Professional Documents
Culture Documents
*
بن قطاية بلقاسم
*املؤلف املرسل
:امللخص
إن اعتماد احلجة و الربهان من أجل التوجيه واإلقناع و التأثري يف املتلقي أثناء التعلم حيدث أثرا يف
و استدالالهتا، و ارتباطاهتا املنطقية، مما جيعله يفكر مبنطق ويدرك املعارف خبلفياهتا الفكرية،املتعلم
هذه املرتكزات كفيلة أبن جتعله يبين اسرتتيجية قائمة على قوة اإلقناع. و قياساهتا الدقيقة،اإلقناعية
وهذا ما جيعل املدرس.و التأثري أثناء احملاورة و املناورة يف خطاابته ومناقشاته و حبوثه يف سياقات خمتلفة
يبين شخصية املتعلم بناء متكامال يقومعلى مرتكزات و أبعاد جتعل من هذا األخري مبدعا و مقنعا و
ما هي مرتكزات تعلم: لذلك كان اإلجابة على اإلشكالية اآلتية.مؤثرا أثناء تعلم النّصوص احلجاجية
اخلطاطة احلجاجية للنّص:النّصوص احلجاجيةيف التعليم؟ ابالعتماد على مجلة من الفرضيات منها
و يف شخصية املدرس و تصوراته، و القوة اإلدراكية للمتعلم يف االستدالل و االستقراء،احلجاجي
و هذا للوصول هبإىل الكفاايت املعرفيةو اللغوية و.ومنهجه احلواري يف إكساب املعلم قوة اإلقناع
معتمدين.املنطقية و الثقافية أثناء تعلم النّصوص احلجاجية وفق مقاربة تواصلية و تفاعلية مع النصوص
.على وصف وحتليل وظيفة النص احلجاجي و أهدافه التدريسية إلدراك تلك املرتكزات و املنطلقات
. اهلدف، الوظيفة، املرتكز، اإلقناع،احلجاج:الكلمات املفتاحية
Abstract
The adoption of argument and proof in order to lead and convince the
receiverwhilelearningcreates an effectwhichmakeshimthinklogically and realise
the background differs of knowledge¸itslogicalconnection¸ its persuasive
reasoning and itsprecisemeasurement.Thesepillars are capable to make the learner
able to build a strategybased on the power of persuasion and influanceduring the
dialogue and the gambit in his speeches¸ dabates and hissearches in
differentcontexts.
This makes the teacher able to build the laernerpuofile in a perfectwaybased on
pillars and dimensions that help to create a brilliant persuasive learnerwhocanbe
influant whilelearning argumentative texts. Therefore¸ thereshould an answer to
the followingproblematic. What are the bases of argumentative textslearning and
their perspectives ?Based on manyhypotheses as: argumentative palaegraphy of
argumentative text¸ the cognitive power of the learner to deduce and extrapolate
and the teacher's profile whowithhis perception and his dialogue
methodologycanprovide thelearnerwith the ability to persuade for the sake to
attain the cognitive¸ languistic¸ logical and cultural competencieswhilelearning
argumentative textsthrough a communicative and interactive approochwith the
text¸ depending on describing and analysing the argumentative textfunction and
itsteachingtargets in order to realisethosepillars and platforms.
Keywords:argument;persuation;platform;function; objective.
:مق ّدمة
إن أمهية النّص احلجاجي التّدريسية ،جعلته منطلقا يف تعليم التفكري و القدرة على االستدالل ،واإلقناع ،و احملاورة
يف وضعيات تعلمية خمتلفة خبلفيات فكرية منطقية .لذلك عمدان إىل استنباط مرتكزات النصوص احلجاجية و
منطلقاهتا التعليمية ،و حتديد أمهيتها يف بناء شخصية املتعلم العقلية ،وفق تصور يقوم على أن للمتعلم قدرات يوظفها
يف مواقف متعددة ،و خاصة يف فهم هذا النوع من النصوص .فكانت اإلشكالية كاآليت :مبا أ ّن التأثري و اإلقناع
يقوم على تصور و منطلق يتبع قواعد االستدالل ،والرباهني املنطقية احملددة.فما هي مرتكزات النصوص احلجاجية
و منطلقاهتا التعليمية؟ و لإلجابة على هذه اإلشكالية اعتمدان املنهج الوصفي لوصف املرتكزات احلجاجية و
منطلقاهتا .كما ركزان على الفرضيات التالية:
-اخلطاطة احلجاجية للنص احلجاجي.
-قدرة املتعلم اإلدراكية يف االستدالل و االستنباط.
-شخصية املدرس و ما حيمله من زاد علمي يف التعامل مع هذا النمط من النصوص.
هذا ما جيعل أقطاب العملية التعلمية مكتملة .لذلك سنتناول القراءة و معايري اختيار النصوص القرائية و منطلقاهتا
األساسية يف النص احلجاجي ،و كيفية تعلّمها و التّعرف عليها إبدراك مؤشراهتا و قواعدها االستداللية ،و مسات
حججها اللّغوية ،لنصل إىل الكفاايت احلجاجية كهدف هلذه ال ّدراسة.
أما أمهية املوضوع فتكمن يف كونه مسامهة يف العمل على تيسري تدريس النصوص احلجاجية ،و ذلك مبساعدة
املدرس على إدراك خلفيتها الفكرية .غري أن موضوع احلجاج متناول يف ع ّدة كتب منها:
-ضوابط املعرفة و أصول الستدالل و املناظرة حلبنكة امليداين.
-احلجاج يف اخلطاب مقارنة تطبيقية ،عبد اللطيف عادل.
-اللغة و احلجاج أبوبكر العزاوي.
يبقى هذا اإلسهام حماولة منا ،للنهوض ابلتعليم يف جانبه املعريف الذي يسعى ابملتعلم إىل االعتماد على التحليل و
التطبيق و الرتكيب و االستدالل و التقومي.
املبحث األول:تعريف النّص احلجاجي:
مباأن احلجاج فعل إقناعي يهدف إىل التأثري يف الطرف احملاور و إقناعه ابلبيّنة و الربهان ،و ذلك ابستعمال تقنيات
لغوية و منطقية .ويظهر يف النصوص يف الدفاع عن قضية أو موقف ما ،وفق قواعد االستدالل والقياس و االستقراء.
جتعل املخاطَب يقتنع ابلفكرة ،و مبوقف الكاتب.
عرفه علي آيتأوشان أبنه« :هو فعل إقناعي و استداليل يعتمد أساليب ووسائل و تقنيات لغوية و منطقية هبدف
ّ
اإلقناع بفكرة أو قضية أو موقف» .2فاحلجاج يظهر يف قالبني القالب اللغوي و القالب املنطقي ،فاحملاج يوجه
األلفاظ املختارة بعنا ية و مؤثرة إىل اخلصم من جهة ،و من جهة أخرى يظهر يف املنطق ألنّه موجه إىل عقل مدرك
و مميز بني ما هو مقبول و غري مقبول ،ما يقبله العقل و ما يتناىف مع املقوالت العقلية.
لذلك ميّز أبوبكر الغزاوي بني مفهوم احلجاج و مفهوم الربهنة أو االستدالل املنطقي ،ابعتبار احلجاج قد
يكون قائما على استنتاج احتمايل ،بينما الربهنة تقوم على االستدالل و القياس املنطقي ،و نتيجته حتمية ،و قد
مثّل لذلك بقوله« :و ألخذ فكرة واضحة عن مفهوم "احلجاج" Argumentationينبغي مقارنته مبفهوم الربهنة
Démonstrationأو االستداليل املنطقي .فاخلطاب الطبيعي ليس خطااب برهانيا ابملعىن الدقيق للكلمة ،فهو ال يقدم
براهني و أدلة منطقية ،و ال يقوم على مبادئ االستنتاج املنطقي .فلفظة " احلجاج" ال تعين الربهنة على صدق
إثبات ما ،أو إظهار الطابع الصحيح ( )Valideالستدالل ما من وجهة نظر منطقية .وميكن التمثيل لكل من
الربهنة و احلجاج ابملثالني التاليني:
أ -كل اللغويني علماء
زيد لغوي
إذن زيد عامل
ب -اخنفاض ميزان احلرارة
إذن سينزل املطر.
يتعلق األمر يف املثال األول بربهنة أو بقياس منطقي ( ،)syllogismeأما يف املثال الثاين ،فإنه ال يعدو أن يكون
حجاجا أو استدالال طبيعيا غري برهاين و استنتاج أن زيدا عامل ،يف املثال األول حتمي و ضروي ألسباب منطقية،
أما استنتاج احتمال نزول املطر يف املثال اآلخر فهو يقوم مقام معرفة العامل ،و على معىن الشطر األول من اجلملة،
و هو استنتاج احتمايل».3
املطلب الثاين:النص احلجاجي:
النص احلجاجي نص برهاين يقوم على احلجج و الرباهني ،يستعرض اآلراء املتباينة واملتعارضة يف شكل حوار
متكامل .لريجح يف النهاية الرأي املقنع .لذا جيب أن حن ّدد مفهوم النص احلجاجي وأنواعه.
تعد القراءة ركنا أساسيا من أركان االتصال اللّغوي .فعندما يكون املرسل كاتبا ال بد أن يكون املستقبل قارائ .فهي
الوسيلة اليت هبا تتحقق غاايت الكتابة .إذ بدون القراءة ليست مثة قيمة للكتابة .و ابلتايل فهم النصوص و حتليلها
عرفت القراءة أبهنا:
يقوم على القراءة.وقد ّ
« فالقراءة نشاط ،تتصل العني فيه بصفحة مطبوعة ،تشمل على رموز لغوية معينة ،يستهدف الكاتب منها توصيل
الرسالة يف شكل مطبوع إىل خطاب خاص له .و ال رسالة للقارئ ،و على القارئ أن يفك هذه الرموز ،و حييل ّ
يقف األمر عند فك الرموز و فهم دالالهتا ،وإمنا يتعدى هذا إىل حماولة إدراك ما وراء هذه الرموز ،والقراءة بذلك
9
عملية عقلية يستخدم اإلنسان فيها عقله و خرباته السابقة يف فهم و إدراك مغزى الرسالة اليت تنتقل إليه».
فقد حتول مفهوم القراءة -من فك الرموز املكتوبة و جتميعها يف مقاطع صوتية مث يف كلمات -إىل معاجلة املعلومة
املعروضة للوصول إىل معناها ،و هبذا املعىن حيصل تفاعل بني القارئ و ما يقرؤه من النّص و سياقه .و القارئ
يتعامل مع املكتوب الذي هو على مستوى اإلدراك البصري ،و يرتمجه إىل كلمات ومجل هلا معاين و حتمل معارف
متعددة يستفاد منها يف التعليم
الفرع الثاين :أهداف القراءة:
القراءة هتدف إىل التعرف على احلروف اهلجائية و تركيبها يف مقاطع و كلمات ،و مجل وكيفية نطقها ،و إدراك
معانيها املقصودة .ففيها حياول القارئربط الصوت ابلداللة املقصودة .و قد ح ّدد أهدافها كل من طه علي حسني
الدليمي ،و سعاد عبد الكرمي عباس الوائلي ،يف ما يلي:
« -1أن يقرأ املتعلم اجلمل و الكلمات املقدمة إليه قراءة جهرية صحيحة.
-2أن يفهم معاين اجلمل و الكلمات املقدمة إليه.
-3أن جيرد احلروف اهلجائية أبشكاهلا خمتلفة.
-4أن يتعرف على احلروف اهلجائية حني يسمع أصواهتا و ينطقها على وفق خمارجها الصوتية الصحيحة.
-5أن يركب مقاطع و كلمات جديدة من احلروف اليت سبق جتريدها.
الشدة و التنوين.
-6أن يتعرف على احلركات (الضمة ،و الفتحة ،و الكسرة) ،و يتعرف أيضا السكون و ّ
الزمالءو النّظافة و
-7أن يكتسب جمموعة من العادات السليمة كاإلصغاء ،و اإلجابة عن األسئلة و مشاركة ّ
النّظام»10.و هبذا نكون أمام االنطالق يف تعلم القراءة من هذه األهداف احملددة ،اليت تصدق على املستوايت الدنيا
من التعليم ،من نطق الصوت مث الكلمة مث اجلملة و التعرف على معناها.
أما حممد محود فقد وضح هدف القراءة املبدعة ليس إثراء النصوص ،و مراكمة معارف فوق أخرى ،و لكنه
الكشف عن ثراء مكوانت هذه النصوص ،وهو« :تدريب التالميذ على مواجهة النصوص مواجهة إجرائية ،و
التّعرف على أنواع النّصوص و مدى عدول بعضها عن معيار (الغرابة اإلبداعية) ،و السيطرة على العمل األديب و
التدرب على القيام بنفس العمل» .11فهذه األهداف تكون عندما يتدرج املتعلم يف املستوايت العليا للتعلم ،حيث
تظهر قدرته يف مواجهة النصوص و الغوص يف مفاهيمها ،و مدى القدرة على التعرف على أمناط النصوص ،و
العمل على إجناز نصوص مماثلة هلا.
-ال تشري الساعة إال إىل الثامنة .فعندما أدخلنا على املثال األول أداة القصر "ال...إال" ،و هي عامل حجاجي،
مل ينتج عن ذلك أي اختالف بني املثالني خبصوص القيمة اإلخبارية أو احملتوى اإلعالمي ،و لكن الذي أتثر هبذا
23
التعديل هو القيمة احلجاجية للقول».
الفرع الثالث:االستعارة«:و تعترب من الوسائل اللغوية اليت يستعملها املتكلم للوصول إىل أهدافه احلجاجية .بل إهنا
من الوسائل اليت يعتمد بشكل كبري ،ما دمنا نسلم ابلطابع اجملازي للغة الطبيعة ،إن االستعارة هنا تضطلع مبهمة
اإلقناع ال اإلمتاع فحسب».24
-إ ّن املتعلم أثناء تعامله مع النصوص يتعرف على الروابط املنطقية يف اللغة العربية ،و العوامل احلجاجيةو كيف
وظّفها صاحب النص يف تراكيب حمكمة االتساق لتعرب عن املعىن املقصود .لذا فهو يدرك أن لروابط اللغوية عالقات
منطقية ،ووظيفة تؤديها :مثل :توسيع فكرة ما ،أو ترتيب األفكار و تنظيمها ،أو الربط بني فكرتني عرب التماثل أو
التعارض...اخل .وهبذا تصبح له القدرة على توظيفها يف منتوجه أثناء كتابة الفقرات التعبريية .و العمل نفسه مع
العوامل احلجاجية.
املطلب الثاين :االستدالل يف النص احلجاجي:
مبا أن االستدالل هو «هو استنتاج قضية جمهولة من قضية معلومة أو عدة قضااي معلومة .أو :هو التوصل إىل حكم
تصديقي جمهول مبالحظة حكم تصديقي معلوم ،أو مبالحظة حكمني فأكثر من األحكام التصديقية املعلومة».25
و هبذا نكون أمام خماطبة العقل ابستعمال العقل و ذلك ابلربط بني املعطى املعلوم و املشاهد الستخراج معطيات
املخاطب أسلوب الربهنة عن طريق العمليات العقلية املرتبة يف شكل قضااي ،و يقدمِ و أحكام جمهولة .و يسلك
احلجة و الدليل إلحداث أثر يف املتلقي .و هبذا تكون الربهنة ابالستدالل إما ابلقياس أو االستقراء .و قد ح ّدد
حبنكة امليداين قضيتني إلثبات وجود هللا ال شريك له« :لو كان يف السماء و األرض آهلة ٍّّ
حبق غري هللا لفسدات
(بربهان العقل) ،لكنهما مل تفسدا( بربهان املشاهدة) ،فينتج أنه ال توجد آهلة متعددة معبودة ٍّّ
حبق .ووجود اخللق
يف األصل مسلّم به ّإال أن الدليل هنا لنفي التعدد».26
يكون االستدالل بربط األسباب ابملسبيبات ،أو يكون جدليا ابالعتماد على األطروحة مث النقيض ،مث نقيض
النقيض .و هذا ما يالحظ يف النصوص احلجاجية بتقدمي األطروحة و نقيضها ،و قد يكون نقيض النقيض حسب
احلجة املقدمة ،و اليت ختتلف ابختالف قوة احلجة و اليت سنوضحها يف مسات احلجج اللغوية.
الفرع األول :القياس :كما ّ
عرفه على آيتأوشان على أنه نوع من االستدالل املنطقي يقوم على مقدمات و نتائج:
«هو نوع من االستدالل املنطقي يتم فيه االنتقال من مقدمات إىل نتائج تلزم عنها ،و يكون هدف النتائج مرهون
بصدق املقدمات».27
و ينقسم إىل قسمني :قياس اقرتاين وقياس استثنائي
-1القياس االقرتاين « :ميتاز القياس االقرتاين أبن عناصره فيها اقرتان ،و أبن نتيجته موجودة يف مقدمتيه ابلقوة ال
ابلفعل ،أي ابملادة ال ابلصورة و اهليئة .مثال:
القضية األوىل /الشمس كتلة من انر.
ختدم القضية أو األطروحة اليت يدافع عنها ،ابعتبارها حججا ،و يدحض أطروحة اخلصم ،ليصل يف النهاية إىل
خامتة.
حتما أن النّص حيمل أفكارا معينة يريد أن يقنع هبا املتلقي (القارئ) ،حتمل مواقف معينة ،و أدلة واضحة .ويتضح
34
ذلك يف اخلطاطة احلجاجية التالية:
مرحلة التفكري ()2 سريورة مرحلة التفكري ()1
األطروحة املقرتحة عمليات احلجاج األطروحة املرفوضة
3 2 1
اخلامتة (النتيجة) األدلة و الرباهني املقدمة املنطقية
الفرع الثاين :مسات احلجج اللغوية:
-1السياق :مبا أ ّن السياق اللغوي هو كل ما يتعلق ابإلطار الداخلي للغة (بنية النص) ،و ما حيتويه من قرائن
تساعد على كشف داللة الوحدات اللغوية يف الرتاكيب بذاهتا و اليت يريدها صاحب النص .فالسياق «يلعب دورا
مهما يف النص احلجاجي فهو الذي جيعل العنصر الداليل الذي يقصده املتكلم يصري حجة ،و مينحه طبيعته
35
احلجاجية ،مث إ ّن العبارة الواحدة ،قد تكون حجة أو نتيجة ،أو قد تكون غري ذلك»
-2النسبية :ختتلف احلجة ابختالف األشخاص و املتعلمني ،ومستوايهتم املعرفية ،و القدرة على ترتيبها و إظهارها
يف سياقها املناسب ،مما جيعلها تتمايز يف درجة قوهتا« فلكل حجة قوة حجاجية معينة ،فقد يقدم املتكلم حجة ما
لصاحل نتيجة معينة ،و يقدم خصمه حجة مضادة أقوى منها بكثري ،و بعبارة أخرى هناك احلجج القوية ،و احلجج
الضعيفة ،و احلجج األوهىو األضعف» .36كما تظهر قوة احلجة يف الروابط اليت تدرج احلجة القوية .مثل :حىت ،
بل ،لكن ،ال سيما...اخل.
-3قابلة لإلبطال «:إن احلجاج اللغوي نسيب ،و مرن ،و تدرجيي ،و سياقي خبالف الربهان املنطقي و الرايضي
الذي هو مطلق و حتمي ».37ونلمس ذلك يف قدرة املتلقي على دحض احلجة املقدمة إذا كانت ضعيفة ،ليس هلا
منطلقات فكرية.
إ ّن املتعلم يدرك احلجج يف سياقاهتا املختلفة ،و مدى قوهتا من شخص آلخر و من موقف آلخر ،وكيف
ميكن دحضها ،و إبطاهلا ،إدراكا و ممارسة أثناء العملية التعلمية ،كما يستطيع أن مييز بني احلجة و الربهان الرايضي
املنطقي .ليصل إىل أن احلجة مرتبطة ابلكفاءة املعرفية و اللغوية و املنطقية .واليت يكتسبها املتعلم عرب مراحله
التعليمية.
للكفاية مهارات فرعية متعددة منها :التصور ،و تنظيم الكالم ،و استدعاء اللغة يف املواقف احلياتية املختلفة ،و
وضحها مسري استيتية بقوله« :تتضمن الكفاية اختيار التعابري املناسبة هلا ،و القدرة على تقومي لغتنا املستعملة .و قد ّ
اللغوية مهارات ذهنية متعددة من أمهها :التصور،مث التنظيم الذي جيعل كالمنا منظما ،مث التتابع الذي جيعل املهارات
الذهنية قادرة على البقاء و االستمرار،مث االستدعاء الذي جيعل اللغة مطواعا للحضور يف املواقف احلياتية ،مث
االختيار الذي جيعلنا قـادرين على انتقاء التعبري املناسب لكل موقف ،مث التقومي الذي جيعلنا حنكم على سالمة لغتنا
أو خطئها» 39.حناول هنا أن نركز على بعض الكفاءات اليت يكتسبها املتعلم حني يتعامل مع النصوص احلجاجية.
و أهم هذه الكفاايت:
الفرع األول :الكفاية اللغوية :إن استعمال املتعلم للغة استعمال صحيحا وفق تراكيبها اليت حتكمها قواعد حمدد،
الذي ميكنه من فهم معانيها يف السياقات املختلفة .و هذا ما عرب عنه أمحد املتوكل بقوله« :يستطيع مستعمل اللغة
الطبيعية أن ينتج و يؤول إنتاجا و أتويال صحيحني عبارات لغوية ذات بنيات متنوعة جدا و معقدة جدا من عدد
كبري من املواقف التواصلية املختلفة» .40فاملتعلم يكون قادرا على:
-استعمال قواعد اللغة استعماال صحيحا ،و أتويل العبارات وفق مقتضياهتا.
الفرع الثاين :الكفاية املنطقية :انجتة عن قدرة املتعلم على التعامل مع املفاهيم العقلية املنطقية ،وفق قواعد االستدالل
(القياس و االستقراء) ،و استعمال احلجة يف حينها .فإن «:إبمكان مستعمل اللغة الطبيعية ،على اعتباره مزودا
مبعارف معينة ،أن يشتق معارف أخرى بواسطة قواعد استدالل حتكمها مبادئ املنطق االستنباطي و املنطق
41
االحتمايل».
الفرع الثالث :الكفاية املعرفية :املتعلم يكتسب املعارف بتدرج منذ الوالدة سواء كانت حمسوسة أو جمردة ،حسب
النمو العقلي ،و هي يف تطور مستمر عرب حياته ،ليستعملها يف مواقف متعددة .و هبذا«يستطيع مستعمل اللغة
يكون رصيدا من املعارف املنظمة ،و يستطيع أن يشتق معارف من العبارات اللغوية كما يستطيع أنالطبيعية أن ّ
42
خيتزن هذه املعارف يف الشكل املطلوب و أن يستحضرها الستعماهلا يف أتويل العبارات اللغوية».
خامتة:
النّص احلجاجي منط من أمناط نصوص التدريس يقوم على مجلة من املرتكزات و املنطلقات أمهها:
-1النّص احلجاجي يدافع عن قضية ،ويهدف إىل التأثري و اإلقناع يف املتلقي و توجيهه.
-2إ ّن دراسة و تدريس النص احلجاجي ينطلق من القراءة ،مث الفهم ،مث التحليل و االستنباط.
-3كل النّصوص (السردية ،الوصفية ،التفسريية ،احلواري...اخل) ختضع ملعايري اختيارها قبل تقدميها للمتعلم ،و
ابألخص النصوص احلجاجية.
-4خيضع النّص احلجاجي للتصرف قبل تقدميه للمتعلم ابحلذف و التقدمي و التأخري.
-5النّص احلجاجي له منطلقات نفسية و عمليات إجرائية للفهم ،و يستعني املتعلم فيه مبستوايت اللغة خاصة
املعجم و الداللة و األسلوب ليحاكي هذا النمط و ينتج على منواله.
-6إن تعلم النص احلجاجي يقتضي من املتعلم أن يدرك مميزاته ،و يتعرف عليه من خالل طابعه اجلديل ،و أدواته
املنطقية ،و أهدافة التعليمية.
-7للنّص احلجاجي مؤشرات و أدوات حجاجية ممثلة يف الروابط احلجاجية و العوامل احلجاجية.
-8االستدالل يف النص احلجاجي يقوم على القياس -الذي يعتمد على مقدمات و نتائج -و االستقراء يف تتبع
اجلزئيات للوصول إىل حكم كلي.
-9النص احلجاجي يتكون من أطروحة مرفوضة ،و أطروحة مقرتحة مدعمة أبدلة و براهني تثبت ذلك.
-10مسات احلجج اللغوية قائمة على السياق اللغوي ،و قدرة املتعلم على ترتيب احلجج و إثباهتا يف املواقف
التعليمية املختلفة.
-10الكفاايت احلجاجية طاقات كامنة تظهر يف األداء و تدرك من خالل فهم النصوص وحتليلها ،و يف لغة
املتعلم ،وقدرته على االستدالل.
-أهم التوصيات:
مبا أ ّن هذا النمط من النصوص خياطب عقل املتعلم ،و يدفعه للتفكري ابستمرار لبناء شخصيته املعرفية املتكاملة،
أثناء التعامل مع الوضعيات التعلمية .لذلك جيب أن هنتم هبذا النمط من النصوص و إعطائه أمهية كربى إلبراز
الطاقات الفاعلية ،و الكشف عنها .و من أهم التوصيات:
يبقى هذا البحث انقصا و مفتوحا للتوسع و اإلثراء ،ألنه مل يتناول كل اجلوانب املتعلقة مبرتكزات النّصوص
احلجاجية و منطلقاهتا التعليمية .و ميكن أن نوضح بعض اجلوانب اليت مل يعاجلها هذا املوضوع.و اليت ترتك للمستقبل
منها:
-البنيات اللغوية للنص احلجاجية.
-التوسع يف طرق االستدالل (القياس و االستقراء)
-كيفية تنظيم احلجج يف النصوص احلجاجية.
-أطراف احلجاج و قوة حججهم داخل النص احلجاجي.
اهلوامش:
-1ابن منظور ،لسان العرب ،وزارة الشؤون اإلسالمية و األوقاف و الدعوة و اإلرشاد ،اململكة السعودية ،ج ،3ص.51 :
-2على آيتأوشان ،ديداكتيك التعبري و التواصل و تدبري التعلمات ،دار أيب رقراق للطباعة و النّشر،الرابط ،املغرب ،ص.31 :
-3أبو بكر الغزاوي ،اللغة و احلجاج ،العمدة يف الطبع ،الدار البيضاء ،طبعة2006 ،1م ،ص.15 ،14 :
-4عبد الرزاق التجاين ،اجلياليل سرستو ،القراءة املنهجية و تدريسية النصوص ،دار أيب رقراق للطباعة والنشر ،الرابط ،املغرب ،ص.169 :
-5حيىي بعيطيش ،حنو نظرية وظيفية للنحو العريب ،أطروحة دكتوراه،طبعة 2005،2006م ،ص.474 :
-6علي آيتأوشان ،ديداكتيك التعبري و التواصل و تدبري التعلمات ،ص.31 :
-7املرجع نفسه ،ص.32 ،31 :
-8حممد األخضر الصبيحي ،مدخل إىل علم النص و جماالت تطبيقه ،منشورات االختالف ،اجلزائر ،طبعة2008 ،1م ،ص.108 :
-9رشدى أمحد طعيمة ،املهارات اللغوية(مستوايهتا ،تدريسها ،صعوابهتا) ،دار الفكر العريب ،القاهرة ،طبعة2006م ،ص.187 :
-10ط ه علي حسني الدليمي ،سعاد عبد الكرمي عباس الوائلي ،اللغة العربية مناهجها و طرائق تدريسها ،دار الشروق للنشر و التوزيع ،األردن ،طبعة،1
2005م ،ص.105 :
-11ينظر ،حممد محود ،تدريس األدب اسرتاتيجية القراءة و اإلقراء ،مطبعة النجاح اجلديدة ،الدار البيضاء،طبعة 1993م ،ص.138 ،137 :
-12ينظر ،عبد الرمحان التومي ،اجلامع يف ديداكتيك اللغة العربية ( مفاهيم ،منهجيات و مقارابت بيداغوجية) ،مطبعة املعارف اجلديدة ،الرابط ،املغرب،
طبعة2015 ،1م ،ص.174 ،173 :
-13ينظر ،علي أيتأوشان ،ديداكتيك النّص الشعري من القراءة إىل اإلقراء ،دار أيب رقراق للطباع و النشر ،املغرب ،ص.23 ،22 :
-14حممد مريين ،النص األديب قضااي ديداكتيكية ،دار النشر اجلسور ،وجدة،طبعة 2012م ،ص.103 :
-15ينظر ،املرجع نفسه ،ص.103 :
-16ينظر ،حممد مريين ،النص األديب قضااي ديداكتيكية ،ص.104 ،103 :
-17رشيدة الزاوي ،مكوانت النصوص (الكفاايت و تقنيات التدريس) ،دار أيب رقراق للطباعة و النشر ،املغرب،طبعة ،2014ج ،2ص.55:
-18ينظر ،املرجع نفسه ،ص.59 ،58 :
-19ينظر ،الشريف مريبعي و آخرون ،كتاب اللغة العربية (السنة الرابعة متوسط) ،الديوان الوطين للمطبوعات املدرسي ،طبعة2015 ،2014م ،ص
.86:
- 20على آيتأوشان ،ديداكتيك التعبري و التواصل و تدبري التعلمات ،ص.33 :
-21أبو بكر الغزاوي ،اللغة و احلجاج ،ص.27 :
-22ينظر ،املرجع نفسه ،ص.58 :
-23أبو بكر الغزاوي ،اللغة و احلجاج ،ص.28 ،27 :
-24على آيتأوشان،ديداكتيك التعبري و التواصل و تدبري التعلمات ،ص .45
-25عبد الرمحن حسن حبنكة امليداين ،ضوابط املعرفة و أصول االستدالل و املناظرة ،دار القلم ،دمشق ،طبعة1993 ،4م ،ص.149 :
-26املرجع نفسه ،ص.50 :
-27على آيتأوشان ،ديداكتيك التعبري و التواصل و تدبري التعلمات ،ص.36 :
-28ينظر ،عبد الرمحن حسن حبنكة امليداين ،ضوابط املعرفة و أصول االستدالل و املناظرة ،ص.229 ،228 :
-29املرجع نفسه ،ص.228 :
-30عبد اهلادي الفضلي ،خالصة املنطق ،دار الصفوة بريوت ،لبنان،طبعة ،1995 ،3ص . 97:
-31على آيتأوشان ،ديداكتيك التعبري و التواصل و تدبري التعلمات ،ص.36 :
-32عبد اهلادي الفضلي ،خالصة املنطق ،ص. 98 :
-33املرجع نفسه . 98 ،
-34على آيتأوشان ،ديداكتيك التعبري و التواصل و تدبري التعلمات ،ص.39 :
-35املرجع نفسه ،ص.45 :
-36املرجع نفسه ،ص.45 :
-37املرجع نفسه ،ص.45 :
- 38فليب جونري ،الكفاايت و السوسيوبنائية (إطار نظري) ،تر،احلسني سحبان ،مكتبة املدارس – الدار البيضاء ، -طبعة2005 ، 1م ،ص.29 :
-39مسري شريف استيتية ،اللسانيات (اجملال ،والوظيفة ،و املنهج ) ،عامل الكتب احلديثة ،إربد ،األردن ،طبعة 2008 ،2م ،ص.178 ،177 :
-40أمحد املتوكل ،آفاق جديدة يف نظرية النحو الوظيفي ،دار اهلالل العربية ،طبعة 1993م ،ص.08 :
-41املرجع نفسه ،ص.09 :
-42املرجع نفسه ،ص: