You are on page 1of 28

‫الفصل‬

‫األول‬
‫تمهيد‪:‬‬

‫تنطلق نشأة اإلنسان منذ الطفولة األولى‪ ،‬حيث يتعلم الفرد التفاعل مع بيئته ويبدأ‬
‫في تط(وير العالق(ات االجتماعي(ة األولى م(ع أف(راد عائلت(ه ومن حول(ه‪ .‬م(ع م(رور ال(وقت‪،‬‬
‫يتطور هذا التفاعل ليشمل العالق(ات م(ع المجتم(ع‪ ،‬وبالت(الي يتش(كل ل(دى الف(رد تص(ور عن‬
‫دوره ومكانته في العالم االجتم((اعي‪ .‬كم((ا ك((انت النزاع((ات بين األف((راد ج((زءًا ال يتج((زأ من‬
‫الحياة اليومية‪ .‬تتراوح هذه النزاعات بين النزاعات الشخصية البسيطة والص((راعات األك((بر‬
‫في السلطة والموارد‪ .‬ومن الواضح أن إدارة ه((ذه النزاع((ات ك((انت وس((تظل تح((ديًا مس((تمرًا‬
‫للمجتمع((ات‪ .‬و من ه((ذا المنطل((ق‪ ،‬ينتق((ل اهتم((ام الب((احثين إلى دراس((ة كيفي((ة ت((أثير العوام((ل‬
‫االجتماعية على سلوك الفرد وعالقاته مع اآلخرين‪ .‬يب((دأ الف((رد في تط((وير الق((درة على فهم‬
‫نفسه واآلخرين‪ ،‬ويكتسب القدرة على تحليل الوضعيات االجتماعية والتفاعالت البيئية ‪.‬ومن‬
‫هذا التطور النفسي واالجتماعي‪ ،‬ينشأ مفهوم اليقظة االجتماعية‪ ،‬الذي يعبر عن ق((درة الف((رد‬
‫على استشعار وفهم البيئة االجتماعية المحيط(ة ب(ه‪ ،‬وك(ذلك قدرت(ه على التفاع(ل الفّع ال م(ع‬
‫اآلخرين‪ .‬يصبح الفرد أكثر وعًيا بتأثير العوامل االجتماعية على سلوكه وقراراته وتتمح((ور‬
‫مش((اكل اليقظ((ة االجتماعي((ة ح((ول قض((ايا مث((ل ص((عوبات التواص((ل‪ ،‬وتص((ديق اآلخ((رين‪،‬‬
‫وتف((اعالت الس((لطة‪ ،‬وتف((اعالت الهوي((ة‪ .‬وفهم ه((ذه المش((اكل يمكن أن يس((اهم في تط((وير‬
‫اس((تراتيجيات لتعزي((ز اليقظ((ة االجتماعي((ة وتحس((ين العالق((ات االجتماعي((ة في المجتمع((ات‬
‫المختلفة و تجنب النزاعات المهنية (العمالية)‪ .‬في سياق المؤسسة االقتصادية‪ ،‬تصبح اليقظة‬
‫االجتماعي((ة أساس((ية لفهم ديناميكي((ات العم((ل والتف((اعالت داخ((ل الش((ركات والمؤسس((ات‬
‫االقتصادية‪ .‬فهم تفاعالت السلطة‪ ،‬وتبادل المعلومات‪ ،‬وبناء العالقات االجتماعية يس((اهم في‬
‫تحسين األداء االقتصادي وتحقيق األه(داف المؤسس(ية بش(كل فّع ال‪ .‬و في ه(ذا الس(ياق ف(ان‬
‫اليقظة االجتماعية تلعب دورا هام(ا في المؤسس(ة االقتص(ادية لح(ل النزاع(ات المهني(ة و في‬
‫هذا الصدد سوف نناقش في هذا الفصل اهم المفاهيم المتعلقة بالمباحث التالية‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬اليقظة االجتماعية‬

‫المبحث الثاني‪ :‬إدارة نزاعات العمال‬


‫المبحث األول‪ :‬اليقظة االجتماعية‬
‫اليقظة االجتماعية تمثل عنصرًا حيويًا في سالمة واستدامة المؤسسات االقتص((ادية‪ .‬فهي‬
‫تع((بر عن الق((درة على فهم وتفس((ير التح((ديات والف((رص ال((تي ت((ؤثر على البيئ((ة المحيط((ة‬
‫بالمؤسس(((ة‪ .‬تتطلب اليقظ(((ة االجتماعي(((ة تف(((اعاًل دائًم ا م(((ع المجتم(((ع المحلي والم(((ؤثرين‬
‫االجتماعيين‪ ،‬مع االلتزام بالمس(ؤولية االجتماعي(ة والتنمي(ة المس(تدامة‪ .‬بفض(ل ه(ذه اليقظ(ة‪،‬‬
‫يمكن للمؤسسة االقتصادية أن تلعب دوًر ا بناًء في تعزيز العدالة االجتماعية وتحقيق التوازن‬
‫بين النجاح االقتصادي والمسؤولية االجتماعية‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬جذور نشأة اليقظة االجتماعية‬

‫ُتَع ّد اليقظة االجتماعية مفهومًا أساسيًا في فهم تفاعالت المجتمع وتأثيراتها على األفراد‬
‫والمؤسس ات‪ .‬إَّنه ا الق درة على فهم وتفس ير الظ روف االجتماعي ة المحيط ة واالس تجابة له ا‬
‫بشكل فّع ال‪ .‬يتطلب األمر التحلي باليقظة االجتماعية القدرة على التحليل العميق للتغيرات‬
‫في البيئة االجتماعية وتكييف السلوك واتخاذ القرارات المالئمة بناًء على هذا التحليل فيما‬
‫يلي سنستعرض نشأة اليقظة االجتماعية‪ ،‬ونقدم تعريفًا لها ونبين مكوناتها‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬نشأة اليقظة‬

‫اليقظة ليست مصطلًح ا قديًما‪ ،‬بل نشأ وتط((ور في مج((ال إدارة األعم((ال‪ .‬وق((د تم ربط((ه‬
‫بش((كل وثي((ق بمراقب((ة وتحلي((ل األح((داث المحيط((ة للحص((ول على المعلوم((ات‪ .‬في اآلون((ة‬
‫األخيرة‪ ،‬أصبحت "اليقظة" تحظى بأهمية اجتماعية‪ ،‬وتم تطويرها بمف((اهيم ودالئ((ل متع((ددة‪،‬‬
‫مما أدى إلى تباين واختالف وجهات النظ((ر حوله((ا‪ ،‬وه((ذا يع((زز التكام((ل في رؤي((ة مفه((وم‬
‫اليقظة ويوضح عالقتها بالمفاهيم ذات الصلة (بن ساحة و بن قايد‪.)2018-2019 ،‬‬

‫انا األصول الحقيقية لمص(طلح اليقظ(ة مس(تمدة من المفك(ر االس(تراتيجي "‪ "SUN TZU‬من‬
‫أبرز االستراتيجيين العسكريين في العالم ومن مخططي الحرب وصاحب مقولة‪:‬‬

‫"إذا عرفت العدو وعرفت نفسك فليس هناك ما يدعو ان تخاف من نتائج مائة معرك(ة‪ ،‬و إذا‬
‫عرفت نفسك و لم تعر عدوك فانك س(وف تقاس(ي من هزيم(ة مقاب(ل ال(ف انتص(ار‪ ،‬و اذا لم‬
‫تعرف نفسك و تعرف عدوك فانت األحمق و سوف تقاسي الهزيمة في كل معرك((ة " (تزو‪،‬‬
‫بال تاريخ)‪.‬‬

‫ويعت(بر الب(احث "‪ Lesca Humber‬من" األوائ(ل ال(ذين طــــــوروا مفه(وم اليقظــــــة‬
‫‪Système‬‬ ‫‪d’information‬‬ ‫‪pour‬‬ ‫‪le‬‬ ‫بفرنس((((ا في كتاب((((ه " ‪management‬‬
‫‪ " stratégique‬ظهر هـذا المصـطلح في طبعتـه األولى ســنة ‪ 1986،‬وقــد اســتقطب‬
‫منــذ ذلــك الوقــت اهتمــام البــاحثين واالقتصــاديين والحكومــات‪ .‬وفي المفهــوم الفرنسـي‬
‫معنـاه المراقبـة والرصـد‪ ،‬وهـذا لحمايـة منطقـة مـا ونقصـد بالمراقبـة ذلـك العمـل المـنظم‬
‫والمسـتمر لرصـد البيئـة والـذي يهـتم بالكشـف عـن المعلومـات الـتي تـأثر تـأثيرا سـريعا‬
‫علـى نمـو المنطقـة‪ ،‬وللمراقبـة دور هجـومي الكتسـاب المعارف ح((ول البيئ((ة و حمايته((ا (‬
‫‪ Christine‬و ‪.)2002 ،Chalus‬‬

‫في الخالص((ة‪ ،‬يمكنن((ا التأكي((د على أن ج(ذور اليقظ((ة تع((ود إلى المفك((ر االس(تراتيجي‪ ،‬حيث‬
‫تستند إلى تفكير دقي((ق ورؤي((ة واس((عة لتحلي((ل الظ((روف واتخ((اذ الق((رارات الفّعال((ة‪ .‬بالنس((بة‬
‫لليقظ((ة االجتماعي((ة‪ ،‬فهي ج((زء ال يتج((زأ من ه((ذا التفك((ير االس((تراتيجي‪ ،‬حيث تعت((بر أح((د‬
‫العوامل التي يجب مراعاتها في النهج االستراتيجي لألفراد والمؤسسات‪ .‬س((نتطرق إلى ه((ذا‬
‫الجانب بالتفصيل الحًقا‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تعريف اليقظة‬

‫سوف نقوم بتعريف اليقظة لغة واصطالحا‪:‬‬

‫لغة‪ :‬الَي َقَظ ُة ‪ :‬انتب((اه‪َ ،‬ص ْح َو ة‪ ،‬عكس غفل((ة‪َ ،‬أو خالُف الن((وم‪( .‬المعاني‪ ،‬المعاني‪ ،‬بال‬ ‫‪‬‬

‫تاريخ)‪.‬‬

‫اصطالحا‪ :‬يوجد العديد من التعريفات االصطالحية لليقظة االجتماعية نذكر منها‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫عرفت في كتاب ‪ BERGERON‬أن اليقظة ترتبط بتسيير موارد المعلومات لتجعل المؤسس((ة‬
‫أكثر ذكاء وأكثر تنافسية‪.)bergeron( .‬‬

‫يعرفها "‪ " Francois Jakobiak‬على أنها "إعداد مالحظات وتحليل شامل للبيئة‪ ،‬تتضمن‬
‫اختيار وجمع المعلومات الهامة‪ ،‬ومن ثم نشرها بشكل فّعال وجذاب لضمان توصيلها بش((كل‬
‫جي((د‪ ،‬يمه((د الطري((ق التخ(اذ الق((رارات المس(تنيرة والمبني((ة على أس(س دقيق((ة وموثوق(ة‪( ".‬‬
‫‪.)Jakobiak, 2001‬‬
‫عرفه((ا "‪ "Choot‬على أنه((ا مالحظ((ة وتحلي((ل التط((ورات العلمي((ة‪ ،‬التقني((ة والتكنولوجي((ة‬
‫والصدمات االقتصادية الحالية و المستقبلية و الموافقة من اج((ل تجنب التهدي((دات و اقتن((اص‬
‫الفرص لتطور أي منظمة (سريدي و نسرين‪.)2018-2019 ،‬‬

‫ونستنتج من التعريفات الس((ابقة أن اليقظ((ة على أنه((ا ال((وعي واالنتب((اه المس((تمرين لألح((داث‬
‫والتحوالت والمشكالت االجتماعية المحيطة يعني ذلك أن الفرد اليقظ في السياق االجتماعي‬
‫يكون على دراية بالتغيرات في المجتمع‪ ،‬ويفهم التحديات والمشكالت التي يواجهها‪ ،‬ويك((ون‬
‫على استعداد للتفاعل والتأثير في هذا السياق‪ .‬وبالت((الي‪ ،‬يتض((من مفه((وم اليقظ((ة االجتماعي((ة‬
‫القدرة على تحليل الظروف االجتماعية بشكل مناسب‪ ،‬واتخاذ الق((رارات المناس((بة بن((اًء على‬
‫فهم عميق للمجتمع وتفاعالته‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬تعريف االجتماع‬

‫سوف نقوم بتعريف االجتماع لغة واصطالحا‬

‫لغة‪ :‬المعنى اللغوي‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫( جمع) الجيم والميم والعين أصل واحد‪ ،‬يدل على تضام الشيء‪ ،‬يقال‪ :‬جمعت الشيء جمًع ا‪،‬‬
‫وجم(((ع الش(((يء عن تفرق(((ة يجمع(((ه جمًع ا‪ ،‬وجمع(((ه وأجمع(((ه ف(((اجتمع‪ .‬واجتم(((ع الق(((وم‬
‫واستجمعوا بمعنى‪ :‬تجمعوا‪ ،‬وانضم بعضهم إلى بعض‪ ،‬واتحدوا واتفقوا‪.‬‬

‫و(الجماعة) العدد الكثير من الناس‪ ،‬والش((جر والنب((ات‪ ،‬وطائف((ة من الن((اس يجمعه((ا غ((رض‬
‫واحد‪.‬‬

‫و(االجتم((((اع) علم االجتم((((اع‪ ،‬علم يبحث في نش((((وء الجماع((((ات اإلنس((((انية ونموه((((ا‬


‫وطبيعته((ا وقوانينه((ا ونظمه((ا‪ ،‬ويق((ال‪ :‬رج((ل اجتم((اعي م((زاول للحي((اة االجتماعي((ة‪ ،‬كث((ير‬
‫المخالطة للناس‪( .‬موسوعة التفسيير الموضوعي‪.)2024 ،‬‬

‫اصطالحا‪ :‬سوف نتطرق لتعريفين فقط لكيال نتعمق في علم االجتماع‬


‫علم االجتماع هو الدراس((ة العلمي((ة للس((لوك االجتم((اعي لألف((راد واألس((اليب ال((تي ينتظم به((ا‬
‫المجتمع باتباع خطوات المنهج العملي‪( .‬موسوعة الكتاب‪.)2023 ،‬‬

‫علم االجتماع هو ذلك العلم الذي يدرس الوقائع والظ(واهر واألح(داث والحق(ائق االجتماعي(ة‬
‫ويدرس أيضا األفراد وتدرس تصرفاتهم وسلوكياتهم في عالقتهم باآلخرين‪( .‬سكوت)‪.‬‬

‫وعلي((ه يمكن((ني تعري((ف علم االجتم((اع ه((و الف((رع من العل((وم االجتماعي((ة ال((ذي ي((درس‬
‫التفاعالت والعالقات بين األفراد والمجتمعات‪ ،‬ويستكشف الظواهر االجتماعية ويحللها لفهم‬
‫ديناميكيات المجتمع وتأثيرها على حياة األفراد‪.‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬أنواع اليقظة‬

‫هناك عدة أنواع من اليقظة وكل نوع يستخدم في مجال معين نذكر منه((ا م((ا يلي‪( :‬رتيبة‬
‫و نوفل‪.)2005 ،‬‬

‫اليقظة التنافسية (‪ :)Compétitive Vigilance‬هي القدرة على مراقب((ة وتحلي((ل‬ ‫‪.1‬‬


‫البيئة التنافسية التي يعمل فيها المنظمة أو الشركة‪ .‬تشمل هذه اليقظة مراقبة الخصوم‬
‫والتقنيات واالتجاهات الجديدة وغيرها من العوام((ل ال((تي يمكن أن ت((ؤثر على مكان((ة‬
‫المنظمة في السوق‪.‬‬

‫اليقظ‪44‬ة التكنولوجي‪44‬ة (‪ :)Technological Vigilance‬تع((ني الق((درة على مراقب((ة‬ ‫‪.2‬‬


‫وتقييم التطورات التكنولوجية في مجال العمل الخاص بالمنظمة أو الصناعة‪ .‬وتشمل‬
‫ذلك مراقبة التقني((ات الجدي((دة واالبتك((ارات واالس((تجابة له((ا بش((كل فع((ال للبق((اء على‬
‫مستوى متقدم في المجال التكنولوجي‪.‬‬

‫اليقظة التجاري‪44‬ة (‪ :)Business Vigilance‬تعني الق((درة على متابع((ة التط((ورات‬ ‫‪.3‬‬


‫والتغيرات في السوق والقطاع الذي تنشط فيه المنظمة‪ .‬وتش((مل ه((ذه اليقظ((ة مراقب((ة‬
‫اتجاهات العمالء والمنافس((ين والتغ((يرات في الطلب والع((رض والسياس((ات التجاري((ة‬
‫والقوانين الجديدة التي قد تؤثر على األعمال‪.‬‬
‫اليقظ‪44‬ة االس‪44‬تراتيجية (‪ :)Strategic Vigilance‬تش((ير إلى الق((درة على تحلي((ل‬ ‫‪.4‬‬
‫التحديات والفرص االستراتيجية في البيئة الخارجية‪ ،‬بما في ذلك االقتصاد والسياس((ة‬
‫والتكنولوجي((ا والمجتم((ع وغيره((ا‪ ،‬وتط((وير اس((تراتيجيات مناس((بة لتحقي((ق أه((داف‬
‫المنظمة ويتضمن هذا التحليل أيًضا اليقظة االجتماعية التي تعتبر ج((زًءا أساس (ًيا من‬
‫اليقظة االستراتيجية‪ ،‬حيث يتعين على المنظمة فهم ال((ديناميات االجتماعي((ة المحيط((ة‬
‫بها وتأثيرها على استراتيجياتها وأهدافها المستقبلية‪.‬‬

‫اليقظ‪44‬ة البيئي‪44‬ة (‪ :)Environnemental Vigilance‬تع((ني الق((درة على مراقب((ة‬ ‫‪.5‬‬


‫وتقييم تأثيرات األنشطة التجارية أو التنموية على البيئة الطبيعية‪ .‬تش((مل ه((ذه اليقظ((ة‬
‫مراقب((ة اس((تخدام الم((وارد الطبيعي((ة والتل((وث وت((أثير التغ((يرات المناخي((ة وتط((وير‬
‫استراتيجيات االستدامة‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مفهوم اليقظة االجتماعية‬


‫سوف نق((وم بتعري((ف اليقظ((ة االجتماعي((ة حس((ب المنظ((ور الكلي والج((زئي ثم التعري((ف‬
‫الشامل لماهية اليقظة االجتماعية‬

‫اليقظة من المنظور الكلي‪:‬‬

‫بحيث " تتمثل في تحديد ومالحظة كل الظ((واهر االجتماعي((ة مث((ل الص((راعات االجتماعي((ة‪،‬‬
‫المتعارضات الدينية والعرفية سوء التفاهم بين األجي((ال‪ ،‬التمس((ك بالتقلي((د وك((ل م((ا يس((توقف‬
‫االنتب((اه المتيق((ظ ويه((دد من الس((المة أو يع((زز التناس((ق التنظيمي‪( .‬مع((راج و ناص((ر‪، ،‬‬
‫‪2005‬ص ‪ (159‬وهناك من يعرفها أيضا على أنها إدراك لمختل((ف التغي((يرات ال((تي يمكن‬
‫إن تحدث داخل المجتم(ع بأس(رع وقت ممكن وال(تي يمكن له(ا أن تع(رض المؤسس(ة لخط(ر‬
‫االضطراب وتأثر عالقتها بالمحيط‪ .‬وبالتالي فاليقظة االجتماعية من منظ((ور كلي تتمث((ل في‬
‫مراقبة كل التغيرات التي لها عالقة بمختل((ف أوج(ه الحي((اة االجتماعي((ة لألف((راد وتش(مل ه((ذه‬
‫المتغيرات‪:‬‬

‫‪ ‬تطور النمو الديمغرافي؛‬


‫‪ ‬عادات االستهالك؛‬

‫‪ ‬تغير الموضة في اللباس؛‬

‫‪‬التجمعات السكنية أي النزوح نحو المنطقة‪.‬‬

‫اليقظة من المنظور الجزئي‪:‬‬

‫باإلضافة إلى كون المؤسسة هي خلية ووحدة اقتصادية‪ ،‬فإنها تعتبر بمثابة بناء‬
‫وفضاء اجتماعي يضم مجموعة أفراد يعملون معا ويتفاعلون مع((ا بص((ورة ش((به مس((تمرة و‬
‫منظمة‪ ،‬كما تربطهم عالقات اجتماعية متعددة داخل التنظيم‪ ،‬إذ أن تس((يير ه((ذه العالق((ات لن‬
‫يتحق((ق إال من خالل جم((ع بيان((ات ص((حيحة ودقيق((ة ح((ول وض((عية المحي((ط االجتم((اعي في‬
‫المؤسس((ة‪ .‬بحيث ه((ذه البيان((ات ليس من الس((هل دائم((ا جمعه((ا‪ ،‬بم((ا أنه((ا تعتم((د كث((يرا على‬
‫المالحظ((ة ل((ذلك يع((اب عليه((ا غي((اب الموض((وعية والدق(ة‪ .‬لكن من جه((ة أخ(رى إذا تجاه((ل‬
‫المسير هذه البيانات الدالة عن عدم الرضا أو حدوث نزاع محتمل فهن((اك خط((ورة أن يتعق((د‬
‫الوضع ويتأزم أكثر لهذا تظهر الحاج(ة إلى االس(تعانة بنظ(ام اليقظ(ة اجتم(اعي‪( .‬المهدي‪،‬‬
‫‪.)2022‬‬

‫انطالقا من المنظور الجزئي والكلي لليقظة االجتماعية يمكن((ني تعري‪44‬ف اليقظ‪44‬ة االجتماعي‪44‬ة‬
‫في المؤسسة االقتصادية على أنها تعني الق((درة على فهم وتحلي((ل ال((ديناميكيات االجتماعي((ة‬
‫التي تؤثر على سلوكيات األفراد داخل المنظمة وعلى التفاعالت م((ع المجتم((ع المحي((ط به((ا‪.‬‬
‫تشمل هذه الديناميكيات على سبيل المثال العالقات بين ال((زمالء‪ ،‬وتف((اعالت الف((رق العامل((ة‪،‬‬
‫والديناميات التنظيمية‪ ،‬والعوامل الثقافية والسياسية التي تؤثر على البيئة الداخلية والخارجية‬
‫للمؤسس((ة‪ .‬وبن((اًء على ه((ذا الفهم‪ ،‬يمكن للمؤسس((ة تط((وير اس((تراتيجيات تفاعلي((ة ومالئم((ة‬
‫للتعامل مع التح(ديات االجتماعي((ة واس(تغالل الف((رص ال((تي ق(د تنش(أ من ه((ذه ال((ديناميكيات‪،‬‬
‫بهدف تحقيق أهدافها االقتصادية واالجتماعية بكفاءة وفعالية‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬أبعاد اليقظة االجتماعية‬


‫هناك مجموعة متنوعة من األبع((اد ال((تي يمكن أن تك((ون مرتبط((ة باليقظ((ة االجتماعي((ة‪،‬‬
‫للمؤسسات االقتصادية ومن بين هاته األبعاد نذكر‪( :‬صونية‪)2022 ،‬‬

‫تحقي‪44‬ق رض‪44‬ا العمالء‪ :‬من خالل فهم احتياج((ات وتوقع((ات العمالء بش((كل أفض((ل‬ ‫‪.1‬‬
‫والتفاعل معهم بشكل فّع ال‪ ،‬يمكن للمؤسس((ات تحقي((ق رض((ا العمالء وبالت((الي زي((ادة‬
‫مستوى الوالء وتحسين العائدات‪.‬‬

‫تعزيز سمعة العالمة التجارية‪ :‬من خالل القيام بأنشطة اجتماعي((ة مس(ؤولة والتفاع((ل‬ ‫‪.2‬‬
‫بشكل إيجابي مع المجتمع‪ ،‬يمكن للمؤسسات تعزيز سمعتها وصورتها في السوق‪.‬‬

‫جذب واحتفاظ ب‪44‬الموظفين الموه‪44‬وبين‪ :‬من خالل خل((ق بيئ((ة عم((ل إيجابي((ة وداعم((ة‬ ‫‪.3‬‬
‫وتش(((جيع المش(((اركة والمس(((اهمة‪ ،‬يمكن للمؤسس(((ات ج(((ذب واحتف(((اظ ب(((الموظفين‬
‫الموهوبين والملتزمين‪.‬‬

‫تحقيق التنمية المستدامة‪ :‬من خالل اتخاذ القرارات ال((تي تأخ((ذ في االعتب((ار اآلث((ار‬ ‫‪.4‬‬
‫االجتماعي((ة والبيئي((ة‪ ،‬يمكن للمؤسس((ات المس((اهمة في تحقي((ق التنمي((ة المس((تدامة‬
‫للمجتمعات التي تعمل فيها‪.‬‬

‫تعزيز الشفافية والمس‪44‬اءلة‪ :‬من خالل تب((ني ممارس((ات ش((فافة ومس((ؤولة‪ ،‬والتفاع((ل‬ ‫‪.5‬‬
‫بش((كل فّع ال م((ع أص((حاب المص((لحة‪ ،‬يمكن للمؤسس((ات بن((اء عالق((ات ثق((ة وتعزي((ز‬
‫مستوى المساءلة‪.‬‬

‫باختص((ار‪ ،‬تتمث((ل أه((داف اليقظ((ة االجتماعي((ة للمؤسس((ات االقتص((ادية في تحقي((ق النج((اح‬


‫المستدام والمساهمة في التنمي((ة الش((املة للمجتمع((ات ال((تي تخ((دمها‪ ،‬من خالل بن((اء عالق((ات‬
‫مستدامة مع العمالء والموظفين والمجتمع بشكل عام‪.‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬أهمية اليقظة االجتماعية‬

‫اليقظة االجتماعية تمث(ل أهمي(ة كب(يرة بالنس(بة للمؤسس(ات االقتص(ادية‪ ،‬نلخص(ها في‬
‫النقاط التالية‪( :‬صونية‪.)2022 ،‬‬
‫بناء عالق‪44‬ات م‪44‬ع العمالء‪ :‬الفهم العميق الحتياج((ات ورغب((ات العمالء والق((درة على‬ ‫‪.1‬‬
‫التفاعل بشكل فّع ال معهم يمكن أن يساعد المؤسسة في بناء عالقات مس((تدامة وقوي((ة‬
‫مع العمالء‪ ،‬وبالتالي تحسين الوالء وزيادة اإليرادات‪.‬‬

‫تحسين بيئة العمل‪ :‬اليقظة االجتماعية تعزز التواصل والتعاون داخل المؤسسة‪ ،‬مما‬ ‫‪.2‬‬
‫يؤدي إلى تحسين بيئة العمل وزيادة اإلنتاجية والكفاءة‪.‬‬

‫تعزيز القيادة الفعالة‪ :‬القادة الذين يمتلكون اليقظ((ة االجتماعي((ة يكون((ون ق((ادرين على‬ ‫‪.3‬‬
‫فهم موظفيهم بشكل أفضل وتحفيزهم ودعمهم لتحقيق األهداف المشتركة‪ ،‬مما ي((ؤدي‬
‫إلى تعزيز القيادة الفعالة وتحقيق النجاح المؤسسي‪.‬‬

‫تعزيز االبتكار والتط‪44‬وير‪ :‬اليقظة االجتماعي((ة تس((هم في خل((ق بيئ((ة يمكن فيه((ا تب((ادل‬ ‫‪.4‬‬
‫األفكار واالبتكارات بشكل فّعال‪ ،‬مما يساعد على تعزيز التط((وير المس(تمر وتحس(ين‬
‫العمليات داخل المؤسسة‪.‬‬

‫تحقيق التنوع والشمولية‪ :‬اليقظة االجتماعية تعزز قبول وتق((دير التن((وع واالختالف‬ ‫‪.5‬‬
‫في المؤسس((ة‪ ،‬مم((ا يس((اهم في بن((اء بيئ((ة عم((ل ش((املة ومتنوع((ة‪ ،‬وتعزي((ز االبتك((ار‬
‫واإلبداع‪.‬‬

‫بش((كل ع((ام‪ ،‬يمكن الق((ول إن اليقظ((ة االجتماعي((ة تلعب دوًر ا حاس((ًما في تعزي((ز النج((اح‬
‫واالستدامة للمؤسسات االقتصادية‪ ،‬من خالل بناء عالقات قوية م((ع العمالء‪ ،‬وتحس((ين بيئ((ة‬
‫العمل‪ ،‬وتعزيز القيادة الفعالة‪ ،‬وتحقيق التنوع والشمولية‪ ،‬وتعزيز االبتكار والتطوير‪.‬‬

‫المطلب الخامس‪ :‬الية عمل اليقظة االجتماعية في المؤسسة االقتصادية‬

‫اليقظة االجتماعية في المؤسس((ة االقتص((ادية تمث((ل الق((درة على فهم وتحلي((ل‬


‫الديناميات االجتماعي((ة داخ((ل المنظم((ة وخارجه((ا‪ ،‬وتط((بيق اس((تراتيجيات مالئم((ة‬
‫لتعزي((ز التفاع((ل اإليج((ابي بين األف((راد وتحقي((ق أه((داف الش((ركة في بيئ((ة العم((ل‬
‫المتغيرة باستمرار ولمعرفة هاته االلية سوف نتطرق أوال الى‪:‬‬
‫فرق عمل اليقظة االجتماعية‬

‫يتكون فريق عمل اليقظة االجتماعية من ‪ 3‬شبكات هي ك((االتي‪( :‬المهدي‪2022 ،‬‬


‫)‪.‬‬

‫شبكة المترصدين‪:‬‬ ‫‪-1‬‬

‫تكلف شبكة المترصدين أو المتيقظين بالتقاط ورصد كل المعطيات واالشارات الض((عيفة‬


‫وه(ذا ع(بر التص(نت ال(دائم والمراقب(ة الدقيق(ة لمحي(ط العم(ل ومالحظ(ة ك(ل التطــــــورات‬
‫والمظاهر التي تحدث في البيئة الداخلية للمؤسس((ة‪ ،‬بحيث تض((م ه((ذه الش((بكة ك((ل من ممثلي‬
‫العمــــــــال باعتب((ارهم هم((زة وص((ل بين القاع((دة العمالي((ة واالدارة وذل((ك بنق((ل المش((اكل‬
‫االجتماعية المهنية للعمال وكذا انشغاالتهم‪.‬‬

‫شبكة الخبراء‪:‬‬ ‫‪-2‬‬

‫وهم المتخصصون الذين يكونون عادة على مستوى مديرية الموارد البش((رية ‪،DRH‬بحيث‬
‫يقومون بمعالجة وتحليل المعلومات التي تم جمعها من طرف المترص((دين‪ ،‬إض((افة إلى أنهم‬
‫يتمتعون بكفاءات و مهارات عالية كالتفكير االستراتيجي واالجتماعي‪ ،‬الق((درة على التحلي((ل‬
‫و التركيب‪ ،‬القدرة على وضع المؤشرات والنسب‪ ،‬القدرة على إعداد الملخصات والتقارير‪،‬‬
‫‪...‬الخ‪.‬‬

‫شبكة متخذي القرار‪:‬‬ ‫‪-3‬‬

‫تتمثل في أعضاء االدارة العليا للمؤسس(ة‪ ،‬وهم ال((ذين يس(تخدمون المعلوم((ات الج(اهزة‬
‫في وض((ع الت((دابير الالزمـــــــــــة واتخ((اذ الق((رارات المالئم((ة‪ ،‬ويش((ترط في ه((ذه الش((بكة‬
‫المعرف((ة الجي((دة واالدراك ال((دقيق للتط((ورات االجتماعي((ة‪ ،‬السياس((ية‪ ،‬و القانوني((ة‪ ،..‬الخ‬
‫الحاصلة في البيئة الخارجية باإلضافة إلى التحديد الجيد ألهداف و غايات المؤسسة‪.‬‬

‫وعليه فان الية عمل اليقظة االجتماعية في المؤسسة االقتص‪44‬ادية تتمث((ل في إنش((اء وتفعي((ل‬
‫آليات تفاعلية ته((دف إلى فهم وتحلي((ل ال((ديناميكيات االجتماعي((ة داخ((ل المؤسس((ة وخارجه((ا‪.‬‬
‫يشمل ذلك تشكيل شبكة من المترصدين لرصد التطورات وتحليلها‪ ،‬إلى جانب تأسيس ش((بكة‬
‫من الخ((براء لتحوي((ل المعلوم((ات الص((ادرة من المترص((دين إلى توجيه((ات واس((تراتيجيات‬
‫عملي((ة‪ .‬كم((ا يلعب أعض((اء اإلدارة العلي((ا دوًر ا مهًم ا في تفعي((ل ه((ذه التوجيه((ات واتخ((اذ‬
‫القرارات الالزمة لتعزيز استمرارية األعمال وتحقيق األهداف المؤسسية وتجنب النزاع((ات‬
‫العمالية‪.‬‬

‫خاتمة المبحث االول‪:‬‬

‫تبرز أهمية اليقظة االجتماعية كأداة أساسية لتعزي((ز الفعالي((ة واالس((تدامة في المؤسس((ات‬
‫االقتص((ادية‪ .‬تس((اهم اليقظ((ة االجتماعي((ة في تعزي((ز التفاع((ل اإليج((ابي بين األف((راد وتحقي((ق‬
‫األهداف المؤسسية من خالل فهم الديناميكيات االجتماعي((ة وتحليله((ا بش(كل دقي((ق‪ .‬من خالل‬
‫تشكيل شبكات المترصدين والخبراء‪ ،‬وتفعيل مشاركة أعضاء اإلدارة العليا‪ ،‬يمكن للمؤسسة‬
‫اس((تغالل اليقظ((ة االجتماعي((ة لتحس((ين أدائه((ا وتحقي((ق النج((اح في بيئ((ة األعم((ال المتغ((يرة‬
‫باستمرار‪ .‬لذا‪ ،‬يجب على المؤسسات االقتصادية االستثمار في بناء ثقافة تشجع على اليقظ((ة‬
‫االجتماعية وتعزز التواصل والتفاعل الفّعال بين جميع أفرادها‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬إدارة نزاعات العمال‬
‫نزاعات العمال في المؤسسات االقتصادية تشير إلى التوترات والصراعات ال((تي تنش((أ‬
‫بين العمال وإدارة الشركة أو صاحب العمل في سياق العمل‪ .‬تتن((وع أس((باب ه((ذه النزاع((ات‬
‫وتشمل العديد من القضايا المختلف((ة‪ ،‬مث((ل األج((ور والمكاف((آت‪ ،‬وظ((روف العم((ل والس((المة‪،‬‬

‫والمسائل المهنية مثل تقييم األداء والترقيات‪ .‬لحل ومن((ع نزاع((ات العم((ال‪ ،‬يتعين على إدارة‬
‫المؤسسة العمل على بناء بيئة عمل صحية ومواتي((ة تش((جع على التواص((ل الفع((ال والتع((اون‬
‫بين العمال وإدارة الشركة‪ .‬ينبغي أيًضا وض((ع سياس((ات وإج((راءات عادل((ة وش((فافة تض((من‬
‫حقوق العمال وتوفر آليات لحل النزاعات بشكل فعال وبناء‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬السياق النظري لمفهوم إدارة نزاعات العمال‬
‫لمعرفة السياق النظري لمفهوم إدارة نزاعات العمال‪ ،‬يجب أوًال فهم النظريات والمفاهيم‬
‫التي تشكل أساس تلك اإلدارة (نزاع وصراع وعمال‪ )..‬وسوف نتطرق اليها في الفروع التالية‪:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تعريف نزاع‬

‫لغة‪ِ :‬نَز اٌع [ن ز ع]‪( .‬مصدر َنَز َع )‬

‫نزاع أو عدم اتفاق بين لرب العمل والعامل مثال أو نزاع قد ينشب بين هيئات حكومة ما‬
‫بشأن من لها الصالحية على منطقة ما في تقديم الخدمات أو سن الضرائب أو متابعة مج((رم‬
‫متابعة قضائية‪( .‬نزاع‪)2006 ،‬‬

‫اصطالحا‪ :‬يمّث ل النزاع جانبًا حتميًا من التفاعل البش((ري‪ ،‬ينش((ب عن((دما يس((عى شخص((ين أو‬
‫مجموعتين أو أكثر إلى تحقيق مآرب متض((اربة أو غ((ير متوافق((ة م((ع بعض((ها البعض‪ .‬وق((د‬
‫تّت خ((ذ النزاع((ات طابع(ًا عنيف(ًا‪ ،‬كم((ا ه((و الح((ال في الح((روب‪ ،‬أو س((لميًا كم((ا ه((و الح((ال في‬
‫االنتخابات أو إجراءات المقاضاة القانونية‪ .‬أذا ما القت توجيهًا بّن اًء نح((و الح((ل‪ ،‬فق((د تك((ون‬
‫النزاعات مفيدة‪( .‬المنارة‪.)2022 ،‬‬

‫وعليه يمكنني تعريف النزاع على أنه حالة من عدم التوافق أو التناغم بين أط((راف متع((ددة‪،‬‬
‫حيث تختل((ف اآلراء أو االهتمام((ات أو األه((داف بينهم وتتع((ارض‪ ،‬مم((ا ي((ؤدي إلى ت((وتر‬
‫وصراع بينهم‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تعريف الصراع‬


‫لغة‪ :‬الصراع هو الخصام والشقاق أي المعارضة‪ ،‬سواء اتخذت بشكل ماديا أو معنويا‪.‬‬

‫اصطالحا‪ :‬يرى "خليل أحمد خليل"‪ :‬بأن علماء االجتماع يعتبرون الصراع ظاهرة اجتماعية‬
‫حاصره في كل مي(ادين الحي(اة االجتماعي(ة لكن(ه يرت(دي أش(كال بالغ(ة التن(وع منه(ا‪ :‬الش(كل‬
‫الطبيعي والشكل المرض((ي‪ .‬األم(ر ال((ذي أكس(بو أهمي((ة خاص((ة وجعل((ه من المف((اهيم األك((ثر‬
‫تداوال واستعماال واألكثر من ذلك فهو نقطة التقاء العديد من التخصصات العلمية‪( .‬حامد‪،‬‬
‫‪......................)2011-06‬‬

‫يمكنني تعريف الصراع على أنه حالة توتر أو تضارب بين أطراف مختلفة نتيجة لتع((ارض‬
‫في األهداف أو القيم أو المصالح‪.‬‬

‫ومنه فان النزاع هو تصادم مؤقت بين األطراف أما الصراع هو تصادم دائم بين المصالح‬

‫الفرع الثالث‪ :‬تعريف العمال‬

‫لغة‪ :‬عامل فاعل من َع ِم َل والعمال ينتقلون من مكاٍن آلخر سعًيا وراء العمل باألجر اليومّي ‪.‬‬
‫(المعاني‪ ،‬المعاني‪.)2006 ،‬‬

‫اصطالحا‪ :‬العامل هو كل من يؤدي عمًال لقاء أج((ر ويك((ون تباع (ًا في عمل((ه إلدارة وتوجي((ه‬
‫الجهة التي يعمل لحسابها أو الشخص الذي يؤدي عمل لصاحب العمل ولقاء أج((ر وبم((وجب‬
‫اتفاق خاص أو عام‪ ،‬شفوي أو تحريري‪ ،‬ويكون عند ادائه للعم((ل تحت توجي((ه وإش((راف أو‬
‫إدارة صاحب العمل (محمد‪.)2008 ،‬‬

‫نستنج من هاته التعريفات على أن العمال هم األفراد الذين يعملون بش((كل مس((تمر أو م((ؤقت‬
‫لصالح منظمة أو شركة مقابل مادي أو غيره‪ ،‬ويقومون بأداء مجموعة محددة من المه((ام أو‬
‫الوظائف ضمن بيئة عمل محددة‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مفهوم إدارة نزاعات العمال‬


‫النزاع العمالي ينشأ نتيجة التباين بين صاحب العمل والعم((ال‪ ،‬ويتعل((ق غالب (ًا بالش((روط‬
‫العملية أو االس((تخدام‪ ،‬وق((د ينش((أ أيًض ا بس((بب ع((دم االتف((اق في المفاوض((ات بين األط((راف‬
‫المعنية‪ ،‬ويمكن أن يتضمن تمثيل العمال عبر نقابات العمال المعترف بها‪.‬‬

‫ويمكن تعريفه أيضا أنه التصادم الناش(ئ بين ص(احب العم(ل والعم(ال‪ ،‬يتس(بب في(ه اختالف‬
‫اآلراء أو المصالح بشأن مسائل مثل الرواتب‪ ،‬وظ((روف العم((ل‪ ،‬والسياس(ات العمالي((ة‪ ،‬وق(د‬
‫ينش(أ ه(ذا ال(نزاع نتيج(ة لع(دم االتف(اق في المفاوض(ات أو ع(دم الوف(اء بالتزام(ات العمالي(ة‪،‬‬
‫ويهدف إدارة النزاع العمالي إلى تحقيق توازن يلبي مصالح كل من العمال وصاحب العمل‪.‬‬
‫(عالم‪)1994 ،‬‬

‫ومنه فان إدارة نزاعات العمال هي عملية تتضمن التعامل مع النزاع((ات والص((راعات ال((تي‬
‫تنش((أ بين ص((احب العم((ل والعم((ال في بيئ((ة العم((ل‪ .‬ته((دف إدارة النزاع((ات إلى فهم ج((ذور‬
‫الصراع والعمل على تقديم حلول تؤدي إلى تحسين العالقات وتعزيز التعاون بين الط((رفين‪.‬‬
‫تش((مل إدارة نزاع((ات العم((ال اس((تخدام تقني((ات الوس((اطة والتف((اوض والتس((وية القض((ائية‪،‬‬
‫باإلض((افة إلى تط((بيق سياس((ات وإج((راءات تحف((ز على ح((ل النزاع((ات بط((رق مبني((ة على‬
‫المصالح المشتركة وتعزز العدالة والمساواة في البيئة العملية‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬أنواع نزاعات العمال وأسبابها‬

‫سوف نتطرق في هاته الفروع الى أنواع وأسباب نزاعات العمال‬

‫الفرع األول‪ :‬أنواع نزاعات العمال‬

‫يوجد العديد من انواع نزاعات العمال في المؤسسة االقتصادية نذكر منها‪:‬‬

‫نزاعات العمال الفردية‪ :‬تدور نزاعات العمال الفردية بوجه ع(ام ح(ول عالق(ة العم(ل‬ ‫‪-1‬‬
‫الفردية (عقد العمل) المتضمن الحقوق األساسية للعامل اذ يعد نزاعا فرديا كل خالف‬
‫في العمل القائم بين العامل األجير والمستخدم بشأن تنفيذ عالقة العمل التي ترب((ط بين‬
‫الطرفين (حامد‪.)2011-06 ،‬‬
‫نزاعات العمال الجماعية‪ :‬يظهر النزاع الجمـاعي في العمـل بمناسبة الخالف((ات ال((تي‬ ‫‪-2‬‬
‫تظهر بين ممثلي فئة من العمـال أو نقـابتهم وبين صاحب العمل أو نقابته وق((د ع((ّر ف‬
‫المشرع النزاع الجماعي في العمـل ض((من نص الم((ادة ‪ 2‬من الق((انون ‪ 90-02‬على‬
‫أنه‪" :‬يعد نزاع((ا جمـاعيا في العم((ل خاض((عا ألحك((ام ه((ذا الق((انون ك((ل خالف يتعل((ق‬
‫بالعالق((ات االجتماعي((ة والمهني((ة في عالق((ة العم((ل‪ ،‬ولم يج((د تس((ويته بين العم((ال‬
‫والمستخدم باعتبارهما طرفين في نطاق احكام المادتين ‪ 4‬و‪( 5‬سامي‪.)2020 ،‬‬
‫تضارب الشخصيات‪ُ :‬يعد هذا النوع من النزاعات في العمل من أكثر األنواع شيوًعا‪،‬‬ ‫‪-3‬‬
‫نظًر ا ألن بيئة العم(ل تجم(ع بين العدي(د من الشخص(يات المختلف(ة‪ ،‬وال(تي ال يمكن أن‬
‫تتوافق مع بعضها البعض إال نادًر ا (بكه‪.)2024 ،‬‬
‫تع‪44‬ارض الفك‪44‬رة اإلبداعي‪44‬ة‪ :‬يح((دث ه((ذا ال((نزاع عن((د اختالف شخص((ان على فك((رة‬ ‫‪-4‬‬
‫المشروع‪ ،‬وقد يتطور هذا النزاع في حال عدم تحدثهما م((ع بعض((هما البعض واتخ((اذ‬
‫قرار تعاوني بشأن فكرة أو أخرى‪ ،‬أو البحث عن حل وسط بدمج الفكرتين واالستفادة‬
‫من مميزات كل فكرة (بكه‪.)2024 ،‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬أسباب نزاعات العمال‬

‫تعتبر نزاع(ات العم(ال أم(ًر ا ش(ائًع ا ويمكن أن تنش(أ من ع(دة أس(باب متنوع(ة‪ .‬يمكن أن‬
‫تش((مل ه((ذه األس((باب ن((ذكر منه((ا‪( :‬نزاعات العمل الفردية و الجماعية في المؤسسة‬
‫االقتصادية‪.)2021-2020 ،‬‬

‫‪ 1-‬االسباب المادية االقتصادية ‪:‬‬

‫لقد ركزت العديد من الدراسات في علم االجتماع اهتمامها بالجوانب المادية‪ ،‬ودعت إلى‬
‫تحسين الظروف المادية للعامل‪ ،‬ويعتبر "ت(ايلور" أو من أش(ار واهتم به(ذا الج(انب وعالج(ه‬
‫معالجة علمية‪ ،‬وجاءت بعده دراسات من بينها دراسات " اله((اوثورن " تكمن ه((ذه االس((باب‬
‫فيما يلي‪:‬‬

‫االجر‪ :‬ه(و المبل(غ الم(الي ال(ذي يتعه(د ص(احب العم(ل بدفع(ه للعام(ل كمقاب(ل للجه(د‬ ‫أ‪-‬‬
‫والعمل الذي يقدمه العامل‪ُ .‬يعت((بر األج((ر حًق ا أساس((ًيا للعام((ل ويتم تنظيم((ه وحمايت((ه‬
‫بموجب التشريعات العمالية‪ ،‬حيث يمثل محور اهتمام العم((ال وُيعت((بر ج((زًءا أساس((ًيا‬
‫من عقود العمل‪ .‬يشكل األجر أحد العوامل الرئيسية التي قد تؤدي إلى نشوء نزاعات‬
‫العمل سواء على المستوى الفردي أو الجماعي‪.‬‬

‫االمتي‪44‬ازات‪ :‬تعت((بر من االس((باب المباش((رة والم((ؤثرة في ح((دوث ال((نزاع‪ ،‬وه((ذا في حال((ة‬


‫الالعدالة في توزيع هذه االمتيازات والتقديرات‪ ،‬وتوزيع مناصب العم((ل‪ ،‬أو تخص((يص فئ((ة‬
‫دون أخرى‪.‬‬

‫‪ -2‬االسباب االجتماعية والنفسية‪:‬‬

‫أكدت العديد من الدراسات النفسية على أهمية الجانب النفسي واالجتم((اعي في وج((ود‬
‫النزاع بأسلوب علمي هو العالم "التون مايو" الذي أبرز أهمية ووظيفة الجانب المعن((وي في‬
‫اندفاع العامل نحو عمله وروحه المعنوية‪ ،‬واالسباب المعنوية كثيرة ومتنوعة نذكر منها‪:‬‬

‫التنظيم البيروقراطي السائد داخل االدارة‪ :‬إن عدم اشتراك العمال في اتخ((اذ الق((رار‪،‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫قد يسبب حاالت من النزاع التي قد يعبر عنها العم((ال بع((دة أش((كال وأس((اليب‪ ،‬تخل((ق‬
‫نوعا من الفوضى داخل التنظيم‪.‬‬
‫الترقية‪ :‬هي تغيير الفرد لوظيفته أو عمله الح(الي لي((ؤدي وظيف((ة أو عم((ل آخ(ر ذات‬ ‫ب‪-‬‬
‫مستويات أو اختصاصات وسلطات تختلف إلى حد كبير عما كان متوفرا في الوظيفة‬
‫أو العمل االصلي الذي كان يشغله‪.‬‬
‫تضارب المصالح‪ :‬إن تضارب المصالح وتناقضها بين العمال وأرباب العمل‪ ،‬وبين‬ ‫ت‪-‬‬
‫العمال أنفسهم في إطار ما يسمى بجماعات العمل‪ ،‬وبين العمال أيضا والنقاب((ة ي((ؤدي‬
‫دائما إلى وجود النزاع‪.‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬مراحل نزاعات العمال‬

‫تمر نزاعات العمال على خمس مراحل وهي‪( :‬نزاعات العمل الفردية و الجماعية في‬
‫المؤسسة االقتصادية‪)2021-2020 ،‬‬

‫‪ 1‬مرحلة النزاع الكامن أو الخفي ‪ :‬هذه المرحلة تتضمن الشروط أو الظروف التي تسبب‬
‫غالًب ا في نش((وء ال((نزاع‪ ،‬وتش((مل التن((افس على الم((وارد واختالف األه((داف‪ ،‬باإلض((افة إلى‬
‫الحاجة إلى االستقاللية في العمل‪ ،‬وغيرها من العوامل التي تسهم في ظهور الصراع‪.‬‬

‫‪ 2-‬مرحل‪44‬ة ال‪44‬نزاع أو الم‪44‬درك ‪ :‬في هذه المرحل((ة‪ ،‬يق((وم الف((رد بتوض((يح موض((وع ال((نزاع‬
‫وضرورة التفاعل بعد فهم أهمية التفاوتات للتوصل إلى المصالحة‪ .‬يتم تحديد وتوقع تصاعد‬
‫النزاع مع زيادة شدة االنفعاالت والتوتر داخ((ل المنظم((ة‪ .‬يلعب دور المعلوم((ات دوًر ا مهًم ا‬
‫في تغذية الصورة والوعي بالوضع‪ ،‬حيث ينتقل هذا ال((وعي ع((بر قن((وات االتص((ال المتاح((ة‬
‫بين األفراد والجماعات‪.‬‬

‫‪- 3‬مرحلة الشعور بالصراع ‪ :‬في هذه المرحلة‪ ،‬يصبح الصراع أكثر وضوًح ا‪ ،‬حيث تظهر‬
‫أش((كال من القل((ق س((واء على المس((توى الف((ردي أو الجم((اعي‪ ،‬وتع((زز ه((ذه األش((كال من‬
‫الص((راع‪ .‬يتم في ه((ذه المرحل((ة فهم الطبيع((ة األساس((ية للص((راع ومس((بباته بش((كل أوض((ح‪،‬‬
‫وتصبح الرؤية لما يتوقع أن يؤدي إليه الصراع أكثر وضوًح ا‪.‬‬

‫‪ 4-‬مرحلة النزاع العلني ‪ :‬في هذه المرحلة‪ ،‬يلجأ الفرد أو الجماعة إلى اعتماد النهج العلني‬
‫والصريح للتعب((ير عن ال((نزاع م((ع األط((راف األخ((رى‪ ،‬حيث يتم التعب((ير عن ه((ذا الص((راع‬
‫بط((رق متنوع((ة مث((ل الع((دوان والمش((احنات العلني((ة‪ .‬ق((د يتب((وأ ال((نزاع أش((كااًل أخ((رى مث((ل‬
‫االنسحاب‪ ،‬الالمباالة‪ ،‬أو استخدام أي وسائل دفاعية أخرى‪.‬‬

‫مرحلة ما بعد النزاع العلني ‪ :‬في هذه المرحلة تب((دأ عملي((ة إدارة ال((نزاع‪ ،‬وعلى إدارة‬ ‫‪-5‬‬
‫المؤسسة أن تواجه المواقف بشجاعة ومحاولة التعرف على جذور لمش((كلة وحله((ا‪ ،‬وإذا م((ا‬
‫تم ذلك فإنه قد يؤدي إلى زيادة التعاون بين األفراد والجماعات‪ ،‬أما إذا حاولت االدارة خل((ق‬
‫النزاع الذي قد يختفي عن السطح مؤقتا‪ ،‬ولكن ما يلبث أن يعود مجددا إلى مرحلته االولى‪.‬‬
‫المطلب الخامس‪ :‬العقوبات المترتبة عن نزاعات العمال وكيفية حلها في منظمة العمل‬

‫سوف نتطرق في هاته الفروع الى العقوبات المترتبة عن نزاع((ات العم((ال وكيفي((ة حله((ا في‬
‫منظمة العمل‬

‫الفرع األول‪ :‬العقوبات المترتبة عن نزاعات العمال‬

‫ان العقوبات التي سوف نذكرها تستوجب ت((وفر بعض الش((روط إذا ت((وفرت في الخط((أ‬
‫القادم من قبل العامل يستوجب تطبيق العقوبات التالية‪( :‬عبد السالم‪.)2003 ،‬‬

‫‪ 1‬وقوع الخطأ في مكان العمل ‪:‬‬

‫ال يمكن للمستخدم أن يوقع جزاء على العامل المرتكب للخطأ الذي يقع خارج المؤسسة وال‬
‫عالقة له بها‪ .‬فيجب أن يقع الخطأ في مكان العمل‪ ،‬أما إذا وق((ع الخط((أ خ((ارج مك((ان العم((ل‬
‫شريطة أن يكون متعلق بالعمل نفسه‪ ،‬مثال كأن يفشي العامل أس(رار العم(ل لص(ديقه خ(ارج‬
‫المؤسسة مم((ا ي((ؤدي إلى وض((عية س((لبية بالنس((بة لنظ((ام المؤسس((ة بص((فة عام((ة أو يع((رض‬
‫مصالحها التجارية أو التكنولوجية للخطر أو المنافسة غير المشروعة‪.‬‬

‫‪ 2‬أن يكون الخطأ منصوص عليه في القانون أو التنظيم ‪:‬‬

‫يترتب عن هذا الشرط أن األفعال التي أغفل النظام الداخلي ذكرها فإن العام((ل ال يس((أل‬
‫عنها‪ ،‬فيجب أن يكون الخطأ قد نص عليه الق((انون أو النظ((ام ال((داخلي للمؤسس((ة‪ .‬وفي حال((ة‬
‫غياب النظام الداخلي وبما أن المستخدم غير ملزم بذلك خاصة في حالة وج((ود ع((دد العم((ال‬
‫أقل من (‪ )20‬عامًال أو أنه وضعه دون المصادقة علي((ه من ط((رف الجه((ات المختص((ة ف((إن‬
‫ذل((ك ينفى ش((روط ورود األخط((اء التأديبي((ة وي((ترتب عن ذل((ك أن تل((ك األخط((اء ال تك((ون‬
‫محصورة مقدما ذلك أن األصل في المجال التأديبي ال يخضع الخطأ لقاع((دة (ال جريم((ة وال‬
‫عقوبة إال بنص)‪.‬‬

‫‪ 3‬أن يكون الخطأ صادر عن العامل ‪:‬‬

‫أساس المسؤولية التأديبي((ة يجب أن يك((ون الخط((أ ص((ادر عن العام((ل فعال كاالمتن((اع عن‬
‫القيام بعمل يدخل في نط(اق ال(واجب القي(ام ب(ه‪ .‬كم(ا يمكن أن يك(ون ن(اتج عن قص(د أو عن‬
‫إهمال التمس بالنظام المعمول به في المؤسسة أو ال من شأنه أن يمس بمصلحة المؤسسة أو‬
‫العمال وتجدر اإلشارة إلى أن في الخطأ التأديبي ال يشترط أن يترب عنه ضرر بالمستخدم‪،‬‬
‫كم((ا أن((ه ليس بالض((رورة أن يك((ون العام((ل ال((ذي ارتكب خط((أ تأديب((ا ق((د أخ((ل بااللتزام((ات‬
‫العقدية‪ ،‬مثل اعتداء العامل على أحد زمالئه في مك((ان العم((ل‪ ،‬أو غياب((ه عن منص((ب عمل((ه‬
‫لمدة طويلة‪ ،‬رغم االعتذارات المتعددة المرسلة للعامل المعنى‪.‬‬

‫‪ 4‬األفعال التي يعاقب عليها التشريع الجزائي‪:‬‬

‫نصت المادة ‪ 73‬من القانون ‪ " :11-90‬يتم التسريح الت(أديبي في حال(ة ارتك(اب العام(ل‬
‫أخطاء جسيمة وعالوة على األخطاء الجسيمة‪ ،‬التي يعاقب عليها التشريع الجزائ((ري وال((تي‬
‫ترتكب أثناء العمل‪ ........‬يعتبر بموجب هذه الفقرة تصّر ف العامل خط((أ جس((يم إذا ت((وفرت‬
‫فيه الشروط التالية‪:‬‬

‫أن يشكل التصرف الذي يقوم به العامل جريمة بأنه جريمة ال يرجع لص(احب العم(ل‬ ‫‪.1‬‬
‫بل إلى الجهات القضائية المختصة فال يجوز لهذا األخير تس((ريح العام((ل إال إذا تمت‬
‫إدانته جزائيا‪.‬‬
‫أن يرتكب العامل الخطأ المعاقب عليه جزائي((ا داخ((ل مك((ان العم((ل‪ ،‬وعلي((ه ال يعت((بر‬ ‫‪.2‬‬
‫خطأ جسيما في حالة ارتكاب العامل جريمة خارج مكان العمل‪.‬‬
‫صدور حكم جزائي نهائي يثبت ارتكاب العامل الخطأ الجسيم حتى يصلح لكي يكون‬ ‫‪.3‬‬
‫سببا لتسريح العام((ل فيك((ون حقيقي((ا وج((ديا بص((دور حكم نه((ائي باإلدان((ة ح((ائز على‬
‫حجية الشيء المقضي فيه‪.‬‬

‫‪ 5‬إفشاء معلومات تتعلق بالتقنيات والتكنولوجيا المستخدمة‪:‬‬

‫إال إذا أدنت بها السلطة السلمية أو أجازها القانون يتعلق األمر هن(ا بحف(ظ أس(رار العم(ل‬
‫وعدم إفشائها للغير بدون إذن من السلطة‪ ،‬أو في غير الحاالت التي يجيزها القانون‪ ،‬ويح((دد‬
‫النظام الداخلي المعلومات السرية وهذا ما ينص عليه القانون المتعلق بعالقات العمل ويعتبر‬
‫إفشاء األسرار الداخلية للمؤسسة في القطاع العام جريمة تطبق عليه((ا عقوب((ات جزائي((ة فق((د‬
‫يؤدي اإلفشاء بهذه األسرار إلى المساس بمصالح المؤسسة ‪ ،‬ويبقى تق((دير م((دى س((رية ه((ذه‬
‫المعلومات من اختصاص قاضي الموض(وع وعلى ص(احب العم(ل أن يثبت ذل(ك كم(ا يمكن‬
‫للمستخدم أن يجيز اإلفشاء بهذه المعلومات أن يرفع السرية عنها‪ ،‬وهنا ال يك((ون العام((ل ق((د‬
‫ارتكب خطأ‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬كيفية حلها في منظمة العمل‬

‫ان حل النزاع((ات بين العم((ال بط((رق ودي((ة يع((د أم((ًر ا مهًم ا لتحقي((ق بيئ((ة عم((ل ص((حية‬
‫ومنتجة‪ .‬يمكن أن تتضمن الطرق الودية لحل النزاعات بين العمال العديد من األس((اليب‪ ،‬من‬
‫بينها‪:‬‬

‫أوال‪ :‬الطرق البديلة لتسوية النزاعات الفردية‪:‬‬

‫بعد اجراء تصحيحات في القانون الجزائري ‪ 1989‬أصبح حل نزاع((ات العم((ال الفردي((ة‬


‫يتم كما يلي‪:‬‬

‫نظ((را للطبيع((ة الخاص((ة لعالق((ات العم((ل من حيث كونه((ا قائم((ة بين أط((راف ذات مص((الح‬
‫متناقض((ة ومن ثمــة إمكاني((ة ح((دوث نزاع((ات ح((ول ش((روط وظ((روف العم((ل‪ ،‬ك((ان مــن‬
‫الضروري إنشاء مكاتب المصالحة للتوفي((ق بين وجه((ات نظ((ر أط((راف ال((نزاع والمحافظ((ة‬
‫على العالقة الودية بين العامل والمستخدم لض(مان اس(تمرارية عالق(ة العم(ل‪ .‬ه(ذا م(ا نظم(ه‬
‫المشرع الجزائري بموجب القانون ‪ 04/90‬المتعلق بتسوية منازعات العم((ل الفردي((ة‪ .‬حيث‬
‫استخلفت هذه المكاتب مفتشية العمل في هذه المهمة التي تتكفل بها تش((كيلة معين((ة بالتس((اوي‬
‫من العمال و المستخدمين و هذا كلما ت(وافر موض(وع ال(نزاع و أس(بابه‪ ،‬أي كلم(ا انعق(د له(ا‬
‫االختص((اص حس((ب نص القانــــون المش((رع الجزائ((ري في ظ((ل التح((والت االقتص((ادية و‬
‫االجتماعية الحاص((لة بع((د س((نة ‪ 1990‬اس((تحدث جه((از جدي((د يس((مى مك((اتب المص((الحة ‪،‬‬
‫أسندت له صالحية إجراء المصالحة‪ ،‬هذا الجه((از الجدي((د ال يكتس((ي ال الط((ابع االداري وال‬
‫القضائي‪ .‬اعتبر المشرع الجزائري إجراء المصالحة مرحلة س((ابقة عن المرحل((ة القض((ائية‪.‬‬
‫في حين اعتبره((ا المش((رع الفرنس((ي ج((زءا من ال((دعوى القض((ائية‪ ،‬بحيث ت((دخل ض((من‬
‫اختص((اص المحاكــم المختص((ة بمنازع((ات العم((ل‪ ،‬يتوله((ا مـا يع((رف ب((المجلس العمالـي‬
‫‪ ،Conseil homme ‘Prud de‬ال((ذي يض((م مكتب للمص((الحة في ك((ل قس((م من أقس((ام‬
‫المجلس يتولى مهمة إيجاد حال وديا للنزاع القائم بين المستخـدم والعامل قبل دخولهم((ا ح((يز‬
‫التقاضي‪( .‬بلعبدون‪)2017 ،‬‬

‫ثانيا‪ :‬الطرق البديلة لتسوية النزاعات الجماعية‪:‬‬

‫مّي ز المش((رع بين النزاعـات الجماعي((ة ال((تي يكـون طرفه((ا إحـدى اإلدارات وب((اقي‬
‫النزاعات الجماعي((ة ال((تي تنش((أ في الحي((اة االقتص((ادية وعلي((ه سنتطـرق أوال آللي((ات تسـوية‬
‫النزاعات دون تدخل الدولة ثم نتطرق لآلليات التي تظه((ر فيه((ا الدول((ة كط((رف في ال((نزاع‪.‬‬
‫‪ 1‬الطرق البديلة لتسوية النزاعات الجماعي‪44‬ة دون ت‪44‬دخل المؤسس‪44‬ات واإلدارات العمومي‪44‬ة‬
‫وقد تضّمنها القانون ‪ 90-02‬والتي تتمثـل في ثالث آليـات هي‪( :‬سامي‪)2020 ،‬‬

‫المصالحة‪ :‬حيث يتمثل هذا اإلجراء بتدخل مفتشية العم((ل المختص((ة إقليمي((ا كط((رف‬ ‫‪‬‬
‫يقوم بالتوفيق بين أطراف النزاع بغي((ة ح((ل المس((ائل الخالفي((ة س((واء بص((فة كلي((ة أو‬
‫جزئي((ة‪ .‬ف((إذا حص((ل االتفـاق بين الطرفيـن يعت((بر محض((ر الص((لح إلزامي((ا على‬
‫الطرفين‪ ،‬كذلك الحـال في االتفـاق الجـزئي‪ ،‬وهذا ما أّك ـدت عليه الفقرة ‪ 2‬من المادة‬
‫‪ 8‬من القانون ‪.90-02‬‬
‫الوساطة‪ :‬في هذا االطار يقوم الوسيط باقتراح التسوية في شكـل حل((ول و مقترح((ات‬ ‫‪‬‬
‫و توصيات ُمعللة في إطار الم((ادتين ‪11‬و ‪ 12‬من القـانون ‪ 90-02،‬بحيث يتمتـع‬
‫الوسيـط في إطـار ُمهم((ة التسـوية بصالحيـات تتمثـل فـي االطـالع على كـافة‬
‫المعلومـات والوثـائـق الضـرورية والمتطلب((ة لح((ل ال((نزاع مقـابل التزام((ه بالسـر‬
‫المهني وتقـديم حلـول التسـوية ضمـن األجـل المتفـق علي((ه‪ ،‬ليقـوم بإعـالم مفتش((ية‬
‫العمـل بذلك‪.‬‬
‫التحكيم‪ :‬في ه((ذا اإلط((ار نص((ت الم((ادة ‪ 13‬من الق((انون‪ 90-02‬على إمكاني((ة اتف((اق‬ ‫‪‬‬
‫الطـرفين على اللجـوء إلى ُمحكـم أو هيئ((ة تحكيمي((ة في حال((ة فش((ل مح((اوالت‬
‫المص((الحة على مس((توى مفتش((ية العم((ل أو الوسـاطة في حال((ة اللجـوء إليه((ا قبـل‬
‫التحكيم‪ ،‬وفي هذه الحـالة يعتبـر التحكيـم اتفاقيا‪.‬‬
‫‪ 2‬الط‪4‬رق البديل‪4‬ة لتس‪4‬وية النزاع‪4‬ات الجماعي‪4‬ة في إط‪4‬ار المؤسس‪4‬ات واإلدارات العمومي‪4‬ة‬
‫أخضع المشـرع تسـوية النزاعات الجماعية التي تظهر بين فئة ‪ 11‬للطـرق غ((ير القض((ائية‬
‫الموظفيـن والمؤسسـات اإلداري((ة أو اإلدارات ش((أنها في ذلـك ش((أن النزاعـات الجماعي((ة‬
‫العمالية‪ ،‬وهذا ما نص علي((ه الق((انون ‪ 90-02‬ابت((داء من الم((ادة ‪ 14‬وم((ا بع((دها (سامي‪،‬‬
‫‪.)2020‬‬

‫‪ .‬التظلم اإلداري‪ :‬وهو إجـراء نصت عليه المـادة ‪ 16‬من القـانـون ‪ 90-02،‬يقـوم‬ ‫‪‬‬
‫بموجبـه ممثلـو فئة الموظفيـن برفـع مسـألة خالفهم الجم((اعي إلى الس((لطة اإلداري((ة‬
‫الوص((ية على الهيئ((ة المستخـدمـة سـواء تعلـق األمـر بالبل((ديات أو الوالي((ات أو‬
‫الوزارات وكذلك المؤسسات العمومي((ة ذات الط((ابع اإلداري وعلي((ه‪ ،‬تت((دخل الس((لطة‬
‫الوصية لتسوية النزاع الجماعي بين فئة المستخدمين والهيئة المستخدمة التي تش((رف‬
‫عليها‬
‫‪ .‬المصالحة اإلدارية‪ :‬في حالة عـدم تسـوية النـزاع الجمـاعي على مستـوى السلطـة‬ ‫‪‬‬
‫اإلدارية الوصية‪ ،‬تقوم هذه األخيرة بعرض محاولة الصلح على طرفي النـزاع مثلما‬
‫نصـت عليه المـادة ‪ 17‬من القـانون ‪ 90-02‬عن طريـق اس((تدعاءهما رفق((ة ممثلي‬
‫الوظيف العمـومي ومفتش((ية العم((ل المختص((ة إقليمي((ا‪ ،‬وه((ذا إذا تعل((ق ال((نزاع بع((دم‬
‫تطبيق التزام قانوني أو تنظيمي‪ .‬وعلي((ه‪ ،‬تت((دخل الس(لطة اإلداري((ة الوصيـة في ه((ذه‬
‫الحالة من أجل التوفيق بين طرفي النزاع والتعهد بتنقي((د االلتـزام غيـر الُمطب((ق من‬
‫قبل الهيئة المستخدمة التابعة لها في أجل ‪ 30‬يوم‬
‫‪ .‬التحكيم أمام اللجنة الوطنية للتحكيم‪ :‬إذا تعلـق األمـر بالنـزاعات الجمـاعية ال((تي‬ ‫‪‬‬
‫تنتـج عنه(ا حـاالت اإلض(راب بع(د فشـل اج(راء الوسـاطة أو تعل(ق النـزاع بفئـة‬
‫الموظفين ‪ 13‬الممنـوعين من اإلضـراب‪ ،‬مثلم((ا نصـت على ذلـك المـادة ‪ 49‬من‬
‫القـانون ‪ 02 90-‬فضـال عن المقتضيـات والمتطلبـات القـاهرة التـي تفرض((ها‬
‫الظروف االقتصـادية واالجتـماعية مثلم((ا أشـارت إلى ذلـك الم((ادة ‪ 48‬من الق((انون‬
‫‪.90-02‬‬
‫خاتمة المبحث الثاني‪:‬‬

‫في الختام‪ ،‬يجب أن ندرك أن النزاعات بين العمال ليست مجرد ظاهرة عابرة‪ ،‬بل هي‬
‫جزء ال يتجزأ من بيئة العمل‪ .‬إن فهم أسباب هذه النزاعات والبحث عن طرق لحلها بشكل‬
‫فعال يعد أساسًيا لتعزيز الهدوء والتعاون داخل المنظمة‪ .‬عندما يتم التعامل مع النزاعات‬
‫بشكل ودود وبناء‪ ،‬فإنها يمكن أن تشكل فرصة لتحسين العالقات بين العمال وتعزيز الثقة‬
‫والتفاهم المتبادل‪ .‬إلى جانب ذلك‪ ،‬يمكن للتعامل المثمر مع النزاعات أن يسهم في زيادة‬
‫العمل‪.‬‬ ‫اإلنتاجية وتحسين جودة‬
‫خاتمة الفصل‪:‬‬

‫ال يمكن إغفال دور اليقظة االجتماعية في حل نزاعات العمال في المؤسسة‬


‫االقتصادية‪ .‬إن تعزيز الوعي والتفاهم بين العمال وتشجيع التواصل الفّعال يمثل‬
‫أساسًا أساسيًا لتجنب وحل النزاعات بشكل فّعال‪ .‬من خالل اليقظة االجتماعية‪،‬‬
‫يمكن للعمال أن يتعلموا كيفية التعامل مع التحديات والنزاعات بطريقة بّناءة‬
‫ومسؤولة‪ ،‬وهذا يعزز من التفاهم والتعاون بين األطراف المعنية‪ .‬كما يساهم‬
‫التركيز على اليقظة االجتماعية في إنشاء بيئة عمل تشجع على حوار مفتوح‬
‫واحترام اآلراء المتنوعة‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬يعتبر تعزيز اليقظة االجتماعية‬
‫جزًء ا ال يتجزأ من بناء ثقافة من االحترام والتفاهم داخل المؤسسة‪ ،‬وهو مفتاح‬
‫لتعزيز التواصل البناء وبناء عالقات قائمة على الثقة بين العمال‪ .‬لذا‪ ،‬دعونا‬
‫نعمل مًع ا على تعزيز اليقظة االجتماعية وتشجيع الحوار المفتوح والبناء بين‬
‫العمال‪ ،‬لنحقق بيئة عمل صحية ومثمرة تسودها السالم والتعاون‪ ،‬وتعزز من‬
‫نجاح المؤسسة االقتصادية واستمراريتها في التطور والتقدم‪.‬‬

You might also like