You are on page 1of 71

‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬

‫جامعة محمد خيضر‪ -‬بسكـــــــرة ‪-‬‬


‫كليـــــــــة اآلداب واللغات‬
‫قسم اآلداب واللغة العربية‬

‫ضوابط التقدير في النحو العربي‬

‫مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماستر في اآلداب واللغة العربية‬


‫تخصص‪ :‬علـــــوم اللســـان‬
‫إشراف األستاذ‪:‬‬ ‫إعداد الطالبة‪:‬‬
‫حوحو صالح‬ ‫بسمة عزوز‬

‫السنـــة الجامعيـــة ‪:‬‬


‫‪1437/1436‬ه ـ‬
‫‪2016/2015‬م‬
            ﴿

           

          

            

﴾        

286 : ‫البقرة‬
‫شكر وعرف ان‬

‫كثيرا‪ ،‬فأنت المستعان على كل األعمال فما كان من توفيق‬


‫الحمد هلل حمدا ً‬
‫فمن عندك وما كان من تقصير فمن عندي‪.‬‬

‫اللهم لك الحمد و لك الشكر كما ينبغي لجالل وجهك و عظيم‬


‫سلطانك‪.‬‬

‫أقدم شكري إلى الوالدين الكريمين أوال‪.‬‬

‫أتقدم بخالص الشكر و التقدير إلى األستاذ المحترم صالح حوحو الذي‬
‫تحمل معي أعباء انجاز هذا العمل و مشاقه و لم يبخل علي بنصائحه‬
‫فشكرا لك أستاذي الفاضل ‪.‬‬
‫ً‬ ‫القيمة و توجيهاته لما هو أفضل‬
‫مق ـ ـ ـ ـدم ـ ـ ـ ـ ـ ـة‬

‫هاما يف جمال اللغة‪ ،‬و الغاية األساسية منه هي احلفاظ على‬ ‫يعد ظهور علم النحو حدثًا ً‬
‫القرآن الكرمي من التحريف‪ ،‬و بالتايل احلفاظ على اللغة العربية كوهنا لغته‪ ،‬و هذا ما جعل النحاة‬
‫يبحث ـ ـون يف علم النحو من عدة مواضع‪ ،‬فتطـ ـرق ـ ـ ـوا للعديد من املسائـ ـ ـ ـل‪ ،‬و من بني املسائـ ـ ـل اليت‬
‫شغلت فكر النحاة و الباحثني هي ظاهرة التقدير النحوي‪ ،‬و قد حضيت هذه الظاهرة باهتمام‬
‫أن النحويني تنافسوا يف معرفته و به تفاضلوا حىت‬ ‫كبري من قبل النحاة القدامى و احملدثني حيث َّ‬
‫عد جوهر الدرس النحوي‪ ،‬و هو موضوع دراستنا الذي جاء عنوانه كالتايل‪:‬‬ ‫َّ‬
‫ضوابط التقدير يف النحو العريب ‪.‬‬

‫و تربز أمهية املوضوع يف‪:‬‬

‫اهتمام النحاة الكبري هبذه الظاهرة جعلهم يقيمون هلا وزنًا يف جمال الدراسات النحوية‪.‬‬

‫و يعود سبب اختيار املوضوع إىل‪:‬‬

‫_ اهتمام النحاة املتقدمني و املتأخرين بظاهرة التقدير‪ ،‬إضافة إىل ما حيمله املوضوع من أمهية يف‬
‫الدرس النحوي‪.‬‬

‫َّأما أسباب اختيار مدونة البحث فتعود إىل‪:‬‬

‫الرغبة يف حماولة تطبيق دراسة حنوية على النص القرآين‪ ،‬و املتمثلة يف التقدير احملذوف‪.‬‬

‫التعرف على أسلوب النص القرآين و تقدير احملذوف فيه للوصول إىل املعىن الباطن ‪.‬‬

‫و قد جاء البحث ليطرح اإلشكالية التالية‪ :‬ما هي الضوابط اليت جيب على دارس اللغة اتباعها‬
‫لتقدير احملذوف من خالل سورة النور؟‬

‫و للوصول إىل الغاية املنشودة اخرتنا سورة النور إلدراك هذه الضوابط و هتدف هذه الدراسة إىل ‪:‬‬
‫ألن التقدير ال يكون كيفما شاء‪َّ ،‬‬
‫وإَّنا حتكمه ضوابط يستوجب على‬ ‫تبيان كيفية تقدير احملذوف‪َّ ،‬‬
‫دارس اللغة االلتزام هبا‪.‬‬

‫و قد تضمنت هذه الدراسة فصلني نظري و آخر تطبيقي بعد مقدمة مثَّ ختمنا كل ذلك خبامتة‬
‫مجعنا فيها أهم ما ورد يف البحث ‪.‬‬

‫أ‬
‫مق ـ ـ ـ ـدم ـ ـ ـ ـ ـ ـة‬

‫الفصل األول‪ :‬جاء بعنوان ظاهرة التقدير يف النحو العريب‪ ،‬و قد حتدثنا يف املبحث األول عن‬
‫اصطالحا مثَّ انتقلنا إىل ذكر شروطه‪ ،‬و كذا األغراض اليت يرمي إليها‪،‬فيما‬
‫ً‬ ‫تعريف احلذف لغة و‬
‫اصطالحا‪ ،‬مثَّ حتدثنا‬
‫ً‬ ‫ركزنا على ظاهرة التقدير يف املبحث الثاين‪ ،‬انطلقنا من تعريف التقدير لغة و‬
‫عن شروطه و حاالته‪ ،‬و قد عرضنا أراء النحاة فيه‪ ،‬فيما ختمنا الفصل بدور املعىن و الصناعة‬
‫اللفظية يف تقدير احملذوف‪ ،‬و هذا جاء يف املبحث األخري من الفصل األول‪ ،‬و تطرقنا فيه إىل‬
‫العامل و دور املعىن يف تقدير احملذوف‪ ،‬و ختمنا املبحث بالصناعة اللفظية‪.‬‬

‫َّأما الفصل الثاين فقد خصص للجانب التطبيقي و املوسوم ب‪ :‬ضوابط تقدير احملذوف يف سورة‬
‫أختص املبحث األول بتقدير املبتدأ‪َّ ،‬أما‬
‫َّ‬ ‫النور‪ ،‬و قد قسمنا هذا الفصل إىل ثالثة مباحث‪ ،‬و قد‬
‫تقدير اخلرب فجاء يف املبحث الثاين‪ ،‬و ختمنا الفصل بتقدير املفعول به‪ ،‬و هذا كان يف املبحث‬
‫األخري ‪.‬‬

‫و اهنينا البحث خبامتة بيَّنت أهم النتائج اليت توصلنا إليها‪.‬‬

‫منهجا يسري عليه اتبعنا املنهج الوصفي مع االرتكاز على أهم آلية من‬
‫و ملا كان البحث يتطلب ً‬
‫آلياته أال و هي آلية التحليل‪ ،‬و اخرتنا هذا املنهج بالتحديد ألنَّه يتناسب و طبيعة املوضوع‪.‬‬

‫وإلجناز هذا البحث اعتمدنا على مجلة من الدراسات السابقة أمهها ‪ :‬احلذف يف النحو العريب‬
‫لتمام محد عيد املنيزل‪ ،‬احلذف و التقدير لعلي أيب املكارم‪ ،‬العوامل املائة للجرجاين‪ ،‬روح املعاين‬
‫لأللوسي‪ ،‬التبيان للعكربي‪ ،‬إعراب القرآن املفصل لكتاب اهلل املرتل لبهجت عبد الواحد صاحل ‪.‬‬

‫و قد واجهتنا صعوبات أثناء دراستنا للموضوع غري أنَّنا جتاوزناها‪.‬‬

‫و يف األخري إن كان هذا البحث قد توصل إىل شيء يف الدراسة‪ ،‬فإنَّه بفضل اهلل أوالً‪ ،‬مثَّ األستاذ‬
‫املشرف صاحل حوحو الذي أعانين يف مسرييت إلجناز هذا البحث و له خالص الشكر و التقدير ‪.‬‬

‫ب‬
‫الفصل األول‪ :‬ظاهرة التقدير في النحو العربي‬
‫المبحث األول‪ :‬الحذف تعريفه و أغراضه‬
‫أوالً‪ :‬تعريف احلذف‬
‫أ _ لغة‬
‫اصطالحا‬
‫ً‬ ‫ب_‬
‫ثانيًا‪ :‬شروط احلذف‬
‫ثالثًا‪ :‬أغراض احلذف‬
‫المبحث الثاني‪ :‬التقدير تعريفه و شروطه‬
‫أوالً‪ :‬تعريف التقدير‬
‫أ _ لغة‬
‫اصطالحا‬
‫ً‬ ‫ب_‬
‫ثانيًا‪ :‬شروط التقدير و حاالته‬
‫ثالثًا‪ :‬أراء النحاة فيه‬
‫المبحث الثالث‪ :‬دور المعنى و الصناعة اللفظية في تقدير المحذوف‬
‫أوالً‪ :‬تعريف العامل‬
‫أ _ لغة‬
‫اصطالحا‬
‫ً‬ ‫ب_‬
‫ثانيًا دور املعىن يف تقدير احملذوف‬
‫ظاهرة التقدير يف النحو العريب‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬الحذف تعريفه و أغراضه‬


‫احلذف ظاهرة لغوية تشرتك فيها اللغات اإلنسانية ‪ ،‬لكن اللغات تتفاوت يف استخدامها‪ ،‬فتميل‬
‫اللغة العربية إىل استخدامها بشكل كبري َّ‬
‫ألن من خصائص العربية امليل إىل اإلجياز و االختصار‪.1‬‬

‫" يعد احلذف يف اجلملة العربية من مظاهر الدرس النحوي‪ ،‬و قد برز بصورة واضحة عندما حاول‬
‫علماء اللغة تفسري احلذف يف املتالزمات النحوية‪ ،‬فاحلذف فيها – املتالزمات النحوية – يؤدي‬
‫دورا بالغيًا و دالليًا‪ ،‬فهو يهدف إىل اإلجياز و يف اإلجياز بيان " ‪.2‬‬
‫ً‬
‫أوالً ‪ :‬مفهوم احلذف ‪.‬‬
‫‪ _1‬لغة‪:‬‬

‫احلجام‬
‫جاء يف لسان العرب مادة حذف‪ " :‬حذف الشيء حيذفه حذفًا‪ ،‬فقطعه من طرفه‪ ،‬و َّ‬
‫عر من ذلك‪ ،‬و احلذافة‪ :‬ما حذف من الشيء فطُر َح ‪.‬‬
‫الش َ‬
‫حيذف َ‬
‫اجلوهري‪ :‬حذف الشيء إسقاطه ‪.3"...‬‬

‫اصطالحا‪:‬‬
‫ً‬ ‫‪_2‬‬

‫َّأما من الناحية االصطالحية فقد وردت تعريفات عديدة هلذه الظاهرة – ظاهرة احلذف – فقد‬
‫تعرض هلا النحاة القدامى و احملدثون‪ ،‬و أول من تطرق هلا هو سيبويه يف مصنفه الكتاب لكنَّه مل‬
‫يورد أي تعريف صريح له و َّإَّنا كان يورد الشواهد و األمثلة اليت تندرج حتت هذا املصطلح و منها‬
‫قوله‪ " :‬هذا باب ما يكون يف اللفظ من األعراض‪ :‬اعلم َّأهنم مما حيذفون الكلم – وإ ْن كان أصله‬
‫يف الكالم غري ذلك‪ -‬و حيذفون و يعوضون‪ ،‬و يستغنون بالشيء عن الشيء الذي أصله يف‬

‫‪ _ 1‬ينظر ‪ :‬طاهر سليمان محودة‪ ،‬ظاهرة احلذف يف الدرس اللغوي‪ ،‬الدار اجلامعية‪ ،‬د‪ ،‬ط‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،1998 ،‬ص‪.9‬‬
‫‪ _ 2‬متام محد عيد املنيزل‪ ،‬احلذف يف النحو العريب‪ ،‬دار اليازوري‪ ،‬ط‪ ،1‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،‬د‪ ،‬ت‪ ،‬ص‪.13‬‬
‫‪ _ 3‬ابن منظور ‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬دار صادر‪ ،‬ط‪ ،1‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،2008 ،‬جملد‪ ،5‬ص‪ .40-39‬مادة (ح‪،‬ذ‪،‬ف) ‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫ظاهرة التقدير يف النحو العريب‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫كالمهم أ ْن يستعمل حىت يصري ساقطًا ‪ .‬فمما حذف و أصله يف الكالم غري ذلك مل يك‪ ،‬وال‬
‫أدر‪ ،‬و أشباه ذلك " ‪.1‬‬

‫و معىن القول‪َّ :‬‬


‫أن األصل يف الكالم الذكر‪ ،‬و لكن قد يتعرض الكالم للحذف لغاية ما‪ ،‬و قد‬
‫أورد أمثلة عن احلذف يف الكالم حنو مل يك و اليت األصل فيها مل يكن ‪.‬‬

‫و قال يف موضع آخر‪ " :‬و ما حذف يف الكالم لكثرة استعماهلم كثري‪ ،‬و من ذلك‪ :‬هل من‬
‫‪2‬‬ ‫طعام؟ أي‪ :‬هل من طعام يف زمان أو مكان‪َّ ،‬‬
‫وإَّنا تريد‪ :‬هل طعام "‪.‬‬

‫عرفه ابن السراج بقوله‪َّ " :‬‬


‫إن احلذف يعين اسقاط بعض الصيغ الباقية أو إثباهتا على ما كانت‬ ‫وقد َّ‬
‫عليه " ‪.3‬‬

‫َّأما ابن جين فلم يرتك لنا تعري ًفا صرحيًا للحذف‪ ،‬و َّإَّنا أشار إىل َّ‬
‫أن العرب حذفت احلركة و‬
‫احلرف و الكلمة و اجلملة‪. 4‬‬

‫و قد تطرق اللغويون احملدثون لظاهرة احلذف ومنهم فاضل السامرائي و الذي جنده يقول عن‬
‫احلذف القرآين ‪ " :‬قد حيذف يف تعبري القرآين لفظ ‪ ،‬أو أكثر حسبما يقتضيه السياق‪ ،‬فقد‬
‫حيذف حرفا أو يذكره‪ ،‬أو جيتزئ باحلركة للداللة على احملذوف كل ذلك لغرض بالغي"‪. 5‬‬

‫و التعريف اجلامع الذي ميكن االنتهاء إليه هو َّ‬


‫أن ‪ :‬كل من سيبو ـ ـيه و ابن السراج و ابن جن ـ ـ ـي‬
‫ذهبوا إىل َّ‬
‫أن احلذف هو اإلسقاط‪ ،‬فسيبويه كان يورد الشواهـ ـد و األمثلة عن احلذف‪ ،‬و َّأما ابن‬
‫جين فأشار إىل َّ‬
‫أن احلذف ميس احلركة و احلرف و اجلملة فلم يقدم تعري ًفا له‪ ،‬شأنه شأن سيبويه‬
‫يف ذلك‪َّ ،‬أما فاضل السامرائي فقد قال َّ‬
‫بأن احلذف يتحدد حبسب ما يقتضيه السياق فقد حتذف‬
‫احلركة و احلرف و الكلمة و اجلملة‪ ،‬و كل هذا لغرض بالغي ‪.‬‬

‫و انطالقًا ممَّا سبق يتبني لنا َّ‬


‫أن احلذف ميس الصيغ و الرتاكيب ‪.‬‬

‫‪ _ 1‬سيبويه‪ ،‬الكتاب‪ ،‬حتقيق‪ :‬عبد السالم هارون‪ ،‬عامل الكتب‪ ،‬ط‪ ،3‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،1983 ،‬جزء‪ ،1‬ص‪.25-24‬‬
‫‪ _ 2‬سيبويه‪ ،‬الكتاب ‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.128‬‬

‫‪ _3‬مصطفى شاهر حلوف‪ ،‬اسلوب احلذف يف القرآن الكرمي‪ ،‬و أثره يف املعاين و اإلعجاز‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬ط‪ ،1‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،‬ص‪. 13‬‬
‫‪ _ 4‬ينظر‪:‬ابن جين‪ ،‬اخلصائص‪ ،‬حتقيق عبد احلميد هنداوي‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬ط‪ ،2‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،2003 ،‬ج‪،2‬ص‪.42‬‬
‫‪ _ 5‬ينظر ‪ :‬فاضل السامرائي‪ ،‬دراسات بيانية يف األسلوب القرآين‪ ،‬دار عمار‪ ،‬ط‪ ،4‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،2006،‬ص‪.72‬‬

‫‪5‬‬
‫ظاهرة التقدير يف النحو العريب‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ثانيًا‪ :‬شروط احلذف‬


‫احلذف يف اللغة العربية هو إسقاط عنصر أو عناصر من الرتكيب أو " هو اقتطاع من اجلملة‬
‫الع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـربية و تغييبًا لبعض أجزائها اليت ال يتم املع ـ ـىن إال هبا َّ‬
‫فإن ذلك االقتطاع ال يكون كيفم ـ ـا‬
‫اتفق "‪.1‬‬

‫و قد وضع النحاة شروطًا و قواعد لذلك‪ ،‬فقد حاول " ابن هشام األنصاري مجعها يف مثانية‬
‫شروط "‪:‬‬

‫‪ " _ 1‬وجود دليل حايل كقولك ملن رفع سوطًا " زيدا بإضمار اضرب‪ ،‬أو مقايل كقولك ملن‬
‫قال‪ :‬من اضرب ؟ "زيدا" ‪.‬‬

‫و جيب االنتباه إىل أ ّن دليل احلذف نوعان‪:‬‬

‫األول غري صناعي و ينقسم إىل حايل و مقايل‪ ،‬و الثاين صناعي و هذا خيتص مبعرفته النحويون‪،‬‬
‫﴾ و التقدير‬ ‫‪    ‬‬ ‫و ذلك يف قوله تعاىل يف سورة القيامة اآلية األوىل ﴿‬
‫‪2‬‬ ‫ال أنا اقسم‪ ،‬و ذلك َّ‬
‫ألن فعل احلال ال يقسم عليه يف قول البصريني "‬

‫‪ _ 2‬أ ْن ال يكون ما حيذف كاجلزء فال حيذف الفاعل و ال نائبه و ال ما شاهبه‪. 3‬‬

‫‪ _ 3‬أن ال يكون مؤكد َّ‬


‫ألن املؤكد مريد للطول و احلاذف مريد االختصار و ذلك حنو الذي‬
‫رأيت زيد أ ّن يؤكد العائد احملذوف بقولك نفسه و تقول الذي رأيته حممد نفسه‪. 4‬‬

‫‪ " _ 4‬أن ال يؤدي حذفه إىل حذف املختصر فال حيذف اسم الفعل دون معموله‪ ،‬ألنَّه اختصار‬
‫يدا ‪.‬‬
‫يدا فاقتله "[ ‪ ] ...‬و التقدير عليك ز ً‬
‫للفعل‪ ،‬و مثال ذلك قول سيبويه يف " ز ً‬

‫‪ _ 1‬حيدر حسني عبيد‪ ،‬احلذف بني النحويني و البالغيني دراسة تطبيقية‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬ط‪ ،1‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،2013 ،‬ص‪. 43‬‬
‫‪ _ 2‬ابن هشام األنصاري‪ ،‬مغين اللبيب عن كتب األعاريب‪ ،‬حتقيق حممد حمي الدين عبد اجمليد‪ ،‬دار املكتبة العصرية‪ ،‬ط‪ ،1‬بريوت‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫‪ ،1999‬ج‪ ،2‬ص‪.698-697‬‬
‫‪ _ 3‬ينظر‪ :‬حيدر حسني عبيد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.44‬‬
‫‪ _ 4‬ينظر‪ :‬ابن هشام األنصاري‪ ،‬املصدرالسابق ‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪. 698‬‬

‫‪6‬‬
‫ظاهرة التقدير يف النحو العريب‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪ _ 5‬أن ال يكون عامالً ضعي ًفا‪ ،‬فال حيذف اجلازم و الناصب للفعل‪ ،‬إال يف مواضع قويت فيها‬
‫الداللة و كثر فيها اإلستعمال تلك العوامل‪ ،‬وال جيوز القياس عليها "‪. 1‬‬

‫عوضا عن شيء حمذوف‪ ،‬فال حتذف ( ما ) يف أما أنت منطلق َّ‬


‫ألن أصل‬ ‫‪ " _ 6‬أ ّن ال يكون ً‬
‫هذا الرتكيب‪ :‬إن كان منطلق مثَّ حتولت إىل‪ :‬إن كنت منطل ًقا مثَّ عوض عن ( كان ) ب (ما) ‪،‬‬
‫فأصبحت العبارة‪ ،‬أما أنت منطلق ‪.‬‬

‫‪ _ 7‬أال يؤدي احلذف إىل هتيئة العامل للعمل و قطعه عنه‪ ،‬فال حيذف املفعول – و هو اهلاء –‬
‫يدا‪ ،‬لئال يتسلط على زيد مث يقطع عنه برفعه للفعل األول ‪.‬‬
‫من ضربين و ضربته ز ً‬
‫‪ " _ 8‬أال يؤدي احلذف إىل إعمال العامل الضعيف مع إمكان إعمال العامل القوي حنو‪ :‬فالن‬
‫يدا ضربته ألنَّه يؤدي إىل إعمال املبتدأ و إمهال الفعل مع أنَّه األقوى " ‪.2‬‬
‫حيذف الضمري يف ‪ :‬ز ً‬

‫‪_ 1‬ابن هشام األنصاري‪ ،‬املصدر السابق‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.699‬‬


‫‪_ 2‬متام محد عيد املنيزل‪ ،‬احلذف يف النحو العريب‪ ،‬ص‪. 26-25‬‬

‫‪7‬‬
‫ظاهرة التقدير يف النحو العريب‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ثالثًا أغراض احلذف‪:‬‬


‫األغراض و نعين هبا األهداف البعيدة اليت يقصدها الناطق حينما يلجأ إىل حذف بعض‬
‫العناصر ‪.1‬‬

‫يعد اهتمام البالغيني باألغراض أكثر من اهتمام النحويني هبا ‪ ،‬و أهم هذه األغراض ما يلي‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫‪" _ 1‬التخفيف‪:‬نفرت العربية إىل ما هو ثقيل و مالت إىل ما هو خفيف"‬

‫واحلذف يف هذا الباب يكون على مستوى الصيغة‪ ،‬و يكون على مستوى الرتكيب ‪ ،‬واحلذف‬
‫على مستوى الصيغة يقسم على قسمني‪:‬‬

‫حذف احلروف و حذف احلركات‪ ،‬حذف احلروف كأ ّن حتذف اهلمزة مثال‪ ،‬أما حذف احلركات‬
‫كحذف السكون اللتقاء ساكنني لصعوبة النطق هبما‪.3‬‬

‫إذا كان حذف احد أجزاء الكلمة يعد مظهرا من مظاهر التخفيف ‪ ،‬وكان هذا التخفيف ناتج‬
‫عن ثقل نطقي للكلمة ‪،‬فإ ّن احلذف على مستوى الرتكيب من أهم نتائج الثقل‪ ،‬سواء كان‬
‫احلذف للكلمة أو للجملة‪.4‬‬

‫ويف هذا يقول إبراهيم مصطفى" فالعرب كانوا يتخففون يف القول ما وجدوا السبيل حيذفون الكلمة‬
‫إذا فهمت‪ ،‬و اجلملة إذا ظهر الدليل عليها‪ ،‬واألداة إذا مل تكن احلاجة ملجئة إليها"‪.5‬‬

‫مبعىن أ ّن العرب مييلون إىل التخفيـ ـ ـف يف كالمهم ‪ ،‬فيلجئون إىل احلذف كلما دعا األم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـر لذلك‬
‫‪،‬فحذفوا – العرب‪ -‬احلركة و احلرف و الكلمة و اجلملة ‪ ،‬ولكن بشرط أ ّن ال يكون هناك خلل‬
‫يف املعىن أو خلل يف الرتكيب سواء يف الرتكيب الصيغة (من حركات و حروف) أو تركيب اجلملة‬

‫‪_ 1‬ينظر‪ :‬طاهر سليمان محودة‪ ،‬ظاهرة احلذف يف الدرس اللغوي‪ ،‬ص‪. 97‬‬
‫‪_2‬متام محد عيد املنيزل ‪،‬احلذف يف النحو العريب‪،‬ص‪.19‬‬
‫‪_3‬ينظر ‪ :‬متام محد عيد املنيزل‪،‬املرجع نفسه‪،‬ص ‪.19‬‬
‫‪_4‬ينظر‪ :‬أمحد عفيفي‪ ،‬ظاهرة التخفيف يف النحو العريب‪،‬دار املصرية اللبنانية‪،‬ط‪ ،1‬القاهرة ‪ ،‬مصر‪ ،1996 ،‬ص‪.274‬‬
‫‪_5‬إبراهيم مصطفى‪،‬إحياء النحو‪،‬دار اآلفاق العريب‪،‬د‪،‬ط ‪ ،‬القاهرة مصر‪ ،2003 ،‬ص ‪.48‬‬

‫‪8‬‬
‫ظاهرة التقدير يف النحو العريب‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫حنو‪ ":‬حينما أقول لصديقي هل أبوك هنا؟ ويرد قائال‪ :‬نعم هنا‪ ،‬فقد حذف يف إجابته املبتدأ‬
‫‪1‬‬
‫ختفيفا واختصارا‪ ،‬و يف هذا املثال ال يوجد لبس‪ ،‬ملعرفة املخاطب و املتكلم عن املتحدث عنه"‪.‬‬

‫‪ " _ 2‬اإلجياز و االختصار يف الكالم‪ :‬من خصائص اللغة العربية اإلجياز و االختصار‪ ،‬و من‬
‫أنواع احلذف يف الرتاكيب تنتج عن رغبة املتكلم يف اإلجياز[‪ ]...‬ذلك أ ّن اإلجياز فضال عما فيه‬
‫من ختفيف يكسب العبارة قوة و جينبها ثقل االستطالة [‪ ]...‬و من هذا فإ ّن احلذف يكثر يف‬
‫مجلة الصلة و أسلويب الشرط و القسم و كذلك العطف"‪.2‬‬

‫‪ _ 3‬االتساع‪ :‬و هو نوع من احلذف لإلجياز واالختصار‪ ،‬و قد يقع التوسع يف الظروف الزمانية‬
‫أو املكانية بنقلها عن حالة النصب لوقوع احلذف فيها إىل غري ذلك نتيجة احلذف كقول‬
‫احدهم‪ :‬هنارك صائم ‪،‬و ليلك قائم ‪،‬و األصل أنت صائم يف النهار و قائم يف الليل‪.3‬‬

‫مبعىن أننا إذا وجدنا اتساع يف الرتكيب نلجأ إىل احلذف لضبط الرتكيب‪ ،‬و يف الوقت نفسه‬
‫يستوجب مراعاة صحة املعىن يف ذلك‪.‬‬

‫‪ " _ 4‬العلم الواضح باحملذوف‪ :‬نلجأ إىل احلذف هنا إذا كان احملذوف معلوم لدى املخاطب و‬
‫‪‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬ ‫والعشرون﴿ ‪  ‬‬
‫‪  ‬‬ ‫املتكلم ‪ 4‬حنو قوله تعاىل يف سورة النساء اآلية الثامنة‬

‫﴾ وهنا " حذف الفاعل املعلوم أسند إىل نائبه"‪.5‬‬ ‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬

‫و نورد مثاال آخر على ذلك ‪ ،‬يقول الشاعر‪:‬‬

‫َرَماين بأمر كنت منه ووالدي ‪ ....‬بَريئًا ‪ ،‬ومن أَ ْجل الطَوى رماين‬

‫و هنا التقدير كنت منه بريئا ‪،‬و بريئا خرب لكان ‪ ،‬و الذي سوغ لنا احلذف ها هنا هو العلم‬
‫الواضح باحملذوف ‪.‬‬

‫‪ _1‬أمحد عفيفي ‪ ،‬ظاهرة التخفيف يف النحو العريب‪ ،‬ص ‪.276‬‬


‫‪ _2‬ينظر‪ :‬طاهر سليمان محودة‪ ،‬ظاهرة احلذف يف الدرس اللغوي ‪ ،‬ص ‪.103-102‬‬
‫‪ _3‬طاهر سليمان محودة‪،‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.103‬‬
‫‪ _ 4‬متام محدعيد املنيزل‪ ،‬احلذف يف النحو العريب‪ ،‬ص‪.55‬‬
‫‪ _5‬متام محدعيد املنيزل‪ ،‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.102‬‬

‫‪9‬‬
‫ظاهرة التقدير يف النحو العريب‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫" اجلهل باحملذوف‪ :‬و قد يكون اجلهل باحملذوف سبب للحذف ‪ ،‬وهو واضح يف بعض‬ ‫‪_5‬‬
‫املواضع حنو ‪:‬إسناد الفعل لنائب الفاعل ‪ ،‬حبيث حيذف الفعل للجهل به‪ ،‬حنو‪ :‬قتل فالن"‪.1‬‬

‫عرفنا فيما سبق العلم الواضح باحملذوف‪ ،‬أي نسند الفعل إىل نائب الفاعل ال إىل فاعله ‪ ،‬كون‬
‫الفاعل معلوم لدى السامع أو املتلقي‪ ،‬أما يف اجلهل باحملذوف فقد أسندنا الفعل إىل نائب الفاعل‬
‫ال إىل فاعله ‪ ،‬حنو‪ :‬قتل فالن‪.‬‬

‫‪" _6‬احملافظة على الوزن يف الشعر‪ :‬وهو غرض لفظي يقع يف احلذف ألجله بإسناد الفعل إىل‬
‫نائب الفاعل حنو قول األعشى ‪:‬‬

‫الرجل‬
‫َغريي و علق أخرى ذلك ْ‬ ‫عرضا و علقت رجالً‬
‫َعلَقتها ً‬
‫فقد أسند الشاعر الفعل (علق) ثالثة مرات لنائب الفاعل‪ ،‬ألنّه لو ذكر الفاعل يف كل منها‪ ،‬أو‬
‫‪2 .‬‬
‫يف بعض منها ملا استقام له وزن البيت "‬

‫وهذا الغرض يكثر يف مواضع كثرية يف الشعر‪ ،‬كون الشاعر يلجأ إىل احلذف الستقامة الوزن الذي‬
‫يؤلف القصيدة عليه‪ ،‬فيلجأ إىل حذف احلركة و احلرف و الكلمة و اجلملة ‪ ،‬و كما يقال جيوز‬
‫لشاعر ما ال جيوز لغريه‪.‬‬

‫‪ _1‬طاهر سليمان محودة ‪ ،‬ظاهرة احلذف يف الدرس اللغوي ‪ ،‬ص ‪.110‬‬


‫‪ _2‬طاهر سليمان حمودة‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.111،112‬‬

‫‪10‬‬
‫ظاهرة التقدير يف النحو العريب‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫يستخدم احلذف يف اللغة العربية بكثرة‪َّ ،‬‬


‫ألن من مميزاهتا امليل إىل اإلجياز و االختصار‪ ،‬و أمجع‬
‫النحاة – أغلبهم – َّ‬
‫أن احلذف يعين إسقاط عنصر أو عناصر من اجلملة العربية مع ترك دليل أو‬
‫قرينة تدل على ذلك احلذف‪ ،‬و لقد وضع النحاة مجلة من الشروط – َّ‬
‫ألن احلذف يعد تغييب‬
‫ألحد عناصر املتالزمات النحوية – يستلزم على النحوي احرتامها‪ ،‬ومن هذه الشروط عدم فساد‬
‫املعىن‪ ،‬فإذا جلأ دارس اللغة للحذف و أدى هذا إىل خلل يف املعىن فال حيذف شيئًا يف ذلك‪ ،‬و‬
‫قد امجلها – شروط احلذف – ابن هشام األنصاري يف مثانية شروط ال تاسع هلا‪ ،‬و يلجأ ناطق‬
‫اضا يف ذلك يريد ايصاهلا إىل السامع أو املتلقي‪ ،‬و لعل اهتمام‬
‫قاصدا أغر ً‬
‫ً‬ ‫اللغة إىل احلذف‬
‫أن احلذف الذي خيتص‬‫البالغيني هبا يفوق اهتمام النحاة يف ذلك‪ ،‬و يرى ابن هشام األنصاري َّ‬
‫به النحاة هو ما تقتضيه الصناعة اللفظية ‪.‬‬

‫و من اهم هذه األغراض التخفيف ‪ ،‬ألن العرب متيل إىل ما هو خفيف و تنفر مما هو ثقيل على‬
‫اللسان‪ ،‬و كذلك اإلجياز و االختصار اضافة إىل طول الكالم و هي تعد األهداف اليت يقصدها‬
‫الناطق حينما يلجأ إىل احلذف ‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫ظاهرة التقدير يف النحو العريب‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬التقدير تعريفه و شروطه‬


‫" جيري التقدير يف النحو العريب على وجوه ‪ ،‬أوالها النحاة اهتماما بالغا ‪ ،‬وخصوها بعناية فائقة‬
‫حىت بات التقدير هو جوهر الدرس النحوي ‪ ،‬وقد تنافس النحويون مبعرفته وبه تفاضلوا ‪ ]...[،‬و‬
‫‪1‬‬
‫النحاة يلجؤون إىل التقدير كلما دعت هبم الضرورة الستكمال معىن أو تصحيح اعراب "‬

‫أوال ‪ :‬تعريف التقـ ـ ـ ـ ـ ــدير ‪:‬‬

‫جاء يف لسان العرب مادة قدر‪ " :‬قدر كل شيء ومقداره مقياسه‪ ،‬وقدر الشيء بالشيء يقدره‬
‫‪2‬‬
‫قدرا وقدره قاسه‪ ،‬وقادرت الرجل مقداره اذا قاسه "‬

‫بعد أن عرفنا مفهوم التقدير لغة نأيت إىل ذكر التعريفات االصطالحية‪:‬‬

‫التقدير يف اصطالح النحاة هو‪ " :‬حذف الشيء مع إبقاء دليل عليه‪ ،‬وقيل‪ :‬هو احلذف على‬
‫‪3‬‬
‫نية اإلبقاء "‬

‫وهو " حذف الكلمة لفظا و إبقاؤها يف املعىن والنية [‪ ]...‬كما لو قيل لك‪( :‬ماذا أكلت ؟ )‬
‫‪4‬‬
‫فتجيب ( تفاحة) و التقدير أكلت تفاحة "‬

‫و التعريف اجلامع الذي ميكن االنتهاء اليه هو‪ :‬أ ّن التقدير يأيت بعد احلذف مع ترك دليل ‪.‬‬

‫‪ _1‬مالوي صالح الدين‪ ،‬تقدير احلذف و اإلضمار يف ضوء نظرية العامل النحوي‪ ،‬جملة املخرب‪ ،‬أحباث يف اللغة واالدب اجلزائري‪،‬‬
‫بسكرة‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬ص ‪. 1‬‬
‫‪ _2‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬جملد ‪ ،5‬ص‪ .76‬مادة ( ق‪ ،‬د‪ ،‬ر) ‪.‬‬
‫‪ _3‬حسن مخيس امللخ‪ ،‬نظرية األصل والفرع يف النحو العريب ‪ ،‬دار الشروق‪ ،‬ط‪ ،1‬عمان‪ ،‬األردن ‪ ،2001 ،‬ص ‪. 115‬‬
‫‪ _4‬مصطفى شاهر حلوف‪ ،‬أسلوب احلذف يف القرآن الكرمي وأثره يف املعاين واإلعجاز‪ ،‬ص‪. 32‬‬

‫‪12‬‬
‫ظاهرة التقدير يف النحو العريب‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ثانيا ‪ :‬ضوابط التقدير‬


‫" يلجأ النحاة إىل التقدير كلما دعت هبم الضرورة لتتمة معىن أو تصحيح اعراب وقد وضع النحاة‬
‫‪1‬‬
‫مجلة من الضوابط والشروط "‬

‫و أول الشروط مايلي ‪:‬‬

‫‪ " – 1‬بيان مكان املقدر‪ :‬القياس أن يقدر الشيء يف مكانه األصلي‪ ،‬لئال خيالف األصل من‬
‫وجهني احلذف و وضع الشيء يف غري حمله‪ ،‬فيجب أن يقدر املفسر يف حنو ( زيدا رأيته ) مقدما‬
‫عليه‪ ،‬وقد َج ّوَز البيانيون تقديره مؤخرا عنه‪ ،‬وقالوا‪ :‬ألنّه يفيد االختصاص حينئذ‪ ،‬وليس كما‬
‫‪2‬‬
‫تومهوا‪ ،‬وإَّّنا يرتكب ذلك عند تعذر األصل أو عند اقتضاء أمر معنوي لذلك "‬

‫‪ – 2‬بيان كيفية التقدير ‪:‬‬

‫إذا اقتضى التأويل تقديرات عدة‪ ،‬كما إذا استدعى تقدير أمساء متضايقة أو موصوف صفة‬
‫مضافة‪ ،‬أو جار وجمرور عائد على ما حيتاج إىل رد‪ ،‬فال يقدر أ ّن ذلك كله قد حذف دفعة‬
‫واحدة‪ ،‬بل على التدريج‪.‬‬

‫‪    ‬‬ ‫فاألول ‪ :‬يقول اهلل تع ـ ـ ـ ــاىل يف سورة األحزاب اآلية التاسعة عشر ﴿‬

‫‪﴾            ‬‬

‫أي كدوران عني الذي‪.‬‬


‫‪3‬‬
‫و الثاين‪ :‬يقول امرئ القيس‪:‬‬

‫نفل‬
‫املسك منهما ‪ ....‬نسيم الصبَا َجاءَت برياً القر ْ‬
‫إذا قامتَا تضوعُ ْ‬
‫" أي تضوعا مثل نسيم الصبا‪.‬‬

‫‪ _1‬صالح الدين مالوي‪ ،‬تقدير احلذف و اإلضمار يف ضوء نظرية العامل النحوي‪ ،‬ص‪. 1‬‬
‫‪ _2‬ابن هشام األنصاري‪ ،‬مغين اللبيب عن كتب األعاريب‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪. 703‬‬
‫‪ _3‬ينظر‪ :‬علي ابو املكارم‪ ،‬احلذف و التقدير يف النحو العريب‪ ،‬دار غريب‪ ،‬ط‪ ،1‬قاهرة‪ ،‬مصر‪ ،2007 ،‬ص ‪.207‬‬

‫‪13‬‬
‫ظاهرة التقدير يف النحو العريب‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪   ‬‬ ‫ثانيا‪ :‬يقول سبحانه و تعاىل يف سورة البقرة اآلية مائة و ثالثة و عشرون﴿‬

‫‪﴾   ‬‬

‫‪1‬‬
‫أي ال جتزي فيه مث حذف يف فصار الجتزيه‪ ،‬مث حذف الضمري منصوبا ال خمفوضا "‬

‫" تعددت التقديرات ‪ ،‬أن يكون اللفظ على تقدير ما ‪ ،‬و ذلك التقدير بدوره على تقدير آخر‪،‬‬
‫‪    ‬‬ ‫جل شأنه يف سورة يونس اآلية السابعة و الثالثني ﴿‬
‫حنو‪ :‬قوله ّ‬
‫فأن يفرتى مؤول باالفرتاء مؤول مبفرتي ‪.‬‬ ‫‪﴾ ‬‬

‫‪2‬‬
‫‪ 3‬ينبغي أن يكون احملذوف من لفظ املذكور مهما أمكن‪:‬‬

‫" فيقدر بضربين زيد قائما ‪ :‬ضربه قائما‪ ،‬فإنّه من لفظ املبتدأ دون إذ كان أو إذا كان‪ ،‬ويقدر‬
‫‪3‬‬
‫يدا أضربه "‬
‫أضرب دون أهن يف ز ً‬
‫‪ " _ 4‬ينبغي تقليل املقدر ما أمكن لنقل خمالفة األصل‪ ،‬وذلك كان تقدير األخفش يف ضربين‬
‫يدا قائما‪ :‬ضربه قائما أوىل من تقدير باقي البصريني حاصل إذ كان أو إذا كان قائما‪ ،‬ألنه قدروا‬
‫زً‬
‫‪4‬‬
‫اإلثنني و قدروا اخلمسة‪ ،‬وألن التقدير من لفظ أوىل "‬

‫‪ _1‬ابن هشام األنصاري‪ ،‬مغين اللبيب عن كتب األعاريب‪ ،‬ج‪، 2‬ص‪.709،710‬‬


‫‪ _2‬ينظر‪ :‬علي ابو املكارم‪ ،‬احلذف و التقدير يف النحو العريب‪ ،‬ص‪. 107‬‬
‫‪ _3‬ابن هشام األنصاري‪ ،‬املصدر السابق‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪. 703‬‬
‫‪ _4‬علي أبو املكارم‪ ،‬املرجع السابق‪. 107 ،‬‬

‫‪14‬‬
‫ظاهرة التقدير يف النحو العريب‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ثانيا حاالت التقدير‪:‬‬


‫متتد ظاهرة احلذف و التقدير يف النحو و العريب على جبهة واسعة ‪ ،‬تبدأ من تقدير احلركة إىل أن‬
‫تصل إىل تقدير اجلملة (الرتكيب) ‪1‬و قد ذكر " احملققون أ ّن التقدير يف الرتاث النحوي يقال يف‬
‫‪2‬‬
‫حاالت ثالثة "‬

‫" احلركة اإلعرابية ‪ :‬وتقدر يف مواضع متعددة‪ ،‬منها ما يطرد ومنها ما ال يطرد كـ ـ ـ ـ ـ ـ ـما أ ّن‬ ‫‪-1‬‬
‫منها ما تقدر مجيع احلركات فيها وما تقدر بعض احلركات فحسب" ‪. 3‬‬

‫و أهم مواضع تقديرها ما يلي ‪:‬‬

‫أ – اجلمل اليت هلا حمل من اإلعراب ‪:‬‬

‫األصل يف اإلعراب أن يكون للمفرد‪ ،‬ألهنا كلمة واحدة وميكن أن تظهر على آخرها حركات‬
‫اإلعراب‪ ،‬أو تقدر تقديرا‪ّ ،‬أما اجلملة فبعيدة كل البعد عن اإلعراب ألهنا مركبة من كلمتني أو‬
‫أكثر ويستحيل أن تظهر عليها احلركات اإلعرابية قال أبو حيان ‪ « :‬أصل اجلملة أال يكون هلا‬
‫موضع من اإلعراب‪ ،‬وإذا كان هلا موضع من اإلعراب قدرت مبفرد »‪. 4‬‬

‫و من هنا يتبني لنا أ ّن األصل يف اإلعراب يكون للمفرد ال للجملة ويكون للجملة حمل من‬
‫اإلعراب إذا قدرت مبفرد‪ ،‬فإذا مل تقدر مبفرد فال يكون هلا حمل ‪.‬‬

‫وهذا يعين أن اجلمل من الناحية اإلعرابية نوعان مجل هلا حمل من اإلعراب وهي اليت تقدر‬
‫مبفرد‪ ،‬ومجل ال حمل هلا من اإلعراب وهي ال تقبل التأويل مبفرد ‪.‬‬

‫و من اجلمل اليت حتل حمل املفرد وتأخذ إعرابا تقديريا حيث تؤول اجلملة مبفرد وتأخذ حكما‬

‫إعرابيا ‪.‬‬

‫‪ _1‬ينظر‪ :‬علي أبو املكارم‪ ،‬أصول التفكري النحوي‪ ،‬دار الغريب‪ ،‬ط‪ ،1‬القاهرة‪ ،‬مصر‪، 2006،‬ص‪. 255‬‬
‫‪ _ 2‬حممد عبد العزيز العمريين‪ ،‬اإلستقراء الناقص و أثره يف النحو العريب‪ ،‬دار املعرفة اجلامعية‪ ،‬د ط‪ ،‬األزاريطة‪ ،‬مصر‪ ،‬د ت‪،‬ص ‪.821‬‬
‫‪_ 3‬علي أبو املكارم ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 256‬‬
‫‪ _4‬ينظر‪ :‬فخر الدين قباوة‪ ،‬إعراب اجلمل وأشباه اجلمل ‪،‬دار القلم العريب‪ ،‬ط‪، 5‬حلب‪ ،‬سوريا‪، 1989،‬ص‪. 33،34‬‬

‫‪15‬‬
‫ظاهرة التقدير يف النحو العريب‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫يقو الشاعر ‪:‬‬

‫فأخربه مبا فعل املشيب‬ ‫ليت الشباب يعود يوما‬

‫"يعود" مجلة فعلية يف حمل رفع خرب ليت و التقدير (عائ ٌد )‬

‫اجلملة الواقعة خرب ‪ :‬وحملها من اإلعراب الرفع إذا كانت ملمبتدأ أو اخلرب إل ّن و أخواهتا أو ال‬
‫النافية للجنس ‪.‬‬

‫أ – خرب ملبتدأ حنو ‪ :‬العلم ينري الدرب‪ ،‬فجملة ينري الدرب مجلة فعلية يف حمل رفع خرب ملبتدأ و‬
‫‪2‬‬
‫التقدير(منري) "‪.‬‬

‫ب – خرب إ ّن حنو ‪ :‬إ ّن العلم ينفع صاحبه فاجلملة الفعلية ينفع يف حمل رفع خرب إ ّن والتقدير إ ّن‬
‫(نافع) ‪.‬‬

‫ج – خرب ال النافية للجنس حنو ‪ :‬ال خائن ينجو من العقاب فاجلملة الفعلية ينجو يف حمل رفع‬
‫خرب ال النافية للجنس و التقدير (ناجي)‪.‬‬

‫ّأما إذا كان اخلرب لكان أو إحدى أخواهتا أو كاد وحملها من اإلعراب النصب ‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫﴿‪  ‬‬ ‫أ‪ .‬خرب لكان حنو قوله تعايل يف سورة البقرة األية العاشرة‬

‫‪ ﴾          ‬فجملة‬

‫يكذبون مجلة فعلية يف حمل نصب خرب كان والتقدير (كاذبني)‪.‬‬

‫ب‪.‬خرب كاد حنو قوله تعايل يف سورة البقرة األية الواحدة والسبعني ﴿‪   ‬‬

‫‪ ﴾ ‬فجملة يفعلون مجلة فعلية يف حمل نصب خرب كاد والتقدير (فاعلني)‪.‬‬

‫‪ _1‬ينظر‪ :‬فخر الدين قباوة ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪. 34‬‬


‫‪ _2‬حممود حسن مغلسة‪ ،‬النحو الشايف ‪،‬دار مؤسسة الرسالة‪ ،‬ط‪ ، 3‬بريوت ‪ ،‬لبنان‪ ،1997 ،‬ص‪. 543‬‬

‫‪16‬‬
‫ظاهرة التقدير يف النحو العريب‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪ .1‬اجلملة الواقعة حال‪ :‬يقول جرير‬

‫وحنن لكل يوم القيامة أفضل‬ ‫لنا الفضل يف الدنيا وإنفك راغم‬

‫فجملة إنفك واقعة حاال‪.1‬‬

‫‪ .2‬اجلملة الواقعة مفعول به‪ :‬هي من اجلمل اليت هلا حمل من اإلعراب وحملها نصب‪ ،‬حنو‪ :‬أحببت‬
‫أن أدرس النحو‪ ،‬والتقدير ( دراسة )‪.‬‬
‫‪ .3‬اجلملة الواقعة صفة‪ :‬وحملها الرفع أو النصب أو اجلر حبسب ما ورد املوصوف‪.‬‬
‫‪ .4‬اجلملة الواقعة مضاف إليه وحملها اجلر‪.‬‬

‫يقول جرير‪:‬‬

‫حي املنازل إذ ال تبتغي بدال * * * * بالدار دار وال اجلريان جريانا‪.‬‬

‫فجملة ال تبتغ مجلة فعلية يف حمل جر مضاف إليه والتقدير (إبتغاء)‪.2‬‬

‫ثانيا‪ :‬املصدر املؤول‪ :‬وتقدر فيه احلركات الثالث‪.‬‬

‫‪ ‬يف حالة الرفع يقول سبحانه وتعـ ـ ـ ـ ـ ـايل يف سورة البقرة اآلية مـ ـ ـ ـ ـائة وأربعـ ـ ـ ـ ـ ـة ومثانون‬
‫‪3‬‬
‫‪.﴾      ‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪    ‬‬ ‫﴿ ‪   ‬‬
‫‪   ‬‬

‫والتقدير (صيامكم )‪.‬‬


‫‪ ‬يف حالة النصب حنو أرفض أن يستهرت املسلم بالصيام ومجلة يستهرت نفعول به‬
‫والتقدير( استهتار)‪.‬‬
‫‪ ‬يف حالة اجلر حنو أن تؤدي واجبك رضى اهلل عليك‪ ،‬والتقدير (تأدية) ‪.4‬‬

‫‪1‬حممود حسن مغلسة‪ ،‬املرجع السابق‪،‬ص‪.543‬‬


‫‪2‬ينظر‪ :‬شوقي املعري‪ ،‬إعراب اجلمل وأشباه اجلمل‪ ،‬دار احلارث‪ ،‬ط‪ ،1‬دمشق‪ ،‬سوريا‪ ،1997 ،‬ص‪.118 -91‬‬
‫‪ 3‬ينظر‪ :‬رمضان عبد اهلل رمضان‪ ،‬من القضايا اللغوية والنحوية‪ ،‬دار مكتبة بستان املعرفة‪ ،‬د ط‪ ،‬االسكندرية مصر‪ ،‬د ت‪ ،‬ص ‪98‬‬
‫‪ 4‬ينظر‪ :‬رمضان عبد رمضان‪ ،‬املرجع نفسه ‪ ،‬ص‪98‬‬

‫‪17‬‬
‫ظاهرة التقدير يف النحو العريب‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ثالثا‪ :‬األمساء املقصورة واملنقوصة‪.‬‬

‫"يقسم الصرفيون األمساء بإعتبار نوعية حروفها ايل‪ :‬صحيح‪ ،‬و معتل‪ ،‬وممدود‪ .‬ويقسمون األمساء‬
‫املعتلة ايل أمساء مقصورة وأخرى منقوصة‪.1‬‬

‫‪ .1‬اإلسم املقصور‪ :‬هو إسم معرب يف آخره ألف‪ 2‬الزمة حنو عصا‪ ،‬فىت‪.3‬‬
‫‪ ‬يف حالة الرفع حنو‪ :‬جاء الفىت‪.‬‬
‫‪ ‬يف حالة النصب حنو‪ :‬رأيت الفىت‪.‬‬
‫‪ ‬يف حالة اجلر حنو‪ :‬مررت الفىت‪.‬‬
‫‪ .2‬االسم املنقوص‪" :‬وهو االسم املعرب الذي آخره ياء الزمة أخرها ياء الزمة قبلها كسر‬
‫مثل هادي ومهتدي"‪.4‬‬

‫وتقدر فيه احلركات الثالث الرفع والنصب واجلر‪.‬‬

‫‪ ‬يف حالة الرفع حنو‪ :‬جاء القاضي‪.‬‬


‫‪ ‬يف حالة النصب حنو‪ :‬رأيت القاضي‪.‬‬
‫‪ ‬يف حالة اجلر حنو‪ :‬مررت بالقاضي‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬الفعل املضارع املعتل‪.‬‬

‫"ويطرد فيه حركيت الرفع والنصب يف املعتل باأللف منه‪ ،‬يف حني اليطرد التقدير يف املعتل بالواو أو‬
‫‪5‬‬
‫الياء‪ ،‬إال يف حركة واحدة وهي حركة الرفع فحسب"‬

‫‪ ‬يف حالة الرفع حنو‪ :‬هو يسعي إيل فعل اخلري‪.‬‬

‫‪ _1‬عبد اهلادي الفضلي‪ ،‬خمتصر الصرف‪ ،‬دار القلم‪ ،‬د ط‪ ،‬بريوت‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬د ت‪ ،‬ص‪.27‬‬

‫‪ _2‬جرجي شاهني عطية‪ ،‬سلم اللسان يف الصرف والنحو والبيان‪ ،‬دار رحياين‪ ،‬ط‪ ،4‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬دت‪ ،‬ص‪.91‬‬

‫‪ _3‬راجي األمسر‪،‬املعجم ااملفصل يف علم الصرف‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬ط‪ ،1‬بريوت‪ ،‬لبنان‪،1993 ،‬ص‪.136‬‬

‫‪ _4‬عبد اهلادي الفضلي‪ ،‬خمتصر الصرف‪ ،‬ص‪.29‬‬

‫‪ _5‬علي ابو املكارم‪ ،‬أصول التفكري النحوي‪ ،‬ص‪.258‬‬

‫‪18‬‬
‫ظاهرة التقدير يف النحو العريب‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪ ‬يف حالة النصب حنو‪ :‬إنه لن يرض مبا تعرض عليه‪.1‬‬

‫خامسا‪ :‬األمساء املبنية‪ .‬وتقدر فيها احلركات اإلعرابية جبميع أنواعها‪.‬‬

‫فتقدير احلركة اإلعرابية يف املواضع السابقة" تكشف عن األسباب الرئيسة هلذا التقدير تلتقي حنو‬
‫حمور واحد‪ ،‬هو القواعد الكلية اليت ال تستند ايل أسس موضوعية‪ ،‬فقد أضطر النحاة يف سبيل‬
‫حتقيق غاياهتم من تعميم األحكام لتتسم باالطراد ايل إغفاء الكثري من احلقائق املوضوعية‬
‫والتمسك بأوهام التأويل‪ ،‬بل واعتربوه األصل الذي جيب أن يراعى يف التقعيد والتعليل‪ ،‬ومن‬
‫أوضح القواعد الكلية أسلمت ايل تقدير احلركة اإلعرابية‪ ،‬حتمية وجود احلركة اإلعرابية يف‬
‫الكلمات املعربة]‪ [...‬حبيث إذ مل تك ظاهرة وجب تقديرها وهذه القاعدة بعض ما تركته نظرية‬
‫العامل يف البحث النحوي من آثار‪ ،‬إذ أن تقدير احلركة اإلعرابية هو النتيجة الضرورية للطرف‬
‫الثالث‪ ،‬من أطراف العمل النحوي وهو وجود احلركة الدالة علي العمل يف آخر املعمول لفظا أو‬
‫تقديرا"‪.2‬‬

‫‪ -2‬بعض أجزاء اجلملة‪:‬‬


‫حتدثنا فيما سبق عن تقدير احلركة اإلعرابية يف الكلمات املعربة‪ ،‬فإذا تغيبت هذه األخرية وجب‬
‫على النحويني تقديرها فشأهنا يف ذلك تقدير أجزاء اجلملة‪.‬‬
‫"فإذا وجد النحاة يف اجلملة عامال وليس له معمول قدروا له معموال‪ ،‬وإذا اجتمع عامالن وليس‬
‫يف الكالم سوى معموال واحدا أعمل أحدمها فيه وقدر لآلخر ما يعمل فيه‪ ،‬وإذا وجد معمول‬
‫ومل يك مثة عامل قدر له عامله‪ ،‬ويف النحو تبعا هلذا كثري ميكن أن جنده يف أبواب متفرقة مثل‬
‫االبتداء]‪ [...‬بل وفيه أبواب هي نتيجة للتقدير احملض مثل باب التنازع"‪.3‬ويف هذا النوع من‬
‫احلذف جند تأثريا عميق لنظريتني‪:‬‬

‫‪ _1‬ينظر‪ :‬عبد الراجحي‪ ،‬التطبيق النحوي‪ ،‬دار املعرفة اجلامعية‪،‬ط‪،2‬األزاريطة‪ ،‬مصر‪ ،2000 ،‬ص‬

‫‪ _2‬علي أبو املكارم‪،‬اصول التفكري النحوي ‪ ،‬ص‪.209 ،208‬‬

‫‪ _3‬علي أبو املكارم‪ ،‬احلذف والتقدير يف النحو العريب‪ ،‬ص‪.206‬‬

‫‪19‬‬
‫ظاهرة التقدير يف النحو العريب‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫النظرية األويل‪ :‬مفهوم العمل النحوي الذي يقتضي بالضرورة وجود أطراف ثالثة أوهلا العامل‪،‬‬
‫وثانيها املعمول‪ ،‬وثالثها احلركة االعرابية رمز تأثري العامل يف املعمول‪ ،‬فإذا مل يوجد أحد هذه‬
‫األطراف الثالثة وجب تقديرها‪.‬‬
‫النظرية الثانية‪ :‬مضمون فكرة النحاة عن نظام اجلملة‪ ،‬هذا املضمون الذي يرتكز أساسا على‬
‫وجود اإلسناد الذي ال يكون إال بني شيئني مسند ومسند إليه‪ ،‬وقد أثرت هذه الفكرة يف جزئيات‬
‫كثرية من هذا النوع يف احلذف حيث وجد النحاة تراكيب عديدة تفيد فائدة حيسن السكوت‬
‫عليها‪ ،‬وهي غاية اجلملة عندهم‪ ،‬ولكن ال يتوفر شرط اإلسناد من لزوم وجود طرفني فلجأوا اىل‬
‫تقدير املسند أو املسند إليه يف هذا النوع من الرتاكيب‪. 1‬‬
‫يعين أن النظرية األويل تقوم علي العامل النحوي املكون من ثالثة أطراف‪ ،‬فإذا تغيب أحد هذه‬
‫األطراف وجب تقدير ما غاب‪.‬‬
‫أما النظرية الثانية فهي تقوم علي أساس اإلسناد أي وجود مسند ومسند إليه يف اجلملة العربية حيت‬
‫ولو كانت اجلملة مفيدة بال أحد الطرفني إال أهنم يلجأون اىل التقدير كلما تغيب أحد الطرفني _‬
‫املسند أو املسند إليه_‪.‬‬
‫‪-3‬تقدير اجلملة‪:‬‬
‫لقد جلأ النحاة اىل تقدير احلركة اإلعرابية وبعض أجزاء اجلملة‪ ،‬ووصلوا اىل تقدير اجلملة يف حد‬
‫ذاهتا يف حني أعوزهتم استقامة القواعد من غري تقدير‪ ،‬وذلك شائع يف النحو فهم يقدرون اجلملة‬
‫يف أبواب كثرية منها العطف‪ ،‬القسم‪ ،‬الشرط‪.‬‬
‫أ‪ .‬القسم حنو‪ :‬واهلل ألفعلن والتقدير أقسم باهلل ألفعلن‪.‬‬
‫ستني﴿‪    ‬‬ ‫العطف حنو‪ :‬قوله تعايل يف سورة البقرة اآلية‬ ‫ب‪.‬‬

‫‪              ‬‬

‫‪1‬ينظر‪ :‬رمضان عبد اهلل رمضان‪ ،‬من القضايا اللغوية والنحوية‪ ،‬ص‪.203 ،202‬‬

‫‪20‬‬
‫ظاهرة التقدير يف النحو العريب‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫والتقدير‬ ‫‪﴾            ‬‬

‫فضرب فانفجرت‪.1‬‬

‫ثالثا‪ :‬رأي النحاة احملدثني يف ظاهرة التقدير‪.‬‬


‫لقد تعددت الرؤى يف النظر ايل قضية التقدير‪ ،‬فقد انقسم النحاة ايل قسمني يف ذلك‪ ،‬فهناك من‬
‫يعارض هذه القضية _قضية التقدير_ ويدعو اىل إنكارها ورفضها متاما‪ ،‬وهناك من يؤيدها ويدافع‬
‫على وجودها‪ .‬القسم األول‪ :‬املعارضون لظاهرة التقدير‪:‬‬

‫من أبرز النحاة املعارضني لظاهرة التقدير نذكر إبراهيم مصطفي‪ ،‬شوقي ضيف‪ ،‬عبد الرمحان‬
‫‪2‬‬
‫أيوب‪ ،‬إبراهيم السامرائي‪ ،‬ومتام حسان‪..‬‬

‫_إبراهيم مصطفي‪ :‬رفض ابراهيم مصطفي نظرية العامل ويري بأهنا سبب يف التقدير الصناعي‬
‫وهو ما يراد به تسوية صناعة اإلعراب ‪3‬حيث قال‪" :‬لن جتد هذه النظرية من بعد سلطاهنا القدمي‬
‫يف النحو وال سحرها لعقول النحاة‪ ،‬ومن أستمسك هبا سوف حيس ما فيها من هتافت وهلهلة‬
‫وستخذله نفسه حني يبحث عن العامل يف مثل التحذير]‪ [...‬النداء‪ ،‬مث يرى أنه يبحث عن غري‬
‫الشئ"‪.4‬‬

‫_رفض إبراهيم مصطفي نظرية العامل كوهنا هي السبب يف توليد نظرية التقدير اليت يلجأ إليها‬
‫النحاة لتسوية الصناعة اإلعرابية اليت تقوم أساسا علي وجود عناصر ثالثة العامل‪ ،‬و املعمول‪،‬‬
‫واألثر وهو احلركة اإلعرابية ويف حال تغيب أحد هذه العناصر الثالثة وجب اللجوء اىل التقدير‬
‫الستقامة الصناعة اإلعرابية‬

‫‪ _1‬نظر‪ :‬علي أبو املكارم‪ ،‬احلذف والتقدير يف النحو العريب‪ ،‬ص‪.206‬‬

‫‪ _2‬ينظر‪ :‬حسن مخيس امللخ‪ ،‬نظرية األصل والفرع يف النحو العريب‪ ،‬ص‪.124‬‬

‫‪ _3‬ينظر‪ :‬إبراهيم مصطفي‪ ،‬إحياء النحو‪ ،‬ص‪35‬‬

‫‪ _4‬إبراهيم مصطفي‪ ،‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.195 ،194‬‬

‫‪21‬‬
‫ظاهرة التقدير يف النحو العريب‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫_أما شوقي ضيف فقد كانت له معارضة شديدة لظاهرة التقدير النحوى ولقد كانت له ست‬
‫حماوالت لتيسري النحو ومن هذه احملاوالت إلغاء اإلعراب التقديري واإلعراب احمللي‪.1‬‬

‫دعا متام حسان‪" :‬رفض نظرية العامل ومساها خرافة العمل النحوي"‪.2‬‬

‫يرى أ ّن التقدير بلية فلسفية أبتلي هبا النحو العريب ومازال يبتلي‪ ،‬ودعا اىل إطراح اإلعرابني‬
‫التقديري واحمللي وقدم بديال عن نظرية العامل والتقدير وهي تظافر القرائن اللفظية واملعنوية‪.3‬‬

‫ينظر متام حسان ايل نظرية التقدير علي أهنا بلية أصيب هبا النحو ورفضها رفضا قاطعا وكذا نظرية‬
‫العامل برمتها كوهنا السبب يف وجود نظرية التقدير وقدم بديال عنها‪.‬‬

‫رفض هؤالء النحاة نظرية العامل كوهنا من آثار الفلسفة وال جيوز تطبيقها على اجملال النحوي كون‬
‫هذا األخري بعيد كل البعد عن الفلسفة وآثارها‪ ،‬ونظرية العامل قائمة علي ثالثة عناصر العامل‬
‫واملعمول واألثر فإذا أقتطع أحد هذه العناصر وجب اللجوء اىل التقدير لتسوية الصناعة اللفظية‬
‫وإذا رفضت نظرية العامل فتستدعي بالضرورة رفض نظرية التقدير‪ ،‬لقد دعا هؤالء اىل رفض نظرية‬
‫العامل والتقدير معا‪ ،‬لكنهم مل يقدموا بديال إيزاء رفضهم لذلك إال متام حسان الذي كان رفضه‬
‫مقدما ببديل وهي القرائن اللفظية واملعنوية‪.‬‬

‫ومن الداعني اىل إنكار ظاهرة التقدير عبد الرمحان أيوب فقد "ناقش نظرية التقدير ورأي أهنا غري‬
‫واقعية فرفضها" فقال‪" :‬والتقدير الشك أمر غري واقعي فحني يقول النحاة بأن املصدر املؤول‬
‫مفعول منصوب بفتحة مقدرة كما يف أريد أن أقوم فإهنم يفرتضون وجود كلمة غري موجودة‪،‬‬
‫منصوب بفتحة غري موجودة وحنن حني نرفض نظرية التقدير نرفضها لعدم واقعيتها هذه"‪.‬‬

‫ودعا اىل تقسيم الكلمة باعتبار قابيلة آخرها للحركات املختلفة لتفادي اللجوء اىل التقدير‪.‬‬

‫رفض الرجل نظرية التقدير ألنه يعتربها غري واقعية وينفي وجود التقدير‪.‬‬

‫‪ _1‬ينظر‪ :‬حسن مخيس امللخ‪ ،‬نظرية األصل و الفرع ‪ ،‬ص‪.125‬‬

‫‪ _2‬متام حسان‪ ،‬اللغة العربية مبناها ومعناها‪ ،‬ص‪.189‬‬

‫‪ _3‬ينظر‪ :‬حسن مخيس امللخ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.128‬‬

‫‪22‬‬
‫ظاهرة التقدير يف النحو العريب‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪ ‬لقد رفض إبراهيم السامرائي نظرية التقدير رفضا تاما" يري أن العامل من آثار الفلسفة‬
‫وقال عن طريقة التفكري بالعامل واملعمول" وهذه الطريقة يف التفكري النحوي ال متد للعلم‬
‫اللغوي ال بسبب من قريب أو من بعيد‪ ،‬وذلك ألهنا مستعارة من علوم أخري فجربت يف‬
‫النحو‪ ،‬ويري أن مسألة العامل أجنبية عن النحو وأهنا من اختصاص العقل الفلسفي الذي‬
‫يؤمن بالسبب أو العلة واألثر أو النتيجة أدركنا أن القوم يف أي متاهة ساروا‪.1‬‬

‫القسم الثاين‪ :‬املؤيدون لظاهرة التقدير‪.‬‬

‫ومن الداعني إىل الدفاع عن ظاهرة التقدير نذكر منهم‪:‬‬

‫علي جندي ناصف‪ ،‬وداود عبدة‪ ،‬وطاهر محودة وعبده الراجحي‪...‬‬

‫ولعل أبرزهم علي جني ناصف "أما التقدير فهو من طبيعة اللغة غالبا‪ ،‬ومل خيرتعه النحاة‬
‫اعا‪.2‬‬
‫اخرت ً‬
‫و يري "إن علماء اللغة العربية مل خيلقوا التأويل و التقدير خلقا و ال تكلفا القول فيهما ارجتاال‬
‫و لكنهم اعتمدوا فيهما علي مبادئ سليمة فقاسوا النظري علي النظري و استدلوا باحلاضر علي‬
‫الغائب و رأوا احملذوف يف املذكور هتديهم رواية و واسعة و مالحظة بارعـ ـ ـ ـة و جترب ـ ـ ـ ـة‬
‫طويلـ ـ ـ ـ ـة" فرفض التقدير هو رفض للمبادئ و األصول اليت أدت إليه‪ ،‬فقد رأينا أنَّه النتيجة‬
‫الطبيعية لألخذ باألصول اليت سبقته‪ ،‬و ملا كانت هذه األصول _ يف معظمها_ سليمة كان‬
‫سليما‪.‬‬
‫أصل التقدير مقبوالً ً‬
‫و يري جندي ناصف أن التقدير و التأويل كالمها ضروريان يف اللغة العربية و ذلك لكثرة‬
‫اإلجياز و احلذف إضافة اىل أن العامل نظرية تعليمية فهي تساعد يف تعليم النحو‪.3‬‬

‫‪ _1‬ينظر‪ :‬حسن مخيس امللخ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.128‬‬

‫‪_2‬ينظر‪ :‬حسن مخيس امللخ‪ ،‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.128‬‬

‫‪ _3‬حممد عبد اللطيف محاسة‪ ،‬لغة الشعر دراسة يف الضرورة الشعرية‪ ،‬دار غريب‪ ،‬ط‪ ،1‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،2007 ،‬ص‪134‬‬

‫‪23‬‬
‫ظاهرة التقدير يف النحو العريب‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫وأهني دفاعه عن التقدير والعامل بالتذكري بأن الذين قدروا كانوا هم حفظة اللغة أما داوود‬
‫عبده فقد أقر التقدير حبذر ويرى بأن األخذ به يف واقع اللغة يتطلب التقدير يف كثري من‬
‫األحيان‪.1‬‬
‫‪2‬‬
‫عبده الراجحي يرى أ ّن التقدير " من القضايا التحويلية يف النحو التقدير"‬
‫أما طاهر سليمان محودة فريى أن فلسفة التقدير يف النحو العريب تتشابه يف جوهرها مع النظرية‬
‫التحويلية‪ ،‬فكلتامها تصدر عن أساس عقلي يف ذلك‪ ،‬والبنية العميقة عند التحويليني هي‬
‫األصل املقدر عند النحويني القدامى‪.3‬‬

‫‪ _1‬حسن مخيس امللخ‪ ،‬نظرية االصل و الفرع ص‪.129‬‬

‫‪ _2‬حسن مخيس امللخ‪ ،‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.130‬‬

‫‪ _3‬ينظر‪ :‬حسن مخيس امللخ‪ ،‬املرجع انفسه ‪ ،‬ص‪.130‬‬

‫‪24‬‬
‫ظاهرة التقدير يف النحو العريب‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫لقد اهتم النحاة بظاهرة التقدير النحوي حىت جعلوه كأنه جوهر الدرس النحوي‪ ،‬و قد تفاضل‬
‫النحاة يف معرفته ألنه يعتمد على االجتهاد الذايت يف ذلك‪ ،‬و يلجأ النحاة إىل التقدير كلما‬
‫استدعى األمر ذلك من تصحيح معىن أو تسوية الصناعة اللفظية‪ ،‬ولقد وضع النحاة مجلة من‬
‫الشروط جيب على امل َقـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـد ِر االلتزام هبا‪ ،‬و أول هذه الشروط بيان مكان املقدر‪ ،‬ثانيًا بيان كيفية‬
‫أن التقدير يكون من لفظ أوىل من‬ ‫التقدير‪ ،‬ثالثًا تقليل املقدر ما امكن لنقل خمالفة األصل مبعىن َّ‬
‫ابعا ينبغي أن يكون احملذوف من لفظ املذكور‪ ،‬و قد ذكر‬ ‫أن يكون من ثالثة ألفاظ أو أربعة‪ ،‬ر ً‬
‫الدارسون َّ‬
‫أن التقدير له ثالثة حاالت تبدأ من تقدير احلركة اإلعرابية حىت تصل إىل تقدير اجلملة‪.‬‬

‫وانقسم النحاة بني مؤيد و معارض لظاهرة التقدير النحوي‪:‬‬

‫و من النحاة املؤيدين لظاهرة التقدير علي جندي ناصف‪ ،‬و عبده الراجحي و داود عبدة ‪.‬‬

‫متاما شوقي ضيف و متام حسان‪،‬‬


‫أما النحاة املعارضني لظاهرة التقدير و الداعني إىل انكارها ً‬
‫إبراهيم السامرائي‪.‬‬

‫و هؤالء يرفضون نظرية العامل‪ ،‬فربفضهم لنظرية العامل يستدعي بالضرورة رفضهم لظاهرة التقدير‬
‫كون هذه األخرية ناجتة عن نظرية العامل‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫ظاهرة التقدير يف النحو العريب‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬دور المعنى و الصناعة اللفظية في تقدير المحذوف‬

‫أوالً‪ :‬العامل النحوي‬


‫" شاعت هذه النظرية يف النحو العريب‪ ،‬فكانت من أهم األصول اليت بىن عليها النحاة‬
‫قواعدهم[‪ ]...‬و كل معمول مطلوب لغريه‪ ،‬وعلى هذا األساس أخذ النحاة يفسرون العالقات‬
‫اللفظية بني ضمائم الرتكيب ( اجلملة ) ‪ ،‬و قد ربط هؤالء النحاة بني العالمة اإلعرابية و األثر‬
‫طورا يكون النصب و ثالثة يكون اجلر‪ ،‬و طلبوا لكل عالمة علة‬
‫املسبب هلا‪ ،‬فتارة يكون الرفع‪ ،‬و ً‬
‫‪1‬‬
‫فإن مل جيدوها أولوها‪ ،‬إذ البد لألثر من مؤثر‪ ،‬و من هنا تأسست نظرية العامل النحوي "‬

‫أ_ تعريف العامل لغة‪:‬‬


‫‪2‬‬
‫لقد ورد يف لسان العرب مادة عامل " قال األزهري عمل فالن العمل يعمله عمالن فهو عامل"‬

‫و العامل يف العربية من عمل عمال فرفع أو نصب أو جر‪ ،‬كالفعل و الناصب و اجلازم و كاألمساء‬
‫اليت من شأهنا أ ّن تعمل أيضا كأمساء الفعل و قد عمل الشيء‪ :‬أحدث فيه نوعا من اإلعراب‪.3‬‬

‫اصطالحا‪:‬‬
‫ً‬ ‫ب_‬

‫و من التعريفات اليت وردت حول هذا املصطلح نذكر‪:‬‬

‫جمرورا حنو‬
‫فوعا أو منصوبًا أو ً‬
‫العامل يف اصطالح النحويني هو " ما اوجب كون آخر الكلمة مر ً‬
‫‪4‬‬
‫يداو مررت بزيد "‬
‫جاء زيد‪ ،‬و رأيت ز ً‬
‫يقول ابن جين‪ ":‬إَّنا قال النحويني‪ :‬عامل لفظي و عامل معنوي‪ ،‬لريوك أ ّن بعض العمل يأيت‬
‫مسببا عن لفظ يصحبه كمررت بزيد‪ ]...[،‬و بعضه يأيت عاريا من صاحبة اللفظ يتعلق به كرفع‬

‫‪ _ 1‬حممد خان‪ ،‬أصول النحو العريب‪ ،‬مطبعة جامعة حممد خيضر‪ ،‬ط‪ ،1‬بسكرة‪ ،‬اجلزائر‪ ،2012 ،‬ص‪.109‬‬

‫‪ _2‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬جملد‪ ،11‬ص‪ ،475‬مادة (ع‪ ،‬م‪ ،‬ل)‪.‬‬

‫‪ _3‬ابن منظور‪ ،‬املصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.476‬‬

‫‪ _4‬عبد القاهر اجلرجاين‪ ،‬العوامل املائة يف أصول علم العربية‪ ،‬حتقيق البدراوي زهران‪ ،‬دار املعارف‪ ،‬ط‪ ،2‬الكويت‪ ،‬الكويت‪ ،‬ص‪.73‬‬

‫‪26‬‬
‫ظاهرة التقدير يف النحو العريب‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫املبتدأ باالبتداء ‪ ،‬و رفع الفعل أو وقوعه موقع االسم و هذا ظاهر األمر[‪ ]...‬فمحصول احلديث‬
‫فالعمل الرفع والنصب واجلر واجلزم إَّنا هو املتكلم مبضامة اللفظ للفظ‪ ،‬وباشتمال املعىن على‬
‫لفظ"‪.1‬‬

‫ويتلخص مفهوم العامل عند ابن جين يف أ ّن العامل يف الرفع والنصب واجلر واجلزم هو املتكلم‪.‬‬

‫ينسب العامل اىل اخلليل ابن أمحد الفراهيدي وهو الذي أرسى أسس نظرية العامل‪ ،‬ويرى أنّه البد‬
‫مع كل رفع لكلمة أو نصب أو جر أو جزم من عامل يعمل يف األمساء‪ ،‬واألفعال املعربة والعامل‬
‫عادة لفظي مثل املبتدأ وعمله يف اخلرب الرفع وقد يكون العامل معنوي على حنو ما نص تلميذه‬
‫سيبويه يف باب املبتدأ إذ جعله معموال لالبتداء‪.2‬‬

‫"العوامل النحوية عند عبد القاهر اجلرجاين‪:‬‬

‫أحصى عبد القاهر اجلرجاين العوامل‪ ،‬فوجدها مائة عامل وهي تقسم إىل معنوية و لفظية و‬
‫اللفظية إىل قياسية و مسعية‪.‬‬

‫العامل النحوي‪:‬‬

‫قسم النحاة الكلم إىل ثالثة أقسام اسم‪ ،‬وفعل‪،‬و حرف‪.‬‬

‫الفعل‪ :‬يعمل متقدما و متأخرا مذكورا أو حمذوفا‪ ،‬فهو أقوى العوامل‪ ،‬يعمل يف األمساء الرفع و‬
‫النصب‪.‬‬

‫االسم‪ :‬االصل أ ّن يكون معموال‪ ،‬ال عامال‪ ،‬و يعمل ملشاهبته الفعل أو لنيابته عنه‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫احلرف‪ :‬ال يعمل إال إذا أختص بفعل أو اسم‪ ،‬فإذا تردد عليهما بطل عمله‪".‬‬

‫و العوامل عند اخلليل ابن أمحد الفراهيدي نوعان‪ :‬عوامل لفظية مثل عمل الفعل يف الفاعل حنو‪:‬‬
‫قام حممد فالعامل هنا هو " قام" و املعمول "حممد" ّأما العوامل املعنوية فهي االبتداء و التجرد‬
‫‪-1‬ابن جين‪ ،‬ااخلصائص‪ ، ،‬ص‪110‬‬

‫‪ -2‬ينظر‪ :‬حممد خان‪ ،‬أصول النحو العريب‪ ،‬ص ‪109‬‬

‫‪ _3‬ينظر‪ :‬حممد خان‪ ،‬املرجع نفسه‪،‬ص ‪.118 ،117‬‬

‫‪27‬‬
‫ظاهرة التقدير يف النحو العريب‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫فاالبتداء عامل معنوي يعمل يف املبتدأ‪ّ ،‬أما التجرد فيخص الفعل املضارع و مسي بذلك ألنّه مل‬
‫تسبقه حروف النصب وال حروف اجلزم‪ّ .‬أما العامل النحوي فقد قسمه النحاة إىل ثالثة أقسام‪:‬‬
‫فعل‪ ،‬و اسم‪ ،‬و حرف‪.‬‬

‫يعد الفعل أقوى العوامل‪ّ ،‬أما االسم فاألصل فيه أ ّن يكون معموال و يكون عامال يف حالة مشاهبته‬
‫الفعل يف حني يعترب احلرف عامال إذا كان خمتصا‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬مراعاة املعىن يف تقدير احملذوف‪.‬‬


‫" قد ال يستقيم املعىن إال مبقدر يتمه منوي به يف ذهن املتكلم مدرك لدى السامع موضوع يف‬
‫احلسبان يهدي إليه املعىن‪ ،‬و يستدل عليه بالقرائن اليت تركها االستعمال دليال على الساقط من‬
‫أي‪ :‬ليس إال‬
‫الكالم [‪ ]...‬تقدير حذف املستثىن يف قوهلم‪ :‬جاءين زيد ليس إال‪ ،‬و ليس غري ّ‬
‫إياه‪ ،‬و ليس غريه "‪.1‬‬

‫معا حيث أ ّن املتكلم يرتك قرينة أو دليل يدل‬


‫مبعىن أ ّن املقدر يكون معلوم لدى املتكلم و السامع ً‬
‫على اجلزء احملذوف يف الكالم ليدرك السامع ذلك‪.‬‬

‫ثالثا‪ " :‬مراعاة الصناعة اللفظية يف تقدير احملذوف‪.‬‬


‫أقر النحاة أصوال‪ ،‬مث ألوجبوا على ما خالفها من الظواهر اللغوية احلمل على غري الظاهر للتوفيق‬
‫بينهم‪ ،‬و بني قواعد النحو‪ ،‬و ذلك عن طريق صرفها عن وجهها توسال بالتقدير‪ ،‬حىت و إ ّن كان‬
‫املعىن ال يتطلبه [‪ ،]...‬فهو يؤتى به لطرد القواعد النحوية يف النصوص املسموعة‪ ،‬و من ذلك‬
‫مفعويل ظننت يف قوهلم‪ :‬أزيد ظننته منطل ًقا‪ ،‬فاملعىن مستقيم ال حيتاج إىل تتمة‪ ،‬إال‬
‫ّ‬ ‫تقديرهم أحد‬
‫أ ّن النحاة استئناسا بأحكامهم اليت تفيد أ ّن ال يعمل عامل واحد يف معمولني متماثلني يضمرون‬
‫فعال من لفظ املذكور السم املشغول عنه على املفعولية‪ ،‬على أال يكون الفعل املقدر مما يتعدى‬

‫‪ _1‬صالح الدين مالوي‪ ،‬تقدير احلذف و اإلضمار يف ضوء نظرية العامل النحوي‪ ،‬ص ‪4 ،3‬‬

‫‪28‬‬
‫ظاهرة التقدير يف النحو العريب‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫إىل مفعولني‪ ،‬فال مندوحة‪ -‬إذ ّن‪ -‬أ ّن يقدر له مفعول ثان‪ ،‬فيصري الرتكيب زيدا منطلقا ظننّته‬
‫منطل ًقا"‪.1‬‬

‫أي أ ّن وجود العامل يستدعي‬


‫مبعىن أ ّن النحاة يلجؤون إىل التقدير لتسوية الصناعة اللفظية ّ‬
‫بضرورة وجود معمول‪ ،‬و كذلك وجود املعمول يستوجب وجود عامال يف ذلك‪،‬و إذا ُحذف‬
‫أحدمها يلجأ النحوي إىل التقدير حىت و لو كان املعىن صحيح‪.‬‬

‫‪ _1‬صالح الدين مالوي‪ ،‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪4‬‬

‫‪29‬‬
‫ظاهرة التقدير يف النحو العريب‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫لقد شاعت نظرية العامل يف النحو العريب منذ عهد اخلليل ابن أمحد الفراهيدي‪ ،‬فهو الذي مد‬
‫ألي رفع أو نصب أو جر للكلمة البد هلا من‬
‫فروعها و إحكامها‪ ،‬و يرى الفراهيدي أ ّن البد ّ‬
‫عامل يعمل يف الكلمات املعربة‪ ،‬و هذه النظرية قائمة على عناصر ثالثة عامل و معمول و أثر‪،‬‬
‫أثرا يسمى بالعالمة اإلعرابية وهي الرفع أو النصب أو اجلر أو‬
‫فالعامل يعمل يف املعمول فيرتك فيه ً‬
‫اجلزم‪ ،‬و لقد أحصى عبد القاهر اجلرجاين العوامل فوجدها مائة عامل‪ ،‬قسمها إىل عوام ـل لفظيةـ‬
‫و عوامل معنوية و لفظية بدورها قسمها إىل قياسية و مساعية‪ ،‬و العوامل اللفظية مثل عمل املبتدأ‬
‫يف اخلرب‪ً ،‬أما العوامل املعنوية فهي اثنان ال ثالث هلما االبتداء و التجرد و قد قسم النحاة الكلم‬
‫إىل ثالثة فعل و اسم و حرف‪ ،‬و يعترب الفعل أقوى العوامل أما االسم فاألصل فيه أ ّن يك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـون‬
‫معموال ال عامال و يعمل االسم يف حالة مشاهبته الفعل‪ ،‬إال أ ّن احلرف ال يعمل إال إذا ك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـان‬
‫خمتصا‪ ،‬مثل حروف اجل ـ ـ ـ ـ ـر خمتصة باألمسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاء فقط إذ ّن هي ع ـ ـ ـ ـ ـ ـاملة و كذلك ح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـروف‬
‫ً‬
‫الش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرط خمتصـ ـ ـ ـ ـ ـة باألفع ـ ـ ـ ـال‪ ،‬يف حني تعد حروف العطف غري عاملة أل ّهنا تدخل على األمساء‬
‫كما تدخل عل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـى األفعال‪.‬‬

‫و التقدير ناتج من نظرية العامل و هذه األخرية تتكون من عامل و معمول واحلركة اإلعرابية‪ ،‬فإذا‬
‫ُحذف احد هذه العناصر يستوجب على النحوي تقديرها لتسوية الصناعة اللفظية يف ذلك‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬ضوابط التقدير في سورة النور‬
‫المبحث األول‪ :‬تقدير المبتدأ‬

‫المبحث الثاني‪ :‬تقدير الخبر‬

‫المبحث الثالث‪ :‬تقدير المفعول به‬


‫ضوابط التقدير يف سورة النور‬ ‫الفصل الثاين‪:‬‬

‫المبح ـ ـ ــث األول‪ :‬تقدير المبتدأ‬


‫كثريا ما يرد يف اللغة العربية االعتماد على عنصر واحد هو اخلرب و يقدر فيه مبت ـ ـ ــدأ حمذوف‪،‬‬
‫ً‬
‫‪1‬‬
‫مقيدا و لذلك وجب اللجوء إىل التقدير لتتمة املعىن ‪،‬‬
‫و لكن ال ميكن للعنصر الواحد أن يكون ً‬
‫‪‬‬ ‫و قد حذف املبتدأ يف اآلية األوىل من سورة النـ ــور يقول سبحان ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه و تع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاىل‪﴿ :‬‬
‫‪﴾         ‬‬

‫) فعل ماضي مبين على السكون‬ ‫(‪‬‬ ‫) خرب مرفوع ملبتدأ حمذوف تقديره هذه‬ ‫(‪‬‬

‫التصاله ( ب‪ :‬نا )‪ ،‬و ( ن ) ضمري متصل مبين يف حمل رفع فاعل و اهلاء مفعول به ‪.‬‬

‫(‪ )‬عاطفة (‪ )‬فعل ٍ‬


‫ماض و ( ن ) فاعل و اهلاء مفعول به‪ )( ،‬عاطفة (‪ )‬فعـ ـ ـ ـ ــل‬
‫و فاعل (‪ )‬جار و جمرور (‪ )‬مفعول به منصوب بالكسرة نيابة عن الفتحة ألنَّه ملحق‬
‫جبمع املؤنث السامل (‪ )‬صفة منصوبة‪ )( ،‬حرف مشبه بالفعل و الكاف ضمري متصل‬
‫مبين يف حمل نصب مفعول به‪ ،‬امليم للجمع‪.‬‬

‫) مضارع مرفوع بثبوت النون و الواو فاعل و اجلملة الفعلية تذكرون يف حمل رفع خرب‬ ‫( ‪ ‬‬
‫‪  ‬‬

‫لعل ‪.2‬‬
‫َّ‬
‫و يف قوله تعاىل ﴿‪ ﴾  ‬فسورة هنا جاءت نكرة و األصل يف املبتدأ أن‬
‫يأيت معرفة أو تدخل عليه أل التعريف‪ ،‬ألن اإلخبار عن النكرة ال جيوز‪ ،‬إال مبسوغ من املسوغات‬
‫اليت تدور كلها حول حتقيق اإلفادة و يف هذا الصدد يقول صاحب األلفية‪:‬‬
‫‪3‬‬
‫و ال جيوز االبتداء بالنكرة * * * * * ما مل تفد ك عند زيد َّنرة‬

‫‪ _1‬ينظر ‪ :‬طاهر سليمان محودة‪ ،‬ظاهرة احلذف يف الدرس اللغوي‪ ،‬ص‪.200‬‬

‫_أمحد عبيد الدعاس و آخرون‪ ،‬إعراب القرآن الكرمي‪ ،‬دار َّنري و دار الفرايب‪ ،‬ط‪ ،1‬دمشق‪ ،‬سوريا‪ ،2004 ،‬اجمللد‪ ،2‬ج‪ ، 2‬الثامن‪ ،‬ص‪2.343‬‬

‫‪ _3‬ابن مالك‪ ،‬ألفية بن مالك يف النحو و الصرف‪ ،‬دار اإلمام مالك‪ ،‬د‪،‬ط‪ ،‬باب الوادي‪ ،‬اجلزائر‪ ،2009 ،‬ص‪.24‬‬

‫‪32‬‬
‫ضوابط التقدير يف سورة النور‬ ‫الفصل الثاين‪:‬‬

‫و يف قوله (‪ )‬جاءت نكرة مرفوعة لكنها ليست مبتدأ‪ ،‬حيث أنَّه ال يبتدئ بالنكرة حىت‬
‫توصف‪ ،‬و إن جعلت أنزلناها و فرضناها‪ ،‬صفة هلا يصبح املبتدأ بال خرب‪.‬‬
‫يرى الفراء أن سورة خرب ملبتدأ حمذوف تقديره هذه سورة‪. 1‬‬
‫و هذا ما أشار إليه العكربي‪ ،‬و هذا قول أكثر العلماء مبعىن َّ‬
‫أن املبتدأ حمذوف و اخلرب مذكور‪ ،‬و‬
‫يوجب النحويـ ـ ــون تقدير احملذوف لتتمة املعىن يف لفظة (‪ ) ‬فاللفظة كما تقدم الذكر هي‬
‫خبـ ـ ــر ملبتـ ـ ــدأ حمذوف و تقديـ ـ ـ ــره ( هذه) و ليس هناك من لف ـ ــظ متقدم يدل على احملذوف‬
‫املقدر‪ ،‬و جند أغلب املعربني قدروا املبتدأ هبذه ليتطابق اخلرب و املبتدأ‪ ،‬و ذلك من باب اجلنس‪،‬‬
‫مفردا‬
‫ألن اخلرب جاء مؤنثًا و كذلك وجب أن يكون املبتدأ‪ ،‬و كذلك من باب العدد فاخلرب جاء ً‬ ‫َّ‬
‫و كذلك قدر املبتدأ و هنا طابق املبتدأ اخلرب من ناحية اجلنس و العدد ‪.2‬‬

‫يرى ابن كثري يف تفسريه لآلية األوىل من سورة النور ﴿‪َّ ﴾  ‬‬
‫أن هناك تنبيه إىل‬
‫﴾‬ ‫﴿‪ ‬‬ ‫االعتناء هبا و ال ينفي ما عداها‬
‫قال جماهد و قتادة هنا بينَّا احلالل و احلرام‪ ،‬و األمر و النهي و احلدود‪ ،‬و قال البخاري و من قرأ‬
‫﴿‪﴾‬‬
‫﴾ أي مفسرات‬ ‫﴿ ‪          ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪‬‬ ‫يقول فرضناها عليكم و على من بعدكم‪،‬‬
‫واضحات‪.3‬‬
‫يقول الزخمشري يف الكشاف‪َّ ،‬‬
‫أن معىن قوله تعاىل﴿ ‪ ﴾‬فرضنا أحكامها اليت فيها ‪ ،‬و‬
‫أصل الفرع القطع‪ ،‬أي جعلناها واجبة مقطوعا هبا و التشديد للمبالغة يف اإلجياب و توكيده‪.4‬‬

‫‪ _1‬ينظر‪ :‬الفراء معاين القرآن‪ ،‬دار عامل الكتب‪ ،‬ط‪ ،3‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،1983 ،‬ج‪ ،2‬ص ‪.243‬‬

‫‪ _2‬ينظر‪ :‬علي أبو املكارم اجلملة اإلمسية‪ ،‬مؤسسة املختار‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،2006 ،‬ص‪34‬‬

‫‪ _3‬ينظر‪ :‬ابن كثري‪ ،‬تفسري القرآن العظيم‪ ،‬دار ابراهيم‪ ،‬ط‪ ،1‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،2005 ،‬ج‪ ،3‬ص‪.1097‬‬

‫‪ _ 4‬ينظر‪ :‬الزخمشري الكشاف‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬ج‪ ،3‬ص ‪.46‬‬

‫‪33‬‬
‫ضوابط التقدير يف سورة النور‬ ‫الفصل الثاين‪:‬‬

‫‪‬‬ ‫و حذف املبتدأ يف اآلية السادسة و العشرين من سورة النور يقول اهلل تعاىل‪﴿ :‬‬
‫‪         ‬‬

‫﴾‬ ‫‪        ‬‬

‫( ‪ )     ‬مبتدأ مرفوع و هو مبعىن النساء اخلبيثات‪ ،‬فحذف املبتدأ املوصوف و حلت الصفة‬
‫‪ )  ‬الواو عاطفة و اخلبيثون‬ ‫حمله‪   ( ،1‬‬
‫‪ )  ‬جار و جمرور متعلق خبرب املبتدأ‪    (،‬‬

‫) جار و‬ ‫بالواو‪(،‬‬ ‫) معطوفة‬ ‫(‪‬‬ ‫معطوفة بالواو‪ )( ،‬جار و جمرور‪ ،‬و‬
‫جمرور‪ ) ( ،‬معطوفة بالواو‪ ) ( ،‬جار و جمرور‪ ) ( ،‬اس ـ ـ ـ ــم إشارة مبتدأ‬
‫و الكاف للخطاب‪ )( ،‬خرب للمبتدأ مرفوع بالواو‪ ) ( ،‬أصلها من و م ـ ـ ــا جـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــار‬
‫و جم ـ ـ ــرور‪ ) ( ،‬مضارع و الـ ـ ـ ـ ـ ـواو فاعل‪ ) ( ،‬جار و جمـ ـ ــرور يف حم ـ ـ ـ ـ ــل رفـ ـ ــع خرب‬
‫‪ ) ‬صفة للرزق مرفوعة‪.2‬‬
‫) معطوفة بالواو‪ ( ،‬‬ ‫( ‪  ‬‬ ‫مقـ ــدم‪ )    ( ،‬مبتدأ مؤخر‪،‬‬

‫﴾ فاخلبيثات هنا هي مبتدأ مرفوع و هو مبعىن النساء‬ ‫﴿‪ ‬‬ ‫و يف قوله تعاىل‪:‬‬
‫اخلبيثات‪ ،‬فحذف املبتدأ املوصوف – النساء – و حلت الصفة حمله – اخلبيثات – و جيَّوز‬
‫النحويون ذلك َّ‬
‫ألن الشرط يف احلذف املوصوف هو أن تقوم الصفة حمله‪.‬‬
‫و بعد التقدير تصبح النساء اخلبيثات‪ ،‬و قد طابق النعت منعوتة يف النوع ( تأنيث ) و يف الع ــدد‬
‫( اجلم ـ ـ ــع ) و يف التعيني ( معرفة ) و يف اإلعراب ( الرفـ ـ ـ ــع ) و هنا طابق النعت منعوتة يف أربعة‬
‫من عشرة ‪.3‬‬
‫و قال ابن عباس يف تفسريه هلذه اآلية َّ‬
‫أن اخلبيثات من القول للخبيثني من الرجال‪ ،‬و اخلبيثون من‬
‫الرجال للخبيثات من القول‪ ،‬و الطيبات من القول للطيبني من الرجال‪ ،‬و قال َّ‬
‫بأهنا نزلت يف‬

‫‪ _1‬ينظر‪ :‬هبجت عبد الواحد صاحل‪ ،‬اإلعراب املفصل لكتاب اهلل املرتل‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.31-30‬‬

‫‪ _2‬أمحد عبيد الدعاس و آخرون‪ ،‬إعراب القرآن الكرمي‪ ،‬ج‪ ،18‬ص‪.348‬‬

‫‪ _3‬ينظر‪ :‬عبد اللطيف محاسة‪ ،‬التوابع يف النحو العريب‪ ،‬مكتبة الزهراء‪ ،‬د‪ ،‬ط‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،1991 ،‬ص‪.62-37‬‬

‫‪34‬‬
‫ضوابط التقدير يف سورة النور‬ ‫الفصل الثاين‪:‬‬

‫عائشة و أهل اإلفك‪ ،‬و يف قوله تعاىل‪ ﴾     ﴿:‬و يقصد عائشة‬
‫و صفوان بن املعطل‪ ،‬و قال عبد الرمحان بن زيد بن اسلم‪ :‬اخلبيثات من النساء للخبيثني من‬
‫الرجال‪ ،‬و اخلبيثون من الرجال للخبيثات من النساء‪ ،‬و الطيبات من النساء للطيبيـ ــن من‬
‫الرج ـ ـ ــال‪ ،‬و الطيبـ ـ ــون من الرجال للطيبات من النساء‪ ،‬و اهلل جعل عائشة زوجة للرسول صلَّى اهلل‬
‫﴾ أي بسب ـ ــب ما قيـ ـ ــل في ـ ــهم م ــن‬ ‫‪ ‬‬ ‫عليه و سلَّم أطيب البشر و يف قول ـ ــه‪﴿ :‬‬
‫﴾ أي عند اهلل يف جنة النعيم‪.1‬‬ ‫‪  ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫﴿ ‪   ‬‬
‫‪‬‬ ‫الكـ ــذب‪،‬‬

‫أن املعىن الذي حتمله اآلية يدور حول أمرين مها‪ :‬أن يكون املراد الكلمات‬ ‫يرى صاحب الكشاف َّ‬
‫اخلبيثة للخبيثني‪ ،‬و املراد اإلفك و عكسه يف الطيبات و الطيبون‪َّ ،‬أما األمر الثاين فاملراد باخلبيثات‬
‫النساء و باخلبيثني الرجال‪.2‬‬

‫﴿ ‪       ‬‬ ‫يقول سبحانه و تعاىل يف سورة النور اآلية األربعني‪:‬‬
‫‪                ‬‬

‫‪﴾           ‬‬

‫)‬ ‫(‪ ‬‬ ‫جـ ـ ـ ـار وجمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرور‪،‬‬ ‫جمـ ـ ـ ـرور‪)  ( ،‬‬ ‫ج ـ ـ ـ ـار و‬ ‫‪)‬‬ ‫حرف عطـ ـ ـ ـ ـف‪( ،‬‬ ‫(‪)‬‬

‫ج ـ ـ ـار و جم ـ ـ ـرور‪ )( ،‬صفة للبحر‪ )  ( ،‬فعل مضارع و اهلاء مفعول به ﴿ ‪ ﴾ ‬فعل‬
‫و اجلملة " يغشاه موج" يف حمل رفع صفة للبحر‪ ﴾  ﴿ ،‬جار وجمرور متعلق مبحذوف‬
‫جار و جمرور و اهلاء مضاف إليه متعلق مبحذوف‬ ‫(‪) ‬‬ ‫خرب مقدم‪ )( ،‬مبتدأ مؤخر‪،‬‬
‫خرب مقدم (‪ )‬مبتدأ مؤخر‪ ،‬و اجلملة االمسية يف حمل رفع صفة للموج (‪ )‬خرب ملبتدأ‬
‫حمذوف تقديره هذه الظلمات‪ ) ( ،‬مبتدأ و اهلاء مضاف إليه‪ ) ( ،‬ظرف مكان متعلق‬
‫) ظرف ملا‬ ‫(‪‬‬ ‫مبحذوف خرب و اجلملة يف حمل رفع صفة للظلمات‪ )  ( ،‬مضاف إليه‪،‬‬

‫‪ _1‬ينظر‪ :‬ابن كثري ‪ ،‬تفسري القرآن العظيم‪،‬ج‪ ،3‬ص‪.2015‬‬

‫‪ _2‬ينظر‪ :‬الزخمشري‪ ،‬الكشاف‪ ،‬ج‪ ،3‬ص‪.58‬‬

‫‪35‬‬
‫ضوابط التقدير يف سورة النور‬ ‫الفصل الثاين‪:‬‬

‫) ٍ‬
‫ماض و فاعله و اجلملة يف حمل‬ ‫(‪‬‬ ‫يستقبل من الزمان متضمن معىن الشرط متعلق جبوابه‪،‬‬
‫جر مضاف إليه‪ )( ،‬مفعول به و اهلاء مضاف إليه‪ ) ( ،‬مل حرف نفي و جزم يكد‬
‫مضارع ناقص جمزوم امسها ضمري مسترت تقديره هو‪ ) ( ،‬مضارع و فاعل ـ ــه و اهلاء مفعول ب ـ ـ ــه‬
‫و مجلة يراها يف حمل نصب خرب كاد‪ ،‬و مجلة جواب إذا ال حمل هلا من اإلعراب (‪ )‬الواو‬
‫) حرف نفي و جزم‪ ) ( ،‬مضارع‬ ‫(‪‬‬ ‫عاطفة و من اسم شرط مبين يف حمل رفع مبتدأ‪،‬‬
‫جمزوم بلم‪ )  ( ،‬لفظ جاللة فاعل‪.1‬‬

‫) مفعول بـ ــه (‪ )‬فاء واقعة يف جواب شرط و ما نافية‪) ( ،‬‬ ‫(‪‬‬ ‫(‪ )‬جار و جمرور‪،‬‬
‫جار و جمرور متعلق خبرب مقدم (‪ ) ‬حرف جر زائدة‪ )( ،‬مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة املقدرة‬
‫الشتغال احملل باحلركة حرف اجلر الزائد واجلملة يف حمل جزم جواب شرط‪ ،‬و مجلة الشرط و جوابه‬
‫يف حمل رف ـ ـ ــع خرب من و اجلملة من مبتدأ و خبـ ـ ـ ــر معطوفـ ــة على هذه الظلمات و يف قولـ ـ ــه جلَّت‬
‫خربا ملبتدأ‬
‫أن ظلمات تعرب ً‬ ‫قدرته‪ ﴾    ﴿ :‬يرى أبو البقاء العكربي َّ‬
‫جل كتب‬ ‫حم ـ ــذوف تقديـ ـ ـ ــره هذه ظلمات و هذا ما ذهب إليه صاحب روح املعان ـ ـ ـ ـ ــي و ُ‬
‫التوجي ـ ـ ـ ـ ــه‪ ،‬و الدافع إىل إعراب ظلمات خرب و ليت مبتدأ يف ذلك ألن النحاة أحصوا مواضع‬
‫ورود املبتدأ نكرة فوجدوها تصل إىل أربعني حالة و تزيد عن ذلك و اشرتطوا يف ذلك اإلفادة‪ ،‬إالَّ‬
‫خربا ملبتدأ‬
‫أي مسوغ أو حالة لتنكري لفظة ظلمات و لذا جاءت ً‬ ‫أن اآلية اليت بني أيدينا ال يوجد ُ‬ ‫َّ‬
‫حمذوف على حد قول أغلب املعربني‪.2‬‬
‫و قدرت هذه الظلم ـ ــات و هذه لتتطابق و اخلرب من ناحية اجلنس فهذه مؤنثـ ــة و كذلك‬
‫أيضا فتقول هذه زهرة‪ ،‬و نقول كذلك هذه‬
‫الظلمـ ــات‪ ،‬و كلمة هذه تصح مع املفرد ومع اجلمع ً‬
‫زهرات و هنا وقع اخلرب صفة للمبتدأ يف املعىن لذا هذا األخري – املبتدأ ‪ -‬من باب اجلواز ال من‬
‫باب الوجوب‪.3‬‬

‫‪ _1‬ينظر‪ :‬سليمان ياقوت‪ ،‬اعراب القرآن الكرمي‪ ،‬دار املعرفة اجلامعية‪ ،‬دط‪ ،‬دب‪ ،‬دب‪ ،‬اجمللد‪ ،7‬ص ‪.3209 ،3207‬‬

‫‪ _2‬ينظر‪ :‬عباس حسن‪ ،‬النحو الوايف‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.420‬‬

‫‪ _3‬ينظر‪ :‬علي أبو املكارم‪ ،‬اجلملة اإلمسية‪ ،‬ص‪.59‬‬

‫‪36‬‬
‫ضوابط التقدير يف سورة النور‬ ‫الفصل الثاين‪:‬‬

‫حنو قوله تعاىل يف سورة التوبة اآلية مائة و اثنا عشر ﴿‪ ﴾ ‬أي املؤمن ـ ـ ـون‬
‫التائبـ ـ ـ ـ ـون‪.‬‬

‫قال الفراء معىن قوله تعاىل يف سورة النور اآلية األربعون ‪ ﴾    ﴿ :‬و الظلمات هنا‬
‫‪1‬‬
‫جل عاله‪:‬‬
‫مثل قلب الكافر أي أنه ال يعقل و ال يبصر‪ ،‬فوصف قلبه بظلمات و يف قوله َّ‬
‫﴿‪              ‬‬

‫‪ ﴾    ‬و ق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـال العـ ـ ــويف عن ابن عبـ ـ ـ ـاس رضي اهلل عنهما يف قولـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه تعـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاىل‪:‬‬
‫﴿ ‪ ﴾     ‬يعين بذلك الغشاوة اليت على القلب و السمع البصر و هي‬
‫‪       ‬‬ ‫كقوله تعاىل يف سورة البقرة اآلية السابعة ﴿‬
‫﴾ و ق ـ ــال كعـ ـ ـ ـ ــب يف تفسي ـ ــره لقولـ ــه تع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاىل ‪:‬‬ ‫‪      ‬‬

‫﴿ ‪ ﴾    ‬فهو يتقلب يف ظلمة من ظلم‪ ،‬فكالمه ظلمة‪ ،‬و عمله ظلمة‬
‫و مدخله ظلمة‪ ،‬و خمرجه ظلمة و مصريه ي ـ ــوم القيامة إىل ظلمات إىل النار‪ ،‬و يف قولـ ــه تعـ ــاىل‪:‬‬
‫﴾ أي مل يقارب رؤيتها من شدة الظالم فهذا مثل قلب‬ ‫﴿‪     ‬‬

‫الكافر اجلاهل البسيط‪ ،‬و مثله قول ذي الرمة‪:‬‬


‫إذا غري النأي احملبني مل يكد * * * * رسيس اهلوى من حب ميت يربح‬
‫أي مل يقرب من الرباح فما باله يربح‪.2‬‬

‫‪     ‬‬ ‫يقول تعاىل يف سورة النور اآلية الثالثة و اخلمسني‪﴿ :‬‬
‫﴾‬ ‫‪               ‬‬

‫‪ _1‬ينظر‪ :‬الفراء‪ ،‬معاين القرآن‪ ،‬ج‪ ،2‬ص ‪.255‬‬

‫‪ _2‬ينظر‪ :‬ابن كثري‪ ،‬تفسري القرآن العظيم‪ ،‬ج‪ 3‬ص ‪.2045‬‬

‫‪37‬‬
‫ضوابط التقدير يف سورة النور‬ ‫الفصل الثاين‪:‬‬

‫) مفعول مطلق فعله‬ ‫(‪‬‬ ‫( ‪ )‬و استئنافية ٍ‬


‫ماض و فاعله‪ ) ( ،‬جار و جمرور‪،‬‬
‫حمذوف تقديره اجهدوا (‪ ) ‬مضاف إليه وهو مضاف وهم مضاف إليه‪ )( ،‬الم موطئه‬
‫للقسم إن حرف شرط جازم‪ )( ،‬فعل ماضي مبين علي السكون التصاله بضمري الرفع‬
‫املتحرك وفعل الشرط يف حمل جزم بأن و التاء فاعل و هم مفعول به ومجلة إن أمرهتم اعرتاضية بني‬
‫خيرجن‬
‫ّ‬ ‫القسم احملذوف وجوابه فال حمل هلما من اإلعراب‪ )( ،‬الم واقعة يف جواب القسم‬
‫مضارع مبين التصاله بنون التوكيد وواو اجلماعة حمذوفة اللتقائها مع نون التوكيد يف حم ـ ـ ــل رف ــع‬

‫فاعل‪ ،‬و نون التوكيد ال حمل هلا من اإلعراب‪ )( ،‬فعل أمر و فاعله‪ )  ( ،‬ال ناهية‬

‫جازمة‪ ،‬تقسم مضارع جمزوم والواو فاعل‪ )( ،‬خرب مبتدأ حمذوف تقديره طاعتكم طاعة‪،‬‬

‫(‪ )‬صفة معروفة‪ )  ( ،‬إن وإمسها وخربها‪ )( ،‬جار وجمرور متعلقان باخلرب‪،‬‬

‫( ‪ )   ‬مضارع مرفوع والواو فاعل‪ ،‬ومجلة الصلة ال حمل هلا من اإلعراب‪.1‬‬

‫‪ )       ‬يري العكربي أ ّن طاعة تعرب خرب مرفوع ملبتدأ حمذوف تقديره‬
‫ويف قوله تعايل ( ‪‬‬

‫طاعتكم‪ ،2‬ومل تعرب مبتدأ ألهنا جاءت نكرة وال يوجد مسوغ لتنكريها‪ ،‬ولذا ال يصح أن تكون‬
‫مبتدأ يف ذلك ‪.‬‬
‫والسبب يف تقدير طاعتكم دون غريها ألن (اخلرب) جاء مصدر عامل ولذا حذف املبتدأ من ناحية‬
‫الوجوب ويقدر من جنس اخلرب يف ذلك وهلذا قدره معربوا القرآن بطاعتكم طاعة معروفة‪.3‬‬
‫أما من ناحية التطابق فقد طابق اخلرب املبتدأ يف اجلنس فكالمها مؤنث وكذلك يف العدد‪.4‬‬

‫‪ _1‬هبجت عبد الواحد صاحل‪ ،‬اإلعراب املفصل لكتاب اهلل املرتل‪ ،‬ص‪.71-70‬‬

‫‪ _2‬ينظر‪ :‬العكربي‪ ،‬التبيان يف إعراب القرآن‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.254‬‬

‫‪ _3‬ينظر‪ :‬علي أبو املكارم‪ ،‬اجلملة األمسية‪ ،‬ص ‪.62-49‬‬

‫‪ _4‬ينظر‪ :‬علي أبو املكارم‪ ،‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.62‬‬

‫‪38‬‬
‫ضوابط التقدير يف سورة النور‬ ‫الفصل الثاين‪:‬‬

‫و يف قوله تعاىل(‪ )       ‬بيان عن حالة املتخلفني‬
‫عن الرسول صلي اهلل عليه وسلم يف اجلهاد من املنافقني‪ ،‬الذين كانوا حيلفون للرسول صلي اهلل‬
‫عليه و سلَّم ألن أمرهم باخلروج ليخرجن‪ ،‬قال اهلل تعاىل ر ًادا عليهم (‪ )  ‬أي ال‬

‫‪)‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪ ‬‬ ‫( ‪ ‬‬
‫‪  ‬‬ ‫حت ـ ـ ــلفوا‪ 1‬كذبًا باهلل ( ‪‬‬
‫‪ )       ‬هذه طاعة بالقول ال بالفعل‪،‬‬
‫أي طاعتكم هذه يعلمها اهلل الذي ال ختفى عليه خافية‪.2‬‬
‫ومعين جهد اليمني بلوغ غايتها بطريق اإلستعارة من قوهلم جهد نفسه إذا بلغ أقصي وسعها‬
‫وطاقتها‪ ،‬واملراد‪ :‬أقسموا بالغني أقصي مراتب اليمني يف الشدة‪.3‬‬

‫﴿‪   ‬‬ ‫يقول جل شأنه يف اآلية الثانية و الستني من سورة النور‪:‬‬
‫‪              ‬‬

‫‪          ‬‬

‫‪.﴾             ‬‬

‫(‪ )‬كافة ومكفوفة‪ )( ،‬مبتدأ مرفوع بالواو‪ )( ،‬خرب مبتدأ حمذوف تقديره‬

‫هم الذين ومجله هم الذين يف حمل رفع خرب مبتدأ‪ )    ( ،4‬فعل ماض وفاعله ومجلة الصلة‪،‬‬

‫(‪ )‬بـ‪ :‬حرف جر‪ ،‬اهلل‪ :‬لفظ جاللة اسم جمرور‪ )(،‬معطوف بالواو‪ )( ،‬الواو‬

‫عاطفة إذا‪ :‬ظرف متضمن معين الشرط‪ )( ،‬كان وامسها‪ )( ،‬ظرف مكان متعلق‬

‫‪ _1‬ينظر‪ :‬السعدي‪ ،‬تيسري الكرمي الرمحان يف تفسري كالم املنان‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬ط‪ ،1‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،2002 ،‬ص‪.411‬‬

‫‪ _2‬ينظر‪ :‬حممد علي طه درة‪ ،‬تفسري القرآن وإعرابه وبيانه‪ ،‬دار ابن كثري‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،2009 ،‬ج‪ ،6‬ص‪.320‬‬

‫‪ _3‬ينظر‪ :‬حممد صايف‪ ،‬اجلدول يف إعراب القرآن وصرفه وبيانه‪ ،‬دار راشد‪ ،‬مؤسسة اإلميان‪ ،‬ط‪ ،3‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،1990 ،‬ج‪ ،18‬ص ‪.284‬‬

‫‪ _4‬هبجة عبد الواحد صاحل‪ ،‬اإلعراب املفصل لكتاب اهلل املرتل‪ ،‬ص‪.86 ،85‬‬

‫‪39‬‬
‫ضوابط التقدير يف سورة النور‬ ‫الفصل الثاين‪:‬‬

‫)جار وجمرور متعلقان خبرب حمذوف‪ )( ،‬صفة جمرورة‪) ( ،‬‬ ‫(‪ ‬‬ ‫خبرب حمذوف‬

‫مضارع جمزوم بلم والواو فاعل‪ )( ،‬حرف غاية وجر‪ )( ،‬مضارع منصوب بأن‬

‫املضمرة بعد حيت الواو فاعل واهلاء مفعول به‪ ) ( ،‬إن واسم املوصول امسها‪،‬‬

‫(‪ )‬وفاعله والكاف مفعول به واجلملة ككل خرب‪ ) ( ،‬اسم إشارة مبتدأ‬

‫الكاف للخطاب‪ ) ( ،‬اسم موصول يف حمل رفع خرب واجلملة خرب إن (‪ )‬مضارع‬

‫والواو فاعل ومجلة صلة‪ )( ،‬بـ‪ :‬حرف جر‪ ،‬اهلل‪ :‬لفظ جاللة متعلقة بيؤمنون‪)( ،‬‬

‫إذا‪ :‬ظرف متضمن معني الشرط‪ )( ،‬فعل ماضى‬ ‫معطوفة بالواو‪ )( ،‬فاء استئنافية‬
‫وفاعل والكاف مفعول به وجملة الصلة‪ )( ،‬جار ومجرور متعلقان بيستأذنوك‪)( ،‬‬

‫مضاف إليه والهاء مضاف إليه‪ )( ،‬الفاء واقعة في جواب إذا‪ ،‬أذن فعل أمر وفاعله‪)( ،‬‬

‫جار ومجرور متعلقان بالفعل‪ )(،‬فعل ماض والجملة صلة‪ )( ،‬جار ومجرور متعلقان‬

‫بشأت‪ )( ،‬أمر وفاعله والجملة معطوفة‪ )( ،‬متعلقان بالفعل‪ )( ،‬لفظ جاللة مفعول به‪،‬‬

‫‪ )‬إن وإسمها وخبرها‪ ،‬رحيم صفة‪.1‬‬


‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪ (‬‬

‫فقد أعربت إَّنا كافة‬ ‫(﴿‪)     ‬‬ ‫ويف قوله تعايل‬
‫ومكفوفة‪ ،‬واملؤمنون مبتدأ مرفوع بالواو‪ ،‬الذين خرب مبتدأ حمذوف تقديره هم وهو إسم موصول‬
‫مبين علي الفتح يف حمل رفع‪ ،‬ومجلة "هم الذين" يف حمل رفع خرب ملبتدأ‪.2‬‬
‫وقد طابق اخلرب املبتدأ احملذوف – هم الذين – من ناحية اجلنس والعدد‪.‬‬

‫‪ _1‬ينظر‪ :‬أمحد عبيد دعاس وآخرون‪ ،‬إعراب القرآن الكرمي‪ ،‬اجمللد‪ ،2‬ص‪.362‬‬

‫‪ _2‬هبجت عبد الواحد صاحل‪ ،‬اإلعراب املفصل لكتاب اهلل املرتل‪ ،‬ص ‪.85‬‬

‫‪40‬‬
‫ضوابط التقدير يف سورة النور‬ ‫الفصل الثاين‪:‬‬

‫تبني األية الثانية والستون من سورة النور أ ّن اهلل يرشد عباده املؤمنني يف حالة كوهنم مع الرسول‬
‫صلي اهلل عليه وسلم على أمر جامع كاجلهاد مثال فاملؤمن باهلل ورسوله اليقوم بأي فعل إال إذا‬

‫‪‬‬ ‫‪ ‬‬


‫‪   ‬‬ ‫إستأذن الرسول صلي اهلل عليه وسلم‪ ،‬فقال تعاىل(‪‬‬

‫‪ ) ‬فكما أمرهم باإلستأذان عند الدخول‪ ،‬كذلك أمرهم عند اخلروج‬

‫بعذر‪ ،‬فقال (‪ )        ‬وهنا‬ ‫واإلستأذان يكون‬
‫أمر هللا الرسول صلي هللا عليه وسلم إذا إستأذنه أحد منهم أن يأذن لمن شاء ولهذا قال(‪ ‬‬

‫‪ ) ‬يغفر لهم الذنوب ويرحمهم بأن جوز لهم اإلستئذان مع العذر‪.1‬‬


‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬

‫‪ _1‬ينظر‪ :‬السعدي‪ ،‬تيسري الكرمي الرمحان يف تفسري كالم املنان‪ ،‬ص ‪.227 ،226‬‬

‫‪41‬‬
‫ضوابط التقدير يف سورة النور‬ ‫الفصل الثاين‪:‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬تقدير الخبر‬


‫مذكورا يسمعه املتلقي حنو الطالب يكتب الدرس غريأن اخلرب قد حيذف‬
‫ً‬ ‫األصل يف اخلرب أن يأيت‬
‫يف بعض األحيان لبعض األغراض البالغية و املقامية و احلذف ال يكون كيفما كانو إَّنا تضبته‬
‫ضوابت و شروط‪.‬‬

‫‪      ‬‬ ‫يقول جلت قدرته يف سورة النور اآلية الثانية‪﴿ :‬‬
‫‪                ‬‬

‫﴾‬ ‫‪    ‬‬

‫) مبتدأ خربه حمذوف تقديره فيما يتلى عليكم"‪ ) ( ،1‬عاطفة‪ )   (،‬معطوف‬ ‫"( ‪   ‬‬

‫بالضمة املقرة للثقل‪ )  (،‬فاء زائدة اجلدوا فعل امر و فاعله‪ )( ،‬مفعول به (‪) ‬‬
‫) نائب مفعول مطلق (‪ ) ‬مضاف‬ ‫(‪‬‬ ‫مضاف إليه‪ ) (،‬جار و جمرور األلف للتثنية‬
‫إليه(‪ ) ‬عاطفة (‪ )‬ناهية جازمة (‪ )‬مضارع جمزوم و الكاف مفعول به (‪ ) ‬جار و‬
‫جمرور (‪ )‬فاعل‪ ) ( ،‬جار و جمرور متعلق بتؤمنون (‪ )‬الواو عاطفة اليوم معطوف‬
‫بالواو (‪ ) ‬صفة ليوم جمرورة‪ )( ،‬الواو عاطفة يشهد مضارع (‪ )‬مفعول به‬
‫) جار و جمرور متعلق بطائفة‪.2‬‬ ‫( ‪   ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪ )    ‬فاعل مؤخر‬
‫اهلاء مضاف إليه ( ‪‬‬

‫لقد جرت عادة النحاة و املعربون على تقدير اجلزء احملذوف‪ ،‬و كثر احلذف يف القرآن الكرمي يقول‬
‫) الزانية أعربت مبتدأ و اخلرب‬ ‫(‪ ‬‬ ‫سبحانه و تعاىل يف سورة النور األية الثانية‪:‬‬

‫‪ _1‬هبجت عبد الواحد صاحل‪ ،‬اإلعراب املفصل لكتاب اهلل املرتل‪ ،‬ص‪.6‬‬

‫‪ _2‬حممود سليمان ياقوت اعراب القرآن القرآن‪ ،‬ص‪. 3163‬‬

‫‪42‬‬
‫ضوابط التقدير يف سورة النور‬ ‫الفصل الثاين‪:‬‬

‫حمذوف فقد قدره اخلليل و سيبويه ب‪ :‬فيما يتلى عليكم الزانية و الزاين‪ ،1‬و هذا ما قال به‬
‫صاحب التبيان‪.2‬‬
‫و يف هذه األية شرع اهلل تعاىل يف تبيان األحكام املشار إليها يف األية األوىل من ذات السورة‪ ،‬و‬
‫يف هذه األية حكم يف الزانية و الزاين البكرين و ذلك بأن جيلد كل واحد منهما مائة جلدة‪ 3‬و‬
‫ثبت بالسنة تغريب عام‪ ،‬و أما عن احملصن فحكمه الرجم و يتحقق هذا األخري بأشياء نظمها‬
‫بعضهم فقال‪:‬‬
‫فخذها عن النص مستفهما‬ ‫شروط احصان اتت ست ـ ـ ـ ــة‬
‫و رابعهم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا كونه مسلم ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫بل ـ ـ ـ ـ ــوغ و عق ـ ـ ـ ــل و حريـ ـ ـ ـ ــة‬
‫مىت اختل شرط فال يرمجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫وعقد صحيح ووطء مباح‬
‫و املعىن‪ :‬فلو تزوج احلر املسلم البالغ العاقل من صبية أو جمنونة و دخل هبا ال يصري حمصنًا هبذا‬
‫الدخول حىت لو زىن من بعد ذلك ال يرجم‪ ،‬و كذلك لو تزوجت احلرة البالغة العاقلة املسلمة من‬
‫عبد أو صيب و دخل هبا ال تصري حمصنة فال ترجم لو زنت من بعد ذلك‪.4‬‬

‫﴾ مبعىن هنانا اهلل سبحانه و تعاىل أن‬ ‫﴿‪      ‬‬ ‫و يف قوله تعاىل‪:‬‬
‫تأخذنا هبما رأفة يف دين اهلل‪ ،‬فهذه األخرية تؤدي إىل تعطيل حدود اهلل‪.‬‬

‫﴾ عند اقامة احلد قلما حتدث الزىن‬ ‫تعاىل‪   ﴿:‬‬ ‫و يف قوله‬
‫ألن العقوبات أمام اجلمهور يتعض الناس هبا و ذلك من خالل التنكيل مبرتكب الزىن‪.5‬‬

‫‪ _1‬ينظر‪ :‬الزخمشري‪ ،‬الكشاف‪ ،‬ص‪.46‬‬

‫‪ _2‬ينظر العكربي‪ ،‬التبيان يف اعراب القرآن‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.243‬‬

‫‪ _3‬ينظر‪ :‬السعدي‪ ،‬تيسري الكرمي الرمحان يف تفسري كالم املنان‪ ،‬ص‪.402‬‬

‫‪ _4‬ينظر األلوسي ‪ ،‬روح املعاين‪ ،‬ص‪.120‬‬

‫‪ _5‬ينظر‪ :‬األلوسي‪،‬الصدر نفسه ج‪ ،10‬ص‪.120‬‬

‫‪43‬‬
‫ضوابط التقدير يف سورة النور‬ ‫الفصل الثاين‪:‬‬

‫و الطائفة هي أن حيضر اقامة احلد عليهما مجع من املؤمنني‪ ،‬أقله ثالثة‪ ،‬و ذلك للزيادة يف‬
‫التنكيل‪ ،‬فإن التفضيح و التشهري قد ينكل أكثر ما ينكل التعذيب و أيض فيه ردع ملن حضره‪ ،‬و‬
‫زجر ملن مسع به‪.1‬‬

‫﴿‪   ‬‬ ‫‪ ﴾‬و يف قوله‬ ‫﴿‪‬‬ ‫و لعل املقصود من النهي من قوله تعاىل‪:‬‬
‫‪ ﴾ ‬التهييج و إثارة الغضب‪ ،‬و احلفاظ على دين اهلل و جيب على املسلمني أال‬
‫يأخذهم اللني يف تنفيذ ما أمر اهلل به إلقامة حدوده‪ ،‬و قد ضرب الرسول صلى اهلل عليه و سلم‬
‫املثل بنفسه و بابنته فقال لو سرقت فاطمة بنت حممد لقطعت يدها‪.2‬‬

‫﴿‪ ‬‬ ‫و حذف اخلرب كذلك يف اآلية السادسة من سورة النور يقول سبحانه و تعاىل‪:‬‬
‫‪              ‬‬

‫﴾‬ ‫‪ ‬‬

‫(‪ )‬عاطفة (‪ )‬مبتدأ‪ )( ،‬فاعل مرفوع‪ )( ،‬مفعول به وهو مضاف وهم‬
‫مضاف إليه‪( ،‬و) واو احلال و اجلملة بعدها يف حمل نصب حال‪ ) ( ،‬مل حرف نفي و‬
‫) جار و جمرور متعلق خبرب مقدم ليكن (‪ )‬اسم يكن مؤخر‬ ‫(‪‬‬ ‫جزم يكن مضارع جمزوم‬
‫(إالَّ)حرف استثناء ‪)( ،‬بدل من الشهداء (‪)‬مبتدأ خربه حمذوف (‪)‬‬
‫)(‪) ‬مضاف إليه ‪)(،‬‬ ‫إليه(‪........‬‬ ‫مضاف إليه و هو مضاف و هم مضاف‬
‫ب‪:‬حرف جر واهلل ‪:‬لفظ جاللة اسم جمرور ‪َّ )(،‬‬
‫إن و امسها‪ )( ،‬الم ‪:‬املزحلقة ومن حرف‬
‫‪3‬‬ ‫‪ ) ‬اسم جمرور ‪ ،‬و اجلار و اجملرور متعلق خبرب َّ‬
‫إن‪.‬‬ ‫جر ‪  (،‬‬
‫‪ ‬‬

‫‪ _1‬ينظر‪ :‬حممد طه درة‪ ،‬تفسري القرآن الكرمي و اعرابه و بيانه‪ ،‬ص‪.320‬‬

‫‪ _2‬ينظر‪ :‬حمي الدين درويش‪ ،‬اعراب القران و بيانه‪ ،‬دار اليمامة‪ ،‬ودار ابن كثري‪ ،‬ط‪ ،7‬بريوت لبنان‪ ،1999 ،‬ج‪ ،18‬جملد‪ ،5‬ص‪.24‬‬

‫‪ _3‬حممود سليمان ياقوت‪ ،‬اعراب القرآن الكرمي‪،‬ج‪،7‬ص ‪.3166، 3165‬‬

‫‪44‬‬
‫ضوابط التقدير يف سورة النور‬ ‫الفصل الثاين‪:‬‬

‫و يف قوله تعاىل‪ ) ( :‬فشهادة هنا مبتدأ مرفوع و عالمة رفعه الضمة الظاهرة على‬
‫آخره وهو مضاف إليه جمرور بالكسرة وهو مضاف و هم ضمري متصل مبين يف حمل جر مضاف‬
‫إليه‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫و شهادة‪:‬هنا خربها حمذوف تقديره فعليكم شهادة‪ ،‬هذا ما أشار إليه العكربي يف التبيان‬
‫و قد تقدم اخلرب على املبتدأ من ناحية الوجوب ألنَّه جاء شبه مجلة‪،‬و سائر القراء يرفعون الشهادة‬
‫و ينصبون أربع ألهنم يضمرون للشهادة ما يرفعها _ عليكم _ و هذا ما قال به أغلب القراء‪.2‬‬

‫﴾ يقول السعدي َّ‬


‫أن يف الغالب ال‬ ‫‪  ‬‬ ‫و يف قوله سبحانه و تعاىل‪﴿ :‬‬
‫‪ ﴾  ‬على رميهم‬ ‫‪‬‬ ‫يقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدم الـ ـ ـ ـ ـ ـ ــزوج على رمي زوجتـ ـ ـ ــه إالَّ إذا كـ ـ ــان صادقا‪﴿ ،‬‬
‫﴿‪ ‬‬ ‫بذل ـ ـ ـ ـ ــك ﴿ ‪ ﴾   ‬بأن لـ ـ ــم يقيموا شهداء على مارموهم به‬
‫‪ ﴾       ‬مساها شهادة ألنـَّ ـ ــها نائب ـ ـ ــة مناب الشه ـ ـ ـود‬
‫فيقـ ــول ‪:‬أشهد باهلل إين ملن الصادقني فيما رميتها به‪.3‬‬
‫‪   ‬‬ ‫و قد حذف اخلرب كذلك يف اآلية الرابعة عشر من ذات السورة ﴿‬
‫﴾‬ ‫‪           ‬‬

‫(‪ )‬استئنافية‪ )( ،‬حرف امتناع لوجود‪ ) (،‬مبتدأ و هو مضـ ـاف‪ ،‬و خرب املبتدأ‬
‫‪)    ‬‬
‫‪ )‬جار و مجرور ( ‪  ‬‬ ‫موجود‪ ) (،‬لفظ جاللة مضاف إليه‪ ( (،‬‬
‫‪   ‬‬ ‫حمذوف‪ 4‬تقديره‬
‫معطوفة بالواو و الهاء مضاف إليه‪ ) ( ،‬جار مجرور‪ )( ،‬معطوف على الدنيا‪،‬‬

‫(‪ )‬فعل ماضي والكاف مفعول به‪ ) ( ،‬جار و مجرور متعلق بالفعل مسكم‪)( ،‬‬

‫‪ _1‬ينظر‪ :‬العكربي‪ ،‬التبيان يف اعراب القرآن‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.244‬‬

‫‪ _2‬بنظر‪ :‬الفراء‪ ،‬معاين القرآن ‪،‬ج‪،2،‬ص‪. 246‬‬

‫‪ _3‬ينظر‪ :‬السعدي‪ ،‬تفسري كالم الرمحان يف تيسري كالم املنان‪،‬ص‪. 610‬‬

‫‪ _4‬ينظر‪ :‬حممد طه درة‪ ،‬تفسري القرآن الكرمي‪ ،‬و إعرابه و بيانه‪ ،‬ص‪334‬‬

‫‪45‬‬
‫ضوابط التقدير يف سورة النور‬ ‫الفصل الثاين‪:‬‬

‫فعل ماضي و فاعله‪ )( ،‬جار ومجرور متعلق بالفعل أفضتم‪ )( ،‬فاعل للفعل مسكم‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ )  ‬صفة‬ ‫( ‪‬‬
‫‪ ‬‬
‫ذهب جمهور النحاة الى أنّ الخبر يحذف وجوبا بعد لوال ‪ ،‬وتعرب حرف امتناع لوجود و في قوله‬
‫تعالى ﴿‪ ﴾    ‬ففضل هنا تعرب مبتدأ خبره محذوف تقديره موجود و بهذا قال‬

‫الفراء يف معاين القرآن‪ ،‬ونورد مثال على ذلك فنقول‪ :‬لوال الصرب لذاق الصدر أي لوال الصرب‬
‫موجود لذاق الصدر‪ ،‬و يف هذين املثالني شذ الذكر ووجب احلذف‪ ،‬إال أ ّن بعض النحاة يرون أ ّن‬
‫‪2‬‬
‫احلذف بعد لوال ليس مطلقا‬
‫وهذا ما أكده صاحب األلفية يقول يف باب املبتدأ و اخلرب‪:‬‬
‫‪3‬‬
‫حتم و يف نص ميني استقر‬ ‫و بعد لوال غالب خوف اخلرب‬
‫يرى النحويون أن االصل يف اجلملة اإلمسية التطابق بني املبتدأ واخلرب من ناحية اجلنس ومن ناحية‬
‫النوع أيضا‪ ،‬و بعد التقدير نقول‪ :‬لوال فضل اهلل موجود‪ ،‬فقد طابق اخلرب املبتدأ من ناحية اجلنس‬
‫فكالمها مذكر‪ ،‬و كذلك من ناحية العدد فكالمها مفرد‪.4‬‬
‫أي مشلكم بإحسانه‬
‫و يف قوله تعاىل‪ّ ﴾        ﴿ :‬‬
‫﴿‪ ‬‬ ‫‪ ﴾   ‬أي خفتـ ـ ـ ـ ــم ﴿‪﴾ ‬من شأن اإلفـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــك‬ ‫﴿‪‬‬ ‫فيهما‬
‫﴾و ذلك الستحقاقكم ذلك مبا قلتم‪ ،‬ولكن من فضل اهلل ورمحته عليكم‪ ،‬أن شرع لكم وجعل‬
‫العقوبة مطهرة للذنوب‪.5‬‬
‫و قال األلوسي يف روح املعاين‪ ،‬ذلك يف تفسريه هلذه اآلية الكرمية ﴿‪﴾   ‬مبعىن‬
‫تفضله سبحانه ﴿‪﴾  ‬إياكم ﴿‪ ﴾  ‬أي كثرة النعم اليت من مجلتها اإلمهال‬
‫يف التوبة ﴿‪ ﴾ ‬أي العطف واملغفرة بعد التوبة واملعىن لوال فضل اهلل العام ورمحته العامة يف‬

‫‪ _1‬حممود سليمان ياقوت‪ ،‬إعراب القرآن الكرمي‪ ،‬ص‪3176‬‬

‫‪ _2‬ينظر علي أبو املكارم ‪،‬اجلملة االمسية ‪ ،‬ص‪49‬‬

‫‪ _3‬ابن مالك‪ ،‬الفيةإبن مالك يف النحو والصرف‪ ،‬ص‪26‬‬

‫‪ _4‬ينظر‪ :‬علي أبو املكارم‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪49‬‬

‫‪ _5‬ينظر‪ :‬السعدي‪ :‬تيسري كرمي الرمحان يف تفسري كالم املنان‪ ،‬ص‪404‬‬

‫‪46‬‬
‫ضوابط التقدير يف سورة النور‬ ‫الفصل الثاين‪:‬‬

‫كال الدارين﴿‪ ﴾‬عاجال ﴿‪﴾    ‬أي بسبب ما خضتم فيه من حديث‬
‫اإلفك‪.1‬‬
‫تعاىل﴿‪     ‬‬ ‫و يف خامتة السورة حذف اخلرب كذلك‪ ،‬من ذلك قوله‬
‫‪                ‬‬

‫﴾‬ ‫‪ ‬‬

‫(‪ ) ‬استفتاحية (‪) ‬حرف مشبه بالفعل يفيد التوكيد (‪)‬جار و جمرور للتعظيم تعلق خبرب‬
‫إ ّن مقدم (‪ )‬موصولة يف حمل نصب اسم َّ‬
‫إن مؤخر( ‪ )  ‬جار و جرور متعلق‬
‫مبضمر حمذوف تقديره استقر‪ ،‬و مجلة ( استقر يف السماوات)‪ ،‬صلة ال حمل هلا من اإلعراب‬
‫(‪ )  ‬معطوفة بالواو على السماوات (‪ )‬لتحقيق (‪ )‬مضارع و فاعله (ما)‪ ،‬موصول‬
‫يف حمل نصب مفعول به (‪ )‬ضمري منفصل يف حمل رفع مبتدأ (‪ )‬جار و جمرور متعلق‬
‫(‪ )‬استئنافية (‪ )‬مفعول فيه وهو مضاف‬ ‫‪ )‬صلة‬ ‫(‪‬‬ ‫خبرب أنتم‪ ،‬و اجلملة االمسية‬
‫(‪ )‬مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون و الواو فاعل يعود على املنافقني (‪)‬‬
‫جار و جمرور متعلق بريجعون‪ ،‬و اجلملة الفعلية (يرجعون إليه ) يف حمل جر باإلضافة (‪)‬‬
‫الفاء الزائدة ينبئهم مضارع وفاعله ومفعول به (‪ )‬جار وجمرور متعلق بينبئ (‪ )‬موصولية يف‬
‫حمل جر بالياء (‪ٍ )‬‬
‫ماض و الواو فاعل ومجلة الصلة وما يعدها ‪ :‬تأويل مصدر يف حمل جر‬
‫بالياء ‪ ،‬واجلار واجملرور متعلق ينبئهم (‪ )‬استئنافية (‪ )‬لفظ جاللة مبتدأ (‪ )‬جار و جمرور‬
‫متعلق خبرب املبتدأ و هو مضاف (‪ )‬مضاف إليه جمرور باإلضافة و عالمة جره الكسرة‬
‫املنون ألنه اسم نكرة (‪ )‬خرب مبتدأ‪.‬‬

‫‪ _1‬ينظر‪ :‬هبجت عبد الواحد صاحل‪ :‬اإلعراب املفصل لكتاب اهلل املرتل‪ ،‬ص‪.91-90‬‬

‫‪47‬‬
‫ضوابط التقدير يف سورة النور‬ ‫الفصل الثاين‪:‬‬

‫﴿‪  ‬‬ ‫و يف تفسري اجلاللني جلالل الدين احمللي و السيوطي اآلية األخرية من سورة النور‬
‫‪  ‬‬ ‫﴿ ‪ ‬‬
‫‪    ‬‬ ‫‪ ﴾  ‬أي مل ًك ـ ـ ـ ـ ـا و خل ًقـ ـ ـ ـ ـ ـا و عب ـ ـ ـ ـ ـ ًدا‪ 1‬و يف قولـ ـ ـ ـ ـ ـه‬
‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬

‫‪﴾  ‬يعين أيها املكلفون من املخالفة و املوافقة ألوامر اهلل و رسوله‪ ،‬و النفاق و اإلخالص‬
‫يف األعمال و َّإَّنا أكد علمه (‪ )‬التأكيد الوعيد و بالتهديد ﴿ ‪ ﴾   ‬أي‬
‫يوم القيامة للحساب و اجلزاء ‪ ،‬فيجازي كل حسب عمله ﴿ ‪ ﴾    ‬أي ال‬
‫ختفى عليه خافية من أعمال عباده‪. 2‬‬

‫‪ _1‬ينظر‪ :‬جالل الدين احمللي و جالل الدين السيوطي‪ ،‬تفسري ااجلاللني‪ ،‬ص‪.401‬‬

‫‪ _2‬ينظر‪ :‬حممد طه درة‪ ،‬تفسري القرآن الكرمي إعرابه و بيانه‪ ،‬ص‪.455‬‬

‫‪48‬‬
‫ضوابط التقدير يف سورة النور‬ ‫الفصل الثاين‪:‬‬

‫المبحث الثالث ‪ :‬تقدير المفعول به‬


‫عادة ما يرد حذف املفعول به يف النصوص ‪ ،‬ولعل النص القرآين واحد منها‪ ،‬حبيث وجد بنسبة‬
‫كبرية يف السورة املدروسة – سورة نور‪ -‬و من الشواهد نذكر ‪ :‬قوله تعاىل يف اآلية الرابعة من‬
‫﴿‪          ‬‬ ‫سورة نور‬
‫﴾‬ ‫‪         ‬‬

‫(‪ )‬إستئنافية (‪ )‬مبتدأ (‪ )‬مضارع مرفوع بثبوت النون ‪ ،‬ومجلة الصلة ال حمل هلا من‬
‫اإلعراب (‪ )‬مفعول به منصوب بالكسرة نيابة عن الفتحة ألنه جـ ـ ـم ـ ـ ـع مؤنث‬
‫سالـ ـ ـ ـ ـ ـم ( ‪)‬عاطفة (‪ )‬حرف نفي ‪ ،‬و جزم (‪ )‬مضارع جمزوم (‪ )‬جار وجمرور‬
‫(‪ )‬مضاف إلي ـ ـه (‪ )‬فعل أمـ ـ ـ ـر مبين ‪ ،‬و ال ـ ـ ـواو فاعل و الضمري "هم" مفعول‬
‫به و اجلملة يف حمل رفع خرب الذين(‪ )‬مفعول مطلق منصوب بالياء ألنه ملحق جبمع املذكر‬
‫السامل (‪ )‬متييز (‪ )‬عاطفة (‪ )‬مفعول به (‪ )‬ظرف زمان منصوب متعلق ب ال‬
‫تقبلوا (‪ )‬اعرتاضية (‪ )‬اسم إشارة مبين على الكسرة يف حمل رفع مبتدأ و الكاف للخطاب‬
‫‪ ) ‬خرب للمبتدأ ٍ‬
‫ثان ومجلة هم الفاسقون ‪ ،‬يف حمل رفع خرب أولئك‪.1‬‬ ‫( ‪ )‬مبتدأ ٍ‬
‫ثان( ‪  ‬‬
‫‪ ‬‬

‫و قال صاحب اإلعراب املفصل لكتاب املرتل أن احملصنات تعرب مفعول به منصوب ‪ ،‬و حذف‬
‫املوصوف و هو النساء و حلت الصفة حمله‪ ،‬أي قامت مقامه فأخذت إعراب‪ ،‬و بعد التقدير‬
‫تصبح و الذين يرمون النساء احملصنات‪. 2‬‬
‫و من مبادئ اللغة العربية أن الشيء إذا دل عليه دليل جاز حذفه‪ ،‬بيدا َّ‬
‫أن بعض العناصر يكون‬
‫حذفها أقل من البعض اآلخر‪ ،‬و منها نذكر الصفة و املوصوف و جيوز للنحويني حذف املوصوف‬
‫بشرط و ذلك أن حتمل الصفة حمل املوصوف و – نور – مثال على ذلك يقول أيب ذؤيب‪:‬‬

‫‪ _1‬ينظر‪ :‬حممود سليمان ياقوت‪ ،‬إعراب القرآن الكرمي‪ ،‬ص‪.3122-3121‬‬

‫‪ _2‬ينظر‪ :‬هبجت عبد الواحد صاحل‪ ،‬اإلعراب املفصل لكتاب اهلل املرتل‪ ،‬ص‪.9‬‬

‫‪49‬‬
‫ضوابط التقدير يف سورة النور‬ ‫الفصل الثاين‪:‬‬

‫و عليهما مسرودتان قضامها * * * * * * داود أوضع السواب ـ ـ ـ ـع تب ـ ـ ـ ـع‪.‬‬


‫و التقدير عليهما درعان مسرودتان ‪.‬‬

‫منها﴿‪ ‬‬ ‫و كذلك حذف املنعوت يف قوله جلت قدرته يف سورة النور اآلية الرابعة‬
‫‪            ‬‬

‫﴾ أي َّ‬
‫أن النسـ ـ ـ ـ ـ ـاء احملصنات‪ ،‬و حذف املنع ـ ـ ـ ـ ـوت النساء‬ ‫‪     ‬‬

‫و َّ‬
‫دل النعت (‪ )‬عليه مبعىن النساء احملصنات‪ ،‬و قد طابق النعت منعوتة يف اإلعراب‬
‫أيضا (املعرفة) و هنا طابق‬
‫( النصب) و يف النوع ( التأنيث )‪ ،‬و يف العدد ( اجلمع )و يف التعيني ً‬
‫النعت منعوتة يف أربعة من عشرة يف ذلك‪. 1‬‬
‫و يف هذه اآلية الكرمية حكم جلد القاذف للمحصنة‪ ،‬و هي احلرة البالغة العفيفة‪ 2‬و كذلك‬
‫الرجال ال فرق بينهما و ما كون املراد بالرمي الرمي بالزنا‪ ،‬بدليل السياق (‪ )  ‬على ما‬
‫‪﴾   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬ ‫‪ ﴾  ‬أي رجال يشهدون بذالك صرحياً‪   ﴿ 3‬‬
‫‪  ‬‬ ‫رموا به ﴿ ‪     ‬‬
‫‪  ‬‬

‫فأوجب يف هذا على القاذف‪ ،‬إذ ل ـ ـ ـ ـم يصح ما قاله‪ ،‬ثالثـ ـ ـ ـ ـة أحكام األول‪ :‬أن جيلـ ـ ـد مثانني‬
‫جلـ ـ ـدة‪ ،‬و الثاين أن ترد شهادته‪ ،‬و الثالث و األخري أن يكون فاس ًقا ليس عدالً ال عند ربه و ال‬
‫فإن اهلل غفور رحيم يغفر الذنوب‪ ،‬و هذا تفسري اآلية اخلامسة من ذات‬ ‫عند الناس‪ ،‬إالَّ من تاب‪َّ ،‬‬
‫السورة‪.4‬‬
‫َّأما من الناحية البالغية فنلمس يف هذه اآلية استعارة حيث استعار الرمي للشتم بفاحشة الزنا‪،‬‬
‫لكونه جناية بالقول‪ ،‬و يقول النابغة يف إحدى قصائده‪:‬‬
‫وجرح اللسان كجرح اليد‪.‬‬

‫‪ _1‬ينظر‪ :‬عبد اللطيف محاسة‪ ،‬التوابع يف النحو العريب‪ ،‬ص‪.37-36‬‬

‫‪ _2‬ينظر ‪ :‬ابن كثري تفسري القرآن العظيم‪ ،‬ص‪.2003‬‬

‫‪ _3‬ينظر‪ :‬السعدي‪ ،‬تيسري الكرمي الرمحان يف تفسري كالم املنان‪ ،‬ص‪.402‬‬

‫‪ _4‬ينظر‪ :‬ابن كثري‪ ،‬املصدر السابق‪ ،‬ص‪.2003‬‬

‫‪50‬‬
‫ضوابط التقدير يف سورة النور‬ ‫الفصل الثاين‪:‬‬

‫حيث يسمى الشتم هبذه الفاحشة قذفًا‪ ،‬و املراد باحملصنات النساء و خصصهن بالذكر‪ ،‬ألن‬
‫قذفهن أشنع‪ ،‬و العار فيهن أعظم‪ ،‬و يلحق الرجال بالنساء يف هذا احلكم بال خالف بني‬
‫العلم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاء‪.1‬‬
‫و قد حذف املفعول به الثاين لفعل حتسبونه هذا األخري – الفعل حتسبونه – متعدي إىل مفعولني‬
‫﴿‪  ‬‬ ‫يف اآلية اخلامسة عشر من س ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـورة النور يقول جلت قدرته‬
‫﴾‬ ‫‪             ‬‬

‫(‪ )‬ظرف زمان مبعىن حني متعلق مبسلم أو أفضتم و اجلملة الفعلية بعده يف حمل جر‬
‫باإلضافـ ـ ـ ـ ـة(‪ )‬مضارع و الـ ـ ـ ـ ـ ـواو فاع ـ ـ ـ ـ ــتل و اهلاء مفعول به(‪ )‬جار و جمرور متعلق‬
‫يتلقونه و الكاف يف حمل جر باإلضافة‪ )  ( ،‬الواو عاطفة مضارع مرفوع بثبوت‬
‫النون و الواو فاعل بأفواهكم جار و جمرور و الكاف مضاف إليه (‪ )‬جار و جمرور متعلق خبرب‬
‫ليس مقدم (‪ )‬جار وجمرور (‪ )‬اسم ليس مؤخر مرفوع (‪ )‬عاطف ـ ـة (‪ )‬مض ـ ـ ـ ـ ـارع‬
‫و فاعله واهلاء مفعول به أول (‪ )‬مفعول به ثاين لتحسبونه و التقدير حتسبونه شيئاً هينًا‬
‫فحذف املفعول املوصوف و حلت الصفة حمله‪. 2‬‬
‫حذف مبوصوف املفعول ٍ‬
‫ثان و‬ ‫﴿‪﴾      ‬‬ ‫و يف قوله تعاىل‪:‬‬
‫حلت صفة حمله وتقدير حتسبونه شيئاً هيناً وهو عند اهلل عظيم ‪ ،‬فشيئاً هنا موصوف و هو‬
‫املفعول ٍ‬
‫ثان للفعل حتسبونه ‪ ،‬إال أن الصفة قامت مقامه و أخذت إعرابه ‪.‬‬
‫ويرى النحاة يف ذلك أ ّن املوصوف حيذف يف حالة حتل فيها الصفة حمله‪. 3‬‬
‫ألن ذات الفعل حتسبونه من‬‫و جلأ املعربون إىل تقدير املفعول الثاين احملذوف للفعل حتسبونه َّ‬
‫األفعال اليت تنصب مفعولني و لكنها تعمل بشروط‪ ،‬فإذا دلت على اليقينية تنصب مفعولني حنو‬

‫‪ _1‬حمي الدين درويش‪ ،‬إعراب القرآن الكرمي و بيانه‪ ،‬ص‪.242‬‬

‫‪ _2‬هبجت عبد الواحد صاحل‪ ،‬اإلعراب املفصل لكتاب اهلل املرتل‪ ،‬ص‪.19‬‬

‫‪ _3‬ينظر‪ :‬عباس حسن‪ ،‬النحو الوايف‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.6‬‬

‫‪51‬‬
‫ضوابط التقدير يف سورة النور‬ ‫الفصل الثاين‪:‬‬

‫قوله تعاىل‪َّ ﴾      ﴿ :‬أما إذا دلت على العدد تنصب مفعول‬
‫واحد حنو‪ :‬حسبت الدنانري اليت معي‪ ،‬فهنا نصبت مفعول واحد وهو الدنانري‪ ،‬تدخل على اجلملة‬
‫االمسية فيصبح املبتدأ مفعول أول واخلرب مفعول ثان‪ ،‬وليس األصل أ َّن يكون املفعوالن أصلها‬
‫مبتدأ و خرب حنو قولنا‪ :‬حسبت املريخ الزهرة‪ ،‬إذ ال يقال على سبيل احلقيقة احملضى املريـ ـخ‬
‫الزه ـ ـ ـرة‪ ،‬وذلك لفساد املعىن‪ ،‬وبعد تقدير اآلية السابقة نقول‪:‬حتسبونه شيئًا هينًا‪،‬فهنا شيئًا هينًا‬
‫ليست مببتدأ و خرب‪.1‬‬
‫و قال املفسرون أن حتسبونه مبعىن تظنونه‪ ،2‬وهنا دلت على اليقينية لذا نصبت مفعولني حنو‬
‫قولنا‪:‬حسبت املال وقاية من الذل السؤال أي ظننت املال وقاية من ذل السؤال و هنا طابق‬
‫النعت منعوته _ حتسبونه شيئا هينا _ قد تطابق النعت و منعوته يف اإلعراب(النصب)‪ ،‬و النوع‬
‫(‪‬‬ ‫تذكر و العدد (مفرد) ‪ ،‬و التعني ( نكرة ) يرى الفراء تفسريه هلذه اآلية يف تشابه معاين القرآن‬
‫‪ )‬كان يلقي اآلخر فيقول ‪ :‬أما بلغك كذا و كذا ‪ ،‬فيذكر قصة عائشة تشيع الفاحشة و‬
‫الضمري هنا عائد على اإلفك‪. 3‬‬

‫و يف قوله تعاىل (‪ )      ‬يقول سعدى يف تفسريه هلذا اجلزء‬
‫‪4‬‬
‫من اآلية الكرمية مبعىن التكلم بالباطل و القول بال علم ‪ ،‬واإلفك الذي تكلموا فيه ليس إال قوالً‬
‫يدور يف أفواههم ‪ ،‬من غري ترمجة عن علم به يف القلب ‪ ،‬كقوله تعاىل يف سورة آل عمران اآلية‬
‫﴿ ‪ ﴾            ‬و يف‬
‫مائة وسبعة ‪‬‬

‫قوله جال عاله ﴿‪ ﴾      ‬أي تظنون أن ما تكلمتم به‬

‫‪ _1‬ينظر‪ :‬عباس حسن‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.19‬‬

‫‪ _2‬ينظر‪ :‬حممد علي درة‪ ،‬تفسري القرآن الكرمي إعرابه و بيانه‪ ،‬ص‪.344‬‬

‫‪ _3‬ينظر الفراء‪ ،‬معاين القراء‪ ،‬ص‪.248-247‬‬

‫‪ _4‬ينظر‪ :‬السعدي‪ ،‬تيسري الكرمي الرمحان يف تفسري كالم املنان‪ ،‬ص‪.404‬‬

‫‪52‬‬
‫ضوابط التقدير يف سورة النور‬ ‫الفصل الثاين‪:‬‬

‫‪ )‬مبعىن يف حكم ـ ـه و‬
‫‪  ‬‬ ‫سهال – اإلفك‪ -‬و هو عند اهلل كبرية من الكبـ ـائر و معىن ( ‪‬‬
‫‪ ‬‬

‫شريعته‪.1‬‬

‫يرى الزخمشري أن معىن (‪ )‬أي يأخذه بعضكم عن بعض فإن قلت ‪ ،‬ما معىن قوله‬
‫(‪ )‬و القول ال يكون إالَّ بالفم ؟‬

‫قلت ‪ :‬معناه أن الشيء املعلوم يكون علمه بالقلب‪ ،‬و يرتمجه اللسان‪ ،‬و اإلفك هو قول جيري‬
‫على ألسنتكم‪ ،‬و يدور يف أفواهكم من غري علم القلب به و حتسبونه صغرية‪ ،‬و هو عند اهلل كبرية‬
‫موجبته و وصفهم اهلل تعاىل بارتكاب ثالثة آثام و علق من العذاب العظيم هبا‪ :‬أحدها تلقي‬
‫اإلفك بألسنتكم و الثانية يتكلم ملا ال علم هلم به‪ ،‬و الثالث استصغارهم لذلك هو عظيمة من‬
‫العظائ ـ ـ ـ ـ ـم‪.2‬‬

‫﴿‪   ‬‬ ‫يقول سبحانه و﴿ تعاىل يف سورة النور اآلية الرابعة و العشرون‬
‫‪.‬‬ ‫‪﴾     ‬‬

‫(‪ )‬ظرف زمان منصوب على الظرفية املتعلق خبرب عذاب حمذوف (‪ )‬مضارع مرفوع‬
‫(‪ )‬جار و جمرور متعلق بتشهد (‪ )‬فاعل و هو مضاف ‪ ،‬هم مضاف إليه‬
‫(‪ ) ‬معطوفتان على ألسنتهم (‪ )‬جار و جمرور (‪ )‬كان الواو امسها و‬
‫مجلة صلة ال حمل هلا من اإلعراب ( ‪ )   ‬مضارع و الواو فاعل ‪ 3‬و اجلملة يف حمل رفع خرب‬
‫إ ّن ‪ ،‬و مفعول يعملون حمذوف و تقديره يعملونه‪.‬‬

‫‪ _1‬ينظر‪ :‬حممد علي طه درة‪،‬تقرآن الكرمي فسري اال ‪ ،‬ص‪.344‬‬

‫‪ _2‬ينظر‪ :‬الزخمشري‪ ،‬الكشاف‪ ،‬ص‪.54‬‬

‫‪ _3‬أمحد عيد دعاس و آخرون‪ ،‬إعراب القرآن الكرمي‪ ،‬ص ‪.348‬‬

‫‪53‬‬
‫ضوابط التقدير يف سورة النور‬ ‫الفصل الثاين‪:‬‬

‫﴾ فقد قال معربو القرآن عن يعملون ‪ :‬فعل مضارع مرفوع‬ ‫تعاىل﴿‪  ‬‬ ‫و يف قوله‬
‫بثبوت النون و الواو ضمري متصل يف حمل رفع فاعل ‪ ،‬و مفعول يعملون حمذوف و قدروا مفعول‬
‫به وذلك بقوهلم مفعول يعملونه ‪.1‬‬
‫و قد جرت عادة النحاة على تقدير العنصر احملذوف إلمتام املعىن يف ذلك ‪ ،‬و كون الفعل هنا‬
‫متعدي – عمل – ليس ب الزم يرى النحويون أنه يستلزم تقدير مفعول به ألن القاعدة اليت‬
‫اعتمدوا تستوجب ذلك‬
‫و الفعل عمل هو من األفعال املتعدية اليت تنصب مفعول واحد‪ ،‬و تقدير احملذوف ال يكون‬
‫كيفما شاء املقدر ‪ ،‬و إَّنا تضبطه ضوابط يف ذلك ‪ ،‬و قدر مفعول به ضمري عائد ‪ ،‬و هذا ما‬
‫قاله العالمة النحوي ابن مالك‬
‫‪2‬‬
‫(ها) غري مصدر به حنو عمل‬ ‫عالمة الفعل املعدى أن تصل‬
‫مبعىن عمله بشرط أن تكون اهلاء هاء مصدر النحو هذا اجللوس ‪ ،‬جلس زيد‪ ،‬فاهلاء – هنا –‬
‫مصدر ال مفعول به‬
‫يقول امرأ ألقيس ‪:‬‬
‫‪3‬‬
‫فثوب لبست وثوب أحر‬ ‫فأقبلت زحفاً على الركبتني‬
‫أي لشبه ‪.‬‬

‫و يف قوله سبحانه وتعاىل ﴿‪ ﴾   ‬أي تنطق األلسنة يف اآلخرة مبا قذفت‬
‫يف الدنيا ‪ ،‬و هذا قبل أن خيتم رب العرش على أفواههم ‪ ،‬كما جلت قدرته يف يس اآلية اخلامسة‬
‫(‪        ‬‬ ‫و ستون من السورة إذ يقول‬
‫) و بعد اخلتم تنطق األيادي و األرجل مبا علمت يف الدنيا ‪ ،‬و هذا ما‬ ‫‪  ‬‬

‫‪ _1‬تنظر‪ :‬هبجت عبد الواحد صاحل‪ ،‬اإلعراب املفصل لكتاب اهلل املرتل‪ ،‬ص ‪.29‬‬

‫‪ _ 2‬ابن مالك‪ ،‬ألفية ابن مالك يف النحو و الصرف‪ ،‬ص‪،46‬‬

‫‪ _ _3‬ينظر‪ :‬عبد العزيز بن علي احلريب‪ ،‬شرح‪ :‬امليسر على ألفية ابن مالك يف النحو و الصرف‪ ،‬دار ابن حزم‪ ،‬ط‪ ،1‬الرياض‪ ،‬السعودية‪،2003 ،‬‬
‫ص ‪.125‬‬

‫‪54‬‬
‫ضوابط التقدير يف سورة النور‬ ‫الفصل الثاين‪:‬‬

‫‪   ‬‬ ‫( ‪‬‬


‫‪  ‬‬ ‫أفادته ‪ ،‬و هذا ما أفادته‪ ، 1‬اآلية العشرون من سورة فصلت يقول فيها اخلالق‪:‬‬
‫) مبعىن تتكلم‬ ‫‪         ‬‬

‫اجلوارح مبا عملوا‪.‬‬


‫يقول صاحب الكشاف ‪ ،‬و لو قرأت القرآن كله و فتشت عما أوعد به العصاة ‪ ،‬مل تر اهلل قد‬
‫غلظ يف شيء تغليظه يف أفك عائشة رضي اهلل عنها ‪ ،‬و ال أنزل من اآليات القوا رح املشحونة‬
‫بالوعيد الشديد ‪ ،‬و العتاب البليغ ‪ ،‬فقد جعل القذفة ملعونني يف الدارين‪ ،‬و توعدهم بالعذاب‬
‫العظيم يف اآلخرة‪ ،‬و َّ‬
‫بأن اجلوارح تشهد عليهم مبا أفكوا به و هبتوا‪ ،‬و أنَّه يوفيهم جزاءهم احلق‬
‫‪2‬‬
‫الواجب الذي هم أهله‪.‬‬
‫و قد ورد حذف املفعول به يف اآلية السادسة و األربعني من ذات السورة يقول اهلل سبحانه و‬
‫تعاىل﴿‪﴾             ‬‬

‫(‪ )‬الم االبتداء ‪ ،‬قد حذف حتقيق (‪ )‬فعل وفاعل (‪ )‬مفعول به (‪ ) ‬صفة‬
‫منصوبة (‪)‬إستئنافية (‪ )‬مبتدأ (‪ )‬مجلة خرب (‪ )‬موصلية مفعول به (‪ )‬فعل و‬
‫‪3‬‬
‫‪ )  ‬صفة الصراط جمرورة‪.‬‬
‫‪ )‬جار و جمرور متعلق بيهدي ( ‪ ‬‬
‫‪  ‬‬ ‫فاعل ( ‪  ‬‬
‫‪ ‬‬

‫و يف قوله تعاىل ﴿‪ ﴾    ‬فلفظة يشاء عرهبا املعربون ب‪ :‬يشاء فعل مضارع و‬
‫الفاعل ضمري مسترت تقديره هو و مجلة الصلة ال حمل هلا من اإلعراب و العائد ضمري منصوب‬
‫حمالً ألنه مفعول به و تقدير من يشاؤه ‪ 4‬و جلأ النحاة إىل تقدير املفعول به كون الفعل – يشاء‬
‫– متعدي أي حيتاج إىل مفعول به ‪ ،‬و يكثر احلذف الضمري العائد على االسم املوصول الواقع‬
‫مفعول به يف مجلة الصلة ‪5‬و قد حذف العائد و هو املفعول به يف مجلة الصلة ‪ ،‬يف سورة الفرقان‬

‫‪ _1‬ينظر‪ :‬علي طه درة‪ ،‬تفسري القرآن الكرمي إعرابه و بيانه‪ ،‬ص‪.356‬‬

‫‪ __2‬ينظر‪ :‬القرطيب‪ ،‬اجلامع ألحكام القرآنن حتقيق‪ :‬عبد اهلل بن عبد احملسن‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬ط‪ ،1‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬د‪،‬ت‪ ،‬ج‪ ،15‬ص ‪356‬‬

‫‪ _3‬حمي الدين درويش‪ ،‬إعراب القرآن الكرمي و بيانه‪ ،‬ص ‪.297‬‬

‫‪ _ 4‬ينظر هبجت عبد الواحد صاحل‪ ،‬اإلعراب املفصل لكتاب اهلل املرتل‪ ،‬ص‪.60‬‬

‫‪ _5‬علي ابو املكارم‪ ،‬اجلملة الفعلية‪ ،‬مؤسسة خمتار‪ ،‬ط‪ ،1‬القاهرة‪ ،‬مصر‪.158 ،2007 ،‬‬

‫‪55‬‬
‫ضوابط التقدير يف سورة النور‬ ‫الفصل الثاين‪:‬‬

‫‪        ‬‬ ‫اآلية الواحدة و األربعون يقول تعاىل‬
‫أي بعثه ‪ ،‬و يعترب النحاة هذا النوع من احلذف حذف مساعي فهو ليس له ضابط معني بل ورد‬
‫ّ‬
‫مسموعاً هكذا‪.1‬‬
‫يرى السعدي يف تفسريه اآلية السادسة و األربعون َّ‬
‫أن املعىن رمحنا عبادنا ‪ ،‬و أنزلنا إليهم آيات‬
‫بينات أي واضحات الداللة على مجيع املقاصد الشرعية ‪ ،‬و يف ذلك تبني بني الرشد و البغي‬
‫جاء يف تفسري اجلاللني ‪ ،‬هلذا اجلزء من اآلية معناه طريق دين‬ ‫‪﴾‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪        ‬‬ ‫﴿ ‪ ‬‬
‫‪ ‬‬

‫اإلسالم ‪.2‬‬

‫و ذهب صاحب روح املعاين إىل َّ‬


‫أن معىن اآلية ﴿‪ ﴾   ‬مبعىن كل ما يليق‬
‫﴿ ‪ ‬‬
‫‪‬‬ ‫ببيانه من األحكام الدينية و األسرار الكونية و هذا كمقدمة ملا بعده و يف تكملة اآلية‬
‫أي هدايته اليت توصل إىل احلقيقة و الفوز باجلنة‪.3‬‬
‫ّ‬ ‫‪﴾ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬

‫(‪ ‬‬ ‫و يف اآلية السابعة و اخلمسون من ذات السورة حذف املفعول به يقول تعاىل ‪:‬‬
‫‪           ‬‬

‫(‪ )‬ناهية (‪ )‬مضارع و فاعله (‪ )‬اسم موصول (‪ )‬فعل و فاعله‬


‫عاطفة (‪ )‬مبتدأ و هم‬ ‫‪)‬‬ ‫(‪ )‬مفعول ٍ‬
‫ثان (‪ ) ‬جار و جمرور (‬
‫مضاف إليه (‪ )‬خرب و اجلملة املعطوفة على ما قبلها (‪ )‬إستئنافية‪ ،‬الم االبتداء‬
‫‪ )‬فاعل و بئس‪.4‬‬ ‫للتوكيد‪ ،‬فعل ٍ‬
‫ماض جامد ( ‪  ‬‬
‫‪ ‬‬

‫‪ _1‬ينظر‪ :‬فاضل السامرائي‪ ،‬اجلملة العربية تأليفها و أقسامها‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬ط‪ ،2‬عمان األردن‪ ،2007 ،‬ص ‪.89‬‬

‫‪ _2‬ينظر‪ :‬السعدي‪ ،‬تيسري الكرمي الرمحان‪ ،‬يف تفسري كالم املنان‪ ،‬ص ‪.410‬‬

‫‪ _3‬ينظر‪ :‬األلوسي‪ ،‬روح املعاين‪ ،‬ج‪ ،10‬ص ‪.284‬‬

‫‪ _4‬ينظر‪ :‬هبجت عبد الواحد صاحل‪ ،‬اإلعراب املفصل لكتاب اهلل املرتل‪ ،‬ص‪.76‬‬

‫‪56‬‬
‫ضوابط التقدير يف سورة النور‬ ‫الفصل الثاين‪:‬‬

‫و يعد الفعل حتسنب ‪ ،‬كما ذكرنا سابقاً ‪ ،‬من األفعال اليت تتعدى إىل مفعولني ‪ ،‬و إن كان أصل‬
‫املفعولني مبتدأ و خرب فالتوجب و األصح جعل املبتدأ مفعول أول ‪ ،‬و اخلرب مفعول ثاين ‪ ،‬فإ ْن مل‬
‫يكن أصلهما مبتدأ و خرب ‪ ،‬فاألحسن تقدمي ما هو فاعل يف املعىن على غريه ‪ ،‬حنو‪ :‬أعطيت‬
‫الزائر وردة من احلديقة ‪ ،‬فالزائر هنا مبنزلة الفاعل و الوردة مبنزلة املفعول ‪ ،‬أي الزائر مفعول أول‬
‫للفعل أعطيت و الوردة مفعول ٍ‬
‫ثان لذات الفعل‪.1‬‬

‫(‪          ‬‬ ‫يقول سبحانه وتعاىل ‪:‬‬
‫) يرى اإلصبهاين َّ‬
‫أن احلسبان و ظن السوء‪.2‬‬ ‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪    ‬‬

‫إذ تضمن الفعل معىن اليقينية ‪ ،‬و بذلك يتعدى الفعل حتسنب إىل مفعولني و قال الفراء أن تقدير‬
‫يكون كاآليت ‪ ،‬ال حتسنب الذين كفروا أنفسهم معجزين اهلل يف األرض‪ ،‬فاعترب الذين كفروا فاعل‬
‫للفعل حتسنب و أنفسهم مفعول أول للفعل حتسنب و هو احملذوف ‪ ،‬و معجزين مفعول ٍ‬
‫ثان لذات‬
‫الفعل‪.3‬‬

‫تعاىل﴿‪          ‬‬ ‫يقول سبحانه و‬
‫﴾‬ ‫‪  ‬‬

‫و يرى اإلصبهاين أن املفعول األول حمذوف ألنه كان مبتدأ ‪ ،‬و حذف املبتدأ هنا جائز لداللة‬
‫‪4‬‬
‫اخلرب عليه‪.‬‬
‫و لفظة معجزين جاءت اسم فاعل و مفعوله حمذوف ‪ ،‬و قد قدره معربو القرآن مبعجزين اهلل‪.5‬‬

‫‪ _1‬ينظر‪ :‬عباس حسن‪ ،‬النحو الوايف‪ ،‬ج‪.2،177‬‬

‫‪ _2‬ينظر‪ :‬األصبهاين‪ ،‬إعراب القرآن‪ ،‬ص ‪.274‬‬

‫‪ _3‬ينظر الفراء‪ ،‬معاين القرآن‪ ،‬ص ‪.259‬‬

‫‪ _4‬ينظر‪ :‬األصبهاين‪ ،‬إعراب القرآن‪ ،‬ص ‪.274‬‬

‫‪ _5‬ينظر‪ :‬القرطيب‪ ،‬اجلامع ألحكام القرآن‪ ،‬ص ‪.327‬‬

‫‪57‬‬
‫ضوابط التقدير يف سورة النور‬ ‫الفصل الثاين‪:‬‬

‫قال ابن كثري يف تفسريه لقول تعاىل (‪ ) ‬أي ال تظن يا حممد أ ّن (‪ ) ‬أي‬
‫خالفوك وكذبوك (‪ )   ‬أي ال يعجزون اهلل بل اهلل قادر عليهم و سيعذهبم‬
‫‪1‬‬
‫أشد العذاب ‪ ،‬و لذا قال تعاىل ‪ )     ( :‬أي يف دار اآلخرة‪.‬‬

‫مبعىن املرجع و املآب ‪.‬‬ ‫و يف قوله ‪( :‬‬


‫‪)    ‬‬

‫جاء يف روح املعاين ‪ :‬أ ّن املقصود بالنهي عن احلسبان حتقيق نفي احلسبان كأنه قبل ‪ :‬الذين كفروا‬
‫معجزين و مأواهم النار‪. 2‬‬

‫‪ _1‬ينظر‪ :‬ابن كثري‪ ،‬تفسري القرآن العظيم‪ ،‬ج‪ ،3‬ص ‪.2052‬‬

‫‪ _2‬ينظر‪ :‬األلوسي‪ ،‬روح املعاين‪ ،‬ص ‪.305‬‬

‫‪58‬‬
‫اخلـ ـ ــامتـ ـ ــة‬

‫اخلـ ـ ـ ــامتة‪:‬‬

‫و بعد دراستنا هلذا املوضوع و املوسوم ب‪:‬ضوابط التقدير يف النحو العريب‪ ،‬استخلصنا مجلة من‬
‫النتائج أمهها‪:‬‬

‫‪ -‬تعد ظاهرة احلذف ظاهرة حنوية و بالغية و قد تطرق هلا النحاة القدامى و احملدثني و احلذف‬
‫هو تغييب عنصر أو عناصر من الرتكيب‪.‬‬

‫‪ -‬من أهم شروط احلذف ترك دليل على العنصر احملذوف و عدم فساد املعىن يف ذلك‪.‬‬

‫‪ -‬يعد التقدير ظاهرة حنوية حبتة‪.‬‬

‫‪ -‬تقدير احملذوف يعتمد على االجتهاد الذايت‪.‬‬

‫‪ -‬يبدأ التقدير النحوي من تقدير احلركة اإلعرابية إىل أ ّن يصل إىل تقدير اجلملة‪.‬‬

‫‪ -‬العالقة بني احلذف و التقدير هي عالقة تالزمية‪.‬‬

‫مؤيدا لظاهرة التقدير‬


‫‪ -‬اختلفت نظرة النحاة حول مسألة التقدير النحوي‪ ،‬فبعضهم وقف موق ًفا ً‬
‫و يعدون العامل و التقدير عنصران مساعدان لتيسري تعليم النحو العريب‪ ،‬يف حني يناقضهم‬
‫معا و يرون أ ّن العامل سبب يف وجود التقدير‪.‬‬
‫البعض اآلخر و يرفضون العامل و التقدير ً‬
‫‪ -‬الباحث على التقدير عليه مراعاة املعىن أو مراعاة الصناعة اللفظية‪.‬‬

‫‪َ -‬كثُـَر حذف املبتدأ يف مدونة البحث‪ -‬سورة النور‪ -‬فيما قل حذف اخلرب على املبتدأ‪.‬‬

‫ذف املفعول به يف السورة املدروسة بكثرة و ذلك تبعا لتنوع األفعال‪ ،‬فهناك أفعال متعدية‬
‫‪ُ -‬ح َ‬
‫إىل مفعول واحد‪ ,‬و هناك املتعدية إىل مفعولني‪,‬‬

‫‪ -‬ركزت دراسة هذا البحث على تقدير " املبتدأ" و " اخلرب " و " املفعول به " أل ّن هذه العناصر‬
‫الثالثة كانت أكثر العناصر حذفًا يف سورة النور فيما قل حذف الفعل و الفاعل‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫مكتبة البحث‬

‫مكتبة البحث‪:‬‬

‫‪ -‬القرآن الكرمي رواية حفص عن عاصم (مصحف إلكرتوين)‬

‫‪ -‬إبراهيم مصطفى‪ ،‬إحياء النحو‪ ،‬دار اآلفاق العربية‪ ،‬قاهرة‪ ،‬مصر‪.2003 ،‬‬

‫‪ -‬أمحد عفيفي‪ ،‬ظاهرة التخفيف يف النحو العريب‪ ،‬الدار املصرية اللبنانية‪ ،‬ط‪ ،1‬القاهرة‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫‪.1996‬‬

‫‪ -‬أمحد الدعاس و آخرون‪ ،‬إعراب القرآن‪ ،‬دار النمري و دار الفرايب‪ ،‬ط‪ ،1‬دمشق‪ ،‬سوريا‪،‬‬
‫‪ ،2004‬ج‪.18‬‬

‫‪ -‬ابن جين(أبو الفتح عثمان بن جين) اخلصائص‪ ،‬حتقيق‪ :‬عبد احلميد هنداوي‪ ،‬دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬ط‪، 1‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،2003 ،‬ج‪.2‬‬

‫‪ -‬ابن كثري(ابو الفداء إمساعيل القريشي الدمشقي)‪ ،‬تفسري القرآن الكرمي‪ ،‬دار إبراهيم‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،2005 ،‬ج‪.3‬‬

‫‪ -‬ابن مالك(حممد بن عبد اهلل بن مالك األندلسي) ‪ ،‬ألفية ابن مالك يف النحو و الصرف‪ ،‬دار‬
‫اإلمام مالك‪ ،‬باب الواد‪ ،‬اجلزائر‪.2009 ،‬‬

‫‪ -‬ابن منظور( مجال الدين أبو الفضل حممد مكرم بن علي)‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬دار صادر‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،2002 ،‬ج‪ 5‬و ج‪.11‬‬

‫‪ -‬ابن هشام األنصاري(مجال الدين األنصاري)‪ ،‬مغين اللبيب عن كتب األعاريب‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد‬
‫حمي الدين عبد اجمليد‪ ،‬دار املكتبة العصرية‪ ،‬ط‪ ،1‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،1999 ،‬ج‪.2‬‬

‫األلوسي(ابو الفضل شهاب الدين السيد حممود األلوسي البغدادي)‪ ،‬روح املعاين‪ ،‬دار الفكر‪،‬‬
‫بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬اجمللد‪ ،10‬ج‪.17‬‬

‫‪ -‬الزخمشري(ابو القاسم جار اهلل حممود بن عمر الزخمشري اخلوارزمي)‪ ،‬الكشاف‪ ،‬دار الفكر‪،‬‬
‫ج ‪.3‬‬

‫‪60‬‬
‫مكتبة البحث‬

‫‪ -‬االصبهاين(إمساعيل بن حممد بن فضل القرشي األصبهاين)‪ ،‬إعراب القرآن‪ ،‬مكتبة امللك فهد‬
‫الوطنية بالرياض‪.1995 ،‬‬

‫‪ -‬السعدي(عبد الرمحان بن ناصر السعدي)‪ ،‬تيسري الكرمي الرمحان يف تفسري كالم املنان‪ ،‬دار‬
‫الفكر‪ ،‬ط‪ ،1‬بريوت‪ ،‬لبنان‪.2002 ،‬‬

‫‪ -‬العكربي(أبو البقاء عبد اهلل بن حسني العكربي)‪ ،‬التبيان يف إعراب القرآن‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬ج‪.2‬‬

‫‪ -‬الفراء(أبو زكريا حيي ابن زياد الفراء)‪ ،‬معاين القرآن‪ ،‬دار عامل الكتب‪ ،‬ط‪ ،3‬بريوت‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫‪ ،1983‬ج‪.2‬‬

‫‪ -‬القرطيب(ابو عبد اهلل حممد ابن أمحد بن أيب بكر القرطيب)‪ ،‬اجلامع ألحكام القرآن‪ ،‬حتقيق‪ :‬عبد‬
‫اهلل بن عبد احملسن‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬ط‪ ,1‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ج‪.15‬‬

‫‪ -‬هبجت عبد الواحد صاحل‪ ،‬األعراب املفصل لكتاب اهلل املرتل‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬ج‪.8‬‬

‫‪ -‬متام حسان‪ ،‬اجلملة العربية مبناها و معناها‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬دار البيضاء‪ ،‬املغرب‪.1994 ،‬‬

‫متام محد املنيزل‪ ،‬احلذف يف النحو العريب‪ ،‬دار اليازوري‪ ،‬ط‪ ،1‬عمان األردن‪.‬‬

‫‪ -‬جرجي شاهني عطية‪ ،‬سلم اللسان يف الصرف و النحو و البيان‪ ،‬دار الرحياين‪ ،‬ط‪ ،4‬بريوت‬
‫لبنان‪.‬‬

‫‪ -‬جالل الدين احمللي و جالل الدين السيوطي‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد بن مجيل بن زينو و حممد بن عبد‬
‫الرمحان‪ ،‬دار اهليثم‪ ،‬ط‪ ،2011 ،1‬القاهرة‪ ،‬مصر‪.‬‬

‫‪ -‬حسن مخيس امللخ‪ ،‬نظرية األصل و الفرع يف النحو العريب‪ ،‬دار الشروق‪ ،‬ط‪ ،1‬عمان‪ ،‬األردن‪،‬‬
‫‪.2001‬‬

‫‪ -‬حيدر حسني عبيد‪ ،‬احلذف بني النحويني و البالغيني دراسة تطبيقية دار الكتب العلمية‪،‬‬
‫ط‪ ،1‬بريوت لبنان‪.2013 ،‬‬

‫‪61‬‬
‫مكتبة البحث‬

‫رمضان عبد اهلل رمضان‪ ،‬من القضايا اللغوية و النحوية‪ ،‬دار املكتبة البستان املعرفة‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫مصر‪.‬‬

‫‪ -‬سيبويه(ابو بشر عمر بن عثمان بن قنرب)‪ ،‬الكتاب‪ ،‬حتقيق‪ :‬عبد السالم هارون‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫ط‪ ،1983 ،3‬ج‪.1‬‬

‫‪ -‬شوقي املعري‪ ،‬اعراب اجلمل و أشباه اجلمل‪ ،‬دار احلارث‪ ،‬ط‪ ،1‬دمشق‪ ،‬سوريا‪.1997 ،‬‬

‫‪ -‬صربي إبراهيم السيد‪ ،‬لغة القرآن يف سورة النور دراسة يف الرتكيب النحوي‪ ،‬دار املعرفة‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪.1999 ،‬‬

‫‪ -‬عباس حسن‪ ،‬النحو الوايف‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬ج‪ ،1‬و ج‪.2‬‬

‫‪ -‬عبد العزيز بن علي احلريب‪ ،‬شرح امليسر على ألفية ابن مالك يف النحو و الصرف‪ ،‬دار ابن‬
‫حزم‪ ،‬ط‪ ،1‬الرياض‪.2003 ،‬‬

‫‪ -‬عبد القاهر اجلرجاين‪ ،‬العوامل املائة يف اصول علم العربية‪ ،‬شرح‪ :‬خالد األزهري اجلرجاوي‪،‬‬
‫حتقيق‪ :‬البدراوي زهران‪ ،‬دار املعارف‪ ،‬ط‪ ،2‬كويت‪.‬‬

‫‪ -‬عبد اهلادي الفضلى‪ ،‬خمتصر الصرف‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬

‫‪ -‬عبده الراجحي‪ ،‬التطبيق النحوي‪ ،‬دار املعرفة اجلامعية‪ ،‬ط‪ ،2‬األزاريطة‪ ،‬مصر‪.2000،‬‬

‫‪ -‬علي ابو املكارم‪:‬‬

‫‪ -‬اجلملة اإلمسية‪ ،‬مؤسسة املختار‪ ،‬ط‪ ،1‬القاهرة‪ ،‬مصر‪.2006 ،‬‬

‫‪ -‬اجلملة الفعلية‪،‬مؤسسة املختار‪ ،‬ط‪ ،1‬القاهرة‪ ،‬مصر‪.2007 ،‬‬

‫‪ -‬احلذف و التقدير يف النحو العريب‪ ،‬دار الغريب‪ ،‬ط‪ ،1‬القاهرة‪ ،‬مصر‪.2007 ،‬‬

‫‪ -‬أصول التفكري النحوي‪ ،‬دار الغريب‪ ،‬ط‪ ،1‬القاهرة‪ ،‬مصر‪.2006 ،‬‬

‫‪ -‬فاضل السامرائي‪:‬‬

‫‪62‬‬
‫مكتبة البحث‬

‫‪ -‬التعبري القرآين دراسات بيانية يف األسلوب القرآين‪ ،‬دار عمار‪ ،‬ط‪ ،4‬عمان‪ ،‬األردن‪.2006 ،‬‬

‫‪ -‬اجلملة العربية تأليفها و أقسامها‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬ط‪ ،2‬عمان األردن‪.2007 ،‬‬

‫‪ -‬فخر الدين قباوة‪ ،‬اعراب اجلمل و اشباه اجلمل‪ ،‬دار الفكر العريب‪ ،‬ط‪ ،5‬حلب‪ ،‬سوريا‪،‬‬
‫‪.1989‬‬

‫‪ -‬حممد خان‪ ،‬أصول النحو العريب‪ ،‬مطبعة جامعة حممد خيضر‪ ،‬ط‪ ،1‬بسكرة‪ ،‬اجلزائر‪،‬‬
‫‪.2012‬‬

‫‪ -‬حممد عبد العزيز العمرييين‪ ،‬اإلستقراء الناقص و أثره يف النحو العريب‪ ،‬دار املعرفة اجلامعة‪،‬‬
‫األزاريطة‪ ،‬مصر‪.‬‬

‫‪ -‬حممد عبد اللطيف محاسة‪:‬‬

‫‪ -‬التوابع يف النحو العريب‪ ،‬مكتبة الزهراء‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪.1991 ،‬‬

‫‪ -‬لغة الشعر دراسة يف الضرورة الشعرية‪ ،‬دار الغريب‪ ،‬ط‪ ،1‬القاهرة‪ ،‬مصر‪.2007 ،‬‬

‫‪ -‬حممد طه درة‪ ،‬تفسري القرآن الكرمي و إعرابه وبيانه‪ ،‬دار ابن كثري‪ ،‬ط‪ ،1‬بريوت‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫‪ ،2009‬ج‪.6‬‬

‫‪ -‬حمي الدين درويش‪ ،‬إعراب القرآن و بيانه‪ ،‬دار اليمامة‪ ،‬و دار ابن كثري‪ ،‬ط‪ ،7‬بريوت‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫‪ ،1990‬ج‪.18‬‬

‫‪ -‬مصطفى شاهر حلوف‪ ،‬أسلوب احلذف يف القرآن الكرمي و أثره يف املعاين و اإلعجاز‪ ،‬دار‬
‫الفكر‪ ،‬ط‪ ،1‬عمان‪ ،‬األردن‪.2009 ،‬‬

‫‪ -‬حممود حسن مغلسة‪ ،‬النحو الشايف‪ ،‬دار مؤسسة الرسالة‪ ،‬ط‪ ،3‬بريوت‪ ،‬لبنان‪.1997 ،‬‬

‫‪ -‬حممود سليمان ياقوت‪ ،‬إعراب القرآن الكرمي‪ ،‬دار املعرفة اجلامعية‪ ،‬ج‪.7‬‬

‫‪63‬‬
‫مكتبة البحث‬

‫‪ -‬حممود صايف‪ ،‬اجلدول يف إعراب القرآن و إعرابه و صرفه و بيانه‪ ،‬دار راشد‪ ،‬ط‪ ،3‬بريوت‪،‬‬

‫لبنان‪ ،1990 ،‬جملد‪ ،5‬ج‪.18‬‬

‫اجملالت‪:‬‬

‫صالح الدين مالوي‪ ،‬تقدير احلذف و اإلضمار يف ضوء نظرية العامل النحوي‪ ،‬جملة املخرب‪،‬‬
‫أحباث يف اللغة و األدب اجلزائري‪ ،‬بسكرة‪ ،‬اجلزائر‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫الفهـ ـ ـ ـ ـ ــرس‬

‫الفـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهرس‪:‬‬

‫مقدمة‪...................................................................‬أ‪-‬ب‬

‫الفصل األول‪:‬‬

‫ظاهرة التقدير يف النحو العريب‪3-4.............................................‬‬

‫املبحث األول‪ :‬احل ذف تعريفه و أغراضه‪11-4 ..............................‬‬

‫أوال‪ :‬تعريف احلذف (لغة و اصطالحا)‪5-4 .....................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬شروط احلذف‪7-6 ......................................................‬‬

‫ثالثا‪ :‬أغراض احلذف‪10-9 .....................................................‬‬

‫اخلالصة‪11 ................................................................‬‬

‫املبحث الثاين‪:‬التقدير تعريفه و شروطه‪25-12 ...................................‬‬

‫أوال‪ :‬تعريف التقدير (لغة و اصطالحا)‪12 ....................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬شروط التقدير و حاالته‪20-13 .............................................‬‬

‫ثالثا‪ :‬أراء النحاة احملدثني يف ظاهرة التقدير‪24-21 ..................................‬‬

‫اخلالصة‪25 ................................................................‬‬

‫املبحث الثلث‪ :‬دور املعىن و الصناعة اللفظية يف تقدير احملذوف‪30-26 ..............‬‬

‫أوال‪ :‬العامل‪27-26 ............................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬دور املعىن يف تقدير احملذوف‪28 ........................................‬‬

‫ثالثا‪ :‬دور الصناعة اللفظية يف تقدير احملذوف‪29-28 ...............................‬‬

‫اخلالصة‪30 ................................................................‬‬

‫‪65‬‬
‫الفهـ ـ ـ ـ ـ ــرس‬

‫الفصل االثاين‪:‬‬

‫ضوابط التقدير يف سورة النور‪55-32.....................................................‬‬

‫املبحث األول‪ :‬تقدير املبتدأ‪40-32 .....................................................‬‬

‫املبحث الثاين‪ :‬تقدير اخلرب‪46-41......................................................‬‬

‫املبحث الثالث‪ :‬تقدير املفعول به‪55-47 ................................................‬‬

‫اخلامتة‪56 .........................................................................‬‬

‫مكتبة البحث‪60-57 ...............................................................‬‬

‫الفهرس‪62-61.......................................................................‬‬

‫‪66‬‬
: ‫ملخص‬

‫ إذ اهتم به النحاة القدامى و احملدثون و عدوه جوهر‬،‫تناول هذا البحث فكرة التقدير يف النحو العريب‬
‫ و الباحث على‬،‫ و ذلك ألمهيته يف الدراسة النحوية وعليه فالتقدير هو احلذف مع نية اإلبقاء‬،‫الدرس النحوي‬
‫ و التقدير حتكمه ضوابط و شروط‬،‫التقدير عليه مراعاة املعىن أو الصناعة اللفظية و هذه األخرية خيتص هبا النحاة‬
‫ و يف األخري اختذ البحث خمتارات من سورة النور فضاءً تطبيقيًا من خالل‬،‫يستوجب على دارس اللغة اإللتزام هبا‬
.‫حتديد ضوابط التقدير يف السورة املدروسة‬

Cette recherche portait sur l'idée d'appréciation en grammaire arabe


Comme vous vous souciez les grammairiens anciens et modernes et son
ennemi, l'essence de la leçon de grammaire, Parce qu'il est important dans
l'étude de la grammaire et de l'appréciation est la suppression de l'intention
de conserver ,Et chercheur sur l'appréciation en tenant compte de la
signification ou de fabrication verbale et celle-ci est uni, Et l'appréciation
régie par les lignes directrices et les conditions sur les écoles de langue doit
respecterque aux grammairiens Dans les dernières recherches a pris une
sélection de l'espace Sourate Al-Nur appliqué en identifiant certains des
contrôles Altkadir vi Sura étudiés.

You might also like