Professional Documents
Culture Documents
العنوانِ :
املناه ُج ِّ
الدر ِاسيَّة يف اململ َكة العربيَّة ُّ لميَّةُ تَه ِذيباً واختِصاراً لِ ِ
املادة العِ ِ
ختصرة :تُعتَبَ ُر هذه َّ
السعوديَّة لمناه ِج ِّ ْ ْ نُب َذةٌ ُم َ
ص بِ ِدراس ِة ِع ْل ِم ِ
الف ْق ِه ،وهي وياتِ ،
ومن ِض ْم ِن هذه َّ املو َّجه ِة لِلطُّاّل ِ
ب ،وهي م َق َّسمةٌ على ِع َّدة مستَ ٍ
املادة ما ََيتَ ُّ َ ُ ُ َُ َ
اشتم َل عليه املستوى الثااين ِمن املوضوعات واملسائِل ما يَلِي: وإن ِمن أ ِّ
هم ما َ
قسمةٌ إىل ِ
مثاين (ُ )8م ْستَ َوياتَّ ، ُم َّ َ
ِ
األحاديث اليت اشتَ َملَت على ال َكثِ ِري ِمن ُّصوص النَّب ِويَّة اليت تُع اد ِمن ِّ
أهم جمموع ٍة ِمن الن ِ َش ْر ُح -1
َ
بارة ،بِ ْدءً بالتَّع ِريفِ امتاز بِ ُّ لميَّ ِة وفْ َق أُ ٍ
َّرعيَّة وال َفوائِد العِ ِ
األحكام الش ِ
ِ
ووضوح الع َ
السهولَة ُ سلوب َ
يان أَه ِّم األَحكام والتَّ ِ
وجيهات اليت ا ْشتَ َمل عليها ِ بالصحايب را ِوي احلَ ِديث ،مث َش ْرح الغَ ِر ِ
يب ،إىل بَ َ ْ َّ
احل ِديث ،وانتِهاء بِطَرح ب ْعض األَسئِلَة اليت تُعِني على استِ ِ
يعاب الد َّْرس ومع ِرفَة مدى فَ ْه ِم ِه. َ ً َ
َّعوة إىل اهللِ تعاىل ،وتَ ُّنوع أسالِيبه َّ الصور ِمن ِح ْرص الن ِّ َّ
َّيب صلى اهلل عليه وسلم على الد َ ض ُّبَيان بَ ْع ُ -2
يف ذلك ِمن خّلل الدَّعوة يف املواسم واملر ِ
اسّلت وحنو ذلك.
وه ْديه ،وحمبَّته ِّباع ِه و َّ سول على أ َُّمتِه ِمن تَوق ِريهِ و ِ
احِت ِامه ،وات ِ بيان ِ
حقوق الَّر ِ
السري على ُسنَّته َ ْ -4
1
الحديث والثقافة اإلسالمية
2
بسم اهلل الرحمن الرحيم
المقدمة
3
ِ ِ ِ ِ ِِ ِ ِ ِ َّ
حنم ُده ونستَعينه ونَستَ ْغفره ،ونَعوذُ باهلل من ُشرور أن ُفسنا ومن سيِّئات أعمالناَ ،من يَ ْهده اهللُ
احلم َد هلل َ
إن ْ
عبده ورسولُه ي له ،وأ ْش َهد أن ال إله اإال اهلل َو ْح َده ال َش ِريك له ،و َّ ِ ض َّل له ،ومن ي ْ ِ
فّل م ِ
حممداً ُ
أن َّ ضلل فّل هاد َ َ ُ ُ
،اأما بعد:
املربِّني اأال يَْب َخلوا مبا ول ،كما نَرجو ِمن ِّ ِ ِ
املعلمني و َ
َ ُْ ب له ال َقبُ َ
وختاماً نسأل اهلل تعاىل أن ين َف َع به ويَ ْكتُ َ
ضل. لحوظات ِع ْل ِميَّة وتَربَ ِويَّة تَ ِسري بِال ُم َّ
قرر قُ ُدماً حنو األَفْ َ وم ُ
ِ ِ
عْن َد ُهم من آراء َ
وص ْحبِه أَ ْجَعِني. ِ ِ ِ ِ ِ
حممد وعلى آله َ احلم ُد هلل الذي بِن ْع َمته تَت ام ا
الصاحلات ،وصلَّى اهلل وسلَّم على نبِيِّنا َّ و ْ
4
الحديث الشريف
أولاَ :
5
الحديث األولَ
سول اهللِ صلَّى اهلل علي ه وس لَّم ملع اذ ب ن َجبَ ل - عن عبد اهللِ بن عبااس -رضي اهلل عنهما -قال :قال َر ُ
اب ،ف ذذا ِجْئ تَ ُهم ف ْادعُهم إىل أن يَ ْش َهدوا رضي اهلل عنه -حني ب عثَه إىل اليمن ((:إنَّك ستَأيت قوماً أهل كِت ٍ
َ ََ ََ
س أن اهللَ ق د فَ ر َ ِ حممداً َرسو ُل اهللِ ،فذن ُه م أط اعُوا ل ك بِذلِك ف أخِ ْهم َّ أن ال إله اإال اهلل و َّ
ض عل يهم خَْ َ َ أن َّ
ص َدقةً تُ ْؤ َخ ذ ِم ن
أن اهللَ ق د فَ َرض عل يهم َ ات يف ك ِّل ي ٍوم ولَْي لَ ٍة ،ف ذن ُه م أط اعوا ل ك ب ذلك ف أخِ هم َّصلَو ٍ
أغنِيائِهم فتُ َراد على فُ َقرائِ ِهم ،فذن ُهم أطاعوا لك ب ذلك فذيااك وَك رائِم ْأم والِم ،واتَّ ِق َد ْع وة املظل ِوم فذنَّه ل يس
جاب )) متَّفق عليه (.)1 ِ ِ
بَْي نَها وبني اهلل ح ٌ
التعريف بالراوي:
يب ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم ِ ِ
الص حايب اللي لَ ،ح ْ األَُّم ة وإم ام التَّفس ري ،أب و العبا اس ،عب د اهلل اب ن ع ِّم النَّ ِّ ه و َّ
العبااس ب ن عب د املطَّل ب ،ال ُقَرِش اي ال ا ِ اي َر ِض ي اهلل عنهم اُ ،ولِ َد قَ ْب ل الِج َرة بِثَّلث ِس نِني ،انتَ َق ل م ع أبَ َويْ ه
الف ْق ه يف ال ِّدين ،روى البخ اري الرسول صلَّى اهلل عليه وس لَّم بِس ع ِة العِْل م و ِ إىل دار الِ ْجرة َسنَة ال َفْتحَ ،دعا له َّ
ََ
ض ْعت ل ه ُوض وءً ق الَ ((:م ن ول اهلل ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم الَّلءَ فَ َو َدخ ل رس ُ عن ه -رض ي اهلل عن ه -ق الَ :
الكت اب ))( ،)3ويف وض ع ه ذا ؟)) فَ أُخِ ،ق ال ((:اللَّه م فَ ِّق ه يف ال ِّدين )) ( )2ويف ِرواي ة ((:اللَّه َّم علِّم ه ِ
ُ َْ َ ا َْ ََ
ِ
الدين وعلِّ ْمه التَّأ ِويل)) (.)4 روايَة(( :اللَّ ا
هم فَ ِّقه يف ِّ
حتدثصح النااس ،فذذا َّ ابن عبااس قلت :أجَل النااس ،فذذا نطَق قلت :أفْ َ أيت َ كنت إذا ر ُروقُ : قال َم ْس ٌ
قلت :أَ ْعلَم النااس.
للح ِديث ،وأعلمهم بالتَّفسري ،وأَقْ َدرهم على االستِنباط. ِمن أكثَر َّ
الصحابة ِروايَةً َ
وسْبعِني َسنَة (.)5 إح َدى َ تويف -رضي اهلل عنه -سنَة مثان وستِّني للهجرة النَّبويَّة ،وعاش ْ
( )1أخرجه البخاري يف صحيحه يف َمواض ع ع دَّة ،منه ا :كت اب املغ ازي ،ب اب :بَ ْع ث أيب موس ى ومع اذ إىل ال يمن ))64/8
أخرج ه مس لم يف ص حيحه ،كت اب اإلمي ان،
برقم ( ،)4347ويف كتاب الزكاة ،بابُ :وجوب الزك اة ،يف ( ،)261/3ب رقم ( ،)1395و َ
َّهادتَني ( ،)51- 50/1برقم (.)19
باب :الدُّعاء إىل الش َ
( )2أخرجه البخاري يف كتاب الوضوء ،باب :وضع املاء عند الّلء ،برقم ( ،)1413ومسلم ( ،)1927/4برقم (.)2477
( )3البخاري رقم (.)75
( )4ينظر :مسند اإلمام أمحد ( ،266/1و.)314
( )5ينظر :سري أعّلم النُّبّلء ( ،)331/3وهتذيب التَّهذيب (.)276/5
6
المباحث اللغوية:
َ
معناها الكلمة
أرسلَهُ وكان ذلك َسنَة َع ْش ٍر لِل ِه ْجَرة. حني بعثَه إىل اليَمن :بعثَه:
وامل راد بِم هن ا :اليَه ود والنَّص ارى ،حي ث أن َزل عل ى ُموس ى علي ه َّ
الس ّلم الك ِ
تاب أهل ِ
َْ
السّلم ِ
اإلنيل. أنزل على ِعيسى عليه َّ التَّوراة ،و َ :
بالشهادتَني وي ْدخلوا يف ِدي ِن اهللِ تعاىل وتَو ِح ِ
يده ْ يقروا َّ َ َ ف ْادعُهم إىل أن يَ ْش َهدوا أن ال إل ه أي :ادعُهم إىل أن ا
بادتِه.
وع َ
ِ حممداً رسول اهلل:
أن َّ اإال اهلل و َّ
ص ل ال ِّدين هادتَ ْني؛ ألهنم ا أَ ْ
بالش َيب ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم أن يَْب َدأ َّ و َأمره النَّ ا
روعه اإال بِما.
صح شيء ِمن فُ ِ
ٌ
وأساسه ،فّل ي ِ
َ
حمم داً
اس تَجابوا ،ب أن ش هدوا أن ال إل ه اإال اهلل وأن َّ أيَ :ش ِهدوا وانق ادوا و ْ فذن ُهم أطاعُوا لك بذلك:
رسول اهلل.
أوج ب ،وال َف ْرض يف االص ِطّلح ه و الو ِاج ب ،وه و م ا فَ َرض مبعىن :أل َزم و َ فَ َرض:
فاعله امتِثاالً ويُعاقَب تا ِرُكه. يثاب ِ
ُ
الص َدقَة هنا :هي الزكاة املفروضة ،وال فرق يف االص ِ
رعي بني لَْفظا الش
َّ ّلح ط ْ َ َّ فَ َرض علي ِهم َ
ص َدقَة:
اح د ،اإال أنَّه َغلَ ب عُْرف اً اس تِعمال الزك اة الص َدقَة ،فَ ِكّلمه ا مبع ىن و ِ
ً الزك اة و َّ
الص َدقَة على ما هو أَ َع ام. املفروضة ،واستِ ْعمال َّ َ للزكاة
الض ِمري يع ود إىل الغين َمن ميلِك نِصاباً ِمن األَ ْموال اليت جتب فيها الزك اة ،و َّ تؤخذ من أغنيائهم:
الذين أَ ْسلَموا ِمن أَ ْهل اليَ َمن.
ص ف كِفايَتِ ه، ِ ِ ِ ِ ِ ِ
ال َفق ري ه و َم ن ال ميل ك ش يئاً م ن امل ال ،أو ميل ك أقَ ال م ن ن ْ فَتُ َراد على فُ َقرائهم:
حاجتَ ه ِ ِ ِ ِ ِ
أعلى منه املسكني ،وهو َم ن ميل ك ش يئاً م ن امل ال لك ن ال يَ ْكف ي َ وْ
الض مري يف (( :فُ َق رائِ ِهم )) يع ود إىل وم ْرَك ب وحن ِوه ا .و َّ س َ م ن َمطْ َع ٍم َ
وم ْل بَ ٍ ِ
املسلِ ِمني ِمن أهل البَ لَد نَ ْف ِسه.
يس ة، ِ ِ ِ ِ منصوب بِِف ْعل ُم ْ فذيااك وَكرائِ َم:
اح َذر ،وال َك رائم :ج ع َكرميَة ،أي :نَف َ ض َمر ،تق ديرهْ : ُ
واملرادِ :خيار ِ
املال. ُ
أي :جتنَّب الظُّْلم؛ لِئَ اّل يَ ْدعُو عليك املظلوم. واتَّق َد ْع َوة املظلوم:
7
الس بب يف ِذ ْك ر ه ذه الملَ ة بع د قول ه (( :فذيااك وك رائِم أَْم والِم )) ه و و َّ
صاحبِه ظُْلم ،فَيَ ِجب أن يَتَ َجنَّبَه،
املال دون ِرضى ِ بأن أَ ْخذ ِخيار ِاإلشعار َّ
ِ
وألن معاذ يف َمكان ِواليَة ُ
وس ْلطَة. َّ
ص ِرفها وال م انِع مينَعه ا َم ن ال َقب ول ،ح َّّ ول و ك انأي :ل يس ل ا ص ا ِرف يَ ْ
ِ ِ
فذنَّه ليس بينَها وبني اهلل ح ٌ
جاب:
صيانُه على نَ ْف ِسه؛ ملا روى اإلمام أمح د ِ ِ ِ ِ
املظلوم فاسقاً أو عاصياً ،فَف ْس ُقه وع ْ
جوره على نَ ْفسه))(.)6 ِ
مرفوعاًَ ((:د ْعوة املظلوم ُمستَجابَة وإن كان فاجراً فَ ُف ُ
األحكام والتوجيهات:
يء ِم ن العِب َادة اإال بم ا ،ومه ا صح ش ٍ ِ ِ
هادتَ ْني وعظَ م َش أهنما و َّأهنم ا أَص ُل ال ِّدين ال ذي ال يَ ا الش َ -1أه ِّميَّة َّ
اب َم ن ل يس مع ه ِمفت اح ،وال يك ون الك افِر ُم ْس لِماً اإال بع د ال تَّلَ ُّفظ بِم ا ِ
م ْفت اح اإلس ّلم ،ف ّل يَل ج الب َ
ِ
أخرجه يف صحيحه ( ،)354/8كتاب التَّفسري ،باب ( :وكذلك أخذ ربك .) ... ِ
( )7واحلديث َ
9
اىل:ﭐﱡﭐ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱠ س بحانَه وتع
[فصلت.]33 : ِّ
ول ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم لِ َعلِ اي -رض ي اهلل عن ه -فيم ا رواه البخ اري وغ ريه ((:ف واهلل ألَن الرس ُ
وق ال َّ
احداً خري لك ِمن ُمحُر النَّ َعم )) (.)8 ي ه ِدي اهلل بك رجّلً و ِ
َُ َْ
وم ن احلِ ْكم ة أن ي ب َدأ ال اد ِ
اعي ب األَ َه ام فال ُم ِه ام ،أال تَرى الد ْعوة أن تك ون ِِ ْكم ةِ ، ِ ِ
َْ َ َ -12من َعوامل ناح َّ َ
الرس ول ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم أوص ى مع اذاً رض ي اهلل عن ه ب أن يت َد َّرج م ع أه ل ال يمن ِ
بادئ اً ب األَ َه ام أن َّ َّ
َ ُ
الصّلة ،مث الزكاة.
الشهادتان ،مثا َّ
وهو َّ
ِ ِ املناسبة يف َّ ِ -13استِعمال األسالِيب ِ
وح ْس ن عامل ال َك ِرمي ،والُلُق املستَقيمُ ، الد ْعوة من ال َق ْول احلَ َسن ،والتَّ ُ َ ْ
اجح يف َد ْع َوتِه ،ق ال تع اىل: اعي ة النا ِ
ِ ِ العرض ،ولِ ِ ِ
ّلم ة ال اد َ
ني الانب ،وعدم الغ ْلظَة والَف اء ،ك ال ذل ك َع َ َْ
ﱡﭐ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱠ [آل عمران.]159 :
األسئلَة:
سول صلَّى اهلل عليه وسلَّم ُمعاذاً إىل اليَ َم ِن ؟ الر ُ
ث َّ ِ
س : 1ل َم بَ َع َ
لح ِديث ؟ حتدث عن ذلك ِمن ِخّلل ِدر ِ ِ
استك ل َ َ الضروريااتَّ ، س : 2التَّ ْو ِحيد َأه ام َّ
كامها تَ ْستَ ْنبِطها ِمن احلَ ِديث ؟
س : 3الزكاة أَمرها ع ِظيم يف ِدي ِن اهللِ .اذ ُكر ثَّلثَةً ِمن أَح ِ
ْ ْ َ
ضح َو ْجه ال اداللَة ِمن احلَ ِديث ؟ الرفْق ِمن عو ِامل ناح ال اد ِ
اعيَ ،و ِّ َ س : 4اللِّني و ِّ
الض ِمري يف قولِه ( :فُ َقرائِ ِهم (؟
س : 5ما َم ْرِجع َّ
س : 6اذ ُكر شيئاً ِمن ِح َكم الزكاة.
ضح عاقِبَة الظُّْلم ِمن ِخّلل احلديث. سَ : 7و ِّ
س : 8ماذا تَ ْع ِرف عن ابن عبااس رضي اهلل عنهما ؟
األحكام والتوجيهات:
صف الغرباء ِ احلديث على ِعظَم فضل َّ دل ِ َّ -1
الصحابة الذين أسلَموا يف بداية البعثة النَّبويَّة؛ النطباق َو ْ
الضّلل.
الشرك و َّ عليهم ،حيث كانت غُربَتُهم َمعنَ ِويَّة ،حني خالَفوا ما عليه قَ ْوَم ُهم ِمن ِّ
حمم د ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم ه و ِص َفة قامة علي ه ،واالقت داء بنبيِّن ا َِّ
-2التَّ َم ُّس ك ب دين اهلل ع َّز وج َّل واالس ت َ
احلق ال مب ا علي ه ِ ِ ِ ِ
اب الغَُرب اء وإن خالََف ه َكث ريٌ م ن النا اس ،ف العْب َرة بالتَّ َم ُّس ك ب ا
امل ؤمن احلَ اق ال ذي يَ ْر ُج و ثَو َ
أكثر النااس ،قال تعاىل:ﭐﱡﭐ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﱠ [األنعام.]116 :
املبتَعِ ِدين عن ِِ ِ ِ ِ
-3عظَم أَ ْجر الغَُرباء وَكثْ َرة ثَوابم وعُلُِّو َمن ِزلَت ِهم ،واملقصود بم الغرباء بِدين ِهم ،وليس املقصود ْ
أَْوطاهنِم.
ض أفر ِاده.
َّفسري لِلشَّيء بِبَ ْع ِ
أن هذا ِمن تَ ْف ِسري التَّنويع والت ِ
صارف يَ ِسري ،وليعلم َّ
( )13ينظر :شرح النَّووي على مسلم ( ،)167/2بتَ َ
12
س ،وجاء أيضاً :هم الذين أن الغَُرباء هم :الذين يَصلُحون إذا فَ َسد الناا ُ -4جاء يف َع َدد ِمن ِّ
الروايات َّ
س ال يَ ْك ِف ي ،ب ل يَْنبَغِ ي َّ
الس ْعي الص ّلح لِل نَّ ْف ِ دل عل ى َّ
أن جم َّرد َّ اس ( ،)14وه ذا ي ا
أفس َد النا ُ
ص لحون م ا ْ
ي ِ
ُْ
صف الغُرباء الذين ُم ِدحوا يف هذا ِ
ص ُدق على املؤمن َو ْ
ِ ِ باحل ْك َم ِة واللِّني و ِّ
الرفْق إلصّلح َمن فَ َسد من النااس ليَ ْ
احلديث.
األسئلة:
س :1ما معىن الغُربة يف اللُّغة ؟ وأي املعاين ي ْنطَبِق على التَّع ِريف االص ِ
طّلح اي ؟ ْ َ
وضح املراد بقولِه( :بدأ اإلسّلم َغريباً( ؟
س :2ا
بعض أوصاف الغَُرباء ؟س :3اذ ُكر َ
ضح ذلك. آخر ؟ َو ِّس :4هل تكون الغُْربَة يف َزَمن دون َ
لح ِديث ؟ِ
الصحابَة ِروايَةً ل َ
س : 5ملاذا كان أبو هريرَة رضي اهلل عنه أكثَر َّ
( )15أخرجه البخاري يف صحيحه ،كت اب الوض وء ،ب اب :التَّ يَ ُّمن يف الوض وء والغس ل ( ،)269/1وأخرج ه مس لم يف ص حيحه ،كت اب
الطَّهارة ،باب :التَّيَ امن يف الطاهور وغريه ( ،)226/1برقم (.)268
َّهذيب (.)344/12 ( )16ينظر :سري أعّلم النُّبّلء ( ،)135/2وهتذيب الت ِ
السابق.
( )17ينظر صحيح البخاري حديث رقم ( ،)426وصحيح مسلم املوضع ا
14
املس ِجد وحنومها ِ
دخول الَّلء والروج من ْ
ألن َعام خمصوص؛ َّ
الدين بن دقيق العيد رمحه اهلل :هو ا
ِّ
يبدأ فيهما باليَسار (.)18
األحكام والتوجيهات:
وخباص ة عائش ة رض ي اهلل عنه ا َ نهن،
ض ل َّأمه ات امل ؤمنني رض ي اهلل ع ا -1يف ه ذا احل ديث بي ا ٌن لَِف ْ
الس نَّ ِة النَّبويَّة ونَ ْش رها؛ لك ي تُطْلِ َع األَُّم ة
رص ت عل ى تَلَ ِّق ي ُّ الوِر َع ة ،حي ث َح َ
ِ ِ
العامل ة ال َفق َيه ة ،التَّقيَّة َ
يب صلَّى اهلل عليه وسلَّم لِيَ ْقتَدوا به. على األَحوال َّ ِ ِ
الدقي َقة للنَّ ِّ ْ
يامن فيما ذُكِ ر يف احل ديث ،وم ا ذُكِ ر هن ا ِم ن ب اب التَّمثِي ل فق ط، ِ ِ
َ -2د َّل احلَديث على استحباب التَّ ُ
الزينة يُْب َدأ بِاليَ ِمني ،وما كان ِخبّلفِه يُْب َدأ أن ُك َّل ما كان ِمن باب التَّك ِرمي و ِّ فالضابِط يف ذلكَّ : وإال َّ ا
بِاليَسار.
وخ ْل ع الثَّ ْوب، ِ ِ ِ
ومن أمثلة ما يُْب َدأ باليَسار أو تُ ْس تَ ْع َمل في ه اليَس ارُ :دخ ول َد ْوَرة املي اه ،وال روج م ن املس جدَ ،
واالستِْنجاء ،وتَ ْن ِظيف األَنْف ،وما شابَه ذلك.
ِ ِ الش رع املس تَ ِمَّرةَّ : قال اإلمام النَّوويِ :
ب في ه التَّ يَ ُّمن؛أن ك ال م ا ك ان م ن ب اب التَّك ِرمي والتَّ ْزيني اس تُح ا قاع َدة َّ
ياسر (.)19 ِ ِِ
ب فيه التَّ ُ وما كان بض ِّدها استُح ا
ص ِ ِ ِ ِ
ودخ ول املس جد ،وقَ ا وم ن أمثلَ ة م ا يب دأ ب اليَمني أو تُ ْس تَ ْع َمل في ه اليم ني غ ري م ا ذك ر :لُْبس الثَّ ْوبُ ،
الشرب ،وأخذ األش ياء وإعطاؤه ا ،واملص افَحة ،وغ ري الصّلة ،واألكل و ُّ السّلم ِمن َّ الرأْس ،و َّ
وح ْلق َّ الشا ِربَ ،
ا
ذلك.
ص لِح ش أهنُم ،ويُ ْعلِ ي َمك انَتَهم ،ومييِّ زهم ع ن أرش د األَُّم ةَ إىل م ا يُ ْ
كام ٌلَ ، ّلمي ِدي ن ِ ِ
-3دينُن ا اإلس ا ٌ
ِ
وآخَرهتم ،فما ِمن خ ٍري اإال َد َّل األَُّمة علي ه ،وم ا ِم ن َش ر اإال َح َّذ َرها من ه غريهم ،وي ْن َفعهم يف دنياهم ِ
ُ َ
ِ ِ ؤمن أن يَ ْقتَ ِدي بِالنَِّ على امل ِ
وس لوكه وتَص ُّرفاته ،فه و يب ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم يف جي ع أقوال ه وأَفْعال ه ُ ا
ِ
كل ُم ْسلم. ِ َّ َّ
صلى اهلل عليه وسلم ال ُق ْد َوة واألُسوة ل ا
16
الحديث الرابع:
ول اهلل ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم و َّأم ر علين ا أب ا عُبَ ْي َدة ،نَتَ لَ َّق ى ِع رياً ع ن ج ابِر رض ي اهلل عن ه ق ال (( :بَ َعثَن ا رس ُ
وزوَدن ا ِجراب اً ِم ن مت ر مل ِجي د لن ا غ َريه ،فك ان أب و عبي دة يُ ْع ِطين ا مت رةً مت رةً ،ق ال( :)20فقل ت :كي ف لُِق َريْشَّ ،
يب ،مث نَ ْشَرب عليها ِمن املاء فَتَ ْك ِفينا يَ ْوَمنا إىل اللَّي ل ،وكناا الصِ ُّ
ميص َّ منصها كما ُّ صنَعون با ؟ قال ُّ : كنتم تَ ْ
احل البَ ْح ر ساحل البحر ،فرفِع لنا عل ى س ِ ط ،مث نَب لُّه باملاء فَنَأْ ُكلَه ،قال :وانْطَلَ ْقنا على ِ صيِّنا الَبَ َ ض ِرب بِعِ ِ
نَ ْ
َْ ُ ُ
العْن َ ،قال :قال أبو عبي دة َ :ميِّتَ ة ،مث ق ال :ال ،ب ل ِ كهْيئَة ال َكثِيب َّ
الض ْخم ،فأتيناه ،فذذا هي دابَّة تُ ْدعى َ َ
ول اهللِ ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم ،ويف س بيل اهلل ،وق د اض طررم فَ ُكل وا ،ق ال :فأقَ ْمن ا علي ه َش ْهراً، حنن رس ل رس ِ
ُُ
الف َدر القّلل ال دُّهن ،ونَ ْقت ِط ع من ه ِ وحن ن ثّلمثائ ة ،ح ّ َِمسنَّا ،ق ال :ولق د رأيتن ا نَ ْغ ِِتف ِم ن وقْ ب عينِ ه بِ ِ
َ ْ َ َْ َ
يدة ثَّلثَة ع ْشر رجّلً فَأَقْ ع َدهم يف وقْ ِ ِ كالثَّور ،أو َك َق ْد ِر الثَّ ْور ،فل َقد أَ َخذ ِمناا أبو عُبَ َ
ض ْلعاً من ب َعْينه ،وأَ َخذ َ َ َ ُ َ َُ
فلم ا قَ ِد ْمنا املدين ةَ أَتَ ْين ا ِ ضّلعها فأقامها مث رحل أَ ْعظَم بعِري معنا فَمر ِمن حتتهاِ ِ َّ ،
وتزودنا من حلمه َوشائ َق ،ا َ َ َ َا ََ َ أَ ْ
رسول اهللِ صلَّى اهلل عليه وسلَّم ف ذ َكرنا ذل ك ل ه ،فق ال ((:ه و ِرْز ٌق أخرج ه اهلل لك م ،فه ل مع ُك م ِم ن ِ
حلم ه َ
َ َ ُ ْ
رسول اهللِ صلَّى اهلل عليه وسلَّم منه فَأَ َكلَه )) متَّفق عليه (.)21 يء فَتُ ِطعمونا ))؟ قال :فَأَرسلنا إىل ِ ش ٍ
َْ َ
الت عريف بالراوي:
ص ْحبةَ ،ش ِهد م ع أَبِي ه بَْي َع ةَالصحايب الليل جابِر بن عب د اهلل ب ن عم رو ب ن ح رام األنص ا ِري ،ل ه وألبي ه ُ هو َّ
ول اهللِ ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم، اهد كثِ رية م ع رس ِ الع َقبة األخرية ،وكان أبوه أَحد النُّ َقباء يف الب ي ع ِة ،ش ِهد مش ِ
َ َ َْ َ َ َ َ ََ
سول اهللِ صلَّى اهلل عليه وسلَّم تِ ْس َع َع ْشَرة َغ ْزَوة.
يقولَ :غزوت مع ر ِ
َ َْ
ِ ِ ِ ِ ِ ِ
يوهو أَ َحد املكثرين ل ِروايَة احلديث عن َرس ول اهلل ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم ،وكان ت ل ه َح ْل َق ة يف املس جد النَّب ِو ا
الص حابَة اخ ر َّ املعم رين ،فه و ِم ن أو ِ
جيتَ ِمع النااس فيها ليأخذوا عن ه العِْل م ،وق د ك ان -رض ي اهلل عن ه ِ -م ن َّ
الذين ماتوا باملدينة ،تويف رضي اهلل عنه سنة مثان وسبعني ،وعاش أربعاً وتسعني سنة.)22(.
ث اللغوية:
المباح ُ
َ
األحكام والتوجيهات:
الزْه د يف ال ُّدنْيا والتَّ َقلال منه ا ،و َّ
الص ْ الك رام قائِ َم ة عل ى ُّول ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم وأص حابِه ِ الرس ِ -1حي اةُ َّ
العْيش ،أال ترى كيف يُ َوازع أبو عُبَ ْي َدة رضي اهلل عنه التَّ ْمر مترةً مترةً ،ويُ ْع ِرب جابِر وخشونَة َ على الوعُ ،
يب )).الصِ
َّ ص ُمي كما ها منص
ُّ ((: فيقول ه، رضي اهلل عنه عن قِلَّة ذلك التَّمر وع َدم كِفايتِ
ا ا َ ْ َ
الزاد ال متنَع ِمن ذلك. ِ -2احلِْرص على الِهاد يف َسبِيل اهللِ و َّ
الد ْع َوة إليه ،وأن قلَّة النَّ َف َقة أو ا
ثيم ة ،وآث ار إجيابِيَّة ،وبرَك ة عل ى املتَع اونِنيَ ،ح ا ِ ِ
-3التَّع ُاون يف أُم ور الَ ْري َمطْلَ ب َعظ يم ،ل ه مث ار َعظ َ
صحابه َر ِضي اهلل عنهم ،فَ َكثُر الرسول صلَّى اهلل عليه وسلَّم ،وطَبَّ َقه هو وأَ ْ عليه اإلسّلم ،وأَْر َشد إليه َّ
ص املس لِم عل ى التَّع ُاون يف أب واب ال ري كلِّه ا ِ ِ ِ
َخْي ُرهم ،وز َادت بَرَك ة أَْم والم ،وم ن هن ا يَْنبَغ ي أن ي ِر َ
مثرتُه.
حتصل له َ حّ ُ
-4يَ ْدعو اإلس ّلم إىل ِح ْف ظ َكر َام ة املس لِم ،ويثُّه عل ى جَْ ع امل ال ِم ن َع َم ِل يَ ِده ،وأن يتَ َع َّف ف ب ه ع ن
رسول اهلل صلَّى أن َ رضي اهلل عنه َّ السؤال ،فَريتَِفع عن م َذلَّة املسأَلَة ،روى البخاري وغريه ،عن أيب هريرة ِ ُّ
َ َ
اهلل عليه وسلَّم قال ((:والذي نَ ْف ِسي بِيَ ِده ألن يَأْ ُخ َذ أَ َح ُد ُكم َحْب لَه فَيَ ْحتَ ِطب على ظَ ْه ِره خري له ِمن أن
يأيت َر ُجّلً فَيَ ْسأَله ،أَ ْعطاه أو َمنَ َعه.)25(.
ومّلطََف ة فه ذا أَْم ر ُم ْستَ ْح َس ن، ِ األصل يف املسلِم ،ولكن إذا ك ان ُّ
ومؤانَ َس ةً ُ
الس ؤال جيل ب ُواداً وحمبَّةً ُ هذا هو ْ
وص ْحبِه.سول صلَّى اهلل عليه وسلَّم مع أيب عُبَ ْي َدة َ الر ُ بل هو َمطلوب ،ملا جيلِبه ِمن األُنْس واحملبَّة ،كما فَ َعل َّ
( )24ال َق ِديد :اللَّحم يُ ْقطَع مث ميَُلَّح وجيَفَّف يف الشَّمس .انظر تاج العروس مادة ) قد( .
( )25أخرجه البخاري يف صحيحه ،كتاب الزكاة ،باب :االستِ ْعفاف عن املسألة (.)335/3
19
ِ -5ي ا ِ
باالص طياد ،وه ذا ق ول جه ور أه ل إباح ة َمْيتَ ة البَ ْح ر ،ماتَت بِنَ ْفس ها أو ماتَت ْ دل احلَديث عل ى َ
العِْل مُ ،م ْعتَ ِم ِدين عل ى ه ذا احل ديث ،وعل ى قولِه س بحانه وتع اىل :ﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ
20
ثانياً :الثقافة اإلسالمية
21
ص َوٌر من حرص النبي صلى اهلل عليه وسلم على الدع َوة ُ
بادة اهللِ تعاىل ،وبذا أَْمَره ِ ِ
يب صلَّى اهلل عليه وسلَّم َكغَ ِْريه من األنبياء هي َد ْع َوة النااس إىل ع َ َّ ِ
إن ُمه َّمة النَّ ا
اهللِ تعاىل يف آيات كثَ َرية ،فقال :ﱡﭐ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﱠ اآلية [النَّحل.]125 :
ﱵﱷﱸﱹﱺ باع ه ،فق ال :ﱡﭐ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱶ وجع ل ال َّد ْعوة س بِيلَه ،وس بِيل أَتْ ِ
َ َ َ َ
ﱻ ﱠ اآلية [يوسف.]108 :
وج ال. اس هللِ َّ
عز َ الد ْع َوة إىل اهلل؛ بأهنا هي الطَِّريق إىل تَ ْعبِيد النا ِ
وبذا تتبَ َّني لنا أمهِّيَّة َّ
ُحكم الدع َوة إلى اهلل تعالى:
ض َع ْ ٍ ِ ِ
ني ال َّد ْع َوة إىل اهلل تعاىل فَ ْرض كفايَة ،إذا قام با َم ن يَ ْكف ي َس َقط اإلمث ع ن الب اقني ،وتك ون فَ ْر َ
ِ ِ
ب األُ ْس َرة م ثّلً ،جي ب علي ه )عين اً) أن يُْرش د أُ ْس َرتَه ل َ
لخ ْري، يف بعض األحوال ،وعل ى بع ض األش خاص ،ك َر ا
الد ْع َوة َغْي ُره ،ف ِهي و ِاجبَة عليه ) عيناً( الشر ،وكالذي ال يوجد يف مو ِضعه َشخص ِ
قادر على َّ ْ َْ َ هاهم عن َّ ا ويَْن ُ
فَضلها:
ﱡﭐ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱠ ق ال تع الى:
[فصلت.]33 : ِّ
احداً خريٌ لك ِمنوقال صلَّى اهلل عليه وسلَّم لعلي رضي اهلل عنه ((:فواهلل ألن ي ه ِدي اهلل بك رجّلً و ِ
ُ َُ َْ
()26
محُْر النَّ َعم )).
وقال أيضاًَ ((:من َدعا إىل ُهدى كان له ِمن األَ ْجر مثل أُجوِر َمن تَبِ َعه ،ال يْنقص ذلك ِم ن أُج وِرِهم
()27
شيئاً )).
()28 وقال ((:من د َّل على خ ٍري فَلَه ِمثْل أَج ِر ِ
فاعلَه )). ْ َْ َ َ
الجهر بالدع َوة:
َ -1
عن ابن عباس رضي اهلل عنهما قال :لَ اما نََزلَت:ﭐﱡﭐ ﱯ ﱰ ﱱ ﱠ [الشُّعراء.]214 :
29
( ) رواه البخاري يف مواضع ،منها :كتاب التَّفسري ،سورة تَبَّت ،ح ( ،)4971ومسلم ،كتاب اإلميان ،بابَ :من مات كافراً
ومن َح ِديث أيب هريرة مبعناه مع زيادات يف البخاري رقم ( ،)4771ومسلم رقم ( ،)204وما بَ ْع َده . ح ( ،)208وله ألفاظ ورواياتِ ،
املنادي لِيَ ْجتَ ِمعوا ويتَأَ َّهبوا له.
وقوله ((:يا صباحاه )) َكلِمة ي عتادوهنا عند وقوع أَمر ع ِظيم ،فيقولا ِ
ُ ْ َ َ َْ َ
ُّ
يحة )) للدكتور /أكرم ِ ِ
( )30جمموع من َّ
الصح َ
الس َرية النَّبويَّة َّ
صّلً كتابِّ (( : عدة أخبار وروايات ،انظر فيها ويف خترجيها ُم َف َّ
الصحابة ،للكاندهلوي ،اجمللَّد َّ
األول. يادة ينظر :كتاب حياة َّ وللز َ
ضياء العمريِّ ،)194 -193/1( ،
يب صلَّى اهلل عليه وسلَّم إىل ملوك الك افار ح (.)1774 ِ 31
( ) رواه مسلم ،كتاب الهاد ،بابُ :كتب النَّ ِّ
23
ول اهللِ إىل ِهرق لحمم د رس ِ وكان يف كتابِه إىل ِهرقْل ( قَ ْيصر ُّ
الروم ) ((:بِ ْسم اهلل ال َّرمحن ال َّرِحيمِ :م ن َّ
ِ ِ ِ
ّلم عل ى َم ن اتَّبَ ع الُدى ،اأم ا بع د ،ف ذين أَ ْدع وك بِدعايَة ْ
اإلس ّلم ،أَ ْس لَم تَ ْس لَم ،يُ ْؤت ك اهللُ َعظ يم ال ُّرومَ ،س ٌ
ذن علي ك إمث األَ ِرس يِّني )) ( ،)32ﭐﱡﭐ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ أج ْرَك َم َّرتَ ْني ،وإن تَ َولَّي ت ف َّ
َ
ﱲﱴﱵ
ﱡﱢﱣﱤﱥﱦﱧﱨﱩﱪﱫﱬﱭ ﱮﱯﱰﱱ ﱳ
ِ
األصاغر أَتْباع أن عليك إمث الضُّعفاء واألتباع إذا مل يُ ْسلِموا تَِقليداً لك؛ َّ
ألن يسيِّني :جع أ ِر ِ
يسي وهو ال َف اّلح ،واملراد َّ األر ِ
(َِ )32
األكابِر.
( )33رواه مسلم ،كتاب ال َفضائل ،بابَ :سخائِه صلَّى اهلل عليه وسلَّم ،ح (.)2312
34
السابق (.)2313 ( ) رواه مسلم ،املوضع ا
24
اجر املس لِم،
ميك ن أن يق وم بِه ِم ن ص ور ال َّدعوة إىل اهلل ُك ّلً ماا يل ي :التا ِ
َُ َ
س :6ب ِّني أخ ص م ا ِ
َ ا
الكاتِبِ ،
العامل.
تقوم با. ِ س َ :7عدِّد ثّلث صوٍر َّ
للدعوة إىل اهلل ميكن أن َ
25
وحق الرسول صلى اهلل عليه وسلم
َحق اهلل تعالى َ
أولاَ :حق اهلل تعالى:
كل
أن ا ضر َعظَ َمة اهللِ ،وأنَّه خالِقنا ورازقنا ،و َّ نتحدث عن حق اهللِ تعاىل علينا ،ال ب اد أن نَستَح ِ
ْ ْ ا عندما َّ
ش يء بِي ِده ،وك ل خ ري وعطَاء فه و من ه ،وك ل نِعم ٍة فه و املم ت ب ا ،فكلُّن ا يف ِ
احلقي َق ة ِم ْل ك ل ه ،فق راء إلي ه، َا ا َْ َ ا َ
فح ُّقه ِ ِ وعَرفْنا َّ ِ
حقه علينا رمحةً بنا ،من غري احتياج منه لناَ ، دودهَ ، وح اد ُح َ
ضهَ ، غىن عنه ،افتَ َرض فَرائ َ ليس بنا ً
القيام به ،فَ ِمن ذلك: علينا أَعظَم حق ِجتب مع ِرفَته ،وي ْلزم ِ
َْ ُ َ َ ْ َا
ض َّمن ذل ك أَيْض اً اإلمي ان بأمسائِه الممي ،ويتَ َ المحي ي ُ -1اإليم ان ب ُربوبيت ه ،وأن ه الخ الق ال رازقُ ،
يف وال متثِ ٍيل.وصفاتِه على الو ْجه الذي يلِيق بَّللِه ِمن غري تَأْ ِويٍل وال تَ ْع ِط ٍيل ،وال تَ ْكيِ ٍ ِ
َ
لوهيَّةِ ،
وحي ُد األُ ِداخلَة يف معناها ،وه ي :تَ ِ احلقوق ِ
ِ بادة :وهي أَ ْعظَم َحق هللِ تعاىل ،بل ُّ
وه ي َ كل -2الع َ
س ،ق ال تع اىل :ﱡﭐ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨﭐﱠ [ال اذاريات: الغايَة ِم ن َخ ْل ق الِ ان واإلنْ ِ
باد أن يَ ْعبُدوهُ وال يُ ْش ِركوا به َشْيئاً ))(.)35 ،]56وقال صلَّى اهلل عليه وسلَّم ((:ح ُّق اهللِ على العِ ِ
َ
ضوع.بادة في اللغَة :التَّ َذلُّل والُ ُ والع َ
الباطنة والظا ِ
اهَرة (.)36 مال ِ َ جام ٌع ل ُك ِّل ما يبُّه اهللُ ويَ ْرضاهِ ،من األقْو ِال و ْ
األع ِ الشرع :اسم ِ
ٌ ويف َّ ْ
بادةِ "(.)37 ِ ِ
فالدين كلُّه داخ ٌل يف الع َ قال ابن تيميَّةِّ ":
( )35رواه البخاري ،كتاب الهاد ،باب :اسم الفرس واحلمار ( ،)85/6ح ( ،)2856ومسلم يف اإلميان ،باب :الدَّلِيل على أ ان
َّوحيد دخل النَّة ( ،)85/1ح (.)30 من مات على الت ِ
َ
ِ 36
( ) العبوديَّة ،البن تيميَّة (ص . (38
(ِ )37
العبوديَّة (ص .)43
26
الم َحبة:
َ
ِ
ص ح إمي ا ُن العب د اإال ب ا ،وال تَس تَقيم نَ ْفس ه اإال بِس ِ
ِ ِ
لوك ُ ُ ْ َْ اب وأَْرجاه ا وأنَ ْف َعه ا ،ف ّل يَ ا
وحمبَّة اهلل أَْرفَع احمل ا
ﱡﭐ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱸ
ﱷﱹﱺﱻ طَ ِر ِيقه ا ،ق ال تَع اىل:
ﱼ ﱽ ﱠ [البقرة.]165 :
ّلوة اإلمي ان :أن يك ون اهللُ ورس ولُه ِ وق ال ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم ((:ثَ ٌ
ّلث َم ن ُك َّن في ه َو َج د ب ان َح َ
()38
امها .)) ... ب إليه ماا ِسو ُ أح ا َ
رض يهُ ،مقا ِرف اً لِم ا
رض ي ربَّه ،فَم ن ك ان جمانب اً مل ا ي ِ
ُ َ َ
احبها لِلعم ل مب ا ي ِ
ُ ََ
احملبَّة احل ِق ِيقيَّة :هي اليت تَ ْدفَع ص ِ
َ
ِ ِ ِ ِ
نفس ه ،وليُ َف تِّش قلبَ ه،
فلرياج ع َ ب له يف احلقيق ة ،ب ل ه و ُم َّد ٍع ك اذب ،أو غ ري جاه لُ ، يُ ْسخطه ،فليس مبح ا
عّلم ة ِص ْدق ه ذه احملبَّة :االتِّب اع ،كم ا يف قولِه تع اىل:ﭐﱡﭐ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱠﭐ [آل ذن َ ف َّ
عمران.]31 :
وم ْغ ِف رة ذُنوبِه ،كم ا يف قول ه تع اىل :ﱡﭐ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱠ ِ
ومثرهت ا :حمبَّة اهلل تع اىل للعب دَ َ ،
[آل عمران.]31 :
فارقَة ِ ِ ِّ ِ ِ ِ ِ
وم َّلوة الق رآن ،وجمالس ة ال اذاكرينُ ، اع ة ،واست ْش عار املعيَّة ال ادائ َم ة ،وَكثْ َرة ال ذ ْكر ،وت َ َوسائل تَقويَته ا :الطا َ
ضُّرع ،واستِ ْشعار نِ َع ِمه وآالئِه ،والتَّ َف ُّكر يف خملوقاتِه. الغافِلِني ،وَكثْ َرة ُّ
الدعاء والتَّ َ
طاعتِه وتَ ْرِك خمالََفتِه (.)39 ِ قال احلافظ ابن حجر رمحه اهلل تعاىل :وحمبَّة ِ ِ
حتصل بِف ْعل َ العْبد هلل ُ َ
الخوف: َ
ِ ِ ِ
ول يس الَ ْوف َكل َم ة تُق ال باللِّس ان ،ب ل ه و ُش عور يف ال َق ْل ب ،جيع ل ص احبَه َح ذراً ماا َيافُهَ ،
فم ن
ِ ِ
وم ن
ض ب اهلل علي هَ ، خ اف اهللَ اتَّق اه ،ف املؤمن َي اف اهللَ وَيش اه ،وَي اف َعذاب ه ،فه و ي َذر ماا يُ َس بِّب َغ َ
اف اليَ وم أَِم ن َغ داً ،ق ال تع اىل:ﭐﱡﭐ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱠ اآلي ة [ال َّرمحن ،]46 :وق ال:ﱡﭐ ﲲ خ َ
ﲳ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ ﱠ [الناازعات.]41- 40 :
()40
وخ ْشيَةً ،واملنافِ ُق َجَع إساءَ ًة وأَْمناً.
إحساناً َ
قال احلسن البصري رمحه اهللِ َّ :
إن املؤمن َجَع ْ َ َ
الرجاء (. )37/2وانظر :شرح الطَّحاوية ،عند قول الطَّحاوي ":ونرجو لِلمح ِسنِني ِمن ِ
املؤمنِني أن السالكني ،منزلة َّ
41
ُ ُْ ( ) مدارج ا
يَ ْع ُفو عنهم( ) .. .ص .)312-306
28
باده:ﭐﱡﭐ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ ﱠ اآلية [اإلسراء.]57 : ض ِع ِ صِ
ف بَ ْع ِ وقال تعاىل يف َو ْ
وقال صلَّى اهلل عليه وسلَّم ((:لو يَ ْعلَم الكافِر بِ ُك ال الذي عند اهللِ ِمن َّ
الر ْمحَة مل يَْيأَس ِم ن النَّة ،ول و يَ ْعلَ م
العذاب مل يَأْ َمن ِمن الناا ِر )) (.)42 ِِ ِ
املسلم بِ ُك ال الذي عند اهلل من َ
الشكر:
ق د أََم ر اهللُ تع اىل بِ ُش ْك ِره ،وهن ى ع ن ِض ِّده ،فق ال:ﭐﱡﭐ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼ ﱠ اآلي ة [البق رة:
ب ،واللِّسان ،والوا ِرح. الش ْكر و ِاجب بِال َق ْل ِجمرد النُّطْق بِاللِّسان ،بل ُّ الش ْكر َّ ،]152وليس ُّ
ان َعْب ِده بالثَّن ِاء واالع ِِتاف ،وعل ى قَ ْلبِ ه باحملبَّة وحنوه ا ،وعل ى الش ْكر :ظُه ور أَثَر نِعم ة اهللِ عل ى لِس ِ
َْ فح ِقي َق ة َُّ
ِ
ﳀ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅ ﱠ اآلي ة [س بأ: ﳁ اع ة ،ق ال تع اىل:ﭐﱡﭐ ﲽ ﲾ ﲿ َجوا ِرح ه باالنقي اد والطا َ
.]13
وحباه ل ه، اع د :خض وع ا ِ ِ الشكر مب ِين عل ى خَْ س قَو ِ
لم ْش كورُ ، الش اكر ل َ ُ قال ابن القيِّم رمحه اهلل تعاىل :و ُّ َ ْ ا
ناؤه عليه با ،وأن ال يَ ْستَ ْع ِملها فيما يَ ْكَره (.)43 اعِتافُه بِنِ َع ِمه ،وثَ ُ
و ِ
الرسول صلَّى اهلل عليه وسلَّم حني نَتَ َح َّدث عن َح ِّق املصطفى صلَّى اهلل عليه وسلَّم فذنَّن ا ثانياً َ :ح اق َّ
احب املن ِزلَة ص كس ائِر الب َش ر ،ب ل ه و أَفْض ل م ن خلَ َق ه اهلل ،وه و املب لِّ غ ع ن اهللِ ،وص ِ ال نَتَ َح َّدث عن َش ْخ ٍ
َ ُ َ َ َ َ
كل و بابه، إال
ا ةَّ
ن ال إىل اب و األب يع الرفِيعة واملقام احملمود ( ،)44هو سيِّد ولَد آدم ،وهو الذي بِبِعثَتِه س َّدت َِ
ج
ا ْ ُ َ َ َ َّ َ
ِ املوصلَة إىل اهللِ اإال طَ ِري َقه ،فَمن اتَّبَ َعه اهتَدىَّ َ ، الطُّرق ِ
وقض ال و َغ َوى ،فَلَ ه علين ا حق ٌ ب عن طَ ِريقه َ ومن تَنَك َ َ
تَ ْلَزم ُمراعاهتا ،منها:
(.)2755
السالكنيَ ،من ِزلَة الشُّكر (.)254/2
( ) مدارج ا
43
للقاضي عياض بن موسى اليَحصيب رمحه اهلل تعاىل. َّوسع انظر :الشِّفا بتعريف حقوق املصطفىِ ، * للت ُّ
يب ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم ،انظ ر تفس ري اآلي ة ِ 79م ن س ورة اإلس راء تفس ري الطَّ ي، ( )44املق ام احملم ود ه و َّ
الش فاعة الك ى للنَّ ِّ
الرقاق ،بابِ :ص َفة النَّة والناارَ ،شرح
وتفسري ابن كثري ،وفتح الباري شرح احلديث رقم ( ،)614و( ،)4719 ،4718و( ،)6558يف ا
احلديث احلادي عشر ،وهو أوسع املواضع.
29
وسراجاً سول ِمن عند اهللِ تعاىل أرسلَه اهلل تعاىل لِلبشر كافَّةً نَ ِذيراً وب ِشرياً ِ
وهادياً إىل اهللِ ِ -1اإلميان بأنَّه َر ٌ
َ ََ َ ُ
الس ّلم ق ال تع اىل :ﱡﭐ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ُمنِ رياً ،وأنَّه خ ام األنبِي اء عل يهم َّ
الص ّلة و َّ
ﱪ ﱫ ﱠ [آل عمران.]144 :
ﳁﳃﳄﳅ
ﳂ تعاىل:ﭐﱡﭐ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ وقال -2
ﳆ ﳇ ﱠ [األحزاب.]40 :
ِ ِ ِ
-3حمبَّته ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم :فم ن َح اق ه ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم علين ا أن ُحنبَّه أكثَر ماا حن ا
ب أَنْ ُف َس نا،
ين اهللِ تع اىل ب ه ،نَ ْش عُر ب ا داخ ل قُلوبِن ا، ِ ِ ِ ِ
ض ّلً ع ن آبائن ا ،و َّأمهاتن ا ،وأوالدن ا ،وه ذه احملبَّة دي ن نَد ُ فَ ْ
آثارها يف ُسلوكنا.
ونرى َ
حّ أكو َن رسول اهلل صلَّى اهلل عليه وسلَّم ":ال يُ ْؤِمن أَ َح ُد ُكم َّ عن أنس -رضي اهلل عنه -قال :قال ُ
وولَ ِده ،والنااس أجَعِني "(.)45 ِ ِِ
ب إليه من والدهَ ، أح اَ
آخ ٌذ بِيَد عُ َمر بنوعن عبد اهلل بن هشام رضي اهلل عنه قال :كناا مع النَّيب صلَّى اهلل عليه وسلَّم وهو ِ
ا
ِ ِ ٍ ِ الطااب رضي اهلل عنه ،فقال له عمر :يا رس َ ِ
إيل م ن ك ال ش يء اإال م ن نفس ي ،فق ال ب َّ ت أَ َح ا ول اهلل ،ألَن َ
ب إلي ك ِم ن نَ ْف ِس ك ،فق ال ل ه عم ر : حّ أك و َن أَ َح ا يب صلَّى اهلل عليه وسلَّم ((:ال والذي نَ ْف ِسي بِيَ ِدهَّ ، النَّ ا
()46
يب صلَّى اهللُ عليه وسلَّم ((:اآلن يا عُ َمر )). فذنَّه اآل َن واهللِ ألَنْت أَحب َّ ِ ِ
إيل من نَ ْفسي )) ،فقال النَّ ُّ َ َ ا
الس بَب ال ذي ألجلِ ه ك ان ت َّ ت ذلك َعَرفْ َ الصادقون ،وأنت إذا تَأََّم ْل َ
وهذه مْن ِزلَة ع ِظيمة ال ي ب لُغها اإال ِ
ا َ َ َ َْ
املهلِك ات يف ال ُّدنيا ِ ِ
الس بَب يف ن اة نَ ْفس ك م ن ْ رسول اهلل صلَّى اهلل عليه وسلَّم بذه املثابة ،وذل ك أنَّه ه و َّ ُ
()47 و ِ
اآلخَرة.
الع ِظيم، ِ
أوصلَه لنا من الَْري َ الرسول صلَّى اهلل عليه وسلَّم و َ احملبَّة :استِ ْشعار ما َّ
قد َمه َّ ِ
وسبيل تَ ْنمية هذه َ
ِ ِ ومتابَ َعته ،واالقْتِداء به ،وَكثْرة ِذ ْك ِره ،و َّ
وإدمان املطالَع ة يف الصّلة عليه ،واالستِ ْشهاد بأقواله وأفعالهْ ، وطاعتهُ ،
َ
فم ن ال يع ِرف عن ه اإال امسَه كي ف يبُّه ؟! واملطالَع ة يف ِس رية أص حابِه ،وكي ف كان ت حمبَّتَهم ل ه، س ريتهَ ،
ِ
يادةِ حمبَّتِه. ِ ِ ِ
الوسائل ل ِز َعاملَتُهم معه ،وهذه من أَ ْح َسن َ وم َُ
-4طاعتُه واتباعه:
) 47ينظر :فتح الباري ( ،)528/11يف اإلميان والنُّذور ،باب ( ،)59/1( ،)3شرح حديث رقم (.)15
30
اجتِناب هنيه ،فأَ ْم ُره ونَ ْهيه ُح َّج ة عل ى ك ال َم ن بَلَغَ ه ذل ك ،ال جي وز ل ه التَّ ُّ
أخر طاعتُه :امتِ ُ
ثال أَْم ِره ،و ْ فَ َ
وال التَّ واين ع ن االس تِجابَة ل ه ،ق ال تع اىل :ﭐﱡﭐ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ
ﲲ ﱠ [األنفال.]24 :
ومن اتباعه :االقتِداء به يف ِعبادتِه ،وسلوكِه ،ويف ك ل عملِ ه ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم ،ماا ه و ِ
داخ ٌل يف ا ََ ُ َ
جمال يُ َقِّرب إىل اهللِ تعاىل،
فالرسول صلَّى اهلل عليه وسلَّم قُ ْدوة لنا يف كل ٍ بَّ ، ِ
ا َ املستَ َح ا
ُح ْكم الواجب و ْ
ق ال تع اىل :ﱡﭐ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅ ﳆ ﳇ ﳈ ﳉ ﳊ ﳋ ﳌ ﳍ
ﳎ ﱠ [األحزاب.]21 :
أحس ِن م ا تَرى يف ِ ِ ِ َّ بم ِع أَ ْح وال النَّ ِّ َّ ِ
يب ص لى اهلل علي ه وس لم وأوص افه وأَ ْخّلق ه ،وم ن َ وقد اهتَ َّم األئ َّمة ْ
هذا كتاب (:زاد املعاد يف َه ْدي خري العِباد ( لِ ا
لعّلمة ابن القيِّم رمحه اهلل تعاىل.
الصالة والسالم عليه: -5
ﱧﱩﱪ ﱫﱬﱭ
ﱨ ﱡﭐ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ يق ول س بحانه وتع اىل:
ومش روعة يف َمواض ع كث رية، ِ
الص ّلة ،وعن د ذ ْك ِرهَ ، ﱮ ﱯ ﱠ [األح زاب ،]56 :وه ي و ِاجب ة يف َّ
ب اإلكثار منها يوم المعة. س ،وبعد األذان ،ويُ ْستَ َح ا كل َْجملِ ٍ
الصباح ،واملساء ،ويف ا
منها :يف َّ
اح َد ًة صلَّى اهللُ عليه َع ْشراً )) (.)48ضلِها قال صلَّى اهلل عليه وسلَّم (( :من صلَّى علَي صّل ًة و ِ ويف فَ ْ
َ َّ َ
ِ ِ ِ
ص ِّل َعلَ َّي )) (.)49
عنده فَلَم يُ َ
ت َ ويف ذَ ام تا ِركها قال صلَّى اهلل عليه وسلَّم (( :البَخيل َمن ذُك ْر ُ
-6نَشر ُسنته صلى اهلل عليه وسلم والذب عنها ،والدع َوة إليها:
وهذا ِمن حقوقِه صلَّى اهلل عليه وسلَّم الع ِظيمة؛ إذ إ َّن ه ْديه وسنَّتَه املص َدر الثاين لِلتَّ ْش ِريع اإلس ِ
ّلمي، ْ َ َ ُ َ َ ُ
وب ا َك ُم ل ال ِّدين ،وأمت ت النِّ ْع َم ة ،وبِنَ ْش ِرها يَْنتَ ِش ر ال ِّدين يف األرض ،ويَعُ ام ال ري ويَْن َد ِحر َّ
الش ر وأَ ْهل ه ق ال
حامل فِ ْقه إىل َم ن ه و أَفْ َق ه من ه،
ب ِ ضر اهللُ امرأً مسع َمقالَِيت فَ َح َملَها إىل غ ِريه فَ ُر َّ
صلَّى اهلل عليه وسلَّم (( :نَ َّ
َّيب صلَّى اهلل عليه وسلَّم ( ،)306/1ح (.)408 الصّلة على الن ِّ )48رواه مسلم ،كتاب َّ
الصّلة ،بابَّ :
َّيب صلَّى اهلل عليه وسلَّمَ :ر ِغم أَنْف َر ُجل ( ،)515/5ح ( ،)3546وأمحد الِتمذي ،كتاب الدَّعوات ،باب :قول الن ِّ )49رواه ِّ
( ،)201/1والنَّسائي يف (( :عمل اليوم والليلَّة )) (.)56
صر عن َد َر َجة احلَ َسن كما يف فتح الباري
وصححه ابن حباان ( ،)190 – 189/3ورواه غريهم ،وقال احلافظ ابن حجر :ال يَ ْق ُ َّ
السخاوي يف القول البديع (ص ":)142وبالملَة َّيب صلَّى اهلل عليه وسلَّم .قال َّالصّلة على الن ِّ
( ،)168/11كتاب الدَّعوات ،بابَّ :
صر احلَ ِديث عن َد َر َجة احلُ ْسن ".
فّل يَ ْق ُ
31
يحة ألئِ َّم ة ِ ِ ِ ور َّ ِ ِ
ب حام ل ف ْق ه ل يس بَِفقي ه ،ثَّلث ال يغ ل عل ي ِه ان قَ ْل ب ُم ْس لم :إخ ّلص َ
الع َم ل هلل ،والنَّص َ ُ
املسلِ ِمني ،ولزوم الماعة )) احلديث .
()50
فض ل نَ ْش ر العِل م يف (،)438/3) أخرجه اإلمام أمحد يف مس نده يف ( ،)183/5وأب و داود يف س ننه يف كت اب العل م ،ب ابْ :
50
صلَه ِ
السماع يف ( ،)33/5واحلديث صحيح مبجموع طُرق ،وقد أ َْو َ ث على تبليغ َّ والِتمذي يف سننه يف كتاب العلم ،باب :ما جاء يف احلَ ا
ضهم إىل َح اد التَّواتُر .
بَ ْع ُ
51
الصارم املسلول ،البن تيميَّة (ص )567وما بعدها .) انظر :ا
َّخ ذاً َخلِ يّلً ( ،)21/7رق م
الص حابة ،ب اب :ق ول النَّيب ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم :ل و ُكن ت مت ِ
ُ ا ) 50رواه البخ اري ،كت اب فَض ائل َّ
(.)3673
32
ال ُقرآ ُن ال َكريم َخصائصه وحقوقُه
عندما نتَ َح َّدث عن الق رآن ،ف ّل ب َّد أن نَ ْستَ ْش عِر أنَّه ل يس َك ّلم بَ َش ر ،ب ل ه و َك ّلم اهلل ،املن َّزل عل ى
أعجز البَ َشر أن يأتوا مبثلِ ه ،ب ل وال بِ ُس َورة م ن ِمثْلِ ه ،أُن ِزل
ّلوته ،الذي َ
حممد صلَّى اهلل عليه وسلَّم ،املتعبَّد بِتِ ِ
َ َّ
صرنا ،وإن َّفرطْنا فيه ُخ ِذلنا متس ْكنا به ه ِدينا ونُ ِ
ُ وجم ِدنا ،إن َّ
وسبِيل ِرفْ َعتِنا ْ
عزناَ ،ليكون ِمْنهاج َحياتنا ،وطَ ِريق ِّ
وه ِزمنا.ُ
َخصائص ال ُقرآن:
لِلقرآن َخصائِص َكثِ َرية ،منها:
ألن اهلل تع اىل ت وَّىل ِح ْفظَه
ادة والنقص ان ،وذل ك َّ -1أن ه َمحف و م ن التحري ف والض ياع ،والزي َ
بِنَ ْف ِس ه ،فق ال تع اىل:ﭐﱡﭐ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﱠ [احلج ر ،]9 :فهياأ ل ه أس باباً
للحفظ ،منها: ِ
)أ ( األَُّم ة املعت َادة عل ى احلف ظ ،فق د ك ان احلف ظ َمعروف اً يف الع رب ،فه م يفظ ون ال َقص ائد الطِّوال
مرة ،ويفظون الُطَب الطَّ ِويلَة كذلك. ألول َّ
حني يسمعوهنا َّ
ِ ِ
دارسونه ،ويكتبونه )ب ( هياأ له علماء ُح افاظاً جمتهدين يف ح ْفظه ،ويُعلِّمونَه أَ َ
والدهم وتَّلمي َذهم ،ويتَ َ
الصحابَة رضي اهلل صلَة ،ولذلك ِجتد أئِ َّمة ال ُقاراء َكثِريِ ،من َع ْهد َّ األول باألسانيد املتا ِ ويَْنقله اآلخر عن َّ
.
ص ِرنا هذا ومن بَ ْع َدهم إىل َع ْ
عنهم َ
)ج) جعلَه سهّلً مي َّسراً لِ ِ
لح ْفظ. َ َ َ ْ َُ
أح داً ِم ن املنتَ ِم ني
وأنت ترى ح افاظ القرآن الكرمي يف العامل باآلالف بل أكث ر ،يف ح ني أنَّك ال ت رى َ
املقدس ِعْن َد ُهم.
ألديان األُ ْخرى ي َفظ الكتاب َّ ِ
ل ْ
ألص حابا ،كم ا ق ال تع اىل:ﭐﱡ ﱿ الس ابَِقة ،ب ل َوَكلَه ا ْ ِ
ظ ال ُكتُب ا ول اهللُ تع اىل ِح ْف َ ومل يَتَ َّ
ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﱠ [املائدة.]44 :
من الح َكم في حفظ القرآن الكريم:
اعة. ِ ٍ ِ ِ ِ )أ ( أنَّه َّ
الس َ
آخر كتاب يمل آخر رسالَة تَ ْبقى إىل قيام ا
33
ول ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم ،فه و ُم ْع ِج َزة باقِيَ ة لِألَ ْجي ال ،ق ال ص لَّى اهللاملعج زة ال ُك ى لِ َّلرس ِ
)ب ( أنَّه ِ
يب اإال أ ُْع ِط ي ِم ن اآلي ات م ا ِمثْ لُه َآم ن علي ه البَ َش ر ،وإمن ا ك ان ال ذي أُوتِيت ه ِ َّ
عليه وسلم (( :ما من األنبياء ن ا
ِ
إيل ،فأرجو أن أكون أكثَرهم تابِعاً َ َو ْحياً أَْوحاه اهلل ا
()53
يامة )).
يوم الق َ
والم َهيمن عليها: -2أنه خاتَم الكتب السماوية ُ
ق ال تع اىل :ﱡﭐ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱠﭐ
وشاهد وح اكِم عليه ا ،فم ا وافَ َق ه ماا فيه ا فه و َح اق، شامل ملا فيها وزائِد عليها ِ [املائدة ،]48 :واملعىن أنَّه ِ
الش رائِع ،وع ٍال عليه ا ِ ِ ِ باط ل باعتِب اره َّوما خالََفه فه و إم ا مْنس و أو ِ
ص ول َّ حمرف اً ،وه و ح افظ لم ا فيه ا م ن أُ ُ ا َ
()54
السما ِويَّة وخامتها.
أكمل الكتُب َّ ِ ِ ِ
وغالب ،وناسخ لغَ ْري احمل َكم فيها ،فهو َ
إعجازه والت َحدي به:
ُ -3
ق ال تع اىل :ﱡﭐ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ
ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱠ [اإلسراء.]88 :
سنَة:
-4أن ب ُكل َحرف منه َح َ
عن ابن مسعود رضي اهلل عنه ،قال :قال رسول اهلل صلَّى اهلل عليه وسلَّم َ ((:من َقرأ َح ْرفاً ِمن كتاب
ِ ِ
يم
والم ح رف ،وم ٌ ف ح رفٌ ، اهلل فله به َح َسنَة ،واحلَ َسنَة بِ َع ْشر أمثالا ،ال أقول (( :أمل )) َح ْرف ،ولك ن أَل ٌ
َح ْرف )) (.)55
ِ ِ ِ
رية ،ق ال تع اىل:ﭐﱡﭐ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ وسهولَته ،فَح ْفظُه َس ْه ٌل ،وقراءَتُه َس ْهلَةٌ يَس َ -5تَ يسيره ُ
ﲓ ﲔ ﱠ [القمر.]22 :
ِ ِ
وعظَ َمة أُسلوبه فهو يُوِرد املعاين ال َكبِ َرية بعبارات ُم َ
وجَزة. َ -6جال نَظْمه وبَّل َغتُهَ ،
ّلوته وتَ ِرديده. ِ ِ
َ -7ع َدم امللَل من تكرار ت َ
َهجر ال ُقرآن:
الو ْحي ،و َّأول ما نزل ( )4981ورواه مسلم ،كتاب اإلميان ،باب: ) 53رواه البخاري ،كتاب فضائل القرآن ،باب :كيف نزل َ
حممد صلَّى اهلل عليه وسلَّم ونَ ْسخ امللَل مبلَّتِه ( ،)134/1رقم (.)125
َّيب َّ
وجوب اإلميان برسالة الن ِّ
السعدي. ) 54ينظر عن تفسري اآلية املذكورة :تفسري ابن كثري ،وتفسري الشَّوكاين ،و َّ
يمن ق رأ حرف اً ِم ن الق رآن م ا ل ه ِم ن األج ر .ح ديث رق م (، )2910 ِ
) 55رواه الِتمذي ،كتاب فضائل القرآن ،باب :م ا ج اء ف َ
وقالَ ":ح ِديث َح َسن صحيح ".
34
ول اهلل ذن َعلَْين ا أن نَ ْع ِرف مع ىن َه ْج ِره ،لِنَ ْح َذ َره ونتَنِبَ ه ،ف َّ
ذن رس َ وقبل أن نتَع َّرف عل ى ح ِّق الق رآن ال َك رمي ،ف َّ
ك ر اهللُ تع اىل عن ه :ﱡﭐ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ِ ِ ِ ِ
ق د ا ْش تَكى إىل َربِّ ه م ن َه ْج ر قَ ْوم ه للق رآن ،فق ال فيم ا ذَ َ َ
ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯﱠ ﭐ ﭐ[الفرقان.]30 :
القرآن أَنْواع ( ،)56منها:وهجر ِ
َْ
ص ِد ِيق ما فيه. ِ
َ -1ه ْج ُر اإلميان بِه وتَ ْ
اإلصغاء عليه. ِ
َ -2ه ْج ُر َمساعه و ْ
وحر ِامه. ِ
الوقوف عند َحّلله َ الع َمل به و َُ -3ه ْجر َ
الدين وفُروعه.يمه والتَّحا ُكم إليه يف أُصول ِّ -4هجر ِ
حتك ِ
َْ
َ -5ه ْجره تَ َدباره وفَ ْهمه.
َ -6ه ْجر االستِ ْشفاء والتَّدا ِوي به.
َ -7ه ْجر قِراءَتِه والعُدول عنه إىل غ ِريه ِمن ِش ْعر ،أَو قَ ْول أو ِغناء.
من َحق ال ُقرآن:
املنزل على رسولِه ،واإلميان بأنَّه حمفوظ ال يتَطََّرق إليك
وبكل ما جاء فيه ،وأنَّه كّلم اهلل َّ
-1اإلميان به ،ا
ك يف ذلك ،قال تعاىل :ﱡﭐ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ أدىن َش ا
ﱺﱼﱽﱾﱿﲀﲁﲂﲃ
ﱵﱶﱷﱸﱹ ﱻ
كان اإلميان كما يف حديث ِج يل عليه ﲄ ﲅ ﲆ ﲇﱠ [النِّساء ،]136 :واإلميا ُن به ِمن أر ِ
السّلم (.)57
َّ
-2قِراءته ِ
وح ْفظُه: َ
القيام ِة َش ِفيعاً ألصحابِه )) .
()58
اقرءوا القرآ َن فذنَّه يأيت يوم َ
قال َ ((:
ذن مْن ِزلَتِ ك عن د ِ ِ
آخ ر وقال أيضاً ((:يُق ال لص احب الق رآن :اقْ ِرأ و ْارتَق َورتِّل كم ا كن ت تَُرتِّل يف ال ُّدنيا ،ف َّ َ
آيٍَة تَ ْقَرؤها )) (.)59
) 56انظر :الفوائد ،البن القيم (ص ،)82وتفسري ابن كثري آية ِ 30من سورة الفرقان.
) 57رواه مسلم ،كتاب اإلميان ،باب :بَيان اإلميان واإلسّلم واإلحسان (.)8
ضل قِراءَة القرآن وسورة البقرة ح (.)804
) رواه مسلم ،كتاب صّلة املسافرين ،باب :فَ ْ
58
35
فق ال:ﭐﱡﭐ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱠ وينبغ ي أن يَُرتِّ ل الق ا ِرئ وجي ِّوَده كم ا أم ر اهلل تع اىل ب ذلك،
[املزمل.]4 :
ا
وم اي يَْتلو فيه كتاب اهلل تعاىل ،حّ َيتِ َمه ،ولِيَ ْح ِرص أن َيتِ َم ه ك ال َش ْهر وينبغي أن يكون لِلمسلِم ِورٌد ي ِ
ْ َ ُ
ِ ِ
َمَّرة أو أكثَر ( ،)60وال يَْن َشغل عن قراءَته مبا ال يَْن َفع.
اص فاً ﭐالق رآ َن :ﭐﱡﭐ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ وليح ِرص املسلِم على ِح ْف ِظه أو ِح ْف ظ م ا تَي َّس ر من ه ،ق ال تع اىل و ِ
َ َْ
ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﱠ [العنكبوت ،]49 :فوصف احل افاظ بأهنم ِمن أهل العلمِ ،
وح ْفظ ه ُس نَّة
ومن بَ ْع َدهم إىل يَ ْوِمنا هذا. الصحابة والتاابعنيَ ، الدينِ ،من َّ أَئِ َّمة ِّ
ذن ذل ك أعظَ م وده ،و َذهاب ه وإياب ه ،ف َّ يام ه وقع ِ رآن يف قِ ِ
وليح ِرص املس لِم عل ى تَرِدي د م ا ح ِف ظ ِم ن الق ِ
َ ْ َْ
ألَ ْج ِره ،وأكثَر حلسناتِه ،قال ((:ال َح َس د اإال يف اثنت نيَ :ر ُج ل َعلَّ َم ه اهللُ ال ُق رآ َن ،فه و يَْتل وه آن اء اللي ل
وآناء النهار.)61( ))...
وينبغ ي للح افِظ مراجعت ه وتَع ِ
عاه دوا الق رآ َن ،فوال ذي نَ ْف س اه د قراءَت ه ح ّ ال يتَ َفلَّ ت من ه ،ق ال ((:تَ َ ُ ُ َ ََ
حممد بِيَ ِده لو أَ َش اد تَ َفلُّتاً ِمن اإلبل يف َع ْقلِها )) (.)62
َّ
والعُ ُقل :جع ِعقال ،وهو ما يَ ْربِط بِه البَعِري.
الع َمل به:
َ -3
[الزمر.]55 :
ﲽ ﲾ ﲿ ﱠﭐ ُّ ﱡﭐ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼ قال تعاىل:
وقال:ﭐﱡﭐ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﱠ [األنعام.]155 :
وقد كان رسول اهلل وأصحابه َّأول من يعمل بالقرآن ،سئِلَت عائش ة رض ي اهلل عنه ا ع ن خلُق رس ِ
ول ُ َ ُ َ
يب اهللِ كان القرآن .
()63 ِ َّ
ت تَ ْقَرأ القرآ َن ؟ قال :بلى ،قالت :فذن ُخلُ َق نَ ا
اهلل فقالت ِ
للسائل :ألَ ْس َ
ا
القراءَة ح ( ،)1464والِتمذي ،كتاب فضائل الق رآن ،ب اب :رق م الِتتيل يف ِ ) 59رواه أبو داود ،كتاب الصّلة ،باب :استِحباب َّ
الِتِمذيَ ":ح َسن ص حيح " ،ورواه أمح د ( ،)192/2وص َّححه اب ن حباان ،واحل اكم ،ووافَ َق ه ال َّذهيب ،ينظ ر: ( ،)18ح ( ،)2914وقال ِّ
املستدرك (.)552/1
َ
ِ
ضل م ن ِ ِ 60
نيب اهلل! إين أُطيق أَفْ َ
كل َش ْهر )) قال قلت :يا َّ َّيب لعبد اهلل بن عمرو بن العاص ((:واقرأ ال ُقرآ َن يف ا ) والدَّليل قول الن ا
ض ل ِم ن ذل ك ،ق ال ((:ف اقرأ يف ك ال َس ْبع ،وال تَ ِزد عل ى ذل ك )). ِ ِ
يب اهلل إين أُطي ق أَفْ َ ذلك ،قال :فاقرأ يف ِ ِ
كل ع ْشرين )) ،قال :قلت :يا نَ اا
َّهر ،)318/2( ، ...ح (.)182 الصيام ،باب :النَّهي عن صوم الد ْرواه مسلم كتاب ِّ
صاحب القرآن ح (.)5026 ) 61رواه البخاري ،كتاب فضائل القرآن ،باب :ا ْغتِباط ِ
) 62رواه البخ اري ،كت اب فض ائل الق رآن ،ب اب :اس تِذْكار الق رآن وتَعاه ده ح ( ،)5033ورواه مس لم ،كت اب ص ّلة املس افرين،
باب :فَضائل القرآن ،ح (.)791
36
الع َم ل بِ َّن ِ ٍ قال ابن مسعود :كان َّ ِ
الرجل مناا إذا تَ َعلَّم َع ْشر آيات مل جيا ِوْزُه ان حّ يَ ْع ِرف َمعاني ِه ان ،و َ
(.)64
الس لمي (عب د اهلل ب ن َحبِي ب)َ :ح َّدثَنا ال ذين ك انوا يُ ْق ِرئونَن ا :أهن م ك انوا يَ ْس تَقرؤون
وق ال أب و عب د ال َّرمحن ُّ
فتعلَّ ْمن ا الق رآ َن ِ ِ ِ
يب ،فك انوا إذا تعلَّم وا عش ر آي ات مل َيلفوه ا ح َّّ يَ ْع َمل وا مب ا فيه ا م ن العم لَ ، م ن النَّ ِّ
جيعاً (.)65 والعمل َِ
ََ
-4تَ َعلمه وتَعليمه:
وعلَّ َمه )) (.)66
عن عثمان قال :قال رسول اهلل ((:خريُكم َمن تعلَّم القرآ َن َ
الّلئ ق ملس لِم ل ه س نوات فينبغي أن ي ِرص املسلم على تعلُّمه وإتق ان قِراءت ه ،وجيتَه د يف ذل كِ ،
فم ن غ ري ا َ َ
ط ِويلَة وهو يدرس ويتعلَّم ،مث إذا قرأ القرآن فذذا به ال ي ِقيم حروفَه وكلماته ،وليس حالُه ِ
كحال َم ن يُ ْع َذر ُ ُ ُ
يمه. ضعف تَعلِ ِ ِ
ل َْ ْ
ومن َوسائِل تَ َعلُّ ِمه وإتقانه :قِراءَته على أَ َحد املق ِرئِني ،وَكثْ َرة االس تِماع إل يهم ،واستِ ْش عار أنَّه َك ّلم ال الِقِ
وعّل ،وغري ذلك. جل َ
ا
راءته:
والخشوع والبكاء عند ق َ
-5تَ َدبره وتَ َفهمهُ ،
ﱡﭐ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ [حمم د ،]24 :وق ال س بحانه:
ق ال تع اىل :ﱡﭐ ﲀ ﲁ ﲂ ﱠ ا
ﱺ ﱠ [اإلس راء: ﱡﭐ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﲓ ﲔ ﱠ [القم ر ،]17 :وق ال س بحانه:
.]109
أشكل
َ تاب ِهدايٍَة ،وكيف يَ ْهتَ ِدي به َمن ال يَ ْف َه ُمه ،وإن ِ متهل وت َف ُّهمَّ ،
فذن القرآ َن ك ُ فاألوىل أن يقرأ على ُّ
ضر ذلك بَِقلبِه ،ويتَّأََّم ل م ا في ه ِم ن آي ات ِ
القراءة ح َّّ يستَح ِ ِ
ليج َمع مهَّتَه عند َ َ َ ْ ْ رجع لتَفس ِريه ،و ْ
عليه َش ْيءٌ َ
ملاضيني ،وغري ذلك.الر ْمحة ،وأَحوال اﭐ ِ الو ِعيد ،و َّ ِ
الرجاء و َّ َ ْ التَّ ْهديد و َ
يب ((:اق رأ عل اي )) ،قل ت :ي ا رس ول اهلل ،أق رأ علي ك وعلي ك أُنْ ِزل ؟ ٍ
قال اب ن َمس عود :ق ال يل النَّ ِّ
اآلي ة:ﭐﱡﭐ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ق ال ((:نع م )) ،فق رأت س ورة النِّس اء ح ّ أتي ت عل ى ه ذه
جامع صّلة اللَّيل ( ،)513/1رقم (.)746 ) 63رواه مسلم ،كتاب صّلة املسافرين ،بابِ :
) 64رواه الطَّ اين ،يف مقدِّمة التَّفسري ( ،)80/1وقال أمحد شاكر عن إسناده ":صحيح ".
وصححه أمحد شاكر ،وانظر :سري أعّلم النابّلء ( ،)269/4وطبقات ابن سعد (.)172/6 ) 65تفسري الطَّ ي (َّ ،)80/1
) 66رواه البخاري ،كتاب فضائل القرآن ،باب :خريكم َمن تعلَّم القرآ َن وعلَّمه ح (.)5027
37
ت ف ذذا َعْين اه تَ ْذ ِرفان
ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﱠ [النِّساء ،]41 :قالَ ((:ح ْس بُك اآلن )) فالتَ َف ا
(.)67
صات عند َسماعه:
-6اإلن ُ
قال تعاىل:ﭐﱡﭐ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﱠ [األعراف.]204 :
روعيَّة االس تِماع للق رآن إذا تُلِ ي ،واإلنص ات ،وه وُّ :
الس كوت عن د مبعمومه ا عل ى مش ِ
َ
ِ واآليَ ة تَ ُد ال
االستِماع.
-7التزام األَ َدب معه:
ض عِه ،وإذا ِ ِ فّل ميس ال ُقرآ َن اإال ِ
وو ْ
ث أك َ حّ يَ ْغتَسل ،وال يُهان يف محَْل ه َ طاهر ،وال يَ ْقَرُؤه َمن عليه َح َد ٌ ا
ِ ِ ِ
ميزقه ،أو يكتب عليه ما ال حاجة له به، ناوله َش ْخصاً فبِيَده اليُمىن ،وال يَ ْرميه ،ويافظ عليه وال ا محله أو َ
متزق فّل جيوز َرمءيُه بل ي ِرقْه ويَ ْدفنه يف َم ْو ِضع طَيِّب. وإذا َّ
ب ،ك ال ه ذا احلقيبَ ة وامل ْكتَ ِ وجيعله أَعلَى ِمن غ ِريه ،وال يتَّك ئ علي ه ،وال جيلِ س عل ى ش ٍ
يء في ه مص حف َك ِ
َُْ َ ْ
لكتاب اهللِ تعاىل ،والتِزاماً لِألَ َد ِ
ب َم َعه. ِ احِتاماً
األسئلَة:
الدليل ملا تقول. س :1اذ ُكر ثَّلثاً ِمن َخصائِص ال ُقرآن الكرمي ،مع ِذ ْكر َّ
عجزة باقِيَة لِألَ ْجيال ،دلِّل على ذلك. س :2القرآن م ِ
ُ
ِ
ض ْعف بَ ْع ض املتَ َعلِّ ِم ني يف ق راءَة ال ُق رآن ال َك ِرمي، ِ ِ
س :3اذ ُك ر ثَّلثَ ة م ن األس باب ال اداعيَ ة يف نَظَ ِرك إىل َ
وكيف تُعاجل ؟
س :4اذ ُكر ثَّلثاً ِمن الوسائِل املعِينَة على تَ َدبُّر ال ُق ِ
رآن ال َك ِرمي ؟ َ
67
ضل
) رواه البخ اري يف مواض ع ،منه ا يف :كت اب فض ائل الق رآن ،ح ( ،)5050ومس لم ،كت اب ص ّلة املس افرين ،ب اب :فَ ْ
استِماع القرآن ،ح (.)800
38
ص َوٌر من َحياة الصحابَة َرضي اهللُ عنهم
ُ
راسة س َيرتهم: أهمية د َ
حمم د فوائ د جليل ة ينبَغِ ي أن ال نَ ْغ َف ل عنه ا ِحينَم ا نق رأ ِس يَ َرُهم، دارِس نا حلي اة أص حاب َّ إن يف تَ ُ
دارس َحي اهتُم ،فمنه ا :االقتِ داء ب م ،وازدي اد اإلمي ان بِ ِذ ْك ِرهم ،وزي َادة حمبَّ تِهم يف القل وب ،فَ ِه ي ِم ن ونتَ َ
ض هم آيَة النِّف اق ))( ،)68وكم ا ق ال ((:ال ي بُّهم ب األَنْصار آية اإلمي ان ،وبُ ْغ ُ اإلميان ،كما قال ُ ((:ح ا
ِ ِ ِ
ضه اهلل ))(.)69 ض ُهم أَبْغَ َ
ومن أَبْغَ َ ضهم اإال ُمنافقَ ،من أَ َحبَّهم أَ َحبَّه اهللَ ، اإال ُم ْؤمن ،وال يُْبغ ُ
حمم د ك انوا ت مب ن ق د م ات ،أولئ ك َّ ق ال عب د اهلل ب ن عم ر رض ي اهلل عنهم اَ ":م ن ك ان ُم ْس تَ نااً فَ ْليَ ْس َا
ص ْحبَة نَبِيِّ ه ،ونَ ْق ل ِ ِ
أعمقه ا ع ْلم اً ،وأقَلاه ا تَ َكلاف اً ،ق وم اخت َارُهم اهللُ ل ُ خ ري ه ذه األَُّم ة ،أَبَاره ا قُلوب اً ،و َ
رب ِ ِدينِ ه ،فَتش بَّهوا ب أخّلقِ ِهم وطَ رائِِقهم ،فه م أص حاب َّ ٍ
حمم د ،ك انوا عل ى الُ دى املس تَقيم واهلل ا ُ ْ ََ
ال َك ْعبَة "(.)70
وس ْلوى ع ن قِ راءَة م ا ال يُِفي د ،ك ان عب د اهلل ب ن املب ارك رمح ه اهلل تع اىل ِ ِ ِ
ويف ق راءَة س َريهم وأَ ْخب ا ِرهم أُنْس َ
ِ ِ ِ ِ
يب وأص حابه؟! وس يف بَْيت ه ،فقي ل ل ه :أال تَ ْس تَ ْوحش ؟! فق ال :كي ف أَ ْس تَ ْوحش وأن ا م ع النَّ ِّ يُ ْكثر الل َ
( ،)71وغري ذلك ِمن العَِ وال َفوائِد.
ص َوٌر من حياة الصحابَة رضي اهلل عنهم: ُ
الس ْفل ،وأب و داود يف العُلُ او، يب يف ُّ -1ع ن أيب أي وب األنص اري َّ
يب نَ َزل علي ه ،فن زل النَّ ا أن النَّ َّ
ول اهلل ؟! فتَ نَح وا ،فَب اتوا يف جانِب ،مث ق ال منش ي ف وق رأس رس ِ فانْتَبِه أبو أيوب لَي لَة ،فقالِ :
ْ
ِ
يب الس ْفل أَْرفَق )) ،فقال :ال أَ ْعلُو َس قي َفةً أن ت حتتَه ا ،فتَ َح َّول النَّ ُّ يب ُّ ((:يب ،فقال النَّ ا للنَّ ِّ
يب طعاماً ،فذذا ِج يءَ ب ه إلي ه س أل ع ن َم ْو ِض ع ا
صنَع لِلنَِّ
الس ْفل ،وكان يَ ْيف العُلُاو وأبو أيوب يف ُّ
أصابِعِه ،فَيَتَتَبَّع َم ْو ِضع أَصابِعِه (.)72
68
ب األنصار
ب األنصار (ص ،)17ورواه مسلم ،كتاب اإلميان ،بابُ :ح ا
عّلمة اإلميان ُح ا
) رواه البخاري ،كتاب اإلميان ،بابَ :
(.)74
69
ب األنصار ح (.)75 ) رواه مسلم ،كتاب اإلميان ،بابُ :ح ا
) 70حلية األولياء (.)305/1
) 71سري أعّلم النُّبّلء (.)239/8
) رواه مسلم ،كتاب األش ِربة ،بابَ :
72
إباحة أكل الثاوم ( ،)1623/3ح (.)171
39
يب ض ر ك ان ق د َش اق علي ه أنَّه مل ُ
يض ر َغ ْزَوة بَ ْدر م ع النَّ ِّ عم ه أن س ب ن النَّ ْ -2ذَ َكر أن س َّ
أن َّ
ص نَع ،ق ال :فَ َش ِهد م ع وأنَّه قال :وإن أراين اهلل م ْشهداً فيما ب ْع ُد مع رس ِ
ول اهلل ل ُِرييَ ان اهللَ م ا أَ ْ َ َُ َ
ِ ِ
ص نَع ه ؤالء (يع ين اس ،فق ال :اللَّه ام إين أَ ْعتَ ذر إلي ك ما ا َ ِ
وم أُ ُح د ،فَ ُه زَم النا ُ
رس ول اهلل ي َ
املسلِ ِمني) ،وأَبْ َرأ إليك ماا جاءَ به املش ركون ،فت َق َّدم بِ َس ْي ِفه ،فَلَ ِق ي َس ْع َد ب ن مع اذ ،فق ال ل ه :أي ن
ضع فمض ى فَق اتَلَ ُهم ح ّ قُتِ ل ،فَ ُوِج د يف َج َس ِده بِ ْ ُح دَ ،
ِ
ي ا َس ْعد ؟ إين أَج د ِري َح النَّ ة دون أ ُ
ض ر :فم ا َعَرفْ ت الربَيِّ ع بن ت النَّ ْ ِ
ض ْربَة ،وطَ ْعنَ ةَ ،ورْميَ ة ،ق ال أن س :فقالَت َع َّم يت ُ ومث انون م ن ب ني َ
أَ ِخي اإال بِبَنانِه (.)73
يب ِ ع ادهتم س بعون َر ُج ّلًَ ،خرج وا لِل َّد ْع َوة ِ
وخرج َحرام بن ملحان م ع جاع ة م ن أص حاب النَّ ِّ َ -3
الص حابَة رض ي اهلل ع نهم ،فِ ي ِهم ص لوا إىل (بئ ر َمعُونَة) تَ َق َّدم ثَّلثَة ِم ن َّ إىل اهلل تعاىل ،ح ّ إذا َو َ
احبَ ْيه ،وق ال لم اُ :كون ا قَ ِريب اً ح ّ آتِي ِهم ،ف ذن أَِمن وين كن تم قَ ِريب اً، ح رام ب ن ملح ان ،مث س بق ص ِ
َ َ
ِ
وج َع ل ص حابَكم ،فأت اهم وق ال ل م :أتؤمن وين أُبَلِّ غ ِرس الَة رس ول اهلل ؟ َ وإن قَتَل وين أتَ ْي تُم أَ ْ
ض َحه الرْمح ،فأَ َخ ذ َح رام ال َّد َم ونَ َي ِّدثُهم ،وأوم أوا إىل َر ُج ل فَأَت اه ِم ن َخ ْل ِف ه فَطَ َعنَ ه ح َّّ أَنْ َف َذه بِ ُّ
ِ
ب ال َك ْعبَة (.)74ت َور ِّعلى َو ْج ِهه َورأْسه ،وقال :اهللُ أك َ ،فُ ْز ُ
-4ح َّدث س عد ب ن أيب وق اص ق ال :حلف ت اأم س عد أن ال تُ َكلِّ َم ه أب داً ح ّ يَ ُك ْف ر بِ ِدينِ ه ،وال
ِِ تأك ل وال تش رب ،وقال تَ :ز َع ْم ت َّ
آم رك ب ذا ،ق ال: وص اك بوال َديْك ،وأن ا أُام ك ،وأن ا ُ أن اهللَ ا
فج َعلَ ت تَ ْدعُو ِ ِ
عم ار فَس قاهاَ ، َم ْكثَت ثَّلثاً حّ غُشي عليه ا م ن اله د ،فق ام اب ن ل ا يُق ال ل ه ا
ﱑﱓﱔﱕﱖﱗﱘ
ﱒ اآلية:ﭐﱡﭐ ﱎ ﱏ ﱐ فأنزَل اهللُ هذه
على َس ْعدَ ،
ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱠ ([ )75العنكبوت.]8 :
فخَر َجت نَ ْفساً نَ ْفساً م ا
س َني واهللِ لو كانت لك مائة نَ ْف ٍ ِ
ويف ِرواية :ا
فلما َرأَيْت ذلك قلت :يا أَُّمه ،تَ ْعلَم َ
يء ،فذن ِشْئت فَ ُكلِي ،وإن ِشْئت ال تَأْ ُكلِي ،فَأَ َكلَت (.)76 ترْكت ِد ِيين هذا لِش ٍ
َ َ ُ
) 73جمموع ِمن روايتني للبخاري ،كتاب املغازي ،باب :غزوة أحد ،)4048( ،ومسلم ،كتاب اإلمارة ،باب :ثبوت النَّة للشَّهيد ،ح
(.)1903
) 74جمموع أكثر ِمن رواية يف البخاري ،كتاب املغازي ،باب :غزوة الَّرِجيع وبئر معونة ح ( ،)4092 ،4091 ،4090ومسلم،
كتاب اإلمارة ،باب :ثبوت النَّة للشَّهيد.
الصحابة ،باب :فَضائِل َس ْعد ،ح (.)1748 ) 75واحلديث رواه مسلم ،كتاب فَضائِل َّ
) 76عزاه احلافظ ابن كثري للطَّ اين يف كتاب العِ ْشَرة (تفسري ابن كثري ،عند اآلية 14من سورة لقمان).
40
-5قال عمر ب ن الط اب ألص حابِه :متنا وا ،فق ال أَ َح ُدهم :أمت َّىن أن يك ون ِم ْلء ه ذا البَ ْي ت َدر ِاه م
أنفقه ا يفأنفقها يف سبِيل اهللِ ،فقال :متناوا ،فقال آخ ر :أمت َّىن أن يك ون ِم لء ه ذا البي ت َذهب اً فَ ِ فَ ِ
َ ْ َ َ
أمتىن أن يكون ِملء هذا البيت جوهراً أو حن وه فَ ِ
أنف َق ه يف َس بِيل آخرَّ : ِ
َ َْ ْ سبيل اهلل ،قال :متناوا ،قال َ
اهللِ ،فق ال عم ر :متنا وا ،فق الوا :م ا متنَّ ْين ا بع د ه ذا ،ق ال عم ر :لك ِّين أَمت َّىن أن يك ون ِم ْلء ه ذا
البَ ْي ت َر ُج ّلً ِمثْ ل أيب عُبَي َدة ب ن ال اراح ،ومع اذ ب ن جب ل ،وحذي َف ة ب ن اليم ان ،فَأَ ْس تَ ْع ِملَهم يف
طاع ِة اهللِ (.)77
َ
األسئلَة:
وحش إذا َجلَس َو ْح َده ؟ َْ س :1لِ َم كان ُ
عبد اهلل بن املبارك رمحه اهلل ال يستَ ِ
يب يف بيته. ِ ِ ِ
س :2اذ ُكر ما ميكنك استفا َدته من َم ْوقف أيب أيوب األنصاري عندما أسكن النَّ َّ
ِ ِ ِ
وعّل َم يَ ُد ال قولُه لا ؟املناسبَة ؟ َ
بارة ؟ وما َ يح النَّة دون أُ ُحد ))َ ،من قائل هذه الع َ س (( :3إين أَجد ِر َ
يده هذه ال َكلِ َمة ؟
احلق ِيق اي الذي تُِف ُ
س (( :4فُزت ورب ال َكعبة )) ما الفوز ِ
ْ َ ا َْ
ﭐ
42
من َمظاهر ال َفراغ:
ِ ِ ِ
الس اعاتوم ن تَ راه جيل س ا الس اعات الطِّ وال ب ّل َه َدفُ ،م َ
ض يِّع ل َوقْت هَ ، الش وارع ا
إن َم ن تَ راه جي ول يف َّ َّ
ِ الطِّوال ي رقُب ما ال يعود عليه بِنَ ْف ٍع يف ِدينِه وال يف دنْي اه ،م ِ ِ
ض يِّع ل َوقْت ه ،وك ال م ا ا ْش تَ غَل مب ا ال يُْرض ي اهللَ
َُ ُ َْ
فقد ضيَّع َوقْ تَه.
الت َحسر على فَوات األَوقات:
الساعات ال يت قض اها يف اللَّ ْه و والبِطالَة، ِ إذا تَنَبَّه العاقِل ،وتَ َذ َّكر ما م ِ
ضى من أياام عُ ُمره ،فذنَّه يَْن َدم على اََ
ي والع ار ،ق ال تع اىل:ﭐﱡﭐ ﱅ ِ ِ أش اد س اعات النَّ دم ح ني يقاب ل امل رء بِ ِ
ص حي َفة َع َمل ه ،ف ريى فيه ا ال ْز َ ُ َ ُ َ وَ
ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱠ [الفج ر ،]24-23 :وق ال
[الزم ر:
ﳎ ﳏ ﳐ ﳑ ﳒ ﳓ ﳔ ﳕ ﳖ ﳗ ﱠ ُّ اىل:ﭐﱡﭐ ﳊ ﳋ ﳌ ﳍ تع
.]56
وم حي ث يَْن َفع ه النَّ َدم ،واس تَ ْقبَل حلظ ات عُ ُم ِره ،فَ َع َّمَره ا قب ل أن ي أيت الي وم ال ذي ال ِ ِ
فالعاق ل َم ن ن دم الي َ
يَْن َفع فيه النَّ َدم.
الوق :
من أسباب تَضييع َ
َ -1ع َدم ُوضوح الغايَة:
جوده ا ،أو ع دم التَّفك ري فيه ا ،أو ع دم ِ إن ع دم وض وح الغاي ة ،أو ع َدم و ِ
الس عي ألجله ا االنش غال ب ا و َّ َ ُ َ َّ َ
ضياع األوقات. ِ
هو أعظم سبَب ل َ
ضيِّع َوقْ تَه ،فالطاالِب الذي يُِريد التَّ َف اوق ال يُ ْكثِر ِمن
الدف فذنَّه لن يُ َ
حدد َه َدفاً يَ ْسعى إليه أيااً كان َفمن َّ َ
اجراً فذنَّه يس عى لِتَح ِ صيلِه بأسبابِه ،وم ن ي ِري د أن يك ون ت ِ الزواج يسعى لِتَح ِ
ص يل ذل ك، ََْ ْ َ ُ ومن يُِريد َّ َ َ ْ َ ْ اللَّ ْهوَ ،
ص يلِها ،ق ال تع اىل :ﱡﭐ ﲃ وهك ذا ،فَح ِري مب ن غايت ه الوص ول إىل النَّ ة ونَعِيمه ا أن يس عى ج ااداً لِتَح ِ
ْ ََْ َ ُ َ ا
ﲄ ﲅ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﱠ [احلديد.]21 :
إن ِس ْلعةَ اهللِ ِ ِ ويف احل ديث ((:م ن خ اف أَ ْد َجل ،وم ن أَ ْدجل ب لَ غ املن ِزل ،أال َّ ِ
إن س ْل َعةَ اهلل غاليَ ة ،أال َّ َ َ َ َ
النَّة))(.)84
يامة ،باب ( )18ح ( ،)2450وقال ":حديث َح َسن غريب " ،ورواه احلاكم ( ،)307/4وقال": ِ ِ 84
) رواه الِتمذي ،كتاب ص َفة الق َ
َيرجاه ".
صحيح اإلسناد ومل ا
43
إصّلح ِدينه ،أو ُدنياه ،أو َّأمت ه ،إذا أخلَ ص في ه النِّ يَّة ووافَق ِِ ِ
كل َه َدف نَبِيل يسعى املؤمن لتَ ْحصيله فيه ْ و ا
صيل تلك الغايَة. الشرعيَّة فذنَّه طَ ِريق لِتَح ِفيه الطَِّري َقة َّ
ْ
وشبابِم. ِ
ضيِّعون األوقات ُسدى ،وال يستفيدون ِمن عُمرهم َ الادين الذين يُ َ الزمّلء غري ِّ ُ -2مرافَ َقة ُّ
-3ال َفراغ ،وعدم َم ْع ِرفَة ما ينبغي أن يشغل به َوقْ تَه.
وخ ِسر عُ ُمَره. ِ
-4كثْ َرة املل ِهيات واملغ ِريات فذذا انْ َشغَل با املؤمن َ
ضاع َوقْ تُه َ
الوقْت. ّلل غ
ْ -5قِلَّة األعوان ِمن األَهل واألَصحاب على استِ
َ ْ ْ
الوق : استغالل َ
وج د فَراغ ،ف ال َفراغ داع إىل ال َفس اد ،وال نَّ ْفس إن مل تُ ْش غِلها الع َم ل ح ّ ال يُ َ
ِِ
الوقْ ت وم ْلئ ه بِ َ ِ ِ ِ
ينبَغ ي العنايَة ب َ
بالطااعة َشغَلَْتك بِ ِ
املعصيَة. َ
أي َم ْف َس َدة. ِ ِ َّ
لم ْرء اباب وال َفراغ وال َده َم ْف َس َدةٌ ل َ الش َ إن َّ
يم ه واس تِ ْغّللِه ب أن إن وضوح ال َدف ،ومع ِرفَة أمهِّيَّة الوقْت ،سبب الستِغّللِه ،فَعلَيك بِتَ رتِيب وقْتِك وتَ ِ
نظ ِ
َْ ْ َ ََ ٌ َ َْ َ َ َّ
الو ْجه املطلوب. ِ ِ ِ
جتعل لك َج ْدوالً يَوميَّاً وأسبوعيَّاً وخّلل اإلجازات لكي تَ ْستَغ ال َوقْ تَك على َ َ
بك ري إىل الص لوات يف الماع ة ،والتَّ ِ ص ر ،ومنه ا :احملافَظَ ة عل ى َّ ِ ِ
الوقْ ت أكثَ ر م ن أن ُْحت َ وص َور اس ت ْغّلل َ ُ
املرض ى، ِ ِ ِ
وخ ْدم ة الوال َدينِ ، ِ ِ ِ ِ ِ
الزي ارات النااف َع ة ،وعي َادة ْ وص لَة األرح ام ،و ِّ املس جد وذ ْك ر اهلل ،وق راءَة الق رآنَ ،
ومص ا َوطَنِ ك ِ ِ ِ ِ
والتَّعلام والتَّعليم ،وال َّدعوة إىل ال ري ،والتَّ َف ُّك ر يف َخ ْل ق اهلل ،والتَّفك ري يف َمص ا نَ ْفس كَ ،
وحض ور ِحلَ ق العِْل م وال ُق رآن ،واالس تِماع لك ال ن افِع ِ ِ ِ
الع َم ل النا افع املن تج ،وكتابَ ة البُح وثُ ،
ِ
وأَُّمت ك ،و َ
اض ِطجاعاً بِنِيَّ ِة ِ
إن انْ ِش غالَك باملب اح ول و ك ان نَ ْوم اً أو ْ ساعدة احملتاجني ،وغ ري ذل ك َكثِ ري ،ب ل َّ وم َ ومفيدُ ، ُ
الوقْت. تَرِويح النَّ ْفس لتَستَعِيد نَشاطَها وتَ ْقوى على الطا ِ ِ
اعة من است ْغّلل َ َ ْ
قال معاذ :أما أنا فأنام وأقوم ،فأحتَ ِسب نَ ْوَم ِيت كما أحتَ ِسب قَ ْوَم ِيت (.)85
اح ة ،كم ا يَطْلُب ه يف التَّ َع ب؛ َّ
ألن الر َ اب يف ا ق ال احل افظ اب ن حج ر رمح ه اهلل تع اىل :معن اه أنَّه يَطْلُ ب الثَّو َ
صل با الثَّواب (.)86 ِ ِ
بادة َح َاحة إذا قُصد با اإلعانَةَ على الع َ الر َ
ا
ِ ِ
وصّلته. واملراد بَِق ْوَمته هنا :قيامه اللَّيل َ
الوق :
فادة من َ
صور من الحرص على الست َ
ُ
85
ومعاذ إىل اليَ َمن (( ،)60/8ح ،4341و ،4342و،4344
) رواه البخاري ،كتاب املغازي ،باب :بَ ْعث أيب ُموسى ُ
اإلمارة واحلِْرص عليها ( ،)1456/3برقم (.)1733
و ،)4345ومسلم ،كتاب اإلمارة ،باب :الن َّْهي عن طَلَب َ
صارف يَ ِسري. ِ
) فتح الباري ( )62/8بتَ َ
86
44
حممد بن إدريس الرازي) :رمب ا ك ان الرازي عن حاله مع أبيه (أبو حام َّ الرمحن بن أيب حام ا -1قال عبد َّ
ب َش ْي ٍء دخل البي ت لِطَلَ ِ دخل الَ ّلء وأق رأ علي ه ،وي ُ
ِ
يأ ُك ل ف أقرأ علي ه ،وميش ي وأق رأ علي ه ،وي ُ
وأقْ َرأ عليه (.)87
هنارن ا ُم َق َّس م جمل الِس أشهر ،مل نأ ُكل فيها َمرقَة ،ك ان ُ مبصر َسْب َعة ُ الرمحن بن أيب حام :كناا ْ -2قال عبد َّ
الشيو ،وباللَّيل النَّ ْسخ واملقابَلَة ،قال :فَأَتَ ْين ا يَ ْوم اً أن ا َورفِي ق يل ش يخاً ،فق الوا :ه و َعلِي ل ،فرأين ا ُّ
ض ر َوقْ ت جملِ س ،فَلَ م ميكنن ا أعجبَن ا ،فا ْش تَ َريْناه ،فلم ا ِص ْرنا إىل البي ت َح َ
ِ
يف طَ ِريقن ا َمسَك اً َ
ضْينا إىل اجمللس ،فلم نَ َزل ح َّّ أَت ى علي ه ثَّلثَة أَياام ،وك اد أن يَتَ غَ َّري ،فَأَ َك ْلن اه نَيِّئ اً، وم َ
إصّلحهَ ،ُ
اح ِة الَ َس ِد (.)88 ِ ِ ِ
مل يَ ُكن لنا فَراغ أن نُ ْعطيَه َمن يَ ْش ِويه ،مث قال :ال يُ ْستَطاع الع ْلم بر َ
األسئلة:
الوقْت ) بَ ِّني رأيَك يف هذه العبارة ،مع التَّعلِيل ؟
ضيِّع َسَ ( :1هياا نُ َ
الوقْت ُم ِه اماً ؟
س :2ملاذا كان َ
بارة ؟ ِ
الوقْت هو احلَياة )) ما معىن هذه الع َ سَ (( :3
ظاهر ضياع الوقْت ِسوى ما يف ِ
الكتاب. س :4اذ ُكر خَْس صوٍر ِمن م ِ
َ َ َ َ َُ
ص َوٍر على ذلك ِمن إنْشائِك. ِ ِ
س :5مّ يثاب املرء املسلم على الر ِ
احة واالست ْجمام ؟ اذ ُكر ثَّلث ُ اَ ْ ُ
احبِها ق ال تع اىل:ﭐﱡﭐ ﲊ ﲋ الص ْدق ب األقوال ،ف ّل خت الِف الواقِ ع ،وال خت الِف أَفْع ال ص ِ ِّ (ج)
ﲌﲍﲎﲏﲐﲑﲒ ﲓﲔﲕﲖﲗﲘﲙﲚﲛﱠ
ف.]3-2 :
[الص ا
َّ
ثمرات الصدق: من َ
الصدق يَ ْه ِدي إىل الِ ا ،والِ ا يَ ْه ِدي إىل النَّة.
ِّ -1
89
األدب ،باب :قوله تعاىل :ﱡﭐ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩﱠ (الفتح ،)507/10رقم ) رواه البخاري ،كتاب َ
( ،)6094ومسلم كتاب الِ ،باب :قُْبح ال َك ِذب ( ،)2012/4رقم ( ،)2607وهذا لَ ْفظُه.
46
الص ِادق حمبوب عند اهلل ،وعند النااس.
-2ا
اآلخَرة. صاحبَه ِمن املهالِك يف ُّ
الدنيا و ِ الصدق ي نَ ِّجي ِ
ُ ِّ -3
وحك ُمه:ال َكذب ُ
فع ْل ت ،وه و ملالش يء خ ّلف م ا ه و علي ه ،وق د يك ون يف املاض ي ،ك أن يق ولَ : ال َك ِذب :اإلخب ار ع ن َّ
يَ ْف َعل ،وقد يكون يف املستَ ْقبَل ،كأن يقولَ :سأَفْ َعل ،وليس يف نِيَّتِه أن يَ ْفعل.
ِ ِ ِ
جيوز يف جد وال َه ْزٍل ،وليس يف ال َك ذب ش يءٌ أَبْ يَض ُمب احَ ،
وش ْيء أَ ْس َود َح رام ،كم ا يَظُ ان وال َكذب ال ُ
رورة ،كال َك ِذب إلنْق ِاذ َم ْعص ِوم ال َّدِم ِم ن قاتِل ،أو
الض َ ال بعض ،ب ل كلُّ ه ُخلُ ق َم ْذ ٌ
موم ،اإال م ا َد َع ت إلي ه َّ
ب ،وحن ِو ذلك (.)90 مال ِمن ِ
غاص ٍ صني ٍ لِتَح ِ
ْ
صلُح ال َك ِذب يف َه ْزٍل وال ِج اد ))(.)91 قال ابن مسعود ((:ال يَ ْ
ضرر أو فَساد ،ويعت اعتِياد ال َك ِذب ِمن َكبائِر ُّ ِ
الذنوب. ويَعظُم ال َكذب إذا ترتَّب عليه َ َ
من أنواع ال َكذب:
-1ال َك ِذب على اهلل تعاىل ،وذلك ِمثْل أن يَتَ َكلَّم يف ِدي ِن اهللِ بِغَ ْري ِع ْلم ،أو يقول :قال اهلل كذا ،ويَ ْذكر
أَ ْشياء مل يَ ُق ْلها اهللُ تعاىل ،اهلل يَ ْعلَم أين فَ َع ْلت ك ذا ،وه و مل يَ ْف َعل ه ،وحن و ذل ك ،وه ذا ِم ن أَ ْعظَم
ال َك ِذب ،ق ال تع اىل :ﱡﭐ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱠ إىل قَولِ ِه س بحانه:
ﱡﭐ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﱡﭐﲆ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﱠ [األع راف ،]33 :وق ال تع اىل:
ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﱠ [النَّحل.]116 :
إن َك ِذباً عل َّي ل يس ول اهلل ،وه و أيض اً ِم ن أعظَم أن واع ال َك ِذب ،ق ال َّ ((: -2ال َك ِذب عل ى رس ِ
ُ
ب َعلَ َّي ُمتَ َع ِّمداً فَ ْليَتَبَ َّوأ َم ْق َع َده ِمن الناار ))(.)92 ِ
َك َكذب على أَ َحد ،فَ َمن َك َذ َ
الزور ،وهي ِم ن أَ َش د أن واع ال َك ِذب ،والو ِاج ب عل ى امل رء اأال يَ ْش َهد اإال بِ َش ْيء يَ ْعلَ ُم ه يَِقين اً، هادة ُّ
َ -3ش َ
يء ال يَ ْعلَم ه وماا يَ ْد ُخل يف ذل ك تَس ا َهل النا اس الش هادة يف ش ٍ
َ وال يَتَ َرَّدد يف َراد َم ن يَطْلُب من ه َّ َ
الع ْدل على ما ال يعلمون. ِ ِ
هادة يف احملاكم ،وكتابَة َ بالش َ
اليوم َّ
الصاحلني ،باب :بيان ما جيوز ِمن ال َك ِذب ،وكتاب األذكار ،للنَّوِوي (ص ،)324 ِ ِ
) يُنظر يف املواضع اليت جيوز فيها ال َكذبِ :رياض ا
90
) 93رواه البخاري ،عن ابن عمر ،كتاب التَّعبري ،بابَ :من َك َذب يف ُحلُ ِمه (الفتح ،)427/12رقم ( ،)7043ورواه أيضاً من
الصاحلِني ،باب :حترمي ال َك ِذب :معناه:
َحديث واثلَة يف كتاب املناقب ،باب رقم (( )5الفتح ،)539/6رقم ( ،)3059قال النَّووي يف رياض ا
ِ ِ
يقول :رأيت ،فيما مل يََره ،وانظر :دليل الفاحلني ( ،)36/8وجاء يف بعض روايات احلديث ما يقياده بُِرؤيا املنام ،انظر (:فتح الباري ،يف شرح
ِ
احلديثَ ْني ).
السابِق ،رقم (.)7042 ِ 94
) رواه البخاري ،املوضع ا
) 95املسنَد (.)216/1
) رواه البخاري ،كتاب التَّعبري ،باب :تعبِري ُّ
96
الصبح( ،الفتح ،)438/12رقم (.)7047 الرؤيا بعد صّلة ُّ
48
ص حائِف ال َك اذابِني ،وه ذا ِم ن أَقْ بَح ِ ِ
َ -2م ن تَ َك َّرر من ه ال َك ذب ح َّّ ص َار ع َاد ًة يُكتَ ب عن د اهلل يف َ
صنَّف ِمن قِبَ ل أَ ْهلِ ه وأَص حابِه يف قائِ َم ة ال َك اذابِني ،فكي ف
أشْنع ما يكون ،فاملرء ال يَ ْرضى أن يُ َ وَ
ضى أن يكون عند خالِِقه َك ِذلك ؟! يَ ْر َ
هادة. ِ
الش َردود َّ
-3الكاذب َم ُ
بكّلمه ،قال ابن املبارك رمحه اهلل تع اىلَّ ((:أول عُقوبَ ِة ألن الناس ال يثِقون ِ ب قد يَُراد ِص ْدقه؛ َّ ِ
-4الكاذ ُ
الكاذب ِمن َك ِذبه :أنَّه يَُراد عليه ِص ْدقُه ))(.)97
ِ
المعينَة على الت َخلص من ال َكذب: الوسائل ُ بعض َ
صه ِمن هذا ال اداء الَ ِطري. ودعاؤه أن َيَلِّ َ
ِ ِ
-1االستعانَة باهلل تعاىلُ ،
صحائِف ال َك اذابِني. ِ ِ ِ
-2استشعاره ُسوء خامتَة ال َكذب ،بأن يُ ْكتَب عند اهلل يف َ
كل َش ْي ٍء.ب عليه ا
َّ ِ
ومراقَبة املّلئ َكة ،وأهنا تَ ْكتُ ُ
ِ
ُ -3مراقَبَة اهللُ ،
جي ع أقوالِ ه يف املس تقبل ،وأنَّه يَ ْس ُقط ِم ن أَ ْع ُني أن ال َك ِذب ق د ي ؤِّدي ب ه إىل اأال تُ ْقب ل من ه َِ
َ َ َُ َ -4م ْع ِرفَتُ ه َّ
النااس.
اآلخ َرة ،وإن ظَ َه ر ل ه ب ِادئ األَ ْم ر َّ
أن الص ْدق ،س واء يف ال ُّدنيا أو يف ِ احلق ِيقيَّ ة يف ِّ
أن النَّج ا َة ِ
ص اوره َّ -5تَ َ
النَّجاةَ يف ال َك ِذب.
وم ن ذل ك :فِع ل ال َقبِ يح ال ذي ي دعوه لّلعتِ ذار ِ
كاذب اً ،وكث رة -6أن ي تَجنَّ ب م ا ي دعوه إىل ال َك ِذبِ ،
ْ َ َ
اعي د ال يت ت دعوه إلخّلف ه ،وجم اراة األص ِدقاء الك اذبني ،أو ال ذين يس تَ ِمعون إىل الك ذب، املو ِ
ويُ َش ِّجعون عليه.
األسئلة:
الص ْدق ؟ واذ ُكر ثَّلثاً ِمن مثراتِه ؟
س :1ما أَقْسام ِّ
وضيح ؟ الاد والا ِزل ؟ مع التَّ ِ ِ
س :2ما ال َكذب ،وهل يُ َفارق فيه بني ا
س :3اذ ُكر ثّلثاً ِمن مسا ِوئ ال َك ِذب ،مث اذ ُكر عقوب تَه يف ِ
اآلخَرة. ُ َ َ
ِ
ب يف أَقْواله ؟ ِ ِ ِ
س :4ماذا ِجيب عليك إذا علمت َّ ِ
أن صاحبَك يُ ْكثر ال َكذ َ َْ
الوصايا ،باب :تَأ ِويل قولِه تعاىل:ﭐﱡﭐ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﱠ ،)377/5( ،ح (،)2751 ) رواه البخاري ،كتاب َ
101
) 103رواه البخاري ،كتاب األحكام ،باب :كيف يُبايع اإلمام النااس (،)193/13ح (.)7202
) 104رواه أمحد يف مسنده ( ،)327/5ومالك يف املوطأ ،كتاب األقضية ،باب :القضاء يف املرفق ( ،)745/2رقم ( ،)31وابن ماجه
ضار با ِره ( ،)784/2ح ( ،)2340وقال النَّوِوي يف األربعني ح (َ ":)32ح ِديث َح َسن". ِ
ين يف َحقِّه ما يَ ُ
يف األحكام ،بابَ :من بُ َ
53
تِتك الصّلة يف ِ
املسجد. أمرك أخوك األك َ أن َ َ (ج) َ
ِ
طاعة ُواالة األَ ْم ِر ٌ
آثار َح َسنَة ،اذ ُكر ثَّلثَةً منها. س :5ل َ
54
الحب في اهلل
ُ
الحب في اهلل:
َمعنى ُ
العّلق ات ال يت تَ ْربِط َ
بعض هم ب يف اهلل) ،وكان ت َ اهلِيَّتِ ِهم يَ ْع ِرف ون ش يئاً امس ه (احل ُّ
مل يك ن النا اس يف ج ِ
َ
بِبَ ْعض َعّلق ات َمْن َش ؤها األرض ،أو النَّ َس ب ،أو م ا ش ابه ذل ك ،فج اء اهلل بنُ ور اإلس ّلم ،ومس ا بتل ك
بفجع ل َعّلقَ ة ال ِّدين أَْرفَ َعه ا وأَ َجلَّه ا ،ورتَّ ب عل ى ه ذه العّلقَ ة األَ ْج َر والثَّ واب ،واحلُ ا العّلق اتَ ،
ب يف اهلل.خوة يف اهلل ،واحلُ ا
صطَلح :األُ َّ ض ،فَنَشأ مع اإلسّلم ُم ْ والبُ ْغ َ
اع ِة هللِ تع اىل ،فَلَْي َس ت ألج ِل امل ِال ،وال ِ ِ ِ ِ
ب يف اهلل :حمبَّ ة املس لم لم ا في ه م ن خص ِال الَ ْري والطا َ فاحلُ ا
الوطَن ،وال غري ذلك. النَّ َسب ،وال َ
الحب في اهلل:
من فَضائل ُ
يب َّ ((:
أن َر ُجّلً ز َار أَخاً له يف قَ ْريَة للمتَحابِّني فيه ،فعن أيب هريرة عن النَّ ِّ -1حمبَّة اهلل تعاىل ُ
فلم ا أت ى علي ه ق ال :أي ن تُِري د ؟ ق ال :أُ ِري د أَخ اً يل ِ
صد اهللُ له على َم ْد َر َجت ه َملَك اً ،ا أُ ْخرى ،فَأَْر َ
عز َو َج ال،يف َه ِذه ال َق ْريَة ،قال :هل لك عليه ِمن نِ ْع َمة تَ َرُّبا ؟ قال :ال ،غري أين أَ ْحبَْبتُه يف اهللِ َّ
ك كما أَ ْحبَْبتَه فِ ِيه ))(.)105 رسول اهللِ َ
إليك َّ
أن اهللَ قد أُ َحبَّ َ قال :فذين ُ
ِِ ِ ِِ ِ ِ
يف)) ني َّيف ،واملتَب اذل َ
ين َّيف ،واملتَ زا ِور َ
ني َّ
يف ،واملتَجالس َ لمتَح ابِّني َّ ويف احل ديث ال ُقدس يَ ((:و َجبَ ت حمبَّ ِيت ل ُ
(.)106
وم ال ِظ َّل اإال ِظلُّه ،قال َ ((:سْب َعة يُ ِظلُّهم اهللُ يف ِظلِّه ِ ِ
-2املتَحاباون يف اهلل تعاىل يف ظ ال َع ْرشه يَ َ
اجتَ َمعا عليه ،وتَ َفَّرقا عليه ))(.)107 ِ ِ ِ
يوم ال ظ ال اإال ظلاه َ ...ور ُجّلن حتاباا يف اهللْ ، َ
يام ة :أي ن املتَح ابُّون ب ّليل ،الي وم أُ ِظلُّ ُه م يف ِظلِّ ي يَ ْوَم ال ِظ َّل اإال ِ وق ال َّ ((:
إن اهللَ يق ول ي وم الق َ
ِظلِّي))(.)108
ب يف اهللِ ( ،)1988/4رقم (.)2566 ضل احلُ ا ) رواه مسلم ،كتاب ال ا ،باب :فَ ْ
105
وقوله :أرصد على م ْدرجتِه :أَقْ ع َده على طَ ِر ِيقه ي رقُبه ،وقوله( :تَرابا) مبعىن :حت َفظُها وتُر ِ
اعيها بِ َذهابِك إليه. ُ َْ ُ َ َ ََ َْ
) 106رواه مالك يف املوطأ ،كتاب الشِّعر ،باب :ما جاء يف املتَحابني يف اهلل (.)954 - 953/2
الصّلةَ (الفتح ،)2/143رقم ( ،)660ومسلم يف الزكاة ،باب: ) 107رواه البخاري يف األذان ،باب :من جلَس يف ِ
املسجد يَْنتَ ِظر َّ َ َ
الص َدقة ( ،)715/2رقم (.)1031 إخفاء َّضل ْ
فَ ْ
108
ب يف اهلل ( ،)1988/1رقم (.)2566 ضل احلُ ا ) رواه مسلم ،كتاب ال ،باب :فَ ْ
55
ؤمن وا ،وال ِ
تؤمن وا احل ب يف اهللِ ِم ن أس باب دخ ول النَّ ة ،ق ال ((:ال تَ ْدخلون النَّ ةَ ح ّ تُ ِ -3
ُ ُا
حّ حتاباوا.)109( ))...
َّ
ومن تَجتَنب: صفات َمن تَختار أُ ُخوتَه َ
ص ْحبَتِه ،ول ذلك ق ال ِ ِ لِما لِ ِ ِ
لصاحب من تأث ٍري على صاحبِه فَالواجب على املس لم أن يعت ين مب ن َيت ُاره ل ُ ا
الر ُجل على ِدي ِن َخلِيلِه ،فَ ْليَ ْنظُر أَ َح ُد ُكم َمن َيالِل ))(.)110
يب َّ ((: النَّ ا
احب با: الصفات اليت ي ْنبغِي اتِّصاف الص ِ ِ
ومن أَ َه ام ِّ
ا ََ
ّلم ة ِ
لكل ُمْن ُهما َعّلمات يُ ْعَرف ب ا ،فَ َع َ (أ) أن يكون ذا دين وتَ ْقوى ،خبّلف َمن ليس كذلك ،و ا
ب واللَّ ْع ن الص ّلة وحنوه ا ،ونَظافَ ة لِس انِه ِم ن َّ
الس ا ِذي التَّ ْق وىِ :ح ْرص ه عل ى فَ رائِض اهللَِ ،ك َّ
احش ،وإعانَتِ ه لص احلِني ،وبُ ْع ِده ع ن َّ
الرذائِ ل وال َف و ِ ِ ِ ِ ِ
ص حه لص احبِه ،وحمبَّت ه ل ا
ِ
والغيبَ ة وغ ِريه ا ،ونُ ْ
ض اد ذلك ،واهلل املوفق. الصفات ،وعّلمة ِض اده بِ ِ
َ َ يطه عن املعصية ،وحنو ذلك ِمن ِّ وتَثْبِ ِ
[الزخرف.]67 : قال تعاىل:ﭐﱡﭐ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﱠ ُّ
عامك اإال تَِق اي ))(.)111 صاحب اإال م ْؤِمناً وال يأْ ُكل ِمن طَ ِ
َ ُ
وقال ((:ال تُ ِ
ِ
ضارك (.)112 ص ْحبَة األَ ْمحَ ِق؛ ألنَّه قد يُِريد نَ ْف َعك فَيَ ُ
خري يف ُ(ب) أن يكون عاقّلً ،فّل َ
اصل ،ول و مل يَ ُك ن ِم ن ذل ك اإال أنَّه ق د ضرره إليك و ِ
(ج) أن يكون َح َسن األَ ْخّلق ،فَ َس ِّيء الُلُق َ َ ُ
باعه ،أو ي ْؤِذيك بِ َكثْ رةِ ِخ ِ
صامه. يعديك بِسوء ِط ِ ِ
َ ُ ُ
ِ ِ ِ ِ
ب البِ ْد َعة ،فذنَّه جيُارك إىل بِ ْد َعته ،وال أقَ ال من أن يُ َش ِّو َ
ش (د) أن يكون صاحب ُسنَّة ،وإيااك وصاح َ
خاطَرك (.)113فِ ْكرك ،وي ْؤِذي ِ
َ ُ
وآداب األُ ُخوة:
ُ ُحقو ُق
هذه احملبَّة يف اهلل تعاىل ،فَ ِمْنها: ص ْدق ِ القيام با م ْشعِر بِ ِلِألُخ َّوة أَدابِ ،
ُ ٌ ُ
) 109رواه مسلم ،كتاب اإلميان ،باب :ال يدخل النَّة اإال املؤمنون ( ،)74/1رقم (.)54
110
الزهد ،باب ()45
الِتمذي يف ُّ
يؤمر أن جيالَس ( ،)168/5رقم ( ،)4833و ِّ األدب ،بابَ :من َ ) رواه أبو داود ،يف كتاب َ
( ،)589/4رقم ( ،)2378وهذا لَْفظه ،وقالَ ":ح ِديث َح َسن َغ ِريب ".
الزهد ،باب :ما جاء يف صحبة ِ
املؤمن الِتِمذي يف ُّ
) 111رواه أبو داود يف األدب ،باب :ما يُ ْؤَمر أن جيالَس ( ،)4832( ،)167/5و ِّ
ُ َْ
( ،)600/4رقم ( ،)2395وقالَ ":ح ِديث َح َسن ".
(احلم َقى واملغَفَّلِني) البن الوزي. ِ
) لّلستزادة يف هذه الزئية ميكن النَّظَر يف َّأول كتاب ْ
112
56
اكشاش ة عن د اللِّق اء ،ق ال ((:ال ْحت ِق َر ان ِم ن املع روف ش يئاً ول و أن تَ ْلق ى أَخ َ الس ّلم ،والبَ َ َّ -1
بَِو ْج ٍه طَلق ))(.)114
ِ
فوس ،قال ((:هتادوا حتاباوا ))(.)115 احملبَّة ،وإ ْذهاب ما يف النُّ ِ -2الَديَّة ،ولا أثَر َكبِري يف ِز َ
يادة َ
ألخي ه بِظَ ْه ِر الغَْي ب ،اإال ق ال امللَ ك :ولَ ك -3ال ُّدعاء ل ه ،ق ال ((:م ا ِم ن عب ٍد مس لِم ي ْدعو ِ
َْ ُ ْ َ
ِمبثْل))( ،)116ويَ ْستَ ِمار ذلك يف َحياتِه وبَ ْع َد َم ْوتِه.
الر ُج ُل أخاه ،فَ ْليُ ْخِ ْه أنَّه ُِيبُّه ))(.)117 ِ
ب َّ إخباره بذه احملبَّة ،قال ((:إذا أَ َح ا ُ -4
الذي أَ ْحبَْبتَِين له (.)118 فليقول له :إين أُ ِحبك يف اهللِ ،وي رد عليه :أحبَّك اهلل ِ
َ َ ُ َُ ا ا
آم ِة ِ ِ ِ
الس َ
ض ل َكوهن ا ب ني ف ِتة وأخ رى ،ال قَليلَ ة فَتُ ْن تج الَف اء ،وال َكث َرية فَتُ َؤِّدي إىل ا الزي َارة ،واألَفْ َ
ِّ -5
وال َملَل ،قال ُ ((:زر ِغبااً ،تَ ْزَدد ُحبااً ))( ،)119وقيل:
ُزْر ِغبااً تَ ِزد ُحبااً فَ َمن أ ْكثَر التاكر َار أَقْصاهُ ال َملَل.
-6املعونَة وقَض اء احل وائِ ِج ،وأعل ى مراتبه ا :تق ِدمي حوائِ ِج ه عل ى ح وائج ال نَّفس ،وأوس طُهاِ :
القي ام َْ َ َ َ ُ
ب من ه ،م ع كوهن ا غ ري متعا ِرض ة م ع ح وائِج ال نَّ ْفس ،وأقَ ل ذل ك ِ
القي ام وائِ ِج ه ِم ن غ ري طَلَ ٍ
ا َ ُ َُ َ
وائِ ِجه بعد طَلَبِه.
الدفاع ع ن ِع ْر ِض ه ،والتَّج ُاوِز ب ٍْ صيحة بِأَ َد ٍ ِ ِ ِ وح ْف ُ ِست ر معايبِهِ ،
وسِت ،و ِّ يام له َ ِّق النَّ َ ظ سِّرهِ ،والق ُ ُْ َ -7
وح ْسن الُلُ ِق معه ،وغري ذلك. ِ
عن َزاالتهُ ،
األسئلَة:
ب يف اهلل) ،وما َسبَب نُشوئِه يف نَظَ ِرك ؟
صطَلح (احلُ ا
س :1مّ نَ َشأ ُم ْ
ص ِحيح ".
ب ( ،)2393وقالَ ":ح َسن َ إعّلم احلُ ا
118
السابق ،رقم (.)5125 ) رواه أبو داود ،املوضع ا
) رواه البزار (كشف األستار ،)3/5 ،2/390واحلارث بن أيب أسامة ،والطَّ اين يف األوسط والكبري ،والبيهقي يف الش َ
119
ُّعب
أفرد أبو نُ َعيم طُُرقَة مث َشْيخنا (ابن حجر)) ِ ( ،)328 – 326/6واحلاكم ( ،)347/3وغريهم ،وقال َّ ِ
السخاوي يف املقاصد (ص ":)233و َ
الزيارة) ،ومبجموعها يت َق َّوى احلديث ،وانظر :صحيح ِ
الامع رقم (.)3562 ب ِّ ِ ِ
َ ((اإلنارة بطُرق غ ا
َ يف
57
احب ؟ استَ ْش ِهد لِما تقول.
س :2ملاذا ي ْنبغِي االهتِمام باختِيار الص ِ
ا ََ
س :3ق ال تع اىل:ﭐﱡﭐ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒﱠِ ،
ارج ع إىل تَ ْف ِس ري ه ذه
الصداقَة ؟ ميكن أن تَستَ ِف َ
يده ِمن َم ْو ِضع َّ فسري ،مث ان ُقل ما ِ
اآلية يف بعض كتب التَّ ِ
58
الع ل ُم
ين العلم
اإلسالم د ُ
ُ
أول ما أنزل على رسولِه :ﭐﱡﭐ ﲅ ﲆ
جاءَ اهللُ تعاىل باإلسّلم ،واألَُمم غا ِرقَة يف ظَّلم الهل ،فكان َّ
ﲇﲈﲉﲊﲋﲌﲍﲎﲏﲐﲑﲒﲓﲔﲕﲖﲗﲘﲙﲚﲛ
املؤِذنَة َّ ِ
بأن هذا ﲜ ﱠ [القلم ،]5-1 :فكانت اأول إضاءَة يف هذا الظَّّلم احلالك ،مث تَوالت إثرها اآليات ْ
ين ِدين ِع ْل ٍم ،فهو يدعو أهلَه إىل العِْلم ،ويُنَ ِّف ُرهم ِمن الَ ْهل ،فَتَ َح َّولَت األَُّمة األُِّميَّة إىل أَُّمة ِع ْلم ونُوٍر ،قال
الد َ
ِّ
تعاىل:ﭐﱡﭐ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ
ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱠ [المعة.]2:
ين عل ى العِْل م ،العِْل م ب اهللِ ،وبِ ِدينِ ه ،والعِْل م بِ أَ ْم ِره وهني ه ،ف ّل يُعبَ د اهللُ اإال بِ العِْلم ،وال
ِ
فال ِّدين كلا ه َمْب ا
الصحيح اإال بِالعِْلم. ميكن أن تَ ْستَ ِقيم األَُّمة على املنهاج َّ
ِ
أنواع العُلوم:
العُلوم أنواع:
ِ -1منه ا احملم ود ،كعِْل م ِّ
ب،الش ْرك وه و أَ ْش َرف العُل وم ،والعل وم ال يت ب ا ق وام أَْم ر ال ُّدنيا ،كالطِّ ا
الصناعات الناافِ َعة ،وحنوها. و ِّ
نجيم. السحر ،والتَّ ِ ِ
-2ومنها املذموم ،كع ْلم ِّ ْ
لش ْرع ،وعلم التاا ِريخ ،وحنو ذلك. -3ومنها املباح ،كالعِْلم باألشعار اليت ال ُمنافاة فيها لِ َّ
العلم الواجب:
بادت ه ،فَيَ تَ َعلَّم مع ىن ِ ِ
يدت هَ ،وتَص ح ب ه ع َ العِْل م الو ِاج ب عل ى ك ال ُم ْس لِم :أن يَ تَ َعلَّم م ا تَ ْس لَم ب ه َع ِق َ
الص ّلة إج االً ،وإن ك ان وح اق اهللِ تع اىل ورس وله إج االً ،وأحك ام الطَّه َارة و َّ ِ
ض هماَ ، هادتَ ْني وم ا يُناق ُ
الش َ
َّ
جتارة فَ َعلَْيه َمع ِرفَة ما ِي ال وم ا ي ُرم يف المل ة ح ّ ال ي َق ع يف احل رام، مال تعلَّم كيف يُزِّكيه ،وإن كان له َ لَ َديْه ٌ
كل ُم ْسلِم ))(.)120يضة على ا
ِ
ص َرية ،قال ((:طَلَب الع ْلم فَ ِر َ وهكذا حّ ي عب َد اهلل على ِع ْل ٍم وب ِ
َ َ ُْ َ
آخرون ،وقد ) 120رواه ابن ماجه يف م َقدِّمتِه ( ،)81/1ح ( ،)224ورواه غريه ،وقد اختلِف فيه :فَضعَّ َفه َج ِ
وقواه َ
اعة من العلماء ،ا
َ َ ُ ُ َ
احلسنَة (ص ،)275وكشف الفاء (،)43/2 ِ
الكّلم عليه ُمطََّوالً يف املقاصد َ
َ السيوطي ،وغريهم ،وانظر َح َّسنَه احلافِظ ابن حجر ،و ِّ
املزي ،و ُّ
احلسنَة ِ للسْندي ( ،)99/1وبعضهم يزيد يف آخرهِ (:
ومعناها صحيح كما يف املقاصد َ
أصل لا يف احلديثَ ، وم ْسل َمة) ،وال ْ
ُ وشرح ابن ماجه ِّ
للسيوطي .جزء مطبوع يف طرق هذا احلديث. ُّ
59
ِ
الر ُج ل يف ق ال عب د اهلل ب ن املب ارك رمح ه اهلل تع اىل يف مع ىن احل ديث :إمن ا طَلَ ب الع ْل م فَ ِر َ
يض ة أن يَ َق ع َّ
ش ٍ
يء ِمن أَْم ِر ِدينِه فَيَ ْسأل عنه حّ يَ ْعلَمه (.)121 َ
فَضائل العلم:
ِ ِ ِ ِ
ب إلي ه، ق ال عل ي ب ن أيب طال ب :كف ى ب الع ْلم ش رفاً أن يَ َّدعي ه َم ن ال ُْيس نه ،ويَ ْف َرح ب ه إذا نُس َ
وَك َفى بالَ ْهل َذ اماً أن يَتَبَ َّرأ منه َمن هو فيه (.)122
لِلعِْلم فَضائِل كثِ َرية تَ ُد ال على َشَرفِه وِرفْ َعة َمكانَتِه ،منها:
ﲳ ﲲ شيَة له ،فقال تعاىل :ﱡﭐ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ صف أَ ْه َل العِْلم بال ْ أن اهللَ تعاىل َو ََّ -1
ﱠ اآلية [فاطر ،]28 :فالعِْلم يُوِرث َخ ْشيَةَ اهللِ تعاىل.
الزي َادة من ه ،فق ال تع اىل :ﱡﭐ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱠ [ط ه: ب ِّ أن اهللَ تع اىل أََم ر رس ولَه بِطَلَ ِ َّ -2
.]14
ض ل العِْل م؛ َّ قال احلافِظ اب ن حج ر رمح ه اهلل تع اىل ع ن ه ذه اآلي ة :إهن ا و ِ
ألن اهللَ اض َحة ال اداللَة عل ى فَ ْ
يء اإال ِمن العِْلم (.)123 ب االزِدياد ِمن ش ٍ
َ تعاىل مل يَأْ ُمر نَبِيَّه بِطَلَ ِ ْ
اآلخ رة ،ق ال تع اىل :ﭐﱡﭐ ﳘ ﳙ ﳚ ﳛ ﳜ ﳝ ﳞ ِ
الدنيا و َ أن العِْلم َسبَب لِ ِّلرفْ َعة يف ُّ َّ -3
ﳠ ﳢ ﳣ ﳤ ﳥ ﱠ [اجملادلة.]11 : ﳡ ﳟ
املؤمنِني.
املؤمن على غريه ،مث خص العامل مب ِزيد ِرفْ عة على غ ِريه ِمن ِ
َ َ ا
أن اهلل تعاىل ي رفَع ِ
َْ واملعىن َّ َ
ك طَ ِريق اً يَ ْل تَ ِمس ب اوم ن س لَ َ
يب ق الَ ...((: -4العِْل م طَ ِري ق للجنَّ ة ،فع ن أيب هري رة َّ
أن النَّ َّ
ِع ْلماً َس َّهل اهللُ له به طَ ِريقاً إىل النَّة ))(.)124
املدينَ ة فَ َوقَ ف عليه ا ،فق ال :ي ا أه ل -5العِْل م ِم رياث األنبي اء :فع ن أيب هري رة أنَّه م ر بِس وق ِ
َا ُ
أع َج زُكم ؟ ق الوا :وم ا ذاك ي ا أب ا هري رة ؟ ق ال :ذاك ِم رياث رس ول اهلل يُ َق َّس م الس وق ،م ا ْ ُّ
ص يبَ ُكم من ه ،ق الوا :وأي ن ه و؟ ق ال :يف املس ِجد فَ َخرج وا وأن تم هاهن ا ،أال تَ ْذهبون فَتأخ ذون نَ ِ
ُ َ
ووقَ ف أب و هري َرة ل م ح َّّ َر َجع وا ،فق ال ل م :م الَ ُكم؟ فق الوا :ي ا أب ا هري َرة ،فق د أَتَ ْين ا ِ
س راعاًَ ،
الس ابق ،وانظ ر لّلس تزادة يف املوض وعِ :م ْفت اح دار َّ ِ 121
عادة الب ن ال َق يِّم
الس َ ) ع ن املقاص د احلَ َس نَة ،وَك ْش ف الف اء املوض ع ا
( ،)161/1يف الوجه الثااين والثاّلثِني بعد املائة.
الس ِامع واملتَ َكلِّم (ص .)10 ِ 122
) تَذْكَرة ا
) 123فتح الباري (َّ ،)141/1أول كِتاب العِْلم.
ضل االجتِماع على تّلوة القرآن (،)2074/4رقم (.)2699 ) 124رواه مسلم ،كتاب ِّ
الذكر وال ادعاء والتَّوبة واالستغفار ،باب :فَ ْ
60
املسج َد فَ َد َخ ْلنا فيه ،فلَم نَر فيه َشْيئاً يُقسم ،فق ال ل م أب و هري رة :وم ا رأي تُم يف املس ِجد أح داً ِ
ّلل واحلَرام ،فق ال صلاون ،وقَ ْوماً يَ ْقَرؤون القرآ َن ،وقَ ْوم اً يَتَ ذاكرون احل َ ؟ قالوا :بلى ،رأينا قَ ْوماً يُ َ
حممد .)125( ويَ ُكم ،فذاك ِمرياث َّ لم أبو هريرةْ :
الري لِْل َعْبد. ِ
ّلمة على إر َادة اهلل تعاىل َ -6أنَّه َع َ
الدين ))( ،)126قال احلافظ اب ن يب أنَّه قالَ ((:من يُِرد اهللُ به خرياً يُ َف اق ْهه يف ِّ عن معا ِويَة عن النَّ ِّ
الدين فقد ُح ِرَم ال َري؛ َّ
ألن َم ن أن َمن مل يَتَ َف َّقه يف ِّ حجر رمحه اهلل تعاىل ما ملَ َّخصه :ومفهوم ِ
احلديث َّ ُ
وص ف بأنَّ ه م ا أُ ِري َد ب ه ال ري ،ويف ِ ِ ِ ِ ِِ
مل يَ ْع ِرف أُم َور دين ه ال يك ون فَقيه اً ،وال طال ب ف ْق ه ،فَيَص اح أن يُ َ
ضل العُلَماء على سائِر النا ِ
اس (.)127 ظاهر لَِف ْ
ذلك بيا ٌن ِ
َ
والمتَ َعلم:من آداب العالم ُ
ب العِْل َم لِيُق ال:اآلخ ِرين ،ال أن يَطْلُ َ
ِ ِ
-1اإلخ ّلص :فيَطْل ب الع ْل َم تَ َقارب اً إىل اهلل َو ْح َده ،ويُ َعلِّ م َ
هادة ِ ِ ِ ع امل ،وال ملباه اة األقْ ران ،وتَع ِظ يم النا اس ،والتَّ ِ
ص دير يف اجمل الس ،وال يَطْلب ه لتَ ْحص يل َش َ ْ ْ
صل با إىل َع َمل ُدنْيَ ِو ا
ي. يَتَ َو َّ
اس ي ْقض ى ي ِ
يام ة علي ه ))...وذَ َك ر ثَّلثَة، وم الق َ إن َّأوَل النا ِ ُ َ َ يب أنَّه قالَّ ((: روى أبو هريرة عن النَّ ِّ
وعلَّ َمه ،وقَ َرأ ال ُقرآ َن ،فأُيت به فَ َعَّرفَه نِ َع َمه ،فَ َعَرفَها ،قال :فم ا َع ِم ْل ت فيه ا ؟ ِ
ومنهمَ ((:ر ُجل تَ َعلَّم الع ْل َم َ
ك ال ُق رآن ،ق الَ :ك َذبْت ،ولكنَّك تَ َعلَّ ْم ت العِْل َم لِيُق ال :ع امل، ِ
وعلَّ ْمتُه ،وق َرأْت في َ ِ
ق ال :تَ َعلَّ ْم ت الع ْل م َ
حّ أُلْ ِق َي يف الناار ))(.)128 ب على َو ْج ِهه َّ ِ ِ ِ
يل ،مثا أُمر به فَ ُسح َ
ِ ِ ِ
وقَ َرأْت ال ُقرآ َن ليُقال :هو قارئ ،فَ َقد ق َ
الع َمل بالعِْلم:َ -2
ب مث ِجت ده ِ ِ وإال فم ا فائِ َدة أن يَ ْعلَ م املس لِم َّ ِ َّ ِ
أن ه ذا الف ْع َل واج ٌ الع َم ل ب ه ،ا إن م ن أَ ْعظَ م مث ار الع ْل مَ :
وألج ِل ه ذا اه تَ َّم العُلَم اء ب ذا الانِب، ِ ُم ْع ِرضاً عنه ،أو يَ ْعلَم َّ
أن ذلك الف ْع َل َحر ٌام مث تَراه ُمْن َكبااً عليهْ ،
ِ ِ ِ
الع َمل) ،للخطيب البغ دادي ،وكت ابَ (:ذ ام َم ن ال يَ ْع َم ل فكتَبوا فيه ،فمن ذلك كتاب( :اقتضاء الع ْل ِم َ
بِعِْل ِمه) للحافظ أيب القاسم ابن عساكِر رمحة اهلل تعاىل علي ِهما.
ِ
) رواه الطَّ اين يف األوس ط ،ق ال املن ذري واليثم ي ":إس ُ
125
الزوائ د
الِتهي ب ( ،)1/103جمم ع َّ
(الِتغي ب و َّ
ناده َح َس ن "َّ .
.)1/124
) 126متَّف ق علي ه ،ص حيح البخ اري ،كت اب العِل م ،ب ابَ :م ن يُ ِرد اهلل ب ه َخ ْرياً يُ َفقِّه ه يف ال دِّين ( ،)164/1ح ( ،)71ومس لم،
كتاب الزكاة ،باب :الن َّْهي عن املسألة ( ،)718/2ح (.)1037
) 127يُنظر :فتح الباري (.)165/1
) رواه مسلم ،كتاب اإلمارة ،بابَ :من قاتَل لِ ِّلرياء و ُّ
128
الس ْم َعة ( ،)1513/3ح (.)1905
61
يام ة ح َّّ يُس أَل ع ن أَْربَع ِخص ال :ع ن عُ ُم ِره فيم ا أَفْن اه ،وع ن زول قَ َدما عب ٍد ي ِ
وم الق ََْ َ ق ال ((:ال تَ ُ
َشبابِه فيما أَبّْله ،وعن مالِه ِمن أين ا ْكتَ َسبَه وفِيما أَنْ َف َقه ،وعن ِع ْل ِمه ماذا َع ِمل فيه ))(.)129
الد ْع َوة إىل اهلل مبا معه ِمن العِْلم: َّ -3
ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ
يب ((:بَلِّغ وا ع ِّين ول و ومن مثار الع ْلم :بَ ْذله للنااس ،وه و م ن تَ ْبلي غ الع ْل م امل أمور ب ه يف مثْ ل قَ ْوِل النَّ ِّ
آيَة ))(.)130
اضع:
-4التَّو ُ
فّل ي تَ رفَّع عن اآلخرين عجباً بِنَ ْف ِسه وما وصل إليه ِم ن ِع ْل م ،وال يتَ ِق ر النااس وي زد ِري ِهم ،ف ِ
الك ْ ُخلُ ٌق َ ََْ ََ ُْ ََ
ص َدقَةيب أنَّه ق ال ((:م ا نَ َقص ت َ اضع واللِّ ني ُخلُق حمم ود ،فع ن أيب هري رة ع ن النَّ ِّ َمذموم ،والتَّو ُ
وم ن َعّلم ات ِم ن م ال ،وم ا زاد اهلل عب داً بِع ْف ٍو اإال ِع زاً ،وم ا تَواض ع أَح ٌد هللِ اإال رفَع ه ))(ِ ،)131
ََ ََ َ ا ُ َْ َ
احِتام ال َكبِري ،و اأال يََرى يف نَ ْف ِسه أنَّه أَ ْعلى قَ ْدراً ِمن أَقْرانِه.اضع :العطْف على الغري ،و ِ
التَّو ُ َ
-5أن يَتَأَ َّدب الطاالِب مع ُم َعلِّ ِمه:
ص ت إىل قاطع ه ،ب ل ي ْن ِ ِ ِ فيَ ْح َِِتم ه و ِجيلا ه ،ويَتَ أَ َّدب مع ه يف ُّ
ُ اب أو ال َك ّلم ،وال يُ َ الس ؤال ،وال يُس اب َقه ال و َ
املعلِّم. ِ
َكّلمه ،وال يَتَ َح َّدث مع أَ َحد أَثْناء َكّلم َ
ع ن اب ن عب اس رض ي اهلل عنهم ا أنَّ ه أَ َخ َذ بِ ركاب َزيْ ِد ب ن ثابِ ت فق ال ل ه ((:تَنَ اح ي ا اب ن َع ام
رسول اهلل ،فقال ابن عباس :إناا َه َكذا نَ ْف َعل بِ ُك َ ائِنا وعُلَمائِنا )) (.)132 ِ
عاره فيم ا ال ِي يط بِعِْل ِم ه أن ِ ِ
وإص دار األحك ام ب دون ع ْل م ،ولْ يَ ُكن ش ُ َ -6ع َدم الُْرأة عل ى ال َفْت وى ْ
يء ،ق ال اب ن مس عود يقول (:ال أَعلَم ) ،أو ( ال أد ِري ) ،فليس أَح ٌد ي زعم أنَّه ي ع ِرف ك ل ش ٍ
ا َ َْ َ َْ ْ ْ
ف العِْل م
ص ُ
ِ
عيب ":ال أَ ْد ِري ن ْ اس يف ك ال م ا يُ ْس تَ ْفّ لَ َم ْجن و ٌن ،وق ال َّ ِ
الش ا إن الذي يُ ْف ِيت النا ََّ :
" (.)133
ناده الِتغي ب و َّ ِ
) 129رواه الطَّ اين يف الكبِ ري (ِ )61/6م ن ح ديث مع اذ ،وه ذا لَ ْفظ ه ،ق ال املن ذري يف َّ
الِتهي ب ( ":)396/4إس ُ
الس ِ
ص ِحيح " ،ورواه غ ريهم( ،انظ رِّ : ِ ص ِحيح " ،ورواه ِّ
لس لَة الِتم ذي بنَح ِوه ( ،)612/4ح ( ،)2417ع ن أيب هري رة ،وق الَ ":ح َس ن َ َ
الصحيحة رقم .)946 َّ
) رواه البخاري ،كتاب أحاديث األنبياء ،باب :ما ذُكِر عن بين إسرائيل ( ،)496/6ح (.)3461 130
الع ْفو والتَّواضع ( ،)2001/4ح (.)2588 ِ ) 131رواه مسلم ،كتاب الِ ا و ِّ
الصلَة ،باب :است ْحباب َ
ص ِحيح اإلسناد على َش ْرط ُمسلِم ". ) رواه احلاكم يف مستدركه ( ،)423/3وقالَ ":
132
البزار (كشف األستار ،)2/81والطَّ اين ( ،)1/128واحلاكم ( ،)90 ،1/89وغريهم، ) رواه أمحد يف املسند ( ،)81/4و ا
134
أحاديث املختَصر ،)11-10/1وق د ذك ر يف ه ذا الكت اب وقال احلافظ ابن حجر ":هذا ح ِديث حسن "( .موافَ َقة ال ال يف خت ِريج ِ
ُ ََ َ
ِ جلة ِمن اآلثار عن َّ
السلف ،وانظر أيضاً :سنن ال ادارمي ( ،)65 – 35/1باب :الفتيا وما فيه من الشِّدَّة.
135
اضع (،)340/11ح (.)6502 الرقاق ،باب :التَّو ُ
) رواه البخاري كتاب ا
) 136عن التبيان يف آداب محلة القرآن ،للنووي ،الباب الثالث (ص .)12
63
هادة ِ ِ ِ
وع َدم التَّ َوقاف عن د َح اد ُم َع َّني ،ول يس الغ َرض جمَ َّرد حتص يل َش َ االستمرار يف طَلَب الع ْل مَ ، ْ -9
آخ ر العُ ُم ر ،ق ال اإلم ام أمح د: حتص يل العِْل م وِزيادتِه إىل ِ معيَّنَة مث ي ْنتَ ِهي العِْلم ،ب ل يس تَ ِمر يف ِ
َ َْ ا َ َُ
خل ال َق ْ (.)137 أد
ْ أن إىل م ل
ْ َّإمنا أَطْلُب العِ
َ َ ُ
الع َمل بالعِْلم. ِ ِ ِ ِ -10خ ْدمة أَُّمتِه ِ
ووطَنه يف اجملال الذي يسنه ويُْتقنُه ،وهذا من َ َ َ
الزم ا َن ،وتُش ِّوش ِ
الف ْك َر ،وق د تُ ْف ِس د ض يِّع َّ ِ ِ ِ ِ
َ وأخ رياً فَليَ ْح َذر الطاال ب م ن الق راءَة غ ري النااف َع ة ،فذهن ا تُ َ
ٍ ِ ِ ِ ِ ِ
وم َرب ،ول يس امل راد عم ا يَ ْق رأ َم ن يَث ق ب ه م ن ع امل وأس تاذ ُ ليس أَل اليح ِرص عل ى االنتق اء ،و ْ العقائ د ،و ْ َ
لكن العُلَماءَ قَلِيل.
فذن ال ُقاراءَ اليوم َكثِري ،و َّ القراءَةَّ ، جمرد ِ بالعِْلم َّ
األسئلَة:
س :1ما َح اد العِْلم الو ِاجب ؟ مع التَّمثِيل.
س :2اذ ُكر ما ميكنك ِمن أدب لِلطاالِب مع ِ
أستاذه. َ
ض ح ذل ك ص ِحيح أهن ا ُمْنتَ ِش َرة ب ني النا اس الي وم ؟ َو ِّ ِ
حتدث عن خط ورة ال َفْت وى بغ ِري ع ْل م ،وه ل َ سَّ :3
ذاكِراً بعض ما تَع ِرفه ِمن م ِ
ظاهر التَّ َسارع يف ال َفْتوى. َ ْ
حتدث عن حمبَّة العُلَماء وتَ ْق ِدي ِرِهم. سَّ :4
حتدي ٍد لِ َم ْفه وم ك ال نَ ْوٍع منه ا ،واذ ُك ر
ضع ِ القراءَة نَ ْوعان :نافِ َع ة وأُخ رى غ ري نافِ َع ة ،اجتَ ِه د يف َو ْ س ِ :5
أمثِلَة لِذلك.
لّلستِز َادة. السعادة لإلمام ابن القيم رمحه اهلل تعاىل (( ،)71/1الوجه ِ
) ِمن مفتاح دار َّ
137
السادس والمسون) ،وانظر ْ
َْ ا
64
الحديث الشريف
ثالثاَ :
65
الحديث الخامس َ
رسول اهللِ يق ول ((:ال تَ ْلبَس وا احلَ ِري َر وال ال ِّديباج ،وال تَ ْش َربوا
ت َ عن ُح َذيْ َفة بن اليَمان قالَ :مسع ُ
اآلخَرة )) متَّفق عليه (.)138 الدنيا ولكم يف ِ ضة ،وال تأ ُكلوا يف ِصحافِها ،فذهنا لم يف ُّ بوِ
الف َّ يف آنِيَ ِة ال َّذ َه ِ
التعريف بالراوي:
وش ِهد أُح داً ،وقُتِ ل
العْب ِس ي ،أس لَم ه و وأب وهَ ،
الصحايب الليلُ :ح َذيْ َفة بن اليمان :حسل بن ج ابِر َ هو َّ
اليمان با.
رسول اهلل فيُ ْخِ ُه عن املنافِ ِقني وأَ ْحوالِم ،اس تَ ْع َملَه عم ر
صاحب ِسر ِ
ا
أحاديث كثرية ،وكان ِ روى ِ
صلِّي عليه ُح َذيْ َفة ،تويف بعد َم ْقتَل عثمان بن عفان ِ
صلِّي على َمن ال يُ َ
على املدائن ،وكان عمر ال يُ َ
بأربعني يَ ْوماً ،سنَة ست وثّلثني(.)139
المباحث اللغوية:
َ
معناها الكلمة
أص له يف اللاغ ةِ :م ن ال َّدبْج ،وه و ال نَّ ْقش والتَّ ْزيني ،فا ِرِس اي ُم َع َّرب ،وه ي الثِّي اب املتَّ َخ َذة ِم ن الديباج:
ِّ
بالديباج. املدبَّج :الذي ُزيِّنَت أَطْرافُه ِّ
اإلبريسم ،و َ
ص ْح َفة ،وهي اإلناء الذي يُ ْشبِع الَ ْم َسة. جَْع َ صحافِها:
إخبار عن واقِعِ ِهم وحالِم ،وليس إخباراً الدنيا ،وهذا ٌ ضة لِلك افار يف ُّ الذهب و ِ
الف َّ أيِ َّ :
إن آنيَة َّ َ فذهنا لم:
عن ِحلِّها لم.
األحكام والتوجيهات:
للرجال دون النِّساء ،وهذا النَّهي يقتضي التَّح رمي ،يؤيِّد ذل ك م ا رواه الديباج ِّ
-1النَّهي عن لبس احلرير و ِّ
يب قالُ ((:حِّرم لِباس احلَ ِري ر وال َّذ َهب عل ى ذُك وِر أَُّم ِيت، الِتمذي وغريه عن أيب موسى َّ
أن النَّ َّ ِّ
ُح ال إلناثِ ِهم ))(.)140
وأ ِ
الذ َهب ( ،)94/10برقم ( ،)5632ويف (،)96/10 ) 138أخرجه البخاري يف صحيحه ،كتاب األشربة ،باب :الشُّرب يف آنية َّ
الرج ال والنِّس اء
ض ة عل ى ِّ الزين ة ،ب اب :حت رمي اس تِعمال إن اء ال َّذهب و ِ
الف َّ َ ْ ب رقم ( ،)5633وأخرج ه مس لم يف ص حيحه ،كت اب اللاب اس و ِّ َ
( ،)1638/3برقم ( ،)2067واللَّفظ ملسلِم.
) 139يُنظر :سري أعّلم النُّبّلء ( ،)361/2واإلصابة (.)223/2
ص ِحيح ".الذ َهب ( ،)217/4وقال ":حديث َح َسن َ ) 140يُنظر :سنن الِتمذي ،كتاب اللاباس ،باب :ما جاء يف احلرير و َّ
66
احة ِ ويُس تَثىن ِم ن ه ذا التَّح رمي م ا ك ان َّ
للحاج ة أو ملص لَ َحة ،ك أن يت اج إىل لبس ه يف س َ َ للض رورة أو
القتال ،أو يكون به َمَرض يف ِج ْلدشه ،وحن و ذل ك ،فق د روى البخ اري وغ ريه ع ن أن س ق الَ ((:ر َّخ ص ِ
س احلَ ِريرِ ،حل َّكة بِما ))(.)141 الرمحن يف ْلب ِ يب لِ ُّلزبري وعبد َّ
النَّ ا
ض ي التَّح ِرمي، ض ة ،والنَّه ي يقتَ ِ الشرب يف آنية ال َّذهب و ِ
الف َّ يد ال عليه احلديث :النَّ ْهي عن األكل و ُّ
ْ -2ماا ُ
وي دخل يف النَّ ْه ي أيض اً :س ائِر االس تِعماالت األخ رى كالوض وء واالغتِس ال ،و ِّاختاذه ا لِ ِّلزينَ ة ،ق ال
شيخ اإلسّلم ابن تيمية رمحه اهلل (:ما َح ُرم استِ ْعمالُه َح ُرم ِّاختاذُه )(.)142
تقدم ما ورد ِمن الو ِعيد َّ ِ
يب الشديد يف ذلك ،فقد روى البخاري رمح ه اهلل ع ن اأم َس لَ َمة َزْوج النَّ ِّ َ ويؤيِّد ما َّ َ َ
نار َج َهنَّم ))(.)143 ِ ِ رسول اهلل قال ((:الذي ي ْشرب يف إناء ِ َّ
ضة إمنا جيَْرجر يف بَطْنه َ الف َّ َ َ أن َ
ض ة بأهن ا آنِيَ ة أَ ْه ل الَنَّ ة، الش رب يف آنِي ة ال َّذهب و ِ
الف َّ -3ذُكِ ر يف احل ديث ِعلَّ ة النَّ ْه ي ع ن األك ل و ُّ
َ َ
واستَ ْنبَط العُلَماء ِعلَّلً أخرى ،وهي:
(أ) أهنا ْجتلِب ِ
الكْب َر والُيَّلء.
(ب) استِ ْعمالا يَ ْك ِسر قُلوب ال ُف َقراء واملساكِني.
الدنيا. (ج) ُمشابَة ال ُك افار؛ ألهنم يَستَ ْع ِملوهنا يف ُّ
ضياعاً لألموال وتَ ْب ِذيراً وإسرافاً. ِ
أن يف استعمالا َ (د) َّ
ض ة ،فذنَّه ال جي وز ض ة ي دخل في ه املطلِ ي بال َّذهب أو ِ
الف َّ -4ما ذُكِ ر يف حت رمي اس تِعمال آني ة ال َّذهب و ِ
الف َّ
ا َ
ب َح ِقي َقة فّل يَ ْد ُخل يف التَّح ِرمي. الذ َهب وليس بِ َذ َه ٍ استِعماله ،اأما ال َمطْلِي بِلَ ْو ِن َّ
ا
ف واإلس راف ال ذي ي رِّيب يف ال نَّ ْف ِ ِ -5ماا ي ْنبغِ ي عل ى املس لِم أن ي تجنَّ ب ك ل م ا ي ؤِّدي إىل التَّ ر ِ
س الك ْ َُ َ ََ َ َ ا ُ َ ََ
اس. والُيَّلء والغُرور والتَّعايل على النا ِ
فالرسول هنى عن مش ابتِ ِهم يف مو ِ
اض ع َ ُ َ كل ما فيه ُمشابَة لِل ُك افارَّ ، ِ
-6على املسلم أيضاً أن يَتَ َجنَّب ا
صيَّته املتَ َميِّ َزة املبنِيَّة على تَ ْن ِفيذ تَعالِيم ِدينِه.
ألن لِلمسلِم َشخ ِ
ْ يدة ،وذلك َّ ُ
ِ
َعد َ
68
الحديث السادس َ
القْب لَ ة لِغ ائِ ٍط أو بَ ْول ،أو أن
ول اهلل أن نَس ت ْقبِل ِ
َْ ع ن س لمان الفارس ي ق ال ((:لق د َهنان ا رس ُ
نَ ْستَ ْن ِج َي بِاليَ ِمني ،أو أن نَ ْستَ ْن ِجي بِأَقَ ال ِم ن ثَّلثَة أَ ْحج ار ،أو أن نَ ْس تَ ْن ِجي بَِرِجي ٍع أو َعظْ ٍم )) .رواه ُمس لِم
(.)144
التعريف بالراوي:
الص حايب اللِي ل أب و عب د اهلل َس ْلمان الفا ِرِس ي ،يع رف بِ َس لمان ال ري ،أص لُه ِم ن ف ارس ،وك ان ه و َّ
ول اهلل ،وه و ال ذي أش ار ْف ر الن َدق يف غ زوة األح زاب ،ك ان ِم ن جموس يَّاً مث أس لَم وأص بح م وىل لرس ِ
َ
ف يف َزَم ن َم ْوتِه ،فَِقي ل :م ات يف ِ ِ وم ن ع َق ِ
الصحابة وزه ِاد ِهم وفُض ّلئِ ِهمِ ،
الرج ِال ونُ بَّلئ ِهم ،اختُل َ
ّلء ِّ ُ َ ُا خيار َّ
ِخّلفَة عمر ،وقيل يف ِخّلفَة عُثْمان .
المباحث اللغوية:
َ
معناها الكلمة
األحكام والتوجيهات:
ِ ِ ِ
ور
ص جه ُ وخ ااحلاج ة ،والنَّ ْه ي يَ ْقتَض ي التَّح ِرميَ ،
-1يف احل ديث النَّ ْه ي ع ن اس ت ْقبال القْب لَ ة أَثْن اء قَض اء َ
احلاج ة يف البُ ْني ان فَج ائِز؛ لِم ا روى البخ اري وغ ريه
الص ْحراء ،اأم ا إذا ك ان قَض اء َ العُلَماء هذا النَّ ْه َي يف َّ
) 145أخرجه البخاري يف صحيحه ،كتاب الوضوء ،باب :التَّبَ ارز يف البيوت ( ،)250/1رقم ( ،)148ومسلم يف الطَّهارة ،باب:
االستَطابَة ( ،)225/1رقم (.)266
70
ص ل ب ني أُم وِر العِب ادات وس ائِر أُم وِر ِ ِ -8اإلس ِ
ّلم دي ن ش امل لَمي ع ُش ؤون احلي اة ،فل يس يف اإلس ّلم فَ ْ ُ
احلياةِ ،بل ال بُ َّد أن تكو َن احلياة كلاها وفْق َش ِر َيع ِة اهللِ تعاىل.
األسئلَة:
س :1ما املراد باالستِْنجاء ؟
شيء يكون االستِْنجاء ؟ س :2بأي ٍ
ا
س :3ما ُح ْكم االستِْنجاء مبا يلي ،مع التَعليل:
الوَرق.َ (أ)
(ب) ال ِمْن ِديل.
الرْوث. َّ (ج)
احلَ ِديد. (د)
البِّلط األَ ْملَس. (ذ)
يد ال احل ِديث على اهتِمام اإلسّلم بالنَّظافة ،أوِرد أمثِلة أخرى ِمن م ِ
ظاهر اهتِمامه با. َ سَ ُ :4
ض ح ذل ك ،مث ب ِّني أمثِلَ ة أخ رى عل ى اح ِِتام دل احلَ ِديث عل ى اح ِتام َّ
املقدس ات اإلس ّلميَّةَ ،و ِّ سَّ :5
َّ
املقدسات ماا مل يُ ْذ َكر يف احلديث.
71
الحديث السابع َ
يب قال ((:إياا ُكم واللوس يف الطُّرقات ،فقالوا :يا َ
رسول اهلل ،م ا عن أيب سعيد الدري َّ
أن النَّ َّ
يق َح َّقه ،قالوا :وما َح اق الطَِّري قأعطوا الطَِّر َ
اجمللس فَ ْ
َ لنا ِمن جمالِ ِسنا بُ ٌّد نَتَ َح َّدث فيها ،فقال ((:فذذا أَبَْيتُم اإال
الس ّلم ،واألم ر ب املعروف والنَّ ْه ي ع ن املن َك ر )) متَّ َف ق
كف األَذىَ ،وراد َّ صر ،و ا ض البَ َ
رسول اهلل ؟ قالَ :غ ا يا َ
عليه ،واللَّفظ للبُخا ِري (.)146
التعريف بالراوي:
الص حايب اللي ل أب و س عيد ال دري ،وامس ه :س عد ب ن مال ك ب ن س نان ،الزرج ي األنص اري ه و َّ
ال دري ،نِ ْس بَة إىل خ درة ،ح اي ِم ن األنص ار ،استش هد أب وه ي وم أُ ُح دَ ،
وش ِهد أب و س عيد الن دق ،وبَْي َع ة
أح د الفقه اء اجملتَ ِه دين ،م ات س نة أرب ع ِ الرضوان ،روى عن النَّيب أَلْف اً ومائ ة ِ
وس ْبعني َح ديثاً ،وك ان َ
َ ِّ ِّ
وسبعني (.)147
المباحث اللغَوية:
َ
معناها الكلمة
) 146أخرج ه البخ اري يف ص حيحه ،كت اب املظ امل ،ب اب :أفنِيَ ة ال ادور والل وس فيه ا ( ،)112/5ب رقم ( ،)2465ويف كت اب
االس تِئذان ( ،)8/11ب رقم ( ،)6229وأخرج ه مس لِم يف ص حيحه ،كت اب اللِّب اس و ِّ
الزين ة ،ب اب :الن َّْه ي ع ن الل وس يف الطُّرق ات
( ،)1675/3برقم (.)2121
َّهذيب (.)479/3 ) 147ينظر :سري أعّلم النابّلء ( ،)168/3وهتذيب الت ِ
ُ
72
وحقوقه الو ِاجبَة عليكم. آداب الطَِّريق ُ
ِ
فامتَثلوا َ َّ
حقه:
ض :إطْب اق الَْف ن عل ى الَْف ن ي ث متتَنِ ع ِ
عم ا ال ي ل النَّظَ ر إلي ه ،وأص ل الغَ ا أي ا ا صر:
غض البَ َ
ا
الرْؤيَة.
ُّ
ول أو فِ ْعل ِمن حن ِو التَّضييق علي ِهم أو احتِقا ِرِهم و َغ ْم ِزِهم ،وما ش ابَه أي ِمن ِّ
املارين بَِق ٍ ف األَذَى:
َك ا
ذلك.
األحكام والتوجيهات:
ّلق ،وعُلُ او اآلداب ،ويَْن أَى ومس و األَخ ِ ِ يَه ِدف اإلس ّلم إىل ُّ
الرقَ اي ب اجملتَ َمع املس لم إىل َمع ايل األُم ور ُ ،ا ْ -1
ب أفر ِاده ع ن ك ال ُخلُ ٍق َس ِّي ٍء أو َع َم ل َم ِش ني ،ويُِري د أن يك ون اجملتَ َم ع جمتَ َم ع حمبَّ ة وأُلْ َف ة ،تَ ْربِط ب ني
الادفَ ة ب ني قائِ د األَُّم ة وأَفْر ِاده ا ح ول ظ ِ
اهَرة ناص ره األُخ َّوة وامل وَّدة ،أال ت رى إىل تل ك املناقَش ة ِ ع ِ
َ َ ُ َ
ماعيَّ ة م ِه َّم ة ،ل و ب ِقي ت عل ى و ْ ِ اجتِ ِ
ّلمه علي ه إىل وس ُص لوات اهلل َ ض عها ألَفْ َس َدت اجملتَ َم ع ،فَ َد َّلم َ َ ََ ُ
السلِيم جتاهها.ضع َّ الو ْ
َ
ّلمي يف تَش ِريعِه وأَخّلقِ ه وآدابِ ه ،ويف ِرعاي ة حق وق اآلخ رين ،ويف ك ل ش ؤونِ تكام ل ال ِّدين اإلس ِ -2
ا َ ُ ْ ا ُ
أي ِدي ٍن أو َم ْذ َه ٍ
ب. احلياة ،تَ ْش ِريع ال يكاد يُ َ
وجد يف ا
لجلوس؛ ألنَّه يَتَ َرتَّب على اللوس فيها أضرار ،منها: ِ األصل يف الطَِّريق واألَفْنِيَة َّ
العامة أهنا ليست ل ُ ْ -3
عرض لِ ِلفْت نَة. التَّ ُّ (أ)
ب والغَ ْمز واللَّ ْمز. بالس ا
إيذاء اآلخرين َّ (ب)
الاصة للنااس. االطِّّلع على األحوال َّ (ج)
ضياع األوقات مبا ال فائِ َدة منه. َ (د)
سول هذا احلديث بعض ُحقوق الطَِّريق ،وهي: الر ِ َع ْرض َّ -4
ض ني َح وائِ َج ُه ان، احملرم ات ،ف الطَّريق مع َّرض مل روِر النِّس اء ال اّليت ي ْق ِ
َ َُ ص ر وَك اف ه ع ن النَّظَ ر يف َّ ض البَ َ َغ ا (أ)
احملرم ات ِم ن الواجب ات ال يت ِجي ب التَّ َقيُّ د ب ا يف ك ال األَ ْح وال والظُّ روف ،يق ول ص ر ع ن َّ ض البَ َ و َغ ا
ﱸﱺﱻﱼﱽ
ﱹ ﱴﱶﱷ
ﱵ ﱡﭐ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ تع اىل:
ﱾ ﱠ [النُّور.]30 :
73
كالس باب
الس ِّيءِّ ، ص غِرياً ،مث ل االعتِ داء ب الكّلم َّ ِ ِ
ف األَذى ع ن امل َّارة بَمي ع أَنْواع ه َكبِ رياً أو َ(ب) َك ا
الس ْخ ِريَّة ،وك ذا االعتِ داء ب النَّظَر يف بي وت اآلخ رين ب دون إذهنِ م، الش تائِم والغِيبَ ة ،واالس تهزاء ،و ُّ
و َّ
ص َدر إيذاء ألهلِها ،وغري ذلك. ِ ِ
ويَ ْد ُخل يف اإليذاء أيضاً لَعب ال ُكَرةِ باألفنيَة أَ َ
مام البُيوت ،فهي َم ْ
أن رَّد الس ّلم و ِ
اج ب ،يق ول تع اىل :ﱡﭐ ﳎ ﳏ ﳐ ﳑ الس ّلم ،وق د أج ع أه ل العل م َّ َ ا (ج) َراد َّ
ومن املعل وم َّ
أن االبت داء ﳕ ﳗ ﳘ ﳙ ﳚ ﳛ ﳜ ﳝ ﱠ [النِّساءِ ،]86 : ﳖ ﳒﳓﳔ
الر ْمحَة وال َ َكة.
ّلمة و َّ السّلم حتيَّة ِ
املسلمني ،فهو ُدعاء بِ َّ بالسّلم سناة يؤجر ِ
الس َ فاعلها ،و َّ َ َّ
ص بِال ِّذ ْكر؛ َّ ِ
ألن وخ ا الرابِ ع امل ذكور يف احل ديثُ ، (د) األَ ْم ر ب املعروف والنَّ ْه ي ع ن املن َك ر ،ه ذا ه و احلَ اق ا
وحنوه َمظنَّة ُوجود املن َكرات فيه. َِّ
الطريق َ
الس نَّة عل ى ه ذا املب دأ العظ يم ،منه ا قول ه تع اىل:ﭐﱡﭐ ﲆ ﲇ ﲈ وق د تض افَ َرت نُص وص الكت اب و ُّ
ﲐ ﲒ ﲓ ﲔ ﱠ [آل عمران.]104 : ﲑ ﲉﲊﲋﲌﲍﲎﲏ
اطس،ض حق وق الطَّري ق ،ومنه ا :حس ن الك ّلم ،وتَ ْش ِميت الع ِ وص أخ رى تَ ْذكر بع ِ
ُْ وردت نص ٌ َ -5
الس بِيلَ ،وراد ظُْل م الظاامل ،جعه ا احل افظ اجزِ ،
وهدايَة احلَ ْريان ،وإرش اد َّ وإغاثَة املله وف ،وإعانَة الع ِ
ابن حجر رمحه اهلل بقولِه:
طَِّر ِيق ِمن قَ ْوِل َخ ِْري الَْل ِق إنْسانا. وس عل ى ال
آداب َمن ر َام ال جل َ
ت َ َج َم ْع ُ
ِ ِ
إحس انا. وسّلم اً ُرَّد ْعاط ساًَ ، وش ِّمت ّلم ،وأَ ْحس ن ال َك َ
ّلم َ أَفْ ش َّ
الس َ
َلْفانْ ،اه ِد َسبِ يّلً ،و ْاه ِد َح ْريانا. أع ن وأَ ِغ ث
يف احلمل عا ِون ،ومظل وماً ِ
َ َْ
ض طَْرفاً ،وأكثِر ِذ ْكَر َم ْوالن ا (.)148 وغُ ا ف أَذىبالعُرف ُمر ،وانْ هَ عن نُ ْكر ،وُك ا
األسئلَة:
صل يف الطَِّريق ،واألفنِيَة َّ
العامة ؟ س :1ما األَ ْ
لم َحَّرمات.ِ ِ
س :2اذ ُكر َدليّلً على َع َدم َجواز النَّظَر ل ُ
بعض فَوائِ ِده. ِ
ب من الواجبات ،اذ ُكر َ
س :3األمر باملعروف و ِاج ِ
ٌ
اآلخ ِرين ؟ ِ ِ ِ
س :4ما رأيُك يف الكتابَة على الُدران ؟ وهل تَ ْد ُخل ض ْم َن إيذاء َ
وضح ذلك. يدل على ُح َرمة املسلِمِّ ، س :5احلديث ا
ومساء الري) هل جيوز أن تكون بِداية َّ
السّلم ؟ وملاذا ؟ (صباح الريَ ، س َ :6
) 149أخرجه أبو داود يف سننه ،كت اب األدب ،ب اب :يف حس ن الل ق ( ،)150/5والطَّ اين يف الكب ري ( ،)98/8ح ()7488
الصلَة ،باب :ما جاء السالِكني ( ،)307/2رواه الطَّ اين وإسناده صحيح وبنحوه ِّ
الِتمذي يف سننه ،كتاب الِ ا و ِّ وقال ابن ال َقيِّم يف مدارج ا
يف املراء ِمن حديث أنس بن مالك (.)358/4
) 150يُنظر :سري أعّلم النُّبّلء ( ،)359/3وهتذيب التَّهذيب (.)420/4
75
األحكام والتوجيهات:
ِ ِ ِ ِ
-1ال اداعي ة النا اجح وامل ريب النااص ح ،ه و ال ذي يَ ْع ِرض م ا لَ َديْ ه م ن فَوائ د وآداب وأخ ّلق بِ ُ
ص َورةٍ ُمَر ِّغبَ ة
الس ِامع بِك ال َش ْو ٍق وتَلَ ُّه ف ،فَيَ ْقبَله ا قب والً كرمي اً ،وهك ذا ك ان رس ول اهلل ، ُم َش ِّوقَة ح ّ يَتَ لَ اقاه ا ا
الضمانات لِ َمن قام بذه اآلداب. فهو هنا يذكر بعض هذه َّ
-2النة أعلى ما يَطْل ب الطاالِبون ،وأَنْ َف س م ا يَتَن افَس في ه املتنافس ون ،ق د أفْ لَ ح َم ن يَ ْس عى إليه ا ،وف از
ألجل احلصول عليها ،مثنُها غ ٍال ،وه و َس ْهل لِ َم ن َس َّهلَه اهللُ علي ه، وسعد َمن يَ ْع َمل ْ
من يظْ َفر باِ ،
َ َ َ
ض ِّمنُها لِ َمن قام بذه األعمال الليلة. الرسول يُ َ و َّ
درج ات الرس ول َ -3يف النَّ ة َد َرج ات كث رية أع َّدها اهلل ع َّز وج َّل لِعب ِاده امل ؤمنني ،ويف احل ديث ب َّني َّ
صال ثّلث-: لِمن حتلَّى بأَح ِد ِخ ٍ
َ َ
الع ِق يم ال ذي ال فائِدة ِ
الد َر َج ة؛ ألنَّه تَرك ال دال َ احبُه يف َربَض النَّة ،وإمن ا ُو ِع د ب ذه َّ (أ) ت رك امل راء وص ِ
وص ل إىل احلَ اق الشحناء والب ْغضاء ،وال ي ِ
ُ َ الص ْوتَ ،وتَ َكلاف احلُ َّجة ،ويُ َؤ ِّجج َّ ْ
ص َحبه َرفْع َّ منه ،والذي يَ ْ
املؤمن احلَ اق هو الذي يَْت ُرك هذا الِدال حّ ولو كان يَ ْعتَ ِقد جا ِزماً أنَّه على احلَ اق. املطلوب ،و ِ
الدرجة بِبُ ْع ِده عن الك ذب صلت له هذه َّ وح َ
ِ
(ب) تَ ْرك ال َكذب وإن كان مازحاً ،وصاحبُه يف َو َسط النَّةَ ،
ِ
وص دقاً ،وال َُي ِ اإال مب ا ه و ِص ْدق ،والك ذب ينط ق اإال ح اق اً ِ الص دق ،ف ّل ِ بقولِ ه وفعلِ ه ،والت زام ِّ
ول اهلل ق ال ((:آيَ ة املن افِق ثَ ّلث :إذا أن رس َ ص لَة ِم ن ِخص ال املن افقني ،ع ن أيب هري رة َّ َخ ْ
َح َّدث َك َذب ،وإذا َو َع َد أَ ْخلَف ،وإذا ْأؤمتِن خان )) (.)151
يمة ،وعاقِبَتُه َّ
ضارة. ِ
يجتُه َوخ َ
ِ
الذنوب ،نَت َ وال َك ِذب َكبِرية ِمن َكبائِر ُّ
َ
ِ
وإن ال ُفج َور يَ ْه دي إىل ب يَ ْه دي إىل ال ُفج وِرَّ ،ِ ِ ِ
ق ال رس ول اهلل ((:إيا ا ُكم وال َك ذب ،ف َّ
ذن ال َك ذ َ
ب عند اهللِ ك اذاباً )) (.)152 الر ُج َل لَيَ ْك ِذب َّ
حّ يُ ْكتَ َ وإن َّ الناا ِرَّ ،
جملرد إضحاك النااس ،فقد جاء يف احلديثَ ((:ويْل للذي
الشديد لل َكذب ،حّ ولو كان َّ هذا الوعيد َّ
يَ ِّدث فَيَ ْك ِذب لِيُ ْ
ض ِح َ
ك ال َق ْوَمَ ،ويْ ٌل لهَ ،ويْ ٌل له )) (.)153
ﱩ ﱠ وم ا تع اىل:ﭐﱡﭐ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ) 151رواه البخ اري يف ص حيحه ،كت اب األدب ،ب اب :قول ه
ينهى عنه من الكذب ،يف ( ،)507/10برقم (.)6095
152
السابق ،رقم (.)6095) البخاري يف صحيحه ،املوضع ا
الزهد ( ،)557/4وقال في هَ ":ح ِديث َح َس ن " ،وق ال
الِتمذي ،كتاب ا
السنَن ما عدا ابن ماجه ،ينظر سنن ِّ
) رواه أصحاب ُّ
153
السّلم (.)398/4ابن حجر رمحه اهلل (:إسناده قَ ِوي ) ،يُنظر :سبل َّ
76
املتعلِّق باألموال. ِ ِ ِ ِ
أش اد أَنْواع ال َكذب :ال َكذب على اهلل تعاىل أو على رسوله ،وكذا ال َكذب َ ومن َ
عاملُه ِ ِ ِ
وخلُق ه َح َس ناً ،وتَ ُ (ج) ُح ْسن الُلُق وصاحبُه يف أعلى النَّة ،ويصل عليه َمن كانت ص فاته َمحي َدةُ ،
الرسول ،الذي َم َد َحه اهلل تعاىل بقوله :ﱡﭐ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﱠ [القلم.]4 : كرمياًُ ،م ْقتَ ِدياً بِ َّ
وحس ن اللُ ق أَ ْكثَر األَ ْعم ال ال يت تَرفَ ع قَ ْدر املس لِم عن د النا اس يف ال ُّدنْيا ،وعن د اهللِ يف ِ
اآلخ َرة ،روى ْ ُْ ُ
يام ة ِم ن أن النَّيب قال ((:ما ِمن شي ٍء أَثْ َقل يف ِميزان العب د ي ِ
وم الق َ َ َْ الدرداء َّ َّ الِتمذي رمحه اهلل عن أيب َّ ِّ
ش البَ ِذيء )) (.)154 ِ ِ
وإن اهللَ يُْبغض الفاح َ ُح ْس ِن الُلُقَّ ،
ِ ِ ِ
العّلق ات االجتماعيَّ ة ،وال َّروابِط ب ني النا اس ،يَْنبَغ ي أن تَ ُس َ
ودها األُلْ َف ة واحملبَّ ة واألُ ُخ َّوة وامل َوَّدة ،وأن َ -4
الض غائِن ،والغِ ال واحلَ َس د ،هك ذا يُِري دها اإلس ّلم ويَ ْس َعى إليه ا ،وعلي ه تك و َن خالِيَ ةً ِم ن األَ ْحق اد و َّ
خال ِمن األَمراض و َّ ِ فاملسلِم قَ ْلبه أَب يض نَِقي ٍ
العّلقات. ص ْف َو هذه َ الشوائب اليت تُ َع ِّكر َ ْ ا ُ َْ
ّلم أو ِج دال أو فِ ْع ل يُ َؤِّدي إىل الوق وع فكل َك ٍ
ب املصا يف َش ِر َيعة اهللُّ ، املفاسد ُم َق َّدم على َج ْل ِ -5درء ِ
َْ
يف َم ْف َس َدةِ ،جيب تَ ْرُكه واالبْتِعاد عنه (.)155
األسئلَة:
س :1ما معىن ال َكلِمات اآلتية( :زعيم ،ربَض ،املراء) ؟
مثرة ذلك ؟ ِ
احلسن ،ما َ
س :2من صفات املؤمن :اللُق َ
س :3اذ ُكر فائِدتني ِمن فوائِد احلَ ِديث.
لح ِديث. ّلل ِدر ِ ِ
استك ل َ َ
ضح املراد بذه الملة ِمن ِخ ِ س( :4مهَّة املسلِم عالِيَة) َو ِّ
خاطئَة ،ما َم ْوقِ ُفك منه ؟
س :5زِميلُك أَخطَأ عليك بِ َكلِم ٍة ِ
َ ْ َ
س :6مثال للقاعدة الليلة :درء املفاسد مقدم على جلب املصا ؟
ص ِحيح ".الصلة ،باب :ما جاء يف حسن اللق ( ،)362/4وقال ":حديث َح َسن َ ) 154أخرجه الِتمذي يف سننه ،كتاب الِ و ِّ
155
للسيوطي (ص ،)87والوجيز يف إيضاح قواعد الفقه الكليَّة للدكتور حممد صدقي البورنو
) يُنظر يف القاعدة كتاب األشباه والنَّظائر ُّ
(ص .)208
77
الحديث التاسع
َ
ف َرس ول اهللِ يَ ْوم اً ،فق ال ((:ي ا غُ ّلم! عن عبد اهلل بن عبااس رضي اهلل عنهما أنه قال :كنت َخ ْل َ
ِ ِ ِ ِ
ت فاس أَل اهللَ ،وإذا ْ
اس تَ َعْنت جتاه ك ،إذا س أَلْ َ اح َف ظ اهللَ جت ْده َاح َف ظ اهللَ َْي َفظْ كْ ،إين أُ َعلِّم ك َكلم اتْ ، ِّ
وك اإال بِ َش ْي ٍء ق د َكتَبَ ه اهللُ ل ك،
وك بِ َش ْي ٍء مل يَْن َفع َ فاستَعِن باهلل ،و ْاعلَم َّ
أن األَُّمة لو اجتَ َم َع ت عل ى أن يَْن َفع َ
ِ ٍ
ض اروك بِ َش ْيء اإال ق د َكتَبَ ه اهللُ علي كُ ،رف َع ت األَقْ ُ
ّلم َو َج َّف ت ض اروك بِ َش ْيء مل يَ ُاجتَ َمع وا عل ى أن يَ ُ
ول و ْ
ص ِحيح (.)156 ِ
الِتمذي ،وقالَ :حديث َح َسن َ الص ُحف )) رواه ِّ ُّ
التعريف بالراوي:
األول.
سبق التَّعريف به يف احلديث َّ
المباحث اللغوية:
َ
َمعناها ال َكلمة
يامة ،باب ،)667/4( ،)59( :برقم ( ،)2516ورواه اإلمام أمحد يف املسند ِ ِ ِ ) 156أخرجه ِّ
الِتمذي يف جامعه ،كتاب ص َفة الق َ
(.)293/1
78
األَحكام والتوجيهات:
اع د ُكلِّيَّ ةً ِم ن َأه ام أُم ور
ق ال احل افظ اب ن رج ب رمح ه اهلل :ه ذا احل ديث ي تَض َّمن وص ايا ع ِظيم ةً ،وقَو ِ
َ َ َ َ َ َ -1
يش ،فوا أَ َسفاً ِمن الَ ْه ل ِ ِ ِ
يث فَأَ ْد َه َش ِين ،وك ْدت أَط ُ
الدين ،حّ قال بعض العُلَماء :تَ َدبَّرت هذا احلد َ ِّ
بذا احلَ ِديث وقِلَّة التَّ َف ُّهم لِ َم ْعناه (.)157
الس لوك املس تَ ِقيم، ّلق ِ
الفاض لَة و ُّ الس لِيمة واألَخ ِ
ْ يدة َّ َ الع ِق َ ِِ ِ ِ
يب بِتَ ْوجيه أَُّمته ،وتَ ْنشئَتها على َ اهتمام النَّ ِّ
ِ -2
الص غِري لََّقنَ ه َكلِم ات قَلِيلَ ة األَلْف اظ ،كثِ َرية املع اين ،ل اّلحظ هن ا أنَّه ح ني َركِ ب َم َع ه ه ذا الغُّلم َّ ف تُ ِ
الدنيا و ِ
اآلخَرة. آثارها ونَتائِ ُجها الطَّيِّبَة يف ُّ ُ
الوص ايا الناافِ َع ة لِ َم ن يَ ُق وم ِ ِ
عل ى ال ُمَرِّيب -أب اً أو ُم َعلِّم اً أو غريمه ا -أن يَ ْس تَغ ال َ
املناس بات ليُ ْه دي َ -3
ِ ِ
الوصايا ،مثل :التَّش ِويق َِّ
سلوب احلَ َسن ،والطري َقةَ الَيِّ َد َة إليصال هذه َ على تَربِيَت ِهم ،وأن يَ ْستَ ْعمل األُ َ
سول . علومة قبل ِذ ْك ِرها ،كما فَ َعل َّ
الر ُ ِ
لم َ لَ
يم ة يف ه ذه احلي اة ،ذلك م ه و ِح ْف ظ اهللِ تع اىل ،املتَ َمثِّ ل يف القي ام بِ أَو ِام ِره ِ ِ ِ
عل ى امل ؤمن َمس ؤوليَّة َعظ َ -4
ص ِحب ه ذه الُط و َط ِ ِ ِ ِ
واجتن اب نَواهي ه َوزواج ِره ،والوق وف عن د ح دوده ف ّل يَتَ َ
جاوُزه ا ،وأن يَ ْستَ ْ
ؤون َحياتِه. جيع ُش ِ يضةَ يف َِ الع ِر َ
َ
ث على ِح ْف ِظها ،فعلى سبيل املثال: باألمر ،أو باحلَ ا
الشارع احلكيم ْ صت ِمن ا َوَرَدت أَ ٌ
عمال ُخ َّ -5
الصّلة جاء فيها قوله تعاىل :ﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱠ [البقرة.]238 : َّ (أ)
الوضوء ،روى اإلمام أمحد واب ن ماج ه ،واحل اكِم ،وغ ريهم ،ع ن ثوب ان ق ال :ق ال رس ول هارة و ُ(ب) الطَّ َ
ظ عل ى الوض ِ
وء اإال الص ّل َة ،ول ن ُي افِ َ
أن َخ ْري أعم الِ ُكم َّ
اس تَ ِقيموا ول ن ُْحتص وا ،و ْاعلم وا َّ
ُ اهلل ْ ((:
ُم ْؤِمن )) (.)158
(ج) األَميان ،قال تعاىل :ﱡﭐ ﲳ ﲴﭐ ﭐ ﭐﱠ اآلية [املائدة.]89 :
ظ ما يب ق الَ ((:م ن َح ِف َ (د) ال وا ِرح ،مث ل :اللِّس ان ،وال َف ْرج ،روى احل اكم ع ن أيب هري رة ع ن النَّ ِّ
ض َمن له النَّة )) (.)159 بني حليَ ْيه ،وما بني ِر ْجلَْيه ،أَ ْ
) 157يُنظر :جامع العلوم واحلكم ،البن رجب ( ،)462/1شرح احلديث رقم (.)19
) 158رواه اإلم ام أمح د يف مس نَده بِتَ ْح ِقي ق أمحَ د ش اكِر ( ،)381/6واب ن ماج ه يف ُس نَنه ،كت اب الطَّه ارة ،ب اب :احملافَظَ ة عل ى
وصححه احلاكم على شرط الشَّيخني. الوضوء ( ،)101/1ورواه َّ ُ
ض َمن يل ِ ِ وص َّح َحه ،ووافَ َقه َّ 159
َصل احلَديث يف البخ اري ،لك ن بلَ ْف ظَ (:م ن يَ ْ الذهيب ،وأ ْ ) رواه احلاكم يف املستدرك (َ ،)357/4
الرقاق ،بابِ :ح ْفظ اللِّسان ،ح (.)6474 َض َمن له النَّة ) ،صحيح البخاري ،كتاب ا ما بني حليَ ْيه وما بني ِر ْجلَْيه أ ْ
79
فظ ه يف ُدنْي اه ،فَيَ ْح َفظ ه يف بَ ِدنِ ه ،ويف
تكف ل اهلل ِ ِ
ظ اهللَ وراع اه يف َجي ع ُش ؤون احلي اةُ َّ ، أن َم ن َح ِف َ
َّ -6
َولَده ،وأَ ْهلِه ومالِه.
وض ْعف قُ َّوتِه، ِ ظ اهلل يف ِص غَ ِره وش بابِه وح َال قُ َّوتِه ِ ِ ِ ِ
وص َّحته َحفظَه اهللُ يف ح ِال ك َِه َ َ وعليه :فَ َمن َحف َ َ
وع ْقلِه. ومر ِضه ،ومتَّعه بِسمعِه وبص ِره ِ ِ
وح ْوله وقُ َّوته َ
َ َ َْ َ ْ َ ََ
الص راط املس تَ ِقيمِ ، الش بهات ِ
املض لَّة ال يت يَِزي غ ب ا ع ن ِّ ِِ ِ
وم ن الوق وع يف ُّ وكم ا أنَّ ه ي َفظ ه يف دين ه م ن ُ
الوقوع فيها. الشيطان ويُ َس اهل له احملَّرَمة اليت يَُزيِّنُها َّ الوقوع يف َّ ِ
َ الشهوات َ ُ
هادة ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ
-7من نَت ائج ح ْف ظ اهلل تع اىل يف ال ُّدنْيا ح ْفظ ه لعْب َده عن د َم ْوت ه م ن َّ ِ
الزي غ والَّلك ،فَيَتَ َوفااه عل ى َش َ
ّلمه ِمن ُّ
الدنيا َد َخل النَّة. آخر َك ِاحلق :ال إله إال اهلل رسول اهلل ،فمن كانَت ِ
َ ا
اح َفظْ ه ِجت ده ِ
اح َفظ اهلل ْي َفظْ ك ،و ْ
ِ ِ ِ
وكذا يفظه يف ق ه ،وما يأيت بَ ْعده م ن احل ْش ر ،وأح وال اآلخ رة ،ف ْ
ﳑ ﳒ ﳓ ﳔ ﳕ ﳖ ﳗ ﳘ ﳙ ﳚ ﳛ ﱠ [ق-31 : ﱡﭐ ﳐ جتاه ك ،يق ول تع اىل:
َ
.]32
اآلخ َرة ،ق ال اهلل تع اىل ملوس ى وه ارون ف يف ال ُّدنيا و ِ ِ -8م ن مث رات ِح ْف ِظ اهللِ تع اىل :األَم ن ِم ن ال و ِ
َْ ْ
يب أليب بك ر ﲮ ﲰ ﲱ ﲲ ﲳ ﱠ [ط ه ،]46 :وق ال النَّ ُّ ﲯ الس ّلم :ﱡﭐ ﲬ ﲭ علي ِهم ا َّ
اهلل َّ
إن ن ز حت ال ا، م ه ث ومه ا يف الغ ار عن د ِهجرهتِم ا إىل املدين ة النَّبويَّة ((:م ا ظَنُّك ب اثْن ني اهلل ثالِ
َ َ ْ َْ ُ ُ
ُ ْ
َم َعنا )) (.)160
الش باب الض ْعف ،و َّ الص َحة وامل َرض ،وال ُق َّوةِ و َّ -9اإلنس ا ُن يف ه ذه احلي اة ُمتَ َقلِّ ب ب ني الغِ َىن وال َف ْق ر ،و ِّ
وشبابِك ،ي ُكن معك يف ِ
حال فَ ْق ِرك َ وص َّحتِك وقُ َّوتِك َالك ،وهكذا ،فَ ُكن مع اهللِ تعاىل يف ِغناك ِ ِ
و َ
وض ْع ِفك وكِ َِك.
وَمَر ِضك َ
ِ -10من أسباب ِح ْف ِظ اهللِ تعاىل:
الصّلةِ يف وقْتِها َجاعةً يف ِ
املسجد. الو ْجه األَ ْك َمل ،كأداء َّ ِ ِ ِ
َ َ (أ) القيام بال َفرائض على َ
السنَة.
الش ْهر أو َّ وصيام بعض األياام ِمن َّ كالسنَن الراتِبة ،وال ِوتْرِ ، ِ ِ
(ب) التَّ َقُّرب مبا استَطاع من الناوافل ُّ ،ا َ
ِِ ِ ِ
وسؤ ِال اهلل تعاىل أن ْي َفظَه دائماً وأَبَداً يف دينه ُ
ودنْياه. (ج) ُّ
الدعاء ليّلً وهناراًُ ،
وي َفظون عليك ِدينَك. طاعتهْ ،
(د) صحبة الصاحلني الذين ي َقِّربونك ِمن موالك وي َش ِّجعونَك على ِ
َ ُ َْ ُ ُ َْ ا
ب العِْلم الناافِع الذي تَ ْع ِرف بِه َربَّك وخالَِقك ،وأَو ِامَره ونَو ِاهيه. (ه ) طَلَ ُ
80
ﱑ ﱠ
ﱒ ﱡﭐ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ -11ال ُّدعاء ه و العِب َادة ،وق د نَ َدب اهللُ تع اىل إلي ه بقول ه:
ﲼﲾﲿﳀﳁ
ﲽ ﱡﭐ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ اآلية [غافر ،]60 :وقال سبحانه:
ﳂ ﱠ [البقرة.]186 :
وللدعاء ثَ َمرات ،منها:
الذلَّة له ،وإظهار َ
احلاجة وال َف ْقر إليه. (أ) ُسؤال اهلل ،و ِّ
ِ ِ
الضار.
ودفْع ُّ (ب) تَ ْلبِيَة حلاجات ال اداعي من َج ْلب النَّ ْفع َ
الذنوب ،وتَ ْك ِفري َّ
السيِّئات. وم ْغ ِفرة ُّ ِ
العظيم ،والثَّواب الَزيلَ َ ،
(ج) األجر ِ
َ
(د) األَ ْمن واألَمان ،واستِ ْشعار َمعِيَّ ِة اهللِ تعاىل.
حتق ِيق لَِقولِه تعاىل :ﱡﭐ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱠ [الفاحتة.]5 : (ذ) ِ
-12ما ا يُس تَفاد م ن ه ذا احل ديث العظ يم أنَّ ه ال يُس أَل اإال اهلل ،وال يُ ْس تَعان اإال ب اهللِ ،وال يُ ْس تَغاث اإال
أي نَ ْوٍع ِم ن العِب َادة اإال هللِ كائِن اً َم ن ك ان ،وال تَتَ َح َّق ق
ص َرف ا لج أ اإال إىل اهلل ،وال يُ ْ
ِ
ب اهلل ،وال يُ َ
ِ
اإلخّلص املتَ َجِّرد هلل تعاىل. اإلجابَة ونَْيل املقصود اإال بذا
ب ل ه ِم ن ِ ِ
ضاره أو يَْن َفعُه ،فكلُّه ُم َق َّدر عليه ،وال يُصيب َ
العْب َد اإال م ا ُكت َ العبد يف ُدنْياه ماا يَ ُ
صيب َ -13ما ي ِ
ُ
جيع اً ،ق ال تع اىل:ﭐﱡﭐ ﱶ ﱷ مق ِادير ذل ك يف الكت اب الس ابِق ،ول و اجتَ ه د عل ى ذل ك الل ق كلاه م َِ
َ ا َ
ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱠ [التَّوب ة ،]51 :وق ال س بحانه :ﱡﭐ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣ
ﲤ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ ﱠ [احلديد.]22 :
ض يف الر َغب ات والَ ْو ِ االستِ ْس ّلم لِ ُّ
لش بُهات و َّ ِ
-14اإلميان بال َقضاء وال َق َدر من أركان اإلميان ،وال يَ ْع ِين ه ذا ْ
الض ّلالت ،فل يس األم ر ك ذلك ،ف ذن ال ذي أََمَرن ا باإلمي ان بال َقض ِاء وال َق َدر ه و ال ذي ِْ
االحنراف ات و َّ
ول اهللِ ق الْ ((:اع َمل وا فَ ُك ال ُميَ َّس ر لِم ا بالع َم ِل والِ اد واإلنْتاج ،روى ُمس لِم َرِمحَه اهللُ َّ
أن رس َ َأمَرنا َ
ُخلِ َق له )) (.)161
األسئلَة:
ضح املراد بذه الُ ْملَة ؟ اح َفظ اهللِ ي َفظْك )) َو ِّ س :1قال ْ ((:
اب ُمعِينَة حل ْف ِظ اهللِ تعاىل ،اذ ُكر ثَّلثَة منها ؟
س :2هناك أَ ْسب ٌ
حتدث عن ذلك ؟ الدنيا و ِ
اآلخَرةَّ ، سَ :3من ي َفظ اهللِ ِجيد َمثرات ذلك يف ُّ
81
أن األَُّمة لو اجتَ َم َعت عل ى أن يَْن َفع وك بِ َش ْي ٍء مل يَْن َفع وك
س :4قال صلَّى اهلل عليه وسلَّم (( :واعلَم َّ
ِ
ض ح ذل ك اآلخ ِرين يف حاجات هَ ،و ِّ اإال بِ َش ْيء ق د كتَبَ ه اهللُ ل ك )) ه ل يَ ْع ِين ه ذا أن ال يَ ْس تَعني اإلنس ا ُن ب َ
فصيل ؟ بالتَّ ِ
س :5رج ٌل ج الِس يف بَْيتِ ه ،وال يَ ْع ِم ل ،ويق ول ِرْزق ي يَ أْتِ ِيين وأن ا هن ا ،م ا َرأْي ك يف ه ذه املقالَ ة ؟
ُم َد ِّعماً له َّ
بالدليل ؟
ِ ِ ِ ِ
صُّرفَه هذا ؟آخر كيف تَرى تَ َ سَ :6ر ُجل َم ِريض ،ويَْنتَقل لعّلج َمَرضه من ُم ْستَ ْشفى إىل َ
82
الثقافة اإلسالمية
83
التدخين
عرف حكم األشياء الحادثَة ؟ كيف يُ َ
ِ ِ ِ ِ
أساس ه
أكملُه ،وح ْف ظ اهلل ل ذا ال ِّدين َ جعل اهللُ الدين اإلسّلمي خ ام األدي ان ،وأَْوَدع في ه أَ ْح َس ن تَ ْش ِريع و َ
ان ،فه و ِدينُه ال ذي ارتَض اه للبَ َش ِريَّة ان ومك ٍ ٍ
وج َعلَ ه ص احلاً لك ال َزم َ الس نَّةَ ،
الذي يُْب َىن عليه ،وهو الكت اب و ُّ
كلاها.
كام ه وتَش ريعاتِه وه ي يف المل ة ولض رورة بق اء ه ذا ال ِّدين ،فق د ن َّوع اهلل تع اىل ِأدلَّت ه ال ادالَّة عل ى أَح ِ
ْ
نَ ِ
وعان-:
ٍِ ِ ُّ ِ -1أدلَّة َّ
الصّلة ،واحلَ اج ،وغري ذلك. هارة ،و َّخاصة ،تدل على شيء ب َعْينه ،كالنُّصوص الوا ِرَدة يف أحكام الطَّ َ
ص ر ل ه ،وه ذه ق د تك ون آي ات، ِ عامة ،ه ي يف ح ِقي َقتِه ا قَو ِ ِ -2أدلَّة َّ
عام ة يَ ْد ُخل فيه ا م ن األَ ْحك ام م ا ال َح ْ اع د َّ َ
ﲿ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅ ﱠ اآلي ة [املائ دة ،]2 :أو ﳀ كقولِه تع اىل :ﱡﭐ ﲼ ﲽ ﲾ
ضَرَر وال ِضرار )). ِ
أحاديث ،كقوله صلَّى اهلل عليه وسلَّم (( :ال َ
()162
أض راراً َكبِ َرية عل ىك أن يف التَّ ْد ِخني ْ تعاىل :ﱡﭐ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﱠ اآلية [البقرة ،]195 :وال َش ا
ِ ِ
وس تأيت املعتَ َِينَ ،
ال نَّ ْفس ،فه و يَ ُس وقُها إىل أَْم راض َكث َرية ،ويُ َؤِّدي ب ا إىل التَّلَ ف وال ّلك بذج اع األطِّب اء ْ
وص ف بأنَّه( :انتِح ار ِ ِ ٍِ
اإلش َارة إىل َش ْيء م ن ذل ك إن ش اءَ اهلل تع اىل ،ول ذلك يُ َس َّمى (القات ل البَط يء( ،ويُ َ
بَ ِطيءٌ(.
اعة (.
) 162رواه أمحد ،وابن ماجه ،وغريمها ،وقد سبق خترجيه يف موضوع ( :الطا َ
84
أي َش ْكل ِم ن األَ ْش كال ،ول ذلك َحَّرَم ت اإلض رار ب ه ب ا
وع َدم ْ الع ْق لَ ،
ِ املقاص د َّ ِ
الش رعيَّة املق َّرَرة :ح ْف ظ َ
وم ن ِ ِ -3
اعها.الش ِريعة تَعاطي املس ِكرات بِأَنْو ِ
ْ َّ َ
الدخا َن ِمن امل َف ِِّتات ،يَظْ َهر هذا َجلِّيااً عند َم ن يَ ْس تَ ْخ ِدمونَه َّأوَل األَ ْم ر ،أو َم ن ان َقطَع عن ه مث وقد ثَبَت َّ
أن ُّ
س بِذلك يف َكثِ ري ِم ن األَ ْحي ان؛ ألَ ْج ل ِ
عاد إليه ،أو َمن أ ْكثَر منه ،وإ ْن كان الذي أَ ْد َم ن علي ه ال يَك اد ي ا َ
حّ تُ َؤثِّر يف ِمز ِاجه.
الكميَّة َّ
يادة يف ِّ اجة إىل ِز َ س أنَّه َ
ِ ِ َّ
االعتياد َعليه ،ولذلك كلما َمار به َزَمن ي ا
ِ
رء بِالنَّ ْفع ،ق ال تع اىل :ﱡﭐ ﳄ رعيَّة املق َّررةِ :ح ْف ظ امل ال ،وع دم إنْفاقِ ه اإال فيم ا يع ود عل ى امل ِ الش ِ ومن ِ
املقاصد َّ ِ -4
َ ََ
ﳅ ﳆﱠﭐ ﭐ[اإلسراء.]26 :
طاع ٍة وال َمْن َف َع ٍة. ِ ِ
والتَّْبذير :ما يُْنف ُقه اإلنسا ُن يف غ ِري َ
حرم علي ُكم عقوق إن اهللَ َّاملغرية بن ُشعبة َر ِضي اهلل عنه قال :قال رسول اهللِ صلَّى اهلل عليه وسلَّمَّ (( : عن َ
()163 وإضاعة ِ
املال )). السؤال، ومنع وهات ،وَك ِره لكم :قيل وقال ،وَكثْ َرة ُّ
َ ووأد البَناتَ ، األمهاتَ ، َّ
ضَرٌر َْحمض. ِ
إضاعة لا فيما ال فائ َدة منه ،بل هو َ
ِ
أن يف إنفاق األَ ْموال على التَّدخني َ
ِ ك عاقِل َّ وال يَ ُش ا
ضرا ِره املالِيَّة إن شاء اهلل تعاىل. إشارةٍ إىل أَ ْ
وسيأيت َم ِزيد َ َ
ضَرر وال ِضرار )( . ِ الش ِ ِ -5من ال َقو ِ
يب صلَّى اهلل عليه وسلَّم بقوله (( :ال َ
()164
ا َّ
ن ال عليه ص
ا ن
َ ما ة ر
َاملقر
َّ ة ي
َّ رع َّ د اع
الش ِر َيعة ،والتَّ ْد ِخني ُم ْشتَ ِمل على أضرار ُمتَ نَ ِّو َعة ،ميكن إجالا فيما يلي:
ِ ف يف َّ فالضرر مْنتَ ٍ
َّ َ ُ
املص لاون ،ويُثْ ِق ل عل ى امل َد ِّخ ِن َش ْهَر ِ ِ ِ ( أ ( أَ ْ ِ ِ ِ ِ
ض رار دينيَّة :وه ي َكث َرية ،منه ا :أنَّه يَتَ أَذَّى بِرائ َحت ه املّلئ َك ة ،و َ
كاد يَ ْع ِرفه؛ ألنَّه ِ ِ الصوم ،وإن كان ِمن املكثِ ِرين لِلتَّ ْد ِخني فذنَّه ال يكاد يأْنَس بِ ِ
ص ْومه ،و اأما صيام الناافلَة فّل يَ ُ َ َ َ َّ
فوته ص ْحبَتِ ِهم ،وهذا يُ ِّ
الس َفر َم َع ُهم ،أو ُ ي ِرْمه ِمن َش ْه َوتِه ،ومنها :أنَّه ال يَكاد يَ ْفَرح مبجالَ َس ِة أَ ْه ِل الري ،أو َّ
َخ ْرياً كثرياً.
فس د َعلَ ْي ِهم جمالِ َس ُهم واجتِماع اهتم ،وتَ َش تَ اد ؤذي اآلخرين برائِحته ،وي ِ
ُ َ
(ب ( أضرار اجتِماعية :منها :أنَّه ي ِ
ُ
القط ار ،ويَ ُس بِّب النُّ ْف َرة والتَّب اغُض ،ب ل وقَطْ ع أذيَّته إذا مل ي ُكن منه ب ٌّد ومه ربَ ،كح ِال رك وب الطاائِرة ،أو ِ
َ ُ ََْ ٌ َ
الزيارات ،وحنو ذلك. صّلت ،وتَ ْرك ِّ العّلئِق وال ِّ َ
الوطَن. َّ ِ َّ ِ ِ
(ج ( أضرار ماديَّة :منها ما يَتَ َعلق بال َف ْرد ،ومنها ما يتَ َعلق باألَُّمة و َ
ردود ،ويُ ْف ِسد ثِيابَه ،وغري ذلك. أما األضرار املتعلِّ َقة بال َفرد ،فذنَّه يضيِّع مالَه بّل م ٍ
َ َُ ْ َ ا
) 165أخرجه أبو داود ،كتاب البيوع ،باب :يف مثن الَ ْمر وامليتة ( ،)2/302ح ( ،)3488والبيهقي ،كتاب البيوع ،باب :حت ِرمي ما
يكون َِنساً ال ِي ال أكله (َّ ،)13/6
وصححه ابن القيام يف زاد املعاد (.)746/5
86
ِِ ِ ِ
الش ْيطان ل م بِف ْعل ه ،وه و احل ِريص عل ى إ ْغ واء بَ ِين َ
آدم وو ْس َو َس ة َّ ض ْعف اإلمي ان عن د َكث ري م ن النا اسَ ، َ -1
وإيقاع ُهم يف احلرام.
َ
عم ن يُ ْفتِي ه
ض َرِره ،وال بعض يُ ْف ِيت نَ ْف َس ه ب وا ِزه ،أو يَْب َح ث َّ كم ه أو َ َغلَب ة ال وى عل ى الع ْق ل ،واله ل إم ا ِ
َْ ا َ َ َ -2
بالوا ِز مَّن ال يَ ْعتَ ِمد على ِع ْل ِمه.
الاهل بِ ِ
كّلم ِهم. السوء بذلك ،وزع ِم ِهم أنَّه رجولَة وَكمال ،في ْغت ر ِ املد ِّخنِني ،وإ ْغراء أصحاب ُّ
َ َا ُ َْ ص ْحبَة َ ُ -3
ِ
بوهة ،وهن ا نُ ِش ري إىل َم ْوق ف َّ
الس عودية،املباركة ،إذ الدول ة ُّ ال ادعايَة ال َق ِويَّة ل ه يف بع ض وس ائل اإلع ّلم املش َ -4
ِ
اإلعّلميَّة. جيع َوسائِلِهادخني يف َِ الدعاية لِلتَّ ِ
َمنَ َعت ِّ َ
أن يف ُش ْربه َكم ال، س يف نَ ْف ِس ه ب النَّ ْقص ،ويَظُ ان َّ ِ
الهلَ ة ي ا الص غار أو َ خص يَّة ،وذل ك أن بَ ْع ض ِّ الش ِ ض ْعف َّ َ -5
الرجولَة.ظاهر ُّأو أَنَّه ِمن م ِ
َ
غار علي ه ،ويَْن َدفِعون لِتَ ْقلِي د وم َعلِّ ِم ني ،وغ ريهم (ماا جي ِّرئ ِّ
الص َ
َكثْ رة اس تِعمالِهِ ِ َّ ،
خاص ة م ن الكب ار (آب اء ُ ، َ -6
وم َعلِّ ِمي ِهم الذين يُعتَ ون يف هذه احلالَة قُ ْد َوًة َسيِّئَة. ِ
آبائ ِهم ُ
ب االطِّّلع والتَّج ِربَة. ُح ا -7
ُّ
التَّ َفكك األُ َس ِر ا
ي. -8
املد ِّخنِني وتَ ْع ِري ُفهم بِأَ ْ
ضرا ِره. صح ِمثْل هؤالء َ ِ
عُزوف ال َكثريين عن نُ ْ -9
طَريق الت َخلص منه:
أن ه ذا ِم ن ب اب التَّ ْوبَة ِ استِ ْشعار املسلِم بأن هذا ِ
حمرم ،وأنَّه ِجي ب علي ه ترك ه إرض اءً هلل ج َّل َ
وع ّل ،و َّ الف ْعل َّ -1
الو ِاجبَة.
ص ْدق وإخّلص. االستِعانَة باهللِ تعاىل والتَّ َوُّكل عليه ،مع بَ ْذل األَ ْسباب ،و ُّ
الدعاء بِ ِ -2
الع ِزمية ِ
الصادقَة الا ِزَمة على اإلقّْلع عنهَ ،
وع َدم التَّ َرُّدد. ا َ -3
الرفْ َقة بِغَ ِريِهم.
ترك جمالَسة املدخنني ،وتَغيري هؤالء ُّ -4
َع َدم االلتِفات ألقوال املثَبِّ ِطني و َغ ْم ِزِهم ولَ ْم ِزِهم. -5
ِ ِ ِ ِ ِ ِ
السيِّئَة. َعدم االلتفات ل َلوهم القائل بِ َع َدم إمكانيَّة تَركه؛ ألنَّه َوْهم فاس ٌد ،فما أكثَر َمن تَ َرَك هذه َ
العادةَ َّ -6
ضرا ِره على النَّ ْفس واملال وغري ذلك ،ماا تَ َق َّد َمت اإلشارة إليه. استِ ْشعار أَ ْ -7
87
ص لَح ،وتَ ُّ باش رًة يف َّأول أَم ِرهِ قَب ل ُّ ِ
الص حابَة
ذكر ح َال َّ متكن ه ،واألَوىل قَطْع ه ب دون تَ َد ُّرج؛ ألنَّه أَنْ َف ع وأَ ْ ْ ْ -8قَطْعُ ه ُم َ َ
.)166(.
باشرة ،وقالوا :انتَ َهْينا َربَّنا
رضي اهلل عنهم حني ُحِّرَمت الَ ْمر ،فقد تَركوها ُم َ
الص ْ واملص ابََرة بع د ذل ك ح ّ يتَع َّود عل ى احلالَة الَ ِدي َدة ،ولْ يَعلَم َّأهن ا فَ ْت َرة يَ ِس َرية ق د -9يت اج املس لِم إىل َّ
وس ْرعان ما تَزول. ِ
يس فيها ببَ ْعض األَملُ ، ا
ِ ِ وِ
احلم د هلل ( الإن َش راباً ل يس يف اأول ه (بس م اهلل( ،وال يف آخ ِرهْ ( : أخ رياً فم ا أَ ْجَل م ا قالَه بَع ض النااسَّ :
َخْي َر فيه.
األسئلَة:
ِ
السبِيل إىل َم ْع ِرفَة ُح ْكم األَ ْشياء احلادثَة بعد َع ْ
صر النُّ َّبوة ؟ س :1كيف َّ
ؤخذ منها حكم التَّ ْد ِخني. وبني كيف يُ َ س :2اذ ُكر ثَّلثَة ِمن األَ ِدلَّة َّ
العامةِّ ،
عادة التَّ ْد ِخني ،فماذا أنت صانِع يف هذه احلالَة ؟ أن ِ ِ
صديقاً لك ابتلي بِ َ س :3إذا َعل ْمت َّ َ
إضعاف َع َملِيَّة َّ
الِتبِيَة. سِّ :4بني أَثَر التَّ ْد ِخني يف ْ
صيل ذلك يف :تَ ْف ِسري ابن كثري ،عند اآلية (ِ )90،91من سورة املائِ َدة.
) 166انظر :تَ ْف ِ
88
()167
الحرَكة الصهيونية
َ
تَ عري ُفها:
لتأسيس دولَة ي ِ
هوديَّة. ريهم إىل فِلَس ِطنيِ ، هود وملِّ َ لِ ِهم وهتْ ِج ِ
ْ
هتدف إىل جع الي ِ ياسيَّة ِ
الصهيونِيَّةَ :كحرَكة ِس ِ ُّ
َ ْ َْ َ َ
اليهودي ِمن متلُّك ألرض فِلَ ْس ِطني ،وقَ ْهر لِرياهنا
متكني العْنصر ِ
ُ
هتدف إىل ِ الصهيونِيَّة كحرَكة ِدينِيَّة فك ِريَّة ِ
َ و ُّ
الفك ِريَّة يف صهيون. وحيَّة واحلضا ِريَّة و ِاألعداء ،وتَركِيز لِ ُسلطَة العامل ُّ
الر ِ
وش رائِع ياس يَّة تَس ت ِمد أُص ولا ِم ن ِ
الص هيوين الناابِع ِم ن َعقائِد التَّوراة َ
الف ْك ر ُّ (حرَك ة ِس ِ ْ َ وه ي مبعناه ا الع امَ :
()168
التالمود ).
ال َفرق بين الصهيونية والماسونية:
لوبا ،ومض موهنا وأَ ْش ِ
خاص ها، يهودي ة تَ ة ،يف َش ْكلِها وأُس ِ الص هيونِيَّة ِ الص هيونِيَّة قَ ِرينَ ة املاس ونِيَّة ،اإال َّ
أن ُّ ُّ
َ ا
الر ِمسي لِ ِ
ليهوديَّة العالَ ِميَّة. َّ ي باشر ،فَ ِهي الهاز التَّ ِنف ِ
يذ وختدم أَهداف الي ِ
هود بِطَ ِريق م ِ
ا ُ َ ْ
حتت لِوائِها غري اليهود. ض ِوي َ عامة ،وقد يَْن َ
أما املاسونِيَّة فهي ي ِ
هوديَّة ُمبَطَّنَة ،تُظْ ِهر ِشعارات إنسانِيَّة َّ َ ا
باش ر ،فَ ِه ي الق َّوة الَِفيَّة ال يت هتيِّ ئ الظُّ َ
روف إحلاديَّة س ِّريَّة ،خت دم اليه ود بِطَ ِري ق غ ري م ِ
ُ َ
وه ي حرَك ة ِع ْلمانِيَّة ِ
َ
الصهيونِيَّة لِتَ ْح ِقيق أَ ْهدافِها.
األوضاع لِليَهود ،ولذلك تَ ْستَ ْخ ِدمها ُّ
َ و
89
تاريخ الصهيونية
هي فِ ْكَرة قَ ِدمية ،بدأ تا ِرَيها بِتا ِريخ اليَ ُهود (.)169
الص هيونِيَّة احل ِديثَة يف ال َق رن الس ابِع ع َش ر امل يّلدي ،ويف ال َق رن التا ِ
اس ع َع َش ر ظَ َه َرت ولك ن ب دأ ظه ور ُّ
ْ ْ ا َ َ
خاص بم ،وظَ َهر (( هريت زل (( ِ ِ ِ ُّ ِ
الصهيونيَّة َعلَناً إىل العامل َك َحرَكة سياسيَّة تَ ْدعو إىل جتميع اليهود يف َوطَن ا
يادتِه عُ ِق َد ُم ْؤَمتر (( بال (( بِ ْس ِويسرا سنة 1897م. ِ
َكَزعيم لذه احلرَكة ،وبِق َ
ِ
أُ ُسس الفكر الصهيوني:
إسرائِيل ُج ْزء ِمن اهللِ ،واألَرواح األُخرى أرواح َشيطانِيَّة َشبِ َيهة بأرو ِاح ِ
اليهود َش ْعب اهلل املختا ِر ،فَأرواح بين ْ -1
احليوانات.
الش ْعب املخت ار ل دى يادة عل ى الع امل؛ لِ َك ْونِه َّ ومن َح ِّقه أن يَتَ َسلَّط وتكون له ِّ
الس َ
الدنيا ِم ْلك لإلسرائِيلِيِ ،
ا ُّ -2
كل بين البَ َشر. ِ
اهلل على ا
لسطني هي الدف األساس لليهود ،وهي نُ ْقطَة االرتِكاز اليت تبدأ منه ا َس ْيطَرهتم عل ى الع املِ ،ففيه ا ِجي ب فِ ِ -3
ألهنا أَْرض امليعاد.تقوم َد ْولَتُهم؛ َّ
أن َ
صل َم ْرِجعُه إىل أرض أن هذا األَ ْ احد ،و َّاحداً ،ي ْنتَ ِمي إىل أَصل و ِ
ْ َ
أن اليهود يف شّ أحناء العامل ميثِّلو َن َشعباً و ِ
ْ َ َّ -4
النسيَّة اإلسرائِيلِيَّة (.)170
أعضاء يف ِ ومن مثَّ َِجيب اعتِبار يهود العامل ْ فلسطنيِ ،
الحرَكة الصهيونية: أهداف َ
()171
الشعوب. ص ِّدي لِألديان واألَُمم و ُّ ِ ِ الروح القتالِيَّة عند اليهود ،والعصبِيَّة ِّ ِ
الدينيَّة وال َقوميَّة لم ،للتَّ َ ََ إثارة ُّ -1
ومتِ ِهم عل ى أرض امليع اد ال يت متتَ اد ِم ن نَ ْه ر النِّي ل إقام ة ُحك َ
َس ْيطَرة اليه ود عل ى الع امل ،واملنطَلَ ق ل ذلك ه و َ -2
إىل نَ ْهر ال ُفرات (.)172
ف ك ال ال ُّد َول الق وى لتِتَص ارع ،وإش عال ن ار احل رب ب ني ال ُّدول؛ لِتُ ْ ِ عال ن ار الص ومة احلاقِ َدة ب ني ِ
ضع َ ْ َ َ إش ُ -3
وتقوم َد ْولَتُهم (.)173
94
واإليثار
ُ الجود
ُ
الجود
أولا ُ :
كّلً خاء ،وإمنا الود معىن و ِاسع ذو َمراتِب وأنواع َِ
تشِتك يف َّ
أن ا قاصراً على إنْفاق املال بِس ٍ ليس الود معىن ِ
َ ُ ً
منها ُمشتَ ِمل على بذل وعطاء.
الش ِ
اعر: ود الود بالنَّفس يف َسبِيل اهللِ تعاىل ،قال ا فأعلَى مراتِب ال ِ
ُ ْ َ
والود بالنَّفس أَقْصى غاية ال ِ
ود ض َّن البَ ِخيل با
َ ُ جيود بالنَّفس إذ َ
للسائِلني واملتَ َعلِّ ِمني ،وغري ذلك. ِ ِ ِ ِ ِ
ومن َمراتبه :الود بالوقت ملن َفعة املؤمنني ،والود بالعلم ببَ ْذله ا
الجود:
ص َور ُ
من ُ
الجود بالنفس: (أ( ُ
الع َج ب العُج اب م ن وم ن بَع َدهم ،فذنَّك ت رى َالص حابة -رض ي اهلل ع نهم َ - فذن ك إذا تص َّفحت حي اة َّ
احهم يف سبيل اهلل تعاىل ،وإليك طَرفاً يسرياً من ذلك: بذلم أرو َ
رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلَّم قال يف غزوة بدر ((:قوموا إىل جنَّة أن َ -1عن أنس -رضي اهلل عنه َّ -
السموات واألرض )) ،فقال عمري بن احلُمام األنصاري رضي اهلل عنه :يا رسول اهلل ،جنَّة عرضها َعرضها َّ
يمل ك الس موات واألرض ؟ (ق ال :نع م( ،ق ال :ب ٍخ ب ٍخ ،فق ال رس ول اهلل ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم (( :م ا ِ َّ
َ َ
بخ ب ٍخ )) ،ق ال :ال واهلل ي ا رس ول اهلل ،اإال رج اءَ أن أك ون ِم ن أهلِه ا ،ق ال (( :فذنَّك ِم ن على قولِك ٍ :
نهن ،مث ق ال :ل ئِن أن ا َحيِي ت ح ّ آ ُك ل مت رايت ه ذه إهن ا ِ ِ ِ
أهلها )) ،فأخرج مترات من قَ َرنه ،فجعل يأ ُك ل م ا
حلياة طَويلَة ،قال َ :فرمى مبا كان معه ِمن التَّمر ،مث قاتَلَهم حّ قُتِل(.)180
وكان أبو موسى األشعري رضي اهلل عنه يف إحدى املعارك ،فقال :قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم -2
ت ِ اب النَّ ة حت ت ِظ ّلل ُّ َّ :
ث ال هيئَة ،فق ال :ي ا أب ا م وسى ،أن ت مس ْع َ السي وف( ،فق ام رج ٌل َر َّ (إن أب و َ
فرجع إىل أصحابِه فقال :أقرأ عل يكم َّ
الس ّلم ،مث رسول اهلل صلَّى اهلل عليه وسلَّم يقول هذا ؟ قال :نعمَ ، َ
حّ قُتِل (.)181 ِ ِ
ضرب به َّ َك َسر َج ْفن َسْيفه فألْقاه ،مث َمشى بِ َسْيفه إىل العدو ،فَ َ
) 180رواه مسلم ،كتاب اإلمارة ،باب :ثبوت النة للشَّهيد ( ،)1510/3ح ( ،)1901وال َقَرن :الُ ْعبَة.
) 181رواه مسلم ،كتاب اإلمارة ،باب :ثبوت النة للشَّهيد ( ،)1510/3ح (.)1901
95
المقتَطَفات: الجود بالمال وهو كثير ل َحصر له في حياة السلَف ،وإليك هذه ُ (ب ( ُ
يدة ،مثَّ تَلَهَّ
اذهب با إىل أيب عُبَ َ ّلمَ (( : أَخذ عمر بن الخطاب -رضي اهلل عنه -أربعمائة ِدينار ،فقال لِغُ ٍ -1
ص نَع (( ،ف َذهب ب ا الغ ّلم ،فق ال :يق ول ل ك أم ري امل ؤمنني :خ ذ ِ ()182
اعةً يف البي ت ح ّ تَ ْنظَُر م ا يَ ْس َ
المس ة إىل ذه وب ّلن، ف إىل ة ع ب الس ذه ب يب اذه ة، ي
ر جا ا ي ايل تع : ال ق مث ه، هذه ،فقال :وصلَه اهلل ورِ
مح
َ َ ْ َّ َ َ ََ
فأرس لَه ب ا إلي ه، ِ
أع اد مثْ لَه ا ملع اذ ب ن جب لَ ، فّلن ،حّ أنْ َف َذها ،فرجع الغُّلم إىل عمر فأخ َ هَ ،فو َج َده ق د َ
ّلن بك ذا ،فاطالع ت ام رأَة ُمع اذ ّلن بك ذا ،ولِب ي ت ف ٍ ت فُ ٍ فقال معاذ ( :وصله اهلل ،ي ا جا ِري ة ،اذه ِيب إىل ب ي ِ
َْ َْ َ َ ََ
فقال ت :وحن ن واهلل َمس اكني فَأَ ْع ِطن ا ،ومل يَْب ق يف الِْرقَة اإال ِدين اران ف َدفَع بِم ا إليه اَ ،ور َج ع الغُّلم ،ف أخ
بعضهم ِمن بعض (.)183 إخوةُ ، عمر بذلك ،وقال :إهنم ْ
ومن َخ َِ طَْل َحةَ بن عُبَيد اهلل رض ي اهلل عن ه وال ذي ك ان يُق ال ل ه :طَْل َح ة ال ود ،وطَْل َح ة ال َفيااض؛ لِ َكثْ َرة ِ -2
ض َرموتِ ،مق داره س بعمائة أل ف ،فب ات لَْي لَتَ ه يَتَ َم ْل َم ل ،فَقالَت ل ه مال له ِم ن َح ْ جودهِ ،من َخ َِه أنَّه جاءَه ٌِ
َزْو َجته :مالك ؟ قال :ت َف َّكرت منذ اللَّيلة ،فَ ُقلت :ما ظَ ان َرجل بَِربِّه ،يَبِيت وهذا املال يف بَْيتِه ،قالت :فأَيْن
أنت ِمن بعض أَ ِخ اّلئِك ،فذذا أصبحت فَ َق ِّس ْمه ،فقال لا :أنت ُم َوفَّ َقة ،بنت ُم َوفَّق( ،وهي اأم كلث وم بن ت
اجرين واألنص ار ،فقال ت ل ه َزْو َجت ه :اأم ا ك ان لن ا يف ه ذا امل ال ِم ن الص ديق( ،فلم ا أَص بح قَ َّس مه ب ني امله ِ
َ ا َْ ا
صَّرة فيها حنو أَلْف ِد ْرَهم ِ نَ ِ
فشأْنُك مبا بَقي ،فكانَت ُ
()184
. صيب ؟ قال :فأين كنت منذ اليوم ؟ َ
ﳎ ﳏ ﳐ ﳑ ﳒ ﳓ ﳔ ﱠ [احلشر.]9 :
ص َور اإليثار ما يلي:
ومن ُ
يب صلَّى اهلل عليه وسلَّم بُِ َدة ،فقالت :يا -1عن َس ْهل بن سعد رضي اهلل عنه قال :جاءَت امرأة إىل النَّ ِّ
يب صلَّى اهلل عليه وس لَّم حمتاج اً إليه ا ،فَلَبِ َس ها ،فَرآه ا علي ه َر ُج ٌل ِم ن رسول اهلل ،أ ْك ُسوك هذه ،فأخ َذها النَّ ا َ
يب ص لَّى اهلل علي ه ِ
فلم ا ق َام النَّ ُّ
أح َس ن ه ذه ! فا ْكس نيها ،فق ال :نع م ،ا ول اهلل ،م ا ْ الص حابة ،فق ال :ي ا رس َ َّ
يب ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم أخ َذها حمتاج اً إليه ا ،مث الم هُ أص حابه ،فق الوا :م ا أَ ْح َس ْنت ح ني رأي َ
ت النَّ َّ وس لَّم َ
يب ص لَّى اهلل علي هت أنَّه ال يُ ْسأَل َش ْيئاً فَيَ ْمنَع ه ،فق الَ :ر َج ْوت بَرَكتَه ا ح ني لَبِ َس ها النَّ ُّ
سألَتَه إيااها ،وقد َعَرفْ َ
()185
وسلَّم لَ َعلِّي أُ َكفَّن فيها.
ول اهلل ،أص ابَِينول اهلل ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم فق ال :ي ا رس َ -2ع ن أيب هري رة رض ي اهلل عن ه ق ال :أت ى َر ُج ٌل رس َ
ض يفه عندهن شيئاً ،فقال رسول اهلل صلَّى اهلل عليه وسلَّم (( :أال رجل ي ِ ِ ِ ِ
ٌَُ ُ فأر َسل إىل نسائه فلم جيد َ ُ ا الهدْ ، ْ
ض ْيف ِ ِ اللَّيلَةَ يَ ْر َمحُه اهلل )) ،فقام َر ُج ٌل ِمن األَنْصار فقال :أنا ي ا رس َ
ول اهلل ،فَ َذ َهب إىل أهل ه فق ال المرأت هَ :
) 186رواه البخاري ،كتاب التَّفسري ،باب :ويُؤثِرون على أن ُف ِسهم .الفتح ( ،)631/8ح (.)4889
ص َور اإليثار انظر :تفسري ابن كثري ،والقرطيب ،عند تَ ْف ِسري اآلية (ِ )9من سورة احلشر. ز ِ
يادةً من ُ
َ
ِ ِ
السالكني ،البن القيِّمَ ،مْن ِزلَة اإليثار.
ولإليثار والود أيضاً انظرَ :مدارِج ا
98
َحق الوال َدين واألَقارب
أولاَ :حق الوال َدين
الحق العام لَ ُهما :الِ ا بِما ،واإلحسا ُن إلي ِهما ،وتَ ْرك عُقوقِ ِهما. َ -1
يب صلَّى اهلل عليه وسلَّم فقال (( :الِ ُّ ُح ْسن الُلُق ))(.)187 َّ
ن ال ره س
َّ ف
َ وقد ، ري خ لكل
ِّ ع الِ :اسم ِ
جام
ا ْ َ ا ٌ
اآلخ ِرين ،وفِ ْعل ما يَْنبَغِي فِ ْعلُه ِمن املعروف. واإلحسان :اإلنْعام على َ
ﲏ ﲎ ان إىل الوالِ َديْن ،فق ال تع اىل :ﭐﱡﭐ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ق د أَم ر اهلل تع اىل باإلحس ِ
َ ُ
ﱠ ...اآلية [اإلسراء.]23 :
ضل األعمال وأحباها إىل اهللِ تعاىل. ِ ِ وجعل ُ ِ
رسول اهلل صلَّى اهلل عليه وسلَّم بِار الوال َديْن من أَفْ َ َ
ب إىل اهلل ؟ ق ال": الع َم ل أَ َح ا
أي َيب ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم :ا فع ن اب ن مس عود رض ي اهلل عن ه أنَّه س َ
أل النَّ َّ
اد يف َس بِيل اهلل ِ ِ ِ ِ
أي ؟ ق ال (( :اله ُ الص ّلة عل ى َوقْته ا "ق ال :مث أي؟ ق ال (( :ب ار الوال َديْن )) ،ق ال :مثا ا َّ
()188
)).
احبَة الوالِ َديْن ،فق ال تع اىل:ﭐﱡﭐ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ ﱠ اآلي ة الس نَّة إىل ُح ْس ن ُمص َ وأرش د الق رآن و ُّ
[لقمان.]15 :
ص حابَيت ؟ ق ال (( :أُُّم ك )) ،ق ال :مثَّ َم ن ؟ ق ال(( : اس ْس ن َ وس ئِل ص لَّى اهلل علي ه وس لَّمَ :م ن أَ َح اق النا ِ ُ
()189
وك )).أُُّمك )) ،قال :مثَّ َمن ؟ قال (( :أُامك )) ،قال مثَّ َمن ؟ قال (( :أَبُ َ
رعي ،فعن دها ال يك ون عقوق اً، والعقوق :إيذاء الوالِ َدين ،بِِفع ٍل أو قَوٍل أو تَرٍك ،اإال أن يكون ذل ك ملس ِّوغ ش ِ
ْ ْ ْ ُ
كما لو أمر الوالِدان ِبفع ِل مع ِ ٍ
يضة.صيَة ،أو تَ ْرِك فَ ِر َ ْ َْ َ
) 187رواه مسلم ،كتاب الِ ا ،باب :تَ ْف ِسري الِ ا واإلمث ( ،)1980/4ح ()2553
الص ّلة لَِوقْتِه ا ( الف تح ،( 2/9ح ( ،)527وكت اب
ض ل َّ اض ع ،منه ا :كت اب َمواقِي ت َّ
الص ّلة ،ب اب :فَ ْ ) 188رواه البخ اري يف مو ِ
َ
الصلَة ،الفتح ( ،)400/10ح (.)5970 األدب ،باب :الِ ا و ِّ
الص ْحبَة ؟ الفتح ( ،)401/10ح ( ،)5971ومسلم ،كتاب الِ ا، َح اق النااس ْس ُن ُّ
األدب ،بابَ :من أ َ
) 189رواه البخاري ،كتاب َ
باب :بِار الوالِدين ( ،)1974/4ح (.)2548
99
نوب ،فق ال ص لَّى اهلل علي ه وق ،وأَ ْخ َ أنَّه ِم ن َكب ائر ال ُّذ ِ رسول اهللِ ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم ع ن الع ُق ِ وقد هنى ُ
ُ
ول اهلل ،ق ال (( :اإل ْش راك ب اهلل ،وعق وق الوالِ َدين، وس لَّم (( :أال أنُبَ ئِّكم ب أك َ ال َكب ائِر ؟ قلن ا :بل ى ي ا رس َ
()190
الزوِر (( ...احلديث هادةَ ُّوش َالزوِرَ ،وكان ُمتَّ ِكئاً فَ َجلَس فقال :أال َوقَ ْوَل ُّ
حاجتِ ِهم ا ِ ِ ِِ وم ن العق وق :الغَض ب عليهم ا ،وتَ رك ِ ِ
طاعت ِهم ا ،واإلع راض ع ن َح ديث ِهماَ ،وز ْج ِرمه ا والتَّأَفُّف م ن َ َ ْ َ ُ
كّلم ِهما ،وحنو ذلك. و ِ
بعده ِمن احلقوق. ض ِّمن لِما يأيت َ العام لما ،وهو ُمتَ َاحلق ا هذا هو ا
طاعتُ ُهما:
َ -2
طاعةٌ ُم َقيَّ َدةٌ بِ ُشروط:
طاعتُ ُهما فيما أمرا به ،وهنيا عنه ،وهي َ فتَ ْلَزم َ
صيَ ِة اهلل تعاىل.
أن تكون يف غري مع ِ
َْ -1
طاعة. ِ
-2االست َ
حال ِمن األَ ْحو ِال ،وال َّ
حّ التَّأَفُّف حني يَتَ َح َّدثان ض ُّجر بأي ٍ
ا
ِ
-3التَّلَطُّف يف الطاب معهما ،وعدم التَّ َ
أو يَطْلُبان َع َمّلً ِمن األَ ْعمال.
ويتأكد ه ذا احل اق وغ ريه ِم ن احلق وق عن د كِ َ الوالِ َديْن ،ق ال تع اىل :ﱡ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ ﲕ َّ
ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟ ﲠ ﱠ [اإلسراء.]23 :
ب ِع ْل ٍم َتعلَّ َم ه ،أو
أمام ُهم ا ،وأن ال ي رى نفس ه أعل ى منهم ا بِس بَ ِ
َ َ ض م ال نَّ ْفس َ وه ْواض ع لهم اَ ، -4الت ُ
ص غِرياًَ ،ورفَع ا عن ه ال َق َذر ،وأَطْ َعم اه
الولَد ال ذي محَّله َ َّ
حص لَه ،أو َمْنص ب تَ َس ل َمه ،ب ل يَْب َق ى ه و ذاك َ
ٍ
مال َّ
نفس ه ،فكي ف يتَ رفَّع علي ِهم ا ،ق ال تع اىل :ﱡﭐ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥ الطَّع ام ،ومل يك ن ق ِادراً عل ى إطع ام ِ
َ
ﲦ ﲧ ﱠ اآلية [اإلسراء.]24 :
الدعاء لهما: -5
تع اىل:ﭐﱡﭐ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ الولَد أن يَ ْدعو لِوالِ َديْه ،يف َحياهتِم ا وبع د َم ْوهتِم ا ،ق ال
فَ َعل ى َ
ﲭ ﱠ [اإلسراء.]24 :
ص َدقٍَة جا ِريَة ،أو ِ ِ
وقال صلَّى اهلل عليه وسلَّم (( :إذا مات اإلنسا ُن انقطَع عنه َ
عملُه اإال من ثَّلث :اإال م ن َ
()191
ِع ْل ٍم ينتَفع به ،أو ولَ ٍد صا يَ ْدعو له ))
) 190رواه البخاري ،كتاب األدب ،باب :عقوق الوالِ َدين ِمن الكبائر .الفتح ( ،)405/10ح (.)5976
اب بعد َوفاتِه ح (.)1631 ِ ) 191رواه مسلم ،كتاب ِ
الوصيَّة ،باب :ما يَْل َحق اإلنسا َن من الثَّو َ
َ
100
سبب في لَعنهما:
أن ل يَتَ َ -6
عن َس بَباً يف لَ ْع ن الوالِ َديْن ،ق ال ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم(( :
اللَّعن يف أصله حرام ،ويزداد ُح َرمةً إذا كان هذا اللَّ ُ
الر ُج ل والِ َديْه ؟ ! ق ال(( :
الرج ل والِ َديْه (( قي ل :ي ا رس وَل اهلل ،وكي ف يَ ْل َع ن َّ إن ِم ن أك َ ال َكب ائِر أن يَ ْل َع َن َّ َّ
الر ُج ِل فَيَ ُس ُّ
()192
ب َّأمه ))
ب َّأمه فَيَ ُس ُّ
ب أباه ،ويَ ُس ُّ ب أبا َّ
يَ ُس ا
باشَرًة ( )193؟! ِ
يلعن وال َديه ُم َ فكيف مبن َ
-7أن يَصل أقاربَ ُهما وأصحابهما ،ويَحتَرَمهم في َحياتهما وبعد َمماتهما:
الولَد أَ ْه َل ُواد أَبِيه )). ِ ِ قال صلَّى اهلل عليه وسلَّمَّ (( :
إن أَبَار ال ِّ صلَة َ
()194
يمهما:
َدع َوتُهما وتَ عل ُ -8
فم ن رأى منهم ا َغلَط اً يَ ْس تَ ِح اق التَّنبِي هَ فذنَّه يَتَ لَطَّف ويتَ أَ َّدب يف ِ ِ
املعاونَة الوال دانَ ،
صح و َ من أَ َح اق النااس بالنُّ ْ
ألن يف ذلك نا ًة لما ِمن العقوبَِة. تنبِي ِههما عليه؛ َّ
ف ،وال إس اءَة ،وال يَ ْغلَ ظ قال اإلمام أمحد رمحة اهلل تعاىل (( :إذا رأى أباه على أَْم ٍر ي ْكرُه ه ،يعلِّم ه بغ ري عُْن ٍ
َ َ ُ ُ
()195
يب )).ِ
وإال تركه ،وليس كاألَ ْجنَ ا له يف الكّلم ،ا
باش رِ ،مثْ ل أن يَطْلُب ناص حه بِطَ ِري ق غ ري م ِ ِ ولكن األب قد ال ي ت َقبل النُّ ِ ِ
ُ صح من َولَده ،فلذلك األوىل له أن يُ َ ْ ََ
اج ٍة إلي ه ،أو ْيه ِدي لِوالِ ِده كِتاب اً في ه أن وال َده َ
ِمن إمام املسجد أن يتكلَّم عن املوضوع الفّلين الذي ي رى َّ ِ
وج َيه ه إلي ه ح ّ ال يش عر الوالِد ص د تَ ِ ض عه أم ام َعْي نَ ْي ه وال يتَ َق َّ التَّنبِيه على هذا الغَلَط الذي يَ ْف َعل ه ،أو ح ّ يَ َ
الولَ ِد ْجت َع ل بذلك ،فيستَ ْكِ عن قِراءتِه وقَبولِه ،أو أي و ِسيلَ ٍة أُخرى يصل با النُّصح ،لكن دون م َ ٍ ِ
باشَرة من َ ُ ْ ُ اَ َ َْ
الوالِ َد يَْنفر ويَ ْستَ ْكِ .
صاحبَتُهما:
وم َ صادقَ تُ ُهما ُ
ُم َ -9
الولَد ووالده ،ولذلك َوسائل منها: يادة األُل َفة بين َوهذا مطلوب ألجل ز َ
يأخ َذ رأيَه ويَستَش َيره.
أن ُ
()196
أن يهدي له :قال صلَّى اهلل عليه وسلَّم (( َهتادوا حتابوا )).
َّلخيص ) 196حديث رواه البخاري يف األدب املفرد ،رقم ( ،)594والبيهقي ( ،)169/6عن أيب هريرة ،وقال احلافِظ ابن حجر يف الت ِ
ََ َ
ِ
احلبِري (ُ ،)70/3
إسناده َح َسن ،وانظر :إرواء الغَليل (.)44/6
صلَه اهلل ( الفتح ( 417/10ح ( ،)5988وانظر :صحيح مسلم ،رقم ) 197رواه البخاري ،كتاب األدب ،باب :من وصل َّ ِ
الرحم َو َ َ ََ
(.)2554
القاطع ( الفتح ، (415/10ح ( ،)2556ومس لم ،كت اب ال ِ ا ،ب ابِ :ص لَة ال َّرِحم ) 198رواه البخاري ،كتاب األدب ،باب :إمث ِ
وحت ِرمي قَطْعها ،ح (.)2556
الزهد ،رقم ( ،) 409والبيهقي يف الشُّعب ( ،)227/6والقطيعي يف جزء األلف ِدين ار ،رق م ( ،)310والب ازار يف ) 199رواه وكيع يف ُّ
ضها بَ ْعضاً. ِ
كشف األستار ( ،)37/2والط اين ،وغريهم ،قال يف املقاصد وكشف الفاء :له طُُرق يُ َق ِّوي بَ ْع ُ
102
اصل باملك افِئ ،ولك ن صل من قَطَعك ،قال صلَّى اهلل عليه وسلَّم (( :ليس الو ِ ِ
أعّلها من جهة أخرى :أن تَ َ َ
ِ ِ
()200
صلَها )). ِ ِ ِ
الواص َل الذي إذا قُط َعت َرمحُه َو َ
ِ ِ ِ ِ ِ واملعىن هناَّ :
أرحامه الذين ص َل الكام َل هو صلَة القاطع ،وأَقَ َّل منه َم ْرتَبَةً ( :املكافئ( ،وهو الذي يَصل َ الو ْ
أن َ
يِ
صلونَه. َ
َحدها:
الص ِحيح ِص لَة فه و ف ،فم ا ع َّده العُ ْرف َّ ت ،ب ل ذل ك حس ب الع ر ِ لص لَّة ح ٌّد حم دود بِزم ٍن أو وقْ ٍ ول يس لِ ِ
ُْ َ َ ََ َ
ب ومْن ِزلَتِ ه ،فَ ِ ِ ِ ِ ِ ك ذلك ،وم ا ع َّد يف الع رف َّ ِ
ص لَة الص حيح قَط َيع ةً فه و ك ذلك ،وه ي ختتَل ف ب اختّلف ال َق ِري ِ َ ُْ ُ
يض واحملت اج َغ ْري ِص لَة غ ِريه، الوالِد غ ري ِص لَة اب ن الع م البعِي د ،كم ا ختتَلِ ف ب اختِّلف األح والِ ،
فص لَة امل ِر ِ َا َ
الصغري ،كما ختتَلِف باختِّلف األمكنة ،فالذي يف البلد غري الذي هو خا ِرج عنه ا، وصلَة ال َكبِري غري ِصلَة َِّ
وهكذا.
الرس ائِل املتَبا َدلَة، الس ّلم ،واالتِّص ال ال اتِِفي ،و َّ
الس ؤال ع ن احل ال ،وإب ّلغ َّ الزي َارة ،و ُّالص لَةِّ :
وماا يَ ْد ُخل يف ِّ
وغري ذلك.
فَض ُل البر والصلَة:
الرزق ،وطول يف العمر ،وبركة فيهما ،فعن أنس رضي اهلل عنه ق ال :ق ال رس ول اهلل سعة يف ِّ -1فيه َ
صلى اهلل عليه وسلم (( :من أحب أن يبسط له يف رزقه ،وينسأ له يف أثره ،فليصل رمحه )) (،)201
ومعىن (( :ينسأ له يف أثره (( أي :يؤخر أجله.
ول
أن َر ُج ّلً ق ال :ي ا رس َ ب لِ ُدخول النَّة ،فَ َع ن أيب أياوب األنص اري رض ي اهلل عن ه َّ -2الِ ا و ِّ
الص لَة َس بَ ٌ
اهلل ،أخِ ْين بِ َع َم ٍل يُ ْد ِخلين النَّةَ ،فقال صلَّى اهلل عليه وسلَّم (( :تَ ْعبُد اهللَ ال تُ ْش ِرك ب ه َش ْيئاً ،وتُِق يم
()202
الرِحم )).
صل َّ الزكاةَ ،وتَ ِ
الصّلةَ ،وتُؤيت َّ َّ
ض ل ِص لَة الق ِ
اط ِع ِ ) 200رواه البخاري ،كتاب األدب ،باب :ليس الو ِ
اصل باملكافئ ( الفتح ،(10/423ح ( ،) 5991وانظر يف فَ ْ
أيضاً ما رواه مسلم ( ،)1982/4برقم.)2558( :
) 201رواه البخاري ،كتاب األدب ،ب اب :م ن ي بس ط ل ه يف ِرْزقِ ه بِ ِ
ص لَ ِة ال َّرِحم .الف تح ( ،)415/10ح ( ،)5986ومس لم ،كت اب َ ُْ َ َ
الرِحم وحت ِرمي قَطْعِها (.)1982/4( )2557
ال ا ،بابِ :صلَة َّ
الرِحم ( ،)414/10ح (.)5983 ) 202رواه البخاري ،كتاب األدب ،باب :فضل صلة َّ
103
رسول اهلل صلَّى اهلل عليه وسلَّمَ (( :ر ِغم أَنْ ُفه ،مثَّ َر ِغم أَنْ ُفه ،مث َر ِغم وعن أيب هريرة رضي اهلل عنه قال :قال ُ
الك َ :أح َدمها أو كِلَْي ِهم ا ،مثَّ مل يَ ْد ُخل ول اهلل ؟ ق ال (( :م ن أَ ْدرك والِ َدي ه عن د ِ أنْ ُف ه ،قِي َلَ :م ن ي ا رس َ
ْ َ َ
()203
النَّةَ))
وض ْع ِف ِهما بالِ ْدمة أو النَّ َف َق ِة أو غ ِري ذلك سبب لِ ُد ِ
خول الَنَّ ِة ،فَ َمن ِِ
ََ ٌ َ أن بَِّرُمها عند ك َِمها َ
ومعناه َّ
قال النَّوويَ :
خول النَّ ِة (.)204
صَر يف ذلك فاتَه ُد ُ ق َّ
الذ ِّريَِّة. السعادة فيها ،ولِ ِّ األَ ِ
والد و ُّ ب لِلتَّوفِيق يف احلياة و َّ
َ -3سبَ ٌ
من نَتائج العُقوق وال َقط َيعة:
خول الناار. -1أهنا سبب لِ ُد ِ
ََ
الدنْيا و ِ
اآلخَرة. الضْنك يف ُّيشة َّ ؤدي إىل َمعِ َ َّ -2أهنا تُ ِّ
ِ
األوالد بآبائِ ِهم. -3أهنا َتؤِّدي إىل عقوق
ب لِِقلَّة بَرَك ِة العُ ُمر.
-4أهنا سبَ ٌ
األسئلَة:
ص َوٍر منه غري ما هو يف الكتاب. ثّلث ُ
س :1ما املراد بالعُقوق ؟ واذ ُكر َ
ِ
سلوب األَ ْمثَل يف ذلك ؟
صح ،فما األُ ُالولَد من أبيه أو اأمه ما يدعو إىل التَّنبِيه والنُّ ْ س :2لو رأى َ
صيل.الصلَة ؟ اذ ُكر ذلك بالتَّ ْف ِ
س :3ما َح اد ِّ
) 205رواه مسلم ،عن أيب هريرة -رضي اهلل عنه -يف كتاب ال َق َدر ،باب :قُدِّر على ابن آدم حظاه ِمن ِّ
الزنا وغريه ( ،)2047/4ح
(.) 2657
الصاحلني وحنوها يُ ْعتَ َمساعها حمموداً.
صص األنبياء و ا
) 206قَ َ
105
صل بِ ِ
صاحبِه إىل احملرمات الع ِظيمة ،بل قد ي ِ الدين ِمن َّالدين والطَّ ْعن يف ِّ -1االستِماع إىل َمن يَطْ َعن يف ِّ
َ َ َ
ال ُك ْفر ،فالو ِاجب على َمن َِمسع هذا أن يَ ُراد عليه ويُدافِع ع ن ال ِّدين ،ا
وإال فذنَّه ال جي وز ل ه البَق اء م ع
السكوت ِمن أَ ْعظَم َّ
احملرمات. لوسه مع ُّ وج ُ َمن يَتَ َكلَّم بذلكُ ،
كالصحابة والعلماء واملصلِ ِحنيَ ،محلَ ِة ه ذا ال ِّدين ِ ِ ِ
ومبَ لِّغي ه ،وال ِّدفاعُ
ُ َ وقَ ِريب من ذلك :الطَّ ْعن يف خيار األَُّمةُ َ َّ ،
اض ِهم ِمن أَ ْعظَم الو ِاجبات ،وأَْرفَع ال ُقربات.
عن أَ ْعر ِ
استِماع الغِناء ،وآالت اللَّ ْهو والطََّرب.ْ -2
ألم ِر
الش يطان ُمض َّادةً ْ الش يطاين وآالت اللَّه و ،إمن ا نَ َ
ص بَها َّ ماع َّ
الس َ إن الغِناءَ و َّ قال ابن القيِّم رمحه اهلل تعاىلَّ :
ِ ()207
ّلح قُلوبم
ص ِ ِِ ِ ِ ِ
ب َوج َعله َسبَ َعارضةً لما َشَر َعه اهلل لعباده َ
وم َ اهللُ ،
السنَّة واإلجاع.
حمرم بالقرآن و ُّ وهو ا
( أ ( أَدلة القرآن:
قال تعاىل :ﱡﭐ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱠ اآلية [لقمان.]6 :
ُسئِل ابن مس عود -رض ي اهلل عن ه -ع ن ه ذه اآلي ة فق ال :الغِن اء واهلل ال ذي ال إل ه إال ه و ،يَُرِّدده ا ثَ َ
ّلث
فسرها ابن عمر ،وابن عباس ،وجابر رضي اهلل عنهم ،وكثري ِمن التاابِعِني ،م نهم أئِ َّم ة التَّ ِ
فس ري مرات ،وبذا َّ
ا ا
دعام ة وع ْكرم ة م وىل اب ن عب اس ،واحلس ن البص ِريِ ،ِ ِّ ِ
وس عيد ب ن ُجبَ ري ،وقَت َادة ب ن َ َ َ َْ ا :جماه د ب ن َج ْ املك يَ ،
الس ِ
دوسي ،وغريهم (.)208 َّ
قال تعاىل ﱡﭐ ﲞ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﱠ اآلية [اإلسراء.]64 :
الشْيطان. الشيطانِ ،
وم ْزمار َّ ص ْوت َّ قال ِ
جماهد (( :الغِناء واملز ِامري )) .ولذلك يُ َس ِّميه َّ
السلَفَ :
( ب ( أَدلة السنة:
قال صلَّى اهلل عليه وسلَّم (( :لَي ُكونَ َّن ِمن َّأميت أقو ٌام يَ ْستِ ِحلاون احلَِر واحلَ ِر َير ،والَ ْمَر ،واملعا ِز َ
()209
ف )).
رسول اهللِ ،وهم يَ ْش َهدون أن ال إل ه اإال اهلل ؟! وم ْسخاً وقَ ْذفاً (( قالوا :يا َ وقال أيضاًَّ (( :
إن يف أَُّميت َخ ْسفاً َ
()210
فقال (( :نَ َعم ،إذا ظَ َهرت املعا ِزف والمور ،ولُْبس احلَ ِرير )).
الصحابة َمرفوعاً بألفاظ ُمتقا ِربَة ،وهو حديث َح َسن ،ينظر يف خترجيه والكّلم عليه (( :تَْنبِيه
احد من َّ ) 210روي هذا احلديث عن غري و ِ
الّل ِهي (( إلمساعيل األنصاري( ،ص ،)33وأحاديث ذم الغِناء واملعا ِزفِ ،
للجديع. ا
ا
حص ل يف الغِن اء ب دون ِ ) 211ينظر :نزهة األمساع الب ن رج ب )ص ،)78 ،63 ،59 ،25وذك ر َّ ِ
ض ْعفه إمن ا َأن ال ّلف الواق ع عل ى َ
آالت ِ
املّلهي ،ويُنظَر أيضاً :إغاثَة اللَّهفان البن القيِم (.)146/1
ووضَّح َم ْعناه.
صححه ابن القيِّم يف اإلغاثة (َ ،)148/1 َّ ) 212
) 213انظر يف معناه :اإلغاثة (.)145/1
الس ماع ،للح افظ السماع ،لإلمام ابن القيم ،وإغاثة اللَّهفان له ( الزء َّ
األول( ،ونزه ة األمس اع يف َمس ألة َّ َّوسع يف املوضوع انظر :كتاب َّ للت ُّ
رجب. ابن َ
107
ص ِّفق بِيَ َديْه ،ورمب ا اهتَ َّز، ِ ِ فاعلِ ه أو س ِامعِه ُّق د يس بِّب لِ ِ
الرعونَة وقلَّة احلَي اء ،فتَج ده ميي ل َرأْ َس ه ،ويُ َ َُ -6
األرض بِ ِر ْجلَْيه ،وغري ذلك.
َ وضَرب
َ
الستماع للغيبَة:
الذنوب ،فّل جيوز االستِماع لا ،بل الو ِاجب على املسلِم خاك مبا يَ ْكره ،وهي ِمن َكبائِر ُّ
َ والغِيبَة هيِ :ذ ْكرك أَ َ
إذا َِمس ع َم ن يَ ْغت اب فذنَّه يُوقِف ه ويُْرِش ُده لِتَ ْرك ذل ك ،وي ِّذره ِم ن الغِيبَ ة ،ويُ ِّ
ذكره خبَطَ ِره ا ،ف ذن اس تَ َ
جاب فه و
وإال فّل َخْي َر يف اللوس مع ِمثْلِه. املطلوب ،ا
قال تعاىل :ﭐﱡﭐ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱠ اآلية [القصص.]55 :
ب لِم ا يق ول املغت اب ،ق ال الغ زايل َرِمح ه اهلل أش اد ِم ن جم َّرد ُّ
الس كوت أن يُظ ِه َر املتابَ َع ة واإلنص َ
ات والتَّ َع ُّج َ وَ
ِ ()214
الساكِت َش ِريك املغتاب :والتَّ ِ ِ ِ ِ
صديق بالغيبَة غيبَة ،بل ا ْ
يمة:
الستماع للنم َ
وم ن الكب ائر ،ويَْنبَغِ ي لِ َم ن نُِقلَ ت إلي ه
حمرم ةِ ، ِ ِ
يم ة :نَ ْق ل ال َك ّلم ب ني النااس عل ى ج َه ة اإلفس اد ،وه ي ََّ
ِ
والنَّم َ
يمة ِع َّدة أمور: ِ
النَّم َ
صدق النَّ امام. ( أ ( اأال يُ ِّ
صحه. ( ب ( أن يَْنهاه ويَْن َ
ضه يف اهللِ حّ يَ ِْتك ما هو فيه. ِ
( ج ( أن يُْبغ َ
بأخ ِيه الغائِب ُسوءاً. ( د ( اأال يظُن ِ
َ ا
()215
( ه ( أن ال يَ ْدفَعه هذا الكّلم إىل التَّ َج ُّسس والتَّ َحِّري
ضونَه أن يستَمع إلى َحديث قَ وم وهم يَك َرهون ذلك ول يَر َ
دل ال َق رائِن
ص ِرية ،لك ن تَ ا ِ ِ
ص ِرية ،كأن يقولوا :ال تَتَ َس َّمع َح ديثَنا ،أم كان ت غ َري َ وسواء أكانت كراهيَتهم َ
صت (ِ )216
حلديثِ ِهم. منخ ِفض فيما بينَهم فّل جيوز التَّنَ ُّ عليها ،كأن ي تَح َّدثوا بِ ٍ
صوت َ َ َ َ
صت على النااس يف بيوهتِم ،أو غُرفِ ِهم ،أو ع األَج ِهزة ِمن هاتِف و َغريه ،فَ ُكل هذا وأ ْش ِ
باهه ومن ذلك :التَّنَ ُّ ِ
ا ْ َ َ ُ
الاصة
مورهم َّ اس وأُ ِ الش ِر َيعة اإلسّلميَّة ،حيث جاءَت باحملافَظَة على أَ ْسرار النا ِ قاصد َّحرام ،وحت ِرمي ذلك ِمن م ِ
َ َ
اليت ال يباون أن يَطَّلِع عليها أَ َحد.
مادة ( ذكر)..
الصحاح (َّ ،)664/2
) 219ينظر :لسان العرب ( ،)1507/3مادة (ذكر( ،و ِّ
وللزيادة ينظر :الوابِل الصياب ،البن القيام (ص .)110- 108
) 220األذكار للنَّووي (ص ِّ ،)9
) 221عارضة األحوذي (.)297/12
110
وتع اىل:ﭐﱡﭐ ﳖ ﳗ ﳘ ﳙ س عادة ال َق ْل ب وطُمأنِينَت ه يف ال ُّدنيا و ِ
اآلخ َرة ،يق ول س بحانَه -1
َ َ َ
[الرعد.]28 :ﳛ ﳝ ﳞ ﳟ ﳠ ﳡﱠ َّ ﳚ ﳜ
ألن املقصود بالطااع ات ِذ ْك ر اهللِ تع اىل،
ضلها؛ َّ أج ال ال ُقربات ،بل أَفْ َ
ضل الطااعات و َ
ِ ِ
ذ ْكر اهلل من أفْ َ -2
قال تعاىل:ﭐﱡﭐ ﲹ ﲺ ﲻ ﱠ [العنكبوت.]45 :
ﱡﭐ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ وق ال س بحانَه وتع اىل:
ﲯﱠ [األحزاب.]35 :
يب ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم ق ال (( :أال أُنَبِّ ئكم خب ِري الدرداء رضي اهلل عن ه َّ
أن النَّ َّ الِتمذي وغريه عن أيب َّ وروى ِّ
الذهب والوِرقِ ، ِ ِ
ومن أن تَ ْل َقوا َ إعطاء َّ َ أعمالكم ،وأزكاها عند َمليككم ،و ْأرفَعِها يف َد َرجاتِكم ،وخري لكم ِمن ْ ْ
رسول اهللِ ،قالِ (( :ذ ْكر اهللِ )) (.)222
ض ِربوا أَ ْعناقَكم(( قالوا :بلى يا َض ِربوا أَ ْعناقَ ُهم ويَ ْ
َع ُد َّوكم فَتَ ْ
-3ال اذاكِرون اهلل تعاىل ه م أه ل االنتِف اع بآيات ه ،وه م أولُو األلب اب والعُق ول ،ق ال تع اىل:ﭐﱡﭐ ﱹ ﱺ ﱻ
ُ
ﱼﱽﱾﱿﲀﲁ ﲂﲃﲄﲅﲆﲇﲈ
ﲉ ﲊ ﲋ ﱠ ..اآلية [آل عمران.]191-190 :
ني ،ي ِرز بِه ال َعْب ُد نَ ْف َسه ِمن َّ
الشْيطان. صٌ ِذ ْكر اهللِ ِحصن ح ِ -4
ٌْ َ ُ
يب ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم ق ال فيم ا حك اه ع ن ي ى ب ن زكري ا علي ه الِتم ذي وغريمه ا َّ
أن النَّ َّ روى اإلمام أمح د و ِّ
الع ُد او يف أَثَ ِره ِس راعاً،
ذن َمثَل ذل ك مث ل َر ُج ل َخ َرج َالسّلم أنَّه قال لبَِين إسرائِيل ":وآمركم أن تَ ْذكروا اهللَ ،ف َّ َّ
الش يطان اإال بِ ِذ ْكر
العْب د ال ي ِرز نَ ْف َس ه ِم ن َّ ِ ِ
ص ٍن َحص ني فَأَ ْحَرز نَ ْف َس ه م ْن ُهم ،ك ذلك َ
ِ
ح ّ إذا أت ى عل ى ح ْ
اهلل "(.)223
ِ ط الطايا وي ْذ ِهبها ،فذنهَّ ِ ِ ِ
السيِّئات.
ب َّ احلسنات يُ ْذه ْ َ
َ و نات، س
َ احل
َ مظ
َ ع
ْ َ
أ نم ُ ُ -5من فَوائده :أنَّه يُ ا َ
روى ُمسلِم رمحه اهلل عن أيب هريرة رضي اهلل عنه قال :كان ُ
رسول اهللِ ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم يَ ِس ري يف طَ ِري ق
َم َّكة ،فَ َمار على َجبَ ٍل يُقال له :جدان ،فقالِ (( :سريوا هذا ج دان َس بَق امل َف ِّردون(( ق ال :وم ا امل َف ِّردون ،ي ا
ين اهللَ كثِرياً وال اذاكِرات )) (.)224 ِ
رسول اهلل ؟ قال :ال اذاك ِر َ
َ
الذ ْكر (.)459/5 ضل ِّالِتمذي يف جامعه ،يف كتاب الدَّعوات ،باب :ما جاء يف فَ ْ
) 222رواه ِّ
ص ِحيح َغ ِريب " ،واإلمام أمحد يف ُمسنَ ِده.
حسن َ الصدقة ( ،)136/5رقم ( ،)2863وقالَ ": الصيام و َّ
) 223و ِّ
ث على ِذ ْكر اهللِ (.)2062/4 الذكر والدُّعاء والتَّوبة واالستِغفار ،باب :احلَ ا
) 224رواه مسلم يف صحيحه ،،كتاب ِّ
111
اآلجلَة لِل َف ْرد واألَُّمة ،قال اهلل تعاىل عن نوح عليه َّ
السّلم :ﱡﭐ ﳃ ﳄ العاجلَة و ِ
ج ْلب األرز ِاق ِ
َ ُ -6
ﳅﳆﳇﳈﳉﱁﱂﱃﱄﱅﱆﱇﱈﱉﱊﱋﱌﱍ
[نوح ،]12-10 :واالستِغفار ِمن ِّ
الذ ْكر. ﱎﱠ
من أنواع الذكر:
اعه:ميكن أن نَ ْذ ُكر ب عضاً ِمن أنو ِ الذكر يكون باللِّسان ،ويكون بال َقلب ،ويكون بِما معاً ،وعليه ِ أن ِّعرفنا َّ
َْ
حميد ،والتَّكبِري ،وغريها ِمن األذكار الوا ِرَدة يف نصوص الذكر باللِّسان ،مثل التَّسبِيح ،والتَّهلِيل ،والتَّ ِ ِّ -1
السنَّة.
الكتاب و ُّ
ِ ِ -2قِراءَة كِتاب اهللِ تعاىل ،فهو َكّلم اهللِ تعاىلَّ ،
ضل املنزل على َرسوله صلَّى اهلل عليه وسلَّم ،وقراءَته أَفْ َ
الِتِم ِذي ،ع ن اب ن مس عود َر ِض ي اهلل عن ه َّ
أن ِم ن األذك ار املطْلَ َق ة؛ ألنَّه َك ّلم اهللِ تع اىل ،فق د روى ِّ
اب اهللِ فَلَ ه ب ه َح َس نَة ،واحلَ َس نة بِ َع ْش ر
ول اهللِ ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم ق ال ":م ن قَ رأ حرف اً ِم ن كت ِ
َ َ َْ رس َ
ِ ِ
يم َح ْرف "(.)225 أمثالا ،ال أقول ( أمل ( حرف ،ولكن أَلف َح ْرفٌ ،
والم َح ْرف ،وم ٌ
ِ ِ ِ ِ ِ ِ
ض ل األَذْك ار؛ ألنَّه تَ َق َّرب إىل اهلل تع اىل بأمسائ ه وص فاته؛ لتَ ْلبِيَ ة حاج ات َ
العْب د -3ال ُّدعاء ،وه و م ن أَفْ َ
خرِويَّة. ُّ ِ
الدنيَويَّة واألُ َ
الس ّلم :ﭐﱡﭐ ﳃ ﳄ ﳅ ﳆ ﳇ ﳈﱠ [ن وح: وح علي ه َّ -4اال ْس تِغفار ،ق ال اهللُ تع اىل ع ن نُ ٍ
.]10
الذ ْكر ،قال تعاىل :ﭐﱡﭐ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ ِ
خملوقات اهللِ تعاىل بِال َق ْلب ،فهذا ِمن أَ ْعظَم ِّ -5التَّف اكر يف
ﱽﱾﱿﲀﲁ ﲂﲃﲄﲅﲆﲇﲈﲉ ﲊ
ﲋﲌﲍﲎﲏﲐﲑﲒﲓﲔﲕﲖﲗﲘﲙ
ﱠ [آل عمران.]191-190 :
وصلَة األَْرحام ،وتَعلُّم العِْلم وتَ ْعلِيم ه،
الصيام ،وبِر الوالِ َدينِ ،
ا َع َمل الطااعات املختَلِ َفةِ ،من َّ
الصّلة ،و ِّ -6
الص احلَة ال ِّذ ْكر ،ق ال تع اىل يف َش أْن َّ
الص ّلة: ود باألعم ال ا وغ ري ذل ك كلاه ِم ن ال ِّذ ْكر؛ َّ
ألن املقص َ
ﱡﭐﱏ ﱐ ﱑ ﱠ [طه.]14 :
أن نَِيب اهللِ ِ -3م ن ال ِّذ ْكر عن د ال َك رب :م ا رواه مس لِم يف ِ ِ
ض ي اهلل َعْن ُهم ا َّ َّ ص حيحه ،ع ن اب ن عبااس َر َ َ ُ ْ
ب ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم ك ان يق ول عن د الك رب (( :ال إل ه اإال اهلل العظ يم احلل يم ،ال إل ه اإال اهلل َر ا
الع ْر ِش ال َك ِرمي )) (.)228 العرش ِ
ب َ ب األَْرض َور ا
السموات َور ا ب َّ العظيم ،ال إله اإال اهلل َر ا َْ َ
وإال فَ َعل ى املس لِم أن ي ا ِول ِح ْف ظ ه ذه األذك ار وغ ِريه ا ،وأن يُّل ِزَمه ا يف أوقاهت ا وأحوال ا؛ ه ذه جم َّرد أمثِلَ ة ،ا
ضيلَتَه ويكون ِمن ال اذاكِرين اهلل تعاىل ،وقد اهتَ ام العلماء بمعها وتيسريها قدمياً وح ديثاً، لِيَ ْغنَم أَ ْجر ِّ
الذ ْكر وفَ ِ
ص ِرها: ِ ِ فم ن الكتُب املت َق ِّدم ة يف ذل ك :عم ل الي وم واللَّيل ة للنَّس ائيِ ، ِ
الس ِّين ،وم ن أجَعه ا وأَ ْخ َ ومثْل ه الب ن ُّ
) 226رواه مسلم يف صحيحه ،كتاب اآلداب ،باب :كراهيَّة التَّسمية باألمساء القبيحة ( ،)1685/3رقم احلديث ( ،)2137وعلَّقه
البخاري يف صحيحه (.)566/11
ضل التَّهلِيل والتَّسبِيح والدُّعاء ( ،)2071/4رقم احلديث (.)2692 ) 227رواه مسلم ،كتاب ِّ
الذكر وال ادعاء ،باب :فَ ْ
الذكر وال ادعاء ،بابُ :دعاء ال َك ْرب (.)2092/4 ) 228أخرجه مسلم يف صحيحه يف كتاب ِّ
113
كتاب األذكار ،لإلمام النَّووي ،وال َكلِم الطَّيِّب ،لإلمام ابن تيميَّة ،والوابِل َّ
الصيِّب ،لإلمام ابن القيام ،رمحهم
اهلل تعاىل.
األسئلَة:
س :1ما املراد ِّ
بالذ ْكر َشرعاً ؟
السبَب يف ذلك.
ضح معىن هذه الملَةُ ،مبَ يِّناً َّسان عن ِذ ْكر اهللِ ) َو ِّ س ( :2ال ِغىن لِإلنْ ِ
الذ ْكر ،مع األَ ِدلَّة.
س :3اذ ُكر ثَّلثَة أَنْو ٍاع ِمن ِّ
الدنيا و ِ
اآلخَرة. الذ ْكر يف ُّس :4اذ ُكر بَ ْعضاً ِمن مثار ِّ
س :5مثِّل لِبَ ْعض األَذْكا ِر املطْلَ َقة.
114
الدع اءُ
َمعنَى الدعاء
لغةا :النِّداء والطَّلَب ،تقولَ :د َع ْوت فُّلناً ،مبعىن :طَلَْبتُه َ
وناديْتُه (.)229
ِ ِ
الشار.
ودفْع األَذى و َّومناداته لَْلب النَّ ْفع والريَ ، في الشرع :االستعانَة باهلل تعاىل ُ
عان ِع َّدة ،منها:
وقَد ورد يف ال ُقرآن ال َكرمي على م ٍ
َ ََ
ادة ،ق ال س بحانه وتع اىل:ﭐﱡﭐ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ِ
ﱑﱓﱔﱕﱖﱗ ﱒ العب َ
ﱘ ﱙ ﱚ ﱠ [غافر.]60 :
-االستِغاثَة ،قال تعاىل:ﭐﱡﭐ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ ﱠ [البقرة.]23 :
أي استَغِيثوا بِ ُش َهدائِ ُكم.
أَ َهميته:
املوص لَة إلي ه؛ إذ إنَّه ال ِغ ىن لِلعِب اد ع ن خ الِِق ِهم
إن ِم ن نِعم ة اهلل تع اىل عل ى ِعب ِاده أن هيَّأ ل م األس باب ِ
َ َْ َّ
ومن أَ َه ام ما يُ َق ِّرب إىل اهللِ تع اىل ُدع اؤه َورج ُاؤه واالس تِغاثَة ب ه ،فب ه
حال ِمن األَحوالِ ،
ْ
سبحانَه وتعاىل بأي ٍ
ا
وعّل.ويصل على ِرضى َربِّه َج ال َ نال ُمْبتَغاهِّ ، يَ ْعبُد اإلنسا َن َربَّه ،ويَتَ َح َّقق َمطلوبَه ،ويَ ُ
ضلُه وفَوائ ُده
فَ َ
ضل َع ِظيم وأَ ْجر َكبِري ،ومثار يانِ َعة ،وفَوائِد َجلِيلَة ،منها: لِ ُّ
لدعاء فَ ْ
صاحبُها بِتَ َقاربِه إىل اهللِ تعاىل فيه ،يقول تعاىل:ﭐﱡﭐ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ
الدعاء ِعبادة ي ْؤجر ِ
َ ُ َ (أ( َّ
أن ُّ
ﲊﲋﲌﲍﲎﲏﲐﲑﲒﲓﲔﲕﲖﲗﲘﲙﲚﲛﲜ
[السجدة.]17-16 : ﲝ ﲞ ﱠ َّ
ﱡﭐ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱠ اآلي ة ( ب ) يف ال ُّدعاء إجاب ة لِطَلَ ب ال اد ِ
اعي ،ق ال تع اىل: َ
[غافر..]60 :
ﲼ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﱠ [البقرة.]186 :
ﲽ ﲹﲺﲻ ﭐﱡ ﭐ ﲷ ﲸ وقال تعاىل:
الصحاح (ص .)206
) 229ينظر :املفردات يف غريب القرآن (ص ، (169وخمتار ِّ
115
ﲜﲞ
ﲝ الدعاء ُخضوع لِلخالِق َج َّل َو َعّل ،وإ ْشعار بِ ِّ
الذلَّة له ،يقول تعاىل :ﱡﭐ ﲙ ﲚ ﲛ يف ُّ (ج)
ﲫﲭﲮﲯﲰﲱ
ﲬ ﲟﲠﲡﲢﲣﲤﲥ ﲦﲧﲨﲩﲪ
ﲲ ﱠ [األعراف.]56-55 :
الدنيا أو ِ
اآلخرة. اعي ،سواء كانَت يف ُّ الشرور واآلثام عن ال اد ِ ( د ( يف ُّ
الدعاء َدفْع ُّ
وده ،ولك ن ه ذه اإلجابَة ال تَتَ َح َّق ق اإال بِ ُش روط، ِ ِ
قص َ
يَطْ َم ح امل ؤمن أن يَ ْس تَجيب اهللُ تع اىل ُدع اءَه ،ويُلَ ِّيب َم ُ
هي:
ُشروط إجابَة الدعاء:
وتع اىل:ﭐﱡﭐ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦ األع ِ
مال ،ق ال س بحانه اإلخالص :وهو َأه ام ُش ُروط قَبول ْ -1
ﲧ ﲨ ﲩ ﱠ [غافر.]65 :
ودعائِه اإال اهللَ ُسْبحانَه وتعاىل، صد بِ ِ واإلخّلصَْ :جت ِريد الع ِ
بوديَّة هللِ تعاىل ِمن َِ
جيع املتَ علاقات ،فّل ي ْق ِ
عبادته ُ
َ َ َ ُ ْ ُ
ف ذل ك فق د أش رَك ،ق ال تع اىل:ﭐﱡﭐ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ وم ن خ الَ َ
َ
َ
ﳁ ﳃ ﳄ ﳅ ﳆ ﱠ [املؤمنون.]117 : ﳀ ﳂ
املال احلَرام مانِع ِمن إجابَِة ُّ
الدعاء. ألن َمال الداعي َحاللاَّ : -2أن يكون ُ
روى ُمسلِم َرِمحَه اهلل يف صحيحه عن أيب هريرة رضي اهلل عنه قال :قال ُ
رسول اهللِ صلَّى اهلل عليه وسلَّم(( :
املرس لِني ،فق ال:ﭐﱡﭐ ﲑ ﲒ ِ ِِ ب ال يَ ْقبَل اإال طيِّباًَّ ،
وإن اهللَ أََمر املؤمنني مب ا أََم ر ب ه َ يا أياها النااسَّ ،
إن اهللَ طَيِّ ٌ
ﲗ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﱠ [املؤمن ون ،]51 :وق ال:ﭐﱡﭐ ﱭ ﱮ ﱯ ﲘ ﲓﲔﲕﲖ
ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱠ [البقرة.]172 :
ﲡ ﱠ [األعراف.]55 :
) 231أخرجه البخاري يف صحيحه ،كتاب الدَّعوات ،باب :لِي ع ِزم املسألَة فذنَّه ال م ْك ِره له ( ،)144/11ومسلِم يف ص ِح ِ
يحه كتاب َ ُ َْ
الع ْزم يف الدُّعاء وال يقول إن ِشْئت ،رقم (. (2678 ِّ
الذ ْكر وال ادعاء ،بابَ :
117
الدعاء لِ َمن قَ َّدم لك َخ ْرياً.
ُّ -5
الدنيا و ِ
اآلخَرة. عامة مبا يَْن َفعُهم يف ُّ لمسلِ ِمني بِ َُّّ ِ
الدعاء ل ُ -6
األسئلَة:
س :1اذ ُكر معىن ُّ
الدعاء َش ْرعاً.
الدلِيل على ذلك.
بادة هللِ تعاىل ،اذ ُكر َّ سِ ُّ :2
الدعاء ع َ
ضح ذلك. الدعاء :تَ ْرك االعتِداء يف ُّ
الدعاءَ ،و ِّ سِ :3من ُشروط إجابَة ُّ
السبَب يف ذلك ؟
الدعاء ،ما َّ إنسان عن ُّ س :4ال ِغىن لِ ُكل ٍ
ا
س :5اذ ُكر ثَّلثاً ِمن َموانِع إجابَة ا ُّلدعاء.
118
قامةُ
الست َ
ومنزلَتُها:
تَعري ُفها َ
الصراط املستَ ِقيم ،وهو ِّ
الدين ال َق يِّمِ ،م ن غ ري َمْي ل عن ه ميْنَ ةً وال يَ ْس َرةً ،ويش َمل قامة :هي ُسلوك ِّ َمعنى الست َ
اهرة و ِ
الباطنَة (.)232 ِ ِ ِ ِ ِ
ذلك ف ْعل الطااعات كلاها ،الظااهَرة والباطنَة ،وتَ ْرك املنهياات كلاها ،الظا َ
قصري ،وكِ ُ
ّلمها َمْن ِه اي عنه َش ْرعاً. ط بني الغُلُو والتَّ ِ
ا وهي َو َس ٌ
الستمرار عليها ،والتقصير فيها:
ص ّلتِه :ﱡﭐ ﱗ ﱘ ٍ ِ
قامة ال ادائ َم ة ،ول ذلك يَس ألا َربَّه يف ك ال رْك َع ة م ن َ
ِ ِ
امل ؤمن ُمطالَب باالس ت َ
ِ
ﱙ ﱠ [الفاحتة.]6 :
قامة، ِ ِ ولَما كان ِمن طَبِيعة اإلنسان أنَّه قد ي َق ِّ ِ
خروج عن االست َ صر يف ف ْعل املأمور ،أو اجتناب احملظور ،وهذا ٌ ُ َ ا
قامة ،فقال تعاىل ُم ِشرياً إىل ذلك:ﭐﱡﭐ ﱵ ﱶ ﱷ ﱠ ِ ِ ِ
الش ْرع إىل ما يُعيده لطَ ِريق االست َ ْأر َش َده َّ
باالس تِغفار
ْ
ِ
أن ذلك التَّقصري ُجي َ قامة املأموِر با ،و َّ ِ ِ ِ
فأشار إىل أنَّه ال بُ َّد من تَ ْقصري يف االست َ [فصلتَ ،]6 : ِّ
قام ِة. ِ
الرجوع إىل االست َضي لِلتَّوبَة و ُّ املقتَ ِ
وقال صلَّى اهلل عليه وسلَّم (( :اتَّ ِق اهللَ حيثُما كنت ،وأتْبِع َّ
()233
احلسنَةَ َمت ُحها )).
السيِّئَة َ
العبد: َمقامات الدين التي يُطالَب بها َ
قامة ،أو ه و ِ ِ ()234
قال ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم َ (( :س ِّددوا وق ا ِربوا ))
الوص ول إىل َحقي َق ة االس ت َ فالس داد ُ :
َّ ،
املقاص ِد.
جيع األَقْوال واألَ ْعمال و ِ اإلصابة يف َِ
َ
صيبوا فّل يَ ُفوتُ ُكم ال ُق ْرب منه.السداد ،فذن اجتَ ه ْدم ومل تُ ِ صول إىل َّ وقوله (( :قا ِربوا (( أي :اجتَ ِهدوا يف الو ِ
َ ُ ْ
فاملقاربَة ،وم ا ِس وامها تَ ْف ِريط ِ ِ العْبد بِما َّ :
قامة ،فذن مل يَ ْقدر عليها َ السداد ،وهي االست َ فهما َم ْرتَبَتان يُطالَب َ
الوص ول إىل أَ ْعّلمه ا ،كال ذي يَ ْرِم ي ِ ِ ِ ِ ِ
وإضاعة ،واملؤمن يَْنبَغي علي ه أن ال يُف ارق ه اتَ ْني امل رتَبَتَ ْني ،وليَ ْجتَه د يف ُ َ
حّ ي ِ ِ
َغَرضاً جيتَ ِهد يف إصابَته ،أو ال ُق ْرب منه َّ ُ
()235
صيبَه
ﲅ ﲆ ﱠ [املائدة.]16-15 :
ومتابَ َعة َرسولِه صلَّى اهلل عليه وسلَّم ،قال تعاىل:ﭐﱡﭐ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ِ
اإلخّلص هلل تعاىلُ ،
ُ -2
ﲱ ﲲ ﲳ ﱠ اآلية [البيِّنة.]5 :
االستِ ْغفار والتَّ ْوبَة: -3
السالكني البن القيم ،منزل االستِقامة ،وشرح النَّووي على مسلم ( احلديث ومدارج ا ) 235انظر :جامع العلوم واحلكم ،حديث (َ ،)21
السابق(.
ا
املطبوع ة ،وإن ك ان ُّس َخة ِ
َ ) 236رواه مسلم ،كتاب اإلمي ان ،ب اب :ج امع أوص اف اإلس ّلم ( ،)65/1رق م ( ،)38وه ذا لَ ْفظ ه يف الن ْ
اللَّفظ املشهور ( :مث استَ ِقم ( ،وعليه َشَرح النَّوِوي وغريه ،واهلل أعلم.
120
تع اىل:ﭐﱡﭐ ﳊ ﳋ ﳌ ﳍ ﳎ ﳏ ﳐ اح بِالتَّ ْوبَة ،فق ال
ّلح والنَّج َ
وقد علاق اهللُ تعاىل ال َف َ
ﳑ ﱠ اآلية [النُّور.]31 :
اسبَة النَّ ْفس:
ُحم َ -4
ﱙﱛﱜﱝﱞ
ﱖﱘ ﱚ
ﱗ ﱡﭐ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ تع اىل: ق ال
ﱟﱠ اآلية [احلشر.]18 :
اس بوا ،وانظُروا م اذا َّاد َخ رم ألن ُف ِس كم ِم ن ِ
ق ال اب ن كث ري رمح ه اهلل تع اىل :أي حاس بوا أَنْ ُف َس كم قب ل أن ُحت َ
وع ْر ِض ُكم على َربِّكم (.)237 ِ
الصاحلة ليوم َمعاد ُكم َ
األَ ْعمال ا
ِ ِ ِ
فاحملاسبَة حت َفظ املسلم من امليل عن طَ ِريق االست َ
قامة.
الماعة:
َ المس مع الصلَوات ْ -5احملافَظَة على َّ
كر ،ق ال تع اىل:ﭐﱡﭐ ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ العْبد َوربِّه ،وهي ِمن َعوا ِمل تَ ْرك ال َف ْحشاء واملن َ ِ
ألهنا صلَة بني َ
ﲶ ﲷ ﱠ [العنكبوت.]45 :
الو ِسيلَة لِ َم ْع ِرفَة اهللِ تعاىل وكِتابِه َورسولِه ص لَّى
السنَّة؛ ألنَّه َ
الكتاب و ُّ طَلَب العِْلم :واملقصود بِه ِع ْلم ِ
ُ -6
اهلل عليه وسلَّم.
اعة وعل ى طَلَ ب العِْل م ،ويُنَبِّه ه ِ ِ الصحبة الصاحلةِ َّ : ِ
الصا يُعني صاحبَه على الطا َ ألن الَليس ا -7اختيار ُّ ْ َ ا َ
الس يء فعل ى العك س ِم ن ذل ك متام اً ،ق ال تع اىل :ﭐﱡﭐ ﲌ ﲍ ِ ِ
عل ى أَ ْخطائ ه ،اأم ا الَل يس َّ ا
[الزخرف.]67 : ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒﱠ ُّ
ِ ِ ِ ِح ْف ظ الَوا ِرح ع ن َّ
يم ة وغريه ا، احملرم ات :وأمهُّه ا :اللِّس ان ،فيَ ْح َفظ ه ع ن ال َك ذب والغيبَ ة والنَّم َ -8
تع اىل :ﭐﱡﭐ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳅ
ﳄﳆ ب َعْي نَ ْي ه قولَه
ص َ
احملرم ات ،ولْ يَ ُكن نُ ْ
ص َره ع ن َّوي َف ظ بَ َ
ﳇ ﳈ ﳉ ﳊ ﳋ ﳌ ﳍ ﳎ ﱠ [اإلسراء.]36 :
()238
ص ُمت )). ِ ِ ِ
السّلمَ (( :من كان يُ ْؤمن باهلل واليوم اآلخر فَ ْليَ ُقل َخ ْرياً أو ليَ ْ الصّلة و َّ
وقوله عليه َّ
لح َذر منها: ِ َ -9مع ِرفة ُخطوات َّ
الشيطان ل َ
ﱛﱝﱞﱟﱠ
ﱜ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ
122
الفهرس
املقدمةError! Bookmark not defined. ............................................... :
ِّ
الشريف5 ...............................................................................
اأوالً :احلديث َّ
األول 6 ...................................................................................
احلديث َّ
الرابع17 .................................................................................:
احلديث ا
ِ
اإلسّلميَّة 21 .............................................................................. ثانياً الثَّقافة
الر ِ
سول صلَّى اهلل عليه وسلَّم 26 ..................................................وح اق َّ ِ
َح اق اللاه تعاىل َ
123
احلديث ِ
الامس 66 ...............................................................................
احلديث التا ِ
اسع 78 ................................................................................
التَّ ِ
دخني84 .......................................................................................
ِّ
الذ ْكر 110 .......................................................................................
ُّ
الدعاء 115 ......................................................................................
124