Professional Documents
Culture Documents
ّ
:ملخص
يهدف هذا املقال الى طرح إشكالية تقديم الدرس البالغي انطالقا من بيداغوجيا املقاربة النصية التي تم
ولعل اإلشكالية املطروحة في هذا الخيار. وتعليمية البالغة،اعتمادها بوصفها بيداغوجيا ملقاربة النص الدبي
البيداغوجي املستجد في تعليمية اللغة العربية وآدابها ـ وهي انشغال كل الساتذة في جميع الطوار والتي ظهرت مع
إذ تم اعتماد املقاربة النصية كمنهج جديد تدرس وفقه النصوص لكل املراحل التعليمية.املقاربة بالكفاءات
هل تهدف املقاربة النصية إلى استهداف الظاهرة البالغية وتبيان دورها: وعليه فاإلشكال هو.التربوية الجزائرية
أم إلى تعليم املعارف البالغية انطالقا من سياقات نصية وهو ما،الذي تؤديه في بناء النص وتفكيكه وفهم مقاصده
والظاهرة،كاملقاربة النصية:تم اختصاره في مقولة من النص إلى النص؟ وعليه سنعالج مجموعة من املفاهيم
مع اقتراح، كما سنقدم نقدا لفهم املقاربة النصية في الوساط التربوية،البالغية ودورها في بناء وفهم مقاصد النص
وتقديم الدرس البالغي في مرحلة،إعادة النظر في فهم تطبيق املقاربة النصية كبيداغوجيا لتعليمية النصوص
.التعليم الثانوي
. مقاربة النصية؛ درس بالغي؛ مقصدية؛ نص؛ تعليم ثانوي:الكلمات املفتاحية
Abstract
This article aims to address the problem of presenting the rhetorical lesson on the basis of
the pedagogy of the textual approach that was adopted as a pedagogy to approach the literary text,
and the teaching of rhetoric. Perhaps the problem raised in this new pedagogical option in the
teaching of the Arabic language and its literature - namely, the preoccupation of all teachers in all
stages, which appeared with the approach with competencies. The textual approach was adopted as a
new curriculum that teaches the jurisprudence of texts for all educational educational stages in
Algeria. Therefore, the problem is: Does the textual approach aim at targeting the rhetorical
phenomenon and showing its role in constructing the text and deconstructing their intentions, or at
teaching rhetorical knowledge from textual contexts, which was summarized in a saying from text to
text? Accordingly, we will deal with a set of concepts: such as the textual approach, the rhetorical
phenomenon and its role in constructing and understanding the purposes of the text, and we will
present a critique of the understanding of the textual approach in educational circles, with a proposal
to reconsider the application of the textual approach as a pedagogy for teaching texts, and present
the rhetorical lesson in the secondary education stage.
Keywords: textual approach; Rhetorical lesson; Intentional; text; secondary education.
المؤلف المراسل
121
الدرس البالغي في ضوء املقاربة النصية دراسة تقويمية
مقدمة
جاء في قاموس املنجد في اللغة واإلعالم حول مدلول مفهوم املقاربة هي من الدنو واالقتراب مع
السداد ومالمسة الحق ،فيقال :قارب فالن فالنا إذا داناه ،كما يقال :قارب الش يء إذا صدق وترك الغلو،
ومنه :قرب ،أي :أدخل السيف في القراب.1
وفي االصطالح التربوي ،هي مجموعة التصورات واملبادئ واالستراتيجيات التي يتم خاللها تصور
منهج دراس ي وتخطيطه وتقويمه " وقد استخدم مصطلح مقاربة كمفهوم تقني للداللة على التقارب الذي
يقع بين مكونات العملية التعليمية التي ترتبط فيما بينها ،وفق استراتيجية تربوية واضحة ،تتمثل في
بيداغوجيا التدريس بالكفاءات ،الذي ال يقصد به مجرد الحصول على املعرفة فقط ،وإنما يهدف إلى إبراز
وتأكيد وتجنيد هذه املعرفة في املجال العملي.2
.1املقاربة النصية في املفهوم البيداغوجي:
هي منهجية تحدد خطوات دراسة وتحليل النص وفق استراتيجيات دقيقة ،تضبط مسار
املتمدرس أو التلميذ أثناء دراسته للنصوص وتحليلها .وتنطلق هذه االستراتيجية من منظور " أن النص
بنية كبرى ،تتفاعل فيها ،البنى الفكرية ،والبنى اللغوية ،فتنعكس البنى الفكرية في شكل إيحاءات مقامية
وسياقية وثقافية .تترجمها وتجسدها البنى اللغوية وفق مؤشرات فونولوجية وأسلوبية وتركيبية وداللية .
.2أهمية املقاربة النصية و أهدافها:
تهدف املقاربة النصية إلى تحقيق أهداف معرفية ومهارية ،فبانفتاح املتعلم على علوم اللغة وعلم
لغة النص يستطيع التحكم في قراءة النصوص قراءة لسانية ،تمكنه من تحليلها ونقدها انطالقا من
الظواهر اللغوية التركيبية والصوتية والداللية .ومنه فإن املقاربة النصية في مضمونها تعمل على دفع
التلميذ إلى بناء معارفه انطالقا من مبدأ االعتماد على النفس في اكتشاف املعارف وتوظيفها (التعلم
التكويني ) كما تمكن التلميذ من عملية مسح النص مسحا شموليا ،وذلك بدراسة كل الظواهر اللغوية التي
تكمن فيه وتبيان دور هذه الظواهر في بناء معاني النص وأفكاره ( عالقة املبنى باملعنى).
التعامل مع النص ومقاربته من وجهات متعددة ومتنوعة (الحقل املعجمي والحقل الداللي والبعد
الجمالي) مما يساعد على تنمية قدراته اللغوية التي بدورها تنمي فيه املهارات التواصلية كاالنسيابية في
التعبير بشقيه الكتابي والشفهي.
- 1المنجد في اللغة واألعالم ،دار الشروق ،بيروت ،الطبعة الثالثون ،مادة (قرب) ص216
- 2خيرالدين هني ،تقنيات التدريس بالكفاءات ،قصر الكتاب ،البليدة ،الجزائر1998 ،م ،ص .101
122
فيضالي عبد العزيز
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الجنوح بالتلميذ نحو النزعة العقلية و التفسير العلمي للظواهر والقدرة على تقييم الشياء تقييما
موضوعيا بعيدا عن العشوائية والتخمين (التحليل املوضوعي والدقة في الحكام ،والعلمية في املنهج)
ّ ّ وعموما فان املقاربة النصية تقوم "على توظيف ّ
النص من أجل تعليم اللغة العربية وتعلمها عن طريق
النص وشرحه واستثماره وإعادة إنتاجه .وتعمل هذه املقاربة أيضا على تحقيق جملة من القراءة وفهم ّ
ّ التعبير ّ
الكفاءات مثل كفاءة االستماع وكفاءة القراءة وكفاءة ّ
بشقيه الكتابي والشفوي؛ وبها يتم تفكيك
والداللية ّ ّ
والتركيبية ّ الصوتية وال ّ
غوية ّ ّ
الل ّ ّ
والتداولية ،كما تكشف بها الخلفيات صرفية النص إلى املستويات
والتاريخية الكامنة في جينات ّ
النص.3 السياقية االجتماعية ّواملؤشرات ّ
كما تسعى املقاربة النصية الى التقريب بين املفاهيم واملصطلحات التي تتداخل في مقاربة النص
وتحليله و د استه " وتثير هذه املقاربة في مدرستنا وفي الوساط ّ
النقدية ّ
الرغبة في كشف مزيد من تفاصيلها ر
ّ ّ
وفك االشتباك والتداخل بينها وبين مختلف املفاهيم مثل :تحليل الخطاب ،لسانيات النص ،شرح وآلياتهاّ ،
ّ
اللغة الحديث ،علم ّ ّ
النص وغيرها من املفاهيم.4 النص ،علم
جاء في منهاج اللغة العربية وآدابها في التعليم الثانوي ما نصه :وبتبني املنظومة التربوية الجزائرية
لبيداغوجيا املقاربة بالكفاءات التي نادت بالتحرر من القيود النظرية التي كبلت قدرات املتعلمين ،قصد
االنتقال النوعي في التعامل مع النصوص من النمطية الجامدة إلى املقاربة النصية االبداعية.
"وإنما الدراسة تكون بتبني املقاربة النصية كطريقة تربوية لتفعيل الـ ــدرس االدبي وكذا بوضع
املتعلم موضع املتفاعل مع الدراسة باستثمار مكتسباته القبلية وحسن توجيهه وإرشاده إلى ما يجعله يبدع
في استقصاء مبنى النص ومعناه بالحجة البينة والفكر الطليق.5
كما عملت املقاربة بالكفاءات على توجيه قدرات وجهود املتعلم في دراسة النصوص إلى الدراسة
الحوارية للنص على ان تكون محاورة النصوص محاورة عقالنية منطقية تعتمد على اساليب الدراسات
العلمية الدقيقة ".والنص االدبي معين ال ينضب ،فهو يتجدد وينبعث من خالل ك ــل قراءه ،ومهمـة املــدرس
أن يعمد إلى إذكاء روح التفكير و التعمق في دراسته دراسة إبداعي ــة بنزعــة عقلية وتفكير منطقي يجعل
التلميذ يتعلق باللغة وآدابها ما دامت تسمو بفكره و ترقى بعقلــه وتمتع مشاعره؛ وإنما تفلح الدراسة بهذا
3ديباجة أعمال املتلقى الوطني املنعقد باملدرسة العليا لألساتذة ببوزريعة ،الجزائر ،قسم اللغة العربية وآدابها ،بالتنسيق
مع مخبر علم تعليم العربية ديسمبر 2017م ،ص 5
-4املرجع نفسه ،ص .5
-5منهاج اللغة العربية وآدابها ،وزارة التربية الوطنية ،الجزائر2005 ،م ،ص .19
123
الدرس البالغي في ضوء املقاربة النصية دراسة تقويمية
االسلوب إذا تمت وفق املقاربة بالكفــاءات يعني وفــق منطـق اإلدماج أي بإدماج مكتسبات الروافد اللغوية
من نحو وصرف وبالغــة ونقــد وغيرها من الروافد االخرى في الدراسة.6
وان نحن تأملنا في الجديد الذي جاءت به املقاربة النصية لتعليمية ودراسة النصوص فإنا نجد
أنها تركز على دراسة الظواهر اللغوية من نحو وصرف وبالغة ،وتتبعها في النص قصد الوقوف على دورها
في بنية النص ومقصدياته ،ذلك ملا لهذه الظواهر من أثر في بناء املعاني وتوجيهها توجيها جماليا يخرج املعنى
في أحسن مبنى .ومنه يرى كثير من النقاد العرب خاصة ان الدراسات اللسانية والبنيوية الحديثة هي امتداد
للدراسات العربية القديمة التي كانت تشكل مدرسة انصار اللفظ في إطار ما يعرف بالصراع بين أنصار
اللفظ أنصار املعنى ،إذ قال الجاحظ "إن املعاني مطروحة في الطريق ،يعرفها العجمي والعربي ،البدوي
وتخير اللفظ"7ومنه يرى الجاحظ أن الدور االساس يكون للمبنى؛ أي والقروي ،وإنما الشأن في إقامة الوزن ّ
اللفظ ،أما املعاني فهي مطروحة في الطريق معروضة ملن أراد أن يخرجها في حلة أدبية رائعة وأنيقة على
حسب رأيه.
وتنطلق املقاربة النصية في تعاملها مع تآليف الكالم من النص وليس الجملة ،اذ النص يمثل كال
متناسقا في نظام منسجم ال يقبل االختالل أو التمفصل .وهذا ما يسمى بظاهرتي االتساق واالنسجام في
النص .
وحتى يكون النص متسقا في رصف جمله البد من توافر الروابط النصية التي تتجلى فيما يسمى
بمظاهر االتساق من ظواهر تركيبية نحوية أو صرفية او داللية أو بالغية ،جاء في دليل الستاذ "إن املقاربة
النصية تقتض ي التحكم في اإلنتاج الشفوي والكتابي وفق منطق البناء ال التراكم وفق اتساق تعابير املتعلم
ملكتسباته القبلية ،وهذا ما يفسر االتجاه إلى تدريس قواعد اللغة و البالغة و العروض والنقد الدبي من
خالل النصوص ولن املقاربة بالكفاءات تعد هذه النشاطات روافد للنص،ومن ثمة يكون التعامل معها
وفق نمط اندماجي ضمن تناول النصوص ،و بهذا يصبح النص املحور الرئيس الذي تدور في فلكه كل
النشاطات اللغوية خدمة مللكة التعبير الكتابي و الشفوي لدى املتعلم8
نفهم من خالل هذا الكالم ان دراسة الظواهر اللغوية و البالغية ال تكون إال من منطلق نص ي
سياقي.
.3إشكالية انتقاء النصوص:
- 6عمر بن بحر الجاحظ ،البيان والتبيين ،تحقيق :هارون عبد السالم ،مكتبة الخانجي ،القاهرة ،الطبعة السابعة1998 ،م،
ص .26
- 7دليل الستاذ ،سند نربوي ،وزارة التربية الوطنية2003 ،م ،ص .8
- 8علي جواد ،أصول تدريس اللغة العربية ،دار الرائد العربي ،بيروت ،الطبعة الثانية ،ص .67
124
فيضالي عبد العزيز
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ويضع المنﻬاج النص الدبي في مقدمة النشطة ،ويتبين ذلك من خالل الحجم السـاعي المخصص له
ضمن كل الوحدات التعليمية املقررة ،ومن خالل اعتماده كسند فـي كـل العمليـات التقويمية الرسمية
وغير الرسمية ؛ مما يعني أنه نشاط أساس في تكوين املتعلم معرفيا ،ووجدانيا ،ومهاريا.
وتمثل عملية انتقاء واختيار النصوص التي ستكون مجاال للدراسة والتحليل عنصرا هاما في بناء املقررات
الدراسية ،وذلك كي تستجيب للمواصفات النصية التي البد أن تتوافر في العمل اإلبداعي ،حتى يرقى إلى مستوى
الظاهرة الفكرية أو الدبية أو العلمية التي تستوجب الوقوف وتسترعي االنتباه؛ فتكون حرية باالهتمام والدراسة
والتحليل ولعل من اإلشكاالت التي تصادف التالميذ والطالب والساتذة في التعامل مع النص في أثناء الدراسة
والتحليل ،هي إشكالية عدم استجابة هذه النصوص املبرمجة للمعايير النقدية والدراسية الدقيقة والتي تمثل
محطات رئيسة في استنطاق النص وتفكيك بنيته ومقاربته سياقيا أو نسقيا.
ونعني بذلك كله أن يكون النص أنموذجا وظاهرة فنية ،يحمل أدبا و فكرا وجماال وفنا وذوقا ،
وظاهرة أسلوبية تستوقف العقل والفكر ،فتدعو إلى التأمل واالستقراء ،حتى إذا تتبعها الدارس أو املحلل
انكشفت له عوالم جديدة يبحر في أغوارها ويغوص في أعماقها ،مسترشدا بآليات البحث والتنقيب ،فيعود
من رحلته النصية بنماء في خياله ،وبسعة في تفكيره ،وبثراء في أسلوبه .هذا إلى جانب تلك الفوائد والتجارب
والخبرات التي تمده بها عبقرية املبدع وعبقرية نصه ،فتفتح له آفاقا واسعة في حياته تسهم في بناء قدراته
املعرفية واإلبداعية والفكرية والفنية ،فيؤهله كل ذلك لن يكون متتبعا ودارسا متنامي القدرات ،متطور
املكتسبات .خالصة ذلك أن يكون "الدرس قائما على النص الجميل الذي يجمع بين جودة املبنى واإلنشاء "9
وأن تكون هذه النصوص" مقتبسات لجمل ما صدر عن الشعراء والخطباء والكتاب ،واالختيار مقيد
بالجمال متحرر من املعنى التاريخي .10
والبد للنصوص املختارة أن تمثل إلى جانب كل ما سبق الظاهرة السياقية التي يتجلى من خاللها
املنهج السياقي املتبع في التحليل ،كاملنهج النفس ي ،أو االجتماعي أو التاريخي ،أو الظاهرة النسقية البنائية
التي يمكن تتبعها وتتبع جزئياتها أثناء الدراسة .كما يشترط أن يكون نسيج النص خاضعا لنسق بين ،يمكن
أن تكشف نسقيته عن نظام يشتغل وفق معطيات أسلوبية مبرمجة تؤدي فيه هذه النسقية إلى تثبيت أو
إثبات فكرة أو معنى أو مقاصد هادفة.
وقد كانت املمارسة النصية التقليدية تتناول النصوص لغرض التحصيل الفكري والفهم الخطابي الذي
يساعد على البناء الفكري للتالميذ دون فتح آفاق التحليل والنقاش والنقد الذي يساعد على إذكاء النزعة
التحليلية والنقدية ،التي قد تصل إلى فتق النزعة اإلبداعية لدى القارئ أو املحلل أو الدارس.
أما نصوص املطالعة املوجهة فهي نصوص مطولة نوعا ما وتستهدف موضوعات فكرية ثقافية
اجتماعية تعمل على إثراء أفكار التالميذ وتوسيع آفاقها .و تحظى هذه النصوص باالستثمار من حيث
الفكار وبعض املسائل و الظواهر اللغوية .وفيما يلي عرض لنواع هذه النصوص وأهم الهداف التي تعمل
تعليميتها على تحقيقها.
- 11محمد المين شيخة ،املدونة االكاديمية لألدب والنقد ،تقرت ،الجزائر2011 ،م.
126
فيضالي عبد العزيز
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ا ـ النص األدبي
يجمع املتخصصون في تعليمية النصوص على أن النصوص الدبية هي " قطع تختار من التراث الدبي ،لها
حظ من الجمال الفني ،وتعرض على التالميذ فكرة متكاملة أو عدة أفكار ، ...و يمكن اتخاذها أساسا لخذ
التالميذ بالتذوق الدبي كما يمكن اتخاذها مصدرا لبعض الحكام الدبية التي تدخل في بناء تاريخ الدب
وتنسيق حقائقه لعصر من العصور أو لفن من الفنون أو لديب من الدباء"(12
والنص األدبي في منهاج اللغة العربية وآدابها نص إبداعي يصدر عن أديب أو شاعر موهوب ،يمثل اتجاها
فنيا أو مذهبا أدبيا أو مدرسة أسلوبية ،تشكل فيه أفكاره فلسفة مثالية أو فكرا معياريا ،حتى يكون
مرجعية للقراء يستلهمون منه أفكارهم ويبنون من خالله توجهاتهم و قناعاتهم وأذواقهم ولغتهم
واتجاهاتهم الفنية .
ب -النص التواصلي
النص التواصلي هو نص داعم للنص الدبي ،وان تكن طبيعة النص الدبي إبداعية تتناول فكرة
املوضوع من منطلق سلوكي ممارس ،ينقلها الديب ويصورها ويعبر عنها كما تجود بها فطرة وطبيعة
اإلنسان ،فإن النص التواصلي يقوم فيه مؤلفه بالتحليل والدراسة والتتبع لهذه الفكرة أو هذا املوضوع.
وقد قدم املنهاج النصوص التواصلية على أنها " نصوص نثرية ،الهدف منها هو إثراء معارف املتعلمين حول
املظاهر التي تتناولها النصوص الدبية ،ويتم التركيز فيها على الناحية املعرفية ،وعلى الوسائل اإلبالغية
املقنعة ،ومهما يكن من أمر ،فهي نصوص داعمة للنصوص الدبية و رافدة لها في الفهم و االستيعاب.13
وعموما فان النص التواصلي" يحمل طابعا نقديا ،إذ يعالج ظاهرة أدبية نقدية لها عالقة بالنصين
الدبيين ،فوظيفته تنظيرية تفسيرية .14
ج -نص املطالعة املوجهة:
اعتمد منهاج اللغة العربية وآدابها نصا ثالثا يدعم مكتسبات التلميذ (املتعلم) وينمي أفكاره من
خالل منتخبات نصية تطرح القضايا الفكرية واالجتماعية ،ويطالب التلميذ رفقة أستاذه بمناقشة هذه
النصوص وما تنطوي عليه من أفكار وقضايا وطروحات ذات عالقة بموضوع محور الوحدة التعلمية ،أو
هي ذات عالقة بالحياة املعاصرة ،وقد جاء في املنهاج وهو يقدم توصيفات لنشاط املطالعة املوجهة بأن
املطالعة املوجهة " تعد نشاطا تربويا هاما ،وتكمن أهميته في كونه أهم رافد ثقافي يزود املتعلم بشتى املعارف
ويمده بروائع الفكر و الدب.
- 12منهاج اللغة العربية للسنة الولى من التعليم الثانوي ،اللجنة الوطنية لبناء املناهج ،الديوان الوطني للمطبوعات
املدرسية ،وزارة التربية الوطنية ،الجزائر2005 ،م ،ص .12
- 13منهاج اللغة العربية السنة اولى ثانوي ،ص 13
- 14املرجع نفسه ،ص .19
127
الدرس البالغي في ضوء املقاربة النصية دراسة تقويمية
كما تعد املطالعة " مقاما ممتازا في اكتساب املعارف و تحصيل املعلومات والتزود من الثقافات
املختلفة ،وتنمية الثروة اللغوية للمتعلمين ،وهي من أهم الوسائل لتربية ملكة االنتباه واإلدراك لديهم ،وهي
نشاط يوسع معارفهم وينمي لغتهم ويزيد من خبراتهم وقدراتهم ،ويصقل أذواقهم.15".
أما الكتاب املدرس ي فقدم لنا نص املطالعة على أنه نص " يتميز بطوله النسبي ،ويعالج قضية
أدبية آو فكرية أو سياسية أو اجتماعية ،ويحقق فضال عن الغايات التعلمية غايات تربوية ،لنه يثير بعض
القضايا واملشكالت املعاصرة في العالقات اإلنسانية ،وبين املجتمعات البشرية ،مثل قضايا البيئة والعوملة
و التسامح الديني وثقافة الحوار وغيرها.16
وإن كانت أهداف نصوص املطالعة في املراحل السابقة هي تشجيع املتعلمين على القراءة،
وتمكينهم من فهم املكتوب من الكالم ،وجمع املعاني وبناء وتنمية لغتهم وأفكارهم وتوسيع آفاقهم ،وبناء
أساليب كتاباتهم و ثراء ثروتهم ،فان أهداف املطالعة املوجهة في املرحلة الثانوية يفترض أن تكون أعمق
مما تم تحقيقه في املراحل السابقة ".ذلك الن أهداف املطالعة املوجهة في املرحلة الثانوية تستهدف
الكفاءات الفكرية والثقافية والعلمية والنقدية واإلبداعية ،فتتحول نصوص املطالعة إلى محفز على
ممارسة الكتابة واملناقشة والحوار ،وثراء الفكار واكتساب التجارب والخبرات وإبداء اآلراء والطروحات
ونقد املقروء من حيث الفكرة و السلوب.17
.5الدرس النحوي و البالغي في ضوء برامج اإلصالح:
دربت املقاربات السابقة على تناول الدرس النحوي و البالغي في جميع مراحل التعليم من منطلق
سياقي احيانا ومن منطلق غير سياقي في كثير من الحيان ،فقد كان الدرس البالغي يقدم باستخراج أمثلة
وشواهد من نص يتلى سمعيا على التالميذ وبالقيام بمناقشة سريعة ملضمونه يتوقف كل من الستاذ
والتلميذ لدى مجموعة من االمثلة الواردة في النص لتكون محل شاهد لتقديم املوضوع الجديد في النحو
والصرف أو في البالغة .وهذه النصوص املختارة غالبا ما تكون من النصوص التعليمية التي تسخر إليراد
الشواهد ،و املالحظ عن هذه النصوص انها تستجيب لغلبية الشواهد التي يحتاج اليها الدرس النحوي أو
البالغي ،فال يجد االستاذ عناء في االستعانة بها لتقديم الدرس.
وفي بعض الحيان ،بل في بعض املستويات يستغنى عن النص محل الشاهد وتساق المثلة
بطريقة غير سياقية كان تختار المثلة من آيات قرآنية أو أحاديث نبوية أو أبيات من أشعار العرب أو
- 15كتاب اللغة العربية وآدابها ،السنة الثالثة من التعليم الثانوي ،الديوان الوطني للمطبوعات املدرسية ،طبعة 2010م ،ص
.3
- 16الديلمي طه علي حسين ،سعاد عبد الكريم عباس الوائلي ،اللغة العربية مناهجها وطرق وتدريسها ،دار الشروق ،غزة،
الطبعة الولى2004 ،م ،ص .115
- 17منهاج اللغة العربية للسنة الولى من التعليم الثانوي ،ص .24
128
فيضالي عبد العزيز
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مقوالت مأثورة ،وترتب بحسب ما تقتضيه القاعدة أو خالصة املوضوع .ويشرع الستاذ في تناول موضوع
النحو أو البالغة بالشرح و التوضيح منطلقا من المثلة املختارة .والستاذ مخير بين إتباع إحدى الطريقتين
في تبليغ مقاصد الدرس ،الطريقة الولى تسمى الطريقة االستنباطية والطريقة الثانية تسمى الطريقة
القياسية .أما الطريقة االستنباطية فيعمد فيها الستاذ إلى سرد المثلة أوال ،وتكون مرتبة حسب نصوص
القاعدة ،وبعد قراءتها يتدرج في شرح الشاهد الوارد فيها متوصال إلى خالصة أو قاعدة جزئية يدونها في اللوح
أو السبورة ،ويستمر على هذا املنوال حتى يستكمل شرح كل الشواهد ،و يكون بذلك قد استكمل الخالصة
النهاية والقاعدة اإلجمالية .وتكون العملية في هذه الطريقة باالنتقال من الجزء إلى الكل .أما الطريقة
القياسية فتكون فيها العملية عكسية حيث ينطلق فها الستاذ من الكل إلى الجزء؛ فيستهل الستاذ درسه
بتدوين القاعد الكلية واملجملة ،ومنها ينطلق في شرح مضمونها من خالل الشواهد املرتبة طبقا لها .وبقراءة
القواعد الجزئية ومطابقتها للمثال املقدم كشاهد لها يستمر الستاذ في شرح المثلة قياسا على ما ورد في
القاعدة حتى ينهي درسه.
تلك هي أهم الطرق املعتمدة في تقديم الدرس النحوي والبالغي في املقاربات السابقة .وقد كانت
تقدم وفقها املعارف النحوية والصرفية والبالغية وغيرها من املواد تقديما تعليميا ال يستهدف إال املعرفة ،
و لغرض تمكين التالميذ من االطالع على القواعد التي تضبط هذه املواد ،أما الدرس النحوي و البالغي في
املقاربة الجديدة املنبثقة عن تبني املنظومة التربوية للتعليم لبيداغوجيا املقاربة بالكفاءات ،فقد أخذ
مسارا مغايرا تماما ملا كان عليه في املقاربات السابقة ،إذ أصبح يستهدف عالقة الظاهرة النحوية والبالغية
بمكونات النص وأثرها في بناء املعاني وتجلية املقاصد و إظهار جماليات الخطاب وميزاته البنائية .ومنه
اعتمد الدرس النحوي و البالغي على املقاربة النصية كمنطلق لدراسة هذه الظواهر .جاء في منهاج اللغة
العربية للتعليم الثانوي ما نصه" :وعلى العموم ،يتناول نشاط قواعد النحو والصرف كغيره من النشاطات
الرافدة في ظل املقاربة النصية خدمة لفهم النص وبناء املعنى".18
ونورد فيما يلي ما جاء في املنهاج وهو يتحدث عن الدرس البالغي منتقدا الطرائق السابقة التي
كانت تقدم املادة البالغية كمادة معرفية ترهق املتعلمين والتالميذ بالقواعد البالغية املتشعبة ،إذ يطالب
بحفظها دون ممارستها وتوظيفها في فهم وتحليل النصوص و الخطابات.
ومن خالل نصوصه ،ليتبين للتالميذ منزلتها الرفيعة من الدراسات الدبية و ليسهل على املدرس أن يتجه بها
دائما اتجاها ذوقيا خالصا .وهذا يوافق بيداغوجيا اإلدماج قرينة املقاربة بالكفاءات".22
وإن نحن تتبعنا ما ورد في املنهاج من تصور لطريقة الدرس النحوي و البالغي ،وما هو معمول به في
تعليمية النحو و البالغة في امليدان ،وفي جميع سنوات التعليم الثانوي لوجدنا املفارقة بينة بين ما هو
مسطر ،وما هو معمول به .بل امليدان يكرس الطريقة القديمة و بإجحاف فيها .فمن خالل التجارب التي
مررنا بها أيام مهمة التفتيش في مرحلة التعليم الثانوي ،ومن خالل الزيارات امليدانية لألساتذة وجدنا أن
الساتذة ال يزالون يدرسون النحو والبالغة تدريسا معرفيا ،وهم بذلك يشتكون من عدم استجابة
النصوص املختارة ـ ـ ـ الدبي منها و التواصلي ـ ـ ـ ـ لتوفير الشواهد الكافية لتقديم الدرس؛ اذ ال يتعدى عدد
الشواهد الواردة في النص حدود الشاهد الواحد أو الشاهدين في الكثر .وهذا يجعل الستاذ يستعين
بالشواهد الخارجية حتى يوفر العدد الكافي من الشواهد التي يحتاج إليها لتطويق ما يرد في القاعدة من
أحكام.
إن الفهم الخاطئ ملا ورد في املنهاج لكيفية تقديم الدرس النحوي والدرس البالغي جعل الساتذة
يبتعدون عن مسار الهداف التربوية والعلمية التي حددها املنهاج سلفا .فالنحو والصرف والبالغة
والعروض لم تعد معارف تلقن ،وتقدم للتالميذ في املرحلة الثانوية ،وإنما هذه املعارف قد فصلت فيها
املناهج السابقة والخاصة بمرحلة التعليم االبتدائي والتعليم املتوسط .أما مرحلة التعليم الثانوي فهي
مرحلة الخذ بالتلميذ لتوظيف مكتسباته القبلية في مجال النحو البالغة واالستعانة بها واتخاذها كوسائل
لدراسة وتحليل النصوص .ولم يبق ثمة مجال لتقديم املعارف النحوية و البالغية في هذه املرحلة ،الن
املرحلة هي مرحلة تعميق املكتسبات والستفادة من املعارف والخبرات السابقة إلبراز الكفاءات في ميدان
اللغة والدب.
ولتصحيح االنحراف في فهم مسار الدرس النحوي و البالغي ،فإنا نقترح إعادة النظر في هذا
الفهم ،وذلك ابتداء من النماذج املقدمة في الوثائق املرفقة والكتب املدرسية التي ساعدت على ترسيخ
الفهم الخاطئ وتكريسه ،وإن النماذج املقدمة لتعليمية النحو والبالغة في هذه املرحلة أوقعت الساتذة في
مغالطات أدت بهم الى مخالفة و مجانبة الصواب.
ومن ثم فقد الدرس النحوي و البالغي قيمته املعرفية والفنية ،فلم يعد على الكيفية التي كان
عليها في املقاربات السابقة ،حيث كان الدرس يقدم بكل متطلباته من شواهد سياقية و شواهد خارجية
ُ
منتقاة من أروع الكالم و أجوده .وال هو ق َدم بالطريقة الجديدة التي تنشد دور الظاهرة النحوية والظاهرة
البالغية في بناء النص ،معناه و مبناه.
-1الجاحظ عمر بن بحر1998 ،م ،البيان والتبين ،تحقيق :عبد السالم هارون ،الطبعة السابعة ،القاهرة،
مكتبة الخانجي.
-2جواد علي ،أصول تدريس اللغة العربية ،دار الرائد العربي ،بيروت ،الطبعة الثانية ،د ت ،ص .67
-3خير الدين هني1998 ،م ،التدريس بالكفاءات ،د ط ،البليدة ،الجزائر ،قصر الكتاب.
--4دليل الستاذ2003 ،م ،سند تربوي ،وزارة التربية الوطنية.
-5ديباج ،أعمال امللنقى الوطني املنعقد باملدرسة العليا لألـساتذة ببوزريعة ،الجزائر2017 ،م ،قسم اللغة
العربية وآدابها ،بالتنسيق مع مخبر تعليم العربية.
-6طه علي حسين الديلمي ،عبد الكريم عباس الوائلي سعاد2004 ،م ،اللغة العربية مناهجها وطرق
تدريسيها ،الطبعة الولى ،غزة ،طبعة غزة.
-7شيخة محمد المين2011 ،م ،املدونة الكاديمية لألدب والنقد ،الجزائر ،مدونة أدبية ونقدية خاصة
تعنى بنشر البحوث واملقاالت والدراسات التي يؤلفها الباحثون من داخل الجزائر وخارجها.
-8كتاب اللغة العربية وآدابها ،السنة الثالثة من التعليم الثانوي2010 ،م ،الديوان الوطني للمطبوعات
املدرسية ،طبعة 2010م.
-9املقاربة النصية2003 ،م ،سند تكويني ،وزارة التربية الوطنية.
-10املنجد في اللغة والعالم ،الطبعة الثالثون ،بيروت ،دار الشروق.
-11اللجنة الوطنية لبناء املناهج2005 ،م ،منهاج اللغة العربية للسنة الولى من التعليم الثانوي ،الجزائر،
الديوان الوطني للمطبوعات املدرسية ،وزارة التربية الوطنية.
133
الدرس البالغي في ضوء املقاربة النصية دراسة تقويمية
134