You are on page 1of 90

‫مقدمة‬

‫كانت القوة الخاصة هي وسيلة احترام القانون في املجتمعات القديمة‪ ،‬فقد‬


‫كان أمر تطبيق القانون متروكا ملشيئة ألافراد‪ ،‬وبوسائلهم الخاصة يستطيعون‬
‫الدفاع عن حقوقهم واستردادها عند الاعتداء عليها أو سلبها‪ ،‬وانتشر بذلك ما كان‬
‫يعرف بنظام القضاء الخاص‪ ،‬فمن كان يملك القوة يستطيع حماية حقوقه‬
‫والدفاع عنها‪ ،‬ومن ال يملكها ما كان عليه سوى الخضوع لألقوياء وأصحاب‬
‫النفوذ‪ ،‬ألامر الذي أدى إلى انتشار الفوض ى في املجتمع مما انعكس سلبا على‬
‫السلم الاجتماعي‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫وظلت القوة هي ألاداة الوحيدة السترجاع الحقوق‪ ،‬إلى أن عرف املجتمع‬


‫تطورا على املستوى الاقتصادي والاجتماعي والفكري‪ ،‬دفع أفراده إلى البحث عن‬
‫وسيلة أخرى تحل محل القوة لدرء ما يترتب عنها من فوض ى واضطراب داخل‬
‫املجتمع قد يدوم لعدة سنوات إن تساوت قوة ونفوذ الخصوم املتصارعين‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫وأمام هذا الوضع اهتدت البشرية إلى وسيلة لفض املنازعات فيما بينها لتحل‬
‫محل القوة أال وهي نظام التحكيم‪ ،‬يلجأ إليه املتخاصمان عن طواعية لفض‬
‫خالفتهم‪ ،‬ويعتبر العرب من ألاوائل الذين أخذوا بهذا النظام‪ ،‬حيث كان لكل قبيلة‬
‫محكموها عرفوا برجاحة العقل وسعة إلادراك والعدل والابتعاد عن الدنايا‬
‫والصدق في إعطاء ألاحكام‪ ،‬ولم تكن لهم سلطة تشريعية تسن القوانين لهم‪،‬‬
‫فاملحكم لم يكن عمله رسميا كما هو معروف حاليا‪ ،‬وإنما كان الرجوع إليه‬

‫‪ - 1‬الطيب الفصايلي‪ ،‬التنظيم القضائي في املغرب‪ ،‬وفق ظهير ‪ 01‬سبتمبر ‪ ،0991‬مكتبة وراقة البديع‪ ،‬مراكش‪،‬‬
‫الطبعة ألاولى‪ ،0991 ،‬ص ‪.1‬‬
‫‪ - 2‬عبد هللا درميش‪ ،‬إطاللة على القضاء الشعبي والتحكيم من خالل التجرية املغربية‪ ،‬مجلة املحاكم املغربية‪ ،‬العدد‬
‫‪ ،13‬ماي و يونيو ‪ ،0991‬ص ‪.37‬‬
‫‪1‬‬
‫مرتبط بمشيئة الناس‪ ،‬إن شاءوا رجعوا إليه لفض النزاع‪ ،‬وإن شاءوا اختاروا‬
‫حكما يرتضونه ليقض ي بينهم‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫ولم يكن التحكيم ملزما للمحكم‪ ،‬فإن شاء قبل أن يقوم بهذه املهمة وإن‬
‫شاء أبى‪ ،‬وليس ألحد أن يجبره على هذه املهمة‪ ،‬وكان البد من اتفاق الطرفين‬
‫للحضور أمام املحكم‪ ،‬وليس ألحدهما الحق في إجبار آلاخر على املخاصمة‬
‫والحضور أمام املحكم وال عبرة للتحكيم إال إذا قبله الخصمان وحضر كل منهما‬
‫باختياره إلى املحكم‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫كما عرف هذا النظام مع بداية انتشار إلاسالم‪ ،‬حيث ورد في كتاب هللا عز‬
‫وجل قوله تعالى‪" :‬فال وربك ال يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم ال‬
‫يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما" ‪ ،‬وقوله أيضا‪" :‬وإن‬
‫‪5‬‬

‫خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا‬


‫إصالحا يوفق هللا بينهما إن هللا كان عليما خبيرا"‪.6‬‬
‫ونظرا للدور الذي لعبه التحكيم في الحد من اللجوء إلى القوة‪ ،‬تم الانتقال‬
‫به من تحكيم اختياري يلجأ إليه ألاطراف عن طواعية واختيار‪ ،‬إلى تحكيم‬
‫إجباري‪ ،‬وملا قويت سلطة الدولة‪ ،‬تم وضع حد لنظام العدالة الخاصة الذي كان‬
‫سائدا لتحل محله العدالة العامة التي تتولى الدولة تطبيقها بواسطة أجهزتها‬
‫القضائية كمظهر من مظاهر تقدم املجتمع‪.‬‬
‫‪7‬‬

‫‪ - 3‬قدري محمد محمود‪ ،‬التحكيم في ضوء أحكام الشريعة إلاسالمية‪ ،‬دار الصميعي‪ ،‬الرياض‪ ،‬الطبعة ألاولى‪،7119 ،‬‬
‫ص ‪.72‬‬
‫‪ - 4‬إسماعيل ألاسطل‪ ،‬التحكيم في الشريعة إلاسالمية‪ ،‬مكتبة النهضة العربية‪ ،‬الطبعة ألاولى‪ ،0991 ،‬ص ‪.71‬‬
‫‪ - 5‬سورة النساء آلاية ‪.51‬‬
‫‪ - 6‬سورة النساء آلاية ‪.11‬‬
‫‪ - 7‬موس ى عبود ومحمد السماحي‪ ،‬املختصر في املسطرة املدنية والتنظيم القضائي‪ ،‬مطبعة الصومعة‪ ،‬الطبعة ألاولى‪،‬‬
‫‪ ،0991‬ص ‪.1‬‬

‫‪2‬‬
‫ويجسد التنظيم القضائي البعد الاستراتيجي للنظام القضائي ككل‪ ،‬ويشكل‬
‫بنية تحتية مهمة في تحقيق العدالة‪ ،‬لذلك عملت مختلف الدول على تطويره بما‬
‫يحقق الطمأنينة وألامن الاجتماعي‪ ،‬لذلك عمل املغرب على الاعتناء بمؤسسة‬
‫القضاء في مختلف مراحله التاريخية حيث تدخل في محطات متعددة إلعادة بنائه‬
‫وتطوير مرجعيته ومؤسساته‪.‬‬
‫ولإلحاطة باملوضوع سأحاول أن تناوله وفق التصميم التالي‪:‬‬
‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ التنظيم القضائي‬

‫الفصل الثاني‪ :‬التنظيم القضائي الحالي‬

‫‪3‬‬
‫الفصل االول‪ :‬المبادئ العامة للتنظيم القضائي‬
‫يقوم التنظيم القضائي باملغرب على غرار القوانين املقارنة على عدة مبادئ أساسية‬
‫تعتبر بمثابة التوجه واملوقف اللذين تبناهما املشرع املغربي في ما له عالقة بتنظيم املحاكم‬
‫أيا كان نوعها‪ ،‬ويظهر من خالل املبادئ املتبناة‪ ،‬أن قانوننا يسير وأغلب القوانين ال سيما‬
‫التي تنتمي للنظام الالتيني الذي يتزعمه القانون الفرنس ي‪.‬‬
‫وغني عن البيان أن مبادئ التنظيم القضائي تساهم إلى حد كبير في فهم النموذج‬
‫الذي يعتمده كل قانون وذلك من خالل الضمانات التي يضعها لحماية حقوق الدفاع‪،‬‬
‫وجعل القضاء يتمتع بالهبة والاستقاللية التي يفترض أن يتميز بها‪.‬‬
‫وكما هو متعارف عليه‪ ،‬ثمة مبادئ كثيرة تعمل بها جل القوانين‪ ،‬منها ‪ :‬استقالل‬
‫القضاء‪ ،‬والتقاض ي على درجتين‪ ،‬ووحدة القضاء‪ ،‬والقاض ي الفرد وتعدد القضاة‪ ،‬ومجانية‬
‫القضاء‪ ،‬وعلنية الجلسات وشفوية املرافعات‪ ،‬واملساعدة القضائية‪...‬‬
‫وللحديث عن هذه املبادئ سوف نسلك التقسيم التالي‪:‬‬
‫املطلب ألاول‪ :‬مبادئ التقاض ي‬
‫املطلب الثاني‪ :‬مبادئ سير الجلسات‬
‫المطلب األول‪ :‬مبادئ التقاضي‬
‫تعتبر مبادئ التقاض ي من بين أهم القواعد التي تجسد مظهرا من مظاهر بناء دولة‬
‫الحق والقانون‪ ،‬فمن خالل هذه املبادئ يمكن معرفة مدى نجاعة النظام القضائي لكل‬
‫دولة واستجابته للمعايير الدولية لحقوق إلانسان‪.‬‬

‫وهكذا يمكن الحديث عن مبادئ التقاض ي من خالل ثالثة فقرات على الشكل التالي‪:‬‬
‫الفقرة ألاولى‪ :‬مبدأ استقالل القضاء‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬مبدأ وحدة القضاء‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬مبدأ التقاض ي على درجتين‬

‫‪4‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬مبدأ استقالل القضاء‬
‫تنص أغلب دساتير العالم على مبدأ الفصل بين السلطات التنفيذية والتشريعية‬
‫والقضائية‪ ،‬وهو املبدأ الذي نادى به الفقيه الفرنس ي مونتسكيو في كتابه روح القوانين‪،‬‬
‫بسبب ما يترتب عن وضع هذه السلطات الثالث في يد واحدة من ظلم واستبداد‪.‬‬
‫كما أن إلاعالنات واملواثيق الدولية تؤكد على هذا املبدأ وتعتبره أساسيا لحماية‬
‫حقوق إلانسان‪ ،‬وعنصرا حاسما في إدارة الحكم وتحقيق الاستقرار وإلاسهام في التنمية‪،‬‬
‫‪8‬‬
‫هذا الاهتمام الدولي تمخض عنه إلاعالن العالمي حول استقاللية العدالة‪.‬‬
‫ويقصد بمبدأ استقالل السلطة القضائية أي استقاللها عن السلطتين التشريعية‬
‫والتنفيذية‪ ،‬وعدم تدخل هاتين ألاخيرتين في عمل القضاء‪ ،‬أي أن السلطة التشريعية مكلفة‬
‫دستوريا بسن القوانين ووضعها‪ ،‬وكذا القيام بمراقبة العمل الحكومي عن طريق ألاسئلة‬
‫الكتابية أو ألاسئلة الشفوية أو غيرها من آلاليات التي وضعها الدستور لتحقيق هذه‬
‫‪9‬‬
‫املراقبة‪.‬‬
‫ويعني الاستقالل املذكور كذلك عدم تدخل السلطة التنفيذية في الاختصاص‬
‫والصالحيات املعهود بها للسلطة القضائية‪ ،‬بمعنى أن الحكومة كهيأة تنفيذية ليس لها‬
‫سوى القيام بتنفيذ القوانين وفق ما ينص على ذلك الدستور‪ ،‬كما أن مبدأ الاستقالل‬
‫‪10‬‬
‫يفرض عدم تدخل القضاء في أعمال السلطتين املذكورتين‪.‬‬
‫إضافة إلى ذلك يراد بهذا املبدأ أيضا تمتع القضاة كأفراد موكول إليهم أمر البت في‬
‫امللفات التي تعرض عليهم‪ ،‬بنوع من الحياد والاستقالل وعدم التأثر أو الخضوع ألية جهة‬
‫كيفما كانت‪ ،‬بمعنى أن القاض ي يتمتع بهامش واسع من القناعة في اتخاذ ما يراه مناسب‬

‫‪ - 8‬الصادر عن مؤتمر مونريال املنعقد بكندا في ‪ 01‬يونيو ‪.0921‬‬


‫‪ - 9‬محمد إلادريس ي العلمي املشيش ي‪ ،‬استقالل القضاء وفصل السلط‪ ،‬مجلة إلاشعاع‪ ،‬العدد الثاني‪ ،‬السنة ألاولى‪،‬‬
‫دجنبر ‪ ،0929‬ص ‪.72‬‬
‫‪ - 10‬موالي هاشم العلوي‪ ،‬استقالل القضاء وتحقيق العدالة‪ ،‬مجلة إلاشعاع‪ ،‬العدد الثاني‪ ،‬السنة ألاولى‪ ،‬دجنبر‬
‫‪ ،0929‬ص ‪.31‬‬
‫‪5‬‬
‫من قرارات ومواقف من النزاعات التي تعرض عليه في إطار النصوص واملقتضيات القانونية‬
‫‪11‬‬
‫املطبقة على النوازل‪.‬‬
‫وقد تعرض الدستور املغربي لسنة ‪ 127100‬ملبدأ استقالل القضاء حيث نص في‬
‫الفصل ‪ 013‬على أنه‪" :‬السلطة القضائية مستقلة عن السلطة التشريعية وعن السلطة‬
‫التنفيذية‪.‬‬
‫امللك هو الضامن الستقالل السلطة القضائية"‪.‬‬
‫وعلى الرغم من التنصيص على هذا املبدأ فإن هناك عدة معيقات منها ما هو قانوني‪،‬‬
‫أو سياس ي‪ ،‬أو واقعي تجعل تجسيد هذا املبدأ على أرض الواقع من ألامور التي تتميز بنوع‬
‫من الصعوبة‪.‬‬
‫فال يمكن أن يتحقق استقالل القضاء ما دام أن ترقية القضاة يتوقف على التنقيط‬
‫الذي يتولى رئيس املحكمة القيام به‪ ،‬ألن الاستقالل يقتض ي أال يكون القاض ي محكوما‬
‫باملنطق الرئاس ي‪ ،‬ألن القناعة القضائية هي أهم ما يميز عمل القضاة وهي مسألة قررها‬
‫املشرع لهم وهم يقومون باملساطر وإلاجراءات ويبتون في النوازل والقضايا التي تعرض‬
‫‪13‬‬
‫عليهم‪.‬‬
‫ومن ألامور أيضا التي تعد عائقا في عدم فعالية مبدأ استقالل القضاء اقتران ترقية‬
‫القضاة باإلنتاج السنوي لهم‪ ،‬أي أن تمييز قاض عن آخر ال يتم من خالل جودة ألاحكام‬
‫والقرارات التي يصدرها‪ ،‬وإنما من حيث امللفات التي استطاع أن يبت فيها خالل السنة‪.‬‬
‫إضافة إلى ذلك يعتبر رئاسة وزير العدل للنيابة العامة خرقا ملبدأ استقالل القضاء‪،‬‬
‫فوزير العدل ينتمي إلى الحكومة وهي سلطة تتولى دستوريا تنفيذ القوانين ال السهر‬
‫وإلاشراف على عمل القضاة ولو كانوا من النيابة العامة‪ ،‬ومما يزيد من تعقد ألامور هو أن‬

‫‪ - 11‬عبد الكريم الطالب‪ ،‬التنظيم القضائي املغربي‪ ،‬املطبعة والوراقة الوطنية الداوديات‪ ،‬مراكش‪ ،‬الطبعة الرابعة‪،‬‬
‫‪ ،7107‬ص ‪.71‬‬
‫‪ - 12‬ظهير شريف رقم ‪ 0.00.90‬صادر بتاريخ ‪ 79‬يوليو ‪ 7100‬بتنفيذ نص الدستور‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 1951‬مكرر‬
‫بتاريخ ‪ 11‬يوليو ‪ ،7100‬ص ‪.1511‬‬
‫‪ - 13‬شبكش ي محمد صالح رضوان‪ ،‬ضمانات استقالل السلطة القضائية في النظم السياسية إلاسالمية‪ ،‬أطروحة‬
‫لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،0992 ،‬ص ‪.51‬‬
‫‪6‬‬
‫وزارة العدل منذ عشر سنوات لم تعد من وزارات السيادة وإنما منحت كحقيبة وزارية‬
‫لألحزاب السياسية‪.‬‬
‫وهكذا فمبدأ استقالل القضاء يعتبر ركيزة أساسية في بناء دولة الحق والقانون‪ ،‬إال‬
‫أنه مع ذلك هناك حالة يختل فيها هذا املبدأ خاصة عندما يتعلق ألامر بحفظ ألامن‬
‫والنظام العام‪ ،‬فقد تتدخل السلطة التنفيذية استثناء في جزء من أعمال القضاء وذلك‬
‫من خالل وقفها تنفيذ حكم قضائي إذا كان سيترتب عن التنفيذ مساس باألمن والنظام‬
‫‪14‬‬
‫العام‪ ،‬وهو ما ينتقده الفقه والقضاء ملا فيه من ضرر يلحق املحكوم له‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬مبدأ وحدة القضاء‬
‫هذا املبدأ كان محترما في املغرب قبل الحماية‪ ،‬إال أنه بفرض الحماية الفرنسية‬
‫عملت السلطات الفرنسية على خلق أكثر من جهة قضائية تتحدد اختصاصاتها حسب‬
‫الجنسية والدين‪ ،‬وبعد حصول املغرب على الاستقالل اعتمد هذه املبدأ من جديد‪.‬‬
‫ويعتبر هذا املبدأ من املبادئ التي تأخذ بها كثير من القوانين املقارنة‪ ،‬وقلما نجد من‬
‫يتبنى مبدأ ازدواجية القضاء‪ ،‬وبالنسبة للقانون املغربي ومنذ إصدار ظهير التنظيم القضائي‬
‫‪15‬‬
‫في ‪ 01‬يوليوز ‪ ،0931‬فإن الاختيار وقع على مبدأ وحدة القضاء‪.‬‬
‫ولوحدة القضاء عدة معان‪ ،‬فهو أوال يفيد أن هناك جهة قضائية واحدة في كافة‬
‫تراب أو إقليم الدولة‪ ،‬والجهة القضائية كما هو معلوم هي وجود محاكم منسجمة وشاملة‬
‫‪16‬‬
‫تنظر في كافة القضايا التي تعرض على القضاء‪.‬‬
‫أما املعنى الثاني لوحدة القضاء فيراد به مساواة كافة املواطنين واملتقاضين ولو كانوا‬
‫أجانب أمام القضاء‪ ،‬فال يعتد بلغتهم‪ ،‬وال بجنسيتهم‪ ،‬وال بغير ذلك مما قد يميز شخصا عن‬
‫آخر‪ ،‬وهذا من شأنه املساهمة في استقرار املؤسسات القضائية بالدولة‪ ،‬وبث الثقة فيها‬
‫بين كافة من يقصد القضاء بهدف إنصافه وتمكينه من حقه‪.‬‬

‫‪ - 14‬موس ى عبود‪ ،‬ومحمد السماحي‪ ،‬املختصر في املسطرة املدنية والتنظيم القضائي‪ ،‬مطبعة الصومعة‪ ،‬الطبعة‬
‫ألاولى‪ ،0991 ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪ - 15‬عبد الرحمان جمجامة‪ ،‬من وحدة القضاء وازدواجية القانون إلى ازدواجية القضاء والقانون‪ ،‬سلسلة القضاء‬
‫والقانون في الخطاب امللكي ‪ ،0995-0915 :‬العدد ‪ ،05‬السنة ‪ ،0993‬ص ‪.13‬‬
‫‪ - 16‬هاشم العلوي‪ ،‬إلاصالح الشمولي للقضاء في مخطط مضبوط‪ ،‬مطبعة ألامنية‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة ألاولى‪،7101 ،‬‬
‫ص ‪.21‬‬
‫‪7‬‬
‫وعلى عكس مبدأ وحدة القضاء‪ ،‬ثمة أسلوب آخر يعتمد من طرف بعض القوانين‬
‫املقارنة‪ ،‬كالقانون الفرنس ي مثال فإنه يتم التمييز بين جهتين قضائيتين‪ ،‬من جهة هناك‬
‫القضاء العادي املعروف بالقضاء املدني‪ ،‬ومن جهة ثانية هناك القضاء إلاداري الذي ينظر‬
‫فقط في النزاعات ذات الطابع إلاداري أي التي تكون الدولة طرفا فيها‪.‬‬
‫وهكذا ففي فرنسا تتشكل جهة القضاء العادي من املحاكم الابتدائية ومحاكم‬
‫الاستئناف‪ ،‬ومحكمة النقض‪ ،‬ونجد جهة القضاء إلاداري تتشكل من املحاكم إلادارية‪،‬‬
‫ومحاكم الاستئناف إلادارية‪ ،‬ومجلس الدولة الفرنس ي الذي ينزل منزلة محكمة النقض في‬
‫املادة إلادارية‪.‬‬
‫أما في املغرب القائم على مبدأ وحدة القضاء ال وجود لقضاء ثان مستقل عن القضاء‬
‫العادي‪ ،‬وذلك على الرغم من أن ثمة محاكم تجارية ومحاكم الاستئناف التجارية‪ ،‬واملحاكم‬
‫إلادارية‪ ،‬ومحاكم الاستئناف إلادارية‪ ،‬نقول رغم وجود هذه املحاكم املتخصصة‪ ،‬أن مفهوم‬
‫الجهة القضائية الثانية لم يتحقق لحد آلان بسبب غياب محاكم متسلسلة ومرتبة كما هو‬
‫الحال بالنسبة للقضاء املدني‪.‬‬
‫فرغم إحداث محاكم متخصصة على درجتين للتقاض ي‪ ،‬فإنه ال وجود ملحكمة قانون‬
‫(محكمة النقض تجارية أو إدارية) مختصة في مراقبة محاكم املوضوع من حيث تطبيقها‬
‫للقانون‪ ،‬فاملجلس ألاعلى ( محكمة النقض حاليا) هو املحكمة الوحيدة التي تنظر في‬
‫الطعون املقدمة ضد ألاحكام الانتهائية الصادرة عن كل محاكم املوضوع أيا كان تخصصها‪،‬‬
‫مدنية أو إدارية أو تجارية طبقا للفصل ‪ 111‬من قانون املسطرة املدنية‪ ،‬ولعل الغرف التي‬
‫تتكون منها محكمة النقض خير دليل على تبني املشرع املغربي ملبدأ وحدة القضاء‪ ،‬فهناك‬
‫‪17‬‬
‫غرف إدارية‪ ،‬تجارية ‪...‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬مبدأ التقاضي على درجتين‬
‫من املبادئ ألاساسية التي تضمن حقوق الدفاع مبدأ التقاض ي على درجتين‪،‬‬
‫فبالرجوع إلى القانون املغربي يمكن التأكيد على احترام هذا املبدأ من خالل التنظيم‬
‫القضائي الصادر في ‪ 01‬يوليوز ‪ 0931‬وكذا على صعيد قانون املسطرة املدنية الصادر في ‪72‬‬
‫شتنبر ‪. 0931‬‬

‫‪ - 17‬عبد الكريم الطالب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.19‬‬

‫‪8‬‬
‫وهكذا أكد املشرع املغربي على أن للمتقاضين الحق في رفع قضاياهم والدفاع عنها‬
‫موضوعا وقانونا على درجتين‪ ،‬ألاولى أمام محاكم أول درجة‪ ،‬والثانية أمام محاكم ثاني‬
‫درجة ما لم يكن الحكم انتهائيا غير قابل لالستئناف‪.‬‬
‫ويقصد بمبدأ التقاض ي على درجتين السماح لكل طرف من أن يعرض نزاعه وقضيته‬
‫أمام محاكم الدرجة ألاولى (املحاكم الابتدائية واملحاكم إلادارية واملحاكم التجارية) قبل أن‬
‫يسلك الطعن باالستئناف كطريق طعن يعكس إمكانية التقاض ي مرة أخرى ولنفس‬
‫ألاسباب ونفس املوضوع ونفس ألاطراف أمام محاكم الدرجة الثانية (محاكم الاستئناف‪،‬‬
‫‪18‬‬
‫ومحاكم الاستئناف التجارية‪ ،‬ومحاكم الاستئناف إلادارية)‪.‬‬
‫ويساعد هذا املبدأ على تمكين املتقاضين من ضمانات أكثر للوصول إلى حقوقهم‪،‬‬
‫وكذا تمكين املحكمة الثانية من ممارسة رقابتها على محكمة الدرجة ألاولى‪ ،‬وهو ما يكون بال‬
‫شك حافزا أمام قاض ي الدرجة ألاولى لتحقيق العدل في القضايا املعروضة أمامه ما دام‬
‫‪19‬‬
‫يعلم بوجود محكمة أعلى درجة تراقب أحكامه‪.‬‬
‫وقد أكد املشرع املغربي على حق الطعن باالستئناف في الفقرة ألاولى من املادة ‪011‬‬
‫التي جاء فيها‪" :‬استعمال الطعن باالستئناف حق في جميع ألاحوال عدا إذا قرر القانون‬
‫خالف ذلك"‪.‬‬
‫ومع ذلك فإن هذا املبدأ ليس مطلقا‪ ،‬حيث يتدخل املشرع ليمنع الاستئناف في بعض‬
‫القضايا التي لم تتجاوز النصاب القيمي‪ ،‬أو أن يقض ي بصدور بعض ألاحكام وألاوامر‬
‫‪20‬‬
‫بصفة انتهائية من محكمة الدرجة ألاولى‪.‬‬
‫هذا وتجدر إلاشارة أن محكمة النقض ال تعتبر درجة ثالثة للتقاض ي ألنها ال تبت في‬
‫القضية من حيث الوقائع والقانون معا كما هو الشأن بالنسبة ملحكمتي الدرجة ألاولى‬
‫والثانية‪ ،‬وإنما يقتصر دورها على مراقبة مدى موافقة الحكم للقانون‪.‬‬

‫‪ - 18‬نفس املرجع‪ ،‬ص ‪. 73‬‬


‫‪ - 19‬موس ى عبود‪ ،‬ومحمد السماحي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫‪ - 20‬عبد العزيز حضري‪ ،‬القانون القضائي الخاص‪ ،‬دون ذكر املطبعة وال الطبعة‪ ،7111 ،‬ص ‪.11‬‬

‫‪9‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مبادئ سير الجلسات‬
‫من بين مبادئ التنظيم القضائي أيضا تلك املرتبطة بسير الجلسات‪ ،‬وهي أيضا مبادئ‬
‫متعارف عليها في مختلف ألانظمة القضائية‪ ،‬وللوقوف على هذه املبادئ سنخصص لها‬
‫ثالثة فقرات على الشكل التالي‪:‬‬
‫الفقرة ألاولى‪ :‬مبدأ علنية الجلسات‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬مبدأ مجانية القضاء واملساعدة القضائية‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬مبدأ القاض ي الفردي والقضاء الجماعي‬
‫الفقرة األولى‪ :‬مبدأ علنية الجلسات‬
‫تعتبر علنية الجلسات ضمانة أساسية لحقوق الدفاع ألنها تمكن الرأي العام من‬
‫متابعة عمل القضاء ومراقبته‪ ،‬وهذه املتابعة يمكن أن تشكل رقابة وعبئا معنويا على‬
‫القاض ي‪.‬‬
‫ويقصد بهذا املبدأ أن تتم املرافعات في جلسة علنية مفتوحة يمكن للعموم متابعتها‪،‬‬
‫ليتمكن املتقاضون من بسط أدلة إلاثبات والنفي وكافة وسائل الدفاع أمام القاض ي في‬
‫الجلسة‪ ،‬وال تقتصر العلنية على املرافعات في الجلسة فحسب بل يجب أن تمتد إلى جميع‬
‫‪21‬‬
‫إلاجراءات التي تقوم بها املحكمة قبل إصدار الحكم كالتحقيق في الدعوى واملعاينة‪.‬‬
‫وقد نص قانون املسطرة املدنية على هذا املبدأ في الفصول ‪ 11‬و‪ 11‬و‪ 111‬و‪،131‬‬
‫كما نص عليه في املادة ‪ 3‬من قضاء القرب‪ ،‬إذ أكد أنه يتعين أن تصدر ألاحكام في جلسة‬
‫علنية سواء تعلق ألامر باملرحلة الابتدائية أو بمرحلة الاستئناف‪ ،‬أو أمام محكمة النقض‪،‬‬
‫وبالنظر إلى أن قواعد قانون املسطرة املدنية تعد الشريعة العامة في املادة إلاجرائية‪ ،‬فإن‬
‫نفس املبدأ يؤخذ به بالنسبة ملحاكم الدرجتين ألاولى والثانية في املادتين التجارية‬
‫‪22‬‬
‫وإلادارية‪.‬‬
‫غير أنه إذا كان مبدأ علنية الجلسات سيؤدي إلى املساس باألخالق أو النظام العام فال‬
‫ش يء يمنع القاض ي من إقرار سريتها‪ ،‬لكن النطق بالحكم يجب أن يكون دائما في جلسة‬

‫‪ - 21‬عبد العزيز حضري ‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬


‫‪ - 22‬عبد الكريم الطالب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬

‫‪10‬‬
‫علنية وفقا ملا جاء في الفصل ‪ 119‬من قانون املسطرة املدنية الذي جاء فيه‪ " :‬تكون‬
‫الجلسات علنية‪ ،‬إال أنه يجوز للمحكمة أن تأمر بعقدها سرية إذا كانت علنيتها خطيرة‬
‫بالنسبة للنظام العام أو لألخالق الحميدة"‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬مبدأ مجانية القضاء والمساعدة القضائية‬
‫يقوم مبدأ مجانية القضاء على أساس قاعدة فقهية تقول بأن العدالة تمنح بدون‬
‫مقابل‪ ،‬لذا يجب عدم تكليف ألافراد بدفع نفقات للقاض ي مقابل قضائه‪ ،‬وقد ارتبط هذا‬
‫املبدأ بقيام الثورة الفرنسية لسنة ‪ ،0329‬حيث كان القاض ي الفرنس ي يأخذ من املتقاضين‬
‫نظير القضاء‪ ،‬وقد كان هذا النظام ذريعة للرشوة واملحسوبية‪ ،‬لذلك ألغته الثورة‬
‫‪23‬‬
‫الفرنسية‪.‬‬
‫ويعني هذا املبدأ أن فصل القاض ي في النزاعات ال يتطلب مقابال من ألاطراف‪ ،‬أي أن‬
‫املتقاضين ال يؤدون الرواتب وال أي مقابل للقضاة الذين يبتون في نزاعاتهم‪ ،‬وهذا فيه‬
‫‪24‬‬
‫تشجيع للجوء إلى املحاكم من أجل تمكين أصحاب الحقوق من حقوقهم‪.‬‬
‫كما أن هذا املبدأ له عالقة بمبدأ دستوري وهو الحق في التقاض ي‪ ،‬وله عالقة كذلك‬
‫باملهمة املوكولة دستوريا للقضاء‪ ،‬إذ من املنطقي أن تتكفل الدولة بأداء رواتب القضاة ال‬
‫املتقاض ي‪ ،‬حفاظا على مبدأ استقالل القضاء‪ ،‬وتالفيا لالنحياز الذي قد يكون أداء ألاطراف‬
‫لرواتب القضاة سببا فيه‪.‬‬
‫ورغم تقرير مبدأ املجانية في أغلب النظم القضائية فإن املتقاضين يدفعون مع ذلك‬
‫رسوما وصوائر‪ ،‬وهي واجبات ليس القصد منها تحميل املتقاضين نفقات التقاض ي‪ ،‬وإنما‬
‫وضع بعض ألاعباء على ألاشخاص الذين يستخدمون الجهاز القضائي حتى ال تؤدي املجانية‬
‫املطلقة إلى فتح باب القضاء أمام الكائدين وسيئ النية‪ ،‬فيلجئون إلى القضاء بسبب‬
‫وبدونه‪ ،‬ما دام أن املتقاض ي يعلم مسبقا أنه غير ملزم بأي أداء‪ ،‬وال متبوعا بأي جزاء حتى‬
‫ولو ثبت أن رفعه للدعوى أو قيامه بإجراء ما سوى الكيد بغريمه وتطويل إلاجراءات دون‬
‫وجه حق‪ ،‬وقد قيل دفاعا عن رسوم التقاض ي بأن املجانية املطلقة تغري بكثرة اللجوء إلى‬

‫‪ - 23‬عبد العزيز حضري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.19‬‬


‫‪ - 24‬عبد الكريم الطالب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.19‬‬

‫‪11‬‬
‫القضاء‪ ،‬لذا يجب أن تفرض على املتقاضين بعض الرسوم يدفعها ابتداء من يلجأ أوال إلى‬
‫‪25‬‬
‫القضاء‪ ،‬ويحكم بها أخيرا على من يخسر الدعوى‪.‬‬
‫ومن ثم يكون املشرع قد وفق إلى حد بعيد في جعل املصاريف املختلفة التي تتطلبها‬
‫الدعاوي على نفقة املتقاضين ال الدولة‪ ،‬وهكذا نظم قانون املسطرة املدنية هذا الجانب في‬
‫الفصول من ‪ 071‬إلى ‪ 079‬ومما ورد في هذا إلاطار أنه‪ " :‬يحكم باملصاريف على كل طرف‬
‫خسر الدعوى سواء كان من الخواص أو إدارة عمومية‪.‬‬
‫يجوز الحكم بحسب ظروف القضية بتقسيم املصاريف بين ألاطراف كال أو بعضا"‪.‬‬
‫غير أنه وباملقابل يستطيع املتقاضون املغاربة املعوزون الذين ال يمكنهم أداء املصاريف‬
‫التي تتطلبها الدعوى من بدايتها إلى نهايتها الاستفادة من نظام املساعدة القضائية‪.‬‬
‫وقد انتبه املشرع إلى مثل هذه الحاالت فأصدر مقتضيات تعفي املتقاض ي املعوز من‬
‫أداء املصاريف‪ ،‬وهو ما يعرف باملساعدة القضائية‪ ،‬ففي فاتح نونبر ‪ 0955‬صدر مرسوم‬
‫ملكي يتعلق باملبدأ املشار إليه‪ ،‬وتشمل املساعدة القضائية كل مراحل التقاض ي سواء تعلق‬
‫ألامر باملرحلة الابتدائية أو بمرحلة الاستئناف‪ ،‬أو بمرحلة النقض‪.‬‬
‫وللحصول على املساعدة القضائية ينبغي التوفر على الشروط التالية‪:‬‬
‫‪ -‬تقديم طلب إلى وكيل امللك لدى املحكمة التي ستنظر في النزاع‪.‬‬
‫‪ -‬إثبات الطالب للمساعدة لفقره وحاجته وعدم قدرته على تحمل الصوائر‬
‫والرسوم القضائية الخاصة بالدعوى التي هو طرف فيها‪.‬‬
‫وتم إحداث مكاتب للمساعدة القضائية على مستوى محاكم املوضوع وكذا على‬
‫مستوى محكمة النقض مكونة من أعضاء ينتمون للنيابة العامة‪ ،‬وقضاة‪ ،‬وأعضاء من‬
‫هيأة الدفاع‪.‬‬
‫وتجدر إلاشارة إلى أن ثمة نوعين من املساعدة القضائية‪ ،‬املساعدة القضائية بناء‬
‫على طلب‪ ،‬واملساعدة القضائية بقوة القانون‪ ،‬فاألولى ال تمنح إال إذا توافرت الشروط‬
‫املذكورة سابقا‪ ،‬أما الثانية فال تستوجب هذه الشروط وإنما يكفي أن يكون املستفيد ممن‬

‫‪ - 25‬محمد السماحي‪ ،‬املحطات الثالث للقضاء املغربي‪ ،‬ندوة القضاء باملغرب‪ ،‬واقع وآفاق‪ ،‬مجلة القانون وإلاقتصاد‪،‬‬
‫العدد السادس‪ ،0991 ،‬ص ‪.13‬‬

‫‪12‬‬
‫متعهم القانون باملساعدة القضائية لغاية معينة كما الشأن بالنسبة لألجراء في مجال‬
‫الشغل‪ ،‬غير أن هذه املساعدة تقتصر فقط على املرحلتين الابتدائية والاستئنافية دون‬
‫مرحلة النقض وهذا ما يستفاد من الفصل ‪ 731‬من قانون املسطرة املدنية الذي جاء فيه‪:‬‬
‫" يستفيد من املساعدة القضائية بحكم القانون العامل مدعيا أو مدعى عليه أو ذوو‬
‫حقوقه في كل دعوى بما في ذلك الاستئناف‪ .‬وتسري آثار مفعول املساعدة القضائية بحكم‬
‫القانون على جميع إجراءات تنفيذ ألاحكام القضائية"‪ ،‬وهو ما أكده املجلس ألاعلى سابقا‬
‫(محكمة النقض حاليا) في قرار جاء فيه‪" :‬وحيث أن طالب النقض لم يؤد الوجيبة‬
‫القضائية عن مقال النقض املرفوع بواسطة‪ ،...‬اعتبارا بأنه معفى قانونا من أداء وجيبة‬
‫النقض ألن الدعوى اجتماعية‪ ،‬وحيث إن إلاعفاء املنصوص عليه في الفصل املذكور لم‬
‫يتناول الدعوى في مرحلة النقض‪ ،‬من أجله قض ى املجلس ألاعلى بعدم قبول الطلب"‪.26‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬مبدأ القاضي الفردي والقضاء الجماعي‬
‫يعد هذا املبدأ من أكثر املبادئ التي عرف فيها املشرع املغربي تأرجحا وتقلبا‪ ،‬فتارة‬
‫يجعل القاض ي الفرد هو القاعدة العامة والقضاء الجماعي هو الاستثناء‪ ،‬وتارة ال يعتبر‬
‫القضاء الفردي سوى استثناء على املبدأ العام املتمثل في التشكيلة الجماعية للقضاة وهم‬
‫ينظرون في النوازل املعروضة عليهم‪.‬‬
‫ففي سنة ‪ 0931‬بصدور قانون التنظيم القضائي جعل مبدأ القاض ي الفرد هو املبدأ‬
‫املتبع في البت في القضايا أمام املحاكم الابتدائية‪ ،‬وذلك تبسيطا للمسطرة وتيسيرا على‬
‫املتقاضين وضمانا للسرعة في البت‪.‬‬
‫غير أن الانتقادات التي وجهت ملبدأ القاض ي الفرد سيما احتمال وقوع القاض ي الفرد‬
‫في الخطأ إلى جانب تشعب بعض امللفات التي تستلزم أكثر من رأي فضال عن وجود بعض‬
‫الحاالت التي قد يسجل فيها بعض الانحراف أثناء تفسير النصوص القانونية‪ ،‬أدت إلى‬
‫العدول عن هذا املبدأ واعتماد مبدأ القضاء الجماعي‪ ،‬الذي يجعل املحاكم الابتدائية ال‬
‫تنظر في القضايا إال بحضور ثالثة قضاة وكاتب الضبط وممثل النيابة العامة عند‬
‫الاقتضاء‪.‬‬

‫‪ - 26‬قرار املجلس ألاعلى عدد ‪ 117‬بتاريخ ‪ 9‬نونبر ‪ ،0923‬مجلة املحاكم املغربية‪ ،‬عدد ‪ ،10‬ص ‪.17‬‬

‫‪13‬‬
‫وفي ‪ 00‬نونبر ‪ 7111‬أصدر املشرع القانون رقم ‪ 01.11‬الذي عاد إلى القضاء الفردي‬
‫كقاعدة عامة باستثناء بعض الدعاوي خاصة تلك املتعلقة بدعاوي ألاحوال الشخصية‬
‫وامليراث باستثناء النفقة‪ ،‬والدعاوي العقارية العينية واملختلطة‪ ،‬ودعاوي نزاعات الشغل‪....‬‬
‫وسيرا على نفس التوجه أكد الفصل ‪ 1‬من القانون ‪ 11.01‬الذي جاء فيه‪" :‬تعقد‬
‫املحاكم الابتدائية‪ ،‬بما فيها املصنفة‪ ،‬جلساتها مع مراعاة املقتضيات املنصوص عليها في‬
‫الفصل ‪ 1‬بعده‪ ،‬وكذا الاختصاصات املخولة لرئيس املحكمة بمقتض ى نصوص خاصة‪،‬‬
‫بقاض منفرد وبمساعدة كاتب الضبط‪ ،‬ما عدا الدعاوى العقارية العينية واملختلطة‬
‫وقضايا ألاسرة وامليراث‪ ،‬باستثناء النفقة‪ ،‬التي يبت فيها بحضور ثالثة قضاة بمن فيهم‬
‫الرئيس‪ ،‬وبمساعدة كاتب الضبط"‪.‬‬
‫هذا وتجدر إلاشارة أن املحاكم الابتدائية أضحت بإمكانها البت كدرجة استئنافية وفي‬
‫هذه الحالة فجلساتها تتشكل من ثالثة قضاة‪ ،‬كما أن محاكم الاستئناف ومحكمة النقض‬
‫(املجلس ألاعلى سابقا) فلم تعرف هذا التأرجح بين النظامين بل حافظ لهما املشرع على‬
‫النظام الجماعي‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫الفصل الثاني التنظيم القضائي الحالي‬
‫منذ حصول املغرب على استقالله‪ ،‬بادر املشرع املغربي إلى إدخال مجموعة من‬
‫التعديالت على النظام القضائي إلى غاية صدور قانون التنظيم القضائي بتاريخ ‪ 01‬يوليوز‬
‫‪ ،0931‬الذي بدوره خضع لعدة تعديالت‪.‬‬

‫ومنذ ‪ 0991‬أصبح التنظيم القضائي املغربي يقوم على مبدأ تعدد الجهات القضائية‪،‬‬
‫حيث أصبح يتكون من محاكم عادية‪ ،‬باإلضافة إلى املحاكم إلادارية والتجارية التي عرفت‬
‫النور في العقد ألاخير من القرن املاض ي‪ ،‬كما اتجه املشرع املغربي إلى خلق محاكم استثنائية‬
‫للنظر في بعض الجرائم الاستثنائية بذاتها‪ ،‬أو املرتكبة من فئات معينين من ألاشخاص ‪.‬‬
‫وقد كان املغرب يعرف إلى غاية سنة ‪ 7100‬محاكم تدعى بمحاكم الجماعات‬
‫واملقاطعات التي تم حذفها وتعويضها بقضاء القرب‪ ،‬ناهيك عن محاكم استثنائية زجرية‬
‫أال وهي محكمة العدل الخاصة التي حذفت سنة ‪ 7111‬أما اختصاصها فأسند إلى املحاكم‬
‫الابتدائية ومحاكم الاستئناف‪ ،‬كما عرف املغرب أيضا املحكمة العليا التي ألغاها دستور‬
‫‪ ،7100‬وهكذا لم يتبقى من املحاكم الاستثنائية سوى املحكمة الدائمة للقوات املسلحة‬
‫امللكية‪.‬‬
‫وهكذا يتشكل التنظيم القضائي الحالي من نوعين من املحاكم‪ ،‬ألاولى تسمى باملحاكم‬
‫العادية‪ ،‬وتشمل محاكم الدرجة ألاولى و الثانية‪ ،‬ومحكمة النقض‪ ،‬أما الثانية تدعى محاكم‬
‫استثنائية وتشمل املحكمة العسكرية‪.‬‬
‫ولإلحاطة بهذه املحاكم سأقسم هذا الفصل على الشكل التالي‪:‬‬
‫املبحث ألاول‪ :‬املحاكم العادية من الدرجة ألاولى‬
‫املبحث الثاني ‪ :‬املحاكم العادية من الدرجة الثانية‬
‫املبحث الثالث‪ :‬محكمة النقض واملحاكم الاستثنائية‬

‫‪15‬‬
‫المبحث األول‪ :‬المحاكم العادية من الدرجة األولى‬
‫يقصد باملحاكم العادية تلك املحاكم التي يسمح للمتقاضين باللجوء إليها وفقا‬
‫للشروط العامة للتقاض ي ودون شروط إضافية أو خاصة‪ ،‬وهذا عكس املحاكم الاستثنائية‬
‫التي ال يكفي لعرض النزاعات أمامها توافر الشروط العامة‪ ،‬وإنما البد من استجماع‬
‫الشروط الخاصة التي يفرضها املشرع لهذه الغاية ‪.‬‬
‫وقد حدد املشرع املغربي املحاكم العادية من الدرجة ألاولى في الفصل ألاول من ظهير‬
‫‪ 01‬يوليوز ‪ 0931‬املتعلق بالتنظيم القضائي الذي جاء فيه‪" :‬يشمل التنظيم القضائي‬
‫املحاكم التالية‪:‬‬
‫‪ - 0‬املحاكم الابتدائية‪27‬؛‬
‫‪ -7‬املحاكم إلادارية‪28‬؛‬

‫‪ -27‬تم تحديد عدد املحاكم الابتدائية في ثالث وثمانين (‪ )21‬محكمة طبقا للمادة ألاولى من املرسوم رقم ‪7.03.522‬‬
‫الصادر في ‪ 02‬من ربيع ألاول ‪ 3( 0119‬ديسمبر ‪ ،)7103‬بتغيير وتتميم املرسوم رقم ‪ 7.31.192‬الصادر في ‪ 71‬من‬
‫جمادى آلاخرة ‪ 05( 0191‬يوليو ‪ )0931‬تطبيقا ألحكام الظهير الشريف املعتبر بمثابة قانون رقم ‪ 0.31.112‬بتاريخ ‪71‬‬
‫من جمادى آلاخرة ‪ 01( 0191‬يوليو ‪ )0931‬املتعلق بالتنظيم القضائي للمملكة؛ الجريدة الرسمية عدد ‪ 5511‬بتاريخ ‪9‬‬
‫ربيع آلاخر ‪ 72( 0119‬ديسمبر ‪ ،)7103‬ص ‪ ،3159‬وتم تعيين مقارها كما هو وارد في الجدول امللحق بهذا املرسوم‬
‫كالتالي‪( :‬الرباط‪ ،‬تمارة‪ ،‬سال‪ ،‬الخميسات‪ ،‬تيفلت‪ ،‬الرماني‪ ،‬القنيطرة‪ ،‬سيدي قاسم‪ ،‬مشرع بلقصيري‪ ،‬سيدي‬
‫سليمان‪ ،‬سوق أربعاء الغرب‪ ،‬الدار البيضاء (املحاكم الابتدائية‪ -:‬املدنية‪ -‬الاجتماعية‪ -‬الزجرية)‪ ،‬املحمدية‪،‬‬
‫بنسليمان‪ ،‬بوزنيقة‪ ،‬الجديدة‪ ،‬سيدي بنور‪ ،‬فاس‪ ،‬تاونات‪ ،‬صفرو‪ ،‬بوملان‪ ،‬تازة‪ ،‬مراكش‪ ،‬تحناوت‪ ،‬إيمنتانوت‪ ،‬قلعة‬
‫السراغنة‪ ،‬ابن جرير‪ ،‬ورزازات‪ ،‬زاكورة‪ ،‬تنغير‪ ،‬آسفي‪ ،‬اليوسفية‪ ،‬الصويرة‪ ،‬مكناس‪ ،‬آزرو‪ ،‬الحاجب‪ ،‬الرشيدية‪،‬‬
‫ميدلت‪ ،‬أكادير‪ ،‬إنزكان‪ ،‬بيوكرى‪ ،‬تارودانت‪ ،‬تيزنيت‪ ،‬طاطا‪ ،‬كلميم‪ ،‬طانطان‪ ،‬أسا‪ -‬الزاك‪ ،‬سيدي إفني‪ ،‬العيون‪،‬‬
‫السمارة‪ ،‬وادي الذهب‪ ،‬طنجة‪ ،‬أصيلة‪ ،‬العرائش‪ ،‬القصر الكبير‪ ،‬تطوان‪ ،‬املضيق‪ ،‬شفشاون‪ ،‬وزان‪ ،‬سطات‪ ،‬بن‬
‫احمد‪ ،‬برشيد‪ ،‬بني مالل‪ ،‬قصبة تادلة‪ ،‬الفقيه بن صالح‪ ،‬سوق السبت أوالد النمة‪ ،‬أزيالل‪ ،‬خنيفرة‪ ،‬خريبكة‪ ،‬وادي‬
‫زم‪ ،‬أبي الجعد‪ ،‬وجدة‪ ،‬جرادة‪ ،‬تاوريرت‪ ،‬بركان‪ ،‬فجيج‪ ،‬جرسيف‪ ،‬الناضور‪ ،‬الدريوش‪ ،‬الحسيمة‪ ،‬تارجيست‪.).‬‬
‫‪ -‬وتم إحداث محاكم مصنفة ابتدائية مدنية‪ ،‬اجتماعية وزجرية بالدار البيضاء‪ ،‬كم هو وارد في الجدول امللحق‬
‫باملرسوم رقم ‪ ،7.00.197‬سالف الذكر‪.‬‬
‫‪ - 28‬تم إحداث محاكم إدارية بمقتض ى القانون رقم ‪ 10.91‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 0.90.771‬بتاريخ ‪77‬‬
‫من ربيع ألاول ‪ 01( 0101‬سبتمبر ‪)0991‬؛ الجريدة الرسمية عدد ‪ 1773‬بتاريخ ‪ 02‬جمادى ألاولى ‪ 1( 0101‬نوفمبر‬
‫‪ ،)0991‬ص ‪ ،7052‬كما تم تغييره وتتميمه‪.‬‬
‫‪ -‬وتم تحديد عدد املحاكم إلادارية في سبعة (‪ )3‬محاكم طبقا للمادة ألاولى من املرسوم رقم ‪ 7.97.19‬الصادر في ‪02‬‬
‫من جمادى ألاولى ‪ 1( 0101‬نوفمبر ‪ )0991‬تطبيقا ألحكام القانون رقم ‪ ،10.91‬سالف الذكر‪ ،‬وتم تعيين مقارها كما‬
‫‪16‬‬
‫‪ -1‬املحاكم التجارية‪ 29‬؛‬
‫‪...‬‬
‫وتعين مقارها ودوائر نفوذها وعدد موظفيها بمقتض ى مرسوم"‪.‬‬
‫فاملحاكم العادية من الدرجة ألاولى في التنظيم القضائي املغربي هي املحاكم الابتدائية‬
‫واملحاكم إلادارية واملحاكم التجارية‪.‬‬
‫ومن أجل الحديث عن هذه املحاكم سأقسم هذا املبحث على الشكل التالي‪:‬‬
‫املطلب ألاول‪ :‬املحاكم الابتدائية‬
‫املطلب الثاني‪ :‬املحاكم التجارية‬
‫املطلب الثالث‪ :‬املحاكم إلادارية‬
‫المطلب األول‪ :‬المحاكم االبتدائية‬
‫تعتبر املحاكم الابتدائية قاعدة هرم النظام القضائي املغربي‪ ،‬كيف ال وهي صاحبة‬
‫الوالية العامة كما ينعتها الفقه القانوني‪ ،‬حيث تنظر في سائر القضايا إال إذا نص القانون‬
‫صراحة على إسناد الاختصاص إلى محكمة غيرها‪.‬‬
‫وما يؤكد ذلك هو أن املحاكم الابتدائية آخذة في التوسع والانتشار في مختلف مناطق‬
‫املغرب‪ ،‬حيث انتقلت من ثالثين محكمة ابتدائية غداة صدور ظهير ‪ 01‬يوليوز ‪ 0931‬إلى‬
‫سبعين محكمة سنة ‪.7100‬‬

‫هو وارد في الجدول امللحق بهذا املرسوم كالتالي‪( :‬الرباط – الدار البيضاء – فاس – مراكش – مكناس – أكادير –‬
‫وجدة)‪ .‬الجريدة الرسمية عدد‪ 1779‬بتاريخ ‪ 7‬جمادى آلاخرة ‪ 03( 0101‬نوفمبر ‪ ،)0991‬ص ‪.7750‬‬
‫‪ - 29‬تم إحداث املحاكم التجارية ومحاكم الاستئناف التجارية بمقتض ى القانـون رقم ‪ 11.91‬الصادر بتنفيذه الظهير‬
‫الشريف رقم ‪ 0.93.51‬بتاريخ ‪ 1‬شوال ‪ 07( 0103‬فبراير ‪)0993‬؛ الجريدة الرسمية عدد ‪ 1127‬بتاريخ ‪ 2‬محرم ‪0102‬‬
‫(‪ 01‬ماي ‪ ،)0993‬ص‪ ،0010‬كما تم تغييره وتتميمه‪.‬‬
‫‪ -‬وتم تحديد عدد املحاكم التجارية في ثمان (‪ )2‬محاكم (الرباط – الدار البيضاء – فاس – مكناس‪ -‬وجدة‪ -‬طنجة –‬
‫مراكش – أكادير) وذلك طبقا للمادة ألاولى من املرسوم رقم ‪ 7.93.330‬الصادر في ‪ 71‬من جمادى آلاخرة ‪72( 0102‬‬
‫أكتوبر ‪ )0993‬بتحديد عدد املحاكم التجارية ومحاكم الاستئناف التجارية ومقارها ودوائر اختصاصها؛ الجريدة‬
‫الرسمية عدد ‪ 1117‬بتاريخ ‪ 1‬رجب ‪ 5( 0102‬نوفمبر ‪ ،)0993‬ص ‪ ،1091‬كما تم تغييره وتتميمه‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫ولإلحاطة باملحاكم الابتدائية سوف نتطرق إلى تنظيمها وتصنيفها وسير العمل فيها‬
‫(الفقرة ألاولى)‪ ،‬واختصاصاتها (الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬تنظيم المحكمة االبتدائية وسير العمل فيها‬
‫تعتبر املحاكم الابتدائية إحدى الهيئات القضائية املشكلة ملا يسمى باملحاكم العادية‪،‬‬
‫حيث حدد املشرع تنظيمها وتصنيفها (أوال) ونظام الجلسات فيها (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تنظيم المحاكم االبتدائية وتصنيفها‬


‫سأتناول في هذه الفقرة تنظيم املحاكم الابتدائية (‪ )0‬وتصنيفها (‪.)7‬‬
‫‪ - 1‬تنظيم المحاكم االبتدائية‬
‫ورد في الفقرات من ‪ 0‬إلى ‪ 5‬من الفصل الثاني من ظهير التنظيم القضائي (‪ 01‬يوليوز‬
‫‪ )0931‬على أنه ‪" :‬تتألف املحاكم الابتدائية‬
‫من رئيس وقضاة وقضاة نواب؛‬
‫من نيابة عامة تتكون من وكيل امللك ونائب أو عدة نواب؛‬
‫من كتابة الضبط ؛‬
‫من كتابة للنيابة العامة‪.‬‬
‫يمكن تقسيم هذه املحاكم بحسب نوعية القضايا التي تختص بالنظر فيها إلى "أقسام‬
‫قضاء ألاسرة"‪ 30‬و"أقسام قضاء القرب"‪ ،31‬وغرف مدنية وتجارية وعقارية واجتماعية‬
‫وزجرية‪."...‬‬
‫فمن خالل ما ورد في الفصل أعاله تتشكل املحاكم الابتدائية من رئاسة املحكمة‬
‫والنيابة العامة‪ ،‬كما تنقسم إلى أقسام وغرف ‪.‬‬

‫‪ - 30‬تم تغيير وتتميم الفقرة الثانية من الفصل ‪ 7‬أعاله بمقتض ى املادة الفريدة من القانون رقم ‪ 31.11‬الصادر‬
‫بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 0.11.71‬بتاريخ ‪ 07‬من ذي الحجة ‪ 1( 0171‬فبراير ‪)7111‬؛ الجريدة الرسمية عدد ‪1021‬‬
‫بتاريخ ‪ 01‬ذو الحجة ‪ 1( 0171‬فبراير ‪ ،)7111‬ص ‪.111‬‬
‫‪ - 31‬انظر القانون رقم ‪ 17.01‬املتعلق بتنظيم قضاء القرب وتحديد اختصاصاته‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم‬
‫‪ 0.00.010‬بتاريخ ‪ 05‬من رمضان ‪ 03( 0117‬أغسطس ‪)7100‬؛ الجريدة الرسمية عدد ‪ 1931‬بتاريخ ‪ 5‬شوال ‪1( 0117‬‬
‫سبتمبر ‪ ،)7100‬ص ‪ ،197‬كما تم تغييره وتتميمه‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫أ‪ -‬رئاسة املحكمة‬
‫يضم هذا الجهاز رئيس املحكمة الابتدائية والقضاة الرسميون والنواب وهيئة لكتابة‬
‫الضبط تتولى تسيير املصالح إلادارية للرئاسة‪ ،‬ويعتبر الرئيس هو املشرف ألاول على كل‬
‫املصالح إلادارية للمحكمة باإلضافة إلى اختصاصاته القضائية‪.‬‬
‫ويرتب القضاة والنواب على حد سواء باملحاكم الابتدائية بالدرجة الثالثة غير أنه‬
‫يمكن تعيينهم من بين القضاة املرتبين في درجات أعلى طبقا للمادة ‪ 05‬من النظام ألاساس ي‬
‫للقضاء‪ ،32‬أما الرئيس فيرتب كمبدأ عام في الدرجة الثانية وفق ما تضمنته املادة ‪ 09‬من‬
‫النظام ألاساس ي للقضاة‪.‬‬
‫ب ‪ -‬النيابة العامة‬
‫تتكون النيابة العامة من وكيل امللك ونائب أو عدة نواب مع جهاز كتابة الضبط تابع‬
‫بها يتولى متابعة إلاجراءات داخل املحكمة‪.‬‬
‫ويرتب وكالء وكيل امللك كمبدأ عام في الدرجة الثالثة غير أنه يمكن تعيينهم من بين‬
‫القضاة املرتبين في درجات أعلى طبقا للمادة ‪ 05‬من النظام ألاساس ي للقضاء‪ ،‬أما وكيل امللك‬
‫فيرتب كمبدأ عام في الدرجة الثانية وفق ما تضمنته املادة ‪ 09‬من النظام ألاساس ي للقضاة‪.‬‬
‫وتعتبر النيابة العامة من املؤسسات العضوية للقضاء الجنائي‪ ،‬لكنها حاضرة أيضا في‬
‫القضاء املدني‪ ،‬حيث تباشر مهمة الدفاع عن املصالح العليا للمجتمع‪ ،‬وعن سيادة القانون‬
‫فيه وهي تمارس عملها هذا بطريقتين‪ ،‬طريق إلادعاء والدفاع‪ ،‬وطريق إبداء الرأي والتدخل‪،‬‬
‫وهما الطريقتين اللذين اصطلح مشرع قانون املسطرة املدنية عليهما بحالة الطرف الرئيس ي‬
‫‪33‬‬
‫والطرف املنضم‪.‬‬
‫وفي هذا إلاطار نص الفصل السادس من قانون املسطرة املدنية على أنه‪" :‬يمكن‬
‫للنيابة العامة أن تكون طرفا رئيسيا أو أن تتدخل كطرف منضم وتمثل ألاغيار في الحالة‬
‫التي ينص عليها القانون"‪.‬‬

‫‪ - 32‬ظهير شريف رقم ‪ 0.05.10‬صادر في ‪ 01‬من جمادى آلاخرة ‪ 71 ( 0113‬مارس ‪ ( 7105‬تنفيذ القانون التنظيمي رقم‬
‫‪ 015.01‬املتعلق بالنظام ألاساس ي للقضاة‪ ،‬املنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 6546‬بتاريخ ‪ 6‬رجب ‪ 75( 7541‬أبريل‬
‫‪ ) 6176‬ص ‪.4761‬‬
‫‪ - 33‬عبد العزيز حضري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.59‬‬

‫‪19‬‬
‫ج ‪ -‬أقسام املحاكم الابتدائية وغرفها‬
‫تقسم املحاكم الابتدائية حسب ألاهمية الجغرافية والاقتصادية لدائرة املحكمة‬
‫الترابية ونوعية القضايا الرائجة فيها‪ ،‬إلى أقسام وغرف‪ ،‬وقد حدد املشرع في الفصل الثاني‬
‫إمكانية تقسيم املحاكم الابتدائية‪ ،‬إلى أقسام قضاء ألاسرة‪ ،‬وأقسام قضاء القرب‪ ،‬إضافة‬
‫إلى غرف منها غرف مدنية‪ ،‬وتجارية‪ ،‬وعقارية‪ ،‬واجتماعية‪ ،‬وزجرية‪.‬‬
‫وفصل الغرف بالشكل الوارد أعاله ال يعني أن كل غرفة تكتفي بالنظر في القضايا‬
‫ذات الصلة بطبيعة الغرفة‪ ،‬بل إن لكل غرفة أن تبحث وتحكم في كل القضايا املعروضة‬
‫على املحكمة كيفما كان نوعها باستثناء القضايا التي تدخل في اختصاص أقسام قضاء‬
‫ألاسرة وأقسام قضاء القرب‪.‬‬
‫وتتولى الجمعية العمومية للمحكمة الابتدائية‪ 34‬خالل الخمسة عشر يوما ألاولى من‬
‫شهر دجنبر من كل سنة تحديد عدد الغرف والقضاة الذين يكونونها‪ ،‬وأيام وساعات‬
‫الجلسات وتوزيع القضايا على مختلف الغرف‪.‬‬
‫‪ - 2‬تصنيف المحاكم االبتدائية‬
‫ورد في الفقرات من ‪ 3‬إلى ‪ 01‬من الفصل الثاني من ظهير التنظيم القضائي على أنه‪:‬‬
‫"‪ ...‬يمكن تصنيف املحاكم الابتدائية حسب نوعية القضايا التي تختص بالنظر فيها إلى‬
‫محاكم ابتدائية مدنية ومحاكم ابتدائية اجتماعية ومحاكم ابتدائية زجرية‪.‬‬
‫تقسم املحاكم الابتدائية املدنية إلى أقسام قضاء القرب وغرف مدنية وغرف تجارية‬
‫وغرف عقارية‪.‬‬
‫تقسم املحاكم الابتدائية الاجتماعية إلى أقسام قضاء ألاسرة وغرف حوادث الشغل‬
‫وألامراض املهنية وغرف نزاعات الشغل‪.‬‬
‫تقسم املحاكم الابتدائية الزجرية إلى أقسام قضاء القرب وغرف جنحية وغرف‬
‫حوادث السير وغرف قضاء ألاحداث"‪.‬‬

‫‪ - 34‬وهو جهاز يعنى بتنظيم املصلحة الداخلية للمحاكم (الفصل الرابع من املرسوم رقم ‪ 7.31.192‬بتاريخ ‪ 05‬يوليوز‬
‫‪ 0931‬صادر تطبيقا ملقتضيات القانون املتعلق بالتنظيم القضائي‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫فمن خالل هذه الفقرات يتضح أنه يمكن تصنيف املحاكم الابتدائية حسب نوعية‬
‫القضايا التي تختص بالنظر فيها إلى محاكم ابتدائية مدنية تشتمل على أقسام قضاء‬
‫القرب وغرف مدنية وغرف تجارية وغرف عقارية‪ ،‬ومحاكم ابتدائية اجتماعية تضم‬
‫أقسام قضاء ألاسرة وغرف حوادث الشغل وألامراض املهنية وغرف نزاعات الشغل‪ ،‬ثم‬
‫محاكم ابتدائية زجرية تقسم إلى أقسام قضاء القرب وغرف جنحية وغرف حوادث السير‬
‫وغرف قضاء ألاحداث‪.‬‬
‫كذلك تحدث باملحاكم الابتدائية غرف تسمى غرف الاستئنافات تناط بها بعض‬
‫الاستئنافات املرفوعة ضد ألاحكام الصادر عنها ابتدائيا وذلك وفقا ملا ورد في الفقرة ألاخيرة‬
‫من الفصل الثاني من ظهير التنظيم القضائي‪.‬‬
‫هذا وتجدر إلاشارة أن مشروع قانون رقم ‪ 12.01‬املتعلق بالتنظيم القضائي‪ ،‬تضمن‬
‫أجهزة جديدة لدى املحاكم الابتدائية‪ ،‬ويتعلق ألامر بإحداث مكتب املحكمة الذي يتولى‬
‫مهمة وضع مشروع برنامج تنظيم العمل باملحكمة‪ ،‬وذلك بتحديد الغرف والهيئات‬
‫وتأليفها‪ ،‬وتوزيع القضايا واملهام على قضاة املحكمة‪ ،‬وضبط عدد الجلسات وأيام وساعات‬
‫‪35‬‬
‫انعقادها‪.‬‬
‫ويتألف هذا املكتب من رئيس املحكمة الابتدائية باعتباره رئيسا للمكتب‪ ،‬ويضم في‬
‫عضويته أيضا نائب رئيس املحكمة ورؤساء ألاقسام ورؤساء الغرف وأقدم القضاة‬
‫‪36‬‬
‫باملحكمة وأصغرهم سنا بها‪ ،‬إضافة إلى وكيل امللك ونائبه املعين من قبله‪.‬‬
‫ومن ألاجهزة املستحدثة أيضا في املشروع منصب الكاتب العام للمحكمة‪ ،‬الذي‬
‫يخضع إداريا ملراقبة وزير العدل ويتولى مهام التسيير إلاداري باملحكمة‪ ،‬وضبط مختلف‬
‫محاكم كتابة الضبط واملصالح املحاسبية بها‪ ،‬وإلاشراف على موظفي هيئة كتابة الضبط‬
‫‪37‬‬
‫العاملين بها‪.‬‬

‫‪ - 35‬املادة ‪ 71‬من مشروع قانون ‪ 12.01‬املتعلق بالتنظيم القضائي‪.‬‬


‫‪ - 36‬املادة ‪ 71‬من مشروع قانون التنظيم القضائي‪.‬‬
‫‪37‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ 12‬من مشروع التنظيم القبضائي‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫ثانيا‪ :‬نظام الجلسات بالمحاكم االبتدائية‬
‫عرفت املحاكم الابتدائية تعديالت مهمة فيما يتعلق بنظام الجلسات‪ ،‬فقد شهدت‬
‫سنة ‪ 7111‬تحوال في نظامها‪ ،‬حيث كانت تعقد جلساتها بقاض منفرد ومساعدة كاتب‬
‫الضبط في جميع القضايا‪ ،‬واستثناء من هذا املبدأ العام كانت تعقد جلساتها وتصدر‬
‫أحكامها بحضور ثالثة قضاة بمن فيهم الرئيس وبمساعدة كاتب الضبط – مع مراعاة‬
‫الاختصاصات املخولة لرئيس املحكمة بمقتض ى نصوص خاصة – في دعاوى ألاحوال‬
‫الشخصية وامليراث باستثناء النفقة‪ ،‬والدعاوى العقارية العينية واملختلطة‪ ،‬ونزاعات‬
‫الشغل‪ ،‬والجنح املعاقب عليها بأكثر من سنتين حبسا والتي يسند قانون املسطرة الجنائية‬
‫الاختصاص فيها إلى املحاكم الابتدائية‪.‬‬
‫وفي سنة ‪ 7100‬صدر القانون رقم ‪ 11.01‬املغير واملتمم لظهير التنظيم القضائي الذي‬
‫جاء بمستجدات بالنسبة للفصل الرابع حيث أصبحت املحاكم الابتدائية – بما فيها‬
‫املصنفة – تعقد جلساتها بقاض منفرد وبمساعدة كاتب الضبط‪ ،‬ما عدا الدعاوى‬
‫العقارية العينية واملختلطة وقضايا ألاسرة وامليراث باستثناء النفقة التي ينظر فيها بقضاء‬
‫‪38‬‬
‫جماعي‪.‬‬
‫وتجدر إلاشارة أن مشروع قانون التنظيم القضائي رقم ‪ 12.01‬قد استثنى من قضايا‬
‫ألاسرة وامليراث باإلضافة إلى النفقة كل ما يتعلق بقضايا الطالق الاتفاقي وأجرة الحضانة‬
‫والحق في زيارة املحضون والرجوع إلى بيت الزوجية وإعداد بيت الزوجية من مبدأ القضاء‬
‫‪39‬‬
‫الجماعي‪.‬‬

‫‪ - 38‬تنص الفقرة ألاولى من الفصل الرابع على أنه ‪" :‬تعقد املحاكم الابتدائية‪ ،‬بما فيها املصنفة‪ ،‬جلساتها مع مراعاة‬
‫املقتضيات املنصوص عليها في الفصل ‪ 1‬بعده‪ ،‬وكذا الاختصاصات املخولة لرئيس املحكمة بمقتض ى نصوص خاصة‪،‬‬
‫بقاض منفرد وبمساعدة كاتب الضبط‪ ،‬ما عدا الدعاوى العقارية العينية واملختلطة وقضايا ألاسرة وامليراث‪ ،‬باستثناء‬
‫النفقة‪ ،‬التي يبت فيها بحضور ثالثة قضاة بمن فيهم الرئيس‪ ،‬وبمساعدة كاتب الضبط"‪.‬‬
‫‪ - 39‬املادة ‪ 10‬من مشروع قانون التنظيم القضائي‪.‬‬
‫‪22‬‬
‫أما بالنسبة لغرف الاستئنافات لدى املحاكم الابتدائية فإنها تعقد جلساتها وتصدر‬
‫قراراتها من قبل ثالثة قضاة بمن فيهم الرئيس‪ 40،‬ويجري العمل لديها باملسطرة املنصوص‬
‫‪41‬‬
‫عليها في الفصل ‪ 172‬من قانون املسطرة املدنية وما يعده من هذا القانون‪.‬‬
‫فضال عن ذلك يجب حضور ممثل النيابة العامة باملحاكم الابتدائية في الجلسات‬
‫الزجرية تحت طائلة بطالن املسطرة والحكم‪ ،‬ويعتبر هذا الحضور اختياريا في جميع‬
‫القضايا ألاخرى‪ ،‬عدا في ألاحوال املحددة بمقتض ى قانون املسطرة املدنية وخاصة إذا كانت‬
‫‪42‬‬
‫النيابة العامة طرفا رئيسيا وفي جميع الحاالت ألاخرى املقررة بنص خاص‪.‬‬
‫وتعقد املحاكم الابتدائية جلساتها في كل ألايام‪ ،‬إال أيام آلاحاد والعطل‪ ،‬والتي تكون‬
‫علنية ما لم بفرض القانون سريتها‪ ،‬أو النظر في غرفة املشورة‪ ،‬بل إن املشرع يجيز لهذه‬
‫املحاكم أن تأمر بعقدها سرية متى كانت علنيتها تشكل خطورة بالنسبة للنظام العام أو‬
‫ألاخالق الحميدة‪ 43،‬كما يجيز لها عقد جلساتها تنقلية داخل دوائر نفوذها‪.‬‬
‫‪44‬‬
‫وفي جميع ألاحوال يجب أن يتم النطق بالحكم باسم جاللة امللك وطبقا للقانون‪،‬‬
‫في جلسة علنية ولو جرت املداولة بكيفية سرية‪ ،‬وأن يتضمن نصه إلاشارة إلى صدوره في‬
‫‪45‬‬
‫جلسة علنية‪.‬‬

‫‪ - 40‬تنص الفقرة ألاولى من الفصل ‪ 111‬من قانون املسطرة املدنية على أنه‪ " :‬تنعقد الجلسات وتصدر قرارات غرف‬
‫الاستئنافات باملحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف من ثالثة قضاة بما فيهم الرئيس"‬
‫‪ - 41‬ينص الفصل ‪ 172‬على أنه ‪ " :‬تودع مقاالت الاستئناف وفقا ملقتضيات الفصلين ‪ 010‬و‪ 017‬وتسلم دون تأخير إلى‬
‫كتابة ضبط املحكمة املرفوع إليها الاستئناف حيث تقيد مع امللف والنسخ املشار إليها في الفقرة الثانية من الفصل‬
‫‪ 017‬وتطبق مقتضيات الفقرة ألاخيرة من هذا الفصل"‪.‬‬
‫‪ - 42‬نورة غزالن الشنيوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.37‬‬
‫‪ - 43‬ينص الفصل ‪ 119‬من قانون املسطرة املدنية على أنه‪ " :‬تكون الجلسات علنية‪ ،‬إال أنه يجوز للمحكمة أن تأمر‬
‫بعقدها سرية إذا كانت علنيتها خطيرة بالنسبة للنظام العام أو لألخالق الحميدة"‪.‬‬
‫‪ - 44‬تنص الفقرة ألاولى من الفصل ‪ 11‬من قانون املسطرة املدنية على أنه ‪ " :‬تصدر ألاحكام في جلسة علنية وتحمل في‬
‫رأسها العنوان التالي‪:‬‬
‫اململكة املغربية‬
‫باسم جاللة امللك وطبقا للقانون"‪.‬‬
‫‪ - 45‬تنص الفقرة السابعة من الفصل ‪ 11‬من قانون املسطرة املدنية على أنه‪ " :‬تنص ألاحكام على أن املناقشات قد‬
‫وقعت في جلسة علنية أو سرية وأن الحكم قد صدر في جلسة علنية"‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫أما بخصوص املسطرة أمام املحاكم الابتدائية فقد حددها الفصل ‪ 11‬من قانون‬
‫‪46‬‬
‫املسطرة املدنية الذي جاء فيه‪" :‬تطبق أمام املحاكم الابتدائية وغرف الاستئنافات بها‬
‫قواعد املسطرة الكتابية املطبقة أمام محاكم الاستئناف وفقا ألحكام الفصول ‪ 179‬و‪110‬‬
‫و‪ 117‬و‪ 111‬و‪ 111‬و‪ 115‬و‪ 117‬و‪ 111‬آلاتية بعده‪.‬‬
‫تمارس املحكمة الابتدائية ورئيسها أو القاض ي املقرر‪ ،‬كل فيما يخصه‪ ،‬الاختصاصات‬
‫املخولة حسب الفصول املذكورة ملحكمة الاستئناف ولرئيسها ألاول أو للمستشار املقرر‪.‬‬
‫غير أن املسطرة تكون شفوية في القضايا التالية‪:47‬‬
‫‪ - 0‬القضايا التي تختص املحاكم الابتدائية فيها ابتدائيا وانتهائيا؛‬
‫‪ - 7‬قضايا النفقة والطالق والتطليق؛‬
‫‪ - 1‬القضايا الاجتماعية؛‬
‫‪ - 1‬قضايا استيفاء ومراجعة وجيبة الكراء؛‬
‫‪ - 1‬قضايا الحالة املدنية‪."48‬‬
‫فمن خالل الفصل ‪ 11‬أعاله يتبين أن املشرع املغربي تبنى بعد تعديل هذا الفصل‬
‫املسطرة الكتابية في التقاض ي أمام املحاكم الابتدائية بعدما كانت شفوية قبل تعديل‬
‫‪ ،0991‬باستثناء القضايا التي تختص فيها املحاكم الابتدائية ابتدائيا وانتهائيا‪ ،‬وقضايا‬
‫النفقة والطالق والتطليق‪ ،‬والقضايا الاجتماعية‪ ،‬وقضايا استيفاء ومراجعة وجيبة الكراء‪،‬‬
‫وقضايا الحالة املدنية‪.‬‬
‫والحقيقة أن هذا التعديل أملته ضرورة الانسجام بين قانون املسطرة املدنية‬
‫والقانون املنظم ملهنة املحاماة الصادر سنة ‪ 7112‬الذي عدل بمقتضاه الفصل ‪ ،11‬حيث‬
‫ينص على أن املحامين املقيدين بجدول املحامين باململكة هم وحدهم املؤهلون في نطاق‬
‫تمثيل ألاطراف ومؤازرتهم لتقديم املقاالت واملستنتجات واملذكرات الدفاعية في القضايا‬

‫‪ - 46‬تم تغيير وتتميم الفصل ‪ 11‬أعاله بموجب القانون رقم ‪ ،11.01‬سالف الذكر‪.‬‬
‫‪ - 47‬تم تغيير وتتميم وتعويض الفقرة الثالثة من الفصل ‪ 11‬أعاله بموجب القانون رقم ‪ ،37.11‬سالف الذكر‪.‬‬
‫‪ - 48‬تم تغيير الفصل ‪ 11‬أعاله بموجب الظهير الشريف بمثابة قانون رقم ‪ ،0.91.715‬سالف الذكر‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫باستثناء القضايا الجنائية‪ ،‬وقضايا النفقة أمام املحاكم الابتدائية والاستئنافية والقضايا‬
‫التي تختص املحاكم الابتدائية بالنظر فيها ابتدائيا وانتهائيا‪...‬‬
‫حيث أن هناك عالقة بين املسطرة الكتابية وتنصيب املحامي‪ ،‬إذ املالحظ أن القضايا‬
‫املتطلبة املسطرة الكتابية يتعين ضرورة تكليف محامي كمبدأ عام على عكس القضايا‬
‫‪49‬‬
‫الشفوية والواردة في الفصل ‪ 11‬أعاله التي ال تستوجب كقاعدة عامة تنصيب محامي‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬اختصاصات المحاكم االبتدائية‬
‫للوقوف على اختصاصات املحاكم الابتدائية‪ ،‬يتعين الوقوف على الاختصاص النوعي‬
‫(أوال) والاختصاص املحلي (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬االختصاص النوعي للمحاكم االبتدائية‬


‫يقصد باالختصاص النوعي هو الاختصاص الذي يحدد نصيب كل جهة قضائية من‬
‫‪50‬‬
‫املنازعات القضائية بالنظر لطبيعة الدعوى‪.‬‬
‫وهكذا تمارس املحاكم الابتدائية اختصاصا كمرجع عادي يشمل الدعاوى التي لم‬
‫يعهد القانون ملحكمة أخرى صالحية النظر فيها (‪ )0‬مع مراعاة الاختصاصات املخولة إلى‬
‫أقسام قضاء القرب (‪ )7‬إلى جانب اختصاص رئيس املحكمة الابتدائية (‪ ،)1‬كما يمكن أن‬
‫نضيف اختصاص املحكمة الابتدائية كمرجع استئنافي (‪.)1‬‬
‫‪ - 1‬اختصاصات المحاكم االبتدائية كمرجع عادي‬
‫ينص الفصل ‪ 02‬من قانون املسطرة املدنية على أنه‪ " :‬تختص املحاكم الابتدائية ‪ -‬مع‬
‫مراعاة الاختصاصات الخاصة املخولة إلى أقسام قضاء القرب‪ - 51‬بالنظر في جميع القضايا‬

‫‪ - 49‬عبد الكريم الطالب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.51‬‬


‫‪ - 50‬محمد محجوبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.57‬‬
‫‪ - 51‬تم تغيير وتتميم الفصل ‪ 21‬أعاله بموجب القانون رقم ‪ 01.23‬بتغيير وتتميم قانون املسطرة املدنية كما صادق عليه الظهير الشريف بمثابة قانون رقم ‪ 1.74.447‬الصادر في‬

‫‪ 11‬من رمضان ‪ 28( 1394‬سبتمبر ‪ ،)1974‬الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم ‪ 1.11.149‬بتاريخ ‪ 16‬من رمضان ‪ 17 (1432‬أغسطس ‪ ،)2011‬الجريدة الرسمية عدد ‪5975‬‬

‫بتاريخ ‪ 6‬شوال ‪ 5( 1432‬سبتمبر ‪ ،)2011‬ص ‪.7014‬‬

‫‪25‬‬
‫املدنية وقضايا ألاسرة‪ 52‬والتجارية‪ 53‬وإلادارية‪ 54‬والاجتماعية ابتدائيا وانتهائيا أو ابتدائيا‬
‫مع حفظ حق الاستيناف‪.‬‬
‫تختص أيضا بقطع النظر عن جميع املقتضيات املخالفة ولو في الحالة التي يسند فيها‬
‫قانون خاص سابق النظر في بعض أنواع القضايا إلى محكمة أخرى"‪.‬‬
‫فمن خالل هذا الفصل يتبين أن املحاكم الابتدائية هي صاحبة الوالية العامة للنظر‬
‫في كافة القضايا ما لم يكن هناك نص صريح يمنح الاختصاص ملحكمة أخرى‪ ،‬ومن ثم فهي‬
‫تنظر في النزاعات املدنية والزجرية‪ ،‬بل إن املحاكم الابتدائية تنظر كذلك في بعض القضايا‬
‫ألاخرى كما هو الحال بالنسبة ملادة الصحافة ومادة الجمعيات اللتين يحكمهما ظهير ‪0912‬‬
‫بشأن الحريات العامة‪.‬‬
‫كما تختص املحاكم الابتدائية في القضايا الاجتماعية وفق ما هو محدد في الفصل‬
‫‪ 71‬من قانون املسطرة املدنية الذي جاء فيه‪ " :‬تختص املحاكم الابتدائية في القضايا‬
‫الاجتماعية بالنظر في‪:‬‬
‫أ) النزاعات الفردية املتعلقة بعقود الشغل أو التدريب املنهي والخالفات الفردية التي‬
‫لها عالقة بالشغل أو التدريب املنهي‪.‬‬
‫ب) التعويض عن ألاضرار الناتجة عن حوادث الشغل وألامراض املهنية طبقا للتشريع‬
‫الجاري به العمل؛‬
‫ج) النزاعات التي قد تترتب عن تطبيق املقتضيات التشريعية والتنظيمية املتعلقة‬
‫بالضمان الاجتماعي"‪.‬‬

‫‪ - 52‬تم تغيير وتتميم وتعويض الفصل ‪ 02‬أعاله بموجب القانون رقم ‪ ،37.11‬سالف الذكر‪.‬‬
‫‪ 1‬القاض ي بإحداث محاكم‬
‫‪ - 53‬بخصوص الاختصاص النوعي للمحاكم التجارية‪ ،‬انظر املواد من ‪ 1‬إلى ‪ 9‬من القانون رقم ‪1.91‬‬
‫تجارية‪ ،‬الصادر ألامر بتنفيذه بمقتض ى الظهير الشريف رقم ‪ 2-74-51‬بتاريخ ‪ 7‬شوال ‪ 21( 2724‬فبراير ‪)2774‬؛ الجريدة الرسمية‬
‫عدد ‪ 1127‬بتاريخ ‪ 1‬محرم ‪ 21( 2721‬ماي ‪ ،)2774‬ص ‪ .0010‬مع إلاشارة إلى أن املحاكم الابتدائية تبقى مختصة بالنظر في‬
‫الطلبات ألاصلية التي ال تتجاوز قيمتها ‪ 71.111‬درهم‪.‬‬
‫القانون رقم ‪ 72.73‬املحدث بموجبه‬
‫‪ - 54‬بخصوص الاختصاص النوعي للمحاكم إلادارية‪ ،‬انظر املواد ‪ 2‬و‪ 9‬ومن ‪ 71‬إلى ‪ 11‬من‬
‫محاكم إدارية الصادر ألامر بتنفيذه بمقتض ى الظهير الشريف رقم ‪ 2-72-111‬بتاريخ ‪ 11‬من ربيع ألاول ‪ 23( 2727‬شتنبر ‪ )2770‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 7114‬بتاريخ ‪21‬‬
‫؛‬ ‫‪،‬‬
‫جمادى ألاولى ‪ 0( 2727‬نوفمبر ‪ )2770‬ص ‪.1251‬‬

‫‪26‬‬
‫كما تختص املحاكم الابتدائية بالنظر في القضايا وفقا لقاعدة النصاب وذلك وفقا ملا‬
‫ورد في الفصل ‪ 09‬املعدل من قانون املسطرة املدنية الذي جاء فيه‪ " :‬تختص املحاكم‬
‫الابتدائية بالنظر‪:55‬‬
‫‪ -‬ابتدائيا‪ ،‬مع حفظ حق الاستئناف أمام غرف الاستئنافات باملحاكم الابتدائية‪ ،‬إلى‬
‫غاية عشرين ألف درهم (‪ 20.000‬درهم)؛‬
‫‪ -‬وابتدائيا‪ ،‬مع حفظ حق الاستئناف أمام املحاكم الاستئنافية‪ ،‬في جميع الطلبات‬
‫التي تتجاوز عشرين ألف درهم (‪ 20.000‬درهم)؛‬
‫‪ -‬يبت ابتدائيا طبقا ألحكام الفصل ‪ 12‬أعاله‪ ،56‬مع حفظ حق الاستئناف أمام‬
‫املحاكم الاستئنافية"‪.‬‬
‫فمن خالل هذا الفصل املعدل ثم إعادة النظر في الاختصاص القيمي‪ ،‬فبعدما كانت‬
‫املحاكم الابتدائية تبت ابتدائيا وانتهائيا إلى غاية ثالثة آالف درهم ( ‪ 1111‬درهم)‪ ،‬فإنها‬
‫حاليا تبت في الغالب ألاعم في القضايا ابتدائيا مع حفظ حق الاستئناف‪ ،‬فقط أن الجهة‬
‫التي تنظر في الاستئناف تختلف بحسب مبلغ النزاع‪ ،‬فإن كان أقل من عشرين ألف درهم‬
‫(‪ 71111‬درهم) عاد الاختصاص إلى غرف الاستئنافات‪ ،‬وهي درجة جديدة للتقاض ي أحدثها‬
‫املشرع سنة ‪ ،7100‬بحيث أضحى بمتناول املتقاض ي أن يستأنف ألاحكام الصادرة عن‬
‫املحاكم الابتدائية أمام نفس هذه املحاكم مشكلة في إطار الغرف الاستئنافية كدرجة ثانية‬
‫‪57‬‬
‫من درجات التقاض ي‪.‬‬
‫كما تختص املحاكم الابتدائية بالنظر في القضايا بموجب قانون املسطرة الجنائية‪،‬‬
‫ويتعلق ألامر بالنظر في بعض الجنح واملخالفات وهذا ما أكدته املادة ‪ 717‬من قانون‬
‫املسطرة الجنائية التي جاء فيها‪ " :‬تختص املحاكم الابتدائية بالنظر في الجنح واملخالفات‪".‬‬
‫‪ - 2‬أقسام قضاء القرب‬
‫إن الحديث عن أقسام قضاء القرب يتطلب منا تحديد تنظيمها واملسطرة املطبقة أمامها‪.‬‬

‫‪ - 55‬تم تغيير وتتميم الفصل ‪ 27‬أعاله بموجب القانون رقم ‪ ،01.23‬سالف الذكر‪.‬‬

‫‪ - 56‬ينص الفصل ‪ 07‬من قانون املسطرة املدنية على أنه‪ " :‬يبت ابتدائيا إذا كانت قيمة موضوع النزاع غير محددة‪.‬‬
‫‪ - 57‬عبد الكريم الطالب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.001‬‬

‫‪27‬‬
‫أ ‪ -‬تنظيم قضاء القرب‬
‫عمال بالظهير الشريف رقم ‪ 0.00.010‬الصادر في ‪ 03‬غشت ‪ 7100‬بتنفيذ القانون رقم‬
‫‪ ، 17.01‬أحدث املشرع املغربي قضاء يدعى بقضاء القرب بدوائر نفوذ املحاكم الابتدائية‪،‬‬
‫ووزع اختصاصه الترابي على الجماعات املحلية الواقعة بدائرتها الترابية‪ ،‬وتلك الواقعة‬
‫بالدائرة الترابية ملراكز القضاة املقيمين‪ ،‬وبتعبير آخر فإن قضاء القرب يشمل على أقسام‬
‫بكل من املحاكم الابتدائية ومراكز القضاة املقيمين‪.58‬‬
‫وتتألف أقسام قضاء القرب من قاض أو أكثر و أعوان لكتابة الضبط‪ ،‬وتعقد‬
‫جلساتها بقاض منفرد وبمساعدة كاتب الضبط وبدون حضور النيابة العامة‪ ،‬كما يجوز‬
‫لقضاء القرب أن يعقد جلسات تنقلية بإحدى الجماعات الواقعة بدائرة النفوذ الترابي‬
‫‪59‬‬
‫لألقسام التابعة له‪ ،‬وذلك للنظر في القضايا التي تدخل في اختصاصه‪.‬‬
‫ب ‪ -‬المسطرة أمام قضاء القرب‬
‫تنص املادة السادسة‪ 60‬من القانون ‪ 17.01‬على أنه ‪" :‬تكون املسطرة أمام قسم قضاء‬
‫القرب شفوية‪ .‬وتكون مجانية ومعفاة من الرسوم القضائية بخصوص الطلبات املقدمة من‬
‫طرف ألاشخاص الذاتيين"‪.‬‬

‫‪ - 58‬تنص املادة ألاولى من القانون ‪ 17.01‬على أنه‪ " :‬يحدث قضاء للقرب بدوائر نفوذ املحاكم الابتدائية يوزع‬
‫اختصاصه الترابي على النحو التالي‪:‬‬
‫‪ -‬أقسام قضاء القرب باملحاكم الابتدائية؛ ويشمل اختصاصها الترابي الجماعات املحلية الواقعة بالدائرة الترابية‬
‫لهذه املحاكم؛‬
‫‪ -‬أقسام قضاء القرب بمراكز القضاة املقيمين؛ ويشمل اختصاصها الترابي الجماعات املحلية الواقعة بالدائرة الترابية‬
‫ملركز القاض ي املقيم"‪.‬‬
‫‪ - 59‬تنص املادة ‪ 7‬من القانون ‪ 17.01‬على أنه‪ " :‬تتألف أقسام قضاء القرب من قاض أو أكثر وأعوان لكتابة الضبط‬
‫أو الكتابة‪ .‬تعقد الجلسات بقاض منفرد بمساعدة كاتب للضبط‪ ،‬وبدون حضور النيابة العامة‪.‬‬
‫يمكن عقد جلسات تنقلية بإحدى الجماعات الواقعة بدائرة النفوذ الترابي لقسم قضاء القرب للنظر في القضايا التي‬
‫تدخل ضمن اختصاص قضاء القرب‪.‬‬
‫‪ -60‬تم تغيير أحكام املادة ‪ 5‬أعاله‪ ،‬بمقتض ى املادة الفريدة من القانون رقم ‪ 01.01‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف‬
‫رقم ‪ 0.01.05‬بتاريخ ‪ 79‬من ربيع آلاخر ‪ 09( 0115‬فبراير ‪)7101‬؛ الجريدة الرسمية عدد ‪ 5111‬بتاريخ ‪ 72‬جمادى‬
‫ألاولى ‪ 09( 0115‬مارس ‪ ،)7101‬ص ‪.0310‬‬

‫‪28‬‬
‫وتضيف املادة السابعة من نفس القانون على أنه‪ " :‬تكون جلسات أقسام قضاء‬
‫القرب علنية‪ ،‬وتصدر ألاحكام باسم جاللة امللك وطبقا للقانون‪ ،61‬وتضمن في سجل خاص‬
‫بذلك‪ ،‬كما تذيل بالصيغة التنفيذية‪.‬‬
‫يتعين النطق باألحكام وهي محررة‪ ،‬وتسلم نسخة منها إلى املعنيين بها داخل أجل‬
‫عشرة أيام املوالية لتاريخ النطق بها‪.‬‬
‫إذا صدر الحكم بحضور ألاطراف تم التنصيص على ذلك في محضر الجلسة‪ ،‬ويشعر‬
‫القاض ي ألاطراف بحقهم في طلب إلالغاء وفق الشروط وداخل آلاجال املنصوص عليها في‬
‫املادتين ‪ 2‬و ‪ 9‬بعده وال يعتبر ذلك بمثابة تبليغ إال إذا تم تسليم نسخة الحكم بالجلسة وتم‬
‫التوقيع على ذلك"‪.‬‬
‫فمن خالل هذين الفصلين يمكن القول أن من بين مميزات املسطرة أمام قضاء‬
‫القرب الشفوية ويعني ذلك أن ألاطراف غير ملزمين بتقديم وسائل دفاعهم ودفوعاتهم‬
‫بواسطة مقاالت مكتوبة‪ ،‬بل يكفي أن يترافعوا أمام قاض ي القرب ويدلوا بما يؤيد‬
‫ادعاءاتهم أو يفند مزاعم خصومهم‪ ،‬ومن مميزات املسطرة أيضا العلنية‪ ،‬بمعنى أن جلسات‬
‫قضاء القرب تتم بشكل علني‪.‬‬
‫ويضاف إلى ذلك املجانية والبساطة والسرعة‪ ،‬فحسب املادة ‪ 5‬أعاله فاملسطرة أمام‬
‫قضاء القرب معفاة من جميع الرسوم القضائية‪ ،‬وهذه خاصية مهمة جدا ألنها تسمح لكل‬
‫متضرر‪ ،‬ولكل ذي مصلحة بأن يلجأ إلى هذه ألاقسام للمطالبة بحقوقهم دون قيود مالية‪،‬‬
‫وتشمل هذه املجانية أتعاب الخبراء والتراجم‪ ،‬ومصاريف املعاينات والتنقل‪ ،‬إذا كان‬
‫ضروريا‪ ،‬وقد نص على البعض من هذه املصاريف الفصول من ‪ 075‬إلى ‪ 079‬من قانون‬
‫املسطرة املدنية‪.62‬‬

‫‪ -61‬تم تغيير وتتميم املادة ‪ 7‬أعاله‪ ،‬بمقتض ى املادة الفريدة من القانون رقم ‪ 19.07‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف‬
‫رقم ‪ 0.07.70‬بتاريخ ‪ 01‬من رمضان ‪ 7( 0111‬أغسطس ‪)7107‬؛ الجريدة الرسمية عدد ‪ 5132‬بتاريخ ‪ 00‬شوال ‪0111‬‬
‫(‪ 11‬أغسطس ‪ ،)7107‬ص ‪.1517‬‬

‫‪ - 62‬عبد الكريم الطالب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬

‫‪29‬‬
‫كما أن انعقاد جلسات قضاء القرب بقاض منفرد ومساعدة كاتب الضبط وبدون‬
‫حضور النيابة العامة‪ ،‬يعتبر مظهرا من مظاهر تحقيق البساطة والسرعة‪ ،‬إذ عادة ما تكون‬
‫القضايا التي تبت فيها املحاكم بقاض منفرد بسيطة وال تحتاج إلى إجراءات معقدة‪ ،‬كما أن‬
‫هذا ألامر يساعد على السرعة في البت في هذه القضايا وتنفيذها أيضا‪ ،‬بل أكثر من ذلك‬
‫فاملشرع وخالفا للشكليات الدقيقة والبيانات إلالزامية التي فرضها بالنسبة لألحكام‬
‫الصادرة عن املحاكم ألاخرى لم يستوجب إال صدورها باسم جاللة امللك وطبقا للقانون‬
‫وتذييلها بالصيغة التنفيذية‪ ،‬وهذا يؤكد خاصية البساطة والسرعة التي تتميز بها أحكام‬
‫أقسام قضاء القرب‪.‬‬
‫كما أنه وفقا للمادة ‪ 7‬من قانون قضاء القرب‪ ،‬يمكن عقد جلسات تنقلية بإحدى‬
‫الجماعات الواقعة بدائرة النفوذ الترابي لقسم قضاء القرب‪ ،‬مما يشكل تجسيدا ملبدأ‬
‫تقريب القضاء من املواطن خاصة بالنسبة للمناطق القروية‪.‬‬
‫ونشير في ألاخير أن القواعد املتعلقة باملسطرة هي املحددة في القانون ‪ 17.01‬ما لم‬
‫ينص قانون خاص على خالف ذلك‪ ،‬كما تطبق مقتضيات قانون املسطرة املدنية وقانون‬
‫‪63‬‬
‫املسطرة الجنائية ما عدا إذا كانت مخالفة ألحكام هذا القانون‪.‬‬
‫ج ‪ -‬اختصاصات قضاء القرب‬
‫تتوزع اختصاصات قضاء القرب بين النظر في القضايا املدنية من جهة وبين النظر في‬
‫املخالفات من جهة أخرى‪.‬‬
‫فمن حيث اختصاص النظر في القضايا املدنية‪ ،‬نجد أن قاض ي القرب يختص بالنظر في‬
‫الدعاوى الشخصية واملنقولة التي ال تتجاوز قيمتها خمسة آالف درهم (‪ 1111‬درهم)‪ ،‬باستثناء‬
‫النزاعات املتعلقة بمدونة ألاسرة والعقار والقضايا الاجتماعية وإلافراغات وفقا ملا جاء في الفقرة‬
‫الرابعة من الفصل ‪ 7‬من قانون املسطرة املدنية والفقرة ألاولى من املادة ‪ 01‬من القانون رقم‬
‫‪64‬‬
‫‪ 17.01‬املتعلق بتنظيم قضاء القرب وتحديد اختصاصاته‪.‬‬

‫‪ - 63‬تنص املادة ‪ 1‬من القانون رقم ‪ 17.01‬على أنه‪ " :‬إن القواعد املتعلقة باالختصاص واملسطرة املطبقة في القضايا‬
‫املدنية والجنائية أمام أقسام قضاء القرب‪ ،‬هي املحددة بمقتض ى هذا القانون ما لم ينص قانون خاص على خالف‬
‫ذلك‪ ،‬كما تطبق مقتضيات قانون املسطرة املدنية وقانون املسطرة الجنائية ما لم تكن مخالفة ألحكام هذا القانون"‪.‬‬
‫‪ - 64‬تنص الفقرة الرابعة من الفصل الثاني على أنه‪ " :‬تنظر أقسام قضاء القرب في الدعاوي الشخصية واملنقولة التي‬
‫ال تتجاوز قيمتها خمسة آالف درهم باستثناء النزاعات املتعلقة بمدونة ألاسرة والعقار والقضايا الاجتماعية‬
‫‪30‬‬
‫أما من حيث اختصاص النظر في املخالفات‪ ،‬يختص قضاء القرب بالبت في املخالفات‬
‫التي يرتكبها فقط الرشداء دون غيرهم‪ ،‬واملنصوص عليها وعلى عقوبتها في املواد من ‪ 01‬إلى‬
‫‪ 02‬من القانون رقم ‪ ،17.01‬وهي عقوبات تختلف باختالف الجرائم املرتكبة‪ ،‬لكنها تنحصر‬
‫عموما في الحكم بغرامة تتراوح ما بين ‪ 711‬و ‪ 111‬درهم أو الحكم بغرامة تتراوح بين ‪ 111‬و‬
‫‪ 311‬درهم‪ ،‬أو الحكم بغرامة من ‪ 111‬إلى ‪ 0111‬درهم‪ ،‬أو الحكم بغرامة تتراوح بين ‪ 211‬إلى‬
‫‪65‬‬
‫‪0711‬درهم‪.‬‬
‫وتجدر إلاشارة أن قضاء القرب ال ينعقد اختصاصه املحلي بالنسبة للمخالفات إال إذا‬
‫ارتكبت داخل الدائرة التي يشملها اختصاصه الترابي أو التي يقيد بها املقترف وذلك حسب‬
‫املادة ‪ 01‬من القانون ‪ 17.01‬التي جاء فيها‪ " :‬يختص قاض ي القرب بالبت في املخالفات‬
‫املرتكبة من طرف الرشداء املنصوص عليها في املواد املوالية‪ ،‬ما لم يكن لها وصف أشد إذا‬
‫ارتكبت داخل الدائرة التي يشملها اختصاصها الترابي أو التي يقيم بها املقترف"‪.‬‬
‫‪ - 3‬اختصاص رئيس المحكمة االبتدائية‬
‫يتعلق ألامر باختصاص رئيس املحكمة الابتدائية بإلغاء بعض أحكام قضاء القرب‪،‬‬
‫وكذا بالبت في القضايا املستعجلة‪ ،‬وفي مقاالت ألامر باألداء‪ ،‬وفي ألاوامر املبنية على الطلب‬
‫واملعاينات‪.‬‬
‫أ – اختصاص رئيس المحكمة االبتدائية بإلغاء أحكام قضاء القرب‬
‫يختص رئيس املحكمة الابتدائية طبقا للمادة ‪ 9‬من القانون ‪ 17.01‬بالنظر في طلبات‬
‫إلغاء أحكام قضاء القرب في إحدى الحاالت التالية‪:‬‬
‫‪ -‬إذا لم يحترم قاض ي القرب اختصاصه النوعي أو القيمي؛‬

‫وإلافراغات‪ .‬كما تنظر أيضا في املخالفات املنصوص عليها في القانون املتعلق بتنظيم قضاء القرب وتحديد‬
‫اختصاصاته"‪.‬‬
‫تنص الفقرة ألاولى من املادة ‪ 01‬على أنه‪ " :‬يختص قاض ي القرب بالنظر في الدعاوى الشخصية واملنقولة التي ال‬
‫تتجاوز قيمتها خمسة آالف درهم‪ ،‬وال يختص في النزاعات املتعلقة بمدونة ألاسرة والعقار والقضايا الاجتماعية‬
‫وإلافراغات"‪.‬‬
‫‪ - 65‬أنظر الفصول من ‪ 01‬إلى ‪ 02‬من القانون ‪.17.01‬‬

‫‪31‬‬
‫‪ -‬إذا لم يجر قاض ي القرب محاولة الصلح املنصوص عليها في املادة ‪6607‬؛‬
‫‪ -‬إذا بت فيما لم يطلب منه‪ ،‬أو حكم بأكثر مما طلب‪ ،‬أو أغفل البت في أحد‬
‫الطلبات؛‬
‫‪ -‬إذا بت رغم أن أحد ألاطراف قد جرحه عن حق؛‬
‫‪ -‬إذا بت دون أن يتحقق مسبقا من هوية ألاطراف؛‬
‫‪ -‬إذا حكم على املدعى عليه أو املتهم دون أن تكون له الحجة على أنه توصل بالتبليغ‬
‫أو الاستدعاء؛‬
‫‪ -‬إذا وجد تناقض بين أجزاء الحكم؛‬
‫‪ -‬إذا وقع تدليس أثناء تحقيق الدعوى‪.‬‬
‫ويبت رئيس املحكمة الابتدائية في الطلب داخل أجل خمسة عشر يوما من تاريخ‬
‫إيداعه‪ ،‬في غيبة ألاطراف‪ ،‬ما لم ير ضرورة استدعاء أحدهم لتقديم إيضاحات‪ ،‬وفي جميع‬
‫الحاالت يبت داخل أجل الشهر‪ ،‬وال يقبل هذا الحكم أي طعن‪.‬‬
‫ب‪ -‬اختصاص رئيس المحكمة االبتدائية بالبت في القضايا المستعجلة‬
‫يقصد بقضاء ألامور املستعجلة هو الفصل في املنازعات التي يخش ى عليها من فوات‬
‫الوقت فصال مؤقتا ال يمس أصل الحق‪ ،‬وإنما يقتصر على الحكم باتخاذ إجراء وقتي ملزم‬
‫للطرفين بقصد املحافظة على ألاوضاع القائمة أو احترام الحقوق الظاهرة أو صيانة‬
‫مصالح الطرفين املتنازعين‪.67‬‬
‫وقد نظم املشرع املغربي قضاء ألامور املستعجلة في الفصول من ‪ 019‬إلى ‪ 011‬من‬
‫قانون املسطرة املدنية مشيرا إلى مختلف القواعد التي تنظمه ومبرزا شروطه والجهة‬
‫املختصة بالبت في ألاوامر الاستعجالية‪.‬‬

‫‪ - 66‬تنص املادة ‪ 07‬من القانون ‪ 17.01‬على أنه‪ " :‬يقوم قاض ي القرب وجوبا‪ ،‬قبل مناقشة الدعوى‪ ،‬بمحاولة للصلح‬
‫بين الطرفين‪ .‬فإذا تم الصلح بينهما‪ ،‬حرر بذلك محضرا وتم إلاشهاد به من طرفه"‪.‬‬
‫‪ - 67‬عبد الباسط جميعي‪ ،‬نظرية الاختصاص في قانون املرافعات الجديد وتعديالته‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص‬
‫‪.071‬‬

‫‪32‬‬
‫ولقيام قضايا ألامور املستعجلة وانعقاد الاختصاص لرئيس املحكمة الابتدائية ينبغي‬
‫توافر شرطين أساسين‪ ،‬ألاول يتمثل في عنصر الاستعجال وهو الخطر الحقيقي املحدق‬
‫بالحق املراد املحافظة عليه والذي يلزم درؤه عنه بسرعة ال تكون عادة في التقاض ي العادي‬
‫ولو قصرت مواعيده‪ ،68‬أما الشرط الثاني هو عدم املساس بجوهر الحق أو ما يمس باملركز‬
‫القانوني للخصوم‪ ،‬كأن يقض ي في أصل الحقوق والالتزامات والاتفاقات التي تتم بين‬
‫ألاطراف أو بالسبب القانوني املحدد لحقوق والتزامات ألاطراف بعضهم تجاه البعض‬
‫‪69‬‬
‫آلاخر‪.‬‬
‫ج‪ -‬اختصاص رئيس المحكمة االبتدائية بالبت في األمر باألداء‬
‫خصص املشرع املغربي الفصول من ‪ 011‬إلى ‪ 051‬من قانون املسطرة املدنية ملسطرة‬
‫ألامر باألداء‪ ،‬وهي مسطرة من نوع خاص يجوز بمقتضاها للدائن أن يستصدر من القضاء ‪-‬‬
‫رئيس املحكمة الابتدائية‪ -‬في غيبة مدينه أمرا بأداء دينه بشروط محددة في قانون املسطرة‬
‫املدنية‪ 70.‬وتهدف هذه املسطرة إلى اختصار إجراءات الدعوى وتبسيطها للدائنين الثابتة‬
‫ديونهم بموجب ورقة تجارية أو سند رسمي أو اعتراف بدين ووفق الشروط املوضوعية‬
‫‪71‬‬
‫والشكلية التي حددها قانون املسطرة املدنية في الفصول من ‪ 011‬إلى ‪.013‬‬

‫‪ - 68‬عبد اللطيف هداية هللا‪ ،‬القضاء املستعجل في القانون املغربي‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة‬
‫ألاولى‪ ،0922 ،‬ص ‪.07‬‬
‫‪ - 69‬عبد الواحد الجراري‪ ،‬تعقيب على رد اتجاهات في العمل القضائي الاستعجالي للرئيس ألاول‪ ،‬محلة امللحق‬
‫القضائي‪ ،‬العدد ‪ ،05‬أبريل ‪ ،0925‬ص ‪.13‬‬
‫‪ - 70‬عبد العزيز حضري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.23‬‬
‫‪ - 71‬ينص الفصل ‪ 011‬من قانون املسطرة املدنية على أنه‪ " :‬يمكن إجراء مسطرة ألامر باألداء بشأن كل طلب تأدية‬
‫مبلغ مالي يتجاوز خمسة آالف درهم (‪ 1111‬درهم) مستحق بموجب ورقة تجارية أو سند رسمي أو اعتراف بدين" ‪.‬‬
‫ينص الفصل ‪ 015‬على أنه‪" :‬يرفع مقال ألامر باألداء إلى املحكمة الابتدائية التي يوجد بدائرة نفوذها موطن أو إقامة‬
‫الطرف املدين‪ ،‬طبقا للشروط املشار إليها في القسم الثالث أعاله‪.‬‬
‫يجب أن يتضمن املقال الاسم العائلي والشخص ي ومهنة وموطن أو محل إقامة ألاطراف‪ ،‬وإذا كان أحد ألاطراف‬
‫شركة وجب أن يتضمن املقال اسمها ونوعها ومركزها‪ ،‬مع البيان الدقيق للمبلغ املطلوب وموجب الطلب‪.‬‬
‫يجب أن يعزز هذا املقال بأصل السند الذي يثبت أساس الدين وصورة أو صور طبق ألاصل عنه بعدد املدينين"‪.‬‬
‫ينص الفصل ‪ 013‬على أنه‪" :‬ال يقبل الطلب إذا كان من الواجب تبليغه بالخارج أو إذا لم يكن للمدين موطن معروف‬
‫بتراب اململكة"‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫فرئيس املحكمة الابتدائية هو املختص في البت في مقاالت ألامر باألداء وهذا ما أكده‬
‫الفصل ‪ 012‬من قانون املسطرة املدنية الذي جاء فيه‪" :‬يختص رئيس املحكمة الابتدائية أو‬
‫من ينوب عنه بالبت في مقاالت ألامر باألداء‪.72‬‬
‫إذا ظهر لرئيس املحكمة أن الدين ثابت ومستحق ألاداء‪ ،‬إما جزئيا أو كليا‪ ،‬أصدر أمرا‬
‫بقبول الطلب قاضيا على املدين بأداء أصل الدين واملصاريف والفوائد عند الاقتضاء‪.‬‬
‫إذا ظهر خالف ذلك‪ ،‬أصدر الرئيس أمرا معلال برفض الطلب‪.‬‬
‫ال يقبل ألامر بالرفض أي طعن‪.‬‬
‫يبقى للطالب‪ ،‬في حالة رفض الطلب أو قبوله جزئيا‪ ،‬الحق في اللجوء إلى املحكمة‬
‫املختصة وفق إلاجراءات العادية"‪.‬‬
‫وتمتاز مسطرة ألامر باألداء بكونها مجرد رخصة أو امتياز للدائن‪ ،‬إن شاء استعملها‪،‬‬
‫وإال فيمكنه اللجوء إلى إلاجراءات العادية‪ ،‬كما تتميز بالبساطة في إجراءاتها‪ ،‬حيث تصدر‬
‫أوامرها بدون مرافعة‪ ،‬ودون حضور ألاطراف وال حتى كاتب الضبط‪.‬‬
‫د ‪ -‬اختصاص رئيس المحكمة االبتدائية بالبت في األوامر المبنية على طلب‬
‫والمعاينات‬
‫تعتبر ألاوامر املبنية على طلب الصورة العادية التي يمارس فيها رئيس املحكمة‬
‫الابتدائية جزءا من اختصاصه الوالئي املخول له بمقتض ى النص العام الوارد في الفصل‬
‫‪73‬‬
‫‪ 012‬من قانون املسطرة املدنية أو بنصوص أخرى خاصة ومتفرقة في نفس القانون‪.‬‬

‫املادة ‪ 11‬من القانون رقم ‪ 10.71‬القاض ي بإحداث محاكم تجارية على أنه‪" :‬يختص رئيس املحكمة التجارية بالنظر في طلب ألامر باألداء الذي تتجاوز قيمته‬
‫‪ - 72‬تنص‬
‫‪ 13.333‬درهم واملبني على ألاوراق التجارية والسندات الرسمية‪ ،‬تطبيقا ألحكام الباب الثالث من القسم الرابع من قانون املسطرة املدنية‪"...‬‬

‫‪ - 73‬ينص الفصل ‪ 012‬من قانون املسطرة املدنية على أنه‪ " :‬يختص رؤساء املحاكم الابتدائية وحدهم بالبت في كل‬
‫مقال يستهدف الحصول على أمر بإثبات حال أو توجيه إنذار أو أي إجراء مستعجل في أية مادة لم يرد بشأنها نص‬
‫خاص وال يضر بحقوق ألاطراف‪ .‬ويصدرون ألامر في غيبة ألاطراف دون حضور كاتب الضبط بشرط الرجوع إليهم في‬
‫حالة وجود أية صعوبة‪.‬‬
‫يكون ألامر في حالة الرفض قابال لالستيناف داخل خمسة عشر يوما من يوم النطق به عدا إذا تعلق ألامر بإثبات حال‬
‫أو توجيه إنذار‪ .‬ويرفع هذا الاستيناف أمام محكمة الاستيناف‪.‬‬
‫إذا عاق الرئيس مانع ناب عنه أقدم القضاة‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫وقد مثل املشرع املغربي لحاالت ألاوامر املبنية على طلب بدعوى إثبات حال‪ ،‬أو توجيه‬
‫إنذار تاركا للرئيس إمكانية التدخل خارج إطارهما كلما توفرت حالة الاستعجال‪ ،‬وبشرط‬
‫عدم املساس بحقوق الغير‪.‬‬
‫وخاصية هذه ألاوامر أن رئيس املحكمة الابتدائية يصدرها بطلب من أحد ألاطراف في‬
‫غياب خصمه ودون حضور كاتب الضبط‪.‬‬
‫‪ - 4‬اختصاصات المحاكم االبتدائية كمرجع استئنافي‬
‫أحدث املشرع املغربي بمقتض ى الفقرة ألاخيرة من الفصل الثاني من ظهير التنظيم‬
‫القضائي غرف لالستئنافات باملحاكم الابتدائية حيث جاء في هذه الفقرة على أنه‪ " :‬تحدث‬
‫باملحاكم الابتدائية‪ ،‬بما فيها املصنفة‪ ،‬غرف تسمى غرف الاستينافات تختص بالنظر في‬
‫بعض الاستينافات املرفوعة ضد ألاحكام الصادرة عنها ابتدائيا"‪.‬‬
‫وهكذا أصبحت املحاكم الابتدائية تتمتع باختصاص استئنافي تنظر فيه غرف‬
‫الاستئنافات لدى نفس املحكمة في ألاحكام الابتدائية إلى غاية عشرين ألف درهم (‪71111‬‬
‫‪74‬‬
‫درهم)‪.‬‬
‫كما تختص غرف الاستئناف لدى املحاكم الابتدائية في النظر في استئناف ألاحكام‬
‫الزجرية الصادرة عن املحاكم الابتدائية وفقا ملا ورد في الفقرة ألاخيرة من املادة ‪ 711‬من‬
‫قانون املسطرة الجنائية التي جاء فيها‪" :‬استثناء من أحكام الفقرة ألاولى تختص غرفة‬
‫الاستئنافات باملحكمة الابتدائية بالنظر في الاستئنافات املرفوعة ضد ألاحكام الصادرة‬
‫ابتدائيا عن املحاكم الابتدائية في قضايا املخالفات املشار إليها في املادة ‪ 195‬بعده‪ ،‬وفي‬

‫يقوم عون كتابة الضبط املكلف بإنذار أو بإثبات حالة بتحرير محضر يثبت فيه باختصار أقوال ومالحظات املدعى‬
‫عليه الاحتمالي أو ممثله ويمكن تبليغ هذا املحضر بناء على طلب الطرف امللتمس لإلجراء إلى كل من يعنيه ألامر‪،‬‬
‫ولهذا ألاخير أن يطلب في جميع ألاحوال نسخة من املحضر‪.‬‬
‫إذا لم يكن القيام باملعاينة املطلوبة مفيدا إال بواسطة رجل فني أمكن للقاض ي تعيين خبير للقيام بذلك"‪.‬‬
‫‪ - 74‬تنص الفقرة ألاخيرة من الفصل ‪ 71‬من قانون املسطرة املدنية على أنه‪ " :‬استثناء من أحكام الفقرة السابقة‬
‫تختص غرفة الاستينافات باملحكمة الابتدائية بالنظر في الاستينافات املرفوعة ضد ألاحكام الصادرة ابتدائيا عن‬
‫املحاكم الابتدائية في إطار البند ألاول من الفصل ‪ 19‬أعاله"‬
‫تنص الفقرة ألاولى من الفصل ‪ 09‬من قانون املسطرة املدنية على أنه‪ " :‬ابتدائيا‪ ،‬مع حفظ حق الاستيناف أمام غرف‬
‫الاستينافات باملحاكم الابتدائية‪ ،‬إلى غاية عشرين ألف درهم (‪ 20.000‬درهم)"‬

‫‪35‬‬
‫القضايا الجنحية التي ال تتجاوز عقوبتها سنتين حبسا وغرامة أو إحدى هاتين العقوبتين‬
‫فقط"‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬االختصاص المحلي للمحاكم االبتدائية‬


‫كقاعدة عامة ساقها املشرع في الفصل ‪ 73‬من قانون املسطرة املدنية‪ ،‬فإن‬
‫الاختصاص املحلي يكون ملحكمة املوطن الحقيقي‪ 75‬أو املختار‪ 76‬للمدعى عليه‪ ،‬وإذا لم يكن‬
‫لهذا ألاخير موطن في املغرب‪ ،‬ولكن يتوفر على محل إقامة‪ ،77‬كان الاختصاص ملحكمة هذه‬
‫املحل‪.‬‬
‫وإذا لم يكن له ال موطن وال محل إقامة به‪ ،‬فيمكن تقديم الدعوى ضده أمام‬
‫محكمة موطن أو إقامة املدعي أو واحد منهم عند تعددهم‪ ،‬وإذا تعدد املدعى عليهم‪ ،‬جاز‬
‫للمدعي أن يختار محكمة موطن أو محل إقامة أي واحد منهم‪.‬‬
‫وقد أورد املشرع العديد من الاستثناءات على القاعدة املذكورة وذلك في الفصول من‬
‫‪ 72‬إلى ‪ 11‬من قانون املسطرة املدنية‪ ،‬نذكر من ذلك أن الاختصاص يعود ملحكمة موقع‬
‫العقار في الدعاوى العقارية‪ ،‬وأنه يرجع ملحكمة موطن أو محل إقامة املدعى عليه أو موطن‬
‫‪78‬‬
‫أو محل إقامة املدعي باختيار هذا ألاخير متى تعلق ألامر بدعوى النفقة‪.‬‬

‫‪ - 75‬املوطن الحقيقي هو مكان إقامة الشخص بصفة معتادة ومستقرة‪ ،‬دون أن يعني هذا الاستقرار استمرار إلاقامة‬
‫في ذلك املكان بل يجوز أن تتخللها فترة غيبة كثيرة أو قليلة‪ .‬وقد عرفة املشرع املغربي في الفصل ‪ 109‬من قانون‬
‫املسطرة املدنية بأنه محل سكن الشخص العادي ومركز أعماله ومصالحه‪.‬‬
‫أنظر‪ :‬ادريس العلوي العبدالوي‪ ،‬أصول القانون‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬نظرية الحق‪ ،‬مطابع قدموس الجديدة‪ ،‬الطبعة‬
‫ألاولى‪ ،0937 ،‬ص ‪.712‬‬
‫‪ - 76‬املوطن املختار هو املكان الذي يختاره الشخص لتنفيذ عمل قانوني معين سواء كان ذلك الاختيار بناء على عقد‬
‫يبرمه مع شخص آخر‪ ،‬أو تم بإرادته املنفردة‪ ،‬كأن يختار مكتب محاميه موطنا له‪.‬‬
‫‪ - 77‬عرف الفصل ‪ 171‬من قانون املسطرة املدنية محل إلاقامة بكونه املحل الذي يوجد به الشخص فعال وقت‬
‫معين‪.‬‬
‫‪ - 78‬ينص الفصل ‪ 72‬من قانون املسطرة املدنية على أنه‪" :‬تقام الدعاوى خالفا ملقتضيات الفصل السابق أمام‬
‫املحاكم التالية‪:‬‬
‫‪ -‬في الدعاوى العقارية تعلق ألامر بدعوى الاستحقاق أو الحيازة‪ ،‬أمام محكمة موقع العقار املتنازع فيه؛‬
‫‪ -‬في الدعاوى املختلطة املتعلقة في آن واحد بنزاع في حق شخص ي أو عيني‪ ،‬أمام محكمة املوقع أو محكمة موطن أو‬
‫إقامة املدعى عليه؛‬

‫‪36‬‬
‫‪ -‬في دعاوى النفقة أمام محكمة موطن أو محل إقامة املدعى عليه أو موطن أو محل إقامة املدعي باختيار هذا ألاخير؛‬
‫‪ -‬في دعاوى تقديم عالجات طبية أو مواد غذائية‪ ،‬أمام محكمة املحل الذي قدمت به العالجات أو املواد الغذائية؛‬
‫‪ -‬في دعاوى التعويض‪ ،‬أمام محكمة املحل الذي وقع فيه الفعل املسبب للضرر أو أمام محكمة موطن املدعى عليه‬
‫باختيار املدعي؛‬
‫‪ -‬في دعاوى التجهيز وألاشغال والكراء وإجارة الخدمة أو العمل أمام محكمة محل التعاقد أو تنفيذ العقد إذا كان هو‬
‫موطن أحد ألاطراف وإال فأمام محكمة موطن املدعى عليه؛‬
‫‪ -‬في دعاوى ألاشغال العمومية‪ ،‬أمام محكمة املكان الذي نفذت فيه تلك ألاشغال؛‬
‫‪ -‬في دعاوى العقود التي توجد الدولة أو جماعة عمومية أخرى طرفا فيها‪ ،‬أمام محكمة املحل الذي وقع العقد فيه؛‬
‫‪ -‬في دعاوى النزاعات املتعلقة باملراسالت وألاشياء املضمونة وإلارساليات املصرح بقيمتها والطرود البريدية‪ ،‬أمام‬
‫محكمة موطن املرسل أو موطن املرسل إليه باختيار الطرف الذي بادر برفع الدعوى؛‬
‫‪ -‬في دعاوى الضرائب املباشرة والضرائب البلدية‪ ،‬أمام محكمة املكان الذي تجب فيه تأدية الضريبة‪.‬‬
‫‪ -‬في دعاوى التركات‪ ،‬أمام محكمة محل افتتاح التركة‪.‬‬
‫‪ -‬في دعاوى انعدام ألاهلية‪ ،‬والترشيد‪ ،‬والتحجير‪ ،‬وعزل الوص ي أو املقدم‪ ،‬أمام محكمة محل افتتاح التركة أو أمام‬
‫محكمة موطن أوالئك الذين تقرر انعدام أهليتهم باختيار هؤالء أو ممثلهم القانوني؛ وإذا لم يكن لهم موطن في‬
‫املغرب‪ ،‬فأمام محكمة موطن املدعى عليه‪.‬‬
‫‪ -‬في دعاوى الشركات‪ ،‬أمام املحكمة التي يوجد في دائرتها املركز الاجتماعي للشركة‪.‬‬
‫‪ -‬في دعاوى التفلسة‪ ،‬أمام محكمة آخر موطن أو آخر محل إقامة للمفلس‪.‬‬
‫‪ -‬في جميع الدعاوى التجارية ألاخرى يمكن للمدعي أن يختار رفع الدعوى إلى محكمة موطن املدعى عليه أو إلى‬
‫املحكمة التي سيقع في دائرة نفوذها وجوب الوفاء‪.‬‬
‫‪ -‬في دعاوى التأمين وجميع الدعاوى املتعلقة بتحديد وتأدية التعويضات املستحقة‪ ،‬أمام محكمة موطن أو محل‬
‫إقامة املؤمن له‪ ،‬أو أمام محكمة املحل الذي وقع فيه الفعل املسبب للضرر عدا في قضايا العقار أو املنقول بطبيعته‬
‫فإن الاختصاص ال يكون إال إلى محكمة املحل الذي توجد به ألاشياء املؤمنة‪.‬‬
‫يحدد الاختصاص املحلي في القضايا الاجتماعية كما يأتي‪:‬‬
‫‪ - 0‬في دعاوى عقود الشغل والتدريب املنهي‪ ،‬أمام محكمة موقع املؤسسة بالنسبة للعمل املنجز بها أو محكمة موقع‬
‫إبرام أو تنفيذ عقدة الشغل بالنسبة للعمل خارج املؤسسة؛‬
‫‪ - 7‬في دعاوى الضمان الاجتماعي‪ ،‬أمام محكمة موطن املدعى عليه؛‬
‫‪ - 1‬في دعاوى حوادث الشغل‪ ،‬أمام املحكمة التي وقعت الحادثة في دائرة نفوذها؛‬
‫غير أنه إذا وقعت الحادثة في دائرة نفوذ محكمة ليست هي محل إقامة الضحية جاز لهذا ألاخير أو لذوي حقوقه رفع‬
‫القضية أمام محكمة محل إقامتهم؛‬
‫‪ - 1‬في دعاوى ألامراض املهنية‪ ،‬أمام محل إقامة العامل أو ذوي حقوقه"‪.‬‬
‫ينص الفصل ‪ 79‬من قانون املسطرة املدنية على أنه ‪" :‬خالفا ملقتضيات الفقرة ألاخيرة من الفصل السابق فإن‬
‫املحكمة املختصة‪:‬‬
‫‪37‬‬
‫‪ -‬في دعاوى الضمان الاجتماعي‪ ،‬محكمة الدار البيضاء إذا كان موطن املؤمن له بالخارج‪.‬‬
‫‪ -‬في دعاوى حوادث الشغل‪ ،‬محكمة محل إقامة الضحية أو ذوي حقوقه عند الاقتضاء إذا وقعت الحادثة خارج‬
‫املغرب‪.‬‬
‫‪ -‬في دعاوى ألامراض املهنية‪ ،‬أمام محكمة املحل الذي وقع إيداع التصريح باملرض فيه عند الاقتضاء إذا كان موطن‬
‫العامل أو ذوي حقوقه بالخارج"‪.‬‬
‫ينص الفصل ‪ 11‬من قانون املسطرة املدنية على أنه‪ " :‬ترفع طلبات الضمان‪ ،‬وسائر الطلبات ألاخرى العارضة‪،‬‬
‫والتدخالت‪ ،‬والدعاوى املقابلة‪ ،‬أمام املحكمة املرفوع إليها الطلب ألاصلي عدا إذا ثبت بوضوح أن الطلب ألاول املقدم‬
‫أمامها لم يقصد به إال إبعاد املدعى عليه من محكمته العادية فعندئذ يحال املدعي على من له النظر"‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫وإلى جانب قواعد الاختصاص املحلي للمحاكم الابتدائية املحددة بمقتض ى قانون‬
‫املسطرة املدنية‪ ،‬حددت املادة ‪ 719‬من قانون املسطرة الجنائية الاختصاص املحلي لهذه‬
‫املحاكم عند نظرها في الجرائم من خالل منحها الاختصاص إلى املحكمة التي يقع في دائرة‬
‫نفوذها إما محل ارتكاب الجريمة‪ ،‬أو محل إقامة املتهم‪ ،‬أو محل إقامة أحد املساهمين أو‬
‫املشاركين معه في الجريمة‪ ،‬أو محل إلقاء القبض عليهم أو على أحدهم ولو كان القبض‬
‫مترتبا عن سبب آخر‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬المحاكم التجارية‬
‫يندرج إنشاء املحاكم التجارية ضمن سلسلة إلاصالحات التشريعية التي همت عالم‬
‫التجارة وألاعمال من بينها صدور مدونة التجارة وقوانين الشركات إلخ‪ ،...‬وفي هذا إلاطار‬
‫ومن أجل طمأنة املستثمرين لتقوية جو الثقة ثم إنشاء املحاكم التجارية بمقتض ى القانون‬
‫‪ 7911.91‬للفصل في املنازعات التجارية‪.‬‬
‫ويحكم املحاكم التجارية منطق املحاكم الابتدائية على مستوى التكوين وإلاجراءات‪،‬‬
‫وتخضع للقواعد املقررة في قانون املسطرة املدنية ما لم ينص قانون خالف ذلك‪.‬‬
‫وعليه سأحاول الحديث عن املحاكم التجارية من خالل تكوينها واملسطرة املتبعة بها‬
‫(الفقرة ألاولى) وكذا الاختصاصات التي تتمتع بها (الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬تكوين المحاكم التجارية ونظام الجلسات بها‬
‫سأخصص أوال للحديث عن تكوين املحاكم التجارية‪ ،‬على أن أتناول في ثانيا املسطرة‬
‫أمامها‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تكوين المحاكم التجارية‬


‫تتكون املحكمة التجارية‪ 80‬حسب املادة ‪ 7‬من قانون إحداث املحاكم التجارية الصادر‬
‫بتاريخ ‪ 07‬فبراير ‪ 0993‬التي جاء فيها‪ " :‬تتكون املحكمة التجارية من‪:‬‬

‫‪ - 79‬قانون رقم ‪ 11.91‬يقض ي بإحداث محاكم تجارية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 0.93.51‬صادر في ‪ 1‬شوال‬
‫‪ 0103‬املوافق ‪ 07‬فبراير ‪ ،0993‬املنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 1127‬بتاريخ ‪ 2‬محرم ‪01( 0102‬ماي‪،)0993‬‬
‫ص‪.0010‬‬
‫‪ - 80‬تم تحديد عدد املحاكم التجارية في ثمان محاكم تجارية (الرباط‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬فاس‪ ،‬مكناس‪ ،‬طنجة‪،‬‬
‫مراكش‪ ،‬أكادير و وجدة) كما تم تحديد مقارها ودوائر اختصاصها بموجب املرسوم رقم ‪ 7.93.330‬الصادر في ‪ 71‬من‬
‫‪39‬‬
‫‪ -‬رئيس ونواب للرئيس وقضاة؛‬
‫‪ -‬نيابة عامة تتكون من وكيل امللك ونائب أو عدة نواب؛‬
‫‪ -‬كتابة ضبط وكتابة للنيابة العامة‪.‬‬
‫يجوز أن تقسم املحكمة التجارية إلى عدة غرف بحسب طبيعة القضايا املعروضة‬
‫عليها؛ غير أنه يمكن لكل غرفة أن تبحث وتحكم في القضايا املعروضة على املحكمة‪.‬‬
‫يعين رئيس املحكمة التجارية باقتراح من الجمعية العمومية قاضيا مكلفا بمتابعة‬
‫إجراءات التنفيذ"‪.‬‬
‫‪81‬‬
‫وهكذا تتكون املحاكم التجارية من رئيس ونواب للرئيس وقضاة‪ ،‬ومن نيابة عامة‬
‫تتكون من وكيل امللك ونائب أو عدة نواب‪ ،‬ومن كتابة ضبط وكتابة للنيابة العامة‪ ،‬كما هو‬
‫الحال بالنسبة للمحاكم الابتدائية‪.‬‬
‫وإلى جانب هذه ألاجهزة نص املشرع على مؤسسة جديدة باملحاكم التجارية وهي‬
‫مؤسسة قاض للتنفيذ‪ 82‬الذي يعين من قبل رئيس املحكمة باقتراح من الجمعية العمومية‬
‫من أجل أن يتابع إجراءات التنفيذ‪ ،‬غير أن هذه املؤسسة ليس فعالة بالشكل الذي توخاه‬
‫املشرع بل إن أغلبية املحاكم ال تتوفر عليها‪.‬‬
‫ويمكن تقسيم املحكمة التجارية إلى عدة غرف بحسب طبيعة القضايا املعروضة‬
‫عليها‪ ،‬ويتم هذه التقسيم من طرف الجمعية العمومية‪ ،‬التي تتشكل من جميع القضاة‬
‫العاملين باملحكمة سواء كانوا قضاة حكم أو قضاة نيابة عامة‪ ،‬وذلك خالل النصف ألاول‬
‫من شهر دجنبر من كل سنة‪.‬‬
‫وعلى سبيل املثال فاملحكمة التجارية بالدار البيضاء قسمت إلى عدة غرف منها غرفة‬
‫امللكية الصناعية والتجارية‪ ،‬وغرفة الكراء التجاري‪ ،‬وغرفة صعوبات املقاولة‪ ،‬وغرفة‬

‫جمادى آلاخرة ‪ 72( 0102‬أكتوبر ‪ )0993‬بتحديد عدد املحاكم التجارية ومحاكم الاستئناف التجارية ومقارها ودوائر‬
‫اختصاصها؛ الجريدة الرسمية عدد ‪ 1117‬بتاريخ ‪ 1‬رجب ‪ 5( 0102‬نوفمبر‪ ،)0993‬ص ‪1091‬؛ كما تم تغييره وتتميمه‪.‬‬
‫‪ - 81‬عبد إلاله املستاري‪ ،‬دور النيابة العامة باملحاكم التجارية‪ ،‬املنتدى‪ ،‬العدد ألاول‪ ،‬أكتوبر ‪ ،0999‬ص ‪.092‬‬
‫‪ - 82‬املهدي شبو‪ ،‬حقيقة صالحيات القاض ي املتتبع إلجراءات التنفيذ في ضوء قانون املحاكم التجارية‪ ،‬إلاشعاع‪،‬‬
‫العدد ‪ ،09‬يونيو ‪ ،0999‬ص ‪.13‬‬

‫‪40‬‬
‫القضاء التجاري العادي‪ ،‬أما املحكمة التجارية بمراكش قسمت إلى غرفتين فقط‪ ،‬غرفة‬
‫خاصة بالقضايا التجارية العامة‪ ،‬وغرفة خاصة بصعوبات املقاولة‪.‬‬
‫وإضافة إلى ذلك تتضمن املحاكم التجارية جهاز آخر ال يقل أهمية وإن كان قانون‬
‫املحاكم التجارية لم ينص عليه‪ ،‬يتعلق ألامر بالقاض ي املنتدب في قضايا صعوبات املقاولة‪،‬‬
‫الذي يعين بموجب الحكم القاض ي بفتح مسطرة املعالجة تسوية كانت أم تصفية‪ ،83‬حيث‬
‫تنص املادة ‪ 513‬من مدونة التجارة على أنه‪" :‬تعين املحكمة في حكم فتح املسطرة القاض ي‬
‫املنتدب والسنديك"‪.‬‬
‫وتجدر إلاشارة وعلى خالف التشريع الفرنس ي الذي يأخذ بنظام انتخاب قضاة املحاكم‬
‫التجارية من بين التجار دون اشتراط التكوين القانوني لهم‪ ،‬فإن التشريع املغربي يأخذ‬
‫بنظام التعيين من بين القضاة النظاميين املتوفرين على الشواهد العلمية املالئمة‪،‬‬
‫والخاضعين للنظام ألاساس ي للقضاء‪ ،‬مع دعم تكوينهم باملعارف الاقتصادية والتجارية‬
‫‪84‬‬
‫وغيرها لجعلهم على إملام باملعطيات الاقتصادية والاجتماعية التي تحف باملقاولة‪.‬‬
‫وتجدر إلاشارة أن مشروع قانون التنظيم القضائي رقم ‪ 12.01‬استحدث أجهزة‬
‫جديدة لدى املحاكم التجارية ويتعلق ألامر بمكتب املحكمة‪ ،‬وكاتب عام للمحكمة والتي‬
‫سبق أن أشرنا إليها عند حديثنا عن املحاكم الابتدائية‪ ،‬إضافة إلى ذلك تضمن املشروع‬
‫تعديل على مستوى النيابة العامة‪ ،‬التي أصبحت ممثلة بنائب لوكيل امللك أو أكثر يعينهم‬
‫‪85‬‬
‫وكيل امللك لدى املحكمة الابتدائية التي توجد بدائرتها املحكمة الابتدائية التجارية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬المسطرة أمام المحاكم التجارية‬


‫بالرجوع إلى املواد ‪ 1‬و ‪ 01‬و ‪ 01‬و ‪ 05‬و ‪ 03‬من القانون رقم ‪ 11.91‬املتعلق بإحداث‬
‫املحاكم التجارية يتبين أن املسطرة أمام املحاكم التجارية تتميز بعدة مميزات منها‪:‬‬
‫‪ - 1‬القضاء الجماعي‬

‫‪ - 83‬املهدي شبو‪ ،‬مؤسسة القاض ي املنتدب في مساطر صعوبات املقاولة‪ ،‬سلسلة الدراسات القانونية املعاصرة‪،‬‬
‫املطبعة والوراقة الوطنية‪ ،‬مراكش‪ ،7115 ،‬ص ‪.32‬‬
‫‪ - 84‬فؤاد معالل‪ ،‬شرح القانون التجاري الجديد‪ ،‬دار آلافاق املغربية‪ ،‬الطبعة الرابعة‪ ،7107 ،‬ص ‪.12‬‬
‫‪ - 85‬املادة ‪ 12‬من مشروع قانون التنظيم القضائي رقم ‪.12.01‬‬
‫‪41‬‬
‫تنص املادة ‪ 4‬من قانون إحداث املحاكم التجارية على أنه‪" :‬تعقد املحاكم التجارية‬
‫ومحاكم الاستئناف التجارية جلساتها وتصدر أحكامها وهي متركبة من ثالثة قضاة من‬
‫بينهم رئيس‪ ،‬يساعدهم كاتب ضبط ما لم ينص القانون على خالف ذلك"‪.‬‬
‫فمن خالل هذه املادة يتبين أن املشرع املغربي أخذ بمبدأ القضاء الجماعي في املحاكم‬
‫التجارية‪ ،‬وذلك دون إيراد أي استثناء على ذلك كما فعل بالنسبة للمحاكم الابتدائية‪،‬‬
‫حيث تعقد املحاكم التجارية جلساتها وتصدر أحكامها بشكل جماعي وهي مكونة من ثالثة‬
‫قضاة من بينهم رئيس‪ ،‬يساعدهم كاتب الضبط‪ ،‬باستثناء القاض ي املنتدب الذي يعقد‬
‫جلساته في القضايا التي يختص بها في قضايا صعوبات املقاولة ويصدر أوامره فيها بشكل‬
‫منفرد بمساعدة كاتب الضبط‪.86‬‬
‫وبذلك يكون قانون املحاكم التجارية قد حسم ألامر ولم يترك أي مجال إلعمال‬
‫القضاء الفرد‪ ،‬وهذا ربما راجع إلى طبيعة القضايا التجارية املتشعبة واملعقدة مقارنة‬
‫‪87‬‬
‫بالقضايا املدنية التي يغلب عليها عموما الطابع البسيط‪.‬‬
‫‪ - 2‬المسطرة الكتابية‬
‫تنص الفقرة ألاولى من املادة ‪ 01‬من قانون إحداث املحاكم التجارية على أنه‪" :‬ترفع‬
‫الدعوى أمام املحكمة التجارية بمقال مكتوب يوقعه محام مسجل في هيئة من هيئـات‬
‫املحامين باملغرب‪."...‬‬
‫وعليه‪ ،‬ال يسوغ مطلقا تقديم الدعوى أمام املحاكم التجارية بواسطة تصريح شفوي‬
‫أو حتى بواسطة مقال موقع عليه من املعني باألمر‪ ،‬بل ال مناص من تقديمها في شكل مقال‬
‫مكتوب موقع عليه من طرف املحامي باعتباره املؤهل ملؤازرة وتمثيل ألاطراف أمام‬
‫‪88‬‬
‫القضاء‪.‬‬

‫‪ - 86‬محمد كرام‪ ،‬الوجيز في التنظيم القضائي املغربي‪ ،‬املطبعة والوراقة الوطنية‪ ،‬مراكش‪ ،‬الطبعة الثانية‪،7101 ،‬‬
‫ص ‪.001‬‬
‫‪ - 87‬عبد الكريم الطالب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.52‬‬
‫‪ - 88‬محمد املجذوبي إلادريس ي‪ ،‬املحاكم التجارية باملغرب‪ ،‬إشكالية التطبيق وآفاق التجربة‪ ،‬أطروحة لنيل دكتوراه‬
‫الدولة في الحقوق‪ ،‬كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪،7110-7110‬‬
‫ص ‪.111‬‬
‫‪42‬‬
‫‪ - 3‬االستدعاء بواسطة المفوض القضائي‬
‫تنص املادة ‪ 01‬من قانون إحداث املحاكم التجارية على أنه‪" :‬يوجـه الاستدعاء‬
‫بواسطة عون قضـائي وفقـا ألحكام القـانون رقم ‪ 10.21‬بإحـداث هيئة لألعوان القضائيين‬
‫وتنظيمها الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم‪ 0.21.111‬بتاريخ ‪ 30‬من صفر ‪71( 0110‬‬
‫ديسمبر ‪ 89)0921‬ما لم تقرر املحكمة توجيه الاستدعاء بالطرق املنصوص عليها في الفصول‬
‫‪ 13‬و‪ 12‬و‪ 19‬من قانون املسطرة املدنية"‪.‬‬
‫وهكذا ومن خالل هذه املادة يتضح أن املشرع عمد إلى إعطاء ألاولوية للتبليغ‬
‫بواسطة املفوضين القضائيين ما لم تقرر املحكمة توجيه الاستدعاء وفقا للطرق املنصوص‬
‫عليها في الفصول ‪ 13‬و ‪ 12‬و ‪ 19‬من قانون املسطرة املدنية‪ ،‬وذلك نظرا لتخصصهم في هذا‬
‫النوع من املهام‪ ،‬ولدقة املساطر أمام املحاكم التجارية ولآلثار الاقتصادية السلبية التي قد‬
‫تترتب على الخطأ في إجراءات التبليغ‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬اختصاصات المحاكم التجارية‬
‫حدد املشرع املغربي اختصاص املحاكم التجارية في القسم الثالث من القانون‬
‫املحدث لهذه املحاكم مميزا بين الاختصاص النوعي (أوال) والاختصاص املحلي (ثانيا)‪،‬‬
‫إضافة إلى ذلك توجد اختصاصات أسندها املشرع لرئيس املحكمة التجارية (ثالثا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬االختصاص النوعي للمحاكم التجارية‬


‫تنص املادة ‪ 1‬من قانون إحداث املحاكم التجارية على أنه‪ " :‬تختص املحاكم التجارية‬
‫بالنظر في ‪:‬‬
‫‪ -0‬الدعاوى املتعلقة بالعقود التجارية؛‬
‫‪ -7‬الدعاوى التي تنشأ بين التجار واملتعلقة بأعمالهم التجارية؛‬
‫‪ -1‬الدعاوى املتعلقة باألوراق التجارية؛‬
‫‪ -1‬النزاعات الناشئة بين شركاء في شركة تجارية؛‬

‫‪ - 89‬تم نسخ مقتضيات القانون املذكور باملادة ‪ 12‬من القانون رقم ‪ 20-11‬بتنظيم مهنة املفوضين القضائيين الصادر‬
‫بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 0.15.71‬بتاريخ ‪ 01‬من محرم ‪ 01( 0173‬فبراير ‪ ،)7115‬الجريدة الرسمية عدد ‪1111‬‬
‫بتاريخ فاتح صفر ‪ 7 ( 0173‬مارس ‪ ،)7115‬ص ‪.119‬‬

‫‪43‬‬
‫‪ -1‬النزاعات املتعلقة باألصول التجارية‪.‬‬
‫وتستثنى من اختصاص املحاكم التجارية قضايا حوادث السير‪.‬‬
‫يمكن الاتفاق بين التاجر وغير التاجر على إسناد الاختصاص للمحكمة التجارية فيما‬
‫قد ينشأ بينهما من نزاع بسبب عمل من أعمال التاجر‪.‬‬
‫يجور لألطراف الاتفاق على عرض النزاعات املبينة أعاله على مسطرة التحكيم‬
‫والوساطة وفق أحكام الفصول من ‪ 115‬إلي ‪ 173-31‬من قانون املسطرة املدنية"‪.‬‬
‫إن القراءة ألاولية ملضمون هذه املادة يطرح تساؤال حول التعداد التشريعي الذي‬
‫أورده املشرع لالختصاص النوعي للمحاكم التجارية هل جاء على سبيل املثال أم الحصر؟‬
‫اعتبر الفقه هذا التعداد هو على سبيل املثال ال الحصر‪ ،‬ألن القول بغير ذلك سيجعل‬
‫كثيرا من النزاعات التجارية خارجة عن اختصاص املحاكم التجارية كما هو الشأن بالنسبة‬
‫‪90‬‬
‫للنزاعات الناشئة عن قانون الشركات التجارية أو نظام املؤسسات املالية‪.‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك توجد قضايا ال يمكن النظر فيها لطبيعتها إال من طرف املحاكم‬
‫التجارية ومع ذلك لم يتم التنصيص عليها في املادة ‪ 1‬من قانون إحداث املحاكم التجارية‬
‫كقضايا صعوبات املقاولة‪ ،‬وإن كان املشرع قد تطرق إليها بطريقة غير مباشرة في قانون‬
‫املحاكم التجارية في الفصل املتعلق باالختصاص املحلي‪ ،‬يضاف إلى ذلك أن قضايا أخرى‬
‫أسند النظر فيها للمحاكم التجارية ليس بموجب املادة ‪ 1‬وإنما بموجب قانون خاص‬
‫كقانون حماية امللكية الصناعية الذي نص صراحة في مادته ‪ 01‬على أن املحاكم التجارية‬
‫هي املختصة وحدها بالبت في النزاعات املترتبة عن تطبيق هذا القانون باستثناء القرارات‬
‫‪91‬‬
‫إلادارية املنصوص عليها‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى التحديد التشريعي الوارد في املادة الخامسة املذكورة نجده تحديدا‬
‫غامضا مما أثار العديد من التأويالت الفقهية والقضائية حول اختصاص املحاكم التجارية‬
‫من عدمه في هذه القضايا‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫‪- Mohammed Drissi Alami Machichi, droit commercial fondammental au Maroc, imprimerie de Fédala,‬‬
‫‪Rabat, 2006, page 71.‬‬
‫‪ - 91‬محمد كرام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.005‬‬

‫‪44‬‬
‫نصت الفقرة ألاولى من املادة ‪ 1‬أن املحاكم التجارية تختص بالبت في الدعاوى‬
‫املتعلقة بالعقود التجارية‪ ،‬إال أن املشرع لم يحدد املقصود بالعقود التجارية وهل يقتصر‬
‫ألامر على تلك العقود املنظمة في مدونة التجارة فقط أم يشمل عقودا أخرى‪ ،‬أضف إلى‬
‫ذلك أن اختصاص املحكمة التجارية بالبت في هذه الدعاوي ال يتوقف على اكتساب صفة‬
‫تاجر‪ ،‬بل إنه حتى ولو كان الطرف املدعى عليه غير تاجر فإن املحكمة التجارية تبقى‬
‫مختصة للفصل في النزاع الذي يعد فيه هذا ألاخير طرفا كما هو الشأن في عقود القرض‬
‫وفتح ومنح الاعتماد من طرف مؤسسة بنكية لفائدة شخص غير تاجر كاملوظف العمومي أو‬
‫املحامي أو املوثق وغيرهم ممن ال يكتسبون صفة تاجر‪ ،‬وهذا ما أكدته محكمة الاستئناف‬
‫التجارية بفاس في قرار لها جاء فيه‪" :‬تعاقد شخص مع البنك على إقراضه سلفا معينا‬
‫يؤدى على شكل أقساط يعد عقدا بنكيا تختص املحاكم التجارية للبت في أي خالف وقع‬
‫حوله وذلك بغض النظر عن صفة الطرف املتعاقد مع البنك"‪.92‬‬
‫ونفس الش يء بالنسبة للفقرة الثالثة من املادة ‪ 1‬املتعلقة بدعاوى ألاوراق التجارية‪،‬‬
‫إذ تختص املحاكم التجارية بالبت فيها بغض النظر عن صفة الطرف في هذه الدعاوى‪،‬‬
‫فحتى لو كان الطرفان غير تاجرين كما هو الشأن بالنسبة للشيك الذي يتصور فيه أن‬
‫يكون ناشئا بين شخصين غير تاجرين باعتباره وسيلة من وسائل ألاداء‪ ،‬فإن النزاع الناش ئ‬
‫بينهما من أجله تختص املحاكم التجارية بالبت فيه‪ ،‬وعليه فسواء تعلق ألامر بالكمبيالة أو‬
‫بالشيك أو السند ألمر فإن النزاع الذي ينشأ عنها بين أطرافها يجب أن يعرض على املحاكم‬
‫‪93‬‬
‫التجارية‪.‬‬
‫غير أن النقطة التي أثارت الكثير من الجدل الفقهي والقضائي هي تلك املتصلة‬
‫بالنزاعات املتعلقة باألصول التجارية واملذكورة في الفقرة الخامسة من املادة ‪ ،1‬خاصة ما‬
‫يتعلق بالبت في قضايا الكراء التجاري ‪.‬‬
‫اتجاه أول تمثله محكمة الاستئناف التجارية بمراكش ترى أنه يعود البت في كراء‬
‫املحالت التجارية التي تستغل فيها ألاصول التجارية إلى املحاكم التجارية استنادا إلى‬

‫‪ - 92‬قرار عدد ‪ 0031‬في امللف عدد ‪ 15/0790‬بتاريخ ‪ ،7115/3/01‬منشور بمجلة املعيار عدد ‪ ،13‬ص ‪.759‬‬
‫‪ - 93‬عبد السالم زوير‪ ،‬الاختصاص النوعي للمحاكم التجارية وإشكاالته العملية‪ ،‬مكتبة دار السالم‪ ،‬الرباط‪ ،‬طبعة‬
‫‪ ،7111‬ص ‪ 11‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪45‬‬
‫عمومية الفقرة الخامسة من املادة ‪ 1‬املذكورة حيث تجب كل النزاعات املتعلقة باألصول‬
‫‪94‬‬
‫التجارية بما في ذلك املنظمة بمقتض ى ظهير ‪ 71‬ماي ‪ 0911‬بشأن كراء املحالت التجارية‪.‬‬
‫اتجاه ثاني يذهب إلى اعتبار املحاكم الابتدائية هي املختصة بالنظر في النزاعات‬
‫املتعلقة بتطبيق ظهير ‪ 71‬ماي ‪ 0911‬وليس املحاكم التجارية اعتبارا لكون املادة ‪ 1‬ال تدرج‬
‫ضمنها النزاعات املنصبة على عقود الكراء املنظمة بمقتض ى هذا الظهير‪ ،‬وفي هذا إلاطار‬
‫جاء في قرار للمحكمة التجارية بالدار البيضاء على أنه‪" :‬املنازعات بين املكري واملكتري ملحل‬
‫معد لالستعمال التجاري ال تعتبر منازعة منصبة على ألاصل التجاري‪ ،‬وإنما منازعة متعلقة‬
‫بعقد كراء شأنها شأن أي منازعة قد تنصب على بعض العناصر ألاخرى لألصل التجاري‪...‬‬
‫وأن اختصاص املحاكم التجارية ال يشمل النزاعات املنصبة على عقود الكراء املنظمة‬
‫بمقتض ى ظهير ‪ 71‬ماي ‪ 0911‬وتبقى خاضعة للمحاكم املدنية ذات الوالية العامة في كل ما‬
‫لم يسنده املشرع إلى غيرها من املحاكم"‪.95‬‬
‫أما الاتجاه الثالث فيمنح الاختصاص إلى كل من املحكمة الابتدائية واملحكمة‬
‫التجارية بالنظر في النزاعات الناشئة عن تطبيق ظهير ‪ 71‬ماي ‪ 0911‬املتعلق بالكراء‬
‫التجاري‪ ،‬وذلك حسب صفة طرفي النزاع وطبيعة الكراء التجاري بالنسبة لهما‪ ،‬فإذا كان‬
‫الطرفين تاجرين وأبرم العقد بمناسبة ممارستهما ألعمالهما التجارية‪ ،‬انعقد الاختصاص‬
‫للمحكمة التجارية استنادا للفقرة الثانية من املادة ‪ 1‬التي تمنحها صالحية النظر في‬
‫الدعاوى التي تنشأ بين التجار واملتعلقة بأعمالهم التجارية‪ ،‬وهذا ما أكدته املحكمة‬
‫التجارية بالرباط في حكم جاء فيه‪" :‬وحيث أنه بالرجوع إلى وثائق امللف يتبين أن طرفي‬
‫النزاع‪ ...‬يعتبران تاجرين وأن النزاع أثير بسبب عقد الكراء الذي أبرم بمناسبة ممارستهما‬
‫ألعمالهما التجارية‪ ،‬علما أن املادة ‪ 01‬من مدونة التجارة تعتبر تجارية الوقائع وألاعمال التي‬
‫يقوم بها التاجر بمناسبة تجارته وأن عقد الكراء املشار إليه أعاله ال يخرج عن هذا‬
‫املقتض ى‪ ،‬وحيث أنه طبقا للفقرة ‪ 7‬من املادة ‪ 1‬من القانون املحدث للمحاكم التجارية‪،‬‬

‫‪ - 94‬القرار رقم ‪ 92-011‬ملف عدد ‪ 92/013‬بتاريخ ‪ 70‬أكتوبر ‪ ،0992‬منشور بمجلة املحامي‪ ،‬العدد ‪ ، 11‬يناير ‪،0999‬‬
‫ص ‪.092‬‬
‫‪ - 95‬حكم صادر بتاريخ ‪ 9‬يناير ‪ 0992‬في امللف عدد ‪ 7111/92/9‬أورده محمد لفروجي‪ ،‬التاجر وقانون التجارة‬
‫باملغرب‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬ص ‪.031‬‬

‫‪46‬‬
‫فإن الدعاوى التي تنشأ بين التجار واملتعلقة بأعمالهم التجارية تدخل في اختصاص هذه‬
‫املحاكم‪ ،‬لذا يتعين التصريح بذلك"‪.96‬‬
‫وفي اعتقادي أن الاتجاه الثاني هو ألاقرب للصواب على أساس أن املحاكم الابتدائية‬
‫هي ذات والية عامة للنظر في القضايا التي لم يسند املشرع أمر النظر فيها ملحاكم أخرى‬
‫وهذا ما لم تتضمنه املادة ‪ 1‬املذكورة‪ ،‬فضال عن ذلك يوجد فرق كبير بين املحل التجاري‬
‫وألاصل التجاري ‪ ،‬فاألول هو املكان الذي يزاول فيه التجارة‪ ،‬أما الثاني فهو مال منقول‬
‫معنوي يشمل الزبناء والسمعة التجارية إلى ألاموال الضرورية الستغالله كاالسم التجاري‬
‫وألاثاث التجاري والبضائع‪ ،‬ولكن مع ذلك تبقى هناك إمكانية عرض النزاع على املحاكم‬
‫التجارية وذلك في حالة تطبيق الفقرة ألاخيرة من املادة ‪ 1‬املذكورة‪ ،‬التي تتحدث عن اتفاق‬
‫الطرفين على عرض النزاع الذي قد ينشأ بينهما على املحاكم التجارية‪.‬‬
‫‪97‬‬
‫إضافة إلى هذه الاختصاصات تنظر املحاكم التجارية وفقا ملا هو مقرر في املادة ‪5‬‬
‫من قانون إحداث املحاكم التجارية التي جاء فيها‪" :‬تختص املحاكم التجارية بالنظر في‬
‫الطلبات ألاصلية التي تتجاوز قيمتها ‪ 71.111‬درهم‪ ،‬كما تختص بالنظر في جميع الطلبات‬
‫املقابلة أو طلبات املقاصة مهما كانت قيمتها"‪ ،‬وقد كانت املحاكم التجارية قبل التعديل‬
‫تختص ابتدائيا وانتهائيا في الطلبات التي ال تزيد قيمتها ألاصلية عن تسعة آالف درهم‬
‫(‪ 9111‬درهم) وابتدائيا في جميع الطلبات التي تفوق املبلغ املذكور‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬االختصاص المحلي للمحاكم التجارية‬


‫تنص املادة ‪ 01‬من قانون إحداث املحاكم التجارية على أنه‪" :‬يكون الاختصاص املحلي‬
‫ملحكمة املوطن الحقيقي أو املختار للمدعى عليه‪.‬‬
‫إذا لم يكن لهذا ألاخير موطن في املغرب‪ ،‬ولكنه يتوفر على محل إقامة به‪ ،‬كان‬
‫الاختصاص ملحكمة هذا املحل‪.‬‬

‫‪ - 96‬حكم صادر بتاريخ ‪ 11‬يونيو ‪ 0992‬منشور بمجلة إلاشعاع‪ ،‬العدد ‪ ، 02‬يناير ‪ ،0999‬ص ‪.771‬‬
‫‪ - 97‬تم نسخ وتعويض أحكام املادة ‪ 5‬أعاله باملادة ألاولى من القانون رقم ‪ 02.17‬املتعلق بتتميم القانون رقم ‪،11.91‬‬
‫الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 0.17.012‬بتاريخ فاتح ربيع آلاخر ‪ 01( 0117‬يونيو ‪ ،)7117‬الجريدة الرسمية عدد‬
‫‪ 1179‬بتاريخ ‪ 1‬جمادى آلاخرة ‪ 07( 0171‬أغسطس ‪ ،)7117‬ص ‪.7751‬‬

‫‪47‬‬
‫إذا لم يكن للمدعى عليه موطن وال محل إقامة باملغرب‪ ،‬أمكن مقاضاته أمـام محكمـة‬
‫موطن أو محل إقـامـة املدعي أو واحـد منهم في حـالة تعددهم‪.‬‬
‫إذا تعدد املدعى عليهم‪ ،‬أمكن للمدعي أن يختار محكمة موطن أو محل إقامة أي واحد‬
‫منهم"‪.‬‬
‫املالحظ على هذه املادة أنها مطابقة للمادة ‪ 73‬من قانون املسطرة املدنية‪ ،‬هذا يعني‬
‫أن املشرع حافظ على القاعدة العامة الواردة في قانون املسطرة املدنية‪ ،‬وبطبيعة الحال‬
‫هذه القاعدة لها استثناءات أوردها املشرع في املادة ‪ 00‬من قانون إحداث املحاكم التجارية‬
‫التي جاء فيها‪" :‬استثناء من أحكام الفصل ‪ 72‬من قـانون املسطرة املدنية‪ ،‬ترفع الدعاوى‪:‬‬
‫‪ -‬فيما يتعلق بالشركات‪ ،‬إلى املحكمة التجارية التابع لها مقر الشركة أو فرعها؛‬
‫‪ -‬فيما يتعلق بصعوبات املقاولة‪ ،‬إلى املحكمة التجارية التابعة لها مؤسسة التاجر‬
‫الرئيسية أو املقر الاجتماعي للشركة؛‬
‫‪ -‬فيما يخص إلاجراءات التحفظية‪ ،‬إلى املحكمة التجارية التي يوجد بدائرتها موضوع‬
‫هذه إلاجراءات"‪.‬‬
‫إضافة إلى ذلك أجازت املادة ‪ 07‬من قانون إحداث املحاكم التجارية لألطراف أن‬
‫يتفقوا على اختيار املحكمة التجارية املختصة‪.‬‬
‫وتجدر إلاشارة أنه كان على املشرع املغربي أن يكتفي في تحديده لالختصاص املحلي‬
‫للمحاكم التجارية بذكر الاستثناءات الواردة في املادة ‪ 00‬و ‪ ،07‬مع إلاحالة فيما يتعلق‬
‫بالقاعدة العامة الواردة في املادة ‪ 01‬إلى الفصل ‪ 73‬من قانون املسطرة املدنية عوض تكرار‬
‫نفس الصياغة‪ ،‬خاصة أنه طبق تقنية إلاحالة في مواد أخرى من قانون إحداث املحاكم‬
‫‪98‬‬
‫التجارية‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬اختصاص رئيس المحكمة التجارية‬


‫باإلضافة إلى الاختصاصات التي قررها القانون للمحاكم التجارية على مستوى الفصل‬
‫في املنازعات‪ ،‬قرر لرئيسها نفس الاختصاصات املمنوحة لرئيس املحكمة الابتدائية بموجب‬
‫قانون املسطرة املدنية باإلضافة إلى تلك املخولة له في املادة التجارية‪.‬‬

‫‪ - 98‬كما هو الشأن بالنسبة للمادتين ‪ 01‬و ‪ 09‬من قانون إحداث املحاكم التجارية ‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫ففي مجال القضاء الاستعجالي يبت رئيس املحكمة التجارية في الطلبات الاستعجالية‬
‫حسب الفقرة ألاولى من املادة ‪ 70‬من قانون إحداث املحاكم التجارية التي جاء فيها‪ " :‬يمكن‬
‫لرئيس املحكمة التجارية بصفته قاضيا لألمور املستعجلة وفي حدود اختصاص املحكمة أن‬
‫يأمر بكل التدابير التي ال تمس أية منازعة جدية"‪ ،‬ويمارس اختصاصه هذا وفق ما هو‬
‫منصوص عليه في الفصل ‪ 019‬من قانون املسطرة املدنية وما يليه‪ ،‬وإن كان يجوز له رغم‬
‫وجود منازعة جدية أن يأمر بكل التدابير التحفظية أو بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه لدرء‬
‫ضرر حال أو لوضع حد الضطراب ثبت جليا أنه غير مشروع‪ ،‬وفقا للفقرة ألاخيرة من املادة‬
‫‪ 70‬من قانون إحداث املحاكم التجارية‪ ،‬وهو اختصاص ينفرد به عن غيره‪ ،‬فمثال له‬
‫صالحية ألامر بإغالق مؤسسة تبث أنها تقوم بأعمال منافسة غير مشروعة‪ ،‬وألامر برفع‬
‫‪99‬‬
‫اليد عن شيك وقع التعرض عليه بصفة غير قانونية‪.‬‬
‫كما يختص رئيس املحكمة الابتدائية بالنظر في طلبات ألامر باألداء بشرط أن تتجاوز‬
‫قيمتها عشرون آلف درهم (‪ 71111‬درهم)‪ ،‬وأن تؤسس على ألاوراق التجارية والسندات‬
‫الرسمية أو اعتراف بدين ناتجين عن املعامالت التجارية وفق ما نصت عليه الفقرة ألاولى‬
‫من املادة ‪ 77‬من قانون إحداث املحاكم التجارية‪.‬‬
‫كما يختص أيضا رئيس املحكمة التجارية بإصدار ألاوامر الوالئية بناء على الفصل‬
‫‪ 012‬من قانون املسطرة واملادة ‪ 71‬من قانون إحداث املحاكم التجارية شريطة تعلق‬
‫الطلب فيها باملادة التجارية‪.‬‬
‫ويضاف إلى هذه الاختصاصات مهام أخرى أسندت لرئيس املحكمة التجارية بموجب‬
‫قوانين خاصة‪ ،‬كما هو الشأن لقوانين الشركات التجارية ومدونة التجارة وقانون امللكية‬
‫الصناعية وغيرها‪ ،‬إذ يعود له مثال تعيين خبير التسيير في نطاق املادة ‪ 013‬من قانون‬
‫شركات املساهمة واملادة ‪ 27‬من قانون الشركات ذات املسؤولية املحدودة‪ ،‬كما يعود له‬
‫أيضا تجريح مراقب الحسابات الذي عينته الجمعية العامة بناء على طلب مساهم أو‬
‫مساهمين يمثلون ما ال يقل عن عشر رأسمال الشركة وتعيين مراقب آخر محله وفقا‬
‫ملقتضيات املادة ‪ 051‬من قانون شركات املساهمة واملادة ‪ 21‬من قانون الشركة ذات‬
‫املسؤولية املحدودة‪ ،‬كما أسندت له مدونة التجارة في الكتاب الخامس املتعلق بصعوبات‬

‫‪ - 99‬فؤاد معالل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.53‬‬

‫‪49‬‬
‫املقاولة بتحريك مسطرة الوقاية الخارجية إلنقاذ املقاوالت التي تعاني من صعوبات دون أن‬
‫تتوقف عن الدفع وفقا للمادة ‪ 113‬من مدونة التجارة‪ 100.‬باالضافة الى الاختصاص املسند‬
‫لرئيس املحكمة التجارية بمقتض ى قانون ‪ 19-05‬املتعلق بكراء املحالت املخصصة‬
‫لالستعمال التجاري او الصناعي او الحرفي باالمر باالفراغ لتوسيع املحل (املادة ‪ )05‬أو‬
‫السترجاع املحالت املهجورة( املادة ‪ )17‬مثال‪,‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬المحاكم اإلدارية‬


‫أحدثت املحاكم إلادارية باملغرب بمقتض ى القانون رقم ‪ 10.91‬الصادر بتنفيذه ظهير‬
‫شريف بتاريخ ‪ 01‬شتنبر ‪ ،0991‬وذلك رغبة في إرغام إلادارة على احترام القانون عن طريق‬
‫مراقبة قراراتها قضائيا‪ ،‬وقد نظم املشرع املغربي هذه املحاكم (الفقرة ألاولى)‪ ،‬كما حدد‬
‫الاختصاصات التي تتمتع بها (الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬تنظيم المحاكم اإلدارية‬
‫سأخصص أوال للحديث عن تكوين املحاكم إلادارية‪ ،‬على أن أتناول في ثانيا املسطرة‬
‫أمامها‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تكوين المحاكم اإلدارية‬


‫تتكون املحكمة إلادارية‪101‬وفقا ملا هو محدد في املادة ‪ 7‬من قانون إحداث املحاكم‬
‫إلادارية التي جاء فيها‪ " :‬تتكون املحكمة إلادارية من‪:‬‬
‫‪ -‬رئيس وعدة قضاة؛‬
‫‪ -‬كتابة ضبط‪.‬‬
‫ويجوز تقسيم املحكمة إلادارية إلى عدة أقسام بحسب أنواع القضايا املعروضة عليها‪.‬‬

‫‪ - 100‬محمد كرام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.077‬‬


‫‪ - 101‬تم تحديد عدد املحاكم إلادارية في سبع (‪ )3‬محاكم توجد مقارها باملدن آلاتية‪ :‬الرباط‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬فاس‪،‬‬
‫مراكش‪ ،‬مكناس‪ ،‬أكادير و وجدة‪ ،‬طبقا للجدول‪ ،‬بمقتض ى املادة ألاولى من المرسوم رقم ‪ 1.71.17‬الصادر في ‪ 22‬من جمادى األولى‬
‫‪ 0( 2727‬نوفمبر ‪ )2770‬تطبيقا ألحكام القانون رقم ‪ 10.91‬املحدثة بموجبه محاكم إدارية‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪7117‬‬
‫‪ 2‬نوفمبر ‪ ، 2770‬ص ‪.1152‬‬
‫)‬ ‫بتاريخ ‪ 7‬جمادى آلاخرة ‪3( 0101‬‬

‫‪50‬‬
‫ويعين رئيس املحكمة إلادارية من بين قضاة املحكمة مفوضا ملكيا أو مفوضين‬
‫ملكيين للدفاع عن القانون والحق باقتراح من الجمعية العمومية ملدة سنتين"‪.‬‬
‫فمن خالل هذه املادة تتكون املحكمة الابتدائية من رئيس وعدة قضاة وكتابة‬
‫للضبط‪ ،‬إلى جانب املفوض امللكي الذي يعين من بين قضاة املحكمة من طرف رئيس‬
‫املحكمة بناء على اقتراح الجمعية العمومية ملدة سنتين‪.‬‬
‫ويالحظ على تكوين املحاكم إلادارية ال وجود للنيابة العامة بمفهومها الدقيق‪ ،‬كما أن‬
‫املفوض امللكي ليس إال قاضيا من بين قضاة املحكمة إلادارية‪ ،‬وما قيامه بالدفاع عن‬
‫القانون والحق سوى مهمة مؤقتة إذ يعين من طرف الرئيس ملدة سنتين بناء على اقتراح‬
‫الجمعية العمومية‪ ،‬أما وكيل امللك فال يعين من قبل رئيس املحكمة وإنما هو قاض مكلف‬
‫قانونا بمهمة الدفاع عن الحق العام أو حق املجتمع‪.‬‬
‫ويضطلع املفوض امللكي بهذا الدور من خالل عرض آلرائه املكتوبة والشفهية على‬
‫هيأة الحكم بكامل الاستقالل سواء في الجانب الواقعي أو في الجانب القانوني للدعوى‪،‬‬
‫وليس له حق املشاركة في إصدار الحكم ألن ذلك من اختصاص قضاة الحكم‪.‬‬
‫وعلى غرار املحاكم الابتدائية والتجارية يمكن تقسيم املحاكم إلادارية إلى عدة أقسام‬
‫بحسب أنواع القضايا املعروضة عليها وذلك من طرف الجمعية العمومية خالل النصف‬
‫ألاول من شهر دجنبر من كل سنة‪ ،‬غير أن املالحظ من قانون املحاكم إلادارية أن املشرع‬
‫استعمل صياغة تختلف عن تلك التي استعملها في قانوني املحاكم الابتدائية واملحاكم‬
‫‪102‬‬
‫التجارية‪.‬‬
‫فمن جهة يتحدث املشرع في قانون املحاكم إلادارية عن تقسيم هذه املحاكم إلى‬
‫أقسام وليس إلى غرف‪ ،‬ومن جهة أخرى لم تشر املادة ‪ 7‬إلى أنه يمكن لكل قسم أن يبت في‬
‫مختلف القضايا التي تعرض على املحكمة إلادارية كما فعل بالنسبة للمحاكم التجارية‬

‫‪ - 102‬عبد القادر باينة‪ ،‬أسباب إنشاء املحاكم إلادارية باملغرب على هامش مشروع القانون املحدث للمحاكم إلادارية‬
‫املعروض على مجلس النواب‪ ،‬دور ربيع ‪ ،0995‬الجمعية املغربية للعلوم إلادارية‪ ،‬القضاء إلاداري حصيلة وآفاق‪،‬‬
‫‪ ،0991‬ص ‪,23‬‬
‫‪51‬‬
‫والابتدائية‪ 103،‬لذلك حبذا لو سلك املشرع نفس التوجه الذي نهجه بالنسبة للمحاكم‬
‫التجارية والابتدائية‪.‬‬
‫وتجدر إلاشارة أن مشروع قانون التنظيم القضائي قد تنبه لهذا ألامر وذلك من خالل‬
‫تضمنه إلمكانية تقسيم املحاكم إلادارية إلى غرف‪ ،‬وكذا منح كل غرفة إمكانية البت في كل‬
‫القضايا املعروضة على املحكمة‪.‬‬
‫إضافة إلى ذلك تضمن املشروع جهاز جديد لدى املحاكم إلادارية ويتعلق ألامر بمكتب‬
‫املحكمة ومنصب الكاتب العام للمحكمة‪ ،‬وقاض للتنفيذ‪ 104،‬إال أن املالحظ في املشروع أن‬
‫عضوية مكتب املحكمة إلادارية الابتدائية تتضمن إضافة إلى ألاعضاء ألاخريين املفوض‬
‫‪105‬‬
‫امللكي للمحكمة ألاعلى درجة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬المسطرة أمام المحاكم اإلدارية‬


‫نصت املواد من ‪ 1‬إلى ‪ 3‬من القانون املتعلق بإحداث املحاكم إلادارية‪ ،‬على املسطرة‬
‫املطبقة أمامها‪ ،‬حيث تعقد هذه املحاكم جلساتها وتصدر أحكامها عالنية وهي متركبة من‬
‫ثالثة قضاة يساعدهم كاتب ضبط‪ ،‬ويتولى رئاسة الجلسة رئيس املحكمة إلادارية أو قاض‬
‫تعينه للقيام بذلك الجمعية العمومية السنوية لقضاة املحكمة إلادارية‪ 106،‬مما يفيد أن‬
‫نظام القضاء السائد لدى هذه املحاكم هو القضاء الجماعي‪.‬‬
‫كما يعتبر حضور املفوض امللكي للدفاع عن القانون والحق إلزاميا في جميع جلسات‬
‫املحاكم إلادارية‪ ،‬ويعرض آراءه املكتوبة والشفهية على هيئة الحكم بكامل الاستقالل سواء‬
‫فيما يتعلق بظروف الوقائع أو القواعد القانونية املطبقة عليها‪ .‬ويعبر عن ذلك في كل قضية‬
‫‪107‬‬
‫بالجلسة العامة‪.‬‬

‫‪ - 103‬عبد الكريم الطالب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.30‬‬


‫‪ - 104‬املادة ‪ 51‬من مشروع قانون التنظيم القضائي‪.‬‬
‫‪ - 105‬املادة ‪ 71‬من مشروع قانون التنظيم القضائي‪.‬‬
‫‪ -106‬الفقرة ألاولى من املادة ‪ 1‬من قانون املحاكم إلادارية‪.‬‬
‫‪ - 107‬نور الدين الشرقاوي‪ ،‬املفوض امللكي أو مفوض الدولة وتطور دوره التاريخي في تحقيق العدالة إلادارية‪ ،‬مجلة‬
‫إلاشعاع‪ ،‬العدد ‪ ،07‬يونيو ‪ ،0991‬ص ‪.35‬‬
‫‪52‬‬
‫ولإلشارة يحق لألطراف أخذ نسخة من مستنتجات املفوض امللكي للدفاع عن القانون‬
‫والحق بقصد الاطالع‪ ،‬كما أنه ال يشارك في إصدار الحكم طبقا ملا ورد في الفقرة ألاخيرة من‬
‫املادة ‪ 1‬من قانون إحداث املحاكم إلادارية‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬اختصاصات المحاكم اإلدارية‬
‫إن طبيعة املحاكم إلادارية كمحاكم متخصصة في نوع معين من القضايا يفرض بيان‬
‫الاختصاصات املسندة إليها‪ ،‬ويتعلق ألامر باالختصاص النوعي (أوال) والاختصاص املحلي‬
‫(ثانيا) إضافة إلى اختصاصات رئيس املحكمة إلادارية (ثالثا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬االختصاص النوعي للمحاكم اإلدارية‬


‫تختص املحاكم إلادارية نوعيا حسب املادة ‪ 2‬من القانون ‪ 10.91‬املتعلق بإحداث‬
‫املحاكم إلادارية بما يلي‪:‬‬
‫" تختص املحاكم إلادارية‪ ،108‬مع مراعاة أحكام املادتين ‪ 9‬و‪ 00‬من هذا القانون‪،‬‬
‫بالبت ابتدائيا في طلبات إلغاء قرارات السلطات إلادارية بسبب تجاوز السلطة وفي النزاعات‬
‫املتعلقة بالعقود إلادارية ودعاوي التعويض عن ألاضرار التي تسببها أعمال ونشاطات‬
‫أشخاص القانون العام‪ ،‬ماعدا ألاضرار التي تسببها في الطريق العام مركبات أيا كان نوعها‬
‫يملكها شخص من أشخاص القانون العام‪.‬‬
‫وتختص املحاكم إلادارية كذلك بالنظر في النزاعات الناشئة عن تطبيق النصوص‬
‫التشريعية والتنظيمية املتعلقة باملعاشات ومنح الوفاة املستحقة للعاملين في مرافق الدولة‬
‫والجماعات املحلية واملؤسسات العامة وموظفي إدارة مجلس النواب وموظفي إدارة مجلس‬
‫‪110‬‬
‫املستشارين‪ 109‬وعن تطبيق النصوص التشريعية والتنظيمية املتعلقة باالنتخابات‬

‫‪ - 108‬انظر الفقرة الرابعة من الفصل ‪ 101‬من قانون املسطرة املدنية‪:‬‬


‫يرجع اختصاص النظر في طلب تذييل الحكم التحكيمي الصادر في نطاق هذا الفصل إلى املحكمة إلادارية التي سيتم تنفيذ الحكم التحكيمي في دائرتها أو إلى املحكمة إلادارية بالرباط‬
‫"‬
‫عندما يكون تنفيذ الحكم التحكيمي يشمل مجموع التراب الوطني ‪.‬‬
‫"‬
‫‪ - 109‬تم تتميم الفقرة الثانية من املادة ‪ 1‬أعاله بموجب القانون رقم ‪ 17.77‬بتاريخ ‪ 11‬أغسطس ‪ 2777‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 2.77.277‬بتاريخ ‪ 20‬من جمادى‬

‫‪ ،)2777‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 7415‬بتاريخ ‪ 1‬جمادى آلاخرة ‪ 25( 2713‬سبتمبر ‪ ،)2777‬ص ‪.1110‬‬
‫ألاولى ‪ 11( 2713‬غشت‬
‫‪ - 110‬انظر املادة ‪ 795‬من القانون رقم ‪ 9.93‬املتعلق بمدونة الانتخابات الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪0.93.21‬‬
‫بتاريخ ‪ 71‬من ذي القعدة ‪ 7( 0103‬أبريل ‪ ،)0993‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 1131‬بتاريخ ‪ 71‬ذي القعدة ‪ 1( 0173‬أبريل‬
‫‪ )0993‬كما تم تتميمه وتغييره‪:‬‬

‫‪53‬‬
‫والضرائب ونزع امللكية ألجل املنفعة العامة‪ 111،‬وبالبت في الدعاوي املتعلقة بتحصيل‬
‫الديون املستحقة للخزينة العامة والنزاعات املتعلقة بالوضعية الفردية للموظفين‬
‫والعاملين في مرافق الدولة والجماعات املحلية واملؤسسات العامة وموظفي إدارة مجلس‬
‫النواب وموظفي مجلس املستشارين‪ ،112‬وذلك كله وفق الشروط املنصوص عليها في هذا‬
‫القانون‪.‬‬
‫وتختص املحاكم إلادارية أيضا بفحص شرعية القرارات إلادارية وفق الشروط‬
‫املنصوص عليها في املادة ‪ 11‬من هذا القانون"‪.‬‬
‫وانطالقا من املادة أعاله يمكن حصر مجال اختصاص املحاكم إلادارية في الطلبات‬
‫والنزاعات التالية‪:‬‬
‫‪-‬طلبات إلغاء قرارات السلطة إلادارية بسبب تجاوز السلطة‪ :‬إن كل قرار إداري‬
‫يصدر عن جهة غير مختصة أو لعيب في الشكل أو النحراف في السلطة أو النعدام التعليل‬
‫أو ملخالفة القانون‪ ،‬يشكل تجاوزا في استعمال السلطة وبالتالي يحق للمتضرر الطعن فيه‬
‫أمام الجهة القضائية إلادارية املختصة بواسطة دعوى إلالغاء‪ 113،‬إال أنه يستثنى من ذلك‬
‫طلبات إلالغاء بسبب تجاوز السلطة املتعلقة باملقررات التنظيمية والفردية الصادرة عن‬
‫رئيس الحكومة‪ ،‬وقرارات السلطات إلادارية التي يتعدى نطاق تنفيذها دائرة الاختصاص‬

‫"بصفة انتقالية واستثناء من أحكام املواد ‪ 15‬و‪ 13‬و‪ 52‬و‪ 052‬و‪ 091‬و‪ 701‬و‪ 732‬و‪ 739‬من هذا القانون فإن‬
‫الطعون املتعلقة بالقيد في اللوائح الانتخابية وبالترشيحات تقدم أمام املحكمة الابتدائية املختصة وفقا للكيفيات وفي‬
‫آلاجال املحددة في املواد املشار إليها أعاله‪ .‬وتبث املحكمة طبقا ألحكام املواد املذكورة‪.‬‬
‫غير أن ألاحكام الاستثنائية املنصوص عليها في الفقرة السابقة ال تطبق في العماالت وألاقاليم حيث يوجد مقر محكمة‬
‫إدارية‪.‬‬
‫تستأنف ألاحكام الصادرة عن املحاكم الابتدائية‪ ،‬املشار إليها في الفقرة ألاولى من هذه املادة‪ ،‬أمام محاكم الاستئناف‬
‫إلادارية"‪.‬‬
‫‪ - 111‬أنظر‪ :‬البشير باجي‪ ،‬شرح قانون نزع امللكية ألجل املنفعة العامة في ضوء القانون املغربي والقضاء والفقه‬
‫والتطبيق‪ ،‬الكتاب ألاول‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة ألاولى‪. 0990 ،‬‬
‫‪ - 112‬تم تتميم الفقرة الثانية من املادة ‪ 1‬أعاله بموجب القانون رقم ‪ 51.33‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 2.33.017‬بتاريخ ‪ 14‬شعبان ‪ 27 (2712‬نوفمبر ‪،)1333‬‬

‫الجريدة الرسمية عدد ‪ 7111‬بتاريخ ‪ 17‬رمضان ‪ 12( 2712‬ديسمبر ‪ ،)1333‬ص ‪.0721‬‬

‫‪ - 113‬حددت املادة ‪ 71‬من القانون ‪ 10.91‬مدلول تجاوز السلطة‪ ،‬في حين تعرضت املواد من ‪ 70‬إلى ‪ 71‬لطلبات‬
‫إلالغاء بسبب تجاوز السلطة املرفوعة إلى املحاكم إلادارية بصورة عامة‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫املحلي ملحكمة إدارية حيث تبقى من الاختصاص الابتدائي والانتهائي ملحكمة النقض طبقا‬
‫ملا ورد في املادة ‪ 9‬من قانون إحداث املحاكم إلادارية‪. 114‬‬
‫‪ -‬النزاعات املتعلقة بالعقود إلادارية‪ :‬غالبا ما تقدم إلادارة على إبرام العقود إلادارية‬
‫كأسلوب من أساليب تسيير أنشطتها وتنفيذ برامجها‪ ،‬وفي حالة ما إذا نشأ نزاع من جراء ما‬
‫قد يلحق املتعاقد مع إلادارة من ضرر يتم اللجوء إلى املحاكم إلادارية‪.‬‬
‫‪ -‬دعاوى التعويض التي تسببها أعمال ونشاطات أشخاص القانون العام ‪ :‬أعطى‬
‫املشرع للمحاكم إلادارية اختصاص النظر في دعاوى التعويض عن ألاضرار الناجمة عن‬
‫أعمال ونشاطات أشخاص القانون العام‪ ،‬ولم يستثني منها سوى ألاضرار التي تسببها في‬
‫الطريق العام املركبات أيا كان نوعها اململوكة لشخص من أشخاص القانون العام‪ ،‬والتي‬
‫تبقى من اختصاص املحاكم الابتدائية في نطاق دعاوى املسؤولية التقصيرية‪.‬‬
‫‪ -‬النزاعات الناشئة عن تطبيق النصوص التشريعية والتنظيمية املتعلقة‬
‫باملعاشات ومنح الوفاة املستحقة للعاملين في مرافق الدولة والجماعات املحلية‬
‫واملؤسسات العامة وموظفي إدارة مجلس النواب وموظفي مجلس املستشارين‪.115‬‬
‫‪ -‬النزاعات املتعلقة باالنتخابات والضرائب ونزع امللكية ألجل املنفعة العامة‪،116‬‬
‫وتحصيل الديون املستحقة للخزينة العامة‪ :‬تختص املحاكم الابتدائية بالنظر في الطعون‬
‫ضد العمليات الانتخابية الخاصة بمجالس الجماعات الحضرية والقروية‪ ،‬ومجالس‬
‫العماالت وألاقاليم‪ ،‬والغرف املهنية‪ ،‬وممثلي املوظفين في اللجان إلادارية والثنائية‪.117‬‬
‫‪ -‬فحص شرعية القرارات إلادارية‪ :‬يشكل هذا الاختصاص الذي ذكره املشرع في‬
‫املادة ‪ 11‬من القانون ‪11810.91‬خطوة متطورة في مجال إلاصالح‪ ،‬بحيث يخول القضاء‬

‫‪ - 114‬الحسن سيمو‪ ،‬قضاء إلالغاء وألاعمال املادية لإلدارة‪ ،‬مجلة إلاشعاع‪ ،‬العدد ‪ ،01‬دجنبر ‪ ،0991‬ص ‪.3‬‬
‫‪ - 115‬عبد هللا لعلج‪ ،‬اختصاص املحاكم إلادارية بالبت في النزاعات املتعلقة بالوضعية الفردية للموظفين والعاملين في‬
‫مرافق الدولة والجماعات املحلية واملؤسسات العمومية‪ ،‬مجلة املرافعة‪ ،‬العدد ‪ ،3‬دجنبر ‪ ،0993‬ص ‪.11‬‬
‫‪ - 116‬خصص القانون رقم ‪ 10.91‬املواد من ‪ 13‬إلى ‪ 11‬الختصاص املحاكم إلادارية في قضايا نزع امللكية من أجل‬
‫املنفعة العامة والاحتالل املؤقت‪.‬‬
‫‪ - 117‬أنظر املادة ‪ 75‬من قانون إحداث املحاكم إلادارية‬
‫‪ - 118‬تنص املادة ‪ 11‬على أنه‪" :‬إذا كان الحكم في قضية معروضة على محكمة عادية غير زجرية يتوقف على تقدير‬
‫شرعية قرار إداري وكان النزاع في شرعية القرار جديا‪ ،‬يجب على املحكمة املثار ذلك أمامها أن تؤجل في القضية‬
‫‪55‬‬
‫إمكانية الامتناع عن تطبيق قرار ثبت أنه مخالف للدستور أو صدر عن سلطة ليست لها‬
‫‪119‬‬
‫صالحية إصداره‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬االختصاص المحلي للمحاكم اإلدارية‬


‫تنص الفقرة ألاولى من املادة ‪ 01‬من قانون إحداث املحاكم إلادارية على أنه‪":‬تطبق‬
‫أمام املحاكم إلادارية قواعد الاختصاص املحلي املنصوص عليها في الفصل ‪ 73‬وما يليه إلى‬
‫الفصل ‪ 11‬من قانون املسطرة املدنية‪ ،‬ما لم ينص على خالف ذلك في هذا القانون أو في‬
‫نصوص أخرى خاصة"‪.‬‬
‫من خالل هذه الفقرة يتبين أن املشرع في تحديده لالختصاص املحلي للمحاكم‬
‫إلادارية تبنى كقاعدة عامة نفس املبادئ املعمول بها في املادة املدنية واملحددة في الفصل‬
‫‪ 73‬من قانون املسطرة املدنية‪ ،‬بمعنى أن الاختصاص املحلي يكون للمحكمة إلادارية الكائن‬
‫بها املوطن الحقيقي أو املختار للمدعى عليه‪ ،‬وإن لم يكن له موطن في املغرب فإن‬
‫الاختصاص ينعقد للمحكمة إلادارية الكائن بها محل إقامة أو موطن املدعي مع مراعاة‬
‫الاستثناءات الواردة في فصول قانون املسطرة املدنية (الفصل ‪ 72‬وما يليه)‪.‬‬
‫وإضافة إلى الاستثناءات املقررة في قانون املسطرة املدنية أشار قانون إحداث املحاكم‬
‫إلادارية إلى استثناءين آخرين‪ ،‬ألاول في الفقرة الثانية من املادة ‪ ،01‬والثاني في املادة ‪. 00‬‬
‫وهكذا نصت الفقرة الثانية من املادة ‪ 01‬على أنه‪" :‬واستثناء من ذلك‪ ،‬ترفع طلبات‬
‫إلالغاء بسبب تجاوز السلطة إلى املحكمة إلادارية التي يوجد موطن طالب إلالغاء داخل‬
‫دائرة اختصاصها أو التي صدر القرار بدائرة اختصاصها"‪.‬‬
‫في حين نصت املادة ‪ 00‬على أنه‪" :‬تختص محكمة الرباط إلادارية‪ 120‬بالنظر في‬
‫النزاعات املتعلقة بالوضعية الفردية لألشخاص املعينين بظهير شريف أو مرسوم وبالنزاعات‬

‫وتحيل تقدير شرعية القرار إلاداري محل النزاع إلى املحكمة إلادارية أو إلى محكمة النقض بحسب اختصاص كل من‬
‫هاتين الجهتين القضائيتين كما هو محدد في املادتين ‪ 2‬و‪ 9‬أعاله‪ ،‬ويترتب على إلاحالة رفع املسألة العارضة بقوة‬
‫القانون إلى الجهة القضائية املحال إليها البت فيها‪.‬‬
‫للجهات القضائية الزجرية كامل الوالية لتقدير شرعية أي قرار إداري وقع التمسك به أمامها سواء باعتباره أساسا‬
‫للمتابعة أو باعتباره وسيلة من وسائل الدفاع"‪.‬‬
‫‪ -119‬مليكة الصروخ‪ ،‬القانون إلاداري‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة السادسة‪،‬‬
‫‪ ،7115‬ص ‪.511‬‬

‫‪56‬‬
‫الراجعة إلى اختصاص املحاكم إلادارية التي تنشأ خارج دوائر اختصاص جميع هذه‬
‫املحاكم"‪.‬‬
‫فبالنسبة لالستثناء ألاول فإن املحكمة املختصة محليا للبت في طلبات إلالغاء بسبب‬
‫تجاوز السلطة هي املحكمة التي يوجد موطن طالب إلالغاء داخل دائرة اختصاصها أو‬
‫املحكمة التي صدر القرار بدائرة اختصاصها‪ ،‬ويكمن الهدف من وراء تقرير هذا الاستثناء‬
‫في تقريب القضاء من طالب إلالغاء باعتباره طرفا ضعيفا في عالقته باإلدارة التي يلتمس‬
‫إلغاء قرارها‪.‬‬
‫أما الاستثناء الثاني فتختص املحكمة إلادارية بالرباط شريطة أن يكون ألاطراف‬
‫معينين بظهير أو بمرسوم كالوزراء وكتاب الدولة والعمداء والقضاة وغيرهم‪ ،‬وأن تنصب‬
‫الدعاوى التي يقيمونها ليس على الطعن في مشروعية الظهير‪ ،‬وإنما على املطالبة بالحقوق‬
‫املرتبطة بوضعيتهم الفردية‪ ،‬كما استلزم أيضا أن تنشأ النزاعات التي تدخل في الاختصاص‬
‫النوعي للمحاكم إلادارية خارج دوائر الاختصاص املحلي لها جميعها‪ ،‬كما هو الحال بالنسبة‬
‫للقضايا التي تتعلق بموظفي السفارات والقنصليات املغربية بالخارج‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬اختصاص رئيس المحكمة اإلدارية‬


‫تنص املادة ‪ 09‬من القانون ‪ 10.91‬املتعلق بإحداث املحاكم إلادارية على أنه‪" :‬يختص‬
‫رئيس املحكمة إلادارية أو من ينيبه عنه بصفته قاضيا للمستعجالت وألاوامر القضائية‬
‫بالنظر في الطلبات الوقتية والتحفظية"‪.‬‬
‫فمن خالل هذه املادة يتمتع رئيس املحكمة إلادارية بمهام شبيهة بتلك املسندة لرئيس‬
‫الابتدائية في نطاق الفصلين ‪ 012‬و ‪ 019‬من قانون املسطرة املدنية‪ ،‬من حيث بثه في‬
‫ألاوامر املبنية على طلب واملعاينات وفي القضايا الاستعجالية كما يمكنه أيضا منح‬
‫املساعدة القضائية ملن يطلبها تطبيقا ملرسوم ‪.0955‬‬

‫للنظر في طلب تذييل الحكم التحكيمي‬


‫‪ - 120‬انظر الفقرة الرابعة من الفصل ‪ 023‬من قانون املسطرة املدنية املتعلق باختصاص محكمة الرباط إلادارية‬
‫يشمل مجموع التراب الوطني‪.‬‬
‫عندما يكون تنفيذ الحكم املذكور‬

‫‪57‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬محاكم الدرجة الثانية‬
‫تحقيقا ملبدأ التقاض ي على درجتين تم إحداث محاكم الدرجة الثانية‪ ،‬وتشمل هذه‬
‫املحاكم كل من ‪:‬‬
‫‪ -‬محاكم الاستئناف‪121‬؛‬
‫‪ -‬محاكم الاستئناف إلادارية‪ 122‬؛‬
‫‪ -‬محاكم الاستئناف التجارية‪123‬؛‬
‫ولإلحاطة بهذه املحاكم سنخصص مطلب لكل محكمة نتحدث فيه عن تنظيم هذه‬
‫املحاكم واملسطرة املتابعة أمامها‪ ،‬وكذا الاختصاصات التي تتمتع بها وفق ما يلي‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬محاكم االستئناف‬
‫تعتبر محكمة الاستئناف محكمة درجة ثانية تتيح الفرصة أمام املتقاضين لتقديم ما‬
‫فاتهم إلادالء به أمام محكمة الدرجة ألاولى من دفوع وأدلة‪ ،‬ولتصحيح ما قد يقع فيه‬
‫قضاة هذه املحكمة من أخطاء‪ ،‬وقد وضع ملحاكم الاستئناف تنظيما (الفقرة ألاولى) و حدد‬
‫اختصاصاتها (الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬تنظيم محاكم االستئناف‬
‫سأتناول هذه الفقرة للحديث عن تأليف محاكم الاستئناف (أوال) ونظام الجلسات بها‬
‫(ثانيا)‪.‬‬

‫‪ -121‬تم تحديد عدد محاكم الاستئناف في اثنين وعشرين (‪ )77‬محكمة (الرباط‪ -‬القنيطرة‪ -‬الدار البيضاء‪ -‬الجديدة‪-‬‬
‫فاس‪ -‬تازة‪ -‬مراكش‪ -‬ورزازات‪ -‬آسفي‪ -‬مكناس‪ -‬الرشيدية‪ -‬أكادير‪ -‬كلميم‪ -‬العيون ‪ -‬طنجة‪ -‬تطوان‪ -‬سطات‪ -‬بني مالل‪-‬‬
‫خريبكة‪ -‬وجدة‪ -‬الناضور‪ -‬الحسيمة)‪ ،‬طبقا للمادة ألاولى من املرسوم رقم ‪ ، 7.03.522‬السالف الذكر‬
‫‪ - 122‬تم إحداث محاكم استئناف إدارية بمقتض ى القانون رقم ‪ ،21.11‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪0.15.13‬‬
‫بتاريخ ‪ 01‬من محرم ‪ 01( 0173‬فبراير ‪ ،)7115‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 1192‬بتاريخ ‪ 71‬محرم ‪ 71 (0173‬فبراير‬
‫‪ ،)7115‬ص ‪ ،191‬كما تم تغييره‪.‬‬
‫‪ -‬تم تحديد عدد محاكم الاستئناف إلادارية في اثنين (‪( )7‬الرباط – مراكش) طبقا للمادة ألاولى من املرسوم رقم‬
‫‪ 7.15.023‬الصادر في ‪ 79‬من جمادى آلاخرة ‪ 71( 0173‬يوليو ‪ )7115‬بتحديد عدد محاكم الاستئناف إلادارية ومقارها‬
‫ودوائر اختصاصها؛ الجريدة الرسمية عدد ‪ 1113‬بتاريخ ‪ 09‬رجب ‪ 01( 0173‬أغسطس ‪ ،)7115‬ص ‪.7117‬‬
‫‪ -123‬تم تحديد عدد محاكم الاستئناف التجارية في ثالث (‪ )1‬محاكم (الدار البيضاء – فاس – مراكش)‪ ،‬وذلك طبقا‬
‫للمادة ألاولى من املرسوم رقم ‪ ،7.93.330‬سالف الذكر‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫أوال‪ :‬تأليف محاكم االستئناف‬
‫ينص الفصل ‪ 5‬من قانون التنظيم القضائي على أنه‪ " :‬تشتمل محاكم الاستيناف‬
‫تحت سلطة رؤسائها ألاولين وتبعا ألهميتها على عدد من الغرف املختصة‪ ،‬من بينها غرفة‬
‫لألحوال الشخصية وامليراث وغرفة للجنايات‪ .‬غير أنه يمكن لكل غرفة أن تبحث وتحكم في‬
‫كل القضايا املعروضة على هذه املحكمة أيا كان نوعها‪.‬‬
‫تشتمل أيضا على نيابة عامة تتكون من وكيل عام للملك ونوابه العامين وعلى قاض‬
‫أو عدة قضاة مكلفين بالتحقيق وقاض أو عدة قضاة لألحداث وكتابة الضبط وكتابة‬
‫للنيابة العامة‪.‬‬
‫تشتمل محاكم الاستئناف املحددة‪ ،‬واملعينة دوائر نفوذها بمرسوم‪ ،‬على أقسام‬
‫للجرائم املالية‪.‬‬
‫تشتمل هذه ألاقسام على غرف للتحقيق وغرف للجنايات وغرف للجنايات‬
‫الاستئنافية ونيابة عامة وكتابة للنيابة العامة"‪.‬‬
‫من خالل هذا الفصل يمكن القول أن محاكم الاستئناف تتكون من رئاسة املحكمة‬
‫املشكلة من رئيس أول ورؤساء غرف ومستشارين‪ ،‬كما يوجد أيضا النيابة العامة التي‬
‫يمثلها في هذه املحاكم الوكيل العام للملك ويساعده نواب عامون‪ ،‬إلى جانب ذلك يوجد‬
‫بمحاكم الاستئناف قاض أو عدة قضاة مستشارين مكلفين بالتحقيق ومستشار أو عدة‬
‫مستشارين لألحداث‪ ،‬فضال عن وجود كتابة للضبط وكتابة للنيابة العامة‪.‬‬
‫كما تشمل محاكم الاستئناف تبعا ألهميتها على عدد من الغرف تحدد عددها وتكوينها‬
‫الجمعية العمومية‪ ،‬وقد اكتفى الفصل ‪ 5‬أعاله ذكر نماذج منها هي غرفة ألاحوال‬
‫الشخصية والعقار وغرفة الجنايات‪ ،‬ولكن توجد في الواقع غرف أخرى غيرها هي الغرفة‬
‫املدنية والغرفة الجنحية والغرفة الاجتماعية‪ ،‬حيث يمكن لكل غرفة أن تبحث وتحكم في‬
‫‪124‬‬
‫كل القضايا املعروضة على هذه املحكمة أيا كان نوعها‪.‬‬
‫كما أصبحت محاكم الاستئناف تتكون من أقسام للجرائم املالية وفقا للفقرة الثالثة‬
‫من الفصل ‪ 5‬املذكور الذي شمله التغيير والتتميم بواسطة القانون رقم ‪ 11.01‬سنة ‪7100‬‬

‫‪ - 124‬إدريس العلوي العبدالوي‪ ،‬القانون القضائي الخاص‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪،‬‬
‫الطبعة ألاولى‪ ،0925 ،‬ص ‪.72‬‬
‫‪59‬‬
‫والتي حلت محل محكمة العدل الخاصة التي ألغيت باعتبارها محكمة استثنائية‪ ،‬وتشتمل‬
‫هذه ألاقسام على غرف للتحقيق وغرف للجنايات وغرف للجنايات الاستئنافية ونيابة عامة‬
‫وكتابة للنيابة العامة‪.‬‬
‫وتجدر إلاشارة أن هذه ألاقسام لم تحدث في جميع محاكم الاستئناف باململكة‪،125‬‬
‫وإنما في بعضها حددت بمرسوم وتتمثل في أربعة محاكم هي محاكم الاستئناف بمدن‬
‫الرباط والدار البيضاء وفاس ومراكش‪.‬‬
‫ويتولى الرئيس ألاول ملحكمة الاستئناف مهمة مراقبة جميع القضاة العاملين باملحكمة‬
‫وباملحاكم الابتدائية التابعة لها‪ ،‬كما يراقب مصالح كتابة الضبط‪ ،‬أما الوكيل العام للملك‬
‫فإنه يراقب بدوره قضاة النيابة العامة لدى هذه املحكمة ولدى املحاكم الابتدائية التابعة‬
‫لها‪ ،‬وكتابة النيابة العامة‪.‬‬
‫وما ينبغي التنبيه إليه أنه ال يكون قاضيا أو نائبا للوكيل العام بمحاكم الاستئناف إال‬
‫من بلغ على ألاقل الدرجة الثانية في سلم رجال القضاء‪ ،‬وهذا على خالف القضاة والنواب‬
‫باملحاكم الابتدائية املرتبين كقاعدة عامة في الدرجة الثالثة‪.‬‬
‫وتجدر إلاشارة أن مشروع قانون التنظيم القضائي قد أستحدث منصب الكاتب العام‬
‫للمحكمة و مكتب املحكمة ‪.‬‬

‫‪ - 125‬الجدول امللحق باملرسوم رقم ‪ 7.00.111‬صادر في ‪ 3‬ذي الحجة ‪ 1( 0117‬نوفمبر ‪ )7100‬بتحديد عدد محاكم‬
‫الاستئناف املحدثة بها أقسام للجرائم املالية وتعيين دوائر نفوذها‪:‬‬
‫دوائر نفوذ محاكم الاستئناف‬ ‫محاكم الاستئناف املحدثة بها أقسام‬
‫الرباط – القنيطرة – طنجة – تطوان‬ ‫الرباط‬
‫الدار البيضاء – سطات – الجديدة – خريبكة – بني مالل‬ ‫الدار البيضاء‬
‫فاس – مكناس – الرشيدية – تازة – الحسيمة – الناضور ‪ -‬وجدة‬ ‫فاس‬
‫مراكش – آسفي – ورزازات – أكادير – العيون‬ ‫مراكش‬
‫الجريدة الرسمية عدد ‪ 1991‬بتاريخ ‪ 03‬ذو الحجة ‪ 01( 0117‬نوفمبر ‪ ،)7100‬ص ‪.1101‬‬

‫‪60‬‬
‫ثانيا‪ :‬نظام الجلسات بمحاكم االستئناف‬
‫ينص الفصل ‪ 3‬من قانون التنظيم القضائي على أنه‪" :‬تعقد محاكم الاستيناف‬
‫جلساتها في جميع القضايا وتصدر قراراتها من طرف قضاة ثالثة وبمساعدة كاتب الضبط‬
‫تحت طائلة البطالن ما لم ينص القانون على خالف ذلك‪.‬‬
‫يعتبر حضور النيابة العامة في الجلسة الجنائية إلزاميا تحت طائلة البطالن‪ .‬واختياريا‬
‫في القضايا ألاخرى عدا في ألاحوال املنصوص عليها في قانون املسطرة املدنية وخاصة إذا‬
‫كانت النيابة العامة طرفا رئيسيا وفي جميع ألاحوال ألاخرى املقررة بمقتض ى نص خاص"‪.‬‬
‫فمن خالل هذا الفصل يتضح أن املشرع تبنى مبدأ القضاء الجماعي‪ ،‬حيث تصدر‬
‫محاكم الاستئناف قراراتها مكونة من ثالثة قضاة أي رئيس ومستشارين وبمساعدة كاتب‬
‫الضبط‪ ،‬ولم يورد املشرع أي استثناء عن هذا املبدأ مما يعني ال يمكن تصور انعقاد‬
‫جلسات محاكم الاستئناف بقاض منفرد‪ ،‬وهذا خالف املحاكم الابتدائية التي تأخذ بقاعدة‬
‫القضاء الفردي‪.‬‬
‫وعلى الرغم من انعقاد جلسات محاكم الاستئناف بثالثة قضاة‪ ،‬فإنه بالنسبة لبعض‬
‫الغرف تعقد جلساتها مكونة من خمسة قضاة أي رئيس وأربعة مستشارين‪ ،‬ويتعلق ألامر‬
‫بغرفة الجنايات الاستئنافية‪ 126‬وغرفة املشورة‪.127‬‬
‫ويعتبر حضور النيابة العامة لدى محاكم الاستئناف إلزاميا في جلساتها الجنائية تحت‬
‫طائلة البطالن‪ ،128‬أما في القضايا ألاخرى ذات الطابع املدني فال يكون حضورها ضروريا‬
‫‪ - 126‬تنص الفقرة الخامسة من املادة ‪ 113‬من قانون املسطرة الجنائية على أنه‪ " :‬تنظر في الطعن باالستئناف غرفة‬
‫الجنايات الاستئنافية لدى نفس املحكمة‪ ،‬وهي مكونة من هيئة أخرى مشكلة من رئيس غرفة وأربعة مستشارين لم‬
‫يسبق لهم املشاركة في البت في القضية‪ ،‬بحضور ممثل النيابة العامة ومساعدة كاتب الضبط تحت طائلة البطالن"‪.‬‬
‫‪ - 127‬تنص املادة ‪ 91‬من قانون املحاماة على أنه ‪" :‬تبت محكمة الاستئناف بغرفة املشورة بعد استدعاء النقيب وباقي‬
‫ألاطراف لسماع مالحظاتهم وتلقي امللتمسات الكتابية للوكيل العام للملك‪.‬‬
‫تبت غرفة املشورة برئاسة الرئيس ألاول وأربعة مستشارين‪.‬‬
‫تجري املناقشات في جلسة سرية وينطق باملقرر في جلسة علنية"‪.‬‬
‫‪ - 128‬تؤكد هذا املبدأ الفقرة ألاولى من املادة ‪ 13‬من قانون املسطرة الجنائية التي جاء فيها‪" :‬تمثل النيابة العامة لدى‬
‫كل محكمة زجرية وتحضر مناقشات هيئات الحكم ويجب النطق بجميع املقررات بحضورها"‪.‬‬
‫كما تنص الفقرة ألاخيرة من املادة ‪ 103‬من قانون املسطرة الجنائية على أنه‪" :‬تعقد غرفة الجنايات جلساتها بحضور‬
‫النيابة العامة وبمساعدة كاتب الضبط وذلك تحت طائلة البطالن"‪.‬‬
‫‪61‬‬
‫عدا في ألاحوال املنصوص عليها في قانون املسطرة املدنية‪ ،‬وخاصة إذا كانت النيابة العامة‬
‫طرفا رئيسيا‪ ،‬وفي جميع ألاحوال املقررة بمقتض ى نص خاص‪.129‬‬
‫ونظرا لقلة محاكم الاستئناف‪ ،‬وتيسيرا على املتقاضين‪ ،‬يمكن ملحاكم الاستئناف أن‬
‫تعقد جلسات تنقلية بمقار املحاكم الابتدائية التابعة لدائرة نفوذها وذلك وفقا ملا نص‬
‫عليه الفصل ‪ 2‬من قانون التنظيم القضائي‪ ،‬وعلى سبيل املثال فإن محكمة الاستئناف‬
‫بأسفي تعقد جلساتها التنقلية باملحكمة الابتدائية بالصويرة‪ ،‬ومحكمة الاستئناف بمراكش‬
‫تعقد جلسات تنقلية باملحكمة الابتدائية بقلعة السراغنة‪ .‬ومحكمة الاستئناف بوجدة‬
‫تعقد جلسات تنقلية باملحكمة الابتدائية ببركان و بوعرفة‪,‬‬
‫وإلى جانب ما سبق نص املشرع على املسطرة الكتابية أمام محاكم الاستئناف‪ ،‬إذ ال‬
‫يقبل التقاض ي أمامها إال باحترام مقتضيات قانون املسطرة املدنية املتعلقة بتقديم‬
‫الدعوى بواسطة مقال مكتوب واملنصوص عليها في الفصل ‪ 172‬وما يليه‪ ،‬ما لم يتعلق‬
‫باالستثناءات التي نص عليها القانون‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬اختصاصات محاكم االستئناف‬
‫تختص محاكم الاستئناف بالنظر في الاستئنافات املرفوعة ضد أحكام املحاكم‬
‫الابتدائية (أوال)‪ ،‬إلى جانب اختصاصات أخرى تختص بها (ثانيا)‪ ،‬كما أن رئيس محكمة‬
‫الاستئناف يتمتع باختصاصات (ثالثا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬اختصاص محكمة االستئناف كمرجع استئنافي ألحكام المحاكم‬


‫االبتدائية‬
‫تنص املادة ‪ 9‬من قانون التنظيم القضائي على أنه‪" :‬تختص محكمة الاستيناف بالنظر‬
‫في ألاحكام الصادرة ابتدائيا عن املحاكم الابتدائية وكذا في جميع القضايا ألاخرى التي‬
‫تختص بالنظر فيها بمقتض ى قانون املسطرة املدنية أو قانون املسطرة الجنائية‪ ،‬أو نصوص‬
‫خاصة عند الاقتضاء"‪.‬‬

‫‪ - 129‬أنظر‪ :‬محمد بوزيان‪ ،‬دور النيابة العامة أمام املحاكم املدنية‪ ،‬مطبعة ومكتبة ألامنية‪ ،‬الرباط‪ ،‬طبعة ‪.0925‬‬

‫‪62‬‬
‫كما تنص الفقرة ألاولى من الفصل ‪ 71‬من قانون املسطرة املدنية على أنه‪" :‬تختص‬
‫محاكم الاستيناف عدا إذا كانت هناك مقتضيات قانونية مخالفة بالنظر في استيناف‬
‫أحكام املحاكم الابتدائية‪ ،‬وكذا في استيناف ألاوامر الصادرة عن رؤسائها"‪.‬‬
‫فمن خالل هذين النصين يمكن القول أن محاكم الاستئناف تنظر في مقاالت‬
‫الاستئناف املوجهة ضد أحكام املحاكم الابتدائية الصادرة ابتدائيا طبقا لقاعدة النصاب‪،‬‬
‫أي في الطلبات التي تتجاوز قيمتها عشرون ألف درهم (‪ 71111‬درهم)‪ ،130‬أو في تلك التي‬
‫تكون فيها قيمة موضوع النزاع غير محددة‪.131‬‬
‫وال يقتصر نظر محكمة الاستئناف على الاستئنافات املرفوعة ضد ألاحكام الصادرة‬
‫عن املحاكم الابتدائية‪ ،‬بل إنها تنظر أيضا في الاستئنافات املرفوعة ضد ألاوامر الصادرة عن‬
‫رؤسائها‪ ،‬كما هو الشأن بالنسبة الستئناف ألاوامر الصادرة في القضايا الاستعجالية‬
‫وألاوامر باألداء‪ ،‬وكذا ألاوامر الصادرة في نطاق الفصل ‪ 012‬من قانون املسطرة املدنية‬
‫املتعلقة باألوامر املبينة على طلب واملعاينات إذا صدرت برفض الطلب‪.‬‬
‫كما تختص محاكم الاستئناف بالنظر في بعض الاستئنافات ضد ألاحكام الصادرة عن‬
‫املحاكم الابتدائية في قضايا الجنح واملخالفات وفقا ملا نصت عليه الفقرة ألاولى من املادة‬
‫‪ 711‬من قانون املسطرة الجنائية التي جاء فيها‪ " :‬تختص غرف الجنح الاستئنافية بالنظر في‬
‫الاستئنافات املرفوعة ضد ألاحكام الصادرة ابتدائيا عن املحاكم الابتدائية"‪.‬‬
‫غير أن املشرع أضاف بموجب تعديل ‪ 7100‬فقرة جديدة لهذه املادة قلص من خاللها‬
‫من القضايا التي تختص فيها محكمة الاستئناف على وجه الاستئناف والذي أصبح قاصرا‬
‫على ألاحكام الصادرة في الجنح التي تتجاوز عقوبتها سنتين‪ ،‬أما إذا قلت عن هذه العقوبة‬
‫فاالستئناف يكون أمام غرفة الاستئنافات باملحكمة الابتدائية‪.132‬‬

‫‪ - 130‬تنص الفقرة الثانية من الفصل ‪ 09‬من قانون املسطرة املدنية على أنه‪ -" :‬وابتدائيا‪ ،‬مع حفظ حق الاستيناف‬
‫أمام املحاكم الاستينافية‪ ،‬في جميع الطلبات التي تتجاوز عشرين ألف درهم (‪ 20.000‬درهم)"‪.‬‬
‫‪ - 131‬تنص الفقرة الثالثة من الفصل ‪ 09‬من قانون املسطرة املدنية على أنه‪ -" :‬يبت ابتدائيا طبقا ألحكام الفصل ‪12‬‬
‫أعاله‪ ،‬مع حفظ حق الاستيناف أمام املحاكم الاستينافية"‪.‬‬
‫‪ - 132‬تنص الفقرة ألاخيرة من املادة ‪ 711‬من قانون املسطرة الجنائية على أنه‪ " :‬استثناء من أحكام الفقرة ألاولى‬
‫تختص غرفة الاستئنافات باملحكمة الابتدائية بالنظر في الاستئنافات املرفوعة ضد ألاحكام الصادرة ابتدائيا عن‬
‫‪63‬‬
‫ثانيا‪ :‬االختصاصات األخرى المسندة لمحاكم االستئناف‬
‫يمكن تصنيف هذه الاختصاصات على النحو التالي‪:‬‬
‫‪ – 1‬النظر في طلبات فصل تنازع االختصاص‪:‬‬
‫ينص الفصل ‪ 110‬من قانون املسطرة املدنية على أنه‪" :‬يقدم طلب الفصل في تنازع‬
‫الاختصاص بمقال أمام املحكمة ألاعلى درجة املشتركة بين املحاكم التي يطعن في أحكامها‬
‫أمامها‪ ،‬وأمام محكمة النقض إذا تعلق ألامر بمحاكم ال تخضع ألية محكمة أعلى مشتركة‬
‫بينها"‪.‬‬
‫فمن خالل هذا الفصل تنظر محاكم الاستئناف في تنازع الاختصاص سواء كان‬
‫ايجابيا أو سلبيا الذي قد يحدث بين محكمتين من محاكم الدرجة ألاولى بشأن النظر في‬
‫بعض القضايا املسطرة‪ ،‬وذلك بواسطة غرفة املشورة طبقا للفقرة ألاولى من الفصل ‪117‬‬
‫من قانون املسطرة املدنية‪ ،‬وهذا كله شريطة أن تكون محكمة الاستئناف املختصة محكمة‬
‫أعلى درجة مشتركة بين املحكمتين اللتين وقع التنازع بينهما‪ ،‬مثال أن تتنازع محكمتا ميدلت‬
‫ومحكمة الرشيدية الابتدائيتين في هذه الحالة يعود البت في هذا التنازع إلى محكمة‬
‫الاستئناف بالرشيدية باعتبارها محكمة أعلى درجة مشتركة بينهما‪.‬‬
‫‪ – 2‬النظر في بعض القضايا بموجب نصوص خاصة‪:‬‬
‫ومن ألامثلة على ذلك النظر في الطعون املقدمة ضد املقررات الصادرة عن مجلس‬
‫هيئة املحامين سواء تعلق ألامر بالقرارات التأديبية أو بقرارات تحديد ألاتعاب‪ ،‬وكذا في‬
‫انتخاب النقيب ومجلس الهيئة التابعة لدائرتها القضائية‪ ،‬وذلك وفقا ملا هو مقرر في‬
‫املادتين ‪ 91‬و ‪ 91‬من القانون املنظم ملهنة املحاماة‪.‬‬
‫‪ – 3‬النظر في الجنايات‪:‬‬
‫من أهم الاختصاصات التي تطلع بها محاكم الاستئناف هو البت في الجنايات التي‬
‫تخرج أصال عن اختصاص املحاكم الابتدائية‪ ،‬وفي هذا الصدد أحدثت لدى محاكم‬
‫الاستئناف غرفتان للجنايات‪ ،‬ألاولى غرفة جنايات ابتدائية تبت بصفة ابتدائية في جرائم‬

‫املحاكم الابتدائية في قضايا املخالفات املشار إليها في املادة ‪ 195‬بعده‪ ،‬وفي القضايا الجنحية التي ال تتجاوز عقوبتها‬
‫سنتين حبسا وغرامة أو إحدى هاتين العقوبتين فقط"‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫الجنايات‪ ،‬والثانية هي غرفة الجنايات الاستئنافية الحديثة العهد بالتشريع املغربي بموجب‬
‫قانون املسطرة الجنائية‪ ،‬والتي تبت في استئناف قرارات غرفة الجنايات الابتدائية ‪.‬‬
‫‪ – 4‬اختصاص الغرفة الجنحية‪:‬‬
‫طبقا للمادة ‪ 710‬من قانون املسطرة الجنائية فإن هذه الغرفة تختص بالنظر في‬
‫ألاتي‪:‬‬
‫‪ -‬طلبات إلافراج املؤقت املقدم إليها مباشرة‪ ،‬وتدابير الوضع تحت املراقبة القضائية‪.‬‬
‫‪ -‬طلبات بطالن إجراءات التحقيق املنصوص عليها في املواد ‪ 701‬إلى ‪ 701‬من قانون‬
‫املسطرة الجنائية املتمثلة في إجراءات الحضور ألاول للمتهم قصد استنطاقه وإجراءات‬
‫حضور املحامي أثناء الاستنطاقات واملواجهات‪ ،‬وإجراءات التفتيش املنظمة في املواد ‪ 19‬و‬
‫‪ 51‬و ‪ 57‬و ‪ 010‬من قانون املسطرة الجنائية‪.‬‬
‫‪ -‬الاستئنافات املرفوعة ضد أوامر قاض ي التحقيق طبقا للمادة ‪ 77‬وما يليها من قانون‬
‫املسطرة الجنائية‪.‬‬
‫‪ -‬كل إخالل منسوب لضابط من ضباط الشرطة القضائية خالل مزولته ملهامه‪.‬‬
‫‪ -‬البت في طلبات رد الاعتبار القضائي طبقا للفقرة ألاخيرة من املادة ‪ 523‬من قانون‬
‫املسطرة الجنائية‪.‬‬
‫وإضافة إلى هذه الاختصاصات التي تتمتع بها الغرفة الجنحية‪ ،‬أسند املشرع لرئيس‬
‫هذه الغرفة سلطات خاصة‪ ،‬تتمثل في التحقق من حسن سير مكاتب التحقيق التابعة‬
‫لنفوذ محكمة الاستئناف‪ ،‬والعمل على أن ال تتأثر املسطرة بأي تأخير غير مبرر‪ 133،‬والقيام‬
‫بزيارة املؤسسات السجنية التابعة لنفوذ محكمة الاستئناف مرة كل ثالثة أشهر على ألاقل‪،‬‬
‫والتحقق من حالة املتهمين املوجودين في حالة اعتقال احتياطي‪.134‬‬
‫‪ – 5‬اختصاص أقسام الجرائم المالية‪:‬‬

‫‪ - 133‬املادة ‪ 712‬من قانون املسطرة الجنائية‪.‬‬


‫‪ - 134‬املادة ‪ 719‬من قانون املسطرة الجنائية‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫تنص املادة ‪ 751-0‬من قانون املسطرة الجنائية على أنه‪" :‬استثناء من قواعد‬
‫الاختصاص املنصوص عليها في هذا الفرع تختص أقسام الجرائم املالية بمحاكم الاستئناف‬
‫املحددة واملعينة دوائر نفوذها بمرسوم‪ ،‬بالنظر في الجنايات املنصوص عليها في الفصول‬
‫‪ 710‬إلى ‪ 715‬من القانون الجنائي وكذا الجرائم التي ال يمكن فصلها عنها أو املرتبطة بها"‪.‬‬
‫ويتضح من هذه املادة أن أقسام الجرائم املالية بمحاكم الاستئناف املحددة تختص‬
‫في الجرائم التي كانت تختص فيها محكمة العدل الخاصة امللغاة‪ ،‬وهي جرائم كلها جنايات‬
‫ذات طبيعة مالية‪ ،‬تتمثل في أربع جنايات هي الاختالس والغدر الذي يرتكبه املوظفون‬
‫والرشوة واستغالل النفوذ‪ ،‬غير أنه إذا كانت هناك جنح أو مخالفات ال يمكن فصلها عن‬
‫الجنايات ألاربع املذكورة أو مرتبطة بها ولو لم تكن مالية فإن أقسام الجرائم املالية‬
‫بمحكمة الاستئناف تبت في الجميع‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬اختصاصات رئيس محكمة االستئناف‬


‫يختص الرئيس ألاول ملحكمة الاستئناف بالقضاء الاستعجالي عندما يكون نزاع‬
‫الجوهر معروضا على محكمة الاستئناف وفقا ملا جاء في الفقرة الثالثة من الفصل ‪ 019‬من‬
‫قانون املسطرة املدنية "إذا كان النزاع معروضا على محكمة الاستيناف مارس هذه املهام‬
‫رئيسها ألاول"‪.‬‬
‫فاختصاص الرئيس ألاول ملحكمة الاستئناف مقيد بضرورة عرض نزاع الجوهر على‬
‫محكمة الاستئناف ‪ -‬كما في حالة الطعن في الحكم الابتدائي باالستئناف – ويبدأ هذا‬
‫الاختصاص بمجرد تسجيل مقال الاستئناف لدى املحكمة الابتدائية‪ ،‬وينتهي حتما بصدور‬
‫القرار الاستئنافي‪.‬‬
‫وهكذا يمكن ملن يهمه ألامر من ألاطراف أن يعرض على الرئيس ألاول طلب اتخاذ‬
‫إجراء من إلاجراءات الوقتية في انتظار الفصل في الطعن كلما توفر عنصر الاستعجال‪،‬‬
‫ويمارس الرئيس ألاول هذا الاختصاص وفقا ملا هو مقرر للقضاء الاستعجالي من قواعد‬
‫‪135‬‬
‫وشروط (توافر عنصر الاستعجال وعدم املساس بجوهر النزاع)‪.‬‬

‫‪ - 135‬عبد العزيز حضري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.010‬‬

‫‪66‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬محاكم االستئناف التجارية‬
‫إلى جانب املحاكم التجارية من الدرجة ألاولى‪ ،‬أحدث املشرع كدرجة ثانية للتقاض ي في‬
‫امليدان التجاري‪ ،‬محاكم الاستئناف التجارية‪ ،‬وحدد تنظيمها (الفقرة ألاولى) واختصاصاتها‬
‫(الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬تنظيم محاكم االستئناف التجارية‬
‫تنص املادة ‪ 1‬من قانون إحداث املحاكم التجارية على أنه‪" :‬تتكون محكمة الاستئناف‬
‫التجارية من‪:‬‬
‫‪ -‬رئيس أول ورؤساء غرف ومستشارين؛‬
‫‪ -‬نيابة عامة تتكون من وكيل عام للملك ونواب له؛‬
‫‪ -‬كتابة ضبط وكتابة للنيابة العامة‪.‬‬
‫يجوز أن تقسم محكمة الاستئناف التجارية إلى عدة غرف بحسب طبيعة القضايا‬
‫املعروضة عليها‪ ،‬غير أنه يمكن لكل غرفة أن تبحث وتحكم في القضايا املعروضة على‬
‫املحكمة"‪.‬‬
‫يتضح من هذه املادة أن محاكم الاستئناف التجارية تتكون من رئيس أول ورؤساء‬
‫غرف ومستشارين يمثلون قضاة الحكم ومن نيابة عامة مشكلة من الوكيل العام للملك‬
‫ونواب له‪ ،‬إضافة إلى كتابة الضبط وكتابة للنيابة العامة‪.‬‬
‫ويمكن تقسيم محاكم الاستئناف إلى عدة غرف بحسب طبيعة القضايا الرائجة في‬
‫املحكمة‪ ،‬ويمكن لكل غرفة أن تبحث في القضايا املعروضة على املحكمة‪.‬‬
‫وتعقد محاكم الاستئناف التجارية وتصدر أحكامها شأنها شأن املحاكم التجارية‬
‫بواسطة هيئة من ثالثة قضاة رئيس وبمساعدة كاتب الضبط ما لم ينص القانون على‬
‫خالف ذلك‪ 136،‬كما أن املسطرة املتبعة أمام هذه املحاكم هي املسطرة الكتابية طبقا‬
‫ملقتضيات املادة ‪ 02‬من قانون إحداث املحاكم التجارية‪.‬‬

‫‪ - 136‬املادة ‪ 1‬من قانون إحداث املحاكم التجارية‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫وعموما وحسب الفقرة الثانية من املادة ‪ 09‬من قانون إحداث املحاكم التجارية فإن‬
‫قواعد قانون املسطرة املدنية هو املطبق ما لم يرد نص خالف ذلك‪.‬‬
‫وتجدر إلاشارة أن عدد محاكم الاستئناف التجارية يبلغ ثالثة محاكم يتواجد مقارها‬
‫بكل من الدار البيضاء ومراكش وفاس‪ ،‬وفق ما نصت عليه املادة ألاولى من مرسوم ‪72‬‬
‫أكتوبر ‪ 0993‬املحدد لعدد املحاكم التجارية ومحاكم الاستئناف التجارية ومقارها ودوائر‬
‫اختصاصها‪.‬‬
‫وتجدر إلاشارة أن مشروع قانون التنظيم القضائي قد تضمن بعض املستجدات فيما‬
‫يتعلق بالتنظيم الهيكلي ملحاكم الاستئناف التجارية‪ ،‬وذلك بإحداث مكتب باملحكمة‬
‫ومنصب الكاتب العام‪ ،‬ووجود نائب للوكيل العام للملك معين من طرف الوكيل العام‬
‫ملحكمة الاستئناف ‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬اختصاصات محاكم االستئناف التجارية‬
‫تنص املادة ‪ 02‬من قانون إحداث املحاكم التجارية على أنه‪ " :‬تستأنف ألاحكام‬
‫الصادرة عن املحكمة التجارية داخل أجل خمسة عشر يوما (‪ )01‬من تاريخ تبليغ الحكم‬
‫وفقا لإلجراءات املنصوص عليها في الفصل ‪ 011‬وما يليه إلى الفصل ‪ 010‬من قانون‬
‫املسطرة املدنية‪ ،‬مع مراعاة الفقرة الثانية من املادة ‪ 2‬من هذا القانون‪.‬‬
‫يقدم مقال الاستئناف إلى كتابة ضبط املحكمة التجارية‪.‬‬
‫يتعين على كتابة الضبط أن ترفع مقال الاستئناف مع املستندات املرفقة إلى كتابة‬
‫ضبط محكمة الاستئناف التجارية املختصة خالل أجل أقصاه خمسة عشر يوما (‪ )01‬من‬
‫تاريخ تقديم املقال الاستئنافي"‪.‬‬
‫من خالل هذه املادة يتضح أن محاكم الاستئناف التجارية تبت في استئناف أحكام‬
‫املحاكم التجارية شريطة أن تتجاوز قيمة النزاع فيها ‪ 71111‬درهم مادام أن اختصاص‬
‫املحاكم التجارية وفقا للمادة ‪ 5‬من قانون إحداث املحاكم التجارية تختص بالنظر في‬
‫الطلبات ألاصلية التي تتجاوز هذا املبلغ‪.‬‬
‫كما أسند قانون حماية امللكية الصناعية ملحكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء‬
‫اختصاصا فريدا من نوعه وتستقل به عن غيرها من محاكم الاستئناف التجارية ألاخرى‪،‬‬
‫ويكمن هذا الاختصاص في طلبات إلغاء مقررات املكتب املغربي للملكية الصناعية‬
‫‪68‬‬
‫املنصوص عليه في املادة ‪ 012‬من قانون امللكية الصناعية حيث جاء في املادة ‪ 1-012‬على‬
‫أنه‪" :‬تختص محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء بالبت في الطعون املشار إليها في‬
‫الفقرة ألاولى من املادة ‪ 1-012‬أعاله املقدمة ضد القرارات الصادرة عن الهيئة املكلفة‬
‫بامللكية الصناعية"‪.‬‬
‫كما تستأنف أمام محاكم الاستئناف التجارية أيضا أوامر رئيس املحكمة التجارية التي‬
‫يصدرها في نطاق الفصل ‪ 012‬من قانون املسطرة املدنية القابلة منها لالستئناف وفي‬
‫‪137‬‬
‫قضايا املستعجالت وكذا في قضايا ألاوامر باألداء‪.‬‬
‫وتجدر إلاشارة في ألاخير أن الرئيس ألاول ملحكمة الاستئناف التجارية يختص بصفته‬
‫قاضيا للمستعجالت باألمر بكل التدابير التي ال تمس أية منازعة جدية‪ ،‬بمعنى أنه يكون‬
‫مختصا بالبت في القضايا الاستعجالية لكن شريطة أن يكون النزاع معروضا على محكمة‬
‫الاستئناف التجارية‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬محاكم االستئناف اإلدارية‬
‫اقتصر املشرع املغربي عند إحداثه لقضاء إداري سنة ‪ 0991‬على املحاكم إلادارية‬
‫الابتدائية‪ ،‬والتي كانت أحكامها تستأنف أمام الغرفة إلادارية باملجلس ألاعلى (محكمة‬
‫النقض حاليا)‪.‬‬
‫وقد ظلت هذه الوضعية مستمرة إلى غاية صدور القانون ‪ 21.11‬الصادر بتنفيذه‬
‫الظهير الشريف رقم ‪ 0.15.13‬املؤرخ في ‪ 01‬فبراير ‪ 138،7115‬حيث ثم بموجبه إحداث‬
‫محاكم الاستئناف إلادارية وقد حدد املشرع من خالله تكوينها وتنظيمها (الفقرة ألاولى)‬
‫والاختصاصات املسندة إليها (الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬تنظيم محاكم االستئناف اإلدارية‬
‫تنص املادة ‪ 7‬من قانون إحداث محاكم الاستئناف إلادارية على أنه‪" :‬تتكون محكمة‬
‫الاستئناف إلادارية من‪:‬‬
‫رئيس أول ورؤساء غرف ومستشارين‪.‬‬

‫‪ - 137‬محمد كرم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.075‬‬


‫لجريدة الرسمية عدد ‪ 1071‬بتاريخ ‪ 17‬محرم ‪ 10( 2714‬فبراير ‪،) 1335‬ص ‪.773‬‬
‫‪ - 138‬منشور با‬

‫‪69‬‬
‫كتابة ضبط‪.‬‬
‫يجوز أن تقسم محكمة الاستئناف إلادارية إلى عدة غرف حسب أنواع القضايا‬
‫املعروضة عليها‪.‬‬
‫ويعين الرئيس ألاول ملحكمة الاستئناف إلادارية من بين املستشارين مفوضا ملكيا أو‬
‫أكثر للدفاع عن القانون والحق باقتراح من الجمعية العمومية‪ 139‬ملدة سنتين قابلة‬
‫للتجديد"‪.‬‬
‫من خالل هذا النص يتضح أن محاكم الاستئناف إلادارية‪ 140‬تتكون من رئيس أول‬
‫ورؤساء غرف ومستشارين ومن مفوض امللكي‪ 141‬أو أكثر الذي يعينه الرئيس ألاول ملحكمة‬
‫الاستئناف إلادارية‪ ،‬مهمته الدفاع عن الحق والقانون‪ ،‬إلى جانب كتابة الضبط‪ ،‬كما يمكن‬
‫ملحكمة الاستئناف إلادارية أن تقسم إلى عدة غرف حسب نوعية القضايا املعروضة‬
‫‪142‬‬
‫عليها‪.‬‬
‫ونشير أن مشروع قانون التنظيم القضائي قد أستحدث جهاز مكتب املحكمة‬
‫ومنصب الكاتب العام ‪.‬‬
‫وتعقد محاكم الاستئناف جلساتها وتصدر قراراتها عالنية وهي متركبة من ثالثة قضاة‬
‫من بينهم رئيس‪ ،‬إضافة إلى كتابة الضبط وبحضور املفوض امللكي للدفاع على القانون‬

‫‪ -139‬تتكون الجمعية العامة ملحاكم الاستئناف إلادارية من مستشاري هذه املحاكم ومن املفوضين امللكيين للدفاع عن القانون والحق العاملين بها‪ ،‬طبقا للمادة الثالثة من املرسوم‬

‫رقم‪.1.35.214‬‬

‫‪ - 140‬تم تحديد عدد محاكم الاستئناف إلادارية في اثنين (‪ )7‬وعين مقرهما بالرباط ومراكش في الجدول بمقتض ى‬
‫مرسوم رقم ‪ 1.35.214‬صادر في ‪ 17‬من جمادى آلاخرة ‪ 11( 2714‬يوليو ‪ )1335‬بتحديد عدد محاكم الاستئناف إلادارية ومقارها ودوائر‬
‫ال‬ ‫املادة ألاولى من ال‬
‫اختصاصها؛الجريدة الرسمية عدد ‪ 1774‬بتاريخ ‪ 27‬رجب ‪ 27( 2714‬أغسطس ‪ ،)1335‬ص ‪.1331‬‬

‫‪ - 141‬يالحظ أن مدة تعيين املفوض امللكي بمحكمة الاستئناف إلادارية إذا كانت محددة في سنتين كما هو الشأن‬
‫بالنسبة للمحكمة إلادارية‪ ،‬فإنهما يختلفان من حيث القابلية للتجديد‪ ،‬فإذا كانت املادة ‪ 7‬من قانون إحداث محاكم‬
‫الاستئناف إلادارية تسمح بتجديد مدة التعيين‪ ،‬فإن ألامر على خالف ذلك بالنسبة للمادة ‪ 7‬من قانون إحداث‬
‫املحاكم إلادارية التي تحدد مدة التعيين في سنتين دون التنصيص على قابليتها للتجديد‪.‬‬
‫‪ - 142‬محمد ألاعرج‪ ،‬محاكم الاستئناف إلادارية‪ ،‬قراءة في مقتضيات القانون‪ ،‬سلسلة مواضيع الساعة‪ ،‬العدد ‪،11‬‬
‫السنة ‪ ،7113‬ص ‪.71‬‬
‫‪70‬‬
‫والحق‪ 143،‬والذي يدلي بمستنتجاته الشفوية والكتابية في كل قضية على حدة بالجلسة‬
‫‪144‬‬
‫العامة إلى هيئة الحكم‪ ،‬إال أنه ال يشارك في املداوالت‪.‬‬
‫كما أن املسطرة أمام هذه املحاكم كتابية حيث يمارس الاستئناف أمامها بواسطة‬
‫مقال مكتوب موقع عليه من قبل محام‪ ،‬ما لم يكن ألامر يتعلق بالدولة وإلادارات‬
‫العمومية‪ ،‬إذ يكون تنصيب محام أمرا اختياريا‪.‬‬
‫‪145‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬اختصاصات محاكم االستئناف اإلدارية‬


‫تنص املادة ‪ 1‬من قانون إحداث محاكم الاستئناف إلادارية على أنه‪" :‬تختص محاكم‬
‫الاستئناف إلادارية بالنظر في استئناف أحكام املحاكم إلادارية وأوامر رؤسائها ما عدا إذا‬
‫كانت هناك مقتضيات قانونية مخالفة"‪.‬‬
‫من خالل هذه املادة تختص محاكم الاستئناف إلادارية بالنظر في استئناف أحكام‬
‫املحاكم إلادارية وأوامر رؤسائها‪ ،‬ما لم تكن هناك مقتضيات قانونية مخالفة‪.‬‬
‫كما يختص الرئيس ألاول ملحكمة الاستئناف إلادارية بالبت في القضايا الاستعجالية‬
‫إذا كان النزاع معروضا على محكمة الاستئناف إلادارية وفقا ملا جاء في املادة ‪ 5‬من قانون‬
‫إحداث محاكم الاستئناف إلادارية " يمارس الرئيس ألاول ملحكمة الاستئناف إلادارية أو‬
‫نائبه مهام قاض ي املستعجالت إذا كان النزاع معروضا عليها"‪.‬‬
‫كما يحق للرئيس ألاول أيضا منح املساعدة القضائية لطالبها إذا توفرت الشروط‬
‫املنصوص عليها في املرسوم امللكي لسنة ‪ ، 0955‬هذا ما نصت عليه املادة ‪ 3‬من قانون‬
‫إحداث محاكم الاستئناف إلادارية التي جاء فيها‪ " :‬يجوز للرئيس ألاول ملحكمة الاستئناف‬
‫إلادارية أن يمنح املساعدة القضائية لطالبها طبقا للشروط املنصوص عليها في املرسوم‬

‫‪ - 143‬آمال املشرفي‪ ،‬إحداث محاكم الاستئناف إلادارية‪ ،‬نحو ازدواجية القضاء والقانون‪ ،‬املجلة املغربية لإلدارة‬
‫املحلية والتنمية‪ ،‬العدد ‪ ،11‬السنة ‪ ،7113‬ص ‪ 10‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ - 144‬املادة ‪ 1‬من قانون إحداث محاكم الاستئناف إلادارية‪.‬‬
‫‪ - 145‬ثورية لعيوني‪ ،‬تنظيم القضاء إلاداري املغربي على ضوء قانون محاكم الاستئناف إلادارية رقم ‪ ، 21.11‬املجلة‬
‫املغربية لإلدارة املحلية والتنمية‪ ،‬العدد ‪ ,59‬ص ‪,00‬‬
‫‪71‬‬
‫امللكي رقم ‪ 101.51‬بتاريخ ‪ 03‬من رجب ‪( 0125‬فاتح نوفمبر‪ )0955‬بمثابة قانون يتعلق‬
‫باملساعدة القضائية"‪.146‬‬
‫المبحث الثالث ‪ :‬محكمة النقض والمحاكم االستثنائية‬
‫تعتبر محكمة النقض أعلى جهاز قضائي باملغرب‪ ،‬حيث يمارس مهمة الرقابة على‬
‫محاكم املوضوع‪ ،‬وقد نظم املشرع محكمة النقض قي قانون التنظيم القضائي‪ ،‬حيث حدد‬
‫تأليفه واختصاصاته‪.‬‬
‫كما أنشأ املشرع محاكم استثنائية للنظر في بعض القضايا الخاصة‪ ،‬إال أن املالحظ‬
‫كون املشرع يتجه إلى إلغاء املحاكم الاستثنائية‪ ،‬وهذا ما يتضح من خالل إلغاءه لبعض‬
‫املحاكم الاستثنائية ولم يبقى منها سوى املحكمة العسكرية‪ ،‬حيث قام املشرع بسن قانون‬
‫جديد بها حدد تأليفها واختصاصاتها‪.‬‬
‫وهكذا ومن أجل الحديث عن محكمة النقض واملحاكم الاستثنائية‪ ،‬سأقسم هذا‬
‫املبحث إلى مطلبين على الشكل التالي‪:‬‬
‫املطلب ألاول‪ :‬محكمة النقض‬
‫املطلب الثاني‪ :‬املحكمة العسكرية‬
‫المطلب األول‪ :‬محكمة النقض‬
‫أحدث املجلس ألاعلى بتاريخ ‪ 73‬شتنبر ‪ ،0913‬وهو أعلى جهاز قضائي في املغرب‪،‬يوجد‬
‫‪147‬‬
‫مقره في الرباط‪ ،‬وقد ثم تغيير تسميته إلى محكمة النقض بمقتض ى القانون ‪12.00‬‬
‫الصادر بتاريخ ‪ 71‬أكتوبر ‪ ،7100‬الذي قض ى بإحالل عبارة " محكمة النقض" محل عبارة‬
‫"املجلس ألاعلى"‪.‬‬
‫‪ -146‬أنظر مرسوم ملكي رقم ‪ 127-51‬بتاريخ ‪ 24‬رجب ‪ 2015‬بمثابة قانون يتعلق باملساعدة القضائية؛ الجريدة الرسمية عدد ‪ 1113‬بتاريخ ‪ 0‬شعبان ‪ 25( 2015‬نونبر‬

‫‪ ،)2755‬ص ‪1047‬؛كما تم تغييره بمقتض ى املادة ‪ 21‬من الظهير الشريف رقم ‪ 2.71.113‬الصادر في ‪ 7‬رجب ‪ 17( 2720‬ديسمبر ‪ )2771‬املعتبر بمثابة قانون املالية لسنة‬

‫‪2770‬؛ الجريدة الرسمية عدد ‪ 7210‬بتاريخ ‪ 1‬رجب ‪ 03( 2720‬ديسمبر ‪ ،)2771‬ص ‪.2105‬‬

‫‪ - 147‬قانون رقم ‪ 12.00‬يتعلق بمحكمة النقض الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 0.00.031‬بتاريخ ‪ 71‬أكتوبر‬
‫‪ 7100‬يغير بموجبه الظهير الشريف رقم ‪ 0.13.771‬الصادر بتاريخ ‪ 73‬شتنبر ‪ 0913‬بشأن املجلس ألاعلى‪ ،‬املنشور‬
‫بالجريدة الرسمية عدد ‪ 1929‬مكرر بتاريخ ‪ 75‬أكتوبر ‪ ،7100‬ص ‪.1772‬‬
‫‪72‬‬
‫و ال تعتبر محكمة النقض‪ ،148‬درجة من درجات التقاض ي‪ ،‬بل هي محكمة قانون‬
‫مهمتها الرئيسية مراقبة تطبيق محاكم املوضوع للقانون عند بتها في القضايا املعروضة‬
‫عليها‪ ،‬ولتحقيق ذلك عمل املشرع املغربي على تنظيم هذه املحكمة (الفقرة ألاولى) وتحديد‬
‫اختصاصاتها (الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬تنظيم محكمة النقض‬
‫لإلحاطة بهذا املوضوع سأتناول تأليف محكمة النقض (أوال)‪ ،‬وأتحدث على املسطرة‬
‫أمام محكمة النقض (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تأليف محكمة النقض‬


‫ينص الفصل ‪ 01‬من قانون التنظيم القضائي على أنه‪" :‬يرأس محكمة النقض رئيس‬
‫أول‪ .‬ويمثل النيابة العامة فيها الوكيل العام للملك يساعده املحامون العامون‪.‬‬
‫تشتمل محكمة النقض على رؤساء غرف ومستشارين وتشتمل أيضا على كتابة‬
‫الضبط وعلى كتابة النيابة العامة‪.‬‬
‫تنقسم إلى ست غرف‪ :‬غرفة مدنية تسمى الغرفة ألاولى وغرفة لألحوال الشخصية‬
‫وامليراث وغرفة تجارية‪ 149‬وغرفة إدارية وغرفة اجتماعية وغرفة جنائية‪.‬‬
‫يرأس كل غرفة رئيس الغرفة‪ ،‬ويمكن تقسيمها إلى أقسام‪.‬‬
‫يمكن لكل غرفة أن تبحث وتحكم في جميع القضايا املعروضة على املحكمة أيا كان‬
‫نوعها"‪.‬‬

‫‪ - 148‬تم إحداث محكمة النقض – املجلس ألاعلى سابقا – وتعيين مقرها بمدينة الرباط بموجب الفصل ألاول من‬
‫الظهير الشريف رقم ‪ 0.13.771‬بتاريخ ‪ 7‬ربيع ألاول ‪ 73( 0133‬شتنبر ‪ )0913‬بشأن املجلس ألاعلى؛ الجريدة الرسمية‬
‫عدد ‪ 7113‬بتاريخ ‪ 71‬ربيع ألاول ‪ 02( 0133‬أكتوبر‪ ،)0913‬ص ‪ ،7711‬كما تم تغييره وتتميمه‪.‬‬
‫‪ -‬حلت عبارة محكمة النقض محل عبارة املجلس ألاعلى وذلك بمقتض ى مادة فريدة من القانون ‪ 00.12‬الصادر‬
‫بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 0.00.031‬بتاريخ ‪ 73‬من ذي القعدة ‪ 71( 0117‬أكتوبر ‪)7100‬؛ الجريدة الرسمية عدد‬
‫‪ 1929‬مكرر بتاريخ ‪ 72‬ذو القعدة ‪ 75( 0117‬أكتوبر ‪ ،)7100‬ص ‪.1772‬‬
‫‪ - 149‬تم تغيير وتتميم أحكام الفقرة ‪ 1‬بمقتض ى املادة ‪ 71‬من القانـون رقم ‪ 11.91‬القاض ي بإحداث محاكم تجارية‬
‫الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 0.93.51‬بتاريخ ‪ 1‬شوال ‪ 07( 0103‬فبراير ‪ ،)0993‬سالف الذكر‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫وهكذا فطبقا للفصل ‪ 01‬أعاله‪ ،‬تتكون محكمة النقض (املجلس ألاعلى سابق)‪ ،‬من‬
‫رئيس أول ووكيل عام للملك يمثل النيابة العامة‪ ،‬ومن رؤساء غرف ومستشارين وأيضا‬
‫كتابة للضبط وكتابة للنيابة العامة‪.‬‬
‫فرئاسة املحكمة تشمل كل من الرئيس ألاول والغرف ورؤساء الغرف واملستشارين‪،‬‬
‫أما النيابة العامة فتتكون من الوكيل العامة للمحكمة واملحامين العامين‪ ،‬هذا باإلضافة إلى‬
‫كتابة الضبط وكتابة النيابة العامة‪.‬‬
‫كما تقسم محكمة النقض إلى غرف حددها املشرع في ست غرف وهي ‪ :‬الغرفة املدنية‬
‫وتسمى أيضا بالغرفة ألاولى‪ ،‬وغرفة ألاحوال الشخصية وامليراث‪ ،‬والغرفة الجنائية‪ ،‬والغرفة‬
‫الاجتماعية‪ ،‬والغرفة إلادارية‪ ،‬والغرفة التجارية‪ ،‬ويرأس كل غرفة رئيس‪ ،‬ويمكن تقسيمها‬
‫إلى أقسام‪ ،‬على أنه يجوز لكل غرفة أن تبحث في جميع القضايا املعروضة على املحكمة أيا‬
‫‪150‬‬
‫كان نوعها‪.‬‬
‫وينظم املصلحة الداخلية ملحكمة النقض ويوزع املهام فيها مكتب املحكمة‪ 151،‬وفقا‬
‫للفصل ‪ 1‬من املرسوم رقم ‪ 7.31.192‬الذي جاء فيه‪" :‬ينظم املصلحة الداخلية للمحاكم ‪:‬‬
‫بالنسبة إلى املجلس ألاعلى‪ ،‬مكتبه؛‬
‫بالنسبة ملحاكم الاستيناف واملحاكم الابتدائية‪ ،‬جمعيتها العامة"‪.‬‬
‫ويتألف مكتب محكمة النقض حسب ما تضمنه الفصل ‪ 1‬من املرسوم ‪7.31.192‬‬
‫الذي جاء فيه‪" :‬يتألف مكتب املجلس ألاعلى من ‪:‬‬
‫‪ .0‬الرئيس ألاول ؛‬
‫‪ .7‬رئيس كل غرفة وأقدم مستشار فيها ؛‬
‫‪ .1‬الوكيل العام للملك ؛‬
‫‪ .1‬قيدوم املحامين العامين‪.‬‬
‫يحضر رئيس كتابة الضبط اجتماعات املكتب"‪.‬‬

‫‪ - 150‬عبد القادر الرافعي‪ ،‬املجلس ألاعلى كمحكمة للنقض املدني‪ ،‬وسائل التحكم في العمل بين التقنين وعدم‬
‫الجدوى‪ ،‬دار القلم‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة ألاولى‪ ،7111 ،‬ص ‪.31‬‬
‫‪ - 151‬هذا خالف محاكم املوضوع التي تتولى مهمة تنظيم وتوزيع املهام داخلها الجمعية العمومية‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫ويجتمع املكتب خالل الخمسة عشر يوما ألاولى من شهر دجنبر لتوزيع القضاة‬
‫والقضايا بين مختلف الغرف كما يحدد عدد أقسامها عند الاقتضاء وكذا أيام وساعات‬
‫الجلسات‪ ،‬كما يمكن للمكتب أن يجتمع كلما دعت الحاجة إلى ذلك متى اعتبر الرئيس‬
‫‪152‬‬
‫ألاول ذلك مفيدا أو بطلب من الوكيل العام للملك‪.‬‬
‫وتجدر إلاشارة أن مشروع قانون التنظيم القضائي رقم ‪ 12.01‬تضمن منصب جديد‬
‫بمحكمة النقض هو الكتاب العام للمحكمة‪ ،‬إضافة إلى خلق غرفة سابعة تسمى الغرفة‬
‫العقارية‪ 153،‬كما أصبحت تتألف محكمة النقض إلى جانب رئيس ألاول ورؤساء الغرف‬
‫‪154‬‬
‫واملستشارين من مستشارين مساعدين‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬المسطرة أمام محكمة النقض‬


‫ينص الفصل ‪ 00‬من قانون التنظيم القضائي على أنه‪" :‬تعقد محكمة النقض‬
‫جلساتها وتصدر قراراتها من طرف خمسة قضاة بمساعدة كاتب الضبط ما لم ينص‬
‫القانون على خالف ذلك‪.‬‬
‫يعتبر حضور النيابة العامة إلزاميا في سائر الجلسات"‪.‬‬
‫من خالل هذا الفصل يتضح أن محكمة النقض تنظر في القضايا املعروضة عليها‬
‫وهي مكونة من هيئة جماعية تتمثل في خمسة قضاة وبمساعدة كاتب الضبط‪ ،‬وهذا ما‬
‫أكدته أيضا الفقرة ألاول من الفصل ‪ 130‬من قانون املسطرة املدنية التي جاء فيه‪ ":‬ال‬
‫تحكم غرف محكمة النقض بصفة قانونية إال إذا كانت الهيئة مكونة من خمسة قضاة"‪.‬‬
‫ولعل السبب من اشتراط هذا العدد يرجع إلى الدور الهام امللقى على محكمة النقض‬
‫خاصة على مستوى توحيد الاجتهاد القضائي‪ ،‬فوجود خمسة قضاة من ذوي التجربة ينبثق‬
‫‪155‬‬
‫عنه اجتهادا قضائيا يحظى بالقبول من طرف محاكم املوضوع‪.‬‬

‫‪ - 152‬أنظر الفصل ‪ 1‬من املرسوم ‪ 7.31.192‬السالف الذكر‬


‫‪ - 153‬املادة ‪ 21‬من مشروع قانون التنظيم القضائي‪.‬‬
‫‪ - 154‬املادة ‪ 21‬من مشروع التنظيم القضائي‪.‬‬
‫‪ - 155‬عبد اللطيف هداية هللا‪ ،‬الحاجة إلى توحيد اجتهاد املجلس ألاعلى من خالل استعراض بعض تطبيقاته‪ ،‬املجلة‬
‫املغربية لقانون واقتصاد التنمية‪ ،‬العدد ‪ ،03‬ص ‪.010‬‬
‫‪75‬‬
‫وعليه ال يجوز ملحكمة النقض أن تبت في القضايا إال من طرف القضاء الجماعي‬
‫(خمسة قضاة)‪ ،‬وليس ثمة مجال لتطبيق القضاء الفردي‪ ،‬بل إن املشرع أعطى في بعض‬
‫الحاالت للرئيس ألاول ملحكمة النقض ولرئيس الغرفة املعروض عليها القضية وللغرفة‬
‫نفسها إمكانية إحالة الحكم في أية قضية على هيأة قضائية مشكلة من غرفتين‬
‫مجتمعتين‪ ،‬أي أن التشكيلة في هذه الحالة تتكون من عشرة قضاة وليس خمسة فحسب‪،‬‬
‫بل ويمكن أن تبت جميع الغرف في بعض القضايا التي تقتض ي بطبيعتها ذلك‪ 156،‬طبقا‬
‫للفصل ‪ 130‬من قانون املسطرة املدنية‪.‬‬
‫كما يعتبر حضور النيابة العامة إلزاميا في سائر جلسات محكمة النقض وهو ما من‬
‫شأنه أن يحقق نفس ألاهداف املتمثل في توحيد الاجتهاد القضائي من خالل ملتمساتها‬
‫الرامية إلى التطبيق السليم للقانون‪.‬‬
‫وتجدر إلاشارة أن الطعن بالنقض أمام محكمة النقض البد من تقديمه في شكل‬
‫مقال مكتوب موقع عليه من طرف محام مقبول للترافع أمام محكمة النقض‪ 157،‬وبذلك‬
‫‪158‬‬
‫يكون املشرع قد عمد إلى لزوم سلوك املسطرة الكتابية‪.‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬اختصاصات محكمة النقض‬
‫ينص الفصل ‪ 111‬من قانون املسطرة املدنية على أنه‪ " :‬تبت محكمة النقض ما لم‬
‫يصدر نص صريح بخالف ذلك في‪:‬‬
‫‪ -0‬الطعن بالنقض ضد ألاحكام الانتهائية الصادرة عن جميع محاكم اململكة‬
‫باستثناء‪ :‬الطلبات التي تقل قيمتها عن عشرين ألف (‪ )71.111‬درهم والطلبات املتعلقة‬
‫باستيفاء واجبات الكراء والتحمالت الناتجة عنه أو مراجعة السومة الكرائية؛‬

‫‪ - 156‬املهدي شبو‪ ،‬مسطرة الغرف املجتمعة وتوحيد اجتهاد املجلس ألاعلى‪ ،‬مقال منشور ضمن عمل املجلس‬
‫والتحوالت الاجتماعية والاقتصادية‪ ،‬ندوة ‪ 71 – 02‬دجنبر ‪ ،0993‬ص ‪ 759‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ - 157‬تنص الفقرة ألاولى من الفصل ‪ 111‬من قانون املسطرة املدنية على أنه‪ " :‬ترفع طلبات النقض وإلالغاء املشار‬
‫إليها في الفصل السابق بواسطة مقال مكتوب موقع عليه من طرف أحد املدافعين املقبولين للترافع أمام محكمة‬
‫النقض"‪.‬‬
‫‪ - 158‬خالد إلادريس ي‪ ،‬إصالح املجلس ألاعلى ودوره في تحقيق ألامن القضائي‪ ،‬دار القلم‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة ألاولى‪،‬‬
‫‪ ،7101‬ص ‪.10‬‬
‫‪76‬‬
‫‪ -7‬الطعون الرامية إلى إلغاء املقررات الصادرة عن السلطات إلادارية للشطط في‬
‫استعمال السلطة؛‬
‫‪ -1‬الطعون املقدمة ضد ألاعمال والقرارات التي يتجاوز فيها القضاة سلطاتهم؛‬
‫‪ -1‬البت في تنازع الاختصاص بين محاكم ال توجد محكمة أعلى درجة مشتركة بينها‬
‫غير محكمة النقض؛‬
‫‪ -1‬مخاصمة القضاة واملحاكم غير محكمة النقض؛‬
‫‪ -5‬إلاحالة من أجل التشكك املشروع؛‬
‫‪ -3‬إلاحالة من محكمة إلى أخرى من أجل ألامن العمومي أو لصالح حسن سير‬
‫العدالة‪."159‬‬
‫من خالل الفصل أعاله يمكن الحديث عن اختصاصات محكمة النقض على التوالي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬الطعن بالنقض‬


‫الطعن بالنقض هو طعن غير عادي ال يوجه إال ضد ألاحكام الانتهائية‪ 160‬يهدف إلى‬
‫معرفة مدى موافقة الحكم املطعون فيه للقانون شكال وموضوعا‪ ،‬وهو ال يتجه للبت في‬
‫موضوع القضية نفسها‪ ،‬وإنما إلى صحة الحكم الصادر فيها‪ ،‬فإذا كان الحكم صحيحا‪،‬‬
‫أبرمته محكمة النقض وأصبح حكما باتا‪ ،161‬وإذا كان مخالف للقانون نقضته وأبطلته‬

‫‪ - 159‬تم تغيير وتتميم الفصل ‪ 111‬أعاله‪ ،‬بمقتض ى املادة الفريدة من القانون رقم ‪ 71.11‬بتعديل وتتميم الفصلين‬
‫‪ 111‬و‪ 111‬من قانون املسطرة املدنية املصادق عليه بمقتض ى الظهير الشريف بمثابة قانون رقم ‪ 0.31.113‬بتاريخ ‪00‬‬
‫من رمضان ‪ 72( 0191‬سبتمبر ‪ ،)0931‬الصادر ألامر بتنفيذه بمقتض ى الظهير الشريف رقم ‪ 0.11.001‬بتاريخ ‪ 71‬من‬
‫شوال ‪ 71( 0175‬نوفمبر ‪ ،)7111‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 1131‬بتاريخ ‪ 72‬شوال ‪( 0175‬فاتح ديسمبر ‪ ،)7111‬ص‬
‫‪.1017‬‬
‫‪ - 160‬ألاحكام الانتهائية هي التي ال تقبل الطعن باالستئناف‪ ،‬وتكون انتهائية ألاحكام الصادرة عن املحاكم الابتدائية‬
‫التي اعتبرها املشرع كذلك (الفصل ‪ 02‬من قانون املسطرة املدنية)‪ ،‬وألاحكام الصادرة عن املحاكم الاستئنافية ولو‬
‫كانت قابلة للتعرض‪.‬‬
‫أنظر‪ :‬عبد الكريم الطالب‪ ،‬الشرع العملي لقانون املسطرة املدنية‪ ،‬دراسة في ضوء مستجدات مسودة مشروع ‪،7101‬‬
‫مطبعة املعرفة‪ ،‬مراكش‪ ،‬الطبعة ألاولى‪ ،7101 ،‬ص ‪.771‬‬
‫‪ - 161‬ألاحكام الباتة هي ألاحكام التي ال تقبل الطعن بأي طريق من طرق الطعن العادية أو الاستثنائية وهي أقوى‬
‫درجات ألاحكام‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫وأعادت القضية إلى محكمة أخرى من نفس درجة املحكمة املطعون في حكمها‪ ،‬أو إليها‬
‫نفسها لتعيد النظر فيه بهيئة قضائية جديدة‪ ،‬على أساس املبادئ التي قررتها محكمة‬
‫‪162‬‬
‫النقض‪.‬‬
‫وبما أن طلب النقض هو طعن ملراقبة صحة الحكم‪ ،‬فيجب أن يستند إلى واحد من‬
‫ألاسباب املحصورة في القانون‪ ،‬فإذا أغفلت عريضة النقض إلاشارة إلى سبب من أسباب‬
‫النقض كانت مخالفة للقانون وتعين رفضها شكال‪ ،‬وهذه ألاسباب محددة في املادة ‪ 119‬من‬
‫قانون املسطرة املدنية التي جاء فيها‪ " :‬يجب أن تكون طلبات نقض ألاحكام املعروضة على‬
‫محكمة النقض مبنية على أحد ألاسباب آلاتية‪:‬‬
‫‪ -0‬خرق القانون الداخلي؛‬
‫‪ - 7‬خرق قاعدة مسطرية أضر بأحد ألاطراف؛‬
‫‪ - 1‬عدم الاختصاص؛‬
‫‪ - 1‬الشطط في استعمال السلطة؛‬
‫‪ - 1‬عدم ارتكاز الحكم على أساس قانوني أو انعدام التعليل"‪.‬‬
‫واستثنى املشرع من طلبات الطعن بالنقض ضد ألاحكام الانتهائية الصادرة عن‬
‫محاكم اململكة‪ ،‬تلك التي تقل قيمتها عن عشرين ألف درهم (‪ 71111‬درهم ) وتلك املتعلقة‬
‫باستيفاء واجبات الكراء والتحمالت الناتجة عنه أو مراجعة السومة الكرائية‪.‬‬
‫وتجدر إلاشارة في ألاخير أن هناك نقض آخر يسمى النقض لفائدة القانون‪ ،‬الذي‬
‫يضل أثره نظريا وال يستفيد منه ذو املصلحة‪ ،‬وصورته أن تقوم النيابة العامة لدى محكمة‬
‫النقض بإحالة ألاحكام الانتهائية التي لم يتقدم املعني باألمر بطلب نقضها داخل ألاجل‬
‫القانوني‪ ،‬إذ أن غاية هذا النقض هو تصحيح مفهوم قانوني قد تكون محاكم املوضوع‬

‫أنظر‪ :‬عبد العزيز حضري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.739‬‬


‫‪ - 162‬محمد الكشبور‪ ،‬رقابة املجلس ألاعلى على محاكم املوضوع في املواد املدنية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار‬
‫البيضاء‪ ،‬الطبعة ألاولى‪ ،7110 ،‬ص ‪.127‬‬

‫‪78‬‬
‫جانبت الصواب بخصوصه‪ 163،‬وقد منح املشرع هذا الاختصاص للنيابة العامة لدى‬
‫محكمة النقض بمقتض ى الفصل ‪ 120‬من قانون املسطرة املدنية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الطعون الرامية إلى إلغاء المقررات الصادرة عن السلطات‬


‫اإلدارية للشطط في استعمال السلطة‬
‫تقوم محكمة النقض بعدة أدوار في املادة إلادارية‪ ،‬منها أنها تعتبر محكمة أول درجة إذ‬
‫تبت ابتدائيا وانتهائيا في بعض القضايا أي تتحول محكمة النقض وهي بصدد النظر في‬
‫دعاوى إلالغاء إلى محكمة موضوع‪ ،164‬بكل ما يتطلبه البت في الدعوى من توضيح للعناصر‬
‫ألانواع املوضوعية املرتبطة بالواقع‪ 165،‬وذلك وفقا للمادة ‪ 9‬من قانون إحداث املحاكم‬
‫إلادارية التي جاء فيها‪" :‬استثناء من أحكام املادة السابقة تظل محكمة النقض مختصة‬
‫بالبت ابتدائيا وانتهائيا في طلبات إلالغاء بسبب تجاوز السلطة املتعلقة ب ‪:‬‬
‫‪ -‬املقررات التنظيمية والفردية الصادرة عن الوزير ألاول‪166‬؛‬
‫‪ -‬قرارات السلطات إلادارية التي يتعدى نطاق تنفيذها دائرة الاختصاص املحلي‬
‫ملحكمة إدارية"‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬الطعون المقدمة ضد األعمال والقرارات التي يتجاوز فيها‬


‫القضاة سلطاتهم‬
‫ينص الفصل ‪ 127‬من قانون املسطرة املدنية على أنه‪" :‬يمكن لوزير العدل أن يأمر‬
‫الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بأن يحيل على هذه املحكمة بقصد إلغاء ألاحكام‬
‫التي قد يتجاوز فيها القضاة سلطاتهم‪.‬‬
‫يقع إدخال ألاطراف في الدعوى من طرف الوكيل العام للملك الذي يحدد لهم أجال‬
‫لتقديم مذكراتهم دون أن يكونوا ملزمين باالستعانة بمحام‪.‬‬

‫‪ - 163‬عبد العزيز حضري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.011‬‬


‫‪ - 164‬حسن صحيب‪ ،‬إشكالية تحديد الاختصاص بين محاكم الاستئناف إلادارية واملجلس ألاعلى‪ ،‬سلسلة مواضيع‬
‫الساعة‪ ،‬العدد ‪ ،11‬السنة ‪ ،7113‬ص ‪.50‬‬
‫‪ - 165‬عبد هللا حداد‪ ،‬تطبيقات الدعوى إلادارية في القانون املغربي‪ ،‬منشورات عكاظ‪ ،‬طبعة ‪ ،7110‬ص ‪.011‬‬
‫‪ - 166‬حلت تسمية "رئيس الحكومة" محل تسمية "الوزير ألاول" بمقتض ى أحكام الدستور‪ ،‬ظهير شريف رقم ‪ 2.22.72‬بتنفيذ نص الدستور‪ ،‬صادر في ‪ 14‬من شعبان ‪17( 2701‬‬

‫يوليو ‪ ،)1322‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 1757‬مكرر الصادرة بتاريخ ‪ 11‬شعبان ‪ 03( 2701‬يوليو ‪.)1322‬‬

‫‪79‬‬
‫تقوم الغرفة املعروضة عليها القضية بإبطال هذه ألاحكام إن اقتض ى الحال ويجري‬
‫إلابطال على الجميع"‪.‬‬
‫ويكون القاض ي متجاوزا لسلطاته عندما يخرق الحدود التي حصر القانون سلطاته في‬
‫إطارها‪ ،‬سواء بالتطاول على اختصاص هيئة أخرى أو بمنح نفسه حقوقا لم يمنحها له‬
‫القانون صراحة أو ضمنا‪ ،‬وقد منح املشرع لوزير العدل وحده حق ممارسة هذا الطعن مع‬
‫‪167‬‬
‫إمكانية إدخال ألاطراف لتقديم مذكراتهم‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬البت في تنازع االختصاص‬


‫ينص الفصل ‪ 122‬من قانون املسطرة املدنية على أنه‪ " :‬تنظر محكمة النقض في تنازع‬
‫الاختصاص بين محاكم ال تخضع ألي محكمة أخرى مشتركة أعلى درجة"‪.‬‬
‫وهكذا تختص محكمة النقض بالنظر في تنازع الاختصاص‪ ،‬فإذا تبين لها أن هناك‬
‫تنازعا في الاختصاص فصلت في املسألة دون التصدي للبت في موضوع الحكم‪ ،‬ثم تحيل‬
‫القضية وألاطراف إلى املحكمة املختصة التي تعينها في قرارها‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬مخاصمة القضاة والمحاكم غير محكمة النقض‪:‬‬


‫ينص الفصل ‪ 191‬من قانون املسطرة املدنية على أنه‪ " :‬ترفع مخاصمة القضاة إلى‬
‫محكمة النقض‪.‬‬
‫يتم ذلك بمقال موقع من الطرف أو وكيل يعينه بوكالة رسمية خاصة ترفق باملقال‬
‫مع املستندات عند الاقتضاء وذلك تحت طائلة البطالن"‪.‬‬
‫فمن خالل هذا الفصل تنظر محكمة النقض في مخاصمة القضاة‪ 168‬وتقرير‬
‫مسؤوليتهم عن أخطائهم املهنية‪ ،‬وفي نفس الوقت تعتبر هذه الوسيلة حماية للمتقاضين‬
‫‪169‬‬
‫من استبداد القاض ي وإهماله‪.‬‬

‫‪ - 167‬عبد العزيز حضري‪ ،‬مرج سابق‪ ،‬ص ‪.013‬‬


‫‪ - 168‬يقصد باملخاصمة هي الوسيلة التي يستطيع بها املتقاضين في ألاحوال الشروط املنصوص عليها في القانون من‬
‫مطالبة القاض ي عن الضرر الذي لحقه بسبب الفعل املنسوب إليه أثناء تأديته لوظيفته أو بسببها‪.‬‬
‫عبد العزيز حضري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.012‬‬
‫‪ - 169‬حدد الفصل ‪ 190‬من قانون املسطرة املدنية أسباب مخاصمة القضاة حيث جاء فيه‪ " :‬يمكن مخاصمة‬
‫القضاة في ألاحوال آلاتية‪:‬‬
‫‪80‬‬
‫ومتى تحققت مسؤولية القاض ي فإن املبدأ يقض ي بالحكم بتعويض للمدعي تؤديه‬
‫الدولة مع إمكانية رجوعها على املدعى عليه‪ ،‬وإذا حصل خالف ذلك أي رفض الطلب‪ ،‬فإنه‬
‫يحكم على املدعي بغرامة ال تقل عن ‪ 0111‬درهم وال تتجاوز ‪ 1111‬درهم لفائدة الخزينة مع‬
‫‪170‬‬
‫تعويض الطرف آلاخر عند الاقتضاء‪.‬‬
‫وتجدر إلاشارة أنه مع دستور ‪ 7100‬تغير نطاق مسؤولية الدولة‪ ،‬السيما حينما يتعلق‬
‫ألامر باألخطاء القضائية حيث جاء في الفصل ‪ 077‬منه على أنه‪" :‬يحق لكل من تضرر من‬
‫خطأ قضائي الحصول على تعويض تتحمله الدولة"‪.‬‬

‫سادسا‪ :‬اإلحالة من أجل التشكك المشروع‬


‫يقصد باإلحالة من أجل التشكك املشروع رفع يد محكمة مختصة وتنحيتها عن النظر‬
‫في قضية معينة لتوفر أسباب تدعو إلى التشكك في نزاهة هذه املحكمة‪.‬‬
‫وقد تضمن الفصلين ‪ 121‬و ‪ 121‬من قانون املسطرة املدنية على املسطرة املتبعة في‬
‫هذه إلاحالة‪ ،‬حيث يمكن أن ترفع من قبل طرفي النزاع‪ ،‬سواء كان مدعيا أو مدعى عليه أو‬
‫متدخال أو مدخال في الدعوى‪ ،‬كما يمكن لوزير العدل عندما يحجم ألاطراف عن تقديم هذا‬
‫الطلب‪ ،‬أن يأمر الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بأن يحيل على املحكمة طلبا‬
‫لتنحية املحكمة عن النظر في القضية‪.‬‬
‫ويبت في طلب إلاحالة الرئيس ألاول ملحكمة النقض ورؤساء الغرف مجتمعين في غرفة‬
‫املشورة خالل الثمانية أيام املوالية إليداعه وفقا ملا ورد في الفقرة ألاخيرة من الفصل ‪121‬‬
‫من قانون املسطرة املدنية‪.‬‬
‫فإذا حظيت إلاحالة لقبول محكمة النقض فإنها تحيل على محكمة أخرى تعينها‪،‬‬
‫وتكون من نفس درجة املحكمة املتشكك فيها‪ ،‬أما إذا ثبت أن ما يدعيه املعني باألمر ال‬

‫‪ - 0‬إذا ادعى ارتكاب تدليس أو غش أو غدر من طرف قاض ي الحكم أثناء تيهئ القضية أو الحكم فيها أو من طرف قاض‬
‫من النيابة العامة أثناء قيامه بمهامه؛‬
‫‪ - 7‬إذا قض ى نص تشريعي صراحة بجوازها؛‬
‫‪ - 1‬إذا قض ى نص تشريعي بمسؤولية القضاة يستحق عنها تعويض؛‬
‫‪ - 1‬عند وجود إنكار العدالة"‪.‬‬
‫‪ - 170‬الفصل ‪ 192‬من قانون املسطرة املدنية‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫أساس له من الصحة‪ ،‬فإنه يحكم عليه باملصاريف وعند الاقتضاء بغرامة ال تتجاوز ‪1111‬‬
‫درهم لقائدة الخزينة‪.‬‬

‫سابعا‪ :‬اإلحالة من محكمة إلى أخرى من أجل األمن العمومي أو‬


‫لصالح حسن سير العدالة‬
‫نظم املشرع املغربي هذه إلاحالة في الفصل ‪ 121‬من قانون املسطرة املدنية الذي جاء‬
‫فيه‪ " :‬يحق لوزير العدل وحده أن يقدم بواسطة الوكيل العام للملك طلبات إلاحالة من‬
‫أجل ألامن العمومي كلما خيف أن يكون الحكم في الدعوى في مقر املحكمة املختصة محليا‬
‫مناسبة إلحداث اضطراب أو إخالل يمس بالنظام العام‪.‬‬
‫تقدم طلبات إلاحالة من أجل حسن سير العدالة وفقا ملا هو مقرر في الفقرة السابقة‪.‬‬
‫يبت في هذه الطلبات وفقا ملا هو منصوص عليه في الفقرة الثانية من الفصل السابق‪.‬‬
‫إذا قبلت محكمة النقض املقال رفع قرارها حاال ونهائيا يد املحكمة املقدم إليها‬
‫الطلب سابقا ويحال النزاع على محكمة من نفس الدرجة تعينها املحكمة"‪.‬‬
‫فمن خالل هذا الفصل فهذه إلاحالة تقدم من طرف وزير العدل لوحده عن طريق‬
‫الوكيل العام ملحكمة النقض‪ ،‬ويبت في الطلب بنفس الطريقة التي يبت فيها بالنسبة إلحالة‬
‫التشكك املشروع‪.‬‬
‫وتجدر إلاشارة في ألاخير أن محكمة النقض تختص بالنظر في الطعن بالنقض املقدمة‬
‫ضد ألاحكام الصادر عن املحاكم الزجرية طبقا للفصل ‪ 102‬من قانون املسطرة الجنائية‪،‬‬
‫حيث تراقب التكييف القانوني للوقائع املبنية عليها املتابعة الجنائية دون أن تمتد إلى‬
‫الوقائع املادية‪ ،‬كما تسهر على التطبيق الصحيح للقانون وعلى توحيد الاجتهاد القضائي في‬
‫املادة الزجرية‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬المحاكم االستثنائية ( المحكمة العسكرية)‬
‫لم ينظم املشرع املغربي املحاكم الاستثنائية بمقتض ى ظهير التنظيم القضائي‪ ،‬بل‬
‫خصها بنصوص خاصة حددت اختصاصاتها وكيفية تكوينها‪ ،‬وقد تعرضت املحاكم‬
‫الاستثنائية النتقادات واسعة على أساس أنها تتناقض مع إحدى أهم مبادئ التنظيم‬
‫القضائي أال وهو مبدأ املساواة أمام القضاء‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫وعلى الرغم من اتجاه املشرع إلى حذف هذا النوع من املحاكم ويتجسد ذلك في حذفه‬
‫ملحكمة العدل الخاصة‪ 171‬وإسناد الدعاوى التي كانت تبت فيها إلى املحاكم العادية‪ ،‬وكذا‬
‫املحكمة العليا التي كان ينص عليها دستور ‪ 0995‬في فصوله من ‪ 22‬إلى ‪ 97‬والتي كانت‬
‫تتكون من نواب من مجلس النواب ومستشارين من مجلس املستشارين‪ ،‬وكانت تختص في‬
‫الجنايات والجنح املرتكبة من طرف أعضاء الحكومة أثناء مزاولتهم ملهامهم‪ ،‬إال أنه مع‬
‫دستور ‪ 7100‬تم إلغاء هذه املحكمة حيث لم يذكر أي فصل من فصوله هذه املحكمة‪.‬‬
‫وهكذا فاملشرع املغربي عمل على تبني توجه جديد بمنع إحداث املحاكم الاستثنائية‬
‫من خالل دستور ‪ 7100‬حيث جاء في الفصل ‪ 073‬على أنه‪":‬تحدث املحاكم العادية‬
‫واملتخصصة بمقتض ى القانون‪.‬‬
‫ال يمكن إحداث محاكم استثنائية"‪.‬‬
‫وهكذا لم يعد يتبقى من املحاكم الاستثنائية سوى املحكمة العسكرية‪ ،172‬الذي‬
‫وصفها املشرع في املادة ألاولى من القانون ‪ 173012.11‬املتعلق بالقضاء العسكري‬
‫باملتخصصة‪.‬‬
‫وعليه فإننا سندرس املحكمة العسكرية كمحكمة استثنائية وحيدة في النظام‬
‫القضائي املغربي من حيث تنظيمها ( الفقرة ألاولى) والاختصاصات املوكولة إليها (الفقرة‬
‫الثانية)‪.‬‬

‫‪ - 171‬القانون رقم ‪ 39.11‬بتغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي وبحذف املحكمة الخاصة للعدل‪ ،‬الصادر بتنفيذه‬
‫الظهير الشريف رقم ‪ 0.11.079‬بتاريخ ‪ 01‬شتنبر ‪ 7111‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 1712‬بتاريخ ‪ 05‬شتنبر ‪،7111‬‬
‫ص ‪.1137‬‬
‫‪ - 172‬أحدثت املحكمة العسكرية غداة الحصول على الاستقالل بموجب الظهير الشريف الصادر بتاريخ ‪ 01‬نونبر‬
‫‪ ، 0915‬وقد عرف هذا القانون عدة تعديالت أهمها تلك التي تضمنها القانون املؤرخ في ‪ 75‬يوليوز ‪ ،0930‬والظهير‬
‫الشريف الصادر في ‪ 07‬يوليوز ‪.0933‬‬
‫‪ - 173‬ظهير شريف رقم ‪ 0.01.023‬صادر في ‪ 03‬من صفر ‪ 01( 0115‬ديسمبر ‪ )7101‬بتنفيذ القانون رقم ‪012.01‬‬
‫املتعلق بالقضاء العسكري‪ .‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 5177‬الصادرة بتاريخ ‪ 9‬ربيع ألاول ‪( 0115‬فاتح يناير ‪ ،)7101‬ص‬
‫‪.1‬‬

‫‪83‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬تنظيم المحكمة العسكرية‬
‫إن الحديث عن تنظيم املحكمة العسكرية يتطلب منا الوقوف على تكوين املحكمة‬
‫العسكرية (أوال) واملسطرة أمامها (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تكوين المحكمة العسكرية‬


‫من خالل قراءة القانون رقم ‪ 012.01‬املتعلق بالقضاء العسكري وخاصة الفصول من‬
‫‪ 07‬إلى ‪ 13‬يمكن تحديد تأليف املحكمة العسكرية من عدة فئات على الشكل التالي‪:‬‬
‫القضاة املدنيين ‪ :‬وهي تشمل رئيس هيئة الحكم الذي يكون إما مستشارا بمحكمة‬
‫الاستئناف أو مستشارا رئيس غرفة بمحكمة الاستئناف‪ ،‬وذلك حسب نوعية الجرائم ورتبة‬
‫مرتكبيها‪ 174،‬إضافة إلى مستشارون بمحاكم الاستئناف كأعضاء‪ ،‬ويعين هؤالء في بداية كل‬
‫سنة قضائية بقرار للمجلس ألاعلى للسلطة القضائي‪ ،‬ويستمرون في القيام بمهامهم إلى‬
‫حين البث في القضايا التي كانوا قد ترأسوا جلستها ألاولى أو شاركوا في عضويتها‪ 175،‬ومن‬
‫‪176‬‬
‫خصائص هذه الفئة أنها متحركة وغير قارة‪.‬‬
‫املستشارين العسكريين‪ :‬تشمل الضباط املؤهلين للمشاركة في أشغال املحكمة‬
‫العسكرية‪ ،‬وذلك حسب رتبهم وأقدميتهم‪ ،‬ويتم تحديد قائمتهم بمقرر لجاللة امللك القائد‬
‫ألاعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات املسلحة‪ ،‬وتعتبر هذه الفئة متحركة غير قارة‪،‬‬

‫‪ - 174‬تنص املادة ‪ 01‬من القانون ‪ 012.01‬على أنه‪ " :‬تسند رئاسة هيئات الحكم باملحكمة العسكرية إلى ‪:‬‬
‫‪ -‬مستشار بمحكمة الاستئناف فيما يخص محاكمة العسكريين وشبه العسكريين إلى رتبة ليوتنان كولونيل‪ ،‬فيما‬
‫يتعلق بالجنح واملخالفات ابتدائيا ؛‬
‫‪ -‬مستشار رئيس غرفة بمحكمة الاستئناف فيما يخص محاكمة العسكريين وشبه العسكريين إلى رتبة ليوتنان‬
‫كولونيل‪ ،‬فيما يتعلق بالجنح واملخالفات استئنافيا‪ ،‬وبالجنايات ابتدائيا واستئنافيا ؛‬
‫‪ -‬مستشار رئيس غرفة بمحكمة الاستئناف فيما يخص محاكمة العسكريين وشبه العسكريين من رتبة كولونيل‬
‫وكولونيل ماجور وجنرال‪ ،‬ابتدائيا واستئنافيا فيما يتعلق بجميع الجرائم"‪.‬‬
‫‪ - 175‬املادة ‪ 71‬من قانون القضاء العسكري رقم ‪.012.01‬‬
‫‪ - 176‬الحسن البوعيس ي‪ ،‬الوسيط في قانون القضاء العسكري‪ ،‬املسطرة الجنائية العسكرية‪ ،‬دارسة نظرية‬
‫وتطبيقية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة ألاولى‪ ،7110 ،‬ص ‪ 07‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪84‬‬
‫حيث يتولى هؤالء الضباط املقيدون بمهمة املستشارين العسكريين بصفة متوالية وحسب‬
‫ترتيب تقييدهم في القائمة‪.177‬‬
‫القضاة العسكريين‪ :‬وهي فئة مستقلة تشكل سلكا قضائيا تخضع لنظام خاص‪،178‬‬
‫ويعملون بمصالح املحكمة العسكرية‪ 179،‬تقوم فئة منهم بدور النيابة العامة‪ ،‬وفئة أخرى‬
‫بمهمة التحقيق‪ .‬وتعتبر هذه الفئة قارة لدى املحكمة العسكرية‪.‬‬
‫كتابة الضبط‪ :‬يمارس مهام كتابة الضبط باملحكمة العسكرية ضباط وضباط صف‬
‫بصفتهم كتابا ومستكتبين للضبط تحت إشراف رئيس كتابة الضبط وكتابة النيابة‬
‫‪180‬‬
‫العامة‪.‬‬
‫النيابة العامة ‪ :‬يمثلها من جهة كل من الوكيل العام للملك ونوابه وقضاة التحقيق‪،‬‬
‫ومن جهة أخرى وكيل امللك ونوابه في املرحلة الابتدائية‪ ،‬ويتم تعيين هؤالء من لدن جاللة‬
‫امللك القائد ألاعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات املسلحة امللكية من بين القضاة‬
‫‪181‬‬
‫العسكريين‪.‬‬
‫كما تضم املحكمة العسكرية عدة غرف وهي ‪ :‬غرفة الجنح الابتدائية العسكرية‪،‬‬
‫غرفة الجنايات الابتدائية العسكرية‪ ،‬غرفة الجنح الاستئنافية العسكرية‪ ،‬غرفة الجنايات‬
‫‪182‬‬
‫الاستئنافية العسكرية والغرفة الجنحية العسكرية‪.‬‬
‫وتجدر إلاشارة أنه يتعين وفقا للمادة ‪ 15‬و ‪ 13‬على كل من القضاة العسكريون‬
‫واملستشارون العسكريون والضباط كتاب الضبط وضباط الصف مستكتبو الضبط قبل‬
‫‪183‬‬
‫الشروع في مزاولة مهامهم أداء اليمين القانونية‪.‬‬

‫‪ -177‬املادة ‪ 71‬من القانون ‪. 012.01‬‬


‫‪ - 178‬املادة ‪ 79‬من القانون ‪.012.01‬‬
‫‪ - 179‬املادة ‪ 71‬من القانون ‪.012.01‬‬
‫‪ - 180‬املادة ‪ 10‬من القانون ‪.012.01‬‬
‫‪ - 181‬املادة ‪ 75‬و ‪ 73‬من القانون ‪.012.01‬‬
‫‪ - 182‬املادة ‪ 01‬من القانون ‪.012.01‬‬
‫‪ - 183‬تنص املادة املادة ‪ 15‬من القانون ‪ 012.01‬على أنه ‪" :‬يؤدي القضاة العسكريون واملستشارون العسكريون قبل‬
‫الشروع في مزاولة مهامهم أمام إحدى هيئات الحكم باملحكمة العسكرية اليمين التالية‪:‬‬

‫‪85‬‬
‫ثانيا‪ :‬المسطرة أمام المحكمة العسكرية‬
‫تعقد املحكمة العسكرية طبقا للمادة ‪ 07‬من القانون ‪ 012.01‬جلساتها بالرباط‪،‬‬
‫ويجوز لها أن تعقدها في أي مكان آخر بقرار من الوكيل العام للملك لدى املحكمة‬
‫العسكرية‪.‬‬
‫وتعقد املحكمة العسكرية جلساتها بهيئة جماعية يختلف عددها باختالف الجرائم‬
‫املرتكبة وكذا برتبة مرتكبيها‪ ،‬فطبقا للمادة ‪ 01‬من قانون القضاء العسكري تكون املحكمة‬
‫العسكرية مشكلة من هيئة ثالثية وبحضور وكيل امللك ومساعدة كاتب الضبط فيما‬
‫يخض غرفة الجنح الابتدائية العسكرية‪ ،‬وغرفة الجنايات الابتدائية العسكرية‪ ،‬وغرفة‬
‫‪184‬‬
‫الجنح الاستئنافية العسكرية والغرفة الجنحية العسكرية‪.‬‬

‫" أقسم باهلل العظيم وآخذ العهد على نفس ي أمام الوطن وامللك بأن أقوم بمهمتي بكل وفاء وإخالص وانضباط وتجرد‬
‫وأن أكتم بكل عناية سر املداوالت وأن أسلك في كل املواقف سبيل النزاهة و الاستقامة"‪.‬‬
‫تنص املادة ‪ 13‬من نفس القانون على أنه‪" :‬يؤدي وفق الكيفية املنصوص عليها في املادة ‪ 15‬أعاله الضباط كتاب‬
‫الضبط وضباط الصف مستكتبو الضبط اليمين التالية ‪:‬‬
‫"أقسم باهلل العظيم وآخذ العهد على نفس ي أمام الوطن وامللك بأن أقوم بمهمتي بكل وفاء وإخالص وانضباط وتجرد‬
‫وأن أراعي الواجبات التي تفرضها على هذه املهمة"‪.‬‬
‫‪ - 184‬تنص املادة ‪ 01‬على أنه‪ " :‬مع مراعاة أحكام املواد ‪ 01‬إلى ‪ 77‬بعده‪ ،‬تتألف هيئات الحكم باملحكمة العسكرية‬
‫كما يلي ‪:‬‬
‫‪ -0‬فيما يخص غرفة الجنح الابتدائية العسكرية‪ ،‬من مستشار بمحكمة الاستئناف بصفته رئيسا ومن عضوين‬
‫أحدهما أو كالهما من القضاة العسكريين أو من املستشارين العسكريين املشار إليهم في املادة ‪ 71‬أدناه‪ ،‬وبحضور‬
‫وكيل امللك ومساعدة كاتب الضبط‪.‬‬
‫‪ -7‬فيما يخص غرفة الجنايات الابتدائية العسكرية‪ ،‬من مستشار بمحكمة الاستئناف بصفته رئيسا‪ .‬ومن عضوين‬
‫أحدهما مستشار بمحكمة الاستئناف وآلاخر قاض عسكري أو مستشار عسكري‪ ،‬وبحضور الوكيل العام للملك لدى‬
‫املحكمة العسكرية ومساعدة كاتب الضبط‪.‬‬
‫‪ -1‬فيما يخص غرفة الجنح الاستئنافية العسكرية‪ ،‬من مستشار رئيس غرفة بمحكمة الاستئناف بصفته رئيسا‪،‬‬
‫ومن عضوين أحدهما مستشار بمحكمة الاستئناف وآلاخر قاض عسكري أو مستشار عسكري‪ ،‬وبحضور الوكيل العام‬
‫للملك لدى املحكمة العسكرية ومساعدة كاتب الضبط‪.‬‬
‫‪... -1‬‬
‫‪ -1‬فيما يخص الغرفة الجنحية العسكرية‪ ،‬من مستشار رئيس غرفة بمحكمة الاستئناف بصفته رئيسا‪ ،‬ومن‬
‫عضوين احدهما مستشار بمحكمة الاستئناف وألاخر إما قاض عسكري أو مستشار عسكري‪ ،‬بحضور الوكيل العام‬
‫للملك لدى املحكمة العسكرية ومساعدة كاتب الضبط"‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫أما إذا تعلق ألامر بغرفة الجنايات الاستئنافية العسكرية فإن الهيئة تكون خماسية‪،‬‬
‫تضم وفق الفقرة الرابعة من املادة ‪ 01‬من قانون القضاء العسكري‪ ،‬رئيس غرفة بمحكمة‬
‫الاستئناف بصفته رئيسا‪ ،‬ومن أربعة أعضاء اثنان منهم مستشاران بمحكمة الاستئناف‪،‬‬
‫وآلاخران أحدهما أو كالهما من القضاة العسكريين أو من املستشارين العسكريين‪،‬‬
‫وبحضور الوكيل العام للملك لدى املحكمة العسكرية ومساعدة كاتب الضبط‪ ،‬وكذا إذا‬
‫تعلق ألامر بمحاكمة الضباط من رتبة كولونيل أو كولونيل ماجور أو جنرال ابتدائيا‬
‫‪185‬‬
‫واستئنافيا في جميع القضايا‪.‬‬
‫وإذا كانت املحكمة العسكرية تعقد جلساتها بصفة جماعية على النحو السابق بيانه‪،‬‬
‫فإنها أيضا تعقد جلساتها بصفة عالنية تحت طائلة بطالن الحكم‪ ،‬غير أنه إذا تبين أن في‬
‫هذه العلنية خطرا على ألامن أو ألاخالق تأمر املحكمة بانعقاد الجلسة بصفة سرية‪ ،‬وفي‬
‫جميع الحاالت يصدر الحكم علنيا‪ 186،‬وتتميز جلسات املحكمة العسكرية بضرورة وضع‬
‫نظائر من قانون القضاء العسكري ومن قانون املسطرة الجنائية ومن القانون الجنائي فوق‬
‫منصة هيئة الحكم وفقا ملا تضمنته الفقرة ألاولى من املادة ‪ 23‬من قانون القضاء‬
‫العسكري‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬اختصاصات المحكمة العسكرية‬
‫تختص املحكمة العسكرية بالنظر في القضايا ذات الطابع الزجري دون الدعاوى‬
‫املدنية وهذا ما يستشف من املادة ‪ 7‬من القانون ‪ 012.01‬الذي جاء فيها على أنه‪ " :‬تطبق‬
‫أمام املحكمة العسكرية أحكام القانون الجنائي والقانون املتعلق باملسطرة الجنائية الجاري‬
‫بهما العمل في كل ما لم يرد به حكم في هذا القانون أو في أي نص تشريعي آخر"‪.‬‬

‫‪ - 185‬تنص املادة ‪ 02‬من قانون القضاء العسكري على أنه‪" :‬تتألف هيئات الحكم باملحكمة العسكرية فيما يخص‬
‫محاكمة الضباط من رتبة كولونيل أو كولونيل ماجور أو جنرال‪ ،‬ابتدائيا واستئنافيا‪ ،‬في جميع القضايا‪:‬‬
‫‪ -‬من مستشار رئيس غرفة بمحكمة الاستئناف بصفته رئيسا ؛‬
‫‪ -‬مستشارين بمحكمة الاستئناف بصفتهما عضوين ؛‬
‫‪ -‬عضوين عسكريين أحدهما أو كالهما من القضاة العسكريين أو املستشارين العسكريين رتبتهما مماثلة لرتبة املتهم‬
‫أو أعلى منها‪.‬‬
‫‪ - 186‬املادة ‪ 23‬من قانون القضاء العسكري‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫وقد نصت املادة ‪ 1‬من قانون القضاء العسكري على اختصاصات املحكمة العسكرية‬
‫حيث جاء فيها‪ " :‬مع مراعاة أحكام املادة ‪ 1‬أدناه‪ ،‬تختص املحكمة العسكرية بالنظر في‬
‫الجرائم التالية ‪:‬‬
‫أوال‪ :‬الجرائم العسكرية املنصوص عليها في الكتاب السادس من هذا القانون واملرتكبة‬
‫من قبل العسكريين وشبه العسكريين املخولة لهم هذه الصفة بموجب نصوص خاصة‬
‫والذين هم في وضعية الخدمة؛‬
‫ثانيا ‪ :‬الجرائم املرتكبة من قبل أسرى الحرب‪ ،‬أيا كانت صفة مرتكبيها ‪:‬‬
‫ثالثا ‪ :‬الجرائم املرتكبة في حالة حرب‪ ،‬ضد مؤسسات الدولة أو املرتكبة ضد أمن‬
‫ألاشخاص أو ألاموال إذا ارتكبت لفائدة العدو أو كان لها تأثير على القوات املسلحة‪ ،‬وجرائم‬
‫إلاعداد لتغيير النظام أو الاستيالء على جزء من التراب الوطني باستعمال السالح‪ ،‬والجرائم‬
‫املرتكبة ضد النظم املعلوماتية والاتصاالتية والتطبيقات إلالكترونية واملواقع السبرانية‬
‫التابعة للدفاع الوطني؛‬
‫رابعا ‪ :‬إذا نص القانون صراحة على ذلك"‪.‬‬
‫وهكذا تختص املحكمة العسكرية بالنظر في الجرائم املرتكبة من طرف العسكريين‬
‫واملحدد في املواد من ‪ 011‬إلى ‪ 701‬من قانون القضاء العسكري‪ ،‬كما أن اختصاص‬
‫املحكمة العسكرية يمتد إلى مختلف الجرائم املرتكبة في حالة الحرب ضد مؤسسات الدولة‬
‫أو ضد أمن ألاشخاص وممتلكاتهم أو التي ارتكبت لفائدة العدو بصرف النظر عن صفة‬
‫مرتكبيها‪ ،‬وعموما يمكن تحديد أهم الجرائم فيما يلي‪:‬‬
‫الجرائم املرتكبة ضد الواجب والانضباط العسكري‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫العصيان والفرار من الجندية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫التمرد العسكري ونبذ الطاعة والاعتداء وإلاهانة والثورة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫الشطط في استعمال السلطة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫اختالس ألاشياء العسكرية وإخفائها‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫النهب وتخريب البنايات وتحطيم العتاد العسكري‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫مخالفات ألاوامر العسكرية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫العطب املتعمد‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪88‬‬
‫التخلف عن املشاركة في جلسات املحكمة العسكرية أو رفض املشاركة فيها‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫الاستسالم‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫بعض الجرائم املرتكبة وقت الحرب أو أثناء العمليات العسكرية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫اختالس البذالت العسكرية وألازياء الرسمية والشارات وألاوسمة والنياشين‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫الجرائم املاسة بنظم املعالجة آلالية للمعطيات والجرائم املاسة بنظم ووسائل‬ ‫‪-‬‬
‫الاتصال التابعة للدفاع الوطني‪.‬‬
‫جرائم أخرى‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫هذا واستثنى املشرع في القانون ‪ 012.01‬بعض الجرائم التي يرتكبها العسكريين من‬
‫اختصاص املحكمة العسكرية‪ ،‬ويتعلق ألامر بجرائم الحق العام و الجرائم املرتكبة من قبل‬
‫الضباط وضباط الصف والدركيين أثناء ممارسة مهامهم في إطار الشرطة القضائية أو أثناء‬
‫‪187‬‬
‫ممارسة مهامهم في إطار الشرطة إلادارية‪.‬‬
‫كما ال تختص املحكمة العسكرية بالنظر في ألافعال املنسوبة إلى ألاحداث‪ 188،‬وكذا في‬
‫‪189‬‬
‫ألافعال املنسوبة إلى ألاشخاص املدنيين العاملين في خدمة القوات املسلحة امللكية‪.‬‬

‫خاتمة‬
‫حاولنا من خالل هذه الكتاب إلاحاطة بموضوع التنظيم القضائي املغربي‪،‬‬
‫ففهم الهيكلة القضائية باملغرب تطلب منا الرجوع إلى ألاصول التاريخية لنشأة‬
‫القضاء سواء في الدولة إلاسالمية أو في املغرب باعتباره جزء ال يتجرأ من ألامة‬
‫إلاسالمية‪.‬‬
‫وهكذا حاولنا الحديث عن أصناف املحاكم املوجود في التنظيم القضائي‬
‫املغربي‪ ،‬وكذا املسطرة التي اعتمدها املشرع أمام هذه املحاكم‪ ،‬إضافة إلى مختلف‬
‫الاختصاصات التي حددها املشرع لكل محكمة‪ ،‬سواء تعلق ألامر باملحاكم‬

‫‪ - 187‬املادة ‪ 1‬من القانون ‪.012.01‬‬


‫‪ - 188‬املادة ‪ 1‬من القانون ‪.012.01‬‬
‫‪ - 189‬املادة ‪ 5‬من القانون ‪.012.01‬‬

‫‪89‬‬
‫الابتدائية أو محاكم الاستئناف أو املحاكم التجارية واملحاكم إلادارية‪ ،‬أو محكمة‬
‫النقض‪ ،‬واملحكمة العسكرية‪.‬‬
‫كما لم يفتنا إلاشارة إلى املستجدات التي تضمنها مشروع قانون التنظيم القضائي‬
‫رقم ‪ 12.01‬خاصة فيما يتعلق بتأليف املحاكم‪.‬‬

‫‪90‬‬

You might also like