You are on page 1of 14

‫تفريغ دروس كتاب «الشرح المأمول على ثالثة األصول»‬

‫‪1‬‬

‫الدرس األول‬
‫‪‬‬
‫الحمـــد لــله رب العـالمـين‪ ،‬وأصــلي وأســلم على المبعــوث‬
‫رحمــة للعــالمــين‪ ،‬وعلى آلــه وصحـبه أجمعـــــين‪.‬‬
‫مرحبا بكم أيها اإلخوة الفضالء‪ ،‬وأيتها األخوات الفضليات في‬
‫هذه الدورة العلمية المباركة‪ ،‬وهذا هو الدرس األول من دروس‬
‫كتاب «الشرح المأمول على ثالثة األصول»‪ ،‬وفي هذا الدرس‬
‫نتعرف إن شاء هللا تعالى على الرسائل الثالثة التي افتتح المصنف‬
‫رحمه هللا تعالى بها كتابه «األصول الثالثة»‪ ،‬وهذه الرسائل الثالث‬
‫على وجه اإلجمال هي‪:‬‬
‫الرسالة األولى‪ :‬المسائل األربع التي تضمنتها سورة العصر‬
‫وهي‪:‬‬
‫‪ -‬العلم‪.‬‬
‫‪ -‬والعمل بالعلم‪.‬‬
‫‪ -‬والدعوة إلى هللا بالعلم‪.‬‬
‫‪ -‬والصبر على األذى في سبيل تبليغ العلم‪.‬‬
‫أما الرسالة الثانية فهي ثالث مسائل يجب على المسلم أن‬
‫يتعلمها ويعمل بها وهي‪:‬‬
‫ً‬
‫رسال‪.‬‬ ‫‪ -‬أن هللا خلقنا ورزقنا‪ ،‬ولم يتركنا همال بل أرسل إلينا‬
‫‪ -‬وأن هللا ال يرضى أن يشرك معه أحد غيره في عبادته‪.‬‬
‫‪ -‬والوالء والبراء‪.‬‬
‫معهد الجهني للعلوم الشرعية‪ ....‬للتواصل واتس‪00201092437964 :‬‬
‫تفريغ دروس كتاب «الشرح المأمول على ثالثة األصول»‬
‫‪2‬‬
‫أما الرسالة الثالثة فهي الحنفية ملة إبراهيم عليه السالم‪،‬‬
‫واشتملت على معنى الحنيفية‪ ،‬وأعظم ما أمر هللا به‪ ،‬وأعظم ما نهى‬
‫هللا عنه‪.‬‬
‫أما الرسالة الرابعة فهي األصول الثالثة‪ ،‬وهذا هو موضوع‬
‫الكتاب‪.‬‬
‫ما هي األصول الثالثة؟‬
‫‪ -‬معرفة هللا‪.‬‬
‫‪ -‬ومعرفة اإلسالم‪.‬‬
‫‪ -‬ومعرفة محمد ﷺ‪.‬‬
‫صل في األصول‬
‫ثم ختم المصنف رحمه هللا تعالى كتابه بعد أن ف ّ‬
‫الثالثة بعدة موضوعات منها‪:‬‬
‫‪ -‬اإليمان بالبعث‪.‬‬
‫‪ -‬واإليمان بالرسل‪.‬‬
‫‪ -‬والكفر بالطاغوت‪.‬‬
‫‪ -‬واإليمان باهلل‪.‬‬
‫هذا مجمل ما جاء في كتاب األصول الثالثة‪.‬‬
‫نبدأ إن شاء هللا تعالى في شرح الكتاب فنقول‪ :‬قال المصنف‬
‫رحمه هللا تعالى‪« :‬بسم هللا الرحمن الرحيم‪ ،‬اعلم ‪ -‬رحمك هللا ‪ -‬أنه‬
‫يجب علينا تعلم أربع مسائل» افتتح المصنف رحمه هللا تعالى كتابه‬
‫بالبسملة اقتداء بالكتاب العزيز‪ ،‬وتأسيا بالنبي ﷺ‪.‬‬
‫ومعنى «بسم هللا الرحمن الرحيم»‪ :‬أي أستعين‪ ،‬وأتبرك باهلل‬
‫معهد الجهني للعلوم الشرعية‪ ....‬للتواصل واتس‪00201092437964 :‬‬
‫تفريغ دروس كتاب «الشرح المأمول على ثالثة األصول»‬
‫‪3‬‬
‫تعالى الذي من أسمائه الرحمن الرحيم‪ ،‬الذي وسعت رحمته كل‬
‫شيء‪ ،‬رحمن سبحانه وتعالى بعبيده‪ ،‬رحيم بعباده المؤمنين‪.‬‬
‫وقوله‪« :‬اعلم رحمك هللا»‪ :‬هذا دعاء منه رحمه هللا للقارئ‬
‫وللسامع أن يرحمه هللا سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫وقوله‪« :‬أنه يجب علينا تعلم أربع مسائل»‪ :‬يعني يلزم علينا‬
‫أن نتعلم أربع مسائل‪.‬‬
‫ما هي المسائل األربعة؟‬
‫قال‪ :‬المسألة «األولى‪ :‬العلم وهو معرفة هللا‪ ،‬ومعرفة نبيه ﷺ‪،‬‬
‫ومعرفة دين اإلسالم باألدلة»‪.‬‬
‫أي علينا أن نعرف هللا سبحانه بأسمائه وصفاته‪ ،‬وما يجب علينا‬
‫نحوه سبحانه وتعالى من تنزيهه عن النقائص والعيوب سبحانه‬
‫وتعالى‪ ،‬كما يجب علينا أن نعرف حق نبينا ﷺ علينا‪ ،‬كما يجب‬
‫علينا أن نعرف دين اإلسالم باألدلة‪ ،‬كما سيأتي ذلك فيما يلي إن‬
‫شاء هللا تعالى‪.‬‬
‫أما المسألة «الثانية‪ :‬العمل به»‪.‬‬
‫أي العمل بالعلم‪ ،‬أن نعمل بما نعلم؛ ألن الغاية من العلم هي‬
‫العمل‪ ،‬كما قال اإلمام الشافعي رحمه هللا‪ :‬العلم ما نفع‪ ،‬ليس العلم‬
‫ما حفظ‪.‬‬
‫فما الغاية من العلم الذي نتعلمه؟‬
‫الغاية هي العمل‪ ،‬واالمتثال ألمر هللا‪ ،‬وأمر رسوله ﷺ‪.‬‬
‫المسألة «الثالثة‪ :‬الدعوة إليه»‪.‬‬

‫معهد الجهني للعلوم الشرعية‪ ....‬للتواصل واتس‪00201092437964 :‬‬


‫تفريغ دروس كتاب «الشرح المأمول على ثالثة األصول»‬
‫‪4‬‬
‫أن ندعو إلى هللا عز وجل سبحانه وتعالى بما تعلمنا‪.‬‬
‫وهنا فائدة‪ :‬هل يلزم للدعوة أن نعمل بما ندعو إليه؟‬
‫األفضل أن نعمل بما ندعو إليه‪ ،‬فإن كان اإلنسان ال يعمل بأمر‬
‫من أوامر هللا أو بأمر من أوامر رسوله ﷺ‪ ،‬فليس هذا معناه أنه‬
‫يترك الدعوة‪.‬‬
‫إذا رأى أحدا ال يفعل هذا األمر يجب عليه أن يأمره‪ ،‬وإذا رأى‬
‫أحدا يفعل معصية وهو مقيم عليها يجب عليه أيضا أن ينهاه‪ ،‬وإن‬
‫كان يفعل هذه المعصية؛ ألن العمل شيء‪ ،‬والدعوة شيء آخر‪.‬‬
‫المسألة «الرابعة‪ :‬الصبر على األذى فيه»‪.‬‬
‫أي أن نصبر على األذى في تبليغ هذا العلم‪ ،‬واعلم أيها األخ‬
‫الكريم واعلمي أيتها األخت الكريمة أن كل من تصدر للدعوة إلى‬
‫هللا سبحانه وتعالى ال بد أن يؤذى‪ ،‬لذلك لما قص النبي ﷺ خبر‬
‫مجيء الوحي على ورقة بن نوفل رحمه هللا‪ ،‬قال للنبي ﷺ‪« :‬لم‬
‫يأت رجل قط بمثل ما جئت به إال عودي»‪ ،‬يعني ال بد أن يكون له‬
‫أعداء‪.‬‬
‫ثم قال المصنف رحمه هللا‪« :‬والدليل» أي الدليل على هذه‬
‫المسائل األربع‪« :‬قوله تعالي‪﴿ :‬بسم هللا الرحمن الرحيم‪َ .‬وا ْلعَص ِْر﴾»‬
‫أقسم هللا عز وجل بهذا الوقت‪ ،‬وهو وقت العصر؛ ليبين أهميته‪،‬‬
‫وعلو مكانته‪.‬‬
‫سر﴾» يعني جميع الناس في‬ ‫ان َل ِفي ُخ ْ‬
‫س َ‬ ‫قال تعالى‪ِ ﴿« :‬إ َّن ْ ِ‬
‫اْلن َ‬
‫خسر وضالل وهالك وبوار «﴿إال﴾» هذا االستثناء‪ ،‬من الذين‬
‫استثناهم هللا؟‬
‫معهد الجهني للعلوم الشرعية‪ ....‬للتواصل واتس‪00201092437964 :‬‬
‫تفريغ دروس كتاب «الشرح المأمول على ثالثة األصول»‬
‫‪5‬‬
‫«﴿ ِإ َّال الَّذ َ‬
‫ِين َءا َمنُوا﴾» هذا هو العلم‪ ،‬العلم كما قلت‪ :‬هو معرفة‬
‫هللا‪ ،‬ومعرفة نبيه ﷺ‪ ،‬ومعرفة دين اإلسالم باألدلة‪.‬‬
‫صا ِل َحاتِ﴾» هذه هي المسألة الثانية وهي العمل‪.‬‬‫﴿وع َِملُوا ال َّ‬
‫« َ‬
‫ص ْوا ِبا ْل َح ِ‬
‫ق﴾» هذه هي المسألة الثالثة‪ :‬الدعوة إلى هللا‬ ‫﴿وتَ َوا َ‬
‫« َ‬
‫بالعلم‪.‬‬
‫ص ْب ِر﴾» هذه هي المسألة الرابعة‪ :‬الصبر على‬ ‫﴿وتَ َوا َ‬
‫ص ْوا ِبال َّ‬ ‫« َ‬
‫األذى في تبليغ العلم‪.‬‬
‫إذن الناس كلهم في خسارة إال من اتصف بهذه األوصاف‬
‫األربعة‪:‬‬
‫‪ -‬العلم‪.‬‬
‫‪ -‬والعمل‪.‬‬
‫‪-‬والدعوة‪.‬‬
‫‪ -‬والصبر على األذى عند تبليغ العلم‪.‬‬
‫«قال اإلمام الشافعي رحمه هللا‪« :‬لو ما أنزل هللا حجة على خلقه‬
‫إال هذه السورة لكفتهم»»‪.‬‬
‫يعني هذه السورة كافية للخلق في الحث على التمسك بدين هللا‪،‬‬
‫واإليمان باهلل والعمل الصالح والدعوة إلى هللا سبحانه وتعالى‬
‫والصبر على ذلك‪ ،‬وليس مراد اإلمام الشافعي رحمه هللا أن هذه‬
‫السورة كافية للخلق في جميع الشريعة‪.‬‬
‫«وقال اإلمام البخاري رحمه هللا‪ :‬باب العلم قبل القول والعمل‪،‬‬
‫ستَ ْغ ِف ْر ِلذَن ِبكَ‬ ‫والدليل قوله تعالي‪﴿ :‬فَا ْعلَ ْم أَنَّهُ َال ِإلَهَ ِإ َّال َّ ُ‬
‫َّللا َوا ْ‬

‫معهد الجهني للعلوم الشرعية‪ ....‬للتواصل واتس‪00201092437964 :‬‬


‫تفريغ دروس كتاب «الشرح المأمول على ثالثة األصول»‬
‫‪6‬‬
‫«‪ ،﴾»١٩‬فبدأ بالعلم قبل القول والعمل»‪.‬‬
‫اإلمام البخاري رحمه هللا ترجم لهذه اآلية بقوله‪ :‬باب العلم قبل‬
‫القول والعمل‪.‬‬
‫يعني قبل أن نقول‪ ،‬وقبل أن نعمل ال بد أن نتعلم‪ ،‬فال يجوز‬
‫ألحد أن يقدم على قول أو عمل حتى يتعلم ما شرعه هللا عز وجل‬
‫ورسوله صلى هللا عليه وسلم في هذا القول أو العمل‪.‬‬
‫وذلك لقول رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪« :‬من عمل عمال‬
‫ليس عليه أمرنا فهو رد»‪.‬‬
‫أي من عمل عمال ليس على هدي رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وسلم فهو مرود عليه‪.‬‬
‫ثم قال‪« :‬والدليل»‪ ،‬أي الدليل على وجوب البداءة بالعلم قبل‬
‫القول والعمل‪« ،‬قوله تعالى‪﴿ :‬فاعلم﴾» أي يا محمد «﴿أنه ال إله إال‬
‫هللا﴾»‪ ،‬أي ال معبود بحق سوى هللا‪﴿« ،‬واستغفر لذنبك﴾»‪ ،‬أي اطلب‬
‫المغفرة من هللا؛ ليغفر لك ذنبك‪ ،‬فهنا بدأ بالعلم قبل القول والعمل‪.‬‬
‫هذه هي الرسالة األولى‪ ،‬وهي األربع مسائل التي تضمنتها‬
‫سورة العصر‪.‬‬
‫أكرر‪:‬‬
‫‪ -‬العلم‪.‬‬
‫‪ -‬العمل‪.‬‬
‫‪ -‬الدعوة‪.‬‬
‫‪ -‬الصبر‪.‬‬

‫معهد الجهني للعلوم الشرعية‪ ....‬للتواصل واتس‪00201092437964 :‬‬


‫تفريغ دروس كتاب «الشرح المأمول على ثالثة األصول»‬
‫‪7‬‬
‫ثم قال المصنف رحمه هللا تعالى مبينا الرسالة الثانية‪ ،‬وهي‬
‫ثالث مسائل يجب على المسلم أن يتعلمها ويعمل بها‪« :‬اعلم رحمك‬
‫هللا أنه يجب على كل مسلم ومسلمة تعلم هذه الثالث مسائل والعمل‬
‫بهن»‪.‬‬
‫يعني يلزم على كل مسلم ومسلمة أن يتعلم ثالث مسائل‪ ،‬وأن‬
‫يعمل بهن‪ ،‬ما هي هذه الثالث؟‬
‫«األولى‪ :‬أن هللا خلقنا» أي أوجدنا من العدم‪« ،‬ورزقنا» أي‬
‫رزقنا الصحة والمال واألوالد والزوجة واألمن واإلسالم‪ ،‬فالرزق‬
‫ليس مقصورا على المال فقط بل كل نعمة أنعم هللا بها عليك هي‬
‫رزق من هللا‪.‬‬
‫قال‪« :‬ولم يتركنا همال» أي لم يتركنا بال غاية‪ ،‬وال هدف بل‬
‫أرسل إلينا رسوال‪ ،‬ما مهمة الرسول؟‬
‫مهمة الرسول تبليغ شرع هللا سبحانه وتعالى إلى الناس‪ ،‬وعلى‬
‫كل إنسان أن يتبع ما جاء به الرسول‪.‬‬
‫وكان الرسول يبعث إلى قومه خاصة إلى أن ختم هللا عز وجل‬
‫النبوة‪ ،‬والرسالة بالنبي ﷺ فأرسله إلى الناس كافة‪.‬‬
‫قال المصنف‪« :‬فمن أطاعه دخل الجنة» أي من أطاع الرسول‬
‫دخل الجنة «ومن عصاه دخل النار» أي من عصى الرسول فيما‬
‫أمر أو فيما نهى دخل النار‪.‬‬
‫والدليل قوله تعالى‪ِ ﴿:‬إنَّا أ ْرس ْلنا ِإليْك ْم رس ً‬
‫وال شا ِهدًا عليْك ْم كما‬
‫الرسول فأخ ْذناه‬‫وال «‪ »١٥‬فعصى فِ ْرع ْون َّ‬ ‫أ ْرس ْلنا ِإلى فِ ْرع ْون رس ً‬
‫يال «‪[ ﴾»١٦‬المزمل]‪.‬‬ ‫أ ْخ ًذا و ِب ً‬
‫معهد الجهني للعلوم الشرعية‪ ....‬للتواصل واتس‪00201092437964 :‬‬
‫تفريغ دروس كتاب «الشرح المأمول على ثالثة األصول»‬
‫‪8‬‬
‫يعني عصى فرعون موسى عليه السالم فعذبه هللا عز وجل‬
‫عذابا شديدا مهلكا‪.‬‬
‫قال المصنف رحمه هللا‪« :‬الثانية» أي المسألة الثانية من‬
‫المسائل الثالثة التي يجب علينا تعلمها «أن هللا تعالى ال يرضى أن‬
‫يشرك معه أحد في عبادته‪ ،‬ال ملك مقرب‪ ،‬وال نبي مرسل‪ ،‬والدليل‬
‫َّللا أَ َحدًا «‪﴾»١٨‬‬
‫ّلِل فَ َال تَ ْدعُوا َم َع َّ ِ‬
‫اج َد ِ َّ ِ‬
‫س ِ‬‫﴿وأَ َّن ا ْل َم َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬
‫[الجن]»‪.‬‬
‫أي هللا عز وجل ال يرضى أن يصرف شيء من العبادة لغيره‬
‫سبحانه وتعالى‪ ،‬وال يرضى سبحانه وتعالى أن يعتقد في غيره أنه‬
‫يخلق أو يرزق أو ينفع أو يضر دون هللا سبحانه وتعالى‪ ،‬وإن كان‬
‫هذا الشريك ملكا مقربا كجبربل عليه السالم‪ ،‬أو نبيا مرسال كمحمد‬
‫ﷺ‪ ،‬فمهما علت مكانة هذا الشريك‪ ،‬فإن هللا عز وجل ال يرضى بهذا‬
‫الشرك‪ ،‬والدليل قوله تعالى‪﴿ :‬وأ َّن ْالمس ِ‬
‫اجد ِ َّلِلِ﴾‪ ،‬العلماء لهم تفسيران‬
‫اجد﴾‪:‬‬ ‫لقوله تعالى‪ْ :‬‬
‫﴿المس ِ‬
‫التفسير األول‪ :‬أن المساجد هي أمكان العبادة‪.‬‬
‫التفسير الثاني‪ :‬هي أعضاء السجود‪.‬‬
‫على التفسير األول ال تعبدوا مع هللا أحدا في أماكن العبادة وهي‬
‫المساجد‪ ،‬وعلي التفسير الثاني ال تعبدوا‪ ،‬وال تسجدوا‪ ،‬وال تركعوا‪،‬‬
‫وال تخضعوا لغير هللا سبحانه وتعالى‪ ،‬وعلى كال القولين ال يجوز‬
‫صرف العبادة لغير هللا سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫المسألة الثالثة قال‪« :‬أن من أطاع الرسول ﷺ ووحد هللا ال‬
‫يجوز له موالة من حآد هللا ورسوله ولو كان أقرب قريب» يعني‬
‫معهد الجهني للعلوم الشرعية‪ ....‬للتواصل واتس‪00201092437964 :‬‬
‫تفريغ دروس كتاب «الشرح المأمول على ثالثة األصول»‬
‫‪9‬‬
‫من أطاع النبي ﷺ‪ ،‬وأفرد هللا عز وجل بالوحدانية لم يجز له أن‬
‫يوالي من خالف هللا عز وجل ورسوله ‪-‬والمواالة هي المحبة‬
‫والنصرة‪ -‬ولو كان هذا أقرب قريب منه‪.‬‬
‫«والدليل قوله تعالى‪َّ ﴿ :‬ال ت ِجد﴾» أي يا محمد «﴿ق ْو ًما يؤْ ِمنون‬
‫اآلخ ِر يوآدُّون﴾» أي يوالون‪ ،‬ويحبون‪ ،‬وينصرون‬ ‫ِ‬ ‫الِل و ْالي ْو ِم‬
‫بِ َّ ِ‬
‫َّللا ورسوله﴾» أي من خالف شرع هللا‪ ،‬وشرع رسوله‬ ‫«﴿م ْن حآ َّد َّ‬
‫صلى هللا عليه وسلم «﴿ول ْو كانوا ءاباءه ْم أ ْو أبْناءه ْم أ ْو ِإ ْخوانه ْم أ ْو‬
‫ع ِشيرته ْم﴾» أي من قبيلتهم‪.‬‬
‫امتدح هللا هذا الصنف من المؤمنين‪ ،‬يعني هؤالء ال يوالون من‬
‫خالف شرع هللا‪ ،‬وشرع رسوله ﴿وإن كانوا آباءه ْم أ ْو أبْناءه ْم أ ْو‬
‫ِإ ْخوانه ْم أ ْو ع ِشيرتهم﴾‪ ،‬ما جزاء هؤالء؟‬
‫لهم خمسة أنواع من الجزاء‪:‬‬
‫قال تعالى‪﴿ :‬أول ِئك كتب ِفي قلو ِب ِهم ْ ِ‬
‫اإليمان﴾ أي ثبت هللا عز‬
‫وجل اإليمان في قلوبهم‪.‬‬
‫وح ِ ّم ْنه﴾ أي بقوة منه سبحانه وتعالى‪.‬‬ ‫الثاني‪﴿ :‬وأيَّدهم بِر ٍ‬
‫ت ت ْج ِري ِمن ت ْحتِها ْاأل ْنهار خا ِلدِين ِفيها﴾‬
‫الثالث‪﴿ :‬وي ْد ِخله ْم جنَّا ٍ‬
‫أي في اآلخرة‪.‬‬
‫َّللا ع ْنه ْم ْ﴾ ‪ ،‬وهذه أعظم نعمة أن يرضى هللا‬
‫ضي َّ‬
‫الرابع‪﴿ :‬ر ِ‬
‫عن العبد‪.‬‬
‫الخامس‪﴿ :‬ورضوا ع ْنه﴾ أي يجعلهم راضين عن هللا سبحانه‬
‫وتعالى‪.‬‬

‫معهد الجهني للعلوم الشرعية‪ ....‬للتواصل واتس‪00201092437964 :‬‬


‫تفريغ دروس كتاب «الشرح المأمول على ثالثة األصول»‬
‫‪10‬‬
‫َّللاِ﴾» أي هم أنصار هللا سبحانه وتعالى في‬ ‫ب َّ‬ ‫«﴿أُو َلئِكَ ِح ْز ُ‬
‫َّللا هُ ُم ا ْل ُم ْف ِل ُح َ‬
‫ون﴾» أي الفائزون في الدنيا‬ ‫ب َّ ِ‬ ‫أرضه «﴿أَ َال إِ َّن ِح ْز َ‬
‫واآلخرة‪.‬‬
‫إذن المسائل الثالث التي يجب علينا أن نتعلمها وأن نعمل بها‪:‬‬
‫األولى‪ :‬أن هللا خلقنا ورزفنا ولم يتركنا همال‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬أن هللا تعالى ال يرضى أن يشرك معه أحد في عبادته‪.‬‬
‫الثالثة‪ :‬أن من أطاع هللا‪ ،‬وأطاع الرسول ال يجوز له موالة من‬
‫حاد هللا ورسوله‪ ،‬ولو كان أقرب قريب‪.‬‬
‫ثم بين المصنف رحمه هللا تعالى الرسالة الثالثة‪ ،‬وهي الحنيفية‬
‫ملة إبراهيم عليه السالم بقوله‪« :‬اعلم أرشدك هللا لطاعته» أي هداك‬
‫ووفقك هللا عز وجل لفعل طاعته «أن الحنيفية ملة إبراهيم»‬
‫والحنيفية‪ :‬هي المائلة عن الشرك إلى التوحيد‪ ،‬وملة إبراهيم‪ :‬أي‬
‫طريقة وشريعة إبراهيم عليه السالم‪.‬‬
‫قال‪« :‬أن تعبد هللا وحده» أي ال تشرك به شيئا «مخلصا له‬
‫الدين‪ ،‬وبذلك أمر هللا جميع الناس‪ ،‬وخلقهم لها» أي خلق هللا عز‬
‫وجل الناس جميعا؛ ليعبدوه وحده‪ ،‬ال يشركون به شيئا‪.‬‬
‫إذن لماذا خلقنا هللا؟‬
‫خلقنا لعبادته‪ ،‬خلقنا لتوحيده‪ ،‬خلقنا لكي نوحده سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫نس ِإ َّال ِليَ ْعبُد ِ‬
‫ُون‬ ‫﴿و َما َخلَ ْقتُ ا ْل ِج َّن َو ْ ِ‬
‫اْل َ‬ ‫قال‪« :‬كما قال هللا تعالى‪َ :‬‬
‫«‪[ ﴾»٥٦‬الذاريات‪ »]٥٦ :‬أي ما أوجدت الجن واإلنس إال‬
‫دون بالعبادة‪.‬‬
‫فر ِ‬‫ليوحدون‪ ،‬لي ِ‬
‫ِ‬

‫معهد الجهني للعلوم الشرعية‪ ....‬للتواصل واتس‪00201092437964 :‬‬


‫تفريغ دروس كتاب «الشرح المأمول على ثالثة األصول»‬
‫‪11‬‬
‫قال‪« :‬ومعنى ﴿يعبدون﴾‪ :‬يوحدون‪ ،‬وأعظم ما أمر به هللا‬
‫التوحيد» يعني أعظم أمر هو التوحيد‪ ،‬فالتوحيد هو األساس‪ ،‬فمن‬
‫فعل جميع األوامر وبالغ فيها‪ ،‬ولم يوحد هللا سبحانه وتعالى لم ينفعه‬
‫ما فعل‪ ،‬لماذا؟‬
‫ألنه أخل باألساس‪ ،‬لم يأت باألساس وهو التوحيد‪.‬‬
‫قال‪« :‬وهو إفراد هللا بالعبادة» أي التوحيد أن نفرد هللا عز وجل‬
‫بالعبادة‪ ،‬أن نجعل كل عبادة هلل وحده سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫يعني ال نصرف شيئا من العبادة لغير هللا‪ ،‬ال ذبحا‪ ،‬وال نذرا‪،‬‬
‫وال صالة‪ ،‬وال صدقة‪ ،‬وال صياما‪ ،‬وال غير ذلك‪ ،‬إنما نجعل كل‬
‫عبادة هلل وحده‪ ،‬نذبح هلل وحده‪ ،‬نصلي هلل وحده‪ ،‬نحج هلل وحده‪،‬‬
‫نصوم هلل وحده‪ ،‬نتصدق هلل وحده‪ ،‬فالذي يذبح لغير هللا هذا مشرك‪،‬‬
‫والذي يطوف لغير هللا هذا مشرك‪ ،‬والذي يصلي لغير هللا هذا‬
‫مشرك‪ ،‬لماذا؟‬
‫ألنه لم يفرد هللا بالعبادة‪ ،‬ولم يحقق الغاية التي خلقه هللا من‬
‫أجلها‪.‬‬
‫ثم قال‪« :‬وأعظم ما نهى عنه الشرك‪ ،‬وهي دعوة غيره معه»‬
‫يعني الشرك أن يدعو العبد مع هللا غير هللا سبحانه وتعالى‪ ،‬فأعظم‬
‫نهي هو الشرك‪ ،‬لماذا؟‬
‫ألن من أشرك خرج عن ملة اإلسالم‪ ،‬فمن انتهى عن كل نهي‬
‫إال الشرك لم ينفعه ما انتهى عنه؛ ألنه ارتكب وتلبس بأعظم نهي‪،‬‬
‫وهو الشرك‪.‬‬
‫َّللا َو َال تُش ِْركُوا ِب ِه َ‬
‫ش ْيئا‬ ‫﴿وا ْعبُدُوا َّ َ‬
‫قال‪« :‬والدليل قوله تعالى‪َ :‬‬
‫معهد الجهني للعلوم الشرعية‪ ....‬للتواصل واتس‪00201092437964 :‬‬
‫تفريغ دروس كتاب «الشرح المأمول على ثالثة األصول»‬
‫‪12‬‬
‫«‪[ ﴾»٣٦‬النساء‪ »]٣٦ :‬أي وحدوا هللا وأفردوه بالعبادة‪ ،‬وال‬
‫تشركوا به شيئا‪﴿ ،‬شيئا﴾‪ :‬نكرة في سياق النهي تفيد العموم‪ ،‬سواء‬
‫كان هذا الشريك حجرا‪ ،‬أو شجرا‪ ،‬أو نبيا‪ ،‬أو ملكا أو رجال صالحا‬
‫إلى غير ذلك‪ ،‬ال يجوز ألحد أن يصرف شيئا من العبادة لغير هللا‬
‫سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫وهنا المصنف رحمه هللا تعالى فسر الشرك بالشرك األكبر‪،‬‬
‫الشرك نوعان‪:‬‬
‫‪ -1‬شرك أصغر‪.‬‬
‫‪ -2‬وشرك أكبر‪.‬‬
‫أما الشرك األكبر فهو شرك يخرج من الملة‪ ،‬من ارتكبه اإلنسان‬
‫خرج من الدين‪ ،‬أما الشرك األصغر فهو ال يخرج من الملة‪.‬‬
‫الشرك األكبر هو صرف العبادة لغير هللا تعالى‪.‬‬
‫والشرك األصغر هو كل قول أو فعل سماه هللا عز وجل شركا‬
‫ولكنه لم يصل إلى الشرك األكبر‪.‬‬
‫وقال بعض العلماء‪ :‬هو ما يوصل إلى الشرك األكبر‪.‬‬
‫من أمثلة الشرك األكبر‪ :‬صرف العبادة لغير هللا كالنذر‪ ،‬والذبح‪،‬‬
‫والرجاء‪ ،‬والخوف‪ ،‬والمحبة‪ ،‬والصالة إلى غير ذلك‪.‬‬
‫ومن أمثلة الشرك األصغر‪ :‬الحلف بغير هللا‪ ،‬وقول‪ :‬ما شاء هللا‬
‫وشئت‪ ،‬فهذا من الشرك األصغر‪.‬‬
‫الشرك األكبر صاحبه خالد مخلَّد في نار جهنم إذا مات عليه‬
‫ولم يتب منه قبل موته‪.‬‬

‫معهد الجهني للعلوم الشرعية‪ ....‬للتواصل واتس‪00201092437964 :‬‬


‫تفريغ دروس كتاب «الشرح المأمول على ثالثة األصول»‬
‫‪13‬‬
‫أما الشرك األصغر فصاحبه تحت مشيئة هللا إن شاء غفر له‬
‫وإن شاء عذبه‪.‬‬
‫كذلك هنا فائدة أخرى وهي أن التوحيد ثالث أقسام‪:‬‬
‫األول‪ :‬توحيد ألوهية‪ ،‬ومعناه‪ :‬أن نصرف كل عبادة هلل وحده‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬توحيد الربوبية‪ ،‬ومعناه‪ :‬أن نفرد هللا عز وجل بالخلق‬
‫والتدبير والسيادة والملك‪ ،‬ونفرده بكافة أفعاله سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫النوع الثالث‪ :‬توحيد األسماء والصفات‪ ،‬وهو إفراد هللا عز‬
‫وجل بما سمى ووصف به نفسه في كتابه وعلى لسان رسوله ﷺ‬
‫من غير تحريف وال تعطيل وال تكييف وال تمثيل‪.‬‬
‫يعني توحيد األسماء والصفات أن نعتقد أن هلل أسماء وصفات‬
‫وأفعال‪ ،‬هذه األسماء والصفات ال يجوز لنا أن نحرفها أي نغير‬
‫معناها أو نعطلها‪ ،‬كأن نقول‪ :‬إن هللا ال يتصف بها وال يتسمى بها‪،‬‬
‫وال يجوز لنا أن نك ِيّفها‪ ،‬نقول‪ :‬صفتها كيت وكيت وكيت‪ ،‬وال يجوز‬
‫لنا أن نمثلها نقول‪ :‬مثل كيت وكيت وكيت‪.‬‬
‫والفرق بين التكييف والتمثيل‪:‬‬
‫أن التمثيل تقييد بمماثل بخالف التكييف‪ ،‬فالتكييف ليس فيه‬
‫تقييد‪ ،‬يعني تقول هذا صفته كيت وكيت وكيت‪ ،‬وال تقول‪ :‬مثل كذا‪،‬‬
‫فإن قال‪ :‬مثل كذا أو شبه كذا‪ ،‬فهذا تمثيل‪.‬‬
‫ثم قال المصنف رحمه هللا تعالى مبينا الرسالة الرابعة وهي‪:‬‬
‫«األصول الثالثة»‪ ،‬وهي لب هذا الكتاب‪ ،‬وموضوعه‪ ،‬وأساسه‪.‬‬
‫قال‪« :‬فإذا قيل لك‪ :‬ما األصول الثالثة التي يجب على اإلنسان‬

‫معهد الجهني للعلوم الشرعية‪ ....‬للتواصل واتس‪00201092437964 :‬‬


‫تفريغ دروس كتاب «الشرح المأمول على ثالثة األصول»‬
‫‪14‬‬
‫معرفتها؟» أي ما هي األصول الثالثة التي يجب على كل مسلم‬
‫ومسلمة أن يعرفها‪ ،‬وأن يعمل بها؟‪.‬‬
‫قال‪« :‬فقل‪ :‬معرفة العبد ربه» هذا األصل األول‪« ،‬ودينه» هذا‬
‫األصل الثاني‪« ،‬ونبيه محمدا ﷺ» هذا األصل الثالث‪.‬‬
‫وهذه األصول الثالثة ذكرها هنا على اإلجمال‪ ،‬ثم سيشرع في‬
‫تفصيلها فيما يلي إن شاء هللا تعالى كما سيأتي في الدروس التالية‪.‬‬
‫أسئلة الدرس‪:‬‬
‫السؤال األول‪ :‬اشتمل كتاب «األصول الثالثة» على أربع‬
‫رسائل‪ ،‬اذكرها إجماال‪.‬‬
‫السؤال الثاني‪ :‬ما أعظم أمر أمرنا هللا عز وجل به؟ وما أعظم‬
‫نهي نهانا هللا عز وجل عنه؟ مع ذكر الدليل على ما تقول‪.‬‬
‫السؤال الثالث‪ :‬التوحيد ثالثة أقسام‪ .‬وضح ذلك‪.‬‬
‫السؤال الرابع‪ :‬الشرك نوعان‪ .‬اذكرهما مع ذكر الفرق بينهما؟‬
‫نكتفي بهذا القدر‪ ،‬والحمد هلل الذي بنعمته تتم الصالحات‪،‬‬
‫والسالم عليكم ورحمة هللا وبركاته‪.‬‬

‫‪‬‬

‫معهد الجهني للعلوم الشرعية‪ ....‬للتواصل واتس‪00201092437964 :‬‬

You might also like