Professional Documents
Culture Documents
الوادي ،اجلزائر
طبعة 2022
مطبعة منصور
شارع القدس – األعشاش الوادي
تلفاكس032 24 97 45 :
البريد اإللكترونيimp_mansour@yahoo.fr :
مقدّ مة:
يعترب البحث العلمي من أمه دعامات العمل وركنا أساس يا من أراكن املعرفة الانسانية
يف ش ىت امليادين ،وقد أدركت ادلول املتقدمة هاته احلقيقة فأغدقت عىل البحث العلمي الموال
الطائةل وخسرت اماكنيات هائةل خلدمة العمل والعلامء ووفرت هلم لك الظروف املواتية واملالمئة.
فالنفاق عىل البحث العلمي مبا حتمهل اللكمة هو املالذ الآمن والوحيد للريق ابمجلهورية
ومؤسساهتا اىل مصاف ادلول الرائدة ،فالتسلح ابملعرفة العلمية يُعد مفتاحا للنجاح والتطور حنو
الافضل ،ا ْذ بفضل املعلومات اليت حنصل علهيا يس تطيع الفرد أن يتحاىش الكثري من العقبات
والهفوات .فالبحث العلمي دليال و ُمرشدا للتفكري السلمي والداء الرصني ويُعد مفتاحا للنجاح
والتطور اىل غد أفضل ،وهو طريق الجيال لالبتعاد عن التخلف والتخبط والعشوائية ،مفا من
أمة أخذت به ا ّل أوصلها ما تبتغيه من رفاهية لشعوهبا وس يادة ملواطنهيا لزتداد ماكنة ورفعة.
ول جمال للحديث هنا عىل أن التطور والهنضة اليت نعيشها اليوم اكن سبهبا تطور
البحوث العلمية وتقدم أساليهبا ومهنجها وأدواهتا ،فالبحث العلمي أساس املعرفة اليت مت
التوصل الهيا وهو وس يهل البحث عن اجملهول ،وأداة لتسخري ما مت التوصل اليه من نتاجئ
لتكون وس يةل يف خدمة النسانية حلل املشالك العالقة ،وللوصول اىل هاته الغاية اكن من املُلزم
وضع أسس علمية لضامن اعداد البحوث وفقا ملهنج سلمي وحصيح ،فالتقدم يف البحث العلمي
يكون مرهوان ابملهنج والطريقة السلمية فغياب املهنج ينجر عنه خضوع البحث للعشوائية،
وانتاكس مسريه البحث العلمي يكون سببه البطء يف كيفية تطبيق املناجه العلمية أو يكون
بسبب أآخر ،كتخلف وسائل تكل املناجه عن قياس الظاهرة موضوع ادلراسة.
فال وجود لي حبث علمي سلمي وحصيح دون مهنج يعمتد عىل قواعد واحضة ل غبار
علهيا فاملصطلحان متاكمالن ومتالزمان.
مما س بق ذكره نس تطيع أن حنمك بأن مهنجية البحث العلمي يه يف الساس من
الانشغالت الهامة للك املهمتني ابلعمل واملعرفة يف حبر من حبور العمل وذكل من أجل
اس تكشاف القواعد املهنجية اليت تؤهلهم للقيام ابملواضيع املرتبطة بتخصصاهتم.
ان النظام التعلميي اجلامعي يفرض عىل الطالب بدء من مرحةل الليسانس ومرحةل
املاسرت واملاجس تري (نظام الكس ييك) اىل غاية ادلكتوراه ،اعداد حبث أو موضوع مع ّمق
خيتلف معقه من مس توى اىل مس توى أآخر ومن درجة اىل درجة أخرى ،هذا المر ل يتأىت
ال اذا اكن الطالب عىل دراية اتمة بقواعد املهنجية السلمية والصحيحة بعيدا عن الخطاء،
-1-
ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ويه الس باب اليت تدفعنا اليوم لنفض الغبار لجالء مصنف يكون دليال شامال يف تعلمي
مهنجيه البحث العلمي لرتويض الطالب يف مجيع املراحل اجلامعية عىل البحث اجلاد والتحصيل
املفيد ،ويه حاجة الباحث اليت تظل أآمنة قامئة يف الزتود بأكرب عدد ممكن من املعلومات
الشافية والاكفية واليت لها عالقه متينة بلك مرحةل من مراحل البحث العلمي ليمت استامثرها يف
البحوث واملواضيع اخملتارة.
ميكننا أن نقول مبنهتى الرصاحة بأننا مقنا منذ مدة بتدريس بعض املقاييس يف قسم
احلقوق -مبا فهيا مقياس مهنجيه البحث العلمي -ومن خالل الاحتاكك هبذه املادة خصوصا اىل
جانب املامرسات الفعلية واجلادة مع الطلبة ابلرشاف علهيم واملشاركة يف جلنة املناقشة ،شعران
بأن الكثري من الباحثني يعانون من صعوبة التحمك يف تطبيق القواعد الصحيحة يف مهنجية
البحث العلمي ومعرفة مراحل اعداد البحث العلمي مبا يتطلبه ذكل من همارات وتقنيات ،كام أن
الكثري من الحباث املنجزة تفتقر للمهنجية فُهي ِمل فهيا الباحث هذه املسأةل بقصد أو بغري قصد
فتكون املالحظات املوهجة للباحث تنصب أساسا عىل اجلانب الشلكي أكرث من اجلانب
املوضوعي ،ويه معطيات يف حقيقه المر ُحتط من معنوايت الس تاذ اجلامعي وتث ّبط العزامئ
يف ابداء وعرض رأيه عىل اخلطة املقرتحة ،ويه مسأةل قد تلقي بظاللها ابلسلب يف تقيمي
الطالب أثناء املداولت.
ان الباحث يف اجلامعة اجلزائرية يف ش ىت التخصصات معوما ويف جمال العلوم
النسانية خصوصا ل زال حباجة ماسة ملرجع اضايف يف مهنجية البحث العلمي يتناول ابدلراسة
والتحليل خمتلف املراحل النظرية والعلمية اليت تالزم لك ابحث للتعمق يف العمل واملعرفة ليك
تس تخدم هذه القواعد بشلك سلمي تعمتد عىل ادلقة والزناهة والصدق واملوضوعية.
ان المر الهام يف ادلراسات القانونية ابلنس بة للطالب ل يمكن يف اس تعراض املعلومات
حفسب بل جيب احلرص عىل صياغهتا وفق مهنجية وأسلوب قانوين متاكمل ،يراعي مجموعة من
املعايري اليت يتفق علهيا املهمتون عىل وجوب احرتاهما.
يشلك اضافة جديدة يتناول سعيا منا ،رأينا من الرضورة مباكن تقدمي هجد متواضع ّ
مواضيع هممة يف مهنجيه البحث العلمي وهو املقياس اذلي ميثل مهزة وصل بني لك التخصصات
العلمية والدبية ،ليزتود الطالب ويتسلح منذ بداية مشواره العلمي لتكون دليه القدرة عىل الفهم
والتنظمي بعد اعامتده عىل مناجه وأدوات وأساليب البحث العلمي.
-2-
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د .ابخلري دراج
وقد رأينا من الواجب علينا أن نقوم ابعداد هذه املطبوعة يف مهنجيه البحث العلمي،
ليكون س ندا للطالب اجلامعي من مرحهل الليسانس دلرجة املاجس تري وادلكتوراه يساعدمه
بأسلوب سلس رش يق يف التعرف عىل أمه القواعد والسس املتعارف علهيا يف هذا امليدان،
ونأمل أن يكون هذا املرجع شامال ملا حيتاج اليه طالب العمل ويف نفس الوقت متناسقا تناسقا
اتما ُمل ّما بأمه القواعد والسس من حيث املضمون.
مقنا بتقس مي املطبوعة اىل أربع فصول ،حيث عاجلنا يف الفصل الاول البعاد املفهومية
للبحث العلمي ،ومن خالهل تطرقنا اىل اسدال الس تار عىل بعض املفاهمي اليت لها عالقة
ابلبحث العلمي ،أما الفصل الثاين عرجنا فيه عىل خصائص البحث العلمي وأمهيته مث أنواع
البحوث اجلامعية ،ليأيت بعدها الفصل الثالث نعاجل فيه مناجه البحث العلمي وهذه ابذلات لها
أمهية ابلغة يف ختصص احلقوق ،لنوحض تعريف و أمهية املهنج العلمي ودور املهمتني والفقهاء
املسلمني يف مناجه البحث العلمي ،ليأيت الفصل الرابع والخري نرشح فيه أنواع املناجه العلمية.
يه اذا أمه احملاور اليت أردان تقدميها لطلبتنا العزاء معمتدين يف هذا عىل ادلليل
البيداغوج اذلي أقرته اجلامعة اجلزائرية عن طريق وزارة التعلمي العايل والبحث العلمي ونرجو
أن يكون س ندا وحافزا معنواي ،ميتاز ابلتشويق والتجديد يف دراسة وتدريس مقياس مهنجيه
البحث العلمي.
-3-
ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفصل الول:
البعاد املفهومية للبحث العلمي
لقد أدركت ادلول قميه البحث العلمي خفصصت مزيانية خضمة ل بأس هبا ،اقرارا مهنا
بأمهية وماكنة العمل والعلامء يف هذا امليدان وبفضل العقل اس تطاع النسان أن يقطع أشواطا ل
تنظم سلوكيات الفراد داخل بأس هبا يف مسرية التقدم العلمي الرائد ،ابعتباره الداة اليت حتمك و ّ
اجملمتع الواحد.
ملعرفة البعاد املفهومية للبحث العلمي ،جيب التطرق اىل حتديد مفاهمي أخرى لبعض
املصطلحات اليت نراها بعني اليقني ذات صةل به فليس من السهل اعطاء تعريف شامل
للبحث العلمي حيظ بقبول امجليع ،فعندما تتّفق فئة عىل تعريف ما فالغاية مهنا يه حماوةل
حتديد املعىن اللفظي لزاةل ما حيتويه املعىن من لبس ومغوض وضبابية ،ويسع اىل ض ْبط ما
نقصده من لكامت وحرص ادلللت واملعاين.
وعليه فاجياد تعريف للبحث العلمي ل يتأ ّىت الا من خالل التطرق اىل حتديد مفهوم
العمل أول مث حتديد مفهوم املعرفة ،ويفهم عىل أن هذا الفصل س يقسم اىل ثالثة مباحث:
املبحث الول يعاجل العمل ،أما املبحث الثاين املعرفة واملبحث الثالث البحث العلمي.
املبحث الول:
العـــلــــم
ان مصطلح البحث العلمي يتكون من لكمتني متاكملتني وهام :البحث والعمل مبعىن
ْحب ُث يتعلق بعمل ،ومن البدهيىي هنا أن نطرق الباب لتحديد مفهوم العمل والبحث يف هذا
املبحث يعاجل بعض املسائل يف غاية المهية ،فيجب القيام مبحاوةل رشح الطار املفاهميي
للبحث مث رشح العمل وحتديد املعىن لغة واصطالحا وهذا يف املطلب الول أما املطلب الثاين
مقومات ووظائف العمل ومتيزيه عام يقاربه من علوم أخرى. ّ
املطلب الول :مسلامت البحث والعمل
الفرع الول :البحث
يُقصد بتحديد املفاهمي تبيان ما نعنيه من مقاصد وتوضيح ما تتضمنه من معاين
فيس توجب علينا كباحثني ازاةل أي لبس قد ي ْعلق ابذلهن ،لن املفهوم الواحد قد حيمل العديد
من املعاين ،ومبا أنه حيمل أكرث من معىن فالغموض حييط به من لك حدب وهيدف القارئ من
خالل ادلراسة اىل اسدال الس تار عىل املفاهمي ليصال املعلومات للقارئ والباحث بلك وضوح
-4-
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د .ابخلري دراج
مما يساعد عىل الاستيعاب والربط اجلاد مع غريها من املفاهمي الخرى ،هاته الخرية تكون أكرث
وضوحا عندما حتمل لكامهتا منوذجا لها.
فالبحث لغة معناه :أن تسأل أو تطلب أو تس تخرب عن يشء معني ،وهو مصدر
تقّص ،تتبع ،حترى ،سأل ،حاول ،اكتشف. الفعل املايض والثاليث حبث ومعناه طلب ،فتّشّ ،
أما اصطالحا:
فهو الطلب والتفتيش وتقيص حقيقة من احلقائق أو أمر من المور(.)1
يعرف ادلكتور املغريب "ادريس خفور" ( )2البحث لغة :أي أن تس تخرب عن يشء ّ
معني ،أن تسأل أو تطلب .أما اصطالحا فيقدّم لنا مجموعة من التعاريف:
-البحث جتميع ُم ّنظم مجليع املعلومات املتوفرة دلى الباحث عن موضوع معني وترتيهبا
بقاء.
بصورة جديدة تشلك دعام للمعلومات السابقة لتصبح أكرث وضوحا و ً
-وس يةل لالس تقصاء والفهم املنظم اذلي يقوم به الباحث.
-طريقة لكتشاف املعلومات أو تصحيح أو اس تعالم أو اس تقصاء واختيار الطريق
الالزم للبحث (.)3
ودامئا يف جمال تعريف البحث كام جاء يف لسان العرب بأن البحث :طل ُبك اليشء يف
الرتاب ،حبثه ،يبحثه ،حبثا وابتحثه وكذكل استبحثه واستبحث عنه...
فتشت عنه. وتب ّحثْت عن اليشء ،مبعىن واحد أي ْ
أما يف املصباح املنري فبحث المر حبثا من ابب نفع اس تقّص .أما اصطالحا فهو اجلهد
املبذول تفتيشا وحتليال وتنقيبا ومقارنة يف موضوع ما للوصول اىل نتيجة واكتشاف احلقيقة(.)4
الفرع الثاين :العلـم
يعين مصطلح العمل يف اللغة ادراك اليشء عىل ما هو عليه ،أي عىل حقيقته وهو
اليقني واملعرفة والعمل ضد اجلهل لنه الادراك الاكمل وهذا املصطلح ينسب اىل ما يبىن عىل
( )1عامر بوحوش ،محمد اذلنيبات ،مهنجية البحث العلمي ،دون ذكر دار النرش ،دون س نة النرش ،ص .11
( )2وهو أس تاذ بلكية العلوم القانونية والاقتصادية والاجامتعية مبراكش.
( )3ادريس خفور ،اخملترص يف مهنجية العلوم القانونية ،مفاهمي أولية يف البحث والتحليل ،ط ،2مكتبة املعرفة ،مراكش
(املغرب) ،2018 ،ص .06
( )4ملعرفة املزيد راجع:
-ابراهمي رحامين ،خطوط رئيس ية يف كتابه البحوث اجلامعية (العلوم السالمية) ،ط ،1مطبعة خسري ،الوادي ،اجلزائر،
،2013ص ص .08-07
-5-
ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
العمل أو يتفرع عنه أو اذلي تتوافر فيه املواصفات املنسوبة للعمل املعروفة اكلس تكشاف
والتفسري والضبط والتحمك (.)1
املنسقة اليت تنشئ عن املالحظة وادلراسة والتجريب واليت تمت والعمل هو املعرفة ّ
هبدف حتديد طبيعة وأصول ما يمت دراس ته ،فهو فرع من فروع املعرفة أو ادلراسة اذلي هيمت
بتنس يق وترس يخ احلقائق واملبادئ واملناجه بواسطة التجارب والفروض (.)2
"ادلكتور عامر بوحوش وادلكتور محمد اذلنيبات" يف املؤلف املوسوم مبهنجية البحث
يعرفان العمل بأنه( :املعرفة وادلراية وادراك احلقائق العمل يعين الاحاطة والملام ابحلقائق
العلمي ّ
ولك ما يتصل هبا) (.)3
ان لكمة عمل ( )Scienceمش تقة من اللكمة الالتينية ( )Scireومعناها يعرف ( To
)knowوعىل ذكل فالعمل يدل عىل مجموع املعارف النسانية بأرسها ،لكن يرى البعض عىل أنه
من الواجب الاشارة بأن مصطلح العمل اكن يطلق اىل عهد قريب عىل عمل الطبيعة
( )Physicsفريى بعض فالسفة العمل يف عمل الطبيعة بصورته املعارصة اليت متزج الفزيايء
ابلرايضيات -دون بقية العلوم -بأنه العمل الوحيد اذلي اقرتب اىل حد ما من الكامل(.)4
وهو املعرفة العلمية املتبلورة عن املالحظة وادلراسة والتجريب ،فاملقصود منه مجموعة
املعارف املؤيدة ابلدةل احلس ية ومجةل القوانني اليت اكتشفت لتعليل احلوادث الطبيعية تعليال
علميا وقامئ عىل قوانني اثبتة(.)5
كام ع ُّرف العمل عىل أنه نشاط انسانيا هادفا قوي ادلوافع ،رفيع القمية ،ممتاز التنظمي
يمتزي بأسلوبه يف البحث وهذا من أجل التوصل ملعرفة الش ياء غري املرئية ،ويرى البعض بأن
مفرد العمل يتجه ملدلولني أحدهام ضيق ،واذلي يعين بأنه النشاط الهادف اىل كشف القوانني
العامة اليت تربط الوقائع ،أما املدلول الثاين فهو أكرث سعة واذلي يعين لك املعرفة املنظمة
الصادرة عن نسق معني (.)1
كام جاء يف قاموس "ويسرت" فلكمة عمل لها معنيني هام:
جراء املالحظة وادلراسات والتجريب من أجل -العمل هو املعرفة املنسقة اليت تودل ّ
حتديد طبيعة وقواعد ما يمت حتليهل.
-ميث ّل العمل فرع من فروع املعرفة أو ادلراسة اذلي هيمت ابلتنس يق والتأكيد عىل احلقائق
بواسطة التجارب والفروض بعد تبين مهنج معني(.)2
يضيف الباحث "ادريس الفاخوري" تعريفني ملصطلح العمل أوردهام يف هتميش أحد
الصفحات واملنقول عن أحد املراجع العلمية لصاحهبا "زين بدر فراج" واملُع ْنون بأصول البحث
القانوين بأنه:
تعرب عن تنظمي فكري هل مقاييسه وقواعده وتنظميه. -املعرفة املصنفة اليت ّ
املنسقة اليت تنشئ عن املالحظة وادلراسة والتجريب واليت تمت بغرض العمل هو املعرفة ّ
حتديد طبيعة أو أسس أو أصول ما تمت دراس ته (.)3
يعترب مصطلح العمل من بني أكرث املصطلحات تداول يف ادلراسات املتعلقة مبهنجية
البحث العلمي ،ويشلك مفهوما من املفاهمي الرئيس ية يف بناء املناجه وصياغة النظرايت أو
الفرضيات ،وعليه فرنى بعني الصواب بأن معرفة وحتديد هذه املصطلحات من جانهبا القانوين
يُعد من املتطلبات الهامة ،وهو ما حاولنا تبيانه من خالل مجموعة من التعاريف اليت أبداها خنبة
من الساتذة والفقهاء ،وعليه فنقول بأن أي تعريف مت الشارة اليه فهو يفي ابلغرض املطلوب
من حيث معرفة القمية احلقيقية ملصطلح العمل.
( )1بومدين طامشة ،عبد النور انج ،املرجع السابق ،ص .18
( )2منقول عن مؤلف :خادل حامد ،مهنجية البحث يف العلوم الاجامتعية والنسانية ،ط ،2جسور للنرش والتوزيع،
اجلزائر ،2012 ،ص .22
( )3ادريس الفاخوري ،املرجع السابق ،ص .20
-7-
ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بلك تواضع ميكننا ان نسامه اببداء تعريف نضيفه يف هذه ادلائرة املعرفية "فالعمل هو
مجموعة املعارف النسانية هتدف اىل الملام ابحلقائق اجلزئية أو اللكية اليت من شأهنا زايدة
الرفاهية لالنسان وعالقته ابجملمتع ،وتساعده يف معركة تنازع البقاء ودميومته عىل أرض املعمورة،
هذا المر ل يكون ال ابتباع طريقة ومهنج معني لكتشاف احلقيقة والتوصل اىل نتاجئ
مرضية"(.)1
املطلب الثاين :مقومات ووظائف العمل ومتيزيه عام يقاربه من علوم أخرى.
نقسم هذا املطلب كام هو احلال يف املطلب الول اىل فرعني ،يدخالن يف جمال مهنجية
البحث العلمي .حناول اعطاء وظائف ومقومات العمل يف هذا امليدان يف الفرع الول ونربز
عالقة العمل ومتيزيه عام يقاربه من علوم أخرى وذكل يف الفرع الثاين.
الفرع الول :مقومات ووظائف العمل.
ل ميكن لي دوةل تلبيه احتياجاهتا الساس ية وأهدافها الثقافية والتعلميية لتلعب نفس
املؤسسات التعلميية ادلور الفعال يف رفع راية العمل والوطن لتحتل اجلامعة رايدة هذا الرتتيب.
ونرى بأن العمل يف س باق محمول لكتساب أكرب قدر من املعرفة العلمية اجتاه مشلك علمي
يؤرق ادلوةل أو العامل ،وهو الوضع اذلي تعيشه لك ادلول يف الوقت الراهن جراء وابء كوروان
اذلي افتك حصيةل خيالية من املوىت ،فرنى العامل يتسابق من أجل التوصل لعالج أو دواء
يفتك هبذا الفريوس.
فالعمل اذا هو الوس يةل احلقيقية للعبور اىل مصاف ادلول الراقية واملتطورة من أجل
اس تعادة اجملد العلمي لدلوةل(.)2
يقول "براثوايت" يف مؤلفه (التفسري العلمي) بأن وظيفة العمل يه اقامة القوانني العامة
اليت حتمك اكتشاف الحباث الواقعية أو املسائل اليت يبحهثا ،ويه معطيات تسامه عىل الربط
بني ما توصلنا اىل معرفته من أحداث ،كام متكننا من التوصل اىل تنبؤات اثبتة تتعلق بتكل
الحداث اليت ل تزال مهبمة وغري معروفة(.)3
( )1بترصف.
( )2بترصف
( )3نور ادلين فوزي ،مطبوعة حمارضات يف مهنجية العلوم الس ياس ية ،ألقيت عىل طلب الس نة أوىل علوم س ياس ية،
جامعة محمد خيرض ،بسكرة ،اجلزائر ،2014-2013 ،ص.05
-8-
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د .ابخلري دراج
ل ميكن لي خشص أن يُنكر بأن العمل يف الظروف الراهنة أصبح ولزال واحدا من
جمالت الفاعلية البرشية اليت تتطور برسعة كبرية ،وينبع تأثري العمل من خالل مجموعة املصادر
اليت تزود اجملمتع ابملعرفة اجلادة واملسامهة يف تقدمي احللول(.)1
ان أهداف النسان ل ختتلف عن أهداف العمل عرب العصور ،فلهفة البرش أدت اىل
العرافني واملن ّجمني
معرفة العامل احمليط به ليك يضع تفسريات بدائية ،ففي القدمي جلأ النسان اىل ّ
ليعرف ما خيبئه هل املس تقبل ،ويه معطيات حياول فهيا العامل املعارص أن يفهم الظواهر اليت
يالحظها ،ويس تخدم وسائل لها قمية علمية رائدة.
وميكن حرص وظائف العمل فامي ييل:
وظيفة التفسري :ان التفسري اذلي ل يزيد من س يطرة النسان عىل الطبيعة هو يشء مفيد،
فالتفسري يأخذ املعلومات املدونة والتعماميت املقبوةل ويوحض لنا العالقات والارتباطات اخملتلفة
بني الظاهرة وبني مكوانهتا).(2
وظيفة الاكتشاف :والقصد من هذا هو اكتشاف القوانني العلمية العامة واحملتوية للك الظواهر
والحداث املرتابطة بواسطة الطرق العلمية املعمول هبا يف هذا امليدان (الفرضيات ،املالحظة،
التجربة) ويقول "مارشال والكر" يف كتابه "طبيعة التفكري العلمي" :بأن الوظيفة الرئيس ية للعمل
يه فهم الوقائع ،لنه (العمل) يساعد عىل التغلب عىل مشالك العامل وزايدة القدرة عىل
التفسري(.)3
التنبؤ :ويتجىل هذا المر عن طريق فهم العالقات والارتباط بني مكوانت الظاهرة فنس تطيع
التنبؤ حبدوث الظاهرة عن طريق اس تنتاج مبادئ وقواعد حتمك هذه الظاهرة كام ميكن التنبؤ
ابلسلوك عند القيام ابدلراسات العلمية املضبوطة(.)4
( )1املصدر الول :الانتفاع بفوائد تطبيقه ويه الفوائد اليت جنمت عهنا وسائل املدوانت وتسهيل نرشها ابلطبع والتوزيع،
واليت اكنت وس يةل لتقريب المم مع الفراد.
أما املصدر الثاين :فهو السلوب العلمي يف البحث اذلي يتوىخ احلقيقة يف ميدان املشاهدة والتجربة .ملعرفة املزيد راجع:
-الهامشي بن واحض ،مهنجية اعداد حبوث ادلراسات العليا (ماسرت ،ماجس تري ،دكتوراه) ،حمارضات ألقيت عىل طلبة
ادلراسات العليا يف العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التس يري ،جامعة محمد بوضياف ،املس يةل ،اجلزائر ،2016 ،ص.05
( )2حشاتة سلامين محمد سلامين ،مناجه البحث بني النظرية والتطبيق ،مركز الاسكندرية للكتاب ،مرص ،2006 ،ص.17
( )3فوزي نور ادلين ،املرجع السابق ،ص .05
( )4حشاتة سلامين محمد سلامين ،املرجع السابق ،ص .18
-9-
ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الضبط والتحمك :ل يقف العمل فقط عند حد التنبؤ ،بل يزيد من قدرته عىل ضبط الحداث
واملقصود من الضبط هو معليه التحمك يف بعض العوامل الساس ية اليت تُسبب حدث ما ،ليك
جتعهل يمت أو متنع وقوعه.
ووظيفة الضبط معناها معاجلة الوضاع والظروف ِاليت ظهر يقينا بأهنا املسؤوةل عن
حدوث الظاهرة بشلك يتيح حتقيق الغاية املنشودة مثل اس تغالل املوارد الطبيعية ،التحمك يف
المراض ،ضبط السلوك الانساين (.)1
أما ُمقومات العمل فهو أن يكون هناك موضوع علمي وهذا الخري يشرتط فيه توافر
بعض النقاط الساس ية ،ويه تعريف للعمل وابراز الظواهر اليت يتناولها العمل ابلبحث وادلراسة
والتأصيل أما امل ُ ّقوم الثاين توافر مهنجية معينه تتالءم مع دراسة املوضوع ،أما املقوم الثالث
والخري واملهم هو حتقيق النتاجئ ،وتمتثل هذه النتاجئ يف الوصول اىل القوانني العلمية واملفاهمي
العامة اجملردة وتطبيق قواعد العمل وغاايته ومراحل الاكتشاف العلمي(.)2
الفرع الثاين :متيزيه عام يقاربه من علوم أخرى.
أول :العمل والثقافة:
ل يكفي عىل العا ِلم أن يكون شديد التخصص واحلرص يف جمال معني ليك حيسن
انتقاء واقعة بعيهنا ،بل عليه أن يكون واسع الثقافة ُمتقنا لعلوم عرصه ومدراك لطبيعة العالقة بني
لك عمل مع بقية العلوم.
والثقافة يه ذكل اللك املُعقد اذلي حيتوي عىل املعرفة والعقيدة والفن والاخالق والقانون
والعادات وسائر القدرات اليت يكتس هبا الفرد(.)3
أما الفرق بني العمل والثقافة فالول هو فرع صغري وجزء ل يتجزأ من فروع الثقافة،
ولكنه مؤثّر وف ّعال فهيا ،ا ْذ هبته اخلاصية يعترب من أبرز فروع وعوامل الثقافة فاعلية وتأثريا يف
حياة اجملمتع(.)1
( )1راجع:
-فوزي نور ادلين ،املرجع السابق ،ص .06
-حشاتة سلامين محمد سلامين ،املرجع السابق ،ص 18
( )2ملعرفة املزيد راجع:
تويم ألكي ،املرجع السابق ،ص ص .77-76
( )3بومدين طامشة ،عبد النور انج ،املرجع السابق ،ص .23
ويه أكرث التعريفات انتشارا وتقبال وهو تعريف "اتيلور".
- 10 -
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د .ابخلري دراج
يف هذا الصدد يويص "لكود برانرد" للك خشص يريد أن يكون عاملا مفا عليه ال أن يزتود من
الثقافة الفلسفية والفنية ليك يقف يف مس توايت رفيعة عند احلدود القصوى للعلوم ،فيضيفون
يف التفكري العلمي حركة تبعث فيه احلياة وتسمو به(.)2
اثنيا :العمل والفن:
دلةل لكمة الفن يه املهارة الشخصية ،الابتاكر ،الابداع ،املبادرة وهذه املقدرة راكئزها
مؤهالت وصفات خمتلفة اكذلاكء والفطنة سواء اكنت سامت مكتس بة أو فطرية ويه ختتلف
من خشص لآخر(.)3
والتفرقة بيهنام تمكل يف أن العمل يبحث يف ما هو اكئن وموجود ،بيامن الفن يقوم عىل
أساس املهارة النسانية ،معمتدا يف ذكل عىل امللاكت اذلاتية واملواهب الشخصية
والاس تعدادات الشخصية(.)4
واذا اجمتعت صفات مقومات وصفات ورشوط العمل والفن فيؤدي ذكل حامت اىل بزوغ
النبوغ والعبقرية وادلهاء(.)5
من بني الاختالفات اجلوهرية بني العمل والفن:
يقوم العمل عىل ُأسس ومجموعة من القوانني العلمية املوضوعية اجملردة ،واليت حتدد من خاللها
العالقة بني ظاهرتني أو أكرث وهذه العالقة معيارها احلمتية والاحامتل ،كام يبحث فهيا هو جمرد
وموجود واكئن ،بيامن الفن يعمتد يف الساس عىل املهارة واملوهبة وامللاكت اذلاتية واملواهب
الفردية لميتاز الفرد هنا خبصال وأخالقيات الفنان احلقيقي والناحج ،وجيب عليه أن يُ ّقوي ويصقل
موهبته وقدراته وهماراته الفردية(.)6
( )1عامر عوابدي ،مناجه البحث العلمي وتطبيقاهتا يف ميدان العلوم القانونية والادارية ،ط ،3ديوان املطبوعات اجلامعية،
اجلزائر ،1999ص .11
( )2محمد محمد قامس ،املرجع السابق ،ص .28
( )3بومدين طامشة ،عبد النور انج ،املرجع السابق ،ص .23
( )4ملعرفة املزيد راجع:
عامر عوابدي ،املرجع السابق ،ص ص .13-12
( )5بترصف ،ويه العالقة احلقيقية بني العمل والفن.
( )6راجع - :عامر عوابدي ،املرجع السابق ،ص .14
بن واحض الهامشي ،املرجع السابق ،ص .20
- 11 -
ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1بومدين طامشة ،عبد النور انج ،املرجع السابق ،ص .24
( )2املرجع نفسه ،ص .25
( )3ملعرفة املزيد انظر:
- 12 -
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د .ابخلري دراج
تنشأ املعرفة كصل عام كمثرة لالتصال بني ذات مدركة وموضوع مدرك وتقوم عىل
التقابل والاحتاد املتني بني هذين الطرفني وتعترب املعرفة -كام يراها البعض -خليط من
املعلومات واخلربات والتجارب والخالق اذلي ميتد عىل طول طيف فس يح فاذا نظران اىل
املعرفة لحظنا بأن التصال والعالقة املعرفية مامتثةل عند لك الفراد ،لكن نظرية املعرفة اليت
نتحمس لها ل تطفو ال يف ظل حتديد أولوية أحد هذين الطرفني(.)1
من اجلانب التارخيي فأول من اس تخدم هذا املصطلح الس تاذ "فرييي" وهذا يف
القرن التاسع عرش اذ جند بأن املفكرين والفالسفة طرحوا موضوعات املعرفة ،فنجد مثال
السفسطائيون وأفالطون وأيضا الفالسفة املسلمني اكبن رشد ،ابن سينا ،الغزايل ...وقد صنف
"جون لوك" املعرفة حسب درجة يقيهنا ورتبهتا.
ونظرية املعرفة تنحرص يف ثالثة تساؤلت ،الوىل تبحث يف طبيعة املعرفة
النسانية أما التساؤل الثاين :نظرية املعرفة تتساءل عن مصادر املعرفة ،أي عن مناجه حتصهيا،
وأخريا التساؤل الثالث فنظرية املعرفة تبحث يف ميدان وجمال معارفها من حيث تقيمي وأنواع
املعارف(.)2
تعترب املعرفة رضورية لالنسان لن معرفة احلقائق يه اليت تساعده عىل فهم املسائل
اليت يواهجها ،وتشمل املعرفة ذكل الرصيد الواسع من املعارف واملعلومات اليت يس تطيع النسان
خالل وعرب التارخي النساين أن جيمعها بعقهل وفكره وحواسه(.)3
واملعرفة يه عبارة عن مجموعة من املعاين واملعتقدات والحاكم واملفاهمي والتصورات
اذلهنية اليت تتكون دلى النسان لفهم الظواهر والش ياء احمليطة به ويه أمشل وأوسع من العمل
لن املعرفة تشمل لك الرصيد الواسع من املعارف والعلوم واملعلومات اليت بواسطهتا يس تطيع
النسان أن يفكر ويمتتع ابلعقل(.)4
امحد الصيداوي ،البحث العلمي بامنذجه الساس ية ،ط ،1رشكة املطبوعات للتوزيع والنرش ،لبنان ،2001 ،ص ص
.109-107
( )1للتفصيل راجع :محمد محمد قامس ،املرجع السابق ص ص .26-25
( )2خادل حامد ،املرجع السابق ،ص ص .18-17
( )3بومدين طامشة ،عبد النور انج ،املرجع السابق ،ص .25
( )4ادريس الفاخوري ،املرجع السابق ،ص .21
- 13 -
ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فباملعرفة جيتاز النسان لك العراقيل اليت ُحتول هل حتقيق الهداف ،فيعرف كيف يضع
الاسرتاتيجيات اليت ختول هل تدارك الخطاء ،واختاذ اجراءات جديدة متكنه من حتقيق أهدافه
وأمانيه(.)1
ميكننا أن نؤكد عىل أن املعرفة ليس مرادفا للعمل ،فاملعرفة تتضمن املعارف العلمية وغري العلمية
فلك عمل يعترب معرفة ال أن العكس غري حصيح ،فاملعرفة أوسع من العمل ويفهم من هذا بأن
العمل جزء ل يتجزأ من املعرفة ،ويفرق الباحثون بيهنام عىل أساس السلوب أو املهنج
التفكريي(.)2
وخالصة القول فان مفهوم املعرفة ليس مرادفا ملفهوم العمل ،فاملعرفة أوسع حدودا ومدلول وأكرث
مشول وامتدادا من العمل ،ومصطلح املعرفة يف مشولها تتضمن املعارف العلمية وغري العلمية()3
يف ادلرجة الثالثة تأيت املعرفة العلمية والتجريبية :هذا النوع يعمتد عىل املالحظة املنظمة
املقصودة للظواهر وعىل أساس وضع الفروض املالمئة والتحقق مهنا ابلتجربة ومجع البياانت
وحتليلها(.)1
أساس هذا النوع من املعرفة السلوب الاس تقرايئ اذلي يعمتد عىل املالحظة املنظمة للظواهر
واجراء التجارب ومجع البياانت وحتليلها ،واس تخراج واكتشاف النظرايت العامة العلمية القادرة
عىل تفسري الظواهر والش ياء العلمية والتنبؤ مبا ميكن حدوثه والتحمك يف الظواهر(.)2
يه اذا أمه املسائل املتعلقة ابملعرفة فأرشان يف هذا املبحث اىل املفاهمي الرئيس ية لهذا
املصطلح وعاجلنا ولو نسبيا اجلانب التارخيي هل لنضع يف احلس بان املقاربة املوجودة بينه وبني
العمل ،لنعرج يف هناية هذا املبحث عىل أنواع املعرفة الثالث ويه املعرفة احلس ية ،والفلسفية
التأملية ،وأخريا العلمية التجريبية.
املبحث الثالث:
البحث العلمي
ترتبط حياة المم والشعوب واحلضارات ابلبحث العلمي ،فهو طريق الجيال حنو
مس تقبل مرشق ،وهو بوابة ادلول للتقدم والازدهار واخلروج من التخلف والعشوائية.
البحث العلمي هو أساس املعرفة املادية ومنربا لرتقاء البرشية ،وقد حاولنا يف هذا اجلزء دراسة
البحث العلمي حيث مقنا يف دراستنا السابقة بتعريف العمل ويه مسأةل حنن يف غىن عن ذكرها
وعليه س نعمتد هنا عىل اجلانب املفاهميي للبحث العلمي يف املطلب الول ،يف حني نوحض يف
املطلب الثاين الغاية من البحث العلمي.
املطلب الول :مفهوم البحث العلمي.
ليس من السهل وضع تعريف للبحث العلمي حيظ بقبول مجيع العلامء أو املهمتني
وادلارسني وهذا هو شأن لك التعاريف ،فقلّام يتفق الساتذة عىل تعريف حمدد ملصطلح البحث
العلمي ،فلك واحد من ال ُكتاب ينظر اىل هذا املوضوع من زاويته اخلاصة وحسب ميوهل
وقناعاته ،ونضع للقارئ مجموعة من التعاريف اتركني حرية انتقاء التعريف اذلي يراه مناس با.
هو ادلراسة اليت يقوم هبا الباحث أو الس تاذ يف موضوع من موضوعات العمل ،تعاجل
مشلكة من املشالكت املعينة ،ويضيف نفس املؤلف تعريفا أآخر ويقول بأنه:
(مجموعة اجلهود املنظمة اليت يقوم هبا النسان مس تخدما السلوب والطريقة العلمية لكتشاف
الظواهر وحتديد العالقات بيهنا)(.)1
هو عرض مفصل يُمثل كشفا حلقيقة جديدة أو التأكيد عىل حقيقة قدمية واضافة يشء
جديد لها أو حل ملشلك معني(.)2
ج -ومن مجةل التعاريف أيضا :يعترب وس يةل لالستسقاء والاس تعالم املنظم وادلقيق اذلي يقوم
به الباحث لكتشاف معلومات ،عىل أن يتبع يف هذا الفحص ادلقيق خطوات املهنج العلمي
اذلي يراها مالمئا(.)3
د -ومن التعاريف أيضا هو حماوةل لكتشاف املعرفة والتنقيب عهنا وتمنيهتا وحفصها من أجل
عرضها بشلك متاكمل ليك تسري يف ركب احلضارة العلمية واملعارف البرشية(.)4
هـ -حسب "روميل" ( )Rummelهو التقيص أو الفحص ادلقيق من أجل اكتشاف
املعلومات أو عالقات جديدة ومنو املعرفة احلالية والتحقق مهنا ،وحسب "فان دالني" ( Van
)Dalenهو احملاوةل ادلقيقة الناقدة للتوصل اىل حلول للمشالكت اليت تؤرق النسان
وحتريه(.)5
و -البحث العلمي حبث منظم ومضبوط ،يبحث يف املشالكت ويس تعمل التجارب والنظرايت
والقوانني للوصول اىل النتيجة(.)6
ز -يعرف "كريلنجر" ( )Kirlingerالبحث العلمي عىل أنه( :ادلراسة املنظمة امليدانية النقدية
لختبار الاقرتاحات املفرتضة حول العالقة املتوقعة بني الظواهر الطبيعية(.)7
( )1بومدين طامشة ،عبد النور انج ،املرجع السابق ،ص .32
( )2عامر بوحوش ،محمد محمود اذلنيبات ،مهنجية البحث العلمي ،املرجع السابق ،ص .12
مع
-املؤلفان يعطيان تعريفا اخر" :هو نشاط علمي منظم يتخذ صاحبه أسلواب معينا لكشف احلقيقة متدا عىل مهنج معني.
راجع - :عامر بوحوش ،محمد محمود اذلنيبات ،مناجه البحث العلمي وطرق اعداد البحوث ،املرجع السابق ،ص .13
( )3بومدين طامشة ،املرجع السابق ،ص .33
( )4حازم محمد موىس اجلنايب ،املرجع السابق ،ص .23
( )5لالسزتادة راجع:
-صالح ادلين رشوخ ،مهنجية البحث القانوين للجامعيني ،دار العلوم للنرش والتوزيع ،عنابة ،اجلزائر ،2003 ،ص ص
.20-19
( )6ادريس فاخور ،املرجع السابق ،ص .07
( )7نقال عن - :بن واحض الهامشي ،املرجع السابق ،ص .02
- 17 -
ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ك -يعرفه ادلكتور "خادل حامد" بأنه التقيص املنظم ابتباع أساليب ومناجه علمية حمددة يف
دراسة املواضيع اخملتلفة(.)1
ما ميكن مالحظته من التعاريف السابقة للبحث العلمي بأهنا مجيعا تشرتك يف النقاط
التية:
-طريقة علمية تتبع مهنجا معينا ،ول تعمتد عىل الطرق غري العلمية.
-هيدف اىل توس يع دائرة املعارف والكشف عن احلقائق الغري مس تخدمة ،حماولني التأكيد عىل
هذه احلقيقة.
-اختاذ مجموعة من ادللئل والرباهني لالقناع ،ول ميكن الاعالن عهنا ال بعد التأكد مهنا
وحفصها.
-يشمل مجيع ميادين احلياه ومجيع مشالكها(.)2
ما ميكن اس تخالصه عىل أن البحث العلمي حسب رأينا املتواضع" :مجموعة من الاجراءات
والدوات اليت تس تخدم بشلك منظم ،وبأسلوب سلمي للنظر يف بعض الوقائع يسع فهيا
الباحث الكشف عن احلقيقة ،وبأحسن الطرق املمكنة للوصول اىل نتاجئ هنائية وحماوةل تعمميها
عىل مجيع الظواهر املامثةل"(.)3
املطلب الثاين :الهدف والغاية من البحث العلمي.
ان الهدف من وراء البحث العلمي هو اس تخالص فكرة صادقة و ُمل ّمة عن صلب
يعود
املوضوع بواسطة الكشف عن احلقائق واثراء املعلومات ،ورمبا اضافة اجلديد فهيا كام أنه ّ
الطالب عىل ارتياد املكتبات والتعامل معها ويرفع قدراته عىل الربط والتفكري واس تكامل
املوضوعات ،كام يساعده عىل مواصةل ادلراسات العليا والاسهام يف اثراء املكتبة اجلامعية ،كام
يعينه عىل اتباع الساليب والقواعد العلمية يف اجنازه والاس تفادة من املالحظات والتصويبات
وتدارك الخطاء(.)4
كام أن الهدف من البحث العلمي انبع من كون الطالب يف جمال العلوم القانونية ليزال
حباجة ماسة ملرجع يف املهنجية يتناول ابدلراسة والتعمق خمتلف املراحل العملية اليت تالزمه(.)1
كام هيدف البحث العلمي اىل اعطاء صورة لكية عن الظاهرة موضوع ادلراسة هبدف
التعرف عىل كينوانهتا لزايدة قدرة النسان عىل تفسري الحداث لش باع احلاجة املعرفية
وليكون أقدر عىل التكيف مع الوضاع ،أي أن أهداف ووظائف العمل يه الاكتشاف
والتفسري الضبط والتحمك(.)2
ومن بني الهداف املنشودة للبحث العلمي جيملها ادلكتور عامر بوحوش وادلكتور محمد
محمود اذلنيبات يف:
-اثراء معلومات الطالب.
-اتباع الساليب والقواعد العلمية املعمتد علهيا يف كتابة البحوث.
-ابراز املقدرة عىل التعبري.
-اس تعامل الواثئق والكتب.
-التعود عىل معاجلة املواضيع مبوضوعية ونزاهة.
-اس تعامل املنطق.
-التخلص من ظاهرة كسل العقل وتعويده عىل النشاط الفكري.
-حتصني النفس ضد اجلهل.
-الاس تفادة من جتربة الساتذة ومالحظاهتم والتعرف عىل الخطاء يف بداايهتا ليك ل تعمم
عىل اكمل البحث(.)3
نتيجة :ويف ختام هذا الفصل ،ميكننا القول بأننا اخرتان هذا الفصل ليكون الول يف
ادلراسة يف مقياس مهنجية البحث العلمي من خالل حتليل العديد من املواضيع واملسائل
فاكنت دراسة املبحث
( )1عامر بوضياف ،املرجع يف كتابة البحوث القانونية ،ط ،1اجلزائر ،2014 ،ص .07
( )2صالح ادلين رشوخ ،املرجع السابق ،ص ص 17-16
( )3لالسزتادة راجع:
-عامر بوحوش ،محمد محمود اذلنيبات ،مناجه البحث العلمي وطرق اعداد البحوث ،املرجع السابق ،ص ص -28
.29
-بومدين طامشة ،عبد النور انج ،املرجع السابق ،ص ص .27-26
- 19 -
ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الول تدور عىل البحث والعمل ،أما املبحث الثاين فيتضمن املعرفة يف حني جند املبحث الثالث
يش متل عىل املفاهمي وأهداف البحث العلمي.
الفصل الثاين:
خصائص ،أمهية البحث العمل وأنواع البحوث اجلامعية
يعترب البحث العلمي وس يةل لدلراسة والتقيص والاس تفتاء التام وادلقيق والتنقيب
والتحري والتعمق حول فكرة ما أو ظاهرة ما ،ويقتيض (البحث العلمي) القدر الالزم من
احلجج والشواهد ،لك هذا من أجل الوصول اىل احلقيقة العلمية واملسامهة يف تقدم العلوم
بش ىت أنواعها(.)1
فالبحث العلمي سالح ذو حدين ،حد انفع اذا اس تخدمت قواعده بشلك سلمي ،وحد
شديد الرضر اذا اغفلت عنارصه وأمهيته العلمية فيه ،أو اختلت عنارص تنفيذه أو بعدت عنه
أدوات الصدق واملوضوعية وادلقة والزناهة ،فيصبح يف حد ذاته سببا ملزيد من املشالك
والعقبات(.)2
فلك امرئ ميكن أن يكون ابحثا منظام (علميا) يف ميادين اهامتماته ،لكن السريورة
احلس نة للبحث العلمي ل تكون ال ابلتقيد ابلقواعد السلمية والصحيحة املتعلقة بأجبدايت
البحث العلمي ،ليك يكون البحث منظام ونتاجئه تأيت منوعة(.)3
من خالل ما قلناه يف التو وزايدة عىل التعاريف اليت قيلت يف السابق حول البحث
العلمي ،س نربز يف هذا الفصل خصائص البحث العلمي يف املبحث الول ،يليه املبحث الثاين
نعرض فيه المهية ،أما املبحث الثالث خنصصه لنواع البحوث اجلامعية وهذا فامي س يأيت.
املبحث الول:
خصائص البحث العلمي
من خالل ما ورد من مفاهمي وتعاريف ،فان البحث العلمي يمتزي مبجموعة من
اخلصائص ،نسع جاهدا اىل معرفة هذه اخلصائص اليت تنقسم أول اىل البحث العلمي يف
معومه ،واثنيا البحث العلمي القانوين وهو ما يريد معرفته طلبتنا العزاء.
هذا املبحث ابذن هللا نقسمه اىل مطلبني ،الول حيمل عنوان خصائص البحث
العلمي بصفة عامة أما املطلب الثاين ع ْنوانه خبصائص البحث العلمي يف ادلراسات القانونية،
ومنه فالقس مي يكون كام ييل:
املطلب الول :خصائص البحث العلمي بصفة عامة.
املطلب الثاين :خصائص البحث العلمي يف ادلراسات القانونية.
املطلب الول :خصائص البحث العلمي بصفة عامة
بداية الكمنا ،ميكننا أن نؤكد عىل أن اخلصائص كثرية ومتعددة تشرتك يف مضاميهنا
اىل حد كبري ،لكهنا ختتلف يف رشهحا وتفسريها من مؤلف اىل أآخر ،ويف هذا املقام ل ميكننا
املرور هكذا دون أن نشري اىل المك الالمتنايه للخصائص من خالل ما فرسه الكتاب واملهمتني
بناء عىل مجموعة من ادلوافع:
أ -الثراء العام والشامل للمعلومات املتعلقة هبذا احملور.
ب -حماوةل ادخال عنرص التشويق والتجديد يف دراسة وتدريس مقياس مهنجية البحث العميل.
د -ازاةل الضبابية حول لك ماهل عالقة خبصائص البحث العلمي ،ويه قناعة راخسة منا للخروج
عن املألوف يف ما وجدانه يف بعض الكتب واملطبوعات اجلامعية من خالل التقصري يف رشح
اخلصائص املتعلقة ابلبحث العلمي ،فالكثري من املراجع امتازت ابلختصار الشديد يف ما تعلق
هبذا احملور.
-1ادلكتور " بومدين طامشة " يرى بأن البحث العلمي هو:
-حبثا ميدانيا يبحث فامي هو مالحظ أو قابل للمالحظة.
-ل وجود للرسية يف العمل ال يف ظروف شديدة الاس تثنائية.
-عام فهو معين بتفسري الظواهر أيامن ووقامت وجدت ،وليس ظاهرة بذاهتا يف س ياق وحده.
-تفسريي ،مبعىن أنه هيدف اىل ربط العلل مبعلوماهتا والس باب بنتاجئها والسبب أن لك عةل
تدور مع معلولها.
- 21 -
ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-يصف النتاجئ احلمتية املرتتبة عىل وجود عوامل يف س ياق اجامتعي بذاته(.)1
-2ادلكتور "الس يد متام" :يرى بأن البحث العلمي هل خصائصه الفريدة ،لكن العلوم مجيعا
وبغض النظر عن طبيعة موضوعها جيب أن تتوافر فهيا مجموعة من اخلصائص اشرتطها علامء
املناجه يف الفالسفة ويه:
-الرتامكية( :)2مبعين أن البحوث اجلديدة تبدأ من حيث انهتت البحوث السابقة وأن مقدمات
البحوث اجلديدة تعمتد عىل نتاجئ البحوث السابقة ،فالبحوث اجلديدة اكملياه اجلارية اليت جتدد ما
قبلها من البحوث ،وتزودها ابلوكسجني الالزم للبقاء والاس مترار.
-التنظمي :اذلي يعمل عىل حتقيق هذا التنظمي هو اتباع املهنج العلمي ،فال يقترص دوره عىل
كشف املعلومات واحلقائق العلمية ،وامنا يعمل عىل الربط بيهنا وفقا خلطة علمية واعية.
-التعممي :جيب عىل الباحث أن يسع اىل الكشف عن الصفات العامة للظاهرة ،والوصول اىل
نظرايت جديدة.
-ادلقة :من خصائص البحث العلمي ادلقة يف املفاهمي ،ول يتحقق ذكل ال بتحويل لك ما هو
كيفي يف جمال الدراك الفطري اىل ما هو مكي يف جمال الدراك العلمي.
-الصدق واليقني :يعين اماكنية التحقق من صدق النتيجة العلمية اليت وصل الهيا الباحث ،بأي
طريقة من طرق الاس تدلل املس تخدمة(.)3
-3ادلكتور "حازم محد موىس اجلنايب" يقول أن خصائص البحث العلمي تمكن يف :الشمولية،
الوضوح ،ادللةل(.)4
-4ادلكتور " ادريس الفاخوري" يرى بأن اخلصائص تنحرص يف أن:
-البحث العلمي يتسم ابدلقة والتحديد فهو حبث منظم لن الباحث يتأكد دامئا من وصفه
للش ياء اليت يالحظها ،وهذه املالحظة متتاز ابلتجديد.
-حبث جترييب :لن البحث العلمي الاكمل جيب أن تُبىن نتاجئه عىل املالحظة والتجربة.
-يقوم عىل الدةل :فوجوده يربهن عىل النتاجئ واحلقائق.
-يقتيض التنظمي والرتتيب.
( )1ملعرفة التفصيل راجع :عامر عوابدي ،املرجع السابق ،ص ص .22-21
( )2عامر بوحوش ،محمد اذلنيبات ،مهنجية البحث العلمي ،املرجع السابق ،ص .16
( )3خادل حامد ،املرجع السابق ،ص ص .85-84
( )4رقية سكيل ،املرجع السابق ،ص ص .07-06
- 26 -
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د .ابخلري دراج
( )1بترصف.
( )2العزةل العلمية يه اخللوة العلمية ،ويه ختتلف عن خلوة املغارات ،اليت ينتظر أحصاهبا من السامء أن تدر علهيم اللنب
كام يعتقدون ،ونسوا قوهل تعاىل( :وقل امعلوا فسريى هللا معلمك ورسوهل واملؤمنون) كام ختتلف اخللوة العلمية عن خلوة
الباكء والترضع ،فالوىل ميدان معل ،انتاجه يراه هللا عز وجل ويراه املؤمنون ،وخلوة الباحث يه ماكن ادرار تفكريه
واس تنباط معارفه واستيعاب الهاماته ،راجع:
-عقيل حسني عقيل ،فلسفة مناجه البحث العلمي ،مكتبة مدبويل ،القاهرة ،مرص ،1999 ،ص .27
( )3عقيل حسني عقيل ،املرجع السابق ،ص .28
- 27 -
ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ان احلاجة اىل ادلراسات والبحوث والتعمل أشد مهنا يف أي وقت مىض ،فالعامل يف
رصاع كبري مع الوقت للتوصل اىل أكرب قدر ممكن من البحوث العلمية واملس متدة من ش ىت
العلوم ابختالف أنواعها اليت تكفل الرفاهية والعيش الكرمي لالنسان وتضمن هل التفوق والريق
فعظمة المم تمكن يف قدرات أبناهئا العلمية والفكرية فادلول املتطورة ترفض أي تقصري يف
ميدان البحث العلمي لهنا عىل يقني بأن البحوث العلمية اجلادة يه ادلعامة واللبنة الرئيس ية
لقتصادها وتطورها من احلسن اىل الحسن(.)1
فاحلاجة اىل ادلراسات العلمية لها من المهية مباكن تطفوا لك الاعتبارات ،فالعامل يف
س باق للوصول اىل أكرب قدر ممكن من املعرفة ادلقيقة املس متدة من العلوم اليت تليب الراحة
والرفاهية وتضمن دوام التفوق(.)2
ان تطور أدوات البحث ومناهجه يف خمتلف جوانب احلياة الاقتصادية والاجامتعية
والنشاط النساين قد أسهم اسهاما فعال يف حتقيق التقدم املنشود ،فالبحث العلمي أساس
للمعرفة املادية وأساس لرتقاء البرشية يف العامل اليوم وهو أداة البحث عن اجملهول ووس يةل
تسخري وتطوير النتاجئ خلدمة البرشية ،وازاةل العقبات اليت تواجه مراحل المنو أاي اكن حمورها
ونوعها ،ومن مث اكن من املؤكد وضع أسس علمية لضامن العداد والتنفيذ احلسن لعداد
البحوث ،من خالل وضع قواعد علمية لتنفيذ البحوث العلمية ليك ل تكون يف حد ذاهتا وس يةل
لبعث الخطاء اليت تزيد من تفامق املشالك والزمات ،ول تكون أداة للتقدم احلقيقي(.)3
فال يكفي للباحث أن يكون شديد احلرص يف جمال واحد حفسب ،بل عليه أن يكون
واسع الثقافة متقنا لعلوم عرصه ومدراك لطبيعة عالقة لك عمل ببقية العلوم ،فالواقع أشد تعقيدا مما
نتصور وأكرث تركيبا مما نعتقد ،ول يفهم مدى تعقد الواقع ال من عرف وجرب كثريا وقىض عىل
لك الفرص اخملطئة ،وقد يصدق ذكل بصفة خاصة عىل العلوم املعقدة اليت تتخذ النسان
والحياء موضوعا لها(.)4
( )1عامر بوحوش ،محمد اذلنيبات ،مهنجية البحث العلمي ،املرجع السابق ،ص .21
( )2بن واحض الهامشي ،املرجع السابق ،ص .04
( )3محمد عبد الغين سعودي ،حمسن أمحد اخلضريي ،السس العلمية لكتابة رسائل املاجس تري وادلكتوراه ،مرص ،مكتبة
الجنلو مرصية ،1992 ،ص .01
( )4محمد محمد قامس ،املرجع السابق ،ص .27
- 28 -
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د .ابخلري دراج
يعتقدون أن البحث هو غاايهتم يف الس يطرة عىل الطبيعة فهم خمطئون ونسوا أن هذه املسأةل
يه من هممة اخلالق ،وهمام معل النسان عىل الرض فلن يس تطيع أن يغري اجتاهها (.)1
تزداد أمهية البحث العلمي ،عندما يتناول العلوم يف مجملها ويستند اىل أساليب ومناجه
يف تقصيه حلقائق املعرفة ويف تناوهل حلقائق العلوم ،فعندما يعول الباحث العلمي عىل هذا فهدفه
احداث اضافات أو تعديالت جديدة يف لك ميادين العلوم(.)2
يف نفس الس ياق يلخص لك من ادلكتور "بومدين طامشة" وادلكتور "عبد النور
انج" أمهية البحث العلمي ليضاف هذا الرأي اىل عداد الآراء اليت ذكرانها سابقا ويه يف
حقيقة المر مسائل تثلج الصدر لهنا دعامئ هدفها ابراز وتوضيح املسأةل ،ذلكل حناول أن
نلخص هذه النقاط:
-1التعرف عىل اجلديد واملس تجدات واكتشاف اجملهول والرغبة يف الاس تطالع.
-2مواهجة املشالك اليومية والزمات والتحدايت.
-3يزودان ابلطرق العلمية الرضورية لتحسني أساليب حياتنا ومعلنا ،وتطوير أنفس نا.
-4رفع همارة وكفاءة الفرد يف ش ىت امليادين ،وحتقيق الطموحات املادية والتعلميية والثقافية
للمجمتع.
-5جلب الكثري من املنافع ابخلري عىل اكفة البرش ،وذكل لن العمل والتكنولوجيا الذلان يرتبطان
ابلبحث العلمي يشالكن ملكية عامة للك الفراد والشعوب ،وهنا تقع مسؤوليات خاصة عىل
ذمة الباحثني يف حتقيق املنفعة العامة كوس يةل لزايدة املعرفة.
يشلك احلصيةل املشرتكة التعاونية للبحوث ،لن املعرفة العلمية يه حصيةل من الفكر ّ -6
املشرتك وعليه يكون العمل مبثابة امللكية العامة بواسطة النرش والتوزيع.
-7وس يةل مساعدة لرفض أو قبول التغيري و أآاثره البعيدة بني المم.
-8حاةل الشك يف نتاجئ البحوث وادلراسات السابقة ميكن أن نس تعني ونس تخدم حبوث
جديدة.
-9الاس تعانة بنتاجئ البحوث يف الرشاد والتوجيه.
-10كام تساعد نتاجئ البحوث عىل زايدة ورفع الكفاءة.
-التنقيب عن حقائق معينة دون حماوةل التعممي ،أو اس تخدام هذه احلقائق يف حل مشلكة
معينة (اكلبحوث الطبيعية لختبار دواء جديد) (.)1
-ذكل البحث اذلي يرتكز اجملهود والنشاط العقيل فيه عىل اكتشاف حقيقة جزئية حمددة،
فيلتجأ فهيا الباحث اىل التجارب العلمية والبحوث التنقيبية ومن بني أمثةل البحوث التنقيبية
البحوث اليت يقوم هبا العامل الطبيب يف خمربه لختبار دواء جديد ،أيضا البحوث اليت يقوم هبا
الباحث التارخيي للبحث عن السرية اذلاتية لشخصية معينة(.)2
-وهو البحث اذلي هيدف فيه الشخص اىل التنقيب عن حقائق معينة بواسطة اجراء
العمليات والتجارب العلمية ومن بني البحوث التنقيبية البحث اذلي يقوم به الطالب
لكتشاف مجموعة من املراجع واملصادر املتعلقة مبوضوع حبثه(.)3
-البحث اذلي يدور حول حقيقة جزئية ،يسخّر فهيا الباحث لك وقته وهجده لكتشـــافها(.)4
-ويه ادلراسة الاس تكشافية اليت هتدف للتعرف عىل ظاهرة أو موضوع معني ويمت اس تخدام
هذا النوع من البحوث عندما يكون موضوع البحث جديدا أو تكون املعلومات واملعارف
املرتبطة به قليةل(.)5
الفرع الثاين :البحث التفسريي النقدي :هذا النوع ممكل للبحث العلمي التنقييب والكتشايف
للحقيقة ،فالهدف الرئييس للباحث هنا هو الوصول اىل نتيجة معينة فالباحث هيمت برتتيب
املعلومات وحتليلها وتوضيح نقاط القوة والضعف كام يسع اىل ابراز الطريقة املثىل ملعاجلة
املشلكة اليت يدرسها ( ،)6بعد أن يوحض البدائل(.)7
-وهو البحث اذلي ميتد اىل مناقشة الفاكر للتوصل اىل نتيجة تكون يف الغالب الرأي الراحج
بني الآراء املتضاربة ،فالهدف هنا ليس الاكتشاف وامنا نقد الفاكر اليت مت اكتشافها(.)1
-يعترب نوع من البحوث يعمتد عىل التربير والتدليل املنطقي والعقيل يف معاجلة احلقائق (كقيام
الباحث بدراسة الوظائف اليت تقوم هبا اجلامعة عىل مس توى البحث العلمي) (.)2
-البحث التفسريي النقدي يعترب ذو قمية علمية هامة للوصول اىل نتاجئ عند معاجلة املشالكت
اليت تتضمن عىل قدر ضئيل وضعيف من احلقائق ،وهو نوع البحوث العلمية اليت تعمتد عىل
الس ناد والتربير والتدليل واملنطقي والعقيل والرأي الراحج من أجل الوصول اىل معاجلة املشالك
لنه املهنج الوحيد اذلي ميكن الالتجاء اليه يف جمال هذه العلوم(.)3
-يشرتط يف البحث التفسريي النقدي مجموعة من الرشوط:
أ) جيب أن يكون الباحث قد توصل اىل نتاجئه عن طريق ادللئل واحلجج واملناقشات
املنطقية والدةل املقارنة.
ب) تعمد املناقشة النقدية التفسريية عىل مجموعة من احلقائق والفاكر واملبادئ املعروفة و ّ
املسمل
هبا يف اجملال اذلي يدور حوهل البحث العلمي أو عىل القل تكون متناس بة معها.
ج) أن يكون اس تدلل الباحث عىل أفاكره ونتاجئه واحضة وموضوعية ومنطقية ومقبوةل ل تقبل
اثبات العكس(.)4
الفرع الثالث :البحث الاكمل -هو البحث اذلي يسع اىل حل املشالكت ووضع التعماميت بعد
التنقيب ادلقيق عن مجيع احلقائق املتعلقة ابملوضوع ،زايدة عىل حتليل مجيع الدةل اليت يمت
التوصل الهيا كام ميتاز هذا النوع من البحوث ابمجلع بني النوعني السابقني ،وهو الكرث مشول
ومعقا مهنام(.)5
-البحث اذلي يمتزي مبجموعة من املواصفات مبعىن قد يكون أساس يا أو حبثا تطبيقيا ،كام ميكن
أن يكون حبثا وصفيا ،واذلي يسعي اىل اجياد حلول ملشالكت معينة للتوصل اىل نتاجئ
موضوعية (.)1
-النوع الثالث من هذه الحباث حسب منظور ادلكتور "عامر عوابدي" هيدف اىل حل
املشالك حال جذراي وس هيدف اىل وضع القوانني والتعلاميت بعد التحري ادلقيق والشامل مجليع
احلقائق املتعلقة ابملوضوع أو املشلكة ،مث القيام بتحليل وتفسري ونقد لك الدةل ويضيف الاكتب
بأنه ذكل البحث الطويل والشامل ابلقياس اىل لك من البحث اذلي يس هتدف اكتشاف
احلقائق والبحث النقدي املنطقي التفسريي ،وهبذا املنح فهو خيطوا خطوات ومراحل أبعد من
خطوات لك من البحث التنقييب والبحث التفسريي النقدي(.)2
-يصف لك من ادلكتور "عامر بوحوش محمد محمود اذلنيبات" البحث الاكمل بأنه البحث اذلي
جيمع بني النوعني السابقني ،ابلضافة اىل كونه يعمتد عىل الطرق اليت تسامه يف حل املشلك
املطروح واختيار النتاجئ والتأكد من أهنا متفق مع مجيع احلقائق املتوافرة عن املوضوع(.)3
-ومنه فان الباحث يعمتد عىل احلقائق القابةل للربهان وحتليلها وتبوبهيا حبيث ميكن أن يتحقق
الثبات لتكل الفروض ،معمتدا عىل املنطق والتحليل والعقل(.)4
وما يس تحق ذكره هنا أن البحوث ختتلف ابختالف جحمها وطولها أو قرصها ،كام ختتلف
أيضا من حيث الطبيعة الاكدميية فهىي تنقسم اىل حبوث ودراسات للطلبة اجلامعيني املبتدئني
(مرحةل الليسانس) ،واىل حبوث ادلراسات العليا (ماسرت ،ماجس تري) كام يوجد البحث العلمي
املعمق والطويل (أطروحة ادلكتوراه) ،وحبوث أساتذة اجلامعات (املقالت) ومراكز البحث.
أول :البحث القصري :وهو ذكل البحث اذلي يلزتم به الطالب بعد تقدميه من طرف الس تاذ
خالل املومس اجلامعي ،والهدف من هذا تعويد الطالب عىل اس تعامل الواثئق والكتب واملراجع
واظهار مقدرته عىل ترتيب املعلومات ترتيبا جيدا ،وحتليلها وتفسريها وهذا من أجل الزج
يسمل للس تاذ ابلطالب للقراءة وصقل معارفه ،ويكون هذا البحث مكتواب ابلمكبيوتر عادة و ّ
لتصحيحه ،لتقيمي الطالب ومنحه العالمة املس تحقة بناء عىل مجموعة من املسائل املتعلقة
ابلبحث العلمي (.)1
اثنيا :مذكرة املاسرت :ويه حمصةل دلراسة علمية أاكدميية جيرهيا طالب ادلراسات العليا للحصول
عىل درجة علمية معينة ،ويه مذكرة تقدم من طرف الطالب يف شلك وأسلوب حتدده اجلامعة
اخملتصة غالبا ،ملعرفة قدراته يف تنظمي املعلومات الولية والثانوية وعرض النتاجئ والشاكلية
والاقرتاحات بأسلوب مالمئ ،ول يكون هذا العمل الرثي ال حتت ارشاف أاكدميي ،فيقوم
الس تاذ هنا بدوره العلمي بطريقة متفاعةل ومالزمة خلطوات الباحث ورمس مسار معهل وتوجهيه
اىل الهناية املمثرة (.)3( )2
اثلثا :رساةل املاجس تري :ويه جزء أسايس من املواد اليت يس توفهيا الطالب لنجاحه يف
ادلراسات العليا ونيهل هذه الشهادة اجلامعية .والرساةل عبارة عن حبث طويل نسبيا يناقش أمام
جلنة متكونة من أساتذة حمارضين ،وجيب أن يتصف هذا البحث ابجلدية والالزتام
ابملالحظات املقدمة من طرف املناقشني ،ليك تصبح هذه الرساةل مرجعا علميا أساس يا (.)4
تُعرف رساةل املاجس تري بناء عىل املادة 43من املرسوم التنفيذي 254-98املؤرخ يف
17أوت 1998املتعلق ابلتكوين يف ادلكتوراه وما بعد التدرج املتخصص والتأهيل اجلامعي
خبصوص مذكرات املاجس تري كام ييل( :تمتثل املذكرة املنصوص علهيا يف املادة 36أعاله يف
( )1عامر بوحوش ،محمد محمود اذلنيبات ،مناجه البحث العلمي وطرق اعداد البحوث ،املرجع السابق ،ص .21
-عامر بوحوش ،محمد اذلنيبات ،مهنجية البحث العلمي ،املرجع السابق ،ص .19
-تويم ألكي ،املرجع السابق ،ص .262
( )2بن واحض الهامشي ،املرجع السابق ،ص .07
( )3ملعرفة عالقة الباحث ابملرشف راجع:
-عبد النارص أبو زيد ،املرجع السابق ،ص ص .35-32
( )4عامر بوحوش ،محمد محمود اذلنيبات ،مناجه البحث العلمي وطرق اعداد البحوث ،املرجع السابق ،ص .21
- 35 -
ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اعداد معل حبث علمي هل جانب نظري أو تطبيقي أو اجلانبان يف أآن واحد يتعلق مبوضوع
حمدد) (.)1
من بني الرشوط الساس ية ملذكرة املاجس تري واليت تعكس صياغة وحترير الرساةل يه
"المانة العلمية" وتتجىل دلى الباحث يف التنويه بأسامء وألقاب أحصاب الفاكر واملصادر
واملراجع املعمتدة يف اجناز العمل الفكري يف لك التخصصات وجيب عليه أن ينسب لك رأي أو
فكرة حقيقة اىل صاحهبا الصيل ،وبيان ماكن وجودها بدقة وعناية اما يف منت البحث أويف
الهامش ،لكن الطريقة املفضةل يه الثانية (.)2
فالمانة العلمية يه أحد عوامل جناح الباحث وأمه مؤرشات الزناهة العلمية والاس تقامة
الخالقية والثبات وصفاء النفس ،فالمانة العلمية دليل رصحي عىل روح اجلدية والاعزتاز
ابلنفس ،وتقدير أهل العمل واملفكرين واحرتام معلهم ونضاهلم يف املسار العلمي السلمي (.)3
رابعا :أطروحة ادلكتوراه :يه عبارة عن حبث شامل متاكمل لنيل أعىل شهادة جامعية متنحها
املؤسسات العلمية املعرتف هبا دوليا ويه أرىق الشهادات العلمية ،حفاملها مؤهل علميا
وبيداغوجيا ملزاوةل التدريس يف املؤسسات اجلامعية ومتطلبات هذه الشهادة تفوق متطلبات
الشهادات الخرى يف القانون والطب مع أن ادلكتوراه يف لك مهنام تعترب شهادة همنية (.)4
أطروحة ادلكتوراه يه حمصةل دراسة جيرهيا طالب ادلراسات العليا يف مس توى درجة
ادلكتوراه وتمتزي عن دراسة املاسرت واملاجس تري أساسا مبعاجلة علمية وهمنية أمعق ومشولية أوسع
ونضج أكرث ملوضوع ادلراسة ،كام توصف ابلبحث املس تقل واملبتكر يف جمال ختصص معني ومن
الواجب أن تضيف للمعرفة شيئا ،كام جيب أن يكون موضوع ادلراسة يتناول قطاعا مناس با من
اجملمتع ،وأن حتلل مشلكة أو ظاهرة معينة من الوهجة العلمية (.)5
حسب املرسوم ،254-98فقد ّعرفت املادة 55من املرسوم سالف اذلكر الطروحة
بأهنا (معل مبتكر أي حيتوى عىل عنرص اجلدة والضافة للبحث العلمي ،ول يسمح للطالب
حممكة ومتخصصة ول يسمح للطالب ابملناقشة ال اذا أثبت نرشه ملقال يف جمةل علمية ّ
ابملناقشة ،ال اذا أثبت أربعة تسجيالت متتالية طبقا للامدة 68من املرسوم املبني أعاله (.)1
طبقا ملقتضيات املرسوم التنفيذي سالف اذلكر ،حناول أن نوحض لطلبتنا العزاء
الجراءات القانونية يف كيفية املناقشة ليك تكون دلهيم فكرة شامةل واكفية واليت ختصصها اجلامعة
مكؤسسة للتعلمي العايل اكلآيت:
جيب عىل الباحث أن ل يقوم بطباعة الطروحة ال ابذن من املرشف ،بعد هذا الجراء يقوم
املرشف بتحرير تقرير يتضمن صالحية الرساةل للمناقشة ويرفقه ابقرتاح جلنة املناقشة ليمت بعدها
ايداع ملف املناقشة عىل مس توى اجمللس العلمي لللكية ،عىل أن يقوم الطالب ابيداع مثانية
نسخ من الطروحة (املادة .)2( )73
وأوجبت املادة 70واملادة 71عىل رضورة اجامتع اجمللس العلمي وتشكيل جلنة
املناقشة اليت تتكون من س تة اىل مثانية أعضاء برتبة أس تاذ حمارض(أ) مؤهل أو أس تاذ التعلمي
العايل ،مث حيال ملف املناقشة ملدير اجلامعة لصدار قرار الرتخيص ابملناقشة يتضمن تشكيل
اللجنة اليت صادق علهيا اجمللس العلمي لللكية (م )02/71ليمت بعدها حتديد اترخي املناقشة ،بعد
اجراء املشاورات بني العضاء وفقا ملعطيات وارتباطاهتم الشخصية أو الوظيفية ،ويشء
بدهيىي أن تكون املناقشة داخل املؤسسة اليت جسـل فهيا الطالب (م.)3( )78
يوم املناقشة يفتتح رئيس اللجنة مرامس املناقشة ويرحب فهيا بأعضاء اللجنة املوقرة
والطالب وابحلضور ليقدم الرئيس وصفا عام عىل البحث (أطروحة دكتوراه علوم أو دكتوراه
،)LMDامس ولقب الطالب أو الطالبة ،عنوان الطروحة ،التخصص اذلي ينمتي اليه
الباحث ،والعالن عن أعضاء اللجنة لك ابمسه وصفته مع الشارة للجامعة اليت يزاول فهيا
همامه(.)4
حسب املادة 80من املرسوم التنفيذي ختصص للطالب أو الطالبة مدة زمنية ترتاوح
بني العرشون والثالثون دقيقة( ،)5بعدها مبارشة يتوىل املرشف عرض تقرير شفوي عىل
الطروحة يتضمن التعريف ابملوضوع من حيث الشاكلية وتقس مي أو تبويب الجزاء منه ،أمهية
البحث وخطة العمل اليت مجعته مع الطالب ،وبعد الانهتاء حييل املرشف اللكمة اىل رئيس
اللجنة ليحيل هو الآخر اللكمة للعضاء املناقشني واحدا تلو الآخر لبداء مالحظاهتم وطرح
الس ئةل ،ليكون الرئيس أآخر هؤلء ليديل أيضا برأيه واعطاء مالحظات عىل املوضوع ،عىل
أن يقوم الباحث بتدوين املالحظات والتصويبات لتصحيحها وكتابة الس ئةل املوهجة هل لالجابة
علهيا وبعدها متنح مدة زمنية ويه غري متفق عليه بني اجلامعات ،لكن العرف السائد أن متنح هل
مدة مخسة عرشة دقيقة وحسب احلاجة للرد عىل الس ئةل ،وبعد الانهتاء يطلب من احلضور
مغادرة القاعة أو املدرج بطلب من رئيس اللجنة للتداول ليطلب بعدها من احلضور الرجوع مرة
أخرى ،ليتوىل الرئيس قراءة النتيجة أو التقدير املس تحق قبل أن يذكر بعض الش ياء اليوم،
الساعة ،املاكن ،العنوان ،صاحب الطروحة ،الشهادة املتحصل علهيا ،ذكر أعضاء اللجنة
والتخصص( ،)1ويكون التقدير اكلآيت :مشــــــــرف جدا ،مرشف ،وقــــــــــد يؤجل مع تبيان
السبب وهو ما نصـــت عليه م (.)2( )41/83
خامسا :املقال العلمي :ميكن تعريف املقال العلمي عامة بأنه معل حبيث أاكدميي ميس حمورا دقيقا
وجمال حمددا ،يعاجل اشاكلية بذاهتا مطروحة عىل امليدان العلمي أاي اكن ختصص الباحث ،ويه
نفس اخلصائص اليت ميتاز هبا املقال القانوين فيعاجل مسأةل دقيقة وحمددة يف الشق القانوين مبا
يتناسب وختصص الباحث ،فال يصح للباحث أن يتقّص يف املسائل العامة اذا اكن املوضوع
مرسوما يف شلك مقال قانوين ،كن يضع العناوين العامة دون ختصيصها يف جمال من اجملالت
مثال :عقد الزواج يف قانون الرسة ،القضاء الداري يف اجلزائر ،مفثل هذه العناوين ل تصلح
للبحث يف اطار مقال قانوين لن حدود املقال حمددة ودقيقة(.)3
ونظرا لمهية املقال العلمي ،فقد أصبح النظام اجلامعي القامئ يف اجلزائر يعترب املقال وس يةل
رضورية ملناقشة أطروحة ادلكتوراه وأداة وظيفية لرتقية الساتذة اجلامعيني ،فال ميكن بتاات
للباحث يف مرحةل ادلكتوراه أن يناقش أطروحته مامل يثبت أنه نرش مقال يف جمةل علمية
متخصصة حممكة ومصنفة ،وهذا يف جمال العلوم النسانية عامة وجمال العلوم القانونية خصوصا،
( )1بترصف.
( )2عامر بوضياف ،املرجع السابق ،ص .174ملعرفة املزيد حول أطروحة ادلكتوراه انظر:
أومربتو ايكو(ترمجة عيل منويف) ،كيف تعد رساةل دكتوراه ،ط ،19اجمللس العىل للثقافة ،مرص.2002 ،
( )3لالسزتادة عن املقال القانوين ومعرفة الفرق بينه وبني الطروحة راجع :عامر بوضياف ،املرجع السابق ،ص ص -175
.179
- 38 -
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د .ابخلري دراج
ويه معطيات تدخل يف سنن التدريس اجلامعي اجلاد القامئ عىل أساس البداع والتجديد
املس متر ،ففي اجلزائر ومنذ س نوات اكن الباحث يناقش أطروحته يف ادلكتوراه مبجرد اهناء
واس تكامل الاجراءات املعمول هبا يف املناقشات ،اذن صارت املناقشة قامئة عىل نرش املقال
وهو أمر يرتك الباحث معلّقا لعدم الزتامه هبذا الرشط السايس وكذكل احلال ابلنس بة للتأهيل
اجلامعي أو الس تاذ املؤهل أي الرتقية من أس تاذ حمارض (ب) اىل أس تاذ حمارض (أ) ،ونفس
المر يف الرتقية من أس تاذ حمارض (أ) اىل أس تاذ التعلمي العايل فأمره معلق عىل النشاط البحيث
من بيهنا املقالت العلمية يف التخصص(.)1
املطلب الثاين :وفقا لطبيعة البحث
وتنقسم اىل قسمني :البحث العلمي النظري (السايس) ،البحث العلمي التطبيقي
الفرع الول :البحث العلمي النظري (السايس)
-من منظور ادلكتور "الس يد متام" فهىي البحوث اليت يكون الغرض السايس مهنا الوصول اىل
حقائق وقوانني علمية ،ويه بذكل تسامه يف منو املعرفة العلمية ويه حتقيق لفهم أمعق وأمشل لها
بغض النظر عن مركزها يف التطبيق من عدمه(.)2
-البحث السايس ( البحيت) (النظري) ،وهو البحث اذلي هيمت ابكتشاف احلقائق والنظرايت
العلمية اجلديدة و اذلي يساعد عىل منو املعرفة العلمية من أجل حتقيق فهم أمشل وأمعق بغض
النظر عن التطبيقات العملية لها(.)3
-ادلكتور "بومدين طامشة" وادلكتور "عند النور انج" يؤكدان عىل أنه نوع من البحوث
املس تخدمة يف العلوم النسانية النظرية ول يكون الهدف مهنا التوصل اىل نتاجئ معلية أو ابتاكر
خملرتع أو عامل ( عمل اللغات والدب ،التارخي ،الفلسفة ،القانون ،الرشيعة ،ادلين) (.)4
الفرع الثاين :البحث العلمي التطبيقي
-يوصف بأنه البحث اذلي يكون الغرض السايس منه تطبيق املعرفة احملصةل منه حلل املشالك
العملية أو لكتشاف معارف جديدة ميكن تسخريها حىت تسع لالس تفادة من النتاجئ املتوخاة
للتصدي للك املشالك القامئة يف ش ىت اجملالت(.)5
( )1بترصف.
( )2الس يد متام ،املرجع السابق ،ص .38
( )3نور ادلين فوزي ،املرجع السابق ،ص .25
( )4بومدين طامشة ،عبد النور انج ،املرجع السابق ،ص .43
( )5الس يد متام ،املرجع السابق ،ص .39
- 39 -
ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-أما الس تاذ "نور ادلين فوزي" فريى بأنه البحث اذلي يكون الغرض السايس واملبارش منه
تطبيق املعرفة العلمية املتوفرة فهو البحث اذلي يشري اىل النشاط العلمي ،من أجل التوصل
تؤرق الباحث(.)1
اىل معرفة حقيقية وجادة والساعية حلل بعض الاشاكليات اليت ّ
-يعترب البحث املس تعمل يف العلوم التطبيقية والتجريبية (املالحظة ،التجربة) وغالبا ما يسع
صاحهبا لبتاكر جديد حلل املشلكة القامئة ،أو تسخري املبتكرات والبداعات العلمية اجلديدة
ملضاعفة النتاج مما يؤدي اىل مضاعفة الرابح والتقدم املنشود.
الفرع الثالث :الفرق بني النوعني
ختتلف البحوث النظرية عن البحوث التطبيقية من زوااي خمتلفة يف املعلومات
والبياانت والغراض املطلوبة يف التحليل أثناء معلية البحث ،حناول يف هذا اجلانب ابراز أمه
الفروقات كام ييل:
-1البحث النظري هيدف اىل تطوير املفاهمي الدارية كام هيدف اىل اثبات أو نفي أفاكر
ومفاهمي كعينة ،أما البحث التطبيقي يس تقي املعلومات مبارشة من امليدان العميل ومن الظواهر
الطبيعية.
-2يس تقي الباحث النظري معلوماته من مصادر غري ميدانية اثنوية وفقط اكلكتب واملقالت،
يف حني حيتاج الباحث التطبيقي اىل املعلومات والبياانت من املصادر الصلية ابدلرجة الوىل
مث املصادر غري ميدانية يف حتليالته.
-3خيتلف البحث النظري عن البحث التطبيقي يف املرحةل الخرية من مراحل البحث العلمي،
فالبحث التطبيقي ينهتىي ابلتطبيق و املتابعة أما البحث النظري ينهتىي حبوصةل من النتاجئ
النظرية اليت يدوهنا الباحث ،لكن ما ميكن التنويه هل عىل أن اخلطوات البحثية للك مهنام تاكد
تكون نفسها (. )2
نتيجة :ميكننا أن نس تخلص بأن البحث النظري هيدف اىل التوصل اىل احلقائق العلمية احملققة
لتكوين نظام يش متل عىل مجةل من احلقائق لتعمميها وتطوير املعرفة العلمية وابملقابل فالبحوث
التطبيقية تسع اىل تطبيق املعرفة العلمية املتوفرة والتوصل اىل نتاجئ حلل املشالكت العالقة(.)1
املطلب الثالث :حسب مناجه البحث والساليب املس تخدمة
تنقسم البحوث العلمية من منظور املناجه والساليب املس تخدمة اىل البحوث الوصفية،
والبحوث التارخيية ،والبحوث التجريبية ،ذلكل س نقسم هذا املطلب اىل ثالثة فروع وفقا
للرتتيب سالف اذلكر.
الفرع الول :البحث الوصفي (التشخييص)
ل نلزتم بتعريف واحد لكن حناول قدر املس تطاع اعطاء بعض املفاهمي اليت أقر هبا
مجموعة من الساتذة وأحصاب الاختصاص اكلآيت:
-الس تاذ "عامر عوابدي" يقول بأنه البحث اذلي هيدف اىل حتديد سامت وصفات وخصائص
ومقومات ظاهرة معينة حتديدا مكيا وكيفيا(.)2
-الس تاذ" ادريس خفور" يعرفه بأنه البحث اذلي يس هتدف حتديد صفات ومواصفات
وخصائص ومقومات ظاهرة معينة حتديدا مكيا وكيفيا يسهل التعرف علهيا فامي بعد ومقارنهتا ببايق
املسائل الخرى(.)3
-الس تاذ "الس يد متام" :البحث التشخييص هو اذلي هيدف اىل وصف ظواهر أو أحداث
معينة ومجع احلقائق واملعلومات واعطاء الوصف اخلاص هبا وتقرير حالهتا كام توجد عليه يف
أرض الواقع ،يضيف الس تاذ ويقول بأن هذه البحوث ميكن أن تتجاوز الوصف اىل اقرتاح
احللول للظواهر حمل ادلراسة والبحث(.)4
-الس تاذ "نور ادلين فوزي" :يه البحوث اليت هتدف اىل اعطاء الوصف العام للظواهر
املعينة ومجع املعلومات واملالحظات واحلقائق عهنا ،ووصف الظروف اخلاصة هبا(.)5
الفرع الثاين :البحث التارخيي
أساس هذا البحث ارتاكزه عىل املهنج التارخيي كقاعدة عامة فالبحث التارخيي هو:
( )1بترصف.
( )2نقال عن :عامر عوابدي ،املرجع السابق ،ص .29
( )3ادريس خفور ،املرجع السابق ،ص .12
( )4الس يد متام ،املرجع السابق ،ص .39
( )5نور ادلين فوزي ،املرجع السابق ،ص .25
- 41 -
ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-البحث اذلي يسجل الحداث والوقائع اليت حدثت يف املايض ،رشط أن ل تقف عند جمرد
الوصف والتأرخي للوقوف عىل املايض وفقط لكن جيب أن حتتوي عىل التحليل والتفسري
لس تخالص ادلروس اليت تساعد عىل فهم احلارض والتنبؤ ابملس تقبل(.)1
-يمتثل يف البحث اذلي يسجل الحداث والوقائع اليت جرت يف املايض ،فتحللها بغية اكتشاف
تعماميت لتكون وس يةل يف فهم احلارض وتعترب من أقدم البحوث العلمية مقارنة بغريها(.)2
الفرع الثالث :البحث التجرييب
-فهو البحث اذلي يقوم يف الساس عىل القيام ابلتجارب عىل الفرضيات لن البحث العلمي
املتاكمل جيب أن تُبىن نتاجئه بطريقة أساس ية عىل التجربة واملالحظة(.)3
-يمتثل يف البحث اذلي يعمتد عىل املالحظة والتجارب ادلقيقة لثبات حصة الفرضيات وذكل
ملن يس تخدم قوانني علمية عامة لضبط وتفسري وحل املشالكت والظواهر العلمية(.)4
-هذا النوع من البحوث يعمتد أساسا عىل املهنج التجرييب القامئ عىل املالحظة وفرض الفروض
والتجريب للتحقق من حصة الفروض وهو النوع اذلي يس تلزم توفر الراكن الثالثة الساس ية
ويه املواد الولية اليت جترى علهيا التجارب ،الهجزة ،وأخريا املُعدات املطلوبة لجراء
التجاب(.)5
-البحث التجرييب وهو البحث اذلي يبحث عن املشالكت والظواهر بناء عىل املهنج التجرييب
مكهنج من مناجه البحث العلمي القامئ عىل املالحظة وفرض الفرضيات والتجربة ادلقيقة
املضبوطة(.)6
اخلالصة :ويف الخري ميكننا القول ،بأن مجيع أنواع البحوث العلمية اجلامعية متتاز ابملرونة
والتاكمل فامي بيهنا ،فتتاكثف للوصول اىل حقائق علمية اكمةل وشامةل.
الفصل الثالث:
مناجه البحث العلمي يف املعارف القانونية وادلراسات الفقهية.
عندما يدرك الشخص الواعي بأن أس باب هنضة الشعوب ومنوها وتقدهما وازدهارها
يف ش ىت جمالت احلياة يدرك يقينا دون الشك بأن هناك عالقة تاكملية بني هذا التقدم وبني
الطريقة العلمية والفكرية الصحيحة املالمئة اليت سامهت يف الريق والتطور ،معمتدين يف هذا
اجملال عىل ادلراسة العميقة اليت مت اكتساهبا من خالل دراسة سلمية لحصاب الاختصاص ،هذا
الاس تنتاج يعترب منطقيا لن اس تعامل الطرق والساليب العلمية ووضع الرجل املناسب يف
املاكن املناسب يه العوامل الرش يدة اليت تقود ابلتأكيد اىل حتقيق الرخاء الاقتصادي والتنظمي
امل ُ ْحمك ،وتعطي للفرد املقدرة عىل مواهجه الحداث والتحمك فهيا( .)1فال جمال للشك بأن تقدم
البحث العلمي وحتصيل املعارف العلمية يرتبط برضورة وجود املهنج للبحث فان غاب املهنج
العلمي اذلي س ُيطبق عىل املوضوع قيد ادلراسة خضع البحث للعشوائية وأحضت املعرفة غري
علمية.
فليس هناك حبث علمي دون مهنج واحض يعمتد عىل القواعد الرئيس ية يف املوضوع فيمت
طرح الاشاكلية حمور البحث وحتليل أبعادها ومسبباهتا ،ومعرفة لك اجلوانب وتأثريها ابلظواهر
وفقا لدوات البحث العلمي للوصول لنتاجئ ميكن تطبيقها ،فالبحث دون مهنج علمي موضوعي
يرتبط ابلواقع العميل يصبح عامل اغرتاب وانعزال ،حيث يتحول اىل درب من دروب التفكري
التنظريي اذلي حيتاج اىل واقع معيل يؤكد سالمته وحصة نتاجئه وتصبح ادلراسة يف هذه احلاةل
جمرد حرش ورمس جملموعة من املعارف النسانية املرتامكة ،فتفتقد هبا رابطة علمية بيهنا وبني
اس تخداهما لوضع حل ملشلكة علمية تعاين مهنا البرشية أو تتطلع للخروج مهنا(.)2
لكن ما يُعاب عليه يف الوقت الراهن ورمغ أمهية مناجه البحث العلمي ،لكن اجلامعة اجلزائرية يف
بعض من القسام أو اللكيات ل تعطي قمية ملناجه البحث العلمي ،وهو القصور بعينه فينصب
يتناسوان بأن ادلراسة اليت يقومون هبا مايه ال جمرد مجع معلومات جام اهامتهمم عىل املوضوع و ْ
( )1عامر بوحوش ،دليل الباحث يف املهنجية وكتابة الرسائل اجلامعية ،مومف للنرش والتوزيع ،اجلزائر ،2002 ،ص .29
( )2راجع :محمد عبد الغين سعودي ،حمسن امحد اخلضريي ،املرجع السابق ،ص .41
-وهو أمر مل يعد مقبول اطالقا يف ظل نضوب املوارد البرشية واملادية والعلمية وتعدد مصادر الاس تخدام ،فالبحث
العلمي يقوم عىل مهنج مرتب للتفكري العقيل الرش يد.
- 43 -
ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وتدويهنا يف مطبوعات أو مؤلفات لكن دون مهنج واحض يف التعلمي ومن مث أدت اىل غياب
املهارة العلمية فينتج عهنا الاضطراب يف احلياة الفكرية.
ذلكل حناول يف الفصل الثالث من ادلراسة ابذن هللا ان نلقي نظرة عىل املعطيات العامة ملناجه
البحث العلمي ،من خالل تقس ميه اىل ثالثة مباحث تتناول ابلفراط والتحليل املعامل الفكرية
لهذا املوضوع اكلتايل:
-املبحث الول :ماهية املهنج العلمي.
-املبحث الثاين :أمهية ووظائف املناجه العلمية.
-املبحث الثالث :مسامهة ودور املهمتني والفقهاء املسلمني يف مناجه البحث العلمية
املبحث الول:
ماهية املهنج العلمي.
لتحديد مفهوم املهنج العلمي جيب الاشارة يف البداية ملصطلح املهنج يف املطلب الول ،مث
اعطاء فكرة عن املداخل املهنجية أو ما يسم كذكل ابلطار النظري املوجه للبحث العلمي.
املطلب الول :مفهوم املهنج.
الفرع الول :املهنج لغة واصطالحا.
املهنج ترمجة لللكمة الفرنس ية ( )Méthodوابللغة الجنلزيية ( )Methodوهو
الطريق الواحض والسلمي( ،)1وهذا اللفظ مش تق يف الصل من لكمة يواننية ويه لكمة تس تعمل
مبعىن البحث أو النظر أو املعرفة وهو املعىن من منظور "أفالطون" و"أرسطو" لكن هذا
املعىن مل يأخذ معناه احلقيقي احلايل ال ابتداء من عرص الهنضة الوربية وقبل هذا العرص اكن
مجموعة من الفالسفة يقصدون ابملهنج جزء من أجزاء املنطق مثل ( )Nunez, Molinaويف
كتاب ( )Zaberrellaعام 1578هناك فصل طويل يتلكم عن املهنج وهو المر نفسه دلى
الاكتب ( )Eustache de saint paulزد علهيا "راموس" .1572-1515Ramus
لكن اخلطوة احلامسة يف تكوين املهنج اكن من طرف "بيكون" س نه 1620يف كتابه
(الورغانون اجلديد) و"دياكرت" يف كتابه (مقال يف املهنج) عام .1637
املصوغة من أجل الوصول اىل احلقيقة يف -وع ُّرف املهنج بأنه طائفة من القواعد العامة ُ
العمل.
-هو فن التنظمي الصحيح لسلسةل من الفاكر العديدة اما من أجل الكشف عن
احلقيقة حني نكون هبا جاهلني ،أو من أجل الربهنة علهيا للآخرين حني نكون هبا
عارفني(.)1
-يعترب املهنج مجموعة قواعد ومبادئ وأسس البحث العلمي يعمتدها الباحث مكراحل
وخطوات دلراسة وحتليل اشاكليه املوضوع واستامثر املادة ذات العالقة ابلبحث(.)2
-املهنج من الفعل الثاليث هنج وهو الطريق املس تقمي الواحض ،واملناجه يه اخلطة
املرسومة ويُ ّعرف ابلطريق ّ
البني اىل احلق يف أيرس ُس بهل(.)3
" -حامد ربيع" يقول بأن املهنج هو أحد العنارص الساس ية للمعرفة العلمية اليت جيب
أن تتضمن عنرصين هام - :موضوع قابل للتحديد -أن تكون هذه املعرفة العلمية قد
أمكن لها أن تشلك جسدا من احلقائق واملدراكت(.)4
دامئا يف جمال التعريف فامي خيص (املهنج) فالاكتب "محمد محمد قامس" يضع بعض من التعريفات
اليت أرشف علهيا أحصاهبا اكلتايل(:)5
-يعرفه ادلكتور" محمد بن معر بن سامل" بأنه هيلك مكون من القواعد والفرضيات
املس تخدمة يف حقل معني وعليه تكون املهنجية بدلةل عمل املناجه اذا اكن املهنج هو
الطريق لبلوغ عمل معني( - .)6مصطلح أحادي املعىن يف العمل(.)7
-يقصد ابملهنج املهنجية طائفة من القواعد العامة اليت تصاغ من أجل الوصول اىل
احلقيقة املنشودة(.)8
( )1عبد الرمحن بدوي ،مناجه البحث العلمي ،ط ،3واكةل املطبوعات ،الكويت ،1977 ،ص ص .04-03
( )2تويم ألكي ،املرجع السابق ،ص .139
( )3ادريس الفاخوري ،املرجع السابق ،ص .16
( )4بومدين طامشة ،املرجع السابق ،ص .09
( )5منقول عن :محمد محمد قامس ،املرجع السابق ،ص .52
( )6محمد بن معر بن سامل ،مهنج البحث العلمي وطرق كتابته يف علوم الرشيعة ،القاهرة ،2000 ،ص .07
( )7يقول نفس الس تاذ بأنه جيب العمل جاهدا عىل وحدة املناجه يف امليدانني الطبيعي والاجامتعي ،لن هناك فريق من
العلامء يرى بأن مناجه البحث عبارة عن اجراءات حبثية حمايدة .راجع :خادل حامد ،املرجع ،السابق ،ص .35
( )8حازم محد موىس اجلنايب ،املرجع السابق ،ص .51
- 45 -
ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-ادلكتور "الس يد متام" يعتقد بأن املهنج يف اللغة العربية هو الطريق الواحض أو اخلطة
املرسومة ،أما علميا فهو - :اخلطة املنظمة لعدة معليات ذهنية أو حس ية هبدف
الوصول اىل احلقيقة أو الربهنة علهيا (حسب ما جاء يف املعجم الفلسفي).
-الطريقة اليت يتبعها الباحث يف دراس ته للمشلكة لكتشاف احلقيقة أو الربهنة علهيا.
-الطريق املؤدي للكشف عن احلقيقة بواسطة مجموعة من القواعد العامة.
-التنظمي الصحيح لسلسةل من الفاكر العديدة اما من أجل الكشف عن احلقيقة حني
نكون هبا جاهلني أو من أجل الربهنة علهيا حني نكون هبا عارفني(.)1
-بشلك عام فاملهنج هو الطريقة اليت يسلكها الباحث لالجابة عن الس ئةل اليت تثريها
املشلكة موضوع البحث .واملهنج أيضا هو طريق احلل وقد تكون الطريقة غري علمية
أي تعمتد عىل الفاكر غري املربهنة عهنا (دون الرجوع اىل أدوات البحث العلمي)،
وهنا نكون أمام مهنج غري علمي واما العكس من ذكل ونكون بلك منطق أمام املهنج
العلمي(.)2
-هنج الطريق سلكه وقد ورد يف القرأآن الكرمي بلفظ املهنج ،فيقول تعاىل يف حممك تزنيهل
"للك جعلنا منمك رشعة ومهناجا"( )3وهو الطريق الواحض احملدد ملعرفة دين احلق.
-جند يف مطبوعة الس تاذ "نور ادلين فوزي" بعض من التعاريف نوجزها يف ما ييل:
-1املهنج هو الكيفية العقالنية املتبعة لتقيص احلقائق وادراك املعارف ،فهو السلوب
املتبع يف ترتيب وتنظمي الفاكر واخضاعها للتحليل للتوصل اىل نتاجئ معرفية جديدة.
-2يه فن التنظمي الصحيح للفاكر للكشف عن احلقيقة ،أو يه العمليات العلمية
املرتابطة بغية تطوير حقول املعرفة(.)4
البني واملس متر للوصول اىل الهدف اضافة اىل ما قلناه فاملهنج هو الطريق املس تقمي الواحض و ّ
املنشود ،كام يعين كيفية أو طريقة فعل أو تعلمي يشء معني وفقا لبعض املبادئ بطريقة متتاز
ابلنظام والتنس يق(.)5
ويكتسب مصطلح املهنجية مضموان علميا دقيقا مع تطور الفكر العلمي وازدهار أدواته الفنية
فأدركت ادلول قميهتا العلمية والعملية وأصبحت بذكل تدل عىل الطريقة العقالنية املنتظمة
واملنظمة واملنضبطة ملامرسة نشاط حمدد ،كسلوب علمي رايق عىل ابيق الطرق العفوية
والعشوائية لكتساب العمل واملعرفة .ويقصد ابملهنجية يف البحث العلمي حسب رأي ادلكتور
"امحد خروع" (الطريقة العقالنية املتبعة لتقيص احلقائق وادراك املعارف فهىي السلوب املتبع
يف ترتيب الفاكر ،وعقلنة الفرضيات واخضاعها لالمتحان والتحليل للتوصل اىل نتاجئ معرفية
جديدة)(.)1
هيدف املهنج العلمي احلديث اىل توس يع نطاق املعرفة وحماوةل التعرف عىل اجلوانب اجملهوةل يف
ادلراسة همام اختلفت املواضيع وهمام اختلفت أنواع املناجه املس تعمةل.
واملهنج هو الطريق املؤدي اىل الغرض املطلوب من خالل دراسة املصاعب والعقبات ،ويف
الفكر العلمي املعارص الطريق املؤدي اىل الكشف عن احلقيقة يف العلوم بواسطة طائفة من
القواعد العامة اليت هتمين عىل سري العقل للتوصل اىل مجموعة من النتاجئ(.)2
ان الهدف من تقدمي املهنج هو ايضاح النقاط الساس ية يف تقدمي املعلومات والبياانت حىت ل
يضيع هجد من حياول البحث يف التخبط العشوايئ اذلي جتاوزه العمل احلديث ولهذا تتكون
للمهنج قاعدة علمية تنطلق مهنا ادلراسة ويعودون الهيا عند احلاجة ليك تصبح مرجعا أصيال
دون التجريد من اخلصوصيات اذلاتية واملوضوعية(.)3
هو مصطلح وزنه كوزن املذهب ويعين النظام والرتتيب ،وهو مجموعة القواعد اليت يمت وضعها
للوصول اىل احلقيقة أو الطريقة اليت يتبعها الباحث يف تفحصه للمشلك لكتشاف احلقيقة
والتوصل اىل نتاجئ لتكون برهاان ويقينا ودليال أصيال ،وهو فن التنظمي السلمي لسلسةل من
الفاكر والجراءات للكشف عن احلقيقة(.)4
أوحض الس تاذ "توماس كون" قواعد املهنجية العلمية ورشح مراحل بلورهتا يف كتابه (هيلكه
الثورات العلمية) س نه 1967ويقول يف بأن جناعة املهنج تمكن يف اثراء احلقل املعريف
مبكتس بات علمية جديدة ويضيف "كون" بأن ادلورة العلمية تشمل عدة مصطلحات علمية:
( )1أمحد خروع ،املناجه العلمية وفلسفة القانون ،ط ،2ديوان املطبوعات اجلامعية ،اجلزائر ،ص ص .08-07
( )2عامر بوحوش ،محمد محمود اذلنيبات ،مناجه البحث العلمي وطرق اعداد البحوث ،املرجع السابق ،ص .102
-عامر بوحوش ،محمد اذلنيبات ،مهنجية البحث العلمي ،املرجع السابق ،ص .92
( )3عقيل حسني عقيل ،املرجع السابق ،ص .52
( )4صالح ادلين رشوخ ،املرجع السابق ،ص .92
- 47 -
ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-حمطة الافرتاض :تبلور الافرتاضات الولية فتتشلك الانطالقة اجلدية للبحث العلمي
-مرحةل ادلراسة والمتحيص :مرحةل ادلراسة والمتحيص ويه نبض ادلراسة العلمية
فيتوىل الباحث حفص الافرتاضات وامتحاهنا وحوصةل النتاجئ.
-أآخر هاته املراحل مرحةل التحقيق ويه املرحةل اليت تنهتىي هبا ادلورة العلمية والتوصل
اىل مجةل النتاجئ بعد التأكد من موضوعيهتا وابنهتاء هذه املراحل ينهتىي الوصف الهيلكي
لالكتشاف العلمي(.)1
من خالل املهنج يس تطيع الباحث الوصول اىل احلقائق واطالق احلمك عىل املعلومات
الاس تكشافية وتوليد املعارف عن القضااي املهبمة ،والسمة الرئيس ية للمهنج هو ثبات النتاجئ اليت
يمت التوصل الهيا دون الاهامتم بشخص الباحث .من هذا املنطق ابت جليا للمهمتني عىل أن
املهنج يقوم بدور اسرتاتيجي يف تشخيص وحتديد املشالكت اليت ميكن دراس هتا بوسائل علمية
رش يدة وحصيحة(.)2
نقصد أيضا ابملهنجية طريقة الاجابة عن الاشاكلية أو سؤال قانوين ما ،أو حتليل فكرة ما من
خالل عرض الفاكر بأسلوب متسلسل ومتواتر مع جتنب العرض العشوايئ غري املنظم
للمعلومات(.)3
بشلك عام ومن خالل ما أوردانه من تعاريف فاننا منيل ونؤيد التعريف اذلي أدىل به ادلكتور
"عبد الرمحن بدوي" فوظف املعامل احلقيقية ملصطلح املهنج وعليه فالتعريف اذلين نسوغه
حسب رأينا" :املهنج هو املسكل أو الطريق اذلي يؤدي بنا اىل الكشف عن احلقيقة ابتباع
مجموعة من القواعد العامة العلمية اليت تس يطر وهتمين عىل العقل ،وحتدد خمتلف جوانبه للوصول
اىل نتاجئ حمققة ومعينة"(.)4
خيص املواضيع املدروسة ختتلف من خشص لآخر كام تتنوع التصنيفات للموضوع الواحد وهو
المر اذلي ينطبق عىل مناجه البحث العلمي(.)1
يشري الفقهاء مسأةل الفصل أو عدم الفصل بني املناجه العلمية ،وحول هذا املوضوع الشائك يرى
"لكود برانرد" بأن املالمح الساس ية يف هذا يه:
-ان العمل ل حيصل ال يف املعمل وفقا للحاجة العلمية.
-عدم تقيد الباحث العلمي مبهنج فلسفي معني أثناء القيام بأحباثه ودراساته املتخصصة،
تدرس نظراي اكلقواعد وقوانني نظرية يسري عىل هدهيا الباحث. لن املناجه ل ميكن أن ّ
-املناجه ختتلف ابختالف العلوم(.)2
هناك من خيالف هذا الرأي فريى ادلكتور "عبد الرمحن البدوي" ما ييل( :فاذا اكن حصيحا ما
يقوهل "لكود برانرد" يف نسبيه مناجه البحث العلمي يف تطبيقاهتا عىل خمتلف العلوم واملعرفة
وعدم تقيد العامل املتخصص بقواعد وتعالمي الفيلسوف املنطقي وأن معليات البحث وادلراسة
ختتلف وتتنوع من عامل اىل أآخر حبسب خصوصية لك عمل من العلوم ،فانه ليس حصيحا القول
ابنفراد العامل املتخصص خبلق وتكوين مناجه البحث العلمي دون مشاركة العامل املنطقي
والفيلسوف املفكر وال لن يمتكن هذا العامل من اكتشاف ومعرفة العالقات والروابط العامة
واملنسقة بني العلوم وميادين املعرفة اخملتلفة املرتبطة واملتشابكة عىل أساس قانون وحدة العقل
النساين ،وابلتايل ترتابط وتتداخل اكفة املناجه العلمية مبعىن لك فروع العلوم يف أصول ومناجه
علمية(.)3
ويقول "أآربون" ( )Urbanبأن الروح العلمية ل ميكن أن تتقدم الا ابجياد مناجه جديدة ولك
حبث يف املهنج العلمي هو ابلرضورة حبث مؤقت ل ميكن أن يكمتل اطالقا ال اذا عُدلت عىل
ادلوام ،و هذا المر ل يكون ال بتاكثف اجلهود بني خمتلف املعارف العلمية والفكرية كام ميكن
اس تخدام اكفة املناجه وهذا يف حبث علمي واحد لن احلاجه تزداد اىل اس تخدام أكرث من مهنج
للحصول عىل نتاجئ وحقائق أكرث ثباات ويقينا ،والسبب يف هذا شدة تغري وتعقد الروابط يف
( )1وهو رأي الس تاذ بن واحض الهامشي ،املرجع السابق ،ص .21
( )2عبد الرمحن بدوي ،املرجع السابق ،ص .09
وهذا فالنتيجة أن تكوين املناجه ليس من هممة الفيلسوف لنه ل يس تطيع أن يقدم مهنجا عاما.
( )3املرجع نفسه ،ص ص .10-09
- 50 -
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د .ابخلري دراج
الظواهر النسانية( ،)1والنتيجة يقول ادلكتور "عبد الرمحن بدوي" عىل أن الفصل بني املناجه
العلمية أمر مس تحيل يف البحث العلمي لكننا نس تعمل هذا التقس مي للمناجه من أجل ادلراسة
ل أكرث ول أقل وعلينا أن نراعي تكل الوحدة ،وأن ل نعد هذا التقس مي تقس امي مطلقا فهىي مجيعا
خطوات خمتلفة لكن يف مهنج واحد عام(.)2
من خالل ما تقدم ميكن أن نس تخلص مجموعة من الفوارق بني املهنج أو عامل املناجه واملهنجية
يوجزها ادلكتور "ادريس خفور" يف ما ييل:
-مناجه ادلراسة ابختالف التخصصات اليت تنمتي الهيا فالفزيايء لها مناجهها والرايضيات
لها مناجهها والعلوم النسانية مناجهها يه الاخرى لكن املهنجية يه العامل املشرتك
بيهنم - .املناجه تتطور بتطور العلوم يف حني فاملهنجية تبق اثبتة.
-عمل املناجه يرتبط جبمهل من التقنيات والوسائل الواجب اتباعها بيامن املهنجية ترتبط
ابلساليب واملراحل اليت ترتب الفاكر لتحايش العشوائية.
املهنجية يه وس يةل وليست غاية ا ْذ تعترب اخليط اخلفي اذلي يكون هل ادلور يف ربط أقسام
املوضوع بعضها ببعض ،كام حيدد اخلطوات الكربى اليت يسري علهيا الفكر يف انتقاء وتنظمي
املعطيات ،فهذه الوس يةل مبا تتضمنه من أساليب للتفكري ودلت من رمح الفلسفة وترعرعت يف
كنف العلوم الطبيعية وأصبحت يف ريعان ش باهبا رفيقه للعلوم النسانية مبا فهيا العلوم القانونية
والادرية(.)3
وعمل املهنجية أو عمل املناجه اس تخدمه للوهةل الوىل الفيلسوف "كنت" فقد قسم املنطق اىل
قسمني( :)4الول :مذهب املبادئ ويدرس رشوط املعرفة الصحيحة.
الثاين :اذلي حيرص الاطار العام اذلي يتشلك به أي عمل من العلوم.
وبنوع من الرتكزي فعمل املناجه كام أوردها "ادلكتور عبد الرمحن بدوي" يه:
أ -العمل الباحث وادلارس للمناجه الثالث الآتية الاس تدلل ،التجريب يضاف الهيام املهنج
الثالث اخلاص ابلعلوم الخالقية أو التارخيية وهو مهنج الاسرتداد.
ب -الربانمج اذلي حيدد لنا السبيل للوصول اىل احلقيقة أو الطريق املؤدي اىل الكشف
عهنا يف العلوم .ج -العمل اذلي يبحث يف مناجه ادلراسات والبحوث الفكرية اليت
يسلكها العلامء يف أحباهثم للوصول اىل احلقيقة .والنتيجة فامي خيص الفصل من عدمه
بني املهنجية وعمل املناجه برأي ادلكتور "طلعت هامم" فهو غري ممكن يف جمال البحث
العلمي لكننا نقوم هبذا التقس مي من أجل دراس هتا حفسب وعلينا اذا أن نراعي تكل
الوحدة وأن ل نعتد هبذا التقس مي تقس امي مطلقا فهىي يف الواقع لكها خطوات خمتلفة يف
مهنج واحد عام قد نسري هبا كام يه ابلنس بة اىل مسأةل واحدة يف عمل واحد فقط()1
املداخل املهنجية يه تصورات مهنجية لرؤية الواقع الاجامتعي وحماوةل حتليل القواعد والنظمة
والظواهر من خالل ابداء الرأي الشخيص فيقول "عيل ابشا" يف هذا الصدد (املدخل املهنجي
يأيت يف املس توى الثاين للبناء املهنجي لنسق التفكري العلمي واذلي يوحض التصور املهنجي لرؤية
الواقع ويتناول الظواهر وأنظمته ومراجع النساق النظرية ،ومن خالل هذه املعطيات يتشلك
املدخل املهنجي يف ضوء املبادئ الاساس ية اليت يعمتد علهيا الباحث( ،)1وتصنف املداخل
املهنجية اىل املدخل املهنجي الوصفي واملدخل املهنجي املاركيس واملهنج الاساليم.
-1املدخل املهنجي الوصفي :اس تخدم الفيلسوف "اكنت" هذا املصطلح يف عمل مذهب
املبادئ وموضوعه رشوط املعرفة الصحيحة ،والقصد من هذا التنويه اىل نسق فلسفي
واذلي يعين الاعامتد عىل الواقع واخلربة( ،)2هذا املهنج ينظر لدلراسة العلمية للظواهر
عىل أهنا تقوم عىل الساس الواقعي اكملالحظة ،التجربة ،وهو ما يؤيده "سان
س ميون" فيقول (عندما تكون لك أجزاء املعارف قامئة عىل املالحظة فان ادارة
الشؤون الروحية جيب أن تستند اىل القدرة العلمية ابعتبارها متفوقة عىل الالهوتية
وامليتافزييقية)( .)3ومن خالل هذا الطرح يرى ادلكتور "خادل حامد" بأن "سان
س ميون" أنشأ بذور الوضعية وابملقابل الفيلسوف(كنت) جعل الوضعية نظرية متاكمةل
ذات بعد فلسفي تس توعب لك الرتاث النساين ،وجعل مهنا منطلقا يف التحليل
حيتوى لك العلوم الاجامتعية والطبيعية(.)4
-2املهنج املاركيس :تصور املهنج املاركيس يقوم أساسا عىل أن تطور اجملمتعات البرشية ل
يكون ال عىل أساس اقتصادي وأن اجملمتع الش يوعي هو املصري املس تقبيل للبرشية
مجعاء ،فيقول "لكود برانرد" عىل أن الفيلسوف جيب أن يرشدان اىل املهنج اذلي يراه
مناس با يف ادلراسة مفن الواجب أن يبدأ العا ِلم املتخصص واذلي يؤيد مهنجا معينا
( )1فضيل دليو وأآخرون ،عمل الاجامتع من التغريب اىل التأصيل ،دار املعرفة ،قس نطينة ،دون ذكر س نة النرش ،ص
.144
-خادل حامد ،املرجع السابق ،ص .35
( )2عبد الرمحن بدوي ،املرجع السابق ،ص .07
( )3نقال عن :خادل حامد ،املرجع السابق ،ص .37
( )4املرجع نفسه ،الصفحة نفسها .ويقول (سان س ميون) ان أكرب وأرشف طريقة للتقدم والريق ابلعمل هو جعل العامل يف
اطار التجربة ويؤسس الكمه انطالقا من بعض املقومات :الواقعية ،الاحساس مبصدر املعرفة ،الطار املرجعي للعلوم
الانسانية هو العامل الطبيعي كام جيب اخضاع الظواهر الاجامتعية للتجريب.
- 53 -
ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فريشدان اىل الطريق اذلي سلكه يف أحباثه وأن يقدم لنا تقريرا مفصال عن اخلطوات
اليت مر هبا وهو يف سبيل حبثه العلمي(.)1
والفكرة الساس ية يف النظرية املاركس ية قامئة عىل مبدأ التغيري اجلديل النابع من الرصاع بني
العنارص املتضادة ،وهذه العملية اجلدلية متثل القانون العام اذلي حيمك اكفة صور الظواهر
املوجودة يف الطبيعة ،زايدة عىل ما قيل فان احلقائق التارخيية تنفي املزامع اليت ينادي هبا
أحصاب املهنج املاركيس والقائل بأن قيام اجملمتع الش يوعي معناه هناية احلروب والانشقاقات اليت
تعترب من الظواهر املتعارف علهيا لكن يف احلقيقة وكام يرصح به فريق من العلامء ل ميكن
التسلمي بأن الرصاع النابع من عالقات الانتاج هو العملية املؤدية اىل التغيري الاجامتعي(.)2
-3املهنج الاساليم :املدخل املهنجي الاساليم هو التصور الاعتقادي اذلي يأخذ من
العقيدة الاسالمية مرجعا لتحليل السلوك النساين واحلياة الاجامتعية ويفرس
مبقتضاها مجيع الظواهر اجملمتعية( ،)3واملهنج العلمي الاساليم جيمتع مع العديد من املناجه
اليت يؤثر فهيا مبدأ الس ببية اليت ل خيتلف فهيا السبب عن املسبب وأن التفصيل يف
هذا املوضوع ما هو ال جمهود فكري يقوم به الباحث العلمي أو العا ِلم للكشف عن
احلقيقة والتوصل اىل نتاجئ علمية مقنعة وعامة ،جمددة ،ميكن تعمميها وهذا المر ل
يتأىت ال ابتباع أداة من أدوات البحث العلمي اكملشاهدة والتجربة وواحض من هذا
بأن املهنج العلمي الاساليم يعمتد يف دراساته عىل الساليب ا ِحل ّس ية يف التعامل مع
موضوع ادلراسة مع اس تعامل العقل يف رصد الظواهر الاجامتعية( ،)4فاملهنج الفكري
الاساليم يرتكز عىل مجةل من احلقائق من منظور "الس تاذ فضيل دليو" ومن معه:
أ -لبد لالنسان من عقيدة تفرس هل ما حوهل وواحض من هذا بأن النسان بفطرته ل
ميكن هل أن يس تقر عىل أرض املعمورة دون رابط.
ب -هناك تاكمل بني أمرين طبيعة النظام الاجامتعي وطبيعة التصور الاعتقادي فالنظام
الاجامتعي هو جزء من التفسري اللكي للوجود.
ت -ان الشخصية النسانية ل تتناسق الا حيامن تكون حتت س يطرة مهنج واحد منبثق
من أصل واحد هو هللا خالقها(.)1
الفرع الثاين :تطور الفكر العلمي :يُس تخدم املهنج العلمي يف التحليل مكجموعة من السس
والقواعد اليت ينطلق مهنا أي حبث علمي ،رشط أن يتسم هذا الثراء بصفات منطقيه كام ميتد
التحليل اىل مجموعة من العمليات التجريبية العلمية والفكرية اليت تطورت تطورا كبريا مبرور
الزمن ،فتنوعت هذه املناجه واختلفت بتنوع العلوم والبناء املنطقي للك عمل واليت هتدف يف
الهناية اىل حتصيل املعرفة العلمية اجلادة .فاكن للفالسفة والعلامء اضافة للتطور التكنولوج الثر
البارز يف تطور التفكري العلمي عرب مر العصور لغاية اتضاح الصورة العامة للمهنج العلمي ويف
هذا الفرع من ادلراسة حناول اعطاء نظرة عن تطور الفكر العلمي عرب التارخي ولو بيشء من
الاجياز(.)2
-1مرحةل التفكري الويل :من الناحية التارخيية تُعترب أول عهد يدخل فيه النسان
التجمعات البرشية ،وبصفته حيوان مدين اضطر بدافع غرائزه اىل التجمع ملواهجه عدوان
الطبيعة ومقاومة التحدايت املتعددة ،فقبل أن يكرب النسان ويش تد عوده اكن يفتقر
لآليات امحلاية الفردية محلاية نفسه من بطش الطبيعة ،فطفت اىل الوجود جتمعات
برشية هدفها ادلفاع عن النفس والتصدي لويالت الطبيعة ،يه معطيات ّجعلت
ابل ُكتاب وادلارسون ابطالق العنان اىل تأليف كتب تعاجل موضوع التجمعات والعشائر
والقبائل فعربوا عهنا بأمجل مراحل الانسانية وانشدوا مببدأ همم أولت لها فامي بعد
التفاقيات واملعاهدات ادلولية الامهية البالغة أل وهو "مبدأ املساواة"(.)3
-2مرحةل التفكري ادليين وامليتافزييقي :تطلع النسان اىل السامء يستنجد ربه ليتلق
الرمحة والعفو والغفران من عند الرحمي املقتدر فزنلت الكتب الساموية عىل النبياء والرسل
فأذاعوا بني الناس العمل والتعمل ،فاس تطاع النسان أن خيرج من غياهب اجلهل اىل املعرفة ليقرأ
ويتعمل ،فزنلت عىل س يدان محمد عليه أفضل الصالة وأزىك التسلمي سورة اقرأ فناشده ربه فقال
هل "اقرأ" فقال هل ما أان بقارئ فقال هل "اقرأ ابمس ربك اذلي خلق" ويه يف حقيقة المر بشائر
وصوب سهامه يف من السامء ليتحول النسان وخيرج من اجلهل اىل النور ،فرتعرع النسان ّ
غرائب الظواهر لتحليلها ابختاذ مجموعة من الطرق والوسائل كدوات يف التحليل ،ل ُيدرك رس
الش ياء ومكوانهتا فأتقن عمل الرايضيات والفزيايء والكميياء والطب وغاص يف دواليب الشعر
والدب واخلطابة وتفسري القران الكرمي(.)1
-3مرحةل التفكري الوضعي :املدرسة الوضعية يه احلوصةل الفكرية اليت أفرزها اجملمتع
الورويب املتحرر متعدد الروافد ،فهىي مزجي من النفعية والواقعية تسع اىل رفع قدرات
النسان الانتاجية ،وقد معت املدرسة الوضعية مببادهئا وفكرها وأهدافها عىل اكمل
أوجه احلياة وتفرعت عهنا العديد من النظرايت زادت وجاءت النظرية الوضعية كرد
فعل مبارش لستبداد الكنيسة حفررت العقل من مجيع القيود امليتافزييقية وادلينية،
وحول هذه املسأةل يقول الفقيه "موريس شليك" (أن العامل الوضعي عندما خياطب
امليتافزييقي ل يقول هل بأن املسائل اليت تثريها يه خاطئة بل يقول هل هذه املسائل
خارجة عن نطاق العمل وابلتايل فهىي ل تعنيين)(.)2
املبحث الثاين:
أمهية ووظائف املناجه العلمية.
مينح املهنج العلمي الس يطرة عىل الطبيعة كام مينح القدرة عىل التكيف معها مع ما
يالمئها ،فمل تعد املعرفة العلمية ول العمل ول التفكري العلمي أنواعا من التأمل احلايل يقوم به العامل
حنو الطبيعة بل أصبح العامل الآن نوعا من الس يطرة ابلغة القوة ،بقصد تغيري البيئة املعارصة اىل
الفضل فهو اذا انتقال من التأمل اىل التحمك(.)3
املطلب الول :أمهية املناجه العلمية.
يمتزي البحث العلمي مبجموعة من الراكئز متثل السامت الساس ية تعطي هل معىن البحث اجلاد
القامئ عىل العمل يف قواعده ومناهجه وأسلوبه وتقس اميته ،بدءا من الاشاكلية املطروحة اىل غاية
النتاجئ لتضفي علهيا هبذا الرتتيب امل ُ ْحمك صفه الضبط واليقني.
واملناجه العلمية يه املناجه التحسيس ية اليت ل تقف عند قبول الواقع بل تعمل عىل حتسينه اىل
ما ينبغي أن يكون عليه حىت ل تكون مبرور الوقت جامدة أو متحجرة ل مرونة فهيا بعيدة عن
احليوية ،متكئة عىل عصا ل فلسفة من وراهئا ال ابثبات عدم القدرة عىل من يتكئ علهيا(.)1
ان الباحث املتخصص يف جمال من جمالت العمل هل مطلق احلرية يف اتباع املهنج املالمئ
لدلراسة ،حىت يس تطيع أن يفي مبطالب العمل املتجددة وال اكنت مصدرا للرضر .فالروح العلمية
ل ميكن لها التقدم ال ابجياد مناجه جديدة وحديثة ويقول "أآرابن" (ل يوجد مهنج ل يفقد يف
الهناية خصوبته الوىل بل لبد أن توجد حلظة فهيا يشعر املرء بأنه ليس من الفائدة أن يبحث
النسان عن اجلديد عىل أآاثر القدمي) (.)2
رمغ أمهية املناجه العلمية ل تزال وللسف بعض اجلامعات أو اللكيات ل تعطي للمناجه أمهية،
ويه يف حقيقة المر تؤدي اىل املزيد من الاضطراب يف احلياة العلمية حارضا ومس تقبال كام
تعترب رضبة موجعة للجامعة مكؤسسة للبحث العلمي .أمهية املناجه العلمية يف ادلراسات الفقهية
واملعارف القانونية من منظور بعض الاساتذة عديدة ،فهىي تاكد تتفق مع بعضها البعض-1:
المهية من دراسة مناجه البحث مساعدة الباحث عىل تمنية قدراته عىل الفهم المعق للبحوث
العلمية فتساعده عىل الاختيار السلمي ملشلكة معينه لبحثه وحتديدها وصياغة فروضها ،واختيار
السلوب املناسب والتوصل اىل نتاجئ حمددة مبعىن تزويد الباحث ابملعرفة واملهارة اليت جتعهل
أكرث قدرة عىل التحمك يف اجلوانب اخملتلفة للموضوع(.)3
-2تمتثل المهية حسب رأي ادلكتور "عقيل حسني عقيل" يف تقيص احلقائق وتبياهنا اليت
حتفز ال ُق ّراء عىل البحث ومتكهنم من التعرف عىل أرساره ،ولهذا مل تكن املناجه قوالب اثبتة
تس توجب التقيد هبا كام يعتقد البعض ،لكهنا يف الساس ختتلف ابلرضورة من موضوع لآخر
ومن ابحث لآخر(.)4
-3هيدف ابلباحث اىل المتيزي ابملوهبة واملعرفة والقدرة عىل الابداع لجياد حلول ملشلك أو
ظاهرة حبثية معينة ،كام يسع املهنج العلمي اىل ايضاح العالقات والعلل املسببة يف اطار
حتليل املشاهدات واملالحظات واجراء املقارانت املنطقية للوصول اىل نتاجئ مرصودة ،وبلورة
( )1عقيل حسني عقيل ،املرجع السابق ،ص .50
( )2عبد الرمحن بدوي ،املرجع السابق ،ص .12
( )3حمي ادلين خمتار ،بعض تقنيات البحث وكتابة التقارير ،العدد السادس (عدد خاص) ،جمةل العلوم الانسانية ،جامعة
قس نطينة ،اجلزائر ،1995 ،ص .47
( )4عقيل حسني عقيل ،املرجع السابق ،ص .50
- 57 -
ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذه النتاجئ يف اطار التسلسل النظري يف شلك قواعد يمت برهنهتا كحقائق علمية تقود اىل حل
الظاهرة حمل البحث(.)1
-4هل دور فعال يسامه يف تقدم ادلول والشعوب عىل مس توايت راقيه مل تألفها فاحلضارة
الغربية الراهنة تُدين بشلك شامل واكمل يف اس تخدام مناجه البحث العلمي كوس يهل
للتفكري ،ويضيف البعض عىل أن هذا التقدم يرتبط بصورة أساس ية ابلتحولت اليت
متت يف مناجه البحث أكرث مهنا ابلتحولت اليت متت يف العلوم النسانية والاجامتعية
قطباء(.)2
-5المهية المس للمهنج العلمي هو التحسن املس متر يف نوعيه العلوم ازاء مس تقبل مفتوح
عىل املزيد من التطور لسترشاف معان انسانية وكونية جديدة ّ
وخرية للجميع ل ُتحدث
تطورات حديثة يف لك ميادين العلوم ،وهبذا التطور يف البحث العلمي أصبح ابلماكن
اقامة صلح بني العلوم الاجامتعية والنسانية من هجة وبني العلوم الطبيعية من هجة
أخرى ،بل ارساء حتالف يف ما بيهنا عىل أساس أن ُم ّركب البحث دلى لكهيام يش به
حاةل سفينة البحث امل ُ ّعرضة للك أنواع العطب دون شواطئ تلجأ الهيا لالصالح(.)3
-6يربز ادلكتور "الس يد متام" أمهية املناجه العلمية يف أنه معيار احلمك عىل حصة البحث
جفودة البحث ل تقاس فقط مبا وصل اليه الباحث من نتاجئ ،ول ابلنظر اىل حداثة
املوضوع اذلي تناوهل ،أو أمهيته امنا مبدى الزتامه ابملهنج اذلي رمسه الباحث لبحثه(.)4
-7مفن خالل اتباع مهنج علمي مناسب لدلراسة يف البحوث العلمية تتناىم قدرة الاس تنتاج
العقيل دلى الباحث وترفع روح الابتاكر والابداع دليه وتتكون فيه الشخصية العلمية
القادرة عىل النقد املوضوعي ،ويرفع كفاءته يف الادلء برأيه(.)5
-8يعترب سبب من أس باب هنضة بعض الشعوب الصغرية والكبرية ومنوها برسعة فائقة،
فالفرد يدرك للوهةل الوىل عالقة هذا التقدم الهائل اذلي يعترب منطقيا للك انسان لن
اس تخدام الساليب العلمية الرئيس ية يه اليت تقود ابلتأكيد اىل حتقيق الرخاء
الاقتصادي ،وتعطي هل املقدرة عىل مواهجة الحداث والتصدي لها(.)1
املطلب الثاين :وظائف املناجه العلمية
اتفقت بعض ادلراسات املتعلقة مبهنجية البحث العلمي عىل الوظائف اليت يؤدهيا املهنج
العلمي لكهنم اختلفوا بشأن هذا املفهوم (يعين الوظائف)( ،)2فهناك من يطلق علهيا وظائف
املهنج العلمي والبعض الآخر يسمهيا مس توايت البحث العلمي ،ويقصد به تناول الظاهرة عرب
مس توايت متعددة أو الغرض اذلي يس هتدفه البحث يف معلية تفسري الظاهرة حمل البحث
وادلراسة ،وأي مس توى يتقيد جبوانب حمددة من الظاهر فهو يعلن مضنيا بأن مثة جوانب ميكن
أن تتولها مس توايت أخرى من البحث( ،)3فالباحث يف جمال ادلراسة يطرح دامئا التساؤل
حول الظاهرة موضوع ادلراسة ويسكل املهنج العلمي اذلي يراه مناس با لبحثه هذا .ان وظائف
(مس توايت) البحث العلمي يف ادلراسات املهنجية اليت يتفق علهيا املتخصصون تنحرص يف
الوصف ،التصنيف ،التفسري ،التنبؤ (التوقع) وهو تقس مي هذا املطلب من خالل الفروع
التالية:
الفرع الول :الوصف :ادلراسات الوصفية تس هتدف اعطاء الصورة اللكية عن الظاهرة موضوع
البحث وادلراسة هبدف التعرف عىل مضاميهنا فيقوم بدراسة الظواهر اجملهوةل النسبية
لس تكشافها بطريقة أكرث مشولية عن طريق اجراء اختبارات أكرث تعمقا ،فالوصف هو جرد
جييب عن السؤال ماذا هناك()4؟ هاته الوظيفة يعتربها الوضعيني بأمكلهم املهمة اجلوهرية
والرئيس ية للمهنج العلمي ،فريى "ماخ" بأن وظيفة العمل يه الوصف الاقتصادي للوقائع
التجريبية عىل أساس مبدأ البساطة والاقتصاد يف التفكري ،أما "بريسون" فيقول بأن لك ما
يصنف الوقائع وينظر يف عالقاهتا املتبادةل ،امنا هو رجل عمل يطبق املهنج العلمي( ،)5ويُقصد
ابلتصنيف أيضا أن خصائص الظاهرة ميكن النظر الهيا من خالل روابط اثبتة نسبيا ترتبط هذه
( )1عامر بوحوش ،محمد محمود اذلنيبات ،مناجه البحث العلمي وطرق اعداد البحوث ،املرجع السابق ،ص .99
-عامر بوحوش ،محمد اذلنيبات ،مهنجية البحث العلمي ،املرجع السابق ،ص .89
( )2وان اختلفوا يف حتديد المهية النسبية للك مهنا والولوية اليت متنح لي مهنا قبل الخرى.
( )3محمد شليب ،املهنجية يف التحليل الس يايس (املفاهمي ،املناجه ،الاقرتاابت والدوات) ،دون ذكر دار النرش ،اجلزائر،
،1997ص 46
( )4محمد شليب ،املرجع السابق ،ص .46
( )5نقال عن :نور ادلين فوزي ،املرجع السابق ،ص .16
- 59 -
ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اخلصائص أو الصفات ،كام يس تخدم التصنيف يف دراسة اجملمتعات واليت ميكن تصنيفها من
خالل عدد من اخلصائص والصفات( ،)1فالجابة عن ما حدث تس تدعي الوصف ،مبعىن ما
حدث وصفا مفصال بتحديد خصائص الظاهرة وعنارصها وطبيعة العالقة املوجودة بني تكل
العنارص سواء اكنت عالقات طردية أو عكس ية(.)2
الفرع الثاين :التصنيف :يُمثل الوصف املهمة اجلوهرية للمهنج العلمي وعليه ل ميكننا أن نقلل من
أمهيته وان قلنا هذا الالكم فال جيب علينا أيضا أن نغايل يف هذا الكشف ونعتربه الوظيفة
الوحيدة اليت يقوم هبا املهنج العلمي ،فمثة مس توى أآخر من مس توايت البحث العلمي واملسم
ابلتصنيف فهو الوظيفة الثانية للمهنج( ،)3فعندما يالحظ النسان الظاهرة الطبيعية يلفت نظره
بعض الاش ياء والحداث املتشاهبة بدرجة كبرية ،ومن مث يأخذ يف حفص الظاهرات ليك حيدد
خصائصها ووظائفها ومكوانهتا الساس ية ،وتأسيسا عىل ذكل جند أن اهامتم العمل ينصب عىل
دراسة املوضوعات اليت ميكن احلصول عىل أدةل ملموسة عهنا ويكون لها وجود موضوعي يف
الطبيعة ،لتجس يد الواقع تصويرا موضوعيا ،وتلعب الدةل دورا ابرزا يف الثبات فلكام وجد
دليل معني مت التوصل اليه يمت قبول هذه التفسريات ،وهذا الاهامتم هدفه الكشف عن
العالقات املتشاهبة ما بني الظاهرة وبني ما س بقها من أحداث وبذكل ميكن القفز من مرحةل
الوصف اىل مرحةل أكرث معقا ويه مرحةل التصنيف(.)4
وميكن تعريف البحوث التصنيفية "بأهنا تكل اليت هتمت بتوزيع وحدات الظاهرة بني فئات معينة
حمددة ،مبعىن جتميع الوحدات املتشاهبة من الظاهرة حتت مسم معني والوحدات الخرى
حتت مسم أآخر ،وتتضمن هذه البحوث شقني أساس يني معلية التوزيع ومعلية البناء ويه
العملية اليت تُعرف ابمس التبويب"(.)6()5
( )1ميكن أن نطبق احلاةل الاوىل عىل النظم الس ياس ية ،فميكن وصفها مثال من خالل توضيح العنارص املشرتكة اليت عىل
أساسها تصنف أمناطها .فتصنف النظم مثال من خالل انتقال السلطة أو بواسطة مبدأ التعددية الس ياس ية ،أما احلاةل
الثانية يف تصنيف اجملمتعات فتصنف اىل جممتعات تقليديه وانتقالية أو حديثة ،زراعية ،صناعية ،برتولية،راجع:
بومدين طامشة ،املرجع السابق ،ص ص .11-10
( )2محمد شليب ،املرجع السابق ،ص .47
( )3بترصف.
( )4حشاتة سلامين محمد سلامين ،املرجع السابق ،ص ص .24-23
( )5نقال عن :محمد شليب ،املرجع السابق ،ص .48
( )6تعترب مرحةل تقس مي وتبويب البحث العلمي معلية أساس ية ومثرة املراحل السابقة ،من خالل اس تخراج وحتديد
الشاكلية والفرضيات وغريها لرمس هيلك دقيق لدلراسة املراد البحث فهيا ،راجع:
- 60 -
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د .ابخلري دراج
للتصنيف فوائد كثرية فهو يفيدان يف ترتيب املعرفة واملعلومات اليت نتحصل علهيا ويساعدان عىل
افرتاض العالقات بني الظواهر املصنفة ،وهبذا فهو وس يةل لتطوير العمل وازدهاره( .)1الس تاذ
"محمد شليب" حيدد فوائد التصنيف يف ما ييل(:)2
-وس يةل لفهم احلالت الفردية للظاهرة بطريقة روتينية ،فاذا وصفنا النظام الس يايس بأنه
تسلّطي أو دميقراطي ميكن معرفة أو توقع أدائه احملمتل.
-يفيد يف تلخيص الظاهرة املدروسة ،فاذا اكنت ظاهرة احلزبية حمل البحث وادلراسة
فتصنيف النظم احلزبية يساعد عىل تلخيص الظاهرة بتحديد عدد احلالت اليت تندرج
حتت لك فئة.
-يعترب مقدمة لفهم رشح مصادر التفاوت بني الفئات املتعددة ،فاذا اكن تصنيف
النظمة احلزبية اىل أحادية وثنائية وتعددية فيكون سؤال بدهيىي هنا ملاذا ينشأ نظام
احلزب الواحد يف دوةل معينة ونظام التعددية يف دوةل أخرى.
-يساعد عىل اكتشاف املتغري التفسريي للظاهرة من خالل معرفة مصدر الاختالف
بني فئات النظم احلزبية وفقا للمثال اذلي أوردانه يف السابق.
-التصنيف هو خطوة حنو التعممي فال تكون ادلراسة علمية اذا اقترص الباحث عىل
جمرد رصد الظاهرة ومالحظهتا ،أو اكتف ابلوصول اىل نتاجئ فرعية وامنا جيب أن
يسع الباحث اىل الكشف عن الصفات العامة للظاهرة والوصول اىل نظرايت
جديدة(.)3
الفرع الثالث :التفسري :التفسري يصاحب الوصف غري أنه يمتزي عن الوصف ابعامتده عىل املزيد
من التجريد ،فالتفسري حيمل يف ثناايه استناد الباحث اىل فروض ومعاجلة عقلية ل ختضع
للمالحظة والتجريب املبارش كام هو احلال للوصف( )4والتعريف الشائع للتفسري هو جعل ما
-محمد عبد الغين سعودي ،حمسن أمحد اخلضريي ،املرجع السابق ،ص .11
-تويك ألكي ،املرجع السابق ،ص 123وما بعدها.
-عبد النارص أبو زيد ،املرجع السابق ،ص ص .125-123
-عامر بوضياف ،املرجع السابق ،ص ص .90-85
( )1نور ادلين فوزي ،املرجع السابق ،ص .17
( )2محمد شليب ،املرجع السابق ،ص .49
( )3الس يد متام ،املرجع السابق ،ص .20
( )4بومدين طامشة ،املرجع السابق ،ص .11
- 61 -
ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هو غامض مفهوما وتعقيل الواقع ،أي جعلها مدركة من جانب عقل يس هتدف فهمها بش ىت
الوسائل ،فهو جييب عن السؤال ملاذا()1؟ .والتفسري هو رضب من رضوب التعممي عن طريقه
يس تطيع الباحث أن يكشف عن العوامل املؤثرة يف الظاهرة املدروسة والعالقات اليت تربط
بيهنا وبني غريها من الظواهر(.)2
ابلنس بة "ملاكس فيرب" فان التفسري هو قوام العمل وتسم سوس يولوجية ماكس فيرب
سوس يولوجية فهمية ،وحسب نظره فهو عمل هيدف اىل فهم النشاط الاجامتعي ابلتفسري اذلي
يرشح فامي بعد سبب تطور هذا النشاط ونتاجئه( .)3ومن بني أهداف التفسري نذكر:
-1يفيد التفسري يف تمنيه املعارف وتوس يعها.
-2جيعل بعض الاش ياء واحضة ومفهومة ،وعليه ُحيدث دلينا رضا ذهنيا.
-3يساعدان التفسري عىل التوقع ول يكتفي مبا حيدث ،ويف هذا يقول "براون وجزييل" أن
التفسري ببنائه عىل خربات املايض يُ ّيرس لنا فهم خربات احلارض واملس تقبل(.)4
الفرع الرابع :التنبؤ (التوقع) :هيمت التنبؤ مبا س يكون يف املس تقبل متجاوزا الوصف والتفسري اىل
اقامة توقعات حصيحة للحداث( ،)5غري أن هناك مالحظة جيب التنويه الهيا ويه أن العلوم
الاجامتعية تظل مقدرهتا عىل التوقع مسأةل نسبية ،والعةل يف هذا أن الظاهرة الس ياس ية حمورها
النسان اذلي يصعب الضبط والتحمك يف سلوكه وهو أمر تفتقده ظواهر العلوم الطبيعية(.)7()6
ففهم العالقات والارتباط بني مكوانت الظواهر معطيات نس تطيع هبا أن نتنبأ وهذا
عن طريق القيام ابدلراسات العلمية املضبوطة والتوصل اىل قوانني عامة ابس تعامل القياس
املنطقي ،ومن بني المثةل يف ميدان العلوم الاجامتعية مثال نذكر عىل سبيل املثال اماكنية
التدخل الاجامتعي حلل مشالكت املراهقني والش باب قبل وقوعها ،كام ميكن التنبؤ بمنو الطفل
خالل مراحل المنو اخملتلفة واس تخالص معايري للمنو الطبيعي(.)8
( )1نور ادلين فوزي ،املرجع السابق ،ص .18
( )2نقال عن :محمد شليب ،املرجع السابق ،ص .50
( )3أمحد درداري ،املرجع السابق ،ص .06
( )4محمد شليب ،املرجع السابق ،ص .52
( )5بومدين طامشة ،املرجع السابق ،ص .12
( )6محمد شليب ،املرجع السابق ،ص .53أنظر للمنت والهتميش
( )7كام أن التنبؤ نس يب يف ميدان العلوم الاجامتعية لكرثة العوامل املتداخةل ابلضافة اىل أن موضوع الظاهرة هو النسان
واملتقلب بسبب ميولته وأهوائه.
( )8حشاتة سلامين محمد سلامين ،املرجع السابق ،ص .18
- 62 -
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د .ابخلري دراج
يعرف الس تاذ "محمد شليب" التنبؤ (اختيار جملموعة من العالقات القامئة بني متغريات أو ظواهر ّ
تقبل املالحظة واملشاهدة ،وعليه فالتنبؤات تكون ُمصاغة يف شلك قانون أو نظرية علمية
معلنة ،ول يتحقق القانون أو النظرية ال اذا اكنت تكل الظواهر والوقائع مفهومة ،ول يتحقق
ذكل ال بتقدمي تفسري لها يف اطار حمك احامتيل) (.)1
املبحث الثالث:
مسامهة ودور املهمتني والفقهاء املسلمني يف مناجه البحث العلمي.
ل تس تطيع أي دوةل همام اكنت حتقيق احتياجاهتا الساس ية وطموحاهتا ال عن طريق
العمل ،لن العامل يف س ياق محمول لكتساب املعرفة العلمية اليت توفر هل الازدهار والتقدم وأن
ماكنة ادلوةل ومزنلهتا تعمتد عىل مدى تأثريها وتطبيق علوهما يف لك التخصصات ويف ش ىت
اجملالت ،ا ْذ يُعد البحث العلمي أساس تقدم الهنضة وتطورها وهذا من خالل مسامهة ودور
العلامء والباحثني ابضافاهتم يف رصيد املعرفة العلمية ،كام تعترب املؤسسات البحثية أساس
النشاط مبا لها من وظيفة أساس ية يف تشجيع البحث العلمي ،فتحتل اجلامعة الرايدة من خالل
ادلور املؤثر والبارز اذلي تلعبه مكؤسسة للبحث العلمي يف التمنية الاقتصادية والاجامتعية
والثقافية(.)2
تقدم البحث العلمي ارتبط ول يزال يرتبط بوجود مهنج للبحث والتحصيل فان غاب املهنج
متزي البحث ابلعشوائية وأحضت املعرفة غري علمية ،ولول اس تفادة النسان من احملاولت اليت
قام هبا يف املايض جتاه الحداث الطبيعية ،فيستبعد احملاولت الفاشةل يف الفهم والتحليل
والاثراء وابقائه عىل احملاولت الناحجة لاكنت عصور ما قبل التارخي يه اليت تغالطنا اليوم،
فالتقدم اذا مرهون ابملهنج العلمي املُتّبع يف ادلراسة(.)3
فزوال مسرية البحث العلمي يكون سبهبا اخللل يف تطبيق املناجه العلمية أو ختلف أداة من
أدوات البحث العلمي ،ويقول الس تاذ "عبد الرمحن بدوي" (ملّا اكن هذا العمل يبحث يف املناجه
اليت يتبعها العلامء يف أحباهثم من أجل الوصول اىل احلقيقة لك يف ميدانه ،فانه ل ميكن أن
الس ُبل اليت سلكها هؤلء العلامء أنفسهم)(.)4 يتكون ال ابلنظر يف ّ
من هاته الزاوية حناول أن نربز بعض الاسهامات ودور الفقهاء والفالسفة وعلامء املسلمني يف
مناجه البحث العلمي ،ول جنزم بأننا نتناول لك احملاولت اجلادة لكن حناول أن نربز بعض مهنا
ابذن هللا وفقا للتقس مي الثنايئ وهذا يف مطلبني الول نربز فيه مسامهة ودور الفالسفة يف مناجه
البحث العلمي ،أما املطلب الثاين نتناول فيه مسامهة ودور الفقهاء املسلمني يف مناجه البحث
العلمي.
املطلب الول :مسامهة ودور الفالسفة يف مناجه البحث العلمي
ان تتبع مراحل مناجه البحث العلمي عرب مر التارخي ت ُّبني بأن أول من وضع طرق
البحث مه الفالسفة اليوانن يف اس تخدام الطرق الاس تدللية القياس ية اليت تقوم عىل
الاس تنباط العقيل للحقائق نذكر من بيهنم مثال أفالطون وأرسطو فاس تخدما طريقة
الاس تقراء ،لكن دون التحرر من املهنج القيايس( ،)1من بني الفالسفة اذلين اكنت هلم
اسهامات يف جمال املهنج العلمي جند الفيلسوف "رونز" اذلي أرشف عىل نرش (قاموس
خفصص اهامتما كبريا حول موضوع املهنج العلمي فقدم مجموعة من التعاريف كام ييل-: الفلسفة) ّ
اجراء يُس تخدم يف بلوغ غاية حمددة.
-املناجه العلمية يه أساليب معروفة تُس تخدم يف معلية حتصيل املعرفة اخلاصة مبوضوع
معني - .عمل يُعىن بصياغة القواعد اخلاصة ابجراء ما.
منسق للمبادئ والعمليات العقلية والتجريبية اليت تو ّجه ابلرضورة للبحث -حتليل ّ
العلمي ،فاملهنج العلمي وفقا لهاته املعطيات يس تخدم أدوات علمية حبتة ويه التحليل
جملموعة املبادئ والسس اليت ينطلق مهنا الباحث(.)2
وقد ازدهر عمل املناجه العلمية يف القرن السابع عرش وولدة العقلية العلمية عىل يد
العديد من الفالسفة والعلامء املتخصصني "أمثال فرانسيس بيكون" (" )1561-1626ريين
دياكرت" (" ،)1596-1650اميانويل اكنت" (" ،)1724-1804فتش يه" ()1814 1762
"سليبخ" (" ،)1755-1864هيجل" (" ،)1770-1831ويلمي جميس" (،)1910 1842
"اكرل ماركس" و"فرويد ريك اجنلز"" ،لكود برانر"" ،اميل دورلكهامي" ()1918 1808
وغريمه من الفالسفة(.)3
الفكرة العامة اليت جيب الرتكزي علهيا دون هوادة ،يه أن هممة الفالسفة ل تتناىف مع
هممة العمل ومن الواجب علهيم أن يوهجوان اىل املهنج املتبع يف الحباث من خالل تقدمي التقارير
املفصةل عن اخلطوات اليت مروا هبا ،وأن يقوموا بصياغة النتاجئ اليت وصلوا الهيا يف صيغ واحضة
ت ُّنظم عىل شلك مذهب يف العقل النساين من حيث طبيعة اجتاهاهتم يف البحث عن
احلقيقة( .)1وقد اتضحت الصورة العامة للمهنج العلمي مع صدور كتاب "فرانسيس بيكون"
الشهر (الورجانون اجلديد) س نه 1620فاس تخدم مهنج جديد وهو املهنج التجرييب يف
الطرق القدمية يف ادلراسة اليت اكنت تعمتد عىل القياس الرسطي اليت ل تفيد لنا بعمل جديد
بقدر ما توحض لنا أمرا س بق معرفته ،لكن هذا الطرح مل يريض بعض الفالسفة من جاؤوا بعد
الفيلسوف "فرانسيس بيكون" ليقدموا لنا طرحا أآخرا أو نوعا أآخرا من املناجه وهو الاس تقراء،
لريتبط تصوره ابضافة الاس تنباط كعملية تزيد دقة ورصامة ومن مث أصبح الطار العام للمهنج
ينطوي عىل املراحل الثالثة الآتية:
-مالحظه الوقائع ذات ادللةل - .التوصل اىل فرض حصيح يفرس عالقة تكل الوقائع -.اس تنباط
واس تخراج النتاجئ(.)2
من بني الفالسفة اذلين دافعوا عىل ادلراسة العلمية بواسطة مناجه البحث العلمي يف ميدان
العلوم الاجامتعية مثال العامل والفيلسوف "اميل دواكمي" ( )1918-1808وذكل يف كتابه (قواعد
املهنج يف عمل الاجامتع) حفدد مجموعة الظواهر الاجامتعية ودراس هتا دراسة علمية بواسطة مناجه
البحث الاجامتعي ،ووصف الظاهرة الاجامتعية ابلنس بة "دلوراكمي" تنبين عىل مبدأين:
-الول :تكون منفصةل وخارجة عن لك وعي فردي ،حبيث يبدو وكهنا تفرض فرضا عىل
العقول الفردية دون أن يشعروا هبا حبيث ل ميكن أن تصدر عن خشص حلاهل لهنا تتو قف عىل
تركيب جامعي.
-الثاين :مادامت الظواهر تفرض عىل الفرد فرضا كام س بق الاشارة اليه ،فالظاهرة الاجامتعية
هبذا الوصف متتاز بأهنا الزامية قرسية(.)3
وان اكن هذا التحليل للواقعة الاجامتعية ينقصه الكثري من ادلقة لنه يستبعد بعض الظواهر
من مجموع الظواهر الاجامتعية اليت تصدر عن الآراء الفردية ويكون لها أثر يف اجملموع ،لكن
هذه اخلطوة يف حقيقة المر تعترب نقطة اجيابية تُضاف لجهتادات علامء وفالسفة العلوم
الاجامتعية ،فقد أثبتوا وبرهنوا علميا ابس تخدام وتطبيق مناجه البحث العلمي وحتديد القواعد
العلمية اليت ميكن بواسطهتا التغلب عىل العراقيل اليت تعيق اس تعامل واس تخدام مناجه البحث
العلمي( .)1وحيدد "دوراكمي" قواعد املهنج الاجامتعي يف ما ييل:
-من امللزم أن نعترب الظواهر الاجامتعية أش ياء واملس تقةل عنا وعن فكران ووعينا بل
جيب أن ن ُعد الظاهرة الاجامتعية ظاهرة طبيعية موضوعية خارجية ل تتأثر بأي
خشصية معينة -القاعدة الثانية أن منزي داخل هذه الوقائع املوضوعية بني ما هو سوي
وما هو غري سوي -حتديد المناط العامة لنواع الاجامتع وللحوال الناش ئة عن
الوجود يف جامعة ابتداء من امجلاعات اخملتلطة والقبيةل.
-حتديد الس باب يف وجود الظواهر الاجامتعية ،مبعىن أن نبحث يف العلل الف ّعاةل
املنتجة للظواهر الاجامتعية -.الزامية تطبيق مهنج (التغريات املساوقة) واستبعاد املهنج
التجرييب لن هذا الاخري ل يصلح يف عمل الاجامتع ال اندرا مع أحقية اس تخدام
املهنج الحصايئ (الحصاء الرمسي وغري الرمسي)(.)2
يرى الفيلسوف "ويتين "1950بأن املهنج يرتبط ابلعمليات العقلية وهذه العمليات
تتضمن وصف الظاهرة املدروسة ،التفسري ،التحليل ،التنبؤ ،اس تعانته ابلتجربة لضبط
املتغريات للوصول اىل نتاجئ مدروسة ،وقدّم الفيلسوف س بعة أنواع من املناجه ويه -املهنج
الوصفي :ويش متل عىل املسح ،دراسة حاةل ،حتليل الوظائف والنشاطات ،الوصف املس متر
مجليع احلقائق ،تفسريها...
املهنج التارخيي :يعمتد عىل حتليل احلقائق التارخيية وتركيهبا للوصول اىل تعماميت مقبوةل- .املهنج
التجرييب -.املهنج الفلسفي - .املهنج التنبؤي - .املهنج الاجامتعي.
املهنج الابداعي(.)3
من مضن السهامات املتعلقة مبناجه البحث العلمي جند اسهامات الس تاذ "لكود برانرد" فيقول
ليس من املمكن أن نفصل بني املناجه وقال (برصاحة ل أعتقد بأن املهنج الاس تقرايئ واملهنج
الاس تدليل نوعني مامتيزين من حيث اجلوهر ،ففي عقل النسان شعور أو فكرة عن مبدأ حيمك
الحوال اجلزئية ....ولكنه ل يس تطيع مطلقا يف الرباهني ال بواسطة القيسة أي ابلسري من
العام اىل اخلاص)(.)1
يرى "أرابن" بأن الروح العلمية ل ميكن أن تتقدم ال ابجياد مناجه جديدة واحلقيقة أ ّن املناجه
العلمية لبد أن ُجتدّد بل وترفض من جيل اىل جيل اذا ثبت عدم صالحهيا ،ويواصل الكمه
ويقول عىل الفيلسوف الباحث يف املناجه أن يتابع مناجه العلامء املتخصصني(.)2
يصنّف لك من" ساكيزت" و"قود" املناجه اىل س تة أنواع ويه املهنج التارخيي ،املهنج
الوصفي ،املسح الوصفي (ويعمتد عىل أساليب جتميع البياانت ،الاس تبيان ،املقابةل ،املالحظة،
التقيمي ،حتليل احملتوى ،دراسات امجلاعات الصغرية) ،املهنج التجرييب ،دراسة احلاةل وادلراسات
الالكس يكية ،دراسة المنو والتطور والوراثة(.)3
املطلب الثاين :مسامهة ودور الفقهاء املسلمني يف مناجه البحث العلمي
اكن للفقهاء والعلامء املسلمني دور يف تسليط الضوء عىل العمل وعىل املناجه املتبعة اليت
يسلكها الباحث أو العامل ،وقد أعطوا رعاية فائقة للبحث العلمي وطرقه وأساليبه وأدواته
ابعتباره الركزية احلقيقية حنو الانطالق والتقدم ،وأجزلت العطاء يف سبيل تطويره وارتقائه
وأصبحت طرق البحث مواد دامئة ومس تقةل ،ويُعد البحث العلمي أساس تقدم الهنضة العلمية
العربية والاسالمية وتطورها من خالل املسامهة اجلادة ابضافاهتم املبتكرة يف رصيد املعرفة
العلمية.
الفرع الول :الامام الغزايل وابن تمييه :يقول الامام الغزايل "رمحه هللا" يف تقيمي العمل وتقديره
احلس يات بعد حفص العقل لها وتفتيشه عىل "بأن العمل هو اليقني العقيل املأخوذ اما من ّ
مأآخذها ،هل يه مس توفيه لرشوط الاحساس الصحيح أم ل واما من البدهييات بعد حفص
العقل لها ،هل س ِلمت من سلطة الوهام أم ل أو أهنا من املتواترات بعد تفتيش العقل
واعامتده ،واما من الوجدانيات ...فلك ذكل ل ثقة به ال بعد تفتيش العقل وحفصه مث اعطاء
احلمك بأنه حصيح أو غري حصيح"(.)4
وقد اكن للمهنج العلمي أمهية برزت يف العصور الوسط عىل اثر انتقاء يف بداية المر للمهنج
القيايس مث املهنج القيايس الرسطي ،ودعوا اىل اعتبار املالحظة والتجربة دعامتني أساس يتني
يف سبيل تقدم املعرفة العلمية.
وقد انتقد الامام "ابن تمييه" املنطق القيايس يف كتابه (نقض املنطق) حيث نف أن يكون
املهنج الرسطي طريقة علمية ملعرفة احلقيقة(.)1
واكن للفقهاء املسلمني ادلور الرئييس فامي يسم ابملهنج الاساليم ،وهو التصور اذلي يأخذ من
ومرجعا لتحليل السلوك النساين واحلياة الاجامتعية ويفرس الظواهر العقيدة الاسالمية منطلقا ْ
اجملمتعية (.)2
يشلك دليال حركيا وقد فرض طلب العمل عىل املسلمني يف الآية القرأآنية "اقرأ" والسالم ّ
وميثاق معل لالنسان ،لن الهدف اذلي يريم اليه هو الارتقاء املس متر ابجملموعة البرشية ،وقد
أضاف املسلمون وجدّدوا وابتكروا فتعددت عندمه العلوم فصنفها "الفارايب" اىل علوم اللغة
وفروعها (علوم التعالمي أو العلوم الرايضية ،علوم الطبيعة وما وراء الطبيعة ،علوم اجملمتع
وقسم هتهوفروعه) ،أما "أيب حامد الغزايل" فقسم العلوم اىل علوم رشعية وعلوم غري رشعيةّ ،
الخرية اىل علوم محمودة مثل الرايضيات والطب ،وعلوم مذمومة اكلسحر والطالمس(.)3
الفرع الثاين :ابن خدلون :يُعترب "ابن خدلون" حبق أب املهنجية العلمية يف حقول العلوم
النسانية فهو صاقل قواعدها وأراكهنا اذ أصبح التارخي مع "ابن خدلون" ِعلام ُمش ّعا ينري ربوع
حفوهل من جسل الفكر الانساين ،وقد ط ّبق مبعىن اللكمة املهنجية املوضوعية عىل عمل التارخي ّ
حافل ابلرواايت اىل عمل دقيق يرشح اجملمتعات ويس تخرج عللها ويبني أس باهبا ،اقرتن امس
العالمة "ابن خدلون" ابملهنج العلمي يف البحوث النسانية وقد فصل "ابن خدلون" بصفة هنائية
بني التفكري امليتافزييقي مع العمل الاجامتعي ويه الانطالقة اجلادة للفكر العلمي من خالل وضع
مهنج منظم بقواعد منضبطة ،واخلوض يف ميدان احلياة الاجامتعية( .)4واكن للمؤرخ "ابن
خدلون" تأثري ل متنايه عىل املس توى العلمي ،وجتىل هذا يف مؤلفه املشهور "مقدمة ابن
خدلون" فال ِكتاب يف حد ذاته يركّز عىل نقطة من النقاط اليت يلتجئ الهيا الباحث يف مهنجية
كتابة البحوث العلمية ورسائل ادلراسات العليا من خالل املصطلح املذكور أل وهو املقدمة،
وقد انتقد الع ّالمة "ابن خدلون" املؤرخني حول بعض املسائل ،جتلت هاته املواقف يف ما ييل:
-1عىل أن املؤرخ ينساق اىل أهوائه الشخصية.
-2أن املؤرخني جيهلون القوانني اليت ختضع لها الظواهر الطبيعية والاجامتعية واليت
يكون أساسها طابع العمران ،حيث طالب اىل اس تعامل املالحظة املبارشة وتعقّب
الظاهرة الواحدة يف خمتلف مراحل تطورها عرب التارخي ومقارنة الظاهرة بغريها من
الظواهر املرتبطة هبا يف نفس اجملمتع.
-3دع اىل الخذ ابجلانب ادلينامييك للظواهر الاجامتعية واىل اجلوانب الس تاتيكية.
-4أكد عىل اس تخدام التعليل والربهنة وهذا بعد مجع املواد املتعلقة ابلظواهر عن طريق
احلس ية للوصول اىل القوانني العامة اليت حتمك الظواهر اخملتلفة(.)1
املالحظة ّ
-5قال "ابن خدلون" بأن املناطقة يف القرن السادس عرش اهمتوا ح ِقيقة ابملناجه العلمية
لكهنا انصبت فقط عىل البالغة والدب وجتاهلوا املالحظة والتجريب(.)2
من هنا يُفهم بأن العالمة "ابن خدلون" فضّ ل الاعامتد عىل طرق احلس واملشاهدة
املتخصص يف وضع مهنج سلمي واملالحظة كدوات للبحث العلمي تسامه الباحث أو العا ِلم ّ
يؤدي به يف الهناية اىل التوصل لنتاجئ مرضية ،كام أكّد عىل التعرف عىل قوانني المنو الاجامتعي
والس يايس ،وقد انتقد املؤرخني كام أرشان بقوهل(يه أحاكم ذهنية والوجودايت اخلارجة
مشخّصة ،فالتطابق بيهنام غري يقيين لن املادة قد ُحتول دونه اللهم ال ما يشهد هل ا ِحل ّس يف
ذكل فدليهل شهوده ل تكل الرباهني املنطقية(.)3
مؤسس عمل مؤرخ وفيلسوف يف اترخي البرشية فهو ّ زايدة عىل أن "ابن خدلون" ّ
العمران البرشي فألّف كتاب يف هذا الشأن اضافة اىل مؤلفات أخرى (كتارخي العرب واترخي
الرببر) ،لكن اقرتن امس املؤرخ ابملقدمة مقارنة ابملؤلفات الخرى والرس يمكن يف أن املقدمة
يه املفتاح اذلي بدونه يس تحيل الوصول اىل املعرفة احلقيقية لتارخي المم فهىي ملخّص للمناجه
العلمية املوضوعية ،فيقول يف أحد مؤلفاته حول الطريقة اليت بفضلها مت التحول العلمي
وفصلته يف الخبار والرايق(أنشأْت كتااب رف ْعت به عن الحوال الناش ئة من الجيال جحااب ّ
ديت فيه ل ْول ِويّة ادلول والعمران ِعلال وأس بااب فه ّذبْ ُت مناحيه هتذيبا،
والاعتبار اباب ،وأبْ ُ
وقربته افهام العلامء واخلاصة تقريبا وسل ْكت يف ترتيبه و تبويبه مسلاك غريبا ،واخرتعت من بني ّ
)1 (
املنايح مذهبا جعيبا وطريقة مبتدعة و أسلواب) .
الفرع الثالث :ابن النفيس :هو عالء ادلين أبو احلسن عيل ابن أيب احلزم القريش ادلمشقي ودل
بدمشق عام 1210ميالدي 607جهري ،اش تغل ابلطب تفرغ للعمل وأههل ومل يزتوج ُعرف
عنه حسن اخلُلق والورع والوقار ،ت ّ
ُويف ابلقاهرة عن معر يناهز الامثنني عاما وهذا يف س نة 687
جهرية واكن دليه تصور واحض عن مناجه البحث العلمي واحنرصت هاته التصورات من خالل
املنطق والدوات(.)2
-1املنطق :يُقصد به ابن النفيس السلوب املُس تخدم يف نُظم الربهنة والتوصل اىل ما
يراه يقينا ويه املبادئ الولية ،القضااي ،القياس ،الاس تدلل.
أ -املبادئ الولية :يه مبادئ يسمل هبا كساس لبناء نظريته يف احلياة ومن مث نظريته يف
عمل الطب ،فيقمي تفسرياته وحيل مشالكته.
ب -القضااي :ويه القالب اللفظي اذلي ينطوي عىل حمك نُلخّص به رؤية سابقة
ونسترشف به رؤية لحقة.
ت -القياس :هو السلوب التقليدي يف القياس "لبن النفيس" فينتقل من مقدمة كربى
نسمل هبا اىل نتيجة لزمة عهنا عرب مقدمة صغرى تنطوي حتهتا ،لكن هل يصلح هذا
السلوب مع ما يتسم به القياس من جتديد؟ تساؤل ورد يف ذكل العرص من
ليظهر نوعا أآخر من القياس أقرب اىل أسلوبه املؤرخني واملنطقيون واملتلكمونْ ،
التقليدي واذلي يسم (متثيال) ويه طريقة اىل الربهنة تنتقل من التسلمي حباةل جزئية
ثبُت صدقها اىل حاةل مماثةل لشرتاكهام يف عةل حدوهثام رمغ حداثة احداهام عىل الخرى
ويه طريقة متطورة عىل القياس التقليدي اذلي يعين امجلود.
ث -الاس تدلل :هو الطابع العام لسلوب "ابن النفيس" يعترب أداة وأسلوب للطابع
الغايئ التأ ّميل اذلي اكن حيمك طريقة تفكريه ،واذلي اكن يرشح أفاكره يف صفحات
(رشح ترشحي القانون)(.)3
-2الدوات :ويه أش ياء يس تخدهما الباحث دلراسة موضوعه مع الزتامه بقواعد املهنج
العلمي ،هاته الدوات (لبن النفيس) ذات طابع نظري وأدوات ذات طابع معيل.
-أدوات ذات الطابع النظري :حتتوي عىل الشلك ،املوضوعية ،التصويب اذلايت.
-أدوات ذات الطابع العميل :التجربة واملشاهدة ،مبارشة الترشحي(.)1
خالصة :حاولنا يف هذا الفصل من احملارضات ابراز مناجه البحث العلمي يف املعارف القانونية
وادلراسات الفقهية ،فأرشان يف البداية ملاهية املهنج العلمي (مفهوم املهنج العلمي لغة واصطالحا)
واملداخل املهنجية وتطور الفكر العلمي ،يليه احلديث عن أمهية ووظائف املناجه ،وأخريا وليس
أآخرا أبرزان مسامهة ودور املؤرخني واملهمتني والفقهاء املسلمني يف مناجه البحث العلمي.
الفصل الرابع:
أنواع املناجه العلمية
يعترب املهنج العلمي أداة لتحقيق املوضوعية والوصول اىل احلقيقة ،ذلكل جيب عىل
الباحث أن يوظف املهنج أو املناجه الكرث مالمئة لطبيعة العمل اذلي ينمتي اليه ،فاذا اتبع
الباحث قواعد املهنج العلمي والزتم خطواته وسكل الطريق السلمي يف التعرف عىل الظاهرة حمل
ادلراسة وتوصل اىل معارف جديدة ابلدةل والرباهني تؤكد حصة ما مت التوصل اليه من حقائق
ونتاجئ لتعمميها ،يصدق عليه حقيقة البحث العلمي وحقيقة الباحث اجلاد اذلي يلزتم ابلصفات
اخلاصة به.
ان القول بتوفر قواعد املهنج العلمي ل يعين ابلتأكيد أن لك العلوم جمربة ابللزتام مبهنج
واحد ،بل توجد عدة مناجه وحىت ابلنس بة للعمل الواحد فقد يلجأ اىل أكرث من مهنج فعىل
الباحث أن خيتار املهنج املناسب اذلي يش تغل فيه مادامت لك املناجه تلزتم بأصول املهنج
العلمي(.)2
يرى بعض الفالسفة أن مناجه البحث العلمية النظرية والتطبيقية ل ختتلف يف
جوهرها عن مناجه البحث املس تخدمة يف العلوم الاجامتعية وادلراسات القانونية( ،)3ويقول
(الس تاذ عبد الرمحن بدوي) جيب أن ل نغايل ابلتوكيد يف اظهار الاختالف بني املناجه العلمية
فالفصل بيهنا ياكد يكون مس تحيال ،لكننا نقوم هبذا التقس مي للمناجه من أجل دراس هتا فقط وأن
ل نعد هذا التقس مي تقس امي مطلقا(.)1
وعىل أي حال فتصنيف املناجه يعمتد عىل معيار حمدد يوهجه الباحث ليك يتفادى
اخللط و التشويش ،وعادة ما ختتلف التقس اميت بني العلامء اخملتصني واملهمتني بعمل املهنجية حول
عدد وأنواع املناجه العلمية ،فالبعض يقسمها اىل املناجه الرئيسة والصلية ابعتبارها مناجه حبث
مس تقةل والبعض يوسع من عدد املناجه مكناجه فرعية هدفها احلصول عىل املعرفة.
-1تقيسامت مناجه البحث العلمي عند " هويتين " املهنج التارخيي ،املهنج الفلسف ،
( )whtneyالتنبئوي ،البحث الاجامتعي ،البحث البداعي.
-2مناجه البحث العلمي عند " ماركزي " marquisفهىي املهنج النرتوبولوج (مبعىن املالحظة
امليدانية)واملهنج الفلسفي ،مهنج دراسة حاةل ،املهنج التارخيي ،مهنج املسح ،املهنج التجرييب.
-3يقسم لك من (جود وسكيتس) " "good and scatesاملناجه العلمية تنحرص يف املهنج
التارخيي ،املهنج الوصفي ،مهنج املسح الوصفي ،املهنج التجرييب ،مهنج دراسة احلاةل وادلراسات
اللكينيكية ،مهنج دراسات المنو والتطوير والوراثة وتصنيف املناجه الواردة للفالسفة يسمهيا
البعض ابلتقس اميت احلديثة ملناجه البحث العلمي(.)2
هذا ويضيف البعض تقس اميت أخرى وتسم ابلتقس اميت التقليدية ويه:
-1املهنج التحلييل والرتكييب :فاملهنج التحلييل الاكتشايف أو مهنج الاخرتاع ويس هتدف الكشف
عن احلقيقية ،أما املهنج الرتكييب أو التأليفي اذلي يقوم برتكيب وتأليف احلقائق اليت مت اكتشافها
هبدف نرشها للآخرين ويسم أيضا مبهنج املذهب ،وما يعاب عىل هذا التعريف بأنه غري
مكمتل اذ هو ل ياكد يتحدث ال عن الفاكر ل عن الوقائع والقوانني(.)3
-2املهنج التلقايئ واملهنج التأميل :فاملهنج التلقايئ هو ذكل اذلي يسري فيه العقل سريا طبيعيا مل
حتدد أصوهل سابقا متجها حنو املعرفة أو احلقيقة ،ويرى البعض بأن املهنج الخري هو اذلي ميكن
أن يكون موضوعا للعمل لنه يقوم عىل التأمل والشعور ،ل عىل التلقائية والالشعور غري
الواحض( .)4تقس مي أآخر للمناجه العلمية ومن منظور أآخر)1( :
-1من حيث نوع العمليات العقلية اليت تسري علهيا :املهنج الاس تدليل (الاس تنباطي) ،املهنج
الاس تقرايئ ،املهنج التارخيي ،ولك هل دللته ومفهومه.
-2من حيث أسلوب الجراء :املهنج التجرييب ،مهنج املسح ،املهنج التارخيي.
-3التصنيف من حيث المك والكيف فتنحرص يف مهنجني :املهنج المكي ،املهنج الكيفي.
-4أخريا تصنيفها طبقا للحداثة أو التقليدية وهو ما أرشان اليه مبعىن املهنج التقليدي ،املهنج
احلديث.
-ان من بني هذه املناجه ما يالمئ الحباث يف جمال العلوم الفزيايئية ومهنا ما يالمئ العلوم
النسانية اكلعلوم الس ياس ية والعلوم القانونية والعلوم الدبية ،فيتبع هبذا الباحث املهنج اذلي يراه
مرتبطا ارتباطا وثيقا ابلبحث حمل ادلراسة.
واملهنج العلمي يتضمن قواعد منطقية وخطوات اجرائية يف البحث العلمي جتد القبول
دلى مجموعة من العلامء لتطوير الرصيد املعريف املتخصص واحلصول عىل البياانت الالزمة
وحتليلها ليصال نتاجئ البحث وتعمميها اىل املهمتني ،وان اكن مقياس مهنجية البحث العلمي
مقياس هتمت به لك جمالت ادلراسة واملعرفة انتاجا وحفصا وتعمقا(.)2
سنتطرق مبشيئة هللا يف هذا الفصل اىل مجموعة من املناجه العلمية يف جمال البحث
العلمي ول نغايل بأننا قد أحطنا بلك أنواع املناجه ،لكننا نؤكد عىل أن املناجه اليت سيمت التفصيل
فهيا يه الكرث اس تخداما واملتفق علهيا ،فالتقس مي يكون يف ثالث مباحث:
املبحث الول حيتوي عىل املناجه العلمية الرئيس ية ،يف حني يتضمن املبحث الثاين
العلمية الثانوية وأخريا املبحث الثالث يتكون من املناجه العلمية اليت لها دور يف جمال البحث
العلمي لكهنا قد ل تليق أحياان بدراسة العلوم الانسانية.
املبحث الول:
املناجه العلمية الرئيس ية
ان دراسة املناجه العلمية يف جمال العلوم القانونية والدارية مسأةل هممة ابعتبارها مجموعة
املعلومات واملعارف العلمية املتعلقة ابلدارة كتنظمي ،وأساليب وطرق يف التس يري يه يف
الساس علوم أول وعلوم اجامتعية اثنية ختضع يف جمال ادلراسة للمناجه والبحوث العلمية املطبقة
واملس تخدمة يف العلوم الاجامتعية وهته املناجه أساسا يه املهنج الاس تدليل (الاس تنباطي)،
املهنج التجرييب (الاس تقرايئ) ،املهنج التارخيي ،املهنج اجلديل( ،ادلايليكتييك) ( )1واليت
س نعرضها ابدلراسة والتفصيل وعليه نقسم هذا املبحث اىل مطلبني الول املهنج الاس تدليل
واملهنج التجرييب ،واملطلب الثاين املهنج التارخيي واملهنج اجلديل.
املطلب الول :املهنج الاس تدليل واملهنج التجرييب
الفرع الول :املهنج الاس تدليل :يطلق عىل الاس تدلل عدة تسميات مثل :الاس تنباط
القياس ،الاس تنتاج ،ويسم أيضا أسلوب حفص الفرضية ،والتفكري الاس تدليل أو
الاس تنباطي يقصد به الانتقال من العام اىل اخلاص أو من املعلوم اىل اجملهول(.)2
-وهو الربهان اذلي يبدأ من القضااي املسمل هبا ويسري اىل قضااي أخرى تنتج عهنا ابلرضورة
دون اللجوء اىل التجربة وهذا السري اما بواسطة القول أو بواسطة احلساب اكلقايض اذلي
يس تدل اعامتدا عىل ما دليه من واثئق ،واملُضارب اذلي يس تدل وفقا للمعروض و املطلوب من
الوراق املالية(.)3
هناك من يفرق بني املهنج الاس تدليل واملهنج الاس تنباطي أو الاس تنتاج ،والبعض
الآخر يس تعيض عهنام ابملهنج العقيل ،لكننا سنس تعملها مجيعا مكرتادفات دون اخلوض يف
اخلالفات الفلسفية اليت متزي بني املهنج الاس تدليل واملهنج الاس تنباطي وهو ما يتفق مع العلوم
القانونية فال توجد تفرقة بني الاس تنباط والاس تنتاج ،كام أن الاس تدلل يف اللغة هو دلل أي
يس تدل مبعىن ينتج أمرا جمهول من أمر معلوم وأن املناط يف حصة الاس تدلل هو ادلقة
والتسلسل العقيل( .)1واملهنج الاس تنباطي رضابن :محيل ،اذا اكنت مقدماته مسلام بصدقها
بصفة هنائية ،وفريض ،اذا سمل بصدقها بصفة مؤقتة(.)2
الاس تدلل هو حركة عقلية ننتقل فهيا من موضوع اىل أآخر عىل سبيل الاس تنتاج
وهذه احلركة العقلية تمتزي ابلصورية التامة ،مبعىن أن يتوقف صدق النتاجئ فامي يُقمي من
اس تدللت عىل صدق املقدمات فقط ،ل عىل مطابقة هذه النتاجئ للواقع(.)3
املهنج الاس تدليل يقوم عىل املبادئ والنظرايت ،فالعملية الاس تدللية تبدأ من
نظرايت ومبادئ وتنهتىي اىل نظرايت ومبادئ مس تنتجة مهنا منطقيا(.)4
ان النظام الاس تدليل ليس نظاما مطلقا بل يتصف بثالث صفات حددها (روجيه)
بوضوح ويه( :أنه اصطاليح وغري معني وأنه مع ذكل غري اعتباطي) (.)5
ويس تعني املهنج الاس تدليل مببادئ معينة ويه:
أول :البدهييات :ويه القضية الواحضة ول جدال فهيا اليت ل حتتاج اىل الربهنة علهيا ومتتاز
بثالثة خاصيات :أول البنية النفسانية مبعىن وضوهحا مبارشة للنفس بال واسطة ول برهان
منطقي ،أما اخلاصية الثانية فمتتاز ابلولية املنطقية مبعىن أآخر فهىي مبدأ أوليا غري مس تخلص من
غريه ،أما املزية الثالثة للبدهييات فهىي قاعدة صورية عامة أو قضية مشرتكة لن ّ
مسمل هبا من
اكمل العقول عىل السواء(.)6
اثنيا :املصادرات(املسلامت) :اذا اكنت البدهييات بينة بنفسها فان املصادرات ليست كذكل
ولكن يصادر عىل حصهتا وتسمل تسلامي مع عدم بياهنا بوضوح للعقل .وحصة املصادرات تظهر من
خالل نتاجئها املتعددة والصحية وغري املتناقضة ،وتوجد املصادرات يف العلوم الطبيعية وعمل
الرايضيات ويف العلوم النسانية والاجامتعية ،فالفرق بني املصادرة والبدهيية يمكن يف أن
املصادرة من املمكن اناكرها دون الوقوع يف الحاةل بعكس البدهيية ،لكن النظرايت احلديثة ل
متيل اىل املغالت يف التفرقة بيهنام بل حتاول التقريب بيهنام ،فينادى الفقيه (بوناكريه) بأن تُعد
لكتهيام تعريفات مقنعة ول فارق بيهنام ال يف درجة الرتكيب(.)2()1
اثلثا :التعريفات :قد يكون التعريف لفظيا ،وهو اذلي يرشح املعىن اذلي يدل عليه اللفظ فزييل
ما به من مغوض أو قد يكون رشطيا وهو اذلي يضعه الباحث ويعطيه معىن خاص ابلبحث
اذلي جيريه برشط الالزتام به ،وهناك التعريف الاصطاليح اذلي هيدف اىل حتديد املفهوم
اللكي بذكر خصائصه ومزياته كام قد يذكر الباحث اللفظ دون تعريف وهو ما يسم
بـالالمعروفات ومن أمثةل البدهييات أن من ميكل الكرث ميكل القل ،واللك هو مجموع أجزائه
واملتساوايت املتشاهبة متساوية و أن الابن أصغر س نا من الب(.)3
يه اذا املبادئ الثالثة اليت يستند علهيا املهنج الاس تدليل.
أما اخلطوات العملية لالس تدلل أو الدوات العلمية لالس تدلل( :)4فتتجىل يف
القياس التجريب العقيل ،الرتكيب.
-فالقياس هو مواهجة املشلكة املطلوب حلها وحتليلها ،تنطلق من مقدمات مسمل هبا اىل نتاجئ
افرتاضية غري مضمون حصهتا.
-التجريب العقيل :ميكننا أن ننوه يف البداية عىل أن التجريب العقيل خيتلف اختالفا اتما عن
املهنج التجرييب ،وهو قيام الانسان يف داخل عقهل بلك الفروض والتحقيقات اليت يعجز عن
القيام هبا وينقسم اىل قسمني التجريب العقيل اخليايل ،والتجريب العقيل العلمي.
-الرتكيب :فهىي معلية عقلية عكس ية تسري قُدما وتبدأ من القضية ابعتبارها حصيحة ،ويراد مهنا
معرفة لك النتاجئ اليت تؤدي الهيا.
الفرع الثاين :املهنج التجرييب:
يعترب املهنج التجرييب مهنجا من املناجه العلمية اليت متخضت عهنا الهنضة العلمية احلديثة
يف أورواب يف القرن السابع عرش ،واذلي أعاد اكتشافه " فرانسيس بيكون" يف كتابه
(الورغانون اجلديد) عام 1620واذلي أحدث ثورة علمية هائةل يف لك منايح احلياة.
وقد انهبر العلامء ابملهنج التجرييب يف ش ىت التخصصات فعملوا عىل تطبيقه يف اكفة
العلوم والتخصصات حىت لو اكنت طبيعة تكل العلوم وموضوعاهتا تتعارض معه ،فقد أخذ "
لومربوزو" ( )1835-1909يف جمال عمل الجرام لك الطرق والاجهتادات ملعرفة الس باب
الاكمنة وراء السلوك الجرايم ،ليتبني لحقا عدم حصة النتاجئ اليت متخض عهنا املهنج التجرييب
يف جمال عمل الجرام والسبب يعود لكون التكوين البيولوج واجلسامين للمجرم ل خيتلف عن
غريه ،وأن أس باب اجلرمية تعود اىل تظافر مجموعة من العوامل اليت تس تعيص عىل التجريب(.)1
ويعترب التجريب موقفا لثبات حقائق أو التأكد مهنا ،وتكون احلقائق اكمةل يف جمال
العلوم النسانية والعلوم الاجامتعية عند ظهورها واكتشافها يف ترصفات وسلوك ميكن مشاهدته
أو مالحظته ،وهو أمر يقع حتت س يطرة املبحوث وظروفه اخلاصة(.)2
يعد املهنج التجرييب مهنج مالحظة الواقع وحتليهل واجراء التجارب املادية امللموسة
علهيا ،وهو أيضا مهنج ينطلق من دراسة اجلزئيات مث ينتقل اىل تعمميها وتعمتد ادلراسة فيه عىل
الس ببية(.)3
حيتاج املهنج التجرييب ملا يسم " ابلتجربة العلمية" واليت تقوم أساسا عىل اختبار
مدى أثر عامل أو متغري جترييب معني ُيراد قياسه عن طريق التجربة العملية عىل املس توى
اجلزيئ احملدود قبل تعممي اس تخدامه ابلمنط اذلي ُاخترب به عىل اجملمتع برمته(.)4
يدرس المور العقلية فان املهنج أول :مفهوم املهنج التجرييب :اذا اكن املهنج الاس تدليل ّ
يدرس الظواهر الطبيعية اخلارجة عن العقل فهو من منظور الس تاذ " أمحد خروغ " التجرييب ّ
املهنج املس تخدم حني تبدأ من وقائع خارجة عن العقل لهنمت بوصفها وحتليلها واخضاعها للتجربة
العلمية فهو هبذا ينتقل من اخلاص اىل العام وهو عكس ما ميتاز به املهنج الاس تدليل(.)5
يرى بعني البصرية الس تاذ " عبد الرمحن بدوي" بأن املهنج التجرييب هو املهنج
املس تخدم حني نبدأ من وقائع خارجة عن العقل ،سواء أاكنت خارجة عن النفس اطالقا أو
ابطنة فهيا كام يف حاةل الاس تنباط ليك نصف هذه الظاهرة اخلارجة عن العقل ونفرسها(.)6
يعرف بأنه مهنج مالحظة الواقع وحتليهل واجراء التجارب املادية امللموسة علهيا، كام ّ
وهو أيضا مهنج ينطلق من دراسة جزئيات كثرية خاصة مث ينتقل اىل التعممي وادلراسة فيه تعمتد
عىل الس ببية(.)1
املهنج التجرييب هو املهنج اذلي تتضح فيه معامل الطريقة العلمية يف التفكري بصورة
جلية ،لنه يعمتد عىل الرباهني بطريقة تسمح ابختبار الفروض والتحمك يف العوامل اليت ميكن أن
تؤثر يف الظاهرة والوصول اىل العالقة بني الس باب والنتاجئ(.)2
يقول " أملري" ) (ELMERبأن املهنج التجرييب يتضمن أكرث من جمرد البحث عن
حقائق جديدة أو حقائق معرتف هبا يف تراكيب وجتمعات جديدة ،وهو التطبيق اذلي يعمتد
عىل اختبار الفروض فهو ليس جمرد أن نرى ماذا س تكون الجابة لقرتاح أو افرتاض معني،
بل هو فهم لردود الفعل الناجتة والتنوع والتغري يف ردود الفعل عندما يتغري عامل الظروف
احمليطة(.)3
املهنج التجرييب هو املهنج املس تخدم حني نبدأ من وقائع خارجة عن العقل ،سواء
اكنت خارجة عن النفس أو ابطنية فهيا لنفرسها ابلتجربة دون اعامتد عىل مبادئ املنطق
الصورية لوحدها( .)4نشأ هذا املهنج ليؤكد تعويل العلامء عىل الوقائع احملسوسة وليس عىل جمرد
التأمل النظري ،بل أن معيار صدق أفاكران وفروضنا هو مدى تطابقها مع الطريقة اليت تسري
علهيا وقائع العامل اخلارج(.)5
ينظر الس تاذ (ادريس خفور) للمهنج التجرييب بأنه مثال طيب لختبار الفرض والتأكد من
حصته أو خطئه عىل الرمغ من حدود هذا املهنج يف ادلراسات الاجامتعية ابس تثناء عمل
النفس(.)6
اثنيا :خطوات املهنج التجرييب :يش متل املهنج التجرييب عىل مجموعة من اخلطوات ويه:
-املشاهدة يه الوقوف عن كثب عىل اليشء املراد رؤيته ،لهنا مقترصة عىل العني فقط يف
مشاهدة الشاكل والفعال.
-املالحظة يه الرابط بني املُشاهد واملسموع ،لهنا الداة املس تعمةل حلاس يت السمع والبرص
والعقل يف وقت واحد فيالحظ الانسان بأذنيه كام يالحظ بعينه ولكنه ل يس تطيع املشاهدة
حباسة السمع.
املالحظة تعين توجيه احلواس والانتباه اىل ظاهرة أو مجموعة من الظواهر رغبة يف
الكشف عن صفاهتا أو خصائصها توصال اىل كسب املعرفة اجلديدة عن تكل الظاهرة أو
الظواهر ،وتتخذ املالحظة مجموعة من الصور تبدأ ابملالحظة الساذجة مث املالحظات اليت
( )1الس يد متام ،املرجع السابق ،ص .60
-بومدين طامشة ،املرجع السابق ،ص .114
( )2عامر عوابدي ،املرجع السابق ،ص .204
( )3ملعرفة املزيد:
-عقيل حسني عقيل ،املرجع السابق ،ص .164
- 79 -
ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تقرتن ابلتجارب وصول اىل مالحظات دقيقة جتمتع لها لك أساليب البحث والاس تقصاء
العلمي( ،)1واملالحظة العلمية يه املشاهدة احلس ية واملنظمة من أجل اكتشاف أس باهبا عن
طريق القيام بعملية النظر يف هذه الش ياء والمور والظواهر وتعريفها وتوصيفها وذكل قبل
حتريك معلييت وضع الفرضيات والتجريب(.)2
يه مرحةل للتأمل وللمشاهدة وقيام الباحث بعمليات الوصف والتعريف والتصنيف
من أجل الوصول اىل معرفة حاةل اليشء أو الظاهرة أو الواقعة(.)3
وتنقسم املالحظة اىل قسمني املالحظة البس يطة واملالحظة العلمية ،فالوىل يه اليت
نقوم هبا عرضا يف احلياة العادية دون أن نقصد اىل املالحظة فعال ودون أن نركز انتباهنا منذ
البداية يف انحية معينة ،ولبد أن ننوع يف ميدان املالحظة وأن نقصد الهيا قصدا ليك نس تطيع
أن نصل اىل مشاهدة علمية بأمت معىن اللكمة أما املالحظة العلمية ابملعىن ادلقيق يه تكل اليت
يبدأ فهيا املرء من فرض أو حياول بواسطهتا أن يبحث يف انحية معينة ،وجيب أن تكون هذه
املالحظة دقيقة لك ادلقة فال نغفل أي عامل قد يكون هل أثر يف احداث الظاهرة ،ومن أجل
ذكل جيب ان نفرق كام قال (لكود برانر) بني نوعني من املشاهدة أل ويه املشاهدة البس يطة
واملشاهدة املسلحة(.)4
ب -الفرضية :يعرف الس تاذ (ماخ) الفرضية بأهنا تفسري لوقائع معينة ل تزال مبعزل عن امتحان
الوقائع حىت اذا ما امتحن يف الوقائع ،أصبح من بعد اما فرضا زائفا جيب أن يعدل عنه اىل غريه
واما قانوان يفرس جمرى الظواهر(.)5
يعرفها الس تاذ (عامر عوابدي) بأهنا فروض وحلول وبدائل واقرتاحات وضعها الباحث
بواسطة معلية التحليل العلمي للبحث عن أس باب الظواهر وقوانيهنا ونظرايهتا (.)6
( )1أساليب البحث العلمي املقصودة هنا يه الهجزة والدوات والوسائل لقياس الزمان واملاكن واحلركة واملوجة همام دقت
عنارصها أو اتسعت ،راجع:
-محمد محمد قامس ،املرجع السابق ،ص ص .111-110
( )2عبد الرمحن بدوي ،املرجع السابق ،ص .128
( )3ادريس الفاخوري ،املرجع السابق ،ص .41
( )4عبد الرمحن بدوي ،املرجع السابق ،ص ص .135-134
-املشاهدة البس يطة تقوم عىل احلواس اجملردة مبارشة ،أما املشاهدة املسلحة فهىي تكل اليت نس تعني يف حتقيقها ابلهجزة
اخملتلفة اليت هتىيء لنا تقوية احلواس أو اكتشاف ظواهر ل ميكن أن تكتشف ابحلس اجملرد.
( )5عبد الرمحن بدوي ،املرجع السابق ،ص .145
( )6عامر عوابدي ،املرجع السابق ،ص .213
- 80 -
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د .ابخلري دراج
املرحةل الثانية من مقومات املهنج التجرييب يه مرحةل وضع الفروض ،فال قمية واحضة
ملرحةل املالحظة ال بوجود الفرض اذلي يقرتح شالك جبمع الشواهد من املالحظات والتجارب
يف صورة حصيحة ومنطقية يقبلها العقل بعد أن يتحقق من هذا الفرض.
وتلعب الفرضيات دورا ابرزا وحيواي يف القمية العلمية واملهنجية للبحوث وادلراسات
يف ش ىت ميادين الاختصاص ،واعامتد الفروض مل يصبح مهنجا علميا هل دللته ال يف القرن
التاسع عرش بفضل أحباث Cloude Bernardو whewellبعد أن اكنت هناك معارضة
شديدة من غريمه من الفالسفة ممن حذروا مهنا حماولني استبعادها حبجة عدم جدواها(.)1
كام أن للفرضيات دور كبري يف تسلسل وربط معلية سري املهنج التجرييب من مرحةل
املالحظة العلمية اىل مرحةل التجريب واس تخراج القوانني واس تنباط النظرايت العلمية املتعلقة
ابلواقع والظواهر املشموةل ابلتجربة(.)2
جمال تطبيق املهنج التجرييب ميكن تطبيقه من خالل أكرث من طريقة مهنا:
-اجراء الاختبار بعد ادخال املتغريات املس تقةل (اختبارات لحقة بعدية).
-اجراء الاختبارات قبل وبعد ادخال املتغريات املس تقةل (اختبارات قبلية وبعدية) (.)3
رشوط الفرضيات :يتعلق بعضها ببنية الفرض والآخر بظروف التحقق من هذا الفرض وأمهها:
-بساطة الفروض ،مبعىن الوضوح واجلالء ملفردات الفروض العلمي.
-ل ينطوي الفرض عىل تناقض داخيل بني عنارصه.
-الرتكزي عىل الوقائع ذات ادللةل ،والوقائع العادية اليت تكون طريقا للعلامء.
-الاعامتد عىل الرؤية العقلية املبارشة من خالل رصيد العلامء من التجارب والواقع اذلي متثهل
من هجة أخرى.
-عدم التعارض مع ما ّنسمل به من قوانني علمية(.)4
ج -التجربة :مما ل شك فيه بأن للتجريب أو التجربة العقلية أثرا هاما يف الاقتصاد الفكري
ومعلية التجريب يه معلية تأيت بامثرها عىل الفرضيات لثبات حصهتا من عدهما ،وهذا ابستبعاد
الفرضيات الغري جمدية ،واثبات حصة الفرضيات العلمية بواسطة اجراء معلية التجريب عىل
الفرضيات املقرتحة( .)1ونعين ابلتجربة توفري الرشوط الاصطناعية الكفيةل ابحداث الظاهرة(.)2
ان اثبات حصة الفرضيات العلمية بواسطة معلية التجريب يف أحوال وظروف خمتلفة
ومتغايرة والتنوع يف التجريب يعمتد عىل القواعد الوىل احلقيقية اليت صاغها (فرانسيس بيكون)
واملعروفة ابمس (قنص ابن) la chasse de panويقصد هبا (بأن) الطبيعة اللكية أو الكون
مبعىن أآخر اس تعامل تنويع التجربة وقاعدة اطالهتا وقاعدة نقل التجربة وقلهبا واس تعامل لوحات
احلضور والغياب لوحة تفاوت ادلرجات والاحنراف ولهذا القنص مرحلتان ،املرحةل الوىل يه
مرحةل التجريب واملرحةل الثانية يه مرحةل ما يسمونه بتسجيل التجربة أو امس اللوحات(.)3
اضافة أخرى يف جمال امليدان التجرييب واليت قدهما (ميل )Millبعد الانتقادات اليت
وهجت لبيكون فركز ميل وتبعا لحباث (هرشال) Herschelعىل القواعد أو اللواحئ امخلس
والرضورية كخطوات لبد مهنا يف املهنج التجرييب والهدف من هذا اكتشاف القوانني ابثبات
روابط علية بني الظواهر بعضها ببعض وتنحرص هاته املناجه يف مهنج التفاق ومهنج الافرتاق،
املهنج املزدوج لالفرتاق والتفاق ،ومهنج البوايق ،ومهنج املتغريات املساوقة(.)4
تقيمي املهنج التجرييب :يعترب املهنج التجرييب من أكرث املناجه كفاءة يف الوصول اىل نتاجئ دقيقة
مبنية عىل التجارب العلمية والقياس ادلقيق وأمه ممزياته:
-تكرار التجربة من طرف أكرث من ابحث مما يدل عىل صدق النتاجئ.
-ضبط املتغريات املتعلقة مبوضوع التجربة يساعد عىل قياس تأثريها.
-صعوبة قدرة الباحث عىل حتديد الدوات املناس بة للتجربة وصعوبة التأكد من موضوعية
أطراف التجربة(.)5
-وهو املهنج اذلي يعمتد عىل الواثئق التارخيية ملعرفهتا ونقدها ،ليحاول بعدها الباحث الانتقال
اىل املرحةل أخرى يه الرتكيب ،ليمت التأليف بني هذه احلقائق وتفسريها وذكل من خالل فهم
احلارض انطالقا من املايض(.)1
-املهنج التارخيي هو الطريق اذلي يربط بني احلارض واملايض واملتوقع فهو املهنج الاس تقصايئ
يف ادلراسات العلمية والاجامتعية والنسانية ،مبعىن عدم التقيد ابدلراسات التارخيية كعمل فقط،
بل أمهيته تسع دراسة خمتلفة العلوم(.)2
-ويس تخلص الس تاذ "عامر عوابدي" قوهل بأن املهنج التارخيي هو مهنج البحث العلمي يقوم
ابلكشف عن احلقائق التارخيية من خالل تركيب الحداث وحتليل الوقائع املاضية املسجةل يف
الواثئق التارخيية ،واعطاء تفسريات ،وتنبؤات علمية عامة يف صورة قوانني ونظرايت عامة
واثبتة نسبيا(.)3
-حماوةل " لويس كوهني" يف تعريف املهنج التارخيي تضاف اىل احملاولت اجلادة يف هذا الصدد
فيقول :هو معلية منظمة وموضوعية لكتشاف الدةل ،وحتديدها وتقييدها والربط بيهنا من أجل
اثبات حقائق معينة ،واخلروج مهنا ابس تنتاجات تتعلق بأحداث جرت يف السابق فهو معل يمت
بروح التقيص الناقد لعادة البناء ،ليحقق غرضا صادقا أمينا لعرص مىض(.)4
اثنيا :عنارص ومراحل املهنج التارخيي :تعترب عنارص ومراحل املهنج التارخيي يه نفس خطوات
املهنج العلمي ويه:
-1حتديد موضوع البحث التارخيي :ويه الفكرة احملركة واملوهجة للبحث العلمي التارخيي حىت
الوصول اىل فرضيات ونظرايت وقوانني علمية اثبتة وعامة تفرس وتكشف احلقيقة العلمية
التارخيية لهذه املشلكة اليت تعترب من أمه وسائل جناح البحث التارخيي للوصول اىل احلقيقة(،)5
فتحديد البعاد احلقيقة للموضوع وحتديد الس باب همم لقناع القارئ عىل التربير املوضوعي
لختيار موضوع البحث لتحديد مضامينه وخلفياته.
-2مجع وحرص الواثئق التارخيية املتعلقة ابلوقائع والحداث :ل ميكن أن يقوم التارخي ال عىل
أساس من الواثئق وهذه الواثئق تنقسم اىل أآاثر أو خملفات خطية ،أو رواايت أو نقوش،
( )1ادريس خفور ،املرجع السابق ،ص .28
( )2عقيل حسني عقيل ،املرجع السابق ،ص .58
( )3عامر عوابدي ،املرجع السابق ،ص .259
( )4منقول عن - :ادريس الفاخوري ،املرجع السابق ،ص .34
( )5عامر عوابدي ،املرجع السابق ،ص .263
- 84 -
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د .ابخلري دراج
ولهذا جيب أن تكون اخلطوة الوىل يف املهنج التارخيي يه خطة البحث عن الواثئق .وأصل
اللكمة هو يوانين تدل عىل البحث و معىن هذه اللكمة حماوةل اجياد الدةل الاكفية واملمكن
اجيادها واملتعلقة حبادث من الحداث التارخيية(.)1
بعد حتديد الباحث لالشاكلية وحتديد موضوع حبثه يلتجأ اىل مجع الواثئق كام يسمهيا
البعض (التقميش) ( ،)2ليلجأ الباحث اىل التارخي يستنطقه بشأن احلادثة اليت احتضهنا يف حقبة
من الزمن ،وحيث أن الواقعة التارخيية فردية ل تتكرر فالباحث يتجه اىل الشهود اذلين
شاهدوا احلادثة أو اذلين جسلوها نقال عن من شاهدها ويقوم الباحث ببياانته من مجموعة من
املصادر بش ىت أنواعها السجالت الرمسية وغري الرمسية ،والحاكم القضائية ،وجسالت احلالت
املدنية ،التجارية ،والرش يف والتقارير الس نوية وجسالت النوادي وامجلعيات والتقارير الرمسية،
وحمارض اجللسات ،وجسالت الصادرات والواردات ،والعقود الفردية ،وكذكل التقارير الصحفية
واملكتبات واملتاحف والحصاءات واحلساابت واملدوانت واحلوليات وغريها( ،)3والواثئق
التارخيية تتعدد أنواع التقس اميت اخملتلفة للدةل التارخيية ،وهته التقس اميت تتنوع وتتعدد بدورها
وفقا لختالف علامء وفالسفة التارخي ولختالف الزوااي اليت ينظر من خاللها اىل الواثئق
التارخيية وتنقسم هذه الواثئق ابلشلك التايل:
-أنواع الواثئق التارخيية عىل أساس تقس مي الرواايت املأثورة واخمللفات
-عىل أساس تقس ميها اىل واثئق ومصادر أصلية وأولية واىل مصادر مش تقة وغري أصلية عىل
أساس تقس ميها اىل واثئق وأآاثر غري مكتوبة وأآاثر مكتوبة ،واثئق حسب القامئة(.)4
-3نقد وتقيمي الواثئق التارخيية :والقصد من معلية تقيمي الواثئق التارخيية بعملية النقد وتتطلب
هذه العملية صفات خاصة يف الباحث التارخيي اكحلس التارخيي ،اذلاكء ،الدراك ،واملعرفة
الواسعة والثقافة اخملتلفة والقدرة القوية.)5( ...
-4معلية الرتكيب والتفسري التارخيي والقصد من هذا صياغة الفرضيات والقوانني املفرسة
للحقيقة التارخيية ،ويه املرحةل الخرية من مراحل املهنج التارخيي مبعىن تنظمي احلقائق التارخيية
اجلزئية املتناثرة واملتفرقة من أجل بناهئا يف احلارض وجيه من مايض النسانية(.)1
الفرع الثاين :املهنج اجلديل
أول :مفهومه :يسم ابملهنج ادلايليكتييك وادلايليكتيك أصال من احلوار وقد عرفها أرسطو بأهنا
فن الربهنة ،والنقض ،ومواهجة اخلصم ابلنقائض ،ولكهنا يف احلقيقة يه فن التوصل اىل معرفة
حصيحة اذ تقتيض التيقن من رأي الفكرة املطروحة ومعرفة الرأي اخملالف (النقيض) للوصول
اىل احلقيقة الاكمةل ،فادلايليكتيكية يه نوع من الكينونة ويصح القول ابدلايليتيكية عن لك واقع
انساين(.)2
ادلايليكتيك مصطلح يوانين مش تق من (دايلوج) أي احملادثة واجملادةل وفالسفة
اليوانن يقصدون ابجلدل املهنج العقيل للوصول اىل كشف احلقائق من خالل التناقص اذلي
يصطدم فيه اخلصم مع دحض احلجة والقضاء علهيا ،ومن خالل وقوع اخلصم يف التناقض
والوصول اىل احلقائق يف املذهب ادلايليكتييك(.)3
ويرتكز املهنج ادلايليكتييك عىل احلقيقة القائةل بأن لك الش ياء والظواهر والعمليات
واحلقائق الطبيعية والاجامتعية والانسانية والاقتصادية والس ياس ية يف العمل يه دامئا يف
حالت تناقض ورصاع وتفاعل داخيل قوي حمرك ودافع للحركة والتغيري والتطور فالظواهر
والعمليات يه دامئا يف حاةل حركة وتغري نتيجة للتناقض والرصاع ادلاخيل.
يعمتد املهنج اجلديل عىل طرح الفاكر ،كام أنه فن للحوار يرتكز عىل تقدمي الدةل
لثبات حصة القضااي املطروحة مما يسامه يف حترير العقل من بعض القوالب الفكرية اجلامدة
ويرثي الفكر النقدي اذلي يقر ابلتعدد الفكري(.)4
تكون الظاهرة ،ويدرس مدى ويُعرف بأنه املهنج اذلي يبحث عن الجزاء اليت ّ
تناقضها ويبحث يف اماكنية حدوث الرصاع بني هاته الجزاء داخل الظاهرة(.)5
اثنيا :خصائص املهنج اجلديل (ادلايليكتييك) :هل مجموعة من اخلصائص حناول أن نوجزها فامي
س يأيت:
-1فهو مهنج علمي موضوعي للبحث والتحليل والرتكيب والتفسري واملعرفة ،أي يعمتد عىل
املفاهمي العلمية املوضوعية يف تفسري وطباع الش ياء.
-2مهنج عام وشامل ولكي يف كشف ومعرفة وتفسري لك الظواهر والعمليات النظرية والطبيعية
والاجامتعية.
-3طريقة معلية شامةل يف معرفة الظواهر والعمليات والفاكر من حيث التفسري والرتكيب يف
ذات الوقت.
-4مهنج علمي بعد تطوره أصبح يطبق يف ادلراسات املرتبطة بواقع احلياة(.)1
اثلثا :ممزياته :يمتزي املهنج اجلديل بعلميته وموضوعيته من هجة ،وبفلسفيته من هجة أخرى وهو
مهنج يصلح للحباث النظرية والعلمية يف نفس الوقت ،وهبذا فهو مهنج يصلح للبحث يف
خمتلف العلوم اليت تقع خارج نطاق الاس تدلل(.)2
وقمية املهنج اجلديل يف جمال العلوم النسانية فهو املهنج العلمي املوضوعي الشامل
والصاحل لدلراسات العلمية الاجامتعية ،الاقتصادية الس ياس ية ،القانونية ،لنه انبثق أصال من
ميدان دراسات هته العلوم ،فهو اذا مهنج علمي أصيل ابلعلوم الاجامتعية والقانونية والدارية
وحقل أصيل لتطبيق وأعامل املهنج ادلايليكتييك(.)3
املبحث الثاين:
املناجه العلمية الثانوية
تعترب املناجه العلمية الثانوية مناجه لها دور اجيايب يف جمال البحث العلمي وختتلف
املناجه ابختالف التخصصات والعلوم ،لكن ياكد اخملتصون ُجيمعون عىل أهنا املناجه املوضوعية
والجرائية ابعتبارها مناجه تطبيقية ختصصية لك مهنا خيتص ابس تعامهل يف فرع معريف علمي معني
وأغلب الفقه املهنجي متفق علهيا فيتناولها عىل الشلك الآيت :املهنج املقارن ،الوصفي ،املهنج
التحلييل ،مهنج دراسة حاةل.
( )1راجع:
-عامر عوابدي ،املرجع السابق ،ص .246 -245
-أمحد درداري ،املرجع السابق ،ص .88
( )2صالح ادلين رشوخ ،املرجع السابق ،ص .147
( )3عامر عوابدي ،املرجع السابق ،ص .255
- 87 -
ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-هو مقابةل الحداث والآراء بعضها ببعض لكشف ما بيهنا من وجوه ش به أو عالقة واملقارنة
واملوازنة للعلوم النسانية مبثابة املالحظة والتجربة من العلوم الطبيعية(.)1
-يعترب املهنج اذلي يس تعمل املقارنة كداة معرفية ويس تخدم أساسا يف ادلراسات الاجامتعية كام
لحظ ذكل (دوراكمي) فاملقارنة حتل حمل التجربة يف ادلراسات النسانية(.)2
املهنج املقارن هو املهنج اذلي يتبعه الباحث يف مقارنته للظواهر حمل البحث وادلراسة
من أجل معرفة العنارص اليت تتحمك يف أوجه الاختالف والتشابه يف تكل الظواهر ويس هتدف
هذا املهنج التفسري العلمي بواسطة كشفه للعالقات بني الظواهر(.)3
-العملية العقلية اليت تمت بتحديد أوجه الش به والاختالف بني حادثتني اجامتعيتني أو أكرث
نس تطيع من خاللها احلصول عىل معارف أدق منزي هبا موضوع ادلراسة احملددة(.)4
اثنيا :ممزيات املهنج املقارن - :من بني السامت الساس ية للمهنج املقارن يف ادلراسات القانونية
أنه يساعدان عىل معرفة أوجه الش به والاختالف بني الامنذج الاجامتعية والنظم القانونية،
ويسمح بتحديد مس توى الاحتاكك والانتفاع احلضاري.
-يسمح املهنج املقارن مبعرفة السلبيات والاجيابيات يف الظواهر والامنذج املدروسة وهو ما
يفسح اجملال يف فتح الربامج العلمية لسد الثغرات واثراء اجلوانب الجيابية.
-معرفة أس باب التطور يه معرفة قواعد تطور اجملمتعات وتتبع املراحل الزمنية يف تطورها(.)5
اثلثا :فوائده يف ادلراسات القانونية - :التقريب بني الشعوب وازاةل اجلهل واللبس من خالل
التعرف عىل قوانني ادلول الخرى.
-معرفة الظروف الاجامتعية والاقتصادية وادلينية والتارخيية اليت أفرزت قانوان أو تنظامي معينا.
-الاطالع عىل القوانني الجنبية اذلي من شأنه تزويد القارئ مبعلومات قانونية متنوعة مما ميكّن
من احلمك املوضوعي عىل القانون الوطين والوقوف عىل ما به من عيوب ومزااي(.)6
-حتليل احملتوى هو رد حمتوى اليشء أو الفكرة أو اخلطاب احمللل اىل عنارصه الولية
البس يطة ،مبعىن أهنا ختالف املركب احمللل يف خصائصه(.)1
يعرف بأنه أسلوب أو أداة للبحث العلمي ،ميكن أن يس تخدهما الباحثون يف جمالت حبثية ّ -
متنوعة وعىل الخص يف عمل العالم لوصف حمتوى الظاهر واملضمون الرصحي للامدة العالمية
املُراد حتليلها تلبية لالحتياجات البحثية املصاغة يف تساؤلت البحث ،طبقا للتصنيفات
املوضوعية اليت حيددها الباحث وذكل هبدف اس تخدام هذه البياانت.)2( ...
-يعرف (اكبالن) حتليل املضمون عىل أنه العد الحصايئ للمعاين اليت تتضمهنا املادة الساس ية
اخلاضعة للتحليل لس تخالص نتاجئ علمية ،كام يعرفه (جانيس) بأنه أسلوب حبث هيدف اىل
تبويب خصائص املضمون يف فئات ،وفقا لقواعد حيددها احمللل ابعتباره ابحثا علميا(.)3
وفقا ملا مت ذكره من تعريفات مفهنج حتليل املضمون هو مهنج علمي هيدف اىل الوصف
املوضوعي املهنجي املنظم ملضامني وسائل التصال امجلاهريي ،مبا تنطوي عليه هذه املضامني من
أبعاد س ياس ية ،اجامتعية ،اقتصادية.)4( ...
اثنيا :خصائص حتليل املضمون :يمتزي املهنج التحلييل خبصائص عقلية وفنية وواقعية لضامن
الوصول اىل نتاجئ تعرب وحبق عن حقيقة الفاكر والظواهر والسلواكت ،وميكن تلخيص هذه
اخلصائص عىل النحو التايل(:)5
-1يرتبط هذا املهنج مبفهوم املفكرين ملصادر املعرفة ،ذلكل فهو مهنج الفكر والواقع وهو من
أقدم املناجه الفكرية املعارصة.
-2مهنج يس توعب بكفاءة عالية لك القواعد املهنجية املعروفة مثل املالحظة ،الاس تقراء،
الوصف ،التحليل ،املقارنة ،ويعمتد عىل العقل والواقع واملصطلحات...
-3يعترب أحسن طريقة عقلية وواقعية ملعرفة حقائق الفاكر والظواهر والسلواكت وحتديد
دللهتا.
-4مهنج تاكميل ينطلق من الوصف مير عن طريق مجيع العمليات اذلهنية والعقلية.
-5هذا املهنج أداة أساس ية لتطوير العمل واملعرفة.
-6يؤكد اخملتصون عىل أنه ل عمل بغري التحليل ،وأن احلقائق اليت يمت التوصل الهيا تاكد تفقد
مصداقيهتا لول التحليل.
-7يمتزي أيضا بأنه املهنج اذلي جيمع اكفة طرق املعرفة اكلس تدلل ،والاس تقراء ،التفسري،
الاكتشاف ونقد الفاكر.
بيامن (بريلسون) قد خصصه كام ييل:
-أنه يس تخدم يف العلوم الاجامتعية فقط -يس تخدم يف حتديد أآاثر التصال -ل ينطق ال عىل
جوانب النحو والرصف يف اللغة.
-ينبغي أن يكون موضوعيا – ينبغي أن يكون منظام وأن يكون مكيا(.)1
اثلثا :خطوات املهنج التحلييل :تبدأ هته اخلطوات ابلتعرف عىل املوضوع املُراد دراس ته وتنهتىي
ابلرتكيب التفسريي للنتاجئ ويه:
-1التحديد ادلقيق للموضوع وهدفه وطبيعته.
-2حتديد تقس اميت املوضوع ،وحتليل احملتوى والاشاكلية والفروض.
-3الاعامتد الصارم عىل قواعد مهنجية مرتابطة ومتاكمةل.
-4نقد قواعد البحث والجراءات والنتاجئ.
-5مقارنة الظواهر والفاكر ومعرفة أساليب البحث.
-6حتديد العالقات بني الظواهر والفاكر واملصطلحات.
-7املوضوعية يف التحليل والنقد واس تخالص النتاجئ(.)2
-ميثل مهنج دراسة حاةل طريقة للبحث يمت الرتكزي فهيا عىل حاةل معينة يقوم بدراس هتا وقد
تكون هذه احلاةل نظام أو فرد أو جامعة أو جممتع أو مؤسسة ،وتكون دراس هتا بشلك
مس تفيض يتناول اكفة الظواهر واملتغريات املرتبطة هبا وتناولها ابلوصف الاكمل والتحليل(.)1
اثنيا :خطوات مهنج دراسة احلاةل :ملهنج دراسة احلاةل مجموعة من اخلطوات العلمية ويه - :حتيد
الشاكلية البحثية والفروض العلمية والظاهرة املطلوبة -.حتديد وضبط املفاهمي والفروض العملية
اليت يس تعني هبا الباحث - .حتديد اترخي الظاهرة احلاةل وتطورها وتفاعلها - .دراسة الواثئق
والسجالت وادلفاتر املتعلقة ابحلاةل.
-اختيار العينة اليت متثل اجملمتع املبحوث -.التحليل ادلقيق للمعلومات وتصنيفها ونقدها.
-حتديد مراحل وأدوات البحث العلمي (املالحظة ،املقابةل.)....
-التأكد من قدرات اذلين س يجمعون البياانت ابملهمة املولكة الهيم - .اس تخالص النتاجئ ووضع
التعماميت(.)2
اثلثا :رشوط وقواعد مهنج دراسة احلاةل - :دقة الباحث ومثابرته يف البحث حمل ادلراسة.
-صياغة بناء نظري مناسب ،وظيفته توجيه الباحث حنو البعاد املركزية من البحث.
-توثيق املعلومات توثيقا علميا - .يكون اهامتم الباحث ُمنصبا عىل احلاةل الواحدة.
-النظر اىل الوحدة عىل أهنا لك مرتابط يستند ترابط أجزائه اىل مبادئ منطقية تشري اىل
وجود معىن مشرتك بني هذه الجزاء - .ابراز الحداث الكرث تأثريا يف الوحدة.
-الزامية دراسة العالقة القامئة بني الوحدة موضع ادلراسة والوسط املبارش أو غري املبارش(.)3
املبحث الثالث:
املناجه العلمية الخرى)*(
نقصد هبا املناجه العلمية اليت يلتجأ الهيا الباحث لكن أمهيهتا ل تعلوا عىل املناجه العلمية
اليت مت ذكرها يف ادلراسات السابقة لكهنا مناجه ميكن الالتجاء الهيا يف بعض الحيان ويه املهنج
املسحي مث املهنج الحصايئ واملهنج النفيس ،وعليه نقسم هذا املبحث اىل مطلبني الول،
حيتوي عىل املهنج املسحي واملطلب الثاين يتعلق ابملهنج الحصايئ واملهنج النفيس.
املطلب الول :املهنج املسحي)**(
انه أحد املناجه العلمية املؤدية اىل اكتشاف العالقات الناجتة عن تداخل مجموعة من
املتغريات واليت تؤثر سلبا أو اجيااب عىل الظاهرة ،مما يس توجب تقّص احلقائق عهنا ابجراء
مسح شامل للمجمتع واذلي يطلق عليه ابملسح العام عندما ل تس تثين أي مفردة ،أما اذا
حدث الاس تثناء فيعين ذكل أنه حدث التخصيص اذلي ينحرص يف اختيار عينة من اجملمتع
والفرق بني املسح الشامل والعينة من حيث الهداف ومن حيث الفلسفة ومن حيث
المهية(.)1
ان ادلراسات املسحية ميكن القيام هبا ،لكن هذا السلوب يس تعمل من طرف
اجليولوجيني للتعرف عىل طبقات الرض ومن طرف الطباء للتعرف عىل نوعية المراض
الكرث انتشارا ومن طرف الرشاكت ادلولية للتعرف عىل اذلوق امجلهور ،ونوع البضائع اليت
يرغب يف رشاهئا ومن طرف الس تاذ ومن طرف الطالب(.)2
الفرع الول :تعريفه:
-مهنج املسح أو البحث املسحي أو املسح الاجامتعي (ويه مرتادفات ملهنج واحد) يس تخدم
من أجل مجع البياانت عن شعور الناس ازاء القضااي اخملتلفة ،أو معرفهتم لبعض القضااي ،فاذا
(*) يبدوا بأن هاته املناجه ل ترتبط ارتباطا وثيقا ابدلراسات القانونية احملضة ،لكن من الجدر أن نعطي للطلبة حملة موجزة
ملعرفهتا وفهمها ولو ابجياز.
(**) يعترب (ماركزي) بأن معلية املسح ليس مصدرا خصبا للفروض اجلديدة عىل الرمغ من ذكل ميكن الوصول اىل تعماميت
من خالل دراسة املسح راجع :ادريس خفور ،املرجع السابق ،ص .30
( )1عقيل حسني عقيل ،املرجع السابق ،ص .76
( )2عامر بوحوش ،املرجع السابق ،ص .38
- 96 -
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د .ابخلري دراج
أردان معرفة مس توى الثقافة الس ياس ية ملنطقة معينة نلجأ اىل اس تجواب أهل تكل املنطقة أو
عينات متثيلية هلم بشأن بعض العبارات أو املصطلحات الس ياس ية.)1( ...
-هو جتميع مرتب للبياانت املتعلقة مبؤسسات ادارية أو علمية أو ثقافية أو اجامتعية اكملكتبات
واملدارس خالل فرتة زمنية معينة ،والوظيفة الساس ية لدلراسات املسحية يه مجع املعلومات
اليت ميكن اليت ميكن فامي بعد تفسريها ومن مث اخلروج ابس تنتاجات(.)2
-هو معلية حتليلية مجليع القضااي احليوية ،اذ بفضهل ميكن الوقوف عىل الظروف احمليطة
ابملوضوع اذلي نرغب يف دراس ته والتعرف عىل اجلوانب اليت يه يف حاجة اىل تغيري وتقيمي
شامل(.)3
الفرع الثاين :أمهية املهنج املسحي:
-يساعد يف اكتشاف العالقات القامئة بني الظواهر ومجع املعلومات الالزمة لتكوين نظرية
شامةل بواسطهتا ميكن اجياد حل منطقي ومعقول للقضية املدروسة.
-يعاجل قضااي معينة عىل الطبيعة وبدون تكييف.
-يعمل عىل التخطيط ادلقيق ومجع البياانت املطلوبة ،ليمت حتليلها والتوصل اىل نتاجئ علمية.
-يعترب أداة قيّمة للتعرف عىل رغبات امجلاعات وأهدافها وابلتايل يسامه يف وضع نظرايت
اجامتعية مفيدة للمجمتعات كلك.
-يفيد يف قياس اجتاهات الرأي العام حنو خمتلف املوضوعات.
-يس تعمل لتجديد ادلم وادخال ادليناميكية يف التغيري الاجامتعي وحماربة امجلود(.)4
املطلب الثاين :املهنج الحصايئ واملهنج النفيس
الفرع الول :املهنج الحصايئ
يعرف الحصاء ابعتباره أعداد أو أرقاما ميكن أن تلخص اما توزيعات القمي عىل
املتغريات أو عىل العالقات بني املتغريات ،فهىي شلك من أشاكل الاخزتال الراييض يس تطيع
أن يوحض لنا عن كيفية عرض بياانتنا ،اننا نتساءل عن ما يه أنواع العامل أو الوضاع يف
اجملمتع ادلويل الكرث احامتل أو أكرث مالءمة لاثرة الرصاعات املسلحة؟(.)5
( )1محمد شليب ،املرجع السابق ،ص .100
( )2الهامشي بن واحض ،املرجع السابق ،ص ص .26-25
( )3عامر بوحوش ،املرجع السابق ،ص .39
( )4عامر بوحوش ،املرجع السابق ،ص .39
( )5محمد شليب ،املرجع السابق ،ص .91
- 97 -
ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يعترب الوس يةل الوحيدة ملعرفة عدد ونوعية الفراد العاملني ومعدل ادلخل الفردي
ونس بة احلاصلني عىل شهادات معينة ،ومعدل العمر ومعدل الوفيات ومعدل الغياابت عن
مبوبة
العمل ،ومزية هذا املهنج ليس فقط يف وجود الحصائيات يف ادلفاتر ووجود معلومات ّ
وتسجيل اكمل املعامالت السابقة اليت ميكن مراجعهتا عند الرضورة(.)1
ومن أمه الحصاءات نذكر الوقوف عىل وسائل العالم واجتاهات الرأي العام
والحصاءات ادلولية وقياس التيارات الس ياس ية والفكرية ،ولكن هناك صعوابت تتجىل يف
ضعف الوعي الحصايئ حيث أن معظم أفراد الشعب جيهلون قمية الحصاء ،ذلكل فقلام
يعرفون البياانت الصحيحة(.)2
عىل العموم فاملهنج الحصايئ هو اس تخدام الطرق الرمقية والرايضية يف معاجلة وحتليل
البياانت واعطاء التفسريات املناس بة لها ،ويمت ذكل عرب عدة مراحل نذكر من بيهنا:
-مجع البياانت الحصائية حول املوضوع.
-عرض البياانت بشلك منظم ،ومتثيلها ابلطرق املمكنة.
-حتليل البياانت - .تفسري البياانت من خالل ما تعنيه الرقام اجملمعة من نتاجئ(.)3
للمهنج الحصايئ أنواع نذكر من بيهنا:
-1املهنج الحصايئ الوصفي :اذلي يرتكز عىل وصف وتلخيص الرقام املُج ّمعة حول
موضوع معني وتفسريها يف صورة نتاجئ.
-2املهنج الحصايئ الاس تدليل أو الاس تقرايئ :واذلي يعمتد عىل اختيار عينة من جممتع أكرب
وحتليل وتفسري البياانت الرمقية اجملمعة عهنا للوصول اىل تعماميت واس تدللت عىل ما هو أوسع
من اجملمتع حمل البحث.
الفرع الثاين :املهنج النفيس
يُس تخدم هذا املهنج يف لك العلوم اليت تدرس السلوك النساين ،ول يعمتد املهنج هنا
عىل التحليل الاس تنباطي فقط وامنا يستند اىل اجراء التجارب ،ويعمتد عىل املالحظة املدمعة
ابلآلت العلمية كام متارسها العلوم الطبيعة ،وتكمتل صورة هذا املهنج ابلشارة اىل املهنج املقارن
واملهنج التجرييب سواء بني مناذج خمتلفة من الفراد ،أو بني أفراد ينمتون اىل جممتعات أو
حضارات خمتلفة(.)1
ومتيل املناجه النفس ية اىل تقيص الس باب اليت تقف وراء الظواهر النفس ية ،وتُ ّ
سمل
ابحلمتية ليك تصبح مناجه علمية من الوهجة العملية ووفق هاته املعطيات وغريها تصبح احلاجة
رضورية للمهنج النفيس لفلسفة العلوم لتناقش احلمتية ،الس ببية ،احلرية(.)2
قامئة املراجع
القرأآن الكرمي
أول :الكتب:
-1ابراهمي رحامين ،خطوط رئيس ية يف كتابة البحوث اجلامعية ،ط ،1مطبعة خسري ،الوادي،
اجلزائر.2013 ،
-2امحد الصيداوي ،البحث العلمي بامنذجه الساس ية ،ط ،1رشكة املطبوعات للتوزيع
والنرش ،لبنان.2001 ،
-3امحد خروع ،املناجه العلمية وفلسفة القانون ،ط ،2ديوان املطبوعات اجلامعية ،اجلزائر،
.2004
-4أمحد درداري ،مناجه البحث العلمي ،ط ،1مطبعة تطوان ،املغرب.2016 ،
-5ادريس خفور ،اخملترص يف مهنجية العلوم القانونية (مفاهمي أولية يف البحث والتحليل) مكتبه
املعرفة ،املغرب.2018 ،
-6ادريس الفاخوري ،أسس البحث العلمي ومناهجه ،ط ،4مكتبة املعرفة ،املغرب.2018 ،
-7الس يد متام ،مناجه البحث وقواعد الاس تدلل القانوين ،دار الهنضة العربية ،مرص.2016 ،
-8أمربتو ايكو (ترمجه عيل منويف) ،كيف تعد رساةل دكتوراه ،ط ،19اجمللس العىل للثقافة،
مرص.2002 ،
-9تـويم ألكي ،قواعد املهنج العلمي وتطبيقاهتا يف العلوم القانونية ،دار اخلدلونية ،اجلزائر،
.2017
-10حازم محد موىس اجلنايب ،الصول والقواعد العلمية يف كتابة البحوث الس ياس ية والقانونية،
ط ،1مكتبة زين احلقوقية والدبية ،لبنان.2017 ،
-11خادل حامد ،مهنجية البحث يف العلوم الاجامتعية والنسانية ،ط ،2جسور للنرش
والتوزيع ،اجلزائر.2012 ،
-12رقية سكيل ،مهنجية اجناز البحوث العلمية ،ط ،1دار اخلدلونية للنرش والتوزيع ،اجلزائر،
.2012
-13حشاتة سلامين محمد سلامين ،مناجه البحث بني النظرية والتطبيق ،مركز الاسكندرية
للكتاب ،مرص.2006 ،
-14صالح ادلين رشوخ ،مهنجية البحث القانوين للجامعيني ،دار العلوم للنرش والتوزيع،
اجلزائر.2003 ،
-15طامشة بومدين ،الساس يف مهنجية حتليل النظم الس ياس ية ،رشكة دار المة للطباعة
والنرش والتوزيع ،اجلزائر.2013 ،
-16طامشة بومدين ،عبد النور انج ،أصول مهنجية البحث يف عمل الس ياسة ،ط ،1جسور
للنرش والتوزيع ،اجلزائر.2014 ،
-17عبد الرحامن بدوي ،مناجه البحث العلمي ،ط ،3واكةل املطبوعات ،الكويت.1977 ،
-18عبد النارص أبو زيد ،املراحل املهنجية لعداد رسائل املاجس تري وادلكتوراه ،دار الهنضة
العربية ،مرص.2005 ،
-19عبد النور انج ،مهنجية البحث القانوين ،منشورات جامعة ابج خمتار ،عنابة ،اجلزائر،
.2003
-20عقيل حسني عقيل ،فلسفة مناجه البحث العلمي ،مكتبة مدبويل ،مرص.1999 ،
-21عامر بوحوش ،دليل الباحث يف املهنجية وكتابة الرسائل اجلامعية ،مومف للنرش ،اجلزائر،
.2002
-22عامر بوحوش ،محمد محمود اذلنيبات ،مهنجية البحث العلمي ،دون ذكر دار النرش ،دون
س نة النرش.2002 ،
-23عامر بوحوش ،محمد محمود اذلنيبات ،مناجه البحث العلمي وطرق اعداد البحوث ،ط،7
ديوان املطبوعات اجلامعية ،اجلزائر.2014 ،
-24عامر بوضياف ،املرجع يف كتابة البحوث القانونية ،ط ،1جسور للنرش والتوزيع ،اجلزائر،
.2014
-25عامر عوابدي ،مناجه البحث العلمي وتطبيقاهتا يف ميدان العلوم القانونية والدارية ،ط،3
ديوان املطبوعات اجلامعية ،اجلزائر.1999 ،
-26فضيل داليو وأآخرون ،عمل الاجامتع من التعريب اىل التأصيل ،دار املعرفة ،قس نطينة،
دون س نة.
-27فتيحة حزام ،فلسفة ومناجه العلوم القانونية ،املركز الاكدميي للنرش ،السكندرية ،مرص،
.2019
-28محمد بن معر بن سامل ،مهنج البحث العلمي وطرق كتابته يف العلوم الرشعية ،القاهرة،
.2000
-29محمد شليب ،املهنجية يف التحليل الس يايس ،دون ذكر دار النرش ،اجلزائر.1997 ،
-30محمد عبد الغين سعودي ،حمسن أمحد اخلضريي ،السس العلمية لكتابة رسائل املاجس تري
وادلكتوراه ،مكتبة الجنلو مرصية.1992 ،
-31محمد محمد قامس ،مدخل اىل مناجه البحث العلمي ،ط ،1دار الهنضة العربية ،مرص،
.1999
اثنيا :املقالت:
– 1زعميي مراد ،التاكمل املهنجي يف البحث ،العدد السادس (عدد خاص) ،جمةل العلوم
النسانية ،منشورات جامعة قس نطينة ،اجلزائر.1995 ،
-2حمي ادلين خمتار ،بعض تقنيات البحث وكتابة التقرير ،العدد السادس (عدد خاص) ،جمةل
العلوم النسانية ،منشورات جامعة قس نطينة ،اجلزائر.1995 ،
اثلثا :احملارضات:
-1امليك دراج ،حمارضات يف مهنجية البحث العلمي ألقيت عىل طلبة الس نة الوىل ماسرت
س ياسة عامة وحمك راشد ،والثانية ماسرت س ياسة عامة من قسم العلوم الس ياس ية يف املوامس
اجلامعية من 2015-2014اىل غاية 2018-2017وفق عرض التكوين املعمتد من طرف
الوزارة ،جامعة الشهيد محة خلرض ،الوادي ،اجلزائر2018-2017 .
-2الهامشي بن واحض ،مهنجية اعداد حبوث ادلراسات العليا (ماسرت ،ماجس تري ،دكتوراه)،
حمارضات ألقيت عىل طلبة ادلراسات العليا يف العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التس يري،
جامعة محمد بوضياف ،املس يةل.2016 ،
-3فوزي نور ادلين ،حمارضات يف مهنجية العلوم الس ياس ية ،ألقيت عىل طلبة الس نة الوىل
علوم س ياس ية ،جامعة محمد خيرض ،بسكرة ،اجلزائر.2014-2013 ،
الفــهـرس
مقدّمة- 1 - ................................................................................................................. :
الفصل األول :األبعاد المفهومية للبحث العلمي - 4 - .................................................................
المبحث األول :العـــلــــم - 4 - ...........................................................................................
المطلب األول :مسلمات البحث والعلم - 4 - .......................................................................
المطلب الثاني :مقومات ووظائف العلم وتمييزه عما يقاربه من علوم أخرى- 8 - ........................ .
المبحث الثاني :المعرفــــة - 12 - ........................................................................................
المطلب األول :المفاهيم العامة للمعرفة - 12 - ....................................................................
المطلب الثاني :أنواع المعارف- 14 - ..............................................................................
المبحث الثالث :البحث العلمي - 16 - ...................................................................................
المطلب األول :مفهوم البحث العلمي- 16 - ...................................................................... .
المطلب الثاني :الهدف والغاية من البحث العلمي- 18 - ....................................................... .
الفصل الثاني :خصائص ،أهمية البحث العلم وأنواع البحوث الجامعية - 20 - ..................................
المبحث األول :خصائص البحث العلمي - 21 - .......................................................................
المطلب األول :خصائص البحث العلمي بصفة عامة- 21 - ....................................................
المطلب الثاني :خصائص البحث العلمي في الدراسات القانونية - 25 - ......................................
المبحث الثاني :أهمية البحث العلمي - 26 - ............................................................................
المطلب األول :فوائد البحث العلمي- 27 - .........................................................................
المطلب الثاني :آراء بعض المهتمين حول أهمية البحث العلمي - 29 - .......................................
المبحث الثالث :أنواع البحوث الجامعية - 31 - ........................................................................
المطلب األول :وفقا للهدف (الغرض) الرئيسي - 31 - ..........................................................
المطلب الثاني :وفقا لطبيعة البحث - 39 - .........................................................................
المطلب الثالث :حسب مناهج البحث واألساليب المستخدمة - 41 - ............................................
الفصل الثالث :مناهج البحث العلمي في المعارف القانونية والدراسات الفقهية- 43 - ........................ .
المبحث األول :ماهية المنهج العلمي- 44 - ............................................................................
المطلب األول :مفهوم المنهج- 44 - ............................................................................... .
المطلب الثاني :المداخل المنهجية وتطور الفكر العلمي- 52 - ................................................ .
المبحث الثاني :أهمية ووظائف المناهج العلمية- 56 - ............................................................. .
- 103 -
ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
105