You are on page 1of 15

‫الفصل الثالث‬

‫الث‪:‬‬ ‫ل الث‬ ‫الفص‬


‫القيم‬

‫تمهيد‪:‬‬

‫يعتبر موضوع القيم موضوعا شاسعا ومتشعبا‪ ،‬تناولته كثير من العلوم مثل االقتصاد‬
‫والفلسفة وعلم النفس وعلم االجتماع‪ ،‬وذلك ألن القيم تدخل في كافة مجاالت وأنشطة الحياة‪،‬‬
‫وتتعلق بعدة أبعاد مادية كانت أو غير مادية‪ ،‬مثالية أو واقعي‪..‬ة‪ ،‬حاض‪..‬رة أو تاريخي‪..‬ة أو‬
‫مستقبلية‪ ،‬وقد حاولنا في هذا الفصل اإلحاطة بأهم العناصر المرتبطة بهذا المفهوم‪.‬‬

‫مفهوم القيم ‪:‬‬ ‫‪.1‬‬

‫"كثيرة هي التعاريف التي وضعت للقيمة فمنها ما تعرض للمعنى الروحي وآخ‪..‬ر‬
‫‪.‬دور‬ ‫‪.‬فية ال‪.‬‬
‫‪.‬ذاهب الفلس‪.‬‬
‫‪.‬ان للم‪.‬‬
‫إنتحى منحا ماديا وثالث دينيا ورابع اقتصاديا ‪ ...‬إلخ‪ ،‬وك‪.‬‬
‫‪.‬اني من‬ ‫األساسي في إلباس القيمة معناها‪ ،‬من خالل اتجاهها الفلسفي"‪ ،1‬وخالل النص‪.‬‬
‫‪.‬ف الث‪.‬‬
‫القرن التاسع عشر بدأ علماء األنثروبولوجيا الحضارية وعلماء االجتماع يضمون جه‪..‬ودهم‬
‫إلى جهود الفالسفة"‪ ،2‬وأنتج هذا تباين‪.‬ا لآلراء ح‪.‬ول طبيعته‪.‬ا وخصائص‪.‬ها وتص‪.‬نيفاتها‬
‫ومصادرها ولعل من أبرز التعريفات السوسيولوجية للقيم ما يلي‪:‬‬

‫تالكوت بارسون ‪Talcolt Parsons‬حيث يعرفها "أنها عنصر في نسق رمزي مشترك‬
‫يعتبر معيارا‪ ،‬أو مستوى لإلختيار بين بدائل التوجيه التي توجد في الموقف‪ ،‬ويعرفه ك‪..‬ذلك‬
‫أنها المعايير التي نحكم بها على الشيء أنه مرغوب فيه أو غير مرغوب فيه‪.‬‬

‫ويرى إميل دوركايم أن القيم هي إحدى آليات الضبط االجتماعي المستقلة عن ذوات‬
‫األفراد الخارجة عن تجسداتهم الفردية"‪ ،3‬فبالنسبة له القيم صورة من صور أسبقية المجتم‪.‬‬
‫‪.‬ع‬
‫على الفرد وقهريته له فهو مصدر القيم ومنبعها‪.‬‬

‫يعتقد هنري مندراس ‪ Henri Mendras‬أن القيم تمثل نسقا في التنظيم المعنوي الذي‬
‫يوجه فعاليات السلوك اإلنساني‪ ،‬وهي بالتالي تعكس منظومة احتياجاتنا واهتماماتنا"‪.4‬‬

‫‪.‬لوك‬
‫‪.‬كال الس‪.‬‬‫‪.‬ات وأش‪.‬‬ ‫‪.‬ور والغاي‪.‬‬
‫و"يعرفها حليم بركات بأنها المعتقدات حول األم‪.‬‬
‫‪.‬اراتهم وتنظم‬
‫‪.‬رفاتهم‪ ،‬اختي‪.‬‬
‫‪.‬واقفهم‪ ،‬تص‪.‬‬
‫المفضلة لدى الناس‪ ،‬توجه مشاعرهم‪ ،‬تفكيرهم‪ ،‬م‪.‬‬

‫‪.‬جرة‬
‫‪.‬ر‪ ،‬دار الش‪.‬‬
‫‪ – .‬أزمة الهوية و أثرها على القيم في المجتمع العربي المعاص‪.‬‬‫‪ - 1‬محمد علي جمعة‪ ،‬التخلف و التبعية‬
‫لخدمات الطباعة‪ ،‬دمشق‪ ،‬ط‪ ،1997 ،1‬ص ‪.94‬‬
‫‪،160 .‬‬
‫‪ - 2‬عبد اللطيف محمد خليقة‪ ،‬ارتقاء القيم – دراسة نفسية‪ ،‬المجلس الوطني للثقافة والفنون واآلداب‪ ،‬الكويت‪ ،‬العدد‬
‫أبريل ‪ ،1991‬ص ‪.7‬‬
‫‪ - 3‬ماجد الزيود‪ ،‬الشباب والقيم في عالم متغير‪ ،‬دار الشروق‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،‬ط‪ ،2006 ،1‬ص ‪.22‬‬
‫‪ - 4‬المواقف ‪ :‬للدراسات والبحوث في المجتمع و التاريخ‪ ،‬عدد ‪ ،03‬ديسمبر ‪ ،2008‬ص ‪.369‬‬
‫‪2‬‬
‫الث‪:‬‬ ‫ل الث‬ ‫الفص‬
‫القيم‬

‫عالقاتهم بالواقع والمؤسسات واآلخرين وأنفسهم والمكان والزمان‪ ،‬وتسوغ مواقفهم وتح‪..‬دد‬
‫هويتهم ومعنى وجودهم‪ ،‬أي تتصل بنوعية السلوك المفضل بمعنى الوجود والغايات‪."1‬‬

‫من التعاريف السابقة يتضح أنها تشترك في عناصر هي أن القيم عبارة عن مقاييس‬
‫مرجعية مشتركة لتفضيل وترغيب األشياء عن بعضها‪ ،‬وهي تعمل كمحدد وموجه لس‪..‬لوك‬
‫األفراد‪ ،‬وبالتالي متعلقة بالتفاعل المستمر بين الفرد وجماعته أي باإلطار العالئقي الذي يربط‬
‫‪.‬لوك في‬‫‪.‬وابط الس‪.‬‬‫‪.‬د ض‪.‬‬ ‫بينهما‪ ،‬وهي تقوم بوظيفة تنظيم الحياة االجتماعية من خالل تحدي‪.‬‬
‫العالقات مع اآلخرين ومع المؤسسات االجتماعية‪ ،‬فهي وإن ك‪..‬انت توج‪..‬د على مس‪..‬توى‬
‫التصور الذهني في داخلنا فمصدر هذا التصور هو المجتمع وما يضعه من مقاييس ومعايير‬
‫لتحديد ما هو مرغوب اجتماعيا ‪.‬‬

‫خصائص القيم‪:‬‬ ‫‪.2‬‬

‫تمتاز القيم بمجموعة من الخصائص التي تميزها عن غيرها من المفاهيم األخ‪..‬رى‬


‫كالموقف‪ ،‬أو الدافع‪ ،‬أو المعتقد أو اإلتجاه‪ ،‬ويمكن إجمالها فيما يلي‪:‬‬

‫غير مرتبطة بزمن معين‪ :‬فالقيم إدراك يرتبط بالماضي والحاضر والمس‪..‬تقبل‪ ،‬وهي‬ ‫‪‬‬
‫بهذا المعنى تبتعد عن معنى الرغبات‪ ،‬أو الميوالت التي ترتبط بالحاضر فقط‪.‬‬
‫تمتلك صفة الضدية ‪:‬فلكل قيمة ضدها مما يجعلها قطبا إيجابيا‪ ،‬وقطبا سلبيا‪ ،‬والقطب‬ ‫‪‬‬
‫‪.‬ا يمكن أن‬
‫‪.‬الب م‪.‬‬ ‫‪.‬ل القطب الس‪.‬‬ ‫اإليجابي هو وحده الذي يشكل القيمة‪ ،‬في حين يمث‪.‬‬
‫نسميه(ضد القيمة أو عكس القيمة)‪.‬‬
‫معيارية ‪:‬بمعنى أن القيم تعتبر بمثابة معيار إلصدار األحك‪..‬ام‪ ،‬تقيس وتقيم وتفس‪..‬ر‬ ‫‪‬‬
‫وتعلل من خاللها السلوك اإلنساني‪.‬‬
‫‪.‬ا‪،‬‬
‫‪.‬ه يتم تعلمه‪.‬‬
‫‪.‬نى أن‪.‬‬
‫‪.‬ة بمع‪.‬‬ ‫متعلمة ‪:‬أي أنها مكتسبة من خالل البيئة وليست وراثي‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪2‬‬
‫واكتسابها عن طريق مؤسسات التنشئة االجتماعية المختلفة ‪.‬‬
‫‪: +‬أي متغيرة وليست مطلقة "فلكل مجتمع قيمه ومثله ومقاييسه التي تتالءم م‪..‬ع‬ ‫نسبية‬ ‫‪‬‬
‫بيئته ومعطياته االجتماعية واالقتصادية ومع درج‪.‬ة تقدم‪.‬ه الحض‪.‬اري ونض‪.‬وجه‬
‫‪3‬‬
‫االجتماعي‪ ‬وروح العصر والمفاهيم التي يتمسك بها أبناؤه‪.‬‬
‫موضوعية‪ :‬فقد أكد ماكس شيلر ‪ Max Sheler‬بأن الوعي بقيمة األشياء هو بمثابة‬ ‫‪‬‬
‫رد فعل إنساني وحركة تبادلية بين عالم األشياء و وجودها الواقعي من جه‪..‬ة‪ ،‬وبين‬
‫عالم الذات وظروفها االجتماعية من جهة أخرى حيث أن الناس يتطلعون إلى المث‪..‬ل‬
‫‪ - 1‬ماجد الزيود‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.23‬‬
‫‪ - 2‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.24‬‬
‫‪ - 3‬إحسان محمد الحسن‪ ،‬عدنان سليمان االحمد‪ ،‬المدخل إلى علم االجتماع‪ ،‬دار وائل للنشر و التوزيع‪ ،‬عمان – االردن‪،‬‬
‫ط‪ ،2005 ،1‬ص‪.447‬‬
‫‪3‬‬
‫الث‪:‬‬ ‫ل الث‬ ‫الفص‬
‫القيم‬

‫العليا استنادا إلى ذلك الوعي االجتماعي الشائع حولها‪ ،‬بمعنى أن الوعي الموضوعي‬
‫بالقيم هو بمثابة حركة مؤيدة ألشياء اجتماعية‪.1‬‬
‫‪.‬ده‬
‫‪" +‬إن الفرد في حياته يحاول أن يحقق كل رغباته التي يعتقد أن لها قيما عن‪.‬‬ ‫تراتبية‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫‪.‬ا‬
‫‪.‬يرا م‪.‬‬ ‫لكن طبيعة الحياة نفسها وطبيعة الظروف التي تحيط به تحول دون ذلك وكث‪.‬‬
‫‪.‬ها‬‫‪.‬عها لبعض‪.‬‬ ‫يحدث تعارض بين القيم التي يدين بها ولذلك نجد أنه يحاول أن يخض‪.‬‬
‫البعض فيخضع األقل قبوال عند الناس لألكثر قبوال وفقا لترتيب خاص به‪ ،‬يضعها في‬
‫مراتب ودرجات وهذا ما اصطلح على تسميته علماء االجتماع بسلم القيم‪.2".‬‬
‫أنواع القيم‪:‬‬ ‫‪.3‬‬
‫يقر كثير ممن تعرضوا لبحث القيم ودراستها أنه من العسير تصنيفها تصنيفا شامال‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫‪+‬ورلي‪": Sorley‬من‬ ‫‪.‬ول س‪+‬‬ ‫فيقول كالكون " لم نكتشف بعد تصنيفا شامال للقيم"‪ ،‬ويق‪.‬‬
‫المستحيل أن تكون هناك قاعدة يمكن على أساسها تحديد كل أن‪..‬واع القيم أو تمي‪..‬يز‬
‫بعضها عن بعضه"‪ 3‬وفيما يلي بعض التصنيفات التي أعطيت للقيم ‪:‬‬
‫‪ .‬تنفيذها بالقوة كالقيم‬
‫حسب شدتها‪" :‬وهي إلزامية تكون ملزمة للجميع من الضروري‬ ‫‪‬‬
‫‪.‬زمهم‬ ‫‪.‬ه ال يل‪.‬‬‫‪.‬ا ولكن‪.‬‬‫‪.‬ك به‪.‬‬ ‫‪.‬راده على التمس‪.‬‬ ‫الدينية‪ ،‬وقيم مفضلة يشجع المجتمع أف‪.‬‬
‫بمراعاتها‪ ،‬وقيم مثالية وهي التي يحس الفرد بصعوبة تحقيقها بصورة كاملة كالدعوة‬
‫إلى مقابلة اإلساءة باإلحسان"‪.4‬‬
‫حسب ديمومتها‪" :‬كالقيم العابرة التي تزول بسرعة‪ ،‬مثل الموضات والبدع والنزوات‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫ويقبل عليها المراهقون بالدرجة األولى ويعتقد أنها ترتبط بالقيم المادية‪ ،‬والقيم الدائمة‬
‫‪.‬القيم‬
‫‪.‬ط ب‪.‬‬ ‫التي تدوم زمنا طويال‪ ،‬وتمتد جذورها في أعماق التاريخ‪ ،‬ويعتقد أنها ترتب‪.‬‬
‫الروحية"‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫حسب موضوعها‪ :‬وذلك كما هو موضح في الشكل رقم (‪)01‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ +‬أنواع القيم حسب الموضوع الذي تحمله‪:‬‬


‫جدول يوضح‬

‫أمثلة أو عينات‬
‫القضية‬ ‫نمط القيم‬ ‫الرقم‬
‫منها‬
‫‪ - 1‬قباري محمد اسماعيل‪ ،‬المدخل إلى علم االجتماع المعاصر – مشكالت التنظيم واالدارة والعل‪.‬وم الس‪.‬لوكية‪ ،‬منش‪.‬أة‬
‫المعارف‪ ،‬ط‪ ،1980 ،1‬ص‪.432‬‬
‫‪ - 2‬فوزية دياب‪ ،‬القيم و العادات االجتماعية ‪ :‬بحث ميداني لبعض العادات االجتماعية‪ ،‬دار النهضة للطباعة و النش‪..‬ر‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬ط‪ ،1980 ،2‬ص ‪.27‬‬
‫‪ - 3‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.73‬‬
‫‪ - 4‬ماجد الزيود‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.25‬‬
‫‪ - 5‬عبد اللطيف محمد خليقة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.118‬‬
‫‪4‬‬
‫الث‪:‬‬ ‫ل الث‬ ‫الفص‬
‫القيم‬

‫قيمة الطهارة أو‬


‫اإلعجاب باألشياء أو الحيوانات‬ ‫‪ 01‬قيم األشياء‬
‫النقاء‬
‫الجمال‬ ‫تفضيل الترتيبات والتصميمات‬ ‫‪ 02‬القيم البيئية‬
‫الخصال والمالمح التي يعجب بها الشخص‬
‫القيم الفردية أو‬
‫الذكاء‬ ‫ويفضلها (كسمات الشخصية والقدرات‬ ‫‪03‬‬
‫الشخصية‬
‫والعادات ‪..‬إلخ)‬
‫تفضيل إقامة عالقات مع اآلخرين في‬
‫الصداقة‬ ‫‪ 04‬قيم الجماعة‬
‫جماعة‬
‫العدالة االقتصادية‬
‫اإلعجاب بنظام المجتمع‬ ‫‪ 05‬القيم االجتماعية‬
‫والمساواة‬

‫حسب وظائفها‪" :‬كالقيم االقتصادية‪ ،‬والسياسية والدينية ‪...‬بمعنى ربط كل قيمة بنظام‬ ‫‪‬‬
‫‪1‬‬
‫اجتماعي معين كما فعل دوركايم"‪.‬‬
‫‪.‬ع إلى‬
‫"كما قدم نيلسون‪ Nilson‬تصنيفا للقيم في ضوء ارتباطها بالنمط البنائي للمجتم‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪.‬يز القيم على‬‫‪.‬دما م‪.‬‬ ‫فئتين‪ :‬قيم تقليدية‪ ،‬وقيم عقلية‪ ،‬وهذا ما فعله روبرت رودفيلد عن‪.‬‬
‫‪.‬ة‪،‬‬
‫‪.‬وده القيم التقليدي‪.‬‬
‫أساس نوع المجتمع إلى قيم خاصة بالمجتمع الحضري الذي تس‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫وقيم خاصة بالمجتمع الحضري الذي تسوده القيم العصرية"‪.‬‬

‫وقد اعتمدنا نحن التصنيف الوظيفي الذي جاء به دور كايم ألنه يخدم توجه بحثنا ‪.‬‬

‫وظائف القيم‪:‬‬ ‫‪.4‬‬


‫"القيم تعد بمثابة اإلطار المرجعي أو المعياري أو األساس الذي يحكم به الف‪..‬رد على‬ ‫‪‬‬
‫كل ما يواجهه من مواقف ومشكالت وكل ما يبديه من تصرفات وكل ما يناط به من‬
‫‪3‬‬
‫أعمال"‪.‬‬
‫"تعتبر القيم امتدادا للفرد والمجتمع معا‪ ،‬فالعالقة بينهما‪ -‬أي الفرد والمجتمع‪ -‬عالق‪.‬ة‬ ‫‪‬‬
‫‪ .‬والتناقض أيضا‪ ،‬يقول غي روشيه ‪ :‬إن‬ ‫قيمية قائمة على التفاعل والحماية والعضوية‬

‫‪ - 1‬ماجد الزيود‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.26-25‬‬


‫‪ - 2‬عبد اللطيف محمد خليقة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.344‬‬
‫‪ - 3‬صفاء محمد علياء أحمد‪ ،‬رؤى معاصرة في تدريس الدراسات االجتماعية‪ ،‬عالم الكتب نشر و توزيع طباعة‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫ط‪ ،2008 ،1‬ص‪.20-19‬‬
‫‪5‬‬
‫الث‪:‬‬ ‫ل الث‬ ‫الفص‬
‫القيم‬

‫اإلنتماء إلى لقيم يرمز بدوره إلى اإلنتساب إلى مجتمع معين وبالنتيجة‪ ،‬ف‪..‬إن ع‪..‬الم‬
‫النماذج والقيم يظهر بمثابة عالم رمزي كبير تتحرك فيه العناصر االجتماعية الفاعلة‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫المجموعات والجماعات والحضارات"‪.‬‬
‫"تعمل القيم على ربط أجزاء الثقافة بعضها ببعض لكي تبدو متناسقة وتخ‪..‬دم ه‪..‬دفا‬ ‫‪‬‬
‫محددا‪ ،‬كما تعمل على توجيه الفكر نحو غايات محددة فالمفكر مهما ك‪..‬ان علي‪..‬ا أو‬
‫تقدميا ال يستطيع اإلرتقاء باألمة إن لم يكن مرتبطا بمنظومة القيم"‪.2‬‬
‫"إن الفكر االجتماعي غالبا ما يعطي للقيم األخالقية دورا هاما في عملية قيام المؤسسة‬ ‫‪‬‬
‫ومراقبة المجتمع‪ ،‬وهكذا فإن إحدى أهم النظريات االجتماعية تق‪..‬ول ‪ :‬إن المع‪..‬ايير‬
‫األخالقية‪ ،‬باعتبارها محور تقويم الثقافة المتداولة‪ ،‬هي قلب اآلليات المثبت‪..‬ة لنظ‪..‬ام‬
‫‪3‬‬
‫التفاعالت االجتماعية"‪.‬‬
‫"يرى بارسونز أن استمرار الجماعة مرهون بضمان تجديد القيم‪ ،‬ويميز بين أربع‪..‬ة‬ ‫‪‬‬
‫أنساق فرعية مترابطة (ثقافية‪ ،‬سياسية‪ ،‬اقتصادية‪ ،‬اجتماعية)‪ ،‬التي تؤدي بدورها إلى‬
‫‪4‬‬
‫تماسك كل تجمع اجتماعي"‪.‬‬
‫‪.‬ات‬ ‫‪.‬ة والتوقع‪.‬‬ ‫‪.‬داث التاريخي‪.‬‬ ‫"يمكن القول أن الوظيفة األساسية للقيم هي تحويل األح‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪5‬‬
‫المستقبلية إلى قيم حاضرة ساكنة"‪.‬‬
‫"تهييء لألفراد اختيارات معينة تحدد السلوك الصادر عنهم‪ ،‬فهي تلعب دورا هاما في‬ ‫‪‬‬
‫تشكيل الشخصية الفردية وتحديد أهدافها في إطار معياري ص‪..‬حيح‪ ،‬وتعطي الف‪..‬رد‬
‫‪6‬‬
‫إمكانية أداء ما هو مطلوب منه ليكن قادرا على التكيف والتوافق بصورة إيجابية"‪.‬‬

‫القيم والتغير االجتماعي ‪:‬‬ ‫‪.5‬‬

‫"إن القيم التي يجعل منها الباحثون اليوم عناصر كامنة في السلوك البشر تنش‪..‬أ في‬
‫نظرهم من التجربة البشرية‪ ،‬ومن ثمة تكون قابلة للتأثر بأي ظرف من الظروف‪ ،‬بم‪.‬ا في‪.‬ه‬
‫الظروف االجتماعية التي تمس التجربة"‪ ،7‬ولم تشهد التجربة البشرية منذ بدء التاريخ تغ‪..‬يرا‬
‫سريعا وصارخا وعميقا مثل الذي شهدته بعد الثورة الصناعية والتي أفرزت بدورها ث‪..‬ورة‬
‫اتصالية ومعلوماتية هائلة فتحت المجال أمام التدفق الحر للمعلومات والقيم واألفكار والس‪..‬لع‬
‫والمنتوجات نتيجة النتشار وسائلها وتقنياتها عبر العالم ومع ما وفرته من حري‪..‬ة وس‪..‬رعة‬

‫‪ -‬محمد علي جمعة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.101-100‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬دالل ملحس استيتيه‪ ،‬التغير االجتماعي و الثقافي‪ ،‬دار وائل‪ ،‬عمان‪ ،‬االردن‪ ،‬ط‪ ،2004 ،1‬ص ‪.302-301‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬محمد بلفقيه‪ ،‬العلوم االجتماعية و مشكلة القيم – تأصيل الصلة ‪ ،-‬دار نشر المعرفة‪ ،‬الرباط‪ ،‬ط‪ ،2007 ،1‬ص ‪.67‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ -‬المواقف ‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.369‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪ -‬طارق كمال‪ ،‬علم النفس و القيم‪ ،‬مؤسسة شباب الجامعة‪ ،‬اسكندرية‪ ،‬ط‪ ،2008 ،1‬ص ‪.45‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪ -‬ماجد الزيود‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.27‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪ -‬محمد بلفقيه‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.67‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪6‬‬
‫الث‪:‬‬ ‫ل الث‬ ‫الفص‬
‫القيم‬

‫‪.‬الم تحت‬‫وانفتاح في التبادالت المادية وغير المادية بين األطراف المختلف‪.‬ة في أرج‪.‬اء الع‪.‬‬
‫‪.‬وذج‬ ‫‪.‬ذو النم‪.‬‬‫‪.‬ذي ح‪.‬‬ ‫شعار العولمة أو الكونية فقد أصبح هذا األخير بحق قرية صغيرة تحت‪.‬‬
‫الغربي وأدى هذا إلى تغيرات ملحوظة في البلدان النامية على المستوى االجتماعي والثقافي‬
‫من نظم وبنى ومؤسسات وقيم وتصورات وفي كل عناصر الثقافة ويؤكد المهدي المنج‪++‬رة‬
‫أننا "نالحظ اليوم في العالم تقلصا مزدوجا فيم جال المكان‪ ،‬وفي مجال الزمن والتقنية تق‪..‬وم‬
‫بإنشاء حيزها المكاني الخاص باستقالل عن العالم‪ ،‬وبذلك تبتعد التقنية شيئا فش‪..‬يئا عن القيم‬
‫‪1‬‬
‫اإلنسانية"‪.‬‬

‫ويمكننا أن نلمس هذا التغير في تحول نظام األسرة في المجتمعات العربية عموم‪..‬ا‬
‫‪.‬ة‬‫‪.‬ع والمؤسس‪.‬‬ ‫‪.‬تركيب المجتم‪.‬‬ ‫والمجتمع الجزائري خصوصا‪ -‬التي تعتبر النواة األساسية ل‪.‬‬
‫األولى المنوطة بعملية التنشئة االجتماعية حيث نلحظ ضعفا في الروابط األس‪..‬رية "بس‪..‬بب‬
‫تراجع سلطة الوالدين في السيطرة على ضبط سلوك األبناء‪ ،‬فعالقة اآلباء باألبناء وعالق‪..‬ة‬
‫الرجل بالمرأة كانت تحدد على أساس النظام األبوي والذي يتمثل في هيمن‪..‬ة الرج‪..‬ل على‬
‫‪.‬ن‬‫‪.‬وري الس‪.‬‬ ‫‪.‬لطة على مح‪.‬‬ ‫‪.‬ا للس‪.‬‬‫المرأة وهيمنة الكبار على الصغار ما يعني توزيعا هرمي‪.‬‬
‫والجنس"‪ ،2‬وتمثل قيم الشرف واالحتشام والجماعية والطاعة عناصر أساسية في هذا النظ‪.‬‬
‫‪.‬ام‬
‫وتتصل قيمة الشرف بسلوك الفرد ولكنها ال تقتصر عليه بل تمتد لتشمل العائل‪..‬ة كجماع‪..‬ة‬
‫تتوحد فيها المسؤولية وتتماثل فيها الذات مع الجماعة‪ ،‬وعلى وجه التحديد تربط هذه القيم‪..‬ة‬
‫‪3‬‬
‫سلوك المرأة بشرف الرجل‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة هنا إلى أن "تعرض المجتمع لهجمات التغيرات الثقافية الجديدة يؤدي‬
‫إلى تعرض عناصرها الثقافية االجتماعية للتغير بنسب متفاوتة ولكن تغير العناصر الثقافية ال‬
‫يتم بنفس السرعة‪...‬فالتغير السريع في إحدى جوانب ثقافتنا يتطلب تكيفات أخرى في مختلف‬
‫أجزاء الثقافة المترابطة‪ ،‬وعندما ال تتغير األجزاء تتعرض الثقافة لألزمة الثقافية أو القيمي‪..‬ة‬
‫‪ .‬بين القيم والمعايير الثقافية"‪" ،4‬كما تجدر اإلش‪..‬ارة أيض‪..‬ا أن‬
‫والتي تشير إلى غياب التوازن‬
‫التغير قد يصيب القيم في تدرجها ومراتبها أكثر من خلق قيم جديدة‪ ،‬فالتدرج في القيم يتبدل‬
‫ويتغير‪ ،‬وتضعف القيم السائدة وتحل محلها قيم أخرى من متغيراتها‪.5‬‬

‫صراع القيم‪:‬‬ ‫‪.6‬‬

‫‪ - 1‬المهدي المنجرة‪ ،‬قيمة القيم‪ ،‬ط‪ ،2007 ،2‬ص ‪.186‬‬


‫‪ - 2‬لطيفة طبال‪ ،‬التغير االجتماعي و دوره في تغير القيم االجتماعية‪ ،‬مجلة العلوم االنسانية و االجتماعية‪ ،‬جامعة س‪..‬عد‬
‫دحلب – البليدة‪ ،‬العدد ‪ ،08‬جوان ‪ ،2012‬ص ‪.420‬‬
‫‪.‬عد‬‫‪.‬ة س‪.‬‬
‫‪ - 3‬لطيفة طبال‪ ،‬التغير االجتماعي ودوره في تغير القيم االجتماعية‪ ،‬مجلة العلوم االنسانية واالجتماعية‪ ،‬جامع‪.‬‬
‫دحلب‪ ،‬البليدة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬عدد ‪ 08 ،08‬جوان ‪ ،2012‬ص ‪420‬‬
‫‪ - 4‬المواقف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.380-370‬‬
‫‪ - 5‬محمد بلفقيه‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.98‬‬
‫‪7‬‬
‫الث‪:‬‬ ‫ل الث‬ ‫الفص‬
‫القيم‬

‫ال يخلو أي مجتمع في عناصر بنائه من التناقضات والصراعات القيمية منها ما هو‬
‫وظيفي‪ ،‬ونقصد أنه ضروري في سيرورة وتطور المجتمعات ومنها ما هو مؤشر للمشكالت‬
‫‪.‬دث بين‬ ‫االجتماعية‪ ،‬وكالهما يظهر على مستويات مختلفة‪ ،‬ومن الصراعات الطبيعية ما يح‪.‬‬
‫األجيال وهو صراع مستمر بين جيلي اآلباء واألبناء حيث أن الفئات العمرية األك‪..‬بر س‪..‬نا‬
‫أكثر تمسكا بالقديم على عكس الشباب الذين هم أكثر تقبل الجديد‪" ،‬ويؤكد بريك أن مرحل‪..‬ة‬
‫الشباب تميل إلى تطوير نسق ثقافي خاص بهم يعبر عنهم بمفهوم ثقافة الشباب تلك الثقاف‪..‬ة‬
‫‪.‬ة‬‫‪.‬اق االجتماعي‪.‬‬‫‪.‬ل وللنظم واألنس‪.‬‬‫التي تعبر عن تحد صريح لقيم المجتمع وثقافته العامة‪ ،‬ب‪.‬‬
‫السائدة فيه‪ ،‬أي أن الثقافة الفرعية للشباب تنطوي على شكل من أشكال اإلنحراف عن الثقافة‬
‫‪1‬‬
‫العامة"‪.‬‬

‫وهناك صراع آخر يتعلق بما ذكرناه سابقا ‪-‬في أنواع القيم‪ -‬عن القيم التقليدية والقيم‬
‫‪.‬ة‬‫العصرية‪ ،‬وهما ال تتعلقان بالفئات العمرية هذه المرة بل بطبيعة القيم في حد ذاتها وبطبيع‪.‬‬
‫‪.‬ة‬‫حامليها بالضرورة أي بتصوراتهم و وتمثالتهم واتجاهاتهم نحو ما تحويه الحياة االجتماعي‪.‬‬
‫وما يمكن أن يطرأ عليها من تغيير وقد يحدث التناقض بين من يتمسكون بالقديم دون قب‪..‬ول‬
‫‪.‬ة‬‫‪.‬ا إلى مقاوم‪.‬‬ ‫أي جديد وبين من يصبون إليه فقد "تحول القيم التقليدية أو باألحرى حاملوه‪.‬‬
‫التغير ومحاولة اإلبقاء على األوضاع القائمة نظرا لتجذر قيمهم في ذهنياتهم‪ ،‬وهذا ما يؤدي‬
‫حتما لصراع بينها وبين القيم العصرية التي تصبو إلى اإلنبثاق من المجتمع التقليدي وكلم‪..‬ا‬
‫كانت القيم أقرب إلى الجمود أصبح من الصعب أن تستبدل باألوضاع القائمة في المجتم‪..‬ع‬
‫‪2‬‬
‫أوضاعا أخرى جديدة"‪.‬‬

‫‪.‬ثروة أو‬
‫‪.‬ايز من حيث ال‪.‬‬ ‫تظهر فروق في القيم أيضا حين يضم المجتمع طبقات تتم‪.‬‬
‫‪.‬ة‬
‫‪.‬يمات األفقي‪.‬‬
‫‪.‬يف إلى التقس‪.‬‬‫المكانة االجتماعية أو النفوذ السياسي أو الثقافي وغيرها وتض‪.‬‬
‫‪.‬رف‬ ‫‪.‬ار من ط‪.‬‬ ‫تقسيما عموديا وفي أحوال كهذه تقترن بهذه الفروق مشاعر استعالء‪ ،‬واحتق‪.‬‬
‫‪.‬عر‬‫وحقد وعداء من الطرف اآلخر‪ ،‬وقد تبلغ الفروق في القيم ضمن المجتمع الواحد حدا يش‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫الناظر أنها ثقافات متعددة ال ثقافة واحدة‪.‬‬

‫هذا ويحدث لبعض األفراد الذين يتركون بلدانهم ويرتحلون إلى بلدان أخرى مختلفة‬
‫أو أكثر تحضرا أن يخوضوا صراعات داخلية نتيجة التناقض الذي يالحظونه بين ثقاف‪..‬اتهم‬
‫التي طالما اكتسبوها والثقافات الجديدة التي أصبحوا في مواجهتها وهذا ما يسمى بالص‪..‬دمة‬
‫‪.‬ه‬
‫‪.‬بها من موطن‪.‬‬ ‫‪.‬تي اكتس‪.‬‬
‫‪.‬اني ال‪.‬‬
‫الثقافية "حيث تنتقل مع اإلنسان كل القيم والتجارب والمع‪.‬‬

‫‪ -‬ماجد الزيود‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.39‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬دالل ملحس استيتيه‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.171-172‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬المواقف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.373‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪8‬‬
‫الث‪:‬‬ ‫ل الث‬ ‫الفص‬
‫القيم‬

‫‪.‬تي‬
‫‪.‬ك ال‪.‬‬
‫‪.‬د وتل‪.‬‬
‫األصلي وهو ما يؤدي إلى حدوث فجوة بين القيم السائدة في المجتمع الجدي‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫اكتسبها اإلنسان"‪.‬‬

‫القيم والضبط االجتماعي ‪:‬‬ ‫‪.7‬‬

‫من وظائف القيم كما أسلفنا الذكر أنها تحافظ على تماسك المجتمع‪ ،‬فهي تعتبر "أداة‬
‫اجتماعية للحفاظ على النظام االجتماعي واالستقرار داخل المجتمع وتع‪..‬د من أهم عوام‪..‬ل‬
‫الضبط االجتماعي غير الرسمية حيث تعمل كموجه لسلوك أعضاء المجتمع في اتجاه ما هو‬
‫فضل ثقافيا"‪ ،2‬كما أن بعض القيم تكون إلزامية أي مرتبطة بالعقاب والجزاء ويمكن أن يكون‬
‫‪.‬ذين‬ ‫‪.‬راد ال‪.‬‬
‫‪.‬ازى األف‪.‬‬ ‫الجزاء ماديا أو معنويا‪ ،‬معنويا مثل الوصم أو النبذ أو غيرها‪ ...‬ويج‪.‬‬
‫يتفقون مع الجماعة في قيمها بقبولهم فيها وتعزيز انتمائهم لها‪" ،‬فاالتفاق القيمي يع‪..‬د أح‪..‬د‬
‫‪3‬‬
‫العوامل األساسية في انضباط سلوك األعضاء داخل الجماعة أو المجتمع"‪.‬‬

‫القيم واإليديولوجيا ‪:‬‬ ‫‪.8‬‬

‫"اإليديولوجيا كما يقول ريمون آرون‪ Raymond Aron‬هي منظومة لتفسير العالم‬
‫‪.‬تي‬‫‪.‬دات ال‬
‫‪.‬ط من المعتق‬ ‫‪.‬ا نم‬
‫‪.‬ولز "أنه‬ ‫االجتماعي تنطوي على نسق منا لقيم المقبولة"‪ 4‬ويعرفه‬
‫‪.‬ا ش‬
‫يعتنقها األفراد ويتم بواسطتها الوصول إلى قناعات عالية فيما يخص تعزي‪..‬ز أو ت‪..‬برير أو‬
‫‪.‬كل‬‫‪.‬ا يش‪.‬‬ ‫تحفيز معاييرهم أو قيمهم أو مواقفهم أو سلوكهم"‪ 5‬فمجموع القيم المتناسقة فيما بينه‪.‬‬
‫‪.‬القيم‬
‫‪.‬ديولوجيا ب‪.‬‬‫‪.‬ة اإلي‪.‬‬
‫ويكون اإليديولوجيا‪ ،‬وقد قدم شولز‪ Schulz‬جدوال يوضح فيه عالق‪.‬‬
‫والمواقف و أعطى مثاال عن اإليديولوجيا اإلشتراكية يوضحها الشكل رقم (‪.6)02‬‬

‫جدول يوضح اإليديولوجيا و عالقتها بالقيم و المواقف‪ :‬الشكل رقم (‪.)02‬‬

‫اإليديولوجيا أو نسق‬
‫اإلشتراكية‬
‫المعتقدات‬
‫الديموقراطية‬ ‫العدالة‬ ‫المساواة‬ ‫القيم أو األهداف‬
‫‪ - 1‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.371‬‬
‫‪ .‬ط ‪،1‬‬
‫‪ - 2‬نبيل محمد توفيق السمالوطي‪ ،‬تقديم محمد غيث‪ ،‬البناء النظري لعلم االجتماع‪ ،‬دار الكتب الجامعية‪ ،‬االسكندرية‪،‬‬
‫‪ ،2008‬ص ‪.121‬‬
‫‪ - 3‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.316‬‬
‫‪ - 4‬محمد بلفقيه‪ ،‬المرجع السابق‪. 2007 ،‬‬
‫‪ - 5‬معين خليل العمر‪ ،‬علم اجتماع المعرفة‪ ،‬دار الشروق للنشر و التوزيع‪ ،‬عمان – االردن‪ ،‬ط‪ ،2006 ،1‬ص ‪.247‬‬
‫‪ - 6‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.252‬‬
‫‪9‬‬
‫الث‪:‬‬ ‫ل الث‬ ‫الفص‬
‫القيم‬

‫مواقف‬ ‫حق‬ ‫مواقف‬ ‫العدالة‬ ‫المساواة مواقف‬


‫المواقف‬
‫أخرى‬ ‫اإلقتراع‬ ‫أخرى‬ ‫النزيهة‬ ‫االقتصادية اخرى‬

‫مصادر القيم ومباحثها ‪:‬‬ ‫‪.9‬‬


‫االتجاه المادي –كارل ماركس ‪Karl Marx :‬‬ ‫‪‬‬

‫تساءل ماركس عن الحادث المادي الرئيسي الذي يهيمن تطوره على تطور التاريخ‬
‫البشري و وجد أن الحادث ليس بالوسط الجغرافي الذي ال يكاد يتغير‪ ،‬و ليس عامل ازدي‪..‬اد‬
‫كثافة السكان أو تناقصها‪ ،‬بل إن التاريخ يبين إن هذا العامل الرئيسي هو تطور إنتاج األشياء‬
‫‪.‬ات‬‫‪.‬اج وعالق‬ ‫‪.‬ائل اإلنت‬
‫‪.‬ة لوس‬
‫‪.‬ه من ملكي‬
‫‪.‬ا يتطلب‬
‫‪.‬اج و م‬ ‫المادية‪ ،‬أي العامل االقتصادي‪ ،1‬ه‬
‫‪.‬ذا اإلنت‬
‫‪.‬ل‬ ‫‪.‬اج إلى المأك‪.‬‬ ‫‪.‬اج‪ ،‬يحت‪.‬‬ ‫إنتاجية هو أساس المجتمع و التاريخ جملة‪ ،‬فاإلنسان أول ما يحت‪.‬‬
‫‪.‬ل‪،‬‬‫واللباس والمسكن وهدا األمر يتطلب اآلالت والوسائل التي تحدد بدورها نمطا معينا للعم‪.‬‬
‫وأي تطور يطرأ على الوسائل اإلنتاجية يتطور معه نمط العمل وم‪..‬ا يتبع‪..‬ه من عالق‪..‬ات‬
‫اقتصادية ولما كانت ‪ -‬بالنسبة له ‪ -‬باقي العالقات من سياسية و دينية و فكرية و غيرها ما‬
‫هي إال انعكاس لألساس المادي االقتصادي فإنها بالضرورة تتغير بتغيره‪ ،‬يقول ماركس‪" :‬إن‬
‫‪.‬مير‬‫‪.‬ه فض‪.‬‬ ‫نوع اإلنتاج للحياة المادية يكيف عملية الوجود االجتماعي و الروحاني في جملت‪.‬‬
‫‪.‬ا‬ ‫الناس ال يحدد كيانهم االجتماعي‪ ،‬ولكن كيانهم االجتماعي هو الذي يحدد ضميرهم"‪ ،2‬فك‬
‫‪.‬ل م‬
‫‪ .‬و أفكار وعقائد وغيرها مما يكون البنى الفوقية ‪ -‬حسبه – هو‬ ‫ينتجه اإلنسان من تصورات‬
‫نتاج لبناء تحتي اقتصادي‪" .‬وقد جاء ماركس بنظرية للقيمة ذات أساس اقتصادي تم‪..‬يز بين‬
‫‪.‬ة‬‫‪.‬يئان‪ ،‬وهي قيم‪.‬‬ ‫‪.‬ذان الش‪.‬‬‫قيمة اإلستعمال التي تدل على منفعة الشيء بآخر مهم أيا كان ه‪.‬‬
‫تمنحها للشيء كمية العمل التي يحتاج إليها إلنجازه كما أنها قيمة يرمز إليها الم‪..‬ال ال‪..‬ذي‬
‫‪.‬اقض بين‬ ‫‪.‬ا يظهر التن‬ ‫يتحول إلى رأسمال إذا استعمل لشراء العمل الذي هو مصدرها‪ ،3".‬و هن‬
‫قيمة العمل و قيمة التبادل فاألجرة التي يتلقاها العامل أقل بكثير مما تقدمه من عمل في مقابل‬
‫‪.‬ل‬ ‫‪.‬د العام‪.‬‬‫هذا ينمو المال بواسطة العمال ليتحول إلى رأسمال لفائدة أصحاب العمل‪ ،‬لذا يج‪.‬‬
‫نفسه في حلقة استغالل دائمة تجعل العامل يعيش في اغتراب عما ينتجه‪ ،‬يقول ماركس ‪" :‬إن‬
‫طريقة اإلنتاج الرأسمالي تحدث من تلقاء ذاتها إنفصال العامل عن شروط العمل‪ ،‬و هي بذلك‬
‫‪.‬راعا‬‫‪.‬د ص‪.‬‬ ‫تكرر و تديم الشروط التي ترغم العامل على أن يبيع ذاته ليعيش"‪ ،4‬وهذ اما يول‪.‬‬

‫‪ - 1‬عادل العوا‪ ،‬العمدة في فلسفة القيم‪ ،‬ص‪. 634-633‬‬


‫‪ - 2‬الربيع ميمون‪ ،‬نظرية القيم في الفكر المعاصرين النسبية و المنطقية‪ ،‬سلسلة الدراسات الكبرى‪ ،‬الشركة الوطنية للنشر و‬
‫التوزيع‪ ،‬ط‪ ،1980 ،1‬ص ‪.191‬‬
‫‪ - 3‬الربيع ميمون‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.197‬‬
‫‪ - 4‬عادل العوا‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.635‬‬
‫‪10‬‬
‫الث‪:‬‬ ‫ل الث‬ ‫الفص‬
‫القيم‬

‫‪ .‬الذي يتحول فيما بعد إلى ص‪..‬راع‬ ‫طبقيا بين العمال البروليتاريين والرأسماليين هذا الصراع‬
‫فوقي أي صراع معنوي حين تكرس كل طبقة أفكارها وقيمه للدفاع عن مصالحها‪ ،‬له‪..‬ذا‪" ،‬‬
‫فإن القيم التي يعيش الناس مهتدين بنورها ليست إال آثارا لمصالح طبقة ما‪ ،‬وعالمات عليها‪،‬‬
‫وليست هي القيم التي يجب على اإلنسان أن يتمسك بها حتى يكون إنسانا حقا"‪.1‬‬

‫االتجاه االجتماعي‪:‬‬ ‫‪‬‬


‫دوركايم ‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪.‬و‬‫‪.‬در القيم ه‪.‬‬


‫يؤكد دوركايم استقاللية الواقع االجتماعي عن األفراد ويعتبر أن مص‪.‬‬
‫"العقل الجمعي"‪ ،‬ويشبهه بذلك المركب الكيميائي الذي تمتزج فيه كل العناصر والذي تختلف‬
‫خصائصه كمركب عن خصائص كل عنصر‪ ،‬فكذلك األمر بالنسبة للمجتمع الذي يكونه العقل‬
‫الجمعي الذي هو نتيجة لتمازج األفراد في عالقات اجتماعية مستمرة ويكون منفصال عن كل‬
‫فرد‪" ،‬ولذلك ال توجد القيم والمثل العليا عند األفراد‪ ،‬بل في هذا المركب الكيميائي المنفص‪.‬ل‬
‫عنه ألن الفرد ال يجد في نفسه المواد والعناصر التي تشكل القيم والمثل‪ ،‬ألنه ل‪..‬و ركن إلى‬
‫‪.‬ه إلى‬‫‪.‬اوز ذات‪.‬‬
‫قواه الخاصة‪ ،‬فيما يقول دوركايم‪ ،‬فلن يجد في نفسه الميل أو القدرة على تج‪.‬‬
‫‪.‬ق القيم و‬
‫‪.‬و من يخل‪.‬‬ ‫‪.‬المجتمع ه‪.‬‬ ‫تحقيق المثل األعلى والبد أن يكون هناك في المجتمع‪ ".2‬ف‪.‬‬
‫يفرضها على األفراد‪ ،‬فهي خارجة و مستقلة عن إرادتهم و إدراكهم‪ ،‬كما أنها إلزامي‪..‬ة ألن‬
‫‪.‬ا وإال‬
‫‪.‬برون على تتبعه‪.‬‬ ‫‪.‬راد و هم مج‪.‬‬ ‫‪.‬ؤالء األف‪.‬‬
‫التصورات الجمعية تفرض نفسها على ه‪.‬‬
‫‪.‬ا‬
‫‪.‬تي ينظم به‪.‬‬‫‪.‬وانين ال‪.‬‬
‫‪.‬د و الق‪.‬‬‫تعرضوا للعقاب سوء المادي أو المعنوي فهي تعتبر القواع‪.‬‬
‫المجتمع نفسه‪ ،‬لهذا فهي ليست خاصة باألفراد بل هي خاصة بالمجتمع فكيف تكون مشتركة‬
‫مع تمايز األفراد‪ ،‬و هو يقول‪" :‬ال يوجد طراز خاص بالتفكير و الحكم في مجال الوجود‪ ،‬و‬
‫طراز آخر لتقرير القيم و لكن المجتمع هو الذي ينجب القيم و يفرض علينا قبول بعض القيم‬
‫التي ال تتحلى بمعنى إال بالنسبة لذاك المجتمع‪ ،‬بدل أن تعرب عن أعم‪..‬ق أمني‪..‬ات ك‪..‬ائن‬
‫‪.‬ف‬ ‫‪.‬اعي تتص‪.‬‬ ‫شخصي حر و حسب"‪ .3‬فالقيم عند دور كايم إذن هي عبارة عن حادث اجتم‪.‬‬
‫بواصفاته الخارجية واإللزامية و العمومية‪.‬‬

‫بوكله‪: Bockla‬‬ ‫‪-‬‬

‫"يتساءل بوكله ‪ :‬إذا كانت القيم تفرض نفسها علي‪ ،‬أفال يدل ذلك على أنها بمع‪..‬نى‬
‫من المعاني‪ ،‬من صنع المجتمع ذاته الذي تصون حياته "‪ 4‬وهو هنا يؤكد ما ذهب إلي‪..‬ه دور‬
‫‪ - 1‬الربيع ميمون‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.199‬‬
‫‪ - 2‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.214‬‬
‫‪ -3‬عادل العوا‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.197‬‬
‫‪ -4‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.209‬‬
‫‪11‬‬
‫الث‪:‬‬ ‫ل الث‬ ‫الفص‬
‫القيم‬

‫‪.‬ات‬ ‫‪.‬تي تكبح رغب‪.‬‬ ‫‪.‬ة ال‪.‬‬


‫كايم في أن إلزامية القيم هي لكونها اجتماعية أي من صنع الجماع‪.‬‬
‫األفراد و تخضعهم لقواعدها فالفرد ال يقوم بفعل كل ما يريد مادامت الجماعة ال توافق فالقيم‬
‫تستمد قوتها من سلطة الجماعة ألنها من أنتجها لحفظ االستمرار و الحياة ‪ ".‬و هو ي‪..‬رى أن‬
‫عالقاتنا باألشخاص و األشياء عالقة نسبية متحولة‪ ،‬وهي تخضع للعادات والتقاليد واألعراف‬
‫وبعض أشكال المثل العليا التي نقتبسها من الحياة االجتماعية والوجدان الجمعي‪ ،‬فإذا ك‪..‬انت‬
‫القيمة تبدو لنا أنها تلبي حاجاتنا أو رغباتنا فإن هناك رغبات اآلخرين التي تعترض رغباتنا‪،‬‬
‫لذا فإنه كلما ازداد عدد الراغبين اآلخرين زاد اإللحاف على الطلب‪ ،‬فالقيم تتضاعف عن‪..‬دما‬
‫‪.‬ا أي‬ ‫‪.‬ة وزنه‬‫‪.‬ة إذن هي من يعطي للقيم‬‫تضاف اآلفاق االجتماعية إلى اآلفاق الفردية"‪.1‬فالجماع‬
‫أن القيم ال تتعلق برغبات األفراد بل بما ترغب فيه الجماعة وتفضله ‪ .‬و هذا ال يعني أن‪..‬ه‬
‫ليس هناك قيم خاصة باألفراد بل هي موجودة لكنها خاضعة لقيم اآلخرين ليس أفرادا و إنما‬
‫جماعة لها سننها الخاصة بها ‪.‬‬

‫جورج زيمل ‪Simmel George :‬‬ ‫‪-‬‬

‫يرى زيمل "أن القيم‪ ،‬كل القيم تصدر عن أصل اجتماعي‪ ،‬و لكن‪..‬ه يع‪..‬ني بكلم‪..‬ة‬
‫‪.‬اعي ينجم عن‬ ‫اجتماعي منظومة عامة من العالقات ال منظومة عالقات نوعية‪ ،‬وهذا االجتم‪.‬‬
‫عالقات أولية بين األفراد‪ :‬عالقات سيطرة‪ ،‬ومنافسة‪ ،‬و تعارض‪ ،‬وتب‪..‬ادل‪ ،‬وهي عالق‪..‬ات‬
‫‪.‬بى‬‫‪.‬تي تل‬
‫‪.‬ة ال‬
‫‪.‬زة‪ ،‬أو من الرغب‬‫‪.‬دأ من الغري‬
‫‪.‬د تب‬
‫‪.‬دريج‪ ،‬فق‬ ‫‪.‬دد بالت‬ ‫متجددة باستمرار"‪ .2‬و" القيم‬
‫‪.‬ة تتح‬
‫في الحال أو من المنفعة المباشرة و هكذا توجد مسافة بين الفاعل و الغرض يتخللها عدد من‬
‫‪.‬ك – على‬ ‫‪.‬ير ذل‪.‬‬
‫‪.‬افع أو غ‪.‬‬‫العوائق فالقيمة إذن ال تظهر إال إذا كان موضوعها جمالي أو ن‪.‬‬
‫مسافة منا ‪ 3".‬فقد عنى زيمل خاصة بتحليل القيمة االقتصادية من حيث تحديدها الت‪..‬دريجي‬
‫بالعالقات االجتماعية و ال سيما عالقة التبادل فاختالف رغبات األفراد و تفضيلهم لألش‪..‬ياء‬
‫هو الذي يقيم عالقة بين الرغبات المتقابلة ويجعل التبادل ممكنا‪ ،‬و هو ال‪..‬ذي يعطي قيم‪..‬ة‬
‫للمرغوبات‪ .4‬فالقيمة تتحدد بوجود اآلخر بل اآلخرين الذين يمثلون أطراف التبادل أيا ك‪..‬ان‬
‫هذا التبادل ماديا أو غير ماديا‪ ،‬هذا التبادل الكامن في جميع العالق‪..‬ات االجتماعي‪..‬ة و حين‬
‫نقول التبادل فنحن نتكلم عن الشيء المتبادل و هو مع األطراف المتبادلين و العالقات ال‪..‬تي‬
‫تنجم عن هذه العملية العناصر التي تحدد القيمة‪.‬‬
‫‪ -1‬محمد بلفقيه‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.205‬‬
‫‪ -2‬عادل العوا‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.646‬‬
‫‪ 3‬محمد بلفقيه‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.203‬‬
‫‪ 4‬عادل العوا‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.647‬‬
‫‪12‬‬
‫الث‪:‬‬ ‫ل الث‬ ‫الفص‬
‫القيم‬

‫ليفي برول‪: Levi Brol‬‬ ‫‪-‬‬

‫أنكر على القيم الخلقية أن تنظر فيما ينبغي أن يكون‪ ،‬فالظواهر الخلقية حس‪..‬به هي‬
‫‪.‬ا‪،‬‬
‫‪.‬وانين مثله‪.‬‬‫ظواهر اجتماعية‪ ،‬تتغير بتغير الظواهر االجتماعية األخرى‪ ،‬وهي تخضع لق‪.‬‬
‫‪.‬ة‬
‫ويرى انه يجب األخالق النظرية(المثالية)أن تفسح المجال لألخالق العملية ودراستها دراس‪.‬‬
‫وصفية تقريرية‪ ،‬وعلم االجتماع هو وحده له الحق في تناول الواقعة األخالقية ودراستها بغية‬
‫تعديل السلوك الخلقي القائم‪ .1‬ونراه في رأيه ال يختلف عن دور كايم في أن القيم ذات طبيع‬
‫‪.‬ة‬
‫اجتماعية وهي من انتاج الحياة االجتماعية وليست ذات طبيعة مثالية متعالية عن المجتمع‪.‬‬

‫االتجاه التحليلي‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫يعطي هذا االتجاه للفاعل االجتماعي دورا في عملية تكوين واكتساب القيم وال يجعل‬
‫للمجتمع مطلقية ذلك ويمثل هذا االتجاه علم النفس االجتماعي الذي يس‪..‬تند في تحليل‪..‬ه على‬
‫التفاعل الذي يحدث بين الفرد والجماعة‪.‬‬

‫ماكس فيبر‪: Max weber‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪.‬ع‬‫‪.‬تانتية م‪.‬‬‫من خالل الدراسة التي أجراها حول العالقة بين القيم واألخالق البروتس‪.‬‬
‫‪.‬مالية"‬
‫‪.‬تانتية وروح الرأس‪.‬‬ ‫روح الرأسمالية والتي نشرها في مؤلفه الشهير "األخالق البروتس‪.‬‬
‫‪.‬ع‬‫‪.‬ادية للمجتم‪.‬‬ ‫والتي أراد منها الكشف عن دور القيم الدينية في الحياة االجتماعية و االقتص‪.‬‬
‫‪.‬القيم‬
‫‪.‬ة ك‪.‬‬ ‫‪.‬يرات المثالي‪.‬‬
‫الغربي الحديث‪ ،‬خلص إلى أن" النظام الرأسمالي نشأ في ضوء التغ‪.‬‬
‫والمعتقدات بمعنى أن الرأسمالية الحديثة نشأت من خالل العقيدة واألخالق البروتستانتية التي‬
‫تطابق روحها الرأسمالية‪"2 ،‬ويتجلى ذلك أساسا في قيمة تقديس العمل والتقشف م‪..‬ا أدى إلى‬
‫‪.‬ادي و‬ ‫‪.‬توى االقتص‪.‬‬ ‫‪.‬ار على المس‪.‬‬ ‫جمع األموال و تكون الطبقة الرأسمالية وما تبعه من آث‪.‬‬
‫االجتماعي فالقيم الدينية هي التي فرضت هذا السلوك االجتماعي –االقتصادي وهو يعاكس‬
‫بهذا كارل ماركس‪ ،‬فإن القيم التي تعتبر داخل البنى الفوقية ليست نتيجة لبناء اقتصادي ب‪..‬ل‬
‫على العكس تماما هي من موجهات الفعل االجتماعي ودافعيات السلوك وهي التي تض‪..‬في‬
‫عليه معناه –أي السلوك‪ -‬وحسبه فإن "السلوك الذي تفرضه القيم هو سلوك يصدر أص‪..‬ال‬
‫لتحقيق قيمة اجتماعية معينة‪ ،‬بالذات حين يمارس إنسان سلوكه بالتحامه بقيم جمالية وديني‪..‬ة‬

‫‪ 1‬محمد بلفقيه‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.206-205‬‬


‫‪ - 2‬سهام صوكو‪ ،‬واقع القيم لدى المراهقين في المؤسسة التربوية – دراسة ميدانية _‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجيستير في علم‬
‫االجتماع‪ ،‬جامعة منتوري قسنطينة‪ ،2008-2009 ،‬ص ‪.51‬‬
‫‪13‬‬
‫الث‪:‬‬ ‫ل الث‬ ‫الفص‬
‫القيم‬

‫‪.‬ل‬
‫‪.‬ا لمث‪.‬‬
‫مثل قيمة الوالء والوفاء‪ ،‬وحينما يسلك الفاعل االجتماعي سلوكا وفق القيمة أو طبق‪.‬‬
‫أعلى إنما تفرض عليه هذه القيمة أن يوجه نمط سلوكه وفقا لها‪"1.‬‬

‫فلوريان زنانيك ‪: Znanieki Flerian‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪.‬روي‬ ‫‪.‬ة الق‪.‬‬‫لقد إهتم زنانيكي بدراسة االتجاهات السائدة في المجتمع البولندي بخاص‪.‬‬
‫‪.‬دة من‬ ‫‪.‬ة وفري‪.‬‬ ‫منه‪ ،‬وركز دراسته على األسرة القروية وذلك لتميزها بعالقات قوية و متين‪.‬‬
‫نوعها بين أفراد األسرة يسميها بالتضامن األسري العضوي ويتمايز هذا التضامن تمايزا كليا‬
‫‪.‬را‬‫‪.‬ومي نظ‪.‬‬ ‫عن كل أشكال التضامن اإلقليمي أو الديني أو االقتصادي أو حتى التضامن الق‪.‬‬
‫‪.‬اس‬ ‫‪.‬ام توم‬‫‪.‬و وويلي‬‫‪.‬تغل ه‬ ‫لتمايز الروابط واالتجاهات والقيم السائدة في كل شكل منها ‪ 2‬وق‬
‫‪.‬د اش‬
‫‪.‬تي تتجلى فيه‪.‬ا‬ ‫في دراسة الخطابات الريفية أو خطابات الفالح البولندي هذه الخطاب‪.‬ات ال‪.‬‬
‫‪.‬رة‬‫‪.‬ل لألس‪.‬‬ ‫‪.‬ترام والتبجي‪.‬‬
‫بوضوح قيم المجتمع القروي البولندي المتمثلة أساسا في قيم االح‪.‬‬
‫والمحبة و المحافظة والتمسك باألخالق‪ ،‬هذه القيم التي تؤثر بشكل أو بآخر على اتجاه‪..‬ات‬
‫أفراد القرية القروية وعلى مختلف أشكال التفاعالت وكل هذه العناصر محكوم‪..‬ة بنم‪..‬وذج‬
‫موحد هو نموذج القرية‪ ،‬وعموما أو لنقل تعميما منه لنتائج دراسته فهو يرى أن "القيم ال‪..‬تي‬
‫يؤسس عليها األفراد أحكامهم يشارك فيها غيرهم امتثاال للنماذج اإليديولوجية التي تنتظم فيها‬
‫أفعالهم على أساس معياري‪ ،‬والفعل اإلنساني فعل واع وانتق‪..‬ائي‪ ،‬والقيم هي موض‪..‬وعات‬
‫الفعل االجتماعي‪ ،‬وهي موضوعات ذات معنى وذات طابع حس‪..‬ي من جه‪..‬ة‪ ،‬وروحي من‬
‫جهة أخرى‪"3.‬‬

‫بيكر‪ : Bicker‬بنى نظريته في التفسير االجتماعي على القيم حصريا‪ ،‬وعلى الباحث‬
‫في علم االجتماع أ ن يعطي للقيم دورها في السلوك اإلنساني فالقيم ونظم القيم بالنسبة له‪..‬ذا‬
‫الباحث هي أدوات ال نستغني عنها في التحليل االجتماعي للواقع االجتماعي‪. 4‬‬

‫تالكوت بارسونز‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪.‬اعي‪ ،‬حين‬‫‪.‬اء االجتم‪.‬‬ ‫‪.‬وظيفي للبن‪.‬‬


‫"حاول بارسونز أن يقيم نظرية خاصة للتحليل ال‪.‬‬
‫‪.‬ة‬
‫‪.‬ة ‪ soialaction‬المتداخل‪.‬‬ ‫‪.‬ال االجتماعي‪.‬‬
‫‪.‬ة من األفع‪.‬‬
‫ينظرإلى النسق ‪ system‬كمجموع‪.‬‬
‫والمتكررة‪ ،‬والتي تبرر في نفس الوقت مجموعة الضرورات الوظيفية التي تحكم كل األنساق‬
‫‪ .‬لبق‪..‬اء األنس‪..‬اق‬
‫االجتماعية‪ ،‬والتي تعبر في نفس الوقت عما يسمى بالشروط الض‪..‬رورية‬

‫‪ -1‬قباري محمد اسماعيل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.452‬‬


‫‪ -2‬قباري محمد اسماعيل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.443-441‬‬
‫‪ - 3‬محمد بلفقيه‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.207‬‬
‫‪ - 4‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.207-206‬‬
‫‪14‬‬
‫الث‪:‬‬ ‫ل الث‬ ‫الفص‬
‫القيم‬

‫‪.‬ب األدوار‬ ‫‪.‬ة حس‪.‬‬ ‫‪.‬ع متوقع‪.‬‬‫ولوجود المجتمع واستمراره‪ 5" ،‬هذه األفعال التي هي في الواق‪.‬‬
‫والمكانات والمواقف‪ ،‬يقوم بتمريرها للفاعلين االجتماعيين نسق من الرموز والمعتقدات والقيم‬
‫‪.‬رى‬ ‫يحدده البناء االجتماعي لتنظيم وتوجيه سلوكات األفراد خالل تفاعلهم المستمر‪ .‬وهو "ي‪.‬‬
‫أن للفعل االجتماعي وبواعثه ثالثة جوانب هي ‪ :‬ما يتعلق بمعرفة وقائع الموقف‪ ،‬وما يتعلق‬
‫بالفاعلين الذين لهم رغبات معينة وأخيرا التقويم وما يتعلق بالحكم على أس‪..‬اس مق‪..‬اييس‬
‫القيمة ومستوياتها‪ ،‬ويسمي بارسو نز اتجاهه هذا في تحليل الفعل االجتماعي وتفسيره بالنزعة‬
‫‪.‬ة‬
‫‪.‬و نتيج‬‫‪+‬ه‬‫اإلرادية التي تجمع بين الظرفي والمعياري معا‪ "2.‬فالفعل االجتماعي عند بارسونز‬
‫لتكامل ثالث عناصر هي الموقف و الفاعل و القيمة‪.‬‬

‫ويليام كانت‪Wiliam Kant  : ‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪.‬ور‬‫‪.‬ة على تص‪.‬‬ ‫‪.‬ا قائم‪.‬‬


‫طرح نظرية اجتماعية للقيمة مستوحاة من مبادىء الميكانيك‪.‬‬
‫لفضاء قيمي ومجال مغناطيسي قوي‪ ،‬وقد لخصها صالح قنصوة كما يلي أن القيم هي بمثابة‬
‫‪.‬ان‬‫‪.‬بر االنس‪.‬‬‫‪.‬ا ويعت‪.‬‬‫المقياس أو المعيار الذي على أساسه تصنف مرغوباتنا‪ ،‬وتنظم دوافعن‪.‬‬
‫الخاضع لعملية التنشئة االجتماعية مركزا لمجاالت القوة التي تجذبه إلى موضوعات الرغبة‬
‫المتعددة‪ ،‬ويختلف تأثير قوة المجال باختالف الفئات التي ينتمي إليها الفرد والمجتمع في حد‬
‫ذاته‪.‬‬

‫خالصة ‪:‬‬

‫رأينا في هذا الفصل أن القيم هي عبارة عن مقاييس ومعايير متعددة المصادر‪ ،‬وهي‬
‫تقوم بتنظيم الحية الفردية والحياة االجتماعية على السواء فتنظم العالقة بين فرد وفرد أو بين‬
‫فرد وجماعة‪ ،‬أو بين الجماعات وهي تكرس الواقع أحيانا وتعترض علية أحيانا أخرى بحكم‬
‫التغير االجتماعي وظهور قيم جديدة على الدوام ‪.‬‬

‫‪ -‬قباري محمد اسماعيل‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.104‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬قباري محمد اسماعيل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.208‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪15‬‬

You might also like