْ‬
‫ِ‬
‫صر يف َح اق اهلل عليه‪َ ،‬‬ ‫فإنَّه ُم َق ِّ‬
‫يوب َكماالً‪.‬‬ ‫ي رى املسا ِو َ ِ‬
‫ئ حماسناً‪ ،‬والعُ َ‬ ‫ََ‬
‫َح َس َن ظَنَّه بِنَ ْف ِس ه‪ ،‬فه و‬ ‫وم ن أ ْ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ق ال اب ن ال َق يام رة ه اهلل تع اىل‪ :‬وال يُس يءُ الظَّ َّن بنَ ْفس ه اإال َم ن َعَرفَه ا‪َ ،‬‬
‫اس بِنَ ْف ِسه ‪.‬اه (‪.)345‬‬ ‫َج َهل النا ِ‬
‫من أ ْ‬
‫ِ‬
‫اجني إىل ع ْف ِو اهللِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ين ُحمت َ َ‬ ‫ص ِر َ‬‫اد ال يزال ون ُم َق ِّ‬‫وق ال ش يخ اإلس ّلم اب ن تيمي ة رة ه اهلل تع اىل‪ :‬والعب ُ‬
‫ضال (‪)346‬أ‪.‬ه ‪.‬‬ ‫وع ْف ِوه فَهو ا‬ ‫ب تعاىل َ‬ ‫قام مبا ِيب عليه‪ ،‬وأنَّه ال يتاج إىل َم ْغ ِفَرة َّ‬
‫الر ا‬ ‫ومن ظَ َّن أنَّه َ‬
‫ِِ‬
‫وم ْغفَرته‪َ ...‬‬
‫َ‬
‫حاسبَة السلَف ألن ُفسهم‪:‬‬ ‫من ُم َ‬
‫أ‪ -‬ق ال أن ‪ :‬سع ت عم ر ب ن اخلط اب يق ول‪ ،‬وبَْي ن وبينَ ه ِج دار‪ :‬عم ر ب ن اخلط اب‪ ،‬أ َِم ري‬
‫ابن اخلَطااب‪ ،‬أو لَيُ َع َّذبِنَّك (‪.)347‬‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫ني اهللَ يا َ‬
‫امل منني ! بَخ‪ ،‬واهلل لَتَتَّق َ ا‬
‫ب نَ ْف َس ه َم َّرًة فَ َح َس ب عُ ُم َره‪ ،‬ف إذا ه و اب ن ِس تِّني‬ ‫الص َّمة رة ه اهلل أنَّه َ‬
‫حاس َ‬
‫ِ‬
‫ب‪ -‬ذُكَر عن تَ ْوبَة اب ن ا‬
‫ص ر ‪ ،‬وق ال‪ :‬ي ا َويْلَ يت‪،‬‬ ‫ِ‬
‫َح د وعش رون أل ف ومخس مائة يَ ْوم‪ ،‬فَ َ‬ ‫س نَة‪ ،‬فَ َحس ب أَيا َامه ا ف إذا ه ي أ َ‬
‫وعشرين أل ف ذَنْب‪ ،‬كي ف ويف ك ال يَ ْوم َع َش رة آالف ذَنْب! مث َخ َّر َم ْغ ِش يااً‬ ‫أَلْ َقى املليك بِأَحد ِ‬
‫َ‬
‫عليه‪ ،‬فإذا هو َميِّت (‪.)348‬‬
‫حاسبَة (‪:)349‬‬
‫الم َ‬
‫من ثَمرات ُ‬

‫احملاسبة‪.‬‬
‫السالكني‪ ،‬البن القيم‪ :‬منزلَة َ‬‫) انظر‪َ :‬مدارج ا‬
‫‪345‬‬

‫صارف يَ ِسري‪.‬‬
‫الوسيلة‪( ،‬ص ‪ ،)106‬بتَ َ‬ ‫) قاعدة جليلة يف التَّوسل و َ‬
‫‪346‬‬

‫‪ )347‬احملاسبَة‪ ،‬البن الدنيا رقم (‪.)3‬‬


‫الصفوة (‪.)132/4‬‬‫السابق‪ :‬رقم (‪ ،)76‬وعنه ابن اجلوزي يف ِص َفة َّ‬ ‫) املرجع ا‬
‫‪348‬‬

‫‪ )349‬انظر‪ :‬إغاثة اللَّهفان (‪.)138/1‬‬


‫‪169‬‬
‫ميكن إزالَته‪ ،‬ق ال ُمطَِّرف ب ن عب د‬ ‫ب نَ ْف ِسه مل ِ‬‫ومن مل يَطِّلِع على َعْي ِ‬ ‫ِ‬
‫أ) اال ِّّل على عُيوب النَّ ْف ‪َ ،‬‬
‫اس‪.‬‬ ‫ِ ِ‬
‫ت النا َ‬ ‫اهلل‪ :‬لوال ما أ َْعلَم من نَ ْفسي لََقلَْي ُ‬
‫ِ‬ ‫يم ِة النَّف ِ األ اَم َارة بِ ُّ‬ ‫ِ‬
‫وم ْقتُها‪ ،‬وتَزكيَتُها بِالطا َ‬
‫اعة‪.‬‬ ‫السوء‪َ ،‬‬ ‫ب) َمع ِرفَة ق َ‬
‫العْبد يف َع َدم تَ ْع ِج ِيل العُقوبَة له‪ ،‬وإمهاله ُمدَّة يَِفيق هبا‪.‬‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫ج) َمع ِرفَة عظَم ح ْلم اهلل على َ‬
‫الدنيا خف ِحسابه يف ِ‬
‫اآلخَرة‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ب نَ ْف َسه يف ُّ َ ا‬ ‫حاس َ‬
‫د) َمن َ‬
‫ه ) أنَّه يَ ْع ِرف بِذلك َح َّق اهللِ عليه‪.‬‬
‫اس َو َج ْدتَ ُهم بعد ذلك يَْنظُرو َن يف َح ِّق ِهم على اهلل‪،‬‬ ‫حال أَ ْكثَ ِر النا ِ‬
‫لت َ‬ ‫قال ابن ال َقيام رةه اهلل‪ :‬وإذا تَأ ََّم َ‬
‫ومن هنا ان َقطَعوا ع ِن اهلل‪ .‬أ‪.‬ه‬ ‫وال ي ْنظُرو َن يف ح ِّق اهللِ علَي ِهم‪ِ ،‬‬
‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫األسئلَة‪:‬‬
‫احملاسبَة‪.‬‬
‫السلَف يف َ‬ ‫س‪ :1‬اذ ُكر ثَّلثَةً ِمن اآلثا ِر عن َّ‬
‫احملاسبَة ؟‬ ‫ِ‬
‫س‪ :2‬ما كيفيَّة َ‬
‫ض ح ذل ك‪ُ ،‬مستَ ْش ِهداً ب أقوال بع ض‬ ‫(س وء الظَّ ِّن بِ النَّف )‪َ ،‬و ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الوس ائل املعينَ ة عل ى احملاس بة ُ‬ ‫س‪ : 3‬م ن َ‬
‫العلماء‪.‬‬

‫‪170‬‬
‫الخطَُر الصليبي‬
‫َ‬
‫صارى‪:‬‬‫المسلمين والن َ‬ ‫أَصل الصراع بين ُ‬
‫الص را ب ني النَّص رانِيَّة واإلس ّلم إىل فَ ْتح بي ت املق ِدس يف عه د اخلليف ة عم ر ب ن اخلط اب‬ ‫ود ت ا ِريخ ِّ‬‫يع ُ‬
‫الش ام‪ ،‬وخ رج ِهرق ل ِم ن‬ ‫ض وا عل ى دولَة ال ُّروم النَّص رانِيَّة يف ا‬ ‫‪ ،‬حي ث إنَّه لَ ام ا فَ تَح املس لمون بِّلد ا‬
‫الش ام وقَ َ‬
‫ّلم ق د أق َام َس اداً يف َو ْج ه‬
‫أن اإلس َ‬ ‫الش ام وه و يق ول‪ ((:‬ال َودا ال َودا إىل األَبَد ي ا س وريا ))‪ ،‬رأى النَّص ارى َّ‬ ‫ا‬
‫القوة‬
‫صر‪ ،‬ومشال إفريقياة‪ ،‬وكانت َّ‬ ‫خاضعة هلا‪ ،‬وهي ا ِ‬ ‫ّلد اليت كانت ِ‬ ‫انتِشا ِر النَّصرانِيَّة‪ ،‬مث امت اد إىل البِ ِ‬
‫الشام‪ ،‬وم ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ُّول‬ ‫ِ‬ ‫ْم ن يف اإلس ّلم ه ي ال يت ُُِتي ف أُوروب ا‪،‬‬
‫َص بَ َحت اجلي وش اإلس ّلميَّة يف عه د ال د َ‬ ‫وخاص ة لَ ام ا أ ْ‬
‫َّ‬ ‫ال يت تَك ُ‬
‫ضي عليها‪.‬‬ ‫نطيَّة يف ال َقسطنطينِيَّة‪ ،‬وتَكاد تَ ْق ِ‬ ‫اخلام اهلجري ِتدِّد دولَة بِيز ِ‬‫السلجوقِيَّة يف القرن ِ‬
‫َْ‬ ‫ا‬
‫الحروب الصليبية‪:‬‬
‫تاريخ بدء ُ‬
‫اس ك)‪،‬‬ ‫الص ليبِيَّة يف الق رن اخل ام اهلج ري‪ ،‬وأول م ن ب دأ بال دَّعوة إليه ا (بط رس النا ِ‬ ‫ب دأت احل روب َّ‬
‫ا َ‬
‫حتم جلم ع النَّص َارى يف‬ ‫السابِع))‪ ،‬مث بعد َموتِه َخلَ َفه (الباب ا أورب ان الث اِن)‪ ،‬وه و ال ذي َّ‬
‫و((البابا جريوري ا‬
‫الصليبِيَّة األوىل‪،‬‬
‫ومن ذلك التااريخ بدأت احلملَة َّ‬ ‫أوروبا حملاربة املسلمني‪ ،‬وكان ذلك عام ‪489‬ه (‪ِ ،)1095‬‬
‫ََ‬
‫بيت املق ِدس‪ ،‬وأج زاء‬ ‫الصليبِيون أن يستَولوا على ِ‬
‫َْ‬
‫ِ‬ ‫مث تَتاب عت احلمّلت ح احلملة َّ ِ‬
‫الصليبِيَّة الثاامنَة‪ ،‬واستَطا َ َّ ا‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫الشام‪.‬‬ ‫كل ِمن‪ :‬الرها‪ ،‬وأنطاكية‪ ،‬والقدس‪ ،‬وع اكا‪ ،‬وغريها ِمن بلدان ا‬ ‫الشام‪ ،‬وأقاموا هلم إمارات يف ا‬ ‫كبِ َرية ِمن ا‬
‫السلطان صّلح الدِّين األياويب ح استطا َ َه ِزميتَ ُهم يف معركة ِحطِّني س نة ‪583‬ه ‪،‬‬ ‫جاهدهم ُّ‬
‫وبعدها َ‬
‫الص ليبِيَّة‬ ‫الص لِيبِيِّني يف ا‬
‫الش ام ح زال ت َد ْولَ تُهم عنه ا بع د قَ ْرنَ ْني ِم ن ب دء احلملَ ة َّ‬ ‫وبع َدها ب دأ تَ َقلا ص نُف وذ َّ‬
‫األوىل‪.‬‬
‫يمة‪:‬‬‫الحروب الصليبية ال َقد َ‬ ‫نَتائج ُ‬
‫الص ليبِياة القري ب ال ذي ه و االس تِيّلء عل ى فلس طني رأيناه ا مل تُ ْس ِفر ع ن‬
‫إذا نظَرنا إىل َه َدف احل روب ا‬
‫سادةً لِتِل ك األَم اكِن ال يت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الرجال‪ ،‬فقد بَقي املسلمو َن َ‬ ‫أي نَتِيجة مع ما خ ِسرتْه أوروبا ِخّلل قَرنَ ْني ِمن ِ‬
‫املال و ِّ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫ا َ‬
‫بأي َمثَ ٍن‪.‬‬
‫أراد النَّصارى أن يَ ْستَولوا عليها ا‬
‫الحروب الصليبية في النقاط التالية‪:‬‬ ‫ص أ ََهم نَتائج ُ‬ ‫ويمكن أن نُلَخ َ‬
‫ِ‬
‫اإلسّلمي‪.‬‬ ‫اجهة العس َكريَّة مع العامل‬
‫فشل املو َ‬
‫َ‬ ‫‪-1‬‬
‫ضر املتَ َمدِّن وعامل النَّص رانيَّة يف أوروب ا‬
‫حدث بني عامل اإلسّلم املتَ َح ِّ‬ ‫‪ِ -2‬من خّلل االتِّصال الذي َ‬
‫ّلد ِهم‪.‬‬
‫املادي إىل بِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َّم َهم ا‬
‫ِ‬
‫ضارة اإلسّلم وتَ َقد ُ‬
‫(املتخلِّف ِ‬
‫اهلمجي)‪ ،‬أخذ األوروبياون ينقلو َن َح َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬

‫‪171‬‬
‫فك رون‬ ‫املاديَّة‪ ،‬ماا جعلَه م يُ ِّ‬ ‫ّلمي ِم ن اخل بات واإلمكان ات ِ‬ ‫‪ -3‬انبِه ار أوروب ا مب ا لَدى الع امل اإلس ِ‬
‫العسك ِريَّة‪.‬‬‫آخر غري احلرب َ‬ ‫َّحول إىل خمطَّط َ‬ ‫بّلد املسلِمني‪ ،‬والت ُّ‬ ‫ديدة إىل ِ‬ ‫بالعودة بِط ِري َقة َج َ‬
‫َ‬
‫اف عل ى ع ا ِمل اإلس ّلم‪ ،‬وقِي ام‬ ‫‪ -4‬كان ِمن نَتِيجة ذلك‪ :‬حرَك ة ال ُكش وف اجلغرافِيَّة‪ ،‬وحماولَة االلتِف ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ب والعل وم التَّج ِريبِيَّ ة ال يت أَلََّفه ا املس لمون‪ ،‬ونَ ْقله ا إىل‬ ‫الّت َجَ ة لِ ُكتُ ِ‬
‫حرَك ة االستِ ْش راق و َّ‬
‫ب الطِّ ا‬
‫ضة األُوروبِيَّة احلَ ِديثَة‪.‬‬ ‫ِِ‬
‫بِّلدهم‪ ،‬وظُهور الن َّْه َ‬
‫الحديثة‪:‬‬‫العو َدة إلى الشرق اإلسالمي في العصور َ‬ ‫الفئات التي َشجعت َ‬
‫الص ليبِيِّني يف َع اك ا يف تل ك احل رب‬ ‫آخ ر جن ود َّ‬ ‫اح ل احل رب الص ليبِيَّة بِطَرد ِ‬ ‫بعد أن انتَهت مرحلَة ِمن مر ِ‬
‫ْ‬ ‫ا‬ ‫َ‬
‫ف شأن الباب ِويَّة‪ ،‬و ِ‬ ‫ِ‬
‫انفصام عُ رى الوح َدة‬ ‫َ‬ ‫ض ْع ِ َ‬‫السلطان خليل بن قّلوون‪ ،‬وما تَ َرتَّب على ذلك من َ‬ ‫قادها ُّ‬
‫اليت َ‬
‫الع ْوَدةِ ثانِيَ ةً إىل َّ‬ ‫ِِ ِ ِ‬
‫الش رق‬ ‫األوروبِيَّ ة دينيا اً وسياس يااً إىل َح د َكبِ ٍري‪ ،‬بع د ه ذه َ‬
‫املرحلَ ة مل ِت َدأ َر ْغبَ ة أُوروب ا يف َ‬
‫وىل ذل ك‬ ‫يدة‪ ،‬وقد تَ َّ‬ ‫َّخطيط لِغَْزِو املسلمني ِمن َج ِديد‪ ،‬وبِطُُرٍق َج ِد َ‬ ‫اإلسّلمي‪ ،‬فأخذ أَصحاب املصلَح ِة يف الت ِ‬
‫َ‬ ‫َ ْ‬
‫ِ‬
‫كل ِمن‪:‬‬‫ا‬
‫يسة‪:‬‬ ‫ِ‬
‫‪ -1‬ال َكن َ‬
‫يدة تَ ْن ُشر فيها ِدينَها‬ ‫َخ َذت تَ ْب َحث عن بِيئَة َج ِد َ‬ ‫وذلك بعد أن فَ َق َدت ُس ْلطااا على ُشعوهبا يف أوروبا أ َ‬
‫يح اي يف ِديار املسلمني‪.‬‬ ‫املس ِ‬
‫َّبشري ِ‬ ‫احملرف‪ ،‬فكان نُشوء ما يس َّمى بِالت ِ‬
‫َُ‬ ‫َّ‬
‫‪ِ -2‬رجال املال واالقتِصاد‪:‬‬
‫الش ركات الغربِيَّة االقتِص ِاديَّة‪ ،‬مث ل‪ :‬ش ركة اهلن د‬ ‫الذين هبرهم الشَّرق مبص نوعاته‪ ،‬وخامات ه‪ ،‬فك ان نُش وء َّ‬
‫مه َدة‬ ‫الش رقيَّة‪ ،‬وغريه ا‪ ،‬والبح ث ع ن االمتِي ازات االقتص ِادياة يف ِدي ار اإلس ّلم‪ ،‬وال ذين كان ت أعم اهلم ِّ‬ ‫َّ‬
‫لّلستِ ْعمار‪.‬‬
‫وملوك أوروبا‪:‬‬ ‫ياسة ُ‬‫الس َ‬‫‪ -3‬رجال ِّ‬
‫ض يفواا إىل‬ ‫وذل ك للبح ث ع ن أس واق ج ِدي َدة لِتِج ارة ب ْل داام‪ ،‬وم وانِئ وامتِي ازات وأراض ج ِدي َدة ي ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬
‫ِ ِِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ني‪.‬‬‫بُْلداام‪ ،‬ماا تَ َرتَّب عليه استعمار أوروبا ل َكث ٍري من بِّلد املسلم َ‬
‫الش ِ‬
‫رق‬ ‫َح و ِال َّ‬ ‫وقد ساعد ه الء جيعاً يف عملِ ِهم فِئات ِمن املستشرقني الذين خ َدموا ال َكنِ ِ ِ‬
‫اس ة أ ْ‬
‫يس ة بدر َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬
‫شكيك أَهلِه يف عقائِ ِد ِهم وم ِ‬
‫بادئِهم‪.‬‬ ‫اإلسّلمي‪ ،‬وحتلِيل موا ِ ن ضع ِفه‪ ،‬وحماولَة تَ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬
‫الرحالَة‪ ،‬وك انوا‬ ‫ص َفتِ ِهم ِم ن َّ‬‫وخدموا االس تِعمار بِتَ ْق ِدمي التَّق ا ِرير ع ن أح وال البل دان ال يت ك انوا يزوروا ا بِ ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫ض ْعف ِهم‪.‬‬ ‫يعملون جو ِاسي حلكوماِتم وبلداام‪ ،‬ي ُدلُّون على عورات املسلمني ومو ِ‬
‫اضع َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫الحروب الصليبية‪:‬‬
‫الجديد في ُ‬
‫األُسلوب َ‬

‫‪172‬‬
‫الصليبِيَّة ِعدَّة َحما ِور‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫ِ‬
‫احلروب َّ‬ ‫َّاُتذ األسلوب اجلديد يف‬
‫َّنصري)‪ ،‬وتقوم به ال َكنِسية‪ ،‬وتَ ْد َع ُمه احلكومات النَّصرانيَّة‪.‬‬ ‫‪ -1‬الت ِ‬
‫َّبشري (الت ِ‬
‫وخ ْدمة احلكومات الناصرانِيَّة‪.‬‬ ‫الفكر خلدم الكنسية ِ‬ ‫‪ -2‬االستِشراق‪ ،‬ويقوم به ِرجال العِلم و ِ‬
‫‪ -3‬االستِعمار العس َك ِري‪.‬‬
‫يس ة‪ ،‬وِرج ال احلك م‪ ،‬وِرج ال االقتص اد وامل ال‪ ،‬ول ذلك تكاتَ َف ت ه ذه‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫وه ذه احمل اور ُت دم َمط امع ال َكن َ‬
‫عاونَت فيما بينها‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الفئات وتَ َ‬
‫احد ِمن هذه احملاور‪ ،‬وهو‪ :‬الت ِ‬
‫َّبشري‪:‬‬ ‫احلديث عن و ِ‬‫وإليك ِ‬
‫التبشير (الت نصير)‪:‬‬
‫الص لِيبِيَّة‪ ،‬بُ ْغيَ ةَ نَش ِر‬
‫ياسيَّة استِ ْعما ِريَّة بَ َدأَت بالظُّهور إثْ َر فَ َش ِل احل روب َّ‬
‫َّنصري حرَكةٌ ِس ِ‬
‫َ‬
‫َّنصري‪ :‬الت ِ‬
‫معىن الت ِ‬
‫الس يطرة‬ ‫باص ة‪ ،‬هب دف إحك ام َّ‬ ‫بعام ة‪ ،‬وب ني املس لمني َّ‬ ‫النَّص رانية ب ني األم م املختَلِ َف ة يف دول الع امل الثال ث َّ‬
‫على الشُّعوب (‪ ،)350‬واملقصد به حتويل املس لمني ع ن ِدي نِ ِهم إىل النَّص رانِيَّة‪ ،‬وه ذا اهل َدف تس عى ل ه الكنيس ة‬
‫نص ري املس لمني ح يَ ْرتَِف ع‬ ‫ص ر األمريك ي‪ :‬ل ن تتَوقَّ ف جهودن ا وس عينا يف تَ ِ‬
‫َ َ ُْ‬ ‫ُ‬ ‫بق َّوة‪ ،‬يق ول روب رت م اك ‪ ،‬املنَ ِّ‬
‫املدينَة (‪.)351‬‬ ‫ساء م َّكةَ‪ ،‬ويقام قُ اداس األَحد يف ِ‬ ‫الصلِيب يف ِ‬
‫َّ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫المبَشرين‪:‬‬ ‫َمجاالت أَنشطَة ُ‬
‫الصحيَّة‪:‬‬
‫‪ -1‬اخلدمات ِّ‬
‫وذل ك بتأس ي املستش فيات واملستوص فات النَّص رانيَّة‪ِ ،‬‬
‫وتوجي ه األ ِّب اء املتنقِّل ني‪ ،‬وكم ا ق ال أح د‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احلاج ة إىل الطَّبِي ب‪ ،‬وحي ث تك ون َ‬
‫احلاج ة‬ ‫اآلالم تك ون َ‬ ‫املنصرين‪ :‬حيث جتد بَ َشراً جتد آالماً‪ ،‬وحيث تك ون ُ‬ ‫ِّ‬
‫ناسبة لِلت ِ‬
‫َّبشري (الت ِ‬ ‫ِ‬
‫َّنصري) (‪.)352‬‬ ‫صة ُم َ‬ ‫إىل الطَّبيب فهناك فُ ْر َ‬
‫يكيَّة يف (سيواس) الّتكِيَّة‪ ،‬عام ‪1859‬م‪.‬‬ ‫وكان ِمن أوائِل ذلك‪ :‬العيادة الطِّبِيَّة األمر ِ‬
‫الص ليبِيَّة يف َغ َّزة‪ ،‬ون ابل ‪ ،‬وغريه ا ِم ن امل ُدن يف س وِرية‬
‫وبع د ع ام ‪1875‬م أنش ئت املراك ز الطبِيَّ ة َّ‬
‫وفلسطني‪.‬‬
‫الرهبَنات‪:‬‬ ‫ِ‬
‫األديرة و ا‬
‫‪ -2‬جمال تأسي الكنائ و َ‬

‫العسكر (ص ‪.)13‬‬
‫) التَّنصري وحماوالته يف اخلليج د‪ .‬عبد العزيز َ‬
‫‪350‬‬

‫الز ْحف إىل َم َّكة‪ ،‬د‪ .‬عبد الودود شليب (ص ‪.)13‬‬


‫‪َّ )351‬‬
‫‪ )352‬التَّبشري واالستِعمار‪ ،‬خالدي وفرو (ص ‪.)59‬‬
‫‪173‬‬
‫َسس وا‬‫وجد فيه نَص ارى‪ ،‬ول و مل يتَج َاوز َع َددهم أَص ابِع اليَ َديْن‪ ،‬ب ل إا م أ َّ‬ ‫ِ‬
‫كل بلَد إسّلمي يُ َ‬ ‫وذلك يف ا‬
‫وجد فيها نصارى ِمن أهلِها األصليِّني (‪.)353‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ال َكنائ يف بلدان ال يُ َ‬
‫أسي املدا ِرس‪:‬‬ ‫‪ -3‬جمال تَ ِ‬
‫يميَّ ة‪ ،‬ومنه ا‪ِ :‬‬
‫اجلام َع ة‬ ‫اح ل التَّعلِ ِ‬ ‫ّلمي لِم ْختَ لَ ِ‬
‫ف املر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫أسس وا َم دارس َكث َرية يف بل دان الع امل اإلس ا ُ‬ ‫وق د َّ‬
‫وعيَّة‪ ،‬وُكلِّيَ ة زوب رت بإس طنبول‪ ،‬وكليَّ ة غ وردن ب اخلر وم‪ ،‬وغريه ا ما ا ال‬ ‫اجلامع ة اليس ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األمريكيَّ ة يف بَ ْريوت‪ ،‬و َ َ‬
‫صر‪.‬‬
‫يَكاد ُْي َ‬
‫ماعيَّة املختَلِ َفة‪:‬‬
‫‪ -4‬جمال اخلدمات االجتِ ِ‬
‫َ‬
‫الع َجزة‪ ،‬واألَر ِامل‪ ،‬واملطَلَّقات‪ ،‬وحنو ذلك‪.‬‬ ‫كدور األَيْتام‪ ،‬و َ‬
‫املوج َهة إىل بِّلد املسلِ ِمني بِلُغاِتِِم‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫تأسي اإلذاعات َّ‬ ‫ِ‬ ‫‪-5‬‬
‫وإذاع ة ص وت البِش َارة ِم ن‬
‫إذاع ة (ص وت الغف ران)‪ ،‬وإذاع ة ق بص يف نيقوس يا‪ ،‬وإذاع ة مون ت ك ارلو‪َ ،‬‬
‫أدي أبابا‪ ،‬وراديو الفاتيكان‪.‬‬
‫اعيَة إىل النَّصرانِيَّة‪ ،‬وتألِيف الكتب‪.‬‬‫‪ -6‬توزيع املطبوعات واملنشورات ال اد ِ‬
‫المبَشرين‪:‬‬‫ُمؤتَمرات ُ‬
‫وهي كثرية‪ ،‬منها‪:‬‬
‫الق زومير‪ ،‬وقد َو َّجه امل ترون‬ ‫َّبشريي الذي انعقد يف القاهرة‪ ،‬سنة ‪1906‬م‪ ،‬برئاسة ِ‬ ‫‪ -1‬امل تر الت ِ‬
‫الوسائل التالية يف التَّبشري‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫رورة استخدام َ‬ ‫ض َ‬‫لَ‬
‫الشرقِياون كثرياً‪.‬‬
‫الع ْزف املوسيقي الذي مييل إليه َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أ‪ -‬استخدام َوسيلَة َ‬
‫ب‪ -‬تأسي اإلرسالياات الطِّبِيَّة اليت يب أن تَنبث بينهم‪.‬‬
‫وع َملِيااً‪.‬‬
‫اصطّلحاِتا‪ ،‬نَظَ ِريااً َ‬
‫العاميَّة و ِ‬
‫ْ‬ ‫املسلمني ِّ‬‫املبشرين هلجات ِ‬ ‫ج‪ -‬ضرورة تعلِيم ِّ‬
‫وم ْستَوى ِع ْل ِم ِهم‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫د‪ -‬أن َيا ِ ب ِّ‬
‫املبشرون َعو اام النا ِ‬
‫اس على قَ ْدر عُقوهلم ُ‬
‫يمة‪.‬‬ ‫املبشرون اخلطَب على عوام املسلِ ِمني بِأَ ٍ ِ‬
‫صوات َرخ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ا‬ ‫ُ َ‬ ‫ه ‪ -‬يَْنبَغي أن يلقي ِّ‬
‫ض ره ‪150‬‬ ‫أكبه ا‪ ،‬وق د َح َ‬ ‫‪ -2‬م تر كلورادو‪ ،‬بأمريكا‪ ،‬سنة ‪1977‬م‪ ،‬وهذا امل تر ِم ن أَخطَ ِره ا و َِ‬
‫َّنص ري يف الع امل‪ ،‬وكان ت نتائِج ه‪ :‬ج ع أل ف ملي ون دوالر للت ِ‬
‫َّنص ري‪،‬‬ ‫م َتِراً‪ ،‬ه م م ن أب رز ق ادة الت ِ‬
‫ُ‬
‫لمسلمني‪ ،‬واليت ظَ َهرت بعض آثارها يف أندونِيسيا‪.‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واقّتاح ُخطَّة التَّ ْنصري اجلماعي ل ُ‬

‫‪ )353‬التَّنصري وحماوالته يف بّلد اخلليج العريب (ص ‪ )55‬وما بعدها‪.‬‬


‫‪174‬‬
‫المسلمين‪:‬‬
‫المبَشرون في مجتمعات ُ‬ ‫بعض ال َقضايا التي يثيرها ُ‬ ‫ُ‬
‫حممد ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اإلسّلميَّة‪ ،‬ويف نُبُ َّوة َّ‬ ‫الع ِق َ‬
‫يدة‬ ‫‪ -1‬التَّشكيك يف َ‬
‫صحى‪.‬‬‫حماربَة اللُّغَة العربِيَّة ال ُف ْ‬
‫َ‬ ‫‪-2‬‬
‫إثارة قَضايا املرأَة‪.‬‬ ‫َ‬ ‫‪-3‬‬
‫ِ‬
‫اإلسّلمي‪.‬‬ ‫‪ -4‬تَ ْش ِويه التاا ِريخ‬
‫األَسئلَة‪:‬‬
‫الصلِيبِيَّة ال َق ِدمية‪.‬‬ ‫ِ‬
‫احلروب َّ‬ ‫س‪ :1‬حتدَّث عن نَتائِج‬
‫اإلسّلمي يف العصور احلَ ِديثَة‪.‬‬
‫ِ‬ ‫الفئات اليت َش َّج َعت لِ َلع ْوَدة إىل الشَّرق‬
‫س‪ :2‬حتدَّث عن ِ‬
‫شاط املبَ ِّش ِرين‪.‬‬ ‫ِ‬
‫جماالت نَ ِ‬ ‫هدفُه ؟ واذ ُكر ثَّلثَةً ِمن‬ ‫س‪ :3‬ما الت ِ‬
‫َّبشري ؟ وما َ‬

‫‪175‬‬
‫الهد َامة‬
‫ب َ‬ ‫المذاه ُ‬
‫َ‬
‫أوالً‪ :‬العلمانية‪:‬‬
‫تَ عري ُفها‪:‬‬
‫الّل ِدينِيَّ ة‪ ،‬أو الدُّنْي ِويَّة‪ ،‬وه ي دع وةٌ إىل إقام ة احلي اةِ‬ ‫رجتُه ا َّ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫َ‬ ‫ََْ‬ ‫َ‬ ‫يحة‪ :‬ا‬
‫الص ح َ‬ ‫َجنَبِيَّ ة‪ ،‬وتَ ََ‬
‫ترجَة خا ئَ ة ل َكل َم ة أ ْ‬
‫صل الدِّي ِن عن َّ‬
‫الدولَة‪.‬‬ ‫على غ ِري الدِّين‪ ،‬أو فَ ْ‬
‫يخها‪:‬‬
‫تار ُ‬
‫يس ة بِدايَ ةً لِظُه وِر‬‫ِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ميك ن أن تعت ب الثَّ َورة الفرنس يَّة س نة ‪1789‬م وم ا تَب َعه ا م ن ُس قوط لُ ُس ْلطان ال َكن َ‬
‫ِ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أوس ع‪ ،‬وانتش ا ِره يف أُوروب ا‪ ،‬حي ث الثَّورة الفرنس يَّة كانَت ثَ ْوَرًة علمانيَّ ة أ َ‬
‫َقام ت‬ ‫الف ْك ر الع ْلم اِن وبُروِزه ب َش كْل َ‬
‫الدين ورهبانِه‪.‬‬
‫ُس َسها على العِلمانِيَّة بعيداً عن ِّ‬ ‫ِ‬
‫َمبادئَها وأَنْ َشأَت أ ُ‬
‫دادها ووقوفِه ا ِض اد العِْل م‪ ،‬وتَش ِكيلِها َحم اكِم التَّفتِ يش‬ ‫وه ي رد فِع ل عل ى تَس لُّط ال َكنِيس ة واس تِب ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َا ْ‬
‫لِ ُمحا َك َمة عُلماء العُلوم الدُّنيَ ِويَّة التَّج ِريبِيَّة‪.‬‬
‫أهم النظريات التي قام عليها الفكر العلماني وكان لها َدور في تَأصيله‪:‬‬
‫‪ -1‬نَظَ ِريَّة اليهودي (دارون) يف التَّطور واالرتِقاء‪.‬‬
‫لكل الظَّو ِاهر‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪ -2‬نظريَّة اليهودي (فرويد) اليت تعتَمد فيها ال ادافع اجلنسي ُم َف ِّسراً ا‬
‫املادي لِلتاا ِريخ‪.‬‬
‫َّفسري ِ‬ ‫‪ -3‬نَظَ ِريَّة ِ‬
‫اليهودي (مارك ) يف الت ِ‬
‫يام العلمانية في أوروبا‪:‬‬ ‫أسباب ق ُ‬
‫َصبَحوا أرباباً ِم ن دون اهلل‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫وج ْعلُهم أ َْمر املغفَرة واحلرمان بأيدي ِهم ح َّ أ ْ‬
‫يسة‪َ ،‬‬ ‫ُّ ِ‬
‫تسلط رجال ال َكن َ‬ ‫‪َ -1‬‬
‫ِ‬
‫كوك الغُفران‪.‬‬ ‫ص َ‬ ‫وصل احلال بالكنيسة أن تَبِ َ‬
‫يع ُ‬ ‫ح َ‬
‫‪ -2‬وقوف الكهنة وِرجال الكنيسة ِض اد ِ‬
‫الفكْر والعِْلم التَّج ِرييب‪.‬‬ ‫ََ‬ ‫ُ‬
‫ياس ة واحلك م‬‫الس َ‬ ‫اس يف ِّ‬ ‫َص ّلً لِنِظ ِام احلي اةِ ال ذي يُ نَظِّم ُش و َن النا ِ‬
‫احملرفَ ة أ ْ‬
‫يحيَّة َّ‬‫املس ِ‬
‫‪ -3‬فُق دان ِ‬
‫إن الدِّيانَ ة النَّص رانِيَّة َّ‬
‫احملرفَ ة ال‬ ‫واالقتِص اد واالجتِم ا وغ ري ذل ك ِم ن َمن احي احلي اة‪ ،‬حي ث َّ‬
‫لحي اة‪ ،‬ول ذلك اش تَ َهر عن د‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ض األَخ ّلق واآلداب‪ ،‬ول ي فيه ا نظ ٌام ش امل ل َ‬ ‫ض َّمن اإال بع َ‬‫تَتَ َ‬
‫صر )‪.‬‬ ‫النَّصارى مقولَة‪ (:‬د ما هللِ هللِ‪ ،‬وما لَِقي ِ‬
‫صر ل َقْي َ‬
‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الفط رة‪ ،‬مث ل التَّثلي ث‪ ،‬و ِ‬
‫اخلطيئَ ة‪،‬‬ ‫ض من النَّص رانِيَّة لعقائ د با ِ لَ ة ال تس تقيم م ع العق ل و ِ‬
‫‪ -4‬تَ ْ َ‬
‫والت ِ‬
‫َّكفري‪.‬‬

‫‪176‬‬
‫والمعتقدات التي يدعو لها العلمانيون‪:‬‬ ‫بعض األَفكار ُ‬ ‫ُ‬
‫‪ -1‬العِْلمانِيَّة الغالِية تُْن ِكر وجود اهللِ أَصّلً‪ ،‬كما يف العِلمانِيَّة الش ِ‬
‫ُّيوعيَّة‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫وإقامة احلياة على أساس مال‪.‬‬ ‫ياسة‪َ ،‬‬ ‫الس َ‬ ‫صل الدِّين عن ِّ‬ ‫‪ -2‬فَ ْ‬
‫يء يف احلياة‪.‬‬ ‫‪ -3‬تطبِيق مبدأ النَّ ْفعِيَّة (البجاتِية) (‪ ،)354‬على كل ش ٍ‬
‫ا َ‬ ‫ا‬ ‫َْ‬
‫السياس ِة واألَخ ِ‬
‫ّلق‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫‪ ،‬يف فَ ْل َس َفة احلكم و ِّ َ‬
‫(‪)355‬‬
‫‪ -4‬اعتِماد مبدأ (امليكافِيلِياة)‬
‫َّع َوة إىل حت ِرير املرأة َوفْق النَّمو َذج الغَريب‪.‬‬
‫‪ -5‬الد ْ‬
‫الفينِ ِيقيَّ ة‪ ،‬وغ ِريه ا ِم ن ال دَّعوات يف الع امل‬
‫كالفرعونِيَّ ة‪ ،‬و ِ‬‫اجلاهلِيَّ ة‪ِ ،‬‬
‫‪ -6‬إحي اء احلض ارات القدمي ة ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫اإلسّلم اي‪.‬‬
‫الّل ِدينِيَّة يف الغَْرب‪.‬‬
‫األنظ َمة ِمن املناهج ا‬ ‫‪ -7‬اقتِباس ِ‬
‫الّتبِيَة الدِّينِيَّة اختِياريَّة يف نُظُم التَّعلِيم‪.‬‬
‫َجيال تَربِيَةً ال ِدينِيَّة‪ ،‬وذلك لتكون َّ‬ ‫‪ -8‬تَربِيَة األ ْ‬
‫بّلد املسلمني‪.‬‬ ‫الشريعة يف ِ‬ ‫إسقاط أحكام َّ‬ ‫ِ‬ ‫‪ -9‬الدَّعوة إىل‬
‫ص ُد يف ذلك َه ْدم الدِّين‪.‬‬ ‫وروث ٍ‬ ‫‪ -10‬إخضا كل م ٍ‬
‫سابق للنَّ ْقد‪ ،‬وال َق ْ‬ ‫اَ‬

‫ِ‬
‫الص واب‬
‫وع دماً‪ ،‬ول ي عل ى احل اق و َّ‬ ‫البجاتيَة‪َ :‬مْبدأ يقوم على أنَّه ينبَغ ي أن تَس َري حي اةُ النااس عل ى املص لَ َحة واملن َف َع ة ُوج وداً َ‬ ‫) َ‬
‫‪354‬‬

‫الشعوب واألفراد‪.‬‬
‫القيَم واملبادئ واألديان يف َعّلقات ُّ‬ ‫واخلري‪ ،‬وهذا إسقا ٌط لِدوِر ِ‬
‫َْ‬
‫حتق ق الغايَة ال يت يَ ْس َعى هل ا‪ ،‬خلِ َّ‬
‫ص يف املقولَة التاالي ة‪:‬‬ ‫جازة ك ال َو ِس يلَة ِّ‬‫ِ‬
‫نسب مليكافيلي ‪ -‬رجل إيطال ‪ -‬يدعو إىل است َ‬ ‫) مبدأ يُ َ‬
‫‪355‬‬

‫ض َّمنه هذه األفكار‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫الغاية تُب ِّرر ِ‬


‫الوسيلَة‪ ،‬له كتاب‪ ((:‬األَمري ))‪َ ،‬‬ ‫َ َ َ‬
‫ِ‬
‫‪ -‬لّلستز َادة انظر‪:‬‬
‫حممد زين العرماِن‪.‬‬ ‫‪ -1‬نشأة العِلمانِيَّة‪ ،‬د‪َّ .‬‬
‫الدولة‪ ،‬إساعيل الكيّلِن‪.‬‬ ‫الدين عن َّ‬ ‫‪ -2‬فصل ِّ‬
‫سامي عطا حسن‪.‬‬ ‫‪ -3‬فصل املقال فيما بني العلمانِيَّة واملاسونِيَّة ِمن االتِّصال‪ِ ،‬‬
‫الدين خليل‪.‬‬ ‫‪ِ -4‬تافت العِلمانِيَّة‪ِ ،‬عماد ِّ‬
‫‪ -5‬املوسوعة امليَ َّسرة يف األديان واملذاهب املعاصرة‪.‬‬
‫‪177‬‬
‫ثانياً‪ :‬الشيوعية (‪:)356‬‬
‫التعريف بها‪:‬‬
‫ص را الطَّبق ِ‬
‫ات‪،‬‬ ‫أن امل َّادة أس اس ك ل ش ٍ‬
‫يء‪ ،‬وي َف ِّس ر التا ا ِريخ بِ ِ‬ ‫هب يق وم عل ى اإلحل اد‪ ،‬و َّ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ِّ َ‬ ‫َم ْذ ٌ‬
‫امللكيَّة ال َف ِرديَّة‪ ،‬وي ْدعو إىل الش ِ‬
‫ُّيوعيَّة يف األموال واألوالد والنِّساء‪.‬‬ ‫ويا ِرب ِ‬
‫َ ُ‬
‫يخها‪:‬‬
‫تار ُ‬
‫ب قَ ِدمية ِج اداً‪ ،‬وتُوجد يف املزدكِيَّة اليت دعت إىل ُش ِ‬
‫يوعيَّة النِّساء‪.‬‬ ‫املذه ِ‬
‫ََ‬ ‫َ‬ ‫بُذور هذا َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وقام ت هل ا دولَ ةٌ يف‬
‫ي أمل اِن يُ ْدعى (ك ارل م ارك )‪َ ،‬‬ ‫ض ع أُ ُس َس ها الف ْك ِريَّة يف العص ر احل ديث يه ود ا‬
‫َو َ‬
‫يوعيَّة حت ُك م‬ ‫البلش ِفياة س نَة ‪1917‬م يقوده ا (لين ني)‪ ،‬واس تَ َمَّرت يقوده ا ُزعم اء ُّ‬
‫الش ِ‬ ‫روس يا ِم ن ِخ ّلل الثَّ َورة َ‬
‫ِِ‬
‫ااارت يف عهد جورباتشوف سنة ‪1990‬م‪.‬‬ ‫اس يف روسيا باحلديد والناا ِر ح َّ َ‬ ‫النا َ‬
‫العقائد واألفكار الشيوعية‪:‬‬ ‫َأهم َ‬
‫كل َش ْي ٍء‪.‬‬
‫َساس ا‬
‫املادة أ ُ‬‫أن َّ‬‫كل الغَْيبِياات‪ ،‬وال َق ْول َّ‬ ‫ِ ِ‬
‫‪ -1‬إنكار ُوجود اهلل تعاىل‪ ،‬و ا‬
‫‪ -2‬حماربة األ َْد ِ‬
‫يان‪.‬‬ ‫ََ‬
‫امللكيَّة ال َف ْرِديَّة‪.‬‬
‫‪ -3‬إلغاء ِ‬
‫ُس ِريَّة‪.‬‬ ‫‪ -4‬إنكار َّ ِ‬
‫الروابط األ َ‬
‫‪ -5‬الدَّعوة إىل دكتاتوِريَّة الطَّب َقة ِ‬
‫العاملَة‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫يوعيَّة أن تُطَبِّ َق م ا ت دعو إلي ه َحقي َق ةً‪ ،‬ب ل انته ى هب ا املط اف إىل التَّه ا ِوي‬ ‫الش ِ‬ ‫ولكن مل تَ ْستَ ِطع ُّ‬
‫ِ ِ‬ ‫و ُّ ِ‬
‫َّملاك والت ََّديُّن وغري ذلك‪.‬‬ ‫السقوط ل ُمخالََفتها الفطَْرَة البَ َش ِريَّة يف تَك ِوين األ ْ‬
‫ُسَرة والت َ‬

‫‪ )356‬لّلستِزادة‪ :‬انظر‪:‬‬
‫املذاهب ِ‬
‫املعاصرة‪.‬‬ ‫امليسرة يف األديان و ِ‬‫‪ -1‬املوسوعة َّ‬
‫‪ -2‬نظرية مارك ‪ ،‬أةد العرابشة‪.‬‬
‫حممد البهي‪.‬‬ ‫‪ِ -3‬تافُت ِ‬
‫الفكر املادي بني النَّظرية والتَّطبيق‪َّ ،‬‬
‫الشعوب‪ ،‬عبااس حممود الع اقاد‪.‬‬‫‪ -4‬أفيون ا‬
‫الشيوعية واإلسّلم‪ ،‬أةد عبد الغفور عطاار‪.‬‬ ‫‪َّ -5‬‬
‫‪178‬‬
‫الوجودية (‪:)357‬‬
‫ثالثاً‪ُ :‬‬
‫ماهيَّته باختِي ا ِره ِ ِ‬‫ِ‬ ‫تقوم على َّ‬
‫اج إىل‬ ‫ومواقف ه‪ ،‬فه و ال يت ُ‬ ‫َ‬ ‫يوجد َّأوالً‪ ،‬مثا تَتَ َج َّدد ُ‬ ‫أن اإلنسا َن َ‬ ‫وهي‪ :‬فَ ْل َس َفةٌ ُ‬
‫وسلوكِه‪.‬‬ ‫ضبِط تَ ِ‬
‫صُّرفاته ُ‬ ‫َ‬ ‫ط تَ ْ‬‫ضوابِ َ‬ ‫ٍ‬
‫ُم َو ِّجه أو َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫و ِ‬
‫باره ا َم ْذ َهباً‬ ‫الوجوديَّ ة غ ري واض َحة املع ا ِمل ح ب ني أَنْص ا ِرها‪ ،‬ول ذلك ميك ن اعت ُ‬ ‫احلقي َق ة َّ‬
‫أن فَ ْل َس َفةَ ُ‬
‫ُخمتَ لَفاً بِ َشأْنِه ح َّ بني أَتْ ِ‬
‫باعه‪.‬‬
‫الش َهوات‪،‬‬ ‫احلريَّ ِة املطلَ َق ِة لِلغَرائِ ِز و َّ‬
‫ض ِويَّةً تق وم عل ى ِّ‬
‫حتمل نَ ْز َعةً فَ ْو َ‬ ‫َ‬
‫ميكن أن يقال‪ :‬إ َّن الو ِ‬
‫جوديَّة فَ ْلس َفةٌ ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫و ِ‬
‫وم ْع ُقولِيَّة لي اإال ِخداعاً فِ ْك ِريااً)‪.‬‬ ‫ِ ِ‬
‫(أن ما يَْبدو عليه العامل من نظام َ‬ ‫حيث يرى (دستويفسكي) (‪َّ .)358‬‬
‫ث لِي ْن ِكر مْبدأَ األَ ْس ِ‬
‫باب‪.‬‬ ‫كرة َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جود َعبَ ٌ ُ َ َ‬ ‫الو َ‬ ‫أن ُ‬ ‫ويَ ْستَ ْخدم (سارتر) ف َ‬
‫نَشأَتها‪:‬‬
‫(الرواقِيِّني)‪ ،‬وإىل (اغس طينوس)‪ ،‬ويف‬
‫لس َفة َعص ِريَّة اإال أاا تعود إىل (سقراط)‪ ،‬و ا‬
‫الوجوديَّة فَ َ‬
‫وإن بَ َدت ُ‬
‫ي عند (سورين)‪( ،‬مارتني هيدغر)‪( ،‬وجان بول ستارتر)‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫العصر احلديث بدأت ب ُذور ِ‬
‫الوجود ا‬ ‫ُ‬ ‫كر‬ ‫الف‬
‫الوجودية‪:‬‬ ‫الم َؤثرة على نَشأَة ُ‬ ‫العوامل ُ‬ ‫َ‬
‫إن تَبِع ات احل ْربَ ْني‬
‫ّلم ح نَش أِتا وتَطَُّوره ا‪ ،‬ف َّ‬ ‫ض ح بع ض م ِ‬ ‫جوديَّ ة ج ذور اجتِ ِ‬
‫ماعيَّ ة وتا ِرَييَّ ة تُ َو ِّ‬ ‫لِلو ِ‬
‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫لم يّلد ق د َبَ َع ت ُم َلاف ات تل ك احلقبَ ة‬ ‫األزم ة االقتِص ِاديَّة العالَ ِميَّ ة يف ثَّلثِين ات ال َق رِن العِش ِرين لِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫الع الَميَّتَ ْني و ْ َ‬
‫ي َم ِهني‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بطابَ ٍع َمأْ َس ِو ا‬
‫وضيا ٍ ‪ ،‬بعد احلرب العالَ ِميَّ ة األوىل‪ ،‬م ع‬ ‫ِ‬
‫الوجوديَّة يف َزَم ِن َحْي َرةٍ َ‬‫يقول أَ َحد مثِّليها‪ ((:‬لقد نَشأت تلك ُ‬
‫جوديَّة يف ذاِت ا بِ ُوض ٍ‬
‫وح آث َار تل ك اهل َّزة‬ ‫ان تل ك الف ّتة ِم ن قَلَ ٍق وض يا ٍ ‪ ،‬فَحملَ ت الو ِ‬ ‫كل ما تَداعى على إنس ِ‬
‫ُ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ا‬
‫جي ع‬ ‫رب العاملي ة الثااني ة ال يت دخلَ ت أَ ْعم اق َِ‬ ‫ازده ار ه ذه املدرس ة ه و نتيج ة لِلح ِ‬ ‫وإن ِ‬ ‫ال يت َِمشلَ ت ك ل ش ٍ‬
‫يء‪َّ ،‬‬
‫ََ‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ا َ‬
‫وح اي بِأَ ْك َملِه ))‪.‬‬
‫الر ِ‬
‫شامل‪َ ،‬ه َّدم عالَ َمنا ُّ‬‫جودنا‪ ،‬وما تَبِع ذلك يف ااِيار تا ِر َِيي ِ‬
‫ا‬
‫زوايا و ِ‬
‫َ ُ‬

‫‪ )357‬لّلستِزادة‪ ،‬انظر‪:‬‬
‫‪ -1‬املوسوعة ال َفلس َفيَّة‪ ،‬د‪ .‬عبد املنعم حنَ ِفي‪.‬‬
‫‪ -2‬املوسوعة الفلسفية العربية‪ :‬املعهد العريب لإلَناء‪.‬‬
‫الفلس ِفي‪.‬‬
‫‪ -3‬املعجم َ‬
‫امليسرة يف األديان و ِ‬
‫املذاهب املعاصرة‪.‬‬ ‫‪ -4‬املوسوعة َّ‬
‫الرةن بدوي‪.‬‬ ‫الوجودي‪ ،‬عبد َّ‬ ‫الزمن ُ‬
‫‪َّ -5‬‬
‫‪ )358‬أحد دعاة الو ِ‬
‫جوديَّة‪.‬‬‫ُ‬
‫‪179‬‬
‫اخلوف وال َقلِ ق‪ ،‬تَ َق َّدم الو ِ‬
‫جوديا ون بَِف ْل َس َفتِ ِهم ِدفاع اً‬ ‫وش عوِرهم ب ِ‬ ‫ونتِيج ة لِلمواقِ ف املت َذب ِذب ة لِلوج ِ‬
‫ُ‬ ‫وديِّني ُ‬ ‫ْ َ ُ‬ ‫َ َ‬
‫اع اي أو التا ا ِر َِي اي‪ ،‬وع ن الواقِ ع ال ذي ي ِّدد إىل َم دى بَعِي ٍد‬ ‫ع ن اإلنس ان ال َف رد‪ ،‬بِغَ ض النَّظَر ع ن احل ق االجتِم ِ‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ص ورة وج ِ‬
‫وده‪ ،‬فَ أبْ َرَزت بِف ْع ٍل ذ ْه ِن اإلنس ا َن بَعي داً ع ن ِّ‬
‫ض‬‫الص را االجتم اعي أو خا ِرج اً عن ه‪ ،‬وه ذا م ا َع َّر َ‬ ‫َُ ُ‬
‫ومصاحلِه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫الوجوديَّةَ إىل أن تُ ْستَ غَ ال من قبَل َمن َج َعلَها يف خ ْد َمة تَطلُّعاته َ‬
‫ُ‬
‫الوجوديين‪:‬‬ ‫المشتَ َرَكة بين ُ‬ ‫الثوابت ُ‬
‫فس رياً ع ْقّلنِي اً حبت اً‪ ،‬يق ول أَح د الوج ِ‬
‫وديِّني‪:‬‬ ‫االنق ّلب عل ى ال َف ْلس َفة امل َفس رة لِلع امل واإلنس ان تَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪-1‬‬
‫َ ُ‬ ‫َ ا‬ ‫اَ‬ ‫َ‬
‫ض ل م ا تَ ْف َعل ه ال َف ْل َس َفة أن تَ َد جانِب اً ِّادعاءَاِت ا اجملنونَ ِة لِتَ ْف ِس ري الع امل تَ ْف ِس رياً َم ْعق والً‪،‬‬ ‫َّ‬
‫((إن أَفْ َ‬
‫ود اإلنس اِن كم ا ه و‪ ،‬ه ذا َو ْح َده امل ِه ام‪ ،‬اأم ا‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫الوج َ‬ ‫ف ُ‬ ‫وأن تَُرِّك َز اهتماماِت ا عل ى اإلنس ان‪ ،‬فَتَص َ‬
‫الباقِي فَ َعبَث ))‪.‬‬
‫صبَح ال َمأْوى له وال ُجذور‪.‬‬ ‫ضيا ِ اإلنسان الذي أَ ْ‬ ‫الع ِميق بِ َ‬
‫الشعور َ‬ ‫ُّ‬ ‫‪-2‬‬
‫لوك‪...‬‬‫الس ِ‬ ‫ض وابِط ُّ‬ ‫ٍ ِ‬
‫أي ض ابِط م ن َ‬ ‫لش َهوات ب دون ا‬ ‫عوة إىل احلريَّة املطلَ َقة‪ ،‬وإ ّلق العِن ان لِ َّ‬ ‫الد َ‬‫‪َّ -3‬‬
‫الضوابِط اخلُلُِقيَّة‪.‬‬
‫الدينِيَّة‪ ،‬و َّ‬‫وهذا يعن االنْ ِسّل َ ِمن االلتِزامات ِّ‬

‫‪180‬‬
‫رابعاً‪ :‬ال َقومية (‪:)359‬‬
‫تَعري ُفها‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص بِيَّة ال َقبَليَّة‪ ،‬واملقص ود هب ا‪ :‬االعت ز ُاز ب الع ْرق أو اجل ْن ‪َ ،‬‬
‫وج َعل ه حم َور‬ ‫ال َقوميَّة تع ِن م ا يُ َس َّمى قَدمياً َ‬
‫بالع َ‬
‫االرتِباط بَ َدل االرتِباط بِ ِّ‬
‫الدين‪.‬‬
‫اس ع عش ر امل يّلدي‪،‬‬ ‫ظاهرة برزت يف اجملتمع ات الغربيَّ ة يف الق رن التا ِ‬‫يعب عن ِ‬ ‫وهي ترجة ملصطَلح غريب ِّ‬
‫اث ُم ْش َّتك‪،‬‬‫ض ُّمها إ ار ُجغ رايف ثابِ ت‪ ،‬ويمعه ا تُ ر ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫دود ًة م ن النا اس‪ ،‬يَ ُ‬‫اع ةً حم َ‬
‫ص ِّور َو ْعي اً َجدي داً ُمي ِّج د َج َ‬
‫تُ َ‬
‫صول ِعرقِيَّة و ِ‬
‫اح َدة‪.‬‬ ‫وتَ ْنتَ ِمي إىل أُ ٍ‬
‫ْ‬
‫نَشأَتُها‪:‬‬
‫نش أَت فِ ْك َرة القوميَّ ة يف أوروب ا‪ ،‬وذل ك يف أوائِ ل الق رن التااس ع عش ر امل يّلدي‪ ،‬فك ان هن اك القوميَّ ة‬
‫أن أملاني ا ف وق اجلمي ع‪ ،‬وك ان هن اك احلرك ة القومي ة‬ ‫األملانيَّ ة ال يت تق وم عل ى أس اس االعتِ زاز ب العرق األري‪ ،‬و َّ‬
‫اإليطالية‪ ،‬وكان هناك القومية اليونانيَّة‪ ،‬وغريها ِمن القوميات األوروبيَّة‪.‬‬
‫اس ع عش ر‪ ،‬وك ان النَّص ارى الع رب َّأول‬ ‫وق د انتقل ت فِك رة القوميَّ ة إىل ال بّلد العربيَّ ة يف أواخ ر الق رن التا ِ‬
‫َ‬
‫شرها‪.‬‬ ‫ِ‬
‫كرة القوميَّة العربيَّة ونَ َ‬
‫ةل ف َ‬ ‫َمن َ‬
‫الشام سنة ‪1847‬م بإنشاء َجعِياة‬ ‫ّلد ا‬ ‫وميَّة لِلعرب يف بِ ِ‬ ‫يقول جورج أنطوني ‪ ((:‬بَ َدأَت قِ َّ‬
‫صة احلرَكة ال َق ِ‬
‫ََ‬
‫يكيَّة ))(‪.)360‬‬‫أدبِية قَلِيلَة األَعضاء يف بريوت‪ ،‬ويف ِظل ِرعاية أَمر ِ‬
‫ا َ‬ ‫ا‬
‫صارى‪ :‬ناصيف اليازجي‪ ،‬وبط رس‬ ‫ِ‬ ‫الرجال الذين كان هلم دور يف َّ‬ ‫ِ‬
‫الدعوة إىل القوميَّة العربيَّة من النَّ َ‬ ‫ومن ِّ‬
‫البستاِن‪ ،‬ع ن ناص يف الي ازجي يق ول ج ورج أنط وني ‪ :‬وك ان َرافَة َد ْع َوتِه َو ِح ادِتا تُثِ ريان انتِب اه النااس؛ ألنَّه‬
‫ب هب م أن يت َذ َّكروا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الع َرب عل ى اخ تّلف عقي دِتم‪ :‬النَّص ارى واملس لمني جيع اً‪ ،‬وك ان يَهي ُ‬ ‫ك ان يَتَّج ه هب ا إىل َ‬

‫‪ )359‬يقظة العرب (ص ‪.)71‬‬


‫لّلستِز َادة انظُر‪:‬‬
‫الشيخ عبد العزيز بن باز‪.‬‬
‫ماحة َّ‬ ‫ِ‬
‫‪ -1‬نقد القوميَّة العربيَّة‪ ،‬ل َس َ‬
‫‪ -2‬فكرة القومية العربيَّة يف ِميزان اإلسّلم‪ ،‬صاحل بن عبد اهلل العبود‪.‬‬
‫حممد الغزال‪.‬‬ ‫‪ -3‬حقيقة ِ‬
‫القوميَّة العربيَّة‪َّ ،‬‬
‫العَرب‪ ،‬جورج أنطوني ‪.‬‬ ‫‪ -4‬يَ َقظَة َ‬
‫حممد احلسن‪.‬‬‫املذاهب واألفكار املعاصرة‪َّ ،‬‬ ‫‪ِ -5‬‬
‫‪ -6‬احلركات القوميَّة يف ِميزان اإلسّلم‪ ،‬منري َّ‬
‫حممد نيب‪.‬‬
‫‪ )360‬يقظة العرب (ص ‪.)71‬‬
‫‪181‬‬
‫ني‪ ،‬ونَش أ أَ فالُه االث ن عش ر بن ني‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يمعُه م إخوان اً ُمتَ آلف َ‬
‫تُراثَهم املش َّتك‪ ،‬وأن يُش يدوا عل ى أساس ه ُم ْس تَ ْقبَّلً َ‬
‫حبماستِه ح بلغ ِمن تأثُّر أبنائه بِتعالِيم أبي ِهم أن أصبَح فيم ا بع د َّأول َم ن‬ ‫َ‬ ‫وبنات على هذه اآلراء‪ ،‬وأَ َع َّدهم‬
‫ومي لِ َلعَرب (‪.)361‬‬ ‫نادى بِالتَّحرر ال َق ِ‬
‫َا‬ ‫َ‬
‫الدول االستِعما ِريَّة‪ ،‬كبيطانيا‪ ،‬واملنظامات املاسونِيَّة ِّ‬
‫السِّريَّة‪.‬‬ ‫ساع َدهم يف ذلك ُّ‬ ‫وقد َ‬
‫تأكداً ِمن قبل أن آيت إىل احلجا ِز‬ ‫يقول لورن ‪ ((:‬لقد كنت ُم ْ ِمناً باحلرَكة العربِيَّة إمياناً َع ِميقاً‪ ،‬وكنت ُم ِّ‬
‫ضي على امبا وِريَّتها َش َذر َم َذر ))(‪.)362‬‬ ‫الفكرة ستُح ِزن تركيا‪ ،‬وتَ ْق ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫أن هذه َ ْ‬
‫ب ال يَ ْق ِدر أن ي ا ِري ِهم يف ُم ْعتق داِتِم‬ ‫أعيش م ع ه الء الع رب َكر ُج ٍل َغ ِري ٍ‬
‫َ‬ ‫ب م ِّن أن َ‬
‫ويقول‪ ((:‬لقد ُلِ ِ‬
‫َ‬
‫ياسة بِ ِريطانيا احملا ِربة ))(‪.)363‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫فك ِريِهم‪ ،‬وكنت م ْ ِ‬ ‫وتَ ِ‬
‫ضطَاراً لتَ ْد ِريبِ ِهم وتَوجي ِه ِهم يف االجتاه الذي يَْن َسجم وس َ‬ ‫ُ‬
‫أساس الفكر ال َقومي‪:‬‬ ‫ُ‬
‫العناصر التاالِيَة‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ومي على‬ ‫يقوم ِ‬
‫الف ْكر ال َق ِ‬
‫‪ -1‬نَظَ ِريَّة العِْرق (اجلن )‪.‬‬
‫‪ -2‬عنصر التاا ِريخ‪.‬‬
‫‪ -3‬عنصر اللُّغة‪.‬‬
‫نَقد الفكر ال َقومي‪:‬‬
‫يوعي‪،‬‬‫الش ِ‬ ‫ودي واملس لِم و ِ‬
‫امللح د ُّ‬ ‫ومي يس ِقط ال ِّدين ِم ن اعتِب ا ِره‪ ،‬فيجم ع ب ني النَّص راِن واليه ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الف ْك ر ال َق ُ ْ‬
‫القوميَّ ة‪ ،‬وإلي ك ال َّدليل ِم ن أق وال‬
‫وميَّ ة فق ط‪ ،‬ب ل إنَّه ي عتَ ِب ال ِّدين عائِق اً يف س بِيل ِ‬ ‫وم ن ال ِدي ن ل ه بِ رابِ ِط ال َق ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وميِّني ِ‬
‫أنفس ِهم‪:‬‬ ‫ال َق ِ‬
‫العربِيَّ ة باس ِم الوح َدة‬ ‫ِ‬
‫الع َرب)‪ ((:‬و اأم ا َم ن ع َارض الوح َدة َ‬ ‫يق ول س ا ع احلص ري (وه و كب ري ال َق وميِّني َ‬
‫ص ِرية ))‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اإلس ِ‬
‫الع ْق ل واملنط ق خمالََف ةً َ‬
‫ض يات َ‬ ‫حبج ة الوح َدة اإلس ّلميَّة فيك ون ق د خ الَف أَبْ َس ط ُم ْقتَ َ‬ ‫ّلميَّة أو َّ‬
‫(‪.)364‬‬
‫الض عِي َفة ع ن عقي دة ال َق ِ‬
‫وميَّة‬ ‫ومن األجرام ال َف ِ‬
‫ض َيعة أن يَتَ َخلَّى أَف ر ُاد األَُم ِم َّ‬ ‫الشهايب‪ِ ((:‬‬ ‫ويقول ُمصطفى ِّ‬
‫جاوزوها إىل اإلميان األَ ْعمى بِ َع ِق َ‬
‫يدة العالَ ِميَّة أو األَُمِيَّة يف هذا َّ‬
‫‪365‬‬
‫الزَمن ))‬ ‫وأن يَتَ ُ‬

‫‪ )361‬يقظة العرب (ص ‪ )109‬وما بعده‪.‬‬


‫حممد احلسن‪( ،‬ص ‪.)231‬‬ ‫‪ )362‬املذاهب واألفكار ِ‬
‫املعاصرة‪َّ ،‬‬
‫املرجع (ص ‪.)221‬‬ ‫ِ‬ ‫‪ )363‬نف‬
‫‪ )364‬فكرة القوميَّة العربية يف ض ِ‬
‫وء اإلسّلم (ص ‪.)45‬‬ ‫َ‬
‫‪182‬‬
‫الع َرب أينَم ا ك انوا َمْن ِزلَةَ ِو ْح َدة اهللِ ِم ن‬ ‫ِ‬
‫العربِيَّ ة ي ب أن تن زل م ن قُل وب َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ويق ول أة د زك ي‪ ((:‬والو ْح َدة َ‬
‫لوب قَ ْوٍم ُم ِمنِني ))(‪.)366‬‬
‫قُ ِ‬
‫كرة القومية‪:‬‬ ‫الحكم على الف َ‬ ‫ُ‬
‫الفك ِري ال ذي أص اب الع امل‬ ‫اجلاهلِيَّ ة‪ ،‬وض رب ِم ن ض روب الغَ زو ِ‬ ‫القوميَّ ة ردة إىل ِ‬ ‫الفك رة ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َْ ٌ‬ ‫ا‬ ‫ك أ ان َ‬ ‫ال ش َّ‬
‫لدعوات ِ‬
‫القوميَّة اليت ظَ َهَرت يف أوروبا‪.‬‬ ‫صدى لِ َّ‬ ‫ِ‬ ‫اإلسّلمي؛ َّ‬
‫ألاا يف حقي َقتها َ‬
‫إحلاديَّة‪ ،‬تَ ْه ِدف إىل ُحم َاربَ ِة‬
‫جاهلِيَّ ة ِ‬‫الش يخ عب د العزي ز ب ن ب از رة ه اهلل بأا ا‪ ((:‬دع وة ِ‬
‫َ َْ‬ ‫ص ُفها ساح ة َّ‬ ‫وي ِ‬
‫َ‬
‫كام ِه وتَعالِ ِ‬
‫يمه ))‪.‬‬ ‫اإلسّلم‪ ،‬والتَّخلُّص ِمن أَح ِ‬
‫ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ّلم وال َقض ِاء علي ه يف دا ِره‬ ‫ويق ول عنه ا أيض اً‪ ((:‬وق د أَ ْح َدثَها الغَربِيُّ ون ِم ن النَّص ارى لِمحارب ِة اإلس ِ‬
‫َ ُ ََ‬ ‫ْ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف ِم ن ال َق وِل‪ ،‬فاعتَ نَ َقه ا كثِ ري ِم ن ِ ِ‬ ‫بِزخ ر ٍ‬
‫وم ن‬ ‫الع َرب م ن أَ ْع داء اإلس ّلم‪ ،‬وق د ا ْغتَ ار هب ا كث ري م ن األَ ْغم ا ِر‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُُْ‬
‫اإلسّلم يف كل م ٍ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كان ))‪.‬‬ ‫اَ‬ ‫وخصوم‬ ‫قَلَّ َد ُهم من اجلُ اهال‪ ،‬وفَ ِرح بذلك أَْرباب اإلحلاد ُ‬

‫‪ )365‬فكرة القوميَّة (ص ‪.)51‬‬


‫‪ )366‬فِكرة ِ‬
‫القوميَّة (ص ‪.)70‬‬ ‫َ‬
‫‪183‬‬
‫خامساً‪ :‬القاديانية(‪:)367‬‬
‫وهي‪ :‬فِْرقَة نَشأت يف اهلند‪ ،‬أَ َّسسها‪ :‬غّلم أةد القادياِن‪ ،‬يف اهلند‪ ،‬مبعونة ِمن اإلنليز‪.‬‬
‫دور اإلنجليز في إنشاء القاديانية‪:‬‬
‫قاوَم ة َعنِي َف ة ِم ن املس لمني يف اهلن د‪ ،‬وقام ت الكث ري ِم ن‬ ‫لَم ا اس ت عمرت انل ّتا اهلن د ِ‬
‫ووج َه ت حبرَك ة ُم َ‬ ‫ُ‬ ‫ا ََْ‬
‫وإقام ة نِظ ام اإلس ّلم‬
‫ي َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َحرك ات اجله اد اإلس ّلمي‪ ،‬وم ع َّأا ا ُمتَ َقطِّع ة‪ ،‬ومل تَ ْن َجح يف إيق اف امل اد االس تعما ِر ا‬
‫ود ْولَتِ ه‪ ،‬اإال أا ا أَذْ َك ت يف قل وب املس لمني قَ بَ اجلِه اد‪ ،‬إىل أن ان َف َج ر برك ان الثَّ َورة عل ى االنلي ز س نة‬ ‫َ‬
‫ف وقَ ْس َوةٍ‪ ،‬فك ان ال بُ َّد ِم ن‬ ‫‪1857‬م‪ ،‬وك اد املس لمون أن يَْن َجح وا‪ ،‬ولك ن االنلي ز قَض وا عل ي ِهم بِ ُك ال عُْن ً‬
‫يدةِ اجلِ ِ‬
‫هاد‪.‬‬ ‫إلفساد َع ِق َ‬
‫ِ‬ ‫ُخطَّة‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫جاء يف وثِي َقة ب ِريطانيا ما نَصه‪ِ َّ ((:‬‬
‫ني يف َس نَة ‪1869‬م‬ ‫إن اإلنليز أَْر َسلَت َوفْداً من املبَ ِّشرين واملستَش ِرق َ‬ ‫ا‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الوس ائل وأنَ ح الطُّرق ال يت ميك ن أن تُتَّ َخ ذ لتَ ْس خري املس لمني‪ ،‬وةَْل ِه م عل ى َ‬
‫اع ة‬ ‫ضل َ‬ ‫اس ة أَفْ َ‬‫إىل اهلن د لدر َ‬
‫إن أكثَر املس لمني يف‬ ‫لحكوم ة ج اء فيهم ا‪َّ :‬‬ ‫الس ْلطَة ال ِبيطانِيَّة‪ ،‬فلما رجع الوفْ د س نة ‪1870‬م قَ َّدم تَق ِري رين لِ‬ ‫ُّ‬
‫َ‬ ‫َْ‬ ‫ا ََ َ‬
‫يب الجتَ َم ع َحولَ ه َع َد ٌد ِم ن النا اس‪ ،‬واآلن‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫ه‬ ‫َّ‬
‫ن‬ ‫أ‬ ‫عي‬ ‫َّ‬
‫د‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫ص‬ ‫خ‬
‫ْ‬ ‫ش‬
‫َ‬ ‫نا‬ ‫د‬
‫ْ‬ ‫ج‬
‫َ‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫و‬ ‫فل‬ ‫ني‪،‬‬ ‫ي‬
‫ِّ‬‫اهلن د ي تَّبِع ون زعم اءهم ال ِّدينِ‬
‫َُ َ‬ ‫َ‬
‫الش ْعب اهلن ِدي وجه وِر‬ ‫الف َت ب ني َّ‬ ‫وحن ن مس ي ِطرون عل ى س ائِر اهلِن د حنت اج إىل ِمثْ ل ه ذا العم ل إلث ارة ِ‬
‫ََ‬ ‫َُْ‬
‫نفسهم ))‪.‬‬ ‫اخلِيَّة واجملاالت العنِي َفة بني املسلمني أَ ِ‬ ‫املسلِ ِمني‪ ،‬وإلثارة االضطرابات ال اد ِ‬
‫َ‬
‫من َعقائد القاديانية‪:‬‬
‫أن غُّلم أةد هو املسيح املوعود‪ ،‬وهو أَفْضل األنبِياء جيعاً‪.‬‬ ‫‪ -1‬يَ ْعتَ ِقدون َّ‬
‫عند ُهم كافِر ح يَ ْد ُخل يف القاديانِيَّة‪.‬‬
‫كل مسلِم َ‬ ‫ا‬ ‫‪-2‬‬
‫املخدرات و ِ‬
‫املسكرات‪.‬‬ ‫اخلمر واألَفيون و ِّ‬ ‫ِ‬
‫‪ -3‬يُبيحو َن َ‬
‫يدة اجلهاد‪ ،‬وي رون الطااعةَ العمياء لِ‬
‫لحكومة اإلنليزية‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ َْ‬ ‫ََ ْ‬ ‫‪ -4‬يلغون َع ِق َ‬
‫كالصحابَة‪.‬‬
‫فاق غُّلم أةد َّ‬ ‫يد ُم ْستَ ِق ال‪ ،‬و َّ‬
‫أن ِر َ‬ ‫‪ -5‬يعتقدون أام أصحاب ِدي ٍن ج ِد ٍ‬
‫َ‬ ‫ُ‬

‫‪ )367‬لّلستِزادة انظر‪:‬‬
‫حممد اخلضر حسني‪.‬‬ ‫‪ -1‬ائفة القاديانية‪َّ :‬‬
‫‪ -2‬القادياِن والقاديانية‪ ،‬أبو احلسن النَّدوي‪.‬‬
‫‪ -3‬حقيقة القاديانيَّة والبابيَّة والبهائيَّة‪ِ :‬‬
‫سامي َعطا احلسن‪.‬‬
‫‪ -4‬املوسوعة امليَّسرة يف األديان واملذاهب ِ‬
‫املعاصرة‪.‬‬
‫حممد احلسن‪.‬‬ ‫‪ -5‬املذاهب واألفكار ِ‬
‫املعاصرة‪َّ ،‬‬
‫‪ -6‬القاديانية‪ ،‬إحسان إهلِي ظَ ِهري‪.‬‬
‫‪184‬‬
‫سادساً‪ :‬البابية والبَهائية (‪:)368‬‬
‫تَعريفها‪:‬‬
‫وس ي و ِ‬
‫اليهوديَّ ة العامليَّ ة واالس تِعمار‬ ‫الر ِ‬
‫ت ِرعايَ ة االس تِعمار ُّ‬‫ه ي‪ :‬حرك ةٌ نَ َش أَت س نة ‪1260‬ه حت َ‬
‫وتفكيك ِوح َدة املسلمني وصرفِ ِهم عن قَضاياهم األَ ِ‬
‫ساسيَّة‪.‬‬ ‫اإلسّلميَّة‪ِ ،‬‬
‫ِ‬ ‫ف إفْساد العقيدة‬ ‫اإلنلِيزي‪َ ،‬‬
‫هبد ِ‬
‫َْ‬ ‫ْ‬
‫تاريخها‪:‬‬
‫اع َدة احلكوم ة‬ ‫الش ريازي‪ ،‬ال ذي أعلَ ن أنَّه الب اب ‪ ،‬س نة ‪1844‬م مبس َ‬
‫‪369‬‬
‫حممد ِرضا ِّ‬ ‫أسسها املرزا علي َّ‬ ‫َّ‬
‫ث م ع ال ازائغني‬ ‫الر ِ‬
‫وس يَّة يف إي ران يف مذكرات ه‪ ((:‬إنَّه حب َ‬ ‫املّتِجم يف َّ‬
‫السفارة ُّ‬ ‫الروسيَّة‪ ،‬يقول ((كينازدا الفوركي)) َ‬
‫ِ‬
‫ا‬
‫وحدِتم‪ ،‬فكان ِمن أسه ِل الطُّرق ِ‬
‫املوص لة إىل‬ ‫ِ‬ ‫ضربةً ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫تقضي على َ‬ ‫ض ْرب املسلمني هبم َ ْ َ‬ ‫يف عقيدِتم اإلسّلميَّة ل َ‬
‫أجيج نا ِره ا فيم ا بي نهم‪ ،‬فبَ ْع د البح ث والتَّح ِّري َعثَرت عل ى ائَِف ة‬‫الدينِيَّة ونَش رها‪ ،‬وت ِ‬
‫ذلك إي اد اخلّلف ات ِّ‬
‫الرش يت‪ ،‬ك ان كث رياً م ا يُ َرِّدد ذك ر‬ ‫ني يف كثِ ٍري ِم ن عقائِ دهم‪ ،‬ف دخلت يف حلق ة َّ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫الس يِّد ك اظم ا‬ ‫ُت الف املس لم َ‬
‫املهدي‪.‬‬
‫الشريازي (الذي أصبح زع يم البابيَّة فيم ا بع د) فتَبَ َّس مت‪،‬‬ ‫مث يقول‪ :‬فرأيت يف اجمللِ ‪ :‬امليزراعلى حممد ِّ‬
‫نفسي على أن أجعلَه ِ‬
‫املهدي املزعوم ))‪.‬‬ ‫وص َّممت يف ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫مث جاء بعد الباب امليزراحسني علي بن املريزاعبااس‪ ،‬املعروف ب (بزرك) مث تلَ َّقب بالبهاء (هباء اهلل) وإليه‬
‫تُْنسب البهائِيَّة‪ ،‬وقد َّادعى األُ ِ‬
‫لوهيَّة‪.‬‬ ‫َ‬
‫من َعقائدهم‪:‬‬
‫‪ -1‬يعتقد البهائِيون أ ان الباب هو الذي خلَق كل ش ٍ‬
‫يء بِ َكلِ َمتِه‪.‬‬ ‫َ َ َّ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ا‬
‫‪ -2‬يقولون باحللول و ِّ‬
‫االحتاد‪.‬‬
‫ناسخ وخلود الكائِن‪.‬‬
‫‪ -3‬يقولون بالتَّ ُ‬

‫سامي عطا احلسن‪.‬‬ ‫‪ )368‬لّلستِزادة‪ ،‬انظر‪ :‬ح ِقي َقة القاديانِيَّة والبابِيَّة والبهائِيَّة‪ِ ،‬‬
‫املوصلَة إىل مع ِرفَة ِ‬
‫احلقي َقة اإلهليَّة‪.‬‬ ‫‪ )369‬ومعىن الباب‪ :‬أنَّه الو ِسيلة ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫‪185‬‬
‫س وآدابُها‬
‫المجال ُ‬
‫َ‬
‫المجالس‪:‬‬‫أَنواع َ‬
‫بد له ِمن اجلل وس م ع اآلخ رين‪ ،‬وهل ذا اعتَ ىن اإلس ّلم بعّلقَة املس لِم م ع‬ ‫طبعه‪ ،‬وال َّ‬ ‫ِ‬
‫اإلنسا ُن اجتماعي بِ ْ‬
‫الدنيا واآلخرة‪.‬‬ ‫صّلحه يف ُّ‬
‫ُ‬ ‫ووجهه لِما فيه‬
‫غ ِريه‪َّ ،‬‬
‫أن اجملال أنوا ‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫وعند النَّظر ند َّ‬
‫الص ّلح‪ ،‬وحلَق ات العل م‪ ،‬وجم ال ال َوع والتَّ ذكري‪،‬‬ ‫كمج ال العلم اء‪ ،‬وأه ل َّ‬ ‫أ‪ -‬نَ و حمم ود‪َ ،‬‬
‫وكل ما يعود على ِ‬
‫املرء بِنَ ْفع يف ِدينه‪ ،‬وهذه ينبغي العِنايَة حبضوِرها وتَطَلُّبِها‪.‬‬
‫احش الب ِذيء‪ ،‬والغيب ة‪ ،‬والك ذب‪ ،‬واجمل ال‬ ‫وء‪ ،‬والك ّلم الف ِ‬‫الس ِ‬
‫كمج الِ أَ ْه ل ُّ‬ ‫ب‪ -‬نَ ْو َم ذموم‪َ ،‬‬
‫اليت يراد هبا نَ ْشر ال َفساد‪ ،‬وحنو ذلك‪ ،‬وهذه الو ِاجب اجتِناهبا‪ ،‬وتَنَ ُّكب َ ِر ِيقها‪.‬‬
‫الس وء‪ ،‬وال تَرتَِق ي إىل أن تك ون جم الِ نافِ َع ة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ج‪ -‬نَ ْو مب اح‪ ،‬وه ي اجمل ال ال يت ال تش تَمل عل ى ا‬
‫البيء‪ ،‬وحنو ذلك‪.‬‬ ‫إَنا فيها الكّلم املباح‪ ،‬واملزاح َِ‬
‫ضيِّع لِ َّلز ِ‬
‫مان‪ ،‬ورمبا َجَّر إىل منوٍ ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫د‪ -‬واإلكثار من هذا النَّو َم َ‬
‫المجالس‪:‬‬ ‫آداب َ‬
‫يب ‪ ‬أنَّه ق ال‪ ((:‬إذا انتَ َه ى أَ َح ُدكم‬ ‫الدخول واخلروج‪ ،‬فع ن أيب هري رة ‪ ‬ع ن النَّ ا‬ ‫السّلم عند ُّ‬
‫َّ‬ ‫‪-1‬‬
‫اآلخَرة ))(‪.)370‬‬ ‫إىل اجمللِ فَ ْليسلِّم‪ ،‬فإذا أراد أن يقوم فَ ْليسلِّم‪ ،‬فليست األوىل بأَحق ِمن ِ‬
‫َا‬ ‫َُ‬ ‫َُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص ِّدروه‪ ،‬ويل حيث يَطْلب‬ ‫يتص َّدر اإال أن يُ َ‬‫اضع‪ ،‬وال َ‬ ‫‪ -2‬أن يل حيث ينتَهي به اجملل ‪ ،‬ويتَو َ‬
‫منه ِ‬
‫صاحب ال ادا ِر‪.‬‬
‫ول اهللِ ‪َ ‬جلَ أَ َح دنا حي ث يَْنتَ ِه ي بِ ه‬ ‫ع ن ج ابر ب ن س رة ‪ ‬ق ال‪ ((:‬كنا ا إذا أَتَ ْين ا رس َ‬
‫اجمللِ ))(‪.)371‬‬
‫أعلَ م بِ َع َورةِ بَْي تِ ِهم ))‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وقال إبراهيم النَّ َخع ي‪ (( :‬إذا دخ ل أح د ُكم بَْيت اً‪ ،‬فأينم ا أَ ْجلَ ُس وه فَ ْل يَ ْجل ‪ ،‬ه م َ‬
‫(‪.)372‬‬

‫(‪ ،)386/5‬رق م (‪ ،)5208‬والّتم ذي يف‬ ‫الس ّلم إذا ق ام ِم ن اجملل‬


‫) رواه أة د (‪ ،)287/2‬وأب و داود يف األدب‪ ،‬ب اب‪َّ :‬‬
‫‪370‬‬

‫وحسنَه‪.‬‬
‫االستئذان‪ ،‬باب‪ :‬يف التَّسليم عند القيام (‪ ،)62/5‬رقم (‪َّ ،)2706‬‬
‫‪ )371‬رواه أبو داود‪ ،‬كتاب األدب يف التَّحلُّق (‪ ،)164/5‬رقم (‪ ،)4825‬والبخاري يف األدب املفرد (‪.)1141‬‬
‫‪ )372‬مصنف ابن أيب شيبة (‪( .)235/5‬كتاب األدب)‪.‬‬
‫‪186‬‬
‫اخل‪ ،‬وال يُِق يم أَ َح ٌد أح داً ِم ن َمكانِه لِيَ ْجلِ َ في ه‪ ،‬وال يُ َف ِّرق ب ني اثن ني‪،‬‬ ‫وس ع لِل اد ِ‬
‫‪ -3‬التَّ َف ُّس ح والتَّ ُّ‬
‫ق ال تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﳆ ﳇ ﳈ ﳉ ﳊ ﳋ ﳌ ﳍ ﳎ ﳏ ﳐ ﳑ ﳒ ﱠ‬
‫[اجملادلة‪.]11 :‬‬
‫َ‬
‫الر ُج َل ِمن َم ْق َع ِده مث يلِ فيه‪ ،‬لكن تَ َف َّسحوا أو تَ َو َّسعوا ))(‪.)373‬‬ ‫قال ‪ ((:‬ال يُِقيم َّ‬
‫الر ُج ُل َّ‬
‫جلس ة تَ ْن َك ِش ف‬ ‫‪ -4‬التِزام األدب يف اجللوس‪ ،‬فّل مي اد ِرجلَيه إىل اجلالِ ِسني اإال ِمن ع ْذر‪ ،‬أو يلِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْْ‬
‫اآلخ ِرين‪ ،‬وال يل كهيئَ ِة‬ ‫ِ ِ‬
‫ض يِّق عل ى َ‬ ‫ض يِّق فَيُ َ‬
‫فيه ا َع ْوَرت ه‪ ،‬أو يَتَ َو َّس ع يف ج ْل َس ته واملك ان َ‬
‫املضطَ ِجع‪ ،‬وحنو ذلك (‪.)374‬‬
‫أح اق بِه‪ ،‬ق ال ‪ ((:‬إذا ق ام أَ َح ُد ُكم ِم ن جملِ ِس ه‪ ،‬مثَّ َر َج ع‬ ‫ِِ‬
‫‪َ -5‬من قام من جملسه مثَّ َر َجع إليه فه و َ‬
‫إليه فهو أَ َح اق به ))(‪.)375‬‬
‫اجلدل‪ ،‬وينتَ ِقي الطَّيِّب ِم ن ال َك ِ‬
‫ّلم‪،‬‬ ‫بالسوء‪ ،‬أو يكثِر اخلِصام و َ‬ ‫احلديث‪ ،‬فّل يتكلَّم ُّ‬ ‫‪ -6‬التِزام أَدب ِ‬
‫َ‬
‫وال يُقا ِ ع ال ُمتَ َح ِّدث‪ ،‬أو يُظْ ِهَر ِع ْل َمه مبا يقول‪.‬‬
‫آخ ر يف َح ِديثِ ه‪ ،‬فق ال عط اء‪ :‬س بحان اهلل! م ا ه ذه‬ ‫ض له َ‬ ‫حتدث َر ُج ٌل عند َعطاء بن أيب رباح‪ ،‬فاعتَ َر َ‬ ‫َّ‬
‫الر ُج ِل وأنا أَ ْعلَم منه‪ ،‬فَأُ ِري ِهم ِمن نَ ْف ِس ي أِن ال أَ ْح ِس ُن‬
‫يث ِمن َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األخّلق ؟ ما هذه األَحّلم ؟ إِن ألسَع احلد َ‬
‫منه َشْيئاً‪.‬‬
‫باحلديث فأستَ ِمع له كأِن مل أَ ْسع‪ ،‬وقد َِس ْعتُه قبل أن يُولَد (‪.)376‬‬ ‫الشاب لِيتح َّدث ِ‬ ‫وقال أيضاً‪َّ :‬‬
‫إن ا ََ َ‬
‫الصغِري‪ ،‬ويَ ْع ِرف لِلع ا ِمل قَ ْد َره‪ ،‬ف ّل يَ تَ َكلَّم يف‬ ‫‪ -7‬التِزام األَدب مع ِ‬
‫احلاضرين‪ ،‬فَيُ َوقِّر ال َكبِري‪ ،‬ويَ ْر َحم َّ‬ ‫َ‬
‫ب منه العامل ذلك‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َمسائل الع ْلم ُمتَ َق ِّدماً عليه اإال أن يَ ْستأذنَه‪ ،‬أو يَطْلُ َ‬
‫الص ّلة عل ى رس ولِه ‪ ،‬ق ال ‪ ((:‬م ا قَ َع د قَ ْوٌم َم ْق َع داً‬ ‫‪ -8‬أال َيلو اجمللِ ِم ن ِذ ْك ر اهللِ تع اىل‪ ،‬و َّ‬
‫ِ‬
‫يام ة‪ ،‬وإن َد َخل وا‬ ‫يب ‪ ‬اإال ك ان عل ي ِهم َح ْس َرةً ي وم الق َ‬ ‫ص لاو َن عل ى النَّ ِّ‬ ‫ال ي ذكرو َن اهللَ في ه‪ ،‬وال يُ َ‬
‫قاموا عن ِمثْ ِل ِجي َف ِة ِةار ))(‪.)378‬‬ ‫اجلنَّة )) ‪ ،‬ويف ِروايَة أخرى‪ ((:‬اإال ُ‬
‫(‪)377‬‬

‫جل ِمن جملِسه (الفتح ‪ ،)62/11‬رقم (‪ ،)6269‬ومسلم‪ ،‬كت اب‬


‫الر َ‬
‫جل َّ‬ ‫الر ُ‬
‫) رواه البخاري‪ ،‬كتاب االستئذان‪ ،‬باب‪ :‬ال يقيم َّ‬
‫‪373‬‬

‫وضعِه املباح الذي سبق إليه (‪ ،)1714/4‬رقم (‪.)2177‬‬ ‫السّلم‪ ،‬باب‪ :‬حترمي إقامة اإلنسان ِمن م ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫الرجل يل بني َر ُجلَني بغري إذاما (‪ ،)175/5‬رقم (‪ ،)4845‬والّتمذي‪ ،‬ويف األدب‬ ‫) رواه أبو داود‪ ،‬كتاب األدب‪ ،‬باب‪َّ :‬‬
‫‪374‬‬

‫الرجلَني بغري إذاما (‪ )89/5‬رقم (‪.)2752‬‬ ‫(باب‪ :‬كراهيَّة اجللوس بني َّ‬
‫أحق به (‪ ،)1715/4‬رقم (‪.)2179‬‬ ‫ِ ِِ‬
‫عاد فهو ا‬ ‫السّلم‪ ،‬باب‪ :‬إذا قام من جملسه مثَّ َ‬‫) رواه مسلم‪ ،‬كتاب َّ‬
‫‪375‬‬

‫الس ِامع (‪.)200/1‬‬


‫الراوي وآداب ا‬ ‫) رواها اخلطيب البغدادي يف اجلامع ألخّلق ا‬
‫‪376‬‬

‫‪187‬‬
‫وجي ه اجمللِ‬
‫الزم ان مب ا ال ي ِفي د‪ ،‬وحماولَة تَ ِ‬
‫فادة ِمن اجمللِ مبا يَْن َفع‪ ،‬وع دم تَض يِيع َّ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُح ْسن االست َ‬ ‫‪-9‬‬
‫ب‪،‬‬‫الس ا‬ ‫الش ار عن ه ‪ -‬ل و ح َدث ‪ ،-‬ف ّل يَ ْس َمح في ه بِال َك ِذب‪ ،‬والغِيبَ ة‪ ،‬و َّ‬ ‫ودفْ ع َّ‬
‫إىل اخل ري‪َ ،‬‬
‫يص ل التَّغيِ ري‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وخط أ‪ ،‬ف إن مل ُ‬ ‫الش ْتم‪ ،‬وعل ى ك ال ُمس تَطي ٍع أن يغ ِّري م ا يَ راه في ه م ن ُمْن َك ٍر َ‬
‫و َّ‬
‫إلمث‪ ،‬فعلي ه ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫القي ام من ه‪ ،‬ق ال تع اىل‪:‬ﭐ‬ ‫فَيَ ْن َقل ب اجملل إىل جمل ٍ َم ذموم‪ ،‬واجلل وس في ه حتص يل ٍ َ‬
‫ﱡﭐﳆ ﳇ ﳈ ﳉ ﳊ ﳋ ﳌ ﳍ ﳎ ﳏ ﳐ ﳑ ﳒﭐﱠ [األنعام‪.]68 :‬‬
‫ال‪:‬ﭐﱡﭐ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ‬ ‫وق‬
‫ﱑﱠ [النِّساء‪.]114 :‬‬
‫‪ -10‬إذا انتَ َه ى اجمللِ ‪ ،‬أو أراد اخل روج‪ ،‬فعلي ه أن يق ول ك اف َارة اجمللِ ‪ ،‬وه ي ه ذا ال ُّدعاء‪:‬‬
‫يب‬ ‫َّ‬
‫ن‬ ‫ال‬ ‫ان‬ ‫ك‬ ‫))‪،‬‬ ‫ك‬ ‫إلي‬ ‫وب‬ ‫أت‬
‫و‬ ‫ك‬ ‫ر‬‫((س بحانَك اللَّه ام وحبم ِدك‪ ،‬أش هد أن ال إل ه اإال أن ت‪ ،‬أس تَغف ِ‬
‫ُ‬
‫ا‬
‫وم ِم ن اجملل ‪ ،‬فَ ُس ئِل عن ه فق ال‪َ ((:‬ك اف َارة لِم ا يك ون يف اجمللِ ))‬
‫‪ ‬يقولُ ه إذا أراد أن يق َ‬
‫(‪.)379‬‬
‫األسئلَة‪:‬‬
‫لكل نو مبثالِني‪.‬‬
‫ا‬ ‫مثيل‬‫ت‬
‫َّ‬ ‫ال‬ ‫مع‬ ‫؟‬ ‫س‪ :1‬ما أنوا اجملالِ‬
‫عدد ثّلثَةً ِمن آداب اجملالِ ‪ُ ،‬مستَ ْش ِهداً على اثنَ ْني منها‪.‬‬
‫س‪ِّ :2‬‬
‫فادة ِمن جمالِسنا‪.‬‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫س‪ :3‬اذ ُكر مخَْ َ وسائل ‪ -‬من إنشائك ‪ -‬ميكن عن َ ِريقها االست َ‬

‫‪ )377‬رواه ابن حبان يف صحيحه‪ ،‬وهذا لفظه (‪ ،)353-351/2‬ول ه رواي ات عن ده‪ ،‬والّتم ذي يف ال ُّدعاء‪ ،‬ب اب‪ :‬الق وم يلس ون‬
‫حسن صحيح "‪ ،‬وانظر‪ :‬النَّسائي يف اليوم والليلة رقم (‪ ،)403‬وما بع ده‪ ،‬وص َّححه‬ ‫وال يذكرون اهلل (‪ )461/5‬رقم (‪ ،)3380‬وقال‪َ ":‬‬
‫ابن القيِّم يف جّلء األفهام (ص ‪.)14‬‬
‫الر ُج ل ِم ن جملِس ه وال ي ذكر اهلل (‪ ،)181/5‬رق م (‪ ،)4855‬والنَّس ائي يف‬
‫) رواه أب و داود يف األدب‪ ،‬ب اب‪َ :‬كر َاه ة أن يق وم َّ‬
‫‪378‬‬

‫اليوم واللَّيلة رقم (‪.)411( ،)408‬‬


‫‪ )379‬رواه أبو داود يف األدب‪ ،‬باب‪ :‬ك افارة اجمللِ (‪ ،)182/5‬رقم (‪ ،)4859‬وانظر‪ :‬سنن الّتمذي رقم (‪ ،)3433‬وابن حبان‬
‫الصّلح (‪.)715-745/2‬‬ ‫صححه احلاف ابن حجر وأ ال الكّلم عليه يف النُّكت على ابن َّ‬ ‫رقم (‪ ،)594‬وغريهم‪ ،‬وقد َّ‬
‫‪188‬‬
‫الفهرس‬
‫الشريف‪5 ...............................................................................:‬‬
‫يث َّ‬ ‫ِ‬
‫َّأوالً‪ :‬احلد ُ‬

‫األول‪6 .................................................................................. :‬‬


‫احلديث َّ‬

‫احلديث الثااِن‪11 ................................................................................ :‬‬

‫احلديث الثاالث‪16 ............................................................................... :‬‬

‫الرابع‪19 .................................................................................:‬‬
‫احلديث ا‬
‫احلديث ِ‬
‫اخلام ‪23 ...............................................................................‬‬

‫السادس ‪27 ...............................................................................‬‬


‫احلديث ا‬

‫السابع ‪30 ................................................................................‬‬


‫احلديث ا‬

‫احلديث الثا ِامن‪34 ................................................................................:‬‬

‫احلديث التا ِ‬
‫اسع‪37 ............................................................................... :‬‬

‫ِ‬
‫اإلسّلميَّة‪42 ............................................................................ :‬‬ ‫ثانياً‪ :‬الثَّقافة‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص َوِر بُطولَة النَّ ِّ‬
‫يب ‪ ‬وأصحابه رضي اهلل عنهم‪43 .................................................‬‬ ‫من ُ‬

‫الد ْع َوةِ إىل اهلل تعاىل‪46 ................................................... :‬‬ ‫صورةٌ ِمن ُّ‬
‫حتمل األَ َذى يف َّ‬ ‫َ‬

‫لمسلِم‪52 .......................................................................‬‬‫ِ‬ ‫َّ ِ‬


‫الشخصيَّة املتَ َميِّ َزة ل ُ‬

‫الشباب ‪56 .......................................................................................‬‬


‫َّ‬

‫الرجولة‪62 .............................................................................:‬‬
‫الشجاعة و ُّ‬
‫َّ‬

‫املال يف اإلسّلم ‪66 ...............................................................................‬‬

‫‪189‬‬
‫اإلنفاق وآدابُه‪71 ................................................................................ :‬‬
‫ُ‬

‫ِ‬
‫املسجد وآدابه‪75 ................................................................................ :‬‬

‫وحقوقه‪80 ................................................................................. :‬‬


‫اجلار ُ‬

‫التَّ ِحيَّة وآداهبا ‪84 ..................................................................................‬‬

‫يارة وآداهبا ‪89 ..................................................................................‬‬


‫الز َ‬
‫ِّ‬

‫الضيافَة وآداهبا ‪93 .................................................................................‬‬


‫ِّ‬

‫النَّوم واالستِيقاظ وآداهبما‪96 ...................................................................... :‬‬

‫ال َك ْون واإلنسان واحلياة يف نَظَر اإلسّلم‪100 ....................................................... :‬‬

‫ثالثاً‪ :‬احلديث ‪104 ...................................................................................‬‬

‫احلديث العاشر ‪105 ..............................................................................‬‬

‫احلديث ِ‬
‫احلادي عشر‪108 .........................................................................‬‬

‫احلديث الثااِن عشر ‪111 ..........................................................................‬‬

‫احلديث الثاالث عشر ‪114 .........................................................................‬‬

‫الرابع عشر ‪117 ..........................................................................‬‬


‫احلديث ا‬
‫احلديث ِ‬
‫اخلام عشر ‪121 ........................................................................‬‬

‫السادس عشر‪125 ........................................................................‬‬


‫احلديث ا‬
‫ِ‬
‫اإلسّلميَّة ‪128 ...........................................................................‬‬ ‫رابعاً‪ :‬الثَّقافة‬

‫الر ِعيَّة ‪129 .........................................................................‬‬ ‫حقوق الر ِ‬


‫اعي و َّ‬‫ا‬ ‫ُ‬
‫‪190‬‬
‫طورة االختِّلط ‪134 .......................................................‬‬ ‫ِِ‬
‫وخ َ‬ ‫تَ ْك ِرمي اإلسّلم ل َ‬
‫لمرأة‪ُ ،‬‬

‫الزْوجات يف اإلسّلم ‪144 ....................................................................‬‬ ‫ُّ‬


‫تعدد َّ‬

‫ُحقوق األَْوالد ‪148 ...............................................................................‬‬

‫آفات اللِّسان ‪153 ................................................................................‬‬

‫اضها‪159 .............................................................................‬‬
‫ال ُقلُوب وأمر ُ‬

‫العِ َّفة ‪163 .......................................................................................‬‬

‫احملاسبة ‪167 .....................................................................................‬‬


‫َ‬

‫الص ِ‬
‫لييب ‪171 ...............................................................................‬‬ ‫اخلطر َّ‬

‫ِ‬
‫املذاهب اهل اد َامة ‪176 ..............................................................................‬‬

‫اجملالِ وآداهبا ‪186 ...............................................................................‬‬

‫‪191‬‬

You might also like