You are on page 1of 697

i s l a m q a .

i n fo
3
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫‪4‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫الصيــا َم َكــا كَت َبــه َعــى ا ّلذيـ َن مــن قبلنــا‪ّ ،‬‬
‫والصــا ُة‬ ‫حلمــدُ هلل ا ّلــذي كَتـ َ‬
‫ـب َعلينــا ِّ‬ ‫ا َ‬
‫ـن‪.‬‬ ‫وص ْحبِــه ْ َ‬
‫أجعـ َ‬ ‫ـى وصــام‪ ،‬وعـ َ ِ‬ ‫ـر َمــن َصـ َّ‬ ‫والســام عــى رسـ ِ‬
‫ـول اهلل‪َ ،‬خـ ِ‬
‫ـى آلــه َ‬ ‫َ‬ ‫ّ ُ‬

‫ّأما بعدُ ‪:‬‬

‫الصيا ِم‪.‬‬
‫اخلاص بأحكا ِم ّ‬
‫َّ‬ ‫اإلصدار‬
‫َ‬ ‫وجواب» هذا‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫سؤال‬ ‫«اإلسال ُم‬
‫ْ‬ ‫موقع‬
‫ُ‬ ‫ف ُيهديكم‬

‫الصيــامِ» ِمــن موقــ ِع ٍ‬


‫«اإلســا ُم‬ ‫ِ‬
‫كتــاب « َفتــاوى ّ‬ ‫‪-‬مــن ُ‬
‫قبــل‪ -‬طباعــ ُة‬ ‫وقــد تم ِ‬
‫ّ‬
‫تــن‪.‬‬
‫وجــواب» َم ّر ْ‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫ســؤال‬

‫ٌ‬ ‫ـدار اجلديـدُ بِعنـوان «الصيا ُم‬ ‫ِ‬


‫سـؤال‬ ‫اإلص ُ‬ ‫هاتين ال َّطب َعت ْ‬
‫َين يـأيت هـذا ْ‬ ‫ْ‬ ‫نفـاد‬ ‫وبعـدَ‬
‫هم ٍة‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫وزيـادات ُم ّ‬
‫ٍ‬
‫َنقيحـات ِ‬ ‫السـاب َق ْي‪َ ،‬مـع ت‬
‫اإلصدار ْيـن ّ‬
‫َ‬ ‫ً‬
‫ـتكامل هلذ ْيـن‬ ‫وجـواب»؛ ْ‬
‫اس‬ ‫ٌ‬
‫ـئلة ا ُملتنوعـ ِ‬
‫ـة‬ ‫ـن األسـ ِ‬
‫ـابقتي هلــا‪ -‬هــي أجوبـ ٌة عـ ِ‬ ‫وهــذه النُّســخ ُة األخــر ُة‬
‫ّ‬ ‫‪-‬كالسـ ْ‬
‫ّ‬
‫بالصيــا ِم‪،‬‬
‫يتعلــق ّ‬
‫ُ‬ ‫وجــواب»‪ ،‬ممّــا‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫ســؤال‬ ‫التــي كانــت ت ِ‬
‫َــر ُد إىل َموقــ ِع «اإلســا ُم‬
‫ِ‬
‫وأحكامــه‪ ،‬وآدابِــه‪.‬‬

‫بفوائدَ و َمزايا‪ِ ،‬منها‪:‬‬


‫ِ‬ ‫اإلصدار‬
‫ُ‬ ‫ويتم ّي ُز هذا‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫‪ -‬إضافــ ُة ا َملزيــد مــ َن اإلجابــات اجلديــدة ا ُملتعلقــة ِّ‬
‫بالصيــا ِم‪ ،‬ممّــا مل ْ يــر ْد يف‬
‫الســابقت َْي‪.‬‬
‫النُّســخت َْي ّ‬
‫أهل ِ‬
‫العل ِم‪.‬‬ ‫توثيق الن ِ‬
‫ُّقول وكال ِم ِ‬ ‫‪ -‬االعتنا ُء التّا ُّم بِ ِ‬
‫تاب‪.‬‬ ‫اإلخراج ال َفنِّي ِ‬
‫للك ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪َ -‬جود ُة‬
‫ِّ‬
‫ةمدقم‬

‫ـورة‪ ،‬والتقصــر‬ ‫ـت جهــود كبــرةٌ؛ ليخــرج هــذا اإلصــدار هبــذه الصـ ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫وقــد ُبذلـ ْ ُ‬
‫كان ِمــن صــواب ِ‬
‫فمـ َن اهللِ تعـ َ‬
‫ـال َوحــدَ ه‪ ،‬و َمــا‬ ‫ـري‪َ ،‬فــا َ‬ ‫ِ‬
‫ســمة أصليــة يف اجلهــد ال َبـ ّ‬
‫كان ِمــن َخطــأ َف ِم ـن أن ُف ِســنا‪ ،‬ونَسـ ِ‬
‫ـتغف ُر اهللَ‪.‬‬ ‫َ‬
‫ْ‬
‫املوقـ ِع بِ ِ‬
‫نصائحهم‪ ،‬وإرشـ ِ‬
‫ـاداتم‪،‬‬ ‫و«الدّ يـن النّصيحـ ُة»؛ َفــا يبخـ ُـل إخوانُنــا عــى ِ‬
‫‪5‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫قرتحاتم‪.‬‬ ‫و ُم‬

‫أن َيع َلنــا وإخوانَنــا ِمَّــن يصــو ُم رمضـ َ‬


‫ـان‬ ‫ـأل اهللَ العظيــم رب العــرش الكريــم ْ‬ ‫نسـ ُ‬
‫إيام ًنــا واحتســا ًبا‪ ،‬وأن َيعـ َـل َصو َمنــا ُجنَّـ ًة لنــا ِمـ َن النـ ِ‬
‫ـار‪َ ،‬و َشــفي ًعا لنــا يو َم احلسـ ِ‬
‫ـاب‪،‬‬
‫قريب‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ـميع‬ ‫ِ‬
‫الر ّيــان‪ ،‬إ َّنـ ُه َسـ ٌ‬
‫ـاب ّ‬‫ـة ِمــن بـ ِ‬ ‫ـول اجلنـ ِ‬
‫وأن َيمـ ّن علينــا ر ُّبنــا بدخـ ِ‬
‫ُ‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫شهر رمضان‬ ‫‪6‬‬

‫*سؤال‪ :‬ما الكلمة التي توجهوهنا للمسلمني بمناسبة دخول شهر رمضان؟‬

‫*ا جلوا ب‪:‬‬

‫قال اهلل تعاىل‪( :‬ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ‬


‫ﮡ ﮢ ﮣﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ‬
‫ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ‬
‫ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ) [البقرة‪.]185 :‬‬

‫هذا الشهر املبارك موسم عظيم للخري والربكة والعبادة والطاعة‪ ،‬فهو شهر عظيم‪،‬‬
‫وموسم كريم‪ ،‬تُضاعف فيه احلسنات‪ ،‬وتُفتح فيه أبواب اجلنات‪ ،‬وتُقفل فيه أبواب‬
‫النريان‪ ،‬وتُقبل فيه التوبة إىل اهلل من ذوي اآلثام والسيئات‪ ،‬شهر كله رمحة‪ ،‬ومغفرة‪،‬‬
‫وعتق من النار‪.‬‬

‫فاشـكروا اهلل عىل ما أنعم عليكم به من مواسـم اخلري والربكات‪ ،‬وما خصكم به من‬
‫أسـباب الفضل وأنـواع النعم السـابغات‪ ،‬واغتنموا مرور األوقات الرشيفة واملواسـم‬
‫الفاضلـة بعامرهتـا بالطاعـات‪ ،‬وتـرك املحرمـات؛ تفـوزوا بطيـب احليـاة‪ ،‬وتسـعدوا‬
‫بعد املامت‪.‬‬

‫واملؤمـن الصـادق كل الشـهور عنـده مواسـم للعبـادة‪ ،‬والعمـر كله عنده موسـم‬
‫للطاعـة‪ ،‬ولكنـه يف شـهر رمضـان تتضاعـف مهته للخير‪ ،‬وينشـط قلبه للعبـادة أكثر‪،‬‬
‫ناضمر رهش‬

‫و ُيقبـل على ربـه ‪ ،‬وربنـا الكريـم مـن جـوده وكرمـه تفضـل على املؤمنين‬
‫الصائمين‪ ،‬فضاعـف هلـم املثوبة يف هذا الشـهر الكريـم‪ ،‬وأجزل هلم العطـاء واملكافأة‬
‫على صالـح األعامل‪.‬‬

‫‪7‬‬ ‫ما أشبه الليلة بالبارحة‪.‬‬


‫هذه األيام متر مرسعة وكأهنا حلظات‪ ،‬فقد استقبلنا رمضان ثم ودعناه‪ ،‬وما هي إال‬
‫فرتة من الزمن وإذ بنا نستقبل رمضان مرة أخرى‪ ،‬فعلينا أن نُبادر باألعامل الصاحلة يف‬
‫هذا الشهر العظيم‪ ،‬وأن نحرص عىل ملئه بام يريض اهلل‪ ،‬وبام ُيسعدنا يوم نلقاه‪.‬‬

‫كيف نستعد لرمضان؟‬


‫إن االستعداد لرمضان يكون بمحاسبة النفس عىل تقصريها يف حتقيق الشهادتني‪،‬‬
‫أو التقصري يف الواجبات‪ ،‬أو التقصري يف عدم ترك ما نقع فيه من الشهوات أو الشبهات‪.‬‬

‫ف ُي َق ِّو ُم العبد سلوكه ليكون يف رمضان عىل درجة عالية من اإليامن‪ ،‬فاإليامن‬
‫يزيد وينقص‪ ،‬يزيد بالطاعة وينقص باملعصية‪ ،‬فأول طاعة حيققها العبد هي حتقيق‬
‫العبودية هلل وحده وينعقد يف نفسه أال معبود حق إال اهلل‪ ،‬فيرصف مجيع أنواع العبادة هلل‪،‬‬
‫كل منا أن ما أصابه مل يكن ليخطئه‪ ،‬وما أخطأه‬ ‫ال يرشك معه أحد ًا يف عبادته‪ ،‬ويستيقن ٌّ‬
‫مل يكن ليصيبه‪ ،‬وأن كل يشء بقدر‪.‬‬
‫ونمتنع عن كل ما يناقض حتقيق الشهادتني‪ ،‬وذلك باالبتعاد عن البدع واإلحداث‬
‫يف الدين‪ ،‬وبتحقيق الوالء والرباء‪ ،‬بأن نوايل املؤمنني‪ ،‬ونعادي الكافرين واملنافقني‪،‬‬
‫ونفرح بانتصار املسلمني عىل أعدائهم‪ ،‬ونقتدي بالنبي ‪ ‬وأصحابه‪ ،‬ونستن‬
‫وسنة اخللفاء الراشدين املهديني من بعده‪ ،‬ونحبها‪ ،‬ونحب من‬ ‫‪‬‬ ‫بسنته‬
‫يتمسك هبا‪ ،‬ويدافع عنها‪ ،‬يف أي أرض‪ ،‬وبأي لون‪ ،‬وجنسية كان‪.‬‬
‫بعد ذلك نحاسب أنفسنا عىل التقصري يف فعل الطاعات؛ كالتقصري يف أداء الصلوات‬
‫مجاعة‪ ،‬وذكر اهلل ‪ ،D‬وأداء احلقوق للجار‪ ،‬ولألرحام‪ ،‬وللمسلمني‪ ،‬وإفشاء السالم‪،‬‬
‫واألمر باملعروف‪ ،‬والنهي عن املنكر‪ ،‬والتوايص باحلق‪ ،‬والصرب عىل ذلك‪ ،‬والصرب عن‬
‫فعـل املنكرات‪ ،‬وعىل فعل الطاعات‪ ،‬وعىل أقدار اهلل ‪.D‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫ثم تكون املحاسبة عىل املعايص واتباع الشهوات؛ بمنع أنفسنا من االستمرار عليها‪،‬‬
‫أي معصية كانت‪ ،‬صغرية أو كبرية‪ ،‬سوا ًء كانت معصية بالعني بالنظر إىل ما حرم اهلل‪،‬‬
‫بالرجل بامليش فيام ال يريض اهلل ‪،D‬‬ ‫أو معصية باألذن بالسامع للمعازف‪ ،‬أو معصية ِّ‬
‫أو بالبطش باليدين فيام ال يريض اهلل‪ ،‬أو بأكل ما حرم اهلل من الربا‪ ،‬أو الرشوة‪ ،‬أو غري‬
‫‪8‬‬
‫ذلك مما يدخل يف أكل أموال الناس بالباطل‪.‬‬

‫ويكون نصب أعيننا‪ :‬أن اهلل يبسط يده بالنهار ليتوب ميسء الليل‪ ،‬ويبسط يده‬
‫بالليل ليتوب ميسء النهار‪ ،‬وقد قال ‪( :‬ﭒﭓﭔﭕ ﭖ‬
‫ﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢ‬
‫ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ‬
‫ﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽ‬
‫ﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌ‬
‫ﮍ ﮎ ﮏ ﮐﮑ ﮒ ﮓ ﮔ) [آل عمران‪ .]136-133 :‬وقال تعاىل‪( :‬ﮤ‬
‫ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﯖ ﯗ ﯘ‬
‫ﯙ ﯚ) [الزمر‪ .]53 :‬وقال تعاىل‪( :‬ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ‬
‫ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ) [النساء‪.]110 :‬‬
‫هبذه املحاسبة‪ ،‬وبالتوبة واالستغفار؛ جيب علينا أن نستقبل رمضان‪( ،‬فال َك ِّي ُس َمن‬
‫ِ‬ ‫دان نَفسه وع ِم َل لِا بعدَ الم ِ‬
‫والعاج ُز َمن َأت َب َع ن َ‬
‫َفس ُه َهواها َو َتَنَّى عىل اهلل))‪.(1‬‬ ‫وت‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ َ َ‬
‫إن شهر رمضان شهر مغنم وأرباح‪ ،‬والتاجر احلاذق يغتنم املواسم ليزيد من أرباحه‪،‬‬
‫واملسلم يغتنم هذا الشهر بالعبادة‪ ،‬وكثرة الصالة‪ ،‬وقراءة القرآن‪ ،‬والعفو عن الناس‪،‬‬
‫واإلحسان إىل الغري‪ ،‬والتصدق عىل الفقراء‪.‬‬
‫ففي شهر رمضان تفتح أبواب اجلنة‪ ،‬وتغلق أبواب النار‪ ،‬وتصفد فيه الشياطني‪،‬‬
‫وينادي ٍ‬
‫مناد كل ليلة‪ :‬يا باغي اخلري أقبل‪ ،‬ويا باغي الرش أقرص‪.‬‬

‫واملسلم هيتدي بسنة نبيه ‪ ،‬ويتبع يف ذلك سلفه الصالح‪.‬‬

‫((( أخرجه الرتمذي (‪ ،)2459‬وابن ماجه (‪ ،)4260‬وضعفه األلباين يف السلسلة الضعيفة (‪.)5319‬‬
‫ناضمر رهش‬

‫ول ُيعلـم بـأن شـهر رمضان خير الشـهور‪ ،‬قال ابـن القيم ‪« :‬ومـن ذلك ‪-‬أي‬
‫المفاضلـة بين مـا َخ َلـق اهلل‪ -‬تفضيـل شـهر رمضـان على سـائر الشـهور‪ ،‬وتفضيل‬
‫ُ‬
‫َعشره األخري عىل سـائر الليـايل»(‪.)1‬‬

‫‪9‬‬ ‫و ُف ِّضل هذا الشهر عىل غريه لثالثة أمور‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬فيه خري ليلة من ليايل السنة‪ ،‬وهي ليلة القدر‪ ،‬قال تعاىل‪( :‬ﭑﭒﭓ ﭔ‬
‫ﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦ‬
‫ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ) [القدر‪.]5-1 :‬‬

‫فالعبادة يف هذه الليلة خري من عبادة ألف شهر‪.‬‬

‫ثاني ـ ًا‪ُ :‬أنزلــت فيــه أفضــل الكتــب عــى أفضــل األنبيــاء ‪ ،‬قــال تعــاىل‪:‬‬
‫(ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ‬
‫ﮣ) [البقرة‪ .]158 :‬وقــال تعــاىل‪( :‬ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ‬
‫ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨﭩ ﭪ ﭫ ﭬ) [الدخان‪.]5-3 :‬‬

‫ف‬‫«أ ِنز َلت ُص ُح ُ‬ ‫وعن واثلة بن األسقع ‪ I‬قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪ُ :‬‬
‫ت َم َضت ِمن َر َمضان‪َ ،‬و ُأ ِنز َل‬
‫هر َر َمضان‪َ ،‬و ُأ ِنز َلت التَّورا ُة لِ ِس ٍّ‬
‫براهيم َأ َّو َل َلي َل ٍة ِمن َش ِ‬
‫َ‬ ‫إِ‬
‫رش َة َخ َلت ِمن َر َمضان‪،‬‬ ‫الث َعرش َة َم َضت ِمن َر َمضان‪َ ،‬و ُأ ِنز َل ال َّز ُب ُ ِ ِ‬
‫ور ل َثامن َع َ‬ ‫َ‬ ‫نجيل لِ َث َ‬
‫إل ُ‬ ‫ا ِ‬
‫رشين َخ َلت ِمن َر َمضان»(‪.)2‬‬ ‫َ‬ ‫رآن ألَر َب ٍع َو ِع‬
‫َو ُأ ِنز َل ال ُق ُ‬

‫ثالث ًا‪ :‬هذا الشهر تُفتح فيه أبواب اجلنة‪ ،‬وتُغلق أبواب جهنم‪ ،‬وتُص َّفد الشياطني؛‬
‫ضان ُفت َِّحت َأ ُ‬
‫بواب‬ ‫فعن أيب هريرة ‪ I‬أن رسول اهلل ‪ ‬قال‪« :‬إِذا َ‬
‫جاء َر َم ُ‬
‫بواب الن ِ‬ ‫َ ِ‬
‫ياطني»(‪.)3‬‬
‫ُ‬ ‫ّار‪َ ،‬و ُص ِّفدَ ت َّ‬
‫الش‬ ‫اجلنَّة‪َ ،‬و ُغ ِّل َقت َأ ُ‬

‫((( زاد املعاد (‪.)56/1‬‬


‫((( رواه أمحد (‪ ،)17025‬والطرباين(‪ ،)75/22‬وحسنه األلباين يف السلسلة الصحيحة (‪.)1575‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)1800‬ومسلم (‪.)1079‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫ضان ُفت َِّحت َأ ُ‬


‫بواب‬ ‫وعن أيب هريرة ‪ I‬أن رسول اهلل ‪ ‬قال‪« :‬إِذا َ‬
‫جاء َر َم ُ‬
‫ياطني»(‪.)1‬‬ ‫ت َّ‬
‫الش‬ ‫لس َل ِ‬
‫الرمح ِة‪ ،‬و ُغ ِّل َقت َأبواب جهنَّم‪ ،‬وس ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ َ َ َ َ ُ‬ ‫َّ َ َ‬
‫كان َأ َّو ُل َلي َل ٍة يف َش ِ‬
‫هر‬ ‫وعن أيب هريرة ‪ I‬أن رسول اهلل ‪ ‬قال‪« :‬إِذا َ‬
‫ِ‬ ‫بواب الن ِ‬ ‫ياطني َو َم َر َد ُة ِ‬ ‫ضان ص ِّفدَ ِ‬
‫ّار َف َلم ُيفتَح منها ٌ‬
‫باب‪،‬‬ ‫اجل ِّن‪َ ،‬و ُغ ِّل َقت َأ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ت َّ‬
‫الش‬ ‫َر َم َ ُ‬ ‫‪10‬‬
‫اخل ِري َأقبِل‪َ ،‬ويا‬ ‫اجلن َِّة َف َلم يغ َلق ِمنها باب‪ ،‬وينادي م ٍ‬
‫باغي‬
‫َ‬ ‫باغي َ‬
‫َ‬ ‫ناد‪ :‬يا‬ ‫ُ‬ ‫ٌ َُ‬ ‫ُ‬ ‫َو ُفت َِّحت َأ ُ‬
‫بواب َ‬
‫ك ك ُُّل َلي َل ٍة»(‪.)2‬‬‫ّار َو َذلِ َ‬
‫َقاء ِم َن الن ِ‬ ‫ِ‬
‫الش َأقص‪َ .‬وهلل ُعت ُ‬
‫َ ِّ‬
‫أسأل اهلل العيل العظيم أن يوفقنا مجيع ًا لذلك‪ ،‬ويعيننا عىل الصيام والقيام‪ ،‬وفعل‬
‫الطاعات‪ ،‬وترك املنكرات‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬ما حكم التهنئة بدخول شهر رمضان بلفظ‪« :‬كل عام وأنت بخري»؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫ليس للتهنئة بدخول شهر رمضان لفظ معني ال ينبغي للمسلم أن يتعداه إىل غريه‪،‬‬
‫فيجوز التهنئة بأي لفظ اعتاده الناس مثل‪[ :‬كل عام وأنتم بخري]‪ ،‬ونحو ذلك من‬
‫األلفاظ التي ليس فيها حمظور رشعي‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬أمتنى أن أستغل هذه الشهر الكريم بقدر ما أستطيع يف العبادة وحتصيل األجر‪،‬‬
‫فأرجو منكم إعطائي برناجم ًا مناسب ًا يل وألُرسيت حتى نستغـل الشهر باخلري والطاعة‪.‬‬

‫*جواب‪:‬‬

‫تقبل اهلل من اجلميع صالح القول والعمل‪ ،‬ورزقنا اإلخالص يف الرس والعلن‪.‬‬

‫وهذا جدول مقرتح للمسلم يف هذا الشهر املبارك‪:‬‬

‫((( أخرجه النسائي (‪ ،)2100‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع (‪.)471‬‬


‫((( أخرجه الرتمذي (‪ ،)682‬وابن ماجه (‪ ،)1642‬وحسنه األلباين يف صحيح اجلامع(‪.)759‬‬
‫ناضمر رهش‬

‫يوم املسلم يف رمضان‪:‬‬


‫يبدأ املسلم يومه بالسحور قبل صالة الفجر‪ ،‬واألفضل أن يؤخر السحور إىل أقىص‬ ‫*‬
‫وقت ممكن من الليل‪.‬‬
‫‪11‬‬ ‫ثم بعد ذلك يستعد املسلم لصالة الفجر قبل األذان؛ فيتوضأ يف بيته‪ ،‬وخيرج إىل‬ ‫*‬
‫املسجد قبل األذان‪.‬‬
‫فـإذا دخـل املسـجد صلى ركعتين [حتيـة املسـجد]‪ ،‬ثـم جيلـس ويشـتغل بالدعاء‪،‬‬ ‫*‬
‫أو بقـراءة القـرآن‪ ،‬أو بالذكـر‪ ،‬حتى يؤذن املـؤذن‪ ،‬فريدد مع املـؤذن‪ ،‬ويقول ما ورد‬
‫عـن النبـي ‪ ‬بعـد الفـراغ مـن األذان‪ ،‬ثم بعـد ذلك يصلي ركعتين [راتبة‬
‫الفجر]‪ ،‬ثم يشتغل بالذكر والدعاء وقراءة القرآن إىل أن تُقام الصالة‪ ،‬وهو يف صالة‬
‫ما انتظر الصالة‪.‬‬
‫بعد أن يؤدي الصالة مع اجلامعة يأيت باألذكار التي ترشع عقب السالم من الصالة‪،‬‬ ‫*‬
‫ثم بعد ذلك إن أحب أن جيلس إىل أن تطلع الشمس يف املسجد مشتغ ً‬
‫ال بالذكر‬
‫وقراءة القرآن؛ فذلك أفضل‪ ،‬وهو ما كان يفعله النبي ‪ ‬بعد صالة الفجر‪.‬‬
‫ثـم إذا طلعـت الشـمس وارتفعـت‪ ،‬ومىض على رشوقها نحـو ربع سـاعة؛ فإن أحب‬ ‫*‬
‫أن يصلي صلاة الضحـى ‪-‬وأقلهـا ركعتـان‪ :-‬فذلك حسـن‪ ،‬وإن أحـب أن يؤخرها‬
‫إىل وقتهـا الفاضـل‪ ،‬وهـو حين ترمـض الفصـال‪ ،‬أي‪ :‬عنـد اشـتداد احلـر وارتفـاع‬
‫الشـمس‪ :‬فهـو أفضل‪.‬‬
‫َّقوي عىل العبادة‬
‫ثم إن أحب أن ينام ليستعد للذهاب إىل عمله‪ ،‬فلينو بنومه ذلك الت ّ‬ ‫*‬
‫وحتصيل الرزق؛ كي يؤجر عليه‪ ،‬وليحرص عىل تطبيق آداب النوم الرشعية‪ ،‬العملية‬
‫والقولية‪.‬‬
‫ثم يذهب إىل عمله‪ ،‬فإذا حرض وقت صالة الظهر‪ ،‬ذهب إىل املسجد مبكر ًا‪ ،‬قبل‬ ‫*‬
‫األذان أو بعده مبارشة‪ ،‬وليكن مستعد ًا للصالة مسبق ًا‪ ،‬فيصيل أربع ركعات بسالمني‬
‫[راتبة الظهر القبلية]‪ ،‬ثم يشتغل بقراءة القرآن إىل أن تُقام الصالة‪ ،‬فيصيل مع اجلامعة‪،‬‬
‫ثم يصيل ركعتني [راتبة الظهر البعدية]‪.‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫ثم بعد الصالة يعود إىل إنجاز ما بقي من عمله‪ ،‬إىل أن حيرض وقت االنرصاف من‬ ‫*‬
‫العمل‪ ،‬فإذا انرصف من العمل‪ :‬فإن كان قد بقي وقت طويل عىل صالة العرص‬
‫‪-‬ويمكنه أن يسرتيح فيه‪ -‬فليأخذ قسط ًا من الراحة‪ ،‬وإن كان الوقت َ‬
‫غري كاف‬
‫وخيشى إذا نام أن تفوته صالة العرص؛ فليشغل نفسه بيشء مناسب حتى حيني وقت‬
‫‪12‬‬
‫الصالة‪ ،‬كأن يذهب إىل السوق لرشاء بعض األشياء التي حيتاجها أهل البيت‪ ،‬ونحو‬
‫ذلك‪ ،‬أو يذهب إىل املسجد مبارشة من حني ينتهي من عمله‪ ،‬ويبقى يف املسجد إىل‬
‫أن يصيل العرص‪.‬‬

‫ثم بعد العرص ينظر اإلنسان إىل حاله‪ :‬فإن كان بإمكانه أن جيلس يف املسجد ويشتغل‬ ‫*‬
‫بقراءة القرآن‪ ،‬فهذه غنيمة عظيمة‪ ،‬وإن كان يشعر باإلرهاق‪ ،‬فعليه أن يسرتيح يف‬
‫هذا الوقت؛ كي يستعد لصالة الرتاويح يف الليل‪.‬‬

‫وقبل أذان املغرب يستعد لإلفطار‪ ،‬وليشغل نفسه يف هذه اللحظات بيشء يعود عليه‬ ‫*‬
‫بالنفع‪ ،‬إما بقراءة قرآن‪ ،‬أو دعاء‪ ،‬أو حديث مفيد مع األهل واألوالد‪ ،‬ومن أحسـن‬
‫مـا يشـغل به هـذا الوقت‪ :‬املسـامهة يف تفطير الصائمني‪ ،‬إمـا بإحضـار الطعام هلم‪،‬‬
‫أو املشـاركة يف توزيعـه عليهـم‪ ،‬وتنظيـم ذلك‪ ،‬ولذلك لـذة عظيمـة‪ ،‬ال يذوقها إال‬
‫مـن َج َّرب‪.‬‬

‫ثم بعد اإلفطار يذهب للصالة يف املسجد مع اجلامعة‪ ،‬وبعد الصالة يصيل ركعتني‬ ‫*‬
‫[راتبة املغرب]‪ ،‬ثم يعود إىل البيت ويأكل ما تيرس له ‪-‬مع عدم اإلكثار‪ ،-‬ثم حيرص‬
‫عىل أن يبحث عن طريقة مفيدة يمأل هبا هذا الوقت‪ ،‬بالنسبة له وألهل بيته‪ ،‬كالقراءة‬
‫من كتاب مفيد‪ ،‬أو حديث مباح‪ ،‬أو أي فكرة أخرى مفيدة‪ ،‬تتشوق النفوس هلا‪،‬‬
‫وترصفها عن املحرمات التي تُبث يف وسائل اإلعالم‪ ،‬والتي ُي َعدّ هذا الوقت بالنسبة‬
‫َبث أكثر الربامج جذب ًا وتشويق ًا يف هذا الوقت‪ ،‬وإن‬
‫هلا وقت الذروة‪ ،‬فتجدها ت ّ‬
‫حوت ما حوت من املنكرات العقدية واألخالقية‪.‬‬

‫* فاجتهد يا أخي يف رصف نفسك عن ذلك‪ ،‬واتق اهلل يف رعيتك التي سوف تسأل عنها‬
‫يوم القيامة‪ ،‬وأعدّ للسؤال جواب ًا‪.‬‬
‫ناضمر رهش‬

‫* ثم استعدّ لصالة العشاء‪ ،‬واجته إىل املسجد‪ ،‬فاشتغل بقراءة القرآن‪ ،‬أو باالستامع إىل‬
‫الدرس الذي يكون يف املسجد‪.‬‬
‫صـل الرتاويح‬ ‫ِ‬
‫صـل ركعتني [راتبة العشـاء] ثم ِّ‬ ‫* ثـم بعـد ذلك‪ :‬أ ِّد صالة العشـاء‪ ،‬ثم‬
‫‪13‬‬ ‫خلـف اإلمـام بخشـوع وتدبـر وتفكر‪ ،‬وال تنصرف قبـل أن ينرصف اإلمـام‪ ،‬وقد‬
‫نصر َ ِ‬ ‫ـل إِذا َص َّ‬
‫ـب َل ُه‬
‫ف ُحس َ‬ ‫ـع ا ِ‬
‫إلمـا ِم َحتَّـى َي َ ِ‬ ‫لى َم َ‬ ‫قـال النبـي ‪« :‬إِ َّن َّ‬
‫الر ُج َ‬
‫قيا ُم َلي َل ٍة»(‪.)1‬‬
‫ثم اجعل لك برناجم ًا بعد صالة الرتاويح‪ ،‬يتناسب مع ظروفك وارتباطاتك الشخصية‪،‬‬ ‫*‬
‫وعليك مراعاة ما ييل‪:‬‬
‫‪1.1‬البعد عن مجيع املحرمات ومقدماهتا‪.‬‬
‫‪2.2‬مراعاة جتنيب أهل بيتك الوقوع يف يشء من املحرمات أو أسباهبا‪ ،‬بطريقة حكيمة‪،‬‬
‫كإعداد برامج خاصة هلم‪ ،‬أو اخلروج هبم للنُّزهة يف األماكن املباحة‪ ،‬أو جتنيبهم‬
‫رفقة السوء‪ ،‬والبحث هلم عن رفقة صاحلة‪.‬‬
‫‪3.3‬أن تشتغل بالفاضل عن املفضول‪.‬‬
‫ثم احرص عىل أن تنام مبكر ًا‪ ،‬مع اإلتيان باآلداب الرشعية للنوم‪ ،‬العملية والقولية‪،‬‬
‫وإن قرأت قبل النوم شيئ ًا من القرآن أو من الكتب النافعة فهذا أمر حسن‪ ،‬ال سيام إن‬
‫كنت مل ت ِ‬
‫ُنه ِور َدك اليومي من القرآن‪ ،‬فال تنم حتى تُنهيه‪.‬‬

‫ثم استيقظ قبل السحور بوقت كاف؛ لالشتغال بالدعاء‪ ،‬فهذا الوقت ‪-‬وهو ثلث‬
‫الليل األخري‪ -‬وقت النُّزول اإلهلي‪ ،‬وقد أثنى اهلل تعاىل عىل املستغفرين فيه‪ ،‬كام وعد‬
‫الداعني فيه باإلجابة‪ ،‬ووعد التائبني بالقبول‪ ،‬فال تَدَ ع هذه الفرصة العظيمة تفوتك‪.‬‬

‫يوم اجلمعة‪:‬‬
‫يوم اجلمعة هو أفضل أيام األسبوع‪ ،‬فينبغي أن يكون له برنامج خاص يف العبادة‬
‫والطاعة‪ُ ،‬يراعى فيه ما ييل‪:‬‬

‫((( رواه أبو داود (‪ ،)1370‬وصححه األلباين يف صحيح أيب داود‪.‬‬


‫الصيام سؤال وجواب‬

‫‪1.1‬التبكري يف احلضور إىل صالة اجلمعة‪.‬‬


‫‪2.2‬البقاء يف املسجد بعد صالة العرص‪ ،‬واالشتغال بالقراءة والدعاء‪ ،‬حتى الساعة‬
‫األخرية من هذا اليوم؛ فإهنا ساعة تُرجى فيها إجابة الدعاء‪.‬‬
‫‪3.3‬اجعل هذا اليوم فرصة الستكامل بعض أعاملك التي مل تتمها يف وسط األسبوع‪،‬‬ ‫‪14‬‬
‫كإمتام احلزب األسبوعي من القرآن‪ ،‬أو إمتام قراءة كتاب‪ ،‬أو سامع رشيط‪ ،‬ونحو‬
‫ذلك من األعامل الصاحلة‪.‬‬

‫العرش األواخر‪:‬‬
‫العرش األواخر فيها ليلة القدر‪ ،‬التي هي خري من ألف شهر؛ لذا يرشع لإلنسان أن‬
‫يعتكف يف هذه العرش يف املسجد‪ ،‬كام كان النبي ‪ ‬يفعل؛ طلب ًا لليلة القدر‪ ،‬فمن‬
‫تيرس له االعتكاف فيها؛ فهذه ِمنّة عظيمة ِم َن اهلل عليه‪ ،‬ومن مل يتيرس له اعتكافها كلها؛‬
‫فليعتكف ما تيرس له منها‪ ،‬وإن مل يتيرس له اعتكاف يشء منها؛ فليحرص عىل إحياء‬
‫ليلها بالعبادة والطاعة‪ ،‬من قيام وقراءة وذكر ودعاء‪ ،‬وليستعدَّ لذلك من النهار بإراحة‬
‫جسمه؛ ليتمكن من السهر يف الليل‪.‬‬

‫تنبيهات‪:‬‬

‫‪1.1‬هذا اجلدول جدول مقرتح‪ ،‬وهو جدول َم ِر ٌن‪ ،‬يمكن لكل فرد أن ُي َعدّ ل فيه‪،‬‬
‫بحسب ظروفه اخلاصة‪.‬‬
‫‪2.2‬هذا اجلدول روعي فيه االلتزام بذكر السنن الثابتة عن النبي ‪ ،‬فال يعني‬
‫ذلك أن مجيع ما فيه من الواجبات والفرائض‪ ،‬بل فيه كثري مع السنن واملستحبات‪.‬‬
‫‪3.3‬أحب األعامل إىل اهلل أدومها وإن قل‪ ،‬فاإلنسان يف أول الشهر قد يتحمس‬
‫للطاعة والعبادة‪ ،‬ثم يصاب بالفتور‪ ،‬فاحذر من ذلك‪ ،‬واحرص عىل املداومة‬
‫عىل مجيع األعامل التي تؤدهيا يف هذا الشهر الكريم‪.‬‬

‫‪4.4‬ينبغي عىل املسلم أن حيرص عىل تنظيم وقته يف هذا الشهر املبارك‪ ،‬حتى ال ُي َض ّيع‬
‫عىل نفسه فرص ًا كبرية لالزدياد من اخلري والعمل الصالح‪ ،‬فمثالً‪ :‬حيرص اإلنسان‬
‫ناضمر رهش‬

‫عىل رشاء األغراض التي حيتاجها أهل البيت قبل بداية الشهر‪ ،‬وكذلك األغراض‬
‫اليومية حيرص عىل رشائها يف األوقات التي ال يكون فيها زحام يف األسواق‪.‬‬
‫ومثال آخر‪ :‬الزيارات الشخصية والعائلية ينبغي أن ُتنَ ّظم‪ ،‬بحيث ال ت ِ‬
‫ُشغل‬
‫‪15‬‬ ‫اإلنسان عن عبادته‪.‬‬
‫‪5.5‬اجعل اإلكثار من العبادة والتقرب إىل اهلل هو مهك األول يف هذا الشهر املبارك‪.‬‬
‫‪6.6‬اعقد العزم من بداية الشهر عىل التبكري إىل املسجد يف أوقات الصالة‪ ،‬وعىل ختم‬
‫كتاب اهلل تعاىل تالوةً‪ ،‬وعىل املحافظة عىل قيام الليل يف هذا الشهر العظيم‪ ،‬وعىل‬
‫إنفاق ما تيرس من مالك‪.‬‬
‫‪7.7‬اغتنم فرص َة ِ‬
‫شهر رمضان لتقوية صلتك بكتاب اهلل ‪ ،D‬وذلك من خالل‬
‫الوسائل التالية‪:‬‬
‫ *ضبط القراءة الصحيحة لآليات‪ ،‬والسبيل إىل ذلك‪ :‬هو تصحيح القراءة عىل‬
‫مقرئ جيد‪ ،‬فإن تعذر‪ ،‬فمن خالل متابعة أرشطة القراء املتقنني‪.‬‬
‫ *مراجعة ما َم َّن اهلل تعاىل به عليك من حفظ‪ ،‬واالستزادة من احلفظ‪.‬‬
‫ *القراءة يف تفسري اآليات‪ ،‬وذلك إما بمراجعة اآليات التي ت ِ‬
‫ُشكل عليك يف‬
‫كتب التفاسري املعتمدة‪ ،‬كتفسري البغوي‪ ،‬وتفسري ابن كثري‪ ،‬وتفسري السعدي‪،‬‬
‫وإما بأن جتعل لك جدوالً للقراءة املنتظمة يف كتاب من كتب التفسري‪ ،‬فتبدأ‬
‫أوالً بجزء عم‪ ،‬ثم تنتقل إىل جزء تبارك‪ ،‬وهكذا‪.‬‬
‫ *العناية بتطبيق األوامر التي متر بك يف كتاب اهلل ‪.D‬‬

‫نسأل اهلل تعاىل أن يتم علينا نعمة إدراك رمضان‪ ،‬بإمتام صيامه وقيامه‪ ،‬وأن يتقبل‬
‫منا‪ ،‬وأن يتجاوز عن تقصرينا‪.‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫وجوب الصوم وفضله‬ ‫‪16‬‬

‫والحكمة من مشروعيته‬

‫*سؤال‪ :‬ما احلكمة من مرشوعية الصيام؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬ال بد أن نعلم أن اهلل تعاىل من أسامئه احلسنى‪[ :‬احلكيم]‪ ،‬واحلكيم مشتق من‬
‫احلكْم‪ ،‬ومن ِ‬
‫احلكْمة‪ ،‬فاهلل تعاىل له احلكم وحده‪ ،‬وأحكامه سبحانه يف غاية احلكمة‪،‬‬ ‫ُ‬
‫والكامل‪ ،‬واإلتقان‪.‬‬
‫ثاني ًا‪ :‬إن اهلل تعاىل مل يرشع حك ًام من األحكام إال وله فيه حكم عظيمة‪ ،‬قد نعلمها‪،‬‬
‫وقد ال هتتدي عقولنا إليها‪ ،‬وقد نعلم بعضها‪ ،‬وخيفى علينا الكثري منها‪ ،‬والواجب‪:‬‬
‫التسليم عىل كل حال‪.‬‬
‫ِ‬
‫وفرضه علينا يف قوله‪( :‬ﭣ‬ ‫ثالث ًا‪ :‬قد ذكر اهلل تعاىل احلكمة من مرشوعية الصيام‬
‫ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ)‬
‫[البقرة‪ ]183 :‬فالصيام وسيلة لتحقيق التقوى‪ ،‬والتقوى هي فعل ما أمر اهلل تعاىل به‪،‬‬
‫وترك ما هنى عنه‪ ،‬فالصيام من أعظم األسباب التي ت ُِعني العبد عىل القيام بأوامر الدين‪.‬‬

‫وقـد ذكـر العلماء ‪ ‬بعـض احلكـم مـن مرشوعيـة الصيـام‪ ،‬وكلهـا مـن‬
‫خصـال التقـوى‪ ،‬ولكـن ال بـأس بذكرهـا‪ ،‬ليتنبـه الصائم هلـا‪ ،‬وحيرص على حتقيقها‪،‬‬
‫فمن حكم الصيام‪:‬‬
‫يعورشم نم ةمكحلاو هلضفو موصلا بوجو‬

‫‪1.1‬أن الصيام وسيلة إىل شكر النعم‪ ،‬فالصيام هو كف النفس عن األكل والرشب‬
‫ف‬ ‫واجلامع‪ ،‬وهذه من َأ َج ِّل النعم وأعالها‪ ،‬واالمتناع عنها زمانا ُم ْعت َ ً‬
‫َبا ُي َع ِّر ُ‬
‫َقدْ َر َها؛ إذ النعم جمهولة‪ ،‬فإذا ُف ِقدَ ْت ُع ِر َف ْت‪ ،‬ف َي ْح ِمله ذلك عىل قضاء حقها‬
‫بالشكر‪.‬‬
‫‪17‬‬
‫‪2.2‬أن الصيام وسيلة إىل ترك املحرمات؛ ألنه إذا انقادت النفس لالمتناع عن‬
‫احلالل؛ طمع ًا يف مرضاة اهلل تعاىل‪ ،‬وخو ًفا من أليم عقابه‪ْ ،‬‬
‫فأوىل أن تنقاد‬
‫لالمتناع عن احلرام‪ ،‬فكان الصوم سبب ًا التقاء حمارم اهلل تعاىل‪.‬‬

‫‪3.3‬أن يف الصيام التغلب عىل الشهوة؛ ألن النفس إذا شبعت متنت الشهوات‪،‬‬
‫اب‪:‬‬‫الش َب ِ‬‫ش َّ‬ ‫وإذا جاعت امتنعت عام هتوى‪ ،‬ولذا قال النبي ‪َ « :H‬يا َم ْع َ َ‬
‫ِ‬ ‫َض لِ ْل َب َ ِ َ‬
‫اء َة َف ْل َي َتز ََّو ْج؛ َفإِ َّن ُه َأغ ُّ‬ ‫م ِن اس َت َط ِ‬
‫ص‪َ ،‬وأ ْح َص ُن ل ْل َف ْرجِ ‪َ ،‬و َم ْن َل ْ‬ ‫اع منْك ُُم ال َب َ‬
‫َ‬ ‫َ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اء»(‪.)1‬‬ ‫الص ْومِ‪َ ،‬فإِ َّن ُه َل ُه ِو َج ٌ‬
‫َي ْستَط ْع َف َع َل ْيه بِ َّ‬

‫‪4.4‬أن الصيام موجب للرمحة والعطف عىل املساكني؛ فإن الصائم إذا ذاق أمل اجلوع‬
‫يف بعض األوقات‪ ،‬ذكر من هذا حاله يف مجيع األوقات‪ ،‬فتسارع إليه باإلحسان؛‬
‫رق ًة عليه ورمح ًة به‪ ،‬فكان الصوم سبب ًا للعطف عىل املساكني‪.‬‬

‫‪5.5‬أن يف الصيام قهرا للشيطان‪ ،‬وإضعافا له‪ ،‬فتضعف وسوسته لإلنسان‪ ،‬فتقل‬
‫ي ِري ِم ِن ا ْب ِن آ َد َم َ ْ‬
‫م َرى الدَّ مِ»(‪ )2‬كام قال‬ ‫«الش ْي َطان َ ْ‬
‫منه املعايص؛ وذلك ألن َّ‬
‫النبي ‪ ،H‬فبالصيام تضيق جماري الشيطان؛ فيضعف‪ ،‬ويقل نفوذه‪.‬‬

‫قال ابن تيمية ‪« :V‬وال ريب أن الدم يتولد من الطعام والرشاب‪ ،‬وإذا أكل‬
‫أو رشب اتسعت جماري الشياطني ‪-‬الذي هو الدم‪ -‬وإذا صام ضاقت جماري‬
‫الشياطني‪ ،‬فتنبعث القلوب إىل فعل اخلريات‪ ،‬وترك املنكرات»(‪.)3‬‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)4779‬ومسلم (‪.)1400‬‬


‫((( رواه البخاري (‪ ،)1934‬ومسلم (‪.)2174‬‬
‫((( جمموع الفتاوى (‪ )246/25‬بترصف‪.‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫‪6.6‬أن يف الصيام تدريبا للنفس عىل مراقبة اهلل تعاىل‪ ،‬فترتك ما هتوى مع قدرهتا‬
‫عليه؛ لعلمها باطالع اهلل عليها‪.‬‬
‫‪7.7‬ويف الصيام التزهيد يف الدنيا وشهواهتا‪ ،‬والرتغيب فيام عند اهلل تعاىل‪.‬‬
‫‪8.8‬أن يف الصيام تعويدا للمؤمن عىل اإلكثار من الطاعات؛ وذلك ألن الصائم يف‬ ‫‪18‬‬

‫الغالب تكثر طاعته فيعتاد ذلك(‪.)1‬‬


‫‪9.9‬أن يف الصيام تعويدا عىل الصرب؛ وهلذا ذكر املفرسون يف تأويل قوله تعاىل‪:‬‬
‫أن الصرب هو‬ ‫(ﮰﮱﯓﯕﯖﯗﯘﯙ) [البقرة‪]٤٥ :‬‬

‫الصوم‪ ،‬قال الطربي يف تفسريه‪ :‬وقد قيل‪ :‬إن معنى [الصرب] يف هذا املوضع‪ :‬الصوم‪،‬‬
‫ذكره‬
‫و[الصوم] بعض معاين [الصرب]‪ ،‬وتأويل من تأول ذلك عندنا‪ :‬أن اهلل تعاىل ُ‬
‫أمرهم بالصرب عىل ما كرهته نفوسهم من طاعة اهلل‪ ،‬وترك معاصيه‪ ،‬وأصل الصرب‪:‬‬
‫َ‬
‫حمابا‪ ،‬وكفها عن هواها؛ ولذلك قيل للصابر عىل املصيبة‪ :‬صابر؛ لكفه‬
‫منع النفس َّ‬
‫نفسه عن اجلزع‪ .‬وقيل لشهر رمضان‪[ :‬شهر الصرب]؛ لصرب صائميه عن املطاعم‬
‫واملشارب هنارا‪ ،‬وصربه إياهم عن ذلك‪ :‬حبسه هلم‪ ،‬وكفه إياهم عنه‪ ،‬كام تصرب‬
‫الرجل امليسء للقتل‪ ،‬فتحبسه عليه حتى تقتله‪ .‬ولذلك قيل‪ :‬قتل فالن فالنا صربا‪،‬‬
‫يعني به‪ :‬حبسه عليه حتى قتله‪ ،‬فاملقتول [مصبور]‪ ،‬والقاتل [صابر])‪.(2‬‬

‫‪1010‬أن يف الصيام فوائد صحية عىل اجلسم؛ كام أثبتت ذلك الدراسات احلديثة‪ ،‬قال‬
‫ابن القيم‪« :‬ويف الصوم الرشعي من أسباب الصحة ورياضة البدن والنفس ما‬
‫ال يدفعه صحيح الفطرة»(‪ .)3‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫فهذه بعض احلكم من مرشوعية الصيام‪ ،‬نسأل اهلل تعاىل أن يوفقنا لتحقيقها‪ ،‬ويعيننا‬
‫عىل حسن عبادته‪.‬‬
‫***‬

‫((( انظر‪ :‬تفسري السعدي (‪ ،)116‬وحاشية ابن قاسم عىل الروض املربع (‪ ،)344/3‬واملوسوعة الفقهية (‪.)9/28‬‬
‫((( تفسري الطربي (‪.)11/1‬‬
‫((( زاد املعاد (‪.)227/4‬‬
‫يعورشم نم ةمكحلاو هلضفو موصلا بوجو‬

‫*سؤال‪ :‬يف أي عام فرض الصيام عىل املسلمني؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫‪H‬‬ ‫فرض صيام شهر رمضان يف السنة الثانية من اهلجرة‪ ،‬وصام الرسول‬
‫‪19‬‬
‫تسع رمضانات إمجا ًعا‪.‬‬

‫قال النووي ‪« :V‬صام رسول اهلل ‪ H‬رمضان تسع سنني؛ ألنه فرض‬
‫يف شعبان يف السنة الثانية من اهلجرة‪ ،‬وتويف النبي ‪ H‬يف شهر ربيع األول سنة‬
‫إحدى عرشة من اهلجرة»(‪ .)1‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬ما أقسام احلكم التكليفي للصيام؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫األحكام التكليفية مخسة‪ :‬الواجب‪ ،‬واملستحب‪ ،‬واملحرم‪ ،‬واملكروه‪ ،‬واملباح‪ ،‬وهذه‬


‫األحكام اخلمسة ت َِرد يف الصيام‪ ،‬ولن نستقيص كل ما يدخل حتت كل حكم من هذه‬
‫األحكام‪ ،‬وإنام سنذكر ما تيرس‪.‬‬

‫أوالً‪ :‬الصوم الواجب‪:‬‬

‫‪1.1‬صوم رمضان‪.‬‬
‫‪2.2‬قضاء رمضان‪.‬‬
‫‪3.3‬صوم الكفارات (كفارة القتل اخلطأ‪ ،‬وكفارة الظهار‪ ،‬وكفارة اجلامع يف هنار‬
‫رمضان‪ ،‬وكفارة اليمني)‪.‬‬
‫‪4.4‬صوم النذر‪.‬‬
‫‪5.5‬صوم املتمتع يف احلج‪ ،‬إذا مل جيد اهلَدَ ْي‪.‬‬

‫((( املجموع (‪.)250/6‬‬


‫الصيام سؤال وجواب‬

‫ثاني ًا‪ :‬الصوم املستحب‪:‬‬


‫‪1.1‬صوم يوم عاشوراء‪.‬‬
‫‪2.2‬صوم يوم عرفة لغري احلاج‪.‬‬
‫‪3.3‬صوم يوم االثنني واخلميس من كل أسبوع‪.‬‬ ‫‪20‬‬

‫‪4.4‬صيام ثالثة أيام من كل شهر‪.‬‬


‫‪5.5‬صيام ستة أيام من شوال‪.‬‬
‫‪6.6‬صوم أكثر شهر شعبان‪.‬‬
‫‪7.7‬صوم شهر املحرم‪.‬‬
‫‪8.8‬صيام يوم وإفطار يوم‪ ،‬وهو أفضل الصيام‪.‬‬

‫وكل ذلك ثابت يف أحاديث حسنة وصحيحة‪.‬‬

‫ثالث ًا‪ :‬الصوم املكروه‪:‬‬


‫ـن َأ َحدُ ك ُْم َي ْو َم‬ ‫‪1.1‬إفـراد يـوم اجلمعة بالصـوم‪ :‬لقول النبـي ‪« :H‬الَ َي ُص َ‬
‫وم َّ‬
‫الجمع ِ‬
‫ـة‪ ،‬إِالَّ َي ْوم ًا َق ْب َلـ ُه َأ ْو َب ْعدَ ُه»(‪.)1‬‬ ‫ُ ُ َ‬
‫ت‬ ‫‪2.2‬إفراد يوم السبت بالصوم‪ :‬لقول الرسول ‪« :H‬ال تَصوموا يوم السب ِ‬
‫ُ ُ َ ْ َ َّ ْ‬
‫إِال فِيم ا ْف َت َض اهلل ع َليكُم‪َ ،‬فإِ ْن َل َيِدْ َأحدُ كُم إِال َِلاء ِعنَب ٍة َأو عود َشجرةٍ‬
‫َ َ ْ ُ َ َ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ َ ْ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َف ْل َي ْم ُض ْغ ُه» ‪.‬‬
‫(‪)2‬‬

‫قال الرتمذي ‪« :V‬ومعنى كراهته يف هذا‪ :‬أن خيص الرجل يوم السبت‬
‫بصيام؛ ألَن اليهود تعظم يوم السبت»‪.‬‬

‫رابع ًا‪ :‬الصوم املحرم‪:‬‬


‫‪1.1‬صوم يوم عيد الفطر‪.‬‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)1884‬ومسلم (‪.)1144‬‬


‫وحسنه‪ ،‬وأبو داود (‪ ،)2421‬وابن ماجة (‪ ،)1726‬وصححه األلباين يف إرواء‬
‫َّ‬ ‫((( رواه الرتمذي (‪،)744‬‬
‫الغليل (‪.)960‬‬
‫يعورشم نم ةمكحلاو هلضفو موصلا بوجو‬

‫‪2.2‬صوم يوم عيد األضحى‪.‬‬


‫‪3.3‬صوم أيام الترشيق‪ ،‬وهي‪ :‬ثالثة أيام بعد يوم النحر‪ ،‬ويستثنى من التحريم‪:‬‬
‫املتمتع الذي مل جيد هديا‪.‬‬
‫‪4.4‬صوم يوم الشك‪ :‬وهو يوم الثالثني من شعبان‪ ،‬إذا كان يف السامء ما يمنع رؤية‬
‫‪21‬‬
‫اهلالل‪.‬‬
‫‪5.5‬صوم احلائض والنفساء‪.‬‬

‫خامس ًا‪ :‬الصوم املباح‪:‬‬


‫هو ما ال يدخل حتت قسم من األقسام األربعة السابقة‪.‬‬
‫واملراد باإلباحة هنا‪ :‬أن هذا اليوم مل يرد أمر بصومه وال هني عن صومه‪ ،‬عىل سبيل‬
‫التعيني‪ ،‬كيومي الثالثاء واألربعاء‪ ،‬وإن كان أصل التطوع بالصوم عبادة ًمستحبة(‪.)1‬‬
‫واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬إذا أسلم الكافر يف هنار رمضان‪ ،‬فهل يلزمه إمساك باقي اليوم الذي أسلم فيه؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫«نعم‪ ،‬يلزمه أن يمسك بقية اليوم الذي أسلم فيه‪ ،‬ألنه صار اآلن من أهل الوجوب‬
‫فلزمه‪ .‬وهذا بخالف ارتفاع املانع فإنه إذا ارتفع املانع مل يلزم إمساك بقية اليوم‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫أن تطهر املرأة من حيضها يف أثناء النهار‪ ،‬فإنه ال يلزمها أن متسك بقية النهار‪ ،‬وكذلك‬
‫لو برأ املريض املفطر من مرضه يف أثناء النهار فإنه ال يلزمه اإلمساك‪ ،‬ألن هذا اليوم قد‬
‫أبيح له فطره مع كونه من أهل االلتزام ‪-‬أي مسل ًام‪ -‬بخالف الذي طرأ إسالمه يف أثناء‬
‫النهار‪ ،‬فإنه يلزمه اإلمساك‪ ،‬وال يلزمه القضاء‪ ،‬أما أولئك أعني‪ :‬احلائض واملريض فإنه‬
‫ال يلزمهم اإلمساك‪ ،‬لكن يلزمهم القضاء»(‪.)2‬‬
‫***‬

‫((( انظر‪ :‬املوسوعة الفقهية (‪ ،)19-10/28‬والرشح املمتع (‪.)483-457/6‬‬


‫((( اإلجابات عىل أسئلة اجلاليات للشيخ حممد بن عثيمني (‪.)7/1‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*سؤال‪ :‬من الذي جيب عليه صوم رمضان؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫جيب الصوم عىل الشخص إذا توفرت فيه مخسة رشوط‪:‬‬


‫‪22‬‬
‫أوالً‪ :‬أن يكون مسل ًام‪.‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬أن يكون مكلف ًا‪.‬‬

‫ثالث ًا‪ :‬أن يكون قادر ًا عىل الصوم‪.‬‬

‫رابع ًا‪ :‬أن يكون مقي ًام‪.‬‬

‫خامس ًا‪ :‬اخللو من املوانع‪.‬‬

‫فهذه الرشوط اخلمسة متى توفرت يف الشخص وجب عليه الصوم‪.‬‬

‫الرشط األول‪ :‬أن يكون مسل ًام‪ ،‬فخرج هبذا الرشط الكافر؛ فالكافر ال يلزمه الصوم‬
‫وال يصح منه‪ ،‬فإذا أسلم مل يؤمر بقضائه‪.‬‬

‫والدليـل على ذلـك‪ :‬قولـه تعـاىل‪( :‬ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ‬


‫ﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲ‬
‫ﯳ) [التوبة‪ ]54 :‬فـإذا كانـت النفقـات ‪-‬ونفعهـا متعـدٍّ ‪ -‬ال تُقبل منهـم لكفرهم‪،‬‬
‫فالعبـادات اخلاصـة من بـاب أوىل‪.‬‬

‫ودليل كونه ال يقيض إذا أسلم‪ :‬قوله تعاىل‪( :‬ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ‬


‫ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ) [األنفال‪ ]38 :‬وثبت عن طريق التواتر عن النبي ‪ H‬أنه مل يكن‬
‫يأمر من أسلم بقضاء ما فاته من الواجبات‪.‬‬

‫الرشط الثاين‪ :‬أن يكون مكلف ًا‪ ،‬واملكلف هو البالغ العاقل‪ ،‬ألنه ال تكليف مع‬
‫الصغر‪ ،‬وال تكليف مع اجلنون‪.‬‬
‫يعورشم نم ةمكحلاو هلضفو موصلا بوجو‬

‫وللبلوغ ثالث عالمات مشرتكة بني الذكر واألنثى‪:‬‬

‫‪1.1‬إنزال املني‪ ،‬يقظة أو مناما‪.‬‬

‫‪2.2‬نبات الشعر اخلشن حول العانة‪.‬‬


‫‪23‬‬
‫‪3.3‬إمتام مخس عرشة سنة‪.‬‬

‫‪4.4‬وتزيد األنثى أمرا رابعا‪ ،‬وهو‪ :‬احليض‪.‬‬

‫والعاقل ضده املجنون‪ ،‬أي فاقد العقل‪ ،‬وليس عليه واجب من واجبات الدين‪،‬‬
‫ال صالة‪ ،‬وال صيام‪ ،‬وال إطعام‪ ،‬أي ال جيب عليه يشء إطالق ًا‪.‬‬

‫الرشط الثالث‪ :‬القدرة‪ ،‬أي أن يكون املكلف قادر ًا عىل الصيام‪ ،‬أما العاجز فليس‬
‫عليه صوم؛ لقول اهلل تعاىل‪( :‬ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ‬
‫ﯕ) [البقرة‪.]185 :‬‬

‫لكن العجز ينقسم إىل قسمني‪ :‬قسم طارئ وقسم دائم‪:‬‬

‫فالقسم الطارئ‪ :‬هو املذكور يف اآلية السابقة‪ ،‬كاملريض مرض ًا ُيرجى شفاؤه‪ ،‬فهؤالء‬
‫جيوز هلم اإلفطار‪ ،‬ثم قضاء ما فاهتم‪.‬‬

‫والعجز الدائم‪ :‬كاملريض مرض ًا ال ُيرجى شفاؤه‪ ،‬وكبري السن الذي يعجز عن‬
‫الصيام‪ ،‬وهو املذكور يف قوله تعاىل‪( :‬ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﮅ ﮆﮇ)‬
‫[البقرة‪ ]184 :‬حيث فرسها ابن عباس ‪ L‬بـ الشيخ والشيخة إذا كانا ال يطيقان‬
‫الصوم‪ ،‬ف ُيطعامن عن كل يوم مسكين ًا(‪.)1‬‬

‫واملـرض الذي جيـوز لصاحبه الفطر؛ هو املـرض الذي يرضه الصيـام‪ ،‬إما بزيادته‪،‬‬
‫أو تأخر شفائه‪.‬‬

‫فإن قيل‪ :‬ما هو مقياس الرضر الذي ُي ِّرم الصيام؟‬

‫((( أخرجه البيهقي يف السنن الكربى (‪.)7866‬‬


‫الصيام سؤال وجواب‬

‫فاجلواب‪ :‬الرضر يكون باحلس‪ ،‬وقد ُيعلم باخلَ َب‪ ،‬أما باحلس‪ :‬فأن يشعر املريض‬
‫بنفسه أن الصوم يرضه‪ ،‬ويثري عليه األوجاع‪ ،‬ويوجب تأخر الشفاء‪ ،‬وما أشبه ذلك‪.‬‬
‫وأما اخلَ َب‪ :‬فأن ُيربه طبيب عامل ثقة بأنه يرضه‪.‬‬
‫الرشط الرابع‪ :‬أن يكون مقي ًام‪ ،‬فإن كان مسافرا فال جيب عليه الصوم؛ لقوله تعاىل‪:‬‬ ‫‪24‬‬

‫(ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ) [البقرة‪ ]185 :‬وقد أمجع‬


‫العلامء أنه جيوز للمسافر الفطر‪ .‬وممن نقل اإلمجاع‪ :‬ابن قدامة ‪.)1(V‬‬
‫واألفضل للمسافر أن يفعل األيرس‪ ،‬فإن كان يف الصوم رضر كان الصوم حرام ًا؛‬
‫لقوله تعاىل‪( :‬ﭹ ﭺ ﭻﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ) [النساء‪]29 :‬؛ فإن هذه اآلية‬
‫يس من ِ ِّ‬
‫الب‬ ‫تدل عىل‪ :‬أن ما كان رضر ًا عىل اإلنسان كان منهي ًا عنه‪ ،‬ويف احلديث « َل َ‬
‫الس َفر»(‪.)2‬‬
‫الصو ُم يف َ‬
‫َّ‬
‫الرشط اخلامس‪ :‬اخللو من املوانع‪ ،‬وهو احليض والنفاس‪ ،‬وهذا الرشط خمتص‬
‫بالنساء؛ فاحلائض والنفساء ال يلزمهام الصيام‪ ،‬لقول النبي ‪ H‬مقرر ًا ذلك‪:‬‬
‫ت َل ْ ت َُص ِّل َو َل ْ ت َُص ْم»(‪ )3‬والنفساء كاحلائض؛ فال يلزمهام‪ ،‬وال يصح‬
‫اض ْ‬ ‫َ‬
‫«أ َل ْي َس إِ َذا َح َ‬
‫منهام إمجاع ًا‪ ،‬ويلزمهام قضاؤه إمجاع ًا(‪ .)4‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬هل صحيح أن السيئة تُضاعف يف رمضان كام أن احلسنة تُضاعف؟ وهل ورد‬
‫دليل عىل ذلك؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫نعم‪ ،‬تضاعف احلسنة والسيئة يف الزمان واملكان الفاضلني‪ ،‬ولكن هناك فرق بني‬
‫مضاعفة احلسنة ومضاعفة السيئة‪ ،‬فمضاعفة احلسنة مضاعفة بالكم والكيف‪ ،‬واملراد‬

‫((( انظر‪ :‬املغني (‪.)33 /3‬‬


‫((( رواه البخاري (‪.)1844‬‬
‫((( رواه البخاري (‪.)298‬‬
‫((( انظر‪ :‬الرشح املمتع (‪.)330/6‬‬
‫يعورشم نم ةمكحلاو هلضفو موصلا بوجو‬

‫بالكم‪ :‬العدد‪ ،‬فاحلسنة بعرش أمثاهلا‪ ،‬أو أكثر‪ ،‬واملراد بالكيف أن ثواهبا َي ْعظم و َيكْثر‪،‬‬
‫وأما السيئة‪ :‬فمضاعفتها بالكيف فقط؛ أي‪ :‬أن إثمها أعظم والعقاب عليها أشد‪ ،‬وأما‬
‫من حيث العدد‪ :‬فالسيئة بسيئة واحدة‪ ،‬وال يمكن أن تكون بأكثر من سيئة‪.‬‬

‫‪25‬‬ ‫«وتضاعف احلسنة والسيئة بمكان فاضل‪ ،‬كمكة واملدينة وبيت املقدس ويف‬
‫املساجد‪ ،‬وبزمان فاضل‪ ،‬كيوم اجلمعة‪ ،‬واألشهر احلرم ورمضان‪ .‬أما مضاعفة‬
‫احلسنة‪ :‬فهذا مما ال خالف فيه‪ ،‬وأما مضاعفة السيئة‪ :‬فقال هبا مجاعة‪ ،‬تبعا البن عباس‬
‫وابن مسعود‪ ...‬وقال بعض املحققني‪ :‬قول ابن عباس وابن مسعود يف تضعيف‬
‫السيئات‪ :‬إنام أرادوا مضاعفتها يف الكيفية دون الكمية»(‪.)1‬‬

‫ي ِّصل به املسلم تكفري الذنوب صغريها وكبريها؟‬


‫وسئل ابن باز ‪ :V‬الصيام‪ ،‬هل ُ َ‬
‫وهل إثم الذنوب يتضاعف يف رمضان؟‬

‫فأجاب‪( :‬املرشوع للمسلم يف رمضان ويف غريه‪ :‬جماهدة نفسه األمارة بالسوء‪ ،‬حتى‬
‫تكون نفسا مطمئنة آمرة باخلري راغبة فيه‪ ،‬وواجب عليه أن جياهد عدو اهلل إبليس حتى‬
‫يسلم من رشه ونزغاته‪ ،‬فاملسلم يف هذه الدنيا يف جهاد عظيم متواصل للنفس واهلوى‬
‫والشيطان‪ ،‬وعليه أن يكثر من التوبة واالستغفار يف كل وقت وحني‪ ،‬ولكن األوقات‬
‫خيتلف بعضها عن بعض؛ فشهر رمضان هو أفضل أشهر العام‪ ،‬فهو شهر مغفرة ورمحة‬
‫وعتق من النار‪ ،‬فإذا كان الشهر فاضال واملكان فاضال ضوعفت فيه احلسنات‪ ،‬وعظم‬
‫فيه إثم السيئات‪ ،‬فسيئة يف رمضان أعظم إثام من سيئة يف غريه‪ ،‬كام أن طاعة يف رمضان‬
‫أكثر ثوابا عند اهلل من طاعة يف غريه‪ ،‬وملا كان رمضان بتلك املنزلة العظيمة كان للطاعة‬
‫فيه فضل عظيم‪ ،‬ومضاعفة كثرية‪ ،‬وكان إثم املعايص فيه أشد وأكرب من إثمها يف غريه‪،‬‬
‫فاملسلم عليه أن يغتنم هذا الشهر املبارك بالطاعات واألعامل الصاحلات‪ ،‬واإلقالع عن‬
‫السيئات؛ عسى اهلل ‪ D‬أن َي َم ّن عليه بالقبول‪ ،‬ويوفقه لالستقامة عىل احلق‪ ،‬ولكن‬
‫السيئة دائام بمثلها‪ ،‬ال تضاعف يف العدد‪ ،‬ال يف رمضان وال يف غريه‪ ،‬أما احلسنة‪ :‬فإهنا‬

‫((( مطالب أويل النهى (‪.)385/2‬‬


‫الصيام سؤال وجواب‬

‫(ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ‬ ‫‪D‬‬ ‫تضاعف بعرش أمثاهلا‪ ،‬إىل أضعاف كثرية؛ لقول اهلل‬
‫ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ) [األنعام‪.]160 :‬‬
‫واآليات يف هذا املعنى كثرية‪.‬‬
‫وهكذا يف املكان الفاضل‪ ،‬كاحلرمني الرشيفني‪ ،‬تضاعف فيهام أضعافا كثرية‪ ،‬يف‬ ‫‪26‬‬

‫الكمية والكيفية‪ ،‬أما السيئات‪ :‬فال تضاعف بالكمية‪ ،‬ولكنها تضاعف بالكيفية يف‬
‫الزمان الفاضل واملكان الفاضل‪ ،‬كام تقدمت اإلشارة إىل ذلك‪ ،‬واهلل ويل التوفيق)(‪.)1‬‬
‫وقال ابن عثيمني ‪« :V‬تضاعف احلسنة والسيئة بمكان وزمان فاضل؛ فاحلسنة‬
‫تضاعف بالكم وبالكيف‪ .‬وأما السيئة‪ :‬فبالكيف ال بالكم؛ ألن اهلل تعاىل قال يف سورة‬
‫األنعام ‪-‬وهي مكية‪( :-‬ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ‬
‫ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ) [األنعام‪ .]160 :‬وقال‪( :‬ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ‬
‫ﭴ) [ احلج‪ .]25 :‬ومل يقل‪ :‬نضاعف له ذلك‪ .‬بل قال‪( :‬ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ)؛ فتكون‬
‫مضاعفة السيئة يف مكة أو يف املدينة مضاعفة كيفية‪ ،‬بمعنى أهنا تكون أشد أمل ًا ووجع ًا؛‬
‫لقوله تعاىل‪( :‬ﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴ) [احلج‪ .(2)»]25 :‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬أنا أصوم رمضان وال أصيل‪ ،‬فهل يكون صيامي صحيح؟‬
‫*جواب‪:‬‬
‫ال ُيقبل صوم رمضان ‪-‬بل وال أي عمل من األعامل‪ -‬مع ترك الصالة؛ وذلك ألن‬
‫الش ِك َوال ُك ْف ِر‪ :‬ت َْر َك‬ ‫الر ُج ِل َو َب ْ َ‬
‫ي ِّ ْ‬ ‫ي َّ‬‫ترك الصالة كفر؛ لقول النبي ‪« :H‬إِ َّن َب ْ َ‬
‫الة»(‪ )3‬والكافر ال ُيقبل منه أي عمل؛ لقول اهلل تعاىل‪( :‬ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ‬ ‫الص ِ‬
‫َّ‬
‫ﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯ‬
‫ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ) [التوبة‪.]54 :‬‬

‫((( جمموع فتاوى ابن باز (‪.)446/15‬‬


‫((( الرشح املمتع (‪.)262/7‬‬
‫((( رواه مسلم (‪.)82‬‬
‫يعورشم نم ةمكحلاو هلضفو موصلا بوجو‬

‫ص َف َقدْ َحبِ َط‬


‫«م ْن ت ََر َك َصال َة ال َع ْ ِ‬
‫وعن بريدة ‪ ،I‬عن النبي ‪H‬أنه قال‪َ :‬‬
‫َع َم ُل ُه»(‪.)1‬‬

‫ومعنى «حبط عمله» أي‪َ :‬ب َط َل‪ ،‬ومل ينتفع به‪.‬‬


‫‪27‬‬ ‫ِ‬ ‫ينتفع ُ‬
‫الصالة‬ ‫تارك‬ ‫ُ‬ ‫فهذا احلديث يدل عىل أن تارك الصالة ال َي ْقبل ُ‬
‫اهلل منه عمالً‪ ،‬فال‬
‫من عمله بيشء‪ ،‬وال َي ْص َعدُ له إىل اهلل ٌ‬
‫عمل‪.‬‬

‫وقال ابن القيم ‪ V‬يف معنى احلديث‪« :‬والذي يظهر يف احلديث أن الرتك نوعان‪ٌ :‬‬
‫ترك‬
‫معني‪ ،‬فهذا حيبط َ‬
‫عمل‬ ‫معني يف يو ٍم ٍ‬ ‫ٌ‬
‫وترك ٌ‬ ‫َ‬
‫العمل مجيعـه‪،‬‬ ‫كيل ال يصليها أبد ًا‪ ،‬فهذا حيبط‬ ‫ٌّ‬
‫ِ (‪)2‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املعني يف مقابلة الرتك املعني» ‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫واحلبوط‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫فاحلبوط العا ُّم يف مقابلة الرتك العا ِّم‪،‬‬ ‫ذلك اليو ِم‪،‬‬

‫فالنصيحة للسائلة أن تتوب إىل اهلل تعاىل‪ ،‬وتندم عىل تفريطها يف حق اهلل‪ ،‬وتعريضها‬
‫نفسها ملقت اهلل تعاىل وغضبه وعقابه‪ ،‬واهلل تعاىل يقبل توبة من تاب من عباده‪ ،‬ويغفر‬
‫له ذنوبه‪ ،‬بل ويفرح هبا ‪ E‬أشد الفرح‪ ،‬وقد برش النبي ‪ H‬التائب بقوله‪:‬‬
‫ْب ك ََم ْن ال َذن َ‬
‫ْب َله«(‪ .)3‬واهلل أعلم‪.‬‬ ‫ب ِم ْن َّ‬
‫الذن ِ‬ ‫ِ‬
‫«التَّائ ُ‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬يوجد يف القرية عندنا رجل مسيحي وهو يصوم شهر رمضان وال يصيل‪.‬‬
‫فهل صيامه هذا صحيح؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«هذا النرصاين الذي يصوم وال يصيل ُينظر يف أمره ويدعى إىل اإلسالم‪ ،‬فإن الصيام‬
‫بدون دخوله اإلسالم ال ينفعه؛ فالكفر يبطل األعامل‪ ،‬كام قال ‪( :D‬ﯽ ﯾ ﯿ‬
‫ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ) [املائدة‪ ،]5 :‬ويقول سبحانه‪( :‬ﮰ ﮱ‬
‫ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ) [األنعام‪.]88 :‬‬

‫((( رواه البخاري (‪.)553‬‬


‫((( كتاب الصالة (ص‪.)65‬‬
‫((( رواه ابن ماجة (‪ ،)4250‬وحسنه األلباين يف صحيح اجلامع (‪.)5319‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫ودخوله اإلسالم‪ ،‬فإن صدق‬ ‫‪H‬‬ ‫فالبد أوالً من تصديقه بالنبي حممد‬
‫حممد ًا ‪ H‬ودخل اإلسالم فحينئذ يطالب بالصالة والصوم والزكاة واحلج وغري‬
‫ذلك‪ ،‬أما كونه يصوم أو يصيل وهو عىل مسيحيته وعىل نرصانيته‪ ،‬فهذا ال يصح منه‪،‬‬
‫وصالته باطلة‪ ،‬وصومه باطل‪ ،‬وال ينفعه ذلك؛ ألن رشط هذه العبادات‪ :‬اإلسالم‪ ،‬فإذا‬
‫‪28‬‬
‫صىل وهو غري مسلم أو صام وهو غري مسلم فعبادته باطلة‪.‬‬

‫فعليكم أهيا اإلخوة الذين بقربه أن تنصحوه وتوجهوه إىل اإلسالم‪ ،‬وتعلموه أنه‬
‫البد من اإليامن بمحمد ‪ H‬وتصديقه‪ ،‬وأنه رسول اهلل حق ًا إىل الناس عامة واجلن‬
‫واإلنس‪ ،‬وأن عليه أن يلتزم باإلسالم بإخالص العبادات هلل وحده وترك ما عليه النصارى‬
‫من القول بأن املسيح ابن اهلل أو باألقانيم الثالثة‪ ،‬يرتك هذا كله ويؤمن بأن اهلل إله واحد‬
‫ليس له رشيك‪ ،‬وأن املسيح ابن مريم عبد اهلل ورسوله‪ ،‬وليس هو ابن اهلل ‪-‬تعاىل اهلل عن‬
‫ذلك علوا كبري ًا‪ -‬فإن اهلل سبحانه ليس له صاحبة وال ولد‪ ،‬قال اهلل ‪( :D‬ﭑ ﭒ ﭓ‬
‫ﭔ ﭕﭖ ﭗ ﭘﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ)‬
‫[اإلخالص‪.]4-1 :‬‬

‫‪H‬‬ ‫فإذا ترك ما عليه النصارى من هذا القول الشنيع وإذا آمن بمحمد‬
‫وصدق ما جاء به والتزم باإلسالم فهذا حينئذ يكون مسل ًام‪ ،‬له ما للمسلمني وعليه‬
‫ما عىل املسلمني‪ ،‬وعليه أن يصيل ويصوم‪ ،‬وعليه أن يزكي إذا كان عنده مال‪ ،‬وعليه أن‬
‫حيج مع االستطاعة‪ ،‬وهكذا سائر املسلمني»(‪.)1‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬عندي بنت متزوجة‪ ،‬وقد جاءت عندنا هي وزوجها يف شهر رمضان‪ ،‬وبعد‬
‫أن صمنا أسبوع ًا من الشهر‪ ،‬ذهب زوج ابنتي مع زمالئه إىل الرب وخالطهم الشيطان‬
‫فأكلوا ورشبوا يف هنار رمضــان‪ ،‬ويف صباح اليوم التايل طلب زوج ابنتي من زوجته‬
‫أن تصنــع له طعام ًا فأبت‪ ،‬فحلف عليها بالطــاق أن تصنع‪ ،‬فحلفت هي األخرى‬
‫أن ال تصنــع‪ ،‬وخروج ًا من هذا األمر‪ ،‬طلبت من زوجــة ولدي أن تصنع له طعام ًا‬

‫((( فتاوى نور عىل الدرب للشيخ عبد العزيز بن باز (‪.)1217/3‬‬
‫يعورشم نم ةمكحلاو هلضفو موصلا بوجو‬

‫فامتنعــت‪ ،‬إال أنني أرغمتها عــى ذلك‪ ،‬فصنعت له طعام ًا وهــي كارهة‪ ،‬فجلس‬
‫يأكل وحده ومل نأكل معه‪ ،‬فهل نحن آثمون يف ذلك؟ وما يلزمنا أن نفعل لنكفر عن‬
‫هذا اإلثم؟‬

‫‪29‬‬ ‫*جواب‪:‬‬

‫«ال شك أن اإلفطار يف رمضان بدون عذر رشعي كبرية من الكبائر‪ ،‬ومنكر من‬
‫املنكرات العظيمة‪ ،‬أما إذا كان بعذر كالسفر وهو ما يعادل ثامنني كيلو أو سبعني كيلو‬
‫تقريب ًا‪ ،‬وهي مسافة ليلة باملطايا واألقدام‪ ،‬فهذا يسمى سفر ًا‪ ،‬وال حرج يف اإلفطار فيه‪،‬‬
‫أما ما كان يف البيت أو ضواحي البلد فال يسمى سفر ًا‪ ،‬واإلفطار فيه كبرية من الكبائر‪،‬‬
‫ومن يعني املفطر عىل إفطاره شاركه يف اإلثم؛ ألن اهلل سبحانه يقول‪( :‬ﯭ ﯮ ﯯ‬
‫ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶﯷ) [املائدة‪.]2 :‬‬
‫فالذي يساعد من أفطر يف رمضان بغري عذر بتقديم الطعام أو القهوة أو الشاي‬
‫أو غري ذلك من األرشبة أو املطعومات آثم مشارك للمفطر يف اإلثم‪ ،‬لكن صومه‬
‫صحيح ال يبطل باملعاونة‪ ،‬ولكن يكون آث ًام وعليه التوبة إىل اهلل‪.‬‬
‫وعليـك أهيا األخ السـائل الذي غصبت ابنتك أو زوجة ابنـك عىل صنع الطعام أن‬
‫تتـوب إىل اهلل‪ ،‬فقـد أخطأت حني أمرهتا بصنـع الطعام له‪ ،‬أما هي فأحسـنت وأصابت‬
‫يف عـدم طاعتـه؛ ألنه ال طاعة ملخلوق يف معصية اخلالـق‪ .‬والنبي ‪ O‬قال‪« :‬إِن ََّم‬
‫ال َّطاعـ ُة ِف المعـر ِ‬
‫وف«‪ .‬فـإذا أمرهـا زوجهـا أن تقدم لـه طعام ًا يف هنـار رمضان وليس‬ ‫َ ْ ُ‬ ‫َ‬
‫لـه عـذر يبيـح لـه الفطر مـن مرض أو سـفر فليـس هلـا أن تعينه على ما حـرم اهلل ولو‬
‫غضـب أو طلـق؛ ألن طاعـة اهلل مقدمة عىل طاعة الزوج وعلى طاعة األب وعىل طاعة‬
‫السـلطان وعلى طاعة األمري؛ لقول الرسـول ‪« :H‬إِنَّما ال َّطاعـ ُة ِف المعر ِ‬
‫وف«‪،‬‬ ‫َ ُْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫«ل َطا َع َة َل ِخْ ُل ٍ‬
‫وق ِف َم ْع ِص َي ِة اهللِ«‪.‬‬ ‫وقال أيض ًا ‪َ :O‬‬

‫وال يعترب هذا الرجل مسافر ًا ألنه جلس معهم أسبوع ًا‪ ،‬والظاهر أنه كان عازم ًا عىل‬
‫اإلقامة أكثر من أربعة أيام‪ ،‬فهذا يلزمه الصوم عىل الصحيح من أقوال أهل العلم‪ ،‬وهو‬
‫قول مجهور أهل العلم؛ أهنم إذا عزموا عىل اإلقامة أكثر من أربعة أيام عند أصهارهم‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫فإهنم يصومون معهم‪ ،‬أما أربعة أيام فأقل فال يلزمهم الصوم إذا كانوا مسافرين‪ ،‬وإن‬
‫صاموا فال بأس وال حرج‪ ،‬أما إذا كانوا قد أرادوا اإلقامة عندهم أكثر من أربعة أيام‬
‫فالذي ينبغي يف هذه احلال هو الصوم خروج ًا من خالف العلامء‪ ،‬وعم ً‬
‫ال بقول األكثر‪،‬‬
‫وش َّك يف إجازة اإلفطار»(‪.)1‬‬
‫وألن األصل الصوم‪ُ ،‬‬
‫‪30‬‬
‫***‬

‫*ســؤال‪ :‬يقــال عندنــا‪ :‬إن املــرء إذا أراد أن يقــي اهلل حاجتــه فإنه يصــوم‪ ،‬وما كيفية‬
‫هذا الصوم؟‬
‫*جواب‪:‬‬
‫«الصيام ألجل قضاء احلاجات بدعة ال أصل هلا‪ ،‬وإنام عىل اإلنسان أن يتقرب‬
‫إىل اهلل بنوافل العبادات؛ طاعة هلل‪ ،‬وابتغاء ثوابه خملص ًا بذلك هلل وحده ال ألجل مقاصد‬
‫دنيوية‪ ،‬والثابت عن النبي ‪ :H‬أن من ضمن الذين ال ترد دعوهتم‪ :‬الصائم حتى‬
‫يفطر‪ ،‬وأن للصائم عند فطره دعوة ال ترد‪.‬‬
‫وباهلل التوفيق‪ ،‬وصىل اهلل عيل نبينا حممد وآله وصحبه وسلم»(‪.)2‬‬
‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء‬
‫الشيخ عبد العزيز بن عبد اهلل بن باز‪ ..‬الشيخ صالح الفوزان‪ ..‬الشيخ بكر أبو زيد‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬أنا ال أصوم‪ ،‬هل سأعذب يوم القيامة؟‬


‫*جواب‪:‬‬
‫صـوم رمضـان أحـد األركان التي ُبنِي عليها اإلسلام؛ فعن ابـن عمر ‪ L‬قال‪:‬‬
‫ـها َد ِة َأ ْن ال إِ َلـ َه إِال اهللُ َو َأ َّن‬ ‫لى َخ ٍ‬
‫ْـس‪َ :‬ش َ‬ ‫إل ْسلا ُم َع َ‬ ‫ـي ا ِ‬ ‫ِ‬
‫قـال رسـول اهلل ‪ُ « :H‬بن َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الح ِّج‪َ ،‬و َص ْو ِم َر َم َضان«(‪.)3‬‬‫الصالة‪َ ،‬وإِيتَاء ال َّزكَاة‪َ ،‬و َ‬
‫ول اهلل‪َ ،‬وإِ َقا ِم َّ‬
‫م َّمدً ا َر ُس ُ‬
‫َُ‬

‫((( فتاوى نور عىل الدرب البن باز (‪.)1266/3‬‬


‫((( فتاوى اللجنة الدائمة‪ .‬املجموعة الثانية (‪.)292/9‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)8‬ومسلم (‪.)16‬‬
‫يعورشم نم ةمكحلاو هلضفو موصلا بوجو‬

‫قال الذهبي ‪« :V‬وعند املؤمنني مقرر أن من ترك صوم رمضان بال مرض وال‬
‫عذر يبيح ذلك‪ ،‬أنه رش من الزاين‪ ،‬ومدمن اخلمر‪ ،‬بل يشكون يف إسالمه‪ ،‬ويظنون به‬
‫الزندقة واالنحالل»(‪.)1‬‬
‫‪31‬‬ ‫قـال ابـن تيميـة ‪« :V‬إذا أفطـر يف رمضان مسـتحال لذلـك وهو عـامل بتحريمه؛‬
‫اسـتحالال لـه‪ ،‬وجب قتلـه‪ ،‬وإن كان فاسـقا عوقب عـن فطره يف رمضـان»(‪.)2‬‬

‫سمعت‬
‫ُ‬ ‫ومما صح من الوعيد عىل ترك الصوم‪ :‬ما رواه أبو أمامة الباهيل ‪ I‬قال‪:‬‬
‫رسول اهلل ‪H‬يقول‪َ « :‬ب ْينَا َأنَا نَائِ ٌم إِ ْذ َأت ِ‬
‫َان َر ُجال َِن‪ُ ...‬ث َّم ا ْن َط َل َقا ِب َفإِ َذا َأنَا بِ َق ْو ٍم‬
‫ت‪َ :‬م ْن َه ُؤالَ ِء؟ َقاالَ‪:‬‬ ‫ني َب َع َر ِاقيبِ ِه ْم(‪َ ،)3‬م َش َّق َق ًة َأ ْشدَ ا ُق ُه ْم(‪ ،)4‬ت َِس ُ‬
‫يل َأ ْشدَ ا ُق ُه ْم َدم ًا‪ُ ،‬ق ْل ُ‬ ‫ِ‬
‫ُم َع َّلق َ‬
‫ت َّل ِة َص ْو ِم ِه ْم»(‪.)5‬‬ ‫ون َقب َل َ ِ‬ ‫ِ‬
‫ين ُي ْفط ُر َ ْ‬
‫ِ ِ‬
‫َه ُؤالَء ا َّلذ َ‬

‫قال األلباين ‪« :V‬هذه عقوبة من صام ثم أفطر عمد ًا قبل حلول وقت اإلفطار‪،‬‬
‫فكيف يكون حال من ال يصوم أصالً؟! نسأل اهلل السالمة والعافية يف الدنيا واآلخرة»(‪.)6‬‬

‫فالنصيحة لألخ السائل‪ :‬أن يتقي اهلل تعاىل‪ ،‬وحيذر نقمته وغضبه وأليم عقابه‪،‬‬
‫وليبادر إىل التوبة قبل أن يفاجئه هادم اللذات ومفرق اجلامعات‪ ،‬فإن اليوم عمل وال‬
‫حساب‪ ،‬وغد ًا حساب وال عمل‪ ،‬واعلم أن من تاب تاب اهلل عليه‪ ،‬ومن تقرب إىل اهلل‬
‫شرب ًا تقرب إليه باع ًا‪ ،‬فهو الكريم احلليم الرحيم سبحانه‪.‬‬

‫ولو جربت الصوم وعلمت ما فيه من اليرس‪ ،‬واألنس‪ ،‬والراحة‪ ،‬والقرب من اهلل‪:‬‬
‫ما تركته‪.‬‬

‫((( الكبائر (ص‪.)64‬‬


‫((( جمموع الفتاوى (‪.)265/25‬‬
‫((( العرقوب‪ :‬العصب الذي فوق مؤخرة قدم اإلنسان‪.‬‬
‫((( الشدق‪ :‬جانب الفم‪.‬‬
‫((( رواه ابن خزيمة (‪ ،)1986‬وابن حبان (‪ ،)7491‬وصححه األلباين يف الصحيحة (‪.)3951‬‬
‫((( سلسلة األحاديث الصحيحة (‪.)10/19‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫وتأمل قول اهلل تعاىل يف ختام آيات الصوم‪( :‬ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ‬


‫ﯞ) [البقرة‪ ]185 :‬وقوله‪( :‬ﯦ ﯧ) [البقرة‪]185 :‬؛ لتُدرك أن الصوم‬
‫نعمة تستحق الشكر‪ ،‬وهلذا كان مجاعة من السلف يتمنون أن يكون العا ُم ك ُّله رمضان‪.‬‬

‫نسأل اهلل أن يوفقك‪ ،‬وأن هيديك‪ ،‬وأن يرشح صدرك ملا فيه سعادتك يف الدنيا‬ ‫‪32‬‬

‫واآلخرة‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬


‫***‬

‫*سـؤال‪ :‬أود أن أعـرف هـل من السـنة قول دعـاء معين أول ليلة من شـهر رجب‪،‬‬
‫والدعـاء كاآليت‪« :‬اللهـم بـارك لنا يف رجب‪ ،‬وشـعبان‪ ،‬وبلغنا رمضان»‪ ،‬أسـأل اهلل‬
‫سـبحانه أن يثبتنا على العمل بالسـنة الثابتة‪.‬‬

‫*جواب‪:‬‬

‫ال يصح يف فضل شهر رجب حديث عن النبي ‪ ،H‬راجع جواب السؤال‬
‫رقم‪ ،)75394( :‬و(‪.)171509‬‬

‫ٌ‬
‫حديث صحيح‪ ،‬وال يمتاز شهر‬ ‫وقال ابن عثيمني ‪« :V‬مل يرد يف فضل رجب‬
‫رجب عن مجادى اآلخرة الذي قبله‪ ،‬إال بأنه من األشهر احلرم فقط‪ ،‬وإال ليس فيه صيام‬
‫(‪)1‬‬
‫مرشوع‪ ،‬وال صالة مرشوعة‪ ،‬وال عمرة مرشوعة‪ ،‬وال يشء‪ ،‬هو كغريه من الشهور»‬
‫انتهى ملخصا‪.‬‬

‫ثانيـ ًا‪ :‬روى عبـد اهلل بـن اإلمـام أمحـد يف «زوائـد املسـند» (‪ ،)2346‬والطبراين‬
‫يف «األوسـط» (‪ ،)3939‬والبيهقـي يف «الشـعب» (‪ ،)3534‬وأبـو نعيـم يف «احلليـة»‬
‫َـس ْب ِن‬
‫ير ُّي‪َ ،‬ع ْن َأن ِ‬ ‫ـال‪ :‬نـا ِز َيـا ٌد الن َُّم ْ ِ‬ ‫(‪ ،)269/6‬مـن طريـق َز ِائـدَ ة بـن َأ ِب الر َق ِ‬
‫ـاد‪َ ،‬ق َ‬ ‫ُّ‬ ‫ْ‬
‫ـار ْك َلنَـا ِف‬
‫ـم َب ِ‬ ‫َان رس ُ ِ‬ ‫مالِ ٍ‬
‫ـال‪« :‬ال َّل ُه َّ‬ ‫ـب‪َ ،‬ق َ‬ ‫ـول اهلل ‪ H‬إِ َذا َد َخ َـل َر َج ٌ‬ ‫ـال‪ :‬ك َ َ ُ‬ ‫ـك‪َ ،‬ق َ‬ ‫َ‬
‫ان‪َ ،‬و َب ِّل ْغنَـا َر َم َض َ‬
‫ـان«‪.‬‬ ‫َر َج ٍ‬
‫ـب‪َ ،‬و َشـ ْع َب َ‬

‫((( لقاء الباب املفتوح (‪ )26 /174‬برتقيم الشاملة‪.‬‬


‫يعورشم نم ةمكحلاو هلضفو موصلا بوجو‬

‫وهذا إسناد ضعيف‪ ،‬زياد النمريي ضعيف‪ ،‬ضعفه ابن معني‪ ،‬وقال أبو حاتم‪« :‬ال‬
‫حيتج به»‪ ،‬وذكره ابن حبان يف الضعفاء‪ ،‬وقال‪« :‬ال جيوز االحتجاج به»(‪.)1‬‬

‫وزائدة بن أيب الرقاد‪ :‬أشد ضعفا منه‪ ،‬قال أبو حاتم‪« :‬حيدث عن زياد النمريي‬
‫‪33‬‬
‫عن أنس‪ ،‬أحاديث مرفوعة منكرة‪ ،‬وال ندري منه‪ ،‬أو من زياد»‪ ،‬وقال البخاري‪:‬‬
‫«منكر احلديث»‪ ،‬وقال النسائي‪« :‬منكر احلديث»‪ ،‬وقال يف الكنى‪« :‬ليس بثقة»‪ ،‬وقال‬
‫ابن حبان‪« :‬يروي مناكري عن مشاهري‪ ،‬ال حيتج بخربه‪ ،‬وال يكتب إال لالعتبار»‪ ،‬وقال‬
‫ابن عدي‪« :‬يروي عنه املقدمي وغريه أحاديث إفرادات‪ ،‬ويف بعض أحاديثه ما ينكر»(‪.)2‬‬

‫واحلديث ضعفه النووي يف «األذكار» (ص‪ ،)189‬وابن رجب يف «لطائف املعارف»‬


‫«ر َوا ُه‬
‫(ص‪ ،)121‬وكذا ضعفه األلباين يف «ضعيف اجلامع» (‪ ،)4395‬وقال اهليثمي‪َ :‬‬
‫اري‪ :‬منْكَر الح ِد ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫يث‪َ ،‬و َج َّه َل ُه َ َ‬
‫جا َع ٌة»(‪.)3‬‬ ‫الر َقاد‪َ ِ،‬ق َال ال ُب َخ ِ ُّ ُ ُ َ‬
‫ال َب َّز ُار‪َ ،‬وفيه َزائدَ ُة ْب ُن َأ ِب ُّ‬

‫ثم إن احلديث ‪-‬مع ضعفه‪ -‬ليس فيه أن ذلك يقال عند أول ليلة من شهر رجب‪،‬‬
‫إنام هو دعاء مطلق بالربكة فيه‪ ،‬وهذا يصح يف رجب‪ ،‬وقبل رجب أيضا‪.‬‬

‫ثالث ًا‪ :‬أما سؤال املسلم ربه أن يبلغه رمضان فال بأس به‪ ،‬قال احلافظ ابن رجب ‪:V‬‬
‫«قال معىل بن الفضل‪ :‬كانوا يدعون اهلل تعاىل ستة أشهر أن يبلغهم رمضان‪ ،‬ويدعونه‬
‫ستة أشهر أن يتقبل منهم‪ ،‬وقال حييى بن أيب كثري‪ :‬كان من دعائهم‪ :‬اللهم سلمني إىل‬
‫رمضان‪ ،‬وسلم يل رمضان‪ ،‬وتسلمه مني متقبال»(‪.)4‬‬

‫وقد سئل الشيخ عبد الكريم اخلضري حفظه اهلل‪ :‬ما صحة حديث‪« :‬اللهم بارك لنا‬
‫يف رجب‪ ،‬وشعبان‪ ،‬وبلغنا رمضان«؟‬

‫((( ميزان االعتدال (‪)91 /2‬‬


‫((( هتذيب التهذيب (‪.)306-305 /3‬‬
‫((( جممع الزوائد (‪.)165 /2‬‬
‫((( لطائف املعارف (ص‪.)148‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫فأجاب‪« :‬هذا حديث ال يثبت‪ ،‬لكن إن دعا املسلم بأن يبلغه اهلل ‪ D‬رمضان‪ ،‬وأن‬
‫يوفقـه لصيامـه وقيامه‪ ،‬وأن يوفقـه إلدراك ليلة القدر‪ ،‬أي بأن يدعـو أدعية مطلقة فهذا‬
‫إن شاء اهلل ال بأس به»‪.‬انتهى من موقع الشيخ(‪ .)1‬واهلل تعاىل أعلم‪.‬‬
‫***‬
‫‪34‬‬
‫*سؤال‪ :‬أود االستفسار عن أننا نعرف أن شهر رمضان تقيد فيه الشياطني والعياذ باهلل‬
‫منهم‪ ...‬كذلك أود االستفسار عن هل السحرة عليهم لعنة من اهلل يعملون يف هذا‬
‫الشهر الكريم‪.‬‬

‫*جواب‪:‬‬

‫نعم‪ ،‬قد توسوس الشياطني لإلنسان يف رمضان‪ ،‬وقد يعمل السحرة يف رمضان‪،‬‬
‫ولكن ذلك بال شك أقل منه يف غري رمضان‪.‬‬

‫الجن َِّة‪،‬‬
‫اب َ‬‫ت َأ ْب َو ُ‬ ‫وقد ثبت عن النبي ‪ H‬أنه قال‪« :‬إِ َذا َد َخ َل َر َم َض ُ‬
‫ان ُفت َِّح ْ‬
‫الش َياطِني«(‪.)2‬‬
‫ت َّ‬‫اب َج َهن ََّم‪َ ،‬و ُس ْل ِس َل ْ‬
‫ت َأ ْب َو ُ‬
‫َو ُغ ِّل َق ْ‬
‫الش َياطِ ِ‬
‫ني«(‪.)3‬‬ ‫«و ُتغ َُّل فِ ِيه َم َر َد ُة َّ‬
‫ويف رواية‪َ :‬‬
‫واملردة مجع مارد‪ ،‬وهو املتجرد للرش‪.‬‬

‫وهذا ال يعني أنه ينعدم تأثري الشياطني متام ًا‪ ،‬بل يدل عىل أهنم يضعفون يف رمضان‬
‫وال يقدرون فيه عىل ما يقدرون عليه يف غري رمضان‪.‬‬

‫وحيتمل أن الذي يغل هو مردة الشياطني وليس كلهم‪.‬‬

‫اص َو ِاق َع ًة ِف َر َم َضان كَثِ ًريا َف َل ْو‬‫ِ‬


‫الم َع َ‬
‫ور َو َ‬
‫الش َ‬ ‫َق َال ال ُق ْر ُطبِ ّي‪َ :‬فإِ ْن ِق َيل َك ْي َ‬
‫ف ن ََرى ُّ ُ‬
‫ني َل ْ َي َق ْع َذلِ َك؟‬
‫الش َياطِ ُ‬
‫ُص ِّفدَ ْت َّ‬

‫‪.http://khudheir.coH/text/298‬‬ ‫(((‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)3277‬ومسلم (‪.)1079‬‬
‫((( رواه النسائي (‪.)2106‬‬
‫يعورشم نم ةمكحلاو هلضفو موصلا بوجو‬

‫ني الصوم ا َّل ِذي حوفِ َظ َع َل ُشوطِ ِه ور ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬


‫وع َي ْت‬ ‫َُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫اب‪َ :‬أ َّنَا إِن ََّم تَق ُّل َع ْن َّ‬
‫الصائم َ َّ ْ‬ ‫َف َ‬
‫الج َو ُ‬
‫آ َدا ُب ُه‪.‬‬
‫ض الرواي ِ‬ ‫الش َياطِ ِ‬
‫ات‪.‬‬ ‫الم َر َد ُة َل ُك ُّل ُه ْم ك ََم َت َقدَّ َم ِف َب ْع ِ ِّ َ َ‬
‫ني َو ُه ْم َ‬ ‫َأ ْو ُ‬
‫الم َص َّفد َب ْعض َّ‬
‫‪35‬‬
‫ور فِ ِيه َو َه َذا َأ ْمر َم ْ ُسوس َفإِ َّن ُو ُقوع َذلِ َك فِ ِيه َأ َق ّل ِم ْن َغ ْ ِي ِه‪،‬‬ ‫الش ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫الم ْق ُصود َت ْقليل ُّ ُ‬‫َأ ْو َ‬
‫الش َياطِ ِ‬ ‫ش َوال َم ْع ِص َية ألَ َّن لِ َذلِ َك َأ ْس َبا ًبا َغ ْي َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إِ ْذ ال َي ْل َز ُم م ْن ت َْصفيد َج ْ‬
‫ني‬ ‫يعهم َأ ْن ال َي َق ُع َ ّ‬
‫اإلن ِْس َّية اهـ)‪ .(1‬واهلل أعلم‪.‬‬ ‫ني ِ‬ ‫الش َياطِ ِ‬
‫يحة َو َّ‬ ‫وس َ ِ‬
‫الخبِي َثة َوال َعا َدات ال َقبِ َ‬ ‫كَالنُّ ُف ِ‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬ملاذا خص اهلل جزاء الصوم به ‪E‬؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫اهلل‪ :‬ك ُُّل َع َم ِل ا ْب ِن آ َد َم َل ُه‬ ‫عن َأيب ُهرير َة ‪ I‬قال‪َ :‬ق َال رس ُ ِ‬
‫ول اهلل ‪َ « :H‬ق َال ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ََْ‬
‫ِ‬
‫الص َيا َم َفإِ َّن ُه ِل َو َأنَا َأ ْج ِزي بِه‪ ...‬احلديث«(‪.)2‬‬
‫إِال ِّ‬

‫وملا كانت األعامل كلها هلل وهو الذي جيزي هبا‪ ،‬اختلف العلامء يف قوله‪« :‬الصيام يل‬
‫وأنا أجزي به« ملاذا خص الصوم بذلك؟‬

‫وقد ذكر احلافظ ابن حجر ‪ V‬من كالم أهل العلم عرشة أوجه يف بيان معنى‬
‫احلديث وسبب اختصاص الصوم هبذا الفضل‪ ،‬وأهم هذه األوجه ما ييل‪:‬‬
‫‪1.1‬أن الصوم ال يقع فيه الرياء كام يقع يف غريه‪ ،‬قال القرطبي‪ :‬ملا كانت األعامل‬
‫يدخلها الرياء‪ ،‬والصوم ال يطلع عليه بمجرد فعله إال اهلل فأضافه اهلل إىل‬
‫نفسه وهلذا قال يف احلديث‪« :‬يدع شهوته من أجيل«‪ .‬وقال ابن اجلوزي‪ :‬مجيع‬
‫ٍ‬
‫شوب (يعني قد خيالطه يشء‬ ‫العبادات تظهر بفعلها ّ‬
‫وقل أن يسلم ما يظهر من‬
‫من الرياء) بخالف الصوم‪.‬‬

‫((( فتح الباري‪.‬‬


‫((( رواه البخاري (‪ ،)1761‬ومسلم (‪.)1946‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫‪2.2‬أن املـراد بقولـه‪« :‬وأنـا أجـزى بـه« أين أنفـرد بعلـم مقـدار ثوابـه وتضعيـف‬
‫حسـناته‪ .‬قـال القرطبـي‪ :‬معنـاه أن األعامل قـد كشـفت مقادير ثواهبـا للناس‬
‫وأهنـا تضاعـف من عرشة إىل سـبعامئة إىل ما شـاء اهلل إال الصيام فـإن اهلل يثيب‬
‫ن َأ ِب ُه َر ْي َر َة ‪I‬‬ ‫عليـه بغير تقدير‪ .‬ويشـهد هلـذا روايـة مسـلم (‪َ )1151‬عـ ْ‬
‫‪36‬‬
‫ش‬‫الح َسـنَ ُة َع ْ ُ‬
‫ف َ‬ ‫ـن آ َد َم ُي َضا َع ُ‬ ‫ـول اهللِ ‪« :H‬ك ُُّل َع َم ِ‬
‫ـل ا ْب ِ‬ ‫ـال َر ُس ُ‬‫ـال‪َ :‬ق َ‬ ‫َق َ‬
‫ـزي بِ ِه«‬ ‫ـو َم َفإِنَّـ ُه ِل َو َأنَا َأ ْج ِ‬ ‫عمئَة ِضع ٍ‬ ‫َأم َث َ ِ‬
‫اهلل ‪ :D‬إِال َّ‬
‫الص ْ‬ ‫ـف‪َ ،‬ق َ‬
‫ـال ُ‬ ‫ْ‬ ‫الـا إِ َل َسـ ْب ِ‬ ‫ْ‬
‫أي أجـازي عليـه جـزاء كثيرا مـن غير تعيين ملقـداره‪ ،‬وهـذا كقولـه تعاىل‪:‬‬
‫( ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ ﰗ ﰘ) [الزمر‪.]10 :‬‬
‫‪3.3‬أن معنى قوله‪« :‬الصوم يل« أي أنه أحب العبادات إيل واملقدم عندي‪ .‬قال‬
‫ابن عبد الرب‪ :‬كفى بقوله‪« :‬الصوم يل« فضال للصيام عىل سائر العبادات‪.‬‬
‫ـومِ‪َ ،‬فإِ َّنـ ُه ال‬
‫الصـ ْ‬ ‫ـول اهللِ ‪َ « :H‬ع َل ْيـ َ‬
‫ـك بِ َّ‬ ‫و َعـ ْن َأ ِب ُأ َما َمـ َة َقـ َ‬
‫ـال‪ :‬قــال َر ُسـ َ‬
‫ـل َلـ ُه«(‪.)1‬‬ ‫ِم ْثـ َ‬
‫‪4.4‬أن اإلضافة إضافة ترشيف وتعظيم‪ ،‬كام يقال‪ :‬بيت اهلل‪ ،‬وإن كانت البيوت‬
‫كلها هلل‪ .‬قال الزين بن املنري‪ :‬التخصيص يف موضع التعميم يف مثل هذا السياق‬
‫ال يفهم منه إال التعظيم والترشيف‪.‬‬
‫ِ‬
‫فضيلة الصو ِم من‬ ‫اجلليل يدُ ُّل عىل‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫احلديث‬ ‫«و َه َذا‬
‫وقال الشيخ ابن عثيمني ‪َ :V‬‬
‫ٍ‬
‫عديدة‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫وجوه‬

‫سائر األعامل‪ ،‬وذلك لِرشفِ ِه عنده‪،‬‬ ‫اختص لنفسه الصوم من بني ِ‬ ‫َّ‬ ‫الوجه األول‪ :‬أن اهلل‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وحم َّب ِته له‪ ،‬وظهور ِ‬
‫س َب ْي العبد ور ِّبه ال ي َّط ُ‬
‫لع عليه‬ ‫خالص له سبحانه فيه‪ ،‬ألنه ُّ‬ ‫اإل‬
‫حرم اهلل عليه‬ ‫إالّ اهلل‪ .‬فإِن الصائم يكون يف ِ‬
‫املوض ِع اخلايل من الناس متمكِّن ًا م ْن ُ ِ‬
‫تناول ما َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫حرم َع َل ْيه ذلك‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بالصيام‪ ،‬فال يتناو ُل ُه؛ ألنه يعلم أن له ر ّب ًا ي َّطلع عليه يف خلوته‪ ،‬وقد َّ‬
‫خالص‪،‬‬
‫َ‬ ‫هلل له هذا ِ‬
‫اإل‬ ‫رتكُه هلل خوف ًا من عقابه‪ ،‬ورغب ًة يف ثوابه‪ ،‬فمن أجل ذلك شكر ا ُ‬ ‫في ُ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أجيل«‪.‬‬
‫وطعامه من ْ‬ ‫َ‬ ‫دع شهوتَه‬‫واختص صيا َمه لن ْفسه من بني َسائ ِر أعامله وهلذا قال‪َ « :‬ي ُ‬
‫َّ‬

‫((( رواه النسائي (‪ ،)2220‬صححه األلباين يف صحيح النسائي‪.‬‬


‫يعورشم نم ةمكحلاو هلضفو موصلا بوجو‬

‫فيان ب ُن ُعي َينة ‪ :V‬إِ َذا َ‬


‫كان‬ ‫وتظهر فائد ُة هذا االختصاص يوم القيا َم ِة كام قال َس ُ‬ ‫ُ‬
‫اسب اهلل عبدَ ه ويؤدي ما َع َليه ِمن املظاملِ ِمن ِ‬
‫سائر عمله َحتَّى إِ َذا مل َ‬
‫يبق‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫يو ُم الق َيا َمة ُي ُ‬
‫ِ‬
‫املظال و ُيدخله اجلنَّ َة بالصوم‪.‬‬ ‫هلل عنه ما بقي من‬ ‫ُ‬ ‫إالَّ الصو ُم‬
‫يتحمل ا ُ‬
‫ِ‬ ‫أجزي به«‬ ‫الوجه الثاين‪ :‬أن اهلل قال يف الصوم‪َ :‬‬
‫‪37‬‬ ‫الكريمة؛‬ ‫فأضاف اجلزا َء إىل نفسه‬‫َ‬ ‫«وأنَا ْ‬
‫ضعف إىل‬‫ٍ‬ ‫ش أمثاهلا إىل َس ْب ِعامئة‬ ‫يضاعف أجرها بال َعدد‪ ،‬احلسن ُة ب َع ْ ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫األعامل الصاحل َة‬ ‫َّ‬
‫ألن‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫وه َو‬‫أضاف اجلزا َء عليه إىل نفسه من غري اعت َبار َعدد‪ُ ،‬‬ ‫َ‬ ‫الصوم فإِ َّن َ‬
‫اهلل‬ ‫أضعاف كثرية‪ ،‬أ َّما َّ‬
‫أجر الصائ ِم‬ ‫ُون ُ‬‫وأجو ُد األجودين‪ ،‬والعط َّي ُة بقدر ُم ْعطيها‪ .‬فيك ُ‬ ‫َ‬ ‫أكر ُم األكرمني‬ ‫سبحانه َ‬
‫ب عىل‬ ‫رب عن َم ِ‬ ‫ِ‬ ‫عظي ًام كثري ًا بِ َ‬
‫وص ْ ٌ‬‫ارم اهلل‪َ ،‬‬ ‫صب عىل طاعة اهلل‪ ،‬وص ٌ‬ ‫ال حساب‪ .‬والصيا ُم ْ ٌ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وضعف ال َبدَ ِن والنَّ ْف ِ‬ ‫ِ‬
‫ْواع‬
‫تمعت فيه أن ُ‬ ‫ْ‬ ‫اج‬‫س‪َ ،‬ف َقد ْ‬ ‫ش‬ ‫أ ْقدَ ِار اهلل املؤملة م َن ا ُ‬
‫جلو ِع وال َع َط ِ‬
‫الصائم من الصابِ ِرين‪ .‬و َقدْ َق َال اهلل تَعاىل‪ ( :‬ﰓ ﰔ‬ ‫ُ‬ ‫الصرب الثالث ُة‪َ ،‬وحت َّق َق أن يكون‬
‫ﰕ ﰖ ﰗ ﰘ) [الزمر‪ . )1(]10 :‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬هل جيوز ترك الصوم يوم ًا واحد ًا بسبب كرة القدم؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«ال جيوز اإلفطار يف هنار رمضان ألجل األعامل الرياضية من كرة القدم أو غريها؛‬
‫ألن ذلك ليس من األعذار الرشعية املبيحة لإلفطار‪.‬‬

‫وباهلل التوفيق‪ ،‬وصىل اهلل عيل نبينا حممد وآله وصحبه وسلم»(‪.)2‬‬

‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء‬


‫الشيخ عبد العزيز بن عبد اهلل بن باز‪ ..‬الشيخ عبد العزيز آل الشيخ‬
‫الشيخ صالح الفوزان‪ ..‬الشيخ بكر أبو زيد‪.‬‬
‫***‬

‫((( جمالس شهر رمضان (ص‪.)13‬‬


‫((( فتاوى اللجنة الدائمة املجموعة الثانية (‪.)139/9‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*سؤال‪ :‬هل يلزمه قضاء األيام التي مضت من الشهر قبل إسالمه؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«ال يلزمه قضاء األيام التي كانت قبل إسالمه‪ ،‬ألنه حني ذاك ال يوجه إليه األمر‬
‫‪38‬‬
‫بالصيام‪ ،‬فليس من أهل وجوب الصيام حتى يلزمه قضاؤه» ‪.‬‬
‫)‪(1‬‬

‫***‬

‫*سؤال‪ :‬شهر رمضان هل هو من خصائص هذه األمة أم هو عند األمم السابقة؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«يقول اهلل تعاىل‪( :‬ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ‬


‫ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ) [البقرة‪ ،]183 :‬دلت هذه اآلية الكريمة عىل أن الصيام‬
‫عبادة قديمة فرضت عىل من قبلنا كام فرضت علينا‪ ،‬ولكن هل هم متقيدون بالصيام‬
‫يف رمضان أم يف غريه؟ هذا ال أعلم فيه نصا عن النبي ‪.)2(»H‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬يف منطقة الصحراء الكربى‪ ،‬قد حيل شهر رمضان عىل الناس يف فصل‬
‫الصيف ويصعب عليهم الصيام‪ ،‬وقد يكون عليهم مستحي ً‬
‫ال ويستمر ذلك لعدة‬
‫سنوات‪ ،‬كيف يصوم هؤالء؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«إذا دخـل شـهر رمضـان وجب عىل كل مسـلم مكلـف مقيم صحيـح أن يصومه‪،‬‬
‫قـال تعـاىل‪( :‬ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ‬
‫ﯔ ﯕ) [البقرة‪.]185 :‬‬

‫((( اإلجابات عىل أسئلة اجلاليات للشيخ حممد بن عثيمني (‪.)8/1‬‬


‫((( جمموع فتاوى الشيخ ابن باز (‪.)7/15‬‬
‫يعورشم نم ةمكحلاو هلضفو موصلا بوجو‬

‫فيجب الصيام ولو كان الوقت حار ًا؛ ألن صوم رمضان ركن من أركان اإلسالم‪،‬‬
‫ومن صام ثم أصيب بعطش شديد خيش معه اهلالك فإنه يفطر بتناول ما يبقي عىل‬
‫حياته‪ ،‬ثم يمسك ويقيض هذا اليوم يف وقت آخر‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫‪39‬‬ ‫وباهلل التوفيق‪ ،‬وصىل اهلل عيل نبينا حممد وآله وصحبه وسلم»)‪.(1‬‬
‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء‬
‫الشيخ عبد العزيز بن عبد اهلل بن باز‪ .‬الشيخ عبد اهلل بن غديان‪ .‬صالح الفوزان‪.‬‬
‫الشيخ عبد العزيز آل الشيخ‪ .‬الشيخ بكر أبو زيد‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬أنا أمرأة لدي صديق يرغب يف اعتناق اإلسالم‪ ،‬ولكن عندما علم أنه جيب أن‬
‫يصوم‪ ،‬وأنه خالل الصيام جيب أن يمتنع عن األكل والرشب أحجم عن ذلك‪ ،‬ألنه‬
‫مدمن عىل القهوة ويرشهبا باستمرار‪ ،‬لكونه يعاين من الشقيقة والصداع؛ فهي بمثابة‬
‫العالج له‪ .‬فكيف أستطيع أن أساعده؟ وهل لديكم أي مقرتحات؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬إن أعظم نعم اهلل عىل عبده‪ ،‬وهي‪-‬أيضا‪ -‬عالمة سعادته وفالحه‪ :‬أن يوفقه‬
‫ربه للدين‪ ،‬ويرشح صدره لإليامن به‪ ،‬واالستسالم له‪ .‬قال تعاىل‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ‬
‫ﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢ‬
‫ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ) [األنعام‪.]125 :‬‬

‫قال الشيخ السعدي ‪« :V‬يقول تعاىل ‪-‬مبينا لعباده عالمة سعادة العبد وهدايته‪،‬‬
‫وعالمة شقاوته وضالله‪ :-‬إن من انرشح صدره لإلسالم‪ ،‬أي‪ :‬اتسع وانفسح‪ ،‬فاستنار‬
‫بنور اإليامن‪ ،‬وحيي بضوء اليقني‪ ،‬فاطمأنت بذلك نفسه‪ ،‬وأحب اخلري‪ ،‬وطوعت له‬
‫نفسه فعله‪ ،‬متلذذا به غري مستثقل‪ ،‬فإن هذا عالمة عىل أن اهلل قد هداه‪ ،‬و َم َّن عليه‬
‫بالتوفيق وسلوك أقوم الطريق‪.‬‬

‫((( فتاوى اللجنة الدائمة ‪ -‬املجموعة الثانية (‪.)145/9‬‬


‫الصيام سؤال وجواب‬

‫وإن عالمة من يريد اهلل أن يضله‪ ،‬أن جيعل صدره ضيقا حرجا‪ .‬أي‪ :‬يف غاية الضيق‬
‫عن اإليامن والعلم واليقني‪ ،‬قد انغمس قلبه يف الشبهات والشهوات‪ ،‬فال يصل إليه‬
‫خري‪ ،‬ال ينرشح قلبه لفعل اخلري‪ ،‬كأنه من ضيقه وشدته يكاد يصعد يف السامء‪ ،‬أي‪ :‬كأنه‬
‫يكلف الصعود إىل السامء‪ ،‬الذي ال حيلة له فيه‪.‬‬ ‫‪40‬‬

‫وهذا سببه‪ ،‬عدم إيامهنم‪ ،‬هو الذي أوجب أن جيعل اهلل الرجس عليهم‪ ،‬ألهنم‬
‫سدوا عىل أنفسهم باب الرمحة واإلحسان‪ ،‬وهذا ميزان ال يعول‪ ،‬وطريق ال يتغري‪ ،‬فإن‬
‫من أعطى واتقى‪ ،‬وصدق باحلسنى‪ :‬يرسه اهلل لليرسى‪ ،‬ومن بخل واستغنى وكذب‬
‫باحلسنى فسييرسه للعرسى»(‪.)1‬‬

‫فنسأل اهلل أن هيدي هذا السائل‪ ،‬وأن يرشح صدره لإلسالم‪ ،‬وأن يرزقه اإلنابة إليه‪،‬‬
‫واخلضوع لدينه‪.‬‬

‫ثانيـاً‪ :‬ليعلـم أن صيـام شـهر رمضـان ليـس باألمـر اهلني يف ديـن اهلل‪ ،‬بـل هو أحد‬
‫أركان اإلسلام اخلمسـة‪ ،‬وأحـد املبـاين العظـام التـي ينبنـي عليهـا هـذا الديـن‪ ،‬كما‬
‫ِ‬ ‫ـال رس ُ ِ‬ ‫يف احلديـث املعـروف َعـ ْن ا ْب ِ‬
‫ـي‬ ‫ـول ال َّله ‪ُ « :H‬بن َ‬ ‫ـال‪َ :‬ق َ َ ُ‬ ‫ـن ُع َم َـر ‪َ L‬ق َ‬
‫َّلا ِة‬
‫ـول ال َّل ِه َوإِ َقـا ِم الص َ‬ ‫ـها َد ِة َأ ْن َل إِ َلـ َه إِلَّ ال َّل ُه َو َأ َّن ُ َ‬
‫م َّمـدً ا َر ُس ُ‬ ‫لى َخ ٍ‬
‫ْـس َش َ‬ ‫ا ِ‬
‫إل ْس َلا ُم َع َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ـومِ»)‪.(2‬‬ ‫َوإِيتَـاء الـ َّزكَاة َو َ‬
‫الح ِّج َو َص ْ‬

‫وليعلم ‪-‬أيضا‪ -‬أن النطق بالشهادتني‪ ،‬والدخول يف اإلسالم يعني‪ :‬أن يستسلم العبد‬
‫بقلبه وجوارحه لرب العاملني‪ ،‬وأن يؤمن به وبام جاء من عنده‪ ،‬وأن خيضع لربه‪ ،‬ويقبل‬
‫حكمه وأمره وهنيه‪ ،‬ويصدق خربه‪ .‬قال اهلل تعاىل‪( :‬ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ‬
‫ﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕ‬
‫ﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣ‬
‫ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ) [النساء‪.]65-64 :‬‬

‫((( تفسري السعدي (‪.)272‬‬


‫((( رواه البخاري (‪ )8‬ومسلم (‪.)16‬‬
‫يعورشم نم ةمكحلاو هلضفو موصلا بوجو‬

‫قـال ابـن كثير ‪« :V‬وقولـه‪( :‬ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ‬


‫ﯣ ﯤ) يقسـم تعـاىل بنفسـه الكريمة املقدسـة‪ :‬أنـه ال يؤمن أحد حتـى ُ َ‬
‫يكم‬
‫الرسـول ‪ H‬يف مجيـع األمـور‪ ،‬فما حكـم بـه فهو احلـق الـذي جيب االنقيـاد له‬

‫‪41‬‬ ‫باطنـا وظاهـرا؛ وهلـذا قـال‪ ( :‬ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ‬


‫ﯮ) أي‪ :‬إذا حكمـوك يطيعونـك يف بواطنهـم‪ ،‬فلا جيدون يف أنفسـهم حرجا مما‬
‫حكمـت بـه‪ ،‬وينقـادون لـه يف الظاهر والباطن‪ ،‬فيسـلمون لذلك تسـليام كليـا من غري‬
‫ممانعـة وال مدافعـة وال منازعة»(‪.)1‬‬

‫واآليات يف تقرير هذا األصل‪ ،‬وتوضيح هذا املعنى كثرية جدا يف القرآن الكريم‪.‬‬

‫ثالثاً‪ :‬إذا فهمنا هذا األصل العظيم من أصول اإليامن‪ ،‬وهو االنقياد والقبول لكل ما‬
‫جاء من عند اهلل تعاىل‪ ،‬واالستسالم له باطنا وظاهرا‪ ،‬وعلمنا ـ أيضا ـ أن صوم رمضان‬
‫ركن عظيم من أركان اإليامن‪ ،‬ال يصح ألحد إيامنه من غري أن يقبل به‪ ،‬كانت املهمة‬
‫التالية يف دعوة هذا الراغب يف دين اهلل‪ ،‬أن نبني له أنه ال مشكلة أمامه متنعه من الدخول‬
‫يف اإلسالم‪ ،‬وأن اهلل تعاىل ما جعل عىل عباده حرجا يف دينهم‪ ،‬بل يرسه عليهم‪ ،‬ورفع‬
‫عنهم ما يوقعهم يف احلرج واملشقة‪.‬‬

‫فإذا كان هذا الرجل يرشب القهوة ألجل ما يصيبه من الصداع والشقيقة‪ ،‬فبإمكانه‬
‫أن يأخذ القسط الكايف من ذلك يف أثناء الليل‪ ،‬حتى إذا بدأ الصيام يف النهار‪ :‬امتنع عن‬
‫ذلك حتى غروب الشمس‪ ،‬وبإمكانه أيضا أن يستعني باألدوية املساعدة عىل الشفاء من‬
‫صداعه‪ ،‬أو ختفيف آثاره‪.‬‬

‫عىل أنه من املعلوم أن املريض الذي يشعر بمرضه أثناء النهار‪ ،‬ويتأثر مرضه بالصوم‪،‬‬
‫من املعلوم أن مثل هذا معذور يف دين اهلل‪ ،‬فإذا أصابه الصداع‪ ،‬واحتاج إىل الدواء‪ ،‬ومل‬
‫يستطع الصوم ذلك‪ :‬أمكنه أن يفطر ذلك اليوم‪ ،‬ثم إذا انتهى الشهر يقيض ما أفطره‬
‫من األيام بعذر املرض‪ ،‬كام قال اهلل تعاىل‪( :‬ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ‬

‫((( تفسري ابن كثري (‪.)349/2‬‬


‫الصيام سؤال وجواب‬

‫ﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷ‬
‫ﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈ‬
‫ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ) [البقرة‪.]184-183 :‬‬

‫وأما إذا كان الرجل راغبا يف رشب القهوة‪ ،‬حمبا له‪ ،‬ال يريد أن يرتك شهوته هلا‪ ،‬ورغبته‬ ‫‪42‬‬
‫فيها أثناء النهار‪ ،‬شهرا واحدا يف كل سنة‪ :‬فهذا ليس مستعدا ألن يؤمن ويستسلم‪ ،‬وال‬
‫أن يلتزم التزاما حقيقيا بالدين‪ ،‬ال دين اإلسالم وال غريه‪ ،‬ألن الدين‪ ،‬أي دين‪ ،‬يتطلب‬
‫من صاحبه قدرا من اخلضوع واالستسالم‪ ،‬وترك رغبات النفس وشهواهتا‪ .‬وهنا يأيت‬
‫املحك‪ ،‬وهنا ـ أيضا ـ تأيت العقبة التي يفشل كثري من الناس يف جتاوزها‪ :‬عقبة اهلوى‪،‬‬
‫وخمالفة ما تشتهيه النفس‪ ،‬وهو األمر الذي ذكره اهلل يف كتابه لنبيه فقال‪( :‬ﯮ ﯯ‬
‫ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ) [الفرقان‪.]43 :‬‬

‫رابعـاً‪ :‬إن اهلل ‪ D‬أرحـم بعبـاده مـن الوالـدة بولدهـا‪ ،‬ومتـى أقبـل العبـد على‬
‫ـال‪:‬‬ ‫ربـه أقبـل اهلل عليـه أكثـر ممـا فعـل هـو‪ ،‬كما يف احلديـث َعـ ْن َأ ِب ُه َر ْي َـر َة ‪َ I‬ق َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـول ال َّله ‪ِ َ :D‬‬ ‫ـال رس ُ ِ‬
‫ني‬‫ـن َع ْبـدي ِب َو َأنَـا َم َع ُه ح َ‬ ‫»أنَـا عنْـدَ َظ ِّ‬ ‫ـول ال َّله ‪َ :H‬ي ُق ُ ُ‬ ‫َق َ َ ُ‬
‫َـر ِن ِف َم َ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫لإ ُه ْم َخ ْ ٌي‬‫لإ َذك َْر ُت ُه ِف َم َ ٍ‬ ‫َـر ِن ِف َن ْفسـه َذك َْرتُـ ُه ِف َن ْفسي َوإِ ْن َذك َ‬ ‫ُـر ِن إِ ْن َذك َ‬
‫َي ْذك ُ‬
‫ـت ِمنْ ُه َبا ًعا‬‫ـت إِ َل ْي ِه ِذ َرا ًعـا َوإِ ْن َت َق َّـر َب إِ َ َّل ِذ َرا ًعا َت َق َّر ْب ُ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِمن ُْه ْ ِ‬
‫ـم َوإ ْن َت َق َّـر َب منِّي ش ْ ً‬
‫برا َت َق َّر ْب ُ‬
‫َـان يم ِ‬
‫شي َأ َت ْيتُـ ُه َه ْر َو َلة»(‪.)1‬‬ ‫َوإِ ْن َأت ِ َ ْ‬
‫فكــن عــى ثقــة ‪-‬يــا عبــد اهلل‪ -‬أنــك متــى أقبلــت عــى اهلل بصــدق‪ ،‬أقبــل اهلل‬
‫عليــك‪ ،‬وجــر كــرك‪ ،‬ويــر لــك أمــرك‪ ،‬ورشح صــدرك‪ ،‬وكفــاك رش مــا أمهــك‪،‬‬
‫وأعانــك مــن حيــث ال حتتســب‪ ،‬فلعــل اهلل أن يشــفيك مــن دائــك‪ ،‬ولعلــه أن يغنيك‬
‫ويــرف عنــك ذلــك اإلدمــان ملــا ترشبــه‪ ،‬فأقبــل عــى اهلل‪ ،‬وأحســن الظــن بربــك‪،‬‬
‫وألــق عليــه حاجتــك‪ ،‬لكــن رشيطــة أن تكــون جــادا يف االنقيــاد ألمــر اهلل‪ ،‬والقبــول‬
‫ملــا جــاء مــن عنــده‪ .‬قــال اهلل تعــاىل‪( :‬ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ‬
‫ﮰ) [الليل‪.]7-5 :‬‬

‫((( رواه البخاري (‪ )7405‬ومسلم (‪.)2675‬‬


‫يعورشم نم ةمكحلاو هلضفو موصلا بوجو‬

‫خامساً‪ :‬ل ُيعلم أنه متى صدق العبد يف إيامنه بربه‪ ،‬ثم عجز عن بعض التكاليف‪،‬‬
‫أو غلبته نفسه وشهوته‪ ،‬فوقع يف معصية‪ ،‬أن املعصية ليست هناية الطريق‪ ،‬بل باب التوبة‬
‫واإلنابة إىل ربه مفتوح‪ ،‬ثم هو ‪-‬عىل معصيته‪ -‬يف حمل العفو من اهلل‪ ،‬والرجاء بالتجاوز‬
‫عن ذنبه وزلته‪ ،‬لكن املشكلة التي ال حل هلا هي أن يبقى عىل رشكه وإعراضه عن‬
‫‪43‬‬
‫دين ربه‪ .‬قال تعاىل‪( :‬ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ‬
‫ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ) [النساء‪.]48 :‬‬

‫سادس ًا‪ :‬من املهم أن ننتبه إىل أنه ليس من املقبول أن تكون هناك عالقة صداقة بني‬
‫الرجل واملرأة يف اإلسالم‪ ،‬بل ذلك من أعامل اجلاهلية التي يتنزه املسلم عنها‪ ،‬بل منع‬
‫اإلسالم من خمالطة الرجال للنساء‪ ،‬والدخول عليهن‪ ،‬واخللوة هبن‪.‬‬

‫وقد سبق بيان ذلك يف أجوبة عديدة يف قسم «العالقات بني اجلنسني» من املوقع‪،‬‬
‫فلرتاجع هناك‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬أنا اآلن يف السادسة عرشة‪ ،‬وعندما كنت يف الرابعة عرشة كان يل رفقة سيئة‪،‬‬
‫وكنت أقيض معهم معظم الوقت‪ ،‬من ذلك أين كنت أخرج معهم يف هنار رمضان‪ ،‬فكنت‬
‫ُأفطر وأتناول الطعام وأرشب السجائر‪ ..‬الخ‪ ،‬وكنت كذلك أمارس العادة الرسية‪.‬‬
‫ال أتذكـر كـم عـدد تلـك األيـام التـي أفطرهتـا‪ ،‬كما أنـه مل خيطر ببـايل أنه سـيجب‬
‫علي القضـاء‪ ،‬ومل أكـن أعلم أيضـا أن العـادة الرسية حـرام‪ ،‬فامذا أفعـل اآلن؟ هل‬
‫ّ‬
‫مـن نصيحـة؟ هـل يمكـن لصيـام النافلة أن يقـوم مقـام القضاء؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫الواجبات الرشعية ال جتب عىل الصبي إال بعد بلوغه؛ لقول النبي ‪:H‬‬
‫وب َع َل َع ْقلِ ِه َحتَّى ِيف َيق‪َ ،‬و َع ْن النَّائِ ِم َحتَّى‬
‫الم ْغ ُل ِ‬ ‫الم ْجن ِ‬
‫ُون َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫«رف َع ال َق َل ُم َع ْن َثال َثة‪َ :‬ع ْن َ‬ ‫ُ‬
‫ِ (‪)1‬‬ ‫ِ‬
‫يتَل َم» وعالمات البلوغ بالنسبة للذكر حصول واحد من‬ ‫الصبِ ِّي َح َّتى َ ْ‬
‫َي ْس َت ْيق َظ‪َ ،‬و َع ْن َّ‬

‫((( رواه أبو داود (‪ ،)4399‬وصححه األلباين يف صحيح سنن أيب داود‪.‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫ثالثة أشياء‪ :‬خروج املني‪ ،‬أو نبات شعر خشن حول ال ُق ُبل‪ ،‬أو بتامم مخس عرشة سنة‪.‬‬
‫واألنثى حيصل بلوغها هبذه العالمات الثالثة‪ ،‬وتزيد عالمة رابعة وهي احليض‪.‬‬
‫وال يشرتط ظهور كل هذه العالمات‪ ،‬بل حتقق عالمة واحدة منها كافية للحكم عىل‬
‫الشخص بأنه قد بلغ‪.‬‬
‫‪44‬‬
‫وينبغي أن تنتبه إىل أن األعوام املعتربة يف البلوغ‪ :‬هي األعوام اهلجرية؛ فإذا كانت سنك‬
‫يف الوقت الذي ذكرته‪ :‬أربع عرشة سنة ميالدية‪ ،‬فإن عمرك باحلساب اهلجري سوف‬
‫يزيد عىل ذلك قرابة نصف سنة‪ ،‬والغالب يف مثل ذلك أن تكون قد بلغت سن التكليف‪.‬‬
‫وهذا كله فيام لو مل تكن العالمات األخرى قد ظهر عليك منها يشء‪.‬‬

‫فعىل هذا‪ ،‬إذا وقع منك الفطر يف هنار رمضان وأنت مل تبلغ بعد‪ ،‬فإنه ليس عليك‬
‫يشء؛ ألن الصوم مل يكن واجب ًا عليك‪.‬‬

‫وأما إذا وقع الفطر يف هنار رمضان‪ ،‬وكنت قد بلغت يف ذلك الوقت بإحدى عالمات‬
‫البلوغ التي سبق ذكرها‪ ،‬فالواجب عليك التوبة والندم‪ ،‬والعزم عىل عدم العودة إىل‬
‫ذلك الذنب العظيم‪.‬‬

‫وأمـا القضـاء‪ ،‬فـإن كان إفطارك يف أثنـاء اليوم بعـد أن رشعت يف صيامـه‪ ،‬فعليك‬
‫القضـاء‪ ،‬وإن كنـت مل تصـم من األصـل فال قضـاء عليـك‪ ،‬وتكفيك التوبـة النصوح‬
‫إن شـاء اهلل تعـاىل‪ ،‬وعليـك اإلكثـار مـن صيـام التطـوع‪ ،‬فـإن ذلـك يسـدد النقـص‬
‫احلاصـل يف الفريضـة‪.‬‬

‫وقد سئل الشيخ ابن عثيمني ‪ :V‬عن حكم الفطر يف هنار رمضان بدون عذر؟‬

‫فأجاب‪« :‬الفطر يف هنار رمضان بدون عذر من أكرب الكبائر‪ ،‬ويكون به اإلنسان‬
‫فاسق ًا‪ ،‬وجيب عليه أن يتوب إىل اهلل‪ ،‬وأن يقيض ذلك اليوم الذي أفطره‪ ،‬يعني لو أنه‬
‫صام ويف أثناء اليوم أفطر بدون عذر فعليه اإلثم‪ ،‬وأن يقيض ذلك اليوم الذي أفطره؛‬
‫ألنه ملا رشع فيه التزم به ودخل فيه عىل أنه فرض فيلزمه قضاؤه كالنذر‪ ،‬أما لو ترك‬
‫الصوم من األصل متعمد ًا بال عذر‪ :‬فالراجح‪ :‬أنه ال يلزمه القضاء؛ ألنه ال يستفيد به‬
‫يعورشم نم ةمكحلاو هلضفو موصلا بوجو‬

‫شيئ ًا‪ ،‬إذ إنه لن يقبل منه‪ ،‬فإن القاعدة أن كل عبادة مؤقتة بوقت معني فإهنا إذا أخرت عن‬
‫ذلك الوقت املعني بال عذر مل تقبل من صاحبها؛ لقول النبي ‪« :H‬من عمل عم ً‬
‫ال‬
‫ليس عليه أمرنا فهو رد» وألنه ِمن تعدي حدود اهلل ‪ ،D‬وتعدي حدود اهلل تعاىل ظلم‪،‬‬
‫والظامل ال يقبل منه‪ ،‬قال اهلل تعاىل‪( :‬ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ) [البقرة‪]229 :‬؛‬
‫‪45‬‬
‫وألنه لو قدم هذه العبادة عىل وقتها ‪-‬أي‪ :‬فعلها قبل دخول الوقت‪ -‬مل تقبل منه‪،‬‬
‫فكذلك إذا فعلها بعده مل تقبل منه إال أن يكون معذور ًا»(‪.)1‬‬

‫ويف حال وجوب القضاء‪ ،‬إذا نيس الشخص عدد األيام التي أفطرها من رمضان‪،‬‬
‫فإنه يعمل بغالب الظن؛ لقوله تعاىل‪( :‬ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ) [التغابن‪ ،]16 :‬فإذا غلب‬
‫عىل ظنه أنه أفطر عرشة أيام‪ ،‬فإنه يقيض تلك العرشة‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬نصوم رمضان‪ ،‬ولكن نتمنى أن تنتهي أيامه؛ ملا نجد من مشقة الصيام؛ فهل‬
‫يعترب هذا ذنبا تلزم منه التوبة؟ وما هي إرشاداتكم لنا؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫أجل العبادات‪ ،‬وأفضل القربات إىل اهلل‪ ،‬وعن أيب ُه َر ْي َر َة ‪ I‬قال‪َ :‬ق َال‬ ‫الصوم من ّ‬
‫الص َيا َم َفإِ َّن ُه ِل َو َأنَا َأ ْج ِزي بِ ِه‪،‬‬
‫ول ال َّله ‪َ « :H‬ق َال ال َّل ُه‪ :‬ك ُُّل َع َم ِل ا ْب ِن آ َد َم َل ُه إِلَّ ِّ‬
‫رس ُ ِ‬
‫َ ُ‬
‫ب َفإِ ْن َسا َّب ُه َأ َحدٌ َأ ْو َقا َت َل ُه‬‫ث َو َل َي ْصخَ ْ‬ ‫َان َي ْو ُم َص ْو ِم َأ َح ِدك ُْم َف َل َي ْر ُف ْ‬‫الص َيا ُم ُجن ٌَّة‪َ ،‬وإِ َذا ك َ‬
‫َو ِّ‬
‫ب ِعنْدَ ال َّل ِه ِم ْن‬ ‫ِ‬
‫الصائ ِم َأ ْط َي ُ‬
‫وف َف ِم َّ‬ ‫م َّم ٍد بِ َي ِد ِه َُل ُل ُ‬ ‫َف ْل َي ُق ْل إِنِّ ْام ُرؤٌ َصائِ ٌم‪َ ،‬وا َّل ِذي َن ْف ُس ُ َ‬
‫َان َي ْف َر ُح ُه َم‪ :‬إِ َذا َأ ْف َط َر َف ِر َح‪َ ،‬وإِ َذا َل ِق َي َر َّب ُه َف ِر َح بِ َص ْو ِم ِه»(‪.)2‬‬
‫لصائِ ِم َف ْر َحت ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫ِريحِ الم ْسك‪ ،‬ل َّ‬

‫ويف هذا دليل واضح عىل مكانة الصوم يف رشيعة اهلل وعظم منزلته‪ ،‬وعىل فضيلة‬
‫الصائمني وحسن جزائهم‪.‬‬

‫قال الشيخ ابن سعدي ‪« :V‬هذان ثوابان‪ :‬عاجل‪ ،‬وآجل‪.‬‬

‫((( جمموع فتاوى الشيخ ابن عثيمني (‪.)89/19‬‬


‫((( رواه البخاري (‪ )1904‬ومسلم (‪.).....‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫فالعاجل‪ :‬مشاهد إذا أفطر الصائم فرح بنعمة اهلل عليه بتكميل الصيام‪ ،‬وفرح بنيل‬
‫شهواته التي منع منها يف النهار‪.‬‬
‫واآلجل‪ :‬فرحه عند لقاء ربه برضوانه وكرامته‪ ،‬وهذا الفرح املعجل نموذج ذلك‬
‫الفرح املؤجل‪ ،‬وأن اهلل سيجمعهام للصائم‪.‬‬ ‫‪46‬‬
‫وفيه‪ :‬اإلشارة إىل أن الصائم إذا قارب فطره‪ ،‬وحصلت له هذه الفرحة‪ ،‬فإهنا تقابل‬
‫ما مر عليها يف هناره من مشقة ترك الشهوات‪ ،‬فهي من باب التنشيط‪ ،‬وإهناض اهلمم‬
‫عىل اخلري»(‪.)1‬‬
‫ولذلـك جتـد املسـلم الذي يشـق عليـه الصوم مشـقة حمتملـة يفرح سـاعة فطره ال‬
‫بـزوال املشـقة ولكـن ألن اهلل تعـاىل أعانه على حتملهـا وإكامل طاعتـه سـبحانه‪َ ،‬ف َع ْينُه‬
‫ال على املشـقة كـي تـزول‪ ،‬ولكن على الطاعـة كي تتـم‪ ،‬ويف احلديـث الصحيـح َع ْن‬
‫اء؟ ُقو ُلـوا ال َّل ُه َّم َأ ِعنَّا‬
‫ـون َأ ْن َ ْتت َِهدُ وا ِف الدُّ ع ِ‬ ‫«أ ُ ِ‬
‫ت ُّب َ‬ ‫َأ ِب ُه َر ْي َـر َة َعـ ْن النَّبِ ِّي ‪َ H‬ق َال‪َ :‬‬
‫َ‬
‫ك»(‪.)2‬‬ ‫ـن ِع َبا َدتِ َ‬
‫َع َل ُشـك ِْر َك َو ِذك ِْر َك َو ُح ْس ِ‬

‫وال تكاد جتد من يضيق صدره هبذا الشهر املبارك‪ ،‬إال من رغب يف الدنيا فانغمس‬
‫يف شهواهتا وملذاهتا‪ ،‬فهو يكره البعد عنها‪.‬‬
‫والذي تصيبه املشقة والتعب بسبب الصيام أحد رجلني‪ :‬إما رجل صاحب عذر من‬
‫مرض أو سفر ونحوه‪ ،‬فهو يرتخص برخصة اهلل يف الفطر‪.‬‬
‫وإما رجل تصيبه املشقة املحتملة‪ ،‬فهو يتم صومه‪ ،‬ويصرب عىل حتمل هذه املشقة‬
‫ابتغاء وجه اهلل‪.‬‬
‫أما رجل تصيبه املشقة فيكره الصوم ويتمنى انتهاء الشهر وو ّد لو مل يعاود املجيء ‪-‬‬
‫فهذا حال ال شك غري مريض‪ ،‬وهذه نفس تكره العبادة‪ ،‬وال تصرب ألمر اهلل‪.‬‬

‫راجع للفائدة إجابة السؤال رقم (‪ .)13480‬واهلل أعلم‪.‬‬


‫***‬

‫((( هبجة قلوب األبرار (ص‪ ،)96‬وينظر أيضا‪ :‬فتح الباري البن حجر (‪.)118/4‬‬
‫((( رواه أمحد (‪ )7922‬وصححه األلباين يف الصحيحة (‪.)844‬‬
‫يعورشم نم ةمكحلاو هلضفو موصلا بوجو‬

‫*سؤال‪ :‬هل جيوز أن أبدأ صومي يف اليوم الرابع من رمضان؟‬


‫*جواب‪:‬‬
‫صـوم رمضان واجب عىل كل مسـلم‪ ،‬بالـغ‪ ،‬عاقل‪ ،‬مقيم‪ ،‬قادر على الصوم‪ ،‬ومن‬
‫‪47‬‬ ‫كان كذلـك فإنـه حيرم عليه الفطر بغير عذر؛ ملا يف ذلك من املخالفـة الرصحية ألمر اهلل‬
‫وأمر رسوله ‪ ،H‬وانتهاك حرمة هذا الشهر العظيم‪.‬‬
‫قال الله تعالى‪( :‬ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ‬
‫ﭮ ﭯ ﭰ) [البقرة‪ ]183 :‬وقال‪( :‬ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ) [البقرة‪،]185 :‬‬
‫فيلزم الصوم إذا ثبت دخول شهر رمضان‪ ،‬برؤية اهلالل‪ ،‬أو بإكامل عدة شعبان ثالثني يوما‪.‬‬

‫ْس‪َ :‬ش َها َد ِة َأ ْن ال إِ َل َه إِال اهللُ‪َ ،‬و َأ َّن ُ َ‬


‫م َّمدً ا‬ ‫وقال النبي ‪ُ « :H‬بن ِ َي ا ِ‬
‫إل ْسال ُم َع َل َخ ٍ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫رس ُ ِ‬
‫الح ِّج‪َ ،‬و َص ْو ِم َر َم َضان»(‪.)1‬‬ ‫الصالة‪َ ،‬وإِيتَاء ال َّزكَاة‪َ ،‬و َ‬
‫ول اهلل‪َ ،‬وإِ َقا ِم َّ‬ ‫َ ُ‬
‫فإن كان سؤالك عن تأخري الصوم إىل اليوم الرابع بغري عذر‪ ،‬فقد علمت أن هذا‬
‫أمر حمرم ال جيوز اإلقدام عليه‪ ،‬بل هو من كبائر الذنوب‪ ،‬وإن كان تأخري الصوم لعذر‪،‬‬
‫كمرض أو سفر‪ ،‬فال حرج عليك يف ذلك‪ ،‬وجيب عليك الصوم بمجرد انتهاء عذرك‪،‬‬
‫سواء كان ذلك يف اليوم الرابع‪ ،‬أو غريه‪ ،‬مع قضاء األيام التي أفطرهتا؛ لقول اهلل تعاىل‪:‬‬
‫(ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ) [البقرة‪ ،]185 :‬أي‪ :‬إذا أفطر‬
‫املريض أو املسافر‪ ،‬فالواجب عليه إذا انتهى رمضان أن يقيض عدد األيام التي أفطرها‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬ما كيفية التعامل مع املسلمني الذين ال يصومون رمضان؟ وما أفضل طريقة‬
‫لدعوهتم إىل الصيام؟‬
‫*جواب‪:‬‬
‫الواجب هو دعوة هؤالء املسلمني إىل الصوم‪ ،‬وترغيبهم فيه‪ ،‬وحتذيرهم من التهاون‬
‫والتفريط‪ ،‬وذلك باتباع الوسائل التالية‪:‬‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)8‬ومسلم (‪.)16‬‬


‫الصيام سؤال وجواب‬

‫‪1.1‬إعالمهم بفرضية الصوم‪ِ ،‬‬


‫وع َظم مكانته يف اإلسالم‪ ،‬فهو أحد املباين العظيمة‬
‫التي ُبنِي عليها اإلسالم‪.‬‬
‫«م ْن َصا َم‬ ‫‪2.2‬تذكريهم باألجر العظيم املرتتب عىل الصوم‪ ،‬كام يف قوله ‪َ :H‬‬
‫احتِ َسا ًبا غ ُِف َر َل ُه َما َت َقدَّ َم ِم ْن َذ ْنبِ ِه«(‪.)1‬‬
‫ان إِ َيمنًا َو ْ‬‫َر َم َض َ‬ ‫‪48‬‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫َان‬
‫ان؛ ك َ‬ ‫الةَ‪َ ،‬و َصا َم َر َم َض َ‬ ‫الص َ‬ ‫«م ْن َآم َن بِاهلل َوبِ َر ُسوله‪َ ،‬و َأ َقا َم َّ‬ ‫وقوله ‪َ :H‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َح ًّقا َع َل اهلل َأ ْن ُيدْ خ َل ُه َ‬
‫الج َّن َة«(‪.)2‬‬
‫الص ْو ُم ِل َو َأنَا َأ ْج ِزي بِ ِه‪َ ،‬يدَ ُع َش ْه َو َت ُه َو َأ ْك َل ُه‬
‫ول اهللُ ‪َّ :D‬‬ ‫وقوله ‪َ » :H‬ي ُق ُ‬
‫ني ُي ْفطِ ُر‪َ ،‬و َف ْر َح ٌة‬ ‫ِ‬
‫َان‪َ ،‬ف ْر َح ٌة ح َ‬‫لصائِ ِم َف ْر َحت ِ‬ ‫ِ‬
‫الص ْو ُم ُجنَّ ٌة‪َ ،‬ول َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ش َب ُه م ْن َأ ْجل‪َ .‬و َّ‬ ‫َو ُ ْ‬
‫ك»(‪.)3‬‬ ‫المس ِ‬‫وف َف ِم الصائِ ِم َأ ْطيب ِعنْدَ اهللِ ِمن ِريحِ ِ‬ ‫ني َي ْل َقى َر َّب ُه‪َ ،‬و َُل ُل ُ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ‬ ‫َّ‬ ‫ح َ‬
‫‪3.3‬ترهيبهم من ترك الصوم‪ ،‬وبيان أن ذلك من كبائر الذنوب‪.‬‬
‫‪4.4‬بيان يرس الصوم وسهولته‪ ،‬وما فيه من الفرح والرسور والرضا‪ ،‬وطمأنينة‬
‫النفس‪ ،‬وراحة القلب‪ ،‬مع لذة التعبد يف أيامه ولياليه‪ ،‬بقراءة القرآن‪ ،‬وقيام الليل‪.‬‬
‫‪5.5‬دعوهتم لسامع بعض املحارضات‪ ،‬وقراءة يشء من النرشات‪ ،‬التي تتحدث عن‬
‫الصوم وأمهيته‪ ،‬وحال املسلم فيه‪.‬‬

‫وختام ًا‪ :‬ال َت َ َّل من دعوهتم وتذكريهم‪ ،‬بالقول اللني‪ ،‬والكلمة الطيبة‪ ،‬مع الدعاء‬
‫الصادق هلم باهلداية واملغفرة‪.‬‬
‫نسأل اهلل لنا ولك التوفيق والسداد‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫آمنت باهلل وبرسوله‪ ،‬وأريد أن أصوم‬


‫ُ‬ ‫*سؤال‪ :‬أنا نرصانية‪ ،‬ولكنني ال أؤمن بديني‪،‬‬
‫رمضان‪ ،‬ولكنني ال زلت نرصانية‪ ،‬فهل يمكن أن أصوم رمضان؟ ال أعلم كيف‬
‫أصبح مسلمة‪ ،‬أشعر هبذا يف قلبي‪ ،‬ولكنني أظن بأن هذا ليس كافي ًا‪.‬‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)38‬ومسلم (‪.)760‬‬


‫((( رواه البخاري (‪.)7423‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)7492‬ومسلم (‪.)1151‬‬
‫يعورشم نم ةمكحلاو هلضفو موصلا بوجو‬

‫*جواب‪:‬‬
‫نسأل اهلل تعاىل أن يرشح صدرك لإلسالم‪.‬‬
‫أيتها العاقلة‪ ،‬إن مجيع العبادات ال يقبلها اهلل تعاىل إال إذا كانت مبنية عىل اعتقاد‬
‫‪49‬‬ ‫صحيح‪ ،‬ودين سليم‪.‬‬
‫إن األهم لك ‪-‬وال يشء أهم منه عىل اإلطالق‪ -‬هو أن تبدئي باخلطوة الصحيحة؛‬
‫أال وهي الدخول يف اإلسالم‪.‬‬
‫وبعد ذلك تقومني بالصالة والصيام‪ ،‬وتقرئني القرآن‪ ،‬وتؤدين سائر العبادات‪،‬‬
‫فيحيا هبا قلبك‪ ،‬وينرشح صدرك‪.‬‬
‫إن دخولك يف اإلسالم ليس باألمر العسري‪ ،‬ال حيتاج منك إال إىل النطق بالشهادتني‪:‬‬
‫«أشهد أن ال إله إال اهلل‪ ،‬وأشهد أن حممد ًا رسول اهلل»‪.‬‬
‫الدخول يف اإلسالم‪َ :‬لِ ْن عالمة‬
‫َ‬ ‫إن وجود هذا الشعور الطيب بقلبك‪ ،‬وحمبتك‬
‫فعليك أن تتخذي اخلطوة األخرية يف ذلك بالقرار احلاسم الذي يرتتب عليه‬ ‫ِ‬ ‫اخلري‪،‬‬
‫سعادتك يف الدنيا واآلخرة‪.‬‬
‫ِ‬
‫فعليك بالسعي فيام يكون سبب ًا يف نجاتك‪ ،‬وال تتأخري‪ ،‬وال تنتظري؛ فإن قطار‬
‫العمر يسري‪ ،‬وال يدري املرء متى يتوقف به هذا القطار‪ ،‬وهو ال يتوقف به إال عىل أول‬
‫مراحل اآلخرة‪ ،‬فهنالك ال ينفع الندم‪ ،‬يتمنى اإلنسان لو رجع إىل هذه احلياة الدنيا‬
‫ليؤمن ويعمل صاحل ًا‪ ،‬وقد قال ربنا تعاىل يف كتابه املجيد‪( :‬ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ‬
‫ﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣ‬
‫ﯤ) [املؤمنون‪ .]100-99 :‬وقال أيض ًا‪( :‬ﰔ ﰕ ﰖ ﰗ ﰘ ﰙ ﰚ ﰛ ﰜ ﰝ‬
‫ﰞ ﰟ ﰠ ﰡ ﰢ ﰣ) [األنعام‪ .]27 :‬وقال تعاىل‪( :‬ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ‬
‫ﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜ‬
‫ﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮ‬
‫ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ) [فاطر‪.]37-36 :‬‬
‫نسأل اهلل تعاىل أن يلهمك رشدك‪ ،‬ويوفقك ملا فيه خري الدنيا واآلخرة‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*سؤال‪ :‬اإلنسان يف أيام رمضان إذا تسحر ثم صىل الصبح ونام حتى صالة الظهر ثم‬
‫صالها ونام إىل صالة العرص ثم صالها ونام إىل وقت الفطر‪ ،‬هل صيامه صحيح؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫‪50‬‬
‫نعم‪ ،‬صيامه صحيح‪.‬‬

‫وقد أمجع العلامء عىل أن الصائم إذا استيقظ يف النهار ‪-‬ولو حلظة واحدة‪ -‬أن صيامه‬
‫صحيح‪ ،‬فإن مل يستيقظ واستغرق مجيع النهار بالنوم‪ :‬فجامهري العلامء عىل أن صومه‬
‫صحيح؛ ألن النوم ال ينايف الصيام‪ ،‬فإنه ال يزيل اإلحساس بالكلية بل متى نُبه انتبه(‪.)1‬‬

‫وقد سئلت اللجنة الدائمة عن ذلك فأجابت‪« :‬إذا كان األمر كام ُذ ِكر‪ :‬فالصيام‬
‫صحيح‪ ،‬ولكن استمرار الصائم غالب النهار نائ ًام تفريط منه‪ ،‬ال سيام وشهر رمضان‬
‫زمن رشيف‪ ،‬ينبغي أن يستفيد منه املسلم فيام ينفعه من كثرة قراءة القرآن‪ ،‬وطلب‬
‫الرزق‪ ،‬وتعلم العلم»(‪.)2‬‬

‫قال ابن باز ‪« :V‬ال حرج يف النوم هنار ًا وليالً‪ ،‬إذا مل يرتتب عليه إضاعة يشء‬
‫من الواجبات وال ارتكاب يشء من املحرمات‪ ،‬واملرشوع للمسلم ‪-‬سواء كان صائ ًام‬
‫ييس اهلل له من قيام الليل‪ ،‬ثم‬
‫أو غريه‪ -‬عدم السهر بالليل‪ ،‬واملبادرة إىل النوم بعدما ّ‬
‫القيام إىل السحور إن كان يف رمضان؛ ألن السحور سنّة مؤكدّ ة‪...‬‬

‫كام جيب عىل الصائم وغريه املحافظة عىل مجيع الصلوات اخلمس يف اجلامعة‪ ،‬واحلذر‬
‫من التشاغل عنها بنوم أو غريه‪ ،‬كام جيب عىل الصائم وغريه أداء مجيع األعامل التي‬
‫جيب أداؤها يف أوقاهتا‪ ،‬وعدم التشاغل عنها بنوم أو غريه‪ ،‬وهكذا جيب عليه السعي‬
‫يف طلب الرزق احلالل الذي حيتاج إليه هو ومن يعول‪ ،‬وعدم التشاغل عن ذلك بنوم‪،‬‬
‫أو غريه»(‪ .)3‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫((( املجموع (‪ ،)346/6‬واملغني (‪.)344/4‬‬


‫((( فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية (‪.)212/10‬‬
‫((( جمموع فتاوى ابن باز (‪.)156/14‬‬
‫يعورشم نم ةمكحلاو هلضفو موصلا بوجو‬

‫*سؤال‪ :‬رجل أصيب بإغامء وهو صائم‪ ،‬فهل يبطل صومه؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫من أصيب بإغامء يف رمضان ال خيلو من حالني‪:‬‬


‫‪51‬‬
‫األوىل‪ :‬أن يستوعب اإلغامء مجيع النهار‪ ،‬بمعنى أنه يغمى عليه قبل الفجر‪ ،‬وال يفيق‬
‫إال بعد غروب الشمس‪ .‬فهذا ال يصح صومه‪ ،‬وعليه قضاء هذا اليوم بعد رمضان‪.‬‬

‫الثانية‪ :‬أن يفيق جزء ًا من النهار ‪-‬ولو حلظة‪ -‬فهذا يصح صيامه‪ ،‬سواء أفاق من أول‬
‫النهار‪ ،‬أو آخره‪ ،‬أو وسطه‪.‬‬

‫قال النووي ‪- V‬وهو يذكر اختالف العلامء يف هذه املسألة‪« :-‬وأصح األقوال‪:‬‬
‫يشرتط اإلفاقة يف ٍ‬
‫جزء منه»(‪ ،)1‬أي‪ :‬يشرتط لصحة صوم املغمى عليه أن يفيق جزء ًا‬
‫من النهار‪.‬‬

‫وخالصة اجلواب‪ :‬أن الرجل إذا أغمي عليه مجيع النهار من طلوع الفجر إىل غروب‬
‫الشمس مل يصح صومه‪ ،‬وعليه القضاء‪.‬‬

‫وإذا أفاق يف أي جزء من النهار صح صومه‪ ،‬وهذا هو مذهب الشافعي وأمحد(‪.)2‬‬

‫وممن اختاره‪ :‬ابن عثيمني ‪ ،V‬فقال‪« :‬عىل القول الراجح‪ :‬أن زوال العقل باإلغامء‬
‫من مرض أو غري مرض ُيسقط وجوب الصالة‪ ،‬فال يلزمه القضاء بالنسبة للصالة‪ ،‬وأما‬
‫الصيام‪ :‬فيجب عليه قضاء األيام التي مل يصمها يف حال إغامئه‪ ،‬والفرق بني الصالة‬
‫ِ‬
‫يقض ما فاته فسوف يصيل يف اليوم التايل‪ ،‬وأما الصوم‬ ‫والصيام أن الصالة تتكرر‪ ،‬فإذا مل‬
‫فإنه ال يتكرر؛ وهلذا كانت احلائض تقيض الصوم‪ ،‬وال تقيض الصالة»(‪ .)3‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫((( املجموع (‪.)346/6‬‬


‫((( املجموع (‪ )346/6‬واملغني (‪.)344/4‬‬
‫((( انظر‪ :‬اللقاء الشهري (‪ ،)17‬وانظر‪ :‬الرشح املمتع (‪.)365/6‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*سؤال‪ :‬سمعت من أحدهم أن اهلل ُي ْعتِق من أموات املسلمني كل ليلة واحد ًا فقط‪،‬‬
‫وال يعتق من األحياء إال يف آخر ليلة من رمضان بعدد ما أعتق خالل الشهر من‬
‫أموات‪ ،‬فهل هذا صحيح؟‬

‫*جواب‪:‬‬ ‫‪52‬‬

‫مل نجد ‪-‬بعد البحث‪ -‬أحاديث وردت بذلك‪.‬‬

‫وإنام الذي ورد يف األحاديث‪ :‬أن هلل تعاىل عتقاء من النار يف رمضان‪ ،‬وذلك كل ليلة‪.‬‬

‫وهذه األحاديث منها ما هو صحيح‪ ،‬ومنها ما هو ضعيف‪ ،‬ومنها ما هو موضوع‪.‬‬

‫فمام صح من األحاديث يف ذلك‪:‬‬

‫َان َأ َّو ُل َل ْي َل ٍة ِم ْن َش ْه ِر‬


‫‪1.1‬عن أيب هريرة ‪ I‬قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪« :H‬إِ َذا ك َ‬
‫َّار َف َل ْم ُي ْفت َْح ِمن َْها‬‫اب الن ِ‬ ‫ت َأ ْب َو ُ‬ ‫ني‪َ ،‬و َم َر َد ُة ِ‬
‫الج ِّن‪َ ،‬و ُغ ِّل َق ْ‬ ‫ت َّ ِ‬
‫الش َياط ُ‬
‫ان ص ِّفدَ ِ‬
‫َر َم َض َ ُ‬
‫اغ َي الخَ ْ ِي‬ ‫َاد‪ :‬يا ب ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اب‪َ ،‬و ُينَادي ُمن َ َ‬ ‫الجنَّة َف َل ْم ُي ْغ َل ْق من َْها َب ٌ‬
‫اب َ‬ ‫ت َأ ْب َو ُ‬‫اب‪َ ،‬و ُفت َِّح ْ‬
‫َب ٌ‬
‫ك ك ُُّل َل ْي َل ٍة»(‪.)1‬‬ ‫َّار‪َ ،‬و َذلِ َ‬‫اء ِم َن الن ِ‬‫ص‪َ ،‬ولَِّ ُع َت َق ُ‬
‫اغي َّ َ ِ‬ ‫ِ‬
‫أ ْقبِ ْل‪َ ،‬و َيا َب َ ِّ‬
‫الش أ ْق ْ‬
‫َ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪2.2‬عـن جابـر ‪ I‬قال‪ :‬قال رسـول اهلل ‪« :H‬إِ َّن لَِّ عنْـدَ ك ُِّل ف ْط ٍر ُع َت َق َ‬
‫اء‪،‬‬
‫ك ِف ك ُِّل َل ْي َل ٍة»(‪.)2‬‬
‫َو َذلِ َ‬

‫وأما األحاديث الضعيفة واملوضوعة الواردة يف ذلك‪ ،‬فمنها‪:‬‬


‫‪1.1‬ما روي عن أيب هريرة ‪ I‬قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪« :H‬إذا كان أول ليلة‬
‫من شهر رمضان نظر اهلل إىل خلقه‪ ،‬وإذا نظر اهلل إىل عبد مل يعذبه أبد ًا‪ ،‬وهلل يف كل‬
‫يوم ألف ألف عتيق من النار‪ ،‬فإذا كانت ليلة تسع وعرشين أعتق اهلل فيها مثل‬
‫مجيع ما أعتق يف الشهر كله» وهو حديث موضوع(‪.)3‬‬

‫وحسنه األلباين يف صحيح اجلامع (‪.)759‬‬


‫َّ‬ ‫((( رواه الرتمذي (‪ ،)682‬وابن ماجة (‪،)1642‬‬
‫((( رواه أمحد (‪ ،)21698‬وابن ماجة (‪ ،)1643‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع (‪.)3933‬‬
‫((( انظر‪ :‬ضعيف الرتغيب (‪.)591‬‬
‫يعورشم نم ةمكحلاو هلضفو موصلا بوجو‬

‫‪2.2‬وروي عن ابن عباس ‪ L‬أنه سمع رسول اهلل ‪ H‬يقول‪« :‬إن اجلنة‬
‫لتبخر وتزين من احلول إىل احلول لدخول شهر رمضان‪ ،‬فإذا كانت أول ليلة من‬
‫شهر رمضان هبت ريح من حتت العرش يقال هلا املثرية‪ ...‬قال‪ :‬وهلل ‪ D‬يف كل‬
‫يوم من شهر رمضان عند اإلفطار ألف ألف عتيق من النار‪ ،‬كلهم قد استوجبوا‬
‫‪53‬‬
‫النار‪ ،‬فإذا كان آخر يوم من شهر رمضان أعتق اهلل يف ذلك اليوم بقدر ما أعتق‬
‫من أول الشهر إىل آخره‪ .»...‬وهو حديث موضوع(‪.)1‬‬
‫‪3.3‬وعن احلسن قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪« :H‬إن هلل ‪ D‬يف كل ليلة من رمضان‬
‫ستامئة ألف عتيق من النار‪ ،‬فإذا كان آخر ليلة أعتق اهلل بعدد من مىض»‪ .‬وهو‬
‫حديث ضعيف(‪.)2‬‬

‫وإن فيما صـح عن رسـول اهلل ‪ H‬يف ذلـك ما يكفـي ويشـفي‪ ،‬فينبغي عدم‬
‫االغترار باألحاديـث الضعيفة واألخبـار املوضوعـة‪ ،‬أو العمل عىل طبعهـا أو نرشها‬
‫بين املسـلمني؛ ملـا يف ذلـك مـن تضليـل العامـة‪ ،‬والتلبيـس عليهـم‪ ،‬والكـذب على‬
‫رسـول اهلل ‪ ،H‬الـذي توعـد املتعمـد لـه بالوعيـد العظيـم‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬ما معنى تصفيد الشياطني يف رمضان؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫ت َأ ْب َو ُ‬
‫اب‬ ‫ان ُفت َِّح ْ‬
‫اء َر َم َض ُ‬ ‫عن أيب هريرة ‪ I‬أن رسول اهلل ‪ H‬قال‪« :‬إِ َذا َج َ‬
‫ت َّ ِ‬ ‫الشياطِني»(‪ )3‬ويف لفظ‪« :‬وس ْل ِس َل ِ‬ ‫اب الن ِ‬ ‫اجلن َِّة‪َ ،‬و ُغ ِّل َق ْ‬
‫ني»(‪.)4‬‬ ‫الش َياط ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َّار‪َ ،‬و ُص ِّفدَ ت َّ َ ُ‬ ‫ت َأ ْب َو ُ‬ ‫َ‬

‫وقولـه‪« :‬صفـدت» باملهملـة املضمومـة‪ ،‬بعدهـا فـاء ثقيلة مكسـورة‪ ،‬أي‪ُ :‬شـدّ ت‬
‫باألصفـاد‪ ،‬وهـي األغلال‪ ،‬وهـو بمعنى ُس ْل ُسـ ْلت‪.‬‬

‫((( انظر‪ :‬ضعيف الرتغيب (‪.)594‬‬


‫((( انظر‪ :‬ضعيف الرتغيب (‪.)598‬‬
‫((( رواه مسلم (‪.)1079‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)1899‬ومسلم (‪.)1079‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫فإن قيل‪ :‬كيف نرى الرشور واملعايص واقعة يف رمضان كثريا‪ ،‬فلو صفدت الشياطني‬
‫مل يقع ذلك؟ فاجلواب‪:‬‬

‫‪1.1‬أهنا إنام ت َِق ّل عن الذي حافظ عىل رشوط الصيام‪ ،‬وراعى آدابه‪.‬‬
‫‪54‬‬
‫‪2.2‬أو أن ا ُملص َّفد بعض الشياطني ‪-‬وهم ا َمل َردة‪ -‬ال ك ُّلهم‪.‬‬

‫‪3.3‬أو املقصود تقليل الرشور فيه‪ ،‬وهذا أمر حمسوس؛ َّ‬


‫فإن وقوع ذلك فيه أقل من‬
‫غريه؛ إذ ال يلزم من تصفيد مجيعهم أن ال يقع رش وال معصية؛ ألن لذلك أسباب ًا‬
‫غري الشياطني‪ ،‬كالنفوس اخلبيثة‪ ،‬والعادات القبيحة‪ ،‬والشياطني ِ‬
‫اإلنسية(‪.)1‬‬

‫وسـئل الشـيخ ابـن عثيمين ‪ V‬عـن كيفيـة اجلمـع بين قـول النبي ‪:H‬‬
‫ني« وبين مـا ُيرى من رصع بعـض الناس يف هنـار رمضان‪ ،‬فكيف‬‫ت َّ ِ‬ ‫«وص ِّفـدَ ِ‬
‫الشـ َياط ُ‬ ‫َ ُ‬
‫ت َُص ّفـد الشـياطني‪ ،‬وبعض النـاس يرصعون؟‬

‫الشـ َياطِ ِ‬
‫ني«‬ ‫فأجـاب بقولـه‪« :‬يف بعـض روايـات احلديـث‪« :‬تُص َّفـدُ فِ ِ‬
‫يـه َم َـر َد ُة َّ‬ ‫َ‬
‫أو « ُتغ ُّ‬
‫َـل« وهـي عند النسـائي(‪ ،)2‬ومثـل هذا احلديث مـن األمور الغيبيـة‪ ،‬التي موقفنا‬
‫منهـا التسـليم والتصديـق‪ ،‬وأن ال نتكلـم فيما وراء ذلك؛ فإن هذا أسـلم لديـن املرء‪،‬‬
‫وأحسـن عاقبـة؛ وهلـذا ملـا قال عبـد اهلل بـن اإلمام أمحد بـن حنبـل ألبيه‪ :‬إن اإلنسـان‬
‫ُيصرع يف رمضـان؟!‪ .‬قـال اإلمـام‪ :‬هكذا احلديـث‪ ،‬وال تكلـم يف هذا‪ ،‬ثـم إن الظاهر‬
‫تصفيدهـم عـن إغـواء الناس‪ ،‬بدليـل كثرة اخلري واإلنابـة إىل اهلل تعـاىل يف رمضان»(‪.)3‬‬

‫وعىل هذا‪ :‬فتصفيد الشياطني تصفيد حقيقي‪ ،‬اهلل أعلم به‪ ،‬وال يلزم منه أال حيصل‬
‫رشور‪ ،‬أو معايص بني الناس‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫((( انظر‪ :‬فتح الباري (‪.)145/4‬‬


‫((( سنن النسائي (‪.)2106‬‬
‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)75/20‬‬
‫يعورشم نم ةمكحلاو هلضفو موصلا بوجو‬

‫*سؤال‪ :‬فتاة أتاها احليض يف السنة احلادية عرش من عمرها‪ ،‬فهل يلزمها الصيام؟‬
‫مع مالحظة أهنا ال تتمتع بصحة جيدة‪ .‬ويف حالة عدم قدرهتا عىل الصيام‪ :‬ما الذي‬
‫يرتتب عليها؟‬

‫‪55‬‬ ‫*جواب‪:‬‬
‫ِ‬
‫ذكرت؛ لزمها الصيام؛ ألن احليض من عالمات بلوغ النساء‪ ،‬إذا‬ ‫إذا كان الواقع كام‬
‫جاءها وهي يف التاسعة من عمرها فأكثر‪ ،‬فإذا استطاعت الصيام وجب عليها أداؤه يف‬
‫وقته‪ ،‬وإذا عجزت أو ناهلا منه مشقة شديدة؛ أفطرت‪ ،‬ووجب عليها قضاء ما أفطرته‬
‫من األيام‪ ،‬عند القدرة عىل ذلك‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬خيربين زوجي عن باب الرضوان‪ ،‬والذي ُيفتح خالل شهر رمضان فقط‪ .‬وقد‬
‫علمت أنه عندما ُيفتح هذا الباب‪ ،‬فإن اهلل يصب الثراء من خالله‪ ،‬نرجو توضيح‬
‫هذه املقولة؛ كي نلم هبذه املسألة بشكل أفضل‪.‬‬

‫*جواب‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬فرض اهلل عىل املسلمني صيام شهر رمضان‪ ،‬ووعد باألجر اجلزيل للصائمني‪،‬‬
‫‪-‬يف احلديث‬ ‫‪D‬‬ ‫أجره‪ ،‬وإنام قال‬ ‫‪D‬‬ ‫وملا كان فضل الصيام عظي ًام‪ ،‬مل يعيِّ اهلل‬
‫الص ْو َم‪َ ،‬فإِ َّن ُه ِل‪َ ،‬و َأنَا َأ ْج ِزي بِه«(‪.)1‬‬
‫القديس‪« :-‬إِ َّل َّ‬

‫وفضائل شهر رمضان كثرية‪ ،‬ومنها ما أعده اهلل للصائمني‪ ،‬وهو باب «الريان»‪،‬‬
‫وهكذا ورد اسمه يف احلديث املتفق عليه‪ ،‬من حديث سهل ‪ I‬عن النبي ‪H‬‬

‫الق َي َام ِة‪َ ،‬ل َيدْ ُخ ُل ِمنْ ُه‬


‫ون يوم ِ‬ ‫ِ‬
‫الصائ ُم َ َ ْ َ‬
‫ِ‬
‫ان‪َ ،‬يدْ ُخ ُل منْ ُه َّ‬ ‫الر َّي ُ‬ ‫ِ‬
‫قال‪« :‬إِ َّن ِف َ‬
‫الجنَّة َبا ًبا ُي َق ُال َل ُه‪َّ :‬‬
‫َي ُه ْم‪َ ،‬فإِ َذا َد َخ ُلوا‬ ‫ِ َ‬ ‫الصائِ ُم َ‬‫َي ُه ْم‪ُ ،‬ي َق ُال‪َ :‬أ ْي َن َّ‬ ‫َ‬
‫ون‪َ ،‬ل َيدْ ُخ ُل منْ ُه أ َحدٌ غ ْ ُ‬
‫وم َ‬ ‫ون؟ َف َي ُق ُ‬ ‫أ َحدٌ غ ْ ُ‬
‫ُأغْلِ َق َف َل ْم َيدْ ُخ ْل ِمنْ ُه َأ َحدٌ »(‪.)2‬‬

‫((( رواه البخاري (‪ )5583‬ومسلم (‪.)1151‬‬


‫((( رواه البخاري (‪ )1797‬ومسلم (‪.)1152‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫ومن األحاديث التي ُت َب ِّي أجر الصيام‪:‬‬

‫احتِ َسا ًبا غ ُِف َر‬


‫ان إِ َيمنًا َو ْ‬
‫«م ْن َصا َم َر َم َض َ‬
‫عن أيب هريرة قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪َ :H‬‬
‫َل ُه َما َت َقدَّ َم ِم ْن َذ ْنبِ ِه«(‪.)1‬‬
‫‪56‬‬
‫وعن أيب هريرة ‪ I‬قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪ :H‬قال اهلل‪« :‬ك ُُّل َع َم ِل ا ْب ِن آ َد َم َل ُه‬
‫ث َوال‬ ‫َان َي ْو ُم َص ْو ِم َأ َح ِدك ُْم َف َل َي ْر ُف ْ‬
‫الص َيا ُم ُجنَّ ٌة‪َ ،‬وإِ َذا ك َ‬ ‫ِ‬
‫الص َيا َم َفإِ َّن ُه ِل َو َأنَا َأ ْج ِزي بِه‪َ ،‬و ِّ‬ ‫إِ َّل ِّ‬
‫وف‬ ‫م َّم ٍد بِ َي ِد ِه َُل ُل ُ‬ ‫ب‪َ ،‬فإِ ْن َسا َّب ُه َأ َحدٌ َأ ْو َقا َت َل ُه َف ْل َي ُق ْل‪ :‬إِ ِّن ْام ُرؤٌ َصائِ ٌم‪َ .‬وا َّل ِذي َن ْف ُس ُ َ‬
‫َي ْصخَ ْ‬
‫لصائِ ِم َف ْر َحت ِ‬
‫َان َي ْف َر ُح ُه َم‪ :‬إِ َذا َأ ْف َط َر َف ِر َح‪،‬‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َف ِم الصائِ ِم َأ ْطي ِ‬
‫ب عنْدَ اهلل م ْن ِريحِ الم ْسك‪ .‬ل َّ‬ ‫َ ُ‬ ‫َّ‬
‫َوإِ َذا َل ِق َي َر َّب ُه َف ِر َح بِ َص ْو ِم ِه«(‪.)2‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬ومن املعلوم أن للجنة أبواب ًا كثرية؛ كام قال تعاىل‪( :‬ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ‬
‫ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ) [الرعد‪.]23 :‬‬

‫وقال سبحانه‪( :‬ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ‬


‫ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ) [الزمر‪.]73 :‬‬

‫وقد جاء يف صحيح السنة أهنا ثامنية أبواب‪:‬‬

‫اب‪ ،‬فِ َيها‬


‫الجن َِّة َث َمنِ َي ُة َأ ْب َو ٍ‬
‫فعن سهل بن سعد ‪ I‬عن النبي ‪ H‬قال‪«ِ :‬ف َ‬
‫الصائِ ُم َ‬
‫ون»)‪.(3‬‬ ‫ان‪َ ،‬ل َيدْ ُخ ُل ُه إِ َّل َّ‬
‫الر َّي َ‬
‫اب ُي َس َّمى َّ‬
‫َب ٌ‬

‫اهلل‪َ ،‬و ْحدَ ُه َل‬‫«م ْن َش ِهدَ َأ ْن َل إِ َل َه إِ َّل ُ‬ ‫وعن عبادة ‪ I‬عن النبي ‪ H‬قال‪َ :‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يسى َع ْبدُ اهلل َو َر ُسو ُل ُه‪َ ،‬وكَل َم ُت ُه َأ ْل َق َ‬
‫اها إِ َل‬ ‫م َّمدً ا َع ْبدُ ُه َو َر ُسو ُل ُه‪َ ،‬و َأ َّن ع َ‬
‫يك َل ُه‪َ ،‬و َأ َّن ُ َ‬
‫ش َ‬‫َ ِ‬
‫َان ِم ْن ال َع َم ِل»(‪.)4‬‬ ‫الجنَّ َة َع َل َما ك َ‬ ‫الجنَّ ُة َح ٌّق‪َ ،‬والن َُّار َح ٌّق‪َ :‬أ ْد َخ َل ُه ُ‬
‫اهلل َ‬ ‫وح منْ ُه‪َ ،‬و َ‬
‫مريم‪ ،‬ور ِ‬
‫َََْ َُ ٌ‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)38‬ومسلم (‪.)760‬‬


‫((( رواه البخاري (‪ ،)5583‬ومسلم (‪.)1151‬‬
‫((( رواه البخاري (‪.)3084‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)3252‬ومسلم (‪- )28‬واللفظ للبخاري‪.-‬‬
‫يعورشم نم ةمكحلاو هلضفو موصلا بوجو‬

‫ومن فضل اهلل عىل هذه األمة؛ أنه سبحانه يفتح أبواب اجلنة كلها يف شهر رمضان‪،‬‬
‫وليس باب ًا واحد ًا‪ ،‬ومن قال‪ :‬إن يف اجلنة باب ًا يقال له «باب الرضوان» فعليه الدليل‪.‬‬

‫وعن أيب هريرة ‪ I‬قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪« :H‬إِ َذا َد َخ َل َش ْه ُر َر َم َض َ‬


‫ان‪،‬‬
‫ت َّ ِ‬‫اب َج َهن ََّم‪َ ،‬و ُس ْل ِس َل ْ‬ ‫الس َم ِء‪َ ،‬و ُغ ِّل َق ْ‬
‫‪57‬‬ ‫ني»(‪ .)1‬واهلل أعلم‪.‬‬ ‫الش َياط ُ‬ ‫ت َأ ْب َو ُ‬ ‫ت َأ ْب َو ُ‬
‫اب َّ‬ ‫ُفت َِّح ْ‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬بعض خطباء املســاجد هبذه املنطقة‪ ،‬ألقى خطبة من ضمنها حديث سلامن‪،‬‬
‫الذي ذكر فيه أن رســول اهلل ‪ H‬خطبهم يف آخر يوم من شعبان‪ ..‬إلخ‪ .‬وقد‬
‫اعرتض عليه بعــض اإلخوان علن ًا أمــام اجلمهور بقوله‪ :‬بأن حديث ســلامن من‬
‫املوضوعات‪ ،‬وكذلك قوله‪« :‬من أشــبع صائ ًام ســقاه اهلل من حويض رشبة ال يظمأ‬
‫بعدها حتى يدخل اجلنة»‪ ،‬وقوله‪« :‬ومــن خفف عن مملوكه غفر اهلل له‪ ،‬وأعتقه من‬
‫النار»‪ .‬وقال‪ :‬إن هذه الكلامت كذب عىل الرســول‪ ،‬ومن كذب عىل الرسول فليتبوأ‬
‫مقعده من النار‪ ..‬إلخ‪ .‬فهل هذا احلديث صحيح‪ ،‬أم ال؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«حديث سلامن الذي ذكرت يف السؤال‪ :‬رواه ابن خزيمة يف صحيحه فقال‪ :‬باب‬
‫يف فضائل شهر رمضان إن صح اخلرب ثم قال‪ :‬حدثنا عىل بن حجر السعدي حدثنا‬
‫يوسف بن زياد حدثنا مهام بن حييى عن عيل بن زيد بن جدعان عن سعيد بن املسيب‬
‫عن سلامن ‪ I‬قال‪ :‬خطبنا رسول اهلل ‪ H‬يف آخر يوم من شعبان فقال‪« :‬أهيا‬
‫الناس‪ ،‬قد أظلكم شهر عظيم‪ ،‬شهر مبارك‪ ،‬شهر فيه ليلة خري من ألف شهر‪ ،‬جعل اهلل‬
‫صيامه فريضة‪ ،‬وقيام ليله تطوع ًا‪ ،‬من تقرب فيه بخصلة من اخلري كان كمن أدى فريضة‬
‫فيام سواه‪ ،‬ومن أدى فيه فريضة كان كمن أدى سبعني فريضة فيام سواه‪ ،‬وهو شهر‬
‫الصرب‪ ،‬والصرب ثوابه اجلنة‪ ،‬وشهر املواساة‪ ،‬وشهر يزداد فيه رزق املؤمن‪ ،‬من فطر فيه‬
‫صائ ًام كان مغفرة لذنوبه‪ ،‬وعتق رقبته من النار‪ ،‬وكان له مثل أجره من غري أن ينتقص‬
‫من أجره يشء»‪ .‬قالوا‪ :‬ليس كلنا نجد ما يفطر الصائم‪ ،‬فقال‪« :‬يعطي اهلل هذا الثواب‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)1800‬ومسلم (‪.)1079‬‬


‫الصيام سؤال وجواب‬

‫من فطر صائ ًام عىل مترة أو رشبة ماء أو مذقة لبن‪ ،‬وهو شهر أوله رمحة‪ ،‬وأوسطه مغفرة‪،‬‬
‫وآخره عتق من النار‪ ،‬من خفف عن مملوكه غفر اهلل له‪ ،‬وأعتقه من النار‪ ،‬فاستكثروا‬
‫فيه من أربع خصال‪ :‬خصلتني ترضون هبام ربكم‪ ،‬وخصلتني ال غنى بكم عنهام‪ .‬فأما‬
‫اخلصلتان اللتان ترضون هبام ربكم‪ :‬فشهادة أن ال إله إال اهلل‪ ،‬وتستغفرونه‪ ،‬وأما اللتان‬
‫‪58‬‬
‫ال غنى بكم عنهام‪ :‬فتسألون اهلل اجلنة‪ ،‬وتعوذون به من النار‪ ،‬ومن أشبع فيه صائ ًام‬
‫سقاه اهلل من حويض رشب ًة‪ ،‬ال يظمأ حتى يدخل اجلنة»(‪.)1‬‬

‫ويف سـنده على بـن زيد بـن جدعان‪ ،‬وهـو ضعيف لسـوء حفظه‪ ،‬ويف سـنده أيض ًا‬
‫يوسـف بـن زيـاد البصري‪ ،‬وهـو منكر احلديـث‪ ،‬وفيـه أيض ًا مهام بـن حييى بـن دينار‬
‫العـودي‪ ،‬قـال فيـه ابن حجـر يف التقريـب‪ :‬ثقة ربما وهم‪ .‬وعلى هـذا‪ :‬فاحلديث هبذا‬
‫السـند ليـس بمكـذوب‪ ،‬لكنـه ضعيف‪ ،‬ومـع ذلـك‪ ،‬ففضائل رمضـان كثيرة ثابتة يف‬
‫األحاديـث الصحيحـة(‪ .)2‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬قرأت يف بعض أجوبتكم‪ :‬أن الذي يصوم وال يصيل ال جيوز صومه‪ ،‬واآلن‬
‫العكس‪ .‬فهل الذي يصيل وال يصوم جتوز صالته؟ وهل الذي ال يزكي ويصيل جتوز‬
‫صالته؟ وهل الذي حيج وال يصيل جيوز حجه؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«من ترك صوم شهر رمضان جحد ًا لوجوبه كفر‪ ،‬وال تصح صالته‪ ،‬ومن تركه‬
‫عمد ًا وتساه ً‬
‫ال فال يكفر ‪-‬يف األصح‪ -‬وتصح صالته‪ ،‬ومن ترك الزكاة املفروضة‬
‫جحد ًا لوجوهبا كفر‪ ،‬وال تصح صالته‪ ،‬ومن تركها عمد ًا تساه ً‬
‫ال وبخ ً‬
‫ال فال يكفر‪،‬‬
‫وتصح صالته‪ ،‬وهكذا احلج‪ :‬من تركه جحد ًا لوجوبه مطلق ًا كفر‪ ،‬أما من تركه مع‬
‫االستطاعة مل يكفر‪ ،‬وتصح صالته»(‪.)3‬‬

‫((( قال الشيخ األلباين يف صحيح الرتغيب والرتهيب (‪« :)148/1‬منكر»‪.‬‬


‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)86 -84/10‬‬
‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)144 ،143/10‬‬
‫يعورشم نم ةمكحلاو هلضفو موصلا بوجو‬

‫ومن ترك الصالة فهو كافر مرتد عىل الصحيح من أقوال أهل العلم‪ ،‬فال تصح له‬
‫عبادة من العبادات‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫‪59‬‬ ‫*سؤال‪ :‬ما حكم صيام من ال يصيل إال يف رمضان بل ربام صام ومل يصل؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫«كل من ُح ِك َم بكفره بطلت أعامله‪ ،‬قال تعاىل‪( :‬ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ‬
‫ﯗ) [األنعام‪ ،]88 :‬وقال تعاىل‪( :‬ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ‬
‫ﰇ) [املائدة‪ .]5 :‬وذهب مجع من أهل العلم إىل أنه ال يكفر كفرا أكرب إذا كان مقرا‬
‫بالوجوب‪ ،‬ولكنه يكون كافرا كفرا أصغر‪ ،‬ويكون عمله هذا أقبح وأشنع من عمل‬
‫الزاين والسارق ونحو ذلك‪ ،‬ومع هذا يصح صيامه وحجه عندهم إذا أداها عىل وجه‬
‫رشعي‪ ،‬ولكن تكون جريمته عدم املحافظة عىل الصالة‪ ،‬وهو عىل خطر عظيم من وقوعه‬
‫يف الرشك األكرب عند مجع من أهل العلم‪ ،‬وحكى بعضهم قول األكثرين أنه ال يكفر الكفر‬
‫األكرب إن تركها تكاسال وهتاونا‪ ،‬وإنام يكون بذلك قد أتى كفرا أصغر‪ ،‬وجريمة عظيمة‪،‬‬
‫ومنكرا شنيعا أعظم من الزنا والرسقة والعقوق وأعظم من رشب اخلمر نسأل اهلل السالمة‪.‬‬
‫ولكن الصواب والصحيح من قويل العلامء‪ :‬أنه يكفر كفرا أكرب‪ ،‬نسأل اهلل العافية‪ ،‬ملا‬
‫تقدم من األدلة الرشعية‪ ،‬فمن صام وهو مل يصل فال صيام له‪ ،‬وال حج له»)‪.(1‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬سمعت أحد اخلطباء يقول حديث ًا عن النبي ‪« :H‬نوم الصائم عبادة»‪.‬‬
‫فهل هذا احلديث صحيح؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫هذا احلديث غري صحيح‪ ،‬مل يثبت عن النبي ‪ .H‬رواه البيهقي يف شعب‬
‫اإليامن (‪ )415/3‬عن عبد اهلل بن أيب أوىف ‪ I‬أن النبي ‪ H‬قال‪« :‬نوم الصائم‬
‫عبادة‪ ،‬وصمته تسبيح‪ ،‬ودعاؤه مستجاب‪ ،‬وعمله مضاعف»‪.‬‬

‫((( جمموع فتاوى الشيخ ابن باز (‪.)179/15‬‬


‫الصيام سؤال وجواب‬

‫وض َّعف إسناده البيهقي‪ ،‬فقال‪ :‬معروف بن حسان [أحد رجال اإلسناد]‪ :‬ضعيف‪،‬‬ ‫َ‬
‫وسليامن بن عمرو النخعي أضعف منه وقال العراقي يف ختريج إحياء علوم الدين‬
‫(‪« :)310/1‬سليامن النخعي أحد الكذابني»(‪.)1‬‬
‫والواجـب على املسـلمني عمومـ ًا ‪-‬ويتأكـد ذلـك على اخلطبـاء والوعـاظ‪-‬‬ ‫‪60‬‬
‫أن يتثبتـوا قبـل نسـبة احلديـث إىل رسـول اهلل ‪ ،H‬فلا جيـوز أن ينسـب إليه ما‬
‫ب ع َل َأح ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ـد‪َ ،‬م ْن ك َ‬
‫َـذ َب َع َ َّل‬ ‫مل يقـل‪ ،‬وقـد قـال ‪« :H‬إِ َّن كَذ ًبـا َع َ َّ‬
‫لي َل ْي َس َككَـذ ٍ َ َ‬
‫ـو ْأ َم ْق َعـدَ ُه ِم ْن النَّـار»(‪ .)2‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫ُم َت َع ِّمـدً ا َف ْل َي َت َب َّ‬
‫***‬

‫*سـؤال‪ :‬ظهـر يف بعـض املواقـع اإلكرتونيـة نشرة مشـتهرة بعنـوان «ثالثـون دعاء‬
‫فيـه ِصيـا َم‬ ‫ـل ِصيامـي ِ‬ ‫اج َع ْ‬‫ـم ْ‬ ‫لثالثين يومـ ًا يف رمضـان «دعـاء اليـوم األول‪َ :‬ال ّل ُه َّ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب يل‬ ‫لين‪َ ،‬و َه ْ‬‫مين‪َ ،‬و َن ِّب ْهنـي فيـه َعـن ن َْو َمةالغاف َ‬ ‫مين َوقيامـي فيِـه قيـا َم القائ َ‬ ‫الصائ َ‬ ‫ّ‬
‫مني‪ .‬دعاء اليـوم الثاين‪:‬‬ ‫ـن ا ُمل ِ‬ ‫ِ‬
‫ـف َعنّي يا عافيـ ًا َع ِ‬ ‫العاملني‪َ ،‬وا ْع ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جر َ‬ ‫َ‬ ‫ُجرمـي فيـه يا الـ َه‬
‫ـك‪ ،‬و و ِّفقني ِ‬ ‫فيـه ِمن سـخَ طِ َ ِ ِ‬ ‫ـك‪ ،‬وجنِّبني ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫فيه‬ ‫ك َونَقامت َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ـم َق ِّر ْبنـي فيـه اىل َمرضات َ َ َ ْ‬ ‫َال ّل ُه َّ‬
‫ك يـا أرحم الرامحين‪ .‬دعاء اليوم الثالـث‪َ :‬ال ّلهـم ارزُقني ِ‬ ‫محتِ َ‬ ‫ـراءة آياتِ َ‬
‫لِ ِق ِ‬
‫فيه‬ ‫ُ َّ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ّ‬ ‫ـك‪ ،‬بِ َر َ‬
‫اج َعل يل نَصيبـ ًا ِمن ك ُِّل‬ ‫ِ‬
‫ـفاهة َوالت َّْمويـه‪َ ،‬و ْ‬
‫ِ‬
‫الس َ‬
‫ـن َّ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫هـن َوال َّتنْبيـه‪َ ،‬وباعـدْ ين فيـه م َ‬ ‫الذ َ‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ير ُتن ِ‬ ‫َخ ْ ٍ‬
‫اج َع ْل‬‫ـم ْ‬ ‫دين‪ .‬دعـاء اليوم الثالثين‪ :‬أل ّل ُه َّ‬ ‫األج َو َ‬
‫أجـو َد ْ‬ ‫ْـز ُل فيـه‪ ،‬بِجـود َك يـا َ‬
‫الر ُ‬
‫سـول ُمك ََمـ ًة ُف ُرو ُعـ ُه‬ ‫ِ‬ ‫بالش ِ‬ ‫ِصيامـي ِ‬
‫ـكر َو ال َقبـول َعلى ماتَرضـا ُه َو َيرضـا ُه َّ‬ ‫فيـه ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـق سـي ِدنا ُ َ ٍ‬ ‫ِ‬
‫احلمـدُ هللِ َر ِّب العاملين»‪ .‬فما‬ ‫ريـن‪َ ،‬و َ‬ ‫م َّمـد‪َ ،‬وآلـه ال ّطاه َ‬ ‫بِاألُ ُصـول‪ ،‬بِ َح ِّ َ ِّ‬
‫حكـم اعتماد هـذه النشرة لتوزيعهـا‪ ،‬ونرشهـا‪ ،‬وحكم الدعـاء هبـا يف رمضان؟‬
‫*جواب‪:‬‬
‫«الدُّ عاء هو ِ‬
‫الع َبا َدة«(‪ )3‬كام قال النبي ‪ ،H‬واألصل يف العبادات التوقيف‪ ،‬واملنع‪،‬‬ ‫َ ُ َُ‬
‫فال جيوز إحداث عبادة‪ ،‬أو تقييدها بوقت أو مناسبة إال إذا كان الرشع قد دل عىل ذلك‪.‬‬

‫((( احلديث ضعفه املناوي يف فيض القدير (‪ ،)378/6‬وهو يف ضعيف اجلامع (‪.)5972‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)1229‬ومسلم (‪.)4‬‬
‫((( رواه الرتمذي (‪ )2969‬بإسناد صحيح‪.‬‬
‫يعورشم نم ةمكحلاو هلضفو موصلا بوجو‬

‫ٍ‬
‫ألحد أن يرشع للناس أدعية يقولوهنا يف أوقات خمصوصة‪.‬‬ ‫فال جيوز‬

‫وانظر ‪-‬يف ذلك‪ -‬جوايب السؤالني‪ )21902( :‬و (‪.)27237‬‬

‫مرغب فيه‪ ،‬إال أن هـذا الرتغيب ال ُي َّوز ألحـد من الناس أن‬


‫والدعـاء يف رمضـان َّ‬
‫‪61‬‬
‫خيترع أدعيـة من عنـده‪ ،‬وخيصهـا بأوقات معينـة‪ ،‬كأهنا أدعيـة نبوية‪ ،‬بل يدعو املسـلم‬
‫بما شـاء من خيري الدنيا واآلخـرة‪ ،‬بام تيرس له مـن كلمات‪ ،‬ويف أي األوقات‪.‬‬

‫معي‬ ‫ومثل ذلك‪ :‬ما َّ‬


‫حذر العلامء من فعله‪ ،‬مما اشتهر عند العا َّمة‪ ،‬من ختصيص دعاء َّ‬
‫لكل شوط طواف‪ ،‬أو شوط سعي‪ ،‬يف احلج‪ ،‬والعمرة‪.‬‬
‫قـال الشـيخ عبـد العزيز بـن بـاز ‪« :V‬وال جيب يف هـذا الطـواف‪ ،‬وال غريه من‬
‫األطوفـة‪ ،‬وال يف السـعي‪ِ :‬ذكـر خمصوص‪ ،‬وال دعـاء خمصوص‪ ،‬وأما مـا أحدثه بعض‬
‫ٍ‬
‫شـوط مـن الطواف‪ ،‬أو السـعي‪ ،‬بأذكار خمصوصـة‪ ،‬أو أدعية‬ ‫النـاس من ختصيص ِّ‬
‫كل‬
‫خمصوصـة‪ :‬فلا أصل لـه‪ ،‬بل مهام تيسر من الذكـر والدعـاء كفى»(‪.)1‬‬
‫وقال الشيخ حممد بن صالح العثيمني ‪« :V‬ليس هناك دعاء معني لكل شوط‪ ،‬بل‬
‫معي‪ :‬من البدع؛ ألن ذلك مل يرد عن النبي ‪ ،H‬وغاية‬
‫ختصيص كل شوط بدعاء َّ‬
‫ما ورد‪ :‬التكبري عند استال ِم احلجر األسود‪ ،‬وقول‪( :‬ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ‬
‫ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ) [البقرة‪ ،]201 :‬بني الركن اليامين واحلجر األسود‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫وأما الباقي‪ :‬فهو ِذكر مطلق‪ ،‬وقرآن‪ ،‬ودعاء‪ ،‬ال خيصص به شوط دون آخر»‪.‬‬
‫وأمر آخر‪:‬‬
‫أنه قد جاء يف دعاء اليوم األخري ما هو منكر‪ ،‬وخمالف للرشع‪ ،‬من التوسل يف الدعاء‬
‫بحق النبي ‪ ،H‬وحق آل بيته‪.‬‬
‫وقد سبق بيان بدعة هذا التوسل يف الدعاء‪ ،‬وكالم أهل العلم فيه‪ :‬يف جواب السؤال‬
‫رقم‪ ،)125339( :‬فلينظر‪.‬‬

‫((( فتاوى الشيخ ابن باز (‪.)62 ،61/16‬‬


‫((( جمموع فتاوى الشيخ العثيمني (‪.)336/22‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫فعىل املسلم أال يشارك يف نرش تلك النرشة‪ ،‬بل عليه أن حيذر منها بقدر استطاعته‪.‬‬

‫وليعلم املسلم أنه ال خري يف بدعة يتقرب هبا املسلم إىل ر ِّبه‪ ،‬فقد قال النبي ‪:H‬‬
‫«ك ُُّل بِدْ َع ٍة َض َل َل ٌة«(‪.)1‬‬
‫‪62‬‬
‫وانظر األحاديث التي ثبتت يف النهي عن االبتداع يف الدين‪ ،‬وأقوال العلامء يف‬
‫التحذير من البدعة‪ :‬يف جوايب السؤالني‪ )118225( :‬و (‪ .)864‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*ســؤال‪ :‬يقول الرســول ‪« :H‬إذا جاء رمضان فتحت أبواب اجلنة‪ ،‬وغلقت‬
‫أبواب النار‪ ،‬وصفدت الشــياطني» فهل معنى ذلك أن من يموت يف رمضان يدخل‬
‫اجلنة بغري حساب؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«ليس األمر كذلك‪ ،‬بل معنى هذا‪ :‬أن أبواب اجلنة تفتح؛ تنشيط ًا للعاملني؛ ليتسنى‬
‫هلم الدخول‪ ،‬وتغلق أبواب النار؛ ألجل انكفاف أهل اإليامن عن املعايص‪ ،‬حتى‬
‫ال يلجوا هذه األبواب‪ ،‬وليس معنى ذلك أن من مات يف رمضان يدخل اجلنة بغري‬
‫حساب‪ ،‬إنام الذين يدخلون اجلنة بغري حساب هم الذين وصفهم الرسول ‪H‬‬

‫ون‪ ،‬وال َي ْكتَوون؛ َو َع َل َر ِّبِ ْم َيت ََو َّك ُل َ‬


‫ون‪َ ،‬وال َي َت َط َّ ُي َ‬ ‫ِ‬
‫ون» مع‬ ‫ت ُق َ‬ ‫«ه ُم ا َّلذ َ‬
‫ين ال َي ْس َ ْ‬ ‫يف قوله‪ُ :‬‬
‫قيامهم بام جيب عليهم من األعامل الصاحلة»(‪ .)2‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫((( رواه مسلم (‪.)867‬‬


‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)76/20‬‬
‫لهلا ةيؤر‬

‫‪63‬‬ ‫رؤية الهالل‬

‫*سؤال‪ :‬ما الدعاء الذي ندعو به عند رؤية هالل رمضان؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫عن طلحة بن عبيد اهلل ‪ ،I‬أن النبي ‪ H‬كان إذا رأى اهلالل‪ ،‬قال‪« :‬ال َّل ُه َّم‬
‫اهلل«(‪.)1‬‬
‫ك ُ‬ ‫الم ِة َوا ِ‬
‫إل ْسالمِ‪َ ،‬ر ِّب َو َر ُّب َ‬ ‫الس َ‬ ‫َأ ِه ِّل ُه َع َل ْينَا بِال ُي ْم ِن َوا ِ‬
‫إل َيم ِن‪َ ،‬و َّ‬
‫وال ُيمن‪ :‬الربكة‪.‬‬

‫وهذا الدعاء ليس خاص ًا هبالل رمضان‪ ،‬بل يقوله املسلم إذا رأى اهلالل يف أول كل‬
‫شهر‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬ما الطريقة التي يثبت هبا أول كل شهر قمري؟ وهل تشرتط مدة معينة لبقاء‬
‫القمر املولود يف األفق؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫دلـت األحاديـث الصحيحـة عـن النبـي ‪ ،H‬على أن هالل شـهر رمضان‪،‬‬


‫متـى رآه ثقـة بعـد غـروب شـمس يـوم التاسـع والعرشيـن مـن شـعبان؛ فـإن الرؤية‬
‫تكـون معتبرة‪ ،‬و ُيعـرف هبـا أول الشـهر‪ ،‬من غري حاجـة إىل اعتبـار املدة التـي يمكثها‬

‫((( رواه الرتمذي (‪ ،)3451‬وصححه األلباين يف السلسلة الصحيحة (‪.)1816‬‬


‫الصيام سؤال وجواب‬

‫القمـر بعد غروب الشـمس‪ ،‬سـواء كانـت عرشين دقيقـة‪ ،‬أم أقل‪ ،‬أو أكثـر؛ ألنه ليس‬
‫هنـاك يف األحاديـث الصحيحـة مـا يدل على التحديـد بدقائـق معينة لغـروب القمر‪،‬‬
‫بعـد غـروب الشـمس‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬
‫‪64‬‬
‫*سؤال‪ :‬رأى شخص هالل رمضان وحده‪ ،‬هل عليه أن يصوم؟ وإذا كان كذلك‪،‬‬
‫هل من دليل؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫من رأى هالل رمضان وحده‪ ،‬أو رأى هالل شوال وحده‪ ،‬وأخرب به القايض أو أهل‬
‫البلد؛ فلم يأخذوا بشهادته‪ ،‬فهل يصوم وحده‪ ،‬أو ال يصوم إال مع الناس؟‬

‫يف ذلك ثالثة أقوال ألهل العلم‪:‬‬

‫القول األول‪ :‬أنه يعمل برؤية نفسه يف املوضعني‪ ،‬فيصوم يف أول الشهر‪ ،‬ويفطر يف آخره‬
‫منفرد ًا‪ ،‬وهو مذهب اإلمام الشافعي ‪ ،V‬غري أنه يفعل ذلك رس ًا؛ حتى ال يعلن خمالفة‬
‫الناس‪ ،‬وحتى ال يؤدي ذلك إىل إساءة الظن به‪ ،‬حيث يراه الناس مفطر ًا‪ ،‬وهم صائمون‪.‬‬

‫القول الثاين‪ :‬أنه يعمل برؤية نفسه يف أول الشهر؛ فيصوم منفرد ًا‪ ،‬أما يف آخر الشهر‪،‬‬
‫فال يعمل برؤية نفسه‪ ،‬وإنام يفطر مع الناس‪ ،‬وهذا مذهب مجهور العلامء‪ ،‬منهم أبو‬
‫حنيفة ومالك وأمحد ‪.‬‬

‫وقد اختار هذا القول الشيخ ابن عثيمني ‪ ،V‬قال‪« :‬وهذا من باب االحتياط‪،‬‬
‫فنكون قد احتطنا يف الصوم والفطر‪ ،‬ففي الصوم قلنا له‪ :‬صم‪ ،‬ويف الفطر قلنا له‪ :‬ال‬
‫تُفطر‪ ،‬بل صم»)‪.(1‬‬

‫والقول الثالث‪ :‬أنه ال يعمل برؤية نفسه يف املوضعني‪ ،‬فيصوم ويفطر مع الناس‪،‬‬
‫وإليه ذهب اإلمام أمحد ‪ V‬يف رواية‪ ،‬واختاره ابن تيمية ‪ ،V‬واستدل له بأدلة‬

‫((( الرشح املمتع (‪.)330/6‬‬


‫لهلا ةيؤر‬

‫كثرية‪ ،‬قال ‪« :V‬والثالث‪ :‬يصوم مع الناس‪ ،‬ويفطر مع الناس‪ ،‬وهذا أظهر األقوال؛‬
‫الف ْط ُر َي ْو َم ُت ْفطِ ُر َ‬
‫ون‪َ ،‬واألَ ْض َحى َي ْو َم‬ ‫ون‪ ،‬و ِ‬
‫وم َ َ‬
‫«الص ْو ُم َي ْو َم ت َُص ُ‬
‫لقول النبي ‪َّ :H‬‬
‫ون«(‪ ،)1‬وفرس بعض أهل العلم هذا احلديث‪ ،‬فقال‪ :‬إنام معنى هذا‪ :‬الصوم والفطر‬
‫ت َُض ُّح َ‬
‫‪65‬‬ ‫مع اجلامعة‪ ،‬وعظم الناس»(‪.)2‬‬

‫واستدل أيض ًا‪ :‬بأنه لو رأى هالل ذي احلجة منفرد ًا‪ ،‬فلم يقل أحد من العلامء إنه‬
‫يقف يف عرفة وحده‪.‬‬

‫وذكر أن أصل املسألة هو‪ :‬أن اهلل ‪َ E‬ع ّلق احلكم باهلالل والشهر‪ ،‬فقال تعاىل‪:‬‬
‫‪ ،]189‬واهلالل‪ :‬اسم‬ ‫(ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ) [البقرة‪:‬‬

‫ويهر به‪ ،‬فإذا طلع يف السامء‪ ،‬ومل يعرفه الناس ويستهلوا‬


‫ملا ُيستهل به‪ ،‬أي ُيعلن به ُ‬
‫مل يكن هالالً)‪.(3‬‬

‫الشهر مأخوذ من ُّ‬


‫الشهرة‪ ،‬فإن مل يشتهر بني الناس؛ مل يكن الشهر قد دخل‪،‬‬ ‫وكذا َ‬
‫وإنام يغلط كثري من الناس يف مثل هذه املسألة؛ لظنهم أنه إذا طلع يف السامء كان تلك‬
‫الليلة أول الشهر‪ ،‬سواء ظهر ذلك للناس واستهلوا به أو ال؛ وليس كذلك‪ ،‬بل ظهوره‬
‫ون‪،‬‬
‫وم َ‬
‫«الص ْو ُم َي ْو َم ت َُص ُ‬
‫للناس واستهالهلم به البد منه؛ وهلذا قال النبي ‪َّ :H‬‬
‫ون«(‪ ،)4‬أي هذا اليوم الذي تعلمون أنه وقت‬ ‫الف ْط ُر َي ْو َم ُت ْفطِ ُر َ‬
‫ون‪َ ،‬واألَ ْض َحى َي ْو َم ت َُض ُّح َ‬ ‫و ِ‬
‫َ‬
‫الصوم‪ ،‬والفطر‪ ،‬واألضحى‪ ،‬فإذا مل تعلموه مل يرتتب عليه حكم)‪.(5‬‬

‫وهذا القول أفتى به الشيخ عبد العزيز بن باز ‪ .)6(V‬واهلل أعلم‪.‬‬


‫***‬

‫((( رواه الرتمذي (‪ ،)697‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع (‪.)3869‬‬


‫((( جمموع الفتاوى (‪.)115/25‬‬
‫((( انظر‪ :‬جمموع الفتاوى (‪.)115/25‬‬
‫((( رواه الرتمذي (‪ ،)697‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع (‪.)3869‬‬
‫((( انظر‪ :‬جمموع الفتاوى (‪.)202/25‬‬
‫((( جمموع فتاوى ابن باز (‪ ،)72/15‬وانظر‪ :‬مذاهب الفقهاء يف‪ :‬املغني (‪.)416/4‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*سؤال‪ :‬يف جوابكم عىل السؤال رقم (‪ )26824‬ذكرتم جواز األخذ برأي الثقة يف رؤية‬
‫اهلالل‪ ،‬ولكن هذا يتعارض مع احلديث الذي جاء فيه بدوي إىل الرســول ‪،H‬‬
‫وأخــره برؤية اهلالل‪ ،‬عندها ســأله الرســول هل تؤمــن بأن ال إلــه إال اهلل وأن‬
‫حممد ًا رسول اهلل؟ َّ‬
‫فلم أجاب باإلجياب‪ ،‬سأله هل تشهد أنك رأيت اهلالل؟ فمن هذا‬
‫‪66‬‬
‫احلديث الدليل عىل جواز قبول رؤية اهلالل من أي مسلم‪.‬‬

‫*جواب‪:‬‬

‫احلديث الذي أشار إليه السائل هو‪:‬‬


‫اب إِ َل النَّبِ ِّي ‪َ H‬ف َق َال إِنِّ َر َأ ْي ُت ِ‬
‫الهال ََل‬ ‫اس ‪َ L‬ق َال‪َ :‬جا َء َأ ْع َر ِ ٌّ‬ ‫َع ِن ا ْب ِن َع َّب ٍ‬
‫«أت َْش َهدُ َأ ْن الَ إِ َل َه إِالَّ اهللُ؟«‪َ ،‬ق َال‪َ :‬ن َع ْم‪َ ،‬ق َال‪:‬‬
‫ان‪َ -‬ف َق َال‪َ :‬‬ ‫الح َس ُن ِف َح ِديثِ ِه‪َ :‬ي ْعنِى‪َ :‬ر َم َض َ‬ ‫‪َ -‬ق َال َ‬
‫وموا غَد ًا«(‪.)1‬‬ ‫ول اهللِ؟«‪َ ،‬ق َال‪َ :‬ن َع ْم‪َ ،‬ق َال‪َ « :‬يا بِال َُل‪َ ،‬أ ِّذ ْن ِف النَّا ِ‬
‫س َف ْل َي ُص ُ‬ ‫«أت َْش َهدُ َأ َّن ُ َ‬
‫م َّمدً ا َر ُس ُ‬ ‫َ‬

‫واحلديث‪ :‬ضعيف‪ ،‬ال يصح‪ ،‬وقد ضعفه النسائي واأللباين وغريمها‪.‬‬

‫وإذا كان احلديث ضعيف ًا‪ ،‬فال تعارض بينه وبني ما ذكرناه أنه ال بدَّ أن يكون الرائي‬
‫للهالل عدالً‪.‬‬

‫وعىل فرض صحة احلديث‪ :‬فإن معناه حيمل عىل وجوه‪ ،‬منها‪:‬‬

‫‪ .1‬أن األمر يف قبول شهادة الرائي للهالل‪ ،‬وكونه ثقة‪ ،‬عدالً‪ :‬يرجع للقايض‪ ،‬وأنه‬
‫إن استقر يف نفسه بسبب خربته بالناس أن هذا الرائي موثوق بشهادته‪ :‬فإن له‬
‫قبول تلك الشهادة منه‪ ،‬وإن مل يكن يعرفه أحد ليزكيه ويوثقه‪.‬‬
‫قال الشيخ األلباين ‪:V‬‬
‫«إذ ًا‪ :‬أمـر بلاالً بـأن يـؤذن‪ ،‬أي‪ :‬يعلـن يف النـاس أن يصومـوا غـد ًا‪ ،‬فقنـع‬
‫الرسـول ‪ S‬مـن هـذا الرجـل الـذي ال يعرفـه بـأن يشـهد أن ال إلـه إال اهلل‬
‫وأن حممـد ًا رسـول اهلل‪ ،‬بمعنى‪ :‬أنـه عرف أنه مسـلم‪ ،‬لكنه ما َّ‬
‫جربـه‪ ،‬وال عرف‬

‫((( رواه الرتمذي (‪ ،)691‬وأبو داود (‪ ،)2340‬والنسائي (‪ ،)2112‬وابن ماجه (‪.)1652‬‬


‫لهلا ةيؤر‬

‫ذكاءه‪ ،‬وفطنتـه‪ ،‬وكياسـته‪ ،‬كما كان األمـر بالنسـبة للحديـث األول الـذي فيـه‬
‫أن الشـاهد كان عبـد اهلل بـن عمـر بن اخلطـاب‪ ،‬ومع ذلـك قبِل شـهادته‪ ،‬فهذا‬
‫فيـه تيسير واسـع‪ ،‬ومعنـى هـذا أن القـايض يقنـع بظاهـر الشـاهد دون أن يأيت‬
‫يعرفونـه كما جـرى على ذلـك عـرف القضـاة قديم ًا‪ ،‬يكتفي منـه بأن‬
‫بمزكين ِّ‬
‫‪67‬‬
‫يعـرف إسلامه‪ ،‬هـذا أعـرايب مـا يعرفـه سـابق ًا ‪ ،O‬فاكتفى أن يشـهد‬
‫أمامـه بالشـهادتني‪ ،‬فهـو مسـلم‪ ،‬له مـا لنا‪ ،‬وعليـه ما علينـا‪ ،‬وبنا ًء عىل شـهادته‬
‫وإسلامه قـال‪ :‬يـا بلال‪ ،‬أذن يف النـاس أن يصوموا غـد ًا«)‪.(1‬‬
‫‪ .2‬أن يكـون هـذا احلديـث دليل ً‬
‫ا على أن األصـل يف املسـلم العدالة‪ ،‬حتـى يتبني‬
‫خلاف ذلك‪.‬‬
‫قال الصنعاين ‪ V‬يف فوائد حديث ابن عباس‪:‬‬
‫من‬ ‫‪H‬‬ ‫«فيه داللة عىل أن األصل يف املسلمني العدالة‪ ،‬إذ مل يطلب‬
‫األعرايب إال الشهادة (‪.)2‬‬
‫خاص ًا بالصحابة‪ ،‬وهو كذلك؛ ألهنم مجيع ًا عدول‪ ،‬ومما ال‬
‫‪ .3‬أن يكون هذا احلكم ّ‬
‫شك فيه أن ذاك األعرايب قد انتظم يف عقد الصحابة ‪ ،H‬وهو بذلك صار‬
‫من العدول‪ ،‬والذين ال ُيتاج النظر يف عدالتهم‪.‬‬
‫قال الشيخ حممد بن صالح العثيمني ‪:V‬‬
‫«والصحابة كلهم ثقات ذوو عدل‪ ،‬تقبل رواية الواحد منهم‪ ،‬وإن كان جمهوالً‪،‬‬
‫ولذلك قالوا‪ :‬جهالة الصحايب ال ترض‪.‬‬
‫والدليل عىل ما وصفناه من حال الصحابة‪ :‬أن اهلل أثنى عليهم ورسوله‪ ،‬يف‬
‫عدة نصوص‪ ،‬وأن النبي ‪ H‬يقبل قول الواحد منهم إذا علم إسالمه‪،‬‬
‫وال يسأل عن حاله‪ ،‬فعن ابن عباس ‪ L‬قال‪ :‬جاء أعرايب إىل النبي ‪H‬‬

‫فقال‪ :‬إين رأيت اهلالل‪ :‬يعني رمضان‪.(3) ...‬‬

‫((( التعليق عىل كتاب بلوغ املرام دروس صوتية‪ ،‬احلديث رقم ‪ ،5‬كتاب الصيام‪.‬‬
‫((( سبل السالم (‪.)153 /2‬‬
‫((( مصطلح احلديث من موقعه ‪.V‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫قر‬
‫يقوي ما سبق‪ ،‬وهو كون تلك الشهادة يف زمن الوحي‪ ،‬وال يمكن أن ُي َّ‬‫وهناك أمر ِّ‬
‫ذلك األعرايب عىل شهادة باطلة تتعلق بطاعة املسلمني وعبادهتم‪.‬‬

‫وبام أن احلديث ضعيف‪ :‬فقد أغنانا اهلل تعاىل عن تأويله‪ ،‬واحلمد هلل رب العاملني‪.‬‬
‫واهلل أعلم‪.‬‬ ‫‪68‬‬
‫***‬

‫أناس أهنم رأوا هالل رمضان‪ ،‬ويزعم أهل الفلك واحلساب أنه ال‬
‫*سؤال‪ :‬يزعم ٌ‬
‫يمكن رؤيته يف تلك الليلة‪ ،‬وليس اإلشكال عندي هبذا فقد خيطئ احلساب وخيتلف‬
‫التقدير‪ ،‬ولكن حمل اإلشكال هو أن أهل الفلك واملهتمني بعلم احلساب يزعمون أهنم‬
‫تراءوا اهلالل تلك الليلة بام لدهيم من مراصد وآالت فلم يروه‪ .‬فكيف ُيرى بالعني‬
‫املجردة وال ُيرى باآلالت احلديثة واألجهزة املتطورة‪ ،‬فلو كانت املسألة بالعكس رأوه‬
‫باآلالت ومل ُير بالعني لساغ اخلالف هل يصام أم ال؟ وهل يفطر الناس أم ال؟ ولكن‬
‫املشكلة كيف يرونه باألعني وال ُيرى باآلالت‪ .‬يف احلقيقة أريد منكم توضيحا شافيا‬
‫يزيل ما عندي من القلق واالضطراب وال أظن أين وحيد هبذا األمر‪.‬‬

‫*جواب‪:‬‬

‫املعتمد يف إثبات دخول شهر رمضان هو رؤية اهلالل أو إكامل شعبان ثالثني يوما‬
‫يف حال عدم رؤيته‪ ،‬وهذا ما دلت عليه السنة الصحيحة‪ ،‬وأمجع عليه أهل العلم‪ ،‬فعن‬
‫وموا لِ ُرؤْ َيتِ ِه‪َ ،‬و َأ ْفطِ ُروا لِ ُرؤْ َيتِ ِه‪َ ،‬فإِ ْن ُغ ِّب َي‬ ‫أيب ُه َر ْي َر َة ‪ I‬قال‪َ :‬ق َال النَّبِ ُّي ‪ُ :H‬‬
‫«ص ُ‬
‫ع َليكُم َف َأك ِْم ُلوا ِعدَّ َة َشعب َ ِ‬
‫غمي عليكم«‪.‬‬ ‫ني« ويف رواية «فإن ِّ‬
‫(‪)1‬‬
‫ان َث َلث َ‬ ‫َْ‬ ‫َ ْ ْ‬

‫وال عربة باحلساب الفلكي‪ ،‬واألصل يف الرؤية أن تكون بالعني املجردة‪ ،‬لكن لو رؤي‬
‫اهلالل باآلالت احلديثة فإنه يعمل هبذه الرؤية‪ ،‬كام سبق يف جواب السؤال رقم‪)106489( :‬‬
‫وأما كيف يرى اهلالل بالعني املجردة وال يرى باملراصد واآلالت؟ فهذا قد يرجع إىل‬
‫اختالف مكان الرؤية ووقتها‪.‬‬

‫((( رواه البخاري (‪ )1909‬ومسلم (‪.)1081‬‬


‫لهلا ةيؤر‬

‫وبكل حال فاحلكم معلق عىل رؤية اهلالل‪ ،‬فام دام قد رآه ثقة أو ثقتان من املسلمني‬
‫فالواجب العمل هبذه الرؤية‪.‬‬

‫قال الشيخ صالح بن حممد اللحيدان رئيس جملس القضاء األعىل حفظه اهلل‪:‬‬
‫‪69‬‬
‫«وهناك األخ عبد اهلل اخلضريي أحد املشتهرين برصد اهلالل وترصد كثري ًا من‬
‫حاالته ولو يف غري وقت اهلالل وذهب إليه بعض الفلكيني واجتمعوا به يف منطقة حوطة‬
‫سدير وقد أخربين بأهنم قدروا خروج القمر يف تلك الليلة يف موضع بناء عىل حساهبم‬
‫وتقديرهم عىل لوحات األجهزة فأخربهم أنه لن خيرج من املكان الذي يقولون ألنه‬
‫رصده قبلهم البارحة وكان يعرف منازل القمر مرشقة كل ليلة متر بعد التي سبقتها ثم‬
‫ملا خرج وبزغ فإنه وفق ًا ملا حدده هو وليس ما حددوه وهو يعذرهم ألهنم مل حيددوه‬
‫باملشاهدة‪ ،‬بل باألجهزة التي بني أيدهيم»)‪ (1‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*ســؤال‪ :‬هل يلزمنا قضاء اليوم الثالثني من رمضان الفائت أو كفارة؟ فقد سمعت‬
‫أن إفطارنا كان خاطئا وأن رمضان يف ســنة ‪ 1428-‬هـ‪ -‬كان ‪ 30‬يوم ًا ومل يكن ‪29‬‬
‫يوم ًا؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫ال يلزمكم قضاء اليوم الثالثني؛ ألن رمضان كان ‪ 29‬يوم ًا‪ ،‬بنا ًء عىل ثبوت اهلالل‬
‫بالرؤية الرشعية‪ ،‬وقد شهد بذلك ما يقارب العرشة‪ ،‬كام ذكر فضيلة الشيخ صالح بن‬
‫حممد اللحيدان رئيس جملس القضاء األعىل حفظه اهلل‪.‬‬

‫ومـن كان خـارج اململكـة واعتمد على رؤيتها‪ ،‬ففطـره صحيـح‪ ،‬وال يلزمه يشء‪.‬‬
‫واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫((( من لقاء أجرته معه جريدة الرياض‪http://www.alriyadh.coH/2007/10/12/article286271_s.htHl .‬‬


‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*ســؤال‪ :‬هل جيوز اعتامد حســاب املراصد الفلكية يف ثبوت الشهر وخروجه؟ وهل‬
‫جيوز للمســلم أن يســتعمل اآلالت احلديثة لرؤية اهلالل؟ أم جيب أن تكون الرؤية‬
‫بالعني املجردة؟‬

‫*جواب‪:‬‬ ‫‪70‬‬

‫الطريقة الرشعية لثبوت دخول الشهر أن يرتاءى الناس اهلالل‪ ،‬وينبغي أن يكون‬
‫ذلك ممن يوثق به يف دينه ويف قوة نظره‪ ،‬فإذا رأوه وجب العمل بمقتىض هذا الرؤية؛‬
‫صوم ًا إن كان اهلالل هالل رمضان‪ ،‬وإفطار ًا إن كان اهلالل هالل شوال‪.‬‬

‫وال جيوز اعتامد حساب املراصد الفلكية إذا مل يكن رؤية‪ ،‬فإن كان هناك رؤية ولو‬
‫عن طريق املراصد الفلكية فإهنا معتربة‪ ،‬لعموم قول النبي ‪« :H‬إذا رأيتموه‬
‫فصوموا‪ ،‬وإذا رأيتموه فأفطروا»‪.‬‬

‫أما احلساب فإنه ال جيوز العمل به‪ ،‬وال االعتامد عليه‪.‬‬

‫وأما استعامل ما يسمى (بالدربيل) وهو املنظار املقرب يف رؤية اهلالل فال بأس‬
‫به‪ ،‬ولكن ليس بواجب‪ ،‬ألن الظاهر من السنة أن االعتامد عىل الرؤية املعتادة ال عىل‬
‫غريها‪ .‬ولكن لو استعمل فرآه من يوثق به فإنه يعمل هبذه الرؤية‪ .‬وقد كان الناس قدي ًام‬
‫يستعملون ذلك ملا كانوا يصعدون (املنائر) يف ليلة الثالثني من شعبان وليلة الثالثني من‬
‫رمضان فيرتاءونه بواسطة هذا املنظار‪.‬‬

‫عىل كل حال‪ :‬متى ثبتت رؤيته بأي وسيلة فإنه جيب العمل بمقتىض هذه الرؤية‪،‬‬
‫لعموم قول النبي ‪« :H‬إذا رأيتموه فصوموا‪ ،‬وإذا رأيتموه فأفطروا«(‪.)1‬‬

‫وقد نقلنا فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء يف هذه املسألة يف جواب‬
‫السؤال رقم (‪ )1245‬ومما جاء فيها‪« :‬جتوز االستعانة بآالت الرصد يف رؤية اهلالل‪،‬‬
‫وال جيوز االعتامد عىل العلوم الفلكية يف إثبات بدء شهر رمضان املبارك أو الفطر»(‪.)2‬‬

‫((( فتاوى علامء البلد احلرام للشيخ ابن عثيمني (ص‪.)193 ،192‬‬
‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)99/9‬‬
‫لهلا ةيؤر‬

‫وهبذا يتبني أن من يزعم أن علامءنا حيرمون استعامل اآلالت احلديثة يف رؤية اهلالل‪،‬‬
‫ويوجبون أن يكون ذلك بالعني املجردة‪ ،‬أنه كاذب ٍ‬
‫مفرت‪.‬‬

‫نسأل اهلل تعاىل أن يرينا احلق حق ًا ويرزقنا اتباعه‪ ،‬ويرينا الباطل باط ً‬
‫ال ويرزقنا‬
‫‪71‬‬ ‫اجتنابه‪ ،‬وأن ال جيعله ملتبس ًا علينا فنضل‪ ،‬وأن جيعلنا للمتقني إماما‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬أنا ال أصوم أو أفطر عىل رشط رؤيتي هلالل بعيني‪ ،‬لكن أصوم عىل شهادة‬
‫مسلمني عدلني‪ ،‬واملشكلة أن بلدي يصوم دائ ًام متأخر ًا بيو ٍم ويفطر متأخر ًا بيو ٍم‬
‫عن مجوع املسلمني‪ ،‬وأنا متمسك بتوحيد الصيام فأصوم وأفطر مع األغلبية‪ ،‬كلنا‬
‫مسلمون يف بالد اإلسالم‪ ،‬من أندونيسيا إىل املغرب‪ .‬سؤايل كان بخصوص صالة‬
‫العيد‪ ،‬ال يسعني أن أسافر لصالة العيد‪ ،‬فهل إذا صليتها مع أهل بلدي وتكون بذلك‬
‫متأخرة‪ ،‬فهل جتزي أو ال أصيل فيضيع عيل األجر وال حول وال قوة إال باهلل؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫إذا كان أهل بلدك يعتمدون عىل الرؤية الرشعية‪ ،‬فإنك تصوم وتفطر معهم‪ ،‬وال‬
‫ون‪،‬‬‫وم َ‬ ‫«الص ْو ُم َي ْو َم ت َُص ُ‬
‫ينبغي أن ختالفهم وتأخذ برؤية غريهم؛ لقول النبي ‪َّ :H‬‬
‫ون«(‪ ، )1‬وقال‪« :‬و َف بع ُض َأه ِل ِ‬
‫الع ْل ِم َه َذا‬ ‫ْ‬ ‫َ سَّ َ َ ْ‬ ‫ون‪َ ،‬واألَ ْض َحى َي ْو َم ت َُض ُّح َ‬‫الف ْط ُر َي ْو َم ُت ْفطِ ُر َ‬
‫و ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الج َم َعة َو ُع ْظ ِم النَّاس»‪ .‬واحلديث‬ ‫يث َف َق َال‪ :‬إِ َنَّم َم ْعنَى َه َذا‪َ :‬أ َّن َّ‬
‫الص ْو َم َوالف ْط َر َم َع َ‬ ‫الحد َ‬ ‫َ‬
‫صححه األلباين يف صحيح الرتمذي‪.‬‬

‫وإذا أخذت بمذهب من يرى أن رؤية بلد تلزم مجيع البلدان‪ ،‬واقتىض هذا أن يكون‬
‫العيد يف حقك قبل عيدهم‪ ،‬فإنك ختفي فطرك‪ ،‬وتصيل معهم العيد من الغد قضاء‪.‬‬

‫قال الشيخ ابن عثيمني ‪ ...« :V‬فإذا كنت ترى أنه جيب العمل بالقول األول وأنه‬
‫إذا ثبتت رؤية اهلالل يف مكان من بالد املسلمني عىل وجه رشعي وجب العمل بمقتىض‬
‫ذلك‪ ،‬وكانت بالدك مل تعمل هبذا‪ ،‬وترى أحد الرأيني اآلخرين فإنه ال ينبغي لك أن‬

‫((( رواه الرتمذي (‪.)697‬‬


‫الصيام سؤال وجواب‬

‫تظهر املخالفة‪ ،‬ملا يف ذلك من الفتنة والفوىض واألخذ والرد‪ ،‬وبإمكانك أن تصوم رس ًا‬
‫يف هالل رمضان‪ ،‬وأن تفطر رس ًا يف هالل شوال‪ ،‬أما املخالفة فهذه ال تنبغي‪ ،‬وليست‬
‫مما يأمر به اإلسالم»)‪ ،(1‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬
‫‪72‬‬
‫*سؤال‪ :‬قرأت أنه يكفي يف إثبات شهر رمضان رؤية عدل ثقة‪ ،‬فمن هو العدل؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫العدل هو‪ :‬من قام بالواجبات‪ ،‬ومل يفعل كبرية‪ ،‬ومل يرص عىل صغرية‪.‬‬
‫واملراد بالقيام بالواجبات‪ :‬أداء الفرائض‪ ،‬كالصلوات اخلمس‪.‬‬
‫ومل يفعل كبرية‪ :‬كالنميمة‪ ،‬والغيبة‪.‬‬
‫و ُيشرتط مع العدالة‪ :‬أن يكون قوي البرص‪ ،‬بحيث ُيتمل صدقه فيام ادعاه‪ ،‬فإن كان‬
‫ضعيف البرص مل تُقبل شهادته وإن كان عدالً؛ ألنه لو كان عدالً‪ ،‬وشهد وهو ضعيف‬
‫البرص‪ ،‬فقد يكون ما رآه ليس هالالً‪.‬‬
‫والدليل عىل ذلك‪ :‬أن اهلل ‪ D‬جعل القوة واألمانة من مسوغات إسناد العمل‪،‬‬
‫ففي قصة موسى ‪ O‬مع صاحب مدين‪ ،‬قالت إحدى ابنتيه‪( :‬ﮩ ﮪ‬
‫ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ) [القصص‪.]26 :‬‬
‫وقال العفريت الذي التزم أن يأيت بعرش ملكة سبأ‪( :‬ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ) [النمل‪،]39 :‬‬
‫فهذان الوصفان ركنان يف كل عمل‪ ،‬ومنها الشهادة)‪ .(2‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬هل تقبل شهادة النساء يف رؤية هالل رمضان؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫اختلف الفقهاء يف قبول شهادة املرأة يف رؤية هالل رمضان عىل قولني‪:‬‬

‫((( جمموع فتاوى الشيخ ابن عثيمني (‪.)44/19‬‬


‫((( الرشح املمتع (‪.)325/6‬‬
‫لهلا ةيؤر‬

‫األول‪َ :‬قبول شهادهتا‪ ،‬وهو مذهب احلنفية ‪-‬إذا كان اجلو غيام‪ ،-‬واحلنابلة‪ ،‬وأحد‬
‫الوجهني عند الشافعية‪.‬‬

‫والقول الثاين‪ :‬أهنا ال تُقبل‪ ،‬وهو مذهب املالكية‪ ،‬واألصح عند الشافعية‪.‬‬
‫‪73‬‬
‫ِ‬
‫املخب امرأة‪ ،‬فقياس املذهب قبول قوهلا‪ ،‬وهو قول‬ ‫قال ابن قدامة ‪« :V‬فإن كان‬
‫أيب حنيفة‪ ،‬وأحد الوجهني ألصحاب الشافعي؛ ألنه خرب ديني‪ ،‬فأشبه الرواية‪ ،‬واخلرب‬
‫عن القبلة‪ ،‬ودخول وقت الصالة‪ ،‬وحيتمل أن ال تقبل؛ ألنه شهادة برؤية اهلالل‪ ،‬فلم‬
‫يقبل فيه قول امرأة‪ ،‬كهالل شوال»)‪.(1‬‬

‫واحلنفية فرقوا بني حال الغيم والصحو‪ ،‬ففي الغيم جيزئ شهادة رجلني‪ ،‬أو رجل‬
‫وامرأتني‪ ،‬ويف الصحو البد من االستفاضة(‪.)2‬‬

‫وقـال ابـن عثيمين ‪« :V‬بعـض العلماء قالـوا‪ :‬إن األنثـى ال تُقبل شـهادهتا‪ ،‬ال‬
‫يف رمضـان وال يف غيره؛ ألن الـذي رأى اهللال يف عهد رسـول اهلل ‪ H‬رجل؛‬
‫ومـوا‪َ ،‬و َأ ْفطِ ُـروا«‪ ،‬واملـرأة‬ ‫ـهدَ َش ِ‬
‫ـاهدَ ِ‬
‫ان؛ َف ُص ُ‬ ‫وألن النبـي ‪ H‬قـال‪َ « :‬فـإِ ْن َش ِ‬
‫شـاهدة‪ ،‬وليست شـاهدا‪.‬‬

‫ودليل املذهب‪ :‬أن هذا خرب ديني‪ ،‬يستوي فيه الذكور واإلناث‪ ،‬كام استوى الذكور‬
‫واإلناث يف الرواية‪ ،‬والرواية خرب ديني‪ ،‬وهلذا مل يشرتطوا لرؤية هالل رمضان ثبوت‬
‫ذلك عند احلاكم‪ ،‬وال لفظ الشهادة‪ ،‬بل قالوا‪ :‬لو سمع شخصا ثقة حيدث الناس يف‬
‫جملسه بأنه رأى اهلالل؛ فإنه يلزمه أن يصوم بخربه»)‪.(3‬‬

‫وأما هالل شوال‪ :‬فال يثبت إال بشهادة رجلني‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫((( املغني (‪ )48/3‬وانظر‪ :‬تبيني احلقائق (‪ ،)319/1‬التاج واإلكليل (‪ ،)278/3‬املجموع (‪،)284/6‬‬


‫كشاف القناع (‪.)304/2‬‬
‫((( انظر‪ :‬البحر الرائق (‪.)290/2‬‬
‫((( الرشح املمتع (‪.)326/6‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*سؤال‪ :‬ما حكم الذي ال يصوم إذا أعلن رؤية هالل رمضان‪ ،‬حتى يرى بنفسه‪،‬‬
‫وموا لِ ُرؤْ َيتِ ِه َو َأ ْفطِ ُروا لِ ُرؤْ يِت َِه«؟ وهل استدالهلم هبذا‬
‫«ص ُ‬
‫ويستدل باحلديث القائل‪ُ :‬‬
‫احلديث صحيح؟‬

‫*جواب‪:‬‬ ‫‪74‬‬

‫الواجب عىل املسلم أن يصوم إذا ثبتت رؤية اهلالل‪ ،‬ولو بواحد عدل من املسلمني‪.‬‬
‫وموا لِ ُرؤْ َيتِ ِه‪َ ،‬و َأ ْفطِ ُروا لِ ُرؤْ َيتِ ِه«(‪ ،)1‬عىل أن كل فرد ال‬
‫«ص ُ‬
‫وأما االستدالل بحديث‪ُ :‬‬
‫يصوم إال برؤيته بنفسه‪ :‬فغري صحيح؛ ألن احلديث خطاب عام بالصيام عند حتقق‬
‫الرؤية‪ ،‬ولو من واحد عدل من املسلمني)‪.(2‬‬
‫ومن األد ّلة الدالة عىل ّ‬
‫أن رؤية الواحد العدل الثقة من املسلمني للهالل كافية‬
‫لوجوب الصيام عىل مجيع املسلمني‪ :‬حديث ابن عمر ‪ L‬قال‪:‬‬
‫«تراءى الناس اهلالل‪ ،‬فأخربت رسول اهلل ‪ H‬أين رأيته؛ فصامه‪ ،‬وأمر الناس‬
‫بصيامه )‪.(3‬‬
‫الضال‬
‫بالصيام؛ ألجل اعتقادهم ّ‬ ‫وبعض أهل البدع ّ‬
‫يتأخرون عن سائر املسلمني ّ‬
‫بأنه ال صيام عىل اإلنسان حتى يراه بنفسه‪ ،‬واألحاديث تر ّد عليهم‪ ،‬ثم نسأهلم‪ :‬ماذا‬
‫يفعل األعمى وضعيف البرص إذن؟ واألمر كام قال اهلل تعاىل‪( :‬ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ‬
‫ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ) [احلج‪.]46 :‬‬
‫واهلل اهلادي إىل سواء السبيل‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬إنه من غري املمكن رؤية اهلالل بالعني املجردة قبل أن يصبح عمره ثالثني‬
‫ساعة‪ ،‬وباإلضافة إىل ذلك فإنه من غري املمكن أحيان ًا رؤيته بسبب حالة اجلو‪ ،‬فهل‬
‫جيوز بناء عىل ذلك اللجوء إىل استعامل املعلومات الفلكية يف حساب املوعد املحتمل‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)1810‬ومسلم (‪.)1080‬‬


‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)94/10‬‬
‫((( رواه أبو داود (‪ ،)2342‬وصححه األلباين يف اإلرواء (‪.)908‬‬
‫لهلا ةيؤر‬

‫لرؤية القمر اجلديد وموعد بدء شهر رمضان؟‪ ،‬أم جيب علينا رؤية القمر اجلديد قبل‬
‫بدئنا بصوم شهر رمضان املبارك؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫‪75‬‬
‫جتوز االستعانة بآالت الرصد يف رؤية اهلالل‪ ،‬وال جيوز االعتامد عىل العلوم الفلكية يف‬
‫إثبات بدء شهر رمضان املبارك أو الفطر؛ ألن اهلل مل يرشع لنا ذلك ال يف كتابه‪ ،‬وال يف سنة‬
‫نبيه ‪ ،H‬وإنام رشع لنا إثبات بدء شهر رمضان وهنايته برؤية هالل شهر رمضان يف‬
‫بدء الصيام‪ ،‬ورؤية هالل شوال يف اإلفطار‪ ،‬واالجتامع لصالة عيد الفطر‪ ،‬وجعل األهلة‬
‫مواقيت للناس وللحج؛ فال جيوز ملسلم أن ُيو ّقت بغريها شيئ ًا من العبادات‪ ،‬من صوم‬
‫ً‬
‫اخلطأ‪ ،‬وكفارة الظهار‪ ،‬ونحوها‪،‬‬ ‫رمضان‪ ،‬واألعياد‪ ،‬وحج البيت‪ ،‬والصوم يف كفارة القتل‬
‫قال تعاىل‪( :‬ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ) [البقرة‪ ،]185 :‬وقال تعاىل‪( :‬ﮮ ﮯ‬
‫وموا لِ ُرؤْ َيتِ ِه‪،‬‬ ‫ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ) [البقرة‪ ،]189 :‬وقال ‪ُ :H‬‬
‫«ص ُ‬
‫ِ‬ ‫َو َأ ْفطِ ُروا لِ ُرؤْ َيتِ ِه‪َ ،‬فإِ ْن غ ُِّم َي َع َل ْيك ُُم َّ‬
‫الش ْه َر؛ َف ُعدُّ وا َثالَث َ‬
‫ني«(‪.)1‬‬

‫وعىل ذلك‪ :‬جيب عىل من مل ُير اهلالل يف مطلعهم يف صحو أو غيم أن يتموا العدة‬
‫(عدة شعبان) ثالثني)‪ .(2‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬هل جيوز للمسلمني الذين يقيمون يف غري البالد املسلمة أن يشكلوا جلنة‪،‬‬
‫تقوم بإثبات هالل رمضان‪ ،‬وشوال‪ ،‬وذي احلجة‪ ،‬أم ال؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫«املسلمون املوجودون يف بالد غري إسالمية‪ ،‬جيوز هلم أن يشكلوا جلنة من املسلمني‪،‬‬
‫تتوىل إثبات هالل رمضان‪ ،‬وشوال‪ ،‬وذي احلجة (‪ .)3‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)1810‬ومسلم (‪.)1080‬‬


‫((( انظر‪ :‬فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)100/10‬‬
‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪)112/10‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫إسالمي يف إحدى الدول األوربية‪ ،‬نريد أن نحدّ د موعد بدء‬


‫ّ‬ ‫*سؤال‪ :‬نحن إدارة مركز‬
‫شهر رمضان وهنايته للمص ّلني يف مركزنا‪ ،‬وقد وضعنا نصب أعيننا حماولة مجع كلمة‬
‫املسلمني‪ ،‬بحيث نبذل ما يمكن لتوحيد رأهيم يف هذا املوضوع‪ ،‬وقد يرى بعضهم‬
‫الرؤية واآلخر احلساب‪ .‬وللمجلس األورويب لإلفتاء رأي يف املوضوع‪ ،‬مع العلم‬
‫‪76‬‬
‫أنّه اجلهة التي ّ‬
‫تتول إصدار الفتاوى للمسلمني يف أوروبا‪ .‬سؤالنا‪ :‬هل نتبع املجلس‬
‫األورويب لإلفتاء‪ ،‬ولو أخذ باحلساب‪ ،‬أم نبقى عىل ما اعتمدناه من حماولة وحدة‬
‫الكلمة بني املساجد يف مدينتا‪ ،‬ولو خالف رأي املجلس؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫ال جيوز العمل باحلساب الفلكي يف إثبات دخول شهر رمضان‪ ،‬أو خروجه‪ ،‬والواجب‬
‫وموا لِ ُرؤْ َيتِ ِه‪َ ،‬و َأ ْفطِ ُروا لِ ُرؤْ َيتِ ِه«(‪.)1‬‬
‫«ص ُ‬
‫هو العمل برؤية اهلالل‪ ،‬كام قال النبي ‪ُ :H‬‬

‫وقد أمجع املسلمون عىل عدم جواز العمل باحلساب الفلكي‪ ،‬بدالً من رؤية اهلالل‪،‬‬
‫غيم‪ ،‬فقد َش َّذ بعض العلامء‪ ،‬وأجاز العمل‬
‫إذا كانت السامء صحو ًا‪ ،‬أما إن كان يف السامء ٌ‬
‫باحلساب الفلكي يف حق احلاسب فقط‪.‬‬

‫قال ابن تيمية ‪« :V‬فإنا نعلم باالضطرار من دين اإلسالم‪ ،‬أن العمل يف رؤية‬
‫هالل الصوم‪ ،‬أو احلج‪ ،‬أو العدة‪ ،‬أو اإليالء‪ ،‬أو غري ذلك من األحكام املعلقة باهلالل‪،‬‬
‫بخرب احلاسب‪ :‬أنه ُي َرى أو ال ُي َرى ال جيوز‪ ،‬والنصوص املستفيضة عن النبي ‪H‬‬

‫خالف‬
‫ٌ‬ ‫قديم أصالً‪ ،‬وال‬
‫خالف ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫بذلك كثرية‪ ،‬وقد أمجع املسلمون عليه‪ ،‬وال ُيعرف فيه‬
‫ٌ‬
‫حديث‪ ،‬إال أن بعض املتأخرين من املتفقهة احلادثني بعد املائة الثالثة‪ ،‬زعم أنه إذا ُغ ًّم‬
‫اهلالل؛ جاز للحاسب أن يعمل يف حق نفسه باحلساب‪ ،‬فإن كان احلساب دل عىل‬ ‫ُ‬
‫الرؤية؛ صام‪ ،‬وإال‪ :‬فال‪.‬‬

‫وهذا القول وإن كان مقيد ًا باإلغامم‪ ،‬وخمتص ًا باحلاسب‪ ،‬فهو شاذ مسبوق باإلمجاع‬
‫عىل خالفه‪ ،‬فأما اتباع ذلك يف الصحو‪ ،‬أو تعليق عموم احلكم العام به‪ ،‬فام قاله مسلم»)‪.(2‬‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)1810‬ومسلم (‪.)1080‬‬


‫((( جمموع الفتاوى (‪.)132/25‬‬
‫لهلا ةيؤر‬

‫وبناء عىل هذا‪ :‬ال جيوز لكم اتباع املجلس املذكور‪ ،‬إذا كان يعتمد عىل احلساب الفلكي‪،‬‬
‫وليس عىل رؤية اهلالل‪ ،‬وعليكم العمل برؤية اهلالل كام هو أمر النبي ‪ ،H‬وعليه‬
‫أمجع املسلمون‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬
‫‪77‬‬
‫*سؤال‪ :‬يعتقد الناس يف بلدي بأنه من الصعب حتري اهلالل‪ ،‬بسبب كثرة الصناعة‬
‫والدخان واألبنية‪ ،‬فام رأيكم يف هذا؟ وما هو حجم اهلالل يف أول ظهوره؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫ليس من الصعب رؤية اهلالل عند ظهوره‪ ،‬وإذا مل يتيرس رؤيته يف بعض األمكنة‬
‫شاهد يف أمكنة أخرى أكثر وضوح ًا‪.‬‬
‫بسبب كثرة الدخان‪ ،‬فإنه لن يكون صعب ًا أن ُي َ‬

‫والدخان واألبنية مهام بلغت من العلو‪ ،‬فلن تكون مثل الغيم والسحاب يف تغطية‬
‫اهلالل‪ ،‬وقد أخربنا النبي ‪ H‬أنه إذا غم علينا ومل نره؛ فعلينا أن نكمل عدة شعبان‬
‫ثالثني يوم ًا‪.‬‬
‫فإما أن ُيرى اهلالل من خالل الدخان واألبنية؛ فيصام ملشاهدته‪.‬‬
‫ٍ‬
‫مكان آخر أكثر وضوح ًا؛ فيصام ملشاهدته‪.‬‬ ‫وإما أن يراه من كان يف‬
‫وإما أن ُيغم علينا وال نراه؛ فنكمل عدة شعبان ثالثني يوم ًا‪.‬‬
‫وأما حجم اهلالل يف أول ظهوره‪ ،‬فإنه يكون صغري ًا جدّ ًا‪ ،‬ال يراه إال من كان قوي‬
‫البرص‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬ملاذا ال يتوحد املسلمون يف الصيام‪ ،‬مع أن هالل رمضان واحد؟ وقدي ًام‬
‫يعذرون لعدم وجود وسائل اإلعالم‪.‬‬

‫*جواب‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬السبب الغالب يف اختالف بدء الصيام من بلد آلخر‪ ،‬هو اختالف مطالع‬
‫األهلة‪ ،‬واختالف املطالع أمر معلوم بالرضورة حس ًا‪ ،‬وعقالً‪.‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫وعليه‪ :‬فال يمكن إلزام املسلمني بالصوم يف وقت واحد؛ ألن هذا يعني إلزام مجاعة‬
‫منهم بالصوم قبل رؤية اهلالل‪ ،‬بل قبل طلوعه‪.‬‬

‫وقد سئل الشيخ ابن عثيمني ‪ V‬عمن ينادي بتوحيد األمة يف الصيام‪ ،‬وربط‬
‫املطالع كلها بمطالع مكة‪ ،‬فقال‪« :‬هذا من الناحية الفلكية مستحيل؛ ألن مطالع اهلالل‬ ‫‪78‬‬
‫‪-‬كام قال شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪ -V‬ختتلف باتفاق أهل املعرفة هبذا العلم‪ ،‬وإذا‬
‫كانت ختتلف؛ فإن مقتىض الدليل األثري‪ ،‬والنظري أن جيعل لكل بلد حكمه‪.‬‬

‫أما الدليل األثري‪ :‬فقال اهلل تعاىل‪( :‬ﮥﮦﮧﮨﮩ) [البقرة‪ ،]185 :‬فإذا‬
‫ُقدِّ َر أن أناس ًا يف أقىص األرض ما شهدوا الشهر‪-‬أي‪ :‬اهلالل‪ -‬وأهل مكة شهدوا اهلالل‪،‬‬
‫فكيف يتوجه اخلطاب يف هذه اآلية إىل من مل يشهدوا الشهر؟! وقال النبي ‪:H‬‬
‫وموا لِ ُرؤْ َيتِ ِه‪َ ،‬و َأ ْفطِ ُروا لِ ُرؤْ َيتِ ِه«(‪ ،)1‬فإذا رآه أهل مكة مثالً‪ ،‬فكيف نلزم أهل باكستان‪،‬‬
‫«ص ُ‬
‫ُ‬
‫ومن وراءهم من الرشقيني بأن يصوموا‪ ،‬مع أننا نعلم أن اهلالل مل يطلع يف أفقهم‪،‬‬
‫والنبي ‪ H‬علق ذلك بالرؤية‪.‬‬

‫أما الدليل النظري‪ :‬فهو القياس الصحيح الذي ال متكن معارضته‪ ،‬فنحن نعلم أن‬
‫الفجر يطلع يف اجلهة الرشقية من األرض قبل اجلهة الغربية‪ ،‬فإذا طلع الفجر عىل اجلهة‬
‫الرشقية‪ ،‬فهل يلزمنا أن نمسك ونحن يف ليل؟‬

‫اجلواب‪ :‬ال‪.‬‬

‫وإذا غربت الشمس يف اجلهة الرشقية‪ ،‬ولكننا نحن يف النهار‪ ،‬فهل جيوز لنا أن نفطر؟‬

‫اجلواب‪ :‬ال‪.‬‬

‫إذ ًا‪ :‬اهلالل كالشمس متام ًا‪ ،‬فاهلالل توقيته توقيت شهري‪ ،‬والشمس توقيتها توقيت‬
‫يومي‪ ،‬والذي قال‪( :‬ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ‬
‫ﮂ ﮃ ﮄ) [البقرة‪ ،]187 :‬هو الذي قال‪( :‬ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ) [البقرة‪،]185 :‬‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)1810‬ومسلم (‪.)1080‬‬


‫لهلا ةيؤر‬

‫ٍ‬
‫فمقتىض الدليل األثري والنظري‪ :‬أن نجعل لكل مكان حك ًام ًّ‬
‫خاصا به فيام يتعلق بالصوم‬
‫والفطر‪ ،‬ويربط ذلك بالعالمة احلسية التي جعلها اهلل يف كتابه‪ ،‬وجعلها نبيه حممد ‪H‬‬

‫يف سنته‪ ،‬أال وهي شهود القمر‪ ،‬وشهود الشمس‪ ،‬أو الفجر»(‪.)1‬‬
‫‪79‬‬ ‫‪-‬موضح ًا هذا القياس‪ ،‬ومؤيد ًا به حجة الذين اعتربوا اختالف‬ ‫‪V‬‬ ‫وقال‬
‫املطالع‪« :-‬قالوا‪ :‬والتوقيت الشهري كالتوقيت اليومي‪ ،‬فكام أن البالد ختتلف يف‬
‫اإلمساك‪ ،‬واإلفطار اليومي‪ ،‬فكذلك جيب أن ختتلف يف اإلمساك‪ ،‬واإلفطار الشهري‪،‬‬
‫ومن املعلوم أن االختالف اليومي له أثره باتفاق املسلمني‪ ،‬فمن كانوا يف الرشق؛ فإهنم‬
‫يمسكون قبل من كانوا يف الغرب‪ ،‬ويفطرون قبلهم أيض ًا‪.‬‬

‫فإذا حكمنا باختالف املطالع يف التوقيت اليومي‪ ،‬فإن مثله متاما يف التوقيت الشهري‪.‬‬

‫وال يمكن أن يقول قائل‪ :‬إن قوله تعاىل‪( :‬ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ‬


‫ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ) [البقرة‪ ،]187 :‬وقوله ‪« :H‬إِ َذا َأ ْق َب َل‬
‫الصائِ ُم«(‪ ،)2‬ال يمكن‬‫الش ْم ُس َف َقدْ َأ ْف َط َر َّ‬
‫ت َّ‬‫ال َّلي ُل ِمن هاهنَا‪ ،‬و َأدبر النَّهار ِمن هاهنَا‪ ،‬وغَرب ِ‬
‫ْ ْ َ ُ َ ََْ َ ُ ْ َ ُ َ َ َ‬
‫ألحد أن يقول‪ :‬إن هذا عام جلميع املسلمني يف كل األقطار‪.‬‬

‫وكذلك نقول يف عموم قوله تعاىل‪( :‬ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ) [البقرة‪،]185 :‬‬


‫وموا‪َ ،‬وإِ َذا َر َأ ْيت ُُمو ُه َف َأ ْفطِ ُروا«(‪.)3‬‬
‫وقوله ‪« :H‬إِ َذا َر َأ ْيت ُُمو ُه َف ُص ُ‬

‫وهذا القول ‪-‬كام ترى‪ -‬له قوته بمقتىض اللفظ‪ ،‬والنظر الصحيح‪ ،‬والقياس‬
‫الصحيح أيض ًا‪ ،‬قياس التوقيت الشهري عىل التوقيت اليومي»)‪.(4‬‬

‫وصدر عن هيئة كبار العلامء‪ ،‬بيان مهم هبذا اخلصوص‪ ،‬وهذا نصه‪:‬‬

‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)47/19‬‬


‫((( رواه البخاري (‪.)1853‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)1801‬ومسلم (‪.)1081‬‬
‫((( انظر‪ :‬جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)48/19‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫«أوالً‪ :‬اختالف مطالع األهلة من األمور التي ُعلمت بالرضورة حس ًا وعقالً‪ ،‬ومل‬
‫خيتلف فيها أحد من العلامء‪ ،‬وإنام وقع االختالف بني علامء املسلمني يف اعتبار خالف‬
‫املطالع‪ ،‬وعدم اعتباره‪.‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬مسألة اعتبار اختالف املطالع وعدم اعتباره من املسائل النظرية‪ ،‬التي لالجتهاد‬ ‫‪80‬‬
‫فيها جمال‪ ،‬واالختالف فيها واقع ممن هلم الشأن يف العلم والدين‪ ،‬وهو من اخلالف‬
‫السائغ‪ ،‬الذي يؤجر فيه املصيب أجرين‪ :‬أجر االجتهاد‪ ،‬وأجر اإلصابة‪ ،‬ويؤجر فيه‬
‫املخطئ أجر االجتهاد‪.‬‬

‫وقد اختلف أهل العلم يف هذه املسألة عىل قولني‪ :‬فمنهم من رأى اعتبار اختالف‬
‫املطالع‪ ،‬ومنهم من مل ير اعتباره‪ ،‬واستدل كل فريق منهام بأدلة من الكتاب والسنة‪ ،‬وربام‬
‫استدل الفريقان بالنص الواحد‪ ،‬كاشرتاكهام يف االستدالل بقوله تعاىل‪( :‬ﮮ‬
‫وموا‬ ‫ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ) [البقرة‪ ،]189 :‬وبقوله ‪ُ :H‬‬
‫«ص ُ‬
‫لِ ُرؤْ َيتِ ِه‪َ ،‬و َأ ْفطِ ُروا لِ ُرؤْ َيتِ ِه )‪ (1‬احلديث‪ ،‬وذلك الختالف الفهم يف النص‪ ،‬وسلوك كل‬
‫منهام طريق ًا يف االستدالل به‪.‬‬

‫ونظر ًا العتبارات رأهتا اهليئة و َقـدَّ رهتا‪ ،‬ونظر ًا إىل أن االختالف يف هذه املسألة ليست‬
‫له آثار ُتشى عواقبها‪ ،‬فقد مىض عىل ظهور هذا الدين أربعة عرش قرن ًا‪ ،‬ال نعلم فيها‬
‫فرتة جرى فيها توحيد األمة اإلسالمية عىل رؤية واحدة‪ ،‬فإن أعضاء جملس هيئة كبار‬
‫العلامء يرون بقاء األمر عىل ما كان عليه‪ ،‬وعدم إثارة هذا املوضوع‪ ،‬وأن يكون لكل‬
‫دولة إسالمية حق اختيار ما تراه بواسطة علامئها‪ ،‬من الرأيني املشار إليهام يف املسألة‪ ،‬إذ‬
‫لكل منهام أدلته ومستنداته‪.‬‬

‫ثالث ًا‪ :‬نظر جملس اهليئة يف مسألة ثبوت األهلة باحلساب‪ ،‬وما ورد يف الكتاب والسنة‪،‬‬
‫واطلعوا عىل كالم أهل العلم يف ذلك‪ ،‬فقرروا ‪-‬بإمجاعٍ‪ -‬عد َم اعتبار حساب النجوم يف‬
‫ِ ِ (‪)2‬‬
‫وموا لِ ُرؤْ َيتِ ِه‪َ ،‬و َأ ْفطِ ُروا لِ ُرؤْ َيته«‬
‫«ص ُ‬
‫ثبوت األهلة يف املسائل الرشعية؛ لقوله ‪ُ :H‬‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)1810‬ومسلم (‪.)1080‬‬


‫((( رواه البخاري (‪ ،)1810‬ومسلم (‪.)1080‬‬
‫لهلا ةيؤر‬

‫)‪(1‬‬
‫الهال ََل‪َ ،‬والَ ُت ْفطِ ُروا َحتَّى ت ََر ْو ُه‬
‫وموا َحتَّى ت ََر ُوا ِ‬
‫احلديث‪ ،‬وقوله ‪« :H‬الَ ت َُص ُ‬
‫احلديث‪ ،‬وما يف معنى ذلك من األدلة»)‪ .(2‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫‪81‬‬ ‫*سؤال‪ :‬نحن طلبة مسلمون يف الواليات املتحدة وكندا‪ ،‬يصادفنا يف كل بداية لشهر‬
‫رمضان مشكلة تسبب انقسام املسلمني إىل ثالث فرق‪:‬‬

‫‪ .1‬فرقة تصوم بتحري اهلالل يف البلدة التي يسكنون فيها‪.‬‬

‫‪ .2‬فرقة تصوم مع بداية الصيام يف السعودية‪.‬‬

‫‪ .3‬فرقة تصوم عند وصول خرب من احتاد الطلبة املسلمني يف أمريكا وكندا الذي‬
‫يتحرى اهلالل يف أماكن متعددة يف أمريكا‪ ،‬وفور رؤيته يف إحدى البالد يعمم‬
‫عىل املراكز املختلفة برؤيته؛ فيصوم مسلمو أمريكا كلهم يف يوم واحد‪ ،‬عىل‬
‫الرغم من املسافات الشاسعة التي بني املدن املختلفة‪ .‬فأي اجلهات أوىل باالتباع‬
‫والصيام برؤيتها وخربها؟ أفتونا مأجورين‪ ،‬أثابكم اهلل‪.‬‬

‫*جواب‪:‬‬

‫ترى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء‪« :‬أن احتاد الطلبة املسلمني ‪-‬أو غريه‬
‫ممن يم ّثل اجلالية اإلسالمية‪ -‬يف الدول التي حكوماهتا غري إسالمية‪ ،‬يقوم مقام حكومة‬
‫إسالمية يف مسألة إثبات اهلالل‪ ،‬بالنسبة ملن يعيش يف تلك الدول من املسلمني‪.‬‬

‫وبناء عىل ما سبق ذكره‪ :‬يكون هلذا االحتاد حق اختيار أحد القولني يف مسألة اختالف‬
‫يعمم ما رآه عىل املسلمني‬
‫املطالع‪ :‬إما اعتبار اختالف املطالع‪ ،‬وإما عدم اعتبار ذلك‪ ،‬ثم ّ‬
‫وعممه عليهم؛ توحيد ًا للكلمة‪،‬‬
‫يف الدولة التي هو فيها‪ ،‬وعليهم أن يلتزموا بام رآه ّ‬
‫ولبدء الصيام‪ ،‬وخروج ًا من اخلالف واالضطراب‪ ،‬وعىل كل من يعيش يف تلك الدول‬
‫أن يرتاءوا اهلالل يف البالد التي يقومون فيها‪ ،‬فإذا رآه ثقة منهم أو أكثر؛ صاموا بذلك‪،‬‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)1807‬ومسلم (‪.)1080‬‬


‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)102/10‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫وبلغوا االحتاد ليعمم ذلك‪ ،‬وهذا يف دخول الشهر‪ ،‬أما يف خروجه‪ :‬فال بد من شهادة‬
‫عدلني برؤية هالل شوال‪ ،‬أو إكامل رمضان ثالثني يو ًما»)‪ .(1‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬عندنا يف بلدنا أكملنا رمضان ثالثني يوم ًا‪ ،‬أما السعودية‪ :‬فصاموا تسعة‬ ‫‪82‬‬
‫وعرشين يوم ًا‪ ،‬وفوجئت بصديق يل يف يوم الثالثني أفطر وقال يل‪ :‬إنه حيرم صيام‬
‫هذا اليوم؛ ألن اهلالل قد ظهر باململكة‪ ،‬سؤال‪ :‬ما حكم ما فعله صاحبي؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫إذا كان املسلم يف بلد يعترب الرؤية الرشعية‪ ،‬إلثبات دخول الشهر وخروجه‪،‬‬
‫وموا لِ ُرؤْ َيتِ ِه‪،‬‬
‫«ص ُ‬
‫فإنه مأمور بموافقتهم يف الصيام واإلفطار؛ لقول النبي ‪ُ :H‬‬
‫و َأ ْفطِروا لِرؤْ يتِ ِه‪َ ،‬فإِ ْن غُم ع َليكُم؛ َف َأك ِْم ُلوا ِ‬
‫العدَّ ةَ«(‪ ،)2‬واملراد‪ :‬األمر بالصوم والفطر إذا‬ ‫َّ َ ْ ْ‬ ‫َ ُ ُ َ‬
‫ثبتت الرؤية بالعني املجردة‪ ،‬أو بالوسائل التي تُعني العني عىل الرؤية؛ لقوله ‪:H‬‬
‫ون«(‪ ،)3‬وقد اختلف‬ ‫الف ْط ُر َي ْو َم ُت ْفطِ ُر َ‬
‫ون‪َ ،‬واألَ ْض َحى َي ْو َم ت َُض ُّح َ‬ ‫ون‪ ،‬و ِ‬
‫وم َ َ‬
‫«الص ْو ُم َي ْو َم ت َُص ُ‬
‫َّ‬
‫األئمة فيام لو ظهر اهلالل يف بلد‪ ،‬هل يلزم مجيع املسلمني الصوم؟ أو يلزم البالد القريبة‬
‫دون البعيدة؟ أو يلزم من اتفقت مطالعهم دون من اختلفت مطالعهم؟ عىل أقوال‪.‬‬

‫ولعل أرجح األقوال‪ :‬أن اختالف املطالع معترب‪.‬‬

‫ومما يدل عىل ذلك‪ :‬ما رواه ك َُر ْيب‪ :‬أن أم الفضل بنت احلارث ‪ J‬بعثته إىل‬
‫عيل رمضان‪،‬‬ ‫ّ‬
‫واستهل َّ‬ ‫فقضيت حاجتها‪،‬‬
‫ُ‬ ‫فقدمت الشام‪،‬‬
‫ُ‬ ‫معاوية ‪ I‬بالشام‪ ،‬قال‪:‬‬
‫قدمت املدينة يف آخر الشهر‪ ،‬فسألني عبد اهلل‬
‫ُ‬ ‫فرأيت اهلالل ليلة اجلمعة‪ ،‬ثم‬
‫ُ‬ ‫وأنا بالشام‪،‬‬
‫فقلت‪ :‬رأيناه ليلة اجلمعة‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ابن عباس ‪ ،L‬ثم ذكر اهلالل‪ ،‬فقال‪ :‬متى رأيتم اهلالل؟‬
‫فقال‪ :‬أنت رأيتَه؟ فقلت‪ :‬نعم‪ ،‬ورآه الناس‪ ،‬وصاموا‪ ،‬وصام معاوية ‪ ،I‬فقال‪ :‬لكنا‬

‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)109/10‬‬


‫((( رواه مسلم (‪.)1081‬‬
‫((( رواه الرتمذي (‪ ،)697‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع (‪.)3869‬‬
‫لهلا ةيؤر‬

‫رأيناه ليلة السبت؛ فال نزال نصوم حتى نكمل ثالثني‪ ،‬أو نراه‪ ،‬فقلت‪ :‬أوال تكتفي‬
‫برؤية معاوية وصيامه؟ فقال‪ :‬ال‪ ،‬هكذا أمرنا رسول اهلل ‪.)1(H‬‬

‫وعىل املسلم أن يتبع علامء بلده فيام يرجحونه من هذه األقوال‪ ،‬حسب ما يظهر هلم‬
‫‪83‬‬ ‫من األدلة‪ ،‬وال ينفرد بالصيام‪ ،‬وال اإلفطار‪.‬‬

‫ويف نص هليئة كبار العلامء يف هذه املسألة قالوا‪ ...« :‬فإن أعضاء جملس هيئة كبار‬
‫العلامء يرون بقاء األمر عىل ما كان عليه‪ ،‬وعدم إثارة هذا املوضوع‪ ،‬وأن يكون لكل‬
‫دولة إسالمية حق اختيار ما تراه بواسطة علامئها من الرأيني املشار إليهام يف املسألة؛ إذ‬
‫لكل منهام أدلته ومستنداته»)‪.(2‬‬

‫أما إذا كان املسلم يف بلد كافر‪ ،‬أو يف بلد يتالعبون بدخول الشهر‪ ،‬وخروجه حسب‬
‫أهوائهم‪ ،‬غري مراعني يف ذلك الرؤية الرشعية‪ :‬فال حرج عليه يف اتباع من يثق يف‬
‫رؤيتهم‪ ،‬ومتسكهم باألحكام الرشعية‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬إذا صمت يف بلد ثم سافرت أثناء الشهر إىل بلد كان قد تأخر يوم ًا يف دخول‬
‫الشهر‪ ،‬ففي آخر الشهر إذا صاموا ثالثني يوم ًا‪ ،‬فهل أصوم معهم وأكون قد صمت‬
‫واحد ًا وثالثني يوم ًا؟ وما الذي أفعله إذا كان األمر بالعكس‪ ،‬هل أصوم ثامنية‬
‫وعرشين يوم ًا؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫إذا سافر اإلنسان من البلد التي صام فيها أول الشهر‪ ،‬إىل بلد تأخر عندهم الفطر؛‬
‫فإنه ال ُيفطر حتى ُيفطروا‪.‬‬
‫سأل رجل ابن باز ‪ V‬فقال‪ :‬أنا من رشق آسيا‪ ،‬عندنا الشهر اهلجري يتأخر عن‬
‫بدأت الصوم يف‬
‫ُ‬ ‫اململكة العربية السعودية بيوم‪ ،‬وسأسافر إىل بلدي يف رمضان‪ ،‬وقد‬

‫((( رواه مسلم (‪.)1087‬‬


‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)102/10‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫اململكة‪ ،‬ويف هناية الشهر نكون قد صمنا واحدا وثالثني يوم ًا‪ ،‬فام حكم صيامنا؟ وكم‬
‫يوم ًا نصوم؟‬
‫فأجاب‪« :‬إذا صمتم يف السعودية أو غريها‪ ،‬ثم صمتم بقية الشهر يف بالدكم؛‬
‫فأفطروا بإفطارهم‪ ،‬ولو زاد ذلك عىل ثالثني يوم ًا؛ لقول النبي ‪َّ :H‬‬
‫«الص ْو ُم َي ْو َم‬ ‫‪84‬‬
‫ون«(‪ ،)1‬لكن‪ ،‬إن مل تكملوا الشهر تسعة وعرشين يوم ًا؛‬ ‫الف ْط ُر َي ْو َم ُت ْفطِ ُر َ‬
‫ون‪ ،‬و ِ‬
‫وم َ َ‬
‫ت َُص ُ‬
‫فعليكم إكامل ذلك؛ ألن الشهر ال ينقص عن تسع وعرشين»)‪.(2‬‬
‫وسئل ابن عثيمني ‪ :V‬ما حكم من صام يف بلد مسلم‪ ،‬ثم انتقل إىل بلد آخر تأخر‬
‫أهله عن البلد األول‪ ،‬ولزم من متابعتهم صيام أكثر من ثالثني يوم ًا‪ ،‬أو العكس؟‬
‫فأجاب بقوله‪« :‬إذا انتقل اإلنسان من بلد إسالمي إىل بلد إسالمي‪ ،‬وتأخر إفطار‬
‫البلد الذي انتقل إليه؛ فإنه يبقى معهم حتى يفطروا؛ ألن الصوم يوم يصوم الناس‪،‬‬
‫والفطر يوم يفطر الناس‪ ،‬واألضحى يوم يضحي الناس‪ ،‬وهذا وإن زاد عليه يوم‪،‬‬
‫أو أكثر‪ ،‬فهو كام لو سافر إىل بلد تأخر فيه غروب الشمس‪ ،‬فإنه يبقى صائ ًام حتى تغرب‪،‬‬
‫وإن زاد عىل اليوم املعتاد ساعتني‪ ،‬أو ثالث ًا‪ ،‬أو أكثر‪ ،‬وألنه إذا انتقل إىل البلد الثاين‬
‫فإن اهلالل مل ُي َر فيه‪ ،‬وقد أمر النبي ‪ H‬أن ال نصوم وال نفطر إال لرؤيته‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫وموا لِ ُرؤْ َيتِ ِه‪َ ،‬و َأ ْفطِ ُروا لِ ُرؤْ َيتِ ِه )‪.(3‬‬
‫«ص ُ‬
‫ُ‬
‫وأما العكس‪ :‬وهو أن ينتقل من بلد تأخر فيه ثبوت الشهر إىل بلد تقدم ثبوت الشهر‬
‫فيه؛ فإنه يفطر معهم‪ ،‬ويقيض ما فاته من رمضان‪ ،‬إن فاته يوم قىض يوم ًا‪ ،‬وإن فاته يومان‬
‫قىض يومني‪ ،‬فإذا أفطر لثامنية وعرشين يوم ًا قىض يومني‪ ،‬إن كان الشهر تا ًّما يف البلدين‪،‬‬
‫ويوم ًا واحد ًا إن كان ناقص ًا فيهام‪ ،‬أو يف أحدمها»)‪.(4‬‬
‫وسئل أيض ًا‪ :‬قد يقول قائل‪ :‬ملاذا قلتم‪ :‬يؤمر بصيام أكثر من ثالثني يوم ًا يف األوىل‪،‬‬
‫ويقيض يف الثانية؟‬

‫((( رواه الرتمذي (‪ ،)697‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع (‪.)3869‬‬


‫((( جمموع فتاوى ابن باز (‪.)155/15‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)1810‬ومسلم (‪.)1080‬‬
‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)65/19‬‬
‫لهلا ةيؤر‬

‫فأجاب بقوله‪« :‬يقيض يف الثانية؛ ألن الشهر ال يمكن أن ينقص عن تسعة وعرشين‬
‫يوم ًا‪ ،‬ويزيد عىل الثالثني يوم ًا‪ ،‬ألنه مل ُير اهلالل‪ ،‬ويف األوىل قلنا له‪ :‬أفطر‪ ،‬وإن مل تتم‬
‫تسعة وعرشين يوم ًا؛ ألن اهلالل رؤي‪ ،‬فإذا رؤي فال بد من الفطر‪ ،‬ال يمكن أن تصوم‬

‫‪85‬‬
‫يوم ًا من شوال‪ ،‬وملا كنت ناقص ًا عن تسعة وعرشين لزمك أن تتم تسعة وعرشين‬
‫بخالف الثاين‪ ،‬فإنك ال تزال يف رمضان إذا قدمت إىل بلد ومل ير اهلالل فيه فأنت يف‬
‫رمضان‪ ،‬فكيف تفطر؟ فيلزمك البقاء‪ ،‬وإذا زاد عليك الشهر‪ ،‬فهو كزيادة الساعات يف‬
‫اليوم»)‪ .(1‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬مسلم صام رمضان‪ ،‬وصىل العيد‪ ،‬ثم سافر لبلده‪ ،‬فوجدهم ما زالوا صائمني‪،‬‬
‫فهل يصوم معهم‪ ،‬أم ال يصوم‪ ،‬ألنه أهنى صيام رمضان قبل السفر؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫سئل ابن عثيمني ‪ :V‬عام إذا صام رجل تسعة وعرشين يوم ًا‪ ،‬وشهد العيد يف‬
‫اليوم الثالثني يف البلد الذي كان صائ ًام فيه‪ ،‬ثم ذهب يف صباح يوم العيد إىل بلد آخر‪،‬‬
‫وهو مفطر‪ ،‬ووجدهم صائمني‪ ،‬فهل يصوم أو يبقى عىل فطره وعيده؟‬

‫أفطرت بطريق رشعي‪ ،‬فصار اليوم يف‬


‫َ‬ ‫فأجاب بقوله‪« :‬ال يلزمك أن ُتسك؛ ألنك‬
‫حقك يوم ًا مباح ًا‪ ،‬فال يلزمك إمساكه‪ ،‬كام لو غابت عليك الشمس يف بلد‪ ،‬ثم سافرت‬
‫إىل بلد فأدركت الشمس قبل أن تغيب؛ فإنه ال يلزمك صيامه»)‪.(2‬‬

‫وينبغي لك أال تُظهر إفطارك أمام الناس؛ حتى ال ُيساء بك الظن‪ ،‬دفع ًا للغيبة عن‬
‫نفسك‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)66/19‬‬


‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)72/19‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*سؤال‪ :‬نحن يف حمافظة القنفذة‪ ،‬ومنذ زمن طويل نعتمد تقويم [أم القرى] يف اإلمساك‬
‫واإلفطار ومواقيت الصالة‪ ،‬وبنفس مواقيت مكة املكرمة‪ ،‬ولكن منذ عام أو أكثر‬
‫وزَّع بعض الدعاة تقوي ًام ّ‬
‫خاص ًا بمحافظة القنفذة‪ ،‬ويوجد به فارق يف التوقيت يف‬
‫حدود عرش دقائق‪ ،‬تقل أحيان ًا‪ ،‬وتزيد أخرى‪ ،‬واملشكلة أن الناس اآلن انقسموا إىل‬
‫‪86‬‬
‫قسمني‪ :‬بعضهم يمسك عىل توقيت مكة املكرمة‪ ،‬والبعض اآلخر يمسك عىل هذا‬
‫التقويم اجلديد اخلاص باملحافظة‪ ،‬واآلن مشكلتنا يف الصيام‪ ،‬هل من يمسك عىل‬
‫تقويم مكة املكرمة الذي يتأخر عن توقيت القنفذة بعرش دقائق يعترب صيامه غري‬
‫صحيح؛ ألنه يف هذه احلالة يعترب أمسك بعد األذان‪ ،‬يف حال كون التوقيت اجلديد‬
‫اخلاص باملحافظة صحيح ًا؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬ال جيوز االعتامد عىل اإلمساكيات املنترشة بني الناس‪ ،‬إال برشطني‪:‬‬
‫أوهلام‪ :‬أن تكون اجلهة املصدرة هلا من أهل العلم واخلربة‪.‬‬
‫ٍ‬
‫ألحد‬ ‫وثانيهام‪ :‬أن تكون اإلمساكية خاصة بالبلدة التي تُصدرها اجلهة هلا‪ ،‬وال جيوز‬
‫يعيش بعيد ًا عن تلك البلدة اعتامد إمساكيتها؛ ملا يوجد من فروق يف التوقيت بينهام‪.‬‬
‫ومن كان ال يتوفر عنده تقويم أو إمساكية؛ ليعتمد عليها يف إمساكه وإفطاره‪ ،‬فيمكنه‬
‫التحقق بنفسه من طلوع الفجر الصادق وغروب الشمس عن طريق املشاهدة‪ ،‬أو يقلد‬
‫مؤذن ًا أمين ًا عارف ًا باألوقات‪.‬‬
‫فإذا ُعرف أن املؤذن ال يؤذن إال مع طلوع الفجر الصادق؛ فالواجب اإلمساك‬
‫بمجرد سامع أذانه‪ ،‬وإذا ُعرف عنه أنه يؤذن بعد غروب الشمس؛ فقد َّ‬
‫حل للصائم أن‬
‫يفطر‪ ،‬وال عربة بأذان من يؤذن قبل الفجر‪ ،‬أو بعد غروب الشمس بمدة احتياط ًا‪.‬‬
‫ثاني ًا‪ :‬تقويم الصالة املنترش بني الناس‪ :‬إذا حكم العلامء بدقته؛ جاز العمل به‪ ،‬يقول‬
‫الشيخ عبد الرمحن الرباك حفظه اهلل‪« :‬وقد صار التقويم هو الوسيلة للناس يف معرفة‬
‫مواقيت الصالة بالساعة والدقيقة‪ ،‬فينبغي العناية بذلك»)‪.(1‬‬

‫((( األراك جمموع فتاوى الرباك (ص‪.)57‬‬


‫لهلا ةيؤر‬

‫لكن هذا ال يعني عدم وجود أخطاء يف هذه التقاويم؛ فقد بني الشيخ األلباين خطأ‬
‫بعض التقاويم يف الفجر خاصة‪ ،‬وكان ذلك بتحريه هو ‪.)1(V‬‬

‫ومـن املعلـوم أن تقويـم أم القـرى حيظـى بمصداقيـة عاليـة؛ فقـد أكـد الشـيخ‬
‫‪87‬‬ ‫عبـد العزيز آل الشـيخ مفتـي عام اململكـة‪ ،‬ورئيس هيئة كبـار العلامء‪ ،‬ورئيـس اللجنة‬
‫الدائمـة للبحـوث العلمية واإلفتـاء ‪-‬يف إحدى خطـب اجلمعـة‪ -‬أن التوقيت اخلاص‬
‫بـأم القـرى‪ ،‬توقيت دقيـق‪ ،‬ورشعي‪ ،‬وموثـق‪ ،‬وال يمكن التشـكيك فيه‪.‬‬

‫وج ِّـرب‪ ،‬و ُط ِّبـق‪ ،‬وثبت أنـه طبق ًا‬


‫وقـال‪« :‬لقـد و َّثـق علماء األمـة هـذا التوقيـت‪ُ ،‬‬
‫للتوقيـت الرشعـي‪ ،‬وأن فضيلـة الشـيخ عبـد العزيـز بن عبـد اهلل بن بـاز ‪ V‬أصدر‬
‫بيانـ ًا يف عـام ‪1418‬ﻫ‪ ،‬وثـق فيـه توقيـت أم القرى»‪.‬‬

‫وقــد ذكــر ابــن عثيمــن ‪ :V‬أنــه يوجــد فــرق يســر فقــط يف الفجــر‪ ،‬بمقــدار‬
‫مخــس دقائــق)‪.(2‬‬

‫ثالث ـ ًا‪ :‬بخصــوص مدينــة [القنفــذة]‪ :‬فإهنــا تقــع عــى ســاحل البحــر األمحــر‪ ،‬يف‬
‫موقــع متوســط بــن مكــة وجــدة شــاالً‪ ،‬وجــازان جنوبـ ًا‪ ،‬وتقــع عــى مســافة ‪380‬‬
‫كــم جنــوب مكــة وجــدة‪ ،‬وتقــع عنــد تقاطــع خــط طــول ‪ 41.5‬درجــة رشق ـ ًا‪،‬‬
‫بدائــرة عــرض ‪ 19.8‬درجــة شــاالً‪.‬‬

‫وأما مكة‪ :‬فتقع عىل خط العرض ‪ 21.27‬شامالً‪ ،‬وخط الطول ‪ 39.49‬رشق ًا‪.‬‬

‫وبالتأمل يف أوقات الصلوات حسب تقويم أم القرى؛ رأينا فرق ًا يف التوقيت يتناسب‬
‫مع ُبعد املسافة بني مكة والقنفذة؛ فال يصح اعتامد أهل القنفذة عىل توقيت مكة وأذاهنا‪.‬‬

‫ففي يوم ‪ 30‬رجب ‪1426‬ﻫ ‪-‬مثالً‪ -‬كانت نتائج الصلوات كالتايل‪:‬‬

‫((( انظر‪ :‬السلسلة الصحيحة (‪.)52/5‬‬


‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)302/19‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫العشاء‬ ‫املغرب‬ ‫العرص‬ ‫الظهر‬ ‫الرشوق‬ ‫الفجر‬ ‫البلدة‬


‫‪8.04‬‬ ‫‪6.34‬‬ ‫‪3.44‬‬ ‫‪12.19‬‬ ‫‪6.04‬‬ ‫‪4.44‬‬ ‫مكة‬
‫‪7.58‬‬ ‫‪6.28‬‬ ‫‪3.37‬‬ ‫‪12.15‬‬ ‫‪6.01‬‬ ‫‪4.34‬‬ ‫القنفذة‬

‫وبه يتبني صحة ما وزعه عليكم هؤالء الدعاة‪ ،‬من تقويم خيتص بمنطقتكم‪،‬‬ ‫‪88‬‬
‫والفروقات التي ذكرتم أهنا موجودة هي صحيحة بالفعل‪ ،‬فعليكم مراعاة هذا‪،‬‬
‫ونسأل اهلل تعاىل أن يوفقكم وهيديكم ملا فيه رضاه‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫مايصلا بادآ‬

‫‪89‬‬ ‫آداب الصيام‬

‫*سؤال‪ :‬ما معنى قول اهلل تعاىل‪( :‬ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ‬


‫ﭼ ﭽ ﭾ) [البقرة‪]187 :‬؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫قال اهلل تعاىل‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ‬


‫ﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬ‬
‫ﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽ‬
‫ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ) [البقرة‪.]187 :‬‬

‫ومعنى ذلك‪ :‬أن اهلل تعاىل أباح للصائم األكل والرشب ليالً‪ ،‬حتى يتبني له (أي‬
‫يتيقن) طلوع الفجر‪.‬‬

‫واملراد من اخليط األبيض‪ :‬النهار‪ ،‬واخليط األسود‪ :‬الليل‪.‬‬

‫قال احلافظ ابن حجر ‪« :V‬ومعنى اآلية‪ :‬حتى يظهر بياض النهار من سواد‬
‫الليل‪ ،‬وهذا البيان حيصل بطلوع الفجر الصادق‪.‬‬

‫وقوله‪ ( :‬ﭽ ﭾ ) بيان للخيط األبيض‪ ،‬واكتفى به عن بيان اخليط األسود؛ ألن‬
‫بيان أحدمها بيان لآلخر»(‪.)1‬‬

‫((( فتح الباري (‪.)135-134/4‬‬


‫الصيام سؤال وجواب‬

‫وقد فهم بعض الصحابة ‪ M‬اآلية عىل خالف معناها‪ ،‬ففهموا أن املراد منها‬
‫اخليط احلقيقي‪ ،‬فكان أحدهم جيعل حتت وسادته أو يربط يف رجله خيطني‪ :‬أحدمها‬
‫أبيض‪ ،‬واآلخر أسود‪ ،‬ويظل يأكل حتى يتبني له أحدمها من اآلخر‪.‬‬

‫وسبب هذا اخلطأ يف فهم معنى اآلية‪ :‬أن اهلل تعاىل أنزل اآلية أوالً بدون قوله‪:‬‬ ‫‪90‬‬

‫( ﭽ ﭾ )‪ ،‬ففهمها بعض الصحابة عىل املعنى املتبادر إىل الذهن من كلمة‬


‫(اخليط)‪ ،‬ثم أنزل اهلل تعاىل بعد مدة ‪-‬قال بعض العلامء إهنا سنة‪ -‬أنزل قوله‪ ( :‬ﭽ‬
‫ﭾ )؛ فعلموا أن املراد باخليط األبيض ضوء الفجر (النهار)‪ ،‬وباخليط األسود الليل‪.‬‬

‫عن سهل بن سعد ‪ I‬قال‪ :‬أنزلت (ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ‬


‫ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ) [البقرة‪ ،]187 :‬ومل ينْزل ( ﭽ ﭾ )؛ فكان رجال إذا أرادوا‬
‫الصوم ربط أحدهم يف رجله اخليط األبيض‪ ،‬واخليط األسود‪ ،‬ومل يزل يأكل حتى يتبني‬
‫له رؤيتهام‪ ،‬فأنزل اهلل بعدُ ‪ ( :‬ﭽ ﭾ )‪ ،‬فعلموا أنه إنام يعني الليل والنهار(‪.)1‬‬

‫فهؤالء الصحابة محلوا اخليط عىل ظاهره‪ ،‬فلام نزل ( ﭽ ﭾ ) علموا املراد‪.‬‬

‫وقــد فهــم عــدي بــن حاتــم ‪ I‬اآليــة كــا فهمهــا هــؤالء‪ ،‬حتــى صحــح لــه‬
‫النبــي ‪ H‬هــذا الفهــم‪ ،‬وبـ ّـن لــه املعنــى املــراد مــن اآليــة‪.‬‬

‫فعن عدي بن حاتم ‪ I‬قال‪ :‬ملا نزلت (ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ‬


‫ﭼ ﭽ ﭾ) [البقرة‪ ،]187 :‬عمدت إىل عقال أسود‪ ،‬وإىل عقال أبيض‪ ،‬فجعلتهام‬
‫فغدوت عىل رسول اهلل ‪،H‬‬
‫ُ‬ ‫فجعلت أنظر يف الليل‪ ،‬فال يستبني يل‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫حتت وساديت‪،‬‬
‫اض الن ََّه ِ‬
‫ار (‪.)2‬‬ ‫فذكرت له ذلك‪ ،‬فقال‪« :‬إِن ََّم َذلِ َ‬
‫ك َس َوا ُد ال َّل ْي ِل‪َ ،‬و َب َي ُ‬ ‫ُ‬

‫َان الخَ ْي ُط األَ ْب َي ُض َواألَ ْس َو ُد‪ْ َ ،‬ت َ‬


‫ت‬ ‫ويف رواية أخرى‪« :‬إِ َّن ِو َسا َد َك إِ ًذا َل َع ِر ٌ‬
‫يض‪َ ،‬أ ْن ك َ‬
‫ِو َسا َدتِ َ‬
‫ك )‪.(3‬‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)1818‬ومسلم (‪.)1091‬‬


‫((( رواه البخاري (‪ ،)1817‬ومسلم (‪.)1090‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)1817‬ومسلم (‪.)1090‬‬
‫مايصلا بادآ‬

‫وقصة عدي ‪ I‬وقعت بعد نزول قوله تعاىل‪ ( :‬ﭽ ﭾ ) أي بعد حديث سهل‬
‫السابق‪ ،‬وقد اعتذر بعض العلامء عن خطأ عدي ‪ I‬يف هذا الفهم‪ ،‬مع نزول قوله‬
‫تعاىل ( ﭽ ﭾ )‪ ،‬بأن عدي ًا مل يبلغه حديث سهل‪ ،‬أو مل يكن من لغة قومه استعامل‬
‫‪91‬‬ ‫اخليط األبيض واخليط األسود للداللة عىل الليل والنهار‪.‬‬
‫ِ‬
‫البيان بأن العرب تتفاوت لغاهتا)‬ ‫ولذلك ترجم ابن حبان حلديث عدي بقوله‪ِ :‬‬
‫(ذك ُْر‬
‫عب عنهام‬
‫وأشار بذلك إىل أن عد ًّيا مل يكن يعرف يف لغته‪ ،‬أن سواد الليل وبياض النهار‪ُ ،‬ي ّ‬
‫باخليط األسود‪ ،‬واخليط األبيض‪.‬‬

‫متأخر عن حديث َس ْه ٍل‪،‬‬


‫ٌ‬ ‫عدي‬
‫ٍّ‬ ‫قال ابن حجر ‪« :V‬قال القرطبي ‪ :V‬حديث‬
‫فكأن عد ًّيا مل يبلغه ما جرى يف حديث سهل‪ ،‬وإنام سمع اآلية جمردة‪ ،‬ففهمها عىل ما‬
‫وقع له‪.‬‬

‫وأما عدي‪ :‬فكأنه مل يكن يف لغة قومه استعارة اخليط للصبح‪ ،‬أو نيس قوله‪ ( :‬ﭽ‬
‫ﭾ ) حتى َذك ََّره هبا النبي ‪.(1)»H‬‬

‫ومن األحكام املستنبطة من اآلية الكريمة‪ :‬أن من شك يف طلوع الفجر فله أن يأكل‬
‫ويرشب حتى يتيقن طلوعه؛ ألن اهلل تعاىل قال‪( :‬ﭵ ﭶ)‪.‬‬

‫عن ابن عباس ‪ L‬قال‪« :‬أحل اهلل لك األكل والرشب ما شككت»(‪.)2‬‬

‫وعن أيب الضحى قال‪ :‬سأل رجل ابن عباس ‪ L‬عن السحور‪ ،‬فقال ابن عباس‪:‬‬
‫«كل ما شككت‪ ،‬حتى ال تشك»)‪.(3‬‬

‫قال ابن املنذر ‪« :V‬وإىل هذا القول صار أكثر العلامء»(‪.)4‬‬

‫((( فتح الباري (‪.)134/4‬‬


‫((( مصنف عبد الرزاق (‪ ،)135/4‬قال ابن حجر فيفتح الباري (‪ :)135/4‬إسناده صحيح‪.‬‬
‫((( مصنف ابن أيب شيبة (‪.)287/2‬‬
‫((( فتح الباري (‪.)135/4‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫قال ابن عثيمني ‪« :V‬من أتى مفطر ًا‪ ،‬وهو شاك يف طلوع الفجر؛ فصومه صحيح؛‬
‫ألن اهلل ‪ E‬قال‪( :‬ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ‬
‫ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ) [البقرة‪ ،]187 :‬وضد التبني‪:‬‬
‫الشك والظن‪ ،‬فام دمنا مل يتبني لنا‪ ،‬فلنا أن نأكل ونرشب‪ ،‬وهذه املسألة هلا مخسة أقسام‪:‬‬
‫‪92‬‬
‫‪ .1‬أن يتيقن أن الفجر مل يطلع‪ ،‬مثل‪ :‬أن يكون طلوع الفجر يف الساعة اخلامسة‪،‬‬
‫ويكون أكله ورشبه يف الساعة الرابعة والنصف؛ فصومه صحيح‪.‬‬
‫‪ .2‬أن يتيقن أن الفجر قد طلع‪ ،‬كأن يأكل الساعة اخلامسة والنصف؛ فهذا صومه‬
‫فاسد‪.‬‬
‫‪ .3‬أن يأكل وهو شاك‪ ،‬هل طلع الفجر أو ال‪ ،‬ويغلب عىل ظنه أنه مل يطلع؛ فصومه‬
‫صحيح‪.‬‬
‫‪ .4‬أن يأكل ويرشب‪ ،‬ويغلب عىل ظنه أن الفجر قد طلع؛ فصومه صحيح‪.‬‬
‫‪ .5‬أن يــأكل ويــرب مــع الــردد الــذي ليــس فيــه رجحــان؛ فصومــه صحيــح )‪.(1‬‬
‫واهلل أعلــم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬أخي كان يتسحر وىف إحدى القنوات أذن للفجر ولكنه أكمل الطعام ومل‬
‫يؤذن يف أي مسجد قريب منا يف هذا الوقت فهل يصح الصوم أم يفسد وعليه‬
‫القضاء؟ جزاكم اهلل خري ًا‬

‫*جواب‪:‬‬

‫يلزم الصائم اإلمساك عن الطعام والرشاب إذا طلع الفجر‪ ،‬لقوله تعاىل‪( :‬ﭳ‬
‫ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ) [البقرة‪ .]187 :‬فمن تيقن‬
‫طلوع الفجر الصادق لزمه اإلمساك‪ ،‬وإن كان يف فمه طعام لزمه أن يلفظه‪ ،‬فإن مل يفعل‬
‫فسد صومه‪.‬‬

‫((( الرشح املمتع (‪.)408/6‬‬


‫مايصلا بادآ‬

‫وأما من مل يتيقن طلوع الفجر‪ ،‬فله أن يأكل حتى يتيقن‪ .‬وكذا لو علم أن املؤذن يؤذن‬
‫قبل الوقت‪ ،‬أو شك أنه يؤذن يف الوقت أو قبله‪ ،‬فله أن يأكل حتى يتيقن‪ ،‬واألَوىل له أن‬
‫ُيمسك بمجرد سامع األذان‪.‬‬

‫‪93‬‬ ‫واألذان يف التلفاز أو املذياع أو القنوات الفضائية‪ ،‬قد يكون متقدما أو متأخرا عن‬
‫أذان البلد‪ ،‬نظرا الختالف البلدان يف وقت طلوع الفجر‪.‬‬

‫وعليه فال يشء عىل أخيك؛ ألنه مل يتيقن طلوع الفجر ومل يسمع أذانا قريبا منه يدل‬
‫عىل طلوعه‪.‬‬

‫وينظر للفائدة جواب سؤال رقم‪ .)66202( :‬واهلل أعلم‪.‬‬


‫***‬

‫*سؤال‪ :‬هل واجب عىل املسلم ختم القرآن الكريم خالل شهر رمضان‪ ،‬وما الدليل‬
‫عىل ذلك؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫أوالً‪ُ :‬ي ْشكَر السائل الكريم عىل حرصه عىل معرفة حكم املسألة بدليلها‪ ،‬وال شك‬
‫أن هذا أمر مطلوب‪ ،‬جيب أن يسعى إليه كل مسلم؛ حتى يكون متبع ًا للكتاب والسنة‪.‬‬

‫قال الشـوكاين ‪« :V‬إذا تقرر لك أن العامي يسـأل العامل‪ ،‬واملقرص يسـأل الكامل‪،‬‬
‫فعليـه أن يسـأل أهـل العلم املعروفين بالدين وكامل الـورع عن العامل بالكتاب والسـنة‪،‬‬
‫العـارف بما فيهما‪ ،‬املطلع عىل مـا حيتاج إليـه يف فهمهما من العلـوم اآللية‪ ،‬حتـى يدلوه‬
‫عليـه ويرشـدوه إليه‪ ،‬فيسـأله عن حادثتـه‪ ،‬طالب ًا ما يف كتاب اهلل سـبحانه‪،‬‬

‫أو مـا يف سـنة رسـول اهلل ‪ ،H‬فحينئـذ يأخـذ احلـق مـن معدنـه‪ ،‬ويسـتفيد‬
‫احلكـم مـن موضعه‪ ،‬ويستريح من الـرأي الذي ال يأمن املتمسـك بـه أن يقع يف اخلطأ‬
‫املخالف للشرع‪ ،‬املبايـن للحق»(‪.)1‬‬

‫((( إرشاد الفحول (‪.)250/2‬‬


‫الصيام سؤال وجواب‬

‫وقال ابن الصالح ‪« :V‬وذكر السمعاين‪ :‬أنه ال ُيمنع من أن ُيطالِب املفتي بالدليل؛‬
‫ألجل احتياطه لنفسه‪ ،‬وأنه يلزمه أن يذكر له الدليل إن كان مقطوع ًا به‪ ،‬وال يلزمه ذلك‬
‫إن مل يكن مقطوع ًا به؛ الفتقاره إىل اجتهاد يقرص عنه العامي‪ ،‬واهلل أعلم بالصواب»)‪.(1‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬ال جيب عىل املسلم ختم القرآن الكريم خالل شهر رمضان‪ ،‬ولكن ُيستحب‬ ‫‪94‬‬

‫له أن يكثر من قراءة القرآن يف رمضان‪ ،‬وحيرص عىل ختمه‪ ،‬وإن مل خيتم القرآن فإنه ال‬
‫فوت عىل نفسه أجور ًا كثرية‪.‬‬
‫يأثم‪ ،‬لكنه َّ‬

‫والدليــل عىل ذلــك‪ :‬ما رواه أبــو هريــرة ‪« :I‬أن جربيــل كان يعرض عىل‬
‫َي ِف ال َعا ِم ا َّل ِذي ُقبِ َض فيه»)‪.(2‬‬
‫النبي ‪ H‬القرآن كل عام مرة‪ ،‬فعرض َع َل ْي ِه َم َّرت ْ ِ‬

‫قال ابن األثري‪« :‬أي‪ :‬كان يدارسه مجيع ما نزل من القرآن»)‪.(3‬‬

‫وعن عبد اهلل بن مسعود‪ I :‬أن هذه املعارضة كانت يف رمضان(‪.)4‬‬

‫وقد كان من هدي السلف رضوان اهلل عليهم‪ :‬احلرص عىل ختم القرآن يف رمضان‪،‬‬
‫تأسي ًا بالنبي ‪ ،H‬فعن إبراهيم النخعي قال‪« :‬كان األسود خيتم القرآن يف رمضان‬
‫يف كل ليلتني‪ ،‬وكان خيتمه يف غريه يف كل ست ليال )‪.(5‬‬

‫وكان قتادة خيتم القرآن يف سبع‪ ،‬فإذا جاء رمضان ختم يف كل ثالث‪ ،‬فإذا جاء العرش‬
‫ختم يف كل ليلة(‪.)6‬‬

‫وعن جماهد‪ :‬أنه كان خيتم القرآن فيام بني املغرب والعشاء)‪.(7‬‬

‫((( أدب املفتي واملستفتي (‪.)92/1‬‬


‫((( رواه البخاري (‪.)4712‬‬
‫((( النهاية يف غريب احلديث واألثر (‪.)64/4‬‬
‫((( رواه أمحد (‪ ،)3845‬وابن جرير (‪.)28/1‬‬
‫((( السري (‪.)51/4‬‬
‫((( السري (‪.)276/5‬‬
‫((( التبيان للنووي (ص‪ ،)74‬وصححه‪.‬‬
‫مايصلا بادآ‬

‫وعن جماهد قال‪« :‬كان عيل األزدي خيتم القرآن يف رمضان كل ليلة»)‪.(1‬‬

‫وقال الربيع بن سليامن‪« :‬كان الشافعي خيتم القرآن يف رمضان ستني ختمة»)‪.(2‬‬

‫وقال القاسم ابن احلافظ ابن عساكر ‪« :W‬كان أيب مواظب ًا عىل صالة اجلامعة‪،‬‬
‫‪95‬‬
‫وتالوة القرآن‪ ،‬خيتم كل مجعة‪ ،‬وخيتم يف رمضان كل يوم»)‪.(3‬‬

‫قـال النـووي ‪- V‬معلقـ ًا على مسـألة قـدر ختمات القـرآن‪« :-‬واالختيـار‪:‬‬


‫أن ذلـك خيتلـف باختلاف األشـخاص‪ ،‬فمـن كان يظهـر لـه بدقيـق الفكـر لطائـف‬
‫ومعـارف‪ ،‬فليقتصر على قدر حيصل لـه كامل فهـم ما يقـرؤه‪ ،‬وكذا من كان مشـغوالً‬
‫بنشر العلـم‪ ،‬أو غيره من مهمات الديـن‪ ،‬ومصالـح املسـلمني العامـة‪ ،‬فليقترص عىل‬
‫قـدر ال حيصـل بسـببه إخلال بام هـو مرصـد له‪.‬‬

‫وإن مل يكن من هؤالء املذكورين؛ فليستكثر ما أمكنه‪ ،‬من غري خروج إىل حد امللل‬
‫واهلذرمة»)‪.(4‬‬

‫ومع هذا االستحباب والتأكيد عىل قراءة القرآن‪ ،‬وختمه يف رمضان‪ ،‬يبقى ذلك يف‬
‫دائرة املستحبات‪ ،‬وليس من الواجبات‪ ،‬التي يأثم املسلم برتكها‪.‬‬

‫سئل الشيخ ابن عثيمني ‪ :V‬هل جيب عىل الصائم ختم القرآن يف رمضان؟‬

‫فأجاب‪« :‬ختم القرآن يف رمضان للصائم ليس بأمر واجب‪ ،‬ولكن ينبغي لإلنســان‬
‫يف رمضان أن يكثر من قراءة القرآن‪ ،‬كام كان ذلك سنة رسول اهلل ‪.H‬‬

‫فقد كان ‪ O‬يدارسه جربيل ‪ S‬القرآن كل رمضان»(‪ .)5‬واهلل أعلم‪.‬‬


‫***‬

‫((( هتذيب الكامل (‪.)42/21‬‬


‫((( السري (‪.)36/10‬‬
‫((( السري (‪.)562/20‬‬
‫((( التبيان (ص‪ .)76‬واهلذرمة‪ :‬الرسعة يف القراءة‪.‬‬
‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)184/20‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*سؤال‪ :‬ما الثواب املرتتب عىل تفطري صائم؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫َان َل ُه ِم ْث َل‬
‫«م ْن َف َّط َر َصائِ ًام؛ ك َ‬
‫عن زيد بن خالد اجلهني ‪ ،I‬قال‪ :‬قال ‪َ :H‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ ِ‬ ‫‪96‬‬
‫َي َأ َّن ُه الَ َينْ ُق ُص م ْن َأ ْج ِر َّ‬
‫الصائ ِم َ ْ‬
‫ش ٌء»(‪.)1‬‬ ‫أ ْج ِره‪ ،‬غ ْ َ‬
‫قال ابن تيمية ‪« :V‬واملراد بتفطريه‪ :‬أن ُي ْشبعه»)‪.(2‬‬

‫وقد كان السلف الصالح حيرصون عىل إطعام الطعام‪ ،‬ويرونه من أفضل العبادات‪:‬‬

‫فعن عيل ‪ I‬قال‪« :‬ألن أدعو عرشة من أصحايب‪ ،‬فأطعمهم طعام ًا يشتهونه‪،‬‬
‫أحب إيل من أن أشرتي رقبة‪ ،‬فأعتقها»)‪.(3‬‬

‫قال أبو السوار العدوي‪« :‬كان رجال من بني عدي يصلون يف هذا املسجد‪ ،‬ما أفطر‬
‫أحد منهم عىل طعام قط وحده‪ ،‬إن وجد من يأكل معه أكل‪ ،‬وإال أخرج طعامه إىل‬
‫املسجد‪ ،‬فأكله مع الناس‪ ،‬وأكل الناس معه»)‪.(4‬‬

‫وعبادة إطعام الطعام ينشأ عنها عبادات كثرية‪ ،‬منها‪ :‬التودد والتحبب إىل ا ُملط َعمني‪،‬‬
‫فيكون ذلك سبب ًا يف دخول اجلنة‪ ،‬كام قال النبي ‪« :H‬الَ تَدْ ُخ ُلوا َ‬
‫اجل َّن َة َحتَّى‬
‫ت ُْؤ ِمنُوا‪َ ،‬والَ ت ُْؤ ِمنُوا َحتَّى َ َتا ُّبوا«(‪.)5‬‬

‫كام ينشأ عنها جمالسة الصاحلني‪ ،‬واحتساب األجر يف معونتهم عىل الطاعات‪ ،‬التي‬
‫تقووا عليها بطعامك‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫((( رواه الرتمذي (‪ ،)807‬وابن ماجة (‪ ،)1746‬وصححه ابن حبان (‪ ،)216/8‬واأللباين يف صحيح اجلامع‬
‫(‪.)6415‬‬
‫((( االختيارات (ص‪.)194‬‬
‫((( الزهد هلناد (‪.)345/1‬‬
‫((( أخرجه الربجالين يف الكرم واجلود (ص‪.)53‬‬
‫((( رواه مسلم (‪.)54‬‬
‫مايصلا بادآ‬

‫*سؤال‪ :‬هل الصائم الذي حث الرسول ‪ H‬عىل تفطريه هو الصائم الفقري‪.‬‬


‫أو الغريب يف البلد أو الذي نقوم بدعوته لإلفطار لدينا يف املنزل كالضيف من األهل‬
‫واألقارب‪ ،‬وهل حيصل األجر لنا بتقديم اإلفطار للصائمني الذين ندعوهم دعوة‬

‫‪97‬‬
‫خاصة يف رمضان؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫َي َأ َّن ُه َل‬ ‫«ثبت عن النبي ‪ H‬أنه قال‪« :‬من َف َّطر صائِم ك َ ِ َ ِ‬
‫َان َل ُه م ْث ُل أ ْج ِره غ ْ َ‬ ‫َ ْ َ َ ً‬
‫الصائِ ِم َش ْيئًا )‪.(1‬‬ ‫ِ‬
‫َينْ ُق ُص م ْن َأ ْج ِر َّ‬

‫واملراد بالصائم هنا‪ :‬أي صائم من املسلمني‪ ،‬ال سيام من يستحق الصدقة عليه‬
‫«م ْن َج َّه َز‬
‫بالفطر؛ كالفقري واملسكني وابن السبيل‪ ،‬وهذا املعنى مثل قوله ‪َ :H‬‬
‫يل اهللِ َف َقدْ َغزَا )‪.(2‬‬
‫َاز ًيا ِف َسبِ ِ‬
‫غ ِ‬

‫وباهلل التوفيق‪ ،‬وصىل اهلل عيل نبينا حممد وآله وصحبه وسلم»(‪.)3‬‬

‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء‬


‫الشيخ عبد العزيز بن عبد اهلل بن باز‪ ..‬الشيخ عبد العزيز آل الشيخ‬
‫الشيخ صالح الفوزان‪ ..‬الشيخ بكر أبو زيد‬

‫وملزيد الفائدة يراجع جواب السؤال رقم (‪ )50047‬و(‪ ،)118145‬واهلل أعلم‪.‬‬


‫***‬

‫*أسأل‪ :‬هل اإلفطار فرض أم ال؟ فعندما يصل املسلم إىل املسجد وقت صالة املغرب‪،‬‬
‫ويف أثناء وقت اإلفطا‪ ،‬فهل عليه‪/‬عليها أن يفطر أوال‪ ،‬ثم يدرك اجلامعة‪ ،‬أم يصيل‬
‫أوالً‪ ،‬ثم يفطر؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫((( رواه الرتمذي (‪.)807‬‬


‫((( رواه البخاري (‪.)2843‬‬
‫((( فتاوى اللجنة الدائمة املجموعة الثانية (‪.)33/9‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫يعجــل اإلنســان الفطــر‪ ،‬وهــذا الــذي تــدل عليــه األحاديــث‪ ،‬ف َع ـ ْن‬
‫الس ـنَّة أن ّ‬
‫ـاس بِخَ ـ ْ ٍ‬ ‫ـن س ـع ٍد ‪َ ،I‬أ َّن رسـ َ ِ‬
‫ـر َمــا‬ ‫ـول اهلل ‪ H‬قــال‪« :‬ال َي ـز َُال النَّـ ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ـه ِل ْبـ ِ َ ْ‬
‫َسـ ْ‬
‫عج ُلــوا ِ‬
‫الف ْطـ َـر«(‪.)1‬‬ ‫َ َّ‬
‫‪98‬‬
‫فالذي ينبغي املبادرة إىل اإلفطار عىل لقيامت؛ يسكن هبا جوعه‪ ،‬ثم يقوم إىل الصالة‪،‬‬
‫ثم إن شاء عاد إىل الطعام‪ ،‬حتى يقيض حاجته منه‪.‬‬
‫ــن مالِ ٍ‬
‫َان‬ ‫ــك ‪َ I‬ق َ‬
‫ــال‪« :‬ك َ‬ ‫َــس ْب ِ َ‬ ‫وهــذا كان فعــل النبــي ‪ ،O‬فعــن َأن ِ‬
‫ٍ‬ ‫ـي ‪ُ H‬ي ْفطِـ ُـر َق ْبـ َ َ‬
‫ات‪،‬‬ ‫ات َفت َُمـ ْ َ‬
‫ـر ٌ‬ ‫ـى ُر َط َبــات‪َ ،‬فـإِ ْن َل ْ َت ُكـ ْ‬
‫ـن ُر َط َب ٌ‬ ‫ـي َعـ َ‬
‫ـل أ ْن ُي َصـ ِّ َ‬ ‫النَّبِـ ُّ‬
‫ات ِمــن مـ ٍ‬ ‫ات‪ ،‬حســا حســو ٍ‬
‫ـاء«(‪.)2‬‬ ‫ْ َ‬ ‫ـر ٌ َ َ َ َ َ‬ ‫َفـإِ ْن َل ْ َت ُكـ ْ‬
‫ـن ُتَـ ْ َ‬
‫يـه إِ َشـار ٌة إِ َل كَما ِل المبا َل َغ ِ‬
‫ـة ِف‬ ‫قـال املباركفـوري ‪ V‬يف رشحـه للحديـث‪« :‬وفِ ِ‬
‫َُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يـل ِ‬
‫الف ْط ِ‬
‫ـر»)‪ .(3‬واهلل أعلم‪.‬‬ ‫اِ ْسـتِ ْح َب ِ‬
‫اب َت ْع ِج ِ‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬كيف يفطر املسلم؟ ألن كثري ًا من الناس مشغول باألكل حتى ينقيض وقت‬
‫صالة املغرب‪ ،‬وإذا سألتهم يقولون لك‪ :‬ال صالة بحضور الطعام‪ ،‬وهل جيوز‬
‫االستدالل هبذا القول ألن وقت املغرب ضيق؟ واآلن ماذا أفعل؟ هل أفطر بالتمر‬
‫ثم أصيل املغرب‪ ،‬وبعد ذلك أكمل الطعام؟ أو أكمل الطعام كله ثم أصيل املغرب؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«ل‬ ‫«السنة أن يبادر الصائم إىل اإلفطار إذا حتقق من غروب الشمس؛ حلديث‪َ :‬‬
‫يز َُال النَّاس بِخَ ٍي ما عج ُلوا ِ‬
‫الف ْط َر«‪ ،‬وحلديث‪« :‬أحب عباد اهلل إىل اهلل أعجلهم فطر ًا«‬ ‫ْ َ َ َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫واألكمل يف حق الصائم أن يفطر عىل مترات ثم يؤخر تناول الطعام إىل بعد صالة‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)1821‬ومسلم (‪.)1838‬‬


‫((( رواه الرتمذي (‪ ،)632‬وصححه األلباين يف صحيح سنن الرتمذي‪.‬‬
‫((( حتفة األحوذي(‪.)311/3‬‬
‫مايصلا بادآ‬

‫املغرب؛ حتى جيمع بني سنة تعجيل الفطر وصال ة املغرب يف أول وقتها يف اجلامعة؛‬
‫اقتداء بالنبي ‪.H‬‬

‫وأمـا حديـث‪« :‬ال صلاة بحضرة الطعـام‪ ،‬وال وهو يدافعـه األخبثـان« وحديث‪:‬‬
‫‪99‬‬ ‫«إذا حضر ِ‬
‫العشـاء وال َعشـاء فابـدؤوا بال َعشـاء« ومـا جـاء يف معنـى ذلـك فاملـراد به‪:‬‬
‫مـن قـدم إليـه الطعـام أو حرض إىل طعـام‪ ،‬فإنه يبـدأ به قبـل الصالة حتى يـأيت الصالة‬
‫وقلبـه قـد فـرغ مـن التطلـع إىل الطعـام‪ ،‬فيصلي بقلـب خاشـع‪ ،‬ولكـن ليـس لـه أن‬
‫يطلـب حضـور الطعـام أو تقديم الطعام قبـل أن يصيل إذا كان ذلـك يفوت الصالة يف‬
‫أول الوقـت أو الصلاة يف اجلامعة‪.‬‬
‫وباهلل التوفيق‪ ،‬وصىل اهلل عىل نبينا حممد وآله وصحبه وسلم»(‪.)1‬‬

‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء‬


‫الشيخ عبد العزيز بن باز‪ .‬الشيخ عبد العزيز آال الشيخ‪ .‬الشيخ عبد اهلل بن غديان‬
‫الشيخ صالح الفوزان‪ .‬الشيخ بكر أبو زيد‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬ما حكم استعامل السواك يف هنار رمضان؟‪ ،‬وهل جيوز بلع ريق السواك؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫السواك مستحب يف مجيع األوقات‪ ،‬يف الصيام وغري الصيام‪ ،‬يف أول النهار وآخره‪.‬‬
‫ودليل ذلك‪:‬‬
‫ول اهللِ ‪َ H‬ق َال‪َ « :‬ل ْوال َأ ْن َأ ُش َّق َع َل ُأ َّمتِي َأ ْو‬ ‫‪َ .1‬ع ْن َأ ِب ُه َر ْي َر َة ‪َ ،I‬أ َّن َر ُس َ‬
‫اك مع ك ُِّل ص ٍ‬
‫ِ‬
‫الة«(‪.)2‬‬ ‫َ‬ ‫الس َو َ َ‬ ‫َّاس؛ ألَ َم ْر ُ ُت ْم بِ ِّ‬
‫َع َل الن ِ‬
‫اك َم ْط َه َر ٌة لِ ْل َفمِ‪َ ،‬م ْر َضا ٌة لِ َّلر ِّب )‪.(3‬‬
‫«الس َو ُ‬
‫‪ .2‬عن عائشة ‪ ،J‬أن النبي ‪ H‬قال‪ِّ :‬‬

‫((( فتاوى اللجنة الدائمة ‪ -‬املجموعة الثانية (‪.)32/9‬‬


‫((( رواه البخاري (‪.)887‬‬
‫((( رواه النسائي (‪ ،)5‬وصححه األلباين يف صحيح النسائي‪.‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫ففـي هـذه األحاديث دليل عىل اسـتحباب السـواك يف مجيـع األوقات‪ ،‬ومل يسـتثن‬
‫النبـي ‪ H‬الصائـم‪ ،‬بـل عمـوم األحاديث يشـمل الصائم‪ ،‬وغير الصائم‪.‬‬
‫وجيوز بلع الريق بعد السواك‪ ،‬إال إذا كان حتلل من السواك يشء يف الفم؛ فإنه‬
‫خيرجه‪ ،‬ثم يبتلع ريقه‪ ،‬كام أن الصائم جيوز له أن يتوضأ‪ ،‬ثم ُيْرج املاء من فمه‪ ،‬ثم يبتلع‬ ‫‪100‬‬
‫ريقه‪ ،‬وال يلزمه أن جيفف فمه من ماء املضمضة‪.‬‬
‫الم ِء‪َ ،‬وال‬ ‫ِ‬
‫الصائ ُم‪َ ،‬ل ِز َم ُه َم ُّج َ‬
‫المت ََو ِّلي َو َغ ْ ُي ُه‪ :‬إ َذا َت َ ْض َم َض َّ‬
‫قال النووي ‪َ « :V‬ق َال ُ‬
‫خر َق ٍة ونَح ِوها‪ ،‬بِال ِخ ٍ‬ ‫ي ْل َزمه َتن ِْش ُ ِ ِ ِ‬
‫الف»)‪.(1‬‬ ‫يف َفمه بِ ْ َ ْ َ‬ ‫َ ُُ‬
‫ــر َة‬ ‫لص ِائــ ِم‪َ ...‬ق َ‬
‫ــال َأ ُبــو ُه َر ْي َ‬
‫ــب واليابِ ِ ِ‬
‫ــس ل َّ‬ ‫الر ْط ِ َ َ‬
‫قــال البخــاري ‪« :V‬بــاب ِس ِ‬
‫ــواك َّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫اك ِعنْــدَ‬ ‫ــى ُأمتِــي ألَمر ُتــم بِالســو ِ‬
‫َ ْ ُ ْ ِّ َ‬ ‫ــق َع َ َّ‬ ‫ــوال َأ ْن َأ ُش َّ‬
‫ــي ‪َ « :H‬ل ْ‬ ‫َعــ ْن النَّبِ ِّ‬
‫ــت َع ِائ َشــ ُة‬ ‫ــر ِه‪َ ،‬و َقا َل ْ‬
‫ــم ِمــ ْن َغ ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫الصائ َ‬‫ُــص َّ‬ ‫ك ُِّل ُو ُضــوء«‪ ،‬قــال البخــاري‪َ :‬و َل ْ َي َّ‬
‫ِ‬ ‫اك م ْطه ِ‬
‫ــال َع َطــا ٌء‬ ‫لــر ِّب«‪َ .‬و َق َ‬‫ــر ٌة ل ْل َفــمِ‪َ ،‬م ْر َضــا ٌة ل َّ‬ ‫ــو ُ َ َ َ‬ ‫«الس َ‬
‫ــي ‪ِّ :H‬‬ ‫َعــ ْن النَّبِ ِّ‬
‫ــع ِري َقــ ُه»(‪.)2‬‬ ‫ِ‬
‫َو َقتَــا َدةُ‪َ :‬ي ْبتَل ُ‬

‫لص ِائ ِم‬ ‫ِ‬ ‫الت َ َ ِ‬


‫جة إِ َل َّ‬
‫الر ِّد َع َل َم ْن ك َِر َه ل َّ‬
‫ِ ِ‬
‫قال احلافظ ابن حجر ‪َ « :V‬أ َش َار ِ َبذه َّ ْ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫االستِ َي َ‬
‫الماء‬ ‫ب َع َل َ‬ ‫الر ْط َ‬ ‫الس َو َ‬
‫اك َّ‬ ‫اس ا ْب ِن س ِريي َن ِّ‬ ‫الر ْط ِ‬
‫ب‪َ ...‬و َقدْ َت َقدَّ َم ق َي ُ‬ ‫الس َواك َّ‬‫اك بِ ِّ‬ ‫ْ‬
‫ا َّل ِذي ُيت ََم ْض َم ُض بِ ِه‪...‬‬

‫ـذا ال َّت ْق ِريـ ِ‬


‫ـر‬ ‫ـص َأ ْي ًضــا َر ْط ًبــا ِمـ ْن َيابِـ ٍ‬
‫ـس‪َ ،‬و ِ َبـ َ‬ ‫يـ َّ‬‫ـص َص ِائـ ًـا ِمـ ْن َغـ ْـره َأ ْي َو َل ْ َ ُ‬
‫يـ َّ‬‫َو َل ْ َ ُ‬
‫ـه َق ْولــه ِف‬ ‫ـك ُك ِّلـ ِ‬ ‫ـع لِ َذلِـ َ‬ ‫ـة‪ ،‬وا ِ‬ ‫ـذا البــاب لِ َّلت َ َ ِ‬ ‫ِ‬
‫جلامـ ُ‬
‫جـ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َاسـ َب ُة َجيـ ِع َمــا َأ ْو َر َد ُه ِف َهـ َ َ‬‫َت ْظ َهـ ُـر ُمن َ‬
‫اح َتـ ُه ِف ك ُِّل‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ح ِديــث َأ ِب هريــرة‪« :‬ألَمرهتــم بِالسـ ِ ِ‬
‫ـواك عنْــدَ ك ُّل ُو ُضــوء«‪َ ،‬فإِ َّنـ ُه َي ْق َتــي إِ َب َ‬
‫َ ْ ْ ِّ َ‬ ‫َُْ َ‬ ‫َ‬
‫ـى ك ُّل َحـ ٍ‬
‫ـال‪..‬‬ ‫و ْقـ ٍ‬
‫ـت‪َ ،‬و َعـ َ‬ ‫َ‬

‫ج ِة ِم ْن ِج َهة َأ َّن َأ ْق َص َما ُي َْشى ِم ْن‬ ‫لت َ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫َو َق َال َع َطاء‪َ ،‬و َقتَا َدةُ‪َ :‬ي ْبتَل ُع ِري َق ُه ُمن َ‬
‫َاس َب ُت ُه ل َّ ْ‬
‫الم ْض َم َض ِة‪َ ،‬فإِ َذا َق َذ َف ُه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ش ٌء‪َ ،‬و َذل َك َّ ْ‬
‫الش ُء ك ََمء َ‬ ‫الر ْطب َأ ْن َيت ََح َّل َل منْ ُه ف ال َف ِم َ ْ‬ ‫الس َواك َّ‬‫ِّ‬

‫((( املجموع (‪.)327/6‬‬


‫((( صحيح البخاري (‪.)18/7‬‬
‫مايصلا بادآ‬

‫ض ُه َب ْعدَ َذلِ َك َأ ْن َي ْبت َِل َع ِري َق ُه»)‪.(1‬‬ ‫ِ ِ ِ‬


‫م ْن فيه ال َي ُ ُّ‬
‫وقال الشيخ ابن عثيمني ‪« :V‬الصواب‪ :‬أن التسوك للصائم سنة يف أول النهار‪،‬‬
‫ويف آخره»)‪.(2‬‬
‫‪101‬‬
‫«والسواك سنّة للصائم يف مجيع النهار‪ ،‬وإن كان رطبا‪ ،‬وإذا استاك وهو صائم؛ فوجد‬
‫حرارة أو غريها من َط ْع ِمه‪ ،‬فبلعه‪ ،‬أو أخرجه من فمه وعليه ريق‪ ،‬ثم أعاده وبلعه‪ :‬فال‬
‫يرضه»)‪.(3‬‬

‫«وجيتنب ما له مادة تتحلل كالسواك األخرض‪ ،‬وما أضيف إليه طعم خارج عنه‪،‬‬
‫ويرج ما تفتت منه داخل الفم‪ ،‬وال جيوز تعمد ابتالعه؛ فإن ابتلعه‬
‫كالليمون والنعناع‪ُ ،‬‬
‫بغري قصده؛ فال يشء عليه»)‪ .(4‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬هل العمرة مستحبة يف العرش األواخر من رمضان؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫النبي ‪ H‬يف أداء العمرة يف شهر رمضان‪ ،‬فعن ا ْب ِن َع َّب ٍ‬


‫اس ‪ ،L‬قال‪:‬‬ ‫ب ُ‬ ‫َر َّغ َ‬
‫ان َت ْع ِد ُل َح َّج ٌة«(‪.)5‬‬
‫مر ٌة ِف َر َم َض َ‬
‫َق َال رسول اهلل ‪ُ « :H‬ع َ‬

‫خمتصا بالعرش األواخر‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬


‫وهذا يشمل مجيع رمضان‪ ،‬وليس ًّ‬
‫***‬

‫دعاء خمصص ًا فقط لإلفطار وليس للسحور؛ ألن‬


‫ظننت أيام املدرسة أن هناك ً‬
‫ُ‬ ‫*سؤال‪:‬‬
‫دعاء خمصص ًا للسحور‬
‫يف السحور النية حملها القلب‪ ،‬لكن زوجي أخربين‪ :‬أن هناك ً‬
‫((( فتح الباري (‪.)159/4‬‬
‫((( (فتاوى أركان اإلسالم‪ /‬ص‪.)468‬‬
‫((( (الفتاوى السعدية‪/‬ص‪.)245‬‬
‫((( رسالة سبعون مسألة يف الصيام‪.‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)1782‬ومسلم (‪.)1256‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫أيض ًا‪.‬‬
‫رجاء التوضيح‪ ،‬هل هذا صحيح؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫‪102‬‬
‫نعـم‪ ،‬هنـاك أدعيـة خاصـة وردت هبـا السـنة‪ ،‬يقوهلـا الصائم عنـد فطـره‪ ،‬فيقول‪:‬‬
‫«ذهـب الظمـأ‪ ،‬وابتلت العـروق‪ ،‬وثبت األجر إن شـاء اهلل«(‪ ،)1‬وله أن يدعو بام يشـاء‪،‬‬
‫ال لكـون ذلـك ورد يف السـنة تنصيص ًا؛ بـل ألنه حمل هنايـة عبادة‪ ،‬ويرشع للمسـلم أن‬
‫يدعو عنـد ذلك‪.‬‬
‫ســئل الشــيخ حممــد الصالــح العثيمــن ‪ :V‬هــل هنــاك دعــاء مأثــور عــن‬
‫النبــي ‪ H‬عنــد وقــت اإلفطــار؟‪ ،‬ومــا هــو وقتــه؟‪ ،‬وهــل يتابــع الصائــم‬
‫املــؤذن يف األذان‪ ،‬أم يســتمر يف فطــره؟‬
‫فأجاب‪« :‬إن وقت اإلفطار موطن إجابة للدعاء؛ ألنه يف آخر العبادة؛ وألن اإلنسان‬
‫أشد ما يكون ‪-‬غالب ًا‪ -‬من ضعف النفس عند إفطاره‪ ،‬وكلام كان اإلنسان أضعف نفس ًا‪،‬‬
‫وأرق قلب ًا؛ كان أقرب إىل اإلنابة‪ ،‬واإلخبات إىل اهلل ‪ ،D‬والدعاء املأثور‪« :‬اللهم لك‬
‫صمت‪ ،‬وعىل رزقك أفطرت)‪ ،‬ومنه أيض ًا‪ :‬قول النبي ‪« :O‬ذهب الظمأ‪،‬‬
‫وابتلت العروق‪ ،‬وثبت األجر إن شاء اهلل«‪ ،‬وهذان احلديثان وإن كان فيهام ضعف‪ ،‬لكن‬
‫بعض أهل العلم حسنهام‪ ،‬وعىل كل حال‪ :‬فإذا دعوت بذلك أو بغريه عند اإلفطار‪ ،‬فإنه‬
‫موطن إجابة»)‪.(2‬‬
‫وانظر يف ختريج حديث «ذهب الظمأ«‪ .‬و«اللهم لك صمت« جواب السؤال‬
‫رقم (‪ ،)26879‬وفيه بيان ضعف األول‪ ،‬وحسن الثاين‪ ،‬وفيه فتوى لشيخ اإلسالم‬
‫ابن تيمية يف موضوع الدعاء‪.‬‬

‫وأما السحور‪ :‬فليس هناك دعاء خاص يقال عنده‪ ،‬فاملرشوع هو أن يسمي اهلل يف‬
‫أوله‪ ،‬وحيمده إذا فرغ من الطعام‪ ،‬كام يفعل ذلك عند كل طعام‪.‬‬

‫((( رواه أبو داوود (‪ ،)2010‬وحسنه األلباين صحيح اجلامع (‪.)4678‬‬


‫((( جمموع فتاوى الشيخ ابن عثيمني (‪ /19‬السؤال رقم ‪.)341‬‬
‫مايصلا بادآ‬

‫لكن من َّ‬
‫أخر سحوره إىل الثلث األخري من الليل؛ فإنه يدرك بذلك وقت النزول‬
‫اإلهلي فيه‪ ،‬وهو وقت استجابة الدعاء‪.‬‬

‫ول اهللِ ‪َ H‬ق َال‪َ « :‬ين ِْز ُل َر ُّبنَا َت َب َار َك َو َت َع َال ك َُّل‬ ‫ف َع ْن َأ ِب ُه َر ْي َر َة ‪َ ،I‬أ َّن َر ُس َ‬
‫ون َف َأ ْست ِ‬ ‫ول‪َ :‬م ْن َيدْ ُع ِ‬ ‫ث ال َّلي ِل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫‪103‬‬ ‫يب َل ُه‪َ ،‬م ْن‬
‫َج َ‬ ‫اآلخ ُر‪َ ،‬ي ُق ُ‬ ‫ني َي ْب َقى ُث ُل ُ ْ‬ ‫َل ْي َلة إِ َل َّ‬
‫الس َمء الدُّ ْن َيا‪ ،‬ح َ‬
‫َي ْس َأ ُلنِي َف ُأ ْعطِ َي ُه‪َ ،‬م ْن َي ْس َتغ ِْف ُر ِن َف َأغ ِْف َر َل ُه«(‪ ،)1‬فيدعو يف هذا الوقت؛ لكونه وقت إجابة‪،‬‬
‫ال من أجل السحور‪.‬‬
‫وأما النية فمحلها القلب‪ ،‬وال يرشع التلفظ هبا باللسان‪ ،‬وقد قال شيخ اإلسالم‬
‫ابن تيمية ‪« :V‬ومن خطر بقلبه أنه صائم غد ًا؛ فقد نوى»)‪.(2‬‬
‫وانظر جواب السؤال (‪ ،)37643‬و(‪ .)22909‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬ما حكم الدعاء من األحاديث التي قالوا عنها أهنا ضعيفة‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫‪ .1‬عند الفطور اللهم لك صمت‪ ،‬وعىل رزقك أفطرت‪.‬‬
‫‪ .2‬أشهد أن ال إله إال اهلل‪ ،‬أستغفر اهلل‪ ،‬أسألك اجلنة‪ ،‬وأعوذ بك من النار هل يرشع‪،‬‬
‫جيوز‪ ،‬ال جيوز‪ ،‬مكروه‪ ،‬ال يصح‪ ،‬أو حرام؟‬
‫*جواب‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬الدعاء عند اإلفطار بام ذكرت‪ ،‬ورد يف حديث ضعيف‪ ،‬رواه أبو داود‬
‫َان إِ َذا َأ ْف َط َر‪َ ،‬ق َال‪« :‬ال َّل ُه َّم‬ ‫(‪َ ،)2358‬عن مع ِ‬
‫اذ ْب ِن ُز ْه َرةَ‪ ،‬أن ُه َب َل َغ ُه َأ َّن النَّبِ َّي ‪ :H‬ك َ‬ ‫ْ َُ‬
‫ك َأ ْف َط ْر ُت«‪.‬‬ ‫ت‪َ ،‬و َع َل ِرز ِْق َ‬ ‫َل َ‬
‫ك ُص ْم ُ‬
‫ويغنــي عنــه مــا رواه أبــو داود (‪ ،)2357‬عــن ابــن عمــر ‪ ،L‬قــال‪ :‬ك َ‬
‫َان‬
‫ــب ال َّظ َم ُ‬ ‫رس ُ ِ‬
‫وق‪َ ،‬و َث َب َ‬
‫ــت‬ ‫ــر ُ‬ ‫ــأ‪َ ،‬وا ْب َت َّل ْ‬
‫ــت ال ُع ُ‬ ‫ــال‪َ « :‬ذ َه َ‬ ‫ــول اهلل ‪ H‬إِ َذا َأ ْف َط َ‬
‫ــر‪َ ،‬ق َ‬ ‫َ ُ‬
‫اهلل«‪ ،‬واحلديــث حســنه األلبــاين ‪ V‬يف صحيــح أيب داود‪.‬‬ ‫ــاء ُ‬ ‫األَ ْج ُ‬
‫ــر إِ ْن َش َ‬
‫((( رواه البخاري(‪ ،)1094‬ومسلم (‪.)758‬‬
‫((( الفتاوى الكربى(‪.)375/5‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫ثاني ًا‪ :‬يستحب للصائم أن يدعو أثناء صيامه‪ ،‬وعند فطره؛ ملا روى أمحد (‪،)8030‬‬
‫َاك؛ َر َّق ْت ُق ُلو ُبنَا‪َ ،‬و ُكنَّا ِم ْن َأ ْه ِل‬
‫ول اهللِ‪ ،‬إِنَّا إِ َذا َر َأ ْين َ‬
‫عن أيب هريرة ‪ ،I‬قال‪ُ :‬ق ْلنَا َيا َر ُس َ‬
‫َاك؛ َأ ْع َج َب ْتنَا الدُّ ْن َيا‪َ ،‬و َش َم ْمنَا الن َِّسا َء َواألَ ْوال َد‪َ ،‬ق َال‪َ « :‬ل ْو َتكُون َ‬
‫ُون‪،‬‬ ‫اآلخ َر ِة‪َ ،‬وإِ َذا َف َار ْقن َ‬
‫ِ‬

‫ال ا َّلتِي َأ ْنت ُْم َع َل ْي َها ِعن ِْدي؛ َل َصا َف َح ْتك ُْم‬ ‫الح ِ‬‫ال‪َ ،‬ع َل َ‬ ‫ُون َع َل ك ُِّل َح ٍ‬
‫َأ ْو َق َال‪َ :‬ل ْو َأ َّنك ُْم َتكُون َ‬ ‫‪104‬‬
‫ون؛ ك َْي َيغ ِْف َر‬ ‫اء اهللُ بِ َق ْو ٍم ُي ْذنِ ُب َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َار ْتك ُْم ِف ُب ُيوتك ُْم‪َ ،‬و َل ْو َل ْ ت ُْذن ُبوا َل َ‬
‫ِ‬
‫المالئ َك ُة بِ َأ ُك ِّف ِه ْم‪َ ،‬و َلز َ‬
‫َ‬
‫ب‪َ ،‬و َلبِنَ ُة فِ َّض ٍة‪،‬‬ ‫َاؤ َها؟‪َ ،‬ق َال‪َ « :‬لبِنَ ُة َذ َه ٍ‬ ‫الجن َِّة َما بِن ُ‬ ‫َُلم«‪َ ،‬ق َال‪ُ :‬ق ْلنَا يا رس َ ِ‬
‫ول اهلل َحدِّ ْثنَا َع ْن َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ْ‬
‫ان‪َ ،‬م ْن َيدْ ُخ ُل َها‬ ‫ابا ال َّز ْع َف َر ُ‬ ‫ك األَ ْذ َف ُر‪َ ،‬و َح ْص َباؤُ َها ال ُّل ْؤ ُل ُؤ َوال َيا ُق ُ‬
‫الم ْس ُ‬ ‫و ِمال ُطها ِ‬
‫وت‪َ ،‬وت َُر ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وت‪ ،‬ال َت ْب َل ثِ َيا ُب ُه‪َ ،‬وال َي ْفنَى َش َبا ُب ُه‪َ ،‬ثال َث ٌة ال ت َُر ُّد َد ْع َو ُ ُت ْم‪:‬‬‫ي ُلدُ َوال َي ُم ُ‬‫َينْ َع ُم َوال َي ْب َأ ُس‪َ ،‬و َ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الم ْظ ُلومِ‪ْ ُ ،‬ت َم ُل َع َل الغ ََممِ‪َ ،‬و ُت ْفت َُح َلا َأ ْب َو ُ‬
‫اب‬ ‫الصائ ُم َحتَّى ُي ْفط َر‪َ ،‬و َد ْع َو ُة َ‬‫إل َما ُم ال َعاد ُل‪َ ،‬و َّ‬ ‫ا ِ‬
‫ني«‪ .‬واحلديث صححه شعيب‬ ‫َّك‪َ ،‬و َل ْو َب ْعدَ ِح ٍ‬ ‫ْصن َ‬ ‫ِ ِ َ‬ ‫الس َم ِء‪َ ،‬و َي ُق ُ‬
‫الر ُّب ‪َ :D‬وعزَّت ألن ُ َ‬ ‫ول َّ‬ ‫َّ‬
‫األرنؤوط ‪ V‬يف حتقيق املسند‪.‬‬
‫ني ُي ْفطِ ُر‪ ،«...‬وصححه األلباين يف‬ ‫ِ ِ‬
‫الصائ ُم ح َ‬
‫«و َّ‬
‫ورواه الرتمذي (‪ )2525‬بلفظ‪َ :‬‬
‫صحيح الرتمذي‪.‬‬
‫فلك أن تسأل اهلل اجلنة‪ ،‬وأن تتعوذ من النار‪ ،‬وأن تستغفر‪ ،‬وأن تدعو بغري ذلك من‬
‫األدعية املرشوعة‪.‬‬
‫وأما الدعاء هبذه الصيغة املرتبة‪« :‬أشهد أن ال إله إال اهلل‪ ،‬أستغفر اهلل‪ ،‬أسألك اجلنة‪،‬‬
‫وأعوذ بك من النار»‪ :‬فلم نقف عليها‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬يقال‪ :‬إنه جيب االستامع لألذان‪ ،‬لكن ما هو حكم من يفطر عند سامع أذان‬
‫املغرب؟ هل يعفى بسبب تناوله طعام اإلفطار؟‪ ،‬وما هو حكم نفس األمر عند‬
‫التسحر عند أذان الفجر؟‬
‫*جواب‪:‬‬
‫اختلف العلامء يف حكم إجابة املؤذن‪ ،‬ومتابعته يف كلامت األذان‪ ،‬والصحيح‪ :‬أن‬
‫متابعته مستحبة غري واجبة‪ ،‬وهو قول املالكية‪ ،‬والشافعية‪ ،‬واحلنابلة‪.‬‬
‫مايصلا بادآ‬

‫قال النووي ‪« :V‬مذهبنا أن املتابعة سنة ليست بواجبة‪ ،‬وبه قال مجهور العلامء‪،‬‬
‫وحكى الطحاوي خالفا لبعض السلف يف إجياهبا»)‪.(1‬‬

‫ويف املغني‪ ،‬عن اإلمام أمحد أنه قال‪« :‬وإن مل يقل كقوله؛ فال بأس»)‪ (2‬انتهى بترصف‪.‬‬
‫‪105‬‬
‫ويدل عىل ذلك‪ :‬قول النبي ‪ O‬ملالك بن احلويرث‪ ،‬ومن معه‪« :‬إذا حرضت‬
‫الصالة‪ ،‬فليؤذن لكم أحدكم‪ ،‬وليؤمكم أكربكم«(‪.)3‬‬

‫فهذا يدل عىل أن املتابعة ال جتب‪ ،‬ووجه الداللة‪ :‬أن املقام مقام تعليم‪ ،‬وتدعو احلاجة‬
‫قد ال يكون عندهم علم بام قاله النبي ‪H‬‬ ‫إىل بيان كل ما حيتاج إليه‪ ،‬وهؤالء َو ْفدٌ‬
‫يف متابعة األذان‪ ،‬فلام ترك النبي ‪ H‬التنبيه عىل ذلك مع دعاء احلاجة إليه‪ ،‬وكون‬
‫هؤالء وفدً ا لبثوا عنده عرشين يوما‪ ،‬ثم غادروا‪ ،‬يدل عىل أن اإلجابة ليست بواجبة‪،‬‬
‫وهذا هو األقرب‪ ،‬واألرجح)‪.(4‬‬

‫وروى مالك يف املوطأ‪ ،‬عن ابن شهاب‪ ،‬عن ثعلبة بن أيب مالك القرظي أنه أخربه‪:‬‬
‫أهنم كانوا يف زمان عمر بن اخلطاب ُي َص ُّلون يوم اجلمعة‪ ،‬حتى خيرج عمر‪ ،‬فإذا خرج‬
‫عمر‪ ،‬وجلس عىل املنرب‪ ،‬وأذن املؤذنون قال ثعلبة‪ :‬جلسنا نتحدث‪ ،‬فإذا سكت املؤذنون‪،‬‬
‫وقام عمر خيطب؛ أنصتنا فلم يتكلم منا أحد‪.‬‬

‫قال ابن شهاب‪« :‬فخروج اإلمام يقطع الصالة‪ ،‬وكالمه يقطع الكالم»)‪.(5‬‬

‫قال الشيخ األلباين ‪ V‬يف متام املنة‪« :‬يف هذا األثر دليل عىل عدم وجوب إجابة‬
‫املؤذن؛ جلريان العمل يف عهد عمر عىل التحدث يف أثناء األذان‪ ،‬وسكوت عمر عليه‪،‬‬
‫فأجبت‬
‫ُ‬ ‫سئلت عن الدليل الصارف لألمر بإجابة املؤذن عن الوجوب؟‪،‬‬
‫ُ‬ ‫وكثريا ما‬

‫((( املجموع (‪.)127/3‬‬


‫((( املغني (‪.)256/1‬‬
‫((( رواه البخاري(‪ ،)602‬ومسلم (‪.)674‬‬
‫((( الرشح املمتع (‪.)75/2‬‬
‫((( املوطأ (‪.)103/1‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫هبذا»)‪.(1‬‬

‫بناء عىل ما سبق‪ :‬فال إثم عىل من ترك إجابة املؤذن ومل يتابعه‪ ،‬سواء كان تركه‬
‫النشغاله بطعام أو غريه‪ ،‬غري أنه يفوته بذلك األجر العظيم عند اهلل تعاىل‪.‬‬
‫‪106‬‬
‫اب ‪ I‬قال‪َ :‬ق َال رس ُ ِ‬
‫ول اهلل ‪« :H‬إِ َذا َق َال ُ‬
‫الم َؤ ِّذ ُن‪ُ :‬‬
‫اهلل‬ ‫َ ُ‬ ‫ف َع ْن ُع َم َر ْب ِن َ‬
‫الخ َّط ِ‬
‫َأ ْك َب ُر اهللُ َأ ْك َب ُر‪َ ،‬ف َق َال َأ َحدُ ك ُْم‪ :‬اهللُ َأ ْك َب ُر اهللُ َأ ْك َب ُر‪ُ ،‬ث َّم َق َال‪َ :‬أ ْش َهدُ َأ ْن َل إِ َل َه إِ َّل اهللُ‪َ ،‬ق َال‪:‬‬
‫ول اهللِ‪َ ،‬ق َال‪َ :‬أ ْش َهدُ َأ َّن ُم َح َّمدً ا‬ ‫َأ ْش َهدُ َأ ْن َل إِ َل َه إِ َّل اهللُ‪ُ ،‬ث َّم َق َال‪َ :‬أ ْش َهدُ َأ َّن ُم َح َّمدً ا َر ُس ُ‬
‫الص َل ِة‪َ ،‬ق َال‪َ :‬ل َح ْو َل َو َل ُق َّو َة إِ َّل بِاهللِ‪ُ ،‬ث َّم َق َال‪َ :‬ح َّي َع َلى‬ ‫ول اهلل‪ُ ،‬ث َّم َق َال‪َ :‬ح َّي َع َلى َّ‬
‫رس ُ ِ‬
‫َ ُ‬
‫هلل َأ ْك َب ُر‪،‬‬ ‫ِ‬
‫هلل َأ ْك َب ُر ا ُ‬
‫هلل َأ ْك َب ُر‪َ ،‬ق َال‪ :‬ا ُ‬
‫هلل َأ ْك َب ُر ا ُ‬
‫ال َف َلحِ ‪َ ،‬ق َال‪َ :‬ل َح ْو َل َو َل ُق َّو َة إِ َّل بِاهلل‪ُ ،‬ث َّم َق َال‪ :‬ا ُ‬
‫ِ‬ ‫ُثم َق َال‪َ :‬ل إِ َله إِ َّل اهلل‪َ ،‬ق َال‪َ :‬ل إِ َله إِ َّل ا ِ‬
‫الجنَّ َة«(‪.)2‬‬ ‫هلل م ْن َق ْلبِه؛ َد َخ َل َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬

‫وليس هناك تعارض بني تعجيل الفطر‪ ،‬والرتديد خلف املؤذن‪ ،‬فيستطيع الصائم أن‬
‫يبادر بالفطر بعد غروب الشمس مبارشة‪ ،‬ويف الوقت نفسه يردد خلف املؤذن‪ ،‬فيكون‬
‫قد مجع بني الفضيلتني‪ :‬فضيلة املبادرة بالفطر‪ ،‬وفضيلة الرتديد خلف املؤذن‪.‬‬

‫ومل يزل الناس قدي ًام وحديث ًا يتكلمون عىل طعامهم‪ ،‬وال يرون الطعام شاغ ً‬
‫ال هلم‬
‫عن الكالم‪ ،‬مع التنبيه أن تعجيل الفطر‪ ،‬حيصل بأي يشء يأكله الصائم‪ ،‬ولو كان شيئ ًا‬
‫يسري ًا‪ ،‬كتمرة أو رشبة ماء‪ ،‬وليس معناه أن يأكل حتى يشبع‪.‬‬

‫وكذلك يقال أيض ًا‪ :‬إذا أذن الفجر‪ ،‬وهو يأكل السحور‪ ،‬فيمكن اجلمع بني األمرين‪،‬‬
‫بال مشقة ظاهرة‪.‬‬

‫غري أنه إذا كان املؤذن يؤذن للفجر بعد دخول الوقت؛ فيجب الكف عن األكل‬
‫والرشب عند سامع أذانه‪.‬‬
‫وانظر جواب السؤال رقم (‪ .)66202‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫((( متام املنة (ص‪.)340‬‬


‫((( رواه مسلم (‪.)385‬‬
‫مايصلا بادآ‬

‫***‬

‫*سؤال‪ :‬هناك حديث يف أوساط الناس عن بعض العقاقري‪ ،‬التي تتحكم وتقلل من‬
‫نسبة الشعور باجلوع‪ ،‬والعطش يف جسم الشخص‪ ،‬ويقوم بعض الناس باستخدام‬

‫‪107‬‬
‫هذه العقاقري يف شهر رمضان‪ ،‬فام حكم تناول هذه العقاقري؟ وملزيد معلومات عن‬
‫هذه العقاقري زوروا املوقع التايل‪http://fasting.raHadantablet.coH/#:‬‬

‫*جواب‪:‬‬

‫عـرف العلماء الصيـام بأنـه‪ :‬التعبـد هلل باإلمسـاك عـن املفطـرات‪ ،‬كالطعـام‪،‬‬
‫َّ‬
‫والشراب‪ ،‬واجلماع‪ ،‬مـن طلـوع الفجـر إىل غروب الشـمس‪ ،‬كما قال تعـاىل‪( :‬ﭳ‬
‫ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ) [البقرة‪ ،]187 :‬وكما يف‬
‫ث‪،‬‬ ‫ال َي ْر ُف ْ‬
‫«الص َيا ُم ُجنَّ ٌة‪َ ،‬ف َ‬
‫ـال‪ِّ :‬‬ ‫ـول اهللِ ‪َ H‬ق َ‬ ‫حديـث َأ ِب ُه َر ْي َـر َة ‪َ ،I‬أ َّن َر ُس َ‬
‫َوالَ َي ْج َه ْل‪َ ،‬وإِ ِن ْام ُرؤٌ َقا َت َل ُه‪َ ،‬أ ْو َشات ََم ُه‪َ ،‬ف ْل َي ُق ْل‪ :‬إِنِّي َصائِ ٌم‪َ ،‬م َّر َت ْي ِن‪َ ،‬وا َّل ِذي َن ْف ِسي بِ َي ِد ِه‪:‬‬
‫ك؛ َيت ُْر ُك َط َع َام ُه‪َ ،‬و َش َرا َب ُه‪،‬‬ ‫المس ِ‬ ‫وف َف ِم الصائِ ِم َأ ْطيب ِعنْدَ اهللِ َتعا َلى ِمن ِريحِ ِ‬ ‫َلخُ ُل ُ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َّ‬
‫الح َسنَ ُة بِ َع ْش ِر َأ ْم َثالِ َها«(‪.)1‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الص َيا ُم لي‪َ ،‬و َأنَا َأ ْج ِزي بِه‪َ ،‬و َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َو َش ْه َو َت ُه؛ م ْن َأ ْجلي‪ِّ ،‬‬
‫يسمى عند العلامء املفطرات‪،‬‬
‫قال الشيخ ابن عثيمني ‪« :V‬واملفسد للصوم َّ‬
‫يف قوله‪( :‬ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ‬ ‫‪D‬‬ ‫وأصوهلا ثالثة‪ ،‬ذكرها اهلل‬
‫ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ)‬
‫[البقرة‪ ،]187 :‬وقد أمجع العلامء عىل أن هذه الثالثة تفسد الصوم»(‪.)2‬‬
‫والعقاقري الوارد اإلشارة إليها يف السؤال‪ ،‬هي ‪-‬بحسب املوقع املحال عليه‪ :-‬حبة‬
‫وتسمى حبة رمضان‪ ،‬وفيها من‬
‫َّ‬ ‫مكونة من أعشاب‪ ،‬ومواد مباحة االستعامل‪ ،‬والتناول‪،‬‬
‫أنواع الفيتامينات املتعددة (يب‪ ،1‬يب‪ ،2‬يب‪ ،6‬يب‪ ،)12‬وغريها من املواد النافعة للبدن‪،‬‬
‫وهي تزود اجلسم بالنشاط أثناء النهار‪ ،‬وختفف عليه اجلوع؛ ملا يف هذه املواد من قدرة‬
‫عىل مساعدة املخ عىل إعطاء أوامر للجسم‪ ،‬ليبحث عن الغذاء يف الشحوم‪ ،‬والدهون‬

‫((( رواه البخاري (‪.)1795‬‬


‫((( الرشح املمتع (‪.)235 /6‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫الزائدة يف اجلسم‪ ،‬عوض ًا عن املعدة اخلاوية‪.‬‬


‫ومما ال شك فيه أن تناول هذه احلبوب والعقاقري يف هنار رمضان؛ أنه مف ِّطر‪ ،‬وال‬
‫َيتلف يف ذلك أحد؛ لكوهنا من الطعام‪ ،‬والذي يصل اجلوف مبارشة‪.‬‬
‫والظاهر من السؤال‪ :‬أنه عن حكم تناوهلا يف الليل قبل الفجر‪ ،‬وأنه لكون تلك‬ ‫‪108‬‬

‫العقاقري هلا القدرة عىل جعل البدن يف نشاط مستمر‪ ،‬وهلا القدرة عىل منع إحساسه‬
‫باجلوع؛ فإنه قد يظن ٌّ‬
‫ظان أنه ال حيل تناوهلا من الليل؛ ملا هلا من استمرار مفعول يف‬
‫النهار‪ ،‬وهذا ظن خطأ‪ ،‬بل هي جائزة االستعامل‪ ،‬ما دام تناوهلا يف وقت إباحة تناول‬
‫الطعام والرشاب‪.‬‬
‫وأما أثرها املستمر يف النهار‪ ،‬فهو ليس بامنع من تناوهلا‪ ،‬وال فرق بينها وبني طعام‬
‫السحور‪ ،‬ومن احلكَم اجلليلة يف تأخري تناول السحور‪ :‬هو إعطاء البدن قدرة أكرب وأكثر‬
‫عىل حتمل الصيام يف النهار‪.‬‬

‫فعن أنس بن مالك ‪ ،I‬قال‪ :‬قال النبي ‪« :H‬ت ََس َّح ُروا؛ َفإِ َّن ِف َّ‬
‫الس ُح ِ‬
‫ور‬
‫َب َر َك ٌة«(‪.)1‬‬
‫قال احلافظ ابن حجر ‪« :V‬قوله يف حديث أنس‪« :‬تسحروا؛ فإن يف السحور‬
‫بركة«‪ ،‬املراد بالربكة‪ :‬األجر والثواب‪.‬‬
‫أو الربكة لكونه يقوي عىل الصوم‪ِّ ،‬‬
‫وينشط له‪ ،‬وخيفف املشقة فيه‪.‬‬
‫الس َحر‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬الربكة ما يتضمن من االستيقاظ‪ ،‬والدعاء يف َّ‬
‫واألوىل‪ :‬أن الربكة يف السحور حتصل بجهات متعددة‪ ،‬وهي‪ :‬اتِّباع السنَّة‪ ،‬وخمالفة‬
‫ْ‬
‫أهل الكتاب‪ ،‬والتقوي به عىل العبادة‪ ،‬والزيادة يف النشاط‪ ،‬ومدافعة سوء اخللق الذي‬
‫يثريه اجلوع‪ ،‬والتسبب بالصدقة عىل من يسأل إذ ذاك‪ ،‬أو جيتمع معه عىل األكل‪،‬‬
‫والتسبب ِّ‬
‫للذكر‪ ،‬والدعاء وقت مظنة اإلجابة‪ ،‬وتدارك نية الصوم ملن أغفلها قبل أن‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)1823‬ومسلم (‪.)1095‬‬


‫مايصلا بادآ‬

‫ينام»)‪ .(1‬انتهى باختصار‪.‬‬

‫وقال الشيخ حممد بن صالح العثيمني ‪ V‬يف سياق ِذكر بركات السحور‪« :‬من‬
‫بركته‪ :‬أنه ِّ‬
‫يغذي اجلسم طوال النهار‪ ،‬وحيمل عىل الصرب عن األكل والرشب‪ ،‬حتى يف‬
‫‪109‬‬ ‫أيام الصيف الطويلة احلارة‪ ،‬بينام اإلنسان يف غري الصيام جتده يرشب يف اليوم مخس‪،‬‬
‫وست مرات‪ ،‬ويأكل مرتني‪ ،‬لكن هذا السحور جيعل اهلل فيه بركة‪ ،‬فيتحمل اجلسم»)‪.(2‬‬

‫واحلاصل‪ :‬أنه ال حرج من تناول هذه احلبوب‪.‬‬

‫وانظر جواب السؤال رقم (‪ ،)49686‬يف إباحة تناول اهلرمونات يف السحور‬


‫الريايض‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬رجل أحرم بالعمرة قبل أذان املغرب يف آخر يوم يف شعبان‪ ،‬وبعد املغرب‬
‫ُأعلن دخول رمضان‪ ،‬فهل ُتسب له عمرة يف رمضان أم ال؟‪ ،‬واملقصود‪ :‬أنه دخل يف‬
‫نية اإلحرام قبل املغرب‪ ،‬وأدى العمرة يف الليل ‪-‬ليلة رمضان‪.-‬‬

‫*جواب‪:‬‬

‫للعمرة يف رمضان ثواب جليل‪ ،‬وهو أجر حجة‪.‬‬


‫ار‪« :‬ما منَع ِ‬ ‫ِ ٍ ِ‬ ‫فعن ابن عباس ‪ ،L‬أن رس ُ ِ‬
‫ك‬ ‫ول اهلل ‪ H‬قال ل ْم َر َأة م ْن األَن َْص ِ َ َ َ‬ ‫َ ُ‬
‫ان [بعريان]‪َ ،‬ف َح َّج َأ ُبو َو َل ِد َها‪َ ،‬وا ْبن َُها َع َل‬‫َاضح ِ‬ ‫ِ‬
‫َأ ْن َ ُت ِّجي َم َعنَا؟«‪َ ،‬قا َل ْت‪َ :‬ل ْ َي ُك ْن َلنَا إِ َّل ن َ‬
‫ان َفا ْعت َِم ِري؛ َفإِ َّن ُع ْم َر ًة فِ ِيه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نَاض ٍح‪َ ،‬وت ََر َك َلنَا نَاض ًحا؛ َننْض ُح َع َل ْيه‪َ ،‬ق َال‪َ « :‬فإِ َذا َج َ‬
‫اء َر َم َض ُ‬
‫َت ْع ِد ُل َح َّج ًة«‪ ،‬ويف رواية ملسلم‪« :‬حجة معي«(‪.)3‬‬

‫حيصل املسلم ذلك األجر العظيم‪ :‬فإن عليه أن حيرم للعمرة‪ ،‬ويؤدي مناسكها‬
‫وحتى ِّ‬

‫((( فتح الباري (‪.)140/4‬‬


‫((( لقاء الباب املفتوح (مقدمة اللقاء رقم ‪.)223‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)1782‬ومسلم (‪.)1256‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫يف شهر رمضان‪ ،‬ال أن حيرم هلا يف اليوم األخري لشعبان‪ ،‬ولو أدى مناسكها يف رمضان‪،‬‬
‫وال أن حيرم هلا يف رمضان‪ ،‬ويؤدي مناسكها يف شوال‪.‬‬

‫فهام صورتان ال يكون ملؤدي العمرة فيهام أجر حجة‪:‬‬

‫الصورة األوىل‪ :‬أن حيرم للعمرة يف آخر شهر شعبان‪ ،‬ويؤدي املناسك بعد دخول‬ ‫‪110‬‬

‫شهر رمضان‪.‬‬

‫الصورة األخرى‪ :‬أن حيرم للعمرة قبل غروب شمس اليوم األخري من رمضان‪،‬‬
‫ويؤدي مناسكها يف ليلة العيد‪.‬‬

‫قال الشيخ حممد بن صالح العثيمني ‪« :V‬واملعتمر يف رمضان‪ ،‬ال بد أن تكون‬


‫عمرته من ابتداء اإلحرام إىل انتهائه يف رمضان‪ ،‬وبناء عىل ذلك نأخذ مثاالً آخر‪:‬‬

‫لو أن رج ً‬
‫ال وصل إىل امليقات يف آخر ساعة من شعبان‪ ،‬وأحرم بالعمرة‪ ،‬ثم غربت‬
‫وقص‪ ،‬هل‬
‫الشمس‪ ،‬ودخل رمضان بغروب الشمس‪ ،‬ثم قدم مكة‪ ،‬وطاف‪ ،‬وسعى‪َّ ،‬‬
‫يقال‪ :‬إنه اعتمر يف رمضان؟‬

‫اجلواب‪ :‬ال؛ ألنه ابتدأ العمرة قبل دخول شهر رمضان‪.‬‬

‫مثال ثالث‪ :‬رجل أحرم بالعمرة قبل غروب الشمس من آخر يوم من رمضان‪،‬‬
‫وطاف‪ ،‬وسعى للعمرة يف ليلة العيد‪ ،‬فهل يقال‪ :‬إنه اعتمر يف رمضان؟‬

‫اجلواب‪ :‬ال؛ ألنه مل يعتمر يف رمضان؛ ألنه أخرج جزء ًا من العمرة عن رمضان‪،‬‬
‫والعمرة يف رمضان من ابتداء اإلحرام إىل انتهائه»)‪ .(1‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬أرجو اإلفادة عام إذا كان يعترب إفطار شخص قريب يل‪ ،‬ومن القادرين‪،‬‬
‫يدخل ضمن حديث‪« :‬من َف َّطر صائ ًام‪ «...‬احلديث‪.‬‬

‫*جواب‪:‬‬

‫((( جمموع فتاوى الشيخ العثيمني (‪.)353 ،352 /21‬‬


‫مايصلا بادآ‬

‫«م ْن‬
‫هذا احلديث رواه زيد بن خالد اجلهني ‪ I‬قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪َ :H‬‬
‫الصائِ ِم َش ْيئ ًا»(‪.)1‬‬ ‫ِ‬
‫َي َأ َّن ُه ال َي ْن ُق ُص م ْن َأ ْج ِر َّ‬
‫َف َّطر صائِم ك َ ِ َ ِ‬
‫َان َل ُه م ْث ُل أ ْج ِره‪ ،‬غ ْ َ‬ ‫َ َ ً‬
‫واحلديث عام يف كل صائم‪ ،‬غني ًا كان أم فقري ًا‪ ،‬ويشمل القريب وغريه)‪.(2‬‬
‫‪111‬‬
‫بل قد يكون تفطري الصائم القريب أعظم أجر ًا؛ ألنه بذلك حيصل عىل ثواب تفطري‬
‫الصائم‪ ،‬وصلة الرحم‪ ،‬ما مل يكن غري القريب فقري ًا‪ ،‬وال جيد ما يفطر عليه‪ ،‬فيكون‬
‫تفطريه أعظم أجرا؛ ملا فيه من دفع حاجته‪.‬‬

‫وهذا‪ ،‬كام أن الصدقة عىل الفقري القريب‪ ،‬أفضل من الصدقة عىل الفقري غري القريب‪.‬‬

‫«الصدَ َق ُة َع َل‬
‫عن سلامن بن عامر الضبي ‪ ،I‬قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪َّ :H‬‬
‫َان‪َ :‬صدَ َق ٌة‪َ ،‬و ِص َل ٌة (‪.)3‬‬
‫ني َصدَ َق ٌة‪َ ،‬و َع َل ِذي ال َق َرا َب ِة ا ْثنَت ِ‬
‫الم ْسكِ ِ‬
‫ِ‬

‫وقال احلافظ ابن حجر ‪« :V‬ال يلزم أن تكون هبة ذي الرحم ‪-‬يعني اهلدية‬
‫للقريب‪ -‬أفضل مطلق ًا؛ الحتامل أن يكون املسكني حمتاج ًا‪ ،‬ونفعه بذلك متعديا‪،‬‬
‫واآلخر بالعكس»(‪.)4‬‬

‫«م ْن َف َّط َر َصائِ ًام‬


‫واخلالصة‪ :‬أن تفطري الصائم القريب‪ ،‬يدخل يف قوله ‪َ :H‬‬
‫َان َل ُه ِم ْث ُل َأ ْج ِر ِه ‪ ،‬وقد يكون تفطريه أعظم أجر ًا من غري القريب‪ ،‬وقد يكون بالعكس‪،‬‬
‫ك َ‬
‫عىل حسب حاجة كل منهام‪ ،‬وما يرتتب عىل تفطريه من املصالح‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬ما هي سنن الصوم؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫((( رواه الرتمذي (‪ ،)807‬وصححه األلباين يف صحيح الرتغيب والرتهيب (‪.)1078‬‬


‫((( انظر‪ :‬فيض القدير‪ -‬للمناوي (‪.)243/6‬‬
‫((( رواه الرتمذي (‪ ،)658‬وابن ماجة (‪ ،)1844‬وصححه األلباين يف صحيح الرتغيب والرتهيب (‪.)217/1‬‬
‫((( فتح الباري (‪.)219/5‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫سنن الصوم كثرية‪ ،‬منها‪:‬‬


‫أوالً‪ُ :‬يسن إذا شتمه أحد‪ ،‬أو قاتله‪ ،‬أن يقابل إساءته باإلحسان‪ ،‬ويقول‪ :‬إين صائم؛‬
‫ث‪َ ،‬والَ‬ ‫ال َي ْر ُف ُ‬
‫«الص َيا ُم ُجنَّ ٌة‪َ ،‬ف َ‬
‫ملا روى أبو هريرة ‪ ،I‬أن رسول اهلل ‪ H‬قال‪ِّ :‬‬
‫َي‪َ ،‬وا َّل ِذي َن ْف ِس بِ َي ِد ِه َل ُل ُ‬
‫وف َف ِم‬ ‫ي َه ُل‪َ ،‬وإِ ِن ْام ُرؤٌ َقا َت َل ُه َأ ْو َش َات َ ُه َف ْل َي ُق ْل‪ :‬إِ ِّن َصائِ ٌم‪َ ،‬م َّرت ْ ِ‬ ‫َْ‬ ‫‪112‬‬
‫شا َب ُه‪َ ،‬و َش ْه َو َت ُه ِم ْن َأ ْج ِل‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الصائِ ِم َأ ْطي ِ‬
‫ت ُك َط َع َام ُه‪َ ،‬و َ َ‬ ‫الم ْسك‪َ ،‬ي ْ ُ‬ ‫ب عنْدَ اهلل َت َع َال م ْن َر ْيحِ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َّ‬
‫ش َأم َث َ ِ‬ ‫الص َيا ُم ِل‪َ ،‬و َأنَا َأ ْج ِزي بِ ِه‪َ ،‬و َ‬
‫الا (‪.)1‬‬ ‫احل َس َن ُة بِ َع ْ ِ ْ‬ ‫ِّ‬
‫ثاني ًا‪ :‬يسن للصائم السحور؛ ملا ثبت يف الصحيحني‪ ،‬من حديث أنس بن مالك ‪I‬‬

‫قال‪ :‬قال النبي رسول اهلل ‪« :H‬ت ََس َّح ُروا؛ َفإِ َّن ِف َّ‬
‫الس ُح ِ‬
‫ور َب َر َك ًة (‪.)2‬‬
‫ثالث ًا‪ :‬يسن تأخري السحور؛ ملا روى أنس‪ ،‬عن زيد بن ثابت ‪ ،L‬قال‪ :‬تسحرنا‬
‫مع النبي ‪ ،H‬ثم قام إىل الصالة‪ ،‬قلت‪ :‬كم كان بني األذان والسحور؟ قال‪ :‬قدر‬
‫مخسني آية)‪.(3‬‬
‫رابع ًا‪ :‬يسن تعجيل الفطر؛ لقوله ‪« :H‬الَ يز َُال النَّاس بِخَ ٍي؛ ما عج ُلوا ِ‬
‫الف ْط َر (‪.)4‬‬ ‫ْ َ َ َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫خامس ًا‪ :‬يسن أن يفطر عىل رطب‪ ،‬فإن مل جيد فعىل متر‪ ،‬فإن مل جيد فعىل ماء؛ حلديث‬
‫أنس ‪ I‬قال‪« :‬كان رسول اهلل ‪ H‬يفطر عىل رطبات‪ ،‬قبل أن يصيل‪ ،‬فإن مل‬
‫تكن رطبات‪ ،‬فعىل مترات‪ ،‬فإن مل تكن حسا حسوات من ماء»)‪.(5‬‬
‫سادس ًا‪ :‬يسن إذا أفطر أن يقول ما ورد‪ ،‬والذي ورد هو التسمية‪ ،‬وهي واجبة عىل‬
‫ت األَ ْج ُر‬
‫وق‪َ ،‬و َث َب َ‬ ‫الصحيح؛ ألمره ‪ ،H‬وورد أيض ًا‪َ « :‬ذهب ال َّظم ُأ‪ ،‬واب َت َّل ِ‬
‫ت ال ُع ُر ُ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫َ َ‬
‫إِ ْن َش َ‬
‫اء اهللُ (‪.)6‬‬

‫وقد وردت أحاديث يف فضل دعوة الصائم منها‪:‬‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)1795‬ومسلم (‪.)1151‬‬


‫((( رواه البخاري(‪ ،)1823‬ومسلم (‪.)1095‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)1823‬ومسلم (‪.)1097‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)1856‬ومسلم (‪.)1098‬‬
‫((( رواه أبو داود (‪ ،)2356‬والرتمذي (‪ ،)696‬وحسنه األلباين يف إرواء الغليل (‪.)45/4‬‬
‫((( رواه أبو داود (‪ ،)2357‬والبيهقي (‪ ،)239/4‬وحسنه األلباين يف إرواء الغليل (‪.)39/4‬‬
‫مايصلا بادآ‬

‫الوالِ ِد‪،‬‬ ‫ٍ‬


‫َث َد َع َوات الَ ت َُر ُّد‪َ :‬د ْع َو ُة َ‬
‫‪ .1‬عن أنس ‪ ،I‬أن النبي ‪ H‬قال‪َ « :‬ثال ُ‬
‫الم َسافِ ِر )‪.(1‬‬ ‫ِ‬
‫الصائمِ‪َ ،‬و َد ْع َو ُة ُ‬
‫َو َد ْع َو ُة َّ‬
‫ِ‬ ‫‪ .2‬عن أيب أمامة ‪ ،I‬مرفوع ًا‪ِ ِ « :‬‬
‫هلل عنْدَ ك ُِّل ف ْط ٍر ُع َت َق ُ‬
‫اء (‪.)2‬‬
‫‪113‬‬ ‫اء ِف ك ُِّل َي ْو ٍم‬
‫‪ .3‬عن أيب سعيد اخلدري ‪ ،I‬مرفوع ًا‪« :‬إِ َّن هللِ َت َب َار َك َو َت َع َال ُع َت َق َ‬
‫َو َل ْي َل ٍة ‪-‬يعني يف رمضان‪َ ،-‬وإِ َّن لِك ُِّل ُم ْسلِ ٍم ِف ك ُِّل َي ْو ٍم َو َل ْي َل ٍة َد ْع َو ًة ُم ْست ََجا َب ًة (‪.)3‬‬
‫واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬كثري ًا ما نسمع عن السحور يف شهر رمضان املبارك‪ ،‬ونسمع يف األحاديث‬


‫التي تلقى يف املساجد أن السحور بركة‪ ،‬لكننا أحيان ًا ال نشتهي السحور بسبب‬
‫العشاء املتأخر ونرتك هذه الربكة‪ .‬فهل علينا إثم يف ذلك؟‬
‫*جواب‪:‬‬
‫ال ريب أن السحور سنة وقربة؛ ألن الرسول أمر بذلك ‪ ،O‬قال‪« :‬ت ََس َّح ُروا‬
‫ي ِص َي ِامنَا َو ِص َيا ِم َأ ْه ِل الكِت ِ‬
‫َاب‬ ‫َفإِ َّن ِف َّ‬
‫الس ُح ِ‬
‫ور َب َر َك ًة ‪ ،‬وقال ‪َ « :O‬ف ْص ُل َما َب ْ َ‬
‫الس َح ِر ‪ ،‬وكان يتسحر ‪ .O‬فالسحور سنة وليس بواجب‪ ،‬من مل يتسحر‬ ‫َأ ْك َل ُة َّ‬
‫فال إثم عليه لكن ترك السنة‪.‬‬
‫فينبغي أن يتسحروا ولو بقليل‪ ،‬ليس من الالزم أن يكون كثري ًا‪ ،‬يتسحر بام تيرس ولو‬
‫مترات أو ما تيرس من أنواع الطعام يف آخر الليل‪ ،‬فإن مل يتيرس أو مل يشته الطعام فليرشب‬
‫شيئ ًا من اللبن أو عىل األقل املاء‪ ،‬حيسو من املاء ما تيرس‪ ،‬وال يدع السحور‪ ،‬فأكلته فيها‬
‫بركة وفيها خري كثري‪ ،‬وهي عون للصائم عىل أعامله يف النهار‪ ،‬فينبغي للصائم أال يدع‬
‫السحور ولو كان قليالً‪ ،‬لقول النبي ‪« :H‬ت ََس َّح ُروا َفإِ َّن ِف َّ‬
‫الس ُح ِ‬
‫ور َب َركَة ‪.‬‬

‫هكذا يقول ‪ ،O‬وهذه هي الربكة ال ينبغي أن تضيع‪ ،‬بل ينبغي للمؤمن أن‬

‫((( رواه البيهقي (‪ ،)345/3‬وصححه األلباين يف السلسلة الصحيحة (‪.)1797‬‬


‫((( رواه أمحد (‪ ،)256/5‬وصححه األلباين يف صحيح الرتغيب والرتهيب (‪.)242/1‬‬
‫((( رواه أمحد (‪ ،)254/2‬وصححه األلباين يف صحيح الرتغيب والرتهيب (‪.)242/1‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫حيرص عليها ولو بيشء قليل من الطعام أو من التمرات أو من اللبن‪ ،‬يستعني بذلك‬
‫عىل أعامل النهار الدينية والدنيوية»(‪.)1‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬أهيام أفضل يف هنار رمضان‪ :‬قراءة القرآن أم صالة التطوع؟‬ ‫‪114‬‬

‫*جواب‪:‬‬

‫قال الشيخ ابن باز ‪« :V‬املفاضلة بني قراءة القارئ‪ ،‬وصالة املصيل تطوع ًا‪ ،‬ختتلف‬
‫باختالف أحوال الناس‪ ،‬وتقدير ذلك راجع إىل اهلل ‪D‬؛ ألنه بكل يشء حميط»)‪.(2‬‬

‫حق شخص آخر أفضل‪،‬‬


‫حق شخص أفضل‪ ،‬وغريه يف ّ‬
‫املعي يف ّ‬
‫وقد يكون العمل ّ‬
‫بحسب تقريب العمل لفاعله من اهلل ‪ ،D‬فقد يتأ ّثر بعض األشخاص بنوافل وخيشعون‬
‫فتقرهبم إىل اهلل أكثر من أعامل أخرى‪ ،‬فتكون يف ح ّقهم أفضل‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫فيها؛ ّ‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬للصائم دعوة مستجابة عند فطره‪ ،‬فمتى تكون‪ :‬قبل اإلفطار؟ أو يف أثنائه؟‬
‫أو بعده؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫ُع ِرض هذا السؤال عىل الشيخ ابن عثيمني ‪ V‬فقال‪« :‬الدعاء يكون قبل اإلفطار‬
‫عند الغروب؛ ألنه جيتمع فيه انكسار النفس‪ ،‬والذل‪ ،‬والصوم‪ ،‬وكل هذه أسباب‬
‫لإلجابة‪ ،‬وأما بعد الفطر‪ :‬فإن النفس قد اسرتاحت وفرحت‪ ،‬وربام حصلت غفلة‪،‬‬
‫لكن ورد دعاء عن النبي ‪- H‬لو صح‪ ،-‬فإنه يكون بعد اإلفطار‪ ،‬وهو‪َ « :‬ذ َه َ‬
‫ب‬
‫ال َّظم ُأ‪ ،‬واب َت َّل ِ‬
‫ت األَ ْج ُر إِ ْن َش َ‬
‫اء اهلل )‪ ،(3‬فهذا ال يكون إال بعد الفطر‪ ،‬فأنت‬ ‫وق‪َ ،‬و َث َب َ‬
‫ت ال ُع ُر ُ‬ ‫َ َ ْ‬

‫((( فتاوى نور عىل الدرب للشيخ عبد العزيز بن باز (‪.)1222/3‬‬
‫((( اجلواب الصحيح من أحكام صالة الليل والرتاويح للشيخ عبد العزيز بن باز (ص‪.)45‬‬
‫((( رواه أبو داود (‪ ،)2357‬وحسنه األلباين يف صحيح سنن أيب داود (‪.)39/4‬‬
‫مايصلا بادآ‬

‫ادع اهلل بام تراه مناسب ًا»)‪ .(1‬واهلل أعلم‪.‬‬


‫***‬

‫*سؤال‪ :‬ما حكم استعامل السواك يف هنار رمضان؟ وهل جيوز بلع الريق بعد استعامل‬
‫‪115‬‬ ‫السواك للصائم؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫السواك مستحب يف مجيع األوقات‪ ،‬يف الصيام وغري الصيام‪ ،‬يف أول النهار وآخره‪،‬‬
‫قال ابن عثيمني ‪« :V‬الصواب أن التسوك للصائم سنة‪ ،‬يف أول النهار‪ ،‬ويف آخره»)‪.(2‬‬

‫ودليل ذلك‪:‬‬
‫‪ .1‬عن أيب هريرة ‪ ،I‬أن رسول اهلل ‪ H‬قال‪َ « :‬ل ْوالَ َأ ْن َأ ُش َّق َع َل ُأ َّمتِ َ‬
‫ي‪-‬أ ْو‬
‫اك مع ك ُِّل ص ٍ‬
‫ِ‬
‫الة (‪.)3‬‬ ‫َ‬ ‫َّاس‪-‬؛ ألَ َم ْر ُ ُت ْم بِ ِّ‬
‫الس َو َ َ‬ ‫َع َل الن ِ‬

‫اك َم ْط َه َر ٌة لِ ْل َفمِ‪َ ،‬م ْر َضا ٌة‬


‫«الس َو ُ‬
‫‪ .2‬وعن عائشة ‪ ،J‬أن النبي ‪ H‬قال‪ِّ :‬‬
‫لِ َّلر ِّب (‪.)4‬‬

‫ففـي هـذه األحاديث‪ :‬دليل عىل اسـتحباب السـواك يف مجيع األوقات‪ ،‬ومل يسـتثن‬
‫النبـي ‪ H‬الصائـم‪ ،‬بـل عموم األحاديث يشـمل الصائم وغير الصائم‪.‬‬

‫وجيوز بلع الريق بعد السواك‪ ،‬إال إذا كان حتلل من السواك يشء يف الفم؛ فإنه‬
‫ُي ِْرجه‪ ،‬ثم يبتلع ريقه‪ ،‬كام أن الصائم جيوز له أن يتوضأ‪ ،‬ثم خيرج املاء من فمه‪ ،‬ثم يبتلع‬
‫ريقه‪ ،‬وال يلزمه أن جيفف فمه من ماء املضمضة‪.‬‬

‫قال البخاري ‪« :V‬باب سواك الرطب واليابس للصائم‪ ...‬قال أبو هريرة ‪I‬‬

‫((( اللقاء الشهري (رقم ‪ )8‬للشيخ حممد بن صالح العثيمني‪.‬‬


‫((( فتاوى أركان اإلسالم (ص‪.)468‬‬
‫((( رواه البخاري (‪.)847‬‬
‫((( رواه النسائي (‪ ،)5‬وصححه األلباين يف صحيح الرتغيب والرتهيب (‪.)50/1‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫اك ِعنْدَ ك ُِّل و ُض ٍ‬


‫وء ‪،‬‬ ‫عن النبي ‪َ « :H‬لوالَ َأ ْن َأ ُش َّق ع َل ُأمتِي؛ ألَمر ُتم بِالسو ِ‬
‫ُ‬ ‫َ ْ ُ ْ ِّ َ‬ ‫َ َّ‬ ‫ْ‬
‫قال البخاري‪« :‬ومل خيص الصائم من غريه‪ ،‬وقالت عائشة ‪ ،J‬عن النبي ‪:H‬‬
‫اك َم ْط َه َر ٌة لِ ْل َفمِ‪َ ،‬م ْر َضا ٌة لِ َّلر ِّب ‪ ،‬وقال عطاء وقتادة‪ :‬يبتلع ريقه )‪.(1‬‬
‫«الس َو ُ‬
‫ِّ‬

‫قال احلافظ ابن حجر ‪« :V‬أشار هبذه الرتمجة إىل الرد عىل من كره للصائم‬ ‫‪116‬‬

‫االستياك بالسواك الرطب‪ ،‬وقد تقدم قياس ابن سريين السواك الرطب عىل املاء الذي‬
‫يتمضمض به‪.‬‬

‫ومل خيص صائ ًام من غريه أي‪ :‬ومل خيص أيض ًا رطب ًا من يابس‪ ،‬وهبذا التقرير تظهر‬
‫مناسبة مجيع ما أورده يف هذا الباب للرتمجة‪ ،‬واجلامع لذلك كله‪ ،‬قوله يف حديث‬
‫اك ِعنْدَ ك ُِّل و ُض ٍ‬
‫وء ‪ ،‬فإنه يقتيض إباحته يف كل وقت‪،‬‬ ‫أيب هريرة ‪« :I‬ألَمر ُتم بِالسو ِ‬
‫ُ‬ ‫َ ْ ُ ْ ِّ َ‬
‫وعىل كل حال‪.‬‬

‫وقال عطاء وقتادة‪ :‬يبتلع ريقه مناسبته للرتمجة من جهة أن أقىص ما خيشى من‬
‫السواك الرطب أن يتحلل منه يف الفم يشء‪ ،‬وذلك اليشء كامء املضمضة‪ ،‬فإذا قذفه من‬
‫فيه؛ ال يرضه بعد ذلك أن يبتلع ريقه»)‪.(2‬‬

‫قال ابن سعدي ‪« :V‬والسواك سنّة للصائم يف مجيع النهار‪ ،‬وإن كان رطب ًا‪ ،‬وإذا‬
‫استاك وهو صائم‪ ،‬فوجد حرارة أو غريها من َط ْع ِمه فبلعه‪ ،‬أو أخرجه من فمه وعليه‬
‫ريق‪ ،‬ثم أعاده وبلعه؛ فال يرضه»)‪.(3‬‬

‫وجيتنب ما له مادة تتحلل كالسواك األخرض‪ ،‬وما أضيف إليه طعم خارج عنه‬
‫ويرج ما تفتت منه داخل الفم‪ ،‬وال جيوز تعمد ابتالعه‪ ،‬فإن ابتلعه‬
‫كالليمون‪ ،‬والنعناع‪ُ ،‬‬
‫بغري قصده فال يشء عليه‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫((( صحيح البخاري (‪.)682/2‬‬


‫((( فتح الباري (‪.)158/4‬‬
‫((( الفتاوى السعدية (ص‪.)245‬‬
‫مايصلا بادآ‬

‫*سؤال‪ :‬هل ُيفضل إعطاء الصدقات يف العرش األواخر من رمضان؟ أم أن قيام ليايل‬
‫تلك األيام بالصالة والذكر هو املميز فقط يف تلك الليايل؟‬
‫*جواب‪:‬‬
‫‪117‬‬ ‫يف إحياء العرش األواخر من رمضان‪ ،‬هو إحياؤها‬ ‫‪H‬‬ ‫الوارد عن النبي‬
‫بالصالة والذكر‪.‬‬
‫السنة ما يدل‬
‫والصدقة يف رمضان أفضل من الصدقة يف غريه‪ ،‬ولكن ال نعلم من ُّ‬
‫عىل أن إعطاء الصدقة يف العرش األواخر أفضل‪.‬‬
‫لكن‪ ،‬ذكر العلامء أن العمل الصالح يكون أفضل كلام وقع يف زمان فاضل‪ ،‬وال شك‬
‫أن ليايل العرش األواخر من رمضان أفضل مما سواها من الليايل؛ ألن هبا ليلة القدر‪ ،‬التي‬
‫هي خري من ألف شهر‪.‬‬
‫وعىل كل حال‪ :‬فاملرشوع للمسلم أن يكثر من الصدقة يف مجيع رمضان‪ ،‬فقد «كان‬
‫النبي ‪ H‬أجود الناس‪ ،‬وكان أجود ما يكون يف رمضان (‪ .)1‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سـؤال‪ :‬ذكرتـم يف بعض اإلجابات السـابقة أن اإلمسـاك عـن األكل والرشب قبل‬
‫مخـس دقائـق من طلـوع الفجر يعتبر مـن البدعة‪ ،‬وقد وجـدت حديثـ ًا يف صحيح‬
‫البخـاري رواه أنـس‪ ،‬أن زيـد بن ثابـت قال‪( :‬تسـحرنا مع الرسـول ‪ H‬ثم‬
‫وقـف للصلاة‪ .‬فسـألته‪ :‬كـم كان من الوقـت بني السـحور واألذان؟ فقـال‪ :‬وقت‬
‫يكفـي لقـراءة مخسين آية)‪ .‬وقراءة مخسين آية تسـتغرق مـن مخس إىل عشر دقائق‬
‫وربما أكثـر‪ ،‬فكيف يكون اإلمسـاك قبـل مخس دقائـق من الفجـر بدعة؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫عن أنس‪ ،‬عن زيد بن ثابت ‪ L‬قال‪« :‬تسحرنا مع النبي ‪ ،H‬ثم قام إىل‬
‫الصالة» قلت‪ :‬كم كان بني األذان والسحور؟ قال‪« :‬قدر مخسني آية»)‪.(2‬‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)6‬ومسلم (‪.)2308‬‬


‫((( رواه البخاري (‪ ،)1821‬ومسلم (‪.)1097‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫فهذا احلديث يدل عىل أن وقت سحور النبي ‪ H‬كان قبل األذان هبذا الوقت‪،‬‬
‫وليس فيه أن النبي ‪ H‬بدأ الصيام‪ ،‬وأمسك عن الطعام والرشاب قبل الفجر‬
‫هبذا الوقت‪ ،‬فهناك فرق بني وقت السحور‪ ،‬ووقت اإلمساك‪ ،‬وهذا واضح بحمد اهلل‪،‬‬
‫كام تقول‪ :‬ت ََس َّح ْر ُت الساعة الثانية قبل الفجر‪ ،‬فهذا ال يعني أنك بدأت الصيام من هذا‬
‫‪118‬‬
‫الوقت‪ ،‬وإنام هو إخبار عن وقت السحور فقط‪.‬‬

‫والذي يستفاد من حديث زيد بن ثابت ‪ :I‬استحباب تأخري السحور‪ ،‬وليس‬


‫استحباب اإلمساك قبل الفجر بمدة‪.‬‬

‫وقد أباح اهلل تعاىل ملن نوى الصيام أن يأكل ويرشب حتى يتيقن طلوع الفجر‪،‬‬
‫قال اهلل تعاىل‪( :‬ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ‬
‫ﮂ ﮃ ﮄ) [البقرة‪.]187 :‬‬

‫قال أبو بكر اجلصاص ‪« :V‬فأباح اجلامع‪ ،‬واألكل‪ ،‬والرشب‪ ،‬يف ليايل الصوم‪ ،‬من‬
‫أوهلا إىل طلوع الفجر‪ ،‬ثم أمر بإمتام الصيام إىل الليل»)‪.(1‬‬

‫وعن عائشة ‪ :J‬أن بالالً كان يؤذن بليل‪ ،‬فقال رسول اهلل ‪ُ « :H‬ك ُلوا‬
‫اش ُبوا َحتَّى ُي َؤ ِّذ َن ا ْب ُن ُأ ِّم َم ْكتُومٍ‪َ ،‬فإِ َّن ُه ال ُي َؤ ِّذ ُن َحتَّى َي ْط ُل َع ال َف ْج ُر (‪.)2‬‬
‫َو ْ َ‬
‫قال النووي ‪« :V‬اتفق أصحابنا وغريهم من العلامء عىل‪ :‬أن السحور سنة‪ ،‬وأن‬
‫تأخريه أفضل‪ ،‬ودليل ذلك كله األحاديث الصحيحة؛ وألن فيهام ‪-‬يعني السحور‬
‫وتأخريه‪ -‬إعانة عىل الصوم؛ وألن فيهام خمالفة للكفار؛ وألن حمل الصوم هو النهار‪،‬‬
‫فال معنى لتأخري الفطر‪ ،‬واالمتناع من السحور يف آخر الليل»(‪.)3‬‬

‫قال احلافظ ابن حجر ‪« :V‬تنبيه‪ :‬من البدع املنكرة‪ :‬ما ُأحدث يف هذا الزمان من‬
‫إيقاع األذان الثاين قبل الفجر بنحو ثلث ساعة يف رمضان‪ ،‬وإطفاء املصابيح التي ُجعلت‬

‫((( أحكام القرآن للجصاص (‪.)191/1‬‬


‫((( رواه البخاري (‪ ،)1819‬ومسلم (‪.)1092‬‬
‫((( املجموع (‪.)360/6‬‬
‫مايصلا بادآ‬

‫عالمة لتحريم األكل والرشب عىل من يريد الصيام‪ ،‬زع ًام ممن أحدثه أنه لالحتياط يف‬
‫العبادة‪ ،‬وال يعلم بذلك إال آحاد الناس‪ ،‬وقد َج ّرهم ذلك إىل أن صاروا ال يؤذنون‬
‫إال بعد الغروب بدرجة؛ لتمكني الوقت ‪-‬زعموا‪ ،-‬فأخروا الفطر‪ ،‬و َع ّجلوا السحور‪،‬‬
‫‪119‬‬ ‫وخالفوا السنَّة‪ ،‬فلذلك قل عنهم اخلري‪ ،‬وك ُثر فيهم الرش‪ ،‬واهلل املستعان )‪.(1‬‬

‫قرأت يف بعض التفاسري‪ :‬أن الصائم يمسك قبل أذان‬


‫ُ‬ ‫وسئلت اللجنة الدائمة‪:‬‬
‫الفجر بثلث ساعة‪ ،‬أي بمقدار عرشين دقيقة‪ ،‬ويسمى ذلك إمساك ًا احتياطي ًا‪ ،‬فام هو‬
‫املقدار بني اإلمساك‪ ،‬وأذان الفجر يف رمضان؟‬

‫فأجابت‪« :‬األصل يف اإلمساك للصائم وإفطاره قوله تعاىل‪( :‬ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ‬


‫ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ) [البقرة‪.]187 :‬‬

‫فاألكل والرشب مباح إىل طلوع الفجر‪ ،‬وهو اخليط األبيض الذي جعله اهلل غاية‬
‫إلباحة األكل والرشب‪ ،‬فإذا تبني الفجر الثاين؛ حرم األكل والرشب وغريها من‬
‫املفطرات‪ ،‬ومن رشب وهو يسمع أذان الفجر‪ :‬فإن كان األذان بعد طلوع الفجر الثاين؛‬
‫فعليه القضاء‪ ،‬وإن كان قبل الطلوع؛ فال قضاء عليه»)‪.(2‬‬

‫وسئل ابن باز ‪ V‬عن جعل وقت لإلمساك قبل الفجر بحوايل ربع ساعة؟‬

‫فأجاب‪« :‬ال أعلم هلذا أصالً‪ ،‬بل الذي دل عليه الكتاب والسنة‪ :‬أن اإلمساك يكون‬
‫بطلوع الفجر؛ لقول اهلل سبحانه‪( :‬ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ‬
‫ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ) [البقرة‪ ،]187 :‬ولقول النبي ‪« :H‬ال َف ْج ُر‬
‫ال ُة ‪-‬أي صالة الصبح‪َ ،-‬و َف ْج ُر َ ْت ُر ُم فِ ِيه‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َف ْج َر ِ‬
‫ي ُر ُم فيه ال َّط َعا ُم‪َ ،‬و َت ُّل فيه َّ‬
‫الص َ‬ ‫ان‪َ :‬ف ْج ٌر َ ْ‬
‫ِ ِ ِ‬
‫اش ُبوا‪،‬‬ ‫الةُ‪َ ،‬و َي ُّل فيه ال َّط َعا ُم ‪ ،‬وقوله ‪« :H‬إِ َّن بِالالً ُي َؤ ِّذ ُن بِ َل ْي ٍل؛ َف ُك ُلوا َو ْ َ‬ ‫الص َ‬
‫َّ‬
‫(‪)3‬‬

‫((( فتح الباري (‪.)199/4‬‬


‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)283/10‬‬
‫((( رواه ابن خزيمة (‪ ،)356‬واحلاكم (‪ ،)687‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع (‪.)4279‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫ي ا ْب ُن ُأ ِّم َم ْكتُو ٍم ‪ ،‬قال الراوي‪ :‬وكان ابن أم مكتوم رج ً‬ ‫ِ‬


‫ال أعمى‪ ،‬ال ينادي حتى‬ ‫َحتَّى ُينَاد َ‬
‫أصبحت )‪ .(1‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫َ‬ ‫أصبحت‪،‬‬
‫َ‬ ‫يقال له‪:‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬هل يف تأخري الفطر بعد صالة املغرب ثواب؟‬ ‫‪120‬‬

‫*جواب‪:‬‬
‫تأخري الفطر ليس فيه ثواب‪ ،‬بل األفضل واألكمل يف الثواب‪ ،‬هو تعجيل الفطر بعد‬
‫غروب الشمس مبارشة‪.‬‬
‫َّاس بِخَ ْ ٍي َما‬
‫عن سهل بن سعد ‪ I‬أن رسول اهلل ‪ H‬قال‪« :‬الَ َيز َُال الن ُ‬
‫عج ُلوا ِ‬
‫الف ْط َر (‪.)2‬‬ ‫َ َّ‬
‫قال النووي ‪« :V‬فيه‪ :‬احلث عىل تعجيله بعد حتقق غروب الشمس‪ ،‬ومعناه‪ :‬ال‬
‫يزال أمر األمة منتظ ًام وهم بخري‪ ،‬ما داموا حمافظني عىل هذه السنة‪ ،‬وإذا أخروه؛ كان‬
‫ذلك عالمة عىل فساد يقعون فيه»)‪.(3‬‬

‫وروى هذا احلديث أبو هريرة ‪ ،I‬وزاد فيه‪« :‬ألَ َّن ال َي ُهو َد َوالن ََّص َارى ُي َؤخِّ ُر َ‬
‫ون (‪.)4‬‬
‫قال الطيبي ‪« :V‬يف هذا التعليل دليل عىل أن قوام الدين احلنيفي عىل خمالفة‬
‫األعداء من أهل الكتاب‪ ،‬وأن يف موافقتهم تلف ًا للدين»)‪.(5‬‬
‫ِ‬
‫وعــن عائشــة ‪ ،J‬أهنــا ُســئ َلت عــن رجــل مــن أصحــاب حممــد ‪H‬‬

‫‪-‬وهــو عبــد اهلل بــن مســعود ‪ -I‬يعجــل املغــرب واإلفطــار‪ ،‬فقالــت‪« :‬هكــذا‬
‫كان رســول اهلل ‪ H‬يصنــع»)‪.(6‬‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)2513‬جمموع فتاوى ابن باز (‪.)281/15‬‬


‫((( رواه البخاري (‪ ،)1856‬ومسلم (‪.)1098‬‬
‫((( رشح مسلم (‪.)208/7‬‬
‫((( رواه أبو داود (‪ ،)2353‬وحسنه األلباين يف صحيح الرتغيب (‪.)259/1‬‬
‫((( عون املعبود (‪.)344/6‬‬
‫((( رواه مسلم (‪.)1099‬‬
‫مايصلا بادآ‬

‫قال الشافعي ‪« :V‬تعجيل الفطر مستحب»)‪.(1‬‬

‫وقد ذكر العلامء عد َة ِحكَم الستحباب تعجيل الفطر‪ ،‬فمنها‪:‬‬


‫‪ .1‬خمالفة اليهود‪ ،‬والنصارى‪.‬‬
‫‪121‬‬
‫‪ .2‬اتباع السنة‪ ،‬وموافقتها‪.‬‬
‫‪ .3‬أن ال يزاد يف النهار من الليل‪.‬‬
‫‪ .4‬أنه أرفق بالصائم‪ ،‬وأقوى له عىل العبادة‪.‬‬
‫‪ .5‬وملا فيه من املبادرة إىل تناول ما أحله اهلل ‪ ،D‬واهلل ‪ E‬كريم‪ ،‬والكريم‬
‫حيب أن يتمتع الناس بكرمه‪ ،‬فيحب من عباده أن يبادروا بام أحل اهلل هلم‪ ،‬من‬
‫حني أن تغرب الشمس‪.‬‬

‫قال ابن حجر ‪« :V‬واتفق العلامء عىل أن حمل ذلك إذا حتقق غروب الشمس‬
‫بالرؤية‪ ،‬أو بإخبار عدلني‪ ،‬وكذا عدل واحد يف األرجح»)‪ .(2‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬إذا كان الطبيب يقوم بعملية جراحية‪ ،‬هل يمكنه أن يؤجل إفطاره؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬السنة تعجيل الفطر بمجرد غروب الشمس‪.‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬السنة أن يفطر الصائم عىل رطب‪ ،‬فإن مل جيد فعىل متر‪ ،‬فإن مل جيد فعىل ماء‪ ،‬فإن‬
‫مل جيد فإنه يفطر عىل ما تيرس من الطعام أو الرشاب‪.‬‬

‫فإذا مل جيد الصائم شيئ ًا يفطر عليه‪ ،‬فإنه يفطر بالنية‪ ،‬بمعنى أنه ينوي اإلفطار‪ ،‬ويكون‬
‫قد َع َّج َل الفطر‪ ،‬وعمل بالسنة يف ذلك‪.‬‬

‫((( األم (‪.)106/2‬‬


‫((( انظر‪ :‬فتح الباري (‪ ،)199/4‬والرشح املمتع (‪.)267/6‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫قال ابن عثيمني ‪« :V‬فإن مل جيد ماء‪ ،‬وال رشاب ًا آخر‪ ،‬وال طعام ًا؛ ينوي الفطر‬
‫بقلبه‪ ،‬ويكفي»)‪.(1‬‬

‫وعىل هذا‪ :‬إن مل يتمكن هذا الطبيب من اإلفطار عىل الرطب أو التمر‪ ،‬فإنه يفطر‬
‫عىل املاء‪ ،‬فإن مل يمكنه ذلك النشغاله بإجراء العملية‪ ،‬فإنه تكفيه نية اإلفطار‪ ،‬ويكون قد‬ ‫‪122‬‬
‫وافق السنة بذلك‪ ،‬إن شاء اهلل‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*ســؤال‪ :‬كان الرسول ‪ H‬يأكل التمر ثم يصىل املغرب يف مجاعة‪ ،‬السؤال هو‪:‬‬
‫هل كان الرسول ‪ H‬يصىل السنة بعد أداء الفريضة أوالً؟ أم يأكل أوالً؟ هذا‬
‫السؤال نابع من حريص الشديد عىل أداء السنن كاملة‪.‬‬

‫*جواب‪:‬‬

‫كان َهدْ ي النبي ‪ H‬أكمل هدي‪ ،‬فقد كان يبدأ إفطاره حني يكون صائ ًام بأكل‬
‫فتمر‪ ،‬فإن مل يتيرس رشب املاء‪ ،‬ثم يصلِّ بعدها الفرض يف املسجد‪،‬‬
‫الرطب‪ ،‬فإن مل يتيرس ْ‬
‫وراتبته يف البيت‪.‬‬

‫عـن عبـد اهلل بـن عمـر ‪« :L‬أن رسـول اهلل ‪ H‬كان يصلي بعـد املغرب‬
‫ركعتين يف بيته )‪.(2‬‬

‫وال نعلم سنَّة خاصة يف موضوع السؤال‪ ،‬وال ندري إن كان ‪ H‬يأكل شيئ ًا‬
‫آخر بعد صالة املغرب‪ ،‬وإذا رجع املسلم إىل بيته‪ ،‬فوجد الطعام موضوع ًا‪ ،‬وخيش أن‬
‫تتعلق نفسه به‪ ،‬وهو يصيل‪ ،‬فليطعم أوالً‪ ،‬ثم يصيل راتبة املغرب‪ ،‬ووقت راتبة املغرب‬
‫ينتهي مع وقت فرضه‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سـؤال‪ :‬مـا حكـم دوري كـرة القـدم الرمضاين‪ ،‬الـذي ينترش بين كثري مـن الناس‬

‫((( الرشح املمتع (‪.)442/6‬‬


‫((( رواه البخاري (‪ ،)895‬ومسلم (‪.)729‬‬
‫مايصلا بادآ‬

‫يف رمضان؟‬

‫*اجلواب‪:‬‬

‫الذي ينبغي للمؤمن أن يغتنم مواسم اخلريات‪ ،‬ويكثر من طاعة ربه ‪.E‬‬
‫‪123‬‬
‫ومن أعظم هذه املواسم شهر رمضان‪ ،‬وما أكثر الطاعات التي يفعلها املسلم يف‬
‫رمضان‪ ،‬ويزيد ثواهبا ويتضاعف‪.‬‬

‫فرمضـان هو شـهر الصيـام‪ ،‬والقيام‪ ،‬وقراءة القـرآن‪ ،‬والذكر‪ ،‬والدعـاء‪ ،‬والعمرة‪،‬‬


‫وتفطير الصائـم‪ ،‬والصدقـة‪ ،‬واجلـود‪ ،‬والعطـف على املسـاكني‪ ،‬شـهر االعتـكاف‪،‬‬
‫واالنقطـاع عن اخللـق‪ ،‬واإلقبـال على اهلل‪ ،‬واالجتهـاد يف العبادة‪.‬‬

‫فضائله أكثر من أن ُتىص‪ ،‬وأشهر من أن تُذكر‪ ،‬هلل تعاىل فيه كل ليلة عتقاء من النار‪،‬‬
‫تُفتح فيه أبواب اجلنة‪ ،‬وتُغلق أبواب النار‪ ،‬وتُسلسل فيه الشياطني‪.‬‬

‫أسباب مغفرة الذنوب فيه كثرية‪ ،‬من الصيام‪ ،‬والقيام‪ ،‬وقيام ليلة القدر‪ ،‬فاملحروم‬
‫حقيقة من ُح ِرم خري هذا الشهر‪ ،‬واخلارس حقيقة من انقىض هذا الشهر ومل يغفر له‪ ،‬وإذا‬
‫مل ُيغفر له يف رمضان‪ ،‬فمتى ُيغفر له؟!!‪.‬‬

‫وإذا مل ُي ْقبِل عىل اهلل يف رمضان‪ ،‬فمتى يقبل عىل اهلل؟!!‪.‬‬

‫ْف َر ُج ٍل‪َ ،‬د َخ َل َع َل ْي ِه َر َم َض ُ‬


‫ان‪ُ ،‬ث َّم ان َْس َل َخ‪َ ،‬ق ْب َل‬ ‫«ر ِغ َم َأن ُ‬
‫وهلذا قال النبي ‪َ :H‬‬
‫َأ ْن ُي ْغ َف َر َل ُه (‪.)1‬‬

‫وإذا مل يغتنم أوقاته‪ ،‬ويعمرها بطاعة اهلل يف هذا الشهر‪ ،‬فمتى يغتنمها؟!‬

‫املسلم فيه يتنقل من طاعة إىل طاعة‪ ،‬ومن عبادة إىل أخرى‪ ،‬من صالة إىل قراءة قرآن‪ ،‬إىل‬
‫تسبيح وهتليل‪ ،‬إىل تفطري صائم‪ ،‬إىل قيام ليل وهتجد‪ ،‬إىل توبة واستغفار باألسحار‪..‬الخ‪.‬‬

‫فمتى جيد املؤمن وقت ًا يف هذا الشهر املبارك ليضيعه؟ فواهلل لو أن األوقات تُباع؛‬

‫((( رواه الرتمذي (‪ ،)3545‬وصححه األلباين يف صحيح الرتغيب (‪.)139/2‬‬


‫الصيام سؤال وجواب‬

‫ألنفق العقالء يف رشائها كل نفيس‪ ،‬فالوقت هو حياة اإلنسان وعمره‪ ،‬وله هناية ال‬
‫حمالة‪ ،‬فمن الناس من ينفق عمره يف طاعة اهلل‪ ،‬ومنهم من ينفقه يف طاعة شيطانه وهواه‪،‬‬
‫ائع َن ْف َس ُه َف ُم ْعتِ ُق َها‪َ ،‬أ ْو‬ ‫وصدق الرسول ‪ H‬حيث قال‪« :‬ك ُُّل الن ِ‬
‫َّاس َي ْغدُ و‪َ ،‬ف َب ٌ‬
‫ُموبِ ُق َها (‪.)1‬‬
‫‪124‬‬
‫قال النووي ‪« :V‬ومعناه‪ :‬كل إنسان يسعى بنفسه‪ ،‬فمنهم من يبيعها هلل تعاىل‬
‫بطاعته؛ فيعتقها من العذاب‪ ،‬ومنهم من يبيعها للشيطان واهلوى باتباعهام؛ فيوبقها‪ ،‬أي‬
‫هيلكها»)‪.(2‬‬

‫وهذه األلعاب أقل ما يقال فيها بالنسبة هلذا الشهر‪ :‬أهنا من تضييع الوقت‪ ،‬وليس‬
‫يشء أغىل عند اإلنسان من وقته‪ ،‬فهو عمره وحياته‪.‬‬

‫قال الشاعر‪:‬‬

‫ُ‬
‫أسهـل مـا عليـك يضيـــع‬ ‫وأراه‬ ‫والـوقت أنفس مـا عنيـت بحفظـه‬

‫ثـم ملـاذا خيتص شـهر رمضان هبـذه األلعاب؟ ملـاذا ال تكون يف شـعبان‪ ،‬أو رجب‪،‬‬
‫أو شوال؟‬

‫وملاذا خيتص رمضان باملسلسالت وغريها‪ ،‬مما تستعد به القنوات‪ ،‬حتى رسخ يف‬
‫أذهان كثري من الناس أن رمضان هو شهر الكرة‪ ،‬وشهر املسلسالت‪ ،‬وشهر السهرات‪.‬‬

‫وغاب هؤالء عن احلكمة التي أرادها اهلل تعاىل من فرضه لصيام شهر رمضان؛‬
‫أال وهي تقوى اهلل (ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ‬
‫ﭮ ﭯ ﭰ) [البقرة‪.]183 :‬‬

‫فأين هؤالء من التقوى؟ وهي‪ :‬العمل بطاعة اهلل‪ ،‬والكف عام حرم اهلل‪.‬‬
‫ال حازم ًا مع نفسه‪ ،‬وال يتبع نفسه هواها؛ وإال ندم حني‬
‫فعىل املؤمن أن يكون عاق ً‬

‫((( رواه مسلم (‪.)223‬‬


‫((( رشح النووي عىل مسلم (‪.)203/1‬‬
‫مايصلا بادآ‬

‫ال ينفع الندم‪.‬‬


‫فرغم أنف امرئ أضاع رمضان‪ ،‬ما بني لعب‪ ،‬وهلو‪ ،‬وسهرات‪ ،‬يف غري طاعة اهلل‪،‬‬
‫حتى انقىض رمضان‪ ،‬ومل يزدد من اهلل إال إثام وبعد ًا‪.‬‬
‫‪125‬‬ ‫فرغم أنفه‪ ،‬ثم رغم أنفه‪ ،‬ثم رغم أنفه‪.‬‬
‫نسأل اهلل تعاىل أن يصلح أحوال املسلمني‪ ،‬ويردهم إىل دينهم ر ًّدا ً‬
‫مجيل‪ ،‬وأن يبلغنا‬
‫رمضان‪ ،‬ويعيننا عىل طاعته وحسن عبادته‪ ،‬ويتقبل منا؛ إنه قريب جميب‪ .‬واهلل أعلم‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬ما حكم تناول الطعام أثناء أذان الفجر؟ لقوله ‪« :O‬إذا أقيمت‬
‫الصالة واإلناء يف يد أحدكم فال يدعه حتى يقيض حاجته»‪.‬‬
‫*جواب‪:‬‬
‫‪I‬‬ ‫أوالً‪ :‬احلديث الذي ذكره السائل مل ُي ْر َو هبذا اللفظ‪ ،‬ولفظه‪ :‬عن أيب هريرة‬
‫َاء َع َل َي ِد ِه‪َ ،‬فال َي َض ْع ُه‬ ‫قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪« :H‬إِ َذا َس ِم َع َأ َحدُ ك ُْم النِّدَ َاء‪َ ،‬وا ِ‬
‫إلن ُ‬
‫اج َت ُه ِمنْ ُه )‪.(1‬‬ ‫ِ‬
‫َحتَّى َي ْق َ‬
‫ض َح َ‬
‫ثاني ًا‪ :‬يلزم الصائم اإلمساك عن املفطرات‪ ،‬من طلوع الفجر الصادق إىل غروب‬
‫الشمس‪ ،‬فالعربة بطلوع الفجر‪ ،‬ال باألذان‪ ،‬قال اهلل تعاىل‪( :‬ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ‬
‫ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ) [البقرة‪.]187 :‬‬
‫فـمـن تيقن طلوع الفجر الصادق لزمه اإلمساك‪ ،‬وإن كان يف فمه طعام لزمه أن‬
‫َي ْلفظه‪ ،‬فإن مل يفعل؛ فسد صومه‪.‬‬
‫وأما من مل يتيقن طلوع الفجر؛ فله أن يأكل حتى يتيقن‪ ،‬وكذا‪ :‬لو علم أن املؤذن‬
‫واألوىل‬
‫ْ‬ ‫يؤذن قبل الوقت‪ ،‬أو شك أنه يؤذن يف الوقت أو قبله؛ فله أن يأكل حتى يتيقن‪،‬‬
‫له أن ُيمسك بمجرد سامع األذان‪.‬‬

‫وأما احلديث املذكور‪ ،‬فحمله العلامء عىل أن املؤذن كان يؤذن قبل طلوع الفجر‪.‬‬

‫((( رواه أبو داود (‪ ،)2350‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع (‪.)609‬‬


‫الصيام سؤال وجواب‬

‫قال النووي ‪« :V‬ذكرنا أن من طلع الفجر‪ ،‬ويف فمه طعام‪ ،‬فليلفظه‪ ،‬ويتم صومه‪،‬‬
‫فإن ابتلعه بعد علمه بالفجر؛ بطل صومه‪ ،‬وهذا ال خالف فيه‪ ،‬ودليله‪ :‬حديث ابن عمر‬

‫وعائشة ‪ ،M‬أن رسول اهلل ‪ H‬قال‪« :‬إِ َّن بِالال ُي َؤ ِّذ ُن بِ َل ْي ٍل‪َ ،‬ف ُك ُلوا َو ْ َ‬
‫اش ُبوا‬
‫َحتَّى ُي َؤ ِّذ َن ا ْب ُن ُأ ِّم َم ْكتُو ٍم (‪.)1‬‬ ‫‪126‬‬

‫وأمـا حديـث أيب هريـرة ‪ ،I‬عن النبـي ‪ H‬أنه قـال‪« :‬إِ َذا س ِ‬
‫ـم َع َأ َحدُ ك ُْم‬ ‫َ‬
‫اجتَـ ُه ِمنْ ُه (‪.)2‬‬ ‫ِ‬ ‫إلنَـاء ع َ ِ ِ‬
‫لى َيده‪َ ،‬فلا َي َض ْع ُه َحتَّى َي ْق َ‬
‫ضي َح َ‬ ‫النِّـدَ َاء‪َ ،‬وا ِ ُ َ‬

‫ُون إِ َذا َب َز َغ ال َف ْج ُر )‪.(3‬‬


‫ُون ُي َؤ ِّذن َ‬
‫الم َؤ ِّذن َ‬
‫َان ُ‬
‫«وك َ‬
‫ويف رواية‪َ :‬‬

‫روامهـا البيهقـي‪ ،‬ثـم قـال‪ :‬وهـذا ‪-‬إن صـح‪ -‬حممـول عند عـوام أهـل العلم عىل‬
‫أنـه ‪ H‬علـم أنـه ينـادي قبـل طلـوع الفجـر‪ ،‬بحيـث يقـع رشبـه قبيـل طلـوع‬
‫الفجـر قال‪:‬‬

‫وقوله‪« :‬إِ َذا َب َز َغ ‪ ،‬حيتمل أن يكون من كالم من دون أيب هريرة‪ ،‬أو يكون خرب ًا عن‬
‫َاء َع َل َي ِد ِه‬ ‫األذان الثاين‪ ،‬ويكون قول النبي ‪« :H‬إِ َذا َس ِم َع َأ َحدُ ك ُْم النِّدَ َاء‪َ ،‬وا ِ‬
‫إلن ُ‬
‫خرب ًا عن النداء األول‪ ،‬ليكون موافق ًا حلديث ابن عمر وعائشة ‪ M‬قال‪ :‬وعىل هذا‬
‫تتفق األخبار‪ ،‬وباهلل التوفيق )‪.(4‬‬

‫وذكـر ابـن القيم ‪ :V‬أن بعض السـلف أخـذ بظاهر احلديث الوارد يف السـؤال‪،‬‬
‫وأجـازوا األكل والشرب بعـد سماع أذان الفجـر‪ ،‬ثـم قـال‪« :‬وذهـب اجلمهـور إىل‬
‫امتنـاع السـحور بطلـوع الفجـر‪ ،‬وهو قـول األئمـة األربعة‪ ،‬وعامـة فقهـاء األمصار‪،‬‬
‫وروي معنـاه عن عمـر وابن عباس‪ ،‬واحتـج األولون بقول النبـي ‪َ « :H‬ف ُك ُلوا‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)579‬ومسلم (‪.)1092‬‬


‫((( رواه أبو داود (‪ ،)2350‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع (‪.)609‬‬
‫((( رواه البيهقي يف السنن الكربى (‪.)218/4‬‬
‫((( املجموع (‪.)312/6‬‬
‫مايصلا بادآ‬

‫ـن ُأ ِّم َم ْكتُـو ٍم )‪ ،(1‬ومل يكن يـؤذن إال بعد طلوع الفجـر(‪ ،)2‬ويف‬ ‫ـؤ ِّذ َن ا ْب ُ‬ ‫َو ْ َ‬
‫اش ُبـوا َحتَّـى ُي َ‬
‫ـت‪َ ،‬أ ْص َب ْح َ‬
‫ت)‪،(3‬‬ ‫لا َأ ْع َمى‪ ،‬الَ ُي َؤ ِّذ ُن َحتَّـى ُي َق َال َل ُه‪َ :‬أ ْص َب ْح َ‬
‫َان َر ُج ً‬
‫بعـض الروايات‪َ :‬وك َ‬
‫واحتـج اجلمهـور بقولـه تعـاىل‪( :‬ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ‬

‫‪127‬‬ ‫اش ُبـوا َحتَّـى ُي َؤ ِّذ َن‬‫ﭼ ﭽ ﭾ ) [البقرة‪ ،]187 :‬وبقـول النبـي ‪ُ « :H‬ك ُلـوا َو ْ َ‬
‫ي ِّـر ُم ال َّط َعا َم‪َ ،‬والَ ُيِ ُّل‬
‫ان‪َ :‬ف َأ َّمـا األَ َّو ُل‪َ :‬فإِ َّن ُه الَ ُ َ‬
‫ـن ُأ ِّم َم ْكتُـو ٍم (‪ ،)4‬وبقولـه‪« :‬ال َف ْج ُر َف ْج َر ِ‬ ‫ا ْب ُ‬
‫ال َة (‪.)5‬‬ ‫الص َ‬ ‫ـل َّ‬ ‫ي ِّر ُم ال َّط َعـا َم‪َ ،‬و ُيِ ُّ‬
‫لاةَ‪َ ،‬و َأ َّمـا ال َّث ِان‪َ :‬فإِنَّـ ُه ُ َ‬
‫الص َ‬
‫َّ‬

‫وقد وردت آثار عن بعض السلف تدل عىل إباحة األكل للصائم‪ ،‬حتى يتيقن طلوع‬
‫الفجر‪ ،‬وأورد ابن حزم ‪ V‬منها مجلة كثرية‪ ،‬ومنها‪ :‬أن عمر بن اخلطاب كان يقول‪:‬‬
‫«إذا شك الرجالن يف الفجر؛ فليأكال حتى يستيقنا ‪.‬‬

‫وعن ابن عباس ‪ L‬قال‪« :‬أحل اهلل الرشاب ما شككت‪ ،‬يعني يف الفجر»‪.‬‬

‫وعن مكحول ‪ V‬قال‪« :‬رأيت ابن عمر أخذ دلو ًا من زمزم‪ ،‬وقال لرجلني‪ :‬أطلع‬
‫الفجر؟ قال أحدمها‪ :‬قد طلع‪ ،‬وقال اآلخر‪ :‬ال‪ ،‬فرشب ابن عمر»‪.‬‬

‫وقال ابن حزم ‪- V‬معلق ًا عىل احلديث املسئول عنه‪ ،‬ومجلة من اآلثار املشاهبة‪:-‬‬
‫«هذا كله عىل أنه مل يكن يتبني هلم الفجر بعد؛ فبهذا تتفق السنن مع القرآن»)‪.(6‬‬

‫والشك أن أكثر املؤذنني اليوم يعتمدون عىل الساعات والتقاويم‪ ،‬ال عىل رؤية‬
‫الفجر‪ ،‬وهذا ال يعترب يقين ًا يف أن الفجر قد طلع‪ ،‬فمن أكل حينئذ؛ فصومه صحيح؛ ألنه‬
‫مل يتيقن طلوع الفجر‪ ،‬واألوىل واألحوط‪ :‬أن ُيمسك عن األكل‪.‬‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)579‬ومسلم (‪.)1092‬‬


‫((( رواه البخاري (‪.)6821‬‬
‫((( رواه البخاري (‪.)592‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)579‬ومسلم (‪.)1092‬‬
‫((( رواه البيهقي يف سننه (‪ )216/4‬وصححه األلباين يف السلسة الصحيحة (‪ ،)693‬انظر‪ :‬هتذيب السنن‬
‫(‪.)234/3‬‬
‫((( املحىل (‪.)232/6‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫وقد سئل ابن باز ‪ V‬ما نصه‪ :‬ما احلكم الرشعي يف صيام من سمع أذان الفجر‪،‬‬
‫واستمر يف األكل والرشب؟‬

‫فأجاب‪« :‬الواجب عىل املؤمن أن يمسك عن املفطرات‪ ،‬من األكل والرشب‬


‫وغريمها‪ ،‬إذا تبني له طلوع الفجر‪ ،‬وكان الصوم فريضة‪ ،‬كرمضان وكصوم النذر‬ ‫‪128‬‬

‫والكفارات؛ لقول اهلل ‪( :D‬ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ‬


‫ﭽ ﭾ ) [البقرة‪.]187 :‬‬

‫فـإذا سـمع األذان وعلـم أنـه يؤذن على الفجر؛ وجـب عليه اإلمسـاك‪ ،‬فـإن كان‬
‫املـؤذن يـؤذن قبـل طلـوع الفجـر؛ مل جيـب عليه اإلمسـاك‪ ،‬وجـاز لـه األكل والرشب‬
‫حتى يتبين لـه الفجر‪.‬‬

‫األوىل‬
‫فإن كان ال يعلم حال املؤذن‪ ،‬هل أذن قبل الفجر أو بعد الفجر؟‪ ،‬فإن ْ‬
‫واألحوط له أن ُيمسك إذا سمع األذان‪ ،‬وال يرضه لو رشب أو أكل شيئ ًا حني األذان؛‬
‫ألنه مل يعلم بطلوع الفجر‪.‬‬

‫ومعلوم أن من كان داخل املدن التي فيها األنوار الكهربائية‪ ،‬ال يستطيع أن يعلم‬
‫طلوع الفجر بعينه وقت طلوع الفجر‪ ،‬ولكن عليه أن حيتاط بالعمل باألذان والتقويامت‪،‬‬
‫ك‪،‬‬‫التي حتدد طلوع الفجر بالساعة والدقيقة‪ ،‬عمال بقول النبي ‪َ « :H‬د ْع َما َي ِري ُب َ‬
‫َب َأ لِ ِدين ِ ِه َو ِع ْر ِض ِه (‪،)2‬‬ ‫ِ‬ ‫«م ِن ا َّت َقى ُّ‬ ‫إِ َل َما الَ َي ِري ُب َ‬
‫الش ُب َهات؛ ْاست ْ َ‬ ‫ك ‪ ،‬وقوله ‪َ :H‬‬
‫(‪)1‬‬

‫واهلل ويل التوفيق»)‪.(3‬‬

‫وسئل ابن عثيمني ‪ V‬ما نصه‪ :‬قلتم حفظكم اهلل‪ :‬إنه جيب اإلمساك بمجرد سامع‬
‫املؤذن‪ ،‬وحيدث ‪-‬ومن عدة سنوات‪ -‬من بعض الناس‪ ،‬أهنم ال يمسكون عن الطعام‬
‫حتى هناية األذان‪ ،‬فام حكم عملهم هذا؟‬

‫((( رواه الرتمذي (‪ ،)2518‬وصححه األلباين يف اإلرواء (‪.)2574‬‬


‫((( رواه مسلم (‪.)1599‬‬
‫((( جمموع فتاوى ابن باز (‪.)285 /15‬‬
‫مايصلا بادآ‬

‫فأجاب فضيلته بقوله‪« :‬األذان لصالة الفجر‪ ،‬إما أن يكون بعد طلوع الفجر‬
‫أو قبله‪ ،‬فإن كان بعد طلوع الفجر؛ فإنه جيب عىل اإلنسان أن يمسك بمجرد سامع‬
‫َان ُي َؤ ِّذ ُن بِ َل ْي ٍل‪َ ،‬ف ُك ُلوا َو ْ َ‬
‫اش ُبوا َحتَّى ُي َؤ ِّذ َن‬ ‫النداء‪ ،‬ألن النبي ‪ H‬يقول‪« :‬إِ َّن بِ َ‬
‫الالً ك َ‬
‫ا ْب ُن ُأ ِّم َم ْكتُومٍ؛ َفإِ َّن ُه ال ُي َؤ ِّذ ُن َحتَّى َي ْط ُل َع ال َف ْج ُر (‪ ،)1‬فإذا كنت تعلم أن هذا املؤذن ال يؤذن‬
‫‪129‬‬
‫إال إذا طلع الفجر؛ فأمسك بمجرد أذانه‪ ،‬أما إذا كان املؤذن يؤذن بناء عىل ما يعرف‬
‫من التوقيت‪ ،‬أو بناء عىل ساعته؛ فإن األمر يف هذا أهون‪.‬‬

‫وبناء عىل هذا‪ ،‬نقول هلذا السائل‪ :‬إن ما مىض ال يلزمكم قضاؤه؛ ألنكم مل تتيقنوا‬
‫أنكم أكلتم بعد طلوع الفجر‪ ،‬لكن يف املستقبل ينبغي لإلنسان أن حيتاط لنفسه‪ ،‬فإذا‬
‫سمع املؤذن فليمسك»(‪.)2‬‬

‫‪-‬منبه ًا عىل ما يقال عن التقويم وعدم دقته‪« :-‬بعض الناس اآلن‬ ‫‪V‬‬ ‫وقال‬
‫يشككون يف التقويم املوجود بني أيدي الناس‪ ،‬يقولون‪ :‬إنه متقدم عىل طلوع الفجر‪،‬‬
‫ويقولون‪ :‬قد خرجنا إىل الرب‪ ،‬وليس حولنا أنوار‪ ،‬ورأينا الفجر يتأخر‪ ،‬حتى بالغ بعضهم‬
‫وقال‪ :‬يتأخر ثلث ساعة‪.‬‬

‫لكن الظاهر أن هذا مبالغة ال تصح‪ ،‬والذي نراه أن التقويم الذي بني أيدي الناس‬
‫اآلن‪ ،‬فيه تقديم مخس دقائق يف الفجر خاصة‪ ،‬يعني لو أكلت وهو يؤذن عىل التقويم فال‬
‫حرج‪ ،‬إال إذا كان املؤذن حيتاط ويتأخر‪ ،‬فبعض املؤذنني ‪-‬جزاهم اهلل خري ًا‪ -‬حيتاطون‪ ،‬وال‬
‫يؤذنون إال بعد مخس دقائق من التوقيت املوجود اآلن‪ ،‬وبعض جهال املؤذنني يتقدمون‬
‫يف أذان الفجر‪ ،‬زع ًام منهم أن هذا أحوط للصوم‪ ،‬لكنهم ينسون أهنم هيملون ما هو أشد‬
‫من الصوم‪ ،‬وهو صالة الفجر‪ ،‬ربام يصيل أحد قبل الوقت بناء عىل أذاهنم‪ ،‬واإلنسان إذا‬
‫صىل قبل الوقت ‪-‬ولو بتكبرية اإلحرام‪ -‬ما صحت صالته‪ .)3(»...‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)579‬ومسلم (‪.)1092‬‬


‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)297 /19‬‬
‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)302 /19‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*سؤال‪ :‬تأخرت أحد األيام يف النوم‪ ،‬وفاتني السحور وصالة الفجر‪ ،‬قال يل أحدهم‬
‫بأنني إذا مل أتسحر ومل أصل الفجر فال جيب أن أتم صيام ذلك اليوم‪ ،‬هل أفطر‪ ،‬أم‬
‫أستمر يف الصيام؟‬
‫*جواب‪:‬‬ ‫‪130‬‬
‫هذا القول الذي قيل لك خطأ‪ ،‬فالواجب عليك إمتام صيام هذا اليوم‪ ،‬وكون املسلم‬
‫مل يتسحر‪ ،‬أو مل يستيقظ لصالة الفجر؛ ال يعترب ذلك مانع ًا من الصوم‪.‬‬
‫فعليك االستمرار يف الصيام‪ ،‬وإذا كنت قد أفطرت؛ ظنّ ًا منك أنه ال جيب الصوم؛‬
‫فعليك إذا انتهى رمضان أن تصوم يوم ًا مكانه‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬هل جيوز الصيام بدون سحور؟‬


‫*جواب‪:‬‬
‫قال ابن باز ‪« :V‬السحور ليس رشط ًا يف صحة الصيام‪ ،‬وإنام هو مستحب‪ ،‬لقول‬
‫النبي ‪« :H‬ت ََس َّح ُروا؛ َفإِ َّن ِف َّ‬
‫الس ُح ِ‬
‫ور َب َر َك ًة (‪ )1‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫ال أو هنار ًا‪ ،‬كام إذا قيل لك يف وقت الضحى إن‬


‫*سؤال‪ :‬هل نية صوم رمضان جتب لي ً‬
‫هذا اليوم من رمضان‪ ،‬تقضيه أم ال؟‬
‫*جواب‪:‬‬
‫جيب تبييت نية صوم شهر رمضان لي ً‬
‫ال قبل الفجر‪ ،‬وال جيزئ صومه من النهار‬
‫بدون نية‪ ،‬فمن علم وقت الضحى أن هذا اليوم من رمضان‪ ،‬فنوى الصوم؛ وجب عليه‬
‫اإلمساك إىل الغروب‪ ،‬وعليه القضاء؛ ملا رواه ابن عمر ‪ ،L‬عن حفصة ‪ ،J‬عن‬
‫ال ِص َيا َم َل ُه (‪.)2‬‬ ‫النبي ‪ H‬أنه قال‪« :‬من َل ُي ِم ِع ِ‬
‫الص َيا َم َق ْب َل ال َف ْج ِر؛ َف َ‬ ‫َ ْ ْ ْ‬

‫((( رواه مسلم (‪ ،)1095‬انظر‪ :‬جمموع فتاوى ابن باز (‪.)321/15‬‬


‫((( رواه أبو داود (‪ ،)2454‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع (‪.)6538‬‬
‫مايصلا بادآ‬

‫هذا يف الفرض‪ ،‬أما يف النفل‪ ،‬فتجوز نية صومه هنار ًا‪ ،‬إذا مل يكن أكل أو رشب أو‬
‫جامع بعد الفجر؛ ألنه ثبت عن النبي ‪ ،H‬من حديث عائشة ‪ :J‬أنه دخل‬
‫ش ٌء؟ فقالت‪ :‬ال‪ ،‬فقال‪« :‬إِ ِّن إِذ ًا َصائِ ٌم (‪.)1‬‬ ‫ِ‬
‫«ه ْل عنْدَ ك ُْم َ ْ‬
‫عليها ذات يوم ضحى فقال‪َ :‬‬
‫واهلل أعلم‪.‬‬
‫‪131‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬يف اهلند نقول يف نية الصيام‪( :‬اللهم أصوم جاد ًا لك‪ ،‬فاغفر يل ما قدمت وما‬
‫أخرت)‪ ،‬لست أدري ما هو املعنى؟‪ ،‬ولكن هل هذه هي النية الصحيحة؟ إذا كانت‬
‫صحيحة فأرجو أن ختربوين بمعناها‪ ،‬أو أخربوين بالنية الصحيحة من القرآن أو السنة‪.‬‬

‫*جواب‪:‬‬

‫ال يصح صوم رمضان‪ ،‬وال غريه من العبادات إال بالنية؛ لقول النبي ‪:H‬‬
‫ات‪َ ،‬وإِن ََّم لِك ُِّل ْام ِر ٍئ َما ن ََوى‪.)2( ...‬‬
‫«إِنَّم األَعم ُل بِال ِّني ِ‬
‫َّ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬
‫ويشرتط يف النية‪ :‬أن تكون يف الليل‪ ،‬وقبل طلوع الفجر‪.‬‬

‫والنية‪ :‬عمل قلبي‪ ،‬فيعزم املسلم بقلبه أنه صائم غد ًا‪ ،‬وال ُي ْشع له أن يتلفظ هبا‪،‬‬
‫ويقول‪ :‬نويت الصيام‪ ،‬أو أصوم جاد ًا لك‪ ...‬الخ‪ ،‬أو نحو ذلك من األلفاظ التي‬
‫ابتدعها بعض الناس‪ ،‬والنية الصحيحة هي‪ :‬أن يعزم اإلنسان بقلبه أنه صائم غد ًا‪،‬‬
‫ولذلك قال ابن تيمية ‪« :V‬ومن خطر بقلبه أنه صائم غدا؛ً فقد نوى»)‪.(3‬‬

‫وسئلت اللجنة الدائمة‪ :‬كيف ينوي اإلنسان صيام رمضان؟ فأجابت‪:‬‬

‫«تكــون النيــة بالعــزم عــى الصيــام‪ ،‬وال بــد مــن تبييــت نيــة صيــام رمضــان‬
‫ليــاً‪ ،‬كل ليلــة )‪.(4‬‬

‫((( رواه مسلم (‪.)1154‬‬


‫((( رواه البخاري (‪ ،)1‬ومسلم (‪.)1907‬‬
‫((( االختيارات (ص‪.)107‬‬
‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)246/10‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫قال ابن عثيمني ‪« :V‬وذهب بعض أهل العلم إىل أن ما ُيشرتط فيه التتابع تكفي‬
‫النية يف أوله ما مل يقطعه لعذر‪ ،‬فيستأنف الن ّية‪ ،‬وعىل هذا‪ :‬فإذا نوى اإلنسان أول يوم‬
‫من رمضان أنه صائم هذا الشهر ك ّله؛ فإنه جيزئه عن الشهر ك ّله‪ ،‬ما مل حيصل عذر ينقطع‬
‫به التتابع‪ ،‬كام لو سافر يف أثناء رمضان‪ ،‬فإنه إذا عاد‪ ،‬جيب عليه أن جيدد الن ّية للصوم‪.‬‬ ‫‪132‬‬

‫وهذا هو األصح؛ ألن املسلمني مجيع ًا لو سألتهم لقال كل واحد منهم‪ :‬أنا نويت‬
‫الصوم أول الشهر إىل آخره‪ ،‬فإذا مل تتحقق الن ّية حقيقة فهي حم ّققة حك ًام‪ ،‬ألن األصل‬
‫عدم القطع‪ ،‬وهلذا قلنا‪ :‬إذا انقطع التتابع لسبب يبيحه‪ ،‬ثم عاد إىل الصوم‪ ،‬فال بد من‬
‫جتديد الن ّية‪ ،‬وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس )‪ .(1‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬يقول بعض الناس‪ :‬إذا رأيت مسل ًام يرشب أو يأكل ناسي ًا يف هنار رمضان فال‬
‫يلزمك أن ختربه؛ ألن اهلل أطعمه وسقاه؛ كام يف احلديث‪ ،‬فهل هذا صحيح؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«من رأى مسل ًام يرشب يف هنار رمضان‪ ،‬أو يأكل‪ ،‬أو يتعاطى شيئ ًا من املفطرات‬
‫األخرى‪ :‬وجب إنكاره عليه؛ ألن إظهار ذلك يف هنار رمضان منكر‪ ،‬ولو كان صاحبه‬
‫معذور ًا يف نفس األمر‪ ،‬حتى ال جيرتئ الناس عىل إظهار ما ّ‬
‫حرم اهلل من املفطرات يف هنار‬
‫رمضان بدعوى النسيان‪ ،‬وإذا كان من أظهر ذلك صادق ًا يف دعوى النسيان؛ فال قضاء‬
‫َس َو ُه َو َصائِ ٌم َف َأك ََل‪َ ،‬أ ْو َ ِ‬
‫ش َب‪َ ،‬ف ْل ُيتِ َّم َص ْو َم ُه؛ َفإِن ََّم‬ ‫ِ‬
‫«م ْن ن َ‬
‫عليه؛ لقول النبي ‪َ :H‬‬
‫اهلل َو َس َقا ُه (‪ ،)2‬وهكذا املسافر‪ :‬ليس له أن يظهر تعاطي املفطرات بني املقيمني‬ ‫َأ ْط َع َم ُه ُ‬
‫حرم اهلل عليه‪،‬‬
‫الذين ال يعرفون حاله‪ ،‬بل عليه أن يسترت بذلك؛ حتى ال يتّهم بتعاطيه ما ّ‬
‫وحتى ال جيرؤ غريه عىل ذلك‪.‬‬

‫((( الرشح املمتع (‪.)370-369/6‬‬


‫((( رواه البخاري (‪ )1831‬ومسلم (‪.)1135‬‬
‫مايصلا بادآ‬

‫وهكذا الكفار ُيمنعون من إظهار األكل والرشب ونحومها بني املسلمني؛ سدّ ًا لباب‬
‫التساهل يف هذا األمر‪ ،‬وألهنم ممنوعون من إظهار شعائر دينهم الباطل بني املسلمني‪.‬‬
‫واهلل و ّيل التوفيق»(‪ .)1‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬
‫‪133‬‬
‫*سؤال‪ :‬نحن يف منطقة ال يصيل فيها اإلمام صالة املغرب بالناس؛ وذلك ألنه يذهب‬
‫لإلفطار‪ ،‬ونحن نصيل يف بيوتنا‪ ،‬فام احلكم‪ ،‬هل نأثم؟ أم حتسب لنا مجاعة؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬جيب عىل املسلم أن يتقي اهلل تعاىل‪ ،‬ويؤدي الصلوات اخلمس مجاعة يف‬
‫املسجد‪ ،‬إال إذا كان معذور ًا‪ ،‬بنوم أو مرض أو نحو ذلك‪.‬‬

‫وبخاصة صالة املغرب يف رمضان؛ حيث يكثر التفريط فيها من عامة املصلني‪،‬‬
‫وجيب عىل اإلمام أن يكون عىل رأس املصلني يف هذه الصالة؛ لسبب آخر غري وجوب‬
‫اجلامعة عليه‪ ،‬وهو أداء األمانة التي أوكلت له‪ ،‬أو الوظيفة التي اؤمتن عليها‪.‬‬

‫وإذا كان هذا اإلمام مفر ًطا يف صالة املغرب مجاعة يف املسجد‪ ،‬فإن هذا ال يعني أنكم‬
‫تأثمون‪ ،‬أو جيوز لكم أن تصلوا يف البيوت‪ ،‬بل جيب عليكم أداؤها مجاعة يف املسجد‪،‬‬
‫ولو مل حيرض اإلمام‪ ،‬فإن كل إنسان حياسب عىل عمله‪ ،‬فإن أساء هو فعليكم أن حتسنوا‬
‫أنتم‪ ،‬وتتجنبوا إساءته‪ ،‬حمافظة عىل هذه الشعرية التي هي من أركان اإلسالم‪.‬‬

‫وعن عبد اهلل بن مسعود ‪ I‬قال‪« :‬من رسه أن يلقى اهلل غدا مسلام‪ ،‬فليحافظ عىل‬
‫هؤالء الصلوات حيث ينادى هبن‪ ،‬فإن اهلل رشع لنبيكم ‪ H‬سنن اهلدى‪ ،‬وإهنن‬
‫من سنن اهلدى‪ ،‬ولو أنكم صليتم يف بيوتكم كام يصيل هذا املتخلف يف بيته‪ ،‬لرتكتم سنة‬
‫نبيكم‪ ،‬ولو تركتم سنة نبيكم؛ لضللتم‪ .‬وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور‪ ،‬ثم يعمد‬
‫إىل مسجد من هذه املساجد‪ ،‬إال كتب اهلل له بكل خطوة خيطوها حسنة‪ ،‬ويرفعه هبا‬

‫((( جمموع فتاوى الشيخ ابن باز (‪.)256/15‬‬


‫الصيام سؤال وجواب‬

‫درجة‪ ،‬وحيط عنه هبا سيئة‪ ،‬ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إال منافق معلوم النفاق‪ ،‬ولقد‬
‫كان الرجل يؤتى به هيادى بني الرجلني‪ ،‬حتى يقام يف الصف»(‪.)1‬‬

‫وقال اإلمام الشافعي ‪ V‬تعاىل‪« :‬فال ّ‬


‫أرخص ملن قدر عىل صالة اجلامعة يف ترك‬
‫إتياهنا‪ ،‬إال من عذر»)‪.(2‬‬ ‫‪134‬‬

‫وقال ابن القيم ‪« :V‬ومن تأمل السنَّة حق التأمل‪ ،‬تبني له أن فعلها يف املساجد‬
‫فرض عىل األعيان‪ ،‬إال لعارض جيوز معه ترك اجلمعة واجلامعة‪ ،‬فرتك حضور املسجد‬
‫لغري عذر‪ ،‬كرتك أصل اجلامعة لغري عذر‪ ،‬وهبذا تتفق مجيع األحاديث واآلثار ثم قال‪:‬‬
‫فالذي ندين اهلل به‪ :‬أنه ال جيوز ألحد التخلف عن اجلامعة يف املسجد‪ ،‬إال من عذر»(‪.)3‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬هدي النبي ‪H‬أكمل هدي؛ حيث كان يفطر عىل رطب‪ ،‬فإن مل جيد فعىل‬
‫متر‪ ،‬فإن مل جيد رشب املاء‪ ،‬ثم قام ليصيل املغرب‪.‬‬

‫فعن أنس بن مالك ‪ I‬قال‪« :‬كان النبي ‪ H‬يفطر عىل رطبات قبل أن‬
‫يصيل‪ ،‬فإن مل تكن رطبات فعىل مترات‪ ،‬فإن مل تكن حسا حسوات من ماء»(‪.)4‬‬

‫فام يفعله هذا اإلمام خمالف هلدي النبي ‪ ،H‬فعليكم بمناصحته؛ لعله يرجع‬
‫إىل الصواب‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬يف موسم الصيام أشعر بتعب‪ ،‬بحيث إنني إذا نمت يفوتني فرضان أو أكثر‪،‬‬
‫وأشعر بالذنب‪ ،‬وسؤايل هو‪ :‬إذا نمت عن صالة الظهر والعرص حتى أتى وقت‬
‫املغرب وأخاف خروج وقت املغرب‪ ،‬فامذا أفعل؟‬

‫((( رواه مسلم (‪.)654‬‬


‫((( األم (‪.)180/1‬‬
‫((( كتاب الصالة (‪.)166‬‬
‫((( رواه أبو داود (‪ ،)2356‬وحسنه األلباين يف صحيح الرتغيب (‪.)1077‬‬
‫مايصلا بادآ‬

‫*جواب‪:‬‬

‫تضييع الصلوات عن وقتها أمر عظيم‪ ،‬وقد توعدَّ اهلل تعاىل عىل ذلك بوعيد شديد‬
‫فقال‪( :‬ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ) [مريم‪،]59 :‬‬
‫‪135‬‬ ‫ومعنى (ﯓ)‪ :‬قال ابن عباس ‪« :L‬خرسان ًا»‪ ،‬وقال قتادة ‪ّ :V‬‬
‫«رش ًا»‪ ،‬وقال‬
‫عبد اهلل بن مسعود ‪« :I‬واد يف جهنم‪ ،‬بعيد القعر‪ ،‬خبيث الطعم (‪.)1‬‬

‫وقيل البن مسعود ‪ :I‬إن اهلل تعاىل يكثر من ذكر الصالة يف القرآن‪( :‬ﮍ ﮎ‬
‫ﮏ ﮐ ﮑ) [املعارج‪ ،]23 :‬و(ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ) [املعارج‪ ،]34 :‬و(ﭶ‬
‫ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ) [املاعون‪ ،]5-4 :‬قال‪« :‬ذلك الوعيد عىل‬
‫مواقيتها»‪ ،‬قالوا‪ :‬ما كنا نرى يا أبا عبد الرمحن إال عىل تركها؟ قال‪« :‬تركها كفر»(‪.)2‬‬
‫وقد ذكر النبي ‪ H‬النوم عن الصالة املكتوبة ضمن األسباب التي ُيعذب هبا‬
‫اإلنسان يف قربه‪.‬‬
‫وال يليق باملسلم أن ال يعرف الصيام إال يف شهر رمضان؛ فإن يف العام أيام ًا فاضلة‬
‫استحب فيها الصيام‪ :‬كيوم عرفة‪ ،‬وعاشوراء‪ ،‬ويف كل أسبوع‪ :‬يستحب صيام االثنني‪،‬‬
‫عودت نفسك عىل‬
‫واخلميس‪ ،‬ويف كل شهر‪ :‬يستحب صيام ثالثة أيام منه‪ ،‬فلو أنك َّ‬
‫ال ثقيالً‪ ،‬جيعلك تنام النهار ك َّله‪ ،‬وتُض ّيع الصلوات‪.‬‬
‫ح ً‬‫الصيام طيلة العام؛ مل تره ِ ْ‬
‫وجيب عليك أن تأخذ باألسباب التي توقظك للصالة‪ ،‬وال جيوز لك تعمد ترك‬
‫الصالة بعذر النوم‪ ،‬وأنت تستطيع االستيقاظ يف أوقات الصلوات‪.‬‬
‫وينبغي أن تنظر يف سبب تعبك يف الصيام‪ ،‬فإن كان تعبك بسبب العمل‪ :‬فعليك‬
‫أن توازن بني العمل والصيام‪ ،‬وإذا مل تكن مضطر ًا للعمل‪ ،‬ومل تستطع القيام بالصيام‪،‬‬
‫والصالة‪ ،‬وسائر العبادات مع العمل‪ :‬فإنك تأخذ إجازة من العمل خالل شهر الصيام‪،‬‬
‫وإن كان بسبب السهر‪ :‬فيحرم عليك هذا السهر‪ ،‬الذي يسبب لك ترك الصلوات حتى‬
‫خيرج وقتها‪.‬‬

‫((( انظر‪ :‬تفسري ابن كثري (‪.)245/5‬‬


‫((( تعظيم قدر الصالة (‪ ،)137/1‬وقال حمققه‪ :‬سنده حسن‪.‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫وجيب عليك أن تويص من حولك من أهلك وزوجتك وأوالدك‪ ،‬بأن يوقظوك‬


‫للصالة‪ ،‬وجيب عليهم أن يعينوك عىل طاعة اهلل تعاىل‪ ،‬وأداء الصلوات يف أوقاهتا‪.‬‬

‫كنــت أخــذت باألســباب‪ ،‬ومل تســتيقظ لتعــب شــديد أو مــرض‪ ،‬فخــرج‬


‫َ‬ ‫وإن‬
‫وقتــان للصــاة؛ فإنــك تقــي مــا فاتــك مــن الصــاة برتتيبهــا املعهــود؛ فتصــي‬ ‫‪136‬‬
‫الظهــر ثــم العــر‪ ...‬وهكــذا‪ ،‬إال أن ختشــى خــروج وقــت الثانيــة فإنــك تبــدأ هبــا‪،‬‬
‫فلــو اســتيقظت قبــل غــروب الشــمس‪ ،‬ومل تكــن صليــت الظهــر والعــر‪ ،‬وضــاق‬
‫ِّ‬
‫صــل الظهــر‬ ‫وقــت العــر حتــى كادت الشــمس تغيــب‪ ،‬فابــدأ بالعــر‪ ،‬ثــم‬
‫بعدهــا‪ ،‬فاملغــرب‪.‬‬

‫ونسـأل اهلل تعـاىل أن يعينك على طاعته وحسـن عبادته‪ ،‬وأن ُيعلي مهتك يف اخلري‪.‬‬
‫واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*ســؤال‪ :‬أنــا أدرس يف أحــد املعاهــد‪ ،‬وال ينتهــي الــدوام يف املعهــد إال قبــل أذان‬
‫املغــرب بدقائــق‪ ،‬واملســافة بــن بيتــي واملعهــد نصــف ســاعة‪ ،‬إن أنــا انتظــرت‬
‫أذان املغــرب وأفطــرت وصليــت يف املعهــد أفقــد وســيلة املواصــات إىل بيتــي‪،‬‬
‫وســأتأخر نتيجــة لذلــك عــن البيــت‪ .‬وأتســاءل‪ :‬هــل أفطــر وأصــي املغــرب يف‬
‫املعهــد‪ ،‬أم جيــوز يل أن أؤخــر ذلــك حتــى أصــل للبيــت؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫املبـادرة إىل أداء الصلاة يف أول وقتهـا مـن أفضل األعامل عنـد اهلل ‪E‬؛ فعن‬
‫عبـد اهلل بـن مسـعود ‪ ،I‬قال‪ :‬سـألت النبـي ‪ :H‬أي العمل َأحـب إىل اهلل؟‬
‫الوالِدَ ْي ِن ‪ ،‬قلـت‪ :‬ثم أي؟‬
‫ـم بِ ُّـر َ‬
‫قـال‪« :‬الصلا ُة ع َ ِ‬
‫لى َو ْقت َهـا ‪ ،‬قلت‪ :‬ثـم أي؟ قـال‪ُ « :‬ث َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫قـال‪ِ :‬‬
‫«الج َها ُد ِف َسـبِ ِ‬
‫يل اهلل )‪.(1‬‬

‫قال النووي ‪« :V‬ويف هذا احلديث‪ :‬احلث عىل املحافظة عىل الصالة يف وقتها‪،‬‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)504‬ومسلم (‪.)782‬‬


‫مايصلا بادآ‬

‫ويمكن أن يؤخذ منه‪ :‬استحباهبا يف أول الوقت؛ لكونه احتيا ًطا هلا‪ ،‬ومبادر ًة إىل حتصيلها‬
‫يف وقتها»)‪.(1‬‬

‫وعن أم فروة ‪ ،J‬قالت‪ :‬سئل رسول اهلل ‪ :H‬أي األعامل أفضل؟ قال‪:‬‬
‫‪137‬‬ ‫ال ُة ِف َأ َّو ِل َو ْقتِ َها (‪.)2‬‬
‫«الص َ‬
‫َّ‬

‫وقال اإلمام أمحد ‪« :V‬أول الوقت أعجب إِ َ َّل إال يف صالتني‪ ،‬صالة العشاء‪،‬‬
‫وصالة الظهر يربد هبا يف احلر»(‪.)3‬‬

‫أيضـا‪ ،‬وقـد جـاء يف ذلـك عـدة‬


‫كما أن املبـادرة إىل تعجيـل اإلفطـار مسـتحبة ً‬
‫أحاديـث‪ ،‬منهـا‪:‬‬

‫َّاس بِخَ ْ ٍي َما‬


‫أن رسول اهلل ‪ H‬قال‪« :‬ال َيز َُال الن ُ‬
‫عن سهل بن سعد ‪َّ ،I‬‬
‫عج ُلوا ِ‬
‫الف ْط َر (‪.)4‬‬ ‫َ َّ‬

‫وهبذا يتبني لك أخي السائل أن املستحب واملندوب يف حقك‪ :‬املبادرة إىل اإلفطار‪،‬‬
‫وصالة املغرب يف املعهد‪.‬‬

‫ولكن ذلك يبقى يف دائرة املندوب‪ ،‬فإن شق عليك‪ ،‬وخشيت أن تنقطع عنك‬
‫املواصالت‪ ،‬أو تتأخر يف الوصول للبيت؛ فال حرج عليك إذا أخرت الصالة لتؤدهيا‬
‫يف املنْزل‪ ،‬برشط أن يغلب عىل ظنك الوصول قبل خروج وقت املغرب‪ ،‬ويمكنك أن‬
‫تفطر عىل مترات حتملها معك يف طريقك‪.‬‬

‫وفقك اهلل ملا حيب ويرىض‪ ،‬وشكر اهلل لك هذا احلرص عىل طاعته‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬هل هناك دعاء خمصص يقال عند اإلفطار؟ وهل هناك دعاء خمصص يقال‬

‫((( رشح النووي عىل مسلم (‪.)79/2‬‬


‫((( رواه أبو داود (‪ ،)426‬وصححه األلباين يف صحيح أيب داود (‪.)411‬‬
‫((( املغني (‪.)431/1‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)1856‬ومسلم (‪.)1098‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫عند السحور؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫نعـم‪ ،‬هنـاك أدعيـة خاصـة وردت هبـا السـنة يقوهلـا الصائـم عنـد فطـره‪ ،‬فيقول‪:‬‬
‫ـأ‪ ،‬واب َت َّل ِ‬
‫ت األَ ْج ُر إِ ْن َش َ‬
‫ـاء اهلل (‪ ،)1‬وله أن يدعو بام يشـاء‪،‬‬ ‫وق‪َ ،‬و َث َب َ‬
‫ـت ال ُع ُـر ُ‬ ‫ـب ال َّظ َم ُ َ ْ‬
‫« َذ َه َ‬ ‫‪138‬‬

‫ال لكـون ذلـك ورد يف السـنة تنصيص ًا‪ ،‬بـل ألنه حمل هنايـة عبادة‪ ،‬ويرشع للمسـلم أن‬
‫يدعو عنـد ذلك‪.‬‬
‫عند وقت‬ ‫‪H‬‬ ‫سئل ابن عثيمني ‪ :V‬هل هناك دعاء مأثور عن النبي‬
‫اإلفطار؟‬
‫فأجاب‪« :‬إن وقت اإلفطار موطن إجابة للدعاء؛ ألنه يف آخر العبادة‪ ،‬وألن اإلنسان‬
‫أشد ما يكون ‪-‬غالب ًا‪ -‬من ضعف النفس عند إفطاره‪ ،‬وكلام كان اإلنسان أضعف نفس ًا‪،‬‬
‫ك‬‫وأرق قلب ًا‪ ،‬كان أقرب إىل اإلنابة‪ ،‬واإلخبات إىل اهلل ‪ ،D‬والدعاء املأثور‪« :‬ال َّل ُه َّم َل َ‬
‫ب ال َّظ َم ُأ‪،‬‬ ‫ك َأ ْف َط ْر ُت ‪ ،)2‬ومنه أيض ًا قول النبي ‪َ « :O‬ذ َه َ‬ ‫ت‪َ ،‬و َع َل ِرز ِْق َ‬ ‫ُص ْم ُ‬
‫واب َت َّل ِ‬
‫اء اهلل (‪ ،)3‬وهذان احلديثان وإن كان فيهام ضعف‪،‬‬ ‫ت األَ ْج ُر إِ ْن َش َ‬
‫وق‪َ ،‬و َث َب َ‬
‫ت ال ُع ُر ُ‬ ‫َ ْ‬
‫لكن بعض أهل العلم حسنهام‪ ،‬وعىل كل حال‪ :‬فإذا دعوت بذلك‪ ،‬أو بغريه عند‬
‫اإلفطار‪ ،‬فإنه موطن إجابة (‪.)4‬‬
‫وأما السحور‪ :‬فليس هناك دعاء خاص يقال عنده‪ ،‬فاملرشوع هو أن يسمي اهلل يف‬
‫أوله‪ ،‬وحيمده إذا فرغ من الطعام‪ ،‬كام يفعل ذلك عند كل طعام‪.‬‬
‫لكن‪ ،‬من َّ‬
‫أخر سحوره إىل الثلث األخري من الليل؛ فإنه يدرك بذلك وقت النُّزول‬
‫اإلهلي فيه‪ ،‬وهو وقت استجابة الدعاء‪.‬‬

‫((( رواه أبو داود (‪ ،)2357‬وحسنه األلباين يف صحيح اجلامع (‪.)4678‬‬


‫((( رواه أبو داود (‪ ،)2358‬وضعفه األلباين يف ضعيف اجلامع (‪.)631‬‬
‫((( رواه أبو داود (‪ ،)2357‬وحسنه األلباين يف صحيح اجلامع (‪.)4678‬‬
‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)341 /19‬‬
‫مايصلا بادآ‬

‫فعن أيب هريرة ‪ ،I‬أن رسول اهللِ ‪ H‬قال‪َ « :‬ين ِْز ُل َر ُّبنَا َت َب َار َك َو َت َع َال ك َُّل‬
‫ون َف َأ ْست ِ‬ ‫ول‪َ :‬م ْن َيدْ ُع ِ‬ ‫ث ال َّلي ِل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫يب َل ُه‪َ ،‬م ْن‬
‫َج َ‬ ‫اآلخر‪َ ،‬ي ُق ُ‬ ‫ني َي ْب َقى ُث ُل ُ ْ‬ ‫َل ْي َلة إِ َل َّ‬
‫الس َمء الدُّ ْن َيا‪ ،‬ح َ‬
‫َي ْس َأ ُلنِي َف ُأ ْعطِ َي ُه‪َ ،‬م ْن َي ْس َتغ ِْف ُر ِن َف َأغ ِْف َر َل ُه (‪ ،)1‬فيدعو يف هذا الوقت لكونه وقت إجابة‪،‬‬
‫ال من أجل السحور‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫‪139‬‬
‫***‬

‫ٍ‬
‫بثوان‪ ،‬مع العلم أين ال أسمع األذان‪ ،‬واملنطقة‬ ‫*سؤال‪ :‬هل جيوز أن أفطر قبل األذان‬
‫التي أسكن فيها منطقة شيعة يؤذنون بعد أذاننا؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫إذا غربت الشمس فقد حل للصائم أن يفطر‪ ،‬سواء أذن املؤذن‪ ،‬أم مل يؤذن‪ ،‬فالعربة‬
‫اهنَا‪َ ،‬و َأ ْد َب َر الن ََّه ُار ِم ْن‬ ‫ِ‬
‫بغروب الشمس؛ لقول النبي ‪« :H‬إِ َذا َأ ْق َب َل ال َّل ْي ُل م ْن َه ُ‬
‫الصائِ ُم (‪.)2‬‬
‫الش ْم ُس؛ َف َقدْ َأ ْف َط َر َّ‬
‫ت َّ‬‫اهنَا‪َ ،‬وغ ََر َب ْ‬
‫َه ُ‬
‫قال ابن دقيق العيد ‪« :V‬يف هذا احلديث رد عىل الشيعة يف تأخريهم الفطر إىل‬
‫ظهور النجوم»)‪.(3‬‬
‫وبعض املؤذنني قد يتأخر يف األذان بعد غروب الشمس بفرتة‪ ،‬فال عربة بأذانه‪،‬‬
‫وفعله هذا خمالف هلدي النبي ‪ ،H‬الذي حثنا عىل املبادرة باإلفطار بعد غروب‬
‫الشمس‪ ،‬فقال‪« :‬الَ يز َُال النَّاس بِخَ ٍي ما عج ُلوا ِ‬
‫الف ْط َر (‪.)4‬‬ ‫ْ َ َ َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫وجيوز للصائم أن يفطر‪ ،‬إذا غلب عىل ظنه غروب الشمس‪ ،‬وال يشرتط حصول‬
‫اليقني‪ ،‬بل يكفي غلبة الظن‪ ،‬فإذا غلب عىل ظن الصائم أن الشمس قد غربت‪ ،‬فأفطر؛‬
‫فال يشء عليه‪.‬‬

‫وال جيوز له أن يفطر وهو شاك يف غروهبا‪.‬‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)1094‬ومسلم (‪.)758‬‬


‫((( رواه البخاري (‪ ،)1853‬ومسلم (‪.)1100‬‬
‫((( فتح الباري (‪.)199/4‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)1856‬ومسلم (‪.)1098‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫قال ابن عثيمني ‪« :V‬وسن تعجيل فطر‪ ،‬أي‪ :‬املبادرة به إذا غربت الشمس‪،‬‬
‫فاملعترب غروب الشمس‪ ،‬ال األذان‪ ،‬السيام يف الوقت احلارض‪ ،‬حيث يعتمد الناس‬
‫عىل التقويم‪ ،‬ثم يعتربون التقويم بساعاهتم‪ ،‬وساعاهتم قد تتغري بتقديم أو تأخري‪ ،‬فلو‬
‫غربت الشمس وأنت تشاهدها‪ ،‬والناس مل يؤذنوا بعد؛ فلك أن تفطر‪ ،‬ولو أذنوا وأنت‬
‫‪140‬‬
‫تشاهدها مل تغرب؛ فليس لك أن تفطر؛ ألن الرسول ‪ H‬قال‪« :‬إِ َذا َأ ْق َب َل ال َّل ْي ُل‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت‬ ‫اهنَا ‪-‬وأشار إىل املغرب‪َ ،-‬وغ ََر َب ْ‬ ‫اهنَا ‪-‬وأشار إىل املرشق‪َ ،-‬و َأ ْد َب َر الن ََّه ُار م ْن َه ُ‬ ‫م ْن َه ُ‬
‫الصائِ ُم (‪.)1‬‬
‫الش ْم ُس؛ َف َقدْ َأ ْف َط َر َّ‬
‫َّ‬

‫وال يرض بقاء النور القوي‪ ،‬فبعض الناس يقول‪ :‬نبقى حتى يغيب القرص ويبدأ‬
‫الظالم بعض اليشء‪ ،‬فال عربة هبذا‪ ،‬بل انظر إىل هذا القرص متى غاب أعاله؛ فقد‬
‫غربت الشمس‪ ،‬وسن الفطر‪.‬‬
‫ودليل سنية املبادرة‪ ،‬قوله ‪« :H‬الَ يز َُال النَّاس بِخَ ي ما عج ُلوا ِ‬
‫الف ْط َر (‪،)2‬‬ ‫ْ ٌ َ َ َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫وهبذا نعرف أن الذين يؤخرون الفطر إىل أن تشتبك النجوم كالرافضة‪ ،‬أهنم ليسوا بخري‪.‬‬

‫فإن قال قائل‪ :‬هل يل أن أفطر بغلبة الظن‪ ،‬بمعنى أنه إذا غلب عىل ظني أن الشمس‬
‫غربت‪ ،‬فهل يل أن أفطر؟‬

‫فاجلــواب‪ :‬نعــم‪ ،‬ودليــل ذلــك مــا ثبــت يف صحيــح البخــاري‪ ،‬عــن أســاء بنــت‬
‫أيب بكــر ‪ ،L‬قالــت‪« :‬أفطرنــا يف يــوم غيــ ٍم عــى عهــد النبــي ‪ ،H‬ثــم‬
‫طلعــت الشــمس»(‪ ،)3‬ومعلــوم أهنــم مل يفطــروا عــن علــم؛ ألهنــم لــو أفطــروا عــن‬
‫علــم مــا طلعــت الشــمس‪ ،‬لكــن أفطــروا بنــا ًء عــى غلبــة الظــن أهنــا غابــت‪ ،‬ثــم‬
‫انجــى الغيــم فطلعــت الشــمس (‪ .)4‬واهلل أعلــم‪.‬‬
‫***‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)1853‬ومسلم (‪.)1100‬‬


‫((( رواه البخاري (‪ ،)1856‬ومسلم (‪.)1098‬‬
‫((( رواه البخاري (‪.)1858‬‬
‫((( الرشح املمتع (‪.)410/6‬‬
‫مايصلا بادآ‬

‫*سؤال‪ :‬أفطرنا عندما أذن مؤذن احلي‪ ،‬وبعد مرور سبع دقائق سمعنا مؤذن ًا آخر‪ ،‬وبعد‬
‫سؤال مؤذن احلي أفادنا أنه أذن باخلطأ معتقد ًا دخول الوقت‪ ،‬فامذا يلزم أهل احلي؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫‪141‬‬
‫مـن أفطـر ظان ًا غروب الشـمس‪ ،‬ثـم تبني له أهنـا مل تغـرب؛ فعليه القضـاء يف قول‬
‫مجهـور العلامء‪.‬‬

‫قال ابن قدامة ‪« :V‬هذا قول أكثر أهل العلم من الفقهاء وغريهم»)‪.(1‬‬

‫وسئلت اللجنة الدائمة‪ :‬عن رجل أفطر بناء عىل قول ابنتيه بغروب الشمس‪ ،‬ثم ملا‬
‫خرج إىل الصالة‪ ،‬سمع املؤذن يؤذن للمغرب‪.‬‬

‫فأجابت‪« :‬إذا كان فطرك واقع ًا بعد غروب الشمس؛ فليس عليك قضاء‪ ،‬وإن‬
‫حتققت‪ ،‬أو غلب عىل ظنك‪ ،‬أو شككت أن فطرك حاصل قبل غروب الشمس‪ :‬فعليك‬
‫القضاء أنت‪ ،‬ومن أفطر معك؛ ألن األصل بقاء النهار‪ ،‬وال ينتقل عن هذا األصل إال‬
‫بناقل رشعي‪ ،‬وهو الغروب هنا»(‪.)2‬‬

‫وذهب بعض أهل العلم إىل صحة الصوم حينئذ‪ ،‬وعدم لزوم القضاء‪ ،‬وهو مروي‬
‫عن جماهد‪ ،‬واحلسن‪ ،‬وقال به إسحاق‪ ،‬وأمحد يف رواية‪ ،‬واملزين‪ ،‬وابن خزيمة‪ ،‬واختاره‬
‫ابن تيمية‪ ،‬ورجحه ابن عثيمني‪  ،‬مجيعا)‪.(3‬‬

‫واحتجــوا بــا رواه هشــام بــن عــروة‪ ،‬عــن فاطمــة‪ ،‬عــن أســاء بنــت‬
‫أيب بكــر الصديــق ‪ ،L‬قالــت‪« :‬أفطرنــا عــى عهــد النبــي ‪ H‬يــوم غيــم‪،‬‬
‫ثــم طلعــت الشــمس» قيــل هلشــام‪ُ :‬فأمــروا بالقضــاء؟ قــال‪« :‬ال بــد مــن قضــاء»‪،‬‬
‫وقــال معمــر‪ :‬ســمعت هشــام ًا يقــول‪« :‬ال أدري أقضــوا‪ ،‬أم ال؟ (‪.)4‬‬

‫((( املغني (‪.)389/4‬‬


‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)288/10‬‬
‫((( انظر‪ :‬فتح الباري (‪ ،)200/4‬وجمموع الفتاوى (‪ ،)231/25‬والرشح املمتع (‪.)408-402/6‬‬
‫((( رواه البخاري (‪.)1858‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫وقول هشام‪ :‬ال بد من القضاء‪ ،‬قاله من عنده تفقه ًا‪ ،‬ومل يقل‪ :‬إن النبي ‪H‬‬

‫أمرهم بالقضاء‪ ،‬وهلذا قال احلافظ ‪« :V‬وأما حديث أسامء‪ :‬فال حيفظ فيه إثبات‬
‫القضاء‪ ،‬وال نفيه (‪.)1‬‬

‫وقال ابن عثيمني ‪« :V‬فأفطروا يف النهار بنا ًء عىل أن الشمس قد غربت‪ ،‬فهم‬ ‫‪142‬‬
‫جاهلون‪ ،‬ال باحلكم الرشعي‪ ،‬ولكن باحلال‪ ،‬مل يظنوا أن الوقت يف النهار‪ ،‬ومل يأمرهم‬
‫النبي ‪ H‬بالقضاء‪ ،‬ولو كان القضاء واجب ًا لكان من رشيعة اهلل‪ ،‬ولكان حمفوظ ًا‪،‬‬
‫فلام مل ُيفظ‪ ،‬ومل ُينقل عن النبي ‪H‬؛ فاألصل براءة الذمة‪ ،‬وعدم القضاء»)‪.(2‬‬

‫وإذا أخذتم باالحتياط وقضيتم يوم ًا مكانه فهو أحسن‪ ،‬وقضاء يوم أمر سهل‪،‬‬
‫واحلمد هلل‪ ،‬وال إثم عليكم فيام حدث‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬أنا أعمل يف رشكة يتطلب مني العمل فيها أن أبقى إىل ما بعد املغرب‪،‬‬
‫فأضطر إىل أن أفطر يف العمل‪ ،‬وأنا تقريب ًا السني الوحيد‪ ،‬والباقي شيعة وإسامعيلية‪،‬‬
‫فهل جيوز أن ُأفطر معهم؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫أما اإلفطار مع الشيعة واإلسامعيلية‪ :‬فإن رأيت أن إفطارك معهم فيه مصلحة تأليف‬
‫قلوهبم‪ ،‬لدعوهتم إىل السنة‪ ،‬وترك البدع التي هم عليها؛ فإن ذلك عمل مرشوع‪.‬‬

‫أما إن رأيت أنه ال مصلحة يف إفطارك معهم؛ فاألفضل أال تفطر معهم‪ ،‬وأن‬
‫جتتنبهم؛ إنكار ًا ملا هم عليه من البدع‪ ،‬وخشية أن يلقوا إليك بشبهاهتم‪ ،‬وال يكون عندك‬
‫من العلم ما تعلم به بطالهنا؛ فتعرض نفسك للفتنة‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬هل االقتصار يف السحور عىل املاء يسمى سحور ًا؟‬

‫((( فتح الباري (‪.)200/4‬‬


‫((( الرشح املمتع (‪.)402/6‬‬
‫مايصلا بادآ‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«الظاهر أنه يسمى سحور ًا‪ ،‬لكن إذا مل جيد طعام ًا؛ حلديث‪« :‬إذا أفطر أحدكم فليفطر‬
‫عىل رطب‪ ،‬فإن مل جيد فعىل متر‪ ،‬فإن مل جيد حسا حسوات من ماء ‪ ،‬فإذا كان ليس عنده‬
‫‪143‬‬ ‫طعام‪ ،‬يعني‪ :‬ليس عنده مأكول‪ ،‬أو عنده مأكول لكن ال يشتهيه‪ ،‬ورشب ما ًء‪ :‬فأرجو أن‬
‫حتصل له السنة (‪ .)1‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬هل جيوز تناول طعام اإلفطار مع غري املسلمني‪ ،‬كاهلندوس والنصارى؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫جيوز تناول طعام اإلفطار مع غري املسلمني‪ ،‬إذا كانت هناك مصلحة رشعية يف ذلك‪،‬‬
‫كدعوهتم إىل الدين احلق‪ ،‬أو تأليف قلوهبم عىل اإلسالم‪ ،‬أو نحو ذلك‪ ،‬مما يرجى من‬
‫حضورهم لتناول اإلفطار من املوائد التي يضعها املسلمون لإلفطار العام‪ ،‬كام حيصل‬
‫يف بعض الدول‪ ،‬أما جمرد األنس هبم‪ ،‬والرسور بصحبتهم‪ :‬فهو أمر خطري؛ إذ إن عقيدة‬
‫الوالء والرباء من آكد أصول الدين‪ ،‬وأوىل الواجبات عىل املؤمنني‪ ،‬وقد دل عىل هذا‬
‫األصل عدة آيات من كتاب اهلل‪ ،‬وأحاديث من سنة النبي ‪ ،H‬فمن ذلك‪:‬‬

‫قوله تعاىل‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ‬


‫ﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪ‬
‫ﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸ‬
‫ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ) [املجادلة‪.]22 :‬‬

‫وقوله تعاىل‪( :‬ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ‬


‫ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ) [النساء‪.]144 :‬‬

‫وقوله تعاىل‪( :‬ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ‬

‫((( فتاوى نور عىل الدرب ‪ -‬البن عثيمني (‪ )2 /11‬برتقيم الشاملة‬


‫الصيام سؤال وجواب‬

‫ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ) [املائدة‪.]51 :‬‬

‫وقوله تعاىل‪( :‬ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ‬


‫ﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝ‬
‫‪144‬‬
‫ﮞ) [آل عمران‪.]118 :‬‬

‫وعىل هذا‪ :‬فنية االجتامع عىل هذا اإلفطار هي التي حتدد حكمه‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬متى يفطر راكب الطائرة؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫قالت اللجنة الدائمة‪« :‬إذا كان الصائم يف الطائرة‪ ،‬واطلع بواسطة الساعة والتليفون‬
‫عىل إفطار البلدة القريبة منه‪ ،‬وهو يرى الشمس بسبب ارتفاع الطائرة؛ فليس له أن‬
‫يفطر؛ ألن اهلل تعاىل قال‪( :‬ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ) [البقرة‪ ،]187 :‬وهذه الغاية مل تتحقق‬
‫يف حقه‪ ،‬ما دام يرى الشمس‪.‬‬

‫وأما إذا أفطر بالبلد بعد انتهاء النهار يف حقه‪ ،‬فأقلعت الطائرة‪ ،‬ثم رأى الشمس‪ ،‬فإنه‬
‫يستمر مفطر ًا؛ ألن حكمه حكم البلد التي أقلع منها‪ ،‬وقد انتهى النهار‪ ،‬وهو فيها»)‪.(1‬‬

‫«وال جيوز للطيار أن هيبط إىل مستوى ال تُرى فيه الشمس؛ ألجل اإلفطار؛ ألنه‬
‫حتايل‪ ،‬لكن إن نزل ملصلحة الطريان‪ ،‬فاختفى قرص الشمس‪ ،‬أفطر»(‪ .)2‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬صمت يف لندن وأفطرت يف الرياض‪ ،‬فام احلكم يف فارق التوقيت؟‬

‫((( جمموع فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)137-136/10‬‬


‫((( سؤاالت الشيخ حممد املنجد للشيخ ابن باز‪.‬‬
‫مايصلا بادآ‬

‫*جواب‪:‬‬

‫صومك صحيح؛ إذ العربة يف اإلفطار باملكان املوجود به الصائم عند غروب‬


‫الشمس‪ ،‬وال عربة بفارق التوقيت‪ ،‬سواء طال النهار أم قرص‪.‬‬
‫‪145‬‬
‫قالت اللجنة الدائمة‪« :‬أمجع أهل العلم قاطبة عىل أن الصوم من طلوع الفجر حتى‬
‫غروب الشمس‪ ،‬وعىل أن لكل صائم حكم املكان الذي هو فيه‪ ،‬سواء كان عىل سطح‬
‫األرض‪ ،‬أم كان عىل الطائرة يف اجلو»(‪.)1‬‬

‫وقالت يف فتوى أخرى‪« :‬األصل أن لكل شخص يف إمساكه يف الصيام‪ ،‬وإفطاره‪،‬‬


‫وأوقات صالته‪ ،‬حكم األرض التي هو عليها‪ ،‬أو اجلو الذي يسري فيه‪ ...‬وإن أقلعت‬
‫الطائرة قبل غروب الشمس بدقائق‪ ،‬واستمر معه النهار؛ فال جيوز له أن يفطر‪ ،‬وال أن‬
‫بلد أه ُلها قد‬ ‫ِ‬
‫بسامء ٍ‬ ‫يصيل املغرب‪ ،‬حتى تغرب شمس اجلو الذي يسري فيه‪ ،‬حتى ولو َم َّر‬
‫أفطروا‪ ،‬وصلوا املغرب‪ ،‬وهو يف سامئها يرى الشمس»(‪.)2‬‬

‫وعىل هذا‪ :‬من صام‪ ،‬ثم اجته بالطائرة إىل جهة الغرب‪ ،‬فإنه يفطر إذا غربت الشمس‬
‫يف املكان الذي هو موجود فيه‪ ،‬وهكذا أيض ًا‪ :‬إذا اجته بالطائرة جهة الرشق‪ ،‬وأراد أن‬
‫يصوم؛ فإنه ال يفطر حتى تغرب الشمس يف املكان الذي هو موجود فيه‪ ،‬وال عربة‬
‫بفارق التوقيت‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬هل جيوز أن نقبل دعوة اإلفطار عند شخص أغلب ماله من احلرام؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫إذا كان أغلب مال الرجل حرام ًا؛ فإنه جيوز قبول دعوته‪.‬‬

‫وقـد قبـل النبـي ‪ H‬دعـوة هيـودي على طعـام‪ ،‬مـع وصـف اهلل هلـم بأخذ‬

‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)296/10‬‬


‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)295/10‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫الربـا‪ ،‬وأكل أمـوال النـاس بالسـحت‪ ،‬وقـد قـال بعـض السـلف يف مثـل هـذا‪« :‬لك‬
‫ُغنْمـه‪ ،‬وعليـه ُغ ْرمه»‪.‬‬

‫املحرم‪ ،‬وهذا هو‬


‫َّ‬ ‫كام جيوز لك عدم قبول دعوته؛ زجر ًا له‪ ،‬وتبكيت ًا عىل كسبه‬
‫األفضل‪ ،‬إذا كان هذا سيزجره ويؤثر فيه؛ فيرتك ما هو عليه من منكر‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬ ‫‪146‬‬

‫***‬

‫*سؤال‪ :‬نعلم أن تفطري الصائم يف رمضان فيه أجر كبري‪ ،‬ولكن سؤايل هو‪ :‬من يكون‬
‫هذا الصائم؟ هل الذي ال جيد ما يفطر عليه؟ أم هو عابر السبيل؟ أم أي شخص‬
‫آخر وإن كان ميسور احلال؟ وسبب سؤايل هو‪ :‬أنني أعيش يف دولة غري مسلمة‪،‬‬
‫وجل أفراد اجلالية اإلسالمية هنا يعيشون حياة ميسورة‪ ،‬وإنام يتبادلون الدعوات يف‬
‫رمضان ‪-‬حسب ما يظهر‪ -‬من أجل املباهاة واالفتخار‪.‬‬

‫*جواب‪:‬‬

‫َان َل ُه ِم ْث ُل‬
‫«م ْن َف َّط َر َصائِ ًم؛ ك َ‬
‫ثواب تفطري الصائم كبري‪ ،‬كام قال النبي ‪َ :H‬‬
‫الصائِ ِم َش ْيئًا )‪.(1‬‬ ‫ِ‬
‫َي َأ َّن ُه ال َينْ ُق ُص م ْن َأ ْج ِر َّ‬
‫َ ِ‬
‫أ ْج ِره‪ ،‬غ ْ َ‬
‫وهذا الثواب حيصل لكل من َف ّطر صائ ًام‪ ،‬وال يشرتط أن يكون الصائم فقري ًا؛ ألن‬
‫هذا ليس من باب الصدقة‪ ،‬وإنام هو من باب اهلدية‪ ،‬وال يشرتط يف اهلدية أن يكون‬
‫ا ُملهدَ ى إليه فقري ًا‪ ،‬بل تصح اهلدية للغني والفقري‪.‬‬

‫وأما الدعوات التي يكون القصد منها املباهاة واملفاخرة‪ :‬فإهنا مذمومة‪ ،‬وليس‬
‫لصاحبها ثواب عىل هذا العمل‪ ،‬وقد حرم نفسه خري ًا كثري ًا‪.‬‬

‫وأما من ُد ِعي إىل مثل هذه الدعوات‪ :‬فإنه ال ينبغي له أن حيرضها‪ ،‬وال أن يشارك‬
‫فيها‪ ،‬بل عليه االعتذار عن احلضور‪ ،‬ثم إن متكن من نصيحة صاحبها بأسلوب حسن‬
‫أقرب إىل قبوله‪ ،‬كان ذلك جيد ًا‪ ،‬ويتجنب الكالم املبارش‪ ،‬ويتلطف يف العبارة‪ ،‬ويأيت‬

‫((( رواه الرتمذي (‪ ،)807‬وصححه األلباين يف صحيح الرتغيب والرتهيب (‪.)1078‬‬


‫مايصلا بادآ‬

‫بكالم عا ٍم ليس موجه ًا إىل شخص بعينه؛ فإن الرفق يف العبارة وحسن األسلوب والبعد‬
‫عن الكلامت القاسية والغليظة من أسباب قبول النصيحة‪ ،‬واملسلم حريص عىل أن يقبل‬
‫أخوه املسلم احلق ويعمل به‪ ،‬كام كان النبي ‪ H‬يفعل ذلك‪ ،‬فقد كان يفعل بعض‬
‫أصحابه ما ُينكره النبي ‪ ،H‬ولكنه ال يواجههم باإلنكار‪ ،‬بل يقول‪« :‬ما بال أقوام‬
‫‪147‬‬
‫يفعلون كذا؟ (‪.)1‬‬

‫وهذا األسلوب حتصل به املصلحة املطلوبة‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬


‫***‬

‫*سؤال‪ :‬هل من املمكن عمل طبق خريي عىل مائدة اإلفطار يف مسجد ما؛ إلنفاق‬
‫ريعه عىل املساكني املجاورين للمسجد؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫املراد بالطبق اخلريي‪ :‬أن يقوم بعض الناس بإعداد طعا ٍم يف بيته‪ ،‬ثم يبيعه‪ ،‬وجيعل‬
‫املال الذي حيصل من ذلك يف أحد املشاريع اخلريية‪ ،‬وأوجه الرب‪ ،‬والصدقة‪.‬‬

‫وهذا العمل من اإلحسان والصدقة‪ ،‬واملتعاون فيه له أجر وثواب عىل عمله‪ ،‬وكذا‬
‫كل من ساهم فيه‪ ،‬سواء كانت مسامهته فيه باملال أو العمل أو غري ذلك‪ ،‬فكل هذا مما‬
‫يدخل يف قول اهلل تعاىل‪( :‬ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ) [املائدة‪.]2 :‬‬

‫وجيب التنبه إىل أن يتم البيع خارج املسجد؛ ألن البيع والرشاء حمرم يف املسجد؛‬
‫ج ِد‪َ ،‬ف ُقو ُلوا‪ :‬ال َأ ْر َب َح اهلل‬
‫َاع ِف ا َمل ْس ِ‬
‫يع َأ ْو َي ْبت ُ‬
‫لقول النبي ‪« :H‬إِ َذا َر َأ ْيت ُْم َم ْن َيبِ ُ‬
‫ِ َت َارت َ‬
‫َك (‪ .)2‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سـؤال‪ :‬يف بعـض جهـات الـدول اإلسـكندنافية يكـون النهـار أطـول مـن الليـل‬
‫بكثير على مدار السـنة‪ ،‬حيـث يكـون الليل ثلاث سـاعات فقط‪ ،‬يف حين يكون‬

‫((( انظر‪ :‬صحيح البخاري (‪ ،)444‬وصحيح مسلم (‪.)1401‬‬


‫((( رواه الرتمذي (‪ ،)1321‬وصححه األلباين يف اإلرواء (‪.)1295‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫النهـار واحـد ًا وعرشيـن سـاعة‪ ،‬فـإذا صـادف أن قدم شـهر رمضان يف الشـتاء فإن‬
‫املسـلمني فيهـا يصومـون مـدة ثالث سـاعات فقط‪ ،‬وأمـا إذا كان شـهر رمضان يف‬
‫فصـل الصيـف فإهنـم يرتكـون الصـوم لعـدم قدرهتـم عليـه؛ نظـر ًا لطـول النهار‪،‬‬
‫فنرجـو حتديـد مواعيـد اإلفطـار والسـحور‪ ،‬واملـدة التـي يصـام فيها شـهر رمضان؟‬
‫‪148‬‬
‫*جواب‪:‬‬

‫«رشيعة اإلسالم كاملة وشاملة‪ ،‬قال تعاىل‪( :‬ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ‬


‫ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ) [املائدة‪ ،]3 :‬وقال تعاىل‪( :‬ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ‬
‫ﮪ ﮫ) [سبأ‪.]28 :‬‬

‫وقد خاطب اهلل املؤمنني بفرض الصيام‪ ،‬فقال تعاىل‪( :‬ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ‬


‫ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ) [البقرة‪.]183 :‬‬

‫وبي ابتداء الصيام وانتهاءه‪ ،‬فقال تعاىل‪( :‬ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ‬


‫ّ‬
‫ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ) [البقرة‪.]187 :‬‬

‫ش َعه رشع ًا عام ًا‪ ،‬وهؤالء‬


‫ومل خيصص هذا احلكم ببلد وال بنوع من الناس‪ ،‬بل َ َ‬
‫املسئول عنهم داخلون يف هذا العموم‪ ،‬واهلل ‪ C‬لطيف بعباده‪ ،‬رشع هلم من طرق‬
‫اليرس والسهولة‪ ،‬ما يساعدهم عىل فعل ما وجب عليهم‪ ،‬فرشع للمسافر واملريض‬
‫‪-‬مثالً‪ -‬الفطر يف رمضان؛ لدفع املشقة عنهام‪ ،‬قال تعاىل‪( :‬ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ‬
‫ﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨ‬
‫ﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚ‬
‫ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ) [البقرة‪.]185 :‬‬

‫فمن شهد رمضان من املك ّلفني وجب عليه أن يصوم‪ ،‬سواء طال النهار أو قرص‪،‬‬
‫فإن عجز عن إمتام صيام يوم‪ ،‬وخاف عىل نفسه املوت أو املرض؛ جاز له أن يفطر بام‬
‫يسدّ رمقه‪ ،‬ويدفع عنه الرضر‪ ،‬ثم يمسك بقية يومه‪ ،‬وعليه قضاء ما أفطره يف أيام أخر‪،‬‬
‫مايصلا بادآ‬

‫يتمكن فيها من الصيام»(‪ .)1‬واهلل أعلم‪.‬‬


‫***‬

‫*سؤال‪ :‬إمام مسجدنا يؤخر صالة العشاء نحو ساعة يف شهر رمضان‪ .‬هل جيوز هذا؟‬
‫‪149‬‬ ‫*جواب‪:‬‬

‫وقت صالة العشاء يمتد من غياب الشفق األمحر‪-‬الذي يكون يف السامء بعد غروب‬
‫الشمس‪ -‬إىل نصف الليل‪.‬‬

‫واألفضل يف صالة العشاء تأخريها‪ ،‬ما مل يشق عىل الناس؛ ملا روى أبو هريرة ‪I‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪َ « :H‬ل ْوالَ َأ ْن َأ ُش َّق َع َل ُأ َّمتي‪ ،‬ألَ َم ْر ُ ُت ْم َأ ْن ُي َؤ ِّخ ُروا الع َش َ‬
‫اء إِ َل‬
‫ث ال َّل ْي ِل‪َ ،‬أ ْو نِ ْص ِف ِه (‪.)2‬‬
‫ُث ُل ِ‬

‫ففي هذا احلديث دليل عىل استحباب تأخري العشاء‪ ،‬ما مل يشق عىل املأمومني‪ ،‬فإن‬
‫شقت عىل املأمومني تُعجل‪.‬‬
‫وعن عائشة ‪ ،J‬قالت‪َ « :‬أ ْعت ََم النبي ‪ H‬ذات ليلة‪ ،‬حتى ذهب عامة الليل‪،‬‬
‫حتى نام أهل املسجد‪ ،‬ثم خرج فصىل‪ ،‬فقال‪« :‬إِ َّن ُه َل َو ْقت َُها‪َ ،‬ل ْوالَ َأ ْن َأ ُش َّق َع َل ُأ َّمتِي )‪.(3‬‬
‫اء َأ ْح َيان ًا‬ ‫ِ‬
‫«والع َش َ‬‫وعن جابر ‪ I‬ملا ذكر مواقيت صالة النبي ‪ H‬قال‪َ :‬‬
‫آه ْم َأ ْب َط ُأوا َأ َّخ َر (‪.)4‬‬
‫اجت ََم ُعوا َع َّج َل‪َ ،‬وإِ َذا َر ُ‬ ‫ُي َؤ ِّخ ُر َها‪َ ،‬و َأ ْح َيان ًا ُي َع ِّج ُل‪ ،‬إِ َذا َر ُ‬
‫آه ْم ْ‬
‫وقد اعتاد الناس يف بعض البالد تأخري صالة العشاء يف رمضان نصف ساعة أو‬
‫نحو ًا من هذا عن أول وقتها؛ حتى يفطر الناس عىل مهل‪ ،‬ويستعدوا لصالة العشاء‬
‫والرتاويح‪.‬‬

‫وهذا العمل ال بأس به‪ ،‬برشط‪ :‬أال يؤخر اإلمام الصالة إىل حد يشق عىل املأمومني‬

‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)114/10‬‬


‫((( رواه الرتمذي (‪ ،)167‬وصححه األلباين يف اإلرواء (‪.)254‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)7239‬ومسلم (‪- )638‬واللفظ له‪.-‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)535‬ومسلم (‪.)646‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫‪-‬كام سبق‪.-‬‬

‫واألوىل يف هذا‪ :‬الرجوع إىل أهل املسجد‪ ،‬واالتفاق معهم عىل وقت الصالة؛ فهم‬
‫ْ‬
‫أعلم بام يناسبهم‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬ ‫‪150‬‬

‫*سؤال‪ :‬اإلفراط يف إعداد األطعمة لإلفطار‪ ،‬هل يقلل من ثواب الصوم؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«ال يقلل من ثواب الصيام‪ ،‬والفعل املحرم بعد انتهاء الصوم ال يقلل من ثوابه‪،‬‬
‫ولكن ذلك يدخل يف قوله تعاىل‪( :‬ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ)‬
‫[األعراف‪ ،]31 :‬فاإلرساف نفسه حمظور‪ ،‬واالقتصاد نصف املعيشة‪ ،‬وإذا كان لدهيم فضل‬
‫فليتصدقوا به‪ ،‬فإنه أفضل»)‪ .(1‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬أنا بنت لست متحجبة‪ ،‬هل ذلك يبطل صيامي يف رمضان؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫إذا تركـت املـرأة احلجـاب‪ ،‬فهـي عاصيـة لرهبـا بذلـك‪ ،‬لكـ ّن صومهـا صحيـح؛‬
‫ألن املعـايص ‪-‬ومنهـا تـرك احلجاب‪ -‬ال تفسـد الصـوم‪ ،‬غري أهنـا تنقص ثوابـه‪ ،‬وقد‬
‫تضيعـه بالكليـة‪ ،‬والذي ندعـوك إليه‪ :‬هـو االلتزام باحلجـاب‪ ،‬مع الصيـام‪ ،‬فإنه ليس‬
‫املقصـود مـن الصيـام هـو جمـرد االمتنـاع عـن الطعـام والشراب‪ ،‬وإنام املقصـود هو‬
‫الص َيـا ُم ِمـن األَك ِْل‬ ‫الصيـام عـن املحرمـات‪ ،‬ولذلـك قـال النبـي ‪َ « :H‬ل ْي َ‬
‫ـس ِّ‬
‫والر َفث (‪.)2‬‬
‫ْـو َّ‬ ‫ب‪ ،‬إِن َِّما ِّ‬
‫الص َيـا ُم مـن ا َّللغ ِ‬ ‫والشر ِ‬
‫ُّ‬

‫واللغو‪ :‬هو الكالم الباطل‪ ،‬وقيل‪ :‬ما ال فائدة فيه‪.‬‬

‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪)362 /19‬‬


‫((( رواه احلاكم (‪ ،)595/1‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع (‪.)5376‬‬
‫مايصلا بادآ‬

‫والرفث‪ :‬الكالم البذيء‪.‬‬

‫فليكن صومك دافع ًا لك إىل طاعة اهلل تعاىل‪ ،‬والبعد عام هنى عنه‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫‪151‬‬
‫*سؤال‪:‬‬
‫‪ .1‬ال جيوز للصائم أن يفطر إال إذا تيقن أو غلب عىل ظنه غروب الشمس‪ ،‬فلو أفطر وهو‬
‫شاك يف غروب الشمس ثم تبني له أهنا مل تغرب حني فطره فإنه يقيض ذلك اليوم‪.‬‬
‫‪ .2‬من أكل أو رشب وهو شاك‪ :‬هل طلع الفجر أو ال؟ فصيامه صحيح‪.‬‬
‫سؤال‪ :‬ملاذا جيب القضاء يف املسألة األوىل‪ ،‬وال جيب يف الثانية؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫يقيض الصائم إذا أفطر وهو شاك يف الغروب؛ لقوله تعاىل‪( :‬ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ)‬
‫[البقرة‪ ،]187 :‬والليل يبدأ من غروب الشمس‪ ،‬وهو كان عىل يقني أنه يف هنار‪ ،‬فال يفطر‬
‫إال إذا تيقن ‪-‬أو غلب عىل ظنه‪ -‬غروب الشمس؛ ألن األصل بقاء النهار‪ ،‬فال ينتقل‬
‫عن هذا األصل إال بيقني‪ ،‬أو غلبة ظن‪.‬‬

‫وال يقضي الصائـم إذا أكل أو رشب وهـو شـاك يف طلـوع الفجـر؛ لقولـه تعـاىل‪:‬‬
‫(ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ) [البقرة‪ ،]187 :‬فقـد‬
‫قـال تعـاىل‪( :‬ﭵ ﭶ) ‪ ،‬ممـا يـدل على جـواز األكل والشرب قبـل تيقـن طلـوع‬
‫الفجـر‪ ،‬وألنـه كان على يقين أنـه يف ليـل؛ فلا حيـرم عليـه األكل إال إذا تيقـن طلوع‬
‫الفجـر‪ ،‬ألن األصـل بقـاء الليـل‪ .‬واهلل أعلـم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬هل صحيح أن الصائم عليه أال يقص أظافره‪ ،‬أو حيلق عانته؟‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*جواب‪:‬‬

‫ليست هذه األعامل مما جتب عىل الصائم خصوص ًا‪ ،‬وليست مما ينايف الصيام أيض ًا‪،‬‬
‫والصائم إنام يمتنع عن الطعام والرشاب واجلامع‪ ،‬وهي من مفسدات الصوم‪ ،‬ويمتنع‬
‫عن املعايص واملنكرات‪ ،‬كالغيبة والنميمة‪ ،‬وهي من منقصات الصوم‪ ،‬وأما األظفار‬ ‫‪152‬‬

‫فقصها وحلقها من أمور الفطرة‪ ،‬وقد و َّقت الشارع يف بقائها أربعني يوم ًا‪،‬‬
‫وشعر العانة‪ّ :‬‬
‫لصحة الصيام هبا‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وال عالقة‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬ما حكم من أكل أو رشب يف هنار رمضان ناسي ًا؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«ليس عليه بأس‪ ،‬وصومه صحيح؛ لقول اهلل سبحانه يف آخر سورة البقرة‪( :‬ﯥ‬
‫‪H‬‬ ‫‪ ،]286‬وصح عن رسول اهلل‬ ‫ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ) [البقرة‪:‬‬

‫َف َع ْل ُ‬
‫ت (‪ ،)1‬وملا ثبت عن أيب هريرة ‪ ،I‬عن النبي ‪H‬‬ ‫أن اهلل سبحانه قال‪َ « :‬قدْ‬
‫ش َب‪َ ،‬ف ْل ُيتِ َّم َص ْو َم ُه؛ َفإِن ََّم َأ ْط َع َم ُه اهللُ َو َس َقا ُه (‪.)2‬‬
‫َس َو ُه َو َصائِ ٌم َف َأك ََل َأ ْو َ ِ‬‫ِ‬
‫«م ْن ن َ‬
‫أنه قال‪َ :‬‬

‫وهكذا لو جامع ناسي ًا‪ ،‬فصومه صحيح يف أصح قويل العلامء؛ لآلية الكريمة‪ ،‬وهلذا‬
‫اء َع َل ِيه‪ ،‬وال‬ ‫احلديث الرشيف‪ ،‬ولقوله ‪« :H‬من َأ ْف َطر يف رم َض َ ِ‬
‫ان نَاسي ًا‪َ ،‬فال َق َض َ‬ ‫َ ََ‬
‫َك َّف َارة (‪ ،)3‬وهذا اللفظ يعم اجلامع وغريه من املفطرات‪ ،‬إذا فعلها الصائم ناسي ًا‪ ،‬وهذا‬
‫من رمحة اهلل وفضله وإحسانه‪ ،‬فله احلمد والشكر عىل ذلك»)‪ .(4‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬يقال‪ :‬إنه جيب االستامع لألذان‪ ،‬لكن‪ ،‬ما هو حكم من يفطر عند سامع أذان‬

‫((( رواه مسلم (‪.)126‬‬


‫((( رواه البخاري (‪ ،)1831‬ومسلم (‪.)1155‬‬
‫((( أخرجه احلاكم (‪ )595/1‬وصححه‪ ،‬وحسنه األلباين يف إرواء الغليل (‪.)87/4‬‬
‫((( جمموع فتاوى ابن باز (‪.)193/4‬‬
‫مايصلا بادآ‬

‫املغرب؟ هل يعفى بسبب تناوله طعام اإلفطار؟ وما هو حكم نفس األمر عند‬
‫التسحر عند أذان الفجر؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫‪153‬‬
‫اختلف العلامء يف حكم إجابة املؤذن ومتابعته يف كلامت األذان‪ ،‬والصحيح قول‬
‫مجهور العلامء‪ :‬أن متابعته مستحبة غري واجبة‪ ،‬وهو قول املالكية‪ ،‬والشافعية‪ ،‬واحلنابلة‪.‬‬

‫قال النووي ‪« :V‬مذهبنا‪ :‬أن املتابعة سنة ليست بواجبة‪ ،‬وبه قال مجهور العلامء‪،‬‬
‫وحكى الطحاوي خالفا لبعض السلف يف إجياهبا»)‪.(1‬‬

‫قال اإلمام أمحد ‪« :V‬وإن مل يقل كقوله‪ ،‬فال بأس»)‪.(2‬‬

‫ويدل عىل ذلك‪ :‬قول النبي ‪ H‬ملالك بن احلويرث ومن معه‪َ « :‬فإِ َذا َح َ َ‬
‫ض ْت‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫الص َلةُ‪َ ،‬ف ْل ُي َؤ ِّذ ْن َلك ُْم أ َحدُ ك ُْم‪َ ،‬و ْل َي ُؤ َّمك ُْم أك َ ُ‬
‫ْبك ُْم (‪.)3‬‬ ‫َّ‬

‫«فهـذا يدل على أن املتابعة ال جتـب‪ ،‬ووجه الداللـة‪ :‬أن املقام مقـام تعليم‪ ،‬وتدعو‬
‫احلاجـة إىل بيـان كل مـا حيتـاج إليـه‪ ،‬وهـؤالء َو ْفـدٌ قـد ال يكـون عندهم علم بما قاله‬
‫النبـي ‪ H‬يف متابعـة األذان‪ ،‬فلما تـرك النبـي ‪ H‬التنبيـه على ذلـك مـع‬
‫دعـاء احلاجـة إليـه‪ ،‬وكـون هـؤالء وفـدً ا لبثـوا عنده عرشيـن يوما‪ ،‬ثـم غـادروا‪ :‬يدل‬
‫على أن اإلجابـة ليسـت بواجبـة‪ ،‬وهذا هـو األقرب واألرجـح»)‪.(4‬‬

‫وروى مالك‪ ،‬عن ابن شهاب‪ ،‬عن ثعلبة بن أيب مالك القرظي‪ ،‬أنه أخربه‪« :‬أهنم‬
‫كانوا يف زمان عمر بن اخلطاب ُي َص ُّلون يوم اجلمعة‪ ،‬حتى خيرج عمر‪ ،‬فإذا خرج عمر‪،‬‬
‫وجلس عىل املنرب‪ ،‬وأذن املؤذنون‪ ،‬قال ثعلبة‪ :‬جلسنا نتحدث‪ ،‬فإذا سكت املؤذنون‪،‬‬

‫((( املجموع (‪.)119/3‬‬


‫((( انظر‪ :‬املغني (‪.)256/1‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)627‬ومسلم (‪.)674‬‬
‫((( الرشح املمتع (‪.)75/2‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫وقام عمر خيطب‪ ،‬أنصتنا فلم يتكلم منا أحد»(‪.)1‬‬


‫قال ابن شهاب‪« :‬فخروج اإلمام يقطع الصالة‪ ،‬وكالمه يقطع الكالم»(‪.)2‬‬
‫قال الشيخ األلباين ‪« :V‬يف هذا األثر دليل عىل عدم وجوب إجابة املؤذن؛ جلريان‬
‫العمل يف عهد عمر عىل التحدث يف أثناء األذان‪ ،‬وسكوت عمر عليه‪ ،‬وكثريا ما سئلت‬ ‫‪154‬‬
‫عن الدليل الصارف لألمر بإجابة املؤذن عن الوجوب‪ ،‬فأجبت هبذا»)‪.(3‬‬
‫بناء عىل ما سبق‪ :‬فال إثم عىل من ترك إجابة املؤذن‪ ،‬ومل يتابعه‪ ،‬سواء كان تركه‬
‫النشغاله بطعام‪ ،‬أو غريه‪ ،‬غري أنه يفوته بذلك األجر العظيم عند اهلل تعاىل‪.‬‬
‫فقد روى مسلم عن عمر بن اخلطاب ‪ ،I‬قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪:H‬‬

‫ْب‪ُ ،‬ث َّم َق َال‪َ :‬أ ْش َهدُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫«إِ َذا َق َال َ‬
‫ْب اهلل أك َ ُ‬ ‫ْب‪َ ،‬ف َق َال أ َحدُ ك ُْم‪ :‬اهلل أك َ ُ‬ ‫ْب اهلل أك َ ُ‬ ‫المؤ ِّذ ُن‪ :‬اهلل أك َ ُ‬
‫ول اهلل‪َ ،‬ق َال‪:‬‬ ‫م َّمدً ا َر ُس ُ‬ ‫َأ ْن َل إِ َل َه إِ َّل اهلل‪َ ،‬ق َال‪َ :‬أ ْش َهدُ َأ ْن َل إِ َل َه إِ َّل اهلل‪ُ ،‬ث َّم َق َال‪َ :‬أ ْش َهدُ َأ َّن ُ َ‬
‫الص َل ِة‪َ ،‬ق َال‪َ :‬ل َح ْو َل َو َل ُق َّو َة إِ َّل بِاهلل‪ُ ،‬ث َّم‬ ‫ول اهلل‪ُ ،‬ث َّم َق َال‪َ :‬ح َّي َع َل َّ‬ ‫َأ ْش َهدُ َأ َّن ُ َ‬
‫م َّمدً ا َر ُس ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ ِ‬
‫ْب‪َ ،‬ق َال‪ :‬اهلل‬ ‫َق َال‪َ :‬ح َّي َع َل ال َف َلحِ ‪َ ،‬ق َال‪َ :‬ل َح ْو َل َو َل ُق َّو َة إ َّل باهلل‪ُ ،‬ث َّم َق َال‪ :‬اهلل أك َ ُ‬
‫ْب اهلل أك َ ُ‬
‫ْب‪ُ ،‬ث َّم َق َال‪َ :‬ل إِ َل َه إِ َّل اهلل‪َ ،‬ق َال‪َ :‬ل إِ َل َه إِ َّل اهلل‪ِ ،‬م ْن َق ْلبِ ِه‪َ :‬د َخ َل َ‬
‫الج َّن َة (‪.)4‬‬ ‫َ‬
‫ْب اهلل أك َ ُ‬
‫َ‬
‫أك َ ُ‬
‫وليس هناك تعارض بني تعجيل الفطر‪ ،‬والرتديد خلف املؤذن‪ ،‬فيستطيع الصائم أن‬
‫يبادر بالفطر بعد غروب الشمس مبارشة‪ ،‬ويف الوقت نفسه يردد خلف املؤذن‪ ،‬فيكون‬
‫قد مجع بني الفضيلتني‪ :‬فضيلة املبادرة بالفطر‪ ،‬وفضيلة الرتديد خلف املؤذن‪.‬‬

‫ال هلم‬‫ومل يزل الناس قدي ًام وحديث ًا يتكلمون عىل طعامهم‪ ،‬وال يرون الطعام شاغ ً‬
‫عن الكالم‪ ،‬مع التنبيه‪ :‬أن تعجيل الفطر حيصل بأي يشء يأكله الصائم‪ ،‬ولو كان شيئ ًا‬
‫يسري ًا‪ ،‬كتمرة‪ ،‬أو رشبة ماء‪ ،‬وليس معناه‪ :‬أن يأكل حتى يشبع‪.‬‬

‫وكذلك يقال أيض ًا‪ :‬إذا أذن الفجر‪ ،‬وهو يأكل السحور‪ ،‬فيمكن اجلمع بني األمرين‬

‫((( املوطأ (‪.)232‬‬


‫((( املوطأ (‪.)233‬‬
‫((( متام املنة (ص‪.)340‬‬
‫((( صحيح مسلم (‪.)385‬‬
‫مايصلا بادآ‬

‫بال مشقة ظاهرة‪.‬‬

‫غري أنه إذا كان املؤذن يؤذن للفجر بعد دخول الوقت‪ ،‬فيجب الكف عن األكل‬
‫والرشب عند سامع أذانه‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫‪155‬‬ ‫***‬

‫*سؤال‪ :‬يف رمضان إذا غضب اإلنسان من يشء‪ ،‬ويف حالة غضبه هنر أو شتم‪ ،‬فهل‬
‫يبطل صيامه‪ ،‬أم ال؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«ال يبطل ذلك صومه‪ ،‬ولكنه ينقص أجره‪ ،‬فعىل املسلم أن يضبط نفسه‪ ،‬وحيفظ‬
‫لسانه من السب‪ ،‬والشتم‪ ،‬والغيبة‪ ،‬والنميمة‪ ،‬ونحو ذلك‪ ،‬مما حرم اهلل يف الصيام وغريه‪،‬‬
‫ويف الصيام أشد وآكد؛ حمافظة عىل كامل صيامه‪ ،‬وبعد ًا عام يؤذي الناس‪ ،‬ويكون سبب ًا‬
‫ث‬ ‫َان َي ْو ُم َص ْو ِم َأ َح ِدك ُْم‪َ ،‬ف َل َي ْر ُف ْ‬
‫يف الفتنة والبغضاء والفرقة؛ لقوله ‪َ « :H‬فإِ َذا ك َ‬
‫ب‪َ ،‬فإِ ْن َسا َّب ُه َأ َحدٌ َأ ْو َقا َت َل ُه‪َ ،‬ف ْل َي ُق ْل‪ :‬إِ ِّن ْام ُرؤٌ َصائِ ٌم (‪ .)1‬واهلل أعلم‪.‬‬ ‫ٍِ‬
‫َي ْو َمئذ‪َ ،‬و َل َي ْسخَ ْ‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬أسأل عن موضوع الصيام واإلفطار‪ ،‬حتدثت مع جارايت من املذهب الشيعي‪،‬‬


‫فقرؤوا آية كريمة فيها‪ :‬أن الصيام من اخليط األبيض إىل الليل‪ ،‬وليس إىل غروب‬
‫الشمس فقط‪ ،‬هذا ما قالوه يل‪ ،‬أرجو اإلفادة‪ ،‬وجزاكم اهلل خري اجلزاء‪.‬‬

‫*جواب‪:‬‬

‫‪H‬‬ ‫وقت الصيام الذي أمجع عليه املسلمون‪ ،‬والذي استمر من عهد النبي‬
‫وأصحابه‪ ،‬إىل يومنا هذا‪ :‬يبدأ من طلوع الفجر الصادق‪ ،‬وينتهي بمغيب قرص الشمس‬
‫كامال خلف األفق‪ ،‬دل عىل ذلك الكتاب‪ ،‬والسنة‪ ،‬وإمجاع املسلمني القطعي‪.‬‬

‫قال اهلل تعاىل‪( :‬ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ) [البقرة‪ ،]187 :‬والليل يف لغة العرب يبدأ‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)1805‬ومسلم (‪ ،)1151‬فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)333 ،332/10‬‬


‫الصيام سؤال وجواب‬

‫من غروب الشمس‪ ،‬جاء يف القاموس املحيط‪« :‬الليل‪ :‬من مغرب الشمس‪ ،‬إىل طلوع‬
‫الفجر الصادق‪ ،‬أو الشمس»(‪.)1‬‬

‫وجاء يف لسان العرب‪« :‬الليل‪ :‬عقيب النهار‪ ،‬و َم ْبدَ ُؤه من غروب الشمس»(‪.)2‬‬
‫‪156‬‬
‫وقال احلافظ ابن كثري ‪« :V‬وقوله تعاىل‪( :‬ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ) يقتيض اإلفطار‬
‫عند ُغ ُروب الشمس‪ً ،‬‬
‫حكم رشعيا»)‪.(3‬‬

‫بل نبه بعض املفرسين إىل أن استعامل حرف اجلر (ﮃ) يف اآلية‪ ،‬يفيد التعجيل‬
‫أيضا‪ ،‬ملا حتمله داللة هذا احلرف من انتهاء الغاية‪.‬‬

‫قال العالمة الطاهر ابن عاشور ‪(« :V‬ﮃ ﮄ) غاية اختري هلا (ﮃ )؛ للداللة‬
‫عىل تعجيل الفطر عند غروب الشمس؛ ألن (ﮃ) ال متتد معها الغاية‪ ،‬بخالف‬
‫(حتى)‪ ،‬فاملراد هنا مقارنة إمتام الصيام بالليل»)‪.(4‬‬

‫ويؤكد ذلك كله ما جاء يف الصحيحني‪ ،‬عن أمري املؤمنني عمر بن اخلطاب ‪،I‬‬
‫قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪« :H‬إِ َذا َأ ْق َب َل ال َّل ْي ُل ِم ْن َها ُهنَا‪َ ،‬و َأ ْد َب َر الن ََّه ُار ِم ْن َها ُهنَا‪،‬‬
‫الصائِ ُم (‪ ،)5‬فقرن يف هذا احلديث بني إقبال الليل من جهة‬ ‫الش ْم ُس؛ َف َقدْ َأ ْف َط َر َّ‬
‫ت َّ‬‫وغَرب ِ‬
‫َ ََ‬
‫املرشق‪ ،‬وسقوط قرص الشمس خلف األفق‪ ،‬وهو أمر مشاهد‪ ،‬فإن الظلمة تبدأ يف‬
‫جهة الرشق‪ ،‬بمجرد أن يغيب ضوء الشمس خلف األفق‪.‬‬
‫قـال احلافـظ ابن حجر ‪« :V‬قولـه‪( :‬إِ َذا َأ ْق َب َـل ال َّل ْي ُل ِمـ ْن َها ُهنَـا)‪ ،‬أي‪ :‬من جهة‬
‫املشرق‪ ،‬واملـراد بـه وجـود الظلمـة حسـا‪ ،‬وذكر يف هـذا احلديـث ثالثة أمـور؛ ألهنا‪،‬‬
‫وإن كانـت متالزمـة يف األصـل‪ ،‬لكنهـا قـد تكـون يف الظاهر غير متالزمـة‪ ،‬فقد يظن‬
‫إقبـال الليـل من جهـة املشرق‪ ،‬وال يكون إقبالـه حقيقة‪ ،‬بـل لوجود أمـر يغطي ضوء‬

‫((( القاموس املحيط (‪.)1364/1‬‬


‫((( لسان العرب (‪.)607/11‬‬
‫((( تفسري القرآن العظيم (‪.)517/1‬‬
‫((( التحرير والتنوير (‪.)181/2‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)1853‬ومسلم (‪.)1100‬‬
‫مايصلا بادآ‬

‫ـم ُس)‪ ،‬إشـارة إىل‬ ‫الشـمس‪ ،‬وكذلـك إدبـار النهار‪ ،‬فمـن َثم ُقيد بقولـه‪( :‬و َغرب ِ‬
‫ت َّ‬
‫الش ْ‬ ‫َ ََ‬ ‫َّ ِّ‬
‫اشتراط حتقـق اإلقبال واإلدبار‪ ،‬وأهنام بواسـطة غروب الشـمس‪ ،‬ال بسـبب آخر»(‪.)1‬‬
‫اآلخر ْين‬
‫َ‬ ‫وقال النووي ‪« :V‬قال العلامء‪ :‬كل واحد من هذه الثالثة يتضمن‬
‫واد ونحوه‪ ،‬بحيث ال يشاهد غروب‬ ‫ويالزمهام‪ ،‬وإنام مجع بينها؛ ألنه قد يكون يف ٍ‬
‫‪157‬‬
‫الشمس‪ ،‬فيعتمد إقبال الظالم‪ ،‬وإدبار الضياء»)‪.(2‬‬
‫عن عبد اهلل بن أيب أوىف ‪ ،I‬قال‪ :‬كنا مع رسول اهلل ‪ H‬يف سفر‪ ،‬وهو‬
‫صائم‪ ،‬فلام غربت الشمس‪ ،‬قال لبعض القوم‪« :‬يا فالن‪ ،‬قم فاجدح لنا ‪-‬أي‪ :‬اخلط‬
‫السويق باملاء‪ ،‬وحركه كي نرشبه‪ -‬فقال‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬لو أمسيت‪ ،‬قال‪« :‬انزل فاجدح‬
‫لنا ‪ ،‬قال‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬فلو أمسيت‪ ،‬قال‪« :‬انزل فاجدح لنا ‪ ،‬قال‪ :‬إن عليك هنارا‪ ،‬قال‪:‬‬
‫«انزل فاجدح لنا ‪ ،‬فنزل فجدح هلم‪ ،‬فرشب النبي ‪ ،H‬ثم قال‪« :‬إذا رأيتم الليل‬
‫قد أقبل من ها هنا؛ فقد أفطر الصائم )‪.(3‬‬
‫قال احلافظ ابن حجر ‪« :V‬يف احلديث‪ :‬استحباب تعجيل الفطر‪ ،‬وأنه ال جيب‬
‫إمساك جزء من الليل مطلقا‪ ،‬بل متى حتقق غروب الشمس؛ حل الفطر»(‪.)4‬‬
‫ثم إن يف إمجاع املسلمني عىل الفطر‪ ،‬وتناول الطعام فور سامع أذان املؤذن لصالة‬
‫املغرب عند مغيب الشمس‪ ،‬دلي ً‬
‫ال عىل أن هذا هو احلق‪ ،‬ومن خالف ذلك فقد اتبع غري‬
‫سبيل املؤمنني‪ ،‬وابتدع ما ليس له به برهان‪ ،‬وال أثارة من علم‪.‬‬
‫قال النووي ‪« :V‬املغرب ُت َع َّجل عقب غروب الشمس‪ ،‬وهذا جممع عليه‪ ،‬وقد‬
‫ُح ِك َي عن الشيعة فيه يشء ال التفات إليه‪ ،‬وال أصل له»(‪.)5‬‬

‫بل جاء يف كثري من كتب الشيعة ما يوافق ما أمجع عليه املسلمون يف هذه املسألة‪.‬‬

‫((( فتح الباري (‪.)196/4‬‬


‫((( رشح مسلم (‪.)209/7‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)4991‬ومسلم (‪.)1101‬‬
‫((( فتح الباري (‪.)197/4‬‬
‫((( رشح مسلم (‪.)136/5‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫فقد روى بعضهم عن جعفر الصادق ‪ V‬قوله‪« :‬إذا غابت الشمس؛ فقد حل‬
‫اإلفطار‪ ،‬ووجبت الصالة»(‪.)1‬‬

‫ونقل الربوجردي عن صاحب الدعائم قوله‪« :‬روينا عن أهل البيت صلوات اهلل‬
‫عليهم أمجعني بإمجاع ‪-‬فيام علمناه من الرواة عنهم‪ -‬أن دخول الليل الذي حيل الفطر‬ ‫‪158‬‬

‫للصائم‪ ،‬هو غياب الشمس يف أفق املغرب‪ ،‬بال حائل دوهنا يسرتها‪ ،‬من جبل‪ ،‬أو‬
‫حائط‪ ،‬وال غري ذلك‪ ،‬فإن غاب القرص يف األفق؛ فقد دخل الليل‪ ،‬وحل الفطر»)‪.(2‬‬

‫واحلاصل‪ :‬أن ما عليه بعض الشيعة اآلن من تأخري صالة املغرب‪ ،‬واإلفطار يف‬
‫الصيام‪ ،‬إىل ما بعد غروب الشمس بمدة‪ :‬خمالف ملا دل عليه القرآن الكريم‪ ،‬والسنة‬
‫النبوية الصحيحة‪ ،‬وإمجاع املسلمني‪ ،‬ثم هو خمالف ملا نقلوه هم عن أئمتهم !‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬ما حكم إذا أنا راسلت صديقتي عىل النت يف رمضان‪ ،‬طاملا يف حدود‬
‫االحرتام‪ ،‬وهي تفتح الكامريا‪ ،‬وأنا أراها؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬من املقاصد الرضورية يف الرشيعة اإلسالمية‪ :‬حفظ النسل واألعراض؛ من‬
‫حرم اهلل الزنا‪ ،‬وحرم وسائله التي قد تفيض إليه‪ ،‬من خلوة رجل بامرأة أجنبية‬
‫أجل ذلك ّ‬
‫منه‪ ،‬ونظرة آثمة‪ ،‬وسفر بال حمرم‪ ،‬وخروج املرأة من بيتها معطرة متربجة كاسية عارية‪.‬‬

‫ومن ذلك‪ :‬حديث الرجل اخلادع مع املرأة‪ ،‬وخضوعها له بالقول إغراء له‪ ،‬وتغرير ًا‬
‫به‪ ،‬وإثارة لشهوته‪ ،‬وليقع يف حباهلا‪ ،‬سواء كان ذلك عند لقاء يف طريق‪ ،‬أو يف حمادثة‬
‫هاتفية‪ ،‬أو مراسلة كتابية‪ ،‬أو غري ذلك‪.‬‬

‫وقـد حـرم اهلل على نسـاء رسـوله ‪- H‬وهـن الطاهـرا‪ -‬أن يتربجـن تربج‬

‫((( من ال حيرضه الفقيه (‪ ،)142/1‬ووسائل الشيعة (‪.)90/7‬‬


‫((( جامع أحاديث الشيعة (‪.)165/9‬‬
‫مايصلا بادآ‬

‫اجلاهليـة األوىل‪ ،‬وأن خيضعـن بالقـول؛ فيطمـع الـذي يف قلبـه مـرض‪ ،‬وأمرهـن أن‬
‫يقلـن قوالً معروفـ ًا‪ ،‬قال اهلل تعـاىل‪( :‬ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ‬
‫ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ) [األحزاب‪.]32 :‬‬

‫‪159‬‬ ‫واملحادثات واملراسالت بني الرجل واملرأة عن طريق النت هي باب من أبواب‬
‫الفتنة والرش؛ وذلك ملا يرتتب عىل هذه املحادثات من تساهل يف احلديث يدعو إىل‬
‫اإلعجاب واالفتتان غالبا‪ ،‬وهلذا‪ :‬فإن الواجب هو احلزم واالبتعاد عن ذلك؛ ابتغاء‬
‫مرضاة اهلل‪ ،‬وحذرا من عقابه‪.‬‬

‫وكم َج َّرت هذه املحادثات عىل أهلها من رش وبالء‪ ،‬حتى أوقعتهم يف عشق وهيام‪،‬‬
‫وقادت بعضهم إىل ما هو أعظم من ذلك‪.‬‬

‫وقد سئل الشيخ ابن جربين ‪ :V‬ما حكم املراسلة بني الشبان والشابات‪ ،‬علام بأن‬
‫هذه املراسلة خالية من الفسق والعشق والغرام؟‬

‫فأجاب‪« :‬ال جيوز ألي إنسان أن يراسل امرأة أجنبية عنه؛ ملا يف ذلك من فتنة‪ ،‬وقد‬
‫يظن املراسل أنه ليست هناك فتنة‪ ،‬ولكن‪ ،‬ال يزال به الشيطان حتى يغريه هبا‪ ،‬ويغرهيا‬
‫به‪ ،‬وقد أمر ‪ H‬من سمع بالدجال أن يبتعد عنه‪ ،‬وأخرب أن الرجل قد يأتيه‪ ،‬وهو‬
‫مؤمن‪ ،‬ولكن ال يزال به الدجال حتى يفتنه‪.‬‬

‫ففي مراسلة الشبان للشابات فتنة عظيمة‪ ،‬وخطر كبري‪ ،‬جيب االبتعاد عنها‪ ،‬وإن كان‬
‫السائل يقول‪ :‬إنه ليس فيها عشق وال غرام»)‪.(1‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬الصائم مأمور بتقوى اهلل تعاىل‪ ،‬وفعل ما أمر‪ ،‬واجتناب ما هنى عنه‪.‬‬

‫فليس املقصود من الصيام جمرد االمتناع عن الطعام والرشاب‪ ،‬وإنام املقصود حتقيق‬
‫تقوى اهلل تعاىل (ﮥ ﮦ) [البقرة‪ ،]21 :‬وهتذيب النفس‪ ،‬والتخيل عن رذائل‬
‫األعامل‪ ،‬وسفاسف األخالق؛ وهلذا قال النبي ‪« :H‬ليس الصيام من األكل‬

‫((( فتاوى املرأة (ص‪.)96‬‬


‫الصيام سؤال وجواب‬

‫والرشب‪ ،‬إنام الصيام من اللغو والرفث (‪ .)1‬واهلل أعلم‪.‬‬


‫***‬

‫*سؤال‪ :‬رجل مسافر وصائم يف رمضان نوى الفطر‪ ،‬ثم مل جيد ما يفطر به‪ ،‬ثم عدل عن‬
‫نيته‪ ،‬وأكمل الصوم إىل املغرب‪ ،‬فام صحة صومه؟‬ ‫‪160‬‬

‫*جواب‪:‬‬

‫من نوى الفطر وهو صائم بطل صومه‪ ،‬وهو مذهب املالكية‪ ،‬واحلنابلة‪.‬‬

‫خالفا للحنفية‪ ،‬والشافعية(‪.)2‬‬

‫وعىل القول ببطالن صومه ‪-‬وهو الراجح ملا سيأيت‪ :-‬فإن نوى الفطر‪ ،‬جازما غري‬
‫مرتدد‪ ،‬ثم مل جيد ما يفطر به‪ ،‬فعدل عن نيته‪ :‬فقد أفطر‪ ،‬ولزمه قضاء هذا اليوم‪.‬‬

‫أفطرت‪ ،‬ثم مل‬


‫ُ‬ ‫وجدت طعاما أو رشابا‬
‫ُ‬ ‫أما إن تردد يف الفطر‪ ،‬أو علقه عىل يشء‪ ،‬كإن‬
‫جيد‪ :‬فصومه صحيح‪.‬‬

‫سئل ابن عثيمني ‪ :V‬رجل مسافر وصائم يف رمضان‪ ،‬نوى الفطر ثم مل جيد ما‬
‫يفطر به‪ ،‬ثم عدل عن نيته‪ ،‬وأكمل الصوم إىل املغرب‪ ،‬فام صحة صومه؟‬

‫فأجاب‪« :‬صومه غري صحيح‪ ،‬وجيب عليه القضاء؛ ألنه عندما نوى الفطر أفطر‪ ،‬أما لو‬
‫قال‪ :‬إن وجدت ما ًء رشبت‪ ،‬وإال فأنا عىل صومي‪ ،‬ومل جيد املاء‪ ،‬فهذا صومه صحيح؛ ألنه‬
‫مل يقطع النية‪ ،‬ولكنه ع ّلق الفطر عىل وجود اليشء‪ ،‬ومل يوجد اليشء‪ ،‬فبقي عىل نيته األوىل»‪.‬‬

‫فقــال الســائل‪ :‬كيــف نــرد عــى مــن يقــول‪ :‬إنــه مل يقــل أحــد مــن العلــاء‪ :‬إن‬
‫النيــة مــن املفطــرات؟‬

‫فأجاب‪« :‬نقول للذي قال هذا‪ :‬إنه ال َي ْعرف عن كتب أهل العلم شيئ ًا ‪-‬كتب أهل‬

‫((( رواه احلاكم (‪ ،)595/1‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع (‪.)5376‬‬


‫((( انظــر‪ :‬بدائــع الصنائــع (‪ ،)92/2‬حاشــية الدســوقي (‪ ،)528/1‬املجمــوع (‪ ،)313/6‬كشــاف القنــاع‬
‫(‪.)316/2‬‬
‫مايصلا بادآ‬

‫العلم يف الفقه واملخترصات‪ -‬ففي زاد املستقنع يقول‪ :‬ومن نوى اإلفطار أفطر‪ .‬وأنا يا‬
‫إخواين أحذركم من غري العلامء الراسخني املعروفني بالتقدم يف العلم‪ ،‬وأحذركم منهم‬
‫ال بذلك‪ ،‬أو مل يقل أحد بذلك؛ ألهنم قد يكونون صادقني؛ ألهنم‬ ‫إذا قالوا‪ ،‬ال أعلم قائ ً‬
‫ال يعرفون كتب أهل العلم‪ ،‬ومل يطالعوها‪ ،‬وال يعرفون عنها شيئ ًا‪ ،‬ثم لو فرضنا أنه مل‬
‫‪161‬‬
‫يوجد يف كتب أهل العلم‪ ،‬أليس النبي ‪ H‬يقول‪« :‬إِن ََّم األَ ْع َم ُل بِالنِّ َّيات ؟ بىل‪،‬‬
‫قال ذلك‪ ،‬فإذا كان يقول‪« :‬إِن ََّم األَ ْع َم ُل بِالنِّ َّيات ‪ ،‬وهذا الرجل نوى اإلفطار‪ ،‬هل يفطر؟‬
‫نعم‪ ،‬يفطر»(‪ .)1‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫((( لقاء الباب املفتوح (‪.)20/29‬‬


‫الصيام سؤال وجواب‬

‫صيام أهل األعذار‬ ‫‪162‬‬

‫*سؤال‪ :‬ما هي األعذار املبيحة للفطر يف رمضان؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫إن من تيسري اهلل لعباده أنه مل يفرض الصيام إال عىل من ُيطيقه‪ ،‬وأباح الفطر ملن مل‬
‫يستطع الصيام لعذر رشعي‪ ،‬واألعذار الرشعية املبيحة للصيام عىل النحو التايل‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬املرض‪:‬‬
‫قـال ابـن قدامـة ‪« :V‬أمجـع أهـل العلم على إباحة الفطـر للمريـض يف اجلملة‪،‬‬
‫واألصـل فيه قول اهلل تعـاىل‪( :‬ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ‬
‫ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ‬
‫ﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟ‬
‫ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ) [البقرة‪.)1(»]185 :‬‬

‫فاملريض الذي خياف زيادة مرضه بالصيام‪ ،‬أو تأخر الشفاء‪ ،‬أو فساد عضو‪ ،‬له أن‬
‫يفطر‪ ،‬بل ُيسن فِ ْطره‪ ،‬و ُيكره إمتامه؛ ألنه قد يؤدي إىل اهلالك‪ ،‬فيجب االحرتاز عنه‪،‬‬
‫ثم إن شدة املرض توجب الفطر للمريض‪.‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬السفر‪:‬‬


‫((( املغني (‪.)403/4‬‬
‫اذعألا لهأ مايص‬

‫ص يف الفطر ما ييل‪:‬‬ ‫يشرتط يف السفر ا ُمل َر ِّخ ِ‬


‫ال مما ُت ْقرص فيه الصالة‪.‬‬
‫أ ‪ .‬أن يكون السفر طوي ً‬
‫املسافر اإلقام َة خالل سفره‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ب‪ .‬أن ال َي ْع ِز َم‬
‫ج‪ .‬أن ال يكون سفره يف معصية‪ ،‬بل يف غرض صحيح؛ وذلك ألن الفطر رخص ٌة‬
‫‪163‬‬
‫وختفيف‪ ،‬فال يستحقها عاص بسفره‪ ،‬كام لو سافر لقطع طريق مثالً‪.‬‬
‫ٌ‬
‫الس َف ِر بِ َأ ْم َر ْي ِن ا ِّت َفا ًقا‪:‬‬
‫وت َْس ُق ُط ُر ْخ َص ُة َّ‬
‫األول‪ :‬إذا عاد املسافر إىل بلده‪ ،‬ودخل وطنه‪ ،‬وهو حمل إقامته‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬إذا نوى املسافر اإلقامة مطلق ًا يف مكان واحد‪ ،‬أو نوى مدة اإلقامة يف مكان‬
‫واحد‪ ،‬وكان املكان صاحل ًا لإلقامة‪ ،‬فإنه يصري مقي ًام بذلك؛ فيصوم وال يفطر‬
‫يف رمضان؛ النقطاع حكم السفر‪.‬‬

‫ثالثاً‪ :‬احلمل والرضاع‪:‬‬


‫الفقهاء متفقون عىل أن احلامل واملرضع هلام أن تفطرا يف رمضان‪ ،‬إذا خافتا عىل‬
‫أنفسهام أو عىل ولدمها املرض أو زيادته‪ ،‬أو الرضر‪ ،‬أو اهلالك‪ ،‬ودليل ترخيص الفطر‬
‫ي ‪ ،I‬أن رسول اهلل ‪ H‬قال‪« :‬إِ َّن ال َّل َه ‪D‬‬ ‫هلام‪ :‬حديث أنس بن مالك الك ْعبِ ِّ‬
‫الم ْر ِض ِع ‪ ،‬ويف لفظ بعضهم‪:‬‬ ‫ِ‬
‫الحام ِل‪َ ،‬و ُ‬
‫ِ‬
‫الص َلة‪َ ،‬و ِّ‬
‫الص َيا َم‪َ ،‬و َع ْن َ‬
‫ِ‬
‫الم َساف ِر َش ْط َر َّ‬
‫َو َض َع َع ْن ُ‬
‫الم ْر ِض ِع (‪.)1‬‬ ‫« َع ِن ُ‬
‫الح ْب َل َو ُ‬
‫رابع ًا‪ :‬الشيخوخة واهلرم‪:‬‬
‫وتشمل الشيخوخ ُة واهلر ُم ما ييل‪:‬‬
‫الفاين‪ ،‬وهو الذي فنيت قوته‪ ،‬أو أرشف عىل الفناء‪ ،‬وأصبح كل يوم يف نقص‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫الشيخ‬
‫إىل أن يموت‪.‬‬
‫اليأس من صحته‪.‬‬
‫واملريض الذي ال ُي ْر َجى شفاؤه‪ ،‬وحتقق ُ‬

‫والعجوز‪ ،‬وهي املرأة املسنة‪ ،‬والدليل يف رشعية إفطار َمن ُذ ِكر؛ قوله تعاىل‪( :‬ﮁ‬
‫َ‬

‫((( رواه النسائي (‪ ،)2274‬وحسنه األلباين يف صحيح اجلامع الصغري (‪.)2716‬‬


‫الصيام سؤال وجواب‬

‫ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ) [البقرة‪ ،]184 :‬وقال ابن عباس ريض اهلل تعاىل‬


‫عنهام‪« :‬اآلية ليست بمنسوخة‪ ،‬وهي للشيخ الكبري‪ ،‬واملرأة الكبرية‪ ،‬ال يستطيعان أن‬
‫يصوما؛ ف ُيطعامن مكان كل يوم مسكينا )‪.(1‬‬
‫‪164‬‬
‫خامس ًا‪ :‬إرهاق اجلوع‪ ،‬أو العطش املفرط‪:‬‬
‫مـن أرهقـه جـوع ُم ْف ِ‬
‫ـر ٌط‪ ،‬أو عطش شـديد؛ فإنه يفطـر‪ ،‬ويـأكل بقدر مـا تندفع به‬
‫رضورتـه‪ ،‬و ُيمسـك بقية اليـوم‪ ،‬ويقيض‪.‬‬
‫الضع ِ‬
‫ف عن لقاء العدو ا ُملت ََو َّق ِع أو ا ُمل َت َي َّق ِن‪،‬‬ ‫خوف َّ ْ‬‫َ‬ ‫وأحلقوا بإرهاق اجلوع والعطش‪،‬‬
‫وجوده بمقا َب َل ِة العدو‪ ،‬وخياف‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫القتال بسبب‬ ‫فالغازي إذا كان يعلم يقين ًا أو بغلبة الظن‬
‫ف عن القتال بالصوم‪ ،‬وليس مسافر ًا؛ له الفطر قبل احلرب‪.‬‬ ‫الض ْع َ‬
‫َّ‬

‫سادس ًا‪ :‬اإلكراه‪:‬‬


‫الفقهـاء متفقـون على أن مـن ُأ ِ‬
‫كر َه على الفطـر يف هنار رمضـان؛ فإنه ال إثـم عليه‪،‬‬
‫واختلفـوا‪ :‬هـل جيب عليـه قضـاء اليوم الـذي ُأ ِ‬
‫كر َه على فطره؟‬

‫فذهب احلنفية واملالكية إىل أنه جيب عليه القضاء؛ ألن وجوب الصيام ثابت حتى يف‬
‫حال اإلكراه‪ ،‬وأما أثر الرخصة يف اإلكراه‪ :‬فهو سقوط اإلثم عنه‪ ،‬ال سقوط الوجوب‪.‬‬

‫وذهب الشافعية واحلنابلة إىل أنه لو ُأكره حتى أكل أو رشب؛ مل ُيفطر‪ ،‬وال جيب‬
‫عليه القضاء‪ ،‬كام لو ُأدخل املاء يف حلقه ُمك َْرها؛ ألن احلكم الذي ينبني عىل اختياره‬
‫ساقط؛ لعدم وجود االختيار؛ ولقول النبي ‪« :H‬إِ َّن اهلل َ َت َاو َز َع ْن ُأ َّمتِي الخَ َط َأ‪،‬‬
‫ان‪َ ،‬و َما ْاس ُتك ِْر ُهوا َع َل ْي ِه (‪ .)2‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫َوالن ِّْس َي َ‬
‫***‬

‫((( رواه البخاري (‪.)4505‬‬


‫((( رواه ابن ماجة (‪ ،)2053‬وصححه األلباين يف صحيح ابن ماجة (‪ ،)1662‬وينظر‪ :‬املوسوعة الفقهية‬
‫(‪.)73/28‬‬
‫اذعألا لهأ مايص‬

‫*سؤال‪ :‬ما هو املرض الذي يبيح لإلنسان أن يفطر يف رمضان؟ هل جيوز اإلفطار بأي‬
‫مرض ولو كان خفيف ًا؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫‪165‬‬
‫ذهب أكثر العلامء ‪-‬ومنهم األئمة األربعة‪ -‬إىل أن املريض ال جيوز له أن ُيفطر يف‬
‫رمضان‪ ،‬إال إذا كان مرضه شديد ًا‪.‬‬

‫واملراد باملرض الشديد‪ :‬إحدى الصور التالية‪:‬‬

‫‪ .1‬أن يزداد املرض بسبب الصوم‪.‬‬

‫‪ .2‬أن يتأخر الشفاء بسبب الصوم‪.‬‬

‫‪ .3‬أن تصيبه مشقة شديدة‪ ،‬وإن مل حتصل له زيادة يف املرض‪ ،‬وال تأخر للشفاء‪.‬‬

‫‪ .4‬وأحلق به العلامء‪ :‬من خيشى حصول املرض بسبب الصيام‪.‬‬

‫قال ابن قدامة ‪« :V‬واملرض املبيح للفطر هو الشديد الذي يزيد بالصوم‪ ،‬أو‬
‫خيشى تباطؤ ُب ْر ِئ ِه‪ ،‬والصحيح الذي خيشى املرض بالصيام‪ ،‬كاملريض الذي خياف زيادته‬
‫الفطر؛ خوف ًا مما يتجدد بصيامه من زيادة املرض‪،‬‬
‫ُ‬ ‫يف إباحة الفطر؛ ألن املريض إنام أبيح له‬
‫وتطاوله‪ ،‬فاخلوف من حصول املرض يف معناه (‪.)1‬‬

‫قال النووي ‪« :V‬املريض العاجز عن الصوم ملرض يرجى زوا ُله‪ ،‬ال يلز ُمه‬
‫ينتهي إىل حالة ال يمكنه‬
‫َ‬ ‫الصو ُم‪ ،‬وهذا إذا حلقه مش َّق ٌة ظاهر ٌة بالصوم‪ ،‬وال يشرتط أن‬
‫فيها الصوم‪ ،‬بل رشط إباحة الفطر أن يلحقه بالصوم مشقة يشق احتامهلا»(‪.)2‬‬

‫وذهب بعض العلامء إىل أنه جيوز الفطر لكل مريض‪ ،‬وإن مل حتصل له مشقة بسب‬
‫الصوم‪ ،‬وهو قول شاذ ر َّده مجهور العلامء‪.‬‬

‫((( املغني (‪.)404/4‬‬


‫((( املجموع (‪.)258/6‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫جيز له‬
‫قال النووي ‪« :V‬وأما املرض اليسري الذي ال يلحق به مشقة ظاهرة‪ ،‬مل ْ‬
‫الفطر بال خالف عندنا‪ ،‬خالفا ألهل الظاهر»)‪.(1‬‬

‫وقال ابن عثيمني ‪« :V‬املريض الذي ال يتأ ّثر بالصوم‪ ،‬مثل من أصابه زكام يسري‪،‬‬
‫أو صداع يسري‪ ،‬أو وجع رضس‪ ،‬وما أشبه ذلك؛ فهذا ال ّ‬
‫حيل له أن ُيفطر‪ ،‬وإن كان‬ ‫‪166‬‬
‫بعض العلامء يقول‪ّ :‬‬
‫حيل له لآلية (ﮫ ﮬ) [البقرة‪ ،]185 :‬ولكننا نقول‪ :‬إن هذا‬
‫احلكم مع ّلل بع ّلة‪ ،‬وهي أن يكون الفطر أرفق به‪ ،‬أما إذا كان ال يتأ ّثر؛ فإنّه ال جيوز له‬
‫الفطر‪ ،‬وجيب عليه الصوم»)‪ .(2‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬لدي أخت منغولية‪ ،‬قد بلغت ألول سنة وال تستطيع الصيام؟ هل ندفع عنها‬
‫فدية؟ أم ماذا؟ وكم قدرها؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬املنغوليا (أو ما يسمى متالزمة داون)‪ :‬مرض يصيب األطفال‪ ،‬وهو عبارة عن‬
‫ختلف يف القوى العقلية والبدنية‪ ،‬ومن عالماته الظاهرة‪ :‬ضيق يف العينني‪ ،‬وقرص يف‬
‫الرقبة واليدين‪ ،‬وارختاء يف العضالت‪.‬‬

‫«رفِ َع ال َق َل ُم َع ْن َثال َث ٍة‪:‬‬


‫ثاني ًا‪ :‬يشرتط لوجوب الصيام‪ :‬العقل؛ لقول النبي ‪ُ :H‬‬
‫الصبِ ِّي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫الم ْغ ُل ِ‬ ‫الم ْجن ِ‬
‫وب َع َل َع ْقله َحتَّى يف َيق‪َ ،‬و َع ْن النَّائ ِم َحتَّى َي ْس َت ْيق َظ‪َ ،‬و َع ْن َّ‬ ‫ُون َ‬ ‫َع ْن َ‬
‫يتَلِ َم (‪.)3‬‬
‫َحتَّى َ ْ‬

‫فإذا كانت أختك قد بلغت درجة من التخلف العقيل الذي ال تستطيع معه التمييز‪،‬‬
‫وال تعقل اخلطاب الرشعي‪ ،‬ففي هذه احلال ال جيب عليها الصوم وال القضاء‪ ،‬وال‬
‫يلزمكم دفع الفدية عنها؛ ألهنا غري مكلفة أصالً‪.‬‬

‫((( املجموع (‪.)258/6‬‬


‫((( الرشح املمتع (‪.)352/6‬‬
‫((( رواه أبو داود (‪ ،)4399‬وصححه األلباين يف صحيح سنن أيب داود‪.‬‬
‫اذعألا لهأ مايص‬

‫قال الشيخ ابن عثيمني ‪« :V‬كل من ليس له عقل فإنه ليس بمكلف‪ ،‬وليس عليه‬
‫واجب من واجبات الدين ال صالة وال صيام وال إطعام بدل صيام‪ ،‬أي‪ :‬ال جيب عليه‬
‫يشء إطالق ًا‪ ،‬إال ما استثني كالواجبات املالية»(‪ .)1‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬
‫‪167‬‬
‫*سؤال‪ :‬شخص أصابه مرض مزمن ونصحه األطباء بعدم الصوم دائام‪ ،‬ولكنه‬
‫راجع أطباء يف غري بلده وشفي بإذن اهلل أي بعد مخس سنوات‪ ،‬وقد مر عليه مخس‬
‫رمضانات وهو مل يصمها‪ ،‬فامذا يفعل بعد أن شفاه اهلل هل يقضيها أم ال؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫«إذا كان األطباء الذين نصحوه بعدم الصوم دائام أطباء من املسلمني املوثوقني‬
‫العارفني بجنس هذا املرض‪ ،‬وذكروا له أنه ال يرجى برؤه فليس عليه قضاء‪ ،‬ويكفيه‬
‫اإلطعام‪ ،‬وعليه أن يستقبل الصيام مستقبال»(‪.)2‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬عندي مرض نفيس‪ ،‬وقد عرضت نفيس عىل طبيب فأعطاين جرعات عىل‬
‫شكل حبوب وذلك ملدة مخس سنوات‪ ،‬كل اثتني عرشة ساعة حبة واحدة‪ .‬فامذا‬
‫أفعل وخاصة يف شهر رمضان رغم أن طول الصيام يف اليوم ‪ 15‬ساعة‪ ،‬ولو تأخرت‬
‫عن هذا املوعد أقل من ساعة فقد يعاودين املرض (الرصعة)؟ أفيدوين أفادكم اهلل‪.‬‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«يقول اهلل ‪( :C‬ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ) [التغابن‪ ،]16 :‬إن كان املرض حيصل بتأخري‬
‫اجلرعة عن موعدها فال بأس باإلفطار‪ ،‬فإذا كان اليوم طوي ً‬
‫ال مثل أن يكون مخس عرشة‬
‫ساعة من هذه األيام‪ ،‬فال بأس أن يأكل احلبة التي عينت له‪ ،‬ويفطر بذلك‪ ،‬ويقيض هذا‬
‫اليوم‪ ،‬يأكلها ويمسك ويقيض؛ ألن اإلفطار من أجلها‪ ،‬ويمسك ويقيض بعد ذلك‪ ،‬أما‬
‫إذا متكن أن يؤجل وال يشق عليه ذلك فإنه يلزمه التأجيل حتى يأكلها بالليل‪.‬‬

‫((( الرشح املمتع (‪.)324 /6‬‬


‫((( فتاوى الشيخ ابن باز (‪.)355/15‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫أما إذا كان ال يستطيع‪ :‬فال حرج عليه‪ ،‬ويستطيع أن يقيض هذا اليوم يف األيام‬
‫القصرية‪ ،‬وهي األيام الباردة التي تكون أقل من اثتني عرشة ساعة»(‪.)1‬‬

‫سامحة الشيخ عبد العزيز بن باز ‪.V‬‬


‫***‬ ‫‪168‬‬

‫*سؤال‪ :‬صمت من رمضان الشهر كله‪ ،‬وأنا غالب ظني أن صيامي غري سليم حيث‬
‫كان عندي جنني يف بطني ومعي نزيف‪ ،‬وأنا اآلن صحتي ضعيفة وال أستطيع‬
‫الصيام‪ .‬فإذا كان مل يصح صيامي فامذا أفعل؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«إذا صامت املرأة ويف بطنها جنني ومعها نزيف الدم فصومها صحيح؛ ألن هذا‬
‫النزيف الذي معها وهي حامل ال يؤثر شيئ ًا وال يعترب حيض ًا وال نفاس ًا؛ ألن الولد‬
‫موجود يف البطن‪ ،‬فليس بنفاس‪ ،‬وليس بحيض؛ ألن الغالب أن احلامل ال حتيض‪ ،‬وعىل‬
‫قول من قال‪ :‬إن احلامل قد حتيض‪ ،‬فيشرتطون أن يكون الدم مستقي ًام عىل عادته األوىل‪.‬‬

‫فإذا كانت املرأة التي سألت عن هذا السؤال إنام دمها ملتبس عليها ومتغري؛ نزيف‬
‫يتقطع وخيتلف ليس عىل عادته األوىل القديمة التي تراها قبل احلمل هذا كله دم فاسد‪،‬‬
‫وصومها صحيح‪ ،‬وليس عليها قضاء الصوم واحلمد هلل؛ ألن الدم الذي مع احلامل يف‬
‫ال يزيد وينقص ويتقدم ويتأخر ويتنوع‪ ،‬فهو ال يعترب‪.‬‬ ‫الغالب يكون دم ًا فاسد ًا خمت ً‬

‫أما لو قدر أنه عىل حالته األوىل قبل احلمل مل يتغري بل جاء يف عادته فهذا قال بعض‬
‫أهل العلم‪« :‬إنه حيض‪ ،‬وان عليها أن جتلس وال تصوم»‪ ،‬قاله مجاعة من العلامء‪.‬‬

‫وذهب آخرون من أهل العلم أنه ولو كان عىل عادته وعىل حاله األوىل ال يعترب‪،‬‬
‫وأن احلامل ال حتيض‪ .‬هذا قول مشهور عن أهل العلم‪ .‬لكن الغالب أن احلامل إنام‬
‫يأتيها دم مضطرب متغري نزيف ال يستقر له قرار‪ ،‬فهذا ال يعترب عند اجلميع وال يلتفت‬
‫إليه‪ ،‬بل صومها صحيح وصالهتا صحيحة‪.‬‬

‫((( فتاوى نور عىل الدرب‪ -‬البن باز (‪.)1228/3‬‬


‫اذعألا لهأ مايص‬

‫وعليها يف هذه احلالة أن تتحفظ بقطن ونحوه وتتوضأ لوقت كل صالة‪ ،‬إذا دخل‬
‫الوقت تتوضأ لكل صالة وتصيل بطهارهتا ولو أن الدم ال يزال خيرج معها؛ ألهنا مبتالة‬
‫ال سواء بسواء؛‬ ‫هبذا اليشء مثل صاحب سلس البول ومثل املستحاضة التي ليست حام ً‬
‫فهذا الدم اجلاري معها دم فاسد ال يرضها‪.‬‬
‫‪169‬‬
‫لكنها تستنجي بعد دخول الوقت وتتوضأ وضوء الصالة وتصيل عىل حسب حاهلا‪.‬‬

‫وإذا مجعـت بين الظهـر والعصر وبين املغـرب والعشـاء كما علـم النبـي بعـض‬
‫الصحابيـات ‪ ،O‬وإذا اغتسـلت مـع ذلـك عند صلاة الظهر والعرص غسل ً‬
‫ا‬
‫ا واحـد ًا مـن بـاب النظافـة والنشـاط هـذا حسـن‪،‬‬
‫واحـد ًا واملغـرب والعشـاء غسل ً‬
‫ألن النبي ‪ H‬أوىص به بعض النساء املستحاضات»(‪.)1‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬أنا مريضة منذ ثالث سنوات ومل أصم‪ .‬وهذه السنة التي مضت هي الرابعة‪.‬‬
‫فهل عيل الصيام أو الكفارة؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫«املريض قد عفا اهلل عنه يف تأخري الصوم لقول اهلل ‪ ( :D‬ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ‬
‫ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ) [البقرة‪ ،]185 :‬فهذا فضل من اهلل ‪ E‬أن سامح املريض‬
‫يف اإلفطار وأن يؤجل القضاء إىل الشفاء‪ .‬وهلذا قال ‪( :D‬ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ‬
‫ﯜ ﯝ ﯞ) [البقرة‪ ،]185 :‬فإذا شفاك اهلل تقيض ما تركت من الصيام واحلمد هلل‪.‬‬

‫أما إذا قرر األطباء أن هذا املرض ال يرجى برؤه وأنه يستمر‪ :‬فعليك أن تطعمي عن‬
‫كل يوم مسكين ًا‪.‬‬

‫والشيخ العجوز والعجوزة الكبرية اللذان ال يستطيعان الصوم‪ ،‬فإهنام يطعامن عن‬
‫كل يوم مسكين ًا‪ .‬نصف صاع من التمر أو األرز أو غريمها من قوت البلد وهو كيلو‬
‫ونصف تقريب ًا‪ ،‬يعطى لبعض الفقراء‪.‬‬

‫((( فتاوى نور عىل الدرب‪ -‬للشيخ عبد العزيز بن باز (‪.)1227/3‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫أما اإلنسان الذي ينتظر الشفاء ويرجو الشفاء‪ :‬فهذا ال إطعام عليه‪ ،‬لكن يصرب حتى‬
‫يشفيه اهلل‪ ،‬فإذا شفاه اهلل قىض ما مىض من الصيام ولو سنوات؛ ألنه معذور رشع ًا‪ .‬وال‬
‫ٍ‬
‫حينئذ»(‪.)1‬‬ ‫كفارة‬
‫***‬
‫‪170‬‬
‫*سؤال‪ :‬عندي مرض يف املعدة جيعل الطعام خيرج منها عندما يكون سائ ً‬
‫ال يف الفم‪،‬‬
‫وقد حصل هذا يف رمضان فهل عيل قضاء؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«إذا خرج يشء من املعدة إىل الفم فإنه جيب عىل الصائم تفله‪ ،‬فإن تعمد بلعه بطل‬
‫صيامه‪ ،‬وإن بلعه غري متعمد فال يشء عليه‪ .‬وباهلل التوفيق‪ ،‬وصىل اهلل عيل نبينا حممد‬
‫وآله وصحبه وسلم»(‪.)2‬‬

‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء‬


‫الشيخ عبد العزيز بن عبد اهلل بن باز‪ .‬الشيخ عبد العزيز آل الشيخ‬
‫الشيخ عبد اهلل بن غديان‪ .‬صالح الفوزان‪ .‬الشيخ بكر أبو زيد‬
‫***‬

‫*سـؤال‪ :‬مـا رأيكـم يف قـول مـن يقـول إن املريـض واملسـافر جيـب عليهما اإلفطار‬
‫والقضـاء وال جيـوز هلما الصيـام‪ ،‬ألن اهلل تعـاىل قـال‪ ( :‬ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ‬
‫ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ) [البقرة‪ ]185 :‬فصـار الواجـب عليهما هـو القضـاء‪.‬‬
‫وهـذا يعنـي أهنما ال يصومان‪.‬‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«يرخص للمريض الذي يشق عليه الصوم وللمسافر أن يفطرا يف هنار رمضان؛‬
‫لقوله تعاىل‪ ( :‬ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ) [البقرة‪.]185 :‬‬

‫((( فتاوى نور عىل الدرب ‪ -‬البن باز (‪.)1225/3‬‬


‫((( فتاوى اللجنة الدائمة ‪ -‬املجموعة الثانية (‪.)211/9‬‬
‫اذعألا لهأ مايص‬

‫ِ‬
‫ن َع ْم ٍرو األَ ْس َلم َّي ‪I‬‬
‫ِ‬
‫ولو صاما فإن صيامهام صحيح؛ حلديث َعائ َش َة ‪َ J‬أ َّن َ ْ‬
‫ح َز َة ْب َ‬
‫الص َيا ِم‪َ ،‬ف َق َال‪« :‬إِ ْن ِشئ َ‬
‫ْت َف ُص ْم‪،‬‬ ‫َق َال لِلنَّبِي ‪َ « :H‬أ َأصوم ِف الس َف ِر؟ وك َ ِ‬
‫َان كَث َري ِّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ِّ‬
‫َ َ ْ ِ (‪)1‬‬
‫ْت فأفط ْر ‪.‬‬ ‫َوإِ ْن ِشئ َ‬

‫‪171‬‬ ‫لكن إذا خشيا عىل نفسيهام من الصوم وجب الفطر‪ ،‬حلديث جابر ‪ I‬قال‪:‬‬
‫كان رسول اهلل ‪ H‬يف سفر فرأى زحام ًا ورج ً‬
‫ال قد ظلل عليه‪ ،‬فقال‪« :‬ما هذا؟‬
‫فقالوا‪ :‬صائم‪ ،‬فقال‪« :‬ليس من الرب الصوم يف السفر (‪.)2‬‬

‫والرتخيص بالفطر للمسافر أفضل مطلق ًا؛ حلديث محزة بن عمرو األسلمي أنه قال‪:‬‬
‫يا رسول اهلل‪ :‬أجد مني قوة عىل الصوم‪ ،‬فهل عيل جناح؟ فقال‪« :‬هي رخصة من اهلل تعاىل‪،‬‬
‫فمن أخذ هبا فحسن ومن أحب أن يصوم فال جناح عليه )‪.(3‬‬

‫أما آية البقرة فام عرض لك من إشكال يف ظاهرها يزول إن شاء اهلل إذا علمت أن يف‬
‫اآلية تقدير ًا وهو‪« :‬فأفطر فاملعنى‪ :‬فمن كان منكم مريض ًا أو عىل سفر فأفطر فعدة من‬
‫أيام أخر‪ ،‬وقد َب َّي هذا أهل العلم وله نظائر كثرية يف الكتاب والسنة‪ ،‬وكالم العرب ال‬
‫نطيل بذكرها‪.‬‬

‫وباهلل التوفيق‪ ،‬وصىل اهلل عيل نبينا حممد وآله وصحبه وسلم (‪.)4‬‬

‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء‬


‫الشيخ عبد العزيز بن عبد اهلل بن باز‪ .‬الشيخ عبد العزيز آل الشيخ‬
‫الشيخ عبد اهلل بن غديان‪ .‬صالح الفوزان‪ .‬الشيخ بكر أبو زيد‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬إذا اعتمرت العائلة يف شهر رمضان هل جيوز هلم أن يفطروا خالل مكثهم يف‬
‫مكة املكرمة‪ ،‬أو أهنم يمسكون عن األكل بمجرد وصوهلم مكة؟‬

‫((( رواه اجلامعة‪.‬‬


‫((( رواه البخاري (‪ ،)1946‬ومسلم (‪.)1115‬‬
‫((( رواه مسلم (‪.)1121‬‬
‫((( فتاوى اللجنة الدائمة‪ -‬املجموعة الثانية (‪.)83/9‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«املعتمــر يف رمضــان إذا جــاء مــن بــاد بعيــدة مــن نجــد أو مــن غريهــا فهــو‬
‫مســافر‪ ،‬يفطــر يف الطريــق ســواء جــاء مــن الريــاض أو القصيــم أو مــن حائــل أو من‬
‫املدينــة‪ ،‬فلــه أن يفطــر يف الطريــق ويف مكــة‪ ،‬أمــا إذا كان قــد عــزم عــى اإلقامــة أكثــر‬ ‫‪172‬‬
‫مــن أربعــة أيــام فإنــه إذا وصــل مكــة فاألحــوط لــه أن يصــوم‪ ،‬واألوىل أن يصــوم؛‬
‫ألن مجهــور أهــل العلــم يــرون أنــه إذا عــزم عزمـ ًا صادقـ ًا جازمـ ًا عــى اإلقامــة أكثــر‬
‫مــن أربعــة أيــام فإنــه يتــم الصــاة وال يفطــر‪.‬‬

‫أما إذا كان عزمه عىل املكث يومني أو ثالثة أو أربعة ال يزيد عليها‪ ،‬فله أن يفطر وله‬
‫أن يصوم‪ ،‬وله أن يقرص الصالة الرباعية ثنتني وله أن يصيل مع الناس أربع ًا‪ .‬والبد إذا‬
‫كان وحده أن يصيل مع اجلامعة‪ ،‬أما إذا كان معه ناس فهو خمري إن شاء صىل اثنتني هو‬
‫ومن معه‪ ،‬وإن شاءوا صلوا أربع ًا مع الناس يف اجلامعة‪ ،‬فإن كانت اإلقامة أكثر من أربعة‬
‫أيام فينبغي هلم الصوم وإمتام الصالة عند مجهور أهل العلم»(‪.)1‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬إنني أشتغل سائق ًا عىل سيارة شحن برتومني‪ ،‬وحل علينا شهر رمضان‬
‫املبارك فكنت أسافر أنا وكثري من قائدي سيارات الشحن‪ ،‬وكنت أصوم والسائقون‬
‫معي يفطرون طوال السفر‪ ،‬وقد قالوا يل‪ :‬إن األجر للذي يفطر يف السفر‪ ،‬وليس‬
‫للذي يصوم يف السفر أجر‪ .‬فأرجو إرشادي يف ذلك وجزاكم اهلل خري ًا‪.‬‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«ال شك أن اإلفطار يف السفر مرشوع ورخصة من اهلل ‪ ،D‬بل قال اهلل سبحانه‪:‬‬
‫( ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ) [البقرة‪ .]184 :‬وكان النبي ‪O‬‬

‫يف أسفاره يصوم ويفطر‪ ،‬وهكذا أصحابه يصومون ويفطرون‪ ،‬فمن أفطر فال بأس‪،‬‬
‫ومن صام فال بأس‪.‬‬

‫((( فتاوى نور عىل الدرب ‪ -‬للشيخ عبد العزيز بن باز (‪.)1231/3‬‬
‫اذعألا لهأ مايص‬

‫فاإلفطار رخصة من اهلل ‪ D‬للمسافرين سواء كان املسافر صاحب سيارة أو صاحب‬
‫مجال أو يف السفن أو يف الطائرات‪ ،‬ال فرق يف ذلك‪ ،‬فاملسافر له أن يفطر يف رمضان‪ ،‬وإن‬
‫صام فال بأس‪ ،‬وإذا شق عليه الصوم فاألفضل الفطر‪ ،‬كام لو كان حر وشدة فاألفضل‬
‫الفطر‪ ،‬ويتأكد الفطر أخذا برخصة اهلل ‪ ،C‬جاء يف احلديث عنه ‪ O‬أنه قال‪:‬‬
‫‪173‬‬
‫ب َأ ْن ت ُْؤتَى ُر َخ ُص ُه ك ََم َيك َْر ُه َأ ْن ت ُْؤتَى َم ْع ِص َي ُت ُه ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫«إِ َّن ال َّل َه ُي ُّ‬
‫ال ظلل عليه فسأل‬ ‫فإذا اشتد احلر‪ :‬فالسنة اإلفطار‪ ،‬وقد رأى النبي ‪ H‬رج ً‬
‫ِ‬
‫الص ْو ُم ِف َّ‬
‫الس َف ِر ؛ يعني يف‬ ‫عن ذلك فقالوا‪ :‬إنه صائم فقال ‪َ « :O‬ل ْي َس م ْن ِ ِّ‬
‫الب َّ‬
‫حق من اشتد به األمر‪ ،‬أما من كان يف حقه ال يرضه ذلك وال يشق عليه فهو خمري‪ ،‬إن‬
‫شاء صام‪ ،‬وإن شاء أفطر‪.‬‬
‫أما بالنسبة هلؤالء السائقني الذين يقضون حياهتم يف السفر فالصواب أنه ال حرج‬
‫ولو كان السفر مهنة له‪ ،‬فصاحب السيارة الدائم ـ التاكيس أو غريه ـ مثل صاحب اجلمل‬
‫الدائم يف الوقت السابق‪ ،‬له الفطر وإن كان دائم السفر‪ ،‬لكن إذا جاء إىل بلده صام‬
‫وأمسك‪ ،‬أما يف حال أسفاره وتنقالته من بلد إىل بلد له اإلفطار ولو كانت هذه مهنته»(‪.)1‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬يكلف بعض الطيارين بمهمة الدوريات عىل احلدود التي تشهد اضطرابات‬
‫أو حروبا‪ ،‬وقد تصل مدة التحليق إىل ست ساعات أو أكثر عىل فرتتني‪ ،‬وأحيانا‬
‫يكون الطيار حتت الطلب لرجلة إضافية‪ ،‬مما حيتاج إىل جهد كبري من الطيارين للقيام‬
‫هبذه املهمة للمحافظة عىل أمن البالد وأرواح الناس وممتلكاهتم‪ .‬فهل جيوز هلم‬
‫اإلفطار‪ ،‬ويكون هذا عذرا هلم؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫«أوالً‪« :‬من كان من الطيارين املكلفني بمهمة الدوريات عىل احلدود يبعد عن مقر‬
‫إقامته مسافة القرص‪ ،‬وهي ثامنون كيلو مرت تقريب ًا ‪ -‬جاز له الفطر إذا غادر البنيان‪ ،‬وإن‬
‫دعت الرضورة إىل أن يفطر قبل اإلقالع فال بأس‪.‬‬

‫((( فتاوى نور عىل الدرب ‪ -‬للشيخ عبد العزيز بن باز (‪.)1230/3‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫ثاني ًا‪ :‬ما كان دون هذه املسافة منهم وكان البد من قيامه بمهمة الدوريات؛ حفاظ ًا‬
‫عىل مصلحة األمة‪ ،‬وال يتمكن من القيام هبذه املهمة إال وهو مفطر جاز له الفطر حتقيق ًا‬
‫للمصلحة‪ ،‬ودرء ًا للمفسدة‪.‬‬
‫ثالث ًا‪ :‬من عاد منهم إىل مقر إقامته أثناء النهار ولن يعود إىل القيام هبذه املهمة يف بقية‬ ‫‪174‬‬
‫يومه وجب عليه اإلمساك‪.‬‬
‫رابع ًا‪ :‬عىل كل هؤالء القضاء‪.‬‬
‫وباهلل التوفيق‪ ،‬وصىل اهلل عيل نبينا حممد وآله وصحبه وسلم»)‪.(1‬‬
‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء‬
‫الشيخ عبد العزيز بن عبد اهلل بن باز‪ ..‬الشيخ صالح بن فوزان الفوزان‬
‫الشيخ عبد العزيز ابن حممد آل الشيخ‪.‬‬
‫***‬

‫*سـؤال‪ :‬أنـا وزوجتـي فاطريـن بعذر وهـو مرض مزمـن‪ ،‬فهل حيـق يل معارشهتا يف‬
‫هنـار رمضان؟‬
‫*جواب‪:‬‬
‫إذا كان الزوجان معذوران بالفطر يف رمضان‪ ،‬كأن يكونا مسافرين أو مريضني‬
‫مرضا يبيح الفطر‪ ،‬جاز هلام يف هذه احلال اجلامع يف هنار رمضان وال كفارة‪.‬‬

‫قال الشريازي ‪« :V‬فإن أفطر باجلامع وهو مريض أو مسافر مل جتب الكفارة ؛ ألنه‬
‫حيل له الفطر فال جتب الكفارة مع إباحة الفطر»(‪.)2‬‬

‫وقال الشيخ عبد العزيز ‪« :V‬من جامع يف هنار رمضان إن كان مسافرا أو مريضا‬
‫مرضا يبيح له الفطر‪ ،‬فال كفارة عليه وال حرج عليه‪ ،‬وعليه قضاء اليوم الذي جامع فيه؛‬
‫ألن املريض واملسافر يباح هلام الفطر باجلامع وغريه»(‪ )3‬انتهى بترصف يسري‪.‬‬

‫((( فتاوى اللجنة الدائمة ‪ -‬املجموعة الثانية (‪.)141/9‬‬


‫((( املهذب (‪.)373 /6‬‬
‫((( جمموع فتاوى ابن باز(‪.)307 /15‬‬
‫اذعألا لهأ مايص‬

‫ويف مثــل حالكــم‪ ،‬مــن املــرض املزمــن‪ ،‬تفطــران‪ ،‬وتطعــان عــن كل يــوم‬
‫مســكينا‪ .‬واهلل أعلــم‪.‬‬
‫***‬

‫‪175‬‬ ‫*سؤال‪ :‬نحن عامل الرشكة التونسية للمالحة‪ ،‬نسافر من تونس إىل إيطاليا‪ ،‬ونعود‬
‫عىل تونس‪ ،‬ويف نفس اليوم نسافر إىل فرنسا‪ ،‬ولنا راحة أسبوعية يوم‪ ،‬ونبقى عىل هذا‬
‫املنوال مدة ‪ 3‬أو ‪ 4‬أشهر‪ .‬فهل لنا حكم املسافر من قرص ومجع للصالة؟‬
‫وعندما نعود إىل تونس ونكون يف انتظار الباخرة لنسافر يف نفس اليوم (مدة االنتظار‬
‫‪ 4‬ساعات تقريبا)‪.‬فهل لنا حكم املسافر يف تلك األثناء؟‬
‫مع العلم أن هناك من العامل من يسكن قريبا من امليناء‪ .‬وعند يوم الراحة هناك من‬
‫ال يرجع إىل منزله بحكم البعد‪ ،‬فهل له حكم املسافر؟‬
‫وإن كنا يف حكم املسافر هل نستطيع قرص صالة يف طريقنا إىل الباخرة؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬املسافر الذي من شأنه السفر دائام‪ ،‬كاملالحني يف السفينة‪ ،‬وسائقي القطارات‬
‫وسيارات األجرة والطيارين‪ ،‬هؤالء إذا سافروا‪ ،‬فلهم أن يرتخصوا برخص السفر يف‬
‫حال سريهم‪ ،‬فإن وصلوا إىل حمل إقامتهم‪ ،‬فيلزمهم إمتام الصالة؛ ألن وصف السفر قد‬
‫انقطع عنهم‪ ،‬كام يلزمهم ‪-‬عىل مذهب اجلمهور‪ -‬أن يتموا الصالة إذا نزلوا ببلد‪ ،‬ونووا‬
‫اإلقامة فيه أربعة أيام‪ ،‬فأكثر‪.‬‬

‫«و ُي ْفطِ ُر [يعني‪ :‬ويقرص الصالة]‪َ :‬م ْن َعا َد ُت ُه‬ ‫قال شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪َ :V‬‬
‫ِ‬ ‫ب ا َّل ِذي َ ِ‬ ‫َان َل ُه َب َلدٌ َي ْأ ِوي إ َل ْي ِه‪ ،‬كَالت ِ‬
‫الس َلعِ‪،‬‬ ‫ب ال َّط َعا َم َو َغ ْ َي ُه م ْن ِّ‬ ‫يل ُ‬ ‫ْ‬ ‫الجلَّ ِ‬ ‫َّاج ِر َ‬ ‫الس َف ُر إ َذا ك َ‬ ‫َّ‬
‫يد ا َّل ِذي ُي َسافِ ُر ِف َم َصالِ ِح‬ ‫َالب ِ‬
‫ب َو َغ ْ ِي ِه ْم‪َ ،‬وك َ ِ‬ ‫ِ‬
‫َاري ا َّلذي َيك ِْري َد َوا َّب ُه م ْن ُ‬
‫الجلَّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َالمك ِ‬ ‫َوك ُ‬
‫َان َم َع ُه ِف‬ ‫َان ِف َ ِّ‬
‫الب َي ْس ُكنُ ُه‪َ ،‬ف َأ َّما َم ْن ك َ‬ ‫الملَّ ُح ا َّل ِذي َل ُه َمك ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ني َون َْح ِوه ْم‪َ ،‬وك ََذل َك َ‬ ‫الم ْس ِل ِم َ‬ ‫ُ‬
‫ْ ِ (‪)1‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص َو َل ُيفط ُر» ‪.‬‬ ‫يع َم َصاله َو َل َي َز ُال ُم َساف ًرا َف َه َذا َل َي ْق ُ ُ‬ ‫السفينَة ا ْم َر َأ ُت ُه َو َج ُ‬ ‫َّ‬

‫((( جمموع الفتاوى (‪.)213/25‬‬


‫الصيام سؤال وجواب‬

‫وقد سـئل الشـيخ عبـد العزيز بن بـاز ‪ :V‬ماذا عن الرجل املسـافر على الدوام‪،‬‬
‫كأن يكـون سـائقا بين املـدن‪ ،‬هـل األفضـل له القصر أم اإلمتـام‪ ،‬وعلى هيئتهـا بقية‬
‫الرخص يف السـفر؟‬

‫فأجاب ‪« :V‬املسافر الذي من شأنه السفر مثل سائق التكس أو اجلامل‪ ،‬إن كان‬ ‫‪176‬‬

‫يسافر عىل اإلبل مثل ما مىض من الزمان له القرص مدة السفر‪ ،‬وله اجلمع مدة السفر‪،‬‬
‫فإذا وصل إىل بلده مل يقرص ومل جيمع‪ ،‬وإذا وصل إىل بلد يريد أن يقيم فيها أكثر من أربعة‬
‫أيام مل يقرص ومل جيمع‪ ،‬أما ما دام يف السفر أو يف حكم السفر ولو أن طبيعته السفر‪ ،‬ولو‬
‫أنه دائم األسفار‪ ،‬فاحلاجة تعمه بنص القرآن والسنة‪ ،‬كالمها يعمه ويعم غريه‪ ،‬فاإلنسان‬
‫مجال‪ ،‬ألنه صاحب تكس‪ ،‬له أن يقرص يف سفره‪ ،‬ويف مدة‬
‫الذي من عادته السفر؛ ألنه ّ‬
‫إقامته يف البلد التي يمر هبا‪ ،‬إذا كانت اإلقامة أربعة أيام فأقل»(‪.)1‬‬

‫وقال الشيخ ابن عثيمني ‪« :V‬قرص الصالة متعلق بالسفر‪ ،‬فام دام اإلنسان‬
‫مسافر ًا‪ ،‬فإنه يرشع له قرص الصالة‪ ،‬سواء كان سفره نادر ًا أم دائ ًام‪ ،‬إذا كان له وطن يأوي‬
‫إليه ويعرف أنه وطنه‪ ،‬وعىل هذا فيجوز لسائق الشاحنة أن يرتخص برخص السفر‬
‫من قرص الصالة‪ ،‬واملسح عىل اخلفني ثالثة أيام بلياليها والفطر يف رمضان وغريها من‬
‫رخص السفر»(‪.)2‬‬

‫فعىل هذا‪ :‬لكم أن ترتخصوا برخص السفر يف حالني‪:‬‬

‫يف حال سفركم إىل البلدين املذكورين يف السؤال‪.‬‬

‫ويف حال ما إذا كانت اإلقامة يف تلك البالد أقل من أربعة أيام‪ ،‬عىل مذهب اجلمهور‪.‬‬

‫وينظر للفائدة يف جواب السؤال رقم‪ ،)105844( :‬وجواب السؤال رقم‪:‬‬


‫(‪.)98574‬‬

‫((( فتاوى نور عىل الدرب‪.‬‬


‫‪http://www.alifta.net/Fatawa/FatawaChapters.aspx?View=Page&PageID=3375&PageNo=1&BookID=5‬‬

‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)264/15‬‬


‫اذعألا لهأ مايص‬

‫ثاني ًا‪ :‬أما قرص الصالة يف امليناء‪ ،‬فهذا له أحوال‪:‬‬

‫‪ -‬األول‪ :‬أن يكون العامل يف الرشكة‪ ،‬مقيام يف بلد آخر‪ ،‬سوى البلد التي توجد‬
‫فيها امليناء‪ ،‬فهذا يف حكم املسافر أيضا‪ ،‬وال فرق يف حقه بني أن تكون امليناء‬
‫‪177‬‬ ‫يف دولته‪ ،‬أو يف دولة أخرى‪ ،‬وإنام العربة بمكان إقامته‪.‬‬

‫‪ -‬الثاين‪ :‬أن يكون مقيام يف نفس البلد‪ ،‬ويكون امليناء داخل حدود عمران‬
‫املدينة‪ ،‬فهذا إذا وصل إىل امليناء‪ ،‬فقد انقطع عنه حكم السفر‪ ،‬فال حيل له‬
‫أن يرتخص برخصه؛ فال يقرص الصالة‪ ،‬وال جيمع‪ ،‬وال يفطر يف رمضان‪.‬‬

‫وإذا كان مبتدئا يف سفره‪ ،‬فال حيل له أن يرتخص بيشء من ذلك ما دام يف‬
‫امليناء‪ ،‬بل يبدأ يف الرتخص إذا فارق عمران املدينة التي يسكنها‪.‬‬

‫‪ -‬الثالث‪ :‬أن يكون مقيام يف نفس البلد الذي توجد فيه امليناء‪ ،‬لكن امليناء‬
‫خارج حدود عمران املدينة‪ ،‬غري متصل بمساكنها‪ :‬فهذا ال ينقطع عنه‬
‫حكم السفر بمجرد وصول امليناء‪ ،‬بل يبقى يرتخص برخص السفر‪ ،‬حتى‬
‫يدخل حدود عمران املدينة‪.‬‬

‫وإذا كان مبتدئا يف سفره‪ ،‬فإنه يبدأ يف الرتخص بمفارقة عمران بلده‪ ،‬ولو كان يف‬
‫امليناء‪ ،‬أو يف مكان دونه‪.‬‬

‫سـئل الشـيخ ابـن عثيمين ‪ :V‬إذا كان يف القصيـم وخرج إىل املطـار‪ ،‬هل يقرص‬
‫يف املطار؟‬

‫فأجاب‪« :‬نعم يقرص؛ ألنه فارق عامر قريته‪ ،‬فجميع القرى التي حول املطار منفصلة‬
‫عنه‪ ،‬أما من كان من سكان املطار‪ :‬فإنه ال يقرص يف املطار؛ ألنه مل يفارق عامر قريته»(‪.)1‬‬
‫واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫((( الرشح املمتع (‪.)364/4‬‬


‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*سؤال‪ :‬تويف والدي وعليه صيام يومني من رمضان بسبب املرض‪ ،‬لسنة سابقة لسنة‬
‫وفاته‪ ،‬وقد تويف يف شوال وقد ذكر أنه سوف يطعم عن يومني‪ ،‬فام احلكم وماذا جيب‬
‫علينا نحوه؟ هل نصوم عنه ونطعم أم نطعم فقط؟ عل ًام أننا ال ندري هل أطعم عنها‬
‫أم صام‪ .‬حيث كان مصابا بالسكر وكان يصوم رمضان مع املشقة‪.‬‬
‫‪178‬‬
‫*جواب‪:‬‬
‫«إذا كان والدكم يستطيع قضاء الصيام الذي عليه من رمضان السابق فتساهل يف‬
‫القضاء حتى دخل رمضان الذي تويف بعده‪ ،‬فاألفضل لكم أن يصوم أحدكم قضاء اليومني‬
‫ات َو َع َل ْي ِه ِص َيا ٌم َصا َم َعنْ ُه َولِ ُّي ُه متفق عليه‪ .‬وإن‬
‫«م ْن َم َ‬
‫الذين عليه؛ لقول النبي ‪َ :H‬‬
‫أطعمتم عنه صاع ًا من قوت البلد وهو ما يساوي ثالث كيلوات تقريب ًا كفى ذلك‪.‬‬
‫أما إن كان قبل رمضان ال يستطيع قضاء اليومني بسبب املرض فال قضاء وال إطعام‬
‫لكونه مل يفرط‪.‬‬
‫وباهلل التوفيق‪ ،‬وصىل اهلل عيل نبينا حممد وآله وصحبه وسلم»)‪.(1‬‬

‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء‬


‫الشيخ عبد العزيز بن عبد اهلل بن باز‪ ..‬الشيخ عبد اهلل بن غديان‬
‫الشيخ صالح الفوزان‪ ..‬الشيخ عبد العزيز آل الشيخ‪ ..‬الشيخ بكر أبو زيد‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬فتاة مسلمة ‪-‬واحلمد هلل‪ -‬تصوم وتصيل‪ ،‬وقد أصاهبا مرض شديد يف يوم من‬
‫أيام رمضان حتى أوشكت عىل املوت فأفطرت من شدة املرض‪ ،‬فتسأل‪ :‬هل عليها‬
‫يف فطرها إثم؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«ليس عليها إثم‪ ،‬بل هي مأجورة ألن اإلنسان إذا أصابه املرض وشق عليه الصوم‬
‫رشع له أن يفطر وهو مأجور يف قبول الرخصة‪ ،‬يقول اهلل سبحانه‪( :‬ﮫ ﮬ‬
‫ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ) [البقرة‪.]185 :‬‬

‫((( فتاوى اللجنة الدائمة‪ .‬املجموعة الثانية (‪.)261/9‬‬


‫اذعألا لهأ مايص‬

‫ب َأ ْن ت ُْؤتَى ُر َخ ُص ُه ك ََم َيك َْر ُه َأ ْن ت ُْؤتَى َم ْع ِص َي ُت ُه ‪.‬‬ ‫ِ‬


‫ويقول النبي ‪« :H‬إِ َّن ال َّل َه ُي ُّ‬
‫فإذا أخذ اإلنسان الرخصة طاعة هلل وعمال ً بام رشع ‪ E‬فهو مأجور وال إثم عليه‪،‬‬
‫فأنت أيتها األخت السائلة ال حرج عليك يف إفطارك من أجل املرض (‪.)1‬‬
‫***‬
‫‪179‬‬
‫*سؤال‪ :‬هل جيوز للمريض أن يفطر بسبب آالم األسنان؟‬
‫*جواب‪:‬‬
‫«إذا احتاج املصاب بآالم األسنان إىل اإلفطار فإنه يفطر؛ ألنه يف هذه احلالة يكون‬
‫من املرىض الذين رخص اهلل هلم باإلفطار‪ .‬وباهلل التوفيق‪ ،‬وصىل اهلل عيل نبينا حممد وآله‬
‫وصحبه وسلم»(‪.)2‬‬

‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء‬


‫الشيخ عبد العزيز بن عبد اهلل بن باز‪ ..‬الشيخ صالح الفوزان‬
‫الشيخ عبد العزيز آل الشيخ‪ ..‬الشيخ بكر أبو زيد‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬يل قريبه متزوجة عمرها ‪ 30‬سنة مريضة بالسكر والضغط وأصابتها اجللطة‬
‫العام املايض أثرت عىل صحتها بشكل عام ثم أخذت إبرة متنعها من احلمل ملدة ثالثة‬
‫أشهر وحدث معها قبل انقضاء املدة املحددة نزيف خفيف ومستمر من قبل رمضان‬
‫واستمر معها حتى بعد انقضاء رمضان وكانت تصيل وتصوم وتقول يل أيضا إهنا‬
‫قضت اآلن ‪ 16‬يوما‪ .‬فام حكم هذه اإلبرة يف حالتها؟ وهل تقيض الصالة أو الصيام‬
‫وماذا عليها؟ أو ما احلكم يف حالتها عموم ًا؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬جيوز للمرأة أن تستعمل وسيلة متنع احلمل منع ًا مؤقت ًا‪ ،‬مرعاة لظروفها الصحية‬
‫التي ال تتحمل احلمل‪.‬‬

‫((( الشيخ عبد العزيز بن باز ‪ -‬فتاوى نور عىل الدرب (‪)1229/3‬‬
‫((( فتاوى اللجنة الدائمة‪ .‬املجموعة الثانية (‪.)203/9‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫قـال الشـيخ ابن بـاز ‪« :V‬جيـوز تعاطـي أسـباب منع احلمـل مؤقتـا للمصلحة‬
‫الرشعية (‪.)1‬‬

‫وقال الشيخ صالح الفوزان‪« :‬إذا كان هذا التنظيم أو تأخري احلمل لدا ٍع صحي‬
‫باملرأة ككون املرأة مث ً‬
‫ال ال تطيق احلمل والوالدة يف حالة خاصة أو ظرف خاص ملرضها‬ ‫‪180‬‬
‫فإنه ال مانع من أن تعطي ما يمنع احلمل مؤقتًا حتى تزول هذه احلالة التي يشق عليها‬
‫فيها احلمل والوالدة (‪.)2‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬هذه املرأة تكون مستحاضة‪ ،‬وأيام حيضها السابقة معلومة‪ ،‬وحكمها‪ :‬أن‬
‫جتلس مدة حيضها السابقة‪ ،‬فال تصيل وال تصوم‪ ،‬فإذا انقضت تلك املدة اغتسلت‬
‫وصلت وصامت‪.‬‬

‫وقد سئل الشيخ ابن عثيمني ‪ :V‬عمن أصاهبا نزيف دم كيف تصيل ومتى تصوم؟‬

‫فأجاب‪« :‬مثل هذه املرأة التي أصاهبا نزيف الدم‪ ،‬حكمها أن جتلس عن الصالة‬
‫والصوم مدة عادهتا السابقة قبل احلدث الذي أصاهبا‪ ،‬فإذا كان من عادهتا أن احليض‬
‫يأتيها من أول كل شهر ملدة ستة أيام مثالً‪ ،‬فإهنا جتلس من أول كل شهر مدة ستة أيام ال‬
‫تصيل وال تصوم‪ ،‬فإذا انقضت اغتسلت وصلت وصامت‪.‬‬

‫ال تام ًا وتعصبه وتتوضأ‬


‫وكيفية الصالة هلذه املرأة وأمثاهلا‪ :‬أهنا تغسل فرجها غس ً‬
‫وتفعل ذلك عند دخول وقت صالة الفريضة ال تفعله قبل دخول الوقت‪ ،‬تفعله بعد‬
‫دخول الوقت‪ ،‬ثم تصيل‪ ،‬وكذلك تفعله إذا أرادت أن تتنفل يف غري أوقات الفرائض‪،‬‬
‫ويف هذه احلال ومن أجل املشقة عليها جيوز هلا أن جتمع صالة الظهر مع العرص‬
‫(أو العكس) وصالة املغرب مع العشاء (أو العكس) حتى يكون عملها هذا واحد ًا‬
‫للصالتني صالة الظهر والعرص‪ ،‬وواحد ًا للصالتني املغرب والعشاء‪ ،‬وواحد ًا لصالة‬
‫الفجر بدالً من أن تعمل ذلك مخس مرات تعمله ثالث مرات»(‪.)3‬‬

‫((( جمموع فتاوى ابن باز (‪.)434/9‬‬


‫((( املنتقى من فتاوى الفوزان (‪.)20/89‬‬
‫((( جمموع فتاوى ورسائل ابن عثيمني (‪.)220/11‬‬
‫اذعألا لهأ مايص‬

‫ثالث ًا‪ :‬قد ذكرت أهنا كانت تصيل وتصوم يف مدة النزيف‪ ،‬فصالهتا يف أيام احليض‬
‫غري صحيحة وال يلزمها قضاؤها‪ ،‬ألن احلائض ال تقيض الصالة‪.‬‬

‫أما الصوم فهو غري صحيح يف أيام احليض ويلزمها قضاؤه‪ ،‬وقد قضت ستة عرش‬
‫‪181‬‬ ‫يوم ًا فإن كانت هذه هي أيام احليض أو أكثر فقد فعلت ما وجب عليها وال يلزمها أكثر‬
‫من هذا‪ ،‬وإن كانت أيام حيضها أكثر من ذلك‪ ،‬قضت ما تبقى عليها‪ .‬واهلل أعلم‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬إنني أبلغ من العمر ‪ 23‬عاما ووزين ضئيل جدا بالنسبة لعمري حيث إنني‬
‫‪ 50‬كجم فقط‪ .‬وسؤايل بخصوص الصيام يف رمضان‪ .‬ولقد ذهبت لعدد من األطباء‬
‫بخصوص وزين وكانت اإلجابة هو أن األمر طبيعي ولست أعاين من أي مرض‬
‫أيضا‪ .‬كام أنني عندما أصوم أشعر بكسل كبري وجفاف يف الساعات األويل من‬
‫الصيام وينتهي األمر بفقد املزيد من وزين‪ .‬وقد طلبت مني أمي أن ال أصوم ولكنني‬
‫ال أشعر براحة هلذا الرأي‪ .‬فام أفعله يف الصيام هو البقاء يف البيت مضطجعة ألنه ال‬
‫تكون لدي القدرة عيل امليش‪ .‬وقد قالت يل بأنه ليس عيل املريض حرج ولكنني ال‬
‫أجد أنه من املمكن تصنيفي كمريضة‪ .‬ولست أدري ماذا أفعل؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫رخص اهلل تعاىل للمريض أن يفطر يف رمضان‪ ،‬فقال اهلل تعاىل‪( :‬ﮫ ﮬ‬
‫ﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝ‬
‫ﯞ) [البقرة‪.]185 :‬‬

‫و ُيلحق باملريض من خيشى أن حيصل له مرض بسبب الصيام‪ ،‬كام سبق بيان ذلك يف‬
‫جواب السؤال رقم (‪.)12488‬‬

‫الش ِديدُ ا َّل ِذي َي ِزيدُ‬


‫يح لِ ْل ِف ْط ِر ُه َو َّ‬
‫المبِ ُ‬
‫الم َر ُض ُ‬
‫«و َ‬‫قال ابن قدامة ‪ V‬يف املغني‪َ :‬‬
‫َالم ِر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫يض‬ ‫الص َيا ِم‪ ،‬ك َ‬ ‫الم َر َض بِ ِّ‬ ‫يح ا َّلذي َي َْشى َ‬ ‫الصح ُ‬ ‫بِ َّ‬
‫الص ْو ِم َأ ْو ُي َْشى َت َبا ُط ُؤ ُب ْرئه‪َ ...‬و َّ‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫الف ْط ُر َخ ْو ًفا ِمَّا َيت ََجدَّ ُد‬


‫يض إنَّم ُأبِيح َله ِ‬ ‫الم ِر َ‬ ‫َاف ِزياد َته ِف إب ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫احة الف ْط ِر ؛ ألَ َّن َ‬
‫َ َ‬ ‫ا َّلذي َي ُ َ َ ُ‬
‫ض ِف َم ْعنَا ُه (‪.)1‬‬ ‫ِ‬ ‫الخو ُ ِ‬ ‫ض و َت َط ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ ِ‬
‫الم َر ِ‬
‫ف م ْن َتَدُّ د َ‬ ‫اوله‪َ ،‬ف َ ْ‬ ‫بِص َيامه‪ ،‬م ْن ِز َيا َدة َ‬
‫الم َر ِ َ ُ‬

‫واملرض ُيعلم إما بإخبار طبيب ثقة‪ ،‬وإما بتجربة الشخص نفسه‪ ،‬فيصوم وجيد‬
‫الصوم يرضه‪ ،‬أو يشق عليه مشقة بالغة‪.‬‬ ‫‪182‬‬

‫وقد ذكرت أنك ال تعانني من أية أمراض‪ ،‬وأن األطباء قالوا عن نقص وزنك إنه‬
‫طبيعي وليس مرض ًا‪.‬‬

‫وحينئذ فإن كانت املشقة التي تصيبك بسبب الصيام شديدة جد ًا‪ ،‬فهذا عذر لك‬
‫يف ترك الصيام‪ ،‬وإن كانت املشقة يمكن حتملها والتعود عليها فالواجب عليك أن‬
‫تصومي‪.‬‬

‫وقد سئلت اللجنة الدائمة لإلفتاء‪ :‬يل بنت وهي ضعيفة اجلسم‪ ،‬وقد أقبل شهر‬
‫رمضان علينا ومنعتها أمها من صيام شهر رمضان يف خالل سنتني‪ ،‬ثم إن البنت توفيت‬
‫وصيام الشهرين يف ذمتها‪ ،‬وأسأل هل عىل أمها إثم يف ذلك؛ ألهنا هي املتسببة يف ذلك‪،‬‬
‫وهل جيب عليها القضاء عن بنتها؟‬

‫فأجابت‪« :‬إذا كانت هذه البنت ال تقوى عىل الصيام لضعفها فهي يف حكم املريضة‬
‫مل تأثم أمها بمنعها من صيام شهر رمضان‪ ،‬وإذا استمر هبا الضعف وعدم القدرة عىل‬
‫الصيام حتى ماتت فال جيب قضاء الصيام عنها‪.‬‬

‫أما إذا كانت البنت تقوى عىل الصيام مع ضعفها دون مشقة فادحة‪ ،‬وال حرج‪،‬‬
‫فأمها آثمة بمنعها من صيام رمضان‪ ،‬ويرشع قضاء الصوم عنها‪ ،‬واألوىل أن تتوىل‬
‫القضاء أمها لكوهنا متسببة»(‪.)2‬‬

‫والنصيحة لك قبل أن تفطري أن تأخذي باألسباب التي تعينك عىل إمتام الصيام‪،‬‬
‫كاملواظبة عىل السحور‪ ،‬وأن يكون آخر الليل‪ ،‬وأن ال جتهدي نفسك بأي عمل شاق أو‬

‫((( املغني (‪.)403/4‬‬


‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)376/10‬‬
‫اذعألا لهأ مايص‬

‫نحوه يف هنار رمضان‪ ،‬وخذي بحظك الوافر من النوم واالسرتاحة‪ ،‬واستشريي الطبيبة‬
‫أو الطبيب املاهر يف أمرك‪ ،‬فلعله يرصف لك بعض األدوية واملقويات التي تساعدك‬
‫عىل الصيام‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬
‫‪183‬‬
‫*سؤال‪ :‬عمري ‪ 19‬عام ًا ووزين ‪ 41‬كيلو جرام ومن السهل جد ًا أن أفقد وزن ًا أكثر‬
‫عندما أصوم‪ .‬فالصيام يسبب يل دائ ًام الضعف وجيعلني أبدو شاحب اللون مهدود‬
‫القوى‪ ،‬إضافة إىل أنني يف األسبوع القادم سأبدأ الدراسة يف اجلامعة والتي تبعد ما‬
‫يقارب ساعة من حيث أسكن‪ .‬وأضيف إىل هذا كله أن النهار طويل هنا يف كندا‪،‬‬
‫كذلك فأنا أعمل خالل عطالت األسبوع‪ .‬سؤايل هو‪ :‬هل الصيام واجب يف حقي؟‬
‫أم أنه جيوز يل أن أفطر وأقيض بعد ذلك يف األيام التي أراها مناسبة؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫وردت الرخصة الرشعية بالفطر يف رمضان للمريض العاجز عن الصوم‪ ،‬أو الذي‬
‫خيشى حصول املرض أو زيادته‪ ،‬كام قال تعاىل‪( :‬ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ‬
‫ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ) [البقرة‪.]185 :‬‬

‫َالم ِر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫يض‬ ‫الص َيا ِم‪ ،‬ك َ‬ ‫الم َر َض بِ ِّ‬ ‫يح ا َّلذي َي َْشى َ‬ ‫الصح ُ‬‫«و َّ‬
‫قال ابن قدامة ‪ V‬يف املغني‪َ :‬‬
‫الف ْط ُر َخ ْو ًفا ِمَّا َيت ََجدَّ ُد‬
‫يض إنَّم ُأبِيح َله ِ‬ ‫الم ِر َ‬ ‫َاف ِزياد َته ِف إب ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫احة الف ْط ِر ؛ ألَ َّن َ‬‫َ َ‬ ‫ا َّلذي َي ُ َ َ ُ‬
‫ض ِف َم ْعنَا ُه»(‪.)1‬‬ ‫ِ‬ ‫الخو ُ ِ‬ ‫ض و َت َط ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ ِ‬
‫الم َر ِ‬ ‫ف م ْن َتَدُّ د َ‬ ‫اوله‪َ ،‬ف َ ْ‬ ‫الم َر ِ َ ُ‬ ‫بِص َيامه‪ ،‬م ْن ِز َيا َدة َ‬
‫َالم ِر ِ‬ ‫ِ‬
‫يض»)‪.(2‬‬ ‫يح الذي َي َْشى َأ ْن َي ْم َر َض بِ َّ‬
‫الص ْو ِم‪َ ،‬ف ُه َو ك َ‬ ‫الصح ُ‬ ‫«و َّ‬
‫وقال الزيلعي‪َ :‬‬
‫وبناء عىل هذا‪ :‬فإذا كان الصوم سيسبب لك مرض ًا حمقق ًا أو رضر ًا بدني ًا بسبب‬
‫النحافة واهلزال‪ ،‬فريخص لك يف هذه احلال بالفطر‪ ،‬مع القضاء يف وقت القدرة‪.‬‬

‫ولتقدير هذا األمر ال بد من الرجوع لألطباء الثقات‪.‬‬

‫((( املغني (‪.)403/4‬‬


‫((( تبيني احلقائق (‪.)333/1‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫وأما جمرد التعب واإلرهاق والشعور بالضعف بسبب الصوم فليس عذر ًا يف الفطر‪،‬‬
‫ألن الصوم وخاصة يف األيام احلارة والطويلة ال خيلو من مشقة‪.‬‬
‫وقد نص أهل العلم عىل أن أصحاب األعامل الشاقة يبدأون هنارهم صائمني‪ ،‬ثم‬
‫إن حصل هلم عطش شديد أو جوع خياف منه الرضر‪ ،‬جاز هلم الفطر‪ ،‬مع قضاء األيام‬ ‫‪184‬‬
‫التي أفطر فيها‪.‬‬
‫واعلم أن الدراسة والعمل ليسا عذر ًا لرتك الصيام‪ ،‬فإن الصيام ركن من أركان‬
‫اإلسالم‪ ،‬ومن أعظم فرائض الدين‪ ،‬فال جيوز للمسلم أن يتهاون يف شأنه حتى يقدم‬
‫عليه الدراسة‪ ،‬أو عم ً‬
‫ال مل يضطر إليه‪ ،‬ويمكن االستغناء عنه‪.‬‬
‫وينظر ملزيد الفائدة جواب السؤال (‪ .)65803( ،)43772‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬أنا مسعف‪ ،‬أعمل بالقطاع الصحي‪ُ ،‬طلب مني مبارشة حالة (حادث سيارة)‪،‬‬
‫وكان ا ُملصاب ملقى عىل األرض؟ عندما حرضت للمصاب ‪-‬لست متأكد ًا بالضبط‬
‫هل كان لديه نبض أو ال‪ -‬نقلته عىل سيارة اإلسعاف‪ ،‬وقمت بإجراء اإلسعافات‬
‫الالزمة له ‪-‬اإلنعاشات القلبية والتنفسية‪ -‬وذلك بعد ما تأكدت داخل السيارة‬
‫أن النبض غري موجود‪ .‬وملا وصلت للمستشفى سلمت املصاب لقسم الطوارئ‪،‬‬
‫وضعوه يف غرفة اإلنعاش‪ ،‬سألني أحد الدكاترة املتواجدين (هل كان لديه نبض‬
‫أثناء نقلك املصاب من موقع احلادث) فأجبته بـ (ال) غري شعورية‪ ،‬وأنا لست‬
‫متأكد ًا من ذلك هل كان لديه نبض أو ال‪ ،‬كان الوقت للمستشفى من املوقع ما‬
‫يقارب نصف ساعة‪ ،‬وكنت وقتها أقوم عىل اإلنعاش‪ ،‬وكنت صائ ًام ومنهك ًا جدّ ًا‬
‫من جراء اجلهد الذي بذلته أثناء الوصول للمستشفى‪ ،‬فام قلت هذه الكلمة حتى‬
‫أزالوا من املصاب األجهزة‪ ،‬وأعلنوا وفاته‪ .‬أحس بتأنيب الضمري اآلن‪ ،‬لو قلت‬
‫نعم‪ :‬كانوا استمرو بعملية اإلنعاش له‪ ،‬وقد تكون سبب ًا بعد اهلل سبحانه برجوع‬
‫املصاب للحياة‪ ،‬أعيش يف دوامة اآلن‪ ،‬وتفكري‪ ،‬عل ًام بأن احلادثة مىض عليها أكثر‬
‫عيل كفارة؟ وكيف أختلص من التفكري‬ ‫عيل عمله اآلن؟ وهل َّ‬
‫من سنتني‪ .‬مااملرتتب َّ‬
‫باملوضوع؟ عل ًام أنه أصبح هاجس ًا يؤرقني يف كل حني ويف كل حالة إسعافية أقوم‬
‫هبا‪ .‬أرجو الرد يف أرسع وقت ممكن‪ ،‬وجزاكم اهلل خري ًا‪.‬‬
‫اذعألا لهأ مايص‬

‫*جواب‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬بسؤالنا بعض األطباء عن حالتك تبني لنا أنه ال يشء عليك من الناحية الفنية‪،‬‬
‫وأن دور املسعف يكون يف منطقة الكارثة يقدِّ م ما يستطيعه من عالج للمصابني‪ ،‬وينتهي‬
‫‪185‬‬ ‫بتسليم هؤالء املصابني لطبيب الطوارئ‪.‬‬

‫وعمل طبيب الطوارئ يبتدئ منذ أن يستلم املصاب‪ ،‬وليس له أن يبني عىل قول‬
‫املسعف يف مسائل خطرة‪ ،‬وعىل الطبيب الترصف بام يستطيعه جتاه املصابني مع قطع‬
‫النظر عن شهادة املسعف والتي قد تكون ناقصة أو خمطئة‪.‬‬

‫وإزالة أجهزة اإلنعاش عن املريض ليست تُبنى عىل شهادة مسعف بل عىل تقدير‬
‫الطبيب املختص باستنفاذ الوقت الالزم لوضع املريض حتت أجهزة اإلنعاش‪.‬‬

‫وال خيلو املريض املصاب من كونه وصل إىل املستشفى ح ّي ًا أو ميت ًا‪ ،‬فإن وصل ح ّي ًا‪:‬‬
‫فال تُرفع أجهزة اإلنعاش إال بتقرير من ثالثة من األطباء املختصني‪ ،‬وإن وصل م ِّيت ًا‪:‬‬
‫ال ألجهزة اإلنعاش‪ ،‬وقد سبق بيان هاتني احلالتني يف جواب السؤال رقم‬ ‫فال حاجة أص ً‬
‫(‪ )115104‬فل ُينظر‪.‬‬

‫وبه يتبني أن املسؤولية إنام هي عىل الطبيب وليست عىل املسعف‪.‬‬

‫وعليه‪ :‬فال يظهر أن عليك شيئ ًا جتاه ما حصل مع املريض املصاب‪ ،‬فال داعي للقلق‬
‫وال للحزن‪ ،‬ونسأل اهلل أن يرحم ذلك امليت إن كان من املسلمني‪.‬‬

‫وعليك بإتقان عملك‪ ،‬وأن تتقي اهلل يف املرىض واملصابني‪ ،‬وأن تكون جا ّد ًا جازم ًا‬
‫يف شهادتك‪.‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬قد ذكرت أنك كنت صائ ًام ومنهك ًا بسبب الصيام‪ ،‬فينبغي أن تعلم أن الصوم‬
‫إذا كان يؤدي بك إىل التقصري يف عملك‪ ،‬مما يعرض املصابني للخطر‪ ،‬فيجب عليك أن‬
‫تفطر‪ ،‬وهذا إذا كان صومك فريضة‪ ،‬فإذا كان نافلة فاألمر أوضح‪.‬‬

‫قال الشيخ حممد بن صالح العثيمني ‪« :V‬من أفطر إلنقاذ غريق أو حريق ممن‬
‫جيب إنقاذه فإنه يفطر ويقيض‪ ،‬مثالً‪ :‬رأيت النار تلتهم بيت ًا وفيه أناس مسلمون‪ ،‬وال‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫يمكن أن تقوم بواجب اإلنقاذ إال إذا أفطرت ورشبت لتتقوى عىل إنقاذ هؤالء‪ :‬فإنه‬
‫جيوز لك بل جيب عليك يف هذه احلال أن تفطر إلنقاذهم‪ ،‬ومثله هؤالء الذين يشتغلون‬
‫باإلطفاء‪ ،‬فإهنم إذا حصل حريق يف النهار وذهبوا إلنقاذه‪ ،‬ومل يتمكنوا منه إال بأن‬
‫يفطروا ويتناولوا ما تقوى به أبداهنم‪ :‬فإهنم يفطرون ويتناولون ما تقوى به أبداهنم»(‪.)1‬‬
‫‪186‬‬
‫واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬دكتور جراح ُيري يف اليوم من أربع إىل مخس عمليات جراحية‪ ،‬أي إنه‬
‫مسؤول عن حياة مخسة أو أربعه أشخاص‪ ،‬وجيد يف الصيام مشقة ألنه يفقد الرتكيز‬
‫والعمل يتطلب الرتكيز والدقة بشكل مكثف‪ ،‬فهل له أن يفطر؟ مع العلم انه مستمر‬
‫عىل هذا الوضع طوال العام باستثناء يوم واحد إجازة يف األسبوع‪.‬‬

‫*جواب‪:‬‬

‫صوم رمضان واجب عىل كل مسلم بالغ عاقل مقيم صحيح ؛ لقوله تعاىل‪( :‬ﭣ‬
‫ﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲ‬
‫ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ) [البقرة‪.]184-183 :‬‬

‫والصوم ركن من أركان اإلسالم اخلمسة التي بني عليها‪ ،‬كام هو معلوم من دين‬
‫اإلسالم بالرضورة‪ ،‬ينشأ عىل تعظيمه الصغري والكبري يف ديار اإلسالم‪ ،‬وتعظيمه مما‬
‫استقر يف فطر املؤمنني‪ ،‬قال اهلل تعاىل‪( :‬ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ‬
‫ﭰ) [احلج‪.]32 :‬‬

‫وينظر جواب السؤال رقم (‪.)38747‬‬

‫والواجب عىل املسلم أن يعظم هذه الشعرية بتعظيم اهلل هلا‪ ،‬وأن حيذر من التهاون‬
‫هبا‪ ،‬ويسعى الختاذ الوسائل املمكنة إلقامتها‪ ،‬كام أمر اهلل؛ فإن كان يشق عليه الصيام‬
‫أثناء عمله‪ :‬فالواجب عليه أن ينقل عمله من النهار إىل الليل‪ ،‬ما دام يمكنه ذلك‪ ،‬ومثل‬

‫((( جمموع فتاوى الشيخ العثيمني (‪.)163 /19‬‬


‫اذعألا لهأ مايص‬

‫هذه العمليات املعتادة ‪-‬يعني‪ :‬غري حاالت الطوارئ‪ -‬يمكن أن جترى يف الليل‪ ،‬كام‬
‫جترى يف النهار‪ ،‬وكام هي عادة كثري من األطباء‪.‬‬

‫فإن مل يمكن أن ينقل عمله يف الليل‪ :‬فالواجب عليه أن جيعل إجازته السنوية يف شهر‬
‫‪187‬‬ ‫رمضان‪ ،‬أو يف جزء منه عىل األقل‪ ،‬إن أمكنه ذلك‪ ،‬ويتفرغ فيه للصيام‪.‬‬

‫فـإن مل يمكنـه ذلـك‪ ،‬ومل جيد عمال آخـر يمكنه مـن الصيام يف هنار رمضـان‪ ،‬وترضر‬
‫بترك عملـه‪ :‬جـاز لـه أن يفطـر اليـوم الـذي تلحقـه فيـه املشـقة املعتبرة فعلا‪ ،‬وليس‬
‫ملجـرد خـوف املشـقة‪ ،‬ثـم يقضي مـا أفطـره يف يـوم إجازتـه األسـبوعية‪ ،‬أو يف أي يوم‬
‫آخـر يمكنـه فيـه القضـاء‪ ،‬رشيطـة أن يسـتكمل صيام األيـام التـي أفطرها قبـل دخول‬
‫رمضـان مـن العـام التايل‪.‬‬

‫قال يف «رشح منتهى اإلرادات»‪« :‬ومن صنعته شاقة وترضر برتكها‪ ،‬وخاف تلفا‬
‫أفطر وقىض‪ ،‬ذكره اآلجري (‪.)1‬‬

‫ويف «املوسوعة الفقهية»‪« :‬قال احلنفية‪ :‬املحرتف املحتاج إىل نفقته كاخلباز واحلصاد‪،‬‬
‫إذا علم أنه لو اشتغل بحرفته يلحقه رضر مبيح للفطر‪ ،‬حيرم عليه الفطر قبل أن تلحقه‬
‫مشقة»(‪.)2‬‬

‫وجـاء يف «فتـاوى اللجنـة الدائمـة»‪« :‬ال جيـوز للمكلـف أن يفطر يف هنـار رمضان‬
‫ملجـرد كونـه عامال‪ ،‬لكن إن حلق به مشـقة عظيمـة اضطرته إىل اإلفطـار يف أثناء النهار‬
‫فإنـه يفطـر بما يدفع املشـقة ثـم يمسـك إىل الغـروب ويفطر مـع النـاس ويقيض ذلك‬
‫اليوم الذي أفطـره»(‪.)3‬‬

‫وينظر‪ :‬سؤال رقم (‪ ،)65803‬ورقم (‪ .)132438‬واهلل أعلم‪.‬‬


‫***‬

‫((( رشح منتهى اإلرادات (‪.)478 /1‬‬


‫((( املوسوعة الفقهية (‪.)57 /28‬‬
‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)233 /10‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*سؤال‪ :‬هل جيوز لطبيب يف األحوال العادية أن يفطر إذا تعب من عالج املرىض‪ ،‬وما‬
‫احلكم إذا كان جيري عملية جراحية قد يستغرق بعضها وقت ًا طويالً‪ ،‬وهل خيتلف‬
‫احلكم إذا كانت احلالة حالة إسعافية؟‬

‫*جواب‪:‬‬ ‫‪188‬‬

‫«ال جيوز للطبيب أن يفطر من أجل عالج املرىض إال إذا كانت حالة املريض حالة‬
‫خطرة وتوقف عالجها عىل إفطار الطبيب املعالج‪ ،‬فيجوز إفطار الطبيب يف هذه احلالة؛‬
‫ألنه إنقاذ معصوم من هلكة‪.‬‬

‫وباهلل التوفيق‪ ،‬وصىل اهلل عيل نبينا حممد وآله وصحبه وسلم»(‪.)1‬‬
‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء‬
‫الشيخ عبد العزيز بن عبد اهلل بن باز‪ ..‬الشيخ صالح الفوزان‬
‫الشيخ عبد العزيز آل الشيخ‪ ..‬الشيخ بكر أبو زيد‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬أنا من عائلة متوسطة الدخل‪ ،‬وأشتغل يف العطلة بعمل شاق جد ًا ألساعد‬
‫عائلتي يف مصاريفها‪ ،‬ويوافق عميل هذا صيام رمضان‪ ،‬وال أستطيع التوفيق بني‬
‫عميل والصيام‪ .‬فهل جيوز يل أن أصوم يف غري رمضان ألستمر يف عميل؟ أفيدونا‬
‫أفادكم اهلل‪.‬‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«الواجب عىل املؤمن إذا جاء رمضان أن يصوم رمضان‪ ،‬وإذا كان يف أعامل شاقة‬
‫فليخفف منها ألجل الصوم‪ ،‬وذلك بأن يعمل يف الوقت الذي يناسبه يف أول النهار‪،‬‬
‫ثم يمسك عن العمل الذي يشق عليه حتى يكمل صيامه‪ ،‬فاهلل ‪ E‬جعل ذلك‬
‫الصيام فرض ًا وركن ًا من أركان اإلسالم اخلمس‪.‬‬

‫((( فتاوى اللجنة الدائمة‪ .‬املجموعة الثانية (‪)203/9‬‬


‫اذعألا لهأ مايص‬

‫ـها َد ِة َأ ْن َل إِ َلـ َه إِ َّل اهللُ‪َ ،‬و َأ َّن‬ ‫لى َخ ٍ‬


‫ْـس‪َ :‬ش َ‬ ‫ـي ا ِ‬
‫إل ْس َلا ُم َع َ‬ ‫ِ‬
‫قـال النبـي ‪ُ « :H‬بن َ‬
‫ـان‪ ،‬وحـج البي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ممـدً ا رس ُ ِ‬
‫ت َم ْن‬ ‫الص َلاة‪َ ،‬وإِيتَـاء الـ َّزكَاة‪َ ،‬و َص ْو ِم َر َم َض َ َ َ َّ َ ْ‬ ‫ـول اهلل‪َ ،‬وإِ َقـا ِم َّ‬ ‫ُ َ َّ َ ُ‬
‫اع إِ َل ْي ِه َسـبِ ًيل ‪.‬‬
‫ْاسـ َت َط َ‬
‫‪189‬‬ ‫فالواجب عىل كل مسلم وعىل كل مسلمة صوم هذا الشهر‪ ،‬وجيب احلذر من كل‬
‫ما يعوق من ذلك‪ ،‬واألعامل ال تنتهي وهلا أوقات كثرية‪ ،‬فبإمكان املؤمن أن جيعل عمله‬
‫بالليل أو أول النهار حتى ال يشق عليه العمل يف وسط النهار‪.‬‬

‫واملقصـود‪ :‬أنـه عليـك أن تعمل األسـباب التـي تعينك على اجلمع بين األمرين؛‬
‫بين الصيـام والعمـل عىل وجه ال يضرك‪ ،‬هذا هـو الواجـب عليك‪ ،‬أمـا اإلفطار فال‬
‫جيوز لـك»(‪.)1‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬أعاين من اختالل يف مواقيت النوم‪ .‬وهو مرض يسمى (ناركولبيس) حيث‬
‫يشعر املريض بإرهاق شديد خالل النهار ويمكن أن يسقط نائ ًام يف أي حلظة دون أن‬
‫فعيل أن أتناول الدواء مرتني خالل النهار لكي أبقى مستيقظة‪ ...‬وكام‬
‫يشعر‪ ،‬لذلك ّ‬
‫تعلمون فشهر رمضان عىل األبواب وسأكون صائمة‪ ،‬كام أنه أيض ًا ال ُيعقل أن أقيض‬
‫هناري نائمة‪ ..‬واملشكلة أنه ال ينصح بتغيري مواعيد أخذ هذا الدواء‪ ..‬ألن الغرض‬
‫منه هو إبقائي مستيقظة خالل النهار‪ ..‬فبامذا تنصحونني؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫إذا أمكنك أخذ الدواء قبل الفجر وبعد املغرب‪ ،‬واستقام حالك مع هذا التغيري‪،‬‬
‫فاحلمد هلل‪.‬‬

‫وإذا كان هلذا الدواء حقن بديلة عنه‪ ،‬يمكن أن تسد مسده‪ ،‬فاستشريي طبيبك يف‬
‫استعامهلا يف رمضان بدالً من الدواء‪ ،‬وال حرج عليك يف أخذها أثناء الصيام‪.‬‬

‫((( فتاوى نور عىل الدرب ‪ -‬للشيخ عبد العزيز بن باز (‪.)1233/3‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫وإذا لزم أخذ الدواء هنار ًا‪ ،‬وكان تغيري موعده يؤدي إىل حصول اإلرهاق الشديد‪،‬‬
‫أو املشقة الشديدة‪ ،‬فأنت معذورة يف الفطر‪ ،‬فتفطرين وتقضني فيام بعد‪.‬‬

‫وقد ذهب أكثر العلامء إىل أن املريض ال جيوز له أن يفطر يف رمضان إال إذا كان‬
‫مرضه شديد ًا‪.‬‬ ‫‪190‬‬

‫واملراد باملرض الشديد‪:‬‬

‫‪ .1‬أن يزداد املرض بسبب الصوم‪.‬‬

‫‪ .2‬أن يتأخر الشفاء بسبب الصوم‪.‬‬

‫‪ .3‬أن تصيبه مشقة شديدة‪ ،‬وإن مل حتصل له زيادة يف املرض وال تأخر للشفاء‪.‬‬

‫‪ .4‬وأحلق به العلامء من خيشى حصول املرض بسبب الصيام‪.‬‬

‫وينظر‪ :‬سؤال رقم‪ )12488( :‬ورقم‪ .)65871( :‬واهلل أعلم‪.‬‬


‫***‬

‫*سؤال‪ :‬يف أول يوم من شهر رمضان زارتني امرأة عجوز عمرها يف حدود مائة سنة‪،‬‬
‫ففعلت‬
‫ُ‬ ‫أحيان ًا يكون وعيها معها وأحيان ًا ال تعي‪ ،‬فطلبت مني أن أصنع هلا قهوة‪،‬‬
‫وأحرضت هلا القهوة‪ ،‬فهل عيل ذنب يف هذا؟ مع العلم بأنني أخربهتا أننا يف‬
‫ُ‬ ‫ذلك‬
‫شهر رمضان‪ .‬أفيدوين أفادكم اهلل‪.‬‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«إذا كان ظاهرا أن عقلها مفقود‪ ،‬وأهنا قد دخلت يف التخريف واهلرم؛ فال بأس‬
‫بصنعك القهوة هلا؛ ألنه ليس عليها صيام‪ ،‬وحضور بعض العقل معها‪ ،‬كأن تقول‪:‬‬
‫افعلوا كذا‪ ،‬أو أعطوين كذا‪ ،‬فهذا ال يدل عىل العقل‪ ،‬والغالب عىل من بلغ مائة سنة أنه‬
‫يدخله التخريف والتغري‪ ،‬فإن ظهر لك من حاهلا أن عقلها مفقود‪ ،‬وأهنا غري منضبطة؛‬
‫فإنه ال بأس أن تأكل وترشب‪.‬‬
‫اذعألا لهأ مايص‬

‫أما إن ظهر لك أن عقلها معها وأهنا متساهلة‪ ،‬فال تعطيها قهوة وال غريها؛ لئال‬
‫تعيينها عىل الباطل‪ ،‬واهلل يقول‪( :‬ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ‬
‫ﯶ) [املائدة‪ ، ]2 :‬فالذي يطلب الطعام يف رمضان‪ ،‬وهو صحيح من املسلمني ال‬

‫‪191‬‬
‫ُيعطى‪ ،‬ال طعام ًا‪ ،‬وال رشاب ًا‪ ،‬وال دخان ًا‪ ،‬وال ُيعان عىل الباطل‪.‬‬

‫أما من كان فاقد العقل كاملعتوه‪ ،‬واهلرم‪ ،‬واملجنون‪ ،‬واهلرمة‪ ،‬فهؤالء ليس عليهم‬
‫جناح‪ ،‬وقد سقط عنهم الصوم»(‪.)1‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬توفيت والديت‪ ،‬وتذكر يل يف حياهتا بأن عليها صوم شهرين من رمضان من‬
‫سنتني‪ ،‬حيث جاء شهر الصوم وهي يف حالة والدة‪ ،‬وتوفيت وما قد صامتها قضاء‪،‬‬
‫فهل أصوم عنها أو أطعم؟ وما كيفية اإلطعام؟ أذبح شيئ ًا من املاعز وأقسمه عىل‬
‫ستني بيت ًا‪ ،‬أو أدفع بقدر الطعام فلوس ًا؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫ات َو َع َل ْي ِه ِص َيا ٌم‬


‫«م ْن َم َ‬
‫«األحسن أن تصوم عن والدتكم؛ لقول النبي ‪َ :H‬‬
‫َصا َم َع ْن ُه َولِ ُّي ُه) متفق عىل صحته‪ ،‬والويل هو القريب‪ ،‬فإن مل يتيرس لك الصوم‪ ،‬وال‬
‫لغريك من أقارهبا؛ فأطعم من تركتها‪ ،‬أو من مالك مسكين ًا عن كل يوم‪ ،‬ومقداره نصف‬
‫صاع من قوت البلد‪ ،‬وإن مجعت اجلميع‪ ،‬ودفعته إىل فقري واحد؛ أجزأ ذلك‪.‬‬

‫وباهلل التوفيق‪ ،‬وصىل اهلل عيل نبينا حممد وآله وصحبه وسلم»)‪.(2‬‬

‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء‬


‫الشيخ عبد العزيز بن عبد اهلل بن باز‪ ..‬الشيخ عبد الرزاق عفيفي‬
‫الشيخ عبد اهلل بن غديان‪.‬‬
‫***‬

‫((( فتاوى نور عىل الدرب‪ -‬للشيخ عبد العزيز بن باز (‪.)1267/3‬‬
‫((( فتاوى اللجنة الدائمة‪ .‬املجموعة الثانية (‪.)260/9‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫أعود ابني عىل‬


‫*سؤال‪ :‬يوجد عندي ولد عمره ‪ 9‬سنوات‪ ،‬وأريد مساعديت‪ ،‬فكيف ِّ‬
‫صوم رمضان‪ ،‬إن شاء اهلل؛ ألنه صام رمضان السنَة املاضية فقط ‪ 15‬يوم ًا‪.‬‬

‫*جواب‪:‬‬
‫‪192‬‬
‫أوالً‪ :‬من املفرح أننا نرى مثل هذا السؤال‪ ،‬وهو يدل عىل عظيم االهتامم باألوالد‪،‬‬
‫وتربيتهم عىل طاعة اهلل تعاىل‪ ،‬وهذا من النصح للرعية التي اسرتعى اهلل الوالدين عليها‪.‬‬

‫ثانيـ ًا‪ :‬االبـن يف عمر ‪ 9‬سـنوات ليـس من املكلفين رشعـ ًا بالصيام؛ لعـدم بلوغه‪،‬‬
‫ولكـ َّن اهلل تعـاىل ك َّلـف الوالديـن برتبيـة أوالدهـم على العبـادات‪ ،‬فأمرهـم اهلل تعاىل‬
‫بتعليمهـم الصلاة‪ ،‬وهـم أبنـاء سـبع سـنني‪ ،‬ورضهبـم عليهـا‪ ،‬وهـم أبناء عشر‪ ،‬كام‬
‫يصومـون أوالدهـم يف صغرهـم؛ تعويـد ًا هلـم عىل هذه‬
‫كان الصحابـة الكـرام ‪ِّ M‬‬
‫الطاعـة العظيمـة‪ ،‬وكل ذلـك يـدل عىل عظيـم االهتامم بالذريـة؛ لتنشـئتها عىل خري ما‬
‫يكـون مـن الصفـات‪ ،‬واألفعال‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ففي الصالة‪َ :‬ق َال رس ُ ِ‬
‫الص َلة َو ُه ْم َأ ْبن ُ‬
‫َاء َس ْب ِع‬ ‫«م ُروا َأ ْو َل َدك ُْم بِ َّ‬
‫ول اهلل ‪ُ :H‬‬ ‫َ ُ‬
‫ِ (‪)1‬‬ ‫ِ ِ‬
‫ش‪َ ،‬و َف ِّر ُقوا َب ْين َُه ْم ِف َ‬
‫الم َضاج ِع ‪.‬‬ ‫وه ْم َع َل ْي َها َو ُه ْم َأ ْبن ُ‬
‫َاء َع ْ ٍ‬ ‫ني‪َ ،‬و ْ ِ‬
‫اض ُب ُ‬ ‫سن َ‬
‫ِ‬
‫الر َب ِّي ِع بِنْت ُم َع ِّوذ ْب ِن َع ْف َرا َء ‪َ J‬قا َل ْت‪َ « :‬أ ْر َس َل َر ُس ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ول اهلل ‪H‬‬ ‫ويف الصيام‪َ :‬ع ِن ُّ‬
‫َان َأ ْص َب َح َصائِ ًم؛ َف ْل ُيتِ َّم َص ْو َم ُه‪،‬‬
‫«م ْن ك َ‬ ‫اشوراء إِ َل ُقرى األَنْص ِار ا َّلتِى حو َل ِ ِ‬
‫المدينَة‪َ :‬‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َغدَ ا َة َع ُ َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫الص َغ َار‬‫َان َأ ْص َب َح ُم ْفط ًرا؛ َف ْل ُيت َّم َبق َّي َة َي ْومه ‪َ ،‬ف ُكنَّا َب ْعدَ َذل َك ن َُصو ُم ُه‪َ ،‬ون َُص ِّو ُم ص ْب َيا َننَا ِّ‬ ‫َو َم ْن ك َ‬
‫الع ْه ِن‪َ ،‬فإِ َذا َبكَى َأ َحدُ ُه ْم‬ ‫ِمنْهم إِ ْن َشاء اهلل‪ ،‬ون َْذهب إِ َل المس ِج ِد‪َ ،‬فنَجع ُل َلم ال ُّلعب َة ِمن ِ‬
‫ْ َ ُُ َْ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ ُ َ َ ُ‬ ‫ُ ْ‬
‫ِ‬
‫َاها إِ َّيا ُه عنْدَ ِ‬
‫اإل ْف َطار»ِ(‪.)2‬‬ ‫َع َل ال َّط َعا ِم َأ ْع َط ْين َ‬

‫ـك! َو ِص ْب َيا ُننَـا ِص َيـا ٌم !‪،‬‬


‫«و ْي َل َ‬ ‫ـال ُعمـر ‪ I‬لِن َْشـو ٍ‬
‫ان [أي‪ :‬سكران] ِف َر َم َض َ‬
‫ـان‪َ :‬‬ ‫َ‬ ‫و َق َ َ ُ‬
‫َف َ َ‬
‫ض َب ُه » ( ‪. )3‬‬

‫((( رواه أبو داود (‪ ،)495‬وصححه األلباين يف صحيح أيب داود‪.‬‬


‫((( رواه البخاري (‪ ،)1960‬ومسلم (‪.)1136‬‬
‫((( رواه البخاري مع َّلق ًا ‪ -‬باب صوم الصبيان (‪.)37/3‬‬
‫اذعألا لهأ مايص‬

‫والسن الذي يبدأ الوالدان بتعليم أوالدمها الصيام فيه هو سن اإلطاقة للصيام‪ ،‬وهو‬
‫خيتلف باختالف بِنْ َية الولد‪ ،‬وقد حدَّ ه بعض العلامء بسن العارشة‪.‬‬

‫وانظر تفصيل ذلك يف جواب السؤال رقم‪ ،)65558( :‬وفيه فوائد مهمة‪.‬‬
‫‪193‬‬
‫ثالث ًا‪ :‬أما بخصوص وسائل تعويد الصبيان عىل الصيام‪ :‬فينتظم يف أمور‪ ،‬منها‪:‬‬

‫‪ .1‬حتديثهم بفضائل الصيام‪ ،‬وأنه سبب مهم من أسباب دخول اجلنة‪ ،‬وأن يف اجلنة‬
‫باب ًا يسمى الريان‪ ،‬يدخل منه الصائمون‪.‬‬
‫‪ .2‬التعويد املسبق عىل الصيام‪ ،‬كصيام بضع أيام من شهر شعبان؛ حتى ال يفجؤهم‬
‫الصوم يف رمضان‪.‬‬
‫‪ .3‬صيام بعض النهار‪ ،‬وتزاد املدة شيئ ًا فشيئ ًا‪.‬‬
‫‪ .4‬تأخري السحور إىل آخر الليل؛ ففي ذلك إعانة هلم عىل صيام النهار‪.‬‬
‫‪ .5‬تشجيعهم عىل الصيام ببذل جوائز تُدفع هلم كل يوم‪ ،‬أو كل أسبوع‪.‬‬
‫‪ -6‬الثناء عليهم أمام األرسة عند اإلفطار‪ ،‬وعند السحور‪ ،‬فمن شأن ذلك أن يرفع‬
‫معنوياهتم‪.‬‬
‫‪ .7‬بذل روح التنافس ملن عنده أكثر من طفل‪ ،‬مع رضورة عدم تأنيب املتخلف‪.‬‬
‫‪ .8‬إهلاء من جيوع منهم بالنوم‪ ،‬أو بألعاب مباحة ليس فيها بذل جهد‪ ،‬كام كان‬
‫الصحابة الكرام يفعلون مع صبياهنم‪ ،‬وهناك برامج أطفال مناسبة‪ ،‬وأفالم‬
‫كرتونية حمافظة يف القنوات اإلسالمية املوثوقة‪ ،‬يمكن إشغاهلم هبا‪.‬‬
‫يفضل أن يأخذ األب ابنه ‪-‬وخاصة بعد العرص‪ -‬للمسجد لشهود الصالة‪،‬‬
‫‪َّ .9‬‬
‫وحضور الدروس‪ ،‬والبقاء يف املسجد لقراءة القرآن‪ ،‬وذكر اهلل تعاىل‪.‬‬
‫‪ .10‬ختصيص الزيارات النهارية‪ ،‬والليلية‪ ،‬ألرس يصوم أوالدهم الصغار؛ تشجيع ًا‬
‫هلم عىل االستمرار يف الصيام‪.‬‬
‫‪ .11‬مكافأهتم برحالت مباحة بعد اإلفطار‪ ،‬أو صنع ما تشتهيه نفوسهم من األطعمة‬
‫واحللويات‪ ،‬والفواكه‪ ،‬والعصائر‪.‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫يرص عليه إكامل الصوم؛ حتى ال‬


‫وننبه إىل أنه إذا بلغ اجلهد من الطفل مبلغه أن ال َّ‬
‫يتسبب ذلك يف بغضه للعبادة‪ ،‬أو يتسبب له يف الكذب‪ ،‬أو يف مضاعفات مرضية‪ ،‬وهو‬
‫ليس من املكلفني‪ ،‬فينبغي التنبه هلذا‪ ،‬وعدم التشدد يف أمره بالصيام‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬ ‫‪194‬‬

‫*سؤال‪ :‬هل جيوز يل إفطار رمضان ألنني أعمل سائق حافلة؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫صوم رمضان واجب عىل كل مسلم‪ ،‬بالغ‪ ،‬عاقل‪ ،‬مقيم‪ ،‬صحيح‪ ،‬فإن كان مريضا‪،‬‬
‫أو مسافرا؛ جاز له الفطر؛ لقوله تعاىل‪( :‬ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ‬
‫ﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸ‬
‫ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ) [البقرة‪.]184 :‬‬

‫وعليه‪ :‬فإن كان عملك يقتيض السفر باحلافلة إىل حمل يبلغ مسافة القرص‪ ،‬وهي‬
‫ثامنون كيلو تقريبا؛ جاز لك الفطر أثناء السفر‪ ،‬وتقيض ما أفطرت بعد رمضان‪ ،‬يف وقت‬
‫يسهل عليك فيه القضاء كأيام الشتاء‪ ،‬وإن كان عملك داخل املدينة؛ وجب عليك‬
‫وح ُرم الفطر‪ ،‬إال أن تلحق بك مشقة عظيمة يف أحد األيام‪ ،‬فتفطر بام يدفع‬
‫الصوم‪َ ،‬‬
‫املشقة ثم متسك بقية اليوم‪ ،‬وتقضيه فيام بعد؛ لعموم األدلة الدالة عىل وجوب حفظ‬
‫النفس من اهلالك‪ ،‬ورفع احلرج‪ ،‬وعدم التكليف بغري الوسع‪.‬‬

‫قال يف رشح منتهى اإلرادات‪« :‬ومن صنعته شاقة وترضر برتكها‪ ،‬وخاف تلفا؛ أفطر‬
‫وقىض‪ ،‬ذكره اآلجري )‪ ،(1‬ويف املوسوعة الفقهية‪« :‬قال احلنفية‪ :‬املحرتف املحتاج إىل‬
‫نفقته‪ ،‬كاخلباز واحلصاد‪ ،‬إذا علم أنه لو اشتغل بحرفته يلحقه رضر مبيح للفطر؛ حيرم‬
‫عليه الفطر قبل أن تلحقه مشقة»)‪ ،(2‬وجاء يف فتاوى اللجنة الدائمة‪:‬‬

‫((( رشح منتهى اإلرادات (‪.)478/1‬‬


‫((( املوسوعة الفقهية (‪.)57/28‬‬
‫اذعألا لهأ مايص‬

‫«ال جيوز للمكلف أن يفطر يف هنار رمضان ملجرد كونه عامال‪ ،‬لكن إن حلق به مشقة‬
‫عظيمة‪ ،‬اضطرته إىل اإلفطار يف أثناء النهار؛ فإنه يفطر بام يدفع املشقة‪ ،‬ثم يمسك إىل‬
‫الغروب‪ ،‬ويفطر مع الناس‪ ،‬ويقيض ذلك اليوم الذي أفطره»)‪.(1‬‬

‫‪195‬‬ ‫وإذا علمت أنك لن تستطيع اجلمع بني الصيام والعمل‪ ،‬فالواجب عليك‪ :‬أن تبحث‬
‫عن عمل آخر‪ ،‬أو تأخذ إجازة من العمل؛ حتى تتمكن من القيام هبذا الركن العظيم من‬
‫أركان اإلسالم‪.‬‬

‫فقد سئلت اللجنة الدائمة لإلفتاء‪ :‬ما حكم الرشع اإلسالمي يف حالة العامل الذين‬
‫يعملون يف أعامل مرهقة بدنيا خاصة يف شهور الصيف‪ ،‬أعطي مثاال ملن يعملون أمام‬
‫أفران صهر املعادن صيفا؟‬

‫فأجابت‪« :‬من املعلوم من دين اإلسالم بالرضورة‪ :‬أن صيام شهر رمضان فرض‬
‫عىل كل مكلف‪ ،‬وركن من أركان اإلسالم‪ ،‬فعىل كل مكلف أن حيرص عىل صيامه؛‬
‫حتقيقا ملا فرض اهلل عليه‪ ،‬رجاء ثوابه‪ ،‬وخوفا من عقابه‪ ،‬دون أن َين َْس نصيبه من الدنيا‪،‬‬
‫ودون أن يؤثر دنياه عىل أخراه‪ ،‬وإذا تعارض أداء ما فرضه اهلل عليه من العبادات مع‬
‫عمله لدنياه؛ وجب عليه أن ينسق بينهام؛ حتى يتمكن من القيام هبام مجيعا‪ ،‬ففي املثال‬
‫املذكور يف السؤال‪ :‬جيعل الليل وقت عمله لدنياه‪ ،‬فإن مل يتيرس ذلك‪ ،‬أخذ إجازة من‬
‫عمله شهر رمضان‪ ،‬ولو بدون مرتب‪ ،‬فإن مل يتيرس ذلك‪ ،‬بحث عن عمل آخر يمكنه‬
‫فيه اجلمع بني أداء الواجبني‪ ،‬وال يؤثر جانب دنياه عىل جانب آخرته‪ ،‬فالعمل كثري‪،‬‬
‫وطرق كسب املال ليست قارصة عىل مثل ذلك النوع من األعامل الشاقة‪ ،‬ولن يعدم‬
‫املسلم وجها من وجوه الكسب املباح‪ ،‬الذي يمكنه معه القيام بام فرضه اهلل عليه من‬
‫العبادة بإذن اهلل‪( ،‬ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ‬
‫ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ) [الطالق‪ ،]3-2 :‬وعىل تقدير أنه‬
‫مل جيد عمال دون ما ذكر مما فيه حرج‪ ،‬وخيش أن تأخذه قوانني جائرة‪ ،‬وتفرض عليه‬
‫ما ال يتمكن معه من إقامة شعائر دينه‪ ،‬أو بعض فرائضه؛ فليفر بدينه من تلك األرض‬

‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)233/10‬‬


‫الصيام سؤال وجواب‬

‫إىل أرض يتيرس له فيها القيام بواجب دينه ودنياه‪ ،‬ويتعاون فيه مع املسلمني عىل الرب‬
‫والتقوى فأرض اهلل واسعة‪ ،‬قال اهلل تعاىل‪( :‬ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ‬
‫ﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹ‬
‫ﯺ ﯻ) [النساء‪ ،]100 :‬وقال تعاىل‪( :‬ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ‬ ‫‪196‬‬
‫ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ ﰗ ﰘ) [الزمر‪ ،]10 :‬فإذا‬
‫مل يتيرس له يشء من ذلك كله‪ ،‬واضطر إىل مثل ما ذكر يف السؤال من العمل الشاق؛ صام‬
‫حتى حيس بمبادئ احلرج‪ ،‬فيتناول من الطعام والرشاب ما حيول دون وقوعه يف احلرج‪،‬‬
‫ثم يمسك‪ ،‬وعليه القضاء يف أيام يسهل عليه فيها الصيام»(‪ .)1‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬أمي عمرها ‪ 51‬سنة لدهيا ورم ليفي‪ ،‬وتعاين من نزول دم طيلة أيام الشهر‪،‬‬
‫هل تستطيع أن تصيل وتصوم؟ وكيف ذلك؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫اختلف العلامء يف سن اإلياس عند املرأة‪ ،‬فبعضهم جعله مخسني سنة‪ ،‬وبعضهم‬
‫جعله ستني سنة‪ ،‬والصواب‪ :‬أنه ال حد له‪ ،‬وأن ذلك خيتلف من امرأة ألخرى‪.‬‬

‫قــال الشــيخ ابــن عثيمــن ‪« :V‬النســاء خيتلفــن‪ :‬فبعضهــن تيــأس لســن‬


‫مبكــرة‪ ،‬وبعضهــن تتأخــر احليضــة‪ ،‬إىل مــا بعــد الســتني‪ ،‬أو الســبعني‪ ،‬فمتــى رأت‬
‫املــرأة احليــض؛ فهــي حائــض عــى أي حــال كانــت؛ ألن اهلل ‪ F‬قــال‪( :‬ﯛ‬
‫ﯜ ﯝ ﯞ) [الطالق‪ ،]4 :‬ومل حيــدد عمــر ًا معينــ ًا‪ ،‬فاليــأس خيتلــف باختــاف‬
‫النســاء‪ ،‬واخلالصــة‪ :‬أن دم احليــض كــا وصفــه اهلل تعــاىل أذى‪ ،‬فمتــى وجــد هــذا‬
‫الــدم؛ وجــب عليهــا أن تقــوم بــا يلــزم»)‪.(2‬‬

‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)234/10‬‬


‫((( فتاوى نور عىل الدرب (‪.)12/123‬‬
‫اذعألا لهأ مايص‬

‫وعىل هذا‪ :‬فإذا كانت والدتك قد وصلت إىل حد اإلياس من احليض‪ ،‬وانقطع‬
‫حيضها‪ ،‬ثم أصاهبا هذا املرض؛ فهذا الدم ليس بحيض‪ ،‬فتتحفظ‪ ،‬وتغسل الدم‪،‬‬
‫وتتوضأ لكل صالة‪.‬‬

‫‪197‬‬ ‫وإذا أصاهبا ذلك قبل وصوهلا إىل حد اإلياس من احليض؛ فعليها أن تعترب أيام‬
‫احليض املعتادة كل شهر هي احليض‪ ،‬ترتك فيها الصالة‪ ،‬ثم إذا انتهت اغتسلت‪،‬‬
‫وصلت‪ ،‬ولو مع نزول الدم؛ ألنه حمكوم أنه ليس من احليض‪.‬‬

‫قال علامء اللجنة الدائمة لإلفتاء‪« :‬املرأة التي ينزل معها نزيف مستمر تستنجي عندما‬
‫تريد الصالة‪ ،‬وتضع حافظا يمنع ترسب اخلارج‪ ،‬ثم تتوضأ وتصيل‪ ،‬وتفعل ذلك يف‬
‫وقت كل صالة؛ لقول النبي ‪ H‬للمستحاضة‪« :‬توضئي لوقت كل صالة »)‪.(1‬‬
‫ٍ‬
‫امرأة تبلغ ست ًا ومخسني سن ًة‪ ،‬اضطربت دورهتا‬ ‫وسئل الشيخ ابن عثيمني ‪ :V‬عن‬
‫الشهرية منذ أن شارفت اخلمسني من عمرها‪ ،‬فصار يأتيها الدم مرتني‪ ،‬أو ثالث مرات‬
‫يف الشهر‪ ،‬وربام بقي معها تسعة أيام‪ ،‬وصفته كصفة دم احليض‪ ،‬وبني الدم والدم ال ترى‬
‫طهر ًا‪ ،‬ونقا ًء تام ًا‪ ،‬فكانت جتلس كلام نزل عليها الدم‪ ،‬وتدع الصوم والصالة‪ ،‬وتبني‬
‫أثناء هذه املدة أن عندها ورمة يف الرحم‪ ،‬وأفاد الطبيب أهنا سبب النزيف‪ ،‬فكيف يكون‬
‫حال هذه املرأة من حيث الصالة والصوم واجلامع؟‪ ،‬وما حكم ما مىض يف السنوات‬
‫الست اخلالية؟‬

‫فأجـاب‪« :‬إذا قـرر األطبـاء أن الـدم النـازل دم جرح؛ فهـي طاهر تصلي وتصوم‪،‬‬
‫وإذا مل يتبين ذلـك؛ فلهـا حكم املسـتحاضة‪ ،‬جتلس قدر عادهتا السـابقة من كل شـهر‪،‬‬
‫ثـم تصلي وتصـوم‪ ،‬ولـو مع الـدم‪ ،‬وجيامعهـا زوجهـا‪ ،‬وأما مـا مىض فلا يشء عليها‬
‫ٍ‬
‫صلـوات‬ ‫فيـه؛ ألن النبـي ‪ H‬مل يأمـر النسـاء اللايت كـ َّن مسـتحاضات بإعـادة‬
‫سـابقة»)‪ .(2‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)259/4‬‬


‫((( ثمرات التدوين (ص‪.)25‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*سؤال‪ :‬أنا شاب عمري ‪ 27‬سنة‪ ،‬مصاب بمرض عصبي مزمن مند ‪ 6‬سنوات‪ ،‬وكنت‬
‫عاجز ًا عن العمل‪ ،‬ووالدي هو الساهر عىل رشاء األدوية واملكلفة‪ ،‬فبحثت عن عمل‬
‫فلم أجد سوى عمل كحارس بليل من الساعة ‪ 6‬مساءا إىل ‪ 6‬صباحا؛ ألستعني به‬
‫عىل رشاء األدوية‪ ،‬فاسترشت الطبيب املعالج فنصحني برشب الدواء صباحا عىل‬ ‫‪198‬‬
‫ثالثة وجبات بدل الليل؛ ألنه منوم‪ ،‬وأريد هذه السنة أن أصوم شهر رمضان‪ ،‬أطلب‬
‫عيل؟‬
‫من فضيلتكم أن توجهني إىل الطريق املنري‪ ،‬وهل الصيام واجب َّ‬
‫*جواب‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬نسأل اهلل العظيم رب العرش الكريم أن َي ُم َّن عليك بالشفاء العاجل‪.‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬جيوز للمريض أن يفطر يف هنار رمضان‪ ،‬ثم إذا شفاه اهلل لزمه قضاء ما أفطره؛‬
‫لقوله تعاىل‪( :‬ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ‬
‫ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ) [البقرة‪.]185 :‬‬

‫ثالث ًا‪ :‬عليك أن تبحث أوالً عن ٍ‬


‫عمل يف النهار بام يتناسب مع مرضك‪ ،‬عىل أن يكون‬
‫أخذ الدواء ليالً؛ وهبذا جتمع بني املصلحتني‪ ،‬فإن مل جتد عم ً‬
‫ال إال ليالً‪ ،‬وال يمكنك أخذ‬
‫الدواء معه؛ ملا يسببه من النوم؛ فال بأس من أن تعمل ليالً‪ ،‬وتأخذ العالج هنار ًا‪ ،‬ويكون‬
‫هذا عذر ًا لك يف اإلفطار‪.‬‬

‫وإن كان يمكنـك تـرك العمـل ولـو يف شـهر رمضـان‪ ،‬ثم اسـتئنافه بعـد رمضان؛‬
‫فهـذا أوىل‪ ،‬مـا مل يرتتب على ذلـك رضر عليك‪ ،‬كفصلك مـن العمـل‪ .‬وينظر جواب‬
‫سـؤال رقم (‪.)65871‬‬

‫قال العالمة اهليتمي ‪« :V‬ويباح تركه ‪-‬أي‪ :‬الصوم‪ -‬لنحو حصاد‪ ،‬أو بناء لنفسه‪،‬‬
‫أو لغريه‪ ،‬تربع ًا‪ ،‬أو بأجرة‪ ،‬وتعذر العمل ليالً‪ ،‬ولو توقف كسبه لنحو قوته املضطر إليه‪،‬‬
‫فظاهر أن له الفطر‪ ،‬لكن بقدر الرضورة»)‪.(1‬‬
‫ٌ‬

‫((( حتفة املحتاج (‪.)430/3‬‬


‫اذعألا لهأ مايص‬

‫أي أنه جيوز الفطر ملن يتوقف كسبه وعمله املضطر إليه‪ ،‬ولكن يكون فطره بقدر‬
‫الرضورة‪.‬‬

‫وعىل هذا‪ :‬فال حرج عليك من الفطر‪ ،‬إذا مل يمكن ترك العمل ولو يف رمضان فقط‪.‬‬
‫‪199‬‬
‫ثم إن كان هذا املرض ُيرجى الشفاء منه؛ فعليك القضاء إذا تيرس لك ذلك‪.‬‬

‫وإن كان املرض مستمر ًا معك حسب كالم األطباء؛ فال قضاء عليك‪ ،‬وعليك أن‬
‫تطعم عن كل يوم أفطرته مسكين ًا‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬تبني يل مؤخرا أن كليتي تصنع احلىص‪ ،‬وقد رخص يل طبيب مسلم وتقي‬
‫(عىل ما يبدو) بإفطار رمضان‪ ،‬وللتوضيح‪ :‬فإن السبب هو الوقاية من َتك َِّون احلىص؛‬
‫برشب املاء عىل امتداد اليوم‪ ،‬فهل جيب أن أفطر يف رمضان؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫إذا قرر الطبيب املسلم الثقة‪ :‬أن الصوم يرضك‪ ،‬وأمرك باإلفطار؛ فاملرشوع األخذ‬
‫برخصة اهلل تعاىل‪ ،‬قال اهلل ‪( :D‬ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ‬
‫ﭿ) [البقرة‪.]184 :‬‬

‫قال ابن كثري ‪« :V‬أي‪ :‬املريض واملسافر ال يصومان يف حال املرض والسفر؛ ملا يف‬
‫ذلك من املشقة عليهام‪ ،‬بل يفطران‪ ،‬ويقضيان بعدة ذلك من أيام أخر»)‪.(1‬‬

‫ول اهللِ ‪:H‬‬


‫وال ينبغي أن يشق املرء عىل نفسه‪ ،‬وقد رخص اهلل له‪ ،‬وقد َق َال َر ُس ُ‬
‫ب َأ ْن ت ُْؤتَى ُر َخ ُص ُه‪ ،‬ك ََم َيك َْر ُه َأ ْن ت ُْؤتَى َم ْع ِص َي ُت ُه (‪.)2‬‬ ‫ِ‬
‫«إِ َّن ال َّل َه ُي ُّ‬

‫فإن كان املرض مما ال ُيرجى حصول الشفاء منه؛ أفطر املريض‪ ،‬وأطعم عن كل يوم‬
‫مسكينا‪ ،‬وإن كان ُيرجى الشفاء منه؛ قىض ما أفطره بعد الشفاء‪.‬‬

‫((( تفسري ابن كثري (‪.)498/1‬‬


‫((( رواه أمحد (‪ ،)5832‬صححه األلباين يف صحيح اجلامع (‪.)1886‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫قال الشيخ ابن عثيمني ‪« :V‬أهل العلم قسموا املرض إىل قسمني بالنسبة للصيام‪:‬‬
‫قسم يرجى برؤه‪ :‬فهذا صاحبه يفطر‪ ،‬ويقيض بعد الربء‪ ،‬وقسم آخر ال يرجى برؤه‪:‬‬
‫فصاحبه يطعم عن كل يوم مسكني‪ ،‬ويكون هذا اإلطعام بدالً عن الصيام»)‪.(1‬‬
‫وسئل علامء اللجنة الدائمة لإلفتاء‪ :‬عن امرأة عمل هلا عملية قبل دخول شهر‬ ‫‪200‬‬
‫رمضان ومل يكتب اهلل أهنا تصومه قبل العملية والعملية‪ :‬استئصال إحدى الكىل هنائيا‬
‫وإخراج حصوة من الكلية الثانية‪ ،‬ووىص األطباء بعدم صيامها طيلة احلياة‪.‬‬
‫فأجابوا‪« :‬إذا أوىص الطبيب املسلم الثقة أن الصيام يرضها؛ فإهنا تفطر‪ ،‬وتكفر عن‬
‫كل يوم من أيام رمضان بإطعام مسكني‪ ،‬نصف صاع من بر‪ ،‬أو أرز‪ ،‬أو متر‪ ،‬ونحوها‬
‫من طعام البلد‪ ،‬وال جيوز إخراج الكفارة نقودا»)‪.(2‬‬
‫وسئل الشيخ ابن عثيمني ‪ :V‬أجريت يل عملية يف الكلية اليرسى من أول شهر‬
‫رمضان املبارك املايض ومل أصم ذلك الشهر؛ ألنني مل أستطع أن أصرب عن املاء ولو‬
‫نصف ساعة‪ ،‬ومل أقض إىل هذا الوقت فامذا جيب عيل؟‬
‫فأجاب‪« :‬ال يشء عليك ما دمت عاجز ًا‪ ،‬ولو استمر معك هذا العجز‪ ،‬وقال‬
‫األطباء‪ :‬إنه البد أن تتناول املاء يف هذا الزمن القصري؛ فإنه ال جيب عليك الصيام‪ ،‬حيث‬
‫يكون الغالب أن هذا سيستمر معك‪ ،‬وعليك أن تطعم عن كل يوم مسكين ًا»)‪.(3‬‬
‫وعىل هذا‪ :‬فاملرشوع يف حقك‪ :‬أن تفطر وتطعم عن كل يوم مسكين ًا‪ ،‬إن أخربك‬
‫الطبيب أنك ال يمكن أن تصوم يف املستقبل‪.‬‬
‫فإن كان يمكنك الصيام يف املستقبل؛ فإنك تفطر‪ ،‬وتنتظر حتى يشفيك اهلل‪ ،‬ثم‬
‫تقيض ما أفطرته‪.‬‬

‫وانظر ملزيد الفائدة جواب السؤال رقم‪ .)23296( ،)12488( :‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫((( فتاوى نور عىل الدرب (‪.)48/216‬‬


‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)183-182/10‬‬
‫((( فتاوى نور عىل الدرب البن عثيمني (‪.)40/216‬‬
‫اذعألا لهأ مايص‬

‫*سؤال‪ :‬إذا مل يعلم الناس بدخول الشهر إال يف النهار‪ ،‬فهل يمسكون؟ وإذا أمسكوا‬
‫فهل عليهم القضاء؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫‪201‬‬
‫الم َسافِ ِر َش ْط َر‬
‫أوالً‪ :‬ثبت عن رسول اهلل ‪ H‬أنه قال‪« :‬إِ َّن ال َّل َه ‪َ D‬و َض َع َع ِن ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(‪)1‬‬
‫الص ْو َم‪َ ،‬أ ِو ِّ‬
‫الص َيا َم‬ ‫الم ْرض ِع َّ‬ ‫الم َساف ِر‪َ ،‬و َ‬
‫الحام ِل‪َ ،‬و ُ‬ ‫الص َلة‪َ ،‬و َع ِن ُ‬
‫َّ‬

‫وهذا احلديث‪ :‬وإن كان ظاهره اإلطالق يف احلامل واملرضع‪ ،‬إال أنه مقيد بام إذا‬
‫خافتا عىل نفسيهام‪ ،‬أو ولدهيام‪.‬‬

‫الم ْر ِض ِع َأ ْي‪ :‬إِ َذا َخا َفتَا‬ ‫ِ‬


‫الحام ِل َو ُ‬
‫«و َ‬‫جاء يف حاشية السندي عىل سنن ابن ماجه‪َ » :‬‬
‫الر ِضيعِ‪َ ،‬أ ْو َع َل َأ ْن ُف ِس ِه َم»)‪.(2‬‬
‫الح ْم ِل َو َّ‬
‫َع َل َ‬

‫وقال اجلصاص ‪ V‬يف أحكام القرآن (‪ )244/1‬بعد أن ذكر قول النبي ‪:H‬‬
‫الم ْر ِض ِع قال‪:‬‬ ‫ِ‬
‫الحام ِل َو ُ‬ ‫الص َلة‪َ ،‬و َّ‬
‫الص ْو َم‪َ ،‬و َع ْن َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الم َساف ِر َش ْط َر َّ‬ ‫«إن ال َّل َه َو َض َع َع ْن ُ‬ ‫َّ‬
‫الض ِر َع َل َأ ْن ُف ِس ِه َم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫«و َم ْع ُلو ٌم َأ َّن ُر ْخ َصت َُه َم ‪-‬أي احلامل واملرضع‪َ -‬م ْو ُقو َف ٌة َع َل َخ ْوف َّ َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الم ْر ِض ُع ال َ ْ‬ ‫ِ‬
‫ض ِبِ َم‬ ‫ت ُل َوان م ْن َأ ْن َي ُ َّ‬ ‫الحام ُل َو ُ‬ ‫«و َ‬ ‫َأ ْو َع َل َو َلدَ ْيِ َم»‪ ،‬وقال أيض ًا (‪َ :)252/1‬‬
‫َان ال‬ ‫ور َع َل ْي ِه َم‪َ .‬وإِ ْن ك َ‬ ‫اإل ْف َط ُار َخ ْ ٌي َل ُ َم‪َ ،‬و َّ‬
‫الص ْو ُم َم ْ ُظ ٌ‬ ‫الص ْو ُم‪َ ،‬أ ْو بِ َو َلدَ ْيِ َم‪َ ،‬و َأ ُّ ُي َم ك َ‬
‫َان‪َ :‬ف ِ‬ ‫َّ‬
‫ي ُض ِبِم‪ ،‬وال بِو َلدَ يِم‪َ :‬فع َلي ِهم الصوم‪ ،‬و َغي ج ِائ ٍز َلم ِ‬
‫الف ْط ُر»‪.‬‬ ‫َُ‬ ‫َ ُّ َ َ َ ْ َ َ ْ َ َّ ْ ُ َ ْ ُ َ‬

‫وقد وردت نصوص العلامء هبذا التقييد‪ ،‬بل نُقل اتفاق العلامء عليه كام بيناه مفصال‬
‫يف الفتوى رقم‪.)66438( :‬‬

‫وعىل ذلك‪ :‬فإن كنت ختافني عىل ولديك بسبب الصيام‪ ،‬من جفاف اللبن أو نقصانه‬
‫نقصا ُي ِض هبام؛ فال حرج عليك حينئذ يف اإلفطار‪.‬‬

‫((( رواه أبو داود (‪ ،)2408‬والرتمذي (‪ ،)715‬والنسائي (‪ ،)2275‬وابن ماجه (‪ ،)1667‬وقال األلباين يف‬
‫صحيح أيب داود‪ :‬حسن صحيح‪.‬‬
‫((( حاشية السندي عىل سنن ابن ماجه (‪.)512 /1‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫ومثل ذلك‪ :‬لو خفت عىل نفسك أن جيهدك اإلرضاع يف الصيام‪ ،‬فوق املشقة‬
‫املحتملة يف مثل ذلك‪ ،‬أو يرض بك؛ فال حرج عليك حينئذ يف اإلفطار‪.‬‬

‫أما إن كان الغالب‪ :‬أن حيصل بسبب الصيام نقص غري مؤثر يف الرضاع الكايف للطفلني؛‬
‫فهنا ال يباح الفطر‪ ،‬خصوصا إذا أمكن جرب هذا النقص اليسري باأللبان الصناعية‪.‬‬ ‫‪202‬‬

‫جاء يف األم للشافعي ‪« :V‬واحلامل إذا خافت عىل ولدها؛ أفطرت‪ ،‬وكذلك‬
‫املرضع إذا أرض بلبنها اإلرضار البيِّ ‪ ،‬فأما ما كان من ذلك حمت ََمال؛ فال يفطر صاحبه‪،‬‬
‫والصوم قد يزيد عامة العلل‪ ،‬ولكن زيادة حمتملة‪ ،‬وينتقص بعض اللبن‪ ،‬ولكنه نقصان‬
‫حمتمل‪ ،‬فإذا تفاحش؛ أفطرتا»(‪.)1‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬إذا خافت املرضع عىل ولدها فأفطرت‪ ،‬فقد اختلف الفقهاء فيام جيب عليها‪.‬‬

‫جاء يف املوسوعة الفقهية الكويتية‪ ...« :‬اختلفوا فيام إذا أفطرتا خوفا عىل ولدهيام‪،‬‬
‫فذهب الشافعية يف أظهر األقوال عندهم‪ ،‬واحلنابلة‪ ،‬وجماهد إىل أن عليهام القضاء‪،‬‬
‫وإطعام مسكني عن كل يوم؛ ألهنام داخلتان يف عموم قوله تعاىل‪( :‬ﮁ ﮂ‬
‫ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ) [البقرة‪ ،]184 :‬وسبق تفسري ابن عباس ‪ L‬هلذه اآلية‪.‬‬

‫قـال ابـن قدامـة ‪« :V‬وروي ذلـك عـن ابـن عمـر ‪ ،L‬وال خمالـف هلما يف‬
‫الصحابـة ‪M‬؛ وألنـه فطـر بسـبب نفـس عاجـزة عـن طريـق اخللقـة؛ فوجبت به‬
‫الكفارة كالشـيخ»‪.‬‬

‫وذهب احلنفية‪ ،‬وعطاء بن أيب رباح‪ ،‬واحلسن‪ ،‬والضحاك‪ ،‬والنخعي‪ ،‬وسعيد بن جبري‪،‬‬
‫والزهري‪ ،‬وربيعة‪ ،‬واألوزاعي‪ ،‬والثوري‪ ،‬وأبو عبيد‪ ،‬وأبو ثور‪ ،‬وهو وجه عند‬
‫الشافعية‪ ،‬إىل‪ :‬أنه ال جتب عليهام الفدية‪ :‬بل تستحب هلام؛ ملا روي عن النبي ‪H‬‬

‫أنه قال‪« :‬إن اهلل وضع عن املسافر الصوم‪ ،‬وشطر الصالة‪ ،‬وعن احلامل واملرضع الصوم‪،‬‬
‫أو الصيام ‪ ،‬قال الراوي‪« :‬واهلل لقد قاهلام رسول اهلل ‪ H‬أحدمها أو كليهام»‪.‬‬

‫((( األم (‪.)113 /2‬‬


‫اذعألا لهأ مايص‬

‫وذهب املالكية‪ ،‬والليث‪ ،‬وهو قول ثالث عند الشافعية‪ ،‬إىل‪ :‬أن احلامل تفطر‬
‫وتقيض‪ ،‬وال فدية عليها‪ ،‬وأن املرضع تفطر‪ ،‬وتقيض‪ ،‬وتفدي‪ ،‬ألن املرضع يمكنها أن‬
‫تسرتضع لولدها‪ ،‬بخالف احلامل‪ ،‬وألن احلمل متصل باحلامل‪ ،‬فاخلوف عليه كاخلوف‬

‫‪203‬‬
‫عىل بعض أعضائها‪ ،‬وألن احلامل أفطرت ملعنى فيها‪ ،‬فهي كاملريض‪ ،‬واملرضع أفطرت‬
‫ملنفصل عنها؛ فوجب عليها الفدية‪.‬‬

‫وذهب بعض علامء السلف‪ ،‬ومنهم ابن عمر‪ ،‬وابن عباس‪ ،‬وسعيد بن جبري ‪M‬‬

‫إىل‪ :‬أهنام يفطران ويطعامن‪ ،‬وال قضاء عليهام»)‪.(1‬‬

‫والراجح ‪-‬والعلم عند اهلل‪ -‬أن عليها القضاء فقط‪.‬‬

‫سئل الشيخ ابن عثيمني ‪ V‬تعاىل‪ :‬إذا أفطرت احلامل أو املرضع بدون عذر‪ ،‬وهي‬
‫قوية ونشيطة وال تتأثر بالصيام‪ ،‬فام حكم ذلك؟‬

‫فأجاب‪« :‬ال حيل للحامل أو املرضع أن تفطرا يف هنار رمضان إال للعذر‪ ،‬فإذا أفطرتا‬
‫للعذر؛ وجب عليهام قضاء الصوم؛ لقول اهلل تعاىل يف املريض‪( :‬ﮫ ﮬ ﮭ‬
‫ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ) [البقرة‪ .]185 :‬ومها بمعنى املريض‪.‬‬

‫وإذا كان عذرمها اخلوف عىل الولد؛ فعليهام مع القضاء ‪-‬عند بعض أهل العلم‪-‬‬
‫إطعام مسكني لكل يوم من الرب (القمح)‪ ،‬أو الرز‪ ،‬أو التمر‪ ،‬أو غريها من قوت اآلدميني‪.‬‬

‫وقال بعض العلامء‪ :‬ليس عليهام سوى القضاء عىل كل حال؛ ألنه ليس يف إجياب‬
‫اإلطعام دليل من الكتاب والسنة‪ ،‬واألصل براءة الذمة حتى يقوم الدليل عىل شغلها‪،‬‬
‫وهذا مذهب أيب حنيفة ‪ ،V‬وهو قوي»)‪.(2‬‬

‫وسئل ‪ V‬تعاىل أيض ًا‪ :‬عن احلامل إذا خافت عىل نفسها أو خافت عىل ولدها‬
‫وأفطرت‪ ،‬فام احلكم؟‬

‫((( املوسوعة الفقهية الكويتية (‪.)69 /32‬‬


‫((( فتاوى الصيام (ص‪.)161‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫فأجاب‪« :‬جوابنا عىل هذا أن نقول‪ :‬احلامل ال ختلو من حالني‪:‬‬


‫إحدامها‪ :‬أن تكون نشيطة قوية‪ ،‬ال يلحقها مشقة وال تأثري عىل جنينها‪ ،‬فهذه املرأة‬
‫جيب عليها أن تصوم؛ ألهنا ال عذر هلا يف ترك الصيام‪.‬‬
‫واحلال الثانية‪ :‬أن تكون احلامل غري متحملة للصيام؛ إما لثقل احلمل عليها‪ ،‬أو لضعفها‬ ‫‪204‬‬

‫يف جسمها‪ ،‬أو لغري ذلك‪ ،‬ويف هذه احلال تفطر‪ ،‬السيام إذا كان الرضر عىل جنينها‪ ،‬فإنه‬
‫قد جيب الفطر عليها حينئذ‪ ،‬وإذا أفطرت فإهنا كغريها ممن يفطر لعذر؛ جيب عليها قضاء‬
‫الصوم متى زال ذلك العذر عنها‪ ،‬فإذا وضعت وجب عليها قضاء الصوم بعد أن تطهر‬
‫من النفاس‪ ،‬ولكن أحيان ًا يزول عذر احلمل‪ ،‬ويلحقه عذر آخر‪ ،‬وهو عذر اإلرضاع‪ ،‬وأن‬
‫املرضع قد حتتاج إىل األكل والرشب‪ ،‬السيام يف أيام الصيف الطويلة النهار‪ ،‬الشديدة‬
‫احلر‪ ،‬فإهنا قد حتتاج إىل أن تفطر؛ لتتمكن من تغذية ولدها بلبنها‪ ،‬ويف هذه احلال نقول هلا‬
‫أيض ًا‪ :‬أفطري‪ ،‬فإذا زال عنك العذر؛ فإنك تقضني ما فاتك من الصوم»(‪.)1‬‬
‫وقال الشيخ ابن باز ‪« :V‬أما احلامل واملرضع‪ :‬فقد ثبت عن النبي ‪ H‬من‬
‫حديث أنس بن مالك الكعبي‪ ،‬عند أمحد‪ ،‬وأهل السنن بإسناد صحيح‪ :‬أنه رخص هلام يف‬
‫اإلفطار‪ ،‬وجعلهام كاملسافر‪ ،‬فعلم بذلك أهنام تفطران‪ ،‬وتقضيان كاملسافر‪ ،‬وذكر أهل العلم‬
‫أنه ليس هلام اإلفطار إال إذا شق عليهام الصوم كاملريض‪ ،‬أو خافتا عىل ولدهيام‪ .‬واهلل أعلم»)‪.(2‬‬

‫وينظر جواب السؤال رقم‪ ،)49794( :‬ورقم‪ .)50005( :‬واهلل أعلم‪.‬‬


‫***‬

‫*سؤال‪ :‬قمت بعملية جراحية‪ ،‬وقد منعت من الرشب ملدة ثالثة أيام‪ ،‬ثم سمحوا يل‬
‫برشب املاء والعصري فقط ثالثة أيام‪ ،‬وصادف أن كان اليوم التايل هلا مبارشة هو أول‬
‫أيام رمضان‪ ،‬وقد طلب مني الطبيب أن أبدأ يف األكل من أول يوم من رمضان‪ ،‬وقد‬
‫أفطرت اليوم األول؛ ألنني كنت جائع ًا جد ًا‪ ،‬وال أستطيع الصيام‪ ،‬وسوف أفطر‬
‫اليوم الثاين أيض ًا من رمضان‪ .‬فهل هذا جائز؟‬

‫((( فتاوى الصيام (ص‪.)162‬‬


‫((( جمموع الفتاوى (‪.)224/15‬‬
‫اذعألا لهأ مايص‬

‫*جواب‪:‬‬

‫الذي يظهر أنك معذور يف إفطارك؛ ألنك ال تزال يف عذر املرض‪ ،‬وقد أسقط اهلل‬
‫تعاىل وجوب الصيام عن املريض؛ فقال تعاىل‪( :‬ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ‬
‫‪205‬‬ ‫ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ) [البقرة‪.]184 :‬‬

‫فالظاهر جواز فطرك اليوم األول والثاين من رمضان؛ لعذر املرض‪ ،‬والواجب‬
‫عليك قضاء هذين اليومني بعد انتهاء شهر رمضان‪ ،‬متفر َق ْي أو متتاب َع ْي‪ ،‬عىل حسب‬
‫واألوىل اإلرساع يف القضاء بعد انتهاء الشهر مبارشة‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫ْ‬ ‫السعة والقدرة‪،‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬أنا مصاب بمرض يف العمود الفقري‪ ،‬وأتناول من العالجات ست حبات‬


‫من الدواء‪ ،‬فهل جيوز يل أن أفطر وأقيض الحق ًا؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫ال موفور ًا‪.‬‬


‫نسأل اهلل تعاىل أن ُيعافيك‪ ،‬ويرزقك الصرب واالحتساب؛ لتنال األجر كام ً‬

‫قد خفف اهلل تعاىل عن املريض‪ ،‬فأباح له الفطر يف رمضان‪ ،‬عىل أن يقيض األيام التي‬
‫أفطرها‪ ،‬بعد زوال املرض‪ ،‬قال اهلل تعاىل‪( :‬ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ‬
‫ﭾ ﭿ) [البقرة‪.]184 :‬‬

‫قال ابن قدامة ‪« :V‬أمجع أهل العلم عىل إباحة الفطر للمريض يف اجلملة‪،‬‬
‫واألصل فيه قوله تعاىل(ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ) (‪.)1‬‬

‫واملرض املبيح للفطر هو الذي يرض معه الصوم‪ ،‬أو يؤخر شفاءه منه‪ ،‬وتناول الدواء‬
‫ليس عذر ًا‪ ،‬إال إذا كان ال يمكنه تناوله إال يف هنار صومه‪ ،‬فإن أمكن املريض تناول‬
‫ي ْز له الفطر‪ ،‬فإن‬
‫مرض له؛ مل َ ُ‬
‫الدواء وقت السحور‪ ،‬وبعد املغرب‪ ،‬وكان الصوم غري ٍّ‬
‫احتاج إىل تناول الدواء هنار ًا؛ فال حرج عليه أن ُيفطر‪ ،‬و َيقيض األيام التي أفطرها‪.‬‬

‫((( املغني (‪.)403/4‬‬


‫الصيام سؤال وجواب‬

‫قال النووي ‪« :V‬رشط إباحة الفطر‪ :‬أن يلحقه بالصوم مشقة يشق احتامهلا‪ ،‬وأما‬
‫املرض اليسري الذي ال يلحق به مشقة ظاهرة‪ ،‬مل جيز له الفطر بال خالف عندنا خالفا‬
‫ألهل الظاهر»)‪.(1‬‬

‫وقال ابن قدامة ‪« :V‬واملرض املبيح للفطر‪ :‬هو الشديد الذي يزيد بالصوم‪،‬‬ ‫‪206‬‬
‫أو خيشى تباطؤ برئه‪ ،‬قيل ألمحد‪ :‬متى يفطر املريض؟‪ ،‬قال‪ :‬إذا مل يستطع‪ ،‬قيل‪ :‬مثل‬
‫احلمى؟‪ ،‬قال‪ :‬وأي مرض أشد من احلمى»(‪.)2‬‬

‫وقال ابن باز ‪« :V‬املرشوع للمريض اإلفطار يف شهر رمضان إذا كان الصوم‬
‫يشق عليه‪ ،‬أو كان حيتاج إىل عالج يف النهار بأنواع احلبوب‪ ،‬واألرشبة‪،‬‬
‫يرضه‪ ،‬أو ّ‬
‫ونحوها مما يؤكل و ُي ْشب؛ لقول اهلل سبحانه‪( :‬ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ‬
‫ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ) (‪.)3‬‬

‫وقال ابن عثيمني ‪« :V‬إذا رشب املريض الدواء يف رمضان بعد طلوع الفجر؛‬
‫فإن صيامه هذا غري صحيح؛ ألنه تعمد اإلفطار‪ ،‬ويلزمه اإلمساك بقية اليوم‪ ،‬إال إذا‬
‫شق عليه اإلمساك من أجل املرض؛ فله أن يفطر من أجل املرض‪ ،‬ويلزمه القضاء؛ ألنه‬
‫تعمد الفطر‪.‬‬

‫وال حيل للمريض أن يتناول دواء وهو صائم يف رمضان‪ ،‬إال عند الرضورة‪ ،‬مثل‪ :‬أن‬
‫نخاف عليه من املوت‪ ،‬فنعطيه حبوب ًا ختفف عنه‪ ،‬فإنه يف هذه احلال يكون مفطر ًا‪ ،‬وال‬
‫حرج عليه يف الفطر مع املرض»(‪.)4‬‬

‫فإن كان مرضك مستمر ًا مزمن ًا‪ ،‬بحيث ال تستطيع معه القضاء؛ فال جيب عليك‬
‫الصيام‪ ،‬وال القضاء‪ ،‬وإنام الواجب عليك أن تطعم مسكين ًا‪ ،‬وجبة غداء‪ ،‬أو عشاء‪ ،‬عن‬
‫كل يو ٍم تفطره من رمضان‪.‬‬

‫((( املجموع (‪.)258/6‬‬


‫((( املغني (‪.)403/4‬‬
‫((( جمموع فتاوى ابن باز (‪.)211/15‬‬
‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)120/19‬‬
‫اذعألا لهأ مايص‬

‫سئل ابن عثيمني ‪ :V‬هناك رجل مريض بمرض القلب‪ ،‬وال يعمل عنده إال جزء‬
‫بسيط‪ ،‬حيتاج إىل الدواء باستمرار‪ ،‬يعني تقريب ًا كل ثامن ساعات‪ ،‬أو ست ساعات‪ ،‬فهل‬
‫يسقط عنه الصوم؟‬

‫‪207‬‬ ‫فأجاب‪« :‬نعم‪ ،‬يسقط عنه الصوم‪ ،‬ويطعم عن كل يوم مسكين ًا»(‪ .)1‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬أنا مريض بالسكري‪ ،‬وأضطر حلقن نفيس باألنسولني مرتني يف اليوم‪ ،‬وهلذا‬
‫فأنا ال أصوم‪ ،‬وأخرج الفدية نقد ًا بقيمة املبلغ الذي أفطر به‪.‬‬

‫هل جيوز إعطاء الفدية هبذه الطريقة أي نقد ًا؟ وهل يمكن توزيع هذه الفدية عىل‬
‫ثالثة مساكني أو أكثر؛ ألين ال أجد من هو حمتاج للفطور؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫إذا كنت تستطيع الصيام؛ فالواجب عليك أن تصوم‪ ،‬وال جيوز لك يف هذه احلالة‬
‫أن تفطر‪ ،‬وتكتفي باإلطعام‪ ،‬وحقن األنسولني ال تفطر الصائم‪ ،‬فيمكنك أن تصوم‪،‬‬
‫وتأخذ حقن األنسولني‪ ،‬وعليك قضاء األيام التي أفطرهتا‪.‬‬

‫أما إذا كان الصيام يرضك‪ ،‬أو يشق عليك مشقة شديدة‪ ،‬أو حتتاج إىل أخذ األدوية‬
‫ٍ‬
‫حينئذ‪ ،‬وإذا كنت لن تتمكن من القضاء يف املستقبل؛‬ ‫يف النهار؛ فإنه جيوز لك اإلفطار‬
‫فعليك أن تطعم عن كل يوم مسكين ًا‪.‬‬

‫وال جيوز لك إخراج الفدية نقود ًا‪ ،‬بل الواجب أن خترج طعاما؛ لقول اهلل تعاىل‪:‬‬
‫(ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ) [البقرة‪.]184 :‬‬

‫وعليك أن تبحث عن املساكني؛ لتؤدي الواجب الذي عليك‪ ،‬أو تعطي النقود ملن‬
‫يشرتي الطعام‪ ،‬ويوصله هو إىل املساكني نيابة عنك‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)126/19‬‬


‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*سؤال‪ :‬كيف يصوم املصاب بالفشل الكلوي‪ ،‬والذي يامرس الغسيل ثالث مرات‬
‫يف األسبوع؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫‪208‬‬
‫سئلت اللجنة الدائمة‪ :‬هل يؤثر الغسيل الكلوي عىل الصيام‪ ،‬إذا كان اإلنسان‬
‫صائ ًام؟‬

‫فأجابت‪« :‬جرت الكتابة لكل من‪ :‬سعادة مدير مستشفى امللك فيصل التخصيص‪،‬‬
‫وسعادة مدير مستشفى القوات املسلحة بالرياض‪ ،‬لإلفادة عن صفة واقع غسيل الكىل‪،‬‬
‫وعن خلطه باملواد الكياموية‪ ،‬وهل تشتمل عىل نوع من الغذاء؟‬

‫وقــد وردت اإلجابــة منهــا بــا مضمونــه‪ :‬أن غســيل الــكىل عبــارة عن إخــراج دم‬
‫املريــض إىل آلــة ( ُك ْل َيــة صناعيــة)‪ ،‬تتــوىل تنقيتــه‪ ،‬ثــم إعادتــه إىل اجلســم بعــد ذلــك‪،‬‬
‫وأنــه يتــم إضافــة بعــض املــواد الكيامويــة‪ ،‬والغذائيــة‪ ،‬كالســكريات‪ ،‬واألمــاح‪،‬‬
‫وغريهــا إىل الــدم‪.‬‬

‫وبعد دراسة اللجنة لالستفتاء‪ ،‬والوقوف عىل حقيقة الغسيل الكلوي بواسطة أهل‬
‫اخلربة؛ أفتت اللجنة‪ :‬بأن الغسيل املذكور للكىل يفسد الصيام‪ .‬وباهلل التوفيق»(‪.)1‬‬

‫وخالصة اجلواب‪ :‬أن املصاب بالفشل الكلوي يفطر يف األيام التي ُيري فيها‬
‫الغسيل‪ ،‬ثم إن متكن من القضاء‪ ،‬فإنه يلزمه القضاء‪ ،‬وإن كان ال يتمكن من القضاء‪،‬‬
‫فهو بمنْزلة كبري السن الذي ال يستطيع الصيام‪ ،‬فيفطر‪ ،‬ويطعم عن كل يوم مسكين ًا‪.‬‬
‫واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬يل والد مريض بأمل يف الفك‪ ،‬ونصحه الطبيب بتناول اللبان لعمل مرونة يف‬
‫حركة الفك‪ ،‬فهل يصح أثناء صيامه أن يتناول اللبان؟‬

‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)190/10‬‬


‫اذعألا لهأ مايص‬

‫*جواب‪:‬‬

‫ال خيلو [اللبان] من مواد تفرز باملضغ‪ ،‬وتدخل اجلوف؛ لذا ال جيوز استعامله يف‬
‫هنار رمضان للصائم‪ ،‬ويمكن االستغناء عنه بعمل متارين خاصة للفك‪ ،‬تقوم مقامه‪،‬‬
‫‪209‬‬ ‫وتكتفي بمضغ [اللبان] من بعد غروب الشمس إىل الفجر‪.‬‬

‫وإذا ُوجد نوع من اللبان ليس فيه مواد تتحلل‪ ،‬وتفرز باملضغ‪ ،‬فإنه جيوز استعامله؛‬
‫لعدم تفطريه الصائم؛ ألنه ال يدخل منه أجزاء إىل املعدة‪ ،‬ولكن ينصح والدك‪ :‬أال‬
‫يمضغه أمام الناس‪ ،‬الذين ال يعرفون حاله وعذره؛ حتى ال يتهموه يف دينه‪ ،‬فإذا مل‬
‫يوجد هذا النوع من اللبان‪ ،‬أو احتاج والدك إىل مضغ اللبان املعتاد املعروف بالنهار‪،‬‬
‫وكان يرتتب عىل عدم ذلك تأخري الشفاء‪ ،‬أو زيادة املرض؛ جاز له الفطر يف رمضان‪،‬‬
‫ويقيض األيام التي أفطرها؛ لقول اهلل تعاىل‪( :‬ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ‬
‫ﯔ ﯕ) [البقرة‪ .]185 :‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬لدي صديقة ال تصوم رمضان؛ ألهنا تعاين من مرض الصداع النصفي‪ ،‬فهل‬
‫هذا جائز؟ وكيف تقيض األيام التي أفطرت فيها؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫جيوز للمريض أن يفطر يف رمضان؛ لقول اهلل تعاىل‪( :‬ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ‬


‫ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ) [البقرة‪.]185 :‬‬

‫وهذا يف املرض الشديد‪ ،‬الذي حيصل معه مشقة يف الصيام‪.‬‬

‫أما املرض اليسري الذي ال يشق معه الصوم؛ فال يعترب عذر ًا للفطر يف رمضان‪.‬‬

‫فإذا كان الصداع يسبب هلا مشقة شديدة يف الصيام؛ فإنه جيوز هلا أن تفطر‪ ،‬وتقيض‬
‫األيام التي أفطرهتا بعد رمضان‪.‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫مستمرا معها‪ ،‬بحيث ال تتمكن من القضاء؛ فإهنا تُطعم عن‬


‫ًّ‬ ‫وإذا كان هذا الصداع‬
‫كل يوم أفطرته مسكين ًا‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬إين سوف أعمل تصوير ًا يف املستشفى‪ ،‬ويستلزم مني ذلك اإلفطار‪ ،‬وإذا مل‬ ‫‪210‬‬
‫أعمل هذا التصوير‪ ،‬سوف يكون املوعد بعد عدة شهور‪ ،‬فهل جيوز يل أن أفطر من‬
‫أجل التصوير؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫املرض الذي يبيح الفطر للصائم هو املرض الشديد‪ ،‬الذي يصيب الصائم بسببه‬
‫مشقة‪ ،‬أو رضر‪ ،‬أو خيشى زيادة املرض‪ ،‬أو تأخر الشفاء بسبب الصيام‪ ،‬وأحلق به العلامء‬
‫إذا كان خيشى حصول مرض بسبب الصيام‪.‬‬

‫فإن كان مرضك يندرج حتت أحد هذه األقسام ‪-‬وهذا هو الظاهر‪-‬؛ جاز لك‬
‫الفطر؛ ألن التصوير يساعد عىل معرفة املرض‪ ،‬وبالتايل يمنع زيادته‪ ،‬وتأخر شفائه‪.‬‬

‫أما إذا كان مرضك ال يندرج حتت أحد هذه األقسام؛ فال جيوز لك الفطر‪ ،‬وعليك‬
‫ال إن استطعت‪ ،‬أو تنتظر حتى ينتهي رمضان‪.‬‬‫أن ُ ْتري التصوير لي ً‬

‫قال ابن عثيمني ‪« :V‬وللمريض مرض ًا طارئ ًا ثالث حاالت‪:‬‬

‫احلــال األوىل‪ :‬أن ال يشــق عليــه الصــوم‪ ،‬وال يــره‪ :‬فيجــب عليــه الصــوم؛ ألنــه‬
‫ال عــذر لــه‪.‬‬

‫احلال الثانية‪ :‬أن يشق عليه الصوم‪ ،‬وال يرضه‪ :‬فيكره له الصوم؛ َلِا فيه من العدول‬
‫عن رخصة اهلل تعاىل‪ ،‬مع اإلشقاق عىل نفسه‪.‬‬
‫احلال الثالثة‪ :‬أن يرضه الصوم‪ :‬فيحرم عليه أن يصوم؛ َلِا فيه من جلب الرضر عىل‬
‫نفسه‪ ،‬وقد قال تعاىل‪( :‬ﭹ ﭺ ﭻﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ) [النساء‪ ،]29 :‬وقال‪:‬‬
‫(ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ) [البقرة‪ ،]195 :‬ويف احلديث عن‬
‫اذعألا لهأ مايص‬

‫ِ‬
‫ض َر َوالَ َ‬
‫ض َار (‪ ،)1‬و ُيعرف رضر الصوم عىل املريض‪ :‬إما‬ ‫النبي ‪ H‬قال‪« :‬الَ َ َ‬
‫بإحساسه بالرضر بنفسه‪ ،‬وإما بخرب طبيب موثوق به‪ ،‬ومتى أفطر املريض؛ فإنه يقيض‬
‫عدد األيام التي أفطرها إذا عويف‪ ،‬فإن مات قبل معافاته؛ سقط عنه القضاء؛ ألن فرضه‬
‫‪211‬‬ ‫أن يصوم عدة من أيام ُأخر‪ ،‬ومل يدركها»)‪ .(2‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬هل يمكنني أن أخترب مستوى السكر يف الدم وأنا صائم (ألنه حيتاج ألخذ دم‬
‫من األصبع)؟‬
‫*جواب‪:‬‬
‫قال ابن باز ‪« :V‬أخذ الدم من الوريد للتحليل أو غريه‪ ،‬الصحيح‪ :‬أنه ال يف ّطر‬
‫الصائم‪ ،‬لكن إذا ك ُثر‪ ،‬فاألوىل تأجيله إىل الليل‪ ،‬فإن فعله يف النهار‪ ،‬فاألحوط‪ :‬القضاء؛‬
‫تشبيه ًا له باحلجامة»)‪ .(3‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬هل جيب الصيام عىل شخص مصاب بمرض جيعله يفقد وعيه لفرتات قصرية؟‬
‫*جواب‪:‬‬
‫نعم‪ ،‬جيب الصيام عىل من يصاب باإلغامء يف رمضان‪ ،‬وال يسقط عنه الصيام بذلك‪.‬‬
‫سئل ابن باز ‪ :V‬رجل يغيب عنه وعيه بضع ساعات‪ ،‬فهل عليه صيام؟‬
‫فأجاب‪« :‬إذا كان وعيه إنام يغيب بعض الساعات؛ فعليه الصوم‪ ،‬كالذي ينام يف‬
‫بعض الوقت‪ ،‬وكونه يغيب عنه وعيه بعض األحيان يف أثناء النهار‪ ،‬أو يف أثناء الليل‪ ،‬ال‬
‫يمنع وجوب الصوم عليه»)‪.(4‬‬

‫((( رواه مالك (‪ ،)2758‬وأمحد (‪ ،)2867‬وصححه األلباين يف السلسلة الصحيحة (‪.)250‬‬


‫((( انظر‪ :‬الرشح املمتع (‪.)353‬‬
‫((( جمموع فتاوى ابن باز (‪.)257/15‬‬
‫((( جمموع فتاوى ابن باز (‪.)210/15‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫لكن‪ ،‬إذا طال به اإلغامء حتى استغرق اليوم كله ‪-‬من طلوع الفجر إىل غروب‬
‫الشمس‪-‬؛ فإنه ال يصح صومه‪ ،‬وعليه قضاء هذا اليوم‪ ،‬أما إذا أفاق أثناء النهار؛ فإن‬
‫صومه صحيح‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬ ‫‪212‬‬

‫علي الكثير مـن أيـام القضـاء مـن رمضـان السـابق مل أصمها حتـى اآلن‪،‬‬
‫*سـؤال‪ّ :‬‬
‫وأنـا اآلن أعـاين مـن مـرض يف املعـدة وال أسـتطيع الصيـام‪ ،‬ال أدري هل سـأمتكن‬
‫مـن الصيـام يف املسـتقبل أم ال (ألن مـريض قـد يكـون مزمنـ ًا) فماذا أفعـل بشـأن‬
‫رمضـان احلـايل‪ ،‬واأليام السـابقة؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫نسأل اهلل العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك‪.‬‬

‫عليـك أن ترجـع إىل قـول طبيـب ثقـة‪ ،‬فـإن كان املـرض الـذي تعـاين منـه ُيرجى‬
‫حصـول الشـفاء منـه؛ فعليك بعد حصـول الشـفاء أن تقيض األيـام التـي أفطرهتا من‬
‫رمضـان احلايل والسـابق؛ لقول اهلل تعـاىل‪( :‬ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ‬
‫ﯔ ﯕ) [البقرة‪.]185 :‬‬

‫وإن كان املرض مزمن ًا ال ُيرجى حصول الشفاء منه؛ فعليك أن تطعم مسكين ًا عن‬
‫كل يوم أفطرته من رمضان احلايل والسابق؛ لقول اهلل تعاىل‪:‬‬

‫(ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ) [البقرة‪.]184 :‬‬

‫قال ابن عباس ‪« :L‬هو الشيخ الكبري واملرأة الكبرية ال يستطيعان أن يصوما‪،‬‬
‫فيطعامن مكان كل يوم مسكينا»)‪.(1‬‬

‫واملريض الذي ال يرجى شفاؤه حكمه حكم الشيخ الكبري‪.‬‬

‫((( رواه البخاري (‪.)4235‬‬


‫اذعألا لهأ مايص‬

‫قال ابن قدامة ‪« :V‬واملريض الذي ال يرجى برؤه‪ ،‬يفطر ويطعم لكل يوم‬
‫مسكين ًا؛ ألنه يف معنى الشيخ»)‪.(1‬‬

‫وقـال ابـن عثيمين ‪« :V‬العاجـز عـن الصيـام عجـز ًا مسـتمر ًا ال يرجـى زواله‬
‫‪213‬‬ ‫‪-‬كالكبير‪ ،‬واملريـض مرضـ ًا ال يرجى بـرؤه‪ ،‬كصاحـب الرسطان ونحـوه‪ -‬فال جيب‬
‫عليـه الصيام؛ ألنه ال يسـتطيعه‪ ،‬وقد قال اهلل تعـاىل‪( :‬ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ) [التغابن‪،]16 :‬‬
‫وقـال‪( :‬ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ) [البقرة‪.]286 :‬‬

‫لكن جيب عليه أن يطعم بدل الصيام‪ ،‬عن كل يوم مسكين ًا»(‪ .)2‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫مريضا‪ ،‬فهل يصح الصوم عني وعنه ملدة ‪ 24‬ساعة‬


‫ً‬ ‫*سؤال‪ :‬إذا كان أحد أفراد أرسيت‬
‫(دون أكل سحور)؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬املريض الذي ال يستطيع الصوم له حالتان‪ :‬إما أن يكون مرضه عارض ًا طارئ ًا؛‬
‫فهذا يفطر وعليه القضاء بعد شفائه‪ ،‬وقدرته عىل الصيام‪ ،‬وإما أن يكون مرضه مزمن ًا؛‬
‫فهذا ُيفطر و ُيطعم عن كل يو ٍم مسكين ًا‪.‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬الصيام إنام يكون يف النهار‪ ،‬من طلوع الفجر إىل غروب الشمس‪ ،‬أما الليل‪:‬‬
‫فليس وقت ًا للصيام‪ ،‬قال اهلل تعاىل‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ‬
‫ﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨ‬
‫ﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹ‬
‫ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ) [البقرة‪ ،]187 :‬ففي هذه اآلية الكريمة‬
‫ٍ‬
‫بحال جعل ليل‬ ‫بيان وقت الصوم‪ ،‬وهو النهار‪ ،‬ووقت الفطر‪ ،‬وهو الليل‪ ،‬فال يصح‬
‫رمضان مكان ًا للصيام‪.‬‬

‫((( املغني (‪.)396/4‬‬


‫((( جمالس رمضان (ص‪.)33‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫وقد ثبت عن النبي ‪« :H‬أنه هنى عن الوصال يف الصوم (‪.)1‬‬

‫والوصال‪ :‬أن ال يفطر بالليل‪ ،‬بل يستمر صائ ًام‪ ،‬ليال وهنار ًا‪.‬‬

‫وقــال اإلمــام البخــاري ‪« :V‬بــاب الوصال‪ ،‬ومــن قال‪ :‬ليــس يف الليــل صيام؛‬
‫‪214‬‬
‫لقولــه تعــاىل‪( :‬ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ)‪ ،‬وهنــى النبــي ‪ H‬عنــه؛ رمحــة هلــم‪،‬‬
‫وإبقــاء عليهــم» (‪.)2‬‬

‫ثالث ًا‪ :‬األصل يف العبادات البدنية أن ُيؤ ّدهيا املسلم عن نفسه‪ ،‬وال تدخلها النيابة‪ ،‬فال‬
‫ألحد أن يصيل عن أحد‪ ،‬وال أن يصوم عنه‪ ،‬بإمجاع العلامء‪ ،‬وإنام تدخل النيابة يف‬ ‫ٍ‬ ‫جيوز‬
‫احلج والعمرة‪ ،‬ملن يعجز عنه يف حياته؛ كام جاء يف النصوص الصحيحة الرصحية‪.‬‬
‫قال ابن عبد الرب ‪« :V‬أما الصالة‪ :‬فإمجاع من العلامء أنه ال يصلِّ أحدٌ عن ٍ‬
‫أحد‪،‬‬ ‫ُ‬
‫َف ْرض ًا عليه من الصالة‪ ،‬وال ُسنة‪ ،‬وال تطوع ًا‪ ،‬ال عن حي‪ ،‬وال عن ميت‪ ،‬وكذلك‬
‫الصيام عن احلي‪ ،‬ال جيزئ صوم أحدٌ يف حياته عن أحد‪ ،‬وهذا كله إمجاع ال خالف فيه‪،‬‬
‫وأما من مات وعليه صيام‪ :‬فهذا موضع اختلف فيه العلامء قدي ًام وحديث ًا»(‪.)3‬‬

‫واخلالصة‪ :‬أن الصوم يكون بالنهار ال بالليل‪ ،‬وصوم الليل ال يصح‪.‬‬

‫وال يصح ألحد أن يصوم عن شخص مريض‪ ،‬وهذا املريض إن كان يرجو الشفاء‬
‫من مرضه؛ فعليه القضاء بعد حصول الشفاء‪ ،‬وإن كان ال يرجو حصول الشفاء؛ فعليه‬
‫أن يطعم مكان كل يوم مسكين ًا‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬سوف أسافر من أمسرتدام إىل باريس‪ ،‬وأعود يف نفس اليوم‪ ،‬هل جيوز يل أن‬
‫أفطر يف ذلك اليوم؟‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)1822‬ومسلم (‪.)1102‬‬


‫((( صحيح البخاري (‪.)692/2‬‬
‫((( االستذكار (‪.)340/3‬‬
‫اذعألا لهأ مايص‬

‫*جواب‪:‬‬

‫املسافر ِم َن الذين َّ‬


‫رخص اهلل هلم يف الفطر يف رمضان‪ ،‬قال اهلل تعاىل‪( :‬ﮥ ﮦ‬
‫ﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘ‬
‫‪215‬‬ ‫ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ) [البقرة‪.]185 :‬‬
‫وال فرق بني أن يكون السفر شاق ًا أو سهالً‪.‬‬
‫وقد اختلف العلامء يف احلد الذي يصري به اإلنسان مسافر ًا‪ ،‬بحيث جيوز له الرتخص‬
‫برخص السفر‪ ،‬ومنها‪ :‬الفطر للصائم‪.‬‬
‫فذهب مجهور العلامء إىل اعتبار املسافة‪ ،‬وهي ما يقارب ‪ 80‬كم‪.‬‬
‫قال ابن باز ‪ V‬يف تقدير السفر‪« :‬الذي عليه مجهور أهل العلم‪ :‬أن ذلك يقدر‬
‫بنحو ثامنني كيلو تقريب ًا‪ ،‬بالنسبة ملن يسري يف السيارة‪ ،‬وهكذا الطائرات‪ ،‬ويف السفن‬
‫والبواخر‪ ،‬هذه املسافة أو ما يقارهبا تسمى سفر ًا‪ ،‬وتعترب سفر ًا يف العرف‪ ،‬فإنه املعروف‬
‫بني املسلمني‪ ،‬فإذا سافر اإلنسان عىل اإلبل‪ ،‬أو عىل قدميه‪ ،‬أو عىل السيارات‪ ،‬أو عىل‬
‫الطائرات‪ ،‬أو املراكب البحرية‪ ،‬هذه املسافة‪ ،‬أو أكثر منها‪ :‬فهو مسافر»(‪.)1‬‬
‫وسئلت اللجنة الدائمة عن مسافة القرص‪ ،‬وهل لسائق األجرة الذي يذهب أكثر من‬
‫ثالثامئة كيلو مرت أن يصيل الصالة قرص ًا؟‬
‫فأجابت‪« :‬مقدار املسافة املبيحة للقرص ثامنون كيلو مرت تقريب ًا‪ ،‬عىل رأي مجهور‬
‫العلامء‪ ،‬وجيوز لسائق سيارة األجرة أو غريه أن يصليها قرص ًا‪ ،‬إذا كان يريد قطع املسافة‬
‫التي ذكرناها يف أول اجلواب‪ ،‬أو أكثر منها»(‪.)2‬‬
‫وذهب آخرون ‪-‬وهو اختيار شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪ -V‬إىل أن املعترب هو‬
‫العرف‪ ،‬وليس املسافة‪ ،‬فكل ما اعتربه الناس يف العرف سفر ًا فهو سفر‪ ،‬تثبت له أحكام‬
‫السفر يف الرشع)‪.(3‬‬

‫((( جمموع فتاوى ابن باز (‪.)267/12‬‬


‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)90/8‬‬
‫((( جمموع فتاوى ابن تيمية (‪.)106/24‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫وال ريب أن السفر من أمسرتدام إىل باريس‪ ،‬يعتربه الناس يف العرف سفر ًا‪ ،‬ولو عاد‬
‫يف نفس اليوم‪.‬‬

‫قال ابن عثيمني ‪ V‬يف الرجل خيرج مسافة طويلة يف مدة قصرية‪ ،‬قال‪« :‬مدة‬
‫قصرية يف مسافة طويلة‪ ،‬كمن ذهب مث ً‬
‫ال من القصيم إىل جدة ‪900-‬كم‪ -‬يف يومه‬ ‫‪216‬‬
‫ورجع‪ ،‬فهذا يسمى سفر ًا؛ ألن الناس يتأهبون له‪ ،‬ويرون أهنم مسافرون»(‪.)1‬‬

‫وعىل هذا‪ :‬من سافر من أمسرتدام إىل باريس‪ ،‬وعاد يف نفس اليوم‪ ،‬فهو مسافر عىل‬
‫القولني مجيع ًا‪ ،‬أي‪ :‬سواء اعتربنا املسافة‪ ،‬أم العرف‪.‬‬

‫وهل األفضل له أن يصوم أو يفطر؟‬

‫اجلواب‪ :‬األفضل له الصيام‪ ،‬إال إذا وجد مشقة‪ ،‬فاألفضل الفطر‪.‬‬

‫قال ابن عثيمني ‪« :V‬األفضل للمسافر أن يصوم‪ ،‬إال إذا وجد مشقة؛ فإنه يفطر‪،‬‬
‫والدليل عىل أن األفضل أن يصوم‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬أنه فعل الرسول ‪ ،H‬قال أبو الدرداء ‪« :I‬كنا مع النبي ‪H‬‬
‫ٍ‬
‫شديد‪ ،‬حتى إن أحدنا ليضع يده عىل رأسه من شدة احلر‪ ،‬وما فينا صائم‪ ،‬إال‬ ‫حر‬
‫يف ٍّ‬
‫رسول اهلل ‪ ،H‬وعبد اهلل بن رواحة»)‪.(2‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬وألنه إذا صام كان أيرس عليه؛ ألن القضاء يكون عىل اإلنسان أصعب ‪-‬غالب ًا‪-‬‬
‫من األداء يف وقته؛ ألنه إذا صام يف رمضان صار موافق ًا للناس يف صيامهم‪ ،‬فيكون ذلك‬
‫أسهل عليه‪ ،‬واهلل ‪ D‬حينام فرض عىل عباده الصيام‪ ،‬قال‪( :‬ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ‬
‫ﯜ ﯝ ﯞ) [البقرة‪.]185 :‬‬

‫ثالث ًا‪ :‬وألنه إذا صام رمضان يف السفر‪ ،‬كان أرسع يف إبراء ذمته؛ إذ إن اإلنسان ال‬
‫يدري ماذا يعرتيه بعد رمضان؟‪ ،‬فيكون صومه أرسع يف إبراء الذمة‪.‬‬

‫((( الرشح املمتع (‪.)257/4‬‬


‫((( رواه مسلم (‪.)1122‬‬
‫اذعألا لهأ مايص‬

‫وهناك فائدة رابعة‪ :‬وهي أنه إذا صام يف رمضان‪ ،‬فقد صام يف الوقت الفاضل‪،‬‬
‫وهو رمضان‪.‬‬
‫ولكـن مـع املشـقة ال يصـوم وهـو مسـافر؛ فـإن النبـي ‪ H‬رأى زحامـ ًا‪،‬‬
‫ِ‬
‫‪217‬‬ ‫الص َيا ُم‬ ‫ـن ِ ِّ‬
‫الب ِّ‬ ‫ا قد ظلـل عليه‪ ،‬فقال‪( :‬مـا هذا؟)‪ ،‬قالـوا‪ :‬صائم‪ ،‬قـال‪َ « :‬ل ْي َس م ْ‬
‫ورجل ً‬
‫السـ َف ِر (‪ ،)1‬قـال ذلـك ملـن يصـوم يف السـفر‪ ،‬وقـد شـق عليـه‪ ،‬وهلـذا ملا نـزل منْزالً‬‫ِف َّ‬
‫الصـوام؛ ألهنـم متعبـون‪ ،‬وقـام املفطـرون فرضبـوا األبنية‪ ،‬وسـقوا‬ ‫َّ‬ ‫ذات يـوم سـقط‬
‫ـو َم بِاألَ ْج ِ‬
‫ـر (‪ .)2‬واهلل أعلم‪.‬‬ ‫الم ْفطِ ُـر َ‬
‫ون ال َي ْ‬ ‫ـب ُ‬‫الـركاب‪ ،‬فقـال النبـي ‪َ « :H‬ذ َه َ‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬إذا نويت الصيام من الليل وأصبحت صائ ًام‪ ،‬ثم أردت أن أسافر بالنهار‪،‬‬
‫فهل جيوز يل أن أفطر‪ ،‬أم جيب عيل أن أكمل الصيام؟‬
‫*جواب‪:‬‬
‫نعم‪ ،‬جيوز للصائم أن يفطر إذا سافر أثناء النهار‪ ،‬وهو مذهب اإلمام أمحد(‪.)3‬‬
‫وقد دل عىل ذلك الكتاب والسنة‪.‬‬
‫أما الكتاب‪ :‬فقول اهلل تعاىل‪( :‬ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ‬
‫ﯕ) [البقرة‪ ،]185 :‬ومن سافر أثناء النهار فهو عىل سفر؛ فله أن يفطر‪ ،‬ويرتخص‬
‫برخص السفر‪.‬‬
‫«ركبـت مـع أيب بصرة الغفـاري صاحب‬
‫ُ‬ ‫وأمـا السـنة‪ :‬فعـن عبيـد بـن جرب قـال‪:‬‬
‫رسـول اهلل ‪ H‬يف سـفينة‪ ،‬مـن الفسـطاط يف رمضـان‪ ،‬فدفـع‪ ،‬ثم قـرب غداءه‪،‬‬
‫أرغبت عن سـنة‬
‫َ‬ ‫ثـم قـال‪ :‬اقترب‪ ،‬فقلت‪ :‬ألسـنا نـرى البيـوت؟!‪ ،‬فقـال أبو بصرة‪:‬‬
‫رسـول اهلل ‪H‬؟!»(‪.)4‬‬

‫((( رواه مسلم (‪.)1115‬‬


‫((( رواه مسلم (‪ ،)1119‬جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)156/19‬‬
‫((( املغني (‪.)345/4‬‬
‫((( رواه أمحد (‪ ،)26690‬وأبو داود (‪.)2412‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫«وقول الصحايب‪ :‬من السنة‪ ،‬ينرصف إىل سنة رسول ‪.)1( H‬‬

‫قال ابن القيم ‪« :V‬وفيه حجة ملن َج َّو َز للمسافر الفطر يف يو ٍم سافر يف أثنائه»(‪.)2‬‬

‫وقال ابن تيمية ‪« :V‬وإذا سافر يف أثناء يو ٍم‪ ،‬فهل جيوز له الفطر؟‬
‫‪218‬‬
‫عىل قولني مشهورين للعلامء‪ ،‬أظهرمها‪ :‬أنه جيوز ذلك‪.‬‬

‫وقد ثبت يف الصحيح عن النبي ‪H‬أنه نوى الصوم يف السفر‪ ،‬ثم إنه دعا بامء‬
‫فأفطر‪ ،‬والناس ينظرون إليه»)‪.(3‬‬

‫ولكن‪ ،‬ليس له أن يفطر‪ ،‬حتى يرشع يف السفر‪ ،‬ويفارق بلده‪ ،‬وال جيوز له أن يفطر‬
‫وهو يف بلده‪.‬‬

‫قال ابن عثيمني ‪« :V‬إذا سافر أثناء اليوم؛ فله الفطر‪ ،‬ولكن هل يشرتط أن يفارق‬
‫قريته؟ أو إذا عزم عىل السفر‪ ،‬وارحتل فله أن يفطر؟‬

‫اجلواب‪ :‬يف هذا قوالن عن السلف‪.‬‬


‫والصحيح‪ :‬أنه ال يفطر حتى يفارق القرية؛ ألنه مل يكن اآلن عىل سفر‪ ،‬ولكنه ٍ‬
‫ناو‬
‫للسفر‪ ،‬ولذلك ال جيوز أن يقرص حتى خيرج من البلد‪ ،‬فكذلك ال جيوز أن يفطر‪ ،‬حتى‬
‫خيرج من البلد»)‪ .(4‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬سؤايل عن الصيام‪ ،‬سأسافر من بلد آلخر يف رمضان‪ ،‬واملسافة أكثر من ‪ 800‬ميل‪،‬‬
‫وسأعود لبلديت يف اليوم التايل عند الساعة ‪ 2: 30‬ظهر ًا‪ ،‬فهل جيوز يل أن أفطر يف‬
‫ذلك اليوم‪ ،‬مع العلم بأنني راجع لبلديت؟ إذا كان اجلواب نعم‪ ،‬فهل جيوز أن أفطر‬
‫من صبح ذلك اليوم‪ ،‬أم خالل السفر عند الساعة ‪2: 30‬؟‬

‫((( عون املعبود (‪.)40/7‬‬


‫((( هتذيب السنن (‪.)291/3‬‬
‫((( جمموع الفتاوى (‪.)212/25‬‬
‫((( الرشح املمتع (‪.)359/6‬‬
‫اذعألا لهأ مايص‬

‫*جواب‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬نعم‪ ،‬لك أن تفطر يف اليوم الذي تعلم أنك ترجع فيه إىل أهلك‪.‬‬

‫وقد اختلف العلامء يف جواز الفطر للمسافر‪ ،‬إذا علم أنه يقدم غد ًا‪:‬‬
‫‪219‬‬
‫فذهب مجهور العلامء ‪ -‬منهم األئمة‪ :‬أبو حنيفة‪ ،‬ومالك‪ ،‬والشافعي ‪ ،‬إىل‬
‫جواز الفطر له؛ ألنه مسافر‪ ،‬فيدخل يف قوله تعاىل‪( :‬ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ‬
‫ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ) [البقرة‪.]185 :‬‬

‫وذهب اإلمام أمحد ‪ V‬إىل أنه يلزمه الصوم‪.‬‬

‫قال ابن مفلح ‪« :V‬وإن علم مسافر أنه َي ْقدَ ُم غد ًا؛ َل ِز َم ُه الصو ُم‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬يستحب؛ وفاق ًا لألئمة الثالثة أبو حنيفة‪ ،‬ومالك‪ ،‬والشافعي لوجود سبب‬
‫الرخصة»)‪.(1‬‬

‫وقال ابن عثيمني ‪« :V‬وإذا علم املسافر أنه يقدم غد ًا؛ فإنه يلزمه اإلمساك‪ ،‬وهو‬
‫مذهب اإلمام أمحد‪ ،‬والصحيح‪ :‬أنه ال يلزمه اإلمساك»)‪.(2‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬أما وقت اإلفطار‪ :‬فلك الفطر يف أي وقت شئت‪ ،‬ما دمت مسافر ًا‪ ،‬حتى ترجع‬
‫إىل بلدك‪ ،‬فإن رجعت صائ ًام وجب عليك إمتام الصيام‪َ ،‬‬
‫وح ُر َم عليك الفطر حينئذ؛‬
‫ألنك قد انقطع عنك وصف املسافر)‪.(3‬‬

‫وإن رجعت مفطر ًا‪ ،‬فقد اختلف العلامء‪ :‬هل جيب عليك اإلمساك أم ال؟‬

‫والراجح‪ :‬أنه ال جيب اإلمساك‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬


‫***‬

‫((( الفروع (‪ )24/3‬وانظر‪ :‬اإلنصاف للمرداوي (‪.)362/7‬‬


‫((( الرشح املمتع (‪.)346/6‬‬
‫((( انظر‪ :‬املجموع (‪.)173/6‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*سؤال‪ :‬إنسان عزم عىل السفر فنوى الفطر من الغد‪ ،‬ثم بعد طلوع الفجر ألغى السفر‬
‫قبل أن يأيت بأي مفطر‪ ،‬ما حكم ذلك؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫‪220‬‬
‫دلت األدلة من الكتاب والسنة واإلمجاع عىل أن للمسافر أن يفطر يف رمضان‪ ،‬ثم‬
‫يقيض عدد األيام التي أفطرها‪.‬‬

‫ومن كان يف بلده‪ ،‬ثم عزم عىل السفر‪ ،‬فال ُي َس َّمى مسافر ًا حتى يفارق عمران بلده‪،‬‬
‫فال حيل له أن يأخذ برخص السفر‪ ،‬كالفطر‪ ،‬والقرص بمجرد نية السفر؛ ألن اهلل تعاىل‬
‫إنام أباح الفطر للمسافر‪ ،‬وال يكون مسافر ًا حتى يفارق بلده‪.‬‬

‫قال ابن قدامة ‪- V‬بعد أن ذكر أن من سافر أثناء اليوم فله الفطر‪ ،-‬قال‪« :‬إذا‬
‫البيوت وراء ظهره‪ ،‬يعني أنه جياوزها‪،‬‬
‫َ‬ ‫ي ِّلف‬
‫ثبت هذا؛ فإنه ال يباح له الفطر‪ ،‬حتى ُ َ‬
‫وخيرج من بني بنياهنا‪ ،‬وقال احلسن‪« :‬يفطر يف بيته إن شاء‪ ،‬يوم يريد أن خيرج»‪ ،‬وروي‬
‫ِ‬
‫احلرض‬ ‫ٍ‬
‫ألحد يف‬ ‫الفطر‬ ‫نحوه عن عطاء‪ ،‬قال ابن عبد الرب‪« :‬قول احلسن قول شاذ‪ ،‬وليس‬
‫ُ‬
‫يف ٍ‬
‫نظر‪ ،‬وال أثر‪ ،‬وقد روي عن احلسن خالفه»‪.‬‬

‫ثـم قـال ابـن قدامـة ‪« :V‬لقـول اهلل تعـاىل‪( :‬ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ)‬


‫[البقرة‪ ،]185 :‬وهـذا شـاهد ‪-‬أي حـارض مل يسـافر‪ ،-‬وال يوصف بكونه مسـافر ًا‪ ،‬حتى‬
‫خيـرج مـن البلـد‪ ،‬ومهما كان يف البلد فلـه أحـكام احلارضين )‪.(1‬‬

‫وسئل ابن عثيمني ‪ :V‬عن رجل نوى السفر‪ ،‬فأفطر يف بيته جلهله‪ ،‬ثم انطلق‪ ،‬هل‬
‫عليه الكفارة؟‬

‫فأجاب‪« :‬حرام عليه أن يفطر وهو يف بيته‪ ،‬ولكن لو أفطر قبل مغادرته بيته؛ فعليه‬
‫القضاء فقط»)‪.(2‬‬

‫((( املغني (‪.)347/4‬‬


‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني(‪.)133/19‬‬
‫اذعألا لهأ مايص‬

‫وقال‪« :‬جاءت السنة واآلثار عن الصحابة ‪ ،M‬أنه إذا سافر يف أثناء اليوم فله‬
‫الفطر‪ ،‬ولكن‪ ،‬هل يشرتط أن يفارق قريته؟ أو إذا عزم عىل السفر‪ ،‬وارحتل فله أن يفطر؟‬

‫اجلواب‪ :‬يف هذا قوالن عن السلف‪.‬‬


‫‪221‬‬
‫ذهب بعض أهل العلم إىل جواز الفطر إذا تأهب للسفر‪ ،‬ومل يبق عليه إال أن يركب‪،‬‬
‫وذكروا ذلك عن أنس ‪ I‬أنه كان يفعله‪ ،‬وإذا تأملت اآلية‪ ،‬وجدت أنه ال يصح‬
‫هذا؛ ألنه إىل اآلن مل يكن عىل سفر‪ ،‬فهو اآلن مقيم وحارض‪ ،‬وعليه؛ فال جيوز له أن‬
‫يفطر‪ ،‬إال إذا غادر بيوت القرية‪...‬‬

‫فالصحيح‪ :‬أنه ال يفطر حتى يفارق القرية‪ ،‬ولذلك‪ :‬ال جيوز أن يقرص الصالة‪ ،‬حتى‬
‫خيرج من البلد‪ ،‬فكذلك ال جيوز أن يفطر‪ ،‬حتى خيرج من البلد»)‪.(1‬‬

‫وبناء عىل ذلك‪ :‬فمن عزم عىل السفر ليالً‪ ،‬فال جيوز له أن يصبح مفطر ًا‪ ،‬بل يلزمه أن‬
‫ينوي الصوم‪ ،‬فإن أصبح وسافر؛ جاز له الفطر‪ ،‬بعد مفارقة بلده‪.‬‬

‫واحلاصل‪ :‬أن من نوى الفطر من الليل بحجة أنه سيسافر غد ًا‪ ،‬فقد أخطأ‪.‬‬

‫ويلزمه قضاء يوم مكان ذلك اليوم‪ ،‬حتى لو فرض أنه مل يسافر؛ ألنه مل ينو الصيام‬
‫ال ِص َيا َم َل ُه (‪،)2‬‬
‫الص َيا َم َق ْب َل ال َف ْج ِر؛ َف َ‬ ‫من الليل‪ ،‬وقد قال النبي ‪« :H‬من َل ُ ِ‬
‫يم ِع ِّ‬‫َ ْ ْ ْ‬
‫ويلزمه يف حالة عدم السفر‪ ،‬أن يمسك عن املفطرات بقية اليوم؛ احرتام ًا للشهر؛ ألنه‬
‫أفطر من غري عذر رشعي)‪.(3‬‬

‫فعىل السائل أن يستغفر اهلل‪ ،‬ويتوب إليه مما فعل‪ ،‬ويقيض ذلك اليوم‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬أعمل يف حقل برتول‪ ،‬أذهب ملكان العمل يف احلقل عرشة أيام يف الشهر‪،‬‬

‫((( انظر‪ :‬الرشح املمتع (‪.)359/6‬‬


‫((( رواه أبو داود (‪ ،)2454‬والرتمذي (‪ ،)730‬والنسائي (‪ ،)2333‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع‬
‫(‪.)6538‬‬
‫((( انظر‪ :‬الرشح املمتع (‪.)209/6‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫أعمل يومني أو ثالثة أيام متواصلة‪ ،‬وأصوم إذا كنت يف املدينة‪ ،‬أما إذا كنت يف‬
‫احلقل‪ :‬فال أصوم‪ ،‬وأنا أسافر للحقل بالطائرة ملدة ساعة‪ ،‬فهل أعترب مسافر ًا وال‬
‫جيب عيل الصيام؟‬

‫*جواب‪:‬‬ ‫‪222‬‬

‫إذا كان لـك منْـزل تقيـم فيـه يف احلقـل‪ ،‬فلا تُعدُّ مسـافر ًا حين وصولـك إليه‪ ،‬بل‬
‫جيـب عليـك الصيـام يف مدينتـك‪ ،‬ويف مكان عملـك‪ ،‬وتكون مسـافر ًا يف املسـافة التي‬
‫بينهما ذهابـ ًا وإياب ًا‪.‬‬

‫ويف هذه احلال يصبح حكمك حكم صاحب الزوجتني‪ ،‬وكل زوجة يف بلد‪ ،‬وهو‬
‫ما يسمى [صاحب اإلقامتني]‪ ،‬فمثله‪ُ :‬يتِم الصالة‪ ،‬ويصوم يف البلد ْين‪ ،‬ويفطر‪ ،‬ويقرص‬
‫املسافة بينهام‪.‬‬

‫فأنت مسافر فيه؛ فيحل‬


‫جمرد‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫عملك يف احلقل‪ ،‬بل هو عمل َّ‬ ‫بيت يف‬
‫لك ٌ‬‫وإن مل يكن َ‬
‫لك الفطر أثناء العمل‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬أنا صاحب عمل‪ ،‬سفري مستمر يف البحث عن الرزق‪ ،‬وأؤدي الفروض‬
‫مجع ًا‪ ،‬دائ ًام يف سفري‪ُ ،‬‬
‫وأفطر يف شهر رمضان‪ ،‬فهل حيق يل ذلك‪ ،‬أم ال؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫جيوز لك يف سفرك قرص الصالة الرباعية‪ ،‬واجلمع بني الظهر والعرص يف وقت‬
‫إحدامها‪ ،‬واجلمع بني املغرب والعشاء يف وقت إحدامها‪ ،‬وجيوز لك أيض ًا الفطر يف شهر‬
‫رمضان يف سفرك‪ ،‬وجيب عليك قضاء األيام التي أفطرهتا من رمضان؛ لقوله تعاىل‪:‬‬
‫(ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ) [البقرة‪ .]185 :‬وباهلل التوفيق‪.‬‬
‫واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬
‫اذعألا لهأ مايص‬

‫*سؤال‪ :‬ما حكم من جامع زوجته يف هنار رمضان وهو عىل سفر؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫ال كفارة عليه وال إثم؛ ألن املسافر جيوز له الفطر‪ ،‬ولكن عليه قضاء هذا اليوم‪.‬‬
‫‪223‬‬
‫سئلت اللجنة الدائمة‪ :‬عن حكم من جامع أهله يف هنار رمضان‪ ،‬ومها مسافران‪،‬‬
‫ومفطران‪.‬‬

‫فأجابت‪« :‬جيوز الفطر يف السفر ملسافر يف هنار رمضان‪ ،‬ويقضيه؛ لقوله تعاىل‪:‬‬
‫‪ ،]185‬ويباح له‬ ‫(ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ) [البقرة‪:‬‬

‫األكل‪ ،‬والرشب‪ ،‬واجلامع‪ ،‬ما دام يف السفر (‪.)1‬‬

‫وسئل ابن عثيمني ‪ :V‬عن رجل جامع زوجته يف هنار رمضان‪ ،‬وهو مسافر؟‬

‫فأجاب‪« :‬ال حرج عليه يف ذلك؛ ألن املسافر جيوز له أن يفطر‪ ،‬باألكل‪ ،‬والرشب‪،‬‬
‫واجلامع‪ ،‬فال حرج عليه يف هذا‪ ،‬وال كفارة‪ ،‬ولكن‪ ،‬جيب عليه أن يصوم يوم ًا عن الذي‬
‫أفطره يف رمضان‪.‬‬

‫كذلك املرأة ال يشء عليها‪ ،‬إذا كانت مسافرة‪ ،‬مفطرة أم غري مفطرة يف ذلك اليوم‬
‫معه‪ ،‬أما إذا كانت مقيمة‪ :‬فال جيوز له مجاعها إن كانت صائمة فرض ًا؛ ألنه ُيفسد عليها‬
‫عبادهتا‪ ،‬وجيب عليها أن متتنع منه»)‪ .(2‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬متى حيرم عىل املسافر الفطر؟ مع ذكر السبب‪.‬‬

‫*جواب‪:‬‬

‫دل القرآن الكريم‪ ،‬والسنة النبوية‪ ،‬وإمجاع األمة عىل‪:‬‬

‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)202/10‬‬


‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)344/19‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫أن املسافر يف هنار رمضان‪ ،‬له أن يفطر‪.‬‬

‫وقد ذكر الفقهاء ‪ :‬أن املسافر الذي يباح له الفطر هو‪ :‬من سافر مسافة قرص‪،‬‬
‫وكان سفره مباح ًا‪.‬‬
‫‪224‬‬
‫أما من سافر سفر ًا ال يبلغ مسافة القرص‪ ،‬أو كان سفره سفر معصية‪ :‬فال يباح هلام‬
‫القرص‪.‬‬

‫وكذا لو سافر ليفطر؛ حرم عليه السفر‪ ،‬والفطر‪.‬‬

‫ومسافة القرص عند مجهور العلامء‪ ،‬هي‪ :‬أربعة ُب ُرد‪ ،‬وتعادل ‪ 80‬كم تقريب ًا‪ ،‬وذهب‬
‫بعض العلامء إىل أنه ال اعتبار باملسافة‪ ،‬وإنام العربة بام يسميه الناس سفر ًا‪.‬‬

‫والقول بأن العايص بسفره ال يباح له الفطر‪ ،‬وال غريه من رخص السفر‪ ،‬كقرص‬
‫الصالة‪ :‬هو مذهب املالكية‪ ،‬والشافعية‪ ،‬واحلنابلة(‪.)1‬‬

‫وعللوا قوهلم‪ :‬بأن الفطر رخصة‪ ،‬والعايص بسفره ليس أه ً‬


‫ال للرخصة‪ ،‬ومنهم من‬
‫استدل بقول اهلل تعاىل‪( :‬ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ) [البقرة‪.]173 :‬‬

‫ووجه الداللة‪ :‬أن اهلل تعاىل مل ُيبِ ْح أكل امليتة للمضطر الباغي‪ ،‬والعادي؛ ألهنم‬
‫عصاة‪ ،‬قالوا‪ :‬والباغي هو‪ :‬اخلارج عىل اإلمام‪ ،‬والعادي هو‪ :‬املحارب وقاطع الطريق‪.‬‬

‫وذهــب احلنفيــة إىل أن لــه الرتخــص بالفطــر‪ ،‬والقــر‪ ،‬وغــره‪ ،‬وهــو اختيــار‬
‫ابــن تيميــة ‪.(2)V‬‬

‫وهؤالء مل يسلموا للجمهور استدالهلم باآلية‪ ،‬وقالوا‪ :‬بل الباغي‪ :‬هو الذي يطلب‬
‫الطعام املحرم‪ ،‬مع قدرته عىل احلالل‪ ،‬واملعتدي‪ :‬هو الذي يتعدى القدر املحتاج إليه‪.‬‬

‫وأما من سافر ألجل أن يفطر‪ ،‬فهذا متحايل عىل الرشع‪ ،‬فعوقب بنقيض قصده‪.‬‬

‫((( انظر املغني (‪.)52/2‬‬


‫((( انظر البحر الرائق (‪ ،)149/2‬وجمموع الفتاوى (‪.)110/24‬‬
‫اذعألا لهأ مايص‬

‫قال يف كشاف القناع‪« :‬لكن‪ ،‬لو سافر ليفطر َح ُر َما عليه ‪-‬أي‪ :‬السفر والفطر‪،-‬‬
‫حيث ال علة لسفره إال الفطر‪ ،‬أما حرمة الفطر؛ فلعدم العذر املبيح له‪ ،‬وأما حرمة‬
‫السفر؛ فألنه وسيلة إىل الفطر املحرم»)‪.(1‬‬

‫‪225‬‬ ‫وليس للمسافر أن يفطر‪ ،‬إال بعد مفارقة عمران مدينته‪ ،‬أو قريته‪ ،‬فيحرم الفطر عليه‬
‫قبل ذلك؛ ألنه مقيم حينئذ‪.‬‬

‫وعىل هذا‪ :‬فيحرم عىل املسافر الفطر يف مواضع‪ ،‬منها‪:‬‬

‫‪ .1‬إذا كان سفره ال يبلغ مسافة القرص‪.‬‬


‫‪ .2‬إذا مل يكن سفره مباح ًا عند مجهور العلامء‪.‬‬
‫‪ .3‬إذا سافر؛ ألجل أن يفطر‪.‬‬
‫‪ .4‬إذا سافر‪ ،‬وأراد أن يفطر‪ ،‬قبل مفارقة بيوت قريته‪ ،‬أو مدينته‪.‬‬
‫‪ .5‬وهناك حالة خامسة حيرم فيها الفطر عىل املسافر عند مجهور العلامء‪ ،‬وهي‪ :‬إذا‬
‫أقام يف البلد الذي سافر إليه أكثر من أربعة أيام‪ ،‬ويرى آخرون من العلامء‪ :‬أن‬
‫املسافر يرتخص برخص السفر‪ ،‬ما دام مسافر ًا‪ ،‬مهام طالت املدة‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬ما معنى قول الرسول ‪« :H‬من صام فله أجر‪ ،‬ومن أفطر له أجران ؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«احلديـث املعـروف يف هـذا‪ ،‬مـا رواه أنـس ‪ I‬قـال‪« :‬كنا مـع النبي ‪H‬‬
‫يف السـفر‪ِ ،‬‬
‫فمنَّـا الصائـم‪ ،‬ومنـا املفطـر‪ ،‬قـال‪ :‬فنَزلنـا منْـزالً يف يـوم حـار‪ ،‬أكثرنـا‬
‫ـوام‪ ،‬وقام‬
‫الص َّ‬ ‫ظل ً‬
‫ا صاحـب الكسـاء‪ ،‬ومنـا مـن يتقي الشـمس بيـده‪ ،‬قـال‪ :‬فسـقط ُّ‬
‫املفطـرون‪ ،‬فرضبـوا األبنيـة‪ ،‬وسـقوا الـركاب‪ ،‬فقـال رسـول اهلل ‪َ « :H‬ذ َه َ‬
‫ـب‬
‫ـر (‪ ،)2‬وعنـه قال‪« :‬كان رسـول اهلل‪ H‬يف سـفر‪ ،‬فصام‬ ‫ـو َم بِاألَ ْج ِ‬ ‫الم ْفطِ ُـر َ‬
‫ون ال َي ْ‬ ‫ُ‬

‫((( كشاف القناع (‪.)229/5‬‬


‫((( رواه البخاري (‪ ،)2733‬ومسلم (‪.)1119‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫بعـض‪ ،‬وأفطـر بعـض‪ ،‬فتحـزم املفطـرون‪ ،‬وعملـوا‪ ،‬وضعـف الصائمـون عن بعض‬


‫ـو َم بِاألَ ْج ِر (‪.)1‬‬ ‫الم ْفطِ ُـر َ‬
‫ون ال َي ْ‬ ‫ـب ُ‬‫العمـل‪ ،‬قال‪ :‬فقـال يف ذلـك‪َ « :‬ذ َه َ‬

‫ومعنى احلديث واضح‪ ،‬والقصد‪ :‬بيان أن األخذ برخصة الفطر يف السفر‪ ،‬عند‬
‫املشقة‪ ،‬وشدة احلر‪ ،‬خري من األخذ بالعزيمة‪ ،‬وهو الصوم‪.‬‬ ‫‪226‬‬

‫أما احلديث الذي ذكرته‪ :‬فال نعلم له أصالً»)‪ .(2‬واهلل أعلم‪.‬‬


‫***‬

‫*سؤال‪ :‬هل جيوز لزوجتي التي ترضع ابني البالغ من العمر عرشة أشهر اإلفطار يف‬
‫شهر رمضان؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫املرضع واحلامل هلام حاالن‪:‬‬

‫األوىل‪ :‬أن ال تتأثر بالصيام‪ ،‬فال يشق عليها الصيام‪ ،‬وال ُيشى منه عىل ولدها؛‬
‫فيجب عليها الصيام‪ ،‬وال جيوز هلا أن تفطر‪.‬‬

‫الثانية‪ :‬أن ختاف عىل نفسها‪ ،‬أو ولدها‪ ،‬من الصيام‪ ،‬ويشق عليها‪ ،‬فلها أن تفطر‪،‬‬
‫وعليها أن تقيض األيام التي أفطرهتا‪.‬‬

‫ويف هذه احلال األفضل هلا الفطر‪ ،‬ويكره هلا الصيام‪ ،‬بل ذكر بعض أهل العلم أهنا‬
‫إذا كانت ختشى عىل ولدها؛ وجب عليها اإلفطار‪ ،‬وحرم الصوم‪.‬‬
‫قال املرداوي‪« :‬إن خافت حامل ومرضع عىل محل وولد‪ ،‬حال الر َضاع مل َ ِ‬
‫ي َّل‬ ‫َّ‬
‫الصو ُم‪ ،‬وإن مل ختف مل حيل الفطر»)‪.(3‬‬

‫((( رواه مسلم (‪.)1119‬‬


‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)202/10‬‬
‫((( اإلنصاف (‪.)206/3‬‬
‫اذعألا لهأ مايص‬

‫وسئل ابن عثيمني ‪ V‬تعاىل‪ :‬إذا أفطرت احلامل أو املرضع بدون عذر‪ ،‬وهي قوية‬
‫ونشيطة‪ ،‬وال تتأثر بالصيام‪ ،‬فام حكم ذلك؟‬

‫فأجاب‪« :‬ال حيل للحامل أو املرضع أن تفطرا يف هنار رمضان إال للعذر‪ ،‬فإذا أفطرتا‬
‫‪227‬‬ ‫للعذر وجب عليهام قضاء الصوم؛ لقول اهلل تعاىل يف املريض‪( :‬ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ‬
‫ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ) [البقرة‪ ،]185 :‬ومها بمعنى املريض )‪.(1‬‬

‫وسئل ابن عثيمني ‪- V‬أيض ًا‪ -‬عن‪ :‬احلامل إذا خافت عىل نفسها‪ ،‬أو خافت عىل‬
‫ولدها‪ ،‬وأفطرت‪ ،‬فام احلكم؟‬

‫فأجاب‪« :‬جوابنا عىل هذا أن نقول‪ :‬احلامل ال ختلو من حالني‪:‬‬

‫إحدامها‪ :‬أن تكون نشيطة قوية‪ ،‬ال يلحقها مشقة‪ ،‬وال تأثري عىل جنينها‪ ،‬فهذه املرأة‬
‫جيب عليها أن تصوم؛ ألهنا ال عذر هلا يف ترك الصيام‪.‬‬

‫واحلال الثانية‪ :‬أن تكون احلامل غري متحملة للصيام‪ ،‬إما لثقل احلمل عليها‪ ،‬أو‬
‫لضعفها يف جسمها‪ ،‬أو لغري ذلك‪ ،‬ويف هذه احلال تفطر‪ ،‬السيام إذا كان الرضر عىل‬
‫جنينها؛ فإنه قد جيب الفطر عليها حينئذ‪ ،‬وإذا أفطرت فإهنا كغريها ممن يفطر لعذر‪،‬‬
‫جيب عليها قضاء الصوم‪ ،‬متى زال ذلك العذر عنها‪ ،‬فإذا وضعت وجب عليها قضاء‬
‫الصوم‪ ،‬بعد أن تطهر من النفاس‪ ،‬ولكن‪ ،‬أحيان ًا يزول عذر احلمل‪ ،‬ويلحقه عذر آخر‪،‬‬
‫وهو عذر اإلرضاع‪ ،‬وأن املرضع قد حتتاج إىل األكل والرشب ال سيام يف أيام الصيف‬
‫الطويلة النهار‪ ،‬الشديدة احلر‪ ،‬فإهنا قد حتتاج إىل أن تفطر؛ لتتمكن من تغذية ولدها‬
‫بلبنها‪ ،‬ويف هذه احلال نقول هلا أيض ًا‪ :‬أفطري‪ ،‬فإذا زال عنك العذر‪ ،‬فإنك تقضني ما‬
‫فاتك من الصوم»)‪ .(2‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)161/19‬‬


‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)162/19‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*سؤال‪ :‬هل تستطيع املرأة احلامل الفطر يف رمضان إذا شعرت ببعض التعب؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫ينبغي أن ُي ْع َل َم أنه ليس ُّ‬


‫كل تعب أو مشقة‪ ،‬يعترب عذر ًا يبيح الفطر يف رمضان‪ ،‬ألن‬
‫‪228‬‬
‫الصوم ال خيلو من مشقة وتعب‪ ،‬إال أهنا مشقة يسرية معتادة يف الغالب‪.‬‬

‫وعىل هذا‪ :‬فاحلامل إذا شعرت ببعض التعب فال خيلو من حالني‪:‬‬

‫األوىل‪ :‬أن يكون التعب يسري ًا‪ ،‬بحيث ال يشق عليها الصوم‪ ،‬مشقة شديدة غري‬
‫معتادة‪ ،‬وال ختاف عىل نفسها‪ ،‬وال عىل جنينها؛ فحينئذ جيب عليها الصوم‪ ،‬وال جيوز‬
‫هلا الفطر‪.‬‬

‫الثانية‪ :‬أن تكون املشقة شديدة‪ ،‬أو ختاف عىل نفسها أو عىل جنينها الرضر؛ فالفطر‬
‫هلا أفضل‪ ،‬وقد يكون واجب ًا‪.‬‬

‫الم َسافِ ِر‬


‫«إن اهلل َو َض َع َع ْن ُ‬
‫ويدل عىل الرخصة للحامل يف الفطر‪ ،‬قوله ‪َّ :H‬‬
‫الم ْر ِض ِع )‪.(1‬‬
‫الح ْب َل‪َ ،‬و ُ‬
‫الص ْو َم‪َ ،‬و َع ْن ُ‬
‫ِ‬
‫الصالة َو َّ‬
‫ف َّ‬‫نِ ْص َ‬

‫وإذا أفطرت احلامل؛ فإهنا يلزمها قضاء األيام التي أفطرهتا‪.‬‬

‫جاء يف فتاوى اللجنة الدائمة‪« :‬أما احلامل‪ :‬فيجب عليها الصوم حال محلها‪ ،‬إال إذا‬
‫كانت ختشى من الصوم عىل نفسها أو جنينها‪ ،‬فريخص هلا يف الفطر‪ ،‬وتقيض بعد أن‬
‫تضع محلها‪ ،‬وتطهر من النفاس»(‪.)2‬‬

‫وهل يلزمها اإلطعام يف حال فطرها خوفا عىل جنينها؟ يف ذلك خالف بني الفقهاء‪.‬‬

‫‪-‬وهو يذكر اختالف العلامء فيام جيب عىل احلامل إذا‬ ‫‪V‬‬ ‫قال ابن عثيمني‬
‫أفطرت‪« :-‬القول الثالث‪ :‬يلزمها القضاء فقط دون اإلطعام‪ ،‬وهذا القول أرجح‬

‫((( رواه النسائي (‪ ،)2274‬وحسنه األلباين يف صحيح اجلامع (‪.)2716‬‬


‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)226/10‬‬
‫اذعألا لهأ مايص‬

‫األقوال عندي؛ ألن غاية ما يكون أهنام ‪-‬احلامل واملرضع‪ -‬كاملريض واملسافر‪ ،‬فيلزمهام‬
‫القضاء فقط»)‪ .(1‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬قرأت أنه جيوز للحامل واملرضع ترك الصيام بدون قضاء‪ ،‬وتطعم بدل ذلك‪،‬‬
‫‪229‬‬
‫ويستدل له بام ورد عن ابن عمر ‪ L‬يف ذلك‪ ،‬ما صحة هذا؟ أفيدونا بالدليل‬
‫بارك اهلل فيكم‪.‬‬
‫*جواب‪:‬‬
‫اختلف العلامء يف حكم احلامل واملرضع إذا أفطرتا عىل عدة أقوال‪:‬‬
‫القول األول‪ :‬عليهام القضاء فقط‪ ،‬وهذا مذهب اإلمام أيب حنيفة ‪ ،V‬وقال به من‬
‫الصحابة عيل بن أيب طالب ‪.I‬‬
‫القول الثاين‪ :‬إن خافتا عىل أنفسهام فعليهام القضاء فقط‪ ،‬وإن خافتا عىل ولدهيام؛‬
‫فعليهام القضاء‪ ،‬وإطعام مسكني عن كل يوم‪ ،‬وهو مذهب اإلمامني الشافعي‪ ،‬وأمحد‪،‬‬
‫وحكاه اجلصاص عن ابن عمر ‪.L‬‬
‫القـول الثالـث‪ :‬عليهما اإلطعـام فقـط‪ ،‬وال قضـاء عليهام‪ ،‬وقـال به مـن الصحابة‬
‫عبد اهلل بن عباس ‪ ،L‬وحكاه ابن قدامة عن ابن عمر ‪ L‬أيض ًا)‪.(2‬‬

‫عن ابن عباس قال‪« :‬إذا خافت احلامل عىل نفسها‪ ،‬واملرضع عىل ولدها يف رمضان‪،‬‬
‫قال‪ :‬يفطران ويطعامن مكان كل يوم مسكينا‪ ،‬وال يقضيان صوما»(‪.)3‬‬

‫واستدل من قالوا بأن عليهام القضاء فقط بعدة أدلة‪ ،‬منها‪:‬‬

‫الم َسافِ ِر نِ ْص َ‬
‫ف‬ ‫‪ .1‬عن أنس ‪ ،I‬عن النبي ‪َ H‬ق َال‪« :‬إِ َّن ال َّل َه َو َض َع َع ْن ُ‬
‫الم ْر ِض ِع (‪.)4‬‬
‫الح ْب َل َو ُ‬
‫الص ْو َم‪َ ،‬و َع ْن ُ‬
‫ِ‬
‫الصالة‪َ ،‬و َّ‬
‫َّ‬

‫((( الرشح املمتع (‪.)362/6‬‬


‫((( انظر املغني (‪.)394/4‬‬
‫((( رواه الطربي يف تفسريه (‪ ،)427/3‬وصححه األلباين يف اإلرواء (‪ )19/4‬عىل رشط مسلم‪.‬‬
‫((( رواه النسائي (‪ ،)2274‬وحسنه األلباين يف صحيح اجلامع الصغري (‪.)2716‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫فجعل النبي ‪ H‬حكم احلامل واملرضع كاملسافر‪ ،‬واملسافر يفطر ويقيض‪،‬‬


‫فكذلك احلامل واملرضع(‪.)1‬‬

‫‪ .2‬القياس عىل املريض‪ ،‬فكام أن املريض يفطر ويقيض‪ ،‬فكذلك احلامل واملرضع)‪.(2‬‬
‫‪230‬‬
‫وقد اختار هذا القول مجاعة من العلامء‪.‬‬

‫قال ابن باز ‪« :V‬الصواب يف هذا‪ :‬أن عىل احلامل واملرضع القضاء‪ ،‬وما ُيروى‬
‫عن ابن عباس وابن عمر‪ :‬أن عىل احلامل واملرضع اإلطعام‪ ،‬هو قول مرجوح‪ ،‬خمالف‬
‫لألدلة الرشعية‪ ،‬واهلل سبحانه يقول‪( :‬ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ‬
‫ﯔ ﯕ) [البقرة‪ ،]185 :‬واحلامل واملرضع تلحقان باملريض‪ ،‬وليستا يف حكم الكبري‬
‫العاجز‪ ،‬بل مها يف حكم املريض‪ ،‬فتقضيان إذا استطاعتا ذلك‪ ،‬ولو تأخر القضاء»)‪.(3‬‬

‫وجاء يف فتاوى اللجنة الدائمة‪« :‬أما احلامل‪ :‬فيجب عليها الصوم حال محلها‪ ،‬إال‬
‫إذا كانت ختشى من الصوم عىل نفسها‪ ،‬أو جنينها؛ فريخص هلا يف الفطر‪ ،‬وتقيض بعد أن‬
‫تضع محلها‪ ،‬وتطهر من النفاس‪ ،‬وال جيزئها اإلطعام عن الصيام‪ ،‬بل ال بد من الصيام‪،‬‬
‫ويكفيها عن اإلطعام»(‪ .)4‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬لدي طفل يبلغ من العمر عرشة أشهر‪ ،‬واآلن وقد جاء شهر رمضان أريد أن‬
‫أصوم الشهر‪ .‬ولكن قبل أيام قمت بصوم يومي االثنني واخلميس فأرهقني وأتعبني‪.‬‬
‫هل جيوز أن أقطع الطفل من الرضاعة ألجل الصيام‪ ،‬أم األفضل أن أترك الصيام‬
‫ألجل رضاعة الطفل؟‬

‫((( أحكام القرآن للجصاص (‪.)181/1‬‬


‫((( املغني (‪.)394/4‬‬
‫((( جمموع فتاوى ابن باز(‪.)227/15‬‬
‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)226/10‬‬
‫اذعألا لهأ مايص‬

‫*جواب‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬املرضع واحلامل إذا خافت عىل نفسها أو ولدها؛ فاألفضل هلا الفطر‪ ،‬ويكره‬
‫هلا الصوم‪ ،‬بل قال بعض أهل العلم‪ :‬إذا خافت عىل ولدها؛ حرم عليها الصوم‪ ،‬ووجب‬
‫‪231‬‬ ‫عليه الفطر؛ ألهنا ليس هلا أن تفعل ما يرض ولدها‪.‬‬
‫ثاني ًا‪ :‬إذا كان الطفل مستغني ًا عن رضاع أمه‪ ،‬فإهنا تصوم وال تفطر؛ لعدم احلاجة إىل‬
‫فطرها حينئذ‪.‬‬
‫قال املرداوي‪« :‬إذا كان الطفل مستغني ًا عن رضاعها؛ مل َ ُ‬
‫ي ْز هلا الفطر»(‪.)1‬‬
‫ثالث ًا‪ :‬إذا كان املقصود من قولك يف السؤال‪ :‬أقطع الطفل من الرضاعة‪ ،‬أنك‬
‫تفطمينه‪ ،‬فإنه ُينْظر يف ذلك إىل حال الولد‪ ،‬فإن كان يترضر بذلك؛ فال جيوز اإلقدام عىل‬
‫هذا‪ ،‬وإن كان ال يترضر به؛ فال بأس من فطامه‪ ،‬بعد مشاورة األب‪ ،‬واالتفاق معه عىل‬
‫ذلك؛ لقول اهلل تعاىل‪( :‬ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﯖ‬
‫ﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧ‬
‫ﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺ‬
‫ﯻ) [البقرة‪.]233 :‬‬

‫قـال القرطبـي ‪ :V‬‏»قولـه تعـاىل‪( :‬ﯲ ﯳ ﯴ) الضمير يف (ﯳ)‬


‫للوالديـن‪ ،‬و(ﯴ) معنـاه فطامـ ًا عـن الرضـاع‪ ،‬أي‪ :‬عـن االغتـذاء بلبـن أمه‪ ،‬إىل‬
‫غيره مـن األقـوات‪( ،‬ﯵ ﯶ ﯷ) أي قبـل احلولين (ﯹ ﯺ ﯻ) أي يف‬
‫فصلـه‪ ،‬وذلـك‪ :‬أن اهلل سـبحانه جعـل مـدة الرضاع حولين‪ ،‬إال أن يتفـق األبوان عىل‬
‫أقـل مـن ذلـك العـدد‪ ،‬مـن غير مضـارة بالولـد‪ ،‬فذلك جائـز هبـذا البيـان»)‪.(2‬‬

‫وروى ابن جرير الطربي عن سفيان الثوري ‪ ،V‬قال‪« :‬إذا أراد األب أن يفطمه‬
‫قبل احلولني‪ ،‬ومل ترض املرأة؛ فليس له ذلك‪ ،‬وإذا قالت املرأة‪ :‬أنا أفطمه قبل احلولني‪،‬‬
‫وقال األب‪ :‬ال؛ فليس هلا أن تفطمه حتى يرىض األب‪ ،‬حتى جيتمعا‪ ،‬فإن اجتمعا قبل‬

‫((( اإلنصاف‪ -‬بترصف (‪.)206/7‬‬


‫((( انظر‪ :‬اجلامع ألحكام القرآن (‪.)171/3‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫احلولني فطامه‪ ،‬وإذا اختلفا مل يفطامه قبل احلولني‪ ،‬وذلك قوله‪( :‬ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ‬
‫ﯶ ﯷ ﯸ) (‪.)1‬‬

‫وأما إذا كان املقصود بقطع الطفل عن الرضاعة‪ ،‬نقله إىل الرضاعة الصناعية‪ ،‬فإن‬
‫يف هذا تفويت ًا ملصلحة الرضاعة الطبيعية عىل الولد‪ ،‬وقد ثبت ثبوت ًا ال جمال للشك‬ ‫‪232‬‬
‫فيه‪ ،‬أمهية الرضاعة الطبيعية لألطفال‪ ،‬ويف هذه احلال ال ترتك املرأة الرضاعة الطبيعة‬
‫ألجل الصيام؛ حيث إن الرضاعة الصناعية ال تغني عنها متام ًا‪ ،‬وألن يف أمهية الرضاعة‬
‫الطبيعية للطفل عذر ًا كافي ًا هلا لإلفطار‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬هل جيوز ألصحاب األعامل الشاقة أن يفطروا يف رمضان؟ كالذين يعملون‬
‫يف مصانع احلديد والصلب‪ ،‬ونحو ذلك من األعامل الشاقة‪.‬‬

‫*جواب‪:‬‬

‫أفتى بعض العلامء بجواز الفطر هلؤالء‪ ،‬ثم أرسلت الفتوى للشيخني عبد اهلل بن‬
‫حممد بن محيد‪ ،‬وعبد العزيز بن باز ‪ W‬للتعقيب عليها‪ ،‬فقاال‪« :‬األصل وجوب‬
‫صوم رمضان‪ ،‬وتبييت النية له من مجيع املكلفني من املسلمني‪ ،‬وأن يصبحوا صائمني‪،‬‬
‫إال من رخص هلم الشارع بأن يصبحوا مفطرين‪ ،‬وهم املرىض واملسافرون‪ ،‬ومن يف‬
‫معناهم‪ ،‬وأصحاب األعامل الشاقة داخلون يف عموم املكلفني‪ ،‬وليسوا يف معنى املرىض‬
‫واملسافرين‪ ،‬فيجب عليهم تبييت نية صوم رمضان‪ ،‬وأن يصبحوا صائمني‪ ،‬ومن‬
‫اضطر منهم للفطر أثناء النهار؛ فيجوز له أن يفطر بام يدفع اضطراره‪ ،‬ثم يمسك بقية‬
‫يومه‪ ،‬ويقضيه يف الوقت املناسب‪ ،‬ومن مل حتصل له رضورة؛ وجب عليه االستمرار يف‬
‫الصيام‪ ،‬هذا ما تقتضيه األدلة الرشعية من الكتاب والسنة‪ ،‬وما دل عليه كالم املحققني‬
‫من أهل العلم من مجيع املذاهب‪.‬‬

‫وعىل والة أمور املسلمني الذين يوجد عندهم أصحاب األعامل الشاقة‪ ،‬أن ينظروا‬
‫يف أمرهم إذا جاء رمضان‪ ،‬فال يكلفوهم من العمل ‪-‬إن أمكن‪ ،-‬ما يضطرهم إىل الفطر‬

‫((( جامع البيان (‪.)35/5‬‬


‫اذعألا لهأ مايص‬

‫يف هنار رمضان‪ ،‬بأن جيعل العمل ليالً‪ ،‬أو تُوزع ساعات العمل يف النهار بني العامل‬
‫توزيع ًا عادالً‪ ،‬يوفقون به بني العمل والصيام‪.‬‬

‫أما الفتوى املشار إليها‪ :‬فهي يف قضية فردية‪ ،‬أفتوا فيها باجتهادهم مشكورين‪ ،‬إال‬
‫‪233‬‬ ‫أنه فاهتم ذكر القيود التي ذكرنا‪ ،‬والتي قررها املحققون من أهل العلم يف كل مذهب‪،‬‬
‫نسأل اهلل أن يوفق اجلميع ملا فيه اخلري»(‪ .)1‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬إين أعمل يف الدفاع املدين‪ ،‬فإذا كنت يف رمضان هل جيوز يل أن ُأفطر‪ ،‬إذا‬
‫أحسست بالعطش الشديد أثناء إسعاف املصابني؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«ال بــأس‪ ،‬لكــن األفضــل أال تفطــر إال يف احلــاالت الرضوريــة‪ ،‬وعليــك قضــاء‬
‫ذلــك اليــوم‪.‬‬

‫أما ما دام اإلنسان يستطيع أن ُيكمل صيامه؛ فال جيوز اإلفطار‪ ،‬لكن لو كان احلادث‬
‫بعيد ًا ‪-‬مثالً‪ ،-‬والشمس حمرقة يف وقت صائف‪ ،‬وذهبت إلنقاذ مصاب‪ ،‬أو إلمخاد‬
‫حريق‪ ،‬وأحسست بالعطش‪ ،‬وترضرت هبذا؛ فال بأس ‪-‬إن شاء اهلل‪ -‬من اإلفطار؛‬
‫فاهلل ‪ C‬يقول‪( :‬ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ) [التغابن‪ ،]16 :‬وقال‪( :‬ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ‬
‫ﯛ ﯜ) [البقرة‪ ،]286 :‬وقد قال النبي ‪« :H‬إِ َذا َأ َم ْر ُتك ُْم بِ َأ ْم ٍر‪َ ،‬ف ْأتُوا ِم ْن ُه َما‬
‫ْاس َت َط ْعت ُْم (‪ ،)2‬وهذا‪ ،‬ما مل يصل األمر إىل حد السفر‪ ،‬أما الوصول إىل حد السفر‪ ،‬فيجوز‬
‫اإلفطار مطلق ًا»)‪ .(3‬واهلل أعلم‬
‫***‬

‫((( جمموع فتاوى ابن باز (‪.)245/15‬‬


‫((( رواه مسلم (‪.)1337‬‬
‫((( من فتاوى سامحة الشيخ عبد اهلل بن محيد (ص‪.)171‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*سؤال‪ :‬إنني أعمل يف عمل شاق‪ ،‬وهو البناء يف السعودية‪ ،‬ومع مخسة عرش رجالُ‪،‬‬
‫وعندما جاء شهر رمضان صمنا أول يوم من رمضان واليوم الثاين‪ ،‬ثم أفطر اجلميع‬
‫بقية الشهر وأنا معهم؛ ألننا أتينا من مرص‪ ،‬وألول مرة نصادف اختالف اجلو‪ ،‬ويف‬
‫السنة التالية صمت رمضان‪ ،‬فام حكم ذلك؟ عل ًام بأنه جاء رمضان الثاين وصمته ومل‬
‫‪234‬‬
‫أقض ما فاتني من رمضان املايض؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«هـذا حـرام عليـك‪ ،‬وال جيوز لـك؛ ألن صيـام رمضان ركـن من أركان اإلسلام‬
‫اخلمسـة‪ ،‬فقـد قـال تعـاىل‪( :‬ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ‬
‫ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ) [البقرة‪ ،]183 :‬فما ُع ْ‬
‫ـذرك عند اهلل ‪ F‬إذا وقفت‬
‫بين يديـه يـوم القيامـة‪ ،‬وقد أعطـاك الصحـة والعافيـة‪ ،‬ومع هـذا مل تقم بأوامـره‪ ،‬ومل‬
‫تعمـل بآياتـه؟ فحـرام عليـك أن تعمـل ذلـك‪ ،‬وعليـك أن تتـوب وتسـتغفر‪ ،‬وتنـدم‬
‫عىل ما فات‪.‬‬

‫أمـا كونـك تعمـل‪ ،‬فهذا ليس بعـذر‪ ،‬فيمكنـك أن تعمـل يف الليـل‪ ،‬وإذا مل تتمكن‬
‫ا خفيف ًا تسـتطيع معه الصـوم‪ ،‬أما أنـك تفطر‬
‫مـن ذلـك اترك العمـل‪ ،‬أو اعمـل عمل ً‬
‫يف رمضـان بحكـم أنـك عامـل؛ فهـذا أمـر ال جيـوز‪ ،‬والذي يظهـر من سـؤالك‪ ،‬أنك‬
‫قصرت يف طلـب عمـل آخـر‪ ،‬أو يف تأجيـل العمـل إىل الليـل‪ ،‬أو إىل شـهر آخـر‪ ،‬فلم‬
‫يكـن هنـاك رضورة لإلفطار‪.‬‬

‫فإن كان عليك أيام من رمضان املايض مل تقضها‪ ،‬وجاء رمضان الثاين؛ فعليك‬
‫القضاء واإلطعام‪ ،‬تُطعم عن كل يوم مد ًا من بر‪ ،‬أو نصف صاع من غريه‪ ،‬وعليك أال‬
‫تعود ملثل هذا‪ ،‬واستغفر اهلل‪ ،‬وتذكر وقوفك بني يديه ‪ ،C‬وتذكر أيض ًا حماسبته لك‪،‬‬
‫وفقنا اهلل وإياكم ملا حيبه ويرضاه»(‪ .)1‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫((( من فتاوى سامحة الشيخ عبد اهلل بن محيد (ص‪.)172‬‬


‫اذعألا لهأ مايص‬

‫*سؤال‪ :‬أعمل غطاس ًا يوم ّي ًا يف البحر‪ ،‬بعض األحيان يدخل رذاذ من ماء البحر يف‬
‫الفم‪ ،‬يصل إىل احللق‪ ،‬ولكن ال يدخل إىل اجلوف‪ ،‬هل هذا يبطل الصيام؟ ويف حالة‬
‫عدم مقدريت عىل الصيام بسبب اجلهد‪ ،‬ماذا أفعل؟‬
‫‪235‬‬ ‫*جواب‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬ال بأس أن يغوص الصائم يف املاء‪ ،‬وعليه أن حيرص أن ال يترسب املاء إىل‬
‫جوفه‪ ،‬بقدر ما يستطيع‪.‬‬

‫قال ابن عثيمني ‪« :V‬ال بأس أن يغوص الصائم يف املاء‪ ،‬أو يعوم فيه؛ ألن ذلك‬
‫ليس من املفطرات‪ ،‬واألصل‪ِ :‬‬
‫احل ُّل‪ ،‬حتى يقوم دليل عىل الكراهة‪ ،‬أو عىل التحريم‪،‬‬
‫وليس هناك دليل عىل التحريم‪ ،‬وال عىل الكراهة‪ ،‬وإنام كرهه بعض أهل العلم؛ خوف ًا‬
‫من أن يدخل إىل حلقه يشء‪ ،‬وهو ال يشعر به‪ ،‬ولكن حيرص عىل أن ال يترسب املاء إىل‬
‫جوفه‪ ،‬بقدر ما يستطيع»(‪.)1‬‬

‫وجاء يف فتاوى اللجنة الدائمة‪« :‬جتوز السباحة يف هنار رمضان‪ ،‬ولكن ينبغي للسابح‬
‫أن يتحفظ من دخول املاء إىل جوفه»)‪.(2‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬صوم رمضان ركن من أركان اإلسالم‪ ،‬فال جيوز ملسلم أن يتهاون بصيامه‬
‫أو يضيعه‪ ،‬بمجرد حصول مشقة بسبب العمل‪ ،‬بل الواجب عليه‪ :‬أن حياول اجلمع‬
‫بني الصيام والعمل إن أمكن‪ ،‬فإن مل يمكن ومل يكن مضطر ًا للعمل‪ ،‬فإنه يقدم الصيام‪،‬‬
‫فيأخذ إجازة من العمل إن أمكن‪ ،‬فإن مل يمكن‪ ،‬وكان مضطر ًا للعمل؛ فإنه ينوي الصيام‬
‫من الليل‪ ،‬ويصبح صائ ًام‪ ،‬فإن شق عليه مشقة شديدة؛ جاز له أن يفطر للرضورة‪ ،‬وعليه‬
‫قضاء هذا اليوم‪ ،‬فإن مل يشق عليه‪ ،‬ومتكن من إمتام الصيام؛ وجب عليه ذلك)‪.(3‬‬

‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)285/19‬‬


‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)281/10‬‬
‫((( انظر‪ :‬فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)234/10‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫ثالث ًا‪ :‬إذا سبح الصائم يف املاء‪ ،‬ووصل املاء إىل حلقه بغري اختياره؛ فإنه ال يفطر؛‬
‫لعدم القصد‪ ،‬وهو مذهب اإلمام أمحد ‪.)1(V‬‬

‫رابع ًا‪ :‬قول السائل‪ :‬أن املاء يصل إىل حلقه‪ ،‬ولكنه ال يدخل إىل اجلوف‪ ،‬لعل قصده‬
‫باجلوف‪ :‬املعدة‪.‬‬ ‫‪236‬‬

‫وقد اختلف العلامء يف مفسدات الصيام‪ :‬هل العربة بوصول الطعام أو الرشاب إىل‬
‫احللق‪ ،‬أم إىل املعدة؟‬

‫قال ابن عثيمني ‪« :V‬ذكر العلامء ست مسائل‪ ،‬علقوا احلكم فيها بوصول املاء إىل‬
‫حلق الصائم‪ ،‬فجعلوا مناط احلكم وصول املاء إىل احللق‪ ،‬ال إىل املعدة‪ ،‬وظاهر كالم‬
‫ابن تيمية ‪ :V‬أن مناط احلكم وصول املفطر إىل املعدة‪ ،‬وال شك أن هذا هو املقصود؛‬
‫إذ مل يرد يف الكتاب والسنة‪ ،‬أن مناط احلكم هو الوصول إىل احللق‪ ،‬لكن الفقهاء ‪‬‬

‫قالوا‪ :‬إن وصوله إىل احللق‪ ،‬مظنة وصوله إىل املعدة‪ ،‬أو إن مناط احلكم وصول املفطر‬
‫إىل يشء جموف‪ ،‬واحللق جموف»)‪.(2‬‬

‫واخلالصة‪ :‬ال حرج يف السباحة والغوص يف املاء مع الصيام‪ ،‬وإذا وصل يشء من‬
‫املاء إىل احللق‪ ،‬أو إىل املعدة من غري اختيارك؛ فإنك ال تُفطر بذلك‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬هل يقبل اهلل صيام من لديه شهادات استثامر‪ ،‬ويضارب يف أسهم البنوك‬
‫الربوية؟ هو مرايب أم ال؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫يقــول اهلل تعــايل‪( :‬ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ‬


‫‪.]278‬‬ ‫ﮱ) [البقرة‪:‬‬

‫((( انظر‪ :‬املغني (‪.)358/3‬‬


‫((( الرشح املمتع (‪.)393/6‬‬
‫اذعألا لهأ مايص‬

‫هذا نداء من اهلل لعباده أن يرتكوا الربا وجيتنبوه؛ ألنه سبحانه حرم الربا‪( :‬ﭠ ﭡ ﭢ‬
‫ﭣ ﭤ) [البقرة‪.]257 :‬‬
‫وأكل الربا سبب من أسباب هوان املسلمني وذهلم؛ فقد قال ‪« :O‬إذا‬
‫َاب البقر‪َ ،‬و َر ِضيت ُْم بالزرعِ‪ ،‬وتركتم اجلها َد؛ سلط اهللُ عليكم‬ ‫ِ ِ‬
‫َت َبا َي ْعت ُْم بِالعينَة‪َ ،‬و َأ َخ ْذت ُْم َأ ْذن َ‬
‫‪237‬‬
‫ُذ ًّل‪ ،‬الَ َين ِْز ُع ُه حتى ترجعوا إىل دينِكم )‪.(1‬‬
‫وأما صوم من ارتكب كبرية من الكبائر ‪-‬كرشاء أسهم البنوك الربوية ‪ ،-‬فإنه جمزئ‬
‫إال أنه ناقص‪ ،‬وقد ال حيصل له أجر الصيام‪.‬‬
‫فتأمـل قـول اهلل تعـاىل‪( :‬ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ‬
‫ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ) [البقرة‪ ،]183 :‬فقـد ذكـر اهلل تعـاىل يف هـذه‬
‫اآليـة احلكمـة مـن فـرض الصيـام‪ ،‬وهـي‪ :‬أن يكـون وسـيلة لتقـوى اهلل ‪ ،D‬بفعـل‬
‫الواجبـات‪ ،‬وتـرك املحرمـات‪.‬‬
‫اج ٌة ِف َأ ْن‬ ‫ُّور‪ ،‬والعم َ ِ‬
‫ـل بِه‪َ ،‬ف َل ْي َ‬
‫ـس لَِّ َح َ‬ ‫ـو َل الز ِ َ َ َ‬‫«م ْن َل ْ َيدَ ْع َق ْ‬
‫وقـد قـال ‪َ :O‬‬
‫شا َبـ ُه (‪ ،)2‬أي‪ :‬مل يـرد اهلل منـا بالصـوم أن نترك الطعام والشراب‪ ،‬إنام‬ ‫َيـدَ َع َط َع َامـ ُه َو َ َ‬
‫يريـد اهلل ‪ D‬أن نتقـي اهلل؛ لقوله تعـاىل‪( :‬ﭯ ﭰ))‪.(3‬‬
‫ور‪َ ،‬وال َع َم َل بِ ِه)‪ :‬املراد بقول الزور‪:‬‬ ‫الز ِ‬
‫قال احلافظ ابن حجر ‪َ « :V‬ق ْو ُل ُه‪َ ( :‬ق ْول ُّ‬
‫الكذب‪ ،‬والعمل به‪ :‬أي بمقتضاه‪.‬‬
‫قال ابن العريب ‪« :V‬مقتىض هذا احلديث‪ :‬أن من فعل ما ُذ ِكر؛ ال يثاب عىل‬
‫صيامه‪ ،‬ومعناه‪ :‬أن ثواب الصيام ال يقوم يف املوازنة بإثم الزور‪ ،‬وما ذكر معه»‪.‬‬
‫وقال البيضاوي‪« :‬ليس املقصود من رشعية الصوم نفس اجلوع والعطش‪ ،‬بل ما يتبعه من كرس‬
‫الشهوات‪ ،‬وتطويع النفس األمارة للنفس املطمئنة‪ ،‬فإذا مل حيصل ذلك؛ ال ينظر اهلل إليه نظر القبول‪.‬‬
‫واستدل به عىل‪ :‬أن هذه األفعال تنقص الصوم»(‪ .)4‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫((( رواه أبو داوود (‪ ،)3462‬وصححه األلباين يف السلسلة الصحيحة (‪.)11‬‬


‫((( رواه البخاري (‪.)1903‬‬
‫((( انظر‪ :‬الرشح املمتع (‪.)435/6‬‬
‫((( فتح الباري (‪.)117/4‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*سؤال‪ :‬إذا كان امتحان الشهادة الثانوية يف رمضان‪ ،‬فهل جيوز للطالب أن يفطر يف‬
‫رمضان؛ حتى يستطيع أن يركز يف االمتحان؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫‪238‬‬
‫قال ابن باز ‪« :V‬ال جيوز للمك ّلف اإلفطار يف رمضان من أجل االمتحان؛ ألن‬
‫ذلك ليس من األعذار الرشعية التي تبيح له الفطر‪ ،‬بل جيب عليه الصوم‪ ،‬وجيعل‬
‫املذاكرة يف الليل‪ ،‬إذا شق عليه فعلها يف النهار‪.‬‬

‫وينبغـي لـوالة أمـر االمتحـان أن يرفقـوا بالطلبـة‪ ،‬وأن جيعلـوا االمتحـان يف غير‬
‫رمضـان‪ ،‬مجعـ ًا بين مصلحتين‪ :‬مصلحـة الصيـام‪ ،‬والتفـرغ لإلعـداد لالمتحـان‪،‬‬
‫ـر ُأ َّمتِي َشـ ْيئ ًا‪،‬‬
‫ـن َأ ْم ِ‬ ‫ِ‬
‫ـن َو ِ َل م ْ‬ ‫ـم َم ْ‬‫وقـد صـح عـن رسـول اهلل ‪ H‬أنه قـال‪« :‬ال َّل ُه َّ‬
‫اشـ ُق ْق َع َل ْي ِه (‪،)1‬‬
‫ـم‪َ ،‬ف ْ‬‫ـق َع َل ْي ِه ْ‬‫ـن َأ ْم ِر ُأ َّمتِي َشـ ْيئ ًا‪َ ،‬ف َش َّ‬ ‫ِ‬ ‫فـق ِبِـم‪َ ،‬فار ْ ِ‬
‫فـق بِـه‪َ ،‬و َم ْن َو ِ َل م ْ‬ ‫ْ ْ‬ ‫َف َر َ‬
‫فوصيتـي للمسـؤولني عـن االمتحـان‪ :‬أن يرفقوا بالطلبـة والطالبـات‪ ،‬وأال جيعلوه يف‬
‫رمضـان‪ ،‬بـل قبلـه أو بعـده»)‪ .(2‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬نحن يف بلد غريب ال هيتم بالصيام والصائمني‪ ،‬وزوجي يعمل لفرتة سنة‬
‫ليكمل سنته األخرية يف جمال الصيدلة‪ ،‬وهذا العمل هو املقرر الدرايس للسنة‬
‫األخرية‪ ،‬أي‪ :‬سنة تطبيقية يف ميدان العمل‪ ،‬املشكلة التي تواجهنا هي أن العمل يبعد‬
‫مسافة ساعة بالسيارة‪ ،‬ومكان العمل مكتظ باملرىض‪ ،‬وبدأ زوجي يشعر بالدوار‬
‫والصداع أثناء العمل‪ ،‬حيث بدأ يعطي األدوية للمرىض بطريقة خطأ‪ ،‬فهو اآلن‬
‫يفكر باإلفطار هلذا السبب‪ ،‬عل ًام أن مسافة الطريق من املنْزل للعمل أقل من ثامنية‬
‫وأربعني ميالً‪ ،‬كام ذكرتم يف أحد األجوبة‪ ،‬لكن الطريق يأخذ ساعة ذهاب ًا وساعة‬
‫أخرى إياب ًا‪ ،‬كام أن مدة العمل اثنتا عرشة ساعة متواصلة‪ ،‬فهل جيوز له اإلفطار‪ ،‬عىل‬
‫أن يقيض بعد االنتهاء من هذه السنة األخرية من دراسته؟‬

‫((( رواه مسلم (‪.)1828‬‬


‫((( جمموع فتاوى ابن باز (‪.)249/15‬‬
‫اذعألا لهأ مايص‬

‫*جواب‪:‬‬

‫الصوم ركن من أركان اإلسالم‪ ،‬ثابت بالكتاب‪ ،‬والسنة‪ ،‬وإِمجاع األُمة‪ ،‬وال جيوز‬
‫للمسلم أن يفطر بغري عذر رشعي‪ ،‬من مرض‪ ،‬أو سفر‪ ،‬وقد حيصل لإلنسان أثناء‬
‫‪239‬‬ ‫الصوم مشقة؛ فعليه أن يصرب‪ ،‬ويستعني باهلل ‪ ،D‬فإذا عطش اإلنسان يف هنار رمضان‪،‬‬
‫فال بأس أن يصب عىل رأسه املاء للتربد‪ ،‬وأن يتمضمض‪ ،‬فإذا سبب له العطش رضر ًا‬
‫بالغ ًا‪ ،‬وخيش اهلالك منه؛ جاز له الفطر‪ ،‬وعليه القضاء فيام بعد‪.‬‬

‫لكن‪ ،‬ال جيوز أن يكون العمل هو السبب يف املشقة احلاصلة له‪ ،‬إذا كان يمكنه أخذ‬
‫إجازة من العمل يف شهر رمضان‪ ،‬أو كان يستطيع ختفيف أعباء عمله فيه‪ ،‬أو تغيريه إىل‬
‫ما هو أسهل‪.‬‬

‫قالت اللجنة الدائمة لإلفتاء‪« :‬من املعلوم من دين اإلسالم بالرضورة‪ :‬أن صيام‬
‫شهر رمضان فرض عىل كل مكلف‪ ،‬وركن من أركان اإلسالم‪ ،‬فعىل كل مكلف أن‬
‫حيرص عىل صيامه؛ حتقيق ًا ملا فرض اهلل عليه‪ ،‬رجاء ثوابه‪ ،‬وخوف ًا من عقابه‪ ،‬دون أن‬
‫ينسى نصيبه من الدنيا‪ ،‬ودون أن يؤثر دنياه عىل أخراه‪ ،‬وإذا تعارض أداء ما فرضه اهلل‬
‫عليه من العبادات مع عمله لدنياه؛ وجب عليه أن ينسق بينهام‪ ،‬حتى يتمكن من القيام‬
‫هبام مجيع ًا‪ ،‬ففي املثال املذكور يف السؤال جيعل الليل وقت عمله لدنياه‪ ،‬فإن مل يتيرس‬
‫ذلك‪ ،‬أخذ إجازة من عمله شهر رمضان‪ ،‬ولو بدون مرتب‪ ،‬فإن مل يتيرس ذلك‪ ،‬بحث‬
‫عن عمل آخر‪ ،‬يمكنه فيه اجلمع بني أداء الواجبني‪ ،‬وال يؤثر جانب دنياه عىل جانب‬
‫آخرته‪ ،‬فالعمل كثري‪ ،‬وطرق كسب املال ليست قارصة عىل مثل ذلك النوع من األعامل‬
‫الشاقة‪ ،‬ولن يعدم املسلم وجه ًا من وجوه الكسب املباح‪ ،‬الذي يمكنه معه القيام بام‬
‫فرضه اهلل عليه من العبادة بإذن اهلل‪.‬‬

‫وعىل تقدير أنه مل جيد عم ً‬


‫ال دون ما ذكر مما فيه حرج‪ ،‬وخيش أن تأخذه قوانني‬
‫جائرة‪ ،‬وتَفرض عليه ما ال يتمكن معه من إقامة شعائر دينه‪ ،‬أو بعض فرائضه؛ فليفر‬
‫بدينه من تلك األرض‪ ،‬إىل أرض يتيرس له فيها القيام بواجب دينه ودنياه‪ ،‬ويتعاون فيه‬
‫مع املسلمني عىل الرب والتقوى‪ ،‬فأرض اهلل واسعة‪.‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫فـإذا مل يتيسر لـه يشء مـن ذلـك كلـه‪ ،‬واضطـر إىل مثـل مـا ذكـر يف السـؤال مـن‬
‫العمـل الشـاق؛ صـام حتى حيـس بمبادئ احلـرج‪ ،‬فيتنـاول مـن الطعام والشراب ما‬
‫حيـول دون وقوعـه يف احلـرج‪ ،‬ثـم يمسـك؛ وعليـه القضـاء يف أيـام يسـهل عليـه فيها‬
‫الصيـام»)‪ .(1‬واهلل أعلـم‪.‬‬ ‫‪240‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬أعاين من شدة العطش يف هنار رمضان لدرجة القيء والدوخة والضعف‬
‫العام باجلسم‪ ،‬وهذا ما جيعلني أرشب املاء فقط‪ ،‬وقلبي يتقطع لعميل هذا‪ ،‬عل ًام أنني‬
‫أحافظ عىل صلوايت وأذكاري وقراءيت للقرآن‪.‬‬

‫*جواب‪:‬‬

‫ال ميرس ًا؛ ولذلك قال اهلل تعاىل أثناء آيات الصيام‪:‬‬
‫رشع اهلل تعاىل الصيام ترشيع ًا سه ً‬
‫(ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ) [البقرة‪ ]185 :‬وقد أباح اهلل تعاىل للمريض‬
‫أن ُيفطر يف رمضان‪.‬‬

‫واملرض الذي يبيح للصائم الفطر‪ ،‬هو‪ :‬املرض املوجود بالفعل‪ ،‬مما ُيشى زيادته‪ ،‬أو‬
‫تأخر شفائه‪ ،‬أو املرض املتوقع حدوثه بسبب الصيام‪.‬‬

‫وعىل هذا‪ :‬إذا كان الصيام يؤدي بالسائلة إىل القيء‪ ،‬والدوخة بسبب ضعف‬
‫جسمها؛ فال حرج عليها من الفطر يف رمضان‪ ،‬وعليها القضاء‪ ،‬إن كانت تستطيع ذلك‪،‬‬
‫فإن مل تكن تستطيع القضاء؛ فعليها أن تُطعم عن كل يوم مسكين ًا‪.‬‬

‫وقد سئل ابن عثيمني ‪ :V‬ما حكم من أفسد صومه الواجب بسبب العطش؟‬

‫فأجاب‪« :‬حيرم عىل من كان يف صوم واجب أن يفسد هذا الصوم‪ ،‬لكن إن بلغ‬
‫به العطش إىل حد خيشى عليه من الرضر‪ ،‬أو من التلف؛ فإنه جيوز له الفطر‪ ،‬وال‬

‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)236-234/10‬‬


‫اذعألا لهأ مايص‬

‫حرج عليه‪ ،‬حتى ولو كان ذلك يف رمضان‪ ،‬إذا وصل إىل حد خيشى عىل نفسه الرضر‬
‫أو اهلالك؛ فإنه جيوز له أن يفطر»(‪ .)1‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫‪241‬‬ ‫عيل صيام هذه األيام‬


‫*سؤال‪ :‬أفطرت أيام حيض سنوات سابقة‪ ،‬وكنت ال أعلم أن ّ‬
‫فيام بعد قبل رمضان التايل‪ ،‬وأنا صحي ًا أعاين من ضعف‪ ،‬وال أقوى عىل صيامها‪،‬‬
‫فهل جيوز أن أطعم؟ إذا كان جيوز فأنا ال أعلم كم عدد األيام‪ ،‬كيف يكون اإلطعام؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬الواجب عىل املرأة إذا أفطرت بسبب احليض؛ أن تقيض األيام التي أفطرهتا‪.‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬جيب قضاء رمضان قبل أن يأيت رمضان التايل‪ ،‬وال جيوز تأخري القضاء إال من عذر‪.‬‬

‫ثالث ًا‪ :‬من وجب عليه القضاء‪ ،‬ثم مل يتمكن منه بسبب مرض‪ ،‬أو ضعف ال يرجى‬
‫الشفاء منه؛ فإنه ينتقل إىل اإلطعام‪ ،‬ف ُيطعم عن كل يوم مسكين ًا‪.‬‬

‫سئل ابن عثيمني ‪ V‬عن امرأة كانت ال تقيض أيام احليض يف رمضان‪ ،‬حتى تراكم‬
‫عليها حوايل مائتي يوم‪ ،‬وهي اآلن مريضة‪ ،‬وكبرية يف السن‪ ،‬وال تستطيع الصيام‪ ،‬فامذا عليها؟‬

‫فأجاب‪« :‬هذه املرأة إذا كانت عىل ما وصف السائل تترضر من الصوم؛ لكربها‬
‫ومرضها؛ فإنه ُي ْط َعم عنها عن كل يوم مسكين ًا‪ ،‬فتحيص األيام املاضية‪ ،‬وتطعم عن كل‬
‫يوم مسكين ًا»)‪.(2‬‬
‫وخالصة اجلواب‪ :‬إذا ِ‬
‫كنت تستطيعني الصيام؛ وجب عليك القضاء‪ ،‬وإن مل تكوين‬
‫تستطيعني الصيام؛ فإنك تطعمني عن كل يوم مسكين ًا‪ ،‬وجتتهدين يف حتديد عدد األيام‬
‫التي أفطرتيها‪ ،‬حتى يغلب عىل ظنك أنك قد أحصيتيها‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)202 /19‬‬


‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)121/19‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*سؤال‪ :‬هناك صبي كان يصوم رمضان قبل أن يبلغ‪ ،‬ويف أثناء صومه يف هنار رمضان‬
‫بلغ‪ ،‬فهل جيب عليه قضاء ذلك اليوم؟ وكذلك الكافر إذا أسلم؟ وكذلك احلائض‬
‫إذا طهرت؟ وكذلك املجنون إذا أفاق؟ وكذلك املسافر إذا عاد‪ ،‬وكان مفطر ًا؟‬
‫وكذلك املريض إذا تعاىف وكان قد أفطر؟ فامذا عىل هؤالء من حيث اإلمساك يف‬
‫‪242‬‬
‫ذلك اليوم والقضاء؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫يمكن تقسيم هؤالء املذكورين يف السؤال إىل جمموعتني‪:‬‬

‫فالصبي إذا بلغ‪ ،‬والكافر إذا أسلم‪ ،‬واملجنون إذا أفاق‪ ،‬هلم حكم واحد‪ ،‬وهو‬
‫وجوب اإلمساك‪ ،‬وال جيب عليهم القضاء‪.‬‬

‫وأما احلائض إذا طهرت‪ ،‬واملسافر إذا أقام‪ ،‬واملريض إذا ُش ِفي‪ ،‬فحكمهم واحد‬
‫أيض ًا‪ ،‬فال جيب عليهم اإلمساك‪ ،‬وال يستفيدون بإمساكهم شيئ ًا‪ ،‬وجيب عليهم القضاء‪.‬‬

‫والفرق بني املجموعة األوىل والثانية‪:‬‬

‫أن املجموعة األوىل ُوجد فيهم رشط التكليف‪ ،‬وهو البلوغ واإلسالم والعقل‪ ،‬وإذا‬
‫ثبت تكليفهم؛ وجب عليهم اإلمساك‪ ،‬وال يلزمهم القضاء‪ ،‬ألهنم أمسكوا حني وجب‬
‫عليهم اإلمساك‪ ،‬أما قبل ذلك‪ :‬فلم يكونوا مكلفني بالصيام‪.‬‬

‫وأما املجموعة الثانية‪ :‬فإهنم خماطبون بالصيام؛ لذا كان واجب ًا يف حقهم‪ ،‬لكن ُوجد‬
‫ذر يبيح هلم الفطر‪ ،‬وهو احليض والسفر واملرض؛ فخفف اهلل عنهم‪ ،‬وأباح‬
‫عندهم ُع ٌ‬
‫هلم الفطر‪ ،‬فزالت حرمة اليوم يف حقهم‪ ،‬فإذا زالت أعذارهم أثناء النهار مل يستفيدوا‬
‫شيئا من إمساكهم‪ ،‬ولزمهم القضاء بعد رمضان‪.‬‬
‫قال ابن عثيمني ‪« :V‬إذا طهرت احلائض أو النفساء أثناء النهار؛ مل جيب عليها‬
‫اإلمساك‪ ،‬وهلا أن تأكل وترشب‪ ،‬ألن إمساكها ال يفيدها شيئ ًا؛ لوجوب قضاء هذا اليوم‬
‫عليها‪ ،‬وهذا مذهب مالك‪ ،‬والشافعي‪ ،‬وإحدى الروايتني عن اإلمام أمحد‪ ،‬وروي عن‬
‫اذعألا لهأ مايص‬

‫ابن مسعود ‪ I‬أنه قال‪« :‬من أكل أول النهار‪ ،‬فليأكل آخره»)‪ ،(1‬يعني‪ :‬من جاز له‬
‫الفطر أول النهار‪ ،‬جاز له الفطر يف آخره»(‪.)2‬‬
‫وكذلك قال الشيخ يف املسافر إذا وصل إىل بلده‪ ،‬وهو مفطر‪ ،‬أنه ال يلزمه اإلمساك‬
‫‪243‬‬ ‫بقية ذلك اليوم(‪.)3‬‬
‫وسئل ابن عثيمني ‪ V‬أيض ًا‪ :‬من أفطر يف هنار رمضان لعذر رشعي‪ ،‬فهل جيوز له‬
‫أن يأكل ويرشب بقية اليوم؟‬
‫فأجاب بقوله‪« :‬جيوز له أن يأكل ويرشب؛ ألنه أفطر بعذر رشعي‪ ،‬وإذا أفطر بعذر‬
‫رشعي؛ فقد زالت حرمة اليوم يف حقه‪ ،‬وصار له أن يأكل ويرشب‪ ،‬بخالف الرجل‬
‫الذي أفطر يف هنار رمضان بدون عذر‪ ،‬فإنا نلزمه باإلمساك‪ ،‬وإن كان يلزمه القضاء‪،‬‬
‫فيجب التنبه للفرق بني هاتني املسألتني»(‪.)4‬‬

‫وقال أيض ًا‪« :‬ونظري هذه املسألة التي أوردها السائل‪ :‬ما لو أسلم إنسان يف أثناء‬
‫اليوم‪ ،‬فإن هذا الذي أسلم جتدد له الوجوب‪ ،‬ونظريها أيض ًا‪ :‬ما لو بلغ الصبي يف أثناء‬
‫اليوم وهو مفطر‪ ،‬فإن هذا جتدد له الوجوب‪ ،‬فنقول ملن أسلم يف أثناء النهار‪ :‬جيب‬
‫عليك اإلمساك‪ ،‬ولكن ال جيب عليك القضاء‪ ،‬ونقول للصبي إذا بلغ يف أثناء النهار‪:‬‬
‫جيب عليك اإلمساك‪ ،‬وال جيب عليك القضاء‪ ،‬بخالف احلائض إذا طهرت‪ ،‬فإنه بإمجاع‬
‫أهل العلم جيب عليها القضاء»)‪ .(5‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬يل صديقة أسلمت حديث ًا‪ ،‬وجيب أن يكون أمر إسالمها رس ًا لبعض الوقت‪،‬‬
‫أبدت رغبة جادة يف الصيام‪ ،‬ولكن ألهنا تعيش يف سكن للطالب فهي جتد صعوبة‬
‫يف إخفاء صيامها عن بقية األصدقاء‪ .‬أرجو أن تقرتح ح ً‬
‫ال هلا يف مثل هذه الظروف‪.‬‬

‫((( رواه ابن أيب شيبة (‪.)9044‬‬


‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)99 /19‬‬
‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)31 /19‬‬
‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)100/19‬‬
‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)184/15‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*جواب‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬هننئ األخت عىل دخوهلا يف اإلسالم‪ ،‬ونسأل اهلل ‪ E‬أن يثبتها عىل دينه‪،‬‬
‫رشد ًا‪.‬‬
‫وأن يتوفاها عليه‪ ،‬وأن هييئ هلا من أمرها َ‬
‫‪244‬‬
‫وننصح األخت أن ترتك ‪-‬قدر استطاعتها‪ -‬األمكنة التي ُيعىص اهلل فيها‪ ،‬وقد فهمنا‬
‫مكان خمتلط‪ ،‬وتسكن يف سكن خمتلط‪ ،‬ويف هذا إثم‪ ،‬وخطر‬ ‫ٍ‬ ‫من السؤال أهنا تدرس يف‬
‫عليها‪ ،‬وعىل دينها‪ ،‬فيجب عىل األخوات املسلامت أن يبيِّ َّ هلا بالتي هي أحسن حكم‬
‫ما هي فيه‪ ،‬وخطره عليها‪ ،‬وأن عليها تركه إن تيرس هلا‪ ،‬ومل يرتتب عليه ما هو أشد‬
‫مما هي فيه‪.‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬أما بالنسبة لصيامها‪ :‬فعليها أن تصوم‪ ،‬وال حيل هلا اإلفطار‪ ،‬واألمر بني الطالب‬
‫والطالبات أسهل منه إذا كان بني األهل واألقرباء‪ ،‬فيمكنها أن توهم الناس أهنا مفطرة‪،‬‬
‫بحملها لزجاجة عصري ‪-‬مثالً‪ ،-‬وإهيام الناس أهنا ترشب منها‪ ،‬كام يمكنها أن تقول إهنا‬
‫مريضة‪ ،‬وتقصد املرض النفيس ملا عليه حال الناس‪ ،‬كام قال إبراهيم اخلليل ‪:S‬‬
‫(ﮓ ﮔ) [الصافات‪ ،]89 :‬أو ما شابه ذلك من احل َيل املباحة‪.‬‬

‫وعليها أن تتقي اهلل تعاىل ما استطاعت‪ ،‬ومن يتق اهلل جيعل له خمرج ًا‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬امرأة منعها األطباء من الصوم ملرض يف قلبها مل يكن يرجى شفاؤه‪ ،‬فكانت‬
‫تفطر يف رمضان‪ ،‬وخترج الفدية عن كل يوم تفطره مبارشة‪ ،‬ثم شاء اهلل بتقدم الطب‬
‫أن ُيرى هلا عملية جراحية يف صامم القلب‪ ،‬ونجحت العملية‪ ،‬ولكن بقيت فرتة من‬
‫الزمن حتت املراقبة وحتت العالج املستمر‪ ،‬واآلن بعد أن حتسنت صحتها ومكنها اهلل‬
‫من صيام رمضان املايض‪ ،‬وهي تسأل ماذا تعمل يف األيام التي أفطرهتا؟ وهل عليها‬
‫أن تقيض ما فاهتا من صيام ويقدر بـ ‪ 180‬يوم ًا‪ ،‬أي ما يعادل ستة أعوام متوالية‪،‬‬
‫أم أن إخراجها الفدية يف حينها جيزئها عن الصوم؟‬
‫اذعألا لهأ مايص‬

‫*جواب‪:‬‬
‫«جيزئها ما أخرجته من الفدية‪ ،‬فيام مىض عن كل يوم أفطرته‪ ،‬وال جيب عليها قضاء‬
‫تلك الشهور؛ ألهنا معذورة‪ ،‬وقد فعلت ما وجب عليها يف حينه (‪ .)1‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫‪245‬‬ ‫***‬

‫*سؤال‪ :‬يف آخر يوم للدورة الشهرية رأيت نزول السائل األصفر قبل أذان الفجر‬
‫بحوايل ساعتني‪ ،‬ثم نمت ومل أر‪ :‬هل توقف نزوله قبل الفجر أم ال؟ ويف الصباح‬
‫انتظرت قليال أترقب‪ ،‬وقد ُأ ّذن لصالة الظهر‪،‬‬
‫ُ‬ ‫الحظت توقف نزول السوائل‪ ،‬ثم‬
‫وبعدها اغتسلت‪ ،‬فهل جيب عيل قضاء ما فاتني من صالة‪ ،‬أم أصيل صالة الظهر‬
‫عيل أن اقيض صيام هذا اليوم بعد رمضان؟‬
‫فقط؟ وهل جيب ّ‬
‫*جواب‪:‬‬

‫إذا حاضت املرأة‪ ،‬فاألصل‪ :‬بقاء هذا احليض حتى تتيقن زواله‪ ،‬وال جيوز هلا أن‬
‫تصوم أو تصيل‪ ،‬وهي تشك هل انتهى احليض أما ال؟‬

‫وقد كانت عائشة ‪ J‬تأمر النساء بالتمهل‪ ،‬وعدم االستعجال حتى تتيقن الطهر‪،‬‬
‫الح ْي َض ِة»‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اء)‪ ،(2‬ت ُِريدُ بِ َذل َك ال ُّط ْه َر م ْن َ‬ ‫فكانت تقول‪َ :‬‬
‫«ل َت ْع َج ْل َن َحتَّى ت ََر ْي َن ال َق َّص َة ال َب ْي َض َ‬

‫وعىل هذا‪ :‬ال يلزمك قضاء صالة الفجر‪ ،‬وأما صالة الظهر‪ :‬فتجب عليك؛‬
‫ألهنا أدركتك وأنت طاهرة من احليض‪ ،‬وأما الصيام‪ :‬فال يصح صيام ذلك اليوم‬
‫‪-‬لو صمتيه‪-‬؛ ألنك كنت حائض ًا يف أوله؛ وعليك قضاؤه بعد انتهاء رمضان‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬إذا حصل لإلنسان أمل يف أسنانه‪ ،‬وراجع الطبيب‪ ،‬وعمل له تنظيف ًا أو حشو ًا‬
‫أو خلع أحد أسنانه‪ ،‬فهل يؤثر ذلك عىل صيامه؟ ولو أن الطبيب أعطاه إبرة لتخدير‬
‫سنه‪ ،‬فهل لذلك أثر عىل الصيام؟‬

‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)196 ،195/10‬‬


‫((( ذكره البخاري يف صحيحه (‪ )71/1‬معلقا‪.‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«ليس ملا ُذ ِكر يف السؤال أثر يف صحة الصيام‪ ،‬بل ذلك معفو عنه‪ ،‬وعليه أن يتحفظ‬
‫من ابتالع يشء من الدواء أو الدم‪ ،‬وهكذا اإلبرة املذكورة‪ ،‬ال أثر هلا يف صحة الصوم؛‬
‫لكوهنا ليست يف معنى األكل والرشب‪ ،‬واألصل صحة الصوم وسالمته»)‪ .(1‬واهلل أعلم‪.‬‬ ‫‪246‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬هناك رجل مريض بمرض القلب‪ ،‬وحيتاج إىل الدواء باستمرار‪ ،‬يعني تقريب ًا‬
‫كل ثامن ساعات أو ست ساعات‪ ،‬فهل يسقط عنه الصوم؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«نعم‪ ،‬يسقط عنه الصوم‪ ،‬و ُيطعم عن كل يوم مسكين ًا‪ ،‬إن شاء أعطى املساكني كل‬
‫مسكني ربع صاع من األرز‪ ،‬وإن جعل معه حل ًام فهو أحسن‪ ،‬وإن شاء َّ‬
‫عشاهم يف آخر‬
‫ليلة من رمضان‪ ،‬أو غداهم يف يوم آخر بعد رمضان‪ ،‬كل ذلك جائز»(‪ .)2‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬مريض وجب عليه اإلطعام‪ ،‬فهل جيوز له دفع هذا الطعام إىل غري مسلمني‪،‬‬
‫ألنه يقيم يف دولة غري إسالمية؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«إذا كان اإلنسان يف غري بالد إسالمية‪ ،‬ووجب عليه اإلطعام‪ ،‬فإن كان يف هذه البالد‬
‫مسلمون من أهل االستحقاق أطعمهم‪ ،‬وإال‪ ،‬فإنه يرصفه إىل أي بلد من بالد املسلمني‪،‬‬
‫التي حيتاج أهلها إىل هذا اإلطعام )‪ .(3‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬سوف أسافر بحول اهلل وقوته إىل إيطاليا يف مدينة ميالن‪ ،‬وذلك لظروف‬

‫((( جمموع فتاوى ابن باز (‪.)259/15‬‬


‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)126‬‬
‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)112‬‬
‫اذعألا لهأ مايص‬

‫العمل وإهناء املرشوع اجلديد للرشكة‪ ،‬واملدة طويلة تصل إىل ‪ 3‬أشهر‪ ،‬وسوف حيل‬
‫علينا الشهر الفضيل شهر رمضان املبارك هناك‪ .‬سؤايل‪ :‬هل جيب الصوم؟ كذلك‬
‫إذا أفطرت‪ :‬ماذا جيب عيل أن أقىض؟‬

‫‪247‬‬ ‫*جواب‪:‬‬

‫من سافر إىل موضع‪ ،‬وعزم عىل اجللوس فيه أكثر من أربعة أيام‪ ،‬فإنه يكون يف حكم‬
‫املقيم‪ ،‬يف قول مجهور العلامء‪ ،‬من املالكية والشافعية واحلنابلة؛ فيلزمه ما يلزم املقيم من‬
‫الصوم‪ ،‬وإمتام الصالة‪.‬‬

‫جاء يف فتاوى اللجنة الدائمة‪« :‬السفر الذي يرشع فيه الرتخيص برخص السفر‪:‬‬
‫هو ما اعترب سفر ًا عرف ًا‪ ،‬ومقداره عىل سبيل التقريب مسافة ثامنني كيلو مرت ًا‪ ،‬فمن سافر‬
‫لقطع هذه املسافة فأكثر‪ ،‬فله أن يرتخص برخص السفر‪ ،‬من املسح عىل اخلفني ثالثة‬
‫أيام بلياليهن‪ ،‬واجلمع والقرص‪ ،‬والفطر يف رمضان‪.‬‬

‫وهذا املسافر إذا نوى اإلقامة ببلد أكثر من أربعة أيام‪ ،‬فإنه ال يرتخص برخص‬
‫السفر‪ ،‬وإذا نوى اإلقامة أربعة أيام فام دوهنا؛ فإنه يرتخص برخص السفر‪ .‬واملسافر‬
‫الذي يقيم ببلد‪ ،‬ولكنه ال يدري متى تنقيض حاجته‪ ،‬ومل حيدد زمن ًا معين ًا لإلقامة؛ فإنه‬
‫يرتخص برخص السفر‪ ،‬ولو طالت املدة‪ ،‬وال فرق بني السفر يف الرب والبحر»(‪.)1‬‬

‫وعليه‪ :‬فالواجب عليك أن تصوم رمضان‪ ،‬وأن تتم الصالة خالل هذه املدة‪ ،‬إال إذا‬
‫انتقلت من مدينة إىل مدينة‪ ،‬وكان بينهام مسافة قرص وهي ‪ 80‬كم‪ ،‬فيجوز لك الفطر‬
‫أثناء السفر‪ ،‬كام جيوز لك اجلمع والقرص‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬هل جيوز للمجاهدين أن يفطروا يف رمضان؟ مع أهنم يف بالدهم وليسوا‬


‫مسافرين‪.‬‬

‫*جواب‪:‬‬

‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)99/8‬‬


‫الصيام سؤال وجواب‬

‫نعم‪ ،‬جيوز للمجاهدين أن يفطروا يف رمضان؛ ليت َقووا بذلك عىل اجلهاد‪ ،‬ولو كانوا‬
‫يف بالدهم‪.‬‬

‫فإن الصيام ُي ْضعفهم عن القتال‪ ،‬والنكاية يف األعداء‪.‬‬


‫‪248‬‬
‫وهذا أحد القولني لإلمام أمحد‪ ،‬واختاره ابن تيمية‪ ،‬وتلميذاه ابن مفلح‪ ،‬وابن القيم‪،‬‬
‫وغريهم من أهل العلم)‪.(1‬‬

‫وقد ورد عن النبي ‪ :H‬ما يدل عىل مرشوعية الفطر بسبب اجلهاد‪.‬‬

‫إىل مكة‬ ‫‪H‬‬ ‫فعن أيب سعيد اخلدري ‪ ،I‬قال‪« :‬سافرنا مع رسول اهلل‬
‫‪-‬يعني يف فتح مكة‪ -‬ونحن صيام‪ ،‬فنزلنا منزال‪ ،‬فقال رسول اهلل ‪« :H‬إنكم قد‬
‫دنوتم من عدوكم‪ ،‬والفطر أقوى لكم ‪ ،‬فكانت رخصة‪ ،‬فمنا من صام‪ ،‬ومنا من أفطر‪،‬‬
‫ثم نزلنا منزال آخر‪ ،‬فقال‪« :‬إنكم ُم َص ِّب ُحو عدوكم‪ ،‬والفطر أقوى لكم‪ ،‬فأفطروا ‪ ،‬وكانت‬
‫عزمة‪ ،‬فأفطرنا)‪.(2‬‬

‫رأيت رسول اهلل ‪ H‬أمر الناس‬


‫وعن بعض أصحاب النبي ‪ ،H‬قال‪ُ :‬‬
‫يف سفره عام الفتح بالفطر‪ ،‬وقال‪َ « :‬ت ْق َو ْوا لِ َعدُ ِّوك ُْم )‪.(3‬‬

‫فهذان احلديثان يدالن عىل أن األمر بالفطر ليس من أجل السفر‪ ،‬وإنام من أجل‬
‫ال َّت َق ِّوي عىل اجلهاد‪.‬‬

‫قال أبو الوليد الباجي ‪َ « :V‬ق ْو ُل ُه‪َ « :‬ت ْق َو ْوا لِ َعدُ ِّوك ُْم ‪ ،‬فكان ذلك سبب فطرهم‪...‬‬
‫ولو كانت العلة السفر‪ ،‬ملا َع َّل َل بالت َق ِّوي للعدو‪ ،‬ول َع َّل َل بالسفر (‪.)4‬‬

‫وقال ا ُملناوي ‪ُ :V‬‬


‫««م َص ِّب ُحو ‪ ،‬أي‪ :‬توافونه صباح ًا‪ ،‬ويف رواية‪« :‬قد دنوتم من‬

‫((( انظر‪ :‬الفروع البن مفلح (‪.)28 /3‬‬


‫((( رواه مسلم (‪.)1120‬‬
‫((( رواه أبو داود (‪ ،)2365‬وقال احلافظ يف التلخيص (‪ :)449/2‬صححه احلاكم‪ ،‬وابن عبد الرب‪.‬‬
‫((( املنتقى (‪.)49/2‬‬
‫اذعألا لهأ مايص‬

‫عدوكم ‪ ...‬و ُأ ِخ َذ من تعليله بدنو العدو‪ ،‬واحتياجهم إىل القوة التي يلقونه هبا‪ :‬أن‬
‫التقوي بالفطر؛‬
‫الفطر هنا للجهاد ال للسفر‪ ،‬فلو وافاهم العدو يف احلرض‪ ،‬واحتاجوا إىل ّ‬
‫جاز عىل ما قيل؛ ألنه أوىل من الفطر بمجرد السفر (‪.)1‬‬

‫‪249‬‬ ‫وقال ابن القيم ‪« :V‬وكان ‪-‬يعني النبي ‪ -H‬يأمرهم بالفطر إذا دنوا من‬
‫عدوهم؛ ليتقووا عىل قتاله‪ ،‬فلو اتفق مثل هذا يف احلرض‪ ،‬وكان يف الفطر قو ٌة هلم عىل‬
‫لقاء عدوهم‪ ،‬فهل هلم الفطر؟‬

‫فيه قوالن‪ :‬أصحهام دليال‪ :‬أن هلم ذلك‪ ،‬وهو اختيار ابن تيمية‪ ،‬وبه أفتى العساكر‬
‫اإلسالمية ملا لقوا العدو بظاهر دمشق‪ ،‬وال ريب أن الفطر لذلك أوىل من الفطر ملجرد‬
‫السفر‪ ،‬بل إباحة الفطر للمسافر تنبيه عىل إباحته يف هذه احلالة‪ ،‬فإهنا أحق بجوازه؛‬
‫ألن القوة هناك ختتص باملسافر‪ ،‬والقوة هنا له وللمسلمني؛ وألن مشقة اجلهاد أعظم‬
‫من مشقة السفر؛ وألن املصلحة احلاصلة بالفطر للمجاهد أعظم من املصلحة بفطر‬
‫املسافر؛ وألن اهلل تعاىل قال‪( :‬ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ‬
‫ﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯ‬
‫ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ) [ األنفال‪.]60 :‬‬

‫والفطر عند اللقاء من أعظم أسباب القوة‪...‬؛ وألن النبي ‪ H‬قال للصحابة‬
‫الف ْط ُر َأ ْق َوى َلك ُْم ‪ ،‬وكَان ْ‬
‫َت ُرخْ َص ًة‪،‬‬ ‫‪-‬ملا دنوا من عدوهم‪« :-‬إِ َّنكُم َقدْ دنَوتُم ِمن عدُ وكُم‪ ،‬و ِ‬
‫ْ َ ْ ْ ْ َ ِّ ْ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُث َّم َن َز ْلنَا َمن ِْز ًل آخَ َر‪َ ،‬ف َق َال‪« :‬إِ َّنك ُْم ُم َص ِّب ُحو َعدُ ِّوك ُْم‪َ ،‬والف ْط ُر َأ ْق َوى َلك ُْم‪َ ،‬ف َأ ْفط ُروا َوكَان ْ‬
‫َت‬
‫َعز َْم ًة َف َأ ْف َط ْرنَا)‪.(2‬‬

‫بدنوهم من عدوهم‪ ،‬واحتياجهم إىل القوة التي َي ْلقون هبا العدو‪ ،‬وهذا سبب‬‫فعلل ّ‬
‫آخر غري السفر‪ ،‬والسفر مستقل بنفسه‪ ،‬ومل يذكره يف تعليله‪ ،‬وال أشار إليه‪ ...‬وباجلملة‪:‬‬
‫فتنبيه الشارع وحكمته يقتيض أن الفطر ألجل اجلهاد‪ ،‬أوىل منه ملجرد السفر‪ ،‬فكيف‬
‫وصح بحكمها‪ ،‬وعزم عليهم بأن يفطروا ألجلها‪،‬‬
‫وقد أشار إىل العلة‪ ،‬و َن ّبه عليها‪ّ َ ،‬‬

‫((( فيض القدير(‪.)704/2‬‬


‫((( رواه مسلم (‪.)1888‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫سمعت ابن‬
‫ُ‬ ‫ويدل عليه ما رواه عيسى بن يونس‪ ،‬عن شعبة‪ ،‬عن عمرو بن دينار قال‪:‬‬
‫عمر يقول‪ :‬قال رسول اهلل ‪ H‬ألصحابه يوم فتح مكة‪« :‬إنه يوم قتال فأفطروا ‪،‬‬
‫فعلل بالقتال‪ ،‬ورتب عليه األمر بالفطر بحرف الفاء‪ ،‬وكل أحد يفهم من هذا اللفظ أن‬
‫الفطر ألجل القتال»)‪.(1‬‬ ‫‪250‬‬

‫وهذه املعركة التي ذكرها ابن القيم ‪ ،V‬كانت بني املسلمني والتتار سنة ‪ 702‬هـ‪،‬‬
‫وكان النرص فيها للمسلمني‪.‬‬

‫قال ابن كثري ‪« :V‬وأفتى الناس بالفطر ‪-‬يعني ابن تيمية ‪ -V‬مدة قتاهلم‪،‬‬
‫وأفطر هو أيض ًا‪ ،‬وكان يدور عىل األجناد واألمراء‪ ،‬فيأكل من يشء معه يف يده؛ ليعلمهم‬
‫أن إفطارهم ليتقووا عىل القتال أفضل؛ فيأكل الناس»)‪ .(2‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬شخص أصابه مرض مزمن ونصحه األطباء بعدم الصوم دائ ًام‪ ،‬ولكنه راجع‬
‫أطباء يف غري بلده وشفي بإذن اهلل بعد مخس سنوات‪ ،‬وقد مر عليه مخس رمضانات‬
‫وهو مل يصمها‪ ،‬فامذا يفعل بعد أن شفاه اهلل‪ ،‬هل يقضيها‪ ،‬أم ال؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«إذا كان األطباء الذين نصحوه من املسلمني املوثوقني العارفني بجنس هذا املرض‪،‬‬
‫وذكروا له أنه ال ُيرجى برؤه؛ فليس عليه قضاء‪ ،‬ويكفيه اإلطعام‪ ،‬وعليه أن يستقبل‬
‫الصيام مستقبالً»(‪ .)3‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬أنا شاب معاق مصاب بشلل النصف السفيل من جسمي‪ ،‬أستعمل كرسيا‬

‫((( زاد املعاد (‪.)52-50/2‬‬


‫((( انظر‪ :‬البداية والنهاية (‪.)30/14‬‬
‫((( جمموع فتاوى ابن باز (‪.)355 ،354/15‬‬
‫اذعألا لهأ مايص‬

‫متحركا‪ ،‬كان قد منعني الطبيب من الصيام؛ ألن جسمي حيتاج املاء بصفة منتظمة‬
‫طيلة اليوم‪ ،‬وأن الصيام وعدم رشب املاء يرض جهازي الكلوي‪ ،‬لكن مل أمتثل ألمره‪،‬‬
‫وصمت رمضان املنرصم‪ ،‬فهل ارتكبت معصية؟ وهل جيوز أن أصوم رمضان‬
‫املقبل؟ أشريوا عيل‪ ،‬وللعلم‪ :‬فالطبيب مسلم‪.‬‬
‫‪251‬‬
‫*جواب‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬صـوم رمضـان واجـب عىل كل مسـلم مكلف قادر على الصيام‪ ،‬فـإذا عجز‬
‫يشـق عليـه إذا صـام‪ ،‬أو كان حيتـاج إىل عالج يف‬
‫يرضه‪ ،‬أو ّ‬
‫املسـلم عـن الصـوم ملرض ّ‬
‫هنـار رمضـان بأنـواع احلبـوب‪ ،‬واألرشبـة ونحوها مما يـؤكل ويرشب‪ :‬فهـذا يرشع يف‬
‫حقـه الفطـر؛ لقولـه تعـاىل‪( :‬ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ‬
‫ﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯ‬
‫ﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟ‬
‫ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ) [البقرة‪ ،]185 :‬ولقـول‬
‫ْـر ُه َأ ْن ت ُْؤتَـى َم ْع ِص َي ُت ُه (‪.)1‬‬
‫ـب َأ ْن ت ُْؤتَـى ُر َخ ُصـ ُه‪ ،‬ك ََم َيك َ‬
‫ِ‬
‫النبـي ‪« :H‬إِ َّن ال َّل َه ُي ُّ‬

‫فعىل هذا‪ :‬إذا ثبت أن الصوم يرضك بشهادة الطبيب الثقة؛ فإنه جيب عليك الفطر‪،‬‬
‫وال جيوز لك الصوم؛ لقوله تعاىل‪( :‬ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ‬
‫ِ‬
‫ضر‪َ ،‬و َل َ‬
‫ض َار (‪.)2‬‬ ‫ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ) [البقرة‪ ،]195 :‬ولقوله ‪َ :O‬‬
‫«ل َ َ‬
‫ونظر ًا ألنك صمت رمضان املايض‪ ،‬ومل يرضك يشء‪ ،‬فالذي نراه‪ :‬أن تستشري طبيب ًا أخر‪،‬‬
‫أعلم وأوثق من األول يف حالتك‪ ،‬فإن أمرك بالصيام صمت‪ ،‬وإن أمرك بالفطر أفطرت‪.‬‬

‫أما بالنسبة للقضاء‪ :‬فإذا كان مرضك مؤقت ًا‪ ،‬فعليك أن تنتظر حتى يشفيك اهلل تعاىل‪،‬‬
‫ثم تقيض األيام التي أفطرهتا؛ لقول اهلل تعاىل‪( :‬ﭲﭳﭴﭵﭶﭷ ﭸ‬
‫ﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊ‬

‫((( رواه أمحد (‪ ،)108/2‬وصححه األلباين يف إرواء الغليل (‪.)9/3‬‬


‫((( رواه ابن ماجة (‪ ،)2340‬وصححه األلباين يف إرواء الغليل (‪.)413/3‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ) [البقرة‪.]184 :‬‬

‫أما إذا كان املرض مستمر ًا معك‪ ،‬وال ُيرجى منه الشفاء‪ :‬فعليك أن تطعم عن كل‬
‫يوم مسكين ًا‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬ ‫‪252‬‬

‫*سؤال‪ :‬والد زوجتي مصاب بنزيف وجلطات خمتلفة يف املخ‪ ،‬عافانا وعافاكم اهلل‪،‬‬
‫وهو ال يتحرك ومشلول كامال‪ .‬ذاكرته ذهبت تقريبا‪ .‬األطباء أمجعوا أن ال شفاء إال‬
‫عند اهلل‪ .‬وهو عىل هذا احلال ال يصيل منذ سنوات‪ ،‬حاولنا معه أن يصيل حتى بعينه‪،‬‬
‫ولكنه غري مدرك تقريبا وال يتذكر اآليات والتشهد وعدد الركعات لكل فرض‪.‬‬
‫هل عليه كفارة بالصالة؟ أو الصوم خصوصا؟ هل هو يف عداد املريض املذكور‬
‫بحالة كفارة الصائم وجيب عىل أهله إطعام مسكني عن كل يوم؟ أم يف عداد املجنون‬
‫أو املعتوه الذي ال يدرك فيسقط عنه الصوم والصالة؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫من ذهبت ذاكرته‪ ،‬وتغري عقله‪ ،‬وأصبح ال يعي؛ سقط عنه الصوم‪ ،‬والصالة‪ ،‬وال‬
‫كفارة عليه؛ ألن من رشط التكليف صحة العقل‪.‬‬

‫الصبِ ِّي َحتَّى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫قال ‪ِ :H‬‬


‫«رف َع ال َق َل ُم َع ْن َث َل َثة‪َ :‬ع ْن النَّائ ِم َحتَّى َي ْس َت ْيق َظ‪َ ،‬و َع ْن َّ‬
‫ُ‬
‫ُون َحتَّى َي ْع ِق َل (‪.)1‬‬‫الم ْجن ِ‬ ‫َ ِ‬
‫يتَل َم‪َ ،‬و َع ْن َ‬
‫ْ‬

‫لي‪ ،I‬عـن‬ ‫ِ‬


‫قـال أبـو داود‪ :‬رواه ابـن جريـج‪ ،‬عـن القاسـم بـن يزيـد‪ ،‬عـن َع ٍّ‬
‫النبي ‪ H‬زاد فيه‪« :‬والخَ ِر ِ‬
‫ف (‪.)2‬‬ ‫َ‬
‫ف‪ :‬فساد العقل من ِ‬
‫الك َ ِب‪.‬‬ ‫ف‪ :‬من اخلر ِ‬
‫قال يف عون املعبود‪« :‬اخلَ ِر ُ‬
‫ََ‬

‫قال السبكي ‪ :V‬يقتيض أنه زائد عىل الثالثة‪ ،‬وهذا صحيح‪ ،‬واملراد به الشيخ‬

‫((( رواه أبو داود (‪ ،)4403‬والرتمذي (‪ ،)1423‬والنسائي (‪ ،)3432‬وابن ماجه (‪.)2041‬‬


‫((( احلديث صححه األلباين يف إرواء الغليل(‪.)5/2‬‬
‫اذعألا لهأ مايص‬

‫الكبري الذي زال عقله من كرب؛ فإن الشيخ الكبري قد يعرض له اختالط عقل يمنعه‬
‫من التمييز‪ ،‬وخيرجه عن أهلية التكليف‪ ،‬وال يسمى جنونا‪ ،‬ومل يقل يف احلديث‪ :‬حتى‬
‫يعقل‪ ،‬ألن الغالب أنه ال يربأ منه إىل املوت‪ ،‬ولو برئ يف بعض األوقات برجوع عقله‬
‫تعلق به‪.)1(»...‬‬
‫‪253‬‬
‫وقال الشيخ ابن عثيمني ‪« :V‬ال جيب الصوم أدا ًء إال برشوط‪:‬‬

‫أوهلا‪ :‬العقل‪ ،‬الثاين‪ :‬البلوغ‪ ،‬الثالث‪ :‬اإلسالم‪ ،‬الرابع‪ :‬القدرة‪ ،‬اخلامس‪ :‬اإلقامة‪،‬‬
‫السادس‪ :‬اخللو من احليض والنفاس بالنسبة للنساء‪.‬‬

‫األول‪ :‬العقل‪ ،‬وضده فقد العقل‪ ،‬سوا ًء بجنون خرف يعني‪ :‬هرم‪ ،‬أو حادث أزال‬
‫عقله وشعوره‪ ،‬فهذا ليس عليه يشء؛ لفقد العقل‪ ،‬وعىل هذا‪ :‬فالكبري الذي وصل إىل‬
‫حد اهلذرمة‪ ،‬ليس عليه صيام وال إطعام؛ ألنه ال عقل له‪ ،‬وكذلك من أغمي عليه‬
‫بحادث‪ ،‬أو غريه؛ فإنه ليس عليه صوم وال إطعام؛ ألنه ليس بعاقل»)‪.(2‬‬

‫وقال أيضا‪« :‬من فقد عقله لكرب أو حادث ال يرجى زواله؛ فإنه ال جيب عليه الصوم‪،‬‬
‫مثل املهذري كبري السن‪ ،‬الذي بلغ سن ًا ال حيسن فيه القول‪ ،‬فهو بمنزلة الصبي‪ ،‬وليس‬
‫عليه صوم‪ ،‬وكذلك من أصيب بحادث أذهب عقله عىل وجه ال يرجى برؤه‪ ،‬أما إذا‬
‫كان يرجى برؤه بأن أغمي عليه فقط‪ ،‬فهذا إذا أفاق فإنه يقيض‪ ،‬لكن إذا زال عقله كلي ًا؛‬
‫فإنه ال صوم عليه‪ ،‬يعني‪ :‬وإذا مل يكن عليه صوم؛ فال فدية عليه»)‪.(3‬‬

‫فالذي يظهر‪ :‬أنه ال جتب عليه الصالة وال الصيام‪ ،‬وال جيب أن يطعم عنه بدل‬
‫الصيام‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬أريد أن أعرف موجبات القضاء والكفارة يف رمضان‪ ،‬عل ًام أنه سبق أن بحثت‬

‫((( انظر‪ :‬عون املعبود (‪ ،)52/12‬وانظر‪ :‬األشباه والنظائر للسيوطي (‪.)212‬‬


‫((( لقاء الباب املفتوح (‪.)4/220‬‬
‫((( رشح الكايف (‪)5/4‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫املوضوع‪ ،‬وانتهى يب البحث إىل رأيني‪ :‬أحدمها يرى أن موجبات القضاء والكفارة‬
‫هو اجلامع ال غري‪ ،‬والدليل معروف من السنة املطهرة‪ ،‬أما الرأي الثاين‪ :‬فيجعل كل‬
‫ما يصل إىل املعدة عمد ًا موجب ًا للقضاء والكفارة‪ ،‬إضافة إىل اجلامع‪ ،‬دون أن أعثر‬
‫عىل دليل من الكتاب والسنة‪ .‬لذا أرجو من فضيلتكم إفاديت باجلواب الشايف املدعم‬
‫‪254‬‬
‫بالدليل من الكتاب والسنة‪.‬‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«نص النبي ‪ H‬عىل احلكم بوجوب الكفارة عىل أعرايب؛ لكونه جامع زوجته‬
‫عمد ًا يف هنار رمضان‪ ،‬وهو صائم‪ ،‬فكان ذلك منه ‪ H‬بيان ًا ملناط احلكم‪ ،‬ونص ًا‬
‫عىل علته‪.‬‬

‫واتفق الفقهاء عىل‪ :‬أن كونه أعرابي ًا وصف طردي؛ ال مفهوم له‪ ،‬وال تأثري له يف‬
‫احلكم؛ فتجب الكفارة بوطء الرتكي واألعجمي زوجته‪.‬‬

‫واتفقوا أيض ًا عىل أن وصف الزوجة يف املوطوءة طردي‪ ،‬غري معترب‪ ،‬فتجب الكفارة‬
‫بوطء األمة‪ ،‬وبالزنا‪.‬‬

‫واتفقوا أيض ًا عىل أن جميء الواطئ نادم ًا‪ ،‬ال أثر له يف وجوب الكفارة‪ ،‬فال اعتبار له‬
‫أيض ًا يف مناط احلكم‪.‬‬

‫ثم اختلفوا يف اجلامع‪ :‬هل هو وحده املعترب يف وجوب الكفارة بإفساد الصوم به‬
‫فقط‪ ،‬أو املعترب انتهاك حرمة رمضان بإفساد الصوم عمد ًا‪ ،‬ولو بطعام ورشاب؟‬

‫فقال الشافعي وأمحد‪ :‬باألول‪ ،‬وقال أبو حنيفة ومالك ومن وافقهام‪ :‬بالثاين‪.‬‬

‫ومنشأ اخلالف بني الفريقني‪ :‬اختالفهام يف تنقيح مناط احلكم‪ ،‬هل هو انتهاك حرمة‬
‫صوم رمضان‪ ،‬بإفساده بخصوص اجلامع عمد ًا‪ ،‬أو انتهاكه بإفساد صومه عمد ًا مطلق ًا‪،‬‬
‫ولو بطعام أو رشاب؟‬

‫والصواب األول؛ متشي ًا مع ظاهر النص‪ ،‬وألن األصل براءة الذمة من وجوب‬
‫اذعألا لهأ مايص‬

‫الكفارة‪ ،‬حتى يثبت املوجب بدليل واضح»)‪ .(1‬واهلل أعلم‪.‬‬


‫***‬

‫*سؤال‪ :‬صمت اليوم التاسع من ذي احلجة يوم عرفة‪ ،‬ونويت صومه قضاء عن يوم‬
‫‪255‬‬ ‫من أيام رمضان‪ ،‬هل يكفي صيام يوم عرفة إذا نويته عن القضاء أم ال؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«جيوز صيام يوم عرفة‪ ،‬عن يوم من رمضان‪ ،‬إذا نويته قضاء»(‪ .)2‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬ما حكم املرأة إذا صامت بدون إذن زوجها (أي بدون علمه) يومني‪ ،‬عل ًام أن‬
‫هذا الصوم كان قضاء لشهر رمضان املبارك‪ ،‬وكانت عند الصيام خجلت أن خترب‬
‫زوجها بذلك‪ ،‬إن كان غري جائز‪ :‬هل عليها كفارة؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«جيب عىل املرأة قضاء ما أفطرته من أيام رمضان‪ ،‬ولو بدون علم زوجها‪ ،‬وال‬
‫يشرتط للصيام الواجب عىل املرأة إذن الزوج؛ فصيام املذكورة صحيح‪ ،‬وأما الصيام‬
‫غري الواجب‪ ،‬فال تصوم املرأة وزوجها حارض إال بإذنه؛ ألن النبي ‪ H‬هنى أن‬
‫تصوم املرأة وزوجها حارض‪ ،‬إال بإذنه‪ ،‬غري رمضان )‪ .)4((3‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬توىف والدي يوم ثالثة رمضان‪ ،‬فهل جيب عيل إكامل رمضان له‪ ،‬يعني أصوم‬

‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)301 ،300/10‬‬


‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)347 ،346/10‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫«ال ت َُصو ُم ا َمل ْر َأ ُة َو َب ْع ُل َها َشاهدٌ إِلَّ بِإِ ْذنه»‪.‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)5192‬ومسلم (‪ ،)1026‬ولفظ البخاري‪َ :‬‬
‫ان وزَوجها َش ِ‬
‫اهدٌ إِ َّل‬ ‫الم ْر َأ ُة َي ْو ًما َت َط ُّو ًعا ِف غ ْ ِ‬ ‫ورواه الدارمي يف سننه (‪ ،)1761‬ولفظه‪َ :‬‬
‫َي َر َم َض َ َ ْ ُ َ‬ ‫«ل ت َُصو ُم َ‬
‫بِإِ ْذنِ ِه»‪ ،‬وصححه األلباين يف الصحيحة (‪.)395‬‬
‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)353/10‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫نيابة عنه سبعة وعرشين يوم ًا؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«ليس عليك يشء؛ ألن والدك ملا ت ُُوفِّ سقط عنه الواجب‪ ،‬فليس عليك أن تصوم‬
‫‪256‬‬
‫عنه‪ ،‬وال ُيرشع لك ذلك»)‪ .(1‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬الطعام إذا وصل حللقي كنت أبتلعه ظن ًا مني أنه ال يفطر‪ ،‬ألن هذا الطعام‬
‫مصدره املعدة فأرجعته ملصدره (جه ً‬
‫ال مني)‪ ،‬ولقد قرأت أنه جيب عيل القضاء‪ ،‬لكن‬
‫ال أذكر عدد األيام التي فعلت فيها ذلك‪ ،‬ألهنا كانت يف املايض‪ ،‬واآلن أنا قد تركت‬
‫هذه العادة‪ ،‬فام الذي أفعله؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫ما دمت ال تعلم أن ابتالع هذا الطعام مفطر؛ فال قضاء عليك؛ ألن اجلهل باملفطرات‬
‫عذر عىل الصحيح‪.‬‬

‫قال الشيخ ابن عثيمني ‪« :V‬واملفطرات التي تكون باختيار املرء‪ ،‬ال يفطر هبا‬
‫اإلنسان إال برشوط ثالثة‪ ،‬هي‪:‬‬

‫الرشط األول‪ :‬أن يكون عاملا‪ ،‬وضد العامل اجلاهل‪.‬‬

‫فإذا أكل اإلنسان وهو جاهل؛ فإنه ال قضاء عليه‪ ،‬واجلهل نوعان‪:‬‬

‫‪ .1‬جهل باحلكم‪ :‬مثل أن يتقيأ اإلنسان متعمدا‪ ،‬لكن ال يدري أن القيء مفسد‬
‫للصوم‪ ،‬فهذا ال قضاء عليه؛ ألنه جاهل‪ ،‬والدليل عىل أن اجلاهل باحلكم ال‬
‫يفطر‪ :‬ما ثبت يف الصحيحني‪ ،‬من حديث عدي بن حاتم ‪ :I‬أنه جعل‬
‫حتت وسادته عقالني‪ ،‬أحدمها أسود‪ ،‬والثاين أبيض‪-‬والعقاالن مها‪ :‬احلبالن‬

‫((( جمموع فتاوى ابن باز(‪.)376/15‬‬


‫اذعألا لهأ مايص‬

‫اللذان تعقل هبام اإلبل‪ -‬فجعل ينظر إليهام‪ ،‬فلام تبني له األبيض من األسود‪،‬‬
‫أمسك عن األكل والرشب‪ ،‬فلام غدا إىل النبي ‪ ،H‬أخربه بذلك‪ ،‬فقال له‬
‫أن وسع اخليط األبيض واألسود‪ ،‬إنام‬
‫النبي ‪« :H‬إن وسادك لعريض‪ْ ،‬‬
‫ذلك بياض النهار‪ ،‬وسواد الليل (‪ ،)1‬ومل يأمره النبي ‪ H‬بالقضاء؛ ألنه‬
‫‪257‬‬
‫كان جاهال بمعنى اآلية الكريمة‪.‬‬

‫‪ .2‬جهل بالوقت‪ :‬مثل أن يأكل اإلنسان يظن أن الفجر مل يطلع‪ ،‬فيتبني أنه قد طلع؛‬
‫فهذا ال قضاء عليه‪ ،‬ومثل أن يفطر يف آخر النهار يظن أن الشمس قد غربت‪،‬‬
‫ثم يتبني أهنا مل تغرب‪ ،‬وهذا أيضا ال قضاء عليه‪ ،‬والدليل ما رواه البخاري عن‬
‫أسامء بنت أيب بكر ‪ ،J‬قالت‪ :‬أفطرنا يف يوم غيم عىل عهد النبي ‪،H‬‬
‫ثم طلعت الشمس‪.‬‬

‫ووجه الداللة من هذا‪ :‬لو كان الصوم فاسدا‪ ،‬لكان القضاء واجبا‪ ،‬ولو كان القضاء‬
‫واجبا‪ ،‬ألمرهم بذلك النبي ‪ ،H‬ولو أمرهم بذلك لنُقل إلينا؛ ألن ذلك من‬
‫حفظ الرشيعة‪ ،‬فلام مل ُينقل؛ ُع ِلم أن الرسول ‪ O‬مل يأمرهم به‪ ،‬وملا مل يأمرهم‬
‫به؛ ُع ِلم أن الصوم غري فاسد؛ فال قضاء يف هذه احلال‪ ،‬ولكن جيب عىل اإلنسان متى‬
‫علم أن يمسك عن األكل والرشب‪ ،‬حتى لو كانت اللقمة يف فمه‪ ،‬وجب عليه لفظها»‪.‬‬
‫انتهى بترصف يسري(‪.)2‬‬

‫ثم ذكر الرشط الثاين‪ ،‬والثالث‪ ،‬وهو أن يكون ذاكرا‪ ،‬خمتارا‪.‬‬

‫وهبذا تعلم‪ :‬أنه ال قضاء عليك‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬


‫***‬

‫*سؤال‪ :‬ما حكم من نيس القضاء وأدركه رمضان؟‬

‫َان َ‬
‫اخل ْي ُط‬ ‫يض‪َ ،‬أ ْن ك َ‬ ‫((( رواه البخاري (‪ ،)4509‬ومسلم (‪ ،)1090‬ولفظ البخاري‪« :‬إِ َّن ِو َسا َد َك إِ ًذا َل َع ِر ٌ‬
‫ي»‪ُ ،‬ث َّم َق َال‪« :‬الَ َب ْل‬ ‫اخل ْي َط ْ ِ‬
‫ص َت َ‬ ‫َ‬
‫يض ال َق َفا‪ ،‬إِ ْن أ ْب َ ْ‬ ‫ْت ِو َسا َدتِ َك»‪ ،‬ويف لفظ له‪« :‬إِن َ‬
‫َّك َل َع ِر ُ‬ ‫األَ ْب َي ُض‪َ ،‬واألَ ْس َو ُد َت َ‬
‫ار»‪.‬‬ ‫اض الن ََّه ِ‬
‫يض‪ ،‬إِن ََّم ُه َو َس َوا ُد ال َّل ْي ِل‪َ ،‬و َب َي ُ‬ ‫َك َل َع ِر ٌ‬‫ار»‪ ،‬ولفظ مسلم‪« :‬إِ َّن ِو َسا َدت َ‬‫اض الن ََّه ِ‬
‫ُه َو َس َوا ُد ال َّل ْي ِل‪َ ،‬و َب َي ُ‬
‫((( جمموع فتاوى الشيخ ابن عثيمني (‪.)116/19‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*جواب‪:‬‬

‫اتفق الفقهاء عىل أن النسيان عذر‪ ،‬يرفع اإلثم واملؤاخذة يف مجيع املخالفات؛ ألدلة‬
‫كثرية جاءت يف الكتاب والسنة‪ ،‬إال أهنم خيتلفون يف رفعه ما يرتتب عىل املخالفة‪ ،‬من‬
‫فدية ونحوها‪.‬‬ ‫‪258‬‬

‫ويف خصوص مسألة نسيان قضاء رمضان‪ ،‬حتى يدخل رمضان التايل‪ ،‬اتفق العلامء‬
‫أيضا عىل أن القضاء الزم بعد رمضان التايل‪ ،‬وال يسقط بالنسيان‪.‬‬

‫ولكنهم خيتلفون يف وجوب الفدية‪ ،‬وهي إطعام مسكني مع القضاء‪ ،‬عىل قولني‪:‬‬

‫القول األول‪ :‬ال تلزمه الفدية‪ ،‬فالنسيان عذر‪ ،‬يرفع عنه اإلثم والفدية‪.‬‬

‫وذهب إىل هذا أكثر الشافعية‪ ،‬وبعض املالكية)‪.(1‬‬

‫القول الثاين‪ :‬تلزمه الفدية‪ ،‬والنسيان عذر‪ ،‬يرفع اإلثم فقط‪.‬‬

‫ذهب إليه اخلطيب الرشبيني من الشافعية‪ ،‬فقال‪ :‬والظاهر أنه إنام يسقط عنه بذلك‬
‫اإلثم‪ ،‬ال الفدية(‪.)2‬‬

‫ونص عليه بعض املالكية أيض ًا)‪.(3‬‬

‫والراجح‪ :‬هو القول األول إن شاء اهلل تعاىل‪ ،‬وذلك ألدلة ثالثة‪:‬‬

‫األول‪ :‬عموم اآليات واألحاديث التي ترفع املؤاخذة عن النايس‪ ،‬كقوله تعاىل‪( :‬ﯦ‬
‫ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ) [البقرة‪.]286 :‬‬

‫الثاين‪ :‬األصل براءة الذمة‪ ،‬وال جيوز إشغاهلا بالكفارة أو الفدية إال بدليل‪ ،‬وال دليل‬

‫((( انظر‪ :‬حتفة املحتاج (‪ ،)445/3‬وهناية املحتاج(‪ ،)196/3‬ومنح اجلليل (‪ ،)154/2‬ورشح خمترص خليل‬
‫(‪.)263/2‬‬
‫((( مغني املحتاج (‪.)176/2‬‬
‫((( انظر‪ :‬مواهب اجلليل رشح خمترص خليل (‪.)450/2‬‬
‫اذعألا لهأ مايص‬

‫يقوى يف هذه املسألة‪.‬‬

‫الثالث‪ :‬أن هذه الفدية خمتلف يف وجوهبا أصال‪ ،‬حتى عىل املتأخر عن القضاء عامدا‪،‬‬
‫حيث ذهب احلنفية‪ ،‬والظاهرية إىل عدم وجوهبا‪ ،‬واختار الشيخ ابن عثيمني أهنا مستحبة‬
‫‪259‬‬ ‫فقط‪ ،‬إذ مل يرد يف مرشوعيتها إال عمل بعض الصحابة‪ ،‬وهذا ال يقوى عىل إلزام الناس‬
‫هبا‪ ،‬فضال عن إلزامهم هبا حال العذر الذي عذر اهلل به‪.‬‬

‫وخالصة اجلواب‪ :‬عليه القضاء فقط‪ ،‬وال إطعام عليه‪ ،‬فيقيض بعد رمضان احلايل‪.‬‬
‫واهلل أعلم‪.‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫مفسدات الصيام‬ ‫‪260‬‬

‫*سؤال‪ :‬أريد ذكر ملخص يف مبطالت الصوم‪.‬‬

‫*جواب‪:‬‬

‫املفطرات عىل نوعني‪:‬‬

‫األول‪ :‬ما يكون من نوع االستفراغ‪ :‬كاجلامع‪ ،‬واالستقاءة‪ ،‬واحليض‪ ،‬واالحتجام‪.‬‬

‫فخروج هذه األشياء من البدن يضعفه؛ ولذلك جعلها اهلل تعاىل من مفسدات‬
‫الصيام‪ ،‬حتى ال جيتمع عىل الصائم الضعف الناتج من الصيام‪ ،‬مع الضعف الناتج من‬
‫خروج هذه األشياء؛ فيترضر بالصوم‪ ،‬وخيرج صومه عن حد االعتدال‪.‬‬

‫الثاين‪ :‬ما يكون من نوع االمتالء‪ :‬كاألكل‪ ،‬والرشب‪.‬‬

‫فإن الصائم لو أكل أو رشب‪ ،‬مل حتصل له احلكمة املقصودة من الصيام(‪.)1‬‬

‫ومفسدات الصيام (املفطرات) سبعة‪ ،‬وهي‪ :‬اجلامع‪ ،‬واالستمناء‪ ،‬واألكل والرشب‬


‫عمدا‪ ،‬وما كان بمعنى األكل والرشب‪ ،‬وإخراج الدم باحلجامة ونحوها‪ ،‬والقيء‬
‫عمد ًا‪ ،‬وخروج دم احليض أو النفاس من املرأة‪.‬‬

‫فأول هذه املفطرات‪ :‬اجلامع‪ ،‬وهو أعظمها وأكربها إث ًام‪ ،‬فمن جامع يف هنار رمضان‪،‬‬
‫عامد ًا‪ ،‬خمتار ًا‪ ،‬بأن يلتقي اخلتانان‪ ،‬وتغيب احلشفة يف أحد السبيلني؛ فقد أفسد صومه‪،‬‬

‫((( انظر‪ :‬جمموع الفتاوى (‪.)248/25‬‬


‫مايصلا تادسفم‬

‫أنزل أو مل ُينْزل‪ ،‬وعليه التوبة‪ ،‬وإمتام ذلك اليوم‪ ،‬والقضاء‪ ،‬والكفارة املغلظة؛ ودليل‬
‫رجل إىل النبي ‪ ،H‬فقال‪ :‬هلكت يا‬ ‫ذلك‪ :‬حديث أيب هريرة ‪ ،I‬قال‪« :‬جاء ٌ‬
‫«ه ْل َ ِ‬
‫تدُ َما‬ ‫َك؟ ‪ ،‬قال‪ :‬وقعت عىل امرأيت يف رمضان‪ ،‬قال‪َ :‬‬ ‫«و َما َأ ْه َلك َ‬
‫رسول اهلل! قال‪َ :‬‬
‫يع َأ ْن ت َُصو َم َش ْه َر ْي ِن ُم َتتَابِ َع ْ ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪261‬‬
‫ي؟ ‪ ،‬قال‪ :‬ال‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫ُت ْعت ُق َر َق َب ًة؟ ‪ ،‬قال‪ :‬ال‪ ،‬قال‪َ « :‬ف َه ْل ت َْستَط ُ‬
‫ِّني ِم ْسكِينًا؟ ‪ ،‬قال‪ :‬ال (‪.)1‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫« َف َه ْل َ ِ‬
‫تدُ َما ُت ْطع ُم ست َ‬
‫وال جتب الكفارة بيشء من املفطرات إال اجلامع‪.‬‬

‫وثاين املفطرات‪ :‬االستمناء‪ ،‬وهو‪ :‬إنزال املني باليد‪ ،‬أو نحوها‪.‬‬

‫والدليل عىل أن االستمناء من املفطرات‪ :‬قول اهلل تعاىل يف احلديث القديس عن‬
‫شا َب ُه َو َش ْه َو َت ُه ِم ْن َأ ْج ِل (‪.)2‬‬
‫ت ُك َط َع َام ُه َو َ َ‬
‫الصائم‪َ « :‬ي ْ ُ‬
‫وإنزال املني من الشهوة التي جيب عىل الصائم أن يرتكها‪ ،‬فمن استمنى يف هنار‬
‫رمضان؛ وجب عليه أن يتوب إىل اهلل‪ ،‬وأن ُيمسك بقية يومه‪ ،‬وأن يقضيه بعد ذلك‪.‬‬

‫كف‪ ،‬ومل ُينْزل؛ فعليه التوبة‪ ،‬وصيامه صحيح‪ ،‬وليس‬


‫ثم ّ‬
‫وإن رشع يف االستمناء‪ّ ،‬‬
‫عليه قضاء لعدم اإلنزال‪ ،‬وينبغي أن يبتعد الصائم عن ّ‬
‫كل ما هو مثري للشهوة‪ ،‬وأن‬
‫يطرد عن نفسه اخلواطر الرديئة‪.‬‬

‫وأما خروج املذي‪ ،‬فالراجح‪ :‬أنه ال ُيف ّطر‪.‬‬

‫الثالث من املفطرات‪ :‬األكل أو الرشب عمدا‪.‬‬

‫وهو إيصال الطعام أو الرشاب إىل املعدة عن طريق الفم‪ ،‬وكذلك لو أدخل إىل‬
‫معدته شيئ ًا عن طريق األنف‪ ،‬فهو كاألكل والرشب‪ ،‬وهلذا قال النبي ‪:H‬‬
‫ُون َصائِ ًام (‪ ،)3‬فلوال أن دخول املاء إىل املعدة عن طريق‬ ‫االستِن َْش ِ‬
‫اق‪ ،‬إِالَّ َأ ْن َتك َ‬ ‫ِ‬
‫«و َبالغْ ِف ْ‬
‫َ‬
‫الصائم عن املبالغة يف االستنشاق‪.‬‬
‫َ‬ ‫النبي ‪H‬‬ ‫األنف يؤثر يف الصوم؛ مل َينْ َه ُ‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)6332‬ومسلم (‪.)1111‬‬


‫((( رواه البخاري (‪ ،)1894‬ومسلم (‪.)1151‬‬
‫((( رواه الرتمذي (‪ ،)788‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع (‪.)929‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫الرابع من املفطرات‪ :‬ما كان بمعنى األكل والرشب‪.‬‬

‫وذلك يشمل أمرين‪:‬‬


‫‪ .1‬حقن الدم يف الصائم‪ ،‬كام لو أصيب بنَزيف فحقن بالدم؛ فإنه يفطر؛ ألن الدم هو‬
‫‪262‬‬
‫غاية الغذاء بالطعام والرشاب‪.‬‬
‫‪ .2‬اإلبر (احلقن) املغذية التي ُيستغنى هبا عن الطعام والرشاب؛ ألهنا بمنْزلة األكل‬
‫والرشب(‪.)1‬‬

‫وأما اإلبر التي ال ُيستعاض هبا عن األكل والرشب‪ ،‬ولكنها للمعاجلة كالبنسلني‬
‫ترض الصيام‪ ،‬سواء عن طريق‬
‫واألنسولني‪ ،‬أو تنشيط اجلسم‪ ،‬أو إبر التطعيم‪ :‬فال ّ‬
‫العضالت‪ ،‬أو الوريد)‪.(2‬‬

‫واألحوط‪ :‬أن تكون كل هذه اإلبر بالليل‪.‬‬

‫وغسيل الكىل الذي يتطلب خروج الدم لتنقيته‪ ،‬ثم رجوعه مرة أخرى‪ ،‬مع إضافة‬
‫مواد كياموية‪ ،‬وغذائية كالسكريات‪ ،‬واألمالح‪ ،‬وغريها إىل الدم؛ يعترب مف ّطر ًا)‪.(3‬‬

‫املفطر اخلامس‪ :‬إخراج الدم باحلجامة‪.‬‬

‫الم ْح ُجو ُم (‪.)4‬‬ ‫الح ِ‬


‫اج ُم َو َ‬ ‫لقول النبي ‪َ :H‬‬
‫«أ ْف َط َر َ‬

‫«ويف معنى إخراج الدم باحلجامة التربع بالدم؛ ألنه يؤثر عىل البدن كتأثري احلجامة‪،‬‬
‫وعىل هذا‪ :‬ال جيوز للصائم أن يتربع بالدم‪ ،‬إال أن يوجد مضطر‪ ،‬فيجوز التربع له‪،‬‬
‫ويفطر املتربع‪ ،‬ويقيض ذلك اليوم (‪.)5‬‬

‫((( انظر‪ :‬جمالس شهر رمضان البن عثيمني (ص‪.)66‬‬


‫((( انظر‪ :‬جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)216/19‬‬
‫((( انظر‪ :‬جمموع فتاوى ابن باز (‪.)274/15‬‬
‫((( رواه أبو داود (‪ ،)2367‬وصححه األلباين يف صحيح أيب داود (‪.)2047‬‬
‫((( جمالس شهر رمضان البن عثيمني (ص‪.)67‬‬
‫مايصلا تادسفم‬

‫«ومن أصابه نزيف فصيامه صحيح؛ ألنه بغري اختياره (‪.)1‬‬

‫وأما خروج الدم بقلع السن‪ ،‬أو شق اجلرح‪ ،‬أو حتليل الدم‪ ،‬ونحو ذلك‪ :‬فال يفطر؛‬
‫ألنه ليس بحجامة‪ ،‬وال بمعناها؛ إذ ال يؤثر يف البدن تأثري احلجامة‪.‬‬
‫‪263‬‬
‫املفطر السادس‪ :‬التقيؤ عمد ًا‪.‬‬

‫اء‪َ ،‬و َم ِن‬ ‫ِ‬


‫«م ْن َذ َر َع ُه ‪-‬أي‪ :‬غلبه‪ -‬ال َق ْي ُء َف َل ْي َس َع َل ْيه َق َض ٌ‬
‫لقول النبي ‪َ :H‬‬
‫اء َع ْمدً ا؛ َف ْل َي ْق ِ‬
‫ض (‪.)2‬‬ ‫ْاس َت َق َ‬
‫وقال ابن املنذر ‪« :V‬أمجع أهل العلم عىل إبطال صوم من استقاء عامد ًا»(‪.)3‬‬

‫شم رائحة كرهية‪ ،‬أو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فمن تق َّي َأ عمد ًا بوضع أصبعه يف فمه‪ ،‬أو‬
‫تعمد ِّ‬
‫عرص بطنه‪ ،‬أو ُّ‬
‫دوام النظر إىل ما ُيتقيأ منه‪ :‬فعليه القضاء‪.‬‬

‫وإذا راجت معدته‪ ،‬مل يلزمه منع القيء؛ ألن ذلك يرضه(‪.)4‬‬

‫املفطر السابع‪ :‬خروج دم احليض والنفاس‪.‬‬

‫ت‪َ :‬ل ْ ت َُص ِّل‪َ ،‬و َل ْ ت َُص ْم (‪.)5‬‬


‫اض ْ‬ ‫لقول النبي ‪َ :H‬‬
‫«أ َل ْي َس إِ َذا َح َ‬

‫فمتى رأت املرأة دم احليض أو النفاس؛ فسد صومها‪ ،‬ولو كان قبل غروب الشمس‬
‫بلحظة‪.‬‬

‫وإذا أحست املرأة بانتقال دم احليض‪ ،‬ولكنه مل خيرج إال بعد غروب الشمس‪ ،‬صح‬
‫صومها‪ ،‬وأجزأها يومها‪.‬‬
‫واحلائض أو النفساء إذا انقطع دمها ليالً‪َ ،‬فن ََوت الصيام‪ ،‬ثم طلع الفجر قبل‬

‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)264/10‬‬


‫((( رواه الرتمذي (‪ ،)720‬وصححه األلباين يف صحيح الرتمذي (‪.)577‬‬
‫((( املغني (‪.)368/4‬‬
‫((( جمالس شهر رمضان البن عثيمني (ص‪.)67‬‬
‫((( رواه البخاري (‪.)304‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫اغتساهلا‪ ،‬فمذهب العلامء كافة‪ :‬صحة صومها(‪.)1‬‬


‫واألفضل للحائض‪ :‬أن تبقى عىل طبيعتها‪ ،‬وترىض بام كتب اهلل عليها‪ ،‬وال تتعاطى‬
‫ما متنع به الدم‪ ،‬وتقبل ما َقبِل اهلل منها من الفطر يف احليض‪ ،‬والقضاء بعد ذلك‪ ،‬وهكذا‬
‫كانت أمهات املؤمنني‪ ،‬ونساء السلف(‪.)2‬‬ ‫‪264‬‬
‫بالطب رضر كثري من هذه املوانع‪ ،‬وابتليت كثري من النساء‬
‫ّ‬ ‫باإلضافة إىل أنه قد ثبت‬
‫باضطراب الدورة بسبب ذلك‪ ،‬فإن فعلت املرأة وتعاطت ما تقطع به الدم فارتفع‪،‬‬
‫وصارت نظيفة وصامت؛ أجزأها ذلك‪.‬‬
‫فهذه هي مفسدات الصيام‪ .‬وكلها ‪-‬ماعدا احليض والنفاس‪ -‬ال يفطر هبا الصائم‬
‫إال برشوط ثالثة‪ :‬أن يكون عامل ًا غري جاهل‪ ،‬وأن يكون ذاكر ًا غري ٍ‬
‫ناس‪ ،‬وأن يكون‬
‫خمتار ًا غري ُمك َْره‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫املفطر األول‪ :‬اجلامع‬


‫*سؤال‪ :‬كان األسبوع األول من رمضان هو أسبوع زواجي‪ ،‬وزوجي ال يستطيع أن‬
‫يسيطر عىل رغباته‪ ،‬وأنا ال أريد أن أفطر‪ ،‬زوجي يقول يل إنه ال رضر إن أفطرت يوم ًا‬
‫وأقضيه بعد ذلك‪ ،‬فهل هذا صحيح؟‬
‫*جواب‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬اإلفطار يف رمضان من غري عذر من أكرب الكبائر‪ ،‬ويكون فاعله فاسق ًا‪ ،‬وجيب‬
‫عليه التوبة إىل اهلل تعاىل من هذه املعصية الكبرية‪.‬‬

‫ومما صح من الوعيد عىل ترك الصوم‪ :‬ما رواه أبو أمامة الباهيل ‪ ،I‬قال‪ :‬سمعت‬
‫رسول اهلل ‪ H‬يقول‪َ « :‬ب ْينَا َأنَا نَائِ ٌم إِ ْذ َأت ِ‬
‫َان َر ُجال َِن‪ُ ...‬ث َّم ا ْن َط َل َقا ِب َفإِ َذا َأنَا بِ َق ْو ٍم‬
‫ني َب َع َر ِاقيبِ ِه ْم ‪-‬العرقوب‪ :‬العصب الذي فوق مؤخرة قدم اإلنسان‪َ ،-‬م َش َّق َق ًة‬ ‫ِ‬
‫ُم َع َّلق َ‬

‫((( فتح الباري (‪.)148/4‬‬


‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)151/10‬‬
‫مايصلا تادسفم‬

‫ت‪َ :‬م ْن َه ُؤالَ ِء؟ َقاالَ‪َ :‬ه ُؤالَ ِء‬ ‫َأ ْشدَ ا ُق ُه ْم‪- ،‬الشدق جانب الفم‪ ،-‬ت َِس ُ‬
‫يل َأ ْشدَ ا ُق ُه ْم َدم ًا‪ُ ،‬ق ْل ُ‬
‫ت َّل ِة َص ْو ِم ِه ْم )‪.(1‬‬
‫ون َقب َل َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ا َّلذ َ‬
‫ين ُي ْفط ُر َ ْ‬

‫فعىل هذا‪ :‬جيب عىل هذا الزوج أن يتقي اهلل تعاىل‪ ،‬وال يتهاون يف أمر الصيام‪ ،‬فإن‬
‫‪265‬‬
‫ِ‬
‫وعليك أن ال تطيعيه يف هذا األمر؛ فإنه ال طاعة ملخلوق يف معصية اخلالق‪.‬‬ ‫األمر خطري‪،‬‬

‫سئل الشيخ ابن عثيمني ‪ :V‬عن رجل جيرب زوجته عىل اجلامع يف هنار رمضان؟‬

‫فأجاب‪« :‬حيرم عليها أن تطيع زوجها‪ ،‬أو متكنه من ذلك يف هذه احلال؛ ألهنا يف‬
‫صيام مفروض‪ ،‬وعليها أن تدافعه بقدر اإلمكان‪ ،‬وحيرم عىل زوجها أن جيامعها يف هذه‬
‫احلال‪ ،‬وإذا كانت ال تستطيع أن تتخلص منه؛ فإنه ليس عليها يشء‪ ،‬ال قضاء‪ ،‬وال‬
‫كفارة؛ ألهنا مكرهة»)‪.(2‬‬

‫والفطر يف رمضان مع قضاء الصيام‪ ،‬إنام ُشع ملن أفطر بعذر‪ ،‬كاملرض والسفر‪ ،‬وما‬
‫أشبه ذلك‪ ،‬أما إفطار املسلم يف رمضان من غري عذر‪ ،‬فإنه يعرض نفسه لغضب اهلل تعاىل‬
‫وعذابه‪ ،‬نسأل اهلل السالمة والعافية‪.‬‬
‫ٍ‬
‫بكاف‪ ،‬فإن من جامع‬ ‫ثاني ًا‪ :‬قول زوجك‪ :‬أنك ستقضني هذا اليوم بعد ذلك ليس‬
‫زوجته يف هنار رمضان‪ ،‬وجب عليه وعليها الكفارة املغلظة‪ ،‬وهي عتق رقبة‪ ،‬أو صيام‬
‫شهرين متتابعني‪ ،‬أو إطعام ستني مسكين ًا‪.‬‬

‫قال الشيخ ابن عثيمني ‪« :V‬املجامع يف هنار رمضان ‪-‬وهو صائم مقيم غري‬
‫مسافر‪ -‬عليه كفارة مغلظة‪ ،‬وهي عتق رقبة‪ ،‬فإن مل جيد فصيام شهرين متتابعني‪ ،‬فإن مل‬
‫يستطع فإطعام ستني مسكين ًا‪ ،‬واملرأة مثله‪ ،‬إذا كانت راضية‪ ،‬وإن كانت مكرهة؛ فليس‬
‫عليها يشء‪.‬‬

‫واملجامع الصائم يف بلده‪ ،‬ممن يلزمه الصوم يرتتب عليه مخسة أشياء‪:‬‬

‫((( رواه النسائي (‪ ،)3286‬وابن خزيمة (‪ ،)1865‬وصححه األلباين يف صحيح الرتغيب والرتهيب‬
‫(‪.)1005‬‬
‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)339/19‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫اإلثم‪ ،‬وفساد الصوم‪ ،‬ولزوم اإلمساك‪ ،‬ووجوب القضاء‪ ،‬ووجوب الكفارة‪.‬‬

‫وال فرق بني أن ينْزل أو ال ينْزل‪ ،‬ما دام اجلامع قد حصل‪ ،‬بخالف ما لو حدث إنزال‬
‫بدون مجاع‪ ،‬فليس فيه كفارة‪ ،‬وإنام فيه اإلثم‪ ،‬ولزوم اإلمساك‪ ،‬والقضاء»(‪ .)1‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬ ‫‪266‬‬

‫*سؤال‪ :‬أثناء صيامي أحد أيام شهر رمضان‪ ،‬حدث أن مارست العادة الرسية‪ ،‬ثم‬
‫قرأت يف إجابة أحد األسئلة اإلسالمية بإحدى اجلرائد‪ :‬أن العادة الرسية تبطل‬
‫الصيام‪ ،‬لكن األمر ال يتطلب أداء كفارة (حترير رقبة أو إطعام ستني مسكينا)‪ ،‬فهل‬
‫هذا صحيح؟‬

‫أما سؤايل الثاين فهو‪ :‬أنى تناولت الطعام يف ذلك الوقت؛ ألين اعتقدت بأن صيامي‬
‫باطل‪ ،‬فهل إفطاري ذلك اليوم يتطلب كفارة أم ال؟؟ جزاكم اهلل خريا عىل اإلجابة‪.‬‬

‫*جواب‪:‬‬

‫ال شـك أن العـادة الرسيـة حمرمـة عنـد أكثـر أهـل العلـم‪ ،‬كام قال شـيخ اإلسلام‬
‫ابـن تيميـة ‪ ،V‬فـإذا كان اسـتعامهلا يف شـهر رمضـان؛ كان ذلـك أعظـم‪ ،‬فـإذا وقع‬
‫اإلنـزال بسـبب العـادة الرسيـة؛ كان انتهـاك حرمـة الصيـام أشـد إث ًام‪.‬‬

‫وعليه‪ :‬فمن أنزل املني؛ فقد أفطر‪ ،‬وعليه أن يمسك بقية يومه الذي أنزل فيه‪ ،‬وال‬
‫متعمدا‪،‬‬
‫جيوز له اإلفطار؛ حلرمة الشهر الكريم‪ ،‬فعليك التوبة؛ إلفساد صومك باإلنزال ّ‬
‫الصيام بتناول مف ّطر‬
‫وعليك التوبة أيضا؛ ألنّك مل متسك بق ّية اليوم‪ ،‬وانتهكت حرمة ّ‬
‫آخر ‪-‬وهو ال ّطعام‪ ،-‬وعليك بقضاء يوم بدل الذي أفسدته‪ ،‬وأكثر من احلسنات‪،‬‬
‫وصيام النّافلة؛ ّ‬
‫فإن احلسنات ُيذهبن السيئات‪ ،‬واهلل غفور رحيم‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬أصوم بصفة دورية‪ ،‬وأريد أن أعرف‪ :‬هل صيامي صحيح إذا مل ِ‬
‫أرتد‬

‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)337/19‬‬


‫مايصلا تادسفم‬

‫احلجاب الصحيح؟ ‪-‬عندما أذهب للعمل يكون شعري ورقبتي ويدي مكشوفني‪،‬‬
‫بينام أغطي ما عدا ذلك‪.-‬‬

‫*جواب‪:‬‬
‫‪267‬‬
‫ننصحك بااللتزام باحلجاب التام أمام الرجال األجانب؛ حتى ُيقبل الصيام‬
‫ويكون مضاعفا‪ ،‬وكذلك الصالة وبقية األعامل الصاحلة‪ ،‬وإذا صامت املسلمة مع‬
‫ترك احلجاب؛ يصح صيامها‪ ،‬وتأثم عىل ترك احلجاب‪ ،‬فالكشف ال يؤثر عىل صحة‬
‫الصيام‪ ،‬ولكن املتربجة مهددة بالعقوبة من اهلل عىل خمالفتها أمر اهلل‪ ،‬فننصحك‬
‫يا أمة اهلل بالتزام أمر اهلل‪( :‬ﮤﮥﮦﮧ) [األحزاب‪ ،]59 :‬وبقوله تعاىل‪( :‬ﮗ‬
‫ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ) [النور‪ .]31 :‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬هل املوسيقى حرام أثناء الصيام؟‬


‫*جواب‪:‬‬
‫سامع املوسيقى حرام‪ ،‬سواء يف رمضان‪ ،‬أو غري رمضان‪ ،‬وهي يف رمضان أشد‬
‫حتري ًام‪ ،‬وأعظم إث ًام؛ ألنه ليس املقصود من الصيام جمرد االمتناع عن الطعام والرشاب‪،‬‬
‫بل املقصود حتقيق تقوى اهلل تعاىل‪ ،‬وصوم اجلوارح وامتناعها عن معصية اهلل‪.‬‬
‫قال اهلل تعاىل‪( :‬ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ‬
‫ﭮ ﭯ ﭰ) [البقرة‪.]183 :‬‬
‫وقال النبي ‪« :H‬ليس الصيام من األكل والرشب‪ ،‬إنام الصيام من اللغو‬
‫والرفث‪.)1( ...‬‬
‫راجع سؤال (‪.)37989‬‬

‫((( رواه احلاكم (‪ ،)1570‬وقال‪ :‬هذا حديث صحيح عىل رشط مسلم‪ ،‬وصححه األلباين يف صحيح الرتغيب‬
‫والرتهيب (‪.)1082‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫وقد دلت السنة الرصحية الصحيحة عن النبي ‪ H‬عىل‪ :‬حتريم سامع آالت‬
‫املوسيقى‪.‬‬
‫روى البخاري تعليق ًا‪ ،‬أن النَّبِي ‪ H‬قال‪َ « :‬ليكُونَن ِمن ُأمتِي َأ ْقوام يست ِ‬
‫َح ُّل َ‬
‫ون‬ ‫َ ٌ َ ْ‬ ‫َّ ْ َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫الم َع ِ‬ ‫ِ‬
‫ف ‪ .‬واحلديث وصله الطرباين‪ ،‬والبيهقي‪.‬‬ ‫از َ‬ ‫الح ِر َير‪َ ،‬والخَ ْم َر‪َ ،‬و َ‬
‫الح َر‪َ ،‬و َ‬ ‫‪268‬‬

‫واملراد بـ (احلر)‪ :‬الزنى‪ ،‬واملعازف‪ :‬هي آالت املوسيقى‪.‬‬

‫واحلديث يدل عىل حتريم آالت املوسيقى من وجهني‪:‬‬

‫األول‪ :‬قوله ‪« :H‬يستحلون ‪ ،‬فإنه رصيح يف أن األشياء املذكورة حمرمة‪،‬‬

‫فيستحلها أولئك القوم‪.‬‬

‫الثاين‪ :‬قرن املعازف مع املقطوع حرمته‪ ،‬وهو الزنا واخلمر‪ ،‬ولو مل تكن حمرمة ملا قرهنا معها‪.‬‬

‫انظر‪ :‬السلسلة الصحيحة لأللباين حديث رقم (‪.)91‬‬

‫والواجـب على املؤمـن أن ينتهـز هذا الشـهر املبارك‪ ،‬ويقبـل فيه عىل ربـه‪ ،‬ويتوب‬
‫إىل اهلل تعـاىل‪ ،‬ويقلـع عـن املحرمات التـي اعتاد فعلهـا قبل رمضان؛ لعـل اهلل تعاىل أن‬
‫يتقبل صيامـه‪ ،‬ويصلح أحوالـه‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬هل جيوز الطبخ أثناء الصيام؟‬


‫*جواب‪:‬‬
‫«جيوز الطبخ أثناء الصيام‪.‬‬
‫تذوق اإلنسان للطعام‪ ،‬يف هنار الصيام‪ ،‬عند احلاجة‪ ،‬وصيامه صحيح؛‬
‫وال حرج يف ّ‬
‫يتعمد ابتالع يشء منه»(‪.)1‬‬
‫إذا مل ّ‬
‫***‬

‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)332/10‬‬


‫مايصلا تادسفم‬

‫جراء ذلك‪ ،‬وهو صائم‪،‬‬


‫*سؤال‪ :‬الذي يطحن احلبوب‪ ،‬إذا تطاير إىل حلقه يشء من ّ‬
‫ما حكم صومه؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫‪269‬‬
‫«إنـه ال جيـرح صومهـم‪ ،‬وصومهـم صحيـح؛ ألن تطايـر هـذه األشـياء بغير‬
‫أبي أن‪:‬‬
‫اختيارهـم‪ ،‬وليـس هلم قصـد يف وصوهلـا أجوافهم‪ ،‬وأحب هبـذه املناسـبة أن ّ‬
‫املفطـرات التـي تُفطـر الصائـم مـن اجلماع‪ ،‬واألكل‪ ،‬والشرب‪ ،‬وغريهـا‪ ،‬ال يفطر هبا‬
‫الصائـم‪ ،‬إال بثالثـة رشوط‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬أن يكـون عاملـ ًا‪ ،‬فـإن مل يكـن عاملـ ًا؛ مل ُيفطـر؛ لقـول اهلل تعـاىل‪( :‬ﮧ‬
‫‪ ،]5‬ولقولـه‪:‬‬ ‫ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ) [األحزاب‪:‬‬

‫فعلـت)‪ ،‬ولقول‬
‫ُ‬ ‫(ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ) [البقرة‪ ،]286 :‬فقـال اهلل‪( :‬قـد‬
‫النبـي ‪« :H‬رفـع عـن أمتـي اخلطأ والنسـيان ومـا اسـتكرهوا عليـه ‪ ،‬واجلاهل‬
‫خمطـئ‪ ،‬ولـو كان عاملـ ًا ما فعـل‪ ،‬فإذا فعل شـيئ ًا من املفطـرات جاهالً؛ فلا يشء عليه‪،‬‬
‫وصومـه تـام وصحيـح‪ ،‬سـواء كان جهلـه يف احلكـم‪ ،‬أم بالوقـت‪.‬‬

‫مثال جهله باحلكم‪ :‬أن يتناول شيئ ًا من ا ُملفطرات‪ ،‬يظ ّن أنه ال يفطر‪ ،‬كام لو احتجم‬
‫يظ ّن أن احلجامة ال تُف ّطر‪ ،‬فنقول‪ :‬صومك صحيح‪ ،‬وال يشء عليك‪ ،‬إىل غري ذلك من‬
‫األمور التي تقع للمرء بغري اختياره؛ فإنه ال حرج عليه‪ ،‬وال ُيفطر بذلك ملا ذكرنا‪.‬‬

‫واخلالصة‪ :‬أن مجيع املفطرات ال يفطر هبا اإلنسان إال برشوط ثالثة‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬أن يكون عامل ًا‪.‬‬


‫ثاني ًا‪ :‬أن يكون ذاكر ًا‪.‬‬
‫ثالث ًا‪ :‬أن يكون خمتار ًا»)‪.(1‬‬
‫***‬

‫((( فتاوى الشيخ ابن عثيمني (‪.)508 /1‬‬


‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*سؤال‪ :‬كنت نائام ومل أسمع أذان الفجر‪ ،‬واملنبه كان متأخرا عن التوقيت الصحيح‪،‬‬
‫وبعد أن رشبت كوبا من املاء‪ ،‬أقيمت الصالة‪ ،‬فامذا عيل؟ أفتوين مأجورين‪.‬‬

‫*جواب‪:‬‬
‫‪270‬‬
‫الصحيح من أقوال أهل العلم‪ :‬أن من أكل ظنا منه أن الفجر مل يطلع‪ ،‬ثم تبني له أن‬
‫قد طلع؛ فال يشء عليه؛ ألنه جاهل بالوقت؛ فهو معذور‪.‬‬

‫قال الشيخ ابن عثيمني ‪« :V‬إذا تناول الصائم شيئا من هذه املفطرات جاهال؛‬
‫فصيامه صحيح‪ ،‬سواء كان جاهال بالوقت‪ ،‬أو كان جاهال باحلكم‪ ،‬مثال اجلاهل‬
‫بالوقت‪ :‬أن يقوم الرجل يف آخر الليل‪ ،‬ويظن أن الفجر مل يطلع؛ فيأكل‪ ،‬ويرشب‪،‬‬
‫ويتبني أن الفجر قد طلع؛ فهذا صومه صحيح؛ ألنه جاهل بالوقت‪.‬‬

‫ومثال اجلاهل باحلكم‪ :‬أن حيتجم الصائم‪ ،‬وهو ال يعلم أن احلجامة مفطرة‪ ،‬فيقال له‪:‬‬
‫صومك صحيح؛ والدليل عىل ذلك قوله تعاىل‪( :‬ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ‬
‫ﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾ‬
‫ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ)‬
‫[البقرة‪ ،]286 :‬هذا من القرآن‪.‬‬

‫ومن السـنة‪ :‬حديث أسماء بنت أيب بكر ‪ ،L‬الـذي رواه البخاري يف صحيحه‪،‬‬
‫قالـت‪( :‬أفطرنـا يـوم غيـم على عهـد النبـي ‪ ،H‬ثم طلعـت الشـمس)‪ ،‬فصار‬
‫إفطارهـم يف النهـار‪ ،‬ولكنهـم ال يعلمـون‪ ،‬بـل ظنـوا أن الشـمس قـد غربـت‪ ،‬ومل‬
‫يأمرهـم النبـي ‪ H‬بالقضـاء‪ ،‬ولـو كان القضاء واجبـا؛ ألمرهم بـه‪ ،‬ولو أمرهم‬
‫بـه؛ لنقل إلينـا»(‪.)1‬‬

‫ويراجع السؤال رقم (‪ .)38543‬واهلل أعلم‪.‬‬


‫***‬

‫((( جمموع الفتاوى (‪.)205/19‬‬


‫مايصلا تادسفم‬

‫*سؤال‪ :‬أعلم أن بعض العلامء قد حرموا التدخني‪ ،‬ولكن‪ :‬ملاذا حيرم التدخني أثناء‬
‫الصيام‪ ،‬مع أنه ال يوجد يشء من الطعام أو الرشاب يدخل احللق؟‬
‫سألت العديد من الناس‪ ،‬ومل جيبني أحد‪ ،‬غري أن قالوا‪ :‬بأنه حمرم‪ ،‬فأرجو أن ختربين‬
‫ُ‬
‫‪271‬‬ ‫بم أفعل؟‬
‫*جواب‪:‬‬
‫الدخان حمرم‪ ،‬وال ُيشك يف حتريمه‪.‬‬
‫انظر السؤال رقم (‪ ،)10922‬و(‪.)7432‬‬
‫وأما سبب كونه مفطر ًا؛ فألن له ِج ْرم ًا يصل إىل اجلوف واملعدة‪.‬‬
‫سئل الشيخ ابن عثيمني ‪ V‬عن استنشاق العطر للصائم‪ ،‬فقال‪« :‬جيوز أن‬
‫يستعملها يف هنار رمضان‪ ،‬وأن يستنشقها‪ ،‬إال البخور ال يستنشقه؛ ألن له ِج ْرم ًا يصل‬
‫إىل املعدة وهو الدخان»)‪.(1‬‬
‫والدخان مثل البخور يف كوهنام هلام جرم‪ ،‬لكنهام خيتلفان من حيث حكم األصل‪،‬‬
‫فالبخور حالل طيب‪ ،‬والدخان حمرم خبيث‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬إذا بدأت الدورة الشهرية عند املرأة قبل أذان املغرب بخمس دقائق‪ ،‬فهل‬
‫تكمل الصيام‪ ،‬أم تفطر؟‬
‫*جواب‪:‬‬
‫إذا نزل احليض من املرأة قبل غروب الشمس ولو بلحظة؛ فسد صومها؛ وعليها‬
‫قضاء هذا اليوم‪.‬‬
‫قال الشيخ ابن عثيمني ‪« :V‬وإذا ظهر احليض منها وهي صائمة‪ ،‬ولو قبل‬
‫الغروب بلحظة؛ بطل صوم يومها؛ ولزمها قضاؤه (‪.)2‬‬

‫((( فتاوى إسالمية (‪.)128 /2‬‬


‫((( جمالس شهر رمضان (ص‪.)39‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫وال جيوز هلا أن تصوم وهي حائض‪ ،‬فإذا فعلت؛ مل يصح صومها‪ ،‬وأثمت‪.‬‬

‫قال ابن قدامة ‪« :V‬ومتى نوت احلائض الصوم‪ ،‬وأمسكت مع علمها بتحريم‬
‫ذلك؛ أثمت‪ ،‬ومل جيزئها )‪ .(1‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬ ‫‪272‬‬

‫*سؤال‪ :‬بطبيعة عميل يف مركز بيع‪ ،‬فإين يف هنار رمضان استقبل البنات‪ ،‬وأكلمهن‬
‫من غري شهوة‪ ،‬ولكني أحس بيشء نزل من الذكر‪ ،‬ال أعرف ما هو‪ :‬هل هو مني أو‬
‫مذي؟‪ ،‬فهل فسد صومي؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«هذا السائل مرتدد بني أن يكون منيا أو مذيا‪.‬‬

‫و الفرق بني املني واملذي‪ :‬أن املني‪ :‬من الرجل ماء غليظ أبيض‪ ،‬ومن املرأة رقيق‬
‫أصفر‪ ،‬وأما املذي‪ :‬فهو ماء رقيق أبيض لزج‪ ،‬خيرج عند املالعبة‪ ،‬أو تذكر اجلامع‪،‬‬

‫أو إرادته‪ ،‬أو نظر‪ ،‬أو غري ذلك‪ ،‬ويشرتك الرجل واملرأة فيه»)‪.(2‬‬

‫والغالب‪ :‬أن هذا الذي نزل منك مذي وليس مني ًا؛ ألن املني خيرج بدفق‪ ،‬ويشعر‬
‫به الرجل‪.‬‬

‫والتسبب يف إنزال املني من مفسدات الصيام؛ كام لو جامع‪ ،‬أو َق َّبل‪ ،‬أو بارش‪ ،‬أو كرر‬
‫النظر إىل النساء؛ فأنزل منيا؛ فيفسد صومه‪.‬‬

‫وأما املذي‪ :‬فقد اختلف العلامء يف إفساد الصوم به‪ ،‬إن تسبب يف نزوله‪.‬‬

‫فمذهب احلنابلة‪ :‬أنه يفطر به‪ ،‬إن كان سبب نزوله املبارشة‪ ،‬كاللمس باليد‪،‬‬

‫أو التقبيل‪ ،‬وما أشبه ذلك‪ ،‬فإن كان سبب نزوله تكرار النظر؛ فإنه ال يفطر به‪.‬‬

‫((( املغني (‪.)397/4‬‬


‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)418/5‬‬
‫مايصلا تادسفم‬

‫وذهب أبو حنيفة‪ ،‬والشافعي إىل أن نزول املذي ال يفطر به مطلقا‪ ،‬سواء نزل‬
‫بمبارشة‪ ،‬أم بغريها‪ ،‬وأن املفسد للصيام هو نزول املني‪ ،‬ال املذي(‪.)1‬‬
‫قال الشيخ ابن عثيمني ‪- V‬بعد أن ذكر مذهب احلنابلة يف املسألة‪« :-‬وال دليل‬
‫‪273‬‬ ‫له صحيح‪ ،‬ألن املذي دون املني‪ ،‬ال بالنسبة للشهوة‪ ،‬وال بالنسبة النحالل البدن؛ فال‬
‫يمكن أن يلحق به‪.‬‬
‫والصواب‪ :‬أنه إذا بارش فأمذى‪ ،‬أو استمنى فأمذى؛ أنه ال يفسد صومه‪ ،‬وأن صومه‬
‫صحيح‪ ،‬وهذا اختيار شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪ ،V‬واحلجة فيه عدم احلجة ‪-‬أي عدم‬
‫احلجة عىل أن نزول املذي مفسد للصيام‪-‬؛ ألن هذا الصوم عبادة رشع فيها اإلنسان‬
‫عىل وجه رشعي‪ ،‬فال يمكن أن نفسد هذه العبادة إال بدليل»)‪.(2‬‬
‫ومعنى‪( :‬استمنى فأمذى)‪ :‬أنه حاول إنزال املني‪ ،‬ولكنه مل ُينزل‪ ،‬وإنام أنزل مذي ًا‪.‬‬
‫وسئل الشيخ ابن باز ‪ :V‬إذا َقـبـَّل اإلنسان وهو صائم‪ ،‬أو شاهد بعض األفالم‬
‫اخلليعة‪ ،‬وخرج منه مذي‪ ،‬فهل يقيض الصوم؟‬
‫فأجاب‪« :‬خروج املذي ال يبطل الصوم يف أصح قويل العلامء‪ ،‬سواء كان ذلك بسبب‬
‫تقبيل الزوجة‪ ،‬أو مشاهدة بعض األفالم‪ ،‬أو غري ذلك مما يثري الشهوة‪.‬‬
‫ولكن ال جيوز ملسلم مشاهدة األفالم اخلليعة‪ ،‬وال استامع ما حرم اهلل من األغاين‪،‬‬
‫وآالت اللهو‪ ،‬أما خروج املني عن شهوة؛ فإنه يبطل الصوم سواء حصل عن مبارشة‪ ،‬أو‬
‫قبلة‪ ،‬أو تكرار النظر‪ ،‬أو غري ذلك من األسباب التي تثري الشهوة‪ ،‬كاالستمناء‪ ،‬ونحوه‪،‬‬
‫أما االحتالم والتفكري؛ فال يبطل الصوم هبام‪ ،‬ولو خرج مني بسببهام»(‪.)3‬‬
‫وسئلت اللجنة الدائمة‪ :‬يف أحد أيام رمضان كنت جالسا بجوار زوجتي‪ ،‬ونحن‬
‫ابتعدت عنها‪ ،‬وجدت عىل رسوايل‬
‫ُ‬ ‫صيام‪ ،‬حوايل نصف ساعة‪ ،‬وكنا نمزح‪ ،‬وبعد أن‬
‫نقطة مبتلة خارجة من الذكر‪ ،‬وقد تكررت مرة ثانية‪ ،‬أرجو إفاديت‪ ،‬هل عيل كفارة؟‬

‫((( املغني (‪.)363/4‬‬


‫((( الرشح املمتع (‪.)236/6‬‬
‫((( فتاوى ابن باز (‪.)267/15‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫فأجابت‪« :‬إذا كان الواقع كام ذكرت؛ فليس عليك قضاء وال كفارة؛ مراعاة للبقاء‬
‫مع األصل‪ ،‬إال أن يثبت أن ذلك البلل مني؛ فعليك الغسل‪ ،‬والقضاء دون الكفارة»(‪.)1‬‬

‫واحلاصل‪ :‬أنه ال يلزمك يشء‪ ،‬وصيامك صحيح‪ ،‬حتى تتيقن أن هذا الذي خرج‬
‫منك َمنِ ّي‪ ،‬فإن كان َمنِ َّيا؛ فعليك قضاء ذلك اليوم‪ ،‬وال كفارة عليك‪.‬‬ ‫‪274‬‬

‫وعليك بتجنب الكالم مع النساء من غري حاجة‪ ،‬وإذا احتجت للكالم معهن‪،‬‬
‫فعليك بغض البرص؛ امتثاالً لقول اهلل تعاىل‪( :‬ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ‬
‫ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ) [النور‪.]30 :‬‬

‫ول اهللِ ‪َ H‬ع ْن َن َظ ِر ال ُف َجا َء ِة‪َ ،‬ف َأ َم َر ِن‬ ‫ِ ِ‬


‫و َع ْن َج ِر ِير ْب ِن َع ْبد اهلل‪َ ،‬ق َال‪َ :‬‬
‫«س َأ ْل ُت َر ُس َ‬
‫صي»(‪.)2‬‬ ‫ف َب َ ِ‬ ‫ص َ‬ ‫َأ ْن َأ ْ ِ‬

‫ـأة‪َ :‬أ ْن َي َقع َب َصه‬ ‫ـي ال َب ْغتَة‪َ ،‬و َم ْعنَـى َن َظـر ال َف ْج َ‬ ‫ِ‬
‫قـال النـووي ‪(« :V‬ال ُف َجـا َءة) ه َ‬
‫صف‬ ‫يـب َع َلي ِ‬
‫ـه َأ ْن َي ْ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ـك‪َ ،‬و َ ِ‬‫ـه ِف َأ َّول َذلِ َ‬‫لا إِ ْثـم َع َلي ِ‬
‫ْ‬ ‫لى األَ ْجنَبِ َّيـة ِمـ ْن َغ ْير َق ْصـد؛ َف َ‬
‫َع َ‬
‫ـم ِل َ َذا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الحـال؛ َف َل إِ ْثـم َع َل ْيـه‪َ ،‬وإِ ْن ا ْسـتَدَ ا َم النَّ َظر؛ َأث َ‬ ‫ف ِف َ‬ ‫ص َ‬ ‫ِ‬ ‫صره ِف َ‬
‫الحـال‪َ ،‬فـإ ْن َ َ‬ ‫َب َ‬
‫ـال‪( :‬ﭾ ﭿ‬ ‫ـع َق ْوله َت َع َ‬
‫صرف َب َصه‪َ ،‬م َ‬ ‫الح ِديـث‪َ ،‬فإِنَّـ ُه ‪َ H‬أ َم َـر ُه بِ َأ ْن َي ْ ِ‬ ‫َ‬
‫ﮀ ﮁ ﮂ)»(‪.)3‬‬

‫وإذا أمكن وجود امرأة تتوىل البيع للنساء‪ ،‬وخماطبتهن؛ فإن ذلك أوىل وأسلم‪.‬‬

‫واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬احتلمت قبل دخول شهر رمضان‪ ،‬ولكن مل أستطع االغتسال؛ ألنني كنت‬
‫قد أجريت عملية جراحية‪ ،‬مع أنني مسحت مناطق الشعر‪ ،‬وصمت رمضان؛ فهل‬
‫عيل إعادته؟‬

‫((( (‪.)273/10‬‬
‫((( رواه مسلم (‪.)2159‬‬
‫((( رشح مسلم (‪.)139/14‬‬
‫مايصلا تادسفم‬

‫*جواب‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬كان الواجب عليك أخي الكريم إذا مل تستطع االغتسال أن تتيمم‪ ،‬فإن التيمم‬
‫مرشوع يف احلدث األكرب‪ :‬اجلنابة‪ ،‬واحليض‪ ،‬والنفاس‪ ،‬عند مجاهري أهل العلم‪ ،‬كام هو‬
‫‪275‬‬ ‫مرشوع يف احلدث األصغر‪ ،‬بإمجاع أهل العلم)‪.(1‬‬

‫والدليل عىل ذلك‪ :‬حديث الرجل الذي مل يصل مع النبي ‪ ،H‬فلام قىض‬
‫ك َيا ُفال َُن َأ ْن ت َُصلِّ َ َم َع ال َق ْومِ؟ َق َال‪َ :‬أ َصا َبتْنِي َجنَا َب ٌة َوالَ َما َء‪،‬‬ ‫«ما َمنَ َع َ‬
‫الصالة قال له‪َ :‬‬
‫يك (‪.)2‬‬ ‫يد‪َ ،‬فإِ َّن ُه َيك ِْف َ‬
‫ك بِالص ِع ِ‬
‫َّ‬ ‫َق َال‪َ « :‬ع َل ْي َ‬

‫وينظر جواب السؤال رقم (‪ )40204‬ورقم (‪.)87711‬‬

‫‪L‬‬ ‫ثاني ًا‪ :‬الطهارة ليست رشطا يف صحة الصيام‪ ،‬وقد روت عائشة وأم سلمة‬
‫«أن النبي ‪ H‬كان يدركه الفجر وهو جنب من أهله‪ ،‬ثم يغتسل ويصوم (‪ .)3‬ويف‬
‫رواية‪« :‬من غري احتالم (‪ )4‬وإذا كان هذا يف اجلامع فاالحتالم مثله وأوىل‪ ،‬ألن اجلامع‬
‫باختيار اإلنسان‪ ،‬واالحتالم ال اختيار فيه‪.‬‬

‫وقد أمجع العلامء عىل صحة صوم اجلنب بسبب االحتالم‪ ،‬قال املاوردي‪« :‬وأمجعت‬
‫األمة عىل أنه إن احتلم يف الليل وأمكنه االغتسال قبل الفجر فلم يغتسل وأصبح جنبا‬
‫باالحتالم أو احتلم يف النهار فصومه صحيح»(‪.)5‬‬

‫ثالثاً‪ :‬لقد وقعت يف خطأ كبري جدا‪ ،‬وهو أنك صليت عىل غري طهارة؛ والطهارة من‬
‫احلدث رشط يف صحة الصالة بإمجاع العلامء(‪.)6‬‬

‫((( ينظر‪ :‬املجموع رشح املهذب‪ -‬للنووي (‪.)207/2‬‬


‫((( رواه البخاري (‪ )344‬ومسلم (‪.)682‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ )1926‬ومسلم (‪.)1109‬‬
‫((( رواه مسلم‪.‬‬
‫((( املجموع (‪.)308/6‬‬
‫((( نقل اإلمجاع ابن املنذر يف اإلمجاع (‪ )1‬والنووي يف رشح مسلم (‪.)102/3‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫وكان الواجب عليك أن تسأل أهل العلم حتى ال تقع يف مثل هذا‪ ،‬وقد تيرست سبل‬
‫الفتيا يف هذا الزمان بحمد اهلل‪ ،‬وأصبح الوصول إىل معرفة أحكام الدين أمرا متيرسا‪ ،‬ال‬
‫يشق عىل أحد‪ ،‬فإذا كنت قد قرصت يف معرفة احلكم يف املسألة فعليك أن تتوب إىل اهلل‬
‫وتستغفر من ذنبك‪ ،‬وإذا كنت غري مقرص فاهلل يعذرك جلهلك‪ ،‬بمنه وكرمه‪.‬‬ ‫‪276‬‬

‫وقد اختلف أهل العلم؛ هل جيب عليك قضاء هذه الصلوات التي صليتها عىل غري‬
‫طهارة أو ال؟‬

‫واألظهر أن مثل ذلك مما يعذر فيه باجلهل والتأويل‪ ،‬لدخول الشبهة عىل املكلف أنه‬
‫عاجز عن الغسل‪ ،‬فال يلزمه‪ ،‬وال يعلم أن التيمم بدل عنه يف غسل اجلنابة‪.‬‬

‫وقد نرص هذا القول شيخ اإلسالم ابن تيمية فقال‪« :‬وأما من مل يعلم الوجوب‬
‫فإذا علمه صىل صالة الوقت وما بعدها وال إعادة عليه‪ .‬كام ثبت يف الصحيحني أن‬
‫النبي ‪ H‬قال لألعرايب امليسء يف صالته‪« :‬ارجع فصل فإنك مل تصل قال‪:‬‬
‫والذي بعثك باحلق ال أحسن غري هذا فعلمني ما جيزيني يف صاليت فعلمه ‪،H‬‬
‫وقد أمره بإعادة صالة الوقت ومل يأمره بإعادة ما مىض من الصالة مع قوله‪ :‬ال أحسن‬
‫عمر وعامرا بقضاء الصالة وعمر ملا أجنب مل يصل وعامر مترغ‬
‫غري هذا‪ ،‬وكذلك مل يأمر َ‬
‫كام تتمرغ الدابة‪ ،‬ومل يأمر أبا ذر بام تركه من الصالة وهو جنب‪ ،‬ومل يأمر املستحاضة أن‬
‫تقيض ما تركت‪ ،‬مع قوهلا‪ :‬إين أستحاض حيضة شديدة منعتني الصوم والصالة‪ ،‬ومل‬
‫يأمر الذين أكلوا يف رمضان حتى تبني هلم احلبال البيض من السود باإلعادة‪ ،‬والصال ُة‬
‫َ‬
‫أول ما فرضت كانت ركعتني ركعتني‪ ،‬ثم ملا هاجر زيدَ يف صالة احلرض ففرضت أربعا‪،‬‬
‫وكان بمكة وأرض احلبشة والبوادي كثري من املسلمني مل يعلموا بذلك إال بعد مدة‪،‬‬
‫وكانوا يصلون ركعتني؛ فلم يأمرهم بإعادة ما صلوا‪ ،‬كام مل يأمر الذين كانوا يصلون إىل‬
‫القبلة املنسوخة باإلعادة مدة صالهتم إليها قبل أن يبلغهم الناسخ‪.‬‬

‫ثم قال‪ :‬ومن املنسوخ أن مجاعة من أكابر الصحابة ‪ M‬كانوا ال يغتسلون من‬
‫اإلقحاط؛ بل يرون املاء من املاء حتى ثبت عندهم النسخ‪ ،‬ومنهم من مل يثبت عنده‬
‫مايصلا تادسفم‬

‫النسخ‪ ،‬وكانوا يصلون بدون الطهارة الواجبة رشعا لعدم علمهم بوجوهبا ويصيل‬
‫أحدهم وهو جنب»(‪.)1‬‬

‫وسئل الشيخ ابن عثيمني ‪ V‬عن رجل توضأ وصىل الفجر وهو جنب خشية أن‬
‫‪277‬‬
‫تفوته اجلامعة‪ ،‬فأجاب‪:‬‬

‫‪H‬‬ ‫«الصحيح أنه إذا فعل ذلك عن جهل فإنه يعذر بذلك‪ ،‬كام عذر النبي‬
‫امليسء يف صالته ومل يأمره بقضاء ما فات من الصلوات‪ ،‬وكام عذر املرأة التي استحيضت‬
‫وكانت ترتك الصالة‪ ،‬وكام عذر عامر بن يارس حينام مترغ يف الصعيد يظن أن هذا هو‬
‫الواجب عليه يف التيمم‪ ،‬والشواهد عىل هذا كثرية»(‪ .)2‬واهلل تعاىل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬داعبت زوجتي قبل أذان الفجر بدون مجاع‪ ،‬ولكن نزل مني املني بعد األذان‬
‫بحويل ثالث أو أربع دقائق‪ ،‬فهل صيامي صحيح أم جيب عيل قضاء هذا اليوم؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫صومك صحيح‪ ،‬ونزول املني بعد أذان الفجر ال يفسد الصوم؛ ألنه مني نشأ عن‬
‫مبارشة مباحة‪.‬‬

‫وقد نص العلامء ‪ ‬عىل مسألة شبيهة هبذه املسألة‪ ،‬وهي فيمن جامع لي ً‬
‫ال ثم نزل‬
‫منه املني هنارا‪ ،‬فقالوا‪ :‬إن صومه صحيح‪.‬‬

‫قال النووي ‪« :V‬إذا جامع قبل الفجر‪ ،‬ثم نزع مع طلوعه‪ ،‬أو عقب طلوعه‪،‬‬
‫وأنزل مل يبطل صومه ؛ ألنه تولد من مبارشة مباحة فلم جيب فيه يشء»(‪.)3‬‬

‫((( جمموع الفتاوي (‪.)37/23‬‬


‫((( لقاء الباب املفتوح رقم (‪.)54‬‬
‫((( املجموع (‪.)350 /6‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫وقال حممد الدسوقي ‪« :V‬لو جامع ليال‪ ،‬ونزل منيه بعد الفجر‪ ،‬الظاهر أنه ال‬
‫يشء عليه‪ ،‬كمن اكتحل ليال ثم هبط الكحل حللقه هنارا»(‪ .)1‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬ما حكم من مس يد فتاة أو قامت تلك الفتاة بضمه أو تقبيله يف هنار رمضان؟‬ ‫‪278‬‬

‫*جواب‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬حيرم عىل الرجل أن يمس يد امرأة أجنبية عنه‪ ،‬لقول النبي ‪« :H‬ألن‬
‫يطعن يف رأس أحدكم بمخيط من حديد خري له من أن يمس امرأة ال حتل له (‪.)2‬‬

‫وإذا كان هذا يف جمرد املس‪ ،‬فإن الضم والتقبيل أعظم وأشد‪ .‬وإذا حاولت املرأة‬
‫فعل ذلك‪ ،‬وجب عىل الرجل أن يمنعها‪ ،‬وأال يمكنها من فعل احلرام معه‪.‬‬

‫وهذا حكم عام‪ ،‬يشمل الصائم وغريه‪ ،‬إال أن الصائم يتأكد يف حقه البعد عن مجيع‬
‫املحرمات واملغريات واملثريات التي تنايف حكمة الصوم وأهدافه‪ ،‬وقد قال اهلل تعاىل يف‬
‫بيان احلكمة من فرض الصيام‪( :‬ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ‬
‫ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ) [البقرة‪.]183 :‬‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ َ‬
‫«الص ْو ُم ِل‪َ ،‬وأنَا أ ْج ِزي بِه‪َ ،‬يدَ ُع َش ْه َو َت ُه َوأ ْك َل ُه َو ُ ْ‬
‫ش َب ُه‬ ‫وقال ‪ D‬يف احلديث القديس‪َّ :‬‬
‫ِم ْن َأ ْج ِل (‪.)3‬‬

‫فعىل من فعل ذلك أن يتوب إىل اهلل تعاىل‪ ،‬ويعزم عىل عدم العود لذلك أبد ًا‪.‬‬

‫وأما صومه ففيه تفصيل‪:‬‬

‫مني بسبب هذه األعامل‪ ،‬فسد صومه‪ ،‬ووجب عليه قضاء هذا اليوم‪.‬‬
‫إن خرج منه ّ‬
‫وإن مل خيرج منه مني فصومه صحيح‪.‬‬

‫((( حاشية الدسوقي (‪.)524 /1‬‬


‫((( رواه الطرباين من حديث معقل بن يسار ‪ ،I‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع (‪.)5045‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ )7492‬ومسلم (‪.)1151‬‬
‫مايصلا تادسفم‬

‫ولكن‪ ...‬ليس معنى صحة صومه أنه ال إثم عليه‪ ،‬أو أن صومه كامل‪.‬‬

‫كال ! بـل كل املعـايص التـي يفعلهـا العبـد تنقـص من ثـواب صيامه‪ ،‬وقـد تذهب‬
‫بثـواب كله‪.‬‬
‫‪279‬‬ ‫ِ‬
‫اج ٌة َأ ْن‬ ‫«م ْن َل َيدَ ْع َق ْو َل الز ِ‬
‫ُّور َوال َع َم َل بِه َو َ‬
‫الج ْه َل‪َ ،‬ف َل ْي َس لَِّ َح َ‬ ‫قال النبي ‪ْ َ :H‬‬
‫َيدَ َع َط َع َام ُه َو َ َ‬
‫شا َب ُه (‪.)1‬‬

‫وع‪َ ،‬و ُر َّب َقائِ ٍم َل ْي َس‬ ‫ِ ِ ِِ‬ ‫ِ‬


‫«ر َّب َصائ ٍم َل ْي َس َل ُه م ْن ص َيامه إِ َّل ُ‬
‫الج ُ‬ ‫وقال أيض ًا ‪ُ :H‬‬
‫ِ ِ ِِ‬
‫َل ُه م ْن ق َيامه إِ َّل َّ‬
‫الس َه ُر )‪.(2‬‬

‫وانظر السؤال (‪.)50063‬‬

‫نسأل اهلل تعاىل أن يصلح أحوالنا‪ ،‬ويعيذنا من مضالت الفتن‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬حكم اإلفطار ناسي ًا يف صيام التطوع؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫ـم َف َأك ََل َأ ْو‬‫ِ‬ ‫ِ‬


‫َس َو ُه َو َصائ ٌ‬
‫ـن ن َ‬ ‫ـال النَّبِ ُّي ‪َ :H‬‬
‫«م ْ‬ ‫َعـ ْن َأ ِب ُه َر ْي َـر َة ‪َ ،I‬ق َال‪َ :‬ق َ‬
‫ِ‬
‫ـم َص ْو َم ُه؛ َفإِن ََّم َأ ْط َع َم ُه ُ‬
‫اهلل َو َسـ َقا ُه (‪.)3‬‬ ‫َ ِ‬
‫ش َب؛ َف ْل ُيت َّ‬
‫وورد أيض ًا الترصيح بعدم وجوب الكفارة والقضاء‪.‬‬

‫ـن َأ ْف َط َـر ِف َش ْ‬
‫ـهر َر َم َضـان‬ ‫و َعـ ْن َأ ِب ُه َر ْي َـرة ‪ ،I‬أن النبـي ‪ H‬قـال‪َ :‬‬
‫«م ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نَاسـ ًيا؛ َف َلا َق َضـاء َع َل ْيـه‪َ ،‬وال َك َّف َ‬
‫ـارة (‪.)4‬‬
‫و َعن َأ ِب س ِعيد ‪ ،I‬عن النبي ‪ H‬قال‪« :‬من َأك ََل ِف َشهر رم َضان ن ِ‬
‫َاس ًيا؛‬ ‫ْ ََ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬

‫((( رواه البخاري (‪.)6057‬‬


‫((( رواه ابن ماجه (‪ )1690‬وصححه األلباين يف صحيح ابن ماجه‪.‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)6669‬ومسلم (‪.)1155‬‬
‫((( رواه اِ ْبن ُخزَ ْي َم َة (‪ ،)1999‬وحسنه األلباين يف إرواء الغليل (‪.)87/4‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫َف َل َق َضاء َع َل ْي ِه (‪.)1‬‬

‫َان َض ِعي ًفا‪َ ،‬ل ِكنَّ ُه َصالِ ٌح لِ ْل ُمتَا َب َع ِة‪،‬‬


‫«وإِ ْسنَا ُد ُه َوإِ ْن ك َ‬ ‫قال احلافظ ابن حجر ‪َ :V‬‬
‫اج بِ ِه‪َ ،‬و َقدْ َو َق َع‬ ‫الحتِ َج ِ‬ ‫ِ‬
‫ُون َح َسنًا‪َ ،‬ف َي ْص ُل ُح ل ْ‬ ‫الز َيا َد ِة َأ ْن َيك َ‬
‫يث ِ َب ِذ ِه ِّ‬
‫ات الح ِد ِ‬
‫َ‬
‫َف َأ َق ُّل درج ِ‬
‫ََ َ‬
‫الم َس ِائل بِ َم ُه َو ُدونه ِف ال ُق َّوة‪َ ،‬و َي ْعت َِضدُ َأ ْي ًضا‪ :‬بِ َأ َّن ُه َقدْ َأ ْفتَى‬ ‫ِ ِ‬
‫ال ْحت َجاج ِف كَثري م ْن َ‬
‫ِ ِ‬ ‫‪280‬‬
‫المن ِْذ ِر‪َ ،‬وا ْب ُن َح ْز ٍم‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بِ ِه َ َ‬
‫الص َحا َبة‪ ،‬م ْن َغ ْي ُمَا َل َفة َل ُ ْم من ُْه ْم ‪-‬ك ََم َقا َل ُه ا ْبن ُ‬ ‫جا َع ٌة م ْن َّ‬
‫ت‪َ ،‬و َأ ُبو ُه َر ْي َرة‪َ ،‬وا ْبن ُع َمر‪ُ ،‬ث َّم ُه َو ُم َوافِق‬ ‫ب‪ ،‬و َزيدُ بن َثابِ ٍ‬ ‫ِ‬
‫ها‪َ :-‬ع ُّل ْب ُن َأ ِب َطال ٍ َ ْ ْ ُ‬
‫ِ‬
‫َو َغ ْ ُي ُ َ‬
‫لِ َق ْولِ ِه َت َع َال‪( :‬ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ) [البقرة‪َ ،]225 :‬فالن ِّْس َيان َل ْي َس ِم ْن ك َْسب‬
‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫الة بِ َع ْم ِد األَك ِ‬
‫ال الص ِ‬ ‫ال َق ْلب‪َ ،‬و ُم َوافِ ٌق لِ ْل ِق َي ِ‬
‫الص َيام‪.‬‬ ‫ْل‪ ،‬ال بِن ْس َيانه‪َ ،‬فك ََذل َك ِّ‬ ‫اس ِف إِ ْب َط ِ َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يث‪ُ :‬ل ْط ُ ِ ِ ِ ِ‬
‫و ِف الح ِد ِ‬
‫الح َر ِج َعن ُْهم»(‪.)2‬‬ ‫ف اهلل بِع َباده‪َ ،‬وال َّت ْيسري َع َل ْي ِه ْم‪َ ،‬و َر ْف ُع َ‬
‫الم َش َّقة‪َ ،‬و َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫فاستدل مجهور العلامء هبذه األحاديث عىل‪ :‬أنه من نيس وهو صائم فأفطر؛ فصومه‬
‫صحيح‪ ،‬بل يتم صومه‪ ،‬وال قضاء عليه‪ ،‬وال كفارة‪ ،‬وعموم احلديث يشمل الصوم‬
‫الواجب‪ ،‬والتطوع‪ ،‬فال فرق بينهام‪.‬‬

‫ان‪َ ،‬أ ْو ن َْذ ٍر‪َ ،‬أ ْو َص ْو ِم َك َّف َار ٍة‪،‬‬


‫ش َب ِف َر َم َض َ‬ ‫الص ِائ ُم َأ ْو َ ِ‬
‫«وإِ َذا َأك ََل َّ‬
‫قال الشافعي ‪َ :V‬‬
‫َاس ًيا؛ َف َص ْو ُم ُه تَا ٌّم‪َ ،‬وال َق َضا َء َع َل ْي ِه»(‪.)3‬‬‫وه‪َ ،‬أو َت َطو ٍع ن ِ‬
‫ْ ُّ‬
‫ب بِوج ٍه ِمن الوج ِ‬
‫اج ٍ َ ْ ْ ُ ُ‬ ‫َأ ْو َو ِ‬

‫ش َب‪،‬‬‫الص ِائـم إِ َذا َأك ََل‪َ ،‬أ ْو َ ِ‬ ‫وقـال النـووي ‪« :V‬فِ ِيه َد َل َل ٌة َلِ ْذ َه ِ‬
‫ـب األَ ْك َث ِري َن‪َ :‬أ َّن َّ‬
‫آخ ُر َ‬
‫ون»(‪.)4‬‬ ‫الشـافِ ِع ُّي‪َ ،‬و َأ ُبو َحنِي َفـة‪َ ،‬و َد ُاود‪َ ،‬و َ‬
‫َاسـ ًيا؛ َل ُي ْفطِ ُر‪َ ،‬و ِم َّ ْن َق َال ِ َب َذا َّ‬
‫َأو جامع ن ِ‬
‫ْ َ َ َ‬

‫الـر َّز ِاق‪َ ،‬ع ْن‬ ‫ِ‬ ‫قـال احلافـظ ابـن حجـر ‪ِ :V‬‬
‫الم ْسـ َت ْظ َر َفات‪َ :‬مـا َر َوا ُه َع ْبـدُ َّ‬
‫«ومـ ْن ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ـال‪َ :‬أ ْص َب ْحـت َصائ ًما‪َ ،‬فنَسـيت؛‬ ‫ـن ِدين ٍ‬
‫َـار‪َ :‬أ َّن إِن َْسـانًا َجـا َء إِ َل َأ ِب ُه َر ْي َـرة‪َ ،‬ف َق َ‬ ‫َع ْم ِ‬
‫ـرو ْب ِ‬
‫ش ْبت‪،‬‬ ‫ـان‪َ ،‬فن َِسـيت؛ َو َط ِع ْمـت‪َ ،‬و َ ِ‬ ‫ـال‪ :‬ال ب ْـأس‪َ ،‬ق َال‪ُ :‬ثم د َخ ْلت َع َل إِنْس ٍ‬
‫َ‬ ‫َّ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َف َط ِع ْمـت‪َ ،‬ق َ‬

‫((( رواه الدَّ َار ُق ْطنِ ُّي (‪.)178/2‬‬


‫((( فتح الباري (‪.)157/4‬‬
‫((( األم (‪.)284/2‬‬
‫((( رشح مسلم (‪.)35/8‬‬
‫مايصلا تادسفم‬

‫آخ َر َفن َِسـيت؛ َف َط ِع ْمت‪،‬‬ ‫ـال‪ :‬ال َب ْـأ َس‪ ،‬اهللُ َأ ْط َع َمـك‪َ ،‬و َسـ َقاك‪ُ ،‬ث َّم َق َ‬
‫ـال‪َ :‬د َخ ْلت َع َ‬
‫لى َ‬ ‫َق َ‬
‫الص َيـا َم )‪ .(1‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫ـو ْد ِّ‬ ‫ْت إِن َْس ٌ‬
‫ـان َل ْ َت َت َع َّ‬ ‫ـال َأ ُبـو ُه َر ْي َـرةَ‪َ :‬أن َ‬
‫َف َق َ‬
‫***‬

‫‪281‬‬ ‫*سؤال‪ :‬إذا كان هناك رجل حيب امرأةً‪ ،‬وأراد أن يتزوجها يف شهر رمضان املبارك‪،‬‬
‫وهو يريد أن يتحدث إليها‪ ،‬هل هناك أي قيود يف اإلسالم متنع من زواجه بتلك‬
‫الفتاة‪ ،‬ومتنع حتدثه إليها يف رمضان؟‪ ،‬الرجل حيب تلك الفتاة كثري ًا‪ ،‬ويريد أن‬
‫يتزوجها‪ ،‬فأرجو أن تنصحني يف ذلك‪.‬‬

‫*جواب‪:‬‬

‫ليس يف الرشيعة أي هني عن الزواج يف رمضان لذات رمضان‪ ،‬وال يف غريه من‬
‫األشهر‪ ،‬بل الزواج جائز يف أي يوم من أيام السنة‪.‬‬

‫لكن الصائم يف رمضان يمتنع عن الطعام‪ ،‬والرشاب‪ ،‬واجلامع‪ ،‬من الفجر إىل غروب‬
‫الشمس‪ ،‬فإن كان يملك نفسه‪ ،‬وال خيشى أن يفعل ما يفسد صيامه؛ فال حرج عليه من‬
‫الزواج يف رمضان‪.‬‬

‫والظاهر‪ :‬أن الذي يريد أن يبدأ حياته الزوجية يف رمضان‪- ،‬غالب ًا‪ -‬ال يستطيع‬
‫الصرب عن زوجته اجلديدة طوال النهار‪ ،‬ف ُيخشى عليه من الوقوع يف املحظور‪ ،‬وانتهاك‬
‫حرمة هذا الشهر الفضيل‪ ،‬فيقع يف اإلثم الكبري‪ ،‬مع وجوب القضاء‪ ،‬والكفارة املغلظة‪،‬‬
‫وهي عتق رقبة‪ ،‬فإن مل جيد فصيام شهرين متتابعني‪ ،‬فإن مل يستطع فإطعام ستني مسكينًا‪،‬‬
‫وإذا تكرر اجلامع يف عدة أيام؛ تكررت معه الكفارة بعدد األيام‪.‬‬

‫انظر سؤال رقم (‪ ،)1672‬و(‪.)22960‬‬

‫فالنصيحة للسائل‪ :‬إذا خيش أال يملك نفسه‪ ،‬أن يؤجل زواجه إىل ما بعد رمضان‬

‫((( فتح الباري (‪.)157/4‬‬


‫الصيام سؤال وجواب‬

‫مبارشة‪ ،‬وليشغل نفسه يف رمضان بالعبادة‪ ،‬وتالوة القرآن‪ ،‬وقيام الليل‪ ،‬ونحو ذلك من‬
‫العبادات‪.‬‬

‫أما حكم التحدث مع من يريد الزواج منها يف رمضان‪ ،‬فقد سبق اجلواب عليه‪.‬‬
‫‪282‬‬
‫انظر األسئلة (‪ ،)13791‬و(‪ .)13918‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬تعرضت صديقتي وهي طفلة صغرية العتداء من أحد أصدقاء أبيها‪ ،‬كان‬
‫يأيت لينتظره‪ ،‬وكان جيربها عىل معارشته‪ ،‬وهي طفلة عمرها ‪ 5‬سنوات‪ ،‬كانت تظن‬
‫ذلك شيئ ًا جديد ًا‪ ،‬ال أستطيع الوصف بالضبط‪ ،‬ولكنه ال بد أنه شخص شاذ‪ ،‬خلق‬
‫عندها إحساس باللذة اجلنسية؛ أدى ذلك أهنا كانت تفعل ذلك أثناء عمرها كله‪،‬‬
‫وهي ال تعرف شيئ ًا‪ ،‬فهل ذلك ما َّ‬
‫يسمى العادة الرسية؟‪ ،‬وكانت تأتيها هذه احلاجة‬
‫أثناء الصيام‪ ،‬وكانت تفعله‪ ،‬فهي وقتها تكون مقيدة‪ ،‬تريد أن تفعل ما تعودت عليه‬
‫طول العمر‪ ،‬فهل صيام تلك األيام ال جتوز؟‪ ،‬وهل الكفارة أن تصوم فقط‪ ،‬حيث‬
‫إهنا مل تكن تعرف شيئ ًا اسمه العادة الرسية؟ ادع هلا بالشفاء‪.‬‬
‫*سؤال‪:‬‬
‫‪ .1‬كيف تكفر عن هذا الذنب يف الصيام؟‬
‫‪ .2‬كيف تشفى من هذا اليشء؟‬
‫إهنا تقرأ القرآن قبل النوم وترى نفسها بحاجة لفعل ذلك‪ ،‬مع العلم أن سنها ‪،34‬‬
‫ومل تتزوج‪.‬‬

‫*جواب‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬ال شك أن ما فعله هذا اخلائن الغادر بالفتاة ٌ‬


‫أمر منكر‪ ،‬وهو من كبائر الذنوب‪،‬‬
‫وهذا من نتائج تساهل األرس‪ ،‬وتفريطها يف األمور الرشعية‪ ،‬من حيث سامحهم لألجنبي‬
‫بدخول املنزل يف حال غياب رب البيت‪ ،‬ومن حيث تساهلهم يف اخللوة املحرمة بني‬
‫الرجال والنساء‪ ،‬ومن حيث ظهور البنات أو النساء بزينتهن أمام الرجال األجانب‪،‬‬
‫صديقتك‪ ،‬وذلك اخلسيس الذي ُمكِّن من دخول البيت‬‫ِ‬ ‫وهو بالضبط ما حدث مع‬
‫مايصلا تادسفم‬

‫بغياب والد الفتاة‪ ،‬وظهور الفتاة عليه وحدها‪ ،‬وهو ما مكَّنه من فعل تلك األعامل‬
‫اخلسيسة هبا‪.‬‬

‫وهذا وغريه كثري؛ من نتائج التساهل والتفريط يف املنهيات الرشعية‪ ،‬ومل ينه الرشع‬
‫‪283‬‬ ‫عن ٍ‬
‫أمر إال حلكَم بالغة‪ ،‬وبالتأمل فيها جتد أهنا حلفظ األعراض‪ ،‬واألموال‪ ،‬واألنساب‪،‬‬
‫والدين‪ ،‬والعقل‪ ،‬وهي الرضورات اخلمس‪ ،‬التي جاءت الرشائع كلها حلفظها‪.‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬العادة الرسية هي‪ :‬استثارة اإلنسان نفسه ٍ‬


‫بنظر‪ ،‬أو احتكاك حتى ينزل املني‪،‬‬
‫املحرمة‪ ،‬وقد أوضحنا ذلك يف جوابنا عىل السؤال ( )‪ ،‬فلرياجع‪.‬‬
‫وهي من األفعال َّ‬
‫ِ‬
‫صديقتك أنه جيب عليها التوبة من هذا الفعل‪ ،‬باإلقالع عنه‪ ،‬والندم عىل‬ ‫فأبلغي‬
‫فعله‪ ،‬والعزم عىل عدم العودة إليه‪.‬‬

‫املحرمة؛ يكون بوقوفها عىل آثارها املدمرة؛ ويكون باألخذ‬


‫وعالج هذه العادة السيئة َّ‬
‫بالوصايا والنصائح الرشعية‪ ،‬فانصحيها بغض البرص عن النظر إىل الرجال‪ ،‬فالنظرة‬
‫املحرمة سهم من سهام الشيطان‪ ،‬وأن تبتعد عن املبيت‪ ،‬أو العيش وحدها‪ ،‬وأن تكثر‬
‫َّ‬
‫من الصيام؛ ففيه هتذيب للنفس‪ ،‬وغض للبرص‪ ،‬وحفظ للفرج‪ ،‬واإلكثار من الذكر‪،‬‬
‫واالستغفار‪ ،‬والتسبيح‪ ،‬والدعاء بصدق أن ُيبعدها اهلل عن املحرمات وطرقها‪ ،‬وال بدَّ‬
‫هلا من صحبة صاحلة‪ ،‬تعينها عىل طاعة اهلل تعاىل‪ ،‬وتدهلا عىل اخلري‪ ،‬وتنهاها عن املنكر‬
‫والرش‪ ،‬كذلك جيب أن تسعى حلفظ فرجها بالزواج‪ ،‬فهو خري ما يعف الرجل واملرأة‬
‫عن الوقوع يف احلرام‪ ،‬ومنه العادة الرسية‪ ،‬وهنا يأيت دور مضاعف للرفقة الصاحلة‪ ،‬التي‬
‫حتاول أن تشغلها بالطاعة عن املعصية‪ ،‬وبالتوبة عن االستمرار فيام هي فيه‪ ،‬ثم مع ذلك‬
‫كله‪ ،‬أن تسعى إلحصان فرجها بالبحث عن الزوج املناسب‪ ،‬وتشجيعها عىل االقرتان به‪.‬‬

‫ويمكن االطالع عىل أجوبة املسائل‪ ،)20229( :‬ففيه بيان الوسائل التي تعني عىل‬
‫غض البرص‪ ،‬ويف جواب السؤال رقم (‪ ،)20161‬فيه بيان حل مشكلة الشهوة‪ ،‬وترصيفها‪.‬‬
‫ِ‬
‫بحكمها‪،‬‬ ‫ِ‬
‫للعال‬ ‫ثالث ًا‪ :‬وملعرفة ما يتعلق بمامرسة هذه العادة من أحكام يف هنار رمضان‬
‫ينظر جواب األسئلة‪ ،)38074( :‬و(‪ ،)37887‬و(‪.)2571‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫حكمها‪ ،‬فهي مبينة يف جواب السؤال‬


‫َ‬ ‫أما ما يتعلق هبا من أحكام ملن فعلها جاهال‬
‫(‪ ،)50017‬وفيه تفصيل ال حتتاجني معه لغريه‪.‬‬
‫ونسأل اهلل تعاىل أن هيدي قلبها‪ ،‬ويطهر جوارحها‪ ،‬وأن جيرب كرسها‪ ،‬وأن يعينها عىل‬
‫طاعته‪ ،‬وحسن عبادته‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫‪284‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬ينزل منى املنى بصفة يومية يف شهر رمضان؛ مما يمنعني من الصيام‪ ،‬مع العلم‬
‫أن هذا ال حيدث يف األيام العادية‪ ،‬فهل هذا بسبب ضعف اإليامن؟‪ ،‬مع العلم أين‬
‫عيل أن أفعل خصوص ًا أن أيام رمضان املباركة متر‬
‫لست مصاب ًا بأي أمراض‪ ،‬وماذا َّ‬
‫دون أن أصوم؟‬
‫ملحوظة‪ :‬ذهبت ألعتمر منذ شهر فحدث نفس اليشء‪ .‬أيضا أرجو اإلفادة‪.‬‬

‫*جواب‪:‬‬

‫مل يتضح لنا مرادك بقولك‪ :‬ينزل منى املنى بصفة يومية يف شهر رمضان‪.‬‬
‫‪ .1‬فإن كان املقصود‪ :‬أنك حتتلم‪ ،‬وينزل املني بذلك؛ فهذا ال يؤثر عىل الصوم؛ ألنه‬
‫خارج بغري إرادة اإلنسان‪.‬‬
‫‪ .2‬وإن كان املقصود أن املني خيرج يف اليقظة‪ ،‬بغري فعل منك‪ ،‬بل خيرج بنفسه‪،‬‬
‫وكنت متأكدا من كونه منيا‪ ،‬فهذا يكون عن مرض غالبا‪ ،‬ومجهور العلامء من‬
‫احلنفية‪ ،‬واملالكية‪ ،‬واحلنابلة‪ ،‬وهو الصحيح‪ :‬أنه ال يوجب الغسل‪ ،‬وراجع‬
‫جواب السؤال رقم (‪.)84409‬‬
‫وال يفسد الصوم بخروج هذا املني؛ ألنه خارج بدون إرادة واستدعاء‪.‬‬
‫قال ابن قدامة ‪« :V‬ولو استمنى بيده فقد فعل حمرما‪ ،‬وال يفسد صومه به؛ إال‬
‫أن ينزل‪ ،‬فإن أنزل؛ فسد صومه‪ ،‬فأما إن أنزل لغري شهوة‪ ،‬كالذي خيرج منه املني‬
‫أو املذي ملرض؛ فال يشء عليه؛ ألنه خارج لغري شهوة‪ ،‬أشبه البول؛ وألنه خيرج‬
‫من غري اختيار منه‪ ،‬وال تسبب إليه‪ ،‬فأشبه االحتالم»)‪.(1‬‬

‫((( املغني (‪ )21/3‬باختصار‪.‬‬


‫مايصلا تادسفم‬

‫واحلاصل‪ :‬أن املني لو خرج بغري فعل من الصائم‪ ،‬ال بيده‪ ،‬وال باملبارشة‪ ،‬أو‬
‫تكرار النظر؛ فإن صومه ال يفسد‪ ،‬وغالبا ما يكون خروج املني عىل هذه الصفة؛‬
‫لعلة ومرض‪.‬‬
‫‪ .3‬وأما من استمنى‪ ،‬أي استدعى خروج املني بيده‪ ،‬أو بتكرار النظر إىل ما يثري‬
‫‪285‬‬
‫شهوته؛ فهذا يفسد صومه‪ ،‬مع اإلثم الكبري؛ ألنه ارتكب حمرمني‪ :‬األول‪:‬‬
‫االستمناء‪ ،‬والثاين‪ :‬تعمد الفطر يف هنر رمضان‪ ،‬وهو ذنب عظيم كبري‪ ،‬وقد‬
‫جاء فيه من الوعيد ما رواه ابن خزيمة (‪ ،)1986‬وابن حبان (‪ ،)7491‬عن‬
‫أيب أمامة الباهيل ‪ ،I‬قال‪ :‬سمعت رسول اهلل ‪ H‬يقول‪« :‬بينا أنا نائم‬
‫إذ أتاين رجالن‪ ،‬فأخذا بضبعي [الضبع هو العضد]‪ ،‬فأتيا يب جبال ِ‬
‫وعرا‪ ،‬فقاال‪:‬‬ ‫ّ‬
‫اصعد‪ ،‬فقلت‪ :‬إين ال أطيقه‪ ،‬فقاال‪ :‬إنا سنسهله لك‪ ،‬فصعدت حتى إذا كنت يف‬
‫سواء اجلبل‪ ،‬إذا بأصوات شديدة‪ ،‬قلت‪ :‬ما هذه األصوات؟‪ ،‬قالوا‪ :‬هذا عواء‬
‫أهل النار‪ ،‬ثم انطلقا يب‪ ،‬فإذا أنا بقوم معلقني بعراقيبهم‪ ،‬مشققة أشداقهم‪ ،‬تسيل‬
‫أشداقهم دما‪ ،‬قلت‪ :‬من هؤالء؟ قال‪ :‬هؤالء الذين يفطرون قبل حتلة صومهم (‪.)1‬‬
‫‪ .4‬وقد يكون األمر مشتبها عليك‪ ،‬فلم تفرق بني املني‪ ،‬وبني املذي والودي‪،‬‬
‫وكالمها ال يفسد الصوم‪.‬‬
‫وإليك الفرق بني هذه األمور‪:‬‬
‫فاملذي‪ :‬ماء رقيق لزج‪ ،‬خيرج عند املالعبة‪ ،‬أو تذكر اجلامع‪ ،‬أو إرادته‪ ،‬أو نظر‪ ،‬وقد‬
‫ال حيس به اإلنسان‪.‬‬
‫والودي‪ :‬ماء أبيض ثخني‪ ،‬خيرج قطرات بيضاء‪ ،‬بعد البول غالبا‪ ،‬وكالمها نجس‪،‬‬
‫ينقض الوضوء‪ .‬إال أن نجاسة املذي أخف؛ فيكفي فيه النضح‪ ،‬وهو‪ :‬أن يعم املحل‬
‫الذي أصابه باملاء‪ ،‬دون عرص‪ ،‬أو فرك‪ ،‬وال جيب الغسل منهام‪ ،‬وال يفسد الصوم هبام‪.‬‬
‫وأما املني‪ :‬فامء أبيض‪ ،‬خيرج عىل وجه الدفق والشدة‪ ،‬ويعقبه فتور‪ ،‬والرطب منه‬
‫له رائحة كرائحة العجني‪ ،‬أو طلع النخل‪ ،‬واليابس منه رائحته كرائحة بياض البيض‪،‬‬

‫((( صححه األلباين يف صحيح موارد الظمآن برقم (‪.)1509‬‬


‫الصيام سؤال وجواب‬

‫وهو طاهر‪ ،‬لكنه يوجب الغسل‪ ،‬إال إذا خرج يقظة بال شهوة ‪-‬كام سبق‪ ،-‬فال جيب‬
‫االغتسال منه‪.‬‬

‫وأما حصول ذلك معك‪ ،‬وأنت مسافر للعمرة‪ ،‬فإن كان ذلك احتالم ًا‪ ،‬وأنت نائم؛‬
‫فيجب عليك االغتسال‪ ،‬وال جيوز دخول املسجد احلرام‪ ،‬وال الطواف بالكعبة للجنب‪،‬‬ ‫‪286‬‬
‫وإن كان ذلك هنار ًا بدون شهوة؛ فال جيب عليك إال الوضوء فقط‪.‬‬

‫ولعلنا بذلك نكون قد أجبنا سؤالك‪ ،‬فإن كان هناك إشكال‪ ،‬فأعد طرحه‪ ،‬ويسعدنا‬
‫تواصلك‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬لقد قرأت إجابتكم عىل سؤال رقم (‪ ،)80425‬ولقد كنت أعاين من نفس‬
‫مشكلة األخ السائل‪ ،‬ولكن الفرق بيني وبينه‪ :‬أن الطعام إذا وصل حللقي؛ كنت‬
‫أبتلعه؛ ظن ًا مني أنه ال يفطر‪ ،‬ألن هذا الطعام مصدره املعدة فأرجعته ملصدره (جه ً‬
‫ال‬
‫عيل القضاء‪ ،‬لكن ال أذكر عدد األيام التي فعلت فيها‬
‫مني)‪ ،‬ولقد قرأت أنه جيب ّ‬
‫ذلك؛ ألهنا كانت يف املايض‪ ،‬واآلن أنا قد تركت هذه العادة‪ ،‬فام الذي أفعله؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫ما دمت ال تعلم أن ابتالع هذا الطعام مفطر؛ فال قضاء عليك؛ ألن اجلهل باملفطرات‬
‫عذر عىل الصحيح‪.‬‬

‫قال الشيخ ابن عثيمني ‪« :V‬واملفطرات التي تكون باختيار املرء‪ ،‬ال يفطر هبا‬
‫اإلنسان إال برشوط ثالثة هي‪:‬‬

‫الرشط األول‪ :‬أن يكون عاملا‪ ،‬وضد العامل اجلاهل‪.‬‬

‫فإذا أكل اإلنسان وهو جاهل؛ فإنه ال قضاء عليه‪ ،‬واجلهل نوعان‪:‬‬

‫‪ .1‬جهل باحلكم‪ :‬مثل أن يتقيأ اإلنسان متعمدا‪ ،‬لكن ال يدري أن القيء مفسد للصوم؛‬
‫فهذا ال قضاء عليه؛ ألنه جاهل‪ ،‬والدليل عىل أن اجلاهل باحلكم ال يفطر‪ :‬ما ثبت‬
‫مايصلا تادسفم‬

‫يف الصحيحني من حديث عدي بن حاتم ‪ ،I‬أنه جعل حتت وسادته عقالني‬
‫أحدمها أسود‪ ،‬والثاين أبيض‪ ،‬والعقاالن مها احلبالن اللذان تعقل هبام اإلبل‪،‬‬
‫فجعل ينظر إليهام‪ ،‬فلام تبني له األبيض من األسود؛ أمسك عن األكل والرشب‪،‬‬
‫‪287‬‬ ‫فلام غدا إىل النبي ‪ H‬أخربه بذلك‪ ،‬فقال له النبي ‪« :H‬إن وسادك‬
‫أن وسع اخليط األبيض واألسود‪ ،‬إنام ذلك بياض النهار‪ ،‬وسواد الليل ‪،‬‬
‫لعريض‪ْ ،‬‬
‫ومل يأمره النبي ‪ H‬بالقضاء؛ ألنه كان جاهال بمعنى اآلية الكريمة‪.‬‬

‫‪ .2‬جهل بالوقت‪ :‬مثل أن يأكل اإلنسان يظن أن الفجر مل يطلع‪ ،‬فيتبني أنه قد طلع؛‬
‫فهذا ال قضاء عليه‪ ،‬ومثل أن يفطر يف آخر النهار يظن أن الشمس قد غربت؛‬
‫ثم يتبني أهنا مل تغرب‪ ،‬وهذا أيضا ال قضاء عليه‪ ،‬والدليل ما رواه البخاري‪ ،‬عن‬
‫أسامء بنت أيب بكر ‪ ،L‬قالت‪( :‬أفطرنا يف يوم غيم عىل عهد النبي ‪،H‬‬
‫ثم طلعت الشمس)‪.‬‬

‫ووجه الداللة من هذا‪ :‬لو كان الصوم فاسدا؛ لكان القضاء واجبا‪ ،‬ولو كان القضاء‬
‫واجبا؛ ألمرهم بذلك النبي ‪ ،H‬ولو أمرهم بذلك؛ لنقل إلينا؛ ألن ذلك من‬
‫حفظ الرشيعة‪ ،‬فلام مل ينقل؛ علم أن الرسول ‪ O‬مل يأمرهم به‪ ،‬وملا مل يأمرهم به؛‬
‫علم أن الصوم غري فاسد؛ فال قضاء يف هذه احلال‪ ،‬ولكن جيب عىل اإلنسان متى علم؛‬
‫أن يمسك عن األكل والرشب‪ ،‬حتى لو كانت اللقمة يف فمه؛ وجب عليه لفظها»)‪.(1‬‬

‫ثم ذكر الرشط الثاين‪ ،‬والثالث‪ ،‬وهو أن يكون ذاكرا‪ ،‬خمتارا‪.‬‬

‫وهبذا تعلم‪ :‬أنه ال قضاء عليك‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫***‬

‫((( جمموع فتاوى الشيخ ابن عثيمني (‪ )116/19‬بترصف يسري‪.‬‬


‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*سؤال‪ :‬ما هي كفارة من جامع يف هنار رمضان‪ ،‬وما هو مقدار اإلطعام؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«إذا جامع الرجل زوجته يف هنار رمضان؛ فعىل كل واحد منهام كفارة‪ ،‬وهي عتق‬
‫‪288‬‬
‫رقبة مؤمنة‪ ،‬فإن عجزا؛ فعليهام صيام شهرين متتابعني‪ ،‬عىل كل واحد منهام‪ ،‬إذا كانت‬
‫مطاوعة‪ ،‬فإن عجزا؛ فعليهام إطعام ستني مسكينا‪ ،‬فيكون عليهام إطعام ستني مسكينا‪،‬‬
‫ثالثني صاعا عىل كل واحد منهام من قوت البلد‪ ،‬لكل فقري صاع‪ ،‬نصفه عن الرجل‪،‬‬
‫ونصفه عن املرأة‪ ،‬عند العجز عن العتق‪ ،‬والصيام‪ ،‬وعليهام قضاء اليوم الذي حدث فيه‬
‫اجلامع‪ ،‬مع التوبة إىل اهلل‪ ،‬واإلنابة إليه‪ ،‬والندم‪ ،‬واإلقالع‪ ،‬واالستغفار؛ ألن اجلامع يف‬
‫هنار رمضان منكر عظيم‪ ،‬ال جيوز من كل من يلزمه الصوم»(‪.)1‬‬

‫وعىل هذا‪ :‬فمقدار الطعام الذي يعطى للفقري هو نصف صاع من األرز أو غريه‪،‬‬
‫أي‪ :‬كيلو ونصف تقريب ًا‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬أعمل مدرسا‪ ،‬وأضطر أحيانا لرضب وتوبيخ الطالب؛ ألن اجلميع من‬
‫املدرسني يفعل ذلك‪ ،‬وقد جاهدت نفيس عىل عدم فعل ذلك‪ ،‬لكن وقع ذلك اليوم‪،‬‬
‫فهل يبطل الصيام بالرضب والتوبيخ والغضب؟‪ ،‬وهل تنصحني برتك املهنة ملا فيها‬
‫من عدم االستقرار النفيس‪ ،‬وتؤثر عىل عباديت هلل بالتأنيب بعد الرضب‪ ،‬أو التوبيخ؟‬

‫علام بأنني أريد ذلك‪ ،‬لوال والديت التي قد يؤثر عليها الرتك‪.‬‬

‫*جواب‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬الرضب والتوبيخ ليس من املفطرات‪ ،‬حتى لو كان عىل سبيل العدوان‪ ،‬فكيف‬
‫إذا كان الرضب‪ ،‬والتوبيخ؛ للرتبية‪ ،‬والتعليم‪ ،‬والتوجيه‪ ،‬ال شك أن األمر حينئذ أظهر‬
‫يف عدم التفطري‪.‬‬

‫((( جمموع فتاوى الشيخ ابن باز (‪.)302/15‬‬


‫مايصلا تادسفم‬

‫وانظر جواب السؤال رقم‪.)106473( :‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬ننصحك بالبقاء يف هذا العمل ‪-‬التعليم‪-‬؛ فهو من أرشف األعامل وأمهها‪،‬‬
‫وال بد من العناية بالعلم والتعليم‪ ،‬والتضحية من أجل النهوض بمدارسنا‪ ،‬وجامعاتنا‪،‬‬
‫‪289‬‬ ‫نحو أعىل الدرجات‪ ،‬وأرقى الغايات‪ ،‬وحاول أن تتجاوز كل مشكلة تصيبك يف هذا‬
‫العمل باحلكمة‪ ،‬والتأين‪ ،‬ومشاورة أهل اخلربة من املعلمني السابقني‪.‬‬

‫نسأل اهلل تعاىل لنا ولك التوفيق يف الدنيا‪ ،‬والنجاح يف اآلخرة‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫مريضا جدً ا خالل رمضان‪ ،‬وطلب مني الطبيب اإلفطار من‬


‫ً‬ ‫*سؤال‪ :‬لقد كنت‬
‫الصوم‪ ،‬وتناول بعض األدوية‪ ،‬األمر الذي قمت به‪ ،‬لقد طلب من الطبيب القيام‬
‫بذلك ملدة ‪ 5‬أيام‪ ،‬وأرصت زوجتي عىل أن أتبع تلك التعليامت‪ ،‬ويف أثناء رمضان‬
‫كنا نداعب بعضنا البعض‪ ،‬ومل يكن يشكل ذلك مشكلة أبدً ا‪ ،‬كام أنني وزوجتي كنا‬
‫نعرف حدودنا‪ ،‬ويف اليوم الرابع من مريض‪ ،‬قررت الصوم دون أن أخرب زوجتي‪،‬‬
‫حيث إهنا كانت ستعرتض؛ بسبب طلب الطبيب إهناء كافة األدوية‪ ،‬لقد كنت واث ًقا‬
‫إيل صحتي‪ ،‬وأنني أريد الصوم‪ ،‬لذلك صمت‪ ،‬ويف صباح ذلك اليوم‬
‫من أن اهلل قد رد ّ‬
‫داعبنا بعضنا البعض‪ ،‬ومل تتوقف زوجتي حتى عندما طلبت منها ذلك‪ ،‬حتى متلكتني‬
‫الشهوة وحدث قذف‪ ،‬وكام تتخيل فقد ُصدمت لذلك‪ ،‬كام ُصدمت زوجتي‪ ،‬عندما‬
‫يوما‬
‫يوما متصلة؟‪ ،‬أم أصوم ً‬
‫صائم‪ ،‬لذا هل جيب عيل أن أصوم ‪ً 60‬‬
‫قلت‪ :‬إنني كنت ً‬
‫واحدً ا؟ أم أن هذا يقع حتت حديث اإلفطار عن سهو؛ حيث يعلم اهلل أنني مل أكن‬
‫أنو ذلك؟‬‫ِ‬

‫*جواب‪:‬‬

‫قد أحسنت يف اإلفطار عند اشتداد املرض بك‪ ،‬كام أحسنت أيضا بالصيام‪ ،‬حني‬
‫األوىل أن تستشري الطبيب‪ ،‬وما دمت قد صمت ذلك اليوم‪،‬‬
‫رأيت أنك قادر عليه‪ ،‬وكان ْ‬
‫ومل تترضر بالصيام؛ فقد لزمك إمتامه‪.‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫وال مانع من أن يداعب الرجل زوجته حال صيامه؛ إن أمن من إفساد صومه‪،‬‬
‫أو صومها‪ ،‬أما إذا مل يأمن ذلك؛ فإنه ال جيوز له اإلقدام عليه‪.‬‬

‫«و َح ُر َم ن َْح ُو ُق ْب َل ٍة‪ ،‬ك َُم َعا َن َق ٍة‪َ ،‬و َْل ٍ‬


‫س‬ ‫قال العالمة مصطفى الرحيباين احلنبيل ‪َ :V‬‬
‫و َتكْر ِار َن َظ ٍر‪َ ،‬لِن َظن إن َْز ًال‪ ،‬بِ َغ ِي ِخ َل ٍ‬
‫ف»)‪.(1‬‬ ‫‪290‬‬
‫ْ‬ ‫ْ َّ‬ ‫َ َ‬
‫فإذا كنت العبت زوجتك آمنا من إفساد الصوم؛ فإنه ال إثم عليك يف هذه املالعبة؛‬
‫وإن فسد الصوم‪.‬‬

‫أما إن كنت تظن أنه سيحصل منك إنزال؛ فقد أثمت هبذه املالعبة‪ ،‬وعليك‪ :‬أن‬
‫تتوب إىل اهلل تعاىل‪.‬‬

‫وأما الصوم فقد فسد عىل كال االحتاملني‪ ،‬ألنك أنزلت‪ ،‬سواء نويت الفطر‪ ،‬أم مل تنو‪.‬‬

‫قال الشيخ حممد بن عثيمني ‪« :V‬إذا بارش زوجته‪ ،‬سواء بارشها باليد‪ ،‬أو بالوجه‬
‫)‪(2‬‬
‫بتقبيل‪ ،‬أو بالفرج [بدون مجاع]‪ ،‬فإنه إذا أنزل؛ أفطر‪ ،‬وإذا مل ينزل؛ فال فطر بذلك»‬

‫وعليك أن تقيض يوم ًا مكان هذا اليوم‪ ،‬وال كفارة عليك‪.‬‬

‫قال النووي ‪« :V‬إذا أفسد صومه بغري اجلامع‪ ،‬كاألكل‪ ،‬والرشب‪ ،‬واالستمناء‪،‬‬
‫واملبارشات املفضيات إىل اإلنزال؛ فال كفارة؛ ألن النص ورد يف اجلامع‪ ،‬وهذه األشياء‬
‫ليست يف معناه»)‪ .(3‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫ال صغري ًا يف فمه‪ ،‬سؤايل‪ :‬أنني ال أذكر إذا دخل‬


‫قبلت طف ً‬
‫*سؤال‪ :‬يف أحد أيام رمضان ُ‬
‫يشء من لعاب الطفل يف فمي‪ ،‬أو ال‪ ،‬وإذا دخل يف فمي‪ ،‬أغلب ظني أنني مل أكن‬
‫أعلم أن هذا الفعل يفطر‪ ،‬ألنني أعتقد أنني لو كنت أعلم؛ ملا فعلت هذا األمر‪ ،‬هل‬
‫عيل قضاء تلك األيام؟‬

‫((( يف مطالب أويل النهى (‪.)204/2‬‬


‫((( الرشح املمتع (‪.)388/6‬‬
‫((( املجموع (‪.)377/6‬‬
‫مايصلا تادسفم‬

‫*جواب‪:‬‬

‫صيامك صحيح؛ وال يلزمك قضاء يشء منه؛ لعدم تيقنك من ابتالع يشء من لعاب‬
‫هذا الطفل‪ ،‬والعبادة ال تبطل بالشك‪.‬‬
‫‪291‬‬
‫ولو فرض أنك ابتعلت شيئا منه؛ فال يشء عليك؛ جلهلك بأن ذلك مبطل للصوم‪.‬‬

‫واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬عمري ‪ 15‬عاما‪ ،‬والدورة الشهرية يف الثالث شهور األخرية غري منتظمة‪،‬‬
‫واآلن وقبل رمضان بيومني ما زلت حائضا منذ قرابة ست أسابيع متواصلة‪ ،‬ومل‬
‫يتوقف الدم‪ ،‬هذا الدم مؤكد بأنه دم حيض‪ ،‬وليس استحاضة ‪-‬كام تقول الطبيبة‪،-‬‬
‫والسبب يف ذلك هو مشاكل يف هرمونايت األنثوية‪ ،‬وضعت الطبيبة يل موعدا لآللرتا‬
‫ساوند‪ ،‬أو أشعة املوجات الصوتية؛ للفحص والتأكد من حالة املبايض لدي‪ ،‬وهذا‬
‫عيل اإلفطار يف هذا اليوم؛‬
‫اليوم هو يف منتصف رمضان صباحا‪ ،‬واملشكلة أنه جيب ّ‬
‫لرشب املاء قبل األشعة‪ ،‬سؤايل هو‪ :‬هل جيوز اإلبقاء عىل املوعد‪ ،‬وجيوز يل اإلفطار‬
‫يف هذا اليوم‪ ،‬أم أنني جيب أن أؤجل املوعد لبعد رمضان؟‪ ،‬وهل أأثم إن مل أؤجله؟‬

‫مع العلم بأن املواعيد هنا صعبة جدا‪ ،‬وقد أنتظر شهرا آخرا إلجراء هذا الفحص‪.‬‬

‫*جواب‪:‬‬

‫أوال ً‪ :‬جيوز للمريض أن يفطر يف رمضان‪ ،‬ويقيض األيام التي أفطرها؛ لقوله تعاىل‪:‬‬
‫(ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ‬
‫ﯜ ﯝ ﯞ) [البقرة‪.]185 :‬‬

‫واالستحاضة‪ ،‬واستمرار نزول الدم‪ ،‬نوع من املرض املؤثر عىل النفس والبدن؛‬
‫وهلذا ال حرج يف إجراء الفحص‪ ،‬الذي ينبني عليه العالج‪ ،‬ولو كان ذلك يقتيض الفطر‬
‫يف هنار رمضان‪ ،‬واألوىل تأخريه إىل الليل‪ ،‬إن أمكن ذلك‪.‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫وليعلم أن نفس الفحص باألشعة ال يفطر‪ ،‬ما مل يتناول املريض رشابا‪ ،‬أو دواء عن‬
‫طريق الفم أو األنف‪.‬‬

‫وقد سبق يف جواب السؤال رقم (‪ ،)2299‬تفصيل األشياء التي تف ِّطر الصائم‬
‫والتي ال تف ِّطره‪ ،‬فلرياجع‪.‬‬ ‫‪292‬‬

‫فإن اقتىض األمر رشب املاء‪ ،‬أو الدواء‪ ،‬وأمكن رشبه قبل الفجر‪ ،‬فافعيل؛ وإال جاز‬
‫لك الفطر‪.‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬أكثر مدة للحيض عند أكثر العلامء هي مخسة عرش يوما‪ ،‬وال يمكن أن يزيد‬
‫عىل هذا‪.‬‬

‫وعىل هذا‪ :‬فام قالته لك الطبيبة هو الصحيح‪ ،‬أن الدم النازل عليك هو دم استحاضة‪،‬‬
‫وليس دم حيض‪.‬‬

‫وملعرفة حكم املستحاضة‪ ،‬ومتى يكون الدم النازل حيضا‪ ،‬ينظر جواب السؤال رقم‬
‫(‪ .)68818‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬هناك نوع من احلبوب يستعمله بعض مرىض القلب‪ ،‬هذه احلبة توضع حتت‬
‫اللسان وال تبلع‪ ،‬ويمتصها اجلسم‪ ،‬فهل هذه احلبة تفسد الصيام؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫منطقة ما حتت اللسان ‪-‬كام يقول األطباء‪ -‬هي أرسع مناطق البدن امتصاص ًا للعالج‪،‬‬
‫وهلذا فإن أرسع عالج لبعض األزمات القلبية حبة توضع حتت اللسان‪ ،‬فتمتص بطريقة‬
‫مبارشة ورسيعة‪ ،‬وحيملها الدم إىل القلب؛ فتوقف أزماته املفاجئة‪.‬‬

‫وهذا النوع من احلبوب ال يفسد الصيام؛ ألنه ُيمتص يف الفم‪ ،‬وال يدخل يشء منه‬
‫إىل املعدة‪ ،‬وعىل من يستعملها أن حيرتز‪ ،‬حتى ال يبتلع منها شيئ ًا‪ ،‬بعد ذوباهنا يف الفم‪،‬‬
‫وقبل امتصاصها‪.‬‬
‫مايصلا تادسفم‬

‫وقد جاء يف قرار جممع الفقه اإلسالمي‪:‬‬

‫«األمور اآلتية ال تعترب من املفطرات‪ ...:‬األقراص العالجية التي توضع حتت اللسان؛‬
‫لعالج الذبحة الصدرية وغريها‪ ،‬إذا اجتنب ابتالع ما نفذ إىل احللق»(‪ .)1‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫‪293‬‬ ‫***‬

‫*سؤال‪ :‬ما حكم استعامل بخاخ األنف يف الصيام؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«ال بأس بذلك عند الرضورة‪ ،‬فإن أمكن تأجيله إىل الليل؛ فهو أحوط»(‪.)2‬‬

‫وجاء يف قرار جممع الفقه اإلسالمي‪« :‬األمور اآلتية ال تعترب من املفطرات‪ ...:‬قطرة‬
‫العني‪ ،‬أو قطرة األذن‪ ،‬أو غسول األذن‪ ،‬أو قطرة األنف‪ ،‬أو بخاخ األنف‪ ،‬إذا اجتنب‬
‫ابتالع ما نفذ إىل احللق»(‪ .)3‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سـؤال‪ :‬بعـض الصائمين يقضـون معظـم هنـار رمضـان‪ ،‬يف مشـاهدة األفلام‬
‫واملسلسلات‪ ،‬مـن الفيديـو والتلفـاز‪ ،‬ولعـب الـورق‪ ،‬فما هـو رأي الديـن يف ذلـك؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«الواجب عىل الصائمني‪ ،‬وغريهم من املسلمني‪ ،‬أن يتقوا اهلل سبحانه فيام يأتون‬
‫ويذرون يف مجيع األوقات‪ ،‬وأن حيذروا ما حرم اهلل عليهم‪ ،‬من مشاهدة األفالم اخلليعة‬
‫التي يظهر فيها ما حرم اهلل‪ ،‬من الصور العارية‪ ،‬وشبه العارية‪ ،‬ومن املقاالت املنكرة‪،‬‬
‫وهكذا ما يظهر يف التلفاز مما خيالف رشع اهلل‪ ،‬من الصور‪ ،‬واألغاين‪ ،‬وآالت املالهي‪،‬‬
‫والدعوات املضللة‪.‬‬

‫((( انظر‪ :‬جملة جممع الفقه اإلسالمي (‪ ،)454 ،96/2/10‬مفطرات الصيام املعارصة للدكتور أمحد اخلليل‬
‫ص(‪.)39 ،38‬‬
‫((( جمموع فتاوى الشيخ ابن باز (‪.)264/15‬‬
‫((( جملة املجمع (‪.)454/2/10‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫كما جيـب على كل مسـلم صائما كان أو غيره‪ ،‬أن حيذر اللعـب بـآالت اللهو‪ ،‬من‬
‫الـورق وغريهـا من آالت اللهو؛ ملـا يف ذلك من مشـاهدة املنكر‪ ،‬وفعـل املنكر؛ وملا يف‬
‫ذلك أيضا من التسـبب يف قسـوة القلوب ومرضها‪ ،‬واسـتخفافها بشرع اهلل‪ ،‬والتثاقل‬
‫عما أوجـب اهلل مـن الصالة يف اجلامعـة‪ ،‬أو غري ذلك مـن ترك الواجبـات‪ ،‬والوقوع يف‬ ‫‪294‬‬
‫كثير من املحرمـات‪ ،‬واهلل يقول سـبحانه‪( :‬ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ‬
‫ﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇ‬
‫ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ) [لقامن‪ ،]7-6 :‬ويقـول‬
‫سـبحانه يف سـورة الفرقان يف صفة عباد الرمحـن‪( :‬ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ‬
‫ﮔ ﮕ ﮖ) [الفرقان‪.]72 :‬‬

‫والزور يشمل مجيع أنواع املنكر‪ ،‬ومعنى (ال يشهدون)‪ :‬ال حيرضون‪.‬‬

‫ويقول النبي ‪« :H‬ليكونن من أمتي أقوام يستحلون احلر‪ ،‬واحلرير‪ ،‬واخلمر‪،‬‬


‫واملعازف (‪.)1‬‬

‫واملراد باحلر‪ :‬الفرج احلرام‪ ،‬واملراد باملعازف‪ :‬الغناء وآالت اللهو‪.‬‬

‫وألن اهلل سبحانه حرم عىل املسلمني وسائل الوقوع يف املحرمات‪ ،‬وال شك أن‬
‫مشاهدة األفالم املنكرة‪ ،‬وما يعرض يف التلفاز من املنكرات‪ ،‬من وسائل الوقوع فيها‪،‬‬
‫أو التساهل يف عدم إنكارها‪ ،‬واهلل املستعان»(‪.)2‬‬

‫وهذه املعايص تنقص ثواب الصيام‪ ،‬بل قد تذهبه بالكلية‪.‬‬

‫وانظر جواب السؤال رقم (‪ .)50063‬واهلل أعلم‪.‬‬


‫***‬

‫*سؤال‪ :‬أريد إجابة بالتفصيل‪ ،‬ملاذا ال يعترب بخاخ الربو الذي يستعمله مرىض الربو‬

‫((( رواه البخاري يف صحيحه‪ ،‬معلقا جمزوما به‪.‬‬


‫((( جمموع فتاوى الشيخ ابن باز (‪.)316/15‬‬
‫مايصلا تادسفم‬

‫مفسد ًا للصيام؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫بخاخ الربو‪ :‬علبة فيها دواء سائل حيتوى عىل ثالثة عنارص‪ ،‬وهي‪ :‬مواد كيميائية‬
‫‪295‬‬
‫(مستحرضات طبية)‪ ،‬وماء‪ ،‬وأكسجني‪.‬‬

‫وعند الضغط عىل البخاخ خيرج الدواء عىل هيئة رذاذ‪ ،‬فمع أخذ املريض شهيق ًا‬
‫عميق ًا عند الضغط عىل البخاخ‪ ،‬يدخل هذا الرذاذ إىل القصبة اهلوائية‪ ،‬ولكن يبقى منه‬
‫جزء يف البلعوم الفمي‪ ،‬وقد تدخل كمية قليلة جد ًا إىل املريء‪.‬‬

‫وقد ذهب بعض العلامء املعارصين إىل‪ :‬أن استعامل بخاخ الربو يفسد الصوم‪ ،‬قالوا‪:‬‬
‫ألن حمتوى البخاخ يصل إىل املعدة عن طريق الفم؛ فيكون مفطر ًا‪.‬‬

‫وذهب أكثر العلامء املعارصين إىل‪ :‬أن استعامل هذا البخاخ ال يفسد الصيام‪ ،‬وهذا‬
‫القول هو الصحيح‪ ،‬واستدلوا عىل ذلك بعدة أدلة‪:‬‬
‫‪ .1‬أن األصل صحة الصيام‪ ،‬وال يمكن العدول عن هذا األصل إال بيقني‪ ،‬ووصول‬
‫يشء من رذاذ هذا البخاخ إىل املعدة أمر مشكوك فيه‪ ،‬فقد يدخل إىل املعدة وقد‬
‫ال يدخل‪ ،‬ألن األصل أن هذه املادة تذهب إىل اجلهاز التنفيس‪ ،‬ولكن قد يدخل‬
‫يشء منها إىل املعدة‪ ،‬فمع هذا االحتامل ال يمكن القول بفساد الصيام‪ ،‬وهبذا‬
‫أجيب عن دليل القول األول‪.‬‬
‫‪ .2‬عىل فرض أن جزء ًا من هذا الدواء يدخل إىل املعدة فعالً‪ ،‬فهو معفو عنه‪ ،‬وال‬
‫يفسد الصيام‪ ،‬قياس ًا عىل املضمضة‪ ،‬واستعامل السواك‪.‬‬

‫أما املضمضة‪ :‬فإن الصائم إذا متضمض‪ ،‬يتبقى يف فمه يشء من ماء املضمضة‪،‬‬
‫وينزل جزء من هذا املاء إىل املعدة‪ ،‬وهلذا لو متضمض بامء به مادة مشعة؛ لظهرت تلك‬
‫املادة املشعة يف املعدة بعد قليل‪ ،‬مما يؤكد نزول يشء من ماء املضمضة إىل املعدة‪ ،‬ولكن‬
‫هذا اجلزء النازل إىل املعدة جزء يسري‪ ،‬قد عفا الرشع عنه‪ ،‬وحكم بصحة الصيام مع‬
‫املضمضة‪ ،‬واجلزء النازل من بخاخ الربو إىل املعدة ‪-‬إن نزل‪ -‬أقل من اجلزء النازل مع‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫املضمضة؛ فيكون غري مفسد للصيام من باب أوىل‪.‬‬

‫وأما السواك‪ :‬فإنه حيتوى عىل مواد‪ ،‬تتحلل باللعاب‪ ،‬وتنزل إىل البلعوم‪ ،‬ثم إىل‬
‫املعدة‪ ،‬ولكن عفا الرشع عنها‪ ،‬ومل يعتربها مفسدة للصيام؛ ألهنا قليلة‪ ،‬وغري مقصودة‪،‬‬
‫فكذلك اجلزء الذي قد ينزل إىل املعدة من بخاخ الربو جزء قليل‪ ،‬وغري مقصود إنزاله‬ ‫‪296‬‬

‫إىل املعدة؛ فيكون غري مفسد للصيام؛ قياس ًا عىل السواك‪.‬‬

‫وهبذا يتبني قوة هذا القول الثاين‪ ،‬وقد اختاره من علامئنا املعارصين‪ :‬سامحة الشيخ‬
‫عبد العزيز بن باز‪ ،‬والشيخ حممد بن العثيمني‪ ،‬والشيخ عبد اهلل بن جربين ‪ ،‬وعلامء‬
‫اللجنة الدائمة(‪ ،)1‬وقد نقلنا شيئ ًا من فتاوهيم يف هذا يف جواب السؤال رقم (‪.)37650‬‬
‫واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬هل منظار املعدة يفسد الصيام؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫منظار املعدة‪ :‬هو جهاز طبي يدخل إىل املعدة‪ ،‬عن طريق الفم‪ ،‬ويستفاد منه‪:‬‬

‫إما يف تصوير املعدة‪ ،‬أو أخذ عينة منها؛ لفحصها‪ ،‬أو لغري ذلك من األسباب الطبية‪،‬‬
‫ثم خيرج اجلهاز بعد إمتام عمله عن طريق الفم‪.‬‬

‫وقد اختلف العلامء فيام لو وصل يشء إىل املعدة‪ ،‬هل يفسد الصيام عىل كل حال‪،‬‬
‫مغذ؟‪ ،‬أم ال يفسده إال إذا كان مغذي ًا؟‬
‫سواء كان مغذي ًا أم غري ٍّ‬

‫فذهب إىل إفساد الصيام بكل ما وصل إىل املعدة املذاهب الفقهية الثالثة‪ :‬املالكي‪،‬‬
‫والشافعي‪ ،‬واحلنبيل‪.‬‬

‫وبناء عىل هذا‪ :‬فيكون هذا املنظار مفسد ًا للصيام‪.‬‬

‫((( انظر‪ :‬جملة جممع الفقه اإلسالمي (املجلد العارش‪ ،‬ففيه عدة بحوث عن مفطرات الصيام املعارصة)‪،‬‬
‫مفطرات الصيام املعارصة للدكتور أمحد اخلليل ص(‪.)38-33‬‬
‫مايصلا تادسفم‬

‫ووافقهم احلنفية عىل‪ :‬أن كل ما وصل إىل املعدة فهو مفسد للصيام‪ ،‬غري أهنم‬
‫اشرتطوا أن يكون مستقر ًا يف املعدة‪.‬‬
‫وبناء عىل هذا‪ :‬ال يكون منظار املعدة مفسد ًا للصيام؛ ألنه ال يستقر فيها‪ ،‬بل خيرج‬
‫‪297‬‬ ‫منها بعد إمتام العملية(‪.)1‬‬

‫واختار شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪ ،V‬أنه ال يفطر إال بوصول املغذي إىل املعدة‪،‬‬
‫فقال ‪« :V‬واألظهر‪ :‬أنه ال يفطر بابتالع ما ال يغذي كاحلصاة»(‪.)2‬‬

‫فعىل هذا القول‪ :‬ال يكون هذا املنظار مفسد ًا للصوم‪ ،‬وهذا القول هو الراجح؛ ألن‬
‫النص إنام دل عىل أن األكل والرشب مفسد ًا للصيام‪ ،‬قال اهلل تعاىل‪( :‬ﭳ ﭴ ﭵ‬
‫ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ) [البقرة‪.]187 :‬‬

‫ال وال رشب ًا‪ ،‬وال هو يف معنى األكل والرشب؛ ألن اجلسم ال‬
‫وهذا املنظار ليس أك ً‬
‫ينتفع‪ ،‬وال يتغذى به‪.‬‬

‫لكـن‪ ،‬إذا كان هـذا املنظـار توضـع عليه بعـض املـواد الدهنية؛ لتسـهيل دخوله إىل‬
‫املعـدة‪ ،‬أو يضـخ عرب املنظـار بعض املحاليـل (كمحلول امللـح)؛ إلزالـة العوالق عليه‬
‫لتسـهيل عمليـة التصويـر‪ ،‬فـإن الصائم يفسـد صيامـه بوصول هـذه املـواد إىل املعدة‪،‬‬
‫ألن اجلسـم سـوف يمتصهـا ويتغذى عليهـا‪ ،‬فتكـون كاألكل والرشب‪.‬‬

‫قال الشيخ ابن عثيمني ‪ V‬يف الرشح املمتع ‪-‬وهو يبني أن كل ما وصل إىل املعدة‬
‫فهو مفسد للصيام‪ ،‬عىل مذهب اإلمام أمحد‪ -‬قال‪« :‬فلو أن اإلنسان أدخل منظار ًا إىل‬
‫املعدة حتى وصل إليها‪ ،‬فإنه يكون بذلك مفطر ًا [يعني عىل املذهب احلنبيل]‪.‬‬

‫والصحيح‪ :‬أنه ال يفطر؛ إال أن يكون يف هذا املنظار دهن أو نحوه‪ ،‬يصل إىل املعدة‬

‫((( انظر‪ :‬تبيني احلقائق للزيلعي (‪ ،)326/1‬املجموع (‪ ،)317/6‬الرشح الكبري (‪ ،)410/7‬رشح منتهى‬
‫اإلرادات (‪ ،)448/1‬بداية املجتهد (‪.)153/2‬‬
‫((( جمموع الفتاوى (‪.)528/20‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫بواسطة هذا املنظار‪ ،‬فإنه يكون بذلك مفطر ًا‪ ،‬وال جيوز استعامله يف الصوم الواجب إال‬
‫للرضورة»(‪.)1‬‬

‫وجاء يف قرار جممع الفقه اإلسالمي‪« :‬األمور اآلتية ال تعترب من املفطرات‪... :‬‬
‫منظار املعدة إذا مل يصاحبه إدخال سوائل (حماليل)‪ ،‬أو مواد أخرى»(‪.)2‬‬ ‫‪298‬‬

‫وخالصة اجلواب‪ :‬أن منظار املعدة إذا أدخل إىل املعدة من غري أن يدخل مع‪ ،‬أي‬
‫مواد أخرى؛ فهو غري مفسد للصيام‪ ،‬أما إذا أدخل معه بعض املواد الدهنية أو غريها؛‬
‫فهو مفسد للصيام(‪ .)3‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬بعض املرىض الذين عندهم ضيق يف التنفس حيتاجون أثناء الصيام إىل تنفس‬
‫األكسجني الصناعي‪ ،‬فهل هذا يؤثر عىل الصيام؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫غاز األكسجني الذي ُي ْعطي لبعض املرىض؛ ال يفسد الصيام؛ ألن هذا األكسجني ال‬
‫يضاف إليه أي مواد أخرى‪ ،‬فحكمه حكم تنفس اهلواء الطبيعي‪.‬‬

‫وهلذا جاء يف قرار جممع الفقه اإلسالمي‪:‬‬

‫«األمور اآلتية ال تعترب من املفطرات‪ ... :‬غاز األكسجني»(‪.)4‬‬

‫وانظر‪ :‬مفطرات الصيام املعارصة للدكتور أمحد خليل (ص‪.)50/‬‬


‫***‬

‫*سؤال‪ :‬جامعت زوجتي يف فجر رمضان قبل األذان‪ ،‬وأ ّذن وأنا عىل وضعي مع‬

‫((( الرشح املمتع (‪.)371 ،370/6‬‬


‫((( جملة املجمع (‪.)455-453/2/10‬‬
‫((( وانظر‪ :‬مفسدات الصيام املعارصة للدكتور أمحد اخلليل ص(‪.)46-39‬‬
‫((( جملة جممع الفقه اإلسالمي (‪.)454 ،96/2/10‬‬
‫مايصلا تادسفم‬

‫زوجتي‪ ،‬لكن توقفت قبل أن ينتهي املؤذن من األذان‪ ،‬ظن ًا مني أن يل أن أجامعها قبل‬
‫عيل يشء؟‬
‫أن ينتهي املؤذن من األذان‪ ،‬هل َّ‬
‫*جواب‪:‬‬
‫‪299‬‬ ‫أوالً‪ :‬إذا كان املؤذن يؤذن مع طلوع الفجر‪ ،‬فالواجب اإلمساك عن املفطرات من‬
‫طلوع الفجر إىل غروب الشمس‪ ،‬فإذا قال املؤذن‪ :‬اهلل أكرب؛ لزم الكف عن الطعام‪،‬‬
‫والرشاب‪ ،‬واجلامع‪ ،‬وسائر املفطرات‪.‬‬
‫قال النووي ‪« :V‬إذا طلع الفجر ويف فِيه (فمه) طعام فليلفظه‪ ،‬فإن َل َف َظ ُه؛ صح‬
‫صومه‪ ،‬فإن ابتلعه؛ أفطر‪ ،‬ولو طلع الفجر‪ ،‬وهو جمامع فنزع يف احلال؛ صح صومه‪ ،‬أما‬
‫إذا طلع الفجر وهو جمامع‪ ،‬فعلم طلوعه‪ ،‬ثم مكث مستديام للجامع؛ فيبطل صومه‪ ،‬وال‬
‫يعلم فيه خالف للعلامء‪ ،‬وتلزمه الكفارة عىل املذهب»)‪.(1‬‬
‫وقال أيض ًا‪« :‬ذكرنا أن من طلع الفجر‪ ،‬ويف فيه طعام فليلفظه‪ ،‬ويتم صومه‪ ،‬فإن‬
‫ابتلعه بعد علمه بالفج؛ بطل صومه‪ ،‬وهذا ال خالف فيه‪ ،‬ودليله‪ :‬حديث ابن عمر‪،‬‬
‫وعائشة ‪ ،J‬أن رسول اهلل ‪ H‬قال‪« :‬إن بالال يؤذن بليل‪ ،‬فكلوا وارشبوا‬
‫حتى يؤذن ابن أم مكتوم (‪ ،)2‬ويف الصحيح أحاديث بمعناه»(‪.)3‬‬
‫وعليه‪ :‬فإذا كان املؤذن يف َح ِّي َك يؤذن إذا طلع الفجر؛ فيلزمك النزع عن اجلامع‪ ،‬فور‬
‫سامعك للتكبرية األوىل من أذانه‪.‬‬
‫وإن كنت تعلم أن املؤذن يؤذن قبل طلوع الفجر‪ ،‬أو تشك‪ ،‬هل يؤذن قبل طلوع‬
‫الصبح أم بعده؛ فليس عليك يشء؛ ألن اهلل تعاىل أباح األكل‪ ،‬والرشب‪ ،‬واجلامع حتى‬
‫يتبني الصبح‪ ،‬قال تعاىل‪( :‬ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ‬
‫ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ) [البقرة‪.]187 :‬‬

‫وقد سئل علامء اللجنة الدائمة لإلفتاء‪ :‬ما حكم من أكمل سحوره‪ ،‬ورشب ما ًء‬

‫((( املجموع (‪.)329/6‬‬


‫((( رواه البخاري (‪ ،)622‬ومسلم (‪.)1092‬‬
‫((( املجموع (‪.)333/6‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫وقت األذان‪ ،‬أو بعد األذان للفجر بربع ساعة؟‬

‫فأجابوا‪« :‬إن كان املذكور يف السؤال يعلم أن ذلك قبل تبني الصبح؛ فال قضاء عليه‪،‬‬
‫وإن علم أنه بعد تبني الصبح؛ فعليه القضاء‪.‬‬

‫أما إن كان ال يعلم هل كان أكله ورشبه بعد تبني الصبح أو قبله؛ فال قضاء عليه؛ ألن‬ ‫‪300‬‬

‫األصل بقاء الليل‪ ،‬ولكن ينبغي للمؤمن أن حيتاط لصيامه‪ ،‬وأن يمسك عن املفطرات‬
‫إذا سمع األذان‪ ،‬إال إذا علم أن هذا األذان كان قبل الصبح»(‪.)1‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬إذا كنت جاهال هبذا احلكم‪ ،‬وتظن أن اإلمساك إنام يلزم بآخر األذان؛ فال‬
‫كفارة عليك‪ ،‬لكن تقيض الصيام احتياطا‪ ،‬مع التوبة واالستغفار من تقصريك يف َت َع ُّل ِم‬
‫ما جيب عليك من أمر دينك‪.‬‬

‫وانظر جواب السؤال رقم (‪ ،)93866‬و(‪ .)37679‬واهلل أعلم‪.‬‬


‫***‬

‫*سؤال‪ :‬متى بالتحديد جيب االنقطاع عن األكل والرشب يف حالة الصيام (هل‬
‫الفيصل هو أذان الفجر‪ ،‬عند قول املؤذن‪ :‬اهلل أكرب‪ ،‬أم ما هو الفيصل؟) مع مراعاة‬
‫فروق التوقيت‪ ،‬وماذا أفعل إذا كان الكوب عىل فمي‪ ،‬وأنا أرشب‪َ ،‬‬
‫وأ َّذن األذان؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫الواجب يف الصوم اإلمساك عن املفطرات‪ ،‬من طلوع الفجر الصادق إىل غروب‬
‫الشمس؛ قال اهلل تعاىل‪( :‬ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ‬
‫ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ) [البقرة‪.]187 :‬‬

‫ول اهللِ ‪ُ « :H‬ك ُلوا‬ ‫و َع ْن َع ِائ َش َة ‪َ :J‬أ َّن بِ َل ًل ك َ‬


‫َان ُي َؤ ِّذ ُن بِ َل ْي ٍل‪َ ،‬ف َق َال َر ُس ُ‬
‫اش ُبوا َحتَّى ُي َؤ ِّذ َن ا ْب ُن ُأ ِّم َم ْكتُومٍ‪َ ،‬فإِ َّن ُه َل ُي َؤ ِّذ ُن َحتَّى َي ْط ُل َع ال َف ْج ُر (‪.)2‬‬
‫َو ْ َ‬

‫((( فتاوى إسالمية (‪.)240/2‬‬


‫((( رواه البخاري (‪.)1919‬‬
‫مايصلا تادسفم‬

‫وعليه‪ :‬فمن علم طلوع الفجر الصادق باملشاهدة‪ ،‬أو بإخبار غريه؛ لزمه اإلمساك‪.‬‬

‫ومن سمع األذان؛ لزمه اإلمساك فور سامعه‪ ،‬إن كان املؤذن يؤذن عىل الوقت‪ ،‬ليس‬
‫متقدما عليه‪.‬‬
‫‪301‬‬
‫واستثنى بعض العلامء ما لو كان اإلناء يف يد اإلنسان عند سامع األذان‪ ،‬فله أن‬
‫ول اهللِ ‪« :H‬إِ َذا‬ ‫يرشب منه حاجته؛ ملا روي َع ْن َأ ِب ُه َر ْي َر َة ‪َ ،I‬ق َال‪َ :‬ق َال َر ُس ُ‬
‫اج َت ُه ِم ْن ُه (‪.)1‬‬
‫ض َح َ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫َاء َع َل َيده‪َ ،‬ف َل َي َض ْع ُه َحتَّى َي ْق َ‬ ‫َس ِم َع َأ َحدُ ك ُْم النِّدَ َاء‪َ ،‬وا ِ‬
‫إلن ُ‬

‫ومحله اجلمهور عىل‪ :‬أن املؤذن كان يؤذن قبل الوقت‪ ،‬وينظر تفصيل ذلك يف جواب‬
‫السؤال رقم (‪.)66202‬‬

‫وغالب املؤذنني اليوم يعتمدون عىل الساعات والتقاويم‪ ،‬ال عىل رؤية الفجر‪ ،‬وهذا‬
‫ال يعترب يقينا يف أن الفجر قد طلع‪ ،‬فمن أكل حينئذ؛ فصومه صحيح؛ ألنه مل يتيقن‬
‫طلوع الفجر‪.‬‬

‫واألوىل واألحوط‪ :‬أن يمسك عن املفطرات عند سامع األذان‪.‬‬


‫ْ‬

‫وقد سئل الشيخ عبد العزيز بن باز ‪ :V‬ما احلكم الرشعي يف صيام من سمع أذان‬
‫الفجر واستمر يف األكل والرشب؟‬

‫فأجاب‪« :‬الواجب عىل املؤمن أن يمسك عن املفطرات من األكل‪ ،‬والرشب‪،‬‬


‫وغريمها‪ ،‬إذا تبني له طلوع الفجر‪ ،‬وكان الصوم فريضة كرمضان‪ ،‬وكصوم النذر‪،‬‬
‫والكفارات؛ لقول اهلل ‪( :D‬ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ‬
‫ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ) ‪ ،‬فإذا سمع األذان‪ ،‬وعلم أنه يؤذن عىل الفجر؛ وجب‬
‫عليه اإلمساك‪ ،‬فإن كان املؤذن يؤذن قبل طلوع الفجر؛ مل جيب عليه اإلمساك‪ ،‬وجاز له‬
‫األكل والرشب‪ ،‬حتى يتبني له الفجر‪.‬‬

‫((( رواه أبو داود (‪ ،)2350‬وقال األلباين يف صحيح أيب داود‪ :‬إسناده حسن صحيح‪ ،‬وصححه احلاكم‪،‬‬
‫والذهبي‪ ،‬وعبد احلق اإلشبييل‪ ،‬واحتج به ابن حزم‪.‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫فإن كان ال يعلم حال املؤذن‪ ،‬هل أذن قبل الفجر أو بعد الفجر‪ ،‬فإن األوىل واألحوط‬
‫له‪ :‬أن يمسك إذا سمع األذان‪ ،‬وال يرضه لو رشب أو أكل شيئا حني األذان؛ ألنه مل‬
‫يعلم بطلوع الفجر‪.‬‬

‫ومعلوم‪ :‬أن من كان داخل املدن التي فيها األنوار الكهربائية‪ ،‬ال يستطيع أن يعلم‬ ‫‪302‬‬
‫طلوع الفجر بعينه وقت طلوع الفجر‪ ،‬ولكن عليه أن حيتاط بالعمل باألذان والتقويامت‬
‫التي حتدد طلوع الفجر بالساعة والدقيقة‪ ،‬عمال بقول النبي ‪َ « :H‬د ْع َما‬
‫َب َأ لِ ِدين ِ ِه َو ِع ْر ِض ِه ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫«م ْن ا َّت َقى ُّ‬ ‫ك إِ َل َما ال َي ِري ُب َ‬
‫َي ِري ُب َ‬
‫الش ُب َهات ْاست ْ َ‬ ‫ك ‪ ،‬وقوله ‪َ :H‬‬
‫واهلل ويل التوفيق»)‪.(1‬‬
‫وسئل الشيخ ابن عثيمني ‪ :V‬متى يمتنع اإلنسان عن األكل‪ ،‬هل هو كام يقولون‪:‬‬
‫عندما هيلل املؤذن؟‪ ،‬وما احلكم إذا رشب بعد األذان متعمد ًا؟‪ ،‬هل هو كمن رشب‬
‫بعد العرص‪ ،‬أم له صيام؟‪ ،‬فحجة بعض الناس يقول‪ :‬بأن الفجر ليس كاملصباح ييضء‬
‫برسعة‪ ،‬واألمر واسع فام احلكم؟‬

‫فأجاب‪« :‬إذا كان املؤذن يؤذن إذا تبني الفجر‪ ،‬فقد قال النبي ‪« :H‬كلوا‬
‫وارشبوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم‪ ،‬فإنه ال يؤذن حتى يطلع الفجر ‪ ،‬فإذا قال املؤذن‪ :‬أنا‬
‫رأيت الفجر‪ ،‬وأنا ال أؤذن حتى أرى الفجر؛ فإنه جيب عىل اإلنسان أن يمسك من حني‬
‫أن يسمع األذان‪ ،‬إال يف احلالة التي ُرخص له فيها‪ ،‬وهو ما إذا كان إناؤه يف يده‪ ،‬فله أن‬
‫يقيض هنمته منه‪ ،‬وإما إذا كان األذان حسب التوقيت‪ ،‬فالتوقيت ليس يف احلقيقة مربوط ًا‬
‫باألوقات احلسية الظاهرة‪ ،‬ولكنه توقيت باحلساب ‪-‬املواقيت التي بأيدينا اآلن توقيت‬
‫أم القرى وغريه هو باحلساب‪ -‬ألهنم مل يشاهدوا الفجر‪ ،‬وال الشمس‪ ،‬وال الزوال‪ ،‬وال‬
‫دخول العرص‪ ،‬وال غروب الشمس»(‪.)2‬‬
‫واحلاصل‪ :‬أنه ينبغي لإلنسان أن يمسك عن املفطرات فور سامع األذان‪ ،‬إن علم أن‬
‫املؤذن يؤذن عىل الوقت‪ ،‬فإن شك يف ذلك؛ فليقترص عىل رشب ما يف يده؛ ألنه ال يمكن‬

‫((( فتاوى رمضان‪ -‬مجع أرشف عبد املقصود (ص‪.)201‬‬


‫((( اللقاء الشهري (‪.)214/1‬‬
‫مايصلا تادسفم‬

‫أن يقال‪ :‬إنه يستمر يف األكل والرشب حتى يتيقن طلوع الفجر‪ ،‬واحلال أنه ال يملك‬
‫وسيلة للتيقن مع وجود األنوار والكهرباء‪ ،‬وعدم مقدرة كثري من الناس عىل التمييز بني‬
‫الفجر الصادق والكاذب‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬
‫‪303‬‬
‫*سؤال‪ :‬أنا فتاة يف العرشين من عمري‪ ،‬وقد تأتيني آالم العادة الشهرية يف رمضان قبل‬
‫صالة الظهر‪ ،‬لدرجة أنني ال أستطيع الوقوف للصالة‪ ،‬حتى وأنا جالسة ال أستطيع‬
‫الصالة‪ ،‬وال تأتيني العادة إال قبل أذان املغرب بخمس دقائق‪ ،‬مع العلم أين أظل‬
‫صائمة طوال النهار‪ ،‬فهل جيوز يل قضاء هذا اليوم أو أعترب صائمة؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«إذا نزل احليض وخرج الدم قبل غروب الشمس؛ فاعتربي نفسك مفطرة؛ وعليك‬
‫أن تقيض هذا اليوم‪ ،‬أما التأمل قبل ذلك؛ فال يبطل الصوم‪ ،‬التأمل بقرب جميء الدم ال‬
‫يبطل الصوم‪ ،‬فإذا استمر معك التأمل لكن ما خرج يشء حتى غابت الشمس؛ فالصوم‬
‫صحيح‪ ،‬وال تقيض هذا اليوم‪.‬‬

‫أما إن خرج الدم قبل غروب الشمس ولو بخمس دقائق؛ فإن هذا اليوم يبطل؛‬
‫وجيب قضاؤه عليك‪ ،‬هذا هو احلكم الرشعي فيام نعلم‪ ،‬وأما اآلالم فهذه هلا دواء وهلا‬
‫عالج‪ ،‬ينبغي أن تسأيل عنه الطبيبات واألطباء‪ ،‬لعلك جتدين عندهم ما يرحيك من هذا‬
‫األمل الذي حتسني به»(‪.)1‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬عندي نزيف دم يف الفم أثناء الصيام‪ ،‬ويظهر هذا النزيف مع االستيقاظ من‬
‫النوم‪ ،‬ومع املضمضة باملاء يف أوقات الصلوات‪ ،‬ومع املضمضة مرتني أو ثالثة خيف‬
‫الدم إىل أمحر خفيف‪ ،‬وأحيان ًا إىل أصفر‪ ،‬فكيف أبلع ريقي؟‪ ،‬مع العلم أن الدم قد‬
‫يستمر لفرتة‪ ،‬وما حكم ابتالع الصفار إذا مل يكن هناك طعم للدم؟‪ ،‬مع العلم‪ :‬أين‬
‫استرشت طبيب ًا‪ ،‬ورصف يل دواء‪ ،‬ومل يفد‪.‬‬

‫((( فتاوى نور عىل الدرب للشيخ عبد العزيز بن باز (‪.)1223/3‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«إذا كان الواقع كام ذكرت‪ ،‬فإنك جتتهد يف التخلص من الدم املصاحب للريق‪،‬‬
‫وذلك باملضمضة‪ ،‬وحترتس من ابتالع يشء من ذلك‪ ،‬وما بقي من آثار قليلة صفراء يف‬
‫الريق؛ فال حرج عليك فيه‪ ،‬وصيامك صحيح إن شاء اهلل‪.‬‬ ‫‪304‬‬

‫وباهلل التوفيق‪ ،‬وصىل اهلل عيل نبينا حممد وآله وصحبه وسلم»(‪.)1‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬هل استعامل دهن أو مرهم خاص للبواسري‪ ،‬سواء كان داخلي ًا أو خارجيا يف‬
‫رمضان يفطر‪ ،‬ويوجب القضاء؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«استعامل املرهم أو الدهان للبواسري؛ ال يؤثر عىل الصيام‪.‬‬

‫وباهلل التوفيق‪ ،‬وصىل اهلل عيل نبينا حممد وآله وصحبه وسلم»)‪.(2‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬والدي متوىف ‪ V‬تعاىل‪ ،‬وقد ترك ماالً وتم تقسيمه عىل الورثة‪ ،‬وبعد وفاته‬
‫أخربتني أمي‪ :‬أنه قد واقعها يف شهر رمضان‪ ،‬قبل ما يقرب من ‪ 25‬إىل ‪ 30‬سنة‪ ،‬وقد‬
‫كان ذلك بدون موافقة الوالدة‪ ،‬فقد كانت كام تذكر خارجة للتو من املستشفى بعد‬
‫عملية أجرهتا‪ ،‬وقد أخربتني الوالدة أهنا قالت له حينها‪ :‬إن ذلك ال جيوز‪ ،‬وعليه‬
‫السؤال يف ذلك‪ ،‬فأخربها بتوبته‪ ،‬وأن اهلل غفور رحيم‪ ،‬أمي أخربتني‪ :‬أن احلياء منعها‬
‫من السؤال‪ ،‬أو إخبارنا‪ ،‬وأرادت أمي أن تصوم شهرين‪ ،‬وأخربهتا‪ :‬بأهنا ال يد هلا فيام‬
‫حدث‪ ،‬ولذا ال يشء عليها‪ ،‬باإلضافة إىل أن وضعها الصحي ال يسمح هلا بذلك‪،‬‬
‫فامذا جيب علينا حيال والدنا املتوىف؟‪ ،‬وماذا جيب عىل الوالدة؟‬

‫((( فتاوى اللجنة الدائمة ‪ -‬املجموعة الثانية (‪.)210/9‬‬


‫((( فتاوى اللجنة الدائمة ‪ -‬املجموعة الثانية (‪.)211/9‬‬
‫مايصلا تادسفم‬

‫*جواب‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬إذا كانت الوالدة قد ُأكرهت عىل اجلامع يف رمضان من ِقبل زوجها؛ فال كفارة‬
‫عليها؛ لعموم قول النبي ‪« :H‬إِ َّن ال َّل َه َ َت َاو َز َع ْن ُأ َّمتِي الخَ َط َأ َوالن ِّْس َي َ‬
‫ان َو َما‬
‫‪305‬‬ ‫ْاس ُتك ِْر ُهوا َع َل ْي ِه (‪.)1‬‬

‫أما إذا كانت طاوعته؛ فعليها القضاء والكفارة‪.‬‬

‫قال علامء اللجنة الدائمة لإلفتاء يف حكم املجامع يف رمضان‪:‬‬

‫«الواجب عليه‪ :‬عتق رقبة‪ ،‬فإن مل يستطع فصيام شهرين متتابعني‪ ،‬فإن مل يستطع‬
‫فإطعام ستني مسكين ًا‪ ،‬لكل مسكني مد ُب ّر (قمح)‪ ،‬وعليه قضاء اليوم بدال عن ذلك‬
‫اليوم‪ ،‬وأما املرأة فإن كانت مطاوعة؛ فحكمها حكم الرجل‪ ،‬وإن كانت مكرهة؛ فليس‬
‫عليها إال القضاء (‪.)2‬‬

‫وإذا كانت الكفارة واجبة عليها‪ ،‬فقد ذكرت أهنا ال تستطيع الصيام‪ ،‬وحينئذ يكفيها‬
‫أن تطعم ستني مسكين ًا‪.‬‬

‫وانظر جواب السؤال رقم (‪)1672‬؛ ملعرفة كفارة اجلامع يف هنار رمضان‪.‬‬

‫ثانيـ ًا‪ :‬بالنسـبة للوالد فقـد كان الواجب عليـه أن يصوم شـهرين متتابعني‪ ،‬ويقيض‬
‫ذلـك اليـوم الـذي أفطـر فيـه باجلماع‪ ،‬وحيث إنه قـد مـات ومل يفعـل‪ ،‬فإمـا أن يتربع‬
‫ـات‬
‫ـن َم َ‬
‫«م ْ‬
‫أحـد بالصيـام عنـه‪ ،‬فيصـوم شـهرين متتابعين؛ لقـول النبـي ‪َ :H‬‬
‫ـه ِص َيا ٌم َصـا َم َعنْـ ُه َولِ ُّي ُه (‪.)3‬‬
‫وع َلي ِ‬
‫َ َ ْ‬
‫وال جيوز تقسيم الشهرين عىل أكثر من واحد‪ ،‬بل يشرتط أن يصومها شخص واحد‪،‬‬
‫حتى يصدق عىل أنه صام شهرين متتابعني‪.‬‬

‫أو تطعموا عنه عن كل يوم مسكين ًا‪.‬‬

‫((( رواه ابن ماجة (‪ ،)2043‬وصححه األلباين يف صحيح ابن ماجة‪.‬‬


‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)302 /10‬‬
‫((( رواه مسلم (‪.)1147‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫قال الشيخ ابن عثيمني ‪« :V‬إذا وجب عىل امليت صيام شهرين متتابعني‪ ،‬فإما أن‬
‫ينتدب له واحد من الورثة ويصومها‪ ،‬وإما أن يطعموا عن كل يوم مسكين ًا )‪.(1‬‬

‫وقال أيضا‪« :‬ثبت عن النبي ‪ H‬أن من مات وعليه صيام فرض رمضان‪،‬‬
‫أو نذر‪ ،‬أو كفارة‪ ،‬فإن وليه يصوم عنه يعني إذا شاء )‪.(2‬‬ ‫‪306‬‬

‫ِ‬
‫ات َو َع َليه َق َضا ُء َر َم َضان‪ ،‬وقد ُع ِ َ‬
‫وف َو َل َي ُصمه؛ فإِنه‬ ‫وقال الشيخ السعدي ‪« :V‬من َم َ‬
‫الشيخ ت َِق ُي الدِّ ين [ابن تيمية]‪:‬‬
‫وعندَ َّ‬ ‫ني‪ ،‬بعدَ ِد ما ِع ِل ِيه‪ِ ،‬‬ ‫ِ ِ‬
‫ب َأ ْن ُي ْط َع َم َعن ُه ك ُِّل َيو ٍم م ْسك ٌ َ َ‬‫ي ُ‬‫َِ‬
‫املأخ ِذ )‪.(3‬‬
‫جز َأ‪َ ،‬و ُه َو قوي َ‬
‫أيضا َأ َ‬ ‫يم َعنْ ُه ً‬ ‫إن ص َ‬
‫ْ ِ‬

‫وهذا اإلطعام واجب يف الرتكة‪ ،‬فإن تربع به أحد‪ ،‬وأخرجه من ماله؛ فال حرج يف‬
‫ذلك‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫والدي‪ ،‬ولو علام لغضبا ولقطعا عني‬ ‫ّ‬ ‫*سؤال‪ :‬اعتنقت اإلسالم مؤخر ًا دون علم‬
‫رس ًا‪ ،‬ويف اليوم الثالث‬
‫مصاريف الدراسة اجلامعية؛ لذا فقد حرصت عىل إبقاء األمر ّ‬
‫من رمضان اضطررت للذهاب إىل إحدى اللقاءات يف اجلامعة‪ ،‬وظهر يل بعد‬
‫عشاء صادف توقيته قبل أذان املغرب بساعة ونصف‪،‬‬ ‫ً‬ ‫أن وصلت أهنم قد أعدوا‬
‫والدي كانا ممن حرض‬
‫ّ‬ ‫وليست املشكلة يف امتناعي عن األكل معهم لكن املشكلة أن‬
‫هذا اللقاء دون أن أعلم بذلك مسبق ًا‪ .‬لقد فكرت يف األمر مل ّي ًا وخشيت أن يعلام‬
‫قصة إسالمي ال سيام وأهنام قد الحظا اهتاممي يف األيام األخرية باإلسالم وامتناعي‬
‫عن األكل معهم يف الثالثة األيام السابقة‪ ،‬وإذا ما الحظا أين لن آكل معهم يف هذه‬
‫الليلة فإهنام وال شك سيعلامن بأين قد اعتنقت اإلسالم‪ ،‬وإذا ما حدث ذلك فالعواقب‬
‫وخيمة‪ .‬هلذا قررت أن أفطر ذلك اليوم‪ ،‬لقد أفطرت واستغفرت اهلل وطلبت منه‬
‫الصفح واملعافاة‪.‬‬
‫عيل القضاء؟ أم أداء الكفارة؟‬
‫السؤال هو‪ :‬هل جيب َّ‬
‫((( الرشح املمتع (‪.)453/6‬‬
‫((( فتاوى نور عىل الدرب (‪.)20/199‬‬
‫((( إرشاد أوىل البصائر واأللباب (ص‪.)79/‬‬
‫مايصلا تادسفم‬

‫*جواب‪:‬‬

‫نسأل اهلل تعاىل أن ُيعظم لك األجر وأن ُيسبغ عليك نعمه ظاهرة وباطنه‪ ،‬وأن يرزقك‬
‫العلم النافع والعمل الصالح‪ ،‬وهنيئ ًا ِ‬
‫لك ما أنعم اهلل به عليك من نعمة اإلسالم‪ ،‬وهنيئ ًا‬
‫‪307‬‬ ‫لك ذلك احلب لإلسالم والقيام بشعائره عىل وجهها الذي رشعها اهلل عليه‪.‬‬
‫وما ِ‬
‫دمت ختشى عواقب وخيمة جراء إظهار إسالمك‪ ،‬فإنه ال جيب عليك إعالنه‬
‫وإظهاره أمام والديك‪ ،‬ويقبل اهلل تعاىل إسالم العبد حتى لو مل يظهره يف العلن عند‬
‫العجز عن ذلك؛ ما دام أنه قد دخل فيه بالشهادتني‪ ،‬وجيب عليه أن يأيت من شعائره‬
‫ما يستطيعه بعد ذلك‪ ،‬من غري أن يسبب لنفسه الفتنة التي قد متنعه من االستمرار عىل‬
‫هذا الدين‪ ،‬وهذا مؤمن آل فرعون قد ذكر اهلل تعاىل أنه كان ُيفي إيامنه عىل فرعون‬
‫‪،]28‬‬ ‫(ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ) [غافر‪:‬‬ ‫وملئه‪ ،‬قال تعاىل‪:‬‬
‫وبعض الصحابة ‪ M‬أسلم يف أول األمر زمن ضعف املسلمني يف مكة فرغب منهم‬
‫النبي ‪ H‬أن ُيفوا إسالمهم خشية الفتنة عليهم‪ ،‬ومن هؤالء الصحايب اجلليل‬
‫أبو ذر الغفاري ‪ ،I‬حيث قال له ‪َ « :H‬يا َأ َبا َذ ٍّر ا ْكت ُْم َه َذا األَ ْم َر َو ْار ِج ْع إِ َل‬
‫ورنَا َف َأ ْقبِ ْل (‪.)1‬‬ ‫َب َل ِد َك َفإِ َذا َب َلغ َ‬
‫َك ُظ ُه ُ‬
‫وحيث وقع منك اإلفطار يف ذلك اليوم بسبب ما ذكرته من وجود والديك‪ ،‬وخشية‬
‫من العواقب الوخيمة عىل عدم اإلفطار‪ ،‬فإنك بذلك تكون معذور ًا يف إفطارك‪ ،‬وجيب‬
‫عليك قضاء ذلك اليوم‪ ،‬متى متكنت من ذلك‪ ،‬وأمنت من حصول الرضر عليك‪ ،‬وال‬
‫يلزمك كفارة عن هذا اليوم‪.‬‬

‫نسأل اهلل أن يوفقك ملا فيه رضاه‪.‬‬

‫وللفائدة انظر جواب السؤال رقم (‪ .)165426‬واهلل أعلم‬


‫***‬

‫*سؤال‪ :‬هل اإلبر الصينية املستعملة للتخسيس‪ ،‬أو لزيادة الوزن تفطر الصائم؟‬

‫((( رواه البخاري (‪.)3328‬‬


‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*جواب‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬الوخز باإلبر‪ ،‬طريقة صينية قديمة لتخفيف األمل‪ ،‬وعالج جمموعة خمتلفة من‬
‫األمراض‪ ،‬بغرز إبر يف أجزاء متنوعة من اجلسم‪.‬‬
‫‪308‬‬
‫ويغرز األخصائيون الذين يسمون واخزي اإلبر إبر ًا ثاقبة يف موضع واحد‪ ،‬أو أي‬
‫شعورا‬
‫ً‬ ‫موضع من مئات املواضع املحددة عىل طول دوائر الطول‪ ،‬ويسبب غرز اإلبر‬
‫حا ًدا بالقرص‪ ،‬ولكن رسعان ما يزول هذا الشعور‪ ،‬ليعقبه وخز جلدي يسري عرض ًيا‪،‬‬
‫أو شعور بالتخدير‪ ،‬أو التثاقل‪ ،‬أو التَّأمل‪ ،‬وذلك عندما تبقى اإلبرة يف مكاهنا‪.‬‬

‫يستعمل وخز اإلبر لتخفيف األمل‪ ،‬وعالج احلاالت املختلفة التي تشمل التهاب‬
‫املفصل‪ ،‬والربو‪ ،‬والشقيقة (الصداع النصفي)‪ ،‬والقروح‪ ،‬وأمراض العيون‪ ،‬باإلضافة‬
‫إىل بعض األمراض العقلية‪ .‬وقد ظل الصينيون ومنذ أواخر اخلمسينيات من القرن‬
‫العرشين‪ ،‬يستخدمون هذا النهج التقليدي يف ختفيف األمل أثناء اجلراحة الرئيسية‪،‬‬
‫ويظل املريض يف وعيه‪ ،‬يشعر بأمل يسري‪ ،‬أو ال يشعر بأمل عىل اإلطالق(‪.)1‬‬

‫ثانيـ ًا‪ :‬قـال أبـو الوليـد ابـن رشـد ‪« :V‬وأمجعـوا على أنـه جيـب على الصائـم‬
‫اإلمسـاك زمـان الصـوم‪ ،‬عـن املطعـوم‪ ،‬واملشروب‪ ،‬واجلماع؛ لقوله تعـاىل‪ ( :‬ﭫ‬
‫ﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻ‬
‫‪.]187‬‬ ‫ﭼ ﭽ ﭾ) [البقرة‪:‬‬

‫واختلفوا من ذلك يف مسائل‪ :‬منها مسكوت عنها‪ ،‬ومنها منطوق هبا‪ ،‬أما املسكوت‬
‫عنها‪ :‬إحداها فيام يرد اجلوف مما ليس بمغذ‪ ،‬وفيام يرد اجلوف من غري منفذ الطعام‬
‫والرشاب‪ ،‬مثل احلقنة‪.‬‬

‫وسبب اختالفهم يف هذه‪ :‬هو قياس املغذي عىل غري املغذي‪ ،‬وذلك أن املنطوق به‬

‫((( ينظر‪ :‬املوسوعة العربية العاملية مادة‪( :‬الوخز باإلبر)‪.‬‬


‫مايصلا تادسفم‬

‫هو املغذي‪ ،‬فمن رأى أن املقصود بالصوم معنى معقول مل يلحق املغذي بغري املغذي‪،‬‬
‫ومن رأى أهنا عبادة غري معقولة‪ ،‬وأن املقصود منها إنام هو اإلمساك فقط عام يرد اجلوف؛‬
‫سوى بني املغذي وغري املغذي‪.(1)»..‬‬

‫‪309‬‬
‫ثالث ًا‪ :‬احلقن التي يقصد هبا العالج‪ ،‬وال يراد هبا الغذاء؛ ال تفطر الصائم‪ ،‬سواء‬
‫كانت عن طريق الوريد أو العضل‪ ،‬وأما التي يقصد هبا الغذاء فهي مفطرة‪ ،‬كام ذهب‬
‫إليه مجهور العلامء املعارصين(‪.)2‬‬

‫وقد سبق بيان ذلك يف جواب السؤال رقم (‪.)65632‬‬

‫رابع ًا‪ :‬اإلبر الصينية ليست من احلقن املغذية‪ ،‬وليست يف معنى الطعام أو الرشاب‪،‬‬
‫بل ال يتم عن طريقها إدخال يشء من املحاليل أو السوائل للجسم‪ ،‬كام هو احلال يف‬
‫احلقن العالجية املعتادة‪ ،‬وإنام هي عبارة عن وخز‪ ،‬واستثارة ألماكن معينة يف اجلسم‪،‬‬
‫دون أن يكون املقصود منها إدخال يشء من السوائل إليه‪ ،‬كام سبق نقله‪.‬‬

‫وبناء عىل ذلك‪ :‬فإهنا ال تؤثر يف الصيام‪ ،‬وال حرج يف استعامهلا للتداوي‪ ،‬متى ثبت‬
‫نفعها‪ ،‬وفائدهتا للمريض‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬والدي يعاين من قلق وتوتر واكتئاب‪ ،‬ويستعمل عالجا من ‪10‬سنوات‪ ،‬ومن‬
‫بداية رمضان هذه السنة يأتيه قلق بزيادة‪ ،‬وال ينام إال العارشة صباحا‪ ،‬ويستخدم‬
‫الشمة (وهي مادة توضع داخل الفم حتت الشفة السفلية)‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫من فرته طويلة مادة‬
‫ويستخدمها من ‪25‬سنة‪ ،‬واستخدمها يف رمضان هذه السنة‪ ،‬وكذلك العام الفائت‬
‫أثناء الصيام؛ ألنه عىل حد قوله‪ :‬ختفف عنه آالمه‪ ،‬ومن القلق الذي لديه‪ ،‬فامذا جيب‬
‫عليه حيال تلك األيام التي أفطر فيها (إذا كانت تعترب مفطرة)‪ ،‬وتقريبا كانت ‪13‬‬
‫يوم ًا هذه السنة‪ ،‬و‪ 5‬أيام من رمضان العام‪ ،‬وهل يطعم؟ يا ليت جتاوبني يف أرسع‬
‫وقت‪ ،‬ودعواتك يل ولوالدي بالشفاء‪.‬‬

‫*جواب‪:‬‬

‫((( بداية املجتهد (‪.)698/2‬‬


‫((( وينظر‪ :‬مفطرات الصيام املعارصة د‪ /‬أمحد اخلليل (ص‪.)65 :68‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫أوالً‪ :‬نسأل اهلل تعاىل أن يعافيك ووالدك‪ ،‬ومجيع املسلمني‪ ،‬إنه جواد كريم‪.‬‬
‫ثاني ًا‪ :‬الشمة هي تبغ غري حمروق‪ ،‬وقد خيلط به مواد أخرى‪ ،‬ويضعها بعض الناس يف‬
‫أفواههم‪ ،‬وحكمها ال خيتلف عن حكم الدخان (السجائر)‪.‬‬
‫قال الشيخ عبد اهلل بن جربين ‪« :V‬ال شك أن الدخان‪ ،‬والنارجيلة‪ ،‬والشمة‪،‬‬ ‫‪310‬‬
‫ونحوها حمرمة؛ ألهنا خبيثة كلها‪ ،‬وقد قال تعاىل‪( :‬ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ‬
‫ﮉ ﮊ) [األعراف‪]157 :‬؛ وألهنا مرضة بالصحة‪ ،‬وجالبة ألمراض خبيثة؛‬
‫تسبب املوت أو مقدماته‪ ،‬وقد قال تعاىل‪( :‬ﭹ ﭺ ﭻﭼ)[النساء‪ ،]29 :‬وقال‪:‬‬
‫(ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ) [البقرة‪]195 :‬؛ وألهنا إرساف‪ ،‬وإفساد للامل املحرتم يف غري‬
‫فائدة‪ ،‬واملبذرون كانوا إخوان الشياطني‪ ،‬وننصح من ابتىل بيشء منها بالتوبة‪ ،‬واإلقالع‬
‫فور ًا‪ ،‬والعزم عىل أن ال يعود‪ ،‬واالستعانة باهلل عىل تركها‪ ،‬والصرب أيام ًا قليلة حتى‬
‫يتخىل عنها‪ ،‬ويشفى من آالمها‪ ،‬واهلل الشايف (‪.)1‬‬

‫ثالث ًا‪ :‬الشمة مفسدة للصوم؛ ألهنا إذا ُ‬


‫وضعت يف الفم‪ ،‬فإهنا تتحلل‪ ،‬وتدخل منها‬
‫أجزاء إىل اجلوف مع الريق‪.‬‬
‫وقد سئل علامء اللجنة الدائمة‪« :‬ما حكم رشب مادة الشمة عامة‪ ،‬وما حكم من‬
‫يتعاطاها يف هنار رمضان خاصة‪ ،‬وهل هي تفطر الصائم يف هنار رمضان؟ مع العلم أن‬
‫بعض سكان هتامة قحطان يستخدم الشمة يف هنار رمضان‪ ،‬ويدعون أهنا ال تفطر‪.‬‬
‫فأجابوا‪ :‬الشمة مادة خبيثة؛ ألهنا مركبة من مواد خبيثة حمرمة‪ ،‬واستعامهلا من الصائم‬
‫مع ما فيه من اإلثم‪ ،‬يبطل صومه كسائر استعامل املواد املفطرة‪.‬‬
‫وباهلل التوفيق‪ ،‬وصىل اهلل عىل نبينا حممد وآله وصحبه وسلم»)‪.(2‬‬

‫الشيخ عبد العزيز بن عبد اهلل آل الشيخ‬


‫الشيخ عبد اهلل بن غديان‪ ...‬الشيخ صالح الفوزان‪.‬‬

‫فعىل هذا‪ :‬يلزم أباك أن يقيض ما أفطره من رمضان املايض‪ ،‬والذي قبله‪ ،‬بسبب الشمة‪.‬‬

‫((( فتاوى إسالمية (‪.)446/3‬‬


‫((( فتاوى اللجنة الدائمة املجموعة األوىل (‪.)142/22‬‬
‫مايصلا تادسفم‬

‫لكن إذا كان أبوك ال يعلم أن الشمة تفطر؛ فصيامه صحيح؛ ألن الصائم يعذر‬
‫باجلهل يف املفطرات‪.‬‬
‫وللفائدة ينظر جواب السؤال رقم‪.)93866( :‬‬

‫‪311‬‬ ‫وينبغي أن جتتهدي يف نصح والدك‪ ،‬حتى يقلع عن تلك املادة اخلبيثة‪ ،‬وتُعلميه بأهنا‬
‫ال تفيده يف عالج األرق والقلق‪ ،‬بل هي من أسباب األرق وكثرة القلق‪ ،‬نسأل اهلل أن‬
‫هيدي أباك ويتوب عليه‪.‬‬
‫وللفائدة ينظر يف عالج األرق والقلق‪ :‬جواب السؤال رقم‪ ،)106614( :‬وجواب‬
‫سؤال رقم‪ .)21515( :‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬الفتوى التي أريدها قد يوجد فيها نوع من الغرابة‪ ،‬لكن صاحبها حيتاج‬
‫لألمر الرشعي فيها‪ ،‬فنرجو منكم أال تبخلوا علينا هبا‪ ،‬ألهنا أمر واقعي‪ ،‬حتى ولو‬
‫مل تقتنعوا بواقعيتها‪ ،‬نرجو منكم اإلجابة عنها‪ ،‬وهي تتعلق بإفطار املكره‪ :‬يل زميل‬
‫منذ سنوات‪ ،‬وهو يعاين من سحر‪ ،‬مع أنه حافظ لكتاب اهلل‪ ،‬وهو يعاين يف شهر‬
‫رمضان‪ ،‬وبشكل إجباري يف غالب أيام شهر رمضان‪ ،‬من حماولة اجلني الذي هو‬
‫مكلف بالسحر من إجباره عىل اإلفطار عن طريق إخراجه للمني منه يف هنار رمضان‬
‫بطريقة أو بأخرى‪ ،‬مع جماهدته ملنع ذلك دون جدوى‪ ،‬وحيدث ذلك يف غالب أيام‬
‫الشهر‪ ،‬ولعدة سنوات‪ ،‬وهو يصوم بقية اليوم دون أن يفطر‪ ،‬وحتى إن حاول قضاء‬
‫هذه األيام‪ ،‬ال يستطيع بسبب أن السحر موجود ومل ينته؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫«إن كان حال هذا األخ كام وصفت؛ فحكمه حكم املكره عىل الفطر‪ ،‬ومذهب‬
‫والشب‪ ،‬إذا فعله املكره؛‬
‫الشافعية‪ ،‬واحلنابلة‪ :‬أن املكره عىل الفطر بالوطء‪ ،‬واألكل‪ّ ،‬‬
‫ال يفطر به‪ ،‬وال جيب عليه القضاء‪ ،‬إالّ يف اإلكراه عىل اإلفطار ّ‬
‫بالزنى عند الشافعية )‪.(1‬‬
‫وهذا القول هو األقرب؛ ملا رواه ابن عباس ‪ ،L‬عن النبي ‪ H‬أنه قال‪:‬‬

‫((( (املوسوعة الفقهية ‪.)58 /28‬‬


‫الصيام سؤال وجواب‬

‫«إن اهلل جتاوز عن أمتي اخلطأ‪ ،‬والنسيان‪ ،‬وما استكرهوا عليه (‪.)1‬‬
‫وألن اإلكراه ينعدم فيه االختيار‪ ،‬وهو أشد من النسيان‪ ،‬والنايس ال يفطر عىل القول‬
‫الراجح‪ ،‬واإلكراه عىل الفطر أخف من اإلكراه عىل التلفظ بالكفر‪ ،‬ومن تلفظ بالكفر‬
‫مكرها‪ ،‬ال يكفر‪.‬‬
‫‪312‬‬
‫قال الشيخ ابن عثيمني ‪ V‬تعاىل‪« :‬فمن أكره عىل يشء من املفطرات‪ ،‬ففعل؛ فال‬
‫إثم عليه‪ ،‬وصيامه صحيح؛ لقوله تعاىل‪( :‬ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ‬
‫ﯖ) [األحزاب‪]5 :‬؛ وألن اهلل رفع حكم الكفر عمن أكره عليه‪ ،‬فام دونه من باب أوىل؛‬
‫ولقوله ‪« :H‬رفع عن أمتي اخلطأ والنسيان وما استكرهوا عليه )‪.(2‬‬
‫نسـأل اهلل تعـاىل أن يشـفي صاحبـك ويعافيـه‪ ،‬وننصحـه باملداومـة على الرقيـة‪،‬‬
‫وكثـرة الدعـاء‪ ،‬والصدقـة‪ ،‬فـإن ذلـك مـن أسـباب الشـفاء ورفـع البلاء‪ ،‬وذكـره‬
‫بالصبر واحتسـاب األجـر‪ ،‬فـإن اهلل ‪ D‬يبتلي عبـده بما يشـاء؛ تكفيرا لسـيئاته‪،‬‬
‫ب‪،‬‬ ‫الم ْسـلِ َم ِم ْن ن ََص ٍ‬
‫ـب‪َ ،‬و َل َو َص ٍ‬ ‫يب ُ‬
‫ِ‬
‫«مـا ُيص ُ‬‫أو رفعـا لدرجاتـه‪ ،‬وقد قال ‪َ :H‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ـن‬ ‫ـوكَة ُي َشـاك َُها‪ ،‬إِ َّل َك َّف َـر ُ‬
‫اهلل ِ َبـا م ْ‬ ‫ـم‪َ ،‬و َل ُحـز ٍْن‪َ ،‬و َل َأ ًذى‪َ ،‬و َل غ ٍّ‬
‫َـم‪َ ،‬حتَّـى َّ‬
‫الش ْ‬ ‫َو َل َه ّ‬
‫َخ َطا َيـا ُه )‪ .(3‬واهلل تعـاىل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬يف أحد الدول األوروبية‪ ،‬تعرضت يف شهر رمضان‪ ،‬إلثارة جنسية قوية عن‬
‫طريق التفكر؛ مما أدى خلروج املني‪ ،‬واعتقاد ًا مني أن صيامي قد فسد‪َّ ،‬‬
‫سولت يل‬
‫عيل القضاء‪ ،‬أم الكفارة؟ وجزاكم اهلل خري ًا‪.‬‬
‫نفيس فقمت باالستمناء‪ ،‬فهل َّ‬
‫*جواب‪:‬‬
‫حرم اهلل تعاىل عليه‪،‬‬
‫جيب عىل املسلم أن حيفظ سمعه وبرصه وجوارحه من الوقوع فيام َّ‬
‫هيذب النفوس‪ ،‬ويكون وقاية لصاحبه من الوقوع يف الشهوات‪.‬‬ ‫واألصل أن الصيام ِّ‬

‫((( أخرجه ابن ماجه (‪ ،)2045‬وصححه األلباين يف ختريج املشكاة (‪.)6248‬‬


‫((( جمموع فتاوى الشيخ ابن عثيمني (‪.)207 /19‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)5642‬ومسلم (‪.)2573‬‬
‫مايصلا تادسفم‬

‫وقد اختلف العلامء يف إبطال الصوم بإنزال املني بالتفكر‪ ،‬فأبطله املالكية‪ ،‬ومل يبطله‬
‫مجهور العلامء‪ ،‬والظاهر أهنم مل يبطلوا به الصيام؛ ألنه ال إرادة للعبد فيه‪ ،‬فهو يشء يأيت‬
‫عىل اخلاطر‪ ،‬وال يمكن دفعه‪ ،‬أما مع تعمد التفكر‪ ،‬واالسرتسال به بقصد اإلنزال؛ فال‬
‫ٍ‬
‫‪-‬حينئذ‪ -‬بينه وبني تعمد النظر من أجل اإلنزال‪ ،‬واجلمهور يرون إبطال الصيام‬ ‫فرق‬
‫‪313‬‬
‫بتعمد النظر حتى اإلنزال‪.‬‬

‫جاء يف املوسوعة الفقهية‪« :‬ذهب احلنفية‪ ،‬والشافعية إىل‪ :‬أن إنزال املني‪ ،‬أو املذي‬
‫عن نظر وفِكر؛ ال يبطل الصيام‪ ،‬ومقابل األصح عند الشافعية أنه‪ :‬إذا اعتاد اإلنزال‬
‫بالنظر‪ ،‬أو كرر النظر فأنزل؛ يفسد الصيام‪.‬‬

‫وذهب املالكية‪ ،‬واحلنابلة إىل‪َّ :‬‬


‫أن إنزال املني بالنظر املستديم؛ يفسد الصوم؛ ألنه‬
‫إنزال بفعل يتلذذ به‪ ،‬ويمكن التحرز منه‪.‬‬

‫وأما اإلنزال عن فكر‪ :‬فيفسد الصوم عند املالكية‪ ،‬وعند احلنابلة ال يفسده؛ ألنه ال‬
‫يمكنه التحرز عنه»(‪.)1‬‬

‫وانظر جواب السؤال رقم (‪.)22750‬‬

‫وإذا فسد الصوم فالواجب عليك قضاء ذلك اليوم‪ ،‬وال يلزمك كفارة؛ ألن الكفارة‬
‫ال جتب إال عىل من أفسد صيامه باجلامع‪.‬‬

‫وانظر جواب السؤال رقم‪ ،)38074( :‬و(‪.)71213‬‬

‫فالواجب عليك فعله‪:‬‬

‫‪ .1‬التوبة من معصية فعل العادة الرسية‪ ،‬وانظر يف حتريمها‪ ،‬جواب السؤال رقم (‪.)329‬‬

‫‪ .2‬قضاء ذلك اليوم‪ .‬واهلل أعلم‬


‫***‬

‫((( املوسوعة الفقهية (‪.)267 /26‬‬


‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*سؤال‪ :‬هل املاء الذي خيرج من اجلرح قيح يبطل الصوم؟‪ ،‬وماذا لو كانت كمية الدم‬
‫اخلارجة من اجلرح يسرية؟‪ ،‬فهل تفسد الصوم أيضا؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫‪314‬‬
‫ال يرض الصائم خروج الدم من جروحه‪ ،‬وال يفطر بذلك‪ ،‬ولكن وقع اخلالف يف‬
‫احلجامة خاصة‪ ،‬والراجح أهنا تفطر؛ لورود النص بذلك‪ ،‬وهو قوله ‪« H‬أفطر‬
‫احلاجم واملحجوم (‪.)1‬‬

‫وقد سئل الشيخ ابن باز ‪ :V‬عام إذا كان اإلنسان صائ ًام‪ ،‬ونزل منه دم‪ ،‬فهل عليه‬
‫أن يفطر‪ ،‬أو يتم صيامه؟‬

‫فأجاب‪« :‬ال يرضه نزول الدم‪ ،‬إال احلجامة إذا احتجم‪ ،‬فالصحيح أنه يفطر باحلجامة‪،‬‬
‫وفيها خالف بني أهل العلم‪ ،‬لكن الصحيح أنه يفطر؛ لقول النبي ‪« :H‬أفطر‬
‫احلاجم واملحجوم ‪ ،‬أما إذا رعف‪ ،‬أو أصابه جرح يف رجله أو يده وهو صائم؛ فإنه‬
‫صومه صحيح‪ ،‬ال يرضه ذلك»(‪.)2‬‬

‫وبعض العلامء يفرق يف خروج الدم عامة‪ ،‬بني اخلارج بفعل الشخص‪ ،‬واختياره‪،‬‬
‫وكان كثريا‪ ،‬كالتربع بكمية من الدم مثال؛ فإنه يفطر؛ قياسا عىل احلجامة‪ ،‬وبني اخلارج‬
‫قهرا كاجلروح‪ ،‬ونحوها؛ فإنه ال يفطر‪ ،‬ولو كثر‪.‬‬

‫وقد سبق بيان هذا يف جواب السؤال رقم (‪.)37918‬‬

‫وأما خروج القيح ونحوه من اجلرح‪ :‬فإنه ال يرض الصائم‪ ،‬جاء يف «الضياء الالمع‬
‫من اخلطب اجلوامع» للشيخ العثيمني ‪:V‬‬

‫«وال يفطر بشق اجلرح؛ إلخراج القيح منه‪ ،‬ولو خرج منه دم»(‪ .)3‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫((( رواه أبو داوود (‪ ،)2367‬وابن ماجه (‪ ،)1679‬وصححه األلباين يف صحيح أيب داوود (‪.)2074‬‬
‫((( موقع الشيخ ‪ V‬عىل هذا الرابط‪.http://binbaz.org.sa/Hat/18726 :‬‬
‫((( الضياء الالمع من اخلطب اجلوامع(‪.)465 /5‬‬
‫مايصلا تادسفم‬

‫*سؤال‪ :‬يف رمضان املايض ‪2011‬م ض ُعف زوجي‪ ،‬ومل يستطع التحكم بنفسه‪ ،‬فوقع‬
‫عيل وجامعني‪ ،‬ونحن صيام‪ ،‬ثم بعد انقضاء ذلك الشهر‪ ،‬قضينا اليوم الذي أفطرناه‪،‬‬ ‫َّ‬
‫وتبنا إىل اهلل‪ ،‬لكننا مل نكن نعلم شيئ ًا عام ُيسمى بالكفارة‪ ،‬ثم يف هذا العام من جديد‬
‫ض ُعف زوجي‪ ،‬ولكنه قذف قبل أن جيامعني‪ ،‬لقد هنيته عن أن يعاود هذا الفعل‪،‬‬
‫‪315‬‬ ‫لكن األمر بحاجة إىل ُدربة‪ ،‬لقد قرأت الكثري عن األحكام املتعلقة بوضعنا هذا‪،‬‬
‫وخلصت إىل أن هناك كفارة جيب أن تصاحب القضاء‪ ،‬وهذه الكفارة إما إطعام‬
‫ستني مسكين ًا‪ ،‬أو صيام شهرين متتابعني‪.‬‬
‫وأسئلتي هي‪:‬‬
‫‪ -‬فأي األمرين ينطبق علينا؟‪ ،‬هل جيب أن نصوم بعد أن ينقيض رمضان هذا‬
‫العام؟‪ ،‬أم ندفع الكفارة نقود ًا إىل إحدى املؤسسات اخلريية يف بريطانيا‪ ،‬وهم‬
‫من سيقومون بتوزيعها؟‪ ،‬أم نرسل املبلغ إىل الوطن حيث يكثر الفقراء هناك؟‬
‫‪ -‬وهل علينا كفارة بسبب ما وقع العام املايض؟‪ ،‬أم إن زوجي هو وحده من يتحمل الكفارة؟؛‬
‫ألن اخلطأ كان خطأه هو يف املقام األول‪ ،‬أما أنا فلم أشعر بنفيس يف تلك اللحظة‪.‬‬
‫مالحظة‪ :‬بعد أن وقعنا فيام وقعنا فيه هذا العام‪ ،‬أتتني الدورة الشهرية بعد فعلتنا‬
‫تلك بساعات‪ ،‬لقد جاءت يف موعدها املحدد‪ ،‬لكنني مع ذلك تسحرت اليوم‬
‫التايل‪ ،‬وصمت حتى وقت الظهر‪.‬‬
‫عيل كفارة اجلامع يف هذه احلالة؟‪ ،‬أم إنني كنت قد رصت من أهل‬
‫‪ -‬فهل جتب َّ‬
‫عيل يشء من‬
‫العذ‪ ،‬وبالتايل ال جتب الكفارة إال عىل زوجي فقط‪ ،‬وإذا كان جيب َّ‬
‫الكفارة‪ ،‬فهل يدفعها زوجي بالنيابة عني؟‬
‫أرجو تزويدنا بنصائح من شأهنا أن تساعدنا يف عدم الوقوع يف هذا األمر جمدد ًا‪،‬‬
‫وهل ما فعلناه كبرية من الكبائر‪ ،‬أم ال؟‪ ،‬وكيف تكون التوبة؟‬
‫‪ -‬سؤال أخري‪ :‬لو صمنا من بداية شهر أكتوبر‪ ،‬لكي نصوم ستني يوما كام نوينا‬
‫ذلك‪ ،‬ولكن عيد األضحى سيكون يف هناية أكتوبر‪ ،‬فهل يصح استكامل الصيام‬
‫بعد العيد حيث ال صيام فيه؟‪ ،‬هل لك من فضلك أن ختربين حتي ال نعيد صيام‬
‫عرشين‪ ،‬أو أربع وعرشين يوما‪ ،‬ونبدأ يف صيام الستني يوما من جديد بعد عيد‬
‫األضحى الواقع يف اخلامس والعرشين من أكتوبر‪.‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*جواب‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬ينبغي أن ُيعلم أن اجلامع يف هنار رمضان للصائم املقيم ذنب عظيم‪ ،‬الواجب‬
‫التوبة منه‪ ،‬بكثرة االستغفار‪ ،‬والندم‪ ،‬واإلقرار بالذنب‪ ،‬والتحرس عىل فعله‪ ،‬مع كثرة‬
‫الطاعات‪ ،‬والعزم عىل عدم املعاودة إىل ذلك‪ ،‬ثم إنه يرتتب عليه مخسة أشياء‪:‬‬ ‫‪316‬‬

‫‪ .2‬فساد الصوم‪.‬‬ ‫ ‬
‫‪ .1‬اإلثم‪.‬‬
‫‪ .4‬وجوب قضاء اليوم الذي أفطره‪.‬‬ ‫ ‬
‫‪ .3‬لزوم اإلمساك‪.‬‬
‫‪ .5‬وجوب الكفارة‪.‬‬

‫والكفارة هنا ك ّفارة مغ ّلظة‪ ،‬وهي عتق رقبة‪ ،‬فإن مل جيد فصيام شهرين متتابعني‪ ،‬فإن‬
‫مل يستطع فإطعام ستني مسكين ًا‪.‬‬

‫وال فرق بني أن ُينزل‪ ،‬أو ال ُينزل‪ ،‬ما دام اجلامع قد حصل‪.‬‬

‫بخالف ما لو حدث إنزال بدون مجاع؛ فليس فيه كفارة‪ ،‬وإنام فيه اإلثم‪ ،‬ولزوم‬
‫اإلمساك‪ ،‬والقضاء‪.‬‬

‫وينظر جواب السؤال رقم‪ ،)22938( :‬و(‪.)148163‬‬

‫فما ورد يف السـؤال‪ :‬لكنـه قـذف قبـل أن جيامعنـي‪ ،‬إن كان قـد حصـل منـه إيالج‬
‫لذكـره يف فـرج امرأتـه‪ ،‬ولـو بعـد أن أنـزل يف اخلـارج؛ وجبـت فيـه الكفـارة املغلطـة‬
‫أيضـا؛ حلصـول اجلامع‪.‬‬

‫وب ال َك َّف َار ِة‪َ ،‬ع َل َم ْن َجا َم َع‬ ‫َف بي ال ُف َقه ِ‬


‫اء ِف ُو ُج ِ‬ ‫َ‬ ‫جاء يف املوسوعة الفقهية‪« :‬الَ ِخال َ َ ْ َ‬
‫ان َع ِامدً ا بِ َغ ْ ِي ُع ْذ ٍر‪َ ،‬أن َْزل َأ ْم َل ْ ُين ِْزل»(‪.)1‬‬ ‫ِف ال َف ْر ِج ِف َن ِ‬
‫ار َر َم َض َ‬‫َ‬
‫وحينئذ‪ ،‬فعىل الزوج كفارة عن كل يوم حصل فيه اجلامع؛ فإن كان قد حصل مجاع‬
‫يف املرة الثانية‪ :‬فعليه كفارتان‪ ،‬وينظر جواب السؤال رقم (‪.)12329‬‬

‫((( املوسوعة الفقهية (‪.)55 /35‬‬


‫مايصلا تادسفم‬

‫فإن كانت جمرد مالعبة‪ ،‬أو هم باجلامع‪ ،‬فلام أنزل‪ ،‬أكسل‪ ،‬ومل يستطع اإليالج يف‬
‫الفرج؛ فال شك أنه آثم بذلك‪ ،‬متعد حلدود اهلل‪ ،‬تلزمه التوبة‪ ،‬هو وزوجته إن كانت‬
‫مطاوعة له‪ ،‬ويلزمهام قضاء اليوم الذي أفطراه فقط‪.‬‬

‫‪317‬‬ ‫ثاني ًا‪ :‬من علم أن اجلامع يف هنار رمضان حرام‪ ،‬ولكنه ال يعرف أن فيه الكفارة‪،‬‬
‫فإن عليه الكفارة؛ ألن اجلهل بالعقوبة ال يعذر به العبد‪ .‬راجعي جواب السؤال رقم‪:‬‬
‫(‪.)21806‬‬

‫ثالث ًا‪ :‬كفارة اجلامع يف هنار رمضان واحدة من خصال ثالث‪ ،‬عىل الرتتيب‪ ،‬وليست‬
‫عىل التخيري‪ ،‬بمعنى‪ :‬أنه ال جيوز أن ينتقل إىل واحدة حتى يعجز عن التي قبلها‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫عتق رقبة‪ ،‬فإن مل جيد فصيام شهرين متتابعني‪ ،‬فإن مل يستطع فإطعام ستني مسكينا؛ فال‬
‫جيوز له أن يصوم شهرين إذا وجد رقبة يعتقها‪ ،‬وال جيوز له أن يطعم ستني مسكينا‪ ،‬إال‬
‫إذا عجز عن األوليني‪ :‬العتق والصيام‪.‬‬

‫قال علامء اللجنة الدائمة‪« :‬كفارة اجلامع يف هنار رمضان مرتبة عىل ما سبق‪ ،‬فال ينتقل‬
‫إىل الصيام مثال‪ ،‬إال بعد أن يعجز عن الرقبة‪ ،‬وال ينتقل إىل اإلطعام‪ ،‬إال بعد أن يعجز‬
‫عن الصيام‪ ،‬فإن انتقل إىل اإلطعام بسبب عجزه عن الرقبة والصيام؛ جاز له أن يفطر‬
‫ستني صائام من الفقراء واملساكني‪ ،‬بام يشبعهم من قوت البلد مرة عنه‪ ،‬ومرة ثانية عن‬
‫زوجته‪ ،‬أو يدفع إىل الستني من املساكني ستني صاعا عنه وعن زوجته‪ ،‬لكل واحد صاع‬
‫مقداره ثالثة كيلو تقريبا»)‪.(1‬‬

‫وينظر جواب السؤال رقم‪ ،)93109( :‬و(‪.)106533‬‬

‫فإذا كان املجامع من أهل اإلطعام؛ فال حرج عليه أن يوكل إحدى املؤسسات‬
‫اخلريية املوثوق هبا‪ ،‬أن تطعم عنه‪ ،‬أو توزع عنه الطعام عىل املساكني‪.‬‬

‫كام يمكنك توكيل الزوج ليقوم بالكفارة عنك‪.‬‬

‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)245 /9‬‬


‫الصيام سؤال وجواب‬

‫وال حرج يف إرسال الكفارة إىل بلدكام األصيل‪ ،‬إذا كانت احلاجة إليها أشد لكثرة‬
‫الفقراء فيه؛ للمصلحة الراجحة‪.‬‬

‫الو ِص َّي ِة ِف األَ َص ِّح»)‪.(1‬‬ ‫ِ‬


‫وز َن ْق ُل الن َّْذ ِر َوال َك َّف َارة َو َ‬
‫ي ُ‬‫«و َ ُ‬
‫قال ابن مفلح ‪َ :V‬‬
‫‪318‬‬
‫وال مانع أيضا أن يتحمل زوجك الكفارة عنك‪ ،‬إذا رضيت أنت بذلك‪.‬‬

‫رابع ًا‪ :‬من جامعها زوجها يف هنار رمضان‪ ،‬فال ختلو من حالني‪:‬‬

‫احلال األوىل‪ :‬أن تكون املرأة حال اجلامع معذورة بإكراه‪ ،‬أو نسيان‪ ،‬أو جهل بتحريم‬
‫اجلامع يف هنار رمضان‪ ،‬ففي هذه احلال صومها صحيح‪ ،‬وال يلزمها القضاء وال الكفارة‪.‬‬

‫احلال الثانية‪ :‬أن تكون غري معذورة‪ ،‬بل مطاوعة لزوجها يف اجلامع‪ ،‬ففي وجوب‬
‫الكفارة عليها يف هذه احلال خالف بني العلامء‪ ،‬والراجح وجوب الكفارة عليها يف ذلك‬
‫كام جتب عىل زوجها‪.‬‬

‫وينظر‪ :‬جواب السؤال رقم‪.)106532( :‬‬

‫خامس ًا‪ :‬إذا وجب عىل املرأة صيام شهرين متتابعني‪ ،‬فرشعت يف الصوم‪ ،‬ثم جاءها‬
‫احليض‪ ،‬فإنه ال ينقطع تتابع صومها‪ ،‬فتفطر‪ ،‬ثم تقيض أيام احليض‪ ،‬ثم تكمل الشهرين‪،‬‬
‫وكذا لو صامت فصادفها العيد؛ فإهنا تفطر يوم العيد‪ ،‬وتكمل بعده مبارشة‪ ،‬وال يقطع‬
‫إفطار يوم العيد التتابع املأمور به يف صيام الكفارة‪ .‬راجعي جواب السؤال رقم‪:‬‬
‫(‪ ،)82394‬و(‪.)124817‬‬

‫سادس ًا‪ :‬إذا أفطرت املرأة بجامع أو غريه‪ ،‬ثم حاضت بعد إفطارها بساعات‪،‬‬
‫مل ُي ْس ِقط عذر احليض القضاء وال الكفارة؛ ألهنا تلبست بالذنب قبل حصول العذر‪،‬‬
‫يعني وقعت يف املحظور بدون عذر؛ فال تأثري للعذر حينئذ يف احلكم‪ ،‬كام أنه ال يرفع‬
‫اإلثم‪ .‬واهلل تعاىل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫((( الفروع (‪.)265 /4‬‬


‫مايصلا تادسفم‬

‫*سؤال‪ :‬أنا فتاة حديثة العهد بالزواج‪ ،‬بحثت يف موقع اإلسالم سؤال وجواب‪،‬‬
‫فوجدت أن اإليالج دون نزول املني؛ ال يفسد الصوم‪ ،‬ولكن احلذر واحليطة واجبة‬
‫أثناء املداعبة يف رمضان‪ ،‬ووجدت أيضا اختالفا يف آراء العلامء عن نزول املني دون‬

‫‪319‬‬ ‫فتم اإليالج‬


‫مجاع يف رمضان‪ ،‬حصلت مداعبة بيني وبني زوجي يف هنار رمضان‪ّ ،‬‬
‫مع مراعاة عدم نزول املني من زوجي‪ ،‬وبعد انتهاء اجلامع‪ ،‬قال زوجي‪ :‬إنه يشك يف‬
‫مذي‪،‬‬
‫يشء قليل جدا خرج منه بعد اجلامع بفرتة بسيطة جدا‪ ،‬وال يعرف أهو مني أم ّ‬
‫فطلبت منه أن يضبط نفسه عن خروج أي ٍ‬
‫مزيد ففعل ذلك‪ ،‬فام حكم ذلك؟‪ ،‬وهل‬
‫يلزم القضاء والكفارة؟‪ ،‬علام بأن الزوج مل يكن يعرف هبذا النوع من الكفارة أبدا‪،‬‬
‫وأنه أمسك زمام أمره‪ ،‬فلم خيرج يشء حال تنبيهي إياه مبارشة‪ ،‬فكمية السائل قليلة‬
‫جدا‪ ،‬ويقول إنه ال يعرف أهي مذي‪ ،‬أم مني لق ّلتها‪.‬‬

‫*جواب‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬قول السائلة إهنا بحثت يف املوقع‪ ،‬فوجدت أن اإليالج دون نزول املني ال‬
‫يفسد الصوم‪ ،‬قول غري صحيح‪ ،‬وليس يف موقعنا مثل هذا الكالم‪ ،‬بل املوجود خالفه؛‬
‫ألن اإليالج مجاع‪ ،‬وهو مفسد للصوم موجب للكفارة باإلمجاع‪.‬‬

‫جاء يف جواب السؤال رقم‪ )148163( :‬من موقعنا‪ :‬من جامع يف هنار رمضان‪،‬‬
‫وهو صائم‪ ،‬مقيم؛ فعليه ك ّفارة مغ ّلظة‪ ،‬وهي عتق رقبة‪ ،‬فإن مل جيد فصيام شهرين‬
‫متتابعني‪ ،‬فإن مل يستطع فإطعام ستني مسكين ًا‪ ،‬ويلزمه التوبة‪ ،‬وقضاء اليوم‪.‬‬

‫واملرأة مثله إذا كانت راضية‪ ،‬وال فرق بني أن ُينزل أو ال ينزل‪ ،‬فحيث حصل اجلامع‬
‫‪-‬أي‪ :‬اإليالج‪-‬؛ وجبت الكفارة‪.‬‬

‫وب ال َك َّف َار ِة‪َ ،‬ع َل َم ْن‬ ‫َف بي ال ُف َقه ِ‬


‫اء ِف ُو ُج ِ‬ ‫َ‬ ‫وجاء يف املوسوعة الفقهية‪« :‬الَ ِخال َ َ ْ َ‬
‫ان َع ِامدً ا بِ َغ ْ ِي ُع ْذ ٍر‪َ ،‬أن َْزل َأ ْم َل ْ ُين ِْزل»(‪.)1‬‬ ‫َجا َم َع ِف ال َف ْر ِج ِف َن ِ‬
‫ار َر َم َض َ‬‫َ‬
‫((( املوسوعة الفقهية (‪.)55 /35‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫ولعل السائلة قرأت الكالم عن أن املبارشة‪ ،‬أو املداعبة‪ ،‬بدون إنزال ال تفسد الصوم؛‬
‫فظنت أن املراد من ذلك اجلامع‪ ،‬وهو ظن خطأ كام ذكرنا‪ ،‬فاملقصود باملبارشة أو املالعبة‪:‬‬
‫االستمتاع بالزوجة‪ ،‬من غري إيالج يف الفرج‪ .‬يراجع جواب السؤال رقم‪.)95383( :‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬نزول املني ولو بدون مجاع؛ مبطل للصوم عىل الصحيح‪ ،‬وعليه مجاهري أهل‬ ‫‪320‬‬

‫وحكي إمجاعا‪ ،‬قال النووي ‪:V‬‬


‫العلم‪ُ ،‬‬

‫ش َة ا ْم َر َأ ٍة بِ َي ِد ِه‪َ ،‬أ ْو َغ ْ ِي َها‪َ ،‬فإِ ْن َأن َْز َل‬ ‫ِِ‬ ‫اش فِ َيم ُد َ‬
‫ون ال َف ْر ِج بِ َذكَره‪َ ،‬أ ْو َل َس َب َ َ‬ ‫«إ َذا َق َّب َل َأ ْو َب َ َ‬
‫اع َع َل ُب ْط َل ِن َص ْو ِم‬ ‫الح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ج َ‬ ‫اوي‪َ ،‬و َغ ْ ُي ُه‪ِ :‬‬
‫اإل ْ َ‬ ‫ب َ‬ ‫المن َّي؛ َب َط َل َص ْو ُم ُه‪َ ،‬وإِ َّل َف َل‪َ ،‬و َن َق َل َصاح ُ‬ ‫َ‬
‫ون ال َف ْر ِج؛ َف َأن َْز َل»)‪.(1‬‬
‫اش ُد َ‬ ‫َم ْن َق َّب َل َأ ْو َب َ َ‬
‫ون‪ :‬إِ َّن َم ْن َق َّب َل َف َأ ْمنَى؛ َف َقدْ َأ ْف َط َر»)‪.(2‬‬
‫وقال ابن رشد ‪ُ « :V‬ك ُّل ُه ْم َي ُقو ُل َ‬
‫وقال ابن قدامة ‪« :V‬إ َذا َقب َل َف َأمنَى؛ ي ْفطِر بِ َغ ِي ِخ َل ٍ‬
‫ف َن ْع َل ُم ُه»(‪.)3‬‬ ‫ْ ُ َ ْ‬ ‫َّ‬

‫ثالث ًا‪ :‬ينبغي أخذ احليطة واحلذر أثناء املداعبة يف هنار رمضان‪ ،‬ومن خيش أن تغلبه‬
‫نفسه؛ فعليه بالكف عن ذلك؛ استرباء لدينه وعرضه‪.‬‬

‫لص ِائ ِم‪ ،‬إِ َّل َو ُه َو َي ْش َ ِت ُط‬ ‫ِ ِ‬


‫ص ِف ال ُق ْب َلة ل َّ‬ ‫«ل َأ ْع َل ُم َأ َحدً ا َر َّخ َ‬ ‫قال ابن عبد الرب ‪َ :V‬‬
‫ب َع َل ْي ِه‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الس ََّل َم َة مَّا َيت ََو َّلدُ من َْها‪َ ،‬و َأ َّن َم ْن َي ْع َل ُم َأ َّن ُه َيت ََو َّلدُ َع َل ْيه من َْها َما ُي ْفسدُ َص ْو َم ُه؛ َو َج َ‬
‫َابا»(‪ .)4‬يراجع جواب السؤال رقم‪.)107335( :‬‬ ‫ِ‬
‫اجتن ُ َ‬ ‫ْ‬

‫رابع ًا‪ :‬من جامع يف هنار رمضان جاهال بالتحريم‪ ،‬فقد اختلف أهل العلم يف ذلك‪،‬‬
‫ومذهب احلنابلة ‪-‬وهو اختيار اللجنة الدائمة لإلفتاء‪-‬؛ أنه يلزمه القضاء‪ ،‬والكفارة‪.‬‬

‫والقول الراجح‪ :‬أن من جهل أن ذلك الفعل حمرم معذور؛ وال يشء عليه‪.‬‬

‫((( املجموع رشح املهذب (‪.)322 /6‬‬


‫((( بداية املجتهد (‪.)52 /2‬‬
‫((( املغني (‪.)127 /3‬‬
‫((( االستذكار (‪.)296 /3‬‬
‫مايصلا تادسفم‬

‫قال يف حاشية الروض‪ ...« :‬وقال ابن عبد الرب‪ :‬الصحيح يف األكل‪ ،‬والوطء‪ ،‬إذا‬
‫ُغلب عليهام؛ ال يفطرانه‪ ،‬وكذا قال غري واحد من أهل العلم‪ :‬اجلامع كاألكل‪ ،‬فيام مر‬
‫فيه‪ ،‬من الشك‪ ،‬واإلكراه‪ ،‬واجلهل»)‪.(1‬‬

‫‪321‬‬
‫لكـن ينبغـي أن ينتبـه هنـا إىل الفـرق بين مـن كان جاهال باحلـك؛ فهذا هـو الذي‬
‫يعـذر‪ ،‬على خلاف فيه كما سـبق‪ ،‬وبني من علـم احلكـم‪ ،‬لكن جهـل العقوبـة‪ ،‬فمن‬
‫علـم أن اجلماع يف هنـار رمضان حمـرم‪ ،‬لكنه مل يكـن يعلم أن فيـه كفارة؛ فهـذا ال يعذر‬
‫بجهلـه‪ ،‬وتلزمـه الكفارة‪.‬‬
‫سئل الشيخ ابن عثيمني ‪ :V‬رجل جامع امرأته يف هنار رمضان‪ ،‬ومل ينزل‪ ،‬وهو‬
‫جيهل هذا احلكم وعقوبته‪ ،‬ويعلم أن اجلامع باإلنزال حرام‪ ،‬فام احلكم؟‬
‫فأجاب‪« :‬القول الراجح أن من فعل ُمف ِّطر ًا من املفطرات‪ ،‬أو حمظور ًا من املحظورات‬
‫يف اإلحرام‪ ،‬أو مفسد ًا من املفسدات يف الصالة‪ ،‬وهو جاهل؛ فإنه ال يشء عليه‪ ،‬فهذا‬
‫الرجل الذي أتى أهله يف هنار رمضان‪ ،‬إذا كان جاه ً‬
‫ال باحلكم‪ ،‬يظن أن اجلامع املحرم‬
‫هو ما كان فيه إنزال؛ فإنه ال يشء عليه‪.‬‬
‫أما إذا كان يدري أن اجلامع حرام‪ ،‬ولكنه مل يعرف أن فيه الكفارة‪ ،‬فإن عليه الكفارة؛‬
‫ألن هناك فرق ًا بني اجلهل باحلكم‪ ،‬وبني اجلهل بالعقوبة‪ ،‬فاجلهل بالعقوبة‪ :‬ال ُيعذر به‬
‫اإلنسان‪ ،‬واجلهل باحلكم يعذر به اإلنسان»)‪.(2‬‬
‫وينظر جواب السؤال رقم‪ ،)107335( :‬و(‪ ،)20237‬و(‪ .)22938‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬
‫ً‬
‫خطأ عظي ًام‪ ،‬فقد قمت بتقليد املؤذن قبل صالة‬ ‫*سؤال‪ :‬ارتكبت يف رمضان املايض‬
‫املغرب يف البيت‪ ،‬فأ ّذنت؛ فأفطرت ّأمي وخايل ظن ًا منهام أن ذلك صوت األذان‬
‫احلقيقي‪ ،‬ثم توقفا بعد أن أعلمتهام بحقيقة األم‪ ،‬لقد ندمت كثري ًا عىل ما فعلت‪.‬‬
‫وأريد اآلن معرفة‪ :‬ما هو الواجب عيل؟ هل أصوم ستني يوم ًا عن كل واحد منهام؟‬
‫وهل جيوز يل تأجيل صيام إحدى هاتني الستني إىل ما بعد رمضان القادم؟‬

‫((( حاشية الروض (‪.)411 /3‬‬


‫((( اللقاء الشهري (‪ - )7 /1‬برتقيم الشاملة‪.‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*جواب‪:‬‬
‫مل تصب فيام قمت به من تقليد صوت املؤذن‪ ،‬يف وقت يرتبص فيه الناس األذان؛‬
‫ليفطروا‪ ،‬وكان عليك أن تقدر حساسية الوقت بالنسبة للصائمني‪.‬‬
‫فـإن كنـت فعلت هـذا عن غري قصـد العبث بشـعرية األذان‪ ،‬أو الصـوم‪ ،‬ومن غري‬ ‫‪322‬‬
‫قصـد التغريـر بالصائمين؛ فال يشء عليـك‪ ،‬لكن عليـك أن تتعلم من ذلـك الدرس‪،‬‬
‫كيـف تقـدر احلـال املالئمة لترصفاتـك‪ ،‬وأن للجـد وقتا‪ ،‬ال يناسـبه أن تضع فيه شـيئا‬
‫من العبـث‪ ،‬أو اللعب‪.‬‬
‫وإن كنت فعلته تغريرا هبم؛ ليفطروا؛ فعليك التوبة واالستغفار مما فعلت‪ ،‬والندم‬
‫عىل ما وقع منك‪ ،‬وال يلزمك كفارة‪ ،‬ال صيام شهرين متتابعني‪ ،‬وال غري ذلك‪.‬‬
‫أما بالنسبة ألمك وخالك‪ ،‬فال إثم عليهام؛ ألهنام أفطرا ظنا منهام أن وقت املغرب قد‬
‫دخل‪ ،‬ولكن هل يلزمهام قضاء ذلك اليوم أم ال؟‬
‫فيه خالف بني العلامء ‪ :‬فذهب اجلمهور إىل‪ :‬أنه يلزمه قضاء ذلك اليوم‪.‬‬
‫واختار بعض أهل العلم أنه ال يلزمه قضاؤه‪ ،‬واألصل براءة ذمته‪ ،‬ومل يرد يف الرشع‬
‫ما يلزمه بقضاء مثل ذلك‪ ،‬مع وقوع نحو من هذه احلادثة عىل عهده ‪.H‬‬
‫وهو اختيار شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪ ،V‬وبه يقول الشيخ ابن عثيمني ‪.V‬‬
‫لكن‪ :‬لو احتاط ألمر عبادته‪ ،‬وخرج من خالف العلامء املعترب يف مثل ذلك‪ ،‬وقىض‬
‫ذلك اليوم؛ فهو أحسن‪ ،‬وال سيام أن قضاء يوم أمر يسري‪ ،‬ليس شاقا عليهم عادة‪.‬‬
‫قال الشيخ ابن باز ‪« :V‬إذا رشب يظن الغروب‪ ،‬ثم بانت الشمس؛ فإنه يقيض‬
‫ذلك عىل الصحيح عند مجهور أهل العلم‪ ،‬وهذا هو األحوط‪ ،‬وبعض أهل العلم ال يراه‬
‫يقيض؛ ألنه معذور مل يتعمد‪ ،‬ولكن األقرب واألظهر أنه يقيض»(‪.)1‬‬

‫وينظر إجابة السؤال رقم‪ ،)38543( :‬وإجابة السؤال رقم‪ .)66155( :‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫((( فتاوى نور عىل الدرب البن باز مجع الشويعر (‪.)267 /16‬‬
‫مايصلا تادسفم‬

‫*سؤال‪ :‬امرأة داعبها زوجها بعد الفجر يف رمضان‪ ،‬وقالت له‪ :‬اتركني حتى ال أفطر‪،‬‬
‫وكرر هو ذلك رغم كالمها‪ ،‬ثم أدارت له ظهرها‪ ،‬وتركته‪ ،‬وقالت يف نفسها‪ :‬خليه‬
‫يفعل ما يشاء حتى يفطر‪ ،‬ويأخذ هو الذنب‪ ،‬ولكنه بعد أن قالت ذلك يف نفسها‪،‬‬
‫تركها ومل يفعل شيئا‪ ،‬وهي ملا قالت ذلك‪ :‬مل يكن مهها إال أن يأخذ الذنب فقط‪ ،‬ال‬
‫‪323‬‬
‫لتفطر‪ ،‬أو تأكل أو ترشب‪ ،‬وأخاف أن ما قلته يكون سببا يف فساد صومي‪ ،‬إن كنت‬
‫نويت اإلفطار حقا من أجل ذلك‪ ،‬أو كان كالما فقط‪.‬‬
‫أرجو اإلجابة بالتفصيل يف حالة نيتي يف الفطر هلذا السبب‪ ،‬أو إن كان حديث نفس‪.‬‬
‫وأيضا‪ :‬يف حالة ما إذا كنت أصاب أحيانا بالوسواس يف النية‪ ،‬أو صحة الصوم‪.‬‬

‫*جواب‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬من نوى الفطر وهو صائم‪ ،‬جازم ًا غري مرتدد؛ بطل صومه عىل الراجح‪ ،‬وإن‬
‫عدل عن نيته‪ ،‬ولزمه قضاء هذا اليوم‪.‬‬

‫أما إن تردد يف الفطر‪ ،‬أو علقه عىل يشء‪ ،‬كإن وجدت طعاما أو رشابا‪ ،‬أفطرت‪ ،‬ثم‬
‫مل جيد؛ فصومه صحيح‪.‬‬

‫سئل الشيخ ابن عثيمني ‪ :V‬رجل مسافر وصائم يف رمضان‪ ،‬نوى الفطر ثم مل جيد‬
‫ما يفطر به‪ ،‬ثم عدل عن نيته‪ ،‬وأكمل الصوم إىل املغرب‪ ،‬فام صحة صومه؟‬

‫فأجـاب‪« :‬صومـه غير صحيـح‪ ،‬وجيـب عليـه القضـاء؛ ألنـه عندمـا نـوى الفطر‬
‫أفطـر‪ ،‬أمـا لو قـال‪ :‬إن وجدت ما ًء رشبـت‪ ،‬وإال فأنا على صومي‪ ،‬ومل جيـد املاء؛ فهذا‬
‫صومـه صحيـح؛ ألنه مل يقطـع النية‪ ،‬ولكنـه ع ّلق الفطر على وجود الشيء‪ ،‬ومل يوجد‬
‫الشيء؛ فبقي عىل نيتـه األوىل»)‪.(1‬‬
‫ِ‬
‫علقت فطرك‪ ،‬عىل‬ ‫والذي يظهر‪ :‬أن الذي حصل منك هو الثاين‪ ،‬أي‪ :‬أنك قد‬
‫اسرتسال زوجك يف هذا األمر‪ ،‬وهو مل يفعل‪ ،‬ونية الفطر يشء‪ ،‬والتعليق عىل فعل مل‬
‫حيدث يشء آخر‪ ،‬خمالف له يف احلكم‪.‬‬

‫((( لقاء الباب املفتوح (‪.)20/29‬‬


‫الصيام سؤال وجواب‬

‫وعىل ذلك‪ :‬فصومك صحيح؛ وال يلزمك قضاؤه‪.‬‬

‫وأما لو كنت قد نويت الفطر‪ ،‬أو غلب عىل ظنك اآلن أن هذه كانت نيتك؛ فقد فسد‬
‫صومك؛ ووجب عليك قضاء ذلك اليوم‪.‬‬
‫‪324‬‬
‫وإن حاك يف صدرك يشء من ذلك‪ ،‬واحتطت لصومك‪ ،‬قضيت يوما مكانه؛ فهو‬
‫حسن إن شاء اهلل‪.‬‬

‫راجعي إجابة السؤال رقم‪.)95766( :‬‬

‫لكن إذا كانت الوساوس تعاودك يف النية‪ ،‬أو يف صحة العبادة؛ فال تعيدي صوم‬
‫ذلك اليوم‪ ،‬وامحليه عىل الصحة‪ ،‬وإياك أن تسرتسيل وراء الوساوس‪ ،‬فهذا باب فساد‬
‫ورش عظيم‪ ،‬وال ينتهي إال بأن يفسد عىل العبد عبادته‪ ،‬ودينه كله‪.‬‬

‫وقد سبق يف املوقع كثري من األجوبة يف التحذير من االسرتسال وراء الوساوس‪.‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬جيوز للرجل حال صيامه إن كان مالكا لنفسه‪ ،‬قادرا عىل منعها من االسرتسال‬
‫يف األمر‪ ،‬وتعدي حد اهلل بالوقوع يف اجلامع‪ ،‬أو إنزال املني؛ جيوز له أن يبارش زوجته‬
‫بضم‪ ،‬أو تقبيل‪ ،‬ونحو ذلك‪.‬‬
‫ّ‬
‫وتنظر إجابة السؤال رقم‪.)49614( :‬‬

‫ثالثـ ًا‪ :‬ال جيـوز للمرأة أن تسـعى يف وقوع زوجها يف الفعل املحـرم‪ ،‬أو أن ترىض به‪،‬‬
‫بـل الواجـب عليها هنيه عنـه‪ ،‬ومنعه منـه قدر ما تسـتطيع‪ ،‬وقد قـال النبي ‪:H‬‬
‫ـد ِه‪َ ،‬فإِ ْن َل ْ َي ْسـتَطِ ْع َفبِلِ َسـانِ ِه‪َ ،‬فـإِ ْن َل ْ َي ْسـتَطِ ْع َفبِ َق ْلبِ ِه‪،‬‬
‫«مـن ر َأى ِمنْكُـم منْكَـرا َف ْليغَيره بِي ِ‬
‫ْ ُ ً ُ ِّ ْ ُ َ‬ ‫َ ْ َ‬
‫ِ (‪)1‬‬
‫إل َيمن ‪.‬‬ ‫ك َأ ْض َع ُ‬
‫ـف ا ِ‬ ‫َو َذلِ َ‬

‫فتركك الـزوج بدون هنيه عام يفعـل ليقع يف املحـرم‪ ،‬ويأثم‪ ،‬ويتعـرض لعقاب اهلل‬
‫يف شـهر الرمحـة؛ قصـد حمرم‪ ،‬وسـعي يف وقـوع معصيـة اهلل‪ ،‬أو رضـا هبا‪ ،‬قال الشـيخ‬
‫ابن عثيمني ‪:V‬‬

‫((( رواه مسلم (‪.)49‬‬


‫مايصلا تادسفم‬

‫«جيب عىل من رأى شخص ًا يأكل أو يرشب يف رمضان‪ ،‬وهو يعرف أنه صائم‪،‬‬
‫جيب عليه أن يذكره؛ ألنه إذا نيس فهو معذور‪ ،‬لكن أنت مل تنس‪ ،‬وقد قال اهلل تعاىل‪:‬‬
‫(ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ) [املائدة‪.)1(»]2 :‬‬

‫‪325‬‬ ‫وإذا كان هذا واجبا يف حق كل أحد‪ ،‬فكيف إذا كان هو الزوج‪ ،‬ال شك أن األمر يف‬
‫شأنه أوجب‪ ،‬وأن حقه عليك أوكد‪.‬‬
‫ِ‬
‫فعليك التوبة واالستغفار‪ ،‬وأال تعودي ملثله بعد ذلك‪ ،‬وأن تكوين لزوجك خري‬
‫معني عىل أمر الدنيا واآلخرة‪ ،‬ومن ذلك‪ :‬أنك إذا رأيتيه عىل معصية‪ ،‬أو يريد فعل‬
‫معصية‪ ،‬هنيتيه عنها‪ ،‬وذكرتيه باهلل‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬ما احلكم إذا أذن الفجر والرجل جيامع زوجته؟ هل يكمل حتى يقيض‬
‫وطره؟ أم يقطع اجلامع بمجرد سامع األذان؟ أفتونا مأجورين‪.‬‬

‫*جواب‪:‬‬

‫إذا طلع الفجر وهو جيامع زوجته؛ فالواجب عليه الكف عن اجلامع فور ًا‪ ،‬وصيامه‬
‫صحيح؛ وليس عليه يشء‪ ،‬وال جيوز له االستمرار يف اجلامع بعد طلوع الفجر‪ ،‬فإن فعل‬
‫ذلك؛ فقد أفسد صومه‪ ،‬وعليهام القضاء‪ ،‬مع الكفارة‪.‬‬

‫والكفارة هي عتق رقبة‪ ،‬فإن مل جيد فصيام شهرين متتابعني‪ ،‬فإن مل يستطع فإطعام‬
‫ستني مسكينًا؛ حلديث أيب هريرة ‪ ،I‬يف الرجل الذي جامع امرأته يف رمضان‪ ،‬فقال له‬
‫يع َأ ْن ت َُصو َم َش ْه َر ْي ِن‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫«ه ْل َ ِ‬
‫تدُ َما ُت ْعت ُق َر َق َب ًة؟ ‪ ،‬قال‪ :‬ال‪ ،‬قال‪َ « :‬ف َه ْل ت َْستَط ُ‬ ‫النبي ‪َ :H‬‬
‫ِّني ِم ْسكِينًا؟ ‪ ،‬قال‪ :‬ال(‪ .)2‬واهلل أعلم‪.‬‬ ‫ِ ِ‬
‫تدُ َما ُت ْطع ُم ست َ‬ ‫ي؟ ‪ ،‬قال‪ :‬ال‪ ،‬قال‪َ « :‬ف َه ْل َ ِ‬
‫ُم َتتَابِ َع ْ ِ‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬سافرت لبلدي يف رمضان‪ ،‬وقبل السفر بيوم اتصلت عىل زوجتي وطلبت‬

‫((( اللقاء الشهري (‪ )44 /70‬برتقيم الشاملة‪.‬‬


‫((( رواه البخاري (‪ ،)6332‬ومسلم (‪.)1111‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫منها أن ال تصوم يوم وصويل؛ ألنني أريد أن أجامعها حال وصويل للبيت؛ ألنني‬
‫قليل الصرب‪ ،‬أطاعتني ومل تصم‪ ،‬وحصل بيننا مجاع يف النهار‪ ،‬كالنا مل يصم‪ ،‬فهل‬
‫اقرتفنا ذنب ًا؟‬

‫*جواب‪:‬‬ ‫‪326‬‬

‫ما حصل منكام إثم عظيم‪ ،‬إذ كيف يتهاون اإلنسان يف ترك صيام يوم بدون عذر‪،‬‬
‫وال سبب معترب رشع ًا‪ ،‬بل يتحيل عىل حمارم اهلل هبذه الطريقة؟!‬

‫ونقول لك‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬إن وصلـت قبـل أذان الفجـر؛ فإنـه يلزمك صيـام ذلك اليوم‪ ،‬ما دام سـفرك‬
‫قـد انقطـع برجوعـك إىل بلـدك‪ ،‬فـإن تعمـدت اإلفطـار‪ ،‬وأفطـرت زوجتـك معك؛‬
‫ألجـل أن جتامعهـا‪ ،‬فإنكام تأثمان‪ ،‬ويلزمكام القضـاء‪ ،‬والكفارة املغلظـة يف حال اجلامع‬
‫على كل واحـد منكام‪.‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬إن وصلت يف أثناء اليوم‪ ،‬فالصحيح أن املسافر إذا قدم مفطر ًا مل يلزمه إمساك‬
‫ذلك اليوم؛ ألنه ال جيمع عليه وجوب اإلمساك ووجوب القضاء‪ ،‬وهذا القول رواية‬
‫عن اإلمام أمحد‪ ،‬وهو مذهب الشافعية)‪ ،(1‬لكن تأثم أنت بأمرها باإلفطار‪ ،‬وتأثم هي‬
‫أيض ًا بطاعتها لك‪ ،‬وإن مل تصم ألجل أن جتامعها‪ ،‬فعليها القضاء‪ ،‬وعليها هي وحدها‬
‫الكفارة املغلظة‪ ،‬بسبب ما حصل من مجاع‪.‬‬

‫وقد سئل شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪ V‬عن رجل أراد أن يواقع زوجته يف شهر‬
‫رمضان بالنهار‪ ،‬فأفطر باألكل قبل أن جيامع‪ ،‬ثم جامع‪ ،‬فهل عليه كفارة‪ ،‬أم ال؟‬

‫فأجاب‪« :‬احلمد هلل‪ ،‬هذه املسألة فيها قوالن للعلامء مشهوران‪ :‬أحدمها‪ :‬جتب‬
‫الكفارة‪ ،‬وهو قول مجهورهم‪ ،‬كاملك‪ ،‬وأمحد‪ ،‬وأيب حنيفة‪ ،‬وغريهم‪ ،‬والثاين‪ :‬ال جتب‬
‫الكفارة‪ ،‬وهو مذهب الشافعي»(‪.)2‬‬

‫((( رشح الروض‪ -‬للمشيقح (‪.)285 /4‬‬


‫((( جمموع الفتاوى (‪.)260/25‬‬
‫مايصلا تادسفم‬

‫ورجـح شـيخ اإلسلام وجـوب الكفـارة‪ ،‬ثم قـال‪« :‬ألنه لـو مل جتب الكفـارة عىل‬
‫مثـل هـذا؛ لصـار ذريعـة إىل أن ال ُيك ّفر أحـد؛ فإنه ال يشـاء أحد أن جيامـع يف رمضان‬
‫إال أمكنـه أن يـأكل‪ ،‬ثـم جيامـع‪ ،‬بـل ذلك أعون لـه عىل مقصـوده‪ ،‬فيكون قبـل الغداء‬
‫عليـه كفـارة‪ ،‬وإذا تغـدى هـو وامرأته‪ ،‬ثـم جامعها فال كفـارة عليه !!‪ ،‬وهذا شـنيع يف‬
‫‪327‬‬
‫الرشيعـة‪ ،‬ال ترد بمثلـه» (‪ .)1‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬يف رمضان كنت حديث عهد بزواج‪ ،‬وكنت ال أصرب عن زوجتي‪ ،‬وكنت‬
‫أستمتع هبا يف هنار رمضان من غري مجاع‪ ،‬وأحسست أنني أدخلته بالدبر وأنزلت‪.‬‬
‫فام احلكم؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫إتيان الزوجة يف دبرها كبرية من كبائر الذنوب‪ ،‬بل قرنه النبي ‪ H‬بإتيان‬
‫الكهان‪ ،‬وسمه كُـفر ًا‪ ،‬فقال ‪« :H‬من َأتَى حائِض ًا‪َ ،‬أ ِو امر َأ ًة ِف دب ِرها‪َ ،‬أو ك ِ‬
‫َاهن ًا؛‬ ‫ُُ َ ْ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫م َّم ٍد ‪.)2( H‬‬
‫َف َقدْ َك َف َر بِ َم ُأن ِْز َل َع َل ُ َ‬

‫ون َم ْن َأتَى ْام َر َأ َت ُه ِف ُد ُب ِر َها (‪.)3‬‬


‫«م ْل ُع ٌ‬
‫ولعن النبي ‪ H‬من أتى امرأة يف دبرها‪ ،‬فقال‪َ :‬‬
‫ثاني ًا‪ :‬للزوج أن يستمتع بزوجه وهو صائم‪ ،‬ما مل جيامع أو ُينْزل‪ ،‬واجلامع يف الفرج‬
‫حمرم يف هنار رمضان‪ ،‬فكيف إذا كان مجاع ًا يف الدبر مع اإلنزال؟!‪.‬‬

‫فعلت فيه فعلتك‪ :‬فإن فساد الصوم ال شك‬


‫َ‬ ‫ثالث ًا‪ :‬أما ما يرتتب عىل صيامك‪ ،‬الذي‬
‫فيه‪ ،‬ولزم معه اإلمساك عن الطعام والرشاب‪ ،‬وقد أوجب مجهور أهل العلم القضاء‬
‫والكفارة عىل من أولج يف دبر امرأته‪ ،‬أنزل أم مل ينْزل‪.‬‬

‫((( جمموع الفتاوى (‪.)260/25‬‬


‫((( رواه الرتمذي (‪ ،)135‬وأبو داود (‪ ،)3904‬وابن ماجة (‪ ،)639‬وصححه األلباين يف صحيح الرتغيب‬
‫(‪.)2433‬‬
‫((( رواه أبو داود (‪ ،)2162‬وصححه األلباين يف صحيح الرتغيب (‪.)2432‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫وهذا احلكم تشرتك فيه زوجتك معك‪ ،‬فعليها القضاء والكفارة؛ ألنه يظهر أهنا‬
‫كانت مطاوعة لك‪.‬‬

‫ال أو د ُبر ًا‪ ،‬من ذكر أو أنثى؛ ألنه‬


‫قال ابن قدامة ‪« :V‬وال فرق بني كون الفرج ُق ُب ً‬
‫أفسد صوم رمضان بجامع؛ فأوجب الكفارة‪ ،‬كالوطء»(‪ .)1‬واهلل أعلم‪.‬‬ ‫‪328‬‬
‫***‬

‫ال قد ينْزل املني من الفرج هنار ًا‪ ،‬فهل هذا يبطل الصيام؟‬
‫*سؤال‪ :‬بعد اجلامع لي ً‬

‫*جواب‪:‬‬

‫لقد نص العلامء ‪ ‬عىل‪ :‬أن نزول املني هنار ًا من مجاع الليل؛ ال يفسد الصوم‪.‬‬

‫قال يف اجلوهرة النرية ‪-‬وهو من كتب احلنفية‪« :-‬ولو خيش املجامع طلوع الفجر‪،‬‬
‫فنَزع فأمنى بعد الفجر؛ مل يفطر»(‪.)2‬‬

‫وقال يف حاشية الدسوقي ‪-‬وهو من كتب املالكية‪« :-‬لو جامع ليالً‪ ،‬ونزل منيه بعد‬
‫الفجر؛ الظاهر أنه ال يشء عليه»(‪.)3‬‬

‫وقال النووي ‪- V‬وهو شافعي املذهب‪« :-‬إذا جامع قبل الفجر‪ ،‬ثم نزع مع‬
‫طلوعه‪ ،‬أو عقب طلوعه‪ ،‬وأنزل‪ ،‬مل يبطل صومه؛ ألنه تولد من مبارشة مباحة‪ ،‬فلم‬
‫جيب فيه يشء»(‪ .)4‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سـؤال‪ :‬هـل جيـوز يل أن أقـول لزوجي‪( :‬أنـا أحبك) وأنـا صائمـة؟ زوجي يطلب‬
‫منـي أن أقـول لـه بأنني أحبـه أثناء الصـوم‪ ،‬وقلت له بـأن هذا ال جيـوز‪ ،‬ويقول هو‬
‫بأنـه جيوز‪.‬‬

‫((( املغني (‪.)275/4‬‬


‫((( اجلوهرة النرية (‪.)138/1‬‬
‫((( حاشية الدسوقي (‪ ،)532/1‬ونحوه يف رشح خمترص خليل (‪.)249/2‬‬
‫((( املجموع (‪.)349/6‬‬
‫مايصلا تادسفم‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«ال بأس من مداعبة الرجل المرأته أو املرأة لزوجها بالكالم يف حال الصيام‪ ،‬برشط‬
‫أن يأمنا عىل نفسيهام من اإلنزال‪ ،‬فإن كانا ال يأمنان عىل نفسيهام من اإلنزال‪ ،‬كمن كان‬
‫‪329‬‬ ‫شديد الشهوة‪ ،‬وخيشى أنه إذا داعب امرأته أن يفسد صومه بإنزال املني؛ فال جيوز له‬
‫فعل ذلك؛ ألنه يعرض صومه للفساد (‪.)1‬‬

‫والدليل عىل جواز القبلة واملداعبة‪ ،‬ملن يأمن عىل نفسه من اإلنزال‪:‬‬

‫حديث عائشة ‪ J‬قالت‪« :‬كان النبي ‪ H‬يقبل‪ ،‬ويبارش‪ ،‬وهو صائم‪،‬‬


‫وكان أملككم إلربه»(‪.)2‬‬

‫وعن عمرو بن سلمة ‪ ،I‬أنه سأل رسول اهلل ‪ :H‬أ ُي َق ِّب ُل الصائم؟‬

‫ألم سلمة‪ ،‬فأخربته أن رسول اهلل ‪H‬‬ ‫«س ْل َه ِذ ِه‬


‫فقال رسول اهلل ‪َ :H‬‬
‫كان يصنع ذلك)‪.(3‬‬

‫قال الشيخ ابن عثيمني ‪« :V‬وغري القبلة من دواعي الوطء‪ ،‬كالضم ونحوه‪،‬‬
‫فنقول‪ :‬حكمها حكم القبلة‪ ،‬وال فرق»)‪.(4‬‬
‫ِ‬
‫قولك لزوجك‪ :‬أنك حتبينه‪ ،‬أو قوله لك ذلك ال يرض‬ ‫وبناء عىل هذا‪ :‬فمجرد‬
‫الصيام‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*ســؤال‪ :‬تزوجنــا منــذ مــدة‪ ،‬ومل يرزقنــا اهلل بأطفــال حتــى اآلن‪ ،‬ســوف نقــوم‬
‫بعمليــة التلقيــح الصناعــي‪ ،‬ولكــن امليعــاد املناســب هلــذه العمليــة ســوف يكــون‬
‫‪-‬إن شــاء اهلل‪ -‬يف شــهر رمضــان املبــارك‪ ،‬وذلــك عــى حســب ميعــاد التبويــض‪،‬‬

‫((( انظر‪ :‬الرشح املمتع (‪.)390/6‬‬


‫((( رواه البخاري (‪ ،)1927‬ومسلم (‪.)1106‬‬
‫((( رواه مسلم (‪.)1108‬‬
‫((( الرشح املمتع (‪.)434/6‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫وهــذا ســوف يضطــرين أنــا وزوجــي أن نكــون عــى غــر طهــارة‪ ،‬ونفطــر‬
‫يف رمضــان‪ ،‬فــا أدري مــاذا أفعــل؟! وهــل اهلل ســوف يغفــر لنــا حيــث إننــا‬
‫مضطــرون لذلــك؟ وهــل هنــاك كفــارة؟‬

‫*جواب‪:‬‬ ‫‪330‬‬

‫أوالً‪ :‬ننبه إىل أن التلقيح الصناعي فيه مفاسد متعددة‪.‬‬


‫ٍ‬
‫عمـد بتغيير مـاء الرجل بامء‬ ‫ثبـت عـن كثري مـن األطبـاء‪ ،‬أهنم يقومـون عن‬
‫وقـد َ‬
‫آخـر؛ وذلـك عـن خبـث نفسي‪ ،‬أو جلزمـه بعـدم صالحيـة مائـه لإلنجـاب؛ فيؤديـه‬
‫طمعـه يف املـال هلذا‪.‬‬
‫وثبت يف كثري من املستشفيات وقوع أخطاء يف تبديل العينات‪ ،‬ومن هنا شدَّ د العلامء‬
‫يف هذا األمر‪ ،‬ومل جييزوه يف حال حفظ العينات‪ ،‬وتأخري وضع املاء يف رحم املرأة‪ ،‬ومنعه‬
‫آخرون مطلق ًا؛ ملا يعرتي هذه الطريقة من احتامل اخلطأ‪ ،‬وهو ما يؤدي إىل اختالط‬
‫األنساب‪ ،‬والوقوع يف حماذير ومفاسد متعددة‪.‬‬
‫ثاني ًا‪ :‬ليس هذا الفحص من باب الرضورة‪ ،‬حتى يتسبب الرجل يف فطره‪ ،‬وفطر‬
‫زوجته‪ ،‬فيمكن تأجيل ذلك إىل الليل‪ ،‬أو إىل ما بعد شهر رمضان‪.‬‬
‫فالذي ُينصح به‪ :‬هو الصرب عىل قدر اهلل تعاىل‪ ،‬واألخذ باألسباب الرشعية‬
‫لإلنجاب‪ ،‬ويف حال إرصاركم عىل التلقيح الصناعي‪ ،‬فال بد من أخذ أشد االحتياطات‬
‫من مراقبة العينة‪ ،‬وإدخاهلا مبارشة يف رحم املرأة من طبيبة موثوق يف دينها‪ ،‬وأن يتجنب‬
‫هنار رمضان؛ لعدم االضطرار إىل ذلك‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫املفطر الثاين‪ :‬االستمناء‬


‫*سـؤال‪ :‬أشـكو نزول السـائل املنوي يف أيام رمضـان أثناء الصيام بـدون أي احتالم‬
‫أو ممارسة العادة الرسية‪ ،‬فهل يف هذا تأثري عىل الصوم؟‬
‫مايصلا تادسفم‬

‫*جواب‪:‬‬

‫« إذا كان األمر كام ُذ ِكر؛ فإن نزول املني منك بدون لذة يف هنار رمضان‪ ،‬ال يؤثر عىل‬
‫صيامك‪ ،‬وليس عليك القضاء )‪ .(1‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫‪331‬‬ ‫***‬

‫*سؤال‪ :‬يف أحد أيام رمضان‪ ،‬نمت بعد الفجر فاحتلمت وخرج املني‪ .‬وسؤايل هو‪:‬‬
‫‪ .1‬هل ُيقبل صوم ذلك اليوم إذا أكملته؟‬

‫‪ .2‬هـذه األنـواع مـن األحلام هـي مـن إبليـس‪ ،‬لكنـه ُيغـل أثنـاء رمضـان‪،‬‬
‫فكيف احتلمت؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬املراد باالحتالم‪ :‬هو ما يراه النائم من ّ‬


‫تصور اجلامع‪.‬‬

‫«واالحتالم يف هنار رمضان ال يبطل الصوم؛ ألنه أمر خارج عن قدرة اإلنسان‬
‫وطاقته‪ ،‬وال يستطيع أن يمنعه‪ ،‬قال ابن قدام َة ‪ :V‬لو احتلم مل يفسد صومه؛ ألنه عن‬
‫غري اختيار منه‪ ،‬فأشبه ما لو دخل حلقه يشء‪ ،‬وهو نائم )‪.(2‬‬

‫وسئلت اللجنة الدائمة لإلفتاء عن رجل احتلم يف هنار رمضان‪ ،‬فام هو احلكم؟‬

‫فأجابت‪« :‬من احتلم وهو صائم‪ ،‬أو حمرم باحلج والعمرة‪ ،‬فليس عليه إثم وال‬
‫كفارة‪ ،‬وال يؤثر عىل صيامه‪ ،‬وعليه غسل اجلنابة إذا كان قد أنزل من ّي ًا (‪.)3‬‬

‫ثانيـ ًا‪ :‬عـن أيب سـلمة ‪ ،I‬أن أبـا قتـادة األنصـاري ‪ ،I‬قـال‪ :‬سـمعت‬
‫الشـ ْي َط ِ‬ ‫رسـول اهلل ‪ H‬يقـول‪« :‬الرؤْ يـا ِمـن اهللِ‪ ،‬والح ْل ِ‬
‫ان‪َ ،‬فـإِ َذا َح َل َ‬
‫ـم‬ ‫ـن َّ‬
‫ـم م َ‬
‫َ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُّ َ‬

‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)278/10‬‬


‫((( املغني (‪.)363/4‬‬
‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)274/10‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـق عـن يس ِ ِ‬


‫ـاره‪َ ،‬و ْل َي ْسـتَع ْذ بِـاهلل منْـ ُه؛ َف َل ْ‬
‫ـن َي ُ َّ‬
‫ضر ُه (‪،)1‬‬ ‫ـم َيك َْر ُهـ ُه‪َ ،‬ف ْل َي ْب ُص ْ َ ْ َ َ‬
‫الح ُل َ‬ ‫َأ َحدُ ك ْ‬
‫ُـم ُ‬
‫وليـس املقصـود مـن احلديـث أن الشـيطان هـو الـذي دفـع أو تسـبب يف ذلـك‪.‬‬
‫قال ابن حجر ‪« :V‬وإضافة احل ُلم إىل الشيطان‪ ،‬بمعنى أهنا ُتن ِ‬
‫َاسب صفته من‬ ‫ُ‬
‫الكذب‪ ،‬والتهويل‪ ،‬وغري ذلك‪ ،‬بخالف الرؤيا الصادقة‪ ،‬فأضيفت إىل اهلل إضافة‬ ‫‪332‬‬
‫ترشيف‪ ،‬وإن كان الكل بخلق اهلل وتقديره»)‪.(2‬‬
‫وكون مردة اجلن ُت َغ َّل يف رمضان‪ ،‬ال يعني توقف الشياطني عن الوسوسة‪ ،‬واألمر‬
‫بالرش‪ ،‬ولكن ذلك يكون يف رمضان أقل منه يف بقية الشهور‪ ،‬وآثار هذا حمسوسة‬
‫ومشاهدة‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬إذا كان الزوج يأخذ برأي الظاهرية وابن حزم واأللباين يف كون نزول املني‬
‫من دون مجاع ال يف ّطر‪ ،‬فهل جيوز للزوجة مداعبة زوجها يف هنار رمضان‪ ،‬حتى لو‬
‫ترتب عىل ذلك نزول املذي أو املني منه؟‬
‫*جواب‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬خيتلف حكم نزول املذي عن نزول املني‪ ،‬والراجح من أقوال أهل العلم‪ :‬أن‬
‫نزول املذي ال يبطل الصوم‪ ،‬ال من الرجل‪ ،‬وال من املرأة‪.‬‬
‫قــال الشــيخ ابــن عثيمــن ‪« :V‬الصــواب‪ :‬أن الرجــل إذا بــارش فأمــذى‪،‬‬
‫أو اســتمنى فأمــذى‪ ،‬أنــه ال يفســد صومــه‪ ،‬وأن صومــه صحيــح‪ ،‬وهــذا اختيــار‬
‫شــيخ اإلســام ابــن تيميــة»(‪.)3‬‬
‫ثاني ًا‪ :‬ينبغي أن ُيعلم أنه ال حيل ألحد أن يأخذ بقول فالن أو فالن من العلامء ملجرد‬
‫التشهي‪ ،‬أو ألن هذا القول يوافق هواه‪ ،‬فال حيل ألحد أن يقول‪ :‬أنا آخذ بقول فالن من‬
‫العلامء‪ ،‬ويصادم بذلك حديثا ثابت ًا عن النبي ‪.H‬‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)6603‬ومسلم (‪.)2261‬‬


‫((( فتح الباري (‪.)393/12‬‬
‫((( الرشح املمتع (‪.)390/6‬‬
‫مايصلا تادسفم‬

‫ولذلـك قـال اإلمـام الشـافعي ‪« :V‬أمجـع العلماء عىل أن من اسـتبانت له سـنة‬


‫النبـي ‪ H‬مل حيـل لـه أن يدعها لقـول أحد (‪.)1‬‬

‫فإذا ثبت احلكم بالدليل الصحيح؛ فال قول ألحد كائن ًا من كان‪.‬‬
‫‪333‬‬
‫والقـول بـأن االسـتمناء ومبـارشة املـرأة حتى اإلنـزال من مفسـدات الصيـام‪ ،‬هو‬
‫قـول مجاهري العلماء‪ ،‬ومنهم األئمـة األربعة‪ ،‬واسـتدلوا بأنه قضاء للشـهوة‪ ،‬والصائم‬
‫تر ُك َط َع َامـ ُه‬
‫ممنـوع مـن ذلـك؛ لقـول اهلل تعـاىل يف احلديـث القـديس عـن الصائـم‪َ « :‬ي ْ ُ‬
‫ـن َأ ْج ِل (‪.)2‬‬ ‫ِ‬
‫َو َ َ‬
‫شا َبـ ُه َو َش ْ‬
‫ـه َو َت ُه م ْ‬
‫ٍ‬
‫خلاف يف املسـألة‪ ،‬وقـد رأى ابـن حـزم‪ ،‬ورجحه الشـيخ‬ ‫ونحـن ال ننكـر وجـود‬
‫األلبـاين ‪ :W‬أن إنـزال املنـي بمبـارشة الزوجـة ال يفطر‪.‬‬

‫فإن كان أحدٌ يرى هذا القول عن علم‪ ،‬ويتبنَّاه تدين ًا ال اتباع ًا هلواه؛ فإنه ال حرج عليه‬
‫يف ذلك؛ ألن اإلنسان ال يكلف إال بام بلغه علمه‪.‬‬

‫ولكن برشط‪ :‬أن يكون إنام يرى ذلك عىل حسب ما ظهر له من األدلة وأقوال‬
‫العلامء‪ ،‬وليس ملجرد الرتخص‪ ،‬واألخذ باألسهل‪.‬‬

‫فال جيوز ملسلم أن يتتبع زالت العلامء وأخطاءهم‪ ،‬فإنه بذلك جيتمع فيه الرش كله‪،‬‬
‫وهلذا قال العلامء‪« :‬من تتبع ما اختلف فيه العلامء‪ ،‬وأخذ بالرخص من أقاويلهم؛ تزندق‬
‫أو كاد»(‪ .)3‬والزندقة هي النفاق‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬صديقتي كانت متارس العادة الرسية يف هنار رمضان سنني عديدة وهي‬
‫جاهلة بحرمة عملها‪ ،‬فام احلكم؟‬

‫((( مدارج السالكني (‪.)335/2‬‬


‫((( رواه البخاري (‪.)1795‬‬
‫((( إغاثة اللهفان (‪.)228/1‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*جواب‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬املقصود بالعادة الرسية أو االستمناء‪ :‬العبث باألعضاء‪ ،‬وإثارة الشهوة‪ ،‬حتى‬
‫حمرم‪ ،‬يقول‬
‫املني‪ ،‬سواء كان ذلك باليد أو بغريها‪ ،‬وهي عادة قبيحة‪ ،‬وفعل َّ‬
‫يتم إنزال ّ‬
‫الشافعي ‪« :V‬ال حيل العمل بالذكر إال يف الزوجة‪ ،‬أو يف ملك اليمني‪ ،‬وال حيل‬ ‫‪334‬‬

‫االستمناء»(‪.)1‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬إذا مارس الصائم العادة الرسية أثناء صومه‪ ،‬وخرج منه املني؛ فسد صومه يف‬
‫قول مجهور العلامء‪.‬‬

‫ثالث ًا‪ :‬إن كان جيهل أن ذلك مفسد للصيام‪ ،‬فهل يفسد صومه‪ ،‬وجيب عليه القضاء؟‬

‫اختلف العلامء فيمن فعل شيئ ًا من مفسدات الصيام جاهالً‪ ،‬هل يفسد صومه بذلك‬
‫أم ال؟ عىل قولني‪:‬‬

‫األول‪ :‬أنه يفسد صومه بذلك‪ ،‬وهو مذهب الشافعي وأمحد‪ ،‬إال أن الشافعي استثنى‬
‫إذا كان حديث عهد باإلسالم‪ ،‬أو كان ناشئ ًا ببادية بعيد ًا عن أهل العلم‪ ،‬فال يفسد‬
‫صومه(‪.)2‬‬

‫وقد اختار هذا القول علامء اللجنة الدائمة‪ ،‬فقد سئلت اللجنة عمن استمنى يف هنار‬
‫رمضان‪ ،‬وهو جاهل أن هذا حرام‪ ،‬وال يعلم عدد األيام التي فعل فيها هذا املحرم‪.‬‬

‫فأجابت‪« :‬جيب قضاء األيام التي أفطرهتا بسبب العادة الرسية؛ ألهنا مفسدة للصيام‪،‬‬
‫واجتهد يف معرفة األيام التي أفطرهتا (‪.)3‬‬

‫والقول الثاين‪ :‬ال يفسد صومه بذلك‪ ،‬كام ال يفسد صوم النايس‪ ،‬وقد اختار هذا‬
‫القول‪ :‬ابن تيمية وابن القيم ‪.)4(W‬‬

‫((( األم (‪.)102/5‬‬


‫((( املجموع (‪ ،)352/6‬واملغني (‪.)368/4‬‬
‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)258/10‬‬
‫((( جمموع الفتاوى (‪ ،)19/2‬وإعالم املوقعني (‪.)66/4‬‬
‫مايصلا تادسفم‬

‫وسـئل الشـيخ ابـن عثيمين ‪ :V‬عـن شـاب اسـتمنى يف رمضـان جاهل ً‬


‫ا بأنـه‬
‫يفطـر‪ ،‬فما احلكم؟‬

‫فأجاب‪« :‬احلكم أنه ال يشء عليه؛ ألننا قررنا فيام سبق أنه ال يفطر الصائم إال بثالثة‬
‫‪335‬‬ ‫رشوط‪ :‬العلم‪ ،‬والذكر‪ ،‬واإلرادة‪ ،‬ولكني أقول‪ :‬إنه جيب عىل اإلنسان أن يصرب عن‬
‫االستمناء؛ ألنه حرام»(‪.)1‬‬

‫واألحـوط لصديقتـك أن تقضي تلـك األيـام‪ ،‬وجتتهـد يف حتديد عددها بما يغلب‬
‫على ظنها‪.‬‬

‫وينبغي هلذه األخت أن تُكثر من االستغفار‪ ،‬وفعل الطاعات‪ ،‬وجتنب املحرمات‪،‬‬


‫ولزوم االستقامة؛ لعل اهلل أن يتجاوز عنها‪.‬‬

‫وفق اهلل اجلميع ملا حيب ويرىض‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬


‫***‬

‫*سؤال‪ :‬هل تفطر العادة الرسية بدون إنزال؟‬


‫*جواب‪:‬‬
‫قال ابن عثيمني ‪« :V‬لو استمنى بدون إنزال‪ ،‬فإنه ال يفطر»(‪ .)2‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬عندما كنت يف سن املراهقة كنت أستمني يف بعض أيام هنار رمضان‪ ،‬ولكني‬
‫ال أدع السائل املنوي خيرج من الذكر بحجزي إياه‪ ،‬ولكني أبلغ املتعة والشهوة‪ ،‬فام‬
‫حكم صيامي؟‬
‫*جواب‪:‬‬
‫اعلم أن الوقوع يف هذه العادة حمرم رشع ًا‪ ،‬كام أن تلك العادة من األمور املستقبحة‬
‫فطرة وعقالً‪ ،‬وال يليق بمسلم أن يدنو بنفسه لفعلها‪.‬‬

‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)233/19‬‬


‫((( الرشح املمتع (‪.)388/6‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫أما حكم املسألة الواردة يف السؤال‪ :‬فإنه إذا مارست العادة الرسية‪ ،‬ومل خيرج املني ألي‬
‫سبب من األسباب؛ مل يفسد الصوم عىل الصحيح من أقوال أهل العلم؛ ألن املعترب هو‬
‫خروج املني‪ ،‬فإذا خرج؛ فسد الصوم‪ ،‬ولزم القضاء‪ ،‬وإن مل خيرج؛ مل يفسد الصوم‪ ،‬لكن‬
‫يلزمك عىل كل حال التوبة إىل اهلل ‪ ،D‬واالستغفار من تضييع الصيام يف مثل هذه األمور‪.‬‬
‫‪336‬‬
‫وقد خيرج املني بعد فرتة‪ ،‬حتى إذا منعته من اخلروج‪ ،‬وحينئذ يفسد صيام ذلك‬
‫اليوم‪ ،‬ويلزمك القضاء‪.‬‬
‫قال ابن عثيمني ‪« :V‬وهل يمكن أن ينتقل املني بال خروج؟‬
‫نعم يمكن‪ ،‬وذلك بأن تفرت شهوته بعد انتقاله بسبب من األسباب‪ ،‬فال خيرج املني‪.‬‬
‫و َم ّثلوا بمثال آخر‪ :‬بأن يمسـك بذكره حتى ال خيرج املني‪ ،‬وهذا وإن َم ّثل به الفقهاء‬
‫فإنـه مضر جـد ًا‪ ،‬والفقهـاء ‪ ‬يمثلون بالشيء للتصويـر‪ ،‬بقطع النظـر عن رضره‬
‫أو عدم رضره‪ ،‬عىل أن الغالب يف مثل هذا أن خيرج املني بعد إطالق ذكره‪.‬‬
‫وقال بعض العلامء‪ :‬ال غسل باالنتقال‪ ،‬وهذا اختيار ابن تيمية‪ ،‬وهو الصواب‪،‬‬
‫والدليل عىل ذلك ما ييل‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اء (‪ ،)1‬ومل يقل‪ :‬أو أحست‬ ‫‪ .1‬حديث أم سلمة ‪ ،J‬وفيه‪َ « :‬ن َع ْم‪ ،‬إِ َذا ه َي َر َأت َ‬
‫الم َ‬
‫بانتقاله‪ ،‬ولو وجب الغسل باالنتقال لبينه ‪H‬؛ لدعاء احلاجة لبيانه‪.‬‬
‫‪ .2‬حديث أيب سعيد اخلدري ‪« :I‬إِنَّم الماء ِمن الم ِ‬
‫اء (‪ ،)2‬وهنا ال يوجد ماء‪،‬‬ ‫َ َ ُ َ َ‬
‫واحلديث يدل عىل أنه إذا مل يكن ماء فال ماء‪.‬‬
‫‪ .3‬أن األصل بقاء الطهارة‪ ،‬وعدم موجب الغسل‪ ،‬وال يعدل عن هذا األصل إال‬
‫بدليل»)‪ .(3‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)278‬ومسلم (‪.)313‬‬


‫((( رواه مسلم (‪.)343‬‬
‫((( الرشح املمتع (‪ ،)280/1‬وانظر‪ :‬الفروع (‪ ،)197/1‬واملبسوط (‪ ،)67/1‬واملغني (‪ ،)128/1‬واملجموع‬
‫(‪ ،)159/2‬واملوسوعة الفقهية الكويتية (‪.)99/4‬‬
‫مايصلا تادسفم‬

‫*سـؤال‪ :‬سـأبدأ بطـرح سـؤايل مبـارشة‪ ،‬والـذي يؤرقنـي منذ مـدة‪ :‬عندمـا كنت يف‬
‫اخلامسـة عرشة مـن عمـري ويف إحدى سـاعات هنار رمضـان اسـتمنيت‪ ،‬وبعدها‬
‫تداركـت نفسي ورصت أبحث عن حكـم الذنب الـذي اقرتفته‪ ،‬اعتقـدت أن عيل‬
‫كفـارة مجـاع‪ ،‬وألين ال أسـتطيع هلـا جهد ًا فقلـت لنفيس‪ :‬سـأصبح كافر ًا ثم أسـلم‬
‫‪337‬‬
‫مـن جديـد! وهبـذا سـيغفر اهلل يل! وتسـقط عنـي الكفـارة! وفع ً‬
‫لا قلت‪ :‬أنـا اآلن‬
‫كافـر وسأسـلم غـد ًا! واآلن عمـري ثالثني سـنة‪ ،‬والزلـت أفكر يف تلـك احلادثة‪،‬‬
‫وكلما أتذكرهـا أسـتغفر اهلل‪ ،‬وأشـهد أن ال إله إال هـو‪ ،‬وأن حممد ًا عبده ورسـوله‪.‬‬
‫طـوال عمـري أصـوم وأصلي وإىل اآلن واحلمـد هلل‪ .‬ولكـن‪ :‬هـل جيـب إقامة حد‬
‫علي‪ ،‬وهـو القتل‪ ،‬حتـى يقبـل اهلل توبتي؟‬
‫الـردة ّ‬
‫*جواب‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬مل يزل الشيطان يز ِّين لإلنسان الباطل‪ ،‬ويستدرجه من حيث ال يشعر‪ ،‬حتى‬
‫يوقعه يف أقبح القبائح‪ ،‬وأكرب الكبائر (الرشك باهلل)‪ ،‬وهو يظن أنه بذلك حيسن إىل نفسه‪،‬‬
‫وكيف يفر إنسان من صيام شهرين متتابعني‪ ،‬إىل الكفر باهلل العظيم الذي حرم اهلل تعاىل‬
‫اجلنة عىل من لقيه به؟!!‬

‫إن مثل من يفعل ذلك كمثل املستجري من الرمضاء بالنار‪َ ،‬ف َّر من يشء‪ ،‬فوقع فيام‬
‫هو أقبح منه وأشد‪.‬‬

‫هذا‪ ،‬مع أن هذه احليلة ال تنفعه يف إسقاط ما وجب عليه؛ ألهنا حيلة حمرمة‪ ،‬بل هي‬
‫أعظم املحرمات عىل اإلطالق‪.‬‬

‫حمرم ًا‪.‬‬ ‫ِ‬


‫والقاعدة عند العلامء‪ :‬أن احليلة ال ت ُْسقط واجب ًا‪ ،‬وال تبيح ّ‬
‫وهل يضمن اإلنسان أنه إذا أقدم عىل هذا الذنب العظيم‪ ،‬أن اهلل سيمهله حتى‬
‫يتوب ويرجع‪ ،‬أفال يمكن أن تكون آخر حلظات حياته‪ ،‬هي تلك التي أعلن فيها كفره‬
‫والعياذ باهلل‪ ،‬فيكون ممن حبطت أعامله يف الدنيا واآلخرة‪ ،‬وأولئك أصحاب النار هم‬
‫فيها خالدون‪.‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫تقشعر منه جلود الذين آمنوا‪،‬‬


‫ّ‬ ‫واحلاصل‪ :‬أن الذي أقدمت عليه أمر عظيم‪،‬‬
‫واحلمد هلل الذي وفقك للتوبة‪ ،‬ونرجو أن يكون اهلل تعاىل قد قبِل توبتك‪ ،‬وغفر لك‬
‫ذنبك‪ ،‬ومن متام توبتك‪ :‬اإلكثار من األعامل الصاحلة‪ ،‬من ذكر اهلل تعاىل‪ ،‬وقراءة القرآن‪،‬‬
‫واالستغفار‪ ،‬وتع ُّلم العلم وتعليمه‪ ،‬والصدقة‪ ،‬والدعوة إىل اهلل‪ ...‬إلخ‪ ،‬وأبواب‬
‫‪338‬‬
‫الطاعات كثرية‪ ،‬فاجتهد فيها؛ يغفر اهلل لك‪.‬‬

‫«م ْن َبدَّ َل ِدينَ ُه‬


‫ثاني ًا‪ :‬عقوبة املرتد عن اإلسالم هي القتل؛ لقول النبي ‪َ :H‬‬
‫َفا ْق ُت ُلو ُه (‪ ،)1‬ومجهور العلامء ‪-‬منهم احلنفية‪ ،‬والشافعية‪ ،‬واحلنابلة‪ -‬عىل أن هذه العقوبة‬
‫تسقط عمن تاب‪ ،‬ورجع إىل اإلسالم‪ ،‬وهو املوافق حلالتك‪.(2).‬‬

‫ثالث ًا‪ :‬وأما حكم االستمناء يف هنار رمضان‪ :‬فهو مفسد للصيام‪ ،‬والواجب عليك‬
‫هو قضاء هذا اليوم فقط‪ ،‬وليس كفارة اجلامع؛ ألن الكفارة يف إفساد الصيام ال جتب إال‬
‫باجلامع‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬إذا فكّر الرجل يف اجلامع‪ ،‬ثم نام‪ ،‬ثم أنزل وهو صائم يف هنار رمضان‪ ،‬فهل‬
‫يفسد صيامه؟ وهل يقيض؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫من فكّر فأنزل‪ ،‬أو احتلم فأنزل؛ مل يفسد صومه‪ ،‬وعليه غسل اجلنابة‪.‬‬

‫أما الصوم فصحيح؛ ألن االحتالم ليس باختياره‪ ،‬وهكذا التفكري مما عفا اهلل عنه؛‬
‫ت بِ ِه َأ ْن ُف َس َها‪َ ،‬ما َل ْ َت َت َك َّل ْم‪،‬‬
‫ش ٍء َحدَّ َث ْ‬ ‫ُ ِ‬
‫لقول النبي ‪« :H‬إِ َّن َ‬
‫اهلل َ َت َاو َز أل َّمتي َع ْن ك ُِّل َ ْ‬
‫َأ ْو َت ْع َم ْل بِ ِه (‪ .)3‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫((( رواه البخاري (‪.)2854‬‬


‫((( املغني (‪ ،)18/9‬ورشح مسلم للنووي (‪ ،)208/12‬واملبسوط (‪.)190/10‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)5269‬ومسلم (‪ ،)127‬وانظر‪ :‬جمموع فتاوى ابن باز (‪.)243/1‬‬
‫مايصلا تادسفم‬

‫املفطر الثالث‪ :‬األكل والرشب‬


‫*سؤال‪ :‬لقد َوصف يل الطبيب نوع ًا من الفيتامينات حيث أتناول حبة كل يوم‪ ،‬فهل‬
‫جيوز تناوهلا بعد السحور يف رمضان؟‬

‫‪339‬‬ ‫*جواب‪:‬‬
‫أباح اهلل تعاىل للمسلمني أن يأكلوا ويرشبوا إىل طلوع الفجر‪ ،‬فإذا طلع الفجر‪ ،‬حرم‬
‫الطعام والرشاب‪ ،‬وال فرق بني كون ا ُملتناول طعام ًا أو دواء‪ ،‬قال اهلل تعاىل‪ ( :‬ﭳ‬
‫ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ) [البقرة‪.]187 :‬‬

‫وعن عبد اهلل بن عمر ‪ ،L‬أن رسول اهلل ‪َ H‬ق َال‪« :‬إِ َّن بِ َ‬
‫الالً ُي َؤ ِّذ ُن بِ َل ْي ٍل‪،‬‬
‫ِ‬
‫َان َر ُج ً‬
‫ال‬ ‫«وك َ‬ ‫ي ا ْب ُن ُأ ِّم َم ْكتُو ٍم ‪ُ ،‬ث َّم َق َال ابن عمر ‪َ :L‬‬ ‫َف ُك ُلوا َو ْ َ‬
‫اش ُبوا‪َ ،‬حتَّى ُينَاد َ‬
‫َأ ْعمى‪ ،‬الَ ين ِ‬
‫َادي‪َ ،‬حتَّى ُي َق َال َل ُه‪َ :‬أ ْص َب ْح َت‪َ ،‬أ ْص َب ْح َت (‪.)1‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬

‫وعن ابن مسعود ‪ I‬قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪« :H‬الَ َي ْمنَ َع َّن َأ َحدَ ك ُْم َأ َذ ُ‬
‫ان‬
‫ور ِه؛ َفإِ َّن ُه ُي َؤ ِّذ ُن؛ لِ َ ْي ِج َع َقائِ َمك ُْم‪َ ،‬و ُينَ ِّب َه نَائِ َمك ُْم (‪.)2‬‬
‫الل ِم ْن َس ُح ِ‬
‫بِ ٍ‬

‫وعليه‪ :‬فيجوز لك أخذ الدواء بعد السحور‪ ،‬إذا كان ذلك قبل طلوع الفجر‪ ،‬بال‬
‫حرج‪ ،‬وبقاء أثر الطعام والدواء عىل اجلسم يف هنار رمضان أحد بركات السحور‪ ،‬ولذا‬
‫رشع تأخريه؛ حتى يتقوى املسلم عىل صيام هنار رمضان‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬كنت نائ ًام ومل أسمع أذان الفجر‪ ،‬واملنبه كان متأخر ًا عن التوقيت الصحيح‪،‬‬
‫وبعد أن رشبت كوب ًا من املاء أقيمت الصالة‪ ،‬فامذا ّ‬
‫عيل؟ أفتوين مأجورين‪.‬‬

‫*جواب‪:‬‬
‫الصحيح من أقوال أهل العلم‪ :‬أن من أكل ظن ًا منه أن الفجر مل يطلع‪ ،‬ثم تبني له أن‬
‫قد طلع؛ فال يشء عليه؛ ألنه جاهل بالوقت‪ ،‬فهو معذور‪.‬‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)592‬ومسلم (‪.)1092‬‬


‫((( رواه البخاري (‪ ،)6820‬ومسلم (‪.)1093‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫قـال ابـن عثيمين ‪« :V‬إذا تنـاول الصائـم شـيئ ًا مـن هـذه املفطـرات جاهل ً‬
‫ا‬
‫بالوقـت؛ فصيامـه صحيـح‪ ،‬كأن يقـوم الرجـل يف آخـر الليـل‪ ،‬ويظـن أن الفجـر‬
‫مل يطلـع‪ ،‬فيـأكل ويشرب‪ ،‬ويتبين أن الفجـر قـد طلـع‪ ،‬فهـذا صومـه صحيـح؛ ألنه‬
‫جاهـل بالوقـت»)‪ .(1‬واهلل أعلـم‪.‬‬ ‫‪340‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬عندما يستيقظ الشخص يف الصباح وهو صائم‪ ،‬وكان يف فمه بقايا من‬
‫سحوره‪ ،‬فام احلكم إذا ابتلعه؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«الشك أن األكل من مفسدات الصيام‪ ،‬قال تعاىل‪ ( :‬ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ‬


‫ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ) [البقرة‪.]187 :‬‬

‫ومعلوم عند املسلمني أن الصيام هو اإلمساك عن األكل والرشب واجلامع‪ ،‬وسائر‬


‫املفطرات»(‪.)2‬‬

‫«واألكل‪ :‬هو إيصال جامد إىل املعدة‪ ،‬عن طريق الفم (‪.)3‬‬

‫وابتالع بقايا الطعام التي تكون بني األسنان‪ ،‬يعترب أكالً؛ فيكون مفسدا للصيام‪،‬‬
‫وهذا إذا ابتلعها الصائم خمتار ًا‪ ،‬بحيث يتمكن من إخراجها‪ ،‬ولكنه ابتلعها عمد ًا‪.‬‬

‫أما إذا سبقت إىل حلقه وابتلعها‪ ،‬ومل يتمكن من إخراجها؛ فال حرج عليه‪ ،‬وصيامه‬
‫صحيح؛ ألنه يشرتط يف مجيع مفسدات الصيام‪ ،‬أن يفعلها الصائم خمتار ًا‪ ،‬فإن فعلها‬
‫بغري اختياره؛ فصومه صحيح‪ ،‬وال يشء عليه‪.‬‬

‫قال ابن قدامة ‪« :V‬ومن أصبح بني أسنانه طعام‪ ،‬مل خيل من حالني‪:‬‬

‫((( الرشح املمتع (‪.)411/6‬‬


‫((( جمموع فتاوى ابن تيمية (‪.)219/25‬‬
‫((( انظر‪ :‬حاشية ابن قاسم عىل الروض املربع (‪.)389/3‬‬
‫مايصلا تادسفم‬

‫أحدمها‪ :‬أن يكون يسري ًا ال يمكنه لفظه‪ ،‬فازدرده (أي ابتلعه)‪ ،‬فإنه ال يفطر به؛ ألنه‬
‫ال يمكن التحرز منه‪ ،‬فأشبه الريق‪ ،‬قال ابن املنذر‪ :‬أمجع عىل ذلك أهل العلم‪.‬‬

‫الثاين‪ :‬أن يكون كثري ًا يمكن لفظه‪ ،‬فإن لفظه فال يشء عليه‪ ،‬وإن ازدرده عامد ًا؛ فسد‬
‫‪341‬‬ ‫صومه يف قول أكثر أهل العلم‪ ،‬ألنه بلع طعام ًا يمكنه لفظه باختياره‪ ،‬ذاكر ًا لصومه‪،‬‬
‫فأفطر به‪ ،‬كام لو ابتدأ األكل»(‪.)1‬‬

‫وخالصة اجلواب‪ :‬أنه إذا متكن من إخراجها‪ ،‬ولكنه مل يفعل وابتلعها؛ فقد أفسد‬
‫صيامه‪ ،‬وإذا ابتلعها بغري اختياره؛ فصومه صحيح‪ ،‬وال يشء عليه‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬هل بلع الريق يفطر يف رمضان أم ال؟ حيث إنه يأتيني ريق كثري‪ ،‬وخاصة إذا‬
‫كنت أقرأ القرآن وأنا يف املسجد‪ .‬وما حكم من يكثر البصق يف هنار رمضان؛ لئال‬
‫يبتلع ريقه؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫«ابتلاع الصائـم ريقه‪ ،‬ال يفسـد صومه‪ ،‬ولو كثـر ذلك وتتابع‪ ،‬يف املسـجد وغريه‪،‬‬
‫ولكـن إذا كان بلغم ًا غليظـ ًا‪ ،‬كالنخاعـة فلا تبلعه‪ ،‬بـل أبصقـه يف منديل ونحـوه‪ ،‬إذا‬
‫كنت يف املسـجد»(‪.)2‬‬
‫وقال ابن عثيمني ‪ :V‬هل جيوز بلع النخاعة ‪-‬النخامة‪ -‬متعمد ًا؟‬
‫فاجلواب‪« :‬حيرم بلع النخاعة عىل الصائم‪ ،‬وغري الصائم؛ ألهنا مستقذرة وربام حتمل‬
‫أمراض ًا‪ ،‬خرجت من البدن»‪.‬‬
‫«ولكنها ال تُفطر الصائم إذا ابتلعها؛ ألهنا مل خترج من الفم‪ ،‬وال ُيعد بلعها أكالً‪ ،‬وال‬
‫رشب ًا‪ ،‬فلو ابتلعها بعد أن وصلت إىل فمه‪ ،‬فإنه ال ُيفطر هبا»(‪.)3‬‬

‫((( املغني (‪.)360/4‬‬


‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)270/10‬‬
‫((( الرشح املمتع (‪.)424/6‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫وعليه‪ :‬فال وجه للذين يكثرون البصق يف رمضان؛ حترز ًا من الريق‪ ،‬وكثرة البصق‬
‫قد جتلب هلم جفاف الفم‪ ،‬والعطش‪ ،‬واملشقة يف الصوم‪ ،‬كام يسبب هلم شيئ ًا من احلرج‪،‬‬
‫السيام إذا كانوا يف أماكن ال يتسنى هلم فيها البصق‪ ،‬أو ال حيملون معهم شيئ ًا من املناديل‬
‫ال هلم عىل تقليل اجللوس يف املسجد للذكر‪ ،‬وتالوة‬ ‫ونحوها‪ ،‬وقد يكون مثل هذا حام ً‬
‫‪342‬‬
‫القرآن؛ فيخرسون هذه الفضائل يف هذا الشهر العظيم‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬هل جيب عند الصيام أن أنزع تقويم الفك املتحرك؟ ألنه عندما أحتدث وهو‬
‫يف فمي يفرز لعاب ًا كثري ًا‪ ،‬وأضطر إىل بلعه‪.‬‬
‫*جواب‪:‬‬
‫ال جيب نزع تقويم الفك املتحرك ألجل الصيام؛ ألنه ال ينْزل منه يشء إىل املعدة‪،‬‬
‫وكونه يسبب زيادة يف إفراز اللعاب ال جيعله ذلك مفطر ًا‪.‬‬
‫وقد نص العلامء عىل أنه جيوز للصائم أن يضع درمه ًا يف فمه وهو صائم‪ ،‬وتقويم‬
‫الفك أوىل باجلواز من وضع الدرهم؛ ألن تقويم الفك ال يضعه اإلنسان إال للحاجة‪.‬‬
‫قال اإلمام أمحد ‪« :V‬من وضع يف فمه درمه ًا أو دينار ًا‪ ،‬وهو صائم؛ فال بأس‪ ،‬ما‬
‫مل جيد طعمه يف حلقه‪ ،‬وما جيد طعمه؛ فال يعجبني»)‪.(1‬‬
‫ثم إن بلع الريق ولو كثر ال يرض الصوم‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬ما حكم بلع ريق الغري‪ ،‬كريق الزوجة مثالً؟‬


‫*جواب‪:‬‬
‫قال ابن قدامة ‪« :V‬لو بلع ريق غريه أفطر؛ ألنه ابتلعه من غري فمه‪ ،‬فأشبه ما لو‬
‫بلع غريه‪ ،‬فإن قيل‪ :‬فقد روت عائشة ‪َ :J‬أ َّن النبي ‪ H‬كان يقبلها‪ ،‬وهو صائم‪،‬‬
‫ويمص لساهنا)‪ ،(2‬قلنا‪ :‬قد روي عن أيب داود‪ ،‬أنه قال‪ :‬هذا إسناد ليس بصحيح ‪.‬‬

‫((( املغني (‪.)359/4‬‬


‫((( رواه أبو داود (‪ ،)2386‬وضعفه األلباين يف سنن أيب داود (‪.)2388‬‬
‫مايصلا تادسفم‬

‫وذكر ابن قدامة توجيهني للحديث‪ ،‬عىل فرض صحته‪:‬‬

‫األول‪ :‬أن املسألتني غري مرتبطتني‪ ،‬قال ‪« :V‬وجيوز أن يكون يقبل يف الصوم‪،‬‬
‫و َي ُمص لساهنا يف غريه»‪.‬‬
‫‪343‬‬
‫الثاين‪ :‬أن احلديث ليس فيه دليل عىل ابتالع الريق‪ ،‬قال ‪ » :V‬وجيوز أن يمصه‪،‬‬
‫ثم ال يبتلعه»(‪.)1‬‬

‫وعىل هذا‪ :‬فإذا مل حيصل من أحد الزوجني ابتالع لريق اآلخر؛ فإن الصوم ال يفسد‪.‬‬
‫واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬أعمل يف رشكة تنتج القهوة‪ ،‬يف كثري من األحيان نقوم بتذوق القهوة ملقارنة‬
‫الطعم والرائحة‪ ،‬أنا أعلم أنه جيوز التذوق خالل الصيام إذا تأكدت عدم مرور‬
‫الرشاب إىل داخل اجلسم‪ ،‬عندما أتذوق القهوة أحاول جاهد ًا عدم بلع أي كمية‬
‫ولو كانت صغرية‪ ،‬ولكن تذوق القهوة يرتك طع ًام ورائحة يف الفم‪ .‬هل تذوق القهوة‬
‫خالل الصيام يبطل الصيام؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫إذا احتاج الصائم إىل تذوق الطعام أثناء الصيام؛ فال بأس بذلك‪ ،‬وال يرض الصيام‬
‫ما مل ينْزل يشء من الطعام إىل جوف الصائم‪ ،‬ويستوي يف هذا القهوة وغريها‪.‬‬

‫فإن ذاقه من غري حاجة إىل ذلك؛ فإنه مكروه‪ ،‬وال يبطل صومه بذلك‪.‬‬
‫قال ابن عباس ‪« :L‬ال بأس أن يتطعم ِ‬
‫القدْ ر‪ ،‬أو اليشء»(‪.)2‬‬

‫وقال اإلمام أمحد‪َ « :‬أ ُّ‬


‫حب إ َّيل أن جيتنب ذوق الطعام‪ ،‬فإن فعل؛ مل يرضه‪ ،‬وال بأس به»(‪.)3‬‬

‫((( انظر‪ :‬املغني (‪.)355/4‬‬


‫((( رواه البخاري معلق ًا (‪.)681/2‬‬
‫((( املغني (‪.)359/4‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫وسئل ابن عثيمني ‪ :V‬هل يبطل الصوم بتذوق الطعام؟‬

‫فأجــاب‪« :‬ال يبطــل الصــوم ذوق الطعــام إذا مل يبتلعــه‪ ،‬ولكــن ال تفعلــه إال إذا‬
‫دعــت احلاجــة إليــه‪ ،‬ويف هــذه احلــال لــو دخــل منــه يشء إىل بطنــك بغــر قصــد؛‬
‫فصومــك ال يبطــل (‪.)1‬‬ ‫‪344‬‬

‫وجمرد بقاء الرائحة أو الطعم‪ ،‬ال يؤثر عىل الصيام‪ ،‬إذا مل يتعمد ابتالع يشء‪.‬‬

‫قال ابن سريين ‪« :V‬ال بأس بالسواك الرطب للصائم قيل‪ :‬له طعم؟ قال‪ :‬واملاء‬
‫له طعم‪ ،‬وأنت متضمض به»)‪.(2‬‬

‫وعىل هذا‪ :‬ال بأس أن تذوق القهوة‪ ،‬وأنت صائم؛ ألنك حمتاج إىل ذلك‪ ،‬وعليك‬
‫االحرتاز؛ حتى ال يدخل يشء إىل حلقك‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬هل جيوز تنظيف األسنان بالفرشاة واملعجون يف حال الصوم؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫سئل ابن باز ‪ V‬عن استعامل معجون األسنان‪ ،‬فقال‪« :‬ال حرج يف ذلك‪ ،‬مع‬
‫التحفظ عن ابتالع يشء منه‪ ،‬كام يرشع استعامل السواك للصائم»)‪.(3‬‬

‫وقال ابن عثيمني‪ :‬هل جيوز للصائم أن يستعمل الفرشة واملعجون أم ال؟‬

‫اجلواب‪« :‬جيوز‪ ،‬لكن األوىل أال يستعملها؛ ملا يف املعجون من قوة النفوذ‪ ،‬والنُّزول‬
‫إىل احللق‪ ،‬وبدالً من أن يفعل ذلك يف النهار‪ ،‬يفعله يف الليل»(‪ .)4‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)356/19‬‬


‫((( رواه البخاري معلق ًا (‪.)681/2‬‬
‫((( جمموع فتاوى ابن باز (‪.)260/15‬‬
‫((( الرشح املمتع (‪.)407/6‬‬
‫مايصلا تادسفم‬

‫*سؤال‪ :‬يوجد يف الصيدليات مع ّطر خاص بالفم‪ ،‬وهو عبارة عن بخاخ‪ ،‬فهل جيوز‬
‫استعامله خالل هنار رمضان؛ إلزالة الرائحة من الفم؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫‪345‬‬ ‫يكفي عن استعامل البخاخ للفم يف حالة الصيام‪ ،‬استعامل السواك الذي ّ‬
‫حث عليه‬
‫النبي ‪ ،H‬وإذا استعمل البخاخ‪ ،‬ومل يصل يشء إىل حلقه؛ فال بأس به‪ ،‬مع أن‬
‫رائحة فم الصائم الناجتة عن الصيام ينبغي أن ال تُكره؛ ألهنا أثر طاعة حمبوبة هلل ‪،D‬‬
‫وف َف ِم الصائِمِ‪َ ،‬أ ْطيب ِعنْدَ اهللِ ِمن ِريحِ املِس ِ‬
‫ك (‪ .)1‬واهلل أعلم‪.‬‬ ‫ويف احلديث‪َُ :‬‬
‫«ل ُل ُ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ‬ ‫َّ‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬زوجتي تعاين من آالم شديدة يف أسناهنا‪ ،‬وهي حامل يف شهرها األخري‪ ،‬وكام‬
‫تعلمون أنه ال يمكن خلع األسنان أثناء احلمل‪ ،‬فهل يمكنها املضمضة باملاء وامللح‬
‫والقرنفل أثناء هنار رمضان؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫ال حرج أن يتمضمض الصائم باملاء‪ ،‬أو باملاء وامللح‪ ،‬ال سيام إذا كانت هناك حاجة‬
‫لذلك‪ ،‬كتخفيف األمل ونحوه‪ ،‬برشط أن يتحرز من وصول يشء إىل جوفه‪ ،‬فإن وصل‬
‫إىل جوفه يشء عن طريق اخلطأ؛ فال إثم عليه‪ ،‬وصيامه صحيح‪.‬‬

‫قال ابن عثيمني ‪« :V‬لو طار إىل جوف الصائم غبار‪ ،‬أو دخل فيه يشء بغري‬
‫اختياره‪ ،‬أو متضمض‪ ،‬أو استنشق‪ ،‬فنَزل إىل جوفه يشء من املاء بغري اختياره؛ فصيامه‬
‫صحيح‪ ،‬وال قضاء عليه»(‪.)2‬‬

‫وسئل ‪ :V‬عن التمضمض من شدة احلر‪ ،‬هل يفسد الصوم؟‬

‫فأجاب بقوله‪« :‬ال يفسد الصوم بذلك؛ ألن الفم يف حكم الظاهر‪ ،‬وهلذا يتمضمض‬
‫الصائم يف صيامه وال يفطر به‪ ،‬ومن َث ّم كانت املضمضة واجبة يف الوضوء‪ ،‬ولو مل يكن‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)1795‬ومسلم (‪ ،)1151‬املنتقى من فتاوى الشيخ صالح الفوزان (‪.)121/3‬‬
‫((( انظر‪ :‬جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)258/19‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫الفم يف حكم الظاهر من اجلسد‪ ،‬ما كان غسله واجب ًا يف الوضوء‪ ،‬ثم إن املضمضة باملاء‬
‫إذا يبس الفم من شدة احلر‪ ،‬مما ييرس الصوم ويسهله‪ ،‬وقد روي أن النبي ‪ H‬كان‬
‫يصب املاء عىل رأسه من العطش‪ ،‬يف شدة احلر‪ ،‬وهو صائم(‪ ،)1‬وهذا يدل عىل أن فعل‬
‫ما خيفف الصوم عىل اإلنسان جائز‪ ،‬وال بأس به‪ ،‬ولكن‪ ،‬ليحذر هذا املتمضمض من‬
‫‪346‬‬
‫ترسب املاء إىل داخل جوفه‪ ،‬فإن ذلك يكون خطر ًا‪ ،‬ولكن‪ ،‬مع هذا‪ :‬لو ترسب املاء إىل‬
‫جوفه عىل هذه احلال بدون اختياره؛ فإنه ليس عليه يف ذلك بأس»)‪ .(2‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬هل يبطل الصوم باستعامل دواء الغرغرة؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«ال يبطل الصوم إذا مل يبتلعه‪ ،‬ولكن‪ ،‬ال تفعله إال إذا دعت احلاجة‪ ،‬وال تفطر به إذا‬
‫مل يدخل جوفك يشء منه»)‪ .(3‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬هل يتسبب دخول املاء إىل اجلوف عند االستنشاق يف الوضوء بطريق اخلطأ‬
‫يف بطالن الصوم؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫مجيع املفطرات ‪-‬عدا احليض والنفاس‪ ،-‬ال يفسد هبا الصوم‪ ،‬إال بثالثة رشوط‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬أن يكون اإلنسان عامل ًا‪ ،‬غري جاهل‪.‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬أن يكون ذاكر ًا‪ ،‬غري ناس‪.‬‬

‫ثالث ًا‪ :‬أن يكون خمتار ًا‪ ،‬غري ُمك َْره‪.‬‬

‫((( رواه أبو داود (‪ ،)2365‬وصححه األلباين يف صحيح أيب داود (‪.)2072‬‬
‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)290/19‬‬
‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)290/19‬‬
‫مايصلا تادسفم‬

‫قال ابن عثيمني ‪« :V‬لو فعل الصائم شيئ ًا من هذه املفطرات‪ ،‬بغري إرادة منه‬
‫واختيار؛ فصومه صحيح‪ ،‬ولو أنه متضمض ونزل املاء إىل بطنه‪ ،‬بدون إرادة؛ فصومه‬
‫صحيح»(‪ .)1‬وقال ‪ V‬أيضا‪« :‬لو طار إىل جوف الصائم غبار‪ ،‬أو دخل فيه يشء بغري‬
‫اختياره‪ ،‬أو متضمض أو استنشق‪ ،‬فنَزل إىل جوفه يشء من املاء بغري اختياره؛ فصيامه‬
‫‪347‬‬
‫صحيح‪ ،‬وال قضاء عليه (‪.)2‬‬

‫وبنا ًء عىل ما سبق‪ :‬فإذا دخل املاء إىل اجلوف بغري اختيار اإلنسان؛ فال يشء عليه‪،‬‬
‫وينبغي أن ُيعلم أن الصائم منهي عن املبالغة يف االستنشاق‪ ،‬حتى ال ينْزل املاء إىل جوفه‬
‫ُون َصائِ ًام (‪.)3‬‬ ‫االستِن َْش ِ‬
‫اق‪ ،‬إِال َأ ْن َتك َ‬ ‫ِ‬
‫«و َبالغْ ِف ْ‬
‫من غري اختياره؛ لقول النبي ‪َ :H‬‬
‫واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬أنا أعانى من حساسية يف األنف وقد اطلعت عىل األسئلة املتعلقة بأخذ‬
‫جرعات من بخاخ األنف أثناء الصيام وأفتيتم أهنا ال تفطر‪ .‬ولكن سؤايل‪ :‬يتعلق‬
‫بنوع آخر من العالج وهو عبارة عن (مرهم جل) يؤخذ عن طريق األنف‪ ،‬فهل‬
‫تناوله يفطر؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«و َبالِغْ ِف‬


‫دلت السنة النبوية عىل أن األنف منفذ للمعدة‪ ،‬فقد فقال ‪َ :O‬‬
‫ُون َصائِ ًم )‪.(4‬‬ ‫ِال ْستِن َْش ِ‬
‫اق إِلَّ َأ ْن َتك َ‬

‫فإذا كان ذلك املرهم الذي يؤخذ عن طريق األنف‪ ،‬ال يصل منه يشء إىل احللق‬
‫أو املعدة‪ ،‬وإنام يتحلل يف األنف‪ ،‬فالصوم صحيح‪.‬‬

‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)290/19‬‬


‫((( انظر‪ :‬جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)258/19‬‬
‫((( رواه أبو داود (‪ ،)2366‬والرتمذي (‪ ،)788‬والنسائي (‪ ،)87‬وابن ماجة (‪ ،)407‬وصححه األلباين يف‬
‫صحيح أيب داود (‪.)129‬‬
‫((( رواه أبو داود (‪ )142‬والرتمذي (‪ ،)788‬وصححه الشيخ األلباين يف صحيح سنن أيب داود‪.‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫قال الشيخ ابن عثيمني ‪« :V‬ال بأس أن يستعمل اإلنسان ما يندي الشفتني‬
‫واألنف من مرهم‪ ،‬أو يبله باملاء‪ ،‬أو بخرقة أو شبه ذلك‪ ،‬ولكن حيرتز من أن يصل‬
‫يشء إىل جوفه من هذا الذي أزال فيه اخلشونة‪ ،‬وإذا وصل يشء من غري قصد‪ ،‬فال يشء‬
‫عليه‪ ،‬كام لو متضمض فوصل املاء إىل جوفه بال قصد فإنه ال يفطر هبذا»(‪.)1‬‬
‫‪348‬‬
‫نسأل اهلل أن يكتب لك‪ ،‬وجلميع مرىض املسلمني الشفاء والعافية‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬أنا ‪-‬والعياذ باهلل‪ -‬من املصابني بالوسوسة‪ ،‬وأثناء الوضوء وأنا صائم أحاول‬
‫أال أبالغ يف االستنشاق‪ ،‬ولكني أشعر بيشء يف جويف‪ ،‬فهل يبطل صيامي بذلك؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬قـد أحسـنت يف عـدم املبالغـة يف االستنشـاق؛ لقـول النبـي ‪ H‬للقيط‬


‫االستِن َْش ِ‬
‫ـاق‪ ،‬إِال َأ ْن‬ ‫ِ‬
‫ي األَ َصابِـعِ‪َ ،‬و َبالغْ ِف ْ‬
‫ـوء‪َ ،‬و َخ ِّل ْل َب ْ َ‬ ‫ابـن صربة‪َ :I‬‬
‫«أ ْسـبِ ِغ ُ‬
‫الو ُض َ‬
‫ُـون َصائِ ًام (‪.)2‬‬
‫َتك َ‬
‫ثاني ًا‪ :‬إذا متضمض الصائم أو استنشق‪ ،‬فنَزل يشء من املاء إىل بطنه من غري ٍ‬
‫قصد منه؛‬
‫فإنه ال يفطر‪ ،‬وذلك لقول اهلل تعاىل‪( :‬ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ‬
‫ﮯ ﮰ) [األحزاب‪ ،]5 :‬وهذا مل يتعمد قلبه فعل املفسد؛ فيكون صومه صحيح ًا)‪.(3‬‬

‫ثالث ًا‪ :‬خري عالج للوسوسة هو اإلعراض عنها‪ ،‬وعدم االلتفات إليها‪ ،‬مع اإلكثار‬
‫من ذكر اهلل تعاىل‪ ،‬وطاعته‪ ،‬واجتناب معصيته‪.‬‬

‫نسأل اهلل أن يعافيك‪ ،‬ويرصف عنك كيد الشيطان‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬


‫***‬

‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)224 /19‬‬


‫((( رواه أبو داود (‪ ،)2366‬والرتمذي (‪ ،)788‬والنسائي (‪ ،)87‬وابن ماجة (‪ ،)407‬وصححه األلباين يف‬
‫صحيح أيب داود (‪.)129‬‬
‫((( انظر‪ :‬الرشح املمتع (‪.)406/6‬‬
‫مايصلا تادسفم‬

‫*سؤال‪ :‬أستخدم قطرة اتروفني عن طريق األنف‪ ،‬وأستخدمها يل أكثر من عرشين‬


‫سنه وأنا صائمة‪ ،‬حيث إنني أعاين من ضيق يف التنفس‪ ،‬واآلن عرفت أهنا تفطر‪ ،‬فامذا‬
‫أعمل اآلن؟‬

‫‪349‬‬ ‫*جواب‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬قطرة األنف إذا مل تصل إىل احللق‪ ،‬فإهنا ال تفطر‪ ،‬وأما إذا وصلت إىل احللق‪،‬‬
‫فإهنا تفطر‪.‬‬

‫وقد سبق الكالم عنها يف جواب السؤال رقم‪.)93531( :‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬إذا كانت هذه القطرة تصل إىل احللق‪ ،‬بحيث جيد املريض طعمها يف حلقه‪،‬‬
‫ومل يستطع االستغناء عنها يف هنار رمضان‪ ،‬ومل يكن هلا بديل مناسب‪ ،‬وكان مرضه هذا‬
‫ال يرجى برؤه‪ ،‬فهو يف حكم الشيخ الكبري يلزمه اإلطعام فقط؛ لقوله تعاىل‪( :‬ﮁ‬
‫ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ) [البقرة‪.]184 :‬‬

‫يض ا َّل ِذي ال ُي ْر َجى ُب ْر ُؤ ُه‪ُ ،‬ي ْفطِ ُر‪َ ،‬و ُي ْط ِع ُم لِك ُِّل َي ْو ٍم‬
‫الم ِر ُ‬
‫«و َ‬‫قال ابن قدامة ‪َ :V‬‬
‫ِم ْس ِكينًا ؛ ألَ َّن ُه ِف َم ْعنَى َّ‬
‫الش ْي ِخ»(‪.)1‬‬

‫وأما ما سبق من الصيام‪ ،‬فاملرجو من كرم اهلل أن يقبل ذلك منك‪ ،‬وأال يكون عليك‬
‫يشء‪ ،‬ال سيام أنك كنت تستعملني تلك القطرات‪ ،‬وأنت جتهلني أهنا تفطر‪ ،‬ثم إن نفس‬
‫احلكم خمتلف فيه بني أهل العلم‪.‬‬
‫والصحيح من أقوال أهل العلم‪ :‬أن من فعل شيئ ًا من املفطرات جاه ً‬
‫ال كونه مفطرا‪،‬‬
‫فال يشء عليه‪.‬‬

‫وقد سبق بيان ذلك يف جواب السؤال رقم‪.)93866( :‬‬

‫نسأل اهلل أن يكتب لك الشفاء العاجل‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬


‫***‬

‫((( املغني (‪.)396 /4‬‬


‫الصيام سؤال وجواب‬

‫جراء ذلك وهو صائم؟‬


‫*سؤال‪ :‬ما احلكم فيمن يطحن احلبوب‪ ،‬إذا تطاير إىل حلقه يشء من ّ‬

‫*جواب‪:‬‬
‫«العامل الذين يعملون يف طحن احلبوب‪ ،‬إذا تطاير حللوقهم يشء‪ ،‬فإنه ال جيرح‬
‫صومهم‪ ،‬وصومهم صحيح؛ ألن تطاير هذه األشياء بغري اختيارهم‪ ،‬وليس هلم قصد‬ ‫‪350‬‬
‫يف وصوهلا أجوافهم‪.‬‬
‫أبي‪ :‬أن املفطرات التي تُف ّطر الصائم‪ ،‬من اجلامع واألكل‬
‫وأحب هبذه املناسبة أن ّ‬
‫والرشب وغريها‪ ،‬ال يفطر هبا الصائم إال بثالثة رشوط‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬أن يكون عامل ًا‪ ،‬ثاني ًا‪ :‬أن يكون ذاكر ًا‪ ،‬ثالث ًا‪ :‬أن يكون خمتار ًا (‪ .)1‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬ما حكم من يستنشق رائحة الطعام متعمد ًا وهو صائم؟‬


‫*جواب‪:‬‬
‫ال حـرج على الصائـم يف شـم الروائـح الطيبـة‪ ،‬من طعـام وطيب وغير ذلك‪ ،‬إال‬
‫أنـه ال يستنشـق البخور‪ ،‬وال األبخـرة املتصاعدة مـن الطعام؛ ألن هلا ِج ْرمـ ًا (مادة) قد‬
‫تنفـذ إىل املعدة‪.‬‬
‫القدْ ر للحلق؛ وجب‬ ‫جاء يف حاشية الدسوقي‪« :‬متى وصل دخان البخور‪ ،‬أو بخار ِ‬

‫القضاء إذا وصل باستنشاق‪ ،‬سواء كان املستنشق صانعه أو غريه‪ ،‬وأما لو وصل واحد‬
‫منهام للحلق بغري اختياره؛ فال قضاء‪ ،‬ال عىل الصانع‪ ،‬وال عىل غريه‪ ،‬عىل املعتمد»(‪.)2‬‬
‫وسـئل ابـن عثيمين ‪ :V‬ما حكـم اسـتعامل الصائـم للروائـح العطريـة يف هنار‬
‫رمضان؟‬
‫فأجاب‪« :‬ال بأس أن يستعملها يف هنار رمضان‪ ،‬وأن يستنشقها‪ ،‬إال البخور‪ ،‬ال‬
‫يستنشقه؛ ألن له ِج ْرم ًا يصل إىل املعدة‪ ،‬وهو الدخان»)‪.(3‬‬

‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)280/19‬‬


‫((( حاشية الدسوقي (‪.)525/1‬‬
‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)223/19‬‬
‫مايصلا تادسفم‬

‫واحلاصل‪ :‬أن جمرد شم الطعام ال بأس به يف الصيام‪ ،‬إال أنه ال يستنشق األبخرة‬
‫املتصاعدة منه‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫‪351‬‬
‫املفطر الرابع‪ :‬ما كان بمعنى األكل والرشب‬

‫*سؤال‪ :‬ملاذا حيرم التدخني أثناء الصيام‪ ،‬مع أنه ال يوجد يشء من الطعام أو الرشاب‬
‫يدخل احللق؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫الدخان حمرم‪ ،‬وال يشك يف حتريمه‪ ،‬وأما سبب كونه مفطر ًا‪ :‬فألن له ِج ْرم ًا يصل إىل‬
‫اجلوف واملعدة‪.‬‬

‫سـئل ابن عثيمني ‪ V‬عن استنشـاق العطر للصائم فقال‪« :‬جيوز أن يسـتعملها يف‬
‫هنـار رمضـان وأن يستنشـقها‪ ،‬إال البخور‪ ،‬ال يستنشـقه؛ ألن له جرم ًا يصـل إىل املعدة‪،‬‬
‫وهو الدخان»(‪.)1‬‬

‫والدخان مثل البخور يف كوهنام هلام ِج ْرم‪ ،‬لكنهام خيتلفان من حيث حكم األصل‪،‬‬
‫فالبخور حالل طيب‪ ،‬والدخان حمرم خبيث‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬إذا أكلت قطعة من جلدي صغرية أصغر من ربع الظفر‪ ،‬هل هذا سيفطرين؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«ال جيوز للصائم أن ُيدخل إىل جوفه شيئ ًا‪ ،‬من أكل أو رشاب أو دواء‪ ،‬واألكل هو‬
‫إدخال جامد إىل املعدة‪ ،‬عن طريق الفم‪ ،‬ولو كان ضار ًا‪ ،‬أو غري نافع‪ ،‬كحصاة‪ ،‬أو ُظ ُفر‪،‬‬
‫أو جلدة‪ ،‬أو غري ذلك‪ ،‬وهذا قول األئمة األربعة‪ ،‬ال ُيعرف بينهم خالف فيه (‪.)2‬‬

‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)223/19‬‬


‫((( حاشية ابن قاسم عىل الروض املربع (‪ ،)389/3‬وانظر‪ :‬املجموع (‪.)340/6‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫وعليه‪ :‬فابتالع هذه القطعة من اجللد؛ يعترب مفسد ًا للصيام‪ ،‬لكن من ابتلعها من غري‬
‫قصد منه وال تعمد؛ فصيامه صحيح‪ ،‬وال يشء عليه‪.‬‬

‫قالت اللجنة الدائمة لإلفتاء‪« :‬وإذا كان يف لثته قروح‪ ،‬أو ُد ِميت بالسواك‪ ،‬فال جيوز‬
‫ابتالع الدم‪ ،‬وعليه إخراجه‪ ،‬فإن دخل حلقه بغري اختياره‪ ،‬وال قصده؛ فال يشء عليه‪،‬‬ ‫‪352‬‬

‫وكذلك القيء‪ ،‬إذا رجع إىل جوفه بغري اختياره‪ ،‬فصيامه صحيح»(‪ .)1‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سـؤال‪ :‬هـل الـدم (الرعاف) الـذي ينْزل مـن األنف إذا دخـل احللق ولـو األجزاء‬
‫الصغيرة منه تفطـر الصائم؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫إذا وصل الدم إىل املعدة بغري اختيار من الصائم‪ ،‬فإنه ال يفطر به؛ لقول اهلل تعاىل‪:‬‬
‫(ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ‬
‫ﯩ ﯪ ﯫ) [البقرة‪.]286 :‬‬

‫أمـا إذا أمكنـه أن يمنعه‪ ،‬أو خيرجـه‪ ،‬فلم يفعل وابتلعـه عمد ًا‪ :‬فإنه يفطـر‪ ،‬والدليل‬
‫االستِن َْش ِ‬
‫ـاق‪ ،‬إِالَّ َأ ْن‬ ‫ِ‬
‫«و َبالـغْ ِف ْ‬
‫على ذلـك‪ ،‬قولـه ‪ H‬للقيـط بـن صبرة ‪َ :I‬‬
‫ُـون َصائِ ًام (‪.)2‬‬
‫َتك َ‬

‫قال ابن عثيمني ‪« :V‬وهذا يدل عىل أن الصائم ال يبالغ يف االستنشاق‪ ،‬وال نعلم‬
‫هلذا علة‪ ،‬إال أن املبالغة تكون سبب ًا لوصول املاء إىل املعدة‪ ،‬وهذا خمل بالصوم‪ ،‬وعىل هذا‬
‫فنقول‪ :‬كل ما وصل إىل املعدة عن طريق األنف‪ ،‬فإنه مفطر»(‪ .)3‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)254/10‬‬


‫((( أخرجه أبو داود (‪ ،)2366‬والرتمذي (‪ ،)788‬والنسائي (‪ ،)87‬وابن ماجة (‪ ،)407‬وصححه األلباين‬
‫يف صحيح الرتمذي(‪.)631‬‬
‫((( الرشح املمتع (‪.)407/6‬‬
‫مايصلا تادسفم‬

‫*سؤال‪ :‬ما حكم استعامل الصائم مرمه ًا إلزالة اجلفاف عن الشفتني؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫قال ابن عثيمني ‪« :V‬ال بأس أن يستعمل اإلنسان ما يندي الشفتني‪ ،‬واألنف من‬
‫‪353‬‬ ‫مرهم‪ ،‬أو يبله باملاء‪ ،‬أو بخرقة‪ ،‬أو شبه ذلك‪ ،‬ولكن‪ ،‬حيرتز من أن يصل يشء إىل جوفه‬
‫من هذا الذي أزال به اخلشونة‪ ،‬وإذا وصل يشء من غري قصد‪ ،‬فال يشء عليه‪ ،‬كام لو‬
‫متضمض‪ ،‬فوصل املاء إىل جوفه بال قصد؛ فإنه ال يفطر هبذا»)‪ .(1‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سـؤال‪ :‬مـا حكـم اسـتعامل الكحـل وبعـض أدوات التجميـل للنسـاء خلال هنار‬
‫رمضـان؟ وهـل تفطر هـذه األشـياء أم ال؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫قال ابن باز ‪« :V‬الكحل ال يفطر النساء وال الرجال‪ ،‬يف أصح قويل العلامء مطلق ًا‪،‬‬
‫ولكن استعامله يف الليل أفضل يف حق الصائم‪ ،‬وهكذا ما حيصل به جتميل الوجه من‬
‫الصابون‪ ،‬واألدهان‪ ،‬وغري ذلك‪ ،‬مما يتعلق بظاهر اجللد‪ ،‬ومن ذلك احلناء‪ ،‬واملكياج‪،‬‬
‫وأشباه ذلك‪ ،‬مع أنه ال ينبغي استعامل املكياج إذا كان يرض الوجه»(‪ .)2‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬ما حكم وضع زيت لشعر الرأس يف هنار رمضان؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫ال حرج من وضع زيت الشعر يف هنار رمضان‪ ،‬وال يؤثر ذلك عىل الصيام‪.‬‬
‫قـال ابـن عثيمني ‪« :V‬الدهـون بجميع أنواعها‪ ،‬سـواء يف الوجـه‪ ،‬أو يف الظهر‪،‬‬
‫أو يف أي مكان‪ ،‬ال تؤثر عىل الصائم‪ ،‬وال تفطره»(‪.)3‬‬

‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)224/19‬‬


‫((( جمموع فتاوى ابن باز (‪.)260/15‬‬
‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)228/19‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫وسئلت اللجنة الدائمة‪ :‬هل يفطر دهان املرأة يف هنار رمضان‪ ،‬أو ال؟‬

‫فأجابت‪« :‬من دهن رأسه يف هنار رمضان وهو صائم‪ ،‬ال يفسد صومه»)‪ .(1‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫‪354‬‬
‫*سؤال‪ :‬هل االستحامم يفطر الصائم؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫يباح للصائم أن يغتسل (يستحم)‪ ،‬وال أثر لذلك عىل صومه‪.‬‬

‫قال ابن قدامة‪« :‬ال بأس أن يغتسل الصائم»)‪.(2‬‬

‫واستدل بحديث عائشة‪ ،‬وأم سلمة ‪« :L‬أن رسول اهلل ‪ H‬كان يدركه‬
‫الفجر‪ ،‬وهو جنب من أهله‪ ،‬ثم يغتسل‪ ،‬ويصوم»)‪.(3‬‬

‫«رأيت رسول اهلل ‪ H‬يصب‬


‫ُ‬ ‫وعن بعض أصحاب النبي ‪ ،H‬قال‪:‬‬
‫عىل رأسه املاء‪ ،‬وهو صائم‪ ،‬من العطش‪ ،‬أو من احلر»)‪.(4‬‬

‫قال احلافظ ابن حجر ‪« :V‬قول البخاري‪ :‬باب اغتسال الصائم‪ ،‬أي‪ :‬بيان‬
‫الز ْي ُن بن املنيِّ ‪ :‬أطلق االغتسال؛ ليشمل األغسال املسنونة‪ ،‬والواجبة‪،‬‬
‫جوازه‪ ،‬قال َّ‬
‫عيل ‪ ،I‬من النهي عن دخول الصائم‬ ‫ِ‬
‫واملباحة‪ ،‬وكأنه يشري إىل ضعف ما ُروي عن ٍّ‬
‫احلم َم‪ ،‬أخرجه عبد الرزاق‪ ،‬ويف إسناده ضعف»)‪ .(5‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫َّ‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬هل جيوز للصائم أن يستعمل الفرشة واملعجون‪ ،‬أو ال؟‬

‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)253/10‬‬


‫((( املغني (‪.)375/4‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)1825‬ومسلم (‪.)1109‬‬
‫((( رواه أبو داود (‪ ،)2365‬وصححه األلباين يف صحيح أيب داود(‪.)2072‬‬
‫((( فتح الباري (‪.)153/4‬‬
‫مايصلا تادسفم‬

‫*جواب‪:‬‬
‫سئل سامحة الشيخ ابن باز ‪ V‬عن استعامل معجون األسنان‪ ،‬فقال‪« :‬ال حرج يف‬
‫ذلك‪ ،‬مع التحفظ عن ابتالع يشء منه‪ ،‬كام يرشع استعامل السواك للصائم‪.)1(»..‬‬

‫‪355‬‬
‫وقال الشيخ حممد الصالح بن عثيمني ‪:V‬‬
‫«ويتفرع عىل هذا‪ :‬هل جيوز للصائم أن يستعمل الفرشة واملعجون‪ ،‬أو ال؟‬
‫اجلواب‪ :‬جيوز‪ ،‬لكن األوىل أال يستعملها؛ ملا يف املعجون من قوة النفوذ‪ ،‬والنزول إىل‬
‫احللق‪ ،‬وبدالً من أن يفعل ذلك يف النهار يفعله يف الليل»(‪ .)2‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬ما حكم من أكل أو رشب يف هنار رمضان ناسي ًا؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫«ليس عليه بأس‪ ،‬وصومه صحيح؛ لقول اهلل سبحانه يف آخر سورة البقرة‪( :‬ﯥ‬
‫ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ) [البقرة‪ ،]286 :‬وصح عن رسول اهلل ‪ ،H‬أن اهلل‬
‫سبحانه قال‪ :‬قد فعلت)‪ ،(3‬وملا ثبت عن أيب هريرة ‪ ،I‬عن النبي ‪ H‬أنه قال‪:‬‬
‫«من نيس وهو صائم فأكل أو رشب؛ فليتم صومه‪ ،‬فإنام أطعمه اهلل وسقاه (‪.)4‬‬
‫وهكذا لو جامع ناسي ًا؛ فصومه صحيح‪ ،‬يف أصح قويل العلامء لآلية الكريمة؛ وهلذا‬
‫احلديث الرشيف؛ ولقوله ‪« :H‬من أفطر يف رمضان ناسي ًا؛ فال قضاء عليه‪،‬‬
‫وال كفارة خرجه احلاكم (‪ ،)1596‬وصححه‪ ،‬وهذا اللفظ يعم اجلامع‪ ،‬وغريه من‬
‫املفطرات إذا فعلها الصائم ناسي ًا‪ ،‬وهذا من رمحة اهلل‪ ،‬وفضله‪ ،‬وإحسانه؛ فله احلمد‪،‬‬
‫والشكر عىل ذلك»)‪ .(5‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫((( فتاوى الشيخ ابن باز (‪.)247 /4‬‬


‫((( الرشح املمتع (‪.)408 ،407 /6‬‬
‫((( رواه مسلم (‪.)186‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)1797‬ومسلم (‪.)1952‬‬
‫((( جمموع فتاوى ابن باز(‪.)193/4‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*سؤال‪ :‬بعد اجلامع ليال‪ ،‬قد ينزل املني من الفرج هنار ًا‪ ،‬فهل هذا يبطل الصيام؟‪ ،‬وهل‬
‫جيب االغتسال ألداء الصالة؟‬
‫*جواب‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬نزول املني هنار ًا بعد مجاع الليل؛ ال يبطل الصيام‪ ،‬وقد أبيح لنا األكل‪،‬‬ ‫‪356‬‬
‫والرشب‪ ،‬واجلامع‪ ،‬من غروب الشمس إىل طلوع الفجر‪ ،‬قال تعاىل‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ‬
‫ﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤ‬
‫ﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳ‬
‫ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾﭿ ) [البقرة‪.]187 :‬‬
‫وقد نص العلامء ‪ ‬عىل‪ :‬أن نزول املني هنارا من مجاع الليل؛ ال يفسد الصوم‪.‬‬
‫وع ال َف ْج ِر‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الم َجام ُع ُط ُل َ‬ ‫ش َ‬ ‫«و َل ْو َخ َ‬
‫قال يف اجلوهرة النرية ‪-‬وهو من كتب احلنفية‪َ :-‬‬
‫َفن ََز َع َف َأ ْمنَى َب ْعدَ ال َف ْج ِر؛ َل ْ ُي ْفطِ ْر»)‪.(1‬‬
‫وقال يف حاشية الدسوقي ‪-‬وهو من كتب املالكية‪َ « :-‬ل ْو َجا َم َع َل ْيال‪َ ،‬ون ََز َل َمنِ ُّي ُه َب ْعدَ‬
‫ُح ُل ِلَ ْل ِق ِه َنَ ًارا»)‪،(2‬‬ ‫ِ‬
‫ش َء َع َل ْيه‪ ،‬ك ََم ْن ا ْكت ََح َل َل ْيال‪ُ ،‬ث َّم َه َب َط الك ْ‬
‫ِ‬
‫ال َف ْج ِر؛ ال َّظاه ُر َأ َّن ُه ال َ ْ‬
‫ونحوه يف رشح خمترص خليل(‪.)3‬‬
‫وقال النووي ‪ V‬يف املجموع ‪-‬وهو شافعي املذهب‪« :-‬إ َذا َجا َم َع َق ْب َل ال َف ْج ِر‪ُ ،‬ث َّم‬
‫اح ٍة؛‬ ‫وع ِه‪ ،‬و َأن َْز َل؛ َل يب ُط ْل صومه؛ ألَ َّنه تَو َّلدَ ِمن مب َ ٍ‬
‫اشة ُم َب َ‬‫ْ َُ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ ْ ُُ‬ ‫َْْ‬ ‫َ‬
‫وع ِه‪َ ،‬أو َع ِقب ُط ُل ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ن ََزع مع ُط ُل ِ‬
‫َ َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َف َل ْم َ ِ‬
‫ش ٌء‪ ،‬ك ََم َل ْو َق َط َع َيدَ َر ُج ٍل ق َص ً‬
‫اصا؛ َف َم َت منْ ُه»)‪.(4‬‬ ‫ب فيه َ ْ‬ ‫ي ْ‬

‫ثاني ًا‪ :‬إذا جامع واغتسل‪ ،‬ثم خرج منه مني بعد االغتسال؛ فإنه ال جيب إعادة الغسل مرة‬
‫أخرى؛ ألن السبب واحد‪ ،‬فال يوجب ُغ ْ‬
‫سلي‪ ،‬وإنام جيب الغسل إذا نزل بشهوة جديدة‪.‬‬
‫)‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬ ‫وقد سبق بيان ذلك يف جواب السؤال رقم (‪ ،)44945‬و(‬
‫***‬

‫((( اجلوهرة النرية (‪.)138/1‬‬


‫((( حاشية الدسوقي (‪.)523/1‬‬
‫((( رشح خمترص خليل (‪.)249/2‬‬
‫((( املجموع (‪.)348/6‬‬
‫مايصلا تادسفم‬

‫*سؤال‪ :‬أود من فضيلتكم التكرم بالرد عىل هذا سؤال‪ :‬هل جيوز استخدام قطعة‬
‫معقمة بحجم األصبع ُيمسح هبا اللسان واألسنان‪ ،‬وتستخدم للتطهري من الروائح‬
‫واجلراثيم‪ ،‬وتكون بنكهات خمتلفة كالنعناع‪ ،‬أثناء الصيام؟‬

‫‪357‬‬ ‫*جواب‪:‬‬

‫ال حرج يف استعامل ما ذكرت‪ ،‬برشط أال يصل منه يشء إىل احللق‪ ،‬بل يلفظ اإلنسان‬
‫ما بقي منه يف فمه‪ ،‬أو يتمضمض‪.‬‬

‫وقد سئل الشيخ صالح الفوزان حفظه اهلل‪ :‬يوجد يف الصيدليات معطر خاص بالفم‪،‬‬
‫وهو عبارة عن بخاخ‪ ،‬فهل جيوز استعامله خالل هنار رمضان؛ إلزالة الرائحة من الفم؟‬

‫فأجاب‪« :‬يكفي عن استعامل البخاخ للفم يف حالة الصيام استعامل السواك‪ ،‬الذي‬
‫حث عليه ‪ ،H‬وإذا استعمل البخاخ‪ ،‬ومل يصل يشء إىل حلقه؛ فال بأس به‪ ،‬مع‬
‫أن رائحة فم الصائم الناجتة عن الصيام ينبغي أن ال تكره؛ ألهنا أثر طاعة حمبوبة هلل ‪،D‬‬
‫ويف احلديث‪« :‬خلوف فم الصائم أطيب عند اهلل من ريح املسك »(‪.)1‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬لدي حساسية جتاه الغبار‪ ،‬تسبب يل العطاس املستمر (ربام ‪ 60‬عطسة‬
‫متتالية)‪ ،‬وقد وصف يل الطبيب دواء بخاخ ًا‪ ،‬حيتوي عىل نسبة ‪ 25‬من الكحول‪،‬‬
‫ال أستخدم هذا الدواء إال يف احلاالت الطارئة‪ ،‬ولكني ال أدري إن كان جيوز يل أن‬
‫أستخدم هذا الدواء أم ال؟ وماذا عن حكم استخدامه يف شهر رمضان خاصة؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫َ‬
‫ونعلمك أنه ال حرج يف استعامل هذا‬ ‫أوالً‪ :‬نسأل اهلل تعاىل أن يشفيك ويعافيك‪،‬‬
‫الدواء املحتوي عىل تلك النسبة من الكحول‪ ،‬وهي نسبة قليلة مستهلكة يف الدواء ال‬
‫يظهر هلا أثر؛ فال يكون هلا حكم باملنع‪.‬‬

‫((( املنتقى من فتاوى الشيخ صالح الفوزان (‪.)121 /3‬‬


‫الصيام سؤال وجواب‬

‫ثاني ًا‪ :‬استعامل البخاخ ألجل احلساسية؛ ال يف ِّطر عىل الصحيح‪ ،‬وسواء كان ذلك‬
‫عن طريق األنف‪ ،‬أو عن طريق الفم؛ فهو يتبخر‪ ،‬وال يكون له ِجرم يدخل يف اجلوف‪.‬‬

‫ُسئل الشيخ حممد بن صالح العثيمني ‪ :V‬أشعر بمرض حساسية يف خشمي‪،‬‬


‫عيل عظيمة من ضيق‬ ‫‪358‬‬
‫وأستعمل هلا عالج بخاخ لألنف‪ ،‬وإذا مل أستعمله يكون فيه مشقة َّ‬
‫النفس‪ ،‬وال أستطيع الصرب عن العالج أكثر من ثالث ساعات‪ ،‬وإن مل أستعمله فإنه‬
‫يضيق نفيس هنائ ّي ًا‪ ،‬واملشكلة العويصة هي إقبال شهر رمضان‪ ،‬حيث أنني أستعمله‪،‬‬
‫وأخشى أن جيرح صيامي‪ ،‬وإن تركته ال أستطيع‪ ،‬عل ًام أين كنت يف بعض األيام من‬
‫رمضان أستعمله‪ ،‬ولكني كثري احلرص من وصوله إىل حلقي‪ ،‬فام حكم ذلك؟ وما‬
‫حكم استعامله‪ ،‬وفقكم اهلل ملا فيه اخلري؟‬

‫فأجاب‪« :‬نسأل اهلل لك الشفاء والعافية‪.‬‬

‫واجلواب عىل سؤالك‪ :‬أن هذا البخاخ الذي تستعمله‪ ،‬ما هو إال يش ٌء يشبه الغاز‪،‬‬
‫وحينئذ فنقول‪ :‬ال بأس أن تستعمل هذا‬‫ٍ‬ ‫بكونه يتبخر وال يصل منه يش ٌء إىل املعدة‪،‬‬
‫ْ‬
‫البخاخ‪ ،‬وأنت صائم وال تفطر بذلك؛ ألنه كام قلنا ال يصل إىل املعدة منه أجزاء؛ ألنه‬
‫يش ٌء يتطاير‪ ،‬ويتبخر‪ ،‬ويزول‪ ،‬وال يصل منه ِجرم إىل املعدة‪ ،‬حتى نقول‪ :‬إن هذا مما‬
‫يوجب الفطر؛ فيجوز لك أن تستعمله وأنت صائم»(‪.)1‬‬

‫وانظر فتاوى أهل العلم يف عدم الفطر باستعامل بخاخ الربو يف الفم يف جواب‬
‫السؤال رقم (‪.)37650‬‬

‫وبه أفتى الشيخ عبد العزيز بن باز ‪ V‬يف استعامل بخاخ األنف‪ ،‬كام نقلناه عنه يف‬
‫جواب السؤال رقم (‪ .)106494‬واهلل أعلم‬
‫***‬

‫((( فتاوى نور عىل الدرب (‪.)17/211‬‬


‫مايصلا تادسفم‬

‫*سـؤال‪ :‬عندمـا يقترب شـهر رمضـان املبـارك‪ ،‬العلماء عندنـا يقومـون بتوزيـع‬
‫منشـورات‪ ،‬يوضحـون فيـه عـن كيفيـة الصـوم ومفطراتـه‪ ،‬منهـا يقولـون‪ :‬مـن‬
‫بلـع البلغـم واملخـاط‪ ،‬أو مـن أدخـل أصبعـه يف أذنـه؛ فقد أفسـد صومـه‪ ،‬هل هذا‬
‫صحيـح؟ أفيـدوين بـارك اهلل فيكـم‪.‬‬
‫‪359‬‬
‫*جواب‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬اختلف العلامء ‪ ‬يف‪ :‬بلع الصائم للنخامة‪ ،‬ويقال هلا النخاعة‪ ،‬هل يفسد‬
‫الصوم أم ال؟ والصحيح‪ :‬أهنا ال تفسده؛ ألهنا ليست يف معنى األكل والرشب‪.‬‬

‫قال الشيخ ابن عثيمني ‪ ...« :V‬وإذا اختلف العلامء فاملرجع الكتاب والسنة‪،‬‬
‫وإذا شككنا يف هذا األمر هل يفسد العبادة أو ال يفسدها؟‪ ،‬فاألصل عدم اإلفساد‪،‬‬
‫وبنا ًء عىل ذلك‪ :‬يكون بلع النخامة ال يفطر‪.‬‬

‫واملهم‪ :‬أن يدع اإلنسان النخامة‪ ،‬وال حياول أن جيذهبا إىل فمه من أسفل حلقه‪ ،‬ولكن‬
‫إذا خرجت إىل الفم فليخرجها‪ ،‬سواء كان صائ ًام أم غري صائم‪ ،‬أما التفطري فيحتاج إىل‬
‫دليل؛ يكون حجة لإلنسان أمام اهلل ‪ D‬يف إفساد الصوم»)‪.(1‬‬

‫وقال ‪ V‬أيض ًا‪« :‬القول الراجح‪ :‬أن النخامة ال تفطر‪ ،‬حتى لو وصلت إىل الفم‪،‬‬
‫وابتلعها اإلنسان؛ فإهنا ال تفطر‪ ،‬لكن اإلنسان ال يبتلعها‪ ،‬فإن أهل العلم حرموا ذلك؛‬
‫ألنه يشء مستقذر‪ ،‬وال ينبغي لإلنسان أن يبتلعه»)‪.(2‬‬

‫ثانيـ ًا‪ :‬أمـا إدخـال اإلصبـع يف األذن؛ فلا يفسـد الصوم قطعـ ًا‪ ،‬بل لـو وضع قطرة‬
‫أو دواء يف أذنـه‪ ،‬ووجـد طعمـه يف حلقـه؛ فإنـه ال يفسـد صومـه؛ لعـدم الدليـل على‬
‫إفسـاد الصـوم بذلك‪.‬‬

‫وينظر ملزيد الفائدة جواب السؤال رقم (‪ .)80208‬واهلل أعلم‪.‬‬


‫***‬

‫((( جمموع الفتاوى (‪.)356/19‬‬


‫((( لقاء الباب املفتوح لقاء رقم (‪.)153‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*سؤال‪ :‬هل هناك أقوال لألئمة تتعلق باالستطبابات اجلائزة‪ ،‬والتي ال تتعارض والصيام؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫فيام ييل ذكر عدد من األشياء املستعملة يف املجال الطبي‪ ،‬وبيان ما ُيف ّطر منها وما ال‬
‫‪360‬‬
‫ُيف ّطر‪ ،‬وكانت تلك خالصة ألبحاث رشعية‪ُ ،‬قدِّ مت إىل جممع الفقه اإلسالمي يف بعض‬
‫دوراته‪ ،‬وأصدر فيها اخلالصة التالية‪:‬‬

‫«أوالً‪ :‬األمور التالية ال تعترب من املفطرات‪:‬‬


‫‪ .1‬قطرة العني‪ ،‬أو قطرة األذن‪ ،‬أو غسول األذن‪ ،‬أو قطرة األنف‪ ،‬أو بخاخ األنف؛‬
‫إذا اجتنب ابتالع ما نفذ إىل احللق‪.‬‬
‫‪ .2‬األقراص العالجية التي توضع حتت اللسان؛ لعالج الذبحة الصدرية وغريها؛‬
‫إذا اجتنب ابتالع ما نفذ إىل احللق‪.‬‬
‫‪ .3‬مـا يدخـل املهبـل مـن حتاميل (لبـوس)‪ ،‬أو غسـول‪ ،‬أو منظار مهبلي‪ ،‬أو إصبع‬
‫للفحـص الطبي‪.‬‬
‫‪ .4‬إدخال املنظار‪ ،‬أو اللولب‪ ،‬ونحومها إىل الرحم‪.‬‬
‫‪ .5‬مـا يدخـل اإلحليـل‪ ،‬أي جمـرى البـول الظاهـر للذكـر أو األنثـى‪ ،‬مـن قثطـرة‬
‫(قسـطرة) أنبـوب دقيـق‪ ،‬أو منظـار‪ ،‬أو مـادة ظليلـة على األشـعة‪ ،‬أو دواء‪،‬‬
‫أو حملول لغسل املثانة‪.‬‬
‫‪ .6‬حفر السن‪ ،‬أو قلع الرضس‪ ،‬أو تنظيف األسنان‪ ،‬أو السواك وفرشاة األسنان؛‬
‫إذا اجتنب ابتالع ما نفذ إىل احللق‪.‬‬
‫‪ .7‬املضمضـة‪ ،‬والغرغـرة‪ ،‬وبخـاخ العلاج املوضعي للفـم؛ إذا اجتنـب ابتالع ما‬
‫نفـذ إىل احللق‪.‬‬
‫‪ .8‬احلقــن العالجيــة اجللديــة‪ ،‬أو العضليــة‪ ،‬أو الوريديــة‪ ،‬باســتثناء الســوائل‪،‬‬
‫واحلقــن املغذيــة‪.‬‬
‫‪ .9‬غاز األكسجني‪.‬‬
‫مايصلا تادسفم‬

‫‪ .10‬غازات التخدير (البنج)؛ ما مل يعط املريض سوائل (حماليل) مغذية‪.‬‬


‫‪ .11‬ما يدخل اجلسم امتصاص ًا من اجللد‪ :‬كالدهونات‪ ،‬واملراهم‪ ،‬واللصقات‬
‫العالجية اجللدية املحملة باملواد الدوائية أو الكيميائية‪.‬‬
‫‪ .12‬إدخال قثطرة (قسطرة) أنبوب دقيق يف الرشايني لتصوير‪ ،‬أو عالج أوعية‬
‫‪361‬‬
‫القلب‪ ،‬أو غريه من األعضاء‪.‬‬
‫‪ .13‬إدخال منظار من خالل جدار البطن؛ لفحص األحشاء‪ ،‬أو إجراء عملية‬
‫جراحية عليها‪.‬‬
‫‪ .14‬أخذ عينات (خزعات) من الكبد‪ ،‬أو غريه من األعضاء‪ ،‬ما مل تكن مصحوبة‬
‫بإعطاء حماليل‪.‬‬
‫‪ .15‬منظار املعدة‪ ،‬إذا مل يصاحبه إدخال سوائل (حماليل)‪ ،‬أو مواد أخرى‪.‬‬
‫‪ .16‬دخول أي أداة‪ ،‬أو مواد عالجية إىل الدماغ‪ ،‬أو النخاع الشوكي‪.‬‬
‫‪ .17‬القيء غري املتعمد‪ ،‬بخالف املتعمد (االستقاءة)‪.‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬ينبغي عىل الطبيب املسلم نصح املريض‪ ،‬بتأجيل ما ال يرضه تأجيله إىل ما بعد‬
‫اإلفطار‪ ،‬من صور املعاجلات املذكورة فيام سبق؛ حتى ال يؤ ّثر ذلك يف صحة صيامه (‪.)1‬‬
‫واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬أحد أصدقائي مصاب بداء الرسطان‪ ،‬ومضطر ألخذ جلسة العالج يف‬
‫رمضان‪ ،‬وهي عبارة عن عدد من األدوية تتم إذابتها يف حماليل‪ ،‬ويتم إعطاؤها عن‬
‫طريق الوريد‪ .‬فهل يصح الصيام؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫أخذ احلقن يف هنار رمضان للصائم له حاالن‪:‬‬
‫األوىل‪ :‬أن تكون هذه احلقن مغذية‪ ،‬بحيث تغني عن الطعام والرشاب‪ ،‬فهذه احلقن‬
‫مفطرة؛ ألهنا بمعنى األكل والرشب‪.‬‬

‫((( جملة جممع الفقه اإلسالمي‪ ،‬العدد العارش (‪ )7/2‬قرار ‪.)1/10( 93‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫الثانية‪ :‬أال تكون مغذية‪ ،‬فهذه ال تفطر‪ ،‬وال تؤثر عىل الصيام‪ ،‬وال فرق يف ذلك بني‬
‫أن تكون هذه احلقن يف الوريد‪ ،‬أو يف العضل‪ ،‬وإذا أمكن أن تكون هذه احلقن لي ً‬
‫ال فهو‬
‫ْأوىل؛ احتياط ًا للصيام‪.‬‬

‫سئل ابن باز ‪ :V‬عن حكم من حقن حقنة يف الوريد‪ ،‬والعضل أثناء النهار بشهر‬ ‫‪362‬‬
‫رمضان‪ ،‬وهو صائم‪ ،‬وأكمل صومه‪ ،‬هل فسد صومه ووجب قضاؤه أم ال؟‬

‫فأجاب‪« :‬صومه صحيح؛ ألن احلقنة يف الوريد‪ ،‬ليست من جنس األكل والرشب‪،‬‬
‫وهكذا احلقنة يف العضل من باب أوىل‪ ،‬لكن لو قىض من باب االحتياط كان أحسن‪،‬‬
‫وتأخريها إىل الليل إذا دعت احلاجة إليها‪ ،‬يكون أوىل وأحوط؛ خروج ًا من اخلالف يف‬
‫ذلك»(‪.)1‬‬

‫وسئل ابن عثيمني ‪ :V‬عن حكم حقن اإلبر يف العضل أو الوريد أو الورك؟‬

‫«ح ْق ُن اإلبر يف الوريد والعضل والورك‪ ،‬ليس به بأس‪ ،‬وال يفطر به الصائم؛‬
‫فأجاب‪َ :‬‬
‫ألن هذا ليس من املفطرات‪ ،‬وليس بمعنى املفطرات‪ ،‬فهو ليس بأكل وال رشب‪ ،‬وال‬
‫بمعنى األكل والرشب‪ ،‬وقد سبق لنا بيان أن ذلك ال يؤثر‪ ،‬وإنام املؤثر حقن املريض بام‬
‫يغني عن األكل والرشب»)‪ .(2‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬هل التطعيم ضد احلمى الشوكية يبطل الصيام؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«التطعيم ضد احلمى الشوكية ال يبطل الصيام‪ ،‬وال حرج يف ذلك‪ ،‬وإن تيرس أن‬
‫يكون التطعيم يف الليل‪ ،‬فهو أحوط (‪ .)3‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫((( جمموع فتاوى ابن باز (‪.)257/15‬‬


‫((( فتاوى الصيام (‪ ،)220/19‬وانظر‪ :‬فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)252/10‬‬
‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)251/10‬‬
‫مايصلا تادسفم‬

‫*سؤال‪ :‬خضعت لعمليتني خالل شهر رمضان‪ ،‬وأخذت خمدر ًا عن طريق احلقن‬
‫خالل هاتني العمليتني‪ .‬هل يفسد صومي هبذا؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫‪363‬‬ ‫سئل ابن عثيمني ‪ V‬عن رسيان البنج يف اجلسم‪ ،‬هل يف ّطر؟ وعن خروج الدم‬
‫عند قلع الرضس؟‬
‫فأجاب‪« :‬كالمها ال يفطر‪ ،‬ولكن ال يبلع الدم اخلارج من الرضس»(‪.)1‬‬
‫وال فرق بني استعامل البنج املوضعي‪ ،‬والبنج الذي يؤدي إىل غياب الوعي‪ ،‬فقد‬
‫نص كثري من الفقهاء عىل أن ا ُمل ْغ َمى عليه إذا أفاق حلظة من النهار؛ صح صومه‪ ،‬ما دام‬
‫قد نواه من الليل‪.‬‬
‫قال اإلمام الشافعي‪« :‬وإذا أغمي عىل رجل‪ ،‬فمىض له يوم أو يومان من شهر‬
‫رمضان‪ ،‬ومل يكن أكل وال رشب؛ فعليه القضاء‪ ،‬فإن أفاق يف بعض النهار؛ فهو يف يومه‬
‫ذلك صائم»)‪ .(2‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬بدأ رضس العقل خيرج يف فمي اآلن‪ ،‬وهو مؤمل جد ًا‪ ،‬فهل جيوز أن أضع‬
‫مرمها مسكنا لآلالم عىل اللثة أثناء الصيام؟ وهل جيوز أن أقوم بإجراء عملية‬
‫جراحية لنَزعه‪ ،‬وأبقى صائمة وأنا حتت املخدر؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫نعم‪ ،‬جيوز معاجلة األسنان‪ ،‬ووضع مرهم أو نحوه عىل اللثة يف الصيام‪ ،‬لكن برشط‬
‫أال يبتلعه‪ ،‬وكذلك ال بأس بإجراء عملية جراحية يف هنار رمضان حتت تأثري املخدر‪،‬‬
‫مادام التخدير لن يستغرق اليوم كله‪ ،‬أي‪ :‬من طلوع الفجر إىل غروب الشمس؛ ألن‬
‫حكم املخدر حينئذ حكم النوم‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫****‬

‫((( فتاوى رمضان (ص‪.)525‬‬


‫((( األم (‪ ،)153/8‬وانظر‪ :‬املغني (‪.)343/4‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*سـؤال‪ :‬أخـي مصاب بمرض السـكر‪ ،‬وحيتـاج إىل أخذ إبرة أنسـولني يوميـ ًا‪ ،‬فهل‬
‫اإلبـرة تفطر؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫‪364‬‬
‫«ال حرج عليك يف أخذ اإلبرة املذكورة هنار ًا للعالج‪ ،‬وال قضاء عليك‪ ،‬وإن تيرس‬
‫أخذه لي ً‬
‫ال بدون مشقة عليك‪ ،‬فهو أوىل (‪ .)1‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬ما حكم تطعيم الكبد الوبائي يف الكتف األيمن يف هنار رمضان؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫يضر ذلـك‪ ،‬وال يؤثـر يف الصيـام؛ حيـث إن هـذا التطعيـم ليس مـن املغذيات‪.‬‬
‫ال ُّ‬
‫واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬قطرة العني إذا دخل طعم مرارهتا إىل احللق هل تفطر؟ وإذا كانت تفطر وقد‬
‫وضعتها يف النهار ثم نمت‪ ،‬ومل أدر هل ابتلعتها أم ال‪ ،‬فام احلكم؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫اختلف العلامء يف قطرة العني‪ ،‬هل تفطر الصائم‪ ،‬أم ال؟‬

‫قال ابن عثيمني ‪« :V‬وذهب ابن تيمية ‪ V‬إىل أن الكحل ال يفطر‪ ،‬ولو وصل‬
‫ال ورشب ًا‪ ،‬وال بمعنى األكل والرشب‪،‬‬
‫طعم الكحل إىل احللق‪ ،‬وقال‪ :‬إن هذا ال يسمى أك ً‬
‫وال حيصل به ما حيصل باألكل والرشب‪ ،‬وليس عن النبي ‪ H‬حديث صحيح‬
‫رصيح يدل عىل أن الكحل مفطر‪ ،‬واألصل عدم التفطري‪ ،‬وسالمة العبادة‪ ،‬حتى يثبت‬
‫لدينا ما يفسدها‪.‬‬

‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)252/10‬‬


‫مايصلا تادسفم‬

‫وما ذهب إليه ‪ V‬هو الصحيح‪ ،‬ولو وجد اإلنسان طعمه يف حلقه‪.‬‬

‫وبنا ًء عىل ما اختاره ابن تيمية‪ :‬لو أنه قطر يف عينيه وهو صائم‪ ،‬فوجد الطعم يف‬
‫حلقه؛ فإنه ال يفطر بذلك»)‪ .(1‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫‪365‬‬ ‫***‬

‫*سؤال‪ :‬هل جيوز استخدام العدسات الالصقة أثناء الصيام؟ ألهنا ‪-‬وكام تعلمون‪-‬‬
‫توضع يف حملول خاص لتنظيفها؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫جيوز استعامل العدسات الالصقة أثناء الصيام‪ ،‬وال يرض كوهنا توضع أوالً يف حملول‬
‫التنظيف؛ إذ غاية األمر أن يترسب يشء من املحلول إىل العني‪ ،‬فيكون بمثابة قطرة‬
‫العني‪ ،‬وهي ال تفسد الصوم‪ ،‬عىل الصحيح من قويل أهل العلم‪.‬‬

‫قال ابن عثيمني ‪« :V‬ال بأس للصائم أن يكتحل‪ ،‬وأن يقطر يف عينه‪ ،‬وأن يقطر‬
‫يف أذنيه‪ ،‬حتى وإن وجد طعمه يف حلقه‪ ،‬فإنه ال يفطر هبذا؛ ألنه ليس بأكل وال رشب‪،‬‬
‫وال بمعنى األكل والرشب‪.‬‬

‫والدليل إنام جاء يف منع األكل والرشب‪ ،‬فال يلحق هبام ما ليس يف معنامها‪ ،‬وهذا‬
‫الذي ذكرناه هو اختيار ابن تيمية ‪ ،V‬وهو الصواب»(‪ .)2‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬تكثر أنواع األدوية ملرض الربو‪ ،‬فمنها البخاخ املعروف‪ ،‬وهناك أدوية عىل‬
‫شكل كبسولة توضع داخل علبة خمصصة للشفط عن طريق الفم‪ ،‬حيث تطحن‬
‫داخل العلبة ويتم شفطها‪ ،‬وهناك جهاز يوضع به دواء سائل مع اجلهاز يوضع‬
‫األنبوب مع كاممة عىل الوجه‪ ،‬ثم يشغل هذا اجلهاز‪ ،‬فيخرج هذا السائل مذابا‬
‫بمحلول مائي عىل هيئة غاز‪ ،‬هل هذه تعترب من املفطرات؟‬

‫((( الرشح املمتع (‪.)382/6‬‬


‫((( الرشح املمتع (‪.)382/6‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*جواب‪:‬‬

‫أدوية مرض الربو كثرية‪ ،‬ومنها ما يف ِّطر‪ ،‬ومنها ما ال يف ِّطر‪ ،‬ومن أشهر هذه األدوية‬
‫والعالجات‪ :‬البخاخ‪ ،‬واألكسجني‪ ،‬والتبخري‪ ،‬والكبسوالت‪.‬‬
‫‪366‬‬
‫أما البخاخ‪ :‬فهو غاز مضغوط‪ ،‬يستعمله املريض‪ ،‬ويصل إىل الرئتني عن طريق‬
‫ال وال رشب ًا‪ ،‬وال شبيه ًا هبام‪.‬‬
‫القصبة اهلوائية؛ لتوسيع الرئتني‪ ،‬وهو ليس أك ً‬

‫قال ابن باز ‪« :V‬وبخاخ الربو ال يف ّطر؛ ألنه غاز مضغوط يذهب إىل الرئة‪،‬‬
‫وليس بطعام‪ ،‬وهو حمتاج إليه دائام‪ ،‬يف رمضان وغريه»)‪.(1‬‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ نقول‪ :‬ال‬ ‫وقال ابن عثيمني ‪« :V‬هذا البخاخ يتبخر‪ ،‬وال يصل إىل املعدة‪،‬‬
‫بأس أن تستعمل هذا البخاخ وأنت صائم‪ ،‬وال تفطر بذلك»)‪.(2‬‬

‫وقالت اللجنة الدائمة‪« :‬دواء الربو الذي يستعمله املريض استنشاق ًا‪ ،‬يصل إىل‬
‫ال وال رشب ًا‪ ،‬وال شبيه ًا هبام‪،‬‬
‫الرئتني عن طريق القصبة اهلوائية‪ ،‬ال إىل املعدة‪ ،‬فليس أك ً‬
‫والذي يظهر عدم الفطر باستعامل هذا الدواء»)‪.(3‬‬

‫ال وال رشب ًا‪ ،‬وعليه‪ :‬فيمكن استعامله أثناء‬


‫وأما األكسجني‪ :‬فهو أيضا ليس أك ً‬
‫الصيام‪ ،‬دون أي حرج‪.‬‬

‫وأما التبخري‪ :‬فيكون استعامله عن طريق جهاز يقوم بتحويل الدواء السائل ‪-‬وعادة‬
‫ما يكون الدواء حملوالً يف ملح الصوديوم‪ -‬إىل بخار ورذاذ ناعم‪ ،‬ويوضع الدواء يف‬
‫وعاء صغري خاص باجلهاز‪ ،‬وعند تشغيل اجلهاز‪ ،‬يتم ضخ هواء برسعة عالية‪ ،‬مما‬
‫كمم‬
‫يسبب تبخري هذا الدواء‪ ،‬وبالتايل يتم استنشاقه من ق َبل املريض‪ ،‬إما عن طريق َّ‬
‫يوضع عىل الفم‪ ،‬أو أنبوب صغري يمكن وضعه داخل الفم‪.‬‬

‫((( فتاوى الدعوة عدد (‪.)979‬‬


‫((( فتاوى أركان اإلسالم (‪.)475‬‬
‫((( فتاوى إسالمية (‪.)130/1‬‬
‫مايصلا تادسفم‬

‫ووصول قطرات املاء وامللح إىل اجلوف‪ ،‬عن طريق هذا اجلهاز أمر شبه حتمي‪ ،‬وال‬
‫يستطيع املريض تفادي حدوثه‪ ،‬وعليه‪ :‬فإذا استعمل هذه الطريقة فليفطر‪ ،‬وليقض يوم ًا‬
‫آخر مكانه‪.‬‬

‫‪367‬‬ ‫وأما الكبسوالت‪ :‬فهي عبارة عن كبسوالت‪ ،‬يكون فيها الدواء عىل شكل بودرة‬
‫جافة‪ ،‬ويتم إدخال هذه الكبسوالت إىل جهاز خاص‪ ،‬فيه أداة لثقب هذه الكبسوالت‪،‬‬
‫لتحرير جرعة الدواء‪ ،‬ويتم شفطها من اجلهاز بواسطة الفم‪.‬‬
‫واستعامل هذه الكبسوالت مفسد للصيام؛ ألن جزء ًا من هذه البودرة خيتلط بالريق‪،‬‬
‫وينْزل إىل املعدة‪.‬‬
‫وقد سئل ابن عثيمني ‪ :V‬بعض الناس مصاب بالربو وحيتاج إىل استعامل‬
‫البخاخة أثناء صيامه‪ ،‬فام حكم ذلك؟‬
‫فأجاب‪« :‬اختناق النفس املعروف بالربو يصيب بعض الناس‪ ،‬فيستعمل أحد دوائني‪،‬‬
‫دواء يسمى (كبسوالت)‪ ،‬فهذا يفطر؛ ألنه دواء ذو ِجرم يدخل إىل املعدة‪ ،‬وال يستعمله‬
‫الصائم يف رمضان إال يف حالة الرضورة‪ ،‬وإذا استعمله يف حال الرضورة؛ فإنه يكون‬
‫مفطر ًا‪ ،‬يأكل ويرشب بقية يومه‪ ،‬ويقيض يوم ًا بدله‪ ،‬وإذا قدر أن هذا املرض مستمر دائ ًام‬
‫معه‪ ،‬فإنه يكون كالشيخ الكبري‪ ،‬عليه أن يطعم عن كل يوم مسكين ًا‪ ،‬وال جيب عليه الصوم‪.‬‬
‫والنوع الثاين‪ :‬غاز ليس فيه إال هواء‪ ،‬يفتح مسام الرشايني حتى يتنفس بسهولة‪،‬‬
‫فهذا ال يفطر‪ ،‬وال يفسد الصوم‪ ،‬وللصائم أن يستعمله‪ ،‬وصومه صحيح»(‪.)1‬‬
‫وسـئل ‪ :V‬شـخص بـه مـرض الربو وال يسـتطيع قـراءة القـرآن إال باسـتعامل‬
‫األكسـجني‪ ،‬فهـل يسـتعمله يف هنـار رمضان؟‬

‫فأجاب‪« :‬إذا كان استعامله لألكسجني ليس برضوري‪ ،‬فاألحسن أن ال يستعمله‪،‬‬


‫والصائم ال يلزمه أن يقرأ القرآن‪ ،‬حتى نقول‪ :‬إنه يستعمله ليقرأ القرآن»(‪ .)2‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)210 /19‬‬


‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)212/19‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*سؤال‪ :‬أنا أخضع لعالج إخصاب منذ بضعة أشهر‪ ،‬أذهب إىل الدكتور باستمرار‬
‫للتصوير واملراقبة الدورية‪ ،‬أثناء التصوير تقوم املمرضة بإدخال أنبوب إىل فرجي‬
‫ليحصلوا عىل صورة قريبة‪ ،‬يف بعض األوقات يتم إدخال الدواء إىل فرجي أيض ًا‪.‬‬
‫هل الغسل واجب بعد إدخال أنبوب التصوير للفرج؟‪ ،‬وهل يفسد الصوم؟‬
‫‪368‬‬
‫*جواب‪:‬‬

‫سئلت اللجنة الدائمة‪ :‬إذا أدخلت املرأة أو الطبيبة جهاز ًا أو عالج ًا يف الفرج‪ ،‬فهل‬
‫جيب االغتسال؟‪ ،‬وهل يفسد ذلك الصوم؟‬

‫فأجابت‪« :‬إذا حصل ما ُذكر فال جيب غسل اجلنابة‪ ،‬وال يفسد الصوم»(‪.)1‬‬

‫وذلك للفرق الكبري بني إدخال األنبوب ونحوه وبني اجلامع؛ فال يلحق به‪ ،‬وال‬
‫يقاس عليه‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬أحيان ًا أشعر بتعب وصداع يف هنار رمضان‪ ،‬فنصحني البعض بأخذ أقامع‬
‫(لبوس)‪ ،‬وذلك للتخفيف من حدة الصداع‪ ،‬فهل هذا العالج مفطر‪ ،‬أم ال؟ أفيدوين‬
‫أفادكم اهلل‪.‬‬

‫*جواب‪:‬‬

‫استعامل اللبوس يف هنار رمضان ال يفطر‪ ،‬وكذلك لو احتاج الصائم إىل احلقنة‬
‫الرشجية‪ ،‬فإهنا ال تفطر؛ ألنه ال دليل عىل كون ذلك من املفطرات‪ ،‬وألن ذلك ليس‬
‫ال وال رشب ًا‪ ،‬وال هو بمعنى األكل والرشب‪.‬‬
‫أك ً‬

‫قال ابن تيمية ‪« :V‬وال يفطر باالكتحال واحلقنة ‪-‬يعني‪ :‬احلقنة الرشجية‪ ،-‬وهو‬
‫قول بعض أهل العلم»)‪.(2‬‬

‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)173/10‬‬


‫((( االختيارات (‪.)193‬‬
‫مايصلا تادسفم‬

‫وقال ابن عثيمني ‪« :V‬والراجح يف هذه املسألة‪ ،‬قول شيخ اإلسالم ابن تيمية‪،‬‬
‫يعني‪ :‬أن احلقنة الرشجية ال تفطر»(‪ .)1‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫‪369‬‬ ‫*سؤال‪ :‬ما حكم استعامل التَّحاميل يف هنار رمضان إذا كان الصائم مريض ًا؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫قال ابن عثيمني ‪« :V‬ال بأس أن يستعمل اإلنسان التحاميل‪ ،‬التي تكون من دبره‬
‫ال وال رشب ًا‪ ،‬وال بمعنى األكل والرشب‪.‬‬
‫إذا كان مريض ًا؛ ألن هذا ليس أك ً‬

‫حرم علينا األكل والرشب‪ ،‬فام قام مقام األكل والرشب‪ُ ،‬أ ْعطي ُحكم‬
‫والشارع إنام ّ‬
‫األكل والرشب‪ ،‬وما ليس كذلك‪ ،‬فإنه ال يدخل فيه لفظ ًا وال معنى‪ ،‬فال يثبت له حكم‬
‫األكل والرشب»)‪ .(2‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬ما حكم احلقنة الرشجية التي حيقن هبا املريض وهو صائم؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫احلقنة الرشجية التي حيقن هبا املرىض ضد اإلمساك‪ ،‬اختلف فيها أهل العلم‪ ،‬فذهب‬
‫بعضهم إىل أهنا مفطرة؛ بناء عىل أن كل ما يصل إىل اجلوف‪ ،‬فهو ُمف ّطر‪ ،‬وقال بعضهم‪:‬‬
‫إهنا ليست مفطرة‪ ،‬وممن قال بذلك شيخ اإلسالم ابن تيمية‪ ،‬يقول‪ :‬إن هذا ليس أك ً‬
‫ال‬
‫وال رشب ًا‪ ،‬وال بمعنى األكل والرشب‪.‬‬

‫وقد رجح الشيخ ابن عثيمني رأي شيخ اإلسالم ابن تيمية(‪ .)3‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫((( الرشح املمتع (‪.)381/6‬‬


‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)205/19‬‬
‫((( انظر‪ :‬جمموع الفتاوى (‪ ،)247-243/25‬جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)204/19‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*سؤال‪ :‬هل دخول املاء يف فتحة الرشج أثناء االستنجاء من الغائط يفطر؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫ال وال رشب ًا‪،‬‬


‫دخول املاء يف فتحة الرشج أثناء االستنجاء ال يفطر؛ ألن هذا ليس أك ً‬
‫‪370‬‬
‫وال هو بمعنى األكل والرشب‪ ،‬وقد أفتى العلامء أن احلقنة الرشجية‪ ،‬واللبوس الذي‬
‫يوضع يف الدبر‪ ،‬ليس من املفطرات‪.‬‬

‫وننصـح السـائل بعـدم التكلـف يف مثـل هـذه املسـائل؛ إذ ال داعـي ألن يتقصـد‬
‫إدخـال املـاء داخـل دبـره‪ ،‬بحجة الزيـادة يف الطهـارة؛ ألن هذا مـن التنطـع يف الدين‪،‬‬
‫الم َتنَ ِّط ُع َ‬
‫ـون )‪ .(1‬واهلل أعلـم‪.‬‬ ‫ـك ُ‬‫«ه َل َ‬
‫وقـد قـال النبـي ‪َ :H‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬أود أن أسأل‪ :‬هل لدغة النحلة أو العقرب من املفطرات؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫ال نعلم أحد ًا من أهل العلم قال‪ :‬بأن لدغة النحلة أو العقرب من املفطرات‪ ،‬والنحلة‬
‫والعقرب تضعان السم يف بدن امللدوغ‪ ،‬وهو يتحرز من لدغهام‪ ،‬ومجيع مفسدات الصيام‬
‫يشرتط فيها لكي تفسد الصيام‪ :‬أن يفعلها الصائم خمتار ًا‪ ،‬أما لو فعلها مكره ًا؛ فإنه ال‬
‫يفطر هبا‪ ،‬كمن طار إىل حلقه ذباب فابتلعه؛ ال يفطر بذلك‪.‬‬

‫وال ُيعرف خالف بني العلامء املعارصين أن احلقن اجللدية والعضلية ال تفطر‪،‬‬
‫واألصل‪ :‬صحة الصوم حتى يقوم دليل عىل فساده‪ ،‬وهذه اإلبر ليست أكالً‪ ،‬وال رشب ًا‪،‬‬
‫وال بمعنى األكل والرشب‪ ،‬فإذا كان حقن الدواء ال يفطر‪ ،‬فلدغة العقرب والنحلة ال‬
‫تفطر من باب أوىل‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫((( رواه مسلم (‪.)2670‬‬


‫مايصلا تادسفم‬

‫املفطر اخلامس‪ :‬إخراج الدم باحلجامة وغريها‬


‫*سؤال‪ :‬هل يفطر احلاجم واملحجوم يف هنار رمضان؟ وما احلكم‪ :‬هل يفطران‬
‫ويقضيان ما فاهتام؟ أم ماذا عليهام؟ آمل إفاديت‪.‬‬
‫‪371‬‬ ‫*جواب‪:‬‬

‫ُيفطـر احلاجـم واملحجـوم‪ ،‬وعليهما اإلمسـاك‪ ،‬والقضاء؛ لقـول النبي ‪:H‬‬


‫الم ْح ُجـو ُم (‪ .)1‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫ـم‪َ ،‬و َ‬ ‫احل ِ‬
‫اج ُ‬ ‫َ‬
‫«أ ْف َط َـر َ‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬ما احلكم عندما يصاب الصائم بنَزيف من األنف؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«إذا كان األمر كام ذكرت فصيامك صحيح؛ ألن إصابتك بالرعاف (النَّزيف) ناشئة‬
‫بغري اختيارك‪ ،‬فال يرتتب عىل وجودها احلكم عليك بالفطر‪ ،‬والذي يدل عىل ذلك‪:‬‬
‫أدلة يرس الرشيعة‪ ،‬ومنها‪ :‬قوله تعاىل‪( :‬ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ) [البقرة‪،]286 :‬‬
‫وقوله تعاىل‪( :‬ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ) [املائدة‪ .)2( ]6 :‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬أسأل عن مقدار الدّ م الذي خيرج من اإلنسان والذي يكون من املفسدات‬
‫للصيام‪ ،‬حيث ّإن أعاين من مرض «العذر» (انتفاخ العروق باملخرج)‪ ،‬وذلك منذ مدّ ة‪،‬‬
‫ّ‬
‫وبصفة غري منتظمة يكون مرفوق ًا ببعض الدّ م‪ ،‬وهو ما مقداره تقريب ًا نصف فنجان‪.‬‬

‫*جواب‪:‬‬

‫نسأل اهلل أن يمن عليك بالشفاء العاجل‪.‬‬

‫((( رواه أبو داود (‪ ،)2367‬وابن ماجة (‪ ،)1679‬وصححه األلباين يف صحيح أيب داوود (‪ .)2074‬فتاوى‬
‫اللجنة الدائمة (‪.)262/10‬‬
‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)264/10‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫بام أن هذا الدم خيرج بسبب املرض؛ فإن صومك صحيح‪ ،‬وال يلزمك يشء‪ ،‬حتى‬
‫لو كان الدم كثري ًا‪ ،‬ما دام أنه خرج بدون فعلك‪.‬‬

‫والضابط يف الدم املفسد للصوم‪ :‬أن الدم اخلارج من اإلنسان له حاالن‪:‬‬


‫‪372‬‬
‫أوالً‪ :‬أن خيرج الدم بفعل الشخص واختياره‪ ،‬ففيه تفصيل‪:‬‬
‫احل ِ‬
‫اج ُم‬ ‫‪ .1‬أن خيرج عن طريق احلجامة فإنه ُيفطر؛ لقول النبي ‪َ :H‬‬
‫«أ ْف َط َر َ‬
‫الم ْح ُجو ُم )‪.(1‬‬
‫َو َ‬
‫‪ .2‬أن خيرج بغري احلجامة‪ :‬كالفصد (وهو إخراج الدم من العرق)‪ ،‬فإن كان كثري ًا يؤثر‬
‫ال ال يرض الشخص؛‬ ‫عىل بدن اإلنسان؛ بطل صومه‪ ،‬كالتربع بالدم‪ ،‬وإن كان قلي ً‬
‫فال يبطل صومه‪ ،‬كالدم اليسري الذي يؤخذ للتحليل؛ فإنه ال ُيفسد الصوم‪.‬‬
‫ثاني ًا‪ :‬أن خيرج الدم بغري قصد‪ ،‬كأن يصاب بحادث أو رعاف أو جرح يف أي مكان‬
‫من جسمه؛ فصومه صحيح‪ ،‬ولو كثر الدم‪.‬‬
‫هذا حمصل فتوى للشيخ ابن عثيمني‪.(2)V‬‬
‫ولكن‪ ،‬إن كان الدم اخلارج بغري قصد اإلنسان كثري ًا‪ ،‬بحيث ُيضعفه عن الصيام؛‬
‫َح َّل له اإلفطار‪ ،‬وقىض يوم ًا مكانه‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬هل أخذ عينة دم مقدارها (‪ 5‬سم) يؤثر عىل الصيام؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫ال يؤثر ذلك عىل الصيام؛ ألنه قليل‪ ،‬وال ُيضعف الصائم‪.‬‬
‫سئل ابن باز ‪ V‬عن حكم من ُسحب منه دم وهو صائم يف رمضان؛ وذلك‬
‫بغرض التحليل؟‬

‫((( رواه أبو داود (‪ ،)2367‬وصححه األلباين يف صحيح أيب داود (‪.)2074‬‬
‫((( انظر‪ :‬جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)248/19‬‬
‫مايصلا تادسفم‬

‫فأجاب‪« :‬مثل هذا التحليل‪ ،‬ال يفسد الصوم‪ ،‬بل يعفى عنه؛ ألنه مما تدعو احلاجة‬
‫إليه‪ ،‬وليس من جنس املفطرات املعلومة من الرشع املطهر»(‪.)1‬‬

‫وسئل ابن عثيمني ‪ :V‬عن حكم حتليل الدم للصائم‪ ،‬وهل يفطر؟‬
‫‪373‬‬
‫فأجاب‪« :‬ال يفطر الصائم بإخراج الدم من أجل التحليل‪ ،‬فإن الطبيب قد حيتاج‬
‫إىل األخذ من دم املريض ليختربه‪ ،‬فهذا ال يفطر؛ ألنه دم يسري‪ ،‬ال يؤثر عىل البدن‬
‫تأثري احلجامة‪ ،‬فال يكون مفطر ًا‪ ،‬واألصل بقاء الصيام‪ ،‬وال يمكن أن نفسده إال بدليل‬
‫رشعي‪ ،‬وهنا ال دليل عىل أن الصائم يفطر بمثل هذا الدم اليسري‪.‬‬

‫وأما أخذ الدم الكثري من الصائم من أجل حقنه يف رجل حمتاج إليه مثالً‪ ،‬فإنه إذا‬
‫أخذ من الدم الكثري الذي يفعل بالبدن مثل فعل احلجامة؛ فإنه يفطر بذلك‪.‬‬

‫وعىل هذا‪ :‬فإذا كان الصوم واجب ًا؛ فإنه ال جيوز ألحد أن يتربع هبذا الدم الكثري‬
‫املتبع له يف حالة خطرة ال يمكن أن يصرب إىل ما بعد الغروب‪،‬‬
‫ألحد‪ ،‬إال أن يكون هذا َ َّ‬
‫وقرر األطباء‪ :‬أن دم هذا الصائم ينفعه ويزيل رضورته‪ ،‬فإنه يف هذه احلال‪ ،‬ال بأس‬
‫أن يتربع بدمه‪ ،‬ويفطر ويأكل ويرشب‪ ،‬حتى تعود إليه قوته‪ ،‬ويقيض هذا اليوم الذي‬
‫أفطره»(‪ .)2‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬هل يعترب سحب الدم من جسم اإلنسان عن طريق احلقنة مفطر‪ ،‬أم ال؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«إذا كان الـدم الـذي ُأخـذ منه يسير ًا عرف ًا؛ فال جيـب عليه قضاء ذلـك اليوم‪ ،‬وإن‬
‫كان كثير ًا عرفـ ًا؛ فإنـه يقضي ذلـك اليـوم خروج ًا مـن اخللاف‪ ،‬وأخـذ ًا باالحتياط؛‬
‫بـراءة للذمة (‪.)3‬‬

‫((( جمموع فتاوى ابن باز (‪.)274/15‬‬


‫((( انظر‪ :‬جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)251/19‬‬
‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)263/10‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫وقال ابن جربين ‪« :V‬إذا تربع بالدم ُفأخذ منه الكثري؛ فإنه يبطل صومه قياس ًا‬
‫عىل احلجامة‪ ،‬وذلك أن جيتذب منه دم من العروق؛ إلنقاذ مريض‪ ،‬أو لالحتفاظ بالدم‬
‫للطوارئ‪ ،‬فأما إن كان قليالً؛ فال يفطر‪ ،‬كالذي يؤخذ يف اإلبر للتحليل‪ ،‬واالختبار»)‪.(1‬‬
‫واهلل أعلم‪.‬‬
‫‪374‬‬
‫***‬

‫املفطر السادس‪ :‬التقيؤ عمدً ا‬


‫*سؤال‪ :‬صائم تقيأ ثم ابتلع شيئ ًا من قيئه بغري عمد‪ ،‬فام حكمه؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«إذا تقيأ عمد ًا؛ فسد صومه‪ ،‬وإن غلبه القيء؛ فال يفسد صومه‪ ،‬وكذلك ال يفسد‬
‫ببلعه‪ ،‬ما دام غري متعمد»(‪ .)2‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬هل تقيؤ اليشء القليل يفسد الصيام؟ كان شيئ ًا بني البصق والتقيؤ‪.‬‬

‫*جواب‪:‬‬

‫التقيؤ هو خروج الطعام ونحوه‪ ،‬من اجلوف إىل ظاهر البدن‪.‬‬


‫ـخراج ما يف الـجو ِ‬
‫ف عامد ًا»(‪.)3‬‬ ‫ِ‬
‫َ ْ‬ ‫قال ابن منظور ‪« :V‬هو است ْ ُ‬
‫وحكمه من جهة إفساده للصوم من عدمه‪ :‬أنه إن تعمد القيء؛ فسد صومه‪ ،‬ولزمه‬
‫قضاء ذلك اليوم‪ ،‬أما إن غلبه القيء‪ ،‬فقاء بغري اختيار منه؛ فصومه صحيح‪ ،‬وال يشء عليه‪.‬‬

‫وإذا احتاج إىل التقيؤ بسبب مرضه‪ ،‬وكان التقيؤ يساعد عىل العالج‪ ،‬فإنه جيوز له‬
‫ذلك‪ ،‬ويلزمه قضاء هذا اليوم بعد رمضان‪.‬‬

‫((( فتاوى إسالمية (‪.)133/2‬‬


‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)254/10‬‬
‫((( لسان العرب (‪.)135/1‬‬
‫مايصلا تادسفم‬

‫وال فرق يف القيء بني القليل والكثري عىل الصحيح‪ ،‬فلو تعمد القيء وخرج يشء‬
‫قليل؛ أفطر‪.‬‬

‫«م ْن‬
‫قال يف الفروع‪« :‬وإن استقاء فقاء أي يشء كان‪ :‬أفطر؛ خلرب أيب هريرة ‪َ :I‬‬
‫ِ‬
‫‪375‬‬ ‫ض )‪.(1‬‬ ‫اء‪َ ،‬و َم ِن ْاس َت َق َ‬
‫اء َع ْمد ًا َف ْل َي ْق ِ‬ ‫َذ َر َع ُه ال َق ْي ُء َف َل ْي َس َع َل َيه َق َض ٌ‬

‫لكن‪ ،‬هناك فرق بني البصاق والتقيؤ‪ ،‬فالبصاق والبلغم ونحومها‪ ،‬ال يأتيان من‬
‫اجلوف؛ فال حرج يف إخراجهام أو تفلهام‪ ،‬أما التقيؤ‪ :‬فهو خروج ما يف اجلوف‪ ،‬عىل ما‬
‫سبق بيانه‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬أشكو من محوضة يف املعدة‪ ،‬مما يسبب يل ارجتاع سائل حامض إىل فم املريء‪،‬‬
‫فهل يعترب هذا من بطالت الصوم؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫ارجتاع سوائل املعدة حيدث بغري اختيار اإلنسان‪ ،‬وقد حيس الشخص باحلموضة أو‬
‫املرارة يف املريء نفسه‪ ،‬وال خيرج إىل الفم‪ ،‬ففي هذه احلال ال تعترب من مفسدات الصوم؛‬
‫ألهنا مل خترج إىل الفم‪.‬‬

‫أما إذا خرجت إىل الفم‪ ،‬فحكمها حينئذ حكم القلس‪ ،‬أو القيء‪.‬‬

‫وال َق َلس‪ :‬قيل‪ :‬هو القيء‪ ،‬وقيل‪ :‬هو قليل القيء‪ ،‬فهو ما خرج من اجلوف‪ ،‬ومل يمأل‬
‫الفم‪ ،‬وقيل‪ :‬هو ما خيرج من فم املعدة عند امتالئها(‪.)2‬‬

‫وحكمه‪ :‬أنه إذا رده إىل جوفه مع إمكان إخراجه؛ أفطر‪ ،‬وإن ابتلعه لكونه مل يتمكن‬
‫من إخراجه؛ فال يؤثر عىل صيامه‪.‬‬

‫((( رواه أبو داود(‪ ،)2382‬والرتمذي (‪ ،)720‬وقال‪ :‬العمل عند أهل العلم عليه‪ ،‬وصححه األلباين يف إرواء‬
‫الغليل (‪ ،)65/4‬وانظر‪ :‬الفروع (‪.)49/3‬‬
‫((( املجموع (‪.)4/4‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫قـال يف الشرح الصغير عـن القلس‪« :‬فـإن مل يمكـن طرحه‪ ،‬بـأن مل جيـاوز احللق؛‬
‫فال يشء فيـه»(‪.)1‬‬
‫وقال ابن حزم ‪ V‬عن القلس‪« :‬وال ينقض الصوم َق َلس خارج من احللق‪ ،‬ما مل‬
‫يتعمد رده بعد حصوله يف فمه‪ ،‬وقدرته عىل رميه»(‪.)2‬‬
‫‪376‬‬
‫ثم قال‪« :‬وال نعلم يف القلس‪ ،‬والدم اخلارجني من األسنان ال يرجعان إىل احللق‪،‬‬
‫خالف ًا يف أن الصوم ال يبطل هبام‪ ،‬وحتى لو جاء يف ذلك خالف ملا التفت إليه؛ إذ مل‬
‫يوجب بطالن الصوم بذلك نص»)‪ .(3‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬هل التجشؤ يفطر الصائم؟‬


‫*جواب‪:‬‬
‫ُ‬
‫اجلشاء‪ :‬هو خروج اهلواء بصوت من املعدة‪ ،‬عن طريق الفم‪ ،‬عند حصول الشبع‪.‬‏‏‬
‫وجمرد خروج اجلشاء ال يفطر الصائم‪ ،‬لكن‪ ،‬إن خرج معه يشء من الطعام؛ وجب‬
‫عليه أن يلفظه‪ ،‬فإن ابتلعه خمتار ًا عامد ًا؛ فسد صومه‪ ،‬فإن ابتلعه بال قصد منه‪ ،‬أو مل‬
‫يتمكن من إخراجه؛ فصيامه صحيح‪.‬‬
‫كثريا‪َ ،‬و ُع ِل َم من عادته أنه إذا أصبح حصل‬
‫ال ً‬ ‫قال الرميل ‪« :V‬أكل أو رشب لي ً‬
‫له ُج َشا ٌء‪ ،‬خيرج بسببه ما يف جوفه‪ ،‬هل َي ْمتَنِ ُع عليه كثرة ما ُذ ِك َر أو ال؟‪ ،‬وهل إذا خالف‬
‫وخرج منه يفطر أم ال؟‬
‫فيه نظر‪ ،‬واجلواب عنه‪ :‬بأنه ال يمنع من كثرة ذلك ليالً‪ ،‬وإذا أصبح‪ ،‬وحصل له‬
‫اجلشاء املذكور يلفظه‪ ،‬ويغسل فمه‪ ،‬وال ُي ْفطِر‪ ،‬وإن تكرر منه ذلك مرارا‪ ،‬كمن ذرعه‬
‫القيء»(‪ .)4‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫((( الرشح الصغري (‪.)700/1‬‬


‫((( املحىل (‪.)335/4‬‬
‫((( املحىل (‪ ،)348/4‬وانظر‪ :‬املنتقى رشح املوطأ (‪ ،)65/2‬وحاشية العدوي (‪.)448/1‬‬
‫((( هناية املحتاج (‪.)171/3‬‬
‫مايصلا تادسفم‬

‫املفطر السابع‪ :‬احليض والنفاس‬

‫*سؤال‪ :‬إذا بدأت الدورة الشهرية عند املرأة قبل أذان املغرب بخمس دقائق‪ ،‬فهل‬
‫تكمل الصيام‪ ،‬أم تفطر؟‬
‫‪377‬‬
‫*جواب‪:‬‬

‫إذا نزل احليض من املرأة قبل غروب الشمس‪ ،‬ولو بلحظة؛ فسد صومها‪ ،‬وعليها‬
‫قضاء هذا اليوم‪.‬‬

‫قال ابن عثيمني ‪« :V‬وإذا ظهر احليض منها وهي صائمة‪ ،‬ولو قبل الغروب‬
‫بلحظة؛ بطل صوم يومها‪ ،‬ولزمها قضاؤه»)‪.(1‬‬

‫وال جيوز هلا أن تصوم وهي حائض‪ ،‬فإذا فعلت؛ مل يصح صومها‪.‬‬

‫قال ابن قدامة ‪« :V‬ومتى نوت احلائض الصوم‪ ،‬وأمسكت مع علمها بتحريم‬
‫ذلك؛ أثمت‪ ،‬ومل جيزئها»(‪ .)2‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬صمت يف اليوم اخلامس للعادة الشهرية؛ حيث مل أر أي دم خالهلا‪ ،‬ولكني‬


‫صمت ومل أغتسل‪ ،‬فقالوا يل‪ :‬إن صيام هذا اليوم باطل‪ ،‬حيث يقولون يف بالدنا‪ :‬إنه‬
‫جيب عىل الفتاة غري املتزوجة أن تغتسل قبل املغرب‪ ،‬وأن عىل املتزوجة أن تغتسل قبل‬
‫الظهر‪ ،‬فام الرأي الرشعي يف هذا؟ وهل جيب عيل قضاء هذا اليوم؟‬

‫وإذا صمت يف خامس يوم الدورة الشهرية‪ ،‬واغتسلت‪ ،‬ولكني رأيت دم ًا بعد صالة‬
‫العشاء‪ ،‬فهل حيسب يل هذا اليوم‪ ،‬أم عيل القضاء؟ حيث قيل يل أيض ًا‪ :‬إنه وإن مل‬
‫تري أو يكون هناك دم فإنه ال جيب عليك الصيام إال بعد انقضاء اليوم السابع للعادة‬
‫الشهرية‪ ،‬مع العلم أن أيام الدورة الشهرية تنتهي عندي يف اليوم اخلامس؟‬

‫((( جمالس شهر رمضان (ص‪.)36‬‬


‫((( املغني (‪.)397/4‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*جواب‪:‬‬
‫ال أصل هلذا الكالم الذي قيل لك‪ ،‬فإذا َطهر ِ‬
‫ت قبل طلوع فجر اليوم اخلامس؛ وجب‬ ‫ُْ‬
‫عليك صومه‪ ،‬سواء اغتسلت أو مل تغتسيل؛ إذ الطهارة ليست رشط ًا يف صحة الصوم‪،‬‬
‫لكن يلزمك الغسل؛ ألداء الصالة يف وقتها‪ ،‬وال جيوز لك تأخريه إىل قبل املغرب‪.‬‬ ‫‪378‬‬

‫وإذا طهرت قبل فجر اليوم اخلامس‪ ،‬وصمت ذلك اليوم‪ ،‬ثم رأيت الدم بعد صالة‬
‫العشاء؛ فصومك صحيح‪ ،‬بل لو نزل عليك الدم بعد الغروب بلحظة؛ فصومك‬
‫صحيح‪ ،‬أما إذا كنت قد طهرت يف أثناء اليوم اخلامس؛ فال يصح صيام هذا اليوم‪،‬‬
‫وعليك قضاء يوم مكانه‪.‬‬

‫وما قيل لك‪ :‬من أنك ال تطهرين إال بعد اليوم السابع‪ ،‬كالم باطل ال أصل له‪،‬‬
‫والعادة ختتلف من امرأة إىل أخرى‪ ،‬فمن النساء من عادهتا سبع‪ ،‬ومنهن من عادهتا‬
‫مخس‪ ،‬وكل امرأة تعمل بعادهتا‪ ،‬بل من كانت عادهتا سبع ًا‪ ،‬وطهرت يف أثنائها طهر ًا‬
‫صحيح ًا‪ ،‬فإهنا تصيل وتصوم‪ ،‬عىل الراجح من قويل العلامء‪.‬‬

‫وقد سئل ابن عثيمني ‪ V‬سؤاالً مشاهب ًا لسؤالك‪ ،‬فأجاب‪« :‬إذا طهرت احلائض‬
‫قبل طلوع الفجر‪ ،‬ولو بدقيقة واحدة وتيقنت الطهر؛ فإنه يلزمها الصوم‪ ،‬ويكون صومها‬
‫ذلك اليوم صحيح ًا‪ ،‬وال يلزمها قضاؤه؛ ألهنا صامت وهي طاهر‪ .‬وإن مل تغتسل إال‬
‫بعد طلوع الفجر فال حرج‪ ،‬كام أن الرجل لو كان جنب ًا‪ ،‬من مجاع أو احتالم‪ ،‬وتسحر ومل‬
‫يغتسل إال بعد طلوع الفجر؛ كان صومه صحيح ًا‪.‬‬

‫وهبذه املناسبة أود أن أنبه إىل أمر آخر عند النساء‪ :‬إذا أتاها احليض وهي قد صامت‬
‫ذلك اليوم‪ ،‬فإن بعض النساء يظن أن احليض إذا أتاها بعد فطرها‪ ،‬قبل أن تصيل العشاء‪،‬‬
‫فسد صوم ذلك اليوم‪ ،‬وهذا ال أصل له‪ ،‬بل إن احليض لو أتاها بعد الغروب بلحظة؛‬
‫فإن صومها تام صحيح»(‪ .)1‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫((( فتاوى رمضان (ص‪.)345‬‬


‫مايصلا تادسفم‬

‫*سؤال‪ :‬لقد اغتسلت يف الليل عند السحور ألنني أعلم أن الدورة ستنتهي اليوم‪،‬‬
‫وتسحرت‪ ،‬وصمت وصليت أيض ًا‪ ،‬ومل ينْزل أي يش خالل الفرتة من الفجر إىل‬
‫وقت أذان املغرب‪ ،‬وعندما أردت الذهاب إىل الصالة اكتشفت أن الدورة انتهت‬

‫‪379‬‬
‫عندي‪ ،‬فهل صيامي وصاليت صحيحان؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫ال جيوز للمرأة احلائض أن تبادر إىل االغتسال من حيضتها‪ ،‬والصالة والصيام‪ ،‬قبل‬
‫التيقن من انتهائها‪.‬‬
‫وتَعرف املرأة انتهاء حيضتها‪ ،‬بخروج سائل أبيض معروف لدهين‪ ،‬وهو ال َق َّصة‬
‫البيضاء‪ ،‬وبعض النساء تعرف طهرها بجفاف الدم‪.‬‬
‫فعىل املرأة أن ال تغتسل من احليض‪ ،‬حتى تتيقن حصول الطهر‪.‬‬
‫قال احلافظ ابن حجر ‪« :V‬اتفق العلامء عىل أن إقبال املحيض ُيعرف بالدفعة‬
‫من الدم‪ ،‬يف وقت إمكان احليض‪ ،‬واختلفوا يف إدباره‪ ،‬فقيل‪ :‬يعرف باجلفوف‪ ،‬وهو أن‬
‫خيرج ما حيتشى به جاف ًا‪ ،‬وقيل‪ :‬بالقصة البيضاء‪ ،‬وإليه ميل البخاري‪.‬‬
‫والقصة البيضاء عالمة النتهاء احليض‪ ،‬ويتبني هبا ابتداء الطهر‪ ،‬واعرتض عىل من‬
‫ذهب إىل أنه يعرف باجلفوف‪ ،‬بأن القطنة قد خترج جافة يف أثناء األمر‪ ،‬فال يدل ذلك‬
‫عىل انقطاع احليض‪ ،‬بخالف القصة‪ ،‬وهي‪ :‬ماء أبيض يدفعه الرحم عند انقطاع احليض‪،‬‬
‫قال مالك‪ :‬سألت النساء عنه‪ ،‬فإذا هو أمر معلوم عندهن‪ ،‬يعرفنه عند الطهر»)‪.(1‬‬
‫وسئل ابن عثيمني ‪ :V‬إذا طهرت احلائض قبل الفجر واغتسلت بعد‪ ،‬فام احلكم؟‬
‫فأجاب‪« :‬صومها صحيح إذا تيقنت الطهر قبل طلوع الفجر‪ ،‬املهم أن املرأة تتيقن‬
‫أهنا طهرت؛ ألن بعض النساء تظن أهنا طهرت‪ ،‬وهي مل تطهر‪ ،‬وهلذا كانت النساء يأتني‬
‫تعج ْل َن‪ ،‬حتى تري َن‬
‫بالقطن لعائشة ‪ J‬فريينها إياه عالمة عىل الطهر‪ ،‬فتقول هلن‪ :‬ال َ‬
‫القصة البيضاء‪.‬‬
‫َّ‬

‫((( فتح الباري (‪.)420/1‬‬


‫الصيام سؤال وجواب‬

‫فاملرأة عليها أن تتأنى حتى تتيقن أهنا طهرت‪ ،‬فإذا طهرت؛ فإهنا تنوي الصوم‪ ،‬وإن‬
‫مل تغتسل إال بعد طلوع الفجر‪ ،‬ولكن‪ ،‬عليها أيض ًا أن تراعي الصالة‪ ،‬فتبادر باالغتسال؛‬
‫لتصيل صالة الفجر يف وقتها»(‪.)1‬‬

‫والسائلة قد اغتسلت يف وقت مل تتيقن فيه انتهاء احليض‪ ،‬واكتشافها احلقيقي‬ ‫‪380‬‬

‫لطهارهتا من احليض جاء متأخر ًا‪ ،‬فقد كان بعد غروب الشمس ‪ -‬عىل حسب قوهلا‪.‬‬

‫فعىل هذا‪ :‬ما فعلته السائلة غري صحيح‪ ،‬وصيامها يف هذا اليوم مل يكن صحيح ًا؛‬
‫فعليها قضاء ذلك اليوم‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬أعاين من فرط الطمث‪ ،‬وأيام العادة غري منتظمة‪ ،‬فإذا زادت األيام عن عرشة‬
‫أيام أو مخسة عرش يوم ًا‪ ،‬هل جيوز يل أن أصيل وأصوم‪ ،‬أم ال؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫ليس يف الرشع دليل ثابت يبيِّ أقل مدة للحيض‪ ،‬أو أكثره‪.‬‬

‫وقد سئل ابن عثيمني‪ :‬هل ألقل احليض‪ ،‬وأكثره حد معلوم باأليام؟‬

‫فأجــاب‪« :‬ليــس ألقــل احليــض‪ ،‬وال ألكثــره حــدٌّ باأليــام عــى الصحيح؛‬
‫لقــول اهلل ‪( :D‬ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ‬
‫ﮭ ﮮ ﮯ) [البقرة‪ ،]222 :‬فلم جيعل اهلل غاية املنع أيام ًا معلومة‪ ،‬بل جعل غاية‬
‫املنع هي الطهر‪ ،‬فدل هذا عىل‪ :‬أن علة احلكم هي احليض وجود ًا‪ ،‬أو عدم ًا‪ ،‬فمتى وجد‬
‫احليض ثبت احلكم‪ ،‬ومتى طهرت منه زالت أحكامه‪ ،‬ثم إن التحديد ال دليل عليه‪ ،‬مع‬
‫أن الــرورة داعية إىل بيانه‪ ،‬فلو كان التحديد بســ ٍّن أو زمن ثابت ًا رشع ًا؛ لكان مب َّين ًا يف‬
‫كتاب اهلل‪ ،‬وسنة رسوله ‪.O‬‬

‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)53 /17‬‬


‫مايصلا تادسفم‬

‫فبناء عليه‪ :‬فكل ما رأته املرأة من الدم املعروف عند النساء بأنه حيض‪ ،‬فهو دم‬
‫حيض‪ ،‬من غري تقدير ذلك بزمن معني‪ ،‬إال أن يكون الدم مستمر ًا مع املرأة ال ينقطع أبد ًا‪،‬‬
‫حينئذ يكون دم استحاضة»)‪.(1‬‬ ‫ٍ‬ ‫أو ينقطع مدة يسرية‪ ،‬كاليوم واليومني يف الشهر‪ ،‬فإنه‬

‫‪381‬‬
‫وعىل هذا‪ :‬فال جيوز ِ‬
‫لك أن تصيل أو تصومي‪ ،‬إال بعد انقطاع الدورة الشهرية‪،‬‬
‫واالغتسال من احليض‪ ،‬و ُيعرف انقطاع دم احليض بإحدى عالمتني‪:‬‬

‫إما نزول القصة البيضاء ‪-‬وهو سائل أبيض خيرج عند انتهاء احليض‪ ،-‬وإما‬
‫باجلفاف التام للدم‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬زوجتي تأتيها الدورة يف ميعادها‪ .‬ولكن قد تبدأ بدم بسيط‪ ،‬ثم يتوقف نصف‬
‫يوم أو يوم كامالً‪ .‬وكذلك عند انتهاء الدورة‪ ،‬فمتى تقف عن الصيام والصالة؟‬
‫ومتى تعود هلام؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«إذا رأت املرأة دم احليض؛ لزمها ترك الصالة والصوم‪ ،‬فإن انقطع الدم أثناء‬
‫احليض‪ ،‬نُظر يف ذلك‪:‬‬
‫‪1.1‬فإن كان أثر الدم باقي ًا‪ ،‬بحيث لو احتشت بقطنة ونحوها‪ ،‬خرجت وعليها‬
‫أثر الدم؛ فال ُيكم بانقطاع احليض‪ ،‬وتظل ممتنعة عن الصالة والصيام‪ ،‬سواء‬
‫حدث هذا يف أول الدورة‪ ،‬أو يف آخرها‪.‬‬
‫‪2.2‬إن حصل اجلفاف والنقاء التام‪ ،‬بحيث لو احتشت بقطنة‪ ،‬خرجت نظيفة ليس‬
‫عليها أثر الدم‪ :‬فهذا عالمة انقطاع حيضها؛ فتكون طاهر ًا‪ ،‬فتغتسل وتصيل‬
‫وتصوم وتفعل ما يفعله الطاهرات‪ ،‬ثم إن عاودها الدم أمسكت‪.‬‬

‫واحلكم بأن النقاء يف فرتة احليض يعترب طهر ًا‪ :‬هو مذهب املالكية‪ ،‬واحلنابلة»(‪.)2‬‬

‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)271/11‬‬


‫((( مطالب أويل النهى (‪.)260/1‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫وقال علامء اللجنة الدائمة لإلفتاء‪« :‬إذا انقطع احليض يوم ًا واحد ًا‪ ،‬أو ليلة واحدة‬
‫أثناء أيام حيضها؛ فعليها أن تغتسل‪ ،‬وتصيل الصلوات التي أدركت وقتها‪ ،‬وهي طاهر؛‬
‫ت الدَّ م البحر ِان‪َ :‬فإِنا الَ تُصلِّ ‪ ،‬وإِ َذا ر َأ ِ‬
‫ت ال ُّط ْه َر‬ ‫لقول ابن عباس ‪َ « :L‬أما إِ َذا ر َأ ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ َ َّ َّ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫َسا َع ًة؛ َف ْل َت ْغت َِس ْل»(‪.)1‬‬
‫‪382‬‬
‫اين‪ :‬هو الدَّ م الغليظ‪ ،‬وقيل‪ :‬الكثري ‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫والدَ ٌم ال َب ْح َر ٌّ‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬أعاين من حالة مرضية‪ ،‬فالدورة الشهرية تأتى يل مرتني يف الشهر الواحد‪،‬‬
‫وتستمر يف كل مرة من سبع إىل عرشة أيام‪ ،‬فكيف أصوم يف رمضان؟ وكيف أصيل؟‬
‫*جواب‪:‬‬
‫احلكم يدور مع علته وجود ًا وعدم ًا‪ ،‬فإذا ُوجد دم احليض املعروف بصفته ولونه؛‬
‫فتلزم املرأ َة أحكا ُمه من حتريم الصالة والصيام واجلامع‪ ،‬حتى لو تكرر نزوله أكثر من‬
‫مرة يف الشهر‪ ،‬وحتى لو طالت مدته عن األيام املعتادة يف كل شهر‪.‬‬
‫ُسئل ابن عثيمني ‪ :V‬عن املرأة إذا أتتها العادة الشهرية ثم طهرت واغتسلت‪،‬‬
‫وبعد أن صلت تسعة أيام‪ ،‬أتاها دم وجلست ثالثة أيام مل تصل‪ ،‬ثم طهرت‪ ،‬وصلت‬
‫أحد عرش يوم ًا‪ ،‬وعادت إليها العادة الشهرية املعتادة‪ ،‬فهل تعيد ما صلته يف تلك األيام‬
‫الثالثة‪ ،‬أم تعتربها من احليض؟‬
‫فأجاب بقوله‪« :‬احليض متى جاء فهو حيض‪ ،‬سواء طالت املدة بينه وبني احليضة‬
‫السابقة‪ ،‬أم قرصت‪ ،‬فإذا حاضت وطهرت‪ ،‬وبعد مخسة أيام أو ستة أو عرشة‪ ،‬جاءهتا‬
‫العادة مرة ثانية؛ فإهنا جتلس ال تصيل؛ ألنه حيض‪ ،‬وهكذا أبد ًا‪ ،‬كلام طهرت ثم جاء‬
‫احليض؛ وجب عليها أن جتلس‪ ،‬أما إذا استمر عليها الدم دائ ًام‪ ،‬أو كان ال ينقطع إال‬
‫يسري ًا؛ فإهنا تكون مستحاضة‪ ،‬وحينئذ ال جتلس إال مدة عادهتا فقط (‪ .)3‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫((( رواه أبو داود (‪ ،)286‬وصححه األلباين يف صحيح أيب داود (‪ ،)264‬وانظر‪ :‬جملة البحوث العلمية (‪.)450/11‬‬
‫((( لسان العرب (‪.)46/4‬‬
‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)278 /11‬‬
‫مايصلا تادسفم‬

‫*سؤال‪ :‬يف سنتي األوىل من احليض كانت تأتيني من ‪ 6‬إىل ‪ 7‬أيام‪ ،‬أما يف سنتي الثانية‬
‫أصبحت تأتيني ملدة ‪ 9‬أيام تقريب ًا‪ ،‬ويف هناية السنة الثانية وبداية السنة الثالثة أصبحت‬
‫تأتيني من أسبوعني إىل ‪ 3‬أسابيع‪ ،‬ويف رمضان أتتني ملدة ‪ 18‬يوم ًا قبل رمضان بثالث‬
‫أيام‪ ،‬ويف رمضان مدة ‪ 15‬يوم ًا‪.‬فام حكم ذلك يف قضاء الصوم؟‬
‫‪383‬‬
‫*جواب‪:‬‬

‫اختلف العلامء يف أكثر مدة للحيض‪ ،‬والصحيح من أقوال أهل العلم‪ :‬أنه ليس‬
‫للحيض حدٌّ ألقله‪ ،‬وال ألكثره‪ ،‬وأنه قد تطول مدة الدورة عند املرأة‪ ،‬وقد تقرص‪،‬‬
‫والعربة إنام هو بنزول دم احليض‪ ،‬ال بمدة حمدَّ دة‪.‬‬

‫قال الشيخ ابن عثيمني ‪« :V‬وقال شيخ اإلسالم‪ ،‬وابن املنذر‪ ،‬ومجاعة من أهل‬
‫العلم‪ :‬إنه ال صحة هلذا التحديد‪ ،‬وإن املرأة متى رأت الدم املعروف عند النساء أنه‬
‫حيض؛ فهو حيض‪ ،‬والدليل عىل ذلك ما ييل‪ :‬عموم قوله تعاىل‪( :‬ﮠ ﮡ‬
‫ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ) [البقرة‪ ، ]222 :‬فقوله‪( :‬ﮤ ﮥ ﮦ)‪ :‬حكم معلق بعلة‪ ،‬وهو‬
‫األذى فإذا ُوجد هذا الدم الذي هو األذى‪ ،‬وليس دم عرق؛ فإنه حيكم بأنه حيض»)‪.(1‬‬

‫وقال‪« :‬فمن النساء من يبقى عليها الطهر أربعة أشهر‪ ،‬ويأتيها احليض ملدة شهر‬
‫كامل‪ ،‬كأنه ‪-‬واهلل أعلم‪ -‬ينحبس ثم يأيت مجيع ًا‪ ،‬ومن النساء من حتيض يف الشهر ثالثة‬
‫أيام‪ ،‬أو أربعة‪ ،‬أو مخسة‪ ،‬أو عرشة»)‪.(2‬‬

‫وعىل هذا‪ :‬تكون عادتك األيام التي ينزل فيها الدم‪ ،‬حتى ترى الطهر‪ ،‬ولو زادت‬
‫عن مخسة عرش يوم ًا‪ ،‬ما مل يستمر نزول الدم الشهر كله‪ ،‬أو ال ينقطع إال يوم ًا أو يومني‪،‬‬
‫فيكون استحاضة حينئذ‪.‬‬

‫وملعرفة أحكام االستحاضة انظري جواب السؤال رقم (‪ .)68818‬واهلل أعلم‪.‬‬


‫***‬

‫((( الرشح املمتع (‪.)402 /1‬‬


‫((( الرشح املمتع (‪.)402 /1‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*سؤال‪ :‬إن دوريت الشهرية ستة أيام‪ ،‬ويف اليوم السادس انقطع الدم‪ ،‬ووضعت منديال‬
‫ألتأكد‪ ،‬وكانت القصة البيضاء خترج قليالً‪ ،‬فاغتسلت‪ ،‬وجامعني زوجي يف تلك‬
‫الليلة‪ ،‬ثم اغتسلت وصمت (نحن يف رمضان)‪ ،‬ويف الظهر وجدت بعض اإلفرازات‬
‫فيها يشء يسري جدّ ًا من االصفرار أو االمحرار‪ ،‬فال أدري ما احلكم؟ هل أقيض هذا‬
‫‪384‬‬
‫اليوم‪ ،‬أم ال؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫ال ندري ما املراد بقولك‪ :‬خترج القصة البيضاء قليالً‪.‬‬

‫فإن كان مرادك‪ :‬أنك رأيت القصة البيضاء‪ ،‬فهي عالمة عىل الطهر‪ ،‬فام نزل بعدها‬
‫من الصفرة أو احلمرة‪ ،‬ال يعترب حيض ًا‪ ،‬لقول أم عطية ‪( :J‬كنا ال نعد الكدرة‪،‬‬
‫والصفرة‪ ،‬بعد الطهر شيئ ًا))‪.(1‬‬

‫فعىل هذا‪ :‬صومك صحيح‪ ،‬وال حرج فيام وقع من اجلامع؛ ألنك مل تكوين حائض ًا‪.‬‬

‫وإن كان مرادك أنك رأيت بقايا من الصفرة أو احلمرة‪ ،‬فهذا دليل عىل عدم‬
‫انتهاء احليض‪ ،‬وال ينبغي للمرأة أن تتعجل فتحكم بانتهاء احليض مع وجود الصفرة‬
‫ف‪،‬‬‫أو احلمرة‪ ،‬مهام كان قليالً‪ ،‬فقد كانت النساء يبعثن إىل عائشة بالدُّ َر َج ِة فِ َيها الك ُْر ُس ُ‬
‫الص ْف َرةُ‪ ،‬فتقول‪« :‬ال َت ْع َج ْل َن َحتَّى ت ََر ْي َن ال َق َّص َة ال َب ْي َضا َء»)‪.(2‬‬ ‫ِ ِ‬
‫فيه ُّ‬

‫رج ِة‪ :‬ما حتتيش به املرأة من قطنة وغريها؛ لتعرف هل بقي من أثر احليض يشء‪،‬‬
‫الدُّ َ‬
‫أم ال‪ ،‬وقيل‪ :‬هي وعاء صغري‪.‬‬

‫الك ُْر ُس ُ‬
‫ف‪ :‬هو القطن‪.‬‬
‫ِ‬
‫فعليك قضاء صيام هذا اليوم؛ ألنه ال يصح الصيام مع وجود احليض‪.‬‬ ‫وعىل هذا‪:‬‬

‫أما ما وقع من اجلامع فيه؛ فال حرج فيه إن شاء اهلل تعاىل؛ ألنك كنت تظنني انتهاء‬

‫((( رواه أبو داود (‪ ،)307‬وصححه األلباين يف صحيح أيب داود (‪.)300‬‬
‫((( رواه مالك (‪.)189‬‬
‫مايصلا تادسفم‬

‫احليض‪ ،‬ومل تتعمدي فعل املحرم‪ ،‬وقد قال اهلل تعاىل‪( :‬ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ‬
‫ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ) [األحزاب‪ .]5 :‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫‪385‬‬ ‫*سؤال‪ُ :‬أجريت يل عملية جراحية يف اجلهاز التناسيل يف رمضان‪ ،‬ليست هلا عالقة‬
‫بإجهاض أو والدة‪ ،‬وأدميت لبضعة أيام بعد العملية‪ ،‬وقال يل الطبيب‪ :‬إنني أستطيع‬
‫الصوم‪ ،‬فصمت‪ .‬فام حكم صومي؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫الدم اخلارج من املرأة‪ :‬إما أن يكون دم حيض أو نفاس؛ فهذا ال يصح معه الصوم‬
‫باإلمجاع‪ ،‬وإما أال يكون دم حيض ونفاس‪ ،‬كالدم اخلارج بسبب نزيف من الرحم‪ ،‬أو‬
‫إجراء عملية جراحية ونحو ذلك؛ فهذا ال يمنع من الصالة والصيام‪ ،‬بل تكون املرأة‬
‫طاهرة تفعل ما يفعله الطاهرات‪ ،‬إال أهنا تتوضأ لكل صالة بعد دخول وقتها‪.‬‬

‫وسئل ابن عثيمني ‪ :V‬عن امرأة أجرت عملية‪ ،‬وبعد العملية‪ ،‬وقبل العادة بأربعة‬
‫أو مخسة أيام‪ ،‬رأت دم ًا أسود غري دم العادة‪ ،‬وبعدها مبارشة جاءهتا العادة مدة سبعة‬
‫أيام‪ ،‬فهل هذه األيام التي قبل العادة حتسب منها؟‬

‫فأجاب‪« :‬املرجع يف هذا إىل األطباء؛ ألن الظاهر أن الدم الذي حصل هلذه املرأة‬
‫كان نتيجة العملية‪ ،‬والدم الذي يكون نتيجة العملية ليس حكمه حكم احليض؛‬
‫ك َد ُم ِع ْر ٍق)‪ ،(1‬ويف هذا إشارة إىل أن‬
‫لقول النبي ‪ H‬يف املرأة املستحاضة‪ :‬إِ َّن َذلِ َ‬
‫الدم الذي خيرج إذا كان دم عرق ‪-‬ومنه دم العملية‪-‬؛ فإن ذلك ال يعترب حيض ًا؛ فال‬
‫حيرم به ما حيرم باحليض‪ ،‬وجتب فيه الصالة والصيام إذا كان يف هنار رمضان»)‪.(2‬‬

‫وسئل علامء اللجنة الدائمة لإلفتاء‪ :‬ما حكم من نزف دم ًا وهو صائم؟‬

‫((( رواه البخاري (‪.)226‬‬


‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)277/11‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫فأجابوا‪« :‬إذا نزف من الشخص دم بغري اختياره وهو صائم؛ فإن صيامه صحيح (‪.)1‬‬

‫وعىل هذا‪ :‬فصومك صحيح ‪-‬إن شاء اهلل تعاىل‪ .-‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬هل تصوم املرأة املستحاضة؟‬ ‫‪386‬‬

‫*جواب‪:‬‬

‫يف املدة التي حتكم فيها املستحاضة عىل الدم النازل بأنه دم حيض؛ فهي حائض‪،‬‬
‫جتري عليها أحكام احلائض‪ ،‬فإذا انتهى احليض فهي طاهر‪ ،‬تغتسل‪ ،‬وتصوم‪ ،‬وتصيل‪،‬‬
‫ويأتيها زوجها‪ ،‬ولو كان الدم مستمر ًا يف النُّزول‪.‬‬

‫فعـن عائشـة ‪ ،J‬قالـت‪ :‬جـاءت فاطمة بنـت أيب حبيـش إىل النبي ‪،H‬‬
‫فقالـت‪ :‬يـا رسـول اهلل إين امـرأة أسـتحاض فلا أطهـر‪ ،‬أفـأدع الصلاة؟ فقـال‬
‫لـت حيضت ِ‬ ‫ِ‬
‫ُك؛‬ ‫ض‪َ ،‬فـإذا َأ ْق َب ْ َ ْ‬
‫ـس بِ َح ْي ٍ‬‫رسـول اهلل ‪« :H‬الَ‪ ،‬إِن ََّما َذلـك ع ْـر ٌق‪َ ،‬و َل ْي َ‬
‫ـم َص ِّل (‪.)2‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الصلاةَ‪َ ،‬وإِ َذا َأ ْد َب ْ‬ ‫ِ‬
‫ـرت؛ َفاغْسلي عنـك الد َم‪ُ ،‬ث َّ‬ ‫َفدَ عـي َّ‬

‫قال ابن عثيمني ‪ V‬يف بيان معنى «إِن ََّم َذلك ِع ْر ٌق ‪« :‬ويف هذا إشارة إىل أن الدم‬
‫الذي خيرج إذا كان دم عرق ‪-‬ومنه دم العملية اجلراحية‪-‬؛ فإن ذلك ال يعترب حيض ًا؛‬
‫فال حيرم به ما حيرم باحليض‪ ،‬وجتب فيه الصالة والصيام إذا كان يف هنار رمضان )‪.(3‬‬

‫وعن عائشة ‪« :J‬أن النبي ‪ H‬اعتكف معه بعض نسائه‪ ،‬وهي مستحاضة‬
‫ترى الدم‪ ،‬فربام وضعت الطست حتتها من الدم»)‪ .(4‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)268/10‬‬


‫((( رواه البخاري (‪ ،)226‬ومسلم (‪.)333‬‬
‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)277/11‬‬
‫((( رواه البخاري (‪.)303‬‬
‫مايصلا تادسفم‬

‫*سؤال‪ :‬زوجتي تنْزل منها مادة قهوية‪ ،‬وليس عليها الدورة الشهرية‪ ،‬يف بعض‬
‫األحيان‪ ،‬هل تصوم وتصيل أم غري ذلك؟ عل ًام بأهنا يف بداية محل ملدة شهر ونصف‪.‬‬

‫*جواب‪:‬‬
‫‪387‬‬ ‫«ذهب كثري من أهل العلم إىل أن احلامل ال حتيض‪ ،‬وهو مذهب اإلمامني‪ :‬أيب‬
‫حنيفة‪ ،‬وأمحد ‪.)1( W‬‬
‫وقد اختار هذا القول علامء اللجنة الدائمة لإلفتاء‪.‬‬
‫وذهــب آخــرون إىل‪ :‬أن احلامــل قــد حتيــض‪ ،‬وهــو مذهــب اإلمامــن مالــك‪،‬‬
‫والشــافعي‪.)2(W‬‬
‫وقد اختار هذا القول الشيخ حممد بن إبراهيم‪ ،‬وابن عثيمني ‪.W‬‬
‫برشط‪ :‬أن يكون الدم النازل عىل صفة دم احليض‪ ،‬ويف وقته‪.‬‬
‫أي من القولني‪ :‬ال تكون هذه اإلفرازات النازلة من زوجتك حيض ًا؛ ألهنا‬‫وعىل ٍّ‬
‫ليست بصفات دم احليض‪ ،‬وليست يف وقته‪ ،‬فتكون زوجتك طاهر ًا؛ فتصىل وتصوم‪،‬‬
‫وتفعل ما يفعله الطاهرات‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬إذا خرج من املرأة سائل شفاف كاملاء‪ ،‬ثم أصبح لونه أبيض بعد أن جف‪،‬‬
‫فهل صالهتا وصيامها صحيحان؟ وهل جيب عليها الغسل؟ أرجو أن ختربين‪ ،‬فهذا‬
‫السائل خيرج مني كثري ًا‪ ،‬وأجده يف مالبيس الداخلية‪ ،‬وأغتسل مرتني أو ثالث مرات‬
‫يف اليوم؛ ليكون صيامي وصاليت صحيحني‪.‬‬

‫*جواب‪:‬‬

‫هذا السائل ينْزل من النساء كثري ًا‪ ،‬وهو طاهر ليس بنجس‪ ،‬وال جيب االغتسال منه‪.‬‬
‫وإنام ‪-‬فقط‪ -‬ينقض الوضوء‪.‬‬

‫((( املغني (‪.)443/1‬‬


‫((( املجموع (‪.)414-411/2‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫وقد سئل عنه ابن عثيمني ‪ ،V‬فأجاب‪« :‬الظاهر يل بعد البحث‪ :‬أن السائل اخلارج‬
‫من املرأة‪ ،‬إذا كان ال خيرج من املثانة‪ ،‬وإنام خيرج من الرحم؛ فهو طاهر‪.‬‬

‫هذا هو حكم السائل من جهة الطهارة‪ ،‬فهو طاهر ال ينجس الثياب‪ ،‬وال البدن‪.‬‬

‫وأمـا حكمـه من جهة الوضـوء؛ فهو ناقض للوضـوء‪ ،‬إال أن يكون مسـتمر ًا عليها‬ ‫‪388‬‬

‫فإنـه ال ينقـض الوضوء‪ ،‬لكـن عىل املـرأة أن ال تتوضأ للصالة إال بعـد دخول الوقت‪،‬‬
‫وأن تتحفظ‪.‬‬

‫أما إذا كان متقطع ًا‪ ،‬وكان من عادته أن ينقطع يف أوقات الصالة؛ فإهنا تؤخر الصالة‬
‫إىل الوقت الذي ينقطع فيه‪ ،‬ما مل ختش خروج الوقت‪ ،‬فإن خشيت خروج الوقت؛‬
‫فإهنا تتوضأ وتتحفظ وتصيل‪ ،‬وال فرق بني القليل والكثري‪ ،‬ألنه كله خارج من السبيل؛‬
‫فيكون ناقض ًا‪ ،‬قليله وكثريه )‪.(1‬‬

‫ومعنى (تتحفظ)‪ :‬أهنا جتعل عىل الفرج خرقة أو قطنة أو نحو ذلك؛ حتى تقلل من‬
‫خروج هذا السائل‪ ،‬ومتنع انتشاره عىل الثياب والبدن‪.‬‬

‫وعىل هذا‪ :‬فهذا السائل ال جيب االغتسال منه‪ ،‬وال يؤثر عىل الصيام‪ ،‬وبالنسبة‬
‫للصالة؛ جيب الوضوء لكل صالة بعد دخول وقتها‪ ،‬إذا كان نزوله مستمر ًا‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬إذا كانت املرأة ال تنْزل عليها القصة البيضاء‪ ،‬وإنام تنتظر انقطاع الدم‪ ،‬فبذلك‬
‫تكون األيام ختتلف من شهر إىل آخر‪ ،‬هل تأثم إذا أخطأت يف حتديد موعد طهارهتا؟‬
‫كأن تظن الطهر وبعد االغتسال والصيام وجدت أثره‪ ،‬أو العكس‪ ،‬انتظرت‪ ،‬وفاهتا‬
‫صيام يوم؛ ظنّ ًا منها أهنا مل تطهر‪ ،‬حيث يشق عليها التحديد بدون القصة البيضاء‪.‬‬

‫*جواب‪:‬‬

‫ختتلف العادة عند النساء من امرأة إىل أخرى‪ ،‬وختتلف العادة عند املرأة نفسها أ ّي ًا‬
‫كانت عالمة انتهاء دورهتا‪.‬‬

‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)284/11‬‬


‫مايصلا تادسفم‬

‫القصة البيضاء‪ ،‬وهي سائل أبيض‪ ،‬ومنهن‬


‫فعالمة الطهر عند غالب النساء خروج َّ‬
‫من تكون عالمتها انقطاع الدم‪.‬‬

‫وأ ّي ًا كانت العالمة عند املرأة‪ ،‬فال جيوز هلا أن تعجل عىل نفسها حتى تظهر العالمة؛‬
‫‪389‬‬ ‫ألنه ال حيل هلا الصالة والصيام وهي حائض حتى تطهر‪.‬‬

‫وقد كانت النساء يبعثن إىل عائشة ‪ J‬بالدّ رجة فيها الكرسف‪ ،‬فيه الصفرة‪،‬‬
‫فتقول‪ :‬ال تعجل َن حتى تري َن ال َق َّصة البيضاء)‪.(1‬‬

‫ومعنى الدّ رجة‪ :‬الوعاء الذي تضع املرأة فيه طيبها ومتاعها‪ ،‬والكرسف‪ :‬القطن‪.‬‬

‫وإذا أخطـأت املـرأة يف حتديـد وقـت الطهـر بنـاء على ظنهـا واجتهادهـا؛ فإهنـا ال‬
‫تأثـم؛ لقـول اهلل تعـاىل‪( :‬ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ)‬
‫ان‪،‬‬ ‫ـن ُأ َّمتِـي الخَ َط َ‬
‫ـأ‪َ ،‬والن ِّْسـ َي َ‬ ‫[األحزاب‪]5 :‬؛ ولقـول النبـي ‪« :H‬إِ َّن ال َّل َه َ َت َ‬
‫ـاو َز َع ْ‬
‫َو َمـا ْاسـ ُتك ِْر ُهوا َع َل ْي ِه (‪.)2‬‬

‫حائضا؛‬
‫ً‬ ‫تبي هلا أهنا ال تزال‬
‫غري أهنا إذا ظنت أهنا طهرت وصلت وصامت‪ ،‬ثم ّ‬
‫فعليها االمتناع عن الصالة والصيام حتى تطهر‪ ،‬وتقيض الصيام الواجب الذي صامته‬
‫يف تلك األيام؛ ألنه تبني هلا أنه مل يكن صحيح ًا؛ ألن صوم احلائض ال يصح‪.‬‬

‫تبي هلا أهنا كانت طاهر ًا؛ فعليها قضاء‬


‫وإذا تركت الصالة ظنَّ ًا منها أهنا مل تطهر‪ ،‬ثم ّ‬
‫تلك الصالة‪.‬‬

‫سئل ابن عثيمني ‪ V‬عن‪ :‬امرأة رأت الكدرة قبل حيضها املعتاد‪ ،‬فرتكت الصالة‪،‬‬
‫ثم نزل الدم عىل عادته‪ ،‬فام احلكم؟‬

‫فأجاب بقوله‪« :‬تقول أم عطية ‪« :J‬كنا ال نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر‬
‫شيئا»)‪ ،(3‬وعىل هذا‪ :‬فهذه الكدرة التي سبقت احليض‪ ،‬ال يظهر يل أهنا حيض‪ ،‬السيام‬

‫((( رواه مالك (‪.)189‬‬


‫((( رواه ابن ماجة (‪ ،)2043‬وصححه األلباين يف صحيح ابن ماجة (‪.)1662‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)320‬وأبو داود (‪ ،)307‬واللفظ له‪.‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫إذا كانت أتت قبل العادة‪ ،‬ومل يكن عالمات للحيض من املغص ووجع الظهر ونحو‬
‫ذلك‪ ،‬فاألوىل هلا‪ :‬أن تعيد الصالة التي تركتها يف هذه املدة»)‪.(1‬‬

‫وسئل أيض ًا عن‪ :‬امرأة أصاهبا الدم ملدة تسعة أيام‪ ،‬فرتكت الصالة معتقدة أهنا‬
‫العادة‪ ،‬وبعد أيام قليلة جاءهتا العادة احلقيقية‪ ،‬فامذا تصنع؟ هل تصيل األيام التي‬ ‫‪390‬‬

‫تركتها‪ ،‬أم ماذا؟‬

‫فأجـاب بقولـه‪« :‬األفضـل أن تصلي مـا تركتـه يف األيـام األوىل‪ ،‬وإن مل تفعـل فال‬
‫حـرج؛ وذلـك ألن النبـي ‪ H‬عندما قالت له املرأة املسـتحاضة‪ :‬إهنا تسـتحاض‬
‫حيضـة شـديدة وتـدع فيها الصلاة‪ ،‬أمرهـا النبـي ‪ H‬أن تتحيض سـتة أيام أو‬
‫سـبعة‪ ،‬وأن تصلي بقيـة الشـهر‪ ،‬ومل يأمرها بإعـادة ما تركتـه من الصلاة‪ ،‬وإن أعادت‬
‫مـا تركتـه مـن الصلاة فهو حسـن؛ ألنه قـد يكون منهـا تفريـط يف عدم السـؤال‪ ،‬وإن‬
‫مل تعـد؛ فليـس عليهـا يشء»)‪ .(2‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬امرأة طهرت يف رمضان قبل طلوع الفجر‪ ،‬فصامت ذلك اليوم‪ ،‬ثم قامت‬
‫الظهر لتصيل فرأت صفرة‪ ،‬هل صومها صحيح؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«إذا كان الطهر حصل قبل طلوع الفجر‪ ،‬ثم صامت؛ فصيامها صحيح‪ ،‬وال أثر‬
‫للصفرة بعد رؤية الطهر؛ لقول أم عطية ‪ :J‬كنا ال نعد الكدرة والصفرة بعد الطهر‬
‫شيئ ًا )‪ .(3‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)280/11‬‬


‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)275/11‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)320‬وأبو داود (‪ ،)307‬واللفظ له‪ ،‬فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)158/10‬‬
‫مايصلا تادسفم‬

‫*سؤال‪ :‬ما حكم نزول الدم من رحم املرأة أثناء الصيام‪ ،‬عل ًام بأن فرتة العادة الشهرية‬
‫قد انقضت ألكثر من عرشة أيام‪ ،‬وكانت املرأة تعاين من التهابات داخل الرحم‪ ،‬وأن‬
‫هذا الدم ليس دم حيض؛ حيث إنه كخيط سلك رقيق وقصري‪ ،‬وملرة واحدة ليوم‬
‫واحد ثم انقطع؟‬
‫‪391‬‬
‫*جواب‪:‬‬
‫هذا الدم ليس بحيض؛ فال يؤثر عىل الصيام‪ ،‬فال ترتكي من أجله الصالة‪ ،‬وعليك‬
‫أن تتوضئي لكل صالة‪.‬‬
‫سئل ابن عثيمني ‪ :V‬إذا نزل من املرأة يف هنار رمضان نقط دم يسرية‪ ،‬واستمر‬
‫معها هذا الدم طوال شهر رمضان وهي تصوم‪ ،‬فهل صومها صحيح؟‬
‫فأجاب‪« :‬نعم‪ ،‬صومها صحيح‪ ،‬وأما هذه النقط فليست بيشء؛ ألهنا من العروق‪،‬‬
‫وقد ُأثِر عن عيل بن أيب طالب ‪ I‬أنه قال‪ :‬إن هذه النقط التي تكون كرعاف األنف‬
‫(أي نزيف األنف) ليست بحيض‪ ،‬هكذا يذكر عنه ‪.(1) I‬‬
‫وسئلت اللجنة الدائمة‪ :‬أحيان ًا تأتيني العادة تسعة أيام‪ ،‬وأحيان ًا عرشة‪ ،‬وعندما‬
‫أطهر وأقوم بعمل املنْزل تعاودين مرة أخرى عىل فرتات متقطعة‪ ،‬فهل إذا عاودتني بعد‬
‫املدة املقررة هلا رشع ًا جيوز يل الصوم والصالة والعمرة؟‬
‫فأجابت‪« :‬مدة احليض بالنسبة لك‪ ،‬هي املدة التي جرت عادتك أن يأتيك فيها‬
‫احليض‪ ،‬وهي عرشة أيام أو تسعة‪ ،‬فإذا انقطع الدم بعد تسعة أو عرشة؛ فاغتسيل وصيل‪،‬‬
‫وصومي‪ ،‬وطويف بالكعبة يف حج‪ ،‬أو عمرة‪ ،‬أو تطوع ًا‪ ،‬وحيل لزوجك االتصال بك‪،‬‬
‫وما عاودك من الدم بعد مدة العادة من أجل مزاولة عمل أو طارئ آخر‪ ،‬فليس بدم‬
‫حيض‪ ،‬بل دم علة وفساد‪ ،‬فال يمنعك من الصالة‪ ،‬وال الصوم‪ ،‬وال الطواف‪ ،‬ونحوها‬
‫من القربات‪ ،‬بل اغسليه عنك كسائر النجاسات‪ ،‬ثم توضئي لكل صالة‪ ،‬وصيل‪،‬‬
‫وطويف بالكعبة‪ ،‬واقرئي القرآن»(‪ .)2‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫ً‬
‫سؤاال عن أحكام احليض (ص‪.)6‬‬ ‫((( ستني‬
‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)388/5‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*سؤال‪ :‬يوجد امرأة جاء عليها شهر رمضان‪ ،‬وهي حامل يف الشهر التاسع‪ ،‬وكان يف‬
‫بداية الشهر ينْزل عليها ماء‪ ،‬وليس بدم‪ ،‬وهي تصوم أثناء نزول املاء عليها‪ ،‬وهذا‬
‫حصل قبل عرش سنوات‪ ،‬سؤايل‪ :‬هل عىل املرأة القضاء‪ ،‬عل ًام بأهنا صامت هذه األيام‬
‫يترسب منها؟‬
‫واملاء ّ‬ ‫‪392‬‬
‫*جواب‪:‬‬

‫أجابت عن هذا السؤال اللجنة الدائمة فقالت‪« :‬إذا كان الواقع كام ذكرت؛ فصيامها‬
‫صحيح‪ ،‬وال قضاء عليها»)‪ .(1‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬إنني استخدم مانع محل (لولب)‪ ،‬لذلك قبل نزول الدم املعتاد بثالثة أيام تنْزل‬
‫كدرة‪ ،‬فهل تفسد عيل الصيام؟ وهل عيل القضاء؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫قال ابن عثيمني ‪« :V‬إن كانت هذه الكدرة من مقدمات احليض فهي حيض‪،‬‬
‫و ُيعرف ذلك باألوجاع واملغص الذي يأيت احلائض عادة‪ ،‬أما الكدرة بعد احليض فهي‬
‫تنتظر حتى تزول؛ ألن الكدرة املتصلة باحليض حيض‪ ،‬لقول عائشة ‪« :J‬ال تعجلن‬
‫حتى ترين القصة البيضاء»)‪.(2‬‬

‫لك أن هذه الكدرة من مقدمات احليض فهي حيض؛ وعليه‪:‬‬‫وعىل هذا‪ :‬فلو تبني ِ‬
‫ِ‬
‫واقض الصوم بعد الطهر‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬ ‫اتركي الصوم والصالة‪،‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬وقت الدورة الشهرية ستة أيام قبل تركيب اللولب املانع للحمل‪ ،‬وبعد‬
‫تركيب اللولب زادت مدة الدورة إىل تسعة أيام‪ .‬فام حكم الصالة والصيام يف األيام‬
‫الزائدة؟‬

‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)221/10‬‬


‫((( رسالة الدماء الطبيعية (ص‪.)59‬‬
‫مايصلا تادسفم‬

‫*جواب‪:‬‬
‫إذا زادت الدورة الشهرية للمرأة بعد تركيب اللولب؛ فإن هذه الزيادة تعترب حيض ًا؛‬
‫فال تصيل املرأة وال تصوم‪ ،‬حتى ترى الطهر‪.‬‬
‫‪393‬‬ ‫*وقد سئل ابن عثيمني ‪ V‬هذا سؤال‪ :‬امرأة تسببت يف نزول دم احليض منها‬
‫بالعالج‪ ،‬وتركت الصالة فهل تقضيها‪ ،‬أم ال؟‬
‫فأجاب‪« :‬ال تقيض املرأة الصالة إذا تسببت لنُزول احليض فنَزل؛ ألن احليض دم‬
‫متى ُوجد؛ ُوجد حكمه‪ ،‬كام أهنا لو تناولت ما يمنع احليض‪ ،‬ومل ينْزل احليض؛ فإهنا‬
‫تصيل وتصوم؛ ألهنا ليست بحائض‪ ،‬فاحلكم يدور مع علته (‪ .)1‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬امرأة أجريت هلا عملية إجهاض‪ ،‬فهل جيوز هلا أن تصوم؟ أم جيب أن تنتظر‬
‫فرتة معينة؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫النفاس هو‪ :‬الدم النازل من املرأة‪ ،‬بسبب الوالدة‪.‬‬

‫وال جيوز للمرأة النفساء أن تصوم‪ ،‬وال يصح صيامها‪ ،‬وعليها قضاء األيام التي‬
‫أفطرهتا بسبب النفاس‪.‬‬

‫وإذا أسقطت املرأة؛ فال يعترب الدم النازل منها دم نفاس‪ ،‬إال إذا أسقطت ما تبني فيه‬
‫خلق اإلنسان‪.‬‬

‫والتخليق ال يبدأ يف احلمل قبل ثامنني يوم ًا؛ لقول النبي ‪« :H‬إِ َّن َأ َحدَ ك ُْم‬
‫ُون ُم ْض َغ ًة ِم ْث َل‬ ‫ك‪ُ ،‬ث َّم َيك ُ‬ ‫ُون َع َل َق ًة ِم ْث َل َذلِ َ‬
‫ني َي ْو ًما‪ُ ،‬ث َّم َيك ُ‬ ‫ِ ِ‬
‫ي َم ُع َخ ْل ُق ُه ِف َب ْط ِن ُأ ِّمه َأ ْر َبع َ‬ ‫ُْ‬
‫ِ ٍ‬ ‫َذلِ َ‬
‫ث اهللُ َم َلكًا‪َ ،‬ف ُي ْؤ َم ُر بِ َأ ْر َب ِع كَل َمت‪َ ،‬و ُي َق ُال َل ُه‪ :‬ا ْكت ْ‬
‫ُب َع َم َل ُه‪َ ،‬و ِر ْز َق ُه‪َ ،‬و َأ َج َل ُه‪،‬‬ ‫ك‪ُ ،‬ث َّم َي ْب َع ُ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وح (‪.)2‬‬‫الر ُ‬ ‫َو َشق ٌّي َأ ْو َسعيدٌ ‪ُ ،‬ث َّم ُينْ َف ُخ فيه ُّ‬

‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)273/11‬‬


‫((( رواه البخاري (‪ ،)3208‬ومسلم (‪.)2643‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫فـدل هـذا احلديـث على أن اإلنسـان يمـر بعـدة مراحـل يف احلمـل‪ ،‬أربعين يوم ًا‬
‫نطفـة‪ ،‬ثـم أربعين أخـرى علقـة‪ ،‬ثـم أربعين ثالثـة مضغة‪ ،‬ثـم ينفـخ فيه الـروح بعد‬
‫متـام مائـة وعرشيـن يوم ًا‪.‬‬
‫والتخليق يكون يف مرحلة املضغة‪ ،‬وال يكون قبل ذلك؛ لقول اهلل تعاىل‪( :‬ﮌ‬
‫‪394‬‬
‫ﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟ‬
‫ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ) [احلج‪ ،]5 :‬فوصف اهلل تعاىل املضغة بأهنا خملقة‪،‬‬
‫وغري خملقة‪.‬‬
‫ومعنـى التخليـق‪ :‬أن تظهـر يف احلمـل آثـار ختطيـط اجلسـم‪ ،‬كالـرأس واألطراف‬
‫ونحـو ذلك‪.‬‬
‫وعىل هذا‪ :‬فهذه املرأة التي أجريت هلا عملية إجهاض‪ ،‬إن كان ذلك قبل ثامنني يوم ًا‬
‫من احلمل؛ فالدم النازل ليس بدم نفاس‪ ،‬بل هو دم استحاضة؛ فال يمنعها من الصالة‬
‫والصوم‪ ،‬وعليها أن تتوضأ لكل صالة‪.‬‬
‫وإذا كان اإلجهاض بعد نفخ الروح يف اجلنني ‪-‬أي بعد مائة وعرشين يوم ًا من‬
‫احلمل‪ ،-‬فالدم النازل دم نفاس قطع ًا‪.‬‬
‫الس ْقط‪:‬‬
‫وإذا كان اإلجهاض بعد ثامنني يوم ًا‪ ،‬وقبل متام مائة وعرشين‪ ،‬فإهنا تنظر يف ِّ‬
‫فإن ظهر فيه ختليق؛ فالدم النازل نفاس‪ ،‬وإن مل يكن فيه ختليق؛ فالدم النازل استحاضة‪.‬‬
‫قال ابن باز ‪« :V‬إذا أسقطت املرأة ما تبني فيه خلق اإلنسان‪ ،‬من رأس أو يد‬
‫أو رجل أو غري ذلك؛ فهي نفساء هلا أحكام النفاس؛ فال تصيل‪ ،‬وال تصوم‪ ،‬وال حيل‬
‫لزوجها مجاعها حتى تطهر‪ ،‬أو تكمل أربعني يوم ًا‪ ،‬ومتى طهرت ألقل من أربعني؛‬
‫وح َّل لزوجها مجاعها‪.‬‬
‫وجب عليها الغسل‪ ،‬والصالة‪ ،‬والصوم يف رمضان‪َ ،‬‬
‫أما إذا كان اخلارج من املرأة مل يتبني فيه خلق اإلنسان‪ ،‬بأن كان حلمة وال ختطيط‬
‫فيه‪ ،‬أو كان دم ًا؛ فإهنا بذلك تكون هلا حكم املستحاضة‪ ،‬ال حكم النفاس‪ ،‬وال حكم‬
‫احلائض‪ ،‬وعليها أن تصيل‪ ،‬وتصوم يف رمضان‪ ،‬وحتل لزوجها؛ ألهنا يف حكم املستحاضة‬
‫عند أهل العلم»)‪.(1‬‬

‫((( جمموع فتاوى ابن باز (‪.)227/10‬‬


‫مايصلا تادسفم‬

‫وقال ابن عثيمني ‪« :V‬وال يثبت النفاس إال إذا وضعت ما تبني فيه خلق إنسان‪،‬‬
‫فلو وضعت سقط ًا صغري ًا مل يتبني فيه خلق إنسان؛ فليس دمها دم نفاس‪ ،‬بل هو دم‬
‫عرق‪ ،‬فيكون حكمها حكم االستحاضة‪ ،‬وأقل مدة يتبني فيها خلق إنسان ثامنون يوم ًا‬
‫من ابتداء احلمل‪ ،‬وغالبها تسعون يوم ًا»(‪.)1‬‬
‫‪395‬‬
‫والنفسـاء تترك الصلاة والصـوم حتـى تطهر‪ ،‬فـإذا طهرت مـن الدم‪ ،‬اغتسـلت‪،‬‬
‫وصلـت‪ ،‬وصامت‪.‬‬

‫وإذا اسـتمر هبـا الـدم أكثـر مـن أربعين يومـ ًا‪ ،‬فـإذا وافقـت الزيـادة عادهتـا فهي‬
‫حائـض‪ ،‬وإن مل توافـق عادهتا فهي مسـتحاضة‪ ،‬تغتسـل‪ ،‬وتصيل‪ ،‬وتصـوم‪ ،‬وتفعل ما‬
‫يفعلـه الطاهـرات‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫***‬

‫*سؤال‪ :‬امرأة جاءها دم أثناء احلمل قبل نفاسها بخمسة أيام يف شهر رمضان‪ ،‬هل‬
‫يكون دم حيض أو نفاس؟ وماذا جيب عليها؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«إذا كان األمر كام ذكر من رؤيتها الدم وهي حامل قبل الوالدة بخمسة أيام‪ ،‬فإن مل‬
‫تر عالمة عىل قرب الوضع‪ ،‬كاملخاض وهو الطلق‪ ،‬فليس بدم حيض وال نفاس‪ ،‬بل دم‬
‫فساد عىل الصحيح‪ ،‬وعىل ذلك‪ :‬ال ترتك العبادات‪ ،‬بل تصوم‪ ،‬وتصيل‪.‬‬

‫وإن كان مع هذا الدم أمارة من أمارات قرب وضع احلمل من الطلق ونحوه‪ ،‬فهو‬
‫دم نفاس؛ تدع من أجله الصالة والصوم‪ ،‬ثم إذا طهرت منه بعد الوالدة؛ قضت الصوم‬
‫دون الصالة»)‪ .(2‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫***‬

‫((( الدماء الطبيعية للنساء (‪.)40‬‬


‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)43/25‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*سؤال‪ :‬يل زوجة وضعت قبل رمضان‪ ،‬هل جيوز هلا الصالة والصوم والعمرة وتالوة‬
‫القرآن والقيام بكافة التكاليف الرشعية متى وقف دم النفاس وتأكدت من ذلك‪،‬‬
‫أو عليها االنتظار أربعني يوم ًا كام يقول البعض؟‬

‫*جواب‪:‬‬ ‫‪396‬‬

‫ذهب مجهور العلامء ‪-‬ومنهم األئمة األربعة‪ -‬إىل أن النفاس ال حد ألقله‪ ،‬فمتى‬
‫طهرت املرأة من النفاس؛ وجب عليها االغتسال‪ ،‬وتصيل‪ ،‬وتصوم‪ ،‬ولو كان ذلك قبل‬
‫مرور أربعني يوم ًا عىل والدهتا‪.‬‬

‫قال ابن قدامة ‪« :V‬ألنه مل يرد يف الرشع حتديده‪ُ ،‬فيجع فيه إىل الوجود‪ ،‬وقد‬
‫ال وكثري ًا»(‪.)1‬‬
‫وجد قلي ً‬

‫بل نقل بعض العلامء اإلمجاع عىل ذلك‪ ،‬قال الرتمذي ‪« :V‬وقد أمجع أهل العلم‬
‫ِ‬
‫والتابعني ومن بعدهم عىل أن النفساء تدع الصالة أربعني‬ ‫من أصحاب النبي ‪H‬‬

‫يوم ًا‪ ،‬إال أن ترى الطهر قبل ذلك؛ فإهنا تغتسل‪ ،‬وتصيل»(‪.)2‬‬

‫وسئل ابن باز ‪ :V‬هل جيوز للمرأة النفساء أن تصوم‪ ،‬وتصيل‪ ،‬وحتج قبل األربعني‬
‫يوم ًا إذا طهرت؟‬

‫فأجاب‪« :‬نعم‪ ،‬جيوز هلا أن تصوم‪ ،‬وتصيل‪ ،‬وحتج وتعتمر‪ ،‬وحيل لزوجها وطؤها يف‬
‫األربعني إذا طهرت‪ ،‬فلو طهرت لعرشين يوم ًا اغتسلت‪ ،‬وصلت‪ ،‬وصامت‪ ،‬وحلت‬
‫لزوجها‪ ،‬وما يروى عن عثامن بن أيب العاص أنه كره ذلك‪ ،‬فهو حممول عىل كراهة‬
‫التنْزيه‪ ،‬وهو اجتهاد منه‪ ،‬وال دليل عليه‪.‬‬

‫والصواب‪ :‬أنه ال حرج يف ذلك‪ ،‬إذا طهرت قبل األربعني يوم ًا فإن طهرها صحيح‪،‬‬
‫فإن عاد عليها الدم يف األربعني؛ فالصحيح أهنا تعتربه نفاس ًا يف مدة األربعني‪ ،‬ولكن‬

‫((( املغني (‪.)428/1‬‬


‫((( سنن الرتمذي (‪.)256/1‬‬
‫مايصلا تادسفم‬

‫صومها املايض يف حال الطهارة‪ ،‬وصالهتا‪ ،‬وحجها‪ ،‬كله صحيح‪ ،‬ال يعاد يشء من‬
‫ذلك‪ ،‬ما دام وقع حال الطهارة»(‪.)1‬‬

‫وجاء يف فتاوى اللجنة الدائمة‪« :‬إذا رأت املرأة النفساء الطهر قبل متام األربعني؛‬
‫‪397‬‬ ‫فإهنا تغتسل‪ ،‬وتصيل‪ ،‬وتصوم‪ ،‬ولزوجها مجاعها»(‪.)2‬‬

‫وسـئلت اللجنـة الدائمـة‪ :‬عـن امـرأة ولـدت قبـل رمضـان بسـبعة أيـام وطهرت‬
‫وصامـت رمضان‪.‬‬

‫فأجابت‪« :‬إذا كان األمر كام ذكر‪ ،‬وأن صيامها شهر رمضان يف زمن الطهر؛ فإن‬
‫صيامها صحيح؛ وال يلزمها القضاء»)‪ .(3‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫***‬

‫*سؤال‪ :‬هل جيب عىل املرأة حديثة الوالدة صيام رمضان؟ عل ًام بأهنا قد أكملت أربعني‬
‫يوم ًا‪ ،‬وما زالت يف النفاس‪ ،‬أي مل تطهر بعد‪.‬‬

‫*جواب‪:‬‬

‫اختلف العلامء يف أكثر مدة للنفاس‪ ،‬فذهب مجهور العلامء إىل أن أقصاه أربعون يوم ًا‬
‫من الوالدة‪.‬‬

‫وعىل هذا‪ :‬فاملرأة التي استمر هبا الدم أكثر من أربعني يوم ًا‪ ،‬إن وافق هذا الدم‬
‫عادهتا؛ فتكون حائض ًا‪ ،‬وإن مل يوافق عادهتا؛ فهو دم استحاضة‪ ،‬فتغتسل بعد األربعني‪،‬‬
‫وتصوم‪ ،‬وتصيل‪ ،‬وتكون طاهرة حكمها حكم الطاهرات من النساء‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫***‬

‫((( جمموع فتاوى ابن باز (‪.)195/15‬‬


‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)417/5‬‬
‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)155/10‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*سؤال‪ :‬هل جيوز للصائمة إجراء «اختبار املسحة»‪ ،‬حيث تقوم ممرضة بأخذ عينة‬
‫(مسحة) من عنق الرحم؟‬
‫*جواب‪:‬‬
‫«اختبار املسحة وأخذ عينة من عنق الرحم بالنسبة للصائمة‪ ،‬إن ترتب عىل ذلك‬ ‫‪398‬‬
‫جمرد سحب عينة بدون شهوة؛‬ ‫إنزال املني؛ فإنه يفطر الصائمة؛ ألن فيه شهوة‪ ،‬وإن كان ّ‬
‫فإنه ال يف ّطر‪ ،‬لكن تأخريه إىل وقت اإلفطار يف الليل ْأوىل»)‪ .(1‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬أريد أن أعرف موجبات القضاء والكفارة يف رمضان‪ ،‬عل ًام أنه سبق أن بحثت‬
‫املوضوع‪ ،‬وانتهى يب البحث إىل رأيني‪ :‬أحدمها‪ :‬يرى أن موجبات القضاء والكفارة‬
‫هو اجلامع ال غري‪ ،‬والدليل معروف من السنة املطهرة‪ ،‬أما الرأي الثاين‪ :‬فيجعل كل‬
‫ما يصل إىل املعدة عمد ًا موجب ًا للقضاء والكفارة‪ ،‬إضافة إىل اجلامع‪ ،‬دون أن أعثر‬
‫عىل دليل من الكتاب والسنة‪ .‬لذا أرجو من فضيلتكم إفاديت باجلواب الشايف املدعم‬
‫بالدليل من الكتاب والسنة‪.‬‬
‫*جواب‪:‬‬
‫«نص النبي ‪ H‬عىل احلكم بوجوب الكفارة عىل أعرايب؛ لكونه جامع زوجته‬
‫عمد ًا يف هنار رمضان وهو صائم‪ ،‬فكان ذلك منه ‪ H‬بيان ًا ملناط احلكم‪ ،‬ونص ًا‬
‫عىل علته‪ ،‬واتفق الفقهاء عىل أن كونه أعرابي ًا وصف طردي ال مفهوم له‪ ،‬وال تأثري له يف‬
‫احلكم؛ فتجب الكفارة بوطء الرتكي واألعجمي زوجته‪ ،‬واتفقوا أيض ًا عىل أن وصف‬
‫الزوجة يف املوطوءة طردي غري معترب‪ ،‬فتجب الكفارة بوطء األمة وبالزنا‪ ،‬واتفقوا أيض ًا‬
‫عىل أن جميء الواطئ نادم ًا ال أثر له يف وجوب الكفارة‪ ،‬فال اعتبار له أيض ًا يف مناط احلكم‪.‬‬
‫ثم اختلفوا يف اجلامع‪ :‬هل هو وحده املعترب يف وجوب الكفارة بإفساد الصوم به‬
‫فقط‪ ،‬أو املعترب انتهاك حرمة رمضان بإفساد الصوم عمد ًا‪ ،‬ولو بطعام ورشاب؟ فقال‬
‫الشافعي وأمحد باألول‪ ،‬وقال أبو حنيفة ومالك ومن وافقهام بالثاين‪.‬‬

‫((( فتاوى الشيخ عبد الكريم اخلضري (ص‪.)51‬‬


‫مايصلا تادسفم‬

‫ومنشأ اخلالف بني الفريقني‪ :‬اختالفهام يف تنقيح مناط احلكم‪ ،‬هل هو انتهاك حرمة‬
‫صوم رمضان بإفساده بخصوص اجلامع عمد ًا‪ ،‬أو انتهاكه بإفساد صومه عمد ًا مطلق ًا‪،‬‬
‫ولو بطعام أو رشاب؟ والصواب األول؛ متشي ًا مع ظاهر النص؛ وألن األصل براءة‬
‫‪399‬‬ ‫الذمة من وجوب الكفارة‪ ،‬حتى يثبت املوجب بدليل واضح»)‪ .(1‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬ما حكم اجللوس يف هنار رمضان قرب أجهزة هلا بخار أو دخان؟ وإذا كان‬
‫ذلك من صميم عميل‪ ،‬فام احلكم؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«هذا ال بأس به‪ ،‬ولكنه ال يتعمد ويتقصد أن يستنشق هذا الدخان‪ ،‬أو هذا الغبار‪،‬‬
‫فإذا دخل إىل جوفه من غري قصد وال إرادة؛ فإنه ال بأس به‪ ،‬وال يرضه (‪ .)2‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬قام رجل كافر باغتصاب امرأة وهي صائمة العام املايض‪ ،‬وهي تريد أن‬
‫تعرف‪ :‬هل أبطل ذلك احلادث صومها؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫والمك َْره عىل فعـل يشء ال يؤاخـذ عليه؛‬


‫االغتصـاب فيـه معنـى القهـر واإلكـراه‪ُ ،‬‬
‫قـال اهلل تعـاىل‪( :‬ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ‬
‫ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ) [النحل‪،]106 :‬‬
‫فهـذه اآليـة الكريمة ترفـع اإلثم واملؤاخـذة عمن أظهر الكفـر بلسـانه مكره ًا‪ ،‬برشط‬
‫أن يكـون قلبـه مطمئنـ ًا باإليمان‪ ،‬وإذا كان يف الكفـر الـذي هـو أعظم املحرمـات‪ ،‬فام‬
‫دونـه مـن بـاب أوىل‪ ،‬أال يؤاخذ عليه فاعلـه إذا فعلـه مكره ًا‪.‬‬

‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)301 ،300/10‬‬


‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)281/19‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫ان‪َ ،‬و َمـا‬ ‫ـن ُأ َّمتِـي الخَ َط َ‬


‫ـأ‪َ ،‬والن ِّْسـ َي َ‬ ‫ـع َع ْ‬ ‫«إن ال َّل َه َت َع َ‬
‫ـال َو َض َ‬ ‫وقـال النبـي ‪َّ :H‬‬
‫ُاسـ ُتك ِْرهوا ع َلي ِ‬
‫ـه (‪.)1‬‬ ‫ُ َ ْ‬ ‫ْ‬

‫فاملرأة املغتص َبة التي بذلت جهدها يف املقاومة‪ ،‬ولكنها مل تستطع الفرار والتخلص؛‬
‫ال ذنب عليها؛ وصيامها صحيح؛ وال قضاء عليها‪ ،‬وال كفارة‪.‬‬ ‫‪400‬‬

‫ِ‬ ‫قال اإلمام أمحد ‪ُّ :V‬‬


‫«كل أمر ُغل َ‬
‫ب عليه الصائم‪ ،‬ليس عليه قضا ٌء‪ ،‬وال غريه»)‪.(2‬‬

‫وسئل ابن باز ‪ :V‬عمن جامع امرأته وهي غري راضية؟‬

‫فأجاب‪ ...« :‬أما املرأة‪ :‬فإن كانت مكرهة؛ فال يشء عليها؛ وصومها صحيح‪ ،‬أما إن‬
‫كانت تساهلت معه؛ فعليها قضاء اليوم‪ ،‬مع التوبة‪ ،‬وال كفارة عليها»(‪.)3‬‬

‫وقال ابن عثيمني ‪ ،V‬عن حكم اجلامع يف هنار رمضان‪:‬‬

‫«إذا كانت املرأة معذورة بجهل أو نسيان أو إكراه؛ فال قضاء عليها‪ ،‬وال كفارة»(‪.)4‬‬

‫وهبذه املناسبة ننصح النساء بتقوى اهلل ‪ ،D‬والبعد عن خمالطة الرجال‪ ،‬السيام‬
‫الكفار والفساق منهم‪ ،‬والبعد عن كل ما ُي ْطمع فيهن الرجال من التربج بالزينة‬
‫واخلضوع والتكرس يف القول والفعل‪ ،‬وأن ختتار الزمان املناسب‪ ،‬وال تغشى أماكن‬
‫الريبة واملواضع املخيفة‪ ،‬وأن تلتزم بام أمرها اهلل تعاىل به من احلجاب والتسرت‪ ،‬فإن يف‬
‫ذلك حفظها‪ ،‬وصيانتها‪ ،‬وخريها يف الدنيا واآلخرة‪.‬‬

‫واهلل تعاىل املسئول أن يصلح أحوال املسلمني‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬


‫***‬

‫((( رواه ابن ماجه (‪ ،)2045‬وصححه األلباين يف مشكاة املصابيح (‪.)458/1‬‬


‫((( املغني (‪.)376/4‬‬
‫((( جمموع فتاوى ابن باز (‪.)310/15‬‬
‫((( الرشح املمتع (‪.)416/6‬‬
‫مايصلا تادسفم‬

‫*سؤال‪ :‬هل جريان املاء يف أسفل احللق عند تنظيف األنف يف الوضوء يبطل الصيام؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬الصائــم منهــي عــن املبالغــة يف االستنشــاق؛ لقــول النبــي ‪H‬‬

‫ــن األَ َصابِــعِ‪َ ،‬و َبالِــغْ ِف‬ ‫ل َل ِق ِ‬


‫‪401‬‬ ‫ــرة ‪َ :I‬‬
‫ــوء‪َ ،‬و َخ ِّل ْ‬
‫ــل َب ْ َ‬ ‫«أ ْســبِغْ ُ‬
‫الو ُض َ‬ ‫يــط ْب ِ‬
‫ــن َص ِ َ‬
‫ــا (‪.)1‬‬‫ــاق إِال َأ ْن َتك َ ِ‬
‫االستِن َْش ِ‬
‫ُــون َصائ ً‬ ‫ْ‬
‫واحلديث يدل عىل جتنب املبالغة يف االستنشاق حال الصوم؛ حتى ال ينزل املاء إىل‬
‫جوف الصائم من غري اختياره‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬لو متضمض الصائم أو استنشق‪ ،‬فنزل يشء من املاء إىل حلقه من غري ٍ‬
‫قصد منه؛ فإنه‬ ‫ً‬
‫ال يفطر؛ لقول اهلل تعاىل‪( :‬ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ)‬
‫[األحزاب‪ ،]5 :‬وهذا مل يتعمد قلبه فعل املفسد؛ فيكون صومه صحيح ًا)‪ .(2‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬كيف يكفر التائب عن ِجاعه لزوجته وهى حائض يف دورهتا يف األيام‬
‫العادية‪ ،‬وكفارة اجلامع وهى حائض يف شهر رمضان؟ فهذا حدث‪ ،‬وعندنا علم‬
‫بحرمة هذه األفعال‪ ،‬ونيتنا اآلن التوبة هلل وطلب املغفرة‪ ،‬فأرجوكم دلوين عىل عمل‬
‫أعمله؛ ليغفر اهلل يل‪ ،‬وجزاكم اهلل خريا‪.‬‬

‫*جواب‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬مجـاع احلائض حمـرم بإمجاع العلماء؛ لقوله تعـاىل‪( :‬ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ‬


‫ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ) [البقرة‪]222 :‬؛ وملـا رواه‬
‫ـن َأتَـى َحائِ ًضـا‪َ ،‬أ ْو ْام َـر َأ ًة ِف ُد ُب ِر َها‪،‬‬
‫«م ْ‬
‫أبوهريـرة ‪ ،I‬عـن النبـي ‪ H‬قـال‪َ :‬‬
‫م َّم ٍد ‪.(3) H‬‬ ‫َأو ك ِ‬
‫َاهنًا‪َ ،‬ف َقدْ َك َف َر بِ َم ُأن ِْز َل َع َل ُ َ‬ ‫ْ‬

‫((( رواه أبو داود (‪ ،)142‬والرتمذي (‪ ،)788‬وصححه األلباين يف مشكاة املصابيح (‪.)87/1‬‬
‫((( انظر‪ :‬الرشح املمتع (‪.)407/6‬‬
‫((( رواه الرتمذي (‪ ،)135‬وصححه األلباين يف صحيح الرتمذي (‪.)44/1‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫ومن فعل ذلك لزمته التوبة والكفارة‪ ،‬وهي أن يتصدق بدينار أو نصفه‪ ،‬عىل الفقراء‬
‫واملساكني؛ ملا رواه ابن عباس ‪ ،L‬أن النبي ‪ H‬قال‪-‬فيمن يأيت امرأته وهي‬
‫حائض‪« :-‬يتصدّ ق بدينار‪ ،‬أو بنصف دينار (‪.)1‬‬

‫والدينار‪ :‬أربع جرامات وربع من الذهب‪ ،‬فانظر قيمة هذا وتصدق به‪ ،‬أو بنصفه‪،‬‬ ‫‪402‬‬

‫مع العزم عىل عدم العود لذلك أبدا‪.‬‬

‫ثان ًيا‪ :‬إن كان مقصودك باجلامع يف رمضان‪ :‬مجاع احلائض يف ليايل رمضان‪ ،‬فالواجب‬
‫هو ما سبق ذكره من التوبة والكفارة‪.‬‬

‫وإن كان املقصود هو اجلامع يف هنار رمضان‪ ،‬فقد اجتمع هنا ذنبان كبريان‪ ،‬ومها‬
‫الفطر يف هنار رمضان‪ ،‬واملعارشة أثناء احليض‪.‬‬

‫أما اجلامع يف احليض‪ :‬فقد عرفت ما فيه‪.‬‬

‫وأما الفطر يف هنار رمضان باجلامع‪ :‬فيرتتب عليه مخسة أمور‪:‬‬

‫‪ .1‬اإلثم‪.‬‬
‫‪ .2‬فساد الصوم‪.‬‬
‫‪ .3‬لزوم اإلمساك‪.‬‬
‫‪ .4‬وجوب القضاء‪.‬‬
‫‪ .5‬وجوب الكفارة مع التوبة‪.‬‬

‫فيجب عليك قضاء اليوم الذي أفسدت صيامه باجلامع‪ ،‬وعليك مع ذلك الكفارة‪،‬‬
‫وهي‪ :‬عتق رقبة‪ ،‬فمن مل جيد فصيام شهرين متتابعني‪ ،‬فمن مل يستطع فإطعام ستني‬
‫مسكين ًا‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫((( رواه أبو داود (‪ ،)264‬والرتمذي (‪ ،)135‬والنسائي (‪ ،)289‬وابن ماجه (‪ ،)640‬وصححه األلباين يف‬
‫صحيح أيب داود‪.‬‬
‫مايصلا تادسفم‬

‫*سؤال‪ :‬امرأة صامت وهي شاكة يف الطهر من احليض‪ ،‬فلام أصبحت فإذا هي طاهرة‪،‬‬
‫هل ينعقد صومها وهي مل تتيقن الطهر؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫‪403‬‬
‫«صيامها غري منعقد‪ ،‬ويلزمها قضاء ذلك اليوم؛ وذلك ألن األصل بقاء احليض‪،‬‬
‫ودخوهلا يف الصوم مع عدم تيقن الطهر‪ ،‬دخول يف العبادة مع الشك يف رشط صحتها؛‬
‫وهذا يمنع انعقادها»(‪ .)1‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬ما احلكم يف صوم امرأة داعبها زوجها يف هنار رمضان فتبلل فرجها‪ ،‬وهي‬
‫ال تدري نوع السائل املبلل أمني هو أم غريه؟ وال تدري عدد األيام التي متت فيها‬
‫املالعبة‪.‬‬

‫*جواب‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬جيوز للزوجني أن يداعب كل واحد منهام اآلخر‪ ،‬برشط أن يأمنا عىل نفسيهام‬
‫َان ال َّنبِي ‪ H‬ي َقب ُل ويب ِ‬
‫اش‪َ ،‬و ُه َو‬ ‫من إنزال املني؛ حلديث عائشة ‪َ J‬قا َل ْت‪« :‬ك َ‬
‫ُ ِّ َ ُ َ‬ ‫ُّ‬
‫إلربِ ِه (‪.)2‬‬ ‫َصائِ ٌم‪َ ،‬وك َ‬
‫َان َأ ْم َل َكك ُْم ْ‬
‫وإذا داعب الرجل امرأته أو بارشها بام دون اجلامع‪ ،‬فال خيلو احلال من حالني‪:‬‬

‫األوىل‪ :‬أن ينشأ عن تلك املداعبة واملبارشة نزول املني‪ ،‬ففي هذه احلال يفسد‬
‫الصيام‪ ،‬وجيب القضاء عىل من نزل منه املني‪ ،‬قال النووي ‪« :V‬إذا َق َّبل أو بارش‬
‫فيام دون الفرج بذكره‪ ،‬أو ملس برشة امرأة بيده‪ ،‬أو غريها‪ ،‬فإن أنزل املني؛ بطل صومه‪،‬‬
‫وإال فال‪ ،‬ونقل صاحب احلاوي وغريه اإلمجاع عىل بطالن صوم من قبل أو بارش دون‬
‫الفرج‪ ،‬فأنزل»)‪.(3‬‬

‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)76/19‬‬


‫((( رواه البخاري (‪ ،)296‬ومسلم (‪.)1106‬‬
‫((( املجموع (‪.)321/6‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫وقال ابن عثيمني ‪« :V‬إذا بارش الرجل زوجته‪ ،‬سواء بارشها باليد‪ ،‬أو بالوجه‬
‫بتقبيل‪ ،‬أو بالفرج (بدون مجاع) فإنه إذا أنزل أفطر‪ ،‬وإذا مل ينزل فال فطر بذلك»(‪.)1‬‬

‫احلال الثانية‪ :‬أن ينشأ عن تلك املداعبة واملبارشة نزول املذي‪ ،‬ففي هذه احلال ال‬
‫يفسد الصوم‪.‬‬ ‫‪404‬‬

‫قال ابن باز ‪« :V‬تقبيل الرجل امرأته‪ ،‬ومداعبته هلا‪ ،‬ومبارشته هلا بغري اجلامع‪،‬‬
‫وهو صائم‪ ،‬كل ذلك جائز وال حرج فيه؛ ألن النبي ‪ H‬كان يق ِّبل وهو صائم‪،‬‬
‫ويبارش وهو صائم‪ ،‬لكن‪ ،‬إن خيش الوقوع فيام حرم اهلل عليه لكونه رسيع الشهوة؛ كره‬
‫له ذلك‪ ،‬فإن أمنى؛ لزمه اإلمساك والقضاء‪ ،‬وال كفارة عليه عند مجهور أهل العلم‪ ،‬أما‬
‫املذي‪ :‬فال يفسد به الصوم يف أصح قويل العلامء؛ ألن األصل السالمة وعدم بطالن‬
‫الصوم‪ ،‬وألنه يشق التحرز منه‪ .‬واهلل ويل التوفيق»)‪.(2‬‬

‫وقد سئل ابن عثيمني ‪ :V‬عن رجل داعب زوجته‪ ،‬وهو صائم فخرج منه مذي‪،‬‬
‫فام حكم صومه؟‬

‫فأجاب‪« :‬إذا داعب الرجل زوجته‪ ،‬فخرج منه مذي؛ فصومه صحيح‪ ،‬وال يشء‬
‫عليه‪ ،‬عىل القول الراجح عندنا من أقوال أهل العلم؛ وذلك لعدم الدليل عىل أنه يفطر‪،‬‬
‫وال يصح قياسه عىل املني؛ ألنه دونه‪ ،‬وهذا القول الذي رجحناه هو مذهب الشافعي‪،‬‬
‫وأيب حنيفة‪ ،‬واختاره ابن تيمية ‪ ،V‬وقال يف الفروع‪ :‬هو أظهر‪ ،‬وقال يف اإلنصاف‪:‬‬
‫هو الصواب»)‪.(3‬‬

‫ثالث ًا‪ :‬إذا اشتبه عىل اإلنسان يف مثل هذه احلال‪ :‬هل الذي خرج منه مني أم مذي؟‬

‫فالغالب أنه مذي؛ ألن املذي هو الذي خيرج عند املداعبة‪ ،‬وال حيكم بفساد الصوم‬
‫بمجرد الشك‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫((( الرشح املمتع (‪.)388/6‬‬


‫((( جمموع فتاوى ابن باز (‪.)315/15‬‬
‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)236/19‬‬
‫مايصلا تادسفم‬

‫*سؤال‪ :‬هل جيوز وضع قناع من العسل عىل الوجه؟ علام أنه ال يتطلب أكثر من‬
‫ملعقة قهوة‪ ،‬وقد وضعت هذا املاسك يف رمضان عىل أساس فتوى قرأهتا بأنه حيل‬
‫وضع أي كريم عىل اجللد أو أي مستحرض برشط ال يتم بلعه‪ .‬وتسبب يف دخول‬
‫بعض العسل إىل فمي‪ ،‬وتذوقت احلالوة‪ ،‬لكن مل أبلعها‪ ،‬فهل هذا مفطر؟‬
‫‪405‬‬
‫*جواب‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬ال حرج يف استعامل العسل عىل الوجه؛ إلزالة الكلف وتنعيم البرشة ونحو‬
‫ذلك‪ ،‬برشط عدم اإلرساف‪.‬‬

‫فقد سئل ابن عثيمني ‪ :V‬بعض صديقايت يستعملن البيض والعسل واللبن يف‬
‫عالج النمش والكلف الذي يظهر يف الوجه‪ ،‬فهل جيوز هلن ذلك؟‬

‫فأجاب‪« :‬من املعلوم أن هذه األشياء من األطعمة التي خلقها اهلل ‪ D‬لغذاء البدن‪،‬‬
‫فإذا احتاج اإلنسان إىل استعامهلا يف يشء آخر ليس بنجس كالعالج‪ ،‬فإن هذا ال بأس به؛‬
‫لقوله تعاىل‪( :‬ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ) فقوله تعاىل‪( :‬ﯯ) يشمل‬
‫عموم االنتفاع‪ ،‬إذا مل يكن ما يدل عىل التحريم‪.‬‬

‫وأمـا اسـتعامهلا للتجميـل‪ :‬فهنـاك مـواد أخـرى حيصـل التجميـل هبا سـوى هذه؛‬
‫فاسـتعامهلا أوىل‪.‬‬

‫ول ُيعلـم أن التجميـل ال بـأس بـه‪ ،‬بـل إن اهلل ‪ E‬مجيـل حيـب اجلمال‪ ،‬لكـن‬
‫اإلرساف فيـه حتـى يكـون أكبر هـم اإلنسـان‪ ،‬بحيـث ال هيتـم إال بـه‪ ،‬ويغفـل كثريا‬
‫مـن مصالـح دينـه ودنيـاه مـن أجله‪ :‬فهـذا أمـر ال ينبغـي؛ ألنـه داخـل يف اإلرساف‪،‬‬
‫واإلرساف ال حيبـه اهلل ‪.)1(»D‬‬

‫ثان ًيا‪ :‬إذا دخل العسل إىل فمك وتذوقته دون بلع؛ فال يرض صومك‪ ،‬والصائم جيوز‬
‫له أن يتذوق الطعام للحاجة‪ ،‬ثم يمجه وال يبلعه‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫((( نقال عن فتاوى املرأة‪ -‬مجع حممد املسند (ص‪.)238‬‬


‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*سؤال‪ :‬تعمد بعض النساء إىل أخذ حبوب يف رمضان ملنع الدورة الشهرية ‪-‬احليض‪-‬‬
‫والرغبة يف ذلك؛ حتى ال تقيض فيام بعد‪ ،‬فهل هذا جائز؟ وهل يف ذلك قيود‪ ،‬حتى‬
‫تعمل هبا هؤالء النساء؟‬

‫*جواب‪:‬‬ ‫‪406‬‬

‫قال ابن عثيمني ‪« :V‬الذي أراه يف هذه املسألة‪ :‬أال تفعله املرأة‪ ،‬وتبقى عىل ما‬
‫قدره اهلل ‪ D‬وكتبه عىل بنات آدم؛ فإن هذه الدورة الشهرية هلل تعاىل حكمة يف إجيادها‪،‬‬
‫هذه احلكمة تناسب طبيعة املرأة‪ ،‬فإذا منعت هذه العادة‪ ،‬فإنه ال شك حيدث منها رد‬
‫فعل ضار عىل جسم املرأة‪ ،‬وقد قال ‪« :H‬ال رضر‪ ،‬وال رضار (‪ ،)1‬هذا بِ َغ ِّض‬
‫النظر عام تسببه هذه احلبوب من أرضار عىل الرحم‪ ،‬كام ذكر ذلك األطباء‪ ،‬فالذي أرى‬
‫يف هذه املسألة‪ :‬أن النساء ال يستعملن هذه احلبوب‪ ،‬واحلمد هلل عىل قدره وحكمته‪ ،‬إذا‬
‫أتاها احليض متسك عن الصوم والصالة‪ ،‬وإذا طهرت تستأنف الصيام والصالة‪ ،‬وإذا‬
‫انتهى رمضان تقيض ما فاهتا من الصوم»(‪ .)2‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬إذا كانت املرأة يأتيها احليض يف العرش األواخر من رمضان‪ ،‬فهل جيوز هلا أن‬
‫تستعمل حبوب منع احلمل؛ لتتمكن من أداء العبادة يف هذه األيام الفاضلة؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫قال ابن عثيمني ‪« :V‬ال نرى أهنا تستعمل هذه احلبوب لتعينها عىل طاعة اهلل؛‬
‫ألن احليض الذي خيرج يش ٌء كتبه اهلل عىل بنات آدم‪ ،‬وقد دخل النبي ‪ H‬عىل‬
‫عائشة ‪ J‬وهي معه يف حجة الوداع‪ ،‬وقد أحرمت بالعمرة‪ ،‬فأتاها احليض قبل أن‬
‫تصل إىل مكة‪ ،‬فدخل عليها وهي تبكي‪ ،‬فقال‪( :‬ما يبكيك)‪ ،‬فأخربته‪ :‬أهنا حاضت‪،‬‬
‫يشء قد كتبه اهلل عىل بنات آدم (‪ ،)3‬فاحليض ليس منها‪ ،‬فإذا جاءها يف‬
‫فقال هلا‪« :‬إن هذا ٌ‬
‫((( رواه ابن ماجة (‪ ،)2340‬وصححه األلباين يف إرواء الغليل (‪.)413/3‬‬
‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)269/19‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)290‬ومسلم(‪.)1211‬‬
‫مايصلا تادسفم‬

‫العرش األواخر‪ ،‬فلتقنع بام قدر اهلل هلا‪ ،‬وال تستعمل هذه احلبوب‪ ،‬وقد بلغني ممن أثق‬
‫به من األطباء‪ :‬أن هذه احلبوب ضارة يف الرحم‪ ،‬ويف الدم‪ ،‬وربام تكون سبب ًا لتشويه‬
‫اجلنني‪ ،‬إذا حصل هلا جنني‪ ،‬فلذلك نرى جتنبها‪ ،‬وإذا حصل عليها احليض‪ ،‬وتركت‬
‫الصالة والصيام‪ ،‬فإن ذلك بقضاء اهلل وقدره‪ ،‬وليس بفعلها»)‪ .(1‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫‪407‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬إذا طهرت النفساء خالل أسبوع‪ ،‬وصامت مع املسلمني يف رمضان أيام ًا‬
‫معدودة‪ ،‬ثم عاد إليها الدم‪ ،‬هل تفطر يف هذه احلالة؟ وهل يلزمها قضاء األيام التي‬
‫صامتها والتي أفطرهتا؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫« إذا طهرت النفساء يف األربعني‪ ،‬فصامت أيام ًا‪ ،‬ثم عاد إليها الدم يف األربعني؛‬
‫فإن صومها صحيح‪ ،‬وعليها أن تدع الصالة والصيام يف األيام التي عاد فيهل الدم‬
‫‪-‬ألنه نفاس‪ -‬حتى تطهر‪ ،‬أو تكمل األربعني‪ ،‬ومتى أكملت األربعني وجب عليها‬
‫الغسل‪ ،‬وإن مل تر الطهر؛ ألن األربعني هي هناية النفاس يف أصح قويل العلامء‪ ،‬وعليها‬
‫‪H‬‬ ‫بعد ذلك أن تتوضأ لوقت كل صالة حتى ينقطع عنها الدم‪ ،‬كام أمر النبي‬
‫بذلك املستحاضة‪ ،‬ولزوجها أن يستمتع هبا بعد األربعني‪ ،‬وإن مل تر الطهر؛ ألن الدم‬
‫واحلال ما ذكر دم فساد ال يمنع الصالة وال الصوم‪ ،‬وال يمنع الزوج من استمتاعه‬
‫بزوجته‪ ،‬لكن‪ ،‬إن وافق الدم بعد األربعني عادهتا يف احليض؛ فإهنا تدع الصالة والصوم‪،‬‬
‫وتعتربه حيض ًا‪ .‬واهلل ويل التوفيق»)‪ .(2‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪:‬‬
‫‪ .1‬زوجي جامعني يف هنار رمضان‪ ،‬يف البداية أنا رفضت ثم استسلمت له‪ ،‬ما احلكم‬
‫علينا؟ مع العلم أننا ما نقدر نفك رقبة‪ ،‬وال نصوم شهرين متتاليني‪ ،‬ألننا نخشى‬
‫املشقة بالصوم‪ .‬وإطعام ستني مسكينا رز‪ ،‬كم كيلو؟‬

‫((( اللقاء الشهري (‪.)238/1‬‬


‫((( جمموع فتاوى ابن باز (‪.)226-225/10‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫‪ .2‬أنا لست عاملة‪ ،‬وال يوجد لدي مرصوف خاص يب‪ ،‬كيف أمتكن من إطعام‬
‫املساكني؟ هل جيب أن أدفعها مني‪ ،‬أو زوجي هو يتكفل هبا؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫‪408‬‬
‫أوالً‪ :‬اجلامع يف هنار رمضان من أعظم املفطرات‪ ،‬وهو مفسد من مفسدات الصوم‪،‬‬
‫وأشنع حمرماته‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬جيب عىل من جامع أهله يف هنار رمضان أن يعتق رقبة مؤمنة‪ ،‬فإن مل يقدر‬
‫عىل ذلك فليصم شهرين متتابعني‪ ،‬فإن عجز عن ذلك فليطعم ستني مسكين ًا‪ ،‬وهذه‬
‫الكفارة عىل هذا الرتتيب‪ ،‬ال ينتقل من درجة منها إىل التي تليها إال عند العجز عن‬
‫اء َر ُج ٌل إِ َل النَّبِ ِّي ‪َ ،H‬ف َق َال‪َ :‬ه َلك ُ‬
‫ْت َيا‬ ‫السابقة؛ ملا رواه َأبِو ُه َر ْي َر َة ‪َ I‬ق َال‪َ :‬ج َ‬
‫«ه ْل َ ِ‬ ‫ت َع َل ْام َر َأ ِت ِف َر َم َض َ‬ ‫«و َما َأ ْه َلك َ‬ ‫رس َ ِ‬
‫تدُ َما‬ ‫ان‪َ ،‬ق َال‪َ :‬‬ ‫َك؟ ‪َ ،‬ق َال‪َ :‬و َق ْع ُ‬ ‫ول اهلل‪َ ،‬ق َال‪َ :‬‬ ‫َ ُ‬
‫ي؟ ‪َ ،‬ق َال‪ :‬ال‪َ ،‬ق َال‪:‬‬ ‫يع َأ ْن ت َُصو َم َش ْه َر ْي ِن ُم َتتَابِ َع ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُت ْعت ُق َر َق َب ًة؟ ‪َ ،‬ق َال‪ :‬ال‪َ ،‬ق َال‪َ « :‬ف َه ْل ت َْستَط ُ‬
‫ِّني ِم ْسكِينًا؟ ‪َ ،‬ق َال‪ :‬ال)‪ ،(1‬والكفارة يف اجلامع عىل الرجل واملرأة‬ ‫ِ ِ‬
‫تدُ َما ُت ْطع ُم ست َ‬ ‫« َف َه ْل َ ِ‬
‫عىل السواء‪.‬‬

‫فإذا عجز الرجل أو املرأة عن الكفارة‪ ،‬فإهنا تسقط عنه؛ لقوله تعاىل‪( :‬ﮧ ﮨ ﮩ‬
‫ﮪ) [التغابن‪ ،]16 :‬وألن النبي ‪ H‬ملا أمر الرجل بالكفارة‪ ،‬وأخربه أنه ال‬
‫يستطيع‪ ،‬مل يذكر له بقاءها يف ذمته‪ ،‬وألن الواجب يسقط بالعجز‪.‬‬

‫قال ابن عثيمني ‪« :V‬وسقوط الكفارة بدليل الكتاب‪ ،‬والسنّة‪ ،‬أ ّما من الكتاب‪:‬‬
‫فقوله تعاىل‪( :‬ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ) [البقرة‪ ،]286 :‬وهذا الرجل الفقري ليس‬
‫عنده يش ٌء؛ فال يك ّلف إالّ ما آتاه اهلل‪ ،‬وقال تعاىل‪( :‬ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ) [التغابن‪،]16 :‬‬
‫عجز‪ ،‬فالواجبات‬ ‫ثالث‪ :‬العموم‪ ،‬عموم القاعدة الرشع ّية‪ ،‬وهي أنّه ال واجب مع ٍ‬ ‫ٌ‬
‫ودليل ٌ‬
‫تسقط بالعجز عنها‪ ،‬وهذا الرجل الذي جامع ال يستطيع عتق الرقبة‪ ،‬وال الصيام‪ ،‬وال‬
‫اإلطعام‪ ،‬نقول‪ :‬إذ ًا ال يشء عليك‪ ،‬وبرئت ذ ّمتك‪.‬‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)1834‬ومسلم (‪.)1111‬‬


‫مايصلا تادسفم‬

‫فإن أغناه اهلل يف املستقبل‪ ،‬فهل يلزمه أن يكفر أو ال؟‬

‫فاجلـواب‪ :‬ال يلزمـه؛ ألهنـا سـقطت عنـه‪ ،‬وكما ّ‬


‫أن الفقري لـو أغنـاه اهلل مل يلزمه أن‬
‫عما مىض من سـنواته؛ ألنّه فقير‪ ،‬فكذلك هـذا الذي مل جيـد الكفارة إذا‬
‫يـؤدي الـزكاة ّ‬
‫‪409‬‬ ‫أغناه اهلل تعاىل‪ ،‬مل جيب عليه قضاؤها‪.‬‬

‫ّأما الدليل من السنّة‪ :‬فهو أن الرجل ّملا قال‪ :‬ال أستطيع أن أطعم ستني مسكين ًا مل يقل‬
‫النبي ‪ :H‬أطعمهم متى استطعت‪ ،‬بل أمره أن يطعم حني وجد‪ ،‬فقال‪( :‬خذ‬
‫هذا‪ ،‬تصدّ ق به)‪ ،‬فقال‪ :‬أعىل أفقر مني يا رسول اهلل؟‪ ،...‬فقال‪( :‬أطعمه أهلك)‪ ،‬ومل‬
‫يقل‪ :‬والكفارة واجبة يف ذمتك‪ ،‬فدل هذا عىل أهنا تسقط بالعجز )‪.(1‬‬

‫تنبيه‪ :‬قولك‪( :‬وال نصوم شهرين متتاليني؛ ألننا نخشى املشقة بالصوم)‪ .‬جمرد خوف‬
‫املشقة ال يكون عذرا يف ترك الصيام‪ ،‬بل ال بد من عدم االستطاعة‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬أنا امرأة أعاين من مشكلة الوسواس القهري يف العبادات وخصوصا‬


‫يف الطهارة‪ ،‬فأنا عندما يأتيني احليض ال أنتظر حتى أرى الطهر‪ ،‬فمجرد اجلفاف‬
‫أغتسل إلحسايس بالذنب لعدم الصالة‪ ،‬وأعاود االغتسال مرتني وأكثر‪ ،‬فأنا قبل‬
‫رمضان بيومني اغتسلت من احليض‪ ،‬وبعد أربعة وعرشين ساعة رأيت كدرة متيل‬
‫إىل االمحرار‪ ،‬فتتبعت أثر الكدرة بمنديل‪ ،‬واغتسلت يف الليل بنية صيام أول أيام‬
‫رمضان‪ ،‬وصمت اليوم األول وصمت اليوم الثاين من رمضان‪ ،‬وعند صالة العرص‬
‫من اليوم الثاين من رمضان رأيت القليل من الصفرة مع مثل الرتاب‪ ،‬فلم أعاود‬
‫الغسل‪ ،‬واستمريت يف الصوم إىل هناية رمضان‪ .‬اآلن بعد رمضان أحس بالذنب‬
‫أن صومي غري صحيح‪ ،‬وأنه عيل إعادة الصوم لعدم الغسل مرة أخرى‪ ،‬فأفتوين‬
‫جزاكم اهلل خريا‪ .‬هل صومي صحيح‪ ،‬أم أنه عيل إعادة الصوم مرة أخرى؟ وبامذا‬
‫تنصحوين؟ جزاكم اهلل عني خري اجلزاء‪.‬‬

‫((( الرشح املمتع (‪.)417/6‬‬


‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*جواب‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬عالج الوسوسة بأمرين يسريين‪:‬‬

‫األول‪ :‬اإلكثار من ذكر اهلل تعاىل وطاعته‪ ،‬فهذا سبيل راحة النفس واستقرارها‬
‫‪410‬‬
‫وطمأنينتها‪ ،‬ودفع أذى الشيطان ووسوسته‪ ،‬كام قال تعاىل‪( :‬ﰈﰉﰊﰋ‬
‫ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ) [الرعد‪ ،]28 :‬وقال‪( :‬ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ‬
‫ﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚ‬
‫ﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪ‬
‫ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ) [النحل‪ 97 :‬ـ ‪ ،]99‬وقال سبحانه‪( :‬ﮀ ﮁ‬
‫ﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏ‬
‫ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ) [الناس‪.]6-1 :‬‬

‫قال ابن كثري ‪« :V‬قال سعيد بن جبري عن ابن عباس يف قوله‪( :‬ﮍ‬
‫ﮎ)‪ ،‬قال‪ :‬الشيطان جاثم عىل قلب ابن آدم‪ ،‬فإذا سها وغفل وسوس‪ ،‬فإذا‬
‫ذكر اهلل َخنَس‪ ،‬وكذا قال جماهد‪ ،‬وقتادة‪.‬‬

‫وقال املعتمر بن سليامن‪ ،‬عن أبيه‪ُ :‬ذ َ‬


‫كر يل أن الشيطان أو الوسواس ينفث يف قلب‬
‫ابن آدم عند احلزن‪ ،‬وعند الفرح‪ ،‬فإذا ذكر اهلل خنس»(‪.)1‬‬

‫واألمر الثاين‪ :‬هو اإلعراض عن الوسوسة‪ ،‬والتشاغل عنها‪ ،‬وعدم االلتفات إليها‪،‬‬
‫وترك التجاوب معها‪ ،‬فهذا كفيل برفعها والعافية منها‪.‬‬

‫وهذا الدواء وإن كان صعبا يف بادئ األمر‪ ،‬فإنه سهل يسري بعد ذلك‪ ،‬وما عليك‬
‫سوى االجتهاد وبذل الوسع‪ ،‬وسؤال اهلل تعاىل العون‪ ،‬قال تعاىل‪( :‬ﮠ ﮡ ﮢ‬
‫ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ) [العنكبوت‪.] 69 :‬‬

‫وقد سئل ابن حجر املكي ‪ :V‬عن داء الوسوسة هل له دواء؟‬

‫((( تفسري القران العظيم (‪.)540/8‬‬


‫مايصلا تادسفم‬

‫فأجاب‪« :‬له دواء نافع‪ ،‬وهو اإلعراض عنها مجلة كافية‪ ،‬وإن كان يف النفس من‬
‫الرتدد ما كان‪ ،‬فإنه متى مل يلتفت لذلك مل يثبت‪ ،‬بل يذهب بعد زمن قليل‪ ،‬كام َج َّرب‬
‫ذلك املوفقون‪ ،‬وأما من أصغى إليها وعمل بقضياهتا؛ فإهنا ال تزال تزداد به حتى ُترجه‬
‫إىل حيز املجانني‪ ،‬بل وأقبح منهم‪ ،‬كام شاهدناه يف كثريين ممن ابتلوا هبا‪ ،‬وأصغوا إليها‪،‬‬
‫‪411‬‬
‫وإىل شيطاهنا»)‪.(1‬‬

‫ثان ًيا‪ :‬حيصل الطهر من احليض بإحدى عالمتني‪:‬‬

‫األوىل‪ :‬اجلفاف التام‪ ،‬بحيث لو احتشت املرأة بقطنة ونحوها؛ خرجت نظيفة‪ ،‬ال أثر‬
‫عليها من دم‪ ،‬أو صفرة‪ ،‬أو كدرة‪.‬‬

‫والثانية‪ :‬نزول القصة البيضاء‪ ،‬وهي‪ :‬ماء أبيض تعرفه النساء‪.‬‬

‫وال ينبغي التعجل يف الغسل‪ ،‬حتى حيصل اليقني بالطهر‪ ،‬قال البخاري ‪ V‬يف‬
‫صحيحه‪« :‬باب إقبال املحيض وإدباره‪ ،‬وكن نساء يبعثن إىل عائشة ‪ J‬بالدرجة‬
‫فيها الكرسف فيه الصفرة‪ ،‬فتقول‪ :‬ال تعجلن حتى ترين القصة البيضاء‪ ،‬تريد بذلك‬
‫الطهر من احليضة»(‪.)2‬‬

‫والدُّ ْرجة‪ :‬هو الوعاء الذي تضع املرأة فيه طيبها ومتاعها‪ ،‬والكرسف‪ :‬القطن‪،‬‬
‫والصفرة‪ :‬املاء األصفر‪.‬‬

‫ثال ًثا‪ :‬إذا رأيت اجلفاف التام‪ ،‬واغتسلت‪ ،‬ثم نزلت كدرة أو صفرة‪ ،‬فال يرضك ذلك؛‬
‫ألن الصفرة أو الكدرة بعد الطهر ليست حيضا؛ حلديث أم عطية ‪ J‬قالت‪« :‬كنا ال‬
‫نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئ ًا»)‪.(3‬‬

‫وليس هناك تقصري أو إثم عىل من أخرت الغسل والصالة‪ ،‬حتى تتأكد من طهرها‪،‬‬
‫بل هذا هو الواجب عليها؛ حلرمة الصالة حال احليض‪.‬‬

‫((( الفتاوى الفقهية الكربى (‪.)149/1‬‬


‫((( صحيح البخاري (‪ ،)121/1‬ورواه مالك يف املوطأ (‪.)128‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ )320‬بدون قوله‪« :‬بعد الطهر»‪ ،‬ورواه أبو داود (‪ ،)307‬وصححه األلباين يف صحيح أيب داود‪.‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫رابع ًا‪ :‬عىل فرض أنك اغتسلت قبل الطهر الصحيح‪ ،‬ثم مل تعيدي الغسل‪ ،‬فال يصح‬
‫صومك اليوم األول والثاين‪ ،‬ألنك كنت حائض ًا‪ ،‬أما ما بعد ذلك من األيام‪ :‬فصومها‬
‫صحيح‪ ،‬ألن الصوم ال يشرتط له الغسل من احليض‪ ،‬وال من اجلنابة‪ ،‬وعىل هذا‪ :‬فإن‬
‫كنت رأيت اجلفاف التام؛ فاغتسالك صحيح؛ وصومك صحيح‪.‬‬
‫‪412‬‬
‫وإن كنت تعجلت واغتسلت وصمت قبل حصول اجلفاف التام؛ فعليك قضاء‬
‫صوم اليومني األول والثاين‪ ،‬وأما بقية الشهر‪ :‬فصيامك صحيح‪ ،‬وال يلزمك فيه يشء‪.‬‬

‫ونصيحتنا لك‪ :‬ما قدمناه من رضورة عالج الوسوسة‪ ،‬والتخلص منها‪ ،‬وعدم‬
‫االلتفات إليها‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬صمت من رمضان الشهر كله‪ ،‬وأنا غالب ظني أن صيامي غري سليم حيث‬
‫كان عندي جنني يف بطني ومعي نزيف‪ ،‬وأنا اآلن صحتي ضعيفة وال أستطيع‬
‫الصيام‪ .‬فإذا كان مل يصح صيامي فامذا أفعل؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«إذا صامت املرأة ويف بطنها جنني ومعها نزيف الدم فصومها صحيح؛ ألن هذا‬
‫النزيف الذي معها وهي حامل ال يؤثر شيئ ًا وال يعترب حيض ًا وال نفاس ًا؛ ألن الولد‬
‫موجود يف البطن‪ ،‬فليس بنفاس‪ ،‬وليس بحيض؛ ألن الغالب أن احلامل ال حتيض‪ ،‬وعىل‬
‫قول من قال‪ :‬إن احلامل قد حتيض‪ ،‬فيشرتطون أن يكون الدم مستقي ًام عىل عادته األوىل‪.‬‬

‫فإذا كانت املرأة التي سألت عن هذا السؤال إنام دمها ملتبس عليها ومتغري؛ نزيف‬
‫يتقطع وخيتلف ليس عىل عادته األوىل القديمة التي تراها قبل احلمل هذا كله دم فاسد‪،‬‬
‫وصومها صحيح‪ ،‬وليس عليها قضاء الصوم واحلمد هلل؛ ألن الدم الذي مع احلامل يف‬
‫الغالب يكون دم ًا فاسد ًا خمت ً‬
‫ال يزيد وينقص ويتقدم ويتأخر ويتنوع‪ ،‬فهو ال يعترب‪.‬‬

‫أما لو قدر أنه عىل حالته األوىل قبل احلمل مل يتغري بل جاء يف عادته فهذا قال بعض‬
‫أهل العلم‪ :‬إنه حيض‪ ،‬وان عليها أن جتلس وال تصوم‪ ،‬قاله مجاعة من العلامء‪.‬‬
‫مايصلا تادسفم‬

‫وذهب آخرون من أهل العلم أنه ولو كان عىل عادته وعىل حاله األوىل ال يعترب‪،‬‬
‫وأن احلامل ال حتيض‪ .‬هذا قول مشهور عن أهل العلم‪ .‬لكن الغالب أن احلامل إنام‬
‫يأتيها دم مضطرب متغري نزيف ال يستقر له قرار‪ ،‬فهذا ال يعترب عند اجلميع وال يلتفت‬
‫إليه‪ ،‬بل صومها صحيح وصالهتا صحيحة‪.‬‬
‫‪413‬‬
‫وعليها يف هذه احلالة أن تتحفظ بقطن ونحوه وتتوضأ لوقت كل صالة‪ ،‬إذا دخل‬
‫الوقت تتوضأ لكل صالة وتصيل بطهارهتا ولو أن الدم ال يزال خيرج معها؛ ألهنا مبتالة‬
‫هبذا اليشء مثل صاحب سلس البول ومثل املستحاضة التي ليست حام ً‬
‫ال سواء بسواء؛‬
‫فهذا الدم اجلاري معها دم فاسد ال يرضها‪.‬‬

‫لكنها تستنجي بعد دخول الوقت وتتوضأ وضوء الصالة وتصيل عىل حسب حاهلا‪.‬‬

‫وإذا مجعـت بين الظهـر والعصر وبين املغـرب والعشـاء كما علـم النبـي بعـض‬
‫الصحابيـات ‪ ،O‬وإذا اغتسـلت مـع ذلـك عند صلاة الظهر والعرص غسل ً‬
‫ا‬
‫ا واحـد ًا مـن بـاب النظافـة والنشـاط هـذا حسـن‪،‬‬
‫واحـد ًا واملغـرب والعشـاء غسل ً‬
‫أن النبي ‪ H‬أوىص به بعض النساء املستحاضات»(‪.)1‬‬

‫((( فتاوى نور عىل الدرب ‪ -‬للشيخ عبد العزيز بن باز (‪.)1227/3‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫قضاء رمضان‬ ‫‪414‬‬

‫*سؤال‪ :‬فتاة بالغة ال تريد قضاء األيام التي أفطرهتا يف رمضان‪ ،‬بحجة أنه ال يوجد‬
‫هناك دليل رشعي ال يف الكتاب وال يف السنة يوجب قضاء تلك األيام‪ .‬أطلب منكم‬
‫موافايت بدليل من القرآن أو السنة؛ لكي أنصح به تلك الفتاة‪.‬‬

‫*جواب‪:‬‬

‫وجوب قضاء الصوم عىل احلائض‪ ،‬حكم متفق عليه بني املسلمني‪ ،‬وقد دل عليه‬
‫السنة الصحيحة‪ ،‬واإلمجاع‪.‬‬

‫عن معاذة قالت‪« :‬سألت عائشة ‪ ،J‬فقلت‪ :‬ما بال احلائض تقيض الصوم‪ ،‬وال‬
‫تقيض الصالة؟‪ ،‬فقالت‪ :‬أحرورية أنت؟!‪ ،‬قلت‪ :‬لست بحرورية‪ ،‬ولكني أسأل‪ ،‬قالت‪:‬‬
‫كان يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم‪ ،‬وال نؤمر بقضاء الصالة»(‪.)1‬‬

‫(أحرورية) نسبة إىل حروراء‪ ،‬بلدة كان فيها اخلوارج‪.‬‬

‫قال النووي ‪« :V‬هذا احلكم متفق عليه‪ ،‬أمجع املسلمون عىل أن احلائض‬
‫والنفساء ال جتب عليهام الصالة وال الصوم يف احلال‪ ،‬وأمجعوا عىل أنه ال جيب عليهام‬
‫قضاء الصالة‪ ،‬وأمجعوا عىل أنه جيب عليهام قضاء الصوم‪.‬‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)315‬ومسلم (‪.)335‬‬


‫ناضمر ءاضق‬

‫قال العلامء‪ :‬والفرق بينهام‪ :‬أن الصالة كثرية متكررة؛ فيشق قضاؤها‪ ،‬بخالف‬
‫الصوم‪ ،‬فإنه جيب يف السنة مرة واحدة‪ ،‬وربام كان احليض يوم ًا‪ ،‬أو يومني»(‪.)1‬‬

‫وقال ابن قدامة ‪« :V‬أمجع أهل العلم عىل أن احلائض والنفساء ال حيل هلام الصوم‪،‬‬
‫‪415‬‬ ‫وأهنام يفطران رمضان ويقضيان‪ ،‬وأهنام إذا صامتا مل جيزئهام الصوم»)‪.(2‬‬

‫قال النووي‪« :‬وأمجعت األمة أيض ًا عىل وجوب قضاء صوم رمضان عليها‪ ،‬نقل‬
‫اإلمجاع فيه الرتمذي‪ ،‬وابن املنذر‪ ،‬وابن جرير‪ ،‬وأصحابنا‪ ،‬وغريهم»(‪.)3‬‬

‫فهذه سنة النبي ‪ ،H‬ثم إمجاع العلامء‪ ،‬نقله غري واحد من أهل العلم‪.‬‬

‫فكيف يقال بعد ذلك‪ :‬ليس هناك دليل عىل وجوب قضاء احلائض الصوم؟!‬

‫فعىل هذه املرأة التي أشارت إليها السائلة‪ :‬أن تتوب إىل اهلل تعاىل من هذا القول‬
‫املنكر‪ ،‬الذي فيه جرأة عىل رشع اهلل تعاىل وأحكامه‪ ،‬والواجب عىل من ال يعلم أن‬
‫يبحث‪ ،‬ويسأل أهل العلم‪ ،‬وال جيوز له أن يقول يف دين اهلل تعاىل بغري علم‪ ،‬فإن ذلك‬
‫من املحرمات‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬هل جيوز صيام القضاء يف ثاين أيام العيد أو ثالث أيام العيد؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫عيد الفطر هو يوم واحد فقط‪ ،‬وهو اليوم األول من شوال‪.‬‬
‫وأما ما اشتهر عند الناس من أن عيد الفطر ثالثة أيام‪ :‬فهذا جمرد عرف اشتهر بني‬
‫الناس‪ ،‬ال يرتتب عليه حكم رشعي‪.‬‬

‫قال البخاري ‪« :V‬باب صوم يوم الفطر‪.‬‬

‫((( رشح مسلم (‪.)26/4‬‬


‫((( املغني (‪.)397/4‬‬
‫((( املجموع (‪ ،)355/2‬وانظر‪ :‬جمموع الفتاوى (‪.)219/25‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫عن أيب سعيد ‪ I‬قال‪« :‬نى النَّبِي ‪ H‬عن صو ِم يو ِم ِ‬


‫الف ْط ِر‪َ ،‬والن َّْح ِر »(‪.)1‬‬ ‫َ ْ َ ْ َْ‬ ‫ُّ‬ ‫ََ‬
‫فعىل هذا‪ :‬فيوم الفطر يوم واحد فقط‪ ،‬وهو الذي حيرم صومه‪ ،‬أما اليوم الثاين‬
‫أو الثالث من شوال‪ ،‬فال حيرم صومهام‪ ،‬فيجوز صومهام عن قضاء رمضان‪ ،‬أو تطوع ًا‪.‬‬
‫واهلل أعلم‪.‬‬ ‫‪416‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬مل أكن أصيل‪ ،‬وال أتذكر عدد األيام التي مل أصمها‪ ،‬فكيف أقضيها؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫إن كان تركك للصيام يف الوقت الذي كنت فيه تارك ًا للصالة‪ ،‬فال جيب عليك قضاء‬
‫تلك األيام التي أفطرهتا؛ ألن تارك الصالة كافر كفر ًا أكرب خمرج من امللة‪ ،‬والكافر إذا‬
‫أسلم‪ ،‬ال يلزمه أن يقيض ما تركه من العبادات حال كفره‪.‬‬

‫أما إن كان تركك للصيام يف وقت كنت تصيل فيه‪ ،‬فال خيلو األمر من احتاملني‪:‬‬

‫األول‪ :‬أنك مل تنو الصيام من الليل‪ ،‬بل عزمت عىل الفطر‪ ،‬فهذا ال يصح منك‬
‫قضاؤه؛ ألنك تركت فعل العبادة يف الوقت املحدد هلا رشع ًا من غري عذر‪.‬‬

‫الثاين‪ :‬أن تكون بدأت يف صيام اليوم ثم أفطرت فيه‪ ،‬فهذا جيب عليك قضاؤه؛ ألن‬
‫«ص ْم َي ْوم ًا َمكَا َن ُه (‪.)2‬‬
‫النبي ‪ H‬ملا أمر املجامع يف هنار رمضان بالكفارة‪ ،‬قال له‪ُ :‬‬

‫وقد سئل ابن عثيمني ‪ V‬عن حكم الفطر يف هنار رمضان بدون عذر؟‬

‫فأجاب‪« :‬الفطر يف هنار رمضان بدون عذر من أكرب الكبائر‪ ،‬ويكون به اإلنسان‬
‫فاسق ًا‪ ،‬وجيب عليه أن يتوب إىل اهلل‪ ،‬وأن يقيض ذلك اليوم الذي أفطره‪ ،‬يعني لو أنه‬
‫صام‪ ،‬ويف أثناء اليوم أفطر بدون عذر‪ :‬فعليه اإلثم‪ ،‬وأن يقيض ذلك اليوم الذي أفطره؛‬
‫ألنه ملا رشع فيه التزم به‪ ،‬ودخل فيه عىل أنه فرض؛ فيلزمه قضاؤه كالنذر‪ ،‬أما لو ترك‬

‫((( صحيح البخاري (‪.)1992‬‬


‫((( رواه أبو داود (‪ ،)2393‬وابن ماجة (‪ ،)1671‬وصححه األلباين يف اإلرواء (‪.)93/4‬‬
‫ناضمر ءاضق‬

‫الصوم من األصل متعمد ًا بال عذر‪ ،‬فالراجح أنه ال يلزمه القضاء؛ ألنه ال يستفيد به شيئ ًا‪،‬‬
‫إذ إنه لن يقبل منه‪ ،‬فإن القاعدة‪ :‬أن كل عبادة مؤقتة بوقت معني‪ ،‬فإهنا إذا أخرت عن‬
‫«م ْن َع ِم َل َع َم ً‬
‫ال‬ ‫ذلك الوقت املعني بال عذر؛ مل تقبل من صاحبها؛ لقول النبي ‪َ :H‬‬
‫َل ْي َس َع َل ْي ِه َأ ْم ُرنَا‪َ ،‬ف ُه َو َر ٌّد (‪)1‬؛ وألنه ِمن تعدي حدود اهلل ‪ ،D‬وتعدي حدود اهلل ظلم‪،‬‬
‫‪417‬‬
‫والظامل ال يقبل منه‪ ،‬قال اهلل تعاىل‪( :‬ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ) [البقرة‪،]229 :‬‬
‫وألنه لو قدم هذه العبادة عىل وقتها ‪-‬أي‪ :‬فعلها قبل دخول الوقت‪ -‬مل تقبل منه‪،‬‬
‫فكذلك إذا فعلها بعده مل تقبل منه‪ ،‬إال أن يكون معذور ًا»(‪.)2‬‬

‫والواجب عليه أن يتوب توبة صادقة من كل الذنوب‪ ،‬وأن حيافظ عىل الواجبات‪،‬‬
‫ويرتك املنكرات‪ ،‬ويكثر من النوافل والقربات‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬زوجي لدغته أفعى منذ (‪ )25‬سنة‪ ،‬قبيل رمضان بيوم واحد‪ ،‬بقي يف حالة‬
‫اخلطر شهرين‪ ،‬ويف السنة التي تلتها؛ أفطر عرشة أيام إىل أن سمح له الطبيب بالصيام‪،‬‬
‫مل يكن زوجي يستطيع إطعام املساكني؛ ألنه كان فقريا جدا‪ ،‬هل عليه القضاء وإطعام‬
‫املساكني؛ ألن حالته ميسورة‪ ،‬واحلمد هلل؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬تأخري السؤال عن احلكم الرشعي يف ذلك‪ ،‬كل هذه املدة تفريط واضح‪ ،‬وكان‬
‫عىل زوجك أن يسأل عن ذلك عقب إصابته بتلك اللدغة‪ ،‬ال سيام وقد ذكرت أهنا‬
‫كانت قبل رمضان بيوم واحد‪.‬‬
‫فعىل زوجك أن يتوب إىل اهلل تعاىل من هذا التأخري‪ ،‬ويندم عليه‪ ،‬ويعزم عىل عدم‬
‫العودة إليه مرة أخرى‪ ،‬ونسأل اهلل تعاىل أن يتقبل توبته‪.‬‬
‫ثانيـ ًا‪ :‬املـرض من األعـذار املبيحة للفطر يف رمضـان بنص القـرآن الكريم‪ ،‬وإمجاع‬
‫أهل العلم‪.‬‬

‫((( رواه مسلم (‪.)1718‬‬


‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)89/19‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫قال ابن قدامة ‪:V‬‬

‫«أمجع أهل العلم عىل إباحة الفطر للمريض يف اجلملة‪ ،‬واألصل فيه قوله تعاىل‪:‬‬
‫(ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ) [البقرة‪ ،]184 :‬واملرض املبيح‬
‫للفطر‪ :‬هو الشديد الذي يزيد بالصوم‪ ،‬أو خيشى تباطؤ برئه»)‪.(1‬‬ ‫‪418‬‬

‫ومن أفطر بسبب املرض ينظر يف شأنه‪:‬‬

‫فإن كان مرضه ال ُيرجى شفاؤه وال برؤه‪ :‬فهذا تلزمه الفدية‪ ،‬وهي إطعام مسكني‬
‫عن كل يوم أفطر فيه‪ ،‬ثم اختلف العلامء إن كان معرسا فقري احلال‪ ،‬هل تلزمه إذا أيرس‪،‬‬
‫أم تسقط عنه الفدية؟‬

‫مرج َّو الشفاء والعالج‪ :‬فهذا ينتظر حتى يتم شفاؤه‪ ،‬ويقيض ما‬
‫وأما إن كان مرضه ُ‬
‫أفطره من األيام‪ ،‬وليس عليه فدية‪ ،‬وال جيوز له االنتقال عن قضاء الصوم إىل الفدية‪.‬‬

‫قال النووي‪« :‬املريض العاجز عن الصوم ملرض يرجى زواله؛ ال يلزمه الصوم يف‬
‫احلال‪ ،‬ويلزمه القضاء‪ ،‬وهذا إذا حلقه مشقة ظاهرة بالصوم»(‪.)2‬‬

‫وقال ابن قدامة‪« :‬املريض الذي ال ُيرجى برؤه؛ ُيفطر‪ ،‬و ُيطعم لكل يوم مسكينا‪،‬‬
‫وهذا حممول عىل من ال يرجو إمكان القضاء‪ ،‬فإن رجا ذلك؛ فال فدية عليه‪ ،‬والواجب‬
‫انتظار القضاء وفعله إذا قدر عليه؛ لقوله تعاىل‪( :‬ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ‬
‫ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ) [البقرة‪ ،]184 :‬وإنام يصار إىل الفدية عند اليأس من القضاء»(‪.)3‬‬

‫والذي يظهر لنا ‪-‬واهلل أعلم‪ -‬أن ما أصاب زوجك كان مرض ًا طارئ ًا‪ُ ،‬يرجى حصول‬
‫الشفاء منه‪ ،‬وقد شفاه اهلل تعاىل؛ فعليه قضاء األيام التي أفطرها بسبب ذلك املرض‪ ،‬وال‬
‫يكفيه إطعام مساكني بعدد تلك األيام‪.‬‬

‫((( املغني (‪.)43-42/1‬‬


‫((( املجموع (‪.)262-261/6‬‬
‫((( املغني (‪.)82/3‬‬
‫ناضمر ءاضق‬

‫ِ‬
‫ذكرت أن حالته ميسورة‪،‬‬ ‫لكن‪ ،‬إن أطعم مع القضاء فهو أحوط‪ ،‬ال سيام وقد‬
‫واحلمد هلل‪.‬‬

‫وينظر جواب السؤال (‪ .)26865‬واهلل أعلم‪.‬‬


‫‪419‬‬ ‫***‬

‫*سؤال‪ :‬كيف يقيض اإلنسان ما فاته من الصيام؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫إن كان ترك الصيام لعذر‪ ،‬كمرض‪ ،‬أو سفر‪ ،‬أو احليض بالنسبة للمرأة؛ وجب عليه‬
‫قضاؤه بعد رمضان‪ ،‬فيقيض عدد األيام التي أفطرها؛ لقول اهلل تعاىل‪( :‬ﭵ ﭶ ﭷ‬
‫ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ) [البقرة‪.]184 :‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وقالت عائشة ‪« :J‬ك َ ِ‬
‫َان ُيصي ُبنَا َذل َك ‪-‬تعني‪ :‬احليض‪َ -‬فن ُْؤ َم ُر بِ َق َضاء َّ‬
‫الص ْو ِم‪،‬‬
‫الص َل ِة»(‪.)1‬‬ ‫ِ‬
‫َو َل ن ُْؤ َم ُر بِ َق َضاء َّ‬

‫ويمتد وقت القضاء إىل دخول رمضان التايل‪ ،‬فله أن يقضيه يف كل هذه املدة‪،‬‬
‫متتابع ًا‪ ،‬أو مفرق ًا‪.‬‬

‫وال جيوز له تأخري القضاء بعد رمضان التايل‪ ،‬إال لعذر‪.‬‬

‫وانظر جواب السؤال رقم (‪.)26865‬‬

‫وأما إن كان ترك الصيام متعمد ًا بال عذر‪ ،‬فهذا له حاالن‪:‬‬

‫األوىل‪ :‬أن يكون عزم عىل اإلفطار من الليل‪ ،‬ومل ينو الصيام‪ ،‬فهذا ال يصح منه‬
‫القضاء؛ ألن الصيام عبادة مؤقتة بوقت‪ ،‬فمن تركها متعمد ًا‪ ،‬فال تصح منه بعد الوقت؛‬
‫«م ْن َع ِم َل َع َم ًل َل ْي َس َع َل ْي ِه َأ ْم ُرنَا َف ُه َو َر ٌّد (‪.)2‬‬
‫لقول النبي ‪َ :H‬‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)321‬ومسلم (‪.)335‬‬


‫((( رواه البخاري (‪ ،)2697‬ومسلم (‪.)1718‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫احلال الثانية‪ :‬أن يكون نوى الصيام من الليل‪ ،‬وبدأ اليوم صائ ًام‪ ،‬ثم أفسد صيامه‬
‫أثناء النهار بال عذر‪ ،‬فهذا جيب عليه قضاء ذلك اليوم؛ ألن رشوعه فيه‪ ،‬جعله كالنذر‬
‫فيجب عليه قضاؤه‪ ،‬وهلذا أمر النبي ‪ H‬من جامع يف هنار رمضان بقضاء ذلك‬
‫«ص ْم َي ْو ًما َمكَا َن ُه (‪ .)1‬ثم إن كان إفساد الصيام أثناء النهار بال عذر‬
‫اليوم‪ ،‬فقال له‪ُ :‬‬ ‫‪420‬‬
‫باجلامع؛ وجب عليه القضاء‪ ،‬ومع القضاء الكفارة‪ ،‬وملعرفة الكفارة وأحكامها‪ ،‬انظر‬
‫جواب السؤال رقم (‪.)49614‬‬

‫وعىل من أفسد صيامه بال عذر التوبة إىل اهلل تعاىل‪ ،‬والندم عىل هذا الفعل‪ ،‬والعزم‬
‫عىل عدم العودة إليه‪ ،‬واإلكثار من األعامل الصاحلة‪ ،‬من صيام النفل وغريه‪ ،‬فإن اهلل تعاىل‬
‫يقول‪( :‬ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ) [طه‪ .]82 :‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬زوجتي كان عليها صيام أيام من قبل‪ ،‬ولكن نسيت كم يوم عليها بالضبط‪،‬‬
‫فامذا تفعل؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫الواجـب على مـن أفطر أيامـا من رمضـان لعـذر السـفر‪ ،‬أو املـرض‪ ،‬أو احليض‪،‬‬
‫أو النفاس أن يقضيها؛ لقوله تعاىل‪( :‬ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ‬
‫ﭿ) [البقرة‪ ،]184 :‬وعـن َع ِائ َشـ َة ‪ J‬أهنا سـئلت‪« :‬ما ب ُال الح ِائ ِ ِ‬
‫الص ْو َم‪،‬‬ ‫ـض َت ْقض َّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ِ‬ ‫َان ُي ِصي ُبنَـا َذلِ َ‬ ‫ِ‬
‫ـو ِم‪َ ،‬و َل ن ُْؤ َم ُـر‬ ‫ـك‪َ ،‬فن ُْؤ َم ُـر بِ َق َضـاء َّ‬
‫الص ْ‬ ‫لاةَ‪َ ،‬ف َقا َل ْ‬
‫ـت‪ :‬ك َ‬ ‫َو َل َت ْقضي َّ‬
‫الص َ‬
‫الص َل ِة»(‪.)2‬‬ ‫ِ‬
‫بِ َق َضاء َّ‬

‫وإذا نسيت زوجتك عدد األيام التي عليها‪ ،‬وشكت هل عليها ستة أو سبعة مثال‪،‬‬
‫مل يلزمها إال ستة؛ ألن األصل براءة ذمتها‪ ،‬ولكن إن صامت سبعة عىل سبيل االحتياط‬
‫فهو أوىل؛ لتربأ ذمتها بيقني‪.‬‬

‫((( رواه ابن ماجة (‪ ،)1671‬وصححه األلباين يف صحيح سنن ابن ماجة‪.‬‬
‫((( رواه مسلم (‪.)335‬‬
‫ناضمر ءاضق‬

‫وإن مل تذكر شيئا عن عدد أيامها‪ ،‬فإهنا تصوم ما يغلب عىل ظنها أهنا تربأ به‪.‬‬

‫فقد سئل الشيخ ابن عثيمني ‪ :V‬امرأة عليها قضاء من رمضان‪ ،‬ولكنها شكت‬
‫هل هي أربعة أيام أم ثالثة‪ ،‬واآلن صامت ثالثة أيام فامذا جيب عليها؟‬
‫‪421‬‬
‫فأجاب‪« :‬إذا شك اإلنسان فيام عليه من واجب القضاء فإنه يأخذ باألقل‪ ،‬فإذا شكَّت‬
‫املرأة أو الرجل‪ :‬هل عليه قضاء ثالثة أيام‪ ،‬أو أربعة؟ فإنه يأخذ باألقل؛ ألن األقل متيقن‪،‬‬
‫وما زاد مشكوك فيه‪ ،‬واألصل براءة الذمة‪ ،‬ولكن مع ذلك‪ :‬األحوط أن يقيض هذا اليوم‬
‫الذي شك فيه؛ ألنه إن كان واجب ًا عليه فقد حصلت براءة ذمته بيقني‪ ،‬وإن كان غري‬
‫واجب فهو تطوع‪ ،‬واهلل تعاىل ال يضيع أجر من أحسن عمال»)‪ .(1‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬امرأة تسأل‪ :‬عليها قضاء من رمضان وإطعام‪ ،‬هل تطعم عن كل يوم‪،‬‬
‫أو تطعم عن مجيع األيام كلها‪ ،‬بعد انتهائها من القضاء مرة واحدة؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫من َّ‬
‫أخر قضاء رمضان حتى دخل عليه رمضان ثان‪ :‬فإن كان لعذر من مرض‪،‬‬
‫أو محل‪ ،‬أو رضاع‪ ،‬ونحو ذلك؛ فال يشء عليه إال القضاء فقط‪ ،‬وإن كان لغري لعذر؛ فقد‬
‫أثم‪ ،‬وعليه القضاء‪ ،‬وهل تلزمه فدية‪ ،‬أم ال؟ خالف بني العلامء‪ ،‬واجلمهور عىل لزوم‬
‫الفدية‪ ،‬وهي إطعام مسكني عن كل يوم‪.‬‬
‫وقد ذكرنا يف جواب السؤال رقم (‪ :)26865‬أن الراجح عدم وجوب الفدية‪ ،‬لكن‬
‫من أخرجها احتياط ًا فحسن‪.‬‬
‫وهذه الفدية ‪-‬عند القائلني هبا‪ -‬تستقر يف ذمة اإلنسان بمجرد دخول رمضان الثاين‪،‬‬
‫فله أن خيرجها حينئذ‪ ،‬وله أن يؤخرها مع القضاء‪ ،‬واألفضل أن يعجل هبا؛ إبراء لذمته‪.‬‬
‫التاخي‪ ،‬لكن اجلمهور ق ّيدوه‬
‫جاء يف املوسوعة الفقهية‪« :‬وقضاء رمضان يكون عىل ّ‬
‫هيل رمضان آخر‪ ،‬لقول عائشة ‪ :J‬كان يكون ّ‬
‫عيل‬ ‫بام إذا مل َي ُف ْت وقت قضائه‪ ،‬بأن ّ‬

‫((( فتاوى نور عىل الدرب (‪.)21/212‬‬


‫الصيام سؤال وجواب‬

‫الصوم من رمضان‪ ،‬فام أستطيع أن أقضيه إالّ يف شعبان؛ ملكان الن ّ‬


‫ّبي ‪ ،H‬كام ال‬ ‫ّ‬
‫الصالة األوىل إىل ال ّثانية‪.‬‬ ‫ّ‬
‫يؤخر ّ‬

‫وال جيوز عند اجلمهور تأخري قضاء رمضان إىل رمضان آخر من غري عذر يأثم به؛‬
‫أخر فعليه الفدية‪ :‬إطعام مسكني ّ‬
‫لكل يوم؛ ملا روي عن ابن‬ ‫حلديث عائشة هذا‪ ،‬فإن ّ‬ ‫‪422‬‬
‫ع ّباس‪ ،‬وابن عمر‪ ،‬وأيب هريرة ‪ ،H‬قالوا فيمن عليه صوم فلم يصمه‪ ،‬حتّى‬
‫أدركه رمضان آخر‪ :‬عليه القضاء‪ ،‬وإطعام مسكني ّ‬
‫لكل يوم‪.‬‬

‫وهذه الفدية للتّأخري‪ ،‬وجيوز اإلطعام قبل القضاء‪ ،‬ومعه‪ ،‬وبعده»)‪.(1‬‬

‫وقال املرداوي احلنبيل ‪ُ « :V‬يطعم ما جيزئ كفارة‪ ،‬وجيوز اإلطعام قبل القضاء‪،‬‬
‫ومعه‪ ،‬وبعده‪ ،‬قال املجد ‪- V‬أي‪ :‬ابن تيمية جد شيخ اإلسالم‪ :-‬األفضل تقديمه‬
‫عندنا؛ مسارع ًة إىل اخلري؛ وختلص ًا من آفات التأخري»)‪ .(2‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫وقعت يف اجلامع يف هنار رمضان‪ ،‬وبدأت يف صيام الكفارة‪ ،‬فصمت حتى‬‫ُ‬ ‫*سؤال‪:‬‬
‫أكملت صيام سبعة ومخسني يوم ًا‪ ،‬بعدها مرضت مرض ًا شديد ًا ال أستطيع معه‬
‫الصوم؛ فقطعت الصيام يومني‪ ،‬وبعدها استأنفت إىل أن أكملت ستني يوم ًا‪ .‬فهل‬
‫يكفي ذلك؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫أحسنت فيام فعلت واحلمد هلل‪ ،‬والقطع بسبب املرض ال يرض؛ ألن املرض عذر‬
‫َ‬ ‫« قد‬
‫رشعي فالقطع به ال يرض‪ ،‬فلام أكملت ثالثة األيام بعد ذلك؛ فقد صح الصوم‪ ،‬وأديت‬
‫الكفارة‪ ،‬واحلمد هلل (‪.)3‬‬
‫***‬

‫((( املوسوعة الفقهية (‪.)76/28‬‬


‫((( اإلنصاف (‪.)333/3‬‬
‫((( فتاوى نور عىل الدرب‪ -‬للشيخ عبد العزيز بن باز (‪)1231/3‬‬
‫ناضمر ءاضق‬

‫*سؤال‪ :‬ما حكم قضاء أيام رمضان يف الشتاء ‪-‬وهي كام نعلم أيامه قصرية‪-‬؟‬
‫*جواب‪:‬‬
‫«جيب عىل من أفطر أيام ًا من رمضان؛ أن يقضيها قبل رمضان اآلخر‪ ،‬سواء يف أيام‬
‫الشتاء‪ ،‬أو غريها من األيام؛ لقوله تعاىل‪( :‬ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ‬
‫‪423‬‬
‫ﯔ ﯕ) [البقرة‪.]185 :‬‬
‫وثبت عن عائشة ‪ :J‬يكون عليها القضاء‪ ،‬فام تقضيه إال يف شعبان؛ ملكان‬
‫رسول اهلل ‪ .H‬وباهلل التوفيق‪ ،‬وصىل اهلل عيل نبينا حممد وآله وصحبه وسلم»(‪.)1‬‬

‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء‬


‫الشيخ عبد العزيز بن عبد اهلل بن باز‪ ..‬الشيخ عبد الرزاق عفيفي‪ ..‬الشيخ عبد اهلل بن غديان‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬توفيت زوجتي ‪ T‬قبل أسبوعني من تاريخ الرسالة‪ ،‬وعليها صوم سبعة‬
‫أيام‪ ،‬أفطرهتا يف رمضان الفائت بسبب الدورة الشهرية‪ ،‬وقد توفيت ومل تقضها‪ ،‬هل‬
‫عيل شهر ًا مل أقضه‪ ،‬أم أصوم الذي َّ‬
‫عيل ثم أصوم عنها؟‬ ‫أصوم عنها أم ال؟‪ ،‬عل ًام ّ‬
‫أن َّ‬
‫*جواب‪:‬‬
‫«إذا كان الواقع كام ذكر؛ فإنه جيب عليك أن تصوم الذي عليك أوالً‪ ،‬ثم ُي ْشع لك‬
‫ات َو َع َل ْي ِه‬
‫«م ْن َم َ‬
‫بعد ذلك‪ ،‬أن تصوم األيام التي عىل زوجتك؛ لقول النبي ‪َ :H‬‬
‫ِص َيا ٌم َصا َم َعنْ ُه َولِ ُّي ُه ‪ .‬متفق عىل صحته‪.‬‬
‫والويل هو القريب‪ ،‬وأنت مثله‪.‬‬
‫وباهلل التوفيق‪ ،‬وصىل اهلل عيل نبينا حممد وآله وصحبه وسلم»(‪.)2‬‬
‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء‬
‫الشيخ عبد العزيز بن عبد اهلل بن باز‪ ..‬الشيخ عبد العزيز بن عبد اهلل آل الشيخ‬
‫الشيخ بكر أبو زيد‪.‬‬
‫***‬

‫((( فتاوى اللجنة الدائمة‪ .‬املجموعة الثانية (‪.)278/9‬‬


‫((( فتاوى اللجنة الدائمة‪ .‬املجموعة الثانية (‪.)261/9‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*سؤال‪ :‬أمي عمرها ‪ ،55‬عندما وصلت سن البلوغ كانت تفطر أحيانا؛ جهال منها من‬
‫غري عذر‪ ،‬واآلن تصوم االثنني واخلميس‪ ،‬هل تنوي صوم التطوع‪ ،‬أم تنوي القضاء؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫‪424‬‬
‫عليها إحصاء أيام إفطارها‪ ،‬بحسب ما يغلب عىل ظنها‪ ،‬وصيامها بنية القضاء‪ ،‬حتى‬
‫جتزم أهنا قد قضت مجيع ما عليها من أيام‪ ،‬وتطعم مع ذلك عن كل يوم مسكينا؛ احتياطا‬
‫وخروجا من اخلالف‪ ،‬إذا قدرت عىل اإلطعام‪.‬‬

‫وملعرفة حكم هذا اإلطعام‪ ،‬يراجع جواب السؤال رقم (‪.)26865‬‬

‫وإذا كانت تصوم االثنني واخلميس‪ ،‬فإهنا تنوي بذلك قضاء ما عليها‪ ،‬حتى تتم ما‬
‫عليها من أيام‪.‬‬

‫وقد سئل الشيخ صالح الفوزان حفظه اهلل‪ :‬إذا بلغت الفتاة قبل حلول شهر رمضان‪،‬‬
‫ولكنها مل تصم رمضان يف تلك السنة التي بلغت فيها؛ جلهلها بوجوب الصيام عليها‪،‬‬
‫فامذا عليها أن تفعل؟‪ ،‬وهل حكمها يف هذا حكم من أفطر عامدً ا متعمدً ا دون عذر؟‬

‫فأجاب‪« :‬عليها أن تتوب إىل اهلل ‪ ،E‬وأن تقيض الصيام الذي تركته بعدد‬
‫األيام‪ ،‬وأن تطعم عن كل يوم مسكينًا‪ ،‬إذا كان أتى عليها رمضان آخر‪ ،‬ومل تصم تلك‬
‫األيام»(‪ .)1‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬والدي يرمحه اهلل ويغفر له‪ ،‬كان من املحافظني عىل الصالة‪ ،‬ومساعدة‬
‫املحتاجني من األهل أو غريهم‪ ،‬وقد ذهب للحج‪ ،‬وحج عن نفسه وعن والديه‪،‬‬
‫ولقد تويف وأنا صغرية‪ ،‬ولكن املصيبة الكربى أن والديت فاجأتنا بيوم من األيام‪،‬‬
‫بقوهلا‪ :‬أهنا مل تر والدي يصوم يف رمضان‪ ،‬منذ بداية زواجهام إىل وفاته (تقريبا ‪11‬‬
‫أو ‪ 12‬سنة)‪ ،‬وال تدري عن صيامه قبل زواجهام‪ ،‬وقالت والديت‪ :‬إنه كان دائام يقول‬

‫((( املنتقى من فتاوى الفوزان (‪.)11/82‬‬


‫ناضمر ءاضق‬

‫إن الصيام يصعب عليه؛ بسبب عمله كسائق شاحنات يف السبعينات والثامنينات‪،‬‬
‫حيث مل يكن هناك شاحنات مكيفة‪ ،‬وكان يعمل لساعات طويلة يف صحراء اخلليج‬
‫وأعلم أهنا ليست بحجة‪ ،‬ولكن هذا ما قالته لنا والديت‪ ،‬وسؤايل هو‪ :‬كيف نقيض‬
‫كل هذه السنني عن والدي‪ ،‬ونحن ال نعلم شيئا عن عددها؟‪ ،‬وعن صيامه يف حياته‬
‫‪425‬‬
‫التي امتدت ‪ 60‬عاما؟‬
‫*وهناك سؤال عن والديت‪ :‬يف سنني بلوغها األوىل قبل الزواج‪ ،‬مل تصم بسبب اجلهل‬
‫يف أمهية الصيام‪ ،‬حيث كانت تعيش يف البادية‪ ،‬وهي التزمت منذ زواجها‪ ،‬ولكنها ال‬
‫تذكر كم فاهتا من أيام فقد مر ‪ 36‬عاما؛ فكيف تقيض هذه األيام؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬من ترك الصيام لعذر‪ ،‬من سفر‪ ،‬أو مرض يرجى برؤه‪ ،‬لزمه قضاؤه‪ ،‬فإن‬
‫مات دون أن يقضيه‪ ،‬مع متكنه من القضاء‪ ،‬بقي الصيام يف ذمته‪ ،‬واستحب ألوليائه‬
‫ات َو َع َل ْي ِه‬ ‫أن يصوموا عنه؛ حلديث َع ِائ َش َة ‪َ ،J‬أ َّن َر ُس َ‬
‫ول اللَِّ ‪َ H‬ق َال‪َ :‬‬
‫«م ْن َم َ‬
‫ِص َيا ٌم‪َ ،‬صا َم َعنْ ُه َولِ ُّي ُه )‪.(1‬‬

‫وأما إن مات قبل أن يتمكن من القضاء‪ ،‬كمن استمر به املرض حتى مات؛ فال يشء‬
‫عليه‪ ،‬وال يقيض أولياؤه عنه شيئا‪.‬‬

‫ومن ترك الصيام تفريطا وإمهاال‪ ،‬ومل يكن له عذر؛ فهذا ال يلزمه القضاء‪ ،‬وال يصح‬
‫منه؛ لفوات وقته‪.‬‬

‫وقد سبق بيان ذلك يف جواب السؤال (‪ ،)50067‬و(‪.)81030‬‬

‫وبناء عىل ذلك‪:‬‬

‫فالذي يظهر من حال والدك‪ ،‬وحرصه عىل الصالة واخلري‪ ،‬أنه ال يرتك الصيام بغري‬
‫عذر‪ ،‬فيبقى أنه ترك الصيام لعذر السفر‪ ،‬وال ُيعلم هل كان يقيض يف سفره يف الشتاء مثال‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)1952‬ومسلم (‪.)1147‬‬


‫الصيام سؤال وجواب‬

‫‪-‬ومل تعلم بذلك والدتك‪ -‬أم كان ال يقيض؟‪ ،‬وهل كان يتمكن من القضاء مدة راحته‬
‫وإقامته‪ ،‬أم كان دائم السفر لطبيعة عمله‪ ،‬فلم يتمكن من قضاء ما فاته حتى مات؟‬

‫وأمام هذه االحتامالت‪ ،‬يقال‪ :‬إذا مل تقفوا عىل حقيقة األمر‪ ،‬وصمتم عنه ما تقدرون‬
‫عليه‪ ،‬فهذا عمل خري وبر‪ ،‬ينالكم أجره إن شاء اهلل‪ ،‬وليس األمر واجبا‪ ،‬وال يلزم معرفة‬ ‫‪426‬‬

‫عدد السنوات التي أفطرها عىل وجه التحديد‪ ،‬وإنام يعمل بغلبة الظن‪ ،‬وأنه ترك كذا‬
‫من السنوات‪ ،‬فتصومني عنه ما تقدرين عليه‪ ،‬من باب اإلحسان‪ ،‬دون أن يشغلك ذلك‬
‫عام هو أهم وأنفع من األعامل‪.‬‬

‫وهذا القضاء جيوز أن يشرتك فيه مجيع الورثة‪ ،‬وما شق عليهم صومه‪ ،‬أطعموا عنه‪،‬‬
‫عن كل يوم مسكينا‪.‬‬

‫قال الشيخ ابن عثيمني ‪« :V‬يستحب لوليه أن يقضيه‪ ،‬فإن مل يفعل‪ ،‬قلنا‪ :‬أطعم‬
‫عن كل يوم مسكينا؛ قياسا عىل صوم الفريضة‪.‬‬

‫وقال‪ :‬فلو قدر أن الرجل له مخسة عرش ابنا‪ ،‬وأراد كل واحد منهم أن يصوم يومني‬
‫عن ثالثني يوما فيجزئ‪ ،‬ولو كانوا ثالثني وارثا‪ ،‬وصاموا كلهم يوما واحدا فيجزئ؛‬
‫ألهنم صاموا ثالثني يوما‪ ،‬وال فرق بني أن يصوموها يف يوم واحد‪ ،‬أو إذا صام واحد‬
‫صام الثاين اليوم الذي بعده‪ ،‬حتى يتموا ثالثني يوما»(‪.)1‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬ما تركته والدتك من الصيام بعد بلوغها‪ ،‬وقبل زواجها‪ ،‬فيه تفصيل كام ييل‪:‬‬

‫‪ .1‬ما تركته تفريطا وهتاونا دون عذر؛ فال يلزمها قضاؤه كام سبق‪.‬‬
‫‪ .2‬ما تركته لعذر من حيض أو سفر أو مرض؛ يلزمها قضاؤه‪ ،‬وجتتهد يف تقدير‬
‫عدده بام يغلب عىل الظن أهنا تربأ به‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫((( الرشح املمتع (‪.)452 -450 /6‬‬


‫ناضمر ءاضق‬

‫*سؤال‪ :‬سافر والدي يف فرتة السبعينات لدورة تدريبية تعليمية يف الغرب‪ ،‬وكان ال‬
‫يعلم أن رمضان قد دخل يف البالد اإلسالمية؛ لعدم وجود اتصاالت متطورة كام‬
‫هو احلال عليه اآلن‪ ،‬كانت متر شهور حتى يتلقى برقية هتاين العيد من العائلة‪ ،‬وهنا‬
‫يعلم أن رمضان قد ذهب‪ ،‬وللعلم‪ :‬أن تربصه كان يف مصنع منعزل عن املدينة‪،‬‬
‫‪427‬‬
‫والعمل كان متسارعا‪ ،‬هلذا مل يصم مدة سنتني‪ ،‬هو اآلن ال يستطيع أن يرد هذا الدين‬
‫بالصيام‪ ،‬وللعلم أنه مل يفطر متعمدا‪ ،‬فهل يوجد هناك حل؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬من اشتبهت عليه ّ‬


‫الشهور‪ ،‬ال يسقط عنه صوم رمضان‪ ،‬وجيب عليه التحري‬
‫واالجتهاد يف معرفة الشهر‪.‬‬

‫احي الن َِّائ َي ِة َع ِن‬ ‫ض النَّو ِ‬


‫َان ِف َب ْع ِ َ‬ ‫وسا‪َ ،‬أ ْو ك َ‬ ‫جاء يف املوسوعة الفقهية‪َ « :‬م ْن ك َ‬
‫َان َم ْ ُب ً‬
‫الخ َ ِب‪َ ،‬و ْاش َت َب َه َع َل ْي ِه‬
‫ف َع َل األْ ْش ُه ِر بِ َ‬ ‫ب‪ ،‬بِ َح ْي ُث الَ ُي ْم ِكنُ ُه ال َّت َع ُّر ُ‬‫ار‪َ ،‬أ ْو بِدَ ِار َح ْر ٍ‬ ‫األْ ْم َص ِ‬
‫اال ْجتِ َها ُد ِف َم ْع ِر َف ِة َش ْه ِر‬
‫يب َع َلي ِه التَّحري و ِ‬ ‫َشهر رم َض َ ِ‬
‫َ ِّ َ‬ ‫ان‪َ ،‬ف َقد ا َّت َف َق ال ُف َق َها ُء َع َل‪َ :‬أ َّن ُه َ ِ ُ ْ‬ ‫ُْ َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َاست ْق َبال الق ْب َلة»)‪.(1‬‬ ‫ض بِالت ََّح ِّري َواال ْجت َهاد‪َ ،‬ف َل ِز َم ُه ك ْ‬ ‫ان؛ أل َّن ُه َأ ْم َكنَ ُه ت َْأد َي ُة َف ْر ٍ‬
‫َر َم َض َ‬

‫وإذا اجتهـد وحتـرى الوقـت الصحيـح للصيـام؛ فإن عبادتـه تقع صحيحـة جمزئة؛‬
‫لقـول اهلل تعـاىل‪( :‬ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ) [البقرة‪ ،]286 :‬وقولـه ‪:E‬‬
‫(ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ) [الطالق‪.]7 :‬‬

‫راجع جواب السؤال رقم‪.)81421( :‬‬

‫يتحرى الشهر‪ ،‬ويصوم بحسب ما أداه إليه اجتهاده‪.‬‬


‫فكان الواجب عىل والدك أن َّ‬
‫وإذا أمكنه السؤال؛ وجب عليه أن يسأل‪.‬‬

‫ومتى علم أن رمضان قد دخل‪ ،‬أو مىض؛ وجب عليه أن يصوم‪ ،‬إما أداء إن كان يف‬
‫الوقت‪ ،‬أو قضاء‪ ،‬إن كان الشهر قد خرج‪.‬‬

‫((( املوسوعة الفقهية (‪)192 /10‬‬


‫الصيام سؤال وجواب‬

‫أما بقاؤه سنتني ال يصوم‪ ،‬ويتعلل بعدم العلم واجلهل بدخول الشهر‪ :‬فال جيوز‪.‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬عىل والدك صوم شهرين بدال من شهري رمضان الذ ْين أفطرمها‪ ،‬مع التوبة‬
‫واالستغفار‪ ،‬واإلكثار من نوافل األعامل الصاحلة‪ ،‬وخاصة الصيام‪.‬‬
‫‪428‬‬
‫بل ذهب مجهور العلامء إىل أنه‪ :‬جيب عليه مع قضاء األيام التي أفطرها‪ ،‬أن يطعم‬
‫مسكينا عن كل يوم أفطره‪.‬‬

‫سئل الشيخ ابن جربين ‪ :V‬من أخر قضاء رمضان إىل رمضان آخر‪ ،‬ماذا عليه؟‬

‫فأجاب‪« :‬إذا كان لعذر كأن يكون مريضا أحد عرش شهرا‪ ،‬وهو عىل فراشه‪ ،‬ومل‬
‫يستطع أن يصوم هذه املدة؛ فليس عليه إال القضاء‪ ،‬وأما إذا كان تفريطا منه وإمهاال‪،‬‬
‫وهو قادر؛ فإن عليه مع القضاء إطعام مسكني عن كل يوم؛ كفارة عن التفريط»(‪.)1‬‬

‫وينظر جواب السؤال رقم‪.)26865( :‬‬

‫ثالث ًا‪ :‬من عجز عن القضاء ملرضه أو شيخوخته؛ فالواجب عليه مع التوبة‪ ،‬أن يطعم‬
‫عن كل يوم مسكينا‪ ،‬وعىل قياس قول اجلمهور‪ :‬جيب عليه إطعام آخر‪ ،‬وهو إطعام‬
‫مسكني عن كل يوم كفارة التأخري‪.‬‬

‫«(و) األَ َص ُّح ( َأ َّن ُه‬ ‫قال جالل الدين املحيل ‪ V‬يف رشحه عىل منهاج الطالبني‪َ :‬‬
‫ات) َع َل‬ ‫ان‪ :‬مدٌّ لِ ْل َفو ِ‬
‫َلو َأ َّخر ال َق َضاء مع إمكَانِ ِه‪َ ،‬فم َت‪َ :‬أ ْخرج ِمن ت َِركَتِ ِه لِك ُِّل يو ٍم مدَّ ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َْ ُ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ْ‬ ‫ْ َ‬
‫(و ُمدٌّ لِلت َّْأ ِخ ِري)‪.‬‬ ‫ِ ِ‬
‫الجديد‪َ ،‬‬‫َ‬
‫ات‪َ ،‬و َي ْس ُق ُط ُمدُّ الت َّْأ ِخ ِري»(‪.)2‬‬
‫وال َّث ِان‪ :‬يك ِْفي مدٌّ ‪ ،‬وهو لِ ْل َفو ِ‬
‫ُ َ ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫فإن قدر أن يطعم عن كل يوم مسكينني‪ ،‬فهو أحوط‪ ،‬وأبرأ لذمته‪ ،‬وإال أطعم عن‬
‫كل يوم مسكينا‪ ،‬ال يلزمه يشء سوى ذلك‪ .‬واهلل تعاىل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫((( فتاوى الصيام ‪ -‬من موقع الشيخ‪http://www.ibn-jebreen.coH/books/6-18-865-799-.htHl :‬‬

‫((( كنز الراغبني رشح منهاج الطالبني (‪.)88 /2‬‬


‫ناضمر ءاضق‬

‫*سـؤال‪ :‬إذا مل يعلـم النـاس بدخـول الشـهر إال يف النهـار‪ ،‬فهـل يمسـكون؟‪ ،‬وإذا‬
‫أمسـكوا فهـل عليهـم القضـاء؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫‪429‬‬
‫إذا مل يعلم الناس بدخول شهر رمضان إال يف أثناء النهار؛ فالواجب هو اإلمساك‬
‫عن املفطرات بقية اليوم‪ ،‬والدليل عىل وجوب اإلمساك‪:‬‬

‫‪ .1‬قوله تعاىل‪( :‬ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ) [البقرة‪.]185 :‬‬


‫‪ .2‬عـن ابن عمر ‪ ،L‬قال‪ :‬سـمعت رسـول اهلل ‪ H‬يقـول‪« :‬إِ َذا َر َأ ْيت ُُمو ُه‬
‫ومـوا (‪ ،)1‬فعلـق وجـوب الصيـام على الرؤيـة‪ ،‬وهنـا قـد رئـي اهللال؛‬‫َف ُص ُ‬
‫فوجـب الصوم‪.‬‬
‫‪ .3‬عن سلمة بن األكوع ‪ I‬قال أمر النبي ‪ H‬رج ً‬
‫ال من أسلم أن أذن يف‬
‫الناس‪« :‬أن من كان أكل؛ فليصم بقية يومه‪ ،‬ومن مل يكن أكل؛ فليصم‪ ،‬فإن اليوم‬
‫يوم عاشوراء (‪.)2‬‬

‫وأما وجوب القضاء‪ :‬فمحل خالف بني العلامء‪ ،‬فمن أهل العلم ‪-‬وهم اجلمهور‪-‬‬
‫من يرى وجوب القضاء مع اإلمساك‪.‬‬

‫ي ِم ْع‬
‫«م ْن َل ْ ُ ْ‬
‫واستدل عىل ذلك‪ :‬بحديث حفصة ‪ ،J‬عن النبي ‪ H‬قال‪َ :‬‬
‫الص َيا َم َق ْب َل ال َف ْج ِر؛ َف َل ِص َيا َم َل ُه (‪ ،)3‬قالوا‪ :‬وهنا مل حيصل تبيت للنية من‬
‫(يعني‪ :‬مل ينو) ِّ‬
‫الليل‪ ،‬فلم يصح الصيام‪ ،‬واإلمساك يف ذلك اليوم‪ ،‬إنام وجب؛ احرتام ًا للزمن‪.‬‬

‫قال ابن قدامه ‪« :V‬إذا أصبح مفطرا‪ ،‬يعتقد أنه من شعبان‪ ،‬فقامت البينة بالرؤية؛‬
‫لزمه اإلمساك والقضاء يف قول عامة الفقهاء»(‪.)4‬‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)1900‬ومسلم (‪.)1080‬‬


‫((( رواه البخاري (‪.)2007‬‬
‫((( رواه الرتمذي (‪ ،)730‬وصححه األلباين يف صحيح سنن الرتمذي‪.‬‬
‫((( املغني (‪.)34/3‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫وقال الشيخ منصور البهويت ‪(« :V‬وإذا قامت البينة بالرؤية) أي‪ :‬رؤية هالل‬
‫رمضان‪( ،‬يف أثناء النهار) متعلق ب (قامت)‪( ،‬لزمهم) أي‪ :‬أهل وجوب الصوم‬
‫(اإلمساك ولو بعد فطرهم)؛ لتعذر إمساك اجلميع‪ ،‬فوجب أن يأتوا بام يقدرون عليه؛‬
‫حلديث‪« :‬إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ‪( ،...‬و) لزمهم (القضاء)؛ لثبوته من‬
‫‪430‬‬
‫رمضان‪ ،‬ومل يأتوا فيه بصوم صحيح‪ ،‬فلزمهم قضاؤه للنص ‪.‬‬
‫)‪(1‬‬

‫والقول الثاين يف املسألة‪ :‬وجوب اإلمساك ال القضاء‪ ،‬وهذا اختيار شيح اإلسالم‬
‫ابن تيمية ‪.V‬‬

‫ويدل عىل هذا القول‪ :‬حديث سلمة بن األكوع السابق يف صيام عاشوراء‪ ،‬فالذين‬
‫أكلوا يف أول اليوم من عاشواء مل يثبت أهنم قضوا ذلك اليوم‪ ،‬مع أن صيام عاشوراء‬
‫كان واجب ًا يف صدر اإلسالم‪.‬‬

‫ويدل عليه أيض ًا‪ :‬أن إجياب اإلمساك مع عدم اإلجزاء‪ ،‬مع األمر بالقضاء فيه زيادة‬
‫تكليف عىل املكلف من غري دليل‪.‬‬

‫قال شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪« :V‬إذا قامت البينة بالرؤية يف أثناء النهار‪ ،‬فإنه يتم‬
‫بقية يومه‪ ،‬وال يلزمه قضاء‪ ،‬وإن كان قد أكل»)‪.(2‬‬

‫وقال املرداوي ‪« :V‬قال الشيخ تقي الدين‪ :‬يمسك وال يقيض‪ ،‬وأنه لو مل يعلم‬
‫بالرؤية إال بعد الغروب؛ مل يلزمه القضاء»)‪.(3‬‬

‫وقال الشيخ ابن عثيمني ‪« :V‬قوله‪( :‬وإذا قامت البينة يف أثناء النهار وجب‬
‫اإلمساك والقضاء عىل كل من صار يف أثنائه أهال لوجوبه)‪ ،‬قوله‪ :‬البينة أي‪ :‬بينة دخول‬
‫الشهر‪ ،‬إما بالشهادة‪ ،‬وإما بإكامل شعبان ثالثني يوما‪ ،‬وقوله‪( :‬وجب اإلمساك) يعني‬
‫اإلمساك عن املفطرات‪.‬‬

‫((( كشاف القناع (‪.)310/2‬‬


‫((( الفتاوى الكربى (‪.)376/5‬‬
‫((( اإلنصاف (‪.)283/3‬‬
‫ناضمر ءاضق‬

‫ودليل ذلك أن النبي ‪ H‬حني أمر الناس بصيام عاشوراء يف أثناء اليوم‪،‬‬
‫أمسكوا يف حينه؛ وألنه ثبت أن هذا اليوم من رمضان فوجب إمساكه‪.‬‬

‫وقوله‪( :‬والقضاء) أي‪ :‬يلزم قضاء ذلك اليوم‪ ،‬الذي قامت البينة يف أثنائه أنه من‬
‫‪431‬‬ ‫رمضان‪ ،‬ووجه ذلك‪ :‬أن من رشط صحة صيام الفرض أن تستوعب النية مجيع النهار‪،‬‬
‫فتكون من قبل الفجر‪ ،‬والنية هنا كانت من أثناء النهار‪ ،‬فلم يصوموا يوما كامال‪ ،‬وقد‬
‫قال النبي ‪« :H‬إنام األعامل بالنيات‪ ،‬وإنام لكل امرئ ما نوى )‪.(1‬‬

‫ووجـوب القضـاء يف هذه املسـألة ‪-‬أي‪ :‬مـا إذا قامـت البينة أثناء النهـار‪ -‬هو قول‬
‫عامة العلامء‪.‬‬

‫وقال شيخ اإلسالم ابن تيمية‪ :‬يلزمهم اإلمساك وال يلزمهم القضاء‪ ،‬ووجه ذلك‪:‬‬
‫أن أكلهم ورشهبم قبل قيام البينة كان مباحا‪ ،‬قد أحله اهلل هلم‪ ،‬فلم ينتهكوا حرمة الشهر‪،‬‬
‫بل كانوا جاهلني بنوا عىل أصل‪ ،‬وهو بقاء شعبان‪ ،‬فيدخلون يف عموم قوله تعاىل‪:‬‬
‫( ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ) [البقرة‪ ،]286 :‬فهم كمن أكل ظانا بقاء الليل‪،‬‬
‫فتبني أن الفجر قد طلع‪ ،‬أو أكل ظانا غروب الشمس‪ ،‬فتبني أهنا مل تغرب‪ ،‬وقد ثبت يف‬
‫صحيح البخاري عن أسامء بنت أيب بكر ‪ ،L‬قالت‪ :‬أفطرنا يف يوم غيم عىل عهد‬
‫النبي ‪ H‬ثم طلعت الشمس‪ ،‬ومل ينقل أهنم أمروا بالقضاء‪.‬‬

‫عن كوهنم مل ينووا قبل الفجر‪ :‬بأن النية تتبع العلم‪ ،‬وال علم هلم‬ ‫‪V‬‬ ‫وأجاب‬
‫بدخول الشهر‪ ،‬وما ليس هلم به علم فليس بوسعهم‪ ،‬وال يكلف اهلل نفسا إال وسعها‪،‬‬
‫وهلذا لو أخروا النية بعد علمهم بدخول الشهر؛ مل يصح صومهم‪.‬‬

‫قوي‪ ،‬ولكن ال تطيب النفس بقوله‪ ،‬وقياسه عىل من أكل‬ ‫‪V‬‬ ‫وتعليله وجوابه‬
‫يظن بقاء الليل أو غروب الشمس‪ ،‬فيه نظر؛ ألن هذا كان عنده نية للصوم‪ ،‬لكن أكل‬
‫يظن الليل باقيا‪ ،‬أو يظنه داخال»(‪.)2‬‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)1‬ومسلم (‪.)1907‬‬


‫((( الرشح املمتع (‪.)333-332/6‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫واحلاصل‪ :‬أن اإلمساك الزم ملن بلغه دخول الشهر ولو يف أثناء النهار‪ ،‬وأما القضاء‪:‬‬
‫ففيه خالف بني أهل العلم ‪.‬‬

‫وهذه املسألة مع تطور وسائل االتصاالت يف هذه األزمنة املتأخرة‪ ،‬قد تكون نادرة‬
‫الوقوع‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬ ‫‪432‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬يف رمضان املايض أفطرت بسبب العادة الشهرية‪ ،‬وأنا اآلن ال أتذكر هل‬
‫قضيت‪ ،‬أم ال؟ ولكن يغلب عىل ظني أنني قضيت‪ .‬ماذا أفعل؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫ال يلزمك القضاء‪ ،‬ويكفيك العمل بغلبة الظن‪.‬‬
‫والعمل بغلبة الظن يف العبادات ورد به الرشع‪ ،‬فمن ذلك‪:‬‬
‫اب‪َ ،‬ف ْل ُيتِ َّم َع َل ْي ِه‪ُ ،‬ث َّم‬ ‫ِِ‬
‫ك َأ َحدُ ك ُْم ِف َصالَته‪َ ،‬ف ْل َيت ََح َّر َّ‬
‫الص َو َ‬ ‫قوله ‪« :H‬إِ َذا َش َّ‬
‫لِ ُي َس ِّل ْم‪ُ ،‬ث َّم َي ْس ُجدُ َس ْجدَ ت ْ ِ‬
‫َي (‪.)1‬‬
‫قال النووي ‪« :V‬فيه دليل أليب حنيفة ومن وافقه عىل أن من شك يف صالته يف عدد‬
‫ركعات َ َت ّرى وبنى عىل غالب ظنه‪ ،‬وال يلزمه االقتصار عىل األقل‪ ،‬واإلتيان بالزيادة»(‪.)2‬‬
‫وصحح شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪ V‬أن املراد بالتحري يف هذا احلديث العمل‬
‫بغلبة الظن‪ ،‬وضعف ما قاله بعض العلامء من أن املراد العمل باليقني‪ ،‬وهو البناء عىل‬
‫األقل‪ ،‬كام لو شك هل صىل ركعتني‪ ،‬أم ثالث ًا‪ ،‬فيجعلها ركعتني(‪.)3‬‬
‫وسئل ابن عثيمني ‪ :V‬إذا أفطرت املرأة أيام ًا من رمضان‪ ،‬ولكنها نسيت‪ :‬هل‬
‫صامت تلك األيام أم ال؟ عل ًام أن كل ما تذكره أنه مل يبق عليها إال يوم واحد‪ ،‬فهل تعيد‬
‫صيام تلك األيام‪ ،‬أم تبني عىل ما تتيقنه؟‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)392‬ومسلم (‪.)572‬‬


‫((( رشح النووي عىل مسلم (‪.)62/5‬‬
‫((( انظر‪ :‬جمموع الفتاوى (‪.)16-5/23‬‬
‫ناضمر ءاضق‬

‫فأجاب‪« :‬إذا كانت مل تتيقن أن عليها إال يوم ًا واحد ًا؛ فإنه ال يلزمها إال صيام يوم‬
‫واحد‪ ،‬ولكن إذا كانت تتيقن أن عليها يوم ًا واحد ًا‪ ،‬ولكنها ال تدري أصامته أم ال؟‬
‫وجب عليها أن تصومه؛ ألن األصل بقاؤه يف ذمتها‪ ،‬وأهنا مل تربئ ذمتها منه‪ ،‬فيجب‬
‫عليها أن تصومه‪ ،‬بخالف ما إذا شكت‪ :‬هل عليها صوم يوم أو يومني؟ فإنه ال يلزمها‬
‫‪433‬‬
‫إال يوم‪ ،‬وأما من علمت أن عليها صوم يوم أو أكثر‪ ،‬ولكنها شكت‪ :‬هل صامته أم ال؟؛‬
‫فإنه جيب عليها أن تصومه؛ ألن األصل بقاؤه»(‪ .)1‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬زوجتي يف شهر رمضان كانت نفساء‪ ،‬ومل تصم أي يوم وسوف تقضيه‬
‫إن شاء اهلل فيام بعد‪ .‬سؤايل‪ :‬هل تقيض عدد األيام التي صامها الناس يف هذا الشهر‬
‫فقط؟ بمعنى أن الشهر كان تسعة وعرشين يوم ًا ومل يكتمل ثالثني يوم ًا‪ ،‬فهل يكون‬
‫القضاء كام صام الناس؟ أم جيب عليها صيام ثالثني يوم ًا عىل أي حال؟‬
‫*جواب‪:‬‬
‫ٍ‬
‫نفاس‪ ،‬فإنه يقضيه بعدد‬ ‫ٍ‬
‫مرض أو‬ ‫لعذر من ٍ‬
‫سفر أو‬ ‫إذا مل يصم املسلم شهر رمضان كله؛ ٍ‬
‫أيامه‪ ،‬فإن كان رمضان تام ًا قىض ثالثني يوم ًا‪ ،‬وإن كان تسعة وعرشين يوم ًا قضاه كذلك‪.‬‬
‫وذهب بعض العلامء إىل أنه يلزمه أن يصوم ثالثني يوم ًا‪ ،‬أو يصوم شهر ًا هاللي ًا‪.‬‬
‫قال يف اإلنصاف‪« :‬من فاته رمضان كامالً‪ ،‬سواء كان تام ًا أو ناقص ًا‪ ،‬لعذر كاألسري‬
‫ونحوه؛ قىض عدد أيامه مطلق ًا‪ ،‬كأعداد الصلوات‪ ،‬عىل الصحيح من املذهب احلنبيل»‪.‬‬
‫وعند القايض‪« :‬إن قىض شهر ًا هاللي ًا أجزأه‪ ،‬سواء كان تام ًا أو ناقص ًا‪ ،‬وإن مل يقض‬
‫شهر ًا صام ثالثني يوم ًا»‪.‬‬
‫كامل‪ ،‬أو من أثناء ٍ‬
‫شهر‪ ،‬تسع ًة وعرشين‬ ‫ٍ‬ ‫فعىل القول األول‪ :‬من صام من أول ٍ‬
‫شهر‬
‫يوم ًا‪ ،‬وكان رمضان الفائت ناقص ًا‪ :‬أجزأه عنه‪ ،‬اعتبار ًا بعدد األيام‪.‬‬

‫ال للشهر باهلالل‪ ،‬أو العدد ثالثني يوم ًا (‪.)2‬‬


‫وعىل القول الثاين‪ :‬يقيض يوم ًا تكمي ً‬

‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)372/19‬‬


‫((( اإلنصاف (‪.)236/3‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫وقال يف منح اجلليل‪« :‬فمن أفطر رمضان كله‪ ،‬وكان ثالثني‪ ،‬وقضاه يف شهر باهلالل‪،‬‬
‫وكان تسعة وعرشين؛ صام يوم ًا آخر‪ ،‬وبالعكس فال يلزمه صوم اليوم األخري‪ ،‬هذا هو‬
‫املشهور‪ ،‬وقال ابن وهب‪ :‬إن صام باهلالل كفاه ما صامه‪ ،‬ولو كان تسعة وعرشين‪،‬‬
‫ورمضان ثالثني»)‪.(1‬‬
‫‪434‬‬
‫واحلاصل‪ :‬أن عىل زوجتك قضاء عدد أيام الشهر‪ ،‬ولو كان تسعة وعرشين يوم ًا‪.‬‬
‫واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫عيل أن أصومها‬
‫*سؤال‪ :‬أفطرت مخسة أيام من رمضان بسبب املرض‪ ،‬فهل جيب ّ‬
‫متتابعة‪ ،‬أو يمكن أن أصوم يوم ًا كل أسبوع؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫اتفق األئمة عىل أن الواجب يف قضاء رمضان أن يصوم أيام ًا بعدد األيام التي أفطرها؛‬
‫لقول اهلل تعاىل (ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ) [البقرة‪.]185 :‬‬

‫وال يشرتط يف هذه األيام أن تكون متتابعة‪ ،‬فلك أن تصومها متتابعة‪ ،‬ولك أن‬
‫تصومها متفرقة‪ ،‬سواء صمت كل أسبوع يوم ًا‪ ،‬أو كل شهر يوم ًا‪ ،‬أو حسب ما يتيرس‬
‫لك‪ ،‬والدليل عىل ذلك اآلية السابقة‪ ،‬فإهنا مل تشرتط التتابع يف قضاء رمضان‪ ،‬وإنام‬
‫أوجبت فقط أن يكون بعدد األيام التي أفطرها(‪.)2‬‬

‫وسئلت اللجنة الدائمة‪ :‬هل جيوز أن يصوم قضاء رمضان يف أيام متفرقات؟‬

‫فأجابت‪« :‬نعم‪ ،‬جيوز له أن يقيض ما عليه من أيام متفرقات؛ لقول اهلل تعاىل‪( :‬ﮫ‬
‫ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ) [البقرة‪ ،]185 :‬فلم يشرتط سبحانه‬
‫التتابع يف القضاء»(‪.)3‬‬

‫((( منح اجلليل (‪ ،)152/2‬وانظر‪ :‬املوسوعة الفقهية (‪.)75/28‬‬


‫((( انظر‪ :‬املجموع (‪ ،)167/6‬واملغني (‪.)408/4‬‬
‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)346/10‬‬
‫ناضمر ءاضق‬

‫وقال ابن باز ‪« :V‬إذا أفطر يومني أو ثالث ًا أو أكثر؛ وجب عليه القضاء‪ ،‬وال يلزمه‬
‫التتابع‪ ،‬إن تابع فهو أفضل‪ ،‬وإن مل يتابع؛ فال حرج عليه»(‪ .)1‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫‪435‬‬ ‫*سؤال‪ :‬هل جيوز صيام الست من شوال قبل قضاء ما أفطر من رمضان‪ ،‬إذا كان ما‬
‫تبقى من الشهر ال يكفي لصومهام مع ًا؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫صيام ست من شوال متعلق بإمتام صيام رمضان عىل الصحيح‪ ،‬ويدل عىل ذلك‪ :‬قول‬
‫َان ك ِ‬
‫َص َيا ِم الدَّ ْه ِر (‪.)2‬‬ ‫ان‪ُ ،‬ثم َأ ْت َب َع ُه ِس ّت ًا ِم ْن َش َّو ٍ‬
‫ال؛ ك َ‬ ‫«م ْن َصا َم َر َم َض َ َّ‬
‫النبي ‪َ :H‬‬
‫فقوله‪« :‬ثم ‪ ،‬حرف عطف يدل عىل الرتتيب‪ ،‬والتعقيب‪ ،‬فيدل عىل أنه ال بد من إمتام‬
‫صيام رمضان أوالً (أدا ًء وقضا ًء)‪ ،‬ثم يكون بعده صيام ست من شوال‪ ،‬حتى يتحقق‬
‫األجر الوارد يف احلديث‪ ،‬وألن الذي عليه قضاء من رمضان يقال عنه‪ :‬صام بعض‬
‫رمضان‪ ،‬وال يقال صام رمضان‪.‬‬

‫لكن‪ ،‬إذا حصل لإلنسان عذر منعه من صيام ست من شوال يف شوال‪ ،‬بسبب‬
‫القضاء‪ ،‬كأن تكون املرأة نفساء‪ ،‬وتقيض كل شوال عن رمضان‪ ،‬فإن هلا أن تصوم ست ًا‬
‫من شوال يف ذي القعدة؛ ألهنا معذورة‪ ،‬وهكذا كل من كان له عذر فإنه يرشع له قضاء‬
‫ست من شوال يف ذي القعدة بعد قضاء رمضان‪ ،‬أما من خرج شهر شوال من غري أن‬
‫يصومها بال عذر؛ فال حيصل له هذا األجر‪.‬‬

‫وقد سئل ابن عثيمني ‪ :V‬عام إذا كان عىل املرأة دين من رمضان‪ ،‬فهل جيوز أن‬
‫تقدم الست عىل الدين‪ ،‬أم الدين عىل الست؟‬

‫فأجاب بقوله‪« :‬إذا كان عىل املرأة قضاء من رمضان فإهنا ال تصوم الستة أيام من‬
‫ان‪ُ ،‬ث َّم َأ ْت َب َع ُه‬
‫«م ْن َصا َم َر َم َض َ‬
‫شوال إال بعد القضاء؛ ذلك ألن النبي ‪ H‬يقول‪َ :‬‬

‫((( جمموع فتاوى ابن باز (‪.)352/15‬‬


‫((( رواه مسلم (‪.)1164‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫ِس ّت ًا ِم ْن َش َّو ٍ‬
‫ال ‪ ،‬ومن عليها قضاء من رمضان‪ ،‬مل تكن صامت رمضان؛ فال حيصل هلا‬
‫ثواب األيام الست إال بعد أن تنتهي من القضاء‪ ،‬فلو فرض أن القضاء استوعب مجيع‬
‫شوال‪ ،‬مثل أن تكون امرأة نفساء ومل تصم يوم ًا من رمضان‪ ،‬ثم رشعت يف قضاء الصوم‬
‫يف شوال‪ ،‬ومل تنته إال بعد دخول شهر ذي القعدة‪ ،‬فإهنا تصوم األيام الستة‪ ،‬ويكون هلا‬
‫‪436‬‬
‫أجر من صامها يف شوال؛ ألن تأخريها هنا للرضورة وهو متعذر‪ ،‬فصار هلا األجر ‪.‬‬
‫)‪(1‬‬

‫يضاف إىل ذلك‪ :‬أن القضاء واجب يف ذمة من أفطر لعذر‪ ،‬بل هو جزء من هذا‬
‫الركن من أركان اإلسالم‪ ،‬وعليه‪ :‬فتكون املبادرة إىل القيام به وإبراء الذمة منه مقدمة‬
‫عىل فعل املستحب من حيث العموم‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬قررت ‪-‬وبجهل مني‪ -‬أن أصوم قضاء شهر رمضان يف أيام الترشيق‪ ،‬هل‬
‫أعيد اليوم الثاين من أيام الترشيق الثالثة التي بدأت الصيام عندها؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫أيـام الترشيـق‪ :‬هـي األيام الثالثـة التالية ليوم عيـد األضحى‪ ،‬وهـي احلادي عرش‪،‬‬
‫والثـاين عشر‪ ،‬والثالث عشر من شـهر ذي احلجة‪ ،‬وهـذه األيام حيرم صومهـا؛ لقول‬
‫ش ٍ‬ ‫َّش ِ َ َ‬ ‫النبـي ‪َ :H‬‬
‫«أ َّيا ُم الت ْ ِ‬
‫ب (‪.)2‬‬ ‫يق أ َّيـا ُم أك ٍْل َو ُ ْ‬
‫يق‪ِ ،‬عيدُ نَا َأ ْه َل ا ِ‬
‫إل ْس َ‬
‫المِ‪،‬‬ ‫وقوله ‪« :H‬إِ َّن َي ْو َم َع َر َف َة‪َ ،‬و َي ْو َم الن َّْح ِر‪َ ،‬و َأ َّيا َم الت ْ ِ‬
‫َّش ِ‬
‫ش ٍ‬ ‫ِ َ َ‬
‫ب )‪.(3‬‬ ‫َوه َي أ َّيا ُم أك ٍْل‪َ ،‬و ُ ْ‬
‫ومل يرخص النبي ‪ H‬يف صوم هذه األيام‪ ،‬إال للمتمتع‪ ،‬أو القارن الذي مل جيد‬
‫اهلدي؛ فعن عائشة وابن عمر ‪ M‬قاال‪« :‬مل ُيرخص يف أيام الترشيق أن ُيصمن‪ ،‬إال‬
‫ملن مل جيد اهلَدْ ي»(‪.)4‬‬

‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)19/20‬‬


‫((( رواه مسلم (‪.)1141‬‬
‫((( رواه النسائي (‪ ،)3004‬والرتمذي (‪ ،)773‬وأبو داود (‪ ،)2419‬وصححه األلباين يف صحيح أيب داود (‪.)2114‬‬
‫((( رواه البخاري (‪.)1894‬‬
‫ناضمر ءاضق‬

‫هلذا‪ :‬فإن مجهور العلامء يمنعون صيام هذه األيام تطوع ًا‪ ،‬أو قضاء‪ ،‬أو نذر ًا‪ ،‬ويرون‬
‫بطالن الصوم‪ ،‬لو وقع يف هذه األيام‪.‬‬
‫والراجح‪ :‬ما عليه اجلمهور‪ ،‬وال يستثنى إال صوم احلاج الذي مل جيد اهلَدْ ي‪.‬‬
‫‪437‬‬ ‫قال ابن باز ‪« :V‬وكذلك يوم عيد النحر‪ ،‬وأيام الترشيق كلها ال تصام؛ ألن‬
‫الرسول ‪ H‬هنى عن ذلك‪ ،‬إال أن أيام الترشيق قد جاء ما يدل عىل جواز صومها‬
‫عن هدي التمتع والقران خاصة ملن مل يستطع اهلدي‪ ،‬أما كوهنا تصام تطوع ًا أو ألسباب‬
‫أخرى‪ :‬فال جيوز‪ ،‬كيوم العيد»(‪.)1‬‬
‫وقال ابن عثيمني ‪« :V‬فيجوز للقارن واملتمتع إذا مل جيدا اهلدي أن يصوما هذه‬
‫األيام الثالثة‪ ،‬حتى ال يفوت موسم احلج قبل صيامهام‪ ،‬وما سوى ذلك فإنه ال جيوز‬
‫صومها‪ ،‬حتى ولو كان عىل اإلنسان صيام شهرين متتابعني‪ ،‬فإنه يفطر يوم العيد‪،‬‬
‫واأليام الثالثة التي بعده‪ ،‬ثم يواصل صومه»)‪.(2‬‬
‫وعليه‪ :‬فام صمته يف هذه األيام قضاء عن رمضان ال يصح‪ ،‬ويلزمك إعادته‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫عيل أيام كثرية من صيام رمضان بسبب احلمل والوالدة الذي صادف أيام‬
‫*سؤال‪ :‬كانت ّ‬
‫رمضان املبارك‪ ،‬وقد قضيتها ‪-‬وهلل احلمد‪ -‬باستثناء آخر سبعة أيام‪ .‬وقد صمت ثالثة‬
‫منها بعد نصف شعبان‪ ،‬وأريد أن أكمل الباقي قبل رمضان‪ .‬وقد قرأت عىل موقعكم‬
‫أن صيام النصف الثاين ال جيوز إال للشخص املتعود عىل الصيام‪ .‬أفيدوين أفادكم اهلل؛‬
‫عيل‪ ،‬أم ال؟ وإذا كان اجلواب ال‪ ،‬فام‬
‫حيث إنني أريد أن أعرف هل أتم صيام األيام التي ّ‬
‫حكم األيام الثالث التي صمتها؟ هل عيل قضاؤها مرة أخرى‪ ،‬أم ال؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫ان؛ َفال ت َُص ُ‬


‫وموا (‪.)3‬‬ ‫ثبت عن النبي ‪ H‬أنه قال‪« :‬إِ َذا ا ْنت ََص َ‬
‫ف َش ْع َب ُ‬

‫((( فتاوى رمضان (ص‪.)716‬‬


‫((( فتاوى رمضان (ص‪.)727‬‬
‫((( رواه أبو داود (‪ ،)2337‬وصححه األلباين يف صحيح أبو داود (‪.)2049‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫وهذا النهي يستثنى منه‪:‬‬


‫‪ .1‬من له عادة بالصيام‪ ،‬كرجل اعتاد صوم يومي االثنني واخلميس‪ ،‬فإنه يصومها‪،‬‬
‫ولو بعد النصف من شعبان‪ ،‬ودليل هذا قوله ‪« :H‬الَ َت َقدَّ ُموا َر َم َض َ‬
‫ان‬
‫َان َي ُصو ُم َص ْوم ًا‪َ ،‬ف ْل َي ُص ْم ُه (‪.)1‬‬ ‫بِ َص ْو ِم َي ْومٍ‪َ ،‬والَ َي ْو َم ْ ِ‬
‫ي‪ ،‬إِالَّ َر ُج ٌل ك َ‬ ‫‪438‬‬
‫‪ .2‬من بدأ بالصيام قبل نصف شعبان‪ ،‬فوصل ما بعد النصف بام قبله‪ ،‬فهذا ال يشمله‬
‫ول اهللِ ‪َ H‬ي ُصو ُم‬ ‫َان َر ُس ُ‬
‫النهي أيض ًا‪ ،‬ودليل هذا قول عائشة ‪« :J‬ك َ‬
‫ان إِالَّ َقلِي ً‬
‫ال (‪.)2‬‬ ‫ان ُك َّل ُه‪ ،‬كان َي ُصو ُم َش ْع َب َ‬
‫َش ْع َب َ‬
‫فهذا احلديث يدل عىل جواز الصيام بعد نصف شعبان‪ ،‬ولكن ملن وصله بام قبل النصف‪.‬‬
‫‪ .3‬ويستثنى من هذا النهي أيض ًا‪َ :‬م ْن يصوم قضاء رمضان‪.‬‬

‫قال النووي ‪« :V‬ال يصح صوم يوم الشك عن رمضان بال خالف‪ ،‬فإن صامه‬
‫عن قضاء‪ ،‬أو نذر‪ ،‬أو كفارة أجزأه‪...‬؛ ألنه إذا كان عليه قضاء يوم من رمضان‪ ،‬فقد‬
‫تعني عليه؛ ألن وقت قضائه قد ضاق»)‪.(3‬‬

‫ويوم الشك هو يوم الثالثني من شعبان‪ ،‬إذا حال دون رؤية اهلالل ليلة الثالثني غيم‬
‫أو غبار أو نحو ذلك‪ ،‬وسمي يوم الشك؛ ألنه مشكوك فيه‪ :‬هل هو آخر يوم من شعبان‪،‬‬
‫أو أول يوم من رمضان‪.‬‬

‫وخالصة اجلواب‪ :‬ال حرج من قضاء رمضان يف النصف الثاين من شعبان‪ ،‬وهذا‬
‫ال يشمله هني النبي ‪ H‬عن الصيام إذا انتصف شعبان‪ ،‬فصيامك األيام الثالثة‬
‫صحيح‪ ،‬وعليك بصيام األيام املتبقية قبل دخول رمضان‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬كان عىل زوجتي أيام حيض مل تصمها من رمضان املايض‪ ،‬وقبل أن تنوي‬

‫((( رواه البخاري (‪ )1815‬ومسلم (‪.)1082‬‬


‫((( رواه البخاري (‪ ،)1970‬ومسلم (‪.)1156‬‬
‫((( املجموع (‪.)399/6‬‬
‫ناضمر ءاضق‬

‫قضاء هذه األيام قبل رمضان القادم محلت‪ ،‬والدكتورة املعاجلة هلا أخربهتا أال تصوم‬
‫هنائي ًا خالل فرتة احلمل‪ ،‬وفرتة الرضاعة أيض ًا‪ ،‬نظر ًا لضعفها العام وخوف ًا عىل‬
‫اجلنني‪ ،‬لذلك فهي لن تستطع أن تصوم هذه األيام‪ ،‬فامذا تفعل بالنسبة هلذه األيام؟‬
‫وماذا تفعل إذا مل تستطع قضاء أيام رمضان القادم قبل جميء شهر رمضان التايل له؟‬
‫‪439‬‬
‫*جواب‪:‬‬
‫ٍ‬
‫بعذر رشعي إىل دخول رمضان التايل‪،‬‬ ‫وسع اهلل تعاىل يف قضاء رمضان ملن أفطر‬
‫َّ‬
‫رت هبذا التأخري لتأجيل القضاء؛ ألنه قد تعرض له احلاجة‬
‫إال أنه ال ينبغي ملسلم أن يغ َّ‬
‫معرضات للحمل‬
‫أو التَّغري؛ فيشق عليه القضاء أو يمتنع‪ ،‬وبخاصة النساء؛ فإهنن َّ‬
‫واحليض والنفاس‪.‬‬
‫ِ‬
‫يقض‬ ‫ومن أخر القضاء بغري عذر إىل أن ضاق عليه الوقت‪ ،‬فانقىض شعبان ومل‬
‫ما عليه‪ :‬فهو آثم‪ ،‬وإن كان معذور ًا فال إثم عليه‪ ،‬ويف كال احلالني‪ :‬جيب عليه القضاء‬
‫بعد رمضان الثاين‪ ،‬وقد أوجب بعض أهل العلم عليه مع القضاء فدية طعام مسكني‬
‫عن كل يوم‪ ،‬فإن تيرس له ذلك وفعله فهو أحوط‪ ،‬وإال‪ :‬فالقضاء يكفيه‪.‬‬

‫سئل ابن عثيمني ‪ :V‬ما حكم من أخر القضاء حتى دخل رمضان التايل؟‬

‫فأجاب‪« :‬تأخري قضاء رمضان إىل رمضان التايل ال جيوز عىل املشهور عند أهل‬
‫عيل الصوم من رمضان‪ ،‬فال أستطيع أن‬
‫العلم؛ ألن عائشة ‪ J‬قالت‪« :‬كان يكون َّ‬
‫أقضيه إال يف شعبان»(‪ ،)1‬وهذا يدل عىل أن ال رخصة بعد رمضان الثاين‪ ،‬فإن فعل بدون‬
‫عذر فهو آثم‪ ،‬وعليه أن يبادر بالقضاء بعد رمضان الثاين‪ ،‬واختلف العلامء‪ :‬هل يلزمه‬
‫مع ذلك إطعام‪ ،‬أو ال يلزمه؟‬

‫والصحيح‪ :‬أنه ال يلزمه إطعام»(‪.)2‬‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)1849‬ومسلم (‪.)1146‬‬


‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)378/19‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫وسئل ‪ :V‬امرأة أفطرت أيام ًا من رمضان العام املايض‪ ،‬ثم قضتها يف آخر‬
‫شعبان‪ ،‬وجاءهتا العادة‪ ،‬واستمرت معها حتى دخل رمضان هذا العام‪ ،‬وقد بقي عليها‬
‫يوم واحد‪ ،‬فامذا جيب عليها؟‬

‫فأجاب بقوله‪« :‬جيب عليها أن تقيض هذا اليوم الذي مل تتمكن من قضائه قبل‬ ‫‪440‬‬

‫دخول رمضان هذا العام‪ ،‬فإذا انتهى رمضان هذه السنة قضت ما فاهتا من رمضان‬
‫العام املايض»)‪.(1‬‬

‫وسئل ‪ V‬أيض ًا‪ :‬امرأة أفطرت يف رمضان للنفاس‪ ،‬ومل تستطع القضاء من أجل‬
‫الرضاع حتى دخل رمضان الثاين‪ ،‬فامذا جيب عليها؟‬

‫فأجاب بقوله‪« :‬الواجب عىل هذه املرأة أن تصوم بدل األيام التي أفطرهتا‪ ،‬ولو بعد‬
‫رمضان الثاين؛ ألهنا إنام تركت القضاء بني األول والثاين للعذر‪ ،‬لكن‪ ،‬إن كان ال يشق‬
‫عليها أن تقيض يف زمن الشتاء ولو يوم ًا بعد يوم؛ فإنه يلزمها ذلك‪ ،‬وإن كانت ترضع‪،‬‬
‫فلتحرص ما استطاعت عىل أن تقيض رمضان الذي مىض قبل أن يأيت رمضان الثاين‪،‬‬
‫فإن مل حيصل هلا؛ فال حرج عليها أن تؤخره إىل رمضان الثاين»)‪.(2‬‬

‫وخالصة اجلواب‪ :‬أن هذه األيام تبقى َد ْين ًا عىل زوجتك‪ ،‬يلزمها قضاؤها متى‬
‫متكنت من ذلك‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬ما حكم اإلفطار يف قضاء الصوم الواجب؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫َمن رشع يف صوم واجب كقضاء رمضان‪ ،‬أو كفارة اليمني‪ ،‬فال جيوز له اإلفطار من‬
‫غري عذر‪ ،‬كمرض‪ ،‬أو سفر‪.‬‬

‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)378/19‬‬


‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)381/19‬‬
‫ناضمر ءاضق‬

‫فإن أفطر بعذر أو من غري عذر؛ وجب عليه قضاء هذا اليوم‪ ،‬فيصوم يوم ًا مكانه‪،‬‬
‫وال كفارة عليه؛ ألن الكفارة ال جتب إال باجلامع يف هنار رمضان‪.‬‬

‫وإن كان فطره من غري عذر؛ وجب عليه التوبة إىل اهلل من هذا الفعل املحرم‪.‬‬
‫‪441‬‬
‫قال ابن قدامة ‪« :V‬ومن دخل يف واجب‪ ،‬كقضاء رمضان‪ ،‬أو نذر‪ ،‬أو صيام‬
‫كفارة؛ مل جيز له اخلروج منه‪ ،...‬وليس يف هذا خالف‪ ،‬بحمد اهلل»(‪.)1‬‬

‫قال النووي ‪« :V‬لو جامع يف صوم غري رمضان من قضاء أو نذر أو غريمها فال‬
‫كفارة‪ ،‬وبه قال اجلمهور‪ ،‬وقال قتادة‪ :‬جتب الكفارة يف إفساد قضاء رمضان (‪.)2‬‬

‫وسئل ابن باز ‪ :V‬كنت يف أحد األيام صائمة صوم قضاء‪ ،‬وبعد صالة الظهر‬
‫أحسست باجلوع‪ ،‬فأكلت ورشبت متعمدة غري ناسية وال جاهلة؛ فام حكم فِعيل هذا؟‬

‫فأجاب‪« :‬الواجب عليك إكامل الصيام‪ ،‬وال جيوز اإلفطار إذا كان الصوم فريضة‪،‬‬
‫كقضاء رمضان وصوم النذر‪ ،‬وعليك التوبة مما فعلت‪ ،‬ومن تاب تاب اهلل عليه»)‪.(3‬‬

‫وسئل ابن عثيمني ‪ :V‬سبق أن صمت يف السنوات املاضية لقضاء دين عيل‪،‬‬
‫فأفطرت متعمدة‪ ،‬وبعد ذلك قضيت ذلك الصيام بيوم واحد‪ ،‬وال أدري هل س ُيقىض‬
‫بيوم واحد كام فعلت؟ أم بصيام شهرين متتابعني؟ وهل تلزمني الكفارة؟ أرجو اإلفادة‪.‬‬

‫فأجاب‪« :‬إذا رشع اإلنسان يف صوم واجب كقضاء رمضان‪ ،‬وكفارة اليمني‪ ،‬وكفارة‬
‫فدية احللق يف احلج إذا حلق املحرم قبل أن حيل‪ ،‬وما أشبه ذلك من الصيام الواجب‪:‬‬
‫فإنه ال جيوز له أن يقطعه إال لعذر رشعي‪ ،‬وهكذا كل من رشع يف يشء واجب؛ فإنه‬
‫يلزمه إمتامه‪ ،‬وال حيل له قطعه إال بعذر رشعي يبيح قطعه‪ ،‬وهذه املرأة التي رشعت يف‬
‫القضاء‪ ،‬ثم أفطرت يف يوم من األيام بال عذر‪ ،‬وقضت ذلك اليوم‪ ،‬ليس عليها يشء بعد‬
‫ذلك؛ ألن القضاء إنام يكون يوم ًا بيوم‪ ،‬ولكن‪ ،‬عليها أن تتوب وتستغفر اهلل ‪ ،D‬ملا‬

‫((( املغني (‪.)412/4‬‬


‫((( املجموع (‪.)345/6‬‬
‫((( جمموع فتاوى ابن باز (‪.)355/15‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫وقع منها‪ ،‬من قطع الصوم الواجب بال عذر»(‪ .)1‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سـؤال‪ :‬جامعـت زوجتـي‪ ،‬وكانت تقضي بعض األيام من شـهر رمضان السـابق‪،‬‬
‫ومل تتمكن من قضاء مجيع األيام‪ .‬مالحظة‪ :‬استأذنتني بالصيام وأذنت هلا‪.‬‬ ‫‪442‬‬

‫*جواب‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬ال جيوز ملن رشع يف صوم واجب‪ ،‬كقضاء رمضان‪ ،‬أو كفارة يمني؛ أن يفطر‬
‫إال من عذر‪ ،‬كمرض‪ ،‬أو سفر‪.‬‬

‫فإن أفطر بعذر أو من غري عذر؛ بقي الصوم يف ذمته‪ ،‬فعليه أن يصوم يوم ًا واحد ًا‬
‫مكان اليوم الذي أفسده‪.‬‬

‫فإن كان فطره من غري عذر؛ وجب عليه ‪-‬مع الصيام‪ -‬التوبة إىل اهلل من هذا الفعل املحرم‪.‬‬

‫وليس عىل زوجتك كفارة؛ ألن الكفارة ال جتب إال باجلامع يف هنار رمضان فقط‪.‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬قد أسأت بإفساد صيام زوجتك؛ ألن الزوجة إذا صامت قضاء رمضان بإذن‬
‫زوجها‪ ،‬مل يكن له إفساد صيامها‪ ،‬فعليكام التوبة إىل اهلل‪ ،‬والندم عىل الفعل‪ ،‬والعزم عىل‬
‫عدم العود‪ ،‬فإن كنت أجربهتا؛ فال إثم عليها‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬امرأة كانت تقىض يوم ًا من األيام أفطرت فيها من رمضان بسبب احليض‪،‬‬
‫فجاءهتا العادة الشهرية يف هذا اليوم الذي تقضيه‪ ،‬هل تقىض يوم ًا واحد ًا أم يومني؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫ال يلزمها إال قضاء األيام التي أفطرهتا من رمضان‪ ،‬فإن هذا القضاء الذي جاءها‬
‫احليض فيه؛ إنام هو بدل عام أفطرته يف رمضان‪ ،‬وليس صيام ًا واجب ًا متجدد ًا‪.‬‬

‫قال ابن حزم ‪« :V‬ومن أفطر عامد ًا يف قضاء رمضان‪ ،‬فليس عليه إال قضاء يوم‬

‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)61/20‬‬


‫ناضمر ءاضق‬

‫واحد فقط؛ ألن إجياب القضاء إجياب رشع مل يأذن به اهلل تعاىل‪ ،‬وقد صح أنه ‪S‬‬

‫قىض ذلك اليوم من رمضان‪ ،‬فال جيوز أن يزاد عليه غريه‪ ،‬بغري نص وال إمجاع‪ ،‬وعن‬
‫بعض السلف عليه قضاء يومني‪ :‬يوم رمضان‪ ،‬ويوم القضاء»)‪.(1‬‬

‫‪443‬‬ ‫وقال يف التاج واإلكليل‪« :‬من أفطر يف قضاء رمضان‪ ،‬فإنام يقيض يوم ًا واحد ًا»(‪.)2‬‬
‫واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬أفطرت يف إحدى السنوات األيام التي تأيت فيها الدورة الشهرية‪ ،‬ومل أمتكن‬
‫عيل سنوات كثرية‪ ،‬وأود أن أقيض ما عيل من دين‬
‫من الصيام حتى اآلن‪ ،‬وقد مىض ّ‬
‫عيل‪ ،‬فامذا أفعل؟‬
‫الصيام‪ ،‬ولكن ال أعرف كم عدد األيام التي ّ‬
‫*جواب‪:‬‬

‫«عليك ثالثة أمور‪:‬‬


‫األمر األول‪ :‬التوبة إىل اهلل من هذا التأخري‪ ،‬والندم عىل ما مىض من التساهل‪ ،‬والعزم‬
‫عىل أال تعودي ملثل هذا؛ ألن اهلل يقول‪( :‬ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ‬
‫ﰂ) [النور‪ ،]31 :‬وهذا التأخري معصية‪ ،‬والتوبة إىل اهلل من ذلك واجبة‪.‬‬
‫األمر الثاين‪ :‬البدار بالصوم عىل حسب الظن‪ ،‬وال يكلف اهلل نفس ًا إال وسعها‪ ،‬فالذي‬
‫ِ‬
‫عليك أن تقضيه‪ ،‬فإذا ظننت أهنا عرشة‪ ،‬فصومي عرشة أيام‪،‬‬ ‫أنك تركتِيه من أيام؛‬
‫تظنني ِ‬

‫وإذا ظننت أهنا أكثر أو أقل‪ ،‬فصومي عىل مقتىض ظنك؛ لقول اهلل سبحانه‪( :‬ﯗ ﯘ‬
‫ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ) [البقرة‪ ،]286 :‬وقوله ‪( :D‬ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ) [التغابن‪.]16 :‬‬
‫األمر الثالث‪ :‬إطعام مسكني عن كل يوم‪ ،‬إذا كنت تقدرين عىل ذلك‪ ،‬يرصف كله‬
‫ولو ملسكني واحد‪ ،‬فإن كنت فقرية ال تستطيعني اإلطعام؛ فال يشء عليك يف ذلك‪،‬‬
‫سوى الصوم والتوبة‪.‬‬

‫((( املحىل (‪.)271/6‬‬


‫((( التاج واإلكليل (‪.)387/3‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫واإلطعـام الواجـب عـن كل يـوم نصـف صـاع مـن قـوت البلـد‪ ،‬ومقـداره كيلو‬
‫ونصـف»(‪ .)1‬واهلل أعلـم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬أفطرت أيام ًا من رمضان بسبب احليض‪ ،‬وهذا من عدة سنوات‪ ،‬ومل أصم‬ ‫‪444‬‬
‫عيل أن أفعل؟‬
‫هذه األيام حتى اآلن‪ ،‬فامذا ّ‬
‫*جواب‪:‬‬
‫اتفق األئمة عىل أنه جيب عىل من أفطر أيام ًا من رمضان‪ ،‬أن يقيض تلك األيام قبل‬
‫جميء رمضان التايل‪.‬‬
‫الص ْو ُم ِم ْن َر َم َض َ‬
‫ان‪،‬‬ ‫واستدلوا عىل ذلك بحديث َع ِائ َش َة ‪ J‬قالت‪ :‬ك َ‬
‫َان َيك ُ‬
‫ُون َع َ َّل َّ‬
‫ول اهللِ ‪.)2(H‬‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫َان رس ِ‬ ‫يع َأ ْن َأ ْق ِض َي ُه إِال ِف َش ْع َب َ‬ ‫ِ‬
‫ان؛ َو َذل َك َلك َ ُ‬ ‫َف َم َأ ْستَط ُ‬
‫قال احلافظ ابن حجر ‪« :V‬ويؤخذ من حرصها عىل ذلك يف شعبان‪ :‬أنه ال جيوز‬
‫تأخري القضاء‪ ،‬حتى يدخل رمضان آخر»(‪.)3‬‬
‫فإن أخر القضاء حتى دخل رمضان التايل‪ ،‬فال خيلو من حالني‪:‬‬
‫واستمر به املرض حتى دخل‬
‫َّ‬ ‫األوىل‪ :‬أن يكون التأخري بعذر‪ ،‬كام لو كان مريض ًا‪،‬‬
‫رمضان التايل؛ فهذا ال إثم عليه يف التأخري؛ ألنه معذور‪ ،‬وليس عليه إال القضاء فقط‪،‬‬
‫فيقيض عدد األيام التي أفطرها‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬أن يكون تأخري القضاء بدون عذر‪ ،‬كام لو متكن من القضاء ولكنه مل يقض‬
‫حتى دخل رمضان التايل‪.‬‬
‫فهذا آثم بتأخري القضاء بدون عذر‪ ،‬واتفق األئمة عىل أن عليه القضاء‪ ،‬ولكن‬
‫اختلفوا‪ :‬هل جيب مع القضاء أن يطعم عن كل يوم مسكين ًا أو ال؟‬

‫((( جمموع فتاوى ابن باز(‪.)19/6‬‬


‫((( رواه البخاري (‪ ،)1849‬ومسلم (‪.)1146‬‬
‫((( فتح الباري (‪.)191/4‬‬
‫ناضمر ءاضق‬

‫فذهب األئمة مالك‪ ،‬والشافعي‪ ،‬وأمحد إىل أن عليه اإلطعام‪ ،‬واستدلوا بأن ذلك قد‬
‫ورد عن بعض الصحابة ‪ M‬كأيب هريرة‪ ،‬وابن عباس ‪.H‬‬

‫وذهب اإلمام أبو حنيفة ‪ V‬إىل أنه ال جيب مع القضاء إطعام‪.‬‬


‫‪445‬‬
‫واستدل بأن اهلل تعاىل مل يأمر َم ْن أفطر من رمضان إال بالقضاء فقط‪ ،‬ومل يذكر‬
‫اإلطعام‪ ،‬قال اهلل تعاىل‪( :‬ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ‬
‫ﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯ‬
‫ﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟ‬
‫ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ) [البقرة‪.)1(]185 :‬‬
‫وهذا القول الثاين اختاره اإلمام البخاري ‪ ،V‬قال يف صحيحه‪:‬‬
‫«قـال إبراهيـم النخعـي ‪ :V‬إذا فـرط حتى جاء رمضـان آخر‪ ،‬يصومهما‪ ،‬ومل ير‬
‫عليـه طعامـا‪ ،‬و ُي ْذكر عن أيب هريرة مرسلا‪ ،‬وابـن عباس‪ :‬أنه يطعم ثم قـال البخاري‪:‬‬
‫ومل يذكر اهلل اإلطعام‪ ،‬إنام قال‪( :‬ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ)»(‪.)2‬‬
‫وقــال ابــن عثيمــن ‪ V‬وهــو يقــرر عــدم وجــوب اإلطعــام‪« :‬وأمــا أقــوال‬
‫الصحابــة ‪ :M‬فــإن يف حجتهــا نظــر ًا إذا خالفــت ظاهــر القــرآن‪ ،‬وهنــا إجيــاب‬
‫اإلطعــام خمالــف لظاهــر القــرآن‪ ،‬ألن اهلل تعــاىل مل يوجــب إال عــدة مــن أيــام أخــر‪،‬‬
‫ومل يوجــب أكثــر مــن ذلــك‪ ،‬وعليــه‪ :‬فــا نلــزم عبــاد اهلل بــا مل يلزمهــم اهلل بــه‪ ،‬إال‬
‫بدليــل تــرأ بــه الذمــة‪ ،‬عــى أن مــا روي عــن ابــن عبــاس وأيب هريــرة ‪H‬‬

‫يمكــن أن حيمــل عــى ســبيل االســتحباب‪ ،‬ال عــى ســبيل الوجــوب‪ ،‬فالصحيــح يف‬
‫هــذه املســألة أنــه ال يلزمــه أكثــر مــن الصيــام‪ ،‬إال أنــه يأثــم بالتأخــر»)‪.(3‬‬
‫وعىل هذا‪ :‬فالواجب هو القضاء فقط‪ ،‬وإذا احتاط اإلنسان وأطعم عن كل يوم‬
‫مسكين ًا‪ ،‬كان ذلك حسن ًا‪.‬‬

‫((( انظر‪ :‬املجموع (‪ ،)366/6‬املغني (‪.)400/4‬‬


‫((( صحيح البخاري (‪.)688/2‬‬
‫((( الرشح املمتع (‪.)451/6‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫وعىل السائلة ‪-‬إذا كان تأخريها القضاء من غري عذر‪ -‬أن تتوب إىل اهلل تعاىل‪ ،‬وتعزم‬
‫عىل عدم العودة ملثل ذلك يف املستقبل‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫أفطرت أختي أثناء محلها منذ عامني بعض األيام يف شهر رمضان‪ ،‬وهي ال‬
‫ْ‬ ‫*سؤال‪:‬‬ ‫‪446‬‬
‫تزال عاجزة عن قضائهم‪ ،‬فامذا جيب عليها أن تفعل؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫احلامل ‪-‬ومثلها املرضع‪ -‬إذا خافت عىل نفسها‪ ،‬أو عىل جنينها؛ هلا أن تفطر يف‬
‫رمضان‪ ،‬وعليها القضاء فحسب؛ ألهنا بمنزلة املريض املعذور بمرضه‪.‬‬

‫ثم إن متكنت من القضاء قبل دخول رمضان التايل؛ وجب عليها ذلك‪ ،‬وال جيوز هلا‬
‫التأخري حتى يدخل رمضان التايل‪ ،‬فإن استمر عذرها بسبب محل جديد‪ ،‬أو إرضاع‪،‬‬
‫أو مرض‪ ،‬أو سفر‪ ،‬حتى دخل رمضان التايل؛ فال حرج عليها‪ ،‬ويلزمها القضاء متى‬
‫متكنت من ذلك‪.‬‬

‫وقد سئل ابن عثيمني ‪ :V‬امرأة أفطرت يف رمضان للنفاس‪ ،‬ومل تستطع القضاء‬
‫من أجل الرضاع حتى دخل رمضان الثاين‪ ،‬فامذا جيب عليها؟‬

‫فأجاب‪« :‬الواجب عىل هذه املرأة أن تصوم بدل األيام التي أفطرهتا‪ ،‬ولو بعد‬
‫رمضان الثاين؛ ألهنا إنام تركت القضاء بني األول والثاين للعذر‪ ،‬لكن إن كان ال يشق‬
‫عليها أن تقيض يف زمن الشتاء‪ ،‬ولو يوم ًا بعد يوم؛ فإنه يلزمها ذلك‪ ،‬وإن كانت ترضع‪،‬‬
‫فلتحرص ما استطاعت عىل أن تقيض رمضان الذي مىض‪ ،‬قبل أن يأيت رمضان الثاين‪،‬‬
‫فإن مل حيصل هلا؛ فال حرج عليها أن تؤخره إىل رمضان الثاين»(‪.)1‬‬

‫أيضا‪ :‬امرأة أفطرت شهر رمضان بسبب الوالدة‪ ،‬ومل تقض ذلك‬
‫ً‬ ‫‪V‬‬ ‫وسئل‬
‫ومر عىل ذلك زمن طويل وهي ال تستطيع الصوم‪ ،‬فام احلكم؟‬
‫الشهر‪َّ ،‬‬

‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)381 /19‬‬


‫ناضمر ءاضق‬

‫فأجاب‪« :‬الواجب عىل هذه املرأة أن تتوب إىل اهلل مما صنعت؛ ألنه ال حيل لإلنسان‬
‫لعذر رشعي‪ ،‬فعليها أن تتوب‪ ،‬ثم إن كانت‬‫أن يؤخر قضاء رمضان إىل رمضان آخر إال ٍ‬
‫تستطيع الصوم ولو يوم ًا بعد يوم؛ فلتصم‪ ،‬وإن كانت ال تستطيع؛ ف ُينظر‪ :‬إن كان لعذر‬
‫مستمر‪ ،‬أطعمت عىل كل يو ٍم مسكين ًا‪ ،‬وإن كان لعذر طارئ يرجى زواله‪ ،‬انتظرت‬
‫‪447‬‬
‫حتى يزول ذلك العذر‪ ،‬ثم قضت ما عليها»(‪.)1‬‬

‫والسائلة مل تبني سبب عجز أختها عن القضاء‪ ،‬فإن كان العجز مؤقت ًا‪ ،‬ويرجى زواله‬
‫(محل أو إرضاع أو مرض)؛ فعليها القضاء‪ ،‬إذا متكنت من ذلك‪.‬‬

‫وإن كان العجز دائ ًام بسبب مرض مزمن‪ ،‬ال يرجى حصول الشفاء منه؛ فال قضاء‬
‫عليها‪ ،‬وعليها أن تطعم عن كل يوم مسكين ًا‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬يوجد رجل صار عليه حادث اصطدام سيارة‪ ،‬ووقع يف درك املوت‪ ،‬وأخذ مدة‬
‫طويلة منها شهر رمضان املبارك وهو يف غيبوبة اخلطر ال يعرف شيئ ًا‪ ،‬وبعد مدة منحه‬
‫اخلالق الكريم العظيم الشفاء‪ ،‬واكتملت صحته‪ ،‬فامذا عليه من قضاء الصوم والصالة؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«إذا كان الواقع كام ذكرت‪ ،‬من أن الرجل غاب عقله مدة طويلة‪ ،‬ال يعي شيئا فيها من‬
‫تأثر الصدمة ‪-‬ومن هذه املدة شهر رمضان‪-‬؛ فليس عليه قضاء ما مىض من الصوم‪ ،‬والصالة‬
‫أيام غيبوبة عقله يف أصح قويل العلامء؛ لكونه غري مكلف هبام تلك املدة»(‪ .)2‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬أنا مسلمة من بلغاريا‪ ،‬وكنَّا حتت احلكم الشيوعي‪ ،‬ومل نكن نعرف أي يشء‬
‫عن اإلسالم‪ ،‬بل إن كثري ًا من العبادات كانت ممنوعة‪ ،‬وأنا مل أعرف أي يشء عن‬
‫عيل‬
‫اإلسالم حتى بلغت ‪ 20‬سنة‪ ،‬وبعد ذلك التزمت برشع اهلل‪ .‬سؤايل لكم‪ :‬هل َّ‬
‫قضاء ما فاتني من صالة وصيام؟ وجزاكم اهلل خري ًا‪.‬‬

‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)382/19‬‬


‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)18/6‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*جواب‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬نحمد اهلل تعاىل أن خلصكم من احلكم الشيوعي الظامل الفاجر‪ ،‬بعد أن استمر‬
‫يف قمعه للمسلمني أكثر من أربعني سنة‪ ،‬عمل خالهلا عىل هدم املساجد‪ ،‬وحتويل‬
‫بعضها إىل متاحف‪ ،‬واستوىل عىل املدارس اإلسالمية‪ ،‬وعمل عىل تغيري أسامء املسلمني‪،‬‬ ‫‪448‬‬
‫وطمس اهلوية اإلسالمية‪.‬‬

‫لكن‪( :‬ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ) [التوبة‪.]32 :‬‬

‫فها هو احلكم الشيوعي بجربوته وطغيانه قد زال عام ‪1989‬م‪ ،‬وفرح بذلك املسلمون‬
‫فرح ًا شديدً ا‪ ،‬وعادوا إىل مساجدهم القديمة‪ ،‬يرمموهنا ويصلحون من شأهنا‪ ،‬ورجعوا إىل‬
‫تعليم أطفاهلم القرآن‪ ،‬وعاد حجاب النساء املسلامت إىل الظهور يف الشوارع والطرقات‪.‬‬

‫ونسأل اهلل تعاىل أن يرد املسلمني إىل دينهم ر ًّدا ً‬


‫مجيل‪ ،‬وأن ينرصهم ويعزهم ويكبت‬
‫عدوهم‪.‬‬

‫ثان ًيا‪ :‬لقد نشأ جيل من املسلمني يف بلغاريا حتت وطأة احلكم الشيوعي‪ ،‬ال يعلمون‬
‫شيئ ًا عن اإلسالم‪ ،‬غري أهنم مسلمون‪ ،‬إذ حال احلكم الشيوعي بينهم وبني تعلم اإلسالم‪،‬‬
‫بل كان يمنع حتى دخول القرآن الكريم‪ ،‬والكتب اإلسالمية إىل بلغاريا‪ ،‬وهؤالء الذين‬
‫ال يعرفون شيئ ًا عن أحكام اإلسالم وعبادته وفروضه ال يلزمهم قضاء يشء من تلك‬
‫العبادات؛ فإن املسلم إذا مل يتمكن من العلم الرشعي‪ ،‬ومل تبلغه األحكام الرشعية‪ ،‬فإنه‬
‫ال يلزمه يشء؛ لقول اهلل تعاىل‪( :‬ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ) [البقرة‪.]286 :‬‬

‫قال شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪« :V‬ال خالف بني املسلمني أن من كان يف دار الكفر‪،‬‬
‫وقد آمن وهو عاجز عن اهلجرة‪ ،‬ال جيب عليه من الرشائع ما يعجز عنها‪ ،‬بل الوجوب‬
‫بحسب اإلمكان‪ ،‬وكذلك ما مل يعلم حكمه‪ ،‬فلو مل يعلم أن الصالة واجبة عليه‪ ،‬وبقي‬
‫مدة مل ِّ‬
‫يصل؛ مل جيب عليه القضاء يف أظهر قويل العلامء‪ ،‬وهذا مذهب أيب حنيفة‪ ،‬وأهل‬
‫الظاهر‪ ،‬وهو أحد الوجهني يف مذهب أمحد‪.‬‬

‫وكذلك سائر الواجبات من صوم شهر رمضان‪ ،‬وأداء الزكاة‪ ،‬وغري ذلك‪.‬‬
‫ناضمر ءاضق‬

‫يدّ باتفاق املسلمني‪ ،‬وإنام اختلفوا يف قضاء‬


‫ولو مل يعلم حتريم اخلمر فرشهبا؛ مل ُ َ‬
‫الصلوات‪...‬‬

‫وأصل هذا كله‪ :‬أن الرشائع هل تلزم من مل يعلمها‪ ،‬أم ال تلزم أحدا إال بعد العلم؟‬
‫‪449‬‬
‫قض‬
‫والصـواب يف هـذا‪ :‬أن احلكـم ال يثبـت إال مـع التمكن مـن العلم‪ ،‬وأنـه ال ُي َ‬
‫مـا مل يعلـم وجوبه‪ ،‬فقد ثبت يف الصحيـح أن من الصحابة ‪ M‬مـن أكل بعد طلوع‬
‫الفجـر يف رمضـان‪ ،‬حتـى تبين لـه اخليـط األبيـض مـن اخليـط األسـود‪ ،‬ومل يأمرهـم‬
‫النبـي ‪ H‬بالقضـاء‪ ،‬ومنهم مـن كان يمكث جنبـا مدة ال يصلي‪ ،‬ومل يكن يعلم‬
‫جـواز الصلاة بالتيمـم‪ ،‬كأيب ذر‪ ،‬وعمـر بـن اخلطـاب‪ ،‬وعمار ملـا أجنـب‪ ،‬ومل يأمـر‬
‫النبي ‪ H‬أحدا منهم بالقضاء‪.‬‬

‫وال شك أن خلقا من املسلمني بمكة والبوادي صاروا يصلون إىل بيت املقدس‪،‬‬
‫حتى بلغهم النسخ‪ ،‬ومل يؤمروا باإلعادة‪ ،‬ومثل هذا كثري‪ ،‬وهذا يطابق األصل الذي‬
‫عليه السلف واجلمهور‪ :‬أن اهلل ال يكلف نفسا إال وسعها‪ ،‬فالوجوب مرشوط بالقدرة‪،‬‬
‫والعقوبة ال تكون إال عىل ترك مأمور‪ ،‬أو فعل حمظور‪ ،‬بعد قيام احلجة»(‪.)1‬‬

‫وعىل هذا‪ :‬ال يلزمكم قضاء يشء من العبادات التي مل تعلموا بوجوهبا‪.‬‬

‫والنصيحة لكم‪ :‬أن تُقبِلوا عىل تع ّلم األحكام الرشعية‪ ،‬والتفقه يف الدين‪ ،‬واحلرص‬
‫كل احلرص عىل تعلم اإلسالم‪ ،‬والعمل به‪ ،‬وتربية جيل مسلم؛ حتى تكونوا عىل قدر‬
‫التحدِّ يات التي تواجه املسلمني عموم ًا‪ ،‬ويف بالدكم خاصة‪.‬‬

‫يعز اإلسالم واملسلمني‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬


‫ونسأل اهلل تعاىل أن ّ‬

‫((( جمموع الفتاوى (‪.)225/19‬‬


‫الصيام سؤال وجواب‬

‫الكفارات‬ ‫‪450‬‬

‫*سؤال‪ :‬ما مقدار الفدية التي ذكرت يف آية الصيام؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬من أدركه رمضان‪ ،‬وهو ال يستطيع الصيام؛ لكونه شيخ ًا كبري ًا‪ ،‬أو مريض ًا ال ُيرجى‬
‫له الشفاء؛ فإنه ال جيب عليه الصيام؛ لعدم استطاعته‪ ،‬فيفطر‪ ،‬ويطعم عن كل يوم مسكين ًا‪.‬‬

‫قال اهلل تعاىل‪( :‬ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ‬


‫ﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼ‬
‫ﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏ‬
‫ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ) [البقرة‪.]184-183 :‬‬
‫وخ ٍة‪ ،‬هو الشيخ الكبري واملرأة الكبرية ال‬
‫بمن ُْس َ‬
‫وعن ابن عباس ‪ L‬قال‪« :‬ليست َ‬
‫يستطيعان أن يصوما؛ فيطعامن مكان كل يوم مسكين ًا»(‪.)1‬‬
‫وقال ابن قدامة ‪« :V‬الشيخ الكبري والعجوز إذا كان جيهدمها الصوم‪ ،‬ويشق‬
‫عليهام مشقة شديدة؛ فلهام أن يفطرا‪ ،‬ويطعام لكل يوم مسكين ًا‪ ...‬فإن كان عاجز ًا عن‬
‫اإلطعام أيض ًا؛ فال يشء عليه‪ ،‬وال يكلف اهلل نفسا إال وسعها‪ ،‬واملريض الذي ال يرجى‬
‫برؤه يفطر‪ ،‬ويطعم لكل يوم مسكين ًا؛ ألنه يف معنى الشيخ»(‪.)2‬‬

‫((( رواه البخاري (‪.)4235‬‬


‫((( املغني (‪.)396/4‬‬
‫تارافكلا‬

‫ويف املوسوعة الفقهية‪« :‬اتفق احلنفية‪ ،‬والشافعية‪ ،‬واحلنابلة‪ ،‬عىل أنه يصار إىل الفدية‬
‫يف الصيام‪ ،‬عند اليأس من إمكان قضاء األيام التي أفطرها؛ لشيخوخة ال ِ‬
‫يقدر معها‬
‫عىل الصيام‪ ،‬أو مرض ال يرجى برؤه؛ لقوله تعاىل‪( :‬ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ‬
‫ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ) [البقرة‪ ،]184 :‬واملراد‪ :‬من يشق عليهم الصيام (‪.)1‬‬
‫‪451‬‬
‫وقال ابن عثيمني ‪« :V‬ال بد أن نعرف أن املريض ينقسم إىل قسمني‪:‬‬

‫القسم األول‪ :‬مريض يرجى برؤه‪ ،‬مثل ذوي األمراض الطارئة التي يرجى أن يشفى‬
‫منها‪ ،‬فهذا حكمه كام قال اهلل تعاىل‪( :‬ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ‬
‫ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ) [البقرة‪ ،]184 :‬ليس عليه إال أن ينتظر الربء ثم يصوم‪ ،‬فإذا‬
‫ُقدِّ ر أنه استمر به املرض يف هذه احلال‪ ،‬ومات قبل أن يشفى‪ ،‬فإنه ليس عليه يشء؛‬
‫ألن اهلل إنام أوجب عليه القضاء يف أيام أخر‪ ،‬وقد مات قبل إدراكها‪ ،‬فهو كالذي يموت‬
‫يف شعبان قبل أن يدخل رمضان‪ ،‬ال ُي ْقىض عنه‪.‬‬

‫القسم الثاين‪ :‬أن يكون املرض مالزم ًا لإلنسان‪ ،‬مثل مرض الرسطان ‪-‬والعياذ باهلل‪-‬‬
‫ومرض الكىل‪ ،‬ومرض السكر‪ ،‬وما أشبهها من األمراض املالزمة التي ال يرجى انفكاك‬
‫املريض منها‪ ،‬فهذه يفطر صاحبها يف رمضان‪ ،‬ويلزمه أن يطعم عن كل يوم مسكين ًا‪ ،‬كالكبري‬
‫والكبرية اللذين ال يطيقان الصيام؛ يفطران ويطعامن عن كل يوم مسكين ًا‪ ،‬ودليل ذلك من‬
‫القرآن قوله تعاىل‪( :‬ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ) [البقرة‪.)2(»]184 :‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬أما صفة اإلطعام‪ :‬ف ُي َخ َّي بني أن يعطي كل مسكني نصف صاع من الطعام‪،‬‬
‫كاألرز‪ ،‬ونحوه ‪-‬أي كيلو جرام ونصف تقريب ًا ‪ ،-‬أو يصنع طعام ًا‪ ،‬ويدعو إليه املساكني‪.‬‬

‫أنس بعد ما‬


‫الكبري إذا مل يطق الصيام‪ :‬فقد أطعم ٌ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الشيخ‬ ‫قال البخاري ‪« :V‬وأما‬
‫َِ‬
‫كب عام ًا أو عامني‪ ،‬كل يوم مسكين ًا‪ ،‬خبز ًا وحل ًام‪ ،‬وأفطر»(‪.)3‬‬
‫وسئل ابن باز ‪ :V‬عن امرأة كبرية يف السن وال تطيق الصوم‪ ،‬فامذا تفعل؟‬

‫((( املوسوعة الفقهية (‪.)117/5‬‬


‫((( فتاوى الصيام (‪.)111‬‬
‫((( صحيح البخاري (‪.)1637/4‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫فأجاب‪« :‬عليها أن تطعم مسكين ًا عن كل يوم نصف صاع من قوت البلد‪ ،‬من متر‬
‫أو أرز أو غريمها‪ ،‬ومقداره بالوزن كيلو ونصف عىل سبيل التقريب‪ ،‬كام أفتى بذلك‬
‫مجاعة من أصحاب النبي ‪ ،H‬ومنهم ابن عباس ‪ I‬وعنهم‪ ،‬فإن كانت فقرية‬
‫ال تستطيع اإلطعام؛ فال يشء عليها‪ ،‬وهذه الكفارة جيوز دفعها لواحد أو أكثر‪ ،‬يف أول‬
‫‪452‬‬
‫الشهر أو وسطه أو آخره‪ ،‬وباهلل التوفيق»(‪.)1‬‬
‫والصاع الرشعي‪ 4 :‬أمداد‪ ،‬أي أربع حفنات كبار‪ ،‬وزنه تقريبا‪ 2176 :‬غرام ًا(‪،)2‬‬
‫وقال الشيخ ابن عثيمني ‪« :V‬فيجب عىل املريض املستمر مرضه‪ ،‬وعىل الكبري من‬
‫ذكر وأنثى‪ ،‬إذا عجزوا عن الصوم‪ ،‬أن يطعموا عن كل يوم مسكين ًا‪ ،‬سواء إطعام ًا‬
‫بتمليك‪ ،‬بأن يدفع إىل الفقراء هذا اإلطعام‪ ،‬أو كان اإلطعام بالدعوة‪ ،‬يدعو مساكني‬
‫بعدد أيام الشهر فيطعمهم‪ ،‬كام كان أنس بن مالك ‪ I‬يفعل حني كرب‪ ،‬صار جيمع‬
‫ثالثني مسكين ًا فيطعمهم‪ ،‬فيكون ذلك بدالً عن صوم الشهر»(‪.)3‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬الفدية للمفطر يف رمضان‪ ،‬هل خيرجها عن كل يوم يف يومه‪ ،‬أم بعد رمضان‬
‫خترج مرة واحدة؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫من أفطر يف رمضان لعذر ال يرجى زواله‪ ،‬ككبري السن؛ فإن عليه أن يطعم عن كل‬
‫يوم مسكين ًا‪ ،‬وخيري يف هذا اإلطعام‪ ،‬إما أن يطعم يوم ًا بيوم‪ ،‬وإما أن ينتظر حتى ينتهي‬
‫الشهر‪ ،‬فيطعم مساكني بعدد أيام الشهر‪.‬‬
‫قال الشيخ ابن عثيمني ‪« :V‬ووقت اإلطعام باخليار‪ ،‬إن شاء فدى عن كل يوم‬
‫بيومه‪ ،‬وإن شاء أخر إىل آخر يوم؛ لفعل أنس ‪ .)4(»I‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫((( جمموع فتاوى ابن باز (‪.)203/15‬‬


‫((( انظر‪ :‬املوسوعة الفقهية (‪.)304/26‬‬
‫((( فتاوى الصيام (ص‪ ،)111‬وانظر‪ :‬فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)164/10‬‬
‫((( الرشح املمتع (‪.)335/6‬‬
‫تارافكلا‬

‫*سؤال‪ :‬إنني مل أقض األيام التي يفوتني صيامها من شهر رمضان؛ بسبب العادة‬
‫الشهرية‪ ،‬وأنا ال أستطيع إحصاءها‪ ،‬ماذا عيل أن أفعل؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫‪453‬‬
‫«عليك أن تتحري أيتها األخت يف اهلل‪ ،‬وأن تصومي ما غلب عىل ظنك أنك تركت‬
‫صيامه‪ ،‬وتسألني اهلل العون والتوفيق‪ ،‬قال تعاىل‪( :‬ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ) [البقرة‪.]286 :‬‬

‫اجتهدي وحتري واحتاطي لنفسك‪ ،‬حتى تصومي ما غلب عىل الظن أنك تركتيه‪،‬‬
‫وعليك التوبة إىل اهلل‪ .‬واهلل ويل التوفيق»(‪.)1‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬ما هي كفارة من جامع يف هنار رمضان‪ ،‬وما هو مقدار اإلطعام؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«إذا جامع الرجل زوجته يف هنار رمضان؛ فعىل كل واحد منهام كفارة‪ ،‬وهي عتق‬
‫رقبة مؤمنة‪ ،‬فإن عجزا‪ ،‬فعليهام صيام شهرين متتابعني‪ ،‬عىل كل واحد منهام إذا كانت‬
‫مطاوعة‪ ،‬فإن عجزا‪ ،‬فعليهام إطعام ستني مسكينا‪ ،‬فيكون عليهام إطعام ستني مسكينا‪،‬‬
‫ثالثني صاعا عىل كل واحد منهام من قوت البلد‪ ،‬لكل فقري صاع‪ ،‬نصفه عن الرجل‪،‬‬
‫ونصفه عن املرأة‪ ،‬عند العجز عن العتق والصيام‪ ،‬وعليهام قضاء اليوم الذي حدث فيه‬
‫اجلامع‪ ،‬مع التوبة إىل اهلل‪ ،‬واإلنابة إليه‪ ،‬والندم‪ ،‬واإلقالع‪ ،‬واالستغفار؛ ألن اجلامع يف‬
‫هنار رمضان منكر عظيم‪ ،‬ال جيوز من كل من يلزمه الصوم»)‪.(2‬‬

‫وعىل هذا‪ :‬فمقدار الطعام الذي يعطى للفقري‪ ،‬هو نصف صاع من األرز أو غريه‪،‬‬
‫أي‪ :‬كيلو ونصف تقريب ًا‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫((( من فتاوى فضيلة الشيخ ابن باز‪ ،‬من موقعه ‪.V‬‬


‫((( جمموع فتاوى الشيخ ابن باز (‪.)302/15‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*سؤال‪ :‬يل أخ تويف‪ ،‬وعليه كفارة القتل اخلطأ‪ ،‬وهي صيام شهرين متتابعني؛ فهل جيوز‬
‫صيامهام عنه؟‪ ،‬وهل جيوز اقتسامهام بالتتابع مع إخويت األحياء؛ لنربئ شقيقنا املتويف؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫‪454‬‬
‫«يرشع ألحدكم أن يصوم عنه شهرين متتابعني؛ لقول النبي ‪« :H‬من مات‬
‫وعليه صيام صام عنه وليه متفق عىل صحته‪.‬‬
‫والويل هو القريب‪ ،‬وال جيوز تقسيمها عىل مجاعة‪ ،‬وإنام يصومها شخص واحد‬
‫متتابعني‪ ،‬كام رشع اهلل ذلك؛ لقوله سبحانه يف حق القاتل‪( :‬ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ‬
‫ﮈ ﮉ) [النساء‪ ،]92 :‬أما من استطاع العتق؛ فعليه العتق‪ ،‬وال جيزئه الصيام‪.‬‬
‫وفق اهلل اجلميع»(‪.)1‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬كيف يقيض اإلنسان ما فاته من الصيام؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫إن كان ترك الصيام لعذر‪ ،‬كمرض‪ ،‬أو سفر‪ ،‬أو احليض بالنسبة للمرأة؛ وجب عليه‬
‫قضاؤه بعد رمضان‪ ،‬فيقيض عدد األيام التي أفطرها؛ لقول اهلل تعاىل‪( :‬ﮫ ﮬ‬
‫ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ) [البقرة‪.]185 :‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وقالت عائشة ‪« :J‬ك َ ِ‬
‫َان ُيصي ُبنَا َذل َك ‪-‬تعني‪ :‬احليض‪َ ،-‬فن ُْؤ َم ُر بِ َق َضاء َّ‬
‫الص ْو ِم‪،‬‬
‫الص َل ِة»)‪.(2‬‬ ‫ِ‬
‫َو َل ن ُْؤ َم ُر بِ َق َضاء َّ‬
‫ويمتد وقت القضاء إىل دخول رمضان التايل‪ ،‬فله أن يقضيه يف كل هذه املدة‪ ،‬متتابع ًا‬
‫أو مفرق ًا‪.‬‬
‫وال جيوز له تأخري القضاء بعد رمضان التايل إال لعذر‪ ،‬وانظر جواب السؤال رقم‬
‫(‪.)26865‬‬

‫((( جمموع فتاوى ومقاالت متنوعة‪ -‬للشيخ عبد العزيز بن باز (‪.)375/15‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)321‬ومسلم (‪.)335‬‬
‫تارافكلا‬

‫وأما إن كان ترك الصيام متعمد ًا بال عذر‪ ،‬فهذا له حاالن‪:‬‬


‫األوىل‪ :‬أن يكون عزم عىل اإلفطار من الليل‪ ،‬ومل ينو الصيام‪ ،‬فهذا ال يصح منه‬
‫القضاء؛ ألن الصيام عبادة مؤقتة بوقت‪ ،‬فمن تركها متعمد ًا؛ فال تصح منه بعد الوقت؛‬
‫‪455‬‬
‫(‪)1‬‬
‫«م ْن َع ِم َل َع َم ًل َل ْي َس َع َل ْي ِه َأ ْم ُرنَا َف ُه َو َر ٌّد‬
‫لقول النبي ‪َ :H‬‬
‫احلال الثانية‪ :‬أن يكون نوى الصيام من الليل‪ ،‬وبدأ اليوم صائ ًام‪ ،‬ثم أفسد صيامه‬
‫أثناء النهار بال عذر؛ فهذا جيب عليه قضاء ذلك اليوم؛ ألن رشوعه فيه‪ ،‬جعله كالنذر‬
‫فيجب عليه قضاؤه‪ ،‬وهلذا أمر النبي ‪ H‬من جامع يف هنار رمضان بقضاء ذلك‬
‫«ص ْم َي ْو ًما َمكَا َن ُه )‪.(2‬‬
‫اليوم‪ ،‬فقال له‪ُ :‬‬
‫ثم إن كان إفساد الصيام أثناء النهار بال عذر باجلامع؛ وجب عليه القضاء‪ ،‬ومع‬
‫القضاء الكفارة‪ ،‬وملعرفة الكفارة وأحكامها‪ ،‬انظر جواب السؤال رقم (‪.)49614‬‬
‫وعىل من أفسد صيامه بال عذر التوبة إىل اهلل تعاىل‪ ،‬والندم عىل هذا الفعل‪،‬‬
‫والعزم عىل عدم العودة إليه‪ ،‬واإلكثار من األعامل الصاحلة‪ ،‬من صيام النفل وغريه‪،‬‬
‫فإن اهلل تعاىل يقول‪( :‬ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ) [طه‪ .]82 :‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬أنا أعلم أن كفارة من جامع أهله يف هنار رمضان هي‪ :‬صيام شهرين‪،‬‬
‫أو إطعام ستني مسكينا‪ ،‬هل جيب أن يكون الشهران متتابعني؟‪ ،‬وما احلكم فيام إذا بدء‬
‫الصيام‪ ،‬ثم أدركه شهر رمضان‪ ،‬هل يواصل الصيام بعد رمضان من حيث توقف‪ ،‬أم‬
‫يبدأ من جديد؟‪ ،‬ويف حالة إطعام الستني مسكينا‪ ،‬هل جيب إطعامهم يف آن واحد؟‬
‫*جواب‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬من جامع يف هنار رمضان؛ أثم ولزمته الكفارة‪ ،‬وهي عتق رقبة‪ ،‬فإن مل جيد‬
‫فصيام شهرين متتابعني‪ ،‬فإن مل يستطع الصوم فإطعام ستني مسكينا‪ ،‬وال جيوز أن‬
‫يطعم‪ ،‬وهو قادر عىل الصيام‪.‬‬

‫((( رواه البخاري(‪ ،)2697‬ومسلم(‪.)1718‬‬


‫((( رواه ابن ماجة (‪ ،)1671‬وصححه األلباين يف صحيح سنن ابن ماجة‪.‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫وقــد دل عىل وجوب الكفارة باجلــاع‪ :‬ما رواه البخاري (‪ ،)1936‬عــن أيب ُه َر ْي َر َة ‪I‬‬
‫ــي ‪ ،H‬إِ ْذ َجــا َء ُه َر ُج ٌ‬ ‫ِ‬
‫ــل‪َ ،‬ف َق َ‬
‫ــال‪:‬‬ ‫ــوس عنْــدَ النَّبِ ِّ‬ ‫َــا ن َْحــ ُن ُج ُل ٌ‬ ‫ــال‪َ ( :‬ب ْين َ‬ ‫َق َ‬
‫ِ‬ ‫ـول اهللِ‪َ ،‬ه َل ْكـ ُ‬
‫ـال‪َ :‬و َق ْع ُت َع َل ا ْمـ َـر َأ ِت‪َ ،‬و َأنَا َصائـ ٌ‬
‫ـم‪َ ،‬ف َق َال‬ ‫ك؟ ‪َ ،‬قـ َ‬ ‫«مــا َل َ‬ ‫ـت‪َ ،‬ق َال‪َ :‬‬ ‫َيــا َر ُسـ َ‬
‫يع َأ ْن ت َُصو َم‬ ‫ِ‬ ‫ـال‪َ « :‬ف َهـ ْ‬ ‫ـل َ ِتــدُ َر َق َبـ ًة ُت ْعتِ ُق َهــا؟ ‪َ ،‬قـ َ‬
‫ـال‪ :‬ال‪َ ،‬قـ َ‬ ‫«هـ ْ‬ ‫رس ـ ُ ِ‬
‫ـل ت َْسـتَط ُ‬ ‫ـول اهلل ‪َ :H‬‬ ‫َ ُ‬
‫‪456‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َشـ ْـه َر ْي ِن ُم َتتَابِ َعـ ْ ِ‬
‫ِّني م ْســكينًا؟‪ ..‬احلديث ‪.‬‬ ‫ـل َتــدُ إِ ْط َعــا َم سـت َ‬ ‫ـال‪َ « :‬ف َهـ ْ‬ ‫ـال‪ :‬ال‪َ ،‬ف َقـ َ‬
‫ـن؟ ‪َ ،‬قـ َ‬

‫ودل هذا احلديث عىل‪ :‬أنه جيب أن يكون صيام الشهرين متتابع ًا؛ لقوله ‪:H‬‬
‫يع َأ ْن ت َُصو َم َش ْه َر ْي ِن ُم َتتَابِ َع ْ ِ‬‫ِ‬
‫ي‪.‬‬ ‫« َف َه ْل ت َْستَط ُ‬
‫ومن بدأ يف الصوم ثم أدركه رمضان‪ ،‬صام رمضان‪ ،‬وأفطر يوم العيد‪ ،‬ثم أكمل‬
‫صوم الشهرين‪ ،‬وال يستأنف الصوم من أوله؛ ألن صوم رمضان ال يقطع التتابع‪.‬‬

‫قال ابن قدامة ‪« :V‬ومن ابتدأ صوم الظهار من أول شعبان‪ ،‬أفطر يوم الفطر‪،‬‬
‫وبنى‪ ،‬وكذلك إن ابتدأ من أول ذي احلجة‪ ،‬أفطر يوم النحر‪ ،‬وأيام الترشيق‪ ،‬وبنى عىل‬
‫ما مىض من صيامه‪.‬‬
‫ومجلة ذلك‪ :‬أنه إذا ختلل صوم الظهار زمان ال يصح صومه عن الكفارة‪ ،‬مثل أن يبتدئ‬
‫الصوم من أول شعبان‪ ،‬فيتخلله رمضان‪ ،‬ويوم الفطر‪ ،‬أو يبتدئ من ذي احلجة‪ ،‬فيتخلله‬
‫يوم النحر‪ ،‬وأيام الترشيق‪ ،‬فإن التتابع ال ينقطع هبذا‪ ،‬ويبني عىل ما مىض من صيامه»)‪.(1‬‬
‫ثاني ًا‪ :‬ال جيب إطعام الستني مسكينا يف وقت واحد‪ ،‬بل له أن يطعم مجاعة‪ ،‬ثم مجاعة‬
‫يف أوقات متفرقة‪ ،‬حتى يطعم الستني‪.‬‬
‫وينظر للفائدة جواب السؤال رقم (‪ .)1672‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫عيل حادث تصادم مع سيارة أخرى؛ نتج عن احلادث وفاة شخص كان‬ ‫*سؤال‪ :‬وقع ّ‬
‫راكب ًا معي يف سياريت‪ ،‬ودخلت السجن ملدة مخسة وثالثني يوم ًا‪ ،‬وبعد خروجي من‬
‫عيل‪ ،‬وعىل الطرف‬ ‫ٍ‬
‫مخس وعرشين باملائة من اخلطأ تقع ّ‬ ‫السجن‪ ،‬قرر املرور بأن نسبة‬
‫اآلخر نسبة مخس وسبعني باملائة‪ ،‬أرجو إفاديت عام يلزمني من الكفارة؟‬

‫((( املغني (‪.)29/8‬‬


‫تارافكلا‬

‫*جواب‪:‬‬
‫«عليك الكفارة‪ ،‬وعىل صاحبك الكفارة‪ ،‬عليكام مجيع ًا‪ ،‬والكفارة ليس فيها إطعام‪،‬‬
‫عليك عتق رقبة‪ ،‬وعىل صاحبك عتق رقبة‪ ،‬فإن مل تستطيعا‪ ،‬فعىل كل منكام صيام شهرين‬
‫‪457‬‬ ‫متتابعني‪ ،‬إال إذا كنت تعلم يقين ًا أن اخلطأ ليس منك‪ ،‬وأن تقرير الرشطة ليس بصواب‪،‬‬
‫وأن اخلطأ من صاحبك الذي تعدى عليك؛ فليس عليك يشء‪ ،‬وأنت أعلم بنفسك‪.‬‬
‫أما إن كنت تعلم أنك مشارك يف اخلطأ‪ ،‬وأنك فرطت يف بعض اليشء؛ فعليك أن‬
‫تقوم بالكفارة‪ ،‬وعليه هو أن يقوم بالكفارة أيض ًا‪ ،‬وكالكام عليه كفارة‪ ،‬وهي عتق عبد‪،‬‬
‫أو أمة مؤمنة‪ ،‬فإن مل تستطيعا‪ ،‬فعىل كل منكام صيام شهرين متتابعني ستني يوم ًا متتابعة‪.‬‬
‫ونسأل اهلل لكام العفو والتوبة (‪.)1‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬كانت يل بنت تبلغ من العمر سنة ونصف السنة تقريب ًا‪ ،‬وقدر اهلل وسقطت يف‬
‫عيل أو عيل والدهتا من إثم‪،‬‬
‫بركة ماء؛ فغرقت أثناء ما كنت تعلب مع إخوهتا‪ ،‬فهل َّ‬
‫أو تلزم أحد ًا منا كفارة؟‬
‫*جواب‪:‬‬
‫«هذه احلادثة ال شك أهنا من املصائب‪ ،‬نسأل اهلل أن يعظم أجر والدي الطفلة‪،‬‬
‫ويؤجرمها يف مصيبتهام‪ ،‬ولكن ليس عليهام يشء؛ ألن هذه أمور عادية‪ ،‬ال يعترب والد‬
‫الطفلة‪ ،‬وال أمها مفرطني‪ ،‬فإن وجود الربك يف البيوت ويف املزارع أمر معروف‪،‬‬
‫وإطالق األوالد يف البيت يلعبون أمر معروف‪ ،‬ال حيلة فيه‪ ،‬ومثل هذا ال يوجب الدية‬
‫عىل والد الطفل‪ ،‬وال عىل أمه‪ ،‬وال الكفارة‪.‬‬
‫ونرجو هلام العوض من اهلل ‪ E‬بولد صالح‪ ،‬وأن يكون هذا الطفل شافع ًا هلام‪.‬‬
‫أما الدية فليس عليهام يشء‪ ،‬وال كفارة؛ ألن مثل هذا يصعب التحرز منه‪ ،‬وال حيلة فيه»(‪.)2‬‬
‫***‬

‫((( فتاوى نور عىل الدرب‪ -‬للشيخ عبد العزيز بن باز (‪.)1883/4‬‬
‫((( فتاوى نور عىل الدرب‪ -‬للشيخ عبد العزيز بن باز (‪.)1888/4‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*سؤال‪ :‬عندما كنت يف السادسة عرشة من عمري‪ ،‬أي قبل سبع سنوات تقريب ًا‪ ،‬حصل‬
‫يل حادث بالسيارة التي كنت أقودها‪ ،‬وأنا معي والدي ‪ ،V‬وإخويت‪ ،‬وبعض‬
‫أقاريب‪ ،‬وكنت أقود السيارة ‪-‬التي هي للوالد‪ -‬برسعة متوسطة‪ ،‬وفجأة انفجر إطار‬
‫السيارة األمامي‪ ،‬ومل أدر ما حصل فقد أغْمى عيل‪ ،‬ومل أفق بعد ذلك‪ ،‬وقد أصيب‬
‫‪458‬‬
‫ال عمد ًا؟‪ ،‬وهل‬
‫والدي بنزيف داخيل‪ ،‬وانتقل إىل رمحة اهلل‪ ،‬هل أعترب يف هذه احلالة قات ً‬
‫يلزمني صيام شهرين متتابعني؟‪ ،‬وماذا أفعل كي يغفر اهلل يل هذا الذنب العظيم؟‪،‬‬
‫عل ًام بأنني عاهدت نفيس بأن أكون مالزم ًا إلخويت‪ ،‬أرعاهم حتى أصغر واحد فيهم‪.‬‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«ينبغي أن تعلم أن هذا اليشء يف ذمة أمثالك‪ ،‬وأنت أعلم بالواقع‪ ،‬فإن كنت تعلم أن‬
‫احلادث بسبب رسعتك‪ ،‬أو اإلطار رديء‪ ،‬وأنت تساهلت يف عدم إبداله‪ ،‬أو بأسباب‬
‫أخرى؛ فعليك الكفارة‪ ،‬وعليك الدية أيض ًا‪.‬‬

‫أما إن كنت ال تعلم شيئ ًا من ذلك‪ ،‬وأنك متيش برسعة متوسطة كالناس مشي ًا معتاد ًا‪،‬‬
‫واإلطار ال تعلم فيه خلالً‪ ،‬وليس فيه بأس؛ فإنه ليس عليك يشء؛ ألنك مل تتسبب يف‬
‫احلادث‪ ،‬وأمر اهلل قائم عىل اجلميع‪ ،‬قدر اهلل وما شاء فعل‪ ،‬مثلام لو كان اإلنسان عىل‬
‫مطية مع أخيه أو أبيه‪ ،‬فعثرت أو جفلت‪ ،‬ثم سقط أحدمها‪ ،‬أو كالمها؛ فامت أحدمها؛‬
‫ال يكون عىل قائدها يشء يف هذا لعدم التسبب‪.‬‬

‫فالسيارة إذا حصل هلا انقالب بسبب ال تعلق له بالسائق؛ فإنه ال يكون عىل السائق‬
‫يشء؛ ألنه مل يفرط‪ ،‬ومل يتعد‪ ،‬فأما إن كنت أرسعت رسعة زائدة خطرية؛ فعليك‬
‫الكفارة‪ ،‬وهي عتق رقبة مؤمنة‪ ،‬فإن مل تستطع فعليك صيام شهرين متتابعني‪ ،‬كام هو‬
‫نص كتاب اهلل ‪.D‬‬

‫نسأل اهلل لك العون والتوفيق‪ ،‬وما فيه براءة الذمة‪.‬‬

‫فأنت يا أخي عليك أن حتاسب نفسك‪ ،‬وتتأمل الواقع‪ ،‬فإن غلب عىل ظنك أنك‬
‫مقرص ومفرط يف هذا السري‪ ،‬أو يف اإلطار الذي انفجر‪ ،‬ألنك تساهلت يف عدم إبداله‬
‫تارافكلا‬

‫وهو رديء؛ فك ِّفر عن هذا‪ ،‬وصم شهرين متتابعني‪ ،‬وأ ِّد الدية إال أن يسمح عنك ورثة‬
‫الوالد‪ ،‬وإن كنت تعلم أنك مل تقرص‪ ،‬وأن السري معتدل وأن اإلطارات سليمة؛ فليس‬
‫عليك يشء‪.‬‬

‫‪459‬‬ ‫واحلمد هلل عىل قضاء اهلل»(‪.)1‬‬


‫***‬

‫*سؤال‪ :‬والدي متوىف ‪ V‬تعاىل‪ ،‬وقد ترك ماالً‪ ،‬وتم تقسيمه عىل الورثة‪ ،‬وبعد وفاته‬
‫أخربتني أمي‪ :‬أنه قد واقعها يف شهر رمضان قبل ما يقرب من ‪ 25‬إىل ‪ 30‬سنة‪ ،‬وقد‬
‫كان ذلك بدون موافقة الوالدة‪ ،‬فقد كانت كام تذكر خارجة للتو من املستشفى بعد‬
‫عملية أجرهتا‪ ،‬وقد أخربتني الوالدة أهنا قالت له حينها‪ :‬إن ذلك ال جيوز‪ ،‬وعليه‬
‫السؤال يف ذلك‪ ،‬فأخربها بتوبته‪ ،‬وأن اهلل غفور رحيم‪ ،‬أمي أخربتني أن احلياء منعها‬
‫من السؤال‪ ،‬أو إخبارنا‪ ،‬وأرادت أمي أن تصوم شهرين‪ ،‬وأخربهتا بأهنا ال يد هلا فيام‬
‫حدث؛ ولذا ال يشء عليها‪ ،‬باإلضافة إىل أن وضعها الصحي ال يسمح هلا بذلك‪،‬‬
‫فامذا جيب علينا حيال والدنا املتوىف؟‪ ،‬وماذا جيب عىل الوالدة؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬إذا كانت الوالدة قد ُأكرهت عىل اجلامع يف رمضان من ِقبل زوجها؛ فال كفارة‬
‫عليها؛ لعموم قول النبي ‪« :H‬إِ َّن ال َّل َه َ َت َاو َز َع ْن ُأ َّمتِي الخَ َط َأ‪َ ،‬والن ِّْس َي َ‬
‫ان‪َ ،‬و َما‬
‫ْاس ُتك ِْر ُهوا َع َل ْي ِه (‪.)2‬‬
‫أما إذا كانت طاوعته؛ فعليها القضاء والكفارة‪.‬‬
‫قال علامء اللجنة الدائمة لإلفتاء يف حكم املجامع يف رمضان‪:‬‬
‫«الواجب عليه عتق رقبة‪ ،‬فإن مل يستطع فصيام شهرين متتابعني‪ ،‬فإن مل يستطع‬
‫فإطعام ستني مسكين ًا‪ ،‬لكل مسكني مد ُب ّر (قمح)‪ ،‬وعليه قضاء اليوم بدال عن ذلك‬

‫((( فتاوى نور عىل الدرب‪ -‬للشيخ عبد العزيز بن باز (‪.)1886/4‬‬
‫((( رواه ابن ماجة (‪ ،)2043‬وصححه األلباين يف صحيح ابن ماجة‪.‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫اليوم‪ ،‬وأما املرأة فإن كانت مطاوعة؛ فحكمها حكم الرجل‪ ،‬وإن كانت مكرهة؛ فليس‬
‫عليها إال القضاء»)‪.(1‬‬

‫وإذا كانت الكفارة واجبة عليها‪ ،‬فقد ذكرت أهنا ال تستطيع الصيام‪ ،‬وحينئذ يكفيها‬
‫أن تطعم ستني مسكين ًا‪.‬‬ ‫‪460‬‬

‫وانظر جواب السؤال رقم (‪)1672‬؛ ملعرفة كفارة اجلامع يف هنار رمضان‪.‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬بالنسبة للوالد فقد كان الواجب عليه أن يصوم شهرين متتابعني‪ ،‬ويقيض ذلك‬
‫اليوم الذي أفطر فيه باجلامع‪ ،‬وحيث إنه قد مات‪ ،‬ومل يفعل؛ فإما أن يتربع أحد بالصيام عنه‪،‬‬
‫ات َو َع َل ْي ِه ِص َيا ٌم َصا َم َع ْن ُه َولِ ُّي ُه (‪.)2‬‬
‫«م ْن َم َ‬
‫فيصوم شهرين متتابعني؛ لقول النبي ‪َ :H‬‬
‫وال جيوز تقسيم الشهرين عىل أكثر من واحد‪ ،‬بل يشرتط أن يصومها شخص واحد؛‬
‫حتى يصدق عىل أنه صام شهرين متتابعني‪.‬‬
‫أو تطعموا عنه عن كل يوم مسكين ًا‪.‬‬
‫قال الشيخ ابن عثيمني ‪« :V‬إذا وجب عىل امليت صيام شهرين متتابعني‪ ،‬فإما أن‬
‫ينتدب له واحد من الورثة ويصومها‪ ،‬وإما أن يطعموا عن كل يوم مسكين ًا (‪.)3‬‬
‫وقال أيضا‪« :‬ثبت عن النبي ‪ H‬أن من مات‪ ،‬وعليه صيام فرض رمضان‪،‬‬
‫أو نذر‪ ،‬أو كفارة؛ فإن وليه يصوم عنه يعني إذا شاء )‪.(4‬‬
‫ِ‬
‫ات َو َع َليه َق َضا ُء َر َم َضان‪ ،‬وقد ُع ِ َ‬
‫وف َو َل َي ُصمه؛‬ ‫وقال الشيخ السعدي ‪« :V‬من َم َ‬
‫ني‪ ،‬ب َعدَ ِد َما ِع ِل ِيه ‪.‬‬
‫ب َأ ْن ُي ْط َع َم َعن ُه ك ُِّل َيو ٍم ِم ْس ِك ٌ‬ ‫فإِنه َ ِ‬
‫ي ُ‬

‫املأخ ِذ (‪.)5‬‬
‫جز َأ‪َ ،‬و ُه َو قوي َ‬
‫أيضا َأ َ‬
‫يم َعنْ ُه ً‬ ‫الشيخ ت َِقي الدِّ ين [ابن تيمية]‪ِ ْ :‬‬
‫«إن ص َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫وعندَ َّ‬

‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)302 /10‬‬


‫((( رواه مسلم (‪.)1147‬‬
‫((( الرشح املمتع (‪.)453/6‬‬
‫((( فتاوى نور عىل الدرب (‪.)20/199‬‬
‫((( إرشاد أوىل البصائر واأللباب (ص‪.)79‬‬
‫تارافكلا‬

‫وهذا اإلطعام واجب يف الرتكة‪ ،‬فإن تربع به أحد‪ ،‬وأخرجه من ماله؛ فال حرج يف‬
‫ذلك‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫‪461‬‬ ‫*سؤال‪ :‬أفطرت يوم ًا من رمضان متعمدة‪ ،‬وأردت أن أطعم (‪ )60‬مسكين ًا‪ ،‬سؤال‪:‬‬
‫هل يشرتط إطعامهم دفعة واحدة‪ ،‬أم أستطيع أن أطعم كل يوم ‪ 4‬مساكني مث ً‬
‫ال‬
‫أو ثالثة‪ ،‬هل جيوز يل اإلطعام إذا كان املساكني هم أفراد أرسيت‪ :‬أيب‪ ،‬أمي‪ ،‬إخويت؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«إن كان اإلفطار يف رمضان بغري اجلامع؛ فليس فيه كفارة عىل الصحيح‪ ،‬وإنام الواجب‬
‫التوبة‪ ،‬وقضاء ذلك اليوم الذي حصل فيه اإلفطار‪ ،‬وإن كان اإلفطار بجامع ففيه التوبة‪،‬‬
‫وقضاء ذلك اليوم‪ ،‬والكفارة هي عتق رقبة مؤمنة‪ ،‬فمن مل جيد فصيام شهرين متتابعني‪،‬‬
‫فمن مل يستطع فإطعام ستني مسكين ًا‪.‬‬

‫وإذا صار إىل اإلطعام لعجزه عام قبله من العتق والصيام‪ ،‬جاز أن يدفع الطعام إىل‬
‫املساكني دفعة واحدة‪ ،‬وأن يفرقه عىل دفعات حسب اإلمكان‪ ،‬لكن ال بد من استيعاب‬
‫عدد املساكني‪ ،‬وال جيوز دفع اإلطعام يف الكفارة إىل األصول‪ ،‬وهم‪ :‬اآلباء‪ ،‬واألمهات‪،‬‬
‫واألجداد‪ ،‬واجلدات‪ ،‬وال إىل الفروع‪ ،‬وهم‪ :‬األوالد‪ ،‬وأوالد األوالد من الذكور واإلناث‪.‬‬

‫وباهلل التوفيق‪ ،‬وصىل اهلل عيل نبينا حممد وآله وصحبه وسلم»)‪.(1‬‬

‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء‬


‫الشيخ عبد العزيز بن عبد اهلل بن باز‪ ..‬الشيخ عبد اهلل بن غديان‪ ..‬الشيخ صالح الفوزان‪ ..‬الشيخ‬
‫عبد العزيز آل الشيخ‪ ..‬الشيخ بكر أبو زيد‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬يف كفارة اليمني‪ ،‬هل األطفال يعتربون من املساكني؟‪ ،‬وهل اإلطعام يكون‬
‫بطعام معني أم أي طعام؟‬

‫((( فتاوى اللجنة الدائمة‪ .‬املجموعة الثانية (‪.)221/9‬‬


‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*جواب‪:‬‬
‫«أوالً‪ :‬إذا كان من يعول األطفال رشع ًا فقري ًا‪ ،‬ومل يكن لألطفال مال ينفق عليهم‬
‫منه؛ اعتربوا يف عدد املساكني يف الكفارة‪.‬‬
‫ثاني ًا‪ :‬والطعام املعترب يف الكفارات‪ ،‬هو ما كان من أوسط اجلنس‪ ،‬الذي اعتاد املك ِّفر‬ ‫‪462‬‬
‫أن َي ْط َعم منه‪ ،‬و ُي ْط ِعم أهله‪ ،‬من متر‪ ،‬أو بر‪ ،‬أو ذرة‪ ،‬أو أرز‪ ،‬أو نحو ذلك‪.‬‬
‫وباهلل التوفيق‪ ،‬وصىل اهلل عيل نبينا حممد وآله وصحبه وسلم»(‪.)1‬‬
‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء‬
‫الشيخ عبد العزيز بن باز‪ ..‬الشيخ عبد الرزاق عفيفي‬
‫الشيخ عبد اهلل بن غديان‪ ..‬الشيخ عبد اهلل بن قعود‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬أنا كنت يف إجازة‪ ،‬وسافرت إيل مكة للعمرة‪ ،‬ثم ذهبت إىل املدينة املنورة‪،‬‬
‫عيل يشء‬‫جامعت زوجتي يف هنار رمضان‪ ،‬ومل حيدث إنزال؛ هل عىل يشء؟‪ ،‬وإن ّ‬ ‫ُ‬
‫عىل علمي الزم يكون برتتيب‪ ،‬عتق رقبة ال أستطيع لعدم توفر املال الكايف‪ ،‬صيام‬
‫شهرين متتالني ال أستطيع لظروف عميل ميداين‪ ،‬ومع حرارة الصيف يصعب عىل‬
‫الصيام‪ ،‬هل أطعم ‪ 60‬مسكين ًا؟‪ ،‬وهل عىل زوجتي مثله وهي راضية؟‪ ،‬علام أنا‬
‫يوجد لدينا منزل يف املدينة املنورة‪ ،‬وأنا من سكان الرياض أذهب يف اإلجازات‪.‬‬

‫*جواب‪:‬‬
‫من جامع يف هنار رمضان‪ ،‬وهو صائم مقيم؛ فعليه ك ّفارة مغ ّلظة‪ ،‬وهي عتق رقبة‪،‬‬
‫فإن مل جيد فصيام شهرين متتابعني‪ ،‬فإن مل يستطع فإطعام ستني مسكين ًا‪ ،‬ويلزمه التوبة‬
‫وقضاء اليوم‪ ،‬واملرأة مثله إذا كانت راضية‪ ،‬وال فرق بني أن ُينزل‪ ،‬أو ال ينزل‪ ،‬فحيث‬
‫حصل اجلامع أي اإليالج؛ وجبت الكفارة‪.‬‬

‫وإن كانا مسافرين؛ فال إثم‪ ،‬وال كفارة‪ ،‬وال إمساك بق ّية اليوم‪ ،‬وإنام عليهام قضاء‬
‫ذلك اليوم؛ ألن الصوم ليس بالزم هلام‪.‬‬

‫((( فتاوى اللجنة الدائمة‪ .‬املجموعة الثانية (‪.)219/9‬‬


‫تارافكلا‬

‫وإذا كنت من سكان الرياض‪ ،‬ولك منزل يف املدينة‪ ،‬تذهب إليه يف اإلجازات‪ ،‬فإنك‬
‫إن ذهبت إىل املدينة؛ كنت يف حكم املقيمني‪ ،‬ولزمك الصوم‪ ،‬وإمتام الصالة‪ ،‬وحرم‬
‫عليك الفطر باجلامع وغريه‪ ،‬ولزمتك الكفارة باجلامع‪.‬‬

‫‪463‬‬ ‫وأما إن ذهبت إىل مكة مثال‪ ،‬فإنك ال تكون يف حكم املقيم‪ ،‬إال إذا نويت اإلقامة هبا‬
‫أكثر من أربعة أيام‪ ،‬فإن نويت أقل من ذلك؛ كنت يف حكم املسافر‪.‬‬

‫وقد سئل الشيخ ابن عثيمني ‪« :V‬رجل سافر من دولة إىل دولة أخرى‪ ،‬والدولة‬
‫املسافر إليها يملك فيها بيت ًا‪ ،‬فهل يتم الصالة‪ ،‬أو يقرص؟‬

‫الشيخ‪ :‬لكن هل هو يسكن يف هذه مث ً‬


‫ال شهرين‪ ،‬ثالثة‪ ،‬ويف األخرى شهرين‪ ،‬ثالثة‪،‬‬
‫أم ماذا؟‬

‫السائل‪ :‬يسافر إليها يف اإلجازة الصيفية‪.‬‬

‫الشيخ‪ :‬يأيت خالل الصيف؟‬

‫السائل‪ :‬نعم‪.‬‬

‫الشيخ‪ :‬إذ ًا ال يقرص؛ ألن هذا له منزالن يف الواقع»)‪.(1‬‬

‫وعىل هذا‪ :‬فإن كان إفطارك يف الصيام‪ ،‬وقع قبل دخولك املدينة؛ فال حرج عليك‬
‫فيام فعلت‪ ،‬وليس عليك إال قضاء هذا اليوم فقط؛ ألنك أفطرت بسبب السفر‪.‬‬

‫وإن كان إفطارك قد وقع بعد دخولك املدينة؛ فيجب عليك الكفارة‪.‬‬

‫فالنصيحة لك أن حتاول صيام ّ‬


‫الشهرين املتتابعني يف األيام الباردة أو املعتدلة؛ حيث‬
‫وختف املشقة‪ ،‬أو يف أيام اإلجازة السنوية التي يمنحها لك العمل‪ ،‬ونحو‬
‫ّ‬ ‫يقرص النهار‬
‫الصيام ح ّقا؛‬
‫ذلك من ال ُفرص التي يمكن أن تُنتهز ألداء ما عليك‪ ،‬فإن عجزت عن ّ‬
‫فيجوز لك عند ذلك أن تُطعم ستني مسكينا‪ ،‬تطعمهم دفعة واحدة‪ ،‬أو عىل دفعات‬
‫حتى تستكمل عددهم‪.‬‬

‫((( لقاء الباب املفتوح (‪.)25 /162‬‬


‫الصيام سؤال وجواب‬

‫ويلزم زوجتك الصيام‪ ،‬فإن مل تستطع أطعمت ستني مسكينا‪.‬‬

‫وينظر جواب السؤال رقم‪ .)106532( :‬واهلل أعلم‪.‬‬


‫***‬

‫*سؤال‪ :‬ما حكم رجل أفطر يف شهر رمضان بفتوى من دار اإلفتاء يف بلده‪ ،‬بعذر اجلهاد‬ ‫‪464‬‬

‫يف سبيل الوطن‪ ،‬وعندما رجع من اجلبهة بعد غياب أيام‪ ،‬عاد باكرا يف هنار رمضان‪،‬‬
‫وهو مفطر طبعا بام أنه كان يف اجلبهة‪ ،‬وجامع زوجته يف هنار رمضان وهي صائمة‪ ،‬فام‬
‫حكمه وحكم زوجته يف حاله طاوعته أو مل تطاوعه؟ جزاكم اهلل عنا كل خري‪.‬‬

‫*جواب‪:‬‬

‫إذا قدم املسافر مفطرا‪ ،‬أو بريء املريض‪ ،‬أو طهرت احلائض أثناء النهار؛ مل يلزمهم‬
‫اإلمساك يف قول مجهور الفقهاء‪ ،‬وينظر سؤال رقم (‪.)49008‬‬

‫وليس ملن أفطر من هؤالء أن جيامع زوجته الصائمة املقيمة‪ ،‬فإن فعل عاملا ذاكرا؛‬
‫فهو آثم إلعانتها‪ ،‬ودعوهتا إىل املعصية‪.‬‬

‫ويف الزوجة تفصيل‪:‬‬


‫‪ -‬فإن كانت حال اجلامع معذورة بإكراه‪ ،‬أو نسيان‪ ،‬أو جهل بتحريم اجلامع يف هنار‬
‫رمضان؛ فصومها صحيح‪ ،‬وال يلزمها قضاء‪ ،‬وال كفارة عىل الراجح‪.‬‬
‫‪ -‬وإن كانت خمتارة عاملة ذاكرة؛ أثمت‪ ،‬وبطل صومها‪ ،‬ولزمتها الكفارة‪ ،‬يف قول‬
‫مجهور الفقهاء؛ ملا ثبت يف الصحيحني أن النبي ‪ H‬أمر الرجل الذي جامع‬
‫امرأته يف هنار رمضان بالكفارة‪ ،‬واألصل تساوي الرجل واملرأة يف األحكام‪ ،‬إال‬
‫ما استثناه الشارع احلكيم بالنص عليه‪.‬‬
‫وألهنا هتكت صوم رمضان باجلامع؛ فوجبت عليها الكفارة كالرجل؛ وألهنا عقوبة‬
‫تتعلق باجلامع‪ ،‬فاستوى فيها الرجل واملرأة كحد الزنا‪.‬‬
‫وينظر سؤال رقم (‪ .)106532‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬
‫تارافكلا‬

‫*سؤال‪ :‬هل جيوز للعاجز عن الصوم أن يطعم مسكين ًا واحد ًا ملدة ثالثني يوما؟ أو‬
‫يطعم ثالثني مسكين ًا يف يوم واحد؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫‪465‬‬ ‫العاجز عن الصوم عجز ًا مستمر ًا يلزمه أن يطعم عن كل يوم أفطره مسكين ًا‪ ،‬وأما‬
‫إطعام مسكني واحد ملدة ثالثني يوم ًا‪ ،‬فقد نص كثري من أهل العلم عىل جوازه‪ ،‬وهو‬
‫مذهب الشافعية‪ ،‬واحلنابلة‪ ،‬ومجاعة من املالكية‪.‬‬
‫قال يف اإلنصاف‪« :‬جيوز رصف اإلطعام إىل مسكني واحد مجلة واحدة»)‪.(1‬‬
‫وجاء يف فتاوى اللجنة الدائمة‪« :‬متى قال األطباء‪ :‬إن هذا املرض الذي تشكو منه‪،‬‬
‫وال تستطيع معه الصوم‪ ،‬ال يرجى شفاؤه؛ فإن عليك أن تطعم عن كل يوم مسكين ًا‪،‬‬
‫نصف صاع من قوت البلد من متر أو غريه‪ ،‬وإذا عشيت مسكين ًا أو غديته بعدد األيام‬
‫التي عليك؛ كفى ذلك»)‪.(2‬‬
‫وقال ابن عثيمني ‪« :V‬اإلطعام له كيفيتان‪:‬‬
‫األوىل‪ :‬أن يصنع طعام ًا فيدعو إليه املساكني‪ ،‬بحسب األيام التي عليه‪.‬‬
‫الكيفية الثانية‪ :‬أن يعطيهم طعام ًا غري مطبوخ»(‪.)3‬‬
‫وبه تعلم‪ :‬أن إطعام مسكني واحد مدة الثالثني يوم ًا‪ ،‬أو مجع ثالثني مسكين ًا عىل‬
‫طعام واحد‪ :‬جائز‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬يقول اهلل تعاىل‪( :‬ﮄ ﮅ ﮆ) [البقرة‪ ]184 :‬هل يشرتط يف هذا‬
‫املسكني البلوغ والتكليف؟ وهل لو أراد اإلنسان أن يطعم ثالثني مسكين ًا هل يدخل‬
‫أبناء املسكني ومن يعول يف العدد؟ وهل جيزئ بدل الطعام مال؟ وكيف يقدر هذا‬
‫اإلطعام؟‬

‫((( اإلنصاف (‪ ،)291/3‬وانظر‪ :‬حتفة املحتاج (‪ ،)446/3‬وكشاف القناع (‪.)313/2‬‬


‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)198/10‬‬
‫((( الرشح املمتع (‪.)335/6‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*جواب‪:‬‬
‫ٍ‬
‫ألحد يقدر عىل الصيام يف رمضان‪ ،‬وليس عنده عذر رشعي‪ ،‬أن يفطر‪،‬‬ ‫أوالً‪ :‬ال جيوز‬
‫وليس كل من أفطر برخصة من الرشع‪ ،‬يطعم مقابل كل يوم مسكين ًا‪ ،‬وإنام اإلطعام‬
‫للشيخ الكبري‪ ،‬واملريض مرض ًا مزمن ًا‪ ،‬ال ُيرجى شفاؤه‪.‬‬ ‫‪466‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬ال يشرتط يف هذا املسكني أن يكون بالغ ًا‪ ،‬بل ُيعطى الصغري الذي يأكل الطعام‬
‫باتفاق األئمة‪ ،‬وإنام اختلفوا يف إعطائها للرضيع‪ ،‬فذهب إىل جوازه مجهور العلامء‪،‬‬
‫منهم‪ :‬أبو حنيفة‪ ،‬والشافعي‪ ،‬وأمحد؛ ألنه مسكني؛ فيدخل يف عموم اآلية‪ ،‬وظاهر كالم‬
‫اإلمام مالك ‪ V‬أهنا ال تعطى للرضيع‪ ،‬فإنه قال‪ :‬جيوز الدفع إىل الفطيم‪ ،‬واختاره‬
‫املوفق ابن قدامة ‪.)1(V‬‬

‫ثالث ًا‪ :‬وأبناء املسكني‪ ،‬وزوجته‪ ،‬وأهله الذين جيب عليه أن ينفق عليهم‪ ،‬يدخلون يف‬
‫هذا العدد‪ ،‬إذا كانوا ال جيدون كفايتهم‪ ،‬وال أحد ينفق عليهم غري هذا املسكني‪ ،‬وهلذا‬
‫يعطى املسكني من زكاة املال ما يكفيه ويكفي أهله‪.‬‬

‫قال يف الروض املربع‪« :‬فيعطى الصنفان ‪-‬أي‪ :‬الفقراء واملساكني‪ -‬متام كفايتهام مع‬
‫عائلتهام سنة»(‪.)2‬‬

‫رابع ًا‪ :‬أما الذي ُي ْط َعم ومقداره‪ :‬فيدفع إىل املسكني نصف صاع‪ ،‬كيلو ونصف‬
‫تقريب ًا‪ ،‬من قوت البلد‪ ،‬سواء كان أرز ًا‪ ،‬أم متر ًا‪ ،‬أم غري ذلك‪ ،‬وإذا أعطي معه إدام ًا‪ ،‬أو‬
‫حل ًام‪ ،‬فهو أحسن‪.‬‬

‫فقد روى البخاري معلق ًا بصيغة اجلزم‪ ،‬عن أنس ‪ ،I‬أنه كان ‪-‬بعد ما كرب‪،‬‬
‫وعجز عن الصوم‪ -‬يفطر‪ ،‬ويطعم عن كل يوم مسكين ًا‪ ،‬خبز ًا وحل ًام)‪.(3‬‬

‫((( املغني(‪ ،)508/13‬واإلنصاف (‪ ،)342/23‬واملوسوعة الفقهية (‪.)103 -101/35‬‬


‫((( الروض املربع (‪.)152/1‬‬
‫((( صحيح البخاري (‪.)1637/4‬‬
‫تارافكلا‬

‫خامس ًا‪ :‬وال جيوز أن يدفع قيمة الطعام ماالً‪.‬‬

‫قال الشيخ صالح الفوزان حفظه اهلل‪« :‬واإلطعام ال يكون بالنقود‪ ،‬وإنام يكون‬
‫اإلطعام بدفع الطعام الذي هو قوت البلد؛ بأن تدفع عن كل يوم نصف الصاع من‬
‫‪467‬‬ ‫قوت البلد املعتاد‪ ،‬ونصف الصاع يبلغ الكيلو والنصف تقريب ًا‪.‬‬

‫فعليك أن تدفع طعام ًا من قوت البلد هبذا املقدار الذي ذكرنا عن كل يوم‪ ،‬وال تدفع‬
‫النقود؛ ألن اهلل ‪ E‬يقول‪( :‬ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ) [البقرة‪]184 :‬؛‬
‫نص عىل الطعام»)‪ .(1‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬والديت ال تستطيع الصيام يف رمضان‪ ،‬وهلذا أخرج عنها فدية الصيام عن كل‬
‫شهر رمضان‪ ،‬هل جيوز أن تكون الفدية عىل أوالدها وأبنائهم كوجبة إفطار؟ أو هل‬
‫جيوز أن تكون الفدية إلفطار طالب أحد الصفوف؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬من ال يستطيع الصوم لكرب أو مرض ال يرجى شفاؤه؛ فإنه يفطر ويطعم عن‬
‫كل يوم مسكين ًا‪ ،‬والفدية إنام تعطى للمساكني‪ ،‬ال لكل أحد‪.‬‬

‫فإذا كان هؤالء الطالب املذكورون يف السؤال أغنيا َء‪ ،‬وليسوا فقراء‪ ،‬فال جيوز إعطاء‬
‫الكفارة إليهم‪.‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬وأما إعطاء الكفارة لألوالد وأبنائهم‪ ،‬فقد اعترب أهل العلم أن الكفارة يف ذلك‬
‫كالزكاة‪ ،‬ال جيوز أن يدفعها اإلنسان إىل َم ْن تلزمه النفقة عليه‪.‬‬

‫وممن جيب النفقة عليهم‪ :‬األصول والفروع‪.‬‬

‫واألصول هم‪ :‬األب واألم‪ ،‬واألجداد واجلدات‪ ،‬والفروع هم‪ :‬األبناء والبنات‪،‬‬
‫وأوالدهم‪.‬‬

‫((( املنتقى من فتاوى الفوزان (‪.)140/3‬‬


‫الصيام سؤال وجواب‬

‫قال ابن قدامة ‪« :V‬وجيب اإلنفاق عىل األجداد واجلدات وإن علوا (يعني‬
‫ِ‬
‫وولد الولد وإن َسف ُلوا (يعني األوالد وأوالدهم)‪ ،‬وبذلك قال‬ ‫األجداد وآباءهم)‪،‬‬
‫الشافعي‪ ،‬والثوري‪ ،‬وأصحاب الرأي»(‪.)1‬‬

‫وعىل هذا‪ :‬ال جيوز أن تعطي الكفارة املذكورة لألوالد وأوالدهم؛ ألنه جيب عىل‬ ‫‪468‬‬

‫والدتك أن تنفق عليهم‪.‬‬


‫وقال الشافعي‪« :‬ال جيزئ أن ِ‬
‫يطعم يف كفارات األيامن إال حر ًا مسل ًام حمتاج ًا‪ ،‬فإن‬
‫أطعم منها ذمي ًا حمتاج ًا‪ ،‬أو حر ًا مسل ًام غري حمتاج؛ مل جيزه ذلك‪ ،‬وكان حكمه حكم من مل‬
‫يفعل شيئ ًا‪ ،‬وعليه أن يعيد‪ ،‬وهكذا لو أطعم من تلزمه نفقته‪ ،‬ثم علم‪ :‬أعاد»(‪.)2‬‬

‫وقال يف أسنى املطالب‪« :‬ويعترب يف املسكني والفقري أن يكونا من أهل الزكاة‪ ،‬فال‬
‫جيزئ الدفع إىل كافر‪ ،‬وال إىل من تلزمه نفقته؛ ألن الكفارة حق هلل تعاىل‪ ،‬فاعتربوا فيها‬
‫صفات الزكاة»(‪.)3‬‬

‫ولكن‪ ،‬إذا كانت أمك ال تستطيع النفقة عليهم؛ لقلة ماهلا؛ فال جيب عليها أن تنفق‬
‫عليهم؛ لقول اهلل تعاىل‪( :‬ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ) [البقرة‪.]286 :‬‬

‫ويف هذه احلال جيوز أن خترج الكفارة إليهم‪.‬‬

‫واخلالصة‪ :‬أنه إذا كانت أمك غنية تستطيع أن تنفق عليهم؛ فال جيوز أن تعطيهم‬
‫الكفارة‪ ،‬وإذا كانت ال تستطيع أن تنفق عليهم؛ جاز أن تعطيهم الكفارة‪.‬‬

‫ثالث ًا‪ :‬وأما إعطاؤها إفطارا لصائم؛ فال بأس به؛ إلطالق اآلية الكريمة‪( :‬ﮄ‬
‫ﮅ ﮆ) [البقرة‪ ،]184 :‬و ُيرجى أن يكون ذلك أكثر ثواب ًا ملا فيه من تفطري الصائم‪،‬‬
‫ولكن برشط أن يكون ذلك الصائم مسكين ًا ‪ -‬كام سبق‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫((( املغني (‪.)374/11‬‬


‫((( األم (‪.)68/7‬‬
‫((( أسنى املطالب (‪.)369/3‬‬
‫تارافكلا‬

‫*سؤال‪ :‬أنا امرأة مريضة بمرض مزمن‪ ،‬نصحني طبيبي بعدم الصيام‪ ،‬وأنا مل أجد أي‬
‫مسكني ألطعمه‪ ،‬فام هو املبلغ الذي أنفقه بالدرهم؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫‪469‬‬ ‫املريض مرضا مزمن ًا الذي ال يستطيع الصيام وال القضاء؛ ال جيب عليه الصيام‪،‬‬
‫وجيب عليه أن يطعم عن كل يوم مسكين ًا؛ لقول اهلل‪( :‬ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ‬
‫ﮅ ﮆ) [البقرة‪.]184 :‬‬

‫وبالد املسلمني مملوءة بالفقراء واملساكني‪ ،‬الذين ال جيدون ما يكفيهم ويكفي‬


‫أهلهم‪ ،‬وال ختلو دولة منهم‪ ،‬ولو ندر وجودهم يف بعض البلدان‪ ،‬فلن يعدم وجود جلان‬
‫خري وصدقات يتكفلون بإيصال الزكوات والصدقات ملن يستحقها‪.‬‬

‫وحتى لو مل جتدي مسكين ًا تطعمينه‪ ،‬فكيف ستترصفني يف املال الذي يعادل الطعام؟‬
‫وملن س ُيعطى هذا املال؟ وهذا يعني أن املشكلة ستبقى قائمة‪ ،‬فال جيوز دفع هذا املال‬
‫‪-‬لو جاز دفعه‪ -‬إال ملستحقه من الفقراء واملساكني‪.‬‬
‫ِ‬
‫عليك بذل اجلهد يف البحث عن الفقراء واملساكني يف بلدك‪،‬‬ ‫وعىل كل حال‪ :‬فيجب‬
‫وإن مل تكوين تعرفينهم؛ فيمكنك توكيل من تثقني بدينه؛ ليوصل هذا الطعام ملستحقيه‪،‬‬
‫وال فرق بني أن يكون هذا الوكيل شخص ًا‪ ،‬أو مجعية خريية‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬مما ال خيفى عىل اجلميع أن حكم من جامع زوجته هنار رمضان عليه عتق‬
‫رقبة‪ ،‬أو صيام شهرين متتاليني‪ ،‬أو إطعام ستني مسكين ًا‪ .‬وسؤال‪:‬‬
‫‪ .1‬إذا جامع الرجل زوجته أكثر من مرة‪ ،‬ويف أيام متفرقة‪ ،‬هل يصوم عن كل يوم‬
‫شهرين‪ ،‬أم أن الشهرين تكفي عن كل ما جامع فيه من عدد األيام؟‬
‫‪ .2‬إذا كان ال يعلم أن من جامع زوجته عليه احلكم املذكور أعاله‪ ،‬وإنام كان يعتقد‬
‫أن كل يوم جيامع فيه زوجته يقضيه بيوم واحد فقط‪ ،‬فام احلكم يف ذلك؟‬
‫‪ .3‬هل عىل الزوجة مثلام عىل الزوج؟‬
‫‪ .4‬هل جيوز أن يطعم مسكين ًا واحد ًا عنه وعن زوجته؟‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«أوالً‪ :‬من جيب عليه الصوم‪ ،‬إذا جامع زوجته هنار ًا يف رمضان مرة أو مرات يف يوم‬
‫واحد؛ فعليه كفارة واحدة‪ ،‬إذا كان مل يكفر عن األوىل‪ ،‬وإذا جامع يف أيام من رمضان‬
‫هنار ًا؛ فعليه كفارات عىل عدد األيام التي جامع فيها‪.‬‬ ‫‪470‬‬

‫قال صاحب كفاية الطالب‪« :‬وتتعدد الكفارة بتعدد األيام‪ ،‬وال تتعدد بتكررها يف‬
‫اليوم الواحد قبل إخراجها اتفاق ًا»)‪.(1‬‬
‫وقال يف حاشية الدسوقي‪« :‬فال تتعدد بتعدد األكالت‪ ،‬أو الوطآت يف يوم واحد )‪.(2‬‬
‫وقال صاحب مغني املحتاج‪« :‬تعدّ د الكفارة بتعدّ د الفساد‪ ،‬ومن جامع يف يومني؛‬
‫تكرر اجلامع يف‬
‫لزمه كفارتان؛ ألن كل يوم عبادة مستقلة‪ ،‬فال تتداخل كفارتامها‪ ،‬فإن ّ‬
‫يوم واحد؛ فال تعدد»)‪.(3‬‬
‫ثاني ًا‪ :‬جتب عليه الكفارة باجلامع‪ ،‬ولو كان جيهل أنه تلزمه الكفارة بسبب اجلامع؛ ألن‬
‫الصحايب الذي ُأ ِمر بالكفارة يف احلديث‪ ،‬كان جاهال باحلكم‪.‬‬
‫ثالث ًا‪ :‬عىل الزوجة الكفارة باجلامع كذلك‪ ،‬إذا كانت مطاوعة لزوجها يف ذلك‪ ،‬أما‬
‫املكرهة؛ فال يشء عليها‪.‬‬
‫رابع ًا‪ :‬جيوز أن يطعم مسكين ًا واحد ًا نصف صاع عن نفسه‪ ،‬ونصف صاع عن‬
‫زوجته‪ ،‬ويعترب ذلك واحد ًا من ستني مسكين ًا عنهام مجيع ًا (‪ .)4‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬جامعت زوجتي يف هنار رمضان عدة مرات‪ ،‬وأنا نادم أشد الندم‪ ،‬وعلمت‬
‫أن كفارة اجلامع يف هنار رمضان عتق رقبة‪ ،‬وأنا ال أجد ما أدفعه لعتق الرقبة‪ ،‬وصيام‬
‫شهرين متتابعني يصعب عيل جد ًا بسبب العمل‪ ،‬فهل أطعم ستني مسكين ًا؟‬

‫((( كفاية الطالب (‪.)456/1‬‬


‫((( حاشية الدسوقي (‪.)530/1‬‬
‫((( مغني املحتاج (‪.)444/1‬‬
‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)321/10‬‬
‫تارافكلا‬

‫*جواب‪:‬‬

‫كفارة من جامع زوجته يف هنار رمضان عتق رقبة‪ ،‬فإن مل جيد فعليه بالصوم‪ ،‬فإن مل‬
‫جيد أطعم ستني مسكين ًا‪.‬‬
‫‪471‬‬ ‫فعليك وحالتك هذه أن تصوم شهرين متتابعني‪ ،‬والنصيحة أن حتاول صيام‬
‫وختف املشقة‪ ،‬أو‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الشهرين املتتابعني يف األيام الباردة‪ ،‬أو املعتدلة حيث يقرص النهار‪،‬‬
‫يف أيام اإلجازة السنوية التي يمنحها لك العمل‪ ،‬ونحو ذلك من ال ُفرص التي يمكن أن‬
‫تُنتهز ألداء ما عليك‪.‬‬

‫الصيام‪ ،‬فيجوز لك عند ذلك أن تُطعم ستني مسكين ًا‪ُ ،‬يمكن رصف‬
‫فإن عجزت عن ّ‬
‫ال ّطعام هلم عىل دفعات حسب قدرتك‪ ،‬حتى تستكمل عددهم‪ ،‬وعىل زوجتك ك ّفارة‬
‫مماثلة‪ ،‬إذا كانت مطاوعة لك يف اجلامع أثناء شهر رمضان‪.‬‬

‫واجلامع الذي حصل‪ :‬إن كان يف أيام خمتلفة؛ فعليكام ك ّفارات خمتلفة بعدد األيام التي‬
‫انتهكتام حرمتها من أيام ّ‬
‫الشهر الكريم‪.‬‬

‫نسأل اهلل ‪ E‬أن يغفر لنا ذنوبنا‪ ،‬وإرسافنا يف أمرنا‪ ،‬وأن يتوب علينا؛ إنه هو‬
‫التواب الرحيم‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬ما حكم من جامع زوجته يف هنار رمضان عدة مرات جاه ً‬
‫ال باحلكم؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫حرم عىل عباده يف هنار رمضان األكل والرشب واجلامع‪،‬‬
‫«ال شك أن اهلل سبحانه قد ّ‬
‫وكل ما ُي َف ِّطر الصائم‪ ،‬وأوجب عىل من جامع يف هنار رمضان وهو مك ّلف‪ ،‬صحيح‪،‬‬
‫مقيم‪ ،‬غري مريض‪ ،‬وال مسافر الكفارة‪ ،‬وهي عتق رقبة‪ ،‬فإن مل جيد فصيام شهرين‬
‫متتابعني‪ ،‬فإن مل يستطع فإطعام ستني مسكين ًا‪ ،‬لكل مسكني نصف صاع من قوت البلد‪.‬‬
‫أما من جامع يف هنار رمضان‪ ،‬وهو ممن جيب عليه الصيام؛ لكونه بالغ ًا‪ ،‬صحيح ًا‪،‬‬
‫ال منه‪ :‬فقد اختلف أهل العلم يف شأنه‪ ،‬فقال بعضهم‪ :‬عليه الكفارة؛ ألنه‬‫مقي ًام‪ ،‬جه ً‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫مفرط يف عدم السؤال‪ ،‬والتف ّقه يف الدين‪ ،‬وقال آخرون من أهل العلم‪ :‬ال كفارة عليه؛‬
‫ّ‬
‫من أجل اجلهل‪.‬‬

‫وبذلك تعلم أن األحوط لك هو الكفارة‪ ،‬من أجل تفريطك‪ ،‬وعدم سؤالك عام‬
‫حيرم عليك‪ ،‬قبل أن تفعل ما فعلت‪ ،‬وإذا كنت ال تستطيع العتق والصيام؛ كفاك إطعام‬ ‫‪472‬‬
‫ستني مسكين ًا‪ ،‬عن كل يوم جامعت فيه‪.‬‬

‫فإذا كنت جامعت يف يومني؛ فكفارتان‪ ،‬وإن كنت جامعت ثالثة أيام؛ فثالث‬
‫كفارات‪ ،‬وهكذا‪ ،‬كل مجاع يف يوم عنه كفارة‪.‬‬
‫أما ِ‬
‫اجلامعات املتعددة يف يوم واحد؛ فيكفي عنها كفارة واحدة‪ ،‬هذا هو األحوط لك‬
‫واألحسن؛ حرص ًا عىل براءة الذ ّمة‪ ،‬وخروج ًا من خالف أهل العلم‪ ،‬وجرب ًا لصيامك‪.‬‬

‫وإذا مل حتفظ عدد األيام التي جامعت فيها‪ ،‬فاعمل باألحوط‪ ،‬وهو األخذ بالزائد‪،‬‬
‫فإذا شككت هل هي ثالثة أيام‪ ،‬أو أربعة؛ فاجعلها أربعة‪ ،‬وهكذا‪ ،‬ولكن ال يتأكّد عليك‬
‫إال اليشء الذي جتزم به‪ ،‬وفقنا اهلل وإياك ملا فيه رضاه‪ ،‬وبراءة الذ ّمة»)‪ .(1‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬جامعني زوجي يوم ًا وأنا صائمة صوم قضاء‪ ،‬هل عيل يشء؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫قضاء رمضان من الصيام الواجب‪ ،‬الذي ال جيوز لإلنسان أن يبطله إال لرضورة‪،‬‬
‫فإذا دخل اإلنسان يف قضاء؛ فإنه يلزمه أن يتمه‪ ،‬وال جيوز له الفطر إال لعذر رشعي‪.‬‬

‫وقد ثبت عن أم هانئ ‪ ،J‬أهنا قالت‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬لقد أفطرت وكنت صائمة؟‪،‬‬
‫ض ِك إِ ْن ك َ‬
‫َان َت َط ُّوع ًا (‪ ،)2‬وهذا‬ ‫فقال هلا‪ِ ِ َ :‬‬
‫«أ ُكنْت َت ْقض َ‬
‫ني َش ْيئ ًا؟ ‪ ،‬قالت‪ :‬ال‪ ،‬قال‪َ « :‬ف َ‬
‫ال َي ُ ُّ‬
‫يدل عىل أنه يرضها إن أفطرت يف صيام واجب‪ ،‬والرضر هنا هو اإلثم‪.‬‬

‫((( جمموع فتاوى ابن باز (‪.)304/15‬‬


‫((( رواه أبو داود (‪ ،)2456‬وصححه األلباين يف صحيح أيب داود (‪.)2145‬‬
‫تارافكلا‬

‫أما ما حصل بينكام‪ ،‬فإن كفارة اجلامع ال جتب إال بإبطال صيام رمضان نفسه‪ ،‬وعليه؛‬
‫فال يلزمك يشء‪ ،‬إال إعادة قضاء ذلك اليوم من رمضان‪ ،‬مع التوبة إىل اهلل ‪ ،D‬والعزم‬
‫عىل عدم العودة إىل مثل ذلك‪.‬‬

‫‪473‬‬ ‫قال ابن رشد ‪« :V‬واتفق اجلمهور عىل أنه ليس يف الفطر عمد ًا يف قضاء رمضان‬
‫كفارة؛ ألنه ليس له حرمة رمضان»)‪.(1‬‬

‫وجاء يف فتاوى اللجنة الدائمة‪« :‬الكفارة إنام جتب عىل من جامع يف شهر رمضان؛‬
‫حلرمة الزمان‪ ،‬أما القضاء‪ :‬فال جتب فيه الكفارة يف أصح قويل العلامء»)‪.(2‬‬

‫وقد سئل ابن عثيمني ‪ V‬عن امرأة أفطرت يف قضاء رمضان‪ ،‬جماملة لضيوفها‪،‬‬
‫فأجاب‪« :‬هذا القضاء إذا كان قضاء عن واجب كقضاء رمضان؛ فإنه ال جيوز ألحد‬
‫أن يفطر إال لرضورة‪ ،‬وأما فطره لنزول الضيف به فإنه حرام؛ وال جيوز؛ ألن القاعدة‬
‫الرشعية‪ :‬أن كل من بدأ يف واجب؛ فإنه جيب عليه إمتامه إال لعذر رشعي‪ ،‬وأما إذا كان‬
‫قضاء نفل فإنه ال يلزمها أن تتمه؛ ألنه ليس بواجب»)‪ .(3‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬أريد أن أعرف كيف يمكن المرأة أفطرت متعمدة أن تصوم شهرين متتابعني‬
‫دون أي انقطاع؟ فام قولكم وهي حتيض كل شهر سبعة أيام‪ ،‬هل ستفطر هذه األيام‬
‫ثم تكمل بعدها مبارشة؟ أم ماذا؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬صيام رمضان فريضة عظيمة فرضها اهلل عىل عباده املؤمنني‪ ،‬بقوله‪( :‬ﭣ‬
‫ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ)‬
‫[البقرة‪ ،]183 :‬فيجب عىل كل مسلم بالغ عاقل أن يصومه‪ ،‬إال من له عذر رشعي‪،‬‬

‫((( بداية املجتهد (‪.)80/2‬‬


‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)352/10‬‬
‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)62/20‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫كاملريض واملسافر‪ ،‬فإنه يرخص هلام يف الفطر‪ ،‬ويقضيان‪ ،‬وإال احلائض والنفساء؛ فإنه‬
‫جيب عليهام الفطر‪ ،‬ويقضيان أيض ًا‪.‬‬

‫ومـن أفطـر يف رمضـان بغير عـذر؛ فقـد أتـى كبيرة مـن الكبائـر‪ ،‬ولزمتـه التوبة‬
‫إىل اهلل تعاىل‪ ،‬وهل يلزمه قضاء اليوم الذي أفطر فيه؟‬ ‫‪474‬‬

‫يف ذلك تفصيل‪ :‬فإن نوى الصوم‪ ،‬ثم أفطر خالل اليوم من غري عذر؛ فإنه يلزمه‬
‫القضاء‪ ،‬وإن مل ينو الصوم من األصل؛ فالراجح أنه ال يلزمه القضاء‪.‬‬

‫قال ابن عثيمني ‪« :V‬الفطر يف هنار رمضان بدون عذر من أكرب الكبائر‪ ،‬ويكون‬
‫به اإلنسان فاسق ًا‪ ،‬وجيب عليه أن يتوب إىل اهلل‪ ،‬وأن يقيض ذلك اليوم الذي أفطره‪،‬‬
‫يعني لو أنه صام ويف أثناء اليوم أفطر بدون عذر؛ فعليه اإلثم‪ ،‬وأن يقيض ذلك اليوم‬
‫الذي أفطره؛ ألنه ملا رشع فيه التزم به‪ ،‬ودخل فيه عىل أنه فرض؛ فيلزمه قضاؤه كالنذر‪،‬‬
‫أما لو ترك الصوم من األصل متعمد ًا بال عذر؛ فالراجح‪ :‬أنه ال يلزمه القضاء؛ ألنه ال‬
‫يستفيد به شيئ ًا‪ ،‬إذ إنه لن يقبل منه‪ ،‬فإن القاعدة‪ :‬أن كل عبادة مؤقتة بوقت معني‪ ،‬فإهنا‬
‫إذا ُأ ِّخ َرت عن ذلك الوقت املعني بال عذر؛ مل تقبل من صاحبها؛ لقول النبي ‪:H‬‬
‫ال َل ْي َس َع َل ْي ِه َأ ْم ُرنَا؛ َف ُه َو َر ٌّد (‪)1‬؛ وألنه ِمن تعدي حدود اهلل ‪ ،D‬وتعدي‬
‫«م ْن َع ِم َل َع َم ً‬
‫َ‬
‫حدود اهلل تعاىل ظلم‪ ،‬والظامل ال يقبل منه‪ ،‬قال اهلل تعاىل‪( :‬ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ‬
‫ﯹ) [البقرة‪]229 :‬؛ وألنه لو قدم هذه العبادة عىل وقتها ‪-‬أي‪ :‬فعلها قبل دخول‬
‫الوقت‪ -‬مل تُقبل منه؛ فكذلك إذا فعلها بعده مل تُقبل منه‪ ،‬إال أن يكون معذور ًا (‪.)2‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬من أفطر يف رمضان بغري عذر‪ :‬إن كان فطره باجلامع؛ فإنه يلزمه مع القضاء‬
‫الكفارة‪ ،‬وهي عتق رقبة‪ ،‬فإن مل جيد فصيام شهرين متتابعني‪ ،‬فإن مل يستطع فإطعام ستني‬
‫مسكين ًا‪ ،‬وال فرق يف ذلك بني الرجل واملرأة إذا كانت مطاوعة يف اجلامع‪ ،‬وأما املكرهة؛‬
‫فال تلزمها الكفارة‪.‬‬

‫((( رواه مسلم (‪.)1718‬‬


‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)89/19‬‬
‫تارافكلا‬

‫وإن كان الفطر بغري اجلامع‪ ،‬بل باألكل والرشب ونحوه‪ :‬فقد اختلف الفقهاء يف‬
‫لزوم الكفارة حينئذ‪ ،‬والراجح‪ :‬أهنا ال تلزمه؛ ألنه مل يدل دليل عىل إجياب الكفارة عىل‬
‫من أفطر هبا‪ ،‬وال يصح قياسها عىل اجلامع‪.‬‬

‫‪475‬‬ ‫قال ابن قدامة ‪« :V‬وألنه ال نص يف إجياب الكفارة هبذا وال إمجاع‪ ،‬وال يصح‬
‫قياسه عىل اجلامع»(‪.)1‬‬
‫ثالث ًا‪ :‬إذا وجب عىل املرأة صيام شهرين متتابعني‪ ،‬فرشعت يف الصوم ثم جاءها‬
‫احليض‪ ،‬فإنه ال ينقطع تتابع صومها‪ ،‬فتفطر‪ ،‬ثم تقيض أيام احليض‪ ،‬ثم تكمل الشهرين؛‬
‫ألن احليض أمر كتبه اهلل عىل بنات آدم‪ ،‬وال عمل هلا فيه‪ ،‬وهذا جممع عليه بني أهل العلم‪.‬‬
‫قال ابن قدامة ‪« :V‬وأمجع أهل العلم عىل أن الصائمة متتابع ًا‪ ،‬إذا حاضت قبل‬
‫إمتامه‪ ،‬تقيض إذا طهرت‪ ،‬وتبني ‪-‬يعني‪ :‬تكمل عىل ما مىض‪-‬؛ وذلك ألن احليض ال‬
‫يمكن التحرز منه يف الشهرين إال بتأخريه إىل اإلياس‪ ،‬وفيه تغرير بالصوم»)‪.(2‬‬
‫وعليه‪ :‬فلو كان صومها للكفارة يف شهري املحرم وصفر مثالً‪ ،‬وكان حيضها سبعة‬
‫أيام يف كل منهام‪ ،‬فإهنا تفطر أيام احليض‪ ،‬وتصوم بعدها مبارشة‪ ،‬وتواصل صيام أربعة‬
‫عرش يوما من شهر مجادى األوىل‪ ،‬عوض ًا عن أيام احليض‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬إنني فتاة يف السادسة عرشة من عمري‪ ،‬وقد جاءين احليض وأنا يف الثالثة عرشة‪،‬‬
‫ولكن خالل تلك السنة مل أصم رمضان كامالً‪ ،‬وصمت سبعة أيام منه‪ ،‬ووالداي مل‬
‫عيل العتقادمها أنني غري مكلفة‪ ،‬فهل أصوم األيام التي أفطرهتا؟ أو ماذا أفعل؟‬
‫يضغطا ّ‬
‫*جواب‪:‬‬
‫«جيب عليك أختاه أن تصومي بكل حال ما دام أنك بلغت‪ ،‬فالبلوغ للبنت حيصل‬
‫باحليض‪ ،‬أو إنبات الشعر اخلشن حول القبل‪ ،‬أو اإلنزال يقظة أو مناما‪ ،‬أو احلمل‪،‬‬
‫فوجود احليض هو أحد أسباب البلوغ‪ ،‬فأنت مكلفة‪ ،‬فال بد أن تصومي شهر رمضان‪.‬‬

‫((( املغني (‪.)366/4‬‬


‫((( املغني (‪.)21/8‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫والشهر الذي مل تصوميه؛ جيب عليك قضاؤه بكل حال‪ ،‬وال تربأ ذمتك إال بالقضاء‬
‫والتوبة؛ ألنك كنت مكلفة عندما أفطرت‪ ،‬وقد أخطأ أهلك يف تساحمهم معك‪ ،‬فلست‬
‫بصغرية‪ ،‬وعليك التوبة من هذا التفريط (‪ .)1‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬
‫‪476‬‬
‫*سؤال‪ :‬امرأة كبرية تبلغ من العمر ستني سنة‪ ،‬وكانت جاهلة أحكام احليض سنني‬
‫عديدة مدة حيضها‪ ،‬مل تقض صوم رمضان؛ ظن ًا منها أنه ال ُيقىض‪ ،‬حسبام سمعت‬
‫من أفواه العامة‪ .‬فام احلكم؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«عليها التوبة إىل اهلل من ذلك؛ ألهنا مل تسأل أهل العلم‪ ،‬وعليها مع ذلك القضاء‪،‬‬
‫فتقيض ما تركته من الصيام حسب غلبة ظنها يف عدد األيام‪ ،‬وتكفر عن كل يوم تركته‬
‫بإطعام مسكني‪ ،‬نصف صاع من بر أو متر أو أرز أو نحو ذلك من قوت البلد‪ ،‬إذا‬
‫استطاعت اإلطعام‪ ،‬فإن كانت ال تستطيع اإلطعام؛ سقط عنها وكفاها قضاء الصوم‪.‬‬
‫وباهلل التوفيق )‪.(2‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬يل أخ تويف وعليه كفارة القتل اخلطأ‪ ،‬وهي صيام شهرين متتابعني‪ ،‬فهل جيوز‬
‫صيامهام عنه؟ وهل جيوز اقتسامهام بالتتابع مع إخويت األحياء لنربئ شقيقنا املتويف؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫ات‬
‫«م ْن َم َ‬
‫«يرشع ألحدكم أن يصوم عنه شهرين متتابعني؛ لقول النبي ‪َ :H‬‬
‫َو َع َل ْي ِه ِص َيا ٌم؛ َصا َم َع ْن ُه َولِ ُّي ُه (‪ ،)3‬والويل هو القريب‪ ،‬وال جيوز تقسيمها عىل مجاعة‪ ،‬وإنام‬
‫يصومها شخص واحد متتابعني‪ ،‬كام رشع اهلل ذلك؛ لقوله سبحانه يف حق القاتل‪:‬‬

‫((( فتاوى سامحة الشيخ عبد اهلل بن محيد (ص‪.)176‬‬


‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)151/10‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)1952‬ومسلم (‪.)1147‬‬
‫تارافكلا‬

‫(ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ) [النساء‪ ،]92 :‬أما من استطاع العتق؛‬


‫فعليه العتق‪ ،‬وال جيزئه الصيام‪ .‬وفق اهلل اجلميع»(‪.)1‬‬
‫***‬

‫‪477‬‬ ‫*سؤال‪ :‬هل يلزمنا قضاء اليوم الثالثني من رمضان الفائت أو كفارة؟ فقد سمعت أن‬
‫إفطارنا كان خاطئا وأن رمضان يف سنة ‪1428-‬هـ‪ -‬كان ‪ 30‬يوم ًا‪ ،‬ومل يكن ‪ 29‬يوم ًا؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫ال يلزمكم قضاء اليوم الثالثني؛ ألن رمضان كان ‪ 29‬يوم ًا‪ ،‬بنا ًء عىل ثبوت اهلالل‬
‫بالرؤية الرشعية‪ ،‬وقد شهد بذلك ما يقارب العرشة‪ ،‬كام ذكر فضيلة الشيخ صالح بن‬
‫حممد اللحيدان رئيس جملس القضاء األعىل حفظه اهلل‪.‬‬

‫ومن كان خارج اململكة واعتمد عىل رؤيتها‪ ،‬ففطره صحيح؛ وال يلزمه يشء‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬زوجتي كان عليها صيام أيام من قبل‪ ،‬ولكن نسيت كم يوم عليها بالضبط‪،‬‬
‫فامذا تفعل؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫الواجب عىل من أفطر أياما من رمضان‪ ،‬لعذر السفر‪ ،‬أو املرض‪ ،‬أو احليض‪،‬‬
‫أو النفاس؛ أن يقضيها؛ لقوله تعاىل‪( :‬ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ‬
‫ﭾ ﭿ) [البقرة‪.]184 :‬‬

‫وعن َع ِائ َش َة ‪ J‬سئلت‪« :‬ما بال احلائض تقيض الصوم‪ ،‬وال تقيض الصالة؟‬
‫فقالت‪ :‬كان يصيبنا ذلك‪ ،‬فنؤمر بقضاء الصوم‪ ،‬وال نؤمر بقضاء الصالة»(‪.)2‬‬

‫((( جمموع فتاوى ابن باز (‪.)375/15‬‬


‫((( رواه مسلم (‪.)335‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫وإذا نسيت زوجتك عدد األيام التي عليها‪ ،‬وشكّت‪ :‬هل عليها ستة أو سبعة مثال‪،‬‬
‫مل يلزمها إال ستة؛ ألن األصل براءة ذمتها‪ ،‬ولكن‪ ،‬إن صامت سبعة عىل سبيل االحتياط‬
‫فهو أوىل؛ لتربأ ذمتها بيقني‪.‬‬

‫وإن مل تذكر شيئا عن عدد أيامها‪ ،‬فإهنا تصوم ما يغلب عىل ظنها أهنا تربأ به‪.‬‬ ‫‪478‬‬

‫فقد سئل ابن عثيمني ‪ :V‬امرأة عليها قضاء من رمضان‪ ،‬ولكنها شكت هل هي‬
‫أربعة أيام أم ثالثة‪ ،‬واآلن صامت ثالثة أيام فامذا جيب عليها؟‬

‫فأجاب‪« :‬إذا شك اإلنسان فيام عليه من واجب القضاء؛ فإنه يأخذ باألقل‪ ،‬فإذا‬
‫شكَّت املرأة أو الرجل هل عليه قضاء ثالثة أيام أو أربعة؟ فإنه يأخذ باألقل‪ ،‬ألن األقل‬
‫متيقن‪ ،‬وما زاد مشكوك فيه‪ ،‬واألصل براءة الذمة‪ ،‬ولكن مع ذلك‪ :‬األحوط أن يقيض‬
‫هذا اليوم الذي شك فيه؛ ألنه إن كان واجب ًا عليه فقد حصلت براءة ذمته بيقني‪ ،‬وإن‬
‫كان غري واجب فهو تطوع‪.‬‬

‫واهلل تعاىل ال يضيع أجر من أحسن عمال»(‪ .)1‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫((( فتاوى نور عىل الدرب (‪ ،)2/11‬لفضيلة الشيخ حممد العثيمني‪.‬‬


‫ولاو حيوارتلا ةالص‬

‫‪479‬‬ ‫صالة التراويح والوتر‬

‫*سؤال‪ :‬ما فضل قيام رمضان؟‬


‫*جواب‪:‬‬
‫قال الشيخ األلباين ‪« :V‬فضل قيام ليايل رمضان‪.‬‬
‫عن أيب هريرة ‪ I‬قال‪« :‬كان رسول اهلل ‪ُ H‬يرغب يف قيام رمضان‪ ،‬من‬
‫احتِ َساب ًا؛ غ ُِف َر َل ُه َما َت َقدَّ َم ِم ْن‬
‫ان إِ َيمن ًا َو ْ‬
‫«م ْن َقا َم َر َم َض َ‬
‫غري أن يأمرهم بعزيمة‪ ،‬ثم يقول‪َ :‬‬
‫َذ ْنبِ ِه ‪ ،‬فتويف رسول اهلل ‪ H‬واألمر عىل ذلك ‪-‬أي عىل ترك اجلامعة يف الرتاويح ‪،-‬‬
‫وصدر من خالفة عمر ‪.)1( I‬‬ ‫ٍ‬ ‫ثم كان األمر عىل ذلك يف خالفة أيب بكر ‪،I‬‬
‫رسـول اهلل ‪ٌ H‬‬
‫رجل مـن قضاعة‪،‬‬ ‫َ‬ ‫وعـن عمـرو بن مـرة اجلهني‪ ،‬قـال‪ :‬جاء‬
‫فقـال‪ :‬يـا رسـول اهلل‪ ،‬أرأيـت إن شـهدت أن ال إلـه إال اهلل‪ ،‬وأنـك حممـد رسـول اهلل‪،‬‬
‫وصليـت الصلـوات اخلمـس‪ ،‬وصمـت الشـهر‪ ،‬وقمـت رمضـان‪ ،‬وآتيـت الـزكاة؟‬
‫الشـهدَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـذا؛ ك َ ِ‬
‫ـات َع َل َه َ‬
‫اء (‪.)2‬‬ ‫ين‪َ ،‬و ُّ َ‬ ‫الصدِّ يق َ‬ ‫ـن ِّ‬ ‫َان م َ‬ ‫ـن َم َ‬
‫«م ْ‬‫فقـال النبـي ‪َ :H‬‬
‫احتِ َساب ًا؛ غ ُِف َر‬
‫«م ْن َقا َم َل ْي َل َة ال َقدْ ِر إِ َيمن ًا َو ْ‬
‫وأفضل لياليه ليلة القدر؛ لقوله ‪َ :H‬‬
‫َل ُه َما َت َقدَّ َم ِم ْن َذ ْنبِ ِه (‪ .)4( )3‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫((( رواه مسلم (‪.)759‬‬


‫((( رواه ابن خزيمة (‪ ،)143/8‬والبيهقي يف شعب اإليامن (‪ ،)129/8‬وصححه األلباين يف صحيح الرتغيب (‪.)183/1‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)1901‬ومسلم (‪.)760‬‬
‫((( قيام رمضان لأللباين (ص‪.)17‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*سؤال‪ :‬هل تعترب صالة الرتاويح يف مجاعة بدعة مل تكن عىل عهد النبي ‪،H‬‬
‫وأن أول من أقامها عمر بن اخلطاب ‪I‬؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫«القول بأن صالة الرتاويح بدعة ال يصح؛ ألن سنة عمر ‪ I‬من سنة اخللفاء‬ ‫‪480‬‬

‫بالعض عليها والتمسك هبا‪ ،‬وإنام ُيقال‪ :‬هل هي من سنن‬


‫ِّ‬ ‫الراشدين املهديني‪ ،‬التي ُأمرنا‬
‫عمر بن اخلطاب ‪I‬؛ ألهنا مل تكن عىل عهد النبي ‪ ،H‬و ُفعلت يف عهد عمر؟‬
‫أو هي من سنن النبي ‪H‬؟!‪.‬‬
‫فادعى بعض الناس‪ :‬أهنا من سنن عمر‪ ،‬واستدل لذلك‪ :‬بأن عمر بن اخلطاب أمر‬
‫يب بن كعب‪ ،‬ومتي ًام الداري أن يقوما للناس بإحدى عرشة ركعة‪ ،‬وخرج ذات ليلة‬
‫أ ّ‬
‫والناس ُيص ُّلون‪ ،‬فقال‪ :‬نعمت البدعة هذه)‪ ،(1‬وهذا يدل عىل أنه مل يسبق هلا مرشوعية‪.‬‬
‫ولكن هذا قول ضعيف‪ ،‬غفل قائله عام ثبت يف الصحيحني وغريمها‪،‬‬
‫أن النبي ‪ H‬قام بأصحابه ثالث ليال‪ ،‬ويف الثالثة ‪-‬أو يف الرابعة‪ -‬مل ُي ّ‬
‫صل‪،‬‬
‫«و َلكِنِّي َخ ِش ُ‬
‫يت َأ ْن ُت ْف َر َض‬ ‫وقال‪« :‬إِ ِّن َخ ِش ُ‬
‫يت َأ ْن ُت ْف َر َض َع َل ْيك ُْم (‪ ،)2‬ويف لفظ آخر‪َ :‬‬
‫ال ُة ال َّل ْي ِل‪َ ،‬ف َت ْع َجزُوا َعن َْها (‪ ،)3‬فثبتت الرتاويح بسنة النبي ‪،H‬‬
‫َع َل ْيك ُْم َص َ‬
‫وذكر النبي ‪ H‬املانع من االستمرار فيها‪ ،‬ال من مرشوعيتها‪ ،‬وهو خوف أن‬
‫تُفرض‪ ،‬وهذا اخلوف قد زال بوفاة الرسول ‪H‬؛ ألنه ملا مات ‪ H‬انقطع‬
‫الوحي؛ فأمن من فرضيتها‪ ،‬فلام زالت العلة‪ ،‬وهو خوف الفريضة بانقطاع الوحي؛ ثبت‬
‫زوال املعلول؛ وحينئذ تعود السنية هلا (‪.)4‬‬
‫وعن عائشة ‪ J‬قالت‪ْ :‬‬
‫«إن كان رسول اهلل ‪ H‬ليدع العمل‪ ،‬وهو حيب أن‬
‫يعمل به؛ خشية أن يعمل به الناس؛ فيفرض عليهم»(‪.)5‬‬

‫((( رواه البخاري (‪.)2010‬‬


‫((( رواه البخاري (‪ ،)882‬ومسلم (‪.)761‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)882‬ومسلم (‪.)761‬‬
‫((( انظر‪ :‬الرشح املمتع (‪.)78/4‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)1076‬ومسلم (‪.)718‬‬
‫ولاو حيوارتلا ةالص‬

‫قال النووي ‪« :V‬وفيه بيان كامل شفقته ‪ ،H‬ورأفته بأمته»(‪.)1‬‬

‫فال وجه للقول بأن صالة الرتاويح ليست من سنة رسول اهلل ‪ ،H‬بل هي من‬
‫سنة النبي ‪ ،H‬تركها خشية أن تُفرض عىل األمة‪ ،‬فلام مات زالت هذه اخلشية‪،‬‬
‫‪481‬‬ ‫وكان أبو بكر ‪ I‬منشغ ً‬
‫ال بحروب املرتدين‪ ،‬وخالفته قصرية (سنتان)‪ ،‬فلام كان عهد‬
‫عمر‪ ،‬واستتب أمر املسلمني‪ ،‬مجع الناس عىل صالة الرتاويح يف رمضان‪ ،‬كام اجتمعوا‬
‫مع النبي ‪ ،H‬فقصارى ما فعله عمر ‪ ،I‬العودة إىل تلك السنة وإحياؤها‪.‬‬
‫واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬ما حكم من مل يصل الرتاويح طيلة شهر رمضان من دون عذر رشعي؟ وهل‬
‫عليه إثم يف ذلك؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫إذا ترك املسلم صالة الرتاويح؛ فال إثم عليه يف ذلك‪ ،‬سواء تركها بعذر أم بغري عذر؛‬
‫ألهنا غري واجبة‪ ،‬وإنام هي سنة مؤكدة‪ ،‬فعلها النبي ‪ ،H‬وداوم عليها‪ ،‬ورغب‬
‫احتِ َساب ًا؛ غ ُِف َر َل ُه َما َت َقدَّ َم ِم ْن َذ ْنبِ ِه (‪.)2‬‬
‫ان إِ َيمن ًا َو ْ‬
‫«م ْن َقا َم َر َم َض َ‬
‫املسلمني فيها بقوله‪َ :‬‬
‫وينبغي للمسلم أال يرتكها‪ ،‬فإن مل يستطع أن يصليها مع اإلمام يف املسجد‪ ،‬فإنه‬
‫يصليها يف البيت‪ ،‬فإن مل يستطع أن يصيل إحدى عرشة ركعة‪ ،‬صىل ما تيرس له ولو‬
‫ركعتني‪ ،‬ثم يصيل الوتر‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬والدي أحيان ًا ال يذهب إىل صالة الرتاويح بسبب الضغط الشديد يف عمله‪،‬‬
‫فهل هذا جيوز أم ال؟ مع العلم أن والدي ‪-‬يف العادة‪ -‬يف رمضان ال يرتك صالة‬
‫الرتاويح إال إذا كان مريض ًا‪ ،‬ولكن اآلن من ضغط عمله ال يذهب أحيان ًا إىل الصالة‪.‬‬

‫((( رشح النووي عىل مسلم (‪.)230/5‬‬


‫((( رواه البخاري (‪ ،)37‬ومسلم (‪.)760‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*جواب‪:‬‬
‫الصالة يف اجلامعة واجبة يف الصلوات اخلمس‪ ،‬أما الرتاويح‪ :‬فأمرها أيرس من ذلك‪،‬‬
‫فيجوز للمسلم أن يصليها يف بيته‪ ،‬وإن كان األفضل أن يصليها مجاعة يف املسجد‪.‬‬
‫وال جيوز للمسلم أن يرهق نفسه يف أعامل الدنيا‪ ،‬عىل حساب عبادته وصالته‪ ،‬وقد‬ ‫‪482‬‬
‫وصف اهلل تعاىل املؤمنني أهنم ال تلهيهم جتارهتم وال بيعهم عن ِذكر اهلل وإقام الصالة‪،‬‬
‫فقال تعاىل‪( :‬ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ‬
‫ﰐﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢ‬
‫ﭣ ﭤﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ‬
‫ﭳ ﭴ) [النور‪.]38-36 :‬‬
‫ويف ختم اآليات بقوله تعاىل‪( :‬ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ)‪ ،‬إشارة إىل أمر ينبغي‬
‫التفطـن لـه ملن بذل وقته يف التجارة والعمل‪ ،‬عىل حسـاب طاعته لربـه‪ ،‬وهو أن الرزق‬
‫بين النبـي ‪ H‬ذلـك فقـال‪َ :‬‬
‫«أ ُّ َيا‬ ‫بيـد اهلل يرزقـه مـن يشـاء بغري حسـاب‪ ،‬وقد َّ‬
‫وت َحتَّى ت َْسـت َْو ِ َف ِر ْز َق َهـا‪َ ،‬وإِ ْن‬ ‫ـب‪َ ،‬فإِ َّن َن ْفسـ ًا َل ْ‬
‫ـن َت ُ َ‬ ‫َّـاس‪ ،‬ا َّت ُقـوا اهللَ َو َأ ْجِ ُلـوا ِف ال َّط َل ِ‬
‫الن ُ‬
‫ـل َو َد ُعوا َما ُح ِّـر َم (‪.)1‬‬ ‫ـذوا َما َح َّ‬ ‫ـب‪ُ ،‬خ ُ‬ ‫ـأ َعن َْهـا‪َ ،‬فا َّت ُقـوا اهللَ َو َأ ْجِ ُلـوا ِف ال َّط َل ِ‬
‫َأ ْب َط َ‬

‫فال مانع من بذل األسباب يف الرزق‪ ،‬لكن ينبغي عىل املسلم أن ال يبالغ يف العمل‪،‬‬
‫فيبذل له وقته كله عىل حساب طاعته‪ ،‬وصحته‪ ،‬وتربية أبنائه‪ ،‬وعليه أن يسدد ويقارب‪.‬‬
‫واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬حيني موعد عميل قبل أن ينتهي اإلمام من صالة الرتاويح‪ ،‬وأنا حمتاج للذهاب‬
‫للعمل‪ ،‬فامذا أفعل؟‬
‫*جواب‪:‬‬
‫صل معه ما استطعت من صالة الرتاويح مجاعة‪ ،‬وال بأس أن تنرصف إىل عملك‬ ‫ّ‬
‫بعد ركعتني‪ ،‬أو أربع‪ ،‬أو ست‪ ،‬ونحو ذلك‪ ،‬ثم تكمل الصالة يف بيتك‪ ،‬وتوتر يف آخرها‪.‬‬

‫((( رواه ابن ماجة (‪ ،)2144‬وصححه األلباين يف صحيح الرتغيب (‪.)143/2‬‬


‫ولاو حيوارتلا ةالص‬

‫وإذا وجدت مسجد ًا يصيل مبكر ًا‪ ،‬واستطعت إكامل الصالة معه‪ ،‬ثم الذهاب‬
‫ب‬ ‫ْص َ ِ‬ ‫«م ْن َقا َم َم َع ا ِ‬
‫إل َما ِم َحتَّى َين َ ِ‬
‫ف؛ كُت َ‬ ‫للعمل‪ ،‬فهذا أحسن؛ ألن النبي ‪ H‬قال‪َ :‬‬
‫َل ُه ِق َيا ُم َل ْي َل ٍة (‪ .)1‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫‪483‬‬ ‫***‬

‫*سؤال‪ :‬أستلم يف عميل املناوبة مرتني باألسبوع‪ ،‬وال أمتكن خالل االستالم من‬
‫مغادرة املركز لظروف العمل وألوامر رؤسائي‪ ،‬فهل جيوز يل أن أغادر املركز‬
‫وأخالف أوامرهم ألداء صالة الرتاويح يف املسجد القريب من املركز؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫ال شك أن حرص اإلنسان عىل االستزادة من أسباب األجر‪ ،‬واملغفرة يف رمضان‪،‬‬


‫أمر حممود‪ ،‬ومندوب إليه‪ ،‬إال أن هذا مرشوط بأن ال يؤدي البحث عن فضل إىل تفويت‬
‫أو اإلخالل بام هو أفضل منه‪.‬‬

‫وال جيـوز لإلنسـان أن يترك عملـه من أجـل القيـام بنافلـة‪ ،‬فال حترص على نافلة‬
‫جمزأة‬
‫على حسـاب التفريط يف واجـب‪ ،‬ويمكنك أن تـؤدي الرتاويح يف مـكان عملك َّ‬
‫عىل حسـب الفـراغ والسـعة‪ ،‬أو يف آخر الليل يف بيتـك‪ ،‬وقد ُيكتب لـك األجر كامالً‪،‬‬
‫إن علم اهلل منك صدق ًا يف أدائها‪ ،‬إن مل يتيرس أداؤها يف العمل‪ ،‬أو يف البيت‪.‬‬

‫وسئل ابن عثيمني ‪ :V‬أعمل يف أحد املحالت التجارية‪ ،‬وال أستطيع أن أصيل‬
‫صالة الرتاويح يف املسجد؛ نظر ًا ألن مواعيد العمل تكون ِمن بعد املغرب إىل قرب‬
‫أعوض هذا الثواب الذي فاتني؟‬
‫السحور‪ ،‬هل آثم عىل ذلك؟ وكيف ِّ‬

‫فأجاب‪« :‬ال تأثم برتك الرتاويح؛ ألن الرتاويح سنَّة‪ ،‬إن أقامها اإلنسان؛ كان له‬
‫أجر‪ ،‬وإن مل يقم هبا؛ فليس عليه إثم‪.‬‬

‫((( رواه الرتمذي (‪ ،)806‬وصححه األلباين يف إرواء الغليل (‪.)193/2‬‬


‫الصيام سؤال وجواب‬

‫وإذا علم اهلل تعاىل من نيتك إنه لوال اشتغالك بام جيب عليك‪ ،‬من عقد األجرة عىل‬
‫هذا العمل‪ ،‬لقمت هبذه الرتاويح‪ :‬فإن فضل اهلل واسع؛ يثيبك ‪ E‬عىل ما كان من‬
‫نيتك»(‪ .)1‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬
‫‪484‬‬
‫*سؤال‪ :‬متى نبدأ يف القيام لصالة الرتاويح‪ :‬ليلة أول يوم من رمضان (بعد صالة‬
‫العشاء ليلة الرؤية أو اإلمتام)؟‪ ،‬أم بعد صالة العشاء من أول يوم يف رمضان؟‬
‫*جواب‪:‬‬
‫ُيرشع للمسلمني أداء صالة الرتاويح بعد صالة العشاء‪ ،‬بدءا من الليلة التي تسبق‬
‫أول أيام رمضان‪ ،‬إذا رؤي اهلالل‪ ،‬أو أكمل املسلمون عدة شعبان ثالثني يوم ًا‪.‬‬
‫وكذلك احلكم يف آخر رمضان‪ ،‬فإنه ال ت َّ‬
‫ُصل الرتاويح؛ إذا ثبت انتهاء الشهر برؤية‬
‫هالل العيد‪ ،‬أو أتم املسلمون عدة رمضان ثالثني يوم ًا‪.‬‬
‫فيتبي هبذا أن صالة الرتاويح‪ ،‬ال تتعلق بصيام هنار رمضان‪ ،‬بل بدخول الشهر من‬
‫َّ‬
‫الليل ابتدا ًء‪ ،‬وبآخر يوم من رمضان انتها ًء‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬هل هناك فرق بني القيام والرتاويح؟‬


‫*جواب‪:‬‬
‫صالة الرتاويح هي من قيام الليل‪ ،‬وليستا صالتني خمتلفتني‪ ،‬كام يظنّه كثري من‬
‫السلف ‪ ‬كانوا إذا‬ ‫سمي قيام الليل يف رمضان بصالة الرتاويح؛ ّ‬
‫ألن ّ‬ ‫ّ‬ ‫العوا ّم‪ ،‬وإنام‬
‫ص ّلوها اسرتاحوا بعد ّ‬
‫كل ركعتني أو أربع‪ ،‬من اجتهادهم يف تطويل صالة قيام الليل؛‬
‫«م ْن َقا َم‬
‫اغتنام ًا ملوسم األجر العظيم؛ وحرص ًا عىل األجر املذكور يف قوله ‪َ :H‬‬
‫احتِ َسا ًبا؛ غ ُِف َر َل ُه َما َت َقدَّ َم ِم ْن َذ ْنبِ ِه (‪ .)2‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫ان إِ َيمنًا َو ْ‬
‫َر َم َض َ‬
‫***‬

‫((( فتاوى إسالمية (‪.)255/2‬‬


‫((( رواه البخاري (‪ ،)37‬ومسلم (‪.)759‬‬
‫ولاو حيوارتلا ةالص‬

‫*سؤال‪ :‬هل جيوز أداء صالة الرتاويح قبل أذان الفجر بساعتني أو ما يقرب؟ أم جيب‬
‫أداؤها بعد العشاء مبارشة؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫‪485‬‬
‫وقت صالة الرتاويح يمتد من بعد صالة العشاء إىل طلوع الفجر‪ ،‬فيصح أداؤها يف‬
‫أي جزء من هذا الوقت‪.‬‬

‫قال النووي ‪« :V‬يدخل وقت الرتاويح بالفراغ من صالة العشاء‪ ،‬ويبقى إىل‬
‫طلوع الفجر»(‪.)1‬‬

‫ولكن‪ ،‬إذا كان الرجل سيصيل يف املسجد إمام ًا بالناس؛ ْ‬


‫فاألوىل أن يصليها بعد صالة‬
‫العشاء‪ ،‬وال يؤخرها إىل نصف الليل أو آخره؛ حتى ال يشق ذلك عىل املصلني‪ ،‬وربام‬
‫ينام بعضهم؛ فتفوته الصالة‪ ،‬وعىل هذا جرى عمل املسلمني‪ ،‬أهنم يصلون الرتاويح‬
‫بعد صالة العشاء‪ ،‬وال يؤخروهنا‪.‬‬

‫وقال ابن قدامة ‪« :V‬قيل لإلمام أمحد‪ :‬نؤخر القيام ‪-‬يعني يف الرتاويح‪ -‬إىل آخر‬
‫أحب إ َّيل»(‪.)2‬‬
‫الليل؟‪ ،‬قال‪ :‬ال؛ سنة املسلمني ُّ‬

‫أما من كان سيصليها يف بيته فهو باخليار‪ ،‬إن شاء صالها يف أول الليل‪ ،‬وإن شاء‬
‫صالها آخره‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬إذا نزل املطر وقت املغرب يف رمضان‪ ،‬فهل نرتك اجلمع بني املغرب والعشاء‪،‬‬
‫أو نجمع املغرب مع العشاء‪ ،‬ونؤخر الرتاويح؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫عرضنا هذا السؤال عىل سامحة الشيخ عبد العزيز بن باز ‪.V‬‬

‫((( املجموع رشح املهذب (‪.)32/4‬‬


‫((( املغني (‪.)833/1‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫فأجاب‪« :‬األمر واسع إن شاء اهلل‪ ،‬واجلمع يف هذه احلالة قد يفوت به مصالح كثرية‬
‫للناس»‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬دخلت املسجد متأخر ًا وقد فاتني من صالة الرتاويح ست ركعات‪ ،‬بعد ما صليت‬ ‫‪486‬‬
‫الرتاويح صليت العشاء‪ ،‬فهل جيب أن أقيض الركعات الست التي فاتتني من الرتاويح؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫ليس من الصواب أن تصيل الرتاويح ثم العشاء‪ ،‬وكان يمكنك الدخول مع اجلامعة‬


‫بنية العشاء‪ ،‬فإذا س َّلم اإلمام بعد الركعتني‪ ،‬تقوم لتقيض الركعتني الباقيتني‪ ،‬وصالة‬
‫القيام ال تكون قبل العشاء‪ ،‬بل بعدها‪ ،‬بل بعد سنة العشاء الراتبة‪ ،‬وما فعلتَه من صالة‬
‫هو من مطلق التطوع‪ ،‬ال من صالة القيام‪.‬‬

‫سئل ابن باز ‪ :V‬إذا جاء املسلم إىل املسجد ووجد اجلامعة يصلون الرتاويح وهو‬
‫مل يصل العشاء‪ ،‬فهل يصيل معهم بنية العشاء؟‬

‫فأجاب‪« :‬ال حرج أن يصيل معهم بنية العشاء يف أصح قويل العلامء‪ ،‬وإذا سلم‬
‫اإلمام‪ ،‬قام فأكمل صالته»)‪.(1‬‬

‫وقال ‪« :V‬السنة أن يكون التهجد يف رمضان وغريه‪ ،‬بعد سنة العشاء الراتبة؛ كام كان‬
‫النبي ‪ H‬يفعل ذلك‪ ،‬وال فرق يف ذلك بني كون التهجد يف املسجد أو يف البيت»)‪.(2‬‬

‫شئت‬
‫فعلت‪ ،‬وإن َ‬
‫َ‬ ‫شئت‬
‫وأما بالنسبة لصالة ما فاتك من الرتاويح‪ ،‬فأنت باخليار‪ :‬إن َ‬
‫تركت‪ ،‬فالرتاويح من النوافل‪ ،‬وليس قضاؤها واجب ًا‪ ،‬كام هو احلال بالنسبة للصلوات‬
‫َ‬
‫اخلمس‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫((( جمموع فتاوى ابن باز (‪.)181/12‬‬


‫((( جمموع فتاوى ابن باز (‪.)368/11‬‬
‫ولاو حيوارتلا ةالص‬

‫*سؤال‪ :‬لقد ذكر أحد األئمة أنه جيب أن نصيل صالة الرتاويح مع اإلمام كلها‪ ،‬وال‬
‫نرتكها قبل أن ينتهي؛ ألنه لن حيسب لنا ما قمنا معه سواء ركعتني أو أربعة‪ ،‬فهل‬
‫هذا صحيح؟‬

‫‪487‬‬ ‫*جواب‪:‬‬
‫ٍ‬
‫ألحد أن ينسب‬ ‫إن كان احلال كام ذكرت‪ ،‬فال شك أن هذا القول خطأ‪ ،‬وال حيل‬
‫للرشع ما ليس منه‪.‬‬

‫ومـن قـام مـع إمامه حتى يتم صالتـه؛ كُتب له قيـام ليلة‪ ،‬فعـن أيب ذر ‪ ،I‬قال‪:‬‬
‫ب َل ُه ِق َيا ُم َل ْي َل ٍة (‪.)1‬‬ ‫ْص َ ِ‬
‫ف؛ كُت َ‬ ‫«م ْن َقا َم َم َع ا ِ‬
‫إل َما ِم َحتَّى َين َ ِ‬ ‫قال رسول اهلل ‪َ :H‬‬

‫وال ينال هذا الثواب ‪-‬وهو أجر قيام ليلة‪ -‬إال من قام مع اإلمام يف صالته كلها‪،‬‬
‫حتى يتمها‪ ،‬كام قال الرسول ‪.H‬‬

‫أما من صىل مع اإلمام ما يتيرس له‪ ،‬وانرصف قبل متام صالة اإلمام؛ فإنه يكتب له‬
‫ما صاله فقط‪ ،‬وال يكتب له قيام ليلة‪ ،‬قال اهلل تعاىل‪( :‬ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ‬
‫ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ) [الزلزلة‪ ،]8-7 :‬فلعل إمامكم أراد أن‬
‫يقول ذلك فأخطأ يف التعبري‪ ،‬أو لعلك مل تنتبه ملراده جيد ًا‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬سمعت أنه من املندوب إليه‪ :‬أن يؤدي املسلم الرتاويح مفردة‪ ،‬كام صالها‬
‫النبي ‪ H‬بمفرده عدا ثالث مرات‪ ،‬هل هذا صحيح؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«ترشع صالة القيام يف رمضان مجاع ًة‪ ،‬وترشع مفردةً‪ ،‬وفعلها مجاع ًة أفضل من فعلها‬
‫منفرد ًا‪ ،‬فقد صالها النبي ‪ H‬بأصحابه مجاع ًة عدة ٍ‬
‫ليال‪.‬‬

‫((( رواه الرتمذي (‪ ،)806‬وأبو داود (‪ ،)1375‬والنسائي (‪ ،)1605‬وابن ماجة (‪ ،)1327‬وصححه‬


‫الرتمذي‪ ،‬وكذا األلباين يف إرواء الغليل (‪.)193/2‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫ليال‪ ،‬وملا كانت الثالثة‬ ‫فقد ثبت يف الصحيحني‪ ،‬أن النبي ‪ H‬صىل بأصحابه ٍ‬
‫«ل ْ َي ْمنَ ْعنِي ِم َن الخُ ُروجِ إِ َل ْيك ُْم؛ إِالَّ َأ ِّن َخ ِش ُ‬
‫يت‬ ‫أو الرابعة مل خيرج إليهم‪ ،‬فلام أصبح قال‪َ :‬‬
‫«و َلكِنِّي َخ ِش ُ‬
‫يت َأ ْن ُت ْف َر َض َع َل ْيك ُْم َصال ُة ال َّل ْي ِل؛‬ ‫َأ ْن ُت ْف َر َض َع َل ْيك ُْم (‪ ،)1‬ويف لفظ آخر‪َ :‬‬
‫جزُوا َعن َْها (‪.)2‬‬ ‫َف َت ْع ِ‬
‫‪488‬‬
‫فثبتـت اجلامعـة يف الرتاويـح بسـنة النبي ‪ ،H‬وذكـر النبـي ‪ H‬املانع‬
‫مـن االسـتمرار يف صالهتـا مجاعة‪ ،‬وهو خـوف أن تُفرض‪ ،‬وهذا اخلوف قـد زال بوفاة‬
‫الرسـول ‪H‬؛ ألنـه ملا مـات ‪ H‬انقطع الوحـي؛ فأمن مـن فرضيتها‪ ،‬فلام‬
‫زالـت العلـة وهو خـوف الفريضة بانقطـاع الوحي؛ فحينئـذ تعود السـنية هلا»(‪.)3‬‬

‫قــال ابــن عبد الــر ‪« :V‬وفيــه‪ :‬أن قيام رمضان ســنة من ســنن النبي ‪،H‬‬
‫منــدوب إليهــا‪ ،‬مرغــب فيهــا‪ ،‬ومل يســن منهــا عمــر بــن اخلطــاب إذ أحياهــا إال مــا‬
‫كان رســول اهلل ‪ H‬حيبــه ويرضــاه‪ ،‬ومل يمنــع مــن املواظبــة عليــه؛ إال خشــية أن‬
‫يفــرض عــى أمتــه‪ ،‬وكان باملؤمنــن رءوفـ ًا رحي ًام ‪ ،H‬فلــا علم ذلــك عمر من‬
‫رســول اهلل ‪ ،H‬وعلــم أن الفرائــض ال يــزاد فيهــا وال ينقــص منهــا‪ ،‬بعــد‬
‫موتــه ‪O‬؛ أقامهــا للنــاس وأحياهــا وأمــر هبــا‪ ،‬وذلــك ســنة أربــع عــرة‬
‫وفضلــه بــه»)‪.(4‬‬
‫مــن اهلجــرة‪ ،‬وذلــك يشء ادخــره اهلل لــه‪َّ ،‬‬

‫مجاعات وأفراد ًا‪ ،‬حتى‬ ‫‪H‬‬ ‫بعد وفاة النبي‬ ‫‪M‬‬ ‫وقد صالها الصحابة‬
‫مجعهم عمر ‪ I‬عىل إمام واحد‪.‬‬

‫القاري‪ ،‬أنه قال‪« :‬خرجت مع عمر بن اخلطاب ‪ I‬ليلة‬


‫ِّ‬ ‫عن عبد الرمحن بن َع ْب ٍد‬
‫يف رمضان إىل املسجد‪ ،‬فإذا الناس أوزاع متفرقون‪ ،‬يصيل الرجل لنفسه‪ ،‬ويصيل الرجل‬
‫مجعت هؤالء عىل قارئ واحد؛ لكان‬
‫ُ‬ ‫فيصيل بصالته الرهط‪ ،‬فقال عمر‪ :‬إين أرى لو‬

‫((( رواه البخاري (‪.)882‬‬


‫((( رواه البخاري (‪ ،)882‬ومسلم (‪.)761‬‬
‫((( انظر‪ :‬الرشح املمتع (‪.)78/4‬‬
‫((( التمهيد (‪.)109-108/8‬‬
‫ولاو حيوارتلا ةالص‬

‫ب بن كعب‪ ،‬ثم خرجت معه ليلة أخرى‪ ،‬والناس يصلون‬ ‫َأ ْم َث َل‪ ،‬ثم عزم فجمعهم عىل ُأ َ ِّ‬
‫ُ‬
‫أفضل من التي يقومون‬ ‫بصالة قارئهم‪ ،‬قال عمر‪ :‬نِ ْع َم البدعة هذه‪ ،‬والتي ينامون عنها‬
‫‪-‬يريد آخر الليل‪ -‬وكان الناس يقومون أوله»)‪.(1‬‬
‫‪489‬‬ ‫قال شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪ V‬يف معرض رده عىل الذين حيتجون بقول عمر‪:‬‬
‫نعمت البدعة عىل جتويز البدع‪« :‬أما قيام رمضان‪ :‬فإن رسول اللَّ ‪ H‬سنَّه أل َّمته‪،‬‬
‫وصل هبم مجاعة عدة ٍ‬
‫ليال‪ ،‬وكانوا عىل عهده يصلون مجاعة وفرادى‪ ،‬لكن مل يداوموا‬ ‫َّ‬
‫عىل مجاعة واحدة؛ لئال تفرض عليهم‪ ،‬فلام مات النبي ‪ H‬استقرت الرشيعة‪،‬‬
‫ٍ‬
‫واحد‪ ،‬وهو ُأيب بن كعب‪ ،‬الذي مجع الناس‬ ‫فلام كان عمر ‪ I‬مجعهم عىل إما ٍم‬
‫عليها بأمر من عمر بن اخلطاب ‪ ،I‬وعمر ‪ I‬هو من اخللفاء الراشدين‪ ،‬حيث‬
‫ني ِم ْن َب ْع ِدي‪َ ،‬ع ُّضوا‬ ‫ِ‬
‫الم ْهد ِّي َ‬
‫ين َ‬
‫اء ِ ِ‬
‫الراشد َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يقول ‪َ « :H‬ع َل ْيك ُْم بِ ُسنَّتي‪َ ،‬و ُسنَّة الخُ َل َف َّ‬
‫اج ِذ (‪ ،)2‬وهذا الذي فعله هو سنة‪ ،‬لكنه قال‪ :‬نعمت البدعة هذه‪ ،‬فإهنا بدعة‬ ‫َع َل ْي َها بِالن ََّو ِ‬
‫يف اللغة؛ لكوهنم فعلوا ما مل يكونوا يفعلونه يف حياة رسول اهلل ‪ ،H‬يعني‪ :‬من‬
‫االجتامع عىل مثل هذه‪ ،‬وهي سنة من الرشيعة»(‪ .)3‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬هل جتوز إقامة صالة الرتاويح يف البيت؟ وهل جتوز مع الزوجة‪ ،‬ويكون‬
‫الزوج هو اإلمام؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«م ْن َقا َم َر َم َض َ‬
‫ان‬ ‫صالة الرتاويح سنة مؤكدة‪ ،‬حث عليها النبي ‪ H‬بقوله‪َ :‬‬
‫احتِ َساب ًا؛ غ ُِف َر َل ُه َما َت َقدَّ َم ِم ْن َذ ْنبِ ِه (‪.)4‬‬
‫إِ َيمن ًا َو ْ‬

‫((( رواه البخاري (‪.)1906‬‬


‫((( رواه أبو داود (‪ ،)4607‬وصححه األلباين يف السلسلة الصحيحة (‪.)937‬‬
‫((( جمموع الفتاوى (‪.)235-234/22‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)37‬ومسلم (‪.)759‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫مجع‬ ‫‪H‬‬ ‫قال البهويت ‪« :V‬والرتاويح بمسجد أفضل منها ببيت؛ ألنه‬
‫«م ْن َقا َم َم َع‬
‫الناس عليها ثالث ليال متوالية‪ ،‬كام روته عائشة ‪ ،J‬وقال ‪َ :H‬‬
‫ب َل ُه ِق َيا ُم َل ْي َلةٍ »(‪.)1‬‬ ‫ِ‬
‫ف؛ ُحس َ‬ ‫ا ِ‬
‫إل َما ِم َحتَّى َين َ ِ‬
‫ْص َ‬
‫وقال الشوكاين ‪« :V‬قال النووي‪ :‬اتفق العلامء عىل استحباهبا‪ ،‬قال‪ :‬واختلفوا يف‬ ‫‪490‬‬
‫أن األفضل صالهتا يف بيته منفرد ًا‪ ،‬أم يف مجاعة يف املسجد؟ فقال الشافعي وأبو حنيفة‬
‫وأمحد وبعض املالكية وغريهم‪ :‬األفضل صالهتا مجاعة‪ ،‬كام فعله عمر بن اخلطاب‬
‫والصحابة ‪ ،M‬واستمر عمل املسلمني عليه؛ ألنه من الشعائر الظاهرة»(‪.)2‬‬
‫فصالهتا مجاع ًة يف املسجد أفضل‪ ،‬لكن‪ ،‬لو صالها الرجل يف بيته منفرد ًا‪ ،‬أو مجاع ًة‬
‫بأهله؛ فهو حسن‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬نحن يف قرية ال يوجد فيها نساء يذهبن إىل اجلامع‪ ،‬واجلامع أيض ًا ال يوجد فيه‬
‫مكان خمصص للنساء‪ ،‬فهل جيوز ملجموعة من النساء التجمع يف أحد املنازل لصالة‬
‫الرتاويح لوحدهن يف مجاعة؟ وإن جاز‪ ،‬فهل الصالة تكون رسية‪ ،‬أو ماذا؟‬
‫*جواب‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬جيوز للنساء أن جيتمعن ألداء صالة الرتاويح يف بيت إحداه َّن؛ برشط عدم‬
‫التربج والزينة يف اخلروج؛ وبرشط األمن وعدم الفتنة‪.‬‬
‫قال ابن عثيمني ‪« :V‬وال بأس بحضور النساء صالة الرتاويح؛ إذا أمنت الفتنة‪،‬‬
‫برشط أن خيرجن حمتشامت‪ ،‬غري متربجات بزينة‪ ،‬وال متطيبات»)‪.(3‬‬
‫نص‬‫واألفضـل هلـن أن تصلي كل واحـدة منهـن يف بيتهـا‪ ،‬بـل يف قعـر بيتهـا‪ ،‬وقد َّ‬
‫النبـي ‪ H‬على أن صلاة النسـاء للفـرض يف بيوهتـن‪ ،‬خير هل َّن مـن الصالة يف‬
‫املسـاجد‪ ،‬فأوىل أن تكـون النافلـة مثله‪.‬‬

‫((( رواه أبو داود (‪ ،)1375‬وصححه األلباين يف اإلرواء(‪ ،)193/2‬وانظر‪ :‬دقائق أويل النهى (‪.)245/1‬‬
‫((( نيل األوطار (‪.)59/3‬‬
‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)808 /14‬‬
‫ولاو حيوارتلا ةالص‬

‫وتِ َّن (‪.)1‬‬ ‫اج ِد النِّس ِ‬


‫اء َق ْع ُر ُب ُي ِ‬ ‫عن أم سلمة ‪ ،J‬عن النبي ‪ H‬أنه قال‪« :‬خَ ْي َم َس ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫بل إن صالة املرأة يف بيتها‪ ،‬خري من صالة مجاعة يف املسجد احلرام‪ ،‬أو النبوي خلف‬
‫النبي ‪.H‬‬
‫‪491‬‬
‫عـن أم محيد امرأة أيب محيد السـاعدي ‪ ،L‬أهنا جـاءت النبي ‪ H‬فقالت‪:‬‬
‫الصلا َة َم ِعي‪،‬‬ ‫ِ ِ‬
‫ـت َأنَّـك ُت ِّب َ‬
‫ني َّ‬ ‫يـا رسـول اهلل‪ ،‬إين أحـب الصلاة معك‪ ،‬قال‪َ « :‬قـدْ َعلِ ْم ُ‬
‫ُـك ِف حجرتِ ِ‬ ‫ك‪ ،‬وصالت ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬
‫ـك َخ ْ ٌي‬ ‫ُ ْ َ‬ ‫ـن َصالتـك ِف ُح ْج َرت َ َ‬ ‫ير َلك م ْ‬‫َو َصالتُـك ف َب ْيتـك َخ ْ ٌ‬
‫ـج ِد َقو ِم ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ك‪،‬‬ ‫ـن َصالتـك ِف َم ْس ِ ْ‬ ‫ير َلـك م ْ‬ ‫ـن َصالتـك ف َدارك‪َ ،‬و َصالتُـك ف َدارك َخ ْ ٌ‬ ‫م ْ‬
‫ـج ِدي ‪.‬‬
‫ك ِف َم ْس ِ‬ ‫ك ِمـن صالتِ ِ‬
‫ْ َ‬
‫ـك َخير َل ِ‬
‫ٌْ‬
‫ـج ِد َقو ِم ِ‬ ‫ِ‬
‫َو َصالتُـك ِف َم ْس ِ ْ‬

‫قال‪ :‬فأمرت‪ ،‬فبني هلا مسجد يف أقىص يشء من بيتها‪ ،‬وأظلمه‪ ،‬فكانت تصيل فيه‬
‫حتى لقيت اهلل ‪.(2) D‬‬

‫بـوب عليـه اإلمام ابـن خزيمـة ‪ V‬بقوله‪ »:‬بـاب اختيار صلاة املرأة‬
‫واحلديـث َّ‬
‫يف حجرهتـا على صالهتا يف دارهـا‪ ،‬وصالهتا يف مسـجد قومها عىل صالهتا يف مسـجد‬
‫النبـي ‪ ،H‬وإن كانـت صلاة يف مسـجد النبـي ‪ H‬تعـدل ألـف صلاة‬
‫ـج ِدي‬
‫ال ٌة ِف َم ْس ِ‬
‫«ص َ‬
‫يف غريهـا مـن املسـاجد‪ ،‬والدليـل عىل أن قـول النبـي ‪َ :H‬‬
‫ـاج ِد (‪ ،)3‬أراد به صلاة الرجال‪ ،‬دون‬
‫الم َس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ـن َأ ْلف َصالَة ف َيم س َ‬
‫ـوا ُه م َن َ‬
‫ـذا‪َ ،‬أ ْف َض ُ ِ‬
‫ـل م ْ‬ ‫َه َ‬
‫صالة النسـاء»(‪.)4‬‬

‫وقال صاحب عون املعبود‪« :‬ووجه كون صالهتن يف البيوت أفضل؛ لألمن من‬
‫الفتنة‪ ،‬ويتأكد ذلك بعد وجود ما أحدث النساء من التربج والزينة»(‪.)5‬‬

‫وحسنه األلباين يف صحيح الرتغيب (‪.)341‬‬


‫َّ‬ ‫((( رواه أمحد (‪،)297/6‬‬
‫وحسنه األلباين يف صحيح الرتغيب والرتهيب‬
‫َّ‬ ‫((( رواه أمحد (‪ ،)371/6‬وصححه ابن خزيمة (‪،)95/3‬‬
‫(‪.)82/1‬‬
‫((( رواه مسلم (‪.)1394‬‬
‫((( صحيح ابن خزيمة (‪.)95/3‬‬
‫((( عون املعبود (‪.)193/2‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫ثاني ًا‪ :‬إذا اجتمعت النساء يف ٍ‬


‫بيت وفق الرشوط السابقة؛ جاز أن يصلني مجاعة‪،‬‬
‫وتقف إمامتهن يف وسطهن‪ ،‬وال تتقدّ م عليهن‪ ،‬وال تؤم الرجال‪ ،‬ولو كانوا من حمارمها‪،‬‬
‫وجتهر بصالهتا كام جيهر الرجل يف الصلوات اجلهرية‪ ،‬عىل أن ال تُسمع صوهتا الرجال‪،‬‬
‫إال أن يكونوا من حمارمها‪.‬‬ ‫‪492‬‬

‫عن أم ورقة بنت عبد اهلل بن نوفل األنصارية ‪« ،J‬أهنا استأذنت النبي ‪H‬‬

‫أن تتخذ يف دارها مؤذن ًا‪ ،‬فأذن هلا‪ ،‬وأمرها أن تؤم أهل دارها»)‪.(1‬‬

‫وعن عائشة ‪« ،J‬أهنا كانت تؤذن‪ ،‬وتقيم‪ ،‬وتؤم النساء‪ ،‬وتقف وسطهن وعنها‪:‬‬
‫«أهنا أ َّمت نسوة يف املكتوبة‪ ،‬فأ َّمتهن بينهن وسط ًا»(‪.)2‬‬

‫و َع ْن ُح َج ْ َية بنت حصني‪َ ،‬قا َل ْت‪« :‬أمتنا أم سلمة قائم ًة وسط النساء «وعن أم‬
‫احلسن‪« :‬أهنا رأت أم سلمة زوج النبي ‪ H‬تؤم النساء‪ ،‬تقوم معهن يف صفهن»)‪.(3‬‬

‫قال األلباين ‪- V‬بعد ختريج تلك اآلثار‪« :-‬وباجلملة‪ :‬فهذه اآلثار صاحلة للعمل‬
‫هبا؛ والسيام وهي مؤيدة بعموم قوله ‪« :H‬إِنَّم النِّساء َش َقائِ ُق الر َج ِ‬
‫ال »(‪.)4‬‬ ‫ِّ‬ ‫َ َ ُ‬

‫ٌ‬
‫رجال ال جتهر‪ ،‬إال أن‬ ‫وقال ابن قدامة ‪« :V‬وجتهر يف صالة اجلهر‪ ،‬وإن كان هناك‬
‫يكونوا من حمارمها؛ فال بأس»)‪ .(5‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬هل جيوز ملن تعاين من الوسواس يف الصالة أن تصيل بأخواهتا صالة الرتاويح‪،‬‬
‫وتأمهن يف البيت؟‬
‫ُّ‬

‫((( رواه أبو داود (‪ ،)592‬وحسنه الشيخ األلباين يف إرواء الغليل(‪.)256/2‬‬


‫((( سنن البيهقي (‪.)5561‬‬
‫((( مصنف ابن أيب شيبة (‪.)430/1‬‬
‫((( رواه أبو داود (‪ ،)236‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع (‪ ،)2333‬انظر‪ :‬صفة صالة النبي ‪H‬‬

‫(ص‪.)155-153‬‬
‫((( املغني (‪.)17/2‬‬
‫ولاو حيوارتلا ةالص‬

‫*جواب‪:‬‬

‫ال بأس أن تصيل هذه املرأة بأخواهتا صالة الرتاويح مجاعة‪ ،‬وتؤمهن‪ ،‬ما دامت قائمة‬
‫برشوط الصالة‪ ،‬وأركاهنا‪ ،‬وواجباهتا‪ ،‬ولعل هذه اإلمامة تعينها عىل ضبط نفسها‪،‬‬
‫‪493‬‬ ‫وعدم االستجابة للوسوسة‪.‬‬

‫واملتوقع أن الشكوك ستنحرس‪ ،‬وضبطها للصالة سيزيد مع وجود اجلامعة الاليت‬


‫يصلني خلفها‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬أرجو التكرم بذكر أقوال العلامء بشأن حكم تقسيم صالة الرتاويح يف العرش‬
‫األواخر من رمضان قسمني‪ :‬يف أول الليل‪ ،‬وآخره‪ ،‬كام يفعل كثري من املساجد‪ ،‬مع‬
‫ذكر األدلة إن أمكن‪.‬‬

‫*جواب‪:‬‬

‫املستحب يف ليايل رمضان إحياؤها بالقيام والصالة والعبادة‪ ،‬وختصيص العرش‬


‫األواخر منه بمزيد تعبد واجتهاد‪ ،‬طلبا للمغفرة والرمحة‪ ،‬وحتريا لليلة القدر التي هي‬
‫خري من ألف شهر‪ .‬ثم إن صالة الرتاويح تعترب من قيام الليل‪ ،‬وتسميتها بالرتاويح ملا‬
‫يتخللها من أخذ قسط يسري من الراحة بني الركعات‪ ،‬ولذلك فاألمر فيها واسع‪ ،‬جيوز‬
‫للعبد أن يصيل يف الليلة ما شاء من الركعات‪ ،‬ويف أي وقت من الليل شاء‪.‬‬
‫جـاء يف املوسـوعة الفقهيـة‪« :‬ال خلاف بين الفقهـاء يف سـنية قيام ليـايل رمضان؛‬
‫لقوله ‪« :H‬من قام رمضان إيامنا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ‪.‬‬
‫وقال الفقهاء‪ :‬إن الرتاويح هي قيام رمضان؛ ولذلك فاألفضل استيعاب أكثر الليل‬
‫هبا ؛ ألهنا قيام الليل»(‪.)1‬‬
‫وما يقوم به كثري من األئمة اليوم ‪-‬خاصة يف العرش األواخر‪ -‬من الصالة بالناس‬
‫الرتاويح بعد العشاء مبارشة‪ ،‬ثم الرجوع إىل املسجد يف ساعة متأخرة من الليل للصالة‬

‫((( املوسوعة الفقهية (‪.)123/34‬‬


‫الصيام سؤال وجواب‬

‫والقيام‪ ،‬هو من املرشوع ال من املمنوع‪ ،‬وليس هناك ما يمنعه‪ ،‬واملطلوب هو االجتهاد‬


‫يف العرش األواخر عىل حسب االستطاعة‪ ،‬فإذا َق َّسم املرء ليله ما بني صالة وراحة ونوم‬
‫وقراءة قرآن فقد أحسن‪.‬‬
‫قال الشيخ عبد اهلل أبابطني‪« :‬مسألة يف اجلواب عام أنكره بعض الناس عىل من صىل‬ ‫‪494‬‬
‫يف العرش األواخر من رمضان زيادة عىل املعتاد يف العرشين األول‪ ،‬وسبب إنكارها‬
‫لذلك غلبة العادة‪ ،‬واجلهل بالسنة وما عليه الصحابة والتابعون وأئمة اإلسالم‪.‬‬
‫بالرتغيب يف قيـام رمضان‪،‬‬ ‫فنقـول‏‪:‬‏ قـد وردت األحاديـث عـن النبـي ‪H‬‬

‫واحلـث عليـه‪ ،‬وتأكيـد ذلك يف عشره األخري‪.‬‬


‫إذا تبني أنه ال حتديد يف عدد الرتاويح‪ ،‬وأن وقتها عند مجيع العلامء من بعد سنة‬
‫العشاء إىل طلوع الفجر‪ ،‬وأن إحياء العرش سنة مؤكدة‪ ،‬وأن النبي ‪ H‬صالها‬
‫ليايل مجاعة‪ ،‬فكيف ينكر عىل من زاد يف صالة العرش األواخر عام يفعلها أول الشهر‪،‬‬
‫فيصيل يف العرش أول الليل‪ ،‬كام يفعل يف أول الشهر‪ ،‬أو قليل‪ ،‬أو كثري‪ ،‬من غري أن يوتر‪،‬‬
‫وذلك ألجل الضعيف ملن حيب االقتصار عىل ذلك‪ ،‬ثم يزيد بعد ذلك ما يرسه اهلل يف‬
‫اجلامعة‪ ،‬ويسمى اجلميع قيام ًا وتراويح‪.‬‬
‫وربام اغرت املنكر لذلك بقول كثري من الفقهاء‏‪:‬‏ يستحب أن ال يزيد اإلمام عىل ختمة‪،‬‬
‫إال أن يؤثر املأمومون الزيادة‪ ،‬وعللوا عدم استحباب الزيادة عىل ختمة باملشقة عىل‬
‫املأمومني‪ ،‬ال كون الزيادة غري مرشوعة‪ ،‬ودل كالمهم عىل أهنم لو آثروا الزيادة عىل‬
‫ختمة كان مستحب ًا‪ ،‬وذلك مرصح به يف قوهلم‪ :‬إال أن يؤثر املأمومون الزيادة‏‪.‬‏‬
‫وأما ما جيري عىل ألسنة العوام من تسميتهم ما يفعل أول الليل تراويح‪ ،‬وما يصيل‬
‫بعد ذلك قيام ًا‪ ،‬فهو تفريق عامي‪ ،‬بل الكل قيام وتراويح‪ ،‬وإنام سمي قيام رمضان‬
‫تراويح ألهنم كانوا يسرتحيون بعد كل أربع ركعات من أجل أهنم كانوا يطيلون الصالة‪،‬‬
‫وسبب إنكار املنكر لذلك ملخالفته ما اعتاده من عادة أهل بلده وأكثر أهل الزمان‪،‬‬
‫وجلهله بالسنة واآلثار‪ ،‬وما عليه الصحابة والتابعون وأئمة اإلسالم‪ ،‬وما يظنه بعض‬
‫الناس من أن صالتنا يف العرش هي صالة التعقيب الذي كرهه بعض العلامء فليس‬
‫كذلك؛ ألن التعقيب هو التطوع مجاعة بعد الفراغ من الرتاويح والوتر‏‪.‬‏‬
‫ولاو حيوارتلا ةالص‬

‫هذه عبارة مجيع الفقهاء يف تعريف التعقيب أنه التطوع مجاعة بعد الوتر عقب‬
‫الرتاويح‪ ،‬فكالمهم ظاهر يف أن الصالة مجاعة قبل الوتر ليس هو التعقيب»(‪.)1‬‬
‫وقال الشيخ صالح الفوزان‪« :‬وأما يف العرش األواخر من رمضان‪ ،‬فإن املسلمني يزيدون‬
‫‪495‬‬ ‫من اجتهادهم يف العبادة‪ ،‬اقتداء بالنبي ‪ ، H‬وطلب ًا لليلة القدر التي هي خري من‬
‫ألف شهر‪ ،‬فالذين يصلون ثالث ًا وعرشين ركعة يف أول الشهر يقسموهنا يف العرش األواخر‪،‬‬
‫فيصلون عرش ركعات يف أول الليل‪ ،‬يسموهنا تراويح‏‪ ،‬‏ ويصلون عرش ًا يف آخر الليل‪،‬‬
‫يطيلوهنا مع الوتر بثالث ركعات‪ ،‬ويسموهنا قيام ًا‏‪ ،‬‏ وهذا اختالف يف التسمية فقط‪ ،‬وإال‬
‫فكلها جيوز أن تسمى تراويح‪ ،‬أو تسمى قيام ًا‏‪ ،‬‏ وأما من كان يصىل يف أول الشهر إحدى‬
‫عرشة أو ثالث عرشة ركعة فإنه يضيف إليها يف العرش األواخر عرش ركعات‪ ،‬يصليها يف آخر‬
‫الليل‪ ،‬ويطيلها‪ ،‬اغتنام ًا لفضل العرش األواخر‪ ،‬وزيادة اجتهاد يف اخلري‪ ،‬وله سلف يف ذلك‬
‫من الصحابة وغريهم ممن كانوا يصلون ثالث ًا وعرشين كام سبق‪ ،‬فيكونون مجعوا بني القولني‏‪:‬‬
‫‏ القول بثالث عرشة يف العرشين األول‪ ،‬والقول بثالث وعرشين يف العرش األواخر»)‪.(2‬‬
‫وانظر للفائدة جواب السؤال رقم‪ .)82152( :‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬ما حكم رفع الصوت بالصالة عىل النبي ‪ ، H‬والرتيض عن اخللفاء‬
‫الراشدين بني ركعات الرتاويح؟‬
‫*جواب‪:‬‬
‫«ال أصل لذلك‪ -‬فيام نعلم‪ -‬من الرشع املطهر‪ ،‬بل هو من البدع املحدثة‪ ،‬فالواجب‬
‫تركه‪ ،‬ولن يصلح آخر هذه األمة إال ما أصلح أوهلا‪ ،‬وهو اتباع الكتاب والسنة‪ ،‬وما‬
‫سار عليه سلف األمة‪ ،‬واحلذر مما خالف ذلك»)‪.(3‬‬
‫وانظر جواب السؤال رقم (‪ .)50718‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫((( الدرر السنية (‪.)364/4‬‬


‫((( إحتاف أهل اإليامن بمجالس شهر رمضان‪.‬‬
‫((( جمموع فتاوى الشيخ ابن باز (‪.)369/11‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*سؤال‪ :‬إذا حرض املصيل لصالة العشاء ووجد الناس يصلون فدخل معهم ثم‬
‫تبني أهنم يصلون الرتاويح فأكمل معهم‪ ،‬ثم صىل العشاء‪ ،‬هل جتوز العشاء بعد‬
‫الرتاويح؟ وهل جتوز الرتاويح قبل العشاء؟‬

‫*جواب‪:‬‬ ‫‪496‬‬

‫«عىل كل حال السنة الرتاويح بعد العشاء‪ ،‬فقيام رمضان بعد العشاء لكن هذه نافلة‬
‫فصالته معهم قبل العشاء تعترب صالة نافلة بني العشائني‪ ،‬والصالة بني العشائني جائزة‬
‫لكن ليس هي القيام املعروف يف رمضان‪ ،‬فقيام رمضان يكون بعد العشاء‪ ،‬فتعترب هذه‬
‫نافلة له بني العشائني‪ ،‬وصالته العشاء بعد ذلك صحيحة‪ ،‬وإنام األفضل واألوىل أن يبدأ‬
‫بالفريضة ثم يصيل معهم الرتاويح‪ ،‬هذا الذي ينبغي حتى يتبع السنة مع أداء الفريضة‪.‬‬

‫ولو أنه صىل معهم بنية الفريضة فلام سلم اإلمام من الرتاويح قام وأتم الفريضة‬
‫أجزأه ذلك‪ ،‬فلو صىل اإلمام االثنتني األوليني بنية الرتاويح وهو يصيل الفريضة‪ ،‬ثم إذا‬
‫سلم قام فتم صالته أجزأه ذلك‪.‬‬

‫فاحلاصل‪ :‬أن هذا ال حرج فيه إن شاء اهلل‪ ،‬صالته صحيحة‪ ،‬وصالته الرتاويح‬
‫صحيحة‪ ،‬وتعترب نافلة‪ ،‬ليست هي الرتاويح وليست قيام رمضان املشهور‪ ،‬إنام قيام‬
‫رمضان يكون بعد العشاء وهذا صالها قبل العشاء‪ ،‬فتكون من النوافل التي تستحب‬
‫بني املغرب والعشاء»(‪ .)1‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬هل يلزم املسلم إذا رشع يف صالة الرتاويح أن يكملها؟ أم يصيل ما شاء ثم ينرصف؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«ال شك أن الرتاويح سنة وأهنا نافلة‪ ،‬وهي قيام رمضان‪ ،‬وهكذا صالة الليل‪،‬‬
‫وهكذا صالة الضحى‪ ،‬وهكذا الرواتب التي مع الفرائض كلها سنة‪ ،‬وكلها نافلة‪ ،‬إن‬
‫شاء فعلها وإن شاء تركها‪ ،‬وفعلها أفضل‪.‬‬

‫((( فتاوى نور عىل الدرب للشيخ عبد العزيز بن باز (‪.)903/2‬‬
‫ولاو حيوارتلا ةالص‬

‫وإذا رشع مع اإلمام يف الرتاويح وأحب أن ينفتل منها قبل أن يكمل فال بأس‬
‫عليه‪ ،‬لكن بقاءه مع اإلمام حتى ينرصف أفضل‪ ،‬ويكتب له هبذا قيام الليلة‪ ،‬لقول‬
‫اهلل َل ُه ِق َيا َم َل ْي َل ٍة ‪ ،‬فإذا بقي مع‬
‫َب ُ‬ ‫ف َكت َ‬
‫ْص َ‬ ‫«م ْن َقا َم َم َع ا ِ‬
‫إل َما ِم َحتَّى َين َ ِ‬ ‫النبي ‪َ :H‬‬
‫اإلمام حتى يكمل كان له فضل قيام الليلة كلها‪ ،‬وإذا انرصف بعد أن يصيل بعض‬
‫‪497‬‬
‫الركعات فال بأس‪ ،‬وال حرج يف ذلك ألهنا نافلة»(‪.)1‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬ما حكم قراءة دعاء القنوت يف كل ليلة بعد الوتر؟‬


‫*جواب‪:‬‬
‫«ال حرج يف هذا‪ .‬دعاء القنوت سنة‪ ،‬وكان النبي ‪ H‬يقنت‪ ،‬وقد علم احلسن‬
‫القنوت وكلامت القنوت يف الوتر‪ ،‬فهو سنة‪ ،‬فإذا قرأت يف كل ليلة فال بأس‪ ،‬وإن تركت‬
‫يف بعض األحيان حتى يعلم الناس أنه ليس بواجب‪ ،‬فهذا ال بأس به‪ ،‬إذا ترك اإلمام‬
‫القنوت بعض األحيان ليعلم الناس أنه ليس بواجب‪ ،‬فال بأس‪ ،‬النبي ‪ H‬ملا علم‬
‫احلسن القنوت مل يقل له‪ :‬دعه يف بعض األيام‪ ،‬دل ذلك عىل أنه إذا استمر فال حرج )‪.(2‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬هل ستكون ليلة القدر هي نفس الليلة لكل املسلمني‪ ،‬أم أهنا ستختلف‬
‫باختالف البلدان؟‬
‫*جواب‪:‬‬
‫تكون ليلة واحدة ولو اختلف دخوهلا بالنسبة للبلدان‪ ،‬فتدخل يف البالد العربية عند‬
‫غروب شمس هنارهم وتدخل عند البالد اإلفريقية أيضا عند غروب شمس هنارهم‬
‫وغريها من البالد‪ ،‬فكلام غربت عند قوم دخلت عندهم ولو استغرق ذلك أكثر من‬
‫‪ 20‬ساعة فتحسب هلؤالء ليلتهم‪ ،‬وهلؤالء ليلتهم‪ ،‬وال مانع من أن تنزل املالئكة عند‬
‫هؤالء‪ ،‬وهؤالء أيضا‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫((( فتاوى نور عىل الدرب للشيخ عبد العزيز بن باز (‪.)901/2‬‬
‫((( فتاوى نور عىل الدرب للشيخ عبد العزيز بن باز (‪.)1062/2‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*سؤال‪ :‬فاتتني صالة العشاء‪ ،‬واإلمام بدأ يصيل الرتاويح‪ ،‬فدخلت مع اإلمام بنية‬
‫َّ‬
‫وصل اإلمام ركعتني‪ ،‬ثم سلم‪ ،‬وأنا بقيت جالس ًا‪ ،‬ومل أسلم‪ ،‬وعندما قام‬ ‫العشاء‪،‬‬
‫قمت معه‪ ،‬وأكملت صالة العشاء معه‪ ،‬هل طريقة صاليت هذه صحيحة؟‬
‫للصالة ُ‬
‫عيل فعله؟‬
‫وإذا كانت غري صحيحة ماذا َّ‬
‫‪498‬‬
‫*جواب‪:‬‬
‫اختلف العلامء يف حكم صالة املفرتض خلف إمام متنفل‪ ،‬وقد ذكرنا شيئ ًا من أقوال‬
‫العلامء يف هذه املسألة يف جواب السؤال رقم (‪.)79136‬‬
‫وذهب إىل جواز ذلك اإلمام الشافعي وابن املنذر ‪-‬وهو رواية عن أمحد‪، -‬‬
‫واختاره علامء اللجنة الدائمة‪ ،‬والشيخ ابن باز‪ ،‬ونقلنا عنهم جواز املسألة الواردة يف‬
‫السؤال‪ ،‬وهو صالة العشاء خلف من يصيل الرتاويح‪ ،‬وأن عىل املأموم أن ُيكمل صالته‬
‫وحده بعد سالم اإلمام‪.‬‬
‫أما ما فعله السائل من كونه جلس بعد سالم اإلمام‪ ،‬حتى ائتم به يف ركعتني أخريني‬
‫من الرتاويح‪ :‬ففيه القوالن فيمن ابتدأ صالته منفرد ًا هل له االقتداء بإمام مجاعة؟ ِ‬
‫فمن‬
‫العلامء َمن قال باملنع منه‪ ،‬ومنهم من قال بالصحة‪.‬‬
‫وقد توقف الشيخ العثيمني يف حكم هذا الفعل‪ ،‬فقال ‪-‬بعد أن َّبي جواز صالة‬
‫املفرتض خلف املتنفل‪ ،‬ومنه‪ :‬جواز صالة العشاء خلف من يصيل الرتاويح‪ -‬قال‪« :‬إنام‬
‫الذي أتوقف فيه‪ :‬هو انتظارهم اإلمام حتى يدخل يف التسليمة الثانية [يعني الركعتني‬
‫األخريني]‪ ،‬ويتمون الصالة معه‪ :‬فإن هذا أتوقف فيه؛ ألن الرسول ‪ H‬يقول‪:‬‬
‫«فام أدركتم فص ُّلوا‪ ،‬وما فاتكم فأمتوا فإن ظاهره‪ :‬أن اإلنسان يتم ما فاته مع إمامه‬
‫وحده‪ ،‬يعني‪ :‬ما ينتظر حتى يرشع اإلمام يف التسليمة الثانية‪ ،‬وإنام نقول‪ :‬إذا س َّلم اإلمام‬
‫ٍ‬
‫صالة أخرى»(‪.)1‬‬ ‫يف الصالة التي أدركتَه فيها‪ :‬فأتِ َّم‪ ،‬وال تنتظر حتى يدخل يف‬

‫وقد رجح النووي ‪ V‬جواز ذلك حيث قال‪« :‬ولو َّ‬


‫صل العشاء خلف الرتاويح‪:‬‬
‫جاز‪ ،‬فإذا س َّلم اإلمام‪ :‬قام إىل ركعتيه الباقيتني‪ ،‬واألوىل أن يتمها منفرد ًا‪ ،‬فلو قام اإلمام‬

‫((( فتاوى نور عىل الدرب (رشيط رقم ‪ ،15‬وجه ب)‪.‬‬


‫ولاو حيوارتلا ةالص‬

‫إىل أخريني من الرتاويح‪ ،‬فنوى االقتداء به ثاني ًا يف ركعتيه‪ :‬ففي جوازه القوالن فيمن‬
‫أحرم منفرد ًا ثم نوى االقتداء‪ ،‬واألصح‪ :‬الصحة (‪.)1‬‬

‫فعىل هذا‪ ،‬فالصالة صحيحة وليس عليك إعادهتا‪ ،‬غري أن األفضل ‪-‬فيام بعد‪ -‬أن‬
‫‪499‬‬ ‫تكمل صالتك وحدك‪ ،‬وال تعيد الدخول مع اإلمام مرة أخرى‪.‬‬

‫فليس عىل األخ السائل إعادة الصالة‪ ،‬وال إعادة ركعتني‪ ،‬وما فعله من صالة العشاء‬
‫خلف إمام الرتاويح صحيح‪ ،‬لكننا نرى أن األوىل أنه يتم ما بقي عليه من صالته وحده‪،‬‬
‫ولو اقتدى بالركعتني األخريني مع اإلمام مرة أخرى‪ :‬جاز‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬يف املسجد الذي يقع يف اجلوار حيث أعيش‪ ،‬تقام صال الرتاويح عىل مقاطع‬
‫‪ 20‬ركعة باالضافة عىل ركعتي الشفع والوتر‪ .‬واآلن حيث إن صالة العشاء سوف‬
‫تقام يف وقت متأخر جدا من اليوم‪ ،‬فقد كنا نفكر أن نقوم بإقامة وتر ألولئك الذين‬
‫يريدون أن يرتكوا الصالة يف وقت باكر‪ ،‬وعىل ذلك األساس سوف يقوم ذلك‬
‫الفريق بصالة ركعتي الشفع والوتر مع القاريء ثم سينرصفون ويقوم القاريء‬
‫بإكامل الركعات الباقية‪ ،‬هل جيوز فعل ذلك؟ هل أولئك الذين سيقومون بصالة‬
‫العرش ركات مع ركعة الوتر ويقومون باالنرصاف سوف يأخذون نفس األجر‬
‫كالذين قاموا بالصالة خلف اإلمام اآلخر‪ ،‬وصلوا الثالث وعرشون ركعة كامال‪.‬‬
‫أرجو اإلفادة يف هذا املوضوع بذات؟ ألننا نفكر يف تطبيقه إبتداء من رمضان القادم‬
‫بمشيئة اهلل‪ .‬جزاكم اهلل خريا من أجل هذه النصيحة‪.‬‬

‫*جواب‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬ثبت عن الرسول ‪ H‬أنه رغب يف صالة الرتاويح مجاعة‪ ،‬فقال‪َ :‬‬
‫«م ْن‬
‫ب َل ُه ِق َيا ُم َل ْي َل ٍة )‪.(2‬‬ ‫ْص َ ِ‬
‫ف كُت َ‬ ‫َقا َم َم َع ا ِ‬
‫إل َما ِم َحتَّى َين َ ِ‬

‫((( املجموع رشح املهذب (‪.)270/4‬‬


‫((( رواه الرتمذي (‪ )806‬وصححه‪ ،‬وأبو داود (‪ ،)1375‬والنسائي (‪ ،)1605‬وابن ماجه (‪.)1327‬‬
‫وصححه األلباين يف صحيح الرتمذي‪.‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫وهذا الثواب ال يناله إال من صىل مع اإلمام حتى ينتهي من الصالة كلها‪ ،‬أما من‬
‫اقترص عىل بعض الصالة ثم انرصف‪ ،‬فال يستحق الثواب املوعود به يف هذا احلديث‪،‬‬
‫وهو قيام ليلة‪.‬‬

‫وقـد سـئل الشـيخ ابـن بـاز ‪ :V‬إذا صلى اإلنسـان يف رمضـان مـع مـن يصلي‬ ‫‪500‬‬
‫ثالثـا وعرشيـن ركعـة واكتفـى بإحـدى عشرة ركعـة ومل يتـم مع اإلمـام‪ ،‬فهـل فعله‬
‫هـذا موافق للسـنة؟‬

‫فأجاب‪« :‬السنة اإلمتام مع اإلمام‪ ،‬ولو صىل ثالثا وعرشين‪ ،‬ألن الرسول ‪H‬‬

‫قال‪« :‬من قام مع اإلمام حتى ينرصف كتب اهلل له قيام ليلة ‪ .‬ويف اللفظ اآلخر‪« :‬بقية‬
‫ليلته ‪.‬‬

‫فاألفضل للمأموم أن يقوم مع اإلمام حتى ينرصف‪ ،‬سواء صىل إحدى عرشة ركعة‬
‫أو ثالث عرشة أو ثالثا وعرشين أو غري ذلك‪ ،‬هذا هو األفضل أن يتابع اإلمام حتى‬
‫ينرصف»(‪.)1‬‬

‫وقال الشيخ ابن جربين ‪« :V‬قيام رمضان حيصل بصالة جزء من كل ليلة‪،‬‬
‫كنصفها أو ثلثها‪ ،‬سواء كان ذلك بصالة إحدى عرشة ركعة‪ ،‬أو ثالث وعرشين‪،‬‬
‫وحيصل القيام بالصالة خلف إمام احلي حتى ينرصف‪ ،‬ولو يف أقل من ساعة‪.‬‬

‫ال باحلديث‪ ،‬فمن أراد‬ ‫وكان اإلمام أمحد ُيصيل مع اإلمام وال ينرصف إال معه‪ ،‬عم ً‬
‫ال أو كثري ًا‪،‬‬
‫هذا األجر فعليه أن يصيل مع اإلمام حتى يفرغ من الوتر‪ ،‬سواء صىل قلي ً‬
‫وسواء طالت املدة أو قرصت»)‪.(2‬‬

‫وإذا كان املسـجد يصلي فيـه إمامـان فصلاة الرتاويـح هـي صلاة اإلمامين مع ًا‪،‬‬
‫فينبغـي ملـن أراد أن ينـال ثـواب قيـام ليلـة أن ال ينصرف حتـى يتـم اإلمـام الثـاين‬
‫الصلاة وينصرف منهـا‪.‬‬

‫((( جمموع فتاوى ابن باز (‪.)325/11‬‬


‫((( فتاوى الشيخ ابن جربين (‪.)9/24‬‬
‫ولاو حيوارتلا ةالص‬

‫سئل الشيخ ابن عثيمني ‪ :V‬من صىل مع اإلمام األول صالة الرتاويح ثم انرصف‪،‬‬
‫وقال‪ :‬يل قيام ليلة بنص احلديث‪ ،‬فإنني بدأت مع اإلمام وانرصفت معه؟‬
‫فأجاب‪« :‬أما قوله‪ :‬من قام مع اإلمام حتى ينرصف كتب له قيام ليلة‪ .‬فهذا صحيح‪.‬‬
‫‪501‬‬ ‫ولكن هل اإلمامان يف مسجد واحد يعترب كل واحد منهم مستقال‪ ،‬أو أن كل واحد‬
‫منهام نائب عن الثاين؟‬
‫الذي يظهر االحتامل الثاين ‪-‬أن كل واحد منهام نائب عن الثاين مكمل له‪ -‬وعىل‬
‫هذا فإن كان املسجد يصيل فيه إمامان فإن هذين اإلمامني يعتربان بمنزلة إمام واحد‪،‬‬
‫فيبقى اإلنسان حتى ينرصف اإلمام الثاين‪ ،‬ألننا نعلم أن الثانية مكملة لصالة األول‪.‬‬
‫وعىل هذا فالذي أنصح به إخواين أن يتابعوا األئمة هنا يف احلرم حتى ينرصفوا‬
‫هنائيا‪ ،‬وإن كان بعض اإلخوة ينرصف إذا صىل إحدى عرشة ركعة‪ ،‬ويقول‪ :‬إن هذا‬
‫هو العدد الذي كان عليه الرسول ‪ ،H‬ونحن معه يف أن العدد الذي فعله‬
‫الرسول ‪ H‬واقترص عليه هو األفضل‪ ،‬وال أحد يشك يف هذا‪ ،‬ولكني أرى أنه ال‬
‫مانع من الزيادة‪ ،‬ال عىل أساس الرغبة عن العدد الذي اختاره النبي ‪ ،H‬ولكن‬
‫عىل أساس أن هذا من اخلري الذي وسع فيه الرشع‪.‬‬
‫ولكن اإلشكال الوارد‪ :‬إن كان هناك وتران يف ليلة واحدة‪ ،‬فامذا يصنع املأموم؟‬
‫نقول‪ :‬إذا كنت تريد أن تصيل مع اإلمام الثاين التهجد‪ ،‬فإذا أوتر اإلمام األول‪ ،‬فأت‬
‫بركعة لتكون مثنى مثنى‪ ،‬وإذا كنت ال تريد التهجد آخر الليل‪ ،‬فأوتر مع اإلمام األول‪،‬‬
‫ثم إن قدر لك بعد ذلك أن تتهجد فاشفع الوتر مع اإلمام الثاين»(‪ )1‬انتهى ملخصا‪.‬‬
‫والذي ينبغي يف هذا أن يتفق أهل املسجد عىل عدد من الركعات يصلوهنا كل ليلة‪،‬‬
‫يكون مناسب ًا هلم مجيع ًا أو ألكثرهم‪ ،‬حتى ال حيصل تفريق بني املصلني‪ ،‬أو حرمان‬
‫بعضهم من الثواب‪ ،‬وقد كان حريص ًا عليه لوال ما عنده من أعامل‪.‬‬
‫ونسأل اهلل تعاىل أن يتقبل منا مجيع ًا ويعيننا عىل طاعته‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫((( جمموع فتاوى ورسائل ابن عثيمني (‪.)436/13‬‬


‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*سؤال‪ :‬أعلم أن صالة السنَّة (كالتهجد) يستحب صالهتا يف املنزل‪ ،‬ولكن إذا كنا يف‬
‫زيارة ملكة واملدينة ونقيم يف فندق هل خيتلف احلكم (أعني‪ :‬هل صالة السنة يف غرفة‬
‫الفندق أفضل أم صالهتا يف احلرم)؟ وبالنسبة للنساء الالئي تعترب صالة الفرض‬
‫أفضل هلن يف املنزل ‪-‬حيث سافرت أرسيت معي إىل مكة واملدينة‪ -‬فهل صالهتم‬
‫‪502‬‬
‫املفروضة أفضل يف املنزل أم يف احلرم؟ وهل نعترب يف حالة سفر (حيث إننا نقيم يف‬
‫فندق)؟ أفيدوين‪ ،‬أفادكم اهلل‪ ،‬وجزاكم اهلل خري ًا‪.‬‬

‫*جواب‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬اختلف العلامء يف األفضل يف صالة الرتاويح هل صالهتا يف املساجد يف مجاعة‬
‫أم صالهتا يف البيوت منفرد ًا‪ ،‬واألقوال يف ذلك ثالثة‪:‬‬
‫القـول األول‪ :‬أن صالهتـا يف املسـاجد مجاعـة أفضـل‪ ،‬وهو قـول متقدمـي احلنفية‬
‫وأمحد بن حنبل ومجهور أصحابه‪.‬‬
‫وقد ذكرنا أدلة أصحاب هذا القول ومن قال به يف جواب السؤال رقم (‪)45781‬‬
‫وهو الذي رجحناه هناك‪.‬‬
‫القول الثاين‪ :‬أن صالهتا يف البيوت منفرد ًا أفضل‪ ،‬وهو قول مالك والشافعي‬
‫ومجهور أصحاهبام‪.‬‬
‫واحتج مالك ‪ V‬بفعل الكبار من شيوخه والكبار من الصحابة‪.‬‬
‫ول اهللِ ‪َّ H‬ات ََذ‬ ‫ت ‪َ I‬أ َّن َر ُس َ‬ ‫واحتج الشافعي ‪ V‬بحديث َزي ِد ب ِن َثابِ ٍ‬
‫ْ ْ‬
‫َاس ِم ْن َأ ْص َحابِ ِه َف َل َّم َع ِل َم‬ ‫ِِ‬
‫ال َف َص َّل بِ َص َلته ن ٌ‬
‫ِ‬ ‫ُح ْج َر ًة ِم ْن َح ِص ٍري ِف َر َم َض َ‬
‫ان َف َص َّل ف َيها َل َي ِ َ‬
‫يعك ُْم َف َص ُّلوا َأ ُّ َيا‬ ‫ت ِمن صن ِ ِ‬ ‫ِبِم جع َل ي ْقعدُ َف َخرج إِ َلي ِهم َف َق َال « َقدْ عر ْف ُ ِ‬
‫ت ا َّلذي َر َأ ْي ُ ْ َ‬ ‫ََ‬ ‫َ َ ْ ْ‬ ‫ْ َ َ َ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الم ْرء ِف َب ْيته إِ َّل َ‬
‫الم ْكتُو َب َة (‪.)1‬‬ ‫الص َلة َص َل ُة َ‬ ‫َّاس ِف ُب ُيوتك ُْم َفإِ َّن َأ ْف َض َل َّ‬
‫الن ُ‬
‫قال ابن عبد الرب ‪« :V‬قال مالك‪ :‬وكان ربيعة وغري واحد من علامئنا‪ :‬ينرصفون وال‬
‫يقومون مع الناس‪ ،‬قال مالك‪ :‬وأنا أفعل ذلك وما قام رسول اهلل ‪ H‬إال يف بيته‪.‬‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)698‬ومسلم (‪.)781‬‬


‫ولاو حيوارتلا ةالص‬

‫واحتج الشافعي بحديث زيد بن ثابت‪- ...‬وساقه بنصه‪ ،-‬قال الشافعي‪ :‬وال سيام‬
‫مع رسول اهلل ‪ H‬يف مسجده عىل ما كان يف ذلك كله من الفضل»)‪.(1‬‬

‫وقال ابن عبد الرب ‪-‬أيض ًا ‪« :-‬فإذا كانت النافلة يف البيت أفضل منها يف مسجد‬
‫‪503‬‬ ‫النبي ‪ O‬فيه بألف صالة فأي فضل أبني من هذا؟! وهلذا كان مالك والشافعي‬
‫ومن سلك سبيلهام يرون االنفراد يف البيت أفضل يف كل نافلة‪ ،‬فإذا قامت الصالة يف‬
‫املساجد يف رمضان ولو بأقل عدد‪ :‬فالصالة حينئذ يف البيت أفضل»(‪.)2‬‬

‫وينبغي التنبيه عىل أن من قال من األئمة بأن اإلنفراد يف صالة الرتاويح يف البيت‬
‫أفضل من اجلامعة يف املسجد إنام هو ملن كان حيفظ شيئ ًا من القرآن ‪-‬أو القرآن كله‪-‬‬
‫ويقوى عىل الصالة يف البيت وال خياف الكسل فتضيع عليه الصالة‪ ،‬وأن ال تنقطع‬
‫اجلامعة يف املسجد بانقطاعه‪ ،‬وهذا الرشوط إن مل تتحقق فال شك أن صالة الرتاويح يف‬
‫املسجد مجاعة أفضل عندهم‪.‬‬

‫قال النووي ‪« :V‬قال أصحابنا العراقيون والصيدالين والبغوى وغريمها من‬


‫اخلراسانيني‪ :‬اخلالف فيمن حيفظ القرآن‪ ،‬وال خياف الكسل عنها لو انفرد وال ختتل‬
‫اجلامعة يف املسجد بتخلفه‪ ،‬فإن فقد أحدٌ هذه األمور‪ :‬فاجلامعة أفضل بال خالف‪،‬‬
‫وأطلق مجاعة يف املسألة ثالثة أوجه‪ ،‬ثالثها‪ :‬هذا الفرق»(‪.)3‬‬

‫ويمكن إضافة رشط آخر مهم‪ ،‬زاده بعض أهل العلم هنا‪ ،‬وهو ينطبق عىل ما‬
‫سأل عنه األخ السائل‪ ،‬وهو أن يكون املصيل يف بيته منفرد ًا ‪-‬مفض ً‬
‫ِّال له عىل الصالة‬
‫يف احلرمني‪ -‬من أهل احلرمني؛ فالقادم للحرم املكي ‪-‬ومثله القادم للمدينة للصالة يف‬
‫املسجد النبوي‪ -‬ألداء العمرة ال ينطبق عليه أفضلية صالة الرتاويح يف بيته‪.‬‬

‫((( التمهيد (‪.)116 /8‬‬


‫((( االستذكار (‪.)73 /2‬‬
‫((( املجموع (‪.)31 /4‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫قال حممد الدسوقي املالكي ‪« :V‬ندْ ب ِ‬


‫فعلها يف البيوت مرشوط برشوط ثالثة‪:‬‬
‫أن ال تُعطل املساجد‪ ،‬وأن َينشط لفعلها يف بيته‪ ،‬وأن يكون غري آفاقي باحلرمني‪ ،‬فإن‬
‫ختلف منها رشط‪ :‬كان فع ُلها يف املسجد أفضل»(‪.)1‬‬

‫وبالتأمل يف حال الناس اآلن ‪-‬ومنهم كثري من اخلاصة من الشباب املستقيم عىل‬ ‫‪504‬‬
‫الطاعة‪ -‬نجد أن صالة الرتاويح مجاعة يف املسجد هي األفضل هلم؛ ملا يف الصالة فيها من‬
‫النشاط بسبب كوهنا يف أول الليل‪ ،‬وحلسن صوت اإلمام ‪-‬ملن يتحرى الصالة عندهم‪-‬‬
‫ولكثرة من يص ِّليها من الناس‪ ،‬وأيض ًا بسبب كثرة االنشغاالت يف البيوت مما يؤ ِّدي إىل‬
‫التكاسل عن أدائها‪ ،‬لذا فإننا نرى أن دعوة عوام الناس اآلن لصالة الرتاويح يف البيوت‬
‫هي دعوة لرتك هذه الصالة! فأين الذين حيفظون شيئا من القرآن من أولئك؟! وماذا‬
‫سيصنع هؤالء أثناء صالة الناس يف املساجد أول الليل؟! وأين الدافع الذي سيجعل‬
‫هؤالء يقومون آخر الليل للصالة؟!‬

‫فـإذا قدر أن الراجح يف هذه املسـألة عند بعض الناس هو القـول الثاين‪ ،‬فليكن هذا‬
‫التقريـر خلاصـة النـاس ال لعامتهم‪ ،‬ولعل هـذا هو مراد مـن اختار ذلك من السـلف؛‬
‫َّ‬
‫وصل‬ ‫ولذلـك مجع عمر بـن اخلطاب ‪ I‬الناس يف املسـجد ألداء صلاة الرتاويح‪،‬‬
‫هو وحده يف بيته‪.‬‬

‫وما أمجل ما قاله اإلمام مالك ‪-‬وهو تلخيص ملا نريد قوله‪ -‬حني سأله ابن القاسم‬
‫عن قيام الرجل يف رمضان أمع الناس أحب إليك أم يف بيته؟ قال‪« :‬إن كان يقوى يف بيته‬
‫(‪)2‬‬
‫فهو أحب إ َّيل‪ ،‬وليس كل الناس يقوى عىل ذلك»‬

‫ثاني ًا‪ :‬أما بخصوص صالة الرتاويح للنساء يف بيوهتن‪ :‬فقد سبق اجلواب عنه يف‬
‫جواب السؤال رقم (‪ ،)3457‬وقد قلنا هناك إن األفضل يف حق النساء قيام الليل يف‬
‫وت َّن َخ ْ ٌي َُل َّن (‪ ،)3‬ولك ّن هذه‬ ‫اءك ُْم َ ِ‬ ‫ِ‬
‫الم َساجدَ َو ُب ُي ُ ُ‬ ‫بيوهتن لقوله ‪« H‬ال َتْنَ ُعوا ن َس َ‬

‫((( حاشية الدسوقي (‪.)315 /1‬‬


‫((( املدونة الكربى (‪.)287 /1‬‬
‫((( رواه أبو داود (‪ ،)567‬وصححه األلباين يف صحيح أيب داود‪.‬‬
‫ولاو حيوارتلا ةالص‬

‫األفضلية ال متنع من اإلذن هل ّن من الذهاب إىل املساجد‪ ،‬لكن برشوط‪ ،‬فانظرها يف‬
‫اجلواب املحال عليه‪.‬‬

‫وفيه فتوى منقولة عن الشيخ ابن باز أن الرتاويح يف بيتها أفضل من املسجد‪.‬‬
‫‪505‬‬
‫ويف جواب السؤال رقم (‪ )12451‬نقلنا عن الشيخ العثيمني ‪ V‬قو َله‪« :‬السنَّة‬
‫تدل عىل أن األفضل للمرأة تصلِّ يف بيتها يف أي مكان كانت‪ ،‬سواء يف مكة أو غريها»‪.‬‬
‫انتهى‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫****‬

‫*سؤال‪ :‬نحن نصيل الرتاويح‪ ،‬فهل جيوز أن أعتمد عىل ِرجل يف الوقوف ثم االعتامد‬
‫الرجلني ألجل ختفيف التعب؟‬
‫عىل األخرى ثم الوقوف عىل ِّ‬

‫*جواب‪:‬‬

‫ال بأس للمصيل ‪-‬إن طال قيامه يف الصالة‪ -‬أن يعتمد عىل إحدى رجليه تارة‪ ،‬وعىل‬
‫األخرى؛ لرييح نفسه‪ ،‬وتسمى هذه الفعلة املراوحة‪ ،‬عىل أن ال يقدِّ م رج ً‬
‫ال عىل أخرى‪،‬‬
‫فتكون ٌ‬
‫رجل مع الناس وأخرى متقدمة أو متأخرة عنهم‪ ،‬واملراوحة جائزة ملن له عذر‪،‬‬
‫ومكروهة من غري عذر‪.‬‬

‫قال النووي ‪« :V‬لو قام عىل إحدى رجليه‪َّ :‬‬


‫صحت صالته مع الكراهة‪ ،‬فإن كان‬
‫معذور ًا‪ :‬فال كراهة»)‪.(1‬‬

‫‪-‬أيض ًا‪« :-‬واعلم بأنه يكره للصحيح أن يقوم عىل إحدى رجليه‪،‬‬ ‫‪V‬‬ ‫وقال‬
‫ويصح»(‪.)2‬‬

‫الرتوح الذي هو املراوحة بني القدمني بحيث‬ ‫وقال الشيخ ابن عثيمني ‪« :V‬وأما ُّ‬
‫يعتمد عىل ِر ْجل أحيان ًا‪ ،‬وعىل ِر ْجل ُأ ْخرى أحيان ًا؛ فهذا ال بأس به‪ ،‬وال سيام إذا طال‬

‫((( املجموع (‪.)230 /3‬‬


‫((( روضة الطالبني (‪.)234 /1‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫الر ْجالن‬
‫الرجلني عىل الثانية‪ ،‬بل تكون ِّ‬
‫وقوف اإلنسان‪ ،‬ولكن بدون أن يقدِّ َم إحدى ِّ‬
‫متساويتني‪ ،‬وبدون كثرة»(‪ .)1‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬أسأل عن الرتاويح‪ :‬هل هي إحدى عرشة ركعة أم عرشون ركعة؟ واملسألة‬ ‫‪506‬‬
‫حساسة هنا يف الواليات املتحدة‪ ،‬فمن يصيل إحدى عرشة يلوم الذي يصيل عرشين‪،‬‬
‫والعكس‪ ،‬وصارت فتنة‪ .‬والسنة أن تصىل الرتاويح إحدى عرشة ركعة‪ ،‬فلامذا ختتلف‬
‫الصالة يف املسجد احلرام واملسجد النبوي عن السنة؟ ملاذا يصلون الرتاويح عرشين‬
‫ركعة يف املسجد احلرام واملسجد النبوي؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫ال نرى أن يتعامل املسلم مع املسائل االجتهادية بني أهل العلم بمثل هذه احلساسية‪،‬‬
‫فيجعل منها سبب ًا حلصول الفرقة والفتن بني املسلمني‪.‬‬

‫قال ابن عثيمني ‪- V‬عند الكالم عىل مسألة من يصيل مع اإلمام عرش ركعات‪،‬‬
‫ثم جيلس وينتظر صالة الوتر‪ ،‬وال يكمل صالة الرتاويح مع اإلمام‪« :-‬ويؤسفنا كثري ًا‬
‫أن نجد يف األمة اإلسالمية املتفتحة فئة ختتلف يف أمور يسوغ فيها اخلالف‪ ،‬فتجعل‬
‫اخلالف فيها سبب ًا الختالف القلوب‪ ،‬فاخلالف يف األمة موجود يف عهد الصحابة‪ ،‬ومع‬
‫ذلك بقيت قلوهبم متفقة‪.‬‬
‫فالواجب عىل الشباب خاصة‪ ،‬وعىل كل امللتزمني‪ ،‬أن يكونوا يد ًا واحدةً‪ ،‬ومظهر ًا‬
‫واحد ًا؛ ألن هلم أعدا ًء يرتبصون هبم الدوائر»(‪.)2‬‬
‫وقد غال يف هذه املسألة طائفتان‪:‬‬
‫األوىل‪ :‬أنكرت عىل من زاد عىل إحدى عرشة ركعة‪ ،‬وبدَّ عت فعله‪ ،‬والثانية‪ :‬أنكرت‬
‫عىل من اقترص عىل إحدى عرش ركعة‪ ،‬وقالوا‪ :‬إهنم خالفوا اإلمجاع‪.‬‬

‫((( الرشح املمتع (‪.)224/3‬‬


‫((( الرشح املمتع (‪.)225/4‬‬
‫ولاو حيوارتلا ةالص‬

‫ولنسمع إىل توجيه من الشيخ الفاضل ابن عثيمني ‪ V‬حيث يقول‪« :‬وهنا نقول‪:‬‬
‫ال ينبغي لنا أن نغلو أو نفرط‪ ،‬فبعض الناس يغلو من حيث التزام السنة يف العدد‪،‬‬
‫فيقول‪ :‬ال جتوز الزيادة عىل العدد الذي جاءت به السنَّة‪ ،‬وينكر أشدَّ النكري عىل من زاد‬
‫ٍ‬
‫عاص‪.‬‬ ‫عىل ذلك‪ ،‬ويقول‪ :‬إنه آثم‬
‫‪507‬‬

‫‪H‬‬ ‫وهذا ال شك أنه خطأ‪ ،‬وكيف يكون آث ًام عاصي ًا؟!؛ وقد سئل النبي‬
‫«م ْثنَى َم ْثنَى ‪ ،‬ومل حيدد بعدد‪ ،‬ومن املعلوم أن الذي سأله عن‬
‫عن صالة الليل فقال‪َ :‬‬
‫صالة الليل ال يعلم العدد؛ ألن من ال يعلم الكيفية‪ ،‬فجهله بالعدد من باب أوىل‪ ،‬وهو‬
‫ليس ممن خدم الرسول ‪H‬؛ حتى نقول إنه يعلم ما حيدث داخل بيته‪ ،‬فإذا كان‬
‫النبي ‪َّ H‬بي له كيفية الصالة دون أن حيدد له بعدد‪ُ :‬علم أن األمر يف هذا واسع‪،‬‬
‫وأن لإلنسان أن يصلِّ َ مائة ركعة‪ ،‬ويوتر بواحدة‪.‬‬
‫«ص ُّلوا كَم َر َأ ْيت ُُم ِ‬
‫ون ُأ َص ِّل (‪ ،)1‬فهذا ليس عىل عمومه حتى‬ ‫وأما قوله ‪َ :H‬‬
‫َ‬
‫عند هؤالء‪ ،‬وهلذا ال يوجبون عىل اإلنسان أن يوتر مرة بخمس‪ ،‬ومرة بسبع‪ ،‬ومرة‬
‫بتسع‪ ،‬ولو أخذنا بالعموم؛ لقلنا‪ :‬جيب أن توتر مرة بخمس‪ ،‬ومرة بسبع‪ ،‬ومرة بتسع‪،‬‬
‫رسد ًا‪ ،‬وإنام املراد‪ :‬صلوا كام رأيتموين أصيل يف الكيفية‪ ،‬أما يف العدد‪ :‬فال‪ ،‬إال ما ثبت‬
‫النص بتحديده‪.‬‬

‫وعىل ٍّ‬
‫كل‪ :‬ينبغي لإلنسان أن ال يشدد عىل الناس يف أمر واسع‪ ،‬حتى إنا رأينا من‬
‫اإلخوة الذين يشددون يف هذا‪َ ،‬من يبدِّ عون األئمة الذين يزيدون عىل إحدى عرشة‪،‬‬
‫«م ْن َقا َم َم َع‬
‫وخيرجون من املسجد؛ فيفوهتم األجر‪ ،‬الذي قال فيه الرسول ‪َ :H‬‬
‫ب َل ُه ِق َيا ُم َل ْي َل ٍة (‪ ،)2‬وقد جيلسون إذا صلوا عرش ركعات؛ فتنقطع‬ ‫ْص َ ِ‬
‫ف؛ كُت َ‬ ‫ا ِ‬
‫إل َما ِم َحتَّى َين َ ِ‬
‫الصفوف بجلوسهم‪ ،‬وربام يتحدثون أحيان ًا؛ فيشوشون عىل املصلني‪.‬‬
‫ٍ‬
‫جمتهد يكون مصيب ًا‪.‬‬ ‫ونحن ال نشك بأهنم يريدون اخلري‪ ،‬وأهنم جمتهدون‪ ،‬لكن‪ ،‬ليس كل‬

‫((( رواه البخاري (‪.)605‬‬


‫((( رواه الرتمذي (‪ ،)806‬وصححه األلباين يف صحيح الرتمذي (‪.)646‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫والطرف الثاين‪ :‬عكس هؤالء‪ ،‬أنكروا عىل من اقترص عىل إحدى عرشة ركعة إنكار ًا عظي ًام‪،‬‬
‫خرجت عن اإلمجاع‪ ،‬قال تعاىل‪( :‬ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ‬ ‫َ‬ ‫وقالوا‪:‬‬
‫ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ) [النساء‪ ،]115 :‬فكل من‬
‫قبلك ال يعرفون إال ثالث ًا وعرشين ركعة‪ ،‬ثم يشدِّ دون يف النكري‪ ،‬وهذا أيض ًا خطأ»(‪.)1‬‬
‫‪508‬‬
‫أما الدليل الذي استدل به القائلون بعدم جواز الزيادة يف صالة الرتاويح عىل ثامن‬
‫ركعات‪ :‬فهو حديث أيب سلمة بن عبد الرمحن‪ ،‬أنه سأل عائشة‪ :‬كيف كانت صالة‬
‫رسول اهلل ‪ H‬يف رمضان؟‪ ،‬فقالت‪( :‬ما كان يزيد يف رمضان‪ ،‬وال يف غريه عىل‬
‫إحدى عرشة ركعة‪ ،‬يصيل أربع ًا‪ ،‬فال تسل عن حسنهن وطوهلن‪ ،‬ثم يصيل أربع ًا‪ ،‬فال‬
‫تسل عن حسنهن وطوهلن‪ ،‬ثم يصيل ثالث ًا)(‪.)2‬‬

‫فقالوا‪ :‬هذا احلديث يدل عىل املداومة لرسول اهلل يف صالته يف الليل يف رمضان وغريه‪.‬‬

‫وقد ر َّد العلامء عىل االستدالل هبذا احلديث بأن هذا من فعله ‪ ،H‬والفعل ال‬
‫يدل عىل الوجوب‪.‬‬

‫ومن األدلة الواضحة عىل أن صالة الليل‪-‬ومنها صالة الرتاويح‪ -‬غري مقيدة بعدد‪:‬‬
‫ال سأل رسول اهلل ‪ H‬عن صالة الليل‪ ،‬فقال‬ ‫حديث ابن عمر ‪ :L‬أن رج ً‬
‫ِ‬
‫ش َأ َحدُ ك ُُم ُّ‬
‫الص ْب َح؛ َص َّل َر ْك َع ًة‬ ‫ال ُة ال َّل ْي ِل َم ْثنَى َم ْثنَى‪َ ،‬فإِ َذا َخ َ‬
‫«ص َ‬
‫رسول اهلل ‪َ :H‬‬
‫احدَ ةً‪ ،‬تُوتِ ُر َل ُه َما َقدْ َص َّل (‪.)3‬‬
‫و ِ‬
‫َ‬

‫ونظرة إىل أقوال العلامء يف املذاهب املعتربة؛ تبني لك أن األمر يف هذا واسع‪ ،‬وأنه ال‬
‫حرج يف الزيادة عىل إحدى عرشة ركعة‪.‬‬

‫قال الرسخيس ‪- V‬وهو من أئمة املذهب احلنفي‪« :-‬فإهنا عرشون ركعة‪ ،‬سوى‬
‫الوتر عندنا»)‪.(4‬‬

‫((( الرشح املمتع (‪.)75-73/4‬‬


‫((( رواه البخاري (‪ ،)1909‬ومسلم (‪.)738‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)946‬ومسلم (‪.)749‬‬
‫((( املبسوط (‪.)145/2‬‬
‫ولاو حيوارتلا ةالص‬

‫وقال ابن قدامة ‪« :V‬واملختار عند اإلمام أمحد فيها عرشون ركعة‪ ،‬وهبذا قال‬
‫الثوري‪ ،‬وأبو حنيفة‪ ،‬والشافعي‪ ،‬وقال مالك‪ :‬ستة وثالثون»)‪.(1‬‬

‫وقال النووي ‪« :V‬صالة الرتاويح سنة بإمجاع العلامء‪ ،‬ومذهبنا أهنا عرشون‬
‫‪509‬‬ ‫ركعة‪ ،‬بعرش تسليامت‪ ،‬وجتوز منفرد ًا ومجاعة (‪.)2‬‬

‫فهذه مذاهب األئمة األربعة يف عدد ركعات صالة الرتاويح‪ ،‬وكلهم قالوا بالزيادة‬
‫عىل إحدى عرشة ركعة‪ ،‬ولعل من األسباب التي جعلتهم يقولون بالزيادة عىل إحدى‬
‫عرشة ركعة‪:‬‬

‫‪ .1‬أهنم رأوا أن حديث عائشة ‪ J‬ال يقتيض التحديد هبذا العدد‪.‬‬

‫‪ .2‬وردت الزيادة عن كثري من السلف(‪.)3‬‬

‫‪ .3‬أن النبي ‪ H‬كان يصيل إحدى عرشة ركعة‪ ،‬وكان يطيلها جد ًا؛ حتى كان‬
‫‪H‬‬ ‫يستوعب هبا عامة الليل‪ ،‬بل يف إحدى الليايل التي صىل فيها النبي‬
‫صالة الرتاويح بأصحابه‪ ،‬مل ينرصف من الصالة إال قبيل طلوع الفجر‪ ،‬حتى‬
‫خيش الصحابة أن يفوهتم السحور(‪ ،)4‬وكان الصحابة ‪ M‬حيبون الصالة‬
‫خلف النبي ‪ H‬وال يستطيلوهنا‪ ،‬فرأى العلامء أن اإلمام إذا أطال الصالة‬
‫إىل هذا احلد شق ذلك عىل املأمومني‪ ،‬وربام أدى ذلك إىل تنفريهم؛ فرأوا أن‬
‫اإلمام خيفف من القراءة‪ ،‬ويزيد من عدد الركعات‪.‬‬

‫واحلاصل‪ :‬أن من صىل إحدى عرشة ركعة عىل الصفة الواردة عن النبي ‪H‬‬

‫فقد أحسن وأصاب السنة‪ ،‬ومن خفف القراءة وزاد عدد الركعات فقد أحسن‪ ،‬وال‬
‫إنكار عىل من فعل أحد األمرين‪.‬‬

‫((( املغني (‪.)457/1‬‬


‫((( املجموع (‪.)31/4‬‬
‫((( انظر‪ :‬املغني (‪ ،)604/2‬واملجموع (‪.)32/4‬‬
‫((( رواه النسائي (‪ ،)1364‬وأبو داود (‪ ،)1375‬وصححه األلباين يف اإلرواء (‪.)193/2‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫قال ابن تيمية ‪« :V‬والرتاويح إن صالها كمذهب أيب حنيفة‪ ،‬والشافعي‪ ،‬وأمحد‬
‫عرشين ركعة‪ ،‬أو كمذهب مالك ست ًا وثالثني‪ ،‬أو ثالث عرشة‪ ،‬أو إحدى عرشة؛ فقد‬
‫أحسن‪ ،‬كام نص عليه اإلمام أمحد؛ لعدم التوقيف‪ ،‬فيكون تكثري الركعات وتقليلها‬
‫بحسب طول القيام وقرصه»)‪.(1‬‬
‫‪510‬‬
‫وقال السيوطي ‪« :V‬الذي وردت به األحاديث الصحيحة واحلسان األمر بقيام‬
‫رمضان‪ ،‬والرتغيب فيه من غري ختصيص بعدد‪ ،‬ومل يثبت أن النبي ‪ H‬صىل‬
‫الرتاويح عرشين ركعة‪ ،‬وإنام صىل ليايل صالة مل يذكر عددها‪ ،‬ثم تأخر يف الليلة الرابعة؛‬
‫خشية أن تفرض عليهم فيعجزوا عنها»‪.‬‬

‫وقال ابن حجر اهليتمي ‪« :V‬مل يصح أن النبي ‪ H‬صىل الرتاويح عرشين‬
‫ركعة‪ ،‬وما ورد أنه كان يصيل عرشين ركعة‪ ،‬فهو شديد الضعف»(‪.)2‬‬

‫وبعد‪ :‬فال تعجب أخي السائل ممن صىل صالة الرتاويح عرشين ركعة‪ ،‬وقد ُسبِقوا‬
‫ال قبل جيل‪ ،‬ويف ٍّ‬
‫كل خري‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬ ‫من أولئك األئمة جي ً‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬ما حكم صالة الرتاويح مجاعة يف املسجد تسع ركعات بتشهد بعد الثامنة‪،‬‬
‫وآخر بعد التاسعة ثم السالم‪ ،‬فإن البعض قالوا‪ :‬إن هذا بدعة؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫األفضل يف صالة الرتاويح أن تُصىل إحدى عرشة ركعة‪ ،‬كام كان النبي ‪H‬‬

‫يصيل يف رمضان وغريه‪ ،‬فيصيل ركعتني ركعتني‪ ،‬ثم يوتر بثالث‪ ،‬ولو زاد املصيل عن‬
‫إحدى عرش أو نقص؛ فال حرج عليه‪.‬‬

‫وأما الصفة املسئول عنها‪ :‬فهي إحدى صفات صالة الوتر‪ ،‬فعن عائشة ‪:J‬‬
‫أهنا سئلت عن وتر رسول اهلل ‪ ،H‬فقالت‪« :‬إن النبي ‪ H‬كان يصيل تسع‬

‫((( االختيارات (ص‪.)64‬‬


‫((( انظر‪ :‬املوسوعة الفقهية (‪.)145-142/27‬‬
‫ولاو حيوارتلا ةالص‬

‫ركعات‪ ،‬ال جيلس فيها إال يف الثامنة‪ ،‬فيذكر اهلل وحيمده ويدعوه‪ ،‬ثم ينهض وال يسلم‪،‬‬
‫ثم يقوم فيصل التاسعة‪ ،‬ثم يقعد فيذكر اهلل وحيمده ويدعوه‪ ،‬ثم يسلم تسليام يسمعنا»)‪.(1‬‬

‫ووتره‪« :-‬النوع‬ ‫‪H‬‬ ‫قال ابن القيم ‪- V‬يف بيان أنواع قيام النبي‬
‫‪511‬‬ ‫اخلامس‪ :‬تسع ركعات يرسد منهن ثامني ًا‪ ،‬ال جيلس يف يشء منهن إال يف الثامنة‪ ،‬جيلس‬
‫يذكر اهلل تعاىل وحيمده ويدعوه‪ ،‬ثم ينهض وال يسلم‪ ،‬ثم يصيل التاسعة ثم يقعد‪،‬‬
‫ويتشهد ويسلم‪ ،‬ثم يصيل ركعتني جالسا بعدما يسلم»)‪.(2‬‬

‫وعىل هذا‪ :‬فصالة الرتاويح ال تصىل تسع ركعات متصلة بتشهدين وسالم واحد‪،‬‬
‫وإنام الذي ُيصىل كذلك هو صالة الوتر‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬ماذا جيب أن نقول عند بداية الرتاويح؟ مث ً‬


‫ال هل نقول‪ :‬نويت أن أصيل هلل‬
‫العظيم يف طاعة ريب الكريم ركعتني سنة؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫التلفظ بالنية عند إرادة الصالة بدعة‪ ،‬سواء كانت صالة الرتاويح‪ ،‬أو غريها‪.‬‬
‫قال ابن القيم ‪« :V‬كان ‪ H‬إذا قام إىل الصالة‪ ،‬قال‪ :‬اهلل أكرب‪ ،‬ومل يقل شيئ ًا‬
‫قبلها‪ ،‬وال تلفظ بالنية ألبتة‪ ،‬وال قال‪ :‬أصيل هلل كذا‪ ،‬مستقبل القبلة‪ ،‬أربع ركعات‪ ،‬إمـام ًا‪،‬‬
‫عرش بدعٍ‪ ،‬مل َينْ ُق ْل عنه‬
‫أو مأموم ًا‪ ،‬وال قال‪ :‬أدا ًء‪ ،‬وال قضا ًء‪ ،‬وال فرض الوقت‪ ،‬وهذه ُ‬
‫ضعيف‪ ،‬وال ُم ْسن ٍَد‪ ،‬وال ُم ْر َس ٍل‪ ،‬لفظ ًة واحد ًة منها البتة‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫صحيح‪ ،‬وال‬ ‫ٍ‬
‫بإسناد‬ ‫أحدٌ قط‬
‫بل وال عن أحد من أصحابِه‪ ،‬وال استحسنه أحدٌ من التابعني‪ ،‬وال األئم ُة األربعة»)‪.(3‬‬
‫فعىل املسلم أن يستحرض فعل صالة الرتاويح بقلبه فقط‪ ،‬وال يتلفظ بلسانه بيشء‪.‬‬
‫واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫((( رواه مسلم (‪.)746‬‬


‫((( زاد املعاد (‪.)317/1‬‬
‫((( زاد املعاد (‪.)201/1‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*سؤال‪ :‬هل نقرأ دعاء االستفتاح يف أول كل ركعتني من صالة الرتاويح؟‬


‫*جواب‪:‬‬
‫نعم‪ُ ،‬يرشع لك قراءة دعاء االستفتاح يف أول كل ركعتني من صالة الرتاويح‪،‬‬
‫وغريها من صالة النافلة؛ لعموم األدلة‪.‬‬
‫‪512‬‬
‫ومما ورد من األدعية يف استفتاحات قيام الليل خاصة‪ ،‬ما ييل‪:‬‬
‫‪ .1‬اهلل أكرب كبري ًا‪ ،‬واحلمد هلل كثري ًا‪ ،‬وسبحان اهلل بكرة وأصيالً‪ ،‬استفتح به رجل من‬
‫الس َم ِء (‪.)1‬‬ ‫ت َلا َأ ْب َو ُ‬
‫اب َّ‬ ‫ت َلا‪ُ ،‬فت َِّح ْ‬ ‫الصحابة؛ فقال ‪َ « :H‬ع ِ‬
‫ج ْب ُ‬
‫‪ .2‬احلمد هلل محد ًا كثري ًا‪ ،‬طيب ًا‪ ،‬مبارك ًا فيه‪ ،‬استفتح به رجل آخر؛ فقال ‪:H‬‬
‫ونَا‪َ ،‬أ ُّ ُي ْم َي ْر َف ُع َها (‪.)2‬‬ ‫ِ‬ ‫« َل َقدْ َر َأ ْي ُ‬
‫ش َم َلك ًا َي ْبتَد ُر َ‬ ‫ت ا ْثنَي َع َ َ‬
‫الح ْمدُ َأن َ‬ ‫ِ‬ ‫ات َواألَ ْر ِ‬ ‫ْت نُور السمو ِ‬
‫ْت َق ِّي ُم‬ ‫ض َو َم ْن ف ِيه َّن‪َ ،‬و َل َك َ‬ ‫الح ْمدُ ‪َ ،‬أن َ ُ َّ َ َ‬ ‫‪« .3‬ال َّل ُه َّم َل َك َ‬
‫ِ‬
‫ض َو َم ْن ف ِيه َّن‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الس َم َوات َواألَ ْر ِ‬ ‫ِ‬ ‫الح ْمدُ َأن َ‬ ‫ِ‬ ‫ات َواألَ ْر ِ‬ ‫السمو ِ‬
‫ْت َمل ُك َّ‬ ‫ض َو َم ْن ف ِيه َّن‪َ ،‬و َل َك َ‬ ‫َّ َ َ‬
‫ِ‬ ‫الح ْمدُ َأن َ‬
‫الح ُّق‪َ ،‬و َو ْعدُ َك َح ٌّق‪َ ،‬و َق ْو ُل َك َح ٌّق‪َ ،‬ول َقاؤُ َك َح ٌّق‪َ ،‬و َ‬
‫الجنَّ ُة َح ٌّق‪َ ،‬والن َُّار‬ ‫ْت َ‬ ‫َو َل َك َ‬
‫ون َح ٌّق‪َ ،‬و ُ َم َّمدٌ َح ٌّق‪ ،‬ال َّل ُه َّم َل َك َأ ْس َل ْم ُت‪َ ،‬و َع َل ْي َك ت ََو َّك ْل ُت‪،‬‬ ‫السا َع ُة َح ٌّق‪َ ،‬والنَّبِ ُّي َ‬
‫َح ٌّق‪َ ،‬و َّ‬
‫ْت َر ُّبنَا َوإِ َل ْي َك ا َمل ِص ُري‪،‬‬ ‫اص ْم ُت‪َ ،‬وإِ َل ْي َك َحاك َْم ُت‪َ ،‬أن َ‬ ‫َوبِ َك َآمن ُْت‪َ ،‬وإِ َل ْي َك َأ َن ْب ُت‪َ ،‬وبِ َك خَ َ‬
‫ْت‬ ‫ْت َأ ْع َل ُم بِ ِه ِمنِّي‪َ ،‬أن َ‬ ‫س ْر ُت‪َ ،‬و َما َأ ْع َلن ُْت‪َ ،‬و َما َأن َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َفاغْف ْر ِل َما َقدَّ ْم ُت‪َ ،‬و َما أخَّ ْر ُت‪َ ،‬و َما أ ْ َ‬
‫ِ‬

‫ْت‪َ ،‬والَ َح ْو َل َوالَ ُق َّو َة إِالَّ بِ َك (‪.)3‬‬ ‫ْت إِ َ ِلي‪ ،‬الَ إِ َل َه إِالَّ َأن َ‬‫الم َؤخِّ ُر‪َ ،‬أن َ‬‫ْت ُ‬ ‫الم َقدِّ ُم‪َ ،‬و َأن َ‬
‫ُ‬
‫ض‪َ ،‬ع ِال َ ال َغ ْي ِ‬ ‫ات َواألَ ْر ِ‬ ‫يل‪َ ،‬فاطِر السمو ِ‬ ‫سافِ َ‬ ‫يل َو ِميكَائِ َ‬
‫‪« .4‬ال َّل ُه َّم َر َّب ِج ْ ِب َ‬
‫ب‬ ‫َ َّ َ َ‬ ‫يل َوإِ ْ َ‬
‫ف فِ ِيه ِم ْن‬ ‫ون‪ْ ،‬اه ِد ِن َل ِا ْ‬
‫اختُلِ َ‬ ‫يتَلِ ُف َ‬ ‫اد َك فِ َيم كَانُوا فِ ِيه َ ْ‬
‫ْت َ ْتكُم بي ِعب ِ‬
‫ُ َْ َ َ‬ ‫الش َها َد ِة‪َ ،‬أن َ‬ ‫َو َّ‬
‫اط ُم ْست َِقي ٍم (‪.)4‬‬ ‫َّك َت ِدي من ت ََشاء إِ َل ِص ٍ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ك‪ ،‬إِن َ ْ َ ْ‬ ‫الح ِّق بِإِ ْذنِ َ‬
‫َ‬
‫وت‪ ،‬والكِ ِبي ِ‬
‫اء‪َ ،‬وال َع َظ َم ِة (‪.)5‬‬ ‫‪« .5‬اهلل َأكْب ‪َ -‬ثال ًثا‪ُ -‬ذو الم َلك ِ‬
‫ُوت‪ ،‬والجب ِ‬
‫َ ْ َ‬ ‫َ َ َُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َُ‬
‫***‬

‫((( رواه مسلم (‪.)601‬‬


‫((( رواه مسلم (‪.)600‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)5958‬ومسلم (‪.)769‬‬
‫((( رواه مسلم (‪.)770‬‬
‫((( رواه أبو داود (‪ ،)874‬والنسائي (‪ ،)1145‬وصححه األلباين يف صحيح أيب داود‪.‬‬
‫ولاو حيوارتلا ةالص‬

‫*سؤال‪ :‬هل هناك قدر معني ال بد من قراءته يف صالة الرتاويح؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫ليس هناك قدر معني ال بد من قراءته يف صالة الرتاويح‪ ،‬غري أنه كلام أطال كان‬
‫‪513‬‬ ‫أفضل‪ ،‬ما مل يصل إىل حد يشق عىل املأمومني‪.‬‬

‫قال األلباين ‪« :V‬وأما القراءة يف صالة الليل‪ ،‬يف قيام رمضان أو غريه‪ ،‬فلم َ ُ‬
‫يدَّ‬
‫فيها النبي ‪ H‬حد ًا ال يتعداه بزيادة‪ ،‬أو نقص‪ ،‬بل كانت قراءته ‪ H‬فيها‬
‫ختتلف قرص ًا وطوالً‪ ،‬فكان تارة يقرأ يف كل ركعة قدر سورة املزمل‪ ،‬وهي عرشون آية‪،‬‬
‫ٍ ِ ٍ‬
‫َب من‬ ‫«م ْن َص َّل ِف َل ْي َلة بِ ِمئَة آ َية؛ َل ْ ُي ْكت ْ‬
‫وتارة قدر مخسني آية‪ ،‬وكان ‪ H‬يقول‪َ :‬‬
‫ني (‪ ،)1‬ويف حديث آخر‪ ...« :‬بمئتي آية فإنه يكتب من القانتني املخلصني )‪.(2‬‬ ‫ِِ‬
‫الغَافل َ‬
‫وقرأ ‪ H‬يف ليلة وهو مريض السبع الطوال‪ ،‬وهي سور (البقرة)‪ ،‬و(آل عمران)‪،‬‬
‫و(النساء)‪ ،‬و(املائدة)‪ ،‬و(األنعام)‪ ،‬و(األعراف)‪ ،‬و(التوبة)‪.‬‬
‫ويف قصة صالة حذيفة بن اليامن ‪ I‬وراء النبي ‪ O‬أنه ‪ H‬قرأ‬
‫يف ركعة واحدة (البقرة) ثم (النساء) ثم (آل عمران)‪ ،‬وكان يقرؤها مرتس ً‬
‫ال متمهالً‪.‬‬
‫ب بن كعب أن يصيل للناس بإحدى‬ ‫وثبت بإسناد صحيح أن عمر ‪ I‬ملا أمر ُأ ّ َّ‬
‫يب ‪ I‬يقرأ باملئني‪ ،‬حتى كان الذي خلفه يعتمدون عىل‬ ‫عرشة ركعة يف رمضان‪ ،‬كان ُأ ٌّ‬
‫الع ِص من طول القيام‪ ،‬وما كانوا ينرصفون إال يف أوائل الفجر‪.‬‬
‫ِ‬

‫وصح عن عمر ‪ I‬أيض ًا أنه دعا القـ َُّرا َء يف رمضان‪ ،‬فأمر أرسعهم قراءة أن يقرأ‬
‫ثالثني آية‪ ،‬والوسط مخس ًا وعرشين آية‪ ،‬والبطيء عرشين آية‪.‬‬
‫وعىل ذلك‪ :‬فإن صىل القائم لنفسه فليطول ما شاء‪ ،‬وكذلك إذا كان معه من يوافقه‪،‬‬
‫وكلام أطال فهو أفضل‪ ،‬إال أنه ال يبالغ يف اإلطالة حتى ُييي الليل كله إال نادر ًا؛ اتباع ًا‬
‫م َّم ٍد (‪.)3‬‬ ‫«و َخ ْ ُي َاهلدْ ِي َهدْ ُ‬
‫ي َُ‬ ‫للنبي ‪ H‬القائل‪َ :‬‬

‫((( رواه ابن خزيمة (‪ ،)1143‬وصححه األلباين يف الصحيحة (‪.)643‬‬


‫((( رواه احلاكم يف املستدرك (‪ )1161‬وصححه‪.‬‬
‫((( رواه مسلم (‪.)867‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫وأما إذا صىل إمام ًا‪ :‬فعليه أن يطيل بام ال يشق عىل من وراءه؛ لقوله ‪:H‬‬
‫الض ِع َ‬
‫يف‬ ‫الص ِغ َري‪َ ،‬وال َكبِ َري‪َ ،‬وفِ ُيه ُم َّ‬ ‫الةَ‪َ ،‬فإِ َّن فِ ِ‬
‫يه ُم َّ‬ ‫الص َ‬ ‫ِ‬ ‫«إِ َذا َقا َم َأ َحدُ ك ُْم لِلن ِ‬
‫َّاس؛ َف ْل ُيخَ ِّفف َّ‬
‫اج ِة‪َ ،‬وإِ َذا َقا َم َو ْحدَ ُه؛ َف ْل ُيطِ ْل َصالَ َت ُه َما َشا َء (‪ .)1‬واهلل أعلم‪.‬‬ ‫يض‪َ ،‬و َذا َ‬
‫احل َ‬ ‫َوا َمل ِر َ‬
‫***‬
‫‪514‬‬
‫*سؤال‪ :‬ال أحفظ الكثري من سور القرآن؛ ألين ال أزال أتعلم‪ ،‬فهل جيوز أن أعيد قراءة‬
‫نفس السور يف صالة الرتاويح؟‬
‫*جواب‪:‬‬
‫ال حرج يف إعادة قراءة نفس السورة يف صالة الرتاويح‪ ،‬أو غريها من الصلوات‪،‬‬
‫فيقرأ سورة يف الركعة األوىل‪ ،‬ثم يعيد السورة نفسها يف الركعة الثانية‪ ،‬ودليل ذلك‬
‫عموم قول اهلل تعاىل‪( :‬ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ‬
‫ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ) [املزمل‪.]20 :‬‬
‫ج َه ْينَ َة أخربه‪ :‬أنه سمع النبي ‪H‬‬ ‫وعن معاذ بن عبد اهلل اجلهني‪ ،‬أن رج ً‬
‫ال من ُ‬
‫يقرأ يف الصبح‪( :‬ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ) [الزلزلة‪ ]1 :‬يف الركعتني كلتيهام‪ ،‬فال أدري‬
‫أنيس رسول اهلل ‪ ،H‬أم قرأ ذلك عمد ًا؟(‪ ،)2‬قال العظيم آبادي ‪« :V‬تردد‬
‫الصحايب يف أن إعادة النبي ‪ H‬للسورة‪ ،‬هل كان نسيان ًا؛ فال يكون مرشوع ًا‬
‫ألمته؟ أو فعله عمد ًا لبيان اجلواز؟‪ ،‬فتكون اإلعادة مرتددة بني املرشوعية وعدمها‪ ،‬وإذا‬
‫دار األمر بني أن يكون مرشوعا أو غري مرشوع؛ فحمل فعله ‪ H‬عىل املرشوعية‬
‫أوىل؛ ألن األصل يف أفعاله الترشيع‪ ،‬والنسيان عىل خالف األصل»(‪.)3‬‬
‫بل ال حرج أن يكرر السورة نفسها‪ ،‬أو اآلية نفسها يف الركعة الواحدة‪.‬‬
‫وعن أيب ذر ‪ ،I‬قال‪ :‬قام النبي ‪ H‬بآية حتى أصبح يرددها‪ ،‬واآلية هي‪:‬‬
‫(ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ) [املائدة‪.(4)]118 :‬‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)671‬ومسلم (‪ ،)467‬من رسالة قيام رمضان (ص‪.)18-17‬‬


‫((( رواه أبو داود (‪ ،)816‬وحسنه األلباين يف صحيح أيب داود (‪.)730‬‬
‫((( عون املعبود (‪.)23/3‬‬
‫((( رواه النسائي (‪ ،)1010‬وابن ماجة (‪ ،)1350‬وحسنه األلباين يف صفة الصالة (‪.)121‬‬
‫ولاو حيوارتلا ةالص‬

‫ال يقرأ‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ)‬ ‫وعن أيب سعيد اخلُدْ ِر ِّي ‪ :I‬أن رج ً‬
‫ال سمع رج ً‬
‫[اإلخالص‪ ]1 :‬يرددها‪ ،‬فلام أصبح جاء إىل رسول اهلل ‪ ،H‬فذكر ذلك له‪ ،‬وكأن الرجل‬
‫«وا َّل ِذي َن ْف ِس بِ َي ِد ِه‪ ،‬إِ َّنَا َل َت ْع ِد ُل ُث ُل َث ال ُق ْر ِ‬
‫آن (‪.)1‬‬ ‫َي َت َق ُّالَا‪ ،‬فقال رسول اهلل ‪َ :H‬‬
‫‪515‬‬ ‫ونسأل اهلل أن يوفقك حلفظ كتابه‪ ،‬والعمل بام فيه‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬إمامنا يقرأ من مواضع متفرقة من القرآن يف صالة الرتاويح يف كل ليلة‪ .‬فام‬
‫حكم اختيار مواضع متفرقة من سور القرآن للرتاويح؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬األفضل يف القراءة يف صالة الرتاويح أن خيتم فيها القرآن مرة‪ ،‬وقد يستدل‬
‫لذلك‪ ،‬بام ثبت يف الصحيحني من مدارسة جربيل للنبي ‪ H‬القرآن يف رمضان‪،‬‬
‫وعرضه عليه‪.‬‬

‫قـال الشـيخ ابـن بـاز ‪« :V‬يمكـن أن يفهـم مـن ذلـك‪ :‬أن قـراءة القـرآن كاملة‬
‫مـن اإلمـام على اجلامعـة يف رمضـان نـوع مـن هـذه املدارسـة؛ ألن يف هـذا إفـادة هلم‬
‫عـن مجيع القـرآن‪ ،‬وهلـذا كان اإلمام أمحد ‪ V‬حيب ممـن يؤمهم أن خيتم هبـم القرآن‪،‬‬
‫وهـذا مـن جنـس عمـل السـلف يف حمبة سماع القـرآن كلـه‪ ،‬ولكن ليـس هـذا موجب ًا‬
‫ألن يعجـل‪ ،‬وال يتأنـى يف قراءتـه‪ ،‬وال يتحـرى اخلشـوع والطمأنينـة‪ ،‬بـل حتـري هذه‬
‫األمـور أوىل مـن مراعاة اخلتمـة»(‪.)2‬‬

‫وجاء يف املوسوعة الفقهية‪« :‬ذهب احلنابلة‪ ،‬وأكثر احلنفية إىل أن السنة أن خيتم‬
‫القرآن يف صالة الرتاويح؛ ليسمع الناس مجيع القرآن يف تلك الصالة‪.‬‬

‫وقال احلنفية‪ :‬السنة اخلتم مرة‪ ،‬فال يرتك اإلمام اخلتم لكسل القوم‪ ،‬بل يقرأ يف كل‬
‫ركعة عرش آيات أو نحوها‪ ،‬فيحصل بذلك اخلتم ‪-‬وهذا مبني عىل أنه سيصيل كل ليلة‬

‫((( رواه البخاري (‪.)5014‬‬


‫((( جمموع فتاوى ابن باز (‪.)333-331/11‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫عرشين ركعة‪ ،-‬وقيل‪ :‬يقرأ يف كل ركعة ثالثني آية؛ ألن عمر ‪ I‬أمر بذلك‪ ،‬فيقع‬
‫اخلتم ثالث مرات يف رمضان‪.‬‬

‫عمر ‪ I‬هو من باب الفضيلة‪ ،‬وهو أن خيتم القرآن‬


‫قال الكاساين ‪ :V‬ما أمر به ُ‬
‫ُ‬
‫فاألفضل أن يقرأ اإلمام عىل حسب‬ ‫أكثر من مرة‪ ،‬وهذا يف زماهنم‪ ،‬وأما يف زماننا‪،‬‬ ‫‪516‬‬

‫حال القوم‪ ،‬فيقرأ قدر ما ال ُينَ ِّف ُر ُه ْم عن اجلامعة «ألن تكثري اجلامعة أفضل من تطويل‬
‫القراءة»(‪.)1‬‬

‫وما قاله الكاساين ‪ V‬جيد‪ ،‬فعىل اإلمام أن يراعي حال املأمومني‪.‬‬

‫فال جيوز أن يكون اإلما ُم من ِّفر ًا للناس‪ ،‬فيطيل هبم الصالة حتى يشق عليهم‪ ،‬ويظن‬
‫يشجع الناس عىل الصالة‪ ،‬ولو‬
‫أنه إن مل يفعل ذلك فقد أساء!‪ ،‬بل الصواب له أن ِّ‬
‫بالتخفيف‪ ،‬برشط أن يتم الصالة‪ ،‬فألن يصيل الناس صالة خفيفة تا َّمة‪ ،‬خري هلم من‬
‫ترك الصالة‪.‬‬

‫قال أبو داود ‪« :V‬سئل أمحد بن حنبل عن الرجل يقرأ القرآن مرتني يف رمضان‪،‬‬
‫العمل»‪.‬‬
‫يؤم الناس؟‪ ،‬قال‪ :‬هذا عندي عىل قدر نشاط القوم‪ ،‬وإن فيهم َّ‬

‫قال ابن رجب احلنبيل ‪« :V‬وكالم اإلمام أمحد يدل عىل أنه يراعي يف القراءة حال‬
‫املأمومني‪ ،‬فال يشق عليهم‪ ،‬وهذا قاله أيضا غريه من الفقهاء من أصحاب أيب حنيفة‪،‬‬
‫وغريهم»(‪.)2‬‬

‫وسئل ابن باز ‪ :V‬ما رأيكم فيام يفعله بعض األئمة من ختصيص قدر معني من‬
‫القرآن لكل ركعة ولكل ليلة؟‬

‫فأجاب‪« :‬ال أعلم يف هذا شيئ ًا؛ ألن األمر يرجع إىل اجتهاد اإلمام‪ ،‬فإذا رأى أن من‬
‫املصلحة أن يزيد يف بعض الليايل‪ ،‬أو بعض الركعات‪ ،‬ألنه ينشط‪ ،‬ورأى من نفسه قوة‬

‫((( املوسوعة الفقهية (‪.)148/27‬‬


‫((( لطائف املعارف (ص‪.)18‬‬
‫ولاو حيوارتلا ةالص‬

‫يف ذلك‪ ،‬ورأى من نفسه تلذذ ًا بالقراءة؛ فزاد بعض اآليات لينتفع‪ ،‬وينتفع من خلفه‪،‬‬
‫فإنه إذا حسن صوته‪ ،‬وطابت نفسه بالقراءة‪ ،‬وخشع فيها؛ ينتفع هو ومن وراءه‪ ،‬فإذا‬
‫زاد بعض اآليات يف بعض الركعات‪ ،‬أو يف بعض الليايل‪ ،‬فال نعلم فيه بأس ًا‪ ،‬واألمر‬
‫واسع بحمد اهلل تعاىل»(‪.)1‬‬
‫‪517‬‬
‫وسئل ابن باز أيض ًا‪ :‬هل ينبغي لإلمام مراعاة حال الضعفاء من كبار السن ونحوهم‬
‫يف صالة الرتاويح؟‬

‫فأجــاب‪« :‬هــذا أمــر مطلــوب يف مجيــع الصلــوات‪ ،‬يف الرتاويــح ويف الفرائــض؛‬
‫الص ِغــر‪،‬‬ ‫الض ِع َ‬
‫يــف‪َ ،‬و َّ‬ ‫ــم َّ‬
‫يه ُ‬‫ــف؛ َفــإِ َّن فِ ِ‬ ‫ُــم َأ َّم الن َ‬
‫َّــاس َف ْل ُيخَ ِّف ْ‬ ‫لقولــه ‪َ :H‬‬
‫«أ ُّيك ْ‬
‫احلاج ِ‬
‫ــة (‪ ،)2‬فاإلمــام يراعــي املأمومــن‪ ،‬ويرفــق هبــم يف قيــام رمضــان ويف‬ ‫َو َذا َ َ‬
‫العــر األخــرة‪ ،‬وليــس النــاس ســواء‪ ،‬فالنــاس خيتلفــون‪ ،‬فينبغــي لــه أن يراعــي‬
‫أحواهلــم‪ ،‬ويشــجعهم عــى املجــيء وعــى احلضــور‪ ،‬فإنــه متــى أطــال عليهــم؛ شــق‬
‫عليهــم ون َّفرهــم مــن احلضــور‪ ،‬فينبغــي لــه أن يراعــي مــا يشــجعهم عــى احلضــور‪،‬‬
‫ويرغبهــم يف الصــاة ولــو باالختصــار‪ ،‬وعــدم التطويــل‪ ،‬فصــاة خيشــع فيهــا‬
‫النــاس‪ ،‬ويطمئنــون فيهــا ولــو قليـاً‪ ،‬خــر مــن صــاة حيصــل فيهــا عــدم اخلشــوع‪،‬‬
‫وحيصــل فيهــا امللــل والكســل»(‪.)3‬‬

‫ثالث ًا‪ :‬قراءة بعض سورة يف الصالة جائز‪ ،‬غري أن األفضل قراءة سورة كاملة؛ ألن‬
‫هذا هو غالب فعل النبي ‪ ،H‬واستثنى بعض العلامء ‪-‬كابن الصالح‪ -‬صالة‬
‫الرتاويح‪ ،‬فقال‪« :‬إن قراءة بعض سورة فيها أفضل‪ ،‬حتى يتسنَّى له ختم القرآن فيها»‪.‬‬

‫َ‬
‫أفضل إذا أراد الصالة‬ ‫قال يف حتفة املحتاج‪« :‬يؤخذ من ذلك‪ :‬أن حمل كون البعض‬
‫بجميع القرآن يف الرتاويح‪ ،‬فإن مل يرد ذلك؛ فالسورة أفضل»(‪.)4‬‬

‫((( جمموع فتاوى ابن باز (‪.)336-335/11‬‬


‫((( رواه مسلم (‪.)467‬‬
‫((( جمموع فتاوى ابن باز (‪.)337-336/11‬‬
‫((( حتفة املحتاج رشح املنهاج (‪.)52/2‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫وجـاء يف املوسـوعة الفقهيـة‪« :‬وكره مالـك االقتصار عىل بعض السـورة يف إحدى‬
‫الروايتين عنـه‪ ،‬وذهب الشـافعية واحلنابلة إىل أنه ال يكره قراء ُة بعض السـورة؛ لعموم‬
‫قولـه تعـاىل‪( :‬ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ) [املزمل‪ ،]20 :‬وملا روى ابـن ع َباس ‪ :L‬أن‬
‫النبـي ‪ H‬كان يقـرأ يف األوىل مـن ركعتـي الفجـر‪( :‬ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ‬ ‫‪518‬‬
‫ﭨ) [البقرة‪ ،]136 :‬ويف الثانية‪ :‬قوله تعاىل‪( :‬ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ)‬
‫[آل عمران‪ ،]64 :‬لكـن رصح الشـافعية بـأن السـورة الكاملـة أفضـل مـن قدرهـا مـن‬
‫طويلـة‪ ،‬وحملـه يف غير الرتاويح‪ ،‬أما فيهـا‪ :‬فقراءة بعـض الطويلة أفضـل‪ ،‬وعللوه بأن‬
‫السـنة فيها القيـام بجميع القـرآن (‪.)1‬‬

‫واخلالصة‪ :‬ما دام إمامكم لن خيتم القرآن يف صالة الرتاويح‪ ،‬فقراءته من مواضع متفرقة‬
‫من القرآن الكريم جائزة من غري كراهة‪ ،‬وإن كان األكمل أن يقرأ سورة كاملة‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬نحن يف أمريكا نعقد حلقة قرآن بعد اإلفطار ثم نصيل بعدها العشاء وبعدها‬
‫الرتاويح‪ ،‬يف حلقة القرآن يقرأ أحد املسلمني ويستخدم امليكرفون ليسمعه الرجال‬
‫والنساء‪ ،‬والتخطيط أن يقرأ اثنا عرش وجه ًا‪ ،‬ثم يكملون يف الرتاويح ثامنية أوجه‪،‬‬
‫وبذلك يكملون كل ليلة جزء ًا إىل أن يتم ختم القرآن يف هناية الشهر‪ ،‬هل اجللسة‬
‫لقراءة القرآن هبذه الطريقة من السنة أم من البدعة؟ وهل من األفضل قراءة القرآن‬
‫عىل املأمومني أثناء الرتاويح‪ ،‬أم يف حلقة القرآن؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫ٍ‬
‫واحد منكم‪ ،‬واستامع‬ ‫ال حرج عليكم من عمل هذه اجللسة‪ ،‬فقراءة القرآن من‬
‫أمر مرشوع‪ ،‬وقد فعله النبي ‪ ،H‬وأصحابه ‪.I‬‬
‫الباقني له ٌ‬

‫عن ابن مسعود ‪ I‬قال‪ :‬قال يل النبي ‪« :H‬ا ْق َر ْأ َع َ َّل ال ُق ْر َ‬


‫آن ‪ ،‬قلت‪:‬‬
‫َيي ‪ ،‬فقرأت‬ ‫ب َأ ْن َأ ْس َم َع ُه ِم ْن غ ْ ِ‬ ‫ِ‬
‫قال‪« :‬إِ ِّن ُأح ُّ‬
‫يا رسول اهلل‪َ ،‬أ ْق َر ُأ عليك‪ ،‬وعليك ُأن ِْز َل؟‪َ ،‬‬

‫((( املوسوعة الفقهية (‪.)49/33‬‬


‫ولاو حيوارتلا ةالص‬

‫عليه سورة النِّساء‪ ،‬حتى ِج ْئ ُت إىل هذه اآلية‪( :‬ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ) [النساء‪،]40 :‬‬
‫اآلن ‪َ ،‬فال َت َف ُّت إليه؛ فإذا عيناه ت َْذ ِر ِ‬
‫فان)‪.(1‬‬ ‫ك َ‬ ‫«ح ْس ُب َ‬
‫قال‪َ :‬‬
‫قال ابن باز ‪« :V‬ويرشع للمسلمني يف هذا الشهر العظيم دراسة القرآن الكريم‪،‬‬
‫‪519‬‬ ‫ومدارسته يف الليل والنهار؛ تأسي ًا بالنبي ‪ ،H‬فإنه كان يدارس جربائيل القرآن‬
‫كل سنة يف رمضان‪ ،‬ودارسه إياه يف السنة األخرية مرتني؛ ولقصد القربة‪ ،‬والتدبر‬
‫لكتاب اهلل ‪ ،D‬واالستفادة منه‪ ،‬والعمل به‪ ،‬وهو من فعل السلف الصالح‪ ،‬فينبغي‬
‫ألهل اإليامن من ذكور وإناث‪ ،‬أن يشتغلوا بالقرآن الكريم تالوة‪ ،‬وتدبرا‪ ،‬وتعقالً‪،‬‬
‫ومراجعة لكتب التفسري؛ لالستفادة والعلم»(‪.)2‬‬

‫واألفضل أن يكون مع القراءة تعليم ألحكام القرآن‪ ،‬وفهم ملعانيه‪ ،‬فإذا أضفتم إىل‬
‫ٍ‬
‫خريات متعددة‪ ،‬منها‪ :‬إصابة السنة يف‬ ‫القراءة تفسري ًا ملا تقرءون أو بعضه؛ فقد مجعتم‬
‫فعلكم‪ ،‬ومدارستكم القرآن‪ ،‬وتعليمكم املسلمني‪ ،‬وإعانتهم عىل تدبر القرآن‪.‬‬

‫وإذا كانت هذه اخلتمة يف صالة الرتاويح؛ كانت أفضل من كوهنا خارجها‪.‬‬

‫أعظم مما‬
‫َ‬ ‫والرتغيب فيها‪ ،‬يتناول املصيل‬
‫َ‬ ‫قال ابن تيمية ‪« :V‬إن األمر بالقراءة‬
‫يتناول غريه‪ ،‬فإن قراءة القرآن يف الصالة أفضل منها خارج الصالة‪ ،‬وما ورد من‬
‫أعظم مما يتناول غريه»(‪.)3‬‬
‫َ‬ ‫الفضل لقارئ القرآن‪ ،‬يتناول املصيل‬

‫فإذا شق عىل الناس ختم القرآن يف الصالة‪ ،‬فيمكنكم أن جتمعوا بني اخلريين‪:‬‬
‫املدارسة للقرآن قبل الصالة‪ ،‬والقراءة لباقيه يف الصالة‪ ،‬كام تعتزمون‪.‬‬

‫َان َأ ْج َو ُد‬ ‫ول اهللِ ‪َ H‬أ ْج َو َد الن ِ‬


‫َّاس‪َ ،‬وك َ‬ ‫َان َر ُس ُ‬
‫وعن ابن عباس ‪ L‬قال‪« :‬ك َ‬
‫َان َي ْل َقا ُه ِف ك ُِّل َل ْي َل ٍة ِم ْن َر َم َض َ‬
‫ان؛ َف ُيدَ ِار ُس ُه‬ ‫ني َي ْل َقا ُه ِج ْ ِب ُ‬ ‫ُون ِف رم َض َ ِ‬
‫يل‪َ ،‬وك َ‬ ‫ان‪ ،‬ح َ‬ ‫َما َيك ُ َ َ‬
‫الم ْر َس َل ِة (‪.)4‬‬ ‫الريحِ ُ‬
‫ِ‬
‫ول اهلل ‪َ H‬أ ْج َو ُد بِالخَ ْ ِي م ْن ِّ‬
‫آن‪َ ،‬ف َلرس ُ ِ‬
‫ال ُق ْر َ َ ُ‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)4763‬ومسلم (‪.)800‬‬


‫((( جمموع فتاوى ابن باز (‪.)320-319/11‬‬
‫((( الفتاوى الكربى (‪.)297/2‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)3048‬ومسلم (‪.)2308‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫وسئل ابن باز ‪ :V‬هل يمكن أن يستفاد من مدارسة جربيل ‪ S‬للنبي ‪H‬‬

‫القرآن يف رمضان أفضلية ختم القرآن؟‬

‫فأجـاب‪« :‬يسـتفاد منهـا املدارسـة‪ ،‬وأنه يسـتحب للمؤمـن أن يـدارس القرآن من‬
‫يفيـده وينفعه؛ ألن الرسـول ‪ O‬دارس جربائيل لالسـتفادة؛ ألن جربائيل هو‬ ‫‪520‬‬

‫الـذي يـأيت مـن عند اهلل جـل وعلا‪ ،‬وهو السـفري بين اهلل والرسـل‪ ،‬فجربائيـل ال بد‬
‫أن يفيـد النبـي ‪ H‬أشـياء مـن جهـة اهلل ‪ ،D‬مـن جهـة إقامة حـروف القرآن‪،‬‬
‫ومـن جهـة معانيـه التي أرادهـا اهلل‪ ،‬فـإذا دارس اإلنسـان من يعينـه عىل فهـم القرآن‪،‬‬
‫ومـن يعينـه على إقامة ألفاظـه؛ فهذا مطلـوب‪ ،‬كما دارس النبـي ‪ H‬جربائيل‪.‬‬

‫وفيه فائدة أخرى‪ ،‬وهي‪ :‬أن املدارسة يف الليل أفضل من النهار؛ ألن هذه املدارسة‬
‫كانت يف الليل‪ ،‬ومعلوم أن الليل أقرب إىل اجتامع القلب وحضوره‪ ،‬واالستفادة أكثر‬
‫من املدارسة هنار ًا‪.‬‬

‫وفيه أيضا من الفوائد‪ :‬رشعية املدارسة وأهنا عمل صالح‪ ،‬حتى ولو يف غري رمضان؛‬
‫ألن فيه فائدة لكل منهام‪ ،‬ولو كانوا أكثر من اثنني؛ فال بأس أن يستفيد كل منهم من‬
‫أخيه‪ ،‬ويشجعه عىل القراءة وينشطه‪ ،‬فقد يكون ال ينشط إذا جلس وحده‪ ،‬لكن إذا كان‬
‫معه زميل له يدارسه أو زمالء؛ كان ذلك أشجع له‪ ،‬وأنشط له‪ ،‬مع عظم الفائدة فيام‬
‫حيصل بينهم من املذاكرة واملطالعة‪ ،‬فيام قد يشكل عليهم كل ذلك فيه خري كثري‪.‬‬

‫ويمكـن أن يفهـم مـن ذلـك‪ :‬أن قـراءة القـرآن كاملـة مـن اإلمـام على اجلامعة يف‬
‫رمضـان نـوع مـن هـذه املدارسـة؛ ألن يف هـذا إفـادة هلـم عـن مجيـع القـرآن‪ ،‬وهلـذا‬
‫كان اإلمـام أمحـد ‪ V‬حيـب ممـن يؤمهـم أن خيتـم هبـم القـرآن‪ ،‬وهـذا مـن جنـس‬
‫عمـل السـلف يف حمبـة سماع القـرآن كله‪ ،‬ولكـن ليس هـذا موجبـ ًا ألن يعجـل‪ ،‬وال‬
‫يتأنـى يف قراءتـه‪ ،‬وال يتحـرى اخلشـوع والطمأنينـة‪ ،‬بـل حتـري هـذه األمـور أوىل من‬
‫مراعاة اخلتمة»(‪.)1‬‬

‫((( جمموع فتاوى ابن باز (‪.)331/11‬‬


‫ولاو حيوارتلا ةالص‬

‫وسئل ابن باز ‪ V‬أيض ًا‪ :‬حيرص كثري من األئمة عىل أن خيتموا القرآن يف الرتاويح‬
‫والتهجد؛ إلسامع اجلامعة مجيع القرآن‪ ،‬فهل يف ذلك حرج؟‬

‫فأجاب‪« :‬هذا عمل حسن‪ ،‬فيقرأ اإلمام كل ليلة جزء ًا أو أقل‪ ،‬لكن يف العرش األخرية‬
‫‪521‬‬ ‫يزيد حتى خيتم القرآن ويكمله‪ ،‬هذا إذا تيرس بدون مشقة‪ ،‬وقد عقد العالمة ابن القيم ‪V‬‬

‫باب ًا يف كتابه‪ :‬جالء األفهام يف الصالة والسالم عىل خري األنام‪ ،‬ذكر فيه حال السلف يف‬
‫العناية بختم القرآن‪ ،‬فنويص بمراجعته؛ للمزيد من الفائدة»(‪ .)1‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*ســؤال‪ :‬ســمعت أن مــن البدعــة‪ :‬قــراءة القــرآن كامـ ً‬


‫ا يف الرتاويــح يف رمضــان؛‬
‫ألن النبــي ‪ H‬مل يفعــل هــذا‪ ،‬فهــل هــذا صحيــح؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫ختم القرآن يف رمضان يف الصالة وخارجها‪ ،‬أمر حممود لصاحبه‪ ،‬وقد نص العلامء‬
‫عىل استحباب ختم القرآن يف صالة الرتاويح‪ ،‬وقد يستدل لذلك بام ثبت يف الصحيحني‬
‫من مدارسة جربيل للنبي ‪ H‬القرآن يف رمضان‪ ،‬وعرضه عليه‪.‬‬

‫قال ابن باز ‪« :V‬يمكن أن يفهم من ذلك‪ :‬أن قراءة القرآن كاملة من اإلمام‬
‫عىل اجلامعة يف رمضان‪ ،‬نوع من هذه املدارسة؛ ألن يف هذا إفادة هلم عن مجيع القرآن‪،‬‬
‫وهلذا كان اإلمام أمحد ‪ V‬حيب ممن يؤمهم أن خيتم هبم القرآن‪ ،‬وهذا من جنس عمل‬
‫السلف يف حمبة سامع القرآن كله‪ ،‬ولكن ليس هذا موجبا ألن يعجل وال يتأنى يف قراءته‪،‬‬
‫وال يتحرى اخلشوع والطمأنينة‪ ،‬بل حتري هذه األمور أوىل من مراعاة اخلتمة»(‪.)2‬‬

‫وقال شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪« :V‬وأما قراءة القرآن يف الرتاويح‪ :‬فمستحب‬
‫باتفاق أئمة املسلمني‪ ،‬بل من ّ‬
‫أجل مقصود الرتاويح قراءة القرآن فيها؛ ليسمع املسلمون‬

‫((( جمموع فتاوى ابن باز (‪.)333/11‬‬


‫((( جمموع فتاوى ابن باز (‪.)333/11‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫كالم اهلل‪ ،‬فإن شهر رمضان فيه نزل القرآن‪ ،‬وفيه كان جربيل يدارس النبي ‪H‬‬

‫القرآن»)‪.(1‬‬

‫«وقد نص اإلمام أمحد ‪ V‬عىل استحباب ذلك يف صالة الرتاويح‪ ،‬قال حنبل‪:‬‬
‫سمعت أمحد يقول يف ختم القرآن‪ :‬إذا فرغت من قراءتك (ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ)‬ ‫‪522‬‬

‫[الناس‪ ،]1 :‬فارفع يديك يف الدعاء قبل الركوع‪ ،‬قلت‪ :‬إىل أي يشء تذهب يف هذا؟ قال‪:‬‬
‫رأيت أهل مكة يفعلونه‪ ،‬وكان سفيان بن عيينة يفعله معهم بمكة (‪.)2‬‬

‫الناس عىل‬
‫ُ‬ ‫وأطبق‬
‫َ‬ ‫قال النووي ‪« :V‬وأما القراءة‪ :‬فاملختار الذي قاله األكثرون‬
‫العمل به‪ :‬أن تُقرأ اخلتم ُة بكامهلا يف الرتاويح مجيع الشهر‪ ،‬فيقرأ يف كل ليلة نحو جزء من‬
‫ثالثني جزء ًا»)‪ .(3‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬ما هو دعاء ختم القرآن الكريم كام ورد يف السنة النبوية؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«ليس يف السنة النبوية دعاء خاص بعد ختم القرآن الكريم‪ ،‬وال حتى عن أصحاب‬
‫النبي ‪ ،H‬أو األئمة املشهورين‪ ،‬ومن أشهر ما ينسب يف هذا الباب‪ ،‬الدعاء‬
‫املكتوب يف آخر كثري من املصاحف منسوب ًا البن تيمية ‪ ،V‬وال أصل له عنه»(‪.)4‬‬

‫والدعاء بعد ختم القرآن‪ :‬إما أن يكون بعد ختمه يف الصالة‪ ،‬أو خارجها‪ ،‬وال أصل‬
‫للدعاء بعد اخلتمة يف الصالة‪ ،‬وأما خارجها‪ :‬فقد ورد فعله عن أنس ‪.I‬‬

‫سئل ابن عثيمني ‪ :V‬ما حكم دعاء ختم القرآن يف قيام الليل يف شهر رمضان؟‬

‫((( جمموع الفتاوى (‪.)122 /23‬‬


‫((( املغني (‪.)838 /1‬‬
‫((( األذكار (ص‪.)409‬‬
‫((( انظر‪ :‬جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)226/14‬‬
‫ولاو حيوارتلا ةالص‬

‫فأجــاب‪« :‬ال أعلــم يف ختمــة القــرآن يف قيــام الليــل يف شــهر رمضــان ســنة عــن‬
‫النبــي ‪ ،H‬وال عــن الصحابــة أيض ـ ًا‪ ،‬وغايــة مــا ورد يف ذلــك‪ :‬أن أنــس بــن‬
‫مالــك ‪ I‬كان إذا ختــم القــرآن مجــع أهلــه ودعــا‪ ،‬وهــذا يف غــر الصــاة»(‪.)1‬‬

‫‪523‬‬ ‫وللشيخ بكر أبو زيد ‪ V‬رسالة نافعة يف هذه املسألة‪ ،‬ومما جاء يف خامتتها‪« :‬من‬
‫جمموع السياقات يف الفصلني السالفني‪ ،‬نأيت إىل اخلامتة يف مقامني‪:‬‬

‫املقام األول‪ :‬يف مطلق الدعاء خلتم القرآن‪ ،‬واملتحصل يف هذا ما ييل‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬أن ما تقدم مرفوع ًا‪ ،‬وهو يف مطلق الدعاء خلتم القرآن؛ ال يثبت منه يشء‬
‫عن النبي ‪ ،H‬بل هو إما موضوع‪ ،‬أو ضعيف ال ينجرب‪ ،‬ويكاد حيصل القطع‬
‫بعدم وجود ما هو معتمد يف الباب مرفوع ًا؛ ألن العلامء اجلامعني الذين كتبوا يف علوم‬
‫القرآن وأذكاره‪ ،‬أمثال‪ :‬النووي‪ ،‬وابن كثري‪ ،‬والقرطبي‪ ،‬والسيوطي‪ ،‬مل خترج سياقاهتم‬
‫عن بعض ما ذكر‪ ،‬فلو كان لدهيم يف ذلك ما هو أعىل إسناد ًا لذكروه‪.‬‬
‫ثاني ًا‪ :‬أنه قد صح من فعل أنس بن مالك ‪ I‬الدعاء عند ختم القرآن‪ ،‬ومجع أهله‬
‫وولده لذلك‪ ،‬وأنه قد قفاه (أي‪ :‬تابعه) عىل ذلك مجاعة من التابعني‪.‬‬
‫ثالث ًا‪ :‬أنه مل يتحصل الوقوف عىل يشء يف مرشوعية ذلك يف منصوص اإلمامني‪ :‬أيب‬
‫حنيفة‪ ،‬والشافعي ‪ W‬تعاىل‪ ،‬وأن املروي عن اإلمام مالك ‪ :V‬أنه ليس من عمل‬
‫الناس‪ ،‬وأن اخلتم ليس سنة للقيام يف رمضان‪.‬‬
‫رابع ًا‪ :‬أن استحباب الدعاء عقب اخلتم‪ ،‬هو يف املروي عن اإلمام أمحد ‪ V‬تعاىل‪،‬‬
‫كام ينقله علامؤنا احلنابلة‪ ،‬وقرره بعض متأخري املذاهب الثالثة‪.‬‬
‫املقام الثاين‪ :‬يف دعاء اخلتم يف الصالة‪ ،‬وخالصته فيام ييل‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬أنه ليس فيام تقدم من املروي حرف واحد عن النبي ‪ ،H‬أو عن أحد‬
‫من صحابته ‪ ،M‬يفيد مرشوعية الدعاء يف الصالة‪ ،‬بعد اخلتم قبل الركوع‪ ،‬أو بعده‬
‫إلمام‪ ،‬أو منفرد‪.‬‬

‫((( فتاوى أركان اإلسالم (‪.)354‬‬


‫الصيام سؤال وجواب‬

‫ثانيـ ًا‪ :‬أن هنايـة مـا يف البـاب‪ :‬هـو مـا يذكره علماء املذهب مـن الرواية عـن اإلمام‬
‫أمحـد ‪ V‬تعـاىل يف روايـة حنبـل‪ ،‬والفضـل‪ ،‬واحلـريب عنـه ‪-‬والتـي مل نقـف على‬
‫أسـانيدها‪ :-‬مـن جعـل دعـاء اخلتـم يف صلاة الرتاويـح قبـل الركوع‪.‬‬
‫ويف رواية عنه ‪-‬ال يعرف خمرجها‪ :-‬أنه سهل فيه‪ ،‬يف دعاء الوتر‪ .)1( ...‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫‪524‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬بعض أئمة املساجد يف صالة الرتاويح يقلدون قراءة غريهم؛ وذلك لتحسني‬
‫أصواهتم بالقرآن‪ ،‬فهل هذا عمل مرشوع وجائز؟‬
‫*جواب‪:‬‬
‫«حتسني الصوت بالقرآن أمر مرشوع‪ ،‬أمر به النبي ‪ ،H‬واستمع النبي ‪H‬‬

‫يت ِمز َْمار ًا‬


‫إىل قراءة أيب موسى األشعري ‪ ،I‬وأعجبته قراءته‪ ،‬حتى قال له‪َ « :‬ل َقدْ ُأوتِ َ‬
‫ِمن مز ِ‬
‫َام ِري ِ‬
‫آل َد ُاو َد (‪.)2‬‬ ‫ْ َ‬
‫وعىل هذا‪ :‬فإذا قلد إمام املسجد شخص ًا حسن الصوت والقراءة؛ من أجل أن حيسن‬
‫صوته وقراءته لكتاب اهلل ‪ ،D‬فإن هذا أمر مرشوع لذاته‪ ،‬ومرشوع لغريه أيض ًا؛ ألن‬
‫فيه تنشيط ًا للمصلني خلفه‪ ،‬وسبب ًا حلضور قلوهبم‪ ،‬واستامعهم‪ ،‬وإنصاهتم للقراءة‪،‬‬
‫وفضل اهلل يؤتيه من يشاء‪ ،‬واهلل ذو الفضل العظيم»(‪.)3‬‬
‫عىل أن خيلو هذا التحسني من التكلف‪ ،‬الذي خيرج بالقراءة عن حد اخلشوع‬
‫واالعتدال‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬هل جتوز القراءة من املصحف يف صالة الرتاويح وصالة الكسوف‪ ،‬أو ال؟‬
‫*جواب‪:‬‬
‫قال ابن باز ‪« :V‬ال حرج يف القراءة من املصحف يف قيام رمضان؛ ملا يف ذلك‬
‫من إسامع املأمومني مجيع القرآن؛ وألن األدلة الرشعية من الكتاب والسنة قد دلت عىل‬

‫((( انظر‪ :‬مرويات دعاء ختم القرآن (ص‪.)33-32‬‬


‫((( رواه البخاري (‪ )4761‬رواه مسلم (‪.)793‬‬
‫((( كتاب الدعوة اخلامس ابن عثيمني (‪.)201/2‬‬
‫ولاو حيوارتلا ةالص‬

‫رشعية قراءة القرآن يف الصالة‪ ،‬وهي تعم قراءته من املصحف‪ ،‬وعن ظهر قلب‪ ،‬وقد‬
‫ثبت عن عائشة ‪ :J‬أهنا أمرت موالها ذكوان‪ ،‬أن يؤمها يف قيام رمضان‪ ،‬وكان يقرأ‬
‫(‪ .)2‬واهلل أعلم‪.‬‬ ‫من املصحف‪ ،‬ذكره البخاري ‪ V‬يف صحيحه معلق ًا جمزوم ًا به‬
‫(‪)1‬‬

‫***‬
‫‪525‬‬
‫*سؤال‪ :‬هل جيوز للمأموم يف صالة الرتاويح أن يمسك باملصحف خلف اإلمام؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫األفضل له أال يفعل‪ ،‬ويستمع لقراءة إمامه وينصت هلا‪.‬‬

‫سئل ابن باز ‪ :V‬ما حكم محل املأموم للمصحف يف صالة الرتاويح؟‬

‫فأجاب‪« :‬ال أعلم هلذا أصالً‪ ،‬واألظهر أن خيشع ويطمئن‪ ،‬وال يأخذ مصحف ًا‪،‬‬
‫بل يضع يمينه عىل شامله كام هي السنة‪ ،‬يضع يده اليمنى عىل كفه اليرسى والرسغ‬
‫والساعد‪ ،‬ويضعهام عىل صدره‪ ،‬هذا هو األرجح واألفضل‪ ،‬وأخذ املصحف يشغله‬
‫عن هذه السنن‪ ،‬ثم قد يشغل قلبه وبرصه يف مراجعة الصفحات واآليات‪ ،‬وعن سامع‬
‫اإلمام‪ ،‬فالذي أرى أن ترك ذلك هو السنة‪ ،‬وأن يستمع وينصت وال يستعمل املصحف‪،‬‬
‫فإن كان عنده علم َفتَح عىل إمامه‪ ،‬وإال‪ ،‬فتح غريه من الناس‪ ،‬ثم لو قدر أن اإلمام غلط‬
‫ومل ُيفتح عليه؛ ما رض ذلك يف غري الفاحتة‪ ،‬إنام يرض يف الفاحتة خاصة؛ ألن الفاحتة ركن‬
‫ال بد منها‪ ،‬أما لو ترك بعض اآليات من غري الفاحتة‪ ،‬ما رضه ذلك‪ ،‬إذا مل يكن وراءه من‬
‫ينبهه‪ ،‬ولو كان واحد حيمل املصحف عىل اإلمام عند احلاجة‪ ،‬فلعل هذا ال بأس به‪ ،‬أما‬
‫أن كل واحد يأخذ مصحف ًا‪ ،‬فهذا خالف السنة»)‪.(3‬‬

‫وقـال ابـن عثيمني ‪« :V‬محـل املصحف هلـذا الغرض فيـه خمالفة للسـنة‪ ،‬وذلك‬
‫مـن وجوه‪:‬‬

‫((( صحيح البخاري (‪.)140/1‬‬


‫((( فتاوى إسالمية (‪.)155/2‬‬
‫((( جمموع فتاوى ابن باز (‪.)342-340/11‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫األول‪ :‬أنه يؤدي إىل حركة كثرية ال حاجة هلا‪ ،‬وهي فتح املصحف‪ ،‬وإغالقه‪،‬‬
‫ووضعه حتت اإلبط‪.‬‬

‫والثاين‪ :‬أنه يفوت املصيل النظر إىل موضع السجود‪ ،‬وأكثر العلامء يرون أن النظر إىل‬
‫موضع السجود هو السنة‪ ،‬واألفضل»)‪ .(1‬واهلل أعلم‪.‬‬ ‫‪526‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬أصيل مقتدي ًا خلف اإلمام يف صالة الرتاويح‪ ،‬ولكن بعد تأمينه وقراءيت‬
‫الفاحتة أقرأ من مصحف يف يدي من ختمتي اخلاصة‪ ،‬ثم أتابع اإلمام يف سائر الصالة‪،‬‬
‫فهل جيوز قراءيت بعد الفاحتة من مصحفي‪ ،‬مع العلم أين أقرأ بسورة خمتلفة عام يقرأ‬
‫اإلمام؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫الواجب عىل املأموم أن يقرأ الفاحتة‪ ،‬ثم ينصت لقراءة إمامه‪ ،‬وال جيوز له أن يقرأ‬
‫زيادة عىل الفاحتة‪ ،‬سواء قرأها من حفظه أم من مصحف‪.‬‬

‫أمر اهلل تعاىل املصلِّني وغريهم أن يستمعوا وينصتوا إذا ُق ِرئ عليهم القرآن‪ ،‬فقال‬
‫فقد َ‬
‫تعاىل‪( :‬ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ) [األعراف‪.]204 :‬‬

‫وهكذا أمر النبي ‪ ،H‬فعن أيب موسى األشعري ‪ I‬قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪:H‬‬
‫َبوا‪َ ،‬وإِ َذا َق َر َأ َف َأن ِْصتُوا (‪.)2‬‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫«إن ََّم ُجع َل ا ِإل َما ُم ل ُي ْؤت ََّم به‪َ ،‬فإ َذا ك َّ َ‬
‫َب َفك ِّ ُ‬
‫وال ُيستثنَى من هذا إال قراءة الفاحتة فقط‪.‬‬

‫قال ابن باز ‪« :V‬ال جيوز للمأموم يف الصالة اجلهرية أن يقرأ زيادة عىل الفاحتة‪،‬‬
‫بل الواجب عليه بعد ذلك اإلنصات لقراءة اإلمام؛ لقول النبي ‪َ « :H‬ل َع َّلك ُْم‬
‫َاب‪َ ،‬فإِ َّن ُه الَ َصال َة َل ِ ْن‬
‫ات ِة الكِت ِ‬
‫ف إِ َم ِامك ُْم؟ قلنا‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪« :‬الَ َت ْف َع ُلوا إِالَّ بِ َف ِ َ‬
‫ون َخ ْل َ‬
‫َت ْق َر ُء َ‬

‫((( جملة الدعوة العدد (‪ )1771‬ص(‪.)45‬‬


‫((( رواه البخاري (‪ ،)656‬ومسلم (‪.)411‬‬
‫ولاو حيوارتلا ةالص‬

‫َل ْ َي ْق َر ْأ ِ َبا (‪ ،)1‬ولقول اهلل سبحانه‪( :‬ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ‬


‫ﯠ) [األعراف‪ ،]204 :‬وقوله ‪« :H‬إِ َذا َق َر َأ َف َأن ِْصتُوا (‪.)2‬‬

‫وإنام يستثنى من ذلك قراءة الفاحتة فقط؛ للحديث السابق؛ ولعموم قوله ‪:H‬‬
‫‪527‬‬ ‫ات ِة الكِت ِ‬
‫َاب (‪.)3‬‬ ‫«الَ َصال َة َل ِ ْن َل ْ َي ْق َر ْأ بِ َف ِ َ‬

‫وعليه‪ :‬فيلزمك اإلنصات لإلمام‪ ،‬وعدم القراءة من مصحفك؛ امتثاال ملا تقدم من‬
‫نصوص‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬هل جيوز قراءة القرآن الكريم عن طريق احلاسوب (الكمبيوتر) خالل أداء‬
‫صالة الرتوايح؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫القراءة عن طريق احلاسوب يف الصالة هلا حكم القراءة من املصحف يف الصالة‪،‬‬


‫وهي مسألة مشهورة‪ ،‬وفيها خالف بني العلامء‪ ،‬فأجازها الشافعية واحلنابلة‪ ،‬وذهب أبو‬
‫حنيفة إىل بطالن صالة من قرأ من املصحف‪.‬‬

‫جاء يف املوسوعة الفقهية‪« :‬ذهب الشافعية واحلنابلة إىل جواز القراءة من املصحف‬
‫يف الصالة‪ ،‬قال اإلمام أمحد‪« :‬ال بأس أن ّ‬
‫يصل بالناس القيام‪ ،‬وهو ينظر يف املصحف‪،‬‬
‫قيل له‪ :‬الفريضة؟‪ ،‬قال‪ :‬مل أسمع فيها شيئ ًا»‪.‬‬

‫هري عن رجل يقرأ يف رمضان يف املصحف‪ ،‬فقال‪ »:‬كان خيارنا يقرؤون‬


‫الز ّ‬
‫وسئل ّ‬
‫يف املصاحف»‪.‬‬

‫((( رواه أبو داود (‪ ،)823‬وصححه ابن باز يف جمموع الفتاوى (‪ ،)234/11‬وضعفه األلباين يف ضعيف‬
‫اجلامع (‪.)4681‬‬
‫((( رواه أبو داود (‪ ،)604‬والنسائي (‪ ،)920‬وصححه األلباين يف مشكاة املصابيح (‪.)186/1‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)723‬ومسلم (‪ ،)394‬جمموع فتاوى ابن باز (‪.)234/11‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫األنصاري‪ :‬إذا قرأ يف مصحف‪ ،‬ولو ق َّلب‬


‫ّ‬ ‫ويف رشح روض الطالب للشيخ زكريا‬
‫أوراقه أحيان ًا مل تبطل‪-‬أي‪ :‬الصالة ‪-‬؛ألن ذلك يسري‪ ،‬أو غري متوال ال يشعر باإلعراض‪،‬‬
‫والقليل من الفعل الذي يبطل كثريه إذا تعمده بال حاجة‪ :‬مكروه‪.‬‬

‫ال كان أو كثري ًا‪ ،‬إمام ًا‬


‫وذهب أبو حنيفة إىل فساد الصالة بالقراءة من املصحف مطلق ًا‪ ،‬قلي ً‬ ‫‪528‬‬
‫أو منفرد ًا‪ ،‬أ ّم ّي ًا ال يمكنه القراءة إال منه أو ال‪ ،‬وذكروا أليب حنيفة يف علة الفساد وجهني‪:‬‬

‫أحدمها‪ :‬أن محل املصحف‪ ،‬والنظر فيه‪ ،‬وتقليب األوراق عمل كثري‪.‬‬

‫الثاين‪ :‬أنه تلق ٌن من املصحف‪ ،‬فصار كام لو تل َّقن من غريه‪ ،‬وعىل الثاين‪ :‬ال فرق بني‬
‫املوضوع واملحمول عنده‪ ،‬وعىل األول‪ :‬يفرتقان‪.‬‬

‫واستثني من ذلك ما لو كان حافظ ًا ملا قرأه‪ ،‬وقرأ بال محل؛ فإنه ال تفسد صالته؛ ألن‬
‫هذه القراءة مضافة إىل حفظه‪ ،‬ال إىل تل ّقنه من املصحف‪ ،‬وجمرد النظر بال محل غري مفسد‪.‬‬

‫وذهب الصاحبان ‪-‬أبو يوسف وحممد‪ -‬إىل كراهة القراءة من املصحف‪ ،‬إن قصد‬
‫التش ّبه بأهل الكتاب»)‪.(1‬‬

‫والقول باجلواز هو الذي يفتي به علامء اللجنة الدائمة لإلفتاء‪ ،‬والشيخ العثيمني‪،‬‬
‫والشيخ عبد اهلل اجلربين‪.‬‬

‫وال شك أن األَوىل هو أن ال يؤم الناس إال َمن هو حافظ لكتاب اهلل تعاىل‪ ،‬وأن يقرأ‬
‫عن ظهر قلب‪.‬‬

‫سئل الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه اهلل‪ :‬هل القراءة من املصحف أفضل‬
‫من القراءة عن ظهر قلب؟ نرجو اإلفادة‪.‬‬
‫فأجاب‪« :‬أما من جهة قراءة القرآن يف غري الصالة‪ :‬فالقراءة من املصحف أوىل؛ ألنه‬
‫أقرب إىل الضبط‪ ،‬وإىل احلفظ‪ ،‬إال إذا كانت قراءته عن ظهر قلب أحفظ لقلبه‪ ،‬وأخشع‬
‫له؛ فليقرأ عن ظهر قلب‪ ،‬وأما يف الصالة‪ :‬فاألفضل أن يقرأ عن ظهر قلب؛ وذلك ألنه‬

‫((( املوسوعة الفقهية (‪.)58 ،57 /33‬‬


‫ولاو حيوارتلا ةالص‬

‫إذا قرأ من املصحف فإنه حيصل له عمل متكرر يف محل املصحف‪ ،‬وإلقائه‪ ،‬ويف تقليب‬
‫الورق‪ ،‬ويف النظر إىل حروفه‪ ،‬وكذلك يفوته وضع اليد اليمنى عىل اليرسى عىل الصدر‬
‫يف حال القيام‪ ،‬وربام يفوته التجايف يف الركوع والسجود إذا جعل املصحف يف إبطه‪،‬‬
‫ومن َث َّم رجحنا قراءة املصيل عن ظهر قلب عىل قراءته من املصحف»)‪.(1‬‬
‫‪529‬‬
‫ومن مفاسد القراءة من املصحف ‪-‬ومثله احلاسوب أو اجلوال‪ -‬يف الصالة‪ :‬أهنا‬
‫مهة اإلمام يف حفظ القرآن‪ ،‬وتقيض عىل رغبته يف حفظه‪ ،‬فإذا علم أنه سيفتح‬
‫تقتل َّ‬
‫مصحف ًا يف صالته‪ ،‬أو سينظر يف احلاسوب أو اجلوال؛ مل يبذل وقته يف حفظ كتاب اهلل‬
‫تعاىل‪ ،‬ومل حيرص عىل إتقانه‪.‬‬
‫فاحرص أخي عىل حفظ كتاب اهلل‪ ،‬واقرأ منه يف صالتك عن ظهر قلب‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬قام اإلمام للركعة الثالثة يف صالة الرتاويح ثم سلم بعد الثالثة‪ ،‬فأخربه‬
‫املصلون أنه صىل ثالثة‪ ،‬فهل يسجد للسهو‪ ،‬أم يكملها أربع ًا؟‬
‫*جواب‪:‬‬
‫«عرضنا السؤال عىل فضيلة الشيخ حممد بن صالح العثيمني‪ ،‬فأجاب بقوله‪ :‬يسجد‬
‫للسهو‪ ،‬ثم يكمل الصالة مثنى مثنى‪ ،‬كام لو كان هذا يف الفريضة (‪.)2‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬إذا نيس اإلمام يف الرتاويح اجللوس للتشهد يف الركعة الثانية‪ ،‬وقام ومل يقرأ‬
‫الفاحتة‪ ،‬وجلس مرة أخرى رسيع ًا للتشهد بعد ثوان قليلة‪ .‬فامذا عليه وماذا عىل املأموم؟‬
‫*جواب‪:‬‬
‫«عليهم مجيع ًا سجود السهو؛ هلذا العمل الزائد‪ ،‬وهو القيام لركعة ثالثة (‪ .)3‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫((( املنتقى من فتاوى الفوزان (‪.)35 /2‬‬


‫((( سؤاالت الشيخ حممد املنجد للشيخ ابن عثيمني‪.‬‬
‫((( كتبه‪ :‬الشيخ عبد الكريم اخلضري‪.‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*سؤال‪ :‬ما حكم الرشع يف الدرس الذي يكون بعد الركعات األربع يف صالة الرتاويح؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫الدرس الذي يلقيه بعض األئمة والوعاظ بني ركعات صالة الرتاويح؛ ال بأس به‬
‫‪530‬‬
‫يداوم عليه؛ خشية أن يعتقد الناس أنه جزء من الصالة؛‬
‫إن شاء اهلل‪ ،‬واألحسن أن ال َ‬
‫وخشية من اعتقادهم وجوبه‪ ،‬حتى إهنم قد ينكرون عىل من مل يفعله‪.‬‬

‫ولإلمام أو للمدرس والواعظ أن ينبه الناس عىل ما يتيرس من أحكام الرشع‪،‬‬


‫وخاصة مما حيتاجونه يف هذا الشهر من مسائل‪ ،‬عىل أن يرتكه أحيان ًا؛ ملا سبق ذكره‪.‬‬

‫وال شك أن مثل هذه الكلامت واملواعظ أنفع من اخلروج‪ ،‬أو من احلديث الدنيوي‪،‬‬
‫ورفع الصوت‪ ،‬وخري من الذكر املبتدع الذي حيدثه بعض األئمة بعد األربع ركعات‪.‬‬

‫قال الشيخ عبد اهلل اجلربين ‪« :V‬إن فصل بعض األئمة بني ركعات الرتاويح‬
‫بجلوس‪ ،‬أو وقفة يسرية لالستجامم‪ ،‬أو االرتياح‪ :‬فاألوىل قطع هذا اجللوس بنصيحة‪،‬‬
‫يمر هبا القارئ‪ ،‬أو موعظة‪ ،‬أو ذكر حكم‬
‫أو تذكري‪ ،‬أو قراءة يف كتاب مفيد‪ ،‬أو تفسري آية ّ‬
‫من األحكام؛ حتى ال خيرجوا‪ ،‬أو ال يم ّلوا‪ ،‬واهلل أعلم»)‪.(1‬‬
‫***‬

‫معي بعد كل صالة ركعتني من الرتاويح؟‬


‫*سؤال‪ :‬هل من ذكر َّ‬
‫*جواب‪:‬‬

‫األذكار من العبادات‪ ،‬واألصل يف العبادات املنع منها إال بدليل يوجبها أو يستحبها‪،‬‬
‫صلى النبي ‪H‬‬ ‫وال جيـوز إحـداث ِذكـر مع عبـادة‪ ،‬وال قبلهـا‪ ،‬وال بعدها‪ ،‬وقد َّ‬
‫وصلى الصحابة أفراد ًا وجمتمعين‪ ،‬يف زمانه ‪،H‬‬ ‫َّ‬ ‫القيـام مـع أصحابه عدة ٍ‬
‫ليال‪،‬‬
‫معي‪ ،‬بعد كل تسـليمة أو تسـليمتني‪،‬‬ ‫وبعـد موتـه‪ ،‬وال يعلم أهنم ذكروا اهلل تعاىل ِ‬
‫بذ ٍ‬
‫كر َّ‬ ‫ُ‬
‫وعـدم نقـل العلماء لذكر مجاعـي بني ركعـات الرتاويح عـن الصحابة‪ ،‬ومـن بعدهم؛‬

‫((( السؤال الثاين من اإلجابات البهية يف املسائل الرمضانية‪.‬‬


‫ولاو حيوارتلا ةالص‬

‫دليـل على عـدم وقوعـه؛ ألن العلماء كانـوا ينقلون مـا هو أخفـى من مثل هـذا األمر‬
‫الظاهـر‪ ،‬وخير اهلـدي يف اتباعه ‪ ،H‬واتبـاع أصحابه يف أمور العبـادات‪ ،‬بفعل‬
‫ما فعلـوه‪ ،‬وترك مـا تركوه‪.‬‬

‫‪531‬‬ ‫إال أنه ال بأس للمصيل أن يدعو اهلل‪ ،‬أو يقرأ القرآن‪ ،‬أو يذكر ر َّبه تعاىل‪ ،‬من غري‬
‫ٍ‬
‫بصوت‬ ‫كر بني الركعات‪ ،‬ومن دون أن يكون ذلك‬ ‫ختصيص آيات معينة‪ ،‬أو سور‪ ،‬أو ِذ ٍ‬
‫املطهر‪ ،‬واألصل‪ :‬التوقيف‬
‫واحد‪ ،‬وال بقيادة اإلمام أو غريه؛ لعدم ورود ذلك يف الرشع َّ‬
‫يف العبادات‪ ،‬يف كميتها‪ ،‬وكيفيتها‪ ،‬وزماهنا‪ ،‬ومكاهنا‪ ،‬وسببها‪ ،‬وصفتها‪.‬‬

‫قال الشيخ حممد العبدري املشهور بابن احلاج ‪« :V‬فصل يف ِّ‬


‫الذكر بعد التسليمتني‬
‫من صالة الرتاويح‪ :‬وينبغي له ‪-‬أي‪ :‬اإلمام‪ -‬أن يتجنب ما أحدثوه من الذكر بعد كل‬
‫تسليمتني من صالة الرتاويح‪ ،‬ومن رفع أصواهتم بذلك‪ ،‬وامليش عىل صوت واحد؛‬
‫فإن ذلك كله من البدع‪ ،‬وكذلك ينهى عن قول املؤذن بعد ذكرهم بعد التسليمتني من‬
‫صالة الرتاويح‪ :‬الصالة يرمحكم اهلل؛ فإنه حمدث أيض ًا‪ ،‬واحلدث يف الدين ممنوع‪ ،‬وخري‬
‫اهلدي هدي حممد ‪ ،H‬ثم اخللفاء بعده‪ ،‬ثم الصحابة رضوان اهلل عليهم أمجعني‪،‬‬
‫ومل يذكر عن أحد من السلف فعل ذلك؛ فيسعنا ما وسعهم»(‪ .)1‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬ما حكم الدعاء اجلامعي بعد صالة الرتاويح؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«م ْن َع ِم َل‬
‫الدعاء اجلامعي بعد صالة الرتاويح بدعة‪ ،‬وقد قال النبي ‪َ :H‬‬
‫ال َل ْي َس َع َل ْي ِه َأ ْم ُرنَا؛ َف ُه َو َر ٌّد (‪.)2‬‬
‫َع َم ً‬

‫والوارد عن النبي ‪ H‬بعد صالة الرتاويح‪ ،‬هو قول‪ :‬سبحان امللك القدوس‬
‫‪-‬ثالث مرات‪ -‬ويرفع صوته يف الثالثة‪.‬‬

‫((( املدخل (‪.)294-293/2‬‬


‫((( رواه مسلم (‪.)3243‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫الوت ِْر بِـ (ﮟ‬ ‫ول اهللِ ‪َ H‬ي ْق َر ُأ ِف ِ‬ ‫َان َر ُس ُ‬


‫ب بن كعب ‪َ ،I‬ق َال‪ :‬ك َ‬ ‫عن ُأ َ ِّ‬
‫ﮠ ﮡ ﮢ)‪َ ،‬و(ﭑ ﭒ ﭓ)‪َ ،‬و(ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ)‪َ ،‬فإِ َذا َس َّل َم َق َال‪:‬‬
‫وس ‪َ ،‬و َر َف َع‬‫ك ال ُقدُّ ِ‬ ‫ان الملِ ِ‬ ‫ك ال ُقدُّ ِ‬‫ان الملِ ِ‬ ‫ان الملِ ِ‬
‫ك ال ُقدُّ ِ‬
‫وس‪ُ ،‬س ْب َح َ َ‬ ‫وس‪ُ ،‬س ْب َح َ َ‬ ‫«س ْب َح َ َ‬ ‫ُ‬
‫ِ َبا َص ْو َت ُه)‪.(1‬‬ ‫‪532‬‬
‫ثـم يف صلاة الوتـر يقنـت اإلمـام‪ ،‬ويؤمـن املصلـون خلفـه‪ ،‬كما كان يفعـل ذلك‬
‫أيب بـن كعـب ‪ ،I‬ملـا صىل بالنـاس الرتاويح يف عهـد عمر ‪ ،I‬وهـذا يغني عن‬
‫إحـداث هذه البدعـة‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬ما حكم رفع الصوت بالصالة عىل النبي ‪ ،H‬والرتيض عن اخللفاء‬
‫الراشدين بني ركعات الرتاويح؟‬
‫*جواب‪:‬‬
‫«ال أصل لذلك ‪-‬فيام نعلم‪ -‬من الرشع املطهر‪ ،‬بل هو من البدع املحدثة؛ فالواجب‬
‫تركه‪ ،‬ولن يصلح آخر هذه األمة إال ما أصلح أوهلا‪ ،‬وهو اتباع الكتاب والسنة‪ ،‬وما‬
‫سار عليه سلف األمة‪ ،‬واحلذر مما خالف ذلك»)‪ .(2‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬هل هناك فرق بني صالة الوتر وصالة الليل؟‬


‫*جواب‪:‬‬
‫صالة الوتر هي من صالة الليل‪ ،‬ومع ذلك فهناك فرق بينهام‪.‬‬
‫قال ابن باز ‪« :V‬الوتر من صالة الليل‪ ،‬وهو سنة‪ ،‬وهو ختامها‪ ،‬ركعة واحدة‬
‫خيتم هبا صالة الليل يف آخر الليل‪ ،‬أو يف وسط الليل‪ ،‬أو يف أول الليل بعد صالة العشاء‪،‬‬
‫يصيل ما تيرس‪ ،‬ثم خيتم بواحدة»)‪.(3‬‬

‫((( رواه أمحد (‪ ،)406/3‬وأبو داود (‪ ،)1430‬والنسائي (‪ ،)1699‬وصححه األلباين يف املشكاة(‪.)283/1‬‬


‫((( جمموع فتاوى ابن باز(‪.)369/11‬‬
‫((( جمموع فتاوى ابن باز (‪.)309/11‬‬
‫ولاو حيوارتلا ةالص‬

‫وقال ابن عثيمني ‪« :V‬السنة ‪-‬قوالً وفعالً‪ -‬قد فرقت بني صالة الليل وبني‬
‫الوتر‪ ،‬وكذلك أهل العلم فرقوا بينهام حك ًام‪ ،‬وكيفية‪.‬‬
‫أما تفريق السنة بينهام قوالً‪ :‬ففي حديث ابن عمر ‪ ،L‬أن رج ً‬
‫ال سأل النبي ‪H‬‬

‫‪533‬‬ ‫احدَ ٍة (‪.)1‬‬


‫كيف صالة الليل؟‪ ،‬قال‪« :‬م ْثنَى م ْثنَى‪َ ،‬فإِ َذا ِخ ْف َت الصبح‪َ ،‬ف َأوتِر بِو ِ‬
‫ُّ ْ َ ْ ْ َ‬ ‫َ َ‬
‫وأما تفريق السنة بينهام فعالً‪ :‬ففي حديث عائشة ‪ J‬قالت‪« :‬كان النبي ‪H‬‬

‫يصيل وأنا راقدة معرتضة عىل فراشه‪ ،‬فإذا أراد أن يوتر؛ أيقظني فأوتر»(‪.)2‬‬
‫وأما تفريق العلامء بني الوتر‪ ،‬وصالة الليل حك ًام‪ :‬فإن العلامء اختلفوا يف وجوب‬
‫الوتر‪ ،‬فذهب أبو حنيفة إىل وجوبه‪ ،‬وهو رواية عن أمحد‪ ،‬ذكرها يف اإلنصاف‪ ،‬والفروع‪،‬‬
‫قال أمحد‪ :‬من ترك الوتر عمد ًا؛ فهو رجل سوء‪ ،‬وال ينبغي أن تقبل له شهادة‪ .‬واملشهور‬
‫من املذهب أن الوتر سنة‪ ،‬وهو مذهب مالك‪ ،‬والشافعي‪.‬‬
‫وأما صالة الليل‪ :‬فليس فيها هذا اخلالف‪.‬‬
‫قال ابن حجر ‪« :V‬ومل أر النقل يف القول بإجيابه إال عن بعض التابعني‪ ،‬قال ابن‬
‫عبد الرب‪ :‬شذ بعض التابعني؛ فأوجب قيام الليل‪ ،‬ولو قدر حلب شاة‪ ،‬والذي عليه‬
‫مجاعة العلامء أنه مندوب إليه»)‪.(3‬‬
‫وأما تفريق العلامء بني الوتر وصالة الليل يف الكيفية‪ ،‬فقالوا‪ :‬صالة الليل مثنى‬
‫مثنى‪ ،‬وقالوا يف الوتر‪ :‬إن أوتر بخمس‪ ،‬أو سبع‪ ،‬مل جيلس إال يف آخرها‪ ،‬وإن أوتر بتسع‬
‫جلس عقب الثامنة فتشهد‪ ،‬ثم قام قبل أن يسلم فيصيل التاسعة‪ ،‬ثم يتشهد ويسلم»(‪.)4‬‬
‫وهبذا يتبني أن صالة الوتر من صالة الليل‪ ،‬ولكنها ختالف صالة الليل يف بعض‬
‫الفروقات‪ ،‬منها‪ :‬الكيفية‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)1137‬ومسلم (‪.)749‬‬


‫((( رواه البخاري (‪.)490‬‬
‫((( فتح الباري (‪.)27/3‬‬
‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)264-262/13‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*سؤال‪ :‬ورد عن النبي ‪ H‬أنه قال عن الوتر‪ :‬ال جتعلوها تشابه صالة املغرب‪.‬‬
‫وعليه فإن من أراد أن يصيل الوتر ثالث ًا عليه أن جيد طريقة جتعلها ختتلف عن صالة‬
‫املغرب‪ .‬وهناك طريقتان‪ :‬إما بالتسليم عقب الركعتني األوليني‪ ،‬وهو األفضل‪ ،‬أو‬
‫بعدم اجللوس بعد الركعتني األوليني‪ .‬أنا أيض ًا أصيل ثالث ركعات للوتر لكني أجعل‬
‫‪534‬‬
‫صاليت ختتلف عن املغرب برفع يدي للتكبري قبل دعاء القنوت‪ .‬فهل يصح ذلك؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫قبل اجلواب عىل هذا السؤال نشكر لك حرصك عىل اتباع السنة‪ ،‬ونسأل اهلل أن‬
‫جيعلنا وإياك ممن يستمعون القول؛ فيتبعون أحسنه‪.‬‬
‫ما ذكرته وفقك اهلل من إرادتك عدم املشاهبة بأن ترفع يدك للتكبري قبل دعاء‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫القنوت‪ ،‬فهذا ليس مراد ًا من هني النبي ‪ H‬يف قوله‪« :‬الَ تُوت ُروا بِ َثالَث‪ُ ،‬‬
‫تشبهوا‬
‫المغ ِْر َب (‪.)1‬‬
‫َ‬
‫ومراده ‪- H‬كام بينه أهل العلم‪ -‬هو النهي عن اجللوس للتشهد األول‪،‬‬
‫بحيث تشبه صالة املغرب(‪.)2‬‬

‫ورفع اليدين للتكبري قبل دعاء القنوت ليس بفرق يف احلقيقة؛ ألن مواضع رفع‬
‫اليدين يف الصالة أربعة‪:‬‬
‫‪ .1‬عند تكبرية اإلحرام‪.‬‬
‫‪ .2‬عند الركوع‪.‬‬
‫‪ .3‬عند الرفع من الركوع‪.‬‬
‫‪ .4‬عند القيام من التشهد األول‪.‬‬
‫فال يرشع للمصيل أن يرفع يديه يف غري هذه املواضع األربعة)‪ .(3‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫((( أخرجه احلاكم (‪ )446/1‬وصححه‪ ،‬والبيهقي (‪ ،)31/3‬والدارقطني (‪.)26/2‬‬


‫((( انظر‪ :‬فتح الباري (‪ ،)301/4‬وعون املعبود رشح حديث رقم (‪ ،)1423‬وصالة الرتاويح لأللباين (ص‪.)97‬‬
‫((( انظر‪ :‬فتاوى أركان اإلسالم للشيخ حممد بن عثيمني (ص‪.)312‬‬
‫ولاو حيوارتلا ةالص‬

‫*سؤال‪ :‬بعض الناس إذا صىل مع اإلمام الوتر وسلم اإلمام قام وأتى بركعة؛ ليكون‬
‫وتره آخر الليل‪ ،‬فام حكم هذا العمل؟ وهل يعترب قد انرصف مع اإلمام؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫‪535‬‬
‫قال ابن باز ‪« :V‬ال نعلم يف هذا بأس ًا‪ ،‬نص عليه العلامء‪ ،‬وال حرج فيه؛ حتى‬
‫يكون وتره يف آخر الليل‪ ،‬ويصدق عليه أنه قام مع اإلمام حتى ينرصف؛ ألنه قام معه‬
‫حتى انرصاف اإلمام‪ ،‬وزاد ركعة ملصلحة رشعية؛ حتى يكون وتره آخر الليل؛ فال بأس‬
‫هبذا‪ ،‬وال خيرج به عن كونه قام مع اإلمام‪ ،‬بل هو قام مع اإلمام حتى انرصف‪ ،‬لكنه‬
‫مل ينرصف معه‪ ،‬بل تأخر قليالً»(‪.)1‬‬

‫«يفضل يف حق املأموم‬
‫ّ‬ ‫وسئل الشيخ ابن جربين ‪ V‬سؤاالً مشاهب ًا‪ ،‬فأجاب‪:‬‬
‫متابعة اإلمام حتى ينرصف من الرتاويح والوتر؛ ليصدق عليه أنه صىل مع اإلمام حتى‬
‫انرصف‪ ،‬فيكتب له قيام ليلة‪ ،‬وكام فعله اإلمام أمحد وغريه من العلامء‪.‬‬

‫وعىل هذا‪ :‬فإن أوتر معه وانرصف معه‪ ،‬فال حاجة إىل الوتر آخر الليل‪ ،‬فإن استيقظ آخر‬
‫الليل صىل ما كُتب له شفع ًا (أي ركعتني ركعتني)‪ ،‬وال يعيد الوتر؛ فإنه ال وتران يف ليلة‪.‬‬

‫وفضل بعض العلامء أن يشفع الوتر مع اإلمام (أي يزيد ركعة)‪ ،‬بأن يقوم بعد سالم‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫ش‬ ‫اإلمام‪ ،‬فيصيل ركعة ثم يسلم‪ ،‬وجيعل وتره آخر هتجده؛ لقوله ‪َ « :H‬فإِ َذا َخ َ‬
‫احدَ ةً‪ ،‬تُوتِر َله ما َقدْ ص َّل (‪ ،)2‬وكذا قوله‪« :‬اجع ُلوا ِ‬
‫آخ َر‬ ‫َأحدُ كُم الصبح‪ ،‬ص َّل ر ْكع ًة و ِ‬
‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ َ‬ ‫َ ْ ُّ ْ َ َ َ َ َ‬
‫َصالتِك ُْم بِال َّل ْي ِل ِوت ًْرا (‪.)3‬‬

‫وأفتت اللجنة الدائمة بأن هذا األمر الثاين‪ :‬حسن(‪ )4‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫((( جمموع فتاوى ابن باز (‪.)312/11‬‬


‫((( رواه البخاري (‪ ،)946‬ومسلم (‪.)749‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)953‬ومسلم (‪ ،)751‬وانظر‪ :‬فتاوى رمضان (ص‪.)826‬‬
‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)207/7‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*سؤال‪ :‬أنا امرأة مسلمة‪ ،‬أحافظ عىل أداء صالة الرتاويح‪ ،‬ويف الغالب إذا مل أذهب إىل‬
‫الصالة يف املسجد فإن أخي الذي يصغرين سن ًا ال يذهب أيض ًا‪ ،‬وإذا ذهبنا إىل املسجد‬
‫نصيل الوتر مع اإلمام‪ .‬وقد اعتدت عىل االستيقاظ يف جوف الليل لصالة التهجد‬
‫وقراءة القرآن‪ ،‬ولكني بعد صالة الوتر ال أستطيع أن أصيل صالة التهجد‪ .‬فام اخليار‬
‫‪536‬‬
‫األفضل بالنسبة يل‪ ،‬أداء صالة الرتاويح يف املسجد حتى يصيل أخي يف املسجد؟ أم‬
‫البقاء يف البيت ألصيل صالة التهجد يف جوف الليل؟ أهيام أكثر أجر ًا؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫ذهابك للمسجد‪ ،‬وحضورك الرتاويح مع اجلامعة‪ ،‬ولقاؤك بأخواتك املسلامت‪ ،‬كل‬


‫ذلك خري وهدى‪ ،‬واحلمد هلل‪.‬‬
‫وكونك تعينني أخاك عىل هذا اخلري‪ ،‬طاعة أخرى تضاف لذلك‪.‬‬
‫وال تعارض بني هذا وبني هتجدك آخر الليل‪ ،‬فبإمكانك أن جتمعي بني هذه الفضائل كلها‪.‬‬
‫وذلك بأحد أمرين‪:‬‬
‫األول‪ :‬أن توتري مع اإلمام‪ ،‬ثم إذا تيرس لك التهجد بعد ذلك‪ِّ ،‬‬
‫فصل ما كتب اهلل‬
‫لك ركعتني ركعتني‪ ،‬دون أن تعيدي صالة الوتر مرة أخرى‪ ،‬ألنه ال وتران يف ليلة‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬أن تؤخري الوتر إىل آخر الليل‪ ،‬فإذا سلم اإلمام من صالة الوتر‪ ،‬فإنك ال‬
‫تسلمني معه‪ ،‬بل تقومني وتزيدين ركعة؛ ليكون وترك آخر الليل‪.‬‬
‫نسأل اهلل لك التوفيق والسداد‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬سأكون اإلمام ملجموعة من اإلخوة يف صالة الرتاويح‪ ،‬سنصيل ثامين ركعات‬
‫ثم ثالث ًا للوتر‪ ،‬هل صحيح أن آخر يشء جيب أن أفعله قبل النوم هو صالة الوتر‪ ،‬أم‬
‫أن هذا مستحب فقط؟ وإذا كنت أريد أن أصيل التهجد يف الليل‪ ،‬فهل من األفضل‬
‫بالنسبة يل تأخري الوتر لبعد التهجد‪ ،‬وأن ال أصيل الوتر مع اجلامعة؟ أم أصيل هبم‬
‫وأنوي صالة نافلة لركعة واحدة‪ ،‬وتنوي اجلامعة الوتر؟‬
‫ولاو حيوارتلا ةالص‬

‫*جواب‪:‬‬

‫يسـتحب أن تكـون آخـر صلاة يصليهـا املسـلم يف الليل هي صلاة الوتـر؛ لقول‬
‫آخ َر َصالَتِك ُْم بِال َّل ْي ِل ِوت ًْرا (‪.)1‬‬
‫النبي ‪« :H‬اجع ُلوا ِ‬
‫ْ َ‬
‫‪537‬‬
‫وهذا األمر من النبي ‪ H‬عىل سبيل االستحباب واألفضلية‪ ،‬وليس عىل‬
‫سبيل الوجوب واإللزام؛ ألنه ثبت عن عائشة ‪« :J‬أن النبي ‪ H‬كان يصيل‬
‫ركعتني بعد الوتر‪ ،‬وهو جالس»(‪.)2‬‬

‫بعد الوتر‬ ‫‪H‬‬ ‫قال النووي ‪« :V‬الصواب‪ :‬أن هاتني الركعتني فعلهام‬
‫جالس ًا؛ لبيان جواز الصالة بعد الوتر‪ ،‬وبيان جواز النفل جالس ًا‪ ،‬ومل يواظب عىل ذلك‪،‬‬
‫بل فعله مرة‪ ،‬أو مرتني‪ ،‬أو مرات قليلة»(‪.)3‬‬

‫وقال الشيخ ابن باز أيض ًا يف بيان احلكمة من صالة النبي ‪ H‬ركعتني بعد‬
‫الوتر ما نصه‪:‬‬

‫«واحلكمة يف ذلك ‪-‬واهلل أعلم‪ -‬أن يبني للناس جواز الصالة بعد الوتر (‪.)4‬‬

‫وإذا كنت تريد أن تصيل التهجد بالليل‪ ،‬فإنه جيوز لك أن تصيل الوتر باجلامعة‪ ،‬ثم‬
‫تصيل بعد ذلك ما شئت من الركعات‪ ،‬ركعتني ركعتني‪ ،‬وال تعيد الوتر‪.‬‬

‫ولك أن ال تصيل الوتر مع اجلامعة‪ ،‬وتؤخر الوتر؛ حتى يكون آخر صالتك بالليل‪.‬‬

‫وعليك يف هذا مراعاة اجلامعة الذين يصلون معك‪ ،‬فإن كان ال يوجد أحد يصيل‬
‫هبم الوتر غريك‪ ،‬وعدم صالتك هبم سيؤدي إىل تركهم للوتر‪ ،‬أو ال حيسنون صالته؛‬
‫ّ‬
‫فصل هبم الوتر‪.‬‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)953‬ومسلم (‪.)751‬‬


‫((( رواه مسلم (‪.)738‬‬
‫((( رشح النووي عىل مسلم (‪.)21/6‬‬
‫((( فتاوى إسالمية (‪.)339/1‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫سئل ابن باز ‪ :V‬إذا أوترت أول الليل ثم قمت يف آخره‪ ،‬فكيف أصيل؟‬
‫فأجـاب‪« :‬إذا أوتـرت مـن أول الليـل‪ ،‬ثـم يسر اهلل لـك القيـام يف آخـره؛ فصـل‬
‫مـا يسر اهلل لك شـفع ًا ‪-‬يعني ركعتين ركعتني‪ -‬بـدون وتر؛ لقـول النبي ‪:H‬‬
‫ان ِف َل ْي َل ٍة (‪.)1‬‬
‫ْـر ِ‬
‫«الَ ِوت َ‬ ‫‪538‬‬
‫وملا ثبت عن عائشة ‪« :J‬أن النبي ‪ H‬كان يصيل ركعتني بعد الوتر‪ ،‬وهو‬
‫جالس)‪.)3( (2‬‬
‫وأما قولك‪ :‬إنك تصيل معهم ركعة‪ ،‬وتنوي هبا نافلة‪ ،‬وال تنوي الوتر‪ :‬فهذا عمل‬
‫«صال ُة ال َّل ْي ِل َم ْثنَى َم ْثنَى (‪.)4‬‬
‫غري مرشوع؛ لقول النبي ‪َ :H‬‬
‫َي ِف النَّافِ َلة‪َ ،‬ما عَدَ ا‬
‫است ُِد َّل بِ ِه َع َل عَدَ م النُّ ْق َصان َع ْن َر ْك َعت ْ ِ‬ ‫قال ابن حجر ‪َ :V‬‬
‫«و ْ‬
‫ِ‬
‫الوتْر»(‪ .)5‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬أجد صعوبة يف حفظ األدعية عن ظهر قلب‪ ،‬مثل دعاء القنوت يف الوتر‪،‬‬
‫فكنت أقرأ سورة مكانه‪ ،‬وملا عرفت أنه فرض حاولت حفظه‪ ،‬وجعلت يف أثناء‬
‫الصالة أقرأه من كتاب أتناوله من عىل طاولة بجانبي‪ ،‬وأنا ما أزال متجه ًا إىل القبلة‪،‬‬
‫فهل هذا جائز؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫‪ .1‬ال بأس أن تقرأ دعاء القنوت من ورقة أو كتيب يف صالة الوتر‪ ،‬حتى تتمكن من‬
‫حفظه‪ ،‬ثم ترتك القراءة بعد ذلك‪ ،‬وتدعو من حفظك‪ ،‬كام أنه جيوز قراءة القرآن‬
‫ِمن املصحف يف صالة النافلة‪ ،‬ملن ال حيفظ الكثري من القرآن‪.‬‬

‫((( رواه الرتمذي (‪ ،)470‬وقال‪ :‬حسن غريب‪ ،‬وصححه األلباين يف صحيح الرتمذي‪.‬‬
‫((( رواه مسلم (‪)738‬‬
‫((( فتاوى إسالمية (‪.)339/1‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)460‬ومسلم (‪ ،)749‬وانظر‪ :‬املغني (‪.)539/2‬‬
‫((( فتح الباري (‪.)479/2‬‬
‫ولاو حيوارتلا ةالص‬

‫سئل ابن باز ‪ :V‬ما حكم قراءة القرآن من املصحف يف صالة الرتاويح؟‬

‫فأجاب‪« :‬ال حرج يف القراءة من املصحف يف قيام رمضان؛ ملا يف ذلك من إسامع‬
‫املؤمنني مجيع القرآن؛ وألن األدلة الرشعية من الكتاب والسنة قد دلت عىل‬
‫‪539‬‬ ‫رشعية قراءة القرآن يف الصالة‪ ،‬وهي تعم قراءته من املصحف‪ ،‬وعن ظهر قلب‪،‬‬
‫وقد ثبت عن عائشة ‪ :J‬أهنا أمرت موالها ذكوان أن يؤمها يف قيام رمضان‪،‬‬
‫وكان يقرأ من املصحف‪ .‬ذكره البخاري يف صحيحه مع ِّلقا جمزوم ًا به»(‪.)1‬‬

‫‪ .2‬ال جيب يف دعاء القنوت أن يكون باللفظ الوارد عن النبي ‪ ،H‬بل جيوز‬
‫للمصيل أن يدعو بغريه‪ ،‬أو يزيد عليه‪ ،‬بل لو قرأ آيات من القرآن الكريم وهي‬
‫مشتملة عىل الدعاء‪ :‬حصل املقصود‪ ،‬قال النووي ‪« :V‬واعلم أن القنوت‬
‫ال يتعني فيه دعاء عىل املذهب املختار‪ ،‬فأي دعاء دعا به حصل القنوت‪ ،‬ولو‬
‫قنت بآية‪ ،‬أو آيات من القرآن العزيز‪ ،‬وهي مشتملة عىل الدعاء‪ :‬حصل القنوت‪،‬‬
‫ولكن األفضل ما جاءت به السنة»)‪.(2‬‬

‫‪ .3‬وأما ما ذكره األخ السائل من أنه كان يقرأ بدالً من دعاء القنوت قرآن ًا‪ :‬فال شك‬
‫أن هذا ال ينبغي فعله؛ ألن املقصود من القنوت هو الدعاء‪ ،‬ولذلك لو كانت هذه‬
‫اآليات مشتملة عىل الدعاء؛ جاز قراءهتا بقصد الدعاء والقنوت هبا‪ ،‬كقوله تعاىل‪:‬‬
‫(ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ) [آل عمران‪.]8 :‬‬

‫‪ .4‬وأما ما ذكره األخ السائل من فرضية القنوت‪ :‬فليس بصحيح؛ إذ القنوت سنة‪،‬‬
‫وعىل هذا‪ :‬لو تركه املصيل؛ فصالته صحيحة‪.‬‬

‫سئل ابن باز ‪ :V‬ما حكم قراءة دعاء القنوت يف الوتر يف ليايل رمضان؟ وهل‬
‫جيوز تركه؟‬

‫فأجاب‪« :‬القنوت سنة يف الوتر‪ ،‬وإذا تركه يف بعض األحيان؛ فال بأس»‪.‬‬

‫((( صحيح البخاري (‪ ،)245/1‬فتاوى إسالمية (‪.)159/2‬‬


‫((( األذكار النووية (ص‪.)50‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫وسئل‪ :‬عمن يستمر عىل القنوت يف الوتر كل ليلة‪ ،‬فهل أثر هذا عن سلفنا؟‬

‫فأجـاب‪« :‬ال حـرج يف ذلك‪ ،‬بل هو سـنة؛ ألن النبي ‪ H‬ملا علم احلسين بن‬
‫علي ‪ L‬القنـوت يف الوتـر‪ ،‬مل يأمـر برتكـه بعـض األحيـان‪ ،‬وال باملداومـة عليـه‪،‬‬
‫فـدل ذلـك على جواز األمريـن‪ ،‬ولـذا‪ :‬ثبت عن أيب بـن كعب ‪ I‬حين كان يصيل‬ ‫‪540‬‬
‫بالصحابـة ‪ H‬يف مسـجد رسـول اهلل ‪ H‬أنـه كان يترك القنـوت بعض‬
‫الليـايل‪ ،‬ولعل ذلـك ليعلم الناس أنه ليـس بواجب‪ .‬واهلل ويل التوفيـق»(‪ .)1‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬بعض أئمة املساجد يف رمضان يطيلون يف الدعاء ويعضهم يقرص‪ ،‬فام هو‬
‫الصحيح؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«الصحيح أال يكون غلو وال تقصري‪ ،‬فاإلطالة التي تشق عىل الناس منهي عنها‪،‬‬
‫فإن النبي ‪ H‬ملا بلغه أن معاذ بن جبل أطال الصالة يف قومه‪ ،‬غضب عليه غضب ًا‬
‫َّان َأن َ‬
‫ْت؟! (‪،)2‬‬ ‫شديد ًا مل يغضب يف موعظة مثله قط‪ ،‬وقال ملعاذ بن جبل‪َ « :‬يا ُم َعاذ‪َ ،‬أ َفت ٌ‬
‫فالذي ينبغي‪ :‬أن يقترص عىل الكلامت الواردة‪ ،‬أو يزيد‪.‬‬

‫وال شك يف أن اإلطالة شاقة عىل الناس‪ ،‬وترهقهم‪ ،‬والسيام الضعفاء منهم‪ ،‬ومن‬
‫الناس من يكون وراءه أعامل‪ ،‬وال حيب أن ينرصف قبل اإلمام‪ ،‬ويشق عليه أن يبقى مع‬
‫اإلمام‪ ،‬فنصيحتي إلخواين األئمة أن يكونوا بني بني‪.‬‬

‫كذلـك ينبغـي أن يرتك الدعـاء أحيان ًا؛ حتى ال يظـن العامة أن الدعـاء واجب»(‪.)3‬‬
‫واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫((( فتاوى إسالمية (‪.)159-158/2‬‬


‫((( رواه البخاري (‪ ،)5755‬ومسلم (‪.)465‬‬
‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)198/2‬‬
‫ولاو حيوارتلا ةالص‬

‫*سؤال‪ :‬كيف يكون إحياء ليلة القدر؟ أبالصالة؟ أم بقراءة القرآن‪ ،‬والسرية النبوية‪،‬‬
‫والوعظ واإلرشاد‪ ،‬واالحتفال لذلك يف املسجد؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫‪541‬‬
‫أوالً‪ :‬كان رسول اهلل ‪ H‬جيتهد يف العرش األواخر من رمضان‪ ،‬ما ال جيتهد‬
‫يف غريها‪ ،‬بالصالة والقراءة والدعاء‪ ،‬فروى البخاري ومسلم عن عائشة ‪:J‬‬
‫أن النبي ‪ H‬كان إذا دخل العرش األواخر أحيا الليل‪ ،‬وأيقظ أهله‪ ،‬وشد املئزر(‪،)1‬‬
‫وعن عائشة ‪ :J‬كان رسول اهلل ‪ H‬جيتهد يف العرش األواخر ما ال جيتهد‬
‫يف غريها(‪.)2‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬حث النبي ‪ H‬عىل قيام ليلة القدر إيامن ًا واحتساب ًا‪ ،‬فعن أيب هريرة ‪I‬‬

‫احتِ َساب ًا؛ غ ُِف َر َل ُه َما َت َقدَّ َم ِم ْن َذ ْنبِ ِه (‪،)3‬‬


‫«م ْن َقا َم َل ْي َل َة ال َقدْ ِر إِ َيمن ًا َو ْ‬
‫عن النبي ‪ H‬أنه قال‪َ :‬‬
‫وهذا احلديث يدل عىل مرشوعية إحيائها بالقيام‪.‬‬

‫ثالث ًا‪ :‬من أفضل األدعية التي تقال يف ليلة القدر‪ :‬ما علمه النبي ‪ H‬عائشة ‪J‬‬
‫عندما سألته‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬أرأيت إن علمت أي ٍ‬
‫ليلة ليل َة القدر‪ ،‬ما أقول فيها؟ قال‪ُ « :‬ق ِ‬
‫ول‪:‬‬
‫َّك ع ُفو ك ًٍر ِ‬
‫يم ُت ُّ‬
‫ب ال َع ْف َو؛ َفا ْع ُ‬
‫ف َعنِّي (‪.)4‬‬ ‫ٌ‬ ‫ال َّل ُه َّم إِن َ َ ٌّ‬

‫رابع ًا‪ :‬أما ختصيص ليلة من رمضان بأهنا ليلة القدر‪ :‬فهذا حيتاج إىل دليل يعينها دون‬
‫غريها‪ ،‬ولكن‪ ،‬أوتار العرش األواخر أحرى من غريها‪ ،‬والليلة السابعة والعرشون هي‬
‫أحرى الليايل بليلة القدر‪.‬‬

‫خامسـ ًا‪ :‬وأمــا البــدع‪ :‬فغــر جائــزة‪ ،‬ال يف رمضــان وال يف غــره‪ ،‬فقــد ثبــت عــن‬
‫ــس ِمنْــ ُه؛‬ ‫ث ِف َأ ْم ِرنَــا َه َ‬
‫ــذا َمــا َل ْي َ‬ ‫ــن َأ ْحــدَ َ‬
‫«م ْ‬‫رســول اهلل ‪ H‬أنــه قــال‪َ :‬‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)1920‬ومسلم (‪.)1174‬‬


‫((( رواه مسلم (‪.)1175‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)1802‬ومسلم (‪.)760‬‬
‫((( رواه الرتمذي (‪ ،)3513‬وقال‪ :‬حسن صحيح‪ ،‬وصححه األلباين يف صحيح الرتغيب والرتهيب (‪.)177/3‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫ِ‬ ‫ـن َع ِمـ َ‬


‫ـس َع َل ْيــه َأ ْم ُر َنــا؛ َف ُهـ َ‬
‫ـو َر ٌّد (‪ ،)2‬فــا يفعــل‬ ‫ا َل ْيـ َ‬
‫ـل َع َمـ ً‬ ‫«مـ ْ‬ ‫َف ُهـ َ‬
‫ـو َر ٌّد ‪ ،‬ويف روايــة‪َ :‬‬
‫(‪)1‬‬

‫يف بعــض ليــايل رمضــان مــن االحتفــاالت‪ :‬ال نعلــم لــه أصـاً‪ ،‬وخــر اهلــدي هــدي‬
‫حممــد‪ ،‬ورش األمــور حمدثاهتــا(‪ .)3‬واهلل أعلــم‪.‬‬
‫***‬
‫‪542‬‬
‫*سؤال‪ :‬ما حكم التهجد يف ليلة القدر دون الليايل األخرى؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬ورد الفضل العظيم يف العبادة يف ليلة القدر‪ ،‬فقد ذكر ربنا ‪ F‬أهنا خري‬
‫من ألف شهر‪ ،‬وأخرب النبي ‪ H‬أن من قامها إيامن ًا واحتساب ًا؛ غفر له ما تقدم‬
‫من ذنبه‪ ،‬قال تعاىل‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ‬
‫ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ)‬
‫[القدر‪.]5-1 :‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬اختلف العلامء يف حتديد ليلة القدر عىل أقوال كثرية‪ ،‬حتى وصلت األقوال‬
‫فيها إىل أكثر من أربعني قوالً(‪ ،)4‬وأقرب األقوال للصواب‪ :‬أهنا يف وتر العرش األخري‬
‫من رمضان‪.‬‬

‫الوت ِْر ِم ْن‬


‫فعن عائشة ‪ ،J‬أن رسول اهلل ‪ H‬قال‪َ « :‬حت َّر ْوا َل ْي َل َة ال َقدْ ِر ِف ِ‬
‫اخ ِر ِم ْن َر َم َض َ‬
‫ان (‪.)5‬‬ ‫ش األَو ِ‬
‫ال َع ْ ِ َ‬

‫واحلديث َّبوب عليه البخاري بقوله‪« :‬باب حتري ليلة القدر يف الوتر من العرش‬
‫األواخر»‪.‬‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)2550‬ومسلم (‪.)1718‬‬


‫((( رواه مسلم (‪.)1718‬‬
‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)415/10‬‬
‫((( فتح الباري(‪.)263/4‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)1913‬ومسلم (‪.)1169‬‬
‫ولاو حيوارتلا ةالص‬

‫واحلكمة من إخفائها هي تنشيط املسلم؛ لبذل اجلهد يف العبادة والدعاء والذكر‬


‫يف العرش األخري كلها‪ ،‬وهي احلكمة ذاهتا يف عدم حتديد ساعة اإلجابة يوم اجلمعة‪.‬‬

‫قـال احلافـظ ابـن حجـر ‪« :V‬قول البخـاري‏‪:‬‏ بـاب حتري ليلـة القـدر يف الوتر‬
‫‪543‬‬ ‫مـن العشر األواخـر يف هـذه الرتمجـة إشـارة إىل رجحـان كـون ليلـة القـدر منحرصة‬
‫يف رمضـان‪ ،‬ثـم يف العشر األخير منه‪ ،‬ثـم يف أوتاره‪ ،‬ال يف ليلـة منه بعينهـا‪ ،‬وهذا هو‬
‫الذي يـدل عليه جممـوع األخبار الـواردة فيها»)‪(1‬‏‪.‬‬

‫وقال أيض ًا‪« :‬قال العلامء‪ :‬احلكمة من إخفاء ليلة القدر؛ ليحصل االجتهاد يف التامسها‪،‬‬
‫بخالف ما لو عينت هلا ليلة؛ القترص عليها‪ ،‬كام تقدم نحوه يف ساعة اجلمعة»(‪.)2‬‬
‫ٍ‬
‫ألحد أن جيزم بليلة بعينها أهنا ليلة القدر‪ ،‬وخاصة إذا علمنا‬ ‫ثالث ًا‪ :‬وعليه‪ :‬فال يمكن‬
‫أن النبي ‪ H‬أراد أن خيرب أمته هبا‪ ،‬ثم أخربهم أن اهلل تعاىل رفع العلم هبا‪.‬‬

‫فعن عبادة بن الصامت ‪ ،I‬أن رسول اهلل ‪ H‬خرج خيرب بليلة القدر‪،‬‬
‫ِ‬ ‫فتالحى رجالن من املسلمني‪ ،‬فقال‪« :‬إِ ِّن خَ َر ْج ُ ُ‬
‫بك ُْم بِ َل ْي َلة ال َقدْ ِر‪َ ،‬وإِ َّن ُه ت َ‬
‫َالحى ُف ٌ‬
‫الن‬ ‫ت ألخْ ِ َ‬
‫ِ‬ ‫الن َف ُرفِ َع ْ‬
‫الس ْبعِ‪َ ،‬والت ِّْسعِ‪َ ،‬والخَ ْم ِ‬
‫س (‪.)3‬‬ ‫وها ِف َّ‬ ‫ت‪َ ،‬و َع َسى َأ ْن َيك َ‬
‫ُون خَ ْ ًيا َلك ُْم‪ ،‬التَم ُس َ‬ ‫َو ُف ٌ‬

‫َالحى» أي تنازع وختاصم‪.‬‬


‫«ت َ‬

‫قال علامء اللجنة الدائمة‪« :‬أما ختصيص ليلة من رمضان بأهنا ليلة القدر‪ :‬فهذا حيتاج‬
‫إىل دليل يعينها دون غريها‪ ،‬ولكن أوتار العرش األواخر أحرى من غريها‪ ،‬والليلة‬
‫السابعة والعرشون هي أحرى الليايل بليلة القدر»(‪.)4‬‬

‫لذا‪ :‬ال ينبغي للمسلم أن يتعاهد ليلة بعينها عىل أهنا ليلة القدر؛ ملا يف ذلك من اجلزم‬
‫بام ال يمكن اجلزم به؛ وملا يف ذلك من تفويت اخلري عىل نفسه‪ ،‬فقد تكون ليلة احلادي‬

‫((( فتح الباري (‪.)260/4‬‬


‫((( فتح الباري (‪.)266/4‬‬
‫((( رواه البخاري (‪.)49‬‬
‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)415/10‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫العرشين‪ ،‬أو الثالث والعرشين‪ ،‬وقد تكون ليلة التاسع والعرشين‪ ،‬فإذا قام ليلة السابع‬
‫والعرشين وحدها؛ فيكون قد ضاع عليه خري كثري‪ ،‬ومل يصب تلك الليلة املباركة‪.‬‬
‫فعىل املسلم أن يبذل جهده يف الطاعة والعبادة يف رمضان كله‪ ،‬ويف العرش األواخر‬
‫أكثر‪ ،‬وهذا هو هدي النبي ‪.H‬‬ ‫‪544‬‬

‫عن عائشة ‪ J‬قالت‪« :‬كان النبي ‪ H‬إذا دخل العرش َشدَّ ِم ْئ َز َر ُه‪ ،‬وأحيا‬
‫ليله‪ ،‬وأيقظ أهله»)‪ .(1‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬ماذا يمكن للحائض أن تفعل يف ليلة القدر؟ هل يمكنها أن تزيد من حسناهتا‬
‫بانشغاهلا بالعبادة؟ إذا كان اجلواب بـ«نعم»‪ ،‬فام هي األمور التي يمكن أن تفعلها يف‬
‫تلك الليلة؟‬
‫*جواب‪:‬‬
‫احلائض تفعل مجيع العبادات إال الصالة‪ ،‬والصيام‪ ،‬والطواف بالكعبة‪ ،‬واالعتكاف‬
‫يف املسجد‪.‬‬
‫وقـد ورد عـن النبي ‪ H‬أنـه كان حييي الليل يف العشر األواخر من رمضان‪،‬‬
‫فعـن عائشـة ‪ ،J‬أهنـا قالـت‪ :‬كان النبـي ‪ H‬إذا دخـل العشر شـد مئزره‪،‬‬
‫وأحيا ليله‪ ،‬وأيقظ أهله)‪.(2‬‬
‫وإحياء الليل ليس خاص ًا بالصالة‪ ،‬بل يشمل مجيع الطاعات‪ ،‬وهبذا فرسه العلامء‪.‬‬
‫قال ابن حجر ‪« :V‬وأحيا ليله «أي‪ :‬سهره بالطاعة»)‪.(3‬‬

‫وقال النووي ‪« :V‬أي استغرقه بالسهر يف الصالة‪ ،‬وغريها»)‪.(4‬‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)1920‬ومسلم (‪.)1174‬‬


‫((( رواه البخاري (‪ ،)1920‬ومسلم (‪.)1174‬‬
‫((( فتح الباري (‪.)269/4‬‬
‫((( رشح النووي عىل مسلم (‪.)71/8‬‬
‫ولاو حيوارتلا ةالص‬

‫وقال العظيم آبادي ‪« :V‬أي غالبه بالصالة‪ ،‬والذكر‪ ،‬وتالوة القرآن»)‪.(1‬‬

‫وصلاة القيـام أفضـل مـا يقـوم بـه العبـد مـن العبـادات يف ليلـة القـدر‪ ،‬ولذلـك‬
‫احتِ َساب ًا؛ غ ُِف َر َل ُه َما َت َقدَّ َم ِم ْن َذ ْنبِ ِه (‪.)2‬‬
‫«م ْن َقا َم َل ْي َل َة ال َقدْ ِر إِ َيمن ًا َو ْ‬
‫قال النبي ‪َ :H‬‬
‫‪545‬‬
‫وملا كانت احلائض ممنوعة من الصالة‪ ،‬فإنه يمكنها إحياء الليل بطاعات أخرى غري‬
‫الصالة مثل‪:‬‬
‫‪ .1‬قراءة القرآن‪ :‬عىل القول الراجح يف جواز قراءة القرآن للحائض‪ ،‬وعليها أن‬
‫متسك القرآن بحائل كقفاز‪ ،‬أو تقلب األوراق بقلم‪ ،‬وما أشبه ذلك‪.‬‬
‫‪ .2‬الذكر‪ :‬من تسبيح وهتليل وحتميد وما أشبه ذلك‪ ،‬فتكثر من قول‪ :‬سبحان اهلل‪،‬‬
‫واحلمد هلل‪ ،‬وال إله إال اهلل‪ ،‬واهلل أكرب‪ ،‬وسبحان اهلل وبحمده‪ ،‬وسبحان اهلل‬
‫العظيم‪ ...‬ونحو ذلك‪.‬‬
‫‪ .3‬االستغفار‪ :‬فتكثر من قول‪ :‬أستغفر اهلل‪ ،‬أو أي صيغة أخرى لالستغفار‪.‬‬
‫‪ .4‬الدعاء‪ :‬فتكثر من دعاء اهلل تعاىل وسؤاله من خري الدنيا واآلخرة‪ ،‬فإن الدعاء من‬
‫أفضل العبادات‪ ،‬حتى قال الرسول ‪« :H‬الدُّ عاء هو ِ‬
‫الع َبا َد ُة (‪.)3‬‬ ‫َ ُ ُ‬
‫فيمكن للحائض أن تقوم هبذه العبادات وغريها يف ليلة القدر‪.‬‬
‫نسأل اهلل تعاىل أن يوفقنا ملا حيب ويرىض‪ ،‬وأن يتقبل اهلل منا صالح األعامل‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬أريد أن أسأل عن القنوت يف الوتر‪ ،‬وقد سمعت إمام مسجدنا يقول‪( :‬أفضل‬
‫الصالة التي فيها قنوت أطول) فام معنى هذا؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫القنوت يف تعريف الفقهاء هو‪ :‬اسم للدعاء يف الصالة‪ ،‬يف حمل خمصوص من القيام‪.‬‬

‫((( عون املعبود (‪.)176/4‬‬


‫((( رواه البخاري (‪ ،)1802‬ومسلم (‪.)760‬‬
‫((( رواه الرتمذي (‪ ،)2969‬وصححه األلباين يف صحيح الرتغيب والرتهيب (‪.)127/2‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫وهو مرشوع يف صالة الوتر‪.‬‬

‫فإن قلت‪ :‬هل هناك صيغة حمددة للقنوت يف صالة الوتر؟‬

‫فاجلواب‪ :‬لدعاء القنوت يف صالة الوتر صيغ واردة‪ ،‬منها‪:‬‬


‫‪546‬‬
‫‪ .1‬الصيغة التي علمها رسول اهلل ‪ H‬للحسن بن عيل ‪ ،L‬وهي‪« :‬ال َّل ُه َّم‬
‫ار ْك يل فِ َيم‬ ‫ت‪َ ،‬و َب ِ‬‫يم ْن ت ََو َّل ْي َ‬‫ِ ِ‬
‫ت‪َ ،‬وت ََو َّلني ف َ‬ ‫يم ْن َعا َف ْي َ‬ ‫ِِ ِ‬
‫ت‪َ ،‬و َعافني ف َ‬ ‫يم ْن َهدَ ْي َ‬ ‫ِ ِ‬
‫ْاهد ِن ف َ‬
‫ك‪ ،‬إِ َّن ُه الَ َي ِذ ُّل َم ْن‬ ‫َّك َت ْق ِض َوالَ ُي ْق َض َع َل ْي َ‬ ‫ت‪َ ،‬فإِن َ‬ ‫ش َما َق َض ْي َ‬ ‫ِِ‬
‫ت‪َ ،‬وقني َ َّ‬ ‫َأ ْع َط ْي َ‬
‫ك (‪.)1‬‬ ‫ت‪ ،‬الَ َمن َْجى ِمن َ‬
‫ْك إِالَّ إِ َل ْي َ‬ ‫ْت َر َّبنَا َو َت َعا َل ْي َ‬
‫ت‪َ ،‬ت َب َارك َ‬ ‫ت‪َ ،‬والَ َي ِع ُّز َم ْن َعا َد ْي َ‬ ‫َوا َل ْي َ‬

‫‪ .2‬وعن عيل بن أيب طالب ‪ I‬أن النبي ‪ H‬كان يقول يف آخر وتره‪« :‬ال َّل ُه َّم‬
‫ْك‪ ،‬الَ‬ ‫ك ِمن َ‬ ‫ك ِم ْن ُع ُقو َبتِ َ‬
‫ك‪َ ،‬و َأ ُعو ُذ بِ َ‬ ‫ك‪َ ،‬وبِ ُم َعا َفاتِ َ‬ ‫اك ِم ْن َسخَ طِ َ‬ ‫إِ ِّن َأ ُعو ُذ بِ ِر َض َ‬
‫ك (‪.)2‬‬ ‫ت َع َل َن ْف ِس َ‬ ‫ْت ك ََم َأ ْثنَ ْي َ‬
‫ك‪َ ،‬أن َ‬ ‫ِ‬
‫ُأ ْحص َثن ً‬
‫َاء َع َل ْي َ‬

‫ثم يصيل عىل النبي ‪ H‬كام ثبت عن بعض الصحابة ‪ I‬يف آخر قنوت‬
‫الوتر‪ ،‬منهم‪ُ :‬أيب بن كعب‪ ،‬ومعاذ األنصاري ‪.)3(L‬‬

‫فإن قلت‪ :‬هل يمكنني أن أدعو بغري ما ُذكر؟‬

‫فاجلواب‪ :‬نعم‪ ،‬جيوز ذلك‪ ،‬قال النووي‪« :‬الصحيح املشهور الذي قطع به اجلمهور‪:‬‬
‫أنه ال تتعني هبذه الصيغة‪ ،‬بل حيصل بكل دعاء»(‪.)4‬‬

‫وبام َّ‬
‫أن الصيغة الواردة ال تتعني بذاهتا‪ ،‬والنبي ‪ H‬مل يدع هبا‪ ،‬فال حرج من‬
‫الزيادة عليها‪ ،‬قال األلباين ‪« :V‬وال بأس من الزيادة عليه بلعن الكفرة‪ ،‬ومن الصالة‬
‫عىل النبي ‪ ،H‬والدعاء للمسلمني»)‪.(5‬‬

‫((( رواه أبو داود (‪ ،)1425‬والنسائي (‪ ،)1745‬وصححه األلباين يف اإلرواء (‪.)172/2‬‬


‫((( رواه الرتمذي (‪ ،)3566‬وصححه األلباين يف اإلرواء (‪.)175/2‬‬
‫((( تصحيح الدعاء (ص‪.)460‬‬
‫((( املجموع (‪.)497/3‬‬
‫((( قيام رمضان (ص‪.)31‬‬
‫ولاو حيوارتلا ةالص‬

‫بقي معنا مسألة مهمة وهي‪ :‬هل دعاء القنوت يكون قبل الركوع‪ ،‬أم بعده؟‬
‫اجلواب‪ :‬قال ابن عثيمني ‪« :V‬أكثر األحاديث‪ ،‬والذي عليه أكثر أهل العلم‪ :‬أن‬
‫القنوت بعد الركوع‪ ،‬وإن قنت قبل الركوع؛ فال حرج‪ ،‬فهو ُمري بني أن يركع إذا أكمل‬
‫القراءة‪ ،‬فإذا رفع‪ ،‬وقال‪ :‬ربنا ولك احلمد‪ ،‬قنت‪ ،‬وبني أن يقنت إذا أتم القراءة‪ ،‬ثم ُيكرب‪،‬‬
‫‪547‬‬
‫ويركع‪ ،‬كل هذا جاءت به السنة»(‪.)1‬‬
‫وقول السائل‪ :‬أفضل الصالة التي فيها قنوت أطول‪ ،‬لعله ُيشري به إىل حديث‬
‫ول ال ُقن ِ‬
‫الصال َِة ُط ُ‬ ‫جابر ‪ ،I‬أن النبي ‪ H‬قال‪َ :‬‬
‫ُوت (‪.)2‬‬ ‫«أ ْف َض ُل َّ‬
‫قال النووي ‪« :V‬املراد بالقنوت هنا‪ :‬طول القيام باتفاق العلامء ‪-‬فيام علمت‪.(3)»-‬‬
‫فليس املراد من احلديث بالقنوت‪ :‬الدعاء بعد الرفع من الركوع‪ ،‬وإنام املراد به طول‬
‫القيام‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬ما حكم دخول النساء باألطفال إىل املساجد يف صالة الرتاويح؟‬
‫*جواب‪:‬‬
‫«ال متنـع النسـاء من إتيان املسـاجد بأطفاهلن يف رمضان؛ فقد دلت السـنة عىل إتيان‬
‫النسـاء املساجد‪ ،‬ومعهن أطفاهلن زمن النبي ‪ ،H‬لقوله ‪« :H‬إِ ِّن َلَ ْد ُخ ُل‬
‫ـو ُز ِف َص َل ِت‪ِ ،‬مَّـا َأ ْع َل ُم ِم ْن‬ ‫ِ‬
‫الصبِ ِّي؛ َف َأ َ َت َّ‬
‫َاء َّ‬ ‫الص َلاة‪َ ،‬و َأنَـا ُأ ِريـدُ إِ َطا َلت ََها‪َ ،‬ف َأ ْس َ‬
‫ـم ُع ُبـك َ‬ ‫ِف َّ‬
‫ِشـدَّ ِة َو ْج ِد ُأ ِّم ِه ِم ْن ُبكَائِ ِه (‪ ،)4‬ومن ذلك‪ :‬محل النبي ‪ H‬أمامة يف صالة الفريضة‪،‬‬
‫وهـو يـؤم النـاس يف املسـجد)‪ ،(5‬لكـن‪ ،‬عليهـن احلـرص على صيانـة املسـجد مـن‬
‫النجاسـة؛ بالتحـرز يف حـق األطفـال يف نومهـم‪ ،‬وغير ذلـك»(‪ .)6‬واهلل أعلـم‪.‬‬
‫***‬

‫((( الرشح املمتع (‪.)64/4‬‬


‫((( رواه مسلم (‪.)1257‬‬
‫((( رشح النووي عىل مسلم (‪.)35/6‬‬
‫((( رواه البخاري (‪.)677‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)494‬ومسلم(‪.)543‬‬
‫((( فتاوى الشيخ حممد بن إبراهيم (‪.)215 ،214/4‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*سؤال‪ :‬هل ينبغي لإلمام مراعاة حال الضعفاء من كبار السن ونحوهم يف صالة الرتاويح؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«هذا أمر مطلوب يف مجيع الصلوات‪ ،‬يف الرتاويح ويف الفرائض؛ لقوله ‪:H‬‬
‫‪548‬‬
‫«أيكم أ َّم الناس فليخفف؛ فإن فيهم الضعيف‪ ،‬والصغري‪ ،‬وذا احلاجة (‪ ،)1‬فاإلمام يراعي‬
‫املأمومني‪ ،‬ويرفق هبم يف قيام رمضان‪ ،‬ويف العرش األخرية‪ ،‬وليس الناس سواء‪ ،‬فالناس‬
‫خيتلفون‪ ،‬فينبغي له أن يراعي أحواهلم‪ ،‬ويشجعهم عىل املجيء‪ ،‬وعىل احلضور‪ ،‬فإنه‬
‫متى أطال عليهم شق عليهم‪ ،‬و َن َّفرهم من احلضور‪ ،‬فينبغي له أن يراعي ما يشجعهم‬
‫عىل احلضور‪ ،‬ويرغبهم يف الصالة‪ ،‬ولو باالختصار وعدم التطويل‪ ،‬فصالة خيشع فيها‬
‫الناس‪ ،‬ويطمئنون فيها ولو قليالً‪ ،‬خري من صالة حيصل فيها عدم اخلشوع‪ ،‬وحيصل‬
‫فيها امللل والكسل»)‪ .(2‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬ما حكم تتبع املساجد؛ طلب ًا حلسن صوت اإلمام؛ ملا ينتج عن ذلك من‬
‫اخلشوع وحضور القلب؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«األظهر ‪-‬واهلل أعلم‪ -‬أنه ال حرج يف ذلك‪ ،‬إذا كان املقصود أن يستعني بذلك‬
‫عىل اخلشوع يف صالته‪ ،‬ويرتاح يف صالته ويطمئن قلبه‪ ،‬ألنه ما كل صوت يريح‪ ،‬فإذا‬
‫كان قصده من الذهاب إىل صوت فالن أو فالن‪ ،‬الرغبة يف اخلري‪ ،‬وكامل اخلشوع يف‬
‫صالته؛ فال حرج يف ذلك‪ ،‬بل قد يشكر عىل هذا‪ ،‬ويؤجر عىل نيته‪ ،‬واإلنسان قد خيشع‬
‫خلف إمام‪ ،‬وال خيشع خلف إمام‪ ،‬بسبب الفرق بني القراءتني والصالتني‪ ،‬فإذا كان‬
‫َق َصدَ بذهابه إىل املسجد البعيد؛ أن يستمع لقراءته حلسن صوته؛ وليستفيد من ذلك؛‬
‫وليخشع يف صالته‪ ،‬ال ملجرد اهلوى والتجول‪ ،‬بل لقصد الفائدة والعلم‪ ،‬وقصد اخلشوع‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)90‬ومسلم (‪.)467‬‬


‫((( جمموع فتاوى ابن باز (‪.)336/11‬‬
‫ولاو حيوارتلا ةالص‬

‫يف الصالة‪ :‬فال حرج يف ذلك‪ ،‬وقد ثبت يف احلديث الصحيح عن النبي ‪ O‬أنه‬
‫الص َلة َأ ْب َعدُ ُه ْم َف َأ ْب َعدُ ُه ْم َم ْ ًشى (‪ ،)1‬فإذا كان قصده أيض ًا‬
‫َّاس َأ ْج ًرا ِف َّ‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫«أ ْع َظ ُم الن ِ‬
‫زيادة اخلطوات فهذا أيض ًا مقصد صالح»)‪ .(2‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬
‫‪549‬‬
‫*سؤال‪ :‬ابتلينا ببعض العامة‪ ،‬إذا ما سلم اإلمام من ركعتني من صالة القيام رفعوا‬
‫أصواهتم بالتسبيح «سبحان اهلل وبحمده‪ ،‬سبحان اهلل العظيم» وهكذا بني كل ركعتني‬
‫إىل أن ينتهي اإلمام من الصالة‪ ،‬فيدعون مجيعا بدعاء خاص وبورد خاص‪ .‬وقام‬
‫بعض اإلخوة بإعالم الناس ملتزمني يف ذلك احلكمة والرفق‪ ،‬ومستندين إىل األدلة‬
‫من الكتاب والسنة‪ ،‬أن عملهم ذلك خالف السنة‪ ،‬وأنه ليس من هدي السلف‪،‬‬
‫لكن مل ينصاعوا للحق واستمروا يف ذلك‪ .‬فام الذي علينا فعله؟ هل نفارقهم‪ ،‬أم‬
‫مصون عىل عملهم‪ ،‬واخلطب‬
‫نبقى معهم ونذكرهم بني الفينة واألخرى؟ علام أهنم ّ‬
‫جلل‪ ،‬حيث ترك الكثري صالة الرتاويح يف املساجد‪ ،‬متحججني بأهنا سنة ترافقها‬
‫بدعة‪ ،‬ودرأ املفاسد مقدم عىل جلب املصالح‪ .‬أفتونا حفظكم اهلل‪.‬‬

‫*جواب‪:‬‬

‫إن ما يفعله بعض الناس من الذكر اجلامعي‪ ،‬بعد كل ركعتني من صالة الرتاويح‬
‫بدعة‪ ،‬مل يفعله الرسول ‪ ،H‬وال أحد من أصحابه‪.‬‬

‫وقد أحسنتم بتعليم الناس السنة‪ ،‬وإنكار البدع‪ ،‬وكان الواجب عليهم أن يرجعوا‬
‫إىل هدي النبي ‪ ،H‬الذي هو خري اهلدي وأكمله‪.‬‬
‫وينبغي لكم أن تستمروا يف صالتكم معهم‪ ،‬ودعوهتم إىل السنة‪ ،‬وسييرس اهلل‬
‫لكم من يقبل احلق وحيرص عليه‪ ،‬وإن رفضه بعضهم‪( ،‬ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ‬
‫ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ) [األنعام‪ ،]89 :‬لكن‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)623‬ومسلم (‪.)662‬‬


‫((( جمموع فتاوى بن باز (‪.)329 ،328/11‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫إن وجدتم من أهل املسجد عناد ًا‪ ،‬واستكبار ًا‪ ،‬ورفض ًا للحق‪ ،‬فإن أمكنكم الصالة يف‬
‫مسجد آخر‪ ،‬أهله حريصون عىل اتباع السنة‪ ،‬واجتناب البدعة؛ فهو األوىل‪ ،‬فإن مل يتيرس‬
‫ذلك؛ فصالتكم يف ذلك املسجد خري‪ ،‬وقد قمتم بالواجب عليكم‪ ،‬ولعلهم هيتدون‪،‬‬
‫(ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ‬
‫‪550‬‬
‫ﭣ ﭤ ﭥ) [األعراف‪.]164 :‬‬
‫وإذا ترك أهل السنة املساجد من أجل مثل هذه البدع؛ لكان سبب ًا يف زيادة البدع‬
‫وانتشارها‪ ،‬وانطامس السنة وموهتا‪ ،‬فعليكم بالصالة يف املساجد‪ ،‬وبيان السنة للناس‪،‬‬
‫ملتزمني يف ذلك هبدي النبي ‪ H‬يف الرفق باجلاهل‪ ،‬واللني معه‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬أريد معرفة صحة حديث «ليصل أحدكم يف املسجد الذي يليه‪ ،‬وال يتبع‬
‫املساجد»‪ .‬وماذا نقول للذي يتتبع املساجد ليخشع يف الصالة‪ ،‬وأقرب حلضور‬
‫القلب دون أن يفوت صالة العشاء؟‬
‫*جواب‪:‬‬
‫«هذا احلديث ‪-‬فيام أعرفه‪ُ -‬متلف يف صحته‪ ،‬وعىل تقدير ثبوته؛ فإنه حيمل عىل‬
‫ما إذا كان يف ذلك تفريق للمصلني عن املسجد الذي حوهلم‪ ،‬وإال‪ :‬فمن املعلوم أن‬
‫الصحابة ‪ H‬كانوا يرتادون املسجد النبوي؛ ليصلوا خلف النبي ‪ ،H‬بل‬
‫كان معاذ ‪ I‬يصيل مع النبي ‪ H‬صالة العشاء اآلخرة‪ ،‬ثم يرجع إىل قومه‬
‫فيصيل هبم‪ ،‬مع تأخر الزمن‪.‬‬
‫وارتياد اإلنسان املسجد من أجل حسن القراءة‪ ،‬واستعانته بحسن قراءة إمامه عىل‬
‫القيام‪ ،‬ال بأس به‪ ،‬اللهم إال إذا خيش من ذلك فتنة‪ ،‬أو خيش من ذلك إهانة لإلمام الذي‬
‫حوله‪ ،‬مثل أن يكون هذا الرجل من كرباء القوم‪ ،‬وانرصافه عن مسجده إىل مسجد آخر‬
‫يكون فيه يشء من القدح يف اإلمام‪ ،‬فهنا قد نقول‪ :‬إنه ينبغي أن يراعي هذه املفسدة‪،‬‬
‫فيتجنبها»)‪ .(1‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)242 ،241/14‬‬


‫اكـتعالا‬

‫‪551‬‬ ‫االعتـكاف‬

‫*سؤال‪ :‬ما حكم االعتكاف؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬االعتكاف مرشوع بالكتاب‪ ،‬والسنة‪ ،‬واإلمجاع‪.‬‬

‫أما الكتاب‪ :‬فقوله تعاىل‪( :‬ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ‬


‫ﯱ ﯲ ﯳ) [البقرة‪ ،]125 :‬وقوله‪( :‬ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ‬
‫ﮋ) [البقرة‪.]187 :‬‬

‫وأما السنة‪ :‬فأحاديث كثرية‪ ،‬منها‪ :‬حديث عائشة ‪ :J‬أن النبي ‪ H‬كان‬
‫يعتكف العرش األواخر من رمضان حتى توفاه اهلل‪ ،‬ثم اعتكف أزواجه من بعده(‪.)1‬‬

‫وأما اإلمجاع‪ :‬فنقل غري واحد من العلامء اإلمجاع عىل مرشوعية االعتكاف‪،‬‬
‫كالنووي‪ ،‬وابن قدامة‪ ،‬وابن تيمية‪ ،‬وغريهم(‪.)2‬‬

‫وقال ابن باز ‪« :V‬ال ريب أن االعتكاف يف املسجد قربة من القرب‪ ،‬ويف رمضان‬
‫أفضل من غريه‪ ،‬وهو مرشوع يف رمضان‪ ،‬وغريه»)‪.(3‬‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)2026‬ومسلم (‪.)1172‬‬


‫((( انظر‪ :‬املجموع (‪ ،)404/6‬واملغني (‪ ،)456/4‬ورشح العمدة (‪.)711/2‬‬
‫((( جمموع فتاوى ابن باز(‪.)437/15‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫ثاني ًا‪ :‬حكم االعتكاف‪:‬‬

‫األصـل يف االعتـكاف أنـه سـنة وليـس بواجـب‪ ،‬إال إذا كان نـذر ًا فيجـب؛ لقول‬
‫َـذ َر َأ ْن َي ْع ِص َي ُه َفلا َي ْع ِص ِه (‪.)1‬‬
‫يـع ال َّل َه َف ْل ُيطِ ْع ُه‪َ ،‬و َم ْن ن َ‬‫ِ‬
‫َـذ َر َأ ْن ُيط َ‬
‫ـن ن َ‬
‫«م ْ‬
‫النبـي ‪َ :H‬‬
‫‪552‬‬
‫وألن عمر ‪ ،I‬قال‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬إين نذرت يف اجلاهلية أن أعتكف ليلة يف‬
‫«أو ِ‬
‫ف بِن َْذ ِر َك (‪.)2‬‬ ‫املسجد احلرام‪ ،‬قال‪ْ َ :‬‬

‫وقال ابن املنذر‪« :‬وأمجعوا عىل أن االعتكاف سنة‪ ،‬ال جيب عىل الناس فرض ًا؛ إال أن‬
‫يوجبه املرء عىل نفسه نذر ًا؛ فيجب عليه»)‪ .(3‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬ما ثواب االعتكاف؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬االعتكاف مرشوع‪ ،‬وهو قربة إىل اهلل جل وعال‪.‬‬

‫فإذا ثبت هذا‪ ،‬فقد جاءت أحاديث كثرية ترغب يف التقرب إىل اهلل تعاىل بنوافل‬
‫العبادات‪ ،‬وهذه األحاديث بعمومها تشمل كل عبادة‪ ،‬ومنها االعتكاف‪.‬‬

‫«و َما َت َق َّر َب إِ َ َّل َع ْب ِدي‬


‫فمن هذه األحاديث‪ :‬قول اهلل ‪ E‬يف احلديث القديس‪َ :‬‬
‫ت َع َل ْي ِه‪َ ،‬و َما َيز َُال َع ْب ِدي َي َت َق َّر ُب إِ َ َّل بِالن ََّوافِ ِل؛ َحتَّى ُأ ِح َّب ُه‪َ ،‬فإِ َذا‬ ‫بِ َش ٍء َأح ِ ِ‬
‫ت ْض ُ‬ ‫ب إ َ َّل مَّا ا ْف َ َ‬‫ْ َ َّ‬
‫ص بِ ِه‪َ ،‬و َيدَ ُه ا َّلتِي َي ْبطِ ُش ِ َبا‪َ ،‬و ِر ْج َل ُه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص ُه ا َّلذي ُي ْب ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْت َس ْم َع ُه ا َّلذي َي ْس َم ُع بِه‪َ ،‬و َب َ َ‬ ‫َأ ْح َب ْب ُت ُه ُكن ُ‬
‫ا َّلتِي َي ْم ِش ِ َبا‪َ ،‬وإِ ْن َس َأ َلنِي ألُ ْعطِ َينَّ ُه‪َ ،‬و َلئِ ْن ْاس َت َعا َذ ِن ألُ ِع َيذ َّن ُه (‪.)4‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬وردت أحاديث يف فضل االعتكاف وبيان ثوابه‪ ،‬إال أهنا كلها ضعيفة‪ ،‬أو موضوعة‪.‬‬

‫((( رواه البخاري (‪.)6696‬‬


‫((( رواه البخاري (‪ ،)714‬ومسلم (‪.)1277‬‬
‫((( اإلمجاع (ص‪.)53‬‬
‫((( رواه البخاري (‪.)6137‬‬
‫اكـتعالا‬

‫قال أبو داود‪ :‬قلت ألمحد بن حنبل‪ :‬تعرف يف فضل االعتكاف شيئ ًا؟‪ ،‬قال‪« :‬ال‪ ،‬إال‬
‫شيئ ًا ضعيف ًا (‪.)1‬‬

‫ومن هذه األحاديث‪:‬‬


‫‪553‬‬
‫«ه َو َي ْعكِ ُ‬
‫ف‬ ‫‪ .1‬عن ابن عباس ‪ ،L‬أن رسول اهلل ‪ H‬قال يف املعتكف‪ُ :‬‬
‫َات َكع ِام ِل الحسن ِ‬
‫الذنُوب‪ ،‬و ُيرى َله ِمن الحسن ِ‬
‫َات ُك ِّل َها (‪.)2‬‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ َ َ ْ َ ُ ْ َ َ‬
‫الذنُوب أي‪َ :‬ي ْمنَع ُّ‬
‫الذنُوب‪ ،‬قاله السندي‪.‬‬ ‫ف ُّ‬‫« َي ْع ِك ُ‬
‫َف َي ْوم ًا‬‫«م ِن ا ْع َتك َ‬ ‫‪ .2‬وعن ابن عباس ‪ ،L‬قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪َ :H‬‬
‫ي (‪.)3‬‬ ‫اخلافِ َق ْ ِ‬
‫ي َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َث َخنَاد َق‪َ ،‬أ ْب َعدَ مَّا َب ْ َ‬ ‫ي الن ِ‬
‫َّار َثال َ‬ ‫ِ ِ‬
‫َاء َو ْجه اهلل؛ َج َع َل ُ‬
‫اهلل َب ْينَ ُه َو َب ْ َ‬
‫ِ‬
‫ا ْبتغ َ‬
‫واخلافقان‪ :‬املرشق واملغرب‪.‬‬
‫احتِ َساب ًا؛ غ ُِف َر‬
‫َف إِ َيمن ًا َو ْ‬
‫«م ِن ا ْع َتك َ‬
‫‪ .3‬وعن عائشة ‪ ،J‬أن النبي ‪ H‬قال‪َ :‬‬
‫َل ُه َما َت َقدَّ َم ِم ْن َذ ْنبِه»(‪.)4‬‬
‫«م ِن ا ْع َتك َ‬
‫َف َع ْش ًا‬ ‫‪ .4‬وعن احلسني بن عيل ‪ ،L‬قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪َ :H‬‬
‫َي‪َ ،‬و ُع ْم َرت ْ ِ‬
‫َي (‪ .)5‬واهلل أعلم‪.‬‬ ‫َان ك ََح َّجت ْ ِ‬ ‫ِف َر َم َض َ‬
‫ان‪ ،‬ك َ‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬هل جيوز االعتكاف يف املصليات أو املراكز اإلسالمية (يصلون فيها الصلوات‬
‫اخلمس واجلمعة) أم جيوز يف املساجد فقط؟ جزاكم اهلل خري‪.‬‬
‫*جواب‪:‬‬
‫ال يصح االعتكاف إال يف املساجد‪ ،‬لقول اهلل تعاىل‪( :‬ﮆ ﮇ ﮈ‬
‫ﮉ ﮊ ﮋ) [البقرة‪.]187 :‬‬

‫((( مسائل أيب داود (ص‪.)96‬‬


‫((( رواه ابن ماجة (‪ ،)1781‬وضعفه األلباين يف ضعيف اجلامع (‪.)5940‬‬
‫((( رواه البيهقي يف شعب اإليامن (‪ ،)424/3‬وضعفه األلباين يف السلسلة الضعيفة (‪.)5345‬‬
‫((( رواه الديلمي (‪ ،)7981‬وضعفه األلباين يف ضعيف اجلامع (‪.)5442‬‬
‫((( رواه البيهقي (‪ )425/3‬وضعفه‪ ،‬وضعفه األلباين يف ضعيف اجلامع (‪.)5451‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫الم ْس ِجد‬ ‫ِ‬


‫«و َوج ُه الدَّ َل َلة م ْن اآل َية‪َ :‬أ َّن ُه َل ْو َص َّح ِف َغ ْي َ‬ ‫قال احلافظ ابن حجر ‪َ :V‬‬
‫جاعِ‪َ ،‬ف ُع ِل َم ِم ْن ِذك ِْر‬ ‫َاف بِ ِ‬ ‫َاف ل ِل ْعتِك ِ‬ ‫الجمع من ٍ‬ ‫ِ‬ ‫يتَص َ ْت ِريم المب َ ِ ِ ِ‬
‫اإل ْ َ‬ ‫اشة بِه‪ ،‬لَ َّن َ ُ‬ ‫َُ َ‬ ‫َل ْ َ ْ َّ‬
‫اع َع َل َأ َّن‬
‫ج َ‬ ‫المن ِْذر ِ‬
‫اإل ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َاف َل َيكُون إِ َّل ف َيها‪َ .‬و َن َق َل ا ْبن ُ‬ ‫ال ْعتِك َ‬ ‫اج ِد َأ َّن المراد َأ َّن ِ‬
‫َُ َ‬ ‫المس ِ‬
‫َ َ‬
‫ِ‬
‫الجم ُع‪َ ،‬ور َوى ال َّط ِب ُّي َو َغيه م ْن َط ِريق َقتَا َد َة ِف س َبب ن ُُز ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ول‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اشة ِف اآل َية َ‬ ‫الم َرا َد بِ ُ‬
‫الم َب َ َ‬ ‫ُ‬ ‫‪554‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اجته َف َلق َي ا ْم َر َأ َت ُه َجا َم َع َها إِ ْن َشا َء َفن ََز َل ْت» ‪.‬‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اآل َية‪ :‬كَانُوا إِ َذا ا ْع َت َك ُفوا َف َخ َر َج َر ُج ٌل َ‬
‫ل َ‬
‫(‪)1‬‬

‫الج َم َع ُة فِ ِيه؛‪َ ...‬و َل‬ ‫ٍ‬ ‫ال ْعتِك ُ‬


‫َاف َّإل ِف َم ْس ِجد ُت َقا ُم َ‬
‫وز ِ‬
‫ي ُ‬ ‫«ل َ ُ‬‫وقال ابن قدامة ‪َ :V‬‬
‫ي َأه ِل ِ‬ ‫َان المعت ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ال ْعتِك ُ‬‫ي ِصح ِ‬
‫الع ْل ِم‬ ‫ف َر ُج ًل‪َ .‬ل َن ْع َل ُم ِف َه َذا َب ْ َ ْ‬
‫َك ُ‬ ‫َاف ِف َغ ْ ِي َم ْس ِجد إ َذا ك َ ُ ْ‬ ‫َ ُّ‬
‫ك َق ْو ُل اهلل َت َع َال‪( :‬ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ)‬ ‫ِ‬ ‫ِخ َل ًفا‪َ ،‬واألَ ْص ُل ِف َذل َ‬
‫ِ‬

‫[البقرة‪.)2(»]187 :‬‬

‫الم ْس ِج ِد‪َ ،‬وال‬ ‫ِ‬


‫الم ْر َأة إال ِف َ‬
‫ِ‬
‫الر ُج ِل َوال م ْن َ‬
‫وقال النووي‪« :‬ال ي ِصح اال ْعتِك ُ ِ‬
‫َاف م ْن َّ‬ ‫َ ُّ‬
‫ت الرج ِل وهو المعت ََز ُل المهي ُأ لِلص ِ‬
‫الة (‪.)3‬‬ ‫ت المر َأ ِة وال مس ِج ِد بي ِ‬
‫ي ِصح ِف مس ِج ِد بي ِ‬
‫ُ َ َّ َّ‬ ‫َّ ُ َ ُ َ ُ ْ‬ ‫َْ‬ ‫َْ َ َ ْ‬ ‫َْ‬ ‫َ ُّ َ ْ‬

‫وقـال الشـيخ ابـن عثيمين‪« :‬االعتـكاف الرشعـي البـد أن يكـون يف املسـاجد‬


‫لقوله تعاىل‪( :‬ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ) [البقرة‪.(4) ]187 :‬‬

‫وانظر جواب السؤال رقم (‪.)48985‬‬

‫وبناء عىل هذا‪ ،‬فال يصح االعتكاف يف املصليات أو املراكز اإلسالمية‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬كنا جماورين للمسجد النبوي يف املدينة يف العرش األواخر من رمضان املايض‬
‫وأحد الشباب كان يذهب يصيل يف احلرم كل الفروض إال صالة العشاء والرتاويح‬
‫وأيض ًا القيام خارج املسجد بحجة أنه ال جيد قلبه يف الصالة وال يرتاح لصوت بعض‬

‫((( فتح الباري (‪.)272/4‬‬


‫((( املغني (‪.)65/3‬‬
‫((( املجموع (‪.)505/6‬‬
‫((( فتاوى نور عىل الدرب (‪.)176/8‬‬
‫اكـتعالا‬

‫أئمة احلرم ويقول ال يريد أن يضيع العرش من رمضان وأهم يشء عندي قلبي‪ .‬وأحد‬
‫املعتكفني يقول أنا أعتكف اليوم كله إال وقت صالة العشاء والقيام أصليها خارج‬
‫احلرم النبوي فام تعليلكم يا شيخ حفظك اهلل؟‬

‫‪555‬‬ ‫*جواب‪:‬‬

‫الصالة يف املسجد النبوي تتضاعف أضعاف ًا كثرية‪:‬‬


‫ج ِدي ه َذا َخي ِمن َأ ْل ِ‬
‫«ص َل ٌة ِف َم ْس ِ‬
‫ف‬ ‫ٌْ ْ‬ ‫َ‬ ‫ف َع ْن َأ ِب ُه َر ْي َر َة ‪َ I‬أ َّن النَّبِ َّي ‪َ H‬ق َال‪َ :‬‬
‫الم ْس ِ‬ ‫ٍ ِ ِ‬
‫الح َرام‬
‫جدَ َ‬ ‫َص َلة ف َيم س َوا ُه إِ َّل َ‬
‫(‪)1‬‬

‫وهذا احلديث يشمل الفرائض‪ ،‬والنوافل التي ُيستحب أن تصىل مجاعة يف املساجد‬
‫كالرتاويح‪.‬‬

‫قال علامء اللجنة الدائمة لإلفتاء‪« :‬تستحب صالة النافلة يف البيت سواء الرواتب‬
‫أو غريها‪ ،‬إال ما رشع اهلل أداءه يف املسجد كتحية دخوله‪ ،‬وهكذا ما رشع اهلل له اجلامعة‬
‫كالرتاويح والكسوف فإهنا تصىل يف املسجد‪ ،‬وهكذا صالة العيد وصالة االستسقاء‬
‫فإهنا تصىل يف املصىل )‪.(2‬‬

‫أما ترك صاحبك صالة الرتاويح يف املسجد النبوي للسبب الذي ذكرته فال شك أن‬
‫اخلشوع يف الصالة‪ ،‬وإصالح القلب بالصالة أمر مطلوب‪ ،‬والصوت احلسن بالقرآن‬
‫يساعد عىل ذلك‪.‬‬

‫ويتأثر به السامع فإن كان صاحبك سيصيل يف مسجد آخر ويكون ذلك أخشع لقلبه‬
‫فال حرج عليه‪ ،‬ويكون قد ترك فضيلة املكان‪ ،‬وحرص عىل فضيلة تتعلق بذات الصالة‬
‫وهي اخلشوع‪ ،‬وعند تعارض الفضيلتني ‪-‬كام هو احلال عند صاحبك‪ -‬فينبغي تقديم‬
‫الفضيلة املتعلقة بذات العبادة‪.‬‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)1190‬ومسلم (‪.)1394‬‬


‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)239/7‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫قال الشيخ ابن جربين‪« :‬إن الصوت احلسن‪ ،‬والقراءة اجليدة‪ ،‬هلا وقع يف النفس‪،‬‬
‫وتأثري يف حضور القلب‪ ،‬وخشوع البدن‪ ،‬والتأ ُّثر بكالم اهلل تعاىل‪ ،‬والت ُّ‬
‫ّلذذ بسامعه‪ .‬مما‬
‫يكون سبب ًا يف فهمه‪ ،‬وإدراك معانيه‪ ،‬وتدبره‪ ،‬ومعرفة إعجازه وبالغته‪ ،‬وقوة أساليبه‪،‬‬
‫وكل ذلك سبب يف العمل به‪ ،‬وتق ّبل إرشاداته‪ ،‬وتوجيهاته‪ ،‬فال ُيعاب من التمس قارئ ًا‬ ‫‪556‬‬
‫جمود ًا للقرآن‪ ،‬حافظ ًا له‪ ،‬خاشع ًا يف قراءته‪ ،‬مطمئن ًا يف صالته‪ ،‬فإن مثل‬
‫الصوت‪ّ ،‬‬
‫حسن ّ‬
‫هذا يقصد للصالة خلفه‪ ،‬ولو من مكان بعيد‪ ،‬ويفضل عىل غريه ممن ال جييد القراءة‪ ،‬أو‬
‫يلحن‪ ،‬أو يغلط كثري ًا‪ ،‬أو ال حيسن صوته‪ ،‬وال يتغنَّى بالقرآن‪ ،‬أو يقرأ باهلذرمة والرسعة‬
‫الشديدة‪ ،‬أو ال يطمئن يف صالته‪ ،‬وال خيشع يف قراءته‪ ،‬ولو كان مسجده قريبا )‪.(1‬‬

‫وقـال الشـيخ ابن عثيمين ‪« :V‬قول السـائل هـل االعتكاف يف املسـجد احلرام‬
‫أفضل مـن غريه؟‬

‫جوابه‪ :‬نعم‪ ،‬االعتكاف يف املسجد احلرام أفضل من االعتكاف يف املساجد األخرى‪،‬‬


‫ويليه االعتكاف يف املسجد النبوي‪ ،‬ويليه االعتكاف يف املسجد األقىص‪ ،‬ثم املساجد‬
‫األخرى األفضل منها فاألفضل‪.‬‬

‫ولكن ها هنا مسألة ينبغي أن نتفطن هلا‪ :‬وهي أن مراعاة ذات العبادة أوىل من مراعاة‬
‫زماهنا ومكاهنا‪ ،‬أي‪ :‬ما عاد إىل ذات العبادة من الفضائل أوىل باملراعاة مما عاد إىل مكاهنا‬
‫أو زماهنا‪ ،‬يعني أن اإلنسان لو كان اعتكافه يف مسجد آخر غري املساجد الثالثة أكمل‬
‫وأشد خشوع ًا هلل ‪ D‬وأكثر يف العبادة كان اعتكافه يف هذه املساجد أفضل؛ ألن هذا‬
‫الفضل يعود إىل ذات العبادة‪.‬‬

‫ويرى أهل العلم أن رمل الطائف يف طواف القدوم أوىل من دنوه من الكعبة‪ ،‬وعللوا‬
‫ذلك بأن الرمل فضيلة تتعلق بذات العبادة والدنو من البيت فضيلة تتعلق بمكاهنا‪،‬‬
‫ومراعاة ما يتعلق بذات العبادة أوىل من مراعاة ما يتعلق بمكاهنا‪ .‬وهذه نقطة ينبغي‬

‫((( فتاوى الشيخ ابن جربين (‪.)28/24‬‬


‫اكـتعالا‬

‫لإلنسان وال سيام طالب العلم أن يالحظها‪ ،‬وهي املحافظة عىل فضيلة ذات العبادة أكثر‬
‫من املحافظة عىل مكاهنا وزماهنا»)‪.(1‬‬

‫وقال الشيخ أيضا‪« :‬ال شك أن االعتكاف إذا كان يف املساجد الثالثة التي تقصد‬
‫‪557‬‬ ‫وتشد الرحال إليها ال شك أنه أفضل‪ ،‬وال أحد يعارض يف ذلك‪ ،‬إال إذا ترتب عىل ذلك‬
‫أنه يكثر خشوعه يف مسجده وإقباله عىل اهلل ‪ ،D‬ويسلم من الضوضاء ومشاهدة من‬
‫يكونون خطر ًا يف مشاهدته إياهم فهنا نقول‪ :‬مسجدك أفضل )‪.(2‬‬

‫فالذي يظهر لنا‪ :‬أنه ال حرج عىل صاحبك فيام فعل‪ ،‬مع أن أئمة احلرمني خيتارون‬
‫بعناية‪ ،‬ويكونون ممن يقرأون قرأه حسنة وبصوت حسن‪.‬‬

‫وأما خروج بعض املعتكفني لصالة العشاء والقيام خارج املسجد النبوي‪ ،‬فهذا ال‬
‫يصح اعتكافه‪ ،‬ألنه خرج من املسجد من غري رضورة إىل ذلك‪.‬‬

‫والذي ينبغي له‪ :‬إما أن يعتكف العرش األواخر كلها يف املسجد النبوي وال خيرج إال‬
‫للرضورة وهذا هو األفضل‪.‬‬

‫وإما أن يعتكف يف املسجد الذي سيصيل فيه‪ ،‬حتى ينال ثواب اعتكاف العرش‬
‫األواخر‪ ،‬ويكون قد اقتدى بالنبي ‪ .H‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬الدولة عندنا ختصص بعض املساجد ليعتكف هبا املعتكفون وهناك مساجد‬
‫أخرى مل ختصص لالعتكاف وهناك من الناس من يريد االعتكاف هبذه املساجد‬
‫أقصد التي مل ختصصها الدولة فهل يأثم موظفو هذه املساجد إذا منعوا هؤالء من‬
‫االعتكاف تبعا ألوامر ويل األمر؟ وهل يدخلون حتت قول اهلل (ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ‬
‫ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ)؟ وإذا كانوا يأثمون هبذا الفعل فأين طاعة وىل األمر؟‬
‫وخاصة أنه يوجد مساجد أخرى مرصح باالعتكاف هبا أفيدونا جزاكم اهلل خري ًا‪.‬‬

‫((( فتاوى نور عىل الدرب (‪.)5-4/205‬‬


‫((( رشح الكايف (‪.)159/4‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*جواب‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬املساجد هي أرشف أماكن األرض‪ ،‬وهي بيوت اهلل‪ ،‬بنيت لعبادته بالصالة‬
‫وقراءة القرآن وذكر اهلل وتعلم العلم الرشعي وتعليمه واالعتكاف‪ ،‬ويف هذا يقول‬
‫الص َل ِة َو ِق َر َاء ِة ال ُق ْر ِ‬
‫آن (‪.)1‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫النبي ‪« :H‬إِن ََّم ه َي لذك ِْر اهلل ‪َ D‬و َّ‬ ‫‪558‬‬

‫فلكل مسلم احلق يف الدخول إليها وعبادة اهلل تعاىل‪ ،‬ما دام يؤدي ذلك عىل الوجه‬
‫املرشوع‪.‬‬

‫وعىل هذا‪ ،‬فمن أراد أن يعتكف يف مسجد ما‪ ،‬فله احلق يف ذلك وليس ألحد منعه‪،‬‬
‫ومن منعه ُيشى أن يدخل يف هذه اآلية الكريمة‪( :‬ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ‬
‫ﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋ‬
‫ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ) [البقرة‪ .]114 :‬أي‪ :‬ال أحد أظلم من هذا‪.‬‬

‫ويتأكد هذا التحريم‪ ،‬إذا كان املنع من أجل أن هؤالء املعتكفني حريصون عىل اتباع‬
‫السنة‪ ،‬وتنفري الناس من البدعة‪ ،‬وينهون عن الفساد يف األرض‪ ،‬فيتم التضييق عليهم‬
‫بمنعهم من االعتكاف يف بيوت اهلل‪.‬‬

‫فمن سعى ‪-‬واحلالة هذه‪ -‬يف منع الناس من االعتكاف واملكث يف املساجد للصالة‬
‫وتالوة القرآن وذكر اهلل فهو آثم‪ ،‬داخل يف وعيد اآلية‪ ،‬ومن أعانه عىل ذلك فهو مثله‪.‬‬

‫أما موظفو املساجد‪ :‬فإن استطاعوا أن يقفوا وقفة هلل‪ ،‬يف وجه من منع االعتكاف يف‬
‫املساجد بال حق فهذا هو الواجب عليهم‪ ،‬وال يسعهم غري هذا‪ ،‬وإن مل يستطيعوا ذلك‪،‬‬
‫فعليهم التلطف مع من أراد االعتكاف‪ ،‬ويطلبوا منه أن يعدل عن ذلك‪ ،‬ألنه ليس من‬
‫احلكمة أن يعتكف اإلنسان يف املسجد‪ ،‬ثم جيلب الرضر عىل أخيه املسلم‪.‬‬

‫وقد يكون اخلري له وللمسلمني أن يعتكف يف املساجد املسموح باالعتكاف هبا حتى‬
‫خيالط مجع ًا كبري ًا من املسلمني‪ ،‬ولعله يكون سبب ًا يف تعليمهم من األحكام الرشعية ما ال‬
‫يعلمونه‪ ،‬أو ينصح أحدهم نصيحة ينتفع هبا‪.‬‬

‫((( رواه مسلم (‪.)285‬‬


‫اكـتعالا‬

‫ثاني ًا‪ :‬قد يكون منع االعتكاف يف بعض املساجد مقبوالً لصغر حجم املسجد وضيقه‬
‫عىل املصلني‪ ،‬فاالعتكاف فيه يؤذي املصلني ويزيد من التضييق عليهم‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫‪559‬‬ ‫*سؤال‪ :‬إذا خرج املعتكف من معتكفه إليقاظ أهله للسحور وذلك لعدم وجود أحد‬
‫باملنزل‪ ،‬هل يعترب ذلك خمالف ًا لرشوط االعتكاف؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«من دخل يف االعتكاف فإنه ال خيرج من معتكفه أثناء اعتكافه إال ملا البد منه؛‬
‫لقضاء حوائجه الرضورية من إتيانه بمأكل ومرشب إذا مل يوجد من يأتيه هبام‪ ،‬وقضاء‬
‫حاجته إن مل يكن يف املسجد دورات مياه‪ ،‬وال بأس بخروجه وقت السحور إليقاظ أهله‬
‫إلصالح السحور وقت السحور‪ ،‬وليتهيئوا لصالة الفجر إذا مل يستطيعوا االستيقاظ من‬
‫النوم بأنفسهم‪ ،‬ومل يوجد من يقوم بإيقاظهم؛ ألن ذلك من التوايص عىل اخلري وأمرهم‬
‫باملعروف‪ ،‬وما ال يتم الواجب إال به فهو واجب‪ ،‬لكن ال جيلس يف البيت بعد أن يوقظ‬
‫أهله ويرجع ملعتكفه يف املسجد‪.‬‬

‫وباهلل التوفيق‪ ،‬وصىل اهلل عيل نبينا حممد وآله وصحبه وسلم»(‪.)1‬‬

‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء‬


‫الشيخ عبد العزيز بن عبد اهلل بن باز‪ ..‬الشيخ عبد العزيز آل الشيخ‬
‫الشيخ عبد اهلل بن غديان‪ ..‬الشيخ صالح الفوزان‪ ..‬الشيخ بكر أبو زيد‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬مسجدنا به مكانان منعزالن خارج املسجد وقد اعتدنا أن نصيل يف هذا املكان‬
‫ومنذ أن اكتمل بناء املسجد فإننا نصيل بداخله‪ ،‬فهل جيوز لنا االعتكاف يف هذه األماكن؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫االعتكاف هو لزوم مسجد لطاعة اهلل‪ ،‬فهو خمتص باملساجد‪ ،‬ال يصح يف غريها‪.‬‬

‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)320/9‬‬


‫الصيام سؤال وجواب‬

‫قال ابن قدامة ‪« :V‬وال يصح االعتكاف يف غري مسجد إذا كان املعتكف رجال‪ .‬ال‬
‫نعلم يف هذا بني أهل العلم خالفا‪ ،‬واألصل يف ذلك قول اهلل تعاىل‪( :‬ﮆ ﮇ‬
‫ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ) [البقرة‪ ،]187 :‬فخصها بذلك‪ ،‬ولو صح االعتكاف يف غريها‪،‬‬
‫مل خيتص حتريم املبارشة فيها ؛ فإن املبارشة حمرمة يف االعتكاف مطلقا‪ .‬ويف حديث عائشة‬
‫‪560‬‬
‫قالت‪( :‬إن كان رسول اهلل ‪ H‬ليدخل عيل رأسه‪ ،‬وهو يف املسجد‪ ،‬فأرجله‪ ،‬وكان‬
‫ال يدخل البيت إال حلاجة إذا كان معتكفا)‪ .‬وروى الدارقطني بإسناده عن الزهري عن‬
‫عروة وسعيد بن املسيب عن عائشة يف حديث‪( :‬وأن السنة للمعتكف أن ال خيرج إال‬
‫حلاجة اإلنسان‪ ،‬وال اعتكاف إال يف مسجد مجاعة)»(‪.)1‬‬

‫وهذا املكان املنعزل‪ ،‬ال يظهر أنه من املسجد املعدّ للصالة‪ ،‬فال يصح االعتكاف فيه‪.‬‬

‫والضابط يف حتديد ما يدخل من احلجر والغرف يف املسجد وما ال يدخل أن يقال‪:‬‬


‫‪ .1‬إذا كانت الغرفة املتصلة باملسجد قد أعدت لتكون مسجدا‪ ،‬أي نواها باين‬
‫املسجد أن تكون جزءا من املسجد الذي ُيصىل فيه‪ ،‬فلها أحكام املسجد‪ ،‬فيجوز‬
‫االعتكاف فيها‪ ،‬ومتنع احلائض والنفساء منها‪.‬‬
‫وأما إن كانت قد نويت لتكون مالحق للتعليم أو لعقد االجتامعات‪ ،‬أو سكنا‬
‫لإلمام أو املؤذن‪ ،‬ال لتكون حمال للصالة‪ ،‬فال تأخذ حكم املسجد حينئذ‪.‬‬
‫‪ .2‬إذا جهلت نية باين املسجد‪ ،‬فاألصل أن ما كان داخل سور املسجد‪ ،‬وله باب عىل‬
‫املسجد‪ ،‬فله حكم املسجد‪.‬‬
‫‪ .3‬الفناء والرحبة املحاطة بسور املسجد هلا حكم املسجد‪.‬‬

‫قال النووي ‪« :V‬حائط املسجد من داخله وخارجه له حكم املسجد يف وجوب‬


‫صيانته وتعظيم حرماته‪ ،‬وكذا سطحه‪ ،‬والبئر التي فيه‪ ،‬وكذا رحبته‪ ،‬وقد نص الشافعي‬
‫واألصحاب ‪ ‬عىل صحة االعتكاف يف رحبته وسطحه وصحة صالة املأموم فيهام‬
‫مقتديا بمن يف املسجد»)‪.(2‬‬

‫((( املغني (‪.)65/3‬‬


‫((( املجموع (‪.)207/2‬‬
‫اكـتعالا‬

‫وقال يف مطالب أويل النهى‪« :‬ومن املسجد‪ :‬ظهره‪ ،‬أي‪ :‬سطحه‪ ،‬ومنه‪ :‬رحبته‬
‫املحوطة‪ .‬قال القايض‪ :‬إن كان عليها حائط وباب‪ ،‬فهي كاملسجد‪ ،‬ألهنا معه‪ ،‬وتابعة له‪،‬‬
‫وإن مل تكن حموطة‪ ،‬مل يثبت هلا حكم املسجد‪ .‬ومنه‪ :‬منارته التي هي أو باهبا باملسجد‪ ،‬فإن‬
‫كانت هي أو باهبا خارجة‪ ،‬ولو قريبة‪ ،‬وخرج املعتكف إليها لألذان‪ ،‬بطل اعتكافه»(‪.)1‬‬
‫‪561‬‬
‫وسئل الشيخ ابن عثيمني ‪ :V‬الغرفة التي بداخل املسجد هل جيوز االعتكاف فيها؟‬

‫فأجاب‪« :‬هذه فيها احتامل‪ ،‬من نظر إىل مطلق كالم الفقهاء قال‪ :‬إهنا من املسجد‪،‬‬
‫ألنه يقول احلجرة والغرفة التي حييط هبا جدار املسجد من املسجد‪ ،‬ومن نظر إىل أهنا‬
‫بنيت ال عىل أهنا من املسجد وأهنا حجرة لإلمام فهي كبيوت الرسول ‪،O‬‬
‫فبيوت الرسول أبواهبن إىل املسجد ومع ذلك هو بيت‪ ،‬ما خيرج الرسول ‪O‬‬

‫إليه [أي يف االعتكاف] فاالحتياط أن املعتكف ال يكون فيها‪ ،‬ولكن عرف الناس عندنا‬
‫اآلن أن احلجر التي يف املساجد تعترب من املسجد»(‪.)2‬‬

‫وينظر جواب السؤال رقم (‪ )118685‬ورقم (‪ )34499‬ملزيد من الفائدة‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬


‫***‬

‫*سؤال‪ :‬سؤايل عن االعتكاف‪ ،‬حيث إن زوجي ينوي االعتكاف طوال شهر رمضان‪،‬‬
‫ونحن بحاجته إذ إنه متزوج من ثالث نساء إحداهن بالشهر التاسع من احلمل‬
‫وليست من نفس املنطقة التي يعيش فيها‪ ،‬ولديه عدة أطفال‪ ،‬وال نريده أن يذهب من‬
‫أول الشهر‪ .‬فهل حيق له الذهاب بدون رضانا مع حاجتنا إىل وجوده معنا؟ أجيبوين‬
‫جزاكم اهلل خري ًا‪.‬‬

‫*جواب‪:‬‬

‫االعتكاف عبادة عظيمة ينقطع فيها العبد عن مشاغل الدنيا لرياجع نفسه‪ ،‬ويعبد‬
‫ربه‪ ،‬وما كان ال يستطيع فعله قبل ذلك فإنه يتفرغ له اآلن‪ ،‬وما كان مقصِّ ًا فيه قبل ذلك‬

‫((( مطالب أويل النهى (‪.)234/2‬‬


‫((( رشح الكايف (‪.)172/4‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫فإن له وقته الذي يستحقه‪ ،‬وال خالف بني العلامء أنه سنَّة‪ ،‬وقد نقل احلافظ ابن حجر‬
‫يف فتح الباري عن اإلمام أمحد قوله‪« :‬ال أعلم عن أحد من العلامء خالفا أنه مسنون»)‪.(1‬‬

‫ولكن هذه العبادة ال جيوز أن يكون معها تقصري يف واجب رشعي‪ ،‬كالقيام عىل‬
‫األهل‪ ،‬وكتمريض زوجة‪ ،‬أو رعاية والد أو والدة‪ ،‬إذا كان ذلك متعني عىل العبد وال‬ ‫‪562‬‬
‫يقوم مقامه أحد‪ ،‬وإذا كان يمكن أن يقوم عىل والديه بعض أشقائه وشقيقاته فإنه ال‬
‫يقوم عىل تربية أوالده غريه‪ ،‬وال يقوم عىل العناية بزوجاته سواه‪.‬‬

‫ومن هنا‪ :‬فإنه بحسب ما ُذكر يف السؤال فإننا ال نرى جواز اعتكاف الزوج شهر ًا‬
‫كام ً‬
‫ال بل وال أقل من شهر؛ لوقوعه يف التفريط بسبب ذلك بواجبات رشعية أوجبها‬
‫ربه تعاىل عليه‪.‬‬

‫ونرى أنه يمكن أن جيمع بني األمرين فيقوم عىل العناية بأهل بيته ويرمن هلم طلباهتم‪،‬‬
‫ثم يعتكف أيام ًا يسرية‪ ،‬ثم يرجع للبيت ليقوم بام أوجبه اهلل عليه‪ ،‬ثم يرجع ليعتكف من‬
‫جديد‪ ،‬وهكذا ال يقع يف خمالفة رشعية وال يتوجه له اللوم من أحد‪.‬‬

‫سئل الشيخ عبد اهلل بن جربين ‪ : V‬ما أكثر االعتكاف وما أقله؟‬

‫فأجاب‪« :‬ال حد ألكثره‪ ،‬إال أنه يكره إطالته إذا حصل إضاعة العبد ألهله وانشغاله‬
‫عنهم‪ ،‬فقد ورد يف احلديث «كفى باملرء إثام أن يض ِّيع من يعول فمن أطاله كثري ًا‪ :‬فإنه‬
‫يلزم منه ترك طلب املعاش‪ ،‬وتكليف غريه باإلنفاق عليه‪ ،‬وحصول املشقة بإحضار‬
‫طعامه ورشابه إليه يف املسجد ونحو ذلك من األغراض»)‪.(2‬‬

‫وسئل‪ :V‬إذا أراد االعتكاف ولكنه هو ويل بيته وال يوجد غريه‪ :‬فأهيام أفضل‪:‬‬
‫واليته عىل أهل بيته أم االعتكاف يف املسجد يف العرش األواخر من رمضان؟‬

‫فأجاب‪« :‬نختار قيامه بواجب أهله وقضاء حوائجهم وإقامته معهم كمحرم ومؤنس‬
‫حيميهم وحيفظ عليهم منزهلم وأنفسهم أو يكتسب هلم ما يقوهتم؛ فإن باعتكافه وتركهم‬

‫((( فتح الباري (‪.)272 /4‬‬


‫((( رسالة حوار يف االعتكاف‪ .‬السؤال رقم (‪.)2‬‬
‫اكـتعالا‬

‫بال ويل يتعرضون للصوص واملفسدين‪ ،‬أو تتعطل حوائجهم‪ ،‬أو يتكلفون يف إحضار‬
‫أغراضهم من األسواق‪ ،‬أو يك ِّلفون َ‬
‫غريهم برشاء ما هم بحاجته ويف ذلك منَّة عليهم‬
‫قد ال يتحملوهنا‪ ،‬وقد روى مسلم عن عبد اهلل بن عمر قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪H‬‬

‫«كفى باملرء إثام أن يضيع من يقوت فيدخل فيه‪ :‬عدم اإلنفاق عليهم‪ ،‬وإمهاهلم بال‬
‫‪563‬‬
‫كسب مع القدرة‪ ،‬فإن وجد من يتوىل حوائجهم من أقاربه وحيفظهم وحيفظ هلم ما‬
‫يتطلبونه‪ :‬جاز االعتكاف‪ ،‬بل هو مستحب؛ لعدم ما يشغله عنه»(‪.)1‬‬

‫وقد سبق التنبيه عىل خطأ ما يفعله من ينشغل عن أهله والقيام بشئوهنم بحجة االنشغال‬
‫بالدعوة أو التعليم‪ ،‬وأن ذلك ليس ٍ‬
‫بعذر هلم يف تفريطهم بام أوجب عليهم‪ ،‬ولتنظر يف ذلك‬
‫أجوبة األسئلة‪ )3043( :‬و(‪ )6913‬و(‪ )23481‬و(‪ .)110591‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬ملاذا ترك املسلمون االعتكاف‪ ،‬مع أنه سنة عن النبي ‪H‬؟ وما هو‬
‫اهلدف من االعتكاف؟‬
‫*جواب‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬االعتكاف من السنن املؤكدة التي واظب عليها الرسول ‪ ،H‬وقد‬
‫اختفت هذه السنة من حياة املسلمني إال من رحم ريب‪ ،‬شأهنا يف ذلك شأن كثري من‬
‫السنن التي أماهتا املسلمون‪ ،‬أو كادوا‪.‬‬

‫ولذلك أسباب‪ ،‬منها‪:‬‬


‫‪ .1‬ضعف اجلانب اإليامين يف كثري من النفوس‪.‬‬
‫‪ .2‬اإلقبال املتزايد عىل ملذات احلياة الدنيا وشهواهتا‪ ،‬والذي أدى إىل عدم القدرة‬
‫عىل االبتعاد عنها‪ ،‬ولو لفرتة قليلة‪.‬‬
‫‪ .3‬هـوان اجلنـة يف نفـوس كثير مـن النـاس‪ ،‬وميلهـم إىل الراحـة والدعـة‪ ،‬فلا‬
‫يريـدون حتمل مشـقة االعتـكاف‪ ،‬ولـو كان ذلك يف سـبيل رضا اهلل ‪،E‬‬

‫((( رسالة حوار يف االعتكاف‪ .‬السؤال رقم (‪ .)11‬ويمكن االطالع عليها كاملة هنا‪:‬‬
‫‪http://ibn-jebreen.coH/book.php?cat=3&book=10&toc=328.‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫ومـن علـم عظم قدر اجلنـة ونعيمها؛ بـذل يف احلصول عليها النفـس والنفيس‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫«أال إِ َّن س ْل َع َة اهلل غَال َي ٌة‪َ ،‬أال إِ َّن س ْل َع َة اهلل َ‬
‫الجنَّ ُة (‪.)1‬‬ ‫قال النبي ‪َ :H‬‬

‫‪ .4‬اقتصـار حمبـة الرسـول ‪ H‬يف كثير مـن النفـوس على اجلانـب اللفظـي‬
‫دون العملي‪ ،‬والـذي يتمثل يف تطبيق جوانب السـنة املحمدية املتعـددة‪ ،‬ومنها‬ ‫‪564‬‬

‫االعتـكاف‪ ،‬قـال اهلل تعـاىل‪( :‬ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ‬


‫ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ) [األحزاب‪.]21 :‬‬

‫قال ابن كثري ‪« :V‬هذه اآلية الكريمة أصل كبري يف التأيس برسول اهلل ‪H‬‬

‫يف أقواله‪ ،‬وأفعاله‪ ،‬وأحواله»)‪.(2‬‬

‫وقد تعجب بعض السلف من ترك الناس لالعتكاف‪ ،‬مع مواظبة النبي ‪ H‬عليه‪.‬‬

‫ـهاب الزهـري ‪« :V‬عجبـ ًا للمسـلمني‪ ،‬تركـوا االعتـكاف‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫قـال ا ْبـن ش َ‬
‫والنبي ‪ H‬مل يرتكه منذ دخل املدينة‪ ،‬حتى قبضه اهلل»)‪.(3‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬االعتكاف الذي واظب عليه النبي ‪ H‬يف آخر حياته اعتكاف العرش‬
‫األواخر من رمضان‪ ،‬وهذه األيام املعدودة تعترب ‪-‬بحق‪ -‬بمثابة دورة تربوية مكثفة‪ ،‬هلا‬
‫نتائجها اإلجيابية الفورية يف حياة اإلنسان يف أيام وليايل االعتكاف‪ ،‬وهلا أثرها اإلجيايب‬
‫عىل حياة اإلنسان فيام يستقبله من أيام‪ ،‬خالل حياته التي حيياها إىل رمضان آخر‪.‬‬

‫فام أحوجنا معارش املسلمني إىل إحياء هذه السنة‪ ،‬وإقامتها عىل الوجه الصحيح‪،‬‬
‫الذي كان عليه رسول اهلل ‪ H‬وأصحابه‪ ،‬فيا فوز املتمسكني بالسنة بعد غفلة‬
‫الناس‪ ،‬وفساد األمة‪.‬‬

‫ثالث ًا‪ :‬كان اهلدف األسايس من اعتكافه ‪ H‬التامس ليلة القدر‪.‬‬

‫((( رواه الرتمذي (‪ ،)2450‬وصححه األلباين يف صحيح الرتغيب والرتهيب (‪.)173/3‬‬


‫((( تفسري القرآن العظيم (‪.)391/6‬‬
‫((( فتح الباري (‪.)285/4‬‬
‫اكـتعالا‬

‫عن أيب سعيد اخلُدْ ِر ِّي ‪ I‬قال‪ :‬إن رسول اهلل ‪ H‬اعتكف العرش األول‬
‫من رمضان‪ ،‬ثم اعتكف العرش األوسط‪ ،‬يف قبة تركية (أي‪ :‬خيمة صغرية)‪ ،‬عىل سدهتا‬
‫(أي‪ :‬باهبا) حصري‪ ،‬قال‪ :‬فأخذ احلصري بيده فنحاها يف ناحية القبة‪ ،‬ثم أطلع رأسه فكلم‬

‫‪565‬‬
‫ت‬‫ول؛ َأ ْلت َِم ُس َه ِذ ِه ال َّل ْي َل َة‪ُ ،‬ث َّم ا ْع َت َك ْف ُ‬
‫ش األَ َ‬ ‫الناس‪ ،‬فدنوا منه‪ ،‬فقال‪« :‬إِ ِّن ا ْع َت َك ْف ُ‬
‫ت ال َع ْ َ‬
‫ب ِم ْنك ُْم َأ ْن َي ْعتَكِ َ‬
‫ف‬ ‫ِ‬
‫ش األَ َواخ ِر‪َ ،‬ف َم ْن َأ َح َّ‬‫يل ِل‪ :‬إِ َّنَا ِف ال َع ْ ِ‬ ‫يت َف ِق َ‬
‫ش األَ ْو َس َط‪ُ ،‬ث َّم ُأتِ ُ‬
‫ال َع ْ َ‬
‫ف ‪ ،‬فاعتكف الناس معه)‪.(1‬‬ ‫َف ْل َي ْعتَكِ ْ‬

‫ويف هذا احلديث من الفوائد‪:‬‬

‫التامس ليلة القدر‪ ،‬واالستعداد‬ ‫‪H‬‬ ‫‪ .1‬أن اهلدف األسايس من اعتكافه‬


‫لقيامها وإحيائها بالعبادة‪ ،‬وذلك لعظم فضل هذه الليلة‪ ،‬وقد قال اهلل تعاىل‪:‬‬
‫(ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ) [القدر‪.]3 :‬‬

‫‪ .2‬اجتهاده ‪ H‬يف حترهيا قبل معرفته بوقتها‪ ،‬فبدأ بالعرش األول‪ ،‬ثم األوسط‪،‬‬
‫ثم استمر معتكف ًا حتى آخر الشهر‪ ،‬حينام ُأعلم أهنا يف العرش األواخر‪ ،‬وهي‬
‫القمة يف االجتهاد؛ طلب ًا لليلة القدر‪.‬‬

‫‪ .3‬متابعة الصحابة ‪ M‬رسول اهلل ‪ ،H‬إذ إهنم بدءوا االعتكاف واستمروا‬


‫معه حتى هناية الشهر‪ ،‬وذلك لشدة تأسيهم به ‪.H‬‬

‫‪ .4‬شفقته ‪ H‬عىل أصحابه‪ ،‬ورمحته هبم‪ ،‬فلعلمه بمشقة االعتكاف‪َ ،‬خ َّيهم‬
‫ف‪.‬‬‫ف َف ْل َي ْعتَكِ ْ‬
‫ب ِم ْنك ُْم َأ ْن َي ْعتَكِ َ‬
‫«م ْن َأ َح َّ‬
‫يف االستمرار معه‪ ،‬أو اخلروج‪ ،‬فقال‪َ :‬‬

‫ولالعتكاف مقاصد أخرى‪ ،‬منها‪:‬‬

‫‪ .1‬االنقطاع عن الناس ما أمكن‪ ،‬حتى يتم ُأنسه باهلل ‪.D‬‬

‫‪ .2‬إصالح القلب باإلقبال عىل اهلل ‪ F‬بكليته‪.‬‬

‫‪ .3‬االنقطاع التام للعبادة الرصفة من صالة ودعاء وذكر وقراءة قرآن‪.‬‬

‫((( رواه مسلم (‪.)1167‬‬


‫الصيام سؤال وجواب‬

‫‪ .4‬حفظ الصيام من كل ما يؤثر عليه من حظوظ النفس والشهوات‪.‬‬


‫‪ .5‬التقلل من املباح من األمور الدنيوية‪ ،‬والزهد يف كثري منها مع القدرة عليها(‪.)1‬‬
‫واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬
‫‪566‬‬
‫*سؤال‪ :‬أريد أن أعرف هدي النبي ‪ H‬يف االعتكاف‪.‬‬

‫*جواب‪:‬‬
‫كان هديه ‪ H‬يف االعتكاف أكمل هدي وأيرسه‪.‬‬
‫اعتكف مرة يف العرش األول‪ ،‬ثم األوسط؛ يلتمس ليلة القدر‪ ،‬ثم تبني له أهنا يف‬
‫العرش األخري؛ فداوم عىل اعتكاف العرش األخري‪ ،‬حتى حلق بربه ‪.D‬‬
‫وترك مرة اعتكاف العرش األخري‪ ،‬فقضاه يف شوال‪ ،‬فاعتكف العرش األول منه(‪.)2‬‬
‫وملا كان العام الذي ُقبض فيه اعتكف عرشين يو ًما(‪.)3‬‬
‫قال ابن حجر ‪« :V‬قيل‪ :‬السبب يف ذلك أنه ‪ H‬علم بانقضاء أجله؛‬
‫فأراد أن يستكثر من أعامل اخلري؛ ليبني ألمته االجتهاد يف العمل إذا بلغوا أقىص العمل؛‬
‫ليلقوا اهلل عىل خري أحواهلم‪ ،‬وقيل‪ :‬السبب فيه أن جربيل كان يعارضه بالقرآن يف كل‬
‫رمضان مرة‪ ،‬فلام كان العام الذي قبض فيه عارضه به مرتني؛ فلذلك اعتكف قدر ما‬
‫كان يعتكف مرتني‪.‬‬
‫وأقوى من ذلك‪ :‬أنه إنام اعتكف يف ذلك العام عرشين؛ ألنه كان العام الذي قبله‬
‫مسافر ًا‪ ،‬ويدل لذلك‪ :‬ما أخرجه النسائي ‪-‬واللفظ له‪ -‬وأبو داود‪ ،‬وصححه ابن حبان‬
‫وغريه‪ ،‬من حديث أيب بن كعب ‪ :I‬أن النبي ‪ H‬كان يعتكف العرش األواخر‬
‫من رمضان‪ ،‬فسافر عام ًا فلم يعتكف‪ ،‬فلام كان العام املقبل اعتكف عرشين»)‪.(4‬‬

‫((( انظر‪ :‬االعتكاف نظرة تربوية للدكتور عبد اللطيف بالطو‪.‬‬


‫((( رواه البخاري (‪.)1940‬‬
‫((( رواه البخاري (‪.)1939‬‬
‫((( رواه أبو داود (‪ ،)2463‬والنسائي يف الكربى (‪ ،)3344‬وابن حبان (‪ ،)3663‬وانظر‪ :‬فتح الباري (‪.)285/4‬‬
‫اكـتعالا‬

‫وكان ‪ H‬يأمر بخباء (عىل مثل هيئة اخليمة) فيرضب له يف املسجد‪ ،‬فيمكث‬
‫فيه‪ ،‬خيلو فيه عن الناس‪ ،‬ويقبل عىل ربه ‪ ،F‬حتى تتم له اخللوة بصورة واقعية‪.‬‬

‫حصريا(‪.)1‬‬
‫ً‬ ‫واعتكف مرة يف ُق َّبة تركية (أي خيمة صغرية)‪ ،‬وجعل عىل باهبا‬
‫‪567‬‬
‫قال ابن القيم ‪« :V‬كل هذا حتصي ً‬
‫ال ملقصود االعتكاف وروحه‪ ،‬عكس ما يفعله‬
‫اجلهال من اختاذ املعتكف موضع عرشة‪ ،‬وجملبة للزائرين‪ ،‬وأخذهم بأطراف احلديث‬
‫بينهم؛ فهذا لون‪ ،‬واالعتكاف النبوي لون»)‪.(2‬‬

‫وكان دائم املكث يف املسجد‪ ،‬ال خيرج منه إال لقضاء احلاجة‪ ،‬قالت عائشة ‪:J‬‬
‫إلن َْس ِ‬
‫ان (‪.)4‬‬ ‫حلاجة‪ ،‬إذا كان معتكف ًا)‪ ،(3‬ويف رواية‪« :‬إِ َّل َِل ِ‬
‫اجة ا ِ‬ ‫ٍ‬ ‫وكان ال يدخل البيت إال‬

‫وفرسها الزهري‪ :‬بالبول والغائط(‪.)5‬‬

‫وكان ‪ H‬حيافظ عىل نظافته‪ ،‬فكان خيرج رأسه من املسجد إىل حجرة عائشة؛‬
‫فتغسل له رأسه ‪ H‬وترسحه‪.‬‬

‫عن عائشة ‪ ،J‬قالت‪« :‬كان النبي ‪ H‬يصغي إ َّيل رأسه‪ ،‬وهو جماور‬
‫يف املسجد (أي‪ :‬معتكف)؛ ُفأ ّ‬
‫رجله وأنا حائض»‪ ،‬ويف رواية‪« :‬فأغسله (‪ ،)6‬وترجيل‬
‫الشعر‪ :‬ترسحيه‪.‬‬

‫قال احلافظ ابن حجر ‪« :V‬ويف احلديث‪ :‬جواز التنظف والتطيب والغسل واحللق‬
‫والتزين إحلاق ًا بالرتجل‪ ،‬واجلمهور عىل أنه ال يكره فيه إال ما يكره يف املسجد»)‪.(7‬‬

‫((( رواه مسلم (‪.)1172‬‬


‫((( زاد املعاد (‪.)82/2‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)1925‬ومسلم (‪.)297‬‬
‫((( رواه مسلم (‪.)297‬‬
‫((( فتح الباري (‪.)273/4‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)1925‬ومسلم (‪.)297‬‬
‫((( فتح الباري (‪.)273/4‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫وكان من هديه ‪ H‬إذا كان معتكف ًا أال يعود مريض ًا‪ ،‬وال يشهد جنازة‪ ،‬وذلك‬
‫من أجل الرتكيز الكيل ملناجاة اهلل تعاىل‪ ،‬وحتقيق احلكمة من االعتكاف‪ ،‬وهي االنقطاع‬
‫عن الناس‪ ،‬واإلقبال عىل اهلل تعاىل‪.‬‬

‫قالت عائشة ‪« :J‬السنة عىل املعتكف أن ال يعود مريض ًا‪ ،‬وال يشهد جنازةً‪ ،‬وال‬ ‫‪568‬‬
‫ٍ‬
‫حلاجة‪ ،‬إال ملا ال بد منه»)‪.(1‬‬ ‫يمس امرأةً‪ ،‬وال يبارشها‪ ،‬وال خيرج‬

‫قال الشوكاين ‪« :V‬وال يمس امرأ ًة وال يبارشها»‪ ،‬تريد بذلك اجلامع»)‪.(2‬‬

‫وكانت بعض أزواجه تزوره وهو معتكف ‪ ،H‬فلام قامت لتذهب‪ ،‬قام‬
‫معها ليوصلها‪ ،‬وكان ذلك ليالً‪ ،‬فعن صفية ‪ J‬زوج النبي ‪ :H‬أهنا جاءت‬
‫إىل رسول اهلل ‪ H‬تزوره يف اعتكافه يف املسجد يف العرش األواخر من رمضان‪،‬‬
‫فتحدثت عنده ساع ًة‪ ،‬ثم قامت تنقلب‪ ،‬فقام النبي ‪ H‬معها يقلبها أي‪ :‬لريدها‬
‫إىل منْزهلا(‪.)3‬‬

‫وخالصة القول‪ :‬كان اعتكافه ‪ H‬يتسم باليرس وعدم التشدد‪ ،‬وكان وقته كله‬
‫ذكر ًا هلل تعاىل‪ ،‬وإقباالً عىل طاعته؛ التامس ًا لليلة القدر(‪ .)4‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬أريد أن أعتكف العرش األواخر من رمضان‪ ،‬وأريد أن أعرف متى أدخل‬
‫املسجد ومتى أخرج منه؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬أما دخول املعتكف‪ :‬فذهب مجهور العلامء ‪-‬منهم األئمة األربعة أبو حنيفة‬
‫ومالك والشافعي وأمحد ‪ -‬إىل أن من أراد أن يعتكف العرش األواخر من رمضان‪،‬‬

‫((( رواه أبو داود (‪ ،)2473‬وصححه األلباين يف إرواء الغليل (‪.)139/4‬‬


‫((( نيل األوطار (‪.)357/4‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)1930‬ومسلم (‪.)2175‬‬
‫((( انظر‪ :‬زاد املعاد (‪ ،)82/2‬واالعتكاف نظرة تربوية ‪-‬للدكتور عبد اللطيف بالطو‪.‬‬
‫اكـتعالا‬

‫فإنه يدخل قبل غروب الشمس‪ ،‬من ليلة إحدى وعرشين‪ ،‬واستدلوا عىل ذلك بعدة‬
‫أدلة‪ ،‬منها‪:‬‬

‫‪ .1‬أنه ثبت أن النبي ‪ H‬كان يعتكف العرش األواخر من رمضان(‪.)1‬‬


‫‪569‬‬
‫وهذا يدل عىل أنه كان يعتكف الليايل ال األيام‪ ،‬ألن العرش متييز لليايل‪،‬‬
‫قال اهلل تعاىل‪( :‬ﭓ ﭔ) [الفجر‪ ،]2 :‬والعرش األواخر تبدأ من ليلة إحدى‬
‫وعرشين؛ فعىل هذا‪ :‬يدخل املسجد قبل غروب شمس ليلة إحدى وعرشين‪.‬‬

‫‪ .2‬وقالوا‪ :‬إن من أعظم ما يقصد من االعتكاف التامس ليلة القدر‪ ،‬وليلة إحدى‬
‫وعرشين من ليايل الوتر يف العرش األواخر‪ ،‬فيحتمل أن تكون ليلة القدر‪ ،‬فينبغي‬
‫أن يكون معتكفا فيه ًا(‪.)2‬‬

‫لكن ورد عن عائشة ‪ J‬قالت‪« :‬كان رسول اهلل ‪ H‬إذا أراد أن يعتكف‪،‬‬
‫صىل الفجر‪ ،‬ثم دخل معتكفه»)‪.(3‬‬

‫وقد قال بظاهر هذا احلديث بعض السلف‪ ،‬وأنه يدخل معتكفه بعد صالة الفجر(‪.)4‬‬
‫لكن أجاب اجلمهور عن هذا احلديث بأحد جوابني‪:‬‬

‫األول‪ :‬أن النبي ‪ H‬كان معتكف ًا قبل غروب الشمس‪ ،‬ولكنه مل يدخل املكان‬
‫اخلاص باالعتكاف إال بعد صالة الفجر‪ ،‬قال النووي‪« :‬إذا أراد أن يعتكف صىل الفجر‬
‫ثم دخل معتكفه) احتج به من يقول‪ :‬يبدأ باالعتكاف من أول النهار‪ ،‬وبه قال األوزاعي‬
‫والثوري والليث يف أحد قوليه‪ ،‬وقال مالك وأبو حنيفة والشافعي وأمحد‪ :‬يدخل فيه‬
‫وأولوا احلديث عىل أنه‬
‫قبل غروب الشمس إذا أراد اعتكاف شهر‪ ،‬أو اعتكاف عرش‪ّ ،‬‬
‫دخل املعتكف‪ ،‬وانقطع فيه‪ ،‬وختىل بنفسه بعد صالة الصبح‪ ،‬ال أن ذلك وقت ابتداء‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)1925‬ومسلم (‪.)1172‬‬


‫((( قاله السندي يف حاشية النسائي(‪ ،)44/2‬وانظر‪ :‬املغني (‪.)489/4‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)1928‬ومسلم (‪ ،)1172‬واللفظ ملسلم‪.‬‬
‫((( وهو رأي علامء اللجنة الدائمة (‪ )411/10‬وابن باز (‪.)442/15‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫االعتكاف‪ ،‬بل كان من قبل املغرب معتكف ًا البث ًا يف مجلة املسجد‪ ،‬فلام صىل الصبح‬
‫انفرد»)‪.(1‬‬

‫اجلـواب الثـاين‪ :‬أجـاب بـه القايض أبـو َي ْع َل مـن احلنابلـة بحمل احلديـث عىل أنه‬
‫كان ‪ H‬يفعل ذلك يف يوم العرشين‪.‬‬ ‫‪570‬‬

‫قال السندي ‪« :V‬وهذا اجلواب هو الذي يفيده النظر‪ ،‬فهو أوىل‪ ،‬وباالعتامد‬
‫أحرى»(‪.)2‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬وأما خروجه‪ :‬فإنه خيرج إذا غربت الشمس من آخر يوم من أيام رمضان‪.‬‬

‫سئل ابن عثيمني ‪ :V‬متى خيرج املعتكف من اعتكافه؟ أبعد غروب شمس ليلة‬
‫العيد‪ ،‬أم بعد فجر يوم العيد؟‬

‫فأجاب‪« :‬خيرج املعتكف من اعتكافه إذا انتهى رمضان‪ ،‬وينتهي رمضان بغروب‬
‫الشمس ليلة العيد»)‪.(3‬‬

‫وجاء يف فتاوى اللجنة الدائمة‪« :‬وتنتهي مدة اعتكاف عرش رمضان بغروب شمس‬
‫آخر يوم منه»)‪.(4‬‬

‫وإذا اختار البقاء حتى يصيل الفجر‪ ،‬وخيرج من معتكفه إىل صالة العيد فال بأس‪،‬‬
‫فقد استحب ذلك بعض السلف‪.‬‬

‫قال اإلمام مالك ‪« :V‬إنه رأى بعض أهل العلم‪ ،‬إذا اعتكفوا العرش األواخر من‬
‫رمضان‪ ،‬ال يرجعون إىل أهاليهم حتى يشهدوا الفطر مع الناس»‪ ،‬قال مالك‪« :‬وبلغني‬
‫ذلك عن أهل الفضل الذين مضوا‪ ،‬وهذا أحب ما سمعت إ ّيل يف ذلك»‪.‬‬

‫((( رشح النووي عىل مسلم (‪ ،)69/8‬وانظر‪ :‬فتاوى الصيام البن عثيمني (ص‪.)503 ،501‬‬
‫((( حاشية السندي عىل ابن ماجة (‪.)539/1‬‬
‫((( فتاوى الصيام (ص‪.)502‬‬
‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)411/10‬‬
‫اكـتعالا‬

‫وقـال النـووي ‪« :V‬قـال الشـافعي واألصحـاب‪ :‬ومـن أراد االقتـداء‬


‫بالنبـي ‪ H‬يف االعتـكاف يف العشر األواخـر مـن رمضـان؛ فينبغـي أن يدخـل‬
‫املسـجد قبـل غروب الشـمس ليلـة احلـادي والعرشين منه‪ ،‬لكـي ال يفوتـه يشء منه‪،‬‬

‫‪571‬‬
‫وخيـرج بعـد غـروب الشـمس ليلـة العيد‪ ،‬سـواء تـم الشـهر أو نقـص‪ ،‬واألفضل أن‬
‫يمكـث ليلـة العيـد يف املسـجد حتـى يصلي فيه صلاة العيد‪ ،‬أو خيـرج منـه إىل املصىل‬
‫لصلاة العيـد إن صلوهـا يف املصىل»)‪.(1‬‬

‫وإذا خرج من االعتكاف مبارشة إىل صالة العيد‪ ،‬فيستحب له أن يغتسل قبل‬
‫اخلروج إليها ويتجمل‪ ،‬ألن هذا من سنن العيد‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬ما هي رشوط االعتكاف؟ وهل الصيام منها؟ وهل جيوز للمعتكف أن يزور‬
‫مريض ًا؟ أو جييب الدعوة؟ أو يقيض حوائج أهله؟ أو يتبع جنازة؟ أو يذهب إىل العمل؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫يرشع االعتكاف يف مسجد تقام فيه صالة اجلامعة‪ ،‬وإن كان املعتكف ممن جتب عليه‬
‫اجلمعة‪ ،‬ويتخلل مدة اعتكافه مجعة‪ ،‬ففي مسجد تقام فيه اجلمعة أفضل‪.‬‬
‫وال يلزم له الصوم‪.‬‬
‫وخروج املعتكف من املسجد يبطل االعتكاف؛ ألن االعتكاف هو املكث يف املسجد‬
‫لطاعة اهلل تعاىل‪ ،‬إال إذا خرج ملا ال بد منه‪ ،‬كقضاء احلاجة‪ ،‬والوضوء‪ ،‬واالغتسال‪،‬‬
‫وإحضار الطعام إذا كان ليس له من حيرضه له إىل املسجد‪ ،‬ونحو ذلك من األمور التي‬
‫ال بد منها‪ ،‬وال يمكن فعلها يف املسجد‪.‬‬
‫عن عائشة ‪ J‬قالت‪ :‬كان رسول اهلل ‪ H‬ال يدخل البيت إال حلاجة اإلنسان‬
‫إذا كان معتكف ًا(‪ ،)2‬قال ابن قدامة ‪« :V‬املراد بحاجة اإلنسان البول والغائط‪ ،‬كنى‬

‫((( املجموع (‪.)475/6‬‬


‫((( رواه البخاري (‪ ،)2092‬ومسلم (‪.)297‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫بذلك عنهام؛ ألن كل إنسان حيتاج إىل فعلهام‪ ،‬ويف معناه احلاجة إىل املأكول واملرشوب‪،‬‬
‫إذا مل يكن له من يأتيه به؛ فله اخلروج إليه إذا احتاج إليه‪ ،‬وكل ما ال بد له منه وال يمكن‬
‫فعله يف املسجد؛ فله اخلروج إليه‪ ،‬وال يفسد اعتكافه وهو عليه‪ ،‬ما مل يطل»)‪.(1‬‬
‫وخروج املعتكف لعمله مما ينايف االعتكاف‪.‬‬ ‫‪572‬‬
‫سئلت اللجنة الدائمة‪ :‬هل جيوز للمعتكف أن يزور مريض ًا‪ ،‬أو جييب الدعوة‪،‬‬
‫أو يقيض حوائج أهله‪ ،‬أو يتبع جنازة‪ ،‬أو يذهب إىل العمل؟‬
‫فأجابت‪ :‬السنة أال يزور املعتكف مريض ًا أثناء اعتكافه‪ ،‬وال جييب الدعوة‪ ،‬وال‬
‫يقيض حوائج أهله‪ ،‬وال يشهد جنازة‪ ،‬وال يذهب إىل عمله خارج املسجد؛ ملا ثبت عن‬
‫عائشة ‪ J‬أهنا قالت‪« :‬السنة عىل املعتكف أن ال يعود مريض ًا‪ ،‬وال يشهد جنازةً‪ ،‬وال‬
‫ٍ‬
‫حلاجة‪ ،‬إال ملا ال بد منه»(‪ .)2‬واهلل أعلم‪.‬‬ ‫يمس امرأ ًة وال يبارشها‪ ،‬وال خيرج‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬سمعت حديث ًا أن االعتكاف ال يصح إال يف املسجد احلرام واملسجد النبوي‬
‫واملسجد األقىص‪ ،‬فهل هذا احلديث صحيح؟‬
‫*جواب‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬هذا احلديث الذي أشار إليه السائل‪ ،‬رواه البيهقي‪ :‬أن حذيفة قال لعبد اهلل‬
‫ابن مسعود ‪ :L‬مررت عىل أناس عكوف بني دارك‪ ،‬ودار أيب موسى‪- ،‬يعني يف‬
‫اج ِد‬
‫الم َس ِ‬ ‫املسجد‪ ،-‬وقد علمت أن رسول اهلل ‪ H‬قال‪« :‬الَ ا ْعتِك َ‬
‫َاف إِالَّ ِف َ‬
‫احل َرامِ‪ ، ....‬فقال عبد اللّ بن مسعود‪« :‬لعلك نسيت وحفظوا‪،‬‬‫ج ِد َ‬‫الم ْس ِ‬ ‫ال َّث َ ِ‬
‫ال َثة‪َ :‬‬
‫وأخطأت وأصابوا )‪.(3‬‬
‫ثاني ًا‪ :‬وأما حكم املسألة‪ :‬فذهب مجاهري العلامء إىل أن االعتكاف ال يشرتط له أن‬
‫يكون يف أحد املساجد الثالثة‪ ،‬واستدلوا عىل ذلك بقوله تعاىل‪( :‬ﮆ ﮇ ﮈ‬

‫((( املغني (‪.)466/4‬‬


‫((( رواه أبو داود (‪ ،)2473‬وصححه األلباين يف إرواء الغليل(‪ ،)139/4‬فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)410/10‬‬
‫((( رواه البيهقي (‪ ،)315/4‬وصححه األلباين يف سلسلة األحاديث الصحيحة (‪.)2876‬‬
‫اكـتعالا‬

‫ﮉ ﮊ ﮋ) [البقرة‪ ،]187 :‬ولفظ املساجد يف اآلية عام؛ فيشمل كل املساجد‪ ،‬إال‬


‫ما دل الدليل عىل عدم صحة االعتكاف فيه؛ كاملسجد الذي ال تقام فيه صالة اجلامعة‬
‫إذا كان املعتكف ممن جتب عليه صالة اجلامعة‪.‬‬

‫‪573‬‬ ‫وقد أشار اإلمام البخاري ‪ V‬إىل االستدالل بعموم اآلية‪ ،‬فقال‪« :‬باب االعتكاف‬
‫يف العرش األواخر‪ ،‬واالعتكاف يف املساجد كلها؛ لقوله تعاىل‪( :‬ﮆ ﮇ ﮈ‬
‫ﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘ‬
‫(‪.)1‬‬ ‫ﮙ) [البقرة‪]187 :‬‬

‫ومل يــزل عمــل املســلمني عــى االعتــكاف يف مســاجد بلداهنــم‪ ،‬كــا ذكــره‬
‫الطحاوي ‪.)2(V‬‬

‫وسئل ابن عثيمني ‪ V‬عن حكم االعتكاف يف املساجد الثالثة‪ :‬املسجد احلرام‪،‬‬
‫واملسجد النبوي‪ ،‬واملسجد األقىص؟‬

‫فأجاب‪« :‬االعتكاف يف غري املساجد الثالثة وهي املسجد احلرام‪ ،‬واملسجد النبوي‪،‬‬
‫واملسجد األقىص‪ ،‬مرشوع يف وقته‪ ،‬وال خيتص باملساجد الثالثة‪ ،‬بل يكون فيها ويف‬
‫غريها من املساجد‪ ،‬هذا قول أئمة املسلمني أصحاب املذاهب املتبوعة‪ ،‬كاإلمام أمحد‪،‬‬
‫ومالك‪ ،‬والشافعي‪ ،‬وأيب حنيفة‪ ،‬وغريهم ‪‬؛ لقوله تعاىل‪( :‬ﮆ ﮇ ﮈ‬
‫ﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘ‬
‫ﮙ) [البقرة‪ ،]187 :‬ولفظ املساجد عام جلميع املساجد يف أقطار األرض‪ ،‬وقد‬
‫جاءت هذه اجلملة يف آخر آيات الصيام الشامل حكمها جلميع األمة يف مجيع األقطار‪،‬‬
‫فهي خطاب لكل من خوطبوا بالصوم‪ ،‬وهلذا ختمت هذه األحكام املتحدة يف السياق‬
‫واخلطاب‪ ،‬بقوله تعاىل‪( :‬ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ‬
‫ﮘ ﮙ) [البقرة‪ ،]187 :‬ومن البعيد جد ًا أن خياطب اهلل األمة بخطاب ال يشمل‬
‫اج ِد‬
‫الم َس ِ‬ ‫إال أقل القليل منهم‪ ،‬أما حديث حذيفة بن اليامن ‪« :I‬الَ ا ْعتِك َ‬
‫َاف إِالَّ ِف َ‬

‫((( صحيح البخاري (‪.)711/2‬‬


‫((( مشكل اآلثار (‪.)205/4‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫ال َث ِة ‪ ،‬فهذا إن سلم من القوادح فهو نفي للكامل‪ ،‬يعني أن االعتكاف األكمل ما كان‬
‫ال َّث َ‬
‫يف هذه املساجد الثالثة؛ وذلك لرشفها وفضلها عىل غريها )‪.(1‬‬
‫وقال ابن باز ‪« :V‬يصح االعتكاف يف غري املساجد الثالثة؛ إال أنه يشرتط يف‬
‫املسجد الذي يعتكف فيه إقامة اجلامعة فيه‪ ،‬فإن كانت ال تقام فيه صالة اجلامعة؛ مل يصح‬ ‫‪574‬‬
‫االعتكاف فيه‪ ،‬إال إذا نذر االعتكاف يف املساجد الثالثة؛ فإنه يلزمه االعتكاف هبا؛ وفاء‬
‫لنذره»)‪ .(2‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬هل يصح االعتكاف يف كل مسجد؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫اختلف العلامء يف صفة املسجد الذي جيوز فيه االعتكاف‪ :‬فذهب بعضهم إىل صحة‬
‫ال بعموم قوله تعاىل‪( :‬ﮆ‬
‫االعتكاف يف كل مسجد‪ ،‬ولو مل تقم فيه صالة اجلامعة؛ عم ً‬
‫ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ) [البقرة‪.]187 :‬‬
‫وذهب اإلمام أمحد إىل أنه يشرتط يف املسجد أن تقام فيه صالة اجلامعة‪ ،‬واستدل عىل‬
‫ذلك بام ييل‪:‬‬
‫‪ .1‬قول عائشة ‪« :J‬ال اعتكاف إال يف مسجد مجاعة )‪.(3‬‬
‫‪ .2‬وقال ابن عباس ‪« :L‬ال اعتكاف إال يف مسجد تقام فيه الصالة )‪.(4‬‬
‫‪ .3‬وألنه إذا اعتكف يف مسجد ال تقام فيه صالة اجلامعة؛ فإن ذلك يفيض إىل أحد أمرين‪:‬‬
‫األول‪ :‬إما ترك صالة اجلامعة‪ ،‬وال جيوز للرجل أن يرتك صالة اجلامعة من غري عذر‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬وإما كثرة خروجه ألداء الصالة يف مسجد آخر‪ ،‬وهذا ٍ‬
‫مناف لالعتكاف(‪.)5‬‬

‫((( فتاوى الصيام (‪.)493‬‬


‫((( جمموع فتاوى ابن باز (‪.)444/15‬‬
‫((( رواه البيهقي (‪ ،)315/4‬وصححه األلباين يف رسالة قيام رمضان‪.‬‬
‫((( سنن البيهقي الكربى (‪ ،)316/4‬وانظر‪ :‬املوسوعة الفقهية (‪.)212/5‬‬
‫((( املغني (‪.)461/4‬‬
‫اكـتعالا‬

‫ي َّمع فيه‪ ،‬هل‬


‫قال الشيخ ابن عثيمني‪« :‬وال يصح ‪-‬يعني االعتكاف‪ -‬إال يف مسجد ُ َ‬
‫املراد الذي تقام فيه اجلمعة‪ ،‬أو تقام فيه اجلامعة؟‬

‫اجلواب‪ :‬املسجد الذي تقام فيه اجلامعة‪ ،‬وال يشرتط الذي تقام فيه اجلمعة؛ ألن‬
‫‪575‬‬ ‫املسجد الذي ال تقام فيه اجلامعة‪ ،‬ال يصدق عليه كلمة مسجد باملعنى الصحيح‪ ،‬مثل أن‬
‫يكون هذا املسجد قد هجره أهله‪ ،‬أو نزحوا عنه»(‪.)1‬‬

‫فال يشرتط أن يكون املسجد تقام فيه صالة اجلمعة‪ ،‬ألهنا ال تتكرر‪ ،‬فال يرض اخلروج‬
‫إليها‪ ،‬بخالف الصلوات اخلمس‪ ،‬فإهنا تتكرر كل يوم وليلة‪.‬‬

‫وهذا الرشط‪-‬أي كون املسجد تقام فيه صالة اجلامعة‪ -‬إنام هو إذا كان املعتكف‬
‫رجالً‪ ،‬أما املرأة فيصح اعتكافها يف كل مسجد‪ ،‬ولو مل تقم فيه صالة اجلامعة؛ ألن صالة‬
‫اجلامعة غري واجبة عليها‪.‬‬

‫قال ابن قدامة ‪« :V‬وللمرأة أن تعتكف يف كل مسجد‪ ،‬وال يشرتط إقامة اجلامعة‬
‫فيه؛ ألهنا غري واجبة عليها‪ ،‬وهبذا قال الشافعي»)‪ .(2‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬هل تعترب غرفة احلارس‪ ،‬وغرفة جلنة الزكاة يف املسجد صاحلة لالعتكاف‬
‫فيها؟ عل ًام بأن أبواب هذه الغرف يف داخل املسجد‪.‬‬

‫*جواب‪:‬‬

‫الغرف امللحقة باملسجد عىل ثالثة أقسام‪:‬‬

‫األول‪ :‬أن تكون داخل املسجد‪ ،‬كالغرف املعدة حلفظ لوازم املسجد‪ ،‬أو املكتبة‬
‫ونحو ذلك‪ ،‬فهذه جيوز االعتكاف فيها‪.‬‬

‫((( الرشح املمتع (‪.)312/6‬‬


‫((( املغني (‪ ،)129/3‬وانظر‪ :‬الرشح املمتع (‪.)313/6‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫الثاين‪ :‬أن تكون خارج املسجد‪ ،‬وهلا باب عىل املسجد‪ ،‬فهذه ال جيوز االعتكاف فيها‪،‬‬
‫قال النووي ‪« :V‬لو دخل املؤذن املعتكف إىل حجرة مهيأة للسكنى بجنب املسجد‪،‬‬
‫وباهبا إىل املسجد؛ بطل اعتكافه بال خالف‪ ،‬رصح باالتفاق عليه إمام احلرمني»)‪.(1‬‬

‫الثالث‪ :‬أن تكون الغرفة يف رحبة املسجد‪ ،‬أي‪ :‬ساحته وصحنه‪ ،‬وأبواهبا تطل عىل‬ ‫‪576‬‬
‫املسجد‪ ،‬فاخلالف فيها يبنى عىل اخلالف يف الرحبة‪ ،‬هل هي من املسجد‪ ،‬أم ال؟‬

‫والصحيح أن الرحبة املحاطة بسور مع املسجد تعد من املسجد‪ ،‬وهلا أحكامه‪،‬‬


‫وعليه‪ :‬فيكون االعتكاف يف هذه الغرف مرشوعا‪.‬‬

‫قال مالك ‪« :V‬ال يبيت املعتكف إال يف املسجد الذي اعتكف فيه‪ ،‬إال أن يكون‬
‫خباؤه يف رحبة من رحاب املسجد»)‪.(2‬‬

‫قال النووي ‪« :V‬من املهم بيان حقيقة هذه الرحبة‪ ،‬قال صاحب الشامل والبيان‪:‬‬
‫املراد بالرحبة ما كان مضافا إىل املسجد حمجرا عليه‪ ،‬قاال‪ :‬والرحبة من املسجد‪ ،‬قال‬
‫صاحب البيان وغريه‪ :‬وقد نص الشافعي عىل صحة االعتكاف يف الرحبة»)‪.(3‬‬

‫املني ‪« :V‬لِرحبة املسجد حكم املسجد‪ ،‬إال إن كانت منفصلة عنه»)‪.(4‬‬


‫وقال ابن ّ‬
‫وقال ابن عثيمني ‪« :V‬إذا كانت يف الرحبة ‪-‬يعني احلوش الذي يكون أمام‬
‫املسجد‪ ،‬أو عن يمينه‪ ،‬أو عن يساره‪ ،‬أو خلفه‪ -‬إذا كان يشمله حائط املسجد فهو منه؛‬
‫فال يرض املعتكف لو خرج إليه‪ ،‬وإن كان خارج املسجد لكنه جعل احتياطا إن كثر‬
‫اجلامعة صلوا فيه‪ ،‬فهذا ليس من املسجد»)‪.(5‬‬

‫ويف فتاوى اللجنة الدائمة‪« :‬الغرف التي داخل املسجد وأبواهبا مفتوحة عىل‬
‫املسجد‪ ،‬هلا حكم املسجد‪ ،‬وبنا ًء عليه‪ :‬فيجوز االعتكاف فيها؛ ألهنا من املسجد‪.‬‬

‫((( املجموع (‪.)509/6‬‬


‫((( املدونة (‪.)228/1‬‬
‫((( املجموع (‪.)533،534/6‬‬
‫((( فتح الباري (‪.)156 /13‬‬
‫((( رشح كتاب الكايف البن عثيمني (‪.)174/4‬‬
‫اكـتعالا‬

‫أما لو كان بناؤها خارج املسجد‪ :‬فال يصح االعتكاف فيها‪ ،‬حتى لو كان هلا باب‬
‫داخل املسجد»)‪ .(1‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬أنا مسلمة جديدة‪ ،‬ولدي استفسار عن اعتكاف املرأة‪ ،‬هل جيوز للمرأة أن‬
‫‪577‬‬
‫تعتكف يف املسجد ثالثة أيام أو سبعة أو عليها أن تعتكف العرش مجيع ًا؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫احلمد هلل الذي هداك لإلسالم‪ ،‬ونسأل اهلل تعاىل أن يزيدك إيامن ًا وهدى‪.‬‬
‫األفضل هو اعتكاف العرش األواخر كلها؛ ألن هذا هو فعل النبي ‪ ،H‬فعن‬
‫عائشة ‪« :J‬أن النبي ‪ H‬كان يعتكف العرش األواخر من رمضان حتى‬
‫توفاه اهلل‪ ،‬ثم اعتكف أزواجه من بعده»)‪.(2‬‬
‫وإذا مل يستطع املسلم اعتكاف العرش األواخر كلها‪ ،‬فإنه يعتكف ما تيرس له‪ ،‬يومني‬
‫أو ثالثة أو أكثر من ذلك أو أقل‪ ،‬ولو ليلة واحدة‪.‬‬
‫قال الشيخ ابن باز ‪« :V‬االعتكاف‪ :‬هو املكث يف املسجد؛ لطاعة اهلل تعاىل‪ ،‬سواء‬
‫كانت املدة كثرية أو قليلة‪ ،‬ألنه مل يرد يف ذلك ‪-‬فيام أعلم‪ -‬ما يدل عىل التحديد ال بيوم‬
‫وال بيومني‪ ،‬وال بام هو أكثر من ذلك»)‪ .(3‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬ما أقل مقدار لالعتكاف؟ فهل يمكن أن أعتكف وقتا قصري ًا أم ال بد من‬
‫اعتكاف عدة أيام؟‬
‫*جواب‪ :‬اختلف العلامء يف أقل زمن لالعتكاف‪.‬‬

‫فذهب مجهور العلامء إىل أن أقله حلظة‪ ،‬وهو مذهب أيب حنيفة‪ ،‬والشافعي‪ ،‬وأمحد(‪.)4‬‬

‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)411/10‬‬


‫((( رواه البخاري (‪ ،)1922‬ومسلم (‪.)1172‬‬
‫((( جمموع فتاوى ابن باز (‪.)441/15‬‬
‫((( انظر‪ :‬الدر املختار (‪ ،)445/1‬واملجموع (‪ ،)489/6‬واإلنصاف (‪.)359/3‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫قال النووي‪« :‬وأما أقل االعتكاف‪ ،‬فالصحيح الذي قطع به اجلمهور‪ :‬أنه يشرتط‬
‫لبث يف املسجد‪ ،‬وأنه جيوز الكثري منه‪ ،‬والقليل حتى ساعة أو حلظة» انتهى باختصار(‪.)1‬‬

‫واستدلوا عىل هذا بعدة أدلة‪:‬‬


‫‪ .1‬أن االعتكاف يف اللغة‪ :‬هو اإلقامة‪ ،‬وهذا يصدق عىل املدة الطويلة والقصرية‪،‬‬ ‫‪578‬‬

‫ومل يرد يف الرشع ما حيدده بمدة معينة‪.‬‬


‫قال ابن حزم ‪« :V‬واالعتكاف يف لغة العرب اإلقامة‪ ،‬فكل إقامة يف مسجد‬
‫هلل تعاىل بنية التقرب إليه اعتكاف‪ ،‬مما قل من األزمان أو كثر؛ إذ مل خيص القرآن‬
‫والسنة عدد ًا من عدد‪ ،‬ووقت ًا من وقت»)‪.(2‬‬
‫‪ .2‬روى ابن أيب شيبة عن يعىل بن أمية ‪ I‬قال‪« :‬إين ألمكث يف املسجد الساعة‪،‬‬
‫وما أمكث إال ألعتكف»‪.‬‬
‫احتج به ابن حزم(‪ ،)3‬وذكره احلافظ ابن حجر(‪ ،)4‬وسكت عليه‪ ،‬والساعة‪ :‬هي‬
‫جزء من الزمان‪ ،‬وليست الساعة املصطلح عليها اآلن‪ ،‬والتي هي ستون دقيقة‪.‬‬

‫وذهب بعض العلامء إىل أن أقل مدته يوم‪ ،‬وهو رواية عن أيب حنيفة‪ ،‬وقال به بعض‬
‫املالكية‪.‬‬

‫وقال ابن باز ‪« :V‬االعتكاف‪ :‬هو املكث يف املسجد؛ لطاعة اهلل تعاىل سواء كانت‬
‫املدة كثرية أو قليلة‪ ،‬ألنه مل يرد يف ذلك ‪-‬فيام أعلم‪ -‬ما يدل عىل التحديد ال بيوم وال‬
‫بيومني‪ ،‬وال بام هو أكثر من ذلك‪ ،‬وهو عبادة مرشوعة إال إذا نذره؛ صار واجبا بالنذر‪،‬‬
‫وهو يف املرأة والرجل سواء»)‪ .(5‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫((( املجموع (‪.)415/6‬‬


‫((( املحىل (‪.)179/5‬‬
‫((( املحىل (‪.)179/5‬‬
‫((( فتح الباري (‪.)272/4‬‬
‫((( جمموع الفتاوى (‪.)441/15‬‬
‫اكـتعالا‬

‫*سؤال‪ :‬هل جيوز للمرأة أن تعتكف يف املسجد يف العرش األواخر من رمضان؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫نعم‪ ،‬جيوز للمرأة أن تعتكف يف املسجد يف العرش األواخر من رمضان‪.‬‬


‫‪579‬‬
‫بل االعتكاف سنة للرجال والنساء‪ ،‬وقد كانت أمهات املؤمنني ‪ K‬يعتكفن‬
‫مع النبي ‪ H‬يف حياته‪ ،‬واعتكفن بعد وفاته ‪.H‬‬

‫عن عائشة ‪« :J‬أن النبي ‪ H‬كان يعتكف العرش األواخر من رمضان‬


‫حتى توفاه اهلل‪ ،‬ثم اعتكف أزواجه من بعده»)‪.(1‬‬

‫قال العظيم آبادي ‪« :V‬فيه دليل عىل‪ :‬أن النساء كالرجال يف االعتكاف )‪.(2‬‬

‫قــال ابــن بــاز ‪« :V‬االعتــكاف ســنة للرجــال والنســاء؛ ملــا ثبــت عــن‬
‫النبــي ‪H‬أنــه كان يعتكــف يف رمضــان‪ ،‬وكان يعتكــف بعــض نســائه معــه‪،‬‬
‫ثــم اعتكفــن مــن بعــده ‪.(3)»O‬‬

‫ولكن ينبغي تقييد االعتكاف يف حق النساء‪ ،‬بأن يكون بإذن زوجها إن كانت ذات‬
‫زوج‪ ،‬أو بإذن أهلها‪ ،‬وأن ال يكون يف اعتكافها فتنة‪.‬‬

‫قال ابن عثيمني ‪« :V‬فاملرأة تعتكف ما مل يكن يف اعتكافها فتنة‪ ،‬فإن كان يف‬
‫اعتكافها فتنة‪ ،‬فإهنا ال ُتَكَّن من هذا؛ ألن املستحب إذا ترتب عليه املمنوع؛ وجب أن‬
‫يمنع‪ ،‬كاملباح إذا ترتب عليه املمنوع؛ وجب أن يمنع‪ ،‬فلو فرضنا أهنا إذا اعتكفت يف‬
‫املسجد صار هناك فتنة كام يوجد يف املسجد احلرام‪ ،‬فاملسجد احلرام ليس فيه مكان‬
‫ال وإما هنار ًا‪ ،‬ونومها بني‬
‫خاص للنساء‪ ،‬وإذا اعتكفت املرأة فال بد أن تنام‪ ،‬إما لي ً‬
‫الرجال ذاهبني وراجعني فيه فتنة‪.‬‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)1922‬ومسلم (‪.)1172‬‬


‫((( عون املعبود (‪.)97/7‬‬
‫((( جمموع فتاوى ابن باز (‪.)442/15‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫والدليل عىل مرشوعية االعتكاف للنساء‪ :‬اعتكاف زوجات الرسول ‪ H‬يف‬


‫حياته‪ ،‬وبعد مماته‪ ،‬لكن إن خيف فتنة فإهنا متنع؛ ألن النبي ‪ H‬منع فيام دون‬
‫ذلك‪ ،‬فإنه ملا أراد أن يعتكف ‪ H‬خرج ذات يوم‪ ،‬وإذا خباء لعائشة‪ ،‬وخباء‬
‫ب ُي ِر ْد َن؟! ‪ ،‬ثم أمر بنقضها‪ ،‬ومل يعتكف تلك‬
‫لفالنة‪ ،‬وخباء لفالنة‪ ،‬فقال ‪« :H‬آ ْل ِ َّ‬ ‫‪580‬‬
‫السنة‪ ،‬وقضاه يف شوال(‪ ،)1‬وهذا يدل عىل أن اعتكاف املرأة إذا كان حيصل فيه فتنة؛ فإهنا‬
‫متنع من باب أوىل»)‪ .(2‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬هل للمرأة أن تعتكف يف بيتها؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«اتفق العلامء عىل أن الرجل ال يصح اعتكافه إال يف املسجد؛ لقول اهلل تعاىل‪( :‬ﮆ‬
‫ﮇﮈﮉﮊﮋ)[البقرة‪ ،]187 :‬فخص االعتكاف بأنه يف املساجد»)‪.(3‬‬

‫وأما املرأة‪ :‬فذهب مجهور العلامء إىل أهنا كالرجل‪ ،‬ال يصح اعتكافها إال يف املسجد؛‬
‫لآلية السابقة؛ وألن أزواج النبي ‪ H‬استأذنه يف االعتكاف يف املسجد فأذن هلن‪،‬‬
‫و ُك َّن يعتكفن يف املسجد بعد وفاته ‪ ،H‬ولو كان اعتكاف املرأة يف بيتها جائزا‬
‫ألرشدهن النبي ‪ H‬إليه؛ ألن استتار املرأة يف بيتها أفضل من خروجها إىل املسجد‪.‬‬

‫وذهب بعض العلامء إىل أن املرأة يصح اعتكافها يف مسجد بيتها‪ ،‬وهو املوضع الذي‬
‫جعلته للصالة يف بيتها‪.‬‬

‫ومنع مجهور العلامء ذلك‪ ،‬وقالوا‪ :‬إن مسجد بيتها ال يسمى مسجد ًا إال عىل سبيل‬
‫التجوز‪ ،‬وليس هو مسجد ًا عىل سبيل احلقيقة‪ ،‬فال يأخذ أحكام املسجد؛ ولذلك جيوز‬
‫دخوله للجنب واحلائض(‪.)4‬‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)1928‬ومسلم (‪.)1172‬‬


‫((( الرشح املمتع (‪.)511-510/6‬‬
‫((( املغني (‪.)461/4‬‬
‫((( املغني (‪.)464/4‬‬
‫اكـتعالا‬

‫قال النووي ‪« :V‬ال يصح االعتكاف من الرجل وال من املرأة إال يف املسجد‪،‬‬
‫وال يصح يف مسجد بيت املرأة‪ ،‬وال مسجد بيت الرجل‪ ،‬وهو املعتزل املهيأ للصالة»)‪.(1‬‬

‫وسئل ابن عثيمني ‪ :V‬املرأة إذا أرادت االعتكاف‪ ،‬فأين تعتكف؟‬


‫‪581‬‬
‫فأجاب‪« :‬املرأة إذا أرادت االعتكاف‪ ،‬فإنام تعتكف يف املسجد‪ ،‬إذا مل يكن يف ذلك‬
‫حمذور رشعي‪ ،‬وإن كان يف ذلك حمذور رشعي؛ فال تعتكف»)‪.(2‬‬

‫ويف املوسوعة الفقهية‪« :‬اختلفوا يف مكان اعتكاف املرأة‪ :‬فذهب اجلمهور إىل أهنا‬
‫كالرجل‪ ،‬ال يصح اعتكافها إال يف املسجد‪ ،‬وعىل هذا فال يصح اعتكافها يف مسجد‬
‫ٍ‬
‫امرأة جعلت عليها (أي نذرت) أن‬ ‫بيتها‪ ،‬ملا ورد عن ابن عباس ‪ L‬أنه سئل عن‬
‫تعتكف يف مسجد بيتها‪ ،‬فقال‪ :‬بدعة‪ ،‬وأبغض األعامل إىل اهلل البدع فال اعتكاف إال يف‬
‫مسجد تقام فيه الصالة‪ ،‬وألن مسجد البيت ليس بمسجد حقيقة وال حك ًام‪ ،‬فيجوز‬ ‫ٍ‬

‫تبديله‪ ،‬ونوم اجلنب فيه‪ ،‬وكذلك لو جاز لفعلته أمهات املؤمنني ‪ ،K‬ولو مرة؛ تبيين ًا‬
‫للجواز»(‪ .)3‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬هل من حق زوجها منعها من االعتكاف؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫ال جيوز للمرأة أن تعتكف إال بإذن زوجها؛ ألن اعتكافها يف املسجد يفوت حق‬
‫الزوج‪.‬‬
‫فإن أذن هلا‪ ،‬فله الرجوع يف اإلذن‪ ،‬وإخراجها من االعتكاف‪.‬‬
‫قال ابن قدامة ‪« :V‬وليس للزوجة أن تعتكف إال بإذن زوجها‪ ،‬فإن أذن الزوج‬
‫هلا‪ ،‬ثم أراد إخراجها منه بعد رشوعها فيه؛ فله ذلك يف التطوع‪ ،‬وبه قال الشافعي‪ ،‬فإن‬

‫((( املجموع (‪.)480/6‬‬


‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني(‪.)264/20‬‬
‫((( املوسوعة الفقهية (‪.)212/5‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫كان ما أذن فيه منذور ًا؛ مل يكن له حتليلها منه؛ ألنه يتعني بالرشوع فيه‪ ،‬وجيب إمتامه‪،‬‬
‫فيصري كاحلج إذا أحرمت به»)‪.(1‬‬

‫وقد دلت السنة عىل‪ :‬جواز منع الرجل امرأته من االعتكاف إال بإذنه‪.‬‬
‫‪582‬‬
‫فعن عائشة ‪ ،J‬قالت‪« :‬كان رسول اهلل ‪ H‬إذا أراد أن يعتكف صىل‬
‫الفجر‪ ،‬ثم دخل معتكفه‪ ،‬وإنه أمر بخبائه فرضب‪ ،‬أراد االعتكاف يف العرش األواخر من‬
‫رمضان‪ ،‬فأمرت زينب بخبائها فرضب‪ ،‬وأمر غريها من أزواج النبي ‪ H‬بخبائه‬
‫ب ت ُِر ْد َن ‪ ،‬فأمر‬
‫فرضب‪ ،‬فلام صىل رسول اهلل ‪ H‬الفجر نظر فإذا األخبية؛ فقال «آ ْل ِ َّ‬
‫بخبائه ف ُق ِّوض ‪-‬أي أزيل‪ ،-‬وترك االعتكاف يف شهر رمضان‪ ،‬حتى اعتكف يف العرش‬
‫األول من شوال (‪.)2‬‬

‫ويف رواية للبخاري‪« :‬فاستأذنته عائشة فأذن هلا‪ ،‬وسألت حفصة عائشة أن تستأذن‬
‫هلا ففعلت (‪.)3‬‬

‫قال النووي ‪« :V‬قال القايض‪ :‬فيه أن للرجل منع زوجته من االعتكاف بغري‬
‫إذنه‪ ،‬وبه قال العلامء كافة»)‪.(4‬‬

‫وقال ابن املنذر وغريه ‪« :‬يف احلديث أن املرأة ال تعتكف حتى تستأذن زوجها‪،‬‬
‫وأهنا إذا اعتكفت بغري إذنه كان له أن خيرجها‪ ،‬وإن كان بإذنه فله أن يرجع فيمنعها»)‪.(5‬‬
‫واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬هل االعتكاف يكون يف أي وقت؟ أم أنه ال يكون إال يف رمضان؟‬

‫((( املغني بترصف (‪.)485/4‬‬


‫((( رواه البخاري (‪ ،)1928‬ومسلم (‪.)1172‬‬
‫((( رواه البخاري (‪.)2045‬‬
‫((( رشح النووي عىل مسلم (‪.)70/8‬‬
‫((( فتح الباري (‪.)277/4‬‬
‫اكـتعالا‬

‫*جواب‪:‬‬
‫االعتكاف سنة يف كل وقت‪ ،‬يف رمضان وغريه‪ ،‬لكنه يف رمضان أفضل‪ ،‬وآكده يف‬
‫العرش األخري من رمضان‪.‬‬
‫‪583‬‬ ‫ويدل عىل ذلك عموم أدلة استحباب االعتكاف‪ ،‬فإهنا تشمل رمضان وغريه‪.‬‬
‫قال النووي ‪« :V‬االعتكاف سنة باإلمجاع‪ ،‬وال جيب إال بالنذر باإلمجاع‪ ،‬ويستحب‬
‫اإلكثار منه‪ ،‬ويستحب ويتأكد استحبابه يف العرش األواخر من شهر رمضان»(‪.)1‬‬
‫وقـال أيضـ ًا‪« :‬وأفضلـه مـا كان بصـوم‪ ،‬وأفضلـه شـهر رمضـان‪ ،‬وأفضلـه العرش‬
‫األواخر منـه»)‪.(2‬‬
‫قال األلباين ‪« :V‬االعتكاف سنة يف رمضان وغريه من أيام السنة‪ ،‬واألصل يف‬
‫ذلك قوله تعاىل‪( :‬ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ) [البقرة‪ ،]187 :‬مع توارد‬
‫األحاديث الصحيحة يف اعتكافه ‪ ،H‬وتواتر اآلثار عن السلف بذلك‪.‬‬
‫وقد ثبت أن النبي ‪ H‬اعتكف عرش ًا من شوال»)‪.(3‬‬
‫وقال ابن باز ‪« :V‬ال ريب أن االعتكاف يف املسجد قربة من القرب‪ ،‬ويف رمضان‬
‫أفضل من غريه‪ ،‬وهو مرشوع يف رمضان وغريه»)‪ .(4‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬هل جيوز للشخص االعتكاف عن والديه األموات؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫ذهب بعض العلامء إىل جواز فعل أي عبادة وهبة ثواهبا لألموات‪ ،‬وذهب آخرون‬
‫إىل أنه يقترص عىل ما ورد به النص من العبادات‪.‬‬

‫((( املجموع (‪.)475/6‬‬


‫((( املجموع (‪.)489/6‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)1928‬ومسلم (‪ ،)1172‬وانظر‪ :‬رسالة قيام رمضان (ص‪ )34‬لأللباين‪.‬‬
‫((( جمموع الفتاوى (‪ ،)437/15‬وانظر‪ :‬فقه االعتكاف للدكتور خالد املشيقح (ص‪.)41‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫سئل الشيخ صالح الفوزان حفظه اهلل‪ :‬ما هي األشياء التي َينتفع هبا امليت من ق َبل‬
‫األحياء‏؟‏ وهل هناك فرق بني العبادات البدنية وغري البدنية؟ نرجو أن توضحوا لنا هذه‬
‫املسألة‪ ،‬وتضعوا لنا فيها قاعدة نرجع إليها كلام أشكل علينا مثل هذه املسائل‪ ،‬أفتونا‬
‫بارك اهلل فيكم‪.‬‬
‫‪584‬‬
‫فأجاب‪:‬‏ «ينتفع امليت من احلي بام دل عليه الدليل‪ ،‬من الدعاء له‪ ،‬واالستغفار له‪،‬‬
‫والتصدق عنه‪ ،‬واحلج عنه‪ ،‬والعمرة عنه‪ ،‬وقضاء الديون التي عليه‪ ،‬وتنفيذ وصاياه‬
‫الرشعية‪ ،‬كل ذلك قد دلت األدلة عىل مرشوعيته‏‪.‬‬

‫وقد أحلق هبا بعض العلامء كل قربة فعلها مسلم‪ ،‬وجعل ثواهبا ملسلم حي أو ميت‏‪،‬‬
‫خمصصا لقوله تعاىل‏‪( :‬ﰂ‬
‫ً‬ ‫‏ والصحيح االقتصار عىل ما ورد به الدليل‪ ،‬ويكون ذلك‬
‫ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ) [النجم‪39 :‬‏]‏ )‪.(1‬‬

‫وأما بخصوص الوالدين‪ :‬فإن الرشع جعل الولد من كسب أبيه‪.‬‬

‫الم ْؤ ِم َن ِم ْن‬ ‫ِ‬


‫فعن أيب هريرة ‪ ،I‬قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪« :H‬إِ َّن مَّا َي ْل َح ُق ُ‬
‫عملِ ِه وحسنَاتِ ِه بعدَ موتِ ِه‪ِ :‬ع ْلم ع َّلمه ون ََشه‪ ،‬وو َلدً ا ص ًِ‬
‫الا ت ََر َك ُه‪َ ،‬و ُم ْص َح ًفا َو َّر َث ُه‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ً َ َُ َ َ ُ َ َ‬ ‫َْ َْ‬ ‫َ َ َ َ َ‬
‫يل َبنَا ُه‪َ ،‬أ ْو َنْ ًرا َأ ْج َرا ُه‪َ ،‬أ ْو َصدَ َق ًة َأ ْخ َر َج َها ِم ْن َمالِ ِه ِف‬
‫السبِ ِ‬ ‫جدً ا َبنَا ُه‪َ ،‬أ ْو َب ْيتًا ال ْب ِن َّ‬ ‫َأ ْو َم ْس ِ‬
‫ِص َّحتِ ِه َو َح َياتِ ِه‪َ ،‬ي ْل َح ُق ُه ِم ْن َب ْع ِد َم ْوتِ ِه (‪.)2‬‬

‫قال السندي ‪ V‬يف حاشيته عىل سنن ابن ماجه‪« :‬عَدُّ الولد الصالح من العمل‬
‫والتعليم حس ٌن؛ ألن الوالد هو سبب يف وجوده‪ ،‬وسبب لصالحه بإرشاده إىل اهلدى‪،‬‬
‫كام ُجعل نفس العمل يف قوله تعاىل‪( :‬ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ) [هود‪. ]46 :‬‬

‫وقال األلباين ‪« :V‬ما يفعله الولد الصالح من األعامل الصاحلة فإن لوالديه مثل‬
‫أجره‪ ،‬دون أن ينقص من أجره يش ٌء؛ ألن الولد من سعيهام وكسبهام‪ ،‬واهلل ‪ D‬يقول‪:‬‬

‫((( املنتقى من فتاوى الفوزان(‪.)161/2‬‬


‫وحسنه املنذري‪ ،‬واأللباين كام يف صحيح‬
‫َّ‬ ‫((( رواه ابن ماجة (‪ ،)242‬وصححه ابن خزيمة (‪،)121/4‬‬
‫الرتغيب (‪.)18/1‬‬
‫اكـتعالا‬

‫(ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ) [النجم‪ ،]39 :‬وقال رسول اهلل ‪« :H‬إِ َّن َأ ْط َي َ‬


‫ب َما‬
‫الر ُج ُل ِم ْن ك َْسبِ ِه‪َ ،‬وإِ َّن َو َلدَ ُه ِم ْن ك َْسبِ ِه (‪.)1‬‬
‫َأك ََل َّ‬

‫واخلالصة‪ :‬أنه ينبغي لإلنسان أن يكثر من األعامل الصاحلة عن نفسه‪ ،‬قبل انقضاء‬
‫‪585‬‬ ‫أجله‪ ،‬وانقطاع عمله‪ ،‬وسيكون لوالديه نصيب من أجور هذه األعامل‪ ،‬من غري أن‬
‫تنقص أجور أوالدهم‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬ما حكم من مل يسمح له والده باالعتكاف ألسباب غري مقنعة؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«االعتكاف سنة‪ ،‬وبر الوالدين واجب‪ ،‬والسنة ال يسقط هبا الواجب‪ ،‬وال تعارض‬
‫الواجب أصالً‪ ،‬ألن الواجب مقدم عليها‪ ،‬وقد قال اهلل تعاىل يف احلديث القديس‪« :‬ما‬
‫تقرب إيل عبدي بيشء أحب إيل مما افرتضته عليه (‪.)2‬‬

‫فإذا كان أبوك يأمرك برتك االعتكاف‪ ،‬ويذكر أشياء تقتيض أال تعتكف؛ ألنه حمتاج‬
‫إليك فيها‪ ،‬فإن ميزان ذلك عنده‪ ،‬وليس عندك‪ ،‬ألنه قد يكون امليزان عندك غري مستقيم‪،‬‬
‫وغري عدل‪ ،‬ألنك هتوى االعتكاف‪ ،‬فتظن أن هذه املربرات ليست مربر ًا‪ ،‬وأبوك يرى‬
‫أهنا مربر‪.‬‬

‫والذي أنصحك به‪ :‬أال تعتكف‪ ،‬نعم‪ ،‬لو قال لك أبوك‪ :‬ال تعتكف ومل يذكر‬
‫مربرات لذلك‪ ،‬فإنه ال يلزمك طاعته يف هذه احلال‪ ،‬ألنه ال يلزمك أن تطيعه يف أمر‬
‫ليس فيه رضر عليه يف خمالفتك إياه‪ ،‬وفيه تفويت منفعة لك»)‪ .(3‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫((( رواه أبو داود (‪ ،)3528‬والنسائي (‪ ،)4464‬وابن ماجة (‪ ،)2137‬وصححه األلباين يف إرواء‬
‫الغليل(‪ ،)230/7‬أحكام اجلنائز (ص‪.)126‬‬
‫((( رواه البخاري(‪.)6137‬‬
‫((( أحكام الصيام وفتاوى االعتكاف البن عثيمني (ص‪.)31‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*سؤال‪ :‬هل يصح للمعتكف أن يقوم بتعليم أحد‪ ،‬أو إلقاء درس؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«األفضل للمعتكف أن يشتغل بالعبادات اخلاصة‪ ،‬كالذكر والصالة وقراءة القرآن‬


‫‪586‬‬
‫وما أشبه ذلك‪ ،‬لكن إذا دعت احلاجة إىل تعليم أحد أو التعلم‪ :‬فال بأس؛ ألن هذا من‬
‫ذكر اهلل ‪ .(1)»D‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫((( أحكام الصيام وفتاوى االعتكاف البن عثيمني (‪.)43‬‬


‫ضمر يف ةأرملا‬

‫‪587‬‬ ‫المرأة في رمضان‬

‫*سؤال‪ :‬هل التربج مبطل للصوم؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬رشع اهلل تعاىل الصيام حلكم عظيمة‪ ،‬ومن أهم هذه احلكم واملصالح املرتتبة‬
‫عىل الصيام حتقيق تقوى اهلل تعاىل‪ ،‬قال اهلل تعاىل‪( :‬ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ‬
‫ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ) [البقرة‪ .]183 :‬والتقوى هي‬
‫امتثال ما أمر اهلل به‪ ،‬واجتناب ما هنى عنه‪.‬‬

‫والصائم مأمور بفعل الطاعات‪ ،‬منهي عن فعل املحرمات هني ًا مؤكد ًا‪ ،‬فإن املعايص‬
‫«م ْن َل ْ َيدَ ْع‬
‫قبيحة من كل أحد‪ ،‬وهي من الصائم أشد قبح ًا‪ ،‬وهلذا قال النبي ‪َ :H‬‬
‫الج ْه َل؛ َف َل ْي َس لَِّ َح َ َ‬ ‫ِ‬ ‫َق ْو َل الز ِ‬
‫شا َب ُه (‪ ،)1‬وعن أيب‬ ‫اج ٌة أ ْن َيدَ َع َط َع َام ُه َو َ َ‬ ‫ُّور‪َ ،‬وال َع َم َل بِه‪َ ،‬و َ‬
‫ب‪ ،‬إِن ََّم‬ ‫الش ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫الص َيا ُم م َن األك ِْل َو ُّ ْ‬ ‫هريرة ‪ ،I‬قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪َ « :H‬ل ْي َس ِّ‬
‫الصيام ِمن ال َّلغ ِْو والر َف ِ‬
‫ث (‪.)2‬‬ ‫َ َّ‬ ‫ِّ َ ُ َ‬

‫قال عمر بن اخلطاب‪ ،‬وعيل بن أيب طالب ‪« :L‬ليس الصيام من الرشاب‬


‫والطعام وحده؛ ولكنه من الكذب والباطل واللغو (‪.)3‬‬

‫((( رواه البخاري (‪.)5710‬‬


‫((( رواه ابن خزيمة (‪ ،)242/3‬واحلاكم (‪ ،)595/1‬وصححه األلباين يف صحيح الرتغيب والرتهيب (‪.)261/1‬‬
‫((( مصنف ابن أيب شيبة (‪.)422/2‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫وقال جابر بن عبد اهلل ‪« :I‬إذا صمت فليصم سمعك‪ ،‬وبرصك‪ ،‬ولسانك عن‬
‫الكذب واملأثم‪ ،‬ودع أذى اخلادم‪ ،‬وليكن عليك وقار وسكينة يوم صيامك‪ ،‬وال جتعل‬
‫يوم فطرك‪ ،‬ويوم صومك سواء (‪.)1‬‬

‫وعن طليق بن قيس قال‪ :‬قال أبو ذر ‪« :I‬إذا صمت فتحفظ ما استطعت «فكان‬ ‫‪588‬‬

‫طليق إذا كان يوم صيامه دخل بيته فلم خيرج إال إىل صالة‪.‬‬

‫وكان أبو هريرة وأصحابه ‪ ،H‬إذا صاموا جلسوا يف املسجد‪ ،‬وقالوا‪« :‬نطهر‬
‫صيامنا (‪.)2‬‬

‫وقال بعض العلامء‪« :‬جيب عىل الصائم أن يصوم بعينيه‪ ،‬فال ينظر إىل ما ال حيل‪،‬‬
‫وبسمعه‪ ،‬فال يسمع ما ال حيل‪ ،‬وبلسانه‪ ،‬فال ينطق بفحش‪ ،‬وال يشتم‪ ،‬وال يكذب‪ ،‬وال‬
‫يغتب )‪.(3‬‬

‫فينبغي للمؤمن أن ينتهز هذا الشهر الكريم الذي تسلسل فيه الشياطني‪ ،‬وتفتح فيه‬
‫أبواب اجلنة‪ ،‬وتغلق فيه أبواب النار‪ ،‬وينادي ٍ‬
‫مناد‪ :‬يا باغي اخلري أقبل‪ ،‬ويا باغي الرش‬
‫أقرص‪ ،‬فينتهز املؤمن هذا الشهر ليكون أقرب إىل اهلل‪ ،‬فيتوب توبة نصوح ًا من كل ذنوبه‬
‫ومعاصيه‪ ،‬ويعاهد اهلل تعاىل عىل االستقامة عىل دينه ورشعه‪.‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬واملعايص ‪-‬ومنها تربج املرأة‪ ،‬وإظهارها زينتها‪ ،‬ومفاتنها للرجال األجانب‬
‫عنها‪ -‬تنقص ثواب الصيام‪ ،‬فكلام كثرت معاصيه وعظمت؛ نقص ثواب صيامه‪ ،‬وقد‬
‫يزول ثوابه بالكلية‪ ،‬فيكون قد منع نفسه من الطعام والرشاب‪ ،‬وسائر املفطرات‪ ،‬وقد‬
‫«ر َّب َصائِ ٍم َل ْي َس َل ُه ِم ْن‬
‫أضاع ثواب ذلك بمعصيته هلل‪ ،‬وهلذا قال النبي ‪ُ :H‬‬
‫ِ ِ ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫وع‪َ ،‬و ُر َّب َقائ ٍم َل ْي َس َل ُه م ْن ق َيامه إِال َّ‬
‫الس َه ُر (‪.)4‬‬ ‫ص َيامه إِال ُ‬
‫الج ُ‬

‫((( مصنف ابن أيب شيبة (‪.)422/2‬‬


‫((( انظر‪ :‬املحىل (‪ ،)178/6‬ومصنف ابن أيب شيبة (‪.)422/2‬‬
‫((( مصنف ابن أيب شيبة (‪.)422/2‬‬
‫((( رواه ابن ماجة (‪ ،)1690‬وصححه األلباين يف صحيح الرتغيب والرتهيب (‪.)262/1‬‬
‫ضمر يف ةأرملا‬

‫قال السبكي ‪« :V‬هل ينقص الصوم بام قد حيصل فيه من املعايص أو ال؟‪ ،‬والذي‬
‫نختاره يف ذلك‪ :‬أنه ينقص وما أظن يف ذلك خالف ًا‪ ،‬واعلم أن رتبة الكامل يف الصوم‪ ،‬قد‬
‫تكون باقرتان طاعات به‪ ،‬من قراءة قرآن‪ ،‬واعتكاف‪ ،‬وصالة‪ ،‬وصدقة‪ ،‬وغريها‪ ،‬وقد‬
‫‪589‬‬ ‫تكون باجتناب منهيات‪ ،‬فكل ذلك يزيده كامالً‪ ،‬ومطلوب فيه )‪.(1‬‬

‫ثالث ًا‪ :‬وأما إفساد الصيام باملعايص ‪-‬ومنها تربج املرأة‪ ،-‬فإن الصيام ال يفسد بذلك‪،‬‬
‫بل يكون صحيح ًا مسقط ًا للفرض عن الصائم‪ ،‬وال يؤمر بقضائه‪ ،‬ولكن ينقص ثواب‬
‫الصيام بفعل املعصية‪ ،‬وقد يذهب ثوابه بالكلية كام سبق‪.‬‬

‫قال النووي ‪« :V‬ينبغي للصائم أن ين َِّزه صو َمه عن الغيبة والشتم‪ ،‬ومعناه‪ :‬يتأكد‬
‫التنَزه عن ذلك يف حق الصائم أكثر من غريه‪ ،‬وإال‪ ،‬فغري الصائم ينبغي له ذلك أيض ًا‪،‬‬
‫ويؤمر به يف كل حال‪َ ،‬وال َّتن َُّزه‪ :‬ال َّت َباعُدُ ‪ ،‬فلو اغتاب يف صومه عىص ومل يبطل صومه‪ ،‬وبه‬
‫األوزاعي‪ ،‬فقال‪ :‬يبطل الصوم بالغيبة وجيب قضاؤه )‪.(2‬‬
‫َّ‬ ‫قال العلامء كافة إال‬

‫وسئل ابن عثيمني ‪ :V‬هل حتدّ ث املرء بكالم حمرم يف هنار رمضان يفسد صومه؟‬

‫فأجاب‪« :‬احلكمة من إجياب الصوم هي التقوى‪ ،‬والتقوى هي ترك املحرمات‪،‬‬


‫وهي عند اإلطالق تشمل فعل املأمور به‪ ،‬وترك املحظور‪ ،‬وقد قال النبي ‪:H‬‬
‫الج ْه َل‪َ ،‬ف َل ْي َس لَِّ َح َ َ‬ ‫ِ‬ ‫«م ْن َل َيدَ ْع َق ْو َل الز ِ‬
‫اج ٌة أ ْن َيدَ َع َط َع َام ُه َو َ َ‬
‫شا َبه (‪،)3‬‬ ‫ُّور‪َ ،‬وال َع َم َل بِه‪َ ،‬و َ‬ ‫َ ْ‬
‫وعىل هذا يتأكد عىل الصائم اجتناب املحرمات من األقوال واألفعال‪ ،‬فال يغتاب‬
‫الناس‪ ،‬وال يكذب‪ ،‬وال ينم بينهم‪ ،‬وال يبيع بيع ًا حمرم ًا‪ ،‬وجيتنب مجيع املحرمات‪ ،‬وإذا‬
‫اجتنب اإلنسان ذلك يف شهر كامل؛ فإن نفسه سوف تستقيم بقية العام‪ ،‬ولكن املؤسف‬
‫أن كثري ًا من الصائمني ال يفرقون بني يوم صومهم وفطرهم‪ ،‬فهم عىل العادة التي هم‬

‫((( فتاوى السبكي (‪.)226-221/1‬‬


‫((( املجموع (‪.)356/6‬‬
‫((( رواه البخاري (‪.)6057‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫عليها من األقوال املحرمة من كذب‪ ،‬وغش‪ ،‬وغريه‪ ،‬وال تشعر أن عليه وقار الصوم‪،‬‬
‫وهذه األفعال ال تبطل الصيام‪ ،‬ولكن تنقص من أجره‪ ،‬وربام عند املعادلة يضيع أجر‬
‫الصوم»)‪ .(1‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬ ‫‪590‬‬

‫*سؤال‪ :‬املرأة التي عندها الدورة الشهرية‪ ،‬من املعلوم أهنا ال تصوم‪ ،‬فهل جيوز هلا أن‬
‫تأكل يف هنار رمضان؟ وهل هناك ضوابط؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫نعم‪ ،‬جيوز هلا أن تأكل يف هنار رمضان؛ ألنه ال ينفعها إمساكها عن الطعام شيئا‪ ،‬وأما‬
‫جهرها بالفطر‪ :‬فإن بعض العلامء منع َم ْن جاز له الفطر من إظهار الفطر يف رمضان‪،‬‬
‫كاملريض‪ ،‬واملسافر‪ ،‬واحلائض‪ ،‬حتى ال ُيت ََّهم بالتهاون يف دينه ممن ال يعلم أنه معذور‪.‬‬

‫وذهب آخرون إىل أنه إذا كان عذره ظاهر ًا؛ فال بأس أن يفطر جهر ًا‪ ،‬وإن كان عذره‬
‫خفي ًا؛ فإنه يفطر رس ًا‪ ،‬وهذا القول الثاين هو األصح‪.‬‬

‫قال املرداوي ‪« :V‬قال القايض‪ُ :‬ينْكَر عىل من أكل يف رمضان ظاهر ًا‪ ،‬وإن كان‬
‫هناك عذر‪ ،‬قال يف الفروع‪ :‬فظاهره املنع مطلق ًا‪ ،‬وقيل البن عقيل‪ :‬جيب منع مسافر‬
‫أعذار خفية يمنع من‬
‫ٌ‬ ‫ومريض وحائض من الفطر ظاهر ًا لئال ُيت ََّهم؟ فقال‪ :‬إن كانت‬
‫إظهاره‪ ،‬كمريض ال أمارة له‪ ،‬ومسافر ال عالمة عليه»)‪ .(2‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪:‬‬

‫يف أيام رمضان بعد الفطور بقليل رأيت دم احليض‪ ،‬ولكني ال أعلم‪ :‬هل احليض‬
‫أتاين قبل اإلفطار أم بعده؟ فهل عيل صيام ذك اليوم أم ماذا؟‬

‫((( فتاوى الصيام (ص‪.)358‬‬


‫((( اإلنصاف (‪.)278/3‬‬
‫ضمر يف ةأرملا‬

‫*جواب‪:‬‬

‫من القواعد الفقهية التي ذكرها أهل العلم ‪« :‬األصل يف كل حادث‪ :‬تقديره‬
‫بأقرب زمن»‪.‬‬
‫‪591‬‬
‫ومعنى القاعدة‪ :‬أنه إذا حدث أمر ما‪ ،‬وأمكن أن يكون وقته قريب ًا أو بعيد ًا‪ ،‬وليس‬
‫هناك ما يرجح أيا من االحتاملني؛ فوقته املعترب هو أقرب الوقتني حلدوثه؛ ألن هذا‬
‫الوقت هو الذي تيقنا أنه حدث فيه‪ ،‬واآلخر مشكوك فيه‪.‬‬

‫ومن فروع هذه القاعدة‪ :‬لو رأى يف ثوبه مني ًا‪ ،‬يعلم أنه من أثر احتالم‪ ،‬ومل يذكر‬
‫احتالم ًا‪ ،‬فإنه يرجعه إىل آخر نومة نامها‪ ،‬ويعيد الصلوات التي صالها بعد تلك النومة‪.‬‬

‫وقــد نص عــى هذه القاعــدة‪ :‬الزركــي يف كتابه‪« :‬املنثــور يف القواعد»‪ ،‬والســيوطي‬


‫يف كتابــه‪« :‬األشــباه والنظائــر»‪ ،‬وذكــرا فروعــ ًا هلــا‪ ،‬يمكــن مراجعتهــا يف أي مــن‬
‫املصدرين‪ ،‬للفائدة‪.‬‬

‫فعىل هذا‪ :‬لو رأت املرأة احليض‪ ،‬ومل تعلم زمن نزوله‪ ،‬هل كان قبل الغروب أو كان‬
‫بعده؟ ففي هذه احلال حيمل وقت نزول الدم عىل أقرب الوقتني‪ ،‬وأقرب الوقتني يف‬
‫مسألتك‪ :‬أن الدم نزل بعد الغروب‪.‬‬

‫جاء يف «املوسوعة الفقهية»‪« :‬ومن هذا القبيل ما جاء عن الفقهاء من أن املرأة إذا‬
‫رأت دم احليض ومل تدر وقت حصوله‪ ،‬فإن حكمها حكم من رأى منيا يف ثوبه‪ ،‬ومل يعلم‬
‫وقت حصوله‪ ،‬أي‪ :‬عليها أن تغتسل وتعيد الصالة من آخر نومة‪ ،‬وهذا أقل األقوال‬
‫تعقيدا وأكثرها وضوحا»(‪.)1‬‬

‫وقد سئل الشيخ حممد بن حممد املختار الشنقيطي حفظه اهلل عن‪ :‬امرأة رأت شيئ ًا من‬
‫دم احليض بعد صالة املغرب‪ ،‬ومل تعلم هل كان ذلك قبل الغروب أم بعده؟‪ ،‬فام احلكم‬
‫بالنسبة لصالهتا وصيامها؟‬

‫((( املوسوعة الفقهية (‪.)194/26‬‬


‫الصيام سؤال وجواب‬

‫فأجاب‪« :‬إذا رأت الدم وغلب عىل ظنها أنه سابق للغروب‪ ،‬فال إشكال أن صوم‬
‫ذلك اليوم ال ٍغ ويلزمها قضاؤه‪.‬‬

‫وأما إذا كانت قد غلب عىل ظنها أن الدم طري‪ ،‬وأنه حادث بعد املغرب‪ :‬فال إشكال‬
‫يف صحة صومها‪ ،‬ولزوم صالة املغرب إذا طهرت؛ فإهنا تقضيها وتصليها‪.‬‬ ‫‪592‬‬

‫تقول‪( :‬ينسب ألقرب‬ ‫‪‬‬ ‫وأما إذا ترددت وشكت‪ ،‬فالقاعدة عند العلامء‬
‫حادث)‪ ،‬فاألصل صحة الصوم حتى يدل الدليل عىل عدم صحته‪ ،‬واألصل أهنا‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ حيكم‬ ‫صامت يوم ًا كامالً‪ ،‬وذمتها بريئة حتى نتحقق من وجود هذا املؤثر‪،‬‬
‫بصحة صومها‪ ،‬وأما الدم فال يؤثر يف ذلك اليوم‪ ،‬وتبقى املسألة عكسية‪ ،‬ألنك إذا‬
‫قلت‪ :‬يصح صومها لزمها قضاء املغرب‪ ،‬وإن قلت‪ :‬ال يصح صومها مل يكن هناك‬
‫قضاء املغرب‪ ،‬فإن سلمت من الصوم لزمها قضاء املغرب؛ ألن دخول الوقت موجب‬
‫لشغل الذمة بالنسبة للحائض‪ ،‬وال يكون معتد ًا بآخر الوقت كام يقوله فقهاء احلنفية‬
‫وبعض أصحاب اإلمام أمحد»(‪.)1‬‬

‫فاحلاصل‪ :‬أن صومك صحيح ما دام أنك مل تتيقني من نزول الدم قبل الغروب‪.‬‬
‫واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬مل أكن أعلم أنه جيب عىل من حاضت يف رمضان أن تسارع بالقضاء قبل أن‬
‫تتنفل بالصيام‪ ،‬لذا فقد بارشت صيام بعض النوافل بعد رمضان‪ .‬فهل جيوز يل تغيري‬
‫قضاء؟ وهل جيوز تغيري النية خالل اليوم؟ أي إذا‬
‫ً‬ ‫النية اآلن واعتبار ما تم صيامه‬
‫بدأت صوم النافلة فهل جيوز يل أن أغري النية إىل نية القضاء خالل اليوم؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬ال يصح تغيري نية صيام التطوع الذي ُفرغ منه ليصبح قضاء عن أيام رمضان‬
‫التي أفطرتيها؛ ألن صيام القضاء ال بد فيه من تبييت النية من الليل؛ ألن القضاء له حكم‬

‫((( رشح زاد املستقنع‪ -‬للشيخ الشنقيطي (‪ )17/215‬برتقيم الشاملة‪.‬‬


‫ضمر يف ةأرملا‬

‫األداء‪ ،‬وقد قال النبي ‪« :H‬من مل جيمع الصيام قبل الفجر فال صيام له رواه‬
‫الرتمذي (‪ )730‬وصححه األلباين يف «صحيح الرتمذي» وقال الرتمذي عقبه‪« :‬وإنام‬
‫معنى هذا عند أهل العلم ال صيام ملن مل جيمع الصيام قبل طلوع الفجر يف رمضان‪،‬‬
‫‪593‬‬ ‫أو يف قضاء رمضان‪ ،‬أو يف صيام نذر؛ إذا مل ينوه من الليل مل جيزه‪ ،‬وأما صيام التطوع‬
‫فمباح له أن ينويه بعد ما أصبح‪ ،‬وهو قول الشافعي وأمحد وإسحق»‪.‬‬

‫وقال النووي ‪« :V‬ال يصح صوم رمضان وال القضاء وال الكفارة وال صوم فدية‬
‫احلج وغريها من الصوم الواجب بنية من النهار‪ ،‬بال خالف»(‪ )1‬وألن تغيري النية بعد‬
‫الفراغ من العبادة ال يؤثر فيها‪.‬‬

‫قال السيوطي ‪ V‬يف «األشباه والنظائر»‪« :‬لو نوى قطع الصالة بعد الفراغ منها مل‬
‫تبطل باإلمجاع‪ ،‬وكذا سائر العبادات»(‪.)2‬‬

‫فام وقع صيامه بنية التطوع ال جيزيء عن صوم القضاء‪.‬‬

‫وألنه إذا كان ابتدأ الصيام تطوعا ثم بدا له أن يقلبه أثناء النهار إىل القضاء كان‬
‫بذلك قد صام بعض اليوم الواجب تطوعا؛ فال جيزئه عن صوم الفرض؛ ألن األعامل‬
‫بالنيات‪ ،‬وقد صام بعض اليوم بنية التطوع‪.‬‬

‫وألنه تغيري للنية من صيام مطلق إىل صيام معني‪ ،‬وال يصح‪ .‬واهلل تعاىل أعلم‪.‬‬

‫راجعي لالستزادة جواب السؤال رقم‪.)39689( :‬‬

‫عىل أننا نبهك إىل أن صيام النفل ليس ممنوعا‪ ،‬ملن عليها قضاء من رمضان‪ ،‬كام‬
‫ورد يف السؤال؛ بل القول الراجح‪ :‬أن من شاء أن يتطوع‪ ،‬وعليه صوم واجب‪ :‬قضاء‬
‫رمضان‪ ،‬أو نحوه‪ :‬صح صومه‪ ،‬ما دام قد بقي أمامه من الوقت ما يسع قضاء ما عليه‪،‬‬

‫((( املجموع (‪ ،)289 /6‬وينظر‪ :‬املغني البن قدامة (‪.)26 /3‬‬


‫((( األشباه والنظائر (ص‪.)37‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫قبل دخول رمضان الثاين‪ ،‬لكن صيام الستة األيام من شوال‪ ،‬هي التي يمنع منها‪ ،‬قبل‬
‫قضاء ما تبقى من رمضان‪ ،‬عىل خالف يف ذلك ‪-‬أيضا‪ -‬ألهل العلم‪.‬‬

‫وينظر جواب السؤال رقم (‪ ،)41901‬ورقم (‪ .)39328‬واهلل أعلم‪.‬‬


‫***‬ ‫‪594‬‬

‫*سؤال‪ :‬أنا عمري ‪ 24‬سنة‪ ،‬عيل أيام كثرية كنت أفطرها يف رمضان‪ ،‬ومل أكن أصومها‪،‬‬
‫يعني‪ :‬كنت أفطر لظروف ‪ 8‬أيام من سن ‪ 12‬لغاية ‪ 24‬سنه‪ .‬وحلفت بالقسم باهلل‬
‫كثريا لن أعمل كذا ثاين‪ ،‬ولكن مل أصم‪ .‬وأنا ضعيفة صحيا الصوم يتعبني‪ ،‬ورمضان‬
‫بصومه بالعافية‪ ،‬ومش عارفه أعمل أيه يف األيام اليل عيل‪ .‬وأنا ال أعمل‪ ،‬وليس‬
‫يف يدي أي دخل مادي أطعم به املساكني‪ ،‬وأهيل هم الذين ينفقون عيل‪ .‬ياريت‬
‫تساعدوين‪ ،‬أنا حسبتها وجدتني هصوم أكرت من ‪ 100‬يوم غري رمضان‪ ،‬وده صعب‬
‫عيل صحتي جدا‪.‬‬

‫*جواب‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬اعلمي أيتها األخت الكريمة أن اهلل ‪ D‬فرض صيام رمضان عىل عباده‬
‫فقال سبحانه‪( :‬ﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮ‬
‫ﭯ ﭰ) [البقرة‪ ،]183 :‬وحرم فطره إال من عذر رشعي كاملرض والسفر واحليض‪،‬‬
‫قال تعاىل‪( :‬ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ) [البقرة‪.]185 :‬‬

‫ثانياً‪ :‬مل يتبني لنا من سؤالك ما هو العذر الذي ألجلته تركت الصيام يف رمضان‪،‬‬
‫واألمر ال خيلو من حالني‪:‬‬
‫األوىل‪ :‬أن يكون ذلك بسبب عذر رشعي من حيض أو مرض أو سفر ونحوه من‬
‫األعذار الرشعية التي أباح اهلل ألجلها الفطر‪ ،‬فال إثم عليك حينئذ لفطرك‪ ،‬ألنه فطر‬
‫لعذر رشعي‪ ،‬ولكن كان الواجب عليك قضاء تلك األيام‪ ،‬وعدم تأخريها بحيث‬
‫يدخل رمضان آخر قبل أن تقيض ما عليك من رمضان السابق‪.‬‬
‫وعليه‪ :‬فالواجب عليك التوبة مما صنعت‪ ،‬وقضاء تلك األيام الواجبة عليك‪ ،‬وال‬
‫يلزم فيها التتابع‪ ،‬فيمكن أن تقسمي صيامها وتفرقي بينها بحيث ال يشق عليك مثل‬
‫ضمر يف ةأرملا‬

‫ذلك‪ ،‬كام يلزمك إطعام مسكني عن كل يوم وذلك لتأخريك قضاء األيام التي عليك‬
‫حتى دخل رمضان آخر‪.‬‬
‫فإن مل يكن عندك من املال ما تطعمني به‪ ،‬أو خترجينه يف الكفارة‪ :‬فال يشء عليك‪.‬‬
‫‪595‬‬ ‫الثانية‪ :‬أن يكون ذلك من غري عذر رشعي‪ ،‬تفريطا منك وإمهاال‪ ،‬فمن أفطر يف هنار‬
‫رمضان متعمد ًا لغري عذر فال خيلو من حالني‪:‬‬
‫األول‪ :‬أن يرتك صوم يوم من رمضان فأكثر من أصله‪ ،‬فال يرشع يف صيامه ابتداء‪ ،‬فهذا‬
‫يأثم بفطره وتلزمه التوبة وال يلزمه القضاء عند بعض أهل العلم‪ ،‬ألن العبادات املؤقتة‬
‫بوقت معني متى ما تعمد اإلنسان تأخريها عن وقتها بغري عذر‪ ،‬فإن اهلل ‪ D‬ال يقبلها‬
‫وال فائدة من قضائها‪ ،‬والواجب عليه التوبة مما اقرتف من تعدي حدود اهلل ‪E‬؛‬
‫وإنام الواجب عليه التوبة النصوح‪ ،‬واإلكثار من اخلريات واألعامل الصاحلات‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬أن يرشع يف صوم يوم من رمضان ثم يفطر يف أثنائه متعمد ًا بغري عذر‪ ،‬فهذا‬
‫الواجب يف حقه التوبة إىل اهلل وقضاء ذلك اليوم‪.‬‬

‫سئل الشيخ ابن عثيمني ‪ :V‬عن حكم الفطر يف هنار رمضان بدون عذر؟‬

‫فأجاب بقوله‪« :‬الفطر يف هنار رمضان بدون عذر من أكرب الكبائر‪ ،‬ويكون به‬
‫اإلنسان فاسق ًا‪ ،‬وجيب عليه أن يتوب إىل اهلل‪ ،‬وأن يقيض ذلك اليوم الذي أفطره‪ ،‬يعني‬
‫لو أنه صام ويف أثناء اليوم أفطر بدون عذر فعليه اإلثم‪ ،‬وأن يقيض ذلك اليوم الذي‬
‫أفطره؛ ألنه ملا رشع فيه التزم به ودخل فيه عىل أنه فرض‪ ،‬فيلزمه قضاؤه كالنذر‪.‬‬

‫أما لو ترك الصوم من األصل متعمد ًا بال عذر‪ :‬فالراجح‪ :‬أنه ال يلزمه القضاء؛‬
‫ألنه ال يستفيد به شيئ ًا‪ ،‬إذ إنه لن يقبل منه‪ ،‬فإن القاعدة أن كل عبادة مؤقتة‬
‫بوقت معني فإهنا إذا أخرت عن ذلك الوقت املعني بال عذر مل تقبل من صاحبها؛‬
‫ال ليس عليه أمرنا فهو رد«؛ وألنه ِمن تعدي‬
‫لقول النبي ‪« :H‬من عمل عم ً‬
‫حدود اهلل ‪ ،D‬وتعدي حدود اهلل تعاىل ظلم‪ ،‬والظامل ال يقبل منه‪ ،‬قال اهلل تعاىل‪( :‬ﯳ‬
‫ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ) [البقرة‪]229 :‬؛ وألنه لو قدم هذه العبادة عىل وقتها‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫‪-‬أي‪ :‬فعلها قبل دخول الوقت‪ -‬مل تقبل منه‪ ،‬فكذلك إذا فعلها بعده مل تقبل منه إال أن‬
‫يكون معذور ًا»(‪.)1‬‬

‫ثالث ًا‪ :‬متى ما عجز الشخص قضاء ما عليه من رمضان‪ ،‬لكون عذره مستمرا كاملرض‬
‫الذي ال يرجى برؤه لزمه أن يطعم عن كل يوم مسكينا‪.‬‬ ‫‪596‬‬

‫سئل الشيخ حممد بن صالح العثيمني ‪ :V‬امرأة أفطرت شهر رمضان بسبب‬
‫ومر عىل ذلك زمن طويل‪ ،‬وهي ال تستطيع الصوم‪،‬‬
‫الوالدة‪ ،‬ومل تقض ذلك الشهر‪َّ ،‬‬
‫فام احلكم؟‬

‫فأجاب‪« :‬الواجب عىل هذه املرأة أن تتوب إىل اهلل مما صنعت؛ ألنه ال حيل لإلنسان‬
‫لعذر رشعي‪ ،‬فعليها أن تتوب‪ ،‬ثم إن كانت‬‫أن يؤخر قضاء رمضان إىل رمضان آخر إال ٍ‬
‫تستطيع الصوم ولو يوم ًا بعد يوم‪ :‬فلتصم‪ ،‬وإن كانت ال تستطيع‪ :‬ف ُينظر‪ ،‬إن كان لعذر‬
‫مستمر‪ :‬أطعمت عىل كل يو ٍم مسكين ًا‪ ،‬وإن كان لعذر طارئ يرجى زواله‪ :‬انتظرت‬
‫حتى يزول ذلك العذر‪ ،‬ثم قضت ما عليها»)‪.(2‬‬

‫رابع ًا‪ :‬الواجب عىل املسلم حفظ أيامنه وعدم اإلكثار من اليمني قال تعاىل‪:‬‬
‫(ﯻ ﯼ) [املائدة‪ ،]89 :‬ومتى ما حنث يف يمينه لزمته الكفارة قال تعاىل‪:‬‬
‫(ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ‬
‫ﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱ‬
‫ﯲ ﯳ ) [املائدة‪ ،]89 :‬فال يصح التكفري بالصوم‪ ،‬إال ملن مل جيد ما يطعم به عرشة‬
‫مساكني‪ ،‬أو يكسوهم به‪ ،‬أويعتق رقبة‪.‬‬

‫وينظر جواب السؤال رقم (‪ )45676‬ملعرفة كفارة اليمني عىل التفصيل‪.‬‬

‫خامس ًا‪ :‬متى ما عجر اإلنسان عن الكفارة‪ ،‬بحيث مل يستطع قضاء ما عليه من األيام‬
‫التي أفطرها يف رمضان‪ ،‬وال اإلطعام عنها‪ ،‬أو عجز عن كفارة اليمني بالكلية‪ :‬سقط عنه‬
‫اإلطعام والكفارة؛ ملا تقرر من القاعدة الرشعية أن الوجبات تسقط بالعجز‪.‬‬

‫((( جمموع فتاوى الشيخ ابن عثيمني (‪ /19‬السؤال رقم ‪.)45‬‬


‫((( (‪ /19‬جواب السؤال رقم ‪.)361‬‬
‫ضمر يف ةأرملا‬

‫قال الشيخ ابن عثيمني ‪« :V‬إذا لزم اإلنسان كفارة يمني ومل جيد ما يطعم‪ ،‬ومل‬
‫يستطع الصوم‪ ،‬فإهنا تسقط عنه؛ لقوله تعاىل‪( :‬ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ) [التغابن‪،]16 :‬‬
‫‪ ،]286‬وقول النبي ‪:H‬‬ ‫(ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ) [البقرة‪:‬‬ ‫وقوله‪:‬‬
‫«إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ‪ ،‬وال يلزمه يشء؛ ألن من القواعد املقررة أن‬
‫‪597‬‬
‫الواجبات تسقط بالعجز عنها إىل بدهلا‪ ،‬إن كان هلا بدل‪ ،‬أو إىل غري يشء إذا مل يكن هلا‬
‫بدل‪ ،‬وإذا تعذر البدل سقطت عنه هنائي ًا»(‪.)1‬‬

‫ومما ينبه عليه هنا‪ :‬أن هناك فرقا بني العجز احلقيقي عن الصوم وجمرد خوف املشقة‪،‬‬
‫واإلنسان مؤمتن أمام اهلل ‪ D‬عىل ذلك‪ ،‬فعليه أن يتقي اهلل يف ذلك‪ ،‬ويعلم أن اهلل ‪D‬‬

‫مطلع عىل رسه وحقيقة أمره‪ ،‬ويعلم إن كان عاجزا حقيقة أو متذرعا بذلك لرتك ما‬
‫أوجبه اهلل عليه من الكفارة‪ ،‬قال تعاىل‪( :‬ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ‬
‫ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ) [آل عمران‪ .]29 :‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫يسمى «فشل املبايض املبكر» وهو عدم نزول الدورة‬


‫*سؤال‪ :‬أنا ممن يعانني بمرض َّ‬
‫الشهرية إال بعالج‪ ،‬فهل جيوز يل أنزل الدورة يف شهر رمضان‪ ،‬حيث إنه يمكنني‬
‫أيض ًا عدم إنزاهلا إذ خيار الدورة الشهرية بيدي‪.‬‬

‫*جواب‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬إذا احتاجت املرأة إىل رشب دواء من أجل نزول احليض‪ ،‬إما ألنه ال ينزل‬
‫عليها أصال إال بتناول الدواء‪ ،‬كام هو الوارد يف السؤال‪ ،‬أو ألنه ال ينزل بانتظام‪ ،‬كام‬
‫تعتاده النساء‪ ،‬فال حرج عليها يف ذلك‪ ،‬متى كان الدواء يف نفسه مباحا‪ ،‬ومل يرتتب عىل‬
‫تناوله رضر هبا‪.‬‬

‫فإذا نزل عليها احليض‪ ،‬بعد تناول الدواء‪ ،‬فإهنا ترتك الصالة والصوم مدة حيضها‪،‬‬
‫ثم تقيض الصوم وال تقيض الصالة‪ ،‬كام هو احلال يف سائر النساء يف حيضهن‪.‬‬

‫((( فتاوى نور عىل الدرب (‪ )2/21‬برتقيم الشاملة‪.‬‬


‫الصيام سؤال وجواب‬

‫قال النووي‪« :V‬ولو رشبت دواء للحيض فحاضت‪ :‬مل يلزمها القضاء [ يعني‪:‬‬
‫قضاء الصالة ] وكذا لو رشبت دواء لتلقي اجلنني‪ ،‬فألقته ِ‬
‫ونفست‪ :‬مل يلزمها قضاء‬
‫صلوات مدة النفاس‪ ،‬عىل الصحيح من الوجهني»(‪.)1‬‬

‫ثانياً‪ :‬حيرم عىل املرأة أن تتعمد تناول هذا الدواء يف رمضان‪ ،‬أو قربه‪ ،‬بقصد الفطر‬ ‫‪598‬‬
‫يف رمضان‪.‬‬

‫قـال املـرداوي ‪« :V‬جيـوز رشب دواء حلصول احليض‪ ،‬ذكره الشـيخ تقي الدين‬
‫[يعنـي‪ :‬ابـن تيميـة]‪ ،‬واقتصر عليه يف الفـروع؛ إال قـرب رمضـان لتفطره‪ ،‬ذكـره أبو‬
‫يعلى الصغري‪.‬‬

‫قلت [أي املرداوي]‪ :‬وليس له خمالف»(‪.)2‬‬

‫وقال الشيخ منصور البهويت ‪(« :V‬وجيوز) ألنثى (رشب دواء) مباح (حلصول‬
‫احليض‪ ،‬ال قرب رمضان لتفطره) كالسفر للفطر (‪ .)3‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬كنت حائض ًا‪ ،‬وطهرت قبل أذان الفجر‪ ،‬ولكن لتعبي مل أغتسل حتى أ ّذن‬
‫الفجر‪ ،‬فهل أتم يومي هذا؟ عل ًام بأين نويت الصوم هلذا اليوم قبل األذان‪.‬‬

‫*جــواب‪ :‬إذا طهرت احلائض قبل الفجر‪ ،‬فإهنا تنوي الصيام‪ ،‬ويصح صومها‪ ،‬ولو مل‬
‫تغتسل إال بعد طلوع الفجر‪.‬‬
‫وهكذا احلكم للجنب‪ ،‬إذا مل يغتسل إال بعد طلوع الفجر‪.‬‬
‫عن سليامن بن يسار‪ ،‬أنه سأل أم سلمة ‪ J‬عن الرجل يصبح جنب ًا أيصوم؟‪،‬‬
‫َقا َل ْت‪« :‬كان رسول اهلل ‪ H‬يصبح جنب ًا‪ ،‬من غري احتالم‪ ،‬ثم يصوم»)‪.(4‬‬

‫((( املجموع (‪.)10/3‬‬


‫((( اإلنصاف (‪ ،)273/1‬وينظر‪ :‬الفروع (‪ ،)393/1‬الفتاوى الكربى (‪.)315 /5‬‬
‫((( كشاف القناع (‪.)218 /1‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)1825‬ومسلم (‪.)1109‬‬
‫ضمر يف ةأرملا‬

‫قال النووي ‪« :V‬أمجع أهل هذه األمصار عىل صحة صوم اجلنب‪ ،‬سواء كان‬
‫من احتالم أو مجاع‪ ،‬وإذا انقطع دم احلائض والنفساء يف الليل‪ ،‬ثم طلع الفجر قبل‬
‫اغتساهلام؛ صح صومهام‪ ،‬ووجب عليهام إمتامه‪ ،‬سواء تركت الغسل عمد ًا أو سهو ًا‪،‬‬
‫بعذر أم بغريه‪ ،‬كاجلنب»(‪ .)1‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫‪599‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬صمت أربعة أيام من رمضان‪ ،‬وجاءين احليض‪ ،‬وبعد قضاء أيام احليض‬
‫تطهرت وبدأت الصوم‪ ،‬ولكن سقطت بعض القطرات من الدم وتتوقف‪ ،‬وعندما‬
‫أتطهر وأصوم تنزل ثانية طيلة شهر رمضان‪ ،‬ما هو اجلواب يف هذا؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«إذا كان الواقع كام ذكرت‪ ،‬فإن قطرات الدم التي نزلت عليك بعد الطهارة من‬
‫العادة ال تعترب حيض ًا؛ ألنه ليس دم ًا مستمر ًا‪ ،‬فال يأخذ حكم احليض‪ ،‬وجيب عليك‬
‫الصوم والصالة والوضوء لوقت كل صالة حال وجودها كسائر املستحاضات‬
‫وأصحاب السلس الدائم‪ ،‬وصومك يف تلك األيام صحيح‪.‬‬

‫وباهلل التوفيق‪ ،‬وصىل اهلل عيل نبينا حممد وآله وصحبه وسلم»(‪.)2‬‬

‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء‬


‫الشيخ عبد العزيز بن عبد اهلل بن باز‪ ..‬الشيخ عبد العزيز آل الشيخ‬
‫الشيخ صالح الفوزان‪ ..‬الشيخ بكر أبو زيد‪.‬‬

‫((( رشح النووي عىل مسلم (‪.)222/7‬‬


‫((( فتاوى اللجنة الدائمة املجموعة الثانية (‪.)83/9‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫صيام التطوع‬ ‫‪600‬‬

‫*سؤال‪ :‬ما حكم من يصوم شهر رمضان فقط‪ ،‬وال يصوم املناسبات األخرى؟ هل‬
‫جيوز يل أن أخرج الصدقة؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫الواجب عىل املسلم هو صوم شهر رمضان‪ ،‬وما عداه من األيام الفاضلة كيوم‬
‫عرفة‪ ،‬وعاشوراء‪ ،‬وغريمها‪ ،‬ال جيب صومها‪ ،‬إال إذا نذرها‪ ،‬وأما من غري نذر‪ :‬فال جيب‬
‫صومها‪.‬‬

‫وقد ثبت عن طلحة بن عبيد اهلل ‪ I‬أنه قال‪ :‬جاء ٌ‬


‫رجل إىل رسول اهلل ‪H‬‬

‫من أهل نجد‪ ،‬ثائر الرأس‪ ،‬يسمع دوي صوته‪ ،‬وال يفقه ما يقول‪ ،‬حتى دنا‪ ،‬فإذا هو يسأل‬
‫ات ِف ال َي ْو ِم َوال َّل ْي َل ِة ‪ ،‬فقال‪ :‬هل‬
‫«خْس ص َلو ٍ‬
‫عن اإلسالم‪ ،‬فقال رسول اهلل ‪َ َ ُ َ :H‬‬
‫«و ِص َيا ُم َر َم َض َ‬
‫ان ‪ ،‬قال‬ ‫عيل غريها؟‪ ،‬قال‪« :‬الَ‪ ،‬إِالَّ َأ ْن َت َّط َو َع ‪ ،‬قال رسول اهلل ‪َ :H‬‬
‫َّ‬
‫هل عيل غريه؟ قال‪ :‬الَ إِالَّ َأ ْن َت َّط َّو َع‪ .‬قال‪ :‬وذكر له رسول اهلل ‪ H‬الزكاة‪ ،‬قال‪:‬‬
‫هل عيل غريها؟‪ ،‬قال‪« :‬الَ‪ ،‬إِالَّ َأ ْن َت َّط َّو َع ‪ ،‬فأدبر الرجل‪ ،‬وهو يقول‪ :‬واهلل ال أزيد عىل‬
‫ول اهلل ‪َ :H‬‬
‫«أ ْف َل َح إِ ْن َصدَ َق (‪.)1‬‬ ‫هذا‪ ،‬وال أنقص‪َ ،‬ق َال َر ُس ُ‬

‫وهذا يدل عىل أن الصوم الواجب هو صوم شهر رمضان‪ ،‬وما عداه‪ :‬فمن األيام‬
‫الفاضلة‪ ،‬وال يأثم اإلنسان برتك صيام يشء منها‪.‬‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)46‬ومسلم (‪.)11‬‬


‫عوطتلا مايص‬

‫قال النووي ‪« :V‬يف هذا احلديث أنه ال جيب صوم عاشوراء وال غريه سوى‬
‫رمضان‪ ،‬وهذا جممع عليه»)‪.(1‬‬
‫لكن‪ ،‬ال ينبغي له أن يرتك صيام األيام الفاضلة‪ ،‬كعاشوراء‪ ،‬وعرفة‪ ،‬وست من‬
‫‪601‬‬ ‫شوال‪ ،‬ونحو ذلك؛ لعظيم أجرها وفضلها؛ وألن صيام النافلة مكمل ملا حيصل من‬
‫النقص يف صيام الفريضة‪.‬‬
‫وقد ثبت عن أيب هريرة ‪ ،I‬أنه قال‪ :‬سمعت رسول اهلل ‪ H‬يقول‪« :‬إِ َّن َأ َّو َل‬
‫ت؛ َف َقدْ َأ ْف َل َح َو َأن َْج َح‪َ ،‬وإِ ْن‬ ‫الق َي َام ِة ِم ْن َع َملِ ِه َص َ‬
‫ال ُت ُه‪َ ،‬فإِ ْن َص َل َح ْ‬ ‫ما ُياسب بِ ِه العبدُ يوم ِ‬
‫َْ َْ َ‬ ‫َ َ َ ُ‬
‫الر ُّب ‪ :D‬ا ْن ُظ ُروا َه ْل‬ ‫َفسدَ ْت؛ َف َقدْ َخاب و َخ ِس‪َ ،‬فإِ ِن ا ْنت ُِقص ِمن َف ِر َ ِ ِ‬
‫ش ٌء‪َ ،‬ق َال َّ‬‫يضته َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُون َسائ ُر َع َمله َع َل َذل َك (‪.)2‬‬ ‫ِ‬ ‫لِ َع ْبدي م ْن َت َط ُّوعٍ؛ َف ُيكْم َل ِ َبا َما ا ْنتُق َص م َن ال َف ِر َ‬
‫يض َة‪ُ ،‬ث َّم َيك ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫وهذا يدل عىل‪ :‬أن صيام النافلة يكمل ما حصل من نقص يف صيام الفريضة‪.‬‬
‫أما سؤالك عن الصدقة‪ :‬فغري واضح‪ ،‬لكن إن كان قصدك السؤال عن الصدقة‬
‫عىل مثل ذلك الرجل‪ ،‬فاجلواب‪ :‬نعم جتوز الصدقة عليه‪ ،‬مادام أنه مسلم يصيل‪ ،‬وتركه‬
‫لصيام النوافل ليس فيه إثم‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬ما رأيكم يف تشجيع عامة الناس عىل صيام النافلة‪ ،‬بإقامة الفطور اجلامعي؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫قال ابن عثيمني ‪« :V‬أرى أنه ال بأس به‪ ،‬لكن األوىل تركه؛ ألن الصحابة ‪M‬‬

‫ما كانوا يسلكون هذه األساليب‪ ،‬فإذا ُر ّغب الناس يف صيام النافلة بالقول‪ ،‬فهو كاف‬
‫عن ترغيبهم بالفعل»)‪ .(3‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫((( رشح النووي عىل مسلم (‪.)169/1‬‬


‫((( رواه الرتمذي (‪ ،)413‬والنسائي (‪ ،)464‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع (‪ ،)2020‬وصحيح‬
‫الرتغيب والرتهيب (‪.)130/1‬‬
‫((( لقاء الباب املفتوح (‪ )25/60‬برتقيم الشاملة‪.‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*سؤال‪ :‬سؤايل بخصوص صوم النوافل‪ ،‬فهمت أنه عندما يكون الشخص صائم‬
‫صوم مطلق (يعني ليس صوم ًا واجب ًا مثل صيام رمضان‪ ..‬الخ) ثم يدعوه شخصا‬
‫لوجبة طعام فيجوز له أن يقبل دعوته‪ ،‬و يكرس صيامه‪ ،‬ويكافئ عىل ذلك أجران‬
‫(األجر الكامل للصوم و أجره الكامل عىل إجابة دعوة صاحبه عىل الطعام)‪ .‬أوالً‪:‬‬
‫‪602‬‬
‫أطلب من فضيلتكم التكرم بتوضيح تلك املسألة بالتفصيل و الرشح‪ .‬ثاني ًا‪ ،‬ما هو‬
‫احلكم لو أن شخص ًا دعي إىل طعام يف يوم آخر خمتلف (عىل سبيل املثال من األيام‬
‫القليلة) ووافق هذا اليوم يوم يعتاد هو فيه الصيام مثل االثنني و اخلميس أو أي يوم‬
‫شبيه هبام‪ ،‬فهل جيوز له أن يبدأ اليوم صائ ًام حتى ميعاد الطعام ثم يفطر أم يرفض‬
‫الدعوة من بداية األمر‪ ،‬أحتاج حق ًا للنقطة الثانية لإليضاح الشديد ألين ال أجد أي‬
‫معلومة هبذا اخلصوص‪.‬‬

‫*جواب‪:‬‬

‫إذا نوى املسلم صيام يوم ورشع فيه ثم أراد أن يفطر فله ذلك‪ ،‬ألن إمتام صوم النفل‬
‫ليس بواجب‪ ،‬لكن يستحب له إمتامه إذا مل يكن له عذر‪ ،‬فإن كان هناك عذر أو مصلحة‬
‫من إفطاره فال حرج عليه حينئذ‪ ،‬ويؤجر الصائم الذي أفطر ‪-‬إن شاء اهلل‪ -‬عىل ما‬
‫قصده من املصلحة الرشعية‪ ،‬كأن يكون جربا خلاطر صاحب له يتأذى بعدم أكله عنده‪،‬‬
‫أو عدم إجابة دعوته‪ ،‬أو قيامه بطاعة يضعفه الصوم عنها‪ ،‬وهي أرجى له من صيام‬
‫النافلة‪ ،‬أو نحو ذلك‪.‬‬

‫غري أننا مل نقف عىل ما يدل عىل أنه يؤجر أجر كامال كمن صام فعال‪ ،‬وإنام الذي‬
‫يظهر أنه يؤجر عىل نيته يف ذلك‪ ،‬واألجر عىل النية‪ ،‬ليس كأجر من نوى وعمل‪.‬‬

‫وللمزيد يراجع جواب السؤال رقم‪)49610( :‬‬

‫ثانياً‪ :‬الراجح ّ‬
‫أن نية اإلفطار إلجابة الدعوة يف غد متنع انعقاد نية صوم ذلك اليوم‪.‬‬

‫يصح ملن قرر إجابة الدعوة باألكل منها يف يوم أن يعقد نية صوم‬
‫ّ‬ ‫وعىل ذلك فال‬
‫ذلك اليوم من الليل‪.‬‬
‫عوطتلا مايص‬

‫والصوم ال يمنع من إجابة الدعوة‪ ،‬لكن جيوز ملن دعي وهو صائم أن يدعو للداعي‬
‫وال يفطر‪ ،‬وبذلك حيافظ الصائم عىل ما اعتاده من الصوم‪ ،‬وجييب دعوة صاحبه‪ ،‬إال‬
‫إن كان يعلم أن الداعي تكلف ألجله‪ ،‬وأن ترك األكل عنده يشق عليه‪ :‬فيستحب له أن‬

‫‪603‬‬
‫يقطع صوم النافلة‪ ،‬ويأكل مع صاحبه‪ .‬واهلل أعلم‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬ما حكم صيام التطوع قبل قضاء صيام الواجب من رمضان؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫اختلف العلامء يف حكم صيام الت ّطوع قبل القضاء‪:‬‬

‫فذهب بعض أهل العلم إىل أنه ال يصح التطوع قبل القضاء‪ ،‬وأن فاعله يأثم‪.‬‬
‫وعللوا‪ :‬أن النافلة ال تؤ َّدى قبل الفريضة‪.‬‬

‫وذهب بعض أهل العلم إىل جواز ذلك ما مل يضق الوقت‪ ،‬وقالوا‪ :‬ما دام الوقت‬
‫موسع ًا فإنه جيوز أن يتن ّفل‪ ،‬كام لو تن ّفل قبل أن يصيل‪ ،‬فمثالً‪ :‬الظهر يدخل وقتها من‬
‫ّ‬
‫الزوال‪ ،‬وينتهي إذا صار ظل ّ‬
‫كل يشء مثله‪ ،‬فله أن ّ‬
‫يؤخرها إىل آخر الوقت‪ ،‬ويف هذه‬
‫املدّ ة جيوز له أن يتن ّفل؛ ألن الوقت ّ‬
‫موسع‪.‬‬

‫وهــذا القــول هــو قــول مجهــور الفقهــاء‪ ،‬واختــار هــذا القــول ســاحة الشــيخ‬
‫حممــد بــن عثيمــن ‪ V‬حيــث قــال‪« :‬وهــذا القــول أظهــر وأقــرب إىل الصــواب‪،‬‬
‫وأن صومــه صحيــح‪ ،‬وال يأثــم»)‪ .(1‬واهلل أعلــم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬املرأة تستأذن زوجها يف أن تصوم‪ ،‬أعني يف غري شهر رمضان؛ وذلك ألنه من‬
‫حقه أن يأتيها متى يشاء‪ ،‬ومن الواجب عليها أن تطيعه‪ ،‬فهل هلا هي األخرى حق‬
‫بأن يستأذهنا يف أن يصوم؟‬

‫((( الرشح املمتع (‪.)448/6‬‬


‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*جواب‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬هنى النبي ‪ H‬الزوجة أن تصوم تطوع ًا‪ ،‬وزوجها شاهد‪ ،‬إال بإذنه‪.‬‬
‫عن أيب هريرة ‪ ،I‬عن النبي ‪ H‬قال‪« :‬الَ َيِ ُّل لِ ْل َم ْر َأ ِة َأ ْن ت َُصو َم َوز َْو ُج َها‬
‫اهدٌ ‪ ،‬إِالَّ‬ ‫احد ًا وزَوجها َش ِ‬ ‫اهدٌ ‪ ،‬إِال بِإِ ْذنِ ِه (‪ ،)1‬ويف لفظ آخر‪« :‬الَ تَصوم المر َأ ُة يوم ًا و ِ‬
‫َش ِ‬ ‫‪604‬‬
‫َ ْ ُ َ‬ ‫ُ ُ َْ َْ َ‬
‫بِإِ ْذنِ ِه‪ ،‬إِالَّ َر َم َض َ‬
‫ان (‪.)2‬‬
‫قال النووي ‪« :V‬هذا حممول عىل صوم التطوع‪ ،‬واملندوب الذي ليس له زمن‬
‫معني‪ ،‬وهذا النهي للتحريم رصح به أصحابنا‪ ،‬وسببه‪ :‬أن الزوج له حق االستمتاع هبا يف‬
‫كل األيام‪ ،‬وحقه فيه واجب عىل الفور‪ ،‬فال يفوته بتطوع‪ ،‬وال بواجب عىل الرتاخي»)‪.(3‬‬
‫ثاني ًا‪ :‬وأما سبب ورود النهي للمرأة دون الرجل‪ ،‬فيمكن استنباط احلكمة من‪:‬‬
‫‪ .1‬أن حق الزوج عىل زوجته آكد من حقها عليه‪ ،‬فال يصح قياس الزوج عىل‬
‫الزوجة يف هذا‪.‬‬
‫‪ .2‬أن الزوج غالب ًا هو الطالب للجامع‪ ،‬واملرأة هي املطلوبة‪ ،‬فاألكثر واألغلب أن تكون‬
‫الرغبة منه إليها‪ ،‬فناسب أن تستأذنه قبل صيام النفل‪ ،‬إذ قد تكون له رغبة يف مجاعها‪.‬‬
‫‪ .3‬شهوة الرجال أكرب وأعظم من شهوة النساء؛ ولذا أبيح للرجل الزواج من أربع‬
‫نسوة‪ ،‬وليس هذا األمر يف النساء وال هلن‪ ،‬ولذا ‪-‬أيض ًا‪ -‬كان صرب الرجال عىل‬
‫ترك اجلامع أضعف من صرب النساء‪ ،‬ولذا جاء االستئذان هلن‪ ،‬وجاء الوعيد هلن‬
‫يف امتناعهن من اجلامع‪ ،‬يف حال دعوة الزوج هلن‪.‬‬
‫وعىل كل حال‪ :‬فأوامر الرشع ونواهيه كلها حكمة‪ ،‬وجيب عىل املسلم أن يقول‬
‫سمعنا وأطعنا‪ ،‬واألصل اشرتاك الرجال والنساء يف األحكام‪ ،‬إال ما َّفرق اهلل بينهام‬
‫حلكمة‪ ،‬تتعلق بطبيعة خلقتها أو لالبتالء؛ ليعلم املؤمن الصادق من غريه‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)4899‬ومسلم (‪.)1026‬‬


‫((( رواه أمحد (‪ ،)245/2‬وحسنه األلباين يف صحيح الرتغيب (‪.)254/1‬‬
‫((( رشح النووي عىل مسلم (‪.)115/7‬‬
‫عوطتلا مايص‬

‫*سؤال‪ :‬هل صيام النفل ليوم منفرد ال جيوز يف اإلسالم‪ ،‬وأن الواجب إقرانه بيوم آخر‬
‫يوما منفر ًدا؟‬
‫عىل األقل؛ بعلة خمالفة اليهود الذين يصومون ً‬
‫أرى أن تلك العلة غري وجيهة‪ ،‬فام رأيكم؟‬
‫‪605‬‬
‫*جواب‪:‬‬

‫إفراد يوم بصيام النفل جائز‪ ،‬إال إذا كان اليوم هو اجلمعة‪ ،‬أو السبت‪ ،‬أو كان يوم‬
‫عاشوراء وهو العارش من حمرم‪ ،‬فيستحب صيام قبله‪ ،‬أو بعده‪.‬‬

‫وأما يوم األحد‪ ،‬أو االثنني‪ ،‬أو الثالثاء‪ ،‬أو األربعاء‪ ،‬أو اخلميس‪ ،‬فال حرج يف صومه‬
‫وم َّن‬
‫«ل َي ُص َ‬ ‫عىل االنفراد‪ ،‬ف َع ْن َأ ِب ُه َر ْي َر َة ‪َ ،I‬ق َال‪َ :‬س ِم ْع ُت النَّبِ َّي ‪َ H‬ي ُق ُ‬
‫ول‪َ :‬‬
‫الج ُم َع ِة‪ ،‬إِ َّل َي ْو ًما َق ْب َل ُه‪َ ،‬أ ْو َب ْعدَ ُه (‪.)1‬‬
‫َأ َحدُ ك ُْم َي ْو َم ُ‬

‫ويف رواية ملسلم‪« :‬إِ َّل َأ ْن َيكُون ِف َص ْو ٍم َي ُص ُ‬


‫وم ُه َأ َحدُ ك ُْم ‪.‬‬

‫ج ُهور َأ ْص َحاب‬ ‫اه َرة لِ َق ْو ِل ُ ْ‬ ‫اديث الدَّ َل َلة ال َّظ ِ‬ ‫قال النووي ‪« :V‬و ِف ه ِذ ِه األَح ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫الص ْو ِم‪ ،‬إِ َّل َأ ْن ُي َوافِ َق َعا َد ًة َل ُه‪َ ،‬فإِ ْن‬ ‫ِِ‬
‫الشافع ّي َو ُم َوافق ِيه ْم‪َ ،‬و َأ َّن ُه ُيك َْره إِ ْف َراد َي ْوم ُ‬
‫الج ُم َعة بِ َّ‬
‫َّ ِ ِ‬

‫يض ِه َأ َبدً ا‪،‬‬


‫اء م ِر ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َو َص َل ُه بِ َي ْو ٍم َق ْب َل ُه‪َ ،‬أ ْو َب ْعدَ ُه‪َ ،‬أ ْو َوا َف َق َعا َد ًة َل ُه‪ ،‬بِ َأ ْن ن ََذ َر َأ ْن َي ُصو َم َي ْو َم ش َف َ‬
‫اديث‪.‬‬ ‫َفوا َف َق يوم الجمعة َل يكْره؛ ِل ِذ ِه األَح ِ‬
‫َ‬ ‫ُ ُ َ ُْ َ ْ َ‬ ‫َ َْ‬

‫ْـر‪َ ،‬و ِع َبا َد ٍة‪،‬‬ ‫الج ُم َعـة َي ْوم ُد َعاء‪َ ،‬و ِذك ٍ‬ ‫ِ‬
‫ـال ال ُع َل َماء‪َ :‬والحك َْمـة ِف الن َّْهي َعنْـ ُه‪َ :‬أ َّن َي ْوم ُ‬ ‫َق َ‬
‫الذكْـر‬ ‫الخ ْط َبـة‪َ ،‬وإِ ْك َثـار ِّ‬ ‫اسـتِ َمع ُ‬ ‫ِ‬
‫لاة‪َ ،‬وانْت َظ َ‬
‫ارهـا‪َ ،‬و ْ‬ ‫الص َ‬ ‫ِ‬
‫مـ ْن ال ُغ ْسـل‪َ ،‬وال َّت ْبكير إِ َل َّ‬
‫ِ‬

‫ـو ِل اللَّ َت َع َ‬ ‫ِ‬


‫ـال‪( :‬ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ‬ ‫َب ْعدَ َهـا؛ ل َق ْ‬
‫ُحب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﭲ ﭳ ﭴ) [اجلمعة‪ ،]10 :‬و َغير َذلِ َ ِ‬
‫الف ْطر‬ ‫اسـت َّ‬ ‫مها‪َ ،‬ف ْ‬‫ـك مـ ْن الع َبا َدات ِف َي ْو َ‬ ‫َ ْ‬
‫ـذ ٍ‬ ‫اح َلَا‪َ ،‬والتِ َ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫اذ ِ َبا‬ ‫الو َظائـف‪َ ،‬و َأ َدائ َها بِن ََشـاط َوان َ‬
‫ْشر ٍ‬ ‫ـو َن َل ُه َع َل َهـذه َ‬ ‫فيـه‪َ ،‬ف َيكُـون َأ ْع َ‬
‫الف ْطر ك ََم‬ ‫ِمـن َغير م َل ٍل و َل سـآم ٍة‪ ،‬وهو نَظِير الحاج يوم َعر َفـة بِعر َف َة‪َ ،‬فإِ َّن السـنَّة َلـه ِ‬
‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ََ‬ ‫َ ّ َْ َ‬ ‫ْ ْ َ َ َ َ َ ُ َ‬
‫ـذ ِه ِ‬
‫الحك َْمة‪.‬‬ ‫سـب َق َت ْق ِريره ِل ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)1985‬ومسلم (‪.)1144‬‬


‫الصيام سؤال وجواب‬

‫ِ ِ‬ ‫َفإِ ْن ِق َيل‪َ :‬لو ك َ ِ‬


‫َان ك ََذل َك‪َ ،‬ل ْ َي َز ْل الن َّْهي َوالك ََر َاهة بِ َص ْو ٍم َق ْب َل ُه َأ ْو َب ْعدَ ُه؛ ل َب َقاء َ‬
‫الم ْعنَى‪.‬‬ ‫ْ‬

‫* َفجواب‪:‬‬

‫ي ُصل ِم ْن ُفت ٍ‬
‫ُور َأ ْو‬ ‫ِ‬
‫الص ْوم ا َّلذي َق ْبله َأ ْو َب ْعده‪َ ،‬ما َ ْ‬
‫ي ُب َما َقدْ َ ْ‬
‫ِ ِ‬
‫ي ُصل َل ُه بِ َفضي َلة َّ‬
‫َأ َّن ُه َ ْ‬
‫‪606‬‬
‫ب صو ِم ِه‪َ ،‬فه َذا هو المعتَمد ِف ِ‬
‫الحك َْمة ِف الن َّْهي‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ُ َ ُ ْ َ‬ ‫َت ْقص ٍري ِف َو َظائف َي ْو ِم ُ‬
‫الج ُم َعة بِ َس َب ِ َ ْ‬
‫َع ْن إِ ْف َراد َص ْوم ُ‬
‫الج ُم َعة‪.‬‬

‫ت‪،‬‬ ‫و ِق َيل‪ :‬سببه َخوف المبا َل َغة ِف َتعظِيمه‪ ،‬بِحي ُث ي ْف َتتَن بِ ِه‪ ،‬كَم ُا ْفتُتِن َقوم بِالسب ِ‬
‫َ ْ ٌ َّ ْ‬ ‫َ‬ ‫َْ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َُ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َو َه َذا َض ِع ٌ‬
‫يف ُمنْ َت َق ٌض بِ َص َلة ُ‬
‫الج ُم َعة َو َغ ْي َها‪ ،‬مَّا ُه َو َم ْش ُهور م ْن َو َظائف َي ْوم ُ‬
‫الج ُم َعة‬
‫َو َت ْعظِيمه‪.‬‬
‫و ِق َيل‪ :‬سبب النَّهي لِ َئ َّل يع َت َقد وجوبه‪ ،‬وه َذا َض ِعيف منْ َت َق ٌض بِيو ِم ِ‬
‫ال ْثن ْ ِ‬
‫َي‪َ ،‬فإِ َّن ُه‬ ‫َْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ ُُ َ َ‬ ‫ُْ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫وراء َو َغ ْي‬ ‫اش َ‬ ‫ال ْحتِ َمل ال َب ِعيد‪َ ،‬وبِ َي ْو ِم َع َر َفة َو َي ْوم َع ُ‬
‫ينْدَ ب صومه‪ ،‬و َل ي ْل َت َف ُت إِ َل ه َذا ِ‬
‫َ‬ ‫ُ ُ َ ْ ُُ َ ُ‬
‫الص َواب َما َقدَّ ْمنَا‪َ ،‬و َاللَُّ َأ ْع َل ُم»(‪.)1‬‬ ‫ِ‬
‫َذل َك‪َ ،‬ف َّ‬

‫وأما يوم السبت فيكره إفراده بالصيام‪ ،‬واحلكمة من ذلك‪ :‬أن اإلنسان إذا صام‬
‫ضعف عن العمل‪ ،‬فيرتك بعض األعامل التي كان يقوم هبا؛ فيكون مشاهب ًا لليهود الذين‬
‫يرتكون األعامل يف يوم السبت‪ ،‬وقد سبق بيان ذلك يف جواب السؤال رقم (‪.)106500‬‬
‫ِ‬
‫ني َصا َم َر ُس ُ‬
‫ول اهلل ‪H‬‬
‫ِ‬
‫وأما عاشوراء‪ :‬فعن َع ْبد اهلل ْبن َع َّب ٍ‬
‫اس ‪ ،L‬قال‪« :‬ح َ‬ ‫ِ‬

‫ورا َء‪َ ،‬و َأ َم َر بِ ِص َي ِام ِه‪َ ،‬قا ُلوا‪َ :‬يا َر ُس َ‬


‫ول اهللِ‪ ،‬إِ َّن ُه َي ْو ٌم ُت َع ِّظ ُم ُه ال َي ُهو ُد َوالن ََّص َارى‪َ ،‬ف َق َال‬ ‫اش َ‬‫َي ْو َم َع ُ‬
‫َان العام الم ْقبِ ُل إِ ْن َشاء اهلل‪ ،‬صمنَا اليوم الت ِ‬ ‫رس ُ ِ‬
‫َّاس َع ‪َ ،‬ق َال‪َ :‬ف َل ْم‬ ‫َ ُ ُ ْ َْ َ‬ ‫ول اهلل ‪َ « :H‬فإِ َذا ك َ َ ُ ُ‬ ‫َ ُ‬
‫ول اهللِ ‪.)2(»H‬‬ ‫الم ْقبِ ُل‪َ ،‬حتَّى ت ُُوفِّ َ َر ُس ُ‬ ‫ِ‬
‫َي ْأت ال َعا ُم ُ‬
‫يت إِ َل َقابِ ٍل‪َ ،‬لَصومن الت ِ‬
‫َّاس َع ‪.‬‬ ‫ويف رواية‪َ « :‬لئِ ْن َب ِق ُ‬
‫ُ َ َّ‬

‫((( رشح النووي عىل مسلم (‪.)19/8‬‬


‫((( رواه مسلم (‪.)1134‬‬
‫عوطتلا مايص‬

‫اش؛‬‫َّاسع مع الع ِ‬
‫قال النووي ‪َ « :V‬ق َال بعض الع َلمء‪ :‬و َلع َّل السبب ِف صوم الت ِ‬
‫َ َ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َّ َ‬ ‫ُ َ َ َ‬ ‫َْ‬
‫اش‪ ،‬و ِف الح ِديث إِ َشارة إِ َل ه َذا‪ ،‬و ِق َيل‪ :‬ل ِلحتِي ِ‬
‫اط ِف‬ ‫ود ِف إِ ْفراد الع ِ‬ ‫َأ َّل يت ََشبه بِاليه ِ‬
‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ َ َ ُ‬
‫وراء‪َ ،‬واألَ َّول َأ ْو َل‪ ،‬واهلل أعلم» ‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫اش َ‬‫َ ْت ِصيل َع ُ‬

‫‪607‬‬ ‫وقد ظهر لك أن تعيني احلكمة والعلة أمر جيتهد فيه العلامء‪ ،‬وقد رأيت كيف َخ َّطأ‬
‫النووي ‪ V‬كثريا من األقوال‪ ،‬التي قيلت يف تعليل النهي عن إفراد اجلمعة بالصوم‬
‫ُ‬

‫وهلذا‪ :‬فالواجب عىل املسلم أن يذعن حلكم الرشع‪ ،‬سواء فهم العلة واحلكمة‪ ،‬أم مل‬
‫يفهمها‪ ،‬فيتلقى كالم الرسول ‪ H‬بالتسليم‪ ،‬والقبول‪ ،‬والتنفيذ‪ ،‬كام قال تعاىل‪:‬‬
‫(ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ‬
‫ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ) [األحزاب‪.]36 :‬‬

‫وفقنا اهلل وإياك ملا حيب ويرىض‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬


‫***‬

‫*سؤال‪ :‬ما حكم من جامع زوجته وهي صائمة صيام الست من شوال‪ ،‬وهو غري صائم؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫الصائم املتطوع أمري نفسه‪ ،‬فله أن يتم صومه‪ ،‬وله أن يفطر‪ ،‬إال أن اإلمتام أوىل‪.‬‬
‫اب َف َ ِ‬ ‫روى أمحد‪َ ،‬عن ُأم َهانِ ٍئ ‪َ « :J‬أ َّن رس َ ِ‬
‫ش َب‪،‬‬ ‫ش ٍ‬‫ول اهلل ‪َ H‬د َخ َل َع َل ْي َها‪َ ،‬فدَ َعا بِ َ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ْ ِّ‬
‫ول اهللِ ‪:H‬‬ ‫ول اهللِ‪َ ،‬أ َما إِنِّ ُكن ُْت َص ِائ َم ًة‪َ ،‬ف َق َال َر ُس ُ‬ ‫ش َب ْت‪َ ،‬ف َقا َل ْت‪َ :‬يا َر ُس َ‬ ‫ُث َّم ن ََاو َلَا َف َ ِ‬
‫الم َت َط ِّو ُع َأ ِم ُري َن ْف ِس ِه‪ ،‬إِ ْن َش َاء َصا َم‪َ ،‬وإِ ْن َش َاء َأ ْف َط َر (‪.)2‬‬ ‫ِ‬
‫«الصائ ُم ُ‬ ‫َّ‬

‫وينظر جواب السؤال رقم (‪.)49610‬‬

‫فمـن صـام يومـا مـن السـت‪ ،‬وأحـب أن يفطـر‪ ،‬فله ذلـك‪ ،‬سـواء أفطر بـاألكل‪،‬‬
‫أو باجلامع‪ ،‬أو بغريه‪.‬‬

‫((( رشح النووي عىل مسلم (‪.)13/8‬‬


‫((( رواه أمحد (‪ ،)25658‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع (‪.)3854‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫وهذه املرأة إذا كانت قد صامت بدون إذن زوجها؛ فله أن يدعوها إىل الفراش‪،‬‬
‫ويلزمها االستجابة لذلك‪ ،‬وإن كانت صامت بإذنه؛ فليس له أن يفسد عليها صومها‪،‬‬
‫لكن إن أراد ذلك‪ ،‬فاألفضل هلا أن تستجيب له‪.‬‬

‫قال الشيخ ابن عثيمني ‪« :V‬إذا صامت نف ً‬


‫ال بإذنه‪ ،‬فإنه ال حيل له أن يفسد‬ ‫‪608‬‬
‫صومها؛ ألنه أذن هلا‪ ،‬ولكن يف هذه احلال ‪-‬وهي صائمة صيام نفل بإذنه‪ ،-‬لو طلب‬
‫منها أن تأيت للفراش‪ ،‬فهل األفضل أن تستمر يف الصوم ومتتنع‪ ،‬أو أن جتيب الزوج؟‪،‬‬
‫الثاين أفضل‪ ،‬أن جتيب الزوج؛ ألن إجابتها الزوج من باب املفروضات يف األصل‪،‬‬
‫والصوم تطوع من باب املستحبات‪ ،‬وألنه ربام لو أبت مع شدة رغبته‪ ،‬ربام يكون يف‬
‫قلبه يش ٌء عليها؛ فتسوء العرشة بسبب ذلك»(‪ .)1‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫عيل يف رمضان؟‪،‬‬
‫*سؤال‪ :‬هل يمكنني أن أصوم صوم ُسنَّة بنية قضاء أيام كانت ّ‬
‫وكذلك بنية التطوع (مثل يوم عاشوراء)؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫هذه املسألة تعرف عند أهل العلم بمسألة الترشيك‪ ،‬أو التداخل بني العبادات‪ ،‬وهلا‬
‫صور كثرية‪ ،‬منها‪ :‬هذه الصورة‪ ،‬وهي اجلمع بني الواجب واملستحب بنية واحدة‪ ،‬فمن‬
‫نوى املستحب مل جيزه عن الواجب‪ ،‬فمن صام بنية عاشوراء مل جيزه عن قضاء رمضان‪،‬‬
‫ومن نوى قضاء رمضان وأوقعه يف يوم عاشوراء؛ صح قضاؤه‪ ،‬و ُيرجى أن ينال ثواب‬
‫عاشوراء عند بعض أهل العلم‪.‬‬

‫قال الرميل ‪ V‬يف «هناية املحتاج»‪« :‬ولو صام يف شوال قضا ًء‪ ،‬أو نذرا‪ ،‬أو غريمها‪،‬‬
‫أو يف نحو يوم عاشوراء؛ حصل له ثواب تطوعها‪ ،‬كام أفتى به الوالد ‪ V‬تعاىل تبعا‬
‫للبارزي‪ ،‬واألصفوين‪ ،‬والنارشي‪ ،‬والفقيه عيل بن صالح احلرضمي‪ ،‬وغريهم‪ ،‬لكن ال‬
‫حيصل له الثواب الكامل املرتب عىل املطلوب‪ ،‬ال سيام من فاته رمضان وصام عنه شواالً»(‪.)2‬‬

‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)174/21‬‬


‫((( هناية املحتاج (‪.)208/3‬‬
‫عوطتلا مايص‬

‫ومثله يف «مغني املحتاج»(‪« ،)1‬حوايش حتفة املحتاج»(‪.)2‬‬

‫وقال الشيخ ابن عثيمني ‪« :V‬من صام يوم عرفة‪ ،‬أو يوم عاشوراء‪ ،‬وعليه قضاء‬
‫من رمضان؛ فصيامه صحيح‪ ،‬لكن لو نوى أن يصوم هذا اليوم عن قضاء رمضان؛‬
‫‪609‬‬
‫حصل له األجران‪ :‬أجر يوم عرفة‪ ،‬وأجر يوم عاشوراء مع أجر القضاء‪ ،‬هذا بالنسبة‬
‫لصوم التطوع املطلق الذي ال يرتبط برمضان‪ ،‬أما صيام ستة أيام من شوال؛ فإهنا‬
‫مرتبطة برمضان‪ ،‬وال تكون إال بعد قضائه‪ ،‬فلو صامها قبل القضاء؛ مل حيصل عىل‬
‫أجرها؛ لقول النبي ‪« :H‬من صام رمضان‪ ،‬ثم أتبعه بست من شوال؛ فكأنام صام‬
‫الدهر ‪ ،‬ومعلوم أن من عليه قضاء فإنه ال يعد صائ ًام رمضان‪ ،‬حتى يكمل القضاء»(‪.)3‬‬

‫وينبغي أن يبادر اإلنسان بقضاء ما عليه‪ ،‬فهذا أوىل من فعل التطوع‪ ،‬لكن إن ضاق‬
‫ٍ‬
‫فاضل‪،‬‬ ‫عليه الوقت‪ ،‬ومل يتمكن من قضاء مجيع ما عليه‪ ،‬وخاف أن يفوته صوم يو ٍم‬
‫كعاشوراء أو يوم عرفة؛ فليصم بنية القضاء‪ ،‬ولعله ينال ثواب عاشوراء وعرفة أيضا‪،‬‬
‫فإن فضل اهلل واسع‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫األوىل يف صيام النفل عند وجود املشقة‪ ،‬اإلفطار أو إمتام الصيام؟‬


‫*سؤال‪ :‬هل ْ‬
‫*جواب‪:‬‬

‫«صوم النفل صاحبه باخليار بني إمتامه أو قطعه‪ ،‬وإمتامه أفضل‪ ،‬إال إذا كان هناك‬
‫مشقة يف إمتامه؛ فقطعه أفضل أخذ ًا بالتيسري‪.‬‬

‫وباهلل التوفيق‪ ،‬وصىل اهلل عيل نبينا حممد وآله وصحبه وسلم»(‪.)4‬‬

‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء‬


‫الشيخ عبد العزيز بن عبد اهلل بن باز‪ ..‬الشيخ عبد العزيز آل الشيخ‬
‫الشيخ صالح الفوزان‪ ..‬الشيخ بكر أبو زيد‪.‬‬

‫((( مغني املحتاج (‪.)184/2‬‬


‫((( حوايش حتفة املحتاج (‪.)457/3‬‬
‫((( فتاوى الصيام (ص‪.)438‬‬
‫((( فتاوى اللجنة الدائمة‪ .‬املجموعة الثانية (‪.)299/9‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*سؤال‪ :‬هل جيوز الصوم ملدة أسبوع كامل غري الشهر املفروض؟‬
‫القصد منه‪ :‬تطوع ابتداء من يوم السبت إىل يوم اجلمعة الذي أختم به صيامي‪.‬‬

‫*جواب‪:‬‬
‫‪610‬‬
‫جيوز لإلنسان أن يتطوع بالصيام ملدة سبعة أيام‪ ،‬أو عرشة أيام يرسدها رسد ًا؛ حلديث‬
‫ول َل ُي ْفطِ ُر‪َ ،‬و ُي ْفطِ ُر‪،‬‬ ‫ول اهللِ ‪َ H‬ي ُصو ُم‪َ ،‬حتَّى َن ُق َ‬ ‫َان َر ُس ُ‬
‫عائشة ‪َ ،J‬قا َل ْت‪« :‬ك َ‬
‫اس َتك َْم َل ِص َيا َم َش ْه ٍر إِ َّل َر َم َض َ‬ ‫ول َل يصوم‪َ ،‬فم ر َأي ُت رس َ ِ‬
‫ان‪،‬‬ ‫ول اهلل ‪ْ H‬‬ ‫َحتَّى َن ُق َ َ ُ ُ َ َ ْ َ ُ‬
‫ان (‪.)1‬‬‫َو َما َر َأ ْي ُت ُه َأ ْك َثر ِص َيا ًما ِمنْ ُه ِف َش ْع َب َ‬

‫السن َِة َش ْه ًرا‬ ‫ِ‬ ‫ويف رواية‪َ :‬ع ْن ُأ ِّم َس َل َم َة‪َ ،‬ع ْن النَّبِ ِّي ‪َ :H‬‬
‫«أ َّن ُه َل ْ َيك ُْن َي ُصو ُم م ْن َّ‬
‫ان (‪.)2‬‬ ‫ان‪َ ،‬و َي ِص ُل بِ ِه َر َم َض َ‬
‫ت ًَّاما إِ َّل َش ْع َب َ‬
‫ول اهللِ ‪َ ،H‬ف َق َال‪َ « :‬يا‬ ‫ح َز َة ْب َن َع ْم ٍرو األَ ْس َل ِم َّي‪َ ،‬س َأ َل َر ُس َ‬
‫وعنها ‪َ ،J‬أ َّن َ ْ‬
‫ْت‪َ ،‬و َأ ْفطِ ْر‬ ‫«ص ْم إِ ْن ِشئ َ‬ ‫الس َف ِر؟» َق َال‪ُ :‬‬ ‫الص ْو َم‪َ ،‬أ َف َأ ُصو ُم ِف َّ‬ ‫س ُد َّ‬ ‫َر ُس َ ِ ِ‬
‫ول اهلل‪ ،‬إنِّ َر ُج ٌل َأ ْ ُ‬
‫ْت (‪.)3‬‬ ‫إِ ْن ِشئ َ‬
‫وعليه؛ فيجوز رسد صوم بعض األيام من الشهر‪ ،‬وال يدخل يف الصوم املنهي عنه‪،‬‬
‫وهو صوم الدهر‪.‬‬
‫وقد سبق بيان حكم صوم الدهر يف جواب سؤال رقم (‪.)144592‬‬
‫وقد سئل الشيخ ابن جربين ‪ :V‬ما حكم صيام كل يوم بتتابع لظروف خمصوصة‪،‬‬
‫ال حلديث‪« :‬كان رسول اهلل ‪ H‬يصوم‪ ،‬حتى نقول ال يفطر‪ ،‬ويفطر‪ ،‬حتى‬ ‫تأوي ً‬
‫نقول ال يصوم»‪ ،‬وما صحة االستدالل هبذا احلديث؟‬
‫فأجاب‪« :‬جيوز رسد الصوم أيام ًا متتابعة‪ ،‬ثم رسد اإلفطار أيام ًا أخرى‪ ،‬والدليل‬
‫احلديث املذكور يف السؤال‪ ،‬ألن ذلك تطوع مستحب»(‪ .)4‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫((( رواه البخاري(‪ ،)1833‬ومسلم (‪.)1956‬‬


‫((( رواه أبو داود (‪ ،)2336‬والنسائي (‪ ،)2353‬وصححه الشيخ األلباين يف صحيح أيب داود‪.‬‬
‫((( رواه مسلم (‪.)1890‬‬
‫((( فتاوى ابن جربين (‪.)3/14‬‬
‫عوطتلا مايص‬

‫*سؤال‪ :‬لدي العديد من أحكام الفدية (الكفارات) التي جيب تقديمها؛ ألنني حنثت‬
‫بأكثر من يمني‪ ،‬وهذه الفدية سوف تأخذ كثريا من الوقت‪ ،‬لذلك يف الوقت نفسه‪،‬‬
‫هل يمكنني أن أصوم االثنني واخلميس كنافلة بعيدا عن الفدية؟‬

‫‪611‬‬ ‫*جواب‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬الواجب عىل املسلم أن حيفظ يمينه‪ ،‬فال يكثر من األيامن‪ ،‬وال حيلف إال عىل‬
‫أمر يستحق أن حيلف عليه‪ ،‬قال تعاىل‪( :‬ﯻ ﯼ) [املائدة‪.]89 :‬‬

‫اح َف ُظوا َأ ْي َم َنك ُْم عن احللف باهلل كاذبا‪،‬‬ ‫قال الشيخ السعدي ‪ V‬يف تفسريه‪َ :‬‬
‫«و ْ‬
‫وعن كثرة األيامن‪ ،‬واحفظوها إذا حلفتم عن احلنث فيها‪ ،‬إال إذا كان احلنث خريا»)‪.(1‬‬

‫وقال الشيخ حممد بن صالح العثيمني ‪« :V‬األصل‪ :‬أنه ال ينبغي إكثار اليمني؛‬
‫لقول اهلل تعاىل‪( :‬ﯻ ﯼ) [املائدة‪ ،]89 :‬قال بعض العلامء يف تفسريها‪ :‬أي‪:‬‬
‫وأسلم لإلنسان‪ ،‬وأبر ُأ لذمته»(‪.)2‬‬
‫ُ‬ ‫ال تكثروا األيامن‪ ،‬وال شك أن هذا أوىل‪،‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬كفارة اليمني هي إطعام عرشة مساكني‪ ،‬أو كسوهتم‪ ،‬أو حترير رقبة‪ ،‬فمن مل جيد‬
‫صام ثالثة أيام‪ ،‬قال اهلل تعاىل‪( :‬ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ‬
‫ﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩ‬
‫ﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻ‬
‫ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ) [املائدة‪.]89 :‬‬

‫فال جيوز لك االنتقال إىل الصيام‪ ،‬إال يف حالة عجزك عن القيام بأحد األمور الثالثة‬
‫يف الكفارة‪ :‬اإلطعام‪ ،‬أو الكسوة‪ ،‬أو حترير الرقبة‪.‬‬

‫قـال ابـن املنـذر ‪« :V‬أمجعـوا على أن احلالـف الواجـد لإلطعـام‪ ،‬أو الكسـوة‪،‬‬
‫أو الرقبة‪ ،‬ال جيزئه الصوم إذا حنث يف يمينه»(‪.)3‬‬

‫((( تفسري السعدي (ص‪.)242‬‬


‫((( الرشح املمتع (‪.)117 /15‬‬
‫((( اإلمجاع (ص‪.)157‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫ثالث ًا‪ :‬ال مانع من صيام النافلة‪ ،‬كاالثنني واخلميس‪ ،‬أو نحو ذلك‪ ،‬قبل صيام الكفارة‪،‬‬
‫أو قبل االنتهاء من مجيعها‪ ،‬لكن عىل أال حيسب ذلك من الكفارة‪.‬‬

‫لكن نصيحتنا لك أن تبادر بصيام الكفارة أوال‪ ،‬إن عجزت عن اخلصال املذكورة‬
‫أوال يف كفارة اليمني‪ ،‬واملبادرة بصيام الكفارة أوىل؛ ألهنا واجب متعلق بذمتك‪ ،‬وإبراء‬ ‫‪612‬‬
‫الذمة‪ ،‬وقضاء ما عليها من الواجبات‪ ،‬أوىل من صيام النافلة‪.‬‬

‫وينظر جواب السؤال رقم‪ .)11784( :‬واهلل أعلم‪.‬‬


‫لاوش نم تسلا‬

‫‪613‬‬ ‫الست من شوال‬

‫الست من شوال‪ ،‬وهل هي واجبة؟‬


‫ّ‬ ‫*سؤال‪ :‬ما حكم صيام‬

‫*جواب‪:‬‬

‫صيام ست من شوال بعد فريضة رمضان سنّة مستح ّبة‪ ،‬وليست بواجب‪ ،‬ويرشع‬
‫للمسلم صيام ستة أيام من شوال‪ ،‬ويف ذلك فضل عظيم‪ ،‬وأجر كبري‪ ،‬ذلك أن من‬
‫صامها يكتب له أجر صيام سنة كاملة‪ ،‬كام صح ذلك عن املصطفى ‪ ،H‬كام يف‬
‫ان‪ُ ،‬ث َّم َأ ْت َب َع ُه ِس ّت ًا‬
‫«م ْن َصا َم َر َم َض َ‬
‫حديث أيب أيوب ‪ ،I‬أن رسول اهلل ‪ H‬قال‪َ :‬‬
‫َان ك ِ‬
‫َص َيا ِم الدَّ ْه ِر (‪.)1‬‬ ‫ال؛ ك َ‬ ‫ِم ْن َش َّو ٍ‬

‫الست َِة‬ ‫ِ‬


‫شة َأ ْش ُه ٍر‪َ ،‬وص َيا ُم ِّ‬
‫ان بِع َ ِ‬ ‫ِ‬
‫فس ذلك النبي ‪ H‬بقوله‪« :‬ص َيا ُم َر َم َض َ َ َ‬ ‫وقد ّ‬
‫السن َِة (‪.)2‬‬ ‫َأيا ٍم بِ َشهري ِن‪َ ،‬ف َذلِ َ ِ‬
‫ك ص َيا ُم َّ‬ ‫َْْ‬ ‫َّ‬
‫رصح الفقهاء من احلنابلة والشافعية‪ :‬بأن صوم ستة أيام من شوال بعد رمضان‬
‫وقد ّ‬
‫فإن مضاعفة األجر عموم ًا ثابت حتى يف صيام النافلة؛‬
‫يعدل صيام سنة فرض ًا‪ ،‬وإال‪ّ ،‬‬
‫ألن احلسنة بعرشة أمثاهلا‪.‬‬

‫ست من شوال‪ ،‬تعويض النّقص الذي حصل يف‬


‫املهمة لصيام ّ‬ ‫ثم ّ‬
‫إن من الفوائد ّ‬
‫صيام الفريضة يف رمضان؛ إذ ال خيلو الصائم من حصول تقصري‪ ،‬أو ذنب مؤ ّثر سلب ًا‬

‫((( رواه مسلم (‪.)1164‬‬


‫((( رواه ابن خزيمة يف صحيحه (‪ ،)298/3‬وصححه األعظمي‪.‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫يف صيامه‪ ،‬ويوم القيامة ُيؤخذ من النوافل؛ جلربان نقص الفرائض‪ ،‬كام قال ‪:H‬‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ول َر ُّبنَا َج َّل َو َع َّز‬ ‫الةُ‪َ ،‬ق َال‪َ :‬ي ُق ُ‬ ‫َّاس بِه َي ْو َم الق َي َامة م ْن َأ ْع َمل ُم َّ‬
‫الص َ‬ ‫ب الن ُ‬ ‫اس ُ‬ ‫ي َ‬ ‫«إِ َّن َأ َّو َل َما ُ َ‬
‫ت ت ََّام ًة‪،‬‬ ‫َت ت ََّام ًة كُتِ َب ْ‬‫َل ِالَئِكَتِ ِه َو ُه َو َأ ْع َل ُم‪ :‬ا ْن ُظ ُروا ِف َصال َِة َع ْب ِدي َأ َت َّ َها َأ ْم َن َق َص َها؟ َفإِ ْن كَان ْ‬
‫َان َل ُه َت َط ُّو ٌع؛ َق َال‪َ :‬أ ِتُّوا‬‫َوإِ ِن ا ْن َت َق َص ِمن َْها َش ْيئ ًا‪َ ،‬ق َال‪ :‬ا ْن ُظ ُروا َه ْل لِ َع ْب ِدي ِم ْن َت َط ُّوعٍ؟‪َ ،‬فإِ ْن ك َ‬ ‫‪614‬‬
‫يض َت ُه ِم ْن َت َط ُّو ِع ِه‪ُ ،‬ث َّم ت ُْؤ َخ ُذ األَ ْع َم ُل َع َل َذاك ُْم (‪ .)1‬واهلل أعلم‪.‬‬ ‫لِ َع ْب ِدي َف ِر َ‬
‫***‬

‫الست من شوال‪ ،‬حيث إنه يوجد لدينا إجازة‬


‫ّ‬ ‫*سؤال‪ :‬متى ُيمكن أن أبدأ بصيام‬
‫سنوية اآلن؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫الست من شوال ابتداء من ثاين أيام شوال؛ ّ‬


‫ألن يوم العيد حيرم‬ ‫ّ‬ ‫ُيمكن الرشوع بصيام‬
‫رب عاجله‪.‬‬
‫أي أيام شوال شئت‪ ،‬وخري ال ّ‬
‫الست يف ّ‬
‫ّ‬ ‫صيامه‪ ،‬و ُيمكن أن تصوم‬

‫وقد جاء إىل اللجنة الدائمة السؤال التايل‪ :‬هل صيام األيام الستة تلزم بعد شهر‬
‫رمضان عقب يوم العيد مبارشة‪ ،‬أو جيوز بعد العيد بعدة أيام متتالية يف شهر شوال أو ال؟‬

‫فأجابت بام ييل‪« :‬ال يلزمه أن يصومها بعد عيد الفطر مبارشة‪ ،‬بل جيوز أن يبدأ‬
‫صومها بعد العيد بيوم أو أيام‪ ،‬وأن يصومها متتالية أو متفرقة يف شهر شوال‪ ،‬حسب ما‬
‫يتيرس له‪ ،‬واألمر يف ذلك واسع‪ ،‬وليست فريضة‪ ،‬بل هي سنة»)‪ .(2‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬بالنسبة لصيام ستة أيام من شوال بعد رمضان هل ُيشرتط أن تكون متتابعة؟‬
‫أفرقها؟ حيث إنني أريد أن أصومها عىل ثالث دفعات‪ :‬يومني يف‬
‫أم ُيمكن أن ّ‬
‫اإلجازة األسبوعية يف هناية كل أسبوع‪.‬‬

‫((( رواه أبو داود (‪ ،)864‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع (‪.)2571‬‬


‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)391/10‬‬
‫لاوش نم تسلا‬

‫*جواب‪:‬‬

‫ال ُيشرتط التتابع فيها‪ ،‬فلو صامها متفرقة أو متتابعة؛ فال بأس بذلك‪ ،‬وكلام بادر كان‬
‫أفضل‪ ،‬ملا يف التأخري من اآلفات‪ ،‬وإليه ذهب الشافعية وبعض احلنابلة‪ ،‬لكن ال حرج يف‬
‫‪615‬‬ ‫عدم املبادرة‪ ،‬فلو أخرها إىل وسط الشهر أو آخره فال بأس‪.‬‬

‫قال النووي ‪« :V‬قال الشافعية‪ :‬يستحب صوم ستة أيام من شوال هلذا احلديث‪،‬‬
‫قالوا‪ :‬ويستحب أن يصومها ُم َتتَابِ َع ًة يف أول شوال‪ ،‬فإن فرقها أو أخرها جاز‪ ،‬وكان‬
‫فاع ً‬
‫ال ألصل هذه السنة؛ لعموم احلديث وإطالقه‪ ،‬وهذا ال خالف فيه عندنا‪ ،‬وبه قال‬
‫أمحد‪ ،‬وداود»)‪ .(1‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬هل من صام ستة أيام من شوال بعد شهر رمضان إال أنه مل يكمل صوم‬
‫رمضان‪ ،‬حيث قد أفطر من شهر رمضان عرشة أيام بعذر رشعي‪ ،‬هل يثبت له ثواب‬
‫من أكمل صيام رمضان وأتبعه ست ًا من شوال‪ ،‬وكان كمن صام الدهر كله؟ أفيدونا‬
‫جزاكم اهلل خري ًا‪.‬‬

‫*جواب‪:‬‬

‫« تقدير ثواب األعامل التي يعملها العباد هلل‪ ،‬هو من اختصاص اهلل جل وعال‪،‬‬
‫والعبد إذا التمس األجر من اهلل جل وعال واجتهد يف طاعته؛ فإنه ال يضيع أجره‪،‬‬
‫والذي ينبغي ملن كان عليه يشء من أيام رمضان‪ :‬أن يصومها أوالً‪ ،‬ثم يصوم ستة أيام‬
‫من شوال؛ ألنه ال يتحقق له اتباع صيام رمضان لست من شوال‪ ،‬إال إذا كان قد أكمل‬
‫صيامه )‪ .(2‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫((( املجموع رشح املهذب (‪.)379/6‬‬


‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)392/10‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*سؤال‪ :‬هل جيوز أن أصوم الستة أيام من شوال بنفس النية بقضاء األيام التي أفطرت‬
‫فيها يف رمضان بسبب احليض؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫‪616‬‬
‫ال يصح ذلك؛ ألن صيام ستة أيام من شوال ال تكون إال بعد صيام رمضان كامالً‪.‬‬

‫قال ابن عثيمني ‪« :V‬من صام يوم عرفة‪ ،‬أو يوم عاشوراء‪ ،‬وعليه قضاء من‬
‫رمضان؛ فصيامه صحيح‪ ،‬لكن لو نوى أن يصوم هذا اليوم عن قضاء رمضان؛ حصل‬
‫له األجران‪ :‬أجر يوم عرفة‪ ،‬وأجر يوم عاشوراء مع أجر القضاء‪ ،‬هذا بالنسبة لصوم‬
‫التطوع املطلق الذي ال يرتبط برمضان‪.‬‬

‫أما صيام ستة أيام من شوال‪ :‬فإهنا مرتبطة برمضان‪ ،‬وال تكون إال بعد قضائه‪ ،‬فلو‬
‫ان‪،‬‬
‫«م ْن َصا َم َر َم َض َ‬
‫صامها قبل القضاء مل حيصل عىل أجرها؛ لقول النبي ‪َ :H‬‬
‫َان ك ِ‬
‫َص َيا ِم الدَّ ْه ِر (‪ ،)1‬ومعلوم أن من عليه قضاء‪ ،‬فإنه ال يعد‬ ‫ُثم َأ ْت َب َع ُه ِس ّت ًا ِم ْن َش َّو ٍ‬
‫ال؛ ك َ‬ ‫َّ‬
‫صائ ًام رمضان‪ ،‬حتى يكمل القضاء»)‪ .(2‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سـؤال‪ :‬شـخص يصوم سـت شـوال‪ ،‬أتاه مـرض أو مانع أو تكاسـل عـن صيامها‬
‫يف إحـدى السـنوات‪ ،‬هـل عليـه إثـم؟ ألننـا نسـمع أنـه مـن يصومها يف عـام جيب‬
‫عليـه عـدم تركها‪.‬‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«صيام ستة أيام من شوال بعد يوم العيد سنة‪ ،‬وال جيب عىل من صامها ‪-‬مرة‬
‫أو أكثر‪ -‬أن يستمر عىل صيامها‪ ،‬وال يأثم من ترك صيامها )‪ .(3‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫((( رواه مسلم (‪.)1164‬‬


‫((( فتاوى الصيام (ص‪.)438‬‬
‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)391/10‬‬
‫لاوش نم تسلا‬

‫*سؤال‪ :‬رجل يريد صيام ٍ‬


‫ست من شوال‪ ،‬ويف أحد األيام نوى أن يصومه لكنه أفطر‬
‫بدون عذر‪ ،‬ومل يتم صيامه فهل يقىض هذا اليوم بعد ما يصوم ست ًا من شوال‪ ،‬ويكون‬
‫عدد األيام التي صامها سبع ًا‪ ،‬أم يصوم ست ًا من شوال فقط؟‬

‫‪617‬‬ ‫*جواب‪:‬‬

‫اختلف العلامء فيمن رشع يف صيام نفل هل جيب عليه إمتامه أم ال؟ عىل قولني‪:‬‬

‫القول األول‪ :‬أنه ال يلزم إمتام صيام النفل‪ ،‬وهذا مذهب الشافعية واحلنابلة‪،‬‬
‫واستدلوا بام ييل‪:‬‬
‫‪ .1‬ثبت عن النبي ‪ H‬من حديث عائشة ‪ :J‬أنه دخل عليها ذات يوم‬
‫ش ٌء؟ ‪ ،‬فقالت‪ :‬ال‪ ،‬فقال‪« :‬إِ ِّن إِذ ًا َصائِ ٌم (‪.)1‬‬ ‫ِ‬
‫«ه ْل عنْدَ ك ُْم َ ْ‬
‫ضحى‪ ،‬فقال‪َ :‬‬
‫‪ .2‬عن أيب جحيفة قال‪ :‬جاء أبو الدرداء فصنع لسلامن طعام ًا‪ ،‬قال‪ :‬كل فإين صائم‪،‬‬
‫قال سلامن‪ :‬ما أنا بآكل حتى تأكل‪ ،‬قال‪ :‬فأكل‪ ،‬فقال له سلامن‪ :‬إن لربك عليك‬
‫حق ًا‪ ،‬ولنفسك عليك حق ًا‪ ،‬وألهلك عليك حق ًا؛ فأعط كل ذي حق حقه‪ ،‬فأتى‬
‫«صدَ َق َس ْل َم ُن (‪.)2‬‬
‫النبي ‪ H‬فذكر ذلك له‪ ،‬فقال النبي ‪َ :H‬‬
‫‪ .3‬عن أيب سعيد اخلدري ‪ ،I‬قال‪ :‬صنعت للنبي ‪ H‬طعا ًما‪ ،‬فلام وضع‪،‬‬
‫ك‪،‬‬‫ف َل َ‬ ‫اك َأ ُخ َ‬
‫وك‪َ ،‬و َت َك َّل َ‬ ‫قال رجل‪ :‬أنا صائم‪ ،‬فقال رسول اهلل ‪َ « :H‬د َع َ‬
‫ِ‬
‫َأ ْفط ْر‪َ ،‬و ُص ْم َي َ‬
‫وم ًا َمكَا َن ُه (‪.)3‬‬

‫القول الثاين‪ :‬أنه يلزم إمتام النفل‪ ،‬فإن أفسده فعليه القضاء‪ ،‬وهذا مذهب احلنفية‪،‬‬
‫واستدلوا عىل وجوب القضاء بام ييل‪:‬‬

‫‪ .1‬عـن عائشـة ‪ J‬قالت‪ :‬أهـدي يل وحلفصة طعـام‪ ،‬وكنا صائمتين‪ ،‬فأفطرنا‪،‬‬


‫ثـم دخـل رسـول اهلل ‪ ،H‬فقلنا له‪ :‬يا رسـول اهلل‪ ،‬إنـا أهديت لنـا هدية‬

‫((( رواه مسلم (‪.)1154‬‬


‫((( رواه البخاري (‪.)1867‬‬
‫((( رواه الدارقطني (‪ ،)177/2‬وحسنه احلافظ يف الفتح (‪.)210/4‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫ومـا َمكَا َن ُه‬ ‫فاشـتهيناها‪ ،‬فأفطرنـا‪ ،‬فقـال رسـول اهلل ‪« :H‬الَ َع َل ْيك َ‬
‫ُما‪ُ ،‬ص َ‬
‫َي ْومـ ًا َ‬
‫آخ َر (‪.)1‬‬

‫‪ .2‬يف حديث عائشة السابق‪ ،‬زاد بعضهم‪َ « :‬ق َال‪َ :‬أ ُصو ُم َي ْوم ًا َمكَا َن ُه (‪.)2‬‬
‫‪618‬‬
‫والقول األول هو الراجح؛ لقوة أدلته‪.‬‬

‫وعليه‪ :‬فال يلزمك قضاء ذلك اليوم الذي أفطرته؛ ألن املتطوع أمري نفسه‪ ،‬وإنام‬
‫أكمل صيام ست من شوال‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬ماذا ترى يف صيام ستة أيام بعد رمضان من شهر شوال‪ ،‬ففي موطأ مالك‪:‬‬
‫أن اإلمام مالك بن أنس قال يف صيام ستة أيام بعد الفطر من رمضان‪ :‬إنه مل ير أحد ًا‬
‫من أهل العلم والفقه يصومها‪ ،‬ومل يبلغه ذلك عن أحد من السلف‪ ،‬وأن أهل العلم‬
‫يكرهون ذلك‪ ،‬وخيافون بدعته‪ ،‬وأن يلحق برمضان ما ليس منه‪ ،‬هذا الكالم يف‬
‫املوطأ (‪.)228/1‬‬

‫*جواب‪:‬‬

‫ان‪ُ ،‬ث َّم‬


‫«م ْن َصا َم َر َم َض َ‬
‫«ثبت عن أيب أيوب ‪ I‬أن رسول اهلل ‪ ،H‬قال‪َ :‬‬
‫اك ِص َيا ُم الدَّ ْه ِر (‪.)3‬‬ ‫َأ ْت َب َع ُه ِس ّت ًا ِم ْن َش َّو ٍ‬
‫ال؛ َف َذ َ‬

‫فهذا حديث صحيح‪ ،‬يدل عىل أن صيام ستة أيام من شوال سنة‪ ،‬وقد عمل به‬
‫الشافعي‪ ،‬وأمحد‪ ،‬ومجاعة من أئمة من العلامء‪ ،‬وال يصح أن يقابل هذا احلديث بام يعلل به‬
‫بعض العلامء لكراهة صومها؛ من خشية أن يعتقد اجلاهل أهنا من رمضان‪ ،‬أو خوف أن‬

‫((( رواه أبو داود (‪ ،)2457‬والرتمذي (‪ ،)735‬وضعفه النووي يف املجموع (‪ ،)396/6‬وابن القيم يف زاد‬
‫املعاد (‪.)79/2‬‬
‫((( رواه النسائي يف السنن الكربى (‪ ،)3300‬والدارقطني(‪ ،)177/2‬والبيهقي(‪ ،)395/2‬وثالثتهم‬
‫ضعفوا هذه الزيادة‪.‬‬
‫((( رواه مسلم (‪.)1164‬‬
‫لاوش نم تسلا‬

‫يظن وجوهبا‪ ،‬أو بأنه مل يبلغه عن أحد ممن سبقه من أهل العلم أنه كان يصومها‪ ،‬فإنه من‬
‫الظنون‪ ،‬وهي ال تقاوم السنة الصحيحة‪ ،‬ومن علم حجة عىل من مل يعلم»)‪ .(1‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫‪619‬‬ ‫*سؤال‪ :‬هل حيصل الفضل ملن صام ثالث من الست من شوال مع البيض‪ ،‬بنية واحدة؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫سألت شيخنا الشيخ عبد العزيز بن عبد اهلل بن باز ‪ V‬عن هذه املسألة‪.‬‬
‫ُ‬

‫الست‪ ،‬كام يصدق أنه صام‬


‫ّ‬ ‫فأجاب‪« :‬بأنه ُيرجى له ذلك؛ ألنّه يصدق أنه صام‬
‫البيض‪ ،‬وفضل اهلل واسع ‪.‬‬

‫وعن املسألة نفسها أجابني فضيلة الشيخ حممد بن صالح العثيمني ‪ V‬بام ييل‪:‬‬

‫«نعم‪ ،‬إذا صام ست أيام من شوال؛ سقطت عنه البيض‪ ،‬سواء صامها عند البيض‪،‬‬
‫أو قبل أو بعد؛ ألنه يصدق عليه أنه صام ثالثة أيام من الشهر‪ ،‬وقالت عائشة ‪:J‬‬

‫«كان النبي ‪ H‬يصوم ثالثة أيام من كل شهر‪ ،‬ال يبايل أصامها من أول الشهر‪،‬‬
‫أو وسطه‪ ،‬أو آخره‪ ،‬وهي من جنس سقوط حتية املسجد بالراتبة‪ ،‬فلو دخل املسجد‪،‬‬
‫وصىل السنة الراتبة؛ سقطت عنه حتية املسجد ‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سـؤال‪ :‬حـدث أن أصبـت بمـرض‪ ،‬ونذرت إن شـفيت منـه أن أصوم مخسـة عرش‬
‫يومـ ًا هلل ‪ ،D‬ومل أحـدد يف أي وقـت‪ ،‬وقـد شـفيت واحلمـد هلل‪ ،‬وبـدأت الصيـام‬
‫يف شـهر رجـب‪ ،‬وصمـت مخسـة أيـام وتعبـت‪ ،‬ثـم صمت مخسـة أيـام يف شـعبان‬
‫وتعبـت‪ ،‬ثـم جـاء رمضـان‪ ،‬فصمتـه‪ ،‬ونحن اآلن يف شـهر شـوال‪ ،‬فهـل األوىل أن‬
‫أصـوم السـت مـن شـوال أو أصـوم اخلمسـة األيـام املتبقيـة مـن النـذر؟ أفيـدوين‬
‫بـارك اهلل فيكم‪.‬‬

‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)389/10‬‬


‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«عليك أوالً أن تصومي بقية النذر‪ ،‬ثم تصومي الستة من شوال إذا متكنت من ذلك‪،‬‬
‫وإن تركتيها فال بأس؛ ألن الصوم للستة من شوال مستحب وليس بواجب‪ ،‬أما صوم‬
‫النذر فهو واجب فريضة‪ ،‬فالواجب عليك أن تبدئي بالفريضة قبل النافلة‪ ،‬وإذا كنت‬ ‫‪620‬‬

‫قد نويت التتابع ‪-‬أنك تصومني مخسة عرش يوم ًا متتابعة‪-‬؛ فالبد أن تصوميها متتابعة‪،‬‬
‫وال جيوز تفريقها بل عليك أن تصوميها متتابعة‪ ،‬والصوم السابق ُي ْلغى‪.‬‬

‫أمـا إذا نويـت صيامهـا غير متتابعـة‪ ،‬فقـد وجب عليـك الباقـي‪ ،‬وهي مخسـة أيام‬
‫تصومينهـن إن شـاء اهلل‪ ،‬وانتهـى األمر‪.‬‬

‫«ل َتن ِْذ ُروا‪،‬‬


‫وال ينبغي أن تنذري بعد ذلك‪ ،‬فالنذر ال ينبغي‪ ،‬يقول النبي ‪َ :H‬‬
‫خ ِ‬
‫يل ‪.‬‬ ‫َفإِ َّن الن َّْذر َل يرد َشيئًا ِمن ال َقدَ ِر‪ ،‬وإِنَّم يستَخْ رج بِ ِه ِمن الب ِ‬
‫ْ َ‬ ‫َ َ ُ ْ َ ُ‬ ‫َ َ ُ ُّ ْ ْ‬

‫فال ينبغي النذر ال للمريض‪ ،‬وال غري املريض‪ ،‬ولكن متى نذر اإلنسان طاعة هلل؛‬
‫ِ‬
‫«م ْن ن ََذ َر َأ ْن ُيط َ‬
‫يع اللََّ؛‬ ‫وجب عليه الوفاء كالصوم والصالة؛ لقول النبي ‪َ :H‬‬
‫َف ْل ُيطِ ْع ُه‪َ ،‬و َم ْن ن ََذ َر َأ ْن َي ْع ِص َي ُه؛ َف َل َي ْع ِص ِه ‪.‬‬

‫فإذا نذر اإلنسان صوم أيام معدودة‪ ،‬أو صالة ركعتني‪ ،‬أو صدقة بكذا من املال؛‬
‫لزمه أن يويف بام نذر من الطاعات؛ ألن اهلل مدح املؤمنني فقال‪( :‬ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ‬
‫ﭝ ﭞ ﭟ) [اإلنسان‪.]7 :‬‬

‫وألن الرسول ‪ H‬أمر بالوفاء كام يف احلديث السابق‪ ،‬فالنذر ليس هو سبب ًا‬
‫للربء‪ ،‬وليس سببا حلصول احلاجة املطلوبة‪ ،‬فال حاجة إليه‪ ،‬ولكنه يشء يكلف اإلنسان‬
‫به نفسه‪ ،‬ويستخرج به من البخيل‪ ،‬ثم بعد ذلك يندم ويقع يف احلرج ويود أنه مل ينذر‪،‬‬
‫فالرشيعة بحمد اهلل جاءت بام هو أرفق وأنفع للناس‪ ،‬وهو النهي عن النذر»)‪.(1‬‬
‫***‬

‫((( فتاوى نور عىل الدرب للشيخ عبد العزيز بن باز (‪.)1261/3‬‬
‫لاوش نم تسلا‬

‫*سؤال‪ :‬ما حكم صيام الست من شوال؟‪ ،‬وهل هي واجبة؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫صيام ست من شوال بعد فريضة رمضان سنّة مستح ّبة‪ ،‬وليست بواجب‪ ،‬ويرشع‬
‫‪621‬‬ ‫للمسلم صيام ستة أيام من شوال‪ ،‬ويف ذلك فضل عظيم‪ ،‬وأجر كبري؛ ذلك أن من‬
‫صامها؛ يكتب له أجر صيام سنة كاملة‪ ،‬كام صح ذلك عن املصطفى ‪ ،H‬كام يف‬
‫حديث أيب أيوب ‪ ،I‬أن رسول اهلل ‪ H‬قال‪« :‬من صام رمضان‪ ،‬وأتبعه ستا‬
‫من شوال؛ كان كصيام الدهر (‪.)1‬‬
‫فس ذلك النبي ‪ H‬بقوله‪« :‬من صام ستة أيام بعد الفطر‪ ،‬كان متام السنة ‪،‬‬
‫وقد ّ‬
‫«من جاء باحلسنة فله عرش أمثاهلا ‪« ،‬ويف رواية‪« :‬جعل اهلل احلسنة بعرش أمثاهلا‪ ،‬فشهر‬
‫بعرشة أشهر‪ ،‬وصيام ستة أيام متام السنة (‪،)2‬ويف رواية‪« :‬صيام شهر رمضان بعرشة‬
‫أمثاهلا‪ ،‬وصيام ستة أيام بشهرين‪ ،‬فذلك صيام السنة (‪.)3‬‬
‫رصح الفقهاء من احلنابلة والشافعية‪ :‬بأن صوم ستة أيام من شوال بعد رمضان‪،‬‬
‫وقد ّ‬
‫يعدل صيام سنة فرضا‪ ،‬وإال ّ‬
‫فإن مضاعفة األجر عموما ثابت‪ ،‬حتى يف صيام النافلة؛‬
‫ألن احلسنة بعرشة أمثاهلا‪.‬‬
‫ست من شوال‪ ،‬تعويض النّقص الذي حصل يف‬ ‫املهمة لصيام ّ‬ ‫ثم ّ‬
‫إن من الفوائد ّ‬
‫صيام الفريضة يف رمضان‪ ،‬إذ ال خيلو الصائم من حصول تقيص‪ ،‬أو ذنب مؤ ّثر سلبا يف‬
‫صيامه‪ ،‬ويوم القيامة ُيؤخذ من النوافل جلربان نقص الفرائض‪ ،‬كام قال ‪« :H‬إن‬
‫أول ما حياسب الناس به يوم القيامة من أعامهلم الصالة‪ ،‬قال‪ :‬يقول ربنا ‪ D‬ملالئكته‬
‫‪-‬وهو أعلم‪ :-‬انظروا يف صالة عبدي أمتها أم نقصها؟‪ ،‬فإن كانت تامة كتبت تامة‪،‬‬
‫وإن انتقص منها شيئا‪ ،‬قال‪ :‬انظروا هل لعبدي من تطوع‪ ،‬فإن كان له تطوع‪ ،‬قال‪ :‬أمتوا‬
‫لعبدي فريضته من تطوعه‪ ،‬ثم تؤخذ األعامل عىل ذاكم (‪ .)4‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫((( رواه مسلم (‪ ،)1984‬والرتمذي (‪ ،)690‬وابن ماجه (‪.)1706‬‬


‫((( رواه النسائي يف الكربى (‪ ،)2861‬وهو يف صحيح الرتغيب والرتهيب (‪.)421/1‬‬
‫((( رواه ابن خزيمة (‪.)2115‬‬
‫((( رواه أبو داود (‪ ،)864‬وصححه األلباين يف صحيح أيب داود‪.‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*سؤال‪ :‬إذا صام ستة أيام من شوال يف ذي القعدة‪ ،‬فهل حيصل له األجر اخلاص هبا؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«أما إن كان له عذر‪ ،‬من مرض‪ ،‬أو حيض‪ ،‬أو نفاس‪ ،‬أو نحو ذلك من األعذار‪،‬‬
‫‪622‬‬
‫التي بسببها أخر صيام قضائه‪ ،‬أو أخر صيام الست‪ ،‬فال َّ‬
‫شك يف إدراك األجر اخلاص‪،‬‬
‫نصوا عىل ذلك‪.‬‬
‫وقد ُّ‬

‫وأما إذا مل يكن له عذر أصالً‪ ،‬بل أخر صيامها إىل ذي القعدة أو غريه‪ ،‬فظاهر النص‬
‫يدل عىل‪ :‬أنَّه ال يدرك الفضل اخلاص‪ ،‬وأنَّه سنة يف وقت فات حمله‪ ،‬كام إذا فاته صيام‬
‫عرش ذي احلجة أو غريها حتى فات وقتها‪ ،‬فقد زال ذلك املعنى اخلاص‪ ،‬وبقي الصيام‬
‫املطلق (‪.)1‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬هل يصح أن أصوم ستة شوال يف يوم االثنني واخلميس‪ ،‬ألحصل عىل ثواب‬
‫صيام االثنني واخلميس؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫نعم‪ ،‬ال حرج من ذلك‪ ،‬ويكتب لك ثواب صيام الستة أيام‪ ،‬وصيام االثنني‬
‫واخلميس‪.‬‬

‫قـال ابـن عثيمين ‪« :V‬إذا اتفـق أن يكـون صيـام هـذه األيـام السـتة يف يـوم‬
‫االثنين أو اخلميـس؛ فإنـه حيصل عىل أجـر االثنني بنيـة أجر األيـام السـتة‪ ،‬وبنية أجر‬
‫ـات‪َ ،‬وإِن ََّم لِـك ُِّل ْام ِر ٍئ‬
‫يـوم االثنين أو اخلميس؛ لقولـه ‪« :H‬إِنَّما األَعما ُل بِالنِّي ِ‬
‫َّ‬ ‫َ ْ َ‬
‫َـوى »(‪ .)2‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫َمـا ن َ‬
‫***‬

‫((( الفتاوى السعدية (ص‪.)230‬‬


‫((( رواه البخاري (‪ ،)1‬ومسلم (‪ ،)1907‬فتاوى إسالمية (‪.)154/2‬‬
‫لاوش نم تسلا‬

‫*سؤال‪ :‬أريد أن أعرف حكم مواصلة الصيام دون توقف حتى بعد االنتهاء من‬
‫عيل من صيام‪ ،‬ثم صمت الست من شوال‪ ،‬ثم‬
‫الست من شوال‪ ،‬فقد قضيت ما كان ّ‬
‫رأى زوجي أن نستمر يف الصيام تطوع ًا‪ ..‬فام حكم الرشع يف هذا؟ جزاكم اهلل خري ًا‪.‬‬

‫‪623‬‬ ‫*جواب‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬ال بأس أن يصل اإلنسان صوم التطوع بصوم القضاء‪ ،‬أو الست من شوال؛‬
‫لعموم األدلة الدالة عىل الرتغيب بصيام التطوع‪ ،‬من غري فصل بني التطوع والقضاء‪.‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬إن كان املقصود من استمراركم يف الصوم‪ ،‬بعد االنتهاء من صوم الست‬
‫من شوال‪ ،‬رسد صوم التطوع حتى هناية شوال‪ ،‬أو أياما معينة ترون أن تتطوعوا هلل‬
‫بصومها؛ فهذا ال بأس به‪ ،‬ما مل يترضر أي منكام بذلك‪ ،‬أو يضيع به حق غريه‪.‬‬

‫مع أن اهلدي الفاضل يف ذلك أال يتم صيام شهر‪ ،‬سوى شهر رمضان‪ ،‬بل خيلط‬
‫صومه بفطر‪ ،‬وفطره بصوم‪ ،‬كام كان هدي النبي ‪.H‬‬

‫ول َل ُي ْفطِ ُر‪،‬‬ ‫ول ال َّل ِه ‪َ H‬ي ُصو ُم‪َ ،‬حتَّى َن ُق َ‬ ‫َع ْن َع ِائ َش َة ‪َ J‬قا َل ْت‪« :‬ك َ‬
‫َان َر ُس ُ‬
‫اس َتك َْم َل ِص َيا َم َش ْه ٍر إِ َّل‬ ‫ول َل يصوم‪َ ،‬فم ر َأي ُت رس َ ِ‬ ‫ِ‬
‫ول ال َّله ‪ْ H‬‬ ‫َو ُي ْفط ُر‪َ ،‬حتَّى َن ُق َ َ ُ ُ َ َ ْ َ ُ‬
‫ان»(‪.)1‬‬ ‫ان‪َ ،‬و َما َر َأ ْي ُت ُه َأ ْك َث َر ِص َيا ًما ِمنْ ُه ِف َش ْع َب َ‬
‫َر َم َض َ‬

‫قال الشيخ ابن جربين ‪« :V‬جيوز رسد الصوم أيام ًا متتابعة‪ ،‬ثم رسد اإلفطار أيام ًا‬
‫أخرى‪ ،‬والدليل احلديث املذكور يف السؤال؛ ألن ذلك تطوع مستحب»(‪.)2‬‬

‫وأما إن كان املقصود هو رسد الصوم إىل العام القادم‪ ،‬عدا يومي العيدين‪ ،‬وأيام‬
‫الترشيق‪ ،‬فهذا يسمى عند العلامء بصوم الدهر‪ ،‬وحكمه أنه مكروه عىل الصحيح من‬
‫أقوال العلامء‪.‬‬

‫ولالستزادة ينظر جواب سؤال رقم (‪ .)144592‬واهلل أعلم‪.‬‬


‫***‬

‫((( رواه البخاري (‪.)1969‬‬


‫((( فتاوى الشيخ ابن جربين (‪.)3/14‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*سؤال‪ :‬لدي سؤال فيام خيص القسم باهلل‪ ،‬وهو أنني أقسمت باهلل عىل أن ال أذهب‬
‫إىل املكان الفالين‪ ،‬ولكن بعد أسبوع من ذلك ذهبت إىل ذلك املكان‪ ،‬وقررت أن‬
‫أصوم ثالثة أيام يف الست من الشوال‪ ،‬هل تعترب كفارة عن اليمني أو ماذا؟ وجزاكم‬
‫اهلل خري ًا‪.‬‬ ‫‪624‬‬

‫*جواب‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬ننبه األخ السائل إىل أمور مهمة قبل اإلجابة عن عني مسألته‪:‬‬

‫‪ .1‬األصل يف املسلم أن حيفظ يمينه من إلقائها هنا وهناك‪ ،‬عىل أمور ال تستحق أن‬
‫يكون معها القسم باهلل تعاىل‪ ،‬قال تعاىل‪( :‬ﯻ ﯼ) [املائدة‪.]89 :‬‬

‫قال الشيخ حممد بن صالح العثيمني ‪« :V‬األصل‪ :‬أنه ال ينبغي إكثار اليمني؛‬
‫لقول اهلل تعاىل (ﯻ ﯼ)‪ ،‬قال بعض العلامء يف تفسريها‪ :‬أي‪ :‬ال تكثروا‬
‫وأسلم لإلنسان‪ ،‬وأبر ُأ لذمته»(‪.)1‬‬
‫ُ‬ ‫األيامن‪ ،‬وال شك أن هذا أوىل‪،‬‬

‫حمرم ًا ال حيل‬
‫أقسـمت على عدم الذهـاب إليـه‪ ،‬إن كان مكانـ ًا َّ‬
‫َ‬ ‫‪ .2‬أن املـكان الـذي‬
‫لـك الذهـاب إليـه يف رشع اهلل تعـاىل؛ وجب عليـك الوفـاء بيمينك‪ ،‬وعـدم الذهاب‪،‬‬
‫وإن كان الذهـاب واجبـ ًا ‪ -‬كصلـة ِ‬
‫رحـم أو زيـارة قريـب؛ وجـب عليـك احلنـث يف‬
‫يمينـك‪ ،‬إن كان ذهابـك واجب ًا‪ ،‬واسـتُحب لـك احلنث إن كان الذهاب مسـتح ّب ًا‪ ،‬وإن‬
‫كان الذهـاب إىل ذلـك املـكان مباحـ ًا‪ ،‬فانظـر اخلير لدينـك ودنيـاك‪ ،‬واألتقـى لربك‬
‫تعـاىل‪ ،‬وافعلـه‪ ،‬فـإن كان الذهاب خير ًا وأتقى‪ ،‬فاذهـب وك ِّفر عن يمينـك‪ ،‬وإال فابق‬
‫على منع نفسـك مـن الذهـاب إليه‪.‬‬

‫ت َع َل َي ِم ٍ‬
‫ني‪،‬‬ ‫ول اهللِ ‪« :H‬إِ َذا َح َل ْف َ‬ ‫ح ِن ْب ِن َس ُم َرةَ‪َ ،‬ق َال‪َ :‬ق َال َر ُس ُ‬
‫الر ْ َ‬ ‫ِ‬
‫َع ْن َع ْبد َّ‬
‫ك (‪.)2‬‬‫ت ا َّل ِذي ُه َو َخ ْ ٌي‪َ ،‬و َك ِّف ْر َع ْن َي ِمين ِ َ‬
‫ت غَيها َخيا ِمنْها‪َ ،‬ف ْأ ِ‬
‫َف َر َأ ْي َ ْ َ َ ْ ً َ‬

‫((( الرشح املمتع (‪.)117 /15‬‬


‫((( رواه البخاري (‪ ،)6343‬ومسلم (‪.)1652‬‬
‫لاوش نم تسلا‬

‫ِ ٍ َ‬ ‫«م ْن َح َل َ‬ ‫َعن َأ ِب ُهرير َة َأ َّن رس َ ِ‬


‫ف َع َل َيمني‪َ ،‬ف َرأى غ ْ َ‬
‫َي َها‬ ‫ول اهلل ‪َ ،H‬ق َال‪َ :‬‬ ‫َ ُ‬ ‫ََْ‬ ‫ْ‬
‫َخ ْ ًيا ِمن َْها؛ َف ْل ُي َك ِّف ْر َع ْن َي ِمين ِ ِه‪َ ،‬و ْل َي ْف َع ْل ا َّل ِذي ُه َو َخ ْ ٌي (‪.)1‬‬

‫ويف «املوسوعة الفقهية»‪ُّ « :‬بر اليمني معناه‪ :‬أن يصدق يف يمينه‪ ،‬فيأيت بام حلف عليه‪،‬‬
‫‪625‬‬ ‫قال اهلل تعاىل‪( :‬ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ‬
‫ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ) [النحل‪.]91 :‬‬

‫وهو واجب يف احللف عىل فعل الواجب‪ ،‬أو ترك احلرام‪ ،‬فيكون يمني طاعة؛ جيب‬
‫الرب به بالتزام ما حلف عليه‪ ،‬وحيرم عليه احلنث فيه‪.‬‬
‫أما إن حلف عىل ترك واجب‪ ،‬أو فعل حمرم‪ ،‬فهو يمني معصية؛ جيب احلنث فيه‪.‬‬
‫فإن حلف عىل فعل نفل‪ ،‬كصالة تطوع‪ ،‬أو صدقة تطوع؛ فالتزام اليمني مندوب‪،‬‬
‫وخمالفته مكروهة‪.‬‬
‫فإن حلف عىل ترك نفل؛ فاليمني مكروهة‪ ،‬واإلقامة عليها مكروهة‪ ،‬والسنَّة أن‬
‫حينث فيها‪ ،‬وإن كانت عىل فعل مباح‪ ،‬فاحلنث هبا مباح‪ ،‬قال رسول اهلل ‪« :H‬إذا‬
‫حلفت عىل يمني‪ ،‬فرأيت غريها خريا منها؛ فأت الذي هو خري‪ ،‬وكفر عن يمينك (‪.)2‬‬

‫كنت‬
‫‪ .3‬قرارك يف أنك ستصوم ثالثة أيام مقابل احلنث يف يمينك ال جيوز‪ ،‬إال إن َ‬
‫عاجز ًا عن إطعام عرشة مساكني‪ ،‬أو كسوهتم‪ ،‬فكفارة اليمني هي‪ :‬إطعام عرشة‬
‫مساكني‪ ،‬أو كسوهتم‪ ،‬أو حترير رقبة‪ ،‬فمن مل جيد صام ثالثة أيام‪ ،‬قال اهلل تعاىل‪( :‬ﯓ‬
‫ﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡ‬
‫ﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲ‬
‫ﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃ‬
‫ﰄ) [املائدة‪.]89 :‬‬

‫وانظر السؤال (‪.)45676‬‬

‫((( رواه مسلم (‪.)1650‬‬


‫((( املوسوعة الفقهية (‪.)63 /8‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫ثاني ًا‪ :‬أما بخصوص سؤالك عن جعل صيام كفارة اليمني يف شوال‪ ،‬واحتساهبا من‬
‫األيام الستة منه‪ ،‬الوارد يف فضل صومه مع رمضان‪ ،‬أنه كصيام الدهر فرض ًا‪ ،‬فنقول‪:‬‬
‫إنه إن ترتب يف ذمتك الصيام؛ لعجزك عن اإلطعام‪ ،‬والكسوة؛ فال حتسبها من األيام‬
‫الستة من شوال‪ ،‬وال جيوز الترشيك بني نية واجبة‪ ،‬ونية نفل‪ ،‬وصيام الكفارة خمصوص‬
‫‪626‬‬
‫حيتاج لنية مستقلة‪ ،‬كام هو احلال يف صيام األيام الستة من شوال‪.‬‬

‫وعليـه‪ :‬فصيامـك لأليـام الثالثة كفـار ًة ليمينك؛ ال ُتسـب من صيام األيام السـتة‬
‫من شـوال‪.‬‬

‫سئل علامء اللجنة الدائمة‪ :‬هل صوم ستة من شوال‪ ،‬ويوم عاشوراء‪ ،‬ويوم عرفة‪،‬‬
‫هل جيزئ عن األيامن‪ ،‬وقد عجز املرء عىل حرصها؟‬

‫فأجابوا‪« :‬كفارة األيامن هي‪ :‬عتق رقبة مؤمنة‪ ،‬أو إطعام عرشة مساكني‪ ،‬أو كسوهتم‪،‬‬
‫فإن مل جتد شيئ ًا من ذلك؛ فتصوم عن كل يمني ثالثة أيام‪.‬‬

‫وأما عجزك عن حرص األيامن؛ فيجب عليك االجتهاد يف حرصها بالتقريب‪ ،‬ثم‬
‫التكفري فيام حنثت فيه منها‪ ،‬ويكفيك ذلك إن شاء اهلل‪.‬‬

‫وال جيزئ صيام يوم عاشوراء‪ ،‬وعرفة‪ ،‬وستة من شوال عن كفارة اليمني‪ ،‬إال إذا‬
‫نوى بصيامها أنه عن الكفارة ال التطوع»(‪.)1‬‬

‫الشيخ عبد العزيز بن باز‪ ،‬الشيخ عبد الرزاق عفيفي‪ ،‬الشيخ عبد اهلل بن غديان‪.‬‬

‫وسئل الشيخ حممد بن صالح العثيمني ‪ :V‬السائلة تذكر بأهنا حلفت‪ ،‬وتريد‬
‫أن تكفر عن هذا احللف بصيام ثالثة أيام‪ ،‬فهل جيوز أن أصومها مع صيام الست من‬
‫شوال‪ ،‬بحيث يكون صيامي ستة أيام؟‬

‫فأجاب‪« :‬أوالً‪ :‬ال جيوز للحالف إذا حنث يف يمينه أن يصوم‪ ،‬إال إذا كان ال جيد‬
‫إطعام عرشة مساكني‪ ،‬أو كسوهتم‪ ،‬أو حترير رقبة؛ ألن اهلل ‪ E‬قال‪:‬‬

‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)38 ،37 /23‬‬


‫لاوش نم تسلا‬

‫(ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ‬
‫ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ) [املائدة‪ ،]89 :‬وقد‬
‫اشتهر عند كثري من العامة‪ :‬أن كفارة اليمني إذا حنث احلالف‪ ،‬صيام ثالثة أيام ملن جيد‬
‫اإلطعام‪ ،‬أو الكسوة‪ ،‬أو العتق‪ ،‬ومن ال جيد‪ ،‬وهذا غلط‪ ،‬بل ال جيوز الصيام‪ ،‬إال إذا كان‬
‫‪627‬‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ‬ ‫احلالف الذي حنث ال جيد إطعام عرشة مساكني‪ ،‬أو جيد لكن ال جيد مساكني‪،‬‬
‫يصوم ثالثة أيام متتابعة‪.‬‬

‫ثم إذا كان يندرج حتت صيام األيام الثالثة؛ فإنه ال جيزئ أن ينوي هبا صيام ستة أيام‬
‫من شوال؛ ألهنام عبادتان مستقلتان‪ ،‬فال تغني إحدامها عن األخرى‪ ،‬بل يصوم ستة أيام‬
‫من شوال‪ ،‬ثم يصوم األيام الثالثة زائدة عىل صيام األيام الستة»(‪.)1‬‬

‫وال يشرتط يف األيام الثالثة أن تكون متتابعة‪ ،‬وقد بينَّا ذلك يف جواب السؤال رقم‬
‫(‪ ،)12700‬فلينظر‪ .‬واهلل أعلم‬

‫((( فتاوى نور عىل الدرب (‪.)2 /21‬‬


‫الصيام سؤال وجواب‬

‫صيام شهر اهلل‬ ‫‪628‬‬

‫المحرم وعاشوراء‬

‫*سؤال‪ :‬هل من السنة اإلكثار من الصيام يف شهر حمرم؟ وهل هلذا الشهر مزية عىل‬
‫غريه من الشهور؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫حلرم األربعة‪ ،‬قال تعاىل‪:‬‬


‫إن شهر حمرم هو أول الشهور العربية‪ ،‬وهو من أشهر اهلل ا ُ‬
‫(ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ‬
‫ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ) [التوبة‪.]36 :‬‬
‫ـد اسـتَدَ ار كَهيئَتِ ِ‬ ‫عـن أيب بكْـر َة ‪ ،I‬عـن النبي ‪ H‬قـال‪« :‬الزَّم ُ ِ‬
‫ـه َي ْو َم‬ ‫َ َْ‬ ‫ان َق ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ات‪:‬‬ ‫ـه ًرا‪ِ ،‬من َْها َأ ْر َب َع ٌة ُح ُر ٌم‪َ ،‬ثال َث ٌة ُمت ََوالِ َي ٌ‬
‫ش َش ْ‬ ‫السـنَ ُة ا ْثنَا َع َ َ‬
‫ِ‬
‫ـم َوات َواألَ ْر َض‪َّ ،‬‬ ‫َخ َل َق اهللُ َّ‬
‫الس َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ان (‪.)1‬‬ ‫جا َدى َو َشـ ْع َب َ‬ ‫ي َُ‬ ‫ض‪ ،‬ا َّلذي َب ْ َ‬‫ب ُم َ َ‬ ‫ُذو ال َق ْعـدَ ة‪َ ،‬و ُذو الح َّجـة‪َ ،‬و ُ‬
‫الم َح َّر ُم‪َ ،‬و َر َج ُ‬

‫وثبت عن النبي ‪ H‬أن أفضل الصيام بعد رمضان‪ ،‬صيام شهر حمرم‪ ،‬فعن‬
‫ان‪َ ،‬ش ْه ُر اهلل‬
‫الص َيا ِم َب ْعدَ َر َم َض َ‬ ‫أيب هريرة ‪ ،I‬قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪َ :H‬‬
‫«أ ْف َض ُل ِّ‬
‫يض ِة‪َ ،‬ص َ‬
‫ال ُة ال َّل ْي ِل (‪.)2‬‬ ‫الصال َِة َب ْعدَ ال َف ِر َ‬
‫الم َح َّر ُم‪َ ،‬و َأ ْف َض ُل َّ‬
‫ُ‬

‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)3167‬ومسلم (‪.)1679‬‬


‫((( رواه مسلم (‪.)1163‬‬
‫وشاعو مرحملا هللا رهش مايص‬

‫ال ّ‬
‫قط غري رمضان‪ ،‬ف ُيحمل هذا‬ ‫أن النبي ‪ H‬مل يصم شهر ًا كام ً‬
‫ولكن قد ثبت ّ‬
‫الصيام يف شهر حمرم‪ ،‬ال صومه كله‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫احلديث عىل الرتغيب يف اإلكثار من ّ‬
‫***‬

‫‪629‬‬ ‫*سؤال‪ :‬سمعت بأن صيام يوم عاشوراء يكفر السنة املاضية‪ ،‬فهل هذا صحيح؟‪،‬‬
‫وهل يكفر كل يشء حتى الكبائر؟‪ ،‬ثم ما هو السبب يف تعظيم هذا اليوم؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬صيام يوم عاشوراء يكفر السنة املاضية؛ لقول النبي ‪ِ :H‬‬
‫«ص َيا ُم َي ْو ِم‬
‫ور َاء‬‫اش َ‬ ‫السنَ َة ا َّلتِي َب ْعدَ ُه‪َ ،‬و ِص َيا ُم َي ْو ِم َع ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب َع َل اهلل َأ ْن ُي َك ِّف َر َّ‬
‫السنَ َة ا َّلتي َق ْب َل ُه‪َ ،‬و َّ‬
‫ِ‬
‫َع َر َف َة َأ ْحتَس ُ‬
‫السنَ َة ا َّلتِي َق ْب َل ُه (‪.)1‬‬ ‫ِ‬
‫ب َع َل اهلل َأ ْن ُي َك ِّف َر َّ‬
‫ِ‬
‫َأ ْحتَس ُ‬

‫وهذا من فضل اهلل علينا‪ ،‬أن أعطانا بصيام يوم واحد تكفري ذنوب سنة كاملة‪ ،‬واهلل‬
‫ذو الفضل العظيم‪.‬‬

‫وقد كان النبي ‪ H‬يتحرى صيام يوم عاشوراء؛ ملا له من املكانة‪ ،‬ف َع ْن‬
‫اس ‪َ L‬ق َال‪َ « :‬ما َر َأ ْي ُت النَّبِ َّي ‪َ H‬يت ََح َّرى ِص َيا َم َي ْو ٍم َف َّض َل ُه َع َل َغ ْ ِي ِه‪،‬‬ ‫ا ْب ِن َع َّب ٍ‬
‫ان»(‪.)2‬‬ ‫الش ْه َر َي ْعنِي َش ْه َر َر َم َض َ‬
‫ورا َء‪َ ،‬و َه َذا َّ‬ ‫إِال َه َذا ال َي ْو َم َي ْو َم َع ُ‬
‫اش َ‬

‫ومعنى «يتحرى» أي يقصد صومه؛ لتحصيل ثوابه والرغبة فيه‪.‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬وأما سبب صوم النبي ‪ H‬ليوم عاشوراء‪ ،‬وحث الناس عىل صومه؛‬
‫اس ‪َ L‬ق َال‪:‬‬ ‫فهو ما رواه البخاري (‪ ،)1865‬ومسلم (‪َ )1130‬ع ْن ا ْب ِن َع َّب ٍ‬
‫«ما َه َذا؟‬
‫ورا َء‪َ ،‬ف َق َال‪َ :‬‬‫اش َ‬ ‫الم ِدينَ َة‪َ ،‬ف َر َأى ال َي ُهو َد ت َُصو ُم َي ْو َم َع ُ‬
‫« َقد َم النَّبِ ُّي ‪َ H‬‬
‫ِ‬

‫وسى‪َ ،‬ق َال‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫َقا ُلوا‪ :‬ه َذا يوم صالِح‪ ،‬ه َذا يوم نَجى اهلل بنِي إِ ِ ِ‬
‫سائ َيل م ْن عَدُ ِّوه ْم؛ َف َصا َم ُه ُم َ‬ ‫َْ‬ ‫َُ‬ ‫َ َ ْ ٌ َ ٌ َ َ ْ ٌ َّ‬
‫وسى ِمنْك ُْم ‪َ ،‬ف َصا َم ُه َو َأ َم َر بِ ِص َي ِامه»‪.‬‬
‫« َف َأنَا َأ َح ُّق بِ ُم َ‬

‫((( رواه مسلم (‪.)1162‬‬


‫((( رواه البخاري (‪.)1867‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫قوله‪« :‬هذا يوم صالح» يف رواية هلام «هذا يوم عظيم أنجى اهلل فيه موسى وقومه‪،‬‬
‫وغرق فرعون وقومه»‪.‬‬
‫ّ‬

‫وسى ُشك ًْرا لِ َّل ِه»‪.‬‬


‫قوله‪« :‬فصامه موسى» ويف رواية هلام‪َ « :‬ف َصا َم ُم َ‬
‫‪630‬‬
‫ويف رواية هلام أيضا «ونحن نصومه؛ تعظيام له»‪.‬‬

‫قوله‪« :‬وأمر بصيامه» ويف رواية للبخاري‪« :‬فقال ألصحابه‪« :‬أنتم أحق بموسى‬
‫منهم‪ ،‬فصوموا »‪.‬‬

‫ثالث ًا‪ :‬تكفري الذنوب احلاصل بصيام يوم عاشوراء املراد به الصغائر‪ ،‬أما الكبائر‬
‫فتحتاج إىل توبة خاصة‪.‬‬

‫الص َغ ِائر‪َ ،‬و َت ْق ِد ُير ُه َي ْغ ِف ُر‬ ‫الذن ِ‬


‫ُوب َّ‬ ‫قال النووي ‪ُ « :V‬ي َك ِّف ُر صيام يوم عرفة ك َُّل ُّ‬
‫ُذنُو َب ُه ُك َّل َها إال ال َك َب ِائ َر ‪.‬‬

‫ورا َء َك َّف َار ُة َسن ٍَة‪َ ،‬وإِ َذا َوا َف َق‬‫اش َ‬ ‫«ص ْو ُم َي ْو ِم َع َر َف َة َك َّف َار ُة َسنَت ْ ِ‬
‫َي‪َ ،‬و َي ْو ُم َع ُ‬ ‫ثم قال ‪َ :V‬‬
‫ات َصالِ ٌح‬ ‫اح ٍد ِمن ه ِذ ِه الم ْذكُور ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬
‫الئك َِة ُغ ِفر َله ما َت َقدَّ م ِمن َذنْبِ ِه‪ ،‬ك ُُّل و ِ‬
‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ ُ َ‬
‫ني الم ِ‬ ‫ِ‬
‫ت َْأمينُ ُه ت َْأم َ َ‬
‫ِ‬

‫ف َص ِغ َري ًة َوال كَبِ َريةً؛ كُتِ َب ْت‬ ‫لِل َّتك ِْف ِري‪َ ،‬فإِ ْن وجدَ ما ي َك ِّفره ِمن الص َغ ِائ ِر َك َّفره‪ ،‬وإِ ْن َل يص ِ‬
‫اد ْ‬ ‫َ ُ َ ُْ َ‬ ‫َ َ َ ُ ُ ُ ْ َّ‬
‫ِ‬
‫ف َص َغائ َر‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ف كَبِ َري ًة َأ ْو َك َبائ َر‪َ ،‬و َل ْ ُي َصاد ْ‬ ‫ات‪َ ،‬وإِ ْن َصا َد َ‬ ‫َات‪َ ،‬و ُرفِ َع ْت َل ُه بِ ِه َد َر َج ٌ‬ ‫بِ ِه َح َسن ٌ‬
‫ف ِم ْن ال َك َب ِائ ِر»(‪.)1‬‬ ‫َر َج ْونَا َأ ْن ُ َ‬
‫ت ِّف َ‬

‫الصالة‪َ ،‬و ِص َيا ِم َر َم َض َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ان‪،‬‬ ‫«و َتكْف ُري ال َّط َه َارة‪َ ،‬و َّ‬
‫وقال شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪َ :V‬‬
‫لص َغ ِائ ِر َف َق ْط»(‪ .)2‬واهلل أعلم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ورا َء ل َّ‬ ‫َو َع َر َف َة‪َ ،‬و َع ُ‬
‫اش َ‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬هل جيوز أن أصوم عاشوراء فقط‪ ،‬دون صيام يوم قبله ‪-‬تاسوعاء‪،-‬‬
‫أو يوم بعده؟‬

‫((( املجموع رشح املهذب (‪)386/6‬‬


‫((( الفتاوى الكربى (‪.)344/5‬‬
‫وشاعو مرحملا هللا رهش مايص‬

‫*جواب‪:‬‬

‫ورا َء َك َّف َار ُة َسن ٍَة‪َ ،‬وال ُيك َْر ُه إ ْف َرا ُد ُه‬ ‫قال شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪ِ :V‬‬
‫«ص َيا ُم َي ْو ِم َع ُ‬
‫اش َ‬
‫بِ َّ‬
‫الص ْو ِم»(‪.)1‬‬
‫‪631‬‬
‫ويف حتفة املحتاج البن حجر اهليتمي ‪« :V‬وعاشوراء ال بأس بإفراده»)‪.(2‬‬

‫وقد سئلت اللجنة الدائمة هذا السؤال‪ ،‬فأجابت بام ييل‪:‬‬

‫«جيوز صيام يوم عاشوراء يوم ًا واحد ًا فقط‪ ،‬لكن األفضل صيام يوم قبله‪ ،‬أو يوم‬
‫السنَّة الثابتة عن النبي ‪ ،H‬بقوله‪« :‬لئن بقيت إىل قابل ألصومن‬
‫بعده‪ ،‬وهي ُ‬
‫التاسع (‪.)3‬‬

‫قال ابن عباس ‪« :L‬يعني مع العارش»‪ .‬وباهلل التوفيق»(‪.)4‬‬


‫***‬

‫*سؤال‪ :‬أريد أن أصوم عاشوراء هذه السنة‪ ،‬وأخربين بعض الناس بأن‪ :‬السنة أن‬
‫أصوم مع عاشوراء اليوم الذي قبله (تاسوعاء)‪ ،‬فهل ورد أن النبي ‪ H‬أرشد‬
‫إىل ذلك؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫ين صـام رس ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫عـن َع ْبـد ال َّل ِه ْبـن َع َّب ٍ‬
‫ـول ال َّله ‪َ H‬ي ْ‬
‫ـو َم‬ ‫ـاس ‪ L‬قـال‪« :‬ح َ َ َ َ ُ‬
‫ـول ال َّل ِه‪ ،‬إِنَّـ ُه َي ْو ٌم ُت َع ِّظ ُمـ ُه ال َي ُهـو ُد َوالن ََّص َارى‪،‬‬ ‫اشـوراء‪ ،‬و َأمـر بِ ِصي ِام ِ‬
‫ـه‪َ ،‬قا ُلـوا‪َ :‬يا َر ُس َ‬ ‫َع ُ َ َ َ َ َ َ‬
‫ِ‬ ‫ـول ال َّل ِه ‪َ « :H‬فـإِ َذا ك َ‬
‫ـع‬ ‫الم ْقبِ ُل إِ ْن َش َ‬
‫ـاء ال َّل ُه؛ ُص ْمنَا ال َي ْو َم التَّاس َ‬ ‫َان ال َعا ُم ُ‬ ‫ـال َر ُس ُ‬ ‫َف َق َ‬
‫ـول ال َّل ِه ‪.)5( H‬‬ ‫الم ْقبِ ُـل َحتَّى ت ُ‬
‫ُـو ِّ َف َر ُس ُ‬ ‫ِ‬
‫ـم َي ْأت ال َعـا ُم ُ‬ ‫ـال‪َ :‬ف َل ْ‬
‫َق َ‬

‫((( الفتاوى الكربى (‪.)378/5‬‬


‫((( (ج‪ /3‬باب صوم التطوع)‪.‬‬
‫((( رواه مسلم (‪.)1134‬‬
‫((( اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء (‪.)401/11‬‬
‫((( رواه مسلم (‪.)1916‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫قال الشافعي‪ ،‬وأصحابه‪ ،‬وأمحد‪ ،‬وإسحاق‪ ،‬وآخرون‪ :‬يستحب صوم التاسع‬


‫والعارش مجيعا؛ ألن النبي ‪ H‬صام العارش‪ ،‬ونوى صيام التاسع‪.‬‬
‫وعىل هذا فصيام عاشوراء عىل مراتب‪:‬‬
‫حمرم كان‬ ‫أدناها‪ :‬أن يصام وحده‪ ،‬وفوقه‪ :‬أن يصام التاسع معه‪ ،‬وك ّلام كثر ّ‬
‫الصيام يف ّ‬ ‫‪632‬‬

‫أفضل وأطيب‪.‬‬
‫فإن قلت ما احلكمة من صيام التاسع مع العارش؟‬
‫استِ ْح َب ِ‬
‫اب‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فاجلواب‪ :‬قال النووي ‪َ « :V‬ذك ََر ال ُع َل َم ُء م ْن َأ ْص َحابِنَا َو َغ ْ ِيه ْم ِف حك َْمة ْ‬
‫َاسو َعا َء َأ ْو ُج ًها‪:‬‬
‫َص ْو ِم ت ُ‬
‫اس‪.‬‬ ‫ود ِف ا ْقتِ َص ِار ِه ْم َع َل ال َع ِ ِ‬
‫اش‪َ ،‬و ُه َو َم ْر ِو ٌّي َع ْن ا ْب ِن َع َّب ٍ‬ ‫َأحدُ ها‪َ :‬أ َّن المراد ِمنْه مُ َا َل َف ُة اليه ِ‬
‫َُ‬ ‫َُ َ ُ‬ ‫َ َ‬
‫الج ُم َع ِة َو ْحدَ ُه‪.‬‬
‫ورا َء بِ َص ْو ٍم‪ ،‬ك ََم َنَى َأ ْن ُي َصا َم َي ْو ُم ُ‬ ‫الم َرا َد بِ ِه َو ْص ُل َي ْو ِم َع ُ‬
‫اش َ‬ ‫ال َّث ِان‪َ :‬أ َّن ُ‬
‫ُون الت ِ‬
‫َّاس ُع‬ ‫الل‪ ،‬وو ُقو ِع َغ َل ٍ‬
‫ط َف َيك ُ‬ ‫اله ِ َ ُ‬
‫ص ِ‬ ‫اط ِف َص ْو ِم ال َع ِ ِ‬
‫اش؛ َخ ْش َي َة َن ْق ِ‬ ‫االحتِ َي ُ‬
‫ث‪ْ :‬‬ ‫ال َّثالِ َ‬
‫س األَ ْم ِر»(‪.)1‬‬‫اش ِف َن ْف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ف ال َعدَ د ُه َو ال َع ُ‬
‫وأقوى هذه األوجه هو خمالفة أهل الكتاب‪ ،‬قال شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪:V‬‬
‫ورا َء‪َ « :‬لئِ ْن‬ ‫يث كَثِ َري ٍة‪ِ ،‬م ْث ُل َق ْولِ ِه ِف َع ُ‬
‫اش َ‬
‫َاب ِف َأح ِ‬
‫اد َ‬ ‫َ‬
‫«نى ‪َ H‬عن الت ََّشب ِه بِ َأه ِل ِ‬
‫الكت ِ‬ ‫ُّ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ََ‬
‫ِ‬ ‫ِع ْش ُ‬
‫ت َإل َقابِ ٍل‪ ،‬ألَ ُص َ‬
‫وم َّن التَّاس َع (‪.)2‬‬
‫وقال ابن حجر ‪ V‬يف تعليقه عىل حديث‪« :‬لئن بقيت إىل قابل‪ ،‬ألصومن التاسع ‪:‬‬
‫«ماهم به من صوم التاسع‪ُ ،‬يتمل معناه‪ :‬أن ال يقترص عليه‪ ،‬بل ُيضيفه إىل اليوم‬
‫ّ‬
‫العارش؛ إما احتياط ًا له‪ ،‬وإما خمالف ًة لليهود والنصارى‪ ،‬وهو األرجح‪ ،‬وبه ُيشعر بعض‬
‫روايات مسلم (‪ .)3‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫((( املجموع رشح املهذب (‪.)383/6‬‬


‫((( الفتاوى الكربى (‪.)175/6‬‬
‫((( فتح الباري (‪.)245/4‬‬
‫وشاعو مرحملا هللا رهش مايص‬

‫*سؤال‪ :‬كيف نصوم عاشوراء هذه السنة؟ نحن ال نعلم إىل اآلن متى دخل الشهر‪،‬‬
‫وهل ذو احلجة تسع وعرشون أم ثالثون‪ ،‬فكيف نحدد عاشوراء ونصومه؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫‪633‬‬
‫«إذا مل نعرف هل كان شهر ذي احلجة تام ًا (‪ 30‬يوم ًا)‪ ،‬أو ناقص ًا (‪ 29‬يوم ًا)‪ ،‬ومل‬
‫خيربنا أحد برؤية هالل حمرم متى كانت‪ ،‬فإننا نجري عىل األصل‪ ،‬وهو إكامل عدة‬
‫الشهر ثالثني يوم ًا‪ ،‬فنعترب ذي احلجة ثالثني‪ ،‬ثم نحسب عاشوراء بناء عىل ذلك‪ ،‬وإذا‬
‫أراد املسلم أن حيتاط لصيام عاشوراء بحيث يصيبه قطع ًا‪ ،‬فإنه يصوم يومني متتاليني‪،‬‬
‫فيحسب متى يكون عاشوراء إذا كان ذو احلجة تسع ًا وعرشين يوم ًا‪ ،‬ومتى يكون‬
‫عاشوراء إذا كان ذو احلجة ثالثني يوم ًا‪ ،‬ويصوم هذين اليومني‪ ،‬فيكون قد أصاب‬
‫عاشوراء قطع ًا‪ ،‬ويكون يف هذه احلالة إما أنه صام تاسوعاء وعاشوراء‪ ،‬أو صام‬
‫عاشوراء واحلادي عرش‪ ،‬وكالمها طيب‪ ،‬وإذا أراد االحتياط لصيام تاسوعاء أيض ًا‪،‬‬
‫فنقول له‪ :‬صم اليومني الذ ْين سبق احلديث عنهام‪ ،‬ويوم ًا آخر قبلهام مبارشة‪ ،‬فيكون‬
‫إما أنه صام التاسع والعارش واحلادي عرش‪ ،‬أو صام الثامن والتاسع والعارش‪ ،‬ويف كلتا‬
‫احلالتني يكون قد أصاب التاسع والعارش بالتأكيد‪.‬‬

‫ومن قال‪ :‬إن ظروف عميل وحالتي ال تسمح إال بصيام يوم واحد‪ ،‬فام هو أفضل‬
‫يوم أصومه؟‪ ،‬فنقول له‪ :‬أكمل عدة ذي احلجة ثالثني يوم ًا‪ ،‬ثم احسب العارش‪ُ ،‬‬
‫وص ْمه‪.‬‬

‫هذا مضمون ما سمعتُه‪ ،‬من شيخنا ابن باز ‪ ،V‬ملا سألته عن هذا األمر»)‪.(1‬‬

‫وإذا جاءنا خرب من مسلم ثقة بتعيني بداية حمرم برؤيته هلالله؛ عملنا بخربه‪ ،‬وصيام‬
‫ان‪َ ،‬ش ْهر اهللِ‬
‫الص َيا ِم َب ْعدَ َش ْه ِر َر َم َض َ‬ ‫شهر حمرم عموم ًا سنة؛ لقوله ‪َ :H‬‬
‫ُ‬ ‫«أ ْف َض ُل ِّ‬
‫الم َح َّر ُم (‪ .)2‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫ُ‬
‫***‬

‫((( سؤاالت الشيخ حممد املنجد للشيخ ابن باز‪.‬‬


‫((( رواه مسلم (‪.)1163‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*سؤال‪ :‬أعلم بفضيلة صيام يوم عاشوراء‪ ،‬وأنه يك ِّفر السنة التي قبله‪ ،‬ولكن ألن‬
‫العمل عندنا ٍ‬
‫جار بالتقويم امليالدي؛ مل أعلم بيوم عاشوراء إال يف صباحه‪ ،‬ومل أكن‬
‫أحصل فضيلة هذا اليوم‬
‫أكلت شيئا‪ ،‬فنويت الصيام‪ ،‬فهل صومي صحيح‪ ،‬وهل َّ‬
‫وتكفري السنة التي قبله؟‬
‫‪634‬‬
‫*جواب‪:‬‬

‫يس لك من احلرص عىل النوافل والطاعات‪ ،‬ونسأله أن يثيبنا وإياك‬


‫احلمد هلل عىل ما َّ‬
‫عىل ذلك‪.‬‬

‫أما ما سألت عنه من عقد نية الصيام من الليل‪ ،‬فقد ثبت عن النبي ‪ H‬ما‬
‫يدل عىل‪ :‬صحة نية صوم النافلة من النهار‪ ،‬ما دام اإلنسان مل يتناول شيئا من املفطرات‬
‫من بعد الفجر‪ ،‬فقد روت عائشة ‪« :J‬أن النبي ‪ H‬دخل ذات يوم عىل أهله‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫فقال‪« :‬هل عندكم من يشء؟ ‪-‬أي من الطعام‪ ،-‬قالوا‪ :‬ال‪ ،‬قال‪« :‬فإين إذن صائم‬
‫وإذن‪ :‬ظرف للزمان احلارض‪َّ ،‬‬
‫فدل ذلك عىل‪ :‬جواز إنشاء نية صيام النفل من النهار‪،‬‬
‫بخالف صيام الفرض‪ ،‬فإنه ال يصح إال بتبييت النية من الليل؛ حلديث‪« :‬من مل يبيت‬
‫الصيام قبل الفجر؛ فال صيام له (‪ )2‬واملراد هنا صوم الفرض‪.‬‬

‫وعىل هذا‪ :‬فصيامك صحيح‪ ،‬أما حصول األجر يف الصيام‪ ،‬فهل هو ثواب يوم‬
‫كامل‪ ،‬أو من وقت النية فقط؟‪ ،‬قال الشيخ العثيمني ‪:V‬‬

‫«يف هذا قوالن للعلامء‪ :‬األول‪ :‬أنه يثاب من أول النهار؛ ألن الصوم الرشعي ال بد‬
‫أن يكون من أول النهار‪.‬‬

‫الثاين‪ :‬أنه ال يثاب إال من وقت النية فقط‪ ،‬فإذا نوى عند الزوال؛ فأجره نصف يوم‪،‬‬
‫وهذا هو القول الصحيح؛ لقول النبي ‪« :H‬إنام األعامل بالنيات‪ ،‬وإنام لكل امرئ‬
‫ما نوى ‪ ،‬وهذا الرجل مل ينو إال أثناء النهار؛ فيحسب له األجر من حني نيته‪.‬‬

‫((( رواه مسلم (‪.)1154‬‬


‫((( رواه أبو داود (‪ ،)2454‬الرتمذي (‪ ،)726‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع (‪.)6535‬‬
‫وشاعو مرحملا هللا رهش مايص‬

‫وبناء عىل القول الراجح‪ :‬لو كان الصوم يطلق عىل اليوم مثل‪ :‬صيام االثنني‪ ،‬وصيام‬
‫اخلميس‪ ،‬وصيام األيام البيض‪ ،‬وصيام ثالثة أيام من كل شهر‪ ،‬ونوى يف أثناء النهار؛‬
‫فإنه ال يثبت له ثواب ذلك اليوم»(‪.)1‬‬

‫‪635‬‬ ‫حيصل‬
‫وينسحب احلكم عىل من مل ينو صوم عاشوراء إال بعد طلوع الفجر؛ فإنه ال ِّ‬
‫األجر املرتتب عىل صيام عاشوراء‪ ،‬وهو تكفري سنة؛ نظرا ألنه ال يصدق عليه أنه صام‬
‫يوم عاشوراء‪ ،‬وإنام صام بعضه‪ ،‬من أول ما نوى‪.‬‬

‫لكن يثبت له عموم األجر عىل الصيام يف شهر اهلل املحرم‪ ،‬وهو أفضل الصيام بعد‬
‫رمضان‪ ،‬كام يف صحيح مسلم (‪.)1163‬‬

‫ولعل من أهم أسباب عدم معرفتك ومعرفة الكثريين ليوم عاشوراء‪ ،‬ومثله األيام‬
‫البيض‪ ،‬إال يف أثناء اليوم‪ ،‬ما ذكرت من جريان العمل بالتقويم امليالدي‪ ،‬فلعل فوات‬
‫مثل هذه الفضائل؛ يكون باعثا لك‪ ،‬ولعامة من م َّن اهلل عليهم باالستقامة للعمل بالتقويم‬
‫اهلجري القمري‪ ،‬الذي رشعه اهلل لعباده‪ ،‬وارتضاه لدينه‪ ،‬ولو يف نطاق أعامهلم اخلاصة‪،‬‬
‫وتعاملهم بينهم؛ إحيا ًء هلذا التقويم‪ ،‬وما يذكَّر به من مناسبات رشعية‪ ،‬وخمالف ًة ألهل‬
‫الكتاب‪ ،‬الذين ُأمرنا بمخالفتهم‪ ،‬والتم ُّيز عنهم يف شعائرهم وخصائصهم‪ ،‬السيام وأن‬
‫هذا التوقيت القمري هو املعمول به حتى عند أمم األنبياء السابقني‪ ،‬كام استُنبط هذا من‬
‫حديث تعليل اليهود صومهم لعاشوراء‪ ،‬وهو يوم يعرف عن طريق الشهور القمرية‪،‬‬
‫بأنه اليوم الذي نجى اهلل فيه موسى‪ ،‬فدل عىل عملهم به‪ ،‬وليس بالشهور اإلفرنجية‬
‫الشمسية»(‪.)2‬‬

‫وعمن هم مثلك يف‬


‫وعسى اهلل أن جيعل يف فوات مثل هذا األجر اخلاص عنك‪َّ ،‬‬
‫احلرص خري ًا‪ ،‬وذلك بام يقوم يف القلب من اإلحساس بفوات هذا األجر؛ فيدعو‬
‫اإلنسان لالجتهاد يف العمل الصالح‪ ،‬مما يورث طاعات عديدة‪ ،‬قد يكون أثرها عىل‬

‫((( الرشح املمتع (‪.)373/6‬‬


‫((( الرشح املمتع (‪.)471/6‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫القلب أبلغ مما قد حيصل لإلنسان من الطاعة املعينة‪ ،‬التي قد يركن إليها بعض الناس؛‬
‫فتكون سبب ًا يف تكاسلهم عن الطاعات‪ ،‬وقد تكون سبب ًا يف عجبه بنفسه‪ ،‬وامتنانه‬
‫عىل اهلل هبذه الطاعة‪.‬‬

‫نسأل اهلل أن يرزقنا من فضله وأجره‪ ،‬وأن يعيننا عىل ذكره وشكره‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬ ‫‪636‬‬
‫***‬

‫*سـؤال‪ :‬قـرأت مجيـع األحاديـث عـن يـوم عاشـوراء‪ ،‬ومل أجـد يف أحدهـا‪:‬‬
‫أن النبـي ‪ H‬أشـار إىل صيـام يـوم احلـادي عشر؛ ملخالفـة اليهـود‪ ،‬وإنما‬
‫قـال‪« :‬لئـن عشـت إىل قابـل؛ ألصومـن التاسـع‪ ،‬والعـارش» خمالفـة لليهـود‪،‬‬
‫يوجـه أصحابه لصيام يـوم احلادي عشر‪ ،‬وعليـه‪ :‬أفال يكون‬
‫كما أنـه ‪ H‬مل ّ‬
‫بدعـة أن نفعـل مـا مل يفعلـه النبـي ‪ ،H‬وال أصحابـه؟‪ ،‬وهل مـن فاته صيام‬
‫التاسـع يكتفي بصيـام العارش؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫اســتحب العلامء صيام اليوم احلادي عشـــر من المحـرم؛ ألنــه قد ورد‬


‫اس ‪،L‬‬ ‫عن النبي ‪ H‬األمر بصيامه‪ ،‬وذلك فيام رواه أمحد (‪َ ،)2155‬ع ْن ا ْب ِن َع َّب ٍ‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫وموا َي ْو َم َع ُ‬ ‫َق َال‪َ :‬ق َال رس ُ ِ‬
‫ور َاء‪َ ،‬و َخال ُفوا فيه ال َي ُهو َد‪ُ ،‬ص ُ‬
‫وموا‬ ‫اش َ‬ ‫«ص ُ‬
‫ول اهلل ‪ُ :H‬‬ ‫َ ُ‬
‫َق ْب َل ُه َي ْو ًما َأ ْو َب ْعدَ ُه َي ْو ًما ‪.‬‬

‫وقـد اختلـف العلماء يف صحة هذا احلديث‪ ،‬فحسـنه الشـيخ أمحد شـاكر‪ ،‬وضعفه‬
‫حمققو املسـند‪.‬‬

‫ورواه ابن خزيمة (‪ )2095‬هبذا اللفظ‪ ،‬وقال األلباين‪« :‬إسناده ضعيف؛ لسوء‬
‫حفظ ابن أيب ليىل‪ ،‬وخالفه عطاء وغريه فرواه عن ابن عباس موقوف ًا‪ ،‬وسنده صحيح‬
‫عند الطحاوي والبيهقي»‪ .‬انتهى‪.‬‬

‫فإن كان احلديث حسن ًا فهو حسن‪ ،‬وإن كان ضعيف ًا‪ ،‬فاحلديث الضعيف يف مثل هذا‬
‫يتسامح فيه العلامء‪ ،‬ألن ضعفه يسري‪ ،‬فليس هو مكذوب ًا‪ ،‬أو موضوع ًا‪ ،‬وألنه يف فضائل‬
‫وشاعو مرحملا هللا رهش مايص‬

‫األعامل‪ ،‬ال سيام وقد ورد عن النبي ‪ H‬الرتغيب يف الصيام من شهر املحرم‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ول اهللِ ‪َ :H‬‬
‫ان‪َ ،‬ش ْه ُر اهلل ُ‬
‫الم َح َّر ُم (‪.)1‬‬ ‫«أ ْف َض ُل ِّ‬
‫الص َيا ِم َب ْعدَ َر َم َض َ‬ ‫حتى َق َال َر ُس ُ‬

‫وقد روى البيهقي هذا احلديث يف «السنن الكربى» باللفظ السابق‪ ،‬ويف رواية أخرى‬
‫‪637‬‬ ‫بلفظ‪« :‬صوموا قبله يوم ًا‪ ،‬وبعده يوم ًا بالواو بدالً من «أو»‪.‬‬

‫وأورده احلافظ ابن حجر يف «إحتاف املهرة» (‪ )2225‬بلفظ‪« :‬صوموا قبله يوم ًا‪،‬‬
‫وبعده يوم ًا وقال‪« :‬رواه أمحد والبيهقي بسند ضعيف‪ ،‬لضعف حممد بن أيب ليىل‪ ،‬لكنه‬
‫مل ينفرد به‪ ،‬فقد تابعه عليه صالح بن أيب صالح بن حي» انتهى‪.‬‬

‫فتفيد هذه الرواية‪ :‬استحباب صيام التاسع‪ ،‬والعارش‪ ،‬واحلادي عرش‪.‬‬

‫وقد ذكر بعض العلامء سبب ًا آخر الستحباب صيام اليوم احلادي عرش‪ ،‬وهو‬
‫االحتياط لليوم العارش‪ ،‬فقد خيطئ الناس يف هالل حمرم‪ ،‬فال ُيدرى أي يوم بالضبط هو‬
‫اليوم العارش‪ ،‬فإذا صام املسلم التاسع‪ ،‬والعارش‪ ،‬واحلادي عرش؛ فقد حتقق من صيام‬
‫عاشوراء‪ ،‬وقد روى ابن أيب شيبة يف «املصنف» (‪ :)313/2‬عن طاوس ‪« V‬أنه كان‬
‫يصوم قبله‪ ،‬وبعده يوما خمافة أن يفوته»‪.‬‬

‫وقال اإلمام أمحد‪« :‬من أراد أن يصوم عاشوراء‪ ،‬صام التاسع‪ ،‬والعارش‪ ،‬إال أن‬
‫تشكل الشهور؛ فيصوم ثالثة أيام‪ ،‬ابن سريين يقول ذلك»(‪.)2‬‬

‫فتبني هبذا‪ :‬أنه ال يصح وصف صيام األيام الثالثة بأنه بدعة‪.‬‬

‫وأما من فاته صيام اليوم التاسع‪ ،‬فإن صام العارش وحده‪ ،‬فال حرج يف ذلك‪ ،‬وال‬
‫يكون ذلك مكروه ًا‪ ،‬وإن ضم إليه صيام احلادي عرش فهو أفضل‪.‬‬

‫قال املرداوي ‪ V‬يف «اإلنصاف»‪:‬‬

‫«ال يكره إفراد العارش بالصيام عىل الصحيح من املذهب‪ ،‬ووافق الشيخ تقي الدين‬

‫((( رواه مسلم (‪.)1163‬‬


‫((( املغني (‪.)441/4‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫[ابن تيمية] أنه ال يكره»(‪ )1‬انتهى باختصار‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬


‫***‬

‫*سؤال‪ :‬لو كانت املرأة حائض ًا يف أيام التاسع‪ ،‬والعارش‪ ،‬واحلادي عرش من املحرم‪،‬‬
‫فهل جيوز هلا قضاء تلك األيام بعد الغسل؟‬ ‫‪638‬‬

‫*جواب‪:‬‬

‫من فاته صيام عاشوراء‪ ،‬فإنه ال يقضيه؛ لعدم ثبوت ذلك؛ وألن األجر متعلق بصيام‬
‫اليوم العارش من شهر حمرم‪ ،‬وقد فات‪.‬‬

‫وقد سئل الشيخ ابن عثيمني ‪ :V‬من أتى عليها عاشوراء‪ ،‬وهي حائض هل‬
‫تقيض صيامه؟‪ ،‬وهل من قاعدة ملا يقىض من النوافل‪ ،‬وما ال يقىض جزاك اهلل خري ًا؟‬

‫فأجاب‪« :‬النوافل نوعان‪ :‬نوع له سبب‪ ،‬ونوع ال سبب له‪ ،‬فالذي له سبب يفوت‬
‫بفوات السبب وال ُيقىض‪ ،‬مثال ذلك‪ :‬حتية املسجد‪ ،‬لو جاء الرجل وجلس‪ ،‬ثم طال‬
‫جلوسه‪ ،‬ثم أراد أن يأيت بتحية املسجد‪ ،‬مل تكن حتية للمسجد؛ ألهنا صالة ذات سبب‪،‬‬
‫مربوطة بسبب‪ ،‬فإذا فات فاتت املرشوعية‪ ،‬ومثل ذلك فيام يظهر يوم عرفة ويوم‬
‫عاشوراء‪ ،‬فإذا أخر اإلنسان صوم يوم عرفة ويوم عاشوراء بال عذر‪ ،‬فال شك أنه ال‬
‫يقيض‪ ،‬وال ينتفع به لو قضاه‪ ،‬أي ال ينتفع به عىل أنه يوم عرفة‪ ،‬ويوم عاشوراء‪.‬‬

‫وأما إذا مر عىل اإلنسان وهو معذور‪ ،‬كاملرأة احلائض‪ ،‬والنفساء‪ ،‬أو املريض‪ ،‬فالظاهر‬
‫أيض ًا أنه ال يقيض؛ ألن هذا خص بيوم معني‪ ،‬يفوت حكمه بفوات هذا اليوم»(‪.)2‬‬

‫لكن من كان معذور ًا يف تركه للصيام‪ ،‬كاحلائض‪ ،‬والنفساء‪ ،‬واملريض‪ ،‬واملسافر‪،‬‬


‫وكان من عادته صيام ذلك اليوم‪ ،‬أو كان له نية يف صيام ذلك اليوم‪ ،‬فإنه يؤجر عىل نيته؛‬
‫ول اهللِ ‪« :H‬إِ َذا‬ ‫ملا روى البخاري (‪ ،)2996‬عن َأ ِب ُم َ‬
‫وسى ‪ ،I‬قال‪َ :‬ق َال َر ُس ُ‬

‫((( اإلنصاف (‪.)346/3‬‬


‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)43 /20‬‬
‫وشاعو مرحملا هللا رهش مايص‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب َل ُه ِم ْث ُل َما ك َ‬ ‫ِ‬


‫َان َي ْع َم ُل ُمق ًيم َصح ً‬
‫يحا ‪.‬‬ ‫َم ِر َض ال َع ْبدُ َأ ْو َسا َف َر؛ كُت َ‬

‫يحا َو ُه َو ِف َح ّق‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب َل ُه ِم ْثل َما ك َ‬ ‫ِ‬


‫َان َي ْع َمل ُمق ًيم َصح ً‬ ‫قال ابن حجر ‪َ :V‬ق ْوله‪« :‬كُت َ‬
‫المنِع َأ ْن َيدُ وم َع َل ْي َها»(‪ .)1‬واهلل أعلم‪.‬‬ ‫َان يعمل َطا َعة فمنِع ِمنْها‪ ،‬وكَان ْ ِ‬
‫َت ن َّيته َل ْو َل َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َم ْن ك َ َ ْ َ‬
‫‪639‬‬ ‫***‬

‫يعلم بصيام اليهود لعاشوراء إال يف عامه‬ ‫‪O‬‬ ‫*سؤال‪ :‬أمل يكن الرسول‬
‫األخري؛ لقوله ‪« :O‬لئن بقيت إىل قابل‪ ،‬ألصومن التاسع رواه مسلم؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫صام الرسول ‪ H‬عاشوراء يف أول سنة قدم فيها املدينة‪ ،‬واستمر عىل ذلك‪،‬‬
‫ثم يف آخر حياته ‪ ،H‬أراد خمالفة اليهود‪ ،‬وذلك بصيام اليوم التاسع مع العارش‪،‬‬
‫واألحاديث الواردة يف صيام عاشوراء تدل عىل هذا‪.‬‬
‫فعن ابن عباس ‪ ،L‬قال‪َ « :‬ق ِد َم النَّبِ ُّي ‪ H‬ا َمل ِدينَ َة‪َ ،‬ف َر َأى ال َي ُهو َد ت َُصو ُم َي ْو َم‬
‫س ِائ َيل ِم ْن‬ ‫«ما َه َذا؟ ‪َ ،‬قا ُلوا‪َ :‬ه َذا َي ْو ٌم َصالِ ٌح‪َ ،‬ه َذا َي ْو ٌم ن ََّجى ُ ِ ِ‬
‫اهلل َبني إ ْ َ‬ ‫ورا َء‪َ ،‬ف َق َال‪َ :‬‬‫اش َ‬ ‫َع ُ‬
‫وسى ِمنْك ُْم‪َ ،‬ف َص َام ُه‪َ ،‬و َأ َم َر بِ ِص َي ِام ِه (‪.)2‬‬ ‫وسى‪َ ،‬ق َال‪َ « :‬ف َأنَا َأ َح ُّق بِ ُم َ‬
‫ِ‬
‫عَدُ ِّوه ْم‪َ ،‬ف َصا َم ُه ُم َ‬
‫ورا َء‪َ ،‬و َأ َم َر‬ ‫ني صام رس ُ ِ‬ ‫ِ‬
‫ول اهلل ‪َ H‬ي ْو َم َع ُاش َ‬ ‫وعن ابن عباس ‪ L‬أيض ًا‪ ،‬قال‪« :‬ح َ َ َ َ ُ‬
‫ول اهللِ ‪:H‬‬ ‫بِ ِص َي ِام ِه‪َ ،‬قا ُلوا‪َ :‬يا َر ُس َ‬
‫ول اهللِ‪ ،‬إِ َّن ُه َي ْو ٌم ُت َع ِّظ ُم ُه ال َي ُهو ُد َوالن ََّص َارى‪َ ،‬ف َق َال َر ُس ُ‬
‫الم ْقبِ ُل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اهلل‪ُ ،‬ص ْمنَا ال َي ْو َم التَّاس َع ‪َ ،‬ق َال‪َ :‬ف َل ْم َي ْأت ال َعا ُم ُ‬ ‫اء ُ‬ ‫الم ْقبِ ُل إِ ْن َش َ‬ ‫َان ال َعا ُم ُ‬‫« َفإِ َذا ك َ‬
‫ول اهللِ ‪.)3( H‬‬ ‫َحتَّى ت ُُوفِّ َ َر ُس ُ‬
‫قال ابن القيم ‪« :V‬وهذا فيه أن صو َمه واأل َمر بصيامه قبل وفاته بعام‪ ،‬وحدي ُثه‬
‫املتقدِّ ُم فيه أن ذلك كان عندَ َم ْقدَ ِمه املدينة‪.)4(»..‬‬

‫وقال أيض ًا عن حديث ابن عباس الثاين‪« :‬وال ريب أن هذا كان يف آخر األمر‪ ،‬وأما‬

‫((( فتح الباري (‪.)136/6‬‬


‫((( رواه البخاري (‪.)2004‬‬
‫((( رواه مسلم (‪.)1134‬‬
‫((( زاد املعاد (‪.)67/2‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫يف أول األمر‪ ،‬فكان حيب موافقة أهل الكتاب فيام مل يؤمر فيه بيشء»(‪.)1‬‬

‫وقال شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪« :V‬ثم ملا قيل له قبيل وفاته‪ :‬إنه يوم تعظمه اليهود‬
‫والنصارى‪ ،‬أمر بمخالفتهم بضم يوم آخر إليه وعزم عىل فعل ذلك‪ .)2(»..‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬ ‫‪640‬‬

‫*سؤال‪ :‬إذا كنت ممن يرشبون اخلمر‪ ،‬ثم نويت أن أصوم غد ًا وبعد غد (التاسع‬
‫والعارش من حمرم)‪ ،‬فهل س ُيحسب يل هذا الصيام‪ ،‬وبالتايل تُغفر يل ذنوب السنة‬
‫املاضية والسنة القادمة؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬الذي يغفر اهلل به ذنوب سنتني هو صيام يوم عرفة‪ ،‬وأما صيام عاشوراء‬
‫فيغفر اهلل به ذنوب سنة واحدة‪.‬‬

‫وينظر فضل صيام يوم عرفة يف جواب السؤال رقم (‪ ،)98334‬وفضل صيام‬
‫عاشوراء يف جواب السؤال رقم (‪.)21775‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬ال شك أن رشب اخلمر من كبائر الذنوب‪ ،‬وخاصة مع اإلرصار عليها؛ فاخلمر‬
‫َس ْب ِن‬
‫أم اخلبائث‪ ،‬وهي باب كل رش‪ ،‬وقد لعن النبي ‪ H‬يف اخلمر عرشة‪ ،‬ف َع ْن َأن ِ‬
‫َص َها‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ول ال َّل ِه ‪ِ H‬ف َ ِ‬ ‫َمالِ ٍك ‪َ I‬ق َال‪َ ( :‬ل َع َن َر ُس ُ‬
‫اص َها‪َ ،‬و ُم ْعت َ‬
‫شةً‪َ :‬ع َ‬ ‫الخ ْمر َع ْ َ‬
‫الم ْش َ ِتي َلَا‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َو َش ِ‬
‫الم ْح ُمو َل ُة إِ َل ْيه‪َ ،‬و َساق َي َها‪َ ،‬و َبائ َع َها‪َ ،‬وآك َل َث َمن َها‪َ ،‬و ُ‬
‫ار َ َبا‪َ ،‬و َحام َل َها‪َ ،‬و َ‬
‫تا ُة َل ُه)(‪.)3‬‬
‫الم ْش َ َ‬
‫َو ُ‬

‫والواجب اإلقالع عنها‪ ،‬والتوبة من معاقرهتا‪ ،‬واإلقبال عىل اهلل‪.‬‬

‫وصوم يوم عاشوراء‪ ،‬أو يوم عرفة ال يكفران إال صغائر الذنوب‪ ،‬وأما كبائرها‬

‫((( زاد املعاد (‪.)81/2‬‬


‫((( اقتضاء الرصاط املستقيم (‪.)87/1‬‬
‫((( رواه الرتمذي (‪ ،)1295‬وصححه األلباين يف صحيح الرتمذي‪.‬‬
‫وشاعو مرحملا هللا رهش مايص‬

‫فتحتاج إىل توبة نصوح‪.‬‬

‫أنه قال‪ :‬صيام يوم‬ ‫‪H‬‬ ‫قال شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪« :V‬صح عنه‬
‫عرفة يكفر سنتني‪ ،‬وصيام يوم عاشوراء يكفر سنة‪ ،‬لكن إطالق القول بأنه يك ِّفر‪ ،‬ال‬
‫‪641‬‬ ‫يوجب أن يكفر الكبائر بال توبة؛ فإنه ‪ H‬قال يف اجلمعة إىل اجلمعة‪ ،‬ورمضان‬
‫إىل رمضان‪« :‬كفارة ملا بينهن‪ ،‬إذا اجتنبت الكبائر ‪ ،‬ومعلوم أن الصالة هي أفضل من‬
‫الصيام‪ ،‬وصيام رمضان أعظم من صيام يوم عرفة‪ ،‬وال يكفر السيئات إال باجتناب‬
‫الكبائر‪ ،‬كام قيده النبي ‪ ،H‬فكيف يظن أن صوم يوم‪ ،‬أو يومني تطوعا؛ يكفر‬
‫الزنا‪ ،‬والرسقة‪ ،‬ورشب اخلمر‪ ،‬وامليرس‪ ،‬والسحر‪ ،‬ونحوه؟ فهذا ال يكون (‪.)1‬‬

‫ُوب ال َعا ِم ُك َّل َها‪َ ،‬و َي ْب َقى‬


‫ورا َء ُي َك ِّف ُر ُذن َ‬ ‫وقال ابن القيم ‪َ « :V‬ي ُقول َب ْع ُض ُه ْم‪َ :‬ي ْو ُم َع ُ‬
‫اش َ‬
‫ان والص َلو ِ‬
‫الخ ْم ِ‬
‫س‬ ‫ات َ‬ ‫ت‪َ ،‬أ َّن َص ْو َم َر َم َض َ َ َّ َ‬ ‫َص ْو ُم َع َر َف َة ِز َيا َد ًة ِف األَ ْج ِر‪َ ،‬و َل ْ َيدْ ِر َه َذا ُ‬
‫الم ْغ َ ُّ‬
‫اشوراء‪ ،‬و ِهي إِنَّم ُت َك ِّفر ما بينَهم إِ َذا اجتُنِب ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ت‬ ‫ْ َ‬ ‫ُ َ َْ َُ‬ ‫َأ ْع َظ ُم َو َأ َج ُّل م ْن ص َيا ِم َي ْو ِم َع َر َف َة‪َ ،‬و َي ْو ِم َع ُ َ َ َ َ َ‬
‫ال َك َب ِائ ُر‪.‬‬

‫الص َغ ِائ ِر‪ ،‬إِ َّل َم َع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫الج ُم َعة‪َ ،‬ل َي ْق َو َيان َع َل َتكْف ِري َّ‬ ‫الج ُم َع ُة إِ َل ُ‬
‫ان‪َ ،‬و ُ‬ ‫ان إِ َل َر َم َض َ‬ ‫َف َر َم َض ُ‬
‫الص َغ ِائ ِر‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وع األَ ْم َر ْي ِن َع َل َتكْف ِري َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫انْض َم ِم ت َْرك ال َك َبائ ِر إِ َل ْي َها‪َ ،‬ف َي ْق َوى َم ْ ُم ُ‬
‫ص َع َل ْي َها‪َ ،‬غ ْ ُي ت َِائ ٍ‬
‫ب‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬
‫ف ُي َك ِّف ُر َص ْو ُم َي ْو ِم َت َط ُّو ٍع ك َُّل كَبِ َرية َعم َل َها ال َع ْبدُ َو ُه َو ُم ٌّ‬
‫َف َك ْي َ‬
‫ِمن َْها؟‪َ ،‬ه َذا ُم َ ٌال‪.‬‬

‫ل ِمي ِع ُذن ِ‬
‫ُوب ال َعا ِم‬ ‫ورا َء ُم َك ِّف ًرا ِ َ‬‫اش َ‬‫ُون َص ْو ُم َي ْو ِم َع َر َف َة َو َي ْو ِم َع ُ‬‫َع َل َأ َّن ُه َل َي ْمتَنِ ُع َأ ْن َيك َ‬
‫وط َو َم َوانِ ُع‪َ ،‬و َيك ُ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ُون ِم ْن ن ُُص ِ‬ ‫وم ِه‪َ ،‬و َيك ُ‬ ‫َع َل ُعم ِ‬
‫ص ُار ُه َع َل‬ ‫ُون إ ْ َ‬ ‫ش ٌ‬ ‫الو ْعد ا َّلتي َلَا ُ ُ‬ ‫وص َ‬ ‫ُ‬
‫ص ِار‪َ ،‬و َت َعاونَا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإل ْ َ‬ ‫الص ْوم َوعَدَ م ِ‬ ‫ص َع َل ال َك َبائ ِر ت ََساعد َّ‬ ‫ال َك َبائ ِر َمان ًعا م َن ال َّتكْفري‪َ ،‬فإ َذا َل ْ ُي َّ‬
‫اعدَ ْي ِن‬‫َاب ال َكب ِائ ِر متَس ِ‬ ‫اجتِن ِ‬ ‫ات َ‬ ‫الص َل َو ُ‬ ‫َان َر َم َض ُ‬‫َع َل ُع ُمو ِم ال َّتك ِْف ِري‪ ،‬ك ََم ك َ‬
‫َ ُ َ‬ ‫الخ ْم ُس َم َع ْ‬ ‫ان َو َّ‬
‫الص َغ ِائ ِر‪َ ،‬م َع َأ َّن ُه ُس ْب َحا َن ُه َقدْ َق َال‪( :‬ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ‬ ‫ِ‬
‫َي َع َل َتكْف ِري َّ‬ ‫اون ْ ِ‬‫ُم َت َع ِ‬
‫ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ) [النساء‪]31 :‬؛ َف ُع ِل َم َأ َّن َج ْع َل الشَّ ْ ِء َس َب ًبا لِل َّتك ِْف ِري‪َ ،‬ل َي ْمن َُع‬

‫((( خمترص الفتاوي املرصية (‪.)254/1‬‬


‫الصيام سؤال وجواب‬

‫الس َب َب ْ ِ‬
‫ي َأ ْق َوى َو َأت ََّم‬ ‫ُون ال َّتك ِْفري مع ِ‬ ‫آخ ُر َع َل ال َّتك ِْف ِري‪َ ،‬و َيك ُ‬
‫اجت َم ِع َّ‬‫ُ َ َ ْ‬ ‫ب َ‬‫َأ ْن َيت ََساعَدَ ُه َو َو َس َب ٌ‬
‫اب ال َّتك ِْف ِري ك َ‬
‫َان َأ ْق َوى َو َأت ََّم َو َأ ْش َم َل»(‪.)1‬‬ ‫ُلَّم َق ِو َي ْت َأ ْس َب ُ‬
‫ِ ِ ِ ِ‬
‫منْ ُه َم َع انْف َراد َأ َحد َ‬
‫ها‪َ ،‬وك َ‬
‫ِ‬

‫ش َب الخَ ْم َر َل ْ َي ْق َب ْل ال َّل ُه‬ ‫«م ْن َ ِ‬ ‫وعن َعبد ال َّل ِه بن ُعمر‪َ ،‬ق َال رس ُ ِ‬
‫ول ال َّله ‪َ :H‬‬ ‫َ ُ‬ ‫ََ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ني‬‫َاب ال َّل ُه َع َل ْيه‪َ ،‬فإِ ْن َعا َد َل ْ َي ْق َب ْل ال َّل ُه َل ُه َص َل ًة َأ ْر َبع َ‬ ‫َاب ت َ‬ ‫احا‪َ ،‬فإِ ْن ت َ‬ ‫ني َص َب ً‬ ‫َل ُه َص َل ًة َأ ْر َبع َ‬ ‫‪642‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َاب‬‫احا ف‪َ ،‬إِ ْن ت َ‬ ‫َاب ال َّل ُه َع َل ْيه‪َ ،‬فإِ ْن َعا َد َل ْ َي ْق َب ْل ال َّل ُه َل ُه َص َل ًة َأ ْر َبع َ‬
‫ني َص َب ً‬ ‫َاب ت َ‬ ‫احا‪َ ،‬فإِ ْن ت َ‬ ‫َص َب ً‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َاب َل ْ َيت ْ‬
‫ُب ال َّل ُه‬ ‫احا‪َ ،‬فإِ ْن ت َ‬ ‫ني َص َب ً‬ ‫الرابِ َع َة َل ْ َي ْق َب ْل ال َّل ُه َل ُه َص َل ًة َأ ْر َبع َ‬
‫َاب ال َّل ُه َع َل ْيه‪َ ،‬فإِ ْن َعا َد َّ‬
‫ت َ‬
‫ال (‪.)2‬‬‫َع َلي ِه َوس َقا ُه ِم ْن َن ِر الخَ َب ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ َ‬
‫الذك ِْر ألَ ا َأ ْف َض ُل ِعباد ِ‬ ‫قال املباركفوري ‪ِ :V‬‬
‫ات‬ ‫َ َ‬ ‫نَّ َ‬ ‫«وق َيل‪ :‬إِ َنَّم َخ َّ‬
‫ص الصَّال َة بِ ِّ‬ ‫َ‬
‫ألن ال ُي ْق َب ُل غريها من العبادات َأ ْو َل (‪ )3‬انتهى بترصف‪ .‬وكذا قال‬ ‫ال َبدَ ِن‪َ ،‬فإِ َذا َل ْ ُت ْق َب ْل َف َ‬
‫العراقي واملناوي‪.‬‬

‫ويراجع جواب السؤال رقم‪.)38145( :‬‬

‫فإذا كانت العبادات ال تقبل مع اإلرصار عىل رشب اخلمر‪ ،‬فكيف يقبل صوم‬
‫عاشوراء؟! بل كيف يكفر ذنوب سنة؟!‬

‫فالواجب عليك أن تبادر إىل التوبة النصوح الصادقة‪ ،‬وأن تقلع عام أنت مقيم عليه‬
‫من رشب اخلمر‪ ،‬وتستدرك ما أنت عليه من التفريط‪ ،‬وأكثر من الباقيات الصاحلات‪،‬‬
‫عسى اهلل أن يتوب عليك‪ ،‬ويتجاوز عنك ما سلف من تفريط وتعد حلدود اهلل‪.‬‬

‫ثالث ًا‪ :‬ما ذكرناه لك هنا‪ ،‬ليس مانعا من صيام يوم عرفة‪ ،‬أو عاشوراء‪ ،‬أو ما شئت‬
‫من نوافل اخلريات‪ ،‬من صالة وصيام وصدقة ونسك‪ ،‬فرشب اخلمر ال يمنع من ذلك‬
‫كله‪ ،‬والوقوع يف كبرية‪ ،‬ال يعني أن متنع نفسك من الطاعات واخلريات‪ ،‬فتزيد األمر‬
‫سوءا‪ ،‬بل بادر بالتوبة واإلقالع‪ ،‬وأكثر من اخلريات‪ ،‬حتى ولو غلبتك نفسك ووقعت‬

‫((( اجلواب الكايف (ص‪.)13‬‬


‫((( رواه الرتمذي (‪ ،)1862‬وصححه األلباين يف صحيح الرتمذي‪.‬‬
‫((( حتفة األحوذي (‪.)488/5‬‬
‫وشاعو مرحملا هللا رهش مايص‬

‫يف بعض الذنب‪.‬‬

‫لكـن صحـة العمـل‪ ،‬وقبولـه يشء‪ ،‬والفضل اخلاص بتكفري ذنوب سـنة أو سـنتني‬
‫يشء آخر‪.‬‬
‫‪643‬‬
‫قال جعفر بن يونس‪ :‬كنت يف قافلة بالشام‪ ،‬فخرج األعراب فأخذوها‪ ،‬وجعلوا‬
‫يعرضوهنا عىل أمريهم‪ ،‬فخرج جراب فيه سكر ولوز‪ ،‬فأكلوا منه‪ ،‬واألمري ال يأكل!!‬

‫فقلت له‪ :‬مل ال تأكل؟ فقال أنا صائم!‬

‫فقلت‪ :‬تقطع الطريق‪ ،‬وتأخذ األموال‪ ،‬وتقتل النفس‪ ،‬وأنت صائم؟!‬

‫للصلح موضعا!!‬ ‫فقال‪ :‬يا شيخ؛ َأ ْج ُ‬


‫عل ُّ‬

‫فلام كان بعد حني رأيته يطوف حول البيت وهو حمرم‪ ،‬فقلت‪ :‬أنت ذاك الرجل؟‬

‫فقال‪ :‬ذاك الصوم؛ بلغ يب هذا املقام!!(‪.)1‬‬

‫راجع جواب السؤال رقم‪ .)14289( :‬واهلل أعلم‪.‬‬


‫***‬

‫*سؤال‪ :‬إذا كان يوم العاشوراء‪ ،‬وأكل أحدنا‪ ،‬وعرف بعد ذلك أن اليوم يوم‬
‫العاشوراء‪ ،‬هل جيوز له أن يصوم بقية يومه بناء عىل هذه األحاديث؟‬
‫«م ْن َأ ْص َب َح ِمنْك ُْم َصائِ ًم َف ْل ُيتِ َّم‬
‫ور َاء‪َ :‬‬ ‫ول ال َّل ِه ‪َ H‬ي ْو َم َع ُ‬
‫اش َ‬
‫َادي رس ِ‬
‫َ ُ‬
‫‪ .1‬نَادى من ِ‬
‫َ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َان َأك ََل َفال َي ْأك َُل َبقي ََّة َي ْومه»‪.‬‬
‫َص ْو َم ُه‪َ ،‬و َم ْن ك َ‬
‫‪« .2‬أمنكم أحد طعم اليوم؟ قال‪ :‬فقلنا منا من طعم ومنا من مل يطعم‪ ،‬قال‪ :‬فقال‪:‬‬
‫أمتوا بقية يومكم‪ ،‬من كان طعم ومن مل يطعم‪ ،‬وأرسلوا إىل أهل العروض ليتموا‬
‫بقية يومهم»‪.‬‬
‫‪« .3‬ليصومــوا يــوم عاشــوراء‪ ،‬فمــن وجــدت منهــم قــد أكل مــن صــدر يومــه‬

‫((( (تاريخ دمشق ‪.)52/66‬‬


‫الصيام سؤال وجواب‬

‫فليصــم آخــره»‪.‬‬

‫*جواب‪:‬‬

‫جيوز ملن أراد الصوم تطوع ًا أن ينويه أثناء النهار‪ ،‬بخالف صوم الفرض الذي‬
‫‪644‬‬
‫تشرتط له النية من الليل‪.‬‬

‫«ورشط صحة صوم النفل بنية من النهار‪ :‬أن ال يوجد قبل النية مناف للصيام‪ ،‬من‬
‫أكل ورشب ونحومها‪ ،‬فإن فعل قبل النية ما يفطره؛ مل يصح بغري خالف (‪.)1‬‬

‫ُون َط ِع َم َق ْب َل‬
‫شطِ ِه َأ ْن َل َيك َ‬ ‫ِ ِ‬
‫قال ابن قدامة املقديس ‪« :V‬إ َذا َث َب َت َه َذا‪َ ،‬فإ َّن م ْن َ ْ‬
‫ف َن ْع َل ُم ُه»(‪.)2‬‬ ‫النِّي ِة‪ ،‬و َل َفع َل ما ي ْفطِره‪َ ،‬فإِ ْن َفع َل َشي ًئا ِمن َذلِ َك‪َ ،‬ل ُي ِز ُئه الصيام‪ ،‬بِ َغ ِي ِخ َل ٍ‬
‫ْ ْ ُ ِّ َ ُ ْ‬ ‫ْ ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ َ َ ُ ُ ُ‬

‫وأما األحاديث التي وردت يف أمر النبي ‪ H‬للناس بإكامل صوم عاشوراء‪،‬‬
‫سواء منهم من أكل أول النهار ومن مل يأكل؛ فوجهها أن صوم عاشوراء كان يف ذلك‬
‫الوقت فرض ًا الزم ًا عليهم‪.‬‬

‫ويف الصوم الواجب‪ :‬جيب عىل من علم به خالل النهار؛ أن يمسك عن األكل‬
‫والرشب من وقت علمه به‪.‬‬

‫َان صوم ًا َو ِ‬
‫اجب ًا متعني ًا»(‪.)3‬‬ ‫«وك َ‬
‫قال العيني ‪ V‬عن صوم عاشوراء‪َ :‬‬
‫اجبا‪ ،‬لِ ُثب ِ‬ ‫اد ِ‬
‫وقال احلافظ ابن حجر ‪« :V‬وي ْؤ َخ ُذ ِمن َمْمو ِع األَح ِ‬
‫وت‬ ‫َان َو ِ ً ُ‬ ‫يث َأ َّن ُه ك َ‬ ‫َ‬ ‫ْ ُ‬ ‫َُ‬
‫يد بِالنِّدَ ِاء ال َعا ِّم‪ُ ،‬ث َّم ِز َيا َد ُت ُه بِ َأ ْم ِر َم ْن‬
‫األَم ِر بِصو ِم ِه‪ُ ،‬ثم ت ََأ َّكدَ األَمر بِ َذلِ َك‪ُ ،‬ثم ِزياد ُة الت َّْأ ِك ِ‬
‫َّ َ َ‬ ‫ُْ‬ ‫َّ‬ ‫ْ َ ْ‬
‫ات َأ ْن َل ير ِضعن فِ ِيه األَ ْط َف َال‪ ،‬وبِ َقو ِل ابن مسع ٍ‬ ‫اك‪ُ ،‬ثم ِزياد ُته بِ َأم ِر األُمه ِ‬ ‫اإلمس ِ‬
‫ود‬ ‫َ ْ ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُْ ْ َ‬ ‫َّ َ‬ ‫َّ َ َ ُ ْ‬ ‫َأك ََل بِ ِ ْ َ‬
‫استِ ْح َبا ُب ُه‪َ ،‬ب ْل‬ ‫ِ‬
‫ورا ُء‪َ ،‬م َع الع ْل ِم بِ َأ َّن ُه َما ت ُِر َك ْ‬ ‫ت ِف ُم ْس ِل ٍم‪ََّ :‬لا ُف ِر َض َر َم َض ُ‬
‫ان ت ُِر َك َع ُ‬
‫اش َ‬
‫ال َّثابِ ِ‬

‫((( امللخص الفقهي (‪.)393/1‬‬


‫((( املغني (‪.)115 /3‬‬
‫((( عمدة القاري (‪.)304/10‬‬
‫وشاعو مرحملا هللا رهش مايص‬

‫ٍ‬
‫ت َ‬
‫وك ُو ُجو ُب ُه»(‪.)1‬‬ ‫ُه َو َباق‪َ ،‬فدَ َّل َع َل َأ َّن َ‬
‫الم ْ ُ‬

‫َان َأك ََل َف ْل ُيتِ َّم‬


‫َان َل ْ َي ُص ْم َف ْل َي ُص ْم‪َ ،‬و َم ْن ك َ‬ ‫«م ْن ك َ‬ ‫وقال اإلمام النووي ‪َ « :V‬ق ْو ُل ُه‪َ :‬‬
‫َان َأ ْص َب َح‬ ‫َان َأ ْص َب َح َصائِ ًم َف ْل ُيتِ َّم َص ْو َم ُه‪َ ،‬و َم ْن ك َ‬ ‫«م ْن ك َ‬ ‫ٍ‬
‫ص َي َام ُه إِ َل ال َّل ْي ِل»‪َ ،‬و ِف ِر َوا َية‪َ :‬‬
‫ِ‬
‫‪645‬‬ ‫الص ْو َم َف ْل ُيتِ َّم َص ْو َم ُه‪َ ،‬و َم ْن ك َ‬ ‫َي َأ َّن َم ْن ك َ‬ ‫الر َوا َيت ْ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َان‬ ‫َان ن ََوى َّ‬ ‫ُم ْفط ًرا َف ْل ُيت َّم َبقي ََّة َي ْومه»‪َ ،‬م ْعنَى ِّ‬
‫الش ِّك‬ ‫يمس ْك َب ِق َّي َة َي ْو ِم ِه ُح ْر َم ًة لِ ْل َي ْو ِم‪ ،‬ك ََم َل ْو َأ ْص َب َح َي ْو َم َّ‬ ‫َل ين ِْو الصوم و َل ي ْأك ُْل َأو َأك ََل َف ْل ِ‬
‫ْ‬ ‫َّ ْ َ َ ْ َ‬ ‫َْ‬
‫اك َب ِق َّي ِة َي ْو ِم ِه ُح ْر َم ًة لِ ْل َي ْو ِم»(‪.)2‬‬
‫ب إِ ْم َس ُ‬ ‫ي ُ‬ ‫ُم ْفطِ ًرا‪ُ ،‬ث َّم َث َب َت َأ َّن ُه ِم ْن َر َم َض َ‬
‫ان َ ِ‬

‫الع ْل ُم‪ ،‬بِ َأ َّن ال َي ْو َم ا َّل ِذي ُه َو فِ ِيه ِم ْن‬


‫وقال الباجي ‪« :V‬وه َذا بِمن ِْز َل ِة من ي ْطر ُأ َع َلي ِه ِ‬
‫َ ْ َ َ ْ‬ ‫َ َ َ‬
‫ض َصدْ ٍر ِمنْ ُه‪َ ،‬فإِ َّن َع َل ْي ِه َأ ْن ُي ْم ِس َك َأك ََل َأ ْو َل ْ َي ْأك ُْل»(‪.)3‬‬ ‫ِ‬ ‫َر َم َض َ‬
‫ان َب ْعدَ ُم ِّ‬

‫وأما بعد أن ُفرض صوم رمضان‪ ،‬وصار صوم عاشوراء مستحب ًا‪ ،‬فال ينطبق عليه‬
‫هذا احلكم‪ ،‬بل حكمه حكم سائر النوافل‪ ،‬جيوز صومه بنية من النهار‪ ،‬رشيطة أن ال‬
‫يكون قد ارتكب قبل ذلك شيئ ًا من املفطرات‪.‬‬

‫سئل الشيخ ابن عثيمني ‪ V‬عن‪ :‬شخص مل يتذكر يوم عاشوراء إال أثناء النهار‪،‬‬
‫فهل يصح إمساكه بقية يومه‪ ،‬مع العلم بأنه أكل أول النهار؟‬

‫فأجاب ‪« :V‬لو أمسك بقية يومه‪ ،‬فإنه ال يصح صومه‪ ،‬وذلك ألنه أكل يف أول‬
‫النهار‪ ،‬وصوم النفل إنام يصح من أثناء النهار فيمن مل يتناول مفطر ًا يف أول النهار‪ ،‬أما من‬
‫تناول مفطرا يف أول النهار؛ فإنه ال يصح منه نية الصوم باإلمساك بقية النهار‪ ،‬وعىل هذا‪:‬‬
‫فال ينفعه إمساكه مادام قد أكل أو رشب أو أتى مفطرا يف أول النهار»(‪ .)4‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫((( فتح الباري (‪.)247/4‬‬


‫((( رشح صحيح مسلم (‪.)13/8‬‬
‫((( املنتقى رشح املوطأ (‪.)58/2‬‬
‫((( فتاوى نور عىل الدرب (‪ )2 /11‬برتقيم الشاملة‪.‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫صيام عرفة وعشر ذي الحجة‬ ‫‪646‬‬

‫*سؤال‪ :‬ما حكم صيام الثامين أيام األوىل من ذي احلجة للحاج‪ ،‬علام بأين أعلم أنه‬
‫مكروه صيام يوم عرفة؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫صـــيام األيام الثامن األوىل من ذي احلجــة مســتحب للحاج‪ ،‬وغريه؛ لقـول‬
‫ش‪،‬‬‫الصالِ ُح فِ ِيه َّن َأ َح ُّب إِ َل اهللِ ِم ْن َه ِذ ِه األَ َّيا ِم ال َع ْ ِ‬ ‫ِ‬
‫«ما م ْن َأ َّيا ٍم ال َع َم ُل َّ‬
‫النبي ‪َ :H‬‬
‫«وال‬ ‫يل اهللِ؟‪َ ،‬ف َق َال رس ُ ِ‬ ‫الج َها ُد ِف َسبِ ِ‬ ‫ول اهللِ‪َ ،‬وال ِ‬ ‫َف َقا ُلوا‪َ :‬يا َر ُس َ‬
‫ول اهلل ‪َ :H‬‬ ‫َ ُ‬
‫ش ٍء (‪.)1‬‬ ‫ك بِ َ ْ‬ ‫يل اهللِ‪ ،‬إِال َر ُج ٌل َخ َر َج بِنَ ْف ِس ِه َو َمالِ ِه‪َ ،‬ف َل ْم َي ْر ِج ْع ِم ْن َذلِ َ‬ ‫ِ‬
‫الج َها ُد ِف َسبِ ِ‬
‫وجاء يف «املوسوعة الفقهية»‪« :‬اتفق الفقهاء عىل استحباب صوم األيام الثامنية التي‬
‫من أول ذي احلجة قبل يوم عرفة‪ ...‬ورصح املالكية‪ ،‬والشافعية‪ :‬بأنه يسن صوم هذه‬
‫األيام للحاج أيضا (‪.)2‬‬
‫وقال يف «هناية املحتاج»‪« :‬ويسن صوم الثامنية أيام قبل يوم عرفة‪ ،‬كام رصح به يف‬
‫«الروضة»‪ ،‬سواء يف ذلك احلاج وغريه‪ ،‬أما احلاج فال يسن له صوم يوم عرفة‪ ،‬بل‬
‫(‪)3‬‬
‫يستحب له فطره ولو كان قويا؛ اقتدا ًء بالرسول ‪H‬؛ وليقوى عىل الدعاء‬
‫انتهى بترصف‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)969‬والرتمذي (‪- )757‬واللفظ له‪ ،-‬من حديث ابن عباس ‪.L‬‬
‫((( املوسوعة الفقهية (‪.)91/28‬‬
‫((( هناية املحتاج (‪.)207/3‬‬
‫حلا يذ رشعو ةفرع مايص‬

‫*سؤال‪ :‬إذا مل يصل املحرم باحلج إىل عرفات إال ليالً‪ ،‬فهل يستحب أنه يصوم يوم‬
‫عرفة‪ ،‬أم ال؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫‪647‬‬
‫«إذا كان اإلنسان حاج ًا‪ ،‬وكان بعرفة فإنه ال يصومه؛ حلديث أيب هريرة ‪،I‬‬
‫«نَى َع ْن َص ْو ِم َي ْو ِم َع َر َف َة بِ َع َر َف َة ‪ ،‬وإذا كان غري حاج‪ ،‬أو كان حاج ًا‬
‫عن النبي ‪َ :H‬‬
‫وليس بعرفة‪ ،‬بل مل يأت إليها إال متأخر ًا كبعد املغرب‪ ،‬فال يدخل يف النهي‪ ،‬وقد روى‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب َع َل اهلل َأ ْن ُي َك ِّف َر َّ‬
‫السنَ َة‬ ‫أبو قتادة عن النبي ‪ ،H‬أنه قال‪« :‬ص َيا ُم َي ْو ِم َع َر َف َة َأ ْحتَس ُ‬
‫السنَ َة ا َّلتِي‬ ‫ِ‬
‫ب َع َل اهلل‪َ ،‬أ ْن ُي َك ِّف َر َّ‬
‫ِ‬
‫ور َاء َأ ْحتَس ُ‬ ‫اش َ‬
‫ا َّلتِي َقب َله‪ ،‬والسنَ َة ا َّلتِي بعدَ ه‪ِ ،‬‬
‫وص َيا ُم َي ْو ِم َع ُ‬ ‫َْ ُ‬ ‫ْ ُ َ َّ‬
‫َق ْب َل ُه (‪ ،)1‬واحلديث األول خاص‪ ،‬والثاين عام‪ ،‬فيخرج اخلاص من العام (‪.)2‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬انتقلنا إىل السكن يف دولة باكستان‪ ،‬أردت أن أسألكم بأنني راغبة يف صيام‬
‫يوم عرفة‪ ،‬ولكن خيتلف التاريخ اهلجري يف باكستان عن اململكة‪ ،‬بحيث قد يكون‬
‫التاريخ يف باكستان ‪ 8‬والذي يوافق ‪ 9‬يف اململكة‪ ،‬فهل أصوم يوم ‪ 8‬أي تاريخ ‪ 9‬يف‬
‫اململكة؟ أم أصوم عىل حسب تاريخ باكستان؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫سئل ابن عثيمني ‪ :V‬عام إذا اختلف يوم عرفة نتيج ًة الختالف املناطق املختلفة يف‬
‫مطالع اهلالل‪ ،‬فهل نصوم تبع ًا رؤية البلد التي نحن فيها؟ أم نصوم تبع ًا لرؤية احلرمني؟‬

‫فأجاب فضيلته بقوله‪« :‬هذا يبنى عىل اختالف أهل العلم‪ :‬هل اهلالل واحد يف‬
‫الدنيا كلها؟‪ ،‬أم هو خيتلف باختالف املطالع؟‬

‫والصواب‪ :‬أنه خيتلف باختالف املطالع‪ ،‬فمثالً‪ :‬إذا كان اهلالل قد رؤي بمكة‪،‬‬
‫وكان هذا اليوم هو اليوم التاسع‪ ،‬ورؤي يف بلد آخر قبل مكة بيوم‪ ،‬وكان يوم عرفة‬

‫((( رواه مسلم (‪.)1162‬‬


‫(‪.)204/4‬‬ ‫((( فتاوى الشيخ حممد بن إبراهيم ‪V‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫عندهم اليوم العارش‪ ،‬فإنه ال جيوز هلم أن يصوموا هذا اليوم؛ ألنه يوم عيد‪ ،‬وكذلك لو‬
‫قدر أنه تأخرت الرؤية عن مكة‪ ،‬وكان اليوم التاسع يف مكة هو الثامن عندهم‪ ،‬فإهنم‬
‫يصومون يوم التاسع عندهم املوافق ليوم العارش يف مكة‪ ،‬هذا هو القول الراجح؛ ألن‬
‫وموا‪َ ،‬وإِ َذا َر َأ ْيت ُُمو ُه َف َأ ْفطِ ُروا (‪ .)1‬وهؤالء الذين‬
‫النبي ‪ H‬يقول‪« :‬إِ َذا َر َأ ْيت ُُمو ُه َف ُص ُ‬ ‫‪648‬‬
‫مل ير يف جهتهم مل يكونوا يرونه‪ ،‬وكام أن الناس باإلمجاع يعتربون طلوع الفجر‪ ،‬وغروب‬
‫الشمس يف كل منطقة بحسبها‪ ،‬فكذلك التوقيت الشهري يكون كالتوقيت اليومي )‪.(2‬‬

‫وسئل ‪ V‬من بعض موظفي سفارة بالد احلرمني يف إحدى الدول‪:‬‬

‫نحن هنا نعاين بخصوص صيام شهر رمضان املبارك وصيام يوم عرفة‪ ،‬وقد انقسم‬
‫األخوة هناك إىل ثالثة أقسام‪:‬‬
‫قسم يقول‪ :‬نصوم مع اململكة‪ ،‬ونفطر مع اململكة‪.‬‬
‫وقسم يقول‪ :‬نصوم مع الدولة التي نحن فيها‪ ،‬ونفطر معهم‪.‬‬
‫وقسم يقول‪ :‬نصوم مع الدولة التي نحن فيها رمضان‪ ،‬أما يوم عرفة‪ :‬فمع اململكة‪.‬‬

‫وعليه آمل من فضيلتكم اإلجابة الشافية واملفصلة لصيام شهر رمضان املبارك ويوم‬
‫عرفة‪ ،‬مع اإلشارة إىل أن الدولة التي نحن فيها طوال السنوات اخلمس املاضية مل حيدث‬
‫وأن وافقت اململكة يف الصيام‪ ،‬ال يف شهر رمضان‪ ،‬وال يف يوم عرفة‪ ،‬حيث إنه يبدأ‬
‫صيام شهر رمضان بعد إعالنه يف اململكة بيوم أو يومني‪ ،‬وأحيان ًا ثالثة أيام‪.‬‬

‫فأجاب‪« :‬اختلف العلامء ‪ ‬فيام إذا رؤي اهلالل يف مكان من بالد املسلمني دون‬
‫غريه‪ ،‬هل يلزم مجيع املسلمني العمل به‪ ،‬أم ال يلزم إال من رأوه ومن وافقهم يف املطالع‪،‬‬
‫أو من رأوه ومن كان معهم حتت والية واحدة؟ عىل أقوال متعددة‪ ،‬وفيه خالف آخر‪.‬‬

‫والراجح‪ :‬أنه يرجع إىل أهل املعرفة‪ ،‬فإن اتفقت مطالع اهلالل يف البلدين صارا‬
‫كالبلد الواحد‪ ،‬فإذا رؤي يف أحدمها ثبت حكمه يف اآلخر‪ ،‬أما إذا اختلفت املطالع‬

‫((( رواه البخاري (‪.)1801‬‬


‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)47/20‬‬
‫حلا يذ رشعو ةفرع مايص‬

‫فلكل بلد حكم نفسه‪ ،‬وهذا اختيار شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪ V‬تعاىل‪ ،‬وهو ظاهر‬
‫الكتاب والسنة‪ ،‬ومقتىض القياس‪.‬‬

‫حاكم البالد بالصوم أو الفطر؛‬


‫ُ‬ ‫ولكن إذا كانت البلدان حتت حكم واحد‪ ،‬و َأ َم َر‬
‫‪649‬‬ ‫وجب امتثال أمره؛ ألن املسألة خالفية‪ ،‬وحكم احلاكم يرفع اخلالف‪.‬‬

‫وبناء عىل هذا‪ :‬صوموا وأفطروا كام يصوم ويفطر أهل البلد الذي أنتم فيه‪ ،‬سواء وافق‬
‫بلدكم األصيل أو خالفه‪ ،‬وكذلك يوم عرفة‪ :‬اتبعوا البلد الذي أنتم فيه»)‪ .(1‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬من خالل املقالة التي عىل موقعكم‪ ،‬واملعنونة بـ «العرش األول من ذي احلجة»‪،‬‬
‫فهمت أنه ُيستحب صيام يوم التاسع‪ ،‬ولكن مل تذكروا ما إذا كان من السنة صيام‬
‫بقية أيام العرش‪ ،‬وهناك أحاديث ال أدري صحتها‪ُ ،‬ت َبيِّ ُ فضل هذه األيام‪ ،‬وحتث عىل‬
‫التزود بالطاعات فيها‪ ،‬بام يف ذلك الصيام‪.‬‬

‫هذه األحاديث هي كالتايل‪:‬‬

‫‪ .1‬عن أيب هريرة ‪ I‬أن النبي ‪ H‬قال‪« :‬ما من أيام أحب إىل اهلل‪ ،‬أن يتعبد‬
‫له فيها من عرش ذي احلجة‪ ،‬يعدل صيام كل يوم منها بصيام سنة‪ ،‬وقيام كل ليلة‬
‫منها بقيام ليلة القدر (‪.)2‬‬

‫‪ .2‬عن حفصة ‪ J‬قالت‪« :‬مخس مل يكن النبي ‪ H‬يدعهن‪ :‬صيام يوم عاشوراء‪،‬‬
‫وعرش من ذي احلجة‪ ،‬وثالثة أيام من كل شهر‪ ،‬وركعتني قبل الفجر‪.)3( ...‬‬
‫ِ‬
‫فمن هذه األحاديث أفهم أنه ليس من السنة فقط صيام اليوم التاسع‪ ،‬بل بقية العرش‬
‫كذلك‪ .‬فهل هذا صحيح؟‪ ،‬وملاذا مل ُيذكر ذلك يف املقالة؟‪ ،‬وهل األحاديث املذكورة‬
‫صحيحة؟‬

‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)41-40/19‬‬


‫((( رواه الرتمذي‪ ،‬وابن ماجة‪ ،‬والبيهقي‬
‫((( رواه أمحد‪ ،‬والنسائي‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*جواب‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬سبق يف موقعنا تقرير استحباب صيام األيام التسعة األوىل ِمن ذي احلجة‪،‬‬
‫وذلك يف جواب السؤال رقم‪ ،)41633( :‬و(‪ ،)49042‬و(‪.)84271‬‬

‫«ما ِم ْن‬
‫‪650‬‬
‫ثانياً‪ :‬أما احلديث الوارد َع ْن َأ ِب ُه َر ْي َر َة ‪َ ،I‬ع ْن النَّبِ ِّي ‪َ ،H‬ق َال‪َ :‬‬
‫الحج َِّة‪َ ،‬ي ْع ِد ُل ِص َيا ُم ك ُِّل َي ْو ٍم ِمن َْها بِ ِص َيا ِم‬
‫ش ِذي ِ‬
‫ب إِ َل ال َّل ِه‪َ ،‬أ ْن ُي َت َع َّبدَ َل ُه فِ َيها ِم ْن َع ْ ِ‬
‫َأ َّيا ٍم َأ َح ُّ‬
‫َسن ٍَة‪َ ،‬و ِق َيا ُم ك ُِّل َل ْي َل ٍة ِمن َْها بِ ِق َيا ِم َل ْي َل ِة ال َقدْ ِر فرواه الرتمذي (‪ ،)758‬والبزار (‪،)7816‬‬
‫وابن ماجه (‪ ،)1728‬من طريق أيب بكر بن نافع البرصي‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا مسعود بن‬
‫واصل‪ ،‬عن هناس بن قهم‪ ،‬عن قتادة‪ ،‬عن سعيد بن املسيب‪ ،‬عن أيب هريرة به‪.‬‬

‫وهذا إسناد ضعيف بسبب النهاس بن قهم‪ ،‬ومسعود بن واصل‪ ،‬ولذلك اتفقت‬
‫كلمة علامء احلديث عىل تضعيفه‪:‬‬

‫قال الرتمذي ‪« :V‬هذا حديث غريب‪ ،‬ال نعرفه إال من حديث مسعود بن‬
‫واصل‪ ،‬عن النهاس‪ ،‬وسألت حممدا ‪-‬يعني البخاري‪ -‬عن هذا احلديث‪ ،‬فلم يعرفه من‬
‫غري هذا الوجه مثل هذا‪.‬‬

‫وقد روي عن قتادة‪ ،‬عن سعيد بن املسيب‪ ،‬عن النبي ‪ H‬مرسال يشء من‬
‫هذا‪ ،‬وقد تكلم حييى بن سعيد يف هناس بن قهم من قبل حفظه»‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫وقال البغوي ‪« :V‬إسناده ضعيف (‪.)1‬‬
‫وقال شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪« :V‬فيه ضعف (‪.)2‬‬
‫وقال احلافظ ابن حجر ‪« :V‬إسناده ضعيف (‪.)3‬‬
‫وضعفه الشيخ األلباين ‪ V‬يف «السلسلة الضعيفة (‪.)4‬‬

‫((( رشح السنة (‪.)624/2‬‬


‫((( رشح العمدة (‪.)555/2‬‬
‫((( فتح الباري (‪.)534/2‬‬
‫((( السلسلة الضعيفة (رقم‪.)5142/‬‬
‫حلا يذ رشعو ةفرع مايص‬

‫يقول احلافظ ابن رجب ‪- V‬بعد أن أورد هذا احلديث وغريه يف الباب‪« :-‬ويف‬
‫املضاعفة أحاديث أخر مرفوعة‪ ،‬لكنها موضوعة‪ ،‬فلذلك أعرضنا عنها‪ ،‬وعام أشبهها‬
‫من املوضوعات يف فضائل العرش‪ ،‬وهي كثرية (‪.)1‬‬

‫‪651‬‬ ‫ثالث ًا‪ :‬أما احلديث الثاين الوارد يف السؤال‪( :‬مخس مل يكن النبي ‪ H‬يدعهن‪،)..‬‬
‫فمداره عىل هنيدة بن خالد اخلزاعي‪ ،‬وقد جاء عنه عىل أوجه إسنادية كثرية‪ ،‬وبألفاظ خمتلفة‪:‬‬

‫الوجه األول‪ :‬هنيدة بن خالد‪ ،‬عن أم املؤمنني حفصة ‪.J‬‬

‫وقد رواه عنه احلر بن الص َّياح‪ ،‬ورواه عن احلر عىل هذا الوجه ثالثة من الرواة‪:‬‬

‫‪ .1‬عمرو بن قيس املالئي‪ :‬يرويه النسائي يف «السنن» (‪ ،)2416‬وأمحد يف «املسند»‬


‫(‪ ،)59/44‬والطرباين يف «املعجم الكبري» (‪ ،)205/23‬وابن حبان يف صحيحه‬
‫(‪ ،)332/14‬وأبو يعىل يف «املسند» (‪ )469/12‬ولفظه‪َ ( :‬أ ْر َب ٌع َل ْ َي ُك ْن َيدَ ُع ُه َّن‬
‫الر ْك َعت ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫النَّبِ ُّي ‪ِ :H‬ص َيا َم َع ُ‬
‫َي‬ ‫ش‪َ ،‬و َث َل َث َة َأ َّيا ٍم م ْن ك ُِّل َش ْه ٍر‪َ ،‬و َّ‬
‫ورا َء‪َ ،‬وال َع ْ َ‬
‫اش َ‬
‫َق ْب َل ال َغدَ ِاة) والراوي عن عمرو بن قيس هو أبو إسحاق األشجعي‪ :‬جمهول‪،‬‬
‫ولذلك ضعفه به حمققو املسند‪ ،‬والشيخ األلباين يف «إرواء الغليل» (‪.)111/4‬‬

‫‪ .2‬وزهري بن معاوية أبو خيثمة‪ :‬عند النسائي يف «الكربى» (‪ ،)135/2‬ولفظ زهري‪:‬‬


‫(كان رسول اهلل ‪ H‬يصوم من كل شهر ثالثة أيام‪ ،‬أول اثنني من الشهر‪،‬‬
‫ثم اخلميس‪ ،‬ثم اخلميس الذي يليه)‪.‬‬

‫‪ .3‬ورشيك‪ :‬أخرجه النسائي يف «الكربى» (‪ ،)135/2‬وأمحد يف «املسند» (‪)460/9‬‬


‫طبعة مؤسسة الرسالة‪ ،‬وجعله رشيك من مسند ابن عمر بلفظ حديث زهري‪.‬‬
‫يك‪ِ ،‬‬
‫عن‬ ‫رش ٌ‬ ‫حد ٍ‬
‫يث؛ روا ُه ِ‬ ‫«سألت ِأب‪ ،‬وأبا ُزرعة‪َ ،‬عن ِ‬
‫ُ‬ ‫يقول ابن أيب حاتم ‪:V‬‬
‫هر االثنني‪،‬‬ ‫يصو ُم ِمن ّ‬
‫الش ِ‬ ‫أن النّبِ ّي ‪ ،H‬كان ُ‬ ‫ابن ُعمر‪َّ :‬‬ ‫عن ِ‬ ‫الصياح‪ِ ،‬‬‫ِ‬ ‫حل ِّر ِ‬
‫بن‬ ‫ا ُ‬
‫واخلميس ا ّل ِذي ِيل ِيه‪ُ ،‬ث ّم اثنني ا ّل ِذي ِيل ِيه‪.‬‬
‫ِ‬

‫((( لطائف املعارف (ص‪.)262/‬‬


‫الصيام سؤال وجواب‬

‫عن امرأتِ ِه‪ ،‬عن ُأ ِّم‬


‫بن خالِ ٍد‪ِ ،‬‬
‫صياح‪ ،‬عن ُهنيدة ِ‬
‫ٍ‬ ‫خطأ‪ ،‬إِنّام ُهو احلُ ُّر ب ُن‬
‫ٌ‬ ‫فقاال‪ :‬هذا‬
‫عن النّبِ ِّي ‪ .»H‬انتهى‪.‬‬ ‫سلمة‪ِ ،‬‬

‫«العلل» (‪.)231/1‬‬
‫‪652‬‬
‫وقال حمققو املسند‪« :‬إسناده ضعيف‪ ،‬رشيك ‪-‬وهو ابن عبد اهلل النخعي‪ ،-‬سيئ‬
‫احلفظ‪ ،‬وقد اختلف عليه يف لفظ احلديث ‪-‬ثم ذكروا ذلك االختالف‪ »-‬انتهى‪.‬‬

‫«املسند» (‪.)460/9‬‬

‫الوجه الثاين‪ :‬عن هنيدة بن خالد‪ ،‬عن امرأته‪ ،‬عن بعض أزواج النبي ‪.H‬‬

‫يرويه أبو عوانة‪ ،‬عن احلر بن الصياح‪ ،‬عن هنيدة‪ ،‬عىل هذا الوجه‪ :‬أخرجه أبو داود‬
‫(‪ ،)2437‬والنسائي (‪ ،)2418( ،)2372‬وأمحد (‪ ،)69/44( ،)24/37‬والبيهقي يف‬
‫«السنن الكربى» (‪ ،)284/4‬والطحاوي يف «رشح معاين اآلثار» (‪ )76/2‬ولفظه عند‬
‫أيب داود‪( :‬كان رسول اهلل ‪ H‬يصوم تسع ذي احلجة‪ ،‬ويوم عاشوراء‪ ،‬وثالثة‬
‫أيام من كل شهر‪ ،‬أول اثنني من الشهر واخلميس)‪.‬‬

‫الوجه الثالث‪ :‬عن هنيدة‪ ،‬عن أمه‪ ،‬عن أم سلمة‪.‬‬

‫من طريق حممد بن ُف َضيل‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا احلسن بن ُعبيد اهلل‪ ،‬عن هنيدة اخلزاعي‪،‬‬
‫ول اهللِ‪َ H‬يأ ُم ُر بِ ِص َيا ِم َثال َث ِة أ َّيا ٍم‪َّ :‬أو َل‬ ‫َان َر ُس ُ‬
‫عن أمه‪ ،‬عن أم سلمة قالت‪( :‬ك َ‬
‫أصو َم‬ ‫ول اهللِ ‪َ H‬ي ْا ُم ُر ِن َأ ْن ُ‬ ‫َان َر ُس ُ‬‫‪-‬وىف رواية‪ :-‬ك َ‬ ‫ِ‬ ‫َي َواال ْثن ْ َ‬
‫َي‬ ‫يس‪َ ،‬واال ْثن ْ َ‬‫َخِ ٍ‬
‫األخ َرى ‪-‬ويف رواية‪:-‬‬ ‫الج ُم َع ِة ْ‬ ‫ِ‬
‫الخميس‪َ ،‬واال ْثن َْي م َن ُ‬
‫الشه ِر‪ :‬اال ْثنَي‪ ،‬و َ ِ‬
‫ْ َ‬
‫ِ‬
‫َثال َث َة أ َّيام م َن َّ ْ‬
‫َي‪،‬‬‫أصو َم َثال َث َة أ َيا ٍم ِم ْن ك ُِّل َش ْه ٍر‪ ،‬أو َُّلَا اال ْثن ْ َ‬‫رن َأ ْن ُ‬‫اهللِ ‪َ H‬ي ْأ ُم ِ‬ ‫ول ِ‬ ‫َان َر ُس ُ‬
‫ك َ‬
‫الخ ِميس)‪ .‬أخرجه أمحد (‪ ،)82/44‬وأبو يعىل يف «املسند» (‪،)315/12‬‬ ‫الج ُم َعة‪َ ،‬و َ‬ ‫َو ُ‬
‫وأبو داود (‪   ،)2452‬والنَّسائي (‪ ،)221/4‬وليس فيه ذكر لصيام تسع ذي احلجة‪،‬‬
‫وصيام يوم عاشوراء‪ ،‬بل اقترص عىل صيام ثالثة أيام من كل شهر‪.‬‬
‫حلا يذ رشعو ةفرع مايص‬

‫الوجه الرابع‪ :‬عن هنيدة‪ ،‬عن امرأته‪ ،‬عن أم سلمة‪.‬‬


‫من طريق عبد الرحيم بن سليامن‪ ،‬عن احلسن بن عبيد اهلل‪ ،‬عن احلر بن صياح‪ ،‬عن‬
‫هنيدة بن خالد‪ ،‬عن امرأته‪ ،‬عن أم سلمة ‪-‬باللفظ السابق‪ -‬رواه الطرباين يف «املعجم‬
‫‪653‬‬
‫الكبري» (‪ ،)420/23( ،)216/23‬وأبو يعىل يف «املسند ‪.‬‬
‫دخلت عىل أم املؤمنني ‪-‬ومل يعني اسمها‪.-‬‬
‫ُ‬ ‫الوجه اخلامس‪ :‬عن هنيدة بن خالد‪ ،‬قال‪:‬‬
‫من طريق زهري بن معاوية‪ ،‬عن احلر بن الصياح‪ ،‬قال سمعت هنيدة اخلزاعي قال‪:‬‬
‫دخلت عىل أم املؤمنني سمعتها تقول‪( :‬كان رسول اهلل ‪ H‬يصوم من كل شهر ثالثة‬
‫أيام‪ :‬أول اثنني من الشهر‪ ،‬ثم اخلميس‪ ،‬ثم اخلميس الذي يليه) يرويه النسائي (‪.)2415‬‬
‫واحلاصل‪ :‬أن نقاد احلديث اختلفوا يف احلكم عىل هذا احلديث‪ ،‬بسبب كل هذا‬
‫االختالف يف سنده ومتنه‪:‬‬
‫َ‬
‫احلديث الزيلعي يف «نصب الراية» (‪ ،)157/2‬وحمققو مسند أمحد‪ ،‬والشيخ‬ ‫فض َّعف‬
‫ابن باز ‪-‬كام يف «جمموع فتاوى ابن باز» (‪ -)417/15‬وذلك الضطراب سنده ومتنه‪،‬‬
‫ولعل هذا هو املتجه يف احلكم عىل احلديث‪.‬‬
‫وصحح الشيخ األلباين يف «صحيح أيب داود» (‪ )199-196/7‬روايتي زهري بن معاوية‬
‫وأيب عوانة عن احلر بن الصياح‪.‬‬
‫وجاء يف «العلل» للدارقطني (‪:)122-121/15‬‬
‫«وسـئل عن حديث هنيدة بـن خالد اخلزاعي‪ ،‬عن حفصة‪ ،‬قالـت‪ :‬أربعة مل يدعهن‬
‫النبـي ‪ :H‬صيـام عاشـوراء‪ ،‬والعشر‪ ،‬وثالثـة أيـام مـن كل شـهر‪ ،‬والركعتان‬
‫قبل الغداة‪.‬‬
‫فقال‪ :‬يرويه احلر بن الصياح‪ ،‬عن هنيدة بن خالد اخلزاعي‪ ،‬عن حفصة‪.‬‬
‫وخالفه احلسن بن عبيد اهلل‪ ،‬واختلف عنه‪ :‬فرواه عبد الرحيم بن سليامن‪ ،‬عن‬
‫احلسن بن عبيد اهلل‪ ،‬عن أمه‪ ،‬عن أم سلمة؛ ورواه أبو عوانة‪ ،‬عن احلر بن الصياح‪ ،‬عن‬
‫هنيدة‪ ،‬عن امرأته‪ ،‬عن بعض أزواج النبي ‪ ،H‬ومل يسمها»انتهى‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*صيام اإلثنني واخلميس وثالثة أيام من كل شهرسؤال‪ :‬والديت تواظب ومنذ زمن‬
‫طويل عىل صيام يومي اخلميس واالثنني من كل أسبوع‪ ،‬وهي اآلن تريد االستفسار‬
‫ومعرفة‪ :‬هل هذا العمل أفضل‪ ،‬أم أن تصوم ثالثة أيام من كل شهر؟‬

‫*جواب‪:‬‬ ‫‪654‬‬
‫«هـذا العمـل أفضـل وأكثـر أجـر ًا‪ ،‬وصيـام الثالثـة األيـام داخـل يف ذلـك‪،‬‬
‫وكان النبـي ‪ H‬يصـوم االثنين واخلميـس‪ ،‬ويقـول‪« :‬إهنام يومان تعـرض فيهام‬
‫األعمال عىل اهلل سـبحانه‪ ،‬فأحب أن يعـرض عميل‪ ،‬وأنا صائـم ‪ ،‬واهلل ويل التوفيق»(‪.)1‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬أصوم كل يوم اثنني ومخيس صيام تطوع ًا‪ ،‬وحدث إنه يف ليلة من الليايل‬
‫تسحرت ونمت دون أن أرشب‪ ،‬وبعد الفجر بساعة‪ ،‬قمت من النوم وأنا شديد‬
‫العطش‪ ،‬فرشبت‪ ،‬وأكملت الصيام إىل الليل‪ ،‬مع العلم أنني أعلم أنه قد مىض عىل‬
‫عيل كفارة؟‬
‫الفجر ساعة‪ ،‬هل الصيام صحيح أم ال؟‪ ،‬وإن كان ال فهل جيب ّ‬
‫*جواب‪:‬‬

‫«الصيام ليس بصحيح؛ ألن الصيام ال بد أن يكون من طلوع الفجر إىل غروب‬
‫الشمس؛ لقول اهلل تعاىل‪( :‬ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ‬
‫ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ) [البقرة‪.]187 :‬‬

‫وعىل هذا؛ فليس لك أجر يف هذا اليوم الذي صمته؛ لعدم موافقته الرشع‪ ،‬وليس‬
‫عليك يف ذلك إثم؛ ألن صوم النفل جيوز لإلنسان أن يقطعه‪ ،‬وليس عليك كفارة أيض ًا‪،‬‬
‫والكفارة ال جتب يف أي صوم كان حتى يف الفرض إال إذا جامع اإلنسان زوجته يف هنار‬
‫رمضان‪ ،‬ومها ممن جيب عليهام الصوم‪ ،‬ففي هذه احلال جتب الكفارة عليه وعليها إن‬
‫طاوعت‪ ،‬وهي عتق رقبة فإن مل جيد فصيام شهرين متتابعني‪ ،‬فإن مل يستطع فإطعام ستني‬
‫مسكين ًا‪ ،‬وأما إذا كان الزوج والزوجة ال جيب عليهام الصيام‪ ،‬مثل أن يكونا مسافرين يف‬
‫رمضان‪ ،‬وجامعها؛ فال حرج عليه وال عليها؛ ألن املسافر حيل له أن يفطر‪ ،‬ولكن عليهام‬

‫((( جمموع فتاوى ومقاالت متنوعة للشيخ عبد العزيز بن باز (‪.)388 ،387/15‬‬
‫حلا يذ رشعو ةفرع مايص‬

‫قضاء ذلك اليوم إذا رجع من السفر‪ ،‬حتى لو فرض أهنام كانا صائمني يف ذلك اليوم‪،‬‬
‫ومها مسافران سفر ًا يبيح هلام الفطر‪ ،‬ثم جامعها؛ فال حرج عليهام يف ذلك‪ ،‬وليس عليهام‬
‫كفارة‪ ،‬وإنام عليهام قضاء ذلك اليوم الذي أفطراه (‪.)1‬‬
‫***‬
‫‪655‬‬
‫*سؤال‪ :‬أنا ال أستطيع صيام يوم اخلميس ألسباب خاصة‪ ،‬فهل يكفي أن أصوم يوم‬
‫االثنني من كل أسبوع‪ ،‬أم ال بد من صيامهام معا؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫«ال حرج يف صوم أحد اليومني املذكورين دون اآلخر‪ ،‬وصيامهام سنة وليس بواجب‪،‬‬
‫فمن صامهام أو أحدمها فهو عىل خري عظيم‪ ،‬وال جيب اجلمع بينهام‪ ،‬بل ذلك مستحب؛‬
‫لألحاديث الصحيحة الواردة يف ذلك عن النبي ‪ ،H‬واهلل ويل التوفيق»(‪.)2‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬أعلم جيدا أن األيام البيض‪ ،‬هي‪ :‬الثالث والرابع واخلامس عرش من كل شهر‬
‫هجري‪ ،‬ويتم حتديدها اعتبارا برؤية اهلالل ليس عىل التقويم‪ ،‬ولكن سؤايل‪ :‬كيف يل‬
‫أن أتابع دخول اهلالل بالرؤية التي ال يتم اإلعالن عنها إال يف رمضان واحلج؟‪ ،‬وهل‬
‫يمكن االعتامد عىل التاريخ الذي تضعونه أسفل شعار املوقع؟‪ ،‬ال سيام أين قارنته مع‬
‫تقويم أم القرى وغريه؛ فوجدت مجيع التقاويم متفقة مع بعض‪ ،‬وموقعكم متقدم‬
‫عليها بيوم‪ ،‬فظننت أنكم تضعون التاريخ باعتبار الرؤية الرشعية ال عىل التقاويم‪.‬‬

‫*جواب‪:‬‬
‫األيام البيض هي‪ :‬أيام الثالث عرش‪ ،‬والرابع عرش‪ ،‬واخلامس عرش من الشهر‪ ،‬وقد‬
‫صمت شيئا من‬
‫َ‬ ‫جاء فيها حديث أيب ذر ‪ ،I‬قال‪ :‬قال يل رسول اهلل ‪« :H‬إذا‬
‫الشهر‪ ،‬فصم ثالث عرشة‪ ،‬وأربع عرشة‪ ،‬ومخس عرشة (‪.)3‬‬

‫((( فتاوى نور عىل الدرب ‪ -‬للشيخ حممد بن عثيمني (‪.)10/210‬‬


‫((( جمموع فتاوى الشيخ ابن باز (‪.)386/15‬‬
‫((( رواه الرتمذي (‪ ،)761‬والنسائي (‪ ،)2424‬وصححه األلباين يف صحيح الرتغيب (‪.)1038‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫ويعرف دخول الشهر برؤية اهلالل‪ ،‬فإن أمكن سؤال من هيتم بالرؤية كل شهر‪،‬‬
‫فهذا حسن‪ ،‬أو اعتامد رؤية بعض البلدان التي تعلن الرؤية كل شهر‪ ،‬وإال صام اإلنسان‬
‫حسب التقويم‪ ،‬عمال بغلبة الظن‪.‬‬

‫سئل الشيخ ابن باز ‪ :V‬ال خيفى عىل سامحتكم أن األشهر العادية ال يعلم اإلنسان‬ ‫‪656‬‬

‫موعد دخوهلا‪ ،‬فكيف يكون احلال بالنسبة لصيام األيام البيض من كل شهر؟‪ ،‬أقصد كيف‬
‫يعرف اإلنسان هذه األيام؛ حتى يتمكن من صيامها؟‪ ،‬نرجو إرشادنا جزاكم اهلل خريا‪.‬‬

‫فأجـاب‪« :‬يشرع له أن يصومها حسـب التقويـم؛ عمال بغالب الظـن‪ ،‬وإن صامها‬
‫يف غير أيـام البيـض كفى ذلك؛ ألن النبـي ‪ H‬حث عىل صيامها من كل شـهر‪،‬‬
‫ومل يقيدهـا بأيـام البيـض‪ ،‬كما يف الصحيحني عـن النبـي ‪ ،H‬أنه قـال لعبد اهلل‬
‫ابـن عمـرو بن العـاص ‪« :L‬صم من الشـهر ثالثة أيام‪ ،‬فإن احلسـنة بعشر أمثاهلا‪،‬‬
‫وذلـك مثـل صيـام الدهـر ‪ ،‬ويف الصحيحين عـن أيب هريـرة ‪ ،I‬قـال‪( :‬أوصـاين‬
‫رسـول اهلل ‪ H‬بثلاث‪ :‬صيـام ثالثة أيام من كل شـهر‪ ،‬وركعتـي الضحى‪ ،‬وأن‬
‫أوتـر قبـل النـوم)‪ ،‬واألحاديـث يف هـذا الباب كثيرة‪ ،‬وهو خمري إن شـاء مجعهـا‪ ،‬وإن‬
‫شـاء فرقهـا؛ إلطالق األحاديث‪ ،‬وعـدم تقييدهـا بالتتابـع‪ ،‬واهلل ويل التوفيق (‪.)1‬‬

‫وعىل فرض اخلطأ يف يوم منها‪ ،‬فإن ذلك ال يرض‪ ،‬بل يرجى للصائم األجر كامال؛‬
‫ألنه معذور‪ ،‬وقد فعل ما يمكنه‪.‬‬

‫قال الشيخ ابن عثيمني ‪« :V‬صيام ثالثة أيام من كل شهر سنة‪ ،‬وقد أخرب‬
‫النبي ‪ :H‬أن صيام ثالثة أيام من كل شهر صوم الدهر كله‪ ،‬ولكن األفضل‬
‫أن تكون يف األيام البيض ثالثة عرش‪ ،‬وأربعة عرش‪ ،‬ومخسة عرش‪ ،‬فإن مل يمكن بأن‬
‫كانت األنثى عليها العادة‪ ،‬أو حصل سفر‪ ،‬أو حصل ضيف‪ ،‬أو حصل ملل‪ ،‬أو مرض‬
‫يسري‪ ،‬أو ما أشبه ذلك؛ فإنه حيصل األجر ملن صام يف غري هذه األيام الثالثة‪ ،‬قالت‬
‫عائشة ‪( :J‬كان النبي ‪ H‬يصوم ثالثة أيام من كل شهر‪ ،‬ال يبايل أصامها يف‬

‫((( جمموع فتاوى ابن باز (‪.)282 /15‬‬


‫حلا يذ رشعو ةفرع مايص‬

‫أول الشهر‪ ،‬أو وسطه‪ ،‬أو آخره)‪ ،‬فاألمر يف هذا واسع‪ ،‬فصيام ثالثة أيام من كل شهر‬
‫سنة‪ ،‬سواء يف أول الشهر‪ ،‬أو وسطه‪ ،‬أو آخره‪ ،‬لكن كوهنا يف األيام الثالثة أيام البيض‬
‫أفضل‪ ،‬وإذا ختلف ذلك لعذر أو حاجة‪ ،‬فإننا نرجو أن اهلل تعاىل يكتب األجر ملن كان‬

‫‪657‬‬
‫من عادته أن يصومها‪ ،‬ولكن تركها لعذر»(‪.)1‬‬

‫وأما موقعنا‪ :‬فإن التاريخ فيه عىل التقويم؛ إال يف شهري رمضان‪ ،‬وذي احلجة‪.‬‬
‫واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬اعتدت عىل صيام يوم الثالث عرش‪ ،‬والرابع عرش‪ ،‬واخلامس عرش من كل‬
‫شهر عريب‪ ،‬وف ًقا للتقويم القمري‪ ،‬ولكن تقابلني مشكلة حيث إن يوم الثالث عرش‬
‫وف ًقا للتقويم القمري يف بلدي‪ ،‬أنظر للقمر فأجده غري مكتمل‪ ،‬بل إنه يبقى عليه يوم‬
‫أو اثنني حتى يكتمل‪ ،‬ولكني أصوم وف ًقا للتقويم القمري اخلاص ببلدنا‪ ،‬وال أعرف‬
‫عيل أن أتبع التقويم الرسمي القمري لبلدي‪ ،‬أم أن‬
‫هل هذا صحيح أم ال؟‪ ،‬هل جيب ّ‬
‫ال أم ال‪ ،‬وأصوم وف ًقا لرؤية القمر؟‬
‫أنظر للقمر‪ ،‬وأرى ما إذا كان مكتم ً‬

‫*جواب‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬يسن صيام أيام البيض‪ ،‬وهي الثالث عرش‪ ،‬والرابع عرش‪ ،‬واخلامس عرش من‬
‫كل شهر هجري؛ ملا روى الرتمذي (‪ ،)761‬والنسائي (‪ ،)2424‬عن أيب َذ ٍر ‪،I‬‬
‫ث َع ْ َ‬
‫شةَ‪،‬‬ ‫ت َش ْيئًا ِم ْن َّ‬
‫الش ْه ِر‪َ ،‬ف ُص ْم َث َل َ‬ ‫ول ال َّل ِه ‪« :H‬إِ َذا ُص ْم َ‬
‫َق َال‪َ :‬ق َال ِل َر ُس ُ‬
‫َ‬
‫ش َة ‪ ،‬وحسنه األلباين يف «اإلرواء» (‪.)947‬‬ ‫شةَ‪َ ،‬و َخ َْس َع ْ َ‬ ‫َوأ ْر َب َع َع ْ َ‬
‫وقال علامء اللجنة الدائمة‪« :‬األفضل ملن أراد صيام ثالثة أيام من الشهر‪ :‬أن يصوم‬
‫أيام البيض‪ ،‬الثالث عرش‪ ،‬والرابع عرش‪ ،‬واخلامس عرش‪ ،‬وإن صام ثالثة غريها؛ فال‬
‫بأس‪ ،‬ونرجو أن يكون ذلك صيام الدهر»(‪.)2‬‬

‫((( فتاوى نور عىل الدرب (‪.)47/210‬‬


‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)404/10‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫ثاني ًا‪ :‬تُعرف أيام البيض بمعرفة بداية الشهر اهلجري‪ ،‬و ُيعرف دخول الشهر برؤية‬
‫اهلالل‪ ،‬أو بإخبار ثقة فأكثر أنه رآه‪ ،‬إذا كان شهر رمضان‪ ،‬أو بإخبار ثقتني فأكثر يف سائر‬
‫الشهور‪ ،‬كام ُيعرف دخول الشهر بإكامل الشهر السابق له ثالثني يوما‪.‬‬

‫ويمكن ملن يعيش يف غري بالد اإلسالم‪ ،‬أن يعرف بداية الشهر؛ باالتصال باملراكز‬ ‫‪658‬‬

‫اإلسالمية هناك وسؤاهلم‪.‬‬

‫ثالث ًا‪ :‬القمر ال يكتمل بدرا إال ليلة الرابع عرش‪ ،‬عىل املشهور من كالم أهل العلم‬
‫واللغة‪ ،‬وتسمى ليلة الرابع عرش ليلة التامم‪ ،‬وليلة البدر‪ ،‬وليلة السواء؛ الكتامل القمر‬
‫فيها‪ ،‬واستوائه‪ ،‬واتساقه‪..‬‬

‫قال ابن جزي ‪(« :V‬ﯔ ﯕ ﯖ) [االنشقاق‪ ،]18 :‬أي‪ :‬إذا كمل ليلة أربعة‬
‫عرش‪ ،‬ووزن اتسق‪ :‬افتعل‪ ،‬وهو مشتق من الوسق‪ ،‬فكأنه امتأل نورا»(‪.)1‬‬

‫يتم‬
‫وقال ابن األثري ‪« :V‬ليلة التَّامم‪ :‬هي ليلة أربعة عرش من الشهر؛ ألن القمر ُّ‬
‫نوره»(‪.)2‬‬
‫فيها ُ‬

‫فكون القمر ال يكتمل عىل التامم ليلة الثالث عرش هذا أمر طبيعي‪ ،‬هذا إن كنت‬
‫تقصد بليلة الثالث عرش‪ :‬الليلة التي تسبقه‪ ،‬بعد انتهاء اليوم الثاين عرش‪.‬‬

‫وأما إن كان مرادك بليلة الثالث عرش‪ :‬الليلة التي تليه‪ ،‬كام يطلقه بعض العوام‪ ،‬فهذه‬
‫يف احلقيقة ليلة الرابع عرش؛ ألن الليلة تسبق اليوم‪ ،‬لكن إن كان هذا قد حدث بالفعل يف‬
‫بعض الشهور‪ ،‬فغالبا ما يكون هناك خطأ يف الرؤية‪.‬‬

‫غري أنك ال يمكن أن تنظر بمعرفة أيام الشهر‪ ،‬ودخوله وخروجه إىل منتصف‬
‫الشهر‪ ،‬سواء يف رمضان أو غريه‪ ،‬وإذا انتظرت اكتامل البدر يف وسط الشهر‪ ،‬فسوف‬
‫يفوتك أن تبدأ الصيام من اليوم الثالث عرش‪.‬‬

‫((( التسهيل (ص‪.)2581‬‬


‫((( النهاية (‪ ،)536/1‬وينظر‪ :‬لسان العرب (‪ ،)67/12‬واملخصص البن سيده (‪.)438/4‬‬
‫حلا يذ رشعو ةفرع مايص‬

‫وبناء عىل ذلك‪ :‬فإذا مل تكن رؤية اهلالل معلومة يف بلدك‪ ،‬أو مل يكن أهل بلدك‬
‫يعتنون بذلك‪ ،‬وهذا هو الشأن يف عامة البالد‪ ،‬يف غري شهر رمضان‪ ،‬وأشهر املناسك؛‬
‫فالذي يظهر أنه ال حرج عليك إن شاء اهلل يف صوم األيام البيض‪ ،‬بناء عىل حساب‬
‫التقويم القمري املعتمد يف بلدكم من املراكز اإلسالمية‪ ،‬واألمر يف توقيت النفل‪ ،‬أسهل‬
‫‪659‬‬
‫منه يف توقيت الفرض‪ ،‬خاصة وأن أصل فضيلة صيام ثالثة أيام من كل شهر‪ ،‬حتصل‬
‫بأي ثالثة صامها من الشهر‪ ،‬وإن كان لأليام البيض مزية عىل غريها يف صيامها‪ .‬وينظر‬
‫جواب السؤال رقم (‪.)69781‬‬

‫سئل الشيخ ابن باز ‪ V‬عن حكم صيام عاشوراء‪ ،‬وصفة صومه‪ ،‬وهل ّ‬
‫يوجه‬
‫حتري هالل شهر املحرم؟‬
‫الناس إىل ِّ‬
‫فأجاب ‪« :V‬صيام يوم عاشوراء سنة يستحب صيامه‪ ،‬صامه النبي ‪،H‬‬
‫وصامه الصحابة‪ ،‬وصامه موسى قبل ذلك؛ شكر ًا هلل ‪D‬؛ وألنه يوم َّ‬
‫نجى اهلل فيه‬
‫موسى وقومه‪ ،‬وأهلك فرعون وقومه‪ ،‬أما حتري ليلة عاشوراء فهذا أمر ليس بالالزم؛‬
‫ألنه نافلة ليس بالفريضة؛ فال يلزم الدعوة إىل حتري اهلالل؛ ألن املؤمن لو أخطأه فصام‬
‫بعده يوم ًا‪ ،‬وقبله يوم ًا؛ ال يرضه ذلك‪ ،‬وهو عىل أجر عظيم‪ ،‬وهلذا ال جيب االعتناء‬
‫بدخول الشهر من أجل ذلك؛ ألنه نافلة فقط»(‪.)1‬‬
‫وسئل الشيخ الدكتور عبد اهلل الطيار حفظه اهلل عن حكم صيام األيام البيض بناء‬
‫عىل التقويم‪ ،‬نظرا ألن الرتائي يكون يف أشهر معينة؟‬
‫فأجاب‪« :‬ال حرج يف ذلك‪ ،‬ولو صام املسلم ثالثة أيام من الشهر‪ ،‬من أوله‪ ،‬أو‬
‫أوسطه‪ ،‬أو آخره‪ ،‬جمتمعة‪ ،‬أو متفرقة؛ أدرك أجر صيام ثالثة أيام من الشهر الوارد يف‬
‫ال َث ِة َأ َّيا ٍم ِم ْن ك ُِّل َش ْه ٍر‪َ ،‬و َر ْك َعت َِي‬ ‫احلديث‪َ ( :‬أوص ِان َخ ِل ِيل ‪ H‬بِ َثال ٍ‬
‫َث‪ِ :‬ص َيا ِم َث َ‬ ‫ْ َ‬
‫الض َحى‪َ ،‬و َأ ْن ُأوتِ َر َق ْب َل َأ ْن َأنَا َم) متفق عليه‪.‬واهلل تعاىل أعلم»‪.‬‬
‫ُّ‬
‫‪http//:www.H-islaH.coH/news.php?action=show&id=2216‬‬

‫وينظر للفائدة جواب السؤال رقم‪.)2122( :‬‬


‫***‬

‫((( جمموع فتاوى الشيخ ابن باز (‪.)401/5‬‬


‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*سؤال‪ :‬أهيام أفضل يف الصيام‪ :‬صيام ثالثة أيام من كل شهر‪ ،‬أم صيام االثنني‬
‫واخلميس؟ وما هي األحاديث الواردة يف صيام االثنني واخلميس؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫‪660‬‬
‫إذا أردنا أن نفاضل بني صيام االثنني واخلميس‪ ،‬وصيام ثالثة أيام من كل شهر‪،‬‬
‫نجد أن صيام االثنني واخلميس أفضل من صيام ثالثة أيام من كل شهر؛ ألن من صام‬
‫االثنني واخلميس كل أسبوع‪ ،‬فإنه يعني أنه قد صام ثامنية أيام من كل شهر‪ ،‬فيكون‬
‫بذلك قد مجع بني الفضيلتني‪ :‬صيام االثنني واخلميس‪ ،‬وصيام ثالثة أيام من كل شهر‪.‬‬

‫وهذه طائفة من األحاديث املرغبة يف صيام االثنني واخلميس‪:‬‬


‫‪ .1‬عـن أيب قتـادة األنصـاري ‪ ،I‬أن رسـول اهلل ‪ H‬سـئل‪ :‬عـن صـوم‬
‫يـه ُولِ ُ ِ ِ ُ‬
‫االثنين؟ فقـال‪« :‬فِ ِ‬
‫ـدت‪َ ،‬وفيـه أن ِْز َل َع َ َّ‬
‫لي (‪.)1‬‬
‫‪ .2‬وعن عائشة ‪ ،J‬قالت‪ :‬كان النبي ‪ H‬يتحرى صوم االثنني واخلميس)‪.(2‬‬
‫‪ .3‬وعن أيب هريرة ‪ ،I‬أن رسول اهلل ‪ H‬قال‪ُ « :‬ت ْع َر َض األَ ْع َم ُل َي ْو َم‬
‫ب َأ ْن ُي ْع َر َض َع َم ِل َو َأنَا َصائِ ٌم (‪ .)3‬واهلل أعلم‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫اخل ِم ِ‬
‫يس؛ َف ُأح َّ‬ ‫اال ْثن ْ ِ‬
‫َي َو َ‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬إذا كانت املسلمة متعودة عىل صيام االثنني واخلميس‪ ،‬فهل جيوز هلا أن تستغل‬
‫صيامها لتلك األيام لقضاء ما فاهتا من شهر رمضان؟ أم أن النية جيب أن تكون منفصلة؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«ال بأس يف صيام يومي االثنني واخلميس؛ لقضاء ما فاهتا من األيام يف شهر رمضان‪،‬‬
‫برشط أن يكون الصيام بن ّية القضاء‪ ،‬ولع ّلها تدرك األجرين مع ًا‪ :‬أجر القضاء‪ ،‬وأجر النافلة‪،‬‬
‫وفضل اهلل واسع‪ ،‬وعىل فرض أهنا ال تدرك إال القضاء‪ ،‬فإن القضاء أفضل من النفل‪.‬‬

‫((( رواه مسلم (‪.)1162‬‬


‫((( رواه الرتمذي (‪ ،)745‬والنسائي (‪ ،)2361‬وابن ماجة (‪ ،)1739‬وصححه األلباين يف صحيح الرتغيب (‪.)252/1‬‬
‫((( رواه الرتمذي (‪ ،)747‬وصححه األلباين يف صحيح الرتغيب (‪.)251/1‬‬
‫حلا يذ رشعو ةفرع مايص‬

‫وأما إذا نوت بصيامها التطوع‪ ،‬ومل تنو القضاء؛ فإنه ال يسقط هبا الفرض؛ وعليها أن‬
‫تصوم األيام التي أفطرهتا من رمضان»)‪ .(1‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫‪661‬‬ ‫*سؤال‪ :‬هل يمكن اجلمع يف النية بني صيام ثالثة أيام من الشهر‪ ،‬وصيام يوم عرفة؟‬
‫وهل نأخذ األجرين؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫قال ابن عثيمني ‪« :V‬تداخل العبادات قسامن‪:‬‬

‫قسم ال يصح‪ :‬وهو فيام إذا كانت العبادات مقصورة بنفسها‪ ،‬أو تابعة لغريها‪ ،‬فهذا‬
‫ال يمكن أن تتداخل العبادات فيه‪ ،‬مثال ذلك‪ :‬إنسان فاتته سنة الفجر حتى طلعت‬
‫الشمس‪ ،‬وجاء وقت صالة الضحى‪ ،‬فهنا ال جتزئ سنة الفجر عن صالة الضحى‪ ،‬وال‬
‫الضحى عن سنة الفجر‪ ،‬وال اجلمع بينهام أيض ًا؛ ألن سنة الفجر مستقلة‪ ،‬وسنة الضحى‬
‫مستقلة؛ فال جتزئ إحدامها عن األخرى‪ ،‬كذلك إذا كانت األخرى تابعة ملا قبلها؛ فإهنا‬
‫ال تتداخل‪ ،‬فلو قال إنسان‪ :‬أنا أريد أن أنوي بصالة الفجر صالة الفريضة والراتبة‪،‬‬
‫قلنا‪ :‬ال يصح هذا؛ ألن الراتبة تابعة للصالة؛ فال جتزئ عنها‪.‬‬

‫والقسم الثاين‪ :‬أن يكون املقصود بالعبادة جمرد الفعل‪ ،‬والعبادة نفسها ليست‬
‫مقصودة‪ ،‬فهذا يمكن أن تتداخل العبادات فيه‪ ،‬مثاله‪ :‬رجل دخل املسجد والناس‬
‫يصلون الفجر‪ ،‬فإن من املعلوم أن اإلنسان إذا دخل املسجد ال جيلس حتى يصيل‬
‫ركعتني‪ ،‬فإذا دخل مع اإلمام يف صالة الفريضة‪ ،‬أجزأت عن الركعتني‪ ،‬ملاذا؟؛ ألن‬
‫املقصود أن تصيل ركعتني عند دخول املسجد‪ ،‬وكذلك لو دخل اإلنسان املسجد وقت‬
‫الضحى‪ ،‬وصىل ركعتني ينوي هبام صالة الضحى‪ ،‬أجزأت عن حتية املسجد‪ ،‬وإن نوامها‬
‫مجيع ًا فهو أكمل‪ ،‬فهذا هو الضابط يف تداخل العبادات‪.‬‬

‫((( انظر‪ :‬فتاوى إسالمية (‪ ،)150-149/2‬وفتاوى اللجنة الدائمة (‪.)383/10‬‬


‫الصيام سؤال وجواب‬

‫ومنه الصوم‪ ،‬فصوم يوم عرفة مثالً‪ :‬املقصود أن يأيت عليك هذا اليوم وأنت صائم‪،‬‬
‫سواء كان نويته من األيام الثالثة التي تصام من كل شهر‪ ،‬أو نويته ليوم عرفة‪ ،‬لكن إذا‬
‫نويته ليوم عرفة؛ مل جيزئ عن صيام األيام الثالثة‪ ،‬وإن نويته يوم ًا من األيام الثالثة أجزأ‬
‫عن يوم عرفة‪ ،‬وإن نويت اجلميع كان أفضل»)‪ .(1‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫‪662‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬لقد اعتدت صيام أيام البيض من كل شهر ‪-‬وهلل احلمد‪ ،-‬ولكن هذا الشهر‬
‫مل أصم‪ ،‬وعندما أردت الصيام قيل يل إنه ال جيوز وإهنا بدعة‪ ،‬فام احلكم؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫يستحب صيام ثالثة أيام من كل شهر‪ ،‬واألفضل أن تكون أيام البيض‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫الثالث عرش‪ ،‬والرابع عرش‪ ،‬واخلامس عرش‪.‬‬

‫عن أيب هريرة ‪ ،I‬قال‪ :‬أوصاين خلييل بثالث؛ ال أدعهن حتى أموت‪ :‬صوم‬
‫ثالثة أيام من كل شهر‪ ،‬وصالة الضحى‪ ،‬ونوم عىل وتر(‪.)2‬‬

‫«وإِ ْن‬‫وعن عبد اهلل بن عمرو بن العاص ‪ ،L‬قال‪ :‬قال يل رسول اهلل ‪َ :H‬‬
‫ك ِص َيا َم‬ ‫ك بِك ُِّل حسن ٍَة ع ْش َأم َث َ ِ‬
‫الا‪َ ،‬فإِ َّن َذلِ َ‬ ‫ال َث َة َأ َّيامٍ؛ َفإِ َّن َل َ‬
‫ك َأ ْن ت َُصو َم ك َُّل َش ْه ٍر َث َ‬ ‫بِ َح ْسبِ َ‬
‫َ َ َ َ ْ‬
‫الدَّ ْه ِر ُك ِّل ِه (‪.)3‬‬

‫ت َش ْيئ ًا ِم َن َّ‬
‫الش ْه ِر‪،‬‬ ‫وعن أيب ذر ‪ ،I‬قال‪ :‬قال يل رسول اهلل ‪« :H‬إِ َذا ُص ْم َ‬
‫َ‬
‫شةَ‪َ ،‬و َخ َْس َع ْ َ‬
‫ش َة (‪.)4‬‬ ‫شةَ‪َ ،‬وأ ْر َب َع َع ْ َ‬
‫َث َع ْ َ‬
‫َف ُص ْم َثال َ‬

‫سئل ابن عثيمني ‪ :V‬ورد يف احلديث أن النبي ‪ H‬أوىص أبا هريرة ‪I‬‬

‫بصيام ثالثة أيام من كل شهر‪ ،‬فمتى تصام هذه األيام؟ وهل هي متتابعة؟‬

‫((( لقاء الباب املفتوح (‪.)51/19‬‬


‫((( رواه البخاري (‪ ،)1124‬ومسلم (‪.)721‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)1874‬ومسلم (‪.)1159‬‬
‫((( رواه الرتمذي (‪ )761‬وحسنه‪ ،‬والنسائي (‪ ،)2424‬وصححه األلباين يف صحيح الرتغيب والرتهيب (‪.)250/1‬‬
‫حلا يذ رشعو ةفرع مايص‬

‫فأجاب‪« :‬هذه األيام الثالثة جيوز أن تصام متوالية‪ ،‬أو متفرقة‪ ،‬وجيوز أن تكون‬
‫من أول الشهر‪ ،‬أو من وسطه‪ ،‬أو من آخره‪ ،‬واألمر واسع‪ ،‬وهلل احلمد‪ ،‬حيث مل يعني‬
‫رسول اهلل ‪ ،H‬وقد سئلت عائشة ‪ :J‬أكان رسول اهلل ‪ H‬يصوم من‬
‫كل ٍ‬
‫شهر ثالثة أيام؟‪ ،‬قالت‪ :‬نعم‪ ،‬فقيل‪ :‬من أي الشهر كان يصوم؟ قالت‪ :‬مل يكن يبايل‬
‫‪663‬‬
‫من أي الشهر يصوم)‪.(1‬‬

‫لكـن‪ ،‬اليـوم الثالـث عشر‪ ،‬والرابع عشر‪ ،‬واخلامـس عشر‪ ،‬أفضل؛ ألهنـا األيام‬
‫البيض» (‪.)2‬‬

‫وهبذا ُيعلم أن صيام ثالثة أيام من كل شهر ليس ببدعة‪ ،‬بل هو سنة‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬أنا مسلم جديد‪ ،‬وقد بدأت بأداء شعائر الدين‪ ،‬ومن بينها صوم رمضان‬
‫الذي أسعدين جد ًا‪ ،‬وأحببت أن أقوم بصيام تطوعي‪ ،‬وعلمت أن صيام الثالث عرش‬
‫والرابع عرش واخلامس عرش من كل شهر هو من السنة‪ ،‬وهي تسمى األيام البيض‪،‬‬
‫فقمت بصيامها عىل التقويم الشميس‪ ،‬فهل ما قمت به عمل صحيح؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫هنيئ ًا لك منّة اهلل عليك بأن هداك هلذا الدّ ين‪ ،‬وجعلك ّ‬
‫تتلذذ بطاعته‪ ،‬وتستمتع‬
‫أجل العبادات وأفضلها‪.‬‬‫الصيام التي هي من ّ‬ ‫بعبادة ّ‬
‫واملقصود باأليام البيض‪ :‬هي الثالث عرش‪ ،‬والرابع عرش‪ ،‬واخلامس عرش‪ ،‬من ّ‬
‫كل‬
‫شهر قمري‪ ،‬فالعبادات‪ ،‬وال ُعدَ د للمطلقة‪ ،‬واملتوىف عنها زوجها‪ ،‬وغري ذلك‪ ،‬ك ّلها مبنية‬
‫الشمسية‪ ،‬والصيام الذي صمته عىل التقويم ّ‬
‫الشميس امليالدي‪،‬‬ ‫عىل األشهر القمرية ال ّ‬
‫ال ُيطابق ‪-‬يف الغالب‪ -‬التقويم القمري‪ ،‬وعىل أية حال‪ :‬أنت مأجور إن شاء اهلل عىل‬
‫أردت األجر اخلاص‪،‬‬
‫ّ‬ ‫األ ّيام التي صمتها‪ ،‬باعتبار أنّك صمتها نافلة هلل تعاىل‪ ،‬ولكن‪ ،‬إن‬

‫((( رواه مسلم (‪.)1160‬‬


‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)376 /20‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫تتعرف عىل‬ ‫بصيام أ ّيام البيض ّ‬


‫بالذات التي أوىص هبا النبي ‪H‬؛ فعليك أن ّ‬
‫التقويم القمري‪ ،‬وتضبط صيامك بناء عليه‪.‬‬

‫ونسأل اهلل أن يزيدك من فضله‪ ،‬و ُيث ّبتك عىل دينه‪ ،‬ويوف ّقك للعمل بمرضاته‪ُ ،‬‬
‫ويزل‬
‫لك األجر واملثوبة‪ ،‬إنّه سميع جميب‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬ ‫‪664‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬قرأت حديث ًا أنه ال جيوز أن تصوم أكثر من ثالث مرات يف الشهر‪ ،‬أو أن‬
‫تصوم صيام داود‪ ،‬ولكني قرأت مؤخر ًا قصص ًا تتحدث عن كيف كان الصحابة‬
‫يصومون أيام ًا عديدة للتعويض عن آثامهم‪ ،‬هل هذا جائز؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫ليس صحيح ًا ما قرأته من عدم جواز الزيادة عىل صيام ثالثة أيام‪ ،‬أو عىل عدم جواز‬
‫صيام داود‪ ،‬بل األمر واسع‪ ،‬فلك أن تصوم أقل من ثالثة أيام‪ ،‬أو أكثر‪ ،‬وهذه بعض‬
‫األحاديث يف هذا املوضوع‪:‬‬

‫‪ .1‬عن أيب قتادة األنصاري ‪ ،I‬أن رسول اهلل ‪ H‬سئل عن صومه‪ ،‬قال‪:‬‬
‫فغضب رسول اهلل ‪ ،H‬فقال عمر ‪ :I‬رضينا باهلل رب ًا‪ ،‬وباإلسالم‬
‫ٍ‬
‫وبمحمد رسوالً‪ ،‬وببيعتنا بيع ًة‪ ،‬قال‪ :‬فسئل عن صيام الدهر‪ ،‬فقال‪ :‬ال صام‬ ‫دين ًا‪،‬‬
‫وال أفطر ‪-‬أو ما صام وما أفطر‪ ،-‬قال‪ :‬فسئل عن صوم يومني‪ ،‬وإفطار يوم‪،‬‬
‫قال‪ :‬ومن يطيق ذلك؟‪ ،‬قال‪ :‬وسئل عن صوم يو ٍم‪ ،‬وإفطار يومني‪ ،‬قال‪ :‬ليت‬
‫اك َص ْو ُم َأ ِخي‬‫أن اهلل قوانا لذلك‪ ،‬قال‪ :‬وسئل عن صوم يوم‪ ،‬وإفطار يوم‪ ،‬قال‪َ :‬ذ َ‬
‫دت فِ ِيه‪،‬‬
‫اك َي ْوم ُولِ ُّ‬
‫َد ُاو َد ‪ ،H‬قال‪ :‬وسئل عن صوم يوم االثنني‪ ،‬قال‪َ « :‬ذ َ‬
‫ال َث ٍة ِم ْن ك ُِّل َش ْه ٍر‪َ ،‬و َر َم َض َ‬
‫ان‬ ‫‪-‬أ ْو ُأن ِْز َل َع َ َّل فِ ِيه‪َ ،-‬ق َال‪َ :‬ف َق َال‪َ :‬ص ْو ُم َث َ‬
‫ت َ‬ ‫َو َي ْوم ُب ِع ْث ُ‬
‫ان‪َ ،‬ص ْو ُم الدَّ ْه ِر (‪.)1‬‬ ‫إِ َل َر َم َض َ‬

‫وواضح يف احلديث الرتغيب يف الصوم‪ :‬سوا ًء كان يوم ًا يف األسبوع‪ ،‬أو ثالثة أيام‬

‫((( رواه مسلم (‪.)1162‬‬


‫حلا يذ رشعو ةفرع مايص‬

‫يف الشهر‪ ،‬أو صيام يوم وإفطار يومني‪ ،‬أو العكس‪ ،‬أو صوم يوم وإفطار يوم‪ ،‬وكل‬
‫ذلك واسع‪.‬‬

‫«م ْن َصا َم‬


‫قال‪َ :‬‬ ‫‪H‬‬ ‫‪ .2‬عن أيب أيوب األنصاري ‪ ،I‬أن رسول اهلل‬
‫َان ك ِ‬
‫َص َيا ِم الدَّ ْه ِر (‪.)1‬‬ ‫ان‪ُ ،‬ثم َأ ْت َب َع ُه ِس ّت ًا ِم ْن َش َّو ٍ‬
‫ال؛ ك َ‬
‫‪665‬‬ ‫َر َم َض َ َّ‬
‫وهذا دليل عىل خطأ ما قرأه السائل‪ ،‬فهذا ترغيب يف صوم ستة أيام يف شهر واحد‪.‬‬

‫‪ .3‬عن عائشة ‪ ،J‬قالت‪ :‬كان رسول اهلل ‪ H‬يصوم حتى نقول ال يفطر‪،‬‬
‫ويفطر حتى نقول ال يصوم‪ ،‬فام رأيت رسول اهلل ‪ H‬استكمل صيام شهر‬
‫إال رمضان‪ ،‬وما رأيته أكثر صيام ًا منه يف شعبان)‪.(2‬‬

‫واحلديث واضح الداللة أيض ًا عىل كثرة صيامه ‪ H‬من هذا الشهر‪ ،‬وعدم‬
‫حتديد الصوم بعدد معني من األيام‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬أبلغ من العمر ‪ 29‬سنة‪ ،‬وأحافظ عىل صيام أثنني واخلميس‪ ،‬ووالدي يريد‬
‫مني االقتصار عىل يوم واحد فقط‪ ،‬وأنا أحتمل الصيام‪ ،‬فهل إذا خالفته أكون عاقة له؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«إذا كان الواقع كام ذكرت؛ فأنت غري عاقة لوالدك بمخالفتك إياه‪ ،‬يف هنيك عن‬
‫الصيام يوم االثنني واخلميس مجيع ًا؛ ألن صومك اليومني طاعة‪ ،‬ما دمت تستطيعني‬
‫ذلك‪ ،‬وال طاعة ملخلوق يف هنيه عن طاعة اهلل‪ ،‬ثم إن الظاهر من حاله أنه يريد الرفق‬
‫بك‪ ،‬ال إلزامك برتك الصيام»)‪ .(3‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫((( رواه مسلم (‪.)1164‬‬


‫((( رواه البخاري (‪ ،)1868‬ومسلم (‪.)1156‬‬
‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)198/25‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*سؤال‪ :‬أنا استخدامي للطعام قليل‪ ،‬ويف أحيان كثرية ال أجد ما يمكنني إعداده‬
‫ليكون فطورا‪ ،‬وأيضا غالبا يتأخر موعد الغداء لبعد املغرب‪ ،‬وفكرت أن أصوم‬
‫كل يومي اثنني ومخيس‪ ،‬وكذلك صيام ثالثة أيام من كل شهر‪ ،‬وذلك أيضا بغرض‬
‫القيام بعمل يقربني إىل اهلل‪ ،‬ومن جنته‪ ،‬واحلد من معايص قد أقع فيها‪ ،‬فهل يصح‬ ‫‪666‬‬
‫الصوم التطوعي‪ ،‬وإن كان باعث فكرته هي قلة حاجتي للطعام؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫يستحب صيام االثنني واخلميس‪ ،‬كام يستحب صيام ثالثة أيام من كل شهر‪ ،‬ومما‬
‫ورد يف فضل ذلك‪:‬‬

‫‪ .1‬عن أيب قتادة األنصاري ‪ I‬أن رسول اهلل ‪ ،H‬سئل عن صوم االثنني‪،‬‬
‫عيل (‪.)1‬‬ ‫ُ‬
‫ولدت‪ ،‬وفيه أنزل َّ‬
‫ُ‬ ‫فقال‪« :‬فيه‬
‫يتحرى صوم االثنني‪،‬‬
‫َّ‬ ‫‪H‬‬ ‫‪ .2‬وعن عائشة ‪ ،J‬قالت‪« :‬كان النبي‬
‫واخلميس (‪.)2‬‬
‫قال‪« :‬تُعرض األعامل يوم‬ ‫‪H‬‬ ‫‪ .3‬وعن أيب هريرة ‪ ،I‬أن رسول اهلل‬
‫االثنني واخلميس‪ ،‬فأحب أن يعرض عميل‪ ،‬وأنا صائم (‪.)3‬‬
‫‪ .4‬عن جرير بن عبد اهلل ‪ ،I‬عن النبي ‪ H‬قال‪« :‬صيام ثالثة أيام من‬
‫كل شهر صيام الدهر‪ ،‬وأيام البيض‪ :‬صبيحة ثالث عرشة‪ ،‬وأربع عرشة‪ ،‬ومخس‬
‫عرشة (‪.)4‬‬
‫صمت شيئا من‬
‫َ‬ ‫‪ .5‬وعن أيب ذر ‪ ،I‬قال‪ :‬قال يل رسول اهلل ‪« :H‬إذا‬
‫الشهر‪ ،‬فصم ثالث عرشة‪ ،‬وأربع عرشة‪ ،‬ومخس عرشة )‪.(5‬‬

‫((( رواه مسلم (‪.)1162‬‬


‫((( رواه الرتمذي (‪ ،)745‬والنسائي (‪ ،)2361‬وابن ماجه (‪ ،)1739‬وصححه األلباين يف صحيح الرتغيب (‪.)1044‬‬
‫((( رواه الرتمذي (‪ ،)747‬وصححه األلباين يف صحيح الرتغيب (‪.)1041‬‬
‫((( رواه النسائي (‪ ،)2420‬وصححه األلباين يف صحيح الرتغيب (‪.)1040‬‬
‫((( رواه الرتمذي (‪ ،)761‬والنسائي (‪ ،)2424‬وصححه األلباين يف صحيح الرتغيب (‪.)1038‬‬
‫حلا يذ رشعو ةفرع مايص‬

‫والصوم عبادة من أجل العبادات‪ ،‬وأفضل القربات‪ ،‬وهلا أثر عظيم عىل صالح‬
‫اإلنسان‪ ،‬وقربه من اهلل تعاىل‪ ،‬وسالمة قلبه‪ ،‬وتطهريه من احلقد واحلسد‪ ،‬كام قال ‪:H‬‬
‫الصدْ ِر‪َ ،‬ص ْو ُم َثال َث ِة َأ َّيا ٍم ِم ْن ك ُِّل َش ْهر (‪.)1‬‬‫ب َو َح َر َّ‬
‫ِ‬
‫بك ُْم بِ َم ُي ْذه ُ‬ ‫َ ُ‬
‫«أال أخْ ِ ُ‬
‫اوسه‬‫الصدْ ر َق َال ِف الن َِّها َية‪ِ :‬غ ّشه َو َو َس ِ‬ ‫«و َحر َّ‬ ‫قال السيوطي يف رشح النسائي‪َ :‬‬
‫‪667‬‬
‫الح ْقد َوال َغ ْيظ َو ِق َيل‪ :‬ال َعدَ َاوة َو ِق َيل‪َ :‬أ َشدّ ال َغ َضب‪ .‬انتهى‪.‬‬ ‫و ِق َيل‪ِ :‬‬
‫َ‬
‫او ُس ُه‪َ ،‬و ِق َيل ِح ْقده‪َ ،‬و ِق َيل َما‬
‫الصدْ ِر ِق َيل ِغ ُّش ُه َو َو َس ِ‬ ‫ِ‬
‫ب َو َح َر َّ‬ ‫وقال السندي‪« :‬بِ َم ُي ْذه ُ‬
‫ب ِمن ال ُكدُ ور ِ‬
‫ات َوال َق ْس َوة‪.‬انتهى‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ي ُص ُل ِف ال َق ْل ِ ْ‬ ‫َْ‬
‫وال يرض كون املشجع عىل الصوم هو عدم احلاجة للطعام‪ ،‬أو عدم وجود الطعام‪،‬‬
‫ات َي ْو ٍم‪َ « :‬يا َعائِ َش ُة‪،‬‬
‫ول اهللِ ‪َ H‬ذ َ‬ ‫الم ْؤ ِمنِ َ‬
‫ني ‪َ J‬قا َل ْت‪َ « :‬ق َال ِل َر ُس ُ‬ ‫ِ‬
‫ف َع ْن َعائ َش َة ُأ ِّم ُ‬
‫ش ٌء‪َ ،‬ق َال‪َ « :‬فإِ ِّن َصائِ ٌم (‪.)2‬‬ ‫ه ْل ِعنْدَ كُم َشء؟ َقا َل ْت‪َ :‬ف ُق ْل ُت‪ :‬يا رس َ ِ ِ‬
‫ول اهلل َما عنْدَ نَا َ ْ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ْ ْ ٌ‬ ‫َ‬
‫«ه ْل ِعنْدَ ك ُْم‬ ‫ورواه النسائي (‪ ،)2330‬بلفظ‪ :‬جاء رس ُ ِ‬
‫ول اهلل ‪َ H‬ي ْو ًما َف َق َال‪َ :‬‬ ‫َ َ َ ُ‬
‫ِم ْن َط َعامٍ؟ ُق ْل ُت‪َ :‬ل‪َ ،‬ق َال‪« :‬إِ ًذا َأ ُصو ُم ‪.‬‬
‫وهذا من اغتنام الفرص لفعل الطاعات والقربات‪ ،‬فمن مل يكن له حاجة شديدة‬
‫للطعام‪ ،‬فال ينبغي أن يفوت أجر الصوم‪ ،‬وكذلك من مل جيد ما يأكله‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬يف بلدي حيتفل األهل بأول يوم صيام يف حياة ابنهم أو ابنتهم‪ ،‬بأن يقيموا‬
‫لذلك مأدبة طعام‪ ،‬يدعو هلا العائلة وقت اإلفطار‪ ،‬ويسمى هذا احلدث بحفل أول‬
‫يوم صيام‪ ،‬وأنا أحب معرفة اآليت‪:‬‬
‫‪ .1‬ما حكم اإلسالم يف االحتفال هبذا احلدث؟‪ ،‬وهل جيوز حضوره إذا دعيت‪،‬‬
‫واألكل من هذا الطعام؟‬
‫‪ .2‬ما الفكرة من حفالت اإلفطار بدعوة الناس لإلفطار يف مكان معني؟‬
‫‪ .3‬خيتم القرآن يف غالبية املساجد يف ليلة السابع والعرشين‪ ،‬وتوزع احللوى يف‬
‫املسجد‪ ،‬فام حكم اإلسالم يف ذلك؟ جزاكم اهلل خريا عىل جهدكم يف سبيله‪.‬‬

‫((( رواه النسائي (‪ ،)2386‬وصححه األلباين يف صحيح النسائي (‪.)2249‬‬


‫((( وقد روى مسلم (‪.)1154‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*جواب‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬ال حرج إن شاء اهلل‪ ،‬يف احتفال األهل بأول يوم يصومه الصبي أو الصبية‪ ،‬ما‬
‫دام األمر سوف يقترص عىل هذه املرة‪ ،‬ولن يكون عيدا متكررا‪ ،‬فال بأس بإظهار الرسور‬
‫ببلوغ الغالم هذه الطاعة‪ ،‬أو تشجيعه عىل ذلك‪ ،‬وإفهامه أن ذلك حدث مهم يف حياته‪،‬‬ ‫‪668‬‬
‫وأهنا ‪-‬أيضا‪ -‬نعمة تستحق الشكر من اهلل‪ ،‬وقد استحب بعض أهل العلم صنع الطعام‬
‫عند كل رسور حادث‪ ،‬ونصوا عىل صنع الطعام عند ختم الصبي للقرآن‪.‬‬

‫وينظر جواب السؤال رقم (‪.)89705‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬إذا كان القصد باالجتامع عىل اإلفطار‪ ،‬إشاعة األلفة واملحبة بني املجتمعني‪،‬‬
‫خاصة إذا كانوا ذوي رحم‪ ،‬أو كانوا مغرتبني‪ ،‬ويشجع ذلك عىل تواصلهم وترامحهم‪،‬‬
‫وزيادة الرتابط بني األرس املسلمة وأبنائها‪ ،‬أو كان يف ذلك إعانة عىل إطعام الطعام‪،‬‬
‫وتفطري الصائمني‪ ،‬أو نحو ذلك من املقاصد الصحيحة؛ فال بأس به‪ ،‬بل هو أمر حممود‪،‬‬
‫يرغب فيه‪ ،‬بحسب املقصد منه‪ ،‬عىل أال يعتقد أن ذلك سنة من حيث األصل‪ ،‬أو يتخذ‬
‫املجتمعون هلم عيدا غري األعياد الرشعية‪ ،‬فيجتمعون يف يوم معني‪ ،‬أو بوصف معني‬
‫يظنون أن له فضيلة خاصة يف الرشع‪.‬‬

‫سئل الشيخ ابن عثيمني ‪ :V‬أعلن يف أحد املساجد أنه يوجد إفطار لكل من يريد‬
‫الصيام يف كل يوم مخيس فام حكم ذلك؟‬

‫فأجاب‪« :‬هذا اإلعالن ال بأس به؛ ألنه إعالن فيه دعوة للخري‪ ،‬وليس املقصود به‬
‫بيعا وال رشا ًء‪ ،‬املحرم أن يعلن عن البيع والرشاء‪ ،‬أو التأجري واالستئجار‪ ،‬مما مل تبن‬
‫املساجد من أجله‪ ،‬وأما الدعوة إىل اخلري‪ ،‬وإطعام الطعام‪ ،‬والصدقة؛ فال بأس به‪.‬‬

‫وأ ّما بالنسبة لكونه هل هو اجتامع غري مرشوع عىل العبادة‪ ،‬فإهنم يف احلقيقة مل يعلنوا‬
‫عن الصيام اجلامعي‪ ،‬وإنام أعلنوا عن اإلفطار فقط؛ فال بأس به‪ ،‬واهلل أعلم» انتهى‪.‬‬

‫ثالث ًا‪ :‬ليلة السابع والعرشين من رمضان‪ ،‬هي إحدى ليايل الوتر من العرش األخري‪،‬‬
‫والتي تكون فيها ليلة القدر‪ ،‬عىل ما صح عن النبي ‪ ،H‬غري أن ليلة القدر ليست‬
‫حلا يذ رشعو ةفرع مايص‬

‫متعينة يف هذه الليلة‪ ،‬عىل الصحيح‪ ،‬بل هي متنقلة فيها وغريها من ليايل العرش‪ ،‬وإن‬
‫كانت هذه الليلة هي أرجى هذه الليايل‪.‬‬

‫وبناء عىل ذلك‪ :‬فال يصح اجلزم بأهنا ليلة القدر دائام‪ ،‬وال اعتقاد ذلك‪ ،‬وإن زاد يف‬
‫‪669‬‬ ‫صالته‪ ،‬أو اجتهد فيها أكثر‪ ،‬عىل اعتبار أهنا أرجى ليايل العرش؛ مل يكن به بأس إن شاء اهلل‪.‬‬

‫وأما ختصيصها بختم القرآن فيها‪ ،‬فمام ال ينبغي فعله؛ لئال يعتقد أهنا ليلة القدر‪ ،‬عىل‬
‫وجه اجلزم‪ ،‬وال نعلم أصال لذلك من هدي السلف‪.‬‬

‫وأما توزيع احللوى فيها‪ :‬فال نعلم له أصال‪ ،‬ويظهر أن ذلك نوع من اختاذها عيدا‪،‬‬
‫فال يرشع ختصيصها به‪ ،‬بل ال يرشع تعمد ذلك فيها‪ ،‬أو يف ليلة سواها‪ ،‬بناء عىل ما هلا‬
‫من الفضيلة‪،‬‬

‫وإن كان املقصود من هذه احللوى هو التودد إىل هؤالء الصغار‪ ،‬واإلحسان إليهم‪،‬‬
‫فينبغي أن ال يكون ذلك خاص ًا بتلك الليلة‪ ،‬بل كلام دعت احلاجة إليه يكون مرشوع ًا‪.‬‬
‫واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬هل جيوز يل رسد صيام؛ حتي يعينني اهلل عىل اإلقالع عن التدخني‪ ،‬حيث إن‬
‫سنة احلبيب هي صوم االثنني واخلميس‪ ،‬وأنا ال أريد إال التوبة من هذه اآلفة‪ ،‬وعدم‬
‫خمالفة هنج النبي ‪H‬؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫إذا كان املراد بصوم كل األيام‪ :‬أن ترسد الصوم تباعا بدون إفطار إال يف األيام املنهي‬
‫عنها كالعيدين وأيام الترشيق‪ :‬فالراجح من كالم أهل العلم كراهته والنهي عنه‪.‬‬

‫وينظر لبيان ذلك إجابة السؤال رقم (‪.)144592‬‬

‫وأمـا إن كنـت تريـد رسد الصـوم بعض العام فلا حرج فيـه‪ ،‬وقد ثبتت به السـنة؛‬
‫ـول ال َّل ِه ‪َ H‬ف َق َال‪:‬‬
‫ح َز َة ْب َن َع ْم ٍرو األَ ْسـ َل ِم َّي َس َـأ َل َر ُس َ‬
‫ف َع ْن َع ِائ َشـ َة ‪َ « :J‬أ َّن َ ْ‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫ـم إِ ْن ِشـئ َ‬
‫ْت‪،‬‬ ‫«ص ْ‬
‫ـال‪ُ :‬‬ ‫ـو َم‪َ ،‬أ َف َأ ُصـو ُم ِف َّ‬
‫السـ َف ِر؟ َق َ‬ ‫الص ْ‬
‫س ُد َّ‬ ‫َيـا َر ُس َ ِ ِ‬
‫ـول ال َّله إ ِّن َر ُج ٌـل َأ ْ ُ‬
‫ْت (‪.)1‬‬ ‫َو َأ ْفطِ ْر إِ ْن ِشـئ َ‬

‫الص ْو َم َف ُي َق ُال َل ُي ْفطِ ُر‪،‬‬


‫س ُد َّ‬ ‫ول ال َّل ِه ‪« :H‬ك َ‬
‫َان َي ْ ُ‬ ‫و َع ْن ُأ َسا َم َة ْب ِن َز ْي ٍد َأ َّن َر ُس َ‬
‫َو ُي ْفطِ ُر َف ُي َق ُال َل َي ُصو ُم»(‪.)2‬‬ ‫‪670‬‬

‫ول َل ُي ْفطِ ُر‪،‬‬ ‫ول ال َّل ِه ‪َ H‬ي ُصو ُم‪َ ،‬حتَّى َن ُق َ‬ ‫و َع ْن َع ِائ َش َة ‪َ J‬قا َل ْت‪« :‬ك َ‬
‫َان َر ُس ُ‬
‫اس َتك َْم َل ِص َيا َم َش ْه ٍر إِ َّل‬ ‫ول َل يصوم‪َ ،‬فم ر َأي ُت رس َ ِ‬ ‫ِ‬
‫ول ال َّله ‪ْ H‬‬ ‫َو ُي ْفط ُر‪َ ،‬حتَّى َن ُق َ َ ُ ُ َ َ ْ َ ُ‬
‫ان»(‪.)3‬‬ ‫ان‪َ ،‬و َما َر َأ ْي ُت ُه َأ ْك َث َر ِص َيا ًما ِمنْ ُه ِف َش ْع َب َ‬
‫َر َم َض َ‬

‫ـذا َقدْ‬
‫ـض ال َعـا ِم َف َه َ‬ ‫ـو ِم َب ْع َ‬
‫الص ْ‬ ‫س ُد َّ‬ ‫قـال شـيخ اإلسلام ابـن تيميـة ‪َ « :V‬ف َأ َّمـا َ ْ‬
‫ـول ال َق ِائ ُل َل ُي ْفطِ ُـر‪َ ،‬و ُي ْفطِ ُر َحتَّى‬‫َان َي ُصو ُم َحتَّى َي ُق َ‬
‫ـي ‪َ H‬ي ْف َع ُلـ ُه‪َ ،‬قـدْ ك َ‬ ‫َان النَّبِ ُّ‬
‫ك َ‬
‫ير ِمـ ْن‬‫شر األَ ِخ ِ‬ ‫ـال َجِي َع َهـا‪ ،‬كَال َع ْ ِ‬ ‫ـك ِق َيـا ُم َب ْع ِ‬
‫ـض ال َّل َي ِ‬ ‫ـول ال َق ِائ ُـل َل َي ُصـو ُم‪َ ،‬وك ََذلِ َ‬‫َي ُق َ‬
‫ِ‬ ‫ـان َأو ِقيـا ِم َغ ِيهـا َأحيانًـا‪َ ،‬فه َ ِ‬
‫السـنَ ُن»(‪.)4‬‬ ‫ـذا مَّا َجـا َء ْت بِه ُّ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ َْ‬ ‫َر َم َض َ ْ َ‬

‫وأفضل من ذلك صوم نبي اهلل داود ‪ ،S‬كان يصوم يوما ويفطر يوما‪ ،‬فعن‬
‫الص ْو َم‪َ ،‬و ُأ َص ِّل ال َّل ْي َل‪َ ،‬فإِ َّما‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫س ُد َّ‬‫َع ْبد ال َّله ْبن َع ْمرو ‪َ « :L‬ب َل َغ النَّبِ َّي ‪َ H‬أ ِّن َأ ْ ُ‬
‫ك ت َُصو ُم َو َل ُت ْفطِ ُر َوت َُصلِّ ؟‪َ ،‬ف ُص ْم َو َأ ْفطِ ْر‪َ ،‬و ُق ْم‬ ‫ب َأ َّن َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫َأ ْر َس َل إ َ َّل َوإ َّما َلقي ُت ُه َف َق َال‪« :‬أ َل ْ أ ْخ َ ْ‬
‫ك َح ًّظا َق َال‪ :‬إِ ِّن َلَ ْق َوى لِ َذلِ َك‪،‬‬ ‫ك َع َل ْي َ‬‫ك و‪ََ ،‬أ ْهلِ َ‬ ‫ك َح ًّظا‪َ ،‬وإِ َّن لِنَ ْف ِس َ‬ ‫ك َع َل ْي َ‬ ‫َون َْم‪َ ،‬فإِ َّن لِ َع ْين ِ َ‬
‫َان َي ُصو ُم َي ْو ًما‪َ ،‬و ُي ْفطِ ُر َي ْو ًما‪َ ،‬و َل‬
‫ف َق َال؟‪« ،‬ك َ‬ ‫َق َال‪َ « :‬ف ُص ْم ِص َيا َم َد ُاو َد ‪َ ، S‬ق َال‪َ :‬و َك ْي َ‬
‫َي ِف ُّر إِ َذا َل َقى (‪.)5‬‬

‫ويف رواية «وهو أعدل الصيام )‪.(6‬‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)1806‬ومسلم (‪.)1890‬‬


‫((( رواه النسائي (‪ ،)2319‬وصححه األلباين يف صحيح النسائي‪.‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)1833‬ومسلم (‪.)1956‬‬
‫((( جمموع الفتاوى (‪.)304/22‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)1841‬ومسلم (‪.)1962‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)3165‬ومسلم (‪.)1962‬‬
‫حلا يذ رشعو ةفرع مايص‬

‫ويف رواية «ال أفضل من ذلك (‪.)1‬‬

‫قال ابن القيم ‪« :V‬ثبت عنه ‪ H‬يف الصحيحني‪ ،‬أنه قال‪« :‬أفضل الصيام‬
‫صيام داود ‪ ،‬ويف لفظ «ال أفضل من صوم داود‪ ،‬كان يصوم يوما‪ ،‬ويفطر يوما ‪ ،‬فهذا‬
‫‪671‬‬ ‫النص الصحيح الرصيح الرافع لكل إشكال؛ يبني أن صوم يوم وفطر يوم‪ ،‬أفضل من‬
‫رسد الصوم (‪.)2‬‬

‫عىل أن أكمل اهلدي يف حق كل شخص‪ ،‬أن خيتار لنفسه من النوافل ما يقدر عىل القيام‬
‫بحقه‪ ،‬واملداومة عليه‪ ،‬وال يشق عىل نفسه بام يقطعها عن باقي األعامل وأبواب اخلري‪.‬‬

‫فانظـر فيما تقدر عليـه من ذلـك فاجتهد فيـه‪ ،‬واحرص على نوافل الطاعـة الثابتة‬
‫عن النبي ‪ ،H‬يف الصيام وغريه‪.‬‬

‫وأما اإلقالع عن التدخني‪ :‬فهو أمر حسن‪ ،‬نشجعك عىل أن متيض فيه‪ ،‬وأن تكون‬
‫ذا عزم وحزم مع نفسك يف أمره‪ ،‬وال شك أن الصيام سوف يعينك عىل كثري من ذلك‪،‬‬
‫واجتهد يف أن تشغل نفسك بالطاعات‪ ،‬وبيئة اخلري حتى ال تنازعك إليه مرة أخرى‪.‬‬

‫وينظر جواب السؤال رقم (‪ .)47565‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)1840‬ومسلم (‪.)1962‬‬


‫((( هتذيب السنن (‪.)71/7‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫الصيام في شعبان‬ ‫‪672‬‬

‫*سؤال‪ :‬ما حكم إكثار الصيام يف شهر شعبان؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫ال بأس من إكثار الصيام يف شهر شعبان‪ ،‬بل هو من السنة؛ فقد كان النبي ‪H‬‬

‫ُيكثر من الصوم يف هذا الشهر‪.‬‬


‫عن عائشة ‪ J‬قالت‪« :‬كان رسول اهلل ‪ H‬يصوم حتى نقول ال يفطر‪،‬‬
‫ويفطر حتى نقول ال يصوم‪ ،‬فام رأيت رسول اهلل ‪ H‬استكمل صيام ٍ‬
‫شهر إال‬
‫رمضان‪ ،‬وما رأيته أكثر صيام ًا منه يف شعبان»)‪.(1‬‬
‫وعن أيب سلمة‪ ،‬أن عائشة ‪ J‬حدثته‪ ،‬قالت‪ :‬مل يكن النبي ‪ H‬يصوم‬
‫«خ ُذوا ِم َن ال َع َم ِل َما‬
‫شهر ًا أكثر من شعبان‪ ،‬فإنه كان يصوم شعبان كله‪ ،‬وكان يقول‪ُ :‬‬
‫دووم عليه‬ ‫اهلل الَ َي َم َّل َحتَّى َت َ ُّلوا (‪ ،)2‬وأحب الصالة إىل النبي ‪ H‬ما ِ‬ ‫تُطِي ُق َ‬
‫ون‪َ ،‬فإِ َّن َ‬
‫وإن ق َّل ْت‪ ،‬وكان إذا صىل صال ًة داوم عليها)‪.(3‬‬
‫ولكن‪ ،‬ال يصام النصف الثاين من شعبان‪ ،‬إال إذا ُو ِص َل بالنصف األول منه‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)1868‬ومسلم (‪.)1156‬‬


‫((( رواه البخاري (‪ ،)1970‬ومسلم (‪.)782‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)1869‬ومسلم (‪.)782‬‬
‫ابعش يف مايصلا‬

‫*سؤال‪ :‬هل السنة أن أصوم شعبان كله؟‬

‫*جواب‪:‬‬
‫يستحب إكثار الصيام يف شهر شعبان‪.‬‬
‫‪673‬‬ ‫وقد ورد أن النبي ‪ H‬كان يصوم شعبان كله‪.‬‬
‫فعن أم سلمة ‪ ،J‬قالت‪« :‬ما رأيت رسول اهلل ‪ H‬صام شهرين متتابعني‪،‬‬
‫إال أنه كان يصل شعبان برمضان»(‪.)1‬‬
‫ولفظ أيب داود‪« :‬أن النبي ‪ H‬مل يكن يصوم من السنة شهر ًا تام ًا إال شعبان‪،‬‬
‫يصله برمضان»)‪.(2‬‬
‫فظاهر هذا احلديث‪ :‬أن النبي ‪ H‬كان يصوم شهر شعبان كله‪.‬‬
‫لكن ورد أن النبي ‪ H‬كان يصوم شعبان‪ ،‬إال قليالً‪.‬‬
‫فعن أيب سلمة قال‪ :‬سألت عائشة ‪ J‬عن صيام رسول اهلل ‪ ،H‬فقالت‪:‬‬
‫«كان يصوم حتى نقول قد صام‪ ،‬ويفطر حتى نقول قد أفطر‪ ،‬ومل أره صائ ًام من ٍ‬
‫شهر قط‬
‫أكثر من صيامه من شعبان‪ ،‬كان يصوم شعبان كله‪ ،‬كان يصوم شعبان إال قليالً»)‪.(3‬‬
‫فاختلف العلامء يف التوفيق بني هذين احلديثني‪:‬‬
‫فذهب بعضهم إىل أن هذا كان باختالف األوقات‪ ،‬ففي بعض السنني صام‬
‫النبي ‪ H‬شعبان كامالً‪ ،‬ويف بعضها صامه النبي ‪ H‬إال قليالً‪ ،‬وهو اختيار‬
‫الشيخ ابن باز ‪.)4(V‬‬
‫وذهب آخرون إىل أن النبي ‪ H‬مل يكن يكمل صيام شهر إال رمضان‪ ،‬ومحلوا‬
‫حديث أم سلمة عىل أن املراد أنه صام شعبان إال قليالً‪ ،‬قالوا‪ :‬وهذا جائز يف اللغة‪ ،‬إذا‬
‫صام الرجل أكثر الشهر‪ ،‬أن يقال‪ :‬صام الشهر كله‪.‬‬

‫((( رواه أمحد (‪ ،)300/6‬وأبو داود (‪ ،)2336‬والنسائي (‪ ،)2175‬وابن ماجة (‪.)1648‬‬


‫((( صححه األلباين يف صحيح أيب داود (‪.)2048‬‬
‫((( رواه مسلم (‪.)1156‬‬
‫((( جمموع فتاوى ابن باز (‪.)416/15‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫قال احلافظ ابن حجر ‪« :V‬إن حديث عائشة يبني أن املراد بقوله يف حديث أم‬
‫سلمة‪ :‬أنه كان ال يصوم من السنة شهر ًا تام ًا‪ ،‬إال شعبان يصله برمضان‪ ،‬أي‪ :‬كان يصوم‬
‫معظمه‪ ،‬ونقل الرتمذي عن ابن املبارك‪ ،‬أنه قال‪ :‬جائز يف كالم العرب إذا صام أكثر‬
‫الشهر‪ ،‬أن يقول صام الشهر كله‪.‬‬
‫‪674‬‬
‫وقال الطيبِي ‪ :V‬حيمل عىل أنه كان يصوم شعبان كله تارة‪ ،‬ويصوم معظمه‬
‫أخرى؛ لئال يتوهم أنه واجب كله كرمضان»‪.‬‬

‫ثم قال احلافظ‪« :‬واألول هو الصواب»)‪.(1‬‬

‫يعنـي أن النبـي ‪ H‬مل يكـن يصـوم شـعبان كاملاً‪ ،‬واسـتدل لـه بما روتـه‬
‫عائشـة ‪ ،J‬قالـت‪ :‬وال أعلـم نبي اهلل ‪ H‬قـرأ القرآن كلـه يف ليلة‪ ،‬وال صىل‬
‫ليلـة إىل الصبح‪ ،‬وال صام شـهر ًا كامالً‪ ،‬غير رمضان)‪.(2‬‬

‫وبام رواه ابن عباس ‪ L‬قال‪« :‬ما صام النبي ‪ H‬شهر ًا كام ً‬
‫ال قط‪ ،‬غري‬
‫رمضان»)‪.(3‬‬

‫فإن قيل‪ :‬ما احلكمة من اإلكثار من الصيام يف شهر شعبان؟‬

‫أصح‬
‫ّ‬ ‫فاجلواب‪ :‬قال احلافظ ابن حجر ‪« :V‬األوىل يف ذلك‪ :‬ما جاء يف حديث‬
‫مما مىض‪ ،‬أخرجه النسائي‪ ،‬وأبو داود‪ ،‬وصححه ابن خزيمة‪ ،‬عن أسامة بن زيد‪ ،‬قال‪:‬‬
‫شهر من الشهور‪ ،‬ما تصوم من شعبان‪َ ،‬ق َال‪:‬‬ ‫قلت‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬مل أرك تصوم من ٍ‬
‫ان‪َ ،‬و ُه َو َش ْهر ت ُْر َف ُع فِ ِيه األَ ْع َم ُل إِ َل َر ِّب‬ ‫ي َر َج ٍ‬
‫ب َو َر َم َض َ‬ ‫ك َش ْه ٌر َي ْغ ُف ُل الن ُ‬
‫َّاس َع ْن ُه‪َ ،‬ب ْ َ‬ ‫« َذلِ َ‬
‫ب َأ ْن ُي ْر َف َع َع َم ِل َو َأنَا َصائِ ٌم (‪ .)4‬واهلل أعلم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ني‪َ ،‬ف ُأح ُّ‬
‫ِ‬
‫ال َعا َل َ‬

‫((( انظر‪ :‬فتح الباري (‪.)214/4‬‬


‫((( رواه مسلم (‪.)746‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)1870‬ومسلم (‪.)1157‬‬
‫((( فتح الباري (‪.)215/4‬‬
‫ــجر يف مايصلا‬

‫‪675‬‬ ‫الصيام في رجب‬

‫*سؤال‪ :‬هل ورد فضل معني للصيام يف شهر رجب؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬شهر رجب هو أحد األشهر احلرم التي قال اهلل تعاىل فيها‪( :‬ﮤ ﮥ ﮦ‬
‫ﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕ‬
‫ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ) [التوبة‪ ،]36 :‬واألشهر احلرم هي‪:‬‬
‫رجب‪ ،‬وذو القعدة‪ ،‬وذو احلجة‪ ،‬واملحرم‪.‬‬

‫ش َش ْه ًرا‪ِ ،‬من َْها َأ ْر َب َع ٌة‬ ‫«السنَ ُة ا ْثنَا َع َ َ‬


‫وعن أيب بكرة ‪ I‬عن النبي ‪ H‬قال‪َّ :‬‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الث ُمت ََوالِ َي ٌ‬
‫جا َدى‬ ‫ي َُ‬‫ض ا َّلذي َب ْ َ‬ ‫ب ُم َ َ‬ ‫ات‪ُ :‬ذو ال َق ْعدَ ة َو ُذو الح َّجة َو ُ‬
‫الم َح َّر ُم‪َ ،‬و َر َج ُ‬ ‫ُح ُر ٌم‪َ ،‬ث ٌ‬
‫َو َش ْع َب َ‬
‫ان (‪.)1‬‬

‫وقد سميت هذه األشهر حرم ًا ألمرين‪ :‬لتحريم القتال فيها إال أن يبدأ العدو؛ وألن‬
‫حرمة انتهاك املحارم فيها أشد من غريها‪.‬‬

‫وهلذا‪ ،‬هنانا اهلل تعاىل عن ارتكاب املعايص يف هذه األشهر‪ ،‬فقال‪( :‬ﯜ ﯝ ﯞ‬
‫ﯟ) [التوبة‪ ]36 :‬مع أن ارتكاب املعصية حمرم ومنهي عنه يف هذه األشهر‬
‫وغريها‪ ،‬إال أنه يف هذه األشهر أشد حتري ًام‪.‬‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)3025‬ومسلم (‪.)1679‬‬


‫الصيام سؤال وجواب‬

‫ثاني ًا‪ :‬وأما صوم شهر رجب‪ :‬فلم يثبت يف فضل صومه عىل سبيل اخلصوص‪ ،‬أو‬
‫صوم يشء منه‪ ،‬حديث صحيح‪ ،‬فام يفعله بعض الناس من ختصيص بعض األيام منه‬
‫بالصيام؛ معتقدين فضلها عىل غريها‪ ،‬ال أصل له يف الرشع‪.‬‬

‫غري أنه ورد عن النبي ‪ H‬ما يدل عىل استحباب الصيام يف األشهر احلرم‬ ‫‪676‬‬

‫الح ُرمِ‪َ ،‬وات ُْر ْك (‪.)1‬‬ ‫ِ‬


‫«ص ْم م َن ُ‬
‫‪-‬ورجب من األشهر احلرم‪ ،-‬فقال ‪ُ :H‬‬

‫فهذا احلديث ال يصح كام نص العلامء‪ ،‬وإن صح‪ ،‬فإنه يدل عىل استحباب الصيام يف‬
‫األشهر احلرم‪ ،‬فمن صام يف شهر رجب هلذا‪ ،‬وكان يصوم أيض ًا غريه من األشهر احلرم؛‬
‫فال بأس‪ ،‬أما ختصيص رجب بالصيام‪ ،‬فال‪.‬‬

‫قال ابن تيمية ‪« :V‬وأما صوم رجب بخصوصه‪ :‬فأحاديثه كلها ضعيفة‪ ،‬بل‬
‫موضوعة‪ ،‬ال يعتمد أهل العلم عىل يشء منها‪ ،‬وليست من الضعيف الذي يروى يف‬
‫الفضائل‪ ،‬بل عامتها من املوضوعات املكذوبات‪.‬‬

‫ويف املسـند وغيره‪ ،‬حديـث عـن النبـي ‪ :H‬أنه أمـر بصوم األشـهر احلرم‪،‬‬
‫وهـي‪ :‬رجـب‪ ،‬وذو القعـدة‪ ،‬وذو احلجـة‪ ،‬واملحـرم‪ ،‬فهذا يف صـوم األربعـة مجيع ًا‪ ،‬ال‬
‫َمـن ُيصص رجبـ ًا (‪.)2‬‬

‫وقال ابن القيم ‪« :V‬كل حديث يف ذكر صيام رجب‪ ،‬وصالة بعض الليايل فيه‪،‬‬
‫فهو كذب مفرتى»)‪.(3‬‬

‫وقال احلافظ ابن حجر ‪« :V‬مل يرد يف فضل شهر رجب‪ ،‬وال يف صيامه‪ ،‬وال صيام‬
‫يشء منه معني‪ ،‬وال يف قيام ليلة خمصوصة فيه‪ ،‬حديث صحيح يصلح للحجة»)‪.(4‬‬

‫((( رواه أبو داود (‪ ،)2428‬وضعفه األلباين يف ضعيف اجلامع (‪.)3491‬‬


‫((( جمموع الفتاوى (‪.)290/25‬‬
‫((( املنار املنيف (ص‪.)96‬‬
‫((( تبيني العجب (ص‪.)11‬‬
‫ــجر يف مايصلا‬

‫وقال سيد سابق ‪« :V‬وصيام رجب ليس له فضل زائد عىل غريه من الشهور‪ ،‬إال‬
‫أنه من األشهر احلرم‪ ،‬ومل يرد يف السنة الصحيحة أن للصيام فضيلة بخصوصه‪ ،‬وأن ما‬
‫جاء يف ذلك مما ال ينتهض لالحتجاج به»)‪.(1‬‬

‫‪677‬‬ ‫وسئل ابن عثيمني ‪ V‬عن صيام يوم السابع والعرشين من رجب‪ ،‬وقيام ليلته؟‬

‫فأجاب‪« :‬صيام اليوم السابع العرشين من رجب‪ ،‬وقيام ليلته‪ ،‬وختصيص ذلك‪:‬‬
‫بدعة‪ ،‬وكل بدعة ضاللة»)‪ .(2‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫((( فقه السنة (‪.)453/1‬‬


‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)440/20‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫األيام المنهي عن صومها‬ ‫‪678‬‬

‫*سؤال‪ :‬يف ليلة الثالثني من شعبان خرجنا لرؤية اهلالل‪ ،‬ولكن اجلو كان غي ًام فلم‬
‫نتمكن من الرؤية‪ ،‬هل نصوم يوم الثالثني من شعبان ألنه يوم مشكوك؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫هذا ما يسمى بيوم الشك؛ ألنه مشكوك فيه‪ ،‬هل هو آخر يوم من شعبان‪ ،‬أو أول‬
‫يوم من رمضان‪.‬‬
‫وموا لِ ُرؤْ َيتِ ِه‪َ ،‬و َأ ْفطِ ُروا لِ ُرؤْ َيتِ ِه‪َ ،‬فإِ ْن ُغ ِّب َي‬
‫«ص ُ‬ ‫وصومه حمرم؛ لقول النبي ‪ُ :H‬‬
‫(أي‪ :‬خفي) ع َليكُم؛ َف َأك ِْم ُلوا ِعدَّ َة َشعب َ ِ‬
‫ان َثالَث َ‬
‫ني (‪.)1‬‬ ‫َْ‬ ‫َ ْ ْ‬
‫وقـال عمار بـن يـارس ‪« :L‬مـن صـام اليـوم الـذي يشـك فيـه؛ فقـد عصى‬
‫أبا القاسم ‪.)2( H‬‬
‫قال احلافظ ابن حجر ‪« :V‬استُدل به عىل حتريم صوم يوم الشك؛ ألن الصحايب‬
‫ال يقول ذلك من قبل رأيه؛ فيكون من قبيل املرفوع»)‪.(3‬‬
‫قال علامء اللجنة الدائمة عن يوم الشك‪« :‬دلت السنة عىل حتريم صومه»)‪.(4‬‬

‫((( رواه البخاري (‪.)1810‬‬


‫((( رواه الرتمذي (‪ ،)686‬وصححه األلباين يف إرواء الغليل (‪ ،)125/4‬وانظر‪ :‬فتح الباري (‪.)120/4‬‬
‫((( فتح الباري (‪.)120/4‬‬
‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)117/10‬‬
‫موص نع يهنملا مايألا‬

‫وقال ابن عثيمني ‪- V‬بعد ذكر اخلالف يف حكم صوم يوم الشك‪« :-‬وأصح‬
‫هذه األقوال هو التحريم‪ ،‬ولكن إذا ثبت عند اإلمام وجوب صوم هذا اليوم‪ ،‬وأمر‬
‫الناس بصومه؛ فإنه ال ينابذ‪ ،‬وحتصل عدم منابذته‪ ،‬بأال ُيظهر اإلنسان فطره‪ ،‬وإنام ُيفطر‬
‫رس ًا (‪ .)1‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫‪679‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬سمعت أننا ال جيوز أن نصوم قبل رمضان‪ ،‬فهل ذلك صحيح؟‬
‫*جواب‪:‬‬
‫وردت أحاديث عن النبي ‪ H‬تنهى عن الصيام يف النصف الثاين من شعبان‪،‬‬
‫إال يف حالني‪:‬‬
‫األوىل‪ :‬من كانت له عادة بالصيام‪ ،‬ومثال من له عادة‪ :‬أن يكون الرجل اعتاد أن يصوم‬
‫يوم االثنني واخلميس مثالً‪ ،‬فإنه يصومهام‪ ،‬ولو كان ذلك يف النصف الثاين من شعبان‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬إذا وصل النصف الثاين من شعبان بالنصف األول‪ ،‬بأن يبتدئ الصيام يف‬
‫النصف األول من شعبان‪ ،‬ويستمر صائ ًام حتى يدخل رمضان‪ ،‬فهذا جائز‪.‬‬
‫فمن هذه األحاديث‪:‬‬

‫ما روي عن أيب هريرة ‪ ،I‬قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪« :H‬الَ َت َقدَّ ُموا َر َم َض َ‬
‫ان‬
‫بِ َص ْو ِم َي ْو ٍم َوال َي ْو َم ْ ِ‬
‫ي‪ ،‬إِال َر ُج ٌل ك َ‬
‫َان َي ُصو ُم َص ْو ًما؛ َف ْل َي ُص ْم ُه (‪.)2‬‬
‫ان‪َ ،‬فال‬ ‫وعن َأ ِب هريرة ‪ ،I‬أن رسول اهلل ‪ H‬قال‪« :‬إِ َذا ا ْنت ََص َ‬
‫ف َش ْع َب ُ‬
‫وموا (‪.)3‬‬
‫ت َُص ُ‬
‫ان بِ َص ْو ِم َي ْوم َوال َي ْو َم ْ ِ‬
‫ي‪ ،‬إِال َر ُج ٌل‬ ‫قال النووي‪« :‬قوله ‪« :H‬الَ َت َقدَّ ُموا َر َم َض َ‬
‫َان َي ُصوم َص ْو ًما؛ َف ْل َي ُص ْم ُه ‪ ،‬فيه الترصيح بالنهي عن استقبال رمضان بصوم يوم‬ ‫ك َ‬

‫((( انظر‪ :‬الرشح املمتع (‪.)480/6‬‬


‫((( رواه البخاري (‪ ،)1815‬ومسلم (‪ ،)1082‬واللفظ ملسلم‪.‬‬
‫((( رواه أبو داود (‪ ،)3237‬والرتمذي (‪ ،)738‬وابن ماجة (‪ ،)1651‬وصححه األلباين يف صحيح الرتمذي (‪.)590‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫ويومني‪ ،‬ملن مل يصادف عادة له أو يصله بام قبله‪ ،‬فإن مل يصله وال صادف عادة فهو‬
‫حرام )‪.(1‬‬

‫وعن عامر بن يارس ‪ ،I‬قال‪« :‬من صام اليوم الذي يشك فيه الناس؛ فقد عىص‬
‫أبا القاسم ‪.)2( H‬‬ ‫‪680‬‬

‫«است ُِد َّل به عىل حتريم صوم يوم الشك؛ ألن الصحايب‬
‫قال احلافظ ابن حجر ‪ْ :V‬‬
‫ال يقول ذلك من قبل رأيه»)‪.(3‬‬

‫ويوم الشك هو يوم الثالثني من شعبان‪ ،‬إذا مل ُي َر اهلالل بسبب الغيم أو نحوه‪،‬‬
‫وس ِّمي يوم شك؛ ألنه حيتمل أن يكون يوم الثالثني من شعبان‪ ،‬وحيتمل أن يكون اليوم‬
‫ُ‬
‫األول من رمضان‪.‬‬

‫فيحرم صيامه إال ملن وافق عادة صيامه‪.‬‬

‫قال النووي ‪ V‬عن حكم صيام يوم الشك‪« :‬أما إذا صامه تطوع ًا‪ :‬فإن كان له‬
‫سبب بأن كان عادته صو َم الدهر‪ ،‬أو صوم يوم وفطر يوم‪ ،‬أو صوم يوم معني كيوم‬
‫االثنني فصادفه؛ جاز صومه بال خالف بني أصحابنا‪ ...‬ودليله‪ :‬حديث أيب هريرة‪« :‬الَ‬
‫َان َي ُصو ُم َص ْوم ًا؛ َف ْل َي ُص ْم ُه ‪ ،‬وإن مل يكن‬ ‫ان بِ َص ْو ِم َي ْو ٍم َوالَ َي ْو َم ْ ِ‬
‫ي‪ ،‬إِالَّ َر ُج ٌل ك َ‬ ‫َت َقدَّ ُموا َر َم َض َ‬
‫له سبب؛ فصومه حرام )‪.(4‬‬

‫وقال ابن عثيمني ‪ V‬يف رشحه حلديث‪« :‬الَ َت َقدَّ ُموا َر َم َض َ‬


‫ان‪: ...‬‬

‫«واختلـف العلماء ‪ ‬يف هـذا النهـي‪ ،‬هـل هـو هنـي حتريـم‪ ،‬أو هنـي كراهة؟‪،‬‬
‫والصحيـح‪ :‬أنـه هنـي حتريـم‪ ،‬السـيام اليـوم الذي يشـك فيـه )‪.(5‬‬

‫((( رشح النووي عىل مسلم (‪.)194/7‬‬


‫((( رواه الرتمذي (‪ ،)686‬والنسائي (‪ ،)2188‬وصححه األلباين يف اإلرواء (‪.)125/4‬‬
‫((( فتح الباري (‪.)120/4‬‬
‫((( انظر‪ :‬املجموع (‪.)400/6‬‬
‫((( رشح رياض الصاحلني (‪.)394/3‬‬
‫موص نع يهنملا مايألا‬

‫قال ابن باز ‪« :V‬أما احلديث الذي فيه النهي عن الصوم بعد انتصاف شعبان‪،‬‬
‫فهو صحيح كام قال األخ العالمة الشيخ نارص الدين األلباين‪ ،‬واملراد به النهي عن ابتداء‬
‫الصوم بعد النصف‪ ،‬أما من صام أكثر الشهر‪ ،‬أو الشهر كله‪ :‬فقد أصاب السنة»)‪.(1‬‬
‫‪681‬‬
‫وعىل هذا‪ :‬يكون الصيام يف النصف الثاين من شعبان عىل ثالثة أقسام‪:‬‬

‫األول‪ :‬الصيام من اليوم السادس عرش إىل الثامن والعرشين‪ ،‬فهذا مكروه‪ ،‬إال ملن‬
‫وافق عادته‪ ،‬أو كان عليه قضاء من رمضان‪.‬‬

‫الثاين‪ :‬صيام يوم الشك‪ ،‬أو قبل رمضان بيوم أو يومني‪ ،‬فهذا حرام‪ ،‬إال ملن وافق‬
‫عادته‪ ،‬أو كان عليه قضاء من رمضان‪.‬‬

‫الثالث‪ :‬أن يكون الصيام يف هذا النصف موصوال بصيام يف النصف األول‪ ،‬فهو‬
‫جائز حسن‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬قرأت يف موقعكم عن فضل صيام يوم عرفة‪ ،‬ولكنني قرأت أيض ًا عن فضل‬
‫صيام عرش ذي احلجة‪ ،‬فهل هذا صحيح؟ إذا كان صحيح ًا فهل يمكن أن تؤكد يل‬
‫إذا كنا نصوم تسعة أيام أم عرشة؛ ألن اليوم العارش هو يوم العيد؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫يف حديث‬ ‫‪H‬‬ ‫صيام تسع من ذي احلجة مستحب‪ ،‬ويدل لذلك قوله‬
‫الصالِ ُح فِ ِيه َّن َأ َح ُّب إِ َل اهللِ ِم ْن َه ِذ ِه األَ َّيا ِم ال َع ْش يعني‬ ‫ابن عباس ‪ِ :L‬‬
‫«ما م ْن َأ َّيا ٍم ال َع َم ُل َّ‬ ‫َ‬
‫اجل َها ُد ِف‬
‫«والَ ِ‬
‫عرش ذي احلجة‪ ،‬فقالوا‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬وال اجلهاد يف سبيل اهلل؟‪ ،‬فقال‪َ :‬‬
‫ش ٍء (‪.)2‬‬ ‫ك بِ َ ْ‬ ‫يل اهللِ‪ ،‬إِالَّ َر ُج ٌل َخ َر َج بِنَ ْف ِس ِه َو َمالِ ِه؛ َف َل ْم َي ْر ِج ْع ِم ْن َذلِ َ‬
‫َسبِ ِ‬

‫((( جمموع فتاوى ومقاالت متنوعة (‪.)384/15‬‬


‫((( رواه البخاري (‪.)926‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫َان‬
‫وعن هنيدة بن خالد‪ ،‬عن امرأته‪ ،‬عن بعض أزواج النبي ‪ ،H‬قالت‪« :‬ك َ‬
‫احل َّج ِة (‪.)1‬‬
‫ول اهلل ‪ H‬يصوم تِسع ِذي ِ‬
‫َ ُ ُ ْ َ‬ ‫َر ُس ُ‬

‫أما صيام يوم العيد‪ :‬فهو حمرم‪ ،‬ويدل لذلك حديث أيب سعيد اخلدري ‪ I‬مرفوع ًا‪:‬‬
‫«نى عن صو ِم يو ِم ِ‬
‫الف ْط ِر‪َ ،‬و َي ْو ِم الن َّْح ِر)(‪ ،)2‬وقد أمجع العلامء عىل أن صومهام حمرم‪.‬‬ ‫ََ َ ْ َ ْ َْ‬ ‫‪682‬‬
‫فالعمل الصالح يف هذه األيام العرش أفضل من غريها‪ ،‬وأما الصيام‪ :‬فال يصام فيها‬
‫إال تسع فقط‪ ،‬واليوم العارش هو يوم العيد حيرم صومه‪.‬‬
‫وعىل هذا‪ :‬فاملراد من فضل صيام عرش ذي احلجة صيام تسعة أيام فقط‪ ،‬وإنام أطلق‬
‫عليها أهنا عرش عىل سبيل التغليب(‪ .)3‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬رجل صام يوم احلادي عرش والثاين عرش من ذي احلجة‪ ،‬فام حكم صيامه؟‬
‫*جواب‪:‬‬
‫اليوم احلادي عرش من ذي احلجة‪ ،‬والثاين عرش‪ ،‬والثالث عرش‪ ،‬تسمى أيام الترشيق‪.‬‬
‫النهي عن صومها‪ ،‬ومل يرخص يف صومها‪ ،‬إال‬ ‫‪H‬‬ ‫وقد ثبت عن النبي‬
‫للمتمتع أو القارن الذي مل جيد اهلدي‪.‬‬
‫يق‪َ :‬أ َّيا ُم َأك ٍْل‪،‬‬
‫َّش ِ‬ ‫اله َذ ِ ّل ‪ ،I‬قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪َ :H‬‬
‫«أ َّيا ُم الت ْ ِ‬ ‫عن ُن َب ْي َش َة َ‬
‫ب‪َ ،‬و ِذك ٍْر لَِّ (‪.)4‬‬ ‫ش ٍ‬
‫َو ُ ْ‬
‫وعن محزة بن عمرو األسلمي ‪ :I‬أنه رأى رجال عىل مجل‪ ،‬يتبع رحال الناس‬
‫بمنى‪ ،‬ونبي اهلل ‪ H‬شاهد‪ ،‬والرجل يقول‪« :‬ال تصوموا هذه األيام؛ فإهنا أيام‬
‫أكل ورشب»)‪.(5‬‬

‫((( رواه اإلمام أمحد (‪ ،)423/6‬وأبو داود (‪ ،)2437‬وصححه األلباين يف صحيح أيب داود (‪.)2129‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)1890‬ومسلم (‪.)1138‬‬
‫((( انظر‪ :‬رشح مسلم للنووي حديث رقم (‪.)1176‬‬
‫((( رواه مسلم (‪.)1141‬‬
‫((( رواه أمحد (‪ ،)494/3‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع (‪.)7355‬‬
‫موص نع يهنملا مايألا‬

‫وعن أيب مرة موىل أم هانئ ‪ ،J‬أنه دخل مع عبد اهلل بن عمرو عىل أبيه عمرو بن‬
‫العاص‪ ،‬فقرب إليهام طعام ًا‪ ،‬فقال‪ :‬كل‪ ،‬قال‪ :‬إين صائم‪ ،‬قال عمرو‪« :‬كل‪ ،‬فهذه األيام‬
‫التي كان رسول اهلل ‪ H‬يأمرنا بفطرها‪ ،‬وينهى عن صيامها»‪ .‬قال مالك‪ :‬وهي‬
‫أيام الترشيق)‪.(1‬‬
‫‪683‬‬
‫وعن عائشة وابن عمر ‪ ،M‬قاال‪ :‬مل يرخص يف أيام الترشيق أن ُي َص ْمن‪ ،‬إال ملن‬
‫مل جيد اهلدي)‪.(2‬‬
‫فهذه األحاديث وغريها فيها النهي عن صيام أيام الترشيق‪ ،‬ولذلك ذهب أكثر‬
‫العلامء إىل أهنا ال يصح صومها تطوع ًا‪.‬‬
‫وأما صومها للمتمتع والقارن إذا مل جيد اهلدي‪ :‬فقد دل عليه حديث عائشة وابن‬
‫عمر املتقدم‪ ،‬وهو مذهب املالكية‪ ،‬واحلنابلة‪ ،‬والشافعي يف القديم‪.‬‬
‫وذهب احلنفية‪ ،‬والشافعية إىل أنه ال جيوز صومها(‪.)3‬‬
‫والراجح هو القول األول‪ ،‬وهو جواز صومها ملن مل جيد اهلدي‪.‬‬
‫قال النووي ‪« :V‬واألرجح يف الدليل‪ :‬صحة صوم أيام الترشيق للمتمتع وجوازها‬
‫له؛ ألن احلديث يف الرتخيص له صحيح كام بيناه‪ ،‬وهو رصيح يف ذلك فال عدول عنه»)‪.(4‬‬
‫وخالصة اجلواب‪ :‬أنه ال يصح صيام أيام الترشيق ال تطوع ًا‪ ،‬وال فرض ًا‪ ،‬إال للمتمتع‬
‫أو القارن‪ ،‬إذا مل جيدا اهلدي‪.‬‬
‫قال ابن باز ‪« :V‬ال جيوز صيام اليوم الثالث عرش من ذي احلجة؛ ألهنا أيام أكل‪،‬‬
‫ورشب‪ ،‬وذكر هلل ‪ ،D‬وقد هنى النبي ‪ H‬عن صيامها‪ ،‬ومل يرخص يف ذلك‬
‫ألحد‪ ،‬إال ملن مل جيد هدي التمتع»)‪.(5‬‬

‫((( رواه أبو داود (‪ ،)2418‬وصححه األلباين يف صحيح أيب داود (‪.)2113‬‬
‫((( رواه البخاري (‪.)1894‬‬
‫((( انظر‪ :‬املوسوعة الفقهية (‪.)323/7‬‬
‫((( املجموع (‪.)444/6‬‬
‫((( جمموع فتاوى ابن باز (‪.)381/15‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫وقال ابن عثيمني ‪« :V‬ال جيوز صيام أيام الترشيق‪ ،‬حتى ولو كان عىل اإلنسان‬
‫صيام شهرين متتابعني؛ فإنه يفطر يوم العيد‪ ،‬واأليام الثالثة التي بعده‪ ،‬ثم يواصل‬
‫صومه»)‪.(1‬‬
‫وبناء عىل ما تقدم‪ :‬فمن صام أيام الترشيق أو بعضها‪ ،‬دون أن يكون متمتع ًا أو قارن ًا‬ ‫‪684‬‬
‫مل جيد اهلدي؛ فعليه أن يستغفر اهلل تعاىل؛ الرتكابه ما هنى عنه النبي ‪.H‬‬
‫وإن كان قد صامها قضاء ملا فاته من رمضان‪ ،‬أو ألجل نذر‪ ،‬أو يف صيام شهرين‬
‫متتابعني؛ فال جيزئه ذلك؛ وعليه القضاء مرة أخرى‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬اعتدت أن أصوم كل مخيس‪ ،‬وصادف أنى صمت يوم اخلميس املوافق الثاين‬
‫عرش من ذي احلجة‪ ،‬وقد سمعت أنه ال جيوز صيام أيام الترشيق واخلميس هو ثالث‬
‫أيام الترشيق‪ .‬فهل عيل يشء إن صمته؟‬
‫*جواب‪:‬‬
‫صيام يومي العيدين حمرم‪ ،‬كام حيرم صيام أيام الترشيق‪ ،‬وهي األيام الثالثة بعد‬
‫يوم عيد األضحى‪ ،‬فعن عائشة وابن عمر ‪ ،M‬قاال‪« :‬مل يرخص يف أيام الترشيق أن‬
‫يصمن‪ ،‬إال ملن مل جيد اهلدي»)‪.(2‬‬
‫فعىل هذا‪ :‬ال جيوز صيام أيام الترشيق‪ ،‬وإن صادفت يوم اخلميس‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬لقد بدأت بصيام داود واهلل املعني إن شاء اهلل‪ ،‬لكن ما هي األيام التي ال جيوز‬
‫يل الصيام فيها؟‬
‫*جواب‪:‬‬
‫نسأل اهلل أن يعينك‪ ،‬وأن يتقبل منك‪.‬‬

‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)61 /20‬‬


‫((( رواه البخاري (‪.)1894‬‬
‫موص نع يهنملا مايألا‬

‫وقد جاء يف فضل صيام داود ‪ ،O‬ما رواه عبد اهلل بن عمرو بن العاص ‪،L‬‬
‫الص َيا َم‬
‫ب ِّ‬ ‫أح ُّ‬
‫ال ُة َد ُاو َد ‪َ ،H‬و َ‬ ‫الصال َِة إِ َل اهللِ‪َ :‬ص َ‬ ‫ب َّ‬ ‫أن النبي ‪ H‬قال‪َ :‬‬
‫«أ َح ُّ‬
‫َان َينَا ُم نِ ْص َ‬
‫ف ال َّل ْي ِل‪َ ،‬و َي ُقو ُم ُث ُل َث ُه‪َ ،‬و َينَا ُم ُسدُ َس ُه‪َ ،‬و َي ُصو ُم َي ْوم ًا‪،‬‬ ‫إِ َل اهللِ‪ِ :‬ص َيا ُم َداو َد‪ ،‬ك َ‬
‫َو ُي ْفطِ ُر َي ْوم ًا )‪.(1‬‬
‫‪685‬‬
‫وأما األيام التي ال جيوز لك صومها‪ :‬فيوم عيد الفطر‪ ،‬ويوم األضحى‪ ،‬وأيام‬
‫الترشيق‪ ،‬وهي األيام الثالثة بعده‪.‬‬

‫وذلك ملا روى عبيد موىل ابن أزهر‪ ،‬قال‪ :‬شهدت العيد مع عمر بن اخلطاب ‪،I‬‬
‫فقال‪« :‬هذان يومان هنى رسول اهلل ‪ H‬عن صيامهام‪ ،‬يوم فطركم من صيامكم‪،‬‬
‫واليوم اآلخر تأكلون فيه من نسككم (‪.)2‬‬

‫وعن عائشة وعن ابن عمر ‪ ،M‬قاال‪« :‬مل يرخص يف أيام الترشيق أن يصمن‪ ،‬إال‬
‫ملن مل جيد اهلدي»)‪ .(3‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬سؤايل يتعلق بصيام الوصال‪ ،‬سمعت أنه صيام كان يصومه الرسول ‪.H‬‬
‫فام هو صيام الوصال؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫الوصال يف الصيام‪ :‬هو أن يصوم يومني أو أكثر بدون أن يفطر‪ ،‬أو يتسحر‪ ،‬أي أنه‬
‫يواصل الصيام يف الليل‪ ،‬فال يأكل‪ ،‬وال يرشب‪.‬‬
‫«الو َص ِ‬
‫ال‪ :‬وهو أن يصل صوم النَّهار بإمساك الليل‪ ،‬مع صوم‬ ‫قال الفيومي ‪ِ :V‬‬
‫الذي بعده‪ ،‬من غري أن يطعم شيئا»)‪.(4‬‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)1079‬ومسلم (‪.)1159‬‬


‫((( رواه البخاري (‪ ،)1889‬ومسلم (‪.)1137‬‬
‫((( رواه البخاري (‪.)1894‬‬
‫((( املصباح املنري (‪.)662/2‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫وقد كان النبي ‪ H‬يواصل الصيام‪ ،‬وكان اهلل تعاىل يعطيه القوة عىل ذلك‪،‬‬
‫ولكنه هنى أمته عن ذلك؛ شفقة عليهم‪ ،‬ورمحة هبم‪.‬‬
‫عن أيب هريرة ‪ ،I‬قال‪ :‬قال النبي ‪« :H‬الَ تُو ِ‬
‫اص ُلوا ‪َ ،‬قا ُلوا‪ :‬إنك تواصل‪،‬‬ ‫َ‬
‫يت ُي ْط ِع ُمنِي َر ِّب‪َ ،‬و َي ْس ِقينِي (‪.)1‬‬
‫ت ِم ْث َلك ُْم‪ ،‬إِ ِّن َأبِ ُ‬
‫َق َال‪« :‬إِ ِّن َل ْس ُ‬ ‫‪686‬‬

‫قال ابن قدامة ‪« :V‬والوصال مكروه يف قول أكثر أهل العلم»)‪.(2‬‬

‫قال النووي ‪« :V‬أما حكم الوصال‪ :‬فهو مكروه‪ ،‬بال خالف عندنا‪ ،‬وهل هي‬
‫كراهة حتريم أم تنْزيه؟‪ ،‬فيه وجهان‪ :‬أصحهام‪ :‬أنه كراهة حتريم»)‪.(3‬‬

‫وقال ابن عثيمني ‪« :V‬والذي يظهر يف حكم الوصال‪ :‬التحريم»)‪ .(4‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬هل جيوز لنا أن نصوم صيام التطوع يوم اجلمعة؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫ثبت من حديث أيب هريرة ‪ ،I‬أنه قال‪ :‬سمعت النبي ‪ H‬يقول‪« :‬الَ‬
‫الج ُم َع ِة‪ ،‬إِالَّ َي ْو ًما َق ْب َل ُه‪َ ،‬أ ْو َب ْعدَ ُه (‪.)5‬‬
‫وم َّن َأ َحدُ ك ُْم َي ْو َم ُ‬
‫َي ُص َ‬

‫الج ُم َع ِة بِ ِق َيا ٍم ِم ْن‬


‫وعن أيب هريرة ‪ ،I‬عن النبي ‪ H‬قال‪« :‬الَ َ ْتت َُّصوا َل ْي َل َة ُ‬
‫ُون ِف َص ْو ٍم َي ُص ُ‬
‫وم ُه‬ ‫الج ُم َع ِة بِ ِص َيا ٍم ِم ْن َب ْ ِ‬
‫ي األَ َّيامِ؛ إِالَّ َأ ْن َيك َ‬ ‫ال‪َ ،‬والَ َت ُُّصوا َي ْو َم ُ‬ ‫َب ْ ِ‬
‫ي ال َّل َي ِ‬
‫َأ َحدُ ك ُْم (‪.)6‬‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)6869‬ومسلم (‪.)1103‬‬


‫((( املغني (‪.)436/4‬‬
‫((( املجموع (‪.)357/6‬‬
‫((( الرشح املمتع (‪.)443/6‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)1884‬ومسلم (‪.)1144‬‬
‫((( رواه مسلم (‪.)1144‬‬
‫موص نع يهنملا مايألا‬

‫الج ُم َع ِة‬
‫أن النَّبِ َّي ‪َ H‬د َخ َل َع َل ْي َها َي ْو َم ُ‬ ‫وعن ُج َو ْي ِر َي َة بنت احلارث ‪َّ :J‬‬
‫يدين َأ ْن تَص ِ‬ ‫ِ‬ ‫«أصم ِ‬
‫ت َأ ْم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ومي َغدً ا؟ ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫س؟ ‪َ ،‬قا َل ْت‪ :‬الَ‪َ ،‬ق َال‪« :‬ت ُِر َ‬ ‫َوه َي َصائ َم ٌة‪َ ،‬ف َق َال‪ْ ُ َ :‬‬
‫جل ْع ِد‪ :‬سمع قتادة‪ :‬حدثني أبو أيوب‪ ،‬أن‬ ‫ِ‬
‫َقا َل ْت‪ :‬ال‪َ ،‬ق َال‪َ « :‬ف َأ ْفط ِري ‪ ،‬وقال محاد بن ا َ‬
‫‪687‬‬ ‫ُج َو ْي ِر َي َة حدثته‪ :‬فأمرها؛ فأفطرت(‪.)1‬‬

‫قال ابن قدامة ‪« :V‬يكره إفراد يوم اجلمعة بالصوم‪ ،‬إال أن يوافق ذلك صوم ًا كان‬
‫يصومه‪ ،‬مثل من يصوم يوم ًا‪ ،‬ويفطر يوم ًا؛ فيوافق صومه يوم اجلمعة‪ ،‬ومن عادته صوم‬
‫أول يوم من الشهر‪ ،‬أو آخره‪ ،‬أو يوم نصفه»)‪.(2‬‬

‫قال ابن تيمية ‪« :V‬إن السنة مضت بكراهة إفراد رجب بالصوم‪ ،‬وكراهة إفراد‬
‫يوم اجلمعة»)‪.(3‬‬

‫وكذلك من عليه صوم قضاء من رمضان‪ ،‬فيجوز للمسلم أن يصوم يوم اجلمعة‪،‬‬
‫قضاء عن يوم رمضان‪ ،‬ولو منفرد ًا)‪.(4‬‬

‫وكذلك لو وافق عاشوراء‪ ،‬أو عرفة‪ ،‬يوم مجعة‪ ،‬فيصومه؛ ألن ن ّيته عاشوراء وعرفة‬
‫وليس اجلمعة‪.‬‬

‫ومن هنا يعلم‪ :‬أن اجلمعة ال تُفرد يف مطلق صيام النفل‪ ،‬أما الصوم املسبب فرضا أو‬
‫نفال؛ فجائز إذا وافق اجلمعة‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬قرأت يف موقعكم أنه يكره إفراد يوم اجلمعة بالصيام‪ ،‬ألن النبي ‪H‬‬

‫هنى عن ذلك‪ ،‬فلامذا ال يكون صومه حرام ًا؟ ألن األصل يف النهي أنه للتحريم‪.‬‬

‫((( رواه البخاري (‪.)1885‬‬


‫((( املغني (‪ ،)426/4‬وانظر‪ :‬املجموع رشح املهذب (‪.)437/6‬‬
‫((( الفتاوى الكربى (‪ ،)180/6‬وانظر‪ :‬الرشح املمتع (‪.)476/6‬‬
‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)347/10‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*جواب‪:‬‬

‫«لعله لكونه رخص يف الرشع يف صيامه وصيام يوم معه‪ ،‬فلو كان حرام ًا ملا ساغ‬
‫صومه بالكلية»)‪ .(1‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬ ‫‪688‬‬

‫*سؤال‪ :‬أريد معرفة كيفية صيام نبي اهلل داود ‪ ،S‬حيث إنه كان يصوم يوم ًا ويفطر‬
‫يوم ًا كام أخربنا رسول اهلل ‪ ،H‬ولكن قد ُني عن إفراد يوم اجلمعة بالصوم‪،‬‬
‫فكيف نصوم يوم ًا ونفطر يوم ًا ويف نفس الوقت ال نصوم اجلمعة؟ وهل كان يوم‬
‫اجلمعة يف عهد داود غري منهي عنه باإلفراد؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫الص َيا ِم إِ َل اهللِ‪،‬‬


‫ب ِّ‬ ‫أوالً‪ :‬عن عبد اهلل بن عمرو ‪ ،L‬عن النبي ‪ H‬قال‪َ :‬‬
‫«أ َح ُّ‬
‫َان َي ُصو ُم َي ْوم ًا‪َ ،‬و ُي ْفطِ ُر َي ْوم ًا (‪.)2‬‬
‫َص َيا ُم َداو َد‪ :‬ك َ‬

‫وال تتعارض هذه األفضلية مع النهي عن صيام يوم اجلمعة؛ ألن النهي عن صيام‬
‫خصه من بني األيام‪ ،‬والذي يصوم صيام داود ‪( S‬يصوم‬
‫اجلمعة‪ ،‬إنام هو فيمن َّ‬
‫يوم ًا ويفطر يوم ًا)‪ ،‬مل يتقصد يوم اجلمعة بصيام‪.‬‬

‫قال ابن عثيمني ‪« :V‬ويف حديث عبد اهلل ابن عمرو ‪ L‬دليل عىل أن صوم‬
‫يوم اجلمعة‪ ،‬أو السبت إذا صادف يوم ًا غري مقصود به التخصيص‪ ،‬فال بأس به؛ ألنه‬
‫إذا صام يوم ًا‪ ،‬وأفطر يوم ًا‪ ،‬فسوف يصادف اجلمعة والسبت‪ ،‬وبذلك يتبني أن صومهام‬
‫ليس بحرام‪ ،‬وإال لقال النبي ‪ :H‬صم يوم ًا‪ ،‬وأفطر يوم ًا‪ ،‬ما مل تصادف اجلمعة‬
‫والسبت )‪.(3‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬وأما سؤالك عن حكم إفراد يوم اجلمعة بالصيام يف رشيعة داود ‪:S‬‬

‫((( فتاوى الشيخ حممد بن إبراهيم (‪.)206/4‬‬


‫((( رواه البخاري (‪ ،)3238‬ومسلم (‪.)1159‬‬
‫((( انظر‪ :‬الرشح املمتع (‪.)476/6‬‬
‫موص نع يهنملا مايألا‬

‫فال نعلم شيئ ًا عن األحكام العملية يف رشيعة داود ‪ ،S‬من حيث النهي عن صيام‬
‫اجلمعة أو غريه‪ ،‬واملعلوم أن لكل نبي رشعة ومنهاج ًا‪ ،‬وهم ‪-‬عليهم الصالة والسالم‪-‬‬
‫عقائدهم واحدة‪ ،‬ورشائعهم خمتلفة‪ ،‬قال اهلل تعاىل‪( :‬ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ)‬

‫‪689‬‬
‫[املائدة‪.]48 :‬‬

‫وعن أيب هريرة ‪ ،I‬قال‪ :‬سمعت رسول اهلل ‪ H‬يقول‪« :‬األَ ْنبِ َي ُ‬
‫اء إِ ْخ َو ٌة‬
‫َّت‪ُ ،‬أمه ُاتم َشتَّى‪ ،‬و ِدينُهم و ِ‬
‫احدٌ (‪.)1‬‬ ‫لِعال ٍ‬
‫َ ُ ْ َ‬ ‫َّ َ ُ ْ‬ ‫َ‬

‫ومعنى احلديث‪ :‬أن دين األنبياء واحد‪ ،‬وهو توحيد اهلل تعاىل وإفراده بالعبادة‪ ،‬وإن‬
‫تفرقت رشائعهم‪ ،‬كمثل اإلخوة الذين هلم أب واحد‪ ،‬وأمهات شتى (وهم اإلخوة‬
‫ل َعالّت)‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬ما حكم صوم يوم السبت يف غري شهر رمضان؟ وماذا لو صادف يوم عرفة؟‬

‫*جواب‪:‬‬

‫يكره إفراد يوم السبت بالصيام؛ ملا روى عبد اهلل بن ُب ْ ٍ‬


‫س عن أخته‪ ،‬أن رسول اهلل ‪H‬‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫اهلل َع َل ْيك ُْم‪َ ،‬فإِ ْن َل ْ َيِدْ َأ َحدُ ك ُْم إِال َل َ‬
‫اء‬ ‫الس ْبت‪ ،‬إالَّ ف َيم ا ْف َ َ‬
‫ت َض ُ‬ ‫وموا َي ْو َم َّ‬ ‫قال‪« :‬الَ ت َُص ُ‬
‫ِعنَ َب ٍة‪َ ،‬أ ْو ُعو َد َش َج َر ٍة؛ َف ْل َي ْم َض ْغ ُه (‪.)2‬‬

‫حلاء عنبة‪ :‬هي القرشة تكون عىل احلبة من العنب‪.‬‬

‫فليمضغه‪ :‬هذا تأكيد باإلفطار‪.‬‬

‫قال أبو عيسى الرتمذي ‪« :V‬هذا حديث حسن‪ ،‬ومعنى كراهته يف هذا‪ :‬أن َي َّ‬
‫ُص‬
‫الرجل يوم السبت بصيام؛ ألن اليهود ُت َع ِّظ ُم يوم السبت»)‪.(3‬‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)3259‬ومسلم (‪.)2365‬‬


‫((( رواه الرتمذي (‪ ،)744‬وأبو داود (‪ ،)2421‬وصححه األلباين يف إرواء الغليل (‪.)118/4‬‬
‫((( جامع الرتمذي (‪.)120/3‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫وقال ابن قدامة ‪« :V‬قال أصحابنا‪ :‬يكره إفراد يوم السبت بالصوم‪ ،‬واملكروه‬
‫إفراده‪ ،‬فإن صام معه غريه مل يكره؛ حلديث أيب هريرة‪ ،‬وجويرية‪ ،‬وإن وافق صوم ًا‬
‫إلنسان؛ مل يكره»)‪.(1‬‬

‫ومـراده بحديـث أيب هريـرة‪ :‬مـا يف الصحيحين عنـه ‪ I‬قـال‪ :‬سـمعت‬ ‫‪690‬‬
‫الج ُم َع ِة‪ ،‬إِالَّ َي ْو ًما َق ْب َل ُه‪َ ،‬أ ْو َب ْعدَ ه (‪.)2‬‬
‫وم َّن َأ َحدُ ك ُْم َي ْو َم ُ‬
‫النبي ‪ H‬يقول‪« :‬الَ َي ُص َ‬
‫وحديـث جويريـة ‪ :J‬هو مـا رواه البخاري عن جويريـة بنت احلارث ‪:J‬‬
‫أن النبـي ‪ H‬دخـل عليهـا يوم اجلمعـة‪ ،‬وهي صائمـة‪ ،‬فقال‪« :‬أصمـت أمس؟ ‪،‬‬
‫قالـت‪ :‬ال‪ ،‬قـال‪« :‬تريديـن أن تصومي غـدا؟ ‪ ،‬قالت‪ :‬ال‪ .‬قـال‪« :‬فأفطري (‪.)3‬‬

‫فهذا احلديث والذي قبله‪ ،‬يدالن داللة رصحية عىل جواز صوم يوم السبت يف غري‬
‫رمضان‪ ،‬ملن صام اجلمعة قبله‪.‬‬

‫الص َيا ِم إِ َل اهللِ ِص َيا ُم َد ُاو َد‪،‬‬


‫ب ِّ‬ ‫وثبت يف الصحيحني‪ ،‬أن النبي ‪ H‬قال‪َ :‬‬
‫«أ َح ُّ‬
‫كَان َ َي ُصو ُم َي ْو ًما‪َ ،‬و ُي ْفطِ ُر َي ْو ًما (‪.)4‬‬
‫وهذا ال بد أن يوافق السبت منفرد ًا يف بعض صومه‪ ،‬فيؤخذ منه‪ :‬أنه إذا وافق صوم‬
‫السبت عاد ًة له‪ ،‬كيوم عرفة أو عاشوراء؛ فال بأس بصومه‪ ،‬ولو كان منفرد ًا‪.‬‬
‫قال ابن عثيمني ‪« :V‬و ْل ُيعلم أن صيام يوم السبت له أحوال‪:‬‬
‫فرض كرمضان أداء‪ ،‬أو قضاء‪ ،‬وكصيام الكفارة‪ ،‬وبدل‬ ‫ٍ‬ ‫احلال األوىل‪ :‬أن يكون يف‬
‫هدي التمتع‪ ،‬ونحو ذلك؛ فهذا ال بأس به‪ ،‬ما مل خيصه بذلك؛ معتقد ًا أن له مزية‪.‬‬
‫احلال الثانية‪ :‬أن يصوم قبله يوم اجلمعة‪ ،‬فال بأس به؛ ألن النبي ‪ H‬دخل عىل‬
‫جويرية يوم اجلمعة‪ ،‬وهي صائمة‪ ،‬فقال‪« :‬أصمت أمس؟ ‪ ،‬قالت‪ :‬ال‪ ،‬قال‪« :‬تريدين أن‬

‫((( املغني (‪.)428/4‬‬


‫((( رواه البخاري (‪ ،)1884‬ومسلم (‪.)1144‬‬
‫((( رواه البخاري (‪.)1885‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)3238‬ومسلم (‪.)1159‬‬
‫موص نع يهنملا مايألا‬

‫يدين َأ ْن تَص ِ‬
‫ِ‬
‫ومي َغدً ا؟ ‪ ،‬يدل‬ ‫ُ‬ ‫تصومي غدا؟ ‪ ،‬قالت‪ :‬ال‪ ،‬قال‪« :‬فأفطري (‪ ،)1‬فقوله‪« :‬ت ُِر َ‬
‫عىل جواز صومه مع اجلمعة‪.‬‬
‫احلال الثالثة‪ :‬أن يصادف صيام أيام مرشوعة‪ ،‬كأيام البيض‪ ،‬ويوم عرفة‪ ،‬ويوم‬
‫‪691‬‬ ‫عاشوراء‪ ،‬وستة أيام من شوال ملن صام رمضان‪ ،‬وتسع ذي احلجة؛ فال بأس؛ ألنه مل‬
‫يصمه ألنه يوم السبت‪ ،‬بل ألنه من األيام التي يرشع صومها‪.‬‬
‫احلال الرابعة‪ :‬أن يصادف عادة‪ ،‬كعادة من يصوم يوم ًا‪ ،‬ويفطر يوم ًا‪ ،‬فيصادف يوم‬
‫صومه يوم السبت؛ فال بأس به‪ ،‬كام قال النبي ‪ H‬ملا هنى عن تقدم رمضان بصوم‬
‫َان َي ُصو ُم َص ْوم ًا َف ْل َي ُص ْمه (‪ ،)2‬وهذا مثله‪.‬‬ ‫يوم أو يومني‪« :‬إِالَّ َر ُج ً‬
‫ال ك َ‬
‫احلال اخلامسة‪ :‬أن خيصه بصوم تطوع فيفرده بالصوم‪ ،‬فهذا حمل النهي‪ ،‬إن صح‬
‫احلديث يف النهي عنه»)‪.(3‬‬
‫وقد ذهب مجع من أهل العلم إىل تضعيف حديث النهي عن صيام يوم السبت‪،‬‬
‫واحلكم بنكارته وشذوذه‪ ،‬ومنهم‪ :‬اإلمام مالك‪ ،‬وأمحد‪ ،‬والزهري‪ ،‬واألوزاعي‪ ،‬وشيخ‬
‫اإلسالم ابن تيمية‪ ،‬وابن القيم‪ ،‬وابن حجر‪ ،‬وغريهم‪.‬‬
‫واختار القول بتضعيفه‪ :‬ابن باز‪ ،‬وابن عثيمني‪ ،‬وأعضاء اللجنة الدائمة لإلفتاء‪ ،‬فإذا‬
‫مل يثبت احلديث؛ فال هني عن صيام يوم السبت(‪ .)4‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*سؤال‪ :‬ما حكم الدعوة إىل صيام مجاعي يف يوم معني‪ ،‬والدعاء فيه مجاعي ًا بدعاء‬
‫معني (حمدد ماذا ُيقال يف الدعاء)‪ ،‬ويف وقت معني (كأن يقال‪ :‬ندعو مجيع ًا يف الساعة‬
‫كذا بتوقيت مكة املكرمة)؛ لنرصة إخوة مسلمني يف فلسطني‪ ،‬أو غريها من بالد‬
‫املسلمني‪ ،‬و ُيطلب نرش وتوزيع هذه الدعوة سواء باجلوال أو اإلنرتنت؟‬

‫((( رواه البخاري (‪.)1885‬‬


‫((( رواه البخاري (‪ ،)1815‬ومسلم (‪.)1082‬‬
‫((( جمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)57/20‬‬
‫((( انظر‪ :‬التلخيص احلبري (‪ ،)216/2‬وهتذيب السنن (‪ ،)67/7‬والفروع البن مفلح (‪ ،)92/3‬وجمموع‬
‫فتاوى ابن باز(‪ ،)411/15‬وفتاوى اللجنة الدائمة (‪ ،)396/10‬وجمموع فتاوى ابن عثيمني (‪.)35 /20‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫*جواب‪:‬‬

‫كانت األزمات متر باملسلمني يف عهد النبي ‪ ،H‬وأصحابه‪ ،‬ومن بعدهم‪،‬‬


‫ومل يكونوا يتواعدون يوم ًا يصومون فيه‪ ،‬ويدعون فيه يف وقت حمدد بدعاء حمدد‪ ،‬ف ُع ِلم‬
‫بذلك أن هذا الفعل بدعة‪ ،‬ولو كان خري ًا؛ لفعله النبي ‪ ،H‬وأصحابه ‪.H‬‬ ‫‪692‬‬

‫وقد سئل الشيخ ابن عثيمني ‪ :V‬ما حكم الصيام اجلامعي‪ ،‬واالتفاق عىل اإلفطار‪،‬‬
‫سواء كان يف رمضان‪ ،‬أو االثنني واخلميس؟‬

‫فأجاب‪« :‬ال‪ ،‬أهم يشء االتفاق عىل الصيام‪ ،‬نحن نرى أن هذا مبدأ مل يكن عليه‬
‫الصحابة‪ ،‬أهنم يتواعدون أن يصوموا االثنني واخلميس‪ ،‬وما أشبه ذلك‪ ،‬وخيشى أن‬
‫تتطور املسألة حتى يرتقي إىل ما هو أشد‪ ،‬ثم نشبه أهل التصوف الذين يتفقون عىل ذكر‬
‫معني يفعلونه مجاعة‪ ،‬فلذلك يقال للشباب‪ :‬من صام غد ًا‪ ،‬فسيكون اإلفطار عند فالن‬
‫مثالً‪ ،‬هذا ال بأس به‪ ،‬لكن االتفاق عىل صوم يو ٍم معني‪ ،‬هذا ليس من هدي الصحابة‪،‬‬
‫يعود نفسه أنه ال يصوم إال إذا صام معه غريه‪ ،‬هذا ُي َعدُّ مشكلة‪ ،‬فكون‬
‫ثم كون اإلنسان ّ‬
‫اإلنسان يصوم من طوع نفسه‪ ،‬سواء كان معه غريه‪ ،‬أو ال‪ ،‬هذا هو الذي عليه السلف‬
‫الصالح (‪.)1‬‬

‫وسئل أيض ًا عن قوم يف شهر رمضان املبارك جيتمعون عىل قراءة بعض األذكار‬
‫واملأثورات‪ ،‬وذلك قبل موعد اإلفطار‪ ،‬وبصورة مجاعية‪ ،‬هل جيوز لنا ذلك؟‬

‫فأجاب ‪ V‬تعاىل‪« :‬لقد كان رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم إذا خطب يوم‬
‫حتمر عيناه‪ ،‬ويعلو صوته‪ ،‬ويشتدّ غضبه‪ ،‬فيقول‪« :‬أما بعد‪ ،‬فإن خري احلديث‬
‫اجلمعة ّ‬
‫وكل بدعة ضاللة‪ّ ،‬‬
‫وكل‬ ‫ورش األمور حمدثاهتا‪ّ ،‬‬
‫كتاب اهلل‪ ،‬وخري اهلدي هدي حممد‪ّ ،‬‬
‫ضاللة يف النار ‪ ،‬ومل يكن صىل اهلل عليه وآله وسلم عند اإلفطار‪ ،‬جيتمع إليه الناس حتى‬
‫يذكروا اهلل ‪ ،D‬أو يدعوا اهلل ‪ D‬بصوت مرتفع مجاعي‪ ،‬وإنام كان اإلنسان يفطر مع‬
‫أهله‪ ،‬ويدعو كل واحد منهم لنفسه‪ ،‬بدعاء خفي بينه وبني ربه‪ ،‬وإذا مل تكن هذه العادة‬

‫((( لقاء الباب املفتوح (‪.)29/174‬‬


‫موص نع يهنملا مايألا‬

‫التي أشار إليها السائل معروفة يف عهد النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم؛ فإهنا تكون من‬
‫البدع التي حذر منها رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم‪ ،‬و َب َّي أن كل بدعة ضاللة‪،‬‬
‫وأن كل ضاللة يف النار»(‪.)1‬‬

‫‪693‬‬ ‫وسئل الشيخ عبد الرمحن السحيم ‪ :V‬يف الفرتة املاضية كانت دائام تصلنا رسائل‬
‫عىل الربيد اإللكرتوين‪ ،‬يطلبون منا صيام يوم معني‪ ،‬والصالة والقيام يف ذلك اليوم؛ من‬
‫أجل نرصة إخوتنا يف فلسطني‪ ،‬من باب احلث عىل الدعاء والتوايص باحلق‪.‬‬

‫فهل هذا بدعة؟‪ ،‬أن نتفق جمموعة كل منا يقوم يف بيته يف ليلة مع ّينة‪ ،‬ندعو بام ورد‬
‫يف الكتاب والسنة؟‬

‫فأجاب‪« :‬أما أن ُيعمل العمل الصالح من أجل نرصة إخواننا يف فلسطني‪ ،‬فأظن أن‬
‫أصل هذه البدعة جاءت من بالد النصارى‪.‬‬
‫ِ‬
‫وقد ُقتل من أصحاب النبي ‪- H‬سبعون من ّ‬
‫القراء‪ ،-‬ومع ذلك ما ُحفظ‬
‫أنه ‪ H‬صام ألجلهم‪ ،‬أو ّ‬
‫صل‪ ،‬وإنام دعا اهلل ‪ D‬كام يف الصحيحني‪.‬‬
‫كام أنه ‪ H‬بعث اجليش يوم مؤتة‪ِ ،‬‬
‫وعلم بمقتل أصحابه‪ ،‬ومل ُينقل عنه من‬
‫ذلك يشء‪.‬‬

‫وإنام كان ِمن هديه ‪ H‬أنه يدعو‪ ،‬وجيتهد يف الدعاء‪.‬‬

‫كذلك اجتهاده ‪ H‬يف الدعاء يوم بدر‪.‬‬

‫وكذلك الدعاء من عىل منابر اجلمعة ُيذكّر اخلطباء بذلك‪.‬‬

‫وأما االتفاق عىل قيام ليلة مع ّينة‪ :‬فإن هذا ليس له أصل يف الرشع‪.‬‬

‫إال أن يقـوم شـخص‪ ،‬فيقـوم بقيامـه شـخص أو أشـخاص‪ ،‬دون سـابق موعـد‪،‬‬
‫أو اتفاق مسبق‪.‬‬

‫((( فتاوى نور عىل الدرب (‪.)7-6/212‬‬


‫الصيام سؤال وجواب‬

‫ـى النبــي ‪ ،H‬وصـ ّ‬


‫ـى بصالتــه ابــن عمــه ابــن عبــاس ‪ ،L‬كــا‬ ‫فقــد صـ ّ‬
‫ـى مـ ّـرة‪ ،‬وصـ ّ‬
‫ـى بصالتــه حذيفــة ‪.I‬‬ ‫أنــه ‪ O‬صـ ّ‬

‫ومرة اقتدى به ابن مسعود ‪.I‬‬


‫‪694‬‬
‫وكل هذا دون اتفاق‪ ،‬ودون سابق موعد‪.‬‬

‫ومثله ما إذا قام الرجل ُي ّ‬


‫صل‪ ،‬وقام معه من قام من أوالده‪.‬‬

‫أو نام عند اإلنسان رجل صالح‪ ،‬فقام من الليل؛ فإنه جيوز حينئذ االقتداء به‪.‬‬

‫وقد هنى النبي ‪ H‬عن ختصيص ليلة اجلمعة بقيام دون بقية الليايل؛ خشية أن‬
‫يظن ّ‬
‫ظان أن هلا مزية عىل غريها‪.‬‬

‫وال أرى أن هناك حاجة لالتفاق عىل قيام ليلة معينة‪ ،‬بل كل منكن تُويص صاحبتها‬
‫أن تقوم الليل‪ ،‬وجتتهد يف الدعاء للمستضعفني يف مشارق األرض ومغارهبا»‪.‬‬

‫انتهى بترصف يسري من موقع املشكاة‪.‬‬

‫فالذي يظهر لنا أن هذه الدعوة غري مرشوعة‪ ،‬وال ينبغي املشاركة فيها‪ ،‬وال الدعوة إليها‪.‬‬

‫واملطلوب من املسلم أن يدعو اهلل إلخوانه املسلمني يف كل مكان‪ ،‬من غري أن حيدد‬
‫ذلك بوقت حمدد‪ ،‬أو يصوم من أجل ذلك‪.‬‬

‫نسأل اهلل تعاىل أن ينجي املستضعفني من املؤمنني‪ ،‬وأن هيلك الظاملني املعتدين‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫***‬

‫*ســؤال‪ :‬هــل جيــوز صيــام يــوم ميــاد النبــي ‪ ،H‬اعتــاد ًا عــى احلديــث‬
‫الــذي يف صحيــح مســلم‪ ،‬والنســائي‪ ،‬وأيب داود‪ ،،‬عندمــا ســئل ‪:H‬‬
‫عــن صيــام يــوم االثنــن‪ ،‬فقــال «ذاك يــوم ولــدت فيــه‪ ،»...‬واعتــادا عــى هــذا‬
‫احلديــث أيضـ ًا‪ ،‬هــل جيــوز للشــخص أن يصــوم اليــوم الــذي ولــد فيــه‪ ،‬متأســي ًا‬
‫يف ذلــك بالنبــي ‪H‬؟ أرجــو اإليضــاح‪.‬‬
‫موص نع يهنملا مايألا‬

‫*جواب‪:‬‬

‫ول اهللِ ‪ُ H‬س ِئ َل َع ْن َص ْو ِم‬ ‫ار ِّي ‪َ ،I‬أ َّن َر ُس َ‬ ‫أوالً‪َ :‬ع ْن َأ ِب َقتَا َد َة األَن َْص ِ‬
‫َي‪َ ،‬ف َق َال‪« :‬فِ ِيه ُولِدْ ُت َوفِ ِيه ُأن ِْز َل َع َ َّل (‪.)1‬‬ ‫ِ‬
‫ال ْثن ْ ِ‬
‫‪695‬‬
‫َي‬‫ول اهللِ ‪َ H‬ق َال‪ُ « :‬ت ْع َر ُض األَ ْعم ُل َي ْو َم ِال ْثن ْ ِ‬ ‫و َع ْن َأ ِب ُه َر ْي َر َة ‪َ ،I‬أ َّن َر ُس َ‬
‫َ‬
‫ب َأ ْن ُي ْع َر َض َع َم ِل‪َ ،‬و َأنَا َصائِ ٌم (‪.)2‬‬ ‫ِ‬ ‫َوالخَ ِم ِ‬
‫يس‪َ ،‬ف ُأح ُّ‬

‫فتبني بام تقدم من األحاديث الصحيحة‪ :‬أن النبي ‪ H‬كام صام يوم االثنني؛‬
‫شكرا لنعمة مولده يف هذا اليوم‪ ،‬صامه أيضا لفضله‪ ،‬فقد أنزل عليه الوحي يف ذلك‬
‫اليوم‪ ،‬فيه تعرض األعامل عىل اهلل‪ ،‬فأحب ‪ H‬أن يرفع عمله‪ ،‬وهو صائم‪،‬‬
‫فمولده الرشيف يف ذلك اليوم‪ ،‬كان سببا من أسباب متعددة لصيام ذلك اليوم‪.‬‬
‫فمن صام يوم االثنني‪ ،‬كام صامه النبي ‪ ،H‬ورجا فيه املغفرة‪ ،‬وشكر‬
‫ما أنعم اهلل عىل عباده يف هذا اليوم‪ ،‬والتي من أعظمها ما أنعم اهلل عىل عباده بميالد نبيه‬
‫وبعثته‪ ،‬ورجا أن يكون من أهل املغفرة يف ذلك اليوم‪ ،‬فهو أمر طيب‪ ،‬موافق ملا ثبت من‬
‫سنة النبي ‪ ،H‬لكن ال خيص بذلك أسبوعا دون أسبوع‪ ،‬وال شهرا دون شهر‪،‬‬
‫بل يفعل من ذلك ما قدر عليه يف دهره كله‪.‬‬
‫وأما ختصيص يوم من العام بصيامه؛ احتفاال بمولده ‪ ،H‬فهو بدعة خمالفة‬
‫لسنة النبي ‪H‬؛ فالنبي ‪ H‬إنام صام يوم االثنني‪ ،‬وهذا اليوم املعني يف‬
‫السنة يكون يف االثنني‪ ،‬كام يكون يف غريه من أيام األسبوع‪.‬‬
‫وينظر حول االحتفال باملولد وحكمه‪ ،‬جواب السؤال رقم (‪ ،)13810‬و(‪.)70317‬‬
‫ثانياً‪ :‬ما شاع بني الناس اليوم مما يسمونه بعيد امليالد‪ ،‬وانتشار احتفاهلم به فهو بدعة‬
‫غري مرشوعة‪ ،‬وليس للمسلمني أعياد حيتفلون هبا‪ ،‬سوى عيدي الفطر‪ ،‬واألضحى‪.‬‬

‫وقد سبق بيان ذلك يف أجوبة عديدة‪ ،‬ينظر رقم (‪ ،)26804‬و(‪.)9485‬‬

‫((( رواه مسلم (‪)1162‬‬


‫((( رواه الرتمذي (‪ ،)747‬وحسنه‪ ،‬وصححه األلباين يف صحيح الرتمذي‪.‬‬
‫الصيام سؤال وجواب‬

‫ثم أين مولد النبي ‪ ،H‬الذي هو نعمة حقيقية‪ ،‬ورمحة عامة للبرش كلهم‪ ،‬كام‬
‫قال اهلل تعاىل‪( :‬ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ) [األنبياء‪ ،]107 :‬وفاحتة خري للبرش‪،‬‬
‫أين ذلك كله من مولد غريه من آحاد الناس‪ ،‬أو وفاته‪.‬‬

‫ثم أين كان أصحابه‪ ،‬ومن بعدهم من الصاحلني والسابقني من ذلك العمل؟‬ ‫‪696‬‬

‫فلا يعـرف عن أحـد من السـلف‪ ،‬أو أهـل العلـم السـابقني‪ ،‬من قـال بمرشوعية‬
‫صيـام يوم من األسـبوع‪ ،‬أو من الشـهر‪ ،‬أو من العام‪ ،‬أو جعل ذلـك اليوم عيدا؛ ألجل‬
‫أن النبـي ‪ H‬كان يصـوم يـوم مولـده مـن كل أسـبوع‪ ،‬الـذي هو يـوم االثنني‪،‬‬
‫ولـو كان ذلـك مرشوعـا؛ لسـبقنا إىل فعلـه أهـل العلـم والفضـل‪ ،‬السـباقون إىل كل‬
‫خير‪ ،‬فلما مل يفعلـوا ذلك؛ ُعلـم أن هذا يشء حمـدث‪ ،‬ال جيـوز العمل بـه‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
i s l a m q a . i n fo

You might also like