Professional Documents
Culture Documents
سفيان صخري
بروفيسور
بكلية العلوم السياسية والعالقات الدولية
جامعة الجزائر-3-
ملخص:
يهدف املقال إلى مرافقة الطلبة املقبلين على إعداد مذكرة التخرج على مستوى املاستر ،وبالخصوص طلبة الدراسات
السياسية والدولية ،من خالل مجموعة من املنطلقات والقواعد التوجيهية التي تساعد على انجاز عمل علمي محترم يؤكد
قدرة الطالب على التحليل والتفسير والتنبؤ في إطار كتابة أكاديمية وبحثية الئقة .وفي هذا السياق ،ركزت هذه املساهمة
األكاديمية على بعض الجوانب املفتاحية في مسار البحث التي لم تكن محور اهتمام الكتب واملقاالت املتخصصة في منهجية
البحث العلمي من خالل شرح وتفسير بعض العناصر البسيطة ظاهريا واملعقدة تطبيقيا والتي شملت طبيعة وخصائص
مذكرة التخرج ،أسس اختيار موضوع الدراسة ،خصائص العنوان الجذاب ،املبتغى العلمي من مسح أدبيات الدراسة،
أنواع املصادر والتوظيف الذكي للمعلومة ،ماهية مقترح البحث ،الغرض العلمي من ملخص الدراسة ،تصميم هيكل
البحث ،مقومات املقدمة املشوقة ،خصائص فصول التحليل واملناقشة ،مقومات الخاتمة الناجحة ،زيادة على توجيهات
أخرى متعلقة بشكل الكتابة األكاديمية وقواعد توجيهية متصلة بحسن توظيف األطر النظرية في الكتابة البحثية.
الكلمات املفتاحية :مذكرة املاستر ،منطلقات توجيهية ،قواعد توجيهية ،الكتابة األكاديمية ،العنوان ،مقترح البحث،
ملخص الدراسة ،أدبيات الدراسة ،مصادر البحث ،اإلطار النظري ،املقدمة ،فصول التحليل واملناقشة ،الخاتمة.
Abstract:
The article aims to accompany students seeking to write a dissertation at the master’s level,
in particular the students of political and international studies, through a set of principles and
rules that help implementing a respectable scientific work that demonstrates the student's ability
to analyze, explain and predict within the framework of an appropriate academic and research
writing. In this context, this academic contribution focused on some key aspects of the research
process that were neglected in books and articles specialized in scientific research methodology.
This endeavor is conducted by explaining and interpreting certain elements that are apparently
simple but are in fact complex in practice, including the nature and characteristics of the
graduation thesis, the foundations for choosing the subject of the study, the characteristics of
the attractive title, the scientific objective of literature review, the types of research sources and
the smart employment of information. In addition, the article explains the utility of the research
proposal; it clarifies the scientific purpose of the abstract and discusses the formulation of
132
المجلد الثاني-العدد الخامس -أوت 0202 المجلة األكاديمية للدراسات و البحوث المتخصصة AJSSR
research structure. Besides, the article explores the key elements of the appealing introduction,
the main characteristics of analysis and discussion chapters, and the main criteria of a successful
conclusion. Moreover, this academic essay deals with certain guidelines concerning several
formalities for academic writing as well as other directives related to the good use of theoretical
frameworks in research writing.
Key Words: Master’s Dissertation, Guiding Principles, Guidelines, Academic Writing, Title,
Research Proposal, The Abstract, Literature Review, Research Sources, The Theoretical
Framework, Introduction, Chapters of Analysis and Discussion, Conclusion.
مقدمة:
يقول الفيلسوف الصيني مؤسس الفلسفة الطاوية ،الوتزو " ،Lao Tzuلدي ثالثة أشياء أدرسها :البساطة والصبر
والرحمة :هذه العناصر الثالثة هي أعظم الكنوز" .كما يقول العالم االيطالي ،ليوناردو دافينش ي ،Leonardo da Vinci
"البساطة هي أقص ى التطور" .التركيز على عنصر البساطة موجود كذلك في الفكر األمريكي الذي يرتبط بمقولة مشهورة
في هذا السياق وهي مقولة األكاديمي األمريكي دوغالس هورتن ،Douglas Hortonالتي تعتبر أن "فن البساطة هو لغز
التعقيد" ) .(1فالبساطة إذن هي فلسفة األداء العلمي ،سواء في التدريس أو البحث ،وهي دليل على التحكم في دراسة
الظواهر والقدرة على اإلبداع الفكري والعطاء املعرفي ألن التحكم في تفسير وإنتاج املسائل العلمية والنظرية يظهر جليا في
إتقان فن البساطة بدل من املزايدة في التعقيد.
الهدف من إثارة عنصر البساطة الذي يحمل في طياته عنصر التبسيط في مقدمة هذا االجتهاد األكاديمي هو الكشف
عن الغموض واللبس الذي يواجهه العديد من طلبة الدراسات االجتماعية وبالخصوص طلبة العلوم السياسية والعالقات
الدولية في مسار بحثهم إلعداد مذكرة املاستر والذي يرتبط بشعورهم بالتحكم في العديد من التفاصيل املعقدة املتصلة
باملنهجية العلمية للبحث وإغفالهم أو جهلهم للعديد من املسلمات واملنطلقات والقواعد الجوهرية البسيطة التي ترشدهم
وترافقهم في إعداد املذكرة.
مما ال شك فيه أن برامج التدريس والتعليم الجامعي تزود الطالب بتحصيل معرفي معتبر في املنهجية العلمية من خالل
محاضرات وأعمال موجهة وورشات وملتقيات ومراجع تهتم باملفاهيم الكبرى في املنهجية ،شروط البحث العلمي ،خطوات
البحث العلمي ،أدوات البحث العلمي ،وأنواع مناهج البحث ،الكمية منها والكيفية .زيادة على هذا ،العديد من األساتذة
ورؤساء التخصصات واملخابر اجتهدوا في جامعات مختلفة إلعداد دالئل منهجية تساعد الطلبة في تحضير مذكرة املاستر
والتي ركزت غالبا على بعض النقاط املنهجية والتقنية املهمة على غرار املعايير الشكلية للكتابة ،قواعد كتابة صفحة
الواجهة والصفحات التمهيدية ،كيفية كتابة الفهرس ،قواعد إدراج الجداول واألشكال والصور والخرائط في املذكرة،
تقنيات اإلحالة إلى املصادر واملراجع ،قواعد التهميش ،كيفية ترتيب املصادر واملراجع في آخر املذكرة ،تقنيات االقتباس
وأنواع االقتباس ،زيادة على توجيهات أخرى مرتبطة بضرورة التحلي باألمانة العلمية والعواقب املترتبة على عدم احترامها.
لكن رغم كل هذا التحصيل الدراس ي املذكور سابقا واالجتهادات املختلفة لتوجيه وإرشاد الطلبة الباحثين تبقى العديد من
العناصر البسيطة في مسار إعداد مذكرة املاستر محل غموض أو نقص املعرفة عند الطالب رغم أهميتها البالغة في رسم
معالم وتوجهات البحث ويتعلق األمر بمنطلقات وقواعد بسيطة على غرار ماهية مذكرة املاستر وما الهدف من إعدادها؟
131
المجلد الثاني-العدد الخامس -أوت 0202 المجلة األكاديمية للدراسات و البحوث المتخصصة AJSSR
ما الفرق بين مذكرة املاستر وأطروحة الدكتوراه؟ ما هي أسس اختيار موضوع البحث؟ ماذا نقصد بمقترح البحث وما هو
دوره؟ ما هي أسس كتابة العنوان الجذاب؟ ما هي األهمية العلمية مللخص الدراسة؟ ما هي مقومات املقدمة القوية
واملشوقة؟ ملاذا نحتاج إلى مسح أدبيات الدراسة؟ ما الفرق بين املصادر األولية واملصادر الثانوية؟ كيف يتم تفادي الجدل
املرتبط ببعض األخطاء الشائعة في اإلطار النظري للدراسة؟ ما الفرق بين املقدمة وفصول التحليل واملناقشة؟ وما هي
العناصر التي تمتن محتوى الخاتمة؟.
بناء عليه ،سيحاول هذا املقال اإلجابة على هذه األسئلة البسيطة ظاهريا واملعقدة ميدانيا بغية توضيح معالم بعض
الجوانب األساسية املتصلة بمنطلقات وقواعد البحث على مستوى طور املاستر التي لم تعطى لها األهمية الكافية بالرغم
من مكانتها الضرورية في التدريس والتوجيه املتعلق بالجوانب املنهجية للبحث العلمي.
-1ماهية مذكرة املاستر:
مذكرة املاستر هي إنتاج علمي وجهد بحثي مبني على التعمق والتخصص يتم إعداده بعد تحصيل علمي ومعرفي جامعي
يدوم غالبا أكثر من أربع سنوات وذلك الستكمال املتطلبات املقررة لنيل شهادة املاستر .من جهة أخرى ،مذكرة املاستر هي
دورة تدريبية في البحث العلمي والكتابة األكاديمية تمهد ملشاريع بحثية وعلمية الحقة على غرار أطروحة الدكتوراه). (2
وفي هذا السياق ،تختلف مذكرة املاستر عن أطروحة الدكتوراه في ثال ث عناصر أساسية وهي كما يلي:
الحجم ،حيث تفوق أطروحة الدكتوراه مذكرة املاستر من حيث حجم الجهد واملعرفة وحجم املتن واملصادر واملراجع،
وهذا ما يتطلب حجم زمني أطول في إعداد أطروحة الدكتوراه مقارنة بمذكرة املاستر.
النوعية ،فرغم وجود عنصر النوعية في مذكرة املاستر في الشكل واملضمون لكونها عمل متخصص ومعمق إال أن درجة
النوعية في أطروحة الدكتوراه هي أسمى وأرقى ألن الطالب الباحث على هذا املستوى مطالب باإلبداع واالبتكار مقارنة بما
هو موجود من معرفة حول موضوع الدراسة في األدبيات واألعمال املختلفة ،فالنجاح في مهمة اإلبداع وتقديم الجديد
مقارنة بما هو متداول هو الذي يغير الرتبة األكاديمية واالجتماعية للباحث من سيد/سيدة إلى دكتور/دكتورة.
األصالة ،مفتاح عنصر اإلبداع هو األصالة أو بمعنى أدق أصالة املوضوع وأصالة مخرجات الدراسة ،وفي هذا السياق
طالب املاستر يمكنه أن يبدع ويقدم الجديد لكن هو ليس مطالب بذلك ألن شروط النجاح في مذكرة املاستر هي التعامل
مع موضوع غير مستهلك في إطار تحليل وتفسير منظم ومتخصص بعيدا عن النسخ والحشو أما مرشح الدكتوراه فعليه
أن يبدع من خالل تقديم بحث عماده األصالة التي تشمل أصالة املوضوع وأصالة املعلومات وأصالة النتائج.
بالنسبة لطلبة الدراسات السياسية والدولية ،األصالة يمكن أن تكون من ناحية املعلومات واملصادر ،لكن هذا
أكبر تحدي يواجه طالب هذا التخصص بالنظر إلى صعوبة الوصول إلى املعلومات ،وبالخصوص املعلومات
املرتبطة بمسائل السياسة العليا للدول ،وبالتالي يمكن لطالب العلوم السياسية والعالقات الدولية أن يعوض
صعوبة الحصول على املادة األولية واألصلية في العديد من املواضيع واملسائل السياسية الحساسة بالبحث عن
اإلبداع واألصالة في اإلطار النظري ملوضوع البحث من خالل االجتهاد في تقديم الجديد في الجوانب النظرية
للدراسة.
أول خطوة في إعداد املذكرة هي اختيار املوضوع وربطه بتصور إلشكالية معقدة ،وعادة ما يتم اختيار موضوع مذكرة
املاستر ألسباب ودوافع تختلف من طالب إلى آخر ألن منطلقات هذا الخيار تحددها عوامل نفسية وشخصية ومعرفية
وبحثية تتأرجح بين الحاجة العلمية والتطلعات املهنية والشجاعة األدبية وروح املغامرة البحثية ،ومن بين هذه األسباب
واألسس يمكن ذكر ما يلي:
أسباب ذاتية مرتبطة بميول واهتمام الطالب بمواضيع معينة أو مجاالت جغرافية مرغوبة.
مواضيع مرتبطة بحاجيات ومتطلبات سوق العمل كاملواضيع املطلوبة في سوق العمل أو التي تفتح آفاق في املشوار املنهي
للطالب أو مواضيع تهم الطالب العامل في مساره املنهي.
مواضيع بسيطة فيها وفرة في املراجع واملصادر ألن غالبا ما يتخوف طالب املاستر من ندرة املراجع واملصادر واملعلومات.
شهرة املوضوع ،حيث يهتم العديد من الطلبة بمواضيع الساعة والتي تكون متداولة بشدة في األوساط اإلعالمية والرسمية
واألكاديمية.
بعض طلبة املاستر املتميزين بروح املغامرة واملبادرة واالجتهاد واالكتشاف يميلون إلى املواضيع املعقدة والجديدة أو غير
املتداولة ،لكن يبقى هذا النوع من الطلبة يمثلون فئة قليلة في طور املاستر).(3
-3عناصروخصائص عنوان املذكرة:
يكتس ي عنوان املذكرة أهمية بالغة ألنه أول ما يقرأ في املذكرة وهو الجزء املركزي لصفحة الواجهة ،فأي خلل في
العنوان سيعطي انطباع س يء حول مضمون املذكرة ويكشف عجز الطالب في التحكم في موضوع الدراسة وضوابط
املنهجية العلمية ،فمن الخطأ اعتبار صياغة العنوان كجزئية بسيطة ألنها من املهمات الصعبة في إعداد البحث
وإنجاح املذكرة ،ولهذا ،العنوان السليم والجذاب يتطلب توفر مجموعة من العناصر والخصائص:
يكون عنوان املذكرة مختصر وال يدخل في التفاصيل ألن تفاصيل موضوع الدراسة لها مكانها في فصول املذكرة.
يكون العنوان بسيط لكن معبر ويحتوي على املصطلحات املفتاحية للموضوع.
يكون العنوان شامل ويحتوي على عناصر اإلشكالية العامة واملحاور األساسية ملحتوى املذكرة.
تسبق عملية كتابة العنوان قراءة استطالعية ومسح لألدبيات السابقة املتصلة بمجال االهتمام البحثي للطالب حتى يتم
اختيار عنوان لم يستخدم من قبل في دراسات سابقة.
عادة ما يحد ث تغيير طفيف في العنوان بعد نهاية الدراسة ألن التقدم في مسار البحث سيكشف عن معطيات وعناصر
جديدة ستعمق من إتقان الطالب للموضوع وتساعد في الضبط النهائي للعنوان.
-4املبتغى العلمي من مسح أدبيات الدراسة:
عملية مسح أدبيات الدراسة هي قراءة استطالعية ومراجعة دقيقة للمراجع واملصادر املركزية التي اهتمت بموضوع
الدراسة وهي الخطوة التي تساعد الطالب على تحديد عنوان موضوع البحث واإلشكالية العامة للمذكرة أو األطروحة
وتشمل هذه العملية مسح املصادر الثانوية على غرار الكتب واملقاالت واملذكرات واألطروحات .وفي هذا السياق يجب
التأكيد أن عملية املسح هي ليست تلخيص للمصادر واملراجع األساسية املتصلة باملوضوع بل تحليل وتقييم وتقويم هذه
132
المجلد الثاني-العدد الخامس -أوت 0202 المجلة األكاديمية للدراسات و البحوث المتخصصة AJSSR
املصادر واملراجع إلعطاء صورة واضحة ودقيقة حول اإلنتاج العلمي واملعرفي املتصل بموضوع املذكرة .ومن أهم أهداف
عملية مسح األدبيات ما يلي:
معرفة مدى توفر املراجع في املوضوع محل الدراسة.
تمكين الطالب الباحث من توسيع تحصيله املعرفي واملعلوماتي املتصل باملوضوع.
صياغة إشكالية الدراسة بناء على األدبيات املوجودة ،ولهذا من الخطأ إدراج نتائج مسح أدبيات الدراسة بعد طرح
اإلشكالية.
صياغة عنوان الدراسة وتصميم مسار البحث واملضمون بناء على ما هو موجود من أدبيات لتفادي التكرار والنقل،
والتوجه نحو البحث في مواضيع ومضامين جديدة وغير مستهلكة.
تحديد الثغرات والنقائص املوجودة في أدبيات الدراسة لتداركها وتصويبها في البحث محل الدراسة وذلك إلثبات التفوق
الفكري واملعرفي للمذكرة أو األطروحة .وفي هذا اإلطار ،أطروحة الدكتوراه مطالبة بتقديم الجديد مقارنة بما هو موجود
أما طالب املاستر فيكتفي بتوضيح كيف سيتعامل مع املوضوع بطريقة مغايرة مقارنة بما هو موجود من أدبيات لتفادي
تكرار نفس األعمال والبحو ث.
وتتم عملية املسح وفق الخطوات التالية:
تجميع املؤلفات واألدبيات ذات الصلة باملوضوع.
ترتيب األدبيات حسب معيارين أساسيين :أوال ،حسب األهمية ،وتتعلق األهمية في هذا السياق بدرجة االرتباط باملوضوع
وتنقسم األدبيات إلى مصادر ذات صلة مباشرة بمشكلة الدراسة وأخرى ذات صلة ببعض محاور البحث .ثانيا ،حسب
تاريخ النشر ،وتنقسم األدبيات في ظل هذا التصنيف إلى أدبيات حديثة وأخرى قديمة.
تقييم األدبيات للكشف عن السلبيات وااليجابيات ويشمل التقييم جوانب محددة مثل مشكلة البحث ،املحاور ،منهجية
الدراسة ،اإلطار النظري ،ونتائج الدراسة.
كتابة نتائج عملية املسح واملراجعة والتقييم مع شرح األساليب والطرائق التي سيتم اعتمادها في املذكرة محل الدراسة
لتقويم وتصويب وتحيين حالة املعرفة املتصلة باملوضوع ).(4
-5أنواع املصادروالتوظيف الذكي للمعلومة:
البحث املتوازن يركز على نوعين أساسيين من املصادر ،أولية وثانوية ،وعادة ما تقسم مراجع املذكرات واألطروحات
باختالف أنواعها وأشكالها إلى مصادر أولية وأخرى ثانوية ،ونقصد باملصادر األولية األدوات التي توفر املعلومات األولية
واألدلة املباشرة واملوثوقة واألصلية والتي يتم الحصول عليها من مصدر له عالقة مباشرة بالحد ث أو السلوك أو الظاهرة
محل الدراسة ومن أهم هذه املصادر املقابالت ،البيانات اإلحصائية ،االستبيان ،الخطابات والتصريحات الرسمية،
الشهادات التاريخية الحية ،االتفاقيات واملعاهدات ،الجرائد الرسمية ،الدساتير ،النصوص القانونية ،التقارير
الحكومية ،وثائق األرشيف ،وغيرها من الوثائق الرسمية ) .(5أما عن املصادر الثانوية فهي تشمل األدوات التي توفر
معلومات من يد ثانية ال تمثل مصدر متصل مباشرة بالسلوك أو الحد ث أو الظاهرة محل الدراسة وهي عادة أعمال حللت
وفسرت وقيمت مصادر أولية ،ويرتبط دورها في املساعدة على تراكم الرصيد املعلوماتي واملعرفي املتصل باملوضوع
132
المجلد الثاني-العدد الخامس -أوت 0202 المجلة األكاديمية للدراسات و البحوث المتخصصة AJSSR
واملساهمة في املقارنة بين الحجم العلمي واملعرفي للبحث محل الدراسة والحجم العلمي واملعرفي ألعمال أخرى ،ومن بين
أهم املصادر الثانوية الكتب ،املقاالت الصادرة من املجالت العلمية املتخصصة ،املوسوعات ،املذكرات واألطروحات ).(6
وتختلف مصادر البحث والدراسة من تخصص إلى آخر كما يمكن لبعض املصادر أن تكون في بعض الحاالت أولية
وثانوية في حاالت أخرى وذلك حسب طبيعة املحتوى واملعلومات املتوفرة وطبيعة الجهة املانحة للمعلومة ،وتنطبق هذه
االزدواجية على بعض املصادر على غرار املقاالت الصحفية واملصادر االلكترونية.
حقيقة ،املصادر األولية هي معلومات خام تزيد من قيمة ونوعية الدراسة ،لكن هذا املبتغى ال يتحقق إال بمراعاة بعض
الشروط والضوابط واألسس املتصلة بحسن توظيف املعلومة والتي يمكن حصرها في النقاط التالية:
استعمال املصادر األولية ال يعني بالضرورة الحصول على معلومة أولية وثمينة ،فمثال مقابلة الرسميين التي ال تصل إلى
العلبة السوداء للوحدات القرارية والبيئة النفسية لصناع القرار والكواليس املحيطة بالفعل السياس ي هي مصادر ال تقدم
أي قيمة علمية مضافة للبحث.
الباحث الذي يستخدم املصادر األولية عليه أن يطرح األسئلة ويصل إلى املعلومات التي تكشف عن عمق الظاهرة
والدوافع الخفية للقرار واألهداف غير املعلنة للسلوك بدل من االكتفاء بتجميع معلومات عامة تقتصر على تأكيد
الخطوط العريضة واملبادئ العامة املعروفة لدى العام والخاص.
ضرورة إخضاع املعلومة األولية إلى التحليل والتفسير حتى تتحول إلى حجة علمية ودليل موثوق في الدراسة ألن االكتفاء
بتقديم املعلومة الخام دون إخضاعها للتقييم والنقد والتفسير واإلثراء سيجعلها معلومة جامدة وغير مفيدة.
ضرورة معرفة كيف وأين توظف املعلومة في محتوى البحث حتى ال يتم تمييعها وإضعاف قيمتها العلمية وقوتها في التحليل
والنقاش.
وأخيرا ،التوظيف املثمر للمعلومة األولية هو االستخدام الذي يصب في اإلجابة عن اإلشكالية العامة واثبات فرضيات
البحث والوصول إلى نتائج ومخرجات جديدة وأصلية ).(7
-6ماهية مقترح البحث:
مقترح البحث هو أول عقد أو التزام بحثي مكتوب بين األستاذ املشرف والطالب وهو أول مهمة تواجه الطالب في إطار
اإلقناع بالحجة العلمية من خالل إقناع األستاذ املشرف باألهمية العلمية والبحثية للموضوع ،وفي العديد من الجامعات
مقترح البحث هو الوثيقة العلمية التي تعزز طلب تسجيل الطالب في برنامج بحثي على مستوى البرامج التعليمية والبحثية
املخصصة ملرحلة ما بعد التدرج ويقدم املقترح في هذه الحالة إلقناع الهيئات العلمية وهيئات التدريس على مستوى
املؤسسات األكاديمية ،كما يمكن استخدام مقترح البحث كوثيقة وركيزة علمية تساعد الطالب على الحصول على تمويل
ملشروع الدراسة.
من جهة أخرى ،مقترح البحث املنظم والواعد ال يعلم القارئ فقط باألهداف البحثية للموضوع واألهمية العلمية
للدراسة ،بل يعتبر كذلك دليل علمي على قدرة الطالب في استيعاب وفهم الجوانب األساسية املرتبطة بتخصص الدراسة،
بما فيها الجوانب املفاهيمية والنظرية واملنهجية .ولهذا ،مقترح البحث هو نسخة مصغرة للمذكرة أو األطروحة حيث يشمل
132
المجلد الثاني-العدد الخامس -أوت 0202 المجلة األكاديمية للدراسات و البحوث المتخصصة AJSSR
العديد من املكونات واملحاور املوجودة في املذكرة أو األطروحة ،ما عدا النتائج واالستنتاجات ومحاور النقاش والتفسير
التي تنجم عن املسار الفعلي للبحث الذي يحد ث الحقا .وبالتالي ،يحتوي مقترح البحث غالبا على املكونات التالية:
عنوان مختصر وجذاب يعكس إشكالية ومحتوى البحث.
تقديم مختصر للموضوع.
عرض نتائج مسح أدبيات الدراسة.
طرح اإلشكالية العامة للموضوع.
عرض فرضيات الدراسة.
تحديد أهداف البحث.
تقديم حجج علمية وعملية تبرهن أهمية الدراسة.
عرض تصميم البحث (خطة الدراسة).
تقديم مناهج الدراسة واألطر النظرية املراد استخدامها.
تقديم القائمة األولية للمصادر واملراجع.
زيادة على ما سبق ،العديد من املقترحات البحثية املنضبطة والجدية تقدم برنامج زمني النجاز املراحل املختلفة للدراسة.
-7الغرض العلمي من ملخص الدراسة:
غالبا ما يتم إدراج امللخص والكلمات املفتاحية للدراسة في أغلب األعمال العلمية سواء مذكرات أو أطروحات أو مقاالت
علمية في مجالت متخصصة أو في مقترح ومحتوى مداخالت الندوات وامللتقيات العلمية .فإذا كانت املقدمة هي مدخل
الدراسة فامللخص هو بوابة املدخل ويحتوي غالبا على الفكرة العامة للموضوع وإشكالية البحث ،أهداف ومناهج
الدراسة ،املحاور األساسية للفصول والكلمات املفتاحية للموضوع ،زيادة على نتائج ومخرجات الدراسة.
وفي كتابة امللخص يجب مراعاة مجموعة من الشروط والجوانب ،أهمها ما يلي:
يتكون امللخص من 051إلى 011كلمة.
يمثل امللخص عصارة الطالب ومجهوده الشخص ي في الكتابة ،وبالتالي ،ملخص الدراسة ال يلجأ إلى االقتباس أو االستعانة
بحجج من أعمال أخرى وال يهمش أو يعتمد على مراجع ومصادر غير الجهد الشخص ي للطالب الباحث.
محتوى امللخص هو فريد في املضمون والشكل وال يقبل نقل فقرات من املقدمة والخاتمة ووضعها في امللخص.
امللخص يحتوي على عرض مبسط للدراسة يساعد القارئ على فهم املوضوع دون أن يخوض في قراءة كل املذكرة ،حتى وإن
كان القارئ غير ملم بموضوع الدراسة ،لكن هذا ال يعني تقديم تفاصيل الدراسة في امللخص ألن القارئ يبحث عن تفاصيل
املوضوع داخل املذكرة.
بما أن امللخص يتعرض في طياته إلى اإلشكالية واألهداف واألدوات والخطوات واملراحل والنتائج ،فامللخص هو آخر ما
يكتب في مسار البحث وآخر جزء يضاف إلى متن املذكرة ويتم إدراجه غالبا في بداية املذكرة وقبل املقدمة ويكتب باللغة
التي حررت بها املذكرة زيادة على تقديم نسخة مماثلة بلغة أجنبية.
132
المجلد الثاني-العدد الخامس -أوت 0202 المجلة األكاديمية للدراسات و البحوث المتخصصة AJSSR
من بين مؤشرات األمانة العلمية للدراسة وجود توافق بين محتوى امللخص وما هو موجود فعال في متن املذكرة أو األطروحة
وبالخصوص في الجوانب املتعلقة بمخرجات الدراسة واملناهج واألدوات املستخدمة.
وترتبط القيمة العلمية للملخص بنقطتين أساسيتين:
قدرة الطالب على كتابة مذكرة أو أطروحة في عشرات أو مئات الصفحات ثم تلخيص كل هذا املتن بتفاصيله املتشعبة
في محتوى ال يتجاوز الصفحة هو دليل على تحكم الطالب الباحث في املوضوع وإتقان جزئياته وكلياته املختلفة ويمثل هذا
دليل علمي على استحقاق الطالب النجاح والظفر بالرتبة العلمية املرجوة.
امللخص هو بطاقة تعريف املذكرة ولهذا نجد أن خدمات املعلومات االلكترونية في املكتبات الجامعية تروج ملذكراتها
وأطروحاتها ومقاالت مجالتها من خالل عنوان وملخص الدراسة زيادة على الكلمات املفتاحية ،ألن القائم بمسح أدبيات
الدراسة حول أي موضوع أو املهتم بمجال بحثي معين سيكتفي بقراءة العنوان وامللخص ليعرف إن كان العمل يدخل في
اهتمامات الباحث أم ال ،وباستخدام هذا اإلجراء ،سيكون الطالب غير مجبر على تضييع وقته الثمين في استطالع وقراءة
دراسات ال تتصل بجوانب ومحاور بحثه.
-8اإلطارالنظري للدراسة:
األطر النظرية في مجال الدراسات االجتماعية والسياسية والدولية هي مجموعة من املبادئ واملرتكزات التي تسعى إما
لتفسير الظاهرة واإلجابة على اإلشكالية املطروحة أو التنبؤ بسلوكيات الحقة مرتبطة بالظاهرة محل الدراسة .فما يميز
العمل األكاديمي عن أعمال أخرى عامة هو التقيد بأطر نظرية وأدوات منهجية تكشف عن العناصر واملتغيرات املالئمة
لفهم وتفسير موضوع الدراسة وتزود مسار البحث بتوابل ومكونات تصمم الثوب العلمي للبحث وتبني القيمة األكاديمية
للدراسة.
ويتم ذلك وفق املراحل التالية:
مسح وفحص أهم النظريات واملقاربات املرتبطة باملوضوع محل الدراسة واختيار األطر النظرية املالئمة بناء على حجج
علمية مقنعة.
تفسير أهم املنطلقات واملسلمات واملبادئ املتصلة بالنظريات واملقاربات التي وقع عليها االختيار لتأطير املوضوع نظريا
مع إدراج أهم املنظرين واألعمال األكاديمية التي أسهمت في نشأة وتطوير األطر النظرية املختارة.
شرح وتفسير كيفية توظيف هذه النظريات واملقاربات في مسار البحث والدراسة.
ضرورة التقيد باستخدام هذه النظريات واملقاربات في فصول التحليل واملناقشة.
تقييم مدى نجاعة استخدام وتوظيف هذه النظريات واملقاربات في تفسير الظاهرة محل الدراسة في خاتمة املذكرة أو
األطروحة.
في بعض الحاالت ،يمكن للطالب الباحث أن يصل إلى عناصر جديدة متصلة بتوظيف األطر النظرية للبحث ،وبالتالي،
يمكن أن يساهم اإلطار النظري للدراسة في مثل هذه الحاالت في دعم وتمتين أصالة الدراسة.
132
المجلد الثاني-العدد الخامس -أوت 0202 المجلة األكاديمية للدراسات و البحوث المتخصصة AJSSR
إذا كان موضوع البحث يرتبط بدراسة وتقييم إطار نظري معين ،فمهمة الطالب في هذه الحالة ترتكز على ربط اإلطار
النظري محل الدراسة بحجج وأدلة ميدانية وتطبيقية تتصل بالواقع لقياس مدى نجاعة اإلطار النظري محل البحث في
تفسير الواقع والتنبؤ باملستقبل ).(8
وفي هذا السياق ،يجب التأكيد على وجود خلط في املذكرات واألطروحات بين مفهوم النظرية ومفهوم املقاربة ،وهذا ما
يستوجب تقديم بعض الشروحات إلزالة البس.
النظرية عبارة عن إطار منظم من املفاهيم واملسلمات التي تحدد وتفسر العالقة املوجودة بين املتغيرات املكونة للظاهرة.
وما يميز هذه العناصر املفسرة وجود أدلة وبراهين علمية خضعت لالختبار والتجربة ،وهذا ما يجعل من النظرية قانون
علمي أو قاعدة علمية مبنية على عالقة سببية أو حتمية ،If→Then ،أي إذا توفرت شروط وظروف معينة ستؤدي حتميا
وأوتوماتيكيا إلى نتائج معينة.
املقاربة هي اإلطار الذي يحاول من خالله الباحث أن يقترب من موضوع معين أو ظاهرة معينة ويشمل مجموعة منظمة
من األفكار واملفاهيم واملواقف البحثية .وفي هذا السياق ،النظرية واملقاربة تشتركان في ميزة وهي أن كالهما عبارة عن إطار
منظم من األفكار واملفاهيم واملواقف التي يتفق حولها مجموعة من املنظرين ،لكن االختالف الجوهري بينهما يكمن في
القاعدة السببية والحتمية بين مكونات الظاهرة ،فالنظرية عمادها القاعدة السببية املجربة والقانون العلمي بينما املقاربة
ال ترتكز على القاعدة السببية ولم ترق إلى مستوى القانون العلمي أو القاعدة العلمية.
وفي ميدان الدراسات السياسية والدولية ال يزال الجدل قائم حول علمية هذا املجال املعرفي والتعليمي بالنظر إلى
الطبيعة املتغيرة للظواهر السياسية والدولية وعدم وجود قاعدة علمية أو قانون علمي واحد وثابت يفسر التفاعالت
السياسية والدولية ،وبالتالي ،من املستحسن تفادي االستخدام املفرط ملصطلح النظرية واستعمال املقاربة في مذكرات
وأطروحات الدراسات السياسية والدولية ألن استخدام مصطلح املقاربة هو أقل جدلية ويمكن أن يحمي الطالب الباحث
من انتقادات محتملة من طرف لجنة التحكيم واملناقشة.
-9تقسيم البحث:
لحل املشكلة البحثية املطروحة والدخول في تفاصيل املوضوع وعرض نتائج الدراسة بطريقة منظمة ومتكاملة
ومتسلسلة ومتوازنة يختار الطالب الباحث خطة مهيكلة تمثل البنية األساسية للدراسة والعمود الفقري للبحث يتم من
خاللها تفكيك العنوان من الكل إلى الجزء ومن العام إلى الخاص وفق ترتيب هرمي ينتقل من القسم إلى الباب مرورا بالفصل
واملبحث واملطلب والفرع ثم البند.
ومن أهم مكونات هيكل البحث في املذكرة أو األطروحة مقدمة الدراسة التي تتضمن عرض إشكالية الدراسة والغرض
منها وتكهن الفرضيات زيادة على الكشف عن األطر املنهجية والنظرية للموضوع .ويلي املقدمة فصول التحليل واملناقشة
التي يحد ث في سياقها الشد واملد والنقاش الفكري والنظري وتجريب األدلة والحجج العلمية والعملية ،ثم تأتي الخاتمة التي
تكشف عن املخرجات واالستنتاجات وتستعرض التقييم والتقويم واآلفاق.
وبناء عليه ،ستركز املحاور الالحقة للمقال على مقومات املقدمة املشوقة والناجحة ،طبيعة وخصائص فصول التحليل
واملناقشة ومقومات الخاتمة القوية والناجحة.
132
المجلد الثاني-العدد الخامس -أوت 0202 المجلة األكاديمية للدراسات و البحوث المتخصصة AJSSR
122
المجلد الثاني-العدد الخامس -أوت 0202 المجلة األكاديمية للدراسات و البحوث المتخصصة AJSSR
من األخطاء الفادحة في املقدمة إدراج نتائج ومخرجات البحث في محتواها ألن نتائج الدراسة تعرض في الخاتمة وبعد فصول
التحليل واملناقشة ،ويمكن لهذا الخطأ أن يحد ث ألن الطالب حينما يقوم بالصياغة النهائية للمقدمة يكون على دراية
بمخرجات البحث ونتائجه النهائية ،ففي مقدمة البحث يمكن فقط أن نلمح إلمكانية الوصول إلى مجموعة من النتائج
واملخرجات من خالل فرضيات الدراسة أو الوعود البحثية املتصلة بأسباب اختيار املوضوع وأهداف الدراسة دون أن
نكتب النتائج.
سعي الطالب الباحث إلقناع القارئ بتميز املوضوع في خانات املقدمة الخاصة بذلك ال يعني املبالغة واملزايدة في تقديم
الحجج من خالل وعود بحثية وهمية وخيالية ألن الطالب الباحث مطالب بتقديم وعود بحثية بحث فيها فعال في فصول
التحليل واملناقشة ووصل إلى نتائج بشأنها في الخاتمة ،فالعمل األكاديمي الجاد واملتوازن هو العمل الذي يطرح وعود بحثية
واقعية وفعلية متصلة بإشكالية معينة ويقنع القارئ بمعالجة املشكلة البحثية من خالل تلبية هذه الوعود في نهاية
الدراسة ).(9
-11خصائص فصول التحليل واملناقشة:
بعد تقديم الصورة العامة للموضوع ينتقل الطالب الباحث إلى فصول التحليل واملناقشة وهي الفصول املهتمة بالسياق
العميق للموضوع Deep Contextأو املحتوى العميق للموضوع .Deep Content
وهي الفصول التي يتم فيها التحليل أي تفكيك الكل إلى أجزاء ومكونات فرعية ودراسة كل جزء على حدة وتحديد العالقة
بين هذه األجزاء لنصل إلى نتيجة التحليل ،بمعنى أدق ،بعد عرض املقدمة التي تعطي التوجهات العامة للدراسة ،يقسم
عنوان املوضوع محل البحث إلى فصول وتقسم الفصول إلى مباحث والتي تنقسم بدورها إلى مطالب ويتم دراسة كل جزء
بطريقة منفصلة وبعد الوصول إلى نتائج مرتبطة بكل جزء يتم الوصول إلى نتائج متصلة بعالقة األجزاء فيما بينها .وبعد
التحليل ،تأتي عملية املناقشة وهي البحث في نتائج التحليل وتفسيرها وتقديم مواقف بحثية متصلة بالنتائج مع مراعاة
عملية الترابط والتسلسل بين الفصول وذلك من خالل احترام الضوابط التالية:
ضرورة إدراج مقدمة وخاتمة لكل فصل حتى نعرف أين يبدأ الفصل وأين ينتهي.
بما أن كل فصل يكتب على حدة وفي فترة زمنية مختلفة عن الفصول األخرى ،عملية الترابط والتسلسل بين الفصول
تستلزم مع بداية كل فصل تأكيد ما قامت به الدراسة في الفصل السابق وعرض ما سيقدمه الطالب في الفصل.
ومع نهاية كل فصل ،الطالب مطالب كذلك بعرض ومناقشة ما وصل إليه من نتائج في هذا الفصل والتمهيد لفتح التحليل
واملناقشة الخاصة بالفصل الالحق.
زيادة على ما سبق ،اإلخراج الجيد لفصول التحليل واملناقشة يتطلب عدم اإلكثار من عدد الفصول والتي عادة ال تتجاوز
ثال ث فصول في مذكرة املاستر واحترام التوازن العددي بين مباحث الفصول وعدم تكرار نفس العناوين.
-12مقومات الخاتمة الناجحة:
الخاتمة هي الفصل األخير من املذكرة والذي يكتس ي هو اآلخر أهمية بالغة يراعي من خاللها الطالب الباحث مجموعة
من الجوانب األساسية في كتابتها وإعدادها ،وهي كما يلي:
122
المجلد الثاني-العدد الخامس -أوت 0202 المجلة األكاديمية للدراسات و البحوث المتخصصة AJSSR
الخاتمة هي ليست تكرار ملا ورد من محتوى في فصول التحليل واملناقشة أو ملخص للفصول السابقة كما أنها ال تقتصر
فقط على سرد استنتاجات واستنباطات البحث.
الخاتمة السليمة علميا هي التي ترد على اإلشكالية املطروحة وتوضح الوصفة التي عالجت املشكلة البحثية وتؤكد صحة
فرضيات الدراسة من خالل تقديم مجموعة من االستنتاجات التي ال تعرض على سبيل السرد ألن املطلوب في الخاتمة هو
مناقشة االستنتاجات والنتائج بناء على ما كان موجود من معرفة في أدبيات الدراسة وما وصل إليه البحث من مخرجات
تساهم في تأكيد تميز العمل املنجز مقارنة باألعمال األخرى املتصلة باملوضوع.
من خالل الخاتمة يقيم ويناقش الطالب الباحث مدى فعالية األطر النظرية واملنهجية املستخدمة في الدراسة ومدى
نجاعتها في التطبيق.
يمكن في الخاتمة أن يقدم الطالب الباحث وجهات نظره حول النتائج النهائية للبحث أو نتائج متعلقة بجزء من
أجزاءه.كعملية استباقية لتجنب النقد يوم املناقشة ،يمكن للخاتمة أن تشرح نقائص الدراسة أو الجوانب التي أغفلها
البحث ،سواء من الناحية النظرية أو التطبيقية ،والتي عادة ما يتم ربطها بصعوبات الدراسة املعلنة في املقدمة وذلك
بغرض عدم اإلنقاص من القيمة العلمية والعملية للمذكرة.
عادة ما ننهي مذكرة املاستر بمجموعة من التوصيات واملقترحات أو تصورات لسيناريوهات مستقبلية دون الخوض في
عملية االستشراف ألن ذلك يتطلب توظيف تقنيات جد معقدة ،كما يمكن إنهاء الخاتمة بفتح البحث أو املوضوع على آفاق
بحثية جديدة يبرهن بواسطتها الطالب الباحث أنه يمكن معالجة املوضوع بطرق أخرى وبأساليب ومحتويات مغايرة من
خالل طرح مشكالت بحثية أخرى تسعى إلى تحقيق أهداف بحثية جديدة أو على األقل مغايرة.
الخاتمة:
لقد ترك أحد أشهر الكتاب والفالسفة الفرنسيين في عصر النهضة الفرنسية ،ميشيل دي مونتين Michel de
،Montaigneمقولة مهمة تحولت إلى أحد أعمدة فلسفة التدريس والتعليم وهي "أفضل رأسا مجهزا جيدا على رأس
مملوء" ) .(10بناء عليه ،ركزت هذه املساهمة األكاديمية على التفصيل في بعض املنطلقات والقواعد العامة التي تساعد
الطالب الباحث على فهم املعالم الكبرى التي تحيط بمسار إعداد املذكرة بدل الخوض في شرح وتفسير العديد من
التفاصيل املنهجية والشكلية التي يمكن أن تؤدي إلى تخمة معرفية وتضخم معلوماتي يجعالن من التحصيل املعرفي
للطالب عارف للتفاصيل املعقدة وجاهل لألمور البسيطة األساسية.
الطالب املقبل على إعداد مذكرة التخرج عليه أن يعي ما هو مطلوب منه وماذا يريد ويتصور كيف يمكنه تحقيق هذا
املطلوب وهذه اإلرادة من خالل طرح مجموعة من األسئلة التي ترافق الطالب قبل بداية البحث وأثناء إعداد املذكرة ويوم
املناقشة ،ومن أهمها ما يلي :ما هو موضوع البحث وملاذا أختار هذا املوضوع بالتحديد؟ كيف أقنع األستاذ املشرف بأهمية
ونجاعة املوضوع؟ ما هي املصادر واملراجع التي أستخدمها في الدراسة؟ ما هي األدوات املنهجية والنظرية التي تؤطر البحث؟
كيف أصمم هيكل البحث؟ ما هي املخرجات األساسية للدراسة؟ ما مدى تطابق نتائج الدراسة بالوعود البحثية املقدمة؟
كيف أسوق لنتائج الدراسة؟ وأخيرا ،كيف أقنع لجنة املناقشة بالعمل املنجز؟.
زيادة على هذه األسئلة ،املذكرة الناجحة تتطلب توفر الشروط والظروف التالية في مسار إعدادها:
121
المجلد الثاني-العدد الخامس -أوت 0202 المجلة األكاديمية للدراسات و البحوث المتخصصة AJSSR
ضرورة التقيد بالضوابط الشكلية واملنهجية املفروضة في كتابة املذكرات والتي تشمل ضوابط عامة تتفق حولها كل
الجامعات وأخرى خاصة تنحصر في الجامعة التي يدرس فيها الطالب أو متعلقة بمجال التخصص.
األريحية هي من أهم مفاتيح نجاح الطالب في إعداد أي مذكرة ويشمل هذا العنصر األريحية مع موضوع الدراسة واألريحية
مع املشرف ،فمن بين أسباب فشل الطالب في البحث هو التعامل مع أستاذ مشرف في ظروف ينعدم فيها التنسيق املشترك
والديناميكية التفاعلية بين الطرفين كما ال يمكن للطالب العمل حول موضوع مفروض وال يدخل في خانة اهتمامات
الطالب وتطلعاته البحثية أو تم اختياره بطريقة عشوائية وغير مدروسة ).(11
مما ال شك فيه أن عملية الحصول على املعلومات واملعطيات من املصادر األولية أو الثانوية هي من بين الخطوات
والتحديات الكبرى في إعداد البحث ،لكن االنجاز األكبر في هذا السياق هو حسن استخدام املعلومة والتحكم في توظيفها
وتنظيمها من خالل فهمها واستيعاب مضمونها وتحويلها إلى مادة في التحليل والتفسير وإدراجها في األجزاء واملباحث الالئقة
بعيدا عن الحشو والتكرار.
بالنسبة لغالبية الطلبة ،مذكرة املاستر هي أول تجربة في الكتابة البحثية ،فمن الطبيعي أن يظهر تعطش ورغبة عند
الطالب في كتابة أكبر عدد من املعلومات واملعطيات والصفحات ،لكن يجب التأكيد على أن من بين سمات التحكم في
موضوع املذكرة هو تفادي اإلطالة في شرح التفاصيل اململة وتقديم عمل يركز على الجوانب األساسية للموضوع باملختصر
املفيد وبأسلوب ممنهج ومشوق معلوم البداية والنهاية وبحدود تحليلية وتفسيرية مرسومة ومضبوطة.
كتابة املذكرات واألطروحات تكون باستخدام كتابة متخصصة تسمى الكتابة األكاديمية التي تختلف عن الكتابات العامة
وحتى الصحفية في الكثير من الجوانب بالنظر إلى اختالف نوعية جمهور القراء ،وما يميز الكتابة األكاديمية هو كثرة
استخدام الكلمات التقنية واملصطلحات العلمية املتخصصة والتقيد باألطر النظرية واالستعانة بالتهميش واملصادر
حفاظا على األمانة العلمية والتحلي باملوضوعية واالبتعاد عن النزعة الذاتية التي تتطلب عدم استخدام ضمائر املتكلم في
الكتابة (أنا ،نحن) ).(12
املواضيع الناجحة في إعداد املذكرة هي املواضيع املحددة واملتخصصة ،ففي ميدان الدراسات السياسة والدولية ،الدقة
والتخصص يتمثالن في اختيار موضوع محدد وليس شامل أو واسع مع تحديد املجال الجغرافي للموضوع واإلطار الزمني
للدراسة والتركيز على مفاهيم ومصطلحات مفتاحية مضبوطة وأطر نظرية محددة تكون بمثابة اإلطار العام للمذكرة.
مسار البحث في أي مجال أو تخصص هو عملية تنظيرية وتطبيقية تخضع لديناميكية معرفية وفكرية مرنة ومتغيرة
ومتجددة ومتواضبة ،وبالتالي ،البحث املتميز والبناء هو العمل الذي يفتح اآلفاق ملواضيع بحثية أخرى ويصل إلى توصيات
ومقترحات جديدة.
التنظيم املحكم ملسار البحث يتطلب كذلك تنظيم اإلطار الزمني لهذا املسار ،فالطالب الجاد في مشروع مذكرته يبدأ
التفكير في موضوع مذكرة املاستر مع نهاية طور الليسانس أو على أقص ى تقدير مع السداس ي األول من برنامج املاستر حتى
يتم توفير الوقت الكافي للتفكير والتصرف وتقديم املذكرة في اآلجال املحددة.
ختاما ،يمكن التأكيد أن الهدف الجوهري لكل ما سبق هو رصد مجموعة من املنطلقات والقواعد التوجيهية التي تساعد
وترافق الطالب املقبل على إعداد مذكرة في طور املاستر ،ولتحقيق هذا املبتغى تطرق هذا االجتهاد إلى جوانب متعلقة بعملية
123
0202 أوت-العدد الخامس-المجلد الثاني AJSSR المجلة األكاديمية للدراسات و البحوث المتخصصة
البحث والكتابة وجوانب أخرى متصلة بالبيئة املحيطة بالطالب الباحث مع مراعاة بعض املنطلقات العلمية والتطبيقية
.والشكلية والنفسية التي عادة ما ال نجدها في الكتب املختصة في املنهجية
مهما كانت املرتبة الفكرية والعلمية،من دون شك كل عمل علمي يحمل في طياته ايجابيات وانجازات وسلبيات وإخفاقات
الهدف النهائي للطالب املقبل على كتابة مذكرة املاستر هو ليس اإلبداع الخارق بل تقديم عمل، فمن هذا املنطلق،للكاتب
يسمح له بالتحليل والتفسير والتنبؤ، فكري ونظري،علمي محترم يؤكد من خالله الطالب أنه وصل إلى تحصيل معرفي
.(13) ويمكن أن يفتح له آفاق بحثية في أطوار ومستويات تعليمية وعلمية أسمى
:املراج واملصادر
2-Habits For Wellbeing: "20 Inspirational Quotes on Simplicity": Gold Coast, Australia: Jane’s Journal: Found in
habitsforwellbeing.com/20-inspirational-quotes-on-simplicity/. Accessed on July 25, 2020.
1-Carol Roberts and Laura Hyatt: The Dissertation Journey: A Practical and Comprehensive Guide to Planning, -
3Writing, and Defending Your Dissertation: Third Edition: Thousand Oaks, California: Corwin, A Sage Company:
2019: PP 21-34.
2-Ibid: PP 51-56.
2-Steven R. Terrel: Writing A Proposal For Your Dissertation: Guidelines and Examples: New York and London:
The Guilford Press: 2016: PP 46-65.
2-Zina O’Leary: The Essential Guide To Doing Your Research Proposal: Third Edition: Los Angeles, London, -
2New Delhi, Singapore, Washington DC, Melbourne: Sage Publications Ltd: 2017: PP 223-260.
2-Ibid: PP 265-291.
2-Paul Oliver: Writing Your Thesis: Third Edition: Los Angeles, London, New Delhi, Singapore, Washington DC:
Sage Publications Ltd: 2014: PP 24-27.
22-Mildred L. Patten and Michelle Newhart: Understanding Research Methods: An Overview of Essentials: Tenth
Edition: New York, Oxon: Routledge: 2018: PP 8-11.
22-Carol Roberts and Laura Hyatt: op.cit: PP 99-112.
21-Michel de Montaigne: "Mieux vaut une tête bien faite qu’une tête bien pleine": Le dictionnaire des citations.
Found in www.dicocitations.com. Accessed on 02 July, 2020.
23-Paul Oliver: op.cit: PP 52-67.
22-Inger Mewburn, Katherine Firth and Shaun Lehmann: How To Fix Your Academic Writing Trouble: A
Practical Guide: London: Open University Press: 2019: PP 105-111.
22-Sonja K. Foss and William Waters: Destination Dissertation: A Traveler’s Guide to a Done Dissertation:
Lanham, Boulder, New York, Toronto, Plymouth (UK): Rowman & Littlefield Publishers Inc.: 2007: P 4.
122