You are on page 1of 124

‫الدر ِاسيَّةُ‪ِ ،‬ع ْل ُم احلَ ِديث‪ ،‬املستوى (الثاين)‪.

‬‬ ‫العنوان‪ِ :‬‬
‫املناه ُج ِّ‬

‫الدر ِاسيَّة يف اململ َكة العربيَّة ُّ‬ ‫لميَّةُ تَه ِذيباً واختِصاراً لِ ِ‬
‫املادة العِ ِ‬
‫ختصرة‪ :‬تُعتَبَ ُر هذه َّ‬
‫السعوديَّة‬ ‫لمناه ِج ِّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫نُب َذةٌ ُم َ‬
‫ص بِ ِدراس ِة ِع ْل ِم ِ‬
‫الف ْق ِه‪ ،‬وهي‬ ‫ويات‪ِ ،‬‬
‫ومن ِض ْم ِن هذه َّ‬ ‫املو َّجه ِة لِلطُّاّل ِ‬
‫ب‪ ،‬وهي م َق َّسمةٌ على ِع َّدة مستَ ٍ‬
‫املادة ما ََيتَ ُّ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َُ َ‬
‫اشتم َل عليه املستوى الثااين ِمن املوضوعات واملسائِل ما يَلِي‪:‬‬ ‫وإن ِمن أ ِّ‬
‫هم ما َ‬
‫قسمةٌ إىل ِ‬
‫مثاين (‪ُ )8‬م ْستَ َويات‪َّ ،‬‬ ‫ُم َّ َ‬
‫ِ‬
‫األحاديث اليت اشتَ َملَت على ال َكثِ ِري ِمن‬ ‫ُّصوص النَّب ِويَّة اليت تُع اد ِمن ِّ‬
‫أهم‬ ‫جمموع ٍة ِمن الن ِ‬ ‫َش ْر ُح‬ ‫‪-1‬‬
‫َ‬
‫بارة‪ ،‬بِ ْدءً بالتَّع ِريف‬‫ِ‬ ‫امتاز بِ ُّ‬ ‫لميَّ ِة وفْ َق أُ ٍ‬
‫َّرعيَّة وال َفوائِد العِ ِ‬
‫األحكام الش ِ‬
‫ِ‬
‫ووضوح الع َ‬
‫السهولَة ُ‬ ‫سلوب َ‬
‫يان أَه ِّم األَحكام والتَّ ِ‬
‫وجيهات اليت ا ْشتَ َمل عليها‬ ‫ِ‬ ‫بالصحايب را ِوي احلَ ِديث‪ ،‬مث َش ْرح الغَ ِر ِ‬
‫يب‪ ،‬إىل بَ َ ْ‬ ‫َّ‬
‫احل ِديث‪ ،‬وانتِهاء بِطَرح ب ْعض األَسئِلَة اليت تُعِني على استِ ِ‬
‫يعاب الد َّْرس ومع ِرفَة مدى فَ ْه ِم ِه‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫َّعوة إىل اهللِ تعاىل‪ ،‬وتَ ُّنوع أسالِيبه‬ ‫َّ‬ ‫الصور ِمن ِح ْرص الن ِّ َّ‬
‫َّيب صلى اهلل عليه وسلم على الد َ‬ ‫ض ُّ‬‫بَيان بَ ْع ُ‬ ‫‪-2‬‬
‫يف ذلك ِمن خّلل الدَّعوة يف املواسم واملر ِ‬
‫اسّلت وحنو ذلك‪.‬‬

‫وخ ْوفِه‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬


‫وإجّلله‪ ،‬وتَوحيده وإفْراده‪َ ،‬‬
‫ِ ِ ِ ِِ‬ ‫ِ ِ‬
‫يح ُحقوق اهلل تعاىل اليت أوجبَها على عباده من تَ ْعظيمه ْ‬
‫ِ‬
‫تَوض ُ‬ ‫‪-3‬‬

‫وشك ِره على نِعمائِه‪ ،‬وحن ِو ذلك ِمن أنواع العبادات‪.‬‬


‫َورجائِه‪ُ ،‬‬

‫وه ْديه‪ ،‬وحمبَّته‬ ‫ِّباع ِه و َّ‬ ‫سول ‪ ‬على أ َُّمتِه ِمن تَوق ِريهِ و ِ‬
‫احِت ِامه‪ ،‬وات ِ‬ ‫بيان ِ‬
‫حقوق الَّر ِ‬
‫السري على ُسنَّته َ‬ ‫ْ‬ ‫‪-4‬‬

‫ونَ ْش ِر ُسنَّتِه وآثاره‪ ،‬وغري ذلك‪.‬‬

‫حماس ِن اإلسّلم العِ ِ‬


‫بعض ِ‬ ‫الصحابة ِ‬
‫الكرام‪ ،‬و ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِذكر ِ‬
‫مناذج و ِ‬
‫ظام‪ ،‬وما َدعا‬ ‫الكّلم على ِ‬ ‫صوٍر من حياة َّ َ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫‪-5‬‬
‫كالص ْدق‪ ،‬وال ِ‬
‫ود واإليثا ِر‪ ،‬و ِّ‬ ‫ِ‬
‫الذ ْكر والدُّعاء‪ ،‬وحن ِو ذلك‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫إليه من َمكا ِرم ْ‬
‫األخّلق‪ِّ ،‬‬

‫‪1‬‬
‫الحديث والثقافة اإلسالمية‬

‫‪2‬‬
‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬

‫المقدمة‬

‫‪3‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫حنم ُده ونستَعينه ونَستَ ْغفره‪ ،‬ونَعوذُ باهلل من ُشرور أن ُفسنا ومن سيِّئات أعمالنا‪َ ،‬من يَ ْهده اهللُ‬
‫احلم َد هلل َ‬
‫إن ْ‬
‫عبده ورسولُه‬ ‫ي له‪ ،‬وأ ْش َهد أن ال إله اإال اهلل َو ْح َده ال َش ِريك له‪ ،‬و َّ‬ ‫ِ‬ ‫ض َّل له‪ ،‬ومن ي ْ ِ‬
‫فّل م ِ‬
‫حممداً ُ‬
‫أن َّ‬ ‫ضلل فّل هاد َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬
‫‪ ،‬اأما بعد‪:‬‬

‫بارة‪،‬‬‫ِ‬ ‫وعي فيه حسن العرض و َّ ِ‬ ‫اإلسّلميَّة وقد ر ِ‬


‫ِ‬
‫وسهولَة الع َ‬ ‫الِتتيب‪ُ ،‬‬ ‫ُ ْ َْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫مادة احلديث والثَّقافَة‬
‫قرر َّ‬‫فهذا ُم َّ‬
‫َ‬
‫لميَّة‪ ،‬لِيَتَ َزَّود منها‬
‫املصادر األصلِيَّة ما استَطَعنا‪ ،‬مع االهتِمام بِتَخ ِريج النُّصوص والعزو لِلمر ِاجع العِ ِ‬
‫َْ َ‬ ‫ْ‬
‫واالعتِماد على ِ‬

‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫الص ْفح‬
‫الع ْف َو و َّ‬ ‫صْبنا فيه فَمن اهلل َو ْح َده‪ ،‬وبِتَوف ٍيق منه‪ ،‬وما ْ‬
‫أخطَأنا فَنَ ْسأَل اهللَ َ‬ ‫املعلِّم والطاالب‪ ،‬فما أَ َ‬
‫كلٌّ من َ‬
‫عنه‪.‬‬

‫املربِّني اأال يَْب َخلوا مبا‬ ‫ول‪ ،‬كما نَرجو ِمن ِّ ِ‬ ‫ِ‬
‫املعلمني و َ‬
‫َ‬ ‫ُْ‬ ‫ب له ال َقبُ َ‬
‫وختاماً نسأل اهلل تعاىل أن ين َف َع به ويَ ْكتُ َ‬
‫ضل‪.‬‬ ‫لحوظات ِع ْل ِميَّة وتَربَ ِويَّة تَ ِسري بِال ُم َّ‬
‫قرر قُ ُدماً حنو األَفْ َ‬ ‫وم ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عْن َد ُهم من آراء َ‬
‫وص ْحبِه أَ ْجَعِني‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫حممد وعلى آله َ‬ ‫احلم ُد هلل الذي بِن ْع َمته تَت ام ا‬
‫الصاحلات‪ ،‬وصلَّى اهلل وسلَّم على نبِيِّنا َّ‬ ‫و ْ‬

‫‪4‬‬
‫الحديث الشريف‬
‫أولا‪َ :‬‬

‫‪5‬‬
‫الحديث األول‬‫َ‬
‫سول اهللِ صلَّى اهلل علي ه وس لَّم ملع اذ ب ن َجبَ ل ‪-‬‬ ‫عن عبد اهللِ بن عبااس ‪ -‬رضي اهلل عنهما ‪ -‬قال‪ :‬قال َر ُ‬
‫اب‪ ،‬ف ذذا ِجْئ تَ ُهم ف ْادعُهم إىل أن يَ ْش َهدوا‬ ‫رضي اهلل عنه ‪ -‬حني ب عثَه إىل اليمن‪ ((:‬إنَّك ستَأيت قوماً أهل كِت ٍ‬
‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ََ‬
‫س‬ ‫أن اهللَ ق د فَ ر َ ِ‬ ‫حممداً َرسو ُل اهللِ‪ ،‬فذن ُه م أط اعُوا ل ك بِذلِك ف أخِ ْهم َّ‬ ‫أن ال إله اإال اهلل و َّ‬
‫ض عل يهم خَْ َ‬ ‫َ‬ ‫أن َّ‬
‫ص َدقةً تُ ْؤ َخ ذ ِم ن‬
‫أن اهللَ ق د فَ َرض عل يهم َ‬ ‫ات يف ك ِّل ي ٍوم ولَْي لَ ٍة‪ ،‬ف ذن ُه م أط اعوا ل ك ب ذلك ف أخِ هم َّ‬‫صلَو ٍ‬
‫أغنِيائِهم فتُ َراد على فُ َقرائِ ِهم‪ ،‬فذن ُهم أطاعوا لك ب ذلك فذيااك وَك رائِم ْأم والِم‪ ،‬واتَّ ِق َد ْع وة املظل ِوم فذنَّه ل يس‬
‫جاب )) متَّفق عليه (‪.)1‬‬ ‫ِ ِ‬
‫بَْي نَها وبني اهلل ح ٌ‬
‫التعريف بالراوي‪:‬‬
‫يب ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الص حايب اللي ل‪َ ،‬ح ْ األَُّم ة وإم ام التَّفس ري‪ ،‬أب و العبا اس‪ ،‬عب د اهلل اب ن ع ِّم النَّ ِّ‬ ‫ه و َّ‬
‫العبااس ب ن عب د املطَّل ب‪ ،‬ال ُقَرِش اي ال ا ِ اي َر ِض ي اهلل عنهم ا‪ُ ،‬ولِ َد قَ ْب ل الِج َرة بِثَّلث ِس نِني‪ ،‬انتَ َق ل م ع أبَ َويْ ه‬
‫الف ْق ه يف ال ِّدين‪ ،‬روى البخ اري‬ ‫الرسول صلَّى اهلل عليه وس لَّم بِس ع ِة العِْل م و ِ‬ ‫إىل دار الِ ْجرة َسنَة ال َفْتح‪َ ،‬دعا له َّ‬
‫ََ‬
‫ض ْعت ل ه ُوض وءً ق ال‪َ ((:‬م ن‬ ‫ول اهلل ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم الَّلءَ فَ َو َ‬‫دخ ل رس ُ‬ ‫عن ه ‪ -‬رض ي اهلل عن ه ‪ -‬ق ال‪َ :‬‬
‫الكت اب ))(‪ ،)3‬ويف‬ ‫وض ع ه ذا ؟)) فَ أُخِ ‪ ،‬ق ال‪ ((:‬اللَّه م فَ ِّق ه يف ال ِّدين )) (‪ )2‬ويف ِرواي ة‪ ((:‬اللَّه َّم علِّم ه ِ‬
‫ُ َْ‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫َْ‬ ‫ََ‬
‫ِ‬
‫الدين وعلِّ ْمه التَّأ ِويل)) (‪.)4‬‬ ‫روايَة‪(( :‬اللَّ ا‬
‫هم فَ ِّقه يف ِّ‬
‫حتدث‬‫صح النااس‪ ،‬فذذا َّ‬ ‫ابن عبااس قلت‪ :‬أجَل النااس‪ ،‬فذذا نطَق قلت‪ :‬أفْ َ‬ ‫أيت َ‬ ‫كنت إذا ر ُ‬‫روق‪ُ :‬‬ ‫قال َم ْس ٌ‬
‫قلت‪ :‬أَ ْعلَم النااس‪.‬‬
‫للح ِديث‪ ،‬وأعلمهم بالتَّفسري‪ ،‬وأَقْ َدرهم على االستِنباط‪.‬‬ ‫ِمن أكثَر َّ‬
‫الصحابة ِروايَةً َ‬
‫وسْبعِني َسنَة (‪.)5‬‬ ‫إح َدى َ‬ ‫تويف ‪ -‬رضي اهلل عنه ‪ -‬سنَة مثان وستِّني للهجرة النَّبويَّة‪ ،‬وعاش ْ‬

‫(‪ )1‬أخرجه البخاري يف صحيحه يف َمواض ع ع دَّة‪ ،‬منه ا ‪ :‬كت اب املغ ازي‪ ،‬ب اب‪ :‬بَ ْع ث أيب موس ى ومع اذ إىل ال يمن )‪)64/8‬‬
‫أخرج ه مس لم يف ص حيحه‪ ،‬كت اب اإلمي ان‪،‬‬
‫برقم (‪ ،)4347‬ويف كتاب الزكاة‪ ،‬باب‪ُ :‬وجوب الزك اة‪ ،‬يف (‪ ،)261/3‬ب رقم (‪ ،)1395‬و َ‬
‫َّهادتَني (‪ ،)51- 50/1‬برقم (‪.)19‬‬
‫باب‪ :‬الدُّعاء إىل الش َ‬
‫(‪ )2‬أخرجه البخاري يف كتاب الوضوء‪ ،‬باب‪ :‬وضع املاء عند الّلء‪ ،‬برقم (‪ ،)1413‬ومسلم (‪ ،)1927/4‬برقم (‪.)2477‬‬
‫(‪ )3‬البخاري رقم (‪.)75‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬مسند اإلمام أمحد (‪ ،266/1‬و‪.)314‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬سري أعّلم النُّبّلء (‪ ،)331/3‬وهتذيب التَّهذيب (‪.)276/5‬‬
‫‪6‬‬
‫المباحث اللغوية‪:‬‬
‫َ‬
‫معناها‬ ‫الكلمة‬
‫أرسلَهُ وكان ذلك َسنَة َع ْش ٍر لِل ِه ْجَرة‪.‬‬ ‫حني بعثَه إىل اليَمن‪ :‬بعثَه‪:‬‬

‫وامل راد بِم هن ا‪ :‬اليَه ود والنَّص ارى‪ ،‬حي ث أن َزل عل ى ُموس ى علي ه َّ‬
‫الس ّلم‬ ‫الك ِ‬
‫تاب‬ ‫أهل ِ‬
‫َْ‬
‫السّلم ِ‬
‫اإلنيل‪.‬‬ ‫أنزل على ِعيسى عليه َّ‬ ‫التَّوراة‪ ،‬و َ‬ ‫‪:‬‬
‫بالشهادتَني وي ْدخلوا يف ِدي ِن اهللِ تعاىل وتَو ِح ِ‬
‫يده‬ ‫ْ‬ ‫يقروا َّ َ َ‬ ‫ف ْادعُهم إىل أن يَ ْش َهدوا أن ال إل ه أي ‪ :‬ادعُهم إىل أن ا‬
‫بادتِه‪.‬‬
‫وع َ‬
‫ِ‬ ‫حممداً رسول اهلل‪:‬‬
‫أن َّ‬ ‫اإال اهلل و َّ‬
‫ص ل ال ِّدين‬ ‫هادتَ ْني؛ ألهنم ا أَ ْ‬
‫بالش َ‬‫يب ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم أن يَْب َدأ َّ‬ ‫و َأمره النَّ ا‬
‫روعه اإال بِما‪.‬‬
‫صح شيء ِمن فُ ِ‬
‫ٌ‬
‫وأساسه‪ ،‬فّل ي ِ‬
‫َ‬
‫حمم داً‬
‫اس تَجابوا‪ ،‬ب أن ش هدوا أن ال إل ه اإال اهلل وأن َّ‬ ‫أي‪َ :‬ش ِهدوا وانق ادوا و ْ‬ ‫فذن ُهم أطاعُوا لك بذلك‪:‬‬
‫رسول اهلل‪.‬‬
‫أوج ب‪ ،‬وال َف ْرض يف االص ِطّلح ه و الو ِاج ب‪ ،‬وه و م ا‬ ‫فَ َرض مبعىن ‪ :‬أل َزم و َ‬ ‫فَ َرض‪:‬‬
‫فاعله امتِثاالً ويُعاقَب تا ِرُكه‪.‬‬ ‫يثاب ِ‬
‫ُ‬
‫الص َدقَة هنا‪ :‬هي الزكاة املفروضة‪ ،‬وال فرق يف االص ِ‬
‫رعي بني لَْفظ‬‫ا‬ ‫الش‬
‫َّ‬ ‫ّلح‬ ‫ط‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫فَ َرض علي ِهم َ‬
‫ص َدقَة‪:‬‬
‫اح د‪ ،‬اإال أنَّه َغلَ ب عُْرف اً اس تِعمال الزك اة‬ ‫الص َدقَة‪ ،‬فَ ِكّلمه ا مبع ىن و ِ‬
‫ً‬ ‫الزك اة و َّ‬
‫الص َدقَة على ما هو أَ َع ام‪.‬‬ ‫املفروضة‪ ،‬واستِ ْعمال َّ‬ ‫َ‬ ‫للزكاة‬
‫الض ِمري يع ود إىل‬ ‫الغين َمن ميلِك نِصاباً ِمن األَ ْموال اليت جتب فيها الزك اة‪ ،‬و َّ‬ ‫تؤخذ من أغنيائهم‪:‬‬
‫الذين أَ ْسلَموا ِمن أَ ْهل اليَ َمن‪.‬‬
‫ص ف كِفايَتِ ه‪،‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ال َفق ري ه و َم ن ال ميل ك ش يئاً م ن امل ال‪ ،‬أو ميل ك أقَ ال م ن ن ْ‬ ‫فَتُ َراد على فُ َقرائهم‪:‬‬
‫حاجتَ ه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أعلى منه املسكني‪ ،‬وهو َم ن ميل ك ش يئاً م ن امل ال لك ن ال يَ ْكف ي َ‬ ‫وْ‬
‫الض مري يف‪ (( :‬فُ َق رائِ ِهم )) يع ود إىل‬ ‫وم ْرَك ب وحن ِوه ا‪ .‬و َّ‬ ‫س َ‬ ‫م ن َمطْ َع ٍم َ‬
‫وم ْل بَ ٍ‬ ‫ِ‬
‫املسلِ ِمني ِمن أهل البَ لَد نَ ْف ِسه‪.‬‬
‫يس ة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫منصوب بِِف ْعل ُم ْ‬ ‫فذيااك وَكرائِ َم‪:‬‬
‫اح َذر‪ ،‬وال َك رائم‪ :‬ج ع َكرميَة‪ ،‬أي‪ :‬نَف َ‬ ‫ض َمر‪ ،‬تق ديره‪ْ :‬‬ ‫ُ‬
‫واملراد‪ِ :‬خيار ِ‬
‫املال‪.‬‬ ‫ُ‬
‫أي ‪ :‬جتنَّب الظُّْلم؛ لِئَ اّل يَ ْدعُو عليك املظلوم‪.‬‬ ‫واتَّق َد ْع َوة املظلوم‪:‬‬

‫‪7‬‬
‫الس بب يف ِذ ْك ر ه ذه الملَ ة بع د قول ه‪ (( :‬فذيااك وك رائِم أَْم والِم )) ه و‬ ‫و َّ‬
‫صاحبِه ظُْلم‪ ،‬فَيَ ِجب أن يَتَ َجنَّبَه‪،‬‬
‫املال دون ِرضى ِ‬ ‫بأن أَ ْخذ ِخيار ِ‬‫اإلشعار َّ‬
‫ِ‬
‫وألن معاذ يف َمكان ِواليَة ُ‬
‫وس ْلطَة‪.‬‬ ‫َّ‬
‫ص ِرفها وال م انِع مينَعه ا َم ن ال َقب ول‪ ،‬ح َّّ ول و ك ان‬‫أي ‪ :‬ل يس ل ا ص ا ِرف يَ ْ‬
‫ِ ِ‬
‫فذنَّه ليس بينَها وبني اهلل ح ٌ‬
‫جاب‪:‬‬
‫صيانُه على نَ ْف ِسه؛ ملا روى اإلمام أمح د‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫املظلوم فاسقاً أو عاصياً‪ ،‬فَف ْس ُقه وع ْ‬
‫جوره على نَ ْفسه))(‪.)6‬‬ ‫ِ‬
‫مرفوعاً‪َ ((:‬د ْعوة املظلوم ُمستَجابَة وإن كان فاجراً فَ ُف ُ‬

‫األحكام والتوجيهات‪:‬‬
‫يء ِم ن العِب َادة اإال بم ا‪ ،‬ومه ا‬ ‫صح ش ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫هادتَ ْني وعظَ م َش أهنما و َّأهنم ا أَص ُل ال ِّدين ال ذي ال يَ ا‬ ‫الش َ‬ ‫‪ -1‬أه ِّميَّة َّ‬
‫اب َم ن ل يس مع ه ِمفت اح‪ ،‬وال يك ون الك افِر ُم ْس لِماً اإال بع د ال تَّلَ ُّفظ بِم ا‬ ‫ِ‬
‫م ْفت اح اإلس ّلم‪ ،‬ف ّل يَل ج الب َ‬
‫ِ‬

‫وم ْع ِرفَة َم ْعنامها‪ ،‬و َ‬


‫الع َمل مب ْقتَضامها‪.‬‬ ‫َ‬
‫ود‪ ،‬ولِعِظَم‬‫الش هادتَني‪ ،‬فَ ِه ي عم ود ال ِّدين‪ ،‬وال يق وم الب ْني ان ب دون عم ٍ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫الصّلة َأه ام أرك ان اإلس ّلم بع د َّ َ‬ ‫‪َّ -2‬‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫هاون بما‪.‬‬‫َشأْهنا‪ ،‬وعُلُاو َمْن ِزلَتها‪َ ،‬ح َّذر اإلسّلم من تركها أو التَّ ُ‬
‫ب‪ ،‬مث ل‬ ‫ص لَوات يف الي وم واللَّيل ة‪ ،‬وم ا ع دا ذل ك فل يس بِو ِاج ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪ -3‬ال َف ْرض الواج ب عل ى امل َكلَّف ني خَْ س َ‬
‫الضحى‪ ،‬وقيام اللَّيل‪ ،‬وغريها‪ ،‬فهي ُسنَ ٌن ُم َؤَّك َدة ال يَلِي ق باملس لِم‬ ‫وصّلة ُّ‬‫وصّلة الوتْر‪َ ،‬‬ ‫الرواتب‪َ ،‬‬
‫السنَن ِ‬
‫ُّ ا‬
‫اب َج ِزيل‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يم‪ ،‬وثَو ٌ‬‫أن يِتَكها‪ ،‬ففيها أَ ْجٌر َعظ ٌ‬
‫داعى ل ه س ائِر‬ ‫‪ -4‬ألمهِّيَّة تَرابط املسلِ ِمني وتَكاتُ ُفهم‪ ،‬وكوهنم إخوة كالس د الو ِ‬
‫ض ٌو تَ َ‬ ‫اح د إذا اش تكى من ه عُ ْ‬ ‫َْ َ َ‬ ‫ُ‬
‫ض ها اهلل تع اىل‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ين‪ ،‬فَ َر َ‬
‫ّلم الزك ا َة َح اق اً لل َفق ري واملس كني م ن م ال الغَ ا‬
‫جع َل اإلس ُ‬‫الس هر‪َ ،‬‬ ‫احلمى و َّ‬ ‫الس َد ب ا‬
‫َ‬
‫يمة‪.‬‬ ‫كان اإلسّلم ومبانِيه ِ‬ ‫ث أر ِ‬ ‫ِ‬
‫العظ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وج َعلَها ثال َ‬
‫َ‬
‫‪ -5‬يف َمشروعيَّة الزكاة ِح َك ٌم منها‪-:‬‬
‫الذنوب و ِ‬
‫املعاصي‪.‬‬ ‫س ُّ‬ ‫لمزِّكي ِمن َدنَ ِ‬ ‫ِ‬
‫(أ) طُ ْهَرة ل ُ‬
‫مال اهلل تعاىل‪ ،‬فّل ي بخل به على ِع ِ‬
‫باد اهلل‪.‬‬ ‫املال ُ‬
‫بأن َ‬ ‫(ب) إشعار له َّ‬
‫َْ َ‬
‫(ج) ُش ْكر لِنِ ْع َم ِة اهللِ تعاىل‪.‬‬
‫الشوائِب‪.‬‬ ‫لمال ماا قد شابَه ِمن َّ‬ ‫(د) طُ ْهرة لِ ِ‬
‫َ‬

‫إسناده َح َسن "‪.‬‬


‫(‪ )6‬أخرجه أمحد يف املسند (‪ ،)367/2‬وقال ابن حجر‪ -‬رمحه اهلل ‪ -‬يف فتح الباري (‪ُ ":)360/3‬‬
‫‪8‬‬
‫وس ٌّد حلاجاهتِم‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫تامى واملساكني‪َ ،‬‬‫(ذ) ُمواساةٌ لل ُفقراء واحملتاجني واليَ َ‬
‫ح َّد َدهم اهلل تعاىل يف كتابه الكرمي بقولِه سبحانَه‪ :‬ﱡﭐ ﲑ ﲒ‬
‫املفروضةَ َ‬
‫َ‬ ‫‪ -6‬الذين يستَ ِح اقون الزكا َة‬
‫ﲓﲔﲕﲖﲗﲘﲙﲚﲛﲜﲝﲞﲟ‬
‫ﲠ ﱠ [التَّوبة‪ ،]60:‬ومل يذ ُكر النَّيب صلَّى اهلل عليه وسلَّم يف هذا احل ِديث اإال ِصْنفاً و ِ‬
‫احداً تَ ْنبِيهاً‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬
‫اح ٍد منها‪.‬‬ ‫فوِ‬ ‫جيوز صرفها لِ ِ‬
‫صْن ٍ‬
‫لبَقيَّة األصناف‪ ،‬وأنَّه ُ َ ْ‬
‫ِِ‬
‫ص ْرفِها غ ري‬ ‫وج وه َ‬ ‫الص َدقات املس تَ َحبَّة فَ ُ‬ ‫وض ة ِجي ب اأال تُ ْعطَ ى م ن ال يَ ْس تَ ِح اقها‪ ،‬اأم ا َّ‬ ‫املفر َ‬
‫وعلي ه فالزك اة ُ‬
‫حمصورةٍ‪.‬‬
‫َ‬
‫الف َرق يف‬ ‫الس نَّة والماع ة وس ط ب ني ِ‬ ‫ان‪ ،‬وأَ ْه ل ُّ‬ ‫األدي ِ‬ ‫ط يف ك ل ش ٍ‬ ‫ِ‬
‫َ ََ‬ ‫ط ب ني ْ‬ ‫يء‪ ،‬فه و َو َس ٌ‬ ‫ِّ َ‬ ‫اإلسّلم َو َس ٌ‬ ‫ين ْ‬ ‫‪ -7‬د ُ‬
‫ؤخ ذ‬‫ين ال يَ ْع ين اإلض ر َار ب ه فَيُ َ‬ ‫ّلم م االً يف َح اق الغَ ِ ِّ‬‫ض اإلس ِ‬ ‫عام ل‪ ،‬فَ َف ْر ُ‬
‫الس لوك‪ ،‬والتَّ ُ‬ ‫االعتق اد‪ ،‬والعم ل و ُّ‬
‫اإلجح اف ِّق ال َف ِق ِري فَيُ ْعط ى أَْرذَل امل ِال‬ ‫ضاه ان وال يكون ذلك ُم َؤِّدياً أَيْضاً إىل ْ‬ ‫أَنْفس ما لَ َديْه بدون ِر ُ‬
‫وأَرَدئِه؛ بل ي ْعطى ال َف ِقري ِمن أَوسط ِ‬
‫املال‪.‬‬ ‫َْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫آخر أَ َش اد فَ ْق راً –‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫حاجة إلخراجها إىل بَلَد َ‬ ‫صَرف يف بَلَد املال نَ ْفسه‪ ،‬فذذا َد َعت َ‬ ‫‪ -8‬األصل يف الزكاة أن تُ ْ‬
‫َمثَّلً ‪ -‬فَيَجوز نَ ْقلُها إليه‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اآلخ رة‪ ،‬يق ول تع اىل‪ :‬ﱡﭐ ﳅ ﳆ ﳇ‬
‫يم ة‪ ،‬ونَتائ ُج ه َخط َرية‪ ،‬تَظْ َه ر آث ُاره يف ال ُّدنْيا و َ‬ ‫‪ -9‬عاقبَ ة الظُّْل م َوخ َ‬
‫ﳈ ﳉ ﳊ ﳋ ﱠ [إبراهيم‪.]42 :‬‬
‫رسول اهللِ صلَّى اهلل علي ه وس لَّم‪َّ ((:‬‬
‫إن‬ ‫وروى البخاري عن أيب موسى‪ -‬رضي اهلل عنه ‪ -‬أنَّه قال‪ :‬قال ُ‬
‫ﲄﲆﲇ‬ ‫ﲅ‬ ‫خ َذه مل يُ ْفلِْت ه ))‪ ،‬مث قَ رأَ‪:‬ﭐﱡﭐ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ‬ ‫ِ ِ‬
‫اهللَ ليُ ْم ِل للظاامل‪ ،‬ف ذذا أَ َ‬
‫َ‬
‫ﲈ ﲉ ﱠ [هود‪.)7(]102 :‬‬
‫جاب‪ ،‬أي‪ :‬كانَت حاله‪ ،‬كما سبق بيانه‪.‬‬ ‫كفي َّ‬ ‫وي ِ‬
‫أن ُدعاءَ املظلوم ُم ْستَ ٌ‬ ‫َ‬
‫وىل اإلم ُام‬ ‫احي البّلد املختَلِ َفة‪ِ ،‬‬
‫ومن َمثَّ يتَ َّ‬ ‫مشروعيَّة ب عث من جيلِب الزكاةَ ِمن نَو ِ‬ ‫ِ‬ ‫دل احلديث على‬ ‫‪َّ -10‬‬
‫َْ َ‬
‫ِ‬
‫أو َمن يُنيبُه تَ ْوِز َيعها وتَ ْ‬
‫ص ِري َفها‪.‬‬
‫أجلِّه ا‪ ،‬فه ي َو ِظي َف ة األنبِي اء‬ ‫املقربَ ة إىل اهلل تع اىل وأزكاه ا و َ‬ ‫ض ل األعم ال َّ‬ ‫ِ‬
‫‪ -11‬ال َّد ْع َوة إىل اهلل م ن أَفْ َ‬
‫الع ِظ يم والثَّواب الَ ِزي ل‪ ،‬يق ول‬ ‫الرسل‪ ،‬وهي ما َوِرثَه َم ن بَ ْع َد ُهم‪َ ،‬رتَّب عليه ا الب اري ج َّل وع ّل األَ ْج َر َ‬ ‫و ُّ‬

‫أخرجه يف صحيحه (‪ ،)354/8‬كتاب التَّفسري‪ ،‬باب‪ ( :‬وكذلك أخذ ربك ‪.) ...‬‬ ‫ِ‬
‫(‪ )7‬واحلديث َ‬
‫‪9‬‬
‫اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱠ‬ ‫س بحانَه وتع‬
‫[فصلت‪.]33 :‬‬ ‫ِّ‬
‫ول ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم لِ َعلِ اي‪ -‬رض ي اهلل عن ه ‪ -‬فيم ا رواه البخ اري وغ ريه‪ ((:‬ف واهلل ألَن‬ ‫الرس ُ‬
‫وق ال َّ‬
‫احداً خري لك ِمن ُمحُر النَّ َعم )) (‪.)8‬‬ ‫ي ه ِدي اهلل بك رجّلً و ِ‬
‫َُ‬ ‫َْ‬
‫وم ن احلِ ْكم ة أن ي ب َدأ ال اد ِ‬
‫اعي ب األَ َه ام فال ُم ِه ام‪ ،‬أال تَرى‬ ‫الد ْعوة أن تك ون ِِ ْكم ة‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫‪ -12‬من َعوامل ناح َّ َ‬
‫الرس ول ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم أوص ى مع اذاً رض ي اهلل عن ه ب أن يت َد َّرج م ع أه ل ال يمن ِ‬
‫بادئ اً ب األَ َه ام‬ ‫أن َّ‬ ‫َّ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫الصّلة‪ ،‬مث الزكاة‪.‬‬
‫الشهادتان‪ ،‬مثا َّ‬
‫وهو َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫املناسبة يف َّ ِ‬ ‫‪ -13‬استِعمال األسالِيب ِ‬
‫وح ْس ن‬ ‫عامل ال َك ِرمي‪ ،‬والُلُق املستَقيم‪ُ ،‬‬ ‫الد ْعوة من ال َق ْول احلَ َسن‪ ،‬والتَّ ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫اجح يف َد ْع َوتِه‪ ،‬ق ال تع اىل‪:‬‬ ‫اعي ة النا ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫العرض‪ ،‬ولِ ِ ِ‬
‫ّلم ة ال اد َ‬
‫ني الانب‪ ،‬وعدم الغ ْلظَة والَف اء‪ ،‬ك ال ذل ك َع َ‬ ‫َْ‬
‫ﱡﭐ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱠ [آل عمران‪.]159 :‬‬
‫األسئلَة‪:‬‬
‫سول صلَّى اهلل عليه وسلَّم ُمعاذاً إىل اليَ َم ِن ؟‬ ‫الر ُ‬
‫ث َّ‬ ‫ِ‬
‫س‪ : 1‬ل َم بَ َع َ‬
‫لح ِديث ؟‬ ‫حتدث عن ذلك ِمن ِخّلل ِدر ِ ِ‬
‫استك ل َ‬ ‫َ‬ ‫الضرورياات‪َّ ،‬‬ ‫س‪ : 2‬التَّ ْو ِحيد َأه ام َّ‬
‫كامها تَ ْستَ ْنبِطها ِمن احلَ ِديث ؟‬
‫س‪ : 3‬الزكاة أَمرها ع ِظيم يف ِدي ِن اهللِ‪ .‬اذ ُكر ثَّلثَةً ِمن أَح ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ َ‬
‫ضح َو ْجه ال اداللَة ِمن احلَ ِديث ؟‬ ‫الرفْق ِمن عو ِامل ناح ال اد ِ‬
‫اعي‪َ ،‬و ِّ‬ ‫َ‬ ‫س‪ : 4‬اللِّني و ِّ‬
‫الض ِمري يف قولِه‪ ( :‬فُ َقرائِ ِهم (؟‬
‫س‪ : 5‬ما َم ْرِجع َّ‬
‫س‪ : 6‬اذ ُكر شيئاً ِمن ِح َكم الزكاة‪.‬‬
‫ضح عاقِبَة الظُّْلم ِمن ِخّلل احلديث‪.‬‬ ‫س‪َ : 7‬و ِّ‬
‫س‪ : 8‬ماذا تَ ْع ِرف عن ابن عبااس رضي اهلل عنهما ؟‬

‫َّيب صلَّى اهلل عليه وسلَّم يف‬


‫(‪ )8‬أخرجه البخاري يف صحيحه‪ ،‬كتاب املغازي‪ ،‬باب‪ :‬غزوة خي (‪ .)476/7‬والهاد‪ ،‬باب‪ُ :‬دعاء الن ا‬
‫علي رضي اهلل عنه رقم (‪.)2406‬‬ ‫ِ‬ ‫فَضائِل َّ‬
‫الصحابَة‪ ،‬باب‪ :‬فَضائل ا‬
‫‪10‬‬
‫الحديث الثاني‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل صلَّى اهلل عليه وسلَّم‪ (( :‬بدأ اإلسّلم َغ ِريباً‪َ ،‬‬
‫وسيَعود‬ ‫عن أيب هريرة ‪ -‬رضي اهلل عنه ‪ -‬قال ‪ :‬قال ُ‬
‫كما بَ َدأ َغ ِريباً‪ ،‬فَطُوىب لِلغُرباء ))‪ .‬رواه ُم ْسلِم (‪.)9‬‬
‫التعريف بالراوي‪:‬‬
‫الصحايب الليل‪ ،‬سيِّد احلفاظ األثب ات‪ ،‬أب و هري رة ‪ -‬رض ي اهلل عن ه ‪ -‬اختُلِ ف يف امس ه واس م أبي ه عل ى‬ ‫هو َّ‬
‫وسي‪ ،‬أسلَم عام خي ‪ ،‬أ اول سنَة َسْبع لِل ِه ْجَرة‪.‬‬ ‫الد ِ‬
‫الرمحن بن صخر َّ‬ ‫أرجحها أنَّه ‪ :‬عبد َّ‬ ‫أقوال كثرية‪َ ،‬‬
‫ٍ‬
‫يب صلَّى اهلل عليه وسلَّم ِع ْلماً كثِرياً طَيِّباً ُمباركاً فيه‪ ،‬مل يُْل َحق يف َكثْ َرتِه‪.‬‬‫الذهيب‪ :‬محَ َل عن النَّ ِّ‬ ‫قال َّ‬
‫ّلزَمتِه له‪ ،‬فقد بَلَغَت َم ْرِوياتِه ‪َ 5374‬ح ِديثاً‪.‬‬ ‫ِ‬
‫يب صلَّى اهلل عليه وسلَّم أَ ْكثَر منه؛ ل ُم َ‬ ‫ومل يَ ْرِو أَ َح ٌد عن النَّ ِّ‬
‫ِ‬
‫يث عن ِ‬
‫رسول‬ ‫إن أبا هريرة يُ ْكثِر احلَد َ‬ ‫روى البخاري عن أب ي هريرة ‪ -‬رضي اهلل عنه ‪ -‬قال ‪ :‬إنَّكم تقولون‪َّ :‬‬
‫ول اهللِ ص لَّى اهلل علي ه‬ ‫اج ِرين واألنْص ار ال ي ِّدثون ع ن رس ِ‬ ‫ال امله ِ‬ ‫اهلل ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم‪ ،‬وتقول ون ‪ :‬م ا ب ُ‬
‫َ‬
‫الص ْفق باألس واق (‪ ،)10‬وكن ت أَل زم‬ ‫غلهم َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وسلَّم مبثل َح ِديث أيب هريرة ؟ َّ‬
‫إخ َويت م ن امله اجرين ك ان يَ ْش ُ‬ ‫وإن ْ‬
‫رسول اهلل صلَّى اهلل عليه وسلَّم على ِم ْلء بَطْين‪ ،‬فأ ْش َه ُد إذا غابوا‪ ،‬وأَ ْح َفظ إذا نَسوا‪.‬‬ ‫َ‬
‫الص َّفة‪ ،‬أَ ِع ي ح ني يَْنس ون‪،‬‬ ‫وكان يَ ْشغل إخويت ِمن األنصار َع َمل أموالم‪ ،‬وكنت امرأً ِم ْسكيناً ِم ن َمس اكِني ُّ‬
‫جي ع‬ ‫ض ي َِ‬ ‫يدث ه ‪ :‬إنَّه ل ن ي بس ط أَح ٌد ثَوب ه ح ّ أَقْ ِ‬ ‫ول اهلل ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم يف ح ديث ِّ‬ ‫وق د ق ال رس ُ‬
‫َْ ُ َ ْ َ ُ‬
‫ول اهلل ص لَّى اهلل‬ ‫جيم ع إلي ه ثَ ْوبَه اإال َوع ى م ا أق ول ‪ ،‬فَبَ َس طت منِرًة َعلَ اي‪ ،‬ح َّّ إذا قض ى رس ُ‬ ‫َمقالَيت ه ذه مث َ‬
‫رسول اهللِ صلَّى اهلل علي ه وس لَّم تل ك ِم ن ش يء‬ ‫عليه وسلَّم مقالَتَه َجَ ْعتها إىل ص ْد ِري‪ ،‬فما نَ ِسيت ِمن مقالَة ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫(‪.)11‬‬
‫تُويف أبو ُهَريْ َرةَ َر ِضي اهللُ عنه سنَةَ َسْبع وخَْ ِسني لِل ِه ْجَرة (‪.)12‬‬

‫اإلسّلم بَ َدأ َغ ِريباً (‪ ،)130/1‬برقم (‪ )145‬وهناك روايات أخرى‬


‫َ‬ ‫(‪ )9‬أخرجه مسلم يف صحيحه‪ ،‬كتاب اإلميان‪ ،‬باب‪ :‬بَيان َّ‬
‫أن‬
‫الِتِمذي (‪ ،)18/5‬وسنن ابن ماجه (‪.)1319/2‬‬ ‫لِلحديث مت عدِّدة يف غري صحيح مسلم‪ ،‬ينظر مثّل ‪ِ :‬‬
‫جامع ِّ‬ ‫َُ َ‬ ‫َ‬
‫الشراء‪.‬‬
‫(‪ )10‬يعين ‪ :‬البيع و ِّ‬
‫عز وجل‪:‬ﭐﱡﭐ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝﱠ‪،‬‬
‫(‪ )11‬أخرجه البخاري يف صحيحه‪ ،‬يف كتاب البيوع‪ ،‬باب‪ :‬ما جاء يف قول اهلل َّ‬
‫يف (‪ ،)247/4‬رقم (‪.)2047‬‬
‫(‪ )12‬ينظر‪ :‬سري أعّلم النُّبّلء (‪ ،)578/2‬وهتذيب التَّهذيب (‪.)262/12‬‬
‫‪11‬‬
‫المباحث اللغوية‪:‬‬
‫َ‬
‫معناها‬ ‫الكلمة‬
‫ومعنَ ِويَّة وهي املر َادة هنا‪ ،‬واملعىن‬ ‫ِِ‬
‫الوطَن‪َ ،‬‬‫كالعْيش يف غري َ‬
‫الغُْربَة نَوعان حسيَّة َ‬ ‫غريباً‪:‬‬
‫متس ِكه بِ ِدينِ ه وجتنُّب ه لِ ِلف َت َغريب اً ب ني‬
‫بادتِه و ُّ‬ ‫‪:‬أن يك ون امل رء يف اس تِ ِ ِ‬
‫قامته وع َ‬
‫َ‬
‫قَ ْوٍم ليسوا كذلك‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫آخر‪.‬‬
‫آخر‪ ،‬أو يف َزمان دون َ‬ ‫والغربة ن ْسبِيَّة‪ ،‬قد تكون يف َمكان دون َ‬
‫ّلم بَ َدأ يف آح ِاد‬ ‫أن اإلس َ‬ ‫اهر احلَ ِديث العم وم‪ ،‬و َّ‬ ‫ق ال القاض ي ِعي اض ‪ :‬ظ ِ‬ ‫بَ َدأ اإلسّلم َغ ِريباً‪:‬‬
‫اس وقِلَّة‪ ،‬مث انتَ َشر وظَ َهر‪ ،‬مث َسيَ ْل َح ُقه النَّ ْقص واإلخّلل حّ ال يَْبقى اإال‬ ‫النا ِ‬
‫آحاد النااس وقِلَّة أَيْضاً كما بدأ‪.‬‬
‫يف ِ‬
‫ق ال النَّووي رمح ه اهلل ‪ :‬و اأم ا مع ىن ط وىب ف اختَ لَف امل َف ِّس رون يف مع ىن قولِه‬ ‫فَطُوىب لِلغَُرباء‪:‬‬
‫[الرعد‪.]29 :‬‬ ‫تعاىل‪ :‬ﱡﭐ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱠ ا‬
‫فقيل معناه ‪ :‬فَ َرح وقَُّرة َع ْني‪ ،‬وقيل ‪ :‬نِ ْعم ما َمهل ‪ ،‬وقيل ‪ِ :‬غْبطَة لم‪ ،‬وقيل‬
‫‪:‬خري لم وكرامة‪ ،‬وقيل ‪ :‬النة‪ ،‬وقي ل ‪ :‬ش جرة يف الن ة‪ ،‬وك ل ه ذه األق وال‬
‫حمتملة يف احلديث(‪.)13‬‬

‫األحكام والتوجيهات‪:‬‬
‫صف الغرباء‬ ‫ِ‬ ‫احلديث على ِعظَم فضل َّ‬ ‫دل ِ‬ ‫‪َّ -1‬‬
‫الصحابة الذين أسلَموا يف بداية البعثة النَّبويَّة؛ النطباق َو ْ‬
‫الضّلل‪.‬‬
‫الشرك و َّ‬ ‫عليهم‪ ،‬حيث كانت غُربَتُهم َمعنَ ِويَّة‪ ،‬حني خالَفوا ما عليه قَ ْوَم ُهم ِمن ِّ‬
‫حمم د ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم ه و ِص َفة‬ ‫قامة علي ه‪ ،‬واالقت داء بنبيِّن ا َّ‬‫ِ‬
‫‪ -2‬التَّ َم ُّس ك ب دين اهلل ع َّز وج َّل واالس ت َ‬
‫احلق ال مب ا علي ه‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫اب الغَُرب اء وإن خالََف ه َكث ريٌ م ن النا اس‪ ،‬ف العْب َرة بالتَّ َم ُّس ك ب ا‬
‫امل ؤمن احلَ اق ال ذي يَ ْر ُج و ثَو َ‬
‫أكثر النااس‪ ،‬قال تعاىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﱠ [األنعام‪.]116 :‬‬
‫املبتَعِ ِدين عن‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪ -3‬عظَم أَ ْجر الغَُرباء وَكثْ َرة ثَوابم وعُلُِّو َمن ِزلَت ِهم‪ ،‬واملقصود بم الغرباء بِدين ِهم‪ ،‬وليس املقصود ْ‬
‫أَْوطاهنِم‪.‬‬

‫ض أفر ِاده‪.‬‬
‫َّفسري لِلشَّيء بِبَ ْع ِ‬
‫أن هذا ِمن تَ ْف ِسري التَّنويع والت ِ‬
‫صارف يَ ِسري‪ ،‬وليعلم َّ‬
‫(‪ )13‬ينظر‪ :‬شرح النَّووي على مسلم (‪ ،)167/2‬بتَ َ‬
‫‪12‬‬
‫س‪ ،‬وجاء أيضاً ‪ :‬هم الذين‬ ‫أن الغَُرباء هم ‪ :‬الذين يَصلُحون إذا فَ َسد الناا ُ‬ ‫‪ -4‬جاء يف َع َدد ِمن ِّ‬
‫الروايات َّ‬
‫س ال يَ ْك ِف ي‪ ،‬ب ل يَْنبَغِ ي َّ‬
‫الس ْعي‬ ‫الص ّلح لِل نَّ ْف ِ‬ ‫دل عل ى َّ‬
‫أن جم َّرد َّ‬ ‫اس (‪ ،)14‬وه ذا ي ا‬
‫أفس َد النا ُ‬
‫ص لحون م ا ْ‬
‫ي ِ‬
‫ُْ‬
‫صف الغُرباء الذين ُم ِدحوا يف هذا‬ ‫ِ‬
‫ص ُدق على املؤمن َو ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫باحل ْك َم ِة واللِّني و ِّ‬
‫الرفْق إلصّلح َمن فَ َسد من النااس ليَ ْ‬
‫احلديث‪.‬‬
‫األسئلة‪:‬‬
‫س ‪ :1‬ما معىن الغُربة يف اللُّغة ؟ وأي املعاين ي ْنطَبِق على التَّع ِريف االص ِ‬
‫طّلح اي ؟‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫وضح املراد بقولِه‪( :‬بدأ اإلسّلم َغريباً( ؟‬
‫س ‪ :2‬ا‬
‫بعض أوصاف الغَُرباء ؟‬‫س ‪ :3‬اذ ُكر َ‬
‫ضح ذلك‪.‬‬ ‫آخر ؟ َو ِّ‬‫س ‪ :4‬هل تكون الغُْربَة يف َزَمن دون َ‬
‫لح ِديث ؟‬‫ِ‬
‫الصحابَة ِروايَةً ل َ‬
‫س‪ : 5‬ملاذا كان أبو هريرَة رضي اهلل عنه أكثَر َّ‬

‫(‪ )14‬راجع ختريج احلديث (ص ‪.)17‬‬


‫السالكني لإلمام ابن القيِّم‪ ،‬من ِزلَة الغربة‬ ‫ِ‬
‫صف حال أهل الغُْربَة للحافظ ابن رجب‪ ،‬ومدارج ا‬‫* لّلستزادة ينظر رسالة‪ :‬كشف ال ُكربَة يف َو ْ‬
‫(‪.)203/3‬‬
‫‪13‬‬
‫الحديث الثالث‪:‬‬ ‫َ‬
‫يب ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم يُ ْع ِجب ه التَّ يَ ُّمن يف تَنَ ُّعلِ ه‪ ،‬وتَ َر ُّجل ه‪،‬‬
‫ع ن عائش ة رض ي اهلل عنه ا قال ت‪ (( :‬ك ان النَّ ُّ‬
‫ِ‬
‫(‪)15‬‬
‫وطُهوره‪ ،‬ويف َشأْنِه كلاه )) متَّ َفق عليه‪.‬‬
‫التعريف بالراوي‪:‬‬
‫يب ص لَّى اهلل علي ه‬ ‫َّ‬‫ن‬ ‫ال‬ ‫ج‬‫و‬ ‫ز‬ ‫ني‪،‬‬ ‫ؤمنِ‬
‫الص ِّديق‪ ،‬عائِ َش ة بن ت أيب بك ر ر ِض ي اهلل عنهم ا أم امل ِ‬
‫الص ِّدي َقة بن ت ِّ‬
‫ه ي ِّ‬
‫ا‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫َ‬
‫يب ص لَّى اهلل علي ه‬ ‫ِ‬
‫وخباص ة م ا يَتَّص ل ي اة النَّ ِّ‬
‫َّ‬ ‫لح ِديث‬ ‫ِ‬ ‫وسلَّم وأَ ْش َهر نِس ائِه‪ ،‬وه ي ِم ن أكثَر َّ‬
‫الص حابَة ِروايَة ل َ‬
‫داخل ب يتِه‪ ،‬ا ْشتَ هرت رضي اهلل عنها ِبف ْق ِهها وعلَّمها ِ‬
‫وح ْف ِظها وأَ َد ِبا‪ ،‬تُ َوفِّيَت رضي اهلل عنه ا‬ ‫وسلَّم األُس ِريَّة ِ‬
‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬
‫سنَة َسْبع وخسني لل ِه ْجَرة وصلَّى عليها أبو هريرة رضي اهلل عنه‪.)16(.‬‬
‫المباحث اللغوية‪:‬‬
‫َ‬
‫َمعناها‬ ‫ال َكل َمة‬
‫(‪)17‬‬
‫ب‪.‬‬ ‫ِ‬
‫للشيخني‪ :‬ي ا‬ ‫بالشيء‪ :‬حمبَّته‪ ،‬ويُ َؤيِّده ما جاء يف رواية أخرى َّ‬ ‫اإلعجاب َّ‬ ‫يُ ْع ِجبه‪:‬‬
‫هو االبتِداء باليَ ِمني‪.‬‬ ‫التَّيَ ُّمن‪:‬‬
‫ض‪.‬‬ ‫ت به ال َق َدم ِمن األَْر ِ‬ ‫كل ما َوقَ ْي َ‬‫التَّنَ ُّعل‪ :‬لبس النا ْعل‪ ،‬وهو احلذاء‪ ،‬واملراد به‪ :‬ا‬ ‫تَنَ ُّعله‪:‬‬
‫والتَّيَ ُّمن يف تَنَ اعله‪ :‬أن يَْب َدأ بِلبس النَّ ْعل لِ ِّلر ْجل اليُ ْمىن‪.‬‬
‫ِ‬
‫الرأس واللِّ ْحية‪.‬‬‫ود ْهنه‪ ،‬ويَ ْد ُخل فيه َش ْعر َّ‬ ‫أي تَ ْرجيل َش ْع ِره‪ ،‬واملراد‪ :‬تَ ْس ِريه‪َ ،‬‬ ‫تَ َر ُّجله‪:‬‬
‫أس أو اللِّ ْحيَة فَيُ َسِّر َحه ويُنَظَِّفه ويَ َ‬
‫دهنَه‪.‬‬ ‫الر ِ‬‫الش اق األميَن ِمن َّ‬ ‫ترجله‪ :‬أن يبدأَ بِ ِّ‬ ‫والتَّيَ ُّمن يف ُّ‬
‫وض امها‪ .‬فعل ى ف تح الطااء ‪ :‬يك ون امل راد ‪ :‬م ا يَتَطَ َّه ر ب ه ِم ن امل اء‬ ‫ِ‬ ‫طُهوِره‪:‬‬
‫ضبَط هذه ال َكل َمة بفتح الطااء َ‬ ‫تُ ْ‬
‫الِتاب‪.‬‬‫و ُّ‬
‫ِ‬
‫الوضوء وحن ِومها‪ ،‬وهو املراد يف احلديث‪.‬‬ ‫هارة كالغُ ْسل و ُ‬ ‫ض ام الطااء هو ف ْعل الطَّ َ‬ ‫وبِ َ‬
‫الر ْج ل اليُ ْم ىن‪ ،‬يف الوض وء ‪.‬ويف‬ ‫والتَّيَ ُّمن يف طُهوِره ‪ :‬الب داءة مبي ِامن أَ ْعض ائِه‪ ،‬فَيَْب َدأ بِاليَ د اليُ ْم ىن‪ ،‬و ِّ‬
‫الشق األَمين ِمن الِ ْسم‪.‬‬ ‫الغُ ْسل يَْب َدأ بِ ِّ‬
‫الش يخ تَِق اي‬
‫جي ع ُش ؤونِه كلاه ا‪ ،‬وامل راد جي ع األش ياء املستَ ْح َس نَة‪ ،‬ق ال َّ‬ ‫املع ىن أنَّه يب َدأ بِالي ِمني يف َِ‬
‫َ‬ ‫ويف َشأنِه كلِّه‪:‬‬

‫(‪ )15‬أخرجه البخاري يف صحيحه‪ ،‬كت اب الوض وء‪ ،‬ب اب‪ :‬التَّ يَ ُّمن يف الوض وء والغس ل (‪ ،)269/1‬وأخرج ه مس لم يف ص حيحه‪ ،‬كت اب‬
‫الطَّهارة‪ ،‬باب‪ :‬التَّيَ امن يف الطاهور وغريه (‪ ،)226/1‬برقم (‪.)268‬‬
‫َّهذيب (‪.)344/12‬‬ ‫(‪ )16‬ينظر‪ :‬سري أعّلم النُّبّلء (‪ ،)135/2‬وهتذيب الت ِ‬
‫السابق‪.‬‬
‫(‪ )17‬ينظر صحيح البخاري حديث رقم (‪ ،)426‬وصحيح مسلم املوضع ا‬
‫‪14‬‬
‫املس ِجد وحنومها‬ ‫ِ‬
‫دخول الَّلء والروج من ْ‬
‫ألن َ‬‫عام خمصوص؛ َّ‬
‫الدين بن دقيق العيد رمحه اهلل‪ :‬هو ا‬
‫ِّ‬
‫يبدأ فيهما باليَسار (‪.)18‬‬

‫األحكام والتوجيهات‪:‬‬
‫وخباص ة عائش ة رض ي اهلل عنه ا‬ ‫َ‬ ‫نهن‪،‬‬
‫ض ل َّأمه ات امل ؤمنني رض ي اهلل ع ا‬ ‫‪ -1‬يف ه ذا احل ديث بي ا ٌن لَِف ْ‬
‫الس نَّ ِة النَّبويَّة ونَ ْش رها؛ لك ي تُطْلِ َع األَُّم ة‬
‫رص ت عل ى تَلَ ِّق ي ُّ‬ ‫الوِر َع ة‪ ،‬حي ث َح َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العامل ة ال َفق َيه ة‪ ،‬التَّقيَّة َ‬
‫يب صلَّى اهلل عليه وسلَّم لِيَ ْقتَدوا به‪.‬‬ ‫على األَحوال َّ ِ ِ‬
‫الدقي َقة للنَّ ِّ‬ ‫ْ‬
‫يامن فيما ذُكِ ر يف احل ديث‪ ،‬وم ا ذُكِ ر هن ا ِم ن ب اب التَّمثِي ل فق ط‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪َ -2‬د َّل احلَديث على استحباب التَّ ُ‬
‫الزينة يُْب َدأ بِاليَ ِمني‪ ،‬وما كان ِخبّلفِه يُْب َدأ‬ ‫أن ُك َّل ما كان ِمن باب التَّك ِرمي و ِّ‬ ‫فالضابِط يف ذلك‪َّ :‬‬ ‫وإال َّ‬ ‫ا‬
‫بِاليَسار‪.‬‬
‫وخ ْل ع الثَّ ْوب‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ومن أمثلة ما يُْب َدأ باليَسار أو تُ ْس تَ ْع َمل في ه اليَس ار‪ُ :‬دخ ول َد ْوَرة املي اه‪ ،‬وال روج م ن املس جد‪َ ،‬‬
‫واالستِْنجاء‪ ،‬وتَ ْن ِظيف األَنْف‪ ،‬وما شابَه ذلك‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش رع املس تَ ِمَّرة‪َّ :‬‬ ‫قال اإلمام النَّووي‪ِ :‬‬
‫ب في ه التَّ يَ ُّمن؛‬‫أن ك ال م ا ك ان م ن ب اب التَّك ِرمي والتَّ ْزيني اس تُح ا‬ ‫قاع َدة َّ‬
‫ياسر (‪.)19‬‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫ب فيه التَّ ُ‬ ‫وما كان بض ِّدها استُح ا‬
‫ص‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ودخ ول املس جد‪ ،‬وقَ ا‬ ‫وم ن أمثلَ ة م ا يب دأ ب اليَمني أو تُ ْس تَ ْع َمل في ه اليم ني غ ري م ا ذك ر‪ :‬لُْبس الثَّ ْوب‪ُ ،‬‬
‫الشرب‪ ،‬وأخذ األش ياء وإعطاؤه ا‪ ،‬واملص افَحة‪ ،‬وغ ري‬ ‫الصّلة‪ ،‬واألكل و ُّ‬ ‫السّلم ِمن َّ‬ ‫الرأْس‪ ،‬و َّ‬
‫وح ْلق َّ‬ ‫الشا ِرب‪َ ،‬‬
‫ا‬
‫ذلك‪.‬‬
‫ص لِح ش أهنُم‪ ،‬ويُ ْعلِ ي َمك انَتَهم‪ ،‬ومييِّ زهم ع ن‬ ‫أرش د األَُّم ةَ إىل م ا يُ ْ‬
‫كام ٌل‪َ ،‬‬ ‫ّلمي ِدي ن ِ‬ ‫ِ‬
‫‪ -3‬دينُن ا اإلس ا ٌ‬
‫ِ‬
‫وآخَرهتم‪ ،‬فما ِمن خ ٍري اإال َد َّل األَُّمة علي ه‪ ،‬وم ا ِم ن َش ر اإال َح َّذ َرها من ه‬ ‫غريهم‪ ،‬وي ْن َفعهم يف دنياهم ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ؤمن أن يَ ْقتَ ِدي بِالنَِّ‬ ‫على امل ِ‬
‫وس لوكه وتَص ُّرفاته‪ ،‬فه و‬ ‫يب ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم يف جي ع أقوال ه وأَفْعال ه ُ‬ ‫ا‬
‫ِ‬
‫كل ُم ْسلم‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫صلى اهلل عليه وسلم ال ُق ْد َوة واألُسوة ل ا‬

‫ص ارف يَ ِس ري يف ف تح الب اري‬ ‫ِ‬


‫(‪ )18‬انظر‪ :‬إحكام األحكام شرح عمدة األحكام له (‪( )91/1‬شرح احلديث التااسع(‪ ،‬ونقله ابن حجر بتَ َ‬
‫)شرح احلديث املذكور (‪ ،‬ومنه نَ َقلنا‪.‬‬
‫بتصارف يَ ِسري‪ ،‬وانظر لّلستِزاد‪ :‬كّلم شيخ اإلسّلم ابن تيميَّة يف جمموع الفتاوى (‪108/31‬‬
‫(‪ )19‬شرح النَّووي على مسلم (‪َ ،)169/3‬‬
‫‪.)113 -‬‬
‫‪15‬‬
‫لمي ع ش ؤون احلي اة‪ ،‬ح َّّ ه ذه األش ياء‬ ‫الش ِريعة اإلس ِ‬
‫ّلميَّة ِ‬
‫الش ِريف يتَبَ َّني ُ ول َّ َ‬ ‫‪ -4‬يف هذا احل ِديث َّ‬
‫ال يت ق د ال يَتَ نَبا ه ل ا اإلنس ان ِجي د تَ ْوِجيه اً كرمي اً ِم ن اإلس ّلم فيه ا فَيُ ْؤ َجر املس لِم عن د عمل ه ه ذه‬
‫عز وجل وم ْقتَ ِدياً ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫برسول اهلل صلَّى اهلل عليه وسلَّم‪.‬‬ ‫األعمال ما دام ُمرتَبِطاً ب َش ْرع اهلل َّ ا ُ‬
‫ول ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم يَتَطَ َّه ر ويَتَ نَظَّف‬ ‫‪ -5‬أ ُِم ر املس لِم ب أن يك ون َمْنظَ ُره َح َس ناً‪ ،‬فق د ك ان َّ‬
‫الرس ُ‬
‫ويُ َسِّرح َش ْعَره ويَ ْد َهنَه‪ ،‬ولكن هذا ال يَ ْع ِين املبالَغَة يف هذا األَم ر ي ث يَطْغ ى عل ى اهتِماماتِه‪ ،‬فعلي ه‬
‫ب التَّو ُازن‪ ،‬مبع ىن أن يَ ْه تَ ام يف نَظافَتِ ه ولك ن ال يُب الِغ ‪ -‬كم ا ذُكِ ر ‪ -‬ح ّ ال يَْن َح ِرف إىل َح د غ ري‬
‫َم ْر ِضي‪.‬‬
‫األسئلَة‪:‬‬
‫ياسر فيما يلي‪:‬‬
‫يامن أو التَّ ُ‬‫ب فيه التَّ ُ‬ ‫س ‪ِّ :1‬بني ما يُ ْستَ َح ا‬
‫لضيوف‪ ،‬تَ ْق ِدمي النُّقود لِلبائِع‪ ،‬الروج ِمن املسجد‪.‬‬
‫قدمي املاء لِ ُّ‬
‫تَ ْقلِيم األَظافِر‪ ،‬لُبس الثَّوب‪ ،‬تَ ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫اإلسّلميَّة لميع شؤون احلياة ؟‬ ‫الشر َيع ِة‬
‫ول َّ‬‫يث ي ُد ال على ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫س ‪ :2‬كيف تَ ْستَ ْنبِط َّ‬
‫أن هذا احلد َ َ‬
‫س ‪ :3‬ما املراد بالتَّ َر ُّجل ؟‬

‫‪16‬‬
‫الحديث الرابع‪:‬‬
‫ول اهلل ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم و َّأم ر علين ا أب ا عُبَ ْي َدة‪ ،‬نَتَ لَ َّق ى ِع رياً‬ ‫ع ن ج ابِر رض ي اهلل عن ه ق ال‪ (( :‬بَ َعثَن ا رس ُ‬
‫وزوَدن ا ِجراب اً ِم ن مت ر مل ِجي د لن ا غ َريه‪ ،‬فك ان أب و عبي دة يُ ْع ِطين ا مت رةً مت رةً‪ ،‬ق ال(‪ :)20‬فقل ت ‪ :‬كي ف‬ ‫لُِق َريْش‪َّ ،‬‬
‫يب‪ ،‬مث نَ ْشَرب عليها ِمن املاء فَتَ ْك ِفينا يَ ْوَمنا إىل اللَّي ل‪ ،‬وكناا‬ ‫الصِ ُّ‬
‫ميص َّ‬ ‫منصها كما ُّ‬ ‫صنَعون با ؟ قال ‪ُّ :‬‬ ‫كنتم تَ ْ‬
‫احل البَ ْح ر‬ ‫ساحل البحر‪ ،‬فرفِع لنا عل ى س ِ‬ ‫ط‪ ،‬مث نَب لُّه باملاء فَنَأْ ُكلَه‪ ،‬قال‪ :‬وانْطَلَ ْقنا على ِ‬ ‫صيِّنا الَبَ َ‬ ‫ض ِرب بِعِ ِ‬
‫نَ ْ‬
‫َْ ُ‬ ‫ُ‬
‫العْن َ ‪ ،‬قال ‪ :‬قال أبو عبي دة ‪َ :‬ميِّتَ ة‪ ،‬مث ق ال ‪ :‬ال‪ ،‬ب ل‬ ‫ِ‬ ‫كهْيئَة ال َكثِيب َّ‬
‫الض ْخم‪ ،‬فأتيناه‪ ،‬فذذا هي دابَّة تُ ْدعى َ‬ ‫َ‬
‫ول اهللِ ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم‪ ،‬ويف س بيل اهلل‪ ،‬وق د اض طررم فَ ُكل وا‪ ،‬ق ال ‪ :‬فأقَ ْمن ا علي ه َش ْهراً‪،‬‬ ‫حنن رس ل رس ِ‬
‫ُُ‬
‫الف َدر‬ ‫القّلل ال دُّهن‪ ،‬ونَ ْقت ِط ع من ه ِ‬ ‫وحن ن ثّلمثائ ة‪ ،‬ح ّ َِمسنَّا‪ ،‬ق ال ‪ :‬ولق د رأيتن ا نَ ْغ ِِتف ِم ن وقْ ب عينِ ه بِ ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َْ‬ ‫َ‬
‫يدة ثَّلثَة ع ْشر رجّلً فَأَقْ ع َدهم يف وقْ ِ ِ‬ ‫كالثَّور‪ ،‬أو َك َق ْد ِر الثَّ ْور‪ ،‬فل َقد أَ َخذ ِمناا أبو عُبَ َ‬
‫ض ْلعاً من‬ ‫ب َعْينه‪ ،‬وأَ َخذ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َُ‬
‫فلم ا قَ ِد ْمنا املدين ةَ أَتَ ْين ا‬ ‫ِ‬ ‫ضّلعها فأقامها مث رحل أَ ْعظَم بعِري معنا فَمر ِمن حتتها‪ِ ِ َّ ،‬‬
‫وتزودنا من حلمه َوشائ َق‪ ،‬ا‬ ‫َ َ َ َا‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫أَ ْ‬
‫رسول اهللِ صلَّى اهلل عليه وسلَّم ف ذ َكرنا ذل ك ل ه‪ ،‬فق ال‪ ((:‬ه و ِرْز ٌق أخرج ه اهلل لك م‪ ،‬فه ل مع ُك م ِم ن ِ‬
‫حلم ه‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ْ‬
‫رسول اهللِ صلَّى اهلل عليه وسلَّم منه فَأَ َكلَه )) متَّفق عليه (‪.)21‬‬ ‫يء فَتُ ِطعمونا ))؟ قال‪ :‬فَأَرسلنا إىل ِ‬ ‫ش ٍ‬
‫َْ‬ ‫َ‬
‫الت عريف بالراوي‪:‬‬
‫ص ْحبة‪َ ،‬ش ِهد م ع أَبِي ه بَْي َع ةَ‬‫الصحايب الليل جابِر بن عب د اهلل ب ن عم رو ب ن ح رام األنص ا ِري‪ ،‬ل ه وألبي ه ُ‬ ‫هو َّ‬
‫ول اهللِ ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم‪،‬‬ ‫اهد كثِ رية م ع رس ِ‬ ‫الع َقبة األخرية‪ ،‬وكان أبوه أَحد النُّ َقباء يف الب ي ع ِة‪ ،‬ش ِهد مش ِ‬
‫َ َ‬ ‫َْ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫سول اهللِ صلَّى اهلل عليه وسلَّم تِ ْس َع َع ْشَرة َغ ْزَوة‪.‬‬
‫يقول‪َ :‬غزوت مع ر ِ‬
‫َ‬ ‫َْ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ي‬‫وهو أَ َحد املكثرين ل ِروايَة احلديث عن َرس ول اهلل ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم‪ ،‬وكان ت ل ه َح ْل َق ة يف املس جد النَّب ِو ا‬
‫الص حابَة‬ ‫اخ ر َّ‬ ‫املعم رين‪ ،‬فه و ِم ن أو ِ‬
‫جيتَ ِمع النااس فيها ليأخذوا عن ه العِْل م‪ ،‬وق د ك ان‪ -‬رض ي اهلل عن ه ‪ِ -‬م ن َّ‬
‫الذين ماتوا باملدينة‪ ،‬تويف رضي اهلل عنه سنة مثان وسبعني‪ ،‬وعاش أربعاً وتسعني سنة‪.)22(.‬‬
‫ث اللغوية‪:‬‬
‫المباح ُ‬
‫َ‬

‫املك اي راوي احلَ ِديث عن جابِر رضي اهلل عنه‪.‬‬


‫(‪ )20‬القائل هو‪ :‬أبو الزبري ِ‬
‫ا‬
‫الص يد‬
‫(‪ )21‬أخرج ه البخ اري يف ص حيحه‪ ،‬كت اب املغ ازي‪ ،‬ب اب‪ :‬غ زوة س يف البح ر (‪ ،)77/8‬وأخرج ه مس لم يف ص حيحه‪ ،‬كت اب َّ‬
‫إباحة َميتات البَ ْحر (‪ ،)1535/5‬رقم (‪ ،)1935‬واللفظ ملسلم‪.‬‬ ‫و َّ‬
‫الذبائح‪ ،‬باب‪َ :‬‬
‫(‪ )22‬ينظر‪ :‬سري أعّلم النُّبّلء (‪ ،)189/3‬وهتذيب التَّهذيب (‪.)42/2‬‬
‫‪17‬‬
‫معناها‬ ‫الكلمة‬
‫يش ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ول اهللِ ص لَّى اهلل‬
‫وم‬
‫ص غري لنَق َ‬ ‫أرس لَنا يف ج ٍ َ‬ ‫الش يء وتَوجيه ه‪ ،‬وامل راد هن ا ‪َ :‬‬ ‫أص ل البَ ْع ث‪ :‬إث َارة َّ‬ ‫بعثَن ا رس ُ‬
‫مب ِه َّمة ُم َعيَّنَة‪.‬‬ ‫عليه وسلَّم‪:‬‬
‫أي َج َعل َعلَْينا أبا عُبَ ْي َدة أَِمرياً‪.‬‬ ‫َّأمر علينا أبا عُبَ ْي َدة‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ع امر ب ن عب د اهلل ب ن ال اراح ال ُقرش اي‪َ ،‬م ْش هور بِ ُكْن يَت ه‪ ،‬أَ َح د َ‬
‫الع َش َرة املبَ َّش ِرين‬ ‫وأبو عُبَ ْي َدة هو‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ومن ِِ‬ ‫بالنَّة‪ِ ،‬‬
‫بعدها‪ ،‬مسااه‬ ‫وش ِهد بَ ْدراً وما َ‬ ‫هاجر ال ْجَرتَني‪َ ،‬‬ ‫السابقني إىل اإلسّلم‪َ ،‬‬ ‫ا‬
‫ني هذه األَُّمة‪ ،‬وكان قائِداً‪َ ،‬ح ِكيماً ُشجاعاً‪ ،‬مات‬ ‫ِ‬
‫سول صلَّى اهلل عليه وسلَّم أَم ُ‬ ‫الر ُ‬ ‫َّ‬
‫وخسني سنة‪.)23(.‬‬ ‫بالشام سنة مثان عشرة ِمن الجرة‪ ،‬وعاش مثان ِ‬ ‫رضي اهلل عنه ا‬
‫َ َ‬
‫ص َّدى ل ذه العِ ري ح ّ نَ ْس تَويل‬ ‫ِ‬
‫الع ري‪ :‬ه ي اإلب ل ال يت حتم ل املت اع‪ ،‬وامل راد هن ا‪ :‬نَتَ َ‬
‫ِ‬ ‫نتَ لَ َّقى ِعرياً لُِقَريْش‪:‬‬
‫عليها‪.‬‬
‫صح‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ضبَط بِ َك ْسر اليم وفَ ْتحها‪ ،‬وال َك ْسر أَفْ َ‬ ‫الِراب هو ال ِوعاء‪ :‬ويُ ْ‬ ‫َوزَّوَدنا ِجراباً ِمن متر‪:‬‬
‫ص اي‬‫ض ِربون بالعِ ِ‬ ‫ض ْربا‪ ،‬واملراد يَ ْ‬ ‫الش َجر عند َ‬ ‫الساقِط ِمن َّ‬ ‫الوَرق ا‬ ‫بفتح الاء والباء‪َ :‬‬ ‫الَبَط‪:‬‬
‫الش َجر؛ لِيَ ْس ُقط َوَرقُها‪.‬‬ ‫َّ‬
‫ساحل البَ ْحر‪.‬‬ ‫ِ‬
‫فَرفع لنا على ساحل البَ ْحر‪ :‬أي‪ :‬ارتَ َفع فوق َ‬
‫ودب‪.‬‬ ‫احملد ِ‬
‫الرْمل املستَ ِطيل َ‬ ‫َّ‬ ‫ال َكثِيب‪:‬‬
‫ميش ي َم ْش ياً َخ ِفيف اً‪،‬‬‫تُطلَق يف اللُّغ ة عل ى‪ :‬ك ل م ا ي ِدب عل ى وج ه األرض‪ ،‬أي ‪ِ :‬‬
‫َْ‬ ‫ا َ ا‬ ‫دابَّة‪:‬‬
‫و َغلَب استِعمالا عرفاً على ذَو ِ‬
‫ات األَْربَع‪.‬‬ ‫ُْ‬ ‫ْ‬
‫العْن َ على الطِّيب املعروف؛ ألنَّه َرْوث دابَّة ِريَّة‪.‬‬ ‫َمسَ َكة ِريَّة َكبِ َرية‪ ،‬ويُطْلَق َ‬ ‫العْن َ ‪:‬‬
‫َ‬
‫ض طَِّرين‪ ،‬فَأََمَرهم باأل ْك ِل‬ ‫يعين فّل جيوز أكلُها‪ ،‬مث نَظَر يف ح ال قَ ْوِم ه فَ َو َج َدهم ُم ْ‬ ‫بيدة ‪َ :‬ميِّتَة‪:‬‬ ‫فقال أبو عُ َ‬
‫منها‪.‬‬
‫الوقْب‪ :‬بَِفْتح الواو وإسكان القاف‪ ،‬وهو النُّ ْقرة اليت فيها َ‬
‫الع ْني‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َمن َوقْب َعْينِه‪:‬‬
‫وض ِّمها‪ ،‬جع قُلاة‪ ،‬وه ي الَ ارة ال َكبِ َرية ال يت يُِقلاه ا َّ‬
‫الر ُج ل ب ني يَ َديْ ه‪،‬‬ ‫بِ َك ْسر القاف َ‬
‫بِ ِ‬
‫القّلل‪:‬‬
‫أي‪ْ :‬ي ِملُها‪.‬‬
‫القطَع‪ ،‬جَْع ف ْد َرة‪ ،‬يعين‪ :‬قِطْ َعة‪.‬‬ ‫بِ َكسر الفاء وفَ ْتح ال ادال‪ِ :‬‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫الف َدر‪:‬‬

‫(‪ )23‬ينظر‪ :‬سري أعّلم النُّبّلء (‪.)5/1‬‬


‫‪18‬‬
‫خامتِها‪.‬‬
‫ض َ‬
‫ِ‬
‫أي‪ :‬مثْل الثَّ ْور يف َ‬ ‫كالثَّور أو قَ ْدر الثَّ ْور‪:‬‬
‫وضع على ظَ ْهر البَعِري لِ ُّلركوب‪.‬‬ ‫الر ْحل‪ :‬ما يُ َ‬ ‫أي‪َ :‬ج َعل َعليه رحّلً‪ ،‬و َّ‬ ‫مث َر َحل أَ ْعظَم بَعِري َم َعنا‪:‬‬
‫حلمه‪.‬‬‫أي ‪ :‬أخ ْذنا معنا زاداً ِمن ِ‬ ‫حلمه‪:‬‬‫وتزوْدنا ِمن ِ‬ ‫َّ‬
‫َ ََ‬
‫ض ج‪ ،‬و ُِحمي ل يف األَ ْس فار‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫وشائِق‪:‬‬
‫بالشني والق اف‪ ،‬وه و اللَّ ْح م يُ ْؤ َخ ذ فيُغل ى قَل يّلً وال يُْن َ‬
‫ِّ‬
‫الوشائِق جَْع َو ِشي َقة‪ ،‬وهي ال َق ِديد (‪.)24‬‬ ‫وقيل‪َ :‬‬

‫األحكام والتوجيهات‪:‬‬
‫الزْه د يف ال ُّدنْيا والتَّ َقلال منه ا‪ ،‬و َّ‬
‫الص ْ‬ ‫الك رام قائِ َم ة عل ى ُّ‬‫ول ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم وأص حابِه ِ‬ ‫الرس ِ‬ ‫‪ -1‬حي اةُ َّ‬
‫العْيش‪ ،‬أال ترى كيف يُ َوازع أبو عُبَ ْي َدة رضي اهلل عنه التَّ ْمر مترةً مترةً‪ ،‬ويُ ْع ِرب جابِر‬ ‫وخشونَة َ‬ ‫على الوع‪ُ ،‬‬
‫يب ))‪.‬‬‫الصِ‬
‫َّ‬ ‫ص‬ ‫ُ‬‫مي‬ ‫كما‬ ‫ها‬ ‫منص‬
‫ُّ‬ ‫‪((:‬‬ ‫فيقول‬ ‫ه‪،‬‬ ‫رضي اهلل عنه عن قِلَّة ذلك التَّمر وع َدم كِفايتِ‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬
‫الزاد ال متنَع ِمن ذلك‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫‪ -2‬احلِْرص على الِهاد يف َسبِيل اهللِ و َّ‬
‫الد ْع َوة إليه‪ ،‬وأن قلَّة النَّ َف َقة أو ا‬
‫ث‬‫يم ة‪ ،‬وآث ار إجيابِيَّة‪ ،‬وبرَك ة عل ى املتَع اونِني‪َ ،‬ح ا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪ -3‬التَّع ُاون يف أُم ور الَ ْري َمطْلَ ب َعظ يم‪ ،‬ل ه مث ار َعظ َ‬
‫صحابه َر ِضي اهلل عنهم‪ ،‬فَ َكثُر‬ ‫الرسول صلَّى اهلل عليه وسلَّم‪ ،‬وطَبَّ َقه هو وأَ ْ‬ ‫عليه اإلسّلم‪ ،‬وأَْر َشد إليه َّ‬
‫ص املس لِم عل ى التَّع ُاون يف أب واب ال ري كلِّه ا‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َخْي ُرهم‪ ،‬وز َادت بَرَك ة أَْم والم‪ ،‬وم ن هن ا يَْنبَغ ي أن ي ِر َ‬
‫مثرتُه‪.‬‬
‫حتصل له َ‬ ‫حّ ُ‬
‫‪ -4‬يَ ْدعو اإلس ّلم إىل ِح ْف ظ َكر َام ة املس لِم‪ ،‬ويثُّه عل ى جَْ ع امل ال ِم ن َع َم ِل يَ ِده‪ ،‬وأن يتَ َع َّف ف ب ه ع ن‬
‫رسول اهلل صلَّى‬ ‫أن َ‬ ‫رضي اهلل عنه َّ‬ ‫السؤال‪ ،‬فَريتَِفع عن م َذلَّة املسأَلَة‪ ،‬روى البخاري وغريه‪ ،‬عن أيب هريرة ِ‬ ‫ُّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫اهلل عليه وسلَّم قال‪ ((:‬والذي نَ ْف ِسي بِيَ ِده ألن يَأْ ُخ َذ أَ َح ُد ُكم َحْب لَه فَيَ ْحتَ ِطب على ظَ ْه ِره خري له ِمن أن‬
‫يأيت َر ُجّلً فَيَ ْسأَله‪ ،‬أَ ْعطاه أو َمنَ َعه‪.)25(.‬‬
‫ومّلطََف ة فه ذا أَْم ر ُم ْستَ ْح َس ن‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫األصل يف املسلِم‪ ،‬ولكن إذا ك ان ُّ‬
‫ومؤانَ َس ةً ُ‬
‫الس ؤال جيل ب ُواداً وحمبَّةً ُ‬ ‫هذا هو ْ‬
‫وص ْحبِه‪.‬‬‫سول صلَّى اهلل عليه وسلَّم مع أيب عُبَ ْي َدة َ‬ ‫الر ُ‬ ‫بل هو َمطلوب‪ ،‬ملا جيلِبه ِمن األُنْس واحملبَّة‪ ،‬كما فَ َعل َّ‬

‫(‪ )24‬ال َق ِديد ‪ :‬اللَّحم يُ ْقطَع مث ميَُلَّح وجيَفَّف يف الشَّمس ‪.‬انظر تاج العروس مادة ) قد( ‪.‬‬
‫(‪ )25‬أخرجه البخاري يف صحيحه‪ ،‬كتاب الزكاة‪ ،‬باب‪ :‬االستِ ْعفاف عن املسألة (‪.)335/3‬‬
‫‪19‬‬
‫ِ‬ ‫‪ -5‬ي ا ِ‬
‫باالص طياد‪ ،‬وه ذا ق ول جه ور أه ل‬ ‫إباح ة َمْيتَ ة البَ ْح ر‪ ،‬ماتَت بِنَ ْفس ها أو ماتَت ْ‬ ‫دل احلَديث عل ى َ‬
‫العِْل م‪ُ ،‬م ْعتَ ِم ِدين عل ى ه ذا احل ديث‪ ،‬وعل ى قولِه س بحانه وتع اىل‪ :‬ﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ‬

‫ﱆ ﱇ ﭐ ﭐﱠ اآلية [املائدة‪.]96 :‬‬


‫وحتم ل‪ ،‬وماا تكثُر في ه اآلراء وتتع َّدد‬ ‫وخلُ ٍق َك رمي ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الس َفر ِم ن ْ‬
‫األعم ال ال يت حتت اج إىل تَ ْنظ يم وتَ ْرتي ب ُ‬ ‫‪َّ -6‬‬
‫ول اهللِ‬‫ِو ْجه ات النَّظَر‪ ،‬وألمهِّيَّتِ ه َش َرع اإلس ّلم اإلم َارَة في ه لِ َم ن ك انوا ثّلثَةً أو أَ ْكثَر‪ ،‬ول ذلك َّأم ر رس ُ‬
‫اع ة يف املع روف‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫وم ن املعلُوم َّ‬‫الس ِريَّة‪ِ ،‬‬
‫ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم أب ا عُبَ ْي َدة عل ى ه ذه َّ‬
‫أن َح اق األم ري الطا َ‬
‫صيَة اهللِ َّ‬
‫وجيهاتِه ما مل يكن يف مع ِ‬ ‫والتَّنفيذ ألوامره‪ ،‬واالنقياد لِت ِ‬
‫يدة‬‫وج ال‪ ،‬لذلك حينما َمنَ َعهم أبو َعبِ َ‬ ‫عز َ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬
‫وحينَما أََمَرُهم باألكل ِمن احلوت أكلوا منه‪.‬‬ ‫امتَ نَعوا ِ‬
‫الشار‪ ،‬وعلى م ا يَ ْق ِدر اهللُ تع اىل ِم ن‬ ‫الص ْ واملصابَرة لِِف ْعل الري وترك َّ‬ ‫الص ِادقني‪َّ :‬‬ ‫ِ ِ‬
‫‪ -7‬من صفات املؤمنني ا‬
‫املصائِب‪ ،‬وهذه ال َّسريَّة اليت متتَّعت ب ذا اللُق النَّبِي ل كافَأه ا اهلل تع اىل ب ذا احل وت الع ِظ يم‪ ،‬ويف ِ‬
‫اآلخ َرة‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ما هو َخْي ٌر وأَبْ َق ى‪ ،‬ويَ ْك ِف ي إش َارة إىل التَّ َحلِّ ي ب ذا الُلُق أنَّه َوَرد يف الق رآن الك رمي يف أكثَر ِم ن تِ ْس عِني‬
‫َم ْو ِضعاً‪.‬‬
‫يتم َّكنوا فيها‬ ‫ِ‬ ‫‪ -8‬د ال احلديث على اجتِ ِ‬
‫متر عليهم ومل َ‬ ‫الصحابَة ‪ -‬رضي اهلل عنهم ‪ -‬يف ال َقضايا اليت ا‬ ‫هاد َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫الرس ول‬ ‫ول ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم‪ ،‬فأب و عُبَ ْي َدة اجتَ َهد يف أَ ْك ِل احل وت‪ ،‬مث أق َّره َّ‬ ‫الرس ِ‬ ‫الرج وع إىل َّ‬‫ِم ن ُّ‬
‫ب ِمن حلْ ِمه لِيَأْ ُكل‪.‬‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫صلَّى اهلل عليه وسلَّم على اجتهاده‪ ،‬وزاد من تَطييب نُفوسهم أن طَلَ َ‬
‫األسئلَة‪:‬‬
‫وضح معىن الكلمات اآلتية‪ :‬العِري‪ ،‬الِراب‪ ،‬البَط‪َ ،‬وقَب َعْي نَه‪.‬‬ ‫س ‪ِّ :1‬‬
‫استِك لذا احلديث‪.‬‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫يل (‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫حتدث عن ذلك من خّلل در َ‬ ‫الص ُخلُق نَب ٌ‬
‫س‪َّ ) :2‬‬
‫لح ِديث‪.‬‬ ‫س‪ ) :3‬طاعة األَِمري يف املعروف و ِاجبة (‪ ،‬ب ِّني مثار تلك الطااع ِة ِمن ِخّلل ِدر ِ ِ‬
‫استك ل َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اإلسّلم ِمن أبْنائِه‪ ،‬كيف تَ ْستَ ْنبِط هذه الفائِ َدة ِمن احلَ ِديث ؟‬
‫ُ‬ ‫الع َمل واإلنتاج ِمن أَ َه ام ما يُِر ُ‬
‫يده‬ ‫س ‪َ :4‬‬
‫س ‪َ 5 :‬من را ِوي احلَ ِديث ؟ وماذا تع ِرف عنه ؟‬

‫‪20‬‬
‫ثانياً‪ :‬الثقافة اإلسالمية‬

‫‪21‬‬
‫ص َوٌر من حرص النبي صلى اهلل عليه وسلم على الدع َوة‬ ‫ُ‬
‫بادة اهللِ تعاىل‪ ،‬وبذا أَْمَره‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يب صلَّى اهلل عليه وسلَّم َكغَ ِْريه من األنبياء هي َد ْع َوة النااس إىل ع َ‬ ‫َّ ِ‬
‫إن ُمه َّمة النَّ ا‬
‫اهللِ تعاىل يف آيات كثَ َرية‪ ،‬فقال‪ :‬ﱡﭐ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﱠ اآلية [النَّحل‪.]125 :‬‬
‫ﱵﱷﱸﱹﱺ‬ ‫باع ه‪ ،‬فق ال‪ :‬ﱡﭐ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱶ‬ ‫وجع ل ال َّد ْعوة س بِيلَه‪ ،‬وس بِيل أَتْ ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ﱻ ﱠ اآلية [يوسف‪.]108 :‬‬
‫وج ال‪.‬‬ ‫اس هللِ َّ‬
‫عز َ‬ ‫الد ْع َوة إىل اهلل؛ بأهنا هي الطَِّريق إىل تَ ْعبِيد النا ِ‬
‫وبذا تتبَ َّني لنا أمهِّيَّة َّ‬
‫ُحكم الدع َوة إلى اهلل تعالى‪:‬‬
‫ض َع ْ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ني‬ ‫ال َّد ْع َوة إىل اهلل تعاىل فَ ْرض كفايَة‪ ،‬إذا قام با َم ن يَ ْكف ي َس َقط اإلمث ع ن الب اقني‪ ،‬وتك ون فَ ْر َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب األُ ْس َرة م ثّلً‪ ،‬جي ب علي ه )عين اً) أن يُْرش د أُ ْس َرتَه ل َ‬
‫لخ ْري‪،‬‬ ‫يف بعض األحوال‪ ،‬وعل ى بع ض األش خاص‪ ،‬ك َر ا‬
‫الد ْع َوة َغْي ُره‪ ،‬ف ِهي و ِاجبَة عليه ) عيناً(‬ ‫الشر‪ ،‬وكالذي ال يوجد يف مو ِضعه َشخص ِ‬
‫قادر على َّ‬ ‫ْ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫هاهم عن َّ ا‬ ‫ويَْن ُ‬
‫فَضلها‪:‬‬
‫ﱡﭐ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱠ‬ ‫ق ال تع الى‪:‬‬
‫[فصلت‪.]33 :‬‬ ‫ِّ‬
‫احداً خريٌ لك ِمن‬‫وقال صلَّى اهلل عليه وسلَّم لعلي رضي اهلل عنه‪ ((:‬فواهلل ألن ي ه ِدي اهلل بك رجّلً و ِ‬
‫ُ َُ‬ ‫َْ‬
‫(‪)26‬‬
‫محُْر النَّ َعم ))‪.‬‬
‫وقال أيضاً‪َ ((:‬من َدعا إىل ُهدى كان له ِمن األَ ْجر مثل أُجوِر َمن تَبِ َعه‪ ،‬ال يْنقص ذلك ِم ن أُج وِرِهم‬
‫(‪)27‬‬
‫شيئاً ))‪.‬‬
‫(‪)28‬‬ ‫وقال‪ ((:‬من د َّل على خ ٍري فَلَه ِمثْل أَج ِر ِ‬
‫فاعلَه ))‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫َْ‬ ‫َ َ‬
‫الجهر بالدع َوة‪:‬‬
‫‪َ -1‬‬
‫عن ابن عباس رضي اهلل عنهما قال ‪ :‬لَ اما نََزلَت‪:‬ﭐﱡﭐ ﱯ ﱰ ﱱ ﱠ [الشُّعراء‪.]214 :‬‬

‫األول‪.‬‬ ‫(‪َّ )26‬‬


‫تقدم خترجيه يف احلديث َّ‬
‫(‪ )27‬رواه مسلم‪ ،‬كتاب العلم‪ ،‬باب‪َ :‬من َس َّن ُسنَّةً َح َسنَة أو َسيِّئَة ح (‪.)2674‬‬
‫ضل إعانَة الغا ِزي‪ ،‬ح (‪.)1983‬‬ ‫‪28‬‬
‫( ) رواه مسلم‪ ،‬كتاب اإلمارة‪ ،‬باب‪ :‬فَ ْ‬
‫‪22‬‬
‫صباحاه ))‪ ،‬فق الوا ‪َ :‬م ن ه ذا‬ ‫الصفا‪ ،‬فَ َهتَف‪ (( :‬يا َ‬ ‫صعد َّ‬ ‫رسول اهلل صلَّى اهلل عليه وسلَّم حّ َ‬ ‫خرج ُ‬
‫ص ِّدقِ اي ؟)) قالوا‪:‬‬ ‫ِ‬
‫أن َخْيّلً خترج من َس ْفح هذا الَبَل‪ ،‬أ ُكْنتُم ُم َ‬ ‫؟ فاجتَ َمعوا إليه‪ ،‬فقال‪ ((:‬أرأيْتُم إن أخبَ ْرتُ ُكم َّ‬
‫ذاب َش ِديد ))‪ ،‬قال أبو لب‪ :‬تَبااً لك‪ ،‬ما َجَ ْعتَنا‬ ‫جربنا عليك َك ِذباً‪ ،‬قال‪ ((:‬فذين نَ ِذير لكم بني ي َدي َع ٍ‬
‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ما َّ‬
‫اإال لذا ؟ مث قام‪ ،‬فنَ َزلَت ﱡﭐ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ ﱠ [املسد‪.)29( ]1 :‬‬
‫المواسم‪:‬‬ ‫‪ -2‬الدع َوة في َ‬
‫مكة يف م ِ‬ ‫ِ‬
‫وسم احلَ اج‪ ،‬فكان رسول اهلل صلَّى اهلل عليه وسلَّم يتبَعهم يف َمنا ِزلم‬ ‫كانت ال َقبائل تأيت إىل َّ َ‬
‫وذي اجملاز‪ ،‬وكان يقول لم‪:‬‬ ‫بِعكاظ‪ ،‬وجمنَّة‪ِ ،‬‬
‫ُ‬
‫‪ (( -‬أيُّها النااس قولوا‪ :‬ال إله اإال اهلل تُ ْفلِحوا ))‪.‬‬
‫حّ أُبَلِّغ ِرسالَة ريب وله النَّة ))‪.‬‬ ‫صرين َّ‬ ‫‪َ (( -‬من يَ ْؤِويين‪َ ،‬من يَْن ُ‬
‫يملين إىل ِ‬ ‫‪ (( -‬هل ِمن رج ٍل ِ‬
‫وج ال ))‪.‬‬
‫عز َ‬ ‫ريب َّ‬ ‫فذن قَُريْشاً قد َمنَ عُوين أن أُبَلِّغ َك َ‬
‫ّلم ِّ‬ ‫قومه‪َّ ،‬‬ ‫َُ‬
‫ودي ن آب ائِكم‪ ،‬ويق ول إنَّه‪ :‬ص ابِئ‬ ‫صيح‪ :‬ال ي غَُّرنَّكم هذا ِمن ِدينكم ِ‬ ‫ميشي خ ْل َفه وي ِ‬‫‪ -‬وكان عمه أبو لب ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ا‬
‫كاذب‪.‬‬‫ِ‬
‫وبعض هم رمب ا س أَله ع ن ِدينِ ه م ا ه و‪،‬‬ ‫وكان بعض النااس رمبا اجتَ َمعوا و ْازَدمح وا علي ه وال يقول ون ش يئاً‪ُ ،‬‬
‫رداً قَبِيحاً‪ ،‬وقال قَ ْومه أعلَم به‪.‬‬ ‫ِ‬
‫رده ا‬
‫وبعضهم رمبا َّ‬
‫ولكنَّه مل يَ ْستَجب‪ُ ،‬‬
‫رسول اهللِ صلَّى اهلل عليه وسلَّم‪ ،‬بل كان يُ َكِّرر َد ْع َوهتم يف ك ال َم ْو ِس ٍم أكثَر‬ ‫كل هذا فَلَم يَْيأس ُ‬ ‫ومع ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫صروه رضي اهلل تعاىل عنهم (‪.)30‬‬ ‫صار فآمنوا به‪ ،‬واتَّبَعوه ونَ َ‬ ‫من َع ْشر سنني‪ ،‬حّ لَقيَه األَنْ ُ‬
‫‪ -3‬الدع َوة عن طَريق الرسائل‪:‬‬
‫أن النَّيب صلَّى اهلل عليه وسلَّم َكتَب إىل كِسرى‪ ،‬وإىل قَيصر‪ ،‬وإىل النَّ ِ‬ ‫ِ‬
‫جاشي‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫عن أنس َرضي اهلل عنه َّ َّ‬
‫وإىل ُكل جبار‪ ،‬ي ْدعوهم إىل اهلل تع اىل‪ ،‬ق ال‪ :‬ول يس بِالنَّ ِ‬
‫جاش ي ال ذي ص لَّى علي ه النَّيب ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم‬ ‫ا ا َ ُ‬
‫(‪.)31‬‬

‫‪29‬‬
‫( ) رواه البخاري يف مواضع‪ ،‬منها ‪ :‬كتاب التَّفسري‪ ،‬سورة تَبَّت‪ ،‬ح (‪ ،)4971‬ومسلم‪ ،‬كتاب اإلميان‪ ،‬باب‪َ :‬من مات كافراً‬
‫ومن َح ِديث أيب هريرة مبعناه مع زيادات يف البخاري رقم (‪ ،)4771‬ومسلم رقم (‪ ،)204‬وما بَ ْع َده ‪.‬‬ ‫ح (‪ ،)208‬وله ألفاظ وروايات‪ِ ،‬‬
‫املنادي لِيَ ْجتَ ِمعوا ويتَأَ َّهبوا له‪.‬‬
‫وقوله‪ ((:‬يا صباحاه )) َكلِمة ي عتادوهنا عند وقوع أَمر ع ِظيم‪ ،‬فيقولا ِ‬
‫ُ ْ َ‬ ‫َ َْ‬ ‫َ‬
‫ُّ‬
‫يحة )) للدكتور ‪ /‬أكرم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(‪ )30‬جمموع من َّ‬
‫الصح َ‬
‫الس َرية النَّبويَّة َّ‬
‫صّلً كتاب‪ِّ (( :‬‬ ‫عدة أخبار وروايات‪ ،‬انظر فيها ويف خترجيها ُم َف َّ‬
‫الصحابة‪ ،‬للكاندهلوي‪ ،‬اجمللَّد َّ‬
‫األول‪.‬‬ ‫يادة ينظر‪ :‬كتاب حياة َّ‬ ‫وللز َ‬
‫ضياء العمري‪ِّ ،)194 -193/1( ،‬‬
‫يب صلَّى اهلل عليه وسلَّم إىل ملوك الك افار ح (‪.)1774‬‬ ‫ِ‬ ‫‪31‬‬
‫( ) رواه مسلم‪ ،‬كتاب الهاد‪ ،‬باب‪ُ :‬كتب النَّ ِّ‬
‫‪23‬‬
‫ول اهللِ إىل ِهرق ل‬‫حمم د رس ِ‬ ‫وكان يف كتابِه إىل ِهرقْل ( قَ ْيصر ُّ‬
‫الروم )‪ ((:‬بِ ْسم اهلل ال َّرمحن ال َّرِحيم‪ِ :‬م ن َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ّلم عل ى َم ن اتَّبَ ع الُدى‪ ،‬اأم ا بع د‪ ،‬ف ذين أَ ْدع وك بِدعايَة ْ‬
‫اإلس ّلم‪ ،‬أَ ْس لَم تَ ْس لَم‪ ،‬يُ ْؤت ك اهللُ‬ ‫َعظ يم ال ُّروم‪َ ،‬س ٌ‬
‫ذن علي ك إمث األَ ِرس يِّني )) (‪ ،)32‬ﭐﱡﭐ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ‬ ‫أج ْرَك َم َّرتَ ْني‪ ،‬وإن تَ َولَّي ت ف َّ‬
‫َ‬
‫ﱲﱴﱵ‬
‫ﱡﱢﱣﱤﱥﱦﱧﱨﱩﱪﱫﱬﱭ ﱮﱯﱰﱱ ﱳ‬

‫ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱠ [آل عمران‪.]64 :‬‬


‫ول اهلل ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم عل ى اإلس ّلم ش يئاً اإال‬ ‫ع ن أن س‪ -‬رض ي اهلل عن ه ‪ -‬ق ال‪ :‬م ا ُس ئِل رس ُ‬
‫حمم داً يُ ْع ِط ي‬
‫ذن َّ‬ ‫فأعط اه َغنَم اً ب ني َجبَ لَ ْني‪ ،‬فَ َر َج ع إىل قَ ْوِم ه‪ ،‬فق ال‪ :‬ي ا قَ ْوِم أَ ْس لِموا‪ ،‬ف َّ‬
‫أعط اه‪ ،‬فج اءَه َر ُج ل ْ‬
‫ْ‬
‫َيشى الفاقَة‪.‬‬
‫َعطاءً ال َ‬
‫الر ُج ل لَيُ ْس لِم م ا يُِري د اإال ال ُّدنيا‪ ،‬فم ا يُ ْس لِم ح َّّ يك و َن‬ ‫ويف ِرواية فقال أن س رض ي اهلل عن ه‪ :‬إن ك ان َّ‬
‫الدنْيا وما َعلَْيها (‪.)33‬‬ ‫ب إليه ِمن ُّ‬‫اإلسّلم أَ َح ا‬
‫ول اهلل ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم َغ ْزَوة ال َف ْتح فَ ْتح َم َّك ة مثَّ َخ َرج‬ ‫الزْه ري ق ال‪ :‬غ زا رس ُ‬ ‫وع ن اب ن ِش هاب ُّ‬
‫ص ر اهللُ ِدينَ ه واملس لِمني‪ ،‬وأَ ْعط ى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫رس ُ ِ‬
‫ول اهلل ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم مبَن مع ه م ن املس لمني‪ ،‬ف اقْ تَتَلوا ُنَ ْني‪ ،‬فَنَ َ‬
‫ص ْفوان بن أمياة مائِة ِمن النَّعم‪ ،‬مث مائة‪ ،‬مث مائة‪.‬‬ ‫رسول اهلل صلَّى اهلل عليه وسلَّم يومئذ َ‬ ‫ُ‬
‫ول اهلل ص لَّى اهلل‬ ‫ص ْفوان ق ال‪ :‬واهللِ لق د أَ ْعط اين رس ُ‬ ‫أن َ‬‫ق ال اب ن ِش هاب‪ :‬ح َّدثين س عيد ب ن املس يِّب َّ‬
‫إيل (‪.)34‬‬ ‫حّ إنَّه ألَ َح ا ِ‬
‫ب النااس َ‬ ‫إيل‪ ،‬فما بَِر َح يُ ْع ِطيين َّ‬
‫اس ا‬ ‫أعطاين وإنَّه ألبْغَض النا ِ‬ ‫عليه وسلَّم ما ْ‬
‫األسئلَة‪:‬‬
‫ضلَها ِ‬
‫باألدلَّة‪.‬‬ ‫الد ْع َوة إىل اهللِ تعاىل ِمن أَ َه ام األُمور ؟ مث اذ ُكر فَ ْ‬‫س ‪ :1‬ملاذا كانت َّ‬
‫يب ص لَّى اهلل علي ه‬ ‫ِ‬ ‫س ‪ِ :2‬م ن َوس ائِل ال َّد ْعوة‪ :‬ال َّد ْعوة بامل ال‪ ،‬اذ ُك ر م ا ي ا‬
‫دل عل ى ذل ك م ن س َرية النَّ ا‬
‫وسلم‪.‬‬
‫يب صلَّى اهلل عليه وسلَّم يَ ْع ِرضها على القبائل يف املو ِاسم ؟‬ ‫س ‪ :3‬ما األُمور اليت كان النَّ ا‬
‫رسول اهلل صلَّى اهلل عليه وسلَّم عن تَ ْبلِيغ َد ْع َوةِ اهللِ‪ ،‬فلماذا ؟‬ ‫ص اد ُك افار قَُريش َ‬ ‫س ‪َ :4‬‬
‫صوٍر أخرى للدعوة إىل اهلل تعرفها غري ما ذكر؟‬ ‫ثّلث ُ‬
‫س ‪ :5‬اذ ُكر َ‬

‫ِ‬
‫األصاغر أَتْباع‬ ‫أن عليك إمث الضُّعفاء واألتباع إذا مل يُ ْسلِموا تَِقليداً لك؛ َّ‬
‫ألن‬ ‫يسيِّني‪ :‬جع أ ِر ِ‬
‫يسي وهو ال َف اّلح‪ ،‬واملراد َّ‬ ‫األر ِ‬
‫(‪َِ )32‬‬
‫األكابِر‪.‬‬
‫(‪ )33‬رواه مسلم‪ ،‬كتاب ال َفضائل‪ ،‬باب‪َ :‬سخائِه صلَّى اهلل عليه وسلَّم‪ ،‬ح (‪.)2312‬‬
‫‪34‬‬
‫السابق (‪.)2313‬‬ ‫( ) رواه مسلم‪ ،‬املوضع ا‬
‫‪24‬‬
‫اجر املس لِم‪،‬‬
‫ميك ن أن يق وم بِه ِم ن ص ور ال َّدعوة إىل اهلل ُك ّلً ماا يل ي‪ :‬التا ِ‬
‫َُ‬ ‫َ‬
‫س ‪ :6‬ب ِّني أخ ص م ا ِ‬
‫َ ا‬
‫الكاتِب‪ِ ،‬‬
‫العامل‪.‬‬
‫تقوم با‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫س ‪َ :7‬عدِّد ثّلث صوٍر َّ‬
‫للدعوة إىل اهلل ميكن أن َ‬

‫‪25‬‬
‫وحق الرسول صلى اهلل عليه وسلم‬
‫َحق اهلل تعالى َ‬
‫أولا‪َ :‬حق اهلل تعالى‪:‬‬
‫كل‬
‫أن ا‬ ‫ضر َعظَ َمة اهللِ‪ ،‬وأنَّه خالِقنا ورازقنا‪ ،‬و َّ‬ ‫نتحدث عن حق اهللِ تعاىل علينا‪ ،‬ال ب اد أن نَستَح ِ‬
‫ْ ْ‬ ‫ا‬ ‫عندما َّ‬
‫ش يء بِي ِده‪ ،‬وك ل خ ري وعطَاء فه و من ه‪ ،‬وك ل نِعم ٍة فه و املم ت ب ا‪ ،‬فكلُّن ا يف ِ‬
‫احلقي َق ة ِم ْل ك ل ه‪ ،‬فق راء إلي ه‪،‬‬ ‫َا‬ ‫ا َْ‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫َ‬
‫فح ُّقه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وعَرفْنا َّ‬ ‫ِ‬
‫حقه علينا رمحةً بنا‪ ،‬من غري احتياج منه لنا‪َ ،‬‬ ‫دوده‪َ ،‬‬ ‫وح اد ُح َ‬
‫ضه‪َ ،‬‬ ‫غىن عنه‪ ،‬افتَ َرض فَرائ َ‬ ‫ليس بنا ً‬
‫القيام به‪ ،‬فَ ِمن ذلك‪:‬‬ ‫علينا أَعظَم حق ِجتب مع ِرفَته‪ ،‬وي ْلزم ِ‬
‫َْ ُ َ َ‬ ‫ْ َا‬
‫ض َّمن ذل ك أَيْض اً اإلمي ان بأمسائِه‬ ‫الممي ‪ ،‬ويتَ َ‬ ‫المحي ي ُ‬ ‫‪ -1‬اإليم ان ب ُربوبيت ه‪ ،‬وأن ه الخ الق ال رازق‪ُ ،‬‬
‫يف وال متثِ ٍيل‪.‬‬‫وصفاتِه على الو ْجه الذي يلِيق بَّللِه ِمن غري تَأْ ِويٍل وال تَ ْع ِط ٍيل‪ ،‬وال تَ ْكيِ ٍ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫لوهيَّة‪ِ ،‬‬
‫وحي ُد األُ ِ‬‫داخلَة يف معناها‪ ،‬وه ي‪ :‬تَ ِ‬ ‫احلقوق ِ‬
‫ِ‬ ‫بادة‪ :‬وهي أَ ْعظَم َحق هللِ تعاىل‪ ،‬بل ُّ‬
‫وه ي‬ ‫َ‬ ‫كل‬ ‫‪ -2‬الع َ‬
‫س‪ ،‬ق ال تع اىل‪ :‬ﱡﭐ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨﭐﱠ [ال اذاريات‪:‬‬ ‫الغايَة ِم ن َخ ْل ق الِ ان واإلنْ ِ‬
‫باد أن يَ ْعبُدوهُ وال يُ ْش ِركوا به َشْيئاً ))(‪.)35‬‬‫‪ ،]56‬وقال صلَّى اهلل عليه وسلَّم‪ ((:‬ح ُّق اهللِ على العِ ِ‬
‫َ‬
‫ضوع‪.‬‬‫بادة في اللغَة‪ :‬التَّ َذلُّل والُ ُ‬ ‫والع َ‬
‫الباطنة والظا ِ‬
‫اهَرة (‪.)36‬‬ ‫مال ِ َ‬ ‫جام ٌع ل ُك ِّل ما يبُّه اهللُ ويَ ْرضاه‪ِ ،‬من األقْو ِال و ْ‬
‫األع ِ‬ ‫الشرع‪ :‬اسم ِ‬
‫ٌ‬ ‫ويف َّ ْ‬
‫بادةِ "(‪.)37‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فالدين كلُّه داخ ٌل يف الع َ‬ ‫قال ابن تيميَّة‪ِّ ":‬‬

‫(‪ )35‬رواه البخاري‪ ،‬كتاب الهاد‪ ،‬باب‪ :‬اسم الفرس واحلمار (‪ ،)85/6‬ح (‪ ،)2856‬ومسلم يف اإلميان‪ ،‬باب‪ :‬الدَّلِيل على أ ان‬
‫َّوحيد دخل النَّة (‪ ،)85/1‬ح (‪.)30‬‬ ‫من مات على الت ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫‪36‬‬
‫( ) العبوديَّة‪ ،‬البن تيميَّة (ص ‪. (38‬‬
‫(‪ِ )37‬‬
‫العبوديَّة (ص ‪.)43‬‬
‫‪26‬‬
‫الم َحبة‪:‬‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫ص ح إمي ا ُن العب د اإال ب ا‪ ،‬وال تَس تَقيم نَ ْفس ه اإال بِس ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لوك‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َْ‬ ‫اب وأَْرجاه ا وأنَ ْف َعه ا‪ ،‬ف ّل يَ ا‬
‫وحمبَّة اهلل أَْرفَع احمل ا‬
‫ﱡﭐ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱸ‬
‫ﱷﱹﱺﱻ‬ ‫طَ ِر ِيقه ا‪ ،‬ق ال تَع اىل‪:‬‬
‫ﱼ ﱽ ﱠ [البقرة‪.]165 :‬‬
‫ّلوة اإلمي ان‪ :‬أن يك ون اهللُ ورس ولُه‬ ‫ِ‬ ‫وق ال ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم‪ ((:‬ثَ ٌ‬
‫ّلث َم ن ُك َّن في ه َو َج د ب ان َح َ‬
‫(‪)38‬‬
‫امها ‪.)) ...‬‬ ‫ب إليه ماا ِسو ُ‬ ‫أح ا‬ ‫َ‬
‫رض يه‪ُ ،‬مقا ِرف اً لِم ا‬
‫رض ي ربَّه‪ ،‬فَم ن ك ان جمانب اً مل ا ي ِ‬
‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫احبها لِلعم ل مب ا ي ِ‬
‫ُ‬ ‫ََ‬
‫احملبَّة احل ِق ِيقيَّة‪ :‬هي اليت تَ ْدفَع ص ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نفس ه‪ ،‬وليُ َف تِّش قلبَ ه‪،‬‬
‫فلرياج ع َ‬ ‫ب له يف احلقيق ة‪ ،‬ب ل ه و ُم َّد ٍع ك اذب‪ ،‬أو غ ري جاه ل‪ُ ،‬‬ ‫يُ ْسخطه‪ ،‬فليس مبح ا‬
‫عّلم ة ِص ْدق ه ذه احملبَّة‪ :‬االتِّب اع‪ ،‬كم ا يف قولِه تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱠﭐ [آل‬ ‫ذن َ‬ ‫ف َّ‬
‫عمران‪.]31 :‬‬
‫وم ْغ ِف رة ذُنوبِه‪ ،‬كم ا يف قول ه تع اىل‪ :‬ﱡﭐ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱠ‬ ‫ِ‬
‫ومثرهت ا‪ :‬حمبَّة اهلل تع اىل للعب د‪َ َ ،‬‬
‫[آل عمران‪.]31 :‬‬
‫فارقَة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وم َ‬‫ّلوة الق رآن‪ ،‬وجمالس ة ال اذاكرين‪ُ ،‬‬ ‫اع ة‪ ،‬واست ْش عار املعيَّة ال ادائ َم ة‪ ،‬وَكثْ َرة ال ذ ْكر‪ ،‬وت َ‬ ‫َوسائل تَقويَته ا‪ :‬الطا َ‬
‫ضُّرع‪ ،‬واستِ ْشعار نِ َع ِمه وآالئِه‪ ،‬والتَّ َف ُّكر يف خملوقاتِه‪.‬‬ ‫الغافِلِني‪ ،‬وَكثْ َرة ُّ‬
‫الدعاء والتَّ َ‬
‫طاعتِه وتَ ْرِك خمالََفتِه (‪.)39‬‬ ‫ِ‬ ‫قال احلافظ ابن حجر رمحه اهلل تعاىل‪ :‬وحمبَّة ِ ِ‬
‫حتصل بِف ْعل َ‬ ‫العْبد هلل ُ‬ ‫َ‬
‫الخوف‪:‬‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ول يس الَ ْوف َكل َم ة تُق ال باللِّس ان‪ ،‬ب ل ه و ُش عور يف ال َق ْل ب‪ ،‬جيع ل ص احبَه َح ذراً ماا َيافُه‪َ ،‬‬
‫فم ن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وم ن‬
‫ض ب اهلل علي ه‪َ ،‬‬ ‫خ اف اهللَ اتَّق اه‪ ،‬ف املؤمن َي اف اهللَ وَيش اه‪ ،‬وَي اف َعذاب ه‪ ،‬فه و ي َذر ماا يُ َس بِّب َغ َ‬
‫اف اليَ وم أَِم ن َغ داً‪ ،‬ق ال تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱠ اآلي ة [ال َّرمحن‪ ،]46 :‬وق ال‪:‬ﱡﭐ ﲲ‬ ‫خ َ‬
‫ﲳ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ ﱠ [الناازعات‪.]41- 40 :‬‬
‫(‪)40‬‬
‫وخ ْشيَةً‪ ،‬واملنافِ ُق َجَع إساءَ ًة وأَْمناً‪.‬‬
‫إحساناً َ‬
‫قال احلسن البصري رمحه اهلل‪ِ َّ :‬‬
‫إن املؤمن َجَع ْ‬ ‫َ َ‬

‫(‪ )38‬رواه البخاري‪ ،‬كتاب اإلميان‪ ،‬باب‪َ :‬‬


‫حّل َوة اإلميان (‪ ،)60/1‬ح (‪.)16‬‬
‫(‪ )39‬فتح الباري (‪ ،)61/1‬شرح احلديث رقم (‪.)16‬‬
‫السالكني‪ ،‬منزلَة الَوف (‪ ،)551 – 549/1‬وانظر‪ :‬شرح الطَّحاويَّة‪ ،‬عند قول الطَّحا ِوي‪ :‬األ َْمن واإلياس يَْن ُقّلن‬
‫( ) مدارج ا‬
‫‪40‬‬

‫عن ِملَّة اإلسّلم (‪.)213 – 212‬‬


‫‪27‬‬
‫وج ال‪.‬‬ ‫صاحبِه وبني حما ِرم اهللِ َّ‬
‫عز َ‬ ‫الص ِادق‪ :‬ما َ‬
‫حال بني ِ‬
‫الوف احملمود ا‬
‫قال ابن القيام رمحه اهلل‪ :‬و ُ‬
‫الرجاء‪:‬‬
‫ضلِه‪ ،‬وهو ثّلثة أنواع‪:‬‬ ‫وهو التَّطَلُّع إىل ر ِ‬
‫محة اهلل تعاىل وفَ ْ‬ ‫َ‬
‫بطاع ِة اهللِ تعاىل فهو يَ ْر ُجو ثَوابا‪.‬‬ ‫ٍ ِ‬
‫شخص َعمل َ‬ ‫(أ) َرجاءٌ من‬
‫حممودان‪.‬‬
‫وع ْفوه‪ ،‬وهذان ُ‬ ‫ملغفرة اهلل َ‬
‫شخص أذنَب ذنوباً‪ ،‬مث تاب منها‪ ،‬فهو ر ٍاج َ‬ ‫ٍ‬ ‫(ب) رجاءٌ ِمن‬
‫ِِ‬ ‫ٍ‬ ‫(ت) َرجاء ِمن َش ْخ ٍ‬
‫ص ُمتَم اد يف التَّ ْف ِريط وَك ْس ب الَطاي ا‪ ،‬فه و يَ ْر ُج و َر ْمحَة اهلل ب ّل َع َم ل‪ ،‬وه ذا غ ٌ‬
‫رور‬
‫َوَرج اء ك ِاذب‪ ،‬وه و يف احلقيق ة َمتَن ال َرج اء‪ ،‬ل ذا ف َّرق العلم اء ب ني التَّ َم ِّين و َّ‬
‫الرج اء‪ ،‬وأجع وا َّ‬
‫أن‬
‫الع َمل (‪.)41‬‬ ‫ِ‬
‫الرجاءَ ال يَص اح اإال مع َ‬‫َّ‬
‫قال تَعاىل‪:‬ﭐﱡ ﳟ ﳠ ﳡ ﳢ ﳣ ﳤ ﳥ ﳦ ﳧ ﳨ ﳩ ﳪ ﳫ ﱠ [الكهف‪. ]110 :‬‬
‫ال‪:‬ﭐﱡﭐ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲬ‬
‫ﲫﲭﲮ‬ ‫وق‬
‫ؤمن خائِف اً ِم ن اهلل تع اىل دائم اً‪ ،‬راجي اً إيااه‪ ،‬ف ذن غل ب علي ه‬
‫ﲯ ﱠ [البق رة‪ ،]218 :‬وينبغ ي أن يك ون امل ِ‬
‫َ‬
‫يف عليه‬ ‫ِ‬ ‫عليه َّ ِ‬‫أحدمها ِخيف عليه‪ ،‬فذن َغلَب ِ‬
‫هاون وال َفساد‪ ،‬وإن َغلَب عليه الَْوف خ َ‬ ‫يف عليه التَّ ُ‬‫الرجاء خ َ‬ ‫َ‬
‫اليَأْس وال ُقن وط‪ ،‬ق ال تَع اىل يف كتاب ه الك رمي‪ :‬ﱡ ﭐ ﭐ ﳃ ﳄ ﳅ ﳆ ﳇ ﳈ ﳉ ﳊ ﳋ ﳌ‬

‫ﳍ ﳎ ﱠ ﭐ ﭐ[احلجر‪. ]50-49 :‬‬

‫الرجاء (‪. )37/2‬وانظر‪ :‬شرح الطَّحاوية‪ ،‬عند قول الطَّحاوي‪ ":‬ونرجو لِلمح ِسنِني ِمن ِ‬
‫املؤمنِني أن‬ ‫السالكني‪ ،‬منزلة َّ‬
‫‪41‬‬
‫ُ ُْ‬ ‫( ) مدارج ا‬
‫يَ ْع ُفو عنهم‪( ) .. .‬ص ‪.)312-306‬‬
‫‪28‬‬
‫باده‪:‬ﭐﱡﭐ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ ﱠ اآلية [اإلسراء‪.]57 :‬‬ ‫ض ِع ِ‬ ‫صِ‬
‫ف بَ ْع ِ‬ ‫وقال تعاىل يف َو ْ‬
‫وقال صلَّى اهلل عليه وسلَّم ‪ ((:‬لو يَ ْعلَم الكافِر بِ ُك ال الذي عند اهللِ ِمن َّ‬
‫الر ْمحَة مل يَْيأَس ِم ن النَّة‪ ،‬ول و يَ ْعلَ م‬
‫العذاب مل يَأْ َمن ِمن الناا ِر )) (‪.)42‬‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫املسلم بِ ُك ال الذي عند اهلل من َ‬
‫الشكر‪:‬‬
‫ق د أََم ر اهللُ تع اىل بِ ُش ْك ِره‪ ،‬وهن ى ع ن ِض ِّده‪ ،‬فق ال‪:‬ﭐﱡﭐ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼ ﱠ اآلي ة [البق رة‪:‬‬
‫ب‪ ،‬واللِّسان‪ ،‬والوا ِرح‪.‬‬ ‫الش ْكر و ِاجب بِال َق ْل ِ‬‫جمرد النُّطْق بِاللِّسان‪ ،‬بل ُّ‬ ‫الش ْكر َّ‬‫‪ ،]152‬وليس ُّ‬
‫ان َعْب ِده بالثَّن ِاء واالع ِِتاف‪ ،‬وعل ى قَ ْلبِ ه باحملبَّة وحنوه ا‪ ،‬وعل ى‬ ‫الش ْكر‪ :‬ظُه ور أَثَر نِعم ة اهللِ عل ى لِس ِ‬
‫َْ‬ ‫فح ِقي َق ة ُّ‬‫َ‬
‫ِ‬
‫ﳀ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅ ﱠ اآلي ة [س بأ‪:‬‬ ‫ﳁ‬ ‫اع ة‪ ،‬ق ال تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﲽ ﲾ ﲿ‬ ‫َجوا ِرح ه باالنقي اد والطا َ‬
‫‪.]13‬‬
‫وحباه ل ه‪،‬‬ ‫اع د‪ :‬خض وع ا ِ ِ‬ ‫الشكر مب ِين عل ى خَْ س قَو ِ‬
‫لم ْش كور‪ُ ،‬‬ ‫الش اكر ل َ‬ ‫ُ‬ ‫قال ابن القيِّم رمحه اهلل تعاىل‪ :‬و ُّ َ ْ ا‬
‫ناؤه عليه با‪ ،‬وأن ال يَ ْستَ ْع ِملها فيما يَ ْكَره (‪.)43‬‬ ‫اعِتافُه بِنِ َع ِمه‪ ،‬وثَ ُ‬
‫و ِ‬
‫الرسول صلَّى اهلل عليه وسلَّم حني نَتَ َح َّدث عن َح ِّق املصطفى صلَّى اهلل عليه وسلَّم فذنَّن ا‬ ‫ثانياً ‪َ :‬ح اق َّ‬
‫احب املن ِزلَة‬ ‫ص كس ائِر الب َش ر‪ ،‬ب ل ه و أَفْض ل م ن خلَ َق ه اهلل‪ ،‬وه و املب لِّ غ ع ن اهللِ‪ ،‬وص ِ‬ ‫ال نَتَ َح َّدث عن َش ْخ ٍ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬
‫كل‬ ‫و‬ ‫بابه‪،‬‬ ‫إال‬
‫ا‬ ‫ة‬‫َّ‬
‫ن‬ ‫ال‬ ‫إىل‬ ‫اب‬ ‫و‬ ‫األب‬ ‫يع‬ ‫الرفِيعة واملقام احملمود (‪ ،)44‬هو سيِّد ولَد آدم‪ ،‬وهو الذي بِبِعثَتِه س َّدت َِ‬
‫ج‬
‫ا‬ ‫ْ ُ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َّ َ‬
‫ِ‬ ‫املوصلَة إىل اهللِ اإال طَ ِري َقه‪ ،‬فَمن اتَّبَ َعه اهتَدى‪َّ َ ،‬‬ ‫الطُّرق ِ‬
‫وق‬‫ض ال و َغ َوى‪ ،‬فَلَ ه علين ا حق ٌ‬ ‫ب عن طَ ِريقه َ‬ ‫ومن تَنَك َ‬ ‫َ‬
‫تَ ْلَزم ُمراعاهتا‪ ،‬منها‪:‬‬

‫سعة َرمحَِة اهلل‪ ،‬رقم‬


‫الرجاء مع الوف رقم (‪ ،)6469‬واللَّفظ له‪ ،‬ومسلم يف التَّوبة‪ ،‬باب‪َ :‬‬ ‫الرقاق‪ ،‬باب‪َّ :‬‬
‫( ) رواه البخاري يف ِّ‬
‫‪42‬‬

‫(‪.)2755‬‬
‫السالكني‪َ ،‬من ِزلَة الشُّكر (‪.)254/2‬‬
‫( ) مدارج ا‬
‫‪43‬‬

‫للقاضي عياض بن موسى اليَحصيب رمحه اهلل تعاىل‪.‬‬ ‫َّوسع انظر‪ :‬الشِّفا بتعريف حقوق املصطفى‪ِ ،‬‬ ‫* للت ُّ‬
‫يب ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم‪ ،‬انظ ر تفس ري اآلي ة ‪ِ 79‬م ن س ورة اإلس راء تفس ري الطَّ ي‪،‬‬ ‫(‪ )44‬املق ام احملم ود ه و َّ‬
‫الش فاعة الك ى للنَّ ِّ‬
‫الرقاق‪ ،‬باب‪ِ :‬ص َفة النَّة والناار‪َ ،‬شرح‬
‫وتفسري ابن كثري‪ ،‬وفتح الباري شرح احلديث رقم (‪ ،)614‬و(‪ ،)4719 ،4718‬و(‪ ،)6558‬يف ا‬
‫احلديث احلادي عشر‪ ،‬وهو أوسع املواضع‪.‬‬
‫‪29‬‬
‫وسراجاً‬ ‫سول ِمن عند اهللِ تعاىل أرسلَه اهلل تعاىل لِلبشر كافَّةً نَ ِذيراً وب ِشرياً ِ‬
‫وهادياً إىل اهللِ ِ‬ ‫‪ -1‬اإلميان بأنَّه َر ٌ‬
‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ ُ‬
‫الس ّلم ق ال تع اىل‪ :‬ﱡﭐ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ‬ ‫ُمنِ رياً‪ ،‬وأنَّه خ ام األنبِي اء عل يهم َّ‬
‫الص ّلة و َّ‬
‫ﱪ ﱫ ﱠ [آل عمران‪.]144 :‬‬
‫ﳁﳃﳄﳅ‬
‫ﳂ‬ ‫تعاىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ‬ ‫وقال‬ ‫‪-2‬‬
‫ﳆ ﳇ ﱠ [األحزاب‪.]40 :‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪ -3‬حمبَّته ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم‪ :‬فم ن َح اق ه ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم علين ا أن ُحنبَّه أكثَر ماا حن ا‬
‫ب أَنْ ُف َس نا‪،‬‬
‫ين اهللِ تع اىل ب ه‪ ،‬نَ ْش عُر ب ا داخ ل قُلوبِن ا‪،‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ض ّلً ع ن آبائن ا‪ ،‬و َّأمهاتن ا‪ ،‬وأوالدن ا‪ ،‬وه ذه احملبَّة دي ن نَد ُ‬ ‫فَ ْ‬
‫آثارها يف ُسلوكنا‪.‬‬
‫ونرى َ‬
‫حّ أكو َن‬ ‫رسول اهلل صلَّى اهلل عليه وسلَّم‪ ":‬ال يُ ْؤِمن أَ َح ُد ُكم َّ‬ ‫عن أنس‪ -‬رضي اهلل عنه ‪ -‬قال‪ :‬قال ُ‬
‫وولَ ِده‪ ،‬والنااس أجَعِني "(‪.)45‬‬ ‫ِ ِِ‬
‫ب إليه من والده‪َ ،‬‬ ‫أح ا‬‫َ‬
‫آخ ٌذ بِيَد عُ َمر بن‬‫وعن عبد اهلل بن هشام رضي اهلل عنه قال‪ :‬كناا مع النَّيب صلَّى اهلل عليه وسلَّم وهو ِ‬
‫ا‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫الطااب رضي اهلل عنه‪ ،‬فقال له عمر‪ :‬يا رس َ ِ‬
‫إيل م ن ك ال ش يء اإال م ن نفس ي‪ ،‬فق ال‬ ‫ب َّ‬ ‫ت أَ َح ا‬ ‫ول اهلل‪ ،‬ألَن َ‬
‫ب إلي ك ِم ن نَ ْف ِس ك‪ ،‬فق ال ل ه عم ر ‪:‬‬ ‫حّ أك و َن أَ َح ا‬ ‫يب صلَّى اهلل عليه وسلَّم‪ ((:‬ال والذي نَ ْف ِسي بِيَ ِده‪َّ ،‬‬ ‫النَّ ا‬
‫(‪)46‬‬
‫يب صلَّى اهللُ عليه وسلَّم‪ ((:‬اآلن يا عُ َمر ))‪.‬‬ ‫فذنَّه اآل َن واهللِ ألَنْت أَحب َّ ِ ِ‬
‫إيل من نَ ْفسي ))‪ ،‬فقال النَّ ُّ‬ ‫َ َ ا‬
‫الس بَب ال ذي ألجلِ ه ك ان‬ ‫ت َّ‬ ‫ت ذلك َعَرفْ َ‬ ‫الصادقون‪ ،‬وأنت إذا تَأََّم ْل َ‬
‫وهذه مْن ِزلَة ع ِظيمة ال ي ب لُغها اإال ِ‬
‫ا‬ ‫َ َ َ َْ‬
‫املهلِك ات يف ال ُّدنيا‬ ‫ِ ِ‬
‫الس بَب يف ن اة نَ ْفس ك م ن ْ‬ ‫رسول اهلل صلَّى اهلل عليه وسلَّم بذه املثابة‪ ،‬وذل ك أنَّه ه و َّ‬ ‫ُ‬
‫(‪)47‬‬ ‫و ِ‬
‫اآلخَرة‪.‬‬
‫الع ِظيم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫أوصلَه لنا من الَْري َ‬ ‫الرسول صلَّى اهلل عليه وسلَّم و َ‬ ‫احملبَّة‪ :‬استِ ْشعار ما َّ‬
‫قد َمه َّ‬ ‫ِ‬
‫وسبيل تَ ْنمية هذه َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ومتابَ َعته‪ ،‬واالقْتِداء به‪ ،‬وَكثْرة ِذ ْك ِره‪ ،‬و َّ‬
‫وإدمان املطالَع ة يف‬ ‫الصّلة عليه‪ ،‬واالستِ ْشهاد بأقواله وأفعاله‪ْ ،‬‬ ‫وطاعته‪ُ ،‬‬
‫َ‬
‫فم ن ال يع ِرف عن ه اإال امسَه كي ف يبُّه ؟! واملطالَع ة يف ِس رية أص حابِه‪ ،‬وكي ف كان ت حمبَّتَهم ل ه‪،‬‬ ‫س ريته‪َ ،‬‬
‫ِ‬
‫يادةِ حمبَّتِه‪.‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫الوسائل ل ِز َ‬‫عاملَتُهم معه‪ ،‬وهذه من أَ ْح َسن َ‬ ‫وم َ‬‫ُ‬
‫‪ -4‬طاعتُه واتباعه‪:‬‬

‫الرسول صلَّى اهلل عليه وسلَّم ِمن اإلميان (‪ ،)58/1‬ح (‪.)15‬‬


‫ب َّ‬‫) رواه البخاري‪ ،‬كتاب اإلميان‪ ،‬باب‪ُ :‬ح ا‬
‫‪45‬‬

‫َّيب صلَّى اهلل عليه وسلَّم (‪ ،)523/11‬ح (‪.)6632‬‬


‫) رواه البخاري‪ ،‬كتاب اإلميان والنُّذور‪ ،‬باب‪ :‬كيف كانت ميني الن ِّ‬
‫‪46‬‬

‫‪ ) 47‬ينظر‪ :‬فتح الباري (‪ ،)528/11‬يف اإلميان والنُّذور‪ ،‬باب (‪ ،)59/1( ،)3‬شرح حديث رقم (‪.)15‬‬
‫‪30‬‬
‫اجتِناب هنيه‪ ،‬فأَ ْم ُره ونَ ْهيه ُح َّج ة عل ى ك ال َم ن بَلَغَ ه ذل ك‪ ،‬ال جي وز ل ه التَّ ُّ‬
‫أخر‬ ‫طاعتُه‪ :‬امتِ ُ‬
‫ثال أَْم ِره‪ ،‬و ْ‬ ‫فَ َ‬
‫وال التَّ واين ع ن االس تِجابَة ل ه‪ ،‬ق ال تع اىل‪ :‬ﭐﱡﭐ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ‬

‫ﲲ ﱠ [األنفال‪.]24 :‬‬
‫ومن اتباعه‪ :‬االقتِداء به يف ِعبادتِه‪ ،‬وسلوكِه‪ ،‬ويف ك ل عملِ ه ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم‪ ،‬ماا ه و ِ‬
‫داخ ٌل يف‬ ‫ا ََ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫جمال يُ َقِّرب إىل اهللِ تعاىل‪،‬‬
‫فالرسول صلَّى اهلل عليه وسلَّم قُ ْدوة لنا يف كل ٍ‬ ‫ب‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫ا‬ ‫َ‬ ‫املستَ َح ا‬
‫ُح ْكم الواجب و ْ‬
‫ق ال تع اىل‪ :‬ﱡﭐ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅ ﳆ ﳇ ﳈ ﳉ ﳊ ﳋ ﳌ ﳍ‬

‫ﳎ ﱠ [األحزاب‪.]21 :‬‬
‫أحس ِن م ا تَرى يف‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫بم ِع أَ ْح وال النَّ ِّ َّ‬ ‫ِ‬
‫يب ص لى اهلل علي ه وس لم وأوص افه وأَ ْخّلق ه‪ ،‬وم ن َ‬ ‫وقد اهتَ َّم األئ َّمة ْ‬
‫هذا كتاب‪ (:‬زاد املعاد يف َه ْدي خري العِباد ( لِ ا‬
‫لعّلمة ابن القيِّم رمحه اهلل تعاىل‪.‬‬
‫الصالة والسالم عليه‪:‬‬ ‫‪-5‬‬
‫ﱧﱩﱪ ﱫﱬﱭ‬
‫ﱨ‬ ‫ﱡﭐ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ‬ ‫يق ول س بحانه وتع اىل‪:‬‬
‫ومش روعة يف َمواض ع كث رية‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الص ّلة‪ ،‬وعن د ذ ْك ِره‪َ ،‬‬ ‫ﱮ ﱯ ﱠ [األح زاب‪ ،]56 :‬وه ي و ِاجب ة يف َّ‬
‫ب اإلكثار منها يوم المعة‪.‬‬ ‫س‪ ،‬وبعد األذان‪ ،‬ويُ ْستَ َح ا‬ ‫كل َْجملِ ٍ‬
‫الصباح‪ ،‬واملساء‪ ،‬ويف ا‬
‫منها ‪ :‬يف َّ‬
‫اح َد ًة صلَّى اهللُ عليه َع ْشراً )) (‪.)48‬‬‫ضلِها قال صلَّى اهلل عليه وسلَّم‪ (( :‬من صلَّى علَي صّل ًة و ِ‬ ‫ويف فَ ْ‬
‫َ َّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص ِّل َعلَ َّي )) (‪.)49‬‬
‫عنده فَلَم يُ َ‬
‫ت َ‬ ‫ويف ذَ ام تا ِركها قال صلَّى اهلل عليه وسلَّم‪ (( :‬البَخيل َمن ذُك ْر ُ‬
‫‪ -6‬نَشر ُسنته صلى اهلل عليه وسلم والذب عنها‪ ،‬والدع َوة إليها‪:‬‬
‫وهذا ِمن حقوقِه صلَّى اهلل عليه وسلَّم الع ِظيمة؛ إذ إ َّن ه ْديه وسنَّتَه املص َدر الثاين لِلتَّ ْش ِريع اإلس ِ‬
‫ّلمي‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬
‫وب ا َك ُم ل ال ِّدين‪ ،‬وأمت ت النِّ ْع َم ة‪ ،‬وبِنَ ْش ِرها يَْنتَ ِش ر ال ِّدين يف األرض‪ ،‬ويَعُ ام ال ري ويَْن َد ِحر َّ‬
‫الش ر وأَ ْهل ه ق ال‬
‫حامل فِ ْقه إىل َم ن ه و أَفْ َق ه من ه‪،‬‬
‫ب ِ‬ ‫ضر اهللُ امرأً مسع َمقالَِيت فَ َح َملَها إىل غ ِريه فَ ُر َّ‬
‫صلَّى اهلل عليه وسلَّم‪ (( :‬نَ َّ‬

‫َّيب صلَّى اهلل عليه وسلَّم (‪ ،)306/1‬ح (‪.)408‬‬ ‫الصّلة على الن ِّ‬ ‫‪ )48‬رواه مسلم‪ ،‬كتاب َّ‬
‫الصّلة‪ ،‬باب‪َّ :‬‬
‫َّيب صلَّى اهلل عليه وسلَّم‪َ :‬ر ِغم أَنْف َر ُجل (‪ ،)515/5‬ح (‪ ،)3546‬وأمحد‬ ‫الِتمذي‪ ،‬كتاب الدَّعوات‪ ،‬باب‪ :‬قول الن ِّ‬ ‫‪ )49‬رواه ِّ‬
‫(‪ ،)201/1‬والنَّسائي يف ‪ (( :‬عمل اليوم والليلَّة )) (‪.)56‬‬
‫صر عن َد َر َجة احلَ َسن كما يف فتح الباري‬
‫وصححه ابن حباان (‪ ،)190 – 189/3‬ورواه غريهم‪ ،‬وقال احلافظ ابن حجر‪ :‬ال يَ ْق ُ‬ ‫َّ‬
‫السخاوي يف القول البديع (ص ‪ ":)142‬وبالملَة‬ ‫َّيب صلَّى اهلل عليه وسلَّم ‪ .‬قال َّ‬‫الصّلة على الن ِّ‬
‫(‪ ،)168/11‬كتاب الدَّعوات‪ ،‬باب‪َّ :‬‬
‫صر احلَ ِديث عن َد َر َجة احلُ ْسن "‪.‬‬
‫فّل يَ ْق ُ‬
‫‪31‬‬
‫يحة ألئِ َّم ة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ور َّ ِ ِ‬
‫ب حام ل ف ْق ه ل يس بَِفقي ه‪ ،‬ثَّلث ال يغ ل عل ي ِه ان قَ ْل ب ُم ْس لم‪ :‬إخ ّلص َ‬
‫الع َم ل هلل‪ ،‬والنَّص َ‬ ‫ُ‬
‫املسلِ ِمني‪ ،‬ولزوم الماعة )) احلديث ‪.‬‬
‫(‪)50‬‬

‫‪ -7‬محبة أصحابه‪ ،‬وتَوق ُيرهم‪:‬‬


‫املرس لِني‪ ،‬وه م َخ ْري النااس بع د‬ ‫ص حاب َس يِّد َ‬ ‫وس بُّ ُهم َزنْ َدقَةٌ ‪ ،‬فَ ُه م َمحَلَ ةُ ال ِّدين‪ ،‬وأَ ْ‬
‫(‪)51‬‬ ‫ِ‬
‫فمحبَّ تهم واجب ة‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫أح َد ُكم أَنْ َف َق ِمثْ ل أُ ُح ٍد َذ َهب اً م ا بَلَ غ ُم َّد‬ ‫ص حايب‪ ،‬فل و َّ‬
‫أن َ‬ ‫النَّبِيِّ ني‪ ،‬ق ال ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم‪ ((:‬ال تَ ُس باوا أَ ْ‬
‫صي َفه )) (‪.)52‬‬ ‫أَح ِد ِهم وال نَ ِ‬
‫َ‬
‫ص‪.‬‬‫ب أو نَ ْق ٍ‬‫ألح ٍد أن يَ ْذ ُكرهم بِ َذم‪ ،‬أو يَطْ َعن على أَ َح ٍد منهم بِ َعْي ٍ‬
‫وال جيوز َ‬
‫َ‬
‫األسئلَة‪:‬‬
‫مثرهتا ؟‬ ‫ِ ِ‬
‫عّلمة ص ْدقها ؟ وما َ‬ ‫س ‪ :1‬ما احملبَّة احلقيقيَّة هلل تعاىل ؟ وما َ‬
‫سمى املذموم منه ؟‬ ‫الرجاء ؟ وما أنواعُه ؟ مع بيان احملمود منه واملذموم ‪.‬وماذا يُ َّ‬ ‫س‪ :2‬ما َّ‬
‫الش ْكَر يكون بِ َ‬
‫الع َمل‪.‬‬ ‫أن ُّ‬‫الدلِيل على َّ‬ ‫اعده ؟ مثَّ اذ ُكر َّ‬ ‫س ‪ :3‬ما َح ِقي َقة ُّ‬
‫الشكر ؟ وما قَو ِ‬
‫سول صلَّى اهلل عليه وسلَّم‪.‬‬ ‫الر ِ‬‫س ‪ :4‬اذ ُكر ما تَ ْستَ ِطيعه ِمن َوسائِل تَ ْن ِميَة حمبَّة َّ‬
‫يب صلَّى اهلل عليه وسلَّم‪.‬‬ ‫س ‪ :5‬ع ادد خسةً ِمن املو ِ‬
‫الصّلة على النَّ ِّ‬
‫اضع اليت يُ ْشَرع فيها َّ‬ ‫َ‬

‫فض ل نَ ْش ر العِل م يف (‪،)438/3‬‬‫) أخرجه اإلمام أمحد يف مس نده يف (‪ ،)183/5‬وأب و داود يف س ننه يف كت اب العل م‪ ،‬ب اب‪ْ :‬‬
‫‪50‬‬

‫صلَه‬ ‫ِ‬
‫السماع يف (‪ ،)33/5‬واحلديث صحيح مبجموع طُرق‪ ،‬وقد أ َْو َ‬ ‫ث على تبليغ َّ‬ ‫والِتمذي يف سننه يف كتاب العلم‪ ،‬باب‪ :‬ما جاء يف احلَ ا‬
‫ضهم إىل َح اد التَّواتُر ‪.‬‬
‫بَ ْع ُ‬
‫‪51‬‬
‫الصارم املسلول‪ ،‬البن تيميَّة (ص ‪ )567‬وما بعدها ‪.‬‬‫) انظر‪ :‬ا‬
‫َّخ ذاً َخلِ يّلً (‪ ،)21/7‬رق م‬
‫الص حابة‪ ،‬ب اب‪ :‬ق ول النَّيب ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم‪ :‬ل و ُكن ت مت ِ‬
‫ُ‬ ‫ا‬ ‫‪ ) 50‬رواه البخ اري‪ ،‬كت اب فَض ائل َّ‬
‫(‪.)3673‬‬
‫‪32‬‬
‫ال ُقرآ ُن ال َكريم َخصائصه وحقوقُه‬
‫عندما نتَ َح َّدث عن الق رآن‪ ،‬ف ّل ب َّد أن نَ ْستَ ْش عِر أنَّه ل يس َك ّلم بَ َش ر‪ ،‬ب ل ه و َك ّلم اهلل‪ ،‬املن َّزل عل ى‬
‫أعجز البَ َشر أن يأتوا مبثلِ ه‪ ،‬ب ل وال بِ ُس َورة م ن ِمثْلِ ه‪ ،‬أُن ِزل‬
‫ّلوته‪ ،‬الذي َ‬
‫حممد صلَّى اهلل عليه وسلَّم‪ ،‬املتعبَّد بِتِ ِ‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫صرنا‪ ،‬وإن َّفرطْنا فيه ُخ ِذلنا‬ ‫متس ْكنا به ه ِدينا ونُ ِ‬
‫ُ‬ ‫وجم ِدنا‪ ،‬إن َّ‬
‫وسبِيل ِرفْ َعتِنا ْ‬
‫عزنا‪َ ،‬‬‫ليكون ِمْنهاج َحياتنا‪ ،‬وطَ ِريق ِّ‬
‫وه ِزمنا‪.‬‬‫ُ‬
‫َخصائص ال ُقرآن‪:‬‬
‫لِلقرآن َخصائِص َكثِ َرية‪ ،‬منها‪:‬‬
‫ألن اهلل تع اىل ت وَّىل ِح ْفظَه‬
‫ادة والنقص ان‪ ،‬وذل ك َّ‬ ‫‪ -1‬أن ه َمحف و م ن التحري ف والض ياع‪ ،‬والزي َ‬
‫بِنَ ْف ِس ه‪ ،‬فق ال تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﱠ [احلج ر‪ ،]9 :‬فهياأ ل ه أس باباً‬
‫للحفظ‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫ِ‬
‫)أ ( األَُّم ة املعت َادة عل ى احلف ظ‪ ،‬فق د ك ان احلف ظ َمعروف اً يف الع رب‪ ،‬فه م يفظ ون ال َقص ائد الطِّوال‬
‫مرة‪ ،‬ويفظون الُطَب الطَّ ِويلَة كذلك‪.‬‬ ‫ألول َّ‬
‫حني يسمعوهنا َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫دارسونه‪ ،‬ويكتبونه‬ ‫)ب ( هياأ له علماء ُح افاظاً جمتهدين يف ح ْفظه‪ ،‬ويُعلِّمونَه أَ َ‬
‫والدهم وتَّلمي َذهم‪ ،‬ويتَ َ‬
‫الصحابَة رضي اهلل‬ ‫صلَة‪ ،‬ولذلك ِجتد أئِ َّمة ال ُقاراء َكثِري‪ِ ،‬من َع ْهد َّ‬ ‫األول باألسانيد املتا ِ‬ ‫ويَْنقله اآلخر عن َّ‬
‫‪.‬‬
‫ص ِرنا هذا‬ ‫ومن بَ ْع َدهم إىل َع ْ‬
‫عنهم َ‬
‫)ج) جعلَه سهّلً مي َّسراً لِ ِ‬
‫لح ْفظ‪.‬‬ ‫َ َ َ ْ َُ‬
‫أح داً ِم ن املنتَ ِم ني‬
‫وأنت ترى ح افاظ القرآن الكرمي يف العامل باآلالف بل أكث ر‪ ،‬يف ح ني أنَّك ال ت رى َ‬
‫املقدس ِعْن َد ُهم‪.‬‬
‫ألديان األُ ْخرى ي َفظ الكتاب َّ‬ ‫ِ‬
‫ل ْ‬
‫ألص حابا‪ ،‬كم ا ق ال تع اىل‪:‬ﭐﱡ ﱿ‬ ‫الس ابَِقة‪ ،‬ب ل َوَكلَه ا ْ‬ ‫ِ‬
‫ظ ال ُكتُب ا‬ ‫ول اهللُ تع اىل ِح ْف َ‬ ‫ومل يَتَ َّ‬
‫ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﱠ [املائدة‪.]44 :‬‬
‫من الح َكم في حفظ القرآن الكريم‪:‬‬
‫اعة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ ِ ِ‬ ‫)أ ( أنَّه َّ‬
‫الس َ‬
‫آخر كتاب يمل آخر رسالَة تَ ْبقى إىل قيام ا‬

‫‪33‬‬
‫ول ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم‪ ،‬فه و ُم ْع ِج َزة باقِيَ ة لِألَ ْجي ال‪ ،‬ق ال ص لَّى اهلل‬‫املعج زة ال ُك ى لِ َّلرس ِ‬
‫)ب ( أنَّه ِ‬
‫يب اإال أ ُْع ِط ي ِم ن اآلي ات م ا ِمثْ لُه َآم ن علي ه البَ َش ر‪ ،‬وإمن ا ك ان ال ذي أُوتِيت ه‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫عليه وسلم‪ (( :‬ما من األنبياء ن ا‬
‫ِ‬
‫إيل‪ ،‬فأرجو أن أكون أكثَرهم تابِعاً َ‬ ‫َو ْحياً أَْوحاه اهلل ا‬
‫(‪)53‬‬
‫يامة ))‪.‬‬
‫يوم الق َ‬
‫والم َهيمن عليها‪:‬‬‫‪ -2‬أنه خاتَم الكتب السماوية ُ‬
‫ق ال تع اىل‪ :‬ﱡﭐ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱠﭐ‬
‫وشاهد وح اكِم عليه ا‪ ،‬فم ا وافَ َق ه ماا فيه ا فه و َح اق‪،‬‬ ‫شامل ملا فيها وزائِد عليها ِ‬ ‫[املائدة‪ ،]48 :‬واملعىن أنَّه ِ‬
‫الش رائِع‪ ،‬وع ٍال عليه ا‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫باط ل باعتِب اره َّ‬‫وما خالََفه فه و إم ا مْنس و أو ِ‬
‫ص ول َّ‬ ‫حمرف اً‪ ،‬وه و ح افظ لم ا فيه ا م ن أُ ُ‬ ‫ا َ‬
‫(‪)54‬‬
‫السما ِويَّة وخامتها‪.‬‬
‫أكمل الكتُب َّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫وغالب‪ ،‬وناسخ لغَ ْري احمل َكم فيها‪ ،‬فهو َ‬
‫إعجازه والت َحدي به‪:‬‬
‫ُ‬ ‫‪-3‬‬
‫ق ال تع اىل‪ :‬ﱡﭐ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ‬

‫ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱠ [اإلسراء‪.]88 :‬‬
‫سنَة‪:‬‬
‫‪ -4‬أن ب ُكل َحرف منه َح َ‬
‫عن ابن مسعود رضي اهلل عنه‪ ،‬قال‪ :‬قال رسول اهلل صلَّى اهلل عليه وسلَّم ‪َ ((:‬من َقرأ َح ْرفاً ِمن كتاب‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يم‬
‫والم ح رف‪ ،‬وم ٌ‬ ‫ف ح رف‪ٌ ،‬‬ ‫اهلل فله به َح َسنَة‪ ،‬واحلَ َسنَة بِ َع ْشر أمثالا‪ ،‬ال أقول‪ (( :‬أمل )) َح ْرف‪ ،‬ولك ن أَل ٌ‬
‫َح ْرف )) (‪.)55‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫رية‪ ،‬ق ال تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ‬ ‫وسهولَته‪ ،‬فَح ْفظُه َس ْه ٌل‪ ،‬وقراءَتُه َس ْهلَةٌ يَس َ‬‫‪ -5‬تَ يسيره ُ‬
‫ﲓ ﲔ ﱠ [القمر‪.]22 :‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وعظَ َمة أُسلوبه فهو يُوِرد املعاين ال َكبِ َرية بعبارات ُم َ‬
‫وجَزة‪.‬‬ ‫‪َ -6‬جال نَظْمه وبَّل َغتُه‪َ ،‬‬
‫ّلوته وتَ ِرديده‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪َ -7‬ع َدم امللَل من تكرار ت َ‬
‫َهجر ال ُقرآن‪:‬‬

‫الو ْحي‪ ،‬و َّأول ما نزل (‪ )4981‬ورواه مسلم‪ ،‬كتاب اإلميان‪ ،‬باب‪:‬‬ ‫‪ ) 53‬رواه البخاري‪ ،‬كتاب فضائل القرآن‪ ،‬باب‪ :‬كيف نزل َ‬
‫حممد صلَّى اهلل عليه وسلَّم ونَ ْسخ امللَل مبلَّتِه (‪ ،)134/1‬رقم (‪.)125‬‬
‫َّيب َّ‬
‫وجوب اإلميان برسالة الن ِّ‬
‫السعدي‪.‬‬‫‪ ) 54‬ينظر عن تفسري اآلية املذكورة‪ :‬تفسري ابن كثري‪ ،‬وتفسري الشَّوكاين‪ ،‬و َّ‬
‫يمن ق رأ حرف اً ِم ن الق رآن م ا ل ه ِم ن األج ر ‪.‬ح ديث رق م (‪، )2910‬‬ ‫ِ‬
‫‪ ) 55‬رواه الِتمذي‪ ،‬كتاب فضائل القرآن‪ ،‬باب‪ :‬م ا ج اء ف َ‬
‫وقال‪َ ":‬ح ِديث َح َسن صحيح "‪.‬‬
‫‪34‬‬
‫ول اهلل‬ ‫ذن َعلَْين ا أن نَ ْع ِرف مع ىن َه ْج ِره‪ ،‬لِنَ ْح َذ َره ونتَنِبَ ه‪ ،‬ف َّ‬
‫ذن رس َ‬ ‫وقبل أن نتَع َّرف عل ى ح ِّق الق رآن ال َك رمي‪ ،‬ف َّ‬
‫ك ر اهللُ تع اىل عن ه‪ :‬ﱡﭐ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫‪ ‬ق د ا ْش تَكى إىل َربِّ ه م ن َه ْج ر قَ ْوم ه للق رآن‪ ،‬فق ال فيم ا ذَ َ َ‬
‫ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯﱠ ﭐ ﭐ[الفرقان‪.]30 :‬‬
‫القرآن أَنْواع (‪ ،)56‬منها‪:‬‬‫وهجر ِ‬
‫َْ‬
‫ص ِد ِيق ما فيه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫‪َ -1‬ه ْج ُر اإلميان بِه وتَ ْ‬
‫اإلصغاء عليه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫‪َ -2‬ه ْج ُر َمساعه و ْ‬
‫وحر ِامه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الوقوف عند َحّلله َ‬ ‫الع َمل به و ُ‬‫‪َ -3‬ه ْجر َ‬
‫الدين وفُروعه‪.‬‬‫يمه والتَّحا ُكم إليه يف أُصول ِّ‬ ‫‪ -4‬هجر ِ‬
‫حتك ِ‬
‫َْ‬
‫‪َ -5‬ه ْجره تَ َدباره وفَ ْهمه‪.‬‬
‫‪َ -6‬ه ْجر االستِ ْشفاء والتَّدا ِوي به‪.‬‬
‫‪َ -7‬ه ْجر قِراءَتِه والعُدول عنه إىل غ ِريه ِمن ِش ْعر‪ ،‬أَو قَ ْول أو ِغناء‪.‬‬
‫من َحق ال ُقرآن‪:‬‬
‫املنزل على رسولِه ‪ ،‬واإلميان بأنَّه حمفوظ ال يتَطََّرق إليك‬
‫وبكل ما جاء فيه‪ ،‬وأنَّه كّلم اهلل َّ‬
‫‪ -1‬اإلميان به‪ ،‬ا‬
‫ك يف ذلك‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﱡﭐ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ‬ ‫أدىن َش ا‬
‫ﱺﱼﱽﱾﱿﲀﲁﲂﲃ‬
‫ﱵﱶﱷﱸﱹ ﱻ‬
‫كان اإلميان كما يف حديث ِج يل عليه‬ ‫ﲄ ﲅ ﲆ ﲇﱠ [النِّساء‪ ،]136 :‬واإلميا ُن به ِمن أر ِ‬
‫السّلم (‪.)57‬‬
‫َّ‬
‫‪ -2‬قِراءته ِ‬
‫وح ْفظُه‪:‬‬ ‫َ‬
‫القيام ِة َش ِفيعاً ألصحابِه )) ‪.‬‬
‫(‪)58‬‬
‫اقرءوا القرآ َن فذنَّه يأيت يوم َ‬
‫قال ‪َ ((:‬‬
‫ذن مْن ِزلَتِ ك عن د ِ‬ ‫ِ‬
‫آخ ر‬ ‫وقال أيضاً‪ ((:‬يُق ال لص احب الق رآن‪ :‬اقْ ِرأ و ْارتَق َورتِّل كم ا كن ت تَُرتِّل يف ال ُّدنيا‪ ،‬ف َّ َ‬
‫آيٍَة تَ ْقَرؤها )) (‪.)59‬‬

‫‪ ) 56‬انظر‪ :‬الفوائد‪ ،‬البن القيم (ص ‪ ،)82‬وتفسري ابن كثري آية ‪ِ 30‬من سورة الفرقان‪.‬‬
‫‪ ) 57‬رواه مسلم‪ ،‬كتاب اإلميان‪ ،‬باب‪ :‬بَيان اإلميان واإلسّلم واإلحسان (‪.)8‬‬
‫ضل قِراءَة القرآن وسورة البقرة ح (‪.)804‬‬
‫) رواه مسلم‪ ،‬كتاب صّلة املسافرين‪ ،‬باب‪ :‬فَ ْ‬
‫‪58‬‬

‫‪35‬‬
‫فق ال‪:‬ﭐﱡﭐ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱠ‬ ‫وينبغ ي أن يَُرتِّ ل الق ا ِرئ وجي ِّوَده كم ا أم ر اهلل تع اىل ب ذلك‪،‬‬
‫[املزمل‪.]4 :‬‬
‫ا‬
‫وم اي يَْتلو فيه كتاب اهلل تعاىل‪ ،‬حّ َيتِ َمه‪ ،‬ولِيَ ْح ِرص أن َيتِ َم ه ك ال َش ْهر‬ ‫وينبغي أن يكون لِلمسلِم ِورٌد ي ِ‬
‫ْ َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َمَّرة أو أكثَر (‪ ،)60‬وال يَْن َشغل عن قراءَته مبا ال يَْن َفع‪.‬‬
‫اص فاً ﭐالق رآ َن‪ :‬ﭐﱡﭐ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ‬ ‫وليح ِرص املسلِم على ِح ْف ِظه أو ِح ْف ظ م ا تَي َّس ر من ه‪ ،‬ق ال تع اىل و ِ‬
‫َ‬ ‫َْ‬
‫ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﱠ [العنكبوت‪ ،]49 :‬فوصف احل افاظ بأهنم ِمن أهل العلم‪ِ ،‬‬
‫وح ْفظ ه ُس نَّة‬
‫ومن بَ ْع َدهم إىل يَ ْوِمنا هذا‪.‬‬ ‫الصحابة والتاابعني‪َ ،‬‬ ‫الدين‪ِ ،‬من َّ‬ ‫أَئِ َّمة ِّ‬
‫ذن ذل ك أعظَ م‬ ‫وده‪ ،‬و َذهاب ه وإياب ه‪ ،‬ف َّ‬ ‫يام ه وقع ِ‬ ‫رآن يف قِ ِ‬
‫وليح ِرص املس لِم عل ى تَرِدي د م ا ح ِف ظ ِم ن الق ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َْ‬
‫ألَ ْج ِره‪ ،‬وأكثَر حلسناتِه‪ ،‬قال ‪ ((:‬ال َح َس د اإال يف اثنت ني‪َ :‬ر ُج ل َعلَّ َم ه اهللُ ال ُق رآ َن‪ ،‬فه و يَْتل وه آن اء اللي ل‬
‫وآناء النهار‪.)61( ))...‬‬
‫وينبغ ي للح افِظ مراجعت ه وتَع ِ‬
‫عاه دوا الق رآ َن‪ ،‬فوال ذي نَ ْف س‬ ‫اه د قراءَت ه ح ّ ال يتَ َفلَّ ت من ه‪ ،‬ق ال ‪ ((:‬تَ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ ََ‬
‫حممد بِيَ ِده لو أَ َش اد تَ َفلُّتاً ِمن اإلبل يف َع ْقلِها )) (‪.)62‬‬
‫َّ‬
‫والعُ ُقل‪ :‬جع ِعقال‪ ،‬وهو ما يَ ْربِط بِه البَعِري‪.‬‬
‫الع َمل به‪:‬‬
‫‪َ -3‬‬
‫[الزمر‪.]55 :‬‬
‫ﲽ ﲾ ﲿ ﱠﭐ ُّ‬ ‫ﱡﭐ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼ‬ ‫قال تعاىل‪:‬‬
‫وقال‪:‬ﭐﱡﭐ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﱠ [األنعام‪.]155 :‬‬
‫وقد كان رسول اهلل ‪ ‬وأصحابه َّأول من يعمل بالقرآن‪ ،‬سئِلَت عائش ة رض ي اهلل عنه ا ع ن خلُق رس ِ‬
‫ول‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫يب اهللِ ‪ ‬كان القرآن ‪.‬‬
‫(‪)63‬‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫ت تَ ْقَرأ القرآ َن ؟ قال‪ :‬بلى‪ ،‬قالت‪ :‬فذن ُخلُ َق نَ ا‬
‫اهلل ‪ ‬فقالت ِ‬
‫للسائل‪ :‬ألَ ْس َ‬
‫ا‬

‫القراءَة ح (‪ ،)1464‬والِتمذي‪ ،‬كتاب فضائل الق رآن‪ ،‬ب اب‪ :‬رق م‬ ‫الِتتيل يف ِ‬ ‫‪ ) 59‬رواه أبو داود‪ ،‬كتاب الصّلة‪ ،‬باب‪ :‬استِحباب َّ‬
‫الِتِمذي‪َ ":‬ح َسن ص حيح "‪ ،‬ورواه أمح د (‪ ،)192/2‬وص َّححه اب ن حباان‪ ،‬واحل اكم‪ ،‬ووافَ َق ه ال َّذهيب‪ ،‬ينظ ر‪:‬‬ ‫(‪ ،)18‬ح (‪ ،)2914‬وقال ِّ‬
‫املستدرك (‪.)552/1‬‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫ضل م ن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪60‬‬
‫نيب اهلل! إين أُطيق أَفْ َ‬
‫كل َش ْهر )) قال قلت‪ :‬يا َّ‬ ‫َّيب ‪ ‬لعبد اهلل بن عمرو بن العاص‪ ((:‬واقرأ ال ُقرآ َن يف ا‬ ‫) والدَّليل قول الن ا‬
‫ض ل ِم ن ذل ك‪ ،‬ق ال‪ ((:‬ف اقرأ يف ك ال َس ْبع‪ ،‬وال تَ ِزد عل ى ذل ك ))‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يب اهلل إين أُطي ق أَفْ َ‬ ‫ذلك‪ ،‬قال‪ :‬فاقرأ يف ِ ِ‬
‫كل ع ْشرين ))‪ ،‬قال‪ :‬قلت‪ :‬يا نَ ا‬‫ا‬
‫َّهر ‪ ،)318/2( ، ...‬ح (‪.)182‬‬ ‫الصيام‪ ،‬باب‪ :‬النَّهي عن صوم الد ْ‬‫رواه مسلم كتاب ِّ‬
‫صاحب القرآن ح (‪.)5026‬‬ ‫‪ ) 61‬رواه البخاري‪ ،‬كتاب فضائل القرآن‪ ،‬باب‪ :‬ا ْغتِباط ِ‬
‫‪ ) 62‬رواه البخ اري‪ ،‬كت اب فض ائل الق رآن‪ ،‬ب اب‪ :‬اس تِذْكار الق رآن وتَعاه ده ح (‪ ،)5033‬ورواه مس لم‪ ،‬كت اب ص ّلة املس افرين‪،‬‬
‫باب‪ :‬فَضائل القرآن‪ ،‬ح (‪.)791‬‬
‫‪36‬‬
‫الع َم ل بِ َّن‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫قال ابن مسعود ‪ :‬كان َّ ِ‬
‫الرجل مناا إذا تَ َعلَّم َع ْشر آيات مل جيا ِوْزُه ان حّ يَ ْع ِرف َمعاني ِه ان‪ ،‬و َ‬
‫(‪.)64‬‬
‫الس لمي (عب د اهلل ب ن َحبِي ب)‪َ :‬ح َّدثَنا ال ذين ك انوا يُ ْق ِرئونَن ا‪ :‬أهن م ك انوا يَ ْس تَقرؤون‬
‫وق ال أب و عب د ال َّرمحن ُّ‬
‫فتعلَّ ْمن ا الق رآ َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يب ‪ ،‬فك انوا إذا تعلَّم وا عش ر آي ات مل َيلفوه ا ح َّّ يَ ْع َمل وا مب ا فيه ا م ن العم ل‪َ ،‬‬ ‫م ن النَّ ِّ‬
‫جيعاً (‪.)65‬‬ ‫والعمل َِ‬
‫ََ‬
‫‪ -4‬تَ َعلمه وتَعليمه‪:‬‬
‫وعلَّ َمه )) (‪.)66‬‬
‫عن عثمان ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪ ((:‬خريُكم َمن تعلَّم القرآ َن َ‬
‫الّلئ ق ملس لِم ل ه س نوات‬ ‫فينبغي أن ي ِرص املسلم على تعلُّمه وإتق ان قِراءت ه‪ ،‬وجيتَه د يف ذل ك‪ِ ،‬‬
‫فم ن غ ري ا‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ط ِويلَة وهو يدرس ويتعلَّم‪ ،‬مث إذا قرأ القرآن فذذا به ال ي ِقيم حروفَه وكلماته‪ ،‬وليس حالُه ِ‬
‫كحال َم ن يُ ْع َذر‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ‬
‫يمه‪.‬‬ ‫ضعف تَعلِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ل َْ ْ‬
‫ومن َوسائِل تَ َعلُّ ِمه وإتقانه‪ :‬قِراءَته على أَ َحد املق ِرئِني‪ ،‬وَكثْ َرة االس تِماع إل يهم‪ ،‬واستِ ْش عار أنَّه َك ّلم ال الِق‬‫ِ‬
‫وعّل‪ ،‬وغري ذلك‪.‬‬ ‫جل َ‬
‫ا‬
‫راءته‪:‬‬
‫والخشوع والبكاء عند ق َ‬
‫‪ -5‬تَ َدبره وتَ َفهمه‪ُ ،‬‬
‫ﱡﭐ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ‬ ‫[حمم د‪ ،]24 :‬وق ال س بحانه‪:‬‬
‫ق ال تع اىل‪ :‬ﱡﭐ ﲀ ﲁ ﲂ ﱠ ا‬
‫ﱺ ﱠ [اإلس راء‪:‬‬ ‫ﱡﭐ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ‬ ‫ﲓ ﲔ ﱠ [القم ر‪ ،]17 :‬وق ال س بحانه‪:‬‬
‫‪.]109‬‬
‫أشكل‬
‫َ‬ ‫تاب ِهدايٍَة‪ ،‬وكيف يَ ْهتَ ِدي به َمن ال يَ ْف َه ُمه‪ ،‬وإن‬ ‫ِ‬ ‫متهل وت َف ُّهم‪َّ ،‬‬
‫فذن القرآ َن ك ُ‬ ‫فاألوىل أن يقرأ على ُّ‬
‫ضر ذلك بَِقلبِه‪ ،‬ويتَّأََّم ل م ا في ه ِم ن آي ات‬ ‫ِ‬
‫القراءة ح َّّ يستَح ِ‬ ‫ِ‬
‫ليج َمع مهَّتَه عند َ َ َ ْ ْ‬ ‫رجع لتَفس ِريه‪ ،‬و ْ‬
‫عليه َش ْيءٌ َ‬
‫ملاضيني‪ ،‬وغري ذلك‪.‬‬‫الر ْمحة‪ ،‬وأَحوال اﭐ ِ‬ ‫الو ِعيد‪ ،‬و َّ‬ ‫ِ‬
‫الرجاء و َّ َ ْ‬ ‫التَّ ْهديد و َ‬
‫يب ‪ ((:‬اق رأ عل اي ))‪ ،‬قل ت‪ :‬ي ا رس ول اهلل‪ ،‬أق رأ علي ك وعلي ك أُنْ ِزل ؟‬ ‫ٍ‬
‫قال اب ن َمس عود ‪ :‬ق ال يل النَّ ِّ‬
‫اآلي ة‪:‬ﭐﱡﭐ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ‬ ‫ق ال‪ ((:‬نع م ))‪ ،‬فق رأت س ورة النِّس اء ح ّ أتي ت عل ى ه ذه‬

‫جامع صّلة اللَّيل (‪ ،)513/1‬رقم (‪.)746‬‬ ‫‪ ) 63‬رواه مسلم‪ ،‬كتاب صّلة املسافرين‪ ،‬باب‪ِ :‬‬
‫‪ ) 64‬رواه الطَّ اين‪ ،‬يف مقدِّمة التَّفسري (‪ ،)80/1‬وقال أمحد شاكر عن إسناده‪ ":‬صحيح "‪.‬‬
‫وصححه أمحد شاكر‪ ،‬وانظر‪ :‬سري أعّلم النابّلء (‪ ،)269/4‬وطبقات ابن سعد (‪.)172/6‬‬ ‫‪ ) 65‬تفسري الطَّ ي (‪َّ ،)80/1‬‬
‫‪ ) 66‬رواه البخاري‪ ،‬كتاب فضائل القرآن‪ ،‬باب‪ :‬خريكم َمن تعلَّم القرآ َن وعلَّمه ح (‪.)5027‬‬
‫‪37‬‬
‫ت ف ذذا َعْين اه تَ ْذ ِرفان‬
‫ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﱠ [النِّساء‪ ،]41 :‬قال‪َ ((:‬ح ْس بُك اآلن )) فالتَ َف ا‬
‫(‪.)67‬‬
‫صات عند َسماعه‪:‬‬
‫‪ -6‬اإلن ُ‬
‫قال تعاىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﱠ [األعراف‪.]204 :‬‬
‫روعيَّة االس تِماع للق رآن إذا تُلِ ي‪ ،‬واإلنص ات‪ ،‬وه و‪ُّ :‬‬
‫الس كوت عن د‬ ‫مبعمومه ا عل ى مش ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫واآليَ ة تَ ُد ال‬
‫االستِماع‪.‬‬
‫‪ -7‬التزام األَ َدب معه‪:‬‬
‫ض عِه‪ ،‬وإذا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فّل ميس ال ُقرآ َن اإال ِ‬
‫وو ْ‬
‫ث أك َ حّ يَ ْغتَسل‪ ،‬وال يُهان يف محَْل ه َ‬ ‫طاهر‪ ،‬وال يَ ْقَرُؤه َمن عليه َح َد ٌ‬ ‫ا‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ميزقه‪ ،‬أو يكتب عليه ما ال حاجة له به‪،‬‬ ‫ناوله َش ْخصاً فبِيَده اليُمىن‪ ،‬وال يَ ْرميه‪ ،‬ويافظ عليه وال ا‬ ‫محله أو َ‬
‫متزق فّل جيوز َرمءيُه بل ي ِرقْه ويَ ْدفنه يف َم ْو ِضع طَيِّب‪.‬‬ ‫وإذا َّ‬
‫ب‪ ،‬ك ال ه ذا‬ ‫احلقيبَ ة وامل ْكتَ ِ‬ ‫وجيعله أَعلَى ِمن غ ِريه‪ ،‬وال يتَّك ئ علي ه‪ ،‬وال جيلِ س عل ى ش ٍ‬
‫يء في ه مص حف َك ِ‬
‫َُْ‬ ‫َ ْ‬
‫لكتاب اهللِ تعاىل‪ ،‬والتِزاماً لِألَ َد ِ‬
‫ب َم َعه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫احِتاماً‬
‫األسئلَة‪:‬‬
‫الدليل ملا تقول‪.‬‬ ‫س‪ :1‬اذ ُكر ثَّلثاً ِمن َخصائِص ال ُقرآن الكرمي‪ ،‬مع ِذ ْكر َّ‬
‫عجزة باقِيَة لِألَ ْجيال‪ ،‬دلِّل على ذلك‪.‬‬ ‫س‪ :2‬القرآن م ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫ض ْعف بَ ْع ض املتَ َعلِّ ِم ني يف ق راءَة ال ُق رآن ال َك ِرمي‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫س‪ :3‬اذ ُك ر ثَّلثَ ة م ن األس باب ال اداعيَ ة يف نَظَ ِرك إىل َ‬
‫وكيف تُعاجل ؟‬
‫س‪ :4‬اذ ُكر ثَّلثاً ِمن الوسائِل املعِينَة على تَ َدبُّر ال ُق ِ‬
‫رآن ال َك ِرمي ؟‬ ‫َ‬

‫‪67‬‬
‫ضل‬
‫) رواه البخ اري يف مواض ع‪ ،‬منه ا يف‪ :‬كت اب فض ائل الق رآن‪ ،‬ح (‪ ،)5050‬ومس لم‪ ،‬كت اب ص ّلة املس افرين‪ ،‬ب اب‪ :‬فَ ْ‬
‫استِماع القرآن‪ ،‬ح (‪.)800‬‬
‫‪38‬‬
‫ص َوٌر من َحياة الصحابَة َرضي اهللُ عنهم‬
‫ُ‬
‫راسة س َيرتهم‪:‬‬ ‫أهمية د َ‬
‫حمم د ‪ ‬فوائ د جليل ة ينبَغِ ي أن ال نَ ْغ َف ل عنه ا ِحينَم ا نق رأ ِس يَ َرُهم‪،‬‬ ‫دارِس نا حلي اة أص حاب َّ‬ ‫إن يف تَ ُ‬
‫دارس َحي اهتُم‪ ،‬فمنه ا‪ :‬االقتِ داء ب م‪ ،‬وازدي اد اإلمي ان بِ ِذ ْك ِرهم‪ ،‬وزي َادة حمبَّ تِهم يف القل وب‪ ،‬فَ ِه ي ِم ن‬ ‫ونتَ َ‬
‫ض هم آيَة النِّف اق ))(‪ ،)68‬وكم ا ق ال‪ ((:‬ال ي بُّهم‬ ‫ب األَنْصار آية اإلمي ان‪ ،‬وبُ ْغ ُ‬ ‫اإلميان‪ ،‬كما قال ‪ُ ((:‬ح ا‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ضه اهلل ))(‪.)69‬‬ ‫ض ُهم أَبْغَ َ‬
‫ومن أَبْغَ َ‬ ‫ضهم اإال ُمنافق‪َ ،‬من أَ َحبَّهم أَ َحبَّه اهلل‪َ ،‬‬ ‫اإال ُم ْؤمن‪ ،‬وال يُْبغ ُ‬
‫حمم د ‪ ‬ك انوا‬ ‫ت مب ن ق د م ات‪ ،‬أولئ ك َّ‬ ‫ق ال عب د اهلل ب ن عم ر رض ي اهلل عنهم ا‪َ ":‬م ن ك ان ُم ْس تَ نااً فَ ْليَ ْس َا‬
‫ص ْحبَة نَبِيِّ ه ‪ ،‬ونَ ْق ل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أعمقه ا ع ْلم اً‪ ،‬وأقَلاه ا تَ َكلاف اً‪ ،‬ق وم اخت َارُهم اهللُ ل ُ‬ ‫خ ري ه ذه األَُّم ة‪ ،‬أَبَاره ا قُلوب اً‪ ،‬و َ‬
‫رب‬ ‫ِ‬ ‫ِدينِ ه‪ ،‬فَتش بَّهوا ب أخّلقِ ِهم وطَ رائِِقهم‪ ،‬فه م أص حاب َّ ٍ‬
‫حمم د ‪ ،‬ك انوا عل ى الُ دى املس تَقيم واهلل ا‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ََ‬
‫ال َك ْعبَة "(‪.)70‬‬
‫وس ْلوى ع ن قِ راءَة م ا ال يُِفي د‪ ،‬ك ان عب د اهلل ب ن املب ارك رمح ه اهلل تع اىل‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ويف ق راءَة س َريهم وأَ ْخب ا ِرهم أُنْس َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يب ‪ ‬وأص حابه؟!‬ ‫وس يف بَْيت ه‪ ،‬فقي ل ل ه‪ :‬أال تَ ْس تَ ْوحش ؟! فق ال‪ :‬كي ف أَ ْس تَ ْوحش وأن ا م ع النَّ ِّ‬ ‫يُ ْكثر الل َ‬
‫(‪ ،)71‬وغري ذلك ِمن العَِ وال َفوائِد‪.‬‬
‫ص َوٌر من حياة الصحابَة رضي اهلل عنهم‪:‬‬ ‫ُ‬
‫الس ْفل‪ ،‬وأب و داود يف العُلُ او‪،‬‬ ‫يب ‪ ‬يف ُّ‬ ‫‪ -1‬ع ن أيب أي وب األنص اري ‪َّ ‬‬
‫يب ‪ ‬نَ َزل علي ه‪ ،‬فن زل النَّ ا‬ ‫أن النَّ َّ‬
‫ول اهلل ‪‬؟! فتَ نَح وا‪ ،‬فَب اتوا يف جانِب‪ ،‬مث ق ال‬ ‫منش ي ف وق رأس رس ِ‬ ‫فانْتَبِه أبو أيوب لَي لَة‪ ،‬فقال‪ِ :‬‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫يب ‪‬‬ ‫الس ْفل أَْرفَق ))‪ ،‬فقال‪ :‬ال أَ ْعلُو َس قي َفةً أن ت حتتَه ا‪ ،‬فتَ َح َّول النَّ ُّ‬ ‫يب ‪ُّ ((:‬‬‫يب ‪ ،‬فقال النَّ ا‬ ‫للنَّ ِّ‬
‫يب ‪ ‬طعاماً‪ ،‬فذذا ِج يءَ ب ه إلي ه س أل ع ن َم ْو ِض ع‬ ‫ا‬
‫صنَع لِلنَِّ‬
‫الس ْفل‪ ،‬وكان يَ ْ‬‫يف العُلُاو وأبو أيوب يف ُّ‬
‫أصابِعِه‪ ،‬فَيَتَتَبَّع َم ْو ِضع أَصابِعِه (‪.)72‬‬

‫‪68‬‬
‫ب األنصار‬
‫ب األنصار (ص ‪ ،)17‬ورواه مسلم‪ ،‬كتاب اإلميان‪ ،‬باب‪ُ :‬ح ا‬
‫عّلمة اإلميان ُح ا‬
‫) رواه البخاري‪ ،‬كتاب اإلميان‪ ،‬باب‪َ :‬‬
‫(‪.)74‬‬
‫‪69‬‬
‫ب األنصار ح (‪.)75‬‬ ‫) رواه مسلم‪ ،‬كتاب اإلميان‪ ،‬باب‪ُ :‬ح ا‬
‫‪ ) 70‬حلية األولياء (‪.)305/1‬‬
‫‪ ) 71‬سري أعّلم النُّبّلء (‪.)239/8‬‬
‫) رواه مسلم‪ ،‬كتاب األش ِربة‪ ،‬باب‪َ :‬‬
‫‪72‬‬
‫إباحة أكل الثاوم (‪ ،)1623/3‬ح (‪.)171‬‬
‫‪39‬‬
‫يب ‪‬‬ ‫ض ر ‪‬ك ان ق د َش اق علي ه أنَّه مل ُ‬
‫يض ر َغ ْزَوة بَ ْدر م ع النَّ ِّ‬ ‫عم ه أن س ب ن النَّ ْ‬ ‫‪ -2‬ذَ َكر أن س ‪َّ ‬‬
‫أن َّ‬
‫ص نَع‪ ،‬ق ال‪ :‬فَ َش ِهد م ع‬ ‫وأنَّه قال‪ :‬وإن أراين اهلل م ْشهداً فيما ب ْع ُد مع رس ِ‬
‫ول اهلل ‪ ‬ل ُِرييَ ان اهللَ م ا أَ ْ‬ ‫َ‬ ‫َُ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص نَع ه ؤالء (يع ين‬ ‫اس‪ ،‬فق ال‪ :‬اللَّه ام إين أَ ْعتَ ذر إلي ك ما ا َ‬ ‫ِ‬
‫وم أُ ُح د‪ ،‬فَ ُه زَم النا ُ‬
‫رس ول اهلل ‪ ‬ي َ‬
‫املسلِ ِمني)‪ ،‬وأَبْ َرأ إليك ماا جاءَ به املش ركون‪ ،‬فت َق َّدم بِ َس ْي ِفه‪ ،‬فَلَ ِق ي َس ْع َد ب ن مع اذ‪ ،‬فق ال ل ه‪ :‬أي ن‬
‫ضع‬ ‫فمض ى فَق اتَلَ ُهم ح ّ قُتِ ل‪ ،‬فَ ُوِج د يف َج َس ِده بِ ْ‬ ‫ُح د‪َ ،‬‬
‫ِ‬
‫ي ا َس ْعد ؟ إين أَج د ِري َح النَّ ة دون أ ُ‬
‫ض ر‪ :‬فم ا َعَرفْ ت‬ ‫الربَيِّ ع بن ت النَّ ْ‬ ‫ِ‬
‫ض ْربَة‪ ،‬وطَ ْعنَ ة‪َ ،‬ورْميَ ة‪ ،‬ق ال أن س‪ :‬فقالَت َع َّم يت ُ‬ ‫ومث انون م ن ب ني َ‬
‫أَ ِخي اإال بِبَنانِه (‪.)73‬‬
‫يب ‪ِ ‬ع ادهتم س بعون َر ُج ّلً‪َ ،‬خرج وا لِل َّد ْع َوة‬ ‫ِ‬
‫وخرج َحرام بن ملحان ‪ ‬م ع جاع ة م ن أص حاب النَّ ِّ‬ ‫‪َ -3‬‬
‫الص حابَة رض ي اهلل ع نهم‪ ،‬فِ ي ِهم‬ ‫ص لوا إىل (بئ ر َمعُونَة) تَ َق َّدم ثَّلثَة ِم ن َّ‬ ‫إىل اهلل تعاىل‪ ،‬ح ّ إذا َو َ‬
‫احبَ ْيه‪ ،‬وق ال لم ا‪ُ :‬كون ا قَ ِريب اً ح ّ آتِي ِهم‪ ،‬ف ذن أَِمن وين كن تم قَ ِريب اً‪،‬‬ ‫ح رام ب ن ملح ان‪ ،‬مث س بق ص ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫وج َع ل‬ ‫ص حابَكم‪ ،‬فأت اهم وق ال ل م‪ :‬أتؤمن وين أُبَلِّ غ ِرس الَة رس ول اهلل ‪‬؟ َ‬ ‫وإن قَتَل وين أتَ ْي تُم أَ ْ‬
‫ض َحه‬ ‫الرْمح‪ ،‬فأَ َخ ذ َح رام ال َّد َم ونَ َ‬‫ي ِّدثُهم‪ ،‬وأوم أوا إىل َر ُج ل فَأَت اه ِم ن َخ ْل ِف ه فَطَ َعنَ ه ح َّّ أَنْ َف َذه بِ ُّ‬
‫ِ‬
‫ب ال َك ْعبَة (‪.)74‬‬‫ت َور ِّ‬‫على َو ْج ِهه َورأْسه‪ ،‬وقال‪ :‬اهللُ أك َ ‪ ،‬فُ ْز ُ‬
‫‪ -4‬ح َّدث س عد ب ن أيب وق اص ‪ ‬ق ال‪ :‬حلف ت اأم س عد أن ال تُ َكلِّ َم ه أب داً ح ّ يَ ُك ْف ر بِ ِدينِ ه‪ ،‬وال‬
‫ِِ‬ ‫تأك ل وال تش رب‪ ،‬وقال ت‪َ :‬ز َع ْم ت َّ‬
‫آم رك ب ذا‪ ،‬ق ال‪:‬‬ ‫وص اك بوال َديْك‪ ،‬وأن ا أُام ك‪ ،‬وأن ا ُ‬ ‫أن اهللَ ا‬
‫فج َعلَ ت تَ ْدعُو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عم ار فَس قاها‪َ ،‬‬ ‫َم ْكثَت ثَّلثاً حّ غُشي عليه ا م ن اله د‪ ،‬فق ام اب ن ل ا يُق ال ل ه ا‬
‫ﱑﱓﱔﱕﱖﱗﱘ‬
‫ﱒ‬ ‫اآلية‪:‬ﭐﱡﭐ ﱎ ﱏ ﱐ‬ ‫فأنزَل اهللُ هذه‬
‫على َس ْعد‪َ ،‬‬
‫ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱠ (‪[ )75‬العنكبوت‪.]8 :‬‬
‫فخَر َجت نَ ْفساً نَ ْفساً م ا‬
‫س َ‬‫ني واهللِ لو كانت لك مائة نَ ْف ٍ‬ ‫ِ‬
‫ويف ِرواية‪ :‬ا‬
‫فلما َرأَيْت ذلك قلت‪ :‬يا أَُّمه‪ ،‬تَ ْعلَم َ‬
‫يء‪ ،‬فذن ِشْئت فَ ُكلِي‪ ،‬وإن ِشْئت ال تَأْ ُكلِي‪ ،‬فَأَ َكلَت (‪.)76‬‬ ‫ترْكت ِد ِيين هذا لِش ٍ‬
‫َ‬ ‫َ ُ‬

‫‪ ) 73‬جمموع ِمن روايتني للبخاري‪ ،‬كتاب املغازي‪ ،‬باب‪ :‬غزوة أحد‪ ،)4048( ،‬ومسلم‪ ،‬كتاب اإلمارة‪ ،‬باب‪ :‬ثبوت النَّة للشَّهيد‪ ،‬ح‬
‫(‪.)1903‬‬
‫‪ ) 74‬جمموع أكثر ِمن رواية يف البخاري‪ ،‬كتاب املغازي‪ ،‬باب‪ :‬غزوة الَّرِجيع وبئر معونة ح (‪ ،)4092 ،4091 ،4090‬ومسلم‪،‬‬
‫كتاب اإلمارة‪ ،‬باب‪ :‬ثبوت النَّة للشَّهيد‪.‬‬
‫الصحابة‪ ،‬باب‪ :‬فَضائِل َس ْعد‪ ،‬ح (‪.)1748‬‬ ‫‪ ) 75‬واحلديث رواه مسلم‪ ،‬كتاب فَضائِل َّ‬
‫‪ ) 76‬عزاه احلافظ ابن كثري للطَّ اين يف كتاب العِ ْشَرة (تفسري ابن كثري‪ ،‬عند اآلية ‪ 14‬من سورة لقمان)‪.‬‬
‫‪40‬‬
‫‪ -5‬قال عمر ب ن الط اب ‪ ‬ألص حابِه‪ :‬متنا وا‪ ،‬فق ال أَ َح ُدهم‪ :‬أمت َّىن أن يك ون ِم ْلء ه ذا البَ ْي ت َدر ِاه م‬
‫أنفقه ا يف‬‫أنفقها يف سبِيل اهللِ‪ ،‬فقال‪ :‬متناوا‪ ،‬فقال آخ ر‪ :‬أمت َّىن أن يك ون ِم لء ه ذا البي ت َذهب اً فَ ِ‬ ‫فَ ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫أمتىن أن يكون ِملء هذا البيت جوهراً أو حن وه فَ ِ‬
‫أنف َق ه يف َس بِيل‬ ‫آخر‪َّ :‬‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َْ‬ ‫ْ‬ ‫سبيل اهلل‪ ،‬قال‪ :‬متناوا‪ ،‬قال َ‬
‫اهللِ‪ ،‬فق ال عم ر‪ :‬متنا وا‪ ،‬فق الوا‪ :‬م ا متنَّ ْين ا بع د ه ذا‪ ،‬ق ال عم ر‪ :‬لك ِّين أَمت َّىن أن يك ون ِم ْلء ه ذا‬
‫البَ ْي ت َر ُج ّلً ِمثْ ل أيب عُبَي َدة ب ن ال اراح‪ ،‬ومع اذ ب ن جب ل‪ ،‬وحذي َف ة ب ن اليم ان‪ ،‬فَأَ ْس تَ ْع ِملَهم يف‬
‫طاع ِة اهللِ (‪.)77‬‬
‫َ‬
‫األسئلَة‪:‬‬
‫وحش إذا َجلَس َو ْح َده ؟‬ ‫َْ‬ ‫س‪ :1‬لِ َم كان ُ‬
‫عبد اهلل بن املبارك رمحه اهلل ال يستَ ِ‬
‫يب ‪ ‬يف بيته‪.‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫س‪ :2‬اذ ُكر ما ميكنك استفا َدته من َم ْوقف أيب أيوب األنصاري ‪ ‬عندما أسكن النَّ َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وعّل َم يَ ُد ال قولُه لا ؟‬‫املناسبَة ؟ َ‬
‫بارة ؟ وما َ‬ ‫يح النَّة دون أُ ُحد ))‪َ ،‬من قائل هذه الع َ‬ ‫س‪ (( :3‬إين أَجد ِر َ‬
‫يده هذه ال َكلِ َمة ؟‬
‫احلق ِيق اي الذي تُِف ُ‬
‫س‪ (( :4‬فُزت ورب ال َكعبة )) ما الفوز ِ‬
‫ْ َ ا َْ‬
‫ﭐ‬

‫الصغري للبخاري (‪ ،)79/1‬واملستدرك خمتصراً (‪ِ ،)262/3‬‬


‫وس َري أعّلم النُّبَّلء (‪.)14/1‬‬ ‫‪ ) 77‬التااريخ َّ‬
‫ََ‬
‫‪41‬‬
‫فادة منه‬
‫وحسن الست َ‬
‫الوق ُ‬
‫ص على َ‬
‫الحر ُ‬
‫الوق ‪:‬‬
‫أهمية َ‬
‫قسم اإال بعظيم‪ ،‬وكلَّما ت َك َّرر ال َق َس م‬‫أن هلل تعاىل أن ي ْق ِسم مبا يشاء ِمن خملوقاته‪ ،‬وأنَّه ال ي ِ‬ ‫إن ِمن املعلوم َّ‬ ‫َّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫دل ذل ك عل ى أمهِّيَّتِ ه‪ ،‬ول و تَ َدبَّ ْرنا قولَ ه تع اىل‪ :‬ﱡﭐ ﱔ ﱠ (‪ ،)78‬وقول ه ع َّز وج ل‪ :‬ﭐﱡﭐ ﲑ ﲒ‬ ‫بش ٍ‬
‫يء َّ‬ ‫َ‬
‫لوج َدنْا َّأهن ا‬ ‫(‪)80‬‬
‫ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﱠ ‪ ،‬وقول ه س بحانَه‪:‬ﭐﱡﭐ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱠ ‪َ ،‬‬
‫(‪)79‬‬

‫ان كلِّ ه‪ ،‬وم ا ه ذا اإال‬ ‫بالزم ِ‬


‫الوقْ ت‪ ،‬مث تَ َدبار أيض اً قولَه تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﱁ ﱠ (‪ ،)81‬تُ ْد ِرك أنَّه أَقْ َس م َّ‬ ‫أج زاء َ‬ ‫ْ‬
‫الزم ان ال ذي تق ع في ه األعم ال‪ ،‬وه ذه األعم ال (خريه ا‬ ‫ت ه و َّ‬ ‫ص َد ُرها َّ‬ ‫ِ‬
‫الوقْ َ‬
‫أن َ‬ ‫ألمهِّيَّت ه‪ ،‬وه ذه األمهِّيَّ ة َم ْ‬
‫وشرها) هي اليت يُ َق ِّدمها البَ َشر لِيَنالوا با َجزاء الالِق‪.‬‬ ‫ا‬
‫الوقْ ت‪ ،‬فه و يف احلقيق ة حياتن ا عل ى ه ذه األرض؛ لك ي نق دم فيه ا م ا‬ ‫وإذا عرفن ا ه ذا تب َّني لن ا أمهِّيَّ ة َ‬
‫فالوقْت هو احلياة‪.‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫يُوصلنا إىل الغايَة اليت ألجلها ُخل ْقنا‪َ ،‬‬
‫الوق ‪:‬‬ ‫نع َمة َ‬
‫ض يِّعوهنا عل ى أن ُف ِس ِهم‪ ،‬وعل ى أَُّم تِ ِهم‪ ،‬ق ال ‪((:‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫إن الوقْ ِ‬
‫َّ َ َ‬
‫ت ن ْع َم ة وأَمانَ ة يُ َ‬
‫ض يِّعها كث ريٌ م ن النا اس‪ ،‬يُ َ‬
‫نِ ْع َمتان َم ْغبو ٌن فِي ِهما كثِري ِمن النااس‪ِّ :‬‬
‫الص َّحة وال َفراغ ))(‪.)82‬‬
‫خاصيته‪:‬‬
‫كل حلظٍَة منه‪ ،‬كان ابن عمر رض ي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لِ َلوقْت ِّ‬
‫خاصيَّة‪ ،‬وهي أنَّه إذا َذ َهب مل يَ ْرجع‪ ،‬وهذا يَ ْدفَعُنا الست ْغّلل ا‬
‫وخ ْذ ِم ن ِص َّحتِك‬ ‫ِ‬ ‫اهلل عنهما يقول‪ ((:‬إذا أَْم َسْيت فّل تَ ْنتَ ِظر َّ‬
‫الص باح‪ ،‬وإذا أَ ْ‬
‫ص بَ ْحت ف ّل تَ ْنتَظ ر املس اءَ‪ُ ،‬‬
‫ومن َحياتِك لِ َم ْوتِك )) (‪.)83‬‬ ‫لِمر ِضك‪ِ ،‬‬
‫ََ‬

‫‪ ) 78‬آية ‪ِ 1‬من سورة الفجر‪.‬‬


‫‪ ) 79‬آية ‪ِ 2 - 1‬من سورة اللَّيل‪.‬‬
‫الضحى‪.‬‬‫‪ ) 80‬آية ‪ِ 2 -1‬من سورة ُّ‬
‫‪ ) 81‬آية ‪ِ 1‬من سورة العصر‪.‬‬
‫‪82‬‬
‫الرقاق (‪ ،)229/11‬ح (‪.)6412‬‬ ‫الرقاق‪ ،‬باب‪ :‬ما جاء يف ِّ‬ ‫) رواه البخاري‪ ،‬كتاب ِّ‬
‫َّيب ‪ُ ((:‬كن يف الدُّينا كأنَّك َغ ِريب ))‪ ،‬رقم (‪.)6416‬‬
‫الرقاق‪ ،‬باب‪ :‬قَ ْول الن ِّ‬
‫) رواه البخاري َموقوفاً يف ِّ‬
‫‪83‬‬

‫‪42‬‬
‫من َمظاهر ال َفراغ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫الس اعات‬‫وم ن تَ راه جيل س ا‬ ‫الس اعات الطِّ وال ب ّل َه َدف‪ُ ،‬م َ‬
‫ض يِّع ل َوقْت ه‪َ ،‬‬ ‫الش وارع ا‬
‫إن َم ن تَ راه جي ول يف َّ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫الطِّوال ي رقُب ما ال يعود عليه بِنَ ْف ٍع يف ِدينِه وال يف دنْي اه‪ ،‬م ِ ِ‬
‫ض يِّع ل َوقْت ه‪ ،‬وك ال م ا ا ْش تَ غَل مب ا ال يُْرض ي اهللَ‬
‫َُ‬ ‫ُ‬ ‫َْ‬
‫فقد ضيَّع َوقْ تَه‪.‬‬
‫الت َحسر على فَوات األَوقات‪:‬‬
‫الساعات ال يت قض اها يف اللَّ ْه و والبِطالَة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫إذا تَنَبَّه العاقِل‪ ،‬وتَ َذ َّكر ما م ِ‬
‫ضى من أياام عُ ُمره‪ ،‬فذنَّه يَْن َدم على ا‬‫ََ‬
‫ي والع ار‪ ،‬ق ال تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﱅ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أش اد س اعات النَّ دم ح ني يقاب ل امل رء بِ ِ‬
‫ص حي َفة َع َمل ه‪ ،‬ف ريى فيه ا ال ْز َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫وَ‬
‫ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱠ [الفج ر‪ ،]24-23 :‬وق ال‬
‫[الزم ر‪:‬‬
‫ﳎ ﳏ ﳐ ﳑ ﳒ ﳓ ﳔ ﳕ ﳖ ﳗ ﱠ ُّ‬ ‫اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﳊ ﳋ ﳌ ﳍ‬ ‫تع‬
‫‪.]56‬‬
‫وم حي ث يَْن َفع ه النَّ َدم‪ ،‬واس تَ ْقبَل حلظ ات عُ ُم ِره‪ ،‬فَ َع َّمَره ا قب ل أن ي أيت الي وم ال ذي ال‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فالعاق ل َم ن ن دم الي َ‬
‫يَْن َفع فيه النَّ َدم‪.‬‬
‫الوق ‪:‬‬
‫من أسباب تَضييع َ‬
‫‪َ -1‬ع َدم ُوضوح الغايَة‪:‬‬
‫جوده ا‪ ،‬أو ع دم التَّفك ري فيه ا‪ ،‬أو ع دم ِ‬ ‫إن ع دم وض وح الغاي ة‪ ،‬أو ع َدم و ِ‬
‫الس عي ألجله ا‬ ‫االنش غال ب ا و َّ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ‬
‫ضياع األوقات‪.‬‬ ‫ِ‬
‫هو أعظم سبَب ل َ‬
‫ضيِّع َوقْ تَه‪ ،‬فالطاالِب الذي يُِريد التَّ َف اوق ال يُ ْكثِر ِمن‬
‫الدف فذنَّه لن يُ َ‬
‫حدد َه َدفاً يَ ْسعى إليه أيااً كان َ‬‫فمن َّ‬ ‫َ‬
‫اجراً فذنَّه يس عى لِتَح ِ‬ ‫صيلِه بأسبابِه‪ ،‬وم ن ي ِري د أن يك ون ت ِ‬ ‫الزواج يسعى لِتَح ِ‬
‫ص يل ذل ك‪،‬‬ ‫ََْ ْ‬ ‫َ ُ‬ ‫ومن يُِريد َّ َ َ ْ َ ْ‬ ‫اللَّ ْهو‪َ ،‬‬
‫ص يلِها‪ ،‬ق ال تع اىل‪ :‬ﱡﭐ ﲃ‬ ‫وهك ذا‪ ،‬فَح ِري مب ن غايت ه الوص ول إىل النَّ ة ونَعِيمه ا أن يس عى ج ااداً لِتَح ِ‬
‫ْ‬ ‫ََْ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ ا‬
‫ﲄ ﲅ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﱠ [احلديد‪.]21 :‬‬
‫إن ِس ْلعةَ اهللِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ويف احل ديث‪ ((:‬م ن خ اف أَ ْد َجل‪ ،‬وم ن أَ ْدجل ب لَ غ املن ِزل‪ ،‬أال َّ ِ‬
‫إن س ْل َعةَ اهلل غاليَ ة‪ ،‬أال َّ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫النَّة))(‪.)84‬‬

‫يامة‪ ،‬باب (‪ )18‬ح (‪ ،)2450‬وقال‪ ":‬حديث َح َسن غريب "‪ ،‬ورواه احلاكم (‪ ،)307/4‬وقال‪":‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫‪84‬‬
‫) رواه الِتمذي‪ ،‬كتاب ص َفة الق َ‬
‫َيرجاه "‪.‬‬
‫صحيح اإلسناد ومل ا‬
‫‪43‬‬
‫إصّلح ِدينه‪ ،‬أو ُدنياه‪ ،‬أو َّأمت ه‪ ،‬إذا أخلَ ص في ه النِّ يَّة ووافَق‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫كل َه َدف نَبِيل يسعى املؤمن لتَ ْحصيله فيه ْ‬ ‫و ا‬
‫صيل تلك الغايَة‪.‬‬ ‫الشرعيَّة فذنَّه طَ ِريق لِتَح ِ‬‫فيه الطَِّري َقة َّ‬
‫ْ‬
‫وشبابِم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ضيِّعون األوقات ُسدى‪ ،‬وال يستفيدون ِمن عُمرهم َ‬ ‫الادين الذين يُ َ‬ ‫الزمّلء غري ِّ‬ ‫‪ُ -2‬مرافَ َقة ُّ‬
‫‪ -3‬ال َفراغ‪ ،‬وعدم َم ْع ِرفَة ما ينبغي أن يشغل به َوقْ تَه‪.‬‬
‫وخ ِسر عُ ُمَره‪.‬‬ ‫ِ‬
‫‪ -4‬كثْ َرة املل ِهيات واملغ ِريات فذذا انْ َشغَل با املؤمن َ‬
‫ضاع َوقْ تُه َ‬
‫الوقْت‪.‬‬ ‫ّلل‬ ‫غ‬
‫ْ‬ ‫‪ -5‬قِلَّة األعوان ِمن األَهل واألَصحاب على استِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫الوق ‪:‬‬ ‫استغالل َ‬
‫وج د فَراغ‪ ،‬ف ال َفراغ داع إىل ال َفس اد‪ ،‬وال نَّ ْفس إن مل تُ ْش غِلها‬ ‫الع َم ل ح ّ ال يُ َ‬
‫ِِ‬
‫الوقْ ت وم ْلئ ه بِ َ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫ينبَغ ي العنايَة ب َ‬
‫بالطااعة َشغَلَْتك بِ ِ‬
‫املعصيَة‪.‬‬ ‫َ‬
‫أي َم ْف َس َدة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫لم ْرء ا‬‫باب وال َفراغ وال َده َم ْف َس َدةٌ ل َ‬ ‫الش َ‬ ‫إن َّ‬
‫يم ه واس تِ ْغّللِه ب أن‬ ‫إن وضوح ال َدف‪ ،‬ومع ِرفَة أمهِّيَّة الوقْت‪ ،‬سبب الستِغّللِه‪ ،‬فَعلَيك بِتَ رتِيب وقْتِك وتَ ِ‬
‫نظ ِ‬
‫َْ ْ َ‬ ‫ََ ٌ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َ َ‬ ‫َّ‬
‫الو ْجه املطلوب‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جتعل لك َج ْدوالً يَوميَّاً وأسبوعيَّاً وخّلل اإلجازات لكي تَ ْستَغ ال َوقْ تَك على َ‬ ‫َ‬
‫بك ري إىل‬ ‫الص لوات يف الماع ة‪ ،‬والتَّ ِ‬ ‫ص ر‪ ،‬ومنه ا‪ :‬احملافَظَ ة عل ى َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الوقْ ت أكثَ ر م ن أن ُْحت َ‬ ‫وص َور اس ت ْغّلل َ‬ ‫ُ‬
‫املرض ى‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وخ ْدم ة الوال َدين‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫الزي ارات النااف َع ة‪ ،‬وعي َادة ْ‬ ‫وص لَة األرح ام‪ ،‬و ِّ‬ ‫املس جد وذ ْك ر اهلل‪ ،‬وق راءَة الق رآن‪َ ،‬‬
‫ومص ا َوطَنِ ك‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والتَّعلام والتَّعليم‪ ،‬وال َّدعوة إىل ال ري‪ ،‬والتَّ َف ُّك ر يف َخ ْل ق اهلل‪ ،‬والتَّفك ري يف َمص ا نَ ْفس ك‪َ ،‬‬
‫وحض ور ِحلَ ق العِْل م وال ُق رآن‪ ،‬واالس تِماع لك ال ن افِع‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫الع َم ل النا افع املن تج‪ ،‬وكتابَ ة البُح وث‪ُ ،‬‬
‫ِ‬
‫وأَُّمت ك‪ ،‬و َ‬
‫اض ِطجاعاً بِنِيَّ ِة‬ ‫ِ‬
‫إن انْ ِش غالَك باملب اح ول و ك ان نَ ْوم اً أو ْ‬ ‫ساعدة احملتاجني‪ ،‬وغ ري ذل ك َكثِ ري‪ ،‬ب ل َّ‬ ‫وم َ‬ ‫ومفيد‪ُ ،‬‬ ‫ُ‬
‫الوقْت‪.‬‬ ‫تَرِويح النَّ ْفس لتَستَعِيد نَشاطَها وتَ ْقوى على الطا ِ ِ‬
‫اعة من است ْغّلل َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫قال معاذ ‪ :‬أما أنا فأنام وأقوم‪ ،‬فأحتَ ِسب نَ ْوَم ِيت كما أحتَ ِسب قَ ْوَم ِيت (‪.)85‬‬
‫اح ة‪ ،‬كم ا يَطْلُب ه يف التَّ َع ب؛ َّ‬
‫ألن‬ ‫الر َ‬ ‫اب يف ا‬ ‫ق ال احل افظ اب ن حج ر رمح ه اهلل تع اىل‪ :‬معن اه أنَّه يَطْلُ ب الثَّو َ‬
‫صل با الثَّواب (‪.)86‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بادة َح َ‬‫احة إذا قُصد با اإلعانَةَ على الع َ‬ ‫الر َ‬
‫ا‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وصّلته‪.‬‬ ‫واملراد بَِق ْوَمته هنا‪ :‬قيامه اللَّيل َ‬
‫الوق ‪:‬‬
‫فادة من َ‬
‫صور من الحرص على الست َ‬
‫ُ‬

‫‪85‬‬
‫ومعاذ إىل اليَ َمن (‪( ،)60/8‬ح ‪ ،4341‬و‪ ،4342‬و‪،4344‬‬
‫) رواه البخاري‪ ،‬كتاب املغازي‪ ،‬باب‪ :‬بَ ْعث أيب ُموسى ُ‬
‫اإلمارة واحلِْرص عليها (‪ ،)1456/3‬برقم (‪.)1733‬‬
‫و‪ ،)4345‬ومسلم‪ ،‬كتاب اإلمارة‪ ،‬باب‪ :‬الن َّْهي عن طَلَب َ‬
‫صارف يَ ِسري‪.‬‬ ‫ِ‬
‫) فتح الباري (‪ )62/8‬بتَ َ‬
‫‪86‬‬

‫‪44‬‬
‫حممد بن إدريس الرازي)‪ :‬رمب ا ك ان‬ ‫الرازي عن حاله مع أبيه (أبو حام َّ‬ ‫الرمحن بن أيب حام ا‬ ‫‪ -1‬قال عبد َّ‬
‫ب َش ْي ٍء‬ ‫دخل البي ت لِطَلَ ِ‬ ‫دخل الَ ّلء وأق رأ علي ه‪ ،‬وي ُ‬
‫ِ‬
‫يأ ُك ل ف أقرأ علي ه ‪ ،‬وميش ي وأق رأ علي ه‪ ،‬وي ُ‬
‫وأقْ َرأ عليه (‪.)87‬‬
‫هنارن ا ُم َق َّس م جمل الِس‬ ‫أشهر‪ ،‬مل نأ ُكل فيها َمرقَة‪ ،‬ك ان ُ‬ ‫مبصر َسْب َعة ُ‬ ‫الرمحن بن أيب حام‪ :‬كناا ْ‬ ‫‪ -2‬قال عبد َّ‬
‫الشيو ‪ ،‬وباللَّيل النَّ ْسخ واملقابَلَة‪ ،‬قال‪ :‬فَأَتَ ْين ا يَ ْوم اً أن ا َورفِي ق يل ش يخاً‪ ،‬فق الوا‪ :‬ه و َعلِي ل‪ ،‬فرأين ا‬ ‫ُّ‬
‫ض ر َوقْ ت جملِ س‪ ،‬فَلَ م ميكنن ا‬ ‫أعجبَن ا‪ ،‬فا ْش تَ َريْناه‪ ،‬فلم ا ِص ْرنا إىل البي ت َح َ‬
‫ِ‬
‫يف طَ ِريقن ا َمسَك اً َ‬
‫ضْينا إىل اجمللس‪ ،‬فلم نَ َزل ح َّّ أَت ى علي ه ثَّلثَة أَياام‪ ،‬وك اد أن يَتَ غَ َّري‪ ،‬فَأَ َك ْلن اه نَيِّئ اً‪،‬‬ ‫وم َ‬
‫إصّلحه‪َ ،‬‬‫ُ‬
‫اح ِة الَ َس ِد (‪.)88‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫مل يَ ُكن لنا فَراغ أن نُ ْعطيَه َمن يَ ْش ِويه‪ ،‬مث قال‪ :‬ال يُ ْستَطاع الع ْلم بر َ‬
‫األسئلة‪:‬‬
‫الوقْت ) بَ ِّني رأيَك يف هذه العبارة‪ ،‬مع التَّعلِيل ؟‬
‫ضيِّع َ‬‫س‪َ ( :1‬هياا نُ َ‬
‫الوقْت ُم ِه اماً ؟‬
‫س‪ :2‬ملاذا كان َ‬
‫بارة ؟‬ ‫ِ‬
‫الوقْت هو احلَياة )) ما معىن هذه الع َ‬ ‫س‪َ (( :3‬‬
‫ظاهر ضياع الوقْت ِسوى ما يف ِ‬
‫الكتاب‪.‬‬ ‫س‪ :4‬اذ ُكر خَْس صوٍر ِمن م ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َُ‬
‫ص َوٍر على ذلك ِمن إنْشائِك‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫س‪ :5‬مّ يثاب املرء املسلم على الر ِ‬
‫احة واالست ْجمام ؟ اذ ُكر ثَّلث ُ‬ ‫اَ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬

‫‪ ) 87‬سري أعّلم النُّبّلء (‪.)251/13‬‬


‫‪ ) 88‬سري أعّلم النُّبّلء (‪.)266/13‬‬
‫‪45‬‬
‫الصدق‬
‫تَعريف الصدق‪:‬‬
‫الش ْي ِء ِخّلف ما هو عليه‪.‬‬
‫وض اده ال َك ِذب‪ ،‬وهو اإلخبار عن َّ‬
‫الص ْدق‪ :‬هو مطاب َقة الَ لِلواقِع‪ِ ،‬‬
‫ُ َ َ‬ ‫ِّ‬
‫َمكانَة الصدق‪:‬‬
‫الشرع بِتأكِ ِ‬
‫يدها و َاألْمر با‪.‬‬ ‫الص ْدق ِمن أَ ْعظَم ِخصال الري‪ ،‬وهو ِمن َمكا ِرم األَ ْخّلق اليت جاءَ َّ ْ َ‬ ‫ِّ‬
‫ص فاً ُمّل ِزم اً لألنبِي اء‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫فه و ُخلُ ق َرفي ع يَتَ َمثَّل ه األَفاض ل م ن النا اس‪ ،‬ويَتَ نَ َّك ب عن ه األَراذل‪ ،‬ول ذلك ك ان َو ْ‬
‫وض اده ما كان مّل ِزماً لِلمنافِ ِقني وأَ ْش ِ‬
‫باه ِهم‪.‬‬ ‫السّلم‪ِ ،‬‬ ‫عليهم َّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫األَمر بالصدق‪ ،‬والن هي عن ال َكذب‪:‬‬
‫قال اهلل تعاىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱠ [التَّوبة‪.]119 :‬‬
‫الص ْد َق يَ ْه ِدي إىل ال ِ ا‪َّ ،‬‬
‫وإن ال ِ َّ‬ ‫ذن ِّ‬ ‫يب ‪ ‬أنَّه ق ال‪َ ((:‬علَ ي ُكم بِ ِّ‬
‫الص ْدق‪ ،‬ف َّ‬ ‫وعن ابن مس عود ‪ ‬ع ن النَّ ِّ‬
‫ب عن د اهللِ ِص ِّديقاً‪ ،‬وإيا ا ُكم‬ ‫الص ْد َق ح َّّ يُ ْكتَ َ‬
‫ص ُدق ويَتَ َح َّرى ِّ‬ ‫يَ ْه ِدي إىل النَّ ة‪ ،‬وم ا يَ زال َّ‬
‫الر ُج ل يَ ْ‬
‫الر ُج ل يَ ْك ِذب‬‫وإن ال ُفج َور يَ ْه ِدي إىل النا ار‪ ،‬وم ا يَ زال َّ‬‫ذن ال َك ِذب يَ ْه ِدي إىل ال ُفج وِر‪َّ ،‬‬ ‫وال َك ِذب ف َّ‬
‫حّ يُ ْكتَب عند اهللِ ك اذاباً )) (‪.)89‬‬ ‫ويتَ َحَّرى ال َك ِذب َّ‬
‫أَقسام الصدق‪:‬‬
‫ظاهره ِ‬
‫باطنَه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫(أ) ْا ِ‬
‫الص ْدق بال َق ْلب‪ ،‬فاملؤمن جيب أن يكون صادقاً بقلبه‪ ،‬فّل َيالف ُ‬
‫ش‪ ،‬وال َيلِ ف إذا‬ ‫الص ْدق باألفع ال‪ ،‬س واء ال يت بين ه وب ني اهلل تع اىل‪ ،‬أو بين ه وب ني الل ق‪ ،‬ف ّل يَغ ا‬ ‫(ب) ِّ‬
‫ﱈ ﱠ اآلية [األحزاب‪.]23 :‬‬ ‫ﱉ‬ ‫َو َعد‪ ،‬قال تعاىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ‬

‫احبِها ق ال تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﲊ ﲋ‬ ‫الص ْدق ب األقوال‪ ،‬ف ّل خت الِف الواقِ ع‪ ،‬وال خت الِف أَفْع ال ص ِ‬ ‫ِّ‬ ‫(ج)‬
‫ﲌﲍﲎﲏﲐﲑﲒ ﲓﲔﲕﲖﲗﲘﲙﲚﲛﱠ‬
‫ف‪.]3-2 :‬‬
‫[الص ا‬
‫َّ‬
‫ثمرات الصدق‪:‬‬ ‫من َ‬
‫الصدق يَ ْه ِدي إىل الِ ا‪ ،‬والِ ا يَ ْه ِدي إىل النَّة‪.‬‬
‫‪ِّ -1‬‬

‫‪89‬‬
‫األدب‪ ،‬باب‪ :‬قوله تعاىل‪ :‬ﱡﭐ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩﱠ (الفتح ‪ ،)507/10‬رقم‬ ‫) رواه البخاري‪ ،‬كتاب َ‬
‫(‪ ،)6094‬ومسلم كتاب الِ ‪ ،‬باب‪ :‬قُْبح ال َك ِذب (‪ ،)2012/4‬رقم (‪ ،)2607‬وهذا لَ ْفظُه‪.‬‬
‫‪46‬‬
‫الص ِادق حمبوب عند اهلل‪ ،‬وعند النااس‪.‬‬
‫‪ -2‬ا‬
‫اآلخَرة‪.‬‬ ‫صاحبَه ِمن املهالِك يف ُّ‬
‫الدنيا و ِ‬ ‫الصدق ي نَ ِّجي ِ‬
‫‪ُ ِّ -3‬‬
‫وحك ُمه‪:‬‬‫ال َكذب ُ‬
‫فع ْل ت‪ ،‬وه و مل‬‫الش يء خ ّلف م ا ه و علي ه‪ ،‬وق د يك ون يف املاض ي‪ ،‬ك أن يق ول‪َ :‬‬ ‫ال َك ِذب‪ :‬اإلخب ار ع ن َّ‬
‫يَ ْف َعل‪ ،‬وقد يكون يف املستَ ْقبَل‪ ،‬كأن يقول‪َ :‬سأَفْ َعل‪ ،‬وليس يف نِيَّتِه أن يَ ْفعل‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جيوز يف جد وال َه ْزٍل‪ ،‬وليس يف ال َك ذب ش يءٌ أَبْ يَض ُمب اح‪َ ،‬‬
‫وش ْيء أَ ْس َود َح رام‪ ،‬كم ا يَظُ ان‬ ‫وال َكذب ال ُ‬
‫رورة‪ ،‬كال َك ِذب إلنْق ِاذ َم ْعص ِوم ال َّدِم ِم ن قاتِل‪ ،‬أو‬
‫الض َ‬ ‫ال بعض‪ ،‬ب ل كلُّ ه ُخلُ ق َم ْذ ٌ‬
‫موم‪ ،‬اإال م ا َد َع ت إلي ه َّ‬
‫ب‪ ،‬وحن ِو ذلك (‪.)90‬‬ ‫مال ِمن ِ‬
‫غاص ٍ‬ ‫صني ٍ‬ ‫لِتَح ِ‬
‫ْ‬
‫صلُح ال َك ِذب يف َه ْزٍل وال ِج اد ))(‪.)91‬‬ ‫قال ابن مسعود ‪ ((:‬ال يَ ْ‬
‫ضرر أو فَساد‪ ،‬ويعت اعتِياد ال َك ِذب ِمن َكبائِر ُّ‬ ‫ِ‬
‫الذنوب‪.‬‬ ‫ويَعظُم ال َكذب إذا ترتَّب عليه َ َ‬
‫من أنواع ال َكذب‪:‬‬
‫‪ -1‬ال َك ِذب على اهلل تعاىل‪ ،‬وذلك ِمثْل أن يَتَ َكلَّم يف ِدي ِن اهللِ بِغَ ْري ِع ْلم‪ ،‬أو يقول‪ :‬قال اهلل كذا‪ ،‬ويَ ْذكر‬
‫أَ ْشياء مل يَ ُق ْلها اهللُ تعاىل‪ ،‬اهلل يَ ْعلَم أين فَ َع ْلت ك ذا‪ ،‬وه و مل يَ ْف َعل ه‪ ،‬وحن و ذل ك‪ ،‬وه ذا ِم ن أَ ْعظَم‬
‫ال َك ِذب‪ ،‬ق ال تع اىل‪ :‬ﱡﭐ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱠ إىل قَولِ ِه س بحانه‪:‬‬
‫ﱡﭐ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ‬ ‫ﱡﭐﲆ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﱠ [األع راف‪ ،]33 :‬وق ال تع اىل‪:‬‬
‫ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﱠ [النَّحل‪.]116 :‬‬
‫إن َك ِذباً عل َّي ل يس‬ ‫ول اهلل ‪ ،‬وه و أيض اً ِم ن أعظَم أن واع ال َك ِذب‪ ،‬ق ال ‪َّ ((:‬‬ ‫‪ -2‬ال َك ِذب عل ى رس ِ‬
‫ُ‬
‫ب َعلَ َّي ُمتَ َع ِّمداً فَ ْليَتَبَ َّوأ َم ْق َع َده ِمن الناار ))(‪.)92‬‬ ‫ِ‬
‫َك َكذب على أَ َحد‪ ،‬فَ َمن َك َذ َ‬
‫الزور‪ ،‬وهي ِم ن أَ َش د أن واع ال َك ِذب‪ ،‬والو ِاج ب عل ى امل رء اأال يَ ْش َهد اإال بِ َش ْيء يَ ْعلَ ُم ه يَِقين اً‪،‬‬ ‫هادة ُّ‬
‫‪َ -3‬ش َ‬
‫يء ال يَ ْعلَم ه وماا يَ ْد ُخل يف ذل ك تَس ا َهل النا اس‬ ‫الش هادة يف ش ٍ‬
‫َ‬ ‫وال يَتَ َرَّدد يف َراد َم ن يَطْلُب من ه َّ َ‬
‫الع ْدل على ما ال يعلمون‪.‬‬ ‫ِ ِ‬
‫هادة يف احملاكم‪ ،‬وكتابَة َ‬ ‫بالش َ‬
‫اليوم َّ‬

‫الصاحلني‪ ،‬باب‪ :‬بيان ما جيوز ِمن ال َك ِذب‪ ،‬وكتاب األذكار‪ ،‬للنَّوِوي (ص ‪،)324‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫) يُنظر يف املواضع اليت جيوز فيها ال َكذب‪ِ :‬رياض ا‬
‫‪90‬‬

‫للسفا ِريين (‪ ،)134/1‬وغريها‪.‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬


‫يف باب‪ :‬النَّهي عن ال َكذب وأَقْسامه‪ ،‬وغذاء األلباب ا‬
‫‪ ) 91‬رواه البخاري يف كتاب األدب املفرد‪ ،‬رقم (‪ ،)387‬والطَّ اين يف الكبري رقم (‪ ،)8525‬وابن أيب ُّ‬
‫الدنيا يف ذَ ام الكذب‪ ،‬رقم‬
‫(‪.)79‬‬
‫األخري ِمن احلَ ِديث ُمتَواتر‪.‬‬
‫‪ ) 92‬رواه مسلم يف املقدمة (‪ ،)10/1‬حديث رقم (‪ ،)4‬عن املغرية بن شعبة‪ ،‬والزء ِ‬
‫‪47‬‬
‫كاذب يف ذلك‪.‬‬ ‫يء مضى أنَّه حصل‪ ،‬أو مل يصل وهو ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ف على َش َ َ‬ ‫‪ -4‬اليَمني الغَ ُموس‪ ،‬وهي‪ :‬أن يل َ‬
‫صل لا؛ إلضحاك اآلخرين‪ ،‬أو لِ ِم ْلء ال َفراغ‪ ،‬ويف ِّ‬
‫الص ْدق غُْن يَ ة‬ ‫صص واألخبار اليت ال أَ ْ‬
‫ِ‬
‫‪ -5‬اختّلق ال َق َ‬
‫عن احلَرِام‪.‬‬
‫رى أن يُِري َّ‬ ‫ِ‬
‫الر ُج ُل َعْي نَ ْيه ما مل تَر ))(‪.)93‬‬ ‫‪ -6‬أن يقول‪ :‬رأيْت كذا‪ ،‬ومل يََره‪ ،‬قال ‪ ((:‬أَفْ َرى الف َ‬
‫‪ -7‬أن يَ ْزعُم أنَّه رأى يف املن ام ك ذا‪ ،‬وه و مل يَر‪ ،‬ق ال ‪َ ((:‬م ن َحتَلَّم ِ ْل م مل يَ َره‪ُ ،‬كلِّ ف أن يَ ْع ِق َد ب ني‬
‫َشعِريتَ ْني ولن يَ ْف َعل ))(‪.)94‬‬
‫يام ة ح ّ يَ ْع ِق د َش عِريتَ ْني‪ ،‬ول يس‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫وه ذا تَ ْع ذيب ل ه عل ى َكذب ه‪ ،‬ويف رواي ة لإلم ام أمح د‪ ((:‬عُ ِّذب ي وم الق َ‬
‫ِ‬
‫عاقِداً ))(‪.)95‬‬
‫عُقوبَة ال َكاذب‪:‬‬
‫يب ‪ ((:‬إنَّه أتاين اللَّيلَة آتِيان‪ ،‬وإهنم ا ق اال يل‪:‬‬ ‫ماا َوَرد يف ذلك‪ :‬حديث مسرة بن جندب ‪ ‬يف ُرْؤيا النَّ ِّ‬
‫آخر قائِم عليه بِ َكلاوب ِمن َح ِديد‪ ،‬وإذا‬ ‫ِ‬
‫انطَلق‪ ،...‬قال‪ ((:‬فانْطَلَ ْقنا فأَتَ ْينا على َر ُجل ُم ْستَ ْل ٍق ل َقفاه‪ ،‬وإذا َ‬
‫ِ‬
‫وعْي نَ ه إىل قَف اه‪ ،‬مث يتَ َح َّول إىل الانِب فَيَ ْف َع ل ب ه‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ه و ي أيت أَ َح د ش اقي َو ْج ِه ه فَيُ َش ْرش ر ش ْدقَه إىل قَف اه‪َ ،‬‬
‫ص اح ذل ك الانِب كم ا ك ان‪ ،‬مث يع ود‬ ‫األول‪ ،‬فم ا ي ْف رغ ِم ن ذل ك الانِب ح َّّ ي ِ‬
‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ِمثْ ل م ا فَ َع ل بالانِب َّ‬
‫املرة األوىل‪.‬‬
‫عليه‪ ،‬فيَ ْف َعل مثل ما فَ َعل يف َّ‬
‫الر ُج ل ال ذي‬ ‫قال ت‪ :‬قل ت‪ُ :‬س بحان اهلل! م ا ه ذان؟ ‪ ..‬إىل أن ق ال‪ :‬ق اال يل‪ :‬أم ا إناا َس نُ ْخِ ك ‪ ...‬و اأم ا َّ‬
‫وعْي نُ ه إىل قَف اه‪ ،‬فذنَّ ه َر ُج ل يَ ْغ دو ِم ن بَْيتِ ه فَيَ ْك ِذب الكذبَ ة تَ ْب لُ غ‬ ‫ِ‬
‫ت إلي ه يُ َش ْر َش ر ش ْدقُه إىل قَف اه‪َ ،‬‬
‫أتَ ْي َ‬
‫اآلفاق )) (‪.)96‬‬
‫وقوله‪( :‬يُ َشرشر) أي‪ :‬يُ ْقطَع‪.‬‬
‫من َمساوئ ال َكذب‪:‬‬
‫‪ -1‬ال َك ِذب ِمن ِخصال املنافِ ِقني‪.‬‬

‫‪ ) 93‬رواه البخاري‪ ،‬عن ابن عمر‪ ،‬كتاب التَّعبري‪ ،‬باب‪َ :‬من َك َذب يف ُحلُ ِمه (الفتح ‪ ،)427/12‬رقم (‪ ،)7043‬ورواه أيضاً من‬
‫الصاحلِني‪ ،‬باب‪ :‬حترمي ال َك ِذب‪ :‬معناه‪:‬‬
‫َحديث واثلَة يف كتاب املناقب‪ ،‬باب رقم (‪( )5‬الفتح ‪ ،)539/6‬رقم (‪ ،)3059‬قال النَّووي يف رياض ا‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يقول‪ :‬رأيت‪ ،‬فيما مل يََره‪ ،‬وانظر‪ :‬دليل الفاحلني (‪ ،)36/8‬وجاء يف بعض روايات احلديث ما يقياده بُِرؤيا املنام‪ ،‬انظر‪ (:‬فتح الباري‪ ،‬يف شرح‬
‫ِ‬
‫احلديثَ ْني )‪.‬‬
‫السابِق‪ ،‬رقم (‪.)7042‬‬ ‫ِ‬ ‫‪94‬‬
‫) رواه البخاري‪ ،‬املوضع ا‬
‫‪ ) 95‬املسنَد (‪.)216/1‬‬
‫) رواه البخاري‪ ،‬كتاب التَّعبري‪ ،‬باب‪ :‬تعبِري ُّ‬
‫‪96‬‬
‫الصبح‪( ،‬الفتح ‪ ،)438/12‬رقم (‪.)7047‬‬ ‫الرؤيا بعد صّلة ُّ‬
‫‪48‬‬
‫ص حائِف ال َك اذابِني‪ ،‬وه ذا ِم ن أَقْ بَح‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪َ -2‬م ن تَ َك َّرر من ه ال َك ذب ح َّّ ص َار ع َاد ًة يُكتَ ب عن د اهلل يف َ‬
‫صنَّف ِمن قِبَ ل أَ ْهلِ ه وأَص حابِه يف قائِ َم ة ال َك اذابِني‪ ،‬فكي ف‬
‫أشْنع ما يكون‪ ،‬فاملرء ال يَ ْرضى أن يُ َ‬ ‫وَ‬
‫ضى أن يكون عند خالِِقه َك ِذلك ؟!‬ ‫يَ ْر َ‬
‫هادة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الش َ‬‫ردود َّ‬
‫‪ -3‬الكاذب َم ُ‬
‫بكّلمه‪ ،‬قال ابن املبارك رمحه اهلل تع اىل‪َّ ((:‬أول عُقوبَ ِة‬ ‫ألن الناس ال يثِقون ِ‬ ‫ب قد يَُراد ِص ْدقه؛ َّ‬ ‫ِ‬
‫‪ -4‬الكاذ ُ‬
‫الكاذب ِمن َك ِذبه‪ :‬أنَّه يَُراد عليه ِص ْدقُه ))(‪.)97‬‬
‫ِ‬
‫المعينَة على الت َخلص من ال َكذب‪:‬‬ ‫الوسائل ُ‬ ‫بعض َ‬
‫صه ِمن هذا ال اداء الَ ِطري‪.‬‬ ‫ودعاؤه أن َيَلِّ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪ -1‬االستعانَة باهلل تعاىل‪ُ ،‬‬
‫صحائِف ال َك اذابِني‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪ -2‬استشعاره ُسوء خامتَة ال َكذب‪ ،‬بأن يُ ْكتَب عند اهلل يف َ‬
‫كل َش ْي ٍء‪.‬‬‫ب عليه ا‬
‫َّ‬ ‫ِ‬
‫ومراقَبة املّلئ َكة‪ ،‬وأهنا تَ ْكتُ ُ‬
‫ِ‬
‫‪ُ -3‬مراقَبَة اهلل‪ُ ،‬‬
‫جي ع أقوالِ ه يف املس تقبل‪ ،‬وأنَّه يَ ْس ُقط ِم ن أَ ْع ُني‬ ‫أن ال َك ِذب ق د ي ؤِّدي ب ه إىل اأال تُ ْقب ل من ه َِ‬
‫َ‬ ‫َ َُ‬ ‫‪َ -4‬م ْع ِرفَتُ ه َّ‬
‫النااس‪.‬‬
‫اآلخ َرة‪ ،‬وإن ظَ َه ر ل ه ب ِادئ األَ ْم ر َّ‬
‫أن‬ ‫الص ْدق‪ ،‬س واء يف ال ُّدنيا أو يف ِ‬ ‫احلق ِيقيَّ ة يف ِّ‬
‫أن النَّج ا َة ِ‬
‫ص اوره َّ‬ ‫‪ -5‬تَ َ‬
‫النَّجاةَ يف ال َك ِذب‪.‬‬
‫وم ن ذل ك‪ :‬فِع ل ال َقبِ يح ال ذي ي دعوه لّلعتِ ذار ِ‬
‫كاذب اً‪ ،‬وكث رة‬ ‫‪ -6‬أن ي تَجنَّ ب م ا ي دعوه إىل ال َك ِذب‪ِ ،‬‬
‫ْ‬ ‫َ َ‬
‫اعي د ال يت ت دعوه إلخّلف ه‪ ،‬وجم اراة األص ِدقاء الك اذبني‪ ،‬أو ال ذين يس تَ ِمعون إىل الك ذب‪،‬‬ ‫املو ِ‬
‫ويُ َش ِّجعون عليه‪.‬‬
‫األسئلة‪:‬‬
‫الص ْدق ؟ واذ ُكر ثَّلثاً ِمن مثراتِه ؟‬
‫س‪ :1‬ما أَقْسام ِّ‬
‫وضيح ؟‬ ‫الاد والا ِزل ؟ مع التَّ ِ‬ ‫ِ‬
‫س‪ :2‬ما ال َكذب‪ ،‬وهل يُ َفارق فيه بني ا‬
‫س‪ :3‬اذ ُكر ثّلثاً ِمن مسا ِوئ ال َك ِذب‪ ،‬مث اذ ُكر عقوب تَه يف ِ‬
‫اآلخَرة‪.‬‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫ب يف أَقْواله ؟‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫س‪ :4‬ماذا ِجيب عليك إذا علمت َّ ِ‬
‫أن صاحبَك يُ ْكثر ال َكذ َ‬ ‫َْ‬

‫‪ ) 97‬رواه ابن أيب الدُّنيا يف َذ ام ال َك ِذب‪ ،‬رقم (‪.)82‬‬


‫‪49‬‬
‫اع ةُ‬
‫الطَ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫رورةٌ‪ ،‬وال بُ َّد فيه من َ‬
‫إمارة‪:‬‬ ‫ض َ‬ ‫االجتماعُ َ‬
‫الق َدم ال يَعِيش ون اإال‬ ‫ماعي بِطَبعِه (‪ ،)98‬والنااس منذ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫لقد جبِل النااس على ح ِّ ِ‬
‫ُ‬ ‫ب االجتماع‪ ،‬فاإلنسا ُن اجت ٌّ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ ُ‬
‫يف جاع ات‪ ،‬وك ال جاع ات إن مل ي ُك ن ل ا قائِ د يُ نَظِّم أَْمَره ا ويُط اع فيه ا‪ ،‬ويُس َمع أَْم ُره وهنيُ ه‪ ،‬ف ذن‬
‫الش ِ‬
‫اعر‪:‬‬ ‫ناحر‪ ،‬وأُنسها إىل َو ْح َشة‪ ،‬قال ا‬ ‫ِ‬
‫ماعها يعود إىل فُ ْرقَة‪ ،‬وإلْفها إىل تَ ُ‬ ‫اجت َ‬
‫سادوا‪.‬‬
‫وال ُسرا َة إذا ُج اهالم ُ‬ ‫ضى ال ُسرا َة لم‬ ‫صلُح النااس فَ ْو َ‬
‫ال يَ ْ‬
‫وح َّولَه ِم ن ع َادةٍ إىل ِدي ٍن‪ ،‬فق ال تع اىل‬ ‫ِ‬
‫الش رع والنا اس عل ى ذل ك‪ ،‬ف َق َّرر ه ذا الواق ع َورتَّب أَْم َره‪َ ،‬‬ ‫فج اء َّ‬
‫طاع ِة ُواالة األَ ْمر‪ :‬ﱡﭐ ﳄ ﳅ ﳆ ﳇ ﳈ ﳉ ﳊ ﳋ ﳌ ﳍ ﱠ [النساء‪.]59 :‬‬ ‫ِ‬
‫آمراً بِ َ‬
‫اإلمارة‪:‬‬
‫َ‬ ‫اتساع دائ َرة‬
‫اع ة‪ ،‬ع ن أيب هري رة‬ ‫يحة‪ ،‬ف َّ‬ ‫رعيَّة ِ‬ ‫وتَتَّ ِسع دائِرة ذلك ح ّ تَ ْش مل ك ل م ن ل ه ِوالي ة َش ِ‬
‫ذن ل ه َح اق الطا َ‬ ‫صح َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ اَ‬ ‫َ‬
‫ِ ِ‬
‫وم ن‬‫اع ِين‪َ ،‬‬
‫وم ن يُط ع األَم َري فَ َق د أَط َ‬ ‫ومن َعصاين فق د َعص ى اهللَ‪َ ،‬‬ ‫طاع اهللَ‪َ ،‬‬ ‫طاع ِين فقد أَ َ‬
‫‪َ ‬م ْرفوعاً‪َ ((:‬من أَ َ‬
‫ص األَِم َري فقد َعصاين ))(‪.)99‬‬ ‫يَ ْع ِ‬
‫ومن ذلك كل ما له ِوالية ص ِحيحة‪ ،‬كالوِزير يف ِوزارتِه‪ ،‬وامل ِدير يف إدارتِه‪ ،‬وحن و ذل ك‪ ،‬فه ؤالء ال ِ‬
‫ميك ن‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ا‬
‫اعة مَّن حتَت أَيْ ِدي ِهم‪.‬‬ ‫أن ي ِسري العمل املنوط بِم اإال ْ ِ‬
‫بذعطائ ِهم َح اق الطا َ‬ ‫َ َ ََ‬
‫ِ‬
‫ؤمروا‬‫اع ة‪ ،‬ق ال ‪ ((:‬إذا َخ َرج ثَّلثَ ة يف َس َفر فلي َ‬ ‫الس َفر ال بُ َّد ل ا م ن أم ٍري يُ ْعطَ ي َح اق الطا َ‬
‫اع ة َّ‬ ‫وج َ‬
‫َ‬
‫أح ُدهم ))(‪.)100‬‬‫َ‬
‫ذن ل ه ح اق الطااع ة‪ ،‬فع ن اب ن عم ر رض ي اهلل عنهم ا ق ال‪:‬‬ ‫وميتَ د ذل ك‪ ،‬في ْش مل ويل األُس رة ور ِ‬
‫اعيه ا‪ ،‬ف َّ‬ ‫َ َ ا َ‬
‫سؤول عن َر ِعيَّتِ ه‪ ،‬و َّ‬
‫الر ُج ل‬ ‫وم ٌ‬ ‫ِِ‬
‫مسعت رسول اهلل ‪ ‬يقول‪ ((:‬كلُّكم ر ٍاع وكلُّكم َمسؤول عن رعيَّته‪ ،‬واإلمام ر ٍاع َ‬

‫أن االجتِماع اإلنساين‬


‫طبعة العمران‪ ،‬الفصل األول‪ ،‬املقدِّمة األوىل‪ :‬يف َّ‬
‫األول‪ْ ،‬‬
‫) يُنظَر يف هذا‪ :‬مقدِّمة ابن خلدون‪ ،‬الكتاب َّ‬
‫‪98‬‬

‫ضروري‪( ،‬ص ‪.)34‬‬


‫ﳌ ﳍ ﱠ‪ ،)111/13( ،‬ح (‪،)7137‬‬ ‫تعاىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﳇ ﳈ ﳉ ﳊ ﳋ‬ ‫‪ ) 99‬رواه البخاري‪ ،‬كتاب األحكام‪ ،‬باب‪ :‬قوله‬
‫صيَة (‪،)1466/3‬ح (‪.)1835‬‬ ‫ومسلم‪ ،‬كتاب اإلمارة‪ ،‬باب‪ :‬وجوب طاعة األ َِمري يف غري مع ِ‬
‫َْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫َح َدهم (‪ ،)42/2‬ح (‪ ،2608‬و‪.)2609‬‬ ‫ِ‬ ‫‪100‬‬
‫) رواه أبو داود‪ ،‬كتاب الهاد‪ ،‬باب‪ :‬ال َق ْوم يُسافرون ويُ َؤِّمرو َن أ َ‬
‫‪50‬‬
‫ومس ؤولَة ع ن َر ِعيَّتِه ا‪ ،‬وال ِادم يف م ِال َس يِّ ِده ر ٍاع‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬
‫ؤول ع ن َرعيَّت ه‪ ،‬وامل رأَة يف بَْي ت َزْوجه ا َ‬
‫ومس ٌ‬ ‫ِ‬
‫ر ٍاع يف أهل ه َ‬
‫ومسؤول عن َر ِعيَّتِه ))(‪.)101‬‬‫َ‬
‫اعة‪:‬‬
‫َمعنى الط َ‬
‫املطي ع والطاائِع هللِ؛ ألنَّه مْنق ا ٌد ألم ِره‪ ،‬وعكس ه ِ‬
‫العاص ي؛ ألنَّه ُم ْس تَ ْع ٍ‬
‫ص غ ري‬ ‫الطااع ة‪ِ :‬‬
‫االنقي اد‪ ،‬ومن ه‪ِ :‬‬
‫َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫مْن ٍ‬
‫قاد‪.‬‬ ‫ُ‬
‫اعة‪:‬‬
‫أقسام الط َ‬
‫اعة يف الملة إىل قِ ْس َم ْني‪:‬‬ ‫ِ‬
‫تَ ْن َقسم الطا َ‬
‫طاعةٌ ُمطلَ َقة‪:‬‬
‫َ‬ ‫‪-1‬‬
‫اعة غري املشروطَة‪.‬‬
‫وهي الطا َ‬
‫طاع ة‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫خاص باهلل تعاىل ورسوله ‪ ،‬فليس ألح د كائن اً َم ن ك ان غ ري اهلل تع اىل ورس وله ‪َ ‬‬
‫وهذا النَّوع ا‬
‫ُمطْلَ َقةً‪.‬‬
‫المطلَ َقة‪:‬‬ ‫اعة ُ‬ ‫َخصائص الط َ‬
‫ص عن غ ِريها خبَصائِص‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫ِ‬
‫اعة ختْتَ ا‬
‫وهذه الطا َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫طاع ة غ ري اهلل َورس وله‪ ،‬ف ِه ي َ‬
‫طاع ة غ ري‬ ‫طاع ة ُم ْس تَقلَّة بِنَ ْفس ها غ ري تابِ َع ة لغَ ِْريه ا‪ ،‬خب ّلف َ‬‫(أ) أهن ا َ‬
‫مس ت ِقلَّة‪ ،‬ب ل ه ي تابِع ة لِطاع ة اهللِ ورس ولِه ‪ ،‬ول ذلك ذَ َك ر اهلل تع اىل يف اآلي ة الس ابَِقة ِ‬
‫الف ْع ل‬ ‫ا‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َْ‬
‫طاع ِة (أويل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(أَطيع وا) ُمتَ َعلِّق اً ب اهلل تع اىل‪ ،‬مث ذَ َك ر ُمتَ َعلِّق اً بَِرس وله ‪ ،‬ومل يُ َك ِّرْره عن د ذ ْك ر َ‬
‫طاع ِة اهللِ تع اىل ورس ولِه‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫طاع ة ُمس تَقلَّة‪ ،‬ب ل ه م تَبَ ٌع ل َ‬
‫األم ر)‪ ،‬وذل ك واهلل أعل م ألنَّه ل يس ل م َ‬
‫‪.‬‬
‫رعة االس تِجابَة‪ ،‬دون ت َرُّدد؛ ألنَّه ل يس يف أم ر اهلل تع اىل وأم ر رس ولِه ‪ ‬اإال ال ري واحلكم ة‪،‬‬ ‫(ب) ُس َ‬
‫فل يس يف َش ْرِع اهللِ م ا يُنافيه ا‪:‬ﭐﱡﭐ ﲞ ﲟ ﲠ ﲡ ﱠ اآلي ة [املؤمن ون‪،]115 :‬‬
‫العبَ ث ِم ن فِ ْع ل اهللِ تع اىل أب داً‪ ،‬وه ذا ِم ن مع ىن اإلمي ان باس م اهلل تع اىل‪( :‬احلك يم)‪،‬‬ ‫س َ‬ ‫فلَ ْي َ‬
‫وص َفته‪( :‬احلكمة)‪.‬‬ ‫ِ‬

‫الوصايا‪ ،‬باب‪ :‬تَأ ِويل قولِه تعاىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﱠ‪ ،)377/5( ،‬ح (‪،)2751‬‬ ‫) رواه البخاري‪ ،‬كتاب َ‬
‫‪101‬‬

‫بالر ِعيَّة والن َّْهي عن إدخال َ‬


‫املشقَّة عليهم (‪ ،)1459/3‬ح‬ ‫الرفْق َّ‬ ‫ضيلَة األ َِمري وعُقوبَة الائِر‪ ،‬واحلَ ا‬
‫ث على ِّ‬ ‫ومسلم‪ ،‬كتاب اإلمارة‪ ،‬باب‪ :‬فَ ِ‬
‫َ‬
‫(‪.)1829‬‬
‫‪51‬‬
‫أن تَ ْن ِفي َذ املسلِم ألَمر اهللِ تعاىل ورسولِه ‪ ‬ال يتوقَّف عل ى ْإدراكِ ه لِ ِ‬
‫لح ْك َم ة‪ ،‬ب ل الو ِاج ب‬ ‫وبذا تَ ْع ِرف َّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫الش ِ‬
‫رعيَّة‪ ،‬ويَ ْس أَل عنه ا‪،‬‬ ‫أس بع د ذل ك أن ي ا ِول التَّ َع ارف عل ى احلِ ْك َم ة َّ‬ ‫ِ ِ‬
‫علي ه املب َاد َرة لّلس تجابَة‪ ،‬وال ب َ‬
‫جودها‪ ،‬ب ل لُِقص ور إدراكِ ه ع ن َم ْع ِرفَتِه ا‪ ،‬ول ذلك ق د يَ ْع ِرفه ا‬
‫فذن مل يست ِطع إدرا َكها فليس ذلك لِع َدم و ِ‬
‫َ ُ‬ ‫َ َْ ْ‬
‫غريه‪ ،‬وقد يَ ْع ِرفها هو بَ ْعد ِحني‪.‬‬
‫الاص يَّة قولُه تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ‬ ‫وم ن أدلَّة ه ذه ِّ‬ ‫ِ‬
‫ﱙ ﱠ ﭐ ﭐ[األحزاب‪.]36 :‬‬ ‫ﱐﱒﱓﱔﱕﱖﱗﱘ‬
‫ﱑ‬ ‫ﱎﱏ‬

‫ﳃ‬ ‫ﳂ‬ ‫اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ‬ ‫وق ال تع‬


‫ﳄ ﳅ ﳆ ﱠ [النُّور‪.]51 :‬‬
‫(ج) َّ‬
‫أن يف طاعة اهللِ ورسوله ‪ ‬الداية التا َّامة‪.‬‬
‫ﱏﱑ‬
‫ﱐ‬ ‫ﱅﱇﱈﱉﱊﱋﱌ ﱍﱎ‬
‫ﱆ‬ ‫اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ‬ ‫ق ال تع‬
‫ﱓ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱠ [النُّور‪.]54 :‬‬
‫ﱔ‬ ‫ﱒ‬
‫‪ -2‬طاعة ُم َقي َدة‪:‬‬
‫اع ة ه ي الطااع ة‬ ‫اع ة املش روطة بِ ُش روط‪ ،‬ف ّل ِجت ب اإال إذا ُوِج َدت ه ذه ُّ‬
‫الش روط‪ ،‬وه ذه الطا َ‬ ‫وه ي الطا َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ألولياء األمور بأنواع ِهم‪ ،‬من حاك ٍم‪ ،‬وأم ٍري‪ ،‬وأَب‪ُ ،‬‬
‫وم َد ِّرس‪ ،‬وغريهم‪.‬‬
‫الم َقي َدة ما يلي‪:‬‬
‫اعة ُ‬‫شروط ُوجوب الط َ‬
‫صيَة اهلل ورسولِه ‪ ،‬بل يف املعروف‪ ،‬ودليل ذلك‪:‬‬ ‫أ) أال تكون يف مع ِ‬
‫َْ‬
‫ع ن عل ي ‪ ‬ق ال‪ :‬بع ث رس ول اهلل ‪َ ‬س ِريَّة‪ ،‬وأََّم ر عل ي ِهم َر ُج ّلً ِم ن األنص ار‪ ،‬وأم َرُهم أن يُ ِطيع وه‪،‬‬
‫ِ‬
‫عزْم ت عل يكم مل ا‬ ‫يب ‪ ‬أن تطيع وين؟ ق الوا‪ :‬بل ى‪ ،‬ق ال‪ :‬ق د َ‬ ‫فغَض ب عل يهم‪ ،‬وق ال‪ :‬أل يس ق د أََم ر النَّ ا‬
‫فلم ا َمهاوا بِال ُّدخول‪ ،‬فق اموا‬ ‫فج َمع وا َحطَب اً‪ ،‬فأوقَ دوا ن اراً‪ ،‬ا‬ ‫جَ ْع تُم َحطَب اً وأوقَ دم ن اراً‪ ،‬مث َد َخ ْل تُم فيه ا‪َ ،‬‬
‫يب ‪ ‬فِ راراً ِم ن النا ار‪ ،‬أفنَ ْدخلها ؟ فبَ ْينم ا ه م‬ ‫ض هم إىل بع ض‪ ،‬فق ال بعض هم‪َّ :‬إمن ا تَبِ ْعن ا النَّ َّ‬ ‫يَْنظُ ر بَ ْع ُ‬
‫يب ‪ ‬فق ال‪ ((:‬ل و َد َخل وا م ا َخَرج وا ِمْنه ا أب داً‪َّ ،‬إمن ا‬ ‫ِ‬
‫ض به‪ ،‬ف ُذكر للنَّ ِّ‬ ‫وس َكن َغ َ‬
‫كذلك إذ َخَدت الناار‪َ ،‬‬
‫اعة يف املعروف ))(‪.)102‬‬ ‫الطا َ‬
‫طاعة‪ ،‬قال تعاىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﱠ [التَّغابن‪.]16 :‬‬ ‫ِ‬
‫ب) االست َ‬

‫السمع والطااعة لإلمام ما مل تكن م ِ‬


‫عصية (‪ ،)122/13‬ح (‪ ،)7145‬ومسلم‪ ،‬كتاب‬ ‫) رواه البخاري‪ ،‬كتاب األحكام‪ ،‬باب‪َّ :‬‬
‫‪102‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫صيَة (‪ ،)1469/3‬ح (‪.)1840‬‬ ‫اإلمارة‪ ،‬باب‪ :‬وجوب طاعة األُمراء يف غري مع ِ‬
‫َْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫‪52‬‬
‫اع ة يق ول لن ا‪:‬‬ ‫ول اهللِ ‪ ‬عل ى َّ‬
‫الس مع والطا َ‬ ‫وع ن اب ن عم ر رض ي اهلل عنهم ا ق ال‪ :‬كنا ا إذا بايَ ْعن ا رس َ‬
‫استَطَ ْعتُم))(‪.)103‬‬ ‫ِ‬
‫((فيما ْ‬
‫الض رر يُزال‪ ،‬ق ال ‪ ((:‬ال‬ ‫املقررة َّ‬ ‫فمن القو ِ‬ ‫ج) اأال يِتتَّب على الطااعة ضرر للمأمور‪ِ ،‬‬
‫أن َ‬ ‫الشرعيَة َّ‬ ‫اعد َّ‬ ‫ٌ‬
‫ض َرٍر‬ ‫الض رر األَ ِ‬ ‫اص لِتَّليف َّ‬ ‫ضَرر وال ِض رار ))(‪ ،)104‬لك ن ق د ُْيتَ َم ل َّ‬
‫ص غَر ل َ‬ ‫ْ‬ ‫الض َرر الع ام‪ ،‬أو َّ َ‬ ‫الض َرر ال ا‬ ‫َ‬
‫أَ ْك َ منه‪.‬‬
‫حك َمة الشرع‪:‬‬
‫اع ة‪ ،‬وذل ك‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اض َحة ِج اداً‪ ،‬ومنه ا‪َّ :‬‬ ‫الشرع يف كل ذلك و ِ‬ ‫ِ‬
‫أن احلي اةَ ال ميك ن أن تَ ْس تَقار ب دون الطا َ‬ ‫ا‬ ‫وح ْك َمة َّ‬
‫ميك ن أن يَ ْس تَ ِقيم‬
‫الر ْمح ة‪ ،‬وعلي ه ف ّل ِ‬ ‫ِ‬
‫الع ْدل واإلحس ان واحل ْك َم ة و َّ َ‬ ‫الش ِر َيعة ال يت ال ت أيت اإال بِ َ‬
‫حماس ن َّ‬ ‫ِم ن ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اعة‪.‬‬‫ود ْرء املفاسد عنهم اإال بِت ْلك الطا َ‬ ‫اس وِرعايَة َمصاحل ِهم‪َ ،‬‬ ‫َمعاش النا ِ‬
‫طاعة ُولة األَمر‪:‬‬ ‫المتَ َرت بَة على َ‬‫الحمي َدة ُ‬ ‫من اآلثار َ‬
‫ثال ألَ ْمر اهللِ تعاىل‪ ،‬ورسولِه ‪ ،‬ويِتتَّب على ذلك األَ ْجر والثَّواب‪.‬‬ ‫‪ -1‬يف ذلك امتِ ٌ‬
‫متاسك‪ ،‬واستِمرار لَِو ْح َدهتا‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ّلحم لألَُّمة و ُ‬‫‪ -2‬يف ذلك تَ ُ‬
‫الدين أو ُّ‬
‫الدنيا‪.‬‬ ‫الدولَة‪ ،‬سواء ما يتعلَّق بأموِر ِّ‬ ‫‪ -3‬انتِظام أمور َّ‬
‫إشاعة األَ ْمن واالستقرار يف ُربوع البِّلد‪.‬‬ ‫َ‬ ‫‪-4‬‬
‫اخل والا ِرج‪.‬‬ ‫‪ -5‬سبب لُِق َّوة األَُّمة وهيبتِها ونَص ِرها على أَ ْعدائِها يف ال اد ِ‬
‫ْ‬ ‫َ َْ‬ ‫َ‬
‫األسئلَة‪:‬‬
‫رورة إنسانِيَّة‪ ،‬فما الذي يلزم الستِ ْمرار هذا االجتِماع ؟‬ ‫ض َ‬
‫ِ‬
‫س‪ :1‬االجتماع َ‬
‫ماعة إذا سافروا أن يُ َؤِّمروا أَ َح َد ُهم‪ ،‬ما دليل ذلك ؟ وما فائِ َدتُه ؟‬ ‫للج َ‬‫س‪ :2‬يشرع َ‬
‫لم ْس لِم إذا َِمس ع ب أَ ْم ِر اهللِ أو بِ أَ ْمر َرس ولِه ‪ ‬أن يُ َؤ ِّخر االس تِجابَة ح َّّ تَتَبَ َّني ل ه‬ ‫ِ‬
‫س‪ :3‬ه ل جي وز ل ُ‬
‫احلِ ْك َمة‪َ ،‬علِّل ما تقول ؟‬
‫س‪ :4‬ما ُحكم ما يلي مع التَّعليل واالستِدالل‪:‬‬
‫اإلشارة‪.‬‬
‫َ‬ ‫(أ) قَطْع‬
‫الشرح‪.‬‬ ‫(ب) أمر األستاذُ بالدوء أثناء َّ‬

‫‪ ) 103‬رواه البخاري‪ ،‬كتاب األحكام‪ ،‬باب‪ :‬كيف يُبايع اإلمام النااس (‪،)193/13‬ح (‪.)7202‬‬
‫‪ ) 104‬رواه أمحد يف مسنده (‪ ،)327/5‬ومالك يف املوطأ‪ ،‬كتاب األقضية‪ ،‬باب‪ :‬القضاء يف املرفق (‪ ،)745/2‬رقم (‪ ،)31‬وابن ماجه‬
‫ضار با ِره (‪ ،)784/2‬ح (‪ ،)2340‬وقال النَّوِوي يف األربعني ح (‪َ ":)32‬ح ِديث َح َسن"‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ين يف َحقِّه ما يَ ُ‬
‫يف األحكام‪ ،‬باب‪َ :‬من بُ َ‬
‫‪53‬‬
‫تِتك الصّلة يف ِ‬
‫املسجد‪.‬‬ ‫أمرك أخوك األك َ أن َ َ‬ ‫(ج) َ‬
‫ِ‬
‫طاعة ُواالة األَ ْم ِر ٌ‬
‫آثار َح َسنَة‪ ،‬اذ ُكر ثَّلثَةً منها‪.‬‬ ‫س ‪ :5‬ل َ‬

‫‪54‬‬
‫الحب في اهلل‬
‫ُ‬
‫الحب في اهلل‪:‬‬
‫َمعنى ُ‬
‫العّلق ات ال يت تَ ْربِط َ‬
‫بعض هم‬ ‫ب يف اهلل)‪ ،‬وكان ت َ‬ ‫اهلِيَّتِ ِهم يَ ْع ِرف ون ش يئاً امس ه (احل ُّ‬
‫مل يك ن النا اس يف ج ِ‬
‫َ‬
‫بِبَ ْعض َعّلق ات َمْن َش ؤها األرض‪ ،‬أو النَّ َس ب‪ ،‬أو م ا ش ابه ذل ك‪ ،‬فج اء اهلل بنُ ور اإلس ّلم‪ ،‬ومس ا بتل ك‬
‫ب‬‫فجع ل َعّلقَ ة ال ِّدين أَْرفَ َعه ا وأَ َجلَّه ا‪ ،‬ورتَّ ب عل ى ه ذه العّلقَ ة األَ ْج َر والثَّ واب‪ ،‬واحلُ ا‬ ‫العّلق ات‪َ ،‬‬
‫ب يف اهلل‪.‬‬‫خوة يف اهلل‪ ،‬واحلُ ا‬
‫صطَلح‪ :‬األُ َّ‬ ‫ض‪ ،‬فَنَشأ مع اإلسّلم ُم ْ‬ ‫والبُ ْغ َ‬
‫اع ِة هللِ تع اىل‪ ،‬فَلَْي َس ت ألج ِل امل ِال‪ ،‬وال‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ب يف اهلل‪ :‬حمبَّ ة املس لم لم ا في ه م ن خص ِال الَ ْري والطا َ‬ ‫فاحلُ ا‬
‫الوطَن‪ ،‬وال غري ذلك‪.‬‬ ‫النَّ َسب‪ ،‬وال َ‬
‫الحب في اهلل‪:‬‬
‫من فَضائل ُ‬
‫يب ‪َّ ((:‬‬
‫أن َر ُجّلً ز َار أَخاً له يف قَ ْريَة‬ ‫للمتَحابِّني فيه‪ ،‬فعن أيب هريرة ‪ ‬عن النَّ ِّ‬ ‫‪ -1‬حمبَّة اهلل تعاىل ُ‬
‫فلم ا أت ى علي ه ق ال‪ :‬أي ن تُِري د ؟ ق ال‪ :‬أُ ِري د أَخ اً يل‬ ‫ِ‬
‫صد اهللُ له على َم ْد َر َجت ه َملَك اً‪ ،‬ا‬ ‫أُ ْخرى‪ ،‬فَأَْر َ‬
‫عز َو َج ال‪،‬‬‫يف َه ِذه ال َق ْريَة‪ ،‬قال‪ :‬هل لك عليه ِمن نِ ْع َمة تَ َرُّبا ؟ قال‪ :‬ال‪ ،‬غري أين أَ ْحبَْبتُه يف اهللِ َّ‬
‫ك كما أَ ْحبَْبتَه فِ ِيه ))(‪.)105‬‬ ‫رسول اهللِ َ‬
‫إليك َّ‬
‫أن اهللَ قد أُ َحبَّ َ‬ ‫قال‪ :‬فذين ُ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يف))‬ ‫ني َّ‬‫يف‪ ،‬واملتَب اذل َ‬
‫ين َّ‬‫يف‪ ،‬واملتَ زا ِور َ‬
‫ني َّ‬
‫يف‪ ،‬واملتَجالس َ‬ ‫لمتَح ابِّني َّ‬ ‫ويف احل ديث ال ُقدس ي‪َ ((:‬و َجبَ ت حمبَّ ِيت ل ُ‬
‫(‪.)106‬‬
‫وم ال ِظ َّل اإال ِظلُّه‪ ،‬قال ‪َ ((:‬سْب َعة يُ ِظلُّهم اهللُ يف ِظلِّه‬ ‫ِ ِ‬
‫‪ -2‬املتَحاباون يف اهلل تعاىل يف ظ ال َع ْرشه يَ َ‬
‫اجتَ َمعا عليه‪ ،‬وتَ َفَّرقا عليه ))(‪.)107‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يوم ال ظ ال اإال ظلاه ‪َ ...‬ور ُجّلن حتاباا يف اهلل‪ْ ،‬‬ ‫َ‬
‫يام ة‪ :‬أي ن املتَح ابُّون ب ّليل‪ ،‬الي وم أُ ِظلُّ ُه م يف ِظلِّ ي يَ ْوَم ال ِظ َّل اإال‬ ‫ِ‬ ‫وق ال ‪َّ ((:‬‬
‫إن اهللَ يق ول ي وم الق َ‬
‫ِظلِّي))(‪.)108‬‬

‫ب يف اهللِ (‪ ،)1988/4‬رقم (‪.)2566‬‬ ‫ضل احلُ ا‬ ‫) رواه مسلم‪ ،‬كتاب ال ا‪ ،‬باب‪ :‬فَ ْ‬
‫‪105‬‬

‫وقوله‪ :‬أرصد على م ْدرجتِه‪ :‬أَقْ ع َده على طَ ِر ِيقه ي رقُبه‪ ،‬وقوله‪( :‬تَرابا) مبعىن‪ :‬حت َفظُها وتُر ِ‬
‫اعيها بِ َذهابِك إليه‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫َْ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ‬ ‫َْ‬
‫‪ ) 106‬رواه مالك يف املوطأ‪ ،‬كتاب الشِّعر‪ ،‬باب‪ :‬ما جاء يف املتَحابني يف اهلل (‪.)954 - 953/2‬‬
‫الصّلةَ (الفتح ‪ ،)2/143‬رقم (‪ ،)660‬ومسلم يف الزكاة‪ ،‬باب‪:‬‬ ‫‪ ) 107‬رواه البخاري يف األذان‪ ،‬باب‪ :‬من جلَس يف ِ‬
‫املسجد يَْنتَ ِظر َّ‬ ‫َ َ‬
‫الص َدقة (‪ ،)715/2‬رقم (‪.)1031‬‬ ‫إخفاء َّ‬‫ضل ْ‬
‫فَ ْ‬
‫‪108‬‬
‫ب يف اهلل (‪ ،)1988/1‬رقم (‪.)2566‬‬ ‫ضل احلُ ا‬ ‫) رواه مسلم‪ ،‬كتاب ال ‪ ،‬باب‪ :‬فَ ْ‬
‫‪55‬‬
‫ؤمن وا‪ ،‬وال ِ‬
‫تؤمن وا‬ ‫احل ب يف اهللِ ِم ن أس باب دخ ول النَّ ة‪ ،‬ق ال ‪ ((:‬ال تَ ْدخلون النَّ ةَ ح ّ تُ ِ‬ ‫‪-3‬‬
‫ُ‬ ‫ُا‬
‫حّ حتاباوا‪.)109( ))...‬‬
‫َّ‬
‫ومن تَجتَنب‪:‬‬ ‫صفات َمن تَختار أُ ُخوتَه َ‬
‫ص ْحبَتِه‪ ،‬ول ذلك ق ال‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لِما لِ ِ ِ‬
‫لصاحب من تأث ٍري على صاحبِه فَالواجب على املس لم أن يعت ين مب ن َيت ُاره ل ُ‬ ‫ا‬
‫الر ُجل على ِدي ِن َخلِيلِه‪ ،‬فَ ْليَ ْنظُر أَ َح ُد ُكم َمن َيالِل ))(‪.)110‬‬
‫يب ‪َّ ((:‬‬ ‫النَّ ا‬
‫احب با‪:‬‬ ‫الصفات اليت ي ْنبغِي اتِّصاف الص ِ‬ ‫ِ‬
‫ومن أَ َه ام ِّ‬
‫ا‬ ‫ََ‬
‫ّلم ة‬ ‫ِ‬
‫لكل ُمْن ُهما َعّلمات يُ ْعَرف ب ا‪ ،‬فَ َع َ‬ ‫(أ) أن يكون ذا دين وتَ ْقوى‪ ،‬خبّلف َمن ليس كذلك‪ ،‬و ا‬
‫ب واللَّ ْع ن‬ ‫الص ّلة وحنوه ا‪ ،‬ونَظافَ ة لِس انِه ِم ن َّ‬
‫الس ا‬ ‫ِذي التَّ ْق وى‪ِ :‬ح ْرص ه عل ى فَ رائِض اهللِ‪َ ،‬ك َّ‬
‫احش‪ ،‬وإعانَتِ ه‬ ‫لص احلِني‪ ،‬وبُ ْع ِده ع ن َّ‬
‫الرذائِ ل وال َف و ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ص حه لص احبِه‪ ،‬وحمبَّت ه ل ا‬
‫ِ‬
‫والغيبَ ة وغ ِريه ا‪ ،‬ونُ ْ‬
‫ض اد ذلك‪ ،‬واهلل املوفق‪.‬‬ ‫الصفات‪ ،‬وعّلمة ِض اده بِ ِ‬
‫َ َ‬ ‫يطه عن املعصية‪ ،‬وحنو ذلك ِمن ِّ‬ ‫وتَثْبِ ِ‬
‫[الزخرف‪.]67 :‬‬ ‫قال تعاىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﱠ ُّ‬
‫عامك اإال تَِق اي ))(‪.)111‬‬ ‫صاحب اإال م ْؤِمناً وال يأْ ُكل ِمن طَ ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫وقال ‪ ((:‬ال تُ ِ‬
‫ِ‬
‫ضارك (‪.)112‬‬ ‫ص ْحبَة األَ ْمحَ ِق؛ ألنَّه قد يُِريد نَ ْف َعك فَيَ ُ‬
‫خري يف ُ‬‫(ب) أن يكون عاقّلً‪ ،‬فّل َ‬
‫اصل‪ ،‬ول و مل يَ ُك ن ِم ن ذل ك اإال أنَّه ق د‬ ‫ضرره إليك و ِ‬
‫(ج) أن يكون َح َسن األَ ْخّلق‪ ،‬فَ َس ِّيء الُلُق َ َ ُ‬
‫باعه‪ ،‬أو ي ْؤِذيك بِ َكثْ رةِ ِخ ِ‬
‫صامه‪.‬‬ ‫يعديك بِسوء ِط ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب البِ ْد َعة‪ ،‬فذنَّه جيُارك إىل بِ ْد َعته‪ ،‬وال أقَ ال من أن يُ َش ِّو َ‬
‫ش‬ ‫(د) أن يكون صاحب ُسنَّة‪ ،‬وإيااك وصاح َ‬
‫خاطَرك (‪.)113‬‬‫فِ ْكرك‪ ،‬وي ْؤِذي ِ‬
‫َ ُ‬
‫وآداب األُ ُخوة‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ُحقو ُق‬
‫هذه احملبَّة يف اهلل تعاىل‪ ،‬فَ ِمْنها‪:‬‬ ‫ص ْدق ِ‬ ‫القيام با م ْشعِر بِ ِ‬‫لِألُخ َّوة أَداب‪ِ ،‬‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬

‫‪ ) 109‬رواه مسلم‪ ،‬كتاب اإلميان‪ ،‬باب‪ :‬ال يدخل النَّة اإال املؤمنون (‪ ،)74/1‬رقم (‪.)54‬‬
‫‪110‬‬
‫الزهد‪ ،‬باب (‪)45‬‬
‫الِتمذي يف ُّ‬
‫يؤمر أن جيالَس (‪ ،)168/5‬رقم (‪ ،)4833‬و ِّ‬ ‫األدب‪ ،‬باب‪َ :‬من َ‬ ‫) رواه أبو داود‪ ،‬يف كتاب َ‬
‫(‪ ،)589/4‬رقم (‪ ،)2378‬وهذا لَْفظه‪ ،‬وقال‪َ ":‬ح ِديث َح َسن َغ ِريب "‪.‬‬
‫الزهد‪ ،‬باب‪ :‬ما جاء يف صحبة ِ‬
‫املؤمن‬ ‫الِتِمذي يف ُّ‬
‫‪ ) 111‬رواه أبو داود يف األدب‪ ،‬باب‪ :‬ما يُ ْؤَمر أن جيالَس (‪ ،)4832( ،)167/5‬و ِّ‬
‫ُ َْ‬
‫(‪ ،)600/4‬رقم (‪ ،)2395‬وقال‪َ ":‬ح ِديث َح َسن "‪.‬‬
‫(احلم َقى واملغَفَّلِني) البن الوزي‪.‬‬ ‫ِ‬
‫) لّلستزادة يف هذه الزئية ميكن النَّظَر يف َّأول كتاب ْ‬
‫‪112‬‬

‫(ه ْجر املبتَ ِدع) للشَّيخ بكر أبو زيد‪.‬‬


‫) لّلستزادة يف هذه الزئية انظر ِرسالَة‪َ :‬‬
‫‪113‬‬

‫‪56‬‬
‫اك‬‫شاش ة عن د اللِّق اء‪ ،‬ق ال ‪ ((:‬ال ْحت ِق َر ان ِم ن املع روف ش يئاً ول و أن تَ ْلق ى أَخ َ‬ ‫الس ّلم‪ ،‬والبَ َ‬ ‫َّ‬ ‫‪-1‬‬
‫بَِو ْج ٍه طَلق ))(‪.)114‬‬
‫ِ‬
‫فوس‪ ،‬قال ‪ ((:‬هتادوا حتاباوا ))(‪.)115‬‬ ‫احملبَّة‪ ،‬وإ ْذهاب ما يف النُّ ِ‬ ‫‪ -2‬الَديَّة‪ ،‬ولا أثَر َكبِري يف ِز َ‬
‫يادة َ‬
‫ألخي ه بِظَ ْه ِر الغَْي ب‪ ،‬اإال ق ال امللَ ك‪ :‬ولَ ك‬ ‫‪ -3‬ال ُّدعاء ل ه‪ ،‬ق ال ‪ ((:‬م ا ِم ن عب ٍد مس لِم ي ْدعو ِ‬
‫َْ ُ ْ َ‬
‫ِمبثْل))(‪ ،)116‬ويَ ْستَ ِمار ذلك يف َحياتِه وبَ ْع َد َم ْوتِه‪.‬‬
‫الر ُج ُل أخاه‪ ،‬فَ ْليُ ْخِ ْه أنَّه ُِيبُّه ))(‪.)117‬‬ ‫ِ‬
‫ب َّ‬ ‫إخباره بذه احملبَّة‪ ،‬قال ‪ ((:‬إذا أَ َح ا‬ ‫ُ‬ ‫‪-4‬‬
‫الذي أَ ْحبَْبتَِين له (‪.)118‬‬ ‫فليقول له‪ :‬إين أُ ِحبك يف اهللِ‪ ،‬وي رد عليه‪ :‬أحبَّك اهلل ِ‬
‫َ َ ُ‬ ‫َُ ا‬ ‫ا‬
‫آم ِة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الس َ‬
‫ض ل َكوهن ا ب ني ف ِتة وأخ رى‪ ،‬ال قَليلَ ة فَتُ ْن تج الَف اء‪ ،‬وال َكث َرية فَتُ َؤِّدي إىل ا‬ ‫الزي َارة‪ ،‬واألَفْ َ‬
‫‪ِّ -5‬‬
‫وال َملَل‪ ،‬قال ‪ُ ((:‬زر ِغبااً‪ ،‬تَ ْزَدد ُحبااً ))(‪ ،)119‬وقيل‪:‬‬
‫ُزْر ِغبااً تَ ِزد ُحبااً فَ َمن أ ْكثَر التاكر َار أَقْصاهُ ال َملَل‪.‬‬
‫‪ -6‬املعونَة وقَض اء احل وائِ ِج‪ ،‬وأعل ى مراتبه ا‪ :‬تق ِدمي حوائِ ِج ه عل ى ح وائج ال نَّفس‪ ،‬وأوس طُها‪ِ :‬‬
‫القي ام‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ب من ه‪ ،‬م ع كوهن ا غ ري متعا ِرض ة م ع ح وائِج ال نَّ ْفس‪ ،‬وأقَ ل ذل ك ِ‬
‫القي ام‬ ‫وائِ ِج ه ِم ن غ ري طَلَ ٍ‬
‫ا‬ ‫َ‬ ‫ُ َُ َ‬
‫وائِ ِجه بعد طَلَبِه‪.‬‬
‫الدفاع ع ن ِع ْر ِض ه‪ ،‬والتَّج ُاوِز‬ ‫ب ٍْ‬ ‫صيحة بِأَ َد ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وح ْف ُ ِ‬‫ست ر معايبِه‪ِ ،‬‬
‫وسِت‪ ،‬و ِّ‬ ‫يام له َ ِّق النَّ َ‬ ‫ظ سِّرهِ‪ ،‬والق ُ‬ ‫ُْ َ‬ ‫‪-7‬‬
‫وح ْسن الُلُ ِق معه‪ ،‬وغري ذلك‪.‬‬ ‫ِ‬
‫عن َزاالته‪ُ ،‬‬
‫األسئلَة‪:‬‬
‫ب يف اهلل)‪ ،‬وما َسبَب نُشوئِه يف نَظَ ِرك ؟‬
‫صطَلح (احلُ ا‬
‫س‪ :1‬مّ نَ َشأ ُم ْ‬

‫الو ْجه عند اللِّقاء (‪ ،)2026/4‬رقم (‪.)2626‬‬ ‫ِ‬ ‫‪114‬‬


‫) رواه مسلم‪ ،‬كتاب ال ا‪ ،‬باب‪ :‬است ْحباب طَّلقَة َ‬
‫‪ ) 115‬رواه البخاري يف األدب املفرد رقم (‪ ،)594‬والبيهقي (‪ )169/6‬عند أيب هريرة‪ ،‬وقال احلافظ ابن حجر يف الت ِ‬
‫َّلخيص احلبري‬
‫إسناده َح َسن "‪ ،‬وانظر اإلرواء (‪.)44/6‬‬
‫(‪ُ ":)71 0 70/3‬‬
‫لمسلِ ِمني بِظَ ْهر الغَْيب (‪ ،)2094/4‬رقم (‪.)2732‬‬ ‫ِ‬
‫ضل الدُّعاء ل ُ‬
‫‪ ) 116‬رواه مسلم‪ ،‬كتاب ِّ‬
‫الذ ْكر‪ ،‬باب‪ :‬فَ ْ‬
‫الزْهد‪ ،‬باب‪ :‬ما جاء يف‬‫الِتمذي يف ُّ‬ ‫الر ُجل مبحبَّتِه إيااه (‪ ،)343/5‬رقم (‪ ،)5124‬و ِّ‬
‫) رواه أبو داود يف األدب‪ ،‬باب‪ :‬إخبار َّ‬
‫‪117‬‬

‫ص ِحيح "‪.‬‬
‫ب (‪ ،)2393‬وقال‪َ ":‬ح َسن َ‬ ‫إعّلم احلُ ا‬
‫‪118‬‬
‫السابق‪ ،‬رقم (‪.)5125‬‬ ‫) رواه أبو داود‪ ،‬املوضع ا‬
‫) رواه البزار (كشف األستار‪ ،)3/5 ،2/390‬واحلارث بن أيب أسامة‪ ،‬والطَّ اين يف األوسط والكبري‪ ،‬والبيهقي يف الش َ‬
‫‪119‬‬
‫ُّعب‬
‫أفرد أبو نُ َعيم طُُرقَة مث َشْيخنا (ابن حجر))‬ ‫ِ‬ ‫(‪ ،)328 – 326/6‬واحلاكم (‪ ،)347/3‬وغريهم‪ ،‬وقال َّ ِ‬
‫السخاوي يف املقاصد (ص ‪ ":)233‬و َ‬
‫الزيارة)‪ ،‬ومبجموعها يت َق َّوى احلديث‪ ،‬وانظر‪ :‬صحيح ِ‬
‫الامع رقم (‪.)3562‬‬ ‫ب ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫((اإلنارة بطُرق غ ا‬
‫َ‬ ‫يف‬
‫‪57‬‬
‫احب ؟ استَ ْش ِهد لِما تقول‪.‬‬
‫س‪ :2‬ملاذا ي ْنبغِي االهتِمام باختِيار الص ِ‬
‫ا‬ ‫ََ‬
‫س‪ :3‬ق ال تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒﱠ‪ِ ،‬‬
‫ارج ع إىل تَ ْف ِس ري ه ذه‬
‫الصداقَة ؟‬ ‫ميكن أن تَستَ ِف َ‬
‫يده ِمن َم ْو ِضع َّ‬ ‫فسري‪ ،‬مث ان ُقل ما ِ‬
‫اآلية يف بعض كتب التَّ ِ‬

‫‪58‬‬
‫الع ل ُم‬
‫ين العلم‬
‫اإلسالم د ُ‬
‫ُ‬
‫أول ما أنزل على رسولِه ‪:‬ﭐﱡﭐ ﲅ ﲆ‬
‫جاءَ اهللُ تعاىل باإلسّلم‪ ،‬واألَُمم غا ِرقَة يف ظَّلم الهل‪ ،‬فكان َّ‬
‫ﲇﲈﲉﲊﲋﲌﲍﲎﲏﲐﲑﲒﲓﲔﲕﲖﲗﲘﲙﲚﲛ‬
‫املؤِذنَة َّ‬ ‫ِ‬
‫بأن هذا‬ ‫ﲜ ﱠ [القلم‪ ،]5-1 :‬فكانت اأول إضاءَة يف هذا الظَّّلم احلالك‪ ،‬مث تَوالت إثرها اآليات ْ‬
‫ين ِدين ِع ْل ٍم‪ ،‬فهو يدعو أهلَه إىل العِْلم‪ ،‬ويُنَ ِّف ُرهم ِمن الَ ْهل‪ ،‬فَتَ َح َّولَت األَُّمة األُِّميَّة إىل أَُّمة ِع ْلم ونُوٍر‪ ،‬قال‬
‫الد َ‬
‫ِّ‬
‫تعاىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ‬

‫ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱠ [المعة‪.]2:‬‬
‫ين عل ى العِْل م‪ ،‬العِْل م ب اهللِ‪ ،‬وبِ ِدينِ ه‪ ،‬والعِْل م بِ أَ ْم ِره وهني ه‪ ،‬ف ّل يُعبَ د اهللُ اإال بِ العِْلم‪ ،‬وال‬
‫ِ‬
‫فال ِّدين كلا ه َمْب ا‬
‫الصحيح اإال بِالعِْلم‪.‬‬ ‫ميكن أن تَ ْستَ ِقيم األَُّمة على املنهاج َّ‬
‫ِ‬
‫أنواع العُلوم‪:‬‬
‫العُلوم أنواع‪:‬‬
‫ِ‬ ‫‪ -1‬منه ا احملم ود‪ ،‬كعِْل م ِّ‬
‫ب‪،‬‬‫الش ْرك وه و أَ ْش َرف العُل وم‪ ،‬والعل وم ال يت ب ا ق وام أَْم ر ال ُّدنيا‪ ،‬كالطِّ ا‬
‫الصناعات الناافِ َعة‪ ،‬وحنوها‪.‬‬ ‫و ِّ‬
‫نجيم‪.‬‬ ‫السحر‪ ،‬والتَّ ِ‬ ‫ِ‬
‫‪ -2‬ومنها املذموم‪ ،‬كع ْلم ِّ ْ‬
‫لش ْرع‪ ،‬وعلم التاا ِريخ‪ ،‬وحنو ذلك‪.‬‬ ‫‪ -3‬ومنها املباح‪ ،‬كالعِْلم باألشعار اليت ال ُمنافاة فيها لِ َّ‬
‫العلم الواجب‪:‬‬
‫بادت ه‪ ،‬فَيَ تَ َعلَّم مع ىن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يدت ه‪َ ،‬وتَص ح ب ه ع َ‬ ‫العِْل م الو ِاج ب عل ى ك ال ُم ْس لِم‪ :‬أن يَ تَ َعلَّم م ا تَ ْس لَم ب ه َع ِق َ‬
‫الص ّلة إج االً‪ ،‬وإن ك ان‬ ‫وح اق اهللِ تع اىل ورس وله ‪ ‬إج االً‪ ،‬وأحك ام الطَّه َارة و َّ‬ ‫ِ‬
‫ض هما‪َ ،‬‬ ‫هادتَ ْني وم ا يُناق ُ‬
‫الش َ‬
‫َّ‬
‫جتارة فَ َعلَْيه َمع ِرفَة ما ِي ال وم ا ي ُرم يف المل ة ح ّ ال ي َق ع يف احل رام‪،‬‬ ‫مال تعلَّم كيف يُزِّكيه‪ ،‬وإن كان له َ‬ ‫لَ َديْه ٌ‬
‫كل ُم ْسلِم ))(‪.)120‬‬‫يضة على ا‬
‫ِ‬
‫ص َرية‪ ،‬قال ‪ ((:‬طَلَب الع ْلم فَ ِر َ‬ ‫وهكذا حّ ي عب َد اهلل على ِع ْل ٍم وب ِ‬
‫َ‬ ‫َ ُْ َ‬

‫آخرون‪ ،‬وقد‬ ‫‪ ) 120‬رواه ابن ماجه يف م َقدِّمتِه (‪ ،)81/1‬ح (‪ ،)224‬ورواه غريه‪ ،‬وقد اختلِف فيه‪ :‬فَضعَّ َفه َج ِ‬
‫وقواه َ‬
‫اعة من العلماء‪ ،‬ا‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬
‫احلسنَة (ص ‪ ،)275‬وكشف الفاء (‪،)43/2‬‬ ‫ِ‬
‫الكّلم عليه ُمطََّوالً يف املقاصد َ‬
‫َ‬ ‫السيوطي‪ ،‬وغريهم‪ ،‬وانظر‬ ‫َح َّسنَه احلافِظ ابن حجر‪ ،‬و ِّ‬
‫املزي‪ ،‬و ُّ‬
‫احلسنَة‬ ‫ِ‬ ‫للسْندي (‪ ،)99/1‬وبعضهم يزيد يف آخره‪ِ (:‬‬
‫ومعناها صحيح كما يف املقاصد َ‬
‫أصل لا يف احلديث‪َ ،‬‬ ‫وم ْسل َمة)‪ ،‬وال ْ‬
‫ُ‬ ‫وشرح ابن ماجه ِّ‬
‫للسيوطي‪ .‬جزء مطبوع يف طرق هذا احلديث‪.‬‬ ‫ُّ‬
‫‪59‬‬
‫ِ‬
‫الر ُج ل يف‬ ‫ق ال عب د اهلل ب ن املب ارك رمح ه اهلل تع اىل يف مع ىن احل ديث‪ :‬إمن ا طَلَ ب الع ْل م فَ ِر َ‬
‫يض ة أن يَ َق ع َّ‬
‫ش ٍ‬
‫يء ِمن أَْم ِر ِدينِه فَيَ ْسأل عنه حّ يَ ْعلَمه (‪.)121‬‬ ‫َ‬
‫فَضائل العلم‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب إلي ه‪،‬‬ ‫ق ال عل ي ب ن أيب طال ب ‪ :‬كف ى ب الع ْلم ش رفاً أن يَ َّدعي ه َم ن ال ُْيس نه‪ ،‬ويَ ْف َرح ب ه إذا نُس َ‬
‫وَك َفى بالَ ْهل َذ اماً أن يَتَبَ َّرأ منه َمن هو فيه (‪.)122‬‬
‫لِلعِْلم فَضائِل كثِ َرية تَ ُد ال على َشَرفِه وِرفْ َعة َمكانَتِه‪ ،‬منها‪:‬‬
‫ﲳ‬ ‫ﲲ‬ ‫شيَة له‪ ،‬فقال تعاىل‪ :‬ﱡﭐ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ‬ ‫صف أَ ْه َل العِْلم بال ْ‬ ‫أن اهللَ تعاىل َو َ‬‫‪َّ -1‬‬
‫ﱠ اآلية [فاطر‪ ،]28 :‬فالعِْلم يُوِرث َخ ْشيَةَ اهللِ تعاىل‪.‬‬
‫الزي َادة من ه‪ ،‬فق ال تع اىل‪ :‬ﱡﭐ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱠ [ط ه‪:‬‬ ‫ب ِّ‬ ‫أن اهللَ تع اىل أََم ر رس ولَه ‪ ‬بِطَلَ ِ‬ ‫‪َّ -2‬‬
‫‪.]14‬‬
‫ض ل العِْل م؛ َّ‬ ‫قال احلافِظ اب ن حج ر رمح ه اهلل تع اىل ع ن ه ذه اآلي ة‪ :‬إهن ا و ِ‬
‫ألن اهللَ‬ ‫اض َحة ال اداللَة عل ى فَ ْ‬
‫يء اإال ِمن العِْلم (‪.)123‬‬ ‫ب االزِدياد ِمن ش ٍ‬
‫َ‬ ‫تعاىل مل يَأْ ُمر نَبِيَّه ‪ ‬بِطَلَ ِ ْ‬
‫اآلخ رة‪ ،‬ق ال تع اىل‪ :‬ﭐﱡﭐ ﳘ ﳙ ﳚ ﳛ ﳜ ﳝ ﳞ‬ ‫ِ‬
‫الدنيا و َ‬ ‫أن العِْلم َسبَب لِ ِّلرفْ َعة يف ُّ‬ ‫‪َّ -3‬‬
‫ﳠ ﳢ ﳣ ﳤ ﳥ ﱠ [اجملادلة‪.]11 :‬‬ ‫ﳡ‬ ‫ﳟ‬
‫املؤمنِني‪.‬‬
‫املؤمن على غريه‪ ،‬مث خص العامل مب ِزيد ِرفْ عة على غ ِريه ِمن ِ‬
‫َ‬ ‫َ ا‬
‫أن اهلل تعاىل ي رفَع ِ‬
‫َْ‬ ‫واملعىن َّ َ‬
‫ك طَ ِريق اً يَ ْل تَ ِمس ب ا‬‫وم ن س لَ َ‬
‫يب ‪ ‬ق ال‪َ ...((:‬‬ ‫‪ -4‬العِْل م طَ ِري ق للجنَّ ة‪ ،‬فع ن أيب هري رة ‪َّ ‬‬
‫أن النَّ َّ‬
‫ِع ْلماً َس َّهل اهللُ له به طَ ِريقاً إىل النَّة ))(‪.)124‬‬
‫املدينَ ة فَ َوقَ ف عليه ا‪ ،‬فق ال‪ :‬ي ا أه ل‬ ‫‪ -5‬العِْل م ِم رياث األنبي اء‪ :‬فع ن أيب هري رة ‪ ‬أنَّه م ر بِس وق ِ‬
‫َا ُ‬
‫أع َج زُكم ؟ ق الوا‪ :‬وم ا ذاك ي ا أب ا هري رة ؟ ق ال‪ :‬ذاك ِم رياث رس ول اهلل ‪ ‬يُ َق َّس م‬ ‫الس وق‪ ،‬م ا ْ‬ ‫ُّ‬
‫ص يبَ ُكم من ه‪ ،‬ق الوا‪ :‬وأي ن ه و؟ ق ال‪ :‬يف املس ِجد فَ َخرج وا‬ ‫وأن تم هاهن ا‪ ،‬أال تَ ْذهبون فَتأخ ذون نَ ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ووقَ ف أب و هري َرة ل م ح َّّ َر َجع وا‪ ،‬فق ال ل م‪ :‬م الَ ُكم؟ فق الوا‪ :‬ي ا أب ا هري َرة‪ ،‬فق د أَتَ ْين ا‬ ‫ِ‬
‫س راعاً‪َ ،‬‬

‫الس ابق‪ ،‬وانظ ر لّلس تزادة يف املوض وع‪ِ :‬م ْفت اح دار َّ‬ ‫ِ‬ ‫‪121‬‬
‫عادة الب ن ال َق يِّم‬
‫الس َ‬ ‫) ع ن املقاص د احلَ َس نَة‪ ،‬وَك ْش ف الف اء املوض ع ا‬
‫(‪ ،)161/1‬يف الوجه الثااين والثاّلثِني بعد املائة‪.‬‬
‫الس ِامع واملتَ َكلِّم (ص ‪.)10‬‬ ‫‪ِ 122‬‬
‫) تَذْكَرة ا‬
‫‪ ) 123‬فتح الباري (‪َّ ،)141/1‬أول كِتاب العِْلم‪.‬‬
‫ضل االجتِماع على تّلوة القرآن (‪،)2074/4‬رقم (‪.)2699‬‬ ‫‪ ) 124‬رواه مسلم‪ ،‬كتاب ِّ‬
‫الذكر وال ادعاء والتَّوبة واالستغفار‪ ،‬باب‪ :‬فَ ْ‬
‫‪60‬‬
‫املسج َد فَ َد َخ ْلنا فيه‪ ،‬فلَم نَر فيه َشْيئاً يُقسم‪ ،‬فق ال ل م أب و هري رة‪ :‬وم ا رأي تُم يف املس ِجد أح داً‬ ‫ِ‬
‫ّلل واحلَرام‪ ،‬فق ال‬ ‫صلاون‪ ،‬وقَ ْوماً يَ ْقَرؤون القرآ َن‪ ،‬وقَ ْوم اً يَتَ ذاكرون احل َ‬ ‫؟ قالوا‪ :‬بلى‪ ،‬رأينا قَ ْوماً يُ َ‬
‫حممد ‪.)125( ‬‬ ‫ويَ ُكم‪ ،‬فذاك ِمرياث َّ‬ ‫لم أبو هريرة‪ْ :‬‬
‫الري لِْل َعْبد‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ّلمة على إر َادة اهلل تعاىل َ‬ ‫‪ -6‬أنَّه َع َ‬
‫الدين ))(‪ ،)126‬قال احلافظ اب ن‬ ‫يب ‪ ‬أنَّه قال‪َ ((:‬من يُِرد اهللُ به خرياً يُ َف اق ْهه يف ِّ‬ ‫عن معا ِويَة ‪ ‬عن النَّ ِّ‬
‫الدين فقد ُح ِرَم ال َري؛ َّ‬
‫ألن َم ن‬ ‫أن َمن مل يَتَ َف َّقه يف ِّ‬ ‫حجر رمحه اهلل تعاىل ما ملَ َّخصه‪ :‬ومفهوم ِ‬
‫احلديث َّ‬ ‫ُ‬
‫وص ف بأنَّ ه م ا أُ ِري َد ب ه ال ري‪ ،‬ويف‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫مل يَ ْع ِرف أُم َور دين ه ال يك ون فَقيه اً‪ ،‬وال طال ب ف ْق ه‪ ،‬فَيَص اح أن يُ َ‬
‫ضل العُلَماء على سائِر النا ِ‬
‫اس (‪.)127‬‬ ‫ظاهر لَِف ْ‬
‫ذلك بيا ٌن ِ‬
‫َ‬
‫والمتَ َعلم‪:‬‬‫من آداب العالم ُ‬
‫ب العِْل َم لِيُق ال‪:‬‬‫اآلخ ِرين‪ ،‬ال أن يَطْلُ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪ -1‬اإلخ ّلص‪ :‬فيَطْل ب الع ْل َم تَ َقارب اً إىل اهلل َو ْح َده‪ ،‬ويُ َعلِّ م َ‬
‫هادة‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ع امل‪ ،‬وال ملباه اة األقْ ران‪ ،‬وتَع ِظ يم النا اس‪ ،‬والتَّ ِ‬
‫ص دير يف اجمل الس‪ ،‬وال يَطْلب ه لتَ ْحص يل َش َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫صل با إىل َع َمل ُدنْيَ ِو ا‬
‫ي‪.‬‬ ‫يَتَ َو َّ‬
‫اس ي ْقض ى ي ِ‬
‫يام ة علي ه‪ ))...‬وذَ َك ر ثَّلثَة‪،‬‬ ‫وم الق َ‬ ‫إن َّأوَل النا ِ ُ َ َ‬ ‫يب ‪ ‬أنَّه قال‪َّ ((:‬‬ ‫روى أبو هريرة ‪ ‬عن النَّ ِّ‬
‫وعلَّ َمه‪ ،‬وقَ َرأ ال ُقرآ َن‪ ،‬فأُيت به فَ َعَّرفَه نِ َع َمه‪ ،‬فَ َعَرفَها‪ ،‬قال‪ :‬فم ا َع ِم ْل ت فيه ا ؟‬ ‫ِ‬
‫ومنهم‪َ ((:‬ر ُجل تَ َعلَّم الع ْل َم َ‬
‫ك ال ُق رآن‪ ،‬ق ال‪َ :‬ك َذبْت‪ ،‬ولكنَّك تَ َعلَّ ْم ت العِْل َم لِيُق ال‪ :‬ع امل‪،‬‬ ‫ِ‬
‫وعلَّ ْمتُه‪ ،‬وق َرأْت في َ‬ ‫ِ‬
‫ق ال‪ :‬تَ َعلَّ ْم ت الع ْل م َ‬
‫حّ أُلْ ِق َي يف الناار ))(‪.)128‬‬ ‫ب على َو ْج ِهه َّ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫يل‪ ،‬مثا أُمر به فَ ُسح َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وقَ َرأْت ال ُقرآ َن ليُقال‪ :‬هو قارئ‪ ،‬فَ َقد ق َ‬
‫الع َمل بالعِْلم‪:‬‬‫‪َ -2‬‬
‫ب مث ِجت ده‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وإال فم ا فائِ َدة أن يَ ْعلَ م املس لِم َّ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫أن ه ذا الف ْع َل واج ٌ‬ ‫الع َم ل ب ه‪ ،‬ا‬ ‫إن م ن أَ ْعظَ م مث ار الع ْل م‪َ :‬‬
‫وألج ِل ه ذا اه تَ َّم العُلَم اء ب ذا الانِب‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ُم ْع ِرضاً عنه‪ ،‬أو يَ ْعلَم َّ‬
‫أن ذلك الف ْع َل َحر ٌام مث تَراه ُمْن َكبااً عليه‪ْ ،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الع َمل)‪ ،‬للخطيب البغ دادي‪ ،‬وكت اب‪َ (:‬ذ ام َم ن ال يَ ْع َم ل‬ ‫فكتَبوا فيه‪ ،‬فمن ذلك كتاب‪( :‬اقتضاء الع ْل ِم َ‬
‫بِعِْل ِمه) للحافظ أيب القاسم ابن عساكِر رمحة اهلل تعاىل علي ِهما‪.‬‬

‫ِ‬
‫) رواه الطَّ اين يف األوس ط‪ ،‬ق ال املن ذري واليثم ي‪ ":‬إس ُ‬
‫‪125‬‬
‫الزوائ د‬
‫الِتهي ب ‪( ،)1/103‬جمم ع َّ‬
‫(الِتغي ب و َّ‬
‫ناده َح َس ن "‪َّ .‬‬
‫‪.)1/124‬‬
‫‪ ) 126‬متَّف ق علي ه‪ ،‬ص حيح البخ اري‪ ،‬كت اب العِل م‪ ،‬ب اب‪َ :‬م ن يُ ِرد اهلل ب ه َخ ْرياً يُ َفقِّه ه يف ال دِّين (‪ ،)164/1‬ح (‪ ،)71‬ومس لم‪،‬‬
‫كتاب الزكاة‪ ،‬باب‪ :‬الن َّْهي عن املسألة (‪ ،)718/2‬ح (‪.)1037‬‬
‫‪ ) 127‬يُنظر‪ :‬فتح الباري (‪.)165/1‬‬
‫) رواه مسلم‪ ،‬كتاب اإلمارة‪ ،‬باب‪َ :‬من قاتَل لِ ِّلرياء و ُّ‬
‫‪128‬‬
‫الس ْم َعة (‪ ،)1513/3‬ح (‪.)1905‬‬
‫‪61‬‬
‫يام ة ح َّّ يُس أَل ع ن أَْربَع ِخص ال‪ :‬ع ن عُ ُم ِره فيم ا أَفْن اه‪ ،‬وع ن‬ ‫زول قَ َدما عب ٍد ي ِ‬
‫وم الق َ‬‫َْ َ‬ ‫ق ال ‪ ((:‬ال تَ ُ‬
‫َشبابِه فيما أَبّْله‪ ،‬وعن مالِه ِمن أين ا ْكتَ َسبَه وفِيما أَنْ َف َقه‪ ،‬وعن ِع ْل ِمه ماذا َع ِمل فيه ))(‪.)129‬‬
‫الد ْع َوة إىل اهلل مبا معه ِمن العِْلم‪:‬‬ ‫‪َّ -3‬‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يب ‪ ((:‬بَلِّغ وا ع ِّين ول و‬ ‫ومن مثار الع ْلم‪ :‬بَ ْذله للنااس‪ ،‬وه و م ن تَ ْبلي غ الع ْل م امل أمور ب ه يف مثْ ل قَ ْوِل النَّ ِّ‬
‫آيَة ))(‪.)130‬‬
‫اضع‪:‬‬
‫‪ -4‬التَّو ُ‬
‫فّل ي تَ رفَّع عن اآلخرين عجباً بِنَ ْف ِسه وما وصل إليه ِم ن ِع ْل م‪ ،‬وال يتَ ِق ر النااس وي زد ِري ِهم‪ ،‬ف ِ‬
‫الك ْ ُخلُ ٌق‬ ‫َ ََْ‬ ‫ََ‬ ‫ُْ‬ ‫ََ‬
‫ص َدقَة‬‫يب ‪ ‬أنَّه ق ال‪ ((:‬م ا نَ َقص ت َ‬ ‫اضع واللِّ ني ُخلُق حمم ود‪ ،‬فع ن أيب هري رة ‪ ‬ع ن النَّ ِّ‬ ‫َمذموم‪ ،‬والتَّو ُ‬
‫وم ن َعّلم ات‬ ‫ِم ن م ال‪ ،‬وم ا زاد اهلل عب داً بِع ْف ٍو اإال ِع زاً‪ ،‬وم ا تَواض ع أَح ٌد هللِ اإال رفَع ه ))(‪ِ ،)131‬‬
‫ََ‬ ‫ََ َ‬ ‫ا‬ ‫ُ َْ َ‬
‫احِتام ال َكبِري‪ ،‬و اأال يََرى يف نَ ْف ِسه أنَّه أَ ْعلى قَ ْدراً ِمن أَقْرانِه‪.‬‬‫اضع‪ :‬العطْف على الغري‪ ،‬و ِ‬
‫التَّو ُ َ‬
‫‪ -5‬أن يَتَأَ َّدب الطاالِب مع ُم َعلِّ ِمه‪:‬‬
‫ص ت إىل‬ ‫قاطع ه‪ ،‬ب ل ي ْن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فيَ ْح َِِتم ه و ِجيلا ه‪ ،‬ويَتَ أَ َّدب مع ه يف ُّ‬
‫ُ‬ ‫اب أو ال َك ّلم‪ ،‬وال يُ َ‬ ‫الس ؤال‪ ،‬وال يُس اب َقه ال و َ‬
‫املعلِّم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫َكّلمه‪ ،‬وال يَتَ َح َّدث مع أَ َحد أَثْناء َكّلم َ‬
‫ع ن اب ن عب اس رض ي اهلل عنهم ا أنَّ ه أَ َخ َذ بِ ركاب َزيْ ِد ب ن ثابِ ت ‪ ‬فق ال ل ه‪ ((:‬تَنَ اح ي ا اب ن َع ام‬
‫رسول اهلل ‪ ،‬فقال ابن عباس‪ :‬إناا َه َكذا نَ ْف َعل بِ ُك َ ائِنا وعُلَمائِنا )) (‪.)132‬‬ ‫ِ‬
‫عاره فيم ا ال ِي يط بِعِْل ِم ه أن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وإص دار األحك ام ب دون ع ْل م‪ ،‬ولْ يَ ُكن ش ُ‬ ‫‪َ -6‬ع َدم الُْرأة عل ى ال َفْت وى ْ‬
‫يء‪ ،‬ق ال اب ن مس عود‬ ‫يقول‪ (:‬ال أَعلَم )‪ ،‬أو ( ال أد ِري )‪ ،‬فليس أَح ٌد ي زعم أنَّه ي ع ِرف ك ل ش ٍ‬
‫ا َ‬ ‫َْ‬ ‫َ َْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ف العِْل م‬
‫ص ُ‬
‫ِ‬
‫عيب‪ ":‬ال أَ ْد ِري ن ْ‬ ‫اس يف ك ال م ا يُ ْس تَ ْفّ لَ َم ْجن و ٌن‪ ،‬وق ال َّ ِ‬
‫الش ا‬ ‫إن الذي يُ ْف ِيت النا َ‬‫‪َّ :‬‬
‫" (‪.)133‬‬

‫ناده‬ ‫الِتغي ب و َّ ِ‬
‫‪ ) 129‬رواه الطَّ اين يف الكبِ ري (‪ِ )61/6‬م ن ح ديث مع اذ‪ ،‬وه ذا لَ ْفظ ه‪ ،‬ق ال املن ذري يف َّ‬
‫الِتهي ب (‪ ":)396/4‬إس ُ‬
‫الس ِ‬
‫ص ِحيح "‪ ،‬ورواه غ ريهم‪( ،‬انظ ر‪ِّ :‬‬ ‫ِ‬ ‫ص ِحيح "‪ ،‬ورواه ِّ‬
‫لس لَة‬ ‫الِتم ذي بنَح ِوه (‪ ،)612/4‬ح (‪ ،)2417‬ع ن أيب هري رة‪ ،‬وق ال‪َ ":‬ح َس ن َ‬ ‫َ‬
‫الصحيحة رقم ‪.)946‬‬ ‫َّ‬
‫) رواه البخاري‪ ،‬كتاب أحاديث األنبياء‪ ،‬باب‪ :‬ما ذُكِر عن بين إسرائيل (‪ ،)496/6‬ح (‪.)3461‬‬ ‫‪130‬‬

‫الع ْفو والتَّواضع (‪ ،)2001/4‬ح (‪.)2588‬‬ ‫ِ‬ ‫‪ ) 131‬رواه مسلم‪ ،‬كتاب الِ ا و ِّ‬
‫الصلَة‪ ،‬باب‪ :‬است ْحباب َ‬
‫ص ِحيح اإلسناد على َش ْرط ُمسلِم "‪.‬‬ ‫) رواه احلاكم يف مستدركه (‪ ،)423/3‬وقال‪َ ":‬‬
‫‪132‬‬

‫‪ ) 133‬رواه ال ادارمي (‪.)57-56/1‬‬


‫‪62‬‬
‫ت أنَّك يف احلقيقة ال ختِ عن رأيك‪ ،‬وإمنا ختِ عن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الدين ‪ -‬بغ ِري ع ْل ٍم إذا َعل ْم َ‬
‫طورة ال َق ْول ‪ -‬يف ِّ‬
‫تَظْ َهر ُخ َ‬
‫ُح ْك ِم اهللِ تعاىل َورسولِه ‪ ،‬فكأنَّك تقول لِ َمن َسأَلَك‪ :‬هذا هو حكم َّ‬
‫الشرع يف ذلك‪ ،‬قال تعاىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﲾ‬

‫وقال تعاىل‪ :‬ﭐﱡﭐ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ‬ ‫ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ ﱠ [اإلسراء‪،]36 :‬‬


‫ﱹﱺﱻﱼﱽﱾﱿﲀﲁﲂﲃﲄﲅﲆﲇﲈﲉﲊﲋﲌﱠ‬
‫[األعراف‪.]33 :‬‬
‫عم ا ال يعلم ون‬ ‫ِ‬
‫الس لف الص ا أس َوة َح َس نَة‪ ،‬فق د ك انوا إذا ُس ئلوا ا‬ ‫ولن ا يف رس ول اهلل ‪ ‬وأص حابه و َّ‬
‫احداً على ذلك‪:‬‬ ‫قالوا‪ (:‬ال نَ ْد ِري )‪ ،‬أو ( ال نَعلَم )‪ ،‬أو ( اهلل أعلَم )‪ ،‬وإليك مثاالً و ِ‬
‫ْ‬
‫أي ال بِّلد َش ار ؟ ق ال‪ ((:‬ال أَ ْد ِري ح َّّ أَ ْس أَل‬ ‫يب ‪ ‬فق ال‪ :‬ا‬ ‫عن جبري بن ُمطعِ م ‪َّ ‬‬
‫أن َر ُج ّلً س أل النَّ َّ‬
‫ِ‬
‫ث م ا ش اءَ اهلل‪ ،‬مث ج اء‪،‬‬ ‫أل َرِّيب )) ف انْطَلَق فَلَبِ َ‬
‫يل عن ذلك‪ ،‬فقال‪ ((:‬الَ ْأد ِري ح َّّ أَ ْس َ‬ ‫)) فَ َسأَ َل ج ْ َ‬
‫اق ))(‪.)134‬‬ ‫فقال‪ ((:‬إين سأَلْت رِّيب عن ذلك‪ ،‬فقال‪َ :‬شُّر البِ ِ‬
‫ّلد األَ ْسو ُ‬ ‫َ َ‬
‫ول العامل‪ :‬ال أَ ْد ِري‪.‬‬ ‫صل يف قَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قال احلاكم‪ :‬هذا احلديث أَ ْ‬
‫ب‪ ،‬ف ذن املت َكلِّ ِم ني‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب وَد َّ‬‫وه م العُلَم اء‪ ،‬وال يأخ ذ ع ن ك ال َم ن َه َّ‬ ‫‪ -7‬أن يَتَ لَ َّق ى الع ْل َم عل ى أهل ه‪ُ ،‬‬
‫كثري‪ ،‬وكثِريٌ منهم ال يتَ َوَّرع عن إطّلق التَّحلِيل والتَّح ِرمي بدون ِع ْل ٍم‪.‬‬
‫فذن ذلك َمَزلَّة‬ ‫وع َدم انتِقاص أَ َحد ِمْن ُهم‪َّ ،‬‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫‪ -8‬حمبَّة العُلَماء‪ ،‬وتقدير ُجهودهم‪ ،‬احلَ اي منهم وامليِّت‪َ ،‬‬
‫احلرب ))(‪.)135‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عادى يل َوليااً فقد آذَنْتُه ب ْ‬ ‫قَ َدم‪ ،‬قال ‪ ((:‬قال اهلل تعاىل‪َ :‬من َ‬
‫يل‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قال أبو حنيفة و ا ِ‬
‫الشافعي رمحهما اهلل تعاىل‪ :‬إن مل يَ ُكن العُلماء أولياءَ هلل فليس هلل َو ا‬
‫إن حل وم العلَم اء مس مومة‪ ،‬وع َادة اهللِ يف هْت ِ‬ ‫ِ‬
‫ك‬ ‫َ‬ ‫وق ال احل افظ أب و القاس م اب ن عس اكر رمح ه اهلل تع اىل‪َ ْ َ ُ َ َّ :‬‬
‫وإن م ن أَطْلَ ق لِس انَه يف العلَم ِاء بِالثَّ ْل ب‪ ،‬اب تَّله اهلل تع اىل قَب ل موتِه مب ِ‬ ‫ِِ‬
‫وت‬ ‫ْ َ َْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫لوم ة‪َ َّ ،‬‬ ‫أس تا ِر ُمْنتَقص ي ِهم َم ْع َ‬
‫ب (‪.)136‬‬ ‫ال َق ْل ِ‬

‫البزار (كشف األستار ‪ ،)2/81‬والطَّ اين (‪ ،)1/128‬واحلاكم (‪ ،)90 ،1/89‬وغريهم‪،‬‬ ‫) رواه أمحد يف املسند (‪ ،)81/4‬و ا‬
‫‪134‬‬

‫أحاديث املختَصر ‪ ،)11-10/1‬وق د ذك ر يف ه ذا الكت اب‬ ‫وقال احلافظ ابن حجر‪ ":‬هذا ح ِديث حسن "‪( .‬موافَ َقة ال ال يف خت ِريج ِ‬
‫ُ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫جلة ِمن اآلثار عن َّ‬
‫السلف‪ ،‬وانظر أيضاً‪ :‬سنن ال ادارمي (‪ ،)65 – 35/1‬باب‪ :‬الفتيا وما فيه من الشِّدَّة‪.‬‬
‫‪135‬‬
‫اضع (‪،)340/11‬ح (‪.)6502‬‬ ‫الرقاق‪ ،‬باب‪ :‬التَّو ُ‬
‫) رواه البخاري كتاب ا‬
‫‪ ) 136‬عن التبيان يف آداب محلة القرآن‪ ،‬للنووي‪ ،‬الباب الثالث (ص ‪.)12‬‬
‫‪63‬‬
‫هادة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وع َدم التَّ َوقاف عن د َح اد ُم َع َّني‪ ،‬ول يس الغ َرض جمَ َّرد حتص يل َش َ‬ ‫االستمرار يف طَلَب الع ْل م‪َ ،‬‬ ‫ْ‬ ‫‪-9‬‬
‫آخ ر العُ ُم ر‪ ،‬ق ال اإلم ام أمح د‪:‬‬ ‫حتص يل العِْل م وِزيادتِه إىل ِ‬ ‫معيَّنَة مث ي ْنتَ ِهي العِْلم‪ ،‬ب ل يس تَ ِمر يف ِ‬
‫َ‬ ‫َْ ا‬ ‫َ‬ ‫َُ‬
‫خل ال َق ْ (‪.)137‬‬ ‫أد‬
‫ْ‬ ‫أن‬ ‫إىل‬ ‫م‬ ‫ل‬
‫ْ‬ ‫َّإمنا أَطْلُب العِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫الع َمل بالعِْلم‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ِ -10‬خ ْدمة أَُّمتِه ِ‬
‫ووطَنه يف اجملال الذي يسنه ويُْتقنُه‪ ،‬وهذا من َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الزم ا َن‪ ،‬وتُش ِّوش ِ‬
‫الف ْك َر‪ ،‬وق د تُ ْف ِس د‬ ‫ض يِّع َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫َ‬ ‫وأخ رياً فَليَ ْح َذر الطاال ب م ن الق راءَة غ ري النااف َع ة‪ ،‬فذهن ا تُ َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وم َرب‪ ،‬ول يس امل راد‬ ‫عم ا يَ ْق رأ َم ن يَث ق ب ه م ن ع امل وأس تاذ ُ‬ ‫ليس أَل ا‬‫ليح ِرص عل ى االنتق اء‪ ،‬و ْ‬ ‫العقائ د‪ ،‬و ْ‬ ‫َ‬
‫لكن العُلَماءَ قَلِيل‪.‬‬
‫فذن ال ُقاراءَ اليوم َكثِري‪ ،‬و َّ‬ ‫القراءَة‪َّ ،‬‬ ‫جمرد ِ‬ ‫بالعِْلم َّ‬
‫األسئلَة‪:‬‬
‫س‪ :1‬ما َح اد العِْلم الو ِاجب ؟ مع التَّمثِيل‪.‬‬
‫س‪ :2‬اذ ُكر ما ميكنك ِمن أدب لِلطاالِب مع ِ‬
‫أستاذه‪.‬‬ ‫َ‬
‫ض ح ذل ك‬ ‫ص ِحيح أهن ا ُمْنتَ ِش َرة ب ني النا اس الي وم ؟ َو ِّ‬ ‫ِ‬
‫حتدث عن خط ورة ال َفْت وى بغ ِري ع ْل م‪ ،‬وه ل َ‬ ‫س‪َّ :3‬‬
‫ذاكِراً بعض ما تَع ِرفه ِمن م ِ‬
‫ظاهر التَّ َسارع يف ال َفْتوى‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫حتدث عن حمبَّة العُلَماء وتَ ْق ِدي ِرِهم‪.‬‬ ‫س‪َّ :4‬‬
‫حتدي ٍد لِ َم ْفه وم ك ال نَ ْوٍع منه ا‪ ،‬واذ ُك ر‬
‫ضع ِ‬ ‫القراءَة نَ ْوعان‪ :‬نافِ َع ة وأُخ رى غ ري نافِ َع ة‪ ،‬اجتَ ِه د يف َو ْ‬ ‫س ‪ِ :5‬‬
‫أمثِلَة لِذلك‪.‬‬

‫لّلستِز َادة‪.‬‬ ‫السعادة لإلمام ابن القيم رمحه اهلل تعاىل (‪( ،)71/1‬الوجه ِ‬
‫) ِمن مفتاح دار َّ‬
‫‪137‬‬
‫السادس والمسون)‪ ،‬وانظر ْ‬
‫َْ ا‬
‫‪64‬‬
‫الحديث الشريف‬
‫ثالثا‪َ :‬‬

‫‪65‬‬
‫الحديث الخامس‬ ‫َ‬
‫رسول اهللِ ‪ ‬يق ول‪ ((:‬ال تَ ْلبَس وا احلَ ِري َر وال ال ِّديباج‪ ،‬وال تَ ْش َربوا‬
‫ت َ‬ ‫عن ُح َذيْ َفة بن اليَمان ‪ ‬قال‪َ :‬مسع ُ‬
‫اآلخَرة )) متَّفق عليه (‪.)138‬‬ ‫الدنيا ولكم يف ِ‬ ‫ضة‪ ،‬وال تأ ُكلوا يف ِصحافِها‪ ،‬فذهنا لم يف ُّ‬ ‫بوِ‬
‫الف َّ‬ ‫يف آنِيَ ِة ال َّذ َه ِ‬
‫التعريف بالراوي‪:‬‬
‫وش ِهد أُح داً‪ ،‬وقُتِ ل‬
‫العْب ِس ي‪ ،‬أس لَم ه و وأب وه‪َ ،‬‬
‫الصحايب الليل‪ُ :‬ح َذيْ َفة بن اليمان‪ :‬حسل بن ج ابِر َ‬ ‫هو َّ‬
‫اليمان با‪.‬‬
‫رسول اهلل ‪ ‬فيُ ْخِ ُه عن املنافِ ِقني وأَ ْحوالِم‪ ،‬اس تَ ْع َملَه عم ر ‪‬‬
‫صاحب ِسر ِ‬
‫ا‬
‫أحاديث كثرية‪ ،‬وكان ِ‬ ‫روى ِ‬
‫صلِّي عليه ُح َذيْ َفة‪ ،‬تويف ‪ ‬بعد َم ْقتَل عثمان بن عفان‬ ‫ِ‬
‫صلِّي على َمن ال يُ َ‬
‫على املدائن‪ ،‬وكان عمر ‪ ‬ال يُ َ‬
‫‪ ‬بأربعني يَ ْوماً‪ ،‬سنَة ست وثّلثني(‪.)139‬‬
‫المباحث اللغوية‪:‬‬
‫َ‬
‫معناها‬ ‫الكلمة‬

‫أص له يف اللاغ ة‪ِ :‬م ن ال َّدبْج‪ ،‬وه و ال نَّ ْقش والتَّ ْزيني‪ ،‬فا ِرِس اي ُم َع َّرب‪ ،‬وه ي الثِّي اب املتَّ َخ َذة ِم ن‬ ‫الديباج‪:‬‬
‫ِّ‬
‫بالديباج‪.‬‬ ‫املدبَّج‪ :‬الذي ُزيِّنَت أَطْرافُه ِّ‬
‫اإلبريسم‪ ،‬و َ‬
‫ص ْح َفة‪ ،‬وهي اإلناء الذي يُ ْشبِع الَ ْم َسة‪.‬‬ ‫جَْع َ‬ ‫صحافِها‪:‬‬
‫إخبار عن واقِعِ ِهم وحالِم‪ ،‬وليس إخباراً‬ ‫الدنيا‪ ،‬وهذا ٌ‬ ‫ضة لِلك افار يف ُّ‬ ‫الذهب و ِ‬
‫الف َّ‬ ‫أي‪ِ َّ :‬‬
‫إن آنيَة َّ َ‬ ‫فذهنا لم‪:‬‬
‫عن ِحلِّها لم‪.‬‬
‫األحكام والتوجيهات‪:‬‬
‫للرجال دون النِّساء‪ ،‬وهذا النَّهي يقتضي التَّح رمي‪ ،‬يؤيِّد ذل ك م ا رواه‬ ‫الديباج ِّ‬
‫‪ -1‬النَّهي عن لبس احلرير و ِّ‬
‫يب ‪ ‬قال‪ُ ((:‬حِّرم لِباس احلَ ِري ر وال َّذ َهب عل ى ذُك وِر أَُّم ِيت‪،‬‬ ‫الِتمذي وغريه عن أيب موسى ‪َّ ‬‬
‫أن النَّ َّ‬ ‫ِّ‬
‫ُح ال إلناثِ ِهم ))(‪.)140‬‬
‫وأ ِ‬

‫الذ َهب (‪ ،)94/10‬برقم (‪ ،)5632‬ويف (‪،)96/10‬‬ ‫‪ ) 138‬أخرجه البخاري يف صحيحه‪ ،‬كتاب األشربة‪ ،‬باب‪ :‬الشُّرب يف آنية َّ‬
‫الرج ال والنِّس اء‬
‫ض ة عل ى ِّ‬ ‫الزين ة‪ ،‬ب اب‪ :‬حت رمي اس تِعمال إن اء ال َّذهب و ِ‬
‫الف َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ب رقم (‪ ،)5633‬وأخرج ه مس لم يف ص حيحه‪ ،‬كت اب اللاب اس و ِّ َ‬
‫(‪ ،)1638/3‬برقم (‪ ،)2067‬واللَّفظ ملسلِم‪.‬‬
‫‪ ) 139‬يُنظر‪ :‬سري أعّلم النُّبّلء (‪ ،)361/2‬واإلصابة (‪.)223/2‬‬
‫ص ِحيح "‪.‬‬‫الذ َهب (‪ ،)217/4‬وقال‪ ":‬حديث َح َسن َ‬ ‫‪ ) 140‬يُنظر‪ :‬سنن الِتمذي‪ ،‬كتاب اللاباس‪ ،‬باب‪ :‬ما جاء يف احلرير و َّ‬
‫‪66‬‬
‫احة‬ ‫ِ‬ ‫ويُس تَثىن ِم ن ه ذا التَّح رمي م ا ك ان َّ‬
‫للحاج ة أو ملص لَ َحة‪ ،‬ك أن يت اج إىل لبس ه يف س َ‬ ‫َ‬ ‫للض رورة أو‬
‫القتال‪ ،‬أو يكون به َمَرض يف ِج ْلدشه‪ ،‬وحن و ذل ك‪ ،‬فق د روى البخ اري وغ ريه ع ن أن س ‪ ‬ق ال‪َ ((:‬ر َّخ ص‬ ‫ِ‬
‫س احلَ ِرير‪ِ ،‬حل َّكة بِما ))(‪.)141‬‬ ‫الرمحن يف ْلب ِ‬ ‫يب ‪ ‬لِ ُّلزبري وعبد َّ‬
‫النَّ ا‬
‫ض ي التَّح ِرمي‪،‬‬ ‫ض ة‪ ،‬والنَّه ي يقتَ ِ‬ ‫الشرب يف آنية ال َّذهب و ِ‬
‫الف َّ‬ ‫يد ال عليه احلديث‪ :‬النَّ ْهي عن األكل و ُّ‬
‫ْ‬ ‫‪ -2‬ماا ُ‬
‫وي دخل يف النَّ ْه ي أيض اً‪ :‬س ائِر االس تِعماالت األخ رى كالوض وء واالغتِس ال‪ ،‬و ِّاختاذه ا لِ ِّلزينَ ة‪ ،‬ق ال‬
‫شيخ اإلسّلم ابن تيمية رمحه اهلل‪ (:‬ما َح ُرم استِ ْعمالُه َح ُرم ِّاختاذُه )(‪.)142‬‬
‫تقدم ما ورد ِمن الو ِعيد َّ ِ‬
‫يب ‪‬‬ ‫الشديد يف ذلك‪ ،‬فقد روى البخاري رمح ه اهلل ع ن اأم َس لَ َمة َزْوج النَّ ِّ‬ ‫َ‬ ‫ويؤيِّد ما َّ َ َ‬
‫نار َج َهنَّم ))(‪.)143‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫رسول اهلل ‪ ‬قال‪ ((:‬الذي ي ْشرب يف إناء ِ‬ ‫َّ‬
‫ضة إمنا جيَْرجر يف بَطْنه َ‬ ‫الف َّ‬ ‫َ َ‬ ‫أن َ‬
‫ض ة بأهن ا آنِيَ ة أَ ْه ل الَنَّ ة‪،‬‬ ‫الش رب يف آنِي ة ال َّذهب و ِ‬
‫الف َّ‬ ‫‪ -3‬ذُكِ ر يف احل ديث ِعلَّ ة النَّ ْه ي ع ن األك ل و ُّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫واستَ ْنبَط العُلَماء ِعلَّلً أخرى‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫(أ) أهنا ْجتلِب ِ‬
‫الكْب َر والُيَّلء‪.‬‬
‫(ب) استِ ْعمالا يَ ْك ِسر قُلوب ال ُف َقراء واملساكِني‪.‬‬
‫الدنيا‪.‬‬ ‫(ج) ُمشابَة ال ُك افار؛ ألهنم يَستَ ْع ِملوهنا يف ُّ‬
‫ضياعاً لألموال وتَ ْب ِذيراً وإسرافاً‪.‬‬ ‫ِ‬
‫أن يف استعمالا َ‬ ‫(د) َّ‬
‫ض ة‪ ،‬فذنَّه ال جي وز‬ ‫ض ة ي دخل في ه املطلِ ي بال َّذهب أو ِ‬
‫الف َّ‬ ‫‪ -4‬ما ذُكِ ر يف حت رمي اس تِعمال آني ة ال َّذهب و ِ‬
‫الف َّ‬
‫ا َ‬
‫ب َح ِقي َقة فّل يَ ْد ُخل يف التَّح ِرمي‪.‬‬ ‫الذ َهب وليس بِ َذ َه ٍ‬ ‫استِعماله‪ ،‬اأما ال َمطْلِي بِلَ ْو ِن َّ‬
‫ا‬
‫ف واإلس راف ال ذي ي رِّيب يف ال نَّ ْف ِ ِ‬ ‫‪ -5‬ماا ي ْنبغِ ي عل ى املس لِم أن ي تجنَّ ب ك ل م ا ي ؤِّدي إىل التَّ ر ِ‬
‫س الك ْ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ َ ا ُ َ‬ ‫ََ‬
‫اس‪.‬‬ ‫والُيَّلء والغُرور والتَّعايل على النا ِ‬
‫فالرسول ‪ ‬هنى عن مش ابتِ ِهم يف مو ِ‬
‫اض ع‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫كل ما فيه ُمشابَة لِل ُك افار‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫‪ -6‬على املسلم أيضاً أن يَتَ َجنَّب ا‬
‫صيَّته املتَ َميِّ َزة املبنِيَّة على تَ ْن ِفيذ تَعالِيم ِدينِه‪.‬‬
‫ألن لِلمسلِم َشخ ِ‬
‫ْ‬ ‫يدة‪ ،‬وذلك َّ ُ‬
‫ِ‬
‫َعد َ‬

‫للح َّكة (‪.)295/1‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪141‬‬


‫) أخرجه البخاري يف صحيحه‪ ،‬كتاب اللاباس‪ ،‬باب‪ :‬ما يَُر َّخص ل ِّلرجال من احلرير َ‬
‫‪142‬‬
‫الروض املربع‪ ،‬البن قاسم (‪.)103/1‬‬
‫) نقّلً عن حاشية َّ‬
‫الفضَّة (‪.)96/1‬‬ ‫‪ ) 143‬أخرجه البخاري يف كتاب األشربة‪ ،‬باب‪ :‬الشُّرب يف آنية ِ‬
‫‪67‬‬
‫األسئلَة‪:‬‬
‫(صحافِها)‪َّ ،‬‬
‫(فذهنا)‪( ،‬لم)‪.‬‬ ‫الضمائر اآلتية‪ِ :‬‬ ‫س‪ِّ :1‬بني َم ْرِجع َّ‬
‫س‪ :2‬ما حكم استِعمال اإلبريق املصبوغ َّ‬
‫بالذ َهب ؟‬
‫الدلِيل على ذلك ؟‬
‫للرجال والنِّساء ؟ وما َّ‬
‫الذ َهب ِّ‬ ‫ساعة ِمن َّ‬ ‫س‪ :3‬ما حكم ِّاختاذ قَلَم أو َ‬
‫س‪ :4‬ما احلِ ْك َمة ِمن حت ِرمي استِ ْعمال احلَ ِرير لِ ِّلرجال ؟‬

‫‪68‬‬
‫الحديث السادس‬ ‫َ‬
‫القْب لَ ة لِغ ائِ ٍط أو بَ ْول‪ ،‬أو أن‬
‫ول اهلل ‪ ‬أن نَس ت ْقبِل ِ‬
‫َْ‬ ‫ع ن س لمان الفارس ي ‪ ‬ق ال‪ ((:‬لق د َهنان ا رس ُ‬
‫نَ ْستَ ْن ِج َي بِاليَ ِمني‪ ،‬أو أن نَ ْستَ ْن ِجي بِأَقَ ال ِم ن ثَّلثَة أَ ْحج ار‪ ،‬أو أن نَ ْس تَ ْن ِجي بَِرِجي ٍع أو َعظْ ٍم ))‪ .‬رواه ُمس لِم‬
‫(‪.)144‬‬
‫التعريف بالراوي‪:‬‬
‫الص حايب اللِي ل أب و عب د اهلل َس ْلمان الفا ِرِس ي‪ ،‬يع رف بِ َس لمان ال ري‪ ،‬أص لُه ِم ن ف ارس‪ ،‬وك ان‬ ‫ه و َّ‬
‫ول اهلل ‪ ،‬وه و ال ذي أش ار ْف ر الن َدق يف غ زوة األح زاب‪ ،‬ك ان ِم ن‬ ‫جموس يَّاً مث أس لَم وأص بح م وىل لرس ِ‬
‫َ‬
‫ف يف َزَم ن َم ْوتِه‪ ،‬فَِقي ل‪ :‬م ات يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وم ن ع َق ِ‬
‫الصحابة وزه ِاد ِهم وفُض ّلئِ ِهم‪ِ ،‬‬
‫الرج ِال ونُ بَّلئ ِهم‪ ،‬اختُل َ‬
‫ّلء ِّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُا‬ ‫خيار َّ‬
‫ِخّلفَة عمر ‪ ،‬وقيل يف ِخّلفَة عُثْمان ‪.‬‬
‫المباحث اللغوية‪:‬‬
‫َ‬
‫معناها‬ ‫الكلمة‬

‫االستِنجاء‪ :‬مأخوذ ِم ن نَ ْوت َّ‬


‫الش َجَرة وأنَْيتُه ا‪ :‬إذا قَطَ ْعتُه ا‪ ،‬مسِّي ب ذلك؛ ألنَّه يَ ْقطَع األَذى‬ ‫نَ ْستَ ْن ِجي‪:‬‬
‫الس بِيلَني ع ن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫باألحج ار وحنوه ا‪،‬‬
‫خمرج ه بامل اء أو ْ‬ ‫َ‬ ‫عن ه‪ ،‬واالس تْنجاء َش ْرعاً‪ :‬إزالَ ة ال ا ِرج م ن َّ ْ‬
‫جارة وحن ِوها يُطْلَق عليه االستِ ْجمار‪.‬‬ ‫ِ‬
‫أن ما كان باحل َ‬ ‫والغالِب َّ‬
‫املراد باليَد اليُ ْمىن‪.‬‬ ‫بِاليَ ِمني‪:‬‬
‫الرْوث‪.‬‬
‫هو َّ‬ ‫بَِرِجي ٍع‪:‬‬

‫األحكام والتوجيهات‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ور‬
‫ص جه ُ‬ ‫وخ ا‬‫احلاج ة‪ ،‬والنَّ ْه ي يَ ْقتَض ي التَّح ِرمي‪َ ،‬‬
‫‪ -1‬يف احل ديث النَّ ْه ي ع ن اس ت ْقبال القْب لَ ة أَثْن اء قَض اء َ‬
‫احلاج ة يف البُ ْني ان فَج ائِز؛ لِم ا روى البخ اري وغ ريه‬
‫الص ْحراء‪ ،‬اأم ا إذا ك ان قَض اء َ‬ ‫العُلَماء هذا النَّ ْه َي يف َّ‬

‫‪ ) 144‬رواه مسلم يف صحيحه‪ ،‬كتاب الطهارة‪ ،‬باب‪ :‬االستِطابة (‪ ،)223/1‬برقم (‪.)262‬‬


‫‪69‬‬
‫حاجتَ ه‬ ‫ِ‬ ‫اجيت‪ ،‬فرأَيْت َّ‬ ‫ت ح ْف ِ‬ ‫عن ابن عمر ‪ ‬قال‪ (:‬ارتَ َقي ت ف َ ِ‬
‫ول ‪ ‬يَ ْقض ي َ‬ ‫الرس َ‬ ‫ص ة ل بَ ْعض ح َ‬ ‫وق بَْي َ َ‬ ‫ْ‬
‫مست ْدبِر ِ‬
‫الشام )(‪.)145‬‬ ‫القْب لَة‪ُ ،‬م ْستَ ْقبِل ا‬ ‫ُ َْ َ‬
‫الص حراء أو يف البُ ْني ان‪ ،‬جَْع اً ب ني‬ ‫أن النَّ ْه َي لِل َكر َاه ة ُمطْلَق اً‪ ،‬س واء ك ان يف َّ‬‫ورأى بع ض أه ل العِل م َّ‬
‫األَ ِدلَّة‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واألوىل لِ ِ‬
‫ص عل ى اح ِتام القْب لَ ة ف ّل يَ ْس تَ ْقبِْلها وال يَ ْس تَ ْدبرها ح ال قَض اء َ‬
‫احلاج ة‪ ،‬ح ّ‬ ‫لم ْس لم أن ي ِر َ‬ ‫ُ‬
‫ولو كان يف البُنيان‪.‬‬
‫‪ -2‬النَّ ْه ي ع ن االس تِنجاء بالي د اليُم ىن؛ َّ‬
‫ألن الي َد اليُم ىن ال تُ ْس تَ ْع َمل اإال يف األش ياء املستَ ْح َس نَة‪ ،‬كاألك ل‬
‫الشرب واملصافَ َحة وحن ِوها‪ ،‬وعليه فاليد اليُسرى تكون لغري ذلك‪.‬‬ ‫و ُّ‬
‫أن النَّه ي لِلكر َاه ة‪ ،‬ف ذذا كان ت هن اك حاج ة يف اس تعمالا لغ ري األش ياء املستحس نة‬ ‫وذك ر أه ل العل م َّ‬
‫كاالستِنجاء فّل بأس‪.‬‬
‫عدد احلج َارة ال يت يُس تَنجى ب ا‪ ،‬وذل ك ب أن ال تق ال ع ن ثّلث ة أحج ار‪ ،‬وعلي ه ف ّل جي وز‬ ‫حدد احلديث َ‬ ‫‪َّ -3‬‬
‫يص ل‬‫الزي َادة ح ّ ُ‬ ‫ص ل ف ّل بُ اد ِم ن ِّ‬ ‫حل‪ ،‬ف ذن مل َي ُ‬‫ف ال َم ا‬
‫ِ‬
‫ص ل تَ ْنظي ُ‬ ‫االقتص ار عل ى الثَّّلث ة إذا مل ي ُ‬
‫ِ‬
‫نظيف واإلنْقاء‪.‬‬ ‫التَّ ِ‬
‫ضل المع بينهم ا‪ ،‬ف ذن مل يك ن فاالقتِص ار عل ى امل اء‪ ،‬وجي وز‬ ‫جارة نيابَة عن املاء ولذا فاألفْ َ‬
‫‪ -4‬استِعمال احلِ ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫الوَرق وحنوها ماا يُ ِّنقي ويُنَظِّف‪.‬‬
‫مقامها كاملناديل و َ‬ ‫االقتصار على احلجارة أو ما يقوم َ‬
‫العظْ م‪ ،‬وي دخل م ا يف‬ ‫ول اهلل ‪ ‬م ثّلً لألش ياء ال يت ال جي وز االس تِنجاء ب ا‪ ،‬وه ي‪ِ َّ :‬‬
‫الرجي ع‪ ،‬و َ‬ ‫ض َرب رس ُ‬ ‫‪َ -5‬‬
‫َمعناها‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫(أ) املطْعومات بأنْو ِ‬
‫اعها‪.‬‬ ‫ُ‬
‫الزجاج وما يف ُح ْك ِمه‪.‬‬ ‫(ب) ما ال يُنَظِّف ويُِزيل الا ِرج‪ ،‬مثل ُّ‬
‫جاسة‪.‬‬ ‫(ت) األشياء النَّ ِجسة؛ َّ ِ‬
‫س ال يُزيل النَّ َ‬ ‫ألن النَّج َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ّلم نَظافَة الظااهر م ن النَّجاس ات‬ ‫ين الطُّ ْه ر والنَّظافَة الظااهَرة والباطنَ ة‪ ،‬فكم ا يري د اإلس ُ‬ ‫‪ -6‬دين اإلسّلم د ُ‬
‫الباطن ِمن األَ ْدران واألحقاد واحلَ َسد وحنوها‪.‬‬ ‫واألوسا ‪ ،‬فهو ي ِرص على طَهارة ِ‬
‫َ‬
‫‪ -7‬األش ياء احملتَ رم ة ِم ن املآك ل واملش ا ِرب واألوراق ال يت فيه ا ِذ ْك ر هللِ ع َّز وج ل وحنوه ا ال جي وز أن تُ ِ‬
‫باش ر‬ ‫َا‬ ‫ٌ‬ ‫ََ‬
‫األَشياء النَّ ِج َسة‪.‬‬

‫‪ ) 145‬أخرجه البخاري يف صحيحه‪ ،‬كتاب الوضوء‪ ،‬باب‪ :‬التَّبَ ارز يف البيوت (‪ ،)250/1‬رقم (‪ ،)148‬ومسلم يف الطَّهارة‪ ،‬باب‪:‬‬
‫االستَطابَة (‪ ،)225/1‬رقم (‪.)266‬‬
‫‪70‬‬
‫ص ل ب ني أُم وِر العِب ادات وس ائِر أُم وِر‬ ‫ِ ِ‬ ‫‪ -8‬اإلس ِ‬
‫ّلم دي ن ش امل لَمي ع ُش ؤون احلي اة‪ ،‬فل يس يف اإلس ّلم فَ ْ‬ ‫ُ‬
‫احلياةِ‪ ،‬بل ال بُ َّد أن تكو َن احلياة كلاها وفْق َش ِر َيع ِة اهللِ تعاىل‪.‬‬
‫األسئلَة‪:‬‬
‫س‪ :1‬ما املراد باالستِْنجاء ؟‬
‫شيء يكون االستِْنجاء ؟‬ ‫س‪ :2‬بأي ٍ‬
‫ا‬
‫س‪ :3‬ما ُح ْكم االستِْنجاء مبا يلي‪ ،‬مع التَعليل‪:‬‬
‫الوَرق‪.‬‬‫َ‬ ‫(أ)‬
‫(ب) ال ِمْن ِديل‪.‬‬
‫الرْوث‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫(ج)‬
‫احلَ ِديد‪.‬‬ ‫(د)‬
‫البِّلط األَ ْملَس‪.‬‬ ‫(ذ)‬
‫يد ال احل ِديث على اهتِمام اإلسّلم بالنَّظافة‪ ،‬أوِرد أمثِلة أخرى ِمن م ِ‬
‫ظاهر اهتِمامه با‪.‬‬ ‫َ‬ ‫س‪َ ُ :4‬‬
‫ض ح ذل ك‪ ،‬مث ب ِّني أمثِلَ ة أخ رى عل ى اح ِِتام‬ ‫دل احلَ ِديث عل ى اح ِتام َّ‬
‫املقدس ات اإلس ّلميَّة‪َ ،‬و ِّ‬ ‫س‪َّ :5‬‬
‫َّ‬
‫املقدسات ماا مل يُ ْذ َكر يف احلديث‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫الحديث السابع‬ ‫َ‬
‫يب ‪ ‬قال‪ ((:‬إياا ُكم واللوس يف الطُّرقات‪ ،‬فقالوا‪ :‬يا َ‬
‫رسول اهلل‪ ،‬م ا‬ ‫عن أيب سعيد الدري ‪َّ ‬‬
‫أن النَّ َّ‬
‫يق َح َّقه‪ ،‬قالوا‪ :‬وما َح اق الطَِّري ق‬‫أعطوا الطَِّر َ‬
‫اجمللس فَ ْ‬
‫َ‬ ‫لنا ِمن جمالِ ِسنا بُ ٌّد نَتَ َح َّدث فيها‪ ،‬فقال‪ ((:‬فذذا أَبَْيتُم اإال‬
‫الس ّلم‪ ،‬واألم ر ب املعروف والنَّ ْه ي ع ن املن َك ر )) متَّ َف ق‬
‫كف األَذى‪َ ،‬وراد َّ‬ ‫صر‪ ،‬و ا‬ ‫ض البَ َ‬
‫رسول اهلل ؟ قال‪َ :‬غ ا‬ ‫يا َ‬
‫عليه‪ ،‬واللَّفظ للبُخا ِري (‪.)146‬‬
‫التعريف بالراوي‪:‬‬
‫الص حايب اللي ل أب و س عيد ال دري‪ ،‬وامس ه‪ :‬س عد ب ن مال ك ب ن س نان‪ ،‬الزرج ي األنص اري‬ ‫ه و َّ‬
‫ال دري‪ ،‬نِ ْس بَة إىل خ درة‪ ،‬ح اي ِم ن األنص ار‪ ،‬استش هد أب وه ي وم أُ ُح د‪َ ،‬‬
‫وش ِهد أب و س عيد الن دق‪ ،‬وبَْي َع ة‬
‫أح د الفقه اء اجملتَ ِه دين‪ ،‬م ات ‪ ‬س نة أرب ع‬ ‫ِ‬ ‫الرضوان‪ ،‬روى عن النَّيب ‪ ‬أَلْف اً ومائ ة ِ‬
‫وس ْبعني َح ديثاً‪ ،‬وك ان َ‬
‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫وسبعني (‪.)147‬‬
‫المباحث اللغَوية‪:‬‬
‫َ‬
‫معناها‬ ‫الكلمة‬

‫للتَّحذير‪ ،‬واملعىن‪ :‬احذروا اللوس يف الطارقات‪.‬‬ ‫إيااكم‪:‬‬


‫وس يف ((اللوس)) منصوبة‪ ،‬أي‪ :‬اح َذروا اللوس‪.‬‬ ‫والل‬
‫والطُّرق ات‪ :‬بض م الطا اء وال اراء‪ ،‬ج ع طُ ُرق‪ ،‬بض م الطا اء وال اراء أيض اً‪ ،‬وطُ رق‪ :‬ج ع‬ ‫الطارقات‪:‬‬
‫العامة‪.‬‬
‫الشوارع واألسواق واألماكن َّ‬ ‫حذير ِمن اللوس يف َّ‬ ‫طَ ِريق‪ ،‬واملقصود التَّ ِ‬
‫ويف رواية عند مسلم‪ ((:‬كناا قُعوداً باألفْنِيَة ))‪ ،‬واألفْنِيَ ة‪ :‬جَْ ع فِن اء‪ ،‬ه و املك ان املتَّ ِس ع‬
‫أمام البَ ْيت‪.‬‬
‫هذه األَماكِن‪.‬‬‫م ا لن ا ِم ن جمالِ ِس نا أي إذا امت ن عتم عن تَرك اللوس يف ِ‬
‫ْ‬ ‫ََ ُْ‬
‫بُ ٌّد‪:‬‬
‫ويؤنَّث‪ ،‬واملع ىن‪ :‬إذا ك ان ال بُ َّد لك م ِم ن الل وس‬ ‫ذكر ُ‬ ‫(ح َّقه ا)‪ ،‬والطَِّري ق ي َّ‬
‫ف أعطوا الطَّري ق يف رواي ة‪َ :‬‬

‫‪ ) 146‬أخرج ه البخ اري يف ص حيحه‪ ،‬كت اب املظ امل‪ ،‬ب اب‪ :‬أفنِيَ ة ال ادور والل وس فيه ا (‪ ،)112/5‬ب رقم (‪ ،)2465‬ويف كت اب‬
‫االس تِئذان (‪ ،)8/11‬ب رقم (‪ ،)6229‬وأخرج ه مس لِم يف ص حيحه‪ ،‬كت اب اللِّب اس و ِّ‬
‫الزين ة‪ ،‬ب اب‪ :‬الن َّْه ي ع ن الل وس يف الطُّرق ات‬
‫(‪ ،)1675/3‬برقم (‪.)2121‬‬
‫َّهذيب (‪.)479/3‬‬ ‫‪ ) 147‬ينظر‪ :‬سري أعّلم النابّلء (‪ ،)168/3‬وهتذيب الت ِ‬
‫ُ‬
‫‪72‬‬
‫وحقوقه الو ِاجبَة عليكم‪.‬‬ ‫آداب الطَِّريق ُ‬
‫ِ‬
‫فامتَثلوا َ‬ ‫َّ‬
‫حقه‪:‬‬
‫ض‪ :‬إطْب اق الَْف ن عل ى الَْف ن ي ث متتَنِ ع‬ ‫ِ‬
‫عم ا ال ي ل النَّظَ ر إلي ه‪ ،‬وأص ل الغَ ا‬ ‫أي ا‬ ‫ا‬ ‫صر‪:‬‬
‫غض البَ َ‬
‫ا‬
‫الرْؤيَة‪.‬‬
‫ُّ‬
‫ول أو فِ ْعل ِمن حن ِو التَّضييق علي ِهم أو احتِقا ِرِهم و َغ ْم ِزِهم‪ ،‬وما ش ابَه‬ ‫أي ِمن ِّ‬
‫املارين بَِق ٍ‬ ‫ف األَذَى‪:‬‬
‫َك ا‬
‫ذلك‪.‬‬

‫األحكام والتوجيهات‪:‬‬
‫ّلق‪ ،‬وعُلُ او اآلداب‪ ،‬ويَْن أَى‬ ‫ومس و األَخ ِ‬ ‫ِ‬ ‫يَه ِدف اإلس ّلم إىل ُّ‬
‫الرقَ اي ب اجملتَ َمع املس لم إىل َمع ايل األُم ور‪ ُ ،‬ا ْ‬ ‫‪-1‬‬
‫ب أفر ِاده ع ن ك ال ُخلُ ٍق َس ِّي ٍء أو َع َم ل َم ِش ني‪ ،‬ويُِري د أن يك ون اجملتَ َم ع جمتَ َم ع حمبَّ ة وأُلْ َف ة‪ ،‬تَ ْربِط ب ني‬
‫الادفَ ة ب ني قائِ د األَُّم ة وأَفْر ِاده ا ح ول ظ ِ‬
‫اهَرة‬ ‫ناص ره األُخ َّوة وامل وَّدة‪ ،‬أال ت رى إىل تل ك املناقَش ة ِ‬ ‫ع ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ماعيَّ ة م ِه َّم ة‪ ،‬ل و ب ِقي ت عل ى و ْ ِ‬ ‫اجتِ ِ‬
‫ّلمه علي ه إىل‬ ‫وس ُ‬‫ص لوات اهلل َ‬ ‫ض عها ألَفْ َس َدت اجملتَ َم ع‪ ،‬فَ َد َّلم َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ُ‬
‫السلِيم جتاهها‪.‬‬‫ضع َّ‬ ‫الو ْ‬
‫َ‬
‫ّلمي يف تَش ِريعِه وأَخّلقِ ه وآدابِ ه‪ ،‬ويف ِرعاي ة حق وق اآلخ رين‪ ،‬ويف ك ل ش ؤونِ‬ ‫تكام ل ال ِّدين اإلس ِ‬ ‫‪-2‬‬
‫ا‬ ‫َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ا‬ ‫ُ‬
‫أي ِدي ٍن أو َم ْذ َه ٍ‬
‫ب‪.‬‬ ‫احلياة‪ ،‬تَ ْش ِريع ال يكاد يُ َ‬
‫وجد يف ا‬
‫لجلوس؛ ألنَّه يَتَ َرتَّب على اللوس فيها أضرار‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫األصل يف الطَِّريق واألَفْنِيَة َّ‬
‫العامة أهنا ليست ل ُ‬ ‫ْ‬ ‫‪-3‬‬
‫عرض لِ ِلفْت نَة‪.‬‬ ‫التَّ ُّ‬ ‫(أ)‬
‫ب والغَ ْمز واللَّ ْمز‪.‬‬ ‫بالس ا‬
‫إيذاء اآلخرين َّ‬ ‫(ب)‬
‫الاصة للنااس‪.‬‬ ‫االطِّّلع على األحوال َّ‬ ‫(ج)‬
‫ضياع األوقات مبا ال فائِ َدة منه‪.‬‬ ‫َ‬ ‫(د)‬
‫سول ‪ ‬هذا احلديث بعض ُحقوق الطَِّريق‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫الر ِ‬ ‫َع ْرض َّ‬ ‫‪-4‬‬
‫ض ني َح وائِ َج ُه ان‪،‬‬ ‫احملرم ات‪ ،‬ف الطَّريق مع َّرض مل روِر النِّس اء ال اّليت ي ْق ِ‬
‫َ‬ ‫َُ‬ ‫ص ر وَك اف ه ع ن النَّظَ ر يف َّ‬ ‫ض البَ َ‬ ‫َغ ا‬ ‫(أ)‬
‫احملرم ات ِم ن الواجب ات ال يت ِجي ب التَّ َقيُّ د ب ا يف ك ال األَ ْح وال والظُّ روف‪ ،‬يق ول‬ ‫ص ر ع ن َّ‬ ‫ض البَ َ‬ ‫و َغ ا‬
‫ﱸﱺﱻﱼﱽ‬
‫ﱹ‬ ‫ﱴﱶﱷ‬
‫ﱵ‬ ‫ﱡﭐ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ‬ ‫تع اىل‪:‬‬
‫ﱾ ﱠ [النُّور‪.]30 :‬‬

‫‪73‬‬
‫كالس باب‬
‫الس ِّيء‪ِّ ،‬‬ ‫ص غِرياً‪ ،‬مث ل االعتِ داء ب الكّلم َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ف األَذى ع ن امل َّارة بَمي ع أَنْواع ه َكبِ رياً أو َ‬‫(ب) َك ا‬
‫الس ْخ ِريَّة‪ ،‬وك ذا االعتِ داء ب النَّظَر يف بي وت اآلخ رين ب دون إذهنِ م‪،‬‬ ‫الش تائِم والغِيبَ ة‪ ،‬واالس تهزاء‪ ،‬و ُّ‬
‫و َّ‬
‫ص َدر إيذاء ألهلِها‪ ،‬وغري ذلك‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ويَ ْد ُخل يف اإليذاء أيضاً لَعب ال ُكَرةِ باألفنيَة أَ َ‬
‫مام البُيوت‪ ،‬فهي َم ْ‬
‫أن رَّد الس ّلم و ِ‬
‫اج ب‪ ،‬يق ول تع اىل‪ :‬ﱡﭐ ﳎ ﳏ ﳐ ﳑ‬ ‫الس ّلم‪ ،‬وق د أج ع أه ل العل م َّ َ ا‬ ‫(ج) َراد َّ‬
‫ومن املعل وم َّ‬
‫أن االبت داء‬ ‫ﳕ ﳗ ﳘ ﳙ ﳚ ﳛ ﳜ ﳝ ﱠ [النِّساء‪ِ ،]86 :‬‬ ‫ﳖ‬ ‫ﳒﳓﳔ‬
‫الر ْمحَة وال َ َكة‪.‬‬
‫ّلمة و َّ‬ ‫السّلم حتيَّة ِ‬
‫املسلمني‪ ،‬فهو ُدعاء بِ َّ‬ ‫بالسّلم سناة يؤجر ِ‬
‫الس َ‬ ‫فاعلها‪ ،‬و َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫ص بِال ِّذ ْكر؛ َّ‬ ‫ِ‬
‫ألن‬ ‫وخ ا‬ ‫الرابِ ع امل ذكور يف احل ديث‪ُ ،‬‬ ‫(د) األَ ْم ر ب املعروف والنَّ ْه ي ع ن املن َك ر‪ ،‬ه ذا ه و احلَ اق ا‬
‫وحنوه َمظنَّة ُوجود املن َكرات فيه‪.‬‬ ‫َِّ‬
‫الطريق َ‬
‫الس نَّة عل ى ه ذا املب دأ العظ يم‪ ،‬منه ا قول ه تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﲆ ﲇ ﲈ‬ ‫وق د تض افَ َرت نُص وص الكت اب و ُّ‬
‫ﲐ ﲒ ﲓ ﲔ ﱠ [آل عمران‪.]104 :‬‬ ‫ﲑ‬ ‫ﲉﲊﲋﲌﲍﲎﲏ‬
‫اطس‪،‬‬‫ض حق وق الطَّري ق‪ ،‬ومنه ا‪ :‬حس ن الك ّلم‪ ،‬وتَ ْش ِميت الع ِ‬ ‫وص أخ رى تَ ْذكر بع ِ‬
‫ُْ‬ ‫وردت نص ٌ‬ ‫‪َ -5‬‬
‫الس بِيل‪َ ،‬وراد ظُْل م الظاامل‪ ،‬جعه ا احل افظ‬ ‫اجز‪ِ ،‬‬
‫وهدايَة احلَ ْريان‪ ،‬وإرش اد َّ‬ ‫وإغاثَة املله وف‪ ،‬وإعانَة الع ِ‬
‫ابن حجر رمحه اهلل بقولِه‪:‬‬
‫طَِّر ِيق ِمن قَ ْوِل َخ ِْري الَْل ِق إنْسانا‪.‬‬ ‫وس عل ى ال‬
‫آداب َمن ر َام ال جل َ‬
‫ت َ‬ ‫َج َم ْع ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إحس انا‪.‬‬ ‫وسّلم اً ُرَّد ْ‬‫عاط ساً‪َ ،‬‬ ‫وش ِّمت‬ ‫ّلم‪ ،‬وأَ ْحس ن ال َك َ‬
‫ّلم َ‬ ‫أَفْ ش َّ‬
‫الس َ‬
‫َلْفان‪ْ ،‬اه ِد َسبِ يّلً‪ ،‬و ْاه ِد َح ْريانا‪.‬‬ ‫أع ن وأَ ِغ ث‬
‫يف احلمل عا ِون‪ ،‬ومظل وماً ِ‬
‫َ‬ ‫َْ‬
‫ض طَْرفاً‪ ،‬وأكثِر ِذ ْكَر َم ْوالن ا (‪.)148‬‬ ‫وغُ ا‬ ‫ف أَذى‬‫بالعُرف ُمر‪ ،‬وانْ هَ عن نُ ْكر‪ ،‬وُك ا‬
‫األسئلَة‪:‬‬
‫صل يف الطَِّريق‪ ،‬واألفنِيَة َّ‬
‫العامة ؟‬ ‫س‪ :1‬ما األَ ْ‬
‫لم َحَّرمات‪.‬‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫س‪ :2‬اذ ُكر َدليّلً على َع َدم َجواز النَّظَر ل ُ‬
‫بعض فَوائِ ِده‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ب من الواجبات‪ ،‬اذ ُكر َ‬
‫س‪ :3‬األمر باملعروف و ِاج ِ‬
‫ٌ‬
‫اآلخ ِرين ؟‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫س‪ :4‬ما رأيُك يف الكتابَة على الُدران ؟ وهل تَ ْد ُخل ض ْم َن إيذاء َ‬
‫وضح ذلك‪.‬‬ ‫يدل على ُح َرمة املسلِم‪ِّ ،‬‬ ‫س‪ :5‬احلديث ا‬
‫ومساء الري) هل جيوز أن تكون بِداية َّ‬
‫السّلم ؟ وملاذا ؟‬ ‫(صباح الري‪َ ،‬‬ ‫س ‪َ :6‬‬

‫‪ ) 148‬ينظر‪ :‬فتح الباري (‪.)11/11‬‬


‫‪74‬‬
‫الحديث الثامن‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت يف َربَ ِ‬ ‫الباهلي ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪ ((:‬أنا َز ِعيم بِب ي ٍ‬ ‫عن أيب أمامة ِ‬
‫ض النَّة ل َم ن تَ َرك ال مراءَ‬ ‫ٌ َْ‬
‫ت يف أَ ْعل ى النَّ ِة لِ َم ن َح ُس ن‬ ‫ت يف وس ِط النَّ ِة لِمن تَرَك ال َك ِذب وإن كان ما ِزحاً‪ ،‬وبِب ي ٍ‬
‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ََ‬
‫وإن كان ُِحم اقاً‪ ،‬وبِب ي ٍ‬
‫َْ‬
‫ٍ‬
‫بذسناد َح َس ٍن (‪.)149‬‬ ‫ُخلُقه )) رواه أبو داود‬
‫التعريف بالراوي‪:‬‬
‫ول اهلل ‪ ،‬روى ِع ْلم اً‬ ‫الصحايب الليل أبو أمامة الباهلي‪ ،‬امسه‪ :‬صدي بن عجّلن‪ِ ،‬‬
‫صاحب رس ِ‬
‫َْ‬ ‫ُ‬ ‫هو َّ‬
‫كثرياً‪ ،‬مات سنة إحدى ومثانني‪ ،‬وقيل سنة ست ومثانني‪  ،‬وأرضاه (‪.)150‬‬
‫المباحث اللغوية‪:‬‬
‫معناها‬ ‫الكلمة‬

‫الض ِامن وال َك ِفيل‪ ،‬ومنه ُ‬


‫قول اهلل سبحانَه وتعاىل‪ :‬ﱡﭐ ﱠ ﱡ ﱢ ﱠ [يوسف‪.]72:‬‬ ‫ا‬ ‫الزعيم‪:‬‬
‫َّ‬
‫صر‪.‬‬
‫املراد به هنا‪ :‬ال َق ْ‬ ‫البيت‪:‬‬
‫بفتح الراء والباء‪ ،‬واملراد به هنا‪ :‬أَ ْس َفل النَّة‪.‬‬ ‫َربَض النَّة‪:‬‬
‫ماريْتُ ه‪ :‬إذا طَ َعْن ت يف قولِ ه تَزييف اً لِل َق ْول‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بكس ر امل يم‪ ،‬وامل راد ب ه هن ا‪ :‬ال دال‪ ،‬يُق ال‪َ :‬‬ ‫املراء‪:‬‬
‫صغرياً لِلقائِل‪.‬‬
‫وتَ ْ‬
‫جيادل فيه‪.‬‬ ‫بضم امليم وكسر احلاء وتشديد القاف‪ ،‬أي‪ :‬وإن كان احلق معه فِيما ِ‬ ‫ُِحم اقاً‪:‬‬
‫َا‬
‫الص ْدق‪ ،‬وهو اإلخبار ِخبّلف الواقِع‪.‬‬ ‫ِض اد ِّ‬ ‫ال َك ِذب‪:‬‬

‫‪ ) 149‬أخرجه أبو داود يف سننه‪ ،‬كت اب األدب‪ ،‬ب اب‪ :‬يف حس ن الل ق (‪ ،)150/5‬والطَّ اين يف الكب ري (‪ ،)98/8‬ح (‪)7488‬‬
‫الصلَة‪ ،‬باب‪ :‬ما جاء‬ ‫السالِكني (‪ ،)307/2‬رواه الطَّ اين وإسناده صحيح وبنحوه ِّ‬
‫الِتمذي يف سننه‪ ،‬كتاب الِ ا و ِّ‬ ‫وقال ابن ال َقيِّم يف مدارج ا‬
‫يف املراء ِمن حديث أنس بن مالك (‪.)358/4‬‬
‫‪ ) 150‬يُنظر‪ :‬سري أعّلم النُّبّلء (‪ ،)359/3‬وهتذيب التَّهذيب (‪.)420/4‬‬
‫‪75‬‬
‫األحكام والتوجيهات‪:‬‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪ -1‬ال اداعي ة النا اجح وامل ريب النااص ح‪ ،‬ه و ال ذي يَ ْع ِرض م ا لَ َديْ ه م ن فَوائ د وآداب وأخ ّلق بِ ُ‬
‫ص َورةٍ ُمَر ِّغبَ ة‬
‫الس ِامع بِك ال َش ْو ٍق وتَلَ ُّه ف‪ ،‬فَيَ ْقبَله ا قب والً كرمي اً‪ ،‬وهك ذا ك ان رس ول اهلل ‪،‬‬ ‫ُم َش ِّوقَة ح ّ يَتَ لَ اقاه ا ا‬
‫الضمانات لِ َمن قام بذه اآلداب‪.‬‬ ‫فهو هنا يذكر بعض هذه َّ‬
‫‪ -2‬النة أعلى ما يَطْل ب الطاالِبون‪ ،‬وأَنْ َف س م ا يَتَن افَس في ه املتنافس ون‪ ،‬ق د أفْ لَ ح َم ن يَ ْس عى إليه ا‪ ،‬وف از‬
‫ألجل احلصول عليها‪ ،‬مثنُها غ ٍال‪ ،‬وه و َس ْهل لِ َم ن َس َّهلَه اهللُ علي ه‪،‬‬ ‫وسعد َمن يَ ْع َمل ْ‬
‫من يظْ َفر با‪ِ ،‬‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ض ِّمنُها لِ َمن قام بذه األعمال الليلة‪.‬‬ ‫الرسول ‪ ‬يُ َ‬ ‫و َّ‬
‫درج ات‬ ‫الرس ول ‪َ ‬‬ ‫‪ -3‬يف النَّ ة َد َرج ات كث رية أع َّدها اهلل ع َّز وج َّل لِعب ِاده امل ؤمنني‪ ،‬ويف احل ديث ب َّني َّ‬
‫صال ثّلث‪-:‬‬ ‫لِمن حتلَّى بأَح ِد ِخ ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫الع ِق يم ال ذي ال فائِدة‬ ‫ِ‬
‫الد َر َج ة؛ ألنَّه تَرك ال دال َ‬ ‫احبُه يف َربَض النَّة‪ ،‬وإمن ا ُو ِع د ب ذه َّ‬ ‫(أ) ت رك امل راء وص ِ‬
‫وص ل إىل احلَ اق‬ ‫الشحناء والب ْغضاء‪ ،‬وال ي ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫الص ْوت‪َ ،‬وتَ َكلاف احلُ َّجة‪ ،‬ويُ َؤ ِّجج َّ ْ‬
‫ص َحبه َرفْع َّ‬ ‫منه‪ ،‬والذي يَ ْ‬
‫املؤمن احلَ اق هو الذي يَْت ُرك هذا الِدال حّ ولو كان يَ ْعتَ ِقد جا ِزماً أنَّه على احلَ اق‪.‬‬ ‫املطلوب‪ ،‬و ِ‬
‫الدرجة بِبُ ْع ِده عن الك ذب‬ ‫صلت له هذه َّ‬ ‫وح َ‬
‫ِ‬
‫(ب) تَ ْرك ال َكذب وإن كان مازحاً‪ ،‬وصاحبُه يف َو َسط النَّة‪َ ،‬‬
‫ِ‬
‫وص دقاً‪ ،‬وال َُي ِ اإال مب ا ه و ِص ْدق‪ ،‬والك ذب‬ ‫ينط ق اإال ح اق اً ِ‬ ‫الص دق‪ ،‬ف ّل ِ‬ ‫بقولِ ه وفعلِ ه‪ ،‬والت زام ِّ‬
‫ول اهلل ‪ ‬ق ال‪ ((:‬آيَ ة املن افِق ثَ ّلث‪ :‬إذا‬ ‫أن رس َ‬ ‫ص لَة ِم ن ِخص ال املن افقني‪ ،‬ع ن أيب هري رة ‪َّ ‬‬ ‫َخ ْ‬
‫َح َّدث َك َذب‪ ،‬وإذا َو َع َد أَ ْخلَف‪ ،‬وإذا ْأؤمتِن خان )) (‪.)151‬‬
‫يمة‪ ،‬وعاقِبَتُه َّ‬
‫ضارة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫يجتُه َوخ َ‬
‫ِ‬
‫الذنوب‪ ،‬نَت َ‬ ‫وال َك ِذب َكبِرية ِمن َكبائِر ُّ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫وإن ال ُفج َور يَ ْه دي إىل‬ ‫ب يَ ْه دي إىل ال ُفج وِر‪َّ ،‬‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ق ال رس ول اهلل ‪ ((:‬إيا ا ُكم وال َك ذب‪ ،‬ف َّ‬
‫ذن ال َك ذ َ‬
‫ب عند اهللِ ك اذاباً )) (‪.)152‬‬ ‫الر ُج َل لَيَ ْك ِذب َّ‬
‫حّ يُ ْكتَ َ‬ ‫وإن َّ‬ ‫الناا ِر‪َّ ،‬‬
‫جملرد إضحاك النااس‪ ،‬فقد جاء يف احلديث‪َ ((:‬ويْل للذي‬
‫الشديد لل َكذب‪ ،‬حّ ولو كان َّ‬ ‫هذا الوعيد َّ‬
‫يَ ِّدث فَيَ ْك ِذب لِيُ ْ‬
‫ض ِح َ‬
‫ك ال َق ْوَم‪َ ،‬ويْ ٌل له‪َ ،‬ويْ ٌل له )) (‪.)153‬‬

‫ﱩ ﱠ وم ا‬ ‫تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ‬ ‫‪ ) 151‬رواه البخ اري يف ص حيحه‪ ،‬كت اب األدب‪ ،‬ب اب‪ :‬قول ه‬
‫ينهى عنه من الكذب‪ ،‬يف (‪ ،)507/10‬برقم (‪.)6095‬‬
‫‪152‬‬
‫السابق‪ ،‬رقم (‪.)6095‬‬‫) البخاري يف صحيحه‪ ،‬املوضع ا‬
‫الزهد (‪ ،)557/4‬وقال في ه‪َ ":‬ح ِديث َح َس ن "‪ ،‬وق ال‬
‫الِتمذي‪ ،‬كتاب ا‬
‫السنَن ما عدا ابن ماجه‪ ،‬ينظر سنن ِّ‬
‫) رواه أصحاب ُّ‬
‫‪153‬‬

‫السّلم (‪.)398/4‬‬‫ابن حجر رمحه اهلل‪ (:‬إسناده قَ ِوي )‪ ،‬يُنظر‪ :‬سبل َّ‬
‫‪76‬‬
‫املتعلِّق باألموال‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أش اد أَنْواع ال َكذب‪ :‬ال َكذب على اهلل تعاىل أو على رسوله ‪ ،‬وكذا ال َكذب َ‬ ‫ومن َ‬
‫عاملُه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وخلُق ه َح َس ناً‪ ،‬وتَ ُ‬ ‫(ج) ُح ْسن الُلُق وصاحبُه يف أعلى النَّة‪ ،‬ويصل عليه َمن كانت ص فاته َمحي َدة‪ُ ،‬‬
‫الرسول ‪ ،‬الذي َم َد َحه اهلل تعاىل بقوله‪ :‬ﱡﭐ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﱠ [القلم‪.]4 :‬‬ ‫كرمياً‪ُ ،‬م ْقتَ ِدياً بِ َّ‬
‫وحس ن اللُ ق أَ ْكثَر األَ ْعم ال ال يت تَرفَ ع قَ ْدر املس لِم عن د النا اس يف ال ُّدنْيا‪ ،‬وعن د اهللِ يف ِ‬
‫اآلخ َرة‪ ،‬روى‬ ‫ْ‬ ‫ُْ ُ‬
‫يام ة ِم ن‬ ‫أن النَّيب ‪ ‬قال‪ ((:‬ما ِمن شي ٍء أَثْ َقل يف ِميزان العب د ي ِ‬
‫وم الق َ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫الدرداء ‪َّ َّ ‬‬ ‫الِتمذي رمحه اهلل عن أيب َّ‬ ‫ِّ‬
‫ش البَ ِذيء )) (‪.)154‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وإن اهللَ يُْبغض الفاح َ‬ ‫ُح ْس ِن الُلُق‪َّ ،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫العّلق ات االجتماعيَّ ة‪ ،‬وال َّروابِط ب ني النا اس‪ ،‬يَْنبَغ ي أن تَ ُس َ‬
‫ودها األُلْ َف ة واحملبَّ ة واألُ ُخ َّوة وامل َوَّدة‪ ،‬وأن‬ ‫‪َ -4‬‬
‫الض غائِن‪ ،‬والغِ ال واحلَ َس د‪ ،‬هك ذا يُِري دها اإلس ّلم ويَ ْس َعى إليه ا‪ ،‬وعلي ه‬ ‫تك و َن خالِيَ ةً ِم ن األَ ْحق اد و َّ‬
‫خال ِمن األَمراض و َّ ِ‬ ‫فاملسلِم قَ ْلبه أَب يض نَِقي ٍ‬
‫العّلقات‪.‬‬ ‫ص ْف َو هذه َ‬ ‫الشوائب اليت تُ َع ِّكر َ‬ ‫ْ‬ ‫ا‬ ‫ُ َْ‬
‫ّلم أو ِج دال أو فِ ْع ل يُ َؤِّدي إىل الوق وع‬ ‫فكل َك ٍ‬
‫ب املصا يف َش ِر َيعة اهلل‪ُّ ،‬‬ ‫املفاسد ُم َق َّدم على َج ْل ِ‬ ‫‪ -5‬درء ِ‬
‫َْ‬
‫يف َم ْف َس َدة‪ِ ،‬جيب تَ ْرُكه واالبْتِعاد عنه (‪.)155‬‬
‫األسئلَة‪:‬‬
‫س‪ :1‬ما معىن ال َكلِمات اآلتية‪( :‬زعيم‪ ،‬ربَض‪ ،‬املراء) ؟‬
‫مثرة ذلك ؟‬ ‫ِ‬
‫احلسن‪ ،‬ما َ‬
‫س‪ :2‬من صفات املؤمن‪ :‬اللُق َ‬
‫س‪ :3‬اذ ُكر فائِدتني ِمن فوائِد احلَ ِديث‪.‬‬
‫لح ِديث‪.‬‬ ‫ّلل ِدر ِ ِ‬
‫استك ل َ‬ ‫َ‬
‫ضح املراد بذه الملة ِمن ِخ ِ‬ ‫س‪( :4‬مهَّة املسلِم عالِيَة) َو ِّ‬
‫خاطئَة‪ ،‬ما َم ْوقِ ُفك منه ؟‬
‫س‪ :5‬زِميلُك أَخطَأ عليك بِ َكلِم ٍة ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫س‪ :6‬مثال للقاعدة الليلة‪ :‬درء املفاسد مقدم على جلب املصا ؟‬

‫ص ِحيح "‪.‬‬‫الصلة‪ ،‬باب‪ :‬ما جاء يف حسن اللق (‪ ،)362/4‬وقال‪ ":‬حديث َح َسن َ‬ ‫‪ ) 154‬أخرجه الِتمذي يف سننه‪ ،‬كتاب الِ و ِّ‬
‫‪155‬‬
‫للسيوطي (ص ‪ ،)87‬والوجيز يف إيضاح قواعد الفقه الكليَّة للدكتور حممد صدقي البورنو‬
‫) يُنظر يف القاعدة كتاب األشباه والنَّظائر ُّ‬
‫(ص ‪.)208‬‬
‫‪77‬‬
‫الحديث التاسع‬
‫َ‬
‫ف َرس ول اهللِ ‪ ‬يَ ْوم اً‪ ،‬فق ال‪ ((:‬ي ا غُ ّلم!‬ ‫عن عبد اهلل بن عبااس رضي اهلل عنهما أنه قال‪ :‬كنت َخ ْل َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت فاس أَل اهللَ‪ ،‬وإذا ْ‬
‫اس تَ َعْنت‬ ‫جتاه ك‪ ،‬إذا س أَلْ َ‬ ‫اح َف ظ اهللَ جت ْده َ‬‫اح َف ظ اهللَ َْي َفظْ ك‪ْ ،‬‬‫إين أُ َعلِّم ك َكلم ات‪ْ ،‬‬ ‫ِّ‬
‫وك اإال بِ َش ْي ٍء ق د َكتَبَ ه اهللُ ل ك‪،‬‬
‫وك بِ َش ْي ٍء مل يَْن َفع َ‬ ‫فاستَعِن باهلل‪ ،‬و ْاعلَم َّ‬
‫أن األَُّمة لو اجتَ َم َع ت عل ى أن يَْن َفع َ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ض اروك بِ َش ْيء اإال ق د َكتَبَ ه اهللُ علي ك‪ُ ،‬رف َع ت األَقْ ُ‬
‫ّلم َو َج َّف ت‬ ‫ض اروك بِ َش ْيء مل يَ ُ‬‫اجتَ َمع وا عل ى أن يَ ُ‬
‫ول و ْ‬
‫ص ِحيح (‪.)156‬‬ ‫ِ‬
‫الِتمذي‪ ،‬وقال‪َ :‬حديث َح َسن َ‬ ‫الص ُحف )) رواه ِّ‬ ‫ُّ‬
‫التعريف بالراوي‪:‬‬
‫األول‪.‬‬
‫سبق التَّعريف به يف احلديث َّ‬
‫المباحث اللغوية‪:‬‬
‫َ‬
‫َمعناها‬ ‫ال َكلمة‬

‫الدتِ ه إىل أن يَبلُ غ ِس ان‬ ‫ِ‬


‫الش ْخص م ن ح ني ِو َ‬ ‫الص غِري‪ ،‬ويُطْلَ ق عل ى َّ‬ ‫الص يب َّ‬
‫الغ ّلم ه و‪َّ :‬‬ ‫يا غُّلم‪:‬‬
‫الشباب‪.‬‬ ‫َّ‬
‫الوق وف عن د أو ِام َره‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اح َفظ اهللِ‪:‬‬
‫وحقوق ه وأوام َره ونَواهي ه‪ ،‬وحف ظ ذل ك ه و ُ‬ ‫دوده ُ‬
‫اح َف ظ ُح َ‬ ‫يع ين ْ‬ ‫ْ‬
‫باالمتِثال‪ ،‬وعند نَو ِاهيه باالجتِناب‪ ،‬وعند ح ِ‬
‫دوده فّل جيا ِوز م ا أََم ر ب ه وأَ ِذن في ه إىل م ا‬ ‫ُ‬
‫هنَى عنه‪.‬‬
‫وولَ ِده وأَ ْهلِه‪ ،‬وأن ي َفظَه يف ِدينِه‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫أن َْي َفظه اهللَ يف َمصا ُدنياه‪َ ،‬كح ْفظه يف بَ َدنه َ‬ ‫املعىن َّ‬ ‫ي َفظْك‪:‬‬
‫وي َفظ ه عن د‬ ‫املض لَّة‪ِ ،‬‬
‫الش بهات ِ‬ ‫وإميانِ ه فَيَ ْح َفظَ ه يف َحياتِ ه ِم ن ُّ‬
‫احملَّرَم ة‪ْ ،‬‬
‫الش هوات َ‬ ‫وم ن َّ‬
‫َم ْوتِه فَيَتَ َوفااه على اإلميان واإلسّلم‪.‬‬
‫السداد‪.‬‬ ‫صر والتَّوفِيق و َّ‬‫كل أَ ْحوالك بالنَّ ْ‬
‫معك يف ا‬ ‫ِجتده جتاهك‪:‬‬
‫ص ّلتِه‪:‬ﭐﱡﭐ ﱒ ﱓ ﱔ‬ ‫فاس أَل ه ذه موافَ َق ة لِم ا يق ول املس لِم يف ك ل ر ٍ ِ‬ ‫إذا َس أَلْت ْ‬
‫كع ة م ن رَكع ات َ‬ ‫ا َ‬ ‫ُ‬
‫اس تَ َعْنت ﱕ ﱠ [الفاحتة‪.]5 :‬‬ ‫اهللَ‪ ،‬وإذا ْ‬
‫فاستَعِن باهلل‪:‬‬

‫يامة‪ ،‬باب‪ ،)667/4( ،)59( :‬برقم (‪ ،)2516‬ورواه اإلمام أمحد يف املسند‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ ) 156‬أخرجه ِّ‬
‫الِتمذي يف جامعه‪ ،‬كتاب ص َفة الق َ‬
‫(‪.)293/1‬‬
‫‪78‬‬
‫األَحكام والتوجيهات‪:‬‬
‫اع د ُكلِّيَّ ةً ِم ن َأه ام أُم ور‬
‫ق ال احل افظ اب ن رج ب رمح ه اهلل‪ :‬ه ذا احل ديث ي تَض َّمن وص ايا ع ِظيم ةً‪ ،‬وقَو ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫‪-1‬‬
‫يش‪ ،‬فوا أَ َسفاً ِمن الَ ْه ل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يث فَأَ ْد َه َش ِين‪ ،‬وك ْدت أَط ُ‬
‫الدين‪ ،‬حّ قال بعض العُلَماء‪ :‬تَ َدبَّرت هذا احلد َ‬ ‫ِّ‬
‫بذا احلَ ِديث وقِلَّة التَّ َف ُّهم لِ َم ْعناه (‪.)157‬‬
‫الس لوك املس تَ ِقيم‪،‬‬ ‫ّلق ِ‬
‫الفاض لَة و ُّ‬ ‫الس لِيمة واألَخ ِ‬
‫ْ‬ ‫يدة َّ َ‬ ‫الع ِق َ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬
‫يب ‪ ‬بِتَ ْوجيه أَُّمته‪ ،‬وتَ ْنشئَتها على َ‬ ‫اهتمام النَّ ِّ‬
‫ِ‬ ‫‪-2‬‬
‫الص غِري لََّقنَ ه َكلِم ات قَلِيلَ ة األَلْف اظ‪ ،‬كثِ َرية املع اين‪ ،‬ل ا‬‫ّلحظ هن ا أنَّه ح ني َركِ ب َم َع ه ه ذا الغُّلم َّ‬ ‫ف تُ ِ‬
‫الدنيا و ِ‬
‫اآلخَرة‪.‬‬ ‫آثارها ونَتائِ ُجها الطَّيِّبَة يف ُّ‬ ‫ُ‬
‫الوص ايا الناافِ َع ة لِ َم ن يَ ُق وم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عل ى ال ُمَرِّيب ‪ -‬أب اً أو ُم َعلِّم اً أو غريمه ا ‪ -‬أن يَ ْس تَغ ال َ‬
‫املناس بات ليُ ْه دي َ‬ ‫‪-3‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الوصايا‪ ،‬مثل‪ :‬التَّش ِويق‬ ‫َِّ‬
‫سلوب احلَ َسن‪ ،‬والطري َقةَ الَيِّ َد َة إليصال هذه َ‬ ‫على تَربِيَت ِهم‪ ،‬وأن يَ ْستَ ْعمل األُ َ‬
‫سول ‪.‬‬ ‫علومة قبل ِذ ْك ِرها‪ ،‬كما فَ َعل َّ‬
‫الر ُ‬ ‫ِ‬
‫لم َ‬ ‫لَ‬
‫يم ة يف ه ذه احلي اة‪ ،‬ذلك م ه و ِح ْف ظ اهللِ تع اىل‪ ،‬املتَ َمثِّ ل يف القي ام بِ أَو ِام ِره‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫عل ى امل ؤمن َمس ؤوليَّة َعظ َ‬ ‫‪-4‬‬
‫ص ِحب ه ذه الُط و َط‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واجتن اب نَواهي ه َوزواج ِره‪ ،‬والوق وف عن د ح دوده ف ّل يَتَ َ‬
‫جاوُزه ا‪ ،‬وأن يَ ْستَ ْ‬
‫ؤون َحياتِه‪.‬‬ ‫جيع ُش ِ‬ ‫يضةَ يف َِ‬ ‫الع ِر َ‬
‫َ‬
‫ث على ِح ْف ِظها‪ ،‬فعلى سبيل املثال‪:‬‬ ‫باألمر‪ ،‬أو باحلَ ا‬
‫الشارع احلكيم ْ‬ ‫صت ِمن ا‬ ‫َوَرَدت أَ ٌ‬
‫عمال ُخ َّ‬ ‫‪-5‬‬
‫الصّلة جاء فيها قوله تعاىل‪ :‬ﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱠ [البقرة‪.]238 :‬‬ ‫َّ‬ ‫(أ)‬
‫الوضوء‪ ،‬روى اإلمام أمحد واب ن ماج ه‪ ،‬واحل اكِم‪ ،‬وغ ريهم‪ ،‬ع ن ثوب ان ‪ ‬ق ال‪ :‬ق ال رس ول‬ ‫هارة و ُ‬‫(ب) الطَّ َ‬
‫ظ عل ى الوض ِ‬
‫وء اإال‬ ‫الص ّل َة‪ ،‬ول ن ُي افِ َ‬
‫أن َخ ْري أعم الِ ُكم َّ‬
‫اس تَ ِقيموا ول ن ُْحتص وا‪ ،‬و ْاعلم وا َّ‬
‫ُ‬ ‫اهلل ‪ْ ((:‬‬
‫ُم ْؤِمن )) (‪.)158‬‬
‫(ج) األَميان‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﱡﭐ ﲳ ﲴﭐ ﭐ ﭐﱠ اآلية [املائدة‪.]89 :‬‬
‫ظ ما‬ ‫يب ‪ ‬ق ال‪َ ((:‬م ن َح ِف َ‬ ‫(د) ال وا ِرح‪ ،‬مث ل‪ :‬اللِّس ان‪ ،‬وال َف ْرج‪ ،‬روى احل اكم ع ن أيب هري رة ‪ ‬ع ن النَّ ِّ‬
‫ض َمن له النَّة )) (‪.)159‬‬ ‫بني حليَ ْيه‪ ،‬وما بني ِر ْجلَْيه‪ ،‬أَ ْ‬

‫‪ ) 157‬يُنظر‪ :‬جامع العلوم واحلكم‪ ،‬البن رجب (‪ ،)462/1‬شرح احلديث رقم (‪.)19‬‬
‫‪ ) 158‬رواه اإلم ام أمح د يف مس نَده بِتَ ْح ِقي ق أمحَ د ش اكِر (‪ ،)381/6‬واب ن ماج ه يف ُس نَنه‪ ،‬كت اب الطَّه ارة‪ ،‬ب اب‪ :‬احملافَظَ ة عل ى‬
‫وصححه احلاكم على شرط الشَّيخني‪.‬‬ ‫الوضوء (‪ ،)101/1‬ورواه َّ‬ ‫ُ‬
‫ض َمن يل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وص َّح َحه‪ ،‬ووافَ َقه َّ‬ ‫‪159‬‬
‫َصل احلَديث يف البخ اري‪ ،‬لك ن بلَ ْف ظ‪َ (:‬م ن يَ ْ‬ ‫الذهيب‪ ،‬وأ ْ‬ ‫) رواه احلاكم يف املستدرك (‪َ ،)357/4‬‬
‫الرقاق‪ ،‬باب‪ِ :‬ح ْفظ اللِّسان‪ ،‬ح (‪.)6474‬‬ ‫َض َمن له النَّة )‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬كتاب ا‬ ‫ما بني حليَ ْيه وما بني ِر ْجلَْيه أ ْ‬
‫‪79‬‬
‫فظ ه يف ُدنْي اه‪ ،‬فَيَ ْح َفظ ه يف بَ ِدنِ ه‪ ،‬ويف‬
‫تكف ل اهلل ِ‬ ‫ِ‬
‫ظ اهللَ وراع اه يف َجي ع ُش ؤون احلي اة‪ُ َّ ،‬‬ ‫أن َم ن َح ِف َ‬
‫‪َّ -6‬‬
‫َولَده‪ ،‬وأَ ْهلِه ومالِه‪.‬‬
‫وض ْعف قُ َّوتِه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ظ اهلل يف ِص غَ ِره وش بابِه وح َال قُ َّوتِه ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫وص َّحته َحفظَه اهللُ يف ح ِال ك َِه َ‬ ‫َ‬ ‫وعليه‪ :‬فَ َمن َحف َ َ‬
‫وع ْقلِه‪.‬‬ ‫ومر ِضه‪ ،‬ومتَّعه بِسمعِه وبص ِره ِ ِ‬
‫وح ْوله وقُ َّوته َ‬
‫َ َ َْ َ ْ َ‬ ‫ََ‬
‫الص راط املس تَ ِقيم‪ِ ،‬‬ ‫الش بهات ِ‬
‫املض لَّة ال يت يَِزي غ ب ا ع ن ِّ‬ ‫ِِ ِ‬
‫وم ن‬ ‫الوق وع يف ُّ‬ ‫وكم ا أنَّ ه ي َفظ ه يف دين ه م ن ُ‬
‫الوقوع فيها‪.‬‬ ‫الشيطان ويُ َس اهل له‬ ‫احملَّرَمة اليت يَُزيِّنُها َّ‬ ‫الوقوع يف َّ ِ‬
‫َ‬ ‫الشهوات َ‬ ‫ُ‬
‫هادة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪ -7‬من نَت ائج ح ْف ظ اهلل تع اىل يف ال ُّدنْيا ح ْفظ ه لعْب َده عن د َم ْوت ه م ن َّ‬ ‫ِ‬
‫الزي غ والَّلك‪ ،‬فَيَتَ َوفااه عل ى َش َ‬
‫ّلمه ِمن ُّ‬
‫الدنيا َد َخل النَّة‪.‬‬ ‫آخر َك ِ‬‫احلق‪ :‬ال إله إال اهلل رسول اهلل‪ ،‬فمن كانَت ِ‬
‫َ‬ ‫ا‬
‫اح َفظْ ه ِجت ده‬ ‫ِ‬
‫اح َفظ اهلل ْي َفظْ ك‪ ،‬و ْ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫وكذا يفظه يف ق ه‪ ،‬وما يأيت بَ ْعده م ن احل ْش ر‪ ،‬وأح وال اآلخ رة‪ ،‬ف ْ‬
‫ﳑ ﳒ ﳓ ﳔ ﳕ ﳖ ﳗ ﳘ ﳙ ﳚ ﳛ ﱠ [ق‪-31 :‬‬ ‫ﱡﭐ ﳐ‬ ‫جتاه ك‪ ،‬يق ول تع اىل‪:‬‬
‫َ‬
‫‪.]32‬‬
‫اآلخ َرة‪ ،‬ق ال اهلل تع اىل ملوس ى وه ارون‬ ‫ف يف ال ُّدنيا و ِ‬ ‫‪ِ -8‬م ن مث رات ِح ْف ِظ اهللِ تع اىل‪ :‬األَم ن ِم ن ال و ِ‬
‫َْ‬ ‫ْ‬
‫يب ‪ ‬أليب بك ر‬ ‫ﲮ ﲰ ﲱ ﲲ ﲳ ﱠ [ط ه‪ ،]46 :‬وق ال النَّ ُّ‬ ‫ﲯ‬ ‫الس ّلم‪ :‬ﱡﭐ ﲬ ﲭ‬ ‫علي ِهم ا َّ‬
‫اهلل‬ ‫َّ‬
‫إن‬ ‫ن‬ ‫ز‬ ‫حت‬ ‫ال‬ ‫ا‪،‬‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ث‬‫‪ ‬ومه ا يف الغ ار عن د ِهجرهتِم ا إىل املدين ة النَّبويَّة‪ ((:‬م ا ظَنُّك ب اثْن ني اهلل ثالِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َْ ُ ُ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫َم َعنا )) (‪.)160‬‬
‫الش باب‬ ‫الض ْعف‪ ،‬و َّ‬ ‫الص َحة وامل َرض‪ ،‬وال ُق َّوةِ و َّ‬ ‫‪ -9‬اإلنس ا ُن يف ه ذه احلي اة ُمتَ َقلِّ ب ب ني الغِ َىن وال َف ْق ر‪ ،‬و ِّ‬
‫وشبابِك‪ ،‬ي ُكن معك يف ِ‬
‫حال فَ ْق ِرك‬ ‫َ‬ ‫وص َّحتِك وقُ َّوتِك َ‬‫الك ‪ ،‬وهكذا‪ ،‬فَ ُكن مع اهللِ تعاىل يف ِغناك ِ‬ ‫ِ‬
‫و َ‬
‫وض ْع ِفك وكِ َِك‪.‬‬
‫وَمَر ِضك َ‬
‫‪ِ -10‬من أسباب ِح ْف ِظ اهللِ تعاىل‪:‬‬
‫الصّلةِ يف وقْتِها َجاعةً يف ِ‬
‫املسجد‪.‬‬ ‫الو ْجه األَ ْك َمل‪ ،‬كأداء َّ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫(أ) القيام بال َفرائض على َ‬
‫السنَة‪.‬‬
‫الش ْهر أو َّ‬ ‫وصيام بعض األياام ِمن َّ‬ ‫كالسنَن الراتِبة‪ ،‬وال ِوتْر‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(ب) التَّ َقُّرب مبا استَطاع من الناوافل‪ ُّ ،‬ا َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وسؤ ِال اهلل تعاىل أن ْي َفظَه دائماً وأَبَداً يف دينه ُ‬
‫ودنْياه‪.‬‬ ‫(ج) ُّ‬
‫الدعاء ليّلً وهناراً‪ُ ،‬‬
‫وي َفظون عليك ِدينَك‪.‬‬ ‫طاعته‪ْ ،‬‬
‫(د) صحبة الصاحلني الذين ي َقِّربونك ِمن موالك وي َش ِّجعونَك على ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َْ ا‬
‫ب العِْلم الناافِع الذي تَ ْع ِرف بِه َربَّك وخالَِقك‪ ،‬وأَو ِامَره ونَو ِاهيه‪.‬‬ ‫(ه ) طَلَ ُ‬

‫الصحابة‪ ،‬باب‪َ :‬مناقِب املهاجرين (‪.)8/7‬‬


‫) رواه البخاري يف صحيحه‪ ،‬كتاب فَضائل َ‬
‫‪160‬‬

‫‪80‬‬
‫ﱑ ﱠ‬
‫ﱒ‬ ‫ﱡﭐ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ‬ ‫‪ -11‬ال ُّدعاء ه و العِب َادة‪ ،‬وق د نَ َدب اهللُ تع اىل إلي ه بقول ه‪:‬‬
‫ﲼﲾﲿﳀﳁ‬
‫ﲽ‬ ‫ﱡﭐ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ‬ ‫اآلية [غافر‪ ،]60 :‬وقال سبحانه‪:‬‬
‫ﳂ ﱠ [البقرة‪.]186 :‬‬
‫وللدعاء ثَ َمرات‪ ،‬منها‪:‬‬
‫الذلَّة له‪ ،‬وإظهار َ‬
‫احلاجة وال َف ْقر إليه‪.‬‬ ‫(أ) ُسؤال اهلل‪ ،‬و ِّ‬
‫ِ ِ‬
‫الضار‪.‬‬
‫ودفْع ُّ‬ ‫(ب) تَ ْلبِيَة حلاجات ال اداعي من َج ْلب النَّ ْفع َ‬
‫الذنوب‪ ،‬وتَ ْك ِفري َّ‬
‫السيِّئات‪.‬‬ ‫وم ْغ ِفرة ُّ‬ ‫ِ‬
‫العظيم‪ ،‬والثَّواب الَزيل‪َ َ ،‬‬
‫(ج) األجر ِ‬
‫َ‬
‫(د) األَ ْمن واألَمان‪ ،‬واستِ ْشعار َمعِيَّ ِة اهللِ تعاىل‪.‬‬
‫حتق ِيق لَِقولِه تعاىل‪ :‬ﱡﭐ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱠ [الفاحتة‪.]5 :‬‬ ‫(ذ) ِ‬
‫‪ -12‬ما ا يُس تَفاد م ن ه ذا احل ديث العظ يم أنَّ ه ال يُس أَل اإال اهلل‪ ،‬وال يُ ْس تَعان اإال ب اهللِ‪ ،‬وال يُ ْس تَغاث اإال‬
‫أي نَ ْوٍع ِم ن العِب َادة اإال هللِ كائِن اً َم ن ك ان‪ ،‬وال تَتَ َح َّق ق‬
‫ص َرف ا‬ ‫لج أ اإال إىل اهلل‪ ،‬وال يُ ْ‬
‫ِ‬
‫ب اهلل‪ ،‬وال يُ َ‬
‫ِ‬
‫اإلخّلص املتَ َجِّرد هلل تعاىل‪.‬‬ ‫اإلجابَة ونَْيل املقصود اإال بذا‬
‫ب ل ه ِم ن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ضاره أو يَْن َفعُه‪ ،‬فكلُّه ُم َق َّدر عليه‪ ،‬وال يُصيب َ‬
‫العْب َد اإال م ا ُكت َ‬ ‫العبد يف ُدنْياه ماا يَ ُ‬
‫صيب َ‬ ‫‪ -13‬ما ي ِ‬
‫ُ‬
‫جيع اً‪ ،‬ق ال تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﱶ ﱷ‬ ‫مق ِادير ذل ك يف الكت اب الس ابِق‪ ،‬ول و اجتَ ه د عل ى ذل ك الل ق كلاه م َِ‬
‫َ‬ ‫ا‬ ‫َ‬
‫ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱠ [التَّوب ة‪ ،]51 :‬وق ال س بحانه‪ :‬ﱡﭐ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣ‬

‫ﲤ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ ﱠ [احلديد‪.]22 :‬‬
‫ض يف‬ ‫الر َغب ات والَ ْو ِ‬ ‫االستِ ْس ّلم لِ ُّ‬
‫لش بُهات و َّ‬ ‫ِ‬
‫‪ -14‬اإلميان بال َقضاء وال َق َدر من أركان اإلميان‪ ،‬وال يَ ْع ِين ه ذا ْ‬
‫الض ّلالت‪ ،‬فل يس األم ر ك ذلك‪ ،‬ف ذن ال ذي أََمَرن ا باإلمي ان بال َقض ِاء وال َق َدر ه و ال ذي‬ ‫ِْ‬
‫االحنراف ات و َّ‬
‫ول اهللِ ‪ ‬ق ال‪ْ ((:‬اع َمل وا فَ ُك ال ُميَ َّس ر لِم ا‬ ‫بالع َم ِل والِ اد واإلنْتاج‪ ،‬روى ُمس لِم َرِمحَه اهللُ َّ‬
‫أن رس َ‬ ‫َأمَرنا َ‬
‫ُخلِ َق له )) (‪.)161‬‬
‫األسئلَة‪:‬‬
‫ضح املراد بذه الُ ْملَة ؟‬ ‫اح َفظ اهللِ ي َفظْك )) َو ِّ‬ ‫س‪ :1‬قال ‪ْ ((:‬‬
‫اب ُمعِينَة حل ْف ِظ اهللِ تعاىل‪ ،‬اذ ُكر ثَّلثَة منها ؟‬
‫س‪ :2‬هناك أَ ْسب ٌ‬
‫حتدث عن ذلك ؟‬ ‫الدنيا و ِ‬
‫اآلخَرة‪َّ ،‬‬ ‫س‪َ :3‬من ي َفظ اهللِ ِجيد َمثرات ذلك يف ُّ‬

‫اآلد ِم اي يف بَطْن أ ُِّمه (‪( )150/12‬شرح النَّووي)‪.‬‬


‫) رواه مسلم يف صحيحه‪ ،‬كتاب القدر‪ ،‬باب‪ :‬خلق َ‬
‫‪161‬‬

‫‪81‬‬
‫أن األَُّمة لو اجتَ َم َعت عل ى أن يَْن َفع وك بِ َش ْي ٍء مل يَْن َفع وك‬
‫س‪ :4‬قال صلَّى اهلل عليه وسلَّم‪ (( :‬واعلَم َّ‬
‫ِ‬
‫ض ح ذل ك‬ ‫اآلخ ِرين يف حاجات ه‪َ ،‬و ِّ‬ ‫اإال بِ َش ْيء ق د كتَبَ ه اهللُ ل ك )) ه ل يَ ْع ِين ه ذا أن ال يَ ْس تَعني اإلنس ا ُن ب َ‬
‫فصيل ؟‬ ‫بالتَّ ِ‬
‫س‪ :5‬رج ٌل ج الِس يف بَْيتِ ه‪ ،‬وال يَ ْع ِم ل‪ ،‬ويق ول ِرْزق ي يَ أْتِ ِيين وأن ا هن ا‪ ،‬م ا َرأْي ك يف ه ذه املقالَ ة ؟‬
‫ُم َد ِّعماً له َّ‬
‫بالدليل ؟‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫صُّرفَه هذا ؟‬‫آخر كيف تَرى تَ َ‬ ‫س‪َ :6‬ر ُجل َم ِريض‪ ،‬ويَْنتَقل لعّلج َمَرضه من ُم ْستَ ْشفى إىل َ‬

‫‪82‬‬
‫الثقافة اإلسالمية‬

‫‪83‬‬
‫التدخين‬
‫عرف حكم األشياء الحادثَة ؟‬ ‫كيف يُ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أساس ه‬
‫أكملُه‪ ،‬وح ْف ظ اهلل ل ذا ال ِّدين َ‬ ‫جعل اهللُ الدين اإلسّلمي خ ام األدي ان‪ ،‬وأَْوَدع في ه أَ ْح َس ن تَ ْش ِريع و َ‬
‫ان‪ ،‬فه و ِدينُه ال ذي ارتَض اه للبَ َش ِريَّة‬ ‫ان ومك ٍ‬ ‫ٍ‬
‫وج َعلَ ه ص احلاً لك ال َزم َ‬ ‫الس نَّة‪َ ،‬‬
‫الذي يُْب َىن عليه‪ ،‬وهو الكت اب و ُّ‬
‫كلاها‪.‬‬
‫كام ه وتَش ريعاتِه وه ي يف المل ة‬ ‫ولض رورة بق اء ه ذا ال ِّدين‪ ،‬فق د ن َّوع اهلل تع اىل ِأدلَّت ه ال ادالَّة عل ى أَح ِ‬
‫ْ‬
‫نَ ِ‬
‫وعان‪-:‬‬
‫ٍِ ِ‬ ‫ُّ‬ ‫‪ِ -1‬أدلَّة َّ‬
‫الصّلة‪ ،‬واحلَ اج‪ ،‬وغري ذلك‪.‬‬ ‫هارة‪ ،‬و َّ‬‫خاصة‪ ،‬تدل على شيء ب َعْينه‪ ،‬كالنُّصوص الوا ِرَدة يف أحكام الطَّ َ‬
‫ص ر ل ه‪ ،‬وه ذه ق د تك ون آي ات‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫عامة‪ ،‬ه ي يف ح ِقي َقتِه ا قَو ِ‬ ‫‪ِ -2‬أدلَّة َّ‬
‫عام ة يَ ْد ُخل فيه ا م ن األَ ْحك ام م ا ال َح ْ‬ ‫اع د َّ‬ ‫َ‬
‫ﲿ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅ ﱠ اآلي ة [املائ دة‪ ،]2 :‬أو‬ ‫ﳀ‬ ‫كقولِه تع اىل‪ :‬ﱡﭐ ﲼ ﲽ ﲾ‬
‫ضَرَر وال ِضرار ))‪.‬‬ ‫ِ‬
‫أحاديث‪ ،‬كقوله صلَّى اهلل عليه وسلَّم‪ (( :‬ال َ‬
‫(‪)162‬‬

‫دخني‪.‬‬ ‫ومنها‪ :‬التَّ ِ‬ ‫شياء ِ‬


‫احلادثَة بعد عهد النُّ َّبوة‪ِ ،‬‬ ‫اعد ي عرف ح ْكم األَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َْ‬ ‫ومن خّلل هذه ال َقو ُ ْ َ ُ‬
‫ُحكم التدخين‬
‫األدلَّة على ذلك ما يلي‪:‬‬ ‫حكمه‪ :‬حرام‪ ،‬و ِ‬
‫وحرم عليهم البائِث‪ ،‬ودليل ذلك قوله تعاىل‬ ‫ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫‪ِ -1‬من القو ِ‬
‫أن اهللَ تعاىل أباح لعباده الطَّيِّبات‪ ،‬ا‬ ‫املقرَرة َّ‬
‫رعيَّة َّ‬ ‫اعد َّ‬
‫ص ف َرس ولِه ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم‪ :‬ﱡﭐ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱠ [األع راف‪:‬‬ ‫يف َو ْ‬
‫علوم ٍة يأيت بياهنا‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الدخان يف البائث؛ ملا يُ َسبِّبه من أضرا ٍر َم َ‬ ‫‪ .]157‬وال يَ ْرتاب عاقِل يف ُدخول ُّ‬
‫بأي َش ْكل ِمن األَ ْشكال‪ ،‬و ِأدلَّة ذلك كثِ َرية‪،‬‬ ‫وع َدم اإلضرار با ا‬
‫الشرعيَّة َّ ِ‬
‫املقررة ح ْفظ النَّ ْفس‪َ ،‬‬ ‫املقاصد َّ‬‫ومن ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪-2‬‬
‫ﱫ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱠ [النِّس اء‪ ،]29 :‬وقَولُه‬ ‫ﱬ‬ ‫منه ا قَولُه تع اىل‪ :‬ﱡﭐ ﱩ ﱪ‬

‫أض راراً َكبِ َرية عل ى‬‫ك أن يف التَّ ْد ِخني ْ‬ ‫تعاىل‪ :‬ﱡﭐ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﱠ اآلية [البقرة‪ ،]195 :‬وال َش ا‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وس تأيت‬ ‫املعتَ َِين‪َ ،‬‬
‫ال نَّ ْفس‪ ،‬فه و يَ ُس وقُها إىل أَْم راض َكث َرية‪ ،‬ويُ َؤِّدي ب ا إىل التَّلَ ف وال ّلك بذج اع األطِّب اء ْ‬
‫وص ف بأنَّه‪( :‬انتِح ار‬ ‫ِ ِ‬ ‫ٍِ‬
‫اإلش َارة إىل َش ْيء م ن ذل ك إن ش اءَ اهلل تع اىل‪ ،‬ول ذلك يُ َس َّمى (القات ل البَط يء(‪ ،‬ويُ َ‬
‫بَ ِطيءٌ‪(.‬‬

‫اعة (‪.‬‬
‫‪ ) 162‬رواه أمحد‪ ،‬وابن ماجه‪ ،‬وغريمها‪ ،‬وقد سبق خترجيه يف موضوع‪ ( :‬الطا َ‬
‫‪84‬‬
‫أي َش ْكل ِم ن األَ ْش كال‪ ،‬ول ذلك َحَّرَم ت‬ ‫اإلض رار ب ه ب ا‬
‫وع َدم ْ‬ ‫الع ْق ل‪َ ،‬‬
‫ِ‬ ‫املقاص د َّ ِ‬
‫الش رعيَّة املق َّرَرة‪ :‬ح ْف ظ َ‬
‫وم ن ِ‬ ‫‪ِ -3‬‬
‫اعها‪.‬‬‫الش ِريعة تَعاطي املس ِكرات بِأَنْو ِ‬
‫ْ‬ ‫َّ َ‬
‫الدخا َن ِمن امل َف ِِّتات‪ ،‬يَظْ َهر هذا َجلِّيااً عند َم ن يَ ْس تَ ْخ ِدمونَه َّأوَل األَ ْم ر‪ ،‬أو َم ن ان َقطَع عن ه مث‬ ‫وقد ثَبَت َّ‬
‫أن ُّ‬
‫س بِذلك يف َكثِ ري ِم ن األَ ْحي ان؛ ألَ ْج ل‬ ‫ِ‬
‫عاد إليه‪ ،‬أو َمن أ ْكثَر منه‪ ،‬وإ ْن كان الذي أَ ْد َم ن علي ه ال يَك اد ي ا‬ ‫َ‬
‫حّ تُ َؤثِّر يف ِمز ِاجه‪.‬‬
‫الكميَّة َّ‬
‫يادة يف ِّ‬ ‫اجة إىل ِز َ‬ ‫س أنَّه َ‬
‫ِ‬ ‫ِ َّ‬
‫االعتياد َعليه‪ ،‬ولذلك كلما َمار به َزَمن ي ا‬
‫ِ‬
‫رء بِالنَّ ْفع‪ ،‬ق ال تع اىل‪ :‬ﱡﭐ ﳄ‬ ‫رعيَّة املق َّررة‪ِ :‬ح ْف ظ امل ال‪ ،‬وع دم إنْفاقِ ه اإال فيم ا يع ود عل ى امل ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫ومن ِ‬
‫املقاصد َّ‬ ‫‪ِ -4‬‬
‫َ‬ ‫ََ‬
‫ﳅ ﳆﱠﭐ ﭐ[اإلسراء‪.]26 :‬‬
‫طاع ٍة وال َمْن َف َع ٍة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والتَّْبذير‪ :‬ما يُْنف ُقه اإلنسا ُن يف غ ِري َ‬
‫حرم علي ُكم عقوق‬ ‫إن اهللَ َّ‬‫املغرية بن ُشعبة َر ِضي اهلل عنه قال‪ :‬قال رسول اهللِ صلَّى اهلل عليه وسلَّم‪َّ (( :‬‬ ‫عن َ‬
‫(‪)163‬‬ ‫وإضاعة ِ‬
‫املال ))‪.‬‬ ‫السؤال‪،‬‬ ‫ومنع وهات‪ ،‬وَك ِره لكم ‪ :‬قيل وقال‪ ،‬وَكثْ َرة ُّ‬
‫َ‬ ‫ووأد البَنات‪َ ،‬‬ ‫األمهات‪َ ،‬‬ ‫َّ‬
‫ضَرٌر َْحمض‪.‬‬ ‫ِ‬
‫إضاعة لا فيما ال فائ َدة منه‪ ،‬بل هو َ‬
‫ِ‬
‫أن يف إنفاق األَ ْموال على التَّدخني َ‬
‫ِ‬ ‫ك عاقِل َّ‬ ‫وال يَ ُش ا‬
‫ضرا ِره املالِيَّة إن شاء اهلل تعاىل‪.‬‬ ‫إشارةٍ إىل أَ ْ‬
‫وسيأيت َم ِزيد َ‬ ‫َ‬
‫ضَرر وال ِضرار )( ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫‪ِ -5‬من ال َقو ِ‬
‫يب صلَّى اهلل عليه وسلَّم بقوله‪ (( :‬ال َ‬
‫(‪)164‬‬
‫ا‬ ‫َّ‬
‫ن‬ ‫ال‬ ‫عليه‬ ‫ص‬
‫ا‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ما‬ ‫ة‬ ‫ر‬
‫َ‬‫املقر‬
‫َّ‬ ‫ة‬ ‫ي‬
‫َّ‬ ‫رع‬ ‫َّ‬ ‫د‬ ‫اع‬
‫الش ِر َيعة‪ ،‬والتَّ ْد ِخني ُم ْشتَ ِمل على أضرار ُمتَ نَ ِّو َعة‪ ،‬ميكن إجالا فيما يلي‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ف يف َّ‬ ‫فالضرر مْنتَ ٍ‬
‫َّ َ ُ‬
‫املص لاون‪ ،‬ويُثْ ِق ل عل ى امل َد ِّخ ِن َش ْهَر‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫( أ ( أَ ْ ِ ِ ِ ِ‬
‫ض رار دينيَّة‪ :‬وه ي َكث َرية‪ ،‬منه ا ‪ :‬أنَّه يَتَ أَذَّى بِرائ َحت ه املّلئ َك ة‪ ،‬و َ‬
‫كاد يَ ْع ِرفه؛ ألنَّه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الصوم‪ ،‬وإن كان ِمن املكثِ ِرين لِلتَّ ْد ِخني فذنَّه ال يكاد يأْنَس بِ ِ‬
‫ص ْومه‪ ،‬و اأما صيام الناافلَة فّل يَ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َّ‬
‫فوته‬ ‫ص ْحبَتِ ِهم‪ ،‬وهذا يُ ِّ‬
‫الس َفر َم َع ُهم‪ ،‬أو ُ‬ ‫ي ِرْمه ِمن َش ْه َوتِه‪ ،‬ومنها‪ :‬أنَّه ال يَكاد يَ ْفَرح مبجالَ َس ِة أَ ْه ِل الري‪ ،‬أو َّ‬
‫َخ ْرياً كثرياً‪.‬‬
‫فس د َعلَ ْي ِهم جمالِ َس ُهم واجتِماع اهتم‪ ،‬وتَ َش تَ اد‬ ‫ؤذي اآلخرين برائِحته‪ ،‬وي ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫(ب ( أضرار اجتِماعية ‪ :‬منها ‪ :‬أنَّه ي ِ‬
‫ُ‬
‫القط ار‪ ،‬ويَ ُس بِّب النُّ ْف َرة والتَّب اغُض‪ ،‬ب ل وقَطْ ع‬ ‫أذيَّته إذا مل ي ُكن منه ب ٌّد ومه رب‪َ ،‬كح ِال رك وب الطاائِرة‪ ،‬أو ِ‬
‫َ‬ ‫ُ ََْ ٌ‬ ‫َ‬
‫الزيارات‪ ،‬وحنو ذلك‪.‬‬ ‫صّلت‪ ،‬وتَ ْرك ِّ‬ ‫العّلئِق وال ِّ‬ ‫َ‬
‫الوطَن‪.‬‬ ‫َّ ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫(ج ( أضرار ماديَّة ‪ :‬منها ما يَتَ َعلق بال َف ْرد‪ ،‬ومنها ما يتَ َعلق باألَُّمة و َ‬
‫ردود‪ ،‬ويُ ْف ِسد ثِيابَه‪ ،‬وغري ذلك‪.‬‬ ‫أما األضرار املتعلِّ َقة بال َفرد‪ ،‬فذنَّه يضيِّع مالَه بّل م ٍ‬
‫َ‬ ‫َُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ا‬

‫إضاعة املال (‪ ،)68/5‬ح (‪)2408‬‬


‫‪ ) 163‬متَّفق عليه‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬يف َمواضع منها ‪ :‬كتاب االستقراض‪ ،‬باب‪ :‬ما ينهى عن َ‬
‫ومسلم يف كتاب األقضية‪ ،‬باب‪ :‬النَّهي عن كثرة املسائِل (‪ ،)1340/3‬ح (‪.)2715‬‬
‫‪ ) 164‬سبق خترجيه يف موضوع‪ ( :‬الطااعة )‪.‬‬
‫‪85‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫و اأما األضرار َ ِ‬
‫دخنون‪ ،‬ويف‬ ‫الوطَن‪ ،‬فتَظْ َهر أَضر ُاره املاديَّة يف كثرة احلرائق اليت يَتَ َسبَّب فيه ا امل ا‬ ‫املتعلِّ َقة باألَُّمة و َ‬
‫ّلجه ا ِم ن أم وال طائِلَ ة‪ ،‬كم ا َّ ِ‬ ‫الدولَة يف ِع ِ‬
‫ني ق د يُ َؤِّدي إىل‬ ‫أن التَّ ْدخ َ‬ ‫ص ِرفه َّ‬‫األم راض النااجت ة بِ َس بَبِه‪ ،‬وم ا تَ ْ‬
‫ص احات وغريها‪.‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ضعِف قُ َّوتَه‬
‫وم َ‬
‫وإنتاجه وما يَْتبَع ذلك أيضاً من عّلجات َ‬ ‫َ‬ ‫املخدرات اليت تُ َد ِّمر اجملتَ َمع‪ ،‬وتُ ْ‬
‫ِّ‬
‫املعلِّ م ُم ْقتَنِ ع‬ ‫ِ‬
‫(الِتبِيَ ة بِال ُق ْد َوة(‪ ،‬واألب امل َد ِّخن ومثْل ه َ‬‫الِتبِيَ ة‪َّ :‬‬‫أن ِم ن أَ َه ام طُرق َّ‬ ‫( د ( أضرار تَربَ ِويَّة‪ :‬وذل ك َّ‬
‫ضعِي َفة؛ ملا يَرى‬ ‫فذن استِجابة ِ‬ ‫ِ‬
‫الولَد َستكو ُن َ‬ ‫َ َ‬ ‫السيِّئَة َّ‬ ‫ضَرِر التَّدخني‪ ،‬وهو عندما يَْن َهى َولَ َده عن هذه َ‬
‫العادة َّ‬ ‫بِ َ‬
‫الِتبِيَة األُخرى‪.‬‬ ‫ِمن خمالََفة ال َق ْول لِ ِلف ْعل‪ ،‬وهذا بِ َد ْوِره يُ َؤثِّر على َجوانِب َّ‬
‫(ه) أضرار ِص ِّحيَّة‪ :‬وهي كثِ َرية ِج اداً‪ ،‬منها‪:‬‬
‫خاص ة َس َرطان ال َف م‪ ،‬واللِّس ان‪ ،‬والبلع وم‪ ،‬واحلنج َرة‪ ،‬وامل ريء‪ ،‬واملعِ َدة‪،‬‬ ‫الس َرطان‪َّ ،‬‬ ‫أنَّه َس بَب َرئِيس لِ َم َرض َّ‬ ‫‪-1‬‬
‫الدم‪ ،‬وغ ِريها‪.‬‬
‫الرئَة‪ ،‬و َّ‬‫وسرطان ِّ‬ ‫َ‬
‫الشم و َّ‬
‫الذ ْوق‪.‬‬ ‫ِ‬
‫حاس َيت َّ ا‬ ‫وض ْعفاً يف َ‬ ‫يُ َسبِّب آالماً يف احلَْلق‪ ،‬و اة ُم ْزمنَة‪َ ،‬‬ ‫‪-2‬‬
‫الدماغ‪.‬‬ ‫يُ َسبِّب َج ْلطَة ال َق ْلب و ِّ‬ ‫‪-3‬‬
‫الرئَ ِوي‪.‬‬
‫الس ال ِّ‬
‫يُ َسباب ُّ‬ ‫‪-4‬‬
‫ِ‬
‫الش َفة‪.‬‬ ‫الو ْجه‪ ،‬وتَظْ َهر على صاحبِه ُزْرقَة أو ُ‬
‫ص ْفَرًة تَعُ ام بَ َدنَه‪ ،‬ويُ َش ِّوه األَ ْسنا َن و َّ‬ ‫يُ َش ِّوه َ‬ ‫‪-5‬‬
‫ضب‪.‬‬ ‫تَ َقلُّب املزاج‪ ،‬وَكثْ َرة ال َقلَق‪ُ ،‬‬
‫وس ْر َعة الغَ َ‬ ‫‪-6‬‬
‫ألن ال َكبِ د ال تَ ْس تَ ِطيع َح ْج ز‬‫ألي جمه ود؛ َّ‬ ‫الس موم يف ال َكب د‪ ،‬فَيَ ْش عُر امل َد ِّخن بالتَّ َع ب واإلره اق ا‬
‫ِ‬ ‫تَتَ َك َّدس ُّ‬ ‫‪-7‬‬
‫القيام باألنْ ِشطَة ِّ‬
‫الر ِ‬
‫ياضيَّة‪.‬‬ ‫ضعِف عن ِ‬ ‫السموم ال َكثِ َرية‪ ،‬فلذلك يُ ْ‬ ‫ُّ‬
‫الوق وع في ه‪،‬‬ ‫باب‬ ‫أس‬ ‫ن‬ ‫وع‬ ‫ه‪،‬‬ ‫عن‬ ‫د‬ ‫ع‬
‫ْ‬ ‫الب‬ ‫ه‬ ‫علي‬ ‫ب‬ ‫ك عاقِ ل يف حت رمي ال ُّدخان‪ ،‬وأنَّه ِ‬
‫جي‬ ‫بعد هذا كلاه‪ ،‬فذنَّه ال يَ ُش ا‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫و ِجيب على َمن هو واقِع فيه أن يتَ َخلَّص منه‪ ،‬وجيتَ ِهد يف اإلقّلع عنه‪.‬‬
‫داخل يف ُح ْك ِمه‪.‬‬ ‫الدخان أو أَ َش اد منه فذنَّه ِ‬ ‫وما كان ِمثْل ُّ‬
‫ني عل ى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫االجت ار ب ه‪ ،‬وك ال م ا م ن َش أْنه أن يُ َس ِّه َل أو يُع َ‬ ‫وإذا َعلِ ْمن ا َحت ِرمي ال ُّدخان‪ ،‬فذنَّه ي رم أَيْض اً ب ْيع ه‪ ،‬و ِّ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ﲿﳁﳂ ﳃﳄ‬ ‫ﳀ‬ ‫أدلَّة منه ا عم وم قول ه تع اىل‪ :‬ﱡﭐ ﲼ ﲽ ﲾ‬ ‫تَناولِه‪ ،‬وعل ى ذل ك ِع َّدة ِ‬
‫ُ‬
‫ﳅ ﳇ ﳈ ﱠ‪ ...‬اآلية [املائدة‪.]2 :‬‬ ‫ﳆ‬
‫(‪)165‬‬
‫إن اهللَ إذا َحَّرم َشْيئاً َحَّرم مثنَه ))‪.‬‬ ‫وقوله صلَّى اهلل عليه وسلَّم‪َّ (( :‬‬
‫من أَسباب ُ‬
‫الوقوع فيه‪:‬‬

‫‪ ) 165‬أخرجه أبو داود‪ ،‬كتاب البيوع‪ ،‬باب‪ :‬يف مثن الَ ْمر وامليتة (‪ ،)2/302‬ح (‪ ،)3488‬والبيهقي‪ ،‬كتاب البيوع‪ ،‬باب‪ :‬حت ِرمي ما‬
‫يكون َِنساً ال ِي ال أكله (‪َّ ،)13/6‬‬
‫وصححه ابن القيام يف زاد املعاد (‪.)746/5‬‬
‫‪86‬‬
‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬
‫الش ْيطان ل م بِف ْعل ه‪ ،‬وه و احل ِريص عل ى إ ْغ واء بَ ِين َ‬
‫آدم‬ ‫وو ْس َو َس ة َّ‬ ‫ض ْعف اإلمي ان عن د َكث ري م ن النا اس‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫‪-1‬‬
‫وإيقاع ُهم يف احلرام‪.‬‬
‫َ‬
‫عم ن يُ ْفتِي ه‬
‫ض َرِره‪ ،‬وال بعض يُ ْف ِيت نَ ْف َس ه ب وا ِزه‪ ،‬أو يَْب َح ث َّ‬ ‫كم ه أو َ‬ ‫َغلَب ة ال وى عل ى الع ْق ل‪ ،‬واله ل إم ا ِ‬
‫َْ ا‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫‪-2‬‬
‫بالوا ِز مَّن ال يَ ْعتَ ِمد على ِع ْل ِمه‪.‬‬
‫الاهل بِ ِ‬
‫كّلم ِهم‪.‬‬ ‫السوء بذلك‪ ،‬وزع ِم ِهم أنَّه رجولَة وَكمال‪ ،‬في ْغت ر ِ‬ ‫املد ِّخنِني‪ ،‬وإ ْغراء أصحاب ُّ‬
‫َ َا‬ ‫ُ‬ ‫َْ‬ ‫ص ْحبَة َ‬ ‫ُ‬ ‫‪-3‬‬
‫ِ‬
‫بوهة‪ ،‬وهن ا نُ ِش ري إىل َم ْوق ف َّ‬
‫الس عودية‪،‬املباركة‪ ،‬إذ‬ ‫الدول ة ُّ‬ ‫ال ادعايَة ال َق ِويَّة ل ه يف بع ض وس ائل اإلع ّلم املش َ‬ ‫‪-4‬‬
‫ِ‬
‫اإلعّلميَّة‪.‬‬ ‫جيع َوسائِلِها‬‫دخني يف َِ‬ ‫الدعاية لِلتَّ ِ‬
‫َمنَ َعت ِّ َ‬
‫أن يف ُش ْربه َكم ال‪،‬‬ ‫س يف نَ ْف ِس ه ب النَّ ْقص‪ ،‬ويَظُ ان َّ‬ ‫ِ‬
‫الهلَ ة ي ا‬ ‫الص غار أو َ‬ ‫خص يَّة‪ ،‬وذل ك أن بَ ْع ض ِّ‬ ‫الش ِ‬ ‫ض ْعف َّ‬ ‫َ‬ ‫‪-5‬‬
‫الرجولَة‪.‬‬‫ظاهر ُّ‬‫أو أَنَّه ِمن م ِ‬
‫َ‬
‫غار علي ه‪ ،‬ويَْن َدفِعون لِتَ ْقلِي د‬ ‫وم َعلِّ ِم ني ‪ ،‬وغ ريهم (ماا جي ِّرئ ِّ‬
‫الص َ‬
‫َكثْ رة اس تِعمالِه‪ِ ِ َّ ،‬‬
‫خاص ة م ن الكب ار (آب اء ‪ُ ،‬‬ ‫َ‬ ‫‪-6‬‬
‫وم َعلِّ ِمي ِهم الذين يُعتَ ون يف هذه احلالَة قُ ْد َوًة َسيِّئَة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫آبائ ِهم ُ‬
‫ب االطِّّلع والتَّج ِربَة‪.‬‬ ‫ُح ا‬ ‫‪-7‬‬
‫ُّ‬
‫التَّ َفكك األُ َس ِر ا‬
‫ي‪.‬‬ ‫‪-8‬‬
‫املد ِّخنِني وتَ ْع ِري ُفهم بِأَ ْ‬
‫ضرا ِره‪.‬‬ ‫صح ِمثْل هؤالء َ‬ ‫ِ‬
‫عُزوف ال َكثريين عن نُ ْ‬ ‫‪-9‬‬
‫طَريق الت َخلص منه‪:‬‬
‫أن ه ذا ِم ن ب اب التَّ ْوبَة‬ ‫ِ‬ ‫استِ ْشعار املسلِم بأن هذا ِ‬
‫حمرم‪ ،‬وأنَّه ِجي ب علي ه ترك ه إرض اءً هلل ج َّل َ‬
‫وع ّل‪ ،‬و َّ‬ ‫الف ْعل َّ‬ ‫‪-1‬‬
‫الو ِاجبَة‪.‬‬
‫ص ْدق وإخّلص‪.‬‬ ‫االستِعانَة باهللِ تعاىل والتَّ َوُّكل عليه‪ ،‬مع بَ ْذل األَ ْسباب‪ ،‬و ُّ‬
‫الدعاء بِ ِ‬ ‫‪-2‬‬
‫الع ِزمية ِ‬
‫الصادقَة الا ِزَمة على اإلقّْلع عنه‪َ ،‬‬
‫وع َدم التَّ َرُّدد‪.‬‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫‪-3‬‬
‫الرفْ َقة بِغَ ِريِهم‪.‬‬
‫ترك جمالَسة املدخنني‪ ،‬وتَغيري هؤالء ُّ‬ ‫‪-4‬‬
‫َع َدم االلتِفات ألقوال املثَبِّ ِطني و َغ ْم ِزِهم ولَ ْم ِزِهم‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫السيِّئَة‪.‬‬ ‫َعدم االلتفات ل َلوهم القائل بِ َع َدم إمكانيَّة تَركه؛ ألنَّه َوْهم فاس ٌد‪ ،‬فما أكثَر َمن تَ َرَك هذه َ‬
‫العادةَ َّ‬ ‫‪-6‬‬
‫ضرا ِره على النَّ ْفس واملال وغري ذلك‪ ،‬ماا تَ َق َّد َمت اإلشارة إليه‪.‬‬ ‫استِ ْشعار أَ ْ‬ ‫‪-7‬‬

‫‪87‬‬
‫ص لَح‪ ،‬وتَ ُّ‬ ‫باش رًة يف َّأول أَم ِرهِ قَب ل ُّ ِ‬
‫الص حابَة‬
‫ذكر ح َال َّ‬ ‫متكن ه‪ ،‬واألَوىل قَطْع ه ب دون تَ َد ُّرج؛ ألنَّه أَنْ َف ع وأَ ْ‬ ‫ْ ْ‬ ‫‪ -8‬قَطْعُ ه ُم َ َ‬
‫‪.)166(.‬‬
‫باشرة‪ ،‬وقالوا ‪ :‬انتَ َهْينا َربَّنا‬
‫رضي اهلل عنهم حني ُحِّرَمت الَ ْمر‪ ،‬فقد تَركوها ُم َ‬
‫الص ْ واملص ابََرة بع د ذل ك ح ّ يتَع َّود عل ى احلالَة الَ ِدي َدة‪ ،‬ولْ يَعلَم َّأهن ا فَ ْت َرة يَ ِس َرية ق د‬ ‫‪ -9‬يت اج املس لِم إىل َّ‬
‫وس ْرعان ما تَزول‪.‬‬ ‫ِ‬
‫يس فيها ببَ ْعض األَمل‪ُ ،‬‬ ‫ا‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وِ‬
‫احلم د هلل ( ال‬‫إن َش راباً ل يس يف اأول ه (بس م اهلل(‪ ،‬وال يف آخ ِره‪ْ ( :‬‬ ‫أخ رياً فم ا أَ ْجَل م ا قالَه بَع ض النااس‪َّ :‬‬
‫َخْي َر فيه‪.‬‬
‫األسئلَة‪:‬‬
‫ِ‬
‫السبِيل إىل َم ْع ِرفَة ُح ْكم األَ ْشياء احلادثَة بعد َع ْ‬
‫صر النُّ َّبوة ؟‬ ‫س‪ :1‬كيف َّ‬
‫ؤخذ منها حكم التَّ ْد ِخني‪.‬‬ ‫وبني كيف يُ َ‬ ‫س‪ :2‬اذ ُكر ثَّلثَة ِمن األَ ِدلَّة َّ‬
‫العامة‪ِّ ،‬‬
‫عادة التَّ ْد ِخني‪ ،‬فماذا أنت صانِع يف هذه احلالَة ؟‬ ‫أن ِ‬ ‫ِ‬
‫صديقاً لك ابتلي بِ َ‬ ‫س‪ :3‬إذا َعل ْمت َّ َ‬
‫إضعاف َع َملِيَّة َّ‬
‫الِتبِيَة‪.‬‬ ‫س‪ِّ :4‬بني أَثَر التَّ ْد ِخني يف ْ‬

‫صيل ذلك يف‪ :‬تَ ْف ِسري ابن كثري‪ ،‬عند اآلية (‪ِ )90،91‬من سورة املائِ َدة‪.‬‬
‫‪ ) 166‬انظر‪ :‬تَ ْف ِ‬
‫‪88‬‬
‫(‪)167‬‬
‫الحرَكة الصهيونية‬
‫َ‬
‫تَ عري ُفها‪:‬‬
‫لتأسيس دولَة ي ِ‬
‫هوديَّة‪.‬‬ ‫ريهم إىل فِلَس ِطني‪ِ ،‬‬ ‫هود وملِّ َ لِ ِهم وهتْ ِج ِ‬
‫ْ‬
‫هتدف إىل جع الي ِ‬ ‫ياسيَّة ِ‬
‫الصهيونِيَّة‪َ :‬كحرَكة ِس ِ‬ ‫ُّ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َْ َ‬ ‫َ‬
‫اليهودي ِمن متلُّك ألرض فِلَ ْس ِطني‪ ،‬وقَ ْهر لِرياهنا‬
‫متكني العْنصر ِ‬
‫ُ‬
‫هتدف إىل ِ‬ ‫الصهيونِيَّة كحرَكة ِدينِيَّة فك ِريَّة ِ‬
‫َ‬ ‫و ُّ‬
‫الفك ِريَّة يف صهيون‪.‬‬ ‫وحيَّة واحلضا ِريَّة و ِ‬‫األعداء‪ ،‬وتَركِيز لِ ُسلطَة العامل ُّ‬
‫الر ِ‬
‫وش رائِع‬ ‫ياس يَّة تَس ت ِمد أُص ولا ِم ن ِ‬
‫الص هيوين الناابِع ِم ن َعقائِد التَّوراة َ‬
‫الف ْك ر ُّ‬ ‫(حرَك ة ِس ِ ْ َ‬ ‫وه ي مبعناه ا الع ام‪َ :‬‬
‫(‪)168‬‬
‫التالمود )‪.‬‬
‫ال َفرق بين الصهيونية والماسونية‪:‬‬
‫لوبا‪ ،‬ومض موهنا وأَ ْش ِ‬
‫خاص ها‪،‬‬ ‫يهودي ة تَ ة‪ ،‬يف َش ْكلِها وأُس ِ‬ ‫الص هيونِيَّة ِ‬ ‫الص هيونِيَّة قَ ِرينَ ة املاس ونِيَّة‪ ،‬اإال َّ‬
‫أن ُّ‬ ‫ُّ‬
‫َ‬ ‫ا‬
‫الر ِمسي لِ ِ‬
‫ليهوديَّة العالَ ِميَّة‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ي‬ ‫باشر‪ ،‬فَ ِهي الهاز التَّ ِنف ِ‬
‫يذ‬ ‫وختدم أَهداف الي ِ‬
‫هود بِطَ ِريق م ِ‬
‫ا‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫حتت لِوائِها غري اليهود‪.‬‬ ‫ض ِوي َ‬ ‫عامة‪ ،‬وقد يَْن َ‬
‫أما املاسونِيَّة فهي ي ِ‬
‫هوديَّة ُمبَطَّنَة‪ ،‬تُظْ ِهر ِشعارات إنسانِيَّة َّ‬ ‫َ‬ ‫ا‬
‫باش ر‪ ،‬فَ ِه ي الق َّوة الَِفيَّة ال يت هتيِّ ئ الظُّ َ‬
‫روف‬ ‫إحلاديَّة س ِّريَّة‪ ،‬خت دم اليه ود بِطَ ِري ق غ ري م ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫وه ي حرَك ة ِع ْلمانِيَّة ِ‬
‫َ‬
‫الصهيونِيَّة لِتَ ْح ِقيق أَ ْهدافِها‪.‬‬
‫األوضاع لِليَهود‪ ،‬ولذلك تَ ْستَ ْخ ِدمها ُّ‬
‫َ‬ ‫و‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫(معجم بلدان فلسطني)‪.‬‬ ‫الصهيونية‪ :‬نسبَة إىل َجبَل ص ْهيَون يف ال ُقدس بفلسطني‪ ،‬وهو بِ َك ْسر ا‬
‫الصاد وسكون الاء‪ ،‬وفتح الباء ‪َ .‬‬ ‫‪ُّ ) 167‬‬
‫الدين ِ‬
‫اليهودي‪ ،‬د ‪.‬إمساعيل الفاروقي (ص ‪.)7‬‬ ‫الصهيونيَّة يف ِّ‬
‫‪ ) 168‬انظر‪ :‬أصول ُّ‬

‫‪89‬‬
‫تاريخ الصهيونية‬
‫هي فِ ْكَرة قَ ِدمية‪ ،‬بدأ تا ِرَيها بِتا ِريخ اليَ ُهود (‪.)169‬‬
‫الص هيونِيَّة احل ِديثَة يف ال َق رن الس ابِع ع َش ر امل يّلدي‪ ،‬ويف ال َق رن التا ِ‬
‫اس ع َع َش ر ظَ َه َرت‬ ‫ولك ن ب دأ ظه ور ُّ‬
‫ْ‬ ‫ْ ا َ‬ ‫َ‬
‫خاص بم‪ ،‬وظَ َهر (( هريت زل ((‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ُّ ِ‬
‫الصهيونيَّة َعلَناً إىل العامل َك َحرَكة سياسيَّة تَ ْدعو إىل جتميع اليهود يف َوطَن ا‬
‫يادتِه عُ ِق َد ُم ْؤَمتر (( بال (( بِ ْس ِويسرا سنة ‪ 1897‬م‪.‬‬ ‫ِ‬
‫َكَزعيم لذه احلرَكة‪ ،‬وبِق َ‬
‫ِ‬
‫أُ ُسس الفكر الصهيوني‪:‬‬
‫إسرائِيل ُج ْزء ِمن اهللِ‪ ،‬واألَرواح األُخرى أرواح َشيطانِيَّة َشبِ َيهة بأرو ِاح‬ ‫ِ‬
‫اليهود َش ْعب اهلل املختا ِر‪ ،‬فَأرواح بين ْ‬ ‫‪-1‬‬
‫احليوانات‪.‬‬
‫الش ْعب املخت ار ل دى‬ ‫يادة عل ى الع امل؛ لِ َك ْونِه َّ‬ ‫ومن َح ِّقه أن يَتَ َسلَّط وتكون له ِّ‬
‫الس َ‬
‫الدنيا ِم ْلك لإلسرائِيلِي‪ِ ،‬‬
‫ا‬ ‫ُّ‬ ‫‪-2‬‬
‫كل بين البَ َشر‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اهلل على ا‬
‫لسطني هي الدف األساس لليهود‪ ،‬وهي نُ ْقطَة االرتِكاز اليت تبدأ منه ا َس ْيطَرهتم عل ى الع امل‪ِ ،‬ففيه ا ِجي ب‬ ‫فِ ِ‬ ‫‪-3‬‬
‫ألهنا أَْرض امليعاد‪.‬‬‫تقوم َد ْولَتُهم؛ َّ‬
‫أن َ‬
‫صل َم ْرِجعُه إىل أرض‬ ‫أن هذا األَ ْ‬ ‫احد‪ ،‬و َّ‬‫احداً‪ ،‬ي ْنتَ ِمي إىل أَصل و ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫أن اليهود يف شّ أحناء العامل ميثِّلو َن َشعباً و ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫‪-4‬‬
‫النسيَّة اإلسرائِيلِيَّة (‪.)170‬‬
‫أعضاء يف ِ‬ ‫ومن مثَّ َِجيب اعتِبار يهود العامل ْ‬ ‫فلسطني‪ِ ،‬‬
‫الحرَكة الصهيونية‪:‬‬ ‫أهداف َ‬
‫(‪)171‬‬
‫الشعوب‪.‬‬ ‫ص ِّدي لِألديان واألَُمم و ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الروح القتالِيَّة عند اليهود‪ ،‬والعصبِيَّة ِّ ِ‬
‫الدينيَّة وال َقوميَّة لم‪ ،‬للتَّ َ‬ ‫ََ‬ ‫إثارة ُّ‬ ‫‪-1‬‬
‫ومتِ ِهم عل ى أرض امليع اد ال يت متتَ اد ِم ن نَ ْه ر النِّي ل‬ ‫إقام ة ُحك َ‬
‫َس ْيطَرة اليه ود عل ى الع امل‪ ،‬واملنطَلَ ق ل ذلك ه و َ‬ ‫‪-2‬‬
‫إىل نَ ْهر ال ُفرات (‪.)172‬‬
‫ف ك ال ال ُّد َول‬ ‫الق وى لتِتَص ارع‪ ،‬وإش عال ن ار احل رب ب ني ال ُّدول؛ لِتُ ْ ِ‬ ‫عال ن ار الص ومة احلاقِ َدة ب ني ِ‬
‫ضع َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫إش ُ‬ ‫‪-3‬‬
‫وتقوم َد ْولَتُهم (‪.)173‬‬

‫الصهيونية‪ :‬عمر رشدي (ص ‪.)22‬‬ ‫‪ُّ ) 169‬‬


‫الصهيوين‪ ،‬د ‪.‬إمساعيل أمحد ياغي (ص ‪.)16-11‬‬
‫‪ ) 170‬اإلرهاب والعنف يف الفكر ُّ‬
‫‪ ) 171‬املوجز يف األديان‪ ،‬د ‪.‬ناصر الع ْقل‪ ،‬د ‪.‬ناصر ِ‬
‫القفاري (ص ‪.)16‬‬ ‫َ‬
‫‪ ) 172‬املوسوعة امليَ َّسرة (ص ‪.)333‬‬
‫امليسرة (ص ‪.)333‬‬
‫‪ ) 173‬املوسوعة َّ‬
‫‪90‬‬
‫ُمؤتَمر بال‪ ،‬بسويسرا‪:‬‬
‫ميكن أن نُلِ ِّخص قَرارات املؤمتر فيما يلي‪:‬‬ ‫افتَتح هذا املؤمتر هرتزل سنة ‪ 1897‬م و ِ‬
‫الصهيونِيَّة اليت تَتمثَّل يف استِعادة أرض (ملك ة إس رائيل ( حل ِ‬
‫دودها التاارَييَّ ة‪،‬‬ ‫ضع هذا املؤَمتر برنامج احلركة ُّ‬
‫ََ‬ ‫‪َ -1‬و َ‬
‫ي وطَنَه ال َق ِدمي‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الشعب اليَهود ا‬ ‫وإعادة تَكوين َّ‬‫َ‬
‫الصهيونِيَّة العالَ ِميَّة‪.‬‬
‫ضع أُسس املنظَّ َمة ُّ‬ ‫‪َ -2‬و ْ‬
‫الصهيونِيَّة‪:‬‬‫‪ -3‬أَْوصى املؤَمتر بِالتَّدابِري التاالِية لِتَ ْح ِقيق األهداف ُّ‬
‫ي يف فلسطني بِطَ ِري َقة َع َملِيَّة ُمنَظَّ َمة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫( أ ( تنمية حركة االستعمار اليهود ا‬
‫ومي بني يهود العامل‪.‬‬ ‫(ب( إيقاظ الو ٍعي ال َق ِ‬
‫َ‬
‫الصهيونِيَّة‪.‬‬
‫حقيق أهداف احلركة ُّ‬ ‫بالسعي لدى احلكومات املختلِ َفة لتأييد كِفاح اليهود؛ لت ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫(ج ( القيام َّ ْ‬
‫الدولِيَّة وفق اً لِل َق وانِني ِ‬
‫املرعيَّ ة‬ ‫املؤسسات احمللِّيَّة و َّ‬ ‫الروابِط بينَها بذنشاء َّ‬ ‫ناصر اليهوديَّة‪ ،‬وتَوثِيق َّ‬ ‫( د ( تَ ْن ِظيم الع ِ‬
‫َ‬
‫الدول املختَلِ َفة‪.‬‬
‫يف ُّ‬
‫الص هيونِيَّة‬
‫ي‪ ،‬وتأَ َّس َس ت اليئ ات ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ويف ه ذا امل ؤمتر و ْ ِ‬
‫ي‪ ،‬والنَّش يد ال َق وم اي اليَه ود ا‬ ‫ض ع ش عار العلَ م اليَه ود ا‬ ‫َ‬
‫إيل تَ ْل ِخيص أعمال املؤمتر ف ذين أق ول‪ ،‬ب ل أُن ِادي عل ى َم ْس َمع الَ ِمي ع أنَّين‬ ‫العالَميَّة‪ .‬يقول هرتزل‪ :‬لو طَلَب ا‬
‫ِ‬
‫الدولَة اليه ِ‬
‫قد أَ َّس ْست َّ َ‬
‫(‪)174‬‬
‫وديَّة ‪.‬‬

‫الصهيونية‪ ،‬عمر رشدي (ص ‪.)73‬‬


‫‪ُّ ) 174‬‬
‫‪91‬‬
‫بروتُوكولت ُح َكماء صهيون‬
‫اس ع َع َش ر‪ ،‬وق د ح اول‬ ‫ِتجح أهن ا مل ؤمتر (ب ال) الس الف ال ِّذ ْكر‪ُ ،‬ك ِش َفت يف الق رن التا ِ‬ ‫وه ي ُم َق اررات ِس ِّريَّة ي َّ‬
‫ا‬
‫وصدوِرها عن حكماء صهيون‪.‬‬ ‫ِ ِ‬
‫أن األدلَّة تَ َوفَّرت إلثبات ص َّحتها ُ‬ ‫إنكارها‪ ،‬اإال َّ‬‫اليهود َ‬
‫ويُمكن أن تُلَخص َمحاضر البروتوكولت بالنقاط التاليَة‪:‬‬
‫الصهيونية من االستِْئثار ُ ْكم العامل‪.‬‬ ‫احلاضر ونَظْ ِمه؛ لتَ ْم ِكني ُّ‬
‫َز ْعزعة م َق ِّومات اجملتَمع العاملي ِ‬
‫َ‬ ‫ََ ُ‬ ‫‪-1‬‬
‫خاصة‪.‬‬
‫ص َفة َّ‬ ‫ِ‬
‫املسيحيَّة بِ ِ‬ ‫ومياات واألَ ْديان واألَُمم‬ ‫ال َقضاء على ال َق ِ‬ ‫‪-2‬‬
‫سادها واهنِيا ِرها‪.‬‬
‫الصهيونِيَّة بَِف ِ‬
‫احلاضَرة يف أُوروبا‪ ،‬واليت تُ ْؤمن ُّ‬ ‫العمل على ِزيادة فَساد أَنْ ِظمة احل ْكم ِ‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫‪-3‬‬
‫االض ِطرابات‪ ،‬وإغ راء النا ِ‬
‫اس‬ ‫الص حف‪ ،‬واس تِ ْخدام ال َّذ َهب إلث َارة ْ‬ ‫يطرة عل ى َوس ائِل النَّ ْش ر و ِّ‬
‫الدعايَة و ُّ‬ ‫الس َ‬ ‫َّ‬ ‫‪-4‬‬
‫ّلعة‪.‬‬
‫وإشاعة الَ َ‬‫َ‬ ‫بالش َهوات‪،‬‬
‫َّ‬
‫هوديَّة جهنَّ ِميَّة‪ ،‬هو‪ :‬تَ ْن ِفيذ كثِري ماا َوَرد فيها ِمن‬
‫القاطع على ِص َّحة امل َقررات وما حوتْه ِمن خطَط ي ِ‬
‫ُ َ‬ ‫ََ‬ ‫ا‬
‫الدلِيل ِ‬ ‫و َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اليوم إىل أَي َمدى َّ‬
‫حتقق‬ ‫ص َد َرت يف ال َق ْرن التااسع َع َشر يُ ْد ِرك َ‬ ‫ومن يَ ْقَرؤها وقد َ‬‫ومؤ َامرات‪َ ،‬‬ ‫ودسائس ُ‬ ‫ُخطَط َ‬
‫ال َكثِري ماا َوَرد فيها (‪.)175‬‬
‫نَماذج من أَساليب الصهيونية لتَحقيق أَهدافها‪:‬‬
‫ومن أمثِلَة ذلك‪:‬‬ ‫الفت واملكائِد واملؤامرات على مدار التاا ِريخ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫إثارة َ‬
‫َ‬ ‫‪-1‬‬
‫عاه د اليه ود فيه ا‪ ،‬فم ا لَبِ ث ح ّ تنك روا ل ذا‬ ‫الرس ول ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم إىل املدين ة َ‬ ‫اجر َّ‬ ‫( أ ( مل ا ه َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الرس ول‬ ‫ومهم للتَّف ِرقَة بني املسلمني‪ ،‬وألَّبوا املشركني عل ى املس لم َ‬
‫ني ح ّ أَخ َر َج ُهم َّ‬ ‫الع ْهد‪ ،‬وأَ َخذوا يَ ُد ُّسون ُمس َ‬
‫َ‬
‫خاسئِني‪.‬‬ ‫صلَّى اهلل عليه وسلَّم عن ِ‬
‫املدينَة ِ‬
‫الر ِاشد عثمان بن عفان رضي اهلل عنه ‪ ،‬وكان من‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ي بَتأجيج الفْت نَة على الَلي َفة ا‬ ‫(ب ( قام ابن َسبأ اليَهود ا‬
‫نتائج حركته ال ادامة أن استشهد عثمان رضي اهلل عنه بِأَيْ ِدي الثُّ اوار‪.‬‬
‫وطارد أَتْباع ابن َسبأ (‪.)176‬‬ ‫وقد قاوم علي ر ِضي اهلل عنه حرَكة َّ ِ‬
‫املقاوَمة‪َ ،‬‬ ‫السبَئيَّة أَ َش اد َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ اَ‬
‫هاج ة األَدي ان‪ ،‬وض رب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الق يَم‪ ،‬وال َِّت ِويج‬ ‫َْ‬ ‫(ج( الثَّ َورة الفرنْ ِس يَّة‪ :‬فَ ْق د اس تَ غَ ال اليه ود الثَّ َورة الفرنْ ِس يَّة يف ُم ََ ْ‬
‫ودستوِرها األَخّلقِ اي‪.‬‬ ‫ِ‬
‫للشعارات الفا ِر َغة‪ ،‬وكان لم َد ْوٌر يف ُخطَطها ُ‬ ‫ِّ‬
‫هود َدور يف إ ْش ِ‬
‫عال أُوا ِرها‪.‬‬ ‫( د ( احلرب العالَ ِميَّة األُوىل‪ ،‬وقد كان لِلي ِ‬
‫ٌْ‬ ‫َ‬
‫اإلسّلميَّة العُثمانِيَّة‪ ،‬وال َيفى َد ْور يَهود ُّ‬
‫الدوَمنَة يف ذلك‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫إسقاط َد ْولَة الِّلفَة‬‫(ه ( ْ‬

‫‪ ) 175‬خطر اليهودية العاملية‪ ،‬عبداهلل التَّل ص (‪.)141-140‬‬


‫‪ ) 176‬انظر‪ :‬جذور البّلء ص ( ‪.)164-165‬‬
‫‪92‬‬
‫أن ج ذور ِ‬
‫الف ْك ر املارْك ِس ي ي ِ‬ ‫ِ‬ ‫البلش ِفيَّة ُّ ِ‬
‫هوديَّة‪ ،‬فق د‬‫َ‬ ‫ص ِري‪ ،‬وم ن املعل وم َّ ُ َ‬ ‫الروس يَّة عل ى احلك م ال َقْي َ‬ ‫( و ( الثَّورة َ‬
‫(‪)177‬‬
‫وديااً ِمن يَهود أَلْمانيا وال تَكاد ِجتد فِْت نَة اإال ولِليَهود َد ْوٌر فيها‪.‬‬
‫كان (كارل ماركس ( ي ه ِ‬
‫َُ‬
‫الرِذيلَة‪ ،‬ونَ ْشر ِ‬
‫الفاح َشة‪ ،‬وقد تَ َّ‬
‫مار َسة جت َارة ذل ك والتَّ ْرِويج ل ه‪َ ،‬‬
‫وإدارة‬ ‫وىل اليهود َ‬ ‫الشعوب يف َّ‬ ‫حماولَة إ ْغراق ُّ‬
‫َ‬ ‫‪-2‬‬
‫(‪)178‬‬
‫البارات يف أوروبا وأمريكا‪ ،‬ويف إسرائِيل نَ ْف ِسها‪.‬‬
‫االجتاهات املْنح ِرفَة يف األدب و ِ‬
‫الف ْكر‬ ‫اإلباحي‪ ،‬وتَ ْش ِجيع ِّ‬ ‫السيطَرة على األَدب وال َفن‪ ،‬بِنَ ْشر األَدب املنحل ِ‬ ‫‪-3‬‬
‫َ‬ ‫َا‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫َّ ْ‬
‫وال َف ان‪.‬‬
‫(‪)179‬‬
‫السينِما وال َف ان يف العامل الغريب وغريه‪.‬‬
‫ناعة ِّ‬ ‫ِ‬
‫السْيطَرة على ص َ‬ ‫َّ‬ ‫‪-4‬‬
‫الس ِرقَة واالحتِيال‪.‬‬
‫الر ْش َوة و َّ‬
‫صب و َّ‬ ‫النَّ ْ‬ ‫‪-5‬‬
‫الهد َامة التي استَخ َد َمتها الصهيونية لتَحقيق َمآربها‪:‬‬ ‫الحركات َ‬ ‫َ‬
‫حتقي ق َمص ا اليه ود الك ى‪ ،‬واملاس ونيَّة َكلِ َم ة‬ ‫فاء على ِ‬‫هوديَّة ِسِّريَّة‪ ،‬تَعمل يف خ ٍ‬
‫املاسونيَّة‪ ،‬وهي‪ :‬منَظَّمة ي ِ‬ ‫‪-1‬‬
‫َ‬ ‫َْ‬ ‫ُ َ َ‬
‫إن َمعناها‪( :‬البَ نااؤون األَ ْحرار (‪ِ ،‬شعارها‪ِّ :‬‬
‫(احلريَّة واإلخ اء‬ ‫الس ِامعِني بأهنا ِم ْهنَة َش ِري َفة‪ ،‬حيث َّ‬ ‫ِ‬
‫اعة تُوهم ا‬ ‫َخ اد َ‬
‫واملساواة(‪.‬‬
‫العهد‪ ،‬وقد أُ ِّس َست هذه المعِيَّة سنة ‪ 1834‬م يف أَْم ِريكا‪.‬‬ ‫بناي برث‪ ،‬أي‪ :‬أبْناء َ‬ ‫‪-2‬‬
‫كزه ا أَْم ِريك ا‪ ،‬ول ا عُ َم ّلء ِس رياون يف‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نوادي اللايونز العالَميَّة‪ ،‬ومعىن الليونز ‪ :‬األَ ْسود‪ ،‬وهي نواد ماس ونيَّة‪َ ،‬مر ُ‬ ‫‪-3‬‬
‫جيع أَحناء العامل‪.‬‬ ‫َِ‬
‫جيع أحناء العامل‪.‬‬‫الروتاري‪ ،‬وقد أُ ِّسست سنة ‪ 1905‬م يف شيكاغو بأمريكا‪ ،‬مث امتَ َّدت إىل َِ‬
‫َ‬ ‫نَو ِادي ُّ‬ ‫‪-4‬‬
‫شبوهة‪:‬‬
‫الم َ‬ ‫المنَظمات َ‬ ‫ين من هذه ُ‬
‫المسلم َ‬ ‫َموقف عُلَماء ُ‬
‫محي د رمح ه اهلل يف َد ْوَرتِه‬
‫الش يخ عب د اهلل ب ن ِ‬
‫مساح ة َّ‬
‫ئاس ة َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ّلمي َّ‬ ‫ص َدر َّ ِ ِ‬ ‫أَ ْ‬
‫مبك ة امل َكَّرَم ة بر َ‬ ‫اجملم ع الف ْقه اي اإلس ا‬
‫املنع ِق َدة بتاريخ ‪ 1398 / 8/ 10‬ه املوافِق ‪ 1978 / 7/ 15‬م قَراراً ِ‬
‫شرعيااً‪ ،‬اعتََ فيه املاسونِيَّة واألنديَّة‬ ‫َ‬
‫أن َمن يَْنتَ ِس ب إليه ا‬‫الروتاري من أَ ْخطَر املنَظَّمات ال اد َامة على اإلسّلم واملسلمني‪ ،‬و َّ‬ ‫ِ‬
‫التااب َعة لا كالليونز‪ ،‬و ا‬
‫ألهلِه‪.‬‬
‫ب ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫على ع ْلم َقي َقتها وأَ ْهدافها فهو كافر باإلسّلم‪ ،‬جمان ٌ‬

‫الشطَْرنج‪ ،‬وليم غاي كار (ص ‪.)35‬‬


‫أحجار على ُرقْ َعة ا‬
‫‪ْ ) 177‬‬
‫‪ُ ) 178‬جذور البَّلء (ص ‪ )172‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ُ ) 179‬جذور البَّلء (ص ‪ )172‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪93‬‬
‫ّلم اي الع الَ ِم اي مبدين ة كراتِش ي باكِس تان‪ ،‬بيان اً يف ‪ 1970 / 12 / 29‬م ي ِّذر‬ ‫أص َدر اجمللِ س اإلس ِ‬
‫ألهن ا إح دى بن ِ‬
‫ات املاس ونِيَّة العامليَّة ال يت‬ ‫األندي ِة ُّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫الص هيونيَّة؛ َّ ْ َ‬ ‫ني يف أحناء العامل من االشِتاك يف ه ذه َ‬ ‫املسلم َ‬
‫تَ ْع َمل حلساب إسرائيل وال َقضاء على اإلسّلم‪.‬‬
‫الش ريف بيان اً يف ‪ 1985 / 5/ 15‬م بتح رمي االنتِس اب إىل ه ذه األندي ة‬ ‫درت لن ة الفت وى ب األزهر َّ‬ ‫أص َ‬
‫املاس ونِيَّة‪،‬‬ ‫ض ِويَّتِها؛ َّ ِ‬
‫ألهن ا م ن أَ ْخط ر املنَظَّم ات ال ادام ة ال يت تَ ْع َم ل حلس اب ُ‬ ‫(الروت اري(‪ ،‬أو االش ِتاك يف عُ ْ‬ ‫ُّ‬
‫ويُ َسْي ِطر عليها اليهود و َّ‬
‫الصهاينَة‪.‬‬
‫األسئلَة‪:‬‬
‫العام ؟‬ ‫س‪ :1‬ما املراد بِ ُّ ِ‬
‫الصهيونيَّة مبعناها ا‬
‫الصهيونِيَّة واملاسونِيَّة ؟‬
‫س‪ :2‬ما الفرق بني ُّ‬
‫س‪ :3‬ماذا تَ ْع ِرف عن بُروتوكوالت ُحكماء ُ‬
‫ص ْهيون ؟‬

‫‪94‬‬
‫واإليثار‬
‫ُ‬ ‫الجود‬
‫ُ‬
‫الجود‬
‫أولا ‪ُ :‬‬
‫كّلً‬ ‫خاء‪ ،‬وإمنا الود معىن و ِاسع ذو َمراتِب وأنواع َِ‬
‫تشِتك يف َّ‬
‫أن ا‬ ‫قاصراً على إنْفاق املال بِس ٍ‬ ‫ليس الود معىن ِ‬
‫َ‬ ‫ُ ً‬
‫منها ُمشتَ ِمل على بذل وعطاء‪.‬‬
‫الش ِ‬
‫اعر‪:‬‬ ‫ود الود بالنَّفس يف َسبِيل اهللِ تعاىل‪ ،‬قال ا‬ ‫فأعلَى مراتِب ال ِ‬
‫ُ‬ ‫ْ َ‬
‫والود بالنَّفس أَقْصى غاية ال ِ‬
‫ود‬ ‫ض َّن البَ ِخيل با‬
‫َ ُ‬ ‫جيود بالنَّفس إذ َ‬
‫للسائِلني واملتَ َعلِّ ِمني‪ ،‬وغري ذلك‪.‬‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ومن َمراتبه ‪ :‬الود بالوقت ملن َفعة املؤمنني‪ ،‬والود بالعلم ببَ ْذله ا‬
‫الجود‪:‬‬
‫ص َور ُ‬
‫من ُ‬
‫الجود بالنفس‪:‬‬ ‫(أ( ُ‬
‫الع َج ب العُج اب م ن‬ ‫وم ن بَع َدهم‪ ،‬فذنَّك ت رى َ‬‫الص حابة ‪ -‬رض ي اهلل ع نهم ‪َ -‬‬ ‫فذن ك إذا تص َّفحت حي اة َّ‬
‫احهم يف سبيل اهلل تعاىل‪ ،‬وإليك طَرفاً يسرياً من ذلك‪:‬‬ ‫بذلم أرو َ‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلَّم قال يف غزوة بدر‪ ((:‬قوموا إىل جنَّة‬ ‫أن َ‬ ‫‪ -1‬عن أنس ‪ -‬رضي اهلل عنه ‪َّ -‬‬
‫السموات واألرض ))‪ ،‬فقال عمري بن احلُمام األنصاري رضي اهلل عنه‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬جنَّة عرضها‬ ‫َعرضها َّ‬
‫يمل ك‬ ‫الس موات واألرض ؟ (ق ال‪ :‬نع م(‪ ،‬ق ال ‪ :‬ب ٍخ ب ٍخ‪ ،‬فق ال رس ول اهلل ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم‪ (( :‬م ا ِ‬ ‫َّ‬
‫َ َ‬
‫بخ ب ٍخ ))‪ ،‬ق ال ‪ :‬ال واهلل ي ا رس ول اهلل‪ ،‬اإال رج اءَ أن أك ون ِم ن أهلِه ا‪ ،‬ق ال ‪ (( :‬فذنَّك ِم ن‬ ‫على قولِك ‪ٍ :‬‬
‫نهن‪ ،‬مث ق ال ‪ :‬ل ئِن أن ا َحيِي ت ح ّ آ ُك ل مت رايت ه ذه إهن ا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أهلها ))‪ ،‬فأخرج مترات من قَ َرنه‪ ،‬فجعل يأ ُك ل م ا‬
‫حلياة طَويلَة‪ ،‬قال ‪َ :‬فرمى مبا كان معه ِمن التَّمر‪ ،‬مث قاتَلَهم حّ قُتِل(‪.)180‬‬
‫وكان أبو موسى األشعري رضي اهلل عنه يف إحدى املعارك‪ ،‬فقال ‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‬ ‫‪-2‬‬
‫ت‬ ‫ِ‬ ‫اب النَّ ة حت ت ِظ ّلل ُّ‬ ‫‪َّ :‬‬
‫ث ال هيئَة‪ ،‬فق ال ‪ :‬ي ا أب ا م وسى‪ ،‬أن ت مس ْع َ‬ ‫السي وف(‪ ،‬فق ام رج ٌل َر َّ‬ ‫(إن أب و َ‬
‫فرجع إىل أصحابِه فقال ‪ :‬أقرأ عل يكم َّ‬
‫الس ّلم‪ ،‬مث‬ ‫رسول اهلل صلَّى اهلل عليه وسلَّم يقول هذا ؟ قال ‪ :‬نعم‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫حّ قُتِل (‪.)181‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ضرب به َّ‬ ‫َك َسر َج ْفن َسْيفه فألْقاه‪ ،‬مث َمشى بِ َسْيفه إىل العدو‪ ،‬فَ َ‬

‫‪ ) 180‬رواه مسلم‪ ،‬كتاب اإلمارة‪ ،‬باب‪ :‬ثبوت النة للشَّهيد (‪ ،)1510/3‬ح (‪ ،)1901‬وال َقَرن ‪ :‬الُ ْعبَة‪.‬‬
‫‪ ) 181‬رواه مسلم‪ ،‬كتاب اإلمارة‪ ،‬باب‪ :‬ثبوت النة للشَّهيد (‪ ،)1510/3‬ح (‪.)1901‬‬
‫‪95‬‬
‫المقتَطَفات‪:‬‬ ‫الجود بالمال وهو كثير ل َحصر له في حياة السلَف‪ ،‬وإليك هذه ُ‬ ‫(ب ( ُ‬
‫يدة‪ ،‬مثَّ تَلَهَّ‬
‫اذهب با إىل أيب عُبَ َ‬ ‫ّلم‪َ (( :‬‬ ‫أَخذ عمر بن الخطاب ‪ -‬رضي اهلل عنه ‪ -‬أربعمائة ِدينار‪ ،‬فقال لِغُ ٍ‬ ‫‪-1‬‬
‫ص نَع‪ (( ،‬ف َذهب ب ا الغ ّلم‪ ،‬فق ال ‪ :‬يق ول ل ك أم ري امل ؤمنني ‪ :‬خ ذ‬ ‫ِ‬ ‫(‪)182‬‬
‫اعةً يف البي ت ح ّ تَ ْنظَُر م ا يَ ْ‬‫س َ‬
‫المس ة إىل‬ ‫ذه‬ ‫وب‬ ‫ّلن‪،‬‬ ‫ف‬ ‫إىل‬ ‫ة‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫الس‬ ‫ذه‬ ‫ب‬ ‫يب‬ ‫اذه‬ ‫ة‪،‬‬ ‫ي‬
‫ر‬ ‫جا‬ ‫ا‬ ‫ي‬ ‫ايل‬ ‫تع‬ ‫‪:‬‬ ‫ال‬ ‫ق‬ ‫مث‬ ‫ه‪،‬‬ ‫هذه‪ ،‬فقال‪ :‬وصلَه اهلل ورِ‬
‫مح‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫فأرس لَه ب ا إلي ه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫أع اد مثْ لَه ا ملع اذ ب ن جب ل‪َ ،‬‬ ‫فّلن‪ ،‬حّ أنْ َف َذها‪ ،‬فرجع الغُّلم إىل عمر فأخ َ ه‪َ ،‬فو َج َده ق د َ‬
‫ّلن بك ذا‪ ،‬فاطالع ت ام رأَة ُمع اذ‬ ‫ّلن بك ذا‪ ،‬ولِب ي ت ف ٍ‬ ‫ت فُ ٍ‬ ‫فقال معاذ‪ ( :‬وصله اهلل‪ ،‬ي ا جا ِري ة‪ ،‬اذه ِيب إىل ب ي ِ‬
‫َْ‬ ‫َْ‬ ‫َ َ‬ ‫ََ‬
‫فقال ت‪ :‬وحن ن واهلل َمس اكني فَأَ ْع ِطن ا‪ ،‬ومل يَْب ق يف الِْرقَة اإال ِدين اران ف َدفَع بِم ا إليه ا‪َ ،‬ور َج ع الغُّلم‪ ،‬ف أخ‬
‫بعضهم ِمن بعض (‪.)183‬‬ ‫إخوة‪ُ ،‬‬ ‫عمر بذلك‪ ،‬وقال ‪ :‬إهنم ْ‬
‫ومن َخ َِ طَْل َحةَ بن عُبَيد اهلل رض ي اهلل عن ه وال ذي ك ان يُق ال ل ه‪ :‬طَْل َح ة ال ود‪ ،‬وطَْل َح ة ال َفيااض؛ لِ َكثْ َرة‬ ‫ِ‬ ‫‪-2‬‬
‫ض َرموت‪ِ ،‬مق داره س بعمائة أل ف‪ ،‬فب ات لَْي لَتَ ه يَتَ َم ْل َم ل‪ ،‬فَقالَت ل ه‬ ‫مال له ِم ن َح ْ‬ ‫جوده‪ِ ،‬من َخ َِه أنَّه جاءَه ٌ‬‫ِ‬
‫َزْو َجته‪ :‬مالك ؟ قال‪ :‬ت َف َّكرت منذ اللَّيلة‪ ،‬فَ ُقلت‪ :‬ما ظَ ان َرجل بَِربِّه‪ ،‬يَبِيت وهذا املال يف بَْيتِه‪ ،‬قالت‪ :‬فأَيْن‬
‫أنت ِمن بعض أَ ِخ اّلئِك‪ ،‬فذذا أصبحت فَ َق ِّس ْمه‪ ،‬فقال لا‪ :‬أنت ُم َوفَّ َقة‪ ،‬بنت ُم َوفَّق‪( ،‬وهي اأم كلث وم بن ت‬
‫اجرين واألنص ار‪ ،‬فقال ت ل ه َزْو َجت ه‪ :‬اأم ا ك ان لن ا يف ه ذا امل ال ِم ن‬ ‫الص ديق(‪ ،‬فلم ا أَص بح قَ َّس مه ب ني امله ِ‬
‫َ‬ ‫ا َْ‬ ‫ا‬
‫صَّرة فيها حنو أَلْف ِد ْرَهم‬ ‫ِ‬ ‫نَ ِ‬
‫فشأْنُك مبا بَقي‪ ،‬فكانَت ُ‬
‫(‪)184‬‬
‫‪.‬‬ ‫صيب ؟ قال ‪ :‬فأين كنت منذ اليوم ؟ َ‬

‫‪ ) 182‬تلَهَّ ‪ :‬فِ ْعل أ َْم ٍر َمن تَلَ َّهى‪.‬‬


‫صارف يَ ِسري‪.‬‬
‫‪ ) 183‬سري أعّلم النُّبّلء (‪ )456/1‬بَتَ َ‬
‫صارف يَ ِسري‪.‬‬ ‫ِ‬
‫‪ ) 184‬سري أعّلم النُّبّلء (‪ ،)31/1‬بتَ َ‬
‫‪96‬‬
‫ثانيا‪ :‬اإليثار‬
‫حاجة النَّ ْفس إليه‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ض ِّمن ل َمعىن الود‪ ،‬وزائد عليه‪ ،‬بأن فيه تَ ْقدمي َشيء مع َ‬ ‫وهو ُمتَ َ‬
‫ومراتِب‪:‬‬
‫وهو أنواع َ‬
‫الدنيا‪ ،‬وما يَْبقى على ما يَ ْفىن‪.‬‬ ‫اآلخَرة على ُّ‬ ‫‪ -1‬فَأعلى مراتِبه‪ :‬إيثار مرضاة اهلل على غ ِريه‪ ،‬وإيثار ِ‬
‫َْ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ود امل رء َّ ِ ِ‬ ‫‪ -2‬ومنه‪ :‬اإليثار مع اللق‪ِ ،‬‬
‫بالش يء لغَ ْريه‪ ،‬ويُ َق ِّدم ه عل ى نَ ْفس ه م ع احلاج ة إلي ه‪ ،‬ابتغ اءً‬ ‫وحقي َقته‪ ،‬أن جي َ ُ‬ ‫َ‬
‫صب أو غ ِريِمها‪.‬‬ ‫ألج ِل َم ْد ٍح أو َمْن َ‬
‫ِ ِ‬
‫ملرضاة اهلل‪ ،‬ال ْ‬
‫أعلى َد َرجات هذا النَّوع‪ :‬اإليثار بالنَّ ْفس‪ ،‬وهو جود املرء ياتِه ألجل بَقاء غ ِريه مَّن بَقاؤه َ‬
‫أش اد نَ ْفعاً‬ ‫(أ(وْ‬
‫حممد ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم يقول ون ل ه‪ :‬نَ ْف ِس ي‬ ‫حاجتِه إىل بَقاء نَ ْف ِسه‪ ،‬وقد كان أصحاب َّ‬ ‫لِ ِ ِ‬
‫لمسلمني‪ ،‬مع َ‬ ‫ُ‬
‫وحن ِري دون َْحن ِرك‪ُ ،‬متَ َمثِّلِني ذلك َع َملِيااً‪.‬‬ ‫ِ‬
‫لنَ ْف ِسك الفداء‪َْ ،‬‬
‫ِ‬
‫(ب ( ومنه اإليثار باملال‪ ،‬وهو‪ :‬جود املرِء ِ‬
‫باملال لِغَ ِْريه‪ ،‬مع حا َجتِه إليه‪.‬‬ ‫ُ ْ‬
‫املهاجرين‪ ،‬فقال‪ :‬ﱡﭐ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ‬ ‫وقد أثىن اهلل تعاىل على األَنْصار ملا آثروا إخواهنم ِ‬
‫ﳍ‬ ‫ﳌ‬ ‫ﲻﲼﲽﲾﲿﳀﳁﳂﳃﳄﳅﳆﳇﳈﳉﳊﳋ‬

‫ﳎ ﳏ ﳐ ﳑ ﳒ ﳓ ﳔ ﱠ [احلشر‪.]9 :‬‬
‫ص َور اإليثار ما يلي‪:‬‬
‫ومن ُ‬
‫يب صلَّى اهلل عليه وسلَّم بُِ َدة‪ ،‬فقالت‪ :‬يا‬ ‫‪ -1‬عن َس ْهل بن سعد رضي اهلل عنه قال‪ :‬جاءَت امرأة إىل النَّ ِّ‬
‫يب صلَّى اهلل عليه وس لَّم حمتاج اً إليه ا‪ ،‬فَلَبِ َس ها‪ ،‬فَرآه ا علي ه َر ُج ٌل ِم ن‬ ‫رسول اهلل‪ ،‬أ ْك ُسوك هذه‪ ،‬فأخ َذها النَّ ا‬ ‫َ‬
‫يب ص لَّى اهلل علي ه‬ ‫ِ‬
‫فلم ا ق َام النَّ ُّ‬
‫أح َس ن ه ذه ! فا ْكس نيها‪ ،‬فق ال‪ :‬نع م‪ ،‬ا‬ ‫ول اهلل‪ ،‬م ا ْ‬ ‫الص حابة‪ ،‬فق ال‪ :‬ي ا رس َ‬ ‫َّ‬
‫يب ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم أخ َذها حمتاج اً إليه ا‪ ،‬مث‬ ‫الم هُ أص حابه‪ ،‬فق الوا‪ :‬م ا أَ ْح َس ْنت ح ني رأي َ‬
‫ت النَّ َّ‬ ‫وس لَّم َ‬
‫يب ص لَّى اهلل علي ه‬‫ت أنَّه ال يُ ْسأَل َش ْيئاً فَيَ ْمنَع ه‪ ،‬فق ال‪َ :‬ر َج ْوت بَرَكتَه ا ح ني لَبِ َس ها النَّ ُّ‬
‫سألَتَه إيااها‪ ،‬وقد َعَرفْ َ‬
‫(‪)185‬‬
‫وسلَّم لَ َعلِّي أُ َكفَّن فيها‪.‬‬
‫ول اهلل‪ ،‬أص ابَِين‬‫ول اهلل ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم فق ال‪ :‬ي ا رس َ‬ ‫‪ -2‬ع ن أيب هري رة رض ي اهلل عن ه ق ال‪ :‬أت ى َر ُج ٌل رس َ‬
‫ض يفه‬ ‫عندهن شيئاً‪ ،‬فقال رسول اهلل صلَّى اهلل عليه وسلَّم‪ (( :‬أال رجل ي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ٌَُ ُ‬ ‫فأر َسل إىل نسائه فلم جيد َ ُ ا‬ ‫الهد‪ْ ،‬‬ ‫ْ‬
‫ض ْيف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اللَّيلَةَ يَ ْر َمحُه اهلل ))‪ ،‬فقام َر ُج ٌل ِمن األَنْصار فقال‪ :‬أنا ي ا رس َ‬
‫ول اهلل‪ ،‬فَ َذ َهب إىل أهل ه فق ال المرأت ه‪َ :‬‬

‫السخاء ) الفتح ) (‪ ،)456/10‬ح (‪.)6036‬‬


‫‪ ) 185‬رواه البخاري‪ ،‬كتاب األدب‪ ،‬باب‪ُ :‬ح ْسن الُلُق و َّ‬
‫‪97‬‬
‫تد َخ ِري ه ش يئاً‪ ،‬فقال ت‪ :‬واهلل م ا عن دي اإال قُوت ِّ‬
‫الص ْب يَة‪ ،‬ق ال‪ :‬ف ذذا أراد‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل صلَّى اهلل عليه وسلَّم ال َّ‬
‫الرج ل عل ى رس ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِّ ِ‬
‫ول‬ ‫السراج‪ ،‬ونَطْ ِوي بُطونَنا اللَّيلَة‪ ،‬فَ َف َعلَ ْ‬
‫ت‪ ،‬مثَّ َغدا َّ ُ‬ ‫الصْب يَةُ العشاءَ فنَ ِّوميهم‪ ،‬وتعايل فأطفئي ا‬
‫ك ِمن فُ ٍ‬ ‫ِ‬
‫ّلن وفُّلنَة ))(‪.)186‬‬ ‫ض ِح َ‬ ‫وجل أو َ‬‫عز ا‬ ‫اهلل صلَّى اهلل عليه وسلَّم فقال‪ (( :‬ل َقد َعج َ‬
‫ب اهللُ َّ‬ ‫ِ‬
‫األسئلَة‪:‬‬
‫العّلقَة بني الود واإليثار ؟ وما ال َف ْرق بينهما ؟‬ ‫س‪ :1‬ما َ‬
‫بالوقْت والعِْلم ؟‬
‫س‪ :2‬كيف يكون الُود َ‬
‫ميكن أن يَتَ َمثَّل فيها املسلِم خبُلُ ِق اإليثار‪.‬‬ ‫ّلث صوٍر ِمن خيالِك ِ‬
‫َ‬ ‫س‪ :3‬اذ ُكر ثَ َ ُ َ‬
‫الاهلِيَّة‪ ،‬وج اء اإلس ّلم ف تَ َّمم ه ذا اللُق‪ ،‬اذ ُك ر م ا ِ‬
‫ميك ن أن‬ ‫س‪ :4‬ك ان ال ود بامل ِال خلُق اً حمم وداً يف ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الع ْه َديْن‪.‬‬ ‫ِ ِ ٍ‬
‫تَ ْستَ ْنت َجه من فَ ْرق بني هذا الُلُق يف َ‬

‫‪ ) 186‬رواه البخاري‪ ،‬كتاب التَّفسري‪ ،‬باب‪ :‬ويُؤثِرون على أن ُف ِسهم‪ .‬الفتح (‪ ،)631/8‬ح (‪.)4889‬‬
‫ص َور اإليثار انظر‪ :‬تفسري ابن كثري‪ ،‬والقرطيب‪ ،‬عند تَ ْف ِسري اآلية (‪ِ )9‬من سورة احلشر‪.‬‬ ‫ز ِ‬
‫يادةً من ُ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫السالكني‪ ،‬البن القيِّم‪َ ،‬مْن ِزلَة اإليثار‪.‬‬
‫ولإليثار والود أيضاً انظر‪َ :‬مدارِج ا‬
‫‪98‬‬
‫َحق الوال َدين واألَقارب‬
‫أولا‪َ :‬حق الوال َدين‬
‫الحق العام لَ ُهما‪ :‬الِ ا بِما‪ ،‬واإلحسا ُن إلي ِهما‪ ،‬وتَ ْرك عُقوقِ ِهما‪.‬‬ ‫َ‬ ‫‪-1‬‬
‫يب صلَّى اهلل عليه وسلَّم فقال‪ (( :‬الِ ُّ ُح ْسن الُلُق ))(‪.)187‬‬ ‫َّ‬
‫ن‬ ‫ال‬ ‫ره‬ ‫س‬
‫َّ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫وقد‬ ‫‪،‬‬ ‫ري‬ ‫خ‬ ‫لكل‬
‫ِّ‬ ‫ع‬ ‫الِ ‪ :‬اسم ِ‬
‫جام‬
‫ا‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ا ٌ‬
‫اآلخ ِرين‪ ،‬وفِ ْعل ما يَْنبَغِي فِ ْعلُه ِمن املعروف‪.‬‬ ‫واإلحسان‪ :‬اإلنْعام على َ‬
‫ﲏ‬ ‫ﲎ‬ ‫ان إىل الوالِ َديْن‪ ،‬فق ال تع اىل‪ :‬ﭐﱡﭐ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ‬ ‫ق د أَم ر اهلل تع اىل باإلحس ِ‬
‫َ ُ‬
‫ﱠ‪ ...‬اآلية [اإلسراء‪.]23 :‬‬
‫ضل األعمال وأحباها إىل اهللِ تعاىل‪.‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫وجعل ُ ِ‬
‫رسول اهلل صلَّى اهلل عليه وسلَّم بِار الوال َديْن من أَفْ َ‬ ‫َ‬
‫ب إىل اهلل ؟ ق ال‪":‬‬ ‫الع َم ل أَ َح ا‬
‫أي َ‬‫يب ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم‪ :‬ا‬ ‫فع ن اب ن مس عود رض ي اهلل عن ه أنَّه س َ‬
‫أل النَّ َّ‬
‫اد يف َس بِيل اهلل‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫أي ؟ ق ال‪ (( :‬اله ُ‬ ‫الص ّلة عل ى َوقْته ا "ق ال‪ :‬مث أي؟ ق ال‪ (( :‬ب ار الوال َديْن ))‪ ،‬ق ال‪ :‬مثا ا‬ ‫َّ‬
‫(‪)188‬‬
‫))‪.‬‬
‫احبَة الوالِ َديْن‪ ،‬فق ال تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ ﱠ اآلي ة‬ ‫الس نَّة إىل ُح ْس ن ُمص َ‬ ‫وأرش د الق رآن و ُّ‬
‫[لقمان‪.]15 :‬‬
‫ص حابَيت ؟ ق ال‪ (( :‬أُُّم ك ))‪ ،‬ق ال‪ :‬مثَّ َم ن ؟ ق ال‪(( :‬‬ ‫اس ْس ن َ‬ ‫وس ئِل ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم‪َ :‬م ن أَ َح اق النا ِ‬ ‫ُ‬
‫(‪)189‬‬
‫وك ))‪.‬‬‫أُُّمك ))‪ ،‬قال‪ :‬مثَّ َمن ؟ قال‪ (( :‬أُامك ))‪ ،‬قال مثَّ َمن ؟ قال‪ (( :‬أَبُ َ‬
‫رعي‪ ،‬فعن دها ال يك ون عقوق اً‪،‬‬ ‫والعقوق‪ :‬إيذاء الوالِ َدين‪ ،‬بِِفع ٍل أو قَوٍل أو تَرٍك‪ ،‬اإال أن يكون ذل ك ملس ِّوغ ش ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫كما لو أمر الوالِدان ِبفع ِل مع ِ ٍ‬
‫يضة‪.‬‬‫صيَة‪ ،‬أو تَ ْرِك فَ ِر َ‬ ‫ْ َْ‬ ‫َ‬

‫‪ ) 187‬رواه مسلم‪ ،‬كتاب الِ ا‪ ،‬باب‪ :‬تَ ْف ِسري الِ ا واإلمث (‪ ،)1980/4‬ح (‪)2553‬‬
‫الص ّلة لَِوقْتِه ا ( الف تح ‪ ،( 2/9‬ح (‪ ،)527‬وكت اب‬
‫ض ل َّ‬ ‫اض ع‪ ،‬منه ا‪ :‬كت اب َمواقِي ت َّ‬
‫الص ّلة‪ ،‬ب اب‪ :‬فَ ْ‬ ‫‪ ) 188‬رواه البخ اري يف مو ِ‬
‫َ‬
‫الصلَة‪ ،‬الفتح (‪ ،)400/10‬ح (‪.)5970‬‬ ‫األدب‪ ،‬باب‪ :‬الِ ا و ِّ‬
‫الص ْحبَة ؟ الفتح (‪ ،)401/10‬ح (‪ ،)5971‬ومسلم‪ ،‬كتاب الِ ا‪،‬‬ ‫َح اق النااس ْس ُن ُّ‬
‫األدب‪ ،‬باب‪َ :‬من أ َ‬
‫‪ ) 189‬رواه البخاري‪ ،‬كتاب َ‬
‫باب‪ :‬بِار الوالِدين (‪ ،)1974/4‬ح (‪.)2548‬‬

‫‪99‬‬
‫نوب‪ ،‬فق ال ص لَّى اهلل علي ه‬ ‫وق‪ ،‬وأَ ْخ َ أنَّه ِم ن َكب ائر ال ُّذ ِ‬ ‫رسول اهللِ ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم ع ن الع ُق ِ‬ ‫وقد هنى ُ‬
‫ُ‬
‫ول اهلل‪ ،‬ق ال‪ (( :‬اإل ْش راك ب اهلل‪ ،‬وعق وق الوالِ َدين‪،‬‬ ‫وس لَّم‪ (( :‬أال أنُبَ ئِّكم ب أك َ ال َكب ائِر ؟ قلن ا‪ :‬بل ى ي ا رس َ‬
‫(‪)190‬‬
‫الزوِر (( ‪ ...‬احلديث‬ ‫هادةَ ُّ‬‫وش َ‬‫الزوِر‪َ ،‬‬‫وكان ُمتَّ ِكئاً فَ َجلَس فقال‪ :‬أال َوقَ ْوَل ُّ‬
‫حاجتِ ِهم ا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫وم ن العق وق‪ :‬الغَض ب عليهم ا‪ ،‬وتَ رك ِ‬ ‫ِ‬
‫طاعت ِهم ا‪ ،‬واإلع راض ع ن َح ديث ِهما‪َ ،‬وز ْج ِرمه ا والتَّأَفُّف م ن َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫كّلم ِهما‪ ،‬وحنو ذلك‪.‬‬ ‫و ِ‬
‫بعده ِمن احلقوق‪.‬‬ ‫ض ِّمن لِما يأيت َ‬ ‫العام لما‪ ،‬وهو ُمتَ َ‬‫احلق ا‬ ‫هذا هو ا‬
‫طاعتُ ُهما‪:‬‬
‫َ‬ ‫‪-2‬‬
‫طاعةٌ ُم َقيَّ َدةٌ بِ ُشروط‪:‬‬
‫طاعتُ ُهما فيما أمرا به‪ ،‬وهنيا عنه‪ ،‬وهي َ‬ ‫فتَ ْلَزم َ‬
‫صيَ ِة اهلل تعاىل‪.‬‬
‫أن تكون يف غري مع ِ‬
‫َْ‬ ‫‪-1‬‬
‫طاعة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫‪ -2‬االست َ‬
‫حال ِمن األَ ْحو ِال‪ ،‬وال َّ‬
‫حّ التَّأَفُّف حني يَتَ َح َّدثان‬ ‫ض ُّجر بأي ٍ‬
‫ا‬
‫ِ‬
‫‪ -3‬التَّلَطُّف يف الطاب معهما‪ ،‬وعدم التَّ َ‬
‫أو يَطْلُبان َع َمّلً ِمن األَ ْعمال‪.‬‬
‫ويتأكد ه ذا احل اق وغ ريه ِم ن احلق وق عن د كِ َ الوالِ َديْن‪ ،‬ق ال تع اىل‪ :‬ﱡ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ ﲕ‬ ‫َّ‬
‫ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟ ﲠ ﱠ [اإلسراء‪.]23 :‬‬
‫ب ِع ْل ٍم َتعلَّ َم ه‪ ،‬أو‬
‫أمام ُهم ا‪ ،‬وأن ال ي رى نفس ه أعل ى منهم ا بِس بَ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ض م ال نَّ ْفس َ‬ ‫وه ْ‬‫واض ع لهم ا‪َ ،‬‬ ‫‪ -4‬الت ُ‬
‫ص غِرياً‪َ ،‬ورفَع ا عن ه ال َق َذر‪ ،‬وأَطْ َعم اه‬
‫الولَد ال ذي محَّله َ‬ ‫َّ‬
‫حص لَه‪ ،‬أو َمْنص ب تَ َس ل َمه‪ ،‬ب ل يَْب َق ى ه و ذاك َ‬
‫ٍ‬
‫مال َّ‬
‫نفس ه‪ ،‬فكي ف يتَ رفَّع علي ِهم ا‪ ،‬ق ال تع اىل‪ :‬ﱡﭐ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥ‬ ‫الطَّع ام‪ ،‬ومل يك ن ق ِادراً عل ى إطع ام ِ‬
‫َ‬
‫ﲦ ﲧ ﱠ اآلية [اإلسراء‪.]24 :‬‬
‫الدعاء لهما‪:‬‬ ‫‪-5‬‬
‫تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ‬ ‫الولَد أن يَ ْدعو لِوالِ َديْه‪ ،‬يف َحياهتِم ا وبع د َم ْوهتِم ا‪ ،‬ق ال‬
‫فَ َعل ى َ‬
‫ﲭ ﱠ [اإلسراء‪.]24 :‬‬
‫ص َدقٍَة جا ِريَة‪ ،‬أو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وقال صلَّى اهلل عليه وسلَّم‪ (( :‬إذا مات اإلنسا ُن انقطَع عنه َ‬
‫عملُه اإال من ثَّلث‪ :‬اإال م ن َ‬
‫(‪)191‬‬
‫ِع ْل ٍم ينتَفع به‪ ،‬أو ولَ ٍد صا يَ ْدعو له ))‬

‫‪ ) 190‬رواه البخاري‪ ،‬كتاب األدب‪ ،‬باب‪ :‬عقوق الوالِ َدين ِمن الكبائر‪ .‬الفتح (‪ ،)405/10‬ح (‪.)5976‬‬
‫اب بعد َوفاتِه ح (‪.)1631‬‬ ‫ِ‬ ‫‪ ) 191‬رواه مسلم‪ ،‬كتاب ِ‬
‫الوصيَّة‪ ،‬باب‪ :‬ما يَْل َحق اإلنسا َن من الثَّو َ‬
‫َ‬
‫‪100‬‬
‫سبب في لَعنهما‪:‬‬
‫أن ل يَتَ َ‬ ‫‪-6‬‬
‫عن َس بَباً يف لَ ْع ن الوالِ َديْن‪ ،‬ق ال ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم‪(( :‬‬
‫اللَّعن يف أصله حرام‪ ،‬ويزداد ُح َرمةً إذا كان هذا اللَّ ُ‬
‫الر ُج ل والِ َديْه ؟ ! ق ال‪(( :‬‬
‫الرج ل والِ َديْه (( قي ل‪ :‬ي ا رس وَل اهلل‪ ،‬وكي ف يَ ْل َع ن َّ‬ ‫إن ِم ن أك َ ال َكب ائِر أن يَ ْل َع َن َّ‬ ‫َّ‬
‫الر ُج ِل فَيَ ُس ُّ‬
‫(‪)192‬‬
‫ب َّأمه ))‬
‫ب َّأمه فَيَ ُس ُّ‬
‫ب أباه‪ ،‬ويَ ُس ُّ‬ ‫ب أبا َّ‬
‫يَ ُس ا‬
‫باشَرًة (‪ )193‬؟!‬ ‫ِ‬
‫يلعن وال َديه ُم َ‬ ‫فكيف مبن َ‬
‫‪ -7‬أن يَصل أقاربَ ُهما وأصحابهما‪ ،‬ويَحتَرَمهم في َحياتهما وبعد َمماتهما‪:‬‬
‫الولَد أَ ْه َل ُواد أَبِيه ))‪.‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫قال صلَّى اهلل عليه وسلَّم‪َّ (( :‬‬
‫إن أَبَار ال ِّ صلَة َ‬
‫(‪)194‬‬

‫يمهما‪:‬‬
‫َدع َوتُهما وتَ عل ُ‬ ‫‪-8‬‬
‫فم ن رأى منهم ا َغلَط اً يَ ْس تَ ِح اق التَّنبِي هَ فذنَّه يَتَ لَطَّف ويتَ أَ َّدب يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املعاونَة الوال دان‪َ ،‬‬
‫صح و َ‬ ‫من أَ َح اق النااس بالنُّ ْ‬
‫ألن يف ذلك نا ًة لما ِمن العقوبَِة‪.‬‬ ‫تنبِي ِههما عليه؛ َّ‬
‫ف‪ ،‬وال إس اءَة‪ ،‬وال يَ ْغلَ ظ‬ ‫قال اإلمام أمحد رمحة اهلل تعاىل‪ (( :‬إذا رأى أباه على أَْم ٍر ي ْكرُه ه‪ ،‬يعلِّم ه بغ ري عُْن ٍ‬
‫َ َ ُ ُ‬
‫(‪)195‬‬
‫يب ))‪.‬‬‫ِ‬
‫وإال تركه‪ ،‬وليس كاألَ ْجنَ ا‬ ‫له يف الكّلم‪ ،‬ا‬
‫باش ر‪ِ ،‬مثْ ل أن يَطْلُب‬ ‫ناص حه بِطَ ِري ق غ ري م ِ‬ ‫ِ‬ ‫ولكن األب قد ال ي ت َقبل النُّ ِ ِ‬
‫ُ‬ ‫صح من َولَده‪ ،‬فلذلك األوىل له أن يُ َ‬ ‫ْ‬ ‫ََ‬
‫اج ٍة إلي ه‪ ،‬أو ْيه ِدي لِوالِ ِده كِتاب اً في ه‬ ‫أن وال َده َ‬
‫ِمن إمام املسجد أن يتكلَّم عن املوضوع الفّلين الذي ي رى َّ ِ‬
‫وج َيه ه إلي ه ح ّ ال يش عر الوالِد‬ ‫ص د تَ ِ‬ ‫ض عه أم ام َعْي نَ ْي ه وال يتَ َق َّ‬ ‫التَّنبِيه على هذا الغَلَط الذي يَ ْف َعل ه‪ ،‬أو ح ّ يَ َ‬
‫الولَ ِد ْجت َع ل‬ ‫بذلك‪ ،‬فيستَ ْكِ عن قِراءتِه وقَبولِه‪ ،‬أو أي و ِسيلَ ٍة أُخرى يصل با النُّصح‪ ،‬لكن دون م َ ٍ ِ‬
‫باشَرة من َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫اَ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬
‫الوالِ َد يَْنفر ويَ ْستَ ْكِ ‪.‬‬
‫صاحبَتُهما‪:‬‬
‫وم َ‬ ‫صادقَ تُ ُهما ُ‬
‫ُم َ‬ ‫‪-9‬‬
‫الولَد ووالده‪ ،‬ولذلك َوسائل منها‪:‬‬ ‫يادة األُل َفة بين َ‬‫وهذا مطلوب ألجل ز َ‬
‫يأخ َذ رأيَه ويَستَش َيره‪.‬‬
‫أن ُ‬
‫(‪)196‬‬
‫أن يهدي له‪ :‬قال صلَّى اهلل عليه وسلَّم (( َهتادوا حتابوا ))‪.‬‬

‫الر ُجل والِ َديه‪ .‬الفتح (‪ ،)403/10‬ح (‪.)5973‬‬


‫ب َّ‬‫‪ ) 192‬رواه البخاري‪ ،‬كتاب األدب‪ ،‬باب‪ :‬ال يَ ُس ا‬
‫‪ ) 193‬انظر جمموع الفتاوى (‪.)226/34‬‬
‫َص ِدقاء األب واألم (‪ ،)1979/4‬ح (‪.)2552‬‬ ‫‪ ) 194‬رواه مسلم‪ ،‬كتاب الِ ‪ ،‬باب‪ :‬فَ ْ ِ‬
‫ضل صلَة أ ْ‬ ‫ا‬
‫‪ ) 195‬اآلداب الشَّرعيَّة (‪.)449/1‬‬
‫‪101‬‬
‫ﱡﭐﲆ ﲇ ﲈ ﲉ ﱠ‬ ‫داخ ٌل يف قولِه تعاىل‪:‬‬
‫الس َفر ‪ ...‬وغري ذلك‪ ،‬وهو ِ‬
‫صاحب معه يف َّ‬
‫أن يتَ َ‬
‫اآلية [لقمان‪.]15 :‬‬
‫الولَد مع وال َديه‪:‬‬
‫عامل َ‬ ‫آداب ُمج َملَة في تَ ُ‬ ‫ٌ‬ ‫‪-10‬‬
‫يتقد َم ه لِيَ ْرفَع عن ه أذى‪ ،‬أو يَ ْف تَح ل ه باب اً‪ ،‬وحن و ذل ك‪،‬‬
‫أمام ه اإال أن َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ال يَ ْدعُوه‪ ،‬وال جيل س قبل ه‪ ،‬وال ميش ي َ‬
‫ف‪ ،‬وال يقطَع علي ه َح ِديثَه‪ ،‬أو َيطِّئَ ه‪ ،‬أو يق ول ل ه‪ :‬أن ت ال‬ ‫وَيدمه‪ ،‬وجييب َد ْعوته‪ ،‬ويتَ َكلَّم مع ه بِلِ ٍ‬
‫ني ولُطْ ٍ‬
‫َ‬
‫تَ ْع ِرف‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ني‪،‬‬
‫للص احل َ‬ ‫وليَ ْح ِرص عل ى إس عاد وال َديْه بك ال َمش روع ومب اح‪ ،‬فهم ا يباان ه ص احلاً‪ُ ،‬م َ‬
‫ص لِّيا‪ ،‬ويباان ه ُمرافق اً ا‬
‫ص يل ذل ك لِنَ ْف ِس ك ه و ِم ن بِِّرك‬ ‫ويبانِه ح ِريص اً عل ى ِدراس تِه‪ ،‬متَ َف ِّوق اً‪ ،‬ب ل وي ْفتَ ِخ ران بِك ل ذل ك‪ ،‬فتَح ِ‬
‫ْ‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ا َ‬
‫بِوالِ َديْك‪.‬‬
‫ثانيا ‪َ :‬حق األقارب‬
‫بذعطاء ال َق ِريب َح َّقه‪ ،‬فقال‪ :‬ﱡﭐ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ ﱠ [اإلسراء‪.]26 :‬‬ ‫لقد َأمر اهللُ تعاىل ْ‬
‫[الرعد‪.]21 :‬‬ ‫صل فقال ‪ :‬ﱡﭐ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱠ َّ‬ ‫بالو ْ‬
‫و َأمر َ‬
‫ومن قَطَ َعك قَطَ ْعتُه ))(‪.)197‬‬ ‫للرِحم‪ (( :‬من و ِ‬ ‫ِ‬
‫دسي َّ‬
‫ص ْلتُه‪َ ،‬‬
‫صلَك َو َ‬
‫َ ََ‬ ‫أن اهللَ تعاىل قال َّ‬ ‫ويف احلديث ال ُق ا‬
‫اد يف األرض فق ال‪ :‬ﱡﭐ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ‬ ‫وح َّذر ِم ن ال َق ِطيع ة‪ ،‬وجعلَه ا ِم ن ال َفس ِ‬
‫َ ََ‬
‫[حممد‪.]22 :‬‬‫ﱵ ﱶ ﱠ َّ‬
‫(‪)198‬‬ ‫وقال صلَّى اهلل عليه وسلَّم‪ (( :‬ال ي ْدخل النَّةَ ِ‬
‫قاطع ))‪.‬‬ ‫َ ُ‬
‫َمراتبُها‪:‬‬
‫الصلَة ولو بِ َّ‬
‫املناص َحة‪ ،‬وأَ ْدناها‪ِّ :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وبني ذل ك‬
‫السّلم‪َّ ،‬‬ ‫عاونَة بالنَّ ْفس واملال‪ ،‬و َ‬ ‫َوصلَة األَْرحام َمراتب‪ ،‬أَ ْعّلها‪ :‬امل َ‬
‫حام ُكم ولو بِ َّ‬ ‫ِ‬
‫السّلم ))(‪.)199‬‬ ‫َمراتب‪ ،‬قال صلَّى اهلل عليه وسلَّم‪ (( :‬بُلُّوا أَْر َ‬

‫َّلخيص‬ ‫‪ ) 196‬حديث رواه البخاري يف األدب املفرد‪ ،‬رقم (‪ ،)594‬والبيهقي (‪ ،)169/6‬عن أيب هريرة‪ ،‬وقال احلافِظ ابن حجر يف الت ِ‬
‫ََ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫احلبِري (‪ُ ،)70/3‬‬
‫إسناده َح َسن‪ ،‬وانظر ‪ :‬إرواء الغَليل (‪.)44/6‬‬
‫صلَه اهلل ( الفتح ‪ ( 417/10‬ح (‪ ،)5988‬وانظر‪ :‬صحيح مسلم‪ ،‬رقم‬ ‫‪ ) 197‬رواه البخاري‪ ،‬كتاب األدب‪ ،‬باب‪ :‬من وصل َّ ِ‬
‫الرحم َو َ‬ ‫َ ََ‬
‫(‪.)2554‬‬
‫القاطع ( الفتح ‪ ، (415/10‬ح (‪ ،)2556‬ومس لم‪ ،‬كت اب ال ِ ا‪ ،‬ب اب‪ِ :‬ص لَة ال َّرِحم‬ ‫‪ ) 198‬رواه البخاري‪ ،‬كتاب األدب‪ ،‬باب‪ :‬إمث ِ‬
‫وحت ِرمي قَطْعها‪ ،‬ح (‪.)2556‬‬
‫الزهد‪ ،‬رقم ( ‪ ،) 409‬والبيهقي يف الشُّعب (‪ ،)227/6‬والقطيعي يف جزء األلف ِدين ار‪ ،‬رق م (‪ ،)310‬والب ازار يف‬ ‫‪ ) 199‬رواه وكيع يف ُّ‬
‫ضها بَ ْعضاً‪.‬‬ ‫ِ‬
‫كشف األستار (‪ ،)37/2‬والط اين‪ ،‬وغريهم‪ ،‬قال يف املقاصد وكشف الفاء‪ :‬له طُُرق يُ َق ِّوي بَ ْع ُ‬
‫‪102‬‬
‫اصل باملك افِئ‪ ،‬ولك ن‬ ‫صل من قَطَعك‪ ،‬قال صلَّى اهلل عليه وسلَّم‪ (( :‬ليس الو ِ‬ ‫ِ‬
‫أعّلها من جهة أخرى‪ :‬أن تَ َ َ‬
‫ِ ِ‬
‫(‪)200‬‬
‫صلَها ))‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الواص َل الذي إذا قُط َعت َرمحُه َو َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واملعىن هنا‪َّ :‬‬
‫أرحامه الذين‬ ‫ص َل الكام َل هو صلَة القاطع‪ ،‬وأَقَ َّل منه َم ْرتَبَةً‪ ( :‬املكافئ(‪ ،‬وهو الذي يَصل َ‬ ‫الو ْ‬
‫أن َ‬
‫يِ‬
‫صلونَه‪.‬‬ ‫َ‬
‫َحدها‪:‬‬
‫الص ِحيح ِص لَة فه و‬ ‫ف‪ ،‬فم ا ع َّده العُ ْرف َّ‬ ‫ت‪ ،‬ب ل ذل ك حس ب الع ر ِ‬ ‫لص لَّة ح ٌّد حم دود بِزم ٍن أو وقْ ٍ‬ ‫ول يس لِ ِ‬
‫ُْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬
‫ب ومْن ِزلَتِ ه‪ ،‬فَ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ك ذلك‪ ،‬وم ا ع َّد يف الع رف َّ ِ‬
‫ص لَة‬ ‫الص حيح قَط َيع ةً فه و ك ذلك‪ ،‬وه ي ختتَل ف ب اختّلف ال َق ِري ِ َ‬ ‫ُْ‬ ‫ُ‬
‫يض واحملت اج َغ ْري ِص لَة غ ِريه‪،‬‬ ‫الوالِد غ ري ِص لَة اب ن الع م البعِي د‪ ،‬كم ا ختتَلِ ف ب اختِّلف األح وال‪ِ ،‬‬
‫فص لَة امل ِر ِ‬ ‫َا َ‬
‫الصغري‪ ،‬كما ختتَلِف باختِّلف األمكنة‪ ،‬فالذي يف البلد غري الذي هو خا ِرج عنه ا‪،‬‬ ‫وصلَة ال َكبِري غري ِصلَة َّ‬‫ِ‬
‫وهكذا‪.‬‬
‫الرس ائِل املتَبا َدلَة‪،‬‬ ‫الس ّلم‪ ،‬واالتِّص ال ال اتِِفي‪ ،‬و َّ‬
‫الس ؤال ع ن احل ال‪ ،‬وإب ّلغ َّ‬ ‫الزي َارة‪ ،‬و ُّ‬‫الص لَة‪ِّ :‬‬
‫وماا يَ ْد ُخل يف ِّ‬
‫وغري ذلك‪.‬‬
‫فَض ُل البر والصلَة‪:‬‬
‫الرزق‪ ،‬وطول يف العمر‪ ،‬وبركة فيهما‪ ،‬فعن أنس رضي اهلل عنه ق ال ‪ :‬ق ال رس ول اهلل‬ ‫سعة يف ِّ‬ ‫‪ -1‬فيه َ‬
‫صلى اهلل عليه وسلم ‪ (( :‬من أحب أن يبسط له يف رزقه‪ ،‬وينسأ له يف أثره‪ ،‬فليصل رمحه )) (‪،)201‬‬
‫ومعىن ‪ (( :‬ينسأ له يف أثره (( أي ‪ :‬يؤخر أجله‪.‬‬
‫ول‬
‫أن َر ُج ّلً ق ال‪ :‬ي ا رس َ‬ ‫ب لِ ُدخول النَّة‪ ،‬فَ َع ن أيب أياوب األنص اري رض ي اهلل عن ه َّ‬ ‫‪ -2‬الِ ا و ِّ‬
‫الص لَة َس بَ ٌ‬
‫اهلل‪ ،‬أخِ ْين بِ َع َم ٍل يُ ْد ِخلين النَّةَ‪ ،‬فقال صلَّى اهلل عليه وسلَّم‪ (( :‬تَ ْعبُد اهللَ ال تُ ْش ِرك ب ه َش ْيئاً‪ ،‬وتُِق يم‬
‫(‪)202‬‬
‫الرِحم ))‪.‬‬
‫صل َّ‬ ‫الزكاةَ‪ ،‬وتَ ِ‬
‫الصّلةَ‪ ،‬وتُؤيت َّ‬ ‫َّ‬

‫ض ل ِص لَة الق ِ‬
‫اط ِع‬ ‫ِ‬ ‫‪ ) 200‬رواه البخاري‪ ،‬كتاب األدب‪ ،‬باب‪ :‬ليس الو ِ‬
‫اصل باملكافئ ( الفتح ‪ ،(10/423‬ح ( ‪ ،) 5991‬وانظر يف فَ ْ‬
‫أيضاً ما رواه مسلم (‪ ،)1982/4‬برقم‪.)2558( :‬‬
‫‪ ) 201‬رواه البخاري‪ ،‬كتاب األدب‪ ،‬ب اب‪ :‬م ن ي بس ط ل ه يف ِرْزقِ ه بِ ِ‬
‫ص لَ ِة ال َّرِحم‪ .‬الف تح (‪ ،)415/10‬ح (‪ ،)5986‬ومس لم‪ ،‬كت اب‬ ‫َ ُْ َ‬ ‫َ‬
‫الرِحم وحت ِرمي قَطْعِها (‪.)1982/4( )2557‬‬
‫ال ا‪ ،‬باب‪ِ :‬صلَة َّ‬
‫الرِحم (‪ ،)414/10‬ح (‪.)5983‬‬ ‫‪ ) 202‬رواه البخاري‪ ،‬كتاب األدب‪ ،‬باب‪ :‬فضل صلة َّ‬
‫‪103‬‬
‫رسول اهلل صلَّى اهلل عليه وسلَّم‪َ (( :‬ر ِغم أَنْ ُفه‪ ،‬مثَّ َر ِغم أَنْ ُفه‪ ،‬مث َر ِغم‬ ‫وعن أيب هريرة رضي اهلل عنه قال‪ :‬قال ُ‬
‫الك َ ‪ :‬أح َدمها أو كِلَْي ِهم ا‪ ،‬مثَّ مل يَ ْد ُخل‬ ‫ول اهلل ؟ ق ال‪ (( :‬م ن أَ ْدرك والِ َدي ه عن د ِ‬ ‫أنْ ُف ه‪ ،‬قِي َل‪َ :‬م ن ي ا رس َ‬
‫ْ‬ ‫َ َ‬
‫(‪)203‬‬
‫النَّةَ))‬
‫وض ْع ِف ِهما بالِ ْدمة أو النَّ َف َق ِة أو غ ِري ذلك سبب لِ ُد ِ‬
‫خول الَنَّ ِة‪ ،‬فَ َمن‬ ‫ِِ‬
‫ََ ٌ‬ ‫َ‬ ‫أن بَِّرُمها عند ك َِمها َ‬
‫ومعناه َّ‬
‫قال النَّووي‪َ :‬‬
‫خول النَّ ِة (‪.)204‬‬
‫صَر يف ذلك فاتَه ُد ُ‬ ‫ق َّ‬
‫الذ ِّريَِّة‪.‬‬ ‫السعادة فيها‪ ،‬ولِ ِّ األَ ِ‬
‫والد و ُّ‬ ‫ب لِلتَّوفِيق يف احلياة و َّ‬
‫‪َ -3‬سبَ ٌ‬
‫من نَتائج العُقوق وال َقط َيعة‪:‬‬
‫خول الناار‪.‬‬ ‫‪ -1‬أهنا سبب لِ ُد ِ‬
‫ََ‬
‫الدنْيا و ِ‬
‫اآلخَرة‪.‬‬ ‫الضْنك يف ُّ‬‫يشة َّ‬ ‫ؤدي إىل َمعِ َ‬ ‫‪َّ -2‬أهنا تُ ِّ‬
‫ِ‬
‫األوالد بآبائِ ِهم‪.‬‬ ‫‪ -3‬أهنا َتؤِّدي إىل عقوق‬
‫ب لِِقلَّة بَرَك ِة العُ ُمر‪.‬‬
‫‪ -4‬أهنا سبَ ٌ‬
‫األسئلَة‪:‬‬
‫ص َوٍر منه غري ما هو يف الكتاب‪.‬‬ ‫ثّلث ُ‬
‫س‪ :1‬ما املراد بالعُقوق ؟ واذ ُكر َ‬
‫ِ‬
‫سلوب األَ ْمثَل يف ذلك ؟‬
‫صح‪ ،‬فما األُ ُ‬‫الولَد من أبيه أو اأمه ما يدعو إىل التَّنبِيه والنُّ ْ‬ ‫س‪ :2‬لو رأى َ‬
‫صيل‪.‬‬‫الصلَة ؟ اذ ُكر ذلك بالتَّ ْف ِ‬
‫س‪ :3‬ما َح اد ِّ‬

‫يدخل النَّة (‪ ،)1978/4‬ح (‪.)2551‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫أدرك أَبَ َويْه أو أحدمها عند الك َ فلَم ُ‬
‫‪ ) 203‬رواه مسلم‪ ،‬كتاب ال ‪ ،‬باب‪َ :‬رغم أَنْف َمن َ‬
‫‪ ) 204‬شرح النَّووي لصحيح مسلم (‪.)164/16‬‬
‫‪104‬‬
‫الس ماع‬
‫نع َمة السمع‪:‬‬
‫سبحانَه‪ :‬ﱡﭐ ﲱ ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫امت اهللُ تعاىل با على عباده‪ ،‬فقال ُ‬ ‫يمة َ َّ‬ ‫الس ْمع ن ْع َمة َعظ َ‬
‫ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿﱠ [النَّحل‪.]78 :‬‬
‫كَّرر يف ال ُقرآن التَّنبِيه عليه‪ ،‬كما يف قولِه تعاىل‪ :‬ﱡﭐ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ‬ ‫وهو أعظَم َوسائِل العِْلم‪ ،‬ولذلك تَ َ‬
‫[احلج‪.]46 :‬‬‫ﲸﲹﲺﲻﲼﲽﲾﲿﳀﱠ ا‬
‫الزنا‪ُ ،‬م ْد ِرك ذلك‬ ‫صيبَه ِمن ِّ‬ ‫وقال صلَّى اهلل عليه وسلَّم منَبِّهاً على خطورة االستِماع‪ (( :‬كتُب على ابن آدم نَ ِ‬
‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ‬
‫نامها االستِماع‪ ،‬واللِّسان ِزناه ال َكّلم‪ ،‬واليَد ِزناها البَطْش‪ ،‬و ِّ‬
‫الر ْج ل‬ ‫فالعْينان ِزنامها النَّظَر‪ ،‬واألُذنان ِز ُ‬ ‫ال حمالَةً‪َ ،‬‬
‫ص ِّدق ذلك ال َف ْر ُج أو يُ َك ِّذبه ))‪.‬‬ ‫ِزناها الُطأ‪ ،‬وال َق ْلب يَ ْهوى ويَتَ َم َّىن‪ ،‬ويُ َ‬
‫(‪)205‬‬

‫والمسموع ثَالثَة أَنواع‪:‬‬ ‫َ‬


‫ِ‬
‫السماع مساع القرآن الكرمي‪ ،‬ومساعُه يَ َقع‬ ‫ضل هذا َّ‬ ‫أولا‪َ :‬مسموع يبُّه اهلل ويَ ْرضاه‪ ،‬فاالستماع إليه حممود‪ ،‬وأفْ َ‬
‫على ثَّلث َمراتِب‪:‬‬
‫ض ِّمن لِما قَ ْب لَه‪.‬‬
‫جمرد‪ ،‬وأعلى منه مساع تَ َف ُّهم وتَ َدبُّر‪ ،‬وأعلى ذلك مساع اإلجابَة والقبول‪ ،‬وهو ُمتَ َ‬ ‫‪ -‬مساعٌ ا‬
‫السماع احملمود أيضاً‪ :‬استِماع ُخطْبَة المعة‪ ،‬واستِماع كّلم الوالِدين‪ ،‬فذنَّه ال جيوز اإلعراض عنه ما مل‬ ‫ومن َّ‬ ‫ِ‬
‫اصح‪.‬‬ ‫ي ُكن إمثاً‪ ،‬واستِماع َكّلم النا ِ‬
‫َ‬
‫الشرع‪ ،‬ويَلِيه سائِر العلوم الناافِ َعة‪.‬‬ ‫ومنه‪ :‬استِماع املواعظ‪ ،‬ودروس العِْلم الناافِع‪ ،‬وأعّله‪ِ :‬ع ْلم َّ‬
‫احبَه وال َذ َّم ه‪ ،‬فاالس تِماع إلي ه مب اح‪،‬‬ ‫ثانيا‪ :‬مس موعٌ مب اح‪ ،‬م أذو ٌن في ه‪ ،‬ال يبُّه اهلل وال ي بغِض ه‪ ،‬وال م َدح ص ِ‬
‫َ َ‬ ‫ُْ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صص‬ ‫ص ر ل ا‪ ،‬فَم ن ذل ك‪َ :‬مس اع ال َق َ‬ ‫الش ْرع بِ َذ ِّمه‪ ،‬وأمثلَته كثَ َرية ال َح ْ‬
‫سموع مل يَِرد َّ‬
‫كل َم ٍ‬ ‫وهذا هو األصل يف ِّ‬
‫وم ن ذل ك مسَاع‬ ‫الس ماع احملم ود (‪ِ ،)206‬‬ ‫ش وال َك ِذب فيه ا‪ ،‬ولَْي َس ت ه ي ِم ن ِج ْنس َّ‬ ‫واحلكايات اليت ال فُ ْح َ‬
‫ِ‬
‫الكّلم املعتاد املباح‪ ،‬وغري ذلك‪.‬‬
‫وم ْدح املع ِر ِضني عنه‪ :‬فاالستِماع إليه َم ْذموم‪ ،‬واجتِنابُه و ِاجب‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ثالثا‪َ :‬م ْس ُموع يُْبغضه اهللُ ويَ ْكَرهه‪ ،‬وهنَى عنه‪َ ،‬‬
‫صيّلً‪:‬‬ ‫ضها تَ ْف ِ‬ ‫وذلك لِيوافِق املسلِم ما يبه اهلل‪ ،‬وجيتَنِب ما ي بغِضه‪ ،‬ولذلك أمثِلَة نُنَبِّه على ب ع ِ‬
‫َْ‬ ‫ُْ‬ ‫ا‬ ‫ُ‬

‫‪ ) 205‬رواه مسلم‪ ،‬عن أيب هريرة ‪ -‬رضي اهلل عنه ‪ -‬يف كتاب ال َق َدر‪ ،‬باب‪ :‬قُدِّر على ابن آدم حظاه ِمن ِّ‬
‫الزنا وغريه (‪ ،)2047/4‬ح‬
‫(‪.) 2657‬‬
‫الصاحلني وحنوها يُ ْعتَ َمساعها حمموداً‪.‬‬
‫صص األنبياء و ا‬
‫‪ ) 206‬قَ َ‬
‫‪105‬‬
‫صل بِ ِ‬
‫صاحبِه إىل‬ ‫احملرمات الع ِظيمة‪ ،‬بل قد ي ِ‬ ‫الدين ِمن َّ‬‫الدين والطَّ ْعن يف ِّ‬‫‪ -1‬االستِماع إىل َمن يَطْ َعن يف ِّ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ال ُك ْفر‪ ،‬فالو ِاجب على َمن َِمسع هذا أن يَ ُراد عليه ويُدافِع ع ن ال ِّدين‪ ،‬ا‬
‫وإال فذنَّه ال جي وز ل ه البَق اء م ع‬
‫السكوت ِمن أَ ْعظَم َّ‬
‫احملرمات‪.‬‬ ‫لوسه مع ُّ‬ ‫وج ُ‬ ‫َمن يَتَ َكلَّم بذلك‪ُ ،‬‬
‫كالصحابة والعلماء واملصلِ ِحني‪َ ،‬محلَ ِة ه ذا ال ِّدين ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ومبَ لِّغي ه‪ ،‬وال ِّدفاعُ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫وقَ ِريب من ذلك‪ :‬الطَّ ْعن يف خيار األَُّمة‪ُ َ َّ ،‬‬
‫اض ِهم ِمن أَ ْعظَم الو ِاجبات‪ ،‬وأَْرفَع ال ُقربات‪.‬‬
‫عن أَ ْعر ِ‬
‫استِماع الغِناء‪ ،‬وآالت اللَّ ْهو والطََّرب‪.‬‬‫‪ْ -2‬‬
‫ألم ِر‬
‫الش يطان ُمض َّادةً ْ‬ ‫الش يطاين وآالت اللَّه و‪ ،‬إمن ا نَ َ‬
‫ص بَها َّ‬ ‫ماع َّ‬
‫الس َ‬ ‫إن الغِناءَ و َّ‬ ‫قال ابن القيِّم رمحه اهلل تعاىل‪َّ :‬‬
‫ِ (‪)207‬‬
‫ّلح قُلوبم‬
‫ص ِ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب َ‬‫وج َعله َسبَ َ‬‫عارضةً لما َشَر َعه اهلل لعباده َ‬
‫وم َ‬ ‫اهلل‪ُ ،‬‬
‫السنَّة واإلجاع‪.‬‬
‫حمرم بالقرآن و ُّ‬ ‫وهو ا‬
‫( أ ( أَدلة القرآن‪:‬‬
‫قال تعاىل‪ :‬ﱡﭐ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱠ اآلية [لقمان‪.]6 :‬‬
‫ُسئِل ابن مس عود ‪ -‬رض ي اهلل عن ه ‪ -‬ع ن ه ذه اآلي ة فق ال‪ :‬الغِن اء واهلل ال ذي ال إل ه إال ه و‪ ،‬يَُرِّدده ا ثَ َ‬
‫ّلث‬
‫فسرها ابن عمر‪ ،‬وابن عباس‪ ،‬وجابر رضي اهلل عنهم‪ ،‬وكثري ِمن التاابِعِني‪ ،‬م نهم أئِ َّم ة التَّ ِ‬
‫فس ري‬ ‫مرات‪ ،‬وبذا َّ‬
‫ا‬ ‫ا‬
‫دعام ة‬ ‫وع ْكرم ة م وىل اب ن عب اس‪ ،‬واحلس ن البص ِري‪ِ ،‬‬‫ِ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫وس عيد ب ن ُجبَ ري‪ ،‬وقَت َادة ب ن َ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ‬ ‫ا‬ ‫‪:‬جماه د ب ن َج ْ املك ي‪َ ،‬‬
‫الس ِ‬
‫دوسي‪ ،‬وغريهم (‪.)208‬‬ ‫َّ‬
‫قال تعاىل ﱡﭐ ﲞ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﱠ اآلية [اإلسراء‪.]64 :‬‬
‫الشْيطان‪.‬‬ ‫الشيطان‪ِ ،‬‬
‫وم ْزمار َّ‬ ‫ص ْوت َّ‬ ‫قال ِ‬
‫جماهد‪ (( :‬الغِناء واملز ِامري ))‪ .‬ولذلك يُ َس ِّميه َّ‬
‫السلَف‪َ :‬‬
‫( ب ( أَدلة السنة‪:‬‬
‫قال صلَّى اهلل عليه وسلَّم‪ (( :‬لَي ُكونَ َّن ِمن َّأميت أقو ٌام يَ ْستِ ِحلاون احلَِر واحلَ ِر َير‪ ،‬والَ ْمَر‪ ،‬واملعا ِز َ‬
‫(‪)209‬‬
‫ف ))‪.‬‬
‫رسول اهللِ‪ ،‬وهم يَ ْش َهدون أن ال إل ه اإال اهلل ؟!‬ ‫وم ْسخاً وقَ ْذفاً (( قالوا‪ :‬يا َ‬ ‫وقال أيضاً‪َّ (( :‬‬
‫إن يف أَُّميت َخ ْسفاً َ‬
‫(‪)210‬‬
‫فقال‪ (( :‬نَ َعم‪ ،‬إذا ظَ َهرت املعا ِزف والمور‪ ،‬ولُْبس احلَ ِرير ))‪.‬‬

‫السماع‪ ،‬البن القيِّم‪.‬‬


‫‪ ) 207‬كتاب َّ‬
‫وصححه ابن القيِّم عن ابن مسعود‪ ،‬وابن عمر رضي اهلل عنهم‪.‬‬ ‫‪ ) 208‬ينظر‪ :‬كتب التَّفسري عند هذه اآلية‪َّ ،‬‬
‫يمن يَ ْس تَ ِح ال الم ر‪ .‬الف تح (‪ ،)51/10‬ح (‪ ، )5590‬ورواه‬ ‫ِ‬
‫‪ ) 209‬رواه البخاري معلاق اً جمزوم اً ب ه‪ ،‬كت اب األش ربة‪ ،‬ب اب‪ :‬م ا ج اء ف َ‬
‫َّصلة ( ينظر ‪ :‬فتح الباري‪ ،‬شرح احلديث( ‪.‬‬ ‫غريه أيضاً بأسانيد صحيحة مت ِ‬
‫َ‬
‫‪106‬‬
‫والمالهي‪:‬‬ ‫( ج ( أما اإلجماع على تَحريم الغناء بآلت الط َرب َ‬
‫اجي‪ ،‬يف كتاب ه‪ ( :‬اخ تِّلف‬ ‫فق د نَ َقلَ ه َجاع ة ِم ن العلم اء‪ ،‬م نهم ‪ :‬أب وبكر اآلج ري‪ ،‬وزكري ا ب ن ي ى الس ِ‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫(‪)211‬‬
‫الشافعِي‪ ،‬وغريهم )‬ ‫الصّلح‪ ،‬وأبو الطَّيِّب الطََّ ي ا‬ ‫العلماء(‪ ،‬واإلمام أبو عمرو بن َّ‬
‫بعض أقوال العُلَماء‪:‬‬
‫قال ابن مسعود رضي اهلل عنه‪ :‬الغِناء يُْنبِت النِّ َ‬
‫فاق يف ال َق ْلب كما يُْنبِت املاءُ َّ‬
‫(‪)212‬‬
‫الزْرع‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫‪ -2‬وقال مالِك‪ :‬إمنا يَ ْف َعله عندنا ال ُف اساق‪.‬‬
‫‪ -3‬وقال ال ُفضيل بن ِعياض‪ :‬الغِناء ُرقْ يَة ِّ‬
‫الزنا‪.‬‬
‫(‪)213‬‬
‫واملعىن أنَّه يدعو إىل ِّ‬
‫الزنا‪.‬‬
‫بعض َم َفاسده وآثاره السيئَة‪:‬‬
‫اعظ الناافِ َعة‪.‬‬ ‫أنَّه يسبِّب النُّ ْفرَة ِمن مساع القرآن الكرمي‪ ،‬واملو ِ‬
‫َ‬ ‫َُ‬ ‫‪-1‬‬
‫وس بَبه أنَّه ِم ْزم ار َّ‬
‫الش يطان‪ ،‬ف ّل‬ ‫‪ -2‬ي ْل ِه ي ال َق ْل ب ع ن فَه م الق رآن وتَ َدبُّره‪ ،‬و َذوق ح ِ ِ‬
‫ّلوت ه‪ ،‬وس ار ذل ك َ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ضاد‪ ،‬فالقرآن يَْن َهى عن اتِّباع ال وى‪ ،‬ويَأْ ُمر‬ ‫ِ‬ ‫الرمحن يف قَ ْل ٍ‬‫جيتَ ِمع هو وقرآن َّ‬
‫ب أَبَداً؛ ملا بَْي نَهما من التَّ ا‬
‫ض ِّد ذلك‪.‬‬ ‫بالعِ َّفة‪ ،‬والغِناء يأْمر بِ ِ‬
‫َُ‬
‫ب والغَ َزل والنِّس اء‪ ،‬وغ ري ذل ك ماا ي دعو إىل‬ ‫‪ -3‬أنَّه يف احلقيق ة ب ِري د لِ ِّلزن ا و ِ‬
‫الفاح َش ة مب ا في ه ِم ن ِذ ْك ر احلُ ِّ‬ ‫َ‬
‫الرِذيلَة وال َفساد‪.‬‬
‫َّ‬
‫احلق ِيقيَّة‪.‬‬
‫انصرافَه عن حمبَّ ِة اهللِ احملبَّةَ ِ‬
‫‪ -4‬يسبِّب تَعلُّق ال َق ْلب به‪ ،‬و ِ‬
‫َ‬ ‫َُ‬
‫الضَرر‪.‬‬
‫ضيِّعه مبا ال يَْن َفع فيه‪ ،‬بل فيه َّ‬ ‫ِ‬
‫الوقْت ويُ َ‬
‫‪ -5‬يُ ْذهب َ‬

‫الصحابة َمرفوعاً بألفاظ ُمتقا ِربَة‪ ،‬وهو حديث َح َسن‪ ،‬ينظر يف خترجيه والكّلم عليه‪ (( :‬تَْنبِيه‬
‫احد من َّ‬‫‪ ) 210‬روي هذا احلديث عن غري و ِ‬
‫الّل ِهي (( إلمساعيل األنصاري‪( ،‬ص ‪ ،)33‬وأحاديث ذم الغِناء واملعا ِزف‪ِ ،‬‬
‫للجديع‪.‬‬ ‫ا‬
‫ا‬
‫حص ل يف الغِن اء ب دون‬ ‫ِ‬ ‫‪ ) 211‬ينظر‪ :‬نزهة األمساع الب ن رج ب )ص ‪ ،)78 ،63 ،59 ،25‬وذك ر َّ ِ‬
‫ض ْعفه إمن ا َ‬‫أن ال ّلف الواق ع عل ى َ‬
‫آالت ِ‬
‫املّلهي‪ ،‬ويُنظَر أيضاً‪ :‬إغاثَة اللَّهفان البن القيِم (‪.)146/1‬‬
‫ووضَّح َم ْعناه‪.‬‬
‫صححه ابن القيِّم يف اإلغاثة (‪َ ،)148/1‬‬ ‫‪َّ ) 212‬‬
‫‪ ) 213‬انظر يف معناه‪ :‬اإلغاثة (‪.)145/1‬‬
‫الس ماع‪ ،‬للح افظ‬ ‫السماع‪ ،‬لإلمام ابن القيم‪ ،‬وإغاثة اللَّهفان له ( الزء َّ‬
‫األول(‪ ،‬ونزه ة األمس اع يف َمس ألة َّ‬ ‫َّوسع يف املوضوع انظر‪ :‬كتاب َّ‬ ‫للت ُّ‬
‫رجب‪.‬‬ ‫ابن َ‬

‫‪107‬‬
‫ص ِّفق بِيَ َديْه‪ ،‬ورمب ا اهتَ َّز‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فاعلِ ه أو س ِامعِه ُّ‬‫ق د يس بِّب لِ ِ‬
‫الرعونَة وقلَّة احلَي اء‪ ،‬فتَج ده ميي ل َرأْ َس ه‪ ،‬ويُ َ‬ ‫َُ‬ ‫‪-6‬‬
‫األرض بِ ِر ْجلَْيه‪ ،‬وغري ذلك‪.‬‬
‫َ‬ ‫وضَرب‬
‫َ‬
‫الستماع للغيبَة‪:‬‬
‫الذنوب‪ ،‬فّل جيوز االستِماع لا‪ ،‬بل الو ِاجب على املسلِم‬ ‫خاك مبا يَ ْكره‪ ،‬وهي ِمن َكبائِر ُّ‬
‫َ‬ ‫والغِيبَة هي‪ِ :‬ذ ْكرك أَ َ‬
‫إذا َِمس ع َم ن يَ ْغت اب فذنَّه يُوقِف ه ويُْرِش ُده لِتَ ْرك ذل ك‪ ،‬وي ِّذره ِم ن الغِيبَ ة‪ ،‬ويُ ِّ‬
‫ذكره خبَطَ ِره ا‪ ،‬ف ذن اس تَ َ‬
‫جاب فه و‬
‫وإال فّل َخْي َر يف اللوس مع ِمثْلِه‪.‬‬ ‫املطلوب‪ ،‬ا‬
‫قال تعاىل‪ :‬ﭐﱡﭐ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱠ اآلية [القصص‪.]55 :‬‬
‫ب لِم ا يق ول املغت اب‪ ،‬ق ال الغ زايل َرِمح ه اهلل‬ ‫أش اد ِم ن جم َّرد ُّ‬
‫الس كوت أن يُظ ِه َر املتابَ َع ة واإلنص َ‬
‫ات والتَّ َع ُّج َ‬ ‫وَ‬
‫ِ (‪)214‬‬
‫الساكِت َش ِريك املغتاب‬ ‫‪:‬والتَّ ِ ِ ِ ِ‬
‫صديق بالغيبَة غيبَة‪ ،‬بل ا‬ ‫ْ‬
‫يمة‪:‬‬
‫الستماع للنم َ‬
‫وم ن الكب ائر‪ ،‬ويَْنبَغِ ي لِ َم ن نُِقلَ ت إلي ه‬
‫حمرم ة‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يم ة‪ :‬نَ ْق ل ال َك ّلم ب ني النااس عل ى ج َه ة اإلفس اد‪ ،‬وه ي ََّ‬
‫ِ‬
‫والنَّم َ‬
‫يمة ِع َّدة أمور‪:‬‬ ‫ِ‬
‫النَّم َ‬
‫صدق النَّ امام‪.‬‬ ‫( أ ( اأال يُ ِّ‬
‫صحه‪.‬‬ ‫( ب ( أن يَْنهاه ويَْن َ‬
‫ضه يف اهللِ حّ يَ ِْتك ما هو فيه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫( ج ( أن يُْبغ َ‬
‫بأخ ِيه الغائِب ُسوءاً‪.‬‬ ‫( د ( اأال يظُن ِ‬
‫َ ا‬
‫(‪)215‬‬
‫( ه ( أن ال يَ ْدفَعه هذا الكّلم إىل التَّ َج ُّسس والتَّ َحِّري‬
‫ضونَه‬ ‫أن يستَمع إلى َحديث قَ وم وهم يَك َرهون ذلك ول يَر َ‬
‫دل ال َق رائِن‬
‫ص ِرية‪ ،‬لك ن تَ ا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص ِرية‪ ،‬كأن يقولوا‪ :‬ال تَتَ َس َّمع َح ديثَنا‪ ،‬أم كان ت غ َري َ‬ ‫وسواء أكانت كراهيَتهم َ‬
‫صت (‪ِ )216‬‬
‫حلديثِ ِهم‪.‬‬ ‫منخ ِفض فيما بينَهم فّل جيوز التَّنَ ُّ‬ ‫عليها‪ ،‬كأن ي تَح َّدثوا بِ ٍ‬
‫صوت َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫صت على النااس يف بيوهتِم‪ ،‬أو غُرفِ ِهم‪ ،‬أو ع األَج ِهزة ِمن هاتِف و َغريه‪ ،‬فَ ُكل هذا وأ ْش ِ‬
‫باهه‬ ‫ومن ذلك‪ :‬التَّنَ ُّ‬ ‫ِ‬
‫ا‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫الاصة‬
‫مورهم َّ‬ ‫اس وأُ ِ‬ ‫الش ِر َيعة اإلسّلميَّة‪ ،‬حيث جاءَت باحملافَظَة على أَ ْسرار النا ِ‬ ‫قاصد َّ‬‫حرام‪ ،‬وحت ِرمي ذلك ِمن م ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫اليت ال يباون أن يَطَّلِع عليها أَ َحد‪.‬‬

‫الدين (‪.)138/3‬‬ ‫‪ ) 214‬إحياء علوم ِّ‬


‫‪ ) 215‬انظر ‪ :‬إحياء علوم الدِّين (‪.)147/3‬‬
‫َّصنُّت‪ ،‬وهو َغلَط‪.‬‬ ‫ِ‬
‫صت‪ :‬االستماع‪ ،‬وامل ْش ُهور عند النااس‪ :‬الت َ‬ ‫‪ ) 216‬التَّنَ ُّ‬
‫‪108‬‬
‫وق د ورد النَّ ْه ي عن ه يف قولِه تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﱍ ﱎ ﱠ اآلي ة[احلجرات‪ ،)217( ]12 :‬والتَّ ُج ُّس س يَك و ُن‬
‫ماع وغ ِريهِ‪.‬‬
‫االستِ ِ‬
‫بِ ْ‬
‫يث قَ ْوٍم وهم ل ه ك ا ِرهون‬ ‫وقد توعَّ َد النَّيب صلَّى اهلل عليه وسلَّم من ي ْفعل ذلك‪ ،‬فقال‪ ((:‬من استَمع إىل ح ِد ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬
‫ب يف أُذنَْيه اآلنُك يوم الق َ‬
‫يامة ))(‪.)218‬‬ ‫ص َّ‬
‫ُ‬
‫الع َمل‪.‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫الرصاص ال ُمذاب‪ ،‬وهذا يَ ُد ال على َّ‬
‫أن الَزاءَ من جْنس َ‬ ‫بالض ام ‪َّ -‬‬
‫واآلنُك ‪َ -‬‬
‫األسئلَة‪:‬‬
‫س‪ :1‬ما أنواع املسموعات ؟ مع التَّمثِيل لِكل نَوٍع ٍ‬
‫مبثال‪.‬‬ ‫ا ْ‬ ‫ُ‬
‫املفاسد املتَ رتِّبة على َمس ِ‬
‫اعه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫س‪ :2‬ما ح ْكم َمساع األغاين ؟ اذ ُكر األَدلَّة على ما تقول‪ ،‬مث اذ ُكر أَربعاً ِمن ِ‬
‫ََ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫امرأَةٍ ؟ مع التَّعلِيل لِما تقول‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫س‪ :3‬أيُّهما َ ِ‬
‫أش اد َحترمياً َمساع الغناء من َر ُج ٍل أو من َ‬
‫ص َوٍر له‪.‬‬ ‫صت على اآلخ ِرين ؟ وما َّ ِ‬
‫الدليل على ما تقول ؟ مث اذ ُكر ثَّلث ُ‬ ‫َ‬ ‫س‪ :4‬ما ُح ْكم التَّنَ ُّ‬

‫‪ ) 217‬وهو أيضاً لفظ حديث رواه مسلم (‪ ،)1985/4‬برقم (‪. )2563‬‬


‫‪ ) 218‬رواه البخاري‪ ،‬كتاب التَّعبري‪ ،‬باب‪َ :‬من َك َذب يف ُحلُ ِمه ( الفتح ‪ ،)427/12‬ح (‪.)7042‬‬
‫‪109‬‬
‫ال ذك ر‬
‫َمعنَى الذكر‪:‬‬
‫الذ ْكر بِ َ‬
‫ض ام‬ ‫الشيء جي ِري على اللِّسان‪ ،‬و ِّ‬
‫الشرف‪ ،‬والذ ْكر‪ُ َّ :‬‬ ‫لشيء‪ ،‬والثَّناء‪ ،‬و َّ‬ ‫الذ ْكر بِ َكسر ال اذال لغةً‪ :‬احلِْفظ لِ َّ‬
‫(‪)219‬‬
‫ال اذال‪ِ :‬خّلف النِّ ْسيان‪.‬‬
‫ودعائِه‪،‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الش رع‪ :‬م ا جي ِري عل ى اللِّس ان وال َق ْل ب م ن تَ ْس بِيح اهلل تع اىل ومحَْ ده والثَّن اء علي ه وق راءَة كتابِه ُ‬ ‫ويف َّ‬
‫وتَ ْن ِفيذ أو ِامره‪ ،‬والتَّ َف ُّكر يف آالئِه وخملوقاتِه‪.‬‬
‫ص رة يف التَّس بِيح والتَّهلِي ل والتَّ ِ‬
‫حمي د والتَّكبِ ري وحنوه ا‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫يقول النَّووي رمحه اهلل‪ْ :‬اعلَم َّ ِ ِّ‬
‫أن فَضيلَة الذ ْكر غري ُمْن َح َ‬
‫طاعة فهو ذاكِر هلل تعاىل‪ ،‬كذا قال سعيد بن جبري وغريه ِمن العلماء(‪.)220‬‬ ‫ِ ِ‬
‫كل عام ٍل هلل تعاىل بِ َ‬ ‫بل ا‬
‫َأهميتُه‪:‬‬
‫وم ن الغ ىن إىل ال َف ْق ر‪ِ ،‬‬
‫الص َّحة إىل امل رض‪ِ ،‬‬
‫حال‪ ،‬فَ ِمن ِّ‬ ‫الدنيا ي تَ َقلَّب فيها ِمن ٍ‬
‫حال إىل ٍ‬
‫وم ن‬ ‫اإلنسان يف هذه ُّ َ‬
‫الض ْعف‪ ،‬والعكس أيضاً‪ ،‬وهو يف جيع أحوالِه وظُروفِه ُمرتَبِط باهللِ سبحانَه وتع اىل‪ ،‬ال ِغ ىن ل ه عن ه‬ ‫ال ُق َّوة إىل َّ‬
‫بادتِه يف هذه ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حلظَةً ِمن اللَّحظات‪ ،‬فهو الالِق له‪ ،‬و َ ِ‬
‫وج َعل له ُسبُّلً‬‫الدنيا‪َ ،‬‬ ‫املدبِّر لميع ُشؤونه‪ ،‬وقد كلََّفه بِع َ‬ ‫َ‬
‫احلب ل املتِ ني‪ ،‬ال ذي يَ ْربِط‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫متَ ع ِّددة تَتَح َّق ق ب ا ه ذه العِب ادة‪ِ .‬‬
‫الس بل وأمهِّه ا ذ ْك ر اهلل تع اىل‪ْ ،‬‬
‫وم ن أعل ى ه ذه ُّ‬ ‫َ‬ ‫َُ َ َ‬
‫املستَ ِقيم‪.‬‬
‫الصراط ْ‬ ‫وجيعله يَعِيش يف َمعِيَّتِه ُسبحانَه‪ ،‬ويُِقيم النَّ ْفس على َّ‬
‫الادة‪ ،‬ويُثَبِّتها على ِّ‬ ‫َ ِِ‬
‫املخلوق خبالقه‪َ ،‬‬
‫وم ن هن ا أَْم ر املس لِم ب أن يك ون ِم ن ال اذاكِرين اهللَ تع اىل ل يّلً وهن اراً‪ِ ،‬س اراً وجه اراً‪ ،‬ق ال تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﳉ ﳊ‬ ‫ِ‬
‫ﳋ ﳌ ﳍ ﳎ ﳏ ﳐ ﳑ ﳒ ﳓ ﱠ [األحزاب‪.]42-41 :‬‬
‫ﲳ ﲴ ﲵ ﲶ ﱠ اآلية [األغراف‪.]205 :‬‬ ‫سبحانَه‪:‬ﭐﱡﭐ ﲱ ﲲ‬ ‫وقوله‬
‫فَضل الذكر وفَوائده‬
‫طاش ت في ه األلب اب (‪ ،)221‬وذل ك لِعِظَم ال َفوائِد ِ‬
‫احلاص لَة‬ ‫اب َع ِظ يم َ‬
‫يقول ابن الع ريب رمح ه اهلل تع اىل‪ :‬ه ذا ب ٌ‬
‫الص يِّب ِم ن ال َكلِ م الطَّيِّ ب (‪ ،‬أكثَر ِم ن‬
‫من ه‪ ،‬وق د ذَ َك ر اإلم ام اب ن الق يِّم ‪ -‬رمح ه اهلل ‪ -‬يف كتاب ه‪ ( :‬الوابِل َّ‬
‫َسْبعِني فائِ َدة‪ ،‬منها‪:‬‬

‫مادة ( ذكر)‪..‬‬
‫الصحاح (‪َّ ،)664/2‬‬
‫‪ ) 219‬ينظر‪ :‬لسان العرب (‪ ،)1507/3‬مادة (ذكر(‪ ،‬و ِّ‬
‫وللزيادة ينظر‪ :‬الوابِل الصياب‪ ،‬البن القيام (ص ‪.)110- 108‬‬
‫‪ ) 220‬األذكار للنَّووي (ص ‪ِّ ،)9‬‬
‫‪ ) 221‬عارضة األحوذي (‪.)297/12‬‬
‫‪110‬‬
‫وتع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﳖ ﳗ ﳘ ﳙ‬ ‫س عادة ال َق ْل ب وطُمأنِينَت ه يف ال ُّدنيا و ِ‬
‫اآلخ َرة‪ ،‬يق ول س بحانَه‬ ‫‪-1‬‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫[الرعد‪.]28 :‬‬‫ﳛ ﳝ ﳞ ﳟ ﳠ ﳡﱠ َّ‬ ‫ﳚ ﳜ‬
‫ألن املقصود بالطااع ات ِذ ْك ر اهللِ تع اىل‪،‬‬
‫ضلها؛ َّ‬ ‫أج ال ال ُقربات‪ ،‬بل أَفْ َ‬
‫ضل الطااعات و َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ذ ْكر اهلل من أفْ َ‬ ‫‪-2‬‬
‫قال تعاىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﲹ ﲺ ﲻ ﱠ [العنكبوت‪.]45 :‬‬
‫ﱡﭐ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ‬ ‫وق ال س بحانَه وتع اىل‪:‬‬
‫ﲯﱠ [األحزاب‪.]35 :‬‬
‫يب ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم ق ال‪ (( :‬أال أُنَبِّ ئكم خب ِري‬ ‫الدرداء رضي اهلل عن ه َّ‬
‫أن النَّ َّ‬ ‫الِتمذي وغريه عن أيب َّ‬ ‫وروى ِّ‬
‫الذهب والوِرق‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ومن أن تَ ْل َقوا‬ ‫َ‬ ‫إعطاء َّ َ‬ ‫أعمالكم‪ ،‬وأزكاها عند َمليككم‪ ،‬و ْأرفَعِها يف َد َرجاتِكم‪ ،‬وخري لكم ِمن ْ‬ ‫ْ‬
‫رسول اهللِ‪ ،‬قال‪ِ (( :‬ذ ْكر اهللِ )) (‪.)222‬‬
‫ض ِربوا أَ ْعناقَكم(( قالوا‪ :‬بلى يا َ‬‫ض ِربوا أَ ْعناقَ ُهم ويَ ْ‬
‫َع ُد َّوكم فَتَ ْ‬
‫‪ -3‬ال اذاكِرون اهلل تعاىل ه م أه ل االنتِف اع بآيات ه‪ ،‬وه م أولُو األلب اب والعُق ول‪ ،‬ق ال تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﱹ ﱺ ﱻ‬
‫ُ‬
‫ﱼﱽﱾﱿﲀﲁ ﲂﲃﲄﲅﲆﲇﲈ‬
‫ﲉ ﲊ ﲋ ﱠ‪ ..‬اآلية [آل عمران‪.]191-190 :‬‬
‫ني‪ ،‬ي ِرز بِه ال َعْب ُد نَ ْف َسه ِمن َّ‬
‫الشْيطان‪.‬‬ ‫صٌ‬ ‫ِذ ْكر اهللِ ِحصن ح ِ‬ ‫‪-4‬‬
‫ٌْ َ‬ ‫ُ‬
‫يب ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم ق ال فيم ا حك اه ع ن ي ى ب ن زكري ا علي ه‬ ‫الِتم ذي وغريمه ا َّ‬
‫أن النَّ َّ‬ ‫روى اإلمام أمح د و ِّ‬
‫الع ُد او يف أَثَ ِره ِس راعاً‪،‬‬
‫ذن َمثَل ذل ك مث ل َر ُج ل َخ َرج َ‬‫السّلم أنَّه قال لبَِين إسرائِيل‪ ":‬وآمركم أن تَ ْذكروا اهللَ‪ ،‬ف َّ‬ ‫َّ‬
‫الش يطان اإال بِ ِذ ْكر‬
‫العْب د ال ي ِرز نَ ْف َس ه ِم ن َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص ٍن َحص ني فَأَ ْحَرز نَ ْف َس ه م ْن ُهم‪ ،‬ك ذلك َ‬
‫ِ‬
‫ح ّ إذا أت ى عل ى ح ْ‬
‫اهلل "(‪.)223‬‬
‫ِ‬ ‫ط الطايا وي ْذ ِهبها‪ ،‬فذنهَّ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫السيِّئات‪.‬‬
‫ب َّ‬ ‫احلسنات يُ ْذه ْ َ‬
‫َ‬ ‫و‬ ‫نات‪،‬‬ ‫س‬
‫َ‬ ‫احل‬
‫َ‬ ‫م‬‫ظ‬
‫َ‬ ‫ع‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫أ‬ ‫ن‬‫م‬ ‫ُ ُ‬ ‫‪ -5‬من فَوائده‪ :‬أنَّه يُ ا َ‬
‫روى ُمسلِم رمحه اهلل عن أيب هريرة رضي اهلل عنه قال‪ :‬كان ُ‬
‫رسول اهللِ ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم يَ ِس ري يف طَ ِري ق‬
‫َم َّكة‪ ،‬فَ َمار على َجبَ ٍل يُقال له‪ :‬جدان‪ ،‬فقال‪ِ (( :‬سريوا هذا ج دان َس بَق امل َف ِّردون(( ق ال‪ :‬وم ا امل َف ِّردون‪ ،‬ي ا‬
‫ين اهللَ كثِرياً وال اذاكِرات )) (‪.)224‬‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل ؟ قال‪ :‬ال اذاك ِر َ‬
‫َ‬

‫الذ ْكر (‪.)459/5‬‬ ‫ضل ِّ‬‫الِتمذي يف جامعه‪ ،‬يف كتاب الدَّعوات‪ ،‬باب‪ :‬ما جاء يف فَ ْ‬
‫‪ ) 222‬رواه ِّ‬
‫ص ِحيح َغ ِريب "‪ ،‬واإلمام أمحد يف ُمسنَ ِده‪.‬‬
‫حسن َ‬ ‫الصدقة (‪ ،)136/5‬رقم (‪ ،)2863‬وقال‪َ ":‬‬ ‫الصيام و َّ‬
‫‪ ) 223‬و ِّ‬
‫ث على ِذ ْكر اهللِ (‪.)2062/4‬‬ ‫الذكر والدُّعاء والتَّوبة واالستِغفار‪ ،‬باب‪ :‬احلَ ا‬
‫‪ ) 224‬رواه مسلم يف صحيحه‪ ،،‬كتاب ِّ‬
‫‪111‬‬
‫اآلجلَة لِل َف ْرد واألَُّمة‪ ،‬قال اهلل تعاىل عن نوح عليه َّ‬
‫السّلم ‪ :‬ﱡﭐ ﳃ ﳄ‬ ‫العاجلَة و ِ‬
‫ج ْلب األرز ِاق ِ‬
‫َ ُ‬ ‫‪-6‬‬
‫ﳅﳆﳇﳈﳉﱁﱂﱃﱄﱅﱆﱇﱈﱉﱊﱋﱌﱍ‬
‫[نوح‪ ،]12-10 :‬واالستِغفار ِمن ِّ‬
‫الذ ْكر‪.‬‬ ‫ﱎﱠ‬
‫من أنواع الذكر‪:‬‬
‫اعه‪:‬‬‫ميكن أن نَ ْذ ُكر ب عضاً ِمن أنو ِ‬ ‫الذكر يكون باللِّسان‪ ،‬ويكون بال َقلب‪ ،‬ويكون بِما معاً‪ ،‬وعليه ِ‬ ‫أن ِّ‬‫عرفنا َّ‬
‫َْ‬
‫حميد‪ ،‬والتَّكبِري‪ ،‬وغريها ِمن األذكار الوا ِرَدة يف نصوص‬ ‫الذكر باللِّسان‪ ،‬مثل التَّسبِيح‪ ،‬والتَّهلِيل‪ ،‬والتَّ ِ‬ ‫ِّ‬ ‫‪-1‬‬
‫السنَّة‪.‬‬
‫الكتاب و ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ -2‬قِراءَة كِتاب اهللِ تعاىل‪ ،‬فهو َكّلم اهللِ تعاىل‪َّ ،‬‬
‫ضل‬ ‫املنزل على َرسوله صلَّى اهلل عليه وسلَّم‪ ،‬وقراءَته أَفْ َ‬
‫الِتِم ِذي‪ ،‬ع ن اب ن مس عود َر ِض ي اهلل عن ه َّ‬
‫أن‬ ‫ِم ن األذك ار املطْلَ َق ة؛ ألنَّه َك ّلم اهللِ تع اىل‪ ،‬فق د روى ِّ‬
‫اب اهللِ فَلَ ه ب ه َح َس نَة‪ ،‬واحلَ َس نة بِ َع ْش ر‬
‫ول اهللِ ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم ق ال‪ ":‬م ن قَ رأ حرف اً ِم ن كت ِ‬
‫َ َ َْ‬ ‫رس َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يم َح ْرف "(‪.)225‬‬ ‫أمثالا‪ ،‬ال أقول ( أمل ( حرف‪ ،‬ولكن أَلف َح ْرف‪ٌ ،‬‬
‫والم َح ْرف‪ ،‬وم ٌ‬
‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ض ل األَذْك ار؛ ألنَّه تَ َق َّرب إىل اهلل تع اىل بأمسائ ه وص فاته؛ لتَ ْلبِيَ ة حاج ات َ‬
‫العْب د‬ ‫‪ -3‬ال ُّدعاء‪ ،‬وه و م ن أَفْ َ‬
‫خرِويَّة‪.‬‬ ‫ُّ ِ‬
‫الدنيَويَّة واألُ َ‬
‫الس ّلم ‪:‬ﭐﱡﭐ ﳃ ﳄ ﳅ ﳆ ﳇ ﳈﱠ [ن وح‪:‬‬ ‫وح علي ه َّ‬ ‫‪ -4‬اال ْس تِغفار‪ ،‬ق ال اهللُ تع اىل ع ن نُ ٍ‬
‫‪.]10‬‬
‫الذ ْكر‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﭐﱡﭐ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ‬ ‫ِ‬
‫خملوقات اهللِ تعاىل بِال َق ْلب‪ ،‬فهذا ِمن أَ ْعظَم ِّ‬ ‫‪ -5‬التَّف اكر يف‬
‫ﱽﱾﱿﲀﲁ ﲂﲃﲄﲅﲆﲇﲈﲉ ﲊ‬
‫ﲋﲌﲍﲎﲏﲐﲑﲒﲓﲔﲕﲖﲗﲘﲙ‬
‫ﱠ [آل عمران‪.]191-190 :‬‬
‫وصلَة األَْرحام‪ ،‬وتَعلُّم العِْلم وتَ ْعلِيم ه‪،‬‬
‫الصيام‪ ،‬وبِر الوالِ َدين‪ِ ،‬‬
‫ا‬ ‫َع َمل الطااعات املختَلِ َفة‪ِ ،‬من َّ‬
‫الصّلة‪ ،‬و ِّ‬ ‫‪-6‬‬
‫الص احلَة ال ِّذ ْكر‪ ،‬ق ال تع اىل يف َش أْن َّ‬
‫الص ّلة‪:‬‬ ‫ود باألعم ال ا‬ ‫وغ ري ذل ك كلاه ِم ن ال ِّذ ْكر؛ َّ‬
‫ألن املقص َ‬
‫ﱡﭐﱏ ﱐ ﱑ ﱠ [طه‪.]14 :‬‬

‫ص ِحيح‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫يمن قَ َرأَ َح ْرفاً من القرآن (‪ ،)161/5‬ح (‪ )2910‬وقال‪َ ":‬ح َسن َ‬
‫الِتمذي‪ ،‬كتاب فَضائل القرآن‪ ،‬باب‪ :‬ما جاء ف َ‬
‫‪ ) 225‬رواه ِّ‬
‫َغ ِريب "‪.‬‬
‫‪112‬‬
‫أوقات الذكر‬
‫ُ‬
‫األمكنَ ة‪ ،‬م ا َع دا م ا ميتَنِ ع‬
‫حمدد أو مكان حم َّدد‪ ،‬وه ذا يف جي ع األوق ات و ِ‬ ‫ِ‬
‫ت َّ َ‬ ‫‪ -1‬ذ ْكٌر ُمطْلَق ليس له َوقْ ٌ‬
‫فيه ِّ‬
‫الذ ْكر َك َدورات املياه‪ ،‬وحن ِو ذلك‪.‬‬
‫الص باح واملس اء‪ ،‬ووقته ا ِم ن بع د طل وع الفج ر إىل‬ ‫‪ِ -2‬ذ ْكر مقيد بِوقت أو ٍ‬
‫حال أو مك ٍ‬
‫ان‪ ،‬مث ل أذك ار َّ‬ ‫ا َ‬
‫الش مس‪ ،‬وك ذا األذك ار عن د النَّوم‪ ،‬وعن د االس تيقاظ‬ ‫وم ن بع د العص ر إىل غ روب َّ‬ ‫الش مس‪ِ ،‬‬‫طل وع َّ‬
‫من ه‪ ،‬وعن د دخ ول املن زل‪ ،‬واملس جد‪ ،‬وال روج منهم ا‪ ،‬ويف ح ال امل رض‪ ،‬واألك دار‪ ،‬والم وم‪،‬‬
‫حال أو م ٍ‬
‫كان‪.‬‬ ‫السفر‪ ،‬ونزول املطر‪ ،‬وغريها كثِري ماا هو مقيَّد بِوقْت أو ٍ‬
‫واملصائب‪ ،‬وكذا عند َّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫أمثلَة لألذكار‪:‬‬
‫الذ ْكر املطْلَق‪ :‬جاء يف صحيح مسلم‪ ،‬عن مسرة ب ن جن دب رض ي اهلل عن ه ق ال‪ :‬ق ال رس ول اهلل‬ ‫‪ِ -1‬من ِّ‬
‫احلم د هلل‪ ،‬وال إل ه اإال اهلل‪ ،‬و‬ ‫ب ال َك ّلم إىل اهلل أَْربَع‪ :‬س بحا َن اهلل‪ ،‬و ْ‬ ‫ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم‪َ (( :‬‬
‫أح ا‬
‫ضارك بِأَيِّ ِه ان بَ َدأْت )) (‪.)226‬‬ ‫اهللُ أك َ ‪ ،‬ال يَ ُ‬
‫يب ص لَّى اهلل‬ ‫ِ‬ ‫ومن أَذْكار َّ‬ ‫ِ‬
‫الصباح واملس اء‪ ،‬م ا رواه ُمس لم وغ ريه ع ن أيب هري َرة رض ي اهلل عن ه ع ن النَّ ِّ‬ ‫‪-2‬‬
‫ميس ي‪ُ :‬س ْبحان اهللِ و َ ْم ِده مائِة َم َّرة‪ ،‬مل يَأْت‬ ‫وح ني ِ‬‫عليه وسلَّم أنَّه ق ال‪ (( :‬م ن ق ال ح ني يص بِح ِ‬
‫ُْ‬ ‫َ‬
‫ضل ماا جاء بِه اإال أَ َحد قال ِمثْل ما قال أو زاد عليه )) ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫يامة بِأَفْ َ‬
‫أَ َحد يَ ْوم الق َ‬
‫(‪)227‬‬

‫أن نَِيب اهللِ‬ ‫‪ِ -3‬م ن ال ِّذ ْكر عن د ال َك رب‪ :‬م ا رواه مس لِم يف ِ ِ‬
‫ض ي اهلل َعْن ُهم ا َّ َّ‬ ‫ص حيحه‪ ،‬ع ن اب ن عبااس َر َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ب‬ ‫ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم ك ان يق ول عن د الك رب‪ (( :‬ال إل ه اإال اهلل العظ يم احلل يم‪ ،‬ال إل ه اإال اهلل َر ا‬
‫الع ْر ِش ال َك ِرمي )) (‪.)228‬‬ ‫العرش ِ‬
‫ب َ‬ ‫ب األَْرض َور ا‬
‫السموات َور ا‬ ‫ب َّ‬ ‫العظيم‪ ،‬ال إله اإال اهلل َر ا‬ ‫َْ َ‬
‫وإال فَ َعل ى املس لِم أن ي ا ِول ِح ْف ظ ه ذه األذك ار وغ ِريه ا‪ ،‬وأن يُّل ِزَمه ا يف أوقاهت ا وأحوال ا؛‬ ‫ه ذه جم َّرد أمثِلَ ة‪ ،‬ا‬
‫ضيلَتَه ويكون ِمن ال اذاكِرين اهلل تعاىل‪ ،‬وقد اهتَ ام العلماء بمعها وتيسريها قدمياً وح ديثاً‪،‬‬ ‫لِيَ ْغنَم أَ ْجر ِّ‬
‫الذ ْكر وفَ ِ‬
‫ص ِرها‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فم ن الكتُب املت َق ِّدم ة يف ذل ك ‪ :‬عم ل الي وم واللَّيل ة للنَّس ائي‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬
‫الس ِّين‪ ،‬وم ن أجَعه ا وأَ ْخ َ‬ ‫ومثْل ه الب ن ُّ‬

‫‪ ) 226‬رواه مسلم يف صحيحه‪ ،‬كتاب اآلداب‪ ،‬باب‪ :‬كراهيَّة التَّسمية باألمساء القبيحة (‪ ،)1685/3‬رقم احلديث (‪ ،)2137‬وعلَّقه‬
‫البخاري يف صحيحه (‪.)566/11‬‬
‫ضل التَّهلِيل والتَّسبِيح والدُّعاء (‪ ،)2071/4‬رقم احلديث (‪.)2692‬‬ ‫‪ ) 227‬رواه مسلم‪ ،‬كتاب ِّ‬
‫الذكر وال ادعاء‪ ،‬باب‪ :‬فَ ْ‬
‫الذكر وال ادعاء‪ ،‬باب‪ُ :‬دعاء ال َك ْرب (‪.)2092/4‬‬ ‫‪ ) 228‬أخرجه مسلم يف صحيحه يف كتاب ِّ‬
‫‪113‬‬
‫كتاب األذكار‪ ،‬لإلمام النَّووي‪ ،‬وال َكلِم الطَّيِّب‪ ،‬لإلمام ابن تيميَّة‪ ،‬والوابِل َّ‬
‫الصيِّب‪ ،‬لإلمام ابن القيام‪ ،‬رمحهم‬
‫اهلل تعاىل‪.‬‬
‫األسئلَة‪:‬‬
‫س‪ :1‬ما املراد ِّ‬
‫بالذ ْكر َشرعاً ؟‬
‫السبَب يف ذلك‪.‬‬
‫ضح معىن هذه الملَة‪ُ ،‬مبَ يِّناً َّ‬‫سان عن ِذ ْكر اهللِ ) َو ِّ‬ ‫س‪ ( :2‬ال ِغىن لِإلنْ ِ‬
‫الذ ْكر‪ ،‬مع األَ ِدلَّة‪.‬‬
‫س‪ :3‬اذ ُكر ثَّلثَة أَنْو ٍاع ِمن ِّ‬
‫الدنيا و ِ‬
‫اآلخَرة‪.‬‬ ‫الذ ْكر يف ُّ‬‫س‪ :4‬اذ ُكر بَ ْعضاً ِمن مثار ِّ‬
‫س‪ :5‬مثِّل لِبَ ْعض األَذْكا ِر املطْلَ َقة‪.‬‬

‫‪114‬‬
‫الدع اءُ‬
‫َمعنَى الدعاء‬
‫لغةا‪ :‬النِّداء والطَّلَب‪ ،‬تقول‪َ :‬د َع ْوت فُّلناً‪ ،‬مبعىن‪ :‬طَلَْبتُه َ‬
‫وناديْتُه (‪.)229‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الشار‪.‬‬
‫ودفْع األَذى و َّ‬‫ومناداته لَْلب النَّ ْفع والري‪َ ،‬‬ ‫في الشرع‪ :‬االستعانَة باهلل تعاىل ُ‬
‫عان ِع َّدة‪ ،‬منها‪:‬‬
‫وقَد ورد يف ال ُقرآن ال َكرمي على م ٍ‬
‫َ‬ ‫ََ‬
‫ادة‪ ،‬ق ال س بحانه وتع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ‬ ‫ِ‬
‫ﱑﱓﱔﱕﱖﱗ‬ ‫ﱒ‬ ‫العب َ‬
‫ﱘ ﱙ ﱚ ﱠ [غافر‪.]60 :‬‬
‫‪ -‬االستِغاثَة‪ ،‬قال تعاىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ ﱠ [البقرة‪.]23 :‬‬
‫أي استَغِيثوا بِ ُش َهدائِ ُكم‪.‬‬
‫أَ َهميته‪:‬‬
‫املوص لَة إلي ه؛ إذ إنَّه ال ِغ ىن لِلعِب اد ع ن خ الِِق ِهم‬
‫إن ِم ن نِعم ة اهلل تع اىل عل ى ِعب ِاده أن هيَّأ ل م األس باب ِ‬
‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َّ‬
‫ومن أَ َه ام ما يُ َق ِّرب إىل اهللِ تع اىل ُدع اؤه َورج ُاؤه واالس تِغاثَة ب ه‪ ،‬فب ه‬
‫حال ِمن األَحوال‪ِ ،‬‬
‫ْ‬
‫سبحانَه وتعاىل بأي ٍ‬
‫ا‬
‫وعّل‪.‬‬‫ويصل على ِرضى َربِّه َج ال َ‬ ‫نال ُمْبتَغاه‪ِّ ،‬‬ ‫يَ ْعبُد اإلنسا َن َربَّه‪ ،‬ويَتَ َح َّقق َمطلوبَه‪ ،‬ويَ ُ‬
‫ضلُه وفَوائ ُده‬
‫فَ َ‬
‫ضل َع ِظيم وأَ ْجر َكبِري‪ ،‬ومثار يانِ َعة‪ ،‬وفَوائِد َجلِيلَة‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫لِ ُّ‬
‫لدعاء فَ ْ‬
‫صاحبُها بِتَ َقاربِه إىل اهللِ تعاىل فيه‪ ،‬يقول تعاىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ‬
‫الدعاء ِعبادة ي ْؤجر ِ‬
‫َ ُ َ‬ ‫(أ( َّ‬
‫أن ُّ‬
‫ﲊﲋﲌﲍﲎﲏﲐﲑﲒﲓﲔﲕﲖﲗﲘﲙﲚﲛﲜ‬
‫[السجدة‪.]17-16 :‬‬ ‫ﲝ ﲞ ﱠ َّ‬
‫ﱡﭐ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱠ اآلي ة‬ ‫( ب ) يف ال ُّدعاء إجاب ة لِطَلَ ب ال اد ِ‬
‫اعي‪ ،‬ق ال تع اىل‪:‬‬ ‫َ‬
‫[غافر‪..]60 :‬‬
‫ﲼ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﱠ [البقرة‪.]186 :‬‬
‫ﲽ‬ ‫ﲹﲺﲻ‬ ‫ﭐﱡ ﭐ ﲷ ﲸ‬ ‫وقال تعاىل‪:‬‬

‫الصحاح (ص ‪.)206‬‬
‫‪ ) 229‬ينظر ‪ :‬املفردات يف غريب القرآن (ص ‪ ، (169‬وخمتار ِّ‬
‫‪115‬‬
‫ﲜﲞ‬
‫ﲝ‬ ‫الدعاء ُخضوع لِلخالِق َج َّل َو َعّل‪ ،‬وإ ْشعار بِ ِّ‬
‫الذلَّة له‪ ،‬يقول تعاىل‪ :‬ﱡﭐ ﲙ ﲚ ﲛ‬ ‫يف ُّ‬ ‫(ج)‬
‫ﲫﲭﲮﲯﲰﲱ‬
‫ﲬ‬ ‫ﲟﲠﲡﲢﲣﲤﲥ ﲦﲧﲨﲩﲪ‬
‫ﲲ ﱠ [األعراف‪.]56-55 :‬‬
‫الدنيا أو ِ‬
‫اآلخرة‪.‬‬ ‫اعي‪ ،‬سواء كانَت يف ُّ‬ ‫الشرور واآلثام عن ال اد ِ‬ ‫( د ( يف ُّ‬
‫الدعاء َدفْع ُّ‬
‫وده‪ ،‬ولك ن ه ذه اإلجابَة ال تَتَ َح َّق ق اإال بِ ُش روط‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قص َ‬
‫يَطْ َم ح امل ؤمن أن يَ ْس تَجيب اهللُ تع اىل ُدع اءَه‪ ،‬ويُلَ ِّيب َم ُ‬
‫هي‪:‬‬
‫ُشروط إجابَة الدعاء‪:‬‬
‫وتع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦ‬ ‫األع ِ‬
‫مال‪ ،‬ق ال س بحانه‬ ‫اإلخالص‪ :‬وهو َأه ام ُش ُروط قَبول ْ‬ ‫‪-1‬‬
‫ﲧ ﲨ ﲩ ﱠ [غافر‪.]65 :‬‬
‫ودعائِه اإال اهللَ ُسْبحانَه وتعاىل‪،‬‬ ‫صد بِ ِ‬ ‫واإلخّلص‪َْ :‬جت ِريد الع ِ‬
‫بوديَّة هللِ تعاىل ِمن َِ‬
‫جيع املتَ علاقات‪ ،‬فّل ي ْق ِ‬
‫عبادته ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ ُ‬
‫ف ذل ك فق د أش رَك‪ ،‬ق ال تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ‬ ‫وم ن خ الَ َ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫ﳁ ﳃ ﳄ ﳅ ﳆ ﱠ [املؤمنون‪.]117 :‬‬ ‫ﳀ ﳂ‬
‫املال احلَرام مانِع ِمن إجابَِة ُّ‬
‫الدعاء‪.‬‬ ‫ألن َ‬‫مال الداعي َحاللا‪َّ :‬‬ ‫‪ -2‬أن يكون ُ‬
‫روى ُمسلِم َرِمحَه اهلل يف صحيحه عن أيب هريرة رضي اهلل عنه قال‪ :‬قال ُ‬
‫رسول اهللِ صلَّى اهلل عليه وسلَّم‪(( :‬‬
‫املرس لِني‪ ،‬فق ال‪:‬ﭐﱡﭐ ﲑ ﲒ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ب ال يَ ْقبَل اإال طيِّباً‪َّ ،‬‬
‫وإن اهللَ أََمر املؤمنني مب ا أََم ر ب ه َ‬ ‫يا أياها النااس‪َّ ،‬‬
‫إن اهللَ طَيِّ ٌ‬
‫ﲗ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﱠ [املؤمن ون‪ ،]51 :‬وق ال‪:‬ﭐﱡﭐ ﱭ ﱮ ﱯ‬ ‫ﲘ‬ ‫ﲓﲔﲕﲖ‬

‫ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱠ [البقرة‪.]172 :‬‬

‫وم ْشَربه َحرام‪،‬‬


‫ومطْ َع ُمه َحرام‪َ ،‬‬
‫ب‪َ ،‬‬‫ب يا َر ا‬
‫السماء‪ ،‬يا َر ا‬ ‫الر ُجل يُ ِطيل َّ‬
‫الس َفر أَ ْش َعث أَ ْغ َ ‪ ،‬مي اد يَ َديْه إىل َّ‬ ‫مث ذَ َكر َّ‬
‫(‪)230‬‬
‫فأىن يُ ْستجاب له ))‪.‬‬ ‫ي باحلرام‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫وم ْلبَ ُسه َحرام‪ ،‬و َغذ َ‬
‫َ‬
‫تَ ْرك االعتِداء يف ُّ‬
‫الدعاء‪:‬‬ ‫‪-3‬‬
‫ذمث أو قَ ِطيع ِة رِح ٍم‪ ،‬أو ي ْدعو بِال ِ‬
‫ّلك‬ ‫واملقص ود ب ه أن ال يتَج َاوز يف ال ُّدعاء إىل غ ري املش روع‪ ،‬ك أن ي دعو ب ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ﲜﲞﲟﲠ‬ ‫ﲝ‬ ‫وال َّدما ِر عل ى فَ ْرٍد أو أَفْ راد؛ لط أ يَ ِس ري علي ه َم ثَّلً‪ ،‬ق ال تع اىل‪ :‬ﱡﭐ ﲙ ﲚ ﲛ‬

‫ﲡ ﱠ [األعراف‪.]55 :‬‬

‫‪ ) 230‬رواه مسلم يف صحيحة يف كتاب الزكاة (‪.)703/2‬‬


‫‪116‬‬
‫من آداب الدعاء‪:‬‬
‫السابَِقة‪.‬‬
‫وحضور قَ ْلب كما يف اآلية ا‬
‫وخشوع ُ ِ ٍ‬ ‫ضارع ُ‬ ‫‪ -1‬أن يَ ْدعو بتَ َ‬
‫بالدعاء ويُلِح فيه‪ ،‬ويُوقِن باإلجابَة وال يَ ْستَْب ِطْئها‪.‬‬ ‫‪ -2‬أن جي ِزم ُّ‬
‫ول اهلل ص لى اهلل علي ه وس لَّم‪ (( :‬إذا َدع ا أَح ُد ُكم فَ ْليَ ْع ِزم املس أَلَة وال‬ ‫ع ن أن س رض ي اهلل عن ه ق ال‪ :‬ق ال رس ُ‬
‫(‪)231‬‬
‫هم إن ِشْئت فَأَ ْع ِطين‪ ،‬فذنَّه ال ُم ْستَ ْك ِره له ))‪.‬‬ ‫يقولَ ان‪ :‬اللَّ ا‬
‫وش ْهر َرَمض ان ِم ن‬ ‫الس نَة‪َ ،‬‬ ‫الفاض ل‪ ،‬مث ل‪ :‬ي وم َعَرفَة ِم ن َّ‬ ‫الفاض ل‪ ،‬واملك ان ِ‬ ‫الزم ان ِ‬ ‫اعي َّ‬ ‫‪ -3‬أن َيت ار ال اد ِ‬
‫َ‬
‫السجود م ن‬ ‫ليلة‪ ،‬و ُّ‬‫األَ ْشهر‪ ،‬ويوم المعة ِمن األسبوع‪ ،‬وليلَة ال َق ْدر ِمن رمضان‪ ،‬وآخر اللَّيل ِمن كل ٍ‬
‫ا‬ ‫َُ‬
‫ص‬
‫الص يام‪ ،‬واالض طرار‪ ،‬واحل َج‪ ،‬وب األَ َخ ا‬ ‫الس فر‪ ،‬و ِّ‬‫اإلقام ة‪ ،‬ومث ل ح ال َّ‬ ‫الص ّلة‪ ،‬وب ني األذان و َ‬ ‫أفع ال َّ‬
‫السعي‪ ،‬وبعد رمي الِمار‪ ،‬وغريها‪.‬‬ ‫عند الطَّواف و َّ‬
‫خاصة‪.‬‬
‫نصوص َّ‬ ‫ٌ‬ ‫كل هذه األحوال واأل ِزمنَة َوَرَدت فيها‬ ‫و ا‬
‫باحلم ِد هلل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫طهارة‪ُ ،‬م ْس تَ ْقبِل القْب لَ ة‪ ،‬رافع اً يَ َديْه‪ُ ،‬م ْفتَتح اً ُدع اءَه وخمتَتم اً ل ه ْ‬ ‫ب أن يكون على َ‬ ‫‪ -4‬يُ ْستَ َح ا‬
‫السّلم على رسولِه صلَّى اهلل عليه وسلَّم‪.‬‬ ‫الصّلة و َّ‬‫و َّ‬
‫َموانع اإلجابَة‪:‬‬
‫وع َدم اإلخ ّلص في ه‪،‬‬ ‫وض ادها َموانِع اإلجاب ة‪ ،‬مث ل‪ِّ :‬‬
‫الش رك ب اهلل‪َ ،‬‬
‫عرفن ا فيم ا س بق ش روط إجاب ة ال ُّدعاء‪ِ ،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫الر ْش َوة‪ ،‬وك ذا االعت داء بال ُّدعاء‪ ،‬أو ال ُّدعاء‬ ‫ِ‬
‫الرب ا‪ ،‬وأك ل أم وال النااس بالباط ل‪ ،‬و ا‬ ‫ش و ِّ‬‫عام ل ب احلرام ك الغ ا‬
‫والتَّ ُ‬
‫وسل باألموات وأصحاب األض ِر َحة‪.‬‬ ‫األدعيَة البِ ْد ِعيَّة كالتَّ ُّ‬
‫احملرمة‪ ،‬أو ِ‬ ‫ِ‬
‫باألدعيَة ََّ‬
‫صل شيءٌ ِمن هذه األمور كان مانِعاً إلجابَة ُّ‬
‫الدعاء‪.‬‬ ‫فذذا ما َح َ‬
‫ِ‬
‫ص على أن ال يَ ْق َِِتف شيئاً ِمن هذه املوانِع؛ ألجل أن يُ ْقبَل ُد ُ‬
‫عاؤه‪.‬‬ ‫فَ َعلى املسلم أن ي ِر َ‬
‫للدعاء‪:‬‬‫أمثِلَة ُّ‬
‫الدنيا و ِ‬
‫اآلخَرة‪.‬‬ ‫الدعاء لِلنَّ ْفس خبَْي َري ُّ‬
‫‪ُّ -1‬‬
‫الصّلح‪.‬‬
‫السداد والري و َّ‬ ‫الدعاء لويل األمر بالتَّوفيق و َّ‬ ‫‪ُّ -2‬‬
‫قامة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫‪ُّ -3‬‬
‫بالصّلح واالست َ‬ ‫الدعاء لألبناء َّ‬
‫بالشفاء واألَ ْجر واملثوبَة‪.‬‬ ‫لم ِريض ِّ‬ ‫‪ِ ُّ -4‬‬
‫الدعاء ل َ‬

‫‪ ) 231‬أخرجه البخاري يف صحيحه‪ ،‬كتاب الدَّعوات‪ ،‬باب‪ :‬لِي ع ِزم املسألَة فذنَّه ال م ْك ِره له (‪ ،)144/11‬ومسلِم يف ص ِح ِ‬
‫يحه كتاب‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َْ‬
‫الع ْزم يف الدُّعاء وال يقول إن ِشْئت‪ ،‬رقم (‪. (2678‬‬ ‫ِّ‬
‫الذ ْكر وال ادعاء‪ ،‬باب‪َ :‬‬
‫‪117‬‬
‫الدعاء لِ َمن قَ َّدم لك َخ ْرياً‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫‪-5‬‬
‫الدنيا و ِ‬
‫اآلخَرة‪.‬‬ ‫عامة مبا يَْن َفعُهم يف ُّ‬ ‫لمسلِ ِمني بِ َّ‬‫ُّ ِ‬
‫الدعاء ل ُ‬ ‫‪-6‬‬
‫األسئلَة‪:‬‬
‫س‪ :1‬اذ ُكر معىن ُّ‬
‫الدعاء َش ْرعاً‪.‬‬
‫الدلِيل على ذلك‪.‬‬
‫بادة هللِ تعاىل‪ ،‬اذ ُكر َّ‬ ‫س‪ِ ُّ :2‬‬
‫الدعاء ع َ‬
‫ضح ذلك‪.‬‬ ‫الدعاء‪ :‬تَ ْرك االعتِداء يف ُّ‬
‫الدعاء‪َ ،‬و ِّ‬ ‫س‪ِ :3‬من ُشروط إجابَة ُّ‬
‫السبَب يف ذلك ؟‬
‫الدعاء‪ ،‬ما َّ‬ ‫إنسان عن ُّ‬ ‫س‪ :4‬ال ِغىن لِ ُكل ٍ‬
‫ا‬
‫س‪ :5‬اذ ُكر ثَّلثاً ِمن َموانِع إجابَة ا ُّلدعاء‪.‬‬

‫‪118‬‬
‫قامةُ‬
‫الست َ‬
‫ومنزلَتُها‪:‬‬
‫تَعري ُفها َ‬
‫الصراط املستَ ِقيم‪ ،‬وهو ِّ‬
‫الدين ال َق يِّم‪ِ ،‬م ن غ ري َمْي ل عن ه ميْنَ ةً وال يَ ْس َرةً‪ ،‬ويش َمل‬ ‫قامة ‪ :‬هي ُسلوك ِّ‬ ‫َمعنى الست َ‬
‫اهرة و ِ‬
‫الباطنَة (‪.)232‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ذلك ف ْعل الطااعات كلاها‪ ،‬الظااهَرة والباطنَة‪ ،‬وتَ ْرك املنهياات كلاها‪ ،‬الظا َ‬
‫قصري‪ ،‬وكِ ُ‬
‫ّلمها َمْن ِه اي عنه َش ْرعاً‪.‬‬ ‫ط بني الغُلُو والتَّ ِ‬
‫ا‬ ‫وهي َو َس ٌ‬
‫الستمرار عليها‪ ،‬والتقصير فيها‪:‬‬
‫ص ّلتِه‪ :‬ﱡﭐ ﱗ ﱘ‬ ‫ٍ ِ‬
‫قامة ال ادائ َم ة‪ ،‬ول ذلك يَس ألا َربَّه يف ك ال رْك َع ة م ن َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫امل ؤمن ُمطالَب باالس ت َ‬
‫ِ‬
‫ﱙ ﱠ [الفاحتة‪.]6 :‬‬
‫قامة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ولَما كان ِمن طَبِيعة اإلنسان أنَّه قد ي َق ِّ ِ‬
‫خروج عن االست َ‬ ‫صر يف ف ْعل املأمور‪ ،‬أو اجتناب احملظور‪ ،‬وهذا ٌ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ا‬
‫قامة‪ ،‬فقال تعاىل ُم ِشرياً إىل ذلك‪:‬ﭐﱡﭐ ﱵ ﱶ ﱷ ﱠ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫الش ْرع إىل ما يُعيده لطَ ِريق االست َ‬ ‫ْأر َش َده َّ‬
‫باالس تِغفار‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫أن ذلك التَّقصري ُجي َ‬ ‫قامة املأموِر با‪ ،‬و َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فأشار إىل أنَّه ال بُ َّد من تَ ْقصري يف االست َ‬ ‫[فصلت‪َ ،]6 :‬‬ ‫ِّ‬
‫قام ِة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الرجوع إىل االست َ‬‫ضي لِلتَّوبَة و ُّ‬ ‫املقتَ ِ‬
‫وقال صلَّى اهلل عليه وسلَّم‪ (( :‬اتَّ ِق اهللَ حيثُما كنت‪ ،‬وأتْبِع َّ‬
‫(‪)233‬‬
‫احلسنَةَ َمت ُحها ))‪.‬‬
‫السيِّئَة َ‬
‫العبد‪:‬‬ ‫َمقامات الدين التي يُطالَب بها َ‬
‫قامة‪ ،‬أو ه و‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫(‪)234‬‬
‫قال ص لَّى اهلل علي ه وس لَّم ‪َ (( :‬س ِّددوا وق ا ِربوا ))‬
‫الوص ول إىل َحقي َق ة االس ت َ‬ ‫فالس داد ‪ُ :‬‬
‫‪َّ ،‬‬
‫املقاص ِد‪.‬‬
‫جيع األَقْوال واألَ ْعمال و ِ‬ ‫اإلصابة يف َِ‬
‫َ‬
‫صيبوا فّل يَ ُفوتُ ُكم ال ُق ْرب منه‪.‬‬‫السداد‪ ،‬فذن اجتَ ه ْدم ومل تُ ِ‬ ‫صول إىل َّ‬ ‫وقوله ‪ (( :‬قا ِربوا (( أي ‪ :‬اجتَ ِهدوا يف الو ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫فاملقاربَة‪ ،‬وم ا ِس وامها تَ ْف ِريط‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫العْبد بِما ‪َّ :‬‬
‫قامة‪ ،‬فذن مل يَ ْقدر عليها َ‬ ‫السداد‪ ،‬وهي االست َ‬ ‫فهما َم ْرتَبَتان يُطالَب َ‬
‫الوص ول إىل أَ ْعّلمه ا‪ ،‬كال ذي يَ ْرِم ي‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫وإضاعة‪ ،‬واملؤمن يَْنبَغي علي ه أن ال يُف ارق ه اتَ ْني امل رتَبَتَ ْني‪ ،‬وليَ ْجتَه د يف ُ‬ ‫َ‬
‫حّ ي ِ‬ ‫ِ‬
‫َغَرضاً جيتَ ِهد يف إصابَته‪ ،‬أو ال ُق ْرب منه َّ ُ‬
‫(‪)235‬‬
‫صيبَه‬

‫‪ ) 232‬جامع العلوم واحلكم‪ ،‬شرح احلديث احلادي والعِشرين‪.‬‬


‫الص لَة‪ ،‬ب اب‪ :‬م ا ج اء يف ُمعاش رة النااس (‪ ،)312/4‬رق م (‪،)1987‬‬ ‫‪ ) 233‬رواه أمح د (‪ ،153/5‬و‪ ،)158‬والِتم ذي‪ ،‬كت اب ال ِ ا و ِّ‬
‫ص ِحيح "‪ ،‬واحل اكم (‪ ،)54/1‬وق ال ‪ :‬ص حيح عل ى ش رطهما‪ ،‬ووافَ َق ه ال َّذهيب‪ ،‬وانظ ر‪ :‬ج ِامع العل وم واحلك م‪ ،‬ح ديث رق م‬ ‫"ح َس ن َ‬
‫وقال ‪َ :‬‬
‫(‪.)18‬‬
‫صد (‪ ،)249/11‬رقم (‪ ،)6463‬ومسلم‪ ،‬كتاب صفة القيامة والنَّة والناار‪ ،‬باب ‪ :‬لن‬ ‫الرقاق‪ ،‬باب‪ :‬ال َق ْ‬
‫‪ ) 234‬رواه البخاري‪ ،‬كتاب ِّ‬
‫أحد النَّة بعملِه بل برمحة اهلل تعاىل‪ ،‬رقم (‪.)2861‬‬
‫يدخل َ‬
‫‪119‬‬
‫َأهميتُها‪:‬‬
‫مما يَ ُدل على َأهميتها أُ ٌ‬
‫مور‪ ،‬منها‪:‬‬
‫لم ْرء ال َف ْوز‬‫ِ‬ ‫حتقي ق لِ ِ‬
‫لعبوديَّة ال يت ه ي الغاي ةُ ِم ن خ ْل ق اإلنْ ِ ِ‬ ‫‪ -1‬أهن ا يف ح ِقي َقتِه ا ِ‬
‫يص ل ل َ‬
‫س وال ان‪ ،‬وب ا ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ّلح‪.‬‬
‫وال َف ُ‬
‫لى اهلل علي ه وس لَّم بِتَ ْح ِقيقه ا‪ ،‬وك ذلك ك ُّل َم ن ك ان َم َع ه‪ ،‬فق ال‪:‬‬ ‫َّ‬
‫أن اهللَ تع اىل ق د أََم ر رس ولَه ص َّ‬ ‫‪-2‬‬
‫ﭐﱡﭐﱹ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ ﱠ اآلية [هود‪.]112 :‬‬
‫ﲵ ﲷ ﲸ ﲹ ﱠ اآلية [الشُّورى‪.]15 :‬‬ ‫ﲶ‬ ‫وقال‪ :‬ﱡﭐ ﲴ‬
‫وغري ذلك‪.‬‬
‫الس ّلم‪ :‬ﱡﭐ ﱁ ﱂ‬ ‫أخي ه ه ارون عليهم ا َّ‬ ‫ب ل ق د أم ر اهلل تع اىل ب ا أيض اً أنبِي اءه‪ ،‬فق ال‪ ،‬يف ح ق موس ى و ِ‬
‫َا ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫ول اهللِ ص لَّى اهلل علي ه‬ ‫أن رس َ‬ ‫ﱃ ﱄ ﱅ ﱠ اآلية [ي ونس‪ .]89 :‬وماا يَ ُد ال عل ى أمهِّيَّتِه ا َّ‬
‫وس لَّم مل ا ج اءَه س فيان ب ن عب د اهلل الثَّ َق ِف ي رض ي اهلل عن ه يق ول ل ه‪ :‬ق ل يل يف اإلس ّلم قَ ْوالً ال أَ ْس أَل عن ه‬
‫ا‬
‫(‪)236‬‬
‫استَ ِقم ))‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫ف‬ ‫اهلل‪،‬‬ ‫ب‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫آم‬
‫ُ َْ‬ ‫ل‬‫ق‬ ‫((‬ ‫‪:‬‬ ‫م‬‫َّ‬
‫ل‬ ‫وس‬ ‫عليه‬ ‫اهلل‬ ‫ى‬‫َّ‬
‫ل‬ ‫ص‬ ‫يب‬
‫ا‬ ‫َّ‬
‫ن‬ ‫ال‬ ‫له‬ ‫فقال‬ ‫ك‪،‬‬ ‫ر‬
‫أحداً َغْي َ‬
‫َ‬
‫ووسائل الثبات عليها‪:‬‬ ‫قامة َ‬ ‫من أسباب الست َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫العمل‬
‫صدره لإلسّلم‪ ،‬وتوفيقه للطااعة و َ‬ ‫قامة‪ :‬إر َادة اهللِ لذا العبد الدايَة‪َ ،‬‬
‫وش ْرح َ‬
‫باب ِ‬
‫من َأه ام أَ ْس ِ ْ‬
‫االست َ‬
‫ِ‬ ‫‪-1‬‬
‫الصا ‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﭐﱡﭐ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ‬ ‫ا‬
‫ﱹ ﱺﱻ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ‬

‫ﲅ ﲆ ﱠ [املائدة‪.]16-15 :‬‬
‫ومتابَ َعة َرسولِه صلَّى اهلل عليه وسلَّم‪ ،‬قال تعاىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ‬ ‫ِ‬
‫اإلخّلص هلل تعاىل‪ُ ،‬‬
‫ُ‬ ‫‪-2‬‬
‫ﲱ ﲲ ﲳ ﱠ اآلية [البيِّنة‪.]5 :‬‬
‫االستِ ْغفار والتَّ ْوبَة‪:‬‬ ‫‪-3‬‬

‫السالكني البن القيم‪ ،‬منزل االستِقامة‪ ،‬وشرح النَّووي على مسلم ( احلديث‬ ‫ومدارج ا‬ ‫‪ ) 235‬انظر‪ :‬جامع العلوم واحلكم‪ ،‬حديث (‪َ ،)21‬‬
‫السابق‪(.‬‬
‫ا‬
‫املطبوع ة‪ ،‬وإن ك ان‬ ‫ُّس َخة‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫‪ ) 236‬رواه مسلم‪ ،‬كتاب اإلمي ان‪ ،‬ب اب‪ :‬ج امع أوص اف اإلس ّلم (‪ ،)65/1‬رق م (‪ ،)38‬وه ذا لَ ْفظ ه يف الن ْ‬
‫اللَّفظ املشهور‪ ( :‬مث استَ ِقم (‪ ،‬وعليه َشَرح النَّوِوي وغريه‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫‪120‬‬
‫تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﳊ ﳋ ﳌ ﳍ ﳎ ﳏ ﳐ‬ ‫اح بِالتَّ ْوبَة‪ ،‬فق ال‬
‫ّلح والنَّج َ‬
‫وقد علاق اهللُ تعاىل ال َف َ‬
‫ﳑ ﱠ اآلية [النُّور‪.]31 :‬‬
‫اسبَة النَّ ْفس‪:‬‬
‫ُحم َ‬ ‫‪-4‬‬
‫ﱙﱛﱜﱝﱞ‬
‫ﱖﱘ ﱚ‬
‫ﱗ‬ ‫ﱡﭐ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ‬ ‫تع اىل‪:‬‬ ‫ق ال‬
‫ﱟﱠ اآلية [احلشر‪.]18 :‬‬
‫اس بوا‪ ،‬وانظُروا م اذا َّاد َخ رم ألن ُف ِس كم ِم ن‬ ‫ِ‬
‫ق ال اب ن كث ري رمح ه اهلل تع اىل‪ :‬أي حاس بوا أَنْ ُف َس كم قب ل أن ُحت َ‬
‫وع ْر ِض ُكم على َربِّكم (‪.)237‬‬ ‫ِ‬
‫الصاحلة ليوم َمعاد ُكم َ‬
‫األَ ْعمال ا‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫فاحملاسبَة حت َفظ املسلم من امليل عن طَ ِريق االست َ‬
‫قامة‪.‬‬
‫الماعة‪:‬‬
‫َ‬ ‫المس مع‬ ‫الصلَوات ْ‬‫‪ -5‬احملافَظَة على َّ‬
‫كر‪ ،‬ق ال تع اىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ‬ ‫العْبد َوربِّه‪ ،‬وهي ِمن َعوا ِمل تَ ْرك ال َف ْحشاء واملن َ‬ ‫ِ‬
‫ألهنا صلَة بني َ‬
‫ﲶ ﲷ ﱠ [العنكبوت‪.]45 :‬‬
‫الو ِسيلَة لِ َم ْع ِرفَة اهللِ تعاىل وكِتابِه َورسولِه ص لَّى‬
‫السنَّة؛ ألنَّه َ‬
‫الكتاب و ُّ‬ ‫طَلَب العِْلم‪ :‬واملقصود بِه ِع ْلم ِ‬
‫ُ‬ ‫‪-6‬‬
‫اهلل عليه وسلَّم‪.‬‬
‫اعة وعل ى طَلَ ب العِْل م‪ ،‬ويُنَبِّه ه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الصحبة الصاحلة‪ِ َّ :‬‬ ‫ِ‬
‫الصا يُعني صاحبَه على الطا َ‬ ‫ألن الَليس ا‬ ‫‪ -7‬اختيار ُّ ْ َ ا َ‬
‫الس يء فعل ى العك س ِم ن ذل ك متام اً‪ ،‬ق ال تع اىل‪ :‬ﭐﱡﭐ ﲌ ﲍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عل ى أَ ْخطائ ه‪ ،‬اأم ا الَل يس َّ ا‬
‫[الزخرف‪.]67 :‬‬ ‫ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒﱠ ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِح ْف ظ الَوا ِرح ع ن َّ‬
‫يم ة وغريه ا‪،‬‬ ‫احملرم ات ‪ :‬وأمهُّه ا ‪ :‬اللِّس ان‪ ،‬فيَ ْح َفظ ه ع ن ال َك ذب والغيبَ ة والنَّم َ‬ ‫‪-8‬‬
‫تع اىل‪ :‬ﭐﱡﭐ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳅ‬
‫ﳄﳆ‬ ‫ب َعْي نَ ْي ه قولَه‬
‫ص َ‬
‫احملرم ات‪ ،‬ولْ يَ ُكن نُ ْ‬
‫ص َره ع ن َّ‬‫وي َف ظ بَ َ‬
‫ﳇ ﳈ ﳉ ﳊ ﳋ ﳌ ﳍ ﳎ ﱠ [اإلسراء‪.]36 :‬‬
‫(‪)238‬‬
‫ص ُمت ))‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫السّلم‪َ (( :‬من كان يُ ْؤمن باهلل واليوم اآلخر فَ ْليَ ُقل َخ ْرياً أو ليَ ْ‬ ‫الصّلة و َّ‬
‫وقوله عليه َّ‬
‫لح َذر منها‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫‪َ -9‬مع ِرفة ُخطوات َّ‬
‫الشيطان ل َ‬

‫‪ ) 237‬انظر تفسري ابن كثري (‪.)342/4‬‬


‫الرقاق‪ ،‬باب‪ِ :‬ح ْفظ اللِّسان (‪ ،)308/11‬ح (‪ ،)6475‬ومسلم‪ ،‬كتاب اإلمي ان‪ ،‬ب اب‪:‬‬
‫‪ ) 238‬متَّفق عليه‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬كتاب ا‬
‫احلث على إكرام الار (‪ ،)68/1‬ح (‪ ،47‬و‪. )48‬‬‫ا‬
‫‪121‬‬
‫ﱈﱊﱋ ﱌﱍﱎﱏﱐ‬
‫ﱉ‬ ‫تعاىل‪ :‬ﭐﱡﭐ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ‬ ‫قال‬
‫ﱠﭐ [النُّور‪.]21 :‬‬ ‫ﱑ‬
‫قامة‪:‬‬
‫من ثَ َمرات الست َ‬
‫قال تعاىل‪ :‬ﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ‬

‫ﱛﱝﱞﱟﱠ‬
‫ﱜ‬ ‫ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ‬

‫[فصلت‪.]32- 30 :‬‬ ‫ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱠ ِّ‬


‫قامة‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫من هذه اآلية وغريها نَ ْستَ ْنتج بَ ْعضاً من مثرات االست َ‬
‫وجل‪.‬‬‫عز ا‬ ‫طُ َمأنِينَة ال َق ْلب بِ َدوام ِّ‬
‫الصلَة باهلل َّ‬ ‫‪-1‬‬
‫فاس ف األُم ور‬ ‫الزلَل وس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ِ َّ -2‬‬
‫الوق وع يف املعاص ي و َّ َ‬ ‫وج ال م ن ُ‬ ‫قامة تَ ْعص م ص احبَها ب ذذن اهلل َع َّز َ‬ ‫أن االس ت َ‬
‫كاسل عن الطااعات‪.‬‬ ‫والتَّ ُ‬
‫روج ِهم ِم ن قُب وِرِهم‪ ،‬ق ائِلِني‪( :‬ﱋ ﱌ ﱍ‬ ‫‪ -3‬تَن زل املّلئِ َك ة عل ي ِهم عن د امل وت‪ ،‬وقي ل ‪ :‬عن د خ ِ‬
‫ُ‬ ‫َا‬
‫وولَ ٍد وأَ ْه ٍل‪.‬‬ ‫اآلخرة‪ ،‬وال ما تَرْكتُم ِمن أُموِر ُّ ِ ٍ‬
‫الدنيا من مال َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ﱎ) على ما قَ ِدمتم عليه ِمن أُموِر ِ‬
‫ْ‬
‫ص غِرياً أو َكبِ رياً عل ى م ا يَظْ َه ر علي ه ِم ن‬ ‫اس واح ِِتامهم وتَ ْق ِديرهم لِ ِ‬
‫لم ْس لم‪ ،‬س واء ك ان َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ب النا ِ ْ ُ ُ‬ ‫ُح ا‬ ‫‪-4‬‬
‫ِحرص على الطااعة‪ ،‬والُلُ ِق ِ‬
‫الفاضل‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫إحساناً ِم ن اهلل‬ ‫ِ‬
‫أن لم يف النَّة ما تَ ْشتَ ِهيه أَنْ ُف ُسهم‪ ،‬وتَلَ اذ أَ ْعيُنُهم‪ ،‬وتَطْلُبه أَلْسنَتُهم‪ْ ،‬‬ ‫‪َ -5‬و َعد اهللُ املتَّ ِقني َّ‬
‫تعاىل‪.‬‬
‫األسئلَة‪:‬‬
‫املقاربَة ؟‬
‫السداد ؟ وما َ‬ ‫س‪ :1‬ما َّ‬
‫قامة يف حياة املسلِم‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫س‪َّ :2‬‬
‫حتدث عن أمهِّيَّة االست َ‬
‫قامة‪.‬‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عدد أربعاً من مثرات االست َ‬ ‫س‪ِّ :3‬‬
‫بارة ؟ مع التَّعلِيل‪.‬‬‫ِ‬
‫املقاربَة ) ما رأيك بذه الع َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫س‪ ( :4‬يَ ْكفي املرء املسلم أن يَقف عند َم ْرتَبَة َ‬

‫‪122‬‬
‫الفهرس‬
‫املقدمة‪Error! Bookmark not defined. ............................................... :‬‬
‫ِّ‬

‫الشريف‪5 ...............................................................................‬‬
‫اأوالً ‪ :‬احلديث َّ‬

‫األول ‪6 ...................................................................................‬‬
‫احلديث َّ‬

‫احلديث الثااين‪11 ................................................................................ :‬‬

‫احلديث الثالث‪14 ............................................................................... :‬‬

‫الرابع‪17 .................................................................................:‬‬
‫احلديث ا‬
‫ِ‬
‫اإلسّلميَّة ‪21 ..............................................................................‬‬ ‫ثانياً الثَّقافة‬

‫يب صلَّى اهلل عليه وسلَّم على َّ‬ ‫ِ ِ‬


‫الد ْع َوة ‪22 ............................................‬‬ ‫ص َوٌر من ح ْرص النَّ ِّ‬
‫ُ‬

‫الر ِ‬
‫سول صلَّى اهلل عليه وسلَّم ‪26 ..................................................‬‬‫وح اق َّ‬ ‫ِ‬
‫َح اق اللاه تعاىل َ‬

‫وحقوقه‪33 ..................................................................‬‬ ‫ِ‬


‫القرآن الكرمي َخصائصه ُ‬

‫ص َور ِمن حياة َّ‬


‫الصحابة رضي اهلل عنهم ‪39 ..........................................................‬‬ ‫ُ‬

‫فادة منه‪42 .........................................................‬‬‫ِ‬ ‫ِ‬


‫وح ْسن االست َ‬
‫الوقْت ُ‬
‫احل ْرص على َ‬

‫الص ْدق ‪46 .......................................................................................‬‬


‫ِّ‬

‫الطاا َعة ‪50 ........................................................................................‬‬

‫احلب يف اهلل‪55 ...................................................................................‬‬


‫ُّ‬

‫العِْلم ‪59 .........................................................................................‬‬

‫‪123‬‬
‫احلديث ِ‬
‫الامس ‪66 ...............................................................................‬‬

‫الس ِادس ‪69 ...............................................................................‬‬


‫احلديث ا‬

‫السابِع ‪72 ................................................................................‬‬


‫احلديث ا‬

‫احلديث الثا ِامن‪75 .................................................................................‬‬

‫احلديث التا ِ‬
‫اسع ‪78 ................................................................................‬‬

‫الثَّقافَة اإلسّلميَّة‪83 ...................................................................................‬‬

‫التَّ ِ‬
‫دخني‪84 .......................................................................................‬‬

‫الصهيونِيَّة ‪89 ...............................................................................‬‬


‫احلركة ُّ‬

‫الود واإليثار ‪95 ..................................................................................‬‬

‫َح اق الوالِ َدين واألَقا ِرب ‪99 ..........................................................................‬‬

‫السماع ‪105 .....................................................................................‬‬


‫َّ‬

‫ِّ‬
‫الذ ْكر ‪110 .......................................................................................‬‬

‫ُّ‬
‫الدعاء ‪115 ......................................................................................‬‬

‫قامة ‪119 ...................................................................................‬‬‫ِ‬


‫االست َ‬

‫‪124‬‬

You might also like