You are on page 1of 14

‫المجلد الثاني‪-‬العدد الخامس‪ -‬أوت ‪0202‬‬ ‫المجلة األكاديمية للدراسات و البحوث المتخصصة ‪AJSSR‬‬

‫منطلقات وقواعد توجيهية في إعداد مذكرة املاستر‬


‫‪Rules and Guidelines Principles for Preparing the Master’s Thesis‬‬

‫سفيان صخري‬
‫بروفيسور‬
‫بكلية العلوم السياسية والعالقات الدولية‬
‫جامعة الجزائر‪-3-‬‬

‫ملخص‪:‬‬
‫يهدف املقال إلى مرافقة الطلبة املقبلين على إعداد مذكرة التخرج على مستوى املاستر‪ ،‬وبالخصوص طلبة الدراسات‬
‫السياسية والدولية‪ ،‬من خالل مجموعة من املنطلقات والقواعد التوجيهية التي تساعد على انجاز عمل علمي محترم يؤكد‬
‫قدرة الطالب على التحليل والتفسير والتنبؤ في إطار كتابة أكاديمية وبحثية الئقة‪ .‬وفي هذا السياق‪ ،‬ركزت هذه املساهمة‬
‫األكاديمية على بعض الجوانب املفتاحية في مسار البحث التي لم تكن محور اهتمام الكتب واملقاالت املتخصصة في منهجية‬
‫البحث العلمي من خالل شرح وتفسير بعض العناصر البسيطة ظاهريا واملعقدة تطبيقيا والتي شملت طبيعة وخصائص‬
‫مذكرة التخرج‪ ،‬أسس اختيار موضوع الدراسة‪ ،‬خصائص العنوان الجذاب‪ ،‬املبتغى العلمي من مسح أدبيات الدراسة‪،‬‬
‫أنواع املصادر والتوظيف الذكي للمعلومة‪ ،‬ماهية مقترح البحث‪ ،‬الغرض العلمي من ملخص الدراسة‪ ،‬تصميم هيكل‬
‫البحث‪ ،‬مقومات املقدمة املشوقة‪ ،‬خصائص فصول التحليل واملناقشة‪ ،‬مقومات الخاتمة الناجحة‪ ،‬زيادة على توجيهات‬
‫أخرى متعلقة بشكل الكتابة األكاديمية وقواعد توجيهية متصلة بحسن توظيف األطر النظرية في الكتابة البحثية‪.‬‬
‫الكلمات املفتاحية‪ :‬مذكرة املاستر‪ ،‬منطلقات توجيهية‪ ،‬قواعد توجيهية‪ ،‬الكتابة األكاديمية‪ ،‬العنوان‪ ،‬مقترح البحث‪،‬‬
‫ملخص الدراسة‪ ،‬أدبيات الدراسة‪ ،‬مصادر البحث‪ ،‬اإلطار النظري‪ ،‬املقدمة‪ ،‬فصول التحليل واملناقشة‪ ،‬الخاتمة‪.‬‬

‫‪Abstract:‬‬
‫‪The article aims to accompany students seeking to write a dissertation at the master’s level,‬‬
‫‪in particular the students of political and international studies, through a set of principles and‬‬
‫‪rules that help implementing a respectable scientific work that demonstrates the student's ability‬‬
‫‪to analyze, explain and predict within the framework of an appropriate academic and research‬‬
‫‪writing. In this context, this academic contribution focused on some key aspects of the research‬‬
‫‪process that were neglected in books and articles specialized in scientific research methodology.‬‬
‫‪This endeavor is conducted by explaining and interpreting certain elements that are apparently‬‬
‫‪simple but are in fact complex in practice, including the nature and characteristics of the‬‬
‫‪graduation thesis, the foundations for choosing the subject of the study, the characteristics of‬‬
‫‪the attractive title, the scientific objective of literature review, the types of research sources and‬‬
‫‪the smart employment of information. In addition, the article explains the utility of the research‬‬
‫‪proposal; it clarifies the scientific purpose of the abstract and discusses the formulation of‬‬

‫‪132‬‬
‫المجلد الثاني‪-‬العدد الخامس‪ -‬أوت ‪0202‬‬ ‫المجلة األكاديمية للدراسات و البحوث المتخصصة ‪AJSSR‬‬

‫‪research structure. Besides, the article explores the key elements of the appealing introduction,‬‬
‫‪the main characteristics of analysis and discussion chapters, and the main criteria of a successful‬‬
‫‪conclusion. Moreover, this academic essay deals with certain guidelines concerning several‬‬
‫‪formalities for academic writing as well as other directives related to the good use of theoretical‬‬
‫‪frameworks in research writing.‬‬
‫‪Key Words: Master’s Dissertation, Guiding Principles, Guidelines, Academic Writing, Title,‬‬
‫‪Research Proposal, The Abstract, Literature Review, Research Sources, The Theoretical‬‬
‫‪Framework, Introduction, Chapters of Analysis and Discussion, Conclusion.‬‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫يقول الفيلسوف الصيني مؤسس الفلسفة الطاوية‪ ،‬الوتزو ‪" ،Lao Tzu‬لدي ثالثة أشياء أدرسها‪ :‬البساطة والصبر‬
‫والرحمة‪ :‬هذه العناصر الثالثة هي أعظم الكنوز"‪ .‬كما يقول العالم االيطالي‪ ،‬ليوناردو دافينش ي ‪،Leonardo da Vinci‬‬
‫"البساطة هي أقص ى التطور"‪ .‬التركيز على عنصر البساطة موجود كذلك في الفكر األمريكي الذي يرتبط بمقولة مشهورة‬
‫في هذا السياق وهي مقولة األكاديمي األمريكي دوغالس هورتن ‪ ،Douglas Horton‬التي تعتبر أن "فن البساطة هو لغز‬
‫التعقيد" )‪ .(1‬فالبساطة إذن هي فلسفة األداء العلمي‪ ،‬سواء في التدريس أو البحث‪ ،‬وهي دليل على التحكم في دراسة‬
‫الظواهر والقدرة على اإلبداع الفكري والعطاء املعرفي ألن التحكم في تفسير وإنتاج املسائل العلمية والنظرية يظهر جليا في‬
‫إتقان فن البساطة بدل من املزايدة في التعقيد‪.‬‬
‫الهدف من إثارة عنصر البساطة الذي يحمل في طياته عنصر التبسيط في مقدمة هذا االجتهاد األكاديمي هو الكشف‬
‫عن الغموض واللبس الذي يواجهه العديد من طلبة الدراسات االجتماعية وبالخصوص طلبة العلوم السياسية والعالقات‬
‫الدولية في مسار بحثهم إلعداد مذكرة املاستر والذي يرتبط بشعورهم بالتحكم في العديد من التفاصيل املعقدة املتصلة‬
‫باملنهجية العلمية للبحث وإغفالهم أو جهلهم للعديد من املسلمات واملنطلقات والقواعد الجوهرية البسيطة التي ترشدهم‬
‫وترافقهم في إعداد املذكرة‪.‬‬
‫مما ال شك فيه أن برامج التدريس والتعليم الجامعي تزود الطالب بتحصيل معرفي معتبر في املنهجية العلمية من خالل‬
‫محاضرات وأعمال موجهة وورشات وملتقيات ومراجع تهتم باملفاهيم الكبرى في املنهجية‪ ،‬شروط البحث العلمي‪ ،‬خطوات‬
‫البحث العلمي‪ ،‬أدوات البحث العلمي‪ ،‬وأنواع مناهج البحث‪ ،‬الكمية منها والكيفية‪ .‬زيادة على هذا‪ ،‬العديد من األساتذة‬
‫ورؤساء التخصصات واملخابر اجتهدوا في جامعات مختلفة إلعداد دالئل منهجية تساعد الطلبة في تحضير مذكرة املاستر‬
‫والتي ركزت غالبا على بعض النقاط املنهجية والتقنية املهمة على غرار املعايير الشكلية للكتابة‪ ،‬قواعد كتابة صفحة‬
‫الواجهة والصفحات التمهيدية‪ ،‬كيفية كتابة الفهرس‪ ،‬قواعد إدراج الجداول واألشكال والصور والخرائط في املذكرة‪،‬‬
‫تقنيات اإلحالة إلى املصادر واملراجع‪ ،‬قواعد التهميش‪ ،‬كيفية ترتيب املصادر واملراجع في آخر املذكرة‪ ،‬تقنيات االقتباس‬
‫وأنواع االقتباس‪ ،‬زيادة على توجيهات أخرى مرتبطة بضرورة التحلي باألمانة العلمية والعواقب املترتبة على عدم احترامها‪.‬‬
‫لكن رغم كل هذا التحصيل الدراس ي املذكور سابقا واالجتهادات املختلفة لتوجيه وإرشاد الطلبة الباحثين تبقى العديد من‬
‫العناصر البسيطة في مسار إعداد مذكرة املاستر محل غموض أو نقص املعرفة عند الطالب رغم أهميتها البالغة في رسم‬
‫معالم وتوجهات البحث ويتعلق األمر بمنطلقات وقواعد بسيطة على غرار ماهية مذكرة املاستر وما الهدف من إعدادها؟‬

‫‪131‬‬
‫المجلد الثاني‪-‬العدد الخامس‪ -‬أوت ‪0202‬‬ ‫المجلة األكاديمية للدراسات و البحوث المتخصصة ‪AJSSR‬‬

‫ما الفرق بين مذكرة املاستر وأطروحة الدكتوراه؟ ما هي أسس اختيار موضوع البحث؟ ماذا نقصد بمقترح البحث وما هو‬
‫دوره؟ ما هي أسس كتابة العنوان الجذاب؟ ما هي األهمية العلمية مللخص الدراسة؟ ما هي مقومات املقدمة القوية‬
‫واملشوقة؟ ملاذا نحتاج إلى مسح أدبيات الدراسة؟ ما الفرق بين املصادر األولية واملصادر الثانوية؟ كيف يتم تفادي الجدل‬
‫املرتبط ببعض األخطاء الشائعة في اإلطار النظري للدراسة؟ ما الفرق بين املقدمة وفصول التحليل واملناقشة؟ وما هي‬
‫العناصر التي تمتن محتوى الخاتمة؟‪.‬‬
‫بناء عليه‪ ،‬سيحاول هذا املقال اإلجابة على هذه األسئلة البسيطة ظاهريا واملعقدة ميدانيا بغية توضيح معالم بعض‬
‫الجوانب األساسية املتصلة بمنطلقات وقواعد البحث على مستوى طور املاستر التي لم تعطى لها األهمية الكافية بالرغم‬
‫من مكانتها الضرورية في التدريس والتوجيه املتعلق بالجوانب املنهجية للبحث العلمي‪.‬‬
‫‪ -1‬ماهية مذكرة املاستر‪:‬‬
‫مذكرة املاستر هي إنتاج علمي وجهد بحثي مبني على التعمق والتخصص يتم إعداده بعد تحصيل علمي ومعرفي جامعي‬
‫يدوم غالبا أكثر من أربع سنوات وذلك الستكمال املتطلبات املقررة لنيل شهادة املاستر‪ .‬من جهة أخرى‪ ،‬مذكرة املاستر هي‬
‫دورة تدريبية في البحث العلمي والكتابة األكاديمية تمهد ملشاريع بحثية وعلمية الحقة على غرار أطروحة الدكتوراه)‪. (2‬‬
‫وفي هذا السياق‪ ،‬تختلف مذكرة املاستر عن أطروحة الدكتوراه في ثال ث عناصر أساسية وهي كما يلي‪:‬‬
‫الحجم‪ ،‬حيث تفوق أطروحة الدكتوراه مذكرة املاستر من حيث حجم الجهد واملعرفة وحجم املتن واملصادر واملراجع‪،‬‬
‫وهذا ما يتطلب حجم زمني أطول في إعداد أطروحة الدكتوراه مقارنة بمذكرة املاستر‪.‬‬
‫النوعية‪ ،‬فرغم وجود عنصر النوعية في مذكرة املاستر في الشكل واملضمون لكونها عمل متخصص ومعمق إال أن درجة‬
‫النوعية في أطروحة الدكتوراه هي أسمى وأرقى ألن الطالب الباحث على هذا املستوى مطالب باإلبداع واالبتكار مقارنة بما‬
‫هو موجود من معرفة حول موضوع الدراسة في األدبيات واألعمال املختلفة‪ ،‬فالنجاح في مهمة اإلبداع وتقديم الجديد‬
‫مقارنة بما هو متداول هو الذي يغير الرتبة األكاديمية واالجتماعية للباحث من سيد‪/‬سيدة إلى دكتور‪/‬دكتورة‪.‬‬
‫األصالة‪ ،‬مفتاح عنصر اإلبداع هو األصالة أو بمعنى أدق أصالة املوضوع وأصالة مخرجات الدراسة‪ ،‬وفي هذا السياق‬
‫طالب املاستر يمكنه أن يبدع ويقدم الجديد لكن هو ليس مطالب بذلك ألن شروط النجاح في مذكرة املاستر هي التعامل‬
‫مع موضوع غير مستهلك في إطار تحليل وتفسير منظم ومتخصص بعيدا عن النسخ والحشو أما مرشح الدكتوراه فعليه‬
‫أن يبدع من خالل تقديم بحث عماده األصالة التي تشمل أصالة املوضوع وأصالة املعلومات وأصالة النتائج‪.‬‬
‫بالنسبة لطلبة الدراسات السياسية والدولية‪ ،‬األصالة يمكن أن تكون من ناحية املعلومات واملصادر‪ ،‬لكن هذا‬
‫أكبر تحدي يواجه طالب هذا التخصص بالنظر إلى صعوبة الوصول إلى املعلومات‪ ،‬وبالخصوص املعلومات‬
‫املرتبطة بمسائل السياسة العليا للدول‪ ،‬وبالتالي يمكن لطالب العلوم السياسية والعالقات الدولية أن يعوض‬
‫صعوبة الحصول على املادة األولية واألصلية في العديد من املواضيع واملسائل السياسية الحساسة بالبحث عن‬
‫اإلبداع واألصالة في اإلطار النظري ملوضوع البحث من خالل االجتهاد في تقديم الجديد في الجوانب النظرية‬
‫للدراسة‪.‬‬

‫‪ -2‬أسس اختيارموضوع الدراسة‪:‬‬


‫‪133‬‬
‫المجلد الثاني‪-‬العدد الخامس‪ -‬أوت ‪0202‬‬ ‫المجلة األكاديمية للدراسات و البحوث المتخصصة ‪AJSSR‬‬

‫أول خطوة في إعداد املذكرة هي اختيار املوضوع وربطه بتصور إلشكالية معقدة‪ ،‬وعادة ما يتم اختيار موضوع مذكرة‬
‫املاستر ألسباب ودوافع تختلف من طالب إلى آخر ألن منطلقات هذا الخيار تحددها عوامل نفسية وشخصية ومعرفية‬
‫وبحثية تتأرجح بين الحاجة العلمية والتطلعات املهنية والشجاعة األدبية وروح املغامرة البحثية‪ ،‬ومن بين هذه األسباب‬
‫واألسس يمكن ذكر ما يلي‪:‬‬
‫أسباب ذاتية مرتبطة بميول واهتمام الطالب بمواضيع معينة أو مجاالت جغرافية مرغوبة‪.‬‬
‫مواضيع مرتبطة بحاجيات ومتطلبات سوق العمل كاملواضيع املطلوبة في سوق العمل أو التي تفتح آفاق في املشوار املنهي‬
‫للطالب أو مواضيع تهم الطالب العامل في مساره املنهي‪.‬‬
‫مواضيع بسيطة فيها وفرة في املراجع واملصادر ألن غالبا ما يتخوف طالب املاستر من ندرة املراجع واملصادر واملعلومات‪.‬‬
‫شهرة املوضوع‪ ،‬حيث يهتم العديد من الطلبة بمواضيع الساعة والتي تكون متداولة بشدة في األوساط اإلعالمية والرسمية‬
‫واألكاديمية‪.‬‬
‫بعض طلبة املاستر املتميزين بروح املغامرة واملبادرة واالجتهاد واالكتشاف يميلون إلى املواضيع املعقدة والجديدة أو غير‬
‫املتداولة‪ ،‬لكن يبقى هذا النوع من الطلبة يمثلون فئة قليلة في طور املاستر)‪.(3‬‬
‫‪ -3‬عناصروخصائص عنوان املذكرة‪:‬‬
‫يكتس ي عنوان املذكرة أهمية بالغة ألنه أول ما يقرأ في املذكرة وهو الجزء املركزي لصفحة الواجهة‪ ،‬فأي خلل في‬
‫العنوان سيعطي انطباع س يء حول مضمون املذكرة ويكشف عجز الطالب في التحكم في موضوع الدراسة وضوابط‬
‫املنهجية العلمية‪ ،‬فمن الخطأ اعتبار صياغة العنوان كجزئية بسيطة ألنها من املهمات الصعبة في إعداد البحث‬
‫وإنجاح املذكرة‪ ،‬ولهذا‪ ،‬العنوان السليم والجذاب يتطلب توفر مجموعة من العناصر والخصائص‪:‬‬
‫يكون عنوان املذكرة مختصر وال يدخل في التفاصيل ألن تفاصيل موضوع الدراسة لها مكانها في فصول املذكرة‪.‬‬
‫يكون العنوان بسيط لكن معبر ويحتوي على املصطلحات املفتاحية للموضوع‪.‬‬
‫يكون العنوان شامل ويحتوي على عناصر اإلشكالية العامة واملحاور األساسية ملحتوى املذكرة‪.‬‬
‫تسبق عملية كتابة العنوان قراءة استطالعية ومسح لألدبيات السابقة املتصلة بمجال االهتمام البحثي للطالب حتى يتم‬
‫اختيار عنوان لم يستخدم من قبل في دراسات سابقة‪.‬‬
‫عادة ما يحد ث تغيير طفيف في العنوان بعد نهاية الدراسة ألن التقدم في مسار البحث سيكشف عن معطيات وعناصر‬
‫جديدة ستعمق من إتقان الطالب للموضوع وتساعد في الضبط النهائي للعنوان‪.‬‬
‫‪ -4‬املبتغى العلمي من مسح أدبيات الدراسة‪:‬‬
‫عملية مسح أدبيات الدراسة هي قراءة استطالعية ومراجعة دقيقة للمراجع واملصادر املركزية التي اهتمت بموضوع‬
‫الدراسة وهي الخطوة التي تساعد الطالب على تحديد عنوان موضوع البحث واإلشكالية العامة للمذكرة أو األطروحة‬
‫وتشمل هذه العملية مسح املصادر الثانوية على غرار الكتب واملقاالت واملذكرات واألطروحات‪ .‬وفي هذا السياق يجب‬
‫التأكيد أن عملية املسح هي ليست تلخيص للمصادر واملراجع األساسية املتصلة باملوضوع بل تحليل وتقييم وتقويم هذه‬

‫‪132‬‬
‫المجلد الثاني‪-‬العدد الخامس‪ -‬أوت ‪0202‬‬ ‫المجلة األكاديمية للدراسات و البحوث المتخصصة ‪AJSSR‬‬

‫املصادر واملراجع إلعطاء صورة واضحة ودقيقة حول اإلنتاج العلمي واملعرفي املتصل بموضوع املذكرة‪ .‬ومن أهم أهداف‬
‫عملية مسح األدبيات ما يلي‪:‬‬
‫معرفة مدى توفر املراجع في املوضوع محل الدراسة‪.‬‬
‫تمكين الطالب الباحث من توسيع تحصيله املعرفي واملعلوماتي املتصل باملوضوع‪.‬‬
‫صياغة إشكالية الدراسة بناء على األدبيات املوجودة‪ ،‬ولهذا من الخطأ إدراج نتائج مسح أدبيات الدراسة بعد طرح‬
‫اإلشكالية‪.‬‬
‫صياغة عنوان الدراسة وتصميم مسار البحث واملضمون بناء على ما هو موجود من أدبيات لتفادي التكرار والنقل‪،‬‬
‫والتوجه نحو البحث في مواضيع ومضامين جديدة وغير مستهلكة‪.‬‬
‫تحديد الثغرات والنقائص املوجودة في أدبيات الدراسة لتداركها وتصويبها في البحث محل الدراسة وذلك إلثبات التفوق‬
‫الفكري واملعرفي للمذكرة أو األطروحة‪ .‬وفي هذا اإلطار‪ ،‬أطروحة الدكتوراه مطالبة بتقديم الجديد مقارنة بما هو موجود‬
‫أما طالب املاستر فيكتفي بتوضيح كيف سيتعامل مع املوضوع بطريقة مغايرة مقارنة بما هو موجود من أدبيات لتفادي‬
‫تكرار نفس األعمال والبحو ث‪.‬‬
‫وتتم عملية املسح وفق الخطوات التالية‪:‬‬
‫تجميع املؤلفات واألدبيات ذات الصلة باملوضوع‪.‬‬
‫ترتيب األدبيات حسب معيارين أساسيين‪ :‬أوال‪ ،‬حسب األهمية‪ ،‬وتتعلق األهمية في هذا السياق بدرجة االرتباط باملوضوع‬
‫وتنقسم األدبيات إلى مصادر ذات صلة مباشرة بمشكلة الدراسة وأخرى ذات صلة ببعض محاور البحث‪ .‬ثانيا‪ ،‬حسب‬
‫تاريخ النشر‪ ،‬وتنقسم األدبيات في ظل هذا التصنيف إلى أدبيات حديثة وأخرى قديمة‪.‬‬
‫تقييم األدبيات للكشف عن السلبيات وااليجابيات ويشمل التقييم جوانب محددة مثل مشكلة البحث‪ ،‬املحاور‪ ،‬منهجية‬
‫الدراسة‪ ،‬اإلطار النظري‪ ،‬ونتائج الدراسة‪.‬‬
‫كتابة نتائج عملية املسح واملراجعة والتقييم مع شرح األساليب والطرائق التي سيتم اعتمادها في املذكرة محل الدراسة‬
‫لتقويم وتصويب وتحيين حالة املعرفة املتصلة باملوضوع )‪.(4‬‬
‫‪ -5‬أنواع املصادروالتوظيف الذكي للمعلومة‪:‬‬
‫البحث املتوازن يركز على نوعين أساسيين من املصادر‪ ،‬أولية وثانوية‪ ،‬وعادة ما تقسم مراجع املذكرات واألطروحات‬
‫باختالف أنواعها وأشكالها إلى مصادر أولية وأخرى ثانوية‪ ،‬ونقصد باملصادر األولية األدوات التي توفر املعلومات األولية‬
‫واألدلة املباشرة واملوثوقة واألصلية والتي يتم الحصول عليها من مصدر له عالقة مباشرة بالحد ث أو السلوك أو الظاهرة‬
‫محل الدراسة ومن أهم هذه املصادر املقابالت‪ ،‬البيانات اإلحصائية‪ ،‬االستبيان‪ ،‬الخطابات والتصريحات الرسمية‪،‬‬
‫الشهادات التاريخية الحية‪ ،‬االتفاقيات واملعاهدات‪ ،‬الجرائد الرسمية‪ ،‬الدساتير‪ ،‬النصوص القانونية‪ ،‬التقارير‬
‫الحكومية‪ ،‬وثائق األرشيف‪ ،‬وغيرها من الوثائق الرسمية )‪ .(5‬أما عن املصادر الثانوية فهي تشمل األدوات التي توفر‬
‫معلومات من يد ثانية ال تمثل مصدر متصل مباشرة بالسلوك أو الحد ث أو الظاهرة محل الدراسة وهي عادة أعمال حللت‬
‫وفسرت وقيمت مصادر أولية‪ ،‬ويرتبط دورها في املساعدة على تراكم الرصيد املعلوماتي واملعرفي املتصل باملوضوع‬
‫‪132‬‬
‫المجلد الثاني‪-‬العدد الخامس‪ -‬أوت ‪0202‬‬ ‫المجلة األكاديمية للدراسات و البحوث المتخصصة ‪AJSSR‬‬

‫واملساهمة في املقارنة بين الحجم العلمي واملعرفي للبحث محل الدراسة والحجم العلمي واملعرفي ألعمال أخرى‪ ،‬ومن بين‬
‫أهم املصادر الثانوية الكتب‪ ،‬املقاالت الصادرة من املجالت العلمية املتخصصة‪ ،‬املوسوعات‪ ،‬املذكرات واألطروحات )‪.(6‬‬
‫وتختلف مصادر البحث والدراسة من تخصص إلى آخر كما يمكن لبعض املصادر أن تكون في بعض الحاالت أولية‬
‫وثانوية في حاالت أخرى وذلك حسب طبيعة املحتوى واملعلومات املتوفرة وطبيعة الجهة املانحة للمعلومة‪ ،‬وتنطبق هذه‬
‫االزدواجية على بعض املصادر على غرار املقاالت الصحفية واملصادر االلكترونية‪.‬‬
‫حقيقة‪ ،‬املصادر األولية هي معلومات خام تزيد من قيمة ونوعية الدراسة‪ ،‬لكن هذا املبتغى ال يتحقق إال بمراعاة بعض‬
‫الشروط والضوابط واألسس املتصلة بحسن توظيف املعلومة والتي يمكن حصرها في النقاط التالية‪:‬‬
‫استعمال املصادر األولية ال يعني بالضرورة الحصول على معلومة أولية وثمينة‪ ،‬فمثال مقابلة الرسميين التي ال تصل إلى‬
‫العلبة السوداء للوحدات القرارية والبيئة النفسية لصناع القرار والكواليس املحيطة بالفعل السياس ي هي مصادر ال تقدم‬
‫أي قيمة علمية مضافة للبحث‪.‬‬
‫الباحث الذي يستخدم املصادر األولية عليه أن يطرح األسئلة ويصل إلى املعلومات التي تكشف عن عمق الظاهرة‬
‫والدوافع الخفية للقرار واألهداف غير املعلنة للسلوك بدل من االكتفاء بتجميع معلومات عامة تقتصر على تأكيد‬
‫الخطوط العريضة واملبادئ العامة املعروفة لدى العام والخاص‪.‬‬
‫ضرورة إخضاع املعلومة األولية إلى التحليل والتفسير حتى تتحول إلى حجة علمية ودليل موثوق في الدراسة ألن االكتفاء‬
‫بتقديم املعلومة الخام دون إخضاعها للتقييم والنقد والتفسير واإلثراء سيجعلها معلومة جامدة وغير مفيدة‪.‬‬
‫ضرورة معرفة كيف وأين توظف املعلومة في محتوى البحث حتى ال يتم تمييعها وإضعاف قيمتها العلمية وقوتها في التحليل‬
‫والنقاش‪.‬‬
‫وأخيرا‪ ،‬التوظيف املثمر للمعلومة األولية هو االستخدام الذي يصب في اإلجابة عن اإلشكالية العامة واثبات فرضيات‬
‫البحث والوصول إلى نتائج ومخرجات جديدة وأصلية )‪.(7‬‬
‫‪ -6‬ماهية مقترح البحث‪:‬‬
‫مقترح البحث هو أول عقد أو التزام بحثي مكتوب بين األستاذ املشرف والطالب وهو أول مهمة تواجه الطالب في إطار‬
‫اإلقناع بالحجة العلمية من خالل إقناع األستاذ املشرف باألهمية العلمية والبحثية للموضوع‪ ،‬وفي العديد من الجامعات‬
‫مقترح البحث هو الوثيقة العلمية التي تعزز طلب تسجيل الطالب في برنامج بحثي على مستوى البرامج التعليمية والبحثية‬
‫املخصصة ملرحلة ما بعد التدرج ويقدم املقترح في هذه الحالة إلقناع الهيئات العلمية وهيئات التدريس على مستوى‬
‫املؤسسات األكاديمية‪ ،‬كما يمكن استخدام مقترح البحث كوثيقة وركيزة علمية تساعد الطالب على الحصول على تمويل‬
‫ملشروع الدراسة‪.‬‬
‫من جهة أخرى‪ ،‬مقترح البحث املنظم والواعد ال يعلم القارئ فقط باألهداف البحثية للموضوع واألهمية العلمية‬
‫للدراسة‪ ،‬بل يعتبر كذلك دليل علمي على قدرة الطالب في استيعاب وفهم الجوانب األساسية املرتبطة بتخصص الدراسة‪،‬‬
‫بما فيها الجوانب املفاهيمية والنظرية واملنهجية‪ .‬ولهذا‪ ،‬مقترح البحث هو نسخة مصغرة للمذكرة أو األطروحة حيث يشمل‬

‫‪132‬‬
‫المجلد الثاني‪-‬العدد الخامس‪ -‬أوت ‪0202‬‬ ‫المجلة األكاديمية للدراسات و البحوث المتخصصة ‪AJSSR‬‬

‫العديد من املكونات واملحاور املوجودة في املذكرة أو األطروحة‪ ،‬ما عدا النتائج واالستنتاجات ومحاور النقاش والتفسير‬
‫التي تنجم عن املسار الفعلي للبحث الذي يحد ث الحقا‪ .‬وبالتالي‪ ،‬يحتوي مقترح البحث غالبا على املكونات التالية‪:‬‬
‫عنوان مختصر وجذاب يعكس إشكالية ومحتوى البحث‪.‬‬
‫تقديم مختصر للموضوع‪.‬‬
‫عرض نتائج مسح أدبيات الدراسة‪.‬‬
‫طرح اإلشكالية العامة للموضوع‪.‬‬
‫عرض فرضيات الدراسة‪.‬‬
‫تحديد أهداف البحث‪.‬‬
‫تقديم حجج علمية وعملية تبرهن أهمية الدراسة‪.‬‬
‫عرض تصميم البحث (خطة الدراسة)‪.‬‬
‫تقديم مناهج الدراسة واألطر النظرية املراد استخدامها‪.‬‬
‫تقديم القائمة األولية للمصادر واملراجع‪.‬‬
‫زيادة على ما سبق‪ ،‬العديد من املقترحات البحثية املنضبطة والجدية تقدم برنامج زمني النجاز املراحل املختلفة للدراسة‪.‬‬
‫‪ -7‬الغرض العلمي من ملخص الدراسة‪:‬‬
‫غالبا ما يتم إدراج امللخص والكلمات املفتاحية للدراسة في أغلب األعمال العلمية سواء مذكرات أو أطروحات أو مقاالت‬
‫علمية في مجالت متخصصة أو في مقترح ومحتوى مداخالت الندوات وامللتقيات العلمية‪ .‬فإذا كانت املقدمة هي مدخل‬
‫الدراسة فامللخص هو بوابة املدخل ويحتوي غالبا على الفكرة العامة للموضوع وإشكالية البحث‪ ،‬أهداف ومناهج‬
‫الدراسة‪ ،‬املحاور األساسية للفصول والكلمات املفتاحية للموضوع‪ ،‬زيادة على نتائج ومخرجات الدراسة‪.‬‬
‫وفي كتابة امللخص يجب مراعاة مجموعة من الشروط والجوانب‪ ،‬أهمها ما يلي‪:‬‬
‫يتكون امللخص من ‪ 051‬إلى ‪ 011‬كلمة‪.‬‬
‫يمثل امللخص عصارة الطالب ومجهوده الشخص ي في الكتابة‪ ،‬وبالتالي‪ ،‬ملخص الدراسة ال يلجأ إلى االقتباس أو االستعانة‬
‫بحجج من أعمال أخرى وال يهمش أو يعتمد على مراجع ومصادر غير الجهد الشخص ي للطالب الباحث‪.‬‬
‫محتوى امللخص هو فريد في املضمون والشكل وال يقبل نقل فقرات من املقدمة والخاتمة ووضعها في امللخص‪.‬‬
‫امللخص يحتوي على عرض مبسط للدراسة يساعد القارئ على فهم املوضوع دون أن يخوض في قراءة كل املذكرة‪ ،‬حتى وإن‬
‫كان القارئ غير ملم بموضوع الدراسة‪ ،‬لكن هذا ال يعني تقديم تفاصيل الدراسة في امللخص ألن القارئ يبحث عن تفاصيل‬
‫املوضوع داخل املذكرة‪.‬‬
‫بما أن امللخص يتعرض في طياته إلى اإلشكالية واألهداف واألدوات والخطوات واملراحل والنتائج‪ ،‬فامللخص هو آخر ما‬
‫يكتب في مسار البحث وآخر جزء يضاف إلى متن املذكرة ويتم إدراجه غالبا في بداية املذكرة وقبل املقدمة ويكتب باللغة‬
‫التي حررت بها املذكرة زيادة على تقديم نسخة مماثلة بلغة أجنبية‪.‬‬

‫‪132‬‬
‫المجلد الثاني‪-‬العدد الخامس‪ -‬أوت ‪0202‬‬ ‫المجلة األكاديمية للدراسات و البحوث المتخصصة ‪AJSSR‬‬

‫من بين مؤشرات األمانة العلمية للدراسة وجود توافق بين محتوى امللخص وما هو موجود فعال في متن املذكرة أو األطروحة‬
‫وبالخصوص في الجوانب املتعلقة بمخرجات الدراسة واملناهج واألدوات املستخدمة‪.‬‬
‫وترتبط القيمة العلمية للملخص بنقطتين أساسيتين‪:‬‬
‫قدرة الطالب على كتابة مذكرة أو أطروحة في عشرات أو مئات الصفحات ثم تلخيص كل هذا املتن بتفاصيله املتشعبة‬
‫في محتوى ال يتجاوز الصفحة هو دليل على تحكم الطالب الباحث في املوضوع وإتقان جزئياته وكلياته املختلفة ويمثل هذا‬
‫دليل علمي على استحقاق الطالب النجاح والظفر بالرتبة العلمية املرجوة‪.‬‬
‫امللخص هو بطاقة تعريف املذكرة ولهذا نجد أن خدمات املعلومات االلكترونية في املكتبات الجامعية تروج ملذكراتها‬
‫وأطروحاتها ومقاالت مجالتها من خالل عنوان وملخص الدراسة زيادة على الكلمات املفتاحية‪ ،‬ألن القائم بمسح أدبيات‬
‫الدراسة حول أي موضوع أو املهتم بمجال بحثي معين سيكتفي بقراءة العنوان وامللخص ليعرف إن كان العمل يدخل في‬
‫اهتمامات الباحث أم ال‪ ،‬وباستخدام هذا اإلجراء‪ ،‬سيكون الطالب غير مجبر على تضييع وقته الثمين في استطالع وقراءة‬
‫دراسات ال تتصل بجوانب ومحاور بحثه‪.‬‬
‫‪ -8‬اإلطارالنظري للدراسة‪:‬‬
‫األطر النظرية في مجال الدراسات االجتماعية والسياسية والدولية هي مجموعة من املبادئ واملرتكزات التي تسعى إما‬
‫لتفسير الظاهرة واإلجابة على اإلشكالية املطروحة أو التنبؤ بسلوكيات الحقة مرتبطة بالظاهرة محل الدراسة‪ .‬فما يميز‬
‫العمل األكاديمي عن أعمال أخرى عامة هو التقيد بأطر نظرية وأدوات منهجية تكشف عن العناصر واملتغيرات املالئمة‬
‫لفهم وتفسير موضوع الدراسة وتزود مسار البحث بتوابل ومكونات تصمم الثوب العلمي للبحث وتبني القيمة األكاديمية‬
‫للدراسة‪.‬‬
‫ويتم ذلك وفق املراحل التالية‪:‬‬
‫مسح وفحص أهم النظريات واملقاربات املرتبطة باملوضوع محل الدراسة واختيار األطر النظرية املالئمة بناء على حجج‬
‫علمية مقنعة‪.‬‬
‫تفسير أهم املنطلقات واملسلمات واملبادئ املتصلة بالنظريات واملقاربات التي وقع عليها االختيار لتأطير املوضوع نظريا‬
‫مع إدراج أهم املنظرين واألعمال األكاديمية التي أسهمت في نشأة وتطوير األطر النظرية املختارة‪.‬‬
‫شرح وتفسير كيفية توظيف هذه النظريات واملقاربات في مسار البحث والدراسة‪.‬‬
‫ضرورة التقيد باستخدام هذه النظريات واملقاربات في فصول التحليل واملناقشة‪.‬‬
‫تقييم مدى نجاعة استخدام وتوظيف هذه النظريات واملقاربات في تفسير الظاهرة محل الدراسة في خاتمة املذكرة أو‬
‫األطروحة‪.‬‬
‫في بعض الحاالت‪ ،‬يمكن للطالب الباحث أن يصل إلى عناصر جديدة متصلة بتوظيف األطر النظرية للبحث‪ ،‬وبالتالي‪،‬‬
‫يمكن أن يساهم اإلطار النظري للدراسة في مثل هذه الحاالت في دعم وتمتين أصالة الدراسة‪.‬‬

‫‪132‬‬
‫المجلد الثاني‪-‬العدد الخامس‪ -‬أوت ‪0202‬‬ ‫المجلة األكاديمية للدراسات و البحوث المتخصصة ‪AJSSR‬‬

‫إذا كان موضوع البحث يرتبط بدراسة وتقييم إطار نظري معين‪ ،‬فمهمة الطالب في هذه الحالة ترتكز على ربط اإلطار‬
‫النظري محل الدراسة بحجج وأدلة ميدانية وتطبيقية تتصل بالواقع لقياس مدى نجاعة اإلطار النظري محل البحث في‬
‫تفسير الواقع والتنبؤ باملستقبل )‪.(8‬‬
‫وفي هذا السياق‪ ،‬يجب التأكيد على وجود خلط في املذكرات واألطروحات بين مفهوم النظرية ومفهوم املقاربة‪ ،‬وهذا ما‬
‫يستوجب تقديم بعض الشروحات إلزالة البس‪.‬‬
‫النظرية عبارة عن إطار منظم من املفاهيم واملسلمات التي تحدد وتفسر العالقة املوجودة بين املتغيرات املكونة للظاهرة‪.‬‬
‫وما يميز هذه العناصر املفسرة وجود أدلة وبراهين علمية خضعت لالختبار والتجربة‪ ،‬وهذا ما يجعل من النظرية قانون‬
‫علمي أو قاعدة علمية مبنية على عالقة سببية أو حتمية‪ ،If→Then ،‬أي إذا توفرت شروط وظروف معينة ستؤدي حتميا‬
‫وأوتوماتيكيا إلى نتائج معينة‪.‬‬
‫املقاربة هي اإلطار الذي يحاول من خالله الباحث أن يقترب من موضوع معين أو ظاهرة معينة ويشمل مجموعة منظمة‬
‫من األفكار واملفاهيم واملواقف البحثية‪ .‬وفي هذا السياق‪ ،‬النظرية واملقاربة تشتركان في ميزة وهي أن كالهما عبارة عن إطار‬
‫منظم من األفكار واملفاهيم واملواقف التي يتفق حولها مجموعة من املنظرين‪ ،‬لكن االختالف الجوهري بينهما يكمن في‬
‫القاعدة السببية والحتمية بين مكونات الظاهرة‪ ،‬فالنظرية عمادها القاعدة السببية املجربة والقانون العلمي بينما املقاربة‬
‫ال ترتكز على القاعدة السببية ولم ترق إلى مستوى القانون العلمي أو القاعدة العلمية‪.‬‬
‫وفي ميدان الدراسات السياسية والدولية ال يزال الجدل قائم حول علمية هذا املجال املعرفي والتعليمي بالنظر إلى‬
‫الطبيعة املتغيرة للظواهر السياسية والدولية وعدم وجود قاعدة علمية أو قانون علمي واحد وثابت يفسر التفاعالت‬
‫السياسية والدولية‪ ،‬وبالتالي‪ ،‬من املستحسن تفادي االستخدام املفرط ملصطلح النظرية واستعمال املقاربة في مذكرات‬
‫وأطروحات الدراسات السياسية والدولية ألن استخدام مصطلح املقاربة هو أقل جدلية ويمكن أن يحمي الطالب الباحث‬
‫من انتقادات محتملة من طرف لجنة التحكيم واملناقشة‪.‬‬
‫‪ -9‬تقسيم البحث‪:‬‬
‫لحل املشكلة البحثية املطروحة والدخول في تفاصيل املوضوع وعرض نتائج الدراسة بطريقة منظمة ومتكاملة‬
‫ومتسلسلة ومتوازنة يختار الطالب الباحث خطة مهيكلة تمثل البنية األساسية للدراسة والعمود الفقري للبحث يتم من‬
‫خاللها تفكيك العنوان من الكل إلى الجزء ومن العام إلى الخاص وفق ترتيب هرمي ينتقل من القسم إلى الباب مرورا بالفصل‬
‫واملبحث واملطلب والفرع ثم البند‪.‬‬
‫ومن أهم مكونات هيكل البحث في املذكرة أو األطروحة مقدمة الدراسة التي تتضمن عرض إشكالية الدراسة والغرض‬
‫منها وتكهن الفرضيات زيادة على الكشف عن األطر املنهجية والنظرية للموضوع‪ .‬ويلي املقدمة فصول التحليل واملناقشة‬
‫التي يحد ث في سياقها الشد واملد والنقاش الفكري والنظري وتجريب األدلة والحجج العلمية والعملية‪ ،‬ثم تأتي الخاتمة التي‬
‫تكشف عن املخرجات واالستنتاجات وتستعرض التقييم والتقويم واآلفاق‪.‬‬
‫وبناء عليه‪ ،‬ستركز املحاور الالحقة للمقال على مقومات املقدمة املشوقة والناجحة‪ ،‬طبيعة وخصائص فصول التحليل‬
‫واملناقشة ومقومات الخاتمة القوية والناجحة‪.‬‬
‫‪132‬‬
‫المجلد الثاني‪-‬العدد الخامس‪ -‬أوت ‪0202‬‬ ‫المجلة األكاديمية للدراسات و البحوث المتخصصة ‪AJSSR‬‬

‫‪ -11‬مقومات املقدمة املشوقة‪:‬‬


‫تتميز املقدمة عن باقي فصول الدراسة بميزتين أساسيتين‪:‬‬
‫املقدمة هي أول فصل يحضر وآخر فصل يكتب في أي دراسة بحثية ألن مع التقدم في مسار البحث الذي ينجم عنه اتساع‬
‫التحصيل املعرفي للطالب حول املوضوع يتغير تصور الطالب الباحث للكثير من الجوانب والعناصر املطروحة في محتوى‬
‫املقدمة‪.‬‬
‫مقارنة بالفصول األخرى للدراسة التي تختلف محاورها باختالف املوضوع‪ ،‬املحاور األساسية للمقدمة هي عناصر ثابتة‬
‫ومتعارف عليها مهما اختلف املوضوع محل الدراسة ألن املقدمة تشمل عادة‪ :‬التعريف باملوضوع واملشكلة‪ ،‬األهمية العلمية‬
‫والعملية للموضوع‪ ،‬الهدف من الدراسة‪ ،‬األسباب الذاتية واملوضوعية الختيار املوضوع‪ ،‬عرض مسح أدبيات الدراسة‪،‬‬
‫طرح اإلشكالية وعرض الفرضيات‪ ،‬األطر املنهجية والنظرية واملفاهيمية للدراسة‪ ،‬صعوبات الدراسة‪ ،‬وعرض تصميم‬
‫خطة البحث‪.‬‬
‫املقدمة هي الصورة الكبيرة أو العامة للموضوع ‪ ،The Big Picture‬وهي بداية لتأسيس البحث من خالل االهتمام‬
‫بالسبب والوسيلة والهدف بأسلوب اإلقناع‪:‬‬
‫السبب‪ :‬ألن من خالل املقدمة يبين الباحث ملاذا يقوم بهذه الدراسة‪.‬‬
‫الهدف‪ :‬ألن من خالل املقدمة يكشف الطالب الباحث عن أهداف الدراسة‪.‬‬
‫الوسيلة‪ :‬ألن املقدمة تعلمنا بالطرائق املستخدمة في الدراسة من خالل عرض كل من خطة البحث ومنهجيته وإطاره‬
‫النظري‪.‬‬
‫اإلقناع‪ :‬يمكن للمقدمة أن تقنع القارئ بأهمية موضوع معين من خالل الحجج التالية‪ (1):‬إثبات عدم وجود معرفة كبيرة‬
‫بالظاهرة محل الدراسة في األدبيات املتصلة باملوضوع‪ (2) ،‬إثبات وجود فهم بسيط وسطحي للظاهرة ووجود فائدة علمية‬
‫وعملية كبيرة إذا يتوفر فهم أوسع وجيد للموضوع أو الظاهرة محل الدراسة‪ (3) ،‬إثبات وجود جدل أو نقاش فلسفي‬
‫ونظري حول املوضوع وأن الدراسة ستقوم بالفصل في األمر‪.‬‬
‫ومن مفاتيح نجاح املقدمة التوفيق بين عدم اإلطالة في تقديم املوضوع واإلملام بالجوانب األساسية للموضوع في إطار‬
‫طرح مترابط ومتسلسل يقدم صورة شاملة حول موضوع الدراسة من خالل رحلة تكلف أقل وقت ممكن للوصول إلى‬
‫مشكلة الدراسة وافتتاحية تكون فيها عبارات وفقرات متميزة تفتح الشهية للقارئ تسمى بالجملة أو العبارة االفتتاحية‬
‫املثالية ‪.The Perfect Opening Sentence‬‬
‫ومن شروط تمتين املقدمة كذلك تفادي بعض األخطاء الشائعة التي يسقط فيها الطلبة الباحثين في كتابة املقدمة‪ ،‬ومن‬
‫أهمها ما يلي‪:‬‬
‫كما تم ذكره سالفا‪ ،‬املقدمة هي أول مسودة تحضر وآخر فصل يكتب‪ ،‬لكن هذا ال يعني أن نكتب كل الجزئيات‬
‫والتفاصيل في املقدمة ألن املقدمة مقيدة بحدود ال يمكن تجاوزها وهي تحضير القارئ لفكرة املوضوع وتوضيح آليات‬
‫ووسائل البحث وإعالم القارئ بالخطوط العريضة ملحتوى فصول التحليل واملناقشة‪.‬‬

‫‪122‬‬
‫المجلد الثاني‪-‬العدد الخامس‪ -‬أوت ‪0202‬‬ ‫المجلة األكاديمية للدراسات و البحوث المتخصصة ‪AJSSR‬‬

‫من األخطاء الفادحة في املقدمة إدراج نتائج ومخرجات البحث في محتواها ألن نتائج الدراسة تعرض في الخاتمة وبعد فصول‬
‫التحليل واملناقشة‪ ،‬ويمكن لهذا الخطأ أن يحد ث ألن الطالب حينما يقوم بالصياغة النهائية للمقدمة يكون على دراية‬
‫بمخرجات البحث ونتائجه النهائية‪ ،‬ففي مقدمة البحث يمكن فقط أن نلمح إلمكانية الوصول إلى مجموعة من النتائج‬
‫واملخرجات من خالل فرضيات الدراسة أو الوعود البحثية املتصلة بأسباب اختيار املوضوع وأهداف الدراسة دون أن‬
‫نكتب النتائج‪.‬‬
‫سعي الطالب الباحث إلقناع القارئ بتميز املوضوع في خانات املقدمة الخاصة بذلك ال يعني املبالغة واملزايدة في تقديم‬
‫الحجج من خالل وعود بحثية وهمية وخيالية ألن الطالب الباحث مطالب بتقديم وعود بحثية بحث فيها فعال في فصول‬
‫التحليل واملناقشة ووصل إلى نتائج بشأنها في الخاتمة‪ ،‬فالعمل األكاديمي الجاد واملتوازن هو العمل الذي يطرح وعود بحثية‬
‫واقعية وفعلية متصلة بإشكالية معينة ويقنع القارئ بمعالجة املشكلة البحثية من خالل تلبية هذه الوعود في نهاية‬
‫الدراسة )‪.(9‬‬
‫‪-11‬خصائص فصول التحليل واملناقشة‪:‬‬
‫بعد تقديم الصورة العامة للموضوع ينتقل الطالب الباحث إلى فصول التحليل واملناقشة وهي الفصول املهتمة بالسياق‬
‫العميق للموضوع ‪ Deep Context‬أو املحتوى العميق للموضوع ‪.Deep Content‬‬
‫وهي الفصول التي يتم فيها التحليل أي تفكيك الكل إلى أجزاء ومكونات فرعية ودراسة كل جزء على حدة وتحديد العالقة‬
‫بين هذه األجزاء لنصل إلى نتيجة التحليل‪ ،‬بمعنى أدق‪ ،‬بعد عرض املقدمة التي تعطي التوجهات العامة للدراسة‪ ،‬يقسم‬
‫عنوان املوضوع محل البحث إلى فصول وتقسم الفصول إلى مباحث والتي تنقسم بدورها إلى مطالب ويتم دراسة كل جزء‬
‫بطريقة منفصلة وبعد الوصول إلى نتائج مرتبطة بكل جزء يتم الوصول إلى نتائج متصلة بعالقة األجزاء فيما بينها‪ .‬وبعد‬
‫التحليل‪ ،‬تأتي عملية املناقشة وهي البحث في نتائج التحليل وتفسيرها وتقديم مواقف بحثية متصلة بالنتائج مع مراعاة‬
‫عملية الترابط والتسلسل بين الفصول وذلك من خالل احترام الضوابط التالية‪:‬‬
‫ضرورة إدراج مقدمة وخاتمة لكل فصل حتى نعرف أين يبدأ الفصل وأين ينتهي‪.‬‬
‫بما أن كل فصل يكتب على حدة وفي فترة زمنية مختلفة عن الفصول األخرى‪ ،‬عملية الترابط والتسلسل بين الفصول‬
‫تستلزم مع بداية كل فصل تأكيد ما قامت به الدراسة في الفصل السابق وعرض ما سيقدمه الطالب في الفصل‪.‬‬
‫ومع نهاية كل فصل‪ ،‬الطالب مطالب كذلك بعرض ومناقشة ما وصل إليه من نتائج في هذا الفصل والتمهيد لفتح التحليل‬
‫واملناقشة الخاصة بالفصل الالحق‪.‬‬
‫زيادة على ما سبق‪ ،‬اإلخراج الجيد لفصول التحليل واملناقشة يتطلب عدم اإلكثار من عدد الفصول والتي عادة ال تتجاوز‬
‫ثال ث فصول في مذكرة املاستر واحترام التوازن العددي بين مباحث الفصول وعدم تكرار نفس العناوين‪.‬‬
‫‪-12‬مقومات الخاتمة الناجحة‪:‬‬
‫الخاتمة هي الفصل األخير من املذكرة والذي يكتس ي هو اآلخر أهمية بالغة يراعي من خاللها الطالب الباحث مجموعة‬
‫من الجوانب األساسية في كتابتها وإعدادها‪ ،‬وهي كما يلي‪:‬‬

‫‪122‬‬
‫المجلد الثاني‪-‬العدد الخامس‪ -‬أوت ‪0202‬‬ ‫المجلة األكاديمية للدراسات و البحوث المتخصصة ‪AJSSR‬‬

‫الخاتمة هي ليست تكرار ملا ورد من محتوى في فصول التحليل واملناقشة أو ملخص للفصول السابقة كما أنها ال تقتصر‬
‫فقط على سرد استنتاجات واستنباطات البحث‪.‬‬
‫الخاتمة السليمة علميا هي التي ترد على اإلشكالية املطروحة وتوضح الوصفة التي عالجت املشكلة البحثية وتؤكد صحة‬
‫فرضيات الدراسة من خالل تقديم مجموعة من االستنتاجات التي ال تعرض على سبيل السرد ألن املطلوب في الخاتمة هو‬
‫مناقشة االستنتاجات والنتائج بناء على ما كان موجود من معرفة في أدبيات الدراسة وما وصل إليه البحث من مخرجات‬
‫تساهم في تأكيد تميز العمل املنجز مقارنة باألعمال األخرى املتصلة باملوضوع‪.‬‬
‫من خالل الخاتمة يقيم ويناقش الطالب الباحث مدى فعالية األطر النظرية واملنهجية املستخدمة في الدراسة ومدى‬
‫نجاعتها في التطبيق‪.‬‬
‫يمكن في الخاتمة أن يقدم الطالب الباحث وجهات نظره حول النتائج النهائية للبحث أو نتائج متعلقة بجزء من‬
‫أجزاءه‪.‬كعملية استباقية لتجنب النقد يوم املناقشة‪ ،‬يمكن للخاتمة أن تشرح نقائص الدراسة أو الجوانب التي أغفلها‬
‫البحث‪ ،‬سواء من الناحية النظرية أو التطبيقية‪ ،‬والتي عادة ما يتم ربطها بصعوبات الدراسة املعلنة في املقدمة وذلك‬
‫بغرض عدم اإلنقاص من القيمة العلمية والعملية للمذكرة‪.‬‬
‫عادة ما ننهي مذكرة املاستر بمجموعة من التوصيات واملقترحات أو تصورات لسيناريوهات مستقبلية دون الخوض في‬
‫عملية االستشراف ألن ذلك يتطلب توظيف تقنيات جد معقدة‪ ،‬كما يمكن إنهاء الخاتمة بفتح البحث أو املوضوع على آفاق‬
‫بحثية جديدة يبرهن بواسطتها الطالب الباحث أنه يمكن معالجة املوضوع بطرق أخرى وبأساليب ومحتويات مغايرة من‬
‫خالل طرح مشكالت بحثية أخرى تسعى إلى تحقيق أهداف بحثية جديدة أو على األقل مغايرة‪.‬‬
‫الخاتمة‪:‬‬
‫لقد ترك أحد أشهر الكتاب والفالسفة الفرنسيين في عصر النهضة الفرنسية‪ ،‬ميشيل دي مونتين ‪Michel de‬‬
‫‪ ،Montaigne‬مقولة مهمة تحولت إلى أحد أعمدة فلسفة التدريس والتعليم وهي "أفضل رأسا مجهزا جيدا على رأس‬
‫مملوء" )‪ .(10‬بناء عليه‪ ،‬ركزت هذه املساهمة األكاديمية على التفصيل في بعض املنطلقات والقواعد العامة التي تساعد‬
‫الطالب الباحث على فهم املعالم الكبرى التي تحيط بمسار إعداد املذكرة بدل الخوض في شرح وتفسير العديد من‬
‫التفاصيل املنهجية والشكلية التي يمكن أن تؤدي إلى تخمة معرفية وتضخم معلوماتي يجعالن من التحصيل املعرفي‬
‫للطالب عارف للتفاصيل املعقدة وجاهل لألمور البسيطة األساسية‪.‬‬
‫الطالب املقبل على إعداد مذكرة التخرج عليه أن يعي ما هو مطلوب منه وماذا يريد ويتصور كيف يمكنه تحقيق هذا‬
‫املطلوب وهذه اإلرادة من خالل طرح مجموعة من األسئلة التي ترافق الطالب قبل بداية البحث وأثناء إعداد املذكرة ويوم‬
‫املناقشة‪ ،‬ومن أهمها ما يلي‪ :‬ما هو موضوع البحث وملاذا أختار هذا املوضوع بالتحديد؟ كيف أقنع األستاذ املشرف بأهمية‬
‫ونجاعة املوضوع؟ ما هي املصادر واملراجع التي أستخدمها في الدراسة؟ ما هي األدوات املنهجية والنظرية التي تؤطر البحث؟‬
‫كيف أصمم هيكل البحث؟ ما هي املخرجات األساسية للدراسة؟ ما مدى تطابق نتائج الدراسة بالوعود البحثية املقدمة؟‬
‫كيف أسوق لنتائج الدراسة؟ وأخيرا‪ ،‬كيف أقنع لجنة املناقشة بالعمل املنجز؟‪.‬‬
‫زيادة على هذه األسئلة‪ ،‬املذكرة الناجحة تتطلب توفر الشروط والظروف التالية في مسار إعدادها‪:‬‬
‫‪121‬‬
‫المجلد الثاني‪-‬العدد الخامس‪ -‬أوت ‪0202‬‬ ‫المجلة األكاديمية للدراسات و البحوث المتخصصة ‪AJSSR‬‬

‫ضرورة التقيد بالضوابط الشكلية واملنهجية املفروضة في كتابة املذكرات والتي تشمل ضوابط عامة تتفق حولها كل‬
‫الجامعات وأخرى خاصة تنحصر في الجامعة التي يدرس فيها الطالب أو متعلقة بمجال التخصص‪.‬‬
‫األريحية هي من أهم مفاتيح نجاح الطالب في إعداد أي مذكرة ويشمل هذا العنصر األريحية مع موضوع الدراسة واألريحية‬
‫مع املشرف‪ ،‬فمن بين أسباب فشل الطالب في البحث هو التعامل مع أستاذ مشرف في ظروف ينعدم فيها التنسيق املشترك‬
‫والديناميكية التفاعلية بين الطرفين كما ال يمكن للطالب العمل حول موضوع مفروض وال يدخل في خانة اهتمامات‬
‫الطالب وتطلعاته البحثية أو تم اختياره بطريقة عشوائية وغير مدروسة )‪.(11‬‬
‫مما ال شك فيه أن عملية الحصول على املعلومات واملعطيات من املصادر األولية أو الثانوية هي من بين الخطوات‬
‫والتحديات الكبرى في إعداد البحث‪ ،‬لكن االنجاز األكبر في هذا السياق هو حسن استخدام املعلومة والتحكم في توظيفها‬
‫وتنظيمها من خالل فهمها واستيعاب مضمونها وتحويلها إلى مادة في التحليل والتفسير وإدراجها في األجزاء واملباحث الالئقة‬
‫بعيدا عن الحشو والتكرار‪.‬‬
‫بالنسبة لغالبية الطلبة‪ ،‬مذكرة املاستر هي أول تجربة في الكتابة البحثية‪ ،‬فمن الطبيعي أن يظهر تعطش ورغبة عند‬
‫الطالب في كتابة أكبر عدد من املعلومات واملعطيات والصفحات‪ ،‬لكن يجب التأكيد على أن من بين سمات التحكم في‬
‫موضوع املذكرة هو تفادي اإلطالة في شرح التفاصيل اململة وتقديم عمل يركز على الجوانب األساسية للموضوع باملختصر‬
‫املفيد وبأسلوب ممنهج ومشوق معلوم البداية والنهاية وبحدود تحليلية وتفسيرية مرسومة ومضبوطة‪.‬‬
‫كتابة املذكرات واألطروحات تكون باستخدام كتابة متخصصة تسمى الكتابة األكاديمية التي تختلف عن الكتابات العامة‬
‫وحتى الصحفية في الكثير من الجوانب بالنظر إلى اختالف نوعية جمهور القراء‪ ،‬وما يميز الكتابة األكاديمية هو كثرة‬
‫استخدام الكلمات التقنية واملصطلحات العلمية املتخصصة والتقيد باألطر النظرية واالستعانة بالتهميش واملصادر‬
‫حفاظا على األمانة العلمية والتحلي باملوضوعية واالبتعاد عن النزعة الذاتية التي تتطلب عدم استخدام ضمائر املتكلم في‬
‫الكتابة (أنا‪ ،‬نحن) )‪.(12‬‬
‫املواضيع الناجحة في إعداد املذكرة هي املواضيع املحددة واملتخصصة‪ ،‬ففي ميدان الدراسات السياسة والدولية‪ ،‬الدقة‬
‫والتخصص يتمثالن في اختيار موضوع محدد وليس شامل أو واسع مع تحديد املجال الجغرافي للموضوع واإلطار الزمني‬
‫للدراسة والتركيز على مفاهيم ومصطلحات مفتاحية مضبوطة وأطر نظرية محددة تكون بمثابة اإلطار العام للمذكرة‪.‬‬
‫مسار البحث في أي مجال أو تخصص هو عملية تنظيرية وتطبيقية تخضع لديناميكية معرفية وفكرية مرنة ومتغيرة‬
‫ومتجددة ومتواضبة‪ ،‬وبالتالي‪ ،‬البحث املتميز والبناء هو العمل الذي يفتح اآلفاق ملواضيع بحثية أخرى ويصل إلى توصيات‬
‫ومقترحات جديدة‪.‬‬
‫التنظيم املحكم ملسار البحث يتطلب كذلك تنظيم اإلطار الزمني لهذا املسار‪ ،‬فالطالب الجاد في مشروع مذكرته يبدأ‬
‫التفكير في موضوع مذكرة املاستر مع نهاية طور الليسانس أو على أقص ى تقدير مع السداس ي األول من برنامج املاستر حتى‬
‫يتم توفير الوقت الكافي للتفكير والتصرف وتقديم املذكرة في اآلجال املحددة‪.‬‬
‫ختاما‪ ،‬يمكن التأكيد أن الهدف الجوهري لكل ما سبق هو رصد مجموعة من املنطلقات والقواعد التوجيهية التي تساعد‬
‫وترافق الطالب املقبل على إعداد مذكرة في طور املاستر‪ ،‬ولتحقيق هذا املبتغى تطرق هذا االجتهاد إلى جوانب متعلقة بعملية‬
‫‪123‬‬
0202 ‫ أوت‬-‫العدد الخامس‬-‫المجلد الثاني‬ AJSSR ‫المجلة األكاديمية للدراسات و البحوث المتخصصة‬

‫البحث والكتابة وجوانب أخرى متصلة بالبيئة املحيطة بالطالب الباحث مع مراعاة بعض املنطلقات العلمية والتطبيقية‬
.‫والشكلية والنفسية التي عادة ما ال نجدها في الكتب املختصة في املنهجية‬
‫ مهما كانت املرتبة الفكرية والعلمية‬،‫من دون شك كل عمل علمي يحمل في طياته ايجابيات وانجازات وسلبيات وإخفاقات‬
‫ الهدف النهائي للطالب املقبل على كتابة مذكرة املاستر هو ليس اإلبداع الخارق بل تقديم عمل‬،‫ فمن هذا املنطلق‬،‫للكاتب‬
‫ يسمح له بالتحليل والتفسير والتنبؤ‬،‫ فكري ونظري‬،‫علمي محترم يؤكد من خالله الطالب أنه وصل إلى تحصيل معرفي‬
.(13) ‫ويمكن أن يفتح له آفاق بحثية في أطوار ومستويات تعليمية وعلمية أسمى‬

:‫املراج واملصادر‬
2-Habits For Wellbeing: "20 Inspirational Quotes on Simplicity": Gold Coast, Australia: Jane’s Journal: Found in
habitsforwellbeing.com/20-inspirational-quotes-on-simplicity/. Accessed on July 25, 2020.
1-Carol Roberts and Laura Hyatt: The Dissertation Journey: A Practical and Comprehensive Guide to Planning, -
3Writing, and Defending Your Dissertation: Third Edition: Thousand Oaks, California: Corwin, A Sage Company:
2019: PP 21-34.
2-Ibid: PP 51-56.
2-Steven R. Terrel: Writing A Proposal For Your Dissertation: Guidelines and Examples: New York and London:
The Guilford Press: 2016: PP 46-65.
2-Zina O’Leary: The Essential Guide To Doing Your Research Proposal: Third Edition: Los Angeles, London, -
2New Delhi, Singapore, Washington DC, Melbourne: Sage Publications Ltd: 2017: PP 223-260.
2-Ibid: PP 265-291.
2-Paul Oliver: Writing Your Thesis: Third Edition: Los Angeles, London, New Delhi, Singapore, Washington DC:
Sage Publications Ltd: 2014: PP 24-27.
22-Mildred L. Patten and Michelle Newhart: Understanding Research Methods: An Overview of Essentials: Tenth
Edition: New York, Oxon: Routledge: 2018: PP 8-11.
22-Carol Roberts and Laura Hyatt: op.cit: PP 99-112.
21-Michel de Montaigne: "Mieux vaut une tête bien faite qu’une tête bien pleine": Le dictionnaire des citations.
Found in www.dicocitations.com. Accessed on 02 July, 2020.
23-Paul Oliver: op.cit: PP 52-67.
22-Inger Mewburn, Katherine Firth and Shaun Lehmann: How To Fix Your Academic Writing Trouble: A
Practical Guide: London: Open University Press: 2019: PP 105-111.
22-Sonja K. Foss and William Waters: Destination Dissertation: A Traveler’s Guide to a Done Dissertation:
Lanham, Boulder, New York, Toronto, Plymouth (UK): Rowman & Littlefield Publishers Inc.: 2007: P 4.

122

You might also like