You are on page 1of 15

‫جملة العلوم القانونية واالجتماعية جامعة زاين عاشور ابجللفة ـ اجلزائر‪Issn:2507-7333/ Eissn: 2676-1742‬ص‪1694- 1680‬‬

‫جملة العلوم القانونية و االجتماعية‬

‫‪Journal of legal and social studies‬‬


‫‪Issn: 2507-7333‬‬
‫‪Eissn: 2676-1742‬‬

‫مرتكزات النّصوص احلجاجية و منطلقاهتا التّعليمية‬


‫‪The argumentative textspillars and theirteachingstart points‬‬

‫*‬
‫بن قطاية بلقاسم‬

‫‪1‬املركز اجلامعي‪،‬أفلو‪،‬األغواط (اجلزائر)‪belgacemben3@gmail.com،‬‬

‫اتريخ النشر‪2022/03/01 :‬‬ ‫اتريخ القبول‪2022/01/15:‬‬ ‫اتريخ ارسال املقال‪2021/12/09:‬‬

‫*املؤلف املرسل‬

‫‪1680‬‬ ‫اجمللد السابع ‪ -‬العدد األول ‪ -‬السنة مارس ‪2022‬‬


‫بن قطاية بلقاسم‬ ‫مرتكزات النّصوص احلجاجية و منطلقاهتا التّعليمية‬

:‫امللخص‬
‫إن اعتماد احلجة و الربهان من أجل التوجيه واإلقناع و التأثري يف املتلقي أثناء التعلم حيدث أثرا يف‬
‫و استدالالهتا‬،‫ و ارتباطاهتا املنطقية‬،‫ مما جيعله يفكر مبنطق ويدرك املعارف خبلفياهتا الفكرية‬،‫املتعلم‬
‫ هذه املرتكزات كفيلة أبن جتعله يبين اسرتتيجية قائمة على قوة اإلقناع‬.‫ و قياساهتا الدقيقة‬،‫اإلقناعية‬
‫ وهذا ما جيعل املدرس‬.‫و التأثري أثناء احملاورة و املناورة يف خطاابته ومناقشاته و حبوثه يف سياقات خمتلفة‬
‫يبين شخصية املتعلم بناء متكامال يقومعلى مرتكزات و أبعاد جتعل من هذا األخري مبدعا و مقنعا و‬
‫ما هي مرتكزات تعلم‬:‫ لذلك كان اإلجابة على اإلشكالية اآلتية‬.‫مؤثرا أثناء تعلم النّصوص احلجاجية‬
‫ اخلطاطة احلجاجية للنّص‬:‫النّصوص احلجاجيةيف التعليم؟ ابالعتماد على مجلة من الفرضيات منها‬
‫ و يف شخصية املدرس و تصوراته‬،‫ و القوة اإلدراكية للمتعلم يف االستدالل و االستقراء‬،‫احلجاجي‬
‫ و هذا للوصول هبإىل الكفاايت املعرفيةو اللغوية و‬.‫ومنهجه احلواري يف إكساب املعلم قوة اإلقناع‬
‫ معتمدين‬.‫املنطقية و الثقافية أثناء تعلم النّصوص احلجاجية وفق مقاربة تواصلية و تفاعلية مع النصوص‬
.‫على وصف وحتليل وظيفة النص احلجاجي و أهدافه التدريسية إلدراك تلك املرتكزات و املنطلقات‬
.‫ اهلدف‬،‫ الوظيفة‬،‫ املرتكز‬،‫ اإلقناع‬،‫احلجاج‬:‫الكلمات املفتاحية‬
Abstract
The adoption of argument and proof in order to lead and convince the
receiverwhilelearningcreates an effectwhichmakeshimthinklogically and realise
the background differs of knowledge¸itslogicalconnection¸ its persuasive
reasoning and itsprecisemeasurement.Thesepillars are capable to make the learner
able to build a strategybased on the power of persuasion and influanceduring the
dialogue and the gambit in his speeches¸ dabates and hissearches in
differentcontexts.
This makes the teacher able to build the laernerpuofile in a perfectwaybased on
pillars and dimensions that help to create a brilliant persuasive learnerwhocanbe
influant whilelearning argumentative texts. Therefore¸ thereshould an answer to
the followingproblematic. What are the bases of argumentative textslearning and
their perspectives ?Based on manyhypotheses as: argumentative palaegraphy of
argumentative text¸ the cognitive power of the learner to deduce and extrapolate
and the teacher's profile whowithhis perception and his dialogue
methodologycanprovide thelearnerwith the ability to persuade for the sake to
attain the cognitive¸ languistic¸ logical and cultural competencieswhilelearning
argumentative textsthrough a communicative and interactive approochwith the
text¸ depending on describing and analysing the argumentative textfunction and
itsteachingtargets in order to realisethosepillars and platforms.
Keywords:argument;persuation;platform;function; objective.

:‫مق ّدمة‬

1681 2022‫ السنة مارس‬- ‫ العدد األول‬- ‫اجمللد السابع‬


‫بن قطاية بلقاسم‬ ‫مرتكزات النّصوص احلجاجية و منطلقاهتا التّعليمية‬

‫إن أمهية النّص احلجاجي التّدريسية‪ ،‬جعلته منطلقا يف تعليم التفكري و القدرة على االستدالل‪ ،‬واإلقناع‪ ،‬و احملاورة‬
‫يف وضعيات تعلمية خمتلفة خبلفيات فكرية منطقية‪ .‬لذلك عمدان إىل استنباط مرتكزات النصوص احلجاجية و‬
‫منطلقاهتا التعليمية‪ ،‬و حتديد أمهيتها يف بناء شخصية املتعلم العقلية‪ ،‬وفق تصور يقوم على أن للمتعلم قدرات يوظفها‬
‫يف مواقف متعددة‪ ،‬و خاصة يف فهم هذا النوع من النصوص‪ .‬فكانت اإلشكالية كاآليت‪ :‬مبا أ ّن التأثري و اإلقناع‬
‫يقوم على تصور و منطلق يتبع قواعد االستدالل‪ ،‬والرباهني املنطقية احملددة‪.‬فما هي مرتكزات النصوص احلجاجية‬
‫و منطلقاهتا التعليمية؟ و لإلجابة على هذه اإلشكالية اعتمدان املنهج الوصفي لوصف املرتكزات احلجاجية و‬
‫منطلقاهتا‪ .‬كما ركزان على الفرضيات التالية‪:‬‬
‫‪ -‬اخلطاطة احلجاجية للنص احلجاجي‪.‬‬
‫‪ -‬قدرة املتعلم اإلدراكية يف االستدالل و االستنباط‪.‬‬
‫‪ -‬شخصية املدرس و ما حيمله من زاد علمي يف التعامل مع هذا النمط من النصوص‪.‬‬
‫هذا ما جيعل أقطاب العملية التعلمية مكتملة‪ .‬لذلك سنتناول القراءة و معايري اختيار النصوص القرائية و منطلقاهتا‬
‫األساسية يف النص احلجاجي‪ ،‬و كيفية تعلّمها و التّعرف عليها إبدراك مؤشراهتا و قواعدها االستداللية‪ ،‬و مسات‬
‫حججها اللّغوية‪ ،‬لنصل إىل الكفاايت احلجاجية كهدف هلذه ال ّدراسة‪.‬‬
‫أما أمهية املوضوع فتكمن يف كونه مسامهة يف العمل على تيسري تدريس النصوص احلجاجية‪ ،‬و ذلك مبساعدة‬
‫املدرس على إدراك خلفيتها الفكرية‪ .‬غري أن موضوع احلجاج متناول يف ع ّدة كتب منها‪:‬‬
‫‪ -‬ضوابط املعرفة و أصول الستدالل و املناظرة حلبنكة امليداين‪.‬‬
‫‪ -‬احلجاج يف اخلطاب مقارنة تطبيقية‪ ،‬عبد اللطيف عادل‪.‬‬
‫‪ -‬اللغة و احلجاج أبوبكر العزاوي‪.‬‬
‫يبقى هذا اإلسهام حماولة منا‪ ،‬للنهوض ابلتعليم يف جانبه املعريف الذي يسعى ابملتعلم إىل االعتماد على التحليل و‬
‫التطبيق و الرتكيب و االستدالل و التقومي‪.‬‬
‫املبحث األول‪:‬تعريف النّص احلجاجي‪:‬‬

‫مباأن احلجاج فعل إقناعي يهدف إىل التأثري يف الطرف احملاور و إقناعه ابلبيّنة و الربهان‪ ،‬و ذلك ابستعمال تقنيات‬
‫لغوية و منطقية‪ .‬ويظهر يف النصوص يف الدفاع عن قضية أو موقف ما‪ ،‬وفق قواعد االستدالل والقياس و االستقراء‪.‬‬
‫جتعل املخاطَب يقتنع ابلفكرة‪ ،‬و مبوقف الكاتب‪.‬‬

‫املطلب األول‪:‬تعريف احلجاج‪ :‬و فيه التّعريف لغة و اصطالحا‬

‫الفرع األول‪ :‬لغة‪:‬‬

‫‪1682‬‬ ‫اجمللد السابع ‪ -‬العدد األول ‪ -‬السنة مارس‪2022‬‬


‫بن قطاية بلقاسم‬ ‫مرتكزات النّصوص احلجاجية و منطلقاهتا التّعليمية‬

‫احلجة الوجه الذي يكون‬


‫احلُّ َجة ما دفع هبا اخلصم‪ ،‬و قال األزهري ّ‬ ‫الربَهان و قِيل ْ‬ ‫ورد يف لسان العرب‪« :‬و احلُ َّجة ُْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حاجه‬
‫جاج و َّ‬
‫َّخاصم‪ ،‬و مجع احلُ َّجةُ ُح َج ٌج و ح ٌ‬
‫اج الت ُ‬ ‫َّح ُّ‬
‫اج أي َجد ٌل و الت َ‬ ‫به الظََّف ُر عند اخلصومة‪ ،‬و هو رجل ْحم َج ٌ‬
‫حجهُ َحيُ ُجهُ َح ًّجا غلبهُ على ُح َّجتِ ِه»‪.1‬‬
‫اجة و حجاجا انزعه احلُّ َجةَ و َّ‬‫ُحم َّ‬
‫خنلص إىل أن احلجة تستخدم يف مقارعة اخلصم ابلبينة و الربهان عند وقوع اخلصومة‪.‬‬
‫الفرع الثاين‪ :‬اصطالحا‪:‬‬

‫عرفه علي آيتأوشان أبنه‪« :‬هو فعل إقناعي و استداليل يعتمد أساليب ووسائل و تقنيات لغوية و منطقية هبدف‬
‫ّ‬
‫اإلقناع بفكرة أو قضية أو موقف»‪ .2‬فاحلجاج يظهر يف قالبني القالب اللغوي و القالب املنطقي‪ ،‬فاحملاج يوجه‬
‫األلفاظ املختارة بعنا ية و مؤثرة إىل اخلصم من جهة‪ ،‬و من جهة أخرى يظهر يف املنطق ألنّه موجه إىل عقل مدرك‬
‫و مميز بني ما هو مقبول و غري مقبول‪ ،‬ما يقبله العقل و ما يتناىف مع املقوالت العقلية‪.‬‬
‫لذلك ميّز أبوبكر الغزاوي بني مفهوم احلجاج و مفهوم الربهنة أو االستدالل املنطقي‪ ،‬ابعتبار احلجاج قد‬
‫يكون قائما على استنتاج احتمايل‪ ،‬بينما الربهنة تقوم على االستدالل و القياس املنطقي‪ ،‬و نتيجته حتمية‪ ،‬و قد‬
‫مثّل لذلك بقوله‪« :‬و ألخذ فكرة واضحة عن مفهوم "احلجاج" ‪ Argumentation‬ينبغي مقارنته مبفهوم الربهنة‬
‫‪ Démonstration‬أو االستداليل املنطقي‪ .‬فاخلطاب الطبيعي ليس خطااب برهانيا ابملعىن الدقيق للكلمة‪ ،‬فهو ال يقدم‬
‫براهني و أدلة منطقية‪ ،‬و ال يقوم على مبادئ االستنتاج املنطقي‪ .‬فلفظة " احلجاج" ال تعين الربهنة على صدق‬
‫إثبات ما‪ ،‬أو إظهار الطابع الصحيح (‪ )Valide‬الستدالل ما من وجهة نظر منطقية‪ .‬وميكن التمثيل لكل من‬
‫الربهنة و احلجاج ابملثالني التاليني‪:‬‬
‫أ‪ -‬كل اللغويني علماء‬
‫زيد لغوي‬
‫إذن زيد عامل‬
‫ب ‪-‬اخنفاض ميزان احلرارة‬
‫إذن سينزل املطر‪.‬‬
‫يتعلق األمر يف املثال األول بربهنة أو بقياس منطقي (‪ ،)syllogisme‬أما يف املثال الثاين‪ ،‬فإنه ال يعدو أن يكون‬
‫حجاجا أو استدالال طبيعيا غري برهاين و استنتاج أن زيدا عامل‪ ،‬يف املثال األول حتمي و ضروي ألسباب منطقية‪،‬‬
‫أما استنتاج احتمال نزول املطر يف املثال اآلخر فهو يقوم مقام معرفة العامل‪ ،‬و على معىن الشطر األول من اجلملة‪،‬‬
‫و هو استنتاج احتمايل»‪.3‬‬
‫املطلب الثاين‪:‬النص احلجاجي‪:‬‬
‫النص احلجاجي نص برهاين يقوم على احلجج و الرباهني‪ ،‬يستعرض اآلراء املتباينة واملتعارضة يف شكل حوار‬
‫متكامل‪ .‬لريجح يف النهاية الرأي املقنع‪ .‬لذا جيب أن حن ّدد مفهوم النص احلجاجي وأنواعه‪.‬‬

‫‪1683‬‬ ‫اجمللد السابع ‪ -‬العدد األول ‪ -‬السنة مارس‪2022‬‬


‫بن قطاية بلقاسم‬ ‫مرتكزات النّصوص احلجاجية و منطلقاهتا التّعليمية‬

‫الفرع األول‪ :‬تعريفالنص احلجاجي‪:‬‬


‫هو«نص يدافع عن قضية أو رأي أو موقف‪ ،‬و يستهدف اإلقناع و اجلدل »‪.4‬‬
‫فهذا املوقف الذي ينطلق منه صاحب النص‪ ،‬يريد أن يثبت صوابه للمتلقي‪ ،‬العتقاده أبنه حيمل تصورا خمالفا له‪.‬‬
‫كما « يعرف النص احلجاجي عادة أبنه النص الذي حياول فيه احملاج أن يؤثر على سلوك خماطب أو مجهور معني‬
‫جيعله يسلم ابلنتيجة اليت توصل إليها‪ ،‬أو يتقبل أطروحة معينة يرغب فيها‪ ،‬أو يبعده عن األطروحة النقيض اليت‬
‫يرغب عنها»‪ .5‬فالنص قائم على إثبات فكرة أو قضية أو أطروحة معينة يريد صاحبه إثباهتا ابتّباع قواعد االستدالل‬
‫‪6‬‬
‫و االستقراء و القياس إلقناع املتلقي على تقبلها‪ .‬كما يقوم على الدفاع عن قضية ‪ ،‬أو تفنيدها و دحضها»‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬أنواع النص احلجاجي‪ :‬يقوم على احلوار الربهنة لذا فهو‪:‬‬
‫«‪ -‬نص برهاين يقوم على اإلتيان ابحلجج و األدلة بواسطة عمليات عقلية استداللية كاالستقراء (وهو عملية فكرية‬
‫ينتقل فيها ا لعقل من حكم خاص إىل حكم عام)‪ ،‬و االستنباط (وهو استدالل يقوم على أن نستنتج من قضية‬
‫مرفوضة أو قضيتني قضية أخرى تكون عن قضية أو القضيتني املنطلق منهما)‬
‫‪-‬نص حواري نستعرض فيه آراء متباينة و متعارضة‪ .‬و تشكل احلوارية مسته املميزة»‪.7‬‬
‫فالنص احلجاجي حياول إقناع املتلقي و التأثري فيه و توجيهه للفكرة‪ ،‬أو رأي‪ ،‬أو اختاذ موقف معني من قضية حمددة‪.‬‬
‫ودهُ لدى املتلقي‪ ،‬ابعتقاد آخر يعتقد‬
‫وج ُ‬
‫لذلك«النية أو القصد يف هذا النوع من اخلطاب‪ ،‬هو تغيري اعتقاد يفرتض ُ‬
‫السامع رأاي حول القضية املطروحة أو‬
‫املرسل أنه األصح‪ .‬كما ينطلق احلجاج يف النّص من مبدأ أن للقارئ أو ّ‬
‫موضوع الكالم‪ .‬و يهدف يف النهاية إىل اإلقناع»‪ .8‬لذلك فالنص ال بد أن على القارئ أن يقرأه بتمعن ليدرك‬
‫مضمونه‪.‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬القراءة و مرتكزاهتا‪:‬‬
‫هتدف القراءة إىل فك الرموز اللغوية املكتوبة و حتويلها إىل لغة منطوقة‪ ،‬فهي مهارة استقبال يستقبل فيها القارئ‬
‫تلك املعاين اليت يريد الكاتب أن يوصلها إليه‪.‬عن طريق حاسة البصر‪ ،‬لتدرك كتابة و فهما‪ .‬غري أن النصوص‬
‫املوجهة للقراءة‪ ،‬ال بد أن يراعى فيها قدرات املتعلمني‪ ،‬يف األلفاظ املستعملة‪ ،‬و الرتاكيب الواضحة‪ ،‬و حجم النص‪،‬‬
‫و ارتباطها ابحمليط اللغوي و الثقايف لديهم‪ .‬لنصل إىل متعلم قادر على أن يفهم معاين اجلملو الكلمات املقدمة إليه‪.‬‬
‫و ينتج على منواهلا تراكيب لغوية صحيحة‪ ،‬و نصوص مبنية على براهني و حجج منطقية‪.‬‬
‫املطلب األول‪ :‬القراءة و أهدافها‪:‬‬
‫مبا أن القراءة مهارة استقبال من مهارات االتصال اللغوي‪ ،‬جيب حتديد مفهومها‪ ،‬و أهدافها يف التعرف على احلروف‬
‫و املقاطع و الكلمات و الرتاكيب للوصول إىل معانيها‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تعريف القراءة‪:‬‬

‫‪1684‬‬ ‫اجمللد السابع ‪ -‬العدد األول ‪ -‬السنة مارس‪2022‬‬


‫بن قطاية بلقاسم‬ ‫مرتكزات النّصوص احلجاجية و منطلقاهتا التّعليمية‬

‫تعد القراءة ركنا أساسيا من أركان االتصال اللّغوي‪ .‬فعندما يكون املرسل كاتبا ال بد أن يكون املستقبل قارائ‪ .‬فهي‬
‫الوسيلة اليت هبا تتحقق غاايت الكتابة‪ .‬إذ بدون القراءة ليست مثة قيمة للكتابة‪ .‬و ابلتايل فهم النصوص و حتليلها‬
‫عرفت القراءة أبهنا‪:‬‬
‫يقوم على القراءة‪.‬وقد ّ‬
‫« فالقراءة نشاط‪ ،‬تتصل العني فيه بصفحة مطبوعة‪ ،‬تشمل على رموز لغوية معينة‪ ،‬يستهدف الكاتب منها توصيل‬
‫الرسالة يف شكل مطبوع إىل خطاب خاص له‪ .‬و ال‬ ‫رسالة للقارئ‪ ،‬و على القارئ أن يفك هذه الرموز‪ ،‬و حييل ّ‬
‫يقف األمر عند فك الرموز و فهم دالالهتا‪ ،‬وإمنا يتعدى هذا إىل حماولة إدراك ما وراء هذه الرموز‪ ،‬والقراءة بذلك‬
‫‪9‬‬
‫عملية عقلية يستخدم اإلنسان فيها عقله و خرباته السابقة يف فهم و إدراك مغزى الرسالة اليت تنتقل إليه»‪.‬‬
‫فقد حتول مفهوم القراءة ‪ -‬من فك الرموز املكتوبة و جتميعها يف مقاطع صوتية مث يف كلمات‪ -‬إىل معاجلة املعلومة‬
‫املعروضة للوصول إىل معناها‪ ،‬و هبذا املعىن حيصل تفاعل بني القارئ و ما يقرؤه من النّص و سياقه‪ .‬و القارئ‬
‫يتعامل مع املكتوب الذي هو على مستوى اإلدراك البصري‪ ،‬و يرتمجه إىل كلمات ومجل هلا معاين و حتمل معارف‬
‫متعددة يستفاد منها يف التعليم‬
‫الفرع الثاين‪ :‬أهداف القراءة‪:‬‬
‫القراءة هتدف إىل التعرف على احلروف اهلجائية و تركيبها يف مقاطع و كلمات‪ ،‬و مجل وكيفية نطقها‪ ،‬و إدراك‬
‫معانيها املقصودة‪ .‬ففيها حياول القارئربط الصوت ابلداللة املقصودة‪ .‬و قد ح ّدد أهدافها كل من طه علي حسني‬
‫الدليمي‪ ،‬و سعاد عبد الكرمي عباس الوائلي‪ ،‬يف ما يلي‪:‬‬
‫«‪ -1‬أن يقرأ املتعلم اجلمل و الكلمات املقدمة إليه قراءة جهرية صحيحة‪.‬‬
‫‪-2‬أن يفهم معاين اجلمل و الكلمات املقدمة إليه‪.‬‬
‫‪ -3‬أن جيرد احلروف اهلجائية أبشكاهلا خمتلفة‪.‬‬
‫‪-4‬أن يتعرف على احلروف اهلجائية حني يسمع أصواهتا و ينطقها على وفق خمارجها الصوتية الصحيحة‪.‬‬
‫‪ -5‬أن يركب مقاطع و كلمات جديدة من احلروف اليت سبق جتريدها‪.‬‬
‫الشدة و التنوين‪.‬‬
‫‪ -6‬أن يتعرف على احلركات (الضمة ‪،‬و الفتحة‪ ،‬و الكسرة)‪ ،‬و يتعرف أيضا السكون و ّ‬
‫الزمالءو النّظافة و‬
‫‪ -7‬أن يكتسب جمموعة من العادات السليمة كاإلصغاء‪ ،‬و اإلجابة عن األسئلة و مشاركة ّ‬
‫النّظام»‪10.‬و هبذا نكون أمام االنطالق يف تعلم القراءة من هذه األهداف احملددة‪ ،‬اليت تصدق على املستوايت الدنيا‬
‫من التعليم‪ ،‬من نطق الصوت مث الكلمة مث اجلملة و التعرف على معناها‪.‬‬
‫أما حممد محود فقد وضح هدف القراءة املبدعة ليس إثراء النصوص‪ ،‬و مراكمة معارف فوق أخرى‪ ،‬و لكنه‬
‫الكشف عن ثراء مكوانت هذه النصوص‪ ،‬وهو‪« :‬تدريب التالميذ على مواجهة النصوص مواجهة إجرائية‪ ،‬و‬
‫التّعرف على أنواع النّصوص و مدى عدول بعضها عن معيار (الغرابة اإلبداعية)‪ ،‬و السيطرة على العمل األديب و‬
‫التدرب على القيام بنفس العمل»‪ .11‬فهذه األهداف تكون عندما يتدرج املتعلم يف املستوايت العليا للتعلم‪ ،‬حيث‬
‫تظهر قدرته يف مواجهة النصوص و الغوص يف مفاهيمها‪ ،‬و مدى القدرة على التعرف على أمناط النصوص‪ ،‬و‬
‫العمل على إجناز نصوص مماثلة هلا‪.‬‬

‫‪1685‬‬ ‫اجمللد السابع ‪ -‬العدد األول ‪ -‬السنة مارس‪2022‬‬


‫بن قطاية بلقاسم‬ ‫مرتكزات النّصوص احلجاجية و منطلقاهتا التّعليمية‬

‫املطلب الثاين‪ :‬معايري اختيار النّص القرائي ‪:‬‬


‫يقرتح عبد الرمحان التومي مجلة من املعايري يف اختيار النّصوص القرائية من حيث احملتوي تتعلق ابجلوانب الثّقافية‬
‫الرتاكيب و حجم النّص‪،‬‬ ‫الشكل وجوانب تتعلق ابختيار املفردات و ّ‬ ‫الرتبوية‪ ،‬و من حيث ّ‬ ‫و اللّغوية و النّفسية و ّ‬
‫حناول أن نوجزها فيما يلي‪:‬‬
‫« ارتباط النّص القرائي ابجملال الرئيسي للوحدة‪ ،‬و مناسبته للمستوى املعريف و العقلي للمتعلمني‪ .‬و ألفاظه اجلديدة‬
‫حمدودة‪ ،‬و قصر مجله لتسهيل فهمها‪ ،‬و أن تكون نصوصه متنوعة ومرتبطة مبحيط املتعلمني و األحداث اجلارية‪،‬‬
‫و حمفزا لدافعية كل منهم‪...‬اخل»‪.12‬‬
‫وضح على آيتأوشان اإلجراءات الرتبوية يف اختيار النّصوص املمثلة منها أهنا‪« :‬منطلق عمل بيداغوجي‬‫و قد ّ‬
‫لغوي ثقايف‪ ،‬و خيضع اختيار النّصوص املقررة و تصنيفها و مقاربتها للمداخل الكربى للمنهاج ال ّدراسي ‪ ،‬كما‬
‫خيضع النص ابعتباره متوالية من اجلمل أو الوحدات لتحوالت منها ( التّصرف فيه من حيث الكم ابحلذف‬
‫(‪ )suppression‬و االستبدال (‪ ،)substitution‬ومالءمته لبعض الوضعيات التعليمية – التعلمية‪،‬‬
‫وتكييفه مع القيم و الكفاايت املستهدفة‪ ،‬و اكتمال معناه و انغالقه أي له بداية و هناية و حيمل داللة معينه‪ ،‬و‬
‫توزيع فقراته و إرفاقه ابلصور‪ ،‬واعتباره سندا بيداغوجيا‪ ،‬ووسيله إلكساب املتعلمني مهارات و قدرات حمددة‪ .‬كما‬
‫خيضع ملالءمته لبيئتهم اللغوية و الثقافية‪ ،‬واستجابته حلاجياهتم النّفسية و االجتماعية ‪ ،‬و متثليته لروح األمة و قيمها‬
‫‪13‬‬
‫و انفتاحه على الثقافات األخرى بوعي و حكمة»‪.‬‬
‫املطلب الثالث‪:‬املرتكزات األساسية للقراءة املنهجية للنص احلجاجي‪:‬‬
‫إ ّن خطوات القراءة املنهجية للنصوص تعتمد على جمموعة من املفاهيم و املرتكزات األساسية الالزمة لفهمها‪ ،‬و‬
‫سبل تنفيذها منها‪ :‬األساس النفسي اللساين للمتعلم‪ ،‬و تقنيات قراءة النص قراءة فاحصة‪ ،‬ومعاجلة مستوايته اللغوية‪،‬‬
‫حددها حممد مريين يف كتابه "النص األديب‬
‫و التحكم يف روابطه و عوامله‪ ،‬للوصول إىل إنتاج نص مماثل‪ .‬و قد ّ‬
‫قضااي ديداكتيكية " و حناول هنا أن نركز على النص احلجاجي و هي كما يلي‪:‬‬
‫«أ‪ -‬األساس النفسي اللساين‪ :‬الق ارئ مزود مبعارف متكنه من فهم النص بناء على قدرات متكن من أتويل‬
‫احملسوسات‪ .‬لذا «فإ ن املتلقي ال يستقبل النص "بذهن فارغ" بل إنه مزود بشبكة للقراءة متكنه من وضع فرضياته‬
‫اخلاصة اليت هي نتائج خرباته و جتاربه و مكتسباته‪ .‬لذلك فإن خطوات القراءة املنهجية تبدأ مبالحظة بعض املؤشرات‬
‫احمليطة ابلنص أو املستمدة من داخله‪ ،‬و اقرتاح أتويل أو "فرضية" لقراءته»‪.14‬‬
‫ب‪-‬إدراك الرموز و حتويلها إىل أصوات منطوقة‪ ،‬و ذلك بربط الرمز ابلصوت للتمكن من معرفة داللتها‪.‬‬
‫ج‪ -‬يتطلب النص احلجاجي وجود إطار جاهز‪ ،‬يتطلب أدواته املنهجية املناسبة له‪ .‬هذا ما جيعله خيتلف عن أمناط‬
‫‪15‬‬
‫النصوص األخرى‪.‬‬
‫د‪ -‬التعرف على املستوايت اللغوية من الصوت إىل الداللة مرورا ابملستوى الصريف و الرتكييب‪.‬‬
‫ه‪« -‬إن الغاية من التعامل مع النص هي التمكن من آليات إنتاج نص يعرب عن األفكار و املشاعر‪ ،‬و هلذه الغاية‬
‫توظف املنهجية املقرتحة أنشطة للرتكيب و استثمار معطيات النص من أجل حماكاة أمناطه و أساليبه»‪.16‬‬

‫‪1686‬‬ ‫اجمللد السابع ‪ -‬العدد األول ‪ -‬السنة مارس‪2022‬‬


‫بن قطاية بلقاسم‬ ‫مرتكزات النّصوص احلجاجية و منطلقاهتا التّعليمية‬

‫املبحث الثالث‪ :‬النصوص احلجاجيةو منطلقات التعليمية‪:‬‬


‫إ ّن النّص احلجاجي يرتبط مضمونه ابلعقل واجلدل و اإلقناع و التأثري‪،‬و يقوم على احلجة و الربهان‪ ،‬مما جيعل املتعلم‬
‫يقتنع به و يقبله‪ ،‬و يبين أفكاره على منواله‪ .‬فهو قائم على اجلدل‪ ،‬و استعمال أدوات الربط املنطقي‪ ،‬و أدوات‬
‫التوكيد‪ .‬كما يهدف إىل إكساب املتعلم أسلوب التفكري املنظم و املتماسك‪ .‬و الدفاع عن الرأي ابحلجج و‬
‫الرباهني‪.‬‬
‫تعل ّّم النّصوص احلجاجية‪:‬‬
‫املطلب األول‪ّ :‬‬
‫إن تعلم النصوص خيتلف ابختالف نوعية النص‪ ،‬سواء أكان النص وصفيا‪ ،‬أو حواراي‪ ،‬أو إعالميا‪ ،‬أو حجاجيا‪،‬‬
‫لكل منوذج من هذه النصوص منطلقات و آليات يقوم عليها أثناء التحليل الرتباط مضمونه بتصور حمدد‪ ،‬غري أ ّن‬
‫النص احلجاجي يرتبط مضمونه ابلعقل واجلدل و اإلقناع و التأثري‪ .‬و هذا ما أكدته الدكتورة رشيدة الزاوي بقوهلا‪:‬‬
‫«يعترب احلجاج عمال عقليا يرتبط مبجاالت التواصل و تبادل اخلطاب‪ ،‬و يرتكز على دعامة احلجة و الربهان من‬
‫أجل إقناع الطرف اآلخر مبوقف أو تصور معني‪ ،‬يتعلق بقضية أو مشكله ما»‪ 17.‬لذلك جيب إن ندرك مميزات‬
‫هذا النمط من النصوص‪ ،‬وأن نتعرف عليه‪ ،‬و حندد أهدافه التدريسية‪،‬و مؤشراته و أدواته‬
‫املطلب الثاين‪ :‬مميزات النّص احلجاجي التّعليمية‪:‬‬
‫سنتناول يف هذا املطلب مميزات النص احلجاجي‪ ،‬و كيفية التعرف عليها‪ ،‬و أهدافها التدريسية‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬مميزات النّص احلجاجي‪:‬‬
‫النص احلجاجي يقوم على تنظيم األفكار ‪ ،‬و ترتيبها على أسس عقلية منطقية تراعي التدرج والتسلسل املنسجم‪،‬‬
‫و هي تقوم على احلجة و الربهان‪ ،‬جتعل املتعلم يقتنع هبا و يقبلها‪ ،‬و يبين أفكاره على منواهلا‪ .‬لذا فالنص احلجاجي‬
‫يتميز مبا يلي‪:‬‬
‫«‪ -1‬تنبيه التلميذ إىل عدم فاعلية الرأي األحادي‪ ،‬بل عليه – و أثناء االشتغال على قضية معينة – أن يتقبل آراء‬
‫اآلخرين و أن يدرك أوجه االختالف بينه و بينهم‪.‬‬
‫‪ -2‬تعلمه كيفية طرح األفكار وفق خطاطة حترتم (املقدمة‪ ،‬العرض‪ ،‬اخلامتة)‪.‬‬
‫‪ -3‬تعلمه املزاوجة بني أساليب االستدالل واالستقراء و القياس يف عرض األفكار ومناقشتها‪ ،‬و ربط األسباب‬
‫‪18‬‬
‫ابملسببات و النتائج ابملقدمات»‪.‬‬
‫إ ّن احلور مبين على تكامل احلقيقة ال على الرأي الواحد‪ ،‬ألن املتعلم ال بد أن يطرح أفكاره ابنتظام متسقة و‬
‫منسجمة‪ :‬مقدمة و عرض و خامتة‪ ،‬و أن يعتمد االستدالل و الربهان العقلي إلثباهتا; من مقدمات إىل نتائج‪ ،‬و‬
‫من مسببات إىل أسباب‪...‬اخل‪.‬‬
‫الفرع الثاين‪:‬كيفية التّعرف على النّص احلجاجي من املتعلم‪:‬‬
‫ليتعرف املتعلم على النّص احلجاجي ال بد أن يدرك مميزاته املمتثلة يف ‪:‬‬
‫«غلبة الطابع اجلديل عليه‪ ،‬و استعمال أدوات الربط املنطقي (إذن‪ ،‬هكذا‪ ،‬ألن ‪ :‬كي‪ ،)...‬و أدوات التوكيد(إ ّن‪،‬‬
‫‪19‬‬
‫إّمنا‪ ،‬بل‪ ،)...‬كما يظهر فيه االستدالل املنطقي و االستشهاد ابألمثلة و االقتباس من القرآن واحلديث‪»)...‬‬

‫‪1687‬‬ ‫اجمللد السابع ‪ -‬العدد األول ‪ -‬السنة مارس‪2022‬‬


‫بن قطاية بلقاسم‬ ‫مرتكزات النّصوص احلجاجية و منطلقاهتا التّعليمية‬

‫الفرع الثالث‪ :‬أهداف تدريس النّص احلجاجي‪:‬‬


‫«إ ّن اهلدف من تدريس النّص احلجاجي هو إكساب املتعلم أسلوب التفكري املنظم و املتماسك‪ .‬و متكينه من‬
‫الردو اإلقناع و التأثري ‪ ،‬والكشف عن نوع احلجج‬
‫الدفاع عن الرأي‪ ،‬و تقدمي وجهة نظر و التعليق ‪ ،‬وإقداره على ّ‬
‫اليت يتضمنها النّص»‪.20‬‬
‫فاملدرس الناجح هو الذي حيقق أهداف الوضعية التعلمية‪ .‬وإذا متكن املتعلم من الوصول إىل هذا األهداف‬
‫ابعتباره حمور العملية التعلمية‪ ،‬سهل عليه التعامل مع النصوص احلجاجية‪ ،‬و حتليلها‪ ،‬و يصبح فردا فاعال مؤثرا و‬
‫مقنعا يف حواره‪.‬‬
‫املبحث الرابع‪ :‬مكوانت النّصوص احلجاجية‪:‬‬
‫تقوم النصوص احلجاجية على الروابطاملنطقية داخل سياقها اللغوي‪ ،‬كما تقوم حبصر و تقييد اإلمكاانت احلجاجية‬
‫اليت تكون لقول ما و ذلك ابستعمال أدوات احلصر‪ ،‬و اجملاز اللغوي‪.‬و ترتكز على االستدالل املنطقي الذي‬
‫يقومعلى مقدمات و نتائج‪ ،‬و االستقراء بتتبع اجلزئيات للوصول إىل احلكم كلي‪ .‬كما أن النصوص قد تنطلق من‬
‫أطروحة مرفوضة ابالعتماد إىل احلجج للوصول إىل أطروحة مقرتحة‪ .‬و متكني املتعلم أثناء التعامل مع هذا النمط‬
‫من النصوص من احلصول على كفاايت لغوية ومنطقية و معرفية‪.‬‬
‫املطلب األول‪:‬املؤشرات و األدوات احلجاجية‪:‬‬
‫ينبغي أن منيز يف املؤشرات و األدوات احلجاجيةبني الروابط احلجاجية‪ ،‬و العوامل احلجاجية‪ ،‬و االستعارة‪.‬‬
‫الفرع األول‪:‬الروابط احلجاجية‪:‬‬
‫«الروابط تربط بني قولني أوبني حجتني على األصح (أو أكثر)‪ ،‬و تسند لكل قول دورا حمددا داخل االسرتاتيجية‬
‫احلجاجية العامة‪ .‬و ميكن التمثيل للروابط ابألدوات التالية‪ :‬بل‪ ،‬لكن‪ ،‬حىت‪ ،‬السيما‪ ،‬إذن‪ ،‬ألن‪ ،‬مبا أن‪،‬‬
‫إذ‪...‬اخل»‪ .21‬فلكل رابط من هذه الروابط عالقة منطقية‪ ،‬ووظيفة يؤديها داخل السياق‪« .‬و من أمثلة ذلك قوله‬
‫اَّللِ َح ٌّق َولَ ِك َّن أَ ْكثَـَرُه ْم َال يـَ ْعلَ ُمو َن‪‬سورة يونس اآلية‪.55:‬سنجد يف هذا املثال أن "لكن"‬
‫تعاىل‪  :‬أََال إِ َّن َو ْع َد َّ‬
‫الواردة فيه هي "لكن" احلجاجية‪ ،‬فهناك تعارض حجاجي بني ما يتقدم الرابط و ما يتلوه‪ ،‬فالقسم األول من اآلية‬
‫اَّللِ َح ٌّق) يتضمن حجة ختدم نتيجة من قبيل " سيقوم الناس ابلواجب"»‪.22‬‬
‫(إِ َّن َو ْع َد َّ‬
‫و هبذا يكون املتعلم مدركا للروابط اللغوية يف إثبات احلجة بناء على هذا الرابط "لكن" الذي يفيد يف عالقته‬
‫املنطقية "االستدراك"‪ ،‬ويف أغلب األحيان يصادفه املتعلم أثناء تعامله مع النصوص احلجاجية‪.‬‬
‫الفرع الثاين‪:‬العوامل احلجاجية‪ «:‬فهي ال تربط بني متغريات حجاجية (أي بني حجة و نتيجة أو بني جمموع‬
‫حجج)‪ ،‬و لكنها ال تقوم حبصر و تقييد اإلمكاانت احلجاجية اليت تكون لقول ما‪ .‬و تضم مقولة العوامل أدوات‬
‫من قبيل‪:‬‬
‫‪ -‬رمبا ‪ -‬تقريبا‪ -‬قليال‪ -‬كثريا‪ -‬ما‪ ...‬إالّ‪ -‬و جل أدوات القصر‪ ...‬و لنوضح العامل احلجاجي بشكل‬
‫أكثر‪ ،‬ندرس املثالني اآلتيني‪ -:‬الساعة تشري إىل الثامنة‪.‬‬

‫‪1688‬‬ ‫اجمللد السابع ‪ -‬العدد األول ‪ -‬السنة مارس‪2022‬‬


‫بن قطاية بلقاسم‬ ‫مرتكزات النّصوص احلجاجية و منطلقاهتا التّعليمية‬

‫‪ -‬ال تشري الساعة إال إىل الثامنة‪ .‬فعندما أدخلنا على املثال األول أداة القصر "ال‪...‬إال"‪ ،‬و هي عامل حجاجي‪،‬‬
‫مل ينتج عن ذلك أي اختالف بني املثالني خبصوص القيمة اإلخبارية أو احملتوى اإلعالمي‪ ،‬و لكن الذي أتثر هبذا‬
‫‪23‬‬
‫التعديل هو القيمة احلجاجية للقول»‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪:‬االستعارة‪«:‬و تعترب من الوسائل اللغوية اليت يستعملها املتكلم للوصول إىل أهدافه احلجاجية‪ .‬بل إهنا‬
‫من الوسائل اليت يعتمد بشكل كبري‪ ،‬ما دمنا نسلم ابلطابع اجملازي للغة الطبيعة‪ ،‬إن االستعارة هنا تضطلع مبهمة‬
‫اإلقناع ال اإلمتاع فحسب»‪.24‬‬
‫‪-‬إ ّن املتعلم أثناء تعامله مع النصوص يتعرف على الروابط املنطقية يف اللغة العربية‪ ،‬و العوامل احلجاجيةو كيف‬
‫وظّفها صاحب النص يف تراكيب حمكمة االتساق لتعرب عن املعىن املقصود‪ .‬لذا فهو يدرك أن لروابط اللغوية عالقات‬
‫منطقية‪ ،‬ووظيفة تؤديها‪ :‬مثل‪ :‬توسيع فكرة ما‪ ،‬أو ترتيب األفكار و تنظيمها‪ ،‬أو الربط بني فكرتني عرب التماثل أو‬
‫التعارض‪...‬اخل‪ .‬وهبذا تصبح له القدرة على توظيفها يف منتوجه أثناء كتابة الفقرات التعبريية‪ .‬و العمل نفسه مع‬
‫العوامل احلجاجية‪.‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬االستدالل يف النص احلجاجي‪:‬‬
‫مبا أن االستدالل هو «هو استنتاج قضية جمهولة من قضية معلومة أو عدة قضااي معلومة‪ .‬أو‪ :‬هو التوصل إىل حكم‬
‫تصديقي جمهول مبالحظة حكم تصديقي معلوم‪ ،‬أو مبالحظة حكمني فأكثر من األحكام التصديقية املعلومة»‪.25‬‬
‫و هبذا نكون أمام خماطبة العقل ابستعمال العقل و ذلك ابلربط بني املعطى املعلوم و املشاهد الستخراج معطيات‬
‫املخاطب أسلوب الربهنة عن طريق العمليات العقلية املرتبة يف شكل قضااي‪ ،‬و يقدم‬‫ِ‬ ‫و أحكام جمهولة‪ .‬و يسلك‬
‫احلجة و الدليل إلحداث أثر يف املتلقي‪ .‬و هبذا تكون الربهنة ابالستدالل إما ابلقياس أو االستقراء‪ .‬و قد ح ّدد‬
‫حبنكة امليداين قضيتني إلثبات وجود هللا ال شريك له‪« :‬لو كان يف السماء و األرض آهلة ٍّّ‬
‫حبق غري هللا لفسدات‬
‫(بربهان العقل) ‪ ،‬لكنهما مل تفسدا( بربهان املشاهدة)‪ ،‬فينتج أنه ال توجد آهلة متعددة معبودة ٍّّ‬
‫حبق‪ .‬ووجود اخللق‬
‫يف األصل مسلّم به ّإال أن الدليل هنا لنفي التعدد»‪.26‬‬
‫يكون االستدالل بربط األسباب ابملسبيبات‪ ،‬أو يكون جدليا ابالعتماد على األطروحة مث النقيض‪ ،‬مث نقيض‬
‫النقيض‪ .‬و هذا ما يالحظ يف النصوص احلجاجية بتقدمي األطروحة و نقيضها‪ ،‬و قد يكون نقيض النقيض حسب‬
‫احلجة املقدمة‪ ،‬و اليت ختتلف ابختالف قوة احلجة و اليت سنوضحها يف مسات احلجج اللغوية‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬القياس‪ :‬كما ّ‬
‫عرفه على آيتأوشان على أنه نوع من االستدالل املنطقي يقوم على مقدمات و نتائج‪:‬‬
‫«هو نوع من االستدالل املنطقي يتم فيه االنتقال من مقدمات إىل نتائج تلزم عنها‪ ،‬و يكون هدف النتائج مرهون‬
‫بصدق املقدمات»‪.27‬‬
‫و ينقسم إىل قسمني‪ :‬قياس اقرتاين وقياس استثنائي‬
‫‪-1‬القياس االقرتاين‪ « :‬ميتاز القياس االقرتاين أبن عناصره فيها اقرتان‪ ،‬و أبن نتيجته موجودة يف مقدمتيه ابلقوة ال‬
‫ابلفعل‪ ،‬أي ابملادة ال ابلصورة و اهليئة‪ .‬مثال‪:‬‬
‫القضية األوىل‪ /‬الشمس كتلة من انر‪.‬‬

‫‪1689‬‬ ‫اجمللد السابع ‪ -‬العدد األول ‪ -‬السنة مارس‪2022‬‬


‫بن قطاية بلقاسم‬ ‫مرتكزات النّصوص احلجاجية و منطلقاهتا التّعليمية‬

‫القضية الثانية‪ /‬كل انر حمرقة‪.‬‬


‫النتيجة ‪ /‬الشمس كتلة من انر حمرقة‪ .‬احلد املشرتك بني القضيتني هو‪ :‬النار»‪.28‬‬
‫‪-2‬القياس االستثنائي‪ :‬يدرك هذا القياس بوجود حرف االستثناء بني مقدمتيه «ميتاز القياس االستثنائي بوجود حرف‬
‫االستثناء بني مقدمتيه‪ ،‬و أبن نتيجته أو نقيضها موجودة ابلفعل فيهما‪ ،‬دون احلاجة إىل تعديل يف الصيغة‪ ،‬إال أن‬
‫حكمها يف املقدمتني شرطي ويف النتيجة جمزوم به»‪.29‬‬
‫مثال‪ :‬مقدمة كربى‪ /‬إذا كان جسم اإلنسان سليما من األمراض فالطعام بال إسراف ال يضره‬
‫مقدمة صغرى‪ /‬لكنّه سليم‬
‫النتيجة اجملزوم هبا ‪ /‬فالطعام بال إسراف ال يضره‪.‬‬
‫الفرع الثاين‪:‬االستقراء‪«:‬هو تتبع اجلزئيات للحصول على حكم كلي«قاعدة عامة»‪30.‬فهو عملية فكرية و حسية‬
‫تعتمد على املالحظة و التجربة إلثبات حكم كلي ابالنتقال من جزئيات‪ .‬فهو « نوع من االستدالل ينتقل مبوجبه‬
‫الفكر من مالحظة و دراسة حالة أو حاالت جزئية إىل استخالص حكم كلي‪ ،‬يتم تعميمه على ابقي احلاالت‬
‫املشاهبة للحالة املالحظة»‪.31‬‬
‫ومعىن هذا أ ّن االستقراء ابعتباره طريقة يف التفكري والبحث ينصب على دراسة الظواهر اللغوية من أجل معرفة‬
‫القوانني اليت تتحكم فيها‪ .‬و االستقراء نوعان‪:‬‬
‫‪-1‬استقراء اتم‪« :‬و املقصود منه أن تشمل عملية االستقراء كل الظواهر اليت هي مدار ال ّدراسة والبحث ومعىن‬
‫‪32‬‬
‫هذا أننا خالله ال حنكم على الكل إال مبا حكمنا به على مجيع األجزاء»‪.‬‬
‫‪ -2‬استقراء انقص‪ «:‬وفيه عملية االستقراء ال تشمل كل الظواهر أو األجزاء بل تشمل بعضها فقط ألن الفكر‬
‫ينتقل من احلكم على هذا البعض إىل حكم كلي عام‪ .‬و هو هبذا أيسر من االستقراء التام ألنه مينح العامل فرصا‬
‫‪33‬‬
‫كثرية للبحث واالكتشاف والتعميم‪ ،‬لذلك كان السبب الرئيسي لتقدم العلوم»‪.‬‬
‫و االستقراء الناقص تعتمد عليه العلوم التجريبية و ذلك ابالعتماد على املالحظة ووضع الفروض و التجربة و التحقق‬
‫من الفروض ووضع األدلة و القوانني العلمية‪.‬‬
‫إن االستدالل اجلجاجي يف تعليمية النصوص احلجاجية يقوم على حتديد مكوانهتا و فق اخلطاطة احلجاجية‪ ،‬و‬
‫حتديد السمات احلجاجية‪.‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬مكوانت النص احلجاجيو مسات احلجج اللغوية‪:‬‬
‫يتكون النص احلجاجي من أطروحة مقرتحة مدعمة ابحلجج والرباهني‪ ،‬و أطروحة مرفوضة‪ ،‬كما أ ّن السمات‬
‫احلجاجية تعتمد على السياق اللغوي‪ ،‬كما أن قوة احلجة ختتلف ابختالف األشخاص و مستوايهتم املعرفية‪ .‬كما‬
‫أن احلجاج اللغوي مرن‪ ،‬و نسيب ‪ ،‬و قابل لإلبطال‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬مكوانت النص احلجاجي‪:‬‬
‫‪ -‬ينطلق صاحب النص من قضية يريد أن يثبتها أو أن ينفيها‪ ،‬يف تصور يعتقد أن املتلقي حيمل عكسه‪ ،‬و يريد أن‬
‫تثبت ذلك اإلثبات أو النفي‪ ،‬و ذلك بتحديد القضية املدافع عنها‪ ،‬و القضية املرفوضة‪ ،‬بعد ذلك جبمع األدلة اليت‬

‫‪1690‬‬ ‫اجمللد السابع ‪ -‬العدد األول ‪ -‬السنة مارس‪2022‬‬


‫بن قطاية بلقاسم‬ ‫مرتكزات النّصوص احلجاجية و منطلقاهتا التّعليمية‬

‫ختدم القضية أو األطروحة اليت يدافع عنها‪ ،‬ابعتبارها حججا‪ ،‬و يدحض أطروحة اخلصم‪ ،‬ليصل يف النهاية إىل‬
‫خامتة‪.‬‬
‫حتما أن النّص حيمل أفكارا معينة يريد أن يقنع هبا املتلقي (القارئ)‪ ،‬حتمل مواقف معينة‪ ،‬و أدلة واضحة‪ .‬ويتضح‬
‫‪34‬‬
‫ذلك يف اخلطاطة احلجاجية التالية‪:‬‬
‫مرحلة التفكري (‪)2‬‬ ‫سريورة‬ ‫مرحلة التفكري (‪)1‬‬
‫األطروحة املقرتحة‬ ‫عمليات احلجاج‬ ‫األطروحة املرفوضة‬
‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬
‫اخلامتة (النتيجة)‬ ‫األدلة و الرباهني‬ ‫املقدمة املنطقية‬
‫الفرع الثاين‪ :‬مسات احلجج اللغوية‪:‬‬
‫‪-1‬السياق‪ :‬مبا أ ّن السياق اللغوي هو كل ما يتعلق ابإلطار الداخلي للغة (بنية النص) ‪ ،‬و ما حيتويه من قرائن‬
‫تساعد على كشف داللة الوحدات اللغوية يف الرتاكيب بذاهتا و اليت يريدها صاحب النص ‪ .‬فالسياق «يلعب دورا‬
‫مهما يف النص احلجاجي فهو الذي جيعل العنصر الداليل الذي يقصده املتكلم يصري حجة ‪،‬و مينحه طبيعته‬
‫‪35‬‬
‫احلجاجية‪ ،‬مث إ ّن العبارة الواحدة‪ ،‬قد تكون حجة أو نتيجة‪ ،‬أو قد تكون غري ذلك»‬
‫‪-2‬النسبية‪ :‬ختتلف احلجة ابختالف األشخاص و املتعلمني‪ ،‬ومستوايهتم املعرفية‪ ،‬و القدرة على ترتيبها و إظهارها‬
‫يف سياقها املناسب‪ ،‬مما جيعلها تتمايز يف درجة قوهتا« فلكل حجة قوة حجاجية معينة‪ ،‬فقد يقدم املتكلم حجة ما‬
‫لصاحل نتيجة معينة‪ ،‬و يقدم خصمه حجة مضادة أقوى منها بكثري‪ ،‬و بعبارة أخرى هناك احلجج القوية‪ ،‬و احلجج‬
‫الضعيفة‪ ،‬و احلجج األوهىو األضعف»‪ .36‬كما تظهر قوة احلجة يف الروابط اليت تدرج احلجة القوية‪ .‬مثل‪ :‬حىت ‪،‬‬
‫بل‪ ،‬لكن‪ ،‬ال سيما‪...‬اخل‪.‬‬
‫‪-3‬قابلة لإلبطال‪ «:‬إن احلجاج اللغوي نسيب‪ ،‬و مرن‪ ،‬و تدرجيي‪ ،‬و سياقي خبالف الربهان املنطقي و الرايضي‬
‫الذي هو مطلق و حتمي »‪.37‬ونلمس ذلك يف قدرة املتلقي على دحض احلجة املقدمة إذا كانت ضعيفة‪ ،‬ليس هلا‬
‫منطلقات فكرية‪.‬‬
‫إ ّن املتعلم يدرك احلجج يف سياقاهتا املختلفة‪ ،‬و مدى قوهتا من شخص آلخر و من موقف آلخر‪ ،‬وكيف‬
‫ميكن دحضها‪ ،‬و إبطاهلا‪ ،‬إدراكا و ممارسة أثناء العملية التعلمية‪ ،‬كما يستطيع أن مييز بني احلجة و الربهان الرايضي‬
‫املنطقي‪ .‬ليصل إىل أن احلجة مرتبطة ابلكفاءة املعرفية و اللغوية و املنطقية‪ .‬واليت يكتسبها املتعلم عرب مراحله‬
‫التعليمية‪.‬‬

‫املطلب الرابع‪:‬الكفاايت احلجاجية‪:‬‬


‫استعمل مصطلح الكفاءة و الكفاية يف التعليمية للداللة على القدرة اليت ميتلكها املتعلم لذلك‪ ،‬و عرب عنها أمحد‬
‫‪38‬‬
‫املتوكل ابمللكة‪ .‬الكفاية‪« :‬هي طاقة فردية كامنة مل تنشط بعد‪ ،‬ويتم حتقيقها [تفعيلها] عن طريق اإلجناز»‪.‬‬

‫‪1691‬‬ ‫اجمللد السابع ‪ -‬العدد األول ‪ -‬السنة مارس‪2022‬‬


‫بن قطاية بلقاسم‬ ‫مرتكزات النّصوص احلجاجية و منطلقاهتا التّعليمية‬

‫للكفاية مهارات فرعية متعددة منها‪ :‬التصور‪ ،‬و تنظيم الكالم‪ ،‬و استدعاء اللغة يف املواقف احلياتية املختلفة‪ ،‬و‬
‫وضحها مسري استيتية بقوله‪« :‬تتضمن الكفاية‬ ‫اختيار التعابري املناسبة هلا‪ ،‬و القدرة على تقومي لغتنا املستعملة‪ .‬و قد ّ‬
‫اللغوية مهارات ذهنية متعددة من أمهها‪ :‬التصور‪،‬مث التنظيم الذي جيعل كالمنا منظما‪ ،‬مث التتابع الذي جيعل املهارات‬
‫الذهنية قادرة على البقاء و االستمرار‪،‬مث االستدعاء الذي جيعل اللغة مطواعا للحضور يف املواقف احلياتية‪ ،‬مث‬
‫االختيار الذي جيعلنا قـادرين على انتقاء التعبري املناسب لكل موقف‪ ،‬مث التقومي الذي جيعلنا حنكم على سالمة لغتنا‬
‫أو خطئها»‪ 39.‬حناول هنا أن نركز على بعض الكفاءات اليت يكتسبها املتعلم حني يتعامل مع النصوص احلجاجية‪.‬‬
‫و أهم هذه الكفاايت‪:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬الكفاية اللغوية‪ :‬إن استعمال املتعلم للغة استعمال صحيحا وفق تراكيبها اليت حتكمها قواعد حمدد‪،‬‬
‫الذي ميكنه من فهم معانيها يف السياقات املختلفة‪ .‬و هذا ما عرب عنه أمحد املتوكل بقوله‪« :‬يستطيع مستعمل اللغة‬
‫الطبيعية أن ينتج و يؤول إنتاجا و أتويال صحيحني عبارات لغوية ذات بنيات متنوعة جدا و معقدة جدا من عدد‬
‫كبري من املواقف التواصلية املختلفة»‪ .40‬فاملتعلم يكون قادرا على‪:‬‬
‫‪ -‬استعمال قواعد اللغة استعماال صحيحا‪ ،‬و أتويل العبارات وفق مقتضياهتا‪.‬‬
‫الفرع الثاين‪ :‬الكفاية املنطقية ‪ :‬انجتة عن قدرة املتعلم على التعامل مع املفاهيم العقلية املنطقية‪ ،‬وفق قواعد االستدالل‬
‫(القياس و االستقراء)‪ ،‬و استعمال احلجة يف حينها‪ .‬فإن‪ «:‬إبمكان مستعمل اللغة الطبيعية‪ ،‬على اعتباره مزودا‬
‫مبعارف معينة‪ ،‬أن يشتق معارف أخرى بواسطة قواعد استدالل حتكمها مبادئ املنطق االستنباطي و املنطق‬
‫‪41‬‬
‫االحتمايل»‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬الكفاية املعرفية‪ :‬املتعلم يكتسب املعارف بتدرج منذ الوالدة سواء كانت حمسوسة أو جمردة‪ ،‬حسب‬
‫النمو العقلي‪ ،‬و هي يف تطور مستمر عرب حياته‪ ،‬ليستعملها يف مواقف متعددة‪ .‬و هبذا«يستطيع مستعمل اللغة‬
‫يكون رصيدا من املعارف املنظمة‪ ،‬و يستطيع أن يشتق معارف من العبارات اللغوية كما يستطيع أن‬‫الطبيعية أن ّ‬
‫‪42‬‬
‫خيتزن هذه املعارف يف الشكل املطلوب و أن يستحضرها الستعماهلا يف أتويل العبارات اللغوية»‪.‬‬
‫خامتة‪:‬‬
‫النّص احلجاجي منط من أمناط نصوص التدريس يقوم على مجلة من املرتكزات و املنطلقات أمهها‪:‬‬
‫‪ -1‬النّص احلجاجي يدافع عن قضية‪ ،‬ويهدف إىل التأثري و اإلقناع يف املتلقي و توجيهه‪.‬‬
‫‪ -2‬إ ّن دراسة و تدريس النص احلجاجي ينطلق من القراءة‪ ،‬مث الفهم‪ ،‬مث التحليل و االستنباط‪.‬‬
‫‪ -3‬كل النّصوص (السردية‪ ،‬الوصفية‪ ،‬التفسريية‪ ،‬احلواري‪...‬اخل) ختضع ملعايري اختيارها قبل تقدميها للمتعلم‪ ،‬و‬
‫ابألخص النصوص احلجاجية‪.‬‬
‫‪ -4‬خيضع النّص احلجاجي للتصرف قبل تقدميه للمتعلم ابحلذف و التقدمي و التأخري‪.‬‬
‫‪ -5‬النّص احلجاجي له منطلقات نفسية و عمليات إجرائية للفهم‪ ،‬و يستعني املتعلم فيه مبستوايت اللغة خاصة‬
‫املعجم و الداللة و األسلوب ليحاكي هذا النمط و ينتج على منواله‪.‬‬

‫‪1692‬‬ ‫اجمللد السابع ‪ -‬العدد األول ‪ -‬السنة مارس‪2022‬‬


‫بن قطاية بلقاسم‬ ‫مرتكزات النّصوص احلجاجية و منطلقاهتا التّعليمية‬

‫‪ -6‬إن تعلم النص احلجاجي يقتضي من املتعلم أن يدرك مميزاته‪ ،‬و يتعرف عليه من خالل طابعه اجلديل‪ ،‬و أدواته‬
‫املنطقية‪ ،‬و أهدافة التعليمية‪.‬‬
‫‪ -7‬للنّص احلجاجي مؤشرات و أدوات حجاجية ممثلة يف الروابط احلجاجية و العوامل احلجاجية‪.‬‬
‫‪ -8‬االستدالل يف النص احلجاجي يقوم على القياس‪ -‬الذي يعتمد على مقدمات و نتائج‪ -‬و االستقراء يف تتبع‬
‫اجلزئيات للوصول إىل حكم كلي‪.‬‬
‫‪ -9‬النص احلجاجي يتكون من أطروحة مرفوضة‪ ،‬و أطروحة مقرتحة مدعمة أبدلة و براهني تثبت ذلك‪.‬‬
‫‪ -10‬مسات احلجج اللغوية قائمة على السياق اللغوي‪ ،‬و قدرة املتعلم على ترتيب احلجج و إثباهتا يف املواقف‬
‫التعليمية املختلفة‪.‬‬
‫‪ -10‬الكفاايت احلجاجية طاقات كامنة تظهر يف األداء و تدرك من خالل فهم النصوص وحتليلها‪ ،‬و يف لغة‬
‫املتعلم‪ ،‬وقدرته على االستدالل‪.‬‬
‫‪-‬أهم التوصيات‪:‬‬
‫مبا أ ّن هذا النمط من النصوص خياطب عقل املتعلم ‪ ،‬و يدفعه للتفكري ابستمرار لبناء شخصيته املعرفية املتكاملة‪،‬‬
‫أثناء التعامل مع الوضعيات التعلمية‪ .‬لذلك جيب أن هنتم هبذا النمط من النصوص و إعطائه أمهية كربى إلبراز‬
‫الطاقات الفاعلية‪ ،‬و الكشف عنها‪ .‬و من أهم التوصيات‪:‬‬
‫يبقى هذا البحث انقصا و مفتوحا للتوسع و اإلثراء‪ ،‬ألنه مل يتناول كل اجلوانب املتعلقة مبرتكزات النّصوص‬
‫احلجاجية و منطلقاهتا التعليمية‪ .‬و ميكن أن نوضح بعض اجلوانب اليت مل يعاجلها هذا املوضوع‪.‬و اليت ترتك للمستقبل‬
‫منها‪:‬‬
‫‪ -‬البنيات اللغوية للنص احلجاجية‪.‬‬
‫‪ -‬التوسع يف طرق االستدالل (القياس و االستقراء)‬
‫‪ -‬كيفية تنظيم احلجج يف النصوص احلجاجية‪.‬‬
‫‪ -‬أطراف احلجاج و قوة حججهم داخل النص احلجاجي‪.‬‬
‫اهلوامش‪:‬‬

‫‪ -1‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬وزارة الشؤون اإلسالمية و األوقاف و الدعوة و اإلرشاد‪ ،‬اململكة السعودية‪ ،‬ج‪ ،3‬ص‪.51 :‬‬
‫‪ -2‬على آيتأوشان‪ ،‬ديداكتيك التعبري و التواصل و تدبري التعلمات‪ ،‬دار أيب رقراق للطباعة و النّشر‪،‬الرابط‪ ،‬املغرب‪ ،‬ص‪.31 :‬‬
‫‪ -3‬أبو بكر الغزاوي‪ ،‬اللغة و احلجاج‪ ،‬العمدة يف الطبع‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬طبعة‪2006 ،1‬م‪ ،‬ص‪.15 ،14 :‬‬
‫‪ -4‬عبد الرزاق التجاين‪ ،‬اجلياليل سرستو‪ ،‬القراءة املنهجية و تدريسية النصوص‪ ،‬دار أيب رقراق للطباعة والنشر‪ ،‬الرابط‪ ،‬املغرب‪ ،‬ص‪.169 :‬‬
‫‪ -5‬حيىي بعيطيش‪ ،‬حنو نظرية وظيفية للنحو العريب‪ ،‬أطروحة دكتوراه‪،‬طبعة ‪2005،2006‬م‪ ،‬ص‪.474 :‬‬
‫‪ -6‬علي آيتأوشان‪ ،‬ديداكتيك التعبري و التواصل و تدبري التعلمات‪ ،‬ص‪.31 :‬‬
‫‪ -7‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.32 ،31 :‬‬
‫‪ -8‬حممد األخضر الصبيحي‪ ،‬مدخل إىل علم النص و جماالت تطبيقه‪ ،‬منشورات االختالف‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬طبعة‪2008 ،1‬م‪ ،‬ص‪.108 :‬‬
‫‪ -9‬رشدى أمحد طعيمة‪ ،‬املهارات اللغوية(مستوايهتا‪ ،‬تدريسها‪ ،‬صعوابهتا)‪ ،‬دار الفكر العريب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬طبعة‪2006‬م‪ ،‬ص‪.187 :‬‬
‫‪ -10‬ط ه علي حسني الدليمي‪ ،‬سعاد عبد الكرمي عباس الوائلي‪ ،‬اللغة العربية مناهجها و طرائق تدريسها‪ ،‬دار الشروق للنشر و التوزيع‪ ،‬األردن‪ ،‬طبعة‪،1‬‬
‫‪2005‬م‪ ،‬ص‪.105 :‬‬

‫‪1693‬‬ ‫اجمللد السابع ‪ -‬العدد األول ‪ -‬السنة مارس‪2022‬‬


‫بن قطاية بلقاسم‬ ‫مرتكزات النّصوص احلجاجية و منطلقاهتا التّعليمية‬

‫‪ -11‬ينظر‪ ،‬حممد محود‪ ،‬تدريس األدب اسرتاتيجية القراءة و اإلقراء‪ ،‬مطبعة النجاح اجلديدة ‪ ،‬الدار البيضاء‪،‬طبعة ‪1993‬م‪ ،‬ص‪.138 ،137 :‬‬
‫‪ -12‬ينظر‪ ،‬عبد الرمحان التومي‪ ،‬اجلامع يف ديداكتيك اللغة العربية ( مفاهيم ‪ ،‬منهجيات و مقارابت بيداغوجية)‪ ،‬مطبعة املعارف اجلديدة‪ ،‬الرابط‪ ،‬املغرب‪،‬‬
‫طبعة‪2015 ،1‬م‪ ،‬ص‪.174 ،173 :‬‬
‫‪-13‬ينظر‪ ،‬علي أيتأوشان‪ ،‬ديداكتيك النّص الشعري من القراءة إىل اإلقراء‪ ،‬دار أيب رقراق للطباع و النشر‪ ،‬املغرب‪ ،‬ص‪.23 ،22 :‬‬
‫‪ -14‬حممد مريين‪ ،‬النص األديب قضااي ديداكتيكية‪ ،‬دار النشر اجلسور‪ ،‬وجدة‪،‬طبعة ‪2012‬م‪ ،‬ص‪.103 :‬‬
‫‪ -15‬ينظر‪ ،‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.103 :‬‬
‫‪ -16‬ينظر‪ ،‬حممد مريين‪ ،‬النص األديب قضااي ديداكتيكية‪ ،‬ص‪.104 ،103 :‬‬
‫‪ -17‬رشيدة الزاوي‪ ،‬مكوانت النصوص (الكفاايت و تقنيات التدريس)‪ ،‬دار أيب رقراق للطباعة و النشر‪ ،‬املغرب‪،‬طبعة ‪ ،2014‬ج‪ ،2‬ص‪.55:‬‬
‫‪ -18‬ينظر‪ ،‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.59 ،58 :‬‬
‫‪ -19‬ينظر‪ ،‬الشريف مريبعي و آخرون‪ ،‬كتاب اللغة العربية (السنة الرابعة متوسط)‪ ،‬الديوان الوطين للمطبوعات املدرسي‪ ،‬طبعة‪2015 ،2014‬م‪ ،‬ص‬
‫‪.86:‬‬
‫‪ - 20‬على آيتأوشان‪ ،‬ديداكتيك التعبري و التواصل و تدبري التعلمات‪ ،‬ص‪.33 :‬‬
‫‪ -21‬أبو بكر الغزاوي‪ ،‬اللغة و احلجاج‪ ،‬ص‪.27 :‬‬
‫‪ -22‬ينظر‪ ،‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.58 :‬‬
‫‪-23‬أبو بكر الغزاوي‪ ،‬اللغة و احلجاج‪ ،‬ص‪.28 ،27 :‬‬
‫‪ -24‬على آيتأوشان‪،‬ديداكتيك التعبري و التواصل و تدبري التعلمات‪ ،‬ص ‪.45‬‬
‫‪ -25‬عبد الرمحن حسن حبنكة امليداين‪ ،‬ضوابط املعرفة و أصول االستدالل و املناظرة ‪ ،‬دار القلم‪ ،‬دمشق‪ ،‬طبعة‪1993 ،4‬م‪ ،‬ص‪.149 :‬‬
‫‪ -26‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.50 :‬‬
‫‪ -27‬على آيتأوشان‪ ،‬ديداكتيك التعبري و التواصل و تدبري التعلمات‪ ،‬ص‪.36 :‬‬
‫‪ -28‬ينظر‪ ،‬عبد الرمحن حسن حبنكة امليداين‪ ،‬ضوابط املعرفة و أصول االستدالل و املناظرة ‪ ،‬ص‪.229 ،228 :‬‬
‫‪ -29‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.228 :‬‬
‫‪ -30‬عبد اهلادي الفضلي ‪ ،‬خالصة املنطق‪ ،‬دار الصفوة بريوت‪ ،‬لبنان‪،‬طبعة ‪ ،1995 ،3‬ص ‪. 97:‬‬
‫‪ -31‬على آيتأوشان‪ ،‬ديداكتيك التعبري و التواصل و تدبري التعلمات‪ ،‬ص‪.36 :‬‬
‫‪ -32‬عبد اهلادي الفضلي ‪ ،‬خالصة املنطق‪ ،‬ص‪. 98 :‬‬
‫‪ -33‬املرجع نفسه ‪. 98 ،‬‬
‫‪ -34‬على آيتأوشان‪ ،‬ديداكتيك التعبري و التواصل و تدبري التعلمات‪ ،‬ص‪.39 :‬‬
‫‪ -35‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.45 :‬‬
‫‪ -36‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.45 :‬‬
‫‪ -37‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.45 :‬‬
‫‪ - 38‬فليب جونري‪ ،‬الكفاايت و السوسيوبنائية (إطار نظري)‪ ،‬تر‪،‬احلسني سحبان‪ ،‬مكتبة املدارس – الدار البيضاء‪ ، -‬طبعة‪2005 ، 1‬م‪ ،‬ص‪.29 :‬‬
‫‪ -39‬مسري شريف استيتية‪ ،‬اللسانيات (اجملال‪ ،‬والوظيفة‪ ،‬و املنهج )‪ ،‬عامل الكتب احلديثة‪ ،‬إربد‪ ،‬األردن‪ ،‬طبعة‪ 2008 ،2‬م‪ ،‬ص‪.178 ،177 :‬‬
‫‪ -40‬أمحد املتوكل‪ ،‬آفاق جديدة يف نظرية النحو الوظيفي‪ ،‬دار اهلالل العربية‪ ،‬طبعة ‪1993‬م‪ ،‬ص‪.08 :‬‬
‫‪ -41‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.09 :‬‬
‫‪ -42‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪:‬‬

‫‪1694‬‬ ‫اجمللد السابع ‪ -‬العدد األول ‪ -‬السنة مارس‪2022‬‬

You might also like