You are on page 1of 151

‫المسؤولية الجنائية لناقل العدوى‬

‫بفيروس كورونا‬

‫أعدت من قبل‬
‫سماهر محمود محمد خليل‬

‫أشرف عليها‬
‫الدكتور "محمد براء" باسل أبو عنزه‬

‫قدمت هذه الرسالة إلى كلية الحقوق كجزء من متطلبات الحصول‬


‫درجة الماجستير في القانون‬

‫كانون ثاني ‪2021‬‬


‫‌‪-‬ب‪-‬‬
‫‌‪-‬ج‪-‬‬
‫اإلهـــــــــداء‬
‫إلى الينبوع الذي ال يمل العطاء‪ ،‬إلى من صنعت سعادتي بخيوط منسوجة من‬
‫قلبها‪ ،‬إلى التي أصرت إلى إيصالي ألعلى درجات العلم والتعلم‪ ،‬لمن لم تكتب‬
‫بقلمها كلمة واحدة لكنها كتبت ما علمتنا بقلبها وحنانها‬
‫أمي الحبيبة‬
‫***‬
‫إلى من لم يأ ُل جهدا ً في أن يبقى واقفا ً خلفي ألكون دائما في المقدمة‬
‫أبي الغالي رحمه هللا‬
‫***‬
‫وإلى من جرى حبهم في عروقي‬
‫أخواني وأخواتي‬
‫***‬
‫لهم جميعا ً أهدي هذا الجهد عرفانا ً بجميلكم الذي سيبقى منبعا ً ال ينضب لإللهام‬
‫واألدب وحسن الخلق‬

‫‌‪-‬د‪-‬‬
‫شكر وتقدير‬

‫وفي نهاية هذه الدراسة ال يسعني إال أن أقدم كلمة شكر لكل من وقف إلى جانبي في‬
‫إعداد وإتمام هذه الدراسة‪ ،‬حيث يسعدني أن أتوجه بجزيل الشكر والعرفان لمشرفي‬
‫الفاضل أستاذي الدكتور "محمد براء" باسل أبو عنزه لما قدمه من جهد وافر وخيّر أعانني على‬
‫إنجاز هذا العمل‪ .‬كما أتقدم بالشكر لألساتذة الكرام أعضاء لجنة المناقشة؛ لما لهم من فضل في‬
‫إثرائها بمالحظاتهم وإرشاداتهم‪ ،‬التي من شأنها االرتقاء بجودة هذا العمل وإخراجه بالشكل‬
‫المطلوب‪ ،‬وكما أتقدم بعظيم االمتنان والشكر إلى أساتذتي في جامعة اإلسراء الذي بفضلهم‬
‫وصلت لهذه المرحلة‪.‬‬
‫كما أتقدم بالشكر واالمتنان إلى كل من قدم لي يد العون والمساعدة بتزويدي بكافة‬
‫المعلومات واألوراق التي كانت ذات أهمية في إعداد هذه الدراسة وخروجها بالشكل المطلوب‪.‬‬
‫والشكر الوفير إلى كل من قدم لي يد المساعدة طوال فترة دراستي إلى هذه اللحظة‪.‬‬

‫‌‪-‬ه‪-‬‬
‫فهرس المحتويات‬
‫الصفحة‬ ‫المحتــــــــــــــــــــــــــــــــوى‬
‫ب‬ ‫قرار لجنة المناقشة‬
‫ج‬ ‫التفويض‬
‫د‬ ‫اإلهداء‬
‫هـ‬ ‫شكر وتقدير‬
‫و‬ ‫فهرس المحتويات‬
‫ي‬ ‫الملخص باللغة العربية‬
‫‪1‬‬ ‫المقدمة‬
‫‪2‬‬ ‫مشكلة الدراسة‬
‫‪3‬‬ ‫منهجية الدراسة‬
‫‪3‬‬ ‫أسئلة الدراسة‬
‫‪3‬‬ ‫أهداف الدراسة‬
‫‪4‬‬ ‫الدراسات واألبحاث السابقة‬
‫‪5‬‬ ‫ما يميز هذه الدراسة عما سبقها من أبحاث ودراسات‬
‫‪7‬‬ ‫الفصل التمهيدي‪ :‬المسؤولية الجزائية‬
‫‪10‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬مفهوم المسؤولية الجزائية وشروطها‬
‫‪10‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬مفهوم المسؤولية الجزائية‬
‫‪11‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬تعريف المسؤولية لغ ًة واصطالحاً‬
‫‪13‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬تعريف الجناية لغ ًة واصطالحاً‬
‫‪16‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬شروط المسؤولية الجزائية‬
‫‪16‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬شرط الوعي واإلدراك‬
‫‪21‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬شرط االختيار‬
‫‪25‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬أركان المسؤولية الجزائية‬
‫‪25‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬مفهوم الركن في اللغة واالصطالح‬
‫‪25‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬تعريف اُلركن لغ ًة‬
‫‪25‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬تعريف الركن في االصطالح والفقه القانوني‬
‫‪26‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬أركان المسؤولية الجزائية‬
‫‪26‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬الركن المادي للمسؤولية الجزائية‬
‫‪31‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬الركن المعنوي للمسؤولية الجزائية‬

‫‌‪-‬و‪-‬‬
‫الصفحة‬ ‫المحتــــــــــــــــــــــــــــــــوى‬
‫الفصل األول‬
‫‪35‬‬ ‫جريمة نقل عدوى فيروس كورونا المستجد (‪)COVID-19‬‬
‫بصورة قصدية‬
‫‪39‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬جريمة نقل العدوى بقصد القتل‬
‫‪39‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬مفهوم جريمة القتل باستخدام األمراض المعدية‬
‫‪39‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬تعريف القتل‬
‫‪40‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬وسائل القتل‬
‫‪42‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬أركان جريمة نقل العدوى بوصفها قتل مقصود‬
‫‪42‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬الركن المادي لجريمة القتل القصد عن طريق‬
‫نقل عدوى فيروس كورونا المستجد (‪)COVID-19‬‬
‫‪53‬‬ ‫الفـــــــــرع الثـــــــــاني‪ :‬ال ر ر ر ررركن المعن ر ر ر رروي ف ر ر ر رري جريم ر ر ر ررة القت ر ر ر ررل العم ر ر ر ررد ع ر ر ر ررن‬
‫طريق نقل فيروس (‪)COVID-19‬‬
‫‪58‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬جريمة نقل العدوى بوصفها جريمة إجهاض‬
‫‪58‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬أركان جريمة اإلجهاض‬
‫‪59‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬الركن المفترض (وجود الحمل)‬
‫‪59‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬الركن المادي (حصول اإلجهاض)‬
‫‪63‬‬ ‫الفرع الثالث‪ :‬الركن المعنوي (القصد الجنائي)‬
‫‪64‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬صور جريمة اإلجهاض‬
‫‪64‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬اإلجهاض الرضائي واإلجهاض غير الرضائي‬
‫‪65‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬اإلجهاض التلقائي واإلجهاض االضطراري‬
‫‪67‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬جريمة نقل العدوى بقصد اإليذاء‬
‫‪67‬‬ ‫المطلـــــــــــب األول‪ :‬جريمر ر ر ر ر ررة نقر ر ر ر ر ررل العر ر ر ر ر رردوى بواسر ر ر ر ر ررطة فير ر ر ر ر ررروس (‪)COVID-19‬‬
‫بوصفها جريمة إيذاء مفضي إلى الموت‬
‫‪69‬‬ ‫الفـــــــــرع األول‪ :‬ال ر ر ر ررركن الم ر ر ر ررادي ف ر ر ر رري جريم ر ر ر ررة اإلي ر ر ر ررذاء المفض ر ر ر رري إل ر ر ر ررى‬
‫الموت عن طريق نقل فيروس )‪(COVID-19‬‬

‫‪72‬‬ ‫الفـــــــرع الثـــــــاني‪ :‬ال ر ر ررركن المعنر ر ر رروي ف ر ر رري جريم ر ر ررة القص ر ر ررد المتع ر ر رردي عر ر ر ررن‬
‫طريق نقل عدوى فيروس (‪ )COVID-19‬والنتيجة الحاصلة‬
‫‪74‬‬ ‫المطلـــــــــب الثـــــــــاني‪ :‬جريم ر ر ر ررة نق ر ر ر ررل الع ر ر ر رردوى بواس ر ر ر ررطة في ر ر ر ررروس (‪)COVID-19‬‬
‫بوصفها جريمة إيذاء بسيط‬

‫‌‪-‬ز‪-‬‬
‫الصفحة‬ ‫المحتــــــــــــــــــــــــــــــــوى‬
‫‪76‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬الركن المادي في جرائم اإليذاء المقصود‬
‫‪83‬‬ ‫الفـــــــــرع الثـــــــــاني‪ :‬الر ر ر ر ررركن المعنر ر ر ر رروي يالقصر ر ر ر ررد الجرمر ر ر ر رريي فر ر ر ر رري جريمر ر ر ر ررة‬
‫اإليذاء المقصود بعنصريه العام والخاص‬

‫‪88‬‬ ‫الفصل الثاني‬


‫جريمة نقل العدوى بفيروس كورونا المستجد ‪COVID-19‬‬
‫عن غير قصد وموقف المشرع األردني منه‬
‫‪90‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬جريمة نقل العدوى عن طريق الخطأ‬
‫‪90‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬تعريف الخطأ وعناصره‬
‫‪90‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬تعريف الخطأ في الفقه القانوني‬
‫‪91‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬عناصر الخطأ‬
‫‪94‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬أركان جريمة القتل الخطأ‬
‫‪94‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬الركن المادي في جريمة القتل بغير قصد (الخطأ)‬
‫‪98‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬الركن المعنوي في جريمة القتل بغير قصد (الخطأ)‬
‫‪98‬‬ ‫الفـــــــرع الثالـــــــث‪ :‬أرك ر ر رران جريم ر ر ررة القت ر ر ررل غي ر ر ررر المقص ر ر ررود (الخط ر ر ررأ) م ر ر ررن‬
‫خالل نقل عدوى فيروس كورونا المستجد (‪)COVID-19‬‬
‫‪100‬‬ ‫المطلـــــــب الثالـــــــث‪ :‬جريمر ر ر ررة نقر ر ر ررل عر ر ر رردوى فير ر ر ررروس (‪ )COVID-19‬مر ر ر ررن خر ر ر ررالل‬
‫اإلهمال وقلة االحتراز‬
‫‪100‬‬ ‫الفـــــرع األول‪ :‬جريمر ر ررة نقر ر ررل عر ر رردوى فير ر ررروس (‪ )COVID-19‬مر ر ررن خر ر ررالل‬
‫اإلهمال‬
‫‪101‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬جريمة نقل عدوى فيروس (‪ )COVID-19‬من خالل‬
‫قلة االحتراز‬
‫‪102‬‬ ‫المطلـــــــب الرابـــــ ـ ‪ :‬جريم ر ر ررة نق ر ر ررل ع ر ر رردوى في ر ر ررروس (‪ )COVID-19‬بع ر ر رردم م ارع ر ر ررا‬
‫القوانين واألنظمة‬
‫‪108‬‬ ‫المطلــــــب الخــــــام ‪ :‬جريمر ر ررة اإلير ر ررذاء غير ر ررر المقصر ر ررود (الخطر ر ررأ) مر ر ررن خر ر ررالل نقر ر ررل‬
‫عدوى فيروس (‪)COVID-19‬‬
‫‪115‬‬ ‫المبحــــــث الثــــــاني‪ :‬موق ر ر ررع المد ر ر ررري األردن ر ر رري م ر ر ررن جريم ر ر ررة نق ر ر ررل ع ر ر رردوى في ر ر ررروس كورون ر ر ررا‬
‫المستجد (‪)COVID-19‬‬
‫‪117‬‬ ‫المطلـــــــــب األول‪ :‬عقوبر ر ر ر ررة جريمر ر ر ر ررة القتر ر ر ر ررل واإلير ر ر ر ررذاء النر ر ر ر رراجم عر ر ر ر ررن نقر ر ر ر ررل عر ر ر ر رردوى‬
‫فيروس كورونا المستجد (‪)COVID-19‬‬

‫‌‪-‬ح‪-‬‬
‫الصفحة‬ ‫المحتــــــــــــــــــــــــــــــــوى‬
‫‪120‬‬ ‫المطلــــــــــب الثــــــــــاني‪ :‬عقوب ر ر ر ر ررة الجريم ر ر ر ر ررة القص ر ر ر ر رردية م ر ر ر ر ررن خ ر ر ر ر ررالل نق ر ر ر ر ررل ع ر ر ر ر رردوى‬
‫فيروس كورونا المستجد ‪COVID-19‬‬
‫‪127‬‬ ‫المطلــب الثالــث‪ :‬عقوبررة جريمررة القتررل واإليررذاء عررن غيررر قصررد مررن خررالل نقررل عرردوى‬
‫فيروس كورونا المستجد (‪)COVID-19‬‬
‫‪130‬‬ ‫الخاتمـــــة والتوصيات‬
‫‪130‬‬ ‫النتائج‬
‫‪131‬‬ ‫التوصيات‬
‫‪133‬‬ ‫المصادر والمراج‬
‫‪141‬‬ ‫الملخص باللغة اإلنجليزية‬

‫‌‪-‬ط‪-‬‬
‫الملخص‬
‫المسؤولية الجنائية لناقل العدوى بفيروس كورونا‬
‫أعدت من قبل‬
‫سماهر محمود محمد خليل‬
‫أشرف عليها‬
‫الدكتور‪" :‬محمد براء" باسل أبو عنزه‬

‫تناولت هذذه الدراسذة موضذوعا ً هامذا ً وهذو المسذوولية الجزائيذة لناقذل العذدوى بفيذرو‬
‫كورونا؛ إذ هدفت هذه الدراسة إلى تحديد طبيعة جرائم نقل العدوى كونها من الجرائم الخفيذة وقذد‬
‫تكمن الصعوبة فذي الوصذول إلذى وصذف جرمذي لهذذا السذلوي‪ ،‬وتنبيذه أجهذزة العدالذة الجزائيذة‬
‫أو‬ ‫لخطورة هذا النوع من الجذرائم ومذدى إمكانيذة تصذدي القذانون للشذخص الذذي ينشذر فيذرو‬
‫مرض معدي في المجتمع بعقوبة صريحة دون االكتفاء بالرجوع إلى القواعذد العامذة فذي القذانون‬
‫الجنائي مكتفيا ً بما تقرره‪ ،‬وعليه تكمن مشكلة الدراسة في كيفيذة إضذفاء التكييذف القذانوني السذليم‬
‫كورونا‪ ،‬وكذذلي طذرق إثبذات القصذد الجرمذي للفاعذل فذي حذال‬ ‫على واقعة نقل العدوى بفيرو‬
‫وقوع الجرم‪ ،‬والمواجهة التشريعية في تجريم وعقاب هكذا نوع من الجرائم باعتبارها من الجرائم‬
‫الخفية‪.‬‬
‫وقد أشارت نتائج الدراسذة إلذى إمكانيذة تطبيذق القواعذد العامذة فذي القذانون الجنذائي علذى‬
‫كورونا المستجد في الوقذت الذراهن‪ ،‬فقذد عذالج المشذرع األردنذي فذي‬ ‫جريمة نقل عدوى فيرو‬
‫قانون العقوبات بعض الممارسات التي من الممكن أن تحذدث نتيجذة نقذل العذدوى ضذمن القواعذد‬
‫العامة الواردة فيه إال أن هذه النصوص غير كافية لتجذريم بعذض الممارسذات الالأخالقيذة لذبعض‬
‫األفراد على اعتبار أن لهذه الممارسات دور فاعل في نقذل العذدوى وانتشذار الوبذاء‪ ،‬وأن العقوبذة‬
‫الواردة ضمن نصوص قانون الصحة رقم (‪ )47‬لسنة ‪ 2008‬ليسذت كافيذة وال رادعذة ذلذي أنهذا‬
‫نصوص عقابية مختصة في جرائم نقل العدوى‪ ،‬فكان على المشرع إعادة النظر في مقدار العقوبة‬
‫الواردة فيها‪ ،‬وإلى وجود نقص في التشريعات الجزائية العالمية والمعاهدات الدولية لمحاربذة هذذا‬
‫النوع من الجرائم‪.‬‬

‫‌‪-‬ي‪-‬‬
‫المقدمة‪:‬‬
‫ال يمكن التهاون أو التفريط فيه‪،‬‬ ‫مما ال شي فيه أن حياة اإلنسان وسالمة جسده حق مقد‬
‫وحق اإلنسان في سالمة جسده يتمثل باحتفاظه بمستواه من الصحة والتكامل‪ ،‬وأي فعل ينتقص من‬
‫ذلي يعتبر اعتدا ًء عليه‪ ،‬وهذا ما جاءت به جميع األديان السماوية‪ ،‬وما عملت على سنّه التشريعات‬
‫والقوانين الوضعية وأكدت عليه‪ ،‬ولما كان االعتداء على الحياة الجريمة األولى التي ظهرت علذى‬
‫وجه األرض نتيجة جريمة القتل‪ ،‬فقد رصد المشرع لها أقصذى العقوبذات علذى اإلطذالق؛ فعاقذب‬
‫عليها باإلعدام أو بالعقوبة السالبة للحرية‪.‬‬
‫وبما أن الجريمة تتمثل عمومذا ً فذي سذلوي إرادي يجرمذه القذانون ويقذرر لفاعلذه العقوبذة‬
‫والجزاء المستحق‪ ،‬وبالتالي قيام المسوولية الجزائية‪ ،‬وموداها تحمل النتائج القانونية المترتبة على‬
‫قيامها توافر الركن المعنوي لدى الجاني بمعنى توافر اإلدراي‬ ‫توافر أركان الجريمة‪ ،‬إال أن أسا‬
‫جرم من إنسان يُسأل تقوم المسوولية الجزائية‪.‬‬
‫واإلرادة لديه‪ ،‬فإذا صدر الفعل ال ُم ّ‬
‫إن القانون الجنائي وكقاعدة عامة ال يعتد بالبواعث‪ ،‬سواء أكانت شريفة أم دنيئة‪ ،‬وال يعتد‬
‫كذلي بوسيلة ارتكاب الجريمة‪ ،‬فكل الوسذائل بنظذره ت ُعذد وسذيلة اعتذداء إذا مذا ّ‬
‫تمكذن الفاعذل مذن‬
‫تحقيق هدفه اإلجرامي‪ ،‬ومتى تحققت مسذووليته الجزائيذة وقذع تحذت طائلذة الجذزاء‪ ،‬وقذد يتبعهذا‬
‫بالتشديد وفق نوع الوسيلة المستخدمة في ارتكاب الجريمة‪ ،‬وعليه فإن أي وسذيلة مسذتخدمة لغايذة‬
‫اإلجرام‪ ،‬بصرف النظر عن طبيعتها‪ ،‬تقع تحت هذا الوصف‪.‬‬
‫يتضح مما سبق أنه في حال قيام المسوولية الجزائية فإن ال مشكلة تثور إذا كانت الوسائل‬
‫المتبعة في إتمام الجريمذة واضذحة ومعروفذة‪ ،‬إال أن اإلشذكالية تثذور عنذد اسذتخدام وسذائل غيذر‬
‫البشرية مثل الفيروسات والميكروبات التذي‬ ‫تقليدية‪ ،‬وقد تكون غير مرئية في االعتداء على النف‬
‫تعتبر سهلة االنتشار ومن غير الممكن رصدها فذي بعذض األحيذان‪ ،‬وقذد تصذل إلذى حذد الكارثذة‬
‫والوباء العالمي الذي يهدد حياة البشر ويروع أمن واستقرار المجتمعات‪ ،‬وقد يصل إلى هدم الكيان‬
‫كورونا المسذتجد (‪ )COVID-19‬فذي نهايذة عذام‬ ‫االقتصادي للدول‪ ،‬وهو ما حدث بانتشار فيرو‬
‫‪ ،2019‬واستمر لعام ‪ 2020‬والمسمى بذ (جائحة كورونا)‪.‬‬
‫كورونا المستجد (‪ )COVID-19‬عبارة عذن مجموعذة مذن الفيروسذات تهذاجم‬ ‫إن فيرو‬
‫الجهاز التنفسي وتقلل من مناعته‪ُ ،‬ويعد من األمراض المعدية سريعة االنتشار‪ ،‬ويصيب الحيوانات‬
‫والبشر على حد سواء‪ ،‬وقد يودي إلى الوفاة خاصة لألشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة أو‬
‫تكون مناعتهم ضعيفة‪ ،‬وذلي نتيجة تغلغله بالرئتين بصورة سريعة غير ملحوظذة ممذا يذودي إلذى‬
‫الوفاة أو اعتالل الجسذد‪ ،‬وخاصذةً أن طريقذة انتشذاره تكذون بالمالمسذة لألشذخاص المصذابين أو‬
‫مالمسة األسطح الموبوءة‪ ،‬األمر الذي أدى إلى إعالن حالة الدفاع والظروف االستثنائية في جميع‬
‫‪-1-‬‬
‫أنحاء العالم‪ ،‬وفرض العمل بقذوانين تختلذف عذن القذوانين المعمذول بهذا فذي الظذروف واألحذوال‬
‫العادية مثل الحجر الصحي‪ ،‬ومنذع االخذتالط واسذتخدام وسذائل الوقايذة المخصصذة لذذلي؛ نظذرا ً‬
‫الوزراء أمر بتعطيذل العمذل بذالفقرة‬ ‫لخطورة الوباء‪ ،‬وقد تبلور هذا األمر باألردن بإصدار رئي‬
‫(ب) من المادة (‪ )22‬والبند (‪ )3‬من المذادة (‪ )62‬والمذادة (‪ )66‬مذن قذانون الصذحة العامذة رقذم‬
‫(‪ )47‬لسنة ‪ ،2008‬وإصدار أمر الدفاع رقم (‪ )8‬لسنة ‪ 2020‬من قانون الدفاع رقذم (‪ )13‬لسذنة‬
‫‪ 1992‬للعمل على مواجهذة خطذر نقذل العذدوى والحذد مذن انتشذاره وذلذي بتغلذيظ العقوبذة علذى‬
‫المستهترين سواء أكان عن قصد أم قلة احتراز‪ ،‬نظذرا ً لطبيعذة العذدوى الفيروسذية التذي ال يمكذن‬
‫عالجها أو السيطرة عليها بالمضادات الحيوية الشائعة‪ ،‬اال ان هناي حاليا عدة لقاحات لكوفيذد ‪19‬‬
‫بعضها خاضعة للتجارب السريرية وأخرى قد تم ترخيصها ‪ ،‬االمر الذي يجعل من السيطرة عليه‬
‫مستحيال‪.‬‬ ‫امرا لي‬
‫تسعى الباحثة من خالل هذه الدراسة للبحث في موضذوع االلتذزام القذانوني ‪ -‬إلذى جانذب‬
‫االلتزام الديني واألخالقي ‪ -‬الذي يقع على عاتق المريض بعدم نقل عدوى مرضه إلذى غيذره مذن‬
‫األصحاء ومدى إمكانية استخدام القاتل الصذامت (‪ )COVID-19‬كوسيلة لالعتداء على األشخاص‬
‫وتعريض حياتهم للخطر أو إمكانية استخدامه كوسيلة لالنتقذام‪ ،‬والبحذث فذي الحذاالت التذي يمكذن‬
‫وسيلة ُمجرمة والخطورة الكامنة باستخدامها‪.‬‬ ‫اعتبار نقل الفيرو‬
‫ويطمح الباحث من خالل هذه الدراسذة الوصذول إلذى فكذرة واضذحة عذن إمكانيذة إثبذات‬
‫باعتباره عمل مجرم وتحديد المسوولية الجزائية لمرتكبها في ضوء ذلي سواء‬ ‫عملية نقل الفيرو‬
‫أكان استخدامها عن قصد وبشكل عمدي‪ ،‬أم كان عن غير علم وقصد أم بنا ًء علذى جهذل مرتكبهذا‬
‫بالقوانين واألنظمة المفروضة في ظل الظروف االستثنائية الناتجة عن انتشار الوباء‪.‬‬
‫وعليذذه‪ ،‬سذذتكون الدراسذذة ُمقسذذمةً إلذذى ثالث ذة فصذذول‪ :‬يتنذذاول الفصذذل التمهيذذدي مفهذذوم‬
‫المسوولية الجزائية من حيث تعريفها‪ ،‬شروطها وأركانها‪ ،‬أما الفصل األول فسيتناول الباحذث فيذه‬
‫كورونا‪ ،‬وفي الفصل الثذاني سذيتطرق الباحذث إلذى‬ ‫القتل واإليذاء العمدي عن طريق نقل فيرو‬
‫كورونا وموقف المشرع منه‪ ،‬وحيذث إن مذدار بحثنذا‬ ‫القتل واإليذاء الخطأ عن طريق نقل فيرو‬
‫كورونا ارتأينذا أن تكذون دراسذتنا‬ ‫ودراستنا يدور حول المسوولية الجزائية لناقل العدوى بفيرو‬
‫وفق التصور التالي‪:‬‬
‫أولا ‪-‬مشكلة الدراسة‪:‬‬
‫تتمثل مشكلة هذه الدراسة في كيفية إضفاء التكييف القانوني السليم على واقعة نقل العدوى‬
‫كورونا‪ ،‬والمواجهة التشريعية في تجريم وعقاب هكذذا نذوع مذن الجذرائم باعتبارهذا مذن‬ ‫بفيرو‬

‫‪-2-‬‬
‫الجرائم الخفية في ضوء تنازع القوانين فيما بين قانون العقوبات وقانون الصذحة واوامذر الذدفاع‪.‬‬
‫ثانيا ً ‪-‬منهجية الدراسة‪:‬‬
‫فقد عمد الباحث إلى اعتماد المنهج الوصفي والتحليلي على ظاهرة الدراسة ووضذعها فذي‬
‫إطارها الصحيح‪ ،‬وتفسير جميع الظروف المحيطة بها أو العوامل التذي سذاهمت فذي حذدوثها مذن‬
‫أجل الوصول إلى نتائج دراسية تتعلق بالبحث والوصول إلى تفسيرات منطقية‪ ،‬وبلورة الحلول في‬
‫التوصيات إلنهاء جدل أُثير في متن البحث أو محاولة التوصل لنتائج تساهم في حل المشكلة‪.‬‬
‫ثالثا ا‪ :‬أسئلة الدراسة‪:‬‬
‫لآلخرين ُجرم يعاقب عليه القانون؟ وما هو الوصف الجرمي الذي‬ ‫‪ -1‬هل يعتبر نقل الفيرو‬
‫يُمكن إسباغه عليه؟‬
‫سواء ترتبت هذذه المسذوولية عذن فعذل‬ ‫‪ -2‬كيف يتم تحديد المسوولية الجزائية لناقل الفيرو‬
‫قصدي أم عن إهمال وعدم مراعاة للقوانين الشارعة في حالة انتشار المرض؟‬
‫‪ -3‬كيف يتم إثبات القصد الجرمي لناقل العدوى؟‬
‫فذي حذال‬ ‫‪ -4‬هل اتبع المشرع األردني موقفا ً واضحا ً لمواجهذة فعذل نقذل العذدوى بذالفيرو‬
‫اعتباره جريمة؟‬
‫رابعا ا‪ :‬أهداف الدراسة‪:‬‬
‫ال شي أن العالم يمر بأزمذة صذحية متمثلذة بانتشذذار مذرض ناقذل ومميذت وهذو فيذرو‬
‫)‪ )COVID-19‬والذي أودى بحياة اآلالف من البشر وانتشاره بسذرعة تفذوق اإلمكانيذات الصذحية‬
‫والعلمية للدول‪ ،‬وبما أن الدول يقع على عاتقها التزام قانوني اتجاه شعوبها وأفرادها بضمان توفير‬
‫الحماية لهم بمواجهة األوبئة الناقلة والخطرة‪ ،‬ويتجلى هذا االلتزام بإيجاد مواجهة تشذريعية دوليذة‬
‫وداخلية للتصدي لنقل هذا المرض؛ وذلي من منظور حق األفراد بتوفير الحماية القانونية الالزمذة‬
‫والتصدي لمحاولة استخدام البعض نقل المرض كوسيلة يُهدد بها حياة اآلخرين وفذرض العقوبذات‬
‫إليذاء أو تهديد حياة األصذحاء مذنهم سذواء كذان‬ ‫الالزمة لكل من ت ُسول له نفسه استخدام الفيرو‬
‫ذلي بطريقة مباشرة أم غير مباشرة‪.‬‬
‫لذذذا فقذذد آثذذرت الباحثذة الكتابذذة فذذي هذذذا الموضذذوع نظذذرا ً ألهميتذذه وإللقذذاء الضذذوء علذذى‬
‫اإلجراءات التي اتخذتها التشريعات والقوانين لمواجهة نقل المرض ومعاقبة ناقله‪ ،‬على اعتبار أن‬
‫اإلخالل بهذه القوانين يضع األفراد تحت طائلذة المسذوولية الجزائيذة‪ ،‬وألن الحكمذة مذن التشذريع‬
‫الجنائي تكمن في حماية المجتمع ابتدا ًء وردع الجاني مآالً‪ ،‬إال أن تحديد المسذوولية الجزائيذة عذن‬
‫قد تكون غير واضحة للبعض‪.‬‬ ‫نقل هذا الفيرو‬

‫‪-3-‬‬
‫ويسعى الباحث من هذه الدراسة إلى تحديد طبيعة جرائم نقل العذدوى كونهذا مذن الجذرائم‬
‫الخفية وقد تكمن الصعوبة في الوصول إلذى وصذف جرمذي لهذذا السذلوي‪ ،‬وتنبيذه أجهذزة العدالذة‬
‫الجزائية لخطورة هذا النوع من الجرائم ومدى إمكانية تصدي القانون للشخص الذي ينشر فيرو‬
‫أو مرض معدي في المجتمع بعقوبة صريحة دون االكتفاء بالرجوع إلى القواعد العامة في القانون‬
‫الجنائي مكتفيا ً بما تقرره‪.‬‬
‫خامسا ا ‪-‬الدراسات واألبحاث السابقة‪:‬‬
‫بعد بذل الجهذد فذي البحذث عذن دراسذات فذي ذات الموضذوع توصذل الباحذث إلذى نذدرة‬
‫الدراسات الوافية حول هذا الموضوع نظرا ً لحداثتذه‪ ،‬إال أن هنذاي بعذض الدراسذات التذي تناولذت‬
‫مواضيع مشابهة له‪ ،‬ومن هذه الدراسات‪:‬‬
‫‪ -‬النظريـة العامـة للتجــريو الوقـائي‪ ،‬الــدكتور خالـد مجيــد عبـد الحميــد الجبـور ‪ ،‬المركــز‬
‫العربي للدراسات والبحوث العلمية‪.2018 ،‬‬
‫حيث تناول الباحث نوع من التجريم يسمى التجريم الوقائي يعالج فيه مشذكلة عذدم تجذريم‬
‫السلوكيات غير العمدية إال بعد تحقذق النتيجذة فيهذا‪ ،‬أي أن المشذرع يهذتم فذي تجذريم السذلوكيات‬
‫و العقاب عليها في حالة حدوث النتيجذة فقذط دون السذلوي فهذو ال يجذرم السذلوي الخطذر فذي كذل‬
‫الحاالت وال يعاقب مرتكبيها حتذى وإن تعرضذت حيذاة األفذراد للخطذر طالمذا لذم تتحقذق النتيجذة‬
‫الجرمية مما يعني تعريض المصلحة المحمية للخطر‪.‬‬
‫‪ -‬المسؤولية الجزائية والمدنيـة لمـريا اإليـدز عـن نقـل المـرا‪ ،‬الـدكتور صـالا احمـد‬
‫حجاز والدكتور يوسف احمد مفلا بحث منشور في مجلة البلقاء للبحوث والدراسـات‪،‬‬
‫جامعة عمان األهلية‪ ،‬المجلد (‪ )22‬العدد (‪ )2‬لسنة ‪.2019‬‬
‫وكان الهدف من هذه الدراسة بحث نقاط القوة والضعف فذي التشذريع األردنذي ومواجهذة‬
‫أوجه النقص التشريعي بما يحمي حياة األفراد من األمراض الفتاكة والمعدية؛ كون أن المشرع لم‬
‫يفرد لهذا النوع من الجرائم التي تعتبر من الجرائم الخطذرة وصذفا ً محذددا ً أو عقوبذة واضذحة‪ ،‬إذ‬
‫عالج المشرع هذا الموضوع بصورة عرضية‪ ،‬وتناول الباحث أيضذا ً المسذوولية المدنيذة لمذريض‬
‫اإليدز عن نقل العدوى‪.‬‬
‫‪ -‬المسؤولية الجزائية الناشئة عن نقل عدوى اإليدز‪ ،‬الدكتور عزت محمـد العمـر ‪ ،‬بحـث‬
‫منشور على مجلة المحامين العرب‪ ،‬العدد الخامس‪ ،‬بتاريخ ‪.2009/5/11‬‬
‫بهدف حمايذة‬ ‫تطرق الباحث في هذه الدراسة إلى ضرورة حماية واحتواء حامل الفيرو‬
‫المجتمع من خطر انتشار العدوى باعتبارها تذدابير وقائيذة‪ ،‬وأن قيذام المجتمذع بذاحتواء الشذخص‬

‫‪-4-‬‬
‫وتعزيز ثقته بنفسه مما يعزز روح المسوولية لديه‪ ،‬وبالتالي إمكانيذة الحذد مذن‬ ‫المصاب بالفيرو‬
‫نقل العدوى إلى الشخص السليم‪ ،‬وضرورة الذنص عليهذا كجريمذة خاصذة لخصوصذية المذرض‪،‬‬
‫وخاصة في ضوء صعوبة إقامة الدليل على الفاعل في حذال حذدوث الوفذاة بعذد وقذت طويذل مذن‬
‫اإلصابة‪.‬‬
‫‪ -‬المسؤولية الجزائية لنقل فبروس كورونا قصدا‪ ،‬الدكتور عمار الحنيفـات‪ ،‬مقـال منشـور‬
‫في جريدة الرا ‪ ،‬تاريخ النشر ‪.12.00 / 2020-4-6‬‬
‫تطرق الكاتب فيه الى موضوع مخالفة التعليمات في ظل انتشذار الوبذاء مذن وجهذة نظذر‬
‫بصذورة او بذأخرى االمذر الذذي‬ ‫الشريعة اإلسالمية فهذه السلوكيات التي تعمل على نقل الفيرو‬
‫يساعد على التسبب بقتل االخرين فهو في نظر العقيدة قاتل االمر الذي يتماشذى مذع وجهذة النظذر‬
‫القانونية‪.‬‬
‫‪ -‬المسؤولية الجنائية الناشئة عن العدوى بجائحة فيروس كورونا المستجد (‪COVID-‬‬

‫‪ )19‬دراسة فقهية‪ ،‬الدكتور حمود بن محسن الدعجاني‪ ،‬بحث منشور على مجلة‬
‫الجامعة اإلسالمية للعلوو الشرعية‪ ،‬العدد ‪ ،193‬الجزء األول‪ ،‬السنة ‪ ،53‬شوال‬
‫‪1441‬هـ‪.‬‬
‫جاءت الدراسة لبيان التكييف الفقهي للمسوولية الجنائية الناشئة عن العدوى بجائحة فيرو‬
‫كورونا المستجد واركانها وصورها وحكذم التسذبب بنقذل هذذا الوبذاء عمذدا او خطذأ وادلذة اثبذات‬
‫علذى‬ ‫موجباتها‪ ،‬حيث كان من اهم نتائجها ترتب المسوولية الجنائية على من تعمذد نقذل الفيذرو‬
‫وجه االفساد العام او الخاص‪.‬‬
‫‪ -‬المسؤولية الجنائية الناشئة عن نقل عدوى فيروس كورونـا المسـتجد‪ ،‬الـدكتور محمـود‬
‫عمــر محمــود‪ ،‬بحــث منشــور بتــاريخ ‪ 13‬يوليــو ‪ ،2020‬الســاعة ‪ 8.0‬مســاء‪ ،‬الــرابط‬
‫‪http://www.youtube>com/channel/UCNqR37ytz1lxkhn4SysiCYA‬‬
‫منشور بواسطة نقابة المحامين المصرية‪ ،‬المنصة القانونية‪.‬‬
‫الى وباء عذالمي وذلذي عذن طريذق نشذره بواسذطة‬ ‫تحدث الباحث فيه عن تحول الفيرو‬
‫عذن خطذورة‬ ‫وتوعيذة النذا‬ ‫العادات اليومية للبشر وتناول المسوولية الجنائية لناقل هذا الفيرو‬
‫هذه السلوكيات وكيفية الحد منها‪ ،‬والنتائج المترتبة عن هذه السلوكيات بوصفها جرائم امذا عمديذة‬
‫او جرائم خطأ‪.‬‬
‫سادسا ا‪ -‬ما يميز هذه الدراسة عما سبقها من أبحاث ودراسات‪:‬‬
‫إ ن الفرق بين هذه الدراسة وما سبقها من دراسات هو حداثة الموضوع مذن ناحيذة تحديذد‬
‫المستجد )‪ )COVID-19‬واسذتعماله كذأداة للجريمذة والنتذائج‬ ‫الطبيعة القانونية لواقعة نقل الفيرو‬
‫‪-5-‬‬
‫المترتبة على اإلصابة به وذلي في ضوء خلو قانون العقوبات األردني من نصوص خاصة لتجريم‬
‫هذذا النذذوع مذن األفعذذال‪ ،‬حيذث حاولذذت الدراسذذة تسذليط الضذذوء علذى زاويذذة مهمذة وهذذي تحديذذد‬
‫غير الملتزم بقواعد العزل والحجر الصحي مما يرتب على‬ ‫المسوولية الجزائية للمصاب بالفيرو‬
‫خطأه هذا موت شخص آخر‪ ،‬وإسباغ الوصف الجرمي المناسب في حالة اإلهمذال أو الهذرب مذن‬
‫الحجر أو تعمده نشره‪ ،‬وكذلي في حال امتناع حامل المرض عن العالج رغم علمه بالمرض‪.‬‬
‫وأن الهدف الرئيسي من هذه الدراسة التطرق لمسألة المواجهة التشريعية لهذذا النذوع مذن‬
‫النيذة الجرميذة لذدى‬
‫الجرائم من حيث الوصف الجرمي‪ ،‬وتحديد العقوبة مذن جهذة ومسذألة إثبذات ّ‬
‫الفاعل من جهة أخرى‪.‬‬

‫‪-6-‬‬
‫الفصل التمهيد‬
‫ماهية المسؤولية الجزائية‬
‫تمهــــــيد‪:‬‬
‫إن ما يترتب على قيام الجريمة بركنيها المادي والمعنوي هو تحمل الجاني للتبعة القانونية‬
‫الناشئة عن قيامها‪ ،‬ونعني بذلي قيام مسوولية الجاني عن فعلذه‪ ،‬فإمذا أن يكذون تحمذل هذذه التبعذة‬
‫على صورة عقوبة أو تذدبير احتذرازي‪ ،‬وحيذث إن المسذوولية الجزائيذة ليسذت ركنذا ً مذن أركذان‬
‫الجريمة ذلي أن وقوع الجريمة يسبق زمنيا ً المسوولية الجزائيذة‪ ،‬وبالتذالي يمكذن اعتبارهذا بمثابذة‬
‫اللوم االجتماعي لمسلي اتخذه الجاني غير آبه بالمجتمع ومصالحه ومخالفذا ً بذه النظذام العذام‪ ،‬ممذا‬
‫حدا بالمشرع إلعطاء هذا المسلي صورة حية تجسدت بشكل العقوبة أو التدبير االحترازي‪.‬‬
‫المسوولية الجزائية خالفا ً بين علماء القانون حيذث تمخذض عذن هذذا الخذالف‬ ‫أثار أسا‬
‫ثالثة مذاهب‪ :‬المذهب الوضعي ومذهب الدفاع االجتماعي والمذهب التقليدي‪ ،‬وفيمذا يلذي توضذيح‬
‫لهذه المذاهب‪:‬‬
‫‪ -‬المذهب الوضعي‪:‬‬
‫يتجه هذا المذهب إلى أن اإلنسان بطبيعته يخضع تماما ً لظروف الحياة وال مجال له لحرية‬
‫لقيذام مسذوولية الجذاني عذن‬ ‫االختيار على اعتبار أن المسوولية األدبية ال يمكذن أن تكذون أسذا‬
‫أفعاله اإلجرامية‪ ،‬ومذن أبذرز الشخصذيات التذي اعتمذدت هذذا المذذهب الطبيذب اإليطذالي سذيزار‬
‫لومبروزو‪ ،‬وأيضا ً الباحث في القانون الجنائي اإليطالي رافايل جاروفالو‪ ،‬ويقوم هذا المذهب على‬
‫أن الجريمة إنما تقع نتيجة لتضافر عدة عوامل أحاطت بالجاني أجبرته وسيرته الرتكابهذا‪ ،‬ولذي‬
‫لحرية االختيار لديه عالقة بذلي‪ ،‬فالجزاء هنا يقوم لوقاية المجتمع وحمايته‪ ،‬إذ يعتبر سالح لتذوقي‬
‫لردع الجاني‪ ،‬بمعنى أن كل مجرم هو خطر على المجتمذع ال بذد‬ ‫خطورة الجاني اإلجرامية ولي‬
‫من مواجهة خطره بإيقاع الجزاء‪ ،‬ووفق هذا المذهب ينقسم المجرمذون إلذى خمسذة أقسذام‪ :‬أولهذا‪:‬‬
‫المجرم المطبوع ويعني ذلي أن ال أمل من إصالح هذا النوع من المجرمين‪ ،‬إذ يجذب إعذدامهم أو‬
‫عزلهم عن المجتمع‪ ،‬وثانيها‪ :‬المجرم المجنون ويرجع سبب إجرامه إلى جنون عقلذه‪ ،‬وهذذا يجذب‬
‫وضعه في مصحة نفسية‪ ،‬وثالثها‪ :‬المجرم بالعادة‪ ،‬وهذذا النذوع يجذب أن يعذزل للعمذل فذي مكذان‬
‫محدد حتى يصلح حاله‪ ،‬ومن ثم النوع الرابع‪ :‬وهو المجرم بالعاطفة‪ ،‬ويعني أن العقاب لهذا النوع‬
‫ال فائدة منه‪ ،‬فعقابه عادة ً يكون بندمه على ما ارتكبه‪ ،‬إذ يمكن ردعه بسهولة والحكم عليه مع وقف‬
‫التنفيذذ‪ .‬وأخيذرا ً‪ :‬المجذذرم عرضذة أو بالصذذدفة‪ .‬أمذا عذذن هذذا النذذوع‪ ،‬فيجذب الحذذرص علذى عذذدم‬
‫اختالطهم بالمجرمين المعتادين على اإلجرام؛ لضمان عدم عودتهم للجريمة‪ ،‬ومن المآخذ على هذا‬

‫‪-7-‬‬
‫المذهب عدم التسليم بفكرة االنقياد التام للظروف دون أدنى وجود لإلرادة‪ ،‬إذ تعتبذر اإلرادة عامذل‬
‫من العوامل التي تسهم بوقوع الجريمة (‪.)1‬‬
‫‪ -‬مذهب الدفاع االجتماعي‪:‬‬
‫ُني هذا المذهب على إلغاء القانون الجنائي التقليدي وإقامة نظذام بذديل عنذه ال يوجذد فيذه‬
‫ب َ‬
‫جريمة أو مجرم أو مسوولية جنائية‪ ،‬وإنما تقوم على مفهوم مناهضة المجتمذع بذدالً مذن مصذطلح‬
‫الجريمة‪ ،‬والشخص المضاد للمجتمع بديالً عن المجرم‪ ،‬وكذلي استعاض عن المسذوولية الجزائيذة‬
‫بإعادة تأهيل وتكييف الفرد ضمن المجتمع‪ ،‬ومن أنصذار هذذا المذذهب المستشذار الفرنسذي مذاري‬
‫أنسل‪ ،‬وكان الهدف من هذا المذهب العمل على إصالح المجرم وعالجه وانخراطه بذالمجتمع‪ ،‬أي‬
‫االهتمام بمعرفة األسباب التي أدت إلى الجريمذة‪ ،‬ودراسذة شذخص المجذرم ومحاولذة تأهيلذه قذدر‬
‫اإلمكان للمحافظة على آدميته وكرامته‪ ،‬إال أن ما يوخذ على هذذا المذذهب تجاهلذه بالكامذل لفكذرة‬
‫العقاب والجزاء والردع العام بمعنى أن تبني مثل هذا المذهب يغفل شعور األفذراد بأهميذة العقذاب‬
‫والجزاء‪ ،‬وضرورة مجازاة الجاني إلقامة العذدل‪ ،‬فمهمتهذا تنحصذر بذاإلجراءات الوقائيذة لحمايذة‬
‫المجتمع في المستقبل فقط(‪.)2‬‬
‫‪ -‬المذهب التقليدي (حرية االختيار)‪:‬‬
‫قيامه كانت فكرة الذردع والجذزر للجذاني‬ ‫ظهر هذا المذهب في العصور الوسطى وأسا‬
‫أن سلي مسلي الشر‪ ،‬ويقوم على فكرة محاسبة الشخص حال سلوكه مسلي الخطيئة‪ ،‬وقد وجد هذا‬
‫المذهب صداه في عصر النهضة األوروبية‪ ،‬وقد تبناه عدد من كبار الفالسفة آنذاي أمثال اإليطالي‬
‫بكاريا والفرنسي مونتسكيو‪ ،‬واألصل أن هذا المذهب يعطي لفكرة الردع أهمية خاصذة‪ ،‬إذ تشذكل‬
‫فكرة الردع سواء كان العام أو الخاص نواة هذا المذهب‪ ،‬وتقوم على تخويف الجذاني عذن طريذق‬
‫العقوبة والجزاء‪ ،‬بمعنى أن الشخص حر باختيار طريق الخير أو الشر‪ ،‬فالحرية مطلقة ومتسذاوية‬
‫لدى الجميع‪ ،‬مما ينبني عليه أن المسذوولية الجزائيذة تقذع علذى جميذع األشذخاص فذي حذال كذانوا‬
‫كاملي اإلدراي‪ ،‬ويُوخذ على هذا المذهب أن حريذة االختيذار لذدى األشذخاص ليسذت مطلقذة‪ ،‬وقذد‬
‫تتأثر بعوامل خارجية عديدة‪ ،‬إضافة إلى أنها تركز على الفعذل دون الفاعذل وعلذى الجريمذة دون‬
‫المجرم ودون األخذ بعين االعتبار شخصية الجاني الخطرة(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬السررعيدك كامررل (‪ .)2002‬شرررح األحمررام العامررة فرري قررانون العقوبرراتك (د ارسررة مقارنرة)ك الطبعررة األولررىك الرردار العلميررة الدوليررة ودار ال قافررة‬
‫للندر والتوزيعك عمانك ص‪.517-516‬‬
‫(‪ )2‬المجرراليك نظررام توفي ررق (‪ .)2010‬شرررح قررانون العقوب ررات القسررم الع ررامك د ارسررة تحليليررة ف رري النظريررة العامررة للجريم ررة والمسررؤولية الجزائي ررةك‬
‫الطبعة ال ال ةك دار ال قافة للندر والتوزيعك عمانك ص‪.30‬‬
‫(‪ )3‬السعيدك شرح األحمام العامة في قانون العقوباتك دراسة مقارنةك مرجع سابقك ص‪.517-516‬‬

‫‪-8-‬‬
‫المسذوولية الجزائيذة نذرى أن‬ ‫وبعد أن أوجزنذا عذن المذذاهب الذثالث التذي قيلذت بأسذا‬
‫للمسوولية الجزائية‪ ،‬والذذي يرتكذز علذى حريذة‬ ‫المشرع األردني قد تبنى المذهب التقليدي كأسا‬
‫االختيار لدى مرتكب الجرم‪ ،‬وهذا ما أكد عليه قانون العقوبذات األردنذي بذنص المذادة (‪ )74‬منذه‬
‫والتي نصت بجالء على أن الحكم بالعقوبة إنمذا يكذون بعذد صذدور الفعذل عذن وعذي وإرادة مذن‬
‫الجاني‪ ،‬حيث نصت على ما يلي‪" :‬ال يحكم على أحد بعقوبة ما لذم يكذن قذد أقذدم علذى الفعذل عذن‬
‫وعي وإرادة"‪ ،‬وينبني على ذلي أن قيام المسوولية الجزائيذة بنظذر المشذرع األردنذي يحذتم تذوافر‬
‫الوعي أو حرية االختيار (اإلرادة) لديه‪.‬‬
‫المسوولية الجزائية في القانون الجزائي األردني نوعان عقابية واحترازية‪ ،‬توجب األولى‬
‫فرض العقوبة كجزاء جنائي معبذر عنهذا ومنذاط فرضذها الذوعي واالدراي‪ ،‬امذا الثانيذة فتفتذرض‬
‫بقدرها‪.‬‬ ‫الخطورة االجرامية وتقا‬
‫ونسذتخلص مذن ذلذي أن عذدم وجذود حريذذة االختيذار (اإلرادة) والذوعي يعنذي عذدم قيذذام‬
‫المسوولية الجزائية‪ ،‬وبالرغم من إقرار المشرع بضرورة توافر الوعي وحريذة االختيذار(اإلرادة)‬
‫لدى الجاني لقيام مسووليته بتبنيه لمذهب حرية االختيار‪ ،‬إال أن هذه الحريذة ليسذت مطلقذة‪ ،‬حيذث‬
‫نجد أنه رتب في أحوال أخرى مسوولية جنائية على فاقد الوعي واإلدراي كالمجنون الذي ال يمكن‬
‫مساءلته‪ ،‬إال أنه يمكن إنزال التدابير االحترازية بحقه‪ ،‬إذ لم ينف عنه المسوولية الجزائية بالكامذل‬
‫وأبقى عليه التدابير االحترازية كالحجز في مصحة نفسية وفذق مذا أكذدت عليذه المذادة (‪ )92‬مذن‬
‫قانون العقوبات وجاء بها‪ :1" :‬يُعفى من العقاب كل من ارتكب فعالً أو تركا ً إذا كان حين ارتكابه‬
‫إياه عاجزا ً عن إدراي ُكنه أفعاله أو عاجزا ً عذن العلذم بأنذه محظذور عليذه ارتكذاب ذلذي الفعذل أو‬
‫التري بسبب اختالل في عقله‪ :2 .‬كل من أ ُعفذي مذن العقذاب بمقتضذى الفقذرة السذابقة يحجذز فذي‬
‫مستشفى األمراض العقلية إلى أن يثبت بتقرير لجنة طبية شفاوه وأنه لم َيعد خطذرا ً علذى السذالمة‬
‫العامة"‪.‬‬
‫قيامها‬ ‫لقد حددت القواعد العامة في قانون العقوبات نطاق المسوولية الجزائية وأسا‬
‫وشروطها وبيّنت األشخاص الذين تجب مساءلتهم حال ارتكاب الجرم أيا ً كانت الوسيلة المتبعة في‬
‫ذلي طالما اتجهت إرادته إلى إحداث النتيجة الجرمية‪ ،‬وأيا ً كانت األفعال المقترفة طالما أنها تقع‬
‫تحت وصف الجرم‪ ،‬ولو كانت الوسيلة المتبعة في إحداث النتيجة الجرمية مخفية أو غير واضحة‬
‫أو ال يمكن التعرف عليها بسهولة مثل نقل العدوى عن طريق الميكروبات والفيروسات عن طريق‬
‫(‪ )COVID-19‬والمسماة بجائحة كورونا‪ ،‬وللتعرف على‬ ‫نقل الدم مثالً‪ ،‬كما حدث بانتشار فيرو‬
‫نطاق المسوولية الجزائية إذ ال بد من التطرق لماهية المسوولية ومعناها ابتدا ًء‪ ،‬لذا سيكون‬
‫موضوع الدراسة في هذا الفصل التعرف على ماهية المسوولية الجزائية شروطها وأركانها‪.‬‬

‫‪-9-‬‬
‫المبحث األول‬
‫مفهوو المسؤولية الجزائية وشروطها‬
‫تشكل المسوولية الجزائية الركن األساسي في النظام الجنائي العقابي‪ ،‬فالمالحقة ترمي‬
‫إلقامة المسوولية على عاتق مرتكب الجرم بغرض إنزال الجزاء عليه بشرط أن يكون قد ارتكب‬
‫خطأ جنائيا ً وان يكون أهال لتحمل نتيجة هذا الخطأ وعلى هذا فمن المتطلبات الضرورية قبل‬
‫الخوض في غمار البحث التعريف بموضوعه والمفاهيم المستخدمة فيه‪ ،‬وسنبدأ بتعريف المسوولية‬
‫الجزائية لغة واصطالحا وفقها‪.‬‬
‫المطلب األول ‪-‬مفهوو المسؤولية الجزائية‪:‬‬
‫يشتمل مصطلح المسوولية على عذدة أنذواع منهذا المسذوولية الدينيذة واألخالقيذة واألدبيذة‬
‫واالجتماعية وكذلي العقدية‪ ،‬وكلها تتمثل بتحمل الفرد لنتائج األفعذال التذي يذأتي علذى فعلهذا وهذو‬
‫مدري لكنهها وما يترتب على القيام بها عن وعي وإرادة من جذزاء‪ ،‬إال أن محذور دراسذتنا يذدور‬
‫حول نوع واحد من المسوولية وهي المسوولية الجزائية (‪.)4‬‬
‫المجرم‪ ،‬لذلي نرى أن درجتها تتفاوت حسب‬
‫ّ‬ ‫وترتبط المسوولية الجزائية بوجود قيام الفعل‬
‫جسامة الفعل وخطورته‪ ،‬وحيث أن األعمال ترتبط بالنيّات فيكون تحديد درجة المسوولية الجزائية‬
‫بالنظر إلى فعل الجاني أوالً والمقصذد منذه ثانيذا ً‪ ،‬ممذا يترتذب علذى ذلذي أن نسذبة الفعذل المجذرم‬
‫لإلنسان المدري المختار تأتي على نوعين‪ :‬أولهما‪ :‬إتيان الفعل المجرم‪ ،‬وهو يقصد بإتيانه مخالفذة‬
‫القانون عن وعي وإدراي (الفعذل العمذد)‪ ،‬وثانيهمذا‪ :‬القيذام بالفعذل المجذرم وال يقصذد بذه مخالفذة‬
‫القانون أو أنه وقع بتقصير أو تسبب (الفعل الخطأ) (‪.)5‬‬
‫ومذرد ذلذي إلذى اخذتالف‬
‫ّ‬ ‫ولم يكن لفظ المسوولية الجزائية شذائع االسذتعمال فذي السذابق؛‬
‫المصطلحات المستعملة بين الفقه اإلسالمي والقانون الوضعي‪ ،‬ولفظ التبعة هذو المصذطلح الشذائع‬
‫في الفقه لقول اإلمام أبو زهرة في كتابه الجريمة والعقوبة في الفقه اإلسالمي‪" :‬إن تحمل التبعة هو‬
‫ما يسمى في لغة القانون بالمسوولية الجزائية (‪.)6‬‬
‫وإلى جانب اسذتخدام مصذطلح التبعذة للداللذة علذى المسذوولية الجزائيذة فذي لغذة القذانون‬
‫الوضعي المعاصر إال أن هنالي مصطلحا ً آخر مذتالزم معذه وهذو التكليذف‪ ،‬والتكليذف فذي اللغذة‪:‬‬

‫والتطبير ك د ارسررة فقهيررة مقارنرةك رسررالة ماجسررتير فرري الفقرره المقررارنك‬ ‫(‪ )4‬يحيىك نائل محمررد (‪ .)2012‬المسررؤولية الجزائيررة عررن خطررأ التأدير‬
‫جامعة األزهرك غزك ص ‪.34‬‬
‫والتطبي ك المرجع السابقك ص ‪.43‬‬ ‫(‪ )5‬يحيىك نائلك المسؤولية الجزائية عن خطا التأدي‬
‫(‪ )6‬أبو زهرك محمد (‪ .)1998‬الجريمة والعقوبة في الفقه اإلسالميك دار الفكر العربيك القاهرك ص ‪.366‬‬

‫‪-10-‬‬
‫مأخوذ من‪ ":‬كلف‪ ،‬يقال كلفه أي أمره بمذا يشذق عليذه وتكلفذت الشذيء تجشذمته علذى مشذقة‪ ،‬أمذا‬
‫التكليف اصطالحا ً فهو خطاب بأمر أو نهي"(‪.)7‬‬
‫ولتحقق المسوولية يجب توافر شروط عامة للتكليف وهي‪:‬‬
‫‪ -‬الفهو‪ :‬وهو استيعاب ما جاء بالخطاب‪ ،‬وهو شرط ال يكتمذل إال بوجذود العقذل؛ ألن العقذل‬
‫هو مناط الفهم وما يميز اإلنسان عن الحيوان‪ ،‬وهو آلة معرفة الخير والشذر وجعذل البلذوغ‬
‫عالمة عليه‪.‬‬
‫‪ -‬األهلية‪ :‬وهي صالحية الشخص ألن يكون مكلف بتحمل تبعة ما يقوم به من أعمال (‪.)8‬‬
‫وللوقوف على المعنى الكامل للمسوولية الجزائية سنتعرض تعريفها لغةً واصطالحا ً وفقها ً‬
‫في الفروع التالية‪:‬‬
‫الفرع األول ‪-‬تعريف المسؤولية لغةا واصطالحا ا‪:‬‬
‫أولا ‪-‬المسؤولية لغةا‪:‬‬
‫جاء في لسذان العذرب المسذوولية هذي مصذدر الفعذل سذأل يسذأل سذواالً‪ ،‬واسذألته سذولته‬
‫ومسألته أي قضيت له حاجته‪ ،‬وسألته عن الشيء‪ :‬استعطيته إياه‪ ،‬وسألته عن الشذيء‪ :‬اسذتخبرته‪،‬‬
‫والسائل‪ :‬الطالب (‪.)9‬‬
‫وجاء في قوله تعالى في محكم التنزيل‪" :‬وقفذوهم إنهذم مسذوولون" (الصذافات‪ :‬آيذة ‪:)24‬‬
‫بمعنى محاسبون ومسئولون عن أعمالهم وأقوالهم (‪.)10‬‬
‫ويتبين مما سبق أن معنى المسوولية لغةً‪ :‬هو الطلب والسذوال والوفذاء والحسذاب والتبعذة‬
‫وااللتزام وتحمل نتائج الفعل (‪.)11‬‬
‫ولفظ سأل له عدة معان‪ ،‬منها‪:‬‬
‫‪ -1‬الطلب‪ :‬تقول سأل الشيء‪ ،‬أي طلبه منه‪.‬‬
‫‪ -2‬االستخبار وطلب المعرفة عن أمر ما‪ :‬تقول سأل بعضهم بعضا ً وسذألته عذن الشذيء‪:‬‬
‫استخبرته‪.‬‬
‫‪ -3‬المحاسبة‪ :‬تقول‪ :‬سأله عن كذا‪ ،‬أي‪ :‬حاسبه عليه وآخذه‪.‬‬

‫(‪ )7‬المقدسيك ابن قدامةك روضة النظر وجنة المناظر في أصول الفقهك الجزء األولك ص ‪.48‬‬
‫(‪ )8‬شنينك سعيد (‪ .)2012‬المسؤولية الجزائية المترتبة علررى حروادم المرررورك د ارسررة مقارنررة بررين الدرريعة والقررانونك رسررالة ماجسررتيرك جامعررة‬
‫الجزائرك ص ‪.31‬‬
‫(‪ )9‬ابن منظورك جمال الدين ممرم (‪ .)2003‬لسان العربك باب الالمك فصل السينك ج ‪11‬ك دار صادرك بيروتك ص ‪.318‬‬
‫(‪ )10‬القرطبيك شمس الدين (‪ .)2006‬الجامع ألحمام القرآنك مؤسسة الرسالةك ج ‪25‬ك ص ‪.50‬‬
‫(‪ )11‬المعجم الوجيزك صفحة ‪.299‬‬

‫‪-11-‬‬
‫‪ -4‬االستعطاء‪ :‬تقول‪ :‬سأله‪ ،‬أي‪ :‬طلب معروفذه وإحسذانه‪ ،‬قذذال تعذذالى فذي محكذم كتابذه‬
‫العزيز في اآلية‪ )36( :‬من سورة محمد" وال يسألكم أموالكم"‪ ،‬بمعنى ال يسألكم ربكم‬
‫األموال وإنما يكلفكم توحيده‪.‬‬
‫‪ -٥‬المواخذة‪ :‬فالمسئولية مصدر من سائل يسائل‪ ،‬فهو مسائل‪ ،‬أي‪ :‬مواخذذ قذال تعذالى فذي‬
‫اآلية (‪ )92‬من سورة الحجر (فوربي لتسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون)‪.‬‬
‫ثانيا ا‪ -‬المسؤولية اصطالحا ا‪:‬‬
‫عرف فقهاء الشريعة كلمة المسوولية بعدة تعريفات‪ ،‬منها‪" :‬هذي حالذة للمذرء يكذون فيهذا‬
‫ّ‬
‫بقولذه‪:‬‬ ‫صالحا ً للمواخذة على أعماله ملتزما ً بتبعاتها المختلفة"(‪ ،)12‬وكذلي ّ‬
‫عرفها محمد بذن روا‬
‫"المسوولية تعني إلزام شذخص بضذمان الضذرر الواقذع بذالغير نتيجذة لتصذرف قذام بذه"(‪ .)13‬أمذا‬
‫عذرف المسذوولية بقولذه‪" :‬المسذوولية هذي كذون الذذشخص مطالبذذا ً بتبعذات‬
‫مصطفى الزلمي فقذد ّ‬
‫تصرفاته غير المشروعة"(‪.)14‬‬
‫ثالثا ا‪ -‬تعريف المسؤولية في الفقه القانوني‪:‬‬
‫وجاء تعريف المسوولية في الفقه القذانوني بأنهذا‪ :‬لذزوم العقوبذة الشذرعية للشذخص الذذي‬
‫ارتكب الجريمة أو ترتيب العقوبة الشرعية على الشخص الذي ارتكب الجريمة (‪.)15‬‬
‫وجاء لفظ المسوولية عنذد الذدكتور كامذل السذعيد‪ :‬اشذتقاق لفذظ المسذوولية مذن حيذث إنذه‬
‫مرادف لمسألة أو سوال مرتكب الجريمذة عذن السذبب فذي اتخذاذه بجريمتذه مسذلكا ً مناقضذا ً لذنظم‬
‫المجتمع ومصالحه ثم التعبير عن اللوم االجتماعي إزاء هذا المسلي وإعطاء هذذا التعبيذر المظهذر‬
‫اجتماعيا ً في شكل العقوبة أو التدبير االحترازي (‪.)16‬‬ ‫المحسو‬
‫عرفها بأنها‪" :‬التزام بتحمل النتائج القانونية المترتبذة‬
‫أما الدكتور محمود نجيب حسني فقد ّ‬
‫على توافر أركذان الجريمذة وموضذوعه هذو العقوبذة أو التذدبير االحتذرازي الذذي ينزلذه القذانون‬
‫بالمسوول عن الجريمة"(‪.)17‬‬
‫تجر‬
‫ويرى الدكتور علي راشد في تعريفه أن الغاية أو الهدف من تعريف الجريمة – التي ّ‬
‫إلى المسوولية الجزائية ‪-‬هذي تبيذان أركانهذا القانونيذة‪ ،‬وهذي ذاتهذا األركذان القانونيذة للمسذوولية‬

‫(‪ )12‬بيصارك محمد (‪ .)1973‬العقيد واألخالق وأثرها في حيا الفرد والمجتمعك ممتبة األنجلو المصريةك ص‪.248‬‬
‫(‪ )13‬قلعه جيك محمد رواس (‪ .)1988‬معجم لغة الفقهاءك الطبعة ال انيةك دار النفائس للطباعة والندر والتوزيعك لبنانك ص ‪.425‬‬
‫(‪ )14‬زلم رريك مص ررطفى إب ر ار يم (‪ .)2005‬موان ررع المس ررؤولية الجزائي ررة ف رري الد رريعة اإلس ررالمية والتد رريعات الجزائي ررة العربي ررةك دار وائ ررل للند ررر‬
‫والتوزيعك عمانك ص‪.6‬‬
‫(‪ )15‬الرشيدك عبد هللا بن سعد (‪1401‬ه رر)‪ .‬المسؤولية الجزائيةك أطروحة دكتوراهك جامعة أم القرىك ص‪.29‬‬
‫(‪ )16‬السعيدك كاملك شرح األحمام العامة في قانون العقوباتك مرجع سابقك ص ‪.507‬‬
‫(‪ )17‬السعيدك كاملك شرح األحمام العامة في قانون العقوباتك المرجع السابقك ص ‪.507‬‬

‫‪-12-‬‬
‫عرفهذا‬
‫الجزائية‪ ،‬وهذذا يعنذي أن تعريذف الجريمذة يذودي إلذى تعريذف المسذوولية الجزائيذة‪ .‬فقذد ّ‬
‫الدكتور علي راشد في كتابه القانون الجنائي بأنها‪" :‬الواقعة المنطبقة على أحذد نصذوص التجذريم‬
‫إذا أحدثها إنسان أهال للمسوولية الجزائية"(‪.)18‬‬
‫الفرع الثاني ‪-‬تعريف الجناية لغةا واصطالحا ا‪:‬‬
‫أولا – تعريف الجناية لغةا‪:‬‬
‫جر جريرة على نفسه وعلى قومه‪ ،‬وجنى على قومه أي أذنب‬
‫يُقال‪ :‬جنى الرجل جناية إذا ّ‬
‫ذنبا ً يواخذ به‪ ،‬وقولهم‪ :‬جانيي من يجني عليي يضرب مثل للرجل يعاقب بجنايته وال يواخذ غيذره‬
‫(‪.)19‬‬
‫ثانيا ا – تعريف الجناية اصطالحا ا‪:‬‬
‫الذنب والجرم وما يفعله اإلنسان مما يوجب عليه العقذاب والقصذاص فذي الذدنيا واآلخذرة‬
‫(‪ .)20‬ويقال‪ :‬هي التعدي على األبدان مما يوجب قصاصا ً أو ماالً‪ ،‬وهي كل فعذل أو عذدوان سذواء‬
‫(‪.)21‬‬ ‫كان في مال أو في نف‬
‫ثالثا ا – تعريف الجناية في الفقه القانوني‪:‬‬
‫من الجدير بالذكر أنه لم يرد في قانون العقوبات تعريفا ً للجناية‪ ،‬إال أن الفقه المقارن أورد‬
‫لها عدة تعريفات؛ فاعتبرها من الناحية االجتماعية سلوكا ً مخالفا ً يعاقذب عليذه القذانون‪ ،‬بمعنذى أن‬
‫االجتمذاعي هذو المصذلحة المعتبذرة‪ ،‬كمذا نجذد للجريمذة معذاني‬ ‫ضابط هذا التعريف في القذامو‬
‫متعددة وفق نوع القانون الذي تبناها‪ ،‬فنجد معنى للجريمة المدنية والتأديبية واإلدارية‪ .‬أما تعريذف‬
‫الجريمة من الناحية الجزائية فقد ورد فيها بأنهذا‪" :‬كل فعل أو امتناع عن فعل يفذرض لذه القذانون‬
‫عقابا ً"(‪ .)22‬وقد ّ‬
‫عرفهذذا البعض اآلخر بأنها‪" :‬فعل غير مشروع صادر عن إرادة جنائية يقرر لهذا‬
‫القانون عقوبة أو تدبير احترازي"(‪.)23‬‬
‫كما جاء في تعريف الجناية‪" :‬كذل نشذاط غيذر مشذروع صذادر عذن إرادة آثمذة يقذرر لذه‬
‫المشرع جزا ًء جنائيا ً"(‪.)24‬‬
‫وبشرح مفردات التعريف نجد أنه يتضمن العناصر التالية‪:‬‬

‫(‪ )18‬راشدك علي (‪ .)1974‬القانون الجنائي المدخل وأصول النظرية العامةك الطبعة ال انيةك دار النهضة العربيةك مصرك ص‪.216‬‬
‫(‪ )19‬ابن منظورك لسان العربك المجلد األولك مرجع سابقك ص‪.706‬‬
‫العلميةك بيروتك ج‪6‬ك ص‪.97‬‬ ‫(‪ )20‬الزيلعيك فخر الدين (د‪.‬ت)ك تبيين الحقائقك دار الكت‬
‫(‪ )21‬الرشيدك عبد هللا بن سعدك مرجع سابقك ص ‪.23 – 22‬‬
‫(‪ )22‬السعيدك كامل (‪ .)2019‬شرح األحمام العامة فرري قررانون العقوبرراتك د ارسررة تحليليررة تأصرريلية توصرريهيه توجيهيررة مقارنرةك الطبعررة الرابعررةك‬
‫دار ال قافة للندر والتوزيعك عمانك ‪2019‬ك ص‪.39‬‬
‫(‪ )23‬خوريك عمر (‪ .)2011‬شرح قانون العقوباتك الممتبة القانونيةك جامعة الجزائرك ص ‪.125‬‬
‫(‪ )24‬السعيدك كاملك شرح األحمام العامة في قانون العقوباتك دراسة تحليلية تأصيلية توصيهيه توجيهية مقارنةك مرجع سابقك ص‪.39‬‬

‫‪-13-‬‬
‫‪ -1‬الركن الماد ‪-‬وهو عبارة عذن النشذاط اإلجرامذي‪ :‬وهذو الفعذل المذادي والسذلوي المجذرم‬
‫سواء كان إيجابيا ً أو سلبيا ً‪ ،‬بحيث ينطوي تحت ذلي النشاط اعتدا ًء على حق يحميه القانون‪.‬‬
‫‪ -2‬الركن الشرعي ‪-‬وهو عبارة عن عدم مشروعية الفعل المرتكذب‪ :‬بمعنذى أن يخضذع الفعذل‬
‫لقاعدة (ال جريمة وال عقوبة إ ال بنص) وهو ما يتطلب وجود نص قانوني يجرم هذا الفعذل‬
‫أو النشاط سوا ًء كان بقانون العقوبات ذاته أو القوانين المكملة له دون اقترانه بأي سبب من‬
‫أسباب التبرير‪.‬‬
‫‪ -3‬اتجاه إرادة الجاني إلى القياو بالفعل عن وعي وإدراك‪ ،‬إذ يفترض أن يكون الفعل صذادرا ً‬
‫عن إنسان يُسأل وال تكون كذذلي إال إذا اقترنذت بذإرادة حذرة مختذارة وعذن وعذي وإدراي‬
‫وفهم لطبيعة النشاط الذي يقدم عليه (‪.)25‬‬
‫كما جاء في تعريف الجزاء‪ :‬هو األلم الذذي يقذرره قذانون العقوبذات والقذانون الجنذائي والذذي‬
‫تنطق به السلطة العامة بسبب المخالفة والجنوح ضد المخذالف أو الجذانح أو الذذي يجذب علذى‬
‫أحدهما أو اآلخر أن يتحمله بشخصه لحساب المصلحة العامة (‪.)26‬‬
‫ويمكن تعريف العقوبة على أنها جزاء يقرره المشرع ويوقعه القاضي على من تثبت مسووليته‬
‫في ارتكاب جريمة‪ ،‬وتشكل العقوبة في إيذالم الجذاني باإلنقذاص مذن بعذض حقوقذه الشخصذية‬
‫وأهمها الحق في الحياة والحق في الحرية‪.‬‬
‫مما سبق يتبين لنا أن المسوولية الجزائية تعني صالحية الشخص لتحمل تبعة سلوي صدر‬
‫عنه‪ ،‬إذ ال بد من حدوث واقعة توجب المسوولية‪ ،‬ووجود شخص معين أهال لتحمل تبعة عمله بأن‬
‫يكون قادرا ً على التمييز واإلدراي‪.‬‬
‫ويرى الباحث أن المسوولية عموما ً إنما هي التزام أخالقي يقع على عاتق الفرد بضرورة‬
‫احترامه لمنظومة القواعد المتبعة في المجتمع سواء أكانت قانونية أم اجتماعيذة أم عقائديذة‪ ،‬وأمذر‬
‫آثارهذا وتبعاتهذا علذى‬ ‫يتعين على الكافة االلتزام به بتجنذب االنخذراط بأعمذال ضذارة قذد تذنعك‬
‫المجتمع؛ ألن األعمال الضارة هي محط المواخذة‪ .‬وعلى اعتبار أن مصدر التشذريع هذو العقيذدة‪،‬‬
‫فاحترام القانون يأتي من احترام العقيدة‪ ،‬تطبيقا ً لمذا ورد فذي حذديث النبذي صذلى هللا عليذه وسذلم‪:‬‬
‫"كلكم راع وكلكم مسوول عن رعيته"‪ .‬ومعنى هذا أن كل فرد يقع عليه التزام شخصي اتجاه البيئة‬
‫التي ينتمي إليها بحيث يكون مسووالً عن أعماله ومحاسب عليها‪.‬‬

‫(‪ )25‬المجرراليك توفي ررق نظررامك ش رررح قررانون العقوب رراتك القسررم الع ررامك د ارسررة تحليلي ررة فرري النظري ررة العامررة للجريم ررة والمسررؤولية الجزائي ررةك مرج ررع‬
‫سابقك ص ‪.37‬‬
‫‪ (26‬منصور رحمانيك الوجيز في القانون الجنائي العامك دار العلوم للندر والتوزيعك الطبعة الرابعةك سنة ‪2005‬ك ص ‪.233‬‬

‫‪-14-‬‬
‫ويرى الباحث أن ارتبذاط المسذوولية بالصذفة الجزائيذة أو إسذباغها عليهذا إنمذا يشذدد قيذد‬
‫االلتزام على األفراد ويضعهم تحت طائلة االلتزام القانوني إلى جانذب االلتذزام األخالقذي والذديني‬
‫بتحمل الجزاء والعقوبة حال إتيان الفعل المجرم‪ ،‬وذلي أن مبدأ سيادة القانون فذي المجتمذع أساسذه‬
‫تطبيق العقوبات على المخالف إذا كان أهال لها‪ ،‬فالمنظومة العقابية ال تقذوم إال بتحقذق المسذوولية‬
‫بشروطها وأركانها‪.‬‬

‫‪-15-‬‬
‫المطلب الثاني – شروط المسؤولية الجزائية‪:‬‬
‫إذا كان المشرع قد جعل سبب قيام المسوولية الجزائيذة هذو ارتكذاب فعذل مجذرم يذتم فيذه‬
‫االعتداء على حق محمي بذنص القذانون‪ ،‬إال أن وجذود المسذوولية الجزائيذة وقيامهذا متوقفذا ً علذى‬
‫توافر شرطين إذا وجدا وجدت المسوولية الجزائية وإذا انعدما انعدمت المسوولية الجزائيذة‪ ،‬وهمذا‬
‫الوعي واإلرادة‪ ،‬فهما مناط التمييز‪ ،‬فجريمة القتل مثالً تعدي على حق اإلنسان بالحيذاة وهذو حذق‬
‫ي اإلدراي واالختيار يعنذي قيذام‬
‫محمي بنص القانون والقيام به يوجب العقوبة‪ ،‬إال أن انعدام شرط ّ‬
‫مانع من موانع المسوولية والتي على ضوءها تتحدد العقوبة إما بالتخفيف أو باإلعفاء(‪.)27‬‬
‫الفرع األول ‪-‬شرط الوعي واإلدراك‪:‬‬
‫اإلدراي فكرة تعبر عن العملية العقلية للفرد إذ تدخل في العملية الفكرية والتحليل والشعور‬
‫والتذكر والنسيان والتي عادة ً ما تتأثر باتجاهذات معينذة بحيذث يصذبح الشذخص عالمذا ً بالعالقذات‬
‫الخارجية وكيفية التعامل معها‪ ،‬وبذدورها تذودي دورا ً هامذا ً فذي توافذق وانسذجام الفذرد مذع البيئذة‬
‫المحيطة به (‪.)28‬‬
‫الوعي واإلدراي هما معنيان مترادفان ويقصد بهما الفهم أو التمييز والقدرة علذى التفريذق‬
‫بين ال ُمحرم والمباح‪ ،‬وكذلي قدرة الشخص على فهم سلوكه وما يترتب على هذا السلوي من نتائج‪،‬‬
‫وال نعني بذلي أن يكون الشخص مميزا ً لماهية السلوي من الناحية القانونيذة‪ ،‬أي أن يكذون مذدركا ً‬
‫للتكييف القانوني للفعل‪ ،‬وإنما نقصد إدراكه لماهية الفعل من حيث ما قد يترتب عليه مذن نتذائج أو‬
‫خطورة على حق أو مصلحة يحميها القانون‪ ،‬ألن افتراضية وعذي اإلنسذان القذانوني تكتمذل حذين‬
‫بلوغه السن القانوني‪ ،‬فيصبح مسووالً أمام القواعذد القانونيذة‪ ،‬وال يعتذد بجهلذه بهذا‪ ،‬وقذد اسذتخدم‬
‫المشرع في القانون األردني الكثير من المصطلحات الدالة على الوعي أو اإلدراي‪ ،‬فنجد في المادة‬
‫(‪ )1/92‬من قانون العقوبات أن المشرع استخدم عبارة "عاجزا ً عن إدراي كنذه أفعالذه أو عذاجزا ً‬
‫عن العلم بأنه محظور عليه ارتكاب ذلي الفعل"‪ ،‬بمعنى أن العجز عن العلم بما هو محظور يعنذي‬
‫عدم الوعي واإلدراي‪ ،‬كما عبّر عنها في المادة (‪ )74‬منه بقوله‪" :‬يحكم على أحد بعقوبة ما لم يكن‬
‫قد أقدم على الفعذل عذن وعذي وإرادة"‪ .‬أمذا المذادة (‪ )93‬فقذد وصذفت عذدم الذوعي بفقذد الشذعور‬
‫واالختيار‪ ،‬فقد جاءت كما يلي‪" :‬ال عقاب على من يكون فاقد الشعور أو االختيار فذي عملذه وقذت‬
‫ارتكاب الفعل"‪ .‬أما القانون المدني األردني فقد عبّر عن الوعي واإلدراي بلفذظ التمييذز‪ ،‬وهذو مذا‬
‫جاء بنص المذادة (‪ )44‬منذه‪" :‬وكذل مذن لذم يبلذس السذابعة يعتبذر فاقذدا ً للتمييذز"؛ ذلذي أن الذوعي‬

‫(‪ )27‬يحيىك نائل محمدك المسؤولية الجزائية عن خطأ التأدي ك مرجع سابقك ص ‪.47‬‬
‫(‪ )28‬المجرراليك شرررح قررانون العقوبررات – القسررم العررام –ك د ارسررة تحليليررة فرري النظريررة العامررة للجريمررة والمسررؤولية الجزائيررةك مرجررع سررابقك ص‬
‫‪.389‬‬

‫‪-16-‬‬
‫واإلدراي ال يتحقق إال عند الشخص المميز‪ ،‬فالصغير تحت سن السذابعة غيذر مميذز‪ ،‬بمعنذى أنذه‬
‫فاقد للخبرة اإلنسانية في التمييز بين الخير والشر (‪.)29‬‬
‫لقد اشترط قانون األحداث وفقا ً لذنص المذادة (‪/4‬ب) منذه لقيذام عنصذر اإلدراي والتمييذز‬
‫بلوغ الشخص سنا ً معينا ً وهو سن الثانية عشر‪ ،‬بحيذث ال يُسذأل جزائيذا ً إذا لذم يذتم هذذا السذن مذن‬
‫عمره‪ .‬أما من أتم الثانية عشرة ولم يأ ت الثامنة عشر فتكون مسووليته ناقصة وعقوبته مخففة فذال‬
‫بوقذت نظذر‬ ‫يحكم عليذه باإلعذدام أو األشذغال الشذاقة‪ ،‬إذ أن العبذرة بوقذت ارتكذاب الجذرم ولذي‬
‫الدعوى‪ ،‬ويعتبر عدم بلوغ السن القانوني قرينة قانونية قاطعة ال يجذوز إثبذات عكسذها علذى عذدم‬
‫التمييز واإلدراي (‪.)30‬‬
‫وتجدر اإلشارة هنا إلى أن اإلدراي يختلف عذن اإلرادة‪ ،‬مذن جهذة أن اإلرادة هذي توجيذه‬
‫الذهن إلى القيام بعمذل معذين أو تحقيذق نتيجذة معينذة‪ ،‬إال أن هذذه اإلرادة يمكذن أن تكذون واعيذة‬
‫بماهية الفعل إن كان مباحا ً أو ممنوعا ً وهو اإلدراي‪ ،‬ومن الممكن أال تكون واعية لخطورة الفعذل‬
‫أو عدم مشروعيته وهو عدم اإلدراي‪ ،‬ومثال ذلي الصغير غير المميز‪ ،‬فقد تتجه الملكذات الذهنيذة‬
‫لديه للقيام بعمل معين ولكنه غير مدري لمدى مشروعية ما قام به‪ ،‬حيث إن اإلدراي لديذه منعذدم‪،‬‬
‫ذلي أن اإلدراي يجب أن يتزامن مع القيام بالفعل ويتعاصر معه (‪.)31‬‬
‫وفي ضوء ما سبق نجد أن اإلدراي يقذوم علذى اسذتقبال المعلومذات عذن طريذق الحذوا‬
‫وتفسيرها والتمييز بين النتائج التي قد تترتب عليها ومذن ثذم تذأتي مرحلذة االختيذار بعذد أن أدري‬
‫موقع فعله بين الخير والشر‪ ،‬وفي مرحلة الحقة تتولذد اإلرادة لذدى الشذخص بوضذع هذدف معذين‬
‫والترتيب له واختيار الوسيلة لتنفيذه‪.‬‬
‫وإذا كان قيام المسوولية الجزائية يستلزم توافر عنصري اإلدراي واالختيار‪ ،‬فعذدم تذوافر‬
‫أحدهما يعني بالضرورة انعدام المسوولية الجزائية‪ ،‬وقد عزا قانون العقوبات انعدام المسوولية فيما‬
‫يتعلق بشرط اإلدراي إلى عدة أسباب وهي عاهة العقل أو الجنون والغيبوبذة الناشذئة عذن تعذاطي‬
‫العقاقير المخدرة وصغر السن (‪.)32‬‬

‫(‪ )29‬العرردوانك وضرراح س ررعود (‪ .)2019‬موان رع المسررؤولية الجزائي ررة فرري الق ررانون األردنرري (د ارسررة وص ررهية تحليليررة)ك بحررش مند ررور فرري مجل ررة‬
‫جامعة البلقاء التطبيقيةك األردنك مجلد (‪)34‬ك ج(‪)4‬ك عدد (‪)34‬ك ص ‪.681‬‬
‫(‪ )30‬سرررورك احمررد فتح رري (‪ .)1989‬الوسرريط ف رري قررانون العقوب رراتك القسررم العررامك الطبع ررة الخامسررةك دار النهض ررة العربيررةك الق رراهر ك ‪1989‬ك‬
‫ص‪.398‬‬
‫(‪ )31‬القه رروجيك عل رري عب ررد الق ررادر (‪ .)2002‬ش رررح ق ررانون العقوب رراتك القس ررم الع ررام د ارس ررة مقارن ررهك ب رردون طبع ررةك مند ررورات الحلب رري الحقو ي ررةك‬
‫بيروتك ‪2002‬ك ص‪.628‬‬
‫(‪ )32‬وزيرررك عبررد العظرريم مرسرري (‪ .)2006‬شرررح قررانون العقوبررات ‪-‬القسررم العررامك الجررزء األولك النظريررة العامررة للجريمررةك الطبعررة الرابعررةك دار‬
‫النهضة العربيةك القاهرك ‪2006‬ك ص ‪.667‬‬

‫‪-17-‬‬
‫وهنالي أسباب أو عذوارض قذد تنذال مذن القذدرة علذى اإلدراي بحيذث تنقصذه أو تعدمذه‪،‬‬
‫فبعضها ينال من القدرة على اإلدراي والبعض اآلخر ينتقص من حرية االختيار وهي كما يلي‪:‬‬
‫أولا ‪-‬عاهة العقل أو الجنون‪:‬‬
‫الجنون بمعناه العام يشمل حالة العته أو البله أو الضعف‪ ،‬وتفيذد بوقذوف الملكذات الذهنيذة‬
‫للفرد دون مستوى النضج الطبيعي‪ ،‬ممذا يرتذب عليذه حرمذان الشذخص مذن القذدرة علذى التمييذز‬
‫واإلدراي‪ ،‬إما بصورة دائمة أو متقطعة‪ ،‬إال أن الحالذة الموجبذة لإلعفذاء مذن المسذوولية هذي فقذد‬
‫مجذذرد االنتقذذاص منذذه‪ ،‬وإن كذذان مقتضذذى العدالذذة التخفيذذف مذذن‬ ‫اإلدراي بصذذورة كاملذذة ولذذي‬
‫المسوولية في حالة االنتقاص من اإلدراي (‪.)33‬‬
‫وحيث إن المشرع لم يورد تعريفا ً الختالل العقذل واكتفذى بذذكر األثذر القذانوني المترتذب‬
‫على قيامه في هيئة تدابير احترازية وهي الحجز في مستشذفى األمذراض العقليذة كمذا جذاء بذنص‬
‫المادة (‪ )92‬منه‪ ،‬إال أن المقصود به في قانون العقوبات هو اضطراب في القوى العقلية بعد تمذام‬
‫نموها بسبب مرض أو شيخوخة تودي إلى فقد القدرة على التمييز‪.‬‬
‫إن االصطالح الطبي للمرض العقلي هو (الذهان العقلي)‪ ،‬ومعناه حالة انفعاليذة تذوثر فذي‬
‫سلوي الشخص فتعوقه عن ممارسة حياة سوية في المجتمع الذي يعيش فيه بحيث يفقد القدرة على‬
‫التكيف االجتماعي‪ ،‬ويخلط بين الوهم والواقع ويفقد القدرة على التحكم في الدوافع ما يجعلذه يميذل‬
‫إلى العنف في تصرفاته قد يصل إلى حد االعتداء على اآلخرين (‪.)34‬‬
‫وفي بعض التشريعات مثل التشريع اإليطالي المنحدر من المدرسة الالتينية ويعتمذد علذى‬
‫المشرع بشكل كامل‪ ،‬فهذا األخير له السلطة التامة في التشريع والقاعدة القانونية تعتبر آمرة وتامة‬
‫شاملة‪ ،‬وكذلي األمر في غالبية التشريعات التي تنتهج نهذج النظذام األنجلوسكسذوني والتذي تعتبذر‬
‫القوانين بها مرنة جعلت من األمراض النفسية عذر قانوني يذوثر علذى الحكذم بالعقوبذة‪ ،‬واتجهذت‬
‫تشريعات أخرى إلى اعتبارها عذرا ً مخففا ً مثل التشريع المصذري‪ ،‬وأخذرى اتجهذت إلذى اعتبذاره‬
‫مانعا ً من موانع المسوولية (‪.)35‬‬
‫يتضح مما سبق موقف قانون العقوبات األردني بذأن جعذل مذن العجذز عذن إدراي ماهيذة‬
‫األفعال أو العجز عن العلم بما هو مشروع وما هو ممنوع بسبب اختالل في العقل سببا ً من أسباب‬
‫انعدام المسوولية الجزائية‪ ،‬ويلزم أن يتعاصر فقد اإلدراي الناشئ عن الجنون مع ارتكذاب الجذرم‪،‬‬

‫(‪ )33‬وزيرك شرح قانون العقوبات القسم العامك المرجع السابقك ص ‪.671‬‬
‫(‪ )34‬كاملك محمد فرراروق (د‪.‬ت)‪ .‬الرردفع برراختالل القرروى العقليررة والنفسررية لإلعفرراء مررن المسررؤولية الجزائيررة المدررمالت والحلررولك بحررش مندررور‬
‫على المجلة العربية للدراسات األمنية والتدري ك المجلد ‪14‬ك العدد ‪28‬ك ص‪.186‬‬
‫(‪ )35‬كام ررلك محم ررد ف رراروقك ال رردفع ب رراختالل الق رروى العقلي ررة والنفس ررية لإلعف رراء م ررن المس ررؤولية الجزائي ررة المد ررمالت والحل ررولك المرج ررع الس ررابقك‬
‫ص‪.224‬‬

‫‪-18-‬‬
‫أما إذا طرأ بعد ارتكاب الجريمة‪ ،‬فال تأثير على المسوولية الجزائية وتبقذى قائمذة ويلذزم محاسذبة‬
‫الجاني على فعله‪.‬‬
‫ثانيا ا ‪-‬الغيبوبة الناشئة عن تعاطي العقاقير المخدرة والمسكرة‪:‬‬
‫يرجع تقرير انعدام المسوولية الجزائية في هذه الحالة إذا لم يكن للجذاني دخذل أو إرادة أو‬
‫علم بوجوده في هذه الحالة ولذم تكذن لذه قذدرة علذى الذتحكم فيهذا‪ ،‬عندئذذ ال يمكذن مواخذتذه علذى‬
‫سلوكه‪ ،‬ويتحقق ذلي إذا كان قد تناول هذه المواد تحت إكراه مادي أو معنوي‪ ،‬فإذا كان عالما ً بذأن‬
‫ما يتناوله هي من المواد المسكرة المذهبة لإلدراي فتقوم مسووليته عما يقوم به من الجرائم‪ .‬ومذن‬
‫الشروط الضرورية النتفاء مسوولية الجاني في حالة الغيبوبة ارتكابه للجريمة عقب تناول المسكر‬
‫أو المخدر مباشرة‪ ،‬بحيث يفقذد الشعور واإلدراي ألفعاله (‪.)36‬‬
‫وهذا ما أخذ به قانون العقوبات األردني في المادة (‪ )93‬منه‪ ،‬والتذي جذاء فذي مضذمونها‬
‫بأنه ال يُسأل المغيب عما يقترفه مذن جذرائم وقذت الغيبوبذة الناشذئة عذن تنذاول العقذاقير المخذدرة‬
‫والكحول إذا تناولها دون علمه ورضاه‪ ،‬بمعنى أنه فاقد للشعور واالختيار رغما ً عنذه وال يسذتطيع‬
‫إدراي حقيقة أفعاله ومداها‪ ،‬ولم يتوفر لديه القصد الجنائي‪ ،‬وبالتالي ال تلحق الجاني مسوولية عنذه‬
‫(‪.)37‬‬
‫وفي ضوء مذا سذبق ذكذره نذرى أن المشذرع قذد فعذل خيذرا ً بذأن جعذل تحقذق المسذوولية‬
‫الجزائيذذة فذذي حالذذة الغيبوبذذة الناشذذئة عذذن تعذذاطي المسذذكرات أو المخذذدرات فذذي حالذذة عذذدم العلذذم‬
‫السذكر ومذن ثذم‬
‫والرضا‪ ،‬إذ في غير هذه الحاالت يفترض توافر القصد الجرمي لدى الجاني قبذل ُ‬
‫اإلقدام على الجرم وهو سكران وبذلي تنتفي مسووليته بسذبب الغيبوبذة بذالرغم مذن تذوافر القصذد‬
‫الجنائي لديه مما يجعله سببا ً في تزايد أعداد الجريمة‪.‬‬
‫ثالثا ا – صغر السن‪:‬‬
‫من المعلوم أن اإلدراي ال يُخلق مع اإلنسذان بذالفطرة‪ ،‬وإنمذا يكتسذبه خذالل تقذدم سذنوات‬
‫العمر‪ ،‬فاإلنسان يولد فاقد لإلدراي واالختيار ومن ثم ينمذو عقلذه مذع تقذدم سذنوات العمذر وتذزداد‬
‫مداركذه إلذى أن يصذل إلذى مرحلذة النضذج‪ ،‬ففذذي الوقذت الذذي يكذون فيذه اإلدراي ضذعيفا ً تكذذون‬
‫المسوولية الجزائية ناقصة أو ضعيفة‪ ،‬وفي الوقت الذي ينضج اإلدراي تصبح المسوولية الجزائية‬
‫كاملة‪ ،‬عندما يصل الفرد لسن الرشد الجنائي (‪.)38‬‬

‫(‪ )36‬رمضانك عمر السعيدك شرح قانون العقوبات القسم العامك مرجع سابقك ص ‪.292-291‬‬
‫(‪ )37‬القهوجيك علي عبد القادرك شرح قانون العقوباتك القسم العام دراسة مقارنةك مرجع سابقك ص‪686-383‬‬
‫(‪ )38‬القهوجيك علي عبد القادرك شرح قانون العقوباتك القسم العام دراسة مقارنةك المرجع السابقك ص ‪.637‬‬

‫‪-19-‬‬
‫وهذا ما نص عليه قانون األحداث في المادة الرابعة منه‪ ،‬الفقذرة (ب) والتذي نصذت علذى‬
‫أنه‪" :‬على الرغم مما ورد في أي تشذريع آخذر‪ ،‬ال يالحذق جزائيذا ً مذن لذم يذتم الثانيذة عشذرة مذن‬
‫عمره"‪ .‬إذ يقرر النص صراحةً عدم جواز مالحقة الحدث سوا ًء بالعقوبة أو بالتدبير االحترازي ما‬
‫لم يتم عمر الثانية عشر عاما ً‪ ،‬وهذا يعني أن القانون الجنائي ال يطبق عليه لصغر سذنه‪ ،‬وبالتذالي‬
‫تحديد المسوولية الجزائية‬ ‫عدم اكتمال ملكاته العقلية األمر الذي يوثر على الوعي لديه وهو أسا‬
‫على الفرد‪ ،‬وتعتبر مرحلة الطفولة من المراحل التي يق ّل فيهذا ارتكذاب الجذرائم؛ ومذرد ذلذي إلذى‬
‫الطبيعة البيولوجية للطفل في هذا الوقت‪ ،‬إضافةً إلى عالقاتذه االجتماعيذة الضذيقة‪ ،‬ويليهذا مرحلذة‬
‫المراهقة والحداثة الواقعة ما بين سن الثانية عشر والثامنة عشر(‪.)39‬‬
‫سم قانون األحداث األردني رقم (‪ )32‬لسنة ‪ 2014‬في المادة الثانيذة منذه األحذداث‬
‫وقد ق ّ‬
‫حسب الفئة العمرية إلى‪:‬‬
‫‪ -‬المراهق‪ :‬وهو من أت ّم الثانية عشرة ولم يتم الخامسة عشرة من عمره‪ .‬وقد حددت المادة‬
‫(‪ )26‬من ذات القانون عقوبة المراهق كالتالي‪" :‬أ‪ :‬فذي حالذة ارتكذاب المراهذق لجنايذة تسذتوجب‬
‫عقوبة اإلعدام‪ ،‬فيحكم عليه بوضعه في دار تأهيل األحداث مدة ال تقل عن ست سذنوات وال تزيذد‬
‫على عشر سنوات‪.‬‬
‫ب‪ :‬أما إذا كذان الفعذل المرتكذب جنايذة تسذتوجب عقوبذة األشذغال الموبذدة‪ ،‬فذيحكم عليذه‬
‫بوضعه في دار تأهيل األحداث مدة ال تقل عن ثالث سنوات وال تزيد على ثماني سنوات‪.‬‬
‫ج‪ :‬وإذا كانت الجناية تستوجب عقوبة األشغال الموقتة أو االعتقال‪ ،‬فذيحكم عليذه بوضذعه‬
‫في دار تأهيل األح داث مدة ال تقل عن سذنة وال تزيذد علذى ثذالث سذنوات‪ ،‬وللمحكمذة إن وجذدت‬
‫أسبابا ً مخففة تقديرية أن تستبدل بالعقوبة أيا ً من التدابير غير السالبة للحرية مثل اللوم والتأنيب‪ ،‬أو‬
‫إلزامه بخدمه للمنفعة العامة أو إلحاقه بالتدريب المهني‪.‬‬
‫يوضع في دار تأهيل األحذداث مذدة ال تتجذاوز‬ ‫د‪ :‬إذا اقترف الفتى جنحة تستوجب الحب‬
‫ثلث مدة العقوبة المنصوص عليها في قانون العقوبات"‪.‬‬
‫‪ -‬الفتى‪ :‬وهو من أت ّم الخامسة عشرة ولم يتم الثامنة عشرة من عمذره‪ .‬وقذد حذددت المذادة‬
‫(‪ )25‬من ذات القانون العقوبة المقررة له وهي كالتالي‪" :‬أ‪ :‬إذا أتى الفتى جنايذة تسذتوجب عقوبذة‬
‫اإلعدام‪ ،‬فيحكم عليه بوضعه في دار تأهيل األحداث مدة ال تقل عن ثماني سذنوات وال تزيذد علذى‬
‫اثنتي عشرة سنة‪.‬‬
‫ب‪ :‬أما إذا كان الفعل جناية تستوجب األشغال الموبدة فيحكم عليه بوضذعه فذي دار تأهيذل‬
‫سنوات وال تزيد على عشر سنوات‪.‬‬ ‫األحداث مدة ال تقل عن خم‬

‫(‪ )39‬الداذليك فتوح (‪)2006‬ك أساس علم اإلجرام والعقابك الطبعة األولىك مندورات الحلبي الحقو يةك بيروتك ص‪.148‬‬

‫‪-20-‬‬
‫ج‪ :‬وفي حال كان الفعل جناية تستوجب عقوبة األشغال الموقتة أو االعتقال‪ ،‬فذيحكم عليذه‬
‫سذنوات"‪ .‬فجذاءت‬ ‫بوضعه في دار تأهيل األحداث مدة ال تقل ثالث سنوات وال تزيذد علذى خمذ‬
‫العقوبة في القانون الجنائي لتتوافق مع القدرة العقلية لكل فئة ومرحلة عمرية‪.‬‬
‫أما عن سن الرشد الجنائي فهو سن الثانية عشر‪ ،‬إذ يعتبر اإلنسذان فذي هذذه المرحلذة قذد‬
‫اكتمل نضوجه العقلي وأصبح قادرا ً على اإلدراي واالختيار‪ ،‬بحيث يصبح أهذالً لتوقيذع العقوبذات‬
‫عليذذه‪ ،‬وخذذرج مذذن دائذذرة الصذذغير والحذذدث‪ ،‬ويخضذذع ألحكذذام قذذانون العقوبذذات‪ .‬ومذذن هنذذا تبذذدأ‬
‫المسوولية الجزائية وتستمر مع اإلنسان طالما لم يصبها عارض يخفذف منهذا أو يعذدمها‪ .‬والعبذرة‬
‫وقت حصول النتيجة (‪.)40‬‬ ‫في تحديد المسوولية الجزائية بوقت إتيان الفعل ولي‬
‫الفرع الثاني ‪-‬شرط الختيار‪:‬‬
‫االختيار هو عبارة عن النشاط النفسي الذذي يوجذه أعضذاء الجسذم كلهذا أو بعضذها نحذو‬
‫تحقيق هدف غير مشذروع‪ ،‬ويصدر هذا النشاط النفسي عن علم وتمييز من الجاني ليسذيطر علذى‬
‫األفعال المادية بُغية تحقيق الهدف أو النتيجة غير المشروعة(‪.)41‬‬
‫وتعني حريذة االختيذار وجذود عذدة خيذارات وبذدائل أمذام اإلنسذان ومذن ثذم قدرتذه علذى‬
‫الموازنة بينها واتجاه إرادته إلى السلوي الذي يعتقد أنه الصحيح‪ ،‬ومن ثم مباشرة تنفيذذ مذا اسذتقر‬
‫عليه االختيار‪ ،‬مما يعني أن االختيار يختلف تماما ً عن اإلرادة‪ ،‬فمحل اإلرادة في الجذرائم العمديذة‬
‫مثالً يتجه إلى إرادة السلوي وإرادة النتيجة‪ ،‬إذ تتجه إرادة الجاني إلى السذلوي مذع علمذه بخطذورة‬
‫نتائجه‪ ،‬إضافةً إلى انصراف نيّة الجاني إلى تحقيق النتيجة الجرمية المطلوبة‪ ،‬أما حريذة االختيذار‬
‫الجريمذة‬ ‫فمحلها المسوولية عذن السذلوي الذذي اختذاره الجذاني أو اختيذار طريذق الجريمذة ولذي‬
‫بركنيّها المادي والمعنوي(‪.)42‬‬
‫ومن الممكن أن تتأثر حريذة اإلنسذان بعوامذل إمذا خارجيذة أو داخليذة ال يمكذن السذيطرة‬
‫عليها‪ ،‬ومعنى ذلي أن حرية اإلنسان ليست مطلقة‪ ،‬فإذا كانت العوامل المحيطة بالجاني قذد تركذت‬
‫له قدرا ً كافيا ً للتحكم في تصرفاته فتقوم المسوولية الجزائية‪ ،‬بحيث كان لهذه العوامل دورا ً واضحا ً‬
‫وفعاالً في التأثير على تحكم الجاني بتصذرفاته واالنتقذاص منهذا‪ ،‬وانعذدمت حريذة االختيذار لديذه‬
‫تنتفي المسوولية‪ ،‬أما العوامل الخارجية التي من الممكن أن تذوثر علذى حريذة االختيذار فتنحصذر‬
‫باإلكراه وحالة الضرورة‪ ،‬وأما فيما يتعلق بالعوامل الداخلية فتتمثل بالحالة العقلية والنفسية(‪.)43‬‬

‫(‪ )40‬سرورك احمد فتحيك قانون العقوباتك القسم العامك الطبعة الخامسةك مرجع سابقك ص‪.398-397‬‬
‫(‪ )41‬حريررزيك وليررد (‪ .)2019‬القصررد الجنررائيك د ارسررة مقارن رة مررع التد رريعات العربيررةك رسررالة ماجسررتيرك جامعررة محمررد بوضرريا ك الج ازئرررك‬
‫ص‪.16‬‬
‫(‪ )42‬القهوجيك علي عبد القادرك شرح قانون العقوباتك القسم العام دراسة مقارنةك مرجع سابقك ص‪.629‬‬
‫(‪ )43‬القهوجيك علي عبد القادرك شرح قانون العقوباتك المرجع السابقك ص‪.630‬‬

‫‪-21-‬‬
‫وقد اشترط المشرع حرية االختيار بحيث تتالئم مع وجود القانون‪ ،‬فالمشرع خاطب الكافة‬
‫بضرورة االلتزام بالقانون سواء كان للقيذام بالعمذل أو االمتنذاع عذن عمذل بمذا يذتالئم مذع وجذود‬
‫القاعدة القانونية اآلمرة‪ ،‬إال أن المخاطبون يملكون حرية القيام بالعمل أو االمتناع عنه(‪.)44‬‬
‫ويرى الباحث أن اإلرادة مبنية على االختيار بمعنى أن اإلنسان حذر فذي اختيذار طريقذه‪،‬‬
‫فإما أن يختار طريق إطاعة القانون أو مخالفته‪ ،‬فإذا اختار طريق الجريمة‪ ،‬فهذا يعني أنه يدري ما‬
‫أقدم على فعله واستمر به بإرادته‪.‬‬
‫وخالصة ما سبق‪ ،‬أن قيام المسوولية الجزائية ال يعني فقط توافر الركن المعنوي وتذوافر‬
‫األهلية لدى الفاعل‪ ،‬وإنما ينبغي أن يكون سلوكه اتجه إلى نحو يخالف مقتضى القاعذدة القانونيذة‪،‬‬
‫أما إذا اتجه هذا السلوي إلى الفعل اإلجرامي بسبب ظروف انتقصت من قذدرة الفاعذل علذى العلذم‬
‫بماهية فعله وعدمت حرية االختيار لديه‪ ،‬فال يكون سلوكه محالً للمسوولية (‪.)45‬‬
‫وإذا كان انعدام حرية االختيار ينبني عليه انعدام المسوولية الجزائية على اعتبذاره شذرطا ً‬
‫من شروط قيامها إال أن وصف الجريمة يبقى قائمذا ً‪ ،‬ويرجذع انعذدام حريذة االختيذار إلذى أسذباب‬
‫خارجية تتمثل في حالتي اإلكراه والضرورة‪ ،‬وفيما يلي تبيان لهما‪:‬‬
‫أولا ‪-‬اإلكراه‪:‬‬
‫لقد ورد ذكر اإلكراه في المادة (‪ )88‬من قانون العقوبات األردني دون ذكر تعريذف لهذذه‬
‫الحالة‪ ،‬حيث نظم اآلثار القانونية المترتبة عليه سواء تمثلت هذه اآلثار بامتناع المسوولية أو تشديد‬
‫العقوبة‪ ،‬إال أن اإلكراه بمعناه العام ينطوي على عنصر مادي وهذو القذوة وعنصذر معنذوي وهذو‬
‫تهديد من شخص إلى آخر بوسيلة ما بشرط أن تكون هذه الوسيلة غير مشروعة‪ ،‬وتحدث في نف‬
‫المكره رهبة وحالة من الخوف والفزع مما يوثر على حالته النفسية ودرجة إدراكه وتركيزه‪ ،‬ممذا‬
‫يعني أن ال ُمكره شخص سوي مختل اإلرادة وفاقد لحرية االختيار‪ ،‬فأي عمل يقوم به أو يمتنع عن‬
‫القيام به هو أمر منطقي وطبيعي وال يعتد مستحقا ً للعقوبة‪ ،‬وحيث إن معظم التشريعات ال تعتد إال‬
‫باألثر المترتب على اإلكذراه مذن انعذدام أو ضذعف باالختيذار‪ ،‬فمذا هذو المعيذار لوصذف اإلكذراه‬
‫معنوي أو مادي؟‬
‫أ‪-‬اإلكراه الماد ‪:‬‬
‫يمكن تعريف اإلكراه المادي بأنه قوة ت ُفرض على اإلنسان عمل ما ال يجذب عملذه بحيذث‬
‫تشل إرادته بصفة عارضة أو موقتة وقد تكون قوة طبيعية أو قوة حيوان أو إنسان‪ ،‬فهو عبارة عن‬
‫حادث مفاجئ يُجرد الجريمة من ركنها المعنذوي‪ ،‬وبالتذالي تنتفذي المسذوولية الجزائيذة وال تكذون‬

‫(‪ )44‬سرورك احمد فتحيك الوسيط في قانون العقوباتك القسم العام مرجع سابقك ص ‪.399‬‬
‫(‪ )45‬رمضانك عمر السعيد (د‪.‬ت)‪ .‬شرح قانون العقوبات القسم العامك دار النهضة العربيةك القاهر ك ص‪.289‬‬

‫‪-22-‬‬
‫كذلي إال إذا كانت هذه القوة ال يمكن توقعها وبذات الوقت يستحيل دفعها‪ ،‬فإذا كان بإمكان الجذاني‬
‫توقعها أو كان باستطاعته دفعها فإن هذا دليل على وجود اإلرادة لديذه ممذا يعنذي اسذتبعاد اإلكذراه‬
‫المادي ألن صفة اإلكراه المادي إنما تنزع الرضا عنوة ً ال رهبة وت ُبقي اإلرادة مكفوفة كأنهذا غيذر‬
‫موجودة مطلقا ً على خالف اإلكراه المعنوي(‪.)46‬‬
‫ب ‪ -‬اإلكراه المعنو ‪:‬‬
‫يقوم اإلكراه المعنوي على وجود قوة إنسانية تضغط على إرادة الجاني لحمله علذى القيذام‬
‫بالجريمة تحت تأثير الخوف من الخطر أو ضرر جسيم‪ ،‬إذ أن اإلكراه المعنوي يعتمد على الخوف‬
‫والتأثير على نفسية الخاضع له ويضغط على اإلرادة ولكنه ال يعدمها‪ ،‬إال أنها تبقى معيبذة فاسذدة‪،‬‬
‫أي أن الواقع تحذت اإلكذراه المعنذوي تتذوافر لديذه اإلرادة واإلدراي والتمييذز ولكذن يفتقذد لحريذة‬
‫االختيار فال مجال لديه للموازنة ثم االختيار‪ ،‬وإنما يكون مضطر وال خيار له‪ ،‬فهذو مضذطر إلذى‬
‫أن يختار أهون الشرين‪ ،‬وعلى هذا النحو تفقد المسوولية أحد شروطها ممذا يعنذي انتفاوهذا‪ .‬ومذن‬
‫جهة أخرى‪ ،‬ال يمكن اعتبار الضغوط النفسية الداخلية للشخص مثل الغضب االنفعذال الشذديد أنهذا‬
‫ترقى إلذى مسذتوى اإلكذراه المعنذوي مذن ناحيذة التذأثير علذى نفسذية المجنذي عليذه وأثرهذا علذى‬
‫المسوولية الجزائية (‪.)47‬‬
‫ثانيا ا – حالة الضرورة‪:‬‬
‫من الجدير بالذكر أن جميع األنظمة والشرائع قد تعرضت لحالة الضرورة‪ ،‬فذورد ذكرهذا‬
‫في الشريعة اإلسذالمية إذ أعطذت لكذل إنسذان حذق التهذرب مذن الخطذر والهذالي اسذتنادا ً لقاعذدة‬
‫(الضرورات تبيح المحظورات)‪ ،‬كمذا نصذت عليهذا التشذريعات المعاصذرة صذراحةً‪ ،‬حيذث ورد‬
‫ذكرها في المادة (‪ )89‬من قانون العقوبات األردني‪ ،‬فما هي حالذة الضذرورة ومذا هذي شذروطها‬
‫وما هي آثارها؟‬
‫إن حالة الضرورة هي على األغلب نتيجة لقوى طبيعية وليست من عمل اإلنسذان‪ ،‬وهذي‬
‫تتشابه مع اإلكراه المعنوي من هذه الناحيذة‪ ،‬فهذي مجموعذة مذن الظذروف التذي تحذيط بالشذخص‬
‫وتهدده بحيث ال يستطيع الخالص منها إال عذن طريذق ارتكذاب الفعذل المجذرم‪ ،‬وال خيذار لذه وال‬
‫مكان لالختيار‪ ،‬لكن ال يمكن اعتبار أي خطر يقع على اإلنسان هو من قبيل حالة الضذرورة التذي‬
‫تبيح له االعتداء على حقوق اآلخرين‪ ،‬إذ يجب توافر شروط معينة حتى يُعتد بها كمانع من موانذع‬
‫المسوولية وهذه الشروط هي‪:‬‬

‫(‪ )46‬سرورك احمد فتحيك قانون العقوباتك القسم العامك مرجع سابقك ص ‪.418‬‬
‫(‪ )47‬القهوجيك علي عبد القادرك شرح قانون العقوباتك القسم العام دراسة مقارنةك مرجع سابقك ص ‪.709‬‬

‫‪-23-‬‬
‫‪ -‬أن يكون الخطر جسيما ا‪ :‬وذلي ألن ضابط الجسذامة هذو الذذي يحذدد انتفذاء حريذة اإلرادة‬
‫ومدى تأثير هذا الخطر على إرادة الجاني؛ فالخطر الجسيم من شأنه أن يُحذدث ضذررا ً ال‬
‫يمكذن جبذره كذالموت أو العاهذة الدائمذة‪ ،‬أمذا الخطذر البسذيط فذال يشذكل حالذة ضذذرورة‪،‬‬
‫ويستوي في ذلي الخطر الوهمي وذلي التحاد ّ‬
‫العلذة بينذه وبذين الخطذر العذادي فذي مذدى‬
‫تأثيره على اإلرادة‪.‬‬
‫‪ -‬أن يكون الخطر محـدقا ا‪ :‬أي أن هذذا الخطذر واقذع ال محالذة أو محقذق الوقذوع وال يمكذن‬
‫للشخص درئه إال بارتكابه للجريمة‪.‬‬
‫وحيث إن الضرورة تقدر بقدرها‪ ،‬بمعنى أنه ال يمكن االحتجاج بحالذة الضذرورة إذا كذان‬
‫بوسع المضطر التخلص من حالة الخطر وتفادي الضرر‪ ،‬ومعيار ذلي عذدم قذدرة المضذطر علذى‬
‫االختيار بحيث يجد نفسه أمام خيار واحد وهو إتيان الفعل المجرم‪ ،‬وبقيذام حالذة الضذرورة تنتفذي‬
‫المسوولية الجزائية (‪.)48‬‬
‫مما سبق نستخلص أنه طالما ال بُد لقيذام المسذوولية الجزائيذة مذن تذوافر شذرطي اإلدراي‬
‫واالختيار فإذا ً ال بُد أن يكون اإلنسان هو محلها؛ وذلي ألنه ُمدري ومختار‪ ،‬فالجماد ال يكون محالً‬
‫ي‬
‫للمسوولية‪ ،‬وكذلي الحيوانذذ كمذا أنذه ال مسذوولية علذى المجنذون والصذغير حتذى يتحقذق شذرط ّ‬
‫التكليف واإلدراي؛ وذلي لقول الرسول صل هللا عليذه وسلذذم‪ُ " :‬رفذع القلذم عذن ثذالث النذائم حتذى‬
‫يستيقظ وعن المجنون حتى يعقل وعن الصبي حتى يحتلم"‪ .‬وتالزما ً مع توافر شذروط المسذوولية‬
‫الجزائية فال بُد من توافر أركانها‪ ،‬فالركن هو الجزء المهم الذي يقذوم عليذه الشذيء‪ ،‬ومذا يذتم بذه‪،‬‬
‫لذلي سنتناول في المبحث الثاني أركان المسوولية الجزائية‪.‬‬

‫(‪ )48‬المجاليك شرح قانون العقوبات القسم العامك دراسة تحليليررة فرري النظريررة العامررة للجريمررة والمسررؤولية الج ازئيررةك مرجررع سررابقك ص ‪-412‬‬
‫‪.413‬‬

‫‪-24-‬‬
‫المبحث الثاني‬
‫أركان المسؤولية الجزائية‬
‫إن موضوع المسوولية الجزائية يعتبر من أهم المواضيع في القانون الجنذائي‪ ،‬فباإلضذافة‬
‫لشروطها فال يمكن القول بتحققها بدون تحقق أركانها المادي والمعنوي والركن الشرعي‪ ،‬فالقانون‬
‫ال يعرف الجريمة بدون الركن المادي الذي تتجسد فيه اإلرادة اإلجرامية للجاني‪ ،‬مما يعني أن كل‬
‫واقعة خالية من السلوي ال يتصور أن تكذون محذالً للتجذريم‪ ،‬كمذا أن الجريمذة ليسذت كيانذا ً ماديذا ً‬
‫خالصا ً يقوم فقط على السلوي اإلجرامي وإنما يجب أن يكون إلى جانب هذا السلوي تصميما ً نفسيا ً‬
‫على القيام به وهو الركن المعنوي‪ ،‬فإذا تحققت الصلة بين نشاط الجذاني الذذهني ونشذاطه المذادي‬
‫تحققت أركان المسوولية الجزائية‪ ،‬إضافة إلى المشروعية أو عدمها التي تكتسبها من خالل الركن‬
‫الشرعي(‪.)49‬‬
‫المطلب األول‪ -‬مفهوو الركن في اللغة والصطالح‪:‬‬
‫الفرع األول‪ -‬تعريف الركن لغةا‪:‬‬
‫الركن لغةا هو‪ :‬الجانب القوي لقوله سبحانه وتعالى فذي محكذم كتابذه‪" :‬أو آوي إلذى ُركذن‬
‫شديد"‪ .‬وأركان كل شي جوانبه التي يستند إليها ويقم بها‪ ،‬والتذي هذي جذز ًء مذن ماهيتذه كذالركوع‬
‫بالنسبة للصالة (‪.)50‬‬
‫وركن الشيء‪ :‬هو جزء ماهيته‪ ،‬ويعني‪ :‬األجزاء التي إذا تكاملت كملت الماهية‪ ،‬كما يُقذال‬
‫اإلنسان ُركن منه‪ ،‬ويده ركن‪ ،‬ورجله ركن‪ ،‬وظهره ركن‪ ،‬وصدره ركذن‪ ،‬والمجمذوع‬ ‫مثالً‪ :‬رأ‬
‫يتكون منه إنسان‪ ،‬وكما نقول مثالً‪ :‬هذا الجدار ركن من هذذا المسذجد‪ ،‬وهذذا العمذود ركذن‪ ،‬وهذذا‬
‫السقف ركن‪ ،‬فأركان الشيء أجزاوه التي يتركب ويتكون منها‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬ركن الشيء جانبه األقوى‪ ،‬أي‪ :‬أحد جوانبه التي يعتمد عليها كأركان البيذت‪ ،‬وهذي‬
‫جوانبه القوية التي تكون هي عمدته‪ ،‬ويقال مذثالً‪ :‬حيطذان المسذجد أركانذه؛ ألنهذا جوانبذه القويذة‪،‬‬
‫وكذلي أعمدته أركانه‪ ،‬وكذلي سقفه ركنذه‪ ،‬فذركن الشذيء جانبذه األقذوى‪ ،‬ولكذن يقذال‪ :‬إن أركذان‬
‫الصالة هي األجزاء التي إذا تكاملت كملت الصالة‪ ،‬وإذا لم تتكامل لم تقبل ولم تكمل‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪-‬تعريف الركن في الصطالح والفقه القانوني‪:‬‬
‫اصطالح األصوليين‪ :‬هو الذي يلذزم مذن وجذوده الوجذود‪ ،‬ومذن عدمذه العذدم داخذل‬
‫ِ‬ ‫وفي‬
‫فمثال‪ :‬الركوع في الصالة من أركانها باإلجماع المتيقَّن‪ ،‬فإن توفَّرت جميع أركان الصالة‪،‬‬
‫العمل؛ ً‬

‫(‪ )49‬أبو سويلمك معتررز حمررد هللا (‪ .)2014‬المسررؤولية الجزائيررة عررن الجررائم المحتملررةك رسررالة ماجسررتيرك جامعررة الدرررق األوسررطك ص‪ 28‬ومررا‬
‫بعدها‪.‬‬
‫العلميةك لبنانك ج‪4‬ك ص ‪.225‬‬ ‫(‪ )50‬الفيروز آباديك القاموس المحيطك الفيروز أباديك دار الكت‬

‫‪-25-‬‬
‫فالصالة صحيحة‪ ،‬وإن انعدم ركن واحد منها‪ ،‬فالصالة باطلة؛ أي‪ :‬يلزم من وجود األركان وجذود‬
‫الصحة‪ ،‬ومن عدمها عدم الصحة (‪.)51‬‬

‫ويعرف الركن من الناحية القانونية فنجد أنه ولقيام المسذوولية الجزائيذة فذال بذُ د مذن قيذام‬
‫الجاني بذ‪:‬‬
‫أولا‪ :‬السلوي المكون للجناية‪ ،‬سواء كان هذا السلوي إيجابا ً أم سلبا ً أم امتناعا ً عذن القيذام بعمذل‪،‬‬
‫وهو ما يسمى بالركن المادي للجناية‪.‬‬
‫ثانيا ا‪ :‬التفكير والتدبير بإدراي وإرادة معتبرين قانونا ً‪ ،‬مع العلم بالنتائج التذي سذتترتب علذى هذذا‬
‫السلوي‪ ،‬وهو ما يسمى بالركن المعنوي للجناية‪.‬‬
‫هذه األركان العامة التي يجب توافرها في جميع الجنايات حتى تنشأ المسذوولية الجزائيذة‪،‬‬
‫فإذا انتفى أي ركن من هذه األركان انتفت المسوولية الجزائية (‪.)52‬‬
‫المطلب الثاني – أركان المسؤولية الجزائية‪:‬‬
‫المشرع الجنائي ال يفرض العقوبة فرضا عشوائيا وانمذا ال بذد مذن تذوافر مجموعذة مذن األركذان‬
‫يجب ان تتحقق من اجل القيام بالجريمة سواء كانت هذه الجريمة بقصد او بخطأ عمدي لذذا سذنبدا‬
‫بالحديث عن اركان المسوولية الجزائية ‪.‬‬
‫الفرع األول‪-‬الركن الماد للمسؤولية الجزائية‪:‬‬
‫الركن المادي للمسوولية الجزائية يُقصد به الفعل الذي يلحق األذى بأحد األفراد أو إفسذادا ً‬
‫بالمجتمع‪ ،‬وهو أمر غير مشروع قرر له المشرع عقوبة قضائية‪ .‬وكقاعدة عامة ال يجذوز معاقبذة‬
‫الفاعل دون قيام الركن المادي‪ ،‬فهو صلب الجريمة بحيث تبرز به إلى العالم الخارجي‪ .‬وإن الفعل‬
‫الذي يقوم به الفرد ويفضي إلى ضرر بمصلحة محمية بنص القانون يُحمل الفاعل المسوولية عذن‬
‫النتيجة في حال نُسبت إليه‪ ،‬وعليه فإن قوام الركن المادي للجريمة بتوافر عناصره الثالث وهي‪:‬‬
‫أ – فعل ُمجرم يقوم به الفاعل‪.‬‬
‫ب – نتيجة ضارة ناتجة عن السلوي بحيث ال تقوم الجريمة إال بتحقيق تلي النتيجة‪.‬‬
‫وفي هذا الجانب تفصيل فيما يتعلق بتحقق النتيجة الضذارة فهنذاي بعذض الجذرائم التذي ال‬
‫يتحقق فيها الضرر فيكون مدلولها قانوني أي فكرة قانونية تكمن في الخطورة اإلجراميذة‪،‬‬
‫وهي احتمال إقدام الشخص علذى ارتكذاب الجريمذة مسذتقبالً‪ ،‬ويطلذق الفقذه عليهذا جـرائو‬
‫الخطر‪ ،‬والبعض اآلخر وهو جرائو الضرر والتي يكون مذدلولها مذادي أي ظذاهرة ماديذة‬
‫ملموسة بالنظر إلى اآلثار المادية التي تنتج عنها‪ ،‬وعليه فقد قرر الفقه نوعين من الجرائم‬

‫(‪ )51‬ابن جبرينك عبد هللا ابن عبد الرحمن (‪ .)2002‬كتاب شرح أخصر المختصرات في الفقهك جزء ‪8‬ك ص‪.3‬‬
‫والتطبي ك مرجع سابقك ص ‪.54‬‬ ‫(‪ )52‬يحيىك نائل محمدك المسؤولية الجزائية عن خطأ التأدي‬

‫‪-26-‬‬
‫بنا ًء على النتيجة الحاصلة وهما جرائم الخطر وجرائم الضذرر‪ .‬أمـا عـن جـرائو الخطـر‪:‬‬
‫وقوعه أو أن يكون هناي عدوان محتمذل‬ ‫فتتمثل النتيجة فيها بمجرد التهديد بالخطر ولي‬
‫على حق ومثالها حمل سالح دون ترخيص‪.‬‬
‫والنوع اآلخر المتمثل بجرائم الضرر‪ :‬إذ يترتب عليه عدوان فعلي على الحق بحيث ينذتج‬
‫عنه تغير فذي العذالم الخذارجي كذون أثذر لسذلوي الجذاني ومثالذه جريمذة القتذل‪ ،‬ويتحقذق‬
‫االعتداء على الحق بإزهاق روح المجني عليه ووفاته فعالً (‪.)53‬‬
‫ج – وجود الرابطة أو العالقة السببية بين الفعل والنتيجة الحاصلة (‪.)54‬‬
‫أولا ‪-‬الفعل الماد ‪:‬‬
‫ويتمثل الفعل المادي في حركة عضذوية إراديذة صذادرة عذن الجذاني‪ ،‬فوسذيلته الرتكذاب‬
‫الجريمة استعمال أعضاء جسده لتحقيق غرضه‪ ،‬على أن تكون تلي الحركة نهى القانون عن فعلها‬
‫ورتب على اإلتيان بها عقوبذة‪ ،‬ومذن الجذدير ذكذره أن إرادة الفعذل مفترضذة بمعنذى أن الفعذل ال‬
‫يصدر عن اإلنسان إال بإرادتذه الحذرة‪ ،‬وهذو مذا يرتذب علذى ذلذي قيذام المسذوولية الجزائيذة‪ ،‬وال‬
‫يقتصر السلوي المادي على الفعل اإليجابي فقط‪ ،‬فقد يكون السلوي السذلبي المتمثذل باالمتنذاع عذن‬
‫القيام بعمل معذين أ وجذب القذانون القيذام بذه جريمذة يعاقذب عليهذا القذانون وتقذوم بهذا المسذوولية‬
‫الجزائية‪ ،‬وهذا يعني أن الفعل أو االمتناع سلوي مستند إلى إرادة اإلنسان(‪.)55‬‬
‫و ال يقتصر السلوي المادي على الفعل اإليجذابي والفعذل السذلبي فحسذب‪ ،‬فهنالذي السذلوي‬
‫المادي للجريمة المتمثل بالتري‪ ،‬ويتجلى هذا السلوي باتخذاذ الجذاني موقفذا ً سذلبيا ً قاصذدا ً ذلذي‪ ،‬أو‬
‫امتناعه عن التدخل للحد من وقوع نتيجة جرمية بالرغم من قدرته على ذلي‪ ،‬فيعتبر امتناعذه عذن‬
‫التدخل وتري األمور تجري في مجاريها من قبيل التسبب في إحداث النتيجة وإن كان يمكن اعتبار‬
‫فعل التري من قبيل السلوي اإليجابي (‪.)56‬‬
‫من جانب آخر‪ ،‬وفيما يتعلق بالوسيلة المستخدمة إلتمام الجريمة‪ ،‬وكقاعدة عامذة لذم يذولي‬
‫قانون العقوبات أي أهمية للوسيلة المستعملة بحجة أن المشرع ال تعنيذه الوسذيلة فذي شذيء طالمذا‬
‫كانت هي األداة التي استخدمها الجاني في إتمام مخططه اإلجرامي‪ ،‬إال أنه في بعذض األحيذان قذد‬

‫(‪ )53‬نجررمك محم ررد ص رربحي (‪ .)2000‬قررانون العقوب ررات القس ررم الع ررامك النظريررة العام ررة للجريم ررةك الطبع ررة األولررىك دار ال قاف ررة للند ررر والتوزي ررعك‬
‫عمانك ص‪.201‬‬
‫(‪ )54‬شنينك سعيدك المسؤولية الجزائية المترتبة على حوادم المرورك مرجع سابقك ص ‪.43‬‬
‫(‪ )55‬السعيدك كامل (‪ .)1981‬األحمام العامة للجريمررة فرري قررانون العقوبررات األردنرريك د ارسررة تحليليررة مقارنررةك الطبعررة األولررىك ندررر برردعم مررن‬
‫الجامعة األردنيةك ص ‪.159‬‬
‫(‪ )56‬السعيدك كاملك األحمام العامة للجريمة في قانون العقوبات األردنيك دراسة تحليلية مقارنةك المرجع السابقك ص‪.162‬‬

‫‪-27-‬‬
‫يجعلها سببا ً لتشديد العقوبة(‪ ،)57‬كأن يكون اقتناء الوسذيلة بحذد ذاتذه جريمذة‪ ،‬بصذرف النظذر عذن‬
‫الجرائم األخرى المرتبطة بها؛ نظرا ً لخطورتها‪ ،‬ونجد أن قذانون منذع اإلرهذاب رقذم (‪ )55‬لسذنة‬
‫‪ ،2006‬المادة السابعة منه قد نصت على أنه‪" :‬ب‪ :‬يُعاقب مرتكب العمذل اإلرهذابي باإلعذدام فذي‬
‫أي من الحاالت التالية‪:‬‬
‫‪ .3‬إذا تذذم ارتكذذاب العمذذل اإلرهذذابي باسذذتخدام المذذواد المتفجذذرة أو الملتهبذذة أو المنتجذذات‬
‫السامة أو المحرقة أو الوبائية أو الجرثومية أو الكيماوية أو اإلشعاعية أو بوساطة أسلحة أو ذخائر‬
‫أو ما هو في حكم هذه المواد"‪.‬‬
‫إذ اعتبر المشرع األردني هذه المواد موا ًد ت ُشكل خطرا ً على األشخاص والممتلكذات ولهذا‬
‫أثر تدميري كبير‪ ،‬وأن استخدامها من قبل الجاني جعل من فعله عمالً إرهابيا ً‪ ،‬أي جريمذة خاصذة‬
‫تختص بمحاكمته محكمة خاصة‪ ،‬وهي محكمة أمن الدولة‪ ،‬وجعلت عقوبتها اإلعذدام وهذي أقصذى‬
‫عقوبة في جميع التشريعات‪.‬‬
‫وبالنظر إلى التشريعات األخرى‪ ،‬كالتشريع العراقي‪ ،‬نجد أنه قد جعل من وسذيلة اإلجذرام‬
‫سببا ً في تشديد العقاب على الجاني‪ ،‬كما في نص المادة (‪ )1/406‬مذن قذانون العقوبذات العراقذي‪،‬‬
‫حيث نصت على‪" :‬يُعاقب باإلعدام من قتل نفسا ً عمدا ً في إحدى الحاالت التاليذة‪ :‬إذا حصذل القتذل‬
‫باستعمال مادة سامة أو مفرقعة أو متفجرة"‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬فإن كانت التشريعات الجزائية في العموم تسذاوي فذي الوسذائل المسذتخدمة إلتمذام‬
‫الجريمة‪ ،‬فالمشرع ال تعنيه الوسيلة في شيء‪ ،‬حيث لم يذأت قذانون العقوبذات األردنذي علذى ذكذر‬
‫الوسيلة في إتمام الجرائم‪ ،‬ويمكن استنباط ذلي من نص المادة (‪ )326‬بقوله‪" :‬من قتل إنسانا ً قصدا ً‬
‫عوقب باألشغال عشرين سنة"‪ ،‬وهذه داللة على أن المشرع األردنذي عاقذب علذى القتذل بصذرف‬
‫النظذذر عذذن الوسذذيلة المسذذتعملة‪ ،‬ولذذم يقيذذدها بنذذوع محذذدد‪ ،‬فجذذاءت علذذى العمذذوم دون تحديذذد أو‬
‫تخصيص؛ نظرا ً التساع الجرائم والوسائل التي تستخدم بها‪.‬‬
‫وقد اعترف بعض من التشريع بالوسيلة الحذرة‪ ،‬إال أن هنالذي نوعذا ً مذن الجذرائم يتطلذب‬
‫نوعا ً خاصا ً من الوسائل‪ ،‬ويحددها المشرع ضمن النص القانوني تحديدا ً واضحا ً‪ ،‬وقذد نجذدها فذي‬
‫تشريعات أخرى‪ ،‬كما فعل المشرع المصري عندما جرم القتل بالسم بذنص خذاص وحذدد الوسذيلة‬
‫المتبعة إلتمامها حتى تستحق هذه العقوبة‪ ،‬وبدون استعمال هذذه الوسذيلة تحديذدا ً ال تقذوم الجريمذة‬
‫الموصوفة وهي ما يُطلق عليها الجريمة ذات الوسيلة المقيدة‪ ،‬إذ نصذت المذادة (‪ )233‬علذى أنذه‪:‬‬
‫"من قتل أحدا ً عمدا ً بجواهر يتسبب عنها الموت عاجالً أو آجذالً يُعذد قذاتالً بالسذم أيذا ً كانذت كيفيذة‬
‫استعمال تلي الجواهر ويعاقب باإلعدام"‪ .‬وبالمقابل نصت المادة (‪ )234‬من ذات القانون على أنه‪:‬‬

‫(‪ )57‬سرورك احمد فتحيك الوسيط في قانون العقوباتك القسم العامك مرجع سابقك ص ‪.308‬‬

‫‪-28-‬‬
‫"من قتل نفسا ً عمدا ً من غير سبق إصرار وال ترصد يعاقب بالسجن الموبد أو المشذدد"‪ ،‬فهذل مذن‬
‫الممكذذن اعتبذذار الوسذذيلة المسذذتخدمة سذذببا ً فذذي تغيذر الوصذذف الجرمذذي والتذأثير علذذى المسذذوولية‬
‫الجزائية(‪.)58‬‬
‫ثانيا ا ‪-‬العالقة السببية‪:‬‬
‫تعتبر العالقة السببية العنصر األهم في الفعل المادي للجريمة‪ ،‬وهو العنصذر الذذي يذربط‬
‫بين الفعل والنتيجة‪ ،‬ونقصد بالعالقة السببية الرابط بين سلوي الجاني والنتيجة المتحققة‪ ،‬بمعنى أن‬
‫يكون الفعل هو السبب الرئيسي لتحقق النتيجة الجرميذة‪ ،‬فذإذا انتفذى هذذا الذرابط وتحققذت النتيجذة‬
‫بشكل مستقل عن الفعل‪ ،‬فإن الكيان المادي للجريمذة ال يتحقذق‪ ،‬وفذي أغلذب األحيذان تثيذر مسذألة‬
‫التحق ق من وجود العالقة السذببية بذين الفعذل والنتيجذة صذعوبة خاصذة عنذدما تحيطهذا مالبسذات‬
‫مقترنة بظروف ارتكاب الجريمة‪ ،‬فيُطرح التسذاول حذول مذدى المسذوولية الجزائيذة الُملقذاة علذى‬
‫عاتق الجاني من حيث تحمل التبعة القانونيذة الناشذئة عذن النتيجذة القريبذة أو المباشذرة أو النتذائج‬
‫المتسلسلة(‪.)59‬‬
‫وقذذد شذذغلت العالقذذة السذذببية الفقذذه القذذانوني فذذي تحديذذدها‪ ،‬فظهذذرت عذذدة اتجاهذذات وعذذدة‬
‫نظريات‪ ،‬فمنها ما أخذ بالمساواة بين جميع العوامذل التذي سذاهمت فذي إحذداث النتيجذة الجرميذة‪،‬‬
‫ومنها ما اعتمد التفاوت بين هذه العوامل‪ ،‬ومنها ما أخذ بالسبب المالئم في إحذداث النتيجذة‪ ،‬ونجذد‬
‫أ ن الفقه قد تبنى ثذالث نظريذات لتحديذد العالقذة السذببية وهذي نظريذة السذببية المباشذرة ونظريذة‬
‫السببية المالئمة ونظرية تعادل األسباب‪ .‬وسنأتي على ذكرها بإيجاز‪:‬‬
‫‪ -‬نظرية السـببية المباشـرة‪ :‬ومفادهذا أن السذبب األقذوى واألكثذر فاعليذة فذي إحذداث النتيجذة‬
‫الجرمية هو العامل المسوول عن حدوثها‪ ،‬بصرف النظر عن باقي العوامل‪ ،‬بحيذث ال يُسذأل‬
‫الجاني عن النتيجة التي حصلت إالّ إذا كانت متصلة اتصاالً مباشرا ً بفعله (‪.)60‬‬
‫‪ -‬نظرية السببية المالئمة‪ :‬وتقذوم علذى أن يُسذأل الجذاني عذن النتذائج المتوقعذة وفذق مجذرى‬
‫األمور العادي للفعل الذي قام به‪ ،‬حتى ولو لذم تكذن مباشذرة أو محققذة لهذذا الفعذل‪ ،‬ويعتبذر‬
‫الجاني سببا ً مناسبا ً أو مالئما ً للنتيجة التي حصلت إذا كان كافيا ً لتحققها‪ ،‬وبصرف النظر عن‬
‫العوامل األخرى التي من الممكن أن تكون قذد توسذطت بذين فعلذه والنتيجذة المتحققذة سذواء‬
‫كانت هذه النتيجة سابقة للفعل أم معاصرة ً أم الحقةً له‪ ،‬إذ يمكن القول أنه متى اشذتري أكثذر‬

‫(‪ )58‬شر ر ررهابك باسر ر ررم محمر ر رردك ومر ر ررروانك محمر ر ررد (‪)2000‬ك رؤير ر ررة قانونير ر ررة للم ر ر راد المدر ر ررعة كوسر ر رريلة إجرامير ر ررة فر ر رري جريمر ر ررة القتر ر ررل العمر ر رردك‬
‫بحش مندور على المجلة الجزائرية في األن روبولوجيا والعلوم االجتماعيةك ‪https://doi.org/10.4000/insaniyat.8095‬‬
‫(‪ )59‬روابحك فريد (‪ .)2019‬محاضرات في القانون الجنائي العامك جامعة محمد لمين دباغينك سطيفك ص‪.73 – 72‬‬
‫(‪ )60‬المجاليك شرح قانون العقوباتك القسم العامك دراسة تحليلية في النظرية العامة للجريمة والمسؤولية الجزائيةك مرجع سابقك ص‪.228‬‬

‫‪-29-‬‬
‫من عامل في إحداث النتيجذة النهائيذة وكذان أحذد هذذه العوامذل مألوفذا ً أو يصذلح فذي العذادة‬
‫إلحداث مثل هذه النتيجة واآلخر عارضا ً أو غير مألوف ال يصذلح بحسذب طبيعتذه إلحذداثها‬
‫في المعتاد‪ ،‬حتى وإن اشتري في إحداثها بشكل عرضي‪ ،‬فإنه ينبغي استبعاد العامل العارض‬
‫واستبقاء العامل المنتج لها في المألوف من األمور ويعتبر المسوول عنها‪.‬‬
‫‪ -‬نظرية تعادل األسباب‪ :‬وهذه النظرية قائمة على اعتبار جميع العوامل التذي قذد سذاهمت فذي‬
‫إحداث النتيجة مسوولةً عنها شريطة أن يكذون الفعذل قذد سذاهم بإحذداث النتيجذة ولذو بنسذبة‬
‫ضئيلة‪ ،‬حتى لو كانت العوامل األخرى تفوقه مساهمةً في تحقذق النتيجذة النهائيذة‪ ،‬فذإذا ثبذت‬
‫انقطاع العالقة بين السبب والنتيجة نهائيا ً تنقطع العالقة السببية‪ ،‬بمعنى أن كل عامل يعتبر قد‬
‫ساهم في إحداث النتيجة ولواله لم تحدث‪ .‬وإن كان يُوخذ على هذذه النظريذة اتسذاعها بشذكل‬
‫كبير بحيث تجعل من أي سبب أو عامل ساهم‪ ،‬ولو بشكل ضذئيل‪ ،‬فذي إحذداث النتيجذة سذببا ً‬
‫لقيامها ويعامل معاملة العامل الجسيم‪ .‬و ُجملة القذول‪ ،‬أن النتيجذة كانذت ثمذرة تضذافر جميذع‬
‫العوامل المساهمة بال استثناء (‪.)61‬‬
‫إال أن القانون األردني تري مسذألة تحديذد العالقذة السذببية للفقذه فذي بعذض الجذرائم مثذل‬
‫جرائم الخطأ‪ ،‬بحيث لم ينص في قذانون العقوبذات بذأي نذص صذريح علذى وجذوب تبنذي نظريذة‬
‫معينة‪ ،‬كما فعل في الجذرائم المقصذودة‪ ،‬وحسذم المشذرع األردنذي فذي المذادة (‪ )345‬مذن قذانون‬
‫العقوبات مسألة السببية في جرائم القتل واإليذاء المقصود بأن تري مسوولية الجاني قائمة حتى لو‬
‫تدخلت عوامل أخرى مستقلة أدت إلى حدوث النتيجة بأن جعل جميذع العوامذل التذي سذاهمت فذي‬
‫إحداث النتيجة الجرمية متساوية‪ ،‬ولو كانت مساهمتها ضئيلة إلى حد ما (‪.)62‬‬
‫ثالثا ا – النتيجة الجرمية المترتبة على السلوك اإلجرامي‪:‬‬
‫تعتبر النتيجة التغير الحاصل في العالم الخارجي كأثر للسلوي اإلجرامذي‪ ،‬حيذث ال يتوقذع‬
‫سلوي إجرامي بدون أثر مترتب على وقوعه مثل وفاة المجني عليه كنتيجذة لجريمذة القتذل‪ ،‬ومذن‬
‫ناحية قانونية فهي تمثل االعتداء على حق أو مصلحة محمية بموجب القانون‪ ،‬وإن كانذت ال تمثذل‬
‫عنصرا ً من عناصر الركن المادي إال بالنسبة لجرائم النتيجة التي يتوقف قيامها على حدوث نتيجة‬
‫معينة كأخذ المال بجريمة السرقة ووفاة المجني عليه في جريمة القتل (‪.)63‬‬

‫(‪ )61‬نجمك محمد صبحيك قانون العقوباتك القسم العامك النظرية العامة للجريمةك الطبعة األولىك مرجع سابقك ص‪.208‬‬
‫(‪ )62‬عبيدك عمادك والكساسبةك فهد (‪ .)2016‬نظرية السببية في التدريع الجزائي األردني جريمة القتل نموذجراًك د ارسررة مقارنرة مررع التدرريعين‬
‫السوري والمصريك بحش مندور في مجلة الزرقاء للبحوم والدراسات اإلسالميةك المجلد السادس عدرك العدد ال الشك ص‪.99‬‬
‫(‪ )63‬وزيرك شرح قانون العقوبات القسم العامك مرجع سابق ص ‪.276‬‬

‫‪-30-‬‬
‫الفرع الثاني ‪-‬الركن المعنو للمسؤولية الجزائية‪:‬‬
‫إن اإلرادة ظاهرة نفسية تبرز القوة الكامنذة فذي داخذل اإلنسذان المنحذرف وتسذيطر علذى‬
‫أفعاله وتصرفاته وتوجهه نحو النشاط اإلجرامي‪ ،‬وتعني تصميم الشخص علذى القيذام بالفعذل عذن‬
‫الذي تذدور حولذه‬ ‫وعي يتجه إلى إحداث نتيجة معينة بوسيلة معينة‪ ،‬فالجانب المعنوي هو األسا‬
‫المسوولية الجزائية وجودا ً وعدما ً‪ ،‬وهو ما يعرف بذ (القصذد الجنذائي)‪ .‬ولذوال وجذود هذذه اإلرادة‬
‫اآلثمة‪ ،‬لما أمكننا محاسبة من يرتكب الفعل اإلجرامي‪.‬‬
‫ولإللمام بهذا الجانب‪ ،‬ال بُد من الغوص في أعماق الجذاني والتعذرف علذى العوامذل التذي‬
‫تنتج اإلرادة اآلثمة والظروف التي جعلت منها سذلوكا ً إجراميذاً‪ .‬وال شذي أن اإلرادة تُعذد عنصذرا ً‬
‫هاما ً يقوم عليه البناء القانوني ألركان الجريمة‪ ،‬وتكمن أهميتها في تحديد المسوولية الجزائية التذي‬
‫تقع على عاتق الجاني‪ ،‬ومن الطبيعي أن تتأثر بما يصيب اإلنسذان مذن أمذراض نفسذية وعصذبية‬
‫(‪.)64‬‬
‫وحتى يُعد القصد الجنائي متوافرا ً‪ ،‬فال يكفذي تذوافر اإلرادة بمفردهذا‪ ،‬إذ ال بذُ د مذن تذوافر‬
‫عنصر العلم بالوقائع‪ .‬فالقصد الجنائي إذا ً عبارة عن علم وإرادة‪ ،‬وبانتفاء أحد هذين العنصذرين ال‬
‫القصد الجنائي أن يكون الفاعل عالما ً بعدم مشروعية فعله بتعديه على‬ ‫يقوم القصد الجنائي‪ ،‬فأسا‬
‫مصلحة محمية‪ ،‬أو أن فعله مخالفا ً لآلداب‪ ،‬أو يناقض مصلحة المجتمع‪ ،‬وهذا بالطبع يتطلذب علذم‬
‫الجاني بالنص القانوني الذي يُسبس على فعله صفة التجريم‪ ،‬والقول بغير ذلي ينبني عليه أن الجاني‬
‫إذا أثبت جهله بالقانون ينتفي لديه القصد الجرمي وال تقوم مسووليته الجزائية (‪.)65‬‬
‫فذذالعلم بالقذذانون وبالصذذفة اإلجراميذذة للفعذذل تُعذذد عنصذذرا ً مذذن عناصذذر القصذذد الجنذذائي‪،‬‬
‫وافتراض العلذم بالقذانون قرينذةً ال تقبذل دلذيالً عكسذيا ً‪ ،‬وال يُقبذل مذن الجذاني التذذرع بعذدم علمذه‬
‫بالقانون‪ ،‬مع وجود االستثناءات في بعض الحاالت‪ ،‬ومنها إذا اثبت الجاني استحالة علمه بالقذانون‬
‫بانقطاعه عن جميع وسائل العلم والمعرفة (‪ ،)66‬وأيضا ً اعتقاد الجاني بمشروعية فعلذه وهذو جذازم‬
‫بهذا االعتقاد‪ ،‬وهذا يتطلب أن يكون االعتقاد المتكون لدى الجاني بمشروعية الفعل من الممكن أن‬
‫ظروف الجاني‪.‬‬ ‫يتكون لدى أي شخص متوسط الذكاء وبنف‬
‫وتختلف اإلرادة عن الباعث‪ ،‬باعتبار أن الباعث هو العلّة التي تحمذل الفاعذل علذى القيذام‬
‫بسذالمة جسذم المجنذي‬ ‫بالفعل‪ ،‬فالبواعث تتعدد‪ ،‬أما اإلرادة أو القصد الجنائي واحد‪ ،‬مثذل المسذا‬
‫من عناصر‬ ‫عنصرا ً من عناصر القصد الجنائي‪ ،‬وبالتالي فهو لي‬ ‫عليه أو صحته‪ .‬والباعث لي‬

‫(‪ )64‬المجاليك شرح قانون العقوبات القسم العامك مرجع سابقك ص ‪.391‬‬
‫(‪ )65‬حسنيك النظرية العامة للقصد الجنائيك مرجع سابقك ص ‪.126‬‬
‫(‪ )66‬المجاليك شرح قانون العقوبات القسم العامك مرجع سابقك ص ‪.329‬‬

‫‪-31-‬‬
‫الجريمة‪ ،‬لذلي فال أثر للباعث في قيام المسوولية الجزائية‪ .‬ويكمن دور الباعث األساسي في كشف‬
‫مدى الخطورة في شخصية الجاني‪ ،‬فهو الدافع إلقدام الشخص على القيام بالعمل (‪.)67‬‬
‫لقد ذكرنا أن اإلرادة أو (القصد الجنائي) إذا اتجهت نحو سلوي مادي معين وعبذرت عذن‬
‫الخطورة اإلجرامية الكامنة في شخصية الجذاني كانذت سذببا ً بتحقذق المسذوولية الجزائيذة‪ .‬وتكمذن‬
‫أهمية القصد الجنائي في تحديد درجة المسوولية الجزائية الُملقاة على عاتق الجاني‪ ،‬فإذا مذا قارنذا‬
‫بين القصد الجنائي والخطأ غير المتعمد‪ ،‬لوجدنا أن القصد الجنائي أكثر أهميةً من الخطأ؛ باعتباره‬
‫أشد جسامةً وأشد عقابا ً‪ ،‬فالمشرع يولي اهتماما ً أكبر بمعاقبة من اتجهت إرادتهم إلى خذرق أحكذام‬
‫القانون عمدا ً‪ ،‬أكثر من أولئي الذين لم تتجه إرادتهم إلى مخالفة القانون‪ ،‬أو لم يأخذوا نصيبهم مذن‬
‫الحيطة والحذر‪ ،‬حيث ال تزال فكرة الجريمة غير العمدية والعقوبات عليها غيذر واضذحة بالنسذبة‬
‫للبعض‪ ،‬بحيث ال يسع الشخص العذادي أن يفهذم لمذاذا يعاقذب المشذرع مذن لذم يذرد خذرق أحكذام‬
‫القانون أو االعتداء على حق محمي(‪.)68‬‬
‫ولهذذذا‪ ،‬فقذذد قسذذم الفقذذه القصذذد الجنذذائي إلذذى قصذذد مباشذذر وقصذذد غيذذر مباشذذر (القصذذد‬
‫االحتمالي)‪ ،‬وقصد محدد وقصد غير محدد‪ ،‬وأيضا ً القصد العام والقصد الخذاص‪ ،‬وأخيذرا ً القصذد‬
‫البسيط والقصد العمدي‪.‬‬
‫‪ -‬القصد المباشر‪:‬‬
‫يقوم القصد المباشر على علم الجاني بأركان الجريمة وعناصرها ومن ثم اتجاه إرادته إلى‬
‫السلوي اإلجرامي‪ ،‬وال يُكتفى باتجاه إرادة الجاني إلذى السذلوي اإلجرامذي فقذط‪ ،‬وإنمذا إلذى تحقذق‬
‫النتيجة التي أرادها بعينها وبذاتها‪ ،‬بحيث تكون النتيجة أثرا ً حتميا ً والزما ً لسلوي الجاني‪ ،‬أو تكون‬
‫النتيجة الحاصلة الغذرض الوحيذد الذذي سذعى الفاعذل إلتمامذه‪ ،‬وهذذا يسذمى القصذد المباشذر مذن‬
‫الدرجة األولى (‪.)69‬‬
‫أما القصد المباشر من الدرجة الثانية‪ ،‬فيكون ما تحقق من نتائج مباشرة هي النتيجذة التذي‬
‫أرادها الفاعل‪ ،‬إال أن هذه النتيجة ترتبط بها وقائع أخرى تكذون الزمذة لهذا وت ُبنذى عليهذا وتسذمى‬
‫القصد المباشر من الدرجة الثانية‪ ،‬ويجب التمييز بينه وبين القصد المتعدي‪ ،‬فالقصد المتعدي إرادة‬
‫الجاني إلى إحداث نتيجة‪ ،‬إال أن فعله يودي إلى نتيجة أشد وأكثر جسامةً (‪.)70‬‬

‫(‪ )67‬حسنيك النظرية العامة للقصد الجنائي مرجع سابقك ص ‪.190-189‬‬


‫(‪ )68‬حسنيك ك النظرية العامة للقصد الجنائيك المرجع السابقك ص‪.10‬‬
‫(‪ )69‬المجاليك نظامك شرح قانون العقوبات القسم العامك مرجع سابقك ص ‪.346‬‬
‫(‪ )70‬القهوجيك علي عبد القادرك شرح قانون العقوباتك القسم العامك مرجع سابقك ص ‪.412‬‬

‫‪-32-‬‬
‫‪ -‬القصد الحتمالي‪:‬‬
‫يرتكز القصد االحتمالي‪ ،‬كما هو الحال في القصد المباشر‪ ،‬على العلم واإلرادة باعتبارهما‬
‫عناصر توافر القصد الجنائي‪ ،‬إال أن القصد االحتمالي يختلف عن المباشر بتوقع النتيجة وقبولهذا‪،‬‬
‫أي أ ن القصد االحتمالي ينشأ بتوافر عاملين توقع النتيجة الضارة أيا ً كانت صذورتها‪ ،‬إضذافةً إلذى‬
‫قبول حصول هذه النتيجة‪ ،‬وبصرف النظر عن صفة المجني عليه أو شخصيته‪ ،‬بمعنى أن الجاني‬
‫عندما قام بجريمته لم يكن يقصد شخص بعينه‪ ،‬وإنما قام بإتمام جريمتذه وتوقذع مذوت أي شذخص‬
‫نتيجة ذلي وقبل بهذا ومضى بإتمام مشروعه اإلجرامي‪.‬‬
‫وعلى ضوء ما سبق نجد أن قوام القصد االحتمالي التوقع والقبول‪ ،‬فإذا أراد الجاني سلوكا ً‬
‫معيناً‪ ،‬توقع النتيجة الجرمية أيا ً كانت وخاطر وقبل بها‪ ،‬أما قوام القصد المباشر السلوي والنتيجة‪،‬‬
‫بحيث تكون النتيجة النهائية األكيدة لسلوي الجذاني‪ ،‬وعذادة ً مذا يظهذر القصذد المباشذر فذي جذرائم‬
‫العمد‪.‬‬
‫‪ -‬القصد المحدد والقصد غير المحدد‪:‬‬
‫إذا اتجهت إرادة الجاني إلى تحقيق نتيجة في موضوع واحذد محذدد‪ ،‬وال يقصذد غيذر هذذا‬
‫الموضوع‪ ،‬فإننا نكون أمام قصد محدد‪ ،‬كأن تتجه إرادة الجاني إلى قتل شخص معين‪ ،‬فيطلق عليه‬
‫النار ويقتله‪ .‬أما القصد غير المحدد‪ ،‬فتتجه إرادة الجاني فيذه إلذى نتيجذة غيذر محذددة بموضذوعها‬
‫وغير معينة‪ ،‬كأن يُلقي الجاني قنبلة على حشد من النا ‪ ،‬فيموت منهم من يموت دون تحديد (‪.)71‬‬
‫‪ -‬القصد العاو والقصد الخاص‪:‬‬
‫يمكن تمييز القصد الخاص بتوافر باعث محدد أو إتمام غاية معينة من خالله‪ ،‬والغاية كما‬
‫عرفها قانون العقوبات األردني في المادة (‪ )67‬منه بأنها‪" :‬العلة التي تحمل الفاعل على الفعذل أو‬
‫ّ‬
‫الغاية القصوى التي يتوخاها"‪.‬‬
‫يتبين لنا من التعريف القانوني السابق‪ ،‬أن المحري للقصد الخاص هو الباعث سذواء كذان‬
‫الشفقة أم االنتقام أم القتل بداع الرحمة‪ ،‬وقد تتعدد الدوافع في الجريمة الواحدة على خذالف القصذد‬
‫الجرمي‪ ،‬فهو ثابت بالنسبة للجريمة‪ ،‬وقذد يكذون للباعذث دورا ً فذي تخفيذف العقوبذة مثذل قتذل األم‬
‫وليدها اتقا ًء للعار‪ ،‬إذ اتجهت اإلرادة إلى جريمذة القتذل بجميذع أركانهذا‪ ،‬إال أن الباعذث أو القصذد‬
‫الخاص قد يكون سببا ً في تخفيف العقوبة‪ ،‬وفي أحيان أخرى يكون الباعث سببا ً في تشديد العقوبذة‬
‫ومثالها إذا ارتكبت الجريمة تسهيالً لجنحة أو تمهيدا ً لها‪ ،‬فيكون القصذد الخذاص سذببا ً فذي تشذديد‬
‫العقوبة(‪.)72‬‬

‫(‪ )71‬توفيقك عبد الرحمن (‪ .)1981‬شرح القسم الخاص في قانون العقوبات األردنيك مطبعة التوفيقك عمانك ص‪.225‬‬
‫(‪ )72‬السعيدك كاملك األحمام العامة للجريمة في قانون العقوبات األردنيك دراسة تحليلية مقارنةك الطبعة األولىك مرجع سابقك ص ‪228‬‬

‫‪-33-‬‬
‫يتبين لنا مما سبق‪ ،‬أنه ال بُد من التمييز بين المسوولية الجزائيذة للجنذاة كذل حسذب حالتذه‬
‫الذهنية والنفسية المرافقة الرتكاب الجذرم‪ ،‬وهنذا تتجلذى أهميذة الذركن المعنذوي فذي الكشذف عذن‬
‫المجرمين الخطذرين وتميذزهم حسذب الخطذورة اإلجراميذة‪ ،‬األمذر الذذي يُبنذى عليذه التمييذز فذي‬
‫معاملتهم حسب درجة الخطورة وتحديد نوع العقوبة ومكانها‪.‬‬
‫ولقد بيّنا آنفا ً ماهية المسوولية الجزائية‪ ،‬وذكرنا بأنها ال ت ُعد عنصرا ً من عناصر الجريمة‪،‬‬
‫وإنما تعتبر أثرا ً أو تبعة قانونية‪ ،‬ج ّ‬
‫سدها المشرع بصورة العقوبة والتدبير االحترازي‪ .‬وقد تطرقنا‬
‫ي اإلدراي واالختيذذار‪ ،‬وذكرنذذا‬
‫إلذذى تعريفهذذا‪ ،‬وبيّنذذا الشذذرطين الواجذذب توافرهم ذا‪ ،‬وهمذذا شذذرط ّ‬
‫عوارضها‪ ،‬واألسباب التي تنال منها‪ ،‬بحيث تجعلها منقوصة أو معدومة‪ ،‬ويجذب أن ننذوه إلذى أن‬
‫انعدام المسوولية الجزائية يحول فقط دون تطبيق الجزاء علذى الفاعذل مذع بقذاء فعلذه جريمذة مذن‬
‫الناحية القانونية‪.‬‬
‫وكذلي بانتقالنا إلى ركني المسوولية الجزائية المادي والمعنذوي‪ ،‬فقذد تطرقنذا إلذى القصذد‬
‫الجنائي وعنصذريه اإلرادة والعلذم‪ ،‬وفرقنذا بينذه وبذين الباعذث‪ ،‬علذى اعتبذار أن القصذد الجنذائي‬
‫الذي ينبني عليه تحديد درجة المسوولية الجزائية وبالتالي تحديد العقوبة‪.‬‬ ‫بأنواعه هو األسا‬
‫وعلى ضوء ما تم ذكره سذابقا ً‪ ،‬وفذي مجذال النظريذة العامذة للجريمذة‪ ،‬وفذي حذال تذوافر‬
‫شروط المسوولية الجزائية‪ ،‬وعدم قيذام أي مذانع مذن موانعهذا‪ ،‬يُسذأل الفاعذل عذن قيذام الجريمذة‪،‬‬
‫ويتحمل االلتزام والتبعة القانونية المترتب على توافر أركانها‪ ،‬وهو مدري لمعانيها ونتائجها‪.‬‬
‫إل أن السؤال المطروح اآلن‪ ،‬هل ينطبق ما سبق ذكره في مجال المسوولية الجزائية على‬
‫كورونذذذا (‪ )COVID–19‬بسذرعة‬ ‫ناقل العدوى الوبائي إلى الغير‪ ،‬خاصةً في ظل انتشار فيذرو‬
‫جريمذة مكتملذة‬ ‫بين البشر بشكل مباشر أو غير مباشر؟‪ ،‬وما مدى إمكانيذة اعتبذار نقذل الفيذرو‬
‫األركان‪ ،‬وإمكانية تجريم ومعاقبة ناقل العدوى بهذا الفيرو ‪ ،‬سواء تم نقل عدواه عن قصد أو عن‬
‫خطأ‪ ،‬أو حدثت تبعذا ً لذذلي حالذة وفذاة أو إيذذاء؟‪ ،‬ومذا مذدى تذوافر المسذوولية الجزائيذة للمصذاب‬
‫بالفيرو ؟‪ ،‬باإلضافة إلى النماذج الجرمية التي قد تتعلق بنقل الفيرو ‪ ،‬والنتائج التي قد تنجم عن‬
‫نقله؟‪ .‬لذلي سوف تكون مذادة البحذث فذي الفصذل األول مذن الدراسذة حذول الجريمذة القصذدية أو‬
‫كورونا مذن المصذاب إلذى غيذره مذن األصذحاء وأوصذافها‪ ،‬ومذا‬ ‫العمدية عن طريق نقل فيرو‬
‫ينطبق عليها من القواعد العامة في قانون العقوبات‪ ،‬ومحاولذة التوصذل إلذى أقذرب تكييذف مالئذم‬
‫للسلوي المتسبب بنقل الفيرو ‪ ،‬ووصوالً إلى ذلي‪ ،‬سنتطرق إلى نبذة قصيرة عن ماهية الفيرو‬
‫وطريقة انتشاره‪ ،‬ومن ثم الشق القانوني المتعلق بواقعة نقله‪.‬‬

‫‪-34-‬‬
‫الفصل األول‬
‫جريمة نقل عدوى فيروس كورونا المستجد (‪)COVID-19‬‬
‫بصورة قصدية‬
‫يعيش العالم منذ مطلع عام ‪ 2020‬في ظل ظذروف اسذتثنائية صذعبة كذان سذببها انتشذار‬
‫كورونا المستجد‪ ،‬حيث صنف كوباء من قبذل منظمذة‬ ‫مرض (‪ )COVID – 19‬المعروف بفيرو‬
‫مذن عذام ‪ ،2020‬واعتبذاره وبذا ًء عالميذاً‪ ،‬وجائحذة حصذدت آالف‬ ‫الصحة العالمية بشذهر مذار‬
‫األرواح؛ ومرد ذلي إلى السرعة الهائلة بانتشذاره واعتبذاره وبذا ًء عذابرا ً للقذارات والحذدود‪ ،‬ومذن‬
‫ما هو إال نتيجة ألفعال‬ ‫الصعب اكتشافه ألسباب تتعلق بطبيعته البيولوجية‪ ،‬إال أن انتشار الفيرو‬
‫البشر‪ ،‬فإما أن تكون هذه األفعال قد تمت عن قصد وإما أال تكون كذلي‪.‬‬
‫كورونا؟ ومذا هذو المعيذار الذذي يمكذن مذن خاللذه اعتبذار نقذل الفيذرو‬ ‫فما هو فيرو‬
‫جريمة قتل قصدية كانت أو عمدية‪ ،‬بحيذث تقذوم بموجبهذا المسذوولية الجزائيذة وتسذتحق العقوبذة‬
‫(‪)73‬؟‪.‬‬
‫(‪ )COVID-19‬وبذا ًء نذاقالً ومعذديا ً سذريع‬ ‫لقد اجتمذع العذالم برمتذه علذى اعتبذار فيذرو‬
‫االنتشار‪ ،‬حيث عرف قانون الصحة العامة رقم (‪ )47‬لسذنة ‪ 2008‬الوبذاء فذي المذادة (‪ )17‬منذه‬
‫بأنه‪" :‬زيادة عدد الحاالت لمرض معين عن العدد المتوقع حدوثه في العادة في مكان محدد ووقذت‬
‫محدد"(‪.)74‬‬
‫أما المرض المعدي فعرفته ذات المادة بأنه‪" :‬المرض النذاتج عذن الكائنذات الحيذة الدقيقذة‬
‫كالبكتيريا والفيروسات والفطريات والطفيليات وما شابهها أو عن سمومها ويمكن للعامل المسذبب‬
‫للعدوى أن ينتقل إلى اإلنسان من مستودع أو مصدر العدوى بطريقة مباشرة أو غير مباشرة"‪.‬‬
‫كما عرفت العدوى بأنهذا‪ :‬دخذول أحذد العوامذل المعديذة إلذى أجسذام البشذر أو الحيوانذات‬
‫وتطوره‪ ،‬أو تكاثره فيها على نحو قد يُشكل خطرا ً على الصحة العامة"‪.‬‬
‫إل أن السؤال المطروح هنا ‪ :‬هل ينطبق وصذف الوبذاء والمذرض المعذدي علذى فيذرو‬
‫(‪.)COVID-19‬‬ ‫(‪)COVID-19‬؟ ولإلجابة على هذا السوال ينبغي أن نُبيّن وصف فيرو‬

‫‪(73)Cruz JL, Sola I, Bearers M, Alberca B, Plana J, Enjuanes L, Zuñiga S (June 2011). "Corona Virus‬‬
‫– ‪Gene 7 counteracts host defenses and modulates virus virulence". PLoS Pathogens. 7 (6): e1002090‬‬
‫مساء‪.‬‬
‫ً‬ ‫تم الدخول إلى الموقع بتاريخ ‪ 2020/12/30‬األربعاء الساعة ‪8.43‬‬
‫(‪"Virus Taxonomy: 2018b Release" (html). International Committee on Taxonomy of Viruses (ICTV) )74‬‬
‫(باللغررة اإلنجليزيررة)‪ .‬مررارس ‪ .2019‬مؤرشررع مررن األصررل فرري ‪ 04‬مررارس ‪ .2018‬اطلررع عليرره بترراريخ ‪ 24‬ينرراير ‪ 2020‬تررم الرردخول إلررى‬
‫الموقع بتاريخ ‪ 2020/12/30‬األربعاء الساعة ‪ 8.43‬مسا ًء‪.‬‬

‫‪-35-‬‬
‫كورونا (‪ :)COVID -19‬هو عبارة عن مجموعة من الفيروسات التي لديها القدرة علذى‬ ‫‪ -‬فيرو‬
‫التحور واكتساب جينات من فيروسات أخذرى تصذيب اإلنسذان‪ .‬وكورونذا يُعذد فيروسذا ً يمكنذه أن‬
‫يقاوم درجات الحرارة لحد (‪ )55‬درجة مئوية‪ ،‬وتقتل عنذد درجذة حذرارة (‪ )56‬درجذة مئويذة أو‬
‫أكثر‪ ،‬ومن الممكن أن يعيش (‪ )4-2‬ساعات في درجة حذرارة الغرفذة‪ .‬وإن أغلذب السذالالت مذن‬
‫كورونذا (‪-2019‬‬ ‫الممكن أن يُقضى عليها بالمواد ال ُمعقمة والمنظفات‪ ،‬أما الشكل الجديد لفيذرو‬
‫جديد ال يُعرف حتى اآلن الكثير عن خصائصه وطرق انتقذال العذدوى بذه‬ ‫▪ ‪ )nCoV‬فهو فيرو‬
‫أو حتى الوقاية منه على مستوى العالم‪ ،‬ومن الممكذن أن يكذون قذد حذدث تطفيذر بحيذث أصذبحت‬
‫الساللة الجديدة قادرة على إصابة الكلى‪ ،‬وهي خاصية غير موجودة في السذالالت األخذرى‪ ،‬وقذد‬
‫هم الخفافيش‪ ،‬وقد تم عزلذه مذن‬ ‫تمكن فريق طبي من التوصل إلى أن المصدر األساسي للفيرو‬
‫إحدى عينات خفافيش تفشي كورونا(‪.)75‬‬
‫‪ COVID-19‬كورونا المستجد عبارة عن عائلة فيروسية كبيرة واإلصابة بها‬ ‫ويُعد فيرو‬
‫تتسبب في نزالت البرد ومتالزمة الشرق األوسط التنفسية (‪ )MERS‬والمتالزمذة التنفسذية الحذادة‬
‫(‪ )SARS‬أو متالزمة االلتهاب الرئوي الحاد‪ ،‬وهذي مذن األمذراض الخطيذرة نسذبياً‪ ،‬وأن الطذرق‬
‫الرئيسية النتقال العدوى هي عن طريق انتقال الرذاذ عن طريق الجهذاز التنفسذي عنذد السذعال أو‬
‫المباشذر أو مالمسذة اليذد الملوثذة‬ ‫أو التحدث‪ ،‬وتنتقل العدوى أيضذا ً عذن طريذق الذتالم‬ ‫العط‬
‫لتجويف األنف أو الفم أو العين (‪.)76‬‬
‫يبقى نشطا ً خارج الجسم على األسذطح مذا يقذارب (‪)48‬‬ ‫ومن الجدير بالذكر أن الفيرو‬
‫ساعة‪ ،‬بمعنى أنه يعيش على أزرار المصاعد ومقابض األبواب وغيرها مذن األسذطح واألمذاكن‪،‬‬
‫بشكل عام للمناعذة ضذد‬ ‫وتعتبر التجمعات البشرية عرضةً النتقال العدوى بسهولة‪ ،‬إذ يفتقر النا‬
‫لحداثته‪ ،‬لذا يتسم بسهولة انتشاره في التجمعذات البشذرية وأكثذر األشذخاص عرضذةً‬ ‫هذا الفيرو‬
‫لإلصذابة بذذه هذذم مذن يعذذانون مذذن أمذذراض مزمنذة‪ ،‬ويذذتم اعتمذذاد العذزل الصذذحي التذذام للمصذذاب‬
‫لهم (‪.)77‬‬ ‫لضمان عدم اختالطه باألصحاء ونقل الفيرو‬ ‫بالفيرو‬
‫(‪ )COVID-19‬بالحمى واإلرهاق والسعال الجاف‪ ،‬وقد‬ ‫وتتمثل أعراض اإلصابة بفيرو‬
‫يعاني بعض المرضى المصابين من اآلالم واألوجاع‪ ،‬أو احتقان األنف‪ ،‬أو الرشح‪ ،‬أو ألم الحلذق‪،‬‬

‫اإلدار الوطنيررة للطر‬ ‫(‪ )75‬الدليل الدامل لفيروس كورونا المستجدك النسررخة المحدثررة الصررادر عررن اللجنررة الوطنيررة الصررينية للصررحة وممتر‬
‫الصينيك الطبعة األولىك جمع وتحرير بالصينية وانغ تدونغ دونغ – سون هاي يررانك ترجمرره للعربيررة إيمرران سررعيد – رنررا محمررد عبررده –‬
‫العقررد الموقررع مررع‬ ‫بسمة طارقك ندر بواسطة بيت الحممة لالست مارات ال قافيةك القاهرك ‪2020‬ك تررم نقررل حقرروق الترجمررة والندررر بموجر‬
‫الناشر األصلي بالصينك الدركة الصينية الوطنية استيراد وتصدير الكت ك ودار ندر تدينغداوك بيت الحممة لالست مارات ال قافية‪.‬‬
‫(‪ )76‬ينظر ر ر ر ر ر ر ر ر ر ررر‪ :‬فير ر ر ر ر ر ر ر ر ر ررروس كورونر ر ر ر ر ر ر ر ر ر ررا المسر ر ر ر ر ر ر ر ر ر ررتجد ‪ ncov2019‬موق ر ر ر ر ر ر ر ر ر ر ررع منظمر ر ر ر ر ر ر ر ر ر ررة الصر ر ر ر ر ر ر ر ر ر ررحة العالمير ر ر ر ر ر ر ر ر ر ررة اإللكترون ر ر ر ر ر ر ر ر ر ر رري‪:‬‬
‫‪ttps://www.who.int/ar/emergencies/diseases/novel-coronavirus-2019/advice coronaviruses‬‬
‫(‪ )77‬الدليل الدامل لفيروس كورونا المستجدك مرجع سابق‪.‬‬

‫‪-36-‬‬
‫بالعذذدوى دون أن تظهذذر علذذيهم أي أعذذراض ودون أن‬ ‫أو اإلسذذهال وعذذادة ً يصذذاب بعذذض النذذا‬
‫يشعروا بالمرض‪ ،‬ويتعافى معظم األشخاص من المرض دون الحاجة للعذالج‪ .‬وتذزداد احتمذاالت‬
‫إصابة المسنين واألشذخاص المصذابين بمشذكالت طبيذة أساسذية أو أمذراض مزمنذة مثذل ارتفذاع‬
‫ضذذغط الذذدم أو أمذذراض القلذذب أو داء السذذكري‪ ،‬بذذأمراض وخيمذذة‪ ،‬وقذذد تذذوفى نحذذو (‪ )%2‬مذذن‬
‫األشخاص الذين أصيبوا بالمرض (‪.)78‬‬
‫بالفترة الواقعة ما بين اإلصابة بالعدوى وظهور عالمات أو‬ ‫تُعرف فترة حضانة الفيرو‬
‫أعراض المرض على المصاب‪ ،‬وتتراوح هذه الفترة وفق تقديرات منظمة الصحة العالمية ‪WHO‬‬

‫ما بين (‪ 2‬و‪ 14‬يوماً)‪ ،‬أما فترة الحضانة وفق تقديرات لجنة الصحة الوطنية الصينية ‪ ،NHC‬فقذد‬
‫قدرت فترة الحضانة من (‪14- 10‬يوماً)‪ ،‬ومع ذلي تم اإلبالغ عن حالة بلغت مذدة الحضذانة فيهذا‬
‫(‪ )27‬يوما ً من قبل حكومة مقاطعة هوبي المحلية بتاريخ ‪ 22‬شباط لعام ‪ .2020‬وقذد تذم تسذجيل‬
‫(‪ )5‬حاالت بفترة حضانة لمدة (‪ )19‬يوما ً في دراسة نُشرت في مجلة الجمعيذة الطبيذة األمريكيذة‬
‫‪ JAMA‬بتاريخ ‪ 21‬شباط لعام ‪.2020‬‬
‫كما نشرت دراسة صينية أخرى لمريض فترة حضذانة امتذدت لفتذرة (‪ )24‬يومذا ً نُشذرت‬
‫بتاريخ ‪ 9‬شباط لعام ‪ .2020‬وقد أعلنت منظمة الصحة العالمية ‪ WHO‬إن هذذه الحذاالت الممتذدة‬
‫تعذرض األشذخاص أكثذر مذن مذرة لإلصذابة‬ ‫على فترات طويلة قذد تعكذ‬ ‫فيها حضانة الفيرو‬
‫مما يعني أن فترة الحضانة يمكن أن تختلف بشكل كبير بين المرضى‪ ،‬فقذد تقصذر هذذه‬ ‫بالفيرو‬
‫الفترة إلى يوم واحد أو قد تطول حتى (‪ )27‬يوما ً (‪.)79‬‬
‫كورونذا ال يحتذاج إلذى‬ ‫كورونا ‪: COVID-19‬إن المصذاب بفيذرو‬ ‫‪ -‬التعافي من مرض فيرو‬
‫الرعاية الصحية الجسدية فقط‪ ،‬وإنما يحتاج أيضا ً إلى الرعايذة النفسذية؛ لمواجهذة المذرض بشذكل‬
‫مصدر ضغط كبير بسبب ظهور القلق‬ ‫إيجابي والتعافي العاجل منه‪ ،‬فاإلصابة بحد ذاتها بالفيرو‬
‫من المصاب على المحيطين بذه أو بسذبب الخذوف مذن المذوت‪ ،‬ويميلذون إلذى الشذعور باالكتئذاب‬
‫فإن القلق سيزيد من إصابتهم بصعوبة التنف ‪.‬‬ ‫واليأ ‪ ،‬أما المرضى المصابين بضيق في التنف‬
‫إلى جانب هذا‪ ،‬ومن جانب آخر‪ ،‬فإن التدخل في األزمات النفسية الناجمة عن تفشي وبذاء‬
‫كورونا المستجد ال يستهدف فقط المرضى المصابين به والمشتبه بإصابتهم فقط‪ ،‬بل يشمل‬ ‫فيرو‬
‫أيضذا ً جميذذع أفذذراد الطذذواقم الطبيذذة ومذذوظفي المنظمذذات االجتماعيذذة المعنيذذين‪ ،‬والطذذواقم الطبيذذة‬

‫(‪ )78‬فيررروس كورونررا المسررتجد (‪)covid-19‬ك دليررل توعرروي صررحي شرراملك تررم اقتبرراس محترروى هررذه الوثيقررة مررن الموقررع االلكترونرري لمنظمررة‬
‫الص ررحة العالمي ررة كم ررا ف رري التفاص رريل اآتي ررة‪ :‬منظم ررة الص ررحة العالمي ررةك ت ررم اس ررترجاي المحت رروى ف رري ‪ 2020/3/1‬وتجميع رره م ررن الموق ررع‬
‫االلكتروني اآتي‪https://www.who.int/ar/emergencies/diseases/novel-coronavirus-2019 :‬‬
‫(‪ )79‬العليررويك معاويررة أنررور (‪)2020‬ك كورونررا القررادم مررن الدرررق كيررف أحمرري نفسرري وأس ررتي مررن الكورونرراك الطبعررة األولررىك الناشررر‪ :‬منررار‬
‫العلم‪ :‬إبريلك ص‪.59‬‬

‫‪-37-‬‬
‫وموظفي إدارة الرعاية الصحية واألخصائيين النفسين المشاركين في مكافحة هذا الوباء معرضون‬
‫لخطر التعرض لإلصابة بالعدوى‪ ،‬كما أن زيادة االختالط عن قرب مع المرضى يزيد مذن خطذر‬
‫(‪.)80‬‬ ‫إصابتهم بالفيرو‬
‫إذا صدقت هذه الدراسات وتم إثباتها بمزيد من البيانات‪ ،‬نرى وعلى ضوء ما سبق ذكره‪،‬‬
‫يجعل منه سذالح جريمذة مغذري للذبعض مذن ضذعاف النفذو ‪ ،‬كونذه‬ ‫أن طريقة انتشار الفيرو‬
‫سالحا ً خفي وسهل االنتشار‪ ،‬أو وسيلة سهلة ومتاحة لالنتقام‪ ،‬فبات انتشار الوباء‪ ،‬إذا صح التعبير‪،‬‬
‫سالحا ً فتّاكا ً ذا طابع خاص‪ ،‬لذا سوف يكون محور حديثنا في الفصل األول من هذه الدراسذة عذن‬
‫كورونا بقصد إزهاق األرواح‪ ،‬وهذل ينطبذق عليهذا الوصذف الجرمذي‬ ‫موضوع تعمد نقل فيرو‬
‫لجريمة القتل العمد‪.‬‬
‫تقوم نظرية الجريمة على سلوي غيذر مشذروع نتيجتذه إلحذاق األذى بذاألفراد ويحذدد لهذا‬
‫القانون عقوبة وفق جسامة الفعل‪ ،‬بشرط مخالفته لقاعدة قانونية‪ ،‬إذ تتحقق المسوولية الجزائية عن‬
‫هذا السلوي بتوافر القصد الجنائي ومكانه الركن المعنوي للجريمذة القصذدية‪ ،‬فذإذا أردنذا أن نسذبس‬
‫وصف الجريمة على أي فعل مادي‪ ،‬يجب أن نبحث أوالً في تذوافر اإلرادة والقصذد الجنذائي لذدى‬
‫الجاني على اعتبار أنها الجزء األهم في تحديد الوصف الجرمي (‪.)81‬‬
‫واألصل أن يكون القصد الجنائي معاصرا ً للجناية أو النشاط اإلجرامي حتى يصح اعتبار‬
‫مطلوبا ً وقذت ارتكذاب النشذاط الجنذائي بذل‬ ‫الجريمة قصدية‪ ،‬ويمكن القول أيضا ً أن التعاصر لي‬
‫يمكن أ ن يكون بعد ارتكاب الفعل ولكن بالضرورة قبل تحقق النتيجة(‪ ،)82‬وقد يتخذ القصد الجنائي‬
‫عمليا ً صور عدة منها القصد العام الذي يقوم على إحاطة الجاني بأركان الجريمذة دون أن يتذوافر‬
‫لديه غاية أو باعذث‪ ،‬والقصذد الخذاص والذذي يقذوم بذدافع باعذث خذاص(‪ ،)83‬أو أن يكذون القصذد‬
‫مباشرا ً في حال قصد الجاني نتيجة فعله‪ ،‬فينسحب القصد على النتيجة أو قصد غيذر مباشذر قصذد‬
‫احتمالي بأن قصد الفعل ولم يقصد النتيجة الحاصلة‪ ،‬إال أن كالهما يقوم على العلم واإلرادة بأركان‬
‫الجريمة(‪.)84‬‬

‫دائررر ممافحررة األم رراض والوقايررة منهررا بلجنررة الصررحة‬ ‫(‪ )80‬دليررل وقايررة الصررحة النفسررية مررن فيررروس كورونرراك الطبعررة األولررىك إعررداد وإش ر ار‬
‫الوطنيررة الصررينيةك ترجمررة أمنيررة شررمريك ‪1441‬ه ر ‪2020 /‬مك الناشررر‪ :‬بيررت الحممررة لالسررت مارات ال قافيررةك رقررم اإليررداي‪2020/9341 :‬م‬
‫العقررد الموقررع مررع الناشررر األصررلي بالصررين ‪ Press Intercontinental China‬دليررل وقايررة‬ ‫تررم نقررل حقرروق الترجمررة والندررر بموجر‬
‫الصحة النفسية من فيروس كوروناك تأليف‪ :‬جمعية الصحة النفسية الصينية‪com.gmail@baytalhekmaeg: mail-E.‬‬
‫(‪ )81‬أبو عامرك محمد زكيك قانون العقوبات اللبنانيك القسم العامك بال طبعةك الدار الجامعيةك ص‪.148‬‬
‫(‪ )82‬أبو عامرك قانون العقوبات اللبنانيك القسم العامك المرجع السابقك ص‪.210‬‬
‫(‪ )83‬وزيرك شرح قانون العقوباتك القسم العامك مرجع سابقك ص ‪.400‬‬
‫(‪ )84‬باشاك محمد كامل مرسيك والسررعيدك مصررطفى (‪ .)1946‬شرررح قررانون العقوبررات المصررري الجديرردك الجرزء األولك الطبعررة ال ال ررةك مطبعررة‬
‫مصرك القاهرك ص ‪.370‬‬

‫‪-38-‬‬
‫المبحث األول‬
‫جريمة نقل العدوى بقصد القتل‬
‫القصد هو النيذة الجرميذة التذي يعقبهذا التنفيذذ‪ ،‬إمذا مباشذرة أو أن تعقبهذا بفتذرة طالذت أم‬
‫قصرت‪ ،‬ويجب أن تتوافر في جذرم القتذل القصذد األركذان الماديذة المتمثلذة بفعذل االعتذداء الذذي‬
‫يستهدف إزهاق روح إنسان حي‪ ،‬والرابطة السببية بين االعتداء والوفاة‪ ،‬إال أن هنذاي حالتذان فذي‬
‫جريمة القتل يجب التفريق بينهما وهما القتل القصد والقتل العمد‪.‬‬
‫المطلب األول ‪-‬مفهوو جريمة القتل باستخداو األمراا المعدية‪:‬‬
‫الفرع األول ‪-‬تعريف القتل‪:‬‬
‫إن المشرع األردني لم يورد تعريفا ً لجريمة القتل حيث اكتفذت المذادة (‪ )326‬مذن قذانون‬
‫العقوبات األردني بالقول‪" :‬من قتل إنسانا ً قصدا ً عوقب باألشغال الشاقة عشرين سنة"‪ ،‬إال أن الفقه‬
‫فعرف جريمذة القتذل بأنهذا‪" :‬صذورة مذن صذور االعتذداء الواقذع علذى حيذاة‬
‫تصدى لهذه المهمة‪ّ ،‬‬
‫اإلنسان فتزهق روحه بحيث يصبح جثة هامدة فاقدا ً للحياة فيصبح في أعداد الموتى"(‪.)85‬‬
‫ومن الجدير بالذكر أن مضمون نص المادة (‪ )326‬عقوبات أردني قد اقتصرت على ذكر‬
‫الفعل أو الجريمة بشكل عام دون تحديد؛ ولعل الهدف مذن ذلذي تذري المجذال مفتوحذا ً فيمذا يتعلذق‬
‫بأوصاف فعل القتل أو الوسيلة المستخدمة‪ ،‬بحيث تنطوي تحت مظلة هذا النص أي واقعة أو فعذل‬
‫يفضي إلى النتيجة الموصوفة وهي الوفاة‪.‬‬
‫ويرى الباحث في تعريف جريمة القتل بأنها‪ :‬التعدي على حق محمذي بالشذريعة والقذانون‬
‫وذلي بإنهاء حياة شخص ما‪ ،‬أيا ً كانت الوسيلة أو الطريقة المتبعة لذلي طالما اتجهت إرادة الفاعذل‬
‫إلى تحقيق النتيجة وهي الوفاة‪.‬‬
‫أما القتل العمد فيمكن تعريفه بأنه‪ :‬التسبب في وفاة إنسان آخر بصذورة غيذر شذرعية بعذد‬
‫النظر بعقالنية في التوقيت أو الوسيلة للقيام بذلي من أجذل زيذادة احتمذاالت النجذاح‪ ،‬ويكذون ذلذي‬
‫عندما تتجه إرادة الجاني إلى تحقيق النتيجة كاملة بصورة منظمة (‪.)86‬‬
‫وقد نصت المادة (‪ )326‬من قانون العقوبات األردني علذى أنذه‪" :‬مذن قتذل إنسذانا ً قصذدا ً‬
‫عوقب باألشغال عشرين سنة"‪ ،‬إذ نستخلص من المادة (‪ )326‬أن المبذدأ القذانوني فيهذا هذو حالذة‬
‫قيام أحد األشخاص بقتل آخر في وقت ما‪ ،‬ودون تفكير مسبق‪ ،‬بحيذث يقذع الفعذل اإلجرامذي وليذد‬
‫لحظته دون التخطيط له‪ ،‬فإن أتى الجاني بسلوي مجرم وتمخض عذن هذذا السذلوي نتيجذة جرميذة‬

‫(‪ )85‬توفيررقك عبررد الرررحمن ونجررمك محمررد صرربحي (‪ .)1983‬شرررح القسررم الخرراص فرري قررانون العقوبرراتك الجررزء األولك الطبعررة األولررىك مطبعررة‬
‫التوفيقك عمانك ص ‪.167‬‬
‫(‪ )86‬رمضانك عمر السعيدك شرح قانون العقوباتك القسم العامك مرجع سابقك ص ‪.364‬‬

‫‪-39-‬‬
‫وثبتت عالقة السببية بين السلوي المجرم والنتيجة الجرميذة المتمثلذة بالوفذاة‪ ،‬وباعتبذار أن القصذد‬
‫الجرمي توافر بفعل الجاني لعلمه أنه يوجه فعله إلى إنسان على قيد الحياة ولعلمه أن من شأن فعله‬
‫إزهاق روح إنسان واتجاه إرادته الحرة الواعية إلى إتيان الفعل المجذرم وتحقذق النتيجذة المرجذوة‬
‫فتوافرت جميع أركان جريمة القتل لكن دون تخطيط وتفكير مسبق(‪.)87‬‬
‫أما القتل العمد فقد نصت عليه المذادة (‪ )328‬مذن قذانون العقوبذات األردنذي وجذاء فيهذا‪:‬‬
‫"يعاقب باإلعدام على القتل قصدا ً إذا ارتكب مع سبق اإلصرار‪ ،‬ويقال له (القتل العمد)"‪ .‬إذا ً فنص‬
‫المادة يلزم لقيام جريمة القتل العمد توافر شرط سبق اإلصرار‪ ،‬ومقتضذى هذذا الشذرط يقذوم علذى‬
‫توافر عنصرين‪ ،‬العنصر الزمني‪ ،‬وهو ما يمثل القصد المصمم عليذه قبذل الجذاني ومقتضذى ذلذي‬
‫مرور فترة زمنية بين عزمه على ارتكاب جريمة وبين تنفيذ ما عزم عليه وبحيث تسذمح لذه هذذه‬
‫الفترة الزمنيذة الفرصذة للتفكيذر والتذروي فيمذا عذزم عليذه وتذدبر عواقبذه‪ ،‬ورتذب وسذائل تنفيذذه‬
‫واستقرار الفكرة في ذهنه قبل اإلقدام على ما قصده وكل ذلي بصرف النظذر عذن الفتذرة الزمنيذة‬
‫شذرطا ً بحذد ذاتذه‪ ،‬وهذي تختلذف مذن‬ ‫التي حصل فيها هذا التروي إذ إن مرور الفترة الزمنية لي‬
‫شخص آلخر‪ ،‬والعنصر الثاني وهو العنصذر النفسذي والمتمثذل بتفكيذر الجذاني فذي الجريمذة قبذل‬
‫ارتكابها بكل هدوء وروية بال وبما يكفي للتفكير بالعواقب وعلى نحو يتيح له المجذال باإلقذدام أو‬
‫األحجام ثم التصميم على ما قصده وإعداد الوسيلة الالزمة وتنفيذها كمذا أن سذبق اإلصذرار حالذة‬
‫الجاني ال يمكن االستشهاد بها‪ ،‬وإنمذا تسذتدل عليهذا محكمذة الموضذوع مذن خذالل‬ ‫ذهنية في نف‬
‫ظروف الدعوى ومالبساتها‪ ،‬وهذا ما عنته المادة (‪ )328‬بلفظ قصد اإلصرار(‪.)88‬‬
‫الفرع الثاني ‪-‬وسائل القتل‪:‬‬
‫الوسيلة هي كل أداة يستعان بها إلحداث النتيجة المطلوبة سواء كانت هذه الوسائل قاتلة أم‬
‫غير قاتلة‪ ،‬ولكنها تودي إلى النتيجة‪ ،‬إذ يمكن تقسيم أدوات أو وسائل القتل إلى نوع قاتذل بطبيعتذه‬
‫مثل السيف والرمح والبندقية‪ ،‬ونوع ال يقتل غالبا ً مثل العصا الخفيفة والسذوط‪ ،‬ونذوع يقتذل نذادرا ً‬
‫مثل الضرب أو الوخز بإبرة غير مسممة مثالً (‪.)89‬‬

‫(‪ )87‬ق ررار محممررة التميي ررز رقررم ‪ 2007/1044‬وجرراء في رره‪ :‬يف ر ن هررذه األفع ررال نجررد منهررا أن ني ررة المررتهم ع مرران ق ررد اتجهررت إلررى إزه رراق روح‬
‫المجنرري عليرره وأن هررذه النيررة كانررت آنيررة ولررم تكررن مبينررة ولررم تكررن نتيجررة تخطرريط وتصررميم سررابقين بررل كانررت وقتيررة ندررأت نتيجررة الحررديش‬
‫بينهمررا وحصررول المدرراجر علررى إثرهررا فعليرره يمررون مررا توصررلت إليرره محممررة الجنايررات الكبرررى بتعررديل وصررع الجرررم مررن جنايررة الدررروي‬
‫بالقتل العمد إلى جناية الدروي بالقتل القصد كان في محلهي‪.‬‬
‫(‪ )88‬الجبررورك محمررد (‪ .)2000‬الج ررائم الواقعررة علررى األشررخاص فرري قررانون العقوبررات األردنرريك د ارسررة مقارن رةك الطبعررة األولررىك دار ال قافررة‬
‫للندر والتوزيعك عمانك ص‪.101‬‬
‫(‪ )89‬أبررو جحجرروحك سررلوى علرري صررالح (‪ .)2009‬القتررل فرري ضرروء القرران الك رريمك د ارسررة موضرروعيةك رسررالة ماجسررتيرك الجامعررة اإلسررالميةك‬
‫غز ك ص‪.13‬‬

‫‪-40-‬‬
‫واألصل أ ن الوسيلة المستخدمة في الجريمة ال يعبأ بها المشرع عذادة إال أنذه وفذي بعذض‬
‫األحيان قد يعتبرها عنصر في الجريمة وهو ما يعد استثناء على األصل‪ ،‬وفي هذا الفرض تصذبح‬
‫الوسيلة المستخدمة من مقومات الفعل اإلجرامي‪ ،‬كما هو الحال في جريمة القتل بالسم‪ ،‬إذ تسذتلزم‬
‫أن يتم إزهاق روح المجني عليه بواسطة مادة سمية‪ ،‬أي أنه ال يمكن تصور وقذوع جريمذة القتذل‬
‫بالسم‪ ،‬إال بوسيلة معينة بذاتها‪ ،‬بحيث تصبح الوسيلة عنصر من عناصر الجريمة (‪.)90‬‬
‫وعلى هذا سار قانون العقوبات األردني بعدم تحديد الوسيلة‪ ،‬إال أنه واسذتثنا ًء علذى ذلذي‪،‬‬
‫وبالرجوع إلى نص المادة (‪ )330‬عقوبات أردني‪ ،‬نجد أنها حددت المذواد الضذارة كوسذيلة لقيذام‬
‫االعتداء‪ ،‬وحددت طبيعة الوسيلة أو األداة المستعملة بقولها‪" :‬من ضرب أو جرح أحدا ً بذأداة لذي‬
‫من شأنها أن تفضي إلى الموت أو أعطاه مواد ضارة ولم يقصد من ذلي قتالً قذط‪ ،‬ولكذن المعتذدى‬
‫بجسذم المجنذي‬ ‫عليه توفي متأثرا ً مما وقع عليه ‪" ،...‬بمعنى أن انصراف نيّة الفاعل إلذى المسذا‬
‫بحق المجني عليه في الحياة‪ ،‬إال أن الفاعل يُسأل عذن النتيجذة‬ ‫عليه دون أن تنصرف إلى المسا‬
‫التي حدثت وهي الوفاة ما دامت النتيجة مرتبطة بفعله برابطة السببية‪ ،‬باإلضذافة إلذى أنذه يشذترط‬
‫أن تكون الوسيلة المستعملة ليست قاتلة بطبيعتها‪ ،‬وإن كانت الوسيلة المستعملة في الجريمة وسيلة‬
‫غير قاتلة بطبيعتها‪ ،‬إال أنها أدت إلى إحداث النتيجة‪ ،‬وهي الوفاة وأصبحت من مقومات الفعل‪ ،‬أي‬
‫أنه جعل المادة الضارة من خالل هذا النص عنصرا ً من عناصر الجريمة لوقوع االعتداء‪.‬‬
‫ويرى الباحث على ضوء ما سبق طرحه وبنا ًء على هذا التقسيم أن ما ال يقتل غالبا ً‪ ،‬يمكن‬
‫من جسم المجني عليه‪ ،‬أو إذا كانذت‬ ‫أن يكون قاتالً إذا استخدم بطريقة معينة أو على جزء حسا‬
‫الظروف الصحية للمجني عليه غير مهيأة لتحمله‪ ،‬كأن يقوم الطبيب أو الممذرض بحقذن المذريض‬
‫جر الهواء ناحية القلذب‪ ،‬وعلذى اعتبذار أن‬
‫بحقنة وريدية غير مفرغة من الهواء‪ ،‬فيعمل الدم على ّ‬
‫القلب مضخة تعمذل بالذدم فقذط‪ ،‬فُيشذكل هذذا سذببا ً للوفذاة‪ ،‬وعلذى ذلذي‪ ،‬إذا قلنذا أن طبيعذة الحقذن‬
‫الوريدية غير قاتلة بطبيعتها إال أن استخدامها بهذه الطريقة بعدم إفراغها من األكسذجين قذد يذودي‬
‫إلى الوفاة(‪.)91‬‬
‫ويعتقد الباحث أن هذا ما عناه المشرع األردنذي بذنص المذادة (‪ )330‬عقوبذات‪ ،‬وهذو مذا‬
‫ينطبق على استخدام نقل العدوى بالفيروسات أو الميكروبات كسالح للجريمة‪ ،‬إذ ال يمكذن اعتبذار‬
‫الفيروسات بشكل عام‪ ،‬أداة قاتلة بطبيعتها‪ ،‬إال إذا توافرت الظروف لدى المجني عليذه كذأن يكذون‬

‫(‪ )90‬وزيرك عبد العظيم موسىك شرح قانون العقوبات القسم العامك الجزء األولك مرجع سابقك ص‪.272‬‬
‫رداء إل ررى‬
‫(‪ )91‬ق ررار محممررة التمييررز األردني ررة بصررفتها الجزائيررة رق ررم‪ 1999/557‬وجرراء فيرره‪ :‬ي‪ ...‬وهررل اتجه ررت إلررى القتررل أم أنه ررا اتجهررت ابتر ً‬
‫اإليررذاء الررذي أدى إلررى الوفررا ك وكررذلف فرري تحديررد طبيعررة األدا الترري ارتكبررت بهررا الجريمررة وهررل هرري أدا قاتلررة بطبيعتهررا م ررل المسرردس‬
‫طبيعررة اسررتخدامهايك المندررور علررى الصررفحة (‪ )777‬مررن عرردد‬ ‫والسررمين أم أنهررا غيررر قاتلررة بطبيعتهررا أو أنهررا أصرربحت أدا قاتلررة حس ر‬
‫المجلة القضائية رقم (‪ )9‬تاريخ ‪.1999/1/1‬‬

‫‪-41-‬‬
‫مريضا ً بمرض مزمن كالسرطان وأمراض القلب‪ ،‬أو من ذوي المناعة المتدنية كالصغير والمذرأة‬
‫الحامل والطاعن بالسن‪ ،‬ومما ال شذي فيذه أن واقعذة نقذل العذدوى تثيذر مشذكالت علذى المسذتوى‬
‫القانوني وأهم هذه المشكالت مدى مالئمة القواعد القانونيذة التقليديذة فذي مواجهذة هذذا النذوع مذن‬
‫السلوي الضار والتي لذم يعهدهذا من قبل لحداثتها(‪.)92‬‬
‫المطلب الثاني – أركان جريمة نقل العدوى بوصفها قتل مقصود‪:‬‬
‫كورونذا (‪ )COVID – 19‬مثذار نقذاش وخذالف‬ ‫أصبحت واقعة انتشذار العذدوى بفيذرو‬
‫قانوني باعتباره مذن األمذراض المعديذة الناقلذة‪ ،‬وت ُثذار المشذكلة حذول المسذوولية الجزائيذة لناقذل‬
‫العدوى‪ ،‬فذإذا مذا تذوافرت أركذان الجريمذة المتمثلذة بذالركن المذادي والذركن المعنذوي وعناصذر‬
‫الجريمة وهي الفعل اإلجرامي المتمثل بنشر العدوى بأي وسذيلة كانذت‪ ،‬والعنصذر الثذاني حذدوث‬
‫النتيجة المتمثلة بوفاة المجني عليه متأثرا ً بالعدوى بوصفها نتيجة مباشرة لنشاط ناقل العدوى قامت‬
‫المسوولية الجزائية للجاني متى ثبتت العالقة السببية التي تربط بين السلوي والنتيجة(‪.)93‬‬
‫الفرع األول ‪-‬الركن الماد لجريمة القتل القصد عن طريق نقل عدوى فيروس كورونا المسـتجد‬
‫(‪)COVID-19‬‬
‫يعرف الركن المادي للجريمة بأنه‪ :‬ارتكاب فعل يحظره القانون ويكون على شكل حركات‬
‫تصدر عن الجاني ويتوصل بها الرتكاب الجريمذة‪ ،‬وقذد تكذون هذذه الحركذات علذى شذكل حركذة‬
‫واحدة أو عدة حركات‪ ،‬إال أنها تبقى مكونة لفعل واحد‪ ،‬وتمثل وسيلة الجاني فذي تحقيذق جريمتذه‪،‬‬
‫إال أن الفعل أو السلوي المخالف بحد ذاتذه ال يكفذي لتذوافر الذركن المذادي للجريمذة‪ ،‬إذ ال بذد مذن‬
‫توافر‪ ،‬إلى جانب ذلي‪ ،‬عنصري النتيجة الجرمية والعالقة السببية (‪.)94‬‬
‫أو الذي ينذتج آثذار علذى أرض‬ ‫ويظهر الركن المادي للجريمة على شكل النشاط الملمو‬
‫الواقع‪ ،‬ويعتبر بحق المحري الرئيسي للبحث في مدى توافر المسوولية الجزائية‪ ،‬وينبني على هذذا‬
‫أن سياسة التجريم ال تطال إلى المظهر الخارجي للجريمة‪ ،‬وال يمكن أن تتناول األفكار التي تختلج‬
‫حتى لو قام الجاني باإلفصاح عنها‪ ،‬طالما أنها لم تظهر إلى حيز الوجود‪ ،‬إذ لم تصذبح بعذد‬ ‫النف‬
‫جرم‪ ،‬لذلي فذإن األفعذال الماديذة الخارجيذة أي (الذركن المذادي للجريمذة) بعناصذره الثالثذة‬
‫فعل ُم ّ‬
‫السلوي والنتيجة المترتبة والعالقذة السذببية التذي تجمذع بينهمذا يجذب أن تتضذمن إخذالالً صذريحا ً‬

‫(‪ )92‬المجل رردك مهن ررد س ررليم (‪ .)2012‬جر ررائم نق ررل الع رردوىك بح ررش مق ررارن ف رري الق ررانون المص ررري والفق رره اإلس ررالمي والنظ ررام الس ررعوديك الطبع ررة‬
‫األولىك مندورات الحلبي الحقو يةك بيروتك ص‪.25‬‬
‫(‪ )93‬طنطرراويك سرريد (‪ .)2019‬المسررؤولية الجزائيررة عررن عمليررات نقررل ال رردم الملررومك د ارسررة بح يررةك مندررور علررى موقررع المركررز ال ررديمقراطي‬
‫العربي للدراسات اإلستراتيجيةك ‪ 15‬سبتمبر‪.‬‬
‫(‪ )94‬أبو عامرك محمد زكيك قانون العقوبات اللبنانيك القسم العامك بال طبعةك الدار الجامعيةك لبنانك ص ‪.79‬‬

‫‪-42-‬‬
‫بالقوانين السارية أو بالحقوق العامة والخاصة أو بالمنظومذة األخالقيذة للمجتمذع سذواء نذتج عنهذا‬
‫ضررا ً محققا ً أم لم ينتج‪ ،‬وكانت تشكل خطرا ً على األفراد(‪.)95‬‬
‫فقد تكون القاعدة العامة في القانون الجنائي عدم اشتراط توافر عنصر مفترض أو عنصر‬
‫خاص حتى تقوم الجريمة‪ ،‬إال أن لهذه القاعدة اسذتثناءات فقذد يذرى المشذرع لذزوم تذوافر عنصذر‬
‫خاص باإلضافة إلى باقي عناصر الركن المادي‪ ،‬ويترتب عليه ضرورة علذم الجذاني بتذوافر هذذا‬
‫العنصر حتى تتحقق المسوولية الجزائية عن الفعل‪ ،‬وقد تكون هذه العناصر طبيعية أو قانونية(‪،)96‬‬
‫وحيث إ ن ضرورة العلم بوجود العنصر المفترض لدى الجاني له تأثير واضح فذي تكذوين القصذد‬
‫الجنائي‪ ،‬فإذا كان العنصر المفترض في جريمة القتل عموما ً أن تقع النتيجة على إنسان حي مهمذا‬
‫كان عمره حتى لو كان حديث الوالدة(‪ ،)97‬فإن العنصر المفترض في جريمة القتل العمذد بواسذطة‬
‫نقل فيرو ‪ COVID-19‬هو أن يكون المجنذي عليذه خاليذا ً مذن مذرض الكورونذا وغيذر مصذاب‬
‫لمذا قامذت الجريمذة أصذالً؛ ذلذي أن الفيذرو‬ ‫بالفيرو ‪ ،‬فلو ثبت إصابة المجني عليه بذالفيرو‬
‫أصالً(‪ ،)98‬وبالتذالي فذإن هذذه‬ ‫الذي تم نقله إليه مجددا ً لن يوثر فيه على اعتبار أنه حامل للفيرو‬
‫الجريمة تستلزم وجود عنصر مفترض فيها‪.‬‬
‫كورونذا إلذى‪ :‬السذلوي اإلجرامذي‬ ‫وينقسم الركن المادي في جريمذة القتذل العمذد بفيذرو‬
‫‪ ،OVID-19‬والنتيجذة اإلجراميذة‬ ‫والمتمثل باالعتداء على حياة شخص آخر بواسذطة نقذل فيذرو‬
‫وهي وفاة المجني عليه‪ ،‬والعالقة السببية التذي تذربط السذلوي المتمثذل‬ ‫المترتبة على نقل الفيرو‬
‫والنتيجة المتمثلة بالوفاة‪.‬‬ ‫بنقل الفيرو‬
‫أولا ‪-‬الســلوك اإلجرامــي‪-‬المتمثــل بالعتــداء علــى حيــاة شــخص طخــر بواســطة نقــل فيــروس‬
‫(‪:)COVID-19‬‬
‫ال تقوم جريمة القتل إال أن يقوم الجاني بفعل أو سلوي مجرم بصرف النظر عن شكل هذا‬
‫السلوي سواء كان إيجابيا ً أو سلبياً‪ ،‬ومرد ذلي أ ن القانون بطبيعة الحال ال يعاقب علذى النيذة غيذر‬
‫الحسنة‪ ،‬إال باعتماد األسلوب المستخدم في الجريمة‪ ،‬فال بد أن يصدر عن الجاني فعل معذين ينذتج‬
‫عنه وفاة المجني عليه‪ ،‬وحيث أن القانون الجنائي لم يتطلب صورة معينة حتى تقع جريمذة القتذل‪،‬‬

‫(‪ )95‬ارشر رردك علر رري (‪ .)1974‬القر ررانون الجنر ررائي المر رردخل وأصر ررول النظرير ررة العامر ررةك الطبعر ررة ال انير ررةك دار النهضر ررة العربير ررةك مصر ررر الجدير ررد ك‬
‫ص‪.262‬‬
‫(‪ )96‬توفيقك عبد الرحمن ونجمك محمد صبحيك شرح القسم الخاص في قانون العقوباتك الجزء األولك مرجع سابقك ص‪.171‬‬
‫(‪ )97‬عوضك محمد محي الدين (‪ .)1981‬القانون الجنائي وجرائمهك الجزء ال انيك الطبعة األولىك دار النهضة العربيةك القاهرك ص‪.285‬‬
‫(‪ )98‬الصغيرك جميل عبد الباقي (‪ .)1995‬القانون الجنائي واإليدزك دار النهضة العربيةك القاهر ك ص ‪.49‬‬

‫‪-43-‬‬
‫فيمكن أن تقع بأي وسيلة ومن ضمنها نقل الفيروسات؛ ذلي أن الوسيلة ليست عنصرا ً من عناصر‬
‫الركن المادي للجريمة‪ ،‬إال إذا نص المشرع على ذلي (‪.)99‬‬
‫وبالرجوع إلى قانون العقوبات األردني نجد أن نص المادة (‪ )326‬حددت السلوي المكون‬
‫لجريمة القتل قصدا ً‪ ،‬ولكنها لم تشترط أن يتم القتل بوسيلة محددة‪ ،‬ولعل الغاية من وراء ذلذي هذي‬
‫استيعاب جميع األساليب واألدوات المتبعة في القتل أو التي من الممكن أن يكشف عنها فيمذا بعذد‪،‬‬
‫مع األخذ بعين االعتبار تطور األساليب المتبعة في الجريمة (‪.)100‬‬
‫(‪ )COVID-19‬فتذتم عذن طريذق‬ ‫أما السلوي اإلجرامي عن طريق نقذل العذدوى بفيذرو‬
‫الرذاذ عندما يخالط شخص شخصا ً آخذر تظهذر لديذه أعذراض تنفسذية (مثذل السذعال أو العطذ )‬
‫مخالطة لصيقة (في حذدود مسذافة متذر واحذد) ممذا يجعذل هذذا الشذخص عرضذةً لخطذر تعذرض‬
‫أغشيته المخاطية (الفم واألنف) أو ملتحمته (العين) لقطيرات تنفسية يُحتمل أن تكون معدية‪.‬‬
‫وقذد تنتقذل العذدوى أيضذا ً عذن طريذق أدوات ملوثذة توجذذد فذي البيئذة المباشذرة المحيطذذة‬
‫المسبب لمرض (‪ )COVID -19‬يمكذن‬ ‫بالشخص المصاب بالعدوى‪ ،‬وعليه فإن العدوى بالفيرو‬
‫أن تنتقذذل إمذذا عذذن طريذذق المخالطذذة المباشذذرة ألشذذخاص مصذذابين بالعذذدوى‪ ،‬أو المخالطذذة غيذذر‬
‫المباشذذرة بمالمسذذة أسذذطح موجذذودة فذذي البيئذذة المباشذذرة المحيطذذة‪ ،‬أو أدوات مسذذتخدمة مذذن قبذذل‬
‫الشخص المصاب بالمرض (‪ ،)101‬وعلى ضوء ذلي يكون قد تم تحديد السلوي المجرم فذي جريمذة‬
‫األشخاص واألسطح الموبوءة‪.‬‬ ‫بالمخالطة اللصيقة بحدود المتر أو لم‬ ‫نقل العدوى بالفيرو‬
‫(‪ )COVID-19‬من المصاب إلى المجنذي‬ ‫وإن أي وسيلة يمكن أن ت ُستخدم في نقل فيرو‬
‫كورونذا‬ ‫عليه‪ ،‬تكون محالً العتبارها سلوي إجرامي في جريمة القتل العمد بواسذطة نقذل فيذرو‬
‫عمدا ً في وجه المجني عليه أو تقبيله وتري شيء من لعابه على وجه المجني عليه‪ ،‬أو‬ ‫مثل العط‬
‫لمسه مع وضع اللعاب على أغراض تخص المجني عليه‪ ،‬والتي عادة ً ما يستخدمها‪ ،‬قاصذدا ً بذذلي‬
‫نقل العدوى إليه فيكفي أن يقوم الجاني بإحدى هذه األفعال فيكون بذلي استخدم الوسيلة وهيأ أسباب‬
‫نقل العدوى حتى لو بقيت النتيجة معلقة على ظرف معين‪ ،‬كما لو قام الجاني بتلويث مقذبض بذاب‬
‫مركبة المجني عليه بلعابه كونه شاهده قادما ً إلى المركبة‪ ،‬فيكون الجاني قد استكمل الركن المذادي‬

‫(‪ )99‬الصغيرك القانون الجنائي واإليدزك المرجع السابق ص‪.10‬‬


‫لمرررض كوفيررد‪ :19-‬اآثررار المترتبررة علررى التوصرريات بدررأن الترردابير االحتياطيررة للوقايررة مررن العرردوى‬ ‫(‪ )100‬طرررق انتقررال الفيررروس المسررب‬
‫محدثة عررن المرروجز الصررادر فرري ‪ 27‬آذار‪ /‬مررارسك إذ أضرريفت لرره‬
‫وممافحتهاك موجز علمي ‪ 29‬آذار‪/‬مارس ‪ .2020‬هذا النص نسخة ّ‬
‫حجررم جسرريماتها وم ارجررع ثالثررة إصرردارات ذات صررلةك منظمررة الصررحة العالميررةك تقريررر البع ررة المدررتركة بررين‬ ‫تعرراريف القطي ررات حس ر‬
‫المنظمر ررة والصر ررين عر ررن المر رررض الر ررذي يسر ررببه في ر ررروس كورونر ررا المسر ررتجد ‪( 2019‬كوفير ررد‪ )19-‬فر رري ‪ 24-16‬شر ررباط‪ /‬فب اري ر ررر ‪2020‬‬
‫[اإلنترنت]ك جنيف‪ :‬منظمة الصحة العالمية ‪( 2020‬باإلنكليزية) على الموقع اإللكتروني التالي‪:‬‬
‫‪https://www.who.int/docs/default- source/coronaviruse/who-china-joint-mission-on-covid-19-final-‬‬
‫‪report.pdf.‬‬
‫(‪ )101‬طرق انتقال الفيروس المسب لمرض كوفيد‪19-‬ك مرجع سابق‪.‬‬

‫‪-44-‬‬
‫للجريمة إال أن المجني عليه باستخدام المناديل لمسي مقبض باب المركبذة تكذون الجريمذة شذروع‬
‫وليست كاملة إذ أن الجذاني اسذتكمل الذركن المذادي إال أن النتيجذة لذم تحصذل لسذبب خذارج عذن‬
‫(‪ )COVID-19‬إذا تذوافرت‬ ‫إرادته‪ ،‬إذ يمكن تصور الشروع في جريمة القتل العمذد بنقذل فيذرو‬
‫ّنيذة القتذذل لذذدى الجذذاني‪ ،‬ولذذم تحصذذل النتيجذذة حتذذى لذذو كانذذت المشذذكلة بمذذدى صذذالحية الوسذذيلة‬
‫المستخدمة إلحداث القتل‪.‬‬
‫الذوزراء بموجذب قذانون الذدفاع رقذم (‪ )13‬لسذنة‬ ‫ومن هذا المنطلق وحيث أصدر رئذي‬
‫‪ 1992‬أمر الدفاع رقم (‪ )2‬القاضي بحظذر تنقذل األشذخاص وتجذوالهم للحذ ّد مذن انتشذار عذدوى‬
‫الفيرو ‪ ،‬جاء أمر الدفاع رقم (‪ )11‬وذلي للتخفيف من عبئ حظر التنقل ومن باب تخفيف القيذود‬
‫المفروضة وإللزام األفراد بأخذ احتياطات السالمة العامة‪ ،‬فقد جذاء أمذر الذدفاع ملزمذا ً ألصذحاب‬
‫المنشآت المصذرح لهذا بالعمذل بأقصذى درجذات الحيطذة والحذذر والحذد مذن اإلجذراءات السذلبية‬
‫داخلها‪ ،‬ودفع كافة الموظفين والزبائن الرتداء الكمامذات والقفذازات‪ ،‬وبذذلي يكذون قذد خفذف مذن‬
‫أسباب نقل العدوى‪.‬‬
‫ويتوجب على كل شخص التقيد بمسافات التباعد المقررة وااللتزام بارتداء كمامة وقفازات‬
‫قبل الدخول للموسسات العامة واألماكن التي تقدم خدمات مباشرة بها للجمهور‪.‬‬

‫كمذذا يلتذذزم مقذذدمو الخذذدمات الصذذحية ومقذذدمو الخذذدمات المباشذذرة للجمهذذور والعذذاملين‬
‫بالتوصيل بارتداء الكمامات والقفازات (‪.)102‬‬
‫وكما ذكرنا سابقا ً‪ ،‬ال يتطلب لقيام جريمذة القتذل أن تكذون الوسذيلة المسذتخدمة فيهذا قاتلذة‬
‫بطبيعتها‪ ،‬إنما أن تودي إلى القتل باستخدامها وتنشذأ عنهذا النتيجذة اإلجراميذة وهذي إزهذاق روح‬
‫المجني عليه‪ ،‬بحيث يمكن للمحكمة إثبات القصد الجنائي للجاني أو نفيذه مذن خذالل وسيلذذة القتذل‬
‫المستخدمذة في الجريمذة (‪.)103‬‬
‫وبالرجوع إلى تقارير منظمذة الصذحة العالميذة ومذا أكذد عليذه علذم األوبئذة والفيروسذات‬
‫وذوي االختصاص من األطباء فذي هذذا الشذأن أن ثمذانين بالمائذة مذن حذاالت اإلصذابة بفيذرو‬
‫إلى االلتهاب الرئذوي‪ ،‬أو فذي‬ ‫كورونا ليست خطيرة‪ ،‬إال أنه قد يتسبب في الوفاة إذا أدى الفيرو‬
‫حالة كان المصاب يعاني من نقص المناعة أو يعاني مذن التهذاب فذي الرئذة حيذث يعمذل فيذرو‬
‫يهذاجم‬ ‫(‪ )COVID-19‬على زيادة االلتهاب ممذا يذودي إلذى الوفذاة‪ ،‬وآليذة ذلذي‪ ،‬أن هذذا الفيذرو‬
‫(الشذهيق‬ ‫األنسجة التي تمر بها األوعية الدموية ُمحدثا ً فيها نزيذف ممذا يذوثر علذى عمليذة التذنف‬
‫والزفير)‪ ،‬وبالتالي ال يستطيع جسم اإلنسان المصاب الحصول على كفايته من األكسجين‪ ،‬وخاصة‬

‫‪ ) 102‬امر الدفاع رقم (‪ )2‬الصادر بموجب قانون الدفاع رقم (‪ )13‬لسنة ‪. 1992‬‬
‫(‪ )103‬الجوهريك مصطفى (‪ .)1994‬القتل العمدك دراسة تحليلية تأصيليةك دار النهضة العربيةك القاهرك ص‪.30‬‬

‫‪-45-‬‬
‫عضلة القلب والدماغ مما يوثر على عملها‪ ،‬ويودي إلى توقفها عن العمذل وتكذون النتيجذة الوفذاة‪،‬‬
‫وانتقذال الذرذاذ مذن خذالل العطذ‬ ‫وخطورته تكمن في سرعة انتشاره عن طريق اللعاب واللم‬
‫وغيرها من العادات اليومية للبشر(‪.)104‬‬
‫كورونذا‪ :‬مذا هذي‬ ‫– قسم اإلحصاءات بعنوان فيرو‬ ‫وجاء في تقرير روبرت كوفيرئي‬
‫كورونذا بذين بعذض‬ ‫جراء اإلصابة بفيذرو‬
‫جراء اإلصابة "يزيد احتمال الوفاة ّ‬
‫احتماالت الموت ّ‬
‫الفئات من النا ‪ ،‬وهم كبار السن‪ ،‬المرضى بأمراض أخرى‪ ،‬وربما الرجال‪ ،‬وكانت حاالت الوفاة‬
‫أكثر شيوعا ً بخمسة أمثال على األقل بين المصابين بداء السكري أو االرتفاع في ضغط الدم أو من‬
‫يعانون من مشاكل في القلب أو التنف ‪ .‬وتتشابي جميع هذه العوامذل مذع بعضذها الذبعض‪ ،‬وحتذى‬
‫لذذدينا صذذورة كاملذذة الحتمذذال الوفذذاة الذذذي تواجهذذه كذذل فئذذة مذذن األشذذخاص فذذي كذذل‬ ‫اآلن لذذي‬
‫مكان"(‪.)105‬‬

‫وبتحليلنا لما سبق‪ ،‬نرى بذن تقرير منظمة الصحة العالمية أتذى علذى ذكذر زيذادة احتمذال‬
‫أي أنها قذد تقذع وقذد ال تقذع‪ ،‬إال‬ ‫الوفاة‪ ،‬ومعنى هذا أن الوفاة محتملة من خالل اإلصابة بالفيرو‬
‫بتوافر عوامل معينة تعمل على زيادة احتمال وقوعها وضمن فئات معينذة‪ ،‬وينبنذي علذى ذلذي أن‬
‫(‪ )COVID-19‬ال ينطبق عليه وصف األداة القاتلة بطبيعتها‪ ،‬على اعتبار أنها ال تودي إلى‬ ‫فيرو‬
‫وفاة من يصاب بها إال في حاالت معينة حددها الطب بنقص المناعة أو اإلصابة بأمراض مزمنة‪،‬‬
‫سوى مادة مضرة بالصحة‪ ،‬إال أنه من الممكن أن يصبح أداة‬ ‫وبالتالي ال ينطبق على هذا الفيرو‬
‫قاتلة إذا تهيأت الظروف لذلي‪.‬‬
‫ومما سبق فالوصف في جريمة القتل العمد إنما يكون بإضافة عنصر إضافي إلى عناصر‬
‫الركن المادي أو المعنوي للجريمة وخير مثال على ذلي القتل المقصود حين يرتكب بواسطة السم‪،‬‬
‫فتصبح جريمة القتل موصوفة من خالل الوسيلة المستخدمة‪ ،‬ومعنى موصوفة أنها تقترن بوصذف‬
‫خاص من الممكن أن يشدد العقوبة على ضوئه(‪ ،)106‬وخطورة هذه الجريمة كونها تستخدم بسذرية‬
‫وغفلة من المجني عليه‪ ،‬باإلضافة إلى سهولة التنفيذ‪ ،‬فضالً عن صعوبة إثباتها‪ ،‬كما أنها دليل على‬

‫اء عل ر ر ررى تقاري ر ر ر ر ر ر ر ر ر رر منظم ر ر ر ر ر ر ر ر ر ر رة الص ر ر ررحة‬


‫(‪ )104‬تقرير ر ر ر ر ر رر دوتدي ر ر ر ر ر ره فيلي ر ر ر ر ر ره ‪ DeutscheWelle‬عر ر ر ر ر ر رن فير ر ر ر ر ر ر ر رروس كورونر ر ر ر ر ر ر ر ر ر را بن ر ر ر ر ر ر ر ر ر ر ر ر ر ً‬
‫العالميةك ‪. https://p.dw.com/p13ZYgb‬‬
‫(‪ )105‬تقرير ر ر ر ر ر ر ر ر ر ررر روبر ر ر ر ر ر ر ر ر ر رررت كر ر ر ر ر ر ر ر ر ر رروفيك رئر ر ر ر ر ر ر ر ر ر رريس قسر ر ر ر ر ر ر ر ر ر ررم اإلحصر ر ر ر ر ر ر ر ر ر رراءاتك المندر ر ر ر ر ر ر ر ر ر ررور بتر ر ر ر ر ر ر ر ر ر رراريخ ‪ 14‬إبريل‪/‬نيسر ر ر ر ر ر ر ر ر ر رران ‪2020‬‬
‫‪. https://www.bbc.co.uk/help/web/link‬‬
‫(‪ )106‬ثررروتك جررالل (‪ .)1967‬نظريررة القس ررم الخرراصك الجررزء األولك ج ررائم االعتررداء علررى األش ررخاصك د ار النهضررة العربيررةك الق رراهرك ص‬
‫‪.170‬‬

‫‪-46-‬‬
‫خطورة الجاني اإلجرامية(‪ ،)107‬وفي هذا المعنى جاء حكم محكمة الجنايات المصرية فذي القضذية‬
‫رقم (‪ )779‬لسنة ‪ 47‬قضائية بجلستها في ‪ 1930/6/12‬حيث تذكر‪" :‬التسذميم وإن كذان صذورة‬
‫من صور القتل العمد إال أن الشارع المصري قد ميّزها عن الصور العادية األخرى بجعل الوسيلة‬
‫التي تستخدم فيها إلحداث الموت ظرفا ً مشددا ً للجريمة لما تتسم به من غدر وخيانذذذة ال مثيذل لهذا‬
‫في صور القتذذل األخرى"(‪.)108‬‬
‫ومن الجدير بالذكر أن قانون العقوبات األردني لم يورد نصا ً للقتل باسذتخدام السذم‪ ،‬وإنمذا‬
‫ورد ذكر ذلي ضمن المادة (‪ )330‬من ذات القانون بقولها‪" :‬من ضرب أو جرح أحذدا ً بذأداة لذي‬
‫من شأنها أن تفضي إلى الموت أو أعطاه مواد ضـارة ولذم يقصذد مذن ذلذي قذتالً قذط‪ ،"... ،‬إذ أن‬
‫التمييز بين جريمة التسميم وجريمة إعطاء مواد ضارة ال يعتمد على نذوع المذادة المعطذاة‪ ،‬وإنمذا‬
‫يعتمد على القصد الجرمي للجاني‪ ،‬حيث جاء تعريذف المذادة السذامة بأنهذا‪" :‬جذوهر يتسذبب عنذه‬
‫الموت عاجالً أو آجال"‪ ،‬ويدخل ضمن مفهوم المادة السامة كل مادة تحدث الوفاة مباشذرة ً أو تغيذر‬
‫الوظائف الفسيولوجية ألعضاء الجسذم‪ ،‬فتعذدمها قذدرتها‪ ،‬وبالتذالي تحذدث الوفذاة متذأخرة‪ ،‬وبذذلي‬
‫النتيجذة(‪ ،)109‬ونتمنذى علذى‬ ‫تكون المادة السامة والمادة الضارة تحمل ذات الوصف وتعطي نفذ‬
‫المشرع لو أضاف عبارة أذى إلى جانب الضرب والجرح حتى يكون المعنى اشمل‪.‬‬
‫(‪ )COVID-19‬إنما‬ ‫وبنا ًء على ذلي‪ ،‬يرى الباحث أن جريمة القتل القصد بواسطة فيرو‬
‫من شأنه أن يُحدث الوفاة مباشرة أو يغير الوظائف‬ ‫تتم باستخدام وسيلة محددة بواسطة نقل فيرو‬
‫الفسيولوجية ألعضاء الجسم فيعدمها قدرتها‪ ،‬وبالتالي تحدث الوفاة وتقتذرن بذه كوسذيلة إلتمامهذا‪،‬‬
‫حيث تتم بسرية وغفلة من المجني عليه‪ ،‬وتتسم بسهولة التنفيذ وصذعوبة اإلثبذات‪ ،‬وفذي وسذع أي‬
‫شخص اللجوء إليها دون عناء‪ ،‬وهذا يعني إضفاء نموذج خاص لها يختلف عذن الجذرائم العاديذة‪،‬‬
‫ويمكن اعتباره عنصرا ً جوهريا ً‪ ،‬إضافةً إلى باقي العناصر فإنذه يتطلذب عقوبذة خاصذة‪ ،‬وبالتذالي‬
‫(‪ )COVID-19‬الجريمة الموصوفة‪ ،‬مما يعنذي وجذوب اقترانهذا‬ ‫ينطبق على نقل العدوى بفيرو‬
‫بالظرف المشدد للعقوبة التي قد تصل إلى حد اإلعدام‪.‬‬

‫(‪ )107‬الدوريك رافع عبد هللا حميد (‪ .)2013‬المدمالت العلمية والقانونية في جريمة القتل بالسمك رسررالة ماجسررتيرك جامعررة الدرررق األوسررطك‬
‫ص ‪.15‬‬
‫الدرررعي والتحقيررق الجنررائي واألدلررة الجرميررةك‬ ‫(‪ )108‬دوسررنك سررنيوت حلرريمك وعبررد الت روابك معرروض وعبررد الت روابك مصررطفى (‪ .)1987‬الطر‬
‫مندا المعار باإلسمندريةك مصرك ص ‪.10‬‬
‫الدرررعي والتحقي ررق الجن ررائي واألدل ررة الجرمي ررةك المرج ررع‬ ‫(‪ )109‬دوسررنك س ررنيوت حل رريم وعب ررد الت روابك معرروض وعب ررد الت روابك مص ررطفىك الط ر‬
‫السابقك ص‪.819‬‬

‫‪-47-‬‬
‫اما عن الشروع فقد عرفت المادة (‪ )68‬عقوبات أردني الشروع بأنه‪ ..." :‬البدء في تنفيذ‬
‫فعل من األفعال الظاهرة المودية إلى ارتكاب جناية أو جنحة‪ ،‬فإذا لم يتمكن الفاعل من إتمام‬
‫األفعال الالزمة لحصول تلي الجناية أو الجنحة لحيلولة أسباب ال دخل إلرادته فيها"‪.‬‬
‫ويعرف الشروع بعدم تمام الجريمة أو الجريمة الناقصة‪ ،‬وهو مرحلة من مراحل ارتكاب‬
‫الجريمة تسبق تمام النتيجة‪ ،‬وعادة ً ما يكون على مرحلتين التفكير والتحضير‪ ،‬بحيث يبذدأ الجذاني‬
‫بمرحلة التفكير ودراسة الفكرة ويتمخض عن هذه المرحلة إما اإلصرار على ارتكاب الجريمذة أو‬
‫الحيدة عنها‪ ،‬ومن ثم ينتقل الجاني إلى مرحلة التحضير ويقوم بإعداد الوسائل الالزمة‪ ،‬وبعدها يبدأ‬
‫مرحلة التنفيذ‪ ،‬فإذا ما وفق بالتنفيذ وفق ما تم التخطيط والتحضير له تمت الجريمة واعتبرت تامة‪،‬‬
‫وإن لم يوفق وقفت عند حد الشروع‪ ،‬وتشترط غالبية التشريعات شرط عدم إتمام الجريمذة كذركن‬
‫في الشروع‪ ،‬بصرف النظر عن العوامل التي أدت إلى ذلي(‪ ،)110‬أمذا صذور الشذروع فتتمثذل فذي‬
‫اآلتي‪:‬‬
‫‪ .1‬الجريمــة الموقوفــة (الشــروع النــاقص) عــن طريــق نقــل العــدوى بفيــروس ‪:COVID-19‬‬
‫ويُقصد بها عدم إتمام الجاني لجميع األعمذال الالزمذة إلتمامهذا بسذبب عوامذل خارجذة عذن‬
‫إرادتذذه(‪ ،)111‬ويكذذون ذلذذي بذذأن يقذذوم الجذذاني بذذأي فعذذل مذذن األفعذذال التذذي تنقذذل عذذدوى‬
‫أو‬ ‫أو بانتقذال الذرذاذ بواسذطة السذعال والعطذ‬ ‫‪ COVID-19‬بواسطتها‪ ،‬إما باللم‬ ‫فيرو‬
‫بواسطة اللعاب والمخالطة اللصيقة بحدود المتر‪ ،‬كأن يرى الجاني هدفه قادما ً من بعيد فيقذوم‬
‫له عند لمسذه‪ ،‬إال أن األخيذر‬ ‫بوضع شيء من لعابه على أزرار المصعد بهدف نقل الفيرو‬
‫قام بتطهير أزرار المصعد برش مادة الكحول حتى يموت الفيذرو ‪ ،‬أو اسذتخدم واقذي مثذل‬
‫القفازات فيصعب نقل العدوى إليه‪ ،‬فيكون الجاني قد أتم األفعال الالزمة لنقل العدوى للهذدف‬
‫إال أن النتيجة الجرميذة المقصذودة لذم تذتم ألسذباب خرجذت عذن إرادة الجذاني‪ ،‬فنكذون أمذام‬
‫الجريمة الموقوفة‪ ،‬ويسأل في حالة الثبوت عن شروع ناقص في جريمذة القتذل وفقذا ً ألحكذام‬
‫المادة (‪ )68‬من قانون العقوبات األردني‪ ،‬وإن كان من الصعب إثبات حالة الشروع الناقص‬
‫في مثل هذه الحالة‪.‬‬
‫‪ .2‬الجريمة الخائبة (الشروع التاو) عن طريق نقل العدوى بفيروس ‪ :COVID-19‬تتمثذل هذذه‬
‫الجريمة بأن يقوم الجاني بجميع عناصر الركن المادي إلتمام الجريمة إال أنها لم تتم ألسباب‬
‫ال عالقة له بها(‪ ،)112‬فإذا قام الجذاني بذالتقرب مذن المجنذي عليذه واسذتطاع السذعال بوجهذه‬

‫(‪ )110‬الدناويك سمير (‪ .)1971‬الدروي في الجريمةك دراسة مقارنةك بال طبعةك دار النهضة العربيةك القاهرك ص ‪.5-4‬‬
‫(‪ )111‬الدناويك الدروي في الجريمةك المرجع السابقك ص ‪.335‬‬
‫(‪ )112‬ثروتك جاللك نظرية القسم الخاصك الجزء األولك جرائم االعتداء على األشخاصك مرجع سابقك ص ‪.80‬‬

‫‪-48-‬‬
‫بحيث انتقل الرذاذ إليه‪ ،‬إال أن المجني عليه حظي بالرعاية الطبية الالزمذة لقربهذا عليذه فذي‬
‫الوقذذت المناسذذب‪ ،‬واسذذتعان بالكذذادر الطبذذي لمعالجذذة األمذذر بوضذذعه علذذى أجهذذزة التذذنف‬
‫قبذذل حذذدوث النتيجذذة‬ ‫االصذذطناعي وزيذذادة مناعذذة الجسذذم لديذذه وتذذم القضذذاء علذذى الفيذذرو‬
‫المرغوبة من الجاني وهي وفاة المجني عليه‪ ،‬فنكون بصدد الجريمة الخائبة لعدم كفاءة الفعل‬
‫التنفيذي‪ ،‬وتقوم مسوولية الجاني عن جريمة الشروع التام وفقا ً لمذا قررتذه المذادة (‪ )70‬مذن‬
‫قانون العقوبات األردني‪ ،‬والتي نصت على أنه‪" :‬إذا كانت األفعال الالزمة إلتمام الجريمة قد‬
‫تمت ولكن لحيلولة أسباب مانعة ال دخل إلرادة فاعلها فيها لم تتم الجريمة المقصودة"‪ ،‬يعنذي‬
‫كانت حتمية لوال تدخل ظروف استثنائية خارجة‬ ‫أ ن احتمالية نجاح فعل الجاني بنقل الفيرو‬
‫عن إرادة الجاني حالت دون ذلي مما أدى إلى خيبة أفعاله وعدم تحقق هدفذه‪ ،‬ويكمذن الفذرق‬
‫بين الجريمة الخائبة والمستحيلة فذي سذبب عذدم إتمذام الجريمذة وإن كانتذا تتفقذان مذن حيذث‬
‫السلوي‪ ،‬فالجريمة الخائبة تكون النتيجة غير محققة إلرادة الجاني ألن الجاني لم يقذم بالتنفيذذ‬
‫على الوجه األتم‪ ،‬أما الجريمة المستحيلة فتكون النتيجة فيها مستحيلة التحقيق أصالً‪.‬‬
‫‪ .3‬الجريمة المستحيلة عن طريق نقل العدوى بفيروس ‪ :COVID-19‬ويعني ذلي عدم إمكانيذة‬
‫إتمام الجريمذة مذن اللحظذة التذي يبذدأ الجذاني فعلذه‪ ،‬بحيذث ال يمكذن أن يصذل إلذى النتيجذة‬
‫المطلوبة‪ ،‬وقد يعود ذلي إلى عدم وجود الموضوع المادي للجريمة‪ ،‬أو لعدم فاعليذة الوسذيلة‬
‫المستخدمة‪ ،‬بحيث ال يكون التنفيذذ ممكنذا ً بذاتذه(‪ ،)113‬وعليذه إذا اعتقذد الجذاني بأنذه مصذاب‬
‫‪ COVID-19‬وبنذى اعتقذاده علذى األعذراض الموجذودة لديذه والمشذابهة ألعذراض‬ ‫بفيرو‬
‫كورونا إلى حذد مذا‪ ،‬حيذث تشذتري هذذه األعذراض بذين عذدد مذن أمذراض الجهذاز‬ ‫فيرو‬
‫إلذى‬ ‫التنفسي‪ ،‬واعتمادا ً على ذلذي االعتقذاد قذام بنقذل الذرذاذ عذن طريذق السذعال أو العطذ‬
‫بنيذة نقذل العذدوى لذه لوهمذه أنذه ناقذل‬
‫المجني عليذه أو حذاول وضذع لعابذه علذى أغراضذه ّ‬
‫للفيرو ‪ ،‬فإن هذه الجريمة ال تقوم أصالً لعدم وجود الموضوع المادي للجريمة وعدم فاعلية‬
‫وال تحتوي عليه‪ ،‬أو إذا تبذين أن المجنذي عليذه‬ ‫الوسيلة المستخدمة كونها خالية من الفيرو‬
‫سابقا ً وال مجال إلصابته من جديد‪ ،‬فيكون التنفيذ غير ممكن بذاتذه أيضذا ً‪،‬‬ ‫مصاب بالفيرو‬
‫وهذا يعني ال وجود للجريمة النتفاء احد عناصر الركن المادي وهو حدوث النتيجذة‪ ،‬وحيذث‬
‫ال جريمذذة ال عقذاب بذالرغم مذذن وجذذود الخطذذورة اإلجراميذذة لذذدى الجذذاني‪ ،‬إال أن المشذذرع‬

‫(‪ )113‬ق ررار محمم ررة التمييررز األردني ررة بصررفتها الجزائي ررة رقررم (‪)1993/277‬ك وال ررذي ج رراء فيرره‪ :‬يتق رروم الجريمررة المس ررتحيلة فرري الح رراالت الت رري‬
‫وإما لعدم وجود الموضوي المادي لها ‪...‬ي‪.‬‬ ‫يستحيل فيها تحقيق النتيجة الجرمية إما لعدم كفاء الفعل القصدي المرتك‬

‫‪-49-‬‬
‫المسوولية الجزائيذة نظريذة حريذة االختيذار بمعنذى وجذوب بذدء‬ ‫األردني قد تبنى في أسا‬
‫الجاني بتنفيذ الفعل المادي للجريمة حتى تقوم المسوولية الجزائية(‪.)114‬‬
‫الشريرة‬ ‫ولم يأخذ بنظرية الخطورة اإلجرامية التي تقوم على أن الخطورة تكمن في النف‬
‫واإلرادة المجرمة وليست في األفعال المادية ذاتها التي ارتكبها الجاني (‪.)115‬‬
‫ثانيا ا ‪-‬النتيجة اإلجرامية في جريمة القتل العمد عن طريق نقل العدوى بفيروس ‪:COVID-19‬‬
‫وهو ما يترتب على سلوي الجاني من أثر ويخرج إلذى العذالم الخذارجي‪ ،‬أو التغيذر الذذي‬
‫يحصل نتيجة للسلوي الذي أتى به الجاني بشرط أن يكون هذا السلوي مخالفا ً للقانون‪ ،‬وت ُعد النتيجة‬
‫اإلجرامية عنصرا ً من عناصر الركن المادي‪ ،‬والوفاة هي األثر المترتب على جريمذة القتذل(‪،)116‬‬
‫(‪ )COVID-19‬بتوقذف الذدماغ أو عضذلة‬ ‫وتتحقق النتيجة بجريمة القتل عذن طريذق نقذل فيذرو‬
‫القلب عن العمل نتيجة نقص إمدادها باألكسجين وهذه الحالة تنتج عن االلتهذاب الرئذوي والنزيذف‬
‫(‪ )COVID-19‬بدخوله عن طريق الجهاز التنفسذي‬ ‫في األوعية الدموية للرئة بعد مهاجمة فيرو‬
‫ومهاجمة الخاليا الهدبية وإسقاطها ممذا يجعذل الجسذم غيذر قذادر علذى الذدفاع(‪ ،)117‬وهذو مذا يذتم‬
‫بالعدوى المباشرة أو غير المباشرة وحتى نقول بتحقق النتيجة الجرمية يجب أن تكون الوفاة ناتجة‬
‫(‪ )COVID-19‬إلى المجنذي عليذه‪ ،‬وأن ينذتج‬ ‫بشكل مباشر أو غير مباشر عن نقل عدوى فيرو‬
‫عن هذه العدوى المضاعفات المرضية لديه‪ ،‬بحيث تكون هذه المضاعفات سببها دخذول الفيذرو‬
‫إلى جسم المجني عليه من جراء سلوي الجاني الذي تعمد نقله إليذه وهذو عذالم ومذدري لذذلي عذن‬
‫إلى‬ ‫إرادة حرة سليمة حتى وإن تضافرت معها عوامل أخرى يجهلها الجاني‪،‬فلو ثبت نقل الفيرو‬
‫المجني عليه من الجاني إال أنه لم يتسبب بالوفاة ونتجت الوفاة عن سبب آخر ال يمت بصلة لواقعة‬
‫نقل العدوى بحيث أن النتيجة لم تحدث بسبب الفيرو ‪ ،‬ولم تترتب عليها لكون مناعة المجني عليه‬
‫منعت ذلي مثالً أو ألي سذبب آخذر‪ ،‬فعذدم تتحقذق النتيجذة الجرميذة يعنذي بالضذرورة انعذدام قيذام‬
‫المسوولية الجزائية للجاني‪.‬‬

‫(‪ )114‬الدناويك الدروي في الجريمة مرجع سابقك ص‪.159‬‬


‫تفسير المسؤولية الجزائيةك بحش مندور مجلة جامعة كركوكك ص‪.10‬‬ ‫(‪ )115‬احمدك صالح حسنك مذاه‬
‫(‪ )116‬ق ررار محممررة التمييررز رقررم (‪ )2019/2441‬وجرراء فيرره‪ :‬ي‪ ...‬وأحرردم برره تمزق راً ممررا أدى إلررى الوفررا تدررمل السررلوك المجرررم فرري الررركن‬
‫على هذا السلوك اإلجرامي وفا المغدور عبد هللا الذي كرران قبررل طعنرره علررى قيررد الحيررا وبالتررالي تحققررت‬ ‫المادي لجريمة القتل وقد ترت‬
‫النتيجة الجرمية المتم لة ب زهاق روح إنسان على قيد الحيا وقد ارتبطت هذا النتيجة بسلوك المتهم اإلجرامي وترتبت عليهي‪.‬‬
‫‪public/q- https://www.who.int./ar/emergencies/diseases/novel-coronavirus-2019/advice-for-‬‬ ‫(‪)117‬‬
‫‪- acoronaviruses‬منظمة الصحة العالمية – حاالت الطوارئ – األمراض – فيروس كورونا المستجد ‪. nCoV-2019‬‬

‫‪-50-‬‬
‫ثالثا ا ‪-‬رابطة السببية في جريمة القتل العمد عن طريق نقل العدوى بفيروس ‪:COVID-19‬‬
‫وتعني ارتباط النتيجة الحاصلة وهي وفاة المجني عليه بالسلوي اإلجرامي وهو فعل القتل‪،‬‬
‫وبحيث إنه لوال ذلي الفعل لمذا حصذلت تلذي النتيجذة‪ ،‬وقذد تبنذى المشذرع األردنذي نظريذة تعذادل‬
‫األسباب والتي تقوم على الترابط بين فعل الجذاني واألسذباب األخذرى التذي أدت إلذى الوفذاة لكذن‬
‫بشرط أن يجهلها الفاعل ما ينبغي أن تعد جميع األسباب متعادلة ومسوولة على قدم المسذاواة عذن‬
‫حدوث النتيجة فكل منها يُعد شذرطا ً لحذدوثها(‪ ،)118‬أي أن الجذاني يُسذأل طبقذا ً لهذذه النظريذة عذن‬
‫النتيجة النهائية العتدائه متى كان هذا االعتداء هو السبب المحري لعوامل أخرى(‪.)119‬‬
‫(‪ )COVID-19‬تتحقق العالقذة السذببية حذين يقذوم الجذاني بنقذل‬ ‫وفي جريمة نقل فيرو‬
‫من شذأنها القتذل إال أن احتماليذة‬ ‫وسيلة لي‬ ‫إلى المجني عليه وعلى اعتبار أن الفيرو‬ ‫الفيرو‬
‫أ ن يكون المجني عليه من ذوي المناعة المتدنية أو أنه يعاني مذن مذرض مذن األمذراض المزمنذة‬
‫كورونذا قذد‬ ‫كااللتهاب الرئوي أو الربو التي قد تكون السبب الرئيسي للوفاة ونقل عذدوى فيذرو‬
‫فاقم الحالة وسارع بحدوث الوفاة‪ ،‬بمعنى أنه يجب أن يكون هناي رابطة سذببية بذين فعذل الجذاني‬
‫وبين األسباب والعوامل األخرى التي يجهلها الفاعذل والتذي أدت للوفذاة‪ ،‬وبحيذث يُسذأل عذن هذذه‬
‫النتيجة متى كان فعله يُسارع في حدوث النتيجة أو يرتبط بها‪ ،‬ولو كان بفعل عوامل أخذرى‪ ،‬ممذا‬
‫يرتب قيام مسوولية الجاني على جريمة القتل‪ ،‬وقد حسم المشرع األردني هذه المسألة بنص المادة‬
‫(‪ )345‬من قانون العقوبات‪ ،‬ونصها‪" :‬إذا كان الموت أو اإليذاء المرتكبان عن قصد نتيجة أسباب‬
‫متقدمة جهلها الفاعل وكانت مستقلة عن فعله‪ ،‬أو النضمام سبب منفصل عذن فعلذه تمامذا ً‪ ،‬عوقذب‬
‫كما يأتي ‪ ،"...‬فإذا ثبت على وجه اليقين توافر رابطة السببية بين الوفاة وفعل الجاني المتمثل بنقل‬
‫عمدا ً ترتبت مسوولية الجاني عذن جريمذة القتذل وعوقذب عذن القذدر المتذيقن مذن فعلذه‪،‬‬ ‫الفيرو‬
‫بمعنى أن تبني المحكمة أحكامها على ما هو ثابذت واسذتبعاد مذا هذو محذالً للشذي فذي حذال تعذذر‬
‫معرفة مرتكب السلوي اإلجرامي الذذي ارتذبط بالنتيجذة ارتباطذا ً مباشذرا ً أو فذي حذال عذدم تمييذز‬
‫الفاعل لتداخل عوامل أخرى مع سلوي الجاني(‪)120‬؛ ذلي بأن تركت مسوولية الجاني قائمة حتى لو‬
‫تدخلت عوامل أخرى مستقلة أدت إلذى حذدوث النتيجذة‪ ،‬وفذي حالذة نقذل العذدوى يمكذن القذول إن‬

‫(‪ )118‬نم ررورك محم ررد س ررعيد (‪ .)2011‬ش رررح ق ررانون العقوب رراتك القس ررم الخ رراصك الج ررزء األولك الج ررائم الواقع ررة عل ررى األش ررخاصك دار ال قاف ررة‬
‫للندر والتوزيعك الطبعة ال انيةك ص ‪.46‬‬
‫أدت إلررى انسررداد‬ ‫الوفررا هررو خ ررر دمويررة حدي ررة فرري شررايين القلر‬ ‫(‪ )119‬قرار محممررة التمييررز رقررم (‪ )2008/803‬وجرراء فيرره‪ :‬ي‪ ...‬وأن سررب‬
‫الدرايين التاجية ومن ثم الوفا ك ف ن هذه األمراض تؤدي في العاد إلى الوفا إال أن اإلصابات الترري ألحقهررا المتهمررون بالمغرردور فاقمررت‬
‫من هذه الحالة وسارعت في حدوم الوفا ي‪.‬‬
‫(‪ )120‬الزبيررديك محمررد عبرراس (د‪.‬ت)‪ .‬نظريررة القرردر المترريقن بررين مبرردأ الدرررعية والجزائيررة والتطبيقررات القضررائيةك بحررش مندررور علررى مجلررة‬
‫الرافدين للحقوقك المجلد ‪ 16‬العدد ‪59‬ك سنة ‪18‬ك ص ‪.221‬‬

‫‪-51-‬‬
‫السبب الكامن في الوفاة المتمثل بقلة المناعة أو انعدامها أو المرض المزمن لذدى المجنذي عليذه ال‬
‫يجرد فعل الجاني بنقل العدوى من قيام المسوولية الجزائية بحقه‪ ،‬حيث جذاءت الدراسذات الحديثذة‬
‫(‪ )COVID-19‬لتوكد نظرية تعادل األسباب التي تبناهذا المشذرع األردنذي فذي المذادة‬ ‫عن فيرو‬
‫(‪ )345‬منه وهي كالتالذذي‪ ... ." :‬في ألمانيا بعدما وافقت الوكالة األلمانية االتحاديذة علذى تشذريح‬
‫جثث الوفيات باعتبار أنه مهم جدا ً في جميع حاالت األمراض المعدية لتحديذد مسذار المذرض بمذا‬
‫بوشال) مذدير معهذد الطذب الشذرعي بجامعذة‬ ‫فيها كورونا‪ ،‬وبينت نتائج التشريح بحسب (كالو‬
‫المركز الطبي في إبندورف‪ -‬هامبورغ على (‪ )65‬جثة‪ ،‬أن (‪ )56‬منهم كذانوا مصذابين بذأمراض‬
‫الرئة قبل إصابتهم بذالفيرو ‪ ،‬و(‪ )28‬مذنهم كذانوا يعذانون مذن أمذراض داخليذة أو مذن أمذراض‬
‫أصابت أعضاء مزروعة في أجسذادهم‪ ،‬و(‪ )16‬مذنهم كذانوا يعذانون مذن الزهذايمر‪ ،‬وفقذا ً لموقذع‬
‫دوتشيه فيليه األلماني‪ ،‬كما بيَّنت البيانات أن ال أحد من المتوفين الذين تم تشريح جثثهم توفي قطعا ً‬
‫(كوفيذد‪ ،)19-‬بذل إنهذم كذانوا يعذانون مذن مشذكالت فذي القلذب واألوعيذة الدمويذة‬ ‫بسبب فيرو‬
‫وارتفاع ضغط الدم ومن تصلب الشرايين والسكري والسرطان والفشل الكلوي والرئذوي أو تليذف‬
‫الكبد"‪.‬‬
‫ووفقا ً لدارسة صدرت عن وزارة الصذحة اإليطاليذة‪ ،‬وتسذتند علذى مسذار المرضذى لذدى‬
‫كورونذذا‪ ،‬فذذإن نسذذبة (‪ )96.4‬مذذن‬ ‫(‪ )1738‬متذوفى‪ ،‬تبذذين أنهذذم‪ ،‬عذذالوة ً علذذى اإلصذذابة بفيذذرو‬
‫المتوفين يعانون من مرض واحد على األقل‪ ،‬أما في سويسرا‪ ،‬فقد جذرى تشذريح (‪ )20‬جثذة مذن‬
‫قسذم التشذريح بمستشذفى‬ ‫جثث المتوفين بكورونا مذن قبذل الذدكتور (ألكسذندر تسذانكوف)‪ ،‬رئذي‬
‫جامعة بازل بسويسرا‪ ،‬وتبين أنهم جميعا ً مصابون بارتفاع ضغط الذدم‪ ،‬وأغلذبهم كذان يعذاني مذن‬
‫األطبذاء فذي (مشذفى‬ ‫البدانة‪ ،‬وثلثهم عانى من مشكالت في القلب والسكري‪ ،‬ومع ذلي‪ ،‬فإن رئي‬
‫جامعة بازل) يُفضّل أال يصف المرض بأنه (غير موذ)‪ ،‬بذل يقذول‪" :‬كذل هذوالء المرضذى الذذين‬
‫كورونا‪ ،‬ربما عاشوا سذاعة أطذول‬ ‫تُوفوا كان يمكن أن يعيشوا عمرا ً أطول لوال إصابتهم بفيرو‬
‫أو يوما ً أو أسبوعا ً أو عاما ً أطول‪ ،‬وقال (ديفيد هورسذت)‪ ،‬كبيذر األطبذاء فذي مستشذفى ‪Charité‬‬

‫كورونذا‪ ،‬أم مذوتهم بذأمراض أخذرى‬ ‫بفيرو‬ ‫ببرلين‪ ،‬عن رأيه في الجدل القائم حول موت النا‬
‫كورونا‪ ،‬علّق (د‪ .‬هورست) بالقول‪" :‬أجد الجدل مثيرا ً لألسذى‪ ،‬ففذي الرفذات‬ ‫مع اإلصابة بفيرو‬
‫شرحناها‪ ،‬كان كل المتوفين يعانون من أمراض سذابقة‪ ،‬لكذن إصذاباتهم لذم تكذن وخيمذة إلذى‬
‫التي ّ‬
‫بذأن كورونذا مذرض‬ ‫درجة تهدد حياتهم"‪ ،‬ومضى ليوكد ضرورة عدم حصول انطباع لدى النا‬
‫بمرض كورونا ما كانوا ليموتوا(‪.)121‬‬ ‫غير موذ‪ ،‬إذ لوال إصابة هوالء النا‬

‫‪ 4 /Office Berlin/ Deutsche Welle/‬مررايو ‪(121) DW Akademie: dw-akademie@dw.com / 16:12 / 2020‬‬


‫‪Voltastraße 6/13355 Berlin T + 49.30.4646 – 0/ info@dw.com.‬‬

‫‪-52-‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬الركن المعنو في جريمة القتل العمد عن طريق نقل فيروس (‪:)COVID-19‬‬
‫يعرف الركن المعنوي بأنه اتجاه إرادة الجاني مع علمذه إلذى إحذداث نتيجذة مترتبذة علذى‬
‫سلوي الجاني‪ ،‬مما يعني ضرورة توافر عناصر القصذد الجنذائي أي العلذم بخطذورة الفعذل وعذدم‬
‫مشروعيته‪ ،‬وبذات الوقت اتجذاه اإلرادة إلذى االعتذداء وإحذداث النتيجذة‪ ،‬حيذث إن قذوام الجريمذة‬
‫العمدية توافر هذين العنصرين (‪.)122‬‬
‫وأن إرادتذه اتجهذت إلذى نقذل العذدوى إلذى‬ ‫إن علم الجاني ومعرفته أنه مصاب بالفيرو‬
‫المجني عليه بقصد قتله والقيام بهذا النشذاط عذن ّنيذة واختيذار‪ ،‬فبالتذالي يكذون قاصذدا ً بذذلي وفذاة‬
‫المجني عليه‪ ،‬فإذا قام المصاب بتقبيل المجني عليه وهو غير عالم أنه مصاب بالفيرو ‪ ،‬ففي هذه‬
‫الحالة ال يُسأل عن قتل العمد النتفاء عنصر العلم‪ ،‬وكذلي الحال إذا قام المصاب بالترحيب بصديقه‬
‫وتقبيله وال يعلم أن سلوكه هذا سبب في نقل العدوى‪ ،‬وإنما كان لمجرد االحتفاء بقدومه‪ ،‬فإنه كذلي‬
‫ال يُسأل عن القتل العمد النتفاء عنصر اإلرادة‪ ،‬وينبني على هذا‪ ،‬أن جريمة نقل عذدوى الفيذرو‬
‫كغيرها من الجرائم التي تتطلب قيام القصد الجنائي بعنصريه وأال يُسأل الجاني في هذه الحالة عن‬
‫جريمة القتل الخطأ دون القصد‪.‬‬
‫كما أن مسوولية الجاني ال تقوم على جريمة قتل عمدية بنقل العدوى إذا وقع الجاني تحت‬
‫على التقرب من شخص معين ولمسه ووضع‬ ‫اإلكراه‪ ،‬كأن يقوم أحدهم بإجبار المصاب بالفيرو‬
‫لعابه على ثيابه مستغالً إصابة الجاني بالمرض بنيّة نقل العدوى للمجني عليه‪ ،‬وقذام بالفعذل تحذت‬
‫طائلة تهديده بهذذا السذلوي مرغمذا ً معذدوم االختيذار‪ ،‬إذ تنتفذي مسذووليته الجزائيذة النعذدام حريذة‬
‫االختيار لديه‪ ،‬وهذا تطبيقا ً لنص المادة (‪ )88‬من قانون العقوبات األردني‪ ،‬والتذي حذددت شذروط‬
‫انتفاء مسوولية الجاني في حال وقوع اإلكراه عليه بأن يكون التهديد واقع عليه بالموت أو الضرر‬
‫البليس أو إحداث عاهة دائمة ال محالة وال يستطيع التخلص منه أو دفعه وال يد له بحدوثه‪.‬‬
‫مختل عقليا ً غير مدري ل ُكنه تصذرفاته ومذا‬ ‫ومن جهة أخرى‪ ،‬إذا كان المصاب بالفيرو‬
‫يترتب عليها من نتائج‪ ،‬كأن يقوم أحدهم باستغالل المصاب بالفيرو ‪ ،‬وهذو عذالم أنذه يعذاني مذن‬
‫اختالل عقلي وال يدري ما يقوم به بعدم قدرته على فهم ماهية الفعل الذي يقوم به‪ ،‬أو طبيعة اآلثار‬
‫لألشخاص الموجودين‪ ،‬وهنا وجذب تطبيذق‬ ‫التي قد تنجم عنه‪ ،‬بحيث يجعله سببا ً في نقل الفيرو‬
‫نص المادة (‪ )92‬من قانون العقوبات‪ .‬والتي تنص على أنه‪" :‬يُعفذى مذن العقذاب كذل مذن ارتكذب‬
‫فعالً أو تركا ً إذا كان حين ارتكابذه إيذاه عذاجزا ً عذن إدراي كنذه أفعالذه أو عذاجزا ً عذن العلذم بأنذه‬

‫– تم الدخول إلى الموقع السبت الموافق ‪ 2020/7/4‬الساعة ‪ 5.55‬مساء‪.‬‬


‫(‪ )122‬سررويدانك مفيررد سررعد سررالمة (‪ .)2010‬الج ررائم الواقعررة علررى األشررخاصك الطبعررة األولررىك عمرراد الرردين للندررر والتوزيررعك عمررانك ص‬
‫‪.28‬‬

‫‪-53-‬‬
‫محظور عليه ارتكذاب ذلذي الفعذل أو التذري بسذبب اخذتالل فذي عقلذه"(‪ ،)123‬إال أنذه يمكذن اتخذاذ‬
‫التدابير االحترازية بحقه بوضعه في مصح األمراض النفسية لمنع خطره عن اآلخرين‪.‬‬
‫وفيما يتعلق بالقصد المحدد وغير المحدد والقصد المباشر والقصد االحتمذالي فذي جريمذة‬
‫(‪ )COVID-19‬فاألصذل فذي ارتكذاب الجذرائم أن يكذون القصذد‬ ‫نقل العدوى عذن طريذق فيذرو‬
‫الجنائي قصدا ً عاما ً‪ ،‬إال أن المشرع لم يكتف بضرورة توافر القصد العام لقيذام هذذه الجريمذة‪ ،‬بذل‬
‫استلزم إلى جانب ذلي قيام القصذد الخذاص‪ ،‬وهذو إزهذاق روح المجنذي عليذه‪ ،‬وإن كانذت بعذض‬
‫التشريعات ترى أن إزهاق الروح إنما هي نتيجة طبيعية للقتل وليست عنصرا ً خذارج عذن الذركن‬
‫المادي (‪ ،)124‬وهذا ما قضت به محكمة النقض المصرية بإحدى قراراتها (‪.)125‬‬
‫(‪)COVID-19‬‬ ‫ويرى الباحث بتذوافر القصذد الخذاص فذي جريمذة نقذل العذدوى بفيذرو‬
‫باعتباره وبا ًء عالميا ً عابر للقارات رصدت له الدول العظمى المليارات للحد من انتشاره‪ ،‬وخاصةً‬
‫إذا أدى فعل نقل العدوى إلذى قتذل أكثذر مذن شذخص‪ ،‬إذ أن الكارثذة تتجسذد بسذرعة انتشذاره فذي‬
‫التجمعات وقلة المناعة ضده لحداثته‪ ،‬بحيث تنعدم القذدرة بالسذيطرة عليذه أحيانذا ً‪ ،‬ويتمثذل القصذد‬
‫وتذرويعهم‬ ‫الخاص بتعذريض سذالمة المجتمذع وأمنذه للخطذر وإلقذاء الرعذب والذذعر بذين النذا‬
‫وتعريض حياتهم للخطر‪ ،‬فاستعمال هذا النوع من األساليب ينطوي على عدم الثقذة‪ ،‬باعتبذار أنهذا‬
‫من األمور الخفية التي تستدل عليها من الظروف والمالبسات التي أحاطت بارتكاب الجريمة‪ ،‬مذع‬
‫األخذ بعذين االعتبذار‪ ،‬طبيعذة خطذورة الوسذيلة المسذتخدمة‪ ،‬وهذو اقذرب فذي طبيعتذه إلذى العمذل‬
‫اإلرهابي‪ ،‬خاصةً وأ ن تعريف العمل اإلرهابي جذاء بقذانون منذع اإلرهذاب وتعديالتذه رقذم (‪)55‬‬
‫لسنة ‪ 2006‬بالمادة الثانية منه بأنه‪ " :‬كل عمل مقصود أو التهديد بذه أو االمتنذاع عنذه أيذا ً كانذت‬
‫بواعثه وأغراضه أو وسائله يقذع تنفيذذا ً لمشذروع إجرامذي فذردي أو جمذاعي مذن شذأنه تعذريض‬
‫سالمة المجتمع وأمنه للخطر أو إحداث فتنة إذا كان من شأن ذلي اإلخذالل بالنظذام العذام أو إلقذاء‬
‫أو ترويعهم أو تعريض حياتهم للخطذر‪ ."...‬كمذا نصذت المذادة (‪/3‬و) مذن ذات‬ ‫الرعب بين النا‬

‫(‪ )123‬ق ررار محممررة التمييررز رقررم (‪ )2015/254‬والررذي جرراء فيرره‪ :‬ي‪ ...‬وحيررش إن ال ابررت أن المميررز ضررده كرران يعرراني مررن مرررض الفص ررام‬
‫العقلرري الررزوري قبررل سررنة مررن واقعررة الرردعوىك وإنرره كرران علررى األرجررح تحررت تررأثير ه رذا المرررض وقررت ارتكابرره لجريمترره وأنرره قررد يتعرررض‬
‫النتكاسة مرضية في أي وقت حتى مع تناوله الدواء الالزم وبما أن القرار المميز إذ انتهى إلى تعديل التهمة المسررند للمميررز ضررده مررن‬
‫جناية القتل العمد بحدود الماد (‪ )1/328‬من قررانون العقوبررات إلررى جنايررة القتررل القصررد بحرردود المرراد (‪ )326‬مررن قررانون العقوبررات ومررن‬
‫ثم إعمال حمم الماد (‪ )4/233‬من قانون أصول ومن المحاكمات الجزائية إدانته بهذه الجريمة بوصفها المعرردل وإعررالن عرردم مسررؤوليته‬
‫عنها وإعمال حمم الماد (‪ )2/92‬من قانون العقوبات بحجز المميز ضده في مستدفى األمراض النفسيةي‪.‬‬
‫(‪ )124‬عبد الستارك فوزية (‪ .)2000‬شرح قانون العقوباتك القسم الخاصك الطبعة ال انيةك دار النهضة العربيةك القاهرك ص ‪.380‬‬
‫س ‪ 20‬رقررم (‪)216‬ك ص‪ 1102‬والررذي جرراء فيرره‪ :‬يلمررا كانررت جنايررة‬ ‫(‪ )20‬أكترروبر سررنة ‪1969‬ك مجموعررة أحمررام الررنق‬ ‫(‪ )125‬ق ررار نق ر‬
‫بالفعررل الجنررائي‬ ‫القتررل العمررد تتميررز بالقررانون عررن غيرهررا مررن ج ررائم التع ردي علررى الررنفس بعنصررر خرراص هررو انت رواء الجرراني وهررو يرتك ر‬
‫إزهاق روح المجني عليه ولما هذا العنصر ذا طابع خاص يختلع عن القصد الجنائي العام الذي يتطلبه القانون في سائر الجرائمي‪.‬‬

‫‪-54-‬‬
‫القانذون على أنه‪ ..." :‬تعتبر األعمال التالية في حكم األعمذال اإلرهابيذة المحظذورة ‪ ...‬حيذازة أو‬
‫إحراز أو صنع أو استيراد أو تصدير أو نقل أو بيع أو تسيلم مادة مفرقعة أو سذامة أو كيماويذة أو‬
‫جرثومية أو إشعاعية أو ملتهبة أو حارقة أو ما هو في حكم هذه المواد ‪."...‬‬
‫ونرى أن هذا التعريف من الممكن أن ينطبق على جريمة نقل العدوى عن طريق فيرو‬
‫(‪ )COVID-19‬من حيث طبيعة العمل المقصود القيام به من جهة‪ ،‬وخطورته علذى سذالمة البشذر‬
‫وأمنهم من جهة ثانية‪ ،‬بصرف النظر عن الباعذث أو الوسذيلة‪ .‬وكذذلي فيمذا يتعلذق بطبيعذة المذادة‬
‫المنقولة‪ ،‬وهي من نوع المادة الجرثومية‪ ،‬إذ تم تعريف الجراثيم بأنها تشمل البكتيريا والفيروسات‬
‫والفطريات والكائنات األولية والديدان (‪.)126‬‬
‫وفي القصد المحدد نجد أن قيام الجاني بتحديد شخصية المجني عليه والتخطذيط مذن أجذل‬
‫فيها لذب ‪،‬‬ ‫تهيئة األمور لنقل العدوى إليه بذاته وبشخصه‪ ،‬تكون المسوولية الجزائية واضحة لي‬
‫ولكن إذا قام المصاب بالصعود إلى الحافلة العامة‪ ،‬التي تقل عددا ً كبيذرا ً مذن األشذخاص‪ ،‬ووضذع‬
‫هذذه األشذياء أو‬ ‫بنيذة نقذل عذدواه إلذى أي شذخص يلمذ‬
‫لعابه على مقذابض الكراسذي واألبذواب ّ‬
‫يستعملها‪ ،‬فهنا تكون إرادته اتجهت إلى قصد غير محذدد‪ ،‬دون تحديذد شخصذية أو شذخص معذين‬
‫بذاته (‪ ،)127‬وقد ساوى المشرع األردني بين القصد المحدد وغير المحدد في النتيجة(‪.)128‬‬
‫أما بالنسبة إلى القصد المباشر والقصد االحتمالي في جريمة القتل العمذد عذن طريذق نقذل‬
‫(‪ )COVID-19‬فإن العنصر الجوهري للقصد المباشر هو اإلرادة التي تتجه على نحو أكيد‬ ‫فيرو‬
‫يقيني إلى االعتداء على الحق الذي يحميه القذانون‪ ،‬وأن هذذه اإلرادة التذي تتجذه علذى هذذا النحذو‬
‫اليقيني الثابت واألكيد هي إرادة اتجهت مباشرة إلى مخالفة القانون بتحقيق نتيجة مجرمة‪ ،‬إذ توقف‬
‫ذهن الجاني نحو تحقيق احتمال واحد فقط كأثر لفعله‪ ،‬ولم تتعدد االحتماالت لديذه‪ ،‬إذ يمكذن القذول‬
‫بأن القصد المباشر إنما قوامه السلوي والنتيجة المباشرة‪ ،‬فإذا قام الجاني باحتضذان والذده المجنذي‬
‫كورونا إليه عذن طريذق الذرذاذ أو المالمسذة بهذدف‬ ‫عليه ومحادثته عن قرب لنقل عدوى فيرو‬
‫إليه‪ ،‬وكذان الجذاني علذى علذم بذأن المجنذي عليذه‬ ‫التخلص منه قاصدا ً بذلي قتله بعد نقل الفيرو‬
‫لكبر سنه‪ ،‬وأراد بذلي إحذداث النتيجذة التذي قصذدها‬ ‫يعاني من مرض عضال أو ضيق في التنف‬
‫مباشرة‪ ،‬فيكون قد ارتكب جريمته بإرادة وقصد مباشر مع سبق اإلصرار‪ ،‬بحيث خطط لها بروية‬

‫)‪(126‬‬ ‫‪https://www.mayoclinic.org/ar/diseases-conditions/infectious-diseases/in-depth/germs/art-‬‬
‫‪20045289‬‬
‫حسنيك محمود نجي ك شرح قانون العقوبات القسم العامك مرجع سابقك ص ‪.762‬‬ ‫(‪)127‬‬
‫قررار محمم ررة التمييررز رقررم (‪ )2019/556‬والررذي جرراء فيرره‪ :‬يممررا يسررتدل مررن ذلررف أن نيررة المررتهم قررد اتجهررت إلررى قتررل المجنرري علرريهم‬ ‫(‪)128‬‬
‫فيمررا إذا كرران القصررد‬ ‫تج رريم المررتهم بهررذه الجنايررة كمررا وردت ب سررناد النيابررة العامررةك سرريما وأنرره ال اخررتال‬ ‫وإزهرراق أرواحهررم ممررا يتوج ر‬
‫محدداً أو غير محدد وقبل بالمخاطر ب صابة أي منهمي‪.‬‬

‫‪-55-‬‬
‫وهو عالم بنتائجها األكيدة‪ ،‬وأصر على تنفيذها بعد التفكير العميق بما ينتج عنهذا مذن أثذر‪ ،‬فضذالً‬
‫عن أن والده من األصول(‪ ،)129‬مما ينبني عليه إدانته بجرم القتل العمذد مذع سذبق اإلصذرار وفقذا ً‬
‫ألحكام المادة (‪ )3/328‬من قانون العقوبات‪.‬‬
‫وفيما يتعلق بالقصد االحتمالي في جريمة القتذل العمذد عذن طريذق نقذل العذدوى بفيذرو‬
‫(‪ )COVID-19‬فإن القصد االحتمالي يقوم على تصور الجاني لنتائج محتملة وممكنة لفعله‪ ،‬بمعنى‬
‫أن يكون متوقعا ً حصول النتائج‪ ،‬ومضى بالفعل مستويا ً لديه حصول ما يمكذن أن يذنجم عذن فعلذه‬
‫باعتبارها ممكنة‪ ،‬ورضي بالمخاطرة وأقدم على الفعل (‪.)130‬‬
‫عرف القضاء الجنائي القصد االحتمالي بأنه‪ :‬نيّة ثانوية غير موكذدة تخذتلج بهذا نفذ‬
‫وقد ّ‬
‫الجاني الذي توقع أن يتعدى فعله الغرض المنوي عليه بالذات إلى غذرض آخذر لذم ينذوه مذن قبذل‬
‫أصالً‪ ،‬فيمضي مع ذلي في تنفيذ الفعل‪ ،‬فيصذيب بذه الغذرض غيذر المقصذود‪ .‬والقصذد االحتمذالي‬
‫يساوي القصد األصلي والمباشر (‪ ،)131‬وفقا ً لنص المادة (‪ )64‬من قانون العقوبات األردني‪ ،‬والتي‬
‫جاء فيها‪" :‬ت ُعد الجريمة مقصودة وإن تجاوزت النتيجة الجرمية الناشئة عن الفعل قصد الفاعذل إذا‬
‫كان قد توقع حصولها فقبل بالمخاطرة"‪.‬‬
‫(‪ )COVID-19‬بذأن يقذذوم‬ ‫وإذا مذذا طبقنذذا هذذذا المبذذدأ علذذى جريمذذة نقذذل العذذدوى بفيذذرو‬
‫المصاب‪ ،‬وهو عالم بمرضه‪ ،‬بزيارة عدد كبير من أقاربه وأصدقائه‪ ،‬وااللتقاء بهم في تجمع لنشر‬
‫وتحويله إلى وباء بهدف تكليف الدولة نفقات العذالج والعذزل الصذحي للمصذابين‪ ،‬وفذي‬ ‫الفيرو‬
‫محاولة منه لمخالفة التعليمات الصحية‪ ،‬وهو متوقع بفعله إصابة عدد كبير ممذن خذالطهم‪ ،‬إال أنذه‬
‫مضى بفعله غير آبه بالنتائج‪ ،‬فيتعدى فعله الغرض المنوي عليه إلذى غذرض آخذر أكثذر جسذامة‪،‬‬
‫فيمضي مع ذلي في تنفيذ الفعل ويقبل بالنتيجة الحاصلة‪ ،‬إال أن تنقله وهو مصاب بين األفراد ينقل‬
‫لبعض األشخاص من ذوي المناعة المتدنية مما يودي إلذى تذأثر الجهذاز المنذاعي لذديهم‬ ‫الفيرو‬
‫وتنتج عن ذلي الوفاة‪ ،‬بالرغم من أن نيّة الجاني لم تتجه مباشرة إلى إحداث الوفذاة‪ ،‬وإنمذا اتجهذت‬
‫إلى مخالفة التعليمات بهدف تكليف الدولة نفقات إضافية‪ ،‬مع علمه بخطورة فعله وخطورة النتذائج‬
‫المترتبة عليه‪ ،‬إال أنه قد قَبل بهذه النتيجة وقام بالفعل‪ ،‬فينطبذق علذى فعلذه نذص المذادة (‪)3/327‬‬
‫بتجريمه بجناية القتل القصد على أكثر من شخص وعقوبتها األشغال الموبذدة‪ ،‬إذ إن ّ‬
‫علذة التشذديد‬

‫قرار محممة التمييز رقم (‪ )2019/297‬والذي جاء فيه‪ :‬يالعنصر النفسي‪- :‬والمتم ل بتفكير الجاني في الجريمة قبررل ارتكابهررا بمررل‬ ‫(‪)129‬‬
‫وعلى نحو يتيح له المجال باإلقرردام أو اإلحجررام ثررم التصررميم علررى مررا انترواه وإعررداد الوسرريلة‬ ‫هدوء وروية بال وبما يمفي للتفكير بالعواق‬
‫الالزمة وتنفيذها‪ .‬كما إن سبق اإلصرار حالة ذهنية في نفس الجاني ال يممن االستدهاد بهررا وإنمررا تسررتدل عليهررا محممررة الموضرروي مررن‬
‫الدعوى ومالبساتهاي‪.‬‬ ‫خالل ظرو‬
‫الجبورك محمدك الجرائم الواقعة على األشخاص في قانون العقوبات األردنيك مرجع سابقك ص‪.62‬‬ ‫(‪)130‬‬
‫هرجةك مصطفى مجديك التعليق على قانون العقوباتك مرجع سابقك ص ‪.253‬‬ ‫(‪)131‬‬
‫‪-56-‬‬
‫هنا تقوم على تعدد للنتيجة الجرمية الناشئة عن فعل واحد‪ ،‬بمعنى أن ال يقضى على الجاني بعقوبة‬
‫مستقلة عن كل شخص تم قتله‪ ،‬أي أن تغليظ العقوبة ظرف مشدد لجريمة القتذل المقصذود البسذيط‬
‫الناشئ عنها تعدد النتيجة الجرمية‪.‬‬
‫(‪COVID-‬‬ ‫وبالنسبة إلى الغلط في شخصية المجني عليه في جريمة نقل العدوى بفيذرو‬
‫‪ )19‬وتأثيرها على القصد الجنائي‪ ،‬فإن ذلي يتحقق إذا اتجه قصد الجاني إلى نقل العدوى لشذخص‬
‫معين بذاته‪ ،‬ويقوم بالسلوي المادي‪ ،‬إال أن النتيجة الجرمية تتحقق على شخص آخر(‪ ،)132‬مثذل أن‬
‫يقوم الجاني بوضع اللعاب على مقبض باب غرفة المجني عليه في أحد الفنادق قاصدا ً قتله‪ ،‬فيقذوم‬
‫عامل التنظيفات بفتح الباب قبل المجني عليه فتتنقل إليه العذدوى ويُصذاب بالمضذاعفات وتحصذل‬
‫الوفاة‪ ،‬وهنا تقوم مسوولية الجاني عن جناية القتذل العمذد وفقذا ً لذنص المذادة (‪ )1/328‬عقوبذات‪،‬‬
‫بصرف النظر عن شخص المتوفى‪ ،‬ما دام أن ّنيذة الجذاني اتجهذت إلذى إحذداث الوفذاة‪ ،‬فذال يذوثر‬
‫الغلط في شخصية المجني عليه على قيام المسوولية الجزائية للجاني‪ ،‬وهذا ما قررته المذادة (‪)66‬‬
‫من قانون العقوبات األردني التي جاء فيها‪" :‬إذا وقعت الجريمة على غير الشخص المقصود بهذا‪،‬‬
‫عوقب الفاعل كما لو كان اقترف الفعل بحق من كان يقصذد"‪ ،‬كمذا وأكذدت عليذه محكمذة الذنقض‬
‫المصرية في إحدى قراراتها(‪.)133‬‬

‫المجاليك شرح قانون العقوبات القسم العامك مرجع سابقك ص‪336‬‬ ‫(‪)132‬‬
‫ك س‪31‬ك ص ‪1134‬ك والررذي جرراء‬ ‫المصررري جلسررة ‪ 25‬ديسررمبر سررنة ‪1980‬ك مجموعررة أحمررام محممررة الررنق‬ ‫قررار محممررة الررنق‬ ‫(‪)133‬‬
‫نصه‪ :‬يال يجدي الطاعن التحدي بأن الحمم لم يفصح عررن بيرران نيررة القتررل لمررن اخطررأ فرري شخصررهم مررن المجنرري علرريهم ألن تحديررد هررذا‬
‫أثرره إلررى المجنرري علرريهم اآخ ررين ال يررؤثر فرري يامرره وال يرردل علررى انتفائرره مررا‬ ‫القصررد بررالمجني عليرره األول بذاترره أو تحديررده أو انص ر ار‬
‫دامررت الواقعررة كمررا أثبتهررا الحمررم ال تعرردو أن تكررون صررور مررن حرراالت الخطررأ فرري الدررخص الترري يؤخررذ الجرراني فيهررا بالجريمررة العمديررة‬
‫النتيجة التي انتهى إليها فعله وألن الخطأ في شخص المجني عليه ال يغيررر مررن قصررد المررتهم وال مررن ما يررة الفعررل الجنررائي الررذي‬ ‫حس‬
‫ارتكبه تحقيقاً لهذا الغرضك ومن ثم ف ن ما أورده الحمم بياناً لنّيرة القتررل وتوافرهررا لرردى الطرراعن بالنسرربة لجريمررة قتررل المجنرري عليرره األول‬
‫ينعطع حممه بطريق اللزوم إلى جرائم القتل والدروي فيه األخرى التي أدانه بهاي‪.‬‬
‫‪-57-‬‬
‫المبحث الثاني‬
‫جريمة نقل العدوى بوصفها جريمة إجهاا‬
‫إن كفالة حماية الجنين قبل الوالدة حق مصان بكافذة القذوانين الوضذعية والشذرائع‪ ،‬وهذذا‬
‫الحق ُم قيد بحق الدولة بعدم السماح ألي فعل غير مشروع هدفه التخلص مذن األجنذة‪ ،‬إذ اعتبذرت‬
‫معظم التشريعات أن اإلجهاض جريمة يعاقب عليها القانون (‪.)134‬‬
‫ومعنى اإلجهاض هو‪ :‬إخراج الجنين من الرحم قبل األوان‪ ،‬وهو غيذر قابذل للحيذاة‪ ،‬وقذد‬
‫عرفه بعض الفقهاء بأنه‪" :‬استعمال وسيلة صناعية تودي إلى طرد الجنين قبل موعد الوالدة إذا تم‬
‫ّ‬
‫بقصد إحداث هذه النتيجة"(‪.)135‬‬
‫كورونذذا المسذذتجد (‪ )COVID-19‬حذذول العذذالم‪ ،‬ومذذع تزايذذد أعذذداد‬ ‫ومذذع انتشذذار فيذذرو‬
‫ال زالت مجهولة‪ ،‬ولم يفلذح الطذب إلذى اآلن‬ ‫اإلصابات والوفيات‪ ،‬ومع أن طبيعة انتشار الفيرو‬
‫باإللمام بجميع جوانب انتقاله‪ ،‬فالسوال األبرز الذي يمكن أن يُثار هنا هو‪ :‬هل يمكن انتقال فيرو‬
‫(‪ )COVID-19‬من األم إلى جنينها أثناء فترة الحمل؟ وهل من الممكن أن يودي انتقاله إلذى مذوت‬
‫الجنين أو إجهاض االم ؟ إذا كان كذلي‪ ،‬هل أولى القانون حماية للجنين في ضوء ذلي؟‪ ،‬ولإلجابذة‬
‫على هذه التساوالت‪ ،‬ال بد لنا من بيان أركان الجريمة أوالً؛ حيث أن جريمة اإلجهاض تقوم علذى‬
‫األركان الركن المفترا‪ :‬وهو وجود الحمذل‪ ،‬والـركن المـاد ‪ :‬وهذو حصذول اإلجهذاض (الفعذل‬
‫المجرم والنتيجة المترتبة على الفعذل والرابطذة السذببية بينهمذا)‪ ،‬والـركن المعنـو ‪ :‬وهذو القصذد‬
‫الجنائي‪.‬‬
‫المطلب األول ‪-‬أركان جريمة اإلجهاا‪:‬‬
‫ت ُقسم الجرائم استنادا ً إلى أركانها الثالث‪ ،‬الركن القانوني ويستند إلذى تقسذيم الجريمذة مذن‬
‫سمها ما بين جنايات وجنح ومخالفات‪ ،‬ومن‬
‫حيث جسامه الجريمة وجسامة العقوبة المقررة لها‪ ،‬فق ّ‬
‫ثم الركن المادي‪ ،‬إذ لم يعرف قانون العقوبات الركن المادي للجريمة‪ ،‬ولم يحدد عناصره في نص‬
‫عام‪ ،‬واعتمد فذي ذلذي علذى تحديذد العناصذر الخاصذة لكذل جريمذة عنذد بحذث أركانهذا‪ ،‬والذركن‬
‫المعنوي أي حالة تذوافر القصذد الجرمذي بشذقيه العلذم واإلرادة‪ ،‬وجريمذة اإلجهذاض كغيرهذا مذن‬
‫الجرائم تقوم على أركان عامة وأركان خاصة حددها المشرع (‪.)136‬‬

‫نجمك محمد صبحي وتوفيقك عبد الرحمنك شرح القسم الخاص في قانون العقوبات األردنيك مرجع سابقك ص ‪.243‬‬ ‫(‪)134‬‬
‫السعيدك كاملك شرح قانون العقوبات األردني الجرائم الواقعة على اإلنسانك مرجع سابقك ص ‪.243‬‬ ‫(‪)135‬‬
‫السعيدك كاملك شرح األحمام العامة فرري قررانون العقوبرراتك د ارسررة تحليليررة تأصرريلية توصرريهيه توجيهيررة مقارنرةك الطبعررة الرابعررةك مرجررع‬ ‫(‪)136‬‬
‫سباقك ص ‪ 46‬و ص ‪ 195‬وص‪.403‬‬

‫‪-58-‬‬
‫وعليه سيتم تناول أركان جريمة اإلجهاض في الفروع التالية‪:‬‬
‫الفرع األول ‪-‬الركن المفترا (وجود الحمل)‪:‬‬
‫أي بمعنى أن يستهدف السلوي اإلجرامي امرأة حامل‪ ،‬وإن كانذت جريمذة اإلجهذاض تقذع‬
‫على الجنين‪ ،‬إال أن هذا الجنذين ال زال فذي أحشذاء المذرأة‪ ،‬وهذو إنسذان غيذر مكتمذل‪ ،‬بحيذث لذو‬
‫انفصل عن رحم أمه قبل تمام خلقه ال يخرج للحيذاة حيذا ً‪ ،‬إال أنذه مقدمذة إلنسذان سذيخرج للحيذاة‪،‬‬
‫بدليل أنه ينمو ويتحري ويحتاج إلى الغذاء‪ ،‬وإن كان الجنين في وضعه هذا ال يعده القانون شخصا ً‬
‫جريمذة اإلجهذاض‪ ،‬فلذو لذم تكذن المذرأة حذامالً فذال وجذود لجريمذة‬ ‫يتمتع باألهلية‪ ،‬إال أنه أسذا‬
‫اإلجهاض(‪ ،)137‬فعدم وجود الحمل يعني تخلف ركن من أركان الجريمة‪ ،‬وال يمكن اعتبار االعتقاد‬
‫بوجود الحمل ركنا ً مفترضا ً للجريمة‪ ،‬إذ ال بد من وجوده بشذكل يقينذي ال يذدع مجذاالً للشذي؛ ألن‬
‫وجود الحمل هو ما تقوم عليه الجريمة‪ ،‬والقول بغير ذلي يعني قيام الجريمة المستحيلة لعدم وجود‬
‫موضوع الجريمة وال عقاب على االستحالة(‪ ،)138‬ومما يوكد علذى ذلذي نذص المذادة (‪ )336‬مذن‬
‫قانون العقوبات األردني والتي نصها‪" :‬مذن تسبب بإحدى وسائل العنف أو االعتداء المذذكورة فذي‬
‫المادة (‪ )333‬بإجهاض حامل وهو على علم بحملها‪."....‬‬
‫وباستقراء نص المادة المذكورة‪ ،‬نرى أن المشرع اشترط علم الجاني بوجود الحمذل حتذى‬
‫نكون بصدد جريمة اإلجهاض‪ ،‬فمتى كان هناي حمل معناه إمكانية حصول اإلجهاض في أي وقت‬
‫سواء كان في بدايته أم وسذطه أم نهايتذه‪ ،‬وال يهذم إن كذان حمذالً طبيعيذا ً أم صذناعيا ً أو أن يكذون‬
‫الحمل مشروعا ً أو غير مشروع‪ ،‬حيث يبقى الجنين متمتعا ً بالحماية الجزائية‪.‬‬
‫الفرع الثاني ‪-‬الركن الماد (حصول اإلجهاا)‪:‬‬
‫ويقوم الركن المادي على السلوي اإلجرامي الذي يقوم به الجاني إلتمام جريمته‪ ،‬بمذا فيذه‬
‫الوسيلة المتبعة في ذلي والنتيجة المترتبة هذذا السذلوي والعالقذة السذببية التذي تذربط بذين السذلوي‬
‫والنتيجة‪ ،‬أما عن السلوي فهو الذي يودي إلى إنهاء حالة الحمل قبذل الوضذع الطبيعذي‪ ،‬ولذم يعتذد‬
‫المشرع األردني بالوسيلة أو الفعل المتوسل به للوصول إلى النتيجة الجرمية‪ ،‬إال أن يصدر النشاط‬
‫من الجاني في أي صورة كانت‪ ،‬بحيث تودي إلى النتيجذة‪ ،‬وذلذي فذي ضذوء نذص المذادة (‪)322‬‬
‫عقوبات أردني والتي جاء فيها‪" :‬من أقدم بأية وسيلة كانت على إجهاض امذرأة ‪ ،"...‬فذأي وسذيلة‬
‫تصلح لتحقيق النتيجة‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬يمكن أن يعتمد الجاني السلوي المذادي كالضذرب‪ ،‬كمذا يمكذن أن يلجذأ كذذلي إلذى‬
‫األدوية والعقاقير والحقن أو استعمال اإلرهاب والترويع كوسيلة إلسقاط الحمذل‪ ،‬وهذدف المشذرع‬

‫نجمك محمد صبحي وتوفيقك عبد الرحمنك شرح القسم الخاص في قانون العقوبات األردنيك مرجع سابقك ص ‪.246‬‬ ‫(‪)137‬‬
‫السعيدك كاملك شرح قانون العقوبات األردنيك الجرائم الواقعة على اإلنسانك مرجع سابقك ص ‪.247‬‬ ‫(‪)138‬‬
‫‪-59-‬‬
‫من عدم حصر الوسائل المستخدمة بجريمة اإلجهاض بأن يجعل كل وسيلة من شأنها أن تودي إلى‬
‫حدوث اإلجهاض وسيلة مجرمة؛ نظرا ً لصعوبة حصرها‪ ،‬وحتى ال يلزم نفسه بذكر وسائل محددة‬
‫بذاتها (‪.)139‬‬
‫والسلوي المادي يكون عن طريق فعل صادر عن الجاني يذودي إلذى النتيجذة وهذي إنهذاء‬
‫بنيذة‬
‫(‪ )COVID-19‬إلذى األم ّ‬ ‫حالة الحمل قبل أوانها‪ ،‬وذلي بأن يقوم الجاني بنقل عذدوى فيذرو‬
‫اإلضرار بالجنين‪ ،‬وكقاعدة عامة إن ما يوثر على األم‪ ،‬بالضرورة‪ ،‬سوف يتأثر به الجنذين بشذكل‬
‫أو بآخر‪ ،‬سواء كان بالغذاء أم بالمرض أم الحالة النفسية لألم‪ ،‬وكذلي تناولهذا للعقذاقير وتعرضذها‬
‫لإلشعاع‪ ،‬فإصابة األم بالعدوى في مرحلة الحمل قد يودي إلى الضعف العقلي أو الصذم أو العمذى‬
‫أو اضطرابات إفرازات الغدد‪ ،‬خاصةً في أشهر الحمل األولى(‪ ،)140‬ومن الممكن أن يتأثر الجنذين‬
‫بما تصاب به من مرض أو عدوى سواء كان عن طريق الغذاء أو األكسجين‪ ،‬وإن كانذت الوسذيلة‬
‫غير قاتلة بطبيعتها‪ ،‬وهذا السلوي هو الركن المادي المكون للجريمة‪ ،‬بحيذث يكذون مذن شذأن هذذا‬
‫السلوي اإلضرار بجسم الضحية‪ ،‬والجنين إلحداث النتيجة وهي التخلص من الجنين‪ ،‬فتعذد وسذيلة‬
‫في نظر القانون‪ ،‬طالما أنها تودي إلى النتيجة الجرمية‪ ،‬ويشترط القذانون قيذام العالقذة السذببية مذا‬
‫بين هذه الوسيلة والنتيجة المترتبة(‪.)141‬‬
‫أما فيما يتعلق بالعالقة السببية بين نقل العدوى وبين النتيجة التي أرادها الجاني فإنه وبهذا‬
‫كورونا‪ ،‬إال في حال كذان نقذل فيذرو‬ ‫الصدد فال نكون هنا أمام جريمة اإلجهاض بسبب فيرو‬
‫(‪ )COVID-19‬هو السبب المباشر الذي تسبب بإحداث النتيجة‪ ،‬وهي موت الجنين والتخلص منه‪،‬‬
‫أي أن تأثيره كان تأثيرا ً مباشذرا ً علذى الجنذين‪ ،‬وبشذأن هذذا أثبتذت دراسذات صذادرة عذن منظمذة‬
‫غير‬
‫(‪ )COVID-19‬على الحمل‪ ،‬ال تزال ُ‬ ‫الصحة العالمية ما يلي‪" :‬أن تأثير عدوى مرض فيرو‬
‫معروفة حتى اليوم‪ ،‬ويُعزى سبب ذلي إلى عدم توافر بيانات موثوقذة يمكذن االعتمذاد عليهذا‪ .‬وقذد‬
‫أظهرت النتائج التي تذم التوصذل إليهذا عبذر عينذة دراسذية صذغيرة تذم إجراوهذا فذي الصذين‪ ،‬أن‬
‫األعراض السذريرية لاللتهذاب الرئذوي (‪ )COVID-19‬لذدى النسذاء الحوامذل كانذت مماثلذة لتلذي‬
‫األعراض التي تم اإلبالغ عنها لدى النساء غير الحوامل"(‪ .)142‬وال تتوافر حتى اآلن أية أدلة عذن‬

‫نمورك محمد سعيد (‪ .)2006‬شرررح قررانون العقوبررات القسررم الخرراصك الجررزء األولك الجررائم الواقعررة علررى األشررخاصك الطبعرة ال انيررةك‬ ‫(‪)139‬‬
‫دار ال قافة للندر والتوزيعك عمانك ص ‪.184‬‬
‫مداناتك أوجيني ميخائيل (‪ .)2006‬الطفولةك الطبعة األولىك دار مجدالوي للندر والتوزيعك عمانك ص ‪.22 – 21‬‬ ‫(‪)140‬‬
‫قرشك أسماءك الحماية الجزائية للطفل جريمة نقل العدوى عن طريق الدم الملومك مرجع سابقك ص ‪.38‬‬ ‫(‪)141‬‬
‫تدررنه هويجررونو غررووه خوانخروانو وانررغه تدررنو لرروهه فررانو يرروه شيويدررنو تدررانغه ويو لرريه جيررافوو تدرراوه دونغتدرريو شرروه دانو غونررغه‬ ‫(‪)142‬‬
‫تدررينغو ليرراوه جينررغو يررانغه هويتدررياو هرروونه ويو تدررانغه يوانتدررن (‪ 7‬إذار‪/‬مررارس ‪ .)2020‬األعرراض السرريرية وإممانيررة االنتقررال ال أرسرري‬

‫‪-60-‬‬
‫(‪ )COVID-19‬من األم إلى الطفل في أواخر الحمل‪ ،‬إال أن هنالي شكوي‬ ‫االنتقال الرأسي لفيرو‬
‫كورونذا (‪ )143()COVID-19‬بأنذه‪" :‬ال توجذد‬ ‫وتنبوات بُنيت اعتمادا ً على العدوى المماثلة لفيرو‬
‫بيانات تشير إلى خطر اإلجهاض وفقدان الحمذل بسذبب ‪ ،COVID-19‬وال تظهذر الدراسذات التذي‬
‫أجريت على متالزمة الشرق األوسط التنفسية وجود أي عالقة بين العدوى واإلجهاض"(‪".)144‬‬
‫وبالنسبة إلى التأثير على الجنين" ال تُوجد حاليًا بيانات تشير إلى زيادة خطر اإلجهاض أو‬
‫(‪.)145(")COVID-19‬‬ ‫فقدان الحمل المبكر فيما يتعلق بفيرو‬
‫(‪ )COVID-19‬علذيهن‪،‬‬ ‫وت ُجرى األبحاث حاليذا ً علذى الحوامذل لفهذم مذدى تذأثير فيذرو‬
‫بالرغم من أن البيانات محذدودة فيمذا يتعلذق بذذلي‪ ،‬وال يوجذد دليذل حاليذا ً علذى أن الحوامذل أكثذر‬
‫عرضةً لإلصابة باألمراض المزمنة‪ ،‬إال أن التغيرات التذي قذد يتعذرض لهذا جسذم المذرأة الحامذل‬
‫وجهازها المناعي تجعله أكثر عرضذةً لألمذراض التنفسذية التذي قذد يكذون لهذا تذأثير سذلبي علذى‬
‫الحوامذذل‪ ،‬وبالتذذالي علذذى الحوامذذل اتخذذاذ االحتياطذذات الالزمذذة لحمايذذة أنفسذذهن مذذن مذذرض‬
‫(‪ )COVID-19‬خاصذةً فذذي حذذال تعرضذذهن لذذبعض األعذذراض بمذذا فذذي ذلذذي الحمذذى والسذذعال أو‬
‫(‪.)146‬‬ ‫صعوبة التنف‬
‫إلذى الجنذين‬ ‫ومما سبق وحسب ما توصلت إليذه الدراسذات نجذد أن عمليذة نقذل الفيذرو‬
‫عمليذذة صذذعبة الحذذدوث ولكنهذذا ليسذذت مسذذتحيلة ب ذاإلطالق‪ ،‬بمعنذذى أنذذه ال عالقذذة بذذين العذذدوى‬
‫واإلجهاض إال في حاالت استثنائية لم تثبت بعد‪ ،‬فقد يكون تذدني المناعذة للحامذل إحذداها وبنسذبة‬
‫ضئيلة‪ ،‬إذ ال نسذتطيع القذول باسذتحالتها اسذتحالة مطلقذة‪ ،‬وهذذا يعذود إلذى إمكانيذة حصذولها فذي‬

‫‪ The‬باللغر ر ررة‬ ‫داخر ر ررل الر ر رررحم لعر ر رردوى كوفير ر ررد‪ 19-‬لر ر رردى تسر ر ررع نسر ر رراء حوامر ر ررل‪ :‬مراجعر ر ررة بر ر ررأثر رجعر ر رري للسر ر ررجالت الطبير ر ررة ‪Lancet‬‬
‫اإلنكليزية ‪. 395 (10226): 809/‬‬
‫‪(143) "Corona Virus (COVID-19) Infection and Pregnancy Version 9" (PDF). Royal College of‬‬
‫(باللغة اإلنجليزية)‪ .‬عدوى الفيروس التاجي والحمل ‪Obstetricians & Gynaecologists 13 May 2020.‬‬
‫(‪ )COVID-19‬ك اإلصدار ‪(PDF( 9‬ك الكلية الملكية ألطباء التوليد وأمراض النساء‪ .‬اطلع عليه بتاريخ ‪ 14‬مايو ‪.2020‬‬
‫‪(144) Mimouni, Francis; Lakshminrusimha, Satyan; Pearlman, Stephen A.; Raju, Tonse; Gallagher,‬‬
‫‪Patrick G.; Mendlovic, Joseph (2020-04-10). "Perinatal aspects on the covid-19 pandemic: a practical‬‬
‫ك سرراتيان‪ .‬بيرلمررانك سررتيفن أ‪/ Lakshminrusimh .‬ميمرروني وفرانسرريس‪resource for perinatal–neonatal specialists" .‬‬
‫المحيطررة بررالوالد مررن جائحررة كوفيررد ‪ :19‬مررورد‬ ‫راجوك تونس‪ .‬غاالغرك باتريف جي‪ .‬مندلوفيتشك جوزيررف (‪ .)10-04-2020‬يالجوانر‬
‫عملي للمتخصصين في فتر ما حول الوالد وحدي ي الوالد ي‬
‫‪(145) Zeng, Hui; Xu, Chen; Fan, Junli; Tang, Yueting; Deng, Qiaoling; Zhang, Wei; Long, Xinhua (26-‬‬
‫‪3-2020). "Antibodies in Infants Born to Mothers With COVID-19 Pneumonia". JAMA‬‬
‫‪ /‬زيررن ك ‪.‬مؤرشررع مررن األصررل فرري ‪ 18‬مررايو ‪) doi:10.1001/jama.2020.4861.PMID 32215589. 2020‬باللغررة اإلنجليزيررة(‬
‫؛ تدانغك وي ؛ لون ك شينغهوا (‪ Qiaoling.)26-03-2020‬؛ تانغك يويتينغ ؛ دنغك ‪Junli‬ك ‪Fan‬هوي ؛ شوك تدين ؛‬
‫‪ COVID-19".‬ياألجسر ر ررام المضر ر رراد عنر ر ررد الرضر ر ررع المولر ر ررودين ألمه ر ر رات مصر ر ررابين بااللتهر ر رراب الرئر ر رروي‬ ‫دوى‪JAMA / 10.1001 :‬‬
‫‪jama.2020.4861.PMID 32215589. https://www.who.int/ar/news-room/q-a-detail/q-a-on-covid-19-‬‬
‫‪pregnancy-and-childbirth‬‬
‫‪(146) https://www.who.int/ar/news-room/q-a-detail/q-a-on-covid-19-pregnancy-and-childbirth.‬‬

‫‪-61-‬‬
‫المستقبل‪ ،‬وبنا ًء على ذلي تنقطع العالقذة السذببية بذين سذلوي الجذاني بنقذل العذدوى بشذكل مباشذر‬
‫للجنين واإلجهاض كنتيجة له ويرجع ذلي الستحالة تحقق النتيجة فذي معظذم الحذاالت‪ ،‬إال أن نقذل‬
‫العدوى ممكن‪ ،‬وتأثيره على الجنين وارد‪ ،‬ولو بنسبة ضئيلة‪ ،‬وبشكل غير مباشر ال يصل إلى حذد‬
‫وفاة الجنين مباشرة ً‪ ،‬وفي هذه الحالذة نكذون أمذام حالذة الشذروع فذي الجريمذة بحيذث قذام الجذاني‬
‫بالركن المادي للجريمة واستنفذه مع توافر القصذد الجنذائي بعنصذريه العلذم واإلرادة‪ ،‬إضذافةً إلذى‬
‫القصد الخاص‪ ،‬المتمثل بقصد التخلص من الجنين‪ ،‬إال أن النتيجة غيذر ممكنذة الحصذول ألسذباب‬
‫خارجة عن إرادة الجاني بالرغم من إعداده لجميع الوسذائل واجتهذاده فذي تحقيذق الغذرض‪ ،‬وهذذا‬
‫والطريقة التي ينتقل وينتشر من خاللها‪ ،‬والمحددة بطذرق معينذة‪ ،‬هذي‬ ‫يرجع إلى طبيعة الفيرو‬
‫المصاب وانتقال الرذاذ من خالل الهواء ومالمسة األسطح الموبوءة‪ ،‬وكذذلي طريقذة دخولذه‬ ‫لم‬
‫إلى الجهاز التنفسي عن طريق الفم واألنف والعين أيضا ً‪ ،‬ولم يثبت قطعا ً إمكانية انتقاله عبر الدم‪،‬‬
‫وهي الطريقة التي ينتقل بها األكسجين مذن األم للجنذين‪ ،‬وعلذى اعتبذار أن الجريمذة الخائبذة هذي‬
‫إحدى صور الشروع‪ ،‬وهي الجريمة ناقصة النتيجة‪ ،‬التي كان الجاني يسعى إليها ولكنها لم تتحقق‬
‫لسبب خارج عذن إرادتذه(‪ ،)147‬فيكذون الجذاني قذد اسذتنفذ نشذاطه اإلجرامذي كذامالً وخذاب األثذر‬
‫وتخلفت النتيجة ولم يتم المراد منها وهو ما قصدته المذادة (‪ )68‬عقوبذات‪ ،‬والتذي حذددت مراحذل‬
‫الشروع بالجريمة بالبدء في تنفيذ الفعل من خالل األفعال الظاهرة‪ ،‬وتعذذر حصذول النتيجذة(‪،)148‬‬
‫ومن ثم تأتي المرحلة الثانية في الشروع‪ ،‬والتي تتطلب أن يكون تنفيذ الجاني لفعله بقصد ارتكذاب‬
‫جناية أو جنحة‪.‬‬
‫(‪،)COVID-19‬‬ ‫ويرى الباحث بتطبيق ذلي على جريمة اإلجهاض بواسذطة نقذل فيذرو‬
‫إن الفشل بتحقيق النتيجة‪ ،‬وهي عنصر من عناصر السلوي المادي‪ ،‬بالرغم من بذل الجاني الجهذد‬
‫(‪)COVID-19‬‬ ‫الكافي لذلي‪ ،‬مرده لطبيعذة األداة المسذتخدمة‪ ،‬وتكمذن فذي عذدم صذالحية فيذرو‬
‫كوسيلة إلحداث اإلجهاض بسبب طبيعة انتقاله‪ ،‬وعلى هذا‪ ،‬فقد توافرت عناصر الركن المادي في‬
‫الجريمة‪ ،‬عدا النتيجة‪ ،‬فقيام الجاني بمحاولة الخالص من الجنين عن طريق نقل العدوى لذه‪ ،‬وهذو‬
‫السلوي المادي‪ ،‬مع اتجاه النيّة إلى ذلي‪ ،‬وهو القصد الجرمي‪ ،‬إال أن عدم تحقيق النتيجذة الجرميذة‬
‫المتمثلة بإسقاط الجنين وإخراجه متوفى قبذل الموعذد الطبيعذي لعذدم صذالحية الوسذيلة إنمذا يأخذذ‬
‫وصف الجريمة الخائبة‪.‬‬

‫(‪ )147‬خل ررعك عل رري حس ررين والد رراويك س ررلطان عب ررد الق ررادر (‪ .)2011‬المب ررادئ العام ررة ف رري ق ررانون العقوب رراتك الممتب ررة القانوني ررةك بغ رردادك ص‬
‫‪.179-174‬‬
‫(‪ )148‬سميرك محمد (‪ .)2011‬الجريمة المستحيلةك دراسة مقارنةك الطبعة األولىك دار النهضة العربيةك القاهرك ص ‪.10‬‬

‫‪-62-‬‬
‫الفرع الثالث ‪-‬الركن المعنو (القصد الجنائي)‪:‬‬
‫الركن المعنوي في الشروع هو اإلرادة اآلثمة‪ ،‬والتي اتجهذت فعذالً إلذى إحذداث‬ ‫إن أسا‬
‫النتيجة‪ ،‬وتخلفت لسذبب غيذر اختيذاري‪ ،‬ومكانهذا فذي الجذرائم القصذدية‪ ،‬بحيذث ال يمكذن تصذور‬
‫الشروع فذي الجذرائم غيذر القصذدية‪ ،‬فذاإلرادة اآلثمذة واحذدة وتسذتوي فذي الجريمذة التامذة وفذي‬
‫الشروع‪ ،‬وهي إرادة ارتكاب جريمة معينة مع إرادة إتمامها بمعنى اتجاه القصد إلى نتيجة محددة‪،‬‬
‫وهو ما ينطبق على جريمة اإلجهاض‪ ،‬فهي جريمة قصدية‪ ،‬ويتطلذب ذلذي انصذراف اإلرادة إلذى‬
‫ارتكاب الجريمة مع العلم بجميع أركانها وعناصرها (‪.)149‬‬
‫(‪ ،)COVID-19‬فهذذا‬ ‫أما عن الركن المعنوي بجريمة اإلجهاض عن طريق نقذل فيذرو‬
‫الركن يتطلب أن يكون الجاني عالما ً بوجذود الحمذل‪ ،‬وأن يكذون عالمذا ً بخطذورة فعلذه علذى حيذاة‬
‫الجنين‪ ،‬وعالما ً أيضا ً بالنتيجة المترتبة عليه وهي إخذراج الجنذين مذن الذرحم متذوفى قبذل الوضذع‬
‫إلى األم وهو عالم بمضذاعفاته‪ ،‬وأن اإلصذابة بذه قذد‬ ‫الطبيعي‪ ،‬فيقوم الجاني بنقل عدوى الفيرو‬
‫الطبيعذي نتيجذة لذنقص‬ ‫تودي إلى االلتهاب الرئوي لألم لتدني المناعة ومعه تصعب عملية التنف‬
‫األكسجين في رئة المصاب‪ ،‬وحيث إن اعتماد الجنين في التزود باألكسجين يتم حتمذا ً عذن طريذق‬
‫من الممكن أن تودي إلى انقطذاع األكسذجين‬ ‫األم‪ ،‬وأن أي علّة قد تحدث نتيجة لإلصابة بالفيرو‬
‫عن الجنين‪ ،‬وأن احتمالية تضرر الجنين من أفعاله واردة بنسبة عالية‪ ،‬واتجهت إرادتذه إلذى إتمذام‬
‫الفعل‪ ،‬فيكون الركن المعنوي قد اكتمل‪ ،‬لكن عدم حصول النتيجة ألسباب ال يريدها الجذاني وهذي‬
‫في التأثير على الجنين حتذى مذع إصذابة األم بذه فذي أغلذب حذاالت‬ ‫عدم الفاعلية األكيدة للفيرو‬
‫اإلصابة(‪ )150‬وفق ما أكدت عليه الدراسات وال زال الموضوع قيد البحث والدراسة‪ ،‬وبنا ًء على ما‬
‫(‪ )COVID-19‬ال تعذدو إال أن تكذون شذروع تذام‬ ‫سبق‪ ،‬فإن جريمة اإلجهاض عن طريق فيرو‬
‫في الجريمة‪ ،‬وعليه‪ ،‬تقوم المسوولية الجزائية للفاعل عن جريمة الشروع التذام وفقذا ً لذنص المذادة‬
‫(‪ )70‬من قانون العقوبات األردني‪.‬‬
‫وذهذذب الذذرأي السذذائد فذذي الفقذذه المصذذري إلذذى عذذدم تذذوافر القصذذد االحتمذذالي بجريمذذة‬
‫اإلجهاض؛ ألن ذلي يفترض توقع الجاني لحصول اإلجهذاض وقبولذه بالنتيجذة‪ ،‬وهذذا يعنذي عذدم‬
‫اتجاه نيته أصالً إلى جريمة اإلجهاض‪ ،‬وإنما توقع حدوثها وقبلهذا‪ ،‬وال تقذوم المسذوولية الجزائيذة‬

‫(‪ )149‬السعيدك كاملك شرح قانون العقوبات األردني الجرائم الواقعة على اإلنسانك مرجع سابقك ص ‪.258‬‬
‫‪(150) Burgos, Diario de (2020-03-30). "Muere en La Coruña una embarazada con Covid-19 de 37 años".‬‬
‫‪Diario de Burgos (in Spanish). Retrieved 2020-03-31.‬‬
‫‪-63-‬‬
‫على نتيجة لم يتوقعها الجاني ولم تتجه إرادته إليها إال بوجود نص استثنائي وال وجود لهذا الذنص‬
‫في اإلجهاض (‪.)151‬‬
‫ويميذذل الباحذذث إلذذى ال ذرأي القائذذل بعذذدم إمكانيذذة تصذذور القصذذد االحتمذذالي فذذي جريمذذة‬
‫اإلجهاض على ضوء اشتراط المشرع ضرورة العلم اليقيني بوجود الحمل واتجاه إرادته للذتخلص‬
‫منه‪ ،‬فال يوجد نتيجة أخرى محتملة يمكن أن يتوقع الجاني حصولها غير التخلص من الجنين‪ ،‬فإما‬
‫أن تكون النتيجة قد تحققت بما صبا إليه الجاني بموت الجنين أو عدم تحقذق النتيجذة وخيبذة األثذر‬
‫فيها‪ ،‬فال مجال للقول بوجود القصد االحتمالي القائم على التوقع‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪-‬صور جريمة اإلجهاا‪:‬‬
‫حتى يعد الفعل إجهاضا ً مجرما ً تطلب الفقه توافر شروط لذلي تتلخص في اآلتي (‪:)152‬‬
‫‪ -‬انفصال الجنين عن الرحم وخروجه منه‪.‬‬
‫‪ -‬أن يتم انفصال الجنين قبل موعده الطبيعي‪.‬‬
‫‪ -‬أن يكون فصل الجنين قد تم عن عمد – بمعنى أن الجاني تعمد هذا السذلوي وهذو عذالم‬
‫بطبيعة فعله ونتائجه‪.‬‬
‫‪ -‬أ ن يكون انفصال الجنين قد تم دون ان تكون هناي ضرورة النفصاله‪.‬‬
‫وبنا ًء على ذلي‪ ،‬يمكذن تقسذيم صذور اإلجهذاض‪ ،‬مذن جهذة رضذا الحامذل إلذى‪ :‬إجهذاض‬
‫رضائي وإجهاض غير رضائي‪ ،‬وأما من جهة التجريم فيقسذم اإلجهذاض إلذى‪ :‬إجهذاض رضذائي‬
‫وإجهاض اضطراري (‪ .)153‬وهي ما سيتم بيانها في الفروع التالية كما يلي‪:‬‬
‫الفرع األول ‪-‬اإلجهاا الرضائي واإلجهاا غير الرضائي‪:‬‬
‫لقد جعل المشرع من المرأة التي تجهض نفسها أو ترضى من غيرها أن يجهضها مرتكبة‬
‫لجريمة اإلجهاض‪ ،‬وجعذل منهذا جريمذة جنحويذة الوصذف‪ ،‬إذ جعذل عقوبتهذا ال تتجذاوز الذثالث‬
‫سنوات‪ ،‬فإما أن تكون بمحذض إرادتهذا دون تذدخل مذن آخذرين‪ ،‬أو تكذون برضذاها وبتذدخل مذن‬
‫أشخاص آخرين (‪.)154‬‬

‫(‪ )151‬النجيم رريك محم ررد ب ررن يحي ررى ب ررن حس ررن (‪ .)2011‬اإلجه رراضك أحمام رره وح رردوده ف رري الدر رريعة اإلس ررالمية والق ررانون الوض ررعيك الطبع ررة‬
‫األولىك ممتبة العبيمانك السعوديةك ص‪.243‬‬
‫(‪ )152‬الحدادك يوسع جمعة يوسع (‪ .)2003‬المسؤولية الجزائية عن أخطاء األطبرراء فرري القررانون الجنررائي لدولررة اإلمررارات العربيررة المتحررد ك‬
‫بال طبعةك دراسة مقارنةك مندورات الحلبي الحقو يةك لبنانك ص ‪.142‬‬
‫(‪ )153‬الحدادك المسؤولية الجزائية عن أخطاء األطباء في القانون الجنائي لدولة اإلمارات العربية المتحد ك مرجع سابق ص‪.143‬‬
‫(‪ )154‬الجبورك الجرائم الواقعة على األشخاص في قانون العقوبات األردنيك مرجع سابقك ص‪.252‬‬

‫‪-64-‬‬
‫أولا ‪-‬اإلجهاا الرضائي‪:‬‬
‫تتحقق هذه الصورة إذا قامت المرأة الحامل بالتخلص من جنينها بنفسها مستخدمةً بذلي أي‬
‫طريقة كأن تستعين بشخص آخر لمباشرة فعذل اإلجهذاض عليهذا‪ ،‬وقذد نصذت المذادة (‪ )321‬مذن‬
‫قانون العقوبات األردني على ذلي‪ ،‬فرضا المرأة ال يعتبر سذببا ً إلباحذة اإلجهذاض وتعاقذب عليذه‪،‬‬
‫وقد يكون اإلجهاض بضربها أو إيذائها أو كأن يكون بالضغط علذى الذبطن بهذدف إسذقاط الجنذين‬
‫(‪.)155‬‬
‫ثانيا ا ‪-‬اإلجهاا غير الرضائي‪:‬‬
‫وهذا النوع يتم بدون رضذا المذرأة الحامذل أو بذدون علمهذا فذي بعذض األحيذان‪ ،‬وأحيانذا ً‬
‫أخرى قد يكون بعلم وإرادة الغير‪ ،‬وبأي وسيلة كانذت‪ ،‬فقذد تكذون عذن طريذق إعطذاء األدويذة أو‬
‫جرم المشرع األردني هذذا‬
‫غيرها من الوسائل‪ ،‬وفي هذه الصورة ال تكون المرأة هي الجاني‪ .‬وقد ّ‬
‫النوع من اإلجهاض بنص المادة (‪ )322‬منه‪ ،‬وأيدت ذلي محكمة التمييز الموقرة (‪.)156‬‬
‫الفرع الثاني ‪-‬اإلجهاا التلقائي واإلجهاا الضطرار ‪:‬‬
‫إن اإلجهاض ال يمكن تصوره إال على المرأة الحامل‪ ،‬والحمل يكون بوجود الجنين‪ ،‬ومن‬
‫الثابت أن الجنين هذو البويضذة الملحقذة‪ ،‬والذرأي الذراجح وفذق الشذريعة اإلسذالمية علذى تحذريم‬
‫اإلسقاط بعد مرور مائة وعشرين يوما ً من بداية الحمل حيث يمر الجنين بمراحذل وهذي ان يكذون‬
‫نطفة ثم علقة ثم مضغة كل منها مدتها أربعون يوما‪ ،‬وهي المدة التي ينفخ بعدها الذروح بذالجنين‪،‬‬
‫حرم شرعا ً‪ ،‬فإذا ما تعرض الجنين النتهاء حياته‪ ،‬فيكون الحمل‬
‫جرم قانونا ً و ُم ّ‬
‫وبما أن اإلجهاض ُم ّ‬
‫قد انتهى باإلجهاض (‪.)157‬‬

‫(‪ )155‬الحرردادك يوسررع جمعررة يوسررعك المسررؤولية الجزائيررة عررن أخطرراء األطبرراء فرري القررانون الجنررائي لدولررة األمررارات العربيررة المتحررد ك مرجررع‬
‫سابقك ص‪.144‬‬
‫(‪ )156‬ق ررار محممررة التمييررز المرروقر رقررم (‪ )2002/114‬ترراريخ ‪2002/2/17‬ك والررذي جرراء فيرره‪ :‬يإذا بر ّرين الرردكتور علرري شرروتر اختصاصرري‬
‫الط الدرعي في شهادته أمام محممة الجنايات أنرره إذا كانررت الحامررل تتعرراطى أدويرره قاتلرره للسرررطان ف نهررا قاتلررة للخاليرراك ومررن المتوقررع‬
‫إجهاض الجنين في حالة وجود حمل‪ .‬وأن أدوية السرطان تحدم في بداية األمررر تدرروهات فرري الجنررين وتررؤدي بعررد ذلررف إلررى اإلجهرراض‬
‫ومن غير المتوقع حدوم والد مع وجود أدوية السرطان‪ .‬وإذا بينت الداهد المجني عليها بدررهادتها أمررام محممررة الجنايرات أنرره خرجرت‬
‫مررن فرجهررا كتلرة وال تعررر مررا هرري وأنرره مضررى علررى حادثررة المررتهم عبررد الرررحمن معهررا ومررا بررين خررروج الكتلرة اللحميرة مررن فرجهررا حروالي‬
‫أربعة أشهر‪ .‬وأنها تتعال بالكيماوي واألشعة منذ حوالي سنتين ونصررع ألنهررا مصررابه بالسرررطان وأنهررا تتعررال قبررل حرردوم هررذه المدررملة‬
‫معهررا‪ .‬وإذ ذكرررت الدرراهد عاليررة‪ .‬بدررهادتها أمررام محممررة الجنايررات أن شررقيقتها أنزلررت ولررد وكرران ميت راًك ف نرره بالبنرراء علررى ذلررف وخاصررة‬
‫الدرعي يمون ما توصررلت إليرره محممررة الجنايررات الكبرررى مررن أن المميررز ضرردها بري رة مررن جنايررة القتررل المسررند إليهررا فرري‬ ‫شهاد الطبي‬
‫محلهي‪.‬‬
‫(‪ )157‬الجبورك الجرائم الواقعة على األشخاص في قانون العقوبات األردنيك مرجع سابقك ص‪.241‬‬

‫‪-65-‬‬
‫أولا ‪-‬اإلجهاا التلقائي‪:‬‬
‫إن هذا النوع مذن اإلجهذاض يُنهذي الحمذل دون تذدخل اإلرادة أو أن يكذون هنذاي متسذببا ً‬
‫باإلجهاض‪ ،‬فقد يكون بسبب تشوه خلقي في الجنذين‪ ،‬وقذد يخفذي هذذا النذوع مذن اإلجهذاض فعذالً‬
‫متعمدا ً غير ظاهر تتسبب به المرأة‪ ،‬ولكن ال يمكن اكتشافه كأن تقوم المرأة بمجهود عنيذف‪ ،‬ويذتم‬
‫تقييد الحالة على أنها إجهاض تلقائي (‪.)158‬‬
‫ثانيا ا‪ :‬اإلجهاا الضطرار ‪:‬‬
‫في حالة اإلجهاض االضطراري‪ ،‬فإنه يكون مباحا ً إذا كانت حالة األم الصذحية ال تتحمذل‬
‫الحمل أو الوضع كأن تكون صغيرة السذن ال تقذوى علذى متاعذب الحمذل‪ ،‬أو قذد تتذأثر حالذة األم‬
‫جراء الحمل‪ ،‬األمر الذي يدفعها إلى االنتحار‪ ،‬أو إيذاء نفسها‪ ،‬وحيذث إن مصذلحة األم‬
‫النفسية من ّ‬
‫مقدمة على مصلحة الجنين‪ ،‬وكذذلي األمذر إذا اسذتكرهت المذرأة فحملذت سذفاحا ً أو تذم اغتصذابها‬
‫ووقع الحمل دون رضاها‪ ،‬األمر الذي جعل هذا النذوع مذن اإلجهذاض يحظذى بنذوع مذن العنايذة‪،‬‬
‫وهي االستفادة من العذر المخفف‪ ،‬وهو ما نصت عليه المذادة (‪ )324‬مذن قذانون العقوبذات (‪،)159‬‬
‫وكذلي ما نصت عليه المادة (‪ )12‬من قانون الصحة العامة وتعديالته رقم ‪ 47‬لسنة ‪ 2008‬وجاء‬
‫بها ((أ ‪ .‬يحظر على اي طبيذب وصذف اي شذيء بقصذد اجهذاض امذرأة حامذل او اجذراء عمليذه‬
‫اجهاض لها‪ ،‬اال إذا كانت عملية االجهاض ضرورية لحمايتها من خطر يهدد صحتها او يعرضذها‬
‫للموت وعلى ان يتم ذلي في مستشفى شريطة توافر ما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬موافقة خطية مسبقة من الحامل بإجراء العملية وفي حالة عدم مقدرتها على الكتابة او‬
‫عجزها عن النطق توخذ هذه الموافقة من زوجها او ولي امرها‪.‬‬
‫‪ .2‬شهادة من ط بيبذين مرخصذين ومذن ذوي االختصذاص والخبذرة توكذد وجذوب اجذراء‬
‫العملية للمحافظة على حياة الحامل او صحتها‪.‬‬
‫‪ . 3‬تضمين قيود المستشفى اسم الحامل وتاريخ اجراء العملية ونوعها واالحتفاظ بالموافقة‬
‫الخطية وبشهادة الطبيبذين لمذدة عشذر سذنوات علذى ان تذزود الحامذل بشذهادة مصذدقة مذن مذدير‬
‫المستشفى بإجراء هذه العملية لها‪.‬‬
‫ب‪ .‬على الرغم مما ورد في قانون العقوبات‪ ،‬ال تالحق الحامذل والشذخص او االشذخاص‬
‫الذين اجروا او اشتركوا في اجراء عملية االجهاض لها وفقا ألحكام الفقرة (أ) من هذه المادة بتهمة‬
‫اقتراف جريمة اإلجهاض))‪.‬‬

‫(‪ )158‬الحدادك المسؤولية الجزائية عن أخطاء األطباءك مرجع سابقك ص ‪.150‬‬


‫(‪ )159‬الحدادك المسؤولية الجزائية عن أخطاء األطباءك المرجع السابقك ص‪154‬‬

‫‪-66-‬‬
‫المبحث الثالث‬
‫جريمة نقل العدوى بقصد اإليذاء‬
‫لقد اهتم المشذرع بحذق اإلنسذان فذي سذالمة جسذده وبدنذه كمذا اهذتم بحقذه بالحيذاة‪ ،‬فذنظم‬
‫بسالمة الجسذد والبذدن‪ ،‬وحذق اإلنسذان فذي‬ ‫نصوص التجريم بحق من يحاول االعتداء أو المسا‬
‫باأللم‪ ،‬إذ يعتبذر‬ ‫سالمة جسده يقوم على المحافظة على المستوى الصحي الالئق وانعدام اإلحسا‬
‫أي فعل يُحدث مرضا ً أو يفاقم من مرض موجود أو يُشعر اإلنسان بألم أو يفذاقم مذن ألذم موجذود‪،‬‬
‫مساسا ً بمادة جسده وهبوط بالمستوى الصحي‪ ،‬مما يُشكل اعتدا ًء صريحا ً عليه‪.‬‬
‫وتنقسم جرائم االعتداء‪ ،‬من حيث الركن المعنوي‪ ،‬إلى الجرائم التذي تتخذذ صذورة القصذد‬
‫الجنائي‪ ،‬والجرائم التي تتخذ صورة الخطأ‪ ،‬وهي الجرائم الغير عمدية (‪.)160‬‬
‫وبالنظر إلى الركن المعنوي‪ ،‬المتمثل بالقصد الجنائي نستطيع أن نحدد إذا كانت الجريمذة‬
‫قصدية أم على سبيل الخطأ‪ ،‬فإذا لم يتوافر القصد الجرمي‪ ،‬وكانت النتيجة اإليذذاء أو الوفذاة‪ ،‬فإننذا‬
‫نكون بصدد جريمة إيذاء أو قتل خطأ أو غير مقصود‪ ،‬وعلى العكذ ‪ ،‬إذا تذوافر القصذد الجرمذي‬
‫نكون أمام جريمة إيذاء أو قتل عمد‪ ،‬فالعبرة إذا بالركن المعنذوي‪ ،‬وعلذى هذذا‪ ،‬هذل يمكذن اعتبذار‬
‫جريمة اإليذاء المفضي إلى الموت جريمة إيذاء على اعتبار نيّة الجاني أو اعتبارهذا جريمذة قتذل‪،‬‬
‫على اعتبار النتيجة الحاصلة وهي الوفاة؟ (‪.)161‬‬
‫وعليه سنتناول في هذا المبحث جرائم اإليذاء القصدية المتمثلذة بجريمذة اإليذذاء المفضذي‬
‫إلى الموت واإليذاء البسيط في المطلبين التاليين‪:‬‬
‫المطلب األول ‪-‬جريمة نقل العدوى بواسطة فيروس (‪ )COVID-19‬بوصفها جريمة إيذاء مفضي‬
‫إلى الموت‪:‬‬
‫تتولد هذه الجريمة من فعل االعتداء على سالمة بدن المجني عليذه‪ ،‬بقصذد إيذائذه فقذط‪- ،‬‬
‫وهو الركن المعنوي في الجريمة – وحصول نتيجة أكثر جسامة وهي الوفاة ‪ -‬أحد عناصر الركن‬
‫المادي – فالنتيجة األكثر جسامة نتجت عن فعل اإليذاء وهي مرتبطذة بذه ارتباطذا ً ماديذا ً‪ ،‬إذا ً هذي‬
‫مركبة تحتوي على عناصر تزيد عذن العناصذر‬
‫جريمة واحدة ال تقبل التجزئة‪ ،‬بمعنى أنها جريمة ُ ّ‬
‫بسالمة جسد المجني عليه وإيذائه ال يكذون الحذدث‬ ‫الموجودة في الجريمة البسيطة أي أن المسا‬
‫الوحيد فيها إنما تولد عنها حدث آخر‪ ،‬وهو الوفاة‪ ،‬ومع هذا‪ ،‬فهي تشكل جريمة واحدة إال أن القتل‬

‫(‪ )160‬عبد الستارك فوزية (‪ .)2000‬شرح قانون العقوباتك القسم الخاصك الطبعة ال انيةك دار النهضة العربيةك القاهرك ص ‪.454‬‬
‫(‪ )161‬ثروتك نظرية القسم الخاصك الجزء األولك مرجع سابقك ص ‪.204-203‬‬

‫‪-67-‬‬
‫فيها استوعب اإليذاء(‪ ،)162‬والجريمة متعدية القصد كغيرها من الجرائم تقذوم علذى أركذان حسذبما‬
‫أوردتها محكمة التمييز األردني في قرار لها كاآلتي(‪:)163‬‬
‫‪ .1‬فعل الضرب والجرح‪ .‬وتشمل كلمة (الضرب) كل فعل يقع على جسم اإلنسان ويكذون لذه‬
‫تأثير ظاهري أو باطني‪.‬‬
‫‪ .2‬أن يحصذل هذذا الفعذذل قصذدا ً‪ .‬وال يشذذترط لتذوافر القصذذد الجرمذي أن يكذذون الجذاني فذذي‬
‫ارتكابه فعل الضرب قد قصد القتل‪ ،‬بل يكفي أن يكون الفعل قد صدر عن إرادة وعلم بأنه‬
‫بسذذالمة المجنذذي عليذذه أو صذذحته‪ .‬وت ُعذذد الجريمذذة مقصذذودة وإن‬ ‫يترتذذب عليذذه المسذذا‬
‫تجذاوزت النتيجذة الجرميذذة الناشذئة عذن الفعذذل قصذد الفاعذل إذ قذذد توقذع حصذولها وقبذذل‬
‫بالنتيجة‪.‬‬
‫‪ .3‬أن يفضي الفعل إلى الموت‪.‬‬
‫‪ .4‬أن توجد رابطة سببية بين الفعل ونتيجته (‪.)164‬‬
‫(‪ )COVID-19‬سواء كانت عمدية‬ ‫وبشكل عام‪ ،‬فإن جريمة اإليذاء عن طريق نقل فيرو‬
‫أو غير عمدية يجمعهذا ثالثذة أركذان‪ :‬الذركن األول والمتمثذل باإلنسذان الحذي الذذي يذتم المسذا‬
‫بسالمة بدنه بفعل اإليذاء والركن المادي‪ ،‬الذي يقذوم علذى ثالثذة عناصذر أساسذية وهذي‪ :‬عنصذر‬
‫بأي وسيلة كانت‪ ،‬وعنصر النتيجة اإلجرامية التي تتمثل بإصابة‬ ‫السلوي الذي يتمثل بنقل الفيرو‬
‫ومن ثم إيذائه‪ ،‬ثم وجود عنصر رابطة السببية بذين السذلوي ونتيجذة اإليذذاء التذي‬ ‫الغير بالفيرو‬
‫لحقت بالمجني عليه‪ ،‬أما الركن الثالث‪ ،‬فهو المعنوي الذي يتمثل بالقصد أو بالخطأ‪ ،‬لكن مذا مذدى‬
‫لغيره عن قصد أو عذن خطذأ‪،‬‬ ‫كورونا‪ ،‬حينما ينقل هذا الفيرو‬ ‫تجريم ومعاقبة المصاب بفيرو‬
‫وتحدث تبعا ً لذلي حالة وفاة أو إيذاء بسبب هذا الفيرو ؟‬
‫إلى الغيذر تختلذف‬ ‫كورونا عن نقل هذا الفيرو‬ ‫إن المسوولية الجزائية للمصاب بفيرو‬
‫لغيره أو نقله بالخطأ‪ ،‬وتختلذف كذذلي بحسذب علذم‬ ‫بحسب توافر قصد المصاب بنقل هذا الفيرو‬
‫أو انتفاء علمه بها‪.‬‬ ‫المصاب بإصابته بالفيرو‬

‫(‪ )162‬نمورك محمررد سررعيد (‪ .)2006‬شرررح قررانون العقوبرراتك القسررم الخرراصك الجررزء األولك الطبعررة ال انيررةك الجررائم الواقعررة علررى األشررخاصك‬
‫دار ال قافة للندر والتوزيعك عمانك ص ‪.134‬‬
‫(‪ )163‬قرار محممة التمييز األردنية بصفتها الجزائية رقم ‪.1967/21‬‬
‫(‪ )164‬الجبورك محمدك الجرائم الواقعة على األشخاصك مرجع سابقك ص ‪.184‬‬

‫‪-68-‬‬
‫الفرع األول ‪-‬الركن المـاد فـي جريمـة اإليـذاء المفضـي إلـى المـوت عـن طريـق نقـل فيـروس‬
‫)‪:(COVID-19‬‬
‫أولا ‪-‬السلوك الماد في جريمة اإليذاء المفضي إلى الموت‪:‬‬
‫يشترط لقيام الجريمة المتعدية القصد أن تكون الوسيلة أو المادة الضارة التي تم نقلها إلذى‬
‫ذلي‪ ،‬يُسذأل عذن جريمذة القتذل القصذد إذا كانذت المذادة‬ ‫المجني عليه مادة غير قاتلة‪ ،‬وعلى عك‬
‫المستعملة قاتلة بطبيعتها‪ ،‬كالسم الزعاف‪ ،‬وإن كان المشرع األردني لم يذنص علذى جريمذة القتذل‬
‫بالسموم مثل التشذريعات األخذرى– إال أن العبذرة هنذا ليسذت بالمذادة ال ُمعطذاة فقذط‪ ،‬وإنمذا أيضذا ً‬
‫(‪ ،)COVID-19‬وقذذد أطلذذق عليذذه الذذبعض الطذذاعون‬ ‫بالقصذذد الجرمذذي للجذذاني‪ .‬أمذذا عذذن فيذذرو‬
‫الرئوي؛ لتشابه أعراضه ونتائجه مع وباء الطاعون‪ ،‬وفي لمحة تاريخية عذن ظهذور هذذا الوبذاء‪،‬‬
‫حسبما أورده الدكتور محمد األزهري في كتابه‪( :‬عواصف األوبئة القاتلة)‪ ،‬حيث قال فيه‪" :‬إن هذا‬
‫المرض يفتي بالمصاب ويودي إلى وفاته إذا تأخر عالجه أو تم تشخيصه تشخيصا ً خاطئا ً‪ ،‬أما إذا‬
‫تم عالجه‪ ،‬فإنه ال يتسبب بوفاة المصاب"(‪ ،)165‬وهذا يعني أن احتمالية التعذافي مذن هذذا المذرض‬
‫ممكنة جدا ً‪ ،‬وال يودي إلى الوفاة المباشرة‪ ،‬فيمكن تداري أعراضه بالعالج‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى تقرير جامعة جونز هوبكنز فقد أظهرت الدراسات ما يلي‪:‬‬
‫"يعتقد باحثون حاليا ً أن ما بين (‪ 5‬و‪ )40‬حالة من كذل (‪ )1000‬حالذة إصذابة بفيذرو‬
‫كورونا ستنتهي بالوفاة‪ ،‬وأن أفضل تخمين لمعدل الوفاة هو موت تسعة أشخاص من كل (‪)1000‬‬
‫حالة إصابة أو نحو (‪ )%1‬منها‪ .‬ولكن ذلي يعتمد على مجموعذة مذن العوامذل‪ :‬الفئذة العمريذة أو‬
‫والحالة العامة لصحة المصاب والنظام الصحي للدولة التي يتواجد بها المصاب"(‪.)166‬‬ ‫الجن‬
‫(‪ )COVID-19‬ال يُعتد به كوسيلة قاتلة تودي إلى المذوت المباشذر‪ ،‬إال‬ ‫وعليه فإن فيرو‬
‫غير قاتل‪ ،‬وينطبق عليه ما جاء بنص‬ ‫بتوافر أسباب وعوامل تودي إلى ذلي‪ ،‬فهو بطبيعته فيرو‬
‫المادة (‪ )330‬عقوبات‪ ،‬باعتباره من المواد الضارة التي من شأنها أن ت ُحذدث خلذالً فذي الوظذائف‬
‫الطبيعية للجسم‪ ،‬إال أنه ال يمكن تصنيفها كوسيلة تودي إلى الموت المباشر‪ ،‬فنقذل عذدوى فيذرو‬

‫(‪ )165‬األزهررري البوسيسرريك محمررد ي ردوس سرريمبو (‪ .)2020‬عواصررع األوب ررة القاتل رة مررن الطرراعون إلررى فيررروس كورونررا (‪)COVID-19‬ك‬
‫العلميررةك لبنررانك ص ‪11‬ك وجرراء فيرره‪ :‬يإن الطرراعون الرئرروي‬ ‫الطبعة األولىك دراسة موضرروعية فرري علررم فقرره الحررديش والترراريخك دار الكتر‬
‫أو طاعون ذات الرئة وهو الطاعون الذي يظهر عند تأثير البمتيريا بدمل أولي على رئتي المصاب وغالبراً مررا تظهررر أعرراض اإلصررابة‬
‫خررالل مررد تقرردر بررأربع وعد ررين سرراعةك ومررن الجرردير بالررذكر أن الط رراعون الرئرروي قررد ينتقررل مررن المصرراب إلررى األصررحاء عررن طري ررق‬
‫هررذا الطرراعون بوفررا الدررخص فرري الحرراالت الترري يترأخر فيهررا تقررديم العررالج أو يدررخص فيهررا‬ ‫وصول رذاذه إليهمك وفي الحقيقة قد يتسررب‬
‫المصرراب تدخيصراً خاط راً إذ يُعررد أك ررر أنرواي الطرراعون تسرربباً بالوفررا فرري حرين يعتبررر تدررخيص المصرراب وعالجرره بدررمل صررحيح خررالل‬
‫أول ‪ 24‬سرراعة م ررن ظه ررور األع رراض منق ررذاً لحيات رره‪ .‬ومررن أع رراض اإلص ررابة به ررذا المرررض أل ررم ف رري الصرردر والس ررعال والحم ررى والص ررداي‬
‫العام وظهور الدم في القدعي‪.‬‬ ‫والتع‬
‫(‪ )166‬المصدر‪ :‬جامعة جونز هوبمنزك والمؤسسات الصحية الوطنية ‪-‬آخر تحديش لألرقام‪ 19 :‬يونيو ‪ 11:03 2020‬ص غرينتش‪.3+‬‬

‫‪-69-‬‬
‫سذواء كذان‬ ‫كورونا من الجاني إلى المجني بأي فعل من شأنه أن يكون سذببا ً فذي انتقذال الفيذرو‬
‫أم المخالطة القريبة أم عن طريق اللعاب‪ ،‬وبإتمامه يكون الجذاني قذد قذام بالسذلوي المذادي‬ ‫باللم‬
‫المتمثل بنقل العدوى‪.‬‬
‫ثانيا ا‪ :‬النتيجة المتحصلة المترتبة على إصابة الغير بفيروس (‪ )COVID-19‬ومن ثو وفاته‪:‬‬
‫إن حصول الوفاة هي النتيجة األشد التي لم يقصدها الجاني‪ ،‬ألن الجاني قصد بفعله نتيجذة‬
‫معينة وهي االعتداء على بدن المجني عليه‪ ،‬فتحققت نتيجة أكثر جسامةً وهي الوفاة‪ ،‬وهو بذلي قد‬
‫أصاب حق غير الذي كان يقصده بفعله فتقذوم بوفذاة المجنذي عليذه مسذوولية الجذاني عذن جريمذة‬
‫متعدية القصد‪ ،‬إذ يعتبر من قبيل القتل الخطأ(‪ ،)167‬فلو لذم تحذدث الوفذاة لبقيذت الجريمذة بوصذفها‬
‫إيذاء‪ ،‬بصرف النظر عن جسامة العدوان الواقع على جسم المجني عليه ما لذم تحذدث الوفذاة(‪،)168‬‬
‫بافتعال حادثة مذع المجنذي عليذه وقذام بالبصذق عليذه وتذم نقذل‬ ‫فإذا قام الجاني المصاب بالفيرو‬
‫عدوى المرض إليه‪ ،‬وقد اتجهت نيّة الجاني إلى أمراض المجني عليذه فتذرة معينذة وجعلذه يشذعر‬
‫باأللم والمعاناة فقط ولم يقصد قتله‪ ،‬بحيث تعافى بعد وضعه بالعزل الصحي وتلقيه العناية الالزمة‬
‫فتقوم مسوولية الجاني عن جريمة اإليذاء فقط‪.‬‬
‫ويختلف األمر إذا كانت النتيجة أشد بحيث إن المجنذي عليذه لذم يسذتطع مقاومذة المذرض‬
‫بسبب نقص المناعة لديه فأدى ذلذي إلذى وفاتذه‪ ،‬فهنذا تقذوم مسذوولية الجذاني عذن جريمذة اإليذذاء‬
‫المفضي إلى الموت بالرغم أن نيّة الجاني واحدة وهذي االعتذداء علذى بذدن المجنذي عليذه وجعلذه‬
‫يشذذعر بذذاأللم والمذذرض‪ ،‬إال أن المسذذوولية اختلفذذت اختالفذا ً تامذا ً بحذذدوث الوفذذاة‪ ،‬وهذذذا يعنذذي أن‬
‫المسوولية الجزائية عن الجريمة المتعدية القصد تقوم علذى تذوافر نصذيين جنذائيين‪ ،‬األول يخذص‬
‫الحدث المقصود في الجريمة المتعدية‪ ،‬واآلخر يتعلق بالحدث الجسيم الناشئ عن الحدث المقصذود‬
‫بالرغم من وحدة الجريمة‪ ،‬إال أن النص الذي ينشذئ الجريمذة متعديذة القصذد هذو الذنص المتعلذق‬
‫بالحدث الجسيم وهو الذي تبنى العقوبة على أساسه(‪.)169‬‬
‫كما أن هذا النوع من الجرائم ال يقع إال تاما ً‪ ،‬فال يتصذور الشذروع فيذه‪ ،‬فلذو افترضذنا أن‬
‫الجاني وأثناء لقائه صدفةً مع المجني عليه‪ ،‬وعلى إثر مشادة كالمية حصلت بينهمذا‪ ،‬قذام بالسذعال‬
‫إليه بقصد‬ ‫بوجه المجني عليه‪ ،‬وهو عالم بإصابته‪ ،‬قاصدا ً بذلي إيذائه فقط‪ ،‬ولم يقصد نقل الفيرو‬
‫القتل‪ ،‬إال أن المجني عليه تأثر بذلي مما أدى إلى وفاته‪ ،‬فال يمكن هنا القول بتحقق الشروع؛ كون‬
‫ببذدن المجنذي‬ ‫الجريمة لم تكن مقصودة‪ ،‬ولم يقصد الجاني النتيجة الحاصلة‪ ،‬وإنمذا قصذد المسذا‬

‫(‪ )167‬ثروتك جالل (‪ .)2003‬نظرية الجريمة المتعدية القصدك مندورات الحلبي الحقو يةك لبنانك ص‪.315‬‬
‫(‪ )168‬الجبورك محمدك الجرائم الواقعة على األشخاصك مرجع سابقك ص ‪.187‬‬
‫(‪ )169‬ثروتك جاللك نظرية الجريمة المتعدية القصدك مرجع سابقك ص‪.318‬‬

‫‪-70-‬‬
‫عليه‪ ،‬وذلي ألن أركان الشروع تبدأ بتخطيط الجاني للجريمة وبعدها البدء بتنفيذه للفعذل‪ ،‬ومذن ثذم‬
‫عدم تمام الجريمة لسبب أجنبي ال عالقة للجاني فيه مما يعني عدم تمام عنصر من عناصر الركن‬
‫المادي وهو النتيجة‪ ،‬وهذا ال يكون إال في الجناية العمدية؛ ذلي أن كل جناية يتم البدء فذي تنفيذذها‬
‫للوصول إلى النتيجة المباشرة التي قصدها بفعله ويمكن تصذور الشذروع فيهذا‪ ،‬فالجذاني فذي هذذه‬
‫الجريمة لم يقصد وفاة المجني عليه‪ ،‬وإنما قصد بفعله اإليذاء‪ ،‬وأن الوفاة جاءت بشكل غير متوقع‪،‬‬
‫الشروع تماما ً(‪ ،)170‬إضافةً‬ ‫ولم يتعمدها الجاني؛ لذلي فإن الجريمة المتعدية القصد تأتي على عك‬
‫إلى أن الشروع بالجنح ال يكون إال بنص القانون‪.‬‬
‫ثالثا ا ‪-‬العالقة السببية بين السلوك بنقل عدوى فيروس )‪ (COVID-19‬ونتيجة اإليذاء التي لحقت‬
‫بالمجني عليه‪:‬‬
‫العالقة السببية هي الصلة أو الرابط بين الجريمة المقصودة والجريمة التي وقعذت‪ ،‬أي أن‬
‫يكون السلوي يصلح سببا ً للنتيجة الحاصلة‪ ،‬ويمكن القول بأنها الصلة بين السلوي والحدث‪ ،‬أما في‬
‫الجريمة المتعدية القصد‪ ،‬فيوخذ بمعيار قدرة الفعل على تحقيق النتيجة الجسيمة التي وقعت‪ ،‬فإذا لم‬
‫يكن الفعل قادرا ً على تحقيق النتيجة‪ ،‬ال يوخذ به كرابطة سببية (‪.)171‬‬
‫والمشرع األردني قذد تبنذى نظريذة تعذادل األسذباب فذي جذرائم القتذل المقصذود واإليذذاء‬
‫المقصذود وفقذا ً لذنص المذذادة (‪ ،)345‬وباعتبذار أن جريمذذة اإليذذاء المفضذذي إلذى المذذوت جريمذذة‬
‫قصدية‪ ،‬بمعنى أنه يجب أن يكون هناي رابطة سببية بذين فعذل الجذاني وبذين األسذباب والعوامذل‬
‫األخرى التي يجهلها الفاعل و‪/‬أو التي انضمت إلى فعله والتي أدت إلى الوفاة وبحيث ال يسأل عن‬
‫هذه النتيجة متى كان من الموكد أنها ستحدث حتى لو لم يقع االعتداء‪ ،‬فإن من مقتضذى ذلذي فيمذا‬
‫إذا كانت رابطة السببية متوافرة بين فعل االعتداء الذي أوقعه الجاني على جسم المجني عليذه مذن‬
‫بسالمة بدنه‪ ،‬وبين المضاعفات التي حصلت للمجني‬ ‫له‪ ،‬بقصد المسا‬ ‫خالل نقل عدوى الفيرو‬
‫عليه‪ ،‬والتي على إثرها حدثت الوفاة‪ ،‬فإن كانت النتيجة باإليجاب‪ ،‬كنا أمام جريمة اإليذاء المفضي‬
‫إلى الموت‪ ،‬فلو تبين أن المجني عليه كان مصابا ً قبل االعتداء بمذرض عضذال أو التهذاب رئذوي‬
‫لذه‪ ،‬وأن‬ ‫حاد‪ ،‬وأن الموت كان نتيجة لسبب انضم إلى ما قام بذه الجذاني مذن فعذل بنقذل الفيذرو‬
‫العدوى كانت سببا ً في تفاقم حالة المجني عليه مما أدى إلى تسريع الوفاة‪ ،‬فتقذوم مسذوولية الجذاني‬
‫إلذى‬ ‫من رابطة بين االعتداء الذي أوقعه الجاني‪ ،‬من خالل نقل الفيرو‬ ‫عنه‪ ،‬أ ما لو ثبت أنه لي‬
‫المجني عليه‪ ،‬وبين االلتهاب في الرئة أو المضاعفات التي حصلت نتيجة ذلي للذدماغ‪ ،‬وأن الوفذاة‬
‫لم تنجم عن هذه المضاعفات‪ ،‬وبأن الوفاة كانت ستحدث ولذو لذم يقذع هذذا االعتذداء علذى المجنذي‬

‫(‪ )170‬ثروتك نظرية الجريمة المتعدية القصدك المرجع السابقك ص ‪.454-453‬‬


‫(‪ )171‬ثروتك نظرية الجريمة المتعدية القصدك المرجع السابقك ص ‪.139‬‬

‫‪-71-‬‬
‫عليه‪ ،‬فإن الجاني ال يُسأل عن جناية اإليذاء المفضي إلى الموت ويكون مسووالً عن فعل االعتداء‬
‫فقط وهو اإليذاء(‪.)172‬‬
‫الفــرع الثــاني ‪-‬الــركن المعنــو فــي جريمــة القصــد المتعــد عــن طريــق نقــل عــدوى فيــروس‬
‫(‪ )COVID-19‬والنتيجة الحاصلة‪:‬‬
‫إن القصد الجنذائي يعنذي بالضذرورة تذوافر عنصذري العلذم واإلرادة‪ ،‬سذواء كذان القصذد‬
‫مباشرا ً أم غير مباشر أو كان محددا ً أم غير محدد‪ ،‬ونجد في الجريمة المتعديذة القصذد أن الجذاني‬
‫فيها لم يعمد إلى إحداث النتيجة ولم يتوقعها على اإلطالق‪ ،‬ولذم يكذن فذي حسذبانه حذدوث النتيجذة‬
‫األكثر جسامة‪ ،‬ذلي أن علمه وإرادتذه اتجهذت إلذى الحذدث األقذل جسذامة‪ ،‬وهذو اإليذذاء ولذم يذرد‬
‫غيرها‪ ،‬إال أن النتيجة حصلت بنا ًء على فعله‪ ،‬فتقوم مسذووليته عنذه‪ ،‬ويذرى الباحذث هنذا أن ثمذة‬
‫مشكلة يمكذن أن تثذور بذالخلط الذذي قذد يحصذل بذين القصذد المتعذدي فذي الجريمذة وبذين القصذد‬
‫االحتمالي‪ ،‬ذلي أن القصد االحتمالي إنما هو صورة غير مباشرة من صور العمد؛ لذلي فهو اقرب‬
‫إلى القصد المباشر‪ ،‬ويختلف عنه باتجاه إرادة الجاني إلذى تحقيذق االعتذداء علذى اعتبذار أن إرادة‬
‫الجاني في القصد االحتمالي ال تتجه إلى تحقيق النتيجة وهي االعتداء وإنما تقوم على توقع الجاني‬
‫بإمكانية وقوع االعتداء ويقبل به‪ .‬ولكي نفرق بينهما‪ ،‬يجب العلم بأن الجريمة المتعدية القصد تقوم‬
‫على عنصرين‪ :‬عنصر سلبي‪ ،‬قوامه عدم اتجاه إرادة الجاني إلى الحدث األكثر جسامة سواء كذان‬
‫يتوقعه أم ال‪ ،‬وعنصر إيجابي‪ ،‬قوامه اتجاه إرادة الجاني إلى الحدث األقل جسامة‪ ،‬وينبني على هذا‬
‫ضرورة التأكد من قصد الجاني واتجاه إرادته إلى اإليذاء دون الوفاة‪ ،‬أما القصد االحتمالي فقوامذه‬
‫توقع النتيجة أيا ً كانت سواء كانت جسيمة أم بسيطة والمخاطرة والقبول بها (‪.)173‬‬
‫وإذا قلنا إن القصد االحتمالي أحد صور القتل القصد‪ ،‬فإن ضابط التفرقة بين جنايذة القتذل‬
‫قصدا ً بحدود المادة (‪ )326‬من قانون العقوبات(‪ ،)174‬وجناية الضرب المفضي إلى الموت بحذدود‬
‫المادة (‪ )330‬من القانون ذاته يكمن في تحديد نيّة الجذاني‪ ،‬ففذي جنايذذذة القتذل القصذذد فذإن إرادة‬
‫الجاني ونيّته تتجه إلى إزهاق روح المجني عليه‪ ،‬حيث يكون على علم ودراية بأن فعله قذد يذودي‬
‫إلى إزهاق روح المجني عليه‪ ،‬ومع ذلي تتجه إرادته إلى ذلي الفعل لتحقيق النتيجة التذي يتوخاهذا‬

‫(‪ )172‬ق ارر محممة التمييز األردنية رقم (‪)2004/330‬ك مندورات مركز عدالة‪.‬‬
‫(‪ )173‬ثروتك جاللك نظرية القسم الخاصك الجزء األولك مرجع سابقك ص ‪.372‬‬
‫(‪ )174‬قرار محممة التمييز األردنية (جرزاء) رقررم (‪)2014/1930‬ك (هي ررة عاديررة) ترراريخ ‪2014/12/17‬ك مندررورات مركررز عدالررة والررذي جرراء‬
‫فيه‪ :‬ييُستفاد من أحمام الماد (‪ )64‬من قانون العقوبات أنها اعتبرت الجريمة مقصود وإن تجاوزت النتيجة الجرمية الناشر ة عررن الفعررل‬
‫قصد الفاعل إذا كان توقع حصولها وقبل بالمخاطر وإن تجاوزت النتيجة الجرميررة قصررد الفاعررل وهررو مررا يعررر فقهراً بالقصررد االحتمررالي‬
‫وبالتالي ف ن أفعال المميز تجاه المغدور أحمد تدمل كافة أركان وعناصر جناية القتررل القصررد كمررا لررو كرران القصررد مباشر اًر طبقراً ألحمررام‬
‫الماد (‪ )326‬من قانون العقوبات وبداللة الماد (‪ )64‬من القانون ذاته ‪...‬ي‪.‬‬

‫‪-72-‬‬
‫الجاني‪ ،‬في حين أنه في جناية الضرب المفضذي إلذى المذوت‪ ،‬فذإن ّنيذة الجذاني إلذى إزهذاق روح‬
‫بسذالمة جسذده‪،‬‬ ‫المجني عليه تكون منعدمة ألن نيّته تكون متجهة إلى إيذاء المجني عليه والمسا‬
‫بجسذذم المجنذي عليذه إلذذى‬ ‫دون انصذراف نيّتذه إلذى قتلذذه‪ ،‬ومذع ذلذي يفضذذي الضذرب أو المسذا‬
‫الوفاة(‪.)175‬‬
‫(‪ ،)COVID-19‬فهذل يمكذن تصذور وقذوع‬ ‫أما فيما يتعلق بجريمة نقذل العذدوى بفيذرو‬
‫اإليذاء المفضي إلى الموت عن طريق نقل العدوى؟ لإلجابة على هذا السوال يجب أن نسقط نذص‬
‫المادة (‪ )330‬عقوبات على أركان هذذه الجريمذة‪ ,‬ابتذدا ًء نصذت المذادة (‪ )330‬علذى الوسذيلة أو‬
‫األداة المستخدمة في هذه الجريمة المتمثلة بالضرب أو الجرح بأداة ال تفضي إلى الموت أو إعطاء‬
‫مادة ضارة‪ ،‬بشرط أن تكون هذه المادة غير قاتلة بطبيعتهذا‪ ،‬بمعنذى أن اإلصذابة أو الحادثذة التذي‬
‫من شأنها أن تودي إلى وفاة المجني عليه‪ ،‬بالوضذع الطبيعذي‬ ‫نتجت عن استعمال هذه المادة‪ ،‬لي‬
‫والمجرى العادي لألمور‪ ،‬وحيث أقرت منظمة الصحة العالمية وعلماء الفيروسات واألطباء وفذق‬
‫(‪ )COVID-19‬ليست‬ ‫تقرير ‪ Deutsche Welle‬أن (‪ )%80‬من اإلصابات التي تنتج عن فيرو‬
‫خطيرة إال إذا كان المجني عليه يعاني من أمذراض نقذص المناعذة أو الجهذاز التنفسذي(‪ ،)176‬ممذا‬
‫(‪ )COVID-19‬غير قاتل بطبيعته‪ ،‬وينطبق عليه ما جاء بنص المادة (‪)330‬‬ ‫يعني أن نقل فيرو‬
‫عقوبات باعتباره مادة ضارة غير قاتلة بطبيعتها‪ ،‬وبذلي يتحقق الشرط األول‪.‬‬
‫كما اشترطت ذات المادة عدم توافر القصذد الجنذائي لذدى الجذاني إلزهذاق روح المجنذي‬
‫بصحته فقط‪ ،‬بمعنى أن تتجه نيّة الفاعل في اإليذاء المفضي إلذى المذوت إلذى‬ ‫عليه‪ ،‬وإنما المسا‬
‫بسالمة بدن المجني عليه‪ ،‬لكنه ال يقصد من ذلذي قذتالً قذط‪ ،‬ومذع ذلذي يفضذي اإليذذاء أو‬ ‫المسا‬
‫بجسذذم المجنذذي عليذذه إلذذى وفاتذذه‪ .‬ويمكذذن تصذذور ذلذذي بنقذذل العذذدوى بواسذذطة فيذذرو‬ ‫المسذذا‬
‫إلى آخر قاصدا ً بذلي اإلضرار به وإمراضه‬ ‫(‪ ،)COVID-19‬فإذا قام الجاني بنقل عدوى الفيرو‬
‫فقط‪ ،‬ثم تبين فيما بعد أن المجني عليه يعاني من مرض نقص المناعة‪ ،‬فيتأثر بالعدوى مما يتسبب‬
‫إلذى‬ ‫بوفاته‪ ،‬فنكون أمام جريمة اإليذاء المفضي إلى الموت‪ ،‬فإن قيام الجاني بنقل عدوى الفيذرو‬

‫(‪ )175‬ق ررار محممررة التمييررز األردنيررة رقررم (‪)2002/769‬ك والررذي جرراء فيرره‪ :‬ي‪ ...‬يُدررترط لتطبيررق أحمررام المرراد (‪ )330‬مررن قررانون العقوبررات‬
‫الترري تررنص علررى أنرره (مررن ضرررب أو جرررح أحررداً بررأدا لرريس مررن شررأنها أن تفضرري إلررى المرروت أو أعطرراه مرواد ضررار ولررم يقصررد مررن ذلررف‬
‫قتالً قط ‪)...‬ك توافر شرطينك األول‪ :‬أن تكون األدا المستعملة بالضرب أو الجرح ليس من شأنها أن تفضرري إلررى المرروت‪ .‬ال رراني‪ :‬عرردم‬
‫وجررود نيررة القتررل لرردى الفاعررل‪ .‬وحيررش إن نّيرة القتررل لرردى الفاعررل تسررتخلص مررن قبررل المحممررة مررن التصررفات الظراهر للفاعررل ومررا صرردر‬
‫عنه من أقوال وظرو ارتكاب الفعل‪ .‬وعليه ف ن قول المميز منتصر باعترافه لدى المدعي العام (أدركت أنرره ال طريررق للخررالص منهررا‬
‫أال بموتها)ك و يامه بتنفيذ ذلف بضرب المغدور بعصا الطورية على جبهتها وكذلف ضربه ل أرسررها برراألرض بعررد أن سررقطت و يامرره بمررتم‬
‫للتوصررل إلررى أن المميررز كرران‬ ‫أنفاسها حتى فارقررت الحيررا ‪ .‬وحيررش إن األدا المسررتعملة قاتلررة وممرران اإلصررابة خطرررك فر ن ذلررف كلرره كررا‬
‫يقصد بفعله قتل المغدوري‪.‬‬
‫(‪ )176‬تقرير دويتده فيله األلمانيةك ‪.https://p.dw.com/p/3zygb‬‬

‫‪-73-‬‬
‫المجني عليه بأي طريقة يمكن نقل العدوى بها‪ ،‬ورغم أنها ليست أداة قاتلة بطبيعتها إال أنها تعتبذر‬
‫أداة قاتلة حين استعمالها؛ كون المجني عليه ال يتمتذع بالمناعذة الكافيذة ألسذباب مرضذية وصذحية‬
‫يعاني منها أدت إلى الوفاة‪ ،‬فإذا ثبذت مذن الوقذائع المحيطذة بالفعذل أن الجذاني أراد إيذذاء المجنذي‬
‫عليه‪ ،‬إال أن النتيجة كانت الوفاة ألسباب يجهلها الجاني‪ ،‬هذا يعني توافر عالقة السببية بذين الفعذل‬
‫والنتيجة‪ ،‬ويُسأل الجاني وفق نص المادة (‪ )330‬عقوبات‪.‬‬
‫إلى امرأة حامذل‪ ،‬وهذو‬ ‫ومن زاوية أخرى‪ ،‬وفي حالة إذا قام الجاني بنقل عدوى الفيرو‬
‫انتقذل إلذى الجنذين قبذل الذوالدة‪،‬‬ ‫عالم بحملها بقصد إيذائها هي فقط دون الجنذين‪ ،‬إال أن الفيذرو‬
‫نكون أمام جريمة متعدية القصد لوحدة الفعل الجرمي‪ ،‬أما عند الوالدة ‪ -‬اللحظات األولى النفصال‬
‫الجنذذين عذذن أمذذه – أي بعذذد أن أصذذبح إنسذذان علذذى قيذذد الحيذذاة‪ ،‬أدت اإلصذابة إلذذى وفاتذذه متذأثرا ً‬
‫بالعدوى‪ ،‬فنكون أمام القصد االحتمذالي‪ ،‬حيذث اتجهذت ّنيذة الجذاني إلذى إيذذاء السذيدة‪ ،‬وكذان مذن‬
‫المتوقع أن يتأثر الجنين بما نقله إليها الجاني ورضي بالمخاطرة وقَبل بها‪ ،‬وأتم فعلذه‪ ،‬فإننذا نكذون‬
‫أمام جريمة قصدية ويُسأل الجاني عن جريمة قتل بالنسبة للجنين‪ ،‬وجريمذة اإليذذاء بالنسذبة لذألم‪،‬‬
‫بالرغم من عدم اتجاه نيّته إلى قتل إال أنه توقع حذدوثها ومضذى بالفعذل‪ ،‬ويخذرج هنذا عذن نطذاق‬
‫الجريمة متعدية القصد لعدم وحدة الجريمة(‪.)177‬‬
‫المطلب الثاني‪-‬جريمة نقل العدوى بواسطة فيروس (‪ )COVID-19‬بوصفها جريمة إيذاء بسيط‪:‬‬
‫جرم المشرع األفعال التي يأتيها شخص على آخر إذا كان من شأن هذه األفعال إلحاق‬
‫لقد ّ‬
‫الضرر بأي عضو من أعضاء جسمه‪ ،‬أو أن تلحق به اآلالم‪ ،‬على اعتبذار أن حذق حمايذة سذالمة‬
‫عمد المشذرع إلذى تجذريم اإليذذاء‬
‫البدن مصلحة يحميها القانون‪ ،‬كحماية الحق بالحياة‪ .‬وعليه‪ ،‬فقد َ‬
‫بجميع صوره‪ ،‬أيا ً كانت الصورة التي وقع بها‪ ،‬سواء وقع بالضرب والكدم أم بذالجرح أم بإعطذاء‬
‫مذواد ضذارة‪ ،‬إال أن العقوبذذة تختلذف بذذاختالف النتيجذة التذي ترتبذذت علذى فعذذل اإليذاءذذ فالعقوبذذة‬
‫المترتبة على الجناية أقسى وأشد من العقوبة المترتبذة علذى الجذنح‪ ،‬إال أن جميعهذا تخضذع لذذات‬
‫األحكام العامة كأن يكون محل االعتداء إنسذان حذي وهذو الذركن المفتذرض فذي جذرائم االعتذداء‬
‫العمدية‪ ،‬إضافةً إلى باقي األركان المادي والمعنوي (القصد الجرمي) (‪.)178‬‬
‫علذى حيذوان‪،‬‬ ‫أما العنصر المفترض في هذه الجريمذة يجذب أن يقذع علذى إنسذان‪ ،‬ولذي‬
‫سواء كان اإلنسان شابا ً أو كهالً‪ ،‬ذكر أو أنثى‪ ،‬لكن بشرط‪ ،‬أال يكون جنينا ً‪ ،‬ألن نصذوص جريمذة‬
‫اإلجهاض هي صاحبة االختصاص بهذا الجانذب‪ ،‬كذذلي أن يقذع االعتذداء علذى إنسذان حذي إذ أن‬

‫(‪ )177‬البح رررك مم رردوح خلي ررل (‪ .)2009‬الجر ررائم الواقع ررة عل ررى األشر رخاص ف رري ق ررانون العقوب ررات اإلم رراراتيك الطبع ررة األول ررىك ممتب ررة الجامع ررة‬
‫الدارقةك إثراء للندر والتوزيعك األردنك ص‪.129-128‬‬
‫(‪ )178‬البحرك ممدوح خليلك الجرائم الواقعة على األشخاص في قانون العقوبات اإلماراتيك مرجع سابقك ص‪.98‬‬

‫‪-74-‬‬
‫االعتداء على جثة يأخذ وصفا ً جرميا ً آخر ال عالقة له باإليذاء‪ ،‬وفيما يتعلق بمحل االعتذداء‪ ،‬فهذو‬
‫سالمة البدن‪ ،‬أي الكيان الذي يباشر وظائف الحياة‪ ،‬وحيث جاء مفهوم جسذم اإلنسذان مذن الناحيذة‬
‫الطبية بأنه مجموعة األعضاء التي تتكون من أنسجة متباينة قوامها خاليا نوعية مميزة لكل نسيج‬
‫والخلية هي الوحدة األساسية في تكوين جسم اإلنسان وبتجمعها وارتباط بعضها مع البعض األخر‬
‫تتكون األنسجة المختلفة‪ ،‬وتقوم بأداء الوظذائف الحيويذة بالنسذبة لبقذاء اإلنسذان سذواء كانذت هذذه‬
‫الوظائف من النوع الفسيولوجي أو السيكولوجي(‪.)179‬‬
‫وعليه‪ ،‬فإن الحماية الجزائية لجسذم اإلنسذان بحمايتذه مذن كذل نقذص واالحتفذاظ بمسذتواه‬
‫الصحي الالئق‪ ،‬وأي فعل يترتب عليه هبوط المستوى الصحي للجسم أو تعطيل أجهزته ووظائفه‪،‬‬
‫ولو بشكل موقت يعتبر من قبيل اإليذاء ويستوي في ذلي أن يكون االعتداء على المستوى النفسذي‬
‫أيضا ً‪ ،‬حيث جاء نص المادة (‪ )333‬عقوبات‪" :‬كل من أقدم قصدا ً على ضرب شذخص أو جرحذه‬
‫أو إيذائه بأي فعل موثر من وسائل العنف واالعتداء‪.)180("...‬‬
‫ويرى الباحث في هذا الجانب‪ ،‬أن استخدام المشرع لمصذطلح فعذل مذوثر ينبنذي عليذه أي‬
‫سلوي غير اعتيادي ينتج عنذه اضذطراب فذي وظذائف الجسذد بهذدف النيذل مذن مسذتواه الصذحي‬
‫والتأثير على العمل الطبيعي ألعضائه‪ ،‬بحيث تكون العبرة بالنتيجة وهي اإلضذرار ببذدن المجنذي‬
‫عليه‪ ،‬وأن استخدام المشرع لهذا المصطلح إنما جاء داللة على الشمولية ذلذي أن اسذتخدام أي أداة‬
‫بهدف التأثير على اآلخرين‪ ،‬وبصرف النظر عن ماهيتها صلبة كانت أو سائلة أو غير مرئيذة‪ ،‬إال‬
‫أنها تودي إلى النتيجة المرجوة ويستوي أن يكون هذا التذأثير جسذدي أو نفسذي وبصذورة متعمذدة‬
‫يدخل ضمن هذا االصذطالح دون تحديذد‪ ،‬وقذد يشذمل العنذف الجنسذي والعنذف العذاطفي والعنذف‬
‫االجتماعي أو أي فعل يترتب عليه معاناة للمجني عليه أو األم‪ ،‬وهذه الشمولية تشكل ضمانة أكيدة‬
‫من المشرع لحق الفرد بحماية جسده‪.‬‬
‫(‪ )COVID-19‬طبقا ً لما يحدثه‬ ‫ونرى أن هذا الوصف ينطبق على فعل نقل عدوى فيرو‬
‫في جسم المصاب بأن يتسبب في درجة متقدمذة مذن االلتهذاب تكذون السذبب فذي استسذالم الجسذم‬
‫ويترتب على ذلي فشل أعضاء متعددة في الجسم منها الدماغ والقلب‪ ،‬إذا لم يتمكن الجهاز المناعي‬
‫من السيطرة على الفيرو ‪ ،‬إذ يعتبر فعل موثر من وسائل االعتداء على جسد المجني عليه ويقذع‬
‫ضمن نطاق األفعال الموثرة بالنظر إلى النتيجة التي يحدثها وتأثيرها حتى وإن لم يذنص المشذرع‬
‫على ذلي صراحة‪.‬‬

‫(‪ )179‬البدوك أكرم محمود حسين وحسينك بيرك فارس (‪ .)2007‬الحق في سرالمة الجسررمك د ارسررة تحليليررة مقارنرةك بحررش مندررور علررى مجلررة‬
‫الرافدين للحقوقك المجلد (‪)9‬ك السنة ال انية عدر ك عدد (‪)23‬ك ص‪.8‬‬
‫(‪ )180‬نمررورك محمررد سررعيد (‪ .)2002‬شرررح قررانون العقوبررات القسررم الخرراصك الجررزء األولك الجررائم الواقعررة علررى األشررخاصك الطبعررة األولررىك‬
‫الدار العلمية للندر ودار ال قافة للندرك عمانك ص‪.119 – 115‬‬

‫‪-75-‬‬
‫الفرع األول ‪-‬الركن الماد في جرائو اإليذاء المقصود‪:‬‬
‫وهذا الركن ي تكون من النشاط الجرمي وهو عبارة عن السذلوي الذذي مذن شذأنه أن يمذ‬
‫بالمستوى الصحي لبدن المجني عليه وينال من سالمته بذالهبوط فذي أداء وظائفذه الطبيعيذة أو قذد‬
‫يكون على هيئة فقدان أحد األعضاء أو جزء منها بذالبتر أو االستئصذال‪ ،‬أو إعطذاء مذادة ضذارة‪.‬‬
‫وهنا ال بد أن نشير إلذى أن المذادة الضذارة ال تذدخل تحذت وصذف معذين وهذو موضذوع خاضذع‬
‫لالكتشافات العلمية وال يمكذن حصذرها بشذكل معذين ويبقذى المعيذار هذو النتيجذة الحاصذلة (‪،)181‬‬
‫وبذلي يتبين أن المشرع لم يحدد وسيلة معينة بذاتها أو فعل إنما جعل من كل فعل موثر أو وسذيلة‬
‫بسالمة جسد المجني عليه (‪.)182‬‬ ‫اعتداء نشاط مجرم بشرط تحقق النتيجة وهي المسا‬
‫كورنذا (‪ )COVID-19‬أو الفعذل المذوثر هذو نقذل عذدوى‬ ‫والسالح المستخدم فذي فيذرو‬
‫المسذتجد إحذداثها وفذق‬ ‫بقصد اإليذا ء أو إحذداث عاهذة إذا كذان مذن شذأن هذذا الفيذرو‬ ‫الفيرو‬
‫كورونذا‬ ‫الدراسات ووفق المجرى العادي لألمور بفيرو ‪ ،‬وكما وسبق اإلشارة إليه؛ فإن فيذرو‬
‫المستجد من المواد التي تحدث خلالً في أعضاء الجسذم‪ ،‬إذ يعتبذر مذن المذواد الضذارة التذي تذوثر‬
‫تأثيرا ً مباشرا ً على الرئتين‪ ،‬وهو بذلي يجسد وسيلة نافعة إلحذداث الضذرر وإلحذاق اإليذذاء بجسذد‬
‫المجني عليه فيما إذا تم نقله إليه بقصد اإليذاء‪ ،‬ويتوقف ذلي على النتيجة المتحققة من هذا السلوي‬
‫ومدة التعطيل الناجمة عنها إن كانت أقل من عشرة أيام أو أكثر من عشرين يوما ً وفقا ً لنص المادة‬
‫بتلويذث أغذراض المجنذي عليذه‬ ‫(‪ )334‬من قانون العقوبات‪ ،‬فلو قام الجذاني المصذاب بذالفيرو‬
‫بغرض إمراضه والنيل من سالمة جسده فقط‪ ،‬وجعله يعاني فيكون قد قذام بالسذلوي المجذرم بنقذل‬
‫وهو أحد عناصر الركن المادي‪ ،‬وتبقى النتيجة هي التي تحدد مدى المسذوولية الجزائيذة‬ ‫الفيرو‬
‫للجاني‪.‬‬
‫وبالنسبة للركن المادي لجرائم اإليذاء المقصود والمتمثل بالنتيجة الجرمية وهي ما يترتب‬
‫بسالمة المجني عليه‪ ،‬ونجذد أنهذا تتحقذق عنذد النيذل مذن سذالمة بذدن‬ ‫على فعل الجاني من مسا‬
‫المجني عليه باالعتداء‪ ،‬بأي طريقة كانت أو بأي فعل يمكن أن يوثر علذى الجسذم بذاإلخالل بسذير‬
‫وظائفه الطبيعية أو جعله يعاني من اآلالم واألوجاع أو االنتقذاص بجذزء مذن أعضذائه أو إحذداث‬
‫خلل سواء كان هذا الخلل مخفيذا ً أو ظذاهرا ً إال أنذه يذوثر تذأثيرا ً مباشذرا ً علذى المسذتوى الصذحي‬
‫للمجني عليه(‪ ،)183‬بمعنى أن األثر المترتب على اسذتخدام الوسذيلة المجرمذة والتذي علذى ضذوئها‬

‫(‪ )181‬شمطيك سعد صالح (‪ .)2012‬دراسات معمقة في القانون الجنائيك الطبعة األولىك دار ال قافةك عمانك ص ‪.17‬‬
‫(‪ )182‬نمررورك محمررد سررعيد (‪ .)2002‬شرررح قررانون العقوبررات القسررم الخرراصك الجررزء األولك الجررائم الواقعررة علررى األشررخاصك الطبعررة األولررىك‬
‫الدار العلمية للندر ودار ال قافة للندرك عمانك ص ‪.119 – 115‬‬
‫(‪ )183‬البدوك أكرم محمود حسين وحسين ك بيرك فارسك الحق في سالمة الجسمك دراسة تحليلية مقارنةك مرجع سابقك ص‪.18‬‬

‫‪-76-‬‬
‫تتحدد المسوولية الجزائية للجاني إذا ثبت للمحكمة أن الجذاني كذان قذد ارتكذب جذرم اإليذذاء بحذق‬
‫المجني عليه بصورة عمدية أي عن سبق إصرار وبعد تفكير هادئ وترو‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى نص المادة (‪ )334‬من قانون العقوبات نجذد أنهذا فرقذت بذين حذالتين مذن‬
‫حاالت اإليذاء بنا ًء على جسامة النتيجة المترتبة الذي تعرض لها المجني عليه ومذا نجذم عنذه مذن‬
‫تعطيل له في شوون حياته وعمله‪ ،‬وقبل أن نشرع في ذكر هذاتين الحذالتين يجذب أن نبذين مفهذوم‬
‫مدة التعطيل الوارد ذكرها ضمن نص المادة (‪ )334‬عقوبات‪ ،‬وتعذرف بعذدم قذدرة المجنذي عليذه‬
‫على القيام بواجباته وأمور حياته اليومية بالشكل المعتاد والطبيعي من جراء االعتداء الواقع عليه‪،‬‬
‫عوقه وأ َّخره(‪ ،)184‬وأن الخبرة الطبية الشرعية هي من‬
‫وبمعنى آخر أن االعتداء أوقفه عن العمل‪َّ ،‬‬
‫تقرر وتحدد هذه المدة والتي من خاللها تستطيع المحكمذة اسذتظهار ّنيذة الجذاني‪ ،‬وفذي ذلذي نذص‬
‫القانون على‪:‬‬
‫‪ -‬الحالة األولى‪ :‬إذا أظهر التقرير الطبي أن اعتداء الجاني على المجني عليه خلف مدة تعطيل‬
‫لكنها ال تتجاوز العشرين يوما ً من تاريخ حدوث اإلصابة‪ ،‬وهذا يعني أن هذه اإلصابة‪ ،‬وعلى‬
‫ضوء مدة التعطيل ال ت ُشكل خطرا ً على حيذاة المجنذي عليذه‪ ،‬وأن إرادة الجذاني اتجهذت إلذى‬
‫فقط بجسد المجني عليه‪ ،‬ولم تتجه إلى إزهاق روحه‪ ،‬وحدثت النتيجذة وفذق مذا أراد‬ ‫المسا‬
‫دون جسامة‪ ،‬وهذه الحالة من اإليذاء ال تتوقف على شكوى المتضرر بل يحق للنيابذة العامذة‬
‫مالحقة الجاني وتقديمه للعدالة (‪.)185‬‬
‫‪ -‬الحالة الثانية‪ :‬إذا لم تخلف اإلصابة مدة تعطيل أو كانت مذدة التعطيذل ال تزيذد علذى عشذرة‬
‫أيام‪ ،‬وهذا ينبني عليه أن اإلصابة كانذت مذن اإلصذابات الخفيفذة أو المتوسذطة‪ ،‬األمذر الذذي‬
‫يمكن معه القول أن نيّة الجاني اتجهت فقذط إلذى إيذذاء المجنذي عليذه‪ ،‬وهذذه الحالذة مقرونذة‬
‫بشكوى المجني عليه وبدون تقديم الشكوى ال يتم مالحقة الجاني عذن أي فعذل‪ .‬وعليذه‪ ،‬فذإن‬
‫إسذقاط المجنذي عليذه لحقذه فذذي الشذكوى تسذقط الذدعوى العامذذة تبعذا ً إلسذقاط دعذوى الحذذق‬
‫الشخصي (‪.)186‬‬
‫(‪ )COVID-19‬نجذد أن العبذرة تكذون بتحديذد‬ ‫وفي واقعة نقل العدوى عن طريق فيذرو‬
‫خلالً عارضا ً في أعضاء الجسذم وزال بعذد فتذرة‬ ‫األثر بالنتيجة النهائية‪ ،‬بحيث إذا أحدث الفيرو‬

‫(‪ )184‬نمورك محمد سعيدك شرح قانون العقوبات القسم الخاصك مرجع سابقك ص‪.127‬‬
‫(‪ )185‬نمورك محمد سعيدك شرح قانون العقوبات القسم الخاصك ‪2002‬ك مرجع سابقك ص‪.126‬‬
‫(‪ )186‬قرار محممة التمييز األردنيررة (جرزاء) رقررم (‪)2011/2169‬ك مندررورات مركررز عدالررة والررذي جرراء فيرره‪ :‬يًيدررمل إقرردام المررتهم علررى وضررع‬
‫مبيررد حدررري بمقرردار ملعقررة فرري طنجررر الطعررام أثنرراء عمليررة الطهرري وإصررابة المدررتكين الررذين تنرراولوا الطعررام وعررددهم سررتة عدررر شخصراً‬
‫بتس ررمم وأن ه ررذه اإلص ررابات ل ررم تد ررمل خط ررور عل ررى حي رراتهم وأن م ررد التعطي ررل للمص ررابينك كم ررا ه ررو وارد ف رري التق ررارير الطبي ررة ب ررالتطبيق‬
‫القانوني جنحة اإليذاء خالفاً للمادتين (‪ )334‬من قانون العقوبات ‪...‬ي‪.‬‬

‫‪-77-‬‬
‫كل تذأثيره علذى‬ ‫معينة‪ ،‬أم أنه أحدث أثرا ً كامالً‪ .‬ومن هنا يجب التريث إلى حين أن ينتج الفيرو‬
‫الجسم ومن ثم تتم المقارنة بعمل وظائف الجسم قبل اإلصابة ووظائفه بعد اإلصابة‪ ،‬فذإذا تبذين أن‬
‫تأثيره تكذون النتيجذة قذد تحققذت(‪ ،)187‬ولكذن مذع‬ ‫وظائف الجسم قد تأثرت بعد أن أحدث الفيرو‬
‫مراعاة ظروف أخرى قد تحيط بالمجني عليه كالسن والحالة الصحية والعجز وذلي أن األعراض‬
‫تشتد لدى شخص واحد تقريبا ً من بين كل (‪ )5‬أشخاص مصابين بمرض (كوفيد‪ ،)19-‬فيعاني من‬
‫صذذعوبة فذذي التذذنف ‪ ،‬وتذذزداد مخذذاطر اإلصذذابة بمضذذاعفات وخيمذذة بذذين المسذذنين واألشذذخاص‬
‫المصابين بمشاكل صحية أخرى مثل ارتفاع ضغط الدم أو أمذراض القلذب والرئذة أو السذكري أو‬
‫إلى المجني عليه عن طريذق السذعال‬ ‫السرطان(‪ ،)188‬وحيث يُشكل إقدام الجاني على نقل الفيرو‬
‫ونقل الرذاذ إليه أو مالمسته والتقرب منه أو عن طريق اللعاب وهي الطذرق التذي يذتم عذادة نقذل‬
‫جذراء ذلذي‪ ،‬وعلذى‬
‫(‪ )COVID-19‬من خاللها‪ ،‬بقصد اإليذاء وإصذابة المجنذي عليذه مذن ّ‬ ‫فيرو‬
‫ضوء مدة التعطيل التي تحدد إن كانت هذه اإلصابة ت ُشكل خطورة على حياتذه أم ال‪ .‬وبنذا ًء عليهذا‬
‫يحدد المشرع النموذج أو القالب القانوني الذي ينطبق على الفعل ومن ثم تحدد المسوولية الجزائية‬
‫والعقوبة‪.‬‬
‫(‪ )COVID-19‬والتي على‬ ‫أما بخصوص المدة التي يحتاجها المصاب للتعافي من فيرو‬
‫ضوئها يتم تحديد مدة التعطيل‪ ،‬أظهرت الدراسات الطبية ما يلذذي‪" :‬تذوثر عوامذل السذن والجذن‬
‫(كوفيذد‪،)19-‬‬ ‫وأية مشاكل صحية أخرى يعاني منها المريض في زيادة مخاطر اإلصابة بفيرو‬
‫وكلما كان العالج الذي يتلقاه المريض أكثر توغالً في الجسم وكلما زادت فتذرة حصذول المذريض‬
‫عليه كان الزمن الالزم للشفاء أطول‪.‬‬
‫ماذا لو كانت األعراض بسيطة؟ يشفى المرضذى الذذين تكذون أعراضذهم طفيفذة فذي مذدة‬
‫قصيرة‪ ،‬وتزول الحمى خالل أقل من أسبوع‪ ،‬مع أن السعال قد يمكث فترة إضذافية‪ ،‬ويتضذح مذن‬
‫تحليل لمنظمة الصحة العالم ية مبني على بيانات مذن الصذين أن معذدل الذزمن الذالزم للشذفاء هذو‬
‫أسبوعان‪.‬‬
‫ماذا لو كانت األعراض أكثذر خطذورة؟ قذد تكذون أعذراض المذرض أكثذر خطذورة عنذد‬
‫البعض‪ ،‬ويحدث هذا بعد مرور سبعة إلى عشرة أيام على اإلصابة‪ .‬وقد تحذدث هذذه النقلذة بشذكل‬
‫صعبا ً وتُصاب الرئتان بالتهاب‪ ،‬ويعذود ذلذي إلذى أن النظذام المنذاعي‬ ‫مفاجئ‪ ،‬حيث يصبح التنف‬
‫ويُحذدث أضذرارا ً جانبيذة فذي الجسذم‪.‬‬ ‫للجسم يحاول المقاومذة فيتمذادى فذي حربذه علذى الفيذرو‬

‫(‪ )187‬ثروتك جاللك نظرية القسم الخاصك ‪1967‬ك مرجع سابقك ص ‪.406‬‬
‫‪(188)https://www.who.int/ar/emergencies/diseases/novel-coronavirus-2019/advice-for-public/q-a-‬‬
‫مساء‪coronaviruses,.‬‬
‫ً‬ ‫تم الدخول على الموقع واالطالي بتاريخ ‪ 2020/6/29‬الساعة ‪10.30‬‬

‫‪-78-‬‬
‫ويحتاج بعض المرضى للمكذوث فذي المستشذفى والحصذول علذى أكسذجين‪ .‬تقذول الطبيبذة سذارة‬
‫وقتا ً طويالً للتحسن‪ ...‬وليتغلب الجسم على اإلصذابة وااللتهذاب‬ ‫جارفي ‪" :‬قد يحتاج ضيق التنف‬
‫الذي تسبب به الفيرو "‪ .‬وتضيف إ ن الشفاء التام قد يستغرق ما بين أسبوعين إلى ثمانية أسابيع‪،‬‬
‫مع بقاء اإلنهاي‪.‬‬
‫ماذا لو احتجت إلى قسم العناية الفائقة؟ تقذدر منظمذة الصذحة العالميذة أن واحذدا ً مذن كذل‬
‫عشرين مريضا ً سيحتاج لقسم العناية الفائقة‪ ،‬وهذا قد يتضمن عمليذات التخذدير ووضذع المذريض‬
‫الصناعي‪ .‬ويحتاج المرء وقتا ً للتعافي من عوارض البقاء تحت العنايذة الفائقذة‪،‬‬ ‫على جهاز التنف‬
‫مهما كانت طبيعة مرضه‪ ،‬حيث ينقل المرضى بعدها إلى جنذاح عذادي فذي المستشذفى لفتذرة مذن‬
‫الوقت قبل الذهاب إلى البيت‪ .‬وتقول د‪ .‬أليسون بيتارد‪ ،‬عميدة قسم طب العناية الفائقة‪" :‬إن اإلقامة‬
‫في قسم العناية الفائقة تتري آثارا ً تتطلب وقتا ً يتراوح بين (‪ )18- 12‬شهرا ً للشذفاء منهذا‪ ،‬ويذودي‬
‫المرضذى بذالوهن‬ ‫قضاء فتذرة طويلذة علذى سذرير المستشذفى إلذى ضذمور العضذالت‪ ،‬وسذيح‬
‫والضعف‪ .‬وتحتاج العضالت إلى فترة من الوقت الستعادة عافيتها‪ ،‬كما يحتاج بعض المرضى إلى‬
‫عالج طبيعي من أجل استعادة القدرة على المشي"(‪.)189‬‬
‫لتحديد مدة التعطيل يتم تحويل المريض الذى اللجذان الطبيذة والطبيذب الشذرعي المخذتص‬
‫بذلي اذا يحتاج هذا االمر الى خبرة طبية متخصصة ‪ ،‬ويتبين مما سبق ومن خالل التقارير الطبية‬
‫كورونا في حال كانت اإلصابة بسيطة تكون مدة التعطيذل أسذبوعين‬ ‫حول مدة التعافي من فيرو‬
‫من تاريخ ظهور اإلصابة‪ ،‬فلو تعطل المجني عليه عن العمل أقل مذن عشذرين يومذا ً‪ ،‬نكذون أمذام‬
‫جنحذذة اإليذذذاء خالفذا ً للمذذادة (‪ )1/334‬مذذن قذذانون العقوبذذات‪ ،‬وفذذي حذذال كانذذت األعذذراض أكثذذر‬
‫خطورة‪ ،‬بحيث يحتاج الشفاء من أسبوعين إلذى ثمانيذة أسذابيع‪ ،‬فذنحن بصذدد تطبيذق نذص المذادة‬
‫(‪ )333‬من ذات القانون‪ ،‬والتي عاقبت على الحاالت التذي تزيذد فيهذا مذدة التعطيذل عذن عشذرين‬
‫يوما ً‪ ،‬أما فيما يتعلق بجرم إحداث عاهة دائمة ووفق ما جاءت به الدراسات والتي أظهرت أن مذن‬
‫شأن هذه اإلصابة التأ ثير على جسد وبدن المجني عليه على المدى البعيذد ومذن الممكذن أن تذودي‬
‫إلى نتائج أكثر حدة قد تبقى مع المذريض بحيذث يحتذاج إلذى عذالج مذن نذوع آخذر وفتذرة طويلذة‬
‫الستعادة عافيته‪ ،‬وهذا ما أكدت عليه دراسة أجرتها الجمعية اإليطالية ألمراض الرئذة وجذاء بهذا‪:‬‬
‫التذاجي الرئذوي يمكذن أن تتذري‬ ‫"‪ ...‬كما أفذاد ‪" :Adnkronos.com‬يتبذين أن عذدوى الفيذرو‬
‫موروثا ً مزمنا ً في وظائف الجهاز التنفسي‪ ،‬ويقدر أنه في المتوسط في البالغين يمكذن أن يسذتغرق‬

‫)‪(189‬‬ ‫‪https://www.elconsolto.com/news/health-news/details/2020/4/19/1768439/‬‬ ‫األحر ررد ‪ 19‬إبرير ررل ‪04:42‬‬


‫‪2020‬ك‬
‫تم الدخول على الموقع واالطالي بتاريخ ‪ 2020/6/29‬الساعة ‪ 11.47‬صباحاً‪.‬‬

‫‪-79-‬‬
‫(‪ )12 – 6‬شهرا ً للتعافي الوظيفي وهذو مذا قذد ال يكتمذل بالنسذبة للذبعض بعذد االلتهذاب الرئذوي‬
‫(‪ ،)Covid-19‬قد تكون التغييرات الدائمة في وظذائف الجهذاز التنفسذي متكذررة‪ ،‬ولكذن فذوق كذل‬
‫عالمات التليف الرئوي المنتشرة‪ ،‬يفقد النسيج التنفسي المتأثر بالعدوى خصائصه وبنيته الطبيعية‪،‬‬
‫ويصبح صلبا ً وال يعمل بشكل كبير‪ ،‬مما يودي إلى أعراض مزمنة‪ ،‬ويحتاج في بعض المرضذى‪،‬‬
‫إلى عالج األكسجين المنزلي‪ ،‬ويمكن أن يصبح تليف رئوي‪ ،‬وبالتالي فإن الخطر غذدا لكثيذر مذن‬
‫(‪ ،)Covid-19‬وتجعل مذن الضذروري اختبذار عذالج جديذد الذنهج‪ ،‬مثذل العذالج‬ ‫الناجين لفيرو‬
‫لذدينا حاليذا ً بيانذات موثوقذة حذول العواقذب طويلذة المذدى‬ ‫الخاليا الجذعية الوسذيطة‪ ،‬ولكذن لذي‬
‫اللتهاب الرئة (‪ .)Covid-19‬ولم يمض وقت طويل منذ بداية الوباء في ووهان‪ ،‬حيث بدأ كل شيء‬
‫‪-‬يوضح لوكا ريتشيلدي‪ ،‬عضو اللجنة الفنية والعلمية لحاالت طوارئ الفيروسات التاجية‪ ،‬رئذي‬
‫المالحظات األولى عذن‬ ‫‪SIP‬ومدير قسم أمراض الرئة في عيادة جيميللي روما‪ ،‬ومع ذلي‪ ،‬تعك‬
‫كثب نتائج دراسات المتابعة التي أجريذت فذي الصذين بعذد االلتهذاب الرئذوي ‪ Sars‬عذام ‪،2003‬‬
‫وهي تشبه إلى حد كبير تلي الموجذودة فذي‪ ، Covid-19‬ممذا يوكذد الشذي فذي أن )‪ (Covid-19‬قذد‬
‫يسبب أيضا ً تلفا ً في الرئة ال تختفي عند حل االلتهاب الرئوي"‪.‬‬
‫ولدى العديد من مرضى )‪ (Covid-19‬الذذين تذم إدخذالهم إلذى المستشذفى أو تذم تنبذيههم ‪-‬‬
‫التي يمكن أن تستمر ألشهر عديدة بعد حل‬ ‫حسب تقارير ‪ Richeldi -‬نالحظ بعد صعوبات التنف‬
‫تظهر أن الناجين في (‪ )6‬أشهر‬ ‫العدوى والبيانات التي تم جمعها في الماضي عن مرضى سار‬
‫بعد ذلي‪ ،‬كان لديهم تشوهات رئوية مرئية بوضوح علذى الصذور الشذعاعية الصذدرية والتغيذرات‬
‫المقيدة في وظائف الجهاز التنفسي‪ ،‬مثل انخفاض قدرة التذنف ‪ ،‬وانخفذاض حجذم الرئذة‪ ،‬وضذعف‬
‫قوة عضالت الجهاز التنفسي وفوق كل ذلي مقاومة أقل للجهد‪ ،‬مذع انخفذاض صذافي فذي المسذافة‬
‫المغطاة في (‪ )6‬دقائق من المشي‪ .‬لكن قبل كل شيء أظهر (‪ )٪30‬من المرضى الذين تم شذفائهم‬
‫عالمات واسعة النطاق للتليف الرئوي‪ ،‬أي ندوب كبيرة على الرئة‪ ،‬مع تنازالت تنفسذية ال رجعذة‬
‫فيها‪ :‬في الممارسة العملية‪ ،‬يمكن أن تنشأ مشاكل تنفسية حتى بعد المشي البسيط"‪.‬‬
‫"حدثت هذه المشاكل أيضا ً في المرضذى الصذغار‪ ،‬بنسذبة تتذراوح بذين (‪ )٪75- 30‬مذن‬
‫الحذاالت التذي تذم تقييمهذا ‪ -‬يتذدخل أنجيلذو كورسذيكو‪ ،‬مذدير أمذراض الرئذة فذي موسسذة ‪Irccs‬‬

‫‪ Policlinico San Matteo‬وموسسة أمراض الرئة العادية في جامعة بافيا ‪ -‬أي تتحدث البيانذات‬
‫األولى التي أبلس عنها األطباء الصينيون عن ‪ Covid-19‬وبيانات الرصد الخاصذة بنذا عذن العديذد‬
‫من المرضى الباقين الذين يتم تشخيص تليفهم الرئوي‪ ،‬أي الحالة التي يتم فيها استبدال أجزاء مذن‬
‫أنسجة األعضاء بنسيج ندبي لم يعد يعمل‪ ،‬في عيادة جيميللي في روما تم تفعيل مستشفى مذا بعذد‬
‫‪Covid Day‬و"في بافيا‪ ،‬كانت عيادة ما بعد ‪ ، Covid‬مخصصة للمرضى الذين تم تسذريحهم مذن‬

‫‪-80-‬‬
‫سان ماتيو نشطة منذ ‪ 27‬أبريل ‪ -‬ويضيف كورسيكو ‪ -‬وفقًا للمبادئ التوجيهية لتوجيهذات جمعيذة‬
‫أمذذراض الصذذدر البريطانيذذة بشذذأن متابعذذة الجهذذاز التنفسذذي للمرضذذى الذذذين يعذذانون مذذن األشذذعة‬
‫اإلشذذعاعية تشذذخيص' ‪ ، Covid-19 Pneumonia‬المرضذذى الذذذين يخضذذعون ألشذذعة الصذذدر‪،‬‬
‫اختبذذارات وظذذائف الجهذذاز التنفسذذي‪ ،‬اختبذذار المشذذي لمذذدة (‪ )6‬دقذذائق‪ ،‬الصذذدر والموجذذات فذذوق‬
‫الصوتية للقلب‪ ،‬وإذا لزم األمر‪ ،‬التصوير المقطعي المحوسب للصدر للتحقيذق فذي وجذود مذرض‬
‫الرئة الخاللي االنسداد الرئوي المنتشر‪ .‬ويخلذص إلذى أن البيانذات األوليذة ‪-‬علذى مذا يبذدو ‪-‬توكذد‬
‫المالحظات الصينية األولذى علذى ‪ Covid-19:‬لسذوء الحذظ‪ ،‬ال يذزال العديذد مذن المرضذى الذذين‬
‫خرجوا من المستشفى يعانون من فشل تنفسي مزمن ونتائج تليفية"(‪.)190‬‬
‫ومدلول العاهة الدائمة هو فقد عضو من أعضاء الجسم بشذكل كلذي أو جزئذي أو بتعطيذل‬
‫وظيفته أو تعطيل مقاومته بشكل مستديم ال يُرجذى شذفاوه‪ ،‬أي أنهذا مصذاحبة للمجنذي عليذه طيلذة‬
‫حياته ويستحيل التخلص منها ويبقى النقص في منفعة العضو الذي تخلفت العاهة به بحيث يترتذب‬
‫عليه إعاقة المجني عليه عن استعمال أعضائه بصورة طبيعية (‪.)191‬‬
‫وعليه فإن فقد المتعافين من مرض (‪ )COVID-19‬لنسبة معينة من قذواهم البدنيذة‪ ،‬وذلذي‬
‫بتعطيل وظيفة عضو من أعضاء البدن والمتمثل بالفشل التنفسذي المذزمن والتليذف الرئذوي الذذي‬
‫يالزم المجني عليه حتى بعد انحسار االلتهاب الرئوي ويفقذد النسذيج الرئذوي خصائصذه الطبيعيذة‬
‫بحيث يصبح صلبا ً‪ ،‬وبالتالي ينتج عنه احتياج المجني عليه الدائم لألكسجين المنزلذي‪ ،‬إنمذا يخذرج‬
‫عن وصف الجرم بأنه إيذاء بسيط ويستجمع عناصر وأركذان جذرم إحذداث عاهذة دائمذة بذالمعنى‬
‫المقصود في المادة (‪ )335‬من قانون العقوبات (‪.)192‬‬
‫(‪ )COVID-19‬للمذرأة الحامذل بقصذد اإليذذاء‬ ‫يرى الباحث بالنسذبة لنقذل عذدوى فيذرو‬
‫بسالمة جسدها ودون علم من الجذاني بوجذود الحمذل‪ ،‬خاصذةً إذا كذان الحمذل باألشذهر‬ ‫والمسا‬
‫األولى‪ ،‬وكما ذكرنا سابقا ً‪ ،‬ضمن جريمة اإلجهاض أن نقل العدوى لهذا أثذر علذى الجنذين بطريقذة‬
‫االصذطناعي‬ ‫غير مباشرة نتيجة لتعرض األم للمضادات أو األشعة أو وضعها على أجهزة التنف‬
‫مما قد يودي إلى إسقاط الجنين غير مكتمل‪ ،‬فإن فعل الجاني هنا يقع تحت وصف اإليذاء‪ ،‬ذلي أننا‬
‫ال نستطيع القول بتحقق جريمة اإلجهاض؛ لعدم وجود عنصر العلذم لذدى الجذاني بوجذود الحمذل‪،‬‬

‫(‪ )190‬الصررفحة الرئيسررية ‪ - Pallone Non Solo Pallone – Coronavirus‬ك الجمعيرة اإليطاليررة ألمرراض الرئررة‪ / (Sip):‬تررم الرردخول‬
‫مساء‪.‬‬
‫ً‬ ‫إلى الموقع واالطالي بتاريخ ‪ 2020/6/30‬الساعة ‪10.57‬‬
‫(‪ )191‬نمورك محمد سعيدك شرح قانون العقوبات القسم الخاصك مرجع سابقك ص ‪ 138‬وما بعدها‪.‬‬
‫ب لحرراق عاه رة دائمررة بالمدررتكي نتيجررة يررام المدررتكى عليرره‬ ‫(‪ )192‬ق ررار محممررة التمييررز رقررم (‪ )1999/708‬والررذي جرراء فيرره‪ :‬يجرررم التسررب‬
‫بوضع ماد المي انول السامة مررع عصررير الليمررون الررذي قدمرره للمدررتكي مدررمولة بقررانون العفررو العررام رقررم ‪ 6‬لسررنة ‪ 1999‬النطبرراق المرراد‬
‫(‪ )335‬من قانون العقوبات عليها ‪...‬ي‪.‬‬

‫‪-81-‬‬
‫وهو العنصر المفترض في جريمة اإلجهاض وتخلفه يعني تخلف القصد الجنائي الذذي يقذوم علذى‬
‫العلم واإلرادة‪ ،‬وبالتالي عدم توفر الركن المعنوي لجريمذة اإلجهذاض‪ ،‬إال أن اتجذاه إرادة الجذاني‬
‫إلى إلحاق الضرر ببدن المجني عليها مع توفر العلم واإلرادة وإتيانه للسلوي المجرم بنقل العذدوى‬
‫لها وتحقق النتيجة المرجوة وهي إيذاء المجني عليها يُشكل ويستجمع كافة أركان جرم اإليذاء فقط‪،‬‬
‫ب الرغم من خلو قانون العقوبات من النص صراحة على هذه الحالة‪ ،‬إال أنه يمكذن اعتبذار النتيجذة‬
‫أكثر إذ ال يمكن اعتباره قتالً‪ ،‬ال سيما أن الجنين‬ ‫الحاصلة بإسقاط الجنين ظرف مشدد للعقوبة لي‬
‫ال يقع عليه القتل‪ ،‬وإنما تتواله نصوص جريمة اإلجهاض‪ ،‬وهي غير متوفرة في هذه الحالة‪.‬‬
‫وتتمثل العالقة السببية في هذه الجريمة بذأن أن يكذون الفعذل هذو الذذي أدى إلذى حصذول‬
‫النتيجة‪ ،‬فجريمة اإليذاء من الجرائم التي تتطلب حصول نتيجة وحتى يُسذأل الجذاني عذن النتيجذة‪،‬‬
‫بسالمة بدن المجني عليه‪ ،‬فإنه يتعين أن تقوم بين فعله وبين النتيجة رابطة السذببية‪،‬‬ ‫وهي المسا‬
‫بحيث ترتبط النتيجة الجرمية‪ ،‬المتمثلة باإليذاء‪ ،‬بالسلوي اإلجرامي للجاني بحيث يصذح القذول إن‬
‫إلحاق األذى والضرر بجسم المجني عليه هي نتيجة لسلوي الجاني‪ ،‬ومن المعلوم أن توافر رابطة‬
‫السببية بين الفعل المجذرم والنتيجذة يعنذي قيذام المسذوولية الجزائيذة إال إذا انقطعذت هذذه الرابطذة‬
‫بوجود عامل شاذ أو أجنبي ال عالقة له بالفعل(‪.)193‬‬
‫وتكون عالقة السببية واضحة إذا كان الفعل هو العامل الوحيد المودي إلى اإليذذاء‪ ،‬إال أن‬
‫المشكلة تثور حين يتواجد أكثر من عامل ساهم في حصول النتيجة ويستوي أن تكون هذه العوامل‬
‫سابقة للفعل أو معاصرة لذه أو تتبعذه‪ ،‬ويعنذي هذذا إن فعذل الجذاني وحذده لذم يكذن كافيذا ً إلحذداث‬
‫النتيجة‪ ،‬وبهذا ال تنقطع عالقة السببية بين الفعل والنتيجة بتدخل هذه العوامل أو بعضها‪ ،‬لكن كان‬
‫فعل الجاني هو من حري هذه العوامل لحصول النتيجة‪ ،‬فلوال هذا الفعل لم تحصل النتيجة (‪.)194‬‬
‫وكما أوضحنا سابقا ً‪ ،‬بأن قانون العقوبات األردني قد اتجه في أحكامذه إلذى نظريذة تعذادل‬
‫األسباب بحيث أقر بأن كل العوامل متعادلذة فذي تأثيرهذا‪ ،‬وتصذلح أن تكذون رابطذة سذببية إذا لذم‬
‫يدخل عامل غير مألوف يقطعها‪ ،‬بصرف النظر عن نسبة مساهمة كل عامذل مذنهم وشذدتها(‪،)195‬‬
‫ذلي أنه متى اشتري عامالن أو أكثر في إحداث النتيجة النهائية وكان أحد العاملين مألوفا ً أو منتجا ً‬

‫(‪ )193‬خليل البحرك ممدوحك الجرائم الواقعة على األشخاصك مرجع سابقك ص‪.105‬‬
‫(‪ )194‬عبد الستارك فوزيةك شرح قانون العقوباتك القسم الخاصك مرجع سابقك ص‪.367‬‬
‫(‪ )195‬ق ررار محممررة التمييررز األردنيررة رقررم (‪ )2004/184‬والررذي جرراء فيرره‪ :‬ي‪ ...‬وحيررش إن المدررري والقضرراء األردنرري قررد أخررذ بنظريررة تعررادل‬
‫أن يمون هناك رابطة سببية بين فعل الجاني وبين األسررباب والعوامررل األخرررى الترري يجهلهررا الفاعررل و‪/‬أو الترري‬ ‫األسباب بمعنى أنه يج‬
‫انضمت إلى فعله والتي أدت إلى الوفا وبحيش ال يُسأل عن هذه النتيجة متى كان من المؤكررد أنهررا سررتحدم حتررى لررو لررم يقررع االعتررداءك‬
‫ف ن من مقتضى ذلف أنه كان على محممة الجنايات الكبرى البحش فيما إذا كانت رابطة السببية متوافر بررين فعررل االعتررداء الررذي أوقعرره‬
‫علررى رأس ووجهرره وسررائر أنحرراء جسررده وبررين حالررة التدررن الترري أصررابته‬ ‫المتهمانك على جسررم المغرردور مررن خررالل ضرربهما لرره بررالكفو‬
‫ومن ثم سقوطه على األرض وارتطام رأسه باألرض ‪...‬ي‪.‬‬

‫‪-82-‬‬
‫يصلح في العادة إلحداث مثل هذه النتيجة‪ ،‬واآلخر غير مألوف ال يصلح بحسب طبيعتذه إلحذداثها‬
‫في المعتاد‪ ،‬أي أن الجاني يُسأل طبقا ً لهذه النظريذة عذن النتيجذة النهائيذة العتدائذه متذى كذان هذذا‬
‫االعتداء هو السبب المحري لعوامل أخرى مهما كانت شاذة غير متوقعة(‪.)196‬‬
‫(‪ ،)COVID-19‬فضذابط البحذث فذي العالقذة السذببية هذو حذدوث‬ ‫أما فيما يتعلذق فيذرو‬
‫النتيجة التي أرادها الجاني‪ ،‬ونعني بذلي النتيجة النهائيذة ومعيارهذا التغييذر الحاصذل فذي وظذائف‬
‫له مهما تذداخل معهذا مذن عوامذل أخذرى‪ ،‬بحيذث ال ترقذى هذذه العوامذل‬ ‫الجسم بعد نقل الفيرو‬
‫إلى‬ ‫لتكون سببا ً رئيسيا ً بحد ذاتها‪ ،‬إنما تكون مساندة وموازرة للعامل األساسي‪ ،‬وهو نقل الفيرو‬
‫(‪ )COVID-19‬ودوره‬ ‫جسم المجني عليه‪ ،‬وهذا ما أكدت عليه الدراسات حول واقعة نقل فيذرو‬
‫بإحداث النتيجة النهائية في الجسم‪ ،‬وجاءت هذه الدراسات لتوكد نظرية تعادل األسباب التي تبناهذا‬
‫المسذبب للمذرض‬ ‫المشرع األردني بالمادة (‪ )345‬منه حيث جاءت بما يلي‪ ..." :‬ولكذن الفيذرو‬
‫يعلق في رئتي (‪ )%20‬من المصابين‪ ،‬لذلي يحتاجون إلذى رعايذة طبيذة‪ ،‬وأحيانذا يحتذاجون إلذى‬
‫الصناعي‪ ،‬وهنا يكون لعاملي العمر واألمراض المزمنذة‬ ‫عناية طبية مكثفة باستخدام جهاز التنف‬
‫دورا ً حاسذما ً فذذي سذذبب الوفذذاة ‪ ،...‬وهذذذا يعنذذي أن األشذخاص الذذذين يعذذانون مذذن أمذذراض القلذذب‬
‫كورونا المستجد"(‪،198)197‬‬ ‫واألوعية الدموية هم أكثر عرضة لخطر الموت عند إصابتهم بفيرو‬
‫مما يعني أنه ال بد من تضافر عوامل أخرى مع العدوى حتى تتحقق النتيجة‪ ،‬وبهذا يقع على كاهل‬
‫مذع سذبب االعذتالل أو‬ ‫المحكمة التثبت من سبب حصول اإليذاء أوالً‪ ،‬ومدى عالقة نقل الفيذرو‬
‫في حدوث االعتالل أو‬ ‫اإليذاء الحاصل ببدن المجني عليه‪ ،‬وبيان هل ساهمت واقعة نقل الفيرو‬
‫تسذذريعها أو تحريكهذذا‪ ،‬حتذذى نقذذول بتحقذذق المسذذوولية الجزائيذذة لناقذذل العذذدوى عذذن جذذرم اإليذذذاء‬
‫القصدي‪.‬‬
‫الفرع الثاني ‪-‬الركن المعنـو "القصـد الجرمـي" فـي جريمـة اإليـذاء المقصـود بعنصـريه العـاو‬
‫والخاص‪:‬‬
‫ببذدن‬ ‫يُعد العلم واإلرادة قوام القصد العام في جناية اإليذاء‪ ،‬أي العلم بماهية فعذل المسذا‬
‫المجني عليه‪ ،‬وإنه يقع على إنسان حي جسده سليم ومن شأنه أن يودي إلى اعتالل بدنذه أو نقذص‬
‫قدراته والحد منها‪ ،‬أو بتر عضو من أعضائه أو اإلنقاص من قدرة هذا العضو علذى أداء وظائفذه‬
‫االعتيادية‪ ،‬أما إرادة ارتكاب الجريمة‪ ،‬أي أنها اإلرادة التي تتوافر فيها حرية االختيار‪.‬‬

‫(‪ )196‬العوجيك مصطفىك القانون الجنائيك مرجع سابقك ص‪.518‬‬


‫تررم الرردخول إلررى الموقررع السرربت الموافررق ‪/ :20.03.2020 | 18:00 GMT | 2020/7/4‬ترراريخ الندررر‪(197) https://ar.rt.com/nh9v‬‬
‫الساعة ‪ 8.15‬مساء‪.‬‬

‫‪-83-‬‬
‫وأما القصد الخاص‪ ،‬فهو اتجاه نية الجاني إلى إلحاق الضرر واألذى بجسد المجني عليذه‪،‬‬
‫وال يقتصر اإليذاء وإلحاق الضرر بجسد المجني عليه ماديا ً فقط‪ ،‬بل مذن الممكذن أيضذا ً أن يكذون‬
‫هذا الضرر نفسيا ً‪ ،‬وتستّدل المحكمة على تذوفر ّنيذة اإليذذاء ببذدن المجنذي عليذه لذدى الجذاني مذن‬
‫ظروف الدعوى‪ ،‬واألداة المستخدمة فيها ومكان اإلصابة من جسم المجني عليه‪ ،‬فيما إذا كذان مذن‬
‫النيذة الجرميذة‪ ،‬وفقذا ً‬
‫شأنها أن تحدث اإليذاء من عدمه أو أنه يمكن استخدامها لهذا الغرض‪ .‬وتُعد ّ‬
‫ألحكام المادة (‪ )63‬من قانون العقوبات‪ ،‬ركيزة أساسية لقيام الجريمة (‪.)199‬‬
‫واالستدالل على نيّة الجاني‪ ،‬فيما إذا كانت قد اتجهت إلى قتل المجني عليه أم إيذائذه‪،‬على‬
‫اعتبار أن ذلي هو أمر باطني يضمره الجاني في نفسه يتم من خالل األفعال المادية الظاهرة التذي‬
‫يقارفها‪ ،‬ومنها األداة المستخدمة في ارتكاب الجرم وموقع اإلصابة في جسم المجني عليه‪ ،‬وكذذلي‬
‫اإلصابة التي لحقت بالمجني عليه هذل شذكلت خطذورة علذى حياتذه أم ال‪ ،‬أو أن هذذه اإلصذابة ال‬
‫يمكن أن ينتج عنها إال اإليذاء فقط‪ ،‬وهذا كما أوضحته محكمة التمييز األردنية بقولها‪ ..." :‬كما أن‬
‫المشتكي أكد أن المتهمة هي التذي تتصذل باألقذارب إلنقذاذه‪ ،‬وأفذاد بسذوال المحكمذة (إن زوجتذي‬
‫عندما وضعت السم في األكل لم تكن تقصد قتلي وكان ذلي وقذت زعذل وعنذدما تغضذب المتهمذة‬
‫تفقد صوابها والسيطرة على نفسها) وقد توصلت محكمة الجنايذات إلذى أن المتهمذة لذم يكذن لذديها‬
‫النية لتقتل المشتكي"(‪.)200‬‬
‫(‪ )COVID-19‬بقصد اإليذاء ينطبق عليهذا‬ ‫وكقاعدة عامة‪ ،‬فإن جريمة نقل عدوى فيرو‬
‫ما ينطبق على غيرها من جرائم اإليذاء المقصود‪ ،‬ويستلزم لقيامها أن يقوم الجذاني بكافذة األفعذال‬
‫المادية الالزمة لجريمة اإليذاء بأن يقوم بنشاطه اإلجرامي كذامالً لتحقيذق النتيجذة‪ ،‬وهذي المسذا‬
‫بجسد المجني عليه بالتزامن مع وجود النيّة الجرمية لديه‪ ،‬ويُستدل من هذه األفعال المادية الظاهرة‬
‫التي يقارفها الجاني على نيته التي يضمرها بنفسه هل اتجهذت إلذى اإليذذاء أم إلذى غيذر ذلذي مذن‬
‫غيذر قاتذل بطبيعتذه‪،‬‬ ‫(‪ )COVID-19‬بأنه فيرو‬ ‫الجرائم‪ ،‬وحيث أشارت الدراسات حول فيرو‬
‫إال إذا تصادف مع نقل العدوى إلذى المجنذي عليذه أن مناعتذه ضذعيفة وغيذر قذادرة علذى مقاومذة‬
‫الفيرو ‪ ،‬أو تبين أنه يعذاني مذن أحذد األمذراض المزمنذة أو االلتهذاب الرئذوي‪ ،‬ممذا يجعذل نقذل‬
‫له سببا ً إليذائه أو حصول عجز بقواه العامذة إذ تعتمذد المحكمذة فذي ذلذي علذى الشذواهد‬ ‫الفيرو‬
‫إلذى المجنذي عليذه قاصذدا ً مذن ذلذي التسذبب بذاعتالل‬ ‫والخبرة الطبية‪ ،‬فقيام الجاني بنقل الفيرو‬
‫جسده ومعاناته فقط‪ ،‬إال أن المجني عليه كان من ذوي المناعة المتدنية ممذا أدى إلذى تفذاقم الحالذة‬
‫لديه بسبب حالته الصحية‪ ،‬وأدى ذلي إلى تعرضه إلصابة أكثر جسامة مما أرادهذا الجذاني‪ ،‬وهذذا‬

‫(‪ )199‬الجبورك محمدك الجرائم الواقعة على األشخاص في قانون العقوبات األردنيك مرجع سابقك ص‪.173‬‬
‫(‪ )200‬قرار محممة التمييز األردنية رقم (‪ )2005/1554‬تاريخ ‪2006/1/23‬ك مندورات مركز عدالة‪.‬‬

‫‪-84-‬‬
‫ما أكده تقرير منظمة الصحة العالمية‪ ..." :‬في التقارير الحالية‪ ،‬األفراد الذين تزيذد أعمذارهم عذن‬
‫(‪ )60‬عاما ً والذين يعانون من مرض السكري أو ارتفاع ضغط الذدم أو أمذراض القلذب واألوعيذة‬
‫الدموية أو أمراض الرئة أو السمنة هم األكثر عرضة لخطذر اإلصذابة بذذ (‪ )COVID-19‬المهذددة‬
‫المعذروف باسذم (‪ ،)SARS-CoV-2‬البيانذات المحذدودة‬ ‫للحياة‪ ،‬وهو المرض الناجم عن الفيرو‬
‫المتاحة حالياً‪ ،‬ال تشير إلذى أن مسذار مذرض (‪ )COVID-19‬فذي األشذخاص المصذابين بفيذرو‬
‫نقص المناعة البشذرية‪ ،‬قبذل‬ ‫نقص المناعة البشرية يختلف عن األشخاص غير المصابين بفيرو‬
‫نقص المناعة‬ ‫ظهور العالج الفعال بمضادات الفيروسات القهرية )‪ ،(ART‬كانت اإلصابة بفيرو‬
‫البشرية المتقدم (أي عدد خاليا ‪ CD4‬أقل من ‪/200‬مم عامل خطذر لمضذاعفات التهابذات الجهذاز‬
‫التنفسي األخرى‪ ،‬ما إذا كان هذا ينطبق أيضا ً على (‪ )COVID-19‬غير معروف حتى اآلن(‪.)201‬‬
‫نقص المناعة البشرية يعانون من‬ ‫والجدير بالذكر أن بعض األشخاص المصابين بفيرو‬
‫أمراض مصاحبة أخرى (على سبيل المثال‪ ،‬أمراض القلذب واألوعيذة الدمويذة‪ ،‬وأمذراض الرئذة)‬
‫التي تزيذد مذن خطذر اإلصذابة بذدورة أكثذر شذدة مذن مذرض (‪ .)COVID-19‬كمذا أن المذدخنون‬
‫المزمنون معرضون أيضا ً لخطر اإلصابة بمرض أكثر خطورة‪ ،‬وبالتالي حتى يتم معرفة المزيذد‪،‬‬
‫نقذص المناعذة البشذرية‪،‬‬ ‫هناي مذا يبذرر الحذذر اإلضذافي لجميذع األشذخاص المصذابين بفيذرو‬
‫نقذص المناعذة‬ ‫نقص المناعة البشرية المتقذدم أو فيذرو‬ ‫وخاصة أولئي الذين يعانون من فيرو‬
‫البشرية الخاضع للسيطرة"(‪.)202‬‬
‫ومما سبق يمكن القول بذأن االسذتدالل علذى ّنيذة الجذاني تكذون مذن خذالل األفعذال التذي‬
‫قارفها‪ ،‬والتي قد تشكل شاهدا ً من الشواهد على نيّته بنقل عدوى المذرض إلذى المجنذي عليذه مثذل‬
‫قرب الجاني المصاب من المجني عليه مسافة أقل من متر‪ ،‬أو تعمده السعال بوجهه بنّية نقل الرذاذ‬
‫إليه‪ ،‬أو تقبيله ووضع اللعاب على وجهه‪ ،‬أما عن كون اإلصابة فيما إذا كانذت تشذكل خطذر علذى‬
‫صحة المجني عليه من عدمها ترجع فيها المحكمة إلى الخبرة الطبية المتخصصة في ذلي‪.‬‬
‫(‪COVID-‬‬ ‫وبالنسبة إلثبات القصد الجنائي في الجرائم القصدية الناجمة عن نقذل فيذرو‬
‫‪ )19‬فيأخذ الركن المعنوي في جريمة القتل شكل الركن الخذاص باتجذاه ّنيذة الجذاني إلذى إزهذاق‬
‫روح المجني عليه‪ ،‬واألصل أن إثبات القصد الجرمي إنما يقع على عاتق النيابة‪ ،‬وعلذى المحكمذة‬

‫‪(201) US CDC, COVID-19: People who are at higher risk for severe illness‬‬
‫‪https://www.cdc.gov/coronavirus/2019-ncov/specific-groups/people-at-higher-risk.html (March 22,‬‬
‫‪2020).‬‬
‫)‪(202‬‬ ‫‪DHHS,‬‬ ‫‪Interim‬‬ ‫‪Guidance‬‬ ‫‪for‬‬ ‫‪COVID-19‬‬ ‫‪and‬‬ ‫‪Persons‬‬ ‫‪with‬‬
‫‪https://aidsinfo.nih.gov/guidelines/html/8/covid-19-and-persons-with-hiv--interim-guidance-‬ه ‪HIV‬‬
‫‪/554/interim-guidance-for-covid-19-and-persons-with-hiv( March 20, 2020.‬‬
‫تم الدخول إلى الموقع السبت الموافق ‪2020/7/4‬ك الساعة ‪ 10.40‬مساء‬

‫‪-85-‬‬
‫التثبت من قيام أركان الجريمة حتى تتمكن من إصدار حكمها إما بذالبراءة أو باإلدانذة‪ ،‬وحيذث إن‬
‫القصذذد الجرمذذي هذذو أمذذر بذذاطني ومذذن الصذذعب الكشذذف عنذذه بطريقذذة مباشذذرة‪ ،‬إال أن المظذذاهر‬
‫الخارجية التي من الممكن أن ترافق ارتكاب الجرم تساعد المحكمة في االستدالل عليه‪ ،‬ألن العبرة‬
‫في النهاية هي بنيّة الجاني‪ ،‬ال بمكان اإلصابة أو خطورتهذا‪ ،‬ويقذوم الذركن المعنذوي‪ ،‬الذذي يمثذل‬
‫القصد الجرمي‪ ،‬على انصراف نيّة الجاني الرتكاب الجرم‪ ،‬على أن يقذوم الذدليل القذاطع‪ ،‬الذذي ال‬
‫يخامره شي‪ ،‬على توافر القصد الجرمي لدى الفاعل(‪.)203‬‬
‫وفي بعض النصوص‪ ،‬فقد ذكر المشرع القصد الجرمي بصذورة صذريحة‪ ،‬ومنهذا جذرائم‬
‫القتل‪ ،‬مما يوجب على النيابة باعتبارها سلطة المالحقة واالتهام أن تقذدم اإلثبذات علذى ذلذي‪ ،‬وإال‬
‫تعذرت مالحقة الجاني‪ ،‬وفي جرائم القتل سواء كانت القصد أم العمد‪ ،‬على اعتبذار أن القصذد هذو‬
‫شيء معنوي‪ ،‬فإن استخالصه يكون من الوقائع المادية المحيطذة بذالجرم‪ ،‬طالمذا تحققذت النتيجذة‪،‬‬
‫ويمكن للمحكمة استخالصه من األفعال التي قذام بهذا الجذاني أو عالقذة الجذاني بذالمجني عليذه أو‬
‫وضع اإلصابة بجسم المجني عليه‪ ،‬وهو أمر متروي لسلطة قاضي الموضوع (‪.)204‬‬
‫وحيث إن اإلثبات الجنائي يعتمد على الحرية في اإلثبات‪ ،‬ومعنذى ذلذي أن طذرق اإلثبذات‬
‫مقيدا ً‬ ‫الجنائي ليست مفروضة من المشرع‪ ،‬لكنها ترتبط باقتناع القاضي بها‪ ،‬فالقاضي الجنائي لي‬
‫بأدلة بذاتها تكون كافية لإلثبات على خالف المذواد المدنيذة‪ ،‬فالبذاب مفتذوح علذى مصذراعيه أمذام‬
‫القاضي الجنائي ويختار كل ما يمكن أن يصله بالحقيقة ومنها الشهود والقرائن والخبرة والمعاينة‪،‬‬
‫ويرجع ذلي إلى أن األفعال المرتكبة لها طابع استثنائي تقع مذن مجذرمين يتصذرفون بسذرية تامذة‬
‫ويحاولون إخفاء معالم وآثار الجريمذة بكافذة االحتياطذات‪ ،‬لذذا كذان مذن الضذروري علذى النيابذة‬
‫والقاضي الجنائي اللجوء إلى كافة طرق اإلثبات(‪.)205‬‬
‫كورونا‬ ‫أما عن كيفية إثبات القصد الجرمي في جريمة القتل العمد عن طريق نقل فيرو‬
‫المسذذتجد ‪ COVID-19‬فمذذن الممكذذن أن تقذذع الجريمذذة قصذذدا ً أو عذذن غيذذر قصذذد (القتذذل الخطذذأ)‪،‬‬
‫وللمحكمة أن تستخلص نيّة الجاني في نقذل عذدواه إلذى هدفذه بقصذد إزهذاق روحذه أو إيذائذه مذن‬
‫الظروف المحيطة بالجريمذذة(‪ ،)206‬وعن طريق إثبات رابطة السببية بين سذلوي الجذاني والنتيجذة‬

‫(‪ )203‬العوجيك مصطفىك القانون الجنائيك مرجع سابقك ص ‪.592 – 590‬‬


‫(‪ )204‬المجاليك نظامك شرح قانون العقوبات القسم العامك مرجع سابقك ص ‪.358‬‬
‫(‪ )205‬أبو عامرك محمد زكي (بال سنة)‪ .‬اإلثبات في المواد الجزائيةك بدون طبعةك الفنية للطباعة والندرك اإلسمندريةك ص ‪ 106‬و‪.107‬‬
‫(‪ )206‬قرار محممة التمييز رقم (‪ )2011/1303‬والذي جاء فيرره‪ :‬يوحيررش أن محممررة الجنايررات الكبرررى وبقرارهررا محررل الطعررن لررم تبررين الرردليل‬
‫الذي قنعت فيه بتوفر القصد الجرمي وما إذا كانت األفعال التي قام بها المتهم من متعلقات الفحص الطبي العررادي أم أنهررا كانررت عب راً‬
‫فرري عررور المجنرري عليهررا وأن مجرررد إحسرراس المجنرري عليهررا أن مررا قررام برره المررتهم ال يعتبررر فحصراً طبيراً ال يمفرري إلثبررات القصررد الجرمرري‬

‫‪-86-‬‬
‫الواقعة على المجني عليذه للوصذول إلذى القصذد الجرمذي للجذاني‪ ،‬فإثبذات األمذور القانونيذة دون‬
‫الواقعية يدخل ضمن صالحية المحكمة‪ ،‬حيث إن البينذة فذي القضذايا الجزائيذة تقذام بجميذع طذرق‬
‫اإلثبات‪ ،‬والقاضي يحكم حسب قناعته الشخصية المسذتمدة مذن المذادة (‪ )147‬مذن قذانون أصذول‬
‫المحاكمات الجزائية‪ ،‬والتي نصت على‪" :‬تقام البينة في الجنايات والجنح والمخالفات بجميع طرق‬
‫اإلثبات ويحكم القاضي حسب قناعته الشخصية"‪ ،‬وللقاضي الجنذائي فذي سذبيل تكذوين قناعتذه أن‬
‫يأخذ بالبينة التي يطمئن إليها ويستبعد ما سواها من البينات(‪ ،)207‬كما له أن يأخذذ بجذزء مذن هذذه‬
‫علذى الشذي‬ ‫البينات‪ ،‬ويستعبد الباقي؛ ذلذي أن الحكذم بذالتجريم ينبنذي علذى الجذزم واليقذين ولذي‬
‫والتخمين‪ ،‬بمعنى أنه لثبوت الجريمة يجب أن تكون مستوفية لعناصرها القانونية(‪ ،)208‬كأن يتواجد‬
‫الجاني المصاب‪ ،‬وهو عالم بإصابته‪ ،‬في المكان والوقت المحدد لتواجد المجني عليه أثنذاء انتشذار‬
‫الوباء‪ ،‬بالرغم أنه في الوضع الطبيعي ال يرتاد هذا المكان أبدا ً‪ ،‬أو إصذرار الجذاني علذى التقذرب‬
‫من المجنذي عليذه والسذالم عليذه وتقبيلذه مذع وجذود خالفذات سذابقة بينهمذا‪ ،‬ويمكذن للمحكمذة أن‬
‫تستخلص نيّة الجاني من العالقة التي قد ترتبط الجاني بالمجني عليه وطبيعتهذا‪ ،‬فذإذا كذان الجذاني‬
‫يعرف السيرة المرضية للمجني عليه وأنه يعاني من مرض عضال أو مرض في الجهاز التنفسذي‬
‫ومناعته متدنية ال تستطيع مقاومة المرض‪ ،‬فيستغل الوضع الصذحي للمجنذي عليذه للخذالص منذه‬
‫إليه‪ ،‬إضافةً إلى أن اعتراف الجاني بالواقعذة الجرميذة هذو اعتذراف‬ ‫بواسطة نقل عدوى الفيرو‬
‫قضائي ودليل إثبات كامل طالما لم يرد ما يناقضذه‪ ،‬كمذا يمكذن للمحكمذة االسذتعانة بفريذق األدلذة‬
‫الجرمية للكشف على عينات اللعاب الموجودة على جسد المجني عليذه‪ ،‬واالسذتعانة بخبذرة الطذب‬
‫الشرعي للوقوف على سبب الوفاة‪ ،‬وللمحكمة سلطة تقديرية في استخالص نيّة الجاني بأي وسذيلة‬
‫من وسائل اإلثبات دون رقابة من محكمة التمييز عليها‪.‬‬

‫ولمحممة الجنايات الكبرى في سبيل إثبات القصد الجرمي أن تقوم ب جراء خبر طبية من قبل أطبرراء مررن أهررل االختصرراص لبيرران مررا إذا‬
‫كان ما قام به المتهم من إجراءات في الفحص تقع ضمن مستلزمات وإجراءات الفحص السريري العادي أم أنها فيها عبش وتجاوزي‪.‬‬
‫(‪ )207‬قرشك أسماء (‪ .)2017‬الحماية الجزائيررة للطفررل جريمررة نقررل العرردوى عررن طريررق الرردم الملررومك رسررالة ماجسررتيرك جامعررة زيرران عاشررور‬
‫بالجلفةك ص‪.44‬‬
‫تقديم البينة الدفاعية والمتم لة بدررهادات عرردد مررن الدررهود حيررش‬ ‫(‪ )208‬قرار محممة التمييز رقم (‪ )2019/3116‬والذي جاء فيه‪ :‬ي‪ ..‬وطل‬
‫هررو مررن األمررور الواقعيررة ولرريس مررن‬ ‫قررت المحممررة عرردم إجرراز هررذه البينررة لعرردم إنتاجيتهررا وعرردم قانونيتهررا وحيررش إن مررا ورد بهررذا السررب‬
‫األمور القانونية ف ن م ل هذه األمررور ترردخل فرري مطلررق تقرردير محممررة الموضرروي بمقتضررى المرراد (‪ )147‬مررن قررانون أصررول المحاكمررات‬
‫الجزائية ‪...‬ي‪.‬‬

‫‪-87-‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫جريمة نقل العدوى بفيروس كورونا المستجد ‪COVID-19‬‬

‫عن غير قصد وموقف المشرع األردني منه‬


‫ال شي أن للتطور التكنولوجي الهائل الذي نشهده في جميع مجاالت الحياة دورا ً أساسيا ً في‬
‫ظهور الجريمة غير العمدية‪ ،‬ذلي أ ن االنفجار العلمي الذي ساهم في خدمة البشرية من الممكن أن‬
‫يكون سببا ً في زيادة أعداد جريمة الخطأ بسبب عدم مراعذاة القذوانين واللذوائح أو بسذبب اإلهمذال‬
‫وقلة االحتراز ال سيما أن العالقة طردية بين التقذدم التكنولذوجي وجذرائم الخطذأ أو الجذرائم غيذر‬
‫العمدية‪ ،‬فاعتماد العالم والبشرية على اآللة فذي جميذع األعمذال والمنشذآت مذن جهذة وعذدم وعذي‬
‫األفراد بقواعد السالمة وعدم إتباع التعليمذات واألنظمذة كذل ذلذي أدى إلذى ظهذور الجريمذة غيذر‬
‫العمدية‪.‬‬
‫النيذة‬
‫كقاعدة عامة أن اإلنسان ال يُسأل عن جريمذة إال إذا تذوافر لديذه القصذد الجنذائي أو ّ‬
‫الجرمية الرتكابها‪ ،‬إال أن زيذادة عذدد الجذرائم‪ ،‬التذي تمثذل خطذرا ً علذى المجتمذع واألفذراد‪ ،‬حذدا‬
‫النيذة‬
‫بالتشريعات ب االتجاه نحذو تجذريم هذذا النذوع مذن الجذرائم ومسذائلة فاعلهذا‪ ،‬وإن لذم تتذوافر ّ‬
‫الجرمية لديه الرتكابها‪ ،‬وإنما لمجرد اإلخالل بواجبات الحيطة والحذر أو اإلهمذال وعذدم مراعذاة‬
‫وحمايذة سذالمتهم‬ ‫القوانين واألنظمة‪ ،‬والحكمة مذن ذلذي تتجلذى فذي الحذرص علذى أرواح النذا‬
‫وصحتهم‪ ،‬فذال ينالهذا األذى حتذى لذو كذان بمجذرد الخطذأ‪ ،‬إذ تتسذم جذرائم الخطذأ بأنهذا تذنم عذن‬
‫استخفاف الفاعل بقواعد الحيطة والحذر الالزمة لذلي‪ ،‬إضافةً إلى مخالفته للقوانين واألنظمة‪.‬‬
‫قد يلتقي القتل القصد والقتل الخطأ (غير المقصود) في أن كال الجرمين ال بد أن يقع على‬
‫إنسان حي‪ ،‬وكذلي قد يلتقيان بالركن المادي المكون للجريمة بعناصره (السلوي والنتيجة والعالقذة‬
‫السببية)‪ ،‬إال أن الفارق الجوهري بينهما يكمن فذي الذركن المعنذوي – القصذد الجنذائي – ذلذي أن‬
‫للعالقة النفسية بذين الجذاني والسذلوي الذذي قذام بذه أهميذة فذي تحديذد مسذووليته الجزائيذة ومذدى‬
‫خطورته اإلجرامية‪.‬‬
‫أما فيما يتعلق بجريمتي القتل واإليذاء غيذر المقصذود وإن كانتذا تشذتركان بذذات األحكذام‬
‫بالرغم من أنهما جريمتان مختلفتان‪ ،‬لكل منهما طبيعة خاصة‪ ،‬إال أن التمييز بينهما يكون بالنتيجة‬
‫الضارة – أحد العناصر المكونة للركن المادي – إذ يفرق المشرع في مقدار العقوبة حسب جسامة‬
‫الضرر الناجم عن الفعذل أو السذلوي إذا كانذت وفذاة أم إصذابة‪ ،‬ففذي جذرائم الخطذأ ال تتجذه إرادة‬
‫الجاني إلى إحداث نتيجة‪ ،‬وإنما تقوم مسووليته الجزائية عن خطأ ارتكبذه بسذبب اإلهمذال أو عذدم‬

‫‪-88-‬‬
‫االحتراز أو مخالفة القوانين واألنظمة وتتم محاسبته وفق جسامة الضرر الحاصل(‪ ،)209‬مما جعذل‬
‫معظم التشريعات تحدد األفعال غير القصدية المعاقب عليها ضمن نصوص خاصة‪ ،‬وفي غير ذلي‬
‫يبقى الفعل مباحا ً‪ ،‬ونذكر على سبيل المثال نص المذادة (‪ )40‬مذن القذانون الكذويتي لسذنة ‪1960‬‬
‫والتي جاء فيها‪" :‬إذا لم يقض القانون صذراحةً بالعقذاب علذى الفعذل لمجذرد اقترانذه بالخطذأ غيذر‬
‫العمدي (أي غير القصدي) فال عقذاب عليذه إال إذا تذوافر القصذد الجنذائي لذدى مرتكبذه"‪ ،‬وكذذلي‬
‫نصت المادة (‪ )133‬من القانون المغربي والتي جاء فيها‪" :‬إن الجنايات والجنح ال يعاقب عليها إال‬
‫إذا ارتكبت عمدا ً‪ .‬إال أن الجنح التي ترتكب خطأ يعاقب عليها بصفة استثنائية في الحاالت الخاصة‬
‫التي ينص عليها القانون"‪.‬‬
‫ولقد سار على ذات النهج القانون الليبي في المادة (‪ )62‬منه حيث نصت بأنه‪" :‬ال يُعاقذب‬
‫على فعل يعد جناية أو جنحة قانونا ً إذا لم يرتكب بقصد عمدي‪ ،‬ويستثنى من ذلي الجنايات والجنح‬
‫التي ينص القانون صراحةً على إمكان ارتكابها خطأ ً أو بتجذاوز القصذد"‪ .‬فنجذد أن التجذريم علذى‬
‫جرائم الخطأ في بعض التشريعات مقيد بنص القانون صذراحةً؛ وذلذي لحمذل األفذراد علذى التقيذد‬
‫وااللتزام بالقوانين وعدم خرق مبادئ السالمة واالحتراز (‪.)210‬‬
‫(‪ )COVID-19‬نرى أن مكمن الخطورة فذي هذذا‬ ‫وبالنظر إلى واقعة نقل العدوى بفيرو‬
‫الوبذذاء ‪ -‬كورونذذا المسذذتجد ‪ -‬هذذو سذذرعة وسذذهولة انتشذذاره وانتقالذذه ممذذا يعنذذي أن السذذلوكيات أو‬
‫التصرفات غير العمدية واألخطاء لبعض البشر قد تودي إلى المساهمة بانتشاره بشكل أكبر‪ ،‬ونقله‬
‫من مرحلة المرض إلى مرحلة الوباء أو الجائحة نتيجة هذه التصرفات التي يصح أن نطلق عليهذا‬
‫تصرفات مستخفة وغير مسوولة‪ ،‬لهذا يجب أوالً أن نوضح معنى الخطذأ وأركانذه والصذور التذي‬
‫حددها القانون‪ ،‬ومن ثم نبين مدى توافر صور الخطأ غير العمذدي لجذرائم القتذل والجذرح الخطذأ‬
‫كورونا المستجد‪ ،‬وأخيرا ً ننتهي إلى بيان موقف المشرع األردني من‬ ‫بواسطة نقل العدوى بفيرو‬
‫كورونذا المسذتجد (‪ )COVID-19‬سذواء كانذت الجذرائم القصذدية أم‬ ‫جريمة نقل العذدوى بفيذرو‬
‫جرائم الخطأ (الغير قصدية)‪.‬‬

‫(‪ )209‬عبد التوابك معوض (‪ .)1995‬الوسيط في شرح جرائم القتل واإلصابة الخطأك الطبعة ال امنررةك مندررأ المعررار باإلسررمندريةك مصرررك‬
‫ص‪.26‬‬
‫(‪ )210‬العوجيك القانون الجنائيك مرجع سابقك ص‪.627‬‬

‫‪-89-‬‬
‫المبحث األول‬
‫جريمة نقل العدوى عن طريق الخطأ‬
‫يعد الخطذأ فذي الجذرائم صذورة مذن صذور الجذرائم غيذر المقصذودة ومكانذه فذي الذركن‬
‫المعنوي‪ ،‬وعادة ً ما يقوم المشرع بالنص على الركن المعنوي في كل جريمة‪ ،‬وإال ت ُعذد حكمذا ً مذن‬
‫جرائم القصد‪ ،‬فاألصل إذا ً الجرائم القصدية واالستثناء عليها جرائم الخطأ‪ ،‬وعلى هذا يجب الذنص‬
‫عدت من قبيل الجرائم القصدية (‪ .)211‬وسيتم في هذا المبحث الحديث عذن‬
‫على جرائم الخطأ‪ ،‬وإال ُ‬
‫جريمة نقل العدوى عن طريق الخطأ كما يلي‪:‬‬
‫المطلب األول‪-‬تعريف الخطأ وعناصره‪:‬‬
‫لم يرد في التشريع األردني تعريفا ً للخطأ‪ ،‬وتذري هذذه المهمذة الجتهذادات الفقذه‪ ،‬واكتفذى‬
‫بذكر صور معينة له وفق ما جاء بنص المادة (‪ )343‬من قانون العقوبات‪ ،‬وأن اتجاه المشرع إلى‬
‫ذكر نماذج من صور الخطأ‪ ،‬وهي األكثر شيوعا ً‪ ،‬يعني أنه لم يضع عنصرا ً جوهريا ً للخطأ‪ ،‬وإنما‬
‫هي إخالل الجاني بواجبات الحيطة والحذر‪ ،‬وبنا ًء على هذا ظهرت عدة تعريفات للخطأ (‪.)212‬‬
‫الفرع األول ‪-‬تعريف الخطأ في الفقه القانوني‪:‬‬
‫وعرفوا الخطأ على اتجاهين‪:‬‬
‫ّ‬ ‫لقد تصدى فقهاء القانون لهذا‬
‫التجاه الفقهي األول عرف الخطذأ بأنذه‪ :‬توقذع الجذاني نتيجذة فعلذه اإلرادي دون قبولهذا‪،‬‬
‫أنها لن تحدث‪ ،‬أو عدم توقع النتيجة بينما كان من واجبه توقعها‪.‬‬ ‫معتقدا ً بغير أسا‬
‫التجاه الفقهي الثاني اتجه إلى أن الخطأ هو‪ :‬إخالل المتهم عند تصرفه بواجبات الحيطذة‬
‫والحذر التي يفرضها القانون وعدم حيلولته تبعا ً لذلي دون أن يفضي تصرفه إلذى حذدوث النتيجذة‬
‫اإلجرامية‪ ،‬في حين كان ذلي باستطاعته ومن واجبه‪.‬‬
‫كما جاء بتعريف الخطأ غير العمدي بأنه‪ :‬الحالة النفسية المصاحبة إلرادة السذلوي‪ ،‬الذذي‬
‫ترتب على نتيجة إجرامية لم يتوقعها الجاني‪ ،‬مذع أن فذي اسذتطاعته أن يتوقعهذا‪ ،‬ومذن واجبذه أن‬
‫يتجنبها وأن يحول دون حدوثها (‪.)213‬‬
‫وجاء تعريف الخطأ من منظور بعض الفقهاء بأنه‪" :‬إرادة السلوي الذي تترتب عليه نتائج‬
‫غيذذر مشذذروعة لذذم يتوقعهذذا الفاعذذل فذذي حذذال كونهذذا متوقعذذه‪ ،‬أو توقعهذذا وحسذذب أن بإمكانذذه‬
‫اجتنابها"(‪.)214‬‬

‫(‪ )211‬المجاليك شرح قانون العقوبات القيم العامك مرجع سابقك ص‪.359‬‬
‫(‪ )212‬المجاليك شرح قانون العقوبات القيم العامك مرجع سابق ص‪361‬‬
‫(‪ )213‬سالمك نبيل مدحت (‪ .)1987‬الخطأ غير العمرردي ‪-‬د ارسررة تأصرريلية مقارنررة للررركن المعنرروي فرري الجررائم غيررر العمديررةك الطبعررة ال انيررةك‬
‫دار النهضة العربيةك القاهرك ص ‪.20‬‬
‫(‪ )214‬المجاليك شرح قانون العقوباتك القسم العامك الطبعة ال ال ةك مرجع سابقك ص ‪.362‬‬

‫‪-90-‬‬
‫أما عن تعريف الخطأ‪ :‬فهو سلوي إرادي يتمثل باإلخالل بواجب الحيطة والحذر واالنتبذاه‬
‫الذي يكرسه القانون أو الخبرة اإلنسانية أو العلمية أو الفنية‪ ،‬ويترتب عليذه نتيجذة إجراميذذذة كذان‬
‫بإمكانه دروها (‪.)215‬‬
‫ومن تعريفات القتل الخطأ أيضا ً بأنها‪ :‬التسبب بمذوت أو إيذذاء شذخص آخذر‪ ،‬وكذان ذلذي‬
‫ناشذذئا ً عذذن إهمذذال أو رعونذذة أو عذذدم مراعذذاة للقذذوانين واألنظمذذة‪ ،‬بشذذرط أال تتذذوافر ّنيذة القصذذد‬
‫الذذي يقذوم‬ ‫واإلرادة‪ ،‬وإال أصبحت الجريمة عمدية‪ ،‬وعلى ضوء هذا التعريف يتبذين لنذا األسذا‬
‫لديه نيّة أو قصد الرتكابه وهو اإلباحة‪ ،‬بشرط عذدم اإلضذرار‬ ‫عليه معاقبة الشخص عن فعل لي‬
‫باآلخرين‪ ،‬بمعنى أ ن التصرفات المباحة لألفذراد والتذي تعتبذر ممارسذتها حذق طبيعذي لهذم مقيذدة‬
‫بضرورة إتباع القوانين‪ ،‬وأخذ الحيطة والحذر وعدم اإلهمال؛ تجنبا ً للتسبب بوقوع األضرار للغير‬
‫من قتل أو إيذاء(‪.)216‬‬
‫الفرع الثاني ‪-‬عناصر الخطأ‪:‬‬
‫تتعدد عناصر الخطأ وفق التعريفات السابقة له ويمكن استنتاج عناصر الخطأ كما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬العنصر األول‪ :‬يتمثل بإخالل الشخص بالواجب الملقى على عذاتق أي فذرد بشذكل عذام كذان‬
‫يتوخى الحيطة والحذر في سلوكه حمايةً لآلخذرين مذن وقذوع الضذرر نتيجذة ذلذي‪ ،‬ويسذتند‬
‫الشخصي‪ ،‬بمعنى أن الشخص لي‬ ‫معيار الحيطة والحذر هنا إلى المعيار الموضوعي ولي‬
‫هو المقصود بذاته أو شخصه‪ ،‬وإنما المقصود هو عناية الشخص المعتاد الذي يمكن أن يفعله‬
‫وضع بذات الظروف سواء كانت النفسية أم الجسدية أم ما يتعلق‬ ‫أي شخص من عامة النا‬
‫منها بالزمان والمكان‪ ،‬ويتبع الق در الكافي من الحيطة والحذر المطلوبة من الشذخص مكتمذل‬
‫اإلدراي‪.‬‬
‫‪ -‬العنصر الثـاني‪ :‬قيام عالقة نفسية بين الفاعل والنتيجة الجرمية‪ ،‬فتقذوم المسذوولية بنذا ًء علذى‬
‫هذه العالقة وتكتمل هذه العالقة بعذدم توقذع النتيجذة مذن قبذل الفاعذل بذالرغم مذن اسذتطاعته‬
‫توقعها أو توقع الفاعل للنتيجة الضارة نتيجة سلوكه الخاطئ‪ ،‬إال أنه يسعى إلى عدم حذدوثها‬
‫من خالل االعتماد على مهارته وكفاءته بتجنبها وال يرضى بها (‪.)217‬‬
‫ويميل الباحث في تعريف الخطأ إلى الوصف الذي يجعل من تحقذق النتيجذة سذببا ً للخطذأ‪،‬‬
‫قيذام المسذوولية الجزائيذة فذي‬ ‫بصرف النظر عن السلوي الذي قام بذه‪ ،‬بذل ويمكذن اعتبذار أسذا‬

‫(‪ )215‬ياسينك نويلي (‪ .)2015‬أحمام القتل الخطررأ بررين الدرريعة اإلسررالمية والقرانون الوضررعيك د ارسررة حررول حروادم المرررورك جامعررة الدررهيد‬
‫حمه لخضر – الواديك رسالة ماجستيرك ص ‪.19‬‬
‫(‪ )216‬عبيرردك عمرراد (‪ .)2016‬إشررمالية الخطررأ كررركن معنرروي للقتررل غيررر المقصررود د ارسررة مقارن رةك بحررش مندررور فرري د ارسررات علرروم الد رريعة‬
‫والقانونك المجلد رقم ‪43‬ك ملحق ‪3‬ك ص ‪.1228‬‬
‫(‪ )217‬عبيدك عمادك إشمالية الخطأ كركن معنوي للقتل غر المقصودك مرجع سابقك ص‪.1230‬‬

‫‪-91-‬‬
‫جرائم الخطأ هو ما يترتب على الفعل‪ ،‬على اعتبار أن عدم تحقق النتيجة معناه عدم قيام الجريمذة‬
‫مهما توافر الخطأ في مسلي الفاعل‪ ،‬إذ أن األصل فذي سذلوي الفاعذل اإلباحذة لذوال تحقذق النتيجذة‬
‫الضارة‪ ،‬فمن باب أولذى أن يكذون التعريذف األكثذر مالئمذة قذائم علذى جسذامة النتيجذة المتحققذة‪،‬‬
‫بصرف النظر عن أي وصف يمكن أن يلحق به‪ ،‬وبالتالي يمكن القول بأن جرائم الخطأ تقوم على‬
‫تحقق النتيجة بصرف النظر عن ماهية السلوي‪.‬‬
‫ومن المعلوم أن الفقه يتفق على أن الجريمذة هذي مصذدر المسذوولية الجزائيذة‪ ،‬إال أن مذا‬
‫يمكن إثارة الخالف حوله هو تحديد العناصر المطلوبة في الجريمة‪ ،‬بحيث يكون أي تصذرف مذن‬
‫شأنه النيل من مصلحة محميذة بموجذب القذانون أو تعريضذها للخطذر جريمذة بهذدف التوسذع فذي‬
‫نظرية الجريمة‪ ،‬إال أن الواقع في مجال الخطأ غير العمذدي هذو اعتمذاد المشذرع جسذامة النتيجذة‬
‫لقيام المسوولية الجزائية كضابط يحدد مقدار العقوبة (‪.)218‬‬
‫وفي ضوء ذلي فقد قسم الفقه الخطأ إلذى نذوعين‪ :‬أولهمـا‪ :‬الخطذأ غيذر الذواعي أو الخطذأ‬
‫بغير توقع وهو الخطأ البسيط‪ .‬وثانيهما‪ :‬الخطذأ الذواعي وهذو الخطذأ الجسذيم‪ .‬وسذنعرض لهذذين‬
‫النوعين بشكل بسيط‪.‬‬
‫فأما بالنسبة إلى الخطأ غير الواعي (الخطأ البسيط)‪ :‬فهو الذي ال يتوقع فيه الجاني حدوث‬
‫نتيجة لفعله الخاطئ‪ ،‬بمعنى أال تتجه إرادته إلى توقع النتيجة بالرغم من أنها متوقعة وفذق مجذرى‬
‫األمور العادي‪ ،‬إذ كان عليه‪ ،‬بل ومن واجبه‪ ،‬توقعها وفق الخبرة اإلنسانية‪ ،‬وأن يعمل جاهدا ً على‬
‫تفاديها؛ نظرا ً ألنها متوقعة ألي شخص (‪.)219‬‬
‫والخطأ الواعي هو ما يطلق عليه الخطأ مع التوقع‪ ،‬وقوامه توقع الجاني للنتيجة اإلجرامية‬
‫نتيجة نشاطه إال أنه يأمل في عدم تحققها أو يبني اعتقاده على عدم تحققهذا معتمذدا ً علذى مهارتذه‪،‬‬
‫فيقوم علم الجاني في هذه الحالة بإمكانية حدوث النتيجة اإلجرامية‪ ،‬ومع هذا ال يقوم باالحتياطذات‬
‫الالزمة لعدم وقوعها أو تحققها‪ ،‬مع أن ذلي من واجبه وباستطاعته أيضذا ً‪ ،‬إال أنذه ال يفعذل‪ ،‬وتقذع‬
‫النتيجة وهو غير راضي بها(‪ ،)220‬وفي كال نوعي الخطأ إذا ثبذت عذدم إمكانيذة توقذع النتيجذة‪ ،‬أو‬
‫إمكانية توقعها مع عدم إمكانية منع حدوثها أو درئها‪ ،‬فذال مجذال للقذول بوقذوع الخطذأ مذن جانذب‬
‫الفاعل فال تكليف بمستحيل(‪.)221‬‬

‫(‪ )218‬نم ررورك محمر ررد س ررعيد (‪ .)2011‬شر رررح ق ررانون العقوبر ررات القس ررم الخر رراصك الج ررزء األولك الطبعر ررة ال اني ررةك دار ال قافر ررة للند ررر والتوزير ررعك‬
‫ص‪.176‬‬
‫(‪ )219‬نمورك المرجع السابق‪.‬‬
‫(‪ )220‬المجاليك شرررح قررانون العقوبرراتك مرجررع سررابقك ص ‪.365‬السررعيدك كامررلك شرررح قررانون العقوبررات األردنرريك ‪1988‬ك مرجررع سررابقك ص‬
‫‪.235‬‬
‫(‪ )221‬السعيدك كاملك شرح قانون العقوبات األردنيك المرجع السابقك ص ‪.235‬‬

‫‪-92-‬‬
‫وهنا ال بد من التمييز بين الخطأ والقصد االحتمالي‪:‬‬
‫فإذا كان الجاني في القصد االحتمالي يتوقع حدوث النتيجة ويمضي بفعله قابالً بالمخذاطرة‬
‫غير آبه بتحقق النتيجة مذن عذدمها‪ ،‬فهذو يتوقذع النتيجذة ويقبذل بحذدوثها‪ ،‬أمذا فيمذا يتعلذق بالخطذأ‬
‫الواعي‪ ،‬فإن الفاعل بالرغم من أخذه لواجبذات الحيطذة والحذذر‪ ،‬إال أنهذا غيذر كافيذة لمنذع وقذوع‬
‫الفعل‪ ،‬فهو يتوقع حدوث النتيجة‪ ،‬إال أنه يرفضها وال يقبلها ويتأمل عدم حدوثها‪ ،‬معتمذدا ً فذي ذلذي‬
‫على خبرته ومهارته في منعها‪ ،‬إال أنها تحدث‪ ،‬فنجد أن الفارق بينهما هذو فذي قبذول النتيجذة مذن‬
‫عدمها‪ ،‬فجرائم الخطأ ال تقوم على قبول النتيجة‪ ،‬بل على رفضها وعدم قبولها‪ ،‬على خالف القصد‬
‫االحتمالي‪ ،‬إضافةً إلى أن القصد االحتمالي إنما يتحقق في جرائم القصد‪ ،‬فهو قائم على التعمد فذي‬
‫إحداث الفعل‪ ،‬وهو بذلي يختلف عن الخطأ بأنه يتحقق في الجرائم التذي تقذوم علذى اإلهمذال وقلذة‬
‫االحتراز وعدم مراعاة القوانين واألنظمة‪ ،‬أي الجرائم التي ينتفي بها القصذد الجرمذي(‪ ،)222‬وهذذا‬
‫ما قال به المشرع بنص المادة (‪ )64‬عقوبات التي تنص‪" :‬ت ُعذد الجريمذة مقصذودة وإن تجذاوزت‬
‫النتيجة الجرمية الناشئة عن الفعل قصد الفاعل إذا كان قد توقع حصولها فَقَبل بالمخاطرة‪ ،‬ويكذون‬
‫الخطأ إذا نجم الفعل الضار عن اإلهمال أو قلة االحتراز أو عدم مراعاة القوانين واألنظمة"‪.‬‬
‫أما فيما يتعلق بالقتذل غيذر المقصذود (الخطذأ) واإليذذاء المفضذي للمذوت فإنذه قذد تتشذابه‬
‫جريمتي القتل غير المقصود (الخطأ) واإليذاء المفضذي إلذى المذوت بعنصذر مذن عناصذر الذركن‬
‫المادي‪ ،‬أال وهو تحقق النتيجة‪ ،‬إذ أ ن النتيجة في كال الجرمين تتحقق بوقذوع وفذاة المجنذي عليذه‪،‬‬
‫إضافةً إلى انتفاء القصد الجرمي إلحداث الوفاة‪ ،‬أي اتجاه الجاني إلى إرادة الفعل دون اتجاه إرادته‬
‫فرق بينهما بالمسوولية‬
‫إلى إزهاق روح المجني عليه‪ ،‬وبالرغم من هذا التشابه‪ ،‬إال أن المشرع قد ّ‬
‫الجزائية للفاعل‪ ،‬فشدد العقوبة على جريمذة اإليذذاء المفضذي إلذى المذوت مقارنذةً مذع القتذل غيذر‬
‫المقصود(‪.)223‬‬
‫ومما ال شي أن جريمة القتل الخطأ لها ركن معنوي‪ ،‬وهذا الركن يعبر عذن إرادة الفاعذل‬
‫لنشاط يقوم به وينطوي على خطر ويتسبب في نتيجذة يعاقذب عليهذا القذانون‪ ،‬إمذا إلغفذال الفاعذل‬
‫اتخاذ متطلبات الحيطة والحذر لمنع وقوع الخطر‪ ،‬أو اعتماده على خبرته ومهارته في منع وقذوع‬
‫الخطر (الخطأ الواعي)‪ ،‬أو لخمول إرادة الجاني في توقع الخطر‪ ،‬مع إمكانية توقعه (الخطذأ غيذر‬
‫بحياة المجني عليذه‬ ‫الواعي)‪ ،‬وهذا يعني أن القتل الخطأ ال تنصرف فيه إرادة الجاني إلى المسا‬
‫وسالمة جسمه‪ ،‬وإنمذا تترتذب الوفذاة علذى توجيذه اإلرادة توجيهذا ً خاطئذا ً‪ ،‬فتحصذل الوفذاة بسذبب‬

‫(‪ )222‬نص رريفك ندر رأت احم ررد (‪ .)2010‬ش رررح ق ررانون العقوب ررات القس ررم الخ رراصك ب ررال طبع ررةك المؤسس ررة الحدي ررة للكت رراب وممتب ررة الس ررنهوريك‬
‫بيروتك ص‪.88‬‬
‫(‪ )223‬نصيفك ندأت احمدك شرح قانون العقوباتك القسم الخاصك مرجع سابقك ص‪.82‬‬

‫‪-93-‬‬
‫اإلهمال أو قلة االحتراز أو عدم مراعاة القذوانين واألنظمذة‪ ،‬وهذذا يعنذي أن الذركن المعنذوي فذي‬
‫جريمة الخطأ قوامه بالدرجة األولى توقع الخطر ومحاولة درئه أو منع وقوعه أو عدم توقعه(‪.)224‬‬
‫وأما بالنسبة للركن المعنوي في جريمة اإليذاء المفضي إلى الموت‪ ،‬فإن هذذا الذركن يقذوم‬
‫على إرادة الجاني إلحداث اإليذاء‪ ،‬وبالتالي تحقق القصد الجرمي فيما يتعلق بهذا الجزء من الفعل‪،‬‬
‫وعدم إرادته إلى تحقيق الوفاة‪ ،‬وبالتالي انتفاء القصد الجرمي عذن الجذزء اآلخذر مذن الفعذل وهذو‬
‫األكثر جسامةً‪ ،‬ومعنى هذا أن الركن المعنوي فذي هذذه الجريمذة يقذوم علذى إرادة الجذاني للحذدث‬
‫األقل جسامةً‪ ،‬مع عدم توقع الحدث األكثر جسذامة‪ ،‬وهذو الوفذاة وعذدم اتجذاه إرادتذه إليذه أصذالً‪،‬‬
‫وعليه‪ ،‬ال يمكن القول إن الوفاة الناتجة عن إيذاء مفضي إلى الموت قائمة علذى القصذد االحتمذالي‬
‫لدى الجاني؛ ذلي ألن الجاني لم يتوقع حدوثها أصالً(‪.)225‬‬
‫ويرى الباحث أن ضابط التمييز بين الجرمين مذرده نذوع النشذاط الذذي أتذاه الفاعذل أوالً‪،‬‬
‫ركنهذا المعنذوي (الخطذأ‬ ‫والركن المعنذوي ثانيذا ً‪ ،‬بمعنذى أن جريمذة القتذل غيذر المقصذود أسذا‬
‫الواعي)‪ ،‬إذ يقوم الفاعل بنشاط عادي مسموح القيام به‪ ،‬مع توقع وقذوع الخطذر نتيجذةً لعذدم أخذذ‬
‫احتياطات الحيطة والحذر الالزمة‪ ،‬وعدم القبول به‪ ،‬فتقذع النتيجذة أي (توقذع وعذدم قبذول)‪ ،‬بينمذا‬
‫يقوم الركن المعنوي في جريمة اإليذاء المفضي إلى الموت على نشاط مجرم أصالً يقصد به نتيجة‬
‫اقل جسامة وهي اإليذاء مع توقع الوفاة وعدم قبولها أي عدم توقذع النتيجذة األكثذر جسذامة وعذدم‬
‫قبولها‪ ،‬وان كانت النتيجة واحدة في الجذرمين وهذي الوفذاة‪ ،‬وهذو المعيذار الذذي اعتمذده المشذرع‬
‫األردني في تحديد المسوولية الجزائية للجاني في كال الجرمين‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪-‬أركان جريمة القتل الخطأ‪:‬‬
‫نصت المادة (‪ )343‬من قانون العقوبات على أنه‪" :‬من سبب موت أحد عن إهمال أو قلذة‬
‫احتراز أو عن عدم مراعاة القوانين واألنظمة ‪ ."...‬ويتضح مذن الذنص بذأن جريمذة القتذل الخطذأ‬
‫تقوم على ركنين أساسيين‪ ،‬أولهما الركن المادي واألخر المعنوي‪.‬‬
‫الفرع األول ‪-‬الركن الماد في جريمة القتل بغير قصد (الخطأ)‪:‬‬
‫جراء فعل الجاني‬
‫تصنف جرائم الخطأ من جرائم النتيجة التي ال تقع إال بتحقق النتيجة من ّ‬
‫وتربطهما رابطة السببية‪ ،‬إذ ال بد لقيام هذه الجريمة أن يحدث القتل الخطأ‪ ،‬وفي هذه الحالة يعاقب‬
‫القانون على التعدي على حياة الغير بإزهاق روحه بأي وسيلة ممكنة‪ ،‬قد تكون آلة أو مادة ضارة‪،‬‬
‫من شخص مصاب إلى شخص صحيح البدن‪ ،‬والسبب في ذلي قلة‬ ‫وقد تكون الوسيلة نقل الفيرو‬

‫(‪ )224‬الجبورك محمدك الجرائم الواقعة على األشخاص في قانون العقوبات األردنيك مرجع سابقك ص ‪.142‬‬
‫(‪ )225‬ثروتك جاللك نظرية القسم الخاصك مرجع سابقك ص ‪.392‬‬

‫‪-94-‬‬
‫احتراز المصاب أو إهمالذه أو المباالتذه‪ ،‬ممذا يرتذب عليذه مسذوولية جنائيذة عذن القتذل إذا تذوفى‬
‫جراء فعل الجاني‪.‬‬
‫المجني عليه ّ‬
‫ومن ثم هنالي العالقة السببية بين خطأ الجاني والنتيجة الحاصلة‪ ،‬فال عقاب على القتل أو‬
‫اإليذاء الخطأ‪ ،‬إال إذا توافرت الصلة بين القتل والخطأ الذي تم ارتكابه مذن الفاعذل‪ ،‬بحيذث يكذون‬
‫هذا الخطأ هو السبب الذي بفعله وقع الحادث وحدثت النتيجة (‪.)226‬‬
‫وفيما يتعلق برابطة السببية في جرائم القتل الخطأ‪ ،‬وحيث قضت محكمة التمييذز المذوقرة‬
‫بأنه‪ ..." :‬إذا تري المتهم بندقية محشوة بالعتاد قرب أطفال صغار وعلمه بإمكان عبثهم بها يجعلذه‬
‫أن اإلصابة مرتبطة بإهماله ارتباط‬ ‫مسووالً جزائيا ً عن جريمة التسبب بإيذاء المشتكي على أسا‬
‫السبب بالمسبب‪ .)227( "...‬وعليه‪ ،‬فإن رابطة السببية في الجرائم غير المقصودة لم يحكمهذا نذص‪،‬‬
‫كما فعلت المادة (‪ )345‬عقوبات بالنسبة للجرائم القصدية‪ .‬وبنا ًء علذى القاعذدة الفقهيذة (ال اجتهذاد‬
‫في مورد نص)‪ ،‬بمعنى إذا وجد الذنص ال اجتهذاد‪ ،‬وإذا لذم يوجذد يكذون بذاب االجتهذاد ُمستسذاغا ً‬
‫بضوابطه وشروطه‪ ،‬وفي ضوء عذدم تبنذي المشذرع معيذارا ً واضذحا ً للعالقذة السذببية فذي جذرائم‬
‫الخطأ‪ ،‬فتقع هذه المهمة على عاتق القضاء‪ ،‬وذلي فق ظروف ومسذببات كذل حالذة‪ ،‬فلهذا أن تأخذذ‬
‫بأي معيار‪ ،‬بشرط أن يكون فعل الفاعل أحد مكونات النتيجة وهذذا شذرط الزم لقيذام الحذد األدنذى‬
‫لعالقة السببية فال يعقل انعدام الفعذل مذن الفاعذل وقيذام العالقذة السذببية‪ ،‬إذ لذوال الفعذل لمذا كانذت‬
‫النتيجة (‪.)228‬‬
‫ويكمن التساول هنا‪ :‬ما هو المعيار الذذي يمكذن تطبيقذه علذى العالقذة السذببية فذي جذرائم‬
‫الخطأ؟ وأي من النظريات الفقهية من الممكن أن تغطي هذه العالقة‪ ،‬باعتبار أن الباب مفتوحا ً أمام‬
‫القضاء في هذا المضمار؟ وهل هي عالقة السببية المباشذرة أم السذببية المالئمذة أم نظريذة تعذادل‬
‫األسباب‪ ،‬كما هو الحال في جرائم القصد؟‬
‫لهذا سنتعرض بإيجاز بسيط وموجز عن هذه النظريات للتوضيح‪.‬‬
‫‪ -‬عالقة السببية المباشرة‪:‬‬
‫فيها‪ ،‬ذلي أن‬ ‫وفي هذا الفرض ال تثور مشكلة أبداً‪ ،‬فهذه العالقة واضحة ومباشرة‪ ،‬ال لب‬
‫مفادها أن مسوولية الجاني ال تقوم إال إذا كانت النتيجة ناشئة ومتحصلة عن فعله مباشذرة ً‪ ،‬بمعنذى‬
‫أن فعل الجاني هو العامل الوحيد الذي أدى إلى حدوث النتيجة‪.‬‬

‫(‪ )226‬ياسينك نويليك أحمام القتل الخطأ بين الدريعة اإلسالمية والقانون الوضعيك مرجع سابقك ص‪.27-26‬‬
‫(‪ )227‬ق ر ررار محممر ررة التميير ررز بصر ررفتها الجزائير ررة رقر ررم (‪)1970/59‬ك المند ر ررور علر ررى الصر ررفحة (‪ )510‬مر ررن مجلر ررة نقابر ررة المحر ررامين بت ر رراريخ‬
‫‪.1970/1/1‬‬
‫(‪ )228‬السعيدك كاملك شرح قانون العقوبات األردنيك الطبعة األولىك ‪1988‬ك مرجع سابقك ص‪.222‬‬

‫‪-95-‬‬
‫‪ -‬عالقة السببية المالئمة‪:‬‬
‫ومبنى هذه العالقة وجود عدة عوامل وأسباب ساهمت بإحداث النتيجة‪ ،‬إذ ال يجوز اعتبار‬
‫جميع العوامل التي ساهمت بحدوث هذه النتيجذة عوامذل أساسذية ومالئمذة يصذح إن تترتذب علذى‬
‫ضوئها المسوولية الجزائية‪ ،‬ولكن يكتفى بالعامل أو السبب األكثر مالئمة إلحذداثها‪ ،‬وفذق مجذرى‬
‫األمور العادي‪ .‬وعليه‪ ،‬وفي حال توافر أكثذر مذن عامذل سذاهم فذي إحذداث النتيجذة‪ ،‬يذتم اسذتبعاد‬
‫العامل العارض واستبقاء العامل المألوف والتعويل عليه كعامل مسوول‪.‬‬
‫‪ -‬نظرية تعادل األسباب‪:‬‬
‫ومقتضاها أن تتضافر جميع العوامل بإحداث النتيجة‪ ،‬وتعتبر جميعهذا متعادلذة مذن حيذث‬
‫التأثير‪ ،‬وتقوم الرابطة السببية بين كل فعذل مذن األفعذال وتذرتبط مذع النتيجذة الحاصذلة‪ ،‬بصذرف‬
‫النظر عن مدى فاعليتها في إحداث النتيجة‪ ،‬ويستوي أن تكون هذه العوامذل عاديذة أو شذاذة‪ ،‬فذأي‬
‫سبب أو عامل ال يقطذع العالقذة السذببية بذين الفعذل والنتيجذة‪ ،‬ويكذون مسذووالً بنسذبة معينذة فذي‬
‫إحداثها‪ ،‬طالما أن فعل الفاعل هو المحري لهذذه العوامذل واألسذباب‪ ،‬إال إذا كانذت الوفذاة حاصذلة‬
‫حتما ً دون فعل الجاني وهنا تنقطع العالقة وال تقوم المسوولية الجزائية (‪.)229‬‬
‫ويرى الباحث فيما يتعلق بتبني نظرية تعادل األسباب كرابطة سببية في جرائو الخطأ ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬أن المشرع قد استعان بهذا النص بالجرائم القصدية خاصة‪ ،‬بغية تقرير مسذوولية الجذاني عذن‬
‫كل حالة فيها يكون نشاطه اإلجرامي كافيا ً إلحداث النتيجة أيا ً كانت مساهمته‪ ،‬باعتبار أن فعله‬
‫عن قصد هو ما حري تتابع األحداث‪ ،‬ويجب تحميله مسوولية القدر المتيقن من فعلذه‪ ،‬ذلذي أن‬
‫العلّة تكمن في الجرائم القصدية بخطورة الجاني والقصذد الجنذائي لديذه‪ ،‬ونذرى أن هذذا قذد ال‬
‫يتوافر في جرائم الخطأ‪ ،‬على اعتبار انتفاء القصد الجرمي لدى الفاعذل وعذدم إرادتذه للنتيجذة‬
‫مطلقا ً‪.‬‬
‫‪ -‬باستقراء نص المادة (‪ )345‬من قانون العقوبات‪ ،‬والتذي جذاء فذي مطلعهذا‪" :‬إذا كذان المذوت‬
‫واإليذاء المرتكبان عن قصد ‪ ،"...‬نجد أن المشرع حذددها وحصذرها بذالجرائم القصذدية‪ ،‬فلذو‬
‫أراد المشرع تطبيق هذا المعيار علذى جميذع األفعذال المجرمذة القصذدية منهذا أو الخطذأ‪ ،‬لمذا‬
‫حددها بلفظ (عن قصد)‪ ،‬وهذا يعني أن جرائم الخطأ مستثناة مذن نذص هذذه المذادة وال يصذح‬
‫تطبيقها عليها‪.‬‬
‫إذا ً فما هو المعيار الواجب التطبيق فيما يتعلق برابطة السببية في جرائم الخطأ فذي ضذوء‬
‫خلو القانون من النص عليها صراحةً‪ ،‬إضافةً إلى عدم وضذوح االجتهذادات القضذائية نحذو اتجذاه‬

‫(‪ )229‬عبد الستارك فوزيةك شرح قانون العقوباتك القسم العامك مرجع سابقك ص‪.258-255‬‬

‫‪-96-‬‬
‫معين أو تبني معيار معين؟ فهل يمكن تبني نظرية السببية المالئمة كمعيذار فذي جذرائم الخطذأ؟ إذ‬
‫من الممكن توافر عدة عوامل قد تساهم في وقوع النتيجة إلى جانب خطأ الفاعذل‪ ،‬فذإذا كذان خطذأ‬
‫الفاعل هو العامل األكثر مالئمة لترتيب النتيجة قامت مسوولية الجذاني عذن الفعذل‪ ،‬أمذا إذا تذوافر‬
‫عامل آخر أكثر مالئمة تنتفي مسوولية الفاعذل‪ ،‬وطبقذا ً لهذذه النظريذة يكذون المعيذار هذو عنصذر‬
‫االحتمال‪ ،‬فإذا أخطأ الفاعل ورتب خطأه هذا نتيجة‪ ،‬إال أن وجود سبب أكثر مالئمة ينفي مسووليته‬
‫عن خطأه‪ ،‬وهذا يعني إفالت عدد كبير من األفعال المجرمة من طائلة المسوولية‪.‬‬
‫ونرى في معيار السببية المباشرة وطبقا ً لنص المادة (‪ )343‬عقوبات والتي نصذت علذى‪:‬‬
‫"من سبب موت أحد عن ‪ ،"...‬وما جاء بقرار محكمة التمييز الموقرة بقولها‪" :‬إن المعيار في توفر‬
‫رابطة السببية بين الخطأ والنتيجة يقوم على عدم تصور وقوع النتيجة باسذتبعاد الخطذأ المرتكذب‪،‬‬
‫ولغايات المسوولية الجزائية ال فرق بين أن تكون الرابطة السببية مباشرة أو غير مباشذرة‪ ،‬عنذدما‬
‫تكون العواقب متوقعة عادة ً من مثل هذا الخطأ‪ ،)230( "...‬وبنا ًء عليه‪ ،‬نجد أن هذا المعيار هو أكثر‬
‫المعايير مالئمة لوصف العالقة السببية بين الخطأ والنتيجة الحاصلة؛ كون هذا المعيار أكثر رعاية‬
‫للفاعل‪ ،‬خاصة في الجرائم غير المقصودة‪ ،‬التي تكون نتيجة خطأ غير مقصود من الفاعذل؛ ألنهذا‬
‫تودي في كثير من األحيان إلى عدم مساءلته عن عاقبة أفعاله إذا كان هناي عوامل أخرى ساهمت‬
‫بحصول النتيجة‪ ،‬وال يُسأل إال إذا ثبت أن فعله هو السبب المباشر في حصول النتيجة‪ ،‬ألن الفاعل‬
‫في جرائم الخطأ يقوم بفعل مباح‪ ،‬إال أن خطأه بشكل غيذر مقصذود رتذب علذى هذذا الفعذل نتيجذة‬
‫ضارة تحتمل المساءلة القانونية‪.‬‬
‫(‪ )COVID-19‬إلذى الغيذر‪ ،‬فذي حذال ثبذوت انتفذاء‬ ‫وهذا ينطبق على جريمة نقل فيذرو‬
‫القصد الجرمي‪ ،‬وعلى اعتبارها جريمة قتل خطأ‪ ،‬بحيث تقوم المسوولية الجزائية عليها باعتبارها‬
‫جريمة غير عمدية بتحقق الخطأ الجنائي‪ ،‬أي إرادة السذلوي دون إرادة النتيجذة‪ ،‬وذلذي إذا ارتكذب‬
‫بعدم احتياط أو عدم تبصر أو عدم االنتباه أو نتيجذة اإلهمذال‪ ،‬إضذافةً إلذى عذدم مراعذاة القذوانين‬
‫أكثر شيوعا ً في مجال العدوى‪ ،‬كذأن يكذون الجذاني عالمذا ً‬ ‫واألنظمة‪ ،‬والنقل غير العمدي للفيرو‬
‫بإصابته إال أنه لم يتخذ االحتياطات الالزمة لمنع نقل العدوى للغير‪ ،‬وعدم التزام الجاني المصذاب‬
‫بإجراءات العزل المفروض عليه ومخالطة النا ‪ ،‬ويتجسد خطأ الجذاني بصذورة اإلهمذال إذا قذام‬
‫المصاب بإخفاء مرضه ولم يقم بالتصريح الفوري للسلطات العمومية والصحية بحالتذه‪ ،‬فهذذا مذن‬
‫صور الخطأ غير العمدي الذي تقوم بموجبه مسوولية الجاني‪ ،‬أو قد ال يكون الجاني عالمذا ً أصذالً‬
‫بإصابته ويقوم بنقل العدوى للغير دون علمذه بذذلي‪ ،‬إذ تتنذوع صذور حذدوث الخطذأ وفذق الذركن‬
‫المعنوي لدى الجاني‪.‬‬

‫(‪ )230‬قرار محممة التمييز رقم (‪)1975/87‬ك المندور على الصفحة (‪ )641‬من عدد مجلة نقابة المحامين تاريخ ‪.1976/1/1‬‬

‫‪-97-‬‬
‫الفرع الثاني‪ -‬الركن المعنو في جريمة القتل بغير قصد (الخطأ)‪:‬‬
‫الجريمة ليست سلوكا ً ماديا ً فقط‪ ،‬وإنما تتخطاه إلى الكيان النفسي‪ ،‬فهي تدخل إلى خلجذات‬
‫الجاني‪ ،‬وعلى إثرها تتحدد المسوولية الجزائية للجاني‪ ،‬فالسلوي المادي إذا صدر عن إنسذان‬ ‫نف‬
‫يُسأل تحمل نتيجته‪ .‬وتتحدد صورة الركن المعنوي بقدر السيطرة التذي تفرضذها اإلرادة الجرميذة‪.‬‬
‫وينقسم الركن المعنوي بشكل عذام إلذى صذورتين رئيسذيتين‪ ،‬تتمثذل بالجريمذة القصذدية وجريمذة‬
‫الخطذأ أي (الجريمذة غيذر القصذذدية)‪ .‬وبذالرجوع إلذى الجذذرائم القصذدية نذرى أن اإلرادة تسذذيطر‬
‫الجريمذة غيذر القصذدية‬ ‫سيطرة شاملة على ماديات الجريمة‪ ،‬فهو يعلذم بهذا ويريذد فعلهذا‪ ،‬بعكذ‬
‫(جرائم الخطأ)‪ ،‬فذال يكذون علذى علذم بماديذات الجريمذة كاملذة‪ ،‬إال أنذه يسذتطيع توقعهذا أو حتذى‬
‫باإلمكان تجنبها (‪.)231‬‬
‫ويتمثل ذلي بعدم اتجاه نيّة الجاني إلى إحداث النتيجذة‪ ،‬إذ تخلذو هذذه الجريمذة مذن القصذد‬
‫الجرمي‪ ،‬ولو كانت كذلي ألصبحت جريمذة قصذدية‪ ،‬إال أنهذا تقذوم علذى ارتكذاب الفعذل الخذاطئ‬
‫بصوره اإلهمال وقلة االحتراز وعدم مراعاة القوانين واألنظمة‪ ،‬وتتحقق أضرار مادية أو جسذدية‬
‫نتيجة لذلي‪ ،‬فالخطأ ه و الصفة المميزة لهذا النوع من الجرائم‪ ،‬فالعقاب هنا يقع علذى الفاعذل لعذدم‬
‫توقعه نتيجة فعله وهي الضرر‪ ،‬إذ كان عليه أن يتوقعها أو باستطاعته توقعها ولم يفعل (‪.)232‬‬
‫ومن التطبيقات العملية الشائعة للخطأ‪ ،‬فإننا نجده في عدة مجاالت‪ ،‬منهذا‪ :‬حذوادث البنذاء‪،‬‬
‫وحوادث السير‪ ،‬وال خطأ الطبي عن طرق اإلهمذال وعذدم أخذذ االحتياطذات وعذدم مراعذاة الذنظم‬
‫والقوانين‪ ،‬فإذا تحقق بسلوي الجاني إحذدى هذذه الصذور يكذون مسذووالً عذن فعلذه‪ ،‬أمذا إذا خذرج‬
‫سلوي الجاني عن هذه الصور فينتفي بذلي الركن المعنوي وتخلص الفاعل من المسوولية (‪.)233‬‬
‫الفرع الثالث‪ -‬أركان جريمة القتل غير المقصود (الخطأ) من خالل نقـل عـدوى فيـروس كورونـا‬
‫المستجد (‪:)COVID-19‬‬
‫كورونا المستجد وعدم التزامه‬ ‫‪ .1‬فعل العتداء على الحياة ‪ :‬مثل علم الشخص بإصابته بفيرو‬
‫بإجراءات العزل المفروضة من قبل هيئات الدولة والهيئذات الطبيذة ومخالطتذه للنذا ‪ ،‬فيقذع‬
‫(‪،)COVID-19‬‬ ‫االعتداء على حياة اآلخرين بطريق الخطأ عن طريذق نقذل عذدوى فيذرو‬
‫دور هام وواضح في وقوع الفعل المادي المكذون لجذرائم‬ ‫وحيث إ ن لطريقة انتشار الفيرو‬
‫القتذذل الخطذذأ‪ ،‬والذذذي يعتمذذد بالدرجذذة األولذى علذذى سذذلوكيات البشذذر وعذذاداتهم اليوميذذة فذذي‬
‫كورونا المستجد والذي يجعل من السلوكيات‬ ‫التواصل والتعامل‪ ،‬لهذا فإن آلية انتشار فيرو‬

‫(‪ )231‬المجاليك نظامك شرح قانون العقوبات القسم العامك مرجع سابقك ص ‪.325‬‬
‫(‪ )232‬العوجيك مصطفىك القانون الجنائيك مرجع سابقك ص ‪.632‬‬
‫(‪ )233‬عبيدك عمادك إشمالية الخطأ كركن معنوي للقتل غير المقصودك دراسة مقارنةك مرجع سابقك ص ‪.1227‬‬

‫‪-98-‬‬
‫العفوية الصادرة عن األفراد سببا ً النتقالذه‪ ،‬إال أن اتخذاذ احتياطذات الحيطذة والحذذر واتبذاع‬
‫فذي حذال تذم التقيذد‬ ‫التعليمات والقوانين لها تأثير مباشر في الحد من سرعة انتقذال الفيذرو‬
‫بها‪ ،‬إال إذا ثبت عدم علم المصاب بمرضه‪ ،‬فال تقوم مسووليته الجزائيذة بذأي حذال‪ ،‬ونظذرا ً‬
‫وبذاء‪ ،‬فقذد‬ ‫النتشار الوباء بسرعة هائلة‪ ،‬والذي أدى إلى إعالنه جائحة عابرة للحذدود ولذي‬
‫قامت جهات الرعاية الصحية العالمية بإطالق التعليمات واإلرشادات للوقايذة واالحتيذاط مذن‬
‫ونقله للغير‪ ،‬وفي هذا جاء تقريذر منظمذة الصذحة العالميذة ليبذين طريقذة‬ ‫اإلصابة بالفيرو‬
‫تعامل المصاب في حال علمه بالمرض لمنذع انتقالذه لألصذحاء‪ ،‬وجذاء فيذه‪" :‬العذزل الذذاتي‬
‫إجراء مهم يطبقه األشخاص الذين تظهر عليهم أعراض (كوفيذد‪)19-‬؛ لتجنذب نقذل العذدوى‬
‫لآلخرين في المجتمع‪ ،‬بمن في ذلي أفراد عائلتهم‪ .‬والمقصود بالعزل الذاتي هذو عنذدما يُلذزم‬
‫الشخص المصاب بالحمى أو السعال أو غيذر ذلذي مذن أعذراض مذرض (كوفيذد‪ ،)19-‬بيتذه‬
‫ويمتنع عن الذهاب إلى العمل أو المدرسة أو األماكن العامذة‪ .‬وهذذا العذزل يمكذن أن يحذدث‬
‫بشكل طوعي أو يستند إلى توصية من مقدم الرعاية الصحية ‪ ...‬وعنذدما تتوجذه إلذى مرفذق‬
‫الرعاية الصحية ضع كمامة‪ ،‬إن أمكن‪ ،‬وحافظ على مسافة متر واحد على األقل بينذي وبذين‬
‫األسذطح المحيطذة بيذديي‪ .‬وإذا كذان المذريض طفذالً‪ ،‬فسذاعده علذى‬ ‫اآلخرين وتجنذب لمذ‬
‫االلتزام بهذه النصائح"(‪.)234‬‬
‫وعليه فإ ن السلوي السذلبي الصذادر عذن الجذاني والمتمثذل بعذدم األخذذ بتعليمذات الوقايذة‬
‫وحملها على محمل الجد دون اإلهمال أو االمتناع عن القيام بها‪ ،‬قد يساهم بشكل كبير وفعذال فذي‬
‫منع نقل اإلصابة ولو بطريق الخطأ من المصاب إلى الغير‪ ،‬وبالتالي فإن هذا السلوي السذلبي عذن‬
‫طريق االمتناع يُشكل اعتدا ًء صريحا ً على حياة اآلخرين‪ ،‬وهو ما يشكل الركن المادي في الجريمة‬
‫غير العمدية‪.‬‬
‫ممذا أدى إلذى‬ ‫‪ .2‬حدوث النتيجة اإلجرامية المتمثلذة بإصذابة الغيذر أو المجنذي عليذه بذالفيرو‬
‫وفاته‪ ،‬وحتى تقوم مسوولية الجاني عن جريمة قتل الخطأ يجب أن تتحقق النتيجة وهي وفذاة‬
‫ذلي ال يُسأل الجاني عن القتل‪ ،‬وإنما عذن اإلصذابة التذي تحققذت‪ ،‬أيذا ً‬ ‫المجني عليه‪ ،‬وبعك‬
‫كان وصفها القانوني‪ ،‬سواء كانت إيذاء أو إحداث عاهة دائمة أو غير ذلي (‪.)235‬‬
‫‪ .3‬وجود الرابطة السببية بين االعتداء الحاصل بأي صورة كانت عليه سواء تمثلذت بالوفذاة أو‬
‫اإلصابة‪ ،‬بمعنى أن ترتبط النتيجذة بالفعذل‪ ،‬ويكفذي وقذوع سذلوي خذاطئ مذن جانذب الفاعذل‬
‫متمثالً بصورة اإلهمال أو قلذة االحتذراز أو عذدم مراعذاة القذوانين واألنظمذة‪ ،‬بحيذث يمكذن‬

‫‪(234)https://www.who.int/ar/emergencies/diseases/novel-coronavirus-2019/advice-for-public/q-a-‬‬
‫‪coronaviruses.‬‬
‫(‪ )235‬السعيدك كاملك شرح قانون العقوبات األردني الجرائم الواقعة على اإلنسانك ‪1988‬ك مرجع سابقك ص‪.221‬‬

‫‪-99-‬‬
‫الربط بين السلوي الخاطئ والنتيجة الحاصلة‪ ،‬وبهذذا يتجلذى العنصذر المذادي بهذذه الرابطذة‬
‫(‪.)236‬‬
‫أما عن الركن المعنو في جرائو الخطأ فتذدور جميعهذا فذي محذور العالقذة النفسذية بذين‬
‫إرادة الفاعل للفعل وعدم إرادته للنتيجة‪ ،‬والتي تنشأ عن إخالله بمتطلبات الحيطة والحذر المتمثذل‬
‫بخروج الجاني من دائرة التبصر بالعواقب بما ارتكبه من خطأ وما نذتج عنذه مذن إضذرار بذالغير‬
‫(‪.)237‬‬
‫المطلب الثالث ‪-‬جريمة نقل عدوى فيروس (‪ )COVID-19‬من خالل اإلهمال وقلة الحتراز‪:‬‬
‫الفرع األول ‪-‬جريمة نقل عدوى فيروس (‪ )COVID-19‬من خالل اإلهمال‪:‬‬
‫اإلهمال هو صورة من صور السلوي السذلبي عذن طريذق االمتنذاع‪ ،‬ويتمثذل بعذدم اتخذاذ‬
‫واجبات الحيطة والحذر لمنذع حذدوث النتيجذة‪ ،‬أو امتناعذه عذن بذذل العنايذة الالزمذة لعذدم وقذوع‬
‫الضرر والتقصير في درء الخطر(‪ ،)238‬فعندما يقذف الفاعذل موقفذا ً سذلبيا ً اتجذاه واجذب أو إجذراء‬
‫معين‪ ،‬كان يجب عليه أن يتخذه‪ ،‬إال أن امتناعه أو إهماله أدى إلى نتيجة يستوجب عليها المسذاءلة‬
‫الجزائية‪ ،‬وتتخذ هذه الحالة صورة الخطذأ الذواعي الذذي يمكذن للشذخص العذادي تصذوره وتوقذع‬
‫حدوثه‪ ،‬إال أنه أهمل في أخذ االحتياطات الالزمة لمنع ذلي‪ ،‬ويمكن تصور اإلهمذال بنقذل العذدوى‬
‫بقيام المصاب باستخدام أغراض غيره من األصحاء‪ ،‬وهو عالم بأنذه مصذاب‪ ،‬فينقذل العذدوى لهذم‬
‫بإهماله وعدم مباالته بخطورة األمر‪.‬‬
‫كما أنه يصذح أن يكذون الخطذأ الذذي أدى إلذى إيذذاء المجنذي عليذه مشذتركا ً بذين الجذاني‬
‫والمجني عليه‪ ،‬بحيث يشتري االثنان بالخطأ‪ ،‬وتوجب مسوولية كذل منهمذا بقذدر الخطذأ المنسذوب‬
‫إليه‪ ،‬كأن يُقبل الجاني على المجني من أجل مصافحته وتقبيله‪ ،‬ويرضذى المجنذي عليذه بذذلي دون‬
‫اعتراض منه‪ ،‬وهو عالم بمرض الجاني واحتمالية نقل العدوى إليه موكدة‪ ،‬فيكون الخطذأ مشذتري‬
‫بينهما(‪ ،)239‬وعلى ذلي‪ ،‬إذا كان خطأ المجني عليه ساهم في وقذوع النتيجذة اإلجراميذة بمعنذى أن‬
‫الخطأ كان نتيجة مشتركة لفعذل الجذاني والمجنذي عليذه‪ ،‬فذإن ذلذي قذد يذُ وثر علذى مقذدار العقوبذة‬
‫المقررة بالتخفيف نظرا ً لجسامة النتيجة‪ ،‬ولكن ال تنفي قيام مسوولية الجاني الجزائية عن الفعل‪.‬‬
‫أما إذا كان خطأ المجني عليه قد استغرق فعل الجاني بذأن يكذون كافيذا ً بحذد ذاتذه لتحقيذق‬
‫النتيجة اإلجرامية‪ ،‬بحيث ال يبقى لفعل الجذاني أي تذأثير يذذكر وتنقطذع رابطذة السذببية بذين فعذل‬

‫(‪ )236‬نص رريفك ند رأت احم ررد (‪ .)2010‬ش رررح ق ررانون العقوب ررات القس ررم الخ رراصك ب ررال طبع ررةك المؤسس ررة الحدي ررة للكت رراب – ممتب ررة الس ررنهوريك‬
‫بيروتك ص‪.83‬‬
‫(‪ )237‬نصيفك ندأت احمدك شرح قانون العقوبات القسم الخاصك مرجع سابقك ص ‪.83‬‬
‫(‪ )238‬عبد الستارك فوزيك شرح قانون العقوباتك القسم العامك مرجع سابقك ص ‪.522‬‬
‫(‪ )239‬توفيقك عبد الرحمن ونجمك محمد صبحيك شرح القسم الخاص في قانون العقوبات األردنيك مرجع سابقك ص ‪.205‬‬

‫‪-100-‬‬
‫الجاني والنتيجة ألن فعل المجني عليه هو من أحدث النتيجة‪ ،‬عندئذذ ال تقذوم المسذوولية الجزائيذة‬
‫للجاني عن الخطأ في الجرائم غيذر المقصذودة‪ ،‬وإذا قلنذا إن المجنذي عليذه عالمذا ً بإصذابة الجذاني‬
‫(‪ )COVID-19‬ورضي بمصافحة وعناق الجذاني لذه بذالرغم مذن ذلذي فتنتفذي مسذوولية‬ ‫بفيرو‬
‫الجاني عن الخطذأ المنسذوب إليذه؛ كذون أن فعذل الجذاني قطذع العالقذة السذببية بذين فعذل الجذاني‬
‫والنتيجة وأصبح فعله هو السبب في حدوث النتيجة(‪ ،)240‬وفي هذا الصدد جاء أمر الدفاع رقم (‪)8‬‬
‫الصادر بموجب قانون الذدفاع رقذم (‪ )13‬لسذنة ‪ 1992‬بذالنص التذالي‪ .١" :‬اإلفصذاح فذورا ً عذن‬
‫كورونذا"‬ ‫إصابته و‪/‬أو إصابة غيره و‪/‬أو مخالطته و‪/‬أو مخالطة غيره لشخص مصذاب "بفيذرو‬
‫للسلطات المختصة وعدم إخفاء ذلي عنها"‪.‬‬
‫جرم الفعل الصادر مذن المجنذي عليذه فذي‬
‫وبهذا يكون المشرع‪ ،‬بموجب قانون الدفاع‪ ،‬قد ّ‬
‫حال عدم اإلفصاح عن إصابته أو عدم اإلخبار عن مخالطته لشخص مصاب وغلظ العقوبة عليهم‬
‫فاعتبرها صورة من صور االستهتار ساهمت بنقل العدوى وانتشارها سواء كان ذلي عن قصد أو‬
‫عن قلة احتراز‪ ،‬فالنتيجة لدى المشرع سواء‪ ،‬فلم يعمذد إلذى إسذقاط مسذوولية الجذاني أو تخفيفهذا‪،‬‬
‫وإنما اتجه إلى تجريم فعل المجني عليه في حالة المخالطة أو اإلصذابة وعذدم اإلفصذاح عذن ذلذي‬
‫بهدف الح ّد من انتشار المرض والحفاظ على سالمة المجتمع وعدم تعريض صحة أفراده للخطذر‪،‬‬
‫خاصةً إذا كانت صادرة عن قلة احتراز واستهتار‪ ،‬ومن الممكذن أن يأخذذ اإلهمذال صذور أخذرى‬
‫مثل الرعونة وعدم االنتباه وعدم االحتياط (الحذر)‪ ،‬بحيذث تخذتلط جميعهذا بصذورة واحذدة وهذي‬
‫اإلهمال‪.‬‬
‫الفرع الثاني – جريمة نقل عدوى فيروس (‪ )COVID-19‬من خالل قلة الحتراز‪:‬‬
‫ويأتي معنى قلة االحتراز بالوقاية من الشر‪ ،‬ونعني به سوء التقدير أو واقعة تنطوي علذى‬
‫جهل وسوء تصرف‪ ،‬ويمكن تعريفها بأنها سلوي إيجابي محفذوف بالمخذاطر يقذدم عليذه الشذخص‬
‫دون أن يحتاط لمنع النتائج الضارة التي يمكن أن تنجم عنه (‪ ،)241‬وتقوم على عيب في التوقع‪ ،‬أو‬
‫ممارسة الفعل بطريقة غير حذقه‪ ،‬أو جهل الفاعل ونظرته المعيبة لألشياء أو سوء بالتقدير‪ ،‬بحيث‬
‫يقوم الفاعل بالعمل بدون أن يُدري درجة الخطورة المترتبة عليه‪ ،‬أو أن يقوم الفاعل بالفعذل رغذم‬
‫نقص المهارة الالزمة‪ ،‬إضافةً إلى عدم مراعاة األصول الفنية التي يلزم أن يكون محيطا ً بها (‪.)242‬‬
‫وهو أيضا ً أحد صور السلوي السلبي المتمثل باالمتناع‪ ،‬ويكون الخطأ بقلة االحتراز عندما‬
‫يقوم الفاعل بنشاط إيجابي وهو يعلم أن هذا الفعل مذن الممكذن أن يرتذب نتذائج ضذارة‪ ،‬إال أنذه ال‬

‫(‪ )240‬المجاليك نظام توفيقك شرح قانون العقوبات القسم العامك مرجع سابقك ص ‪.373‬‬
‫(‪ )241‬سالمك نبيل مدحتك الخطأ غير العمدي دراسة تأصيلية مقارنه للركن المعنوي في الجرائم غير العمديةك مرجع سابقك ص ‪177‬‬
‫(‪ )242‬ياسينك أحمام القتل الخطأ بين الدريعة اإلسالمية والقانون الوضعيك دراسة حول حوادم المرورك مرجع سابقك ص ‪.28‬‬

‫‪-101-‬‬
‫يتخذ ما يجب اتخاذه للوقاية ومنع ذلي الخطر‪ ،‬إذ أن هذا النوع من الحيطة المطلوب هنا يقوم على‬
‫الخبرة اإلنسانية العادية‪ ،‬وتقذع تحذت ذات المعنذى فذي السذلوي فهذي السذلوي اإليجذابي المحفذوف‬
‫بالمخاطر ويقوم به الشخص دون أخذ االحتياطات الالزمة لمنع حدوثه ووقوع الضرر‪ ،‬فيُقدم على‬
‫أي خذذاطر يجذذول فذذي ذهنذذه دون تذذروي أو تقذذدير لنتذذائج أفعال ذه‪ ،‬فعنذذدما يقذذوم الجذذاني المصذذاب‬
‫أو في تجمع لهذم كذأن يكذون فذي وسذيلة نقذل‬ ‫وسط حشد من النا‬ ‫بالسعال أو العطا‬ ‫بالفيرو‬
‫عمومية‪ ،‬دون أخذ االحتياطات الكافية‪ ،‬ودون اتخاذ سبل العناية الواجبة وااللتزام بها مثل استخدام‬
‫إلى الموجذودين نتيجذة سذلوي الجذاني‬ ‫المناديل الورقية أو الكمامة فينتقل الرذاذ المحمل بالفيرو‬
‫كورونا المسذتجد (‪)COVID-19‬‬ ‫الناتج عن قلة احترازه‪ ،‬وقد تكون في جريمة نقل عدوى فيرو‬
‫إذا قام الفاعل مثالً بإقامة بيت للعزاء أو للزفاف‪ ،‬حيذث تجمذع لديذه عذدد مذن األفذراد المهنئذين أو‬
‫المعزين في مكان انتشر فيه الوباء‪ ،‬فاألصل أن سذلوكه إيجذابي‪ ،‬لكنذه محفذوف بالمخذاطر‪ ،‬نظذرا ً‬
‫النتشار الوباء وسوء تقدير الفاعل لعواقب األمور فتقع النتيجة‪.‬‬

‫المطلب الراب ‪-‬جريمة نقل عدوى فيروس (‪ )COVID-19‬بعدم مراعاة القوانين واألنظمة‪:‬‬

‫يمكن تعريف القانون بشكل عام على أنه‪ :‬نظام من القواعد التي يتم إنشاوها وتطبيقها مذن‬
‫خالل الموسسات االجتماعية أو الحكومية لتنظيم السلوي‪ ،‬فهي مجموعذة مذن القواعذد التذي تحكذم‬
‫المجتمع وال يمكن للمجتمع العيش إذا كان األفذراد ال يخضذعون لقذوانين تحكمهذم وتحذدد حقذوقهم‬
‫وواجباتهم‪ ،‬بحيث ينطذوي علذى مخالفذة تلذي القواعذد الجذزاء والعقذاب‪ .‬أمذا األنظمذة التنفيذيذة أو‬
‫اللوائح التنفيذية فهي التي تصدر من اجل وضع القذانون موضذع التطبيذق‪ ،‬أي أنهذا تصذدر تنفيذذا ً‬
‫لقانون محدد‪ ،‬وتصدر عن السلطة التنفيذية على شكل قرارات إدارية‪ ،‬إذا ً فهي عبذارة عذن قواعذد‬
‫تكميلية أو تفصيلية لضمان تنفيذ القانون (‪.)243‬‬
‫ويعتبذذر اإلخذذالل بذالقوانين واألنظمذذة وعذذدم مراعاتهذذا والتقيذذد بهذذا سذذببا ً كافيذا ً بحذذد ذاتذذه‬
‫الستحقاق العقوبة‪ ،‬وإن لم يقع ضرر نتيجة لذذلي‪ ،‬وهذذا مذا أكذدت عليذه محكمذة التمييذز المذوقرة‬
‫بقولها‪" :‬إن جريمة مخالفة أحكام قانون النقل على الطرق هذي فذي األصذل جريمذة مسذتقلة قائمذة‬
‫بذاتها ومعاقب عليها بالعقوبة المنصوص عليها في هذا القانون‪ ،‬إال أنه إذا أدت هذه المخالفذة إلذى‬
‫وقوع نتيجة ضارة يعاقب عليها القانون بعقوبة أشذد فإنذه ينشذأ عندئذذ تعذدد معنذوي فذي الجذرائم‪،‬‬
‫بحيث تعتبر مخالفة أحكام قانون النقل على الطرق واإليذاء فعالً واحدا ً متعدد األوصاف‪،)244( "...‬‬
‫وهذا يعني أن مخالفة القوانين واألنظمة توجب العقوبة وإن لم يقع ضرر ناشئ عنها‪ ،‬وكذلي تثبت‬

‫(‪ )243‬ادعيسك معن (‪ .)2002‬تقرير حول اللوائح التنفيذية للقوانينك سلسلة مدروي تطوير القروانين (‪)16‬ك ندررر الهي ررة الفلسررطينية المسررتقلة‬
‫لحقوق المواطنك رام هللاك ص‪http//www.piccr.org..10‬‬
‫(‪ )244‬قرار محممة التمييز األردنية رقم (‪)1972/157‬ك المندور على الصفحة (‪ )240‬من عدد مجلة نقابة المحامين تاريخ ‪.1973/1/1‬‬

‫‪-102-‬‬
‫المسوولية الجزائية للفاعل إذا قام بمراعاة القوانين واألنظمة إال أنه لم يبذل عناية كافية لنفي الخطأ‬
‫عنه‪ ،‬إال أن توافر الرابطة السببية بين الخطأ والنتيجة يُعد شرطا ً لقيام المسوولية الجزائية في حال‬
‫نتج عن هذه المخالفة خطأ ً آخر(‪.)245‬‬
‫(‪ )COVID-19‬عنذد عذدم‬ ‫ويتجسد هذا األمذر فيمذا يتعلذق بجريمذة نقذل العذدوى بفيذرو‬
‫مراعاة الفاعل وإتباعه لألنظمة والتعليمات التذي تقررهذا القذوانين الخاصذة والتعليمذات فذي وقذت‬
‫انتشار الوباء‪ ،‬وهذا وفق ما أشارت إليذه منظمذة الصذحة العالميذة بهذذا الخصذوص بقولهذا‪" :‬عذن‬
‫طريق اتخاذ بعض االحتياطات البسيطة‪ ،‬يمكني تقليل فرص اإلصابة بالعدوى أو نشر (‪COVID-‬‬

‫‪ ،)19‬حافظ على مسافة ال تقل عن متر واحد بيني وبين اآلخرين‪ ،‬لماذا؟ عندما يسعل شذخص مذا‬
‫أو يتحدث‪ ،‬فإنه يرش قطرات سائلة صغيرة من أنفه أو فمه قد تحتوي على فيرو ‪ .‬إذا‬ ‫أو يعط‬
‫(‪ )COVID-19‬إذا كان الشذخص‬ ‫في القطرات‪ ،‬بما في ذلي فيرو‬ ‫كنت قريبا ً جدا ً‪ ،‬يمكني التنف‬
‫في حشود من المرجح أن تكون على اتصال وثيذق مذع‬ ‫مصابا ً بالمرض‪ ،‬لماذا عندما يجتمع النا‬
‫شخص لديه (‪ ،)COIVD-19‬تجنب الذهاب إلى األماكن المزدحمذة‪ ،‬يصذعب الحفذاظ علذى مسذافة‬
‫األيذدي العديذد مذن األسذطح ويمكنهذا التقذاط الفيروسذات مذن هنذاي‬ ‫مادية ‪ 1‬متر (‪ 3‬أقدام) تلم‬
‫أن يذدخل‬ ‫إلذى عينيذي أو أنفذي أو فذيمكن للفيذرو‬ ‫بمجرد التلوث‪ ،‬يمكن أن تنقل اليدين الفيرو‬
‫جسمي ويصيبي"(‪.)246‬‬
‫أما وفق التشريع األردني ف يتمثل ذلي بعدم االمتثال ألوامر الدفاع التذي صذدرت فذي ظذل‬
‫الظروف االستثنائية حال انتشار وبذاء كورونذا المسذتجد (‪ ،)COIVD-19‬إذا يعتبذر قذانون الذدفاع‬
‫واألوامر التي صدرت بموجبه القانون الخاص لحالة انتشار الوباء والعلم بها مفتذرض مذن الكافذة‬
‫وواجبة اإلتباع تحت طائلة المساءلة القانونية المشددة لقانون الدفاع باعتباره قانون طوارئ ونذكر‬
‫منها‪:‬‬
‫‪ -‬أمذذر الذدفاع رقذذذم (‪ )2‬لسذذنة ‪ ٢٠٢٠‬ونذذص علذذى مذذا يلذذي‪ .١ ..." :‬يحظذذر تنقذذل األشذذخاص‬
‫وتجوالهم في جميع مناطق المملكة وذلي ابتدا ًء من الساعة السذابعة صذباحا ً مذن يذوم السذبت‬
‫الموافق ‪ ٢٠٢٠/٣/٢١‬وحتى إشعار آخر ‪ .2‬تغلق جميع المحالت في منذاطق المملكذة كافذة‬

‫(‪ )245‬السعيدك كاملك شرح قانون العقوبات األردني (‪ .)1988‬الجرائم الواقعة على اإلنسانك الطبعة األولىك مرجع سابقك ص‪.233‬‬
‫(‪ /Getting safe emergency care during the COVID-19 (coronavirus) pandemic246)246‬آخررر تحررديش ‪4‬‬
‫يونيو‪ .2020‬تم الدخول إلى الموقع بتاريخ ‪ 2020/7/14‬الساعة ‪ 1.0‬صباحا‬

‫‪-103-‬‬
‫وسيتم اإلعالن صباح يوم الثالثاء الموافق ‪ ٢٠٢٠/٣/٢٤‬عن أوقات محددة تسمح للمواطنين‬
‫من قضاء حوائجهم الضرورية وباآللية التي ست ُعلن في حينه"(‪.)247‬‬
‫الوزراء‪ ،‬حين وجدت الجهات الحكومية‬ ‫وقد تم إصدار أمر الدفاع رقم (‪ )2‬من قبل رئي‬
‫المختصة عدم التزام واضح من بعض األفراد بتعليمات الحجر المنزلي لمواجهة خطر انتقال وباء‬
‫الذذوزراء بوضذذع القيذد علذذى حريذذة‬ ‫(‪ ،)COVID-19‬إذ يعطذذي أمذر الذذدفاع الحذذق لذرئي‬ ‫فيذرو‬
‫األشذخاص باالنتقذذال واالجتمذاع دون التقيذذد بأحكذذام القذوانين العاديذذة المعمذذول بهذا فذذي الظذذروف‬
‫العادية‪ ،‬وكذلي باستخدام القوة المناسبة في حالة الممانعة‪ ،‬فأي مخالفة يتم ارتكابها تسهم سذلبا ً فذي‬
‫تأخير الخروج من حالة الوباء‪ ،‬فلو قام الجاني بالخروج من منزله في ظل تفعيل أمر الذدفاع وقذام‬
‫ببيع المشروبات للعامة مما أدى إلى نقل العدوى لألشخاص الذين قاموا بالشراء‪ ،‬فيكذون بذذلي قذد‬
‫خالف القوانين واألنظمة المتمثلة بإغالق جميع المحالت في مناطق المملكذة منعذا ً النتشذار الوبذاء‬
‫وتقوم مسووليته‪ ،‬إذ يعتبر ما قام به مذن صذور الخطذأ المنصذوص عليهذا فذي المذادة (‪ )343‬مذن‬
‫قانون العقوبات‪ ،‬فيعتبر قيامه بخرق تعليمات الحجذر المنزلذي وخروجذه فذي أوقذات ال يسذمح لذه‬
‫الخروج بها‪ ،‬في ظل انتشار الوباء بمثابة السلوي المادي المجرم‪ ،‬ولكن ال يكفي لقيام جريمة القتل‬
‫كورونا المستجد (‪ )COVID-19‬وقوع سلوي خاطئ فقذط‪ ،‬إذ ال بذد‬ ‫الخطأ عن طريق نقل فيرو‬
‫من توافر عالقة سببية تربط بين هذا السلوي وبين النتيجة المتمثلة بفعله المادي إضافة إلى خروج‬
‫الفاعل عن دائرة التبصر بالعواقب‪.‬‬
‫وكما ذكرنا سابقا ً‪ ،‬لم يذهب المشرع أو القضاء لألخذ بمعيار واضح لرابطذة السذببية فيمذا‬
‫يتعلق بجرائم الخطأ‪ ،‬فتري المجال للقضاء في تحديدها‪ ،‬وفق ظروف ومالبسات الواقعة‪ ،‬أمذا عذن‬
‫قيام الفاعل بتجاهل القوانين واألنظمة الصادرة بهذا الخصوص وعدم التقيد بها‪ ،‬وهو ما يعبر عنه‬
‫بالخطأ‪ ،‬فيتحقق بذلي الركن المعنوي ويقوم على العالقة النفسية‪ ،‬إما بعدم توقع الفاعل نتيجة فعلذه‬
‫والضرر الذي سيلحق باألفراد نتيجة فعله‪ ،‬وكان باستطاعته توقع ذلي‪ ،‬بل وواجب عليه‪ ،‬إال أنه لم‬
‫يفعل في ضوء العلم بجوهر سلوكه والخطورة الكامنة فيه‪ ،‬ووصفه البعض (بخمول إرادة الفاعذل‬
‫عن توقع النتيجة)(‪ ،)248‬أو إمكانية توقع الفاعل للنتيجة الضارة واعتقد أن بإمكانذه تجنبهذا اعتمذادا ً‬
‫منه على مهارته واحتياطاته‪ .‬وبالرغم من بذل احتياطاته إال أن النتيجة وقعت‪ ،‬والنتيجذة المتوقعذة‬
‫من الجاني إلى الغير مباشرة أو بالمخالطة‬ ‫في زمن انتشار الوباء هي إمكانية نقل عدوى الفيرو‬
‫على ضوء سرعة الوباء باالنتشار‪ ،‬إذ كان على الجاني توقع النتيجة وهي إمكانية إصابة الغير من‬

‫(‪ )247‬أمر دفاي رقرم (‪ )2‬لسنة ‪٢٠٢٠‬ك صادر بمقتضى أحمام قانون الدفاي رقررم (‪ )13‬لسررنة ‪١٩٩٢‬اسررتناداً ‪ -‬ألحمررام الفقررر (أ) مررن المرراد‬
‫(‪ )4‬من قانون الدفاي رقم (‪ )13‬لسنة ‪.١٩٩٢‬‬
‫(‪ )248‬المجاليك نظام توفيقك شرح قانون العقوباتك القسم العامك مرجع سابقك ص ‪.362‬‬

‫‪-104-‬‬
‫ذوي المناعة المنخفضة أو كبار السن أو الحوامل من النساء أو األطفال عن طريق المخالطة حتى‬
‫وإن كانت األعراض ال تظهر على حامل الفيرو ‪ ،‬فمن الممكن أن يكون المخالط شخصذا ً يعذاني‬
‫من مرض عضال‪ ،‬فيتأثر به وينتج عذن ذلذي وفاتذه‪ ،‬غيذر أن مخالفذة القذوانين واألنظمذة توجذب‬
‫المسوولية بحد ذاتها ولو لم ينتج عنها نتيجة ضارة‪.‬‬
‫وهنا يجب التفريق بين حالتين قد تتجلى بها صور نقل العدوى بصورة الخطأ‪:‬‬
‫أولا‪ :‬إذا كان الجاني عالما ً بإصابته إال أنه لم يتخذ االحتياطات الالزمة لمنع نقذل العذدوى‬
‫للغير‪ ،‬وهذي إحذدى صذور الخطذأ التذي أوردهذا المشذرع ضذمن نذص المذادة (‪ )343‬مذن قذانون‬
‫العقوبات‪ ،‬إذ أن عدم التزام الجاني المصاب بإجراءات العزل المفروض عليذه‪ ،‬ومخالطذة النذا ‪،‬‬
‫وهو عالم بإصابته‪ ،‬إال أنه ال يدري خطورة ما يقوم به من أفعال‪ ،‬فهذا إنما ينم عن قلة الوعي لديه‬
‫وانعدام الشعور بالمسوولية الناتج عن استهتاره وال مباالته‪ ،‬وبالتالي يكون قد ساهم بنقل العذدوى‪،‬‬
‫وهذه المساهمة ناتجة عن قلة احتراز ومخالفة القوانين‪ ،‬وألن النصوص الواردة في قانون الصحة‬
‫لم تكن كافية للتعاطي مع موضوع انتشار الفيرو ‪ ،‬إذ ال يتوقف خطر الوباء عند شخص معذين‪،‬‬
‫وإنما يبدأ من عنده ليصل إلى كافة شرائح المجتمع؛ لذا فقد جذاء ‪،‬مذر الذدفاع رقذم (‪ )8‬كضذرورة‬
‫مجتمعية إلجبار األفراد على االلتزام‪ ،‬خاصة في حال علم الشخص بأنه مصاب ولم يلتزم بالحجر‬
‫الصحي‪ ،‬وبتمحيص نص أمر الدفاع رقم (‪/8‬البند ‪ )2‬الذي جاء بنصه‪ ...")249(:‬ويتعين عليه التقيد‬
‫بما يلي‪ .2... :‬التنفيذ الفوري للقرارات و‪/‬أو التدابير و‪/‬أو اإلجراءات الصادرة والمتخذة مذن قبذل‬
‫السلطات المختصة‪ ،‬والتي تهدف لمنع تفشي العدوى‪ ،‬بما في ذلذي إجذراءات الحجذر الصذحي‪ ،‬أو‬
‫العزل المنزلي‪ ،‬أو في األماكن المحددة من الجهات المختصة‪ .3 .‬الخضوع لتعليمات لجان تقصي‬
‫األوبئة و‪/‬أو األوامر و‪/‬أو التعليمات الصادرة عنهذا‪ ،‬وعذدم عرقلذة أو إعاقذة تنفيذذها‪ .4 .‬االلتذزام‬
‫والمتضمن‬ ‫بالتعهد الذي يتم توقيعه من قبل المشتبه بإصابته أو المخالط لشخص مصاب بالفايرو‬
‫االلتزام بالحجر الصحي الذاتي "الحجر المنزلي" وعدم مخالطذة أي منهمذا لآلخذرين خذالل المذدة‬
‫كورونا" و‪/‬أو المشتبه بإصابته و‪/‬أو‬ ‫المقررة من الجهات المختصة‪ .5 .‬التزام المصاب "بفايرو‬
‫المخالط لمصاب به باتخاذ التدابير الوقائية والعالجية المفروضة عليه‪ ،‬أو التي تطلب منه لمنع نقل‬
‫العدوى للغير أو تفشي الوباء"‪.‬‬
‫مما سبق نخلص إلى أنه وبموجب أمر الدفاع هذا ُجرمت كافة الوسذائل التذي تذودي لنقذل‬
‫العدوى مع اآلخرين‪ ،‬ولو عن طريق الخطأ دون قصد‪ ،‬وال بد أن نشير هنذا إلذى أن مسذألة ُحسذن‬
‫الن ّية من عدمها‪ ،‬مسألة تخضع لقاضي الموضوع‪ ،‬فتوافر القصد الجنائي في نشر الوباء تستخلصه‬

‫(‪ )249‬أمر دفاي رقررم (‪ )8‬لسررنة ‪ 2020‬صررادر بمقتضررى أحمررام قررانون الرردفاي رقررم (‪ )13‬لسررنة ‪1992‬اسررتنادا ‪ -‬ألحمررام الفقررر (أ) مررن المرراد‬
‫(‪ )4‬من قانون الدفاي رقم (‪ )13‬لسنة ‪.1992‬‬

‫‪-105-‬‬
‫المحكمة من ظروف الواقعة ومالبساتها‪ ،‬إذ من الممكن أن تصل فذي وصذفها إلذى جذرم االعتذداء‬
‫بأمن المجتمع والدولة‪.‬‬ ‫على أمن الدولة‪ ،‬وتخضعه لقانون اإلرهاب إذا كان الفعل يصل إلى الم‬
‫ثانيا ا‪ :‬قد ال يكون الجاني عالما ً أصالً‪ ،‬بإصابته ويقوم بنقل العدوى للغير دون علمه بذذلي‪،‬‬
‫وفي هذه الحالة تتجلى صورة الخطأ بامتناع الجاني عن تنفيذ القذرارات بالشذكل المطلذوب‪ ،‬وهذذا‬
‫يعتبر بحد ذاته مخالفذة يعاقذب عليهذا القذانون‪ ،‬وإن لذم يترتذب عليهذا ضذرر‪ ،‬فيُسذأل عذن مخالفذة‬
‫القوانين فقط‪ ،‬وهذا النوع من الخطأ يُطلق عليه (الخطأ الخاص)‪ ،‬ويتحقق بمخالفة الجذاني لقواعذد‬
‫لها صفة اإللزام كالقوانين واألنظمة‪ ،‬أيا ً كان مصدرها التشريعين طالما كان هدفها حماية الصذالح‬
‫العام وحقوق األفراد‪ ،‬وباعتبارها تشريعا ً وقائيا ً‪.‬‬
‫وبهذا يختلف (الخطأ الخاص) عن (الخطأ العام)‪ ،‬والذي يقع بمخالفة القواعذد االجتماعيذة‬
‫المستمدة من الخبرة اإلنسانية والفنية واإلهمال وقله االحتراز‪ ،‬إضافةً إلى أن الخطأ الخاص ثابذت‬
‫حكما ً ومفترض‪ ،‬ومعنى ذلي بأنه ال يلزم القاضي بإقامة الدليل على مخالفة القوانين‪ ،‬وإنما يتذوافر‬
‫بمجرد تحققذه‪ ،‬وكذذلي يُسذأل‬ ‫الخطأ بمجرد المخالفة الصادرة من الجاني‪ ،‬وال يجوز إثبات العك‬
‫الجاني عن النتيجة الجرمية إذا ثبت توافر عالقة السببية بين النتيجة ومخالفذة القذوانين واألنظمذة‪،‬‬
‫بحيث ال يتصور وقوعها لوالها‪ ،‬وأن انتفاء الخطأ الخاص ال يعني انتفاء الخطأ بجميع صوره إذا‬
‫توافر بحق الجاني(‪ ،)250‬فإذا خالف الجذاني القذوانين واألنظمذة يُسذأل عذن النتيجذة التذي حصذلت‪،‬‬
‫طالما أنها مرتبطة بفعله(‪ ،)251‬فأي تصرف من الجاني يخالف بذه أوامذر الذدفاع وكذان مذن شذأنها‬
‫تعريض الغير لإلصابة بعدوى الفيرو ‪ ،‬حتى وإن كان ال يعلم بإصابته تقوم مسووليته عنها‪ ،‬كأن‬
‫يصافح المصاب المجني عليه أو يستخدم أدواته أو يشاركه طعامه وال يعلم بأنه مصاب بالفيرو‬
‫فينقذذل العذذدوى إلذذى المجنذذي عليذذه دون علم ذه‪ ،‬فكذذان عليذذه بالدرجذذة األول ذى االلتذذزام بذذالقوانين‬
‫المفروضة‪ ،‬طالما أنها وضعت لغاية وقائية في ظل سرعة انتشار وباء كورونا المسذتجد وإصذابة‬
‫اآلالف من البشر‪ ،‬وما نتج عنه من إصابات ووفيات‪ ،‬وال يعذر الفاعل هنا بعدم علمه بإصابته في‬
‫ونقله متوقعة بنسبة عالية ويُسذأل عذن‬ ‫ضوء الظروف االستثنائية القائمة إذ أن اإلصابة بالفيرو‬
‫جنحة التسبب بالوفاة‪.‬‬
‫أما إذا كان المصاب قذد اتخذذ جميذع االحتياطذات الالزمذة واتبذع القذوانين الصذادرة بهذذا‬
‫الخصوص وقام بنقل العدوى للغير عن غيذر علذم‪ ،‬فذال يُسذأل جنائيذا ً عذن النتيجذة النتفذاء القصذد‬
‫والخطأ لديه‪ ،‬وفي هذا جاء أمذر الذدفاع رقذم (‪ )8‬بالبنذد رقذم (‪ )6‬بقولذه‪ .6 " :‬عذدم تعذريض أي‬
‫شخص للعدوى أو القيام بأي تصرف من شأنه نقل العدوى إلى الغير"‪ ،‬أي أن المسوولية الجزائية‬

‫(‪ )250‬أبو عامرك قانون العقوبات الخاصك الطبعة األولىك مرجع سابقك ص ‪340-339‬‬
‫(‪ )251‬توفيقك عبد الرحمن ونجمك محمد صبحيك شرح القسم الخاص في قانون العقوبات األردنيك مرجع سابقك ص‪.202‬‬

‫‪-106-‬‬
‫للفاعل تتحقق بعدم االنصياع للقوانين في حال قام بنقل العدوى إلى غيره‪ ،‬بصرف النظذر إن كذان‬
‫(‪ )COVID-19‬علذى‬ ‫يعلم بإصابته أم ال‪ ،‬وفي هذا جاءت الدراسات حول ظهور أعراض فيذرو‬
‫المصاب‪ ،‬وجاء فيها‪" :‬أشارت دراسة حديثة نشرتها مجلة طبية بريطانية إلذى أن (‪ )78‬فذي المئذة‬
‫من المصذابين بفيذرو كورونذا (كوفيذد‪ )19-‬تظهذر علذيهم أعذراض طفيفذة أو ال تظهذر علذيهم‬
‫أعراض ("بدون أعراض"‪ ،‬وفقا ً للتسمية الطبية)"‪ .‬وتتفق نتائج الدراسة مع بحث أ ُجري في قريذة‬
‫إيطالية ت ُعد بورة لتفشي المرض‪ ،‬وتبين أن (‪ )50‬فذي المئذة إلذى (‪ )75‬فذي المئذة مذن المصذابين‬
‫بدون أعراض لكنهم "مصدر كبير للعدوى"(‪.)252‬‬
‫ويرى الباحث بأن المشرع قد وفق في هذا النص بأن اعتبر المجني عليه في جريمذة نقذل‬
‫(‪ )COVID-19‬مساهما ً بها بأي وسيلة كانت في حال إصابته وعدم اإلبذالغ عذن‬ ‫العدوى بفيرو‬
‫ذلذي أو فذذي حذذال المخالطذذة والتكذتم علذذى ذلذذي‪ ،‬وإذا لذذم يقذم بذذااللتزام بتعليمذذات الحجذذر الصذذحي‬
‫المفروضة عليه‪ ،‬ويستوي فذي ذلذي أن يكذون فعلذه عذن قصذد أو قلذة احتذراز‪ ،‬حيذث تتمثذل هذذه‬
‫المساهمة في صورة االشتراي في النشاط الذي ينطوي على خطأ‪ ،‬فقيذام المجنذي عليذه بالمخالطذة‬
‫دون أخذ االحتياطات الالزمة في زمذن انتشذار الوبذاء األمذر الذذي يترتذب عليذه إصذابته بعذدوى‬
‫وعدم اإلفصاح عن إصابته يكون بذلي قد ساهم مع الجاني بالنشاط المودي إلذى النتيجذة‬ ‫الفيرو‬
‫الجرمية‪.‬‬
‫ونجد أن المشرع قد وحد المسوولية الجزائية على المساهمين في هذا الخطذأ علذى درجذة‬
‫واحدة‪ ،‬بصرف النظر عما ينسذب إلذى كذل مذنهم مذن خطذأ‪ ،‬وقذد يرجذع هذذا األمذر إلذى الطبيعذة‬
‫القانونية لجرم نقل العدوى بالفيرو ؛ كونه من الجرائم الحديثة نسبيا ً والتي لم يضع لهذا المشذرع‬
‫أساسا ً أو وصفا ً للتجريم‪ ،‬إال أن هذا النص ال يعدو أن يكون أمر دفاع صادر عن السلطة التنفيذية‪،‬‬
‫جاء لظروف استثنائية ويستمر فذي ظلهذا و ينتهذي بانتهائهذا‪ ،‬أي أن صذالحية هذذا الذنص مقذدره‬
‫كورونا المستجد واستمرار الظروف االستثنائية الناجمذة‬ ‫بقدرها‪ ،‬وهي حالة انتشار جائحة فيرو‬
‫تشريعا ً دائما ً يصلح أن يعول عليه في جميع الحاالت المشابهة‪.‬‬ ‫عنه‪ ،‬ولي‬
‫ولهذا ال بد من تحديد معيار الخطأ في الجرائم غير المقصودة؛ حيث نقصد بالمعيار مقدار‬
‫العناية التي يجب على الفاعل بذلها لتجنب وقوعه بالخطأ‪ ،‬وتكمن أهمية تحديد هذا المعيار للتفرقة‬
‫بين الخطأ والسبب األجنبي‪ ،‬فهل تخضع لشخصية الفاعذل بذالنظر لمواهذب كذل شذخص وخبرتذه‬
‫المهنية واإلنسانية حتى يتم تحديد سالمة ما قام به من أفعال‪ ،‬أم يخضع لمعيار آخر يقوم علذى مذا‬
‫كان يجب أ ن يقوم به الشخص العادي لو وضع في ذات الظروف التي وضذع بهذا الفاعذل‪ ،‬وعلذى‬

‫مساء ‪(252) https://www.bbc.com/arabic/science-and-tech-51501472.‬‬


‫ً‬ ‫تم الدخول للموقع بتاريخ ‪ 2020/7/17‬الساعة ‪4‬‬

‫‪-107-‬‬
‫ذلي انقسم الفقه في تحديد هذا المعيار إلى معيار موضوعي ومعيار شخصي(‪ ،)253‬وما يجدر ذكره‬
‫هنا أن صورة مخالفة القوانين واألنظمة ال تدخل ضمن المعيار الشخصي أو الموضوعي؛ ذلي أن‬
‫الخطأ يثبت حال مخالفتها‪ ،‬وال حاجة للبحث في مدى العناية الواجب بذلها من قبل الجاني‪.‬‬
‫أما فيما يتعلق بالمعيار الموضوعي وهو يقوم على أن يبذل الجاني عناية الرجذل المعتذاد‪،‬‬
‫والرجل المعتاد هنا من كان من أواسط النا ‪ ،‬العاقل المتبصر الذذي يفتذرض أن تصذرفاته بعيذدة‬
‫سذلوكه بسذلوي شذخص مجذرد‪،‬‬ ‫عن العيب‪ ،‬فال هو خارق الذكاء وال هو محذدود الفطنذة‪ ،‬وقيذا‬
‫ووفقا ً لهذا المعيار ال يُسأل الشخص إال إذا كان فذي مثذل هذذا الرجذل المتوسذط الذذكاء والمتبصذر‬
‫بعواقب األمور‪ ،‬بصرف النظر عن أي اعتبارات شخصية يتميز بها الجاني (‪.)254‬‬
‫سذلوي الجذاني وقذت وقذوع الخطذأ‬ ‫أما فيما يتعلق بالمعيار الشخصي فهو يقوم على قيا‬
‫بالنسبة لسلوكه المعتاد‪ ،‬فإذا كان ال يرقى إلى مستوى سلوكه في الحيطة والحذر الذي اعتاده دائما ً‬
‫يُنسب إليه اإلخالل والخطأ(‪ ،)255‬بمعنى ضرورة االعتذداد بقذدرات الجذاني الشخصذية‪ ،‬حيذث إنذه‬
‫وفي سبيل إثبات الركن المعنوي على القاضي أن يتساءل عما إذا كان الجاني لديه القدرة في إطار‬
‫ظروفه الخاصة على تفادي ارتكاب الجريمة من عدمها‪ ،‬و ينبني على هذا أنه كلما زادت رعونته‬
‫وطيشه وكلما اتسعت قدرته على التسبب في حدوث الضرر‪ ،‬كلما قلت مسووليته الجزائيذة‪ ،‬وهذذا‬
‫كالم بعيد عن المنطق‪.‬‬
‫المطلب الخامس‪ -‬جريمة اإليذاء غير المقصود (الخطأ) من خالل نقل عدوى فيروس (‪COVID-‬‬

‫‪:)19‬‬
‫تتفق هذه الجريمة مذع جريمذة القتذل غيذر المقصذود بوجذوب وقوعهذا علذى إنسذان حذي‪،‬‬
‫والركن المعنوي فيها يتمثل بوقوع األذى بشكل غير مقصذود‪ ،‬أمذا فيمذا يتعلذق بالعنصذر المذادي‪،‬‬
‫فجميذذع العناصذذر متشذذابهة مذذن حيذذث السذذلوي المجذذرم وضذذرورة تذذوافر الرابطذذة السذذببية‪ ،‬إال أن‬
‫إلذى‬ ‫بسذالمة بذدن المجنذي عليذه ولذي‬ ‫االختالف يكون في النتيجة اإلجرامية‪ ،‬إذ تتمثل بالمسذا‬
‫الوفاة‪ ،‬والركن المعنوي في جريمة اإليذاء غير المقصود أن الجاني لم يقصد إحداث األذى بسالمة‬
‫بدن المجني عليه‪ ،‬وإنما كان ذلي نتيجذة إخاللذه بواجبذات الحيطذة والحذذر التذي تطلبهذا القذانون‪،‬‬
‫إضافة إلى عدم تبصره بعواقب األمور‪.‬‬
‫وبتدقيق نص المادة (‪ )344‬من قانون العقوبات نجد أن المشرع قسّم العقوبة بحسب مدى‬
‫النتيجة اإلجرامية الناتجة عن اإليذاء غير المقصذود والناشذئ عذن خطذأ الجذاني‪ ،‬ومعيذار التمييذز‬

‫(‪ )253‬العوجيك مصطفى (‪ .)2006‬القانون الجنائيك بال طبعةك مندورات الحلبي الحقو يةك بيروتك ص‪.644‬‬
‫برراسك بسررام (‪ .)1984‬المسررؤولية الطبيررة المدنيررة والجزائيررة بررين النظريررة والتطبيررقك الطبعررة األولررىك دار األيمررانك دمدررق ‪-‬‬ ‫(‪ )254‬محتس ر‬
‫بيروتك ص‪.376‬‬
‫(‪ )255‬نصيفك ندأت احمدك شرح قانون العقوبات القسم الخاصك مرجع سابقك ص‪.85‬‬

‫‪-108-‬‬
‫بتوافر الظروف المشددة أو تجريذد الفعذل منهذا وفذق مذدة التعطيذل‪ ،‬إذ جعذل مذن درجذة الجسذامة‬
‫المتمثلة بالتعطيل عن العمذل وممارسذة الحيذاة اليوميذة مذدة تزيذد علذى العشذرين يومذا ً أو اإليذذاء‬
‫المفضي إلى عاهة دائمة ظرف مشدد (‪.)256‬‬
‫بجسذد المجنذي‬ ‫(‪ )COVID-19‬والناتج عنها المسذا‬ ‫أما فيما يتعلق بنقل العدوى بفيرو‬
‫كورونذا‪ ،‬كذأن‬ ‫عليه‪ ،‬إذ يعتبر اإليذاء الجسدي من أكثر الحاالت شذيوعا ً فذي وقذت تفشذي فيذرو‬
‫إلى المريض الذي راجع عيادة طبيذب بعذد اسذتخدام األخيذر أدوات جراحيذة غيذر‬ ‫ينتقل الفيرو‬
‫معقمة‪ ،‬فينتج عن مخالفة الطبيب للشروط الصحية الالزمة وعدم أخذ احتياطات السذالمة المسذا‬
‫إليه (‪.)257‬‬ ‫بسالمة بدن المجني عليه وإيذائه بنقل الفيرو‬
‫‪ -‬إثبات الخطأ في جرائو القتل واإليذاء غير المقصودة‪:‬‬
‫انطالقا ً من كون المسوولية ركن الجريمذة األول‪ ،‬ومذن أجذل اسذتظهار دور الخطذأ يجذب‬
‫إثباته أوالً‪ ،‬فمعنى اإلثبات إذا ً هو ما يودي إلى إظهار الحقيقة‪ ،‬والمعنى القانوني له هو إقامة الدليل‬
‫على وجود واقعة قانونية ترتب آثارها أمام القانون وبالطرق التي حددها القانون‪.‬‬
‫‪ -‬اإلثبات الجنائي‪:‬‬
‫اإلثبات الجنائي ه و الوسيلة التي يتم من خاللها إقرار وقوع الجريمة وعالقذة الجذاني بهذا‬
‫ونسبتها إليه‪ ،‬ذلي أنه ال يمكن مساءلة شذخص عذن جريمذة لذم تثبذت لذه سذواء بالفعذل المذادي أم‬
‫المعنوي‪ ،‬فاإلثبات بشكل عام هو كل ما يودي إلى ثبوت إجرام الجاني من لحظذة وقذوع الجريمذة‬
‫إلى لحظة صدور الحكم‪ ،‬إذ يعتبر اإلثبات عصب الدعوى الجزائية‪ .‬وسندا ً لما سبق‪ ،‬يتضح لنا أن‬
‫القاعدة لإلثبات الجنائي هي وقوع الحذدث أوالً‪ ،‬ومذن ثذم إمكانيذة إسذناد هذذا الحذدث إلذى شذخص‬
‫يصبح مسووالً عنه ويستحق اللوم والمواخذة عليه‪ ،‬والطريقذة إلذى إسذناد المسذوولية لذه هذي عذن‬
‫طريق الدعوى الجزائية التي نظم قواعدها قانون أصول المحاكمات الجزائية (‪.)258‬‬
‫باعتباره قرينة‬ ‫وحيث أ ن األصل في اإلنسان البراءة إال أن هذا الفرض يقبل إثبات العك‬
‫غير قاطعة وفي الدعوى الجزائية سلطة االتهام هي من تمثل المجتمذع وهذي مذن تذدعي وبالتذالي‬
‫عليها إقامة الدليل وإثبات عناصر الجريمة بما فيها الركن المعنوي‪ ،‬وحيث يفترض تذوافر سذالمة‬

‫(‪ )256‬السعيدك كاملك شرح قانون العقوباتك الجرائم الواقعة على اإلنسانك مرجع سابقك ص ‪.343‬‬
‫(‪ )257‬ق ررار محممررة التمييررز رقررم (‪ )2000/590‬ترراريخ ‪ 2000/7/20‬وجرراء فيرره‪ :‬ي‪ ...‬إذا ناقدررت محممررة الجنايررات الكبرررى البينررة المسررتمعة‬
‫واستخلصت الواقعة التي انتهت إليها علررى اعتبررار أن الفعررل الررذي ارتكبرره المررتهم هررو نتيجررة إهمررال وقلررة احترراز وأنرره ال توجررد عررداو بررين‬
‫النظررر عررن أن األدا المسررتعملة قاتلرةك ف نرره ال يوجررد باعررش علررى‬ ‫المدتكي والمتهم بل همررا صررديقان ويعمررالن سرروية مررع الدررركة وبغر‬
‫القتل‪...‬ي‪.‬‬
‫(‪ )258‬الهيترريك محمررد حمرراد (‪ .)2005‬الخطرأ المفترررض فرري المسررؤولية الجزائيررةك الطبعررة األولررىك دار ال قافررةك عمررانك اإلصرردار األولك ص‬
‫‪ 77‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪-109-‬‬
‫إدراي الجاني وحرية االختيار لديه باعتباره شرطا ً لتحمل المسوولية الجزائيذة‪ ،‬إال أنذه وفذي حذال‬
‫وجود ادعاء بخالف ذلي فإن على المدعي إقامة الدليل واإلثبات علذى نسذبة الجريمذة للجذاني مذن‬
‫ناحيتين مادية ومعنوية (‪.)259‬‬
‫ولما كانت النيّة أو القصد في سائر األفعال الجرمية أمرا ً باطنيا ً يضمره الجاني فذي نفسذه‬
‫وال يظهره‪ ،‬لكن يستدل عليه من األفعال والظواهر والشواهد الخارجية التي يقارفها أثناء ارتكابذه‬
‫لجريمته‪ ،‬فتري المشرع أمر إثباتها للجهة التي تزن األدلة بموجب سلطتها التقديرية‪ ،‬ووفق القناعة‬
‫الوجدانية لقاضي الموضوع ليتمكن من استخالص القرائن التذي تسذاعده علذى اسذتخالص الخطذأ‬
‫ومن ثم الحكم بتوافره أو انتفائه (‪.)260‬‬
‫وإن إثبات الخطأ بصوره اإلهمال والرعونة وعدم االحتياط واالنتباه يكون بإثبات وقوعها‬
‫أو حدوثها بتوقع أو عدم توقع‪ ،‬لذلي يلجأ القضاء في إثبذات ذلذي لمعيذار التوقذع أي مذدى إمكانيذة‬
‫تجنب الفاعل وقوع النتائج الضارة‪ ،‬بحيث إذا كان التوقع مستحيالً فال مجال للقول بوقوع الخطذأ‪،‬‬
‫إال أن هذا المعيار ال يصح االحتجاج به في صورة الخطأ الواقع بمخالفذة القذوانين واألنظمذة‪ ،‬وال‬
‫قيمة إلثبات التوقع في مخالفة القوانين واألنظمذة‪ ،‬وذلذي ألن هذذه القواعذد بذذاتها جذاءت لتفذرض‬
‫االحتياط الواجب على األفراد إتباعه وعليهم واجب االلتزام بها‪ ،‬وعذدم االلتذزام بهذا يعنذي وقذوع‬
‫الخطأ فهي تثبت دون البحث عن وجود اإلهمال(‪.)261‬‬
‫والجدير بالذكر أن القانون الجنائي لم ينص على وسائل أو طرق محددة لإلثبات باسذتثناء‬
‫بعض الجرائم مثل جريمة الزنا وجريمة فض البكارة‪ ،‬إذ يمكن إثباتها بكافة طرق اإلثبات ويرجذع‬
‫ذلي الى كون ان بعض الجرائم قد تقع فجأة دون تخطيط مسبق لها ‪ ،‬وأولذى وسذائل اإلثبذات هذي‬
‫االعتراف عبر إخبار عن ثبوت حق للغيذر علذى نفسذه أو إقذرار الجذاني علذى نفسذه بذإرادة حذرة‬
‫و واعية بارتكابه للجريمة المنسوبة إليه‪ ،‬وتأخذ بها المحكمة متى اطمأنت لصدقه وعذدم وجذود مذا‬

‫(‪ )259‬الهيتيك محمد حمادك المرجع السابقك ص ‪.80‬‬


‫(‪ )260‬قرار محممة التمييز رقم (‪ )2000/315‬وجرراء فيرره‪ :‬يعرفررت المرراد (‪ )63‬مررن قررانون العقوبررات القصررد هررو إراد ارتكرراب الجريمرة علررى‬
‫توجيرره اإلراد إلررى الفعررل لتحقيررق النتيجررة المبتغررا بمعنررى أن تتوجرره إراد المررتهم إلررى صرردم‬ ‫مررا عرفهررا القررانونك ذلررف أن القصررد يتطل ر‬
‫المجني عليرره بواسررطة الجررار الز ارعرري بهررد إزهرراق روحررهك بينمررا يمررون القتررل الخطررأ ناشر اً عررن اإلهمررال أو قلررة االحترراز علررى نحررو مررا‬
‫عرفترره المرراد (‪ )64‬مررن قررانون العقوبرراتك وعليرره يمررون القتررل الخطررأ أو مررا توافررق عليرره المدررتغلون بالقررانون مررن تس ررمية يالتسررب بالوفررا ي‬
‫يمررون نتيجررة فعررل غيررر قصرردي انطرروى علررى إهمررال وقلررة احترراز أو عرردم م ارعررا القروانين واألنظمرة علررى النحررو الروارد فرري المرراد (‪)343‬‬
‫من قانون العقوباتي‪.‬‬
‫(‪ )261‬الهيتيك محمد حمادك الخطأ المفترض في المسؤولية الجزائيةك مرجع سابقك ص‪.86‬‬

‫‪-110-‬‬
‫يخالفها‪ ،‬فيصبح حجة في اإلثبات(‪ ،)262‬فلو افترضنا أن الجاني في جريمة نقل العدوى قد اعتذرف‬
‫أمذذام القضذذاء بقيامذذه باسذذتخدام أدوات المجنذذي عليذذه وأغراضذذه الشخصذذية‪ ،‬وهذذو عذذالم بإصذذابته‬
‫بالفيرو ‪ ،‬مما أدى إلى نقله إلى المجني عليه وإصابته‪ ،‬فإننا نكون بصدد بينة إثبات صالحة لبناء‬
‫الحكم عليها‪ ،‬إال إذا جاء وثبت ما يناقضها‪.‬‬
‫ومن ثم تأتي الشهادة وهي من أهذم طذرق اإلثبذات فذي الذدعوى الجزائيذة‪ ،‬وتعتبذر عمذاد‬
‫اإلثبات الجنائي ومن األدلة التي يستعين بها القاضي ألنها تنصب على الوقذائع الماديذة والمعنويذة‬
‫معاً‪ ،‬وبذات الوقت تخضع لتقدير القاضي وتقوم على إثبات واقعة معينة من خذالل مذا يقولذه أحذد‬
‫األشخاص عما سذمعه أو أدركذه أو شذاهده عذن الواقعذة(‪ ،)263‬وإذا أسذقطنا هذذا علذى واقعذة نقذل‬
‫كورونا المستجد‪ ،‬كأن يخبر بعض األشخاص بعدم التزام الجذاني بشذروط الحجذر‬ ‫العدوى فيرو‬
‫الصحي الذاتي عن طريق قيامه بالمخالطة خالل المدة المقررة من قبل الجهذات المختصذة‪ ،‬وعذدم‬
‫التقيد بالتعهد الذذي تذم توقيعذه مذن قبلذه بهذذا الخصذوص ممذا أدى إلذى إصذابة احذد المقذربين لذه‬
‫بالفيرو ‪.‬‬
‫ومن ثم تأتي القرائن‪ ،‬وهي إحدى وسائل مكافحة الجريمة في العصر الحديث خاصة بعذد‬
‫التطور في أساليب الجريمة مثل جريمة نقل الدم الملوث‪ ،‬وأيضا ً تنطبق على جريمة نقذل العذدوى‬
‫بالفيرو ‪ ،‬إذ يكمن دورها فذي تعزيذز األدلذة األخذرى كالشذهادة واالعتذراف مذن خذالل اسذتنباط‬
‫القاضي ألمر مجهول من خالل أمر معلوم‪ ،‬والقرينة إما أن تكون قانونية نذص عليهذا المشذرع أو‬
‫قضائية يستنتجها القاضي من واقعة قذام عليهذا دليذل إثبذات وذات صذلة منطقيذة بالحذدث‪ ،‬ولكنهذا‬
‫وبذات الوقت ال ترقى إلى مستوى الدليل ألنها الخوض في مجهول من خالل واقعة معلومة وتجذد‬
‫أهميتها في حال تعذر اإلثبات المباشر(‪.)264‬‬
‫وأخيرا ً الخبرة‪ :‬وهي إبداء رأي فني من شخص مختص فذي شذأن واقعذة ذات أهميذة فذي‬
‫الدعوى الجزائية‪ ،‬وهي وسيلة علمية للبحث عن األدلة وتقديرها يقوم بها أهل االختصاص‪ ،‬ومنها‬

‫يتبررين أنرره مررنظم بترراريخ ‪2011/3/7‬‬ ‫(‪ )262‬قرار محممة التمييز رقررم (‪)2019/2754‬ك وجرراء فيرره‪ :‬ي‪ ...‬وبررالرجوي إلررى محضررر إلقرراء القررب‬
‫عليرره ممررا يعررد ذلررف مخالفررة ألحمررام المررادتين (‪ 99‬و‪ )100‬مررن‬ ‫وتم أخذ إفادترره يرروم ‪ 2011/3/12‬أي بعررد خمسررة أيررام مرن إلقرراء القررب‬
‫واإلجراءات األخرى التي ترتبت عليهي‪.‬‬ ‫قانون أصول المحاكمات الجزائية األمر الذي ينبني عليه بطالن االعت ار‬
‫(‪ )263‬قرار محممة التمييز رقم (‪ )2018/261‬وجاء فيه‪ :‬ي‪ ...‬ف ن محممة الجنايات الكبرى لم تطم ن إلى بينررة النيابررة العامررة الرئيسررة وهرري‬
‫شهاد المدتكية وشهاد والدها المنقولة عنها ودللررت علررى األسررباب الترري حملتهررا علررى عرردم االقتنرراي بهررذه األقروال مررن حيررش التناقضررات‬
‫الجوهريةي‪.‬‬
‫(‪ )264‬قرار محممة التمييز رقم (‪ )2019/1693‬وهذا ما أيدترره محممررة التمييررز بقولهررا‪ :‬ي‪ ...‬نجررد أن قضرراء محممررة التمييررز مسررتقر علررى أن‬
‫وجود بصمات أو دماء أو خاليا طالئية في ممان السرقة وإن كان يعتبر قرينة على وجود المدتكى عليه فرري ممرران السررقة إال أن هررذه‬
‫القرينررة ال تعتبررر دلرريالً كافي راً علررى ارتكرراب المدررتكى عليرره للجرررم المسررند إليرره مررا لررم تؤيررد بينررة أخرررى تؤيرردها يسررتدل منهررا علررى عالقررة‬
‫صاحبها باألفعال المنسوبة إليهي‪.‬‬

‫‪-111-‬‬
‫على سبيل المثال الخبرة الطبية والكيميائية بشتى أنواعهذا(‪ ،)265‬وفذي هذذا جذاءت محكمذة التمييذز‬
‫الموقرة بقولها‪ ..." :‬يُضاف إلى ذلي أن التقرير الطبي قد حصذر الفتذرة الزمنيذة لوقذوع االعتذداء‬
‫بمدة ال تتجاوز أسبوع وهذا أمر يقيني كونه صادرا ً عن تقرير طبي فني‪ ،‬بينما ذكر المجني عليذه‬
‫رأفت بشهادته أنه تعرض لالعتداء األخير قبذل ثالثذة أسذابيع األمذر الذذي يثيذر الشذي فذي أقذوال‬
‫المجني عليه"(‪.)266‬‬
‫(‪)COVID_19‬‬ ‫ويرى الباحث‪ ،‬وإن كان من الصعوبة بمكان إثبات نقل العذدوى بفيذرو‬
‫البيولوجية وطريقه انتشاره‪ ،‬إذ لم تتمكن الدراسذات الحديثذة‬ ‫وربما يرجع ذلي إلى طبيعة الفيرو‬
‫المسذتجد‪ ،‬وبالتذالي‬ ‫بشذكل محذدد ودقيذق نظذرا ً لحداثذة الفيذرو‬ ‫من حصر طرق انتقال الفيرو‬
‫مذن الجذاني ذاتذه إلذى‬ ‫يُشكل هذا عبئا ً على كاهل القضاء حول كيفية إثبات انتقال عدوى الفيرو‬
‫المصاب‪ ،‬وخاصة أن نتيجة اإلصابة ال تظهر بشكل فذوري‪ ،‬إذ يلذزم الوقذوف علذى سذالمة عمذل‬
‫وظائف الجسد قبل العدوى وبعدها حتى نتمكن من استظهار أثر سذلوي الجذاني بنقذل عذدواه علذى‬
‫جسم المجني عليه‪ ،‬وهذا يتطلب بال شي تحديد وقت وجهة انتقاله‪ ،‬وبالرجوع إلذى تقذارير منظمذة‬
‫كورونذا المسذتجد‬ ‫الصحة العالمية‪ ،‬بهذا الشأن‪ ،‬نجد أنهذا ذكذرت‪" :‬إال أن دراسذات حذول فيذرو‬
‫موجذودة أيضذا ً فذي رذاذ مجهذري‬ ‫وفيروسات تنفسية أخرى‪ ،‬أشذارت إلذى أن جزئيذات للفيذرو‬
‫(قطره يقل عن خمسة ميكرونات) في الرذاذ الذي يزفره شخص مصاب‪ .‬وهذا الرذاذ أخف ويمكن‬
‫أن يبقى عالقا ً في الجو في الداخل على مدى ساعات ربما فينتشقه أشخاص آخذرون‪ .‬وتعذذر حتذى‬
‫اآلن إثبات أن هذه الجزئيات الفيروسية قابلة لالستمرار والتسبب بعذدوى إال أن األدلذة علذى ذلذي‬
‫تتراكم‪.‬‬

‫إحدى الدراسات ركذزت علذى مطعذم "غذونغزو" فذي الصذين‪ ،‬حيذث أصذيب نحذو (‪)10‬‬
‫اليوم‪ ،‬وقيل إنهم جميعا ً جلسوا بالقرب‬ ‫أشخاص‪ ،‬من (‪ )3‬أسر مختلفة‪ ،‬تناولوا الطعام فيه في نف‬
‫من مكيفات الهواء‪ ،‬خاصة مع تدفق تيار قوي من المكيف‪ ،‬ساهم بنشر الفيرو ‪ ،‬لكذن حتذى هذذه‬
‫الدراسة لم تقدم دليالً قويا ً على أن المكيف كان سبب اإلصذابة"(‪ ،)267‬إال أن الخبذرة الفنيذة الطبيذة‬
‫والكيمائية قد يكون لها دورا ً غاية في األهميذة فذي إثبذات قيذام مسذوولية الجذاني فذي جريمذة نقذل‬
‫(‪ )COVID-19‬إلى الغير باعتبار أن الخبذرة مذن أهذم وأنجذع وسذائل اإلثبذات فذي‬ ‫عدوى فيرو‬

‫(‪ )265‬بن رري عيس ررىك فر رراس ش ررمري (‪ .)2014‬المس ررؤولية الجزائي ررة للفاع ررل ع ررن عملي ررة نق ررل ال رردم المل ررومك الطبع ررة األول ررىك دار وائ ررل للند ررر‬
‫والتوزيعك عمانك ص‪ 101‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪ )266‬قرار محممة التمييز رقم (‪.)2018/3156‬‬
‫‪(267(https://www.who.int/ar/emergencies/diseases/novel-coronavirus-2019/advice-for-public/q-a-‬‬
‫تم الدخول إلى الموقع بتاريخ ‪ – 2020/7/20‬الساعة ‪ 11.24‬مساء ‪ /‬اخر تحديش ‪coronaviruses / 2020/7/8‬‬

‫‪-112-‬‬
‫الدعوى الجزائية‪ ،‬وتتجلى أهميتها في تحديد آثار الجريمة في جسم المجني عليذه ووصذفها وصذفا ً‬
‫دقيقا ً‪ ،‬وتحديد وقت وكيفية إحداثها وما يترتب من خطورة على حياة المجني عليه‪.‬‬
‫وكذلي تبرز أهمية الخبرة الطبية فذي تقريذر الحالذة النفسذية للجذاني وتحديذد أهليتذه وقذت‬
‫ارتكابه للجرم حتى يصح القول بتحمله للمسوولية الجزائية أو انعدامها‪ ،‬في حال توافر سبب ينذال‬
‫من إدراي الجذاني‪ ،‬باإلضذافة لذدورها فذي تحديذد جسذامة الفعذل الجرمذي‪ ،‬بتحديذد نسذبة التعطيذل‬
‫والعجز‪ ،‬كما في جرائم إحداث عاهة دائمة‪ ،‬ال سذيما أن المشذرع جعذل منهذا وسذيلة إثبذات تتحذدد‬
‫بموجبها المسوولية الجزائية للجاني في جرائم القتل واإليذاء وعلى ضوئها يتم تفريد العقوبة‪ ،‬ممذا‬
‫حدا بالجهات المعنية إلى اتخاذ إجراءات صارمة إلصدار التقارير الطبية القضائية‪ ،‬وبذات الوقذت‬
‫تستطيع الجهة القضائية الجزائية من خالل الخبرة الطبية استجالء توافر الرابطة السببية بين الفعل‬
‫والنتيجة الجرمية المترتبة مثل إمكانية نسبة الوفاة إلى السلوي الذذي اقترفذه الجذاني‪ ،‬ودورهذا فذي‬
‫تغيير الوصف الجرمي من جنحة إلى جناية بإلحاق العقوبة بظرفها المشدد‪ ،‬كما في جرائم اإليذذاء‬
‫ممذا‬ ‫والضرب المفضي إلى الموت‪ ،‬وعليه‪ ،‬وحيث تكمذن الصذعوبة بتحديذد كيفيذة نشذر الفيذرو‬
‫ينبني عليه صعوبة إمكانية نسبة فعل نقل العدوى إلذى الجذاني بشذكل يقينذي وقطعذي وهذو أسذا‬
‫قاعدة اإلثبات في الدعوى الجزائية(‪.)268‬‬
‫ونجد بنا ًء على ما سبق ذكره‪ ،‬أن اإلسناد الجنائي من أدق المسائل التي يعالجهذا اإلثبذات‪،‬‬
‫ومعنى اإلسناد‪ :‬مدى إمكانية نسبة الفعل للفاعل وإقامذة الذدليل القطعذي علذى ذلذي‪ ،‬بحيذث يتشذكل‬
‫اليقين القضائي بار تكاب الجاني للجريمة كلها أو حتى المساهمة فيها‪ ،‬وخاصة في الجرائم الحديثذة‬

‫إجرراء الخبررر‬ ‫(‪ )268‬قرار محممة التمييز رقم (‪ )2019/2118‬وجاء فيه ‪:‬يلما كان يتبين أن وكيل الدفاي عن المتهم (المميز) كان قررد طلر‬
‫طلبه لعدم اإلنتاجيررة وأنرره وألهميررة الفصررل فرري هررذه الرردعوى‬ ‫الفنية على القالب موضوي الدعوى إال أن محممة الجنايات الكبرى لم تج‬
‫كان على تلف المحممة إجرراء الخبررر الفنيررة علررى القررالب موضرروي الرردعوى رقررم (‪ )5-23810‬سررنة الصررنع ‪ 2015‬نرروي مرسيدس‪/‬شررحن‪/‬‬
‫مسجل باسم بلدية إربد الكبرى بمعرفررة خبرراء فنيررين فرري مجررال االختصرراص وذلررف لتحديررد مررا يلرري‪ -1 :‬وصررع القررالب موضرروي الرردعوى‬
‫رق ررم (‪ )5-23810‬وص ررفاً عام راً ش ررامالً‪ -2 .‬بي رران ارتف رراي الق ررالب م ررن الجه ررة األمامي ررة م ررن األرض وحت ررى حاف ررة الزج رراج األم ررامي م ررن‬
‫والحرك ررة البطي ررة (س ررن س ررن)‪ -3.‬ف رري ض رروء القياس ررات والوص ررع ف رري البن رردين (‪ 1‬و‪ )2‬بي رران م ررا إذا ك رران‬ ‫األس ررفل أي ف رري حال ررة الوق ررو‬
‫المرحرروم بمالصررقة‬ ‫يسررتطيع سررائق القررالب (المررتهم فرري هررذه القضررية) مررن مدرراهد المرحرروم أثنرراء جلرروس السررائق خلررع المقررود ووقررو‬
‫القالب من األمام وتحديد النقاط غير المرئية له‪ -4 .‬بيان مدى إممانية مداهد سائق القالب لمن يقررع أمررام القررالب فرري حررال إن كرران‬
‫هذا الدخص بحجم المرحوم ملتصقاً بجسم القالب من األمام ويرفع يديرره والتخبرريط علررى برروز القررالب وتحركرره أمررام القررالب أثنرراء تحركرره‬
‫ومالصررقته لبرروز القررالب‪ -5 .‬تحديررد المسررافة الترري يممررن لسررائق القررالب (المررتهم) وم ارعررا حجمرره وهررو جررالس علررى المقعررد وأثنرراء تحرررك‬
‫القررالب (برربطء) مررن مدرراهد الدررخص (المرحرروم) الررذي كرران يقررع أمررام القررالب موضرروي الرردعوى رقررم (‪ )5-23810‬العائررد لبلديررة إربررد‬
‫مع مراعا طبيعررة الطريررق الترري حصررل بهررا الحررادم المررذكور وكمررا وصررفه الدررهود‪ -6 .‬تزويررد الخبرراء بمررل مررا‬ ‫وخاصة من جهة الراك‬
‫يحترراجون مررن البينررات وخصوصراً تقريررر الكدررع علررى الج ررة لبيرران حجمهررا ووصررفها وبيرران وصررع تررام أيضراً للمررتهم (السررائق) وإحضرراره‬
‫لمواجهررة الخبرراء برره باإلضررافة للمركبررة المررذكور واالنتقررال إلررى شرراري فرراس العجلرروني الررذي حصررلت فيرره الحادثررة لتصررور كيهيررة حصررول‬
‫وارداً علررى‬ ‫طلبررات الرردفاي مررن هررذه الناحيررة فيمررون هررذا السررب‬ ‫هذه الواقعة على وجه الدقةك وحيش إن محممة الجنايات الكبرى لررم تجر‬
‫القرار المميز ويتعين نقضهي‪.‬‬

‫‪-113-‬‬
‫مذثالً‪ ،‬فاألحكذام الجزائيذة‬ ‫نسبياً‪ ،‬والتي تثور مشكلة صعوبة اإلثبات فيها كناقل العذدوى بذالفيرو‬
‫تُبنى على الجزم واليقين ال على الشي والتخمذين‪ ،‬وأن الذدليل إذا شذابه الشذي سذقط االسذتدالل بذه‬
‫ويفسر الشي فيها لمصلحة الجاني‪.‬‬

‫‪-114-‬‬
‫المبحث الثاني‬
‫موقف المشرع األردني من جريمة نقل عدوى‬
‫فيروس كورونـا المستجد (‪)COVID-19‬‬

‫ال شي أن للعقوبة دورا ً اجتماعيا ً هاما ً في ردع الجذاني وإصذالحه وإعادتذه إلذى المجتمذع‬
‫كعضو نافع فيه‪ ،‬وبذات الوقت‪ ،‬ال يمكننا القول بذأن كذل مذن ارتكذب جريمذة يحتذاج إلذى إصذالح‬
‫وتهذيب‪ ،‬فمنهم من يرتكبها نتيجة انفعال أو خطأ‪ ،‬إال أن فرض العقوبذة فذي المجتمعذات المنظمذة‬
‫ضرورة ملحة للحفاظ على النظام السائد فيها‪ ،‬فهذي جذزاء لمذن يخذالف الذنص الجنذائي‪ ،‬وغايتهذا‬
‫حماية المجتمع ومصالحه من األفعال التي تستوجب العقاب‪ ،‬فوجود العقوبة يحدث أثره في نفذو‬
‫المخاطبين مما يودي إلى منع وقوع الجرائم مستقبالً‪ ،‬وما يميز العقوبة هو أن من يباشرها وينفذها‬
‫سلطة قضائية بعد أ ن تتثبت من وقوع الجريمذة ونسذبتها إلذى فاعلهذا وتحقذق مسذووليته الجزائيذة‬
‫عنها(‪ ،)269‬إذا ً فالعقوبة ما هي إال الجزاء المترتب على الفعل غير المشروع‪.‬‬
‫وحتى نقول بعدم مشذروعية الفعذل يجذب أن يخضذع هذذا الفعذل لذنص تجذريم‪ ،‬والقذانون‬
‫المعني بهذذا الخصذوص هذو قذانون العقوبذات والقذوانين المكملذة لذه‪ ،‬ويتضذمن قذانون العقوبذات‬
‫نصوص تجريم عدة تتضمن الشذروط التذي يجذب أن يتصذف بهذا الفعذل حتذى يصذبح فعذالً غيذر‬
‫مشروع‪ ،‬إذ يحدد المشرع نموذجا ً لما يجب أن تكون عليه الجريمة‪ ،‬ويجذب أن يتطذابق الفعذل مذع‬
‫هذا النموذج‪ ،‬وتأسيسا ً على ذلي ُحصرت مصادر العقاب والتجريم في النصذوص التشذريعية دون‬
‫ُقرها إال نص‪ ،‬وهو ما يُطلذق عليذه "مبذدأ‬
‫سواها‪ ،‬فالجريمة ال ينشئها إال نص‪ ،‬وكذلي العقوبة ال ي ّ‬
‫شرعية الجرائم والعقوبات"‪ .‬فالمبدأ العام وجود نموذج أو نص‪ ،‬وضرورة مطابقة الفعل المرتكب‬
‫لذلي النموذج أ و النص حتى يكتسب صفة التجريم‪ ،‬فعدم وجود نموذج حدده المشرع للجذرم يعنذي‬
‫ذلي عدم اعتبار الفعل جريمة‪ ،‬ولو نتج عنه ضرر للمجتمع أو كان مناقضا ً للدين واألخالق (‪.)270‬‬
‫إال أن الشرط الواجب توافره في النص التشريعي أو النموذج القذانوني لتجذريم الفعذل هذو‬
‫الكمال‪ ،‬بمعنى أن يبين هذا النموذج الفعل اإلجرامي‪ ،‬وبالمقابل يحدد العقوبة الواجبة التطبيق‪ ،‬فذال‬
‫يمكن للمشرع أن َينهى عن فعل دون أن يقرر عقوبة له‪ ،‬وكذلي ال يستطيع المشرع تقرير عقوبذة‬
‫دون بيان الفعذل المجذرم وتحديذد أوصذافه‪ ،‬وهذذا بنذا ًء علذى القاعذدة العامذة فذي القذانون الجنذائي‬
‫في نصوص التجريم"(‪.)271‬‬ ‫ومفادها‪" :‬ال يجوز القيا‬

‫(‪ )269‬سالمةك مأمون محمد (‪ .)1979‬قانون العقوباتك القسم العامك بال طبعةك دار الفكر العربيك القاهرك ص‪.589‬‬
‫(‪ .)1967‬الموجز في شرح قررانون العقوبرراتك القسررم العررامك بررال طبعررةك دار النهضررة العربيررةك القرراهر ك ص‪-41‬‬ ‫(‪ )270‬حسنيك محمود نجي‬
‫‪.42‬‬
‫(‪ )271‬حسنيك محمود نجي ك الموجز في شرح قانون العقوباتك المرجع السابقك ص‪.51‬‬

‫‪-115-‬‬
‫عرف الفقه الجنائي التفريد التشريعي بأنه‪ :‬محاولة المشرع أن يجعل من العقوبذة جذزا ًء‬
‫و ّ‬
‫مناسبا ً ومتالئما ً مع الخطورة المادية للجريمة من ناحية ما تتضمنه من خطر على المجتمع‪ ،‬وهذذا‬
‫يعني أ ن المشرع يراعي وقت صياغته للتشريع جسامة الجريمة من ناحيذة وخطذورة الجذاني مذن‬
‫ناحية أخرى‪ ،‬بحيث يقرر نوع الجزاء وفق وضع الجاني النفسي واالجتماعي مع مراعذاة جسذامة‬
‫الجريمة‪ ،‬فعقوبة الجناية تختلف عن عقوبة الجنحة والمخالفة (‪.)272‬‬
‫وينقسو التفريد العقابي إلى نوعين‪:‬‬
‫أولا ‪-‬التفريد التشريعي للعقوبة‪:‬‬
‫وهو من صميم عمل المشرع ويتمثل بقيام المشرع بتحديد عقوبات متنوعة للجريمة‪ ،‬آخذا ً‬
‫بعين االعتبار جسامة النتيجة وظروف الجاني‪ ،‬وعلى القاضي أن يلتزم بتطبيقها عمليا ً‪.‬‬
‫ومن مظاهر التفريد التشريعي للعقوبة‪:‬‬
‫‪ -‬تحديد المشرع حد أدنى وحد أقصى للعقوبة‪ ،‬ومثالها العقوبة المقررة فذي نذص المذادة (‪)333‬‬
‫من قانون العقوبات‪ ،‬إذ نص المشرع على حد أدنى ثالثة أشهر وحدا ً أعلى ثالث سنوات‪.‬‬
‫‪ -‬تشديد العقوبة على الجاني في بعض الحاالت ومثالها عندما شدد المشرع العقوبة على جريمذة‬
‫اإليذاء المفضي إلى الموت من خالل نص المادة (‪ )330‬عقوبات معتمذدا ً بذذلي علذى النتيجذة‬
‫الحاصلة‪.‬‬
‫‪ -‬األعذار المخففذة‪ ،‬والتذي يقذرر فيهذا المشذرع تخفيذف العقوبذة علذى الجذاني؛ نظذرا ً لظروفذه‪،‬‬
‫بصرف النظر عن جسامة الجريمة‪ ،‬ونذكر على سذبيل المثذال نذص المذادة (‪ )331‬عقوبذات‪،‬‬
‫التي تقضي بتخفيف العقوبة على قتل األم لوليدها الذي لم يتجاوز السنة‪ ،‬إذا كذان فعلهذا ناتجذا ً‬
‫عن عدم وعيها‪ ،‬أو بسبب الرضاعة الناجم عن والدته من عقوبة اإلعدام إلى االعتقال‪.‬‬
‫‪ -‬الظروف الشخصية التي تشدد العقوبة مثل صفة الطبيب في جريمة اإلجهاض‪.‬‬
‫ثانيا ا – التفريد القضائي للعقوبة‪:‬‬
‫وهذا ا لنوع من التفريذد يتذواله القاضذي‪ ،‬ويكذون مذن ضذمن صذالحياته باختيذار العقوبذة‬
‫المناسبة‪ ،‬لكن ضمن الحدود التي رسمها له المشرع‪ ،‬ويخضع الجتهذاد القاضذي مذن حيذث تحديذد‬
‫مقدار العقوبة‪ ،‬وهو ما يُطلق عليه"السلطة التقديرية للقاضي"‪ ،‬وال يخضع لرقابذة محكمذة التمييذز‬

‫(‪ )272‬ف رؤادك يررادل (‪ .)2018‬مبرردأ تفريررد العقوبررة فرري التد رريع الج ازئررريك رسررالة ماجسررتيرك جامعررة عبررد الحميررد بررن برراديس مسررتغانمك الج ازئررر‬
‫ص‪. 6‬‬

‫‪-116-‬‬
‫في السلطة المقررة له‪ ،‬ويختلف التفريد التشريعي للعقوبة عن التفريد القضائي بأن األول هو عذام‬
‫مجرد‪ ،‬أما الثاني فيختص بكل واقعة على حده (‪.)273‬‬
‫المطلب األول ‪-‬عقوبة جريمة القتل واإليذاء النـاجو عـن نقـل عـدوى فيـروس كورونـا المسـتجد‬
‫(‪:)COVID-19‬‬
‫على الذرغم مذن وجذود نصذوص جنائيذة عديذدة فذي قذانون العقوبذات األردنذي‪ُ ،‬‬
‫شذرعت‬
‫ووضعت لحماية األفراد من الجرائم الواقعة على األشخاص‪ ،‬فأفرد القانون عقوبات لجذرائم القتذل‬
‫بجميع أوصافها سواء القصذدية منهذا أم الخطذأ‪ ،‬وكذذلي جذرائم اإليذذاء واإلجهذاض‪ ،‬وفذي خضذم‬
‫كورونا‬ ‫(‪ ،)COVID-19‬وحيث ال يخفى على القاصي والداني طبيعة فيرو‬ ‫انتشار وباء فيرو‬
‫ال‬ ‫المستجد وخطورته‪ ،‬على اعتباره جائحة تعدت مرحلذة الوبذاء‪ ،‬إال أن المذريض بهذذا الفيذرو‬
‫يمكن اعتباره مريضذا ً ويسذتوجب معاملتذه كمجذرم إذا كذان مرضذه يُشذكل خطذرا ً علذى مصذلحة‬
‫األفراد‪ ،‬كالسلوي اإلجرامي الذي يصذدر عذن ممارسذة بعذض المصذابين‪ ،‬مذع علمهذم بإصذابتهم‪،‬‬
‫كامتناعهم عن عزل أنفسهم أ و االلتزام بالحجر الصحي وعدم اتخاذ التدابير واإلجراءات الوقائية‪،‬‬
‫أ و االمتناع عن الذهاب إلى المستشفى‪ ،‬وكذلي من استغل مرضه كسالح ضد المجتمع‪.‬‬
‫والسوال المطروح هنا‪ :‬هل يمكن اعتبار هذه النصوص كافية لحماية ضحايا نقذل عذدوى‬
‫كورونذا المسذتجد (‪)COVID-19‬؟ ومذا مذدى تجذريم الشذخص المصذاب بهذذا الفيذرو ؟‬ ‫فيرو‬
‫و لإلجابة على هذا السوال سنتطرق ألحكام قانون العقوبات األردني والقوانين الناظمة التي عالجت‬
‫هذا األمر‪.‬‬
‫بادئا ً ب ذي بدء‪ ،‬وقبل الخوض بنصوص التجريم الواردة ضمن قذانون العقوبذات األردنذي‪،‬‬
‫تجدر اإلشارة إلى قانون الصحة رقم (‪ )47‬لسنة ‪ 2008‬وما جاء فيه بخصوص الوباء والعدوى‪،‬‬
‫حيث تناولت المادة (‪/22‬ب) هذذه المسذألة بقولهذا‪" :‬كذل مذن أخفذى عذن قصذد مصذابا ً أو عذرض‬
‫شخصا ً للعدوى بمرض وبائي أو تسبب عن قصد بنقل العدوى للغير أو امتنع عن تنفيذ أي إجذراء‬
‫ُ‬
‫طلب منه لمنع تفشي العدوى‪ ،‬يعتبر أنه ارتكب جرما ً يعاقب عليه بمقتضى أحكام هذا القانون"‪.‬‬
‫ويستدل من هذا النص أن المشرع قد أعطى الصالحية لذوزير الصذحة بفذرض العقوبذات‬
‫على ناقل العدوى لمنع تفشي األوبئة في حال انتشارها‪ ،‬وحدد عقوبة لها ضمن نص المذادة (‪)66‬‬
‫من ذات القانون‪ ،‬والتي نصت على‪" :‬مع مراعاة أي عقوبة أشد ورد النص عليهذا فذي أي تشذريع‬
‫من شهرين إلى سنة أو بغرامة ال تقذل عذن خمسذمائة دينذار‪ ،‬وال تزيذد علذى‬ ‫آخر‪ ،‬يعاقب بالحب‬

‫(‪ )273‬الوافيك فواز (‪ .)2016‬تفريد الجزاء الجنائي وأثره على الردي العامك رسررالة ماجسررتيرك جامعررة الدرريخ العربرري البسررتيك بسررتهك الج ازئرررك‬
‫ص‪ 19‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪-117-‬‬
‫ألف دينار أو بكلتا هاتين العقوبتين‪ ،‬كل من خالف أي من أحكام هذا القانون أو األنظمذة الصذادرة‬
‫بمقتضاه ولم ترد عقوبة عليه في هذا القانون"‪.‬‬
‫وبالتدقيق في نص المادة (‪/22‬ب) من قانون الصحة نجد أنهذا قذد اسذتجمعت عذدة صذور‬
‫يمكن من خاللها نقل عدوى الوباء بها‪ ،‬فمن قام بإحدى األفعال المادية التالية‪:‬‬
‫أولا ‪ :‬من قام بإخفاء شخص مصاب بالوباء قصدا ً أو عذرض شخصذا ً للعذدوى بمذرض وبذائي أو‬
‫تسبب عن قصد بنقل العدوى للغير‪ ،‬فقد استجمع الركن المادي بفعله من حيث قيامه بالسلوي‬
‫المادي المطلوب لتحقق النتيجة الجرمية وهي نقل العدوى سذواء كذان ذلذي بإخفذاء الشذخص‬
‫المصاب أم بقيامه بتعريض شخص آخر للعدوى‪ ،‬أيا ً كانت الطريقة المتبعة فذي ذلذي‪ ،‬طالمذا‬
‫تودي إلى تحقيق النتيجة‪ ،‬وهذا يعني مواخذة الفاعل باعتباره مساهما ً بنقل العدوى من ّ‬
‫جراء‬
‫السلوي الذذي قذام بذه‪ ،‬أو فذي حذال تسذبب عذن قصذد بنقذل العذدوى للغيذر‪ ،‬إذا كذان مصذابا ً‬
‫بذذالفيرو ‪ ،‬إذ تنذذدرج هذذذه الصذذور تحذذت عنصذذر السذذلوي الضذذار المكذذون للذذركن المذذادي‬
‫للجريمة‪ ،‬ويقع على عاتق القضاء التأكد من توافر العالقة السببية بين سلوي الجاني والنتيجة‬
‫الجرمية‪.‬‬
‫أما الركن المعنو وهو توافر القصد الجرمي المتمثل بالعلم بعدم مشروعيته سذلوكه بإخفذاء‬
‫المصاب بالوباء أو التسبب بنقذل العذدوى وتعذريض الغيذر لإلصذابة بهذا‪ ،‬وعلمذه بذأن فعلذه‬
‫معاقب عليه إال أن إرادته اتجهت إلى هذا السلوي بإرادة حرة مختارة‪ ،‬فيتحقذق بذذلي الذركن‬
‫المعنوي للجريمة القصدية‪.‬‬
‫ثانيا ا‪ :‬االمتناع عن تنفيذ أي إجراء ُ‬
‫طلب منه لمنع تفشي العدوى‪ ،‬وهذذا السذلوي السذلبي باالمتنذاع‬
‫يُعد إحدى صور الخطأ التي وردت ضمن نص المادة (‪ )343‬من قانون العقوبات‪ ،‬والمتمثلة‬
‫باإلهمال والتقصير بالواجبات الواجب القيام بها لمنع تفشي المرض‪ ،‬وإن لم تتجذه نيتذه إلذى‬
‫إحداث النتيجة‪.‬‬
‫وعليه نجد أن نص المذادة (‪/22‬ب) مذن قذانون الصذحة قذد اسذتجمعت الجذرائم القصذدية‬
‫وغير القصدية‪ ،‬إال أن العقوبة على تحقق النتيجة الجرمية في هذه المادة وفقذا ً لذنص المذادة (‪)66‬‬
‫منه ال تعدو أن تكون عقوبة جنحوية‪ ،‬حيث حذدد المشذرع الحذد األدنذى بشذهرين واألعلذى بسذنة‪،‬‬
‫ويترتب على ذلي ووفقا ً لمبدأ تفريد العقوبة‪ ،‬حق القاضي باستعمال سلطته التقديرية بذالحكم بالحذد‬
‫األدنى بالعقوبة‪ ،‬وبالتالي ووفقا ً لنص المادة (‪ )27‬من قانون العقوبات‪ ،‬والتي تذنص علذى إمكانيذة‬
‫بالغرامة إذا كان الحكم ال يتجاوز الثالثة أشهر إذا اقتنعذت بكفايذة العقوبذة(‪ ،)274‬إذ‬ ‫استبدال الحب‬

‫(‪ )274‬قر ررار محممر ررة التميير ررز رقر ررم (‪)1999/814‬ك المندر ررور علر ررى الصر ررفحة (‪)2451‬ك مر ررن عر رردد مجلر ررة نقابر ررة المحر ررامين رقر ررم (‪ )12‬تر رراريخ‬
‫‪2001/1/1‬‬

‫‪-118-‬‬
‫نعتقد بعدم كفاءة هذا النص لتحقيق الهدف المرجو منه‪ ،‬وهو الردع‪ ،‬فهذو ال يُسذمن وال يغنذي مذن‬
‫جوع‪ ،‬في ضوء جسامة النتيجة أو القصد الجرمي لدى الجاني‪.‬‬
‫إال أنه وبسبب الظذروف االسذتثنائية التذي يمذر بهذا العذالم عامذة‪ ،‬واألردن خاصذة‪ ،‬التذي‬
‫تستدعي اتخاذ التدابير واإلجراءات الضرورية لتأمين السالمة العامذة والذدفاع عذن المملكذة‪ ،‬دون‬
‫التقيد بأحكام القوانين العادية المعمول بها‪ ،‬فقد تم إعالن حالة الطوارئ اسذتنادا ً إلذى قذانون الذدفاع‬
‫رقم (‪ )13‬لسنة ‪ ،1992‬المادة الثانية منه (‪.)275‬‬
‫وعليه‪ ،‬وفي ضوء تحقق إحدى حاالت الطوارئ المنصوص عليها ضذمن القذانون‪ ،‬وهذي‬
‫الوزراء أمر يقضي بتعطيل العمل بنص المادة (‪ )22‬من قذانون‬ ‫انتشار آفة أو وباء‪ ،‬أصدر رئي‬
‫الصحة العامة والمادة (‪ )66‬من ذات القانون‪ ،‬بحيث ال يعمذل بهذا فذي ظذل الظذروف االسذتثنائية‬
‫وانتشار الوباء وأصدر أمر الدفاع رقم (‪ )8‬لتغليظ العقوبات على األشخاص المسذتهترين بأنفسذهم‬
‫وأسرهم والمجتمع بشكل عام‪ ،‬بنقلهم العدوى وانتشارها إما عن قصد‪ ،‬أو قلة احتراز وحدد العقوبة‬
‫(‪ )COVID-19‬كذذاآلتي‪" :‬يُعاقذذب كذذل مذذن يخذذالف أي ذا ً مذذن‬ ‫بموجبذذه علذذى ناقذذل العذذدوى بفيذذرو‬
‫حتذى ثذالث سذنوات أو بغرامذة‬ ‫االلتزامات أو التدابير المفروضة بموجب أمر الدفاع هذا بذالحب‬
‫مقدارها ثالثة آالف دينار أو بكلتا هاتين العقوبتين"‪.‬‬
‫ويتضح من هذا النص‪ ،‬أن االختصاص بتنفيذ أمر الدفاع ينعقد لمحكمة البدايذة وفذق الحذد‬
‫األعلى للعقوبة‪ ،‬بما ال يتجاوز الثالث سنوات‪ ،‬إذ لم يحدد المشرع فيها حد أدنى‪ ،‬وتري ذلي لتقدير‬
‫قاضي الموضوع‪ ،‬حسب طبيعة الفعل المرتكب‪ ،‬كما نصت المادة (‪ )7‬من قانون الدفاع على أنذه‪:‬‬
‫مذدة ال تزيذد علذى سذتة‬ ‫"ب‪ .‬إذا لم تبين أوامر الدفاع عقوبة للمخالفذة‪ ،‬فيعاقذب المخذالف بذالحب‬
‫أشهر‪ ،‬وبغرامة ال تتجاوز خمسمائة دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين‪ .‬ج‪ .‬إذا كانت المخالفة جريمة‬
‫بموجب أي قانون آخر‪ ،‬فتطبق العقوبة الواردة في ذلذي القذانون إذا كانذت أشذد ممذا ورد فذي هذذا‬
‫القانون"‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى نص أمر الدفاع رقم (‪ )8‬نجد أنه ينص على السلوكيات السلبية التي ينهذى‬
‫المشرع عن القيام بها بُغية منع تفشي الوباء وانتشاره‪ ،‬بمعنى أن غايته وقائيذة‪ ،‬ويرجذع ذلذي إلذى‬
‫عدم كفاية النصوص الجزائية في قانون العقوبات األردني أو التشريعات المعنية األخرى‪ ،‬ونظذرا ً‬
‫لعدم شمولية أحكذام التشذريع األردنذي لكافذة األفعذال الجرميذة ذات الصذلة بمكافحذة انتشذار وبذاء‬
‫كورونا المستجد مثل عدم تقرير عقاب في حال عدم قيام الفرد باإلفصاح عن اإلصذابة بالوبذاء أو‬

‫(‪ )275‬المرراد (‪ )2‬مررن قررانون الرردفاي رقررم (‪ )13‬لسررنة ‪1992‬ك وجرراء فيهررا‪ :‬يإذا حرردم مررا يسررتدعي الردفاي عررن الرروطن فرري حالررة وقرروي طروارئ‬
‫وقرروي حررربك أو يررام حالررة تهرردد بوقوعهرراك أو‬ ‫تهدد األمن الوطني أو السالمة العامة في جميع أنحاء المملكة أو في منطقررة منهررا بسررب‬
‫راء‬ ‫حرردوم اضررطرابات أو فتنررة داخليررة مسررلحة أو ك روارم عامررة أو انتدررار آفررة أو وبرراء يعلررن العمررل بهررذا القررانون‬
‫بر راد ملكيررة تصرردر بنر ً‬
‫على قرار مررن مجلس الرروزراءي‪.‬‬

‫‪-119-‬‬
‫مخالفته للتعليمات واألوامر الصحية‪ ،‬وكون هذه التصرفات غير المسوولة هي التي تسذاهم بشذكل‬
‫رئيسي في انتشار الوباء‪ ،‬والتي تتسبب بحاالت اإلصابة والوفاة‪ ،‬كان ال بد من وجود قانون خاص‬
‫ينظمها خاصة في الظروف االستثنائية‪ ،‬التي تسمح بإصدار مثل هذه القوانين للغاية التي أصدرت‬
‫من أجلها‪ ،‬هذا إلى جانب عدم جدوى العقوبات المقررة على هذه الجرائم بُشكل فعال‪.‬‬
‫إال أننا ال نستطيع االعتماد بشكل دائذم علذى نصذوص أوامذر الذدفاع حتذى إن كانذت تفذي‬
‫بالغرض من تشريعها‪ ،‬ذلي أنها قذوانين نافذذة بنفذاذ قذانون الذدفاع‪ ،‬والمذرتبط وجذودا ً وعذدما ً مذع‬
‫الظروف االستثنائية‪ ،‬إذ ال يعمل بها إال إذا صدرت اإلرادة الملكية السذامية بتفعيذل قذانون الذدفاع‪،‬‬
‫وينتهي العمل بها أيضا ً بصدور اإلرادة الملكية السامية بانتهاء العمل بقانون الدفاع‪ ،‬وتعذود سذلطة‬
‫القوانين العادية المعمول بها في ا ألحوال العادية‪ ،‬فتتم محاكمة الجاني في ظل هذه الظذروف وفذق‬
‫العقوبات المقررة في أمر الدفاع بشرط تعطيل نص القانون العادي الذي يحكم الفعل‪.‬‬
‫المطلــب الثــاني – عقوبــة الجريمــة القصــدية مــن خــالل نقــل عــدوى فيــروس كورونــا المســتجد‬
‫‪:COVID-19‬‬
‫كورونذا‬ ‫ال يوجد نص خاص في قانون العقوبات األردني يقرر العقاب على نقذل فيذرو‬
‫المستجد عمدا ً أو عن غير عمد‪ ،‬مما أثار جدالً واسعا ً حذول تحديذد التكييذف القذانوني الذذي يمكذن‬
‫كورونذا المسذتجد بقصذد‬ ‫إضفاوه على الواقعة المرتكبة‪ ،‬إذ نجد في جريمة نقذل العذدوى بفيذرو‬
‫القتل واإليذاء عدة أوصاف تتوافق مذع األوصذاف الجرميذة فذي القواعذد العامذة لقذانون العقوبذات‬
‫سنتعرض لها على التوالي‪.‬‬
‫أولا‪ :‬فيما يتعلق بجريمة اإلجهذاض نصذت المذادة (‪ )323‬مذن قذانون العقوبذات األردنذي‬
‫على‪-1" :‬من تسبب عن قصد بإجهاض امرأة دون رضذاها‪ ،‬عوقذب باألشذغال مذدة ال تزيذد علذى‬
‫عشر سنوات ‪ .2‬وال تنقص العقوبة عن عشر سنوات إذا أفضى اإلجهاض أو الوسذائل المسذتعملة‬
‫إلى موت المرأة"‪.‬‬
‫كورونذا المسذتجد ومذا أكدتذه‬ ‫وفي هذا الشأن‪ ،‬نجد أنه ونظرا ً لطبيعة طرق انتقال فيرو‬
‫األشذخاص المصذابين أو األمذاكن الموبذوءة أو‬ ‫الدراسات الطبية حول طريقة انتقاله بواسطة لم‬
‫عبر الذدم أو مذن خذالل‬ ‫عبر انتقال الرذاذ الناجم عن السعال والعط ‪ ،‬إذ ال يمكن انتقال الفيرو‬
‫الحبل السري‪ ،‬الذي يعتبر طريقة االتصال الوحيدة بذين األم وجنينهذا‪ ،‬وبنذا ًء علذى ذلذي‪ ،‬ال يمكذن‬
‫كورونذا المسذتجد (‪ ،)COVID-19‬وإنمذا تقذع‬ ‫القول بوقوع جريمة إجهاض بواسطة نقذل فيذرو‬
‫تحت وصف الجريمة الخائبة باعتبار عدم تحقذق نتيجتهذا والقصذد منهذا رغذم اجتهذاد الجذاني فذي‬
‫تحقيق الغرض‪.‬‬

‫‪-120-‬‬
‫وبالتالي‪ ،‬تنحصر مسوولية الجاني وفق ذلي بعقوبة الشروع التام إذ ال يمكن تطبيذق نذص‬
‫المادة (‪ )323‬على فعله إنما يحاسب وفقا ً لنص المادة (‪ )70‬من ذات القذانون كالتذالي‪" :‬إذا كانذت‬
‫األفعال الالزمة إلتمام الجريمة قد تمت ولكن لحيلولة أسباب مانعة ال دخذل إلرادة فاعلهذا فيهذا لذم‬
‫تتم الجريمة المقصودة‪ ،‬عوقب على الوجه التالي‪ .1 :‬األشغال الموبدة أو األشغال عشرين سنة إذا‬
‫عشرة إلى عشذرين سذنة مذن العقوبذة‬ ‫كانت عقوبة الجناية التي شرع فيها تستلزم اإلعدام‪ ،‬وخم‬
‫عشذرة‬ ‫نفسها إذا كانت العقوبة األشغال الموبدة أو االعتقال الموبد‪ ،‬واثنتي عشرة سذنة إلذى خمذ‬
‫سنة من العقوبة نفسها إذا كانت العقوبة األشغال أو االعتقال الموبد مدة عشرين سنة‪ .2 .‬أن ينذزل‬
‫من أية عقوبة أخرى من الثلث إلى النصف"(‪.)276‬‬
‫وهذا ما يطبق أيضا ً على نص المادة (‪ )336‬والتي نصت على‪" :‬من تسبب بإحدى وسائل‬
‫العنف أو االعتداء المذكورة في المذادة (‪ )333‬بإجهذاض حامذل وهذو علذى علذم بحملهذا‪ ،‬عوقذب‬
‫باألشغال الموقتة مدة ال تزيد على عشر سنوات"‪ ،‬إال أن الفرق بين نص المادتين يكمن فذي اتجذاه‬
‫إرادة الجاني في نص المادة (‪ )323‬إلذى فعذل اإلجهذاض بقصذد خذاص‪ ،‬أمذا المذادة (‪ )336‬فهذو‬
‫تحقق النتيجة وهي اإلجهاض بنا ًء على أي فعل اعتداء أو عنف وقع من الفاعل‪.‬‬
‫ثانيا ا‪ :‬جريمة القتل القصد ونصت عليها المواد (‪ 326‬و‪ 327‬و‪ 328‬و‪ )329‬مذن قذانون‬
‫العقوبات‪ ،‬إذ نالحظ أن معظم هذه الجرائم اجتهد المشرع فيها بتقييد سلطة القاضي التقديريذة فيهذا‬
‫قدر اإلمكان‪ ،‬فقد جاءت المادة (‪ )326‬لتوضح العقوبة على القتل‪ ،‬أيا ً كانذت الوسذيلة المسذتخدمة‪،‬‬
‫كورونذا‬ ‫طالما تحققذت النتيجذة وثبذت القصذد الجنذائي لذدى الجذاني‪ ،‬بمعنذى أن اسذتخدام فيذرو‬
‫المستجد لنقل عدوى المرض بقصد القتل واستغالل الجاني مرضه كوسيلة لقتل المجني عليذه يقذع‬
‫تحت هذا الو صذف إذا تحققذت النتيجذة والرابطذة السذببية بذين الفعذل والنتيجذة فيعاقذب علذى ذلذي‬
‫باألشغال عشرين سنة وفقا ً لنص المادة (‪ )326‬عقوبات‪.‬‬
‫أما المادة (‪ )327‬فجاءت بظرف مشدد للعقوبة علذى الجذاني إذا اقترنذت بظذروف معينذة‬
‫كأن يكون المجني عليهم أكثر من شخص‪ ،‬إذ من الممكن تصور هذا من خالل نقل عدوى فيرو‬
‫كورونا المستجد ألكثر من شخص من خالله تواجده في مكذان عذام‪ ،‬أو تعمذده وضذع لعابذه علذى‬
‫مقابض المقاعد في وسائل النقل العام بهدف نقل العدوى لكل شخص يلمسها‪ ،‬وتحقق النتيجة بوفاة‬

‫عليهررا القررانون إال‬ ‫(‪ )276‬قرار محممررة التمييررز رقررم (‪ )2002/667‬وجرراء فيرره‪ :‬ي‪ ...‬نجررد أن اإلجهرراض مررن الجررائم المقصررود الترري ال يعاقر‬
‫عرفها القانون وفق ما نصررت عليرره المرراد (‪ )63‬مررن قررانون العقوبرراتك وفرري‬ ‫إذا توافر القصد الجنائي وهو إراد ارتكاب الجريمة على ما ّ‬
‫جريمة اإلجهاض يتطل القصد الجرمي انص ار أدا الجاني إلى ارتكرراب هررذه الجريمررة بجميررع أركانهررا وعناصرررها وشررروطها مررع علمرره‬
‫بها جميعاًك وحيش أن النيابة العامة لم تقدم البينة على أن القتل الذي أقدم عليه المتهم كان بقصد اإلجهاض فررال عقرراب علررى ذلررف كمررا‬
‫ال عقاب على قتل الجنين وهررو فرري بطررن أمرره ذلررف ألنرره يدررترط لتكرروين جريمررة القتررل أن يقررع االعتررداء علررى إنسرران علررى قيررد الحيررا بعررد‬
‫إعالن عدم المسؤوليةي‪.‬‬ ‫والدته وهذا الدرط لم يتوفر في هذه القضية مما يتوج‬

‫‪-121-‬‬
‫جراء فعذل الجذاني‪ ،‬فينطبذق عليذه نذص المذادة (‪ )327‬عقوبذات ويعاقذب عليهذا‬
‫أكثر من شخص ّ‬
‫باألشغال الموبدة (‪.)277‬‬
‫ويرى الباحث هنا أن اتجاه الجاني إلى تحقق نتيجة القتل على أكثر من شخص من خذالل‬
‫كورونا المستجد (‪ ،)COVID-19‬إنما ت ُشكل ّنيذة جرميذة تتعذدى الوصذف فذي‬ ‫نقل عدوى فيرو‬
‫نص المادة (‪ )327‬إلى نص المادة (‪/3‬و) من قانون اإلرهاب‪ ،‬وجاء بها‪" :‬تعتبذر األعمذال التاليذة‬
‫في حكم األعمال اإلرهابية المحظورة‪ :‬و‪ .‬حيازة أو إحراز أو صنع أو استيراد أو تصذدير أو نقذل‬
‫أو بيع أو تسيلم مادة مفرقعة أو سامة أو كيمياوية أو جرثومية أو إشعاعية أو ملتهبة أو حارقذة أو‬
‫ما هو في حكم هذه المواد‪ ،‬أو أسلحة أو ذخائر أو التعامل بأي منها على أي وجه بقصد استخدامها‬
‫للقيام بأعمال إرهابية أو على وجه غير مشروع"(‪.)278‬‬
‫وقد اشترط المشرع األردني لقيام المسوولية الجزائية عن جريمة اإلرهذاب تذوافر الذركن‬
‫المادي والركن المعنوي والركن الخاص‪ ،‬وبالرغم أن المشرع لم يحدد صذور الذركن المذادي‪ ،‬إال‬
‫أنه في جريمة اإلرهاب حدد صور هذا النشاط والذي يتمثل بالقيام بذأي عمذل مذادي‪ ،‬أو االمتنذاع‬
‫عنه‪ ،‬أو التهديد به إذا كان من شأنه تعريض سالمة المجتمع وأمنه للخطر‪ ،‬أو إحداث فتنة إذا كان‬
‫أو تذرويعهم أو تعذريض حيذاتهم‬ ‫من شأن ذلي اإلخالل بالنظام العام‪ ،‬أو إلقاء الرعذب بذين النذا‬
‫كورونا المستجد‬ ‫للخطر‪ ،‬وهذا ما ينطبق تمام االنطباق على القصد الخاص في جريمة نقل فيرو‬
‫في األماكن العامة والتجمعات‪ ،‬وما ينتج عنه من تعريض سذالمة المجتمذع وأمنذه للخطذر‪ ،‬وإلقذاء‬
‫من سرعة انتشاره وصعوبة رصده‪،‬‬ ‫الرعب بين األفراد وترويعهم‪ ،‬وخاصة ما يميز هذا الفيرو‬
‫مما يعني خطورة النيّة اإلجرامية لدى الجاني‪ ،‬بحيث ترقى إلى مستوى اإلرهاب‪ ،‬فتكذون عقوبتذه‬
‫وفقا ً لذلي وفق المادة (‪/7‬ب) من قانون منذع اإلرهذاب وتعديالتذه رقذم (‪ )55‬لسذنة ‪ 2006‬والتذي‬
‫تنص‪" :‬يُعاقب مرتكب العمل اإلرهابي باإلعدام في أي من الحذاالت التاليذة‪ .1 :‬إذا أفضذى العمذل‬
‫اإلرهابي إلى موت إنسان"‪.‬‬

‫(‪ )277‬ق ررار محممررة التمييررز رقررم (‪ )2016/1099‬وجرراء فيرره‪ :‬ي‪ ...‬يدررترط لتطبيررق عقوبررة القتررل الواقررع عل رى أك ررر مررن شررخص واحررد (وفررق‬
‫أحمررام المرراد ‪ 327‬عقوبررات) أن يقررع القتررل القصررد علررى أك ررر مررن شررخص‪ .‬ويتم ررل ذلررف فرري حالررة الغلررط فرري الدررخص المرراد قتلرره وهرري‬
‫تلررف الحالررة الترري يوجرره فيهررا الجرراني فعلرره إلررى شررخص معررين قاصررداً قتلررهك ولكنرره لررم يقتررل الدررخص المطلرروب فقررط وإنمررا يصررري شخص راً‬
‫آخر كان يمر بجانبه ولم يمن يقصد قتله في األصل حتى يصار إلى تدديد العقوبة وفق أحمام الماد (‪ )1/57‬من قانون العقوباتي‪.‬‬
‫(‪ )278‬قرار محممة التمييز رقررم (‪ )2017/44‬وجرراء فيرره‪ :‬ي‪ ...‬فر ن فعلهررم هررذا يدررمل كافررة أركرران وعناصررر التهمررة األولررى المسررند لهررم وهرري‬
‫جنايررة الترردخل بالقيررام بأعمررال إرهابيررة باسررتخدام أسررلحة أفضررت إلررى مرروت إنسرران باالشررتراك خالف راً ألحمررام المررادتين (‪/7‬ب‪ 3/1/‬و‪/7‬و)‬
‫من قانون منع اإلرهابي رقم (‪ )55‬لسنة ‪... 2006‬ي‪.‬‬

‫‪-122-‬‬
‫أما المادة (‪ ) 328‬عقوبات‪ ،‬فقد جاءت بأقصى درجذات العقوبذة إذا كذان القتذل عذن سذبق‬
‫إصرار(‪ ،)279‬أو على أحد أصوله(‪ ،)280‬فنصت على أن تكون العقوبة هي اإلعدام‪ ،‬ويمكن تصذور‬
‫كورونا المستجد من الجاني إلى أحد أصوله سواء كذان‬ ‫هذا الوصف من خالل نقل عدوى فيرو‬
‫التأثير بشذكل‬ ‫األب أو األم أو الجد أو الجدة بقصد إزهاق روحه‪ ،‬ال سيما وأن من طبيعة الفيرو‬
‫مباشر على كبار السن‪ ،‬أو من ال يتمتع منهم بالمناعة الكافية‪ ،‬أو من كان مذنهم مصذاب بمذرض‪،‬‬
‫فيحدث أثره وتتحقق النتيجذة وتعتبذر وسذيلة متاحذة‪ ،‬ويُالحذظ أن هذذه العقوبذة ال تخضذع للسذلطة‬
‫الت قديرية للقاضي‪ ،‬وال لمبدأ تفريد العقوبة‪ ،‬إذ حددها المشرع بشكل قطعي‪.‬‬
‫ويعتقد الباحث أن موقف المشرع األردني جاء نظرا ً لجسامة الجرم‪ ،‬وبذات الوقذت تذوافر‬
‫القصد الجرمي الخاص لدى الفاعل‪ ،‬إذ ال يُقدم علذى مثذل هذذه األفعذال إال مذن يتصذف بالشراسذة‬
‫أواصذر القربذى والذدم ال يذوتمن علذى أي شذخص آخذر‪،‬‬ ‫والخطورة اإلجرامية‪ ،‬فمن تنكر ألقذد‬
‫ألحد أصوله بنيّة إزهاق روحه‪.‬‬ ‫ويمكن تطبيق هذه العقوبة على ناقل عدوى الفيرو‬
‫عرفت سذبق‬
‫فيما جاءت المادة (‪ )329‬من قانون العقوبات لتوكد ما جاءت به سابقتها‪ ،‬إذ ّ‬
‫اإلصرار بأنه‪ :‬القصد المصمم عليه قبل الفعل الرتكاب جنحة أو جنايذة‪ ،‬بمعنذى إظهذار الخطذورة‬
‫الجاني والتأكيد عليها والتي تستحق عقوبة اإلعدام‪ ،‬حيث إن المشرع لم‬ ‫اإلجرامية الكامنة في نف‬
‫يجعل من سبق اإلصرار ظرفا ً مشددا ً إال في الجرائم الواقعة على األرواح واألجساد كالقتل‪ ،‬كذون‬
‫أن مصلحة الجماعة أولى بالرعاية من مصلحة الفرد (‪ )281‬تيمنا ً بخطى الشريعة في هذا المضمار‪.‬‬

‫(‪ )279‬قرار محممة التمييز رقم (‪ )2018/398‬وجاء فيه‪ :‬يإن ما أقدم عليه المتهمون أفعررال جرميررة تم لررت بررالتخطيط الهررادئ والمسرربق لقتررل‬
‫اآل رري العائ ررد للمغ رردور لعلررم المحم رروم علي رره بوج ررود رصرريد للمغ رردور ف رري البن ررف وش ررائه‬ ‫المغرردور س ررامر للحص ررول عل ررى بطاقررة الص ر ار‬
‫مسدساً لهذه الغاية مع عتاده بفتر زمنية طويلة علررى واقعررة قتررل المغرردور ومررن ثررم إرسررال زوجترره وأوالده إلررى بيررت عديلرره إلخررالء المنررزل‬
‫واستدراج المغدور إلى بيته ومن ثم إطالق الرصاص على رأسه من الخلع ومن ثم نقل الج ة إلررى ممرران مهجررور وإحراقهررا والعررود إلررى‬
‫المن ررزل ليمس ررح آث ررار ال رردماء والع ررود إل ررى زوجت رره وأوالدهك تُد ررمل كاف ررة أرك رران وعناص ررر جناي ررة القت ررل م ررع س رربق اإلصر ررار بح رردود الم رراد‬
‫(‪ )1/328‬مررن قررانون العقوبرراتك وكمررا انتهررى لررذلف ق ررار الحمررم ب ثب ررات كافررة أركرران وعناصررر هررذه الجريمررة مررن خررالل بينررات ال رردعوى‬
‫وظروفها ومالبساتهاي‪.‬‬
‫(‪ )280‬ق ررار محممررة التمييررز رقررم (‪ )2018/2801‬وجرراء فيرره‪ :‬ي‪ ...‬يُدررمل إقرردام المررتهم علررى ضرررب والررده المجنرري عليرره بحجررر علررى مقدمررة‬
‫رأسه أدى إلى حصول نز دمرروي تحررت عنكبوتيررة الرردماا وحصررول الوفررا بقصررد قتلرره سررائر أركرران وعناصررر جنايررة القتررل بحرردود المرراد‬
‫(‪ )3/328‬من قانون العقوبررات علررى اعتبررار أن نّيرة المررتهم قررد اتجهررت إلررى قتررل المجنرري عليررهك ويُسررتدل علررى ذلررف مررن األدا المسررتخدمة‬
‫اضة بطبيعتها وقاتلة بالطريقة التي استخدمت بها وهي الضرب على منطقة الجبهة وحصول الوفا ي‪.‬‬ ‫(حجر) وهي أدا ر ّ‬
‫(‪ )281‬قرار محممة التمييز رقم (‪)2012/835‬ك وجاء فيه‪ :‬ي‪ ...‬قد أقدم على قتل المغدورين بتصميم مسرربق حيررش كرران مبيررت النيررة بررالمعنى‬
‫المقصود في الماد (‪ )329‬من قانون العقوبات بدليل أنه كدع عن هذه النيّة الم بتررة بالليلررة الترري سرربقت حصررول الحررادم أثنرراء السررهر‬
‫في منزل الداهد معاذ بقوله (بمر بدها تيجي الدرطة وبرردي د ارنررا وداركررو تطيررر بررالهوا) وممررا يؤكررد علررى أن المررتهم اقتررر جريمترره عررن‬
‫سرربق إص ررار وتص ررميم وتص ررور وه ررو ه ررادئ الب ررالك قدوم رره ي رروم الحررادم بع ررد أن أع ررد مسدس رره لتنفي ررذ مخطط رره اإلج ارم رري ب حض رراره مع رره‬
‫المسدس المعد لإلطالق والمحدو بالعتاد وإحضاره أيضاً سيف ‪...‬ي‪.‬‬

‫‪-123-‬‬
‫أما المادة (‪ ) 330‬من قانون العقوبات‪ ،‬والتي تنص على عقوبة األشغال مدة ال تنقص عن‬
‫سبع سنوات‪ ،‬بمعنى أن المشرع أعطى الصذالحية لقاضذي الموضذوع باختيذار العقوبذة المناسذبة‪،‬‬
‫وجعل حدها األدنى سبع سنوات‪ ،‬وتري الحد األعلى لسلطة القاضي التقديريذة‪ ،‬بذالرغم أن القصذد‬
‫الجنائي المتوافر لدى الجاني وقت ارتكاب الجرم لم يكن يُقصد منه القتل‪ ،‬وإنما أراد إيذاء المجنذي‬
‫عليه‪ ،‬غير أن النتيجة المتحققة كانت الوفاة فاستحق على فعلته األشغال بحد أدنى سبع سنوات تبعا ً‬
‫للنتيجة الحاصلة‪ .‬ولم يأخذ المشرع باعتباره اتجاه نيّة الجاني‪ ،‬وال أدل على ذلذي مذن أن المشذرع‬
‫األردني صنّ ف جريمة الضرب المفضي إلى الموت مذن ضذمن جذرائم القتذل بداللذة الحذد األدنذى‬
‫للعقوبة‪.‬‬
‫ويرى الباحث أن طبيعة هذه الجريمة هي جريمة مختلطة بذين الجذرائم القصذدية وجذرائم‬
‫الخطأ‪ ،‬بحيث اتجه قصد الجاني إلى اإليذاء وهو ما يمثل الجريمة القصدية‪ ،‬ومن ثم حصلت الوفاة‬
‫دون قصد من الجاني‪ ،‬وهو ما يمثل جريمة الخطأ‪ ،‬فتحققت مسوولية الجاني عن النتيجذة غيذر أن‬
‫العبرة في الجرائم القصدية هي النيّة واإلرادة مهمذا كانذت النتيجذة‪ ،‬فكذان علذى المشذرع تصذنيف‬
‫جريمة الضرب المفضي إلى الموت ضمن جرائم اإليذاء المشدد‪.‬‬
‫كورونذا المسذتجد (‪)COVID-19‬؛ ولصذعوبة‬ ‫وفيما يتعلق بجذرائم نقذل العذدوى بفيذرو‬
‫استظهار نيّة الجاني فيما إذا كانت قذد اتجهذت إلذى اإليذذاء أو القتذل‪ ،‬وهذو شذيء فذي غايذة الدقذة‬
‫والصعوبة‪ ،‬نتطلع إلى أن يتم األخذ بعين االعتبار الوسيلة المسذتعملة فذي الجريمذة خالفذا ً للقاعذدة‬
‫العامة والتي لم يُعر فيهذا المشذرع األردنذي أي اهتمذام للوسذيلة أو األداة المسذتخدمة فذي الجذرائم‬
‫القصدية‪ ،‬أسوة ً بالتشريع المصري والفرنسي‪ ،‬عندما أولى لجريمة التسذميم عقوبذة خاصذة؛ نظذرا ً‬
‫لألداة المستخدمة‪ ،‬وربما يرجع ذلي إلى أن اختيار هذه الوسيلة حصرا ً من قبذل الجذاني تذدل علذى‬
‫وجود سبق اإلصرار لديه‪ ،‬لما تحتاجه مذن تذدبير وتنفيذذ‪ ،‬إضذافةً إلذى أن المجنذي عليذه قذد أولذى‬
‫الجذذاني ثقذذة خاصذذة إال أن األخيذذر قذذد غذذدر بذذه‪ ،‬فضذالً عذذن سذذهولة تحضذذيرها‪ ،‬وسذذهولة إخفذذاء‬
‫كورونذا‬ ‫معالمها(‪ ،)282‬بحيث ت ُشكل وسذيلة تتسذم بذالخطورة‪ ،‬وهذذا مذا ينطبذق علذى نقذل فيذرو‬
‫المستجد‪.‬‬
‫أما الفقرة الثانية من ذات المادة‪ ،‬فقد جعلت الحد األدنى من العقوبة اثني عشر سذنة إذا مذا‬
‫وقعت اإلصابة على موظف أثناء ممارسته وظيفته أو من أجل ما أجراه من أجل الوظيفة‪ ،‬أو على‬
‫حدث لم يكمل الخامسة عشر‪ ،‬أو على ذوي اإلعاقة مهما بلس عمرهم‪ ،‬وبالتالي اتجه المشذرع إلذى‬
‫تشديد العقوبة إذا وقعت على فئة محددة؛ نظرا ً لطبيعة عمل هوالء األشخاص‪ ،‬أو نظذرا ً لظذروف‬

‫راءك بررال طبعررةك دار الفكررر العربرريك القرراهرك‬ ‫المدرردد والمخففررة فرري قررانون‬
‫العقوبررات فقهراً وقضر ً‬ ‫(‪ )282‬البغررالك سرريد حسررن (‪ .)1982‬الظرررو‬
‫ص‪.134‬‬

‫‪-124-‬‬
‫إلى‬ ‫خاصة بهم‪ ،‬والعلة من ذلي هي تأكيد ضمان الحماية لهم‪ ،‬فلو قام الجاني بنقل عدوى الفيرو‬
‫موظذذف الصذذحة العامذذة أو أي شذذخص يحمذذل صذذفة الموظذذف‪ ،‬حتذذى يمنعذذه مذذن القيذذام بواجبذذه‪،‬‬
‫تضاعفت العقوبة من الحد األدنى سبع سنوات إلى اثني عشر سنة‪ ،‬ومرد ذلي أن تشعر هذذه الفئذة‬
‫من المجتمع باألمن أثناء تأدية وظيفتها على الوجه المطلوب دون وجل‪ ،‬ووضع أيضا ً اعتبارا ً لسن‬
‫(‪)283‬‬
‫المجني عليه وحالته العقلية‪ ،‬والحكمة من ذلي حماية ضعفه مما يجعلذه فريسذة سذهلة للجذاني‬
‫سواء كان ذلي لعدم إدراكه أو لقصور في ملكاته العقلية‪.‬‬
‫وفيما يتعلذق بجذرائم اإليذذاء عذن قصذد‪ ،‬فقذد حصذرها المشذرع بنصذوص المذواد (‪333‬‬
‫و‪ 334‬و‪ )335‬من قانون العقوبات‪ ،‬وجاءت نصوص المادتين (‪ 333‬و‪ )334‬مذن القذانون ذاتذه‬
‫كاآلتي‪:‬‬
‫‪ -‬المادة (‪ )333‬جاءت لتحدد مدة المرض والتعطيل الناجم عن االعتداء بمدة تزيد على عشرين‬
‫كحد أدنى ثالثة أشهر‪ ،‬وحد أعلى ثالث سنوات‪.‬‬ ‫يوما ً‪ ،‬وحددت عقابا ً عليها بالحب‬
‫‪ -‬المادة (‪ )334‬جاءت بثالث حاالت‪:‬‬
‫• الحالة األولى‪ :‬إذا لم ينجم عن االعتداء أي مرض أو تعطيل عن العمل‬
‫• الحالة الثانية‪ :‬إذا نجم عن االعتداء مرض أو تعطيل‪ ،‬ولكن مدتذه لذم تذزد علذى العشذرين‬
‫مدة ال تزيد على سنة أو بغرامة ال تزيد على مائة دينار‬ ‫يوما ً‪ ،‬جعلت العقوبة عليها الحب‬
‫أو بكلتا هاتين العقوبتين‪.‬‬
‫• الحالة الثالثة إذا لم ينجم عن االعتداء مرض أو تعطيل عن العمل تزيد مدته علذى عشذرة‬
‫أيام (بمعنى أن يكون التعطيل أقل من عشذرة أيذام)‪ ،‬فذال يجذوز مذن سذلطة االتهذام تعقذب‬
‫الدعوى بدون شكوى المتضرر‪ ،‬كتابذةً أو شذفهيا ً‪ ،‬فذإذا تنذازل الشذاكي عذن الشذكوى بذأي‬
‫مرحلة من مراحل الدعوى‪ ،‬حتى وإن اكتسب الحكم الدرجة القطعية‪ ،‬على إثر ذلي دعوى‬
‫الحق العام‪.‬‬
‫وحيث يُستدل على نيّة الجاني من أفعاله الظاهرة‪ ،‬ومن الظروف المحيطة بالواقعذة‪ ،‬ومذن‬
‫النيذة فذي جذرائم‬
‫األدوات التي استعملها في االعتداء‪ ،‬ومن أهم العوامل التي تساعد فذي اسذتظهار ّ‬
‫اإليذاء‪ :‬نوع األداة التي استعملها الجاني‪ ،‬وطبيعتها‪ ،‬وكيفية استخدامها‪ ،‬وموقع اإلصابة‪ ،‬وفيما إذا‬
‫وقعت في مكان خطر في جسم اإلنسان أم ال‪ ،‬ومن طبيعتها إذا شكلت خطورة علذى حيذاة المجنذي‬
‫كورونا‪.‬‬ ‫عليه‪ ،‬لكن هل يمكن تطبيق هذا األمر في جريمة نقل فيرو‬

‫المددد والمخففة للعقابك بال طبعةك دار المطبوعات الجامعيةك اإلسمندريةك ص‪.218‬‬ ‫(‪ )283‬الدواربيك عبد الحميد (‪ .)1986‬الظرو‬

‫‪-125-‬‬
‫كورونا له تذأثير علذى وظذائف الجسذم الطبيعيذة‪ ،‬فهذو‬ ‫وحيث أثبتت الدراسات أن فيرو‬
‫بذذذلي يصذذلح اسذذتغالله كذذأداة لالعتذذداء‪ ،‬وإن كانذذت طبيعتهذذا غيذذر قاتلذذة‪ ،‬إال أنذه يمكذذن أن تذذودي‬
‫الغرض‪ ،‬وهو اإليذاء‪ ،‬خاصذةً إذا تذوافرت العوامذل المسذاعدة لتحقيذق النتيجذة‪ ،‬كالحالذة الصذحية‬
‫للمجني عليه‪.‬‬
‫ومدة العقوبة يتم تحديدها حسب مدة التعطيل الناجمة عذن فعذل الجذاني‪ ،‬ومذدى الخطذورة‬
‫على حياة المجني عليه‪ ،‬إذ أن المدة المعتبرة في تحديد العقوبة هي مدة التعطيل والمرض زيادة ً أو‬
‫نقصانا ً تاركذا ً ذلذي لتقذدير القاضذي وفذق معطيذات الواقعذة‪ ،‬ويُالحذظ أن جميذع العقوبذات بهذاتين‬
‫المادتين يمكن تفعيل نص المادة (‪ )27‬من قانون العقوبات التي ت ُعطي الصالحية للقاضي بتحويذل‬
‫ال تزيد على ثالثة أشهر‪ ،‬أو الحكذم بالغرامذة دون الحذب‬ ‫إلى غرامة إذا كانت مدة الحب‬ ‫الحب‬
‫أو كال العقوبتين معا ً‪ ،‬باإلضافة إلى الحالة التي يتوقف فيها تعقذب الشذكوى علذى شذكوى المجنذي‬
‫عليه إذ أن مدة التعطيل هنا أقل من عشرة أيام‪ ،‬فإذا أسقط المشذتكي شذكواه سذقطت دعذوى الحذق‬
‫العام وكأنها لم تكن(‪.)284‬‬
‫إال أن األمر يختلف إذا خلفت اإلصابة عاهة دائمة أو تشويه‪ ،‬وهذا ما نصذت عليذه المذادة‬
‫(‪ )335‬من قذانون العقوبذات بقولهذا‪" :‬إذا أدى الفعذل إلذى قطذع أو استئصذال عضذو أو بتذر أحذد‬
‫عن العمل‪ ،‬أو تسبب في إحداث تشويه جسيم أو‬ ‫األطراف أو إلى تعطيلها أو تعطيل إحدى الحوا‬
‫أية عاهة أخرى دائمة أو لها مظهر العاهة الدائمة‪ ،‬عوقب الفاعذل باألشذغال الموقتذة مذدة ال تزيذد‬
‫على عشر سنوات"‪ .‬وقد حذددت هذذه المذادة صذور العاهذات التذي قذد تنشذأ ومذن ضذمنها تعطيذل‬
‫أو أية عاهة دائمة أخرى‪.‬‬ ‫الحوا‬
‫وبالرجوع إلى تقارير منظمة الصحة العالمية‪( ،‬تم تفصيله في الفصل األول من الدراسة)‪،‬‬
‫كورونا المستجد (‪ )COVID-19‬قد توثر على جسم المجني عليه مذدة طويلذة‪،‬‬ ‫نجد أن نقل فيرو‬
‫أو حتى قد تستمر معه مدى الحياة‪ ،‬حيث أكذدت الدراسذات أنذه قذد يذنجم عذن اإلصذابة بذالفيرو‬
‫ندوب في الرئتين كندوب الجروح‪ ،‬والخطورة هنا أنه ال يمكن إصذالحها‪ ،‬وتقلذل األنسذجة الندبيذة‬
‫يسذبب أضذرارا ً‬ ‫قدرة الرئتين على امتصاص الهواء ومعالجته إلى أكسجين للدم‪ ،‬كما أن الفيذرو‬
‫كورونا (سواء كذان سذببها‬ ‫شديدة للكليتين‪ ،‬ويمكن أن تتضمن المضاعفات الطويلة المدى لفيرو‬
‫نفسه أ و االلتهاب الذي يسببه) انخفاض االنتباه والتركيز والذاكرة‪ ،‬باإلضافة إلى خلل في‬ ‫الفيرو‬
‫األعصاب الطرفية التي تغذي الذراعين والساقين واألصابع(‪ ،)285‬فغيرت مدة التعطيل مدة العقوبة‬

‫(‪ )284‬الجبورك الجرائم الواقعة على األشخاص في قانون العقوبات األردنيك مرجع سابقك ص‪.181-180‬‬
‫‪(285)https://www.aljazeera.net/news/healthmedicine/2020/5/11/%D9%85%D9%86%D9%87%D8%A7-‬‬
‫‪%D8%B9%D9%82%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%AC%D8%A7%D9%84‬‬
‫التحديش بتاريخ ‪2020/5/20‬ك وتم الدخول إلى الموقع بتاريخ ‪ 2020/7/30‬الساعة ‪ 4.25‬صباحاً‪.‬‬

‫‪-126-‬‬
‫ّ‬
‫والعلذة فذي ذلذي أن الجسذم بعذد حذدوث العاهذة الدائمذة يُصذبح أقذل مقاومذة‬ ‫من جنحة إلى جناية؛‬
‫لألمراض‪ ،‬وأقل منفعة لالستخدام بشكل مستمر وطبيعي‪ ،‬وجعلت للقاضذي سذلطة فذي تحديذد مذدة‬
‫العقوبة‪ ،‬بحيث ال تقل عن ثالث سنوات(‪.)286‬‬
‫المطلب الثالث ‪ -‬عقوبة جريمـة القتـل واإليـذاء عـن غيـر قصـد مـن خـالل نقـل عـدوى فيـروس‬
‫كورونا المستجد (‪:)COVID-19‬‬
‫حتى يُحكم باإلدانة في جرائم القتل واإليذاء غير المقصود‪ ،‬يجذب ثبذوت أن وقذوع الخطذأ‬
‫كان من الجاني ذاته‪ ،‬ويرجع ذلي ألن المسذوولية الجزائيذة شخصذية‪ ،‬وبذالنظر إلذى العقوبذة التذي‬
‫قررها المشرع األردني على جنحة التسبب بالوفاة نجدها عقوبة واحدة بالنسبة للوفاة‪ ،‬وهي المذادة‬
‫(‪ ) 343‬من قانون العقوبات‪ ،‬ومعنى هذا أن الخطأ يستوي لدى المشرع في الخطأ غير المقصذود‪،‬‬
‫فلم يُفرق ين الخطأ الجسيم والخطأ البسذيط‪ ،‬فذإذا نذتج عذن الخطذأ وفذاة أو عذدد وفيذات‪ ،‬فالعقوبذة‬
‫فذرق بالعقوبذة حسذب جسذامة النتيجذة‪ ،‬والضذابط‬
‫واحدة‪ ،‬أما في جرائم اإليذاء غير المقصود‪ ،‬فقد ّ‬
‫فيها مدة التعطيل‪ ،‬كما هو وارد ضمن نص المادة (‪ )344‬عقوبات(‪.)287‬‬
‫جاءت المادة (‪ ) 343‬من قانون العقوبات األردني لتبين عقوبة التسبب بالوفاة الناتجة عذن‬
‫صور الخطأ المتمثلة باإلهمال وقلة االحتراز وعذدم مراعذاة القذوانين واألنظمذة‪ ،‬وبيّنذت أن الحذد‬
‫األدنى لجريمة الوفاة عن غير قصذد هذو سذتة أشذهر‪ ،‬وحذدها األعلذى ثذالث سذنوات‪ ،‬إذ ال تتسذم‬
‫العقوبة على هذا النوع من الجرائم بالشدة والجسامة النتفاء القصد الجرمي لذدى الجذاني حتذى لذو‬
‫كان الخطأ جسيما ً(‪ ،)288‬إال أن األمر قد يكون مجحفا ً بحق المجني‪ ،‬فيما يتعلق بجريمة نقل العدوى‬
‫كورونا المستجد‪ ،‬كون أن الصعوبة تكمن في إثبات الخطأ‪ ،‬وهل اتجهت ّنيذة الجذاني فذي‬ ‫بفيرو‬
‫إلى اإلضرار بالمجني عليه‪ ،‬أم أنها كانت عن قلة احتراز وإهمال‪ ،‬خاصةً إذا وقعت‬ ‫نقل الفيرو‬
‫الوفاة ألكثر من شخص‪.‬‬
‫ونستشهد بهذذا الشذأن بقذرار محكمذة الذنقض المصذرية(‪ )289‬الذذي جذاء فيذه‪" :‬وإذا كانذت‬
‫المحكمة قد اعتمدت في إدانة المتهم فذي الشذروع بالقتذل بجذوهر سذام (زرنذيخ) علذى وجذود أثذر‬
‫الزرنيخ في جيبه وكان وجود هذا األثر مستمدا ً من قول الطبيب الشرعي‪ ،‬وكذان هذذا الطبيذب قذد‬
‫ذكر في ذلي الوقت أن كمية الزرنيخ التي وجدت يصح أن توجد نتيجة تلوث عرضي من األتربة‪،‬‬
‫فإن المحكمة تكون قد أخطأت إذ ما كان يجوز لها أن تعتبر هذه اآلثار دليالً تأخذ به دون أن تحقق‬

‫المددد والمخففة في قانون العقوباتك مرجع سابقك ص ‪.177‬‬ ‫(‪ )286‬البغالك سيد حسنك الظرو‬
‫(‪ )287‬نمورك شرح قانون العقوباتك القسم الخاصك مرجع سابقك ص‪.176‬‬
‫(‪ )288‬بهنامك رمسيس (‪ .)1982‬القسم الخاص في قانون العقوباتك بال طبعةك مندا المعار باإلسمندريةك ص‪.365‬‬
‫المص ررية فرري القضررية رقررم (‪ )643‬س‪16‬ق فرري جلسررة ‪ 11‬مررارس سررنة ‪1946‬ك مندررور بمجلررة المحامررا ك السررنة‬ ‫(‪ )289‬قررار محممررة الررنق‬
‫السابعة والعدرونك بند ‪.48‬‬

‫‪-127-‬‬
‫ما قاله الخبير وتفنده‪ ،‬وال يوثر في ذلي أنها قد ذكرت أدلة غير هذا‪ ،‬فإن األدلة في المواد الجزائية‬
‫من المستطاع مع ما جاء‬ ‫متساندة يشد بعضها بعضا ً‪ ،‬والمحكمة ّ‬
‫تكون عقيدتها منها مجتمعة‪ ،‬ولي‬
‫بالحكم‪ ،‬الوقوف على مبلس األثر الذي كان لهذا الدليل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة"(‪.)290‬‬
‫ويرى الباحث أن العقوبة الواردة في متن هذا الذنص غيذر كافيذة حتذى مذع انتفذاء القصذد‬
‫الجرمي‪ ،‬طالما تحققذت النتيجذة أسذوة ً بالمذادة (‪ )330‬عقوبذات‪ ،‬والتذي ّ‬
‫بنيذت عقوبتهذا بنذا ًء علذى‬
‫على القصد لدى الجذاني الذذي لذم يتجذه إلذى إحذداث‬ ‫النتيجة المتحققة‪ ،‬وهي حصول الوفاة‪ ،‬ولي‬
‫الوفاة‪.‬‬
‫وفيما يتعلق بجريمة االيذاء الخطأ‪ ،‬فقد خصص المشرع لها نص المادة (‪ ،)344‬ونجد أن‬
‫المشرع جعل مدة التعطيل هي المعيار في تحديد العقوبة‪ ،‬أي اعتمد في تحديد العقوبة على جسامة‬
‫النتيجة‪ ،‬فتنطبق العقوبة على الفاعل سواء تصور نتيجة فعله أم لم يتصور إمكانية حدوثها‪ ،‬طالمذا‬
‫أن مدة التعطيل قد تحققت‪ ،‬ومن خالل نص هذه المادة نجد أن العقوبة حدها األدنى شهر واألعلذى‬
‫سنة‪ ،‬إذا نتج عن اإليذاء تعطيل بمدة تزيد على العشرين يوما ً‪ ،‬أما إذا نذتج عذن فعذل اإليذذاء غيذر‬
‫المقصود عاهة مستديمة فيكون الحد األدنى ثالثة أشهر واألعلى سنتين‪ ،‬بينما أي إيذاء بأي صورة‬
‫كانت غير ما ذكر ال تقل العقوبة عن ستة أشهر‪ ،‬وفي هذا نجد أن العقوبة في هذذه المذادة جميعهذا‬
‫تخضع لسلطة القاضي التقديرية‪ ،‬إذ يمكن تطبيق نص المادة (‪ )27‬عقوبات عليها باستبدال الحب‬
‫بالغرامة نظرا ً لطبيعة العقوبة(‪.)291‬‬
‫وتلخيصا ً لما سذبق‪ ،‬فقذد تطرقنذا فذي هذذا الفصذل مذن الدراسذة إلذى القتذل واإليذذاء غيذر‬
‫المقصود‪ ،‬إذ الحظنا الفرق بينذه وبذين الجذرائم القصذدية‪ ،‬وخاصذة فيمذا يتعلذق بذالركن المعنذوي‬
‫تحديدا ً‪ ،‬فهو ضابط التفرقة في الحذالتين‪ ،‬وإن تشذابه الذركن المذادي والنتيجذة‪ ،‬فوجذدنا مذن خذالل‬
‫المطلب األول من هذه الدراسة أن الفقه أوجد تعريفا ً للخطأ على ضوء خلو التشريعات من تعريف‬
‫سم الخطذأ إلذى غيذر واعذي وخطذأ واعذي‪ ،‬وبيّنذا الفذرق بذين الخطذأ الذواعي‬
‫واضح للخطأ‪ ،‬وقد ق ّ‬
‫والقصد االحتمالي في الجرائم القصدية‪ ،‬ومن ثم بيّنا الفرق بين القتل الخطأ واإليذاء المفضذي إلذى‬
‫الموت‪ ،‬على اعتبار تحقق النتيجة بالحالتين‪.‬‬
‫وقد بيّن التشريع أيضا ً صور الخطأ وحصرها في ثالث حذاالت‪ :‬اإلهمذال وقلذة االحتذراز‬
‫ومخالفة القوانين واألنظمة‪ ،‬وذكرنا أ ن وقوع الخطأ نتيجة لمخالفة القوانين واألنظمة ال يحتاج إلى‬
‫إثبات كبقية صور الخطأ‪ ،‬إذ أن العلم بالقوانين مفترض وحجة على الكافة‪ ،‬وال يحتاج إلى إثبذات‪،‬‬
‫على خالف اإلهمال وقلة االحتراز‪ ،‬حيث تبنى الفقه فيها المعيار الموضوعي‪ ،‬وحيث قمنا بتطبيق‬

‫المددد والمخففة في قانون العقوبات فقها وقضاءك ‪1982‬ك مرجع سابقك ص ‪.142‬‬ ‫(‪ )290‬البغالك سيد حسنك الظرو‬
‫(‪ )291‬نمورك شرح قانون العقوباتك القسم الخاصك الطبعة الرابعةك مرجع سابقك ص ‪.176‬‬

‫‪-128-‬‬
‫كورونذا المسذتجد (‪ )COVID-19‬لنذرى إذا كذان بإمكذان‬ ‫صور الخطأ علذى حذاالت نقذل فيذرو‬
‫القضاء تطبيق القواعد العامة للقانون الجنائي على هذذه الحذاالت ومذدى صذالحية التشذريع القذائم‬
‫لمعالجتها‪ ،‬وانتقلنا في المبحث الثاني من هذه الدراسة لنسلط الضوء على موقف المشرع األردنذي‬
‫من الحاالت التي يمكن فيها نقل العدوى بالفيرو ‪ ،‬ونهج المشرع األردني من مبدأ تفريد العقوبة‪،‬‬
‫كورونذا المسذتجد‪ ،‬وإن كانذت‬ ‫وإمكانية إ سقاط العقوبات القائمة على حاالت نقل العذدوى بفيذرو‬
‫ت ُشكل جريمة بالمعنى الحقيقي لذلي‪ ،‬والعقوبة المستحقة لكل حالة على حدا‪ ،‬وانتهينا إلى ضذرورة‬
‫إفراد تشريع خاص لهذا النوع من الجرائم لخطورتها‪.‬‬

‫‪-129-‬‬
‫الخاتمـــــة والتوصيات‬
‫كورونذا قذد ال‬ ‫تبين من خالل الدراسة أن الطبيعة القانونية لجريمة نقذل العذدوى بفيذرو‬
‫بالجسم البشري‪،‬‬ ‫تختلف عن الطبيعة القانونية للنماذج الجرمية الواردة في القوانين العقابية للمسا‬
‫فقد رأينا التكيف الذي أسذبغه القضذاء واآلراء التذي نذادي بتطبيقهذا الفقذه فذي هذذا المجذال‪ ،‬إال أن‬
‫كورونا المستجد عن قصد وبدافع القتل ينبغي أن تُكيف‪ ،‬فذي نظرنذا‪،‬‬ ‫جريمة نقل العدوى بفيرو‬
‫على إنها جريمة إرهاب؛ فهي تتميذز عذن جذرائم القتذل واإليذذاء العذادي‪ ،‬نظذرا ً لجسذامة النتيجذة‬
‫المتحققة‪ ،‬وتراخي حصولها إلى المستقبل‪ ،‬مما يجعل واقعة إثباتها في غاية الصذعوبة‪ ،‬خاصذة إذا‬
‫كان القصد الجنائي متوافر لدى الجاني‪ ،‬وبذالنظر أيضذا ً لطبيعذة السذالح المسذتعمل فذي الجريمذة؛‬
‫كونه سالح خفذي مذن الصذعب اسذتظهاره لذدى الجذاني‪ ،‬ويمتذاز بسذهولة اسذتخدامه؛ كونذه عذابر‬
‫للحدود‪ ،‬على أن هذا األمر لن يتأتى في ظل النصوص العقابية الراهنة‪ ،‬بل البد من تدخل تشريعي‬
‫الستحداث نص جديد يجرم واقعة نقل العدوى بالفيرو ‪ ،‬وذلي بذالنظر إلذى اإلحصذائيات ال ُمعلذن‬
‫عنها على المستوى العالمي من وفيات وإصابات توشر على كارثة إنسانية إذا لم يتم التصذدي لهذا‬
‫في ظل تدني مبادئ األخالق والضمير الحي في المجتمع للحد من انتشذار الوبذاء‪ ،‬فيبقذى االلتذزام‬
‫تحقيق المصلحة العامة‪.‬‬ ‫بالقوانين واحترامها هو أسا‬
‫‪ -‬النتائج‪:‬‬
‫من أهم االستنتاجات التي توصلنا إليها في نهاية هذه الدراسة نوجزها بما يلي‪:‬‬
‫مع التطور السريع في أساليب الجريمة وحداثة بعذض األفعذال التذي تنطبذق عليهذا وصذف‬ ‫‪-‬‬
‫الجريمة‪ ،‬إال أن هذه األسذاليب واألفعذال ال زالذت تحكمهذا نصذوص تقليديذة وخاصذة فيمذا‬
‫يتعلق بجرائم الخطأ‪.‬‬
‫(‪ ،)COVID-19‬علذى‬ ‫لم تتوصل الدراسات الحديثة إلى حقيقة الطبيعة البيولوجية لفيذرو‬ ‫‪-‬‬
‫اعتبار أ نه من الفيروسات المستجدة والحديثذة‪ ،‬وبالتذالي عذدم إمكانيذة التوصذل إلذى جميذع‬
‫إلذى األصذحاء مذن البشذر‪ ،‬أو‬ ‫جراء نقل عدوى الفيرو‬
‫اآلثار التي من الممكن أن تترتب ّ‬
‫كيفية الحد من انتشاره‪.‬‬
‫كورونذا‬ ‫‪ -‬إمكانية تطبيق القواعد العامة في القانون الجنائي على جريمة نقل عذدوى فيذرو‬
‫المسذذتجد فذذي الوقذذت الذذراهن‪ ،‬فقذذد عذذالج المشذذرع األردنذذي فذذي قذذانون العقوبذذات بعذذض‬
‫الممارسات التي من الممكن أن تحدث نتيجة نقل العدوى ضمن القواعد العامة الذواردة فيذه‬
‫إال أن هذه النصوص غير كافية لتجريم بعض الممارسات الالأخالقية لبعض األفذراد علذى‬
‫اعتبار أن لهذه الممارسات دور فاعل في نقل العدوى وانتشار الوباء‪.‬‬

‫‪-130-‬‬
‫(‪ )COVID-19‬أنه يمكن استخدامه كسالح خفي عابر للحذدود‬ ‫‪ -‬من خصائص انتقال فيرو‬
‫من مرحلة المرض‬ ‫من أجل نقل الفيرو‬ ‫والقارات مما يجعله سالح ناجع لضعاف النفو‬
‫إلى مرحلة الوباء أو الجائحة‪.‬‬
‫‪ -‬إن العقوبة الواردة ضمن نصوص قانون الصحة رقم (‪ )47‬لسنة ‪ 2008‬ليسذت كافيذة وال‬
‫رادعة ذلي أنها نصوص عقابية مختصة في جرائم نقل العدوى‪ ،‬فكان على المشذرع إعذادة‬
‫النظر في مقدار العقوبة الواردة فيها‪.‬‬
‫‪ -‬وجود نقص في التشريعات الجزائية العالمية والمعاهدات الدوليذة لمحاربذة هذذا النذوع مذن‬
‫الجرائم‪.‬‬
‫‪ -‬التوصيات‪:‬‬
‫‪ -‬يوصي الباحث بضرورة تفريد عقوبة مستقلة لهذا النوع من الجرائم تختلف عما جاءت بها‬
‫القواعد العامة للجريمة‪ ،‬وتنبيه الجهات الجزائية إلى خطورة استخدام هذا النوع من الجرائم‬
‫كسالح ذو حذدين علذى اعتبذار أن المذريض هذو ذاتذه الجذاني ‪ ،‬بصذرف النظذر إن كانذت‬
‫الجريمة عن طريق الفيروسات الحديثة اوالمستحدثة او عن طريق نقل األوبئة‪.‬‬
‫‪ -‬يمكن إعمال بعض نصوص قانون اإلرهاب في حالذة إثبذات القصذد الجرمذي لذدى الجذاني‬
‫لنقل عدوى الفيرو ‪ ،‬وخاصةً إذا خلف الفعل نتيجة جسيمة تتمثل بوفاة عذدد مذن األفذراد‪،‬‬
‫أو في حال ثبوت أن نية الجاني اتجهت إلى تهديد حياة األفراد وترويع أمذن المجتمعذات أو‬
‫هدم الكيان االقتصادي للدولة عن طريق نشر الوباء سواء كان ذلي بواسطة الموامرة أوعن‬
‫طريق الجماعات والمنظمات االرهابية‪.‬‬
‫‪ -‬لفت نظر المشرع إلى ضذرورة األخذذ بعذين االعتبذار وجذود نقذص فذي نصذوص قذوانين‬
‫إلى المرأة الحامل دون علمه بحملها فيتسبب‬ ‫اإلجهاض تكمن في حالة نقل الجاني الفيرو‬
‫بموت الجنين وإجهاضه‪ ،‬إذ تقف عقوبته عند حد اإليذاء بالنسذبة للمذرأة دون االلتفذات إلذى‬
‫اإلجهاض لعدم توافر عنصر العلم لديه‪.‬‬
‫‪ -‬ضرورة إعادة النظر في الحد األدنى واألعلى لعقوبة ناقل العدوى المنصوص عليها ضمن‬
‫المادة (‪ )22‬من قانون الصحة العامة رقم (‪ )47‬لسنة ‪ 2008‬كونهذا عقوبذة غيذر رادعذة‪،‬‬
‫ونتمنى لو كانت العقوبة في هذه المادة على شاكلة العقوبة المنصوص عليها ضذمن قذانون‬
‫الدفاع‪.‬‬

‫‪-131-‬‬
‫تشديد العقوبة على جرائم الخطأ الناتجة عن نقل العدوى أسذوة ً بنصذوص أمذر الذدفاع رقذم‬ ‫‪-‬‬
‫(‪ )8‬الصادر بموجب قانون الدفاع رقم (‪ )13‬لسنة ‪ 1992‬المعمول به فذي ظذل الظذروف‬
‫االستثنائية والنص على غرارها كعقوبة دائمة في األحوال العادية‪.‬‬
‫‪ -‬إ خضاع العالقة السببية في جرائم الخطأ لنص صريح كما هو الحال في الجرائم القصدية‪.‬‬
‫‪ -‬تعديل نص المادة (‪ )330‬من قانون العقوبات بإضافة عبذارة (االيذذاء) إلذى جانذب عبذارة‬
‫(ضرب أو جرح) حتى يصبح مدلول النص أكثر شموليةً فيما يتعلق باألداة المستخدمة‪.‬‬

‫‪-132-‬‬
‫المصادر والمراجع‬
‫‪ -‬المصـــــــــادر والمراجع‪:‬‬
‫‪ .1‬ابن جبرين‪ ،‬عبد هللا ابن عبذد الذرحمن (‪ .)2002‬كتذاب شذرح أخصذر المختصذرات فذي‬
‫الفقه‪ ،‬جزء‪.8‬‬
‫‪ .2‬ابن منظور‪ ،‬جمال الدين مكرم (‪ .)2003‬لسان العرب‪ ،‬باب الالم‪ ،‬فصل السذين‪ ،‬ج ‪،11‬‬
‫دار صادر‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ .3‬أبو زهرة‪ ،‬محمد (‪ .)1998‬الجريمذة والعقوبذة فذي الفقذه اإلسذالمي‪ ،‬دار الفكذر العربذي‪،‬‬
‫القاهرة‪.‬‬
‫‪ .4‬أبو عامر‪ ،‬محمد زكي (بال سنة)‪ .‬اإلثبات في المواد الجزائية‪ ،‬بدون طبعة‪ ،‬الفنية للطباعة‬
‫والنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪.‬‬
‫‪ .5‬البحذر‪ ،‬ممذذدوح خليذل (‪ .)2009‬الجذذرائم الواقعذذة علذى األشذذخاص فذي قذذانون العقوبذذات‬
‫اإلماراتي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مكتبة الجامعة الشارقة‪ ،‬إثراء للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪.‬‬
‫‪ .6‬البغال‪ ،‬سيد حسن (‪ .)1982‬الظروف المشددة والمخففة في قانون العقوبات فقها ً وقضا ًء‪،‬‬
‫بال طبعة‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ .7‬الجبور‪ ،‬محمد (‪ .)2000‬الجرائم الواقعة على األشخاص فذي قذانون العقوبذات األردنذي‪،‬‬
‫دراسة مقارنة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪.‬‬
‫‪ .8‬الجوهري‪ ،‬مصطفى (‪ .)1994‬القتل العمد‪ ،‬دراسة تحليلية تأصيلية‪ ،‬دار النهضة العربية‪،‬‬
‫القاهرة‪.‬‬
‫‪ .9‬الحداد‪ ،‬يوسف جمعة يوسف (‪ .)2003‬المسوولية الجزائية عن أخطاء األطباء في القانون‬
‫الجنائي لدولة اإلمارات العربية المتحذدة‪ ،‬بذال طبعذة‪ ،‬دراسذة مقارنذة‪ ،‬منشذورات الحلبذي‬
‫الحقوقية‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ .10‬الزيلعي‪ ،‬فخر الدين (د‪.‬ت)‪ ،‬تبيين الحقائق‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ج‪.6‬‬
‫‪ .11‬السعيد‪ ،‬كامل (‪ .)1981‬األحكام العامة للجريمة فذي قذانون العقوبذات األردنذي‪ ،‬دراسذة‬
‫تحليلية مقارنة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬نشر بدعم من الجامعة األردنية‪.‬‬
‫‪ .12‬السعيد‪ ،‬كامل (‪ .) 2002‬شرح األحكام العامذة فذي قذانون العقوبذات‪( ،‬دراسذة مقارنذة)‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪ ،‬الدار العلمية الدولية ودار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪.‬‬
‫‪ .13‬السذذعيد‪ ،‬كامذذل (‪ .)2019‬شذذرح األحكذذام العامذذة فذذي قذذانون العقوبذذات‪ ،‬دراسذذة تحليليذذة‬
‫تأصيلية توصيفيه توجيهية مقارنة‪ ،‬الطبعة الرابعة‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪.‬‬

‫‪-133-‬‬
‫‪ .14‬السعيد‪ ،‬كامل‪ ،‬شرح قانون العقوبات األردني (‪ .)1988‬الجرائم الواقعة علذى اإلنسذان‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪.‬‬
‫علذذم اإلجذذرام والعقذذاب‪ ،‬الطبعذذة األولذذى‪ ،‬منشذذورات‬ ‫‪ .15‬الشذذاذلي‪ ،‬فتذذوح (‪ ،)2006‬أسذذا‬
‫الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ .16‬الشناوي‪ ،‬سمير (‪ .)1971‬الشروع في الجريمة‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬بال طبعة‪ ،‬دار النهضة‬
‫العربية‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ .17‬الشواربي‪ ،‬عبد الحميد (‪ .)1986‬الظذروف المشذددة والمخففذة للعقذاب‪ ،‬بذال طبعذة‪ ،‬دار‬
‫المطبوعات الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪.‬‬
‫‪ .18‬الصغير‪ ،‬جميل عبد البذاقي (‪ .)1995‬القذانون الجنذائي واإليذدز‪ ،‬دار النهضذة العربيذة‪،‬‬
‫القاهرة‪.‬‬
‫‪ .19‬العليوي‪ ،‬معاوية أنور (‪ ،)2020‬كورونا القادم من الشرق كيذف أحمذي نفسذي وأسذرتي‬
‫من الكورونا‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬الناشر‪ :‬منارة العلم‪ :‬إبريل‪.‬‬
‫‪ .20‬العوجي‪ ،‬مصطفى (‪ .)2006‬القانون الجنائي‪ ،‬بال طبعذة‪ ،‬منشذورات الحلبذي الحقوقيذة‪،‬‬
‫بيروت‪.‬‬
‫المحيط‪ ،‬الفيروز أبادي‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬لبنان‪ ،‬ج‪.4‬‬ ‫‪ .21‬الفيروز آبادي‪ ،‬القامو‬
‫الدين (‪ .)2006‬الجامع ألحكام القرآن‪ ،‬موسسة الرسالة‪ ،‬ج ‪.25‬‬ ‫‪ .22‬القرطبي‪ ،‬شم‬
‫‪ .23‬القهوجي‪ ،‬علي عبد القادر (‪ .)2002‬شرح قانون العقوبات‪ ،‬القسم العام دراسذة مقارنذه‪،‬‬
‫بدون طبعة‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪.2002 ،‬‬
‫‪ .24‬المجالي‪ ،‬نظام توفيق (‪ .)2010‬شرح قانون العقوبات القسذم العذام‪ ،‬دراسذة تحليليذة فذي‬
‫النظرية العامة للجريمة والمسوولية الجزائية‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬دار الثقافة للنشذر والتوزيذع‪،‬‬
‫عمان‪.‬‬
‫‪ .25‬المجلد‪ ،‬مهند سليم (‪ .)2012‬جرائم نقذل العذدوى‪ ،‬بحذث مقذارن فذي القذانون المصذري‬
‫والفقه اإلسالمي والنظام السعودي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ .26‬المقدسي‪ ،‬ابن قدامة‪ ،‬روضة النظر وجنة المناظر في أصول الفقه‪ ،‬الجزء األول‪.‬‬
‫‪ .27‬النجيمي‪ ،‬محمد بن يحيى بن حسن (‪ .)2011‬اإلجهاض‪ ،‬أحكامه وحذدوده فذي الشذريعة‬
‫اإلسالمية والقانون الوضعي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مكتبة العبيكان‪ ،‬السعودية‪.‬‬
‫‪ .28‬الهيتي‪ ،‬محمد حماد (‪ .)2005‬الخطأ المفترض في المسوولية الجزائية‪ ،‬الطبعة األولذى‪،‬‬
‫دار الثقافة‪ ،‬عمان‪ ،‬اإلصدار األول‪.‬‬

‫‪-134-‬‬
‫‪ .29‬باشا‪ ،‬محمد كامل مرسي‪ ،‬والسعيد‪ ،‬مصطفى (‪ .)1946‬شرح قانون العقوبات المصري‬
‫الجديد‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬مطبعة مصر‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫شكري (‪ .)2014‬المسذوولية الجزائيذة للفاعذل عذن عمليذة نقذل الذدم‬ ‫‪ .30‬بني عيسى‪ ،‬فرا‬
‫الملوث‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار وائل للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪.‬‬
‫(‪ .)1982‬القسم الخاص في قانون العقوبات‪ ،‬بال طبعة‪ ،‬منشاة المعارف‬ ‫‪ .31‬بهنام‪ ،‬رمسي‬
‫باإلسكندرية‪.‬‬
‫‪ .32‬بيصار‪ ،‬محمذد (‪ .)1973‬العقيذدة واألخذالق وأثرهذا فذي حيذاة الفذرد والمجتمذع‪ ،‬مكتبذة‬
‫األنجلو المصرية‪.‬‬
‫‪ .33‬توفيق‪ ،‬عبد الرحمن (‪ .)1981‬شرح القسم الخاص في قانون العقوبات األردني‪ ،‬مطبعة‬
‫التوفيق‪ ،‬عمان‪.‬‬
‫‪ .34‬توفيق‪ ،‬عبد الرحمن ونجذم‪ ،‬محمذد صذبحي (‪ .)1983‬شذرح القسذم الخذاص فذي قذانون‬
‫العقوبات‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مطبعة التوفيق‪ ،‬عمان‪.‬‬
‫‪ .35‬ثذروت‪ ،‬جذذالل (‪ .)1967‬نظريذذة القسذذم الخذذاص‪ ،‬الجذذزء األول‪ ،‬جذذرائم االعتذذداء علذذى‬
‫األشخاص‪ ،‬درا النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ .36‬ثروت‪ ،‬جالل (‪ .)2003‬نظرية الجريمة المتعدية القصذد‪ ،‬منشذورات الحلبذي الحقوقيذة‪،‬‬
‫لبنان‪.‬‬
‫‪ .37‬حسني‪ ،‬محمود نجيب (‪ .)1967‬الموجز فذي شذرح قذانون العقوبذات‪ ،‬القسذم العذام‪ ،‬بذال‬
‫طبعة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ .38‬خلف‪ ،‬علي حسين والشاوي‪ ،‬سذلطان عبذد القذادر (‪ .)2011‬المبذادئ العامذة فذي قذانون‬
‫العقوبات‪ ،‬المكتبة القانونية‪ ،‬بغداد‪.‬‬
‫‪ .39‬خوري‪ ،‬عمر (‪ .)2011‬شرح قانون العقوبات‪ ،‬المكتبة القانونية‪ ،‬جامعة الجزائر‪.‬‬
‫‪ .40‬دوسن‪ ،‬سنيوت حليم‪ ،‬وعبد التواب‪ ،‬معوض وعبذد التذواب‪ ،‬مصذطفى (‪ .)1987‬الطذب‬
‫الشرعي والتحقيق الجنائي واألدلة الجرمية‪ ،‬منشاة المعارف باإلسكندرية‪ ،‬مصر‪.‬‬
‫‪ .41‬راشد‪ ،‬علي (‪ .)1974‬القانون الجنائي المدخل وأصول النظرية العامة‪ ،‬الطبعذة الثانيذة‪،‬‬
‫دار النهضة العربية‪ ،‬مصر‪.‬‬
‫‪ .42‬رمضان‪ ،‬عمر السعيد (د‪.‬ت)‪ .‬شرح قانون العقوبات القسم العذام‪ ،‬دار النهضذة العربيذة‪،‬‬
‫القاهرة‪.‬‬
‫‪ .43‬روابذذح‪ ،‬فريذذد (‪ .)2019‬محاضذذرات فذذي القذذانون الجنذذائي العذذام‪ ،‬جامعذذة محمذذد لمذذين‬
‫دباغين‪ ،‬سطيف‪.‬‬

‫‪-135-‬‬
‫‪ .44‬زلمي‪ ،‬مصطفى إبراهيم (‪ .)2005‬موانع المسذوولية الجزائيذة فذي الشذريعة اإلسذالمية‬
‫والتشريعات الجزائية العربية‪ ،‬دار وائل للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪.‬‬
‫‪ .45‬سذذالم‪ ،‬نبيذذل مذذدحت (‪ .)1987‬الخطذذأ غيذذر العمذذدي ‪ -‬دراسذذة تأصذذيلية مقارنذذة للذذركن‬
‫المعنوي في الجرائم غير العمدية‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ .46‬سذذرور‪ ،‬احمذذد فتحذذي (‪ .)1989‬الوسذذيط فذذي قذذانون العقوبذذات‪ ،‬القسذذم العذذام‪ ،‬الطبعذذة‬
‫الخامسة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.1989 ،‬‬
‫‪ .47‬سالمة‪ ،‬مأمون محمذد (‪ .)1979‬قذانون العقوبذات‪ ،‬القسذم العذام‪ ،‬بذال طبعذة‪ ،‬دار الفكذر‬
‫العربي‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ .48‬سمير‪ ،‬محمد (‪ .)2011‬الجريمة المستحيلة‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار النهضة‬
‫العربية‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ .49‬سويدان‪ ،‬مفيدة سعد سالمة (‪ .)2010‬الجرائم الواقعة على األشخاص‪ ،‬الطبعذة األولذى‪،‬‬
‫عماد الدين للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪.‬‬
‫‪ .50‬شكطي‪ ،‬سعد صالح (‪ .)2012‬دراسات معمقة في القانون الجنائي‪ ،‬الطبعة األولذى‪ ،‬دار‬
‫الثقافة‪ ،‬عمان‪.‬‬
‫‪ .51‬عبد التواب‪ ،‬معوض (‪ .)1995‬الوسيط في شرح جرائم القتل واإلصابة الخطأ‪ ،‬الطبعذة‬
‫الثامنة‪ ،‬منشأة المعارف باإلسكندرية‪ ،‬مصر‪.‬‬
‫‪ .52‬عبد الستار‪ ،‬فوزية (‪ .) 2000‬شرح قانون العقوبات‪ ،‬القسم الخاص‪ ،‬الطبعة الثانيذة‪ ،‬دار‬
‫النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ .53‬عوض‪ ،‬محمد محي الدين (‪ .)1981‬القانون الجنائي وجرائمذه‪ ،‬الجذزء الثذاني‪ ،‬الطبعذة‬
‫األولى‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫(‪ .)1988‬معجذذم لغذذة الفقهذذاء‪ ،‬الطبعذذة الثانيذذة‪ ،‬دار النفذذائ‬ ‫‪ .54‬قلعذذه جذذي‪ ،‬محمذذد روا‬
‫للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ .55‬محتسذذب بذذاس‪ ،‬بسذذام (‪ .)1984‬المسذذوولية الطبيذذة المدنيذذة والجزائيذذة بذذين النظريذذة‬
‫والتطبيق‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار األيمان‪ ،‬دمشق – بيروت‪.‬‬
‫‪ .56‬مذذدانات‪ ،‬أوجينذذي ميخائيذذل (‪ .)2006‬الطفولذذة‪ ،‬الطبعذذة األولذذى‪ ،‬دار مجذذدالوي للنشذذر‬
‫والتوزيع‪ ،‬عمان‪.‬‬
‫‪ .57‬نجم‪ ،‬محمد صبحي (‪ .)2000‬قانون العقوبذات القسذم العذام‪ ،‬النظريذة العامذة للجريمذة‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪.‬‬

‫‪-136-‬‬
‫‪ .58‬نصذذيف‪ ،‬نشذذأت احمذذد (‪ .)2010‬شذذرح قذذانون العقوبذذات القسذذم الخذذاص‪ ،‬بذذال طبعذذة‪،‬‬
‫الموسسة الحديثة للكتاب ومكتبة السنهوري‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ .59‬نمذذور‪ ،‬محمذذد سذذعيد (‪ .)2002‬شذذرح قذذانون العقوبذذات القسذذم الخذذاص‪ ،‬الجذذزء األول‪،‬‬
‫الجرائم الواقعة على األشخاص‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬الدار العلميذة للنشذر ودار الثقافذة للنشذر‪،‬‬
‫عمان‪.‬‬
‫‪ .60‬نمذذور‪ ،‬محمذذد سذذعيد (‪ .)2006‬شذذرح قذذانون العقوبذذات القسذذم الخذذاص‪ ،‬الجذذزء األول‪،‬‬
‫الجرائم الواقعة على األشخاص‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪.‬‬
‫‪ .61‬نمور‪ ،‬محمد سعيد (‪ .)2011‬شرح قانون العقوبات القسم الخاص‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬الطبعة‬
‫الثانية‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪.‬‬
‫‪ .62‬وزير‪ ،‬عبد العظيم مرسي (‪ .)2006‬شرح قانون العقوبات ‪ -‬القسم العام‪ ،‬الجذزء األول‪،‬‬
‫النظرية العامة للجريمة‪ ،‬الطبعة الرابعة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.2006 ،‬‬
‫سذذيمبو (‪ .)2020‬عواصذذف األوبئذذة القاتلذذة مذذن‬ ‫‪ .63‬األزهذذري البوغيسذذي‪ ،‬محمذذد يذذدو‬
‫كورونا (‪ ،)COVID-19‬الطبعة األولذى‪ ،‬دراسذة موضذوعية فذي‬ ‫الطاعون إلى فيرو‬
‫علم فقه الحديث والتاريخ‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫الدراسات واألبحــــــــــــاث‪:‬‬
‫‪ .1‬أحمذذد‪ ،‬صذذالح حسذذن‪ ،‬مذذذاهب تفسذذير المسذذوولية الجزائيذذة‪ ،‬بحذذث منشذذور مجلذذة جامعذذة‬
‫كركوي‪.‬‬
‫‪ .2‬ادعي ‪ ،‬معن (‪ .)2002‬تقرير حذول اللذوائح التنفيذيذة للقذوانين‪ ،‬سلسذلة مشذروع تطذوير‬
‫القذذذذوانين (‪ ،)16‬نشذذذذر الهيئذذذذة الفلسذذذذطينية المسذذذذتقلة لحقذذذذوق المذذذذواطن‪ ،‬رام هللا‪،‬‬
‫ص‪.http//www.piccr.org .10‬‬
‫(‪ .)2007‬الحذق فذي سذالمة الجسذم‪،‬‬ ‫‪ .3‬البدو‪ ،‬أكرم محمذود حسذين وحسذين‪ ،‬بيذري فذار‬
‫دراسة تحليلية مقارنذة‪ ،‬بحذث منشذور علذى مجلذة الرافذدين للحقذوق‪ ،‬المجلذد (‪ ،)9‬السذنة‬
‫الثانية عشرة‪ ،‬عدد (‪.)23‬‬
‫(د‪.‬ت)‪ .‬نظريذذة القذذدر المتذذيقن بذذين مبذذدأ الشذذرعية والجزائيذذة‬ ‫‪ .4‬الزبيذذدي‪ ،‬محمذذد عبذذا‬
‫والتطبيقات القضائية‪ ،‬بحث منشور على مجلة الرافذدين للحقذوق‪ ،‬المجلذد ‪ 16‬العذدد ‪،59‬‬
‫سنة ‪.18‬‬
‫‪ .5‬العدوان‪ ،‬وضاح سعود (‪ .)2019‬موانع المسوولية الجزائية في القانون األردني (دراسذة‬
‫وصفية تحليلية)‪ ،‬بحث منشور في مجلذة جامعذة البلقذاء التطبيقيذة‪ ،‬األردن‪ ،‬مجلذد (‪،)34‬‬
‫ج(‪ ،)4‬عدد (‪.)34‬‬

‫‪-137-‬‬
‫‪ .6‬شذذهاب‪ ،‬باسذذم محمذذد‪ ،‬ومذذروان‪ ،‬محمذذد (‪ ،)2000‬رويذذة قانونيذذة للمذذادة المشذذعة كوسذذيلة‬
‫إجرامية في جريمة القتل العمد‪ ،‬بحث منشور على المجلذة الجزائريذة فذي األنثروبولوجيذا‬
‫والعلوم االجتماعية‪https://doi.org/10.4000/insaniyat.8095 ،‬‬
‫‪ .7‬طنطاوي‪ ،‬سيد (‪ .)2019‬المسوولية الجزائية عن عمليات نقل الدم الملوث‪ ،‬دراسة بحثية‪،‬‬
‫منشور على موقع المركز الديمقراطي العربي للدراسات اإلستراتيجية‪ 15 ،‬سبتمبر‪.‬‬
‫‪ .8‬عبيد‪ ،‬عماد (‪ .)2016‬إشكالية الخطأ كركن معنوي للقتل غير المقصذود دراسذة مقارنذة‪،‬‬
‫بحث منشور في دراسات علوم الشريعة والقانون‪ ،‬المجلد رقم ‪ ،43‬ملحق ‪.3‬‬
‫‪ .9‬عبيد‪ ،‬عماد‪ ،‬والكساسذبة‪ ،‬فهذد (‪ .)2016‬نظريذة السذببية فذي التشذريع الجزائذي األردنذي‬
‫جريمة القتل نموذجاً‪ ،‬دراسة مقارنة مع التشريعين السوري والمصري‪ ،‬بحث منشور فذي‬
‫عشر‪ ،‬العدد الثالث‪.‬‬ ‫مجلة الزرقاء للبحوث والدراسات اإلسالمية‪ ،‬المجلد الساد‬
‫‪ .10‬كامل‪ ،‬محمد فاروق (د‪.‬ت)‪ .‬الدفع باختالل القوى العقلية والنفسية لإلعفذاء مذن المسذوولية‬
‫الجزائية المشكالت والحلول‪ ،‬بحث منشور على المجلة العربيذة للدراسذات األمنيذة والتذدريب‪،‬‬
‫المجلد ‪ ،14‬العدد ‪.28‬‬
‫الرسائل الجامعية‪:‬‬
‫‪ .1‬أبذذو جحجذذوح‪ ،‬سذذلوى علذذي صذذالح (‪ .)2009‬القتذذل فذذي ضذذوء القذذران الكذذريم‪ ،‬دراسذذة‬
‫موضوعية‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬الجامعة اإلسالمية‪ ،‬غزة‪.‬‬
‫‪ .2‬أبو سويلم‪ ،‬معتز حمد هللا (‪ .)2014‬المسذوولية الجزائيذة عذن الجذرائم المحتملذة‪ ،‬رسذالة‬
‫ماجستير‪ ،‬جامعة الشرق األوسط‪.‬‬
‫‪ .3‬الدوري‪ ،‬رافع عبذد هللا حميذد (‪ .)2013‬المشذكالت العلميذة والقانونيذة فذي جريمذة القتذل‬
‫بالسم‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬جامعة الشرق األوسط‪.‬‬
‫‪ .4‬الرشيد‪ ،‬عبد هللا بن سعد (‪1401‬هذذذ)‪ .‬المسوولية الجزائية‪ ،‬أطروحة دكتذوراه‪ ،‬جامعذة أم‬
‫القرى‪.‬‬
‫‪ .5‬الوافي‪ ،‬فواز (‪ .)2016‬تفريد الجزاء الجنائي وأثره على الردع العذام‪ ،‬رسذالة ماجسذتير‪،‬‬
‫جامعة الشيخ العربي البستي‪ ،‬بسته‪ ،‬الجزائر‪.‬‬
‫‪ .6‬حريزي‪ ،‬وليد (‪ .)2019‬القصد الجنائي‪ ،‬دراسة مقارنة مذع التشذريعات العربيذة‪ ،‬رسذالة‬
‫ماجستير‪ ،‬جامعة محمد بوضياف‪ ،‬الجزائر‪.‬‬
‫‪ .7‬شنين‪ ،‬سعيد (‪ .)2012‬المسوولية الجزائية المترتبة على حوادث المرور‪ ،‬دراسة مقارنذة‬
‫بين الشريعة والقانون‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬جامعة الجزائر‪.‬‬

‫‪-138-‬‬
‫‪ .8‬فواد‪ ،‬يادل (‪ .) 2018‬مبدأ تفريد العقوبة في التشريع الجزائري‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬جامعذة‬
‫مستغانم‪ ،‬الجزائر‪.‬‬ ‫عبد الحميد بن بادي‬
‫‪ .9‬قرش‪ ،‬أسماء (‪ .)2017‬الحمايذة الجزائيذة للطفذل جريمذة نقذل العذدوى عذن طريذق الذدم‬
‫الملوث‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬جامعة زيان عاشور بالجلفة‪.‬‬
‫‪ .10‬ياسين‪ ،‬نويلي (‪ .)2015‬أحكام القتل الخطأ بين الشريعة اإلسذالمية والقذانون الوضذعي‪،‬‬
‫دراسة حول حوادث المرور‪ ،‬جامعة الشهيد حمه لخضر – الوادي‪ ،‬رسالة ماجستير‪.‬‬
‫‪ .11‬يحيى‪ ،‬نائل محمد (‪ .)2012‬المسوولية الجزائية عذن خطذأ التأديذب والتطبيذب‪ ،‬دراسذة‬
‫فقهية مقارنة‪ ،‬رسالة ماجستير في الفقه المقارن‪ ،‬جامعة األزهر‪ ،‬غزة‬

‫‪ -‬المواقع اللكترونية ‪:‬‬


‫ا ألجسام المضادة عند الرضذع المولذودين ألمهذات مصذابين بااللتهذاب الرئذوي‪ :‬موقذع إلكترونذي‬
‫‪https://www.who.int/ar/news-room/q-a-detail/q-a-on-covid-19-‬‬
‫‪regnancy-and-childbirth‬‬
‫موقع بي بي سي اإلخباري بالعربيذة‪https://www.bbc.com/arabic/science-and- :‬‬
‫‪tech-51501472‬‬
‫موقع أخبار الصحة‪. https://www.elconsolto.com/news/health:‬‬
‫‪https://www.mayoclinic.org/ar/diseases-conditions/infectious-‬‬
‫‪diseases/in-depth/germs/art-20045289‬‬
‫ساتيان‪ .‬بيرلمان‪ ،‬ستيفن أ‪ .‬راجو‪ ،‬تون ‪ .‬غاالغر‪ ،‬باتريي جي‪ .‬مندلوفيتش‪ ،‬جوزيف (‪)2020‬‬
‫"الجوانب المحيطة بالوالدة من جائحة كوفيد ‪ :19‬على الموقع اإللكتروني‪:‬‬
‫‪https://www.cdc.gov/coronavirus/2019-ncov/specific-groups/people-‬‬
‫‪at-higher-risk.html (March 22, 2020).‬‬
‫كورونذذذذذذذذذذذذذذذا‬ ‫تقريذذذذذذذر دوتشيذذذذذه فيليذذذذذذذه ‪ DeutscheWelle‬عذذذذذذذن فيذذذذذذذذذذذذرو‬
‫بنذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذا ًء علذذذذذذذذذى تقاريذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذر منظمذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذة الصذذذذذذذذذحة‬
‫العالمية‪. https://p.dw.com/p13ZYgb ،‬‬
‫قسذذم اإلحصذذاءات‪ ،‬المنشذذور بتذذاريخ ‪ 14‬إبريل‪/‬نيسذذان ‪2020‬‬ ‫تقريذذر روبذذرت كذذوفي‪ ،‬رئذذي‬
‫‪. https://www.bbc.co.uk/help/web/link‬‬
‫كورونذذا المسذذتجد (‪ ،)covid-19‬دليذذل توعذذوي صذذحي شذذامل‪ ،‬موقــع منظمــة الصــحة‬ ‫فيذذرو‬
‫العالمية اإللكتروني‪ttps://www.who.int/ar/emergencies/diseases/ :‬‬

‫‪-139-‬‬
Zeng, Hui; Xu, Chen; Fan, Junli; Tang, Yueting; Deng, Qiaoling;
Zhang, Wei; Long, Xinghua (26-3-2020). "Antibodies in Infants
Born to Mothers With COVID-19 Pneumonia". JAMA. 2020 . Cruz
JL, Sola I, Becares M, Alberca B, Plana J, Enjuanes L, Zuñiga S
"Corona Virus Gene 7 counteracts host defenses and modulates virus;
https://www.ncbi.nlm.nih.gov/books/NBK8526/
:‫موقع الجزيرة اإللكتروني‬
https://www.aljazeera.net/news/healthmedicine/2020/5/11
.2020 ‫ مايو‬14 ‫ تم االطالع عليه بتاريخ‬.‫الكلية الملكية ألطباء التوليد وأمراض النساء‬
https://www.who.int/docs/default-source/coronaviruse/who-china-
joint-mission-on-covid-19-final-report.pdf.

:‫القوانين واألحكاو القضائية‬


.1960 ‫ لسنة‬16 ‫ قانون العقوبات وتعديالته رقم‬.1
.1992 ‫ لسنة‬13 ‫ قانون الدفاع رقم‬.2
.2008 ‫ لسنة‬47 ‫ قانون الصحة العامة وتعديالته رقم‬.3

.‫قرارات محكمة التمييز األردنية ألعواو مختلفة‬

-140-
Abstract
Criminal liability for the carrier of Coronavirus infection
Prepared by
Samaher Mahmoud Mohamed Khalil
Supervisor
Dr. "Muhammad Bara," Basil Abu Anza

This study dealt with an important topic, which is the criminal liability of the
vector of corona virus infection. As this study aimed to determine the nature of the
crimes of transmission of infection as it is one of the hidden crimes, the difficulty may
lie in arriving at a criminal description of this behavior, and alerting criminal justice
agencies to the seriousness of this type of crime and the extent to which the law will
address the person who spreads a virus or infectious disease in society with an explicit
punishment Not content with referring to the general rules in criminal law, contenting
itself with what it decides, and therefore the problem of the study lies in how to impart
proper legal conditioning to the incident of transmitting infection with the Coronavirus,
as well as methods for proving the criminal intent of the perpetrator in the event of the
occurrence of the offense, and the legislative confrontation in incriminating and
punishing this type of crime As a hidden crime.
The results of the study indicated the possibility of applying general rules in the
criminal law to the crime of transmitting the new Corona virus infection at the present
time. The Jordanian legislator in the Penal Code has dealt with some practices that may
occur as a result of transmission of infection within the general rules contained therein,
but these texts are not Sufficient to criminalize some unethical practices of some
individuals, given that these practices have an effective role in transmitting infection
and spreading the epidemic, and that the punishment included in the provisions of
Health Law No. 47 of 2008 is neither sufficient nor a deterrent, as they are punitive
texts specialized in crimes of transmission of infection. Reconsidering the amount of
punishment contained therein, and the lack of global criminal legislation and
international treaties to fight this type of crime.292

292

-141-

You might also like