You are on page 1of 10

‫وزارة التعليـــــــــم العــــالي والبحـث‬

‫العلمـــــــــي‬
‫جــــــامعة التكويـن المتواصــل‬

‫نيابة رئاسة الجامعة للدراسات والبيداغوجية‬


‫نيابة المديرية للتعليم عن بعد‬
‫الفـرع ‪ :‬قانـون األعمال‬
‫السنة الثانية ‪ :‬اإلرسال األول‬

‫‪‬األستـاذ ‪ :‬الدكتــور ‪ :‬إبراهيــم إبراهميــة‬

‫دروس في مقياس‬
‫االقتصاد السياسي‬

‫‪‬‬
‫اإلقتصاد السياسي‬
‫المقدمة‬
‫تحتوي عنوان هذه المادة على كلمتين ‪ :‬اإلقتصاد ‪ ،‬و السياسة ‪ ،‬فكلمة " اإلقتصاد" أتا بها أريسطوط ‪aristote‬‬
‫(‪ )1‬كان يقصد بهذه المفردة " علم قوانين اإلقتصاد المنزلي " أ ّما مفهوم " اإلقتصاد السياسي " بدأ إستعماله في القرن‬
‫السابع عشر بفرنسا ‪ ،‬و منذ ذلك العصر إنتشر إستعمال اإلصطالح " اإلقتصاد السياسي " الذي يعبر عن أحد فروع المعرفة‬
‫النظرية و المسمى عند ‪ " les anglosaxones‬اإلقتصاد "‬
‫" ‪ "economics‬إذا فماذا نقصد باإلصطالح " اإلقتصاد السياسي "؟‪.‬‬

‫عرف محمد دويدار اإلقتصاد السياسي بأنه علم القوانين التي تحكم العالقات اإلقتصادية ‪ ،‬أي العالقات اإلجتماعية التي تنشأ‬
‫بين أفراد المجتمع بواسطة األشياء المادية و الخدمات " أي العالقات التي تخص إنتاج و توزيع األشياء العادية و الخدمات‬
‫بغية تلبية إحتياجات أفراد المجتمع‪.‬‬

‫الفصل األول‬
‫موضــوع اإلقتصاد السياسي‬

‫موضوع اإلقتصاد السياسي هو المعلرفة المتعلقة بالنشاط الخاص بإنتاج و توزيع المكنتجات و الخدمات التي يتطلبها‬
‫أفراد المجتمع ‪ ،‬و هذا النشاط يكتسي وجه عالقة مزدوجة ‪ ،‬عالقة بين اإلنسان و المحيط ‪ ،‬و عالقة بين اإلنسان و اإلنسان‬
‫‪ ،‬كما سيتضح لنا فيما بعد‪.‬‬
‫عملية اإلنتاج كعالقة بين اإلنسان و الطبيعة‪:‬‬
‫بينما الكائنات األخرى تعتبر جزء من الطبيعة ‪ ،‬اإلنسان كائن مقاوم للطبيعة ‪ ،‬مضاد لها ‪ ،‬ال يستسلم لقيودها بل‬
‫يبحث دوما على إمكانية التغلب على الطبيعة و التكيف معها ‪ ،‬إلشباع جاجاته العديدة‬
‫( ‪ ) les besoins‬يتجه اإلنسان إلى الطبيعة ‪ ،‬اإلنسان له حاجات ‪ ،‬من أجل إشباعها يتحرك اإلنسان في محيطه يبذل جهدا ‪،‬‬
‫أو قوة ‪ ،‬بغية الحصول على الشيء أو على الخدمة التي يتطلبهاوجوده‪.‬‬
‫مجهود اإلنسان يختلف عن مجهود الكائنات األخرى ‪ ،‬لكونه مجهود واع ذا هدف و هو العمل ‪ ،‬وهو يعي مسبقا النتيجة التي‬
‫يوكله إليها جهده و األسبلوب الذي يبذل به هذا الجهد ‪ ،‬عندما يسيطر اإلنسان له هدف ‪ ،‬فيتصور الوسائل الالزمة لتحقيق‬
‫الهدف ‪ :‬مثال إذا أراد الفردان يستغل األرض من أجل إشباع حاجة غدائية فيقوم بعدد من األنشطة لتحقيق هذا المراد ‪ :‬تحديد‬
‫المساحة ‪ ،‬تحضير وسائل الحرث ‪ ،‬تحضير البذور ‪ ،‬ث ّم القيام بعملية الحرث‬
‫في مواعيد محددة حسب الموسم و المطر ‪ ،‬زرع المساحة ‪ ،‬وقايتها من األعشاب الضارة ‪ ،‬حمايتها من المواشي كي ال‬
‫تسودها ‪ ،‬و القيام بالحصاد في فصل الصيف و في الوقت المناسب ‪ ،‬ث ّم جمع الحبوب و طحنها لحصوله فيما بعد عن الخبز‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬أكبر المترجمين ألرسطوط و المختص في فلسفته كان إبن رشد‪.‬‬

‫إذا الهدف المسطر في البداية كان الحصول مثال على الخبز و جميع الوسائل و األنشطة السابقة كانت تهدف كلها إلى‬
‫بلوغ هذا الهدف المتمثل في إشباع حاجة غدائية‪.‬‬
‫إذا إلشباع حاجاته ‪ ،‬اإلنسان مجبور على القيام بالعمل أي أن يحقق إنتاج موجه لتلبية حاجاته ‪ ،‬و هو هكذا الكائن الوحيد‬
‫الذي ينتج ما يحتاجه من أجل اإلستمرار في الحياة ‪ ،‬و بالتالي يتعلق األمر بعملية إنتاج مستمر عبر الزمن ‪ ،‬عندما ال تكفي‬
‫قواه البدنية إلشباع حاجاته المتطورة‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫يستخدم اإلنسان أشياء مكملة ألطرافه ‪ ،‬يصممها من الطبيعة و هي تعتبر األدوات التي يستعملها في نشاطه بغية تحقيق‬
‫إشياع الحاجة ‪ ،‬و هي أدوات العمل ‪ ،‬مثل المحراث الذي يص نعه من خشب شجرة كحرث األرض و زرعها كي ينتج ما‬
‫يشبع حاجته من الخبز‪.‬‬
‫فجوهر عملية اإلنتاج إذن فهو عالقة اإلنسان بالطبيعة ‪ ،‬أي تحويل قوى الطبيعة من أجل إشباع حاجاته ‪ ،‬هذه‬
‫العملية هيعملية تفاعل نشط ذو تأثير متبادل بين اإلنسان و الطبيعة‪.‬‬
‫أن اإلنسان ال يعيش هذا التفاعل المتبادل وحده ‪ ،‬بل في‬ ‫و هذه العالقة بين اإلنسان و الطبيعة مثيرة للتغير و الحركة ‪ ،‬غير ّ‬
‫ّ‬
‫ألن اإلنسان " حيوان إجتماعي" ألنه ال يستطيع أن يحفظ وجود ه إال من خالل عمل اآلخرين عملية‬ ‫جماعة ‪ ،‬في مجتمع ‪ّ ،‬‬
‫اإلنتاج عملية إجتماعية ‪ ،‬عملية العمل اإلجتماعي فهي محاولة مستمرة للحصول على الموارد الالزمة ‪ ،‬من الطبيعة ‪،‬‬
‫إلشباع حاجات الجماعة و أفرادها ‪ ،‬عمل أفراد الجماعة كل مع اآلخر يمثل لتعاون بينهم ‪ ،‬و عمل كل منهم لآلخر يتم في‬
‫صورة تقسيم العمل ‪ ،‬كل فرد يصبح مختص في جزء من عملية اإلنتاج ‪.‬‬
‫إن تقسيم العمل رهني بتحقيق مستوى معين عن تطور القوى اإلنتاجية ‪ ،‬أي مستوى معين من إنتاجية العمل يمكنه من خلق‬ ‫ّ‬
‫فائض في المواد اإلستهالكية يصبح بالتالي عمل الفرد جزء من فائض في المواد العمل اإلجتماعي ‪ ،‬و مع نمو إقتصاد‬
‫الجماعة الذي يصاحب اإلتساع المستمر في حجم الجماعة ( العائلة‪ ،‬القبيلة ‪ ،‬األمة ‪ )...‬و مع تعقيد تركيب هذا اإلقتصاد‬
‫تزيده درجة تقسيم العمل بين أفراد الجماعة‪.‬‬
‫على هذا النحو يتبين ّ‬
‫بأن اإلنتاج ال يتمثل فقط في العالقة بين اإلنسان و الطبيعة و إن ّما هو في الوقت نفسه عالقة بين اإلنسان‬
‫و اإلنسان ‪ ،‬األمر هنا يتعلق بمجموعة العالقات بين أفراد المجتمع في صراعهم مع الطبيعة ‪ ،‬في مقاومتهم للطبيعة في‬
‫العالقات المتعددة التي تنشأ بينهم ممثلة للعالقات اإلقتصادية ‪ ،‬أي العالقات اإلجتماعية التي تتم بواسطة األشياء المادية و‬
‫الخدمات ‪.‬‬
‫أن العملية اإلقتصادية هي عملية إنتاج و توزيع الناتج اإلجتماعي ‪ ،‬الغاية النهائية في هذه العملية هو‬ ‫و من ثم يمكن القول ّ‬
‫إشباع الحاجات عن طريق بذل المجهود الذي يتبلور في منتجات قابلة إلشياع تلك الحاجات‪.‬‬
‫إن عالقات اإلنتاج هي روابط إجتماعية ألنها تتكون بين أفراد المجتمع ـ أو فئاته ‪ ،‬أو طبقاته ـ إنها إقتصادية لكونها تتم‬ ‫ّ‬
‫بواسطة الشياء المادية و الخدمات ‪ ،‬و تتم في أثناء اإلنتاج بواسطة وسائل اإلنتاج فهي الروابط التي تحدد موقف كل فرد (‬
‫أو فئة ‪ ،‬أو طبقة ) في مواجهة اآلخر إزاء وسائل اإلنتاج أ ّما إذا كان مسيطرا عليها بفضل الملكية أو مبعدا عنها ) ‪ ،‬هذه‬
‫تكون معها شكال إجتماعيا لعملية‬ ‫العالقات تتواقف هي األخرى مع مستوى تطور قوى اإلنتاج الموجودة في المجتمع ‪ ،‬التي ّ‬
‫اإلنتاج ( و التوزيع ) ‪ ،‬يميز مرحلة معينة من مراحل تطور المجتمع اإلنساني‪.‬‬
‫بتعريفنا للعملية اإلقتصادية ‪ ،‬عملية النشاط اإلقتصادي ‪ ( ،‬نشاط اإلنتاج و التوزيع ) في أشكالها اإلجتماعية المختلفة ‪ ،‬يتحدد‬
‫لنا موضوع علم اإلقتصاد السياسي ‪ ،‬هذا الموضوع هو األفكار المتعلقة بالقوانين اإلجتماعية التي تحكم مجموع الظواهر‬
‫التي يمكن مالحظتها و التي تكون النشاط اإلقتصادي في المجتمع ‪ ،‬و هو نشاط يأخذ شكل عملية ذات بعد زمني و متكررة‬
‫عبر الزمن ‪ :‬هذه هي الق وانين اإلقتصادية أي العالقات التي تتكرر بإستمرار بين عناصر العملية اإلقتصادية ‪ ،‬القوانين‬
‫اإلجتماعية الخاصة بإنتاج المنتجات بالكيفية التي تجد بما هذه المنتجات سبيلها إألى األفراد يستخدمونها لتلبية حاجاتهم‪ ،‬و هو‬
‫ما يحدث بأشكال تختلف من مرحلة إلى أخرى من مراحل تطور المجتمع‪.‬‬
‫أن علم اإلقتصاد السياسي هو علم متفلرع من العلوم اإلجتماعية بما بينها من إعتماد متبادل‪.‬‬ ‫يتضح لنا ّ‬
‫تكوين علم اإلقتصاد لم يتم بين عشية و ضحاها ‪ ،‬و إنما من خالل عملية تاريخية دارت و تدور ) بين إستمرار و إنقطاع و‬
‫تقدم من خالل التناقضات ‪ ،‬التقدم ال يجري على نحو خطى متواصل التعرف على المالمح العريضة لهذه العملية التاريخية‬
‫يزيد من دققة تحديدنا آلفاق هذا العلم و يسمح لنا بأن نذكر أسماء كبار مفكرية ‪ ،‬كما سيرد في الفصل التالي‪.‬‬

‫الفصل الثاني‬
‫تاريخ اإلقتصاد السياسي‬
‫المقدمة‬
‫البد من اإلشارة إلى اإلهت مام الذي نوليه لدراسة تاريخ العلم اإلقتصادي ‪ ،‬و قد تحقق لعلم اإلقتصاد وجود محترف به‬
‫من خالل عملية بطيئة تغطي الفترة التي تمتد من منتصف القرن السابع عشر حتى النصف األول من القرن التاسع عشر ‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫إهتماممنا أساسا بتاريخ علم اإلقتصاد ينبؤنا بأنه صاحب نشأة طريقة اإلنتاج الرأسمالية ‪ ،‬المرحلة الرأسمالية التي يرتبط بها‬
‫علم اإلقتصاد الساسي‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ الفكر اإلقتصادي في المرحلة قبل الرأسمالية ‪:‬‬


‫في الكتب المقدسة للعصور القديمة يتمثل الفكر اإلقتصاديفي إنطباعات تتعلق بالوقائع التي كانت موجودة في المجتمع‬
‫في تلك األزمنة و هي إنطباعات عقائدية ال حلة لها بالتحليل العهلمي‪.‬‬
‫و عند اليونانيين وجد الفكر اإلقتصادي ضمن الفلسفة في القرن الرابع و الثالث قبل الميالد ‪ ،‬إذ مثل اإلستدالل اإلقتصادي‬
‫جزء ال يتجزء من الفلسفة اليونانية العامة للدولة و المجتمع ‪ ،‬المجتمع المنظم في صورة دولة المدينة ( ‪ETAT DE LA‬‬
‫‪ )CITE‬التركيبة الطبقية للمجتمع اإلغريقي كانت على النحو اآلتي‪:‬‬
‫في أعلى الهرم اإلجتماعي توجد الطبقة األرسطوقراطية ‪ ،‬كبار مالك األرض " الربعيين " الذين يعيشون على دخل لم‬
‫يساهموا في عملية إنتاجه‪.‬هذه الطبقة تحكم المدينة( أي مجتمع المدينة) و أفرادها يحتقرون العمل اليدوي يرتبط بهذه الطبقة‬
‫المواطنين المكونين للطبقة المتوسطة من صغار المالك و الحرفيين ‪ ،‬و لهم حقوق سياسية و حق تولي الوظائف العامة (‬
‫حق المشاركة في إدارة شؤون المدينة )‬
‫الطبقة الثالثة تتكون من األجانب ( ‪ )les meteques‬وهم أحرار لكنهم ال يتمتعون بالحقوق السياسية و ال يحق لهم التملك‬
‫بالعقارات ‪ ،‬و في النهاية يرتكز هذا الهرم اإلجتماعي على العبيد إذ عليهم يقوم اإلنتاج الزراعي و الحرفي ‪ ،‬و األشغال‬
‫أن تجارة العبيد أصبحت إحدى النشاطات اإلقتصادية المربحة ‪.‬‬ ‫العامة للدولة هذا الدور هو الذي يفسر كيف ّ‬
‫عملية اإل نتاج بصفة عامة ترتكز على إستخدام العبيد ‪ ،‬هذا التنظيم لعملية اإلنتاج القائم على العبيد محدودة التطور ‪ ،‬كتنظيم‬
‫يجرد المنتجين المباشرين ( العبيد ) من كل دافع إلى زيادة و تحسين الجهد الالزم إلستغالل وسائالإلنتاج المستحدثة ( عن‬
‫طريق اإلكتشاف أو التقليد ) إستغ الال يمكن من زيادة إنتاجية العمل على نحو يمكنها من اإلستجابة كحاجيات المجتمع‬
‫المتزايدة‪.‬‬
‫لم تخرج المشكلة اإلقتصادية من اإلطار الفلسفي ‪ ،‬و لم يهتم النقاش بفكرة اإلق‪ ،‬بل كان يدور حول المشكالت الملموسة‬
‫لحياة اإلنسان ‪ ،‬اإلهتمام الكثير كان يخص فكرة دولة المدينة "‪ ، " POLIS‬الفكر اإلقتصادي البدائي هذا كان في خدمة‬
‫السياسة بالمعنى الواسع للكلمة ‪.‬‬
‫تناول أرسطوطاليس ليس تحليل الظواهر اإلقتصادية في إطار الفكر اإلغريقي و هويرى أنّ " الوقائع اإلقتصادية و‬
‫العالقات التي توجد بينهما في ضوء إيديولوجية رجل يعيش و يكتب لطبقة مترفه‬
‫( ال يعمل) و مثقفة ‪ ،‬لطبقة تحتقر العمل و التجارة و تحب الفالحين الذين ال يغدونها و تكره مقرضي النقود الذين‬
‫يستغلونها " و يرتكز التحليل اإلقتصادي ألرسطوط مباشرة على الحاجات و إشياعها ‪ ،‬و األموال هي التي تحقق هذا‬
‫اإلشباع ‪ ،‬و طرق الحصول على األموال هي الزراعة و تربية المواشي ‪ ،‬و الصيد بمختلف أنواعه ‪ ،...‬و كذلك الصناعة و‬
‫إستخراج المعادن ‪ ،‬هذه كلها تعتبر من بين الطرق الطبيعية لكونها تمارس من قبل األجانب ‪ .‬و لكون تمارس من قبل‬
‫األجانب ‪ ،‬و لكون التجار المقرضين للنقود يستغلون الطبقة األرسطوقراطية ‪.‬‬
‫فيما يتعلق بوحدة القيام بهذه النشاطات ( الوحدة اإلنتاجية ) ينطلق أرسطوط من الوحدات العائلية ‪ ،‬التي تكتفي ذاتيا ‪ ،‬أي‬
‫التي تنتج بذاتها ما يشبع حاجات أفرادها ‪ ،‬ث ّم يتطرق أرسطوط إلى تقسيم العمل كأساس للمبادلة العينية ‪ ،‬المقايضة ‪ ،‬ث ّم‬
‫المبادلة النقدية ‪ ،‬أي تبادل السلع بواسطة النقود‪.‬‬
‫فإذا تعلق األمر بالمبادلة النقدية ‪ ،‬بإنتاج السلع تباع في السوق بأثمان يجب تفسيرها و التعرف على كيفية تحديدها‪.‬‬
‫في هذا المجال يحدثنا أرسطوط عن قيمة السلع ‪ ،‬و القيمة هي خاصية إجتماعية إجتماعية تجعل السلع مجال للمبادلة ‪ ،‬و هنا‬
‫نجده يفرق بين قيمة اإلستعمال ( ‪ ) VALEUR D’USAGE‬التي هي خصيصة موضوعية في السلعة ‪ ،‬تجعلها صالحة‬
‫إلشباع حاجة معينة ‪ ،‬و قيمة المبادلة ‪ ،‬و هي الشكل الذي تعبر فيه القيمة عن نفسها عند المبادلة ‪.‬‬
‫أ ّما فيما يخص النقودفهي بالنسبة ألرسطوط وسيط في المبادلة ‪ ،‬النقود تجنبنا مضايقات المقايضة ‪.‬‬
‫أخيرا تناول أرسطوط مشكلة الفائدة ‪ ( ،‬و هي تعني أجر المال الذي يحصل عليه مقرض النقود ) ‪ .‬لكن أرسطوط يدين كل‬
‫ألن " النقود ال تلد ‪. ‬‬
‫قرض بفائدة ‪ ،‬و يعتبره من قبل الرباء ‪ ،‬و ذلك ّ‬
‫‪ 1.1‬ـ العصور الوسطى ‪:‬‬
‫في القرون من التاسع حتى الخامس عشر ميالدي ساد في أروبا التكوين اإلجتماعي اإلقطاعي ‪ ،‬اإلنتاج الرئيسي‬
‫يأتي من إستغالل األرض ‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫تتميز طريقة اإلنتاج هذه ‪ ،‬التي بدأت في فرنسا ث ّم إنتشرت في المجتمعات األوروبية األخرى ‪ّ ،‬‬
‫بأن عالقات اإلنتاج‬
‫اإلجتماعية تدور أساسا حول األرض التي تصبح البلورة المادية للملكية العقارية ‪ ،‬إذ هي ترتكز على إقتصاد يغلب عليه‬
‫الطابع الزراعي ‪.‬‬
‫هذا األساس اإلقتصادي يقابله مجموعة من الروابط الشخصية عدد من العاملين ال يتمتع بحريته الشخصية ‪ ،‬فهم ليسوا من‬
‫العبيد و لكنهم أقنان (‪ )1‬مرتبطون بسيدهم من جهة و مرتبطون باألرض من جهة ثانية‪.‬‬

‫و كذلك يتميز التن ظيم السياسي لهذا المجتمع ‪ ،‬فالدولة موجودة وجودا غير متمركز في ممارسة السلطة ‪ ،‬و تجد طريقة‬
‫أن القن (‪ )SERFS‬وجد كنتيجة للتحرر الجزئي للعبيد ‪.‬‬ ‫أن هذا ال يعني ّ‬
‫اإلنتاج هذه جدورها في المجتمع القديم ‪...‬غيلر ّ‬
‫و يرتبط توسع طريقة اإلنتاج هذه بتحول كبير في قوى اإلنتاج ‪ ،‬ففي تقنيات اإلنتاج الزراعي تمثل هذا التحول في إستخدام‬
‫أحسن للقوة المحركة للمياه الجارية ( تشغيل طواحين القمح و معاصرة الزيوت ) ‪ ،‬األمر الذي يسمح بتحرير اليد العامل‬
‫المنزلية و إمكان إستخدامها في أعمال أكثر إنتاجية ‪.‬‬
‫كل هذا أدى إلى زيادة إنتاجية العمل الفالحي ‪.‬‬
‫ما هي الصورة التي كانت توجد عليها الوحدة اإلقتصادية ؟‪.‬‬
‫الوحدات هذه كانت تختلف لكن اإلختالفات ال تغير من الحقيقة التي تعكس الطابع التنظيمي العام للوحدات‬
‫اإلقتصادية ‪ ،‬و هو تنظيم إقطاعي‪.‬‬
‫كانت الوحدة اإلقتصادية ( اإلجتماعية ) الريفية تتمثل في " الضيعة " ‪ ،‬و هي و حدة إقتصادية إجتماعية تقوم على اإلنتاج‬
‫الطبيعي‪،‬و تهدف الى اإلكتفاء الذاتي‪.‬‬

‫في هذه المرحلة يكون وقت عمل المنتج( أسرة الفالح ) موزعا اذن بين عمل يحصل به على تحقيق اإلنتاج الالزم لعيشه و‬
‫لتجديد قوته البدنية للعمل‪،‬وعمل فائض يتبلور في كمية من الناتج (الناتج الفائض) يعيش عليها الشريف( ‪) le noble‬‬
‫صاحب األرض‪ ،‬أي يتبلورفي الريع العيني‪.‬إال أنه ليس من الضروري ان يستنفذ الريع كل فائض عمل عائلة الفالح ـ أي‬
‫العمل الذي يزيد على العمل الالزم النتاج ما هو ضروري لمعيشة العائلة‪.‬كما أن هذا الشكل للريع( العيني ) يتيح الفرصة‬
‫لظهور فروق في الوضع اإلقتصادي للمنتيجين األفراد أو على األقل لظهورامكانية هذا التباين(وكذا إمكانية ان يكتسب المنتج‬
‫وسائل استغالل عمال آخرين بطريقة مباشرة‪ .‬االمر الذي يعني ظهورالتميز اإلجتماعي بين الفالحين‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪DES SERFS )1‬‬
‫‪SERVITUDE‬‬

‫في مرحلة تالية مرتبطة بنمو التجارة والمدن و استخدام المنتجات الحرفية ظهر الريع العيني يتحول الى ريع في‬
‫شكل نقود‪ .‬هنا يتخلى المنتج المباشر للشريف ليس عن جزء من الناتج الزراعي الذي حققه‪ ،‬وإنما عن ثمنه(ثمن هذا‬
‫الجزء)‪.‬يبقى اذن انتاجه الكلي ينقسم الى الجزء األكبر الذي ينتفع به هو وأسرته و جزء أقل يعرضه في السوق لكي يدفع‬
‫النقود المقابلة للشريف‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫و هكذا بدأت طبيعة طريقة اإلنتاج الزراعي تتحول‪ ،‬في مجموعها‪ .‬غير أن المنتج المباشر ال يزال غير مالك لألرض‪.‬أ ّما‬
‫ملكية وسائل اإلنتاج(غير األرض) االخرى و الموشي‪ ،‬فقد تحولت الى المنتج المباشر شيئا فشيئا‪ .‬واضح أن التحول يتم في‬
‫داخل طريقة اإلنتاج اإلقطاعية نفسها و ان كانت تتفاعل معه عوامل أخرى‪ ،‬كنمو المدن و التجارة‪ .‬فالتحول يتم من خالل‬
‫التناقض بين الفالحين و مالك األرض‪ ،‬تناقضا ينعكس في صراع بينهم حول الناتج الفائض‪.‬‬
‫و كان الفالحون يضغطون بإستمرار على مالك األرض لكي يجولون أكبر جزء ممكن من الريع العيني إلى ريع‬
‫نقدي ‪ ،‬و بالتالي يستطعون تراكم رأس المال في المزارع ‪ ،‬و عليه تستمر عملية التمييز اإلجتماعي في داخل فئة الفالحين ‪:‬‬
‫أغنياء الفالحين الدين يرتبطون مباشرة بالسوق و يقومون بتركهم رأس المال في الزراعة ‪ ،‬و صغار الفالحين أو أفقرهم ‪،‬‬
‫الذين يجدون أنفسهم في موقف تبعية بالنسبة ألغنيائهم الذين يقومون بإستخدامهم في مقابل األجر‪.‬‬
‫مع هذا األساس اإلقتصادي يتشابك التركيب العلوي للهرم اإلجتماعي في الريف اإلقطاعي ‪ ،‬هذا التركيب يدور حول نوع‬
‫ملكية األرض‪.‬‬
‫أن من طبيعة طريقة اإلنتاج اإلقطاعية أن يتفرع أقوقيا بين إقطاعيات تمثل وحدات إقتصادية شبه مستقلة ‪ ،‬و‬ ‫يتضح حينها ّ‬
‫تتجزء الوحدة اإلقتصادية الواحدة بين وحدات إنتاجية صغيرة ( عائالت الفالحين ) ‪ ،‬و يتفرع المجتمع رأسا في شكل سلسلة‬
‫من عالقات التبعية تجعل من الصعب أن يتمثل المجتمع في دولة ممركزة‪.‬‬
‫ووصلت طريقة اإلنتاج اإلقطاعي هذه إلى حدودها في القرن الثالث عشر و برزت أزمة اإلقطاع إمتدت حتى القرن الخامس‬
‫عشر أدت األزمة إلى تفكك نظام اإلنتاج اإلقطاعي ‪ ،‬تسرع التفكك مع تطور طريقة اإلنتاج داخل الزراعة نفسها ‪ ،‬و ع‬
‫تطور المبادالت التجارية المرتكزة على اإلنتاج الحرفي الحضري‪.‬‬
‫و المدينة نفسها مازالت تحت سيطرة اإلقطاع السياسية ‪ ،‬و هي تقوم على النشاط التجاري و الصناعة الحرفية التي كان‬
‫يتغلب عليها في البداية طاب ع الصناعة المنزلية التي تكتسي شكل إنتاج المبادلة البسيطة ‪ ،‬و قد قام التنافس في المدينة في هذه‬
‫المرحلة بين التجار و الحرفيين ‪ ،‬و مع إزدياد عرض المنتجات الحرفية و مع توسع التجارة ‪ ،‬بدأ التجار في السيطرة على‬
‫النشاط الحرفي ‪ ،‬إنطالقا من هذا الوضع بدأ اإلنتاج الحرفي بدوره يعرف مستوى أعلى في تطور قوى اإلنتاج و يتحول نحو‬
‫اإلنتاج المخصص للمبادلة الذي يهدف إلى تركيم رأس المال النقدي‪.‬‬
‫و هكذا تتطور المدينة ‪ ،‬و قد قامت في أحضان اإلقطاع ‪ ،‬إذ بالتوسع األفقي لإلقطاع في الزراعة يكون قد استنفذ إمكانية في‬
‫زيادة اإلنتاج إستجاب ة للحاجات المتزايدة و خاصة حاجات طبقة النبالء في زيادة طلبهم على السلع اإلستهالكية الحرفية ‪ ،‬و‬
‫مع تطور المدن إمتاز سكانها ـ بالنسبة لسكان الريف ـ و أصبح لهم تنظيمهم و عليه أصبح الوضع المتميز يستند إلى عالقة‬
‫إقتصادية تمكن المدينة من إستغالل الريف من خالل أسعار اإلحتكار التي تفرضها المدينة و التي يمكنها من فرض التنظيم‬
‫الطائفي للتجارة و الحرف ‪ ،‬و أصبحت المدينة تحتكر أسعار المنتجات اآلتية من الريف الذي تستغله ‪ ،‬و هنا يكمن التناقض‬
‫بين المدينة و الريف الشيء الذي يكون إحدى التناقضات األساسية طوال فترة اإلنتقال من التكوين اإلجتماعي إلى التكوين‬
‫أن سكان المدينة كانوا يمثلون طبقة إجتماعية واحدة متجانسة (‪)1‬‬‫اإلجتماعي الرأس مالي ‪ ،‬لكن هذا ال يعني ّ‬
‫بين الدين و الفلسفة ‪ ،‬تقوم المحاولة على إستخدام الجانب اإلستنباطي من منهج أرسطوط في معالجة أوضاع المجتمع‬
‫اإلقطاعي ‪.‬‬

‫‪---------------------------------------------------------------------‬‬
‫(‪ )1‬هنا تجد مهدها كلمة برجوازية ( سكان القرى الكبيرة (‪))BOURGOIS , habitants‬التي تعني الطبقة‬
‫الرأسمالية ‪ ،‬التي تجد جدورها في سكان مدن المجتمع اإلقطاعي‬

‫هذا التناقض يصبح فيما بعد العالقة الدياليكتيكية األساسية في التكوين اإلجتماعي الرأسمالي‪.‬‬
‫تطور إنتاج المبادلة في هذا اإلطار ‪ ،‬و معه ومن خالل التناقض بين الطبقة اإلقطاعية و طبقة الفالحين من جانب ‪ ،‬و بين‬
‫طبقة التجار و الحرفيين من جانب آخر ولد التمييز اإلجتماعي في داخ الفالحين و الحرفيين ‪ ،‬و أدى إلى خلق عالقات إنتاج‬
‫جديدة ‪ :‬بين الفالحين األكثر إنتعاشا المرتبطين بالسوق و العمال الحرفيين ‪.‬‬
‫الكنيسة التي كانت تسيطر على الحياة الفكرية في أروبا خالل مرحلة اإلنتاج اإلقطاعي كانت لها صلة بالنشاط الزراعي حيث‬
‫كانت الكنيسة من أكبر مالك لألرض‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫في مرحلة ثانية أدى إنشغال الكنيسة بدءا من القرن الثاني عشر من النشاط التجاري للمنتجات الحرفية ‪.‬‬
‫وعارضت مصالح هذا " المجتمع الزمني " المتمثل في المدينة و من هنا برز و تبلور فكر المدرسين (‪ ) 1‬الذي ازدهر في‬
‫الجامعات الوليدة لألروبا و التي كانت تدرس أساسا رجال الدين ‪ ،‬و يتمثل جوهر فكر المدرسين في محاولة التوفيق‬

‫هذا الفكر الذي يغلب عليه الطابع الديني م ّكن الكنيسة من أن تستمر في الضغط على الفكر الجديد لمجتمع المدينة‬
‫طوال ثالث قرون أخرى ‪ ،‬و في هذا اإلطار ولد بعض الفكر اإلقتصادي ‪ ،‬إرتكز على فكرتين أساسيتين ‪:‬‬
‫ـ الفكرة األولى تدور حول إدانة الفائدة ‪ ،‬لكونها تشبه تلك التي تطرق إليها أرسطوط من قبل‪.‬‬
‫ـ الفكرة الثانية و هي أهم ‪ ،‬تدور حول الثمن العادل (‪ )2‬يتقبل الفكرة تحقيق البائع لربح " معقول " يسمح له بالحياة ‪ ،‬وفق‬
‫الطبقة اإلجتماعية التي ينتمي إليها ‪ ،‬و تكون حسب الفكر كل محاولة لتحقيق ربح أكبر من " الربح المعقول " مخالفة لقواعد‬
‫األخالق المسيحية ‪.‬‬
‫هذا و قد شاهدت الفترة األخيرة من القرن الرابع عشر من فكر المدرسين تطور فكر إقتصادي ينشغل بقضايا القيمة و السعر‬
‫‪ ،‬ينشغل بمشكالت النقود و خاصة النقود المعدنية ‪ ،‬و بمشكالت التبادل مع الخارج و بالتدفقات مع الدول للذهب و الفضة ‪،‬‬
‫كما ينشغل بالفائدة ‪ ،‬و الربح ‪.‬‬

‫‪ 2.1‬ـ الفكر اإلقتصادي عند العرب أثناء القرن الرابع عشر ‪:‬‬
‫يمكن إعتبار المجتمع اإلسالمي في شمال إفريقيا في القرن الرابع عشر و الخامس عشر مجتمع يمارس اإلنتاج‬
‫الزراعي و كذا المبادالت التجارية الصغيلرة للمنتجات الزراعية و الحرفية‬

‫و مع إنتعاش التجارة و النشاط اإلنتاجي الحرفي تزدهر بعض المدن و تصبح مركزا للنشاط الفكري ‪ ،‬و تشهد القاهرة ‪،‬‬
‫وتونس و قسنطينة و تلمسان ‪ ،‬و فاس و غرناطة اإلهتمام بالفكر و ال سيما الفكر المتعلق بالتاريخ حيث يوجد الفكر‬
‫اإلقتصادي ‪ ،‬في إطار هذا الفكر اإلقتصادي نركز على مثالين من الفكر العربي بشأن نوعين من الظواهر اإلقتصادية ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪les scholastiques )1‬‬


‫(‪le juste prix )2‬‬

‫ـ األول يتعلق بالظواهر النقدية يستمد من فكر المقريزي (‪ )1‬و الثاني يخص ظاهرة القيمة كما يجللها إبن خلدون ‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬يهتم المقريزي بالمشكالت اإلقتصادية و يقدم لنا أفكار عن بعض الظواهر النقدية ‪ ،‬فمن وصفه لمختلف المجاعات‬
‫التي عرفتها مصر يبين لنا أننا ببحدة موقف يتميز بنقص في إنتاج قيم اإلستعمال ‪ ،‬أي نقص في المنتجات و السلع و إرتفاع‬
‫في أسعارها ‪ ،‬كل األسعار ‪ ،‬و هو نقص يرجع حسب المقريزي إلى أسباب طبيعية و أسباب غير طبيعية األسباب الطبيعية‬
‫ييفسرها بقلة مياه النيل في مصر و بعدم نزول المطر بالشام و العراق و الحجاز ‪ ،‬و غيره ‪ ،‬و الكوارث الطبيعية األخرى‪.‬‬
‫األسباب الغير الطبيعية ‪ ،‬هي أسباب إجتماعية ‪ ،‬بعضها سياسي و البعض اآلخر إقتصادي‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫األسباب اإلجتماعية يعرفها كاآلتي‪.‬‬

‫‪ 3.1‬ـ السبب السياسي و يتمثل في فساد اإلدارة الذي يؤثر مباشرة على اإلنتاج في مجتمع لعبت فيه الدولة دائما دورا‬
‫محوريا ‪ ،‬يضاف إلى هذا الفساد و ممارسة السياسية اإلحتكارية من طرف الدولة ‪ ،‬ففي أثناء المجاعة توجد كميات كبيرة من‬
‫الغالل لدى " أهل الدولة " لكونهم يفرضون ضرائب معتبرة على المواطنين ‪.‬‬
‫و الناس ال يستطعون الحصول على هذه الغالل إالّ بدفع أثمان معتبرة ألهل الدولة‪.‬‬

‫‪ 4.1‬ـ و السبب الثاني إقتصادي و يوجد في مجال اإلنتاج و يتمثل في زيادة كبيرة في الريع العقاري في الزراعة ‪،‬‬
‫إرتفاع أسعار البذور و أجور العمال العقاري في الزراعة ‪ ،‬إرتفاع أسعار البذور و أجور العمال ‪ ،‬و قد كان لكل هذه‬
‫العوامل أثار غير مالئمة على اإلنتاج الزراعي أدت إلى نقصانها ‪ ،‬ما يؤدي ‪ ،‬كما ورد عند المقريزي إلى إرتفاع أسعار‬
‫المنتجات الزراعية ‪ ،‬لكنه يضيق عامل آخر و هو مفسر كذلك إلرتفاع األسعار يتمثل في المظهر النقدي للحياة اإلقتصادية ‪.‬‬

‫‪ 5.1‬السبب الثالث الذي هو سبب إقتصادي كذلك يتمثل في العامل النقدي فالمقريزي يجد في زيادة كمية النقود المطروحة‬
‫للت داول و خاصة بعض األنواع المعينة من النقود المعدنية ‪ ،‬سببا لإلرتفاع المستوى العام لألسعار ( لكونه يتكلم عن إرتفاع‬
‫أسعار كل السلع و الخدمات )‪.‬‬

‫و على هذا النحو يبرز المقريزي المعمل النقدي فيما يتعلق بكمية النقود ‪ ،‬على النشاط اإلقتصادي من خالل أثرها‬
‫على المستوى العام لألسعار‪.‬‬
‫و يكون بذلك من رواد " النظرية الكمية في قيمة النقود "‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬المقريزي ‪ ،‬كبير مؤرخي مصر في العهد اإلسالمي و هو تلميذ إبن خلدون‬

‫من ناحية أخرى يالحظ المقريزي إختفاء النقود الفضية تاركة المجال للنقود النحاسية تتداول في أثناء فترة المجاعة بعد أن‬
‫ألن إرتفاع أسعار المنتجات يعني إنخفاض القوة الشرائية‬‫كان النوعان من النقود يوجد جنبا إلى جنب في التداول ‪ ،‬و ذلك ّ‬
‫للنقود ‪ ،‬و هو ما يدفع األفراد إلى تفضيل تحويل القطع الفضية النقدية و إستخدامها كمعدن ‪( :‬أي في صناعة الحلي و‬
‫األواني ) في وضع يتميز بإرتفاع األسعار و بإستخدام عمليتين احدهما مصنوعة من معدن أثمن من معدن آخر تميل العملة‬
‫المصنوعة من المعدن الثمين إلى اإلختفاء من التداول النقديمفسحة المجال للعملة األخرى لتسود في التداول ‪ ،‬و هكذا تطرد‬
‫العملة الرديئة العملة الجيدة (‪.)1‬‬
‫و هكذا نجد في كتاب المقريزي عن التاريخ مثال للفكر اإلقتصادي العربي في هذا القرن فنجده في الفكر اإلقتصادي‬
‫إلبن خلدون‪ ،‬المتعلق بالتاريخ و فلسفة التاريخ‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫في إطار المجتمع في حركته التاريخية يهتم إبن خلدون بالظواهر اإلقتصادية و هي نشاط يعتبره أساس العمران و هو يرى‬
‫أن ثروة األمم تكمن فيما تنتجه من الضائع و الحرف هذه األموال أو المنتجات منها ما هو ضروري و ما هو كمايلي ‪.‬‬ ‫ّ‬
‫و يقوم حسب إبن خلدون ‪ ،‬هذا النشاط اإلقتصادي على تقسيم العمل ‪ ،‬و األمر يتعلق بالتقسيم الحرفي للعمل ‪.‬‬
‫و درس الكاتب الضائع و الحرف دراسة تفصيلية‪.‬‬
‫أن كل كسب هو في النهاية نتاج العمل و بدون العمل اإلنساني ال ربح و ال إنتفاع ‪،‬‬ ‫أ ّما فيما يتعلق بالقيمة أنه يؤكد ّ‬
‫فالعمل هو ‪ ،‬في نظر إبن خلدون مصدر القيمة ‪ ،‬و المنفعة هي شرط القيمة كما ورد في كتابه أي أنه لكي يكون للسلعة قيمة‬
‫يتعين أن تكون مطلوبة من المجتمع من أجل تلبية حاجة معينة‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪LA MAUVAISE MONNAIE CHASSE LA BONNE )1‬‬

‫‪8‬‬
9

You might also like