You are on page 1of 110

‫الدليل في منهجية البحث العلمي‬

‫إصدارات مخبر التحوالت القانونية الدولية‬


‫وانعكاساتها على التشريع الجزائري‬
‫كلية احلقوق والعلوم السياسية‪ -‬جامعة الشهيد محه خلضر‬

‫الوادي‪ ،‬اجلزائر‬

‫طبعة ‪2022‬‬
‫مطبعة منصور‬
‫شارع القدس – األعشاش الوادي‬
‫تلفاكس‪032 24 97 45 :‬‬
‫البريد اإللكتروني‪imp_mansour@yahoo.fr :‬‬

‫‪ -‬عنوان الكتاب‪ :‬الدليل في منهجية البحث العلمي‬


‫‪ -‬النوع‪ :‬مؤلف‬
‫‪ -‬املؤلف‪ :‬د‪ .‬دراجي بلخير‬
‫ردمك (‪978-9931-9838-5-9 :)ISBN‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -‬اإليداع القانوني‪ :‬أفريل ‪2022‬‬
‫‪ -‬الطباعة‪ :‬مطبعة منصور الوادي‬

‫جميع الحقوق محفوظة‬


‫‪ 1443‬ه‪ 2022 /‬م‬
‫ادلليل يف مهنجية البحث العلمي‬
‫ادلكتور ابخلري دراج‬
‫أس تاذ حمارض أ بلكية احلقوق والعلوم الس ياس ية‬
‫جامعة الوادي‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬ابخلري دراج‬

‫مقدّ مة‪:‬‬
‫يعترب البحث العلمي من أمه دعامات العمل وركنا أساس يا من أراكن املعرفة الانسانية‬
‫يف ش ىت امليادين‪ ،‬وقد أدركت ادلول املتقدمة هاته احلقيقة فأغدقت عىل البحث العلمي الموال‬
‫الطائةل وخسرت اماكنيات هائةل خلدمة العمل والعلامء ووفرت هلم لك الظروف املواتية واملالمئة‪.‬‬
‫فالنفاق عىل البحث العلمي مبا حتمهل اللكمة هو املالذ الآمن والوحيد للريق ابمجلهورية‬
‫ومؤسساهتا اىل مصاف ادلول الرائدة‪ ،‬فالتسلح ابملعرفة العلمية يُعد مفتاحا للنجاح والتطور حنو‬
‫الافضل‪ ،‬ا ْذ بفضل املعلومات اليت حنصل علهيا يس تطيع الفرد أن يتحاىش الكثري من العقبات‬
‫والهفوات‪ .‬فالبحث العلمي دليال و ُمرشدا للتفكري السلمي والداء الرصني ويُعد مفتاحا للنجاح‬
‫والتطور اىل غد أفضل‪ ،‬وهو طريق الجيال لالبتعاد عن التخلف والتخبط والعشوائية‪ ،‬مفا من‬
‫أمة أخذت به ا ّل أوصلها ما تبتغيه من رفاهية لشعوهبا وس يادة ملواطنهيا لزتداد ماكنة ورفعة‪.‬‬
‫ول جمال للحديث هنا عىل أن التطور والهنضة اليت نعيشها اليوم اكن سبهبا تطور‬
‫البحوث العلمية وتقدم أساليهبا ومهنجها وأدواهتا‪ ،‬فالبحث العلمي أساس املعرفة اليت مت‬
‫التوصل الهيا وهو وس يهل البحث عن اجملهول‪ ،‬وأداة لتسخري ما مت التوصل اليه من نتاجئ‬
‫لتكون وس يةل يف خدمة النسانية حلل املشالك العالقة‪ ،‬وللوصول اىل هاته الغاية اكن من املُلزم‬
‫وضع أسس علمية لضامن اعداد البحوث وفقا ملهنج سلمي وحصيح‪ ،‬فالتقدم يف البحث العلمي‬
‫يكون مرهوان ابملهنج والطريقة السلمية فغياب املهنج ينجر عنه خضوع البحث للعشوائية‪،‬‬
‫وانتاكس مسريه البحث العلمي يكون سببه البطء يف كيفية تطبيق املناجه العلمية أو يكون‬
‫بسبب أآخر‪ ،‬كتخلف وسائل تكل املناجه عن قياس الظاهرة موضوع ادلراسة‪.‬‬
‫فال وجود لي حبث علمي سلمي وحصيح دون مهنج يعمتد عىل قواعد واحضة ل غبار‬
‫علهيا فاملصطلحان متاكمالن ومتالزمان‪.‬‬
‫مما س بق ذكره نس تطيع أن حنمك بأن مهنجية البحث العلمي يه يف الساس من‬
‫الانشغالت الهامة للك املهمتني ابلعمل واملعرفة يف حبر من حبور العمل وذكل من أجل‬
‫اس تكشاف القواعد املهنجية اليت تؤهلهم للقيام ابملواضيع املرتبطة بتخصصاهتم‪.‬‬
‫ان النظام التعلميي اجلامعي يفرض عىل الطالب بدء من مرحةل الليسانس ومرحةل‬
‫املاسرت واملاجس تري (نظام الكس ييك) اىل غاية ادلكتوراه‪ ،‬اعداد حبث أو موضوع مع ّمق‬
‫خيتلف معقه من مس توى اىل مس توى أآخر ومن درجة اىل درجة أخرى‪ ،‬هذا المر ل يتأىت‬
‫ال اذا اكن الطالب عىل دراية اتمة بقواعد املهنجية السلمية والصحيحة بعيدا عن الخطاء‪،‬‬
‫‪-1-‬‬
‫ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ويه الس باب اليت تدفعنا اليوم لنفض الغبار لجالء مصنف يكون دليال شامال يف تعلمي‬
‫مهنجيه البحث العلمي لرتويض الطالب يف مجيع املراحل اجلامعية عىل البحث اجلاد والتحصيل‬
‫املفيد‪ ،‬ويه حاجة الباحث اليت تظل أآمنة قامئة يف الزتود بأكرب عدد ممكن من املعلومات‬
‫الشافية والاكفية واليت لها عالقه متينة بلك مرحةل من مراحل البحث العلمي ليمت استامثرها يف‬
‫البحوث واملواضيع اخملتارة‪.‬‬
‫ميكننا أن نقول مبنهتى الرصاحة بأننا مقنا منذ مدة بتدريس بعض املقاييس يف قسم‬
‫احلقوق‪ -‬مبا فهيا مقياس مهنجيه البحث العلمي‪ -‬ومن خالل الاحتاكك هبذه املادة خصوصا اىل‬
‫جانب املامرسات الفعلية واجلادة مع الطلبة ابلرشاف علهيم واملشاركة يف جلنة املناقشة‪ ،‬شعران‬
‫بأن الكثري من الباحثني يعانون من صعوبة التحمك يف تطبيق القواعد الصحيحة يف مهنجية‬
‫البحث العلمي ومعرفة مراحل اعداد البحث العلمي مبا يتطلبه ذكل من همارات وتقنيات‪ ،‬كام أن‬
‫الكثري من الحباث املنجزة تفتقر للمهنجية فُهي ِمل فهيا الباحث هذه املسأةل بقصد أو بغري قصد‬
‫فتكون املالحظات املوهجة للباحث تنصب أساسا عىل اجلانب الشلكي أكرث من اجلانب‬
‫املوضوعي‪ ،‬ويه معطيات يف حقيقه المر ُحتط من معنوايت الس تاذ اجلامعي وتث ّبط العزامئ‬
‫يف ابداء وعرض رأيه عىل اخلطة املقرتحة‪ ،‬ويه مسأةل قد تلقي بظاللها ابلسلب يف تقيمي‬
‫الطالب أثناء املداولت‪.‬‬
‫ان الباحث يف اجلامعة اجلزائرية يف ش ىت التخصصات معوما ويف جمال العلوم‬
‫النسانية خصوصا ل زال حباجة ماسة ملرجع اضايف يف مهنجية البحث العلمي يتناول ابدلراسة‬
‫والتحليل خمتلف املراحل النظرية والعلمية اليت تالزم لك ابحث للتعمق يف العمل واملعرفة ليك‬
‫تس تخدم هذه القواعد بشلك سلمي تعمتد عىل ادلقة والزناهة والصدق واملوضوعية‪.‬‬
‫ان المر الهام يف ادلراسات القانونية ابلنس بة للطالب ل يمكن يف اس تعراض املعلومات‬
‫حفسب بل جيب احلرص عىل صياغهتا وفق مهنجية وأسلوب قانوين متاكمل‪ ،‬يراعي مجموعة من‬
‫املعايري اليت يتفق علهيا املهمتون عىل وجوب احرتاهما‪.‬‬
‫يشلك اضافة جديدة يتناول‬ ‫سعيا منا‪ ،‬رأينا من الرضورة مباكن تقدمي هجد متواضع ّ‬
‫مواضيع هممة يف مهنجيه البحث العلمي وهو املقياس اذلي ميثل مهزة وصل بني لك التخصصات‬
‫العلمية والدبية‪ ،‬ليزتود الطالب ويتسلح منذ بداية مشواره العلمي لتكون دليه القدرة عىل الفهم‬
‫والتنظمي بعد اعامتده عىل مناجه وأدوات وأساليب البحث العلمي‪.‬‬

‫‪-2-‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬ابخلري دراج‬

‫وقد رأينا من الواجب علينا أن نقوم ابعداد هذه املطبوعة يف مهنجيه البحث العلمي‪،‬‬
‫ليكون س ندا للطالب اجلامعي من مرحهل الليسانس دلرجة املاجس تري وادلكتوراه يساعدمه‬
‫بأسلوب سلس رش يق يف التعرف عىل أمه القواعد والسس املتعارف علهيا يف هذا امليدان‪،‬‬
‫ونأمل أن يكون هذا املرجع شامال ملا حيتاج اليه طالب العمل ويف نفس الوقت متناسقا تناسقا‬
‫اتما ُمل ّما بأمه القواعد والسس من حيث املضمون‪.‬‬
‫مقنا بتقس مي املطبوعة اىل أربع فصول‪ ،‬حيث عاجلنا يف الفصل الاول البعاد املفهومية‬
‫للبحث العلمي‪ ،‬ومن خالهل تطرقنا اىل اسدال الس تار عىل بعض املفاهمي اليت لها عالقة‬
‫ابلبحث العلمي‪ ،‬أما الفصل الثاين عرجنا فيه عىل خصائص البحث العلمي وأمهيته مث أنواع‬
‫البحوث اجلامعية‪ ،‬ليأيت بعدها الفصل الثالث نعاجل فيه مناجه البحث العلمي وهذه ابذلات لها‬
‫أمهية ابلغة يف ختصص احلقوق‪ ،‬لنوحض تعريف و أمهية املهنج العلمي ودور املهمتني والفقهاء‬
‫املسلمني يف مناجه البحث العلمي‪ ،‬ليأيت الفصل الرابع والخري نرشح فيه أنواع املناجه العلمية‪.‬‬
‫يه اذا أمه احملاور اليت أردان تقدميها لطلبتنا العزاء معمتدين يف هذا عىل ادلليل‬
‫البيداغوج اذلي أقرته اجلامعة اجلزائرية عن طريق وزارة التعلمي العايل والبحث العلمي ونرجو‬
‫أن يكون س ندا وحافزا معنواي‪ ،‬ميتاز ابلتشويق والتجديد يف دراسة وتدريس مقياس مهنجيه‬
‫البحث العلمي‪.‬‬

‫‪-3-‬‬
‫ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الفصل الول‪:‬‬
‫البعاد املفهومية للبحث العلمي‬
‫لقد أدركت ادلول قميه البحث العلمي خفصصت مزيانية خضمة ل بأس هبا‪ ،‬اقرارا مهنا‬
‫بأمهية وماكنة العمل والعلامء يف هذا امليدان وبفضل العقل اس تطاع النسان أن يقطع أشواطا ل‬
‫تنظم سلوكيات الفراد داخل‬ ‫بأس هبا يف مسرية التقدم العلمي الرائد‪ ،‬ابعتباره الداة اليت حتمك و ّ‬
‫اجملمتع الواحد‪.‬‬
‫ملعرفة البعاد املفهومية للبحث العلمي‪ ،‬جيب التطرق اىل حتديد مفاهمي أخرى لبعض‬
‫املصطلحات اليت نراها بعني اليقني ذات صةل به فليس من السهل اعطاء تعريف شامل‬
‫للبحث العلمي حيظ بقبول امجليع‪ ،‬فعندما تتّفق فئة عىل تعريف ما فالغاية مهنا يه حماوةل‬
‫حتديد املعىن اللفظي لزاةل ما حيتويه املعىن من لبس ومغوض وضبابية‪ ،‬ويسع اىل ض ْبط ما‬
‫نقصده من لكامت وحرص ادلللت واملعاين‪.‬‬
‫وعليه فاجياد تعريف للبحث العلمي ل يتأ ّىت الا من خالل التطرق اىل حتديد مفهوم‬
‫العمل أول مث حتديد مفهوم املعرفة‪ ،‬ويفهم عىل أن هذا الفصل س يقسم اىل ثالثة مباحث‪:‬‬
‫املبحث الول يعاجل العمل‪ ،‬أما املبحث الثاين املعرفة واملبحث الثالث البحث العلمي‪.‬‬
‫املبحث الول‪:‬‬
‫العـــلــــم‬
‫ان مصطلح البحث العلمي يتكون من لكمتني متاكملتني وهام‪ :‬البحث والعمل مبعىن‬
‫ْحب ُث يتعلق بعمل‪ ،‬ومن البدهيىي هنا أن نطرق الباب لتحديد مفهوم العمل والبحث يف هذا‬
‫املبحث يعاجل بعض املسائل يف غاية المهية‪ ،‬فيجب القيام مبحاوةل رشح الطار املفاهميي‬
‫للبحث مث رشح العمل وحتديد املعىن لغة واصطالحا وهذا يف املطلب الول أما املطلب الثاين‬
‫مقومات ووظائف العمل ومتيزيه عام يقاربه من علوم أخرى‪.‬‬ ‫ّ‬
‫املطلب الول‪ :‬مسلامت البحث والعمل‬
‫الفرع الول‪ :‬البحث‬
‫يُقصد بتحديد املفاهمي تبيان ما نعنيه من مقاصد وتوضيح ما تتضمنه من معاين‬
‫فيس توجب علينا كباحثني ازاةل أي لبس قد ي ْعلق ابذلهن‪ ،‬لن املفهوم الواحد قد حيمل العديد‬
‫من املعاين‪ ،‬ومبا أنه حيمل أكرث من معىن فالغموض حييط به من لك حدب وهيدف القارئ من‬
‫خالل ادلراسة اىل اسدال الس تار عىل املفاهمي ليصال املعلومات للقارئ والباحث بلك وضوح‬
‫‪-4-‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬ابخلري دراج‬

‫مما يساعد عىل الاستيعاب والربط اجلاد مع غريها من املفاهمي الخرى‪ ،‬هاته الخرية تكون أكرث‬
‫وضوحا عندما حتمل لكامهتا منوذجا لها‪.‬‬
‫فالبحث لغة معناه‪ :‬أن تسأل أو تطلب أو تس تخرب عن يشء معني‪ ،‬وهو مصدر‬
‫تقّص‪ ،‬تتبع‪ ،‬حترى‪ ،‬سأل‪ ،‬حاول‪ ،‬اكتشف‪.‬‬ ‫الفعل املايض والثاليث حبث ومعناه طلب‪ ،‬فتّش‪ّ ،‬‬
‫أما اصطالحا‪:‬‬
‫فهو الطلب والتفتيش وتقيص حقيقة من احلقائق أو أمر من المور(‪.)1‬‬
‫يعرف ادلكتور املغريب "ادريس خفور" (‪ )2‬البحث لغة‪ :‬أي أن تس تخرب عن يشء‬ ‫ّ‬
‫معني‪ ،‬أن تسأل أو تطلب‪ .‬أما اصطالحا فيقدّم لنا مجموعة من التعاريف‪:‬‬
‫‪ -‬البحث جتميع ُم ّنظم مجليع املعلومات املتوفرة دلى الباحث عن موضوع معني وترتيهبا‬
‫بقاء‪.‬‬
‫بصورة جديدة تشلك دعام للمعلومات السابقة لتصبح أكرث وضوحا و ً‬
‫‪ -‬وس يةل لالس تقصاء والفهم املنظم اذلي يقوم به الباحث‪.‬‬
‫‪ -‬طريقة لكتشاف املعلومات أو تصحيح أو اس تعالم أو اس تقصاء واختيار الطريق‬
‫الالزم للبحث (‪.)3‬‬
‫ودامئا يف جمال تعريف البحث كام جاء يف لسان العرب بأن البحث‪ :‬طل ُبك اليشء يف‬
‫الرتاب‪ ،‬حبثه‪ ،‬يبحثه‪ ،‬حبثا وابتحثه وكذكل استبحثه واستبحث عنه‪...‬‬
‫فتشت عنه‪.‬‬ ‫وتب ّحثْت عن اليشء‪ ،‬مبعىن واحد أي ْ‬
‫أما يف املصباح املنري فبحث المر حبثا من ابب نفع اس تقّص‪ .‬أما اصطالحا فهو اجلهد‬
‫املبذول تفتيشا وحتليال وتنقيبا ومقارنة يف موضوع ما للوصول اىل نتيجة واكتشاف احلقيقة(‪.)4‬‬
‫الفرع الثاين‪ :‬العلـم‬
‫يعين مصطلح العمل يف اللغة ادراك اليشء عىل ما هو عليه‪ ،‬أي عىل حقيقته وهو‬
‫اليقني واملعرفة والعمل ضد اجلهل لنه الادراك الاكمل وهذا املصطلح ينسب اىل ما يبىن عىل‬
‫(‪ )1‬عامر بوحوش‪ ،‬محمد اذلنيبات‪ ،‬مهنجية البحث العلمي‪ ،‬دون ذكر دار النرش‪ ،‬دون س نة النرش‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫(‪ )2‬وهو أس تاذ بلكية العلوم القانونية والاقتصادية والاجامتعية مبراكش‪.‬‬
‫(‪ )3‬ادريس خفور‪ ،‬اخملترص يف مهنجية العلوم القانونية‪ ،‬مفاهمي أولية يف البحث والتحليل‪ ،‬ط‪ ،2‬مكتبة املعرفة‪ ،‬مراكش‬
‫(املغرب)‪ ،2018 ،‬ص ‪.06‬‬
‫(‪ )4‬ملعرفة املزيد راجع‪:‬‬
‫‪ -‬ابراهمي رحامين‪ ،‬خطوط رئيس ية يف كتابه البحوث اجلامعية (العلوم السالمية)‪ ،‬ط‪ ،1‬مطبعة خسري‪ ،‬الوادي‪ ،‬اجلزائر‪،‬‬
‫‪ ،2013‬ص ص ‪.08-07‬‬
‫‪-5-‬‬
‫ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫العمل أو يتفرع عنه أو اذلي تتوافر فيه املواصفات املنسوبة للعمل املعروفة اكلس تكشاف‬
‫والتفسري والضبط والتحمك (‪.)1‬‬
‫املنسقة اليت تنشئ عن املالحظة وادلراسة والتجريب واليت تمت‬ ‫والعمل هو املعرفة ّ‬
‫هبدف حتديد طبيعة وأصول ما يمت دراس ته‪ ،‬فهو فرع من فروع املعرفة أو ادلراسة اذلي هيمت‬
‫بتنس يق وترس يخ احلقائق واملبادئ واملناجه بواسطة التجارب والفروض (‪.)2‬‬
‫"ادلكتور عامر بوحوش وادلكتور محمد اذلنيبات" يف املؤلف املوسوم مبهنجية البحث‬
‫يعرفان العمل بأنه‪( :‬املعرفة وادلراية وادراك احلقائق العمل يعين الاحاطة والملام ابحلقائق‬
‫العلمي ّ‬
‫ولك ما يتصل هبا) (‪.)3‬‬
‫ان لكمة عمل (‪ )Science‬مش تقة من اللكمة الالتينية (‪ )Scire‬ومعناها يعرف ( ‪To‬‬
‫‪ )know‬وعىل ذكل فالعمل يدل عىل مجموع املعارف النسانية بأرسها‪ ،‬لكن يرى البعض عىل أنه‬
‫من الواجب الاشارة بأن مصطلح العمل اكن يطلق اىل عهد قريب عىل عمل الطبيعة‬
‫(‪ )Physics‬فريى بعض فالسفة العمل يف عمل الطبيعة بصورته املعارصة اليت متزج الفزيايء‬
‫ابلرايضيات ‪ -‬دون بقية العلوم‪ -‬بأنه العمل الوحيد اذلي اقرتب اىل حد ما من الكامل(‪.)4‬‬
‫وهو املعرفة العلمية املتبلورة عن املالحظة وادلراسة والتجريب‪ ،‬فاملقصود منه مجموعة‬
‫املعارف املؤيدة ابلدةل احلس ية ومجةل القوانني اليت اكتشفت لتعليل احلوادث الطبيعية تعليال‬
‫علميا وقامئ عىل قوانني اثبتة(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬تويم ألكي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.64‬‬


‫(‪ )2‬طامشة بومدين‪ ،‬عبد النور انج‪ ،‬أصول مهنجية البحث يف عمل الس ياسة (طرق‪ ،‬أدوات‪ ،‬مناجه ومقارابت البحث‬
‫الس يايس)‪ ،‬ط‪ ،1‬جسور للنرش والتوزيع‪ ،‬اجلزائر‪ ،2014 ،‬ص ‪.17‬‬
‫(‪ )3‬عامر بوحوش‪ ،‬محمد اذلنيبات‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫(‪ )4‬ونشأ عن هذه القاعدة مجموعة من التساؤلت‪:‬‬
‫‪ -‬ما هو موقف بقية العلوم من هذا العمل اذلي يتقدهما مجيعا؟‬
‫‪ -‬ما يه املقومات اليت ترىق وتصبح علام؟‬
‫‪ -‬ما جدوى ادلراسات اليت يكون موضوعها الانسان بوصفه حيواان يعيش يف جامعة وميارس نشاطا س ياس يا أو اقتصاداي‬
‫أو غريها من التخصصات اىل مرتبة العمل؟‬
‫ملعرفة املزيد راجع‪:‬‬
‫‪ -‬محمد محمد القامس‪ ،‬مدخل اىل مناجه البحث العلمي‪ ،‬ط‪ ، 1‬دار الهنضة العربية‪ ،‬مرص‪ ،1999 ،‬ص ‪ 22‬وما يلهيا‪.‬‬
‫(‪ )5‬حامد محد موىس اجلنايب‪ ،‬الصول والقواعد العلمية يف كتابه البحوث الس ياس ية والقانونية‪ ،‬ط‪ ،1‬مكتبة زين‬
‫احلقوقية والدبية‪ ،‬لبنان ‪ ،2017‬ص ‪.20‬‬
‫‪-6-‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬ابخلري دراج‬

‫كام ع ُّرف العمل عىل أنه نشاط انسانيا هادفا قوي ادلوافع‪ ،‬رفيع القمية‪ ،‬ممتاز التنظمي‬
‫يمتزي بأسلوبه يف البحث وهذا من أجل التوصل ملعرفة الش ياء غري املرئية‪ ،‬ويرى البعض بأن‬
‫مفرد العمل يتجه ملدلولني أحدهام ضيق‪ ،‬واذلي يعين بأنه النشاط الهادف اىل كشف القوانني‬
‫العامة اليت تربط الوقائع‪ ،‬أما املدلول الثاين فهو أكرث سعة واذلي يعين لك املعرفة املنظمة‬
‫الصادرة عن نسق معني (‪.)1‬‬
‫كام جاء يف قاموس "ويسرت" فلكمة عمل لها معنيني هام‪:‬‬
‫جراء املالحظة وادلراسات والتجريب من أجل‬ ‫‪ -‬العمل هو املعرفة املنسقة اليت تودل ّ‬
‫حتديد طبيعة وقواعد ما يمت حتليهل‪.‬‬
‫‪ -‬ميث ّل العمل فرع من فروع املعرفة أو ادلراسة اذلي هيمت ابلتنس يق والتأكيد عىل احلقائق‬
‫بواسطة التجارب والفروض بعد تبين مهنج معني(‪.)2‬‬
‫يضيف الباحث "ادريس الفاخوري" تعريفني ملصطلح العمل أوردهام يف هتميش أحد‬
‫الصفحات واملنقول عن أحد املراجع العلمية لصاحهبا "زين بدر فراج" واملُع ْنون بأصول البحث‬
‫القانوين بأنه‪:‬‬
‫تعرب عن تنظمي فكري هل مقاييسه وقواعده وتنظميه‪.‬‬ ‫‪ -‬املعرفة املصنفة اليت ّ‬
‫املنسقة اليت تنشئ عن املالحظة وادلراسة والتجريب واليت تمت بغرض‬ ‫العمل هو املعرفة ّ‬
‫حتديد طبيعة أو أسس أو أصول ما تمت دراس ته (‪.)3‬‬
‫يعترب مصطلح العمل من بني أكرث املصطلحات تداول يف ادلراسات املتعلقة مبهنجية‬
‫البحث العلمي‪ ،‬ويشلك مفهوما من املفاهمي الرئيس ية يف بناء املناجه وصياغة النظرايت أو‬
‫الفرضيات‪ ،‬وعليه فرنى بعني الصواب بأن معرفة وحتديد هذه املصطلحات من جانهبا القانوين‬
‫يُعد من املتطلبات الهامة‪ ،‬وهو ما حاولنا تبيانه من خالل مجموعة من التعاريف اليت أبداها خنبة‬
‫من الساتذة والفقهاء‪ ،‬وعليه فنقول بأن أي تعريف مت الشارة اليه فهو يفي ابلغرض املطلوب‬
‫من حيث معرفة القمية احلقيقية ملصطلح العمل‪.‬‬

‫(‪ )1‬بومدين طامشة‪ ،‬عبد النور انج‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.18‬‬
‫(‪ )2‬منقول عن مؤلف‪ :‬خادل حامد‪ ،‬مهنجية البحث يف العلوم الاجامتعية والنسانية‪ ،‬ط‪ ،2‬جسور للنرش والتوزيع‪،‬‬
‫اجلزائر‪ ،2012 ،‬ص ‪.22‬‬
‫(‪ )3‬ادريس الفاخوري‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.20‬‬
‫‪-7-‬‬
‫ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫بلك تواضع ميكننا ان نسامه اببداء تعريف نضيفه يف هذه ادلائرة املعرفية "فالعمل هو‬
‫مجموعة املعارف النسانية هتدف اىل الملام ابحلقائق اجلزئية أو اللكية اليت من شأهنا زايدة‬
‫الرفاهية لالنسان وعالقته ابجملمتع‪ ،‬وتساعده يف معركة تنازع البقاء ودميومته عىل أرض املعمورة‪،‬‬
‫هذا المر ل يكون ال ابتباع طريقة ومهنج معني لكتشاف احلقيقة والتوصل اىل نتاجئ‬
‫مرضية"(‪.)1‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬مقومات ووظائف العمل ومتيزيه عام يقاربه من علوم أخرى‪.‬‬
‫نقسم هذا املطلب كام هو احلال يف املطلب الول اىل فرعني‪ ،‬يدخالن يف جمال مهنجية‬
‫البحث العلمي‪ .‬حناول اعطاء وظائف ومقومات العمل يف هذا امليدان يف الفرع الول ونربز‬
‫عالقة العمل ومتيزيه عام يقاربه من علوم أخرى وذكل يف الفرع الثاين‪.‬‬
‫الفرع الول‪ :‬مقومات ووظائف العمل‪.‬‬
‫ل ميكن لي دوةل تلبيه احتياجاهتا الساس ية وأهدافها الثقافية والتعلميية لتلعب نفس‬
‫املؤسسات التعلميية ادلور الفعال يف رفع راية العمل والوطن لتحتل اجلامعة رايدة هذا الرتتيب‪.‬‬
‫ونرى بأن العمل يف س باق محمول لكتساب أكرب قدر من املعرفة العلمية اجتاه مشلك علمي‬
‫يؤرق ادلوةل أو العامل‪ ،‬وهو الوضع اذلي تعيشه لك ادلول يف الوقت الراهن جراء وابء كوروان‬
‫اذلي افتك حصيةل خيالية من املوىت‪ ،‬فرنى العامل يتسابق من أجل التوصل لعالج أو دواء‬
‫يفتك هبذا الفريوس‪.‬‬
‫فالعمل اذا هو الوس يةل احلقيقية للعبور اىل مصاف ادلول الراقية واملتطورة من أجل‬
‫اس تعادة اجملد العلمي لدلوةل(‪.)2‬‬
‫يقول "براثوايت" يف مؤلفه (التفسري العلمي) بأن وظيفة العمل يه اقامة القوانني العامة‬
‫اليت حتمك اكتشاف الحباث الواقعية أو املسائل اليت يبحهثا‪ ،‬ويه معطيات تسامه عىل الربط‬
‫بني ما توصلنا اىل معرفته من أحداث‪ ،‬كام متكننا من التوصل اىل تنبؤات اثبتة تتعلق بتكل‬
‫الحداث اليت ل تزال مهبمة وغري معروفة(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬بترصف‪.‬‬
‫(‪ )2‬بترصف‬
‫(‪ )3‬نور ادلين فوزي‪ ،‬مطبوعة حمارضات يف مهنجية العلوم الس ياس ية‪ ،‬ألقيت عىل طلب الس نة أوىل علوم س ياس ية‪،‬‬
‫جامعة محمد خيرض‪ ،‬بسكرة‪ ،‬اجلزائر‪ ،2014-2013 ،‬ص‪.05‬‬
‫‪-8-‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬ابخلري دراج‬

‫ل ميكن لي خشص أن يُنكر بأن العمل يف الظروف الراهنة أصبح ولزال واحدا من‬
‫جمالت الفاعلية البرشية اليت تتطور برسعة كبرية‪ ،‬وينبع تأثري العمل من خالل مجموعة املصادر‬
‫اليت تزود اجملمتع ابملعرفة اجلادة واملسامهة يف تقدمي احللول(‪.)1‬‬
‫ان أهداف النسان ل ختتلف عن أهداف العمل عرب العصور‪ ،‬فلهفة البرش أدت اىل‬
‫العرافني واملن ّجمني‬
‫معرفة العامل احمليط به ليك يضع تفسريات بدائية‪ ،‬ففي القدمي جلأ النسان اىل ّ‬
‫ليعرف ما خيبئه هل املس تقبل‪ ،‬ويه معطيات حياول فهيا العامل املعارص أن يفهم الظواهر اليت‬
‫يالحظها‪ ،‬ويس تخدم وسائل لها قمية علمية رائدة‪.‬‬
‫وميكن حرص وظائف العمل فامي ييل‪:‬‬
‫وظيفة التفسري‪ :‬ان التفسري اذلي ل يزيد من س يطرة النسان عىل الطبيعة هو يشء مفيد‪،‬‬
‫فالتفسري يأخذ املعلومات املدونة والتعماميت املقبوةل ويوحض لنا العالقات والارتباطات اخملتلفة‬
‫بني الظاهرة وبني مكوانهتا)‪.(2‬‬
‫وظيفة الاكتشاف‪ :‬والقصد من هذا هو اكتشاف القوانني العلمية العامة واحملتوية للك الظواهر‬
‫والحداث املرتابطة بواسطة الطرق العلمية املعمول هبا يف هذا امليدان (الفرضيات‪ ،‬املالحظة‪،‬‬
‫التجربة) ويقول "مارشال والكر" يف كتابه "طبيعة التفكري العلمي"‪ :‬بأن الوظيفة الرئيس ية للعمل‬
‫يه فهم الوقائع‪ ،‬لنه (العمل) يساعد عىل التغلب عىل مشالك العامل وزايدة القدرة عىل‬
‫التفسري(‪.)3‬‬
‫التنبؤ‪ :‬ويتجىل هذا المر عن طريق فهم العالقات والارتباط بني مكوانت الظاهرة فنس تطيع‬
‫التنبؤ حبدوث الظاهرة عن طريق اس تنتاج مبادئ وقواعد حتمك هذه الظاهرة كام ميكن التنبؤ‬
‫ابلسلوك عند القيام ابدلراسات العلمية املضبوطة(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬املصدر الول‪ :‬الانتفاع بفوائد تطبيقه ويه الفوائد اليت جنمت عهنا وسائل املدوانت وتسهيل نرشها ابلطبع والتوزيع‪،‬‬
‫واليت اكنت وس يةل لتقريب المم مع الفراد‪.‬‬
‫أما املصدر الثاين‪ :‬فهو السلوب العلمي يف البحث اذلي يتوىخ احلقيقة يف ميدان املشاهدة والتجربة‪ .‬ملعرفة املزيد راجع‪:‬‬
‫‪ -‬الهامشي بن واحض‪ ،‬مهنجية اعداد حبوث ادلراسات العليا (ماسرت‪ ،‬ماجس تري‪ ،‬دكتوراه)‪ ،‬حمارضات ألقيت عىل طلبة‬
‫ادلراسات العليا يف العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التس يري‪ ،‬جامعة محمد بوضياف‪ ،‬املس يةل‪ ،‬اجلزائر‪ ،2016 ،‬ص‪.05‬‬
‫(‪ )2‬حشاتة سلامين محمد سلامين‪ ،‬مناجه البحث بني النظرية والتطبيق‪ ،‬مركز الاسكندرية للكتاب‪ ،‬مرص‪ ،2006 ،‬ص‪.17‬‬
‫(‪ )3‬فوزي نور ادلين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.05‬‬
‫(‪ )4‬حشاتة سلامين محمد سلامين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.18‬‬
‫‪-9-‬‬
‫ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الضبط والتحمك‪ :‬ل يقف العمل فقط عند حد التنبؤ‪ ،‬بل يزيد من قدرته عىل ضبط الحداث‬
‫واملقصود من الضبط هو معليه التحمك يف بعض العوامل الساس ية اليت تُسبب حدث ما‪ ،‬ليك‬
‫جتعهل يمت أو متنع وقوعه‪.‬‬
‫ووظيفة الضبط معناها معاجلة الوضاع والظروف ِاليت ظهر يقينا بأهنا املسؤوةل عن‬
‫حدوث الظاهرة بشلك يتيح حتقيق الغاية املنشودة مثل اس تغالل املوارد الطبيعية‪ ،‬التحمك يف‬
‫المراض‪ ،‬ضبط السلوك الانساين (‪.)1‬‬
‫أما ُمقومات العمل فهو أن يكون هناك موضوع علمي وهذا الخري يشرتط فيه توافر‬
‫بعض النقاط الساس ية‪ ،‬ويه تعريف للعمل وابراز الظواهر اليت يتناولها العمل ابلبحث وادلراسة‬
‫والتأصيل أما امل ُ ّقوم الثاين توافر مهنجية معينه تتالءم مع دراسة املوضوع‪ ،‬أما املقوم الثالث‬
‫والخري واملهم هو حتقيق النتاجئ‪ ،‬وتمتثل هذه النتاجئ يف الوصول اىل القوانني العلمية واملفاهمي‬
‫العامة اجملردة وتطبيق قواعد العمل وغاايته ومراحل الاكتشاف العلمي(‪.)2‬‬
‫الفرع الثاين‪ :‬متيزيه عام يقاربه من علوم أخرى‪.‬‬
‫أول‪ :‬العمل والثقافة‪:‬‬
‫ل يكفي عىل العا ِلم أن يكون شديد التخصص واحلرص يف جمال معني ليك حيسن‬
‫انتقاء واقعة بعيهنا‪ ،‬بل عليه أن يكون واسع الثقافة ُمتقنا لعلوم عرصه ومدراك لطبيعة العالقة بني‬
‫لك عمل مع بقية العلوم‪.‬‬
‫والثقافة يه ذكل اللك املُعقد اذلي حيتوي عىل املعرفة والعقيدة والفن والاخالق والقانون‬
‫والعادات وسائر القدرات اليت يكتس هبا الفرد(‪.)3‬‬
‫أما الفرق بني العمل والثقافة فالول هو فرع صغري وجزء ل يتجزأ من فروع الثقافة‪،‬‬
‫ولكنه مؤثّر وف ّعال فهيا‪ ،‬ا ْذ هبته اخلاصية يعترب من أبرز فروع وعوامل الثقافة فاعلية وتأثريا يف‬
‫حياة اجملمتع(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬راجع‪:‬‬
‫‪ -‬فوزي نور ادلين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.06‬‬
‫‪ -‬حشاتة سلامين محمد سلامين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪18‬‬
‫(‪ )2‬ملعرفة املزيد راجع‪:‬‬
‫تويم ألكي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.77-76‬‬
‫(‪ )3‬بومدين طامشة‪ ،‬عبد النور انج‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.23‬‬
‫ويه أكرث التعريفات انتشارا وتقبال وهو تعريف "اتيلور"‪.‬‬
‫‪- 10 -‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬ابخلري دراج‬

‫يف هذا الصدد يويص "لكود برانرد" للك خشص يريد أن يكون عاملا مفا عليه ال أن يزتود من‬
‫الثقافة الفلسفية والفنية ليك يقف يف مس توايت رفيعة عند احلدود القصوى للعلوم‪ ،‬فيضيفون‬
‫يف التفكري العلمي حركة تبعث فيه احلياة وتسمو به(‪.)2‬‬
‫اثنيا‪ :‬العمل والفن‪:‬‬
‫دلةل لكمة الفن يه املهارة الشخصية‪ ،‬الابتاكر‪ ،‬الابداع‪ ،‬املبادرة وهذه املقدرة راكئزها‬
‫مؤهالت وصفات خمتلفة اكذلاكء والفطنة سواء اكنت سامت مكتس بة أو فطرية ويه ختتلف‬
‫من خشص لآخر(‪.)3‬‬
‫والتفرقة بيهنام تمكل يف أن العمل يبحث يف ما هو اكئن وموجود‪ ،‬بيامن الفن يقوم عىل‬
‫أساس املهارة النسانية‪ ،‬معمتدا يف ذكل عىل امللاكت اذلاتية واملواهب الشخصية‬
‫والاس تعدادات الشخصية(‪.)4‬‬
‫واذا اجمتعت صفات مقومات وصفات ورشوط العمل والفن فيؤدي ذكل حامت اىل بزوغ‬
‫النبوغ والعبقرية وادلهاء(‪.)5‬‬
‫من بني الاختالفات اجلوهرية بني العمل والفن‪:‬‬
‫يقوم العمل عىل ُأسس ومجموعة من القوانني العلمية املوضوعية اجملردة‪ ،‬واليت حتدد من خاللها‬
‫العالقة بني ظاهرتني أو أكرث وهذه العالقة معيارها احلمتية والاحامتل‪ ،‬كام يبحث فهيا هو جمرد‬
‫وموجود واكئن‪ ،‬بيامن الفن يعمتد يف الساس عىل املهارة واملوهبة وامللاكت اذلاتية واملواهب‬
‫الفردية لميتاز الفرد هنا خبصال وأخالقيات الفنان احلقيقي والناحج‪ ،‬وجيب عليه أن يُ ّقوي ويصقل‬
‫موهبته وقدراته وهماراته الفردية(‪.)6‬‬

‫(‪ )1‬عامر عوابدي‪ ،‬مناجه البحث العلمي وتطبيقاهتا يف ميدان العلوم القانونية والادارية‪ ،‬ط‪ ،3‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪،‬‬
‫اجلزائر ‪ ،1999‬ص ‪.11‬‬
‫(‪ )2‬محمد محمد قامس‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.28‬‬
‫(‪ )3‬بومدين طامشة‪ ،‬عبد النور انج‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.23‬‬
‫(‪ )4‬ملعرفة املزيد راجع‪:‬‬
‫عامر عوابدي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.13-12‬‬
‫(‪ )5‬بترصف‪ ،‬ويه العالقة احلقيقية بني العمل والفن‪.‬‬
‫(‪ )6‬راجع‪ - :‬عامر عوابدي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.14‬‬
‫بن واحض الهامشي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.20‬‬
‫‪- 11 -‬‬
‫ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫اثلثا‪ :‬العمل والفلسفة‪:‬‬


‫ينرصف مفهوم العمل اىل تفكري العلامء‪ ،‬أما الفلسفة فهىي مجموعة الفاكر والتأمالت والتصورات‬
‫ذات الصةل مبوضوع حمدد‪ ،‬بعكس القمي واملُثل العليا اليت يؤيدها الفيلسوف كساس لبناء جممتع‬
‫وقد اكنت الفلسفة يه أم سائر العلوم وأمهها ليك ُحيدث انفصال واس تقالل العمل عن الفلسفة‬
‫منعرجا أآخر(‪.)1‬‬
‫رابعا‪ :‬العمل واملذهب‪:‬‬
‫الفرق بيهنام فرق عام ل خيتص مبجال معني‪ ،‬فليس يف العمل جانب ذايت وامنا هو‬
‫موضوعي حبت‪ ،‬أما املذهب فيعطي الرؤية ملا ينبغي أن يكون وحيمك عىل الواقع املوجود‬
‫ابلصحة والبطالن‪ ،‬فصاحب املذهب دوره دور احلامك أما العمل فيبحث عن ظاهرة وحياول أن‬
‫يكتشف أس باهبا(‪.)2‬‬
‫املبحث الثاين‪:‬‬
‫املعرفــــة‬
‫نتطرق يف هذا املبحث اىل مسأةل املعرفة فنحاول طرق الباب عىل بعض املسائل‬
‫املهمة‪ ،‬فنجزأ هذا املبحث اىل مطلبني نعاجل يف املطلب الول املفاهمي العامة للمعرفة حماولني‬
‫اعطاء املقارنة مع العمل‪ ،‬أما املطلب الثاين خنصصه لنواع املعرفة‪.‬‬
‫املطلب الول‪ :‬املفاهمي العامة للمعرفة‬
‫ان العقبة اليت نبدأ فهيا ويف أي معل فكري ُمضين جيب أن يقوم عىل‬
‫متطلبات احلنكة الفذة‪ ،‬وذلكل يلزم فتح أبواب احلرية الفكرية والتجريبية عىل مرصعهيا دون‬
‫قيود‪ ،‬ليك يتس ىن للعلامء الاقتداء عىل اكتشافات ل ختطر عىل ابهلم مه أنفسهم فالهامتم ابلعلامء‬
‫واملفكرين والباحثني والساتذة يشء مقدس‪.‬‬
‫وعلينا احرتام نشوء الفاكر واملعارف وسائر الابتاكرات دلينا ودلى غريان‪ ،‬ونراعي‬
‫ظهور العلامء واجملهتدين والفذاذ وميكن النظر اىل املعرفة عىل أهنا بعد تطورها س تصبح أجعوبة‪،‬‬
‫فالعمل هو نتيجة التحول الرتامكي للمعرفة اليت توارثهتا الجيال عن طريق احلس السلمي‬
‫املشرتك(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬بومدين طامشة‪ ،‬عبد النور انج‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.24‬‬
‫(‪ )2‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.25‬‬
‫(‪ )3‬ملعرفة املزيد انظر‪:‬‬
‫‪- 12 -‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬ابخلري دراج‬

‫تنشأ املعرفة كصل عام كمثرة لالتصال بني ذات مدركة وموضوع مدرك وتقوم عىل‬
‫التقابل والاحتاد املتني بني هذين الطرفني وتعترب املعرفة ‪ -‬كام يراها البعض ‪ -‬خليط من‬
‫املعلومات واخلربات والتجارب والخالق اذلي ميتد عىل طول طيف فس يح فاذا نظران اىل‬
‫املعرفة لحظنا بأن التصال والعالقة املعرفية مامتثةل عند لك الفراد‪ ،‬لكن نظرية املعرفة اليت‬
‫نتحمس لها ل تطفو ال يف ظل حتديد أولوية أحد هذين الطرفني(‪.)1‬‬
‫من اجلانب التارخيي فأول من اس تخدم هذا املصطلح الس تاذ "فرييي" وهذا يف‬
‫القرن التاسع عرش اذ جند بأن املفكرين والفالسفة طرحوا موضوعات املعرفة‪ ،‬فنجد مثال‬
‫السفسطائيون وأفالطون وأيضا الفالسفة املسلمني اكبن رشد‪ ،‬ابن سينا‪ ،‬الغزايل‪ ...‬وقد صنف‬
‫"جون لوك" املعرفة حسب درجة يقيهنا ورتبهتا‪.‬‬
‫ونظرية املعرفة تنحرص يف ثالثة تساؤلت‪ ،‬الوىل تبحث يف طبيعة املعرفة‬
‫النسانية أما التساؤل الثاين‪ :‬نظرية املعرفة تتساءل عن مصادر املعرفة‪ ،‬أي عن مناجه حتصهيا‪،‬‬
‫وأخريا التساؤل الثالث فنظرية املعرفة تبحث يف ميدان وجمال معارفها من حيث تقيمي وأنواع‬
‫املعارف(‪.)2‬‬
‫تعترب املعرفة رضورية لالنسان لن معرفة احلقائق يه اليت تساعده عىل فهم املسائل‬
‫اليت يواهجها‪ ،‬وتشمل املعرفة ذكل الرصيد الواسع من املعارف واملعلومات اليت يس تطيع النسان‬
‫خالل وعرب التارخي النساين أن جيمعها بعقهل وفكره وحواسه(‪.)3‬‬
‫واملعرفة يه عبارة عن مجموعة من املعاين واملعتقدات والحاكم واملفاهمي والتصورات‬
‫اذلهنية اليت تتكون دلى النسان لفهم الظواهر والش ياء احمليطة به ويه أمشل وأوسع من العمل‬
‫لن املعرفة تشمل لك الرصيد الواسع من املعارف والعلوم واملعلومات اليت بواسطهتا يس تطيع‬
‫النسان أن يفكر ويمتتع ابلعقل(‪.)4‬‬

‫امحد الصيداوي‪ ،‬البحث العلمي بامنذجه الساس ية‪ ،‬ط‪ ،1‬رشكة املطبوعات للتوزيع والنرش‪ ،‬لبنان‪ ،2001 ،‬ص ص‬
‫‪.109-107‬‬
‫(‪ )1‬للتفصيل راجع‪ :‬محمد محمد قامس‪ ،‬املرجع السابق ص ص ‪.26-25‬‬
‫(‪ )2‬خادل حامد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.18-17‬‬
‫(‪ )3‬بومدين طامشة‪ ،‬عبد النور انج‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.25‬‬
‫(‪ )4‬ادريس الفاخوري‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫‪- 13 -‬‬
‫ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫فباملعرفة جيتاز النسان لك العراقيل اليت ُحتول هل حتقيق الهداف‪ ،‬فيعرف كيف يضع‬
‫الاسرتاتيجيات اليت ختول هل تدارك الخطاء‪ ،‬واختاذ اجراءات جديدة متكنه من حتقيق أهدافه‬
‫وأمانيه(‪.)1‬‬
‫ميكننا أن نؤكد عىل أن املعرفة ليس مرادفا للعمل‪ ،‬فاملعرفة تتضمن املعارف العلمية وغري العلمية‬
‫فلك عمل يعترب معرفة ال أن العكس غري حصيح‪ ،‬فاملعرفة أوسع من العمل ويفهم من هذا بأن‬
‫العمل جزء ل يتجزأ من املعرفة‪ ،‬ويفرق الباحثون بيهنام عىل أساس السلوب أو املهنج‬
‫التفكريي(‪.)2‬‬
‫وخالصة القول فان مفهوم املعرفة ليس مرادفا ملفهوم العمل‪ ،‬فاملعرفة أوسع حدودا ومدلول وأكرث‬
‫مشول وامتدادا من العمل‪ ،‬ومصطلح املعرفة يف مشولها تتضمن املعارف العلمية وغري العلمية(‪)3‬‬

‫وعىل العموم فان املعرفة لها شقني(‪:)4‬‬


‫الول غري علمي (عام)‪ :‬وهو الانطباع العام اذلي يصل هل النسان‪ ،‬وهذا من خالل احتاككه‬
‫ومشاهدة ما جيري يف العامل اخلارج‪.‬‬
‫الثاين العلمي‪ :‬وهو النوع اذلي يكون أساسه املهنجية وادلراسة الشامةل للموضوع ومتتاز ابدلقة‬
‫والثبات ل عىل أساس التخمني‪ ،‬حبيث تكون النتيجة ترتكز عىل ادلقة ومدمعة حبقائق ل تعمتد‬
‫عىل اجلدل اطالقا(‪.)5‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬أنواع املعارف‪.‬‬
‫ان طرق احلصول عىل املعرفة ختتلف من موضوع لآخر ف ُينظر لنوع هاته املعرفة من زاوية‬
‫مس تقةل عن الخرى‪ ،‬وهناك من يرى بأن الناس حباجة ماسة للمعرفة لعدة أس باب‪:‬‬
‫‪ -‬أهنا طريقة لتنظمي وترتيب الش ياء وفقا لمناطها‪.‬‬

‫(‪ )1‬الهامشي بن واحض‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.18‬‬


‫(‪ )2‬بومدين طامشة‪ ،‬عبد النور انج‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.25‬‬
‫(‪ )3‬ادريس الفاخوري‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫(‪ )4‬ان أساس المتيزي بني النوعني هو اتباع مهنج البحث العلمي من عدمه فاذا اتبع الباحث قواعد املهنج العلمي اخملتار‬
‫للكشف عن الظواهر فقام بتنظميها وتصنيفها فاملعرفة وقهتا تكون علمية‪ ،‬واذا مل يمت اس تخدام هاته الطريقة العلمية فاملعرفة‬
‫تصبح جمرد معرفة غري علمية (وهو رأينا الشخيص يف هذا اجملال)‪.‬‬
‫(‪ )5‬راجع‪:‬‬
‫‪ -‬نور ادلين فوزي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.01‬‬
‫‪ -‬خادل حامد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.19-18‬‬
‫‪- 14 -‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬ابخلري دراج‬

‫‪ -‬التنبؤ بأحداث املس تقبل‪.‬‬


‫‪ -‬الرجوع اىل املايض وتفسري الوقائع‪.‬‬
‫‪ -‬اعطاء رؤية دقيقة عن سبب وقوع الحداث‪.‬‬
‫‪ -‬حماوةل الس يطرة عىل الحداث‪.‬‬
‫يتفق املهمتني بأن للمعرفة ثالثة أنواع‪:‬‬
‫يف ادلرجة الوىل املعرفة احلس ية‪ :‬واليت يكون سبهبا حواس النسان اجملردة اكملشاهدة‬
‫والعفوية واللمس والاس امتع‪ ،‬مبعىن يكون مصدرها السايس احلواس املعروفة دلى النسان‬
‫اكلبرص‪ ،‬الشم‪ ،‬اللمس‪.‬‬
‫من بني المثةل نذكر تعاقب الليل والهنار‪ ،‬رشوق الشمس وغروهبا‪ ،‬هتاطل الامطار‪،‬‬
‫دوي الرعد‪ ،‬فهذه املالحظات تمت عادة بطريقة حس ية عفوية ول تمت بغرض الكشف عن حقيقة‬
‫علمية(‪.)1‬‬
‫وقد اكن لهذا النوع من املعارف دورا ابرزا يف اكتساب اخلربات حيث اكن الرجل يف‬
‫بدايته يتعرف عىل الش ياء بنظره أو بسمعه أو بيده‪ ،‬مث أخذت نتاجئه من التجربة احلس ية‬
‫تزداد مبرور الايم والعصور‪ ،‬فمبرور الوقت اس تفاد النسان من اخلربات فظهرت الآراء احلس ية‬
‫املشرتكة بني عامة الناس واليت تعود جذورها التارخيية لرسطو(‪.)2‬‬
‫يف ادلرجة الثانية املعرفة الفلسفية التأملية‪ :‬وهو نوع من أنواع املعارف اليت يتطلب‬
‫النضج الفكري والتعمق يف دراسة الظواهر املوجودة‪ ،‬لن مس توى تفسري الحداث يس توجب‬
‫الاملام بقوانني وقواعد علمية‪ ،‬ويف الغالب يصعب عىل الباحث أن حيصل عىل براهني ملموسة‪،‬‬
‫والبحث الفلسفي ل هيمت ابجلزئيات وامنا ابملبادئ اللكية وحياول الرجوع اىل املبادئ الوىل‬
‫لتفسري الش ياء اكلتأمل يف أس باب احلياة واملوت(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬عامر عوابدي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.08‬‬


‫(‪ )2‬ادريس الفاخوري‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.23‬‬
‫(‪ )3‬عامر بوحوش‪ ،‬محمد محمود اذلنيبات‪ ،‬مناجه البحث العلمي وطرق اعداد البحوث‪ ،‬ط‪ ،7‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪،‬‬
‫اجلزائر‪ ،2014 ،‬ص‪.09‬‬
‫‪- 15 -‬‬
‫ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫يف ادلرجة الثالثة تأيت املعرفة العلمية والتجريبية‪ :‬هذا النوع يعمتد عىل املالحظة املنظمة‬
‫املقصودة للظواهر وعىل أساس وضع الفروض املالمئة والتحقق مهنا ابلتجربة ومجع البياانت‬
‫وحتليلها(‪.)1‬‬
‫أساس هذا النوع من املعرفة السلوب الاس تقرايئ اذلي يعمتد عىل املالحظة املنظمة للظواهر‬
‫واجراء التجارب ومجع البياانت وحتليلها‪ ،‬واس تخراج واكتشاف النظرايت العامة العلمية القادرة‬
‫عىل تفسري الظواهر والش ياء العلمية والتنبؤ مبا ميكن حدوثه والتحمك يف الظواهر(‪.)2‬‬
‫يه اذا أمه املسائل املتعلقة ابملعرفة فأرشان يف هذا املبحث اىل املفاهمي الرئيس ية لهذا‬
‫املصطلح وعاجلنا ولو نسبيا اجلانب التارخيي هل لنضع يف احلس بان املقاربة املوجودة بينه وبني‬
‫العمل‪ ،‬لنعرج يف هناية هذا املبحث عىل أنواع املعرفة الثالث ويه املعرفة احلس ية‪ ،‬والفلسفية‬
‫التأملية‪ ،‬وأخريا العلمية التجريبية‪.‬‬
‫املبحث الثالث‪:‬‬
‫البحث العلمي‬
‫ترتبط حياة المم والشعوب واحلضارات ابلبحث العلمي‪ ،‬فهو طريق الجيال حنو‬
‫مس تقبل مرشق‪ ،‬وهو بوابة ادلول للتقدم والازدهار واخلروج من التخلف والعشوائية‪.‬‬
‫البحث العلمي هو أساس املعرفة املادية ومنربا لرتقاء البرشية‪ ،‬وقد حاولنا يف هذا اجلزء دراسة‬
‫البحث العلمي حيث مقنا يف دراستنا السابقة بتعريف العمل ويه مسأةل حنن يف غىن عن ذكرها‬
‫وعليه س نعمتد هنا عىل اجلانب املفاهميي للبحث العلمي يف املطلب الول‪ ،‬يف حني نوحض يف‬
‫املطلب الثاين الغاية من البحث العلمي‪.‬‬
‫املطلب الول‪ :‬مفهوم البحث العلمي‪.‬‬
‫ليس من السهل وضع تعريف للبحث العلمي حيظ بقبول مجيع العلامء أو املهمتني‬
‫وادلارسني وهذا هو شأن لك التعاريف‪ ،‬فقلّام يتفق الساتذة عىل تعريف حمدد ملصطلح البحث‬
‫العلمي‪ ،‬فلك واحد من ال ُكتاب ينظر اىل هذا املوضوع من زاويته اخلاصة وحسب ميوهل‬
‫وقناعاته‪ ،‬ونضع للقارئ مجموعة من التعاريف اتركني حرية انتقاء التعريف اذلي يراه مناس با‪.‬‬
‫هو ادلراسة اليت يقوم هبا الباحث أو الس تاذ يف موضوع من موضوعات العمل‪ ،‬تعاجل‬
‫مشلكة من املشالكت املعينة‪ ،‬ويضيف نفس املؤلف تعريفا أآخر ويقول بأنه‪:‬‬

‫(‪ )1‬املرجع نفسه‪ ،‬الصفحة نفسها‪.‬‬


‫(‪ )2‬نقال عن‪ :‬عامر عوابدي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.09‬‬
‫‪- 16 -‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬ابخلري دراج‬

‫(مجموعة اجلهود املنظمة اليت يقوم هبا النسان مس تخدما السلوب والطريقة العلمية لكتشاف‬
‫الظواهر وحتديد العالقات بيهنا)(‪.)1‬‬
‫هو عرض مفصل يُمثل كشفا حلقيقة جديدة أو التأكيد عىل حقيقة قدمية واضافة يشء‬
‫جديد لها أو حل ملشلك معني(‪.)2‬‬
‫ج‪ -‬ومن مجةل التعاريف أيضا‪ :‬يعترب وس يةل لالستسقاء والاس تعالم املنظم وادلقيق اذلي يقوم‬
‫به الباحث لكتشاف معلومات‪ ،‬عىل أن يتبع يف هذا الفحص ادلقيق خطوات املهنج العلمي‬
‫اذلي يراها مالمئا(‪.)3‬‬
‫د‪ -‬ومن التعاريف أيضا هو حماوةل لكتشاف املعرفة والتنقيب عهنا وتمنيهتا وحفصها من أجل‬
‫عرضها بشلك متاكمل ليك تسري يف ركب احلضارة العلمية واملعارف البرشية(‪.)4‬‬
‫هـ‪ -‬حسب "روميل" (‪ )Rummel‬هو التقيص أو الفحص ادلقيق من أجل اكتشاف‬
‫املعلومات أو عالقات جديدة ومنو املعرفة احلالية والتحقق مهنا‪ ،‬وحسب "فان دالني" ( ‪Van‬‬
‫‪ )Dalen‬هو احملاوةل ادلقيقة الناقدة للتوصل اىل حلول للمشالكت اليت تؤرق النسان‬
‫وحتريه(‪.)5‬‬
‫و‪ -‬البحث العلمي حبث منظم ومضبوط‪ ،‬يبحث يف املشالكت ويس تعمل التجارب والنظرايت‬
‫والقوانني للوصول اىل النتيجة(‪.)6‬‬
‫ز‪ -‬يعرف "كريلنجر" (‪ )Kirlinger‬البحث العلمي عىل أنه‪( :‬ادلراسة املنظمة امليدانية النقدية‬
‫لختبار الاقرتاحات املفرتضة حول العالقة املتوقعة بني الظواهر الطبيعية(‪.)7‬‬

‫(‪ )1‬بومدين طامشة‪ ،‬عبد النور انج‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.32‬‬
‫(‪ )2‬عامر بوحوش‪ ،‬محمد محمود اذلنيبات‪ ،‬مهنجية البحث العلمي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫مع‬
‫‪ -‬املؤلفان يعطيان تعريفا اخر‪" :‬هو نشاط علمي منظم يتخذ صاحبه أسلواب معينا لكشف احلقيقة متدا عىل مهنج معني‪.‬‬
‫راجع‪ - :‬عامر بوحوش‪ ،‬محمد محمود اذلنيبات‪ ،‬مناجه البحث العلمي وطرق اعداد البحوث‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.13‬‬
‫(‪ )3‬بومدين طامشة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.33‬‬
‫(‪ )4‬حازم محمد موىس اجلنايب‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.23‬‬
‫(‪ )5‬لالسزتادة راجع‪:‬‬
‫‪ -‬صالح ادلين رشوخ‪ ،‬مهنجية البحث القانوين للجامعيني‪ ،‬دار العلوم للنرش والتوزيع‪ ،‬عنابة‪ ،‬اجلزائر‪ ،2003 ،‬ص ص‬
‫‪.20-19‬‬
‫(‪ )6‬ادريس فاخور‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.07‬‬
‫(‪ )7‬نقال عن‪ - :‬بن واحض الهامشي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.02‬‬
‫‪- 17 -‬‬
‫ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ك‪ -‬يعرفه ادلكتور "خادل حامد" بأنه التقيص املنظم ابتباع أساليب ومناجه علمية حمددة يف‬
‫دراسة املواضيع اخملتلفة(‪.)1‬‬
‫ما ميكن مالحظته من التعاريف السابقة للبحث العلمي بأهنا مجيعا تشرتك يف النقاط‬
‫التية‪:‬‬
‫‪ -‬طريقة علمية تتبع مهنجا معينا‪ ،‬ول تعمتد عىل الطرق غري العلمية‪.‬‬
‫‪ -‬هيدف اىل توس يع دائرة املعارف والكشف عن احلقائق الغري مس تخدمة‪ ،‬حماولني التأكيد عىل‬
‫هذه احلقيقة‪.‬‬
‫‪ -‬اختاذ مجموعة من ادللئل والرباهني لالقناع‪ ،‬ول ميكن الاعالن عهنا ال بعد التأكد مهنا‬
‫وحفصها‪.‬‬
‫‪ -‬يشمل مجيع ميادين احلياه ومجيع مشالكها(‪.)2‬‬
‫ما ميكن اس تخالصه عىل أن البحث العلمي حسب رأينا املتواضع‪" :‬مجموعة من الاجراءات‬
‫والدوات اليت تس تخدم بشلك منظم‪ ،‬وبأسلوب سلمي للنظر يف بعض الوقائع يسع فهيا‬
‫الباحث الكشف عن احلقيقة‪ ،‬وبأحسن الطرق املمكنة للوصول اىل نتاجئ هنائية وحماوةل تعمميها‬
‫عىل مجيع الظواهر املامثةل"(‪.)3‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬الهدف والغاية من البحث العلمي‪.‬‬
‫ان الهدف من وراء البحث العلمي هو اس تخالص فكرة صادقة و ُمل ّمة عن صلب‬
‫يعود‬
‫املوضوع بواسطة الكشف عن احلقائق واثراء املعلومات‪ ،‬ورمبا اضافة اجلديد فهيا كام أنه ّ‬
‫الطالب عىل ارتياد املكتبات والتعامل معها ويرفع قدراته عىل الربط والتفكري واس تكامل‬
‫املوضوعات‪ ،‬كام يساعده عىل مواصةل ادلراسات العليا والاسهام يف اثراء املكتبة اجلامعية‪ ،‬كام‬
‫يعينه عىل اتباع الساليب والقواعد العلمية يف اجنازه والاس تفادة من املالحظات والتصويبات‬
‫وتدارك الخطاء(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬خادل حامد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.83‬‬


‫(‪ )2‬للمزيد راجع‪ - :‬بومدين طامشة‪ ،‬عبد النور انج‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.33‬‬
‫‪ -‬عامر بوحوش‪ ،‬محمد محمود اذلنيبات‪ ،‬مناجه البحث العلمي وطرق اعداد البحوث‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.17‬‬
‫(‪ )3‬بترصف‪.‬‬
‫(‪ )4‬رقيه سكيل‪ ،‬مهنجية اجناز البحوث العلمية‪ ،‬ط‪ ،1‬دار اخلدلونية‪ ،‬اجلزائر‪ ،2010 ،‬ص ص ‪.07-06‬‬
‫‪- 18 -‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬ابخلري دراج‬

‫كام أن الهدف من البحث العلمي انبع من كون الطالب يف جمال العلوم القانونية ليزال‬
‫حباجة ماسة ملرجع يف املهنجية يتناول ابدلراسة والتعمق خمتلف املراحل العملية اليت تالزمه(‪.)1‬‬
‫كام هيدف البحث العلمي اىل اعطاء صورة لكية عن الظاهرة موضوع ادلراسة هبدف‬
‫التعرف عىل كينوانهتا لزايدة قدرة النسان عىل تفسري الحداث لش باع احلاجة املعرفية‬
‫وليكون أقدر عىل التكيف مع الوضاع‪ ،‬أي أن أهداف ووظائف العمل يه الاكتشاف‬
‫والتفسري الضبط والتحمك(‪.)2‬‬
‫ومن بني الهداف املنشودة للبحث العلمي جيملها ادلكتور عامر بوحوش وادلكتور محمد‬
‫محمود اذلنيبات يف‪:‬‬
‫‪ -‬اثراء معلومات الطالب‪.‬‬
‫‪ -‬اتباع الساليب والقواعد العلمية املعمتد علهيا يف كتابة البحوث‪.‬‬
‫‪ -‬ابراز املقدرة عىل التعبري‪.‬‬
‫‪ -‬اس تعامل الواثئق والكتب‪.‬‬
‫‪ -‬التعود عىل معاجلة املواضيع مبوضوعية ونزاهة‪.‬‬
‫‪ -‬اس تعامل املنطق‪.‬‬
‫‪ -‬التخلص من ظاهرة كسل العقل وتعويده عىل النشاط الفكري‪.‬‬
‫‪ -‬حتصني النفس ضد اجلهل‪.‬‬
‫‪ -‬الاس تفادة من جتربة الساتذة ومالحظاهتم والتعرف عىل الخطاء يف بداايهتا ليك ل تعمم‬
‫عىل اكمل البحث(‪.)3‬‬
‫نتيجة‪ :‬ويف ختام هذا الفصل‪ ،‬ميكننا القول بأننا اخرتان هذا الفصل ليكون الول يف‬
‫ادلراسة يف مقياس مهنجية البحث العلمي من خالل حتليل العديد من املواضيع واملسائل‬
‫فاكنت دراسة املبحث‬

‫(‪ )1‬عامر بوضياف‪ ،‬املرجع يف كتابة البحوث القانونية‪ ،‬ط‪ ،1‬اجلزائر‪ ،2014 ،‬ص ‪.07‬‬
‫(‪ )2‬صالح ادلين رشوخ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪17-16‬‬
‫(‪ )3‬لالسزتادة راجع‪:‬‬
‫‪ -‬عامر بوحوش‪ ،‬محمد محمود اذلنيبات‪ ،‬مناجه البحث العلمي وطرق اعداد البحوث‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪-28‬‬
‫‪.29‬‬
‫‪ -‬بومدين طامشة‪ ،‬عبد النور انج‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.27-26‬‬
‫‪- 19 -‬‬
‫ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الول تدور عىل البحث والعمل‪ ،‬أما املبحث الثاين فيتضمن املعرفة يف حني جند املبحث الثالث‬
‫يش متل عىل املفاهمي وأهداف البحث العلمي‪.‬‬
‫الفصل الثاين‪:‬‬
‫خصائص‪ ،‬أمهية البحث العمل وأنواع البحوث اجلامعية‬
‫يعترب البحث العلمي وس يةل لدلراسة والتقيص والاس تفتاء التام وادلقيق والتنقيب‬
‫والتحري والتعمق حول فكرة ما أو ظاهرة ما‪ ،‬ويقتيض (البحث العلمي) القدر الالزم من‬
‫احلجج والشواهد‪ ،‬لك هذا من أجل الوصول اىل احلقيقة العلمية واملسامهة يف تقدم العلوم‬
‫بش ىت أنواعها(‪.)1‬‬
‫فالبحث العلمي سالح ذو حدين‪ ،‬حد انفع اذا اس تخدمت قواعده بشلك سلمي‪ ،‬وحد‬
‫شديد الرضر اذا اغفلت عنارصه وأمهيته العلمية فيه‪ ،‬أو اختلت عنارص تنفيذه أو بعدت عنه‬
‫أدوات الصدق واملوضوعية وادلقة والزناهة‪ ،‬فيصبح يف حد ذاته سببا ملزيد من املشالك‬
‫والعقبات(‪.)2‬‬
‫فلك امرئ ميكن أن يكون ابحثا منظام (علميا) يف ميادين اهامتماته‪ ،‬لكن السريورة‬
‫احلس نة للبحث العلمي ل تكون ال ابلتقيد ابلقواعد السلمية والصحيحة املتعلقة بأجبدايت‬
‫البحث العلمي‪ ،‬ليك يكون البحث منظام ونتاجئه تأيت منوعة(‪.)3‬‬
‫من خالل ما قلناه يف التو وزايدة عىل التعاريف اليت قيلت يف السابق حول البحث‬
‫العلمي‪ ،‬س نربز يف هذا الفصل خصائص البحث العلمي يف املبحث الول‪ ،‬يليه املبحث الثاين‬
‫نعرض فيه المهية‪ ،‬أما املبحث الثالث خنصصه لنواع البحوث اجلامعية وهذا فامي س يأيت‪.‬‬

‫(‪ )1‬عامر بوضياف‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.10‬‬


‫(‪ )2‬بترصف‪.‬‬
‫(‪ )3‬أمحد الصيداوي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.29‬‬
‫‪- 20 -‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬ابخلري دراج‬

‫املبحث الول‪:‬‬
‫خصائص البحث العلمي‬
‫من خالل ما ورد من مفاهمي وتعاريف‪ ،‬فان البحث العلمي يمتزي مبجموعة من‬
‫اخلصائص‪ ،‬نسع جاهدا اىل معرفة هذه اخلصائص اليت تنقسم أول اىل البحث العلمي يف‬
‫معومه‪ ،‬واثنيا البحث العلمي القانوين وهو ما يريد معرفته طلبتنا العزاء‪.‬‬
‫هذا املبحث ابذن هللا نقسمه اىل مطلبني‪ ،‬الول حيمل عنوان خصائص البحث‬
‫العلمي بصفة عامة أما املطلب الثاين ع ْنوانه خبصائص البحث العلمي يف ادلراسات القانونية‪،‬‬
‫ومنه فالقس مي يكون كام ييل‪:‬‬
‫املطلب الول‪ :‬خصائص البحث العلمي بصفة عامة‪.‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬خصائص البحث العلمي يف ادلراسات القانونية‪.‬‬
‫املطلب الول‪ :‬خصائص البحث العلمي بصفة عامة‬
‫بداية الكمنا‪ ،‬ميكننا أن نؤكد عىل أن اخلصائص كثرية ومتعددة تشرتك يف مضاميهنا‬
‫اىل حد كبري‪ ،‬لكهنا ختتلف يف رشهحا وتفسريها من مؤلف اىل أآخر‪ ،‬ويف هذا املقام ل ميكننا‬
‫املرور هكذا دون أن نشري اىل المك الالمتنايه للخصائص من خالل ما فرسه الكتاب واملهمتني‬
‫بناء عىل مجموعة من ادلوافع‪:‬‬
‫أ‪ -‬الثراء العام والشامل للمعلومات املتعلقة هبذا احملور‪.‬‬
‫ب‪ -‬حماوةل ادخال عنرص التشويق والتجديد يف دراسة وتدريس مقياس مهنجية البحث العميل‪.‬‬
‫د‪ -‬ازاةل الضبابية حول لك ماهل عالقة خبصائص البحث العلمي‪ ،‬ويه قناعة راخسة منا للخروج‬
‫عن املألوف يف ما وجدانه يف بعض الكتب واملطبوعات اجلامعية من خالل التقصري يف رشح‬
‫اخلصائص املتعلقة ابلبحث العلمي‪ ،‬فالكثري من املراجع امتازت ابلختصار الشديد يف ما تعلق‬
‫هبذا احملور‪.‬‬
‫‪ -1‬ادلكتور " بومدين طامشة " يرى بأن البحث العلمي هو‪:‬‬
‫‪ -‬حبثا ميدانيا يبحث فامي هو مالحظ أو قابل للمالحظة‪.‬‬
‫‪ -‬ل وجود للرسية يف العمل ال يف ظروف شديدة الاس تثنائية‪.‬‬
‫‪ -‬عام فهو معين بتفسري الظواهر أيامن ووقامت وجدت‪ ،‬وليس ظاهرة بذاهتا يف س ياق وحده‪.‬‬
‫‪ -‬تفسريي‪ ،‬مبعىن أنه هيدف اىل ربط العلل مبعلوماهتا والس باب بنتاجئها والسبب أن لك عةل‬
‫تدور مع معلولها‪.‬‬
‫‪- 21 -‬‬
‫ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -‬يصف النتاجئ احلمتية املرتتبة عىل وجود عوامل يف س ياق اجامتعي بذاته(‪.)1‬‬
‫‪ -2‬ادلكتور "الس يد متام"‪ :‬يرى بأن البحث العلمي هل خصائصه الفريدة‪ ،‬لكن العلوم مجيعا‬
‫وبغض النظر عن طبيعة موضوعها جيب أن تتوافر فهيا مجموعة من اخلصائص اشرتطها علامء‬
‫املناجه يف الفالسفة ويه‪:‬‬
‫‪ -‬الرتامكية(‪ :)2‬مبعين أن البحوث اجلديدة تبدأ من حيث انهتت البحوث السابقة وأن مقدمات‬
‫البحوث اجلديدة تعمتد عىل نتاجئ البحوث السابقة‪ ،‬فالبحوث اجلديدة اكملياه اجلارية اليت جتدد ما‬
‫قبلها من البحوث‪ ،‬وتزودها ابلوكسجني الالزم للبقاء والاس مترار‪.‬‬
‫‪ -‬التنظمي‪ :‬اذلي يعمل عىل حتقيق هذا التنظمي هو اتباع املهنج العلمي‪ ،‬فال يقترص دوره عىل‬
‫كشف املعلومات واحلقائق العلمية‪ ،‬وامنا يعمل عىل الربط بيهنا وفقا خلطة علمية واعية‪.‬‬
‫‪ -‬التعممي‪ :‬جيب عىل الباحث أن يسع اىل الكشف عن الصفات العامة للظاهرة‪ ،‬والوصول اىل‬
‫نظرايت جديدة‪.‬‬
‫‪ -‬ادلقة‪ :‬من خصائص البحث العلمي ادلقة يف املفاهمي‪ ،‬ول يتحقق ذكل ال بتحويل لك ما هو‬
‫كيفي يف جمال الدراك الفطري اىل ما هو مكي يف جمال الدراك العلمي‪.‬‬
‫‪ -‬الصدق واليقني‪ :‬يعين اماكنية التحقق من صدق النتيجة العلمية اليت وصل الهيا الباحث‪ ،‬بأي‬
‫طريقة من طرق الاس تدلل املس تخدمة(‪.)3‬‬
‫‪ -3‬ادلكتور "حازم محد موىس اجلنايب" يقول أن خصائص البحث العلمي تمكن يف‪ :‬الشمولية‪،‬‬
‫الوضوح‪ ،‬ادللةل(‪.)4‬‬
‫‪ -4‬ادلكتور " ادريس الفاخوري" يرى بأن اخلصائص تنحرص يف أن‪:‬‬
‫‪ -‬البحث العلمي يتسم ابدلقة والتحديد فهو حبث منظم لن الباحث يتأكد دامئا من وصفه‬
‫للش ياء اليت يالحظها‪ ،‬وهذه املالحظة متتاز ابلتجديد‪.‬‬
‫‪ -‬حبث جترييب‪ :‬لن البحث العلمي الاكمل جيب أن تُبىن نتاجئه عىل املالحظة والتجربة‪.‬‬
‫‪ -‬يقوم عىل الدةل‪ :‬فوجوده يربهن عىل النتاجئ واحلقائق‪.‬‬
‫‪ -‬يقتيض التنظمي والرتتيب‪.‬‬

‫(‪ )1‬بومدين طامشة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.36‬‬


‫(‪ )2‬يقول املؤلف بأن اخلاصية العامة للك العلوم يه الرتامكية‪ ،‬لكنه يس تثىن من ذكل الفلسفة والفن‪.‬‬
‫(‪ )3‬راجع‪ - :‬الس يد متام‪ ،‬مناجه البحث وقواعد الاس تدلل القانوين‪ ،‬دار الهنضة العربية‪ ،‬مرص‪ ،2016 ،‬ص ص ‪.22-17‬‬
‫(‪ )4‬حازم محد موىس اجلنايب‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.29‬‬
‫‪- 22 -‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬ابخلري دراج‬

‫‪ -‬البحث العلمي جتديدي(‪.)1‬‬


‫‪ -5‬ادلكتور " تويم ألكي" يلخصها فامي ييل‪:‬‬
‫‪ -‬أنه منظم‪ ،‬هيدف اىل اس تقصاء ظاهرة معنية‪.‬‬
‫‪ -‬اس تقصاء هادف يفرس ويوحض الظاهرة املدروسة‪.‬‬
‫‪ -‬أنه منطقي وموضوعي‪.‬‬
‫‪ -‬يعمتد عىل اخلربة واملالحظة‪.‬‬
‫‪ -‬ينشأ من الشاكلية‪.‬‬
‫‪ -‬يقوم عىل الربط الواحض بني الس باب والنتاجئ والعالقات املنطقية‪.‬‬
‫‪ -‬املوضوعية والخالص الرويح‪.‬‬
‫‪ -‬يقوم عىل الاس تنباط والاس تقراء والرتكيب ومجع البياانت(‪.)2‬‬
‫‪ -6‬حسب منظور ادلكتور "حشاته س يلامن محمد سلامين" خفصائص البحث العلمي يه‪:‬‬
‫‪ -‬احلمتية‪ :‬مبعىن أن لك ظاهرة يه نتاجئ جملموعة من العوامل والس باب وتنكر هذه املسلمة‬
‫وقوع أي حدث من الحداث نتيجة للصدفة‪.‬‬
‫‪ -‬الثبات والاضطراد‪ :‬مبعىن أن الظاهرات حتتفظ خبصائصها الساس ية حتت ظروف معينة فرتة‬
‫حمددة من الزمن‪ ،‬ول تعين هذه املسلمة وجود حالت مطلقة من الثبات والاس مترار وادلوام‪.‬‬
‫‪ -‬التصنيف‪ :‬يعين مالحظة النسان للظواهر الطبيعية جتعهل يأخذ يف حفص الظواهر ليك حيدد‬
‫خصائصها ووظائفها ومكوانهتا(‪.)3‬‬
‫‪ -7‬ادلكتور" الهامشي بن واحض" يوحض يف مطبوعته بأن خصائص البحث العلمي تنحرص يف‪:‬‬
‫‪ -‬أن البحث العلمي حبث منظم ومضبوط‪.‬‬
‫‪ -‬البحث العلمي حبث هادف‪.‬‬
‫‪ -‬هو حبث موضوعي‪ ،‬ومعناه البعد عن اذلاتية والتحزي والمتزي الشخيص يف البحث‪.‬‬
‫‪ -‬حبث جتديدي‪ :‬فهو يسع اىل التجديد والضافة يف املعرفة‪.‬‬
‫‪ -‬قابلية هذه النتاجئ للتعممي من خالل الاس تفادة من نتاجئ البحث‪ ،‬وتعمميها عىل الظواهر‬
‫املامثةل‪.‬‬

‫(‪ )1‬ادريس الفاخوري‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.26‬‬


‫(‪ )2‬نقال عن‪ ،‬تويم ألكي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.71-70‬‬
‫(‪ )3‬حشاته سلامين محمد سلامين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪24-22‬‬
‫‪- 23 -‬‬
‫ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -‬يمتزي ابلعمق والوضوح وادلقة يف الفاكر‪.‬‬


‫‪ -‬ميتاز حبداثة املوضوع ولو نسبيا‪ ،‬وهو ميتاز بواقع معني يزيد البحث قمية وصدقا(‪.)1‬‬
‫‪ -8‬ادلكتور" بومدين طامشة" وادلكتور "عبد النور انج" يضعان مجموعة من اخلصائص نوجزها‬
‫فامي ييل(‪:)2‬‬
‫‪ -‬البداية الوىل للبحث تبدأ ابلس ئةل حول بعض الظواهر تراود الباحث‪.‬‬
‫‪ -‬ميتاز البحث العلمي بتحديد املشلكة وصياغهتا حتديدا متاكمال‪.‬‬
‫‪ -‬وضع اخلطة من املسلامت الرئيس ية‪.‬‬
‫‪ -‬يتفرع عن املشلكة الساس ية اشاكليات فرعية‪.‬‬
‫‪ -‬يتاكمل البحث بوجود الفرضيات البحثية الواحضة‪.‬‬
‫‪ -‬تعامل البحث مع احلقائق ومعانهيا‪.‬‬
‫‪ -‬الصفة ادلورية للبحث مبعىن‪ ،‬أن الوصول اىل حل ملشلكة البحث قد تكون بداية لظهور‬
‫مشالكت حبثية جديدة‪.‬‬
‫‪ -‬ل يعمتد عىل اخليال والتخمني بل يرتكز عىل احلقائق‪.‬‬
‫‪ -‬يعمتد عىل التحليل واس تنباط العالقات‪.‬‬
‫‪ -‬يعمتد عىل القياس ادلقيق‪.‬‬
‫‪ -‬البحث العلمي معل هادف‪.‬‬
‫‪ -‬يقوم عىل تطبيق الطريقة العملية يف حتليل البياانت‪.‬‬
‫‪ -‬حتديد املشالكت وحبهثا وحتليلها يعمتد عىل املوضوعية واحلياد‪.‬‬
‫‪ -‬العامتد عىل مقاييس حمددة‪ ،‬واجياد الدةل العلمية املالمئة وتقدميها بصدق وأمانة‪.‬‬
‫‪ -‬الابتعاد عن اجلدل العقمي‪.‬‬
‫‪ -‬الانفتاح العقيل والعلمي‪.‬‬
‫‪ -‬أن يكون للبحث العلمي الغاية والهدف املسطر‪.‬‬
‫‪ -‬يشرتك البحث العلمي بني النظرية والتطبيق(‪.)3‬‬
‫(‪ )1‬الهامشي بن واحض‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.10-09‬‬
‫(‪ )2‬لالسزتادة راجع‪:‬‬
‫‪ -‬بومدين طامشة‪ ،‬عبد النور انج‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.38-35‬‬
‫(‪ )3‬هناك بعض الآراء تشري اىل خصائص البحث العلمي بوجه عام راجع‪:‬‬
‫‪ -‬نور ادلين فوزي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.24-23‬‬
‫‪- 24 -‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬ابخلري دراج‬

‫املطلب الثاين‪ :‬خصائص البحث العلمي يف ادلراسات القانونية‬


‫اخلصائص اليت يمتزي هبا البحث العلمي يف ادلراسات القانونية برأي مجموعة من الساتذة‬
‫يه اكلآيت‪:‬‬
‫د‪ /‬صالح ادلين رشوخ (‪:)1‬‬
‫‪ -‬ابلبحث العلمي ميكننا أن ننتقل من الواقعة اخلام اىل الواقعة العلمية‪.‬‬
‫‪ -‬يُطبق تبعا ملناجه حمددة ودقيقة‪ ،‬خمططة وممهنجة وجبهد هادف‪.‬‬
‫‪ -‬البحث العلمي معياري أو جتريدي حسب خصائص املوضوع‪.‬‬
‫‪ -‬حريك و جتديدي‪ ،‬حياول مقاربة احلقيقة ابلقدر املمكن‪.‬‬
‫‪ -‬كشفي وتفسريي‪.‬‬
‫‪ -‬عام ومعمم وحسب (أرسطو) فال عمل ال ابللكيات‪.‬‬
‫‪ /2‬يضيف ادلكتور " ادريس خفور" بأن خصائص البحث العلمي القانوين تمتثل يف‪:‬‬
‫‪ -‬أن يكون بعيدا عن الارجتالية وعامل الصدفة‪.‬‬
‫‪ -‬هيمت بتفسري الظواهر والش ياء‪.‬‬
‫‪ -‬يس تخدم النظرية لقامة وصياغة الافرتاض‪.‬‬
‫‪ -‬اس تعامل اللكامت ادلقيقة اخملترصة اليت هتدف للوصول اىل املعىن‪.‬‬
‫‪ -‬يقوم عىل اليقني‪.‬‬
‫‪ -‬املوضوعية‪ :‬يعترب مقوم من مقومات البحث العلمي‪ ،‬فالهدف اذلي يسع اليه الباحث هو‬
‫الوصول اىل احلقيقة(‪.)2‬‬
‫‪ -3‬ادلكتور "عامر عوابدي"‪ :‬يرى بأن أمه اخلصاص يه‪:‬‬
‫‪ -‬البحث العلمي حبث منظم ومضبوط ‪.systématic‬‬
‫‪ -‬البحث العلمي حبث نظري ‪.theoritical‬‬
‫‪ -‬البحث العلمي حبث جترييب ‪.empirical‬‬
‫‪ -‬البحث العلمي حبث حريك وجتديدي‪.‬‬
‫‪ -‬امليك دراج‪ ،‬حمارضات يف مهنجية البحث العلمي‪ ،‬ألقيت عىل طلبة الس نة الوىل ماسرت‪ ،‬س ياسة عامة وحمك راشد‬
‫والثانية ماسرت س ياسة عامة من قسم العلوم الس ياس ية من (‪ )2014-2015‬اىل غاية (‪ ،)2017-2018‬جامعة الشهيد محه‬
‫خلرض‪ ،‬الوادي‪ ،‬اجلزائر‪ ،)2017-2018( ،‬ص ‪.13‬‬
‫(‪ )1‬صالح ادلين رشوخ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.22-21‬‬
‫(‪ )2‬ادريس خفور‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.08-07‬‬
‫‪- 25 -‬‬
‫ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -‬البحث العلمي حبث عام ومعمم(‪.)1‬‬


‫‪ -4‬رأي املؤلفان " عامر بوحوش ومحمد اذلنيبات " فالبحث العلمي ميتاز خبصائص‪:‬‬
‫‪ -‬معلية تطويع الش ياء واملفاهمي‪.‬‬
‫‪ -‬وس يةل جمدية لالس تعالم والاس تقصاء‪.‬‬
‫‪ -‬وس يةل لكتشاف املعلومات(‪.)2‬‬
‫‪ -5‬ادلكتور " خادل حامد" يقول بأن اخلصائص حسب اعتقاده(‪:)3‬‬
‫‪ -‬حبث منظم‪ ،‬أي أنه نشاط عقيل منظم حيتوي عىل مجموعة من املراحل املتاكمةل‪.‬‬
‫‪ -‬البحث العلمي حريك وجتديدي‪ - .‬هو حبث تفسريي لنه يس تخدم املعرفة العلمية لتفسري‬
‫الظواهر‪ - .‬قابل للتعممي‪.‬‬
‫‪ -‬يضيف املؤلف ويكتب بأن التفكري العلمي جيمع بني النظرية والتطبيق‪ ،‬وهته العالقة عالقة‬
‫تفاعلية (عالقة التأثري والتأثر) لن النظرية توجه الباحث وتساعده يف تفسري البياانت استنادا‬
‫اىل املرجعية النظرية‪.‬‬
‫‪ -6‬الرأي الخري اذلي ميكن عرضه هو للس تاذة " رقية سكيل"‪:‬‬
‫‪ -‬البحث العلمي هيدف اىل اس تخالص فكرة مل ّمة عن جوهر املوضوع ورمبا اضافة اجلديد لها‪.‬‬
‫‪ -‬يعمل عىل تفعيل ورفع كفاءة املوارد النسانية‪ - .‬من خالهل تتناىم قدرة الاس تنتاج العقيل‬
‫يعود الطالب عىل ارتياد املكتبات والتعامل معها(‪.)4‬‬ ‫دلى الباحث‪ّ - .‬‬
‫املبحث الثاين‪:‬‬
‫أمهية البحث العلمي‬
‫نقسم هذا املبحث اىل مطلبني‪:‬‬
‫املطلب الول‪ :‬فوائد البحث العلمي‬
‫املطلب الثاين‪ :‬أآراء بعض املهمتني حول أمهية البحث العلمي‪.‬‬

‫(‪ )1‬ملعرفة التفصيل راجع‪ :‬عامر عوابدي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.22-21‬‬
‫(‪ )2‬عامر بوحوش‪ ،‬محمد اذلنيبات‪ ،‬مهنجية البحث العلمي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.16‬‬
‫(‪ )3‬خادل حامد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.85-84‬‬
‫(‪ )4‬رقية سكيل‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.07-06‬‬
‫‪- 26 -‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬ابخلري دراج‬

‫املطلب الول‪ :‬فوائد البحث العلمي‬


‫من فوائد البحث العلمي مكسع انساين تفسري ما حيدث حولنا من ظواهر علمية‬
‫تيرس لنا‬
‫والغاية اليت يرنو الهيا الانسان فهم العامل الطبيعي‪ ،‬فان حتققت الهداف والغاايت ّ‬
‫اقامة نسق نظري ينطوي عىل القوانني اليت حتوي أغلب الظواهر‪.‬‬
‫فمل يُفلح النسان يف مسعاه ال من خالل البحث العلمي اذلي أيقظ ملاكت الدراك‬
‫الواعي والفهم والتحليل والتفسري‪.‬‬
‫فهو ينطلق من تفسريات أو ختمينات ميكن التأكد مهنا ابتباع س بل حتقق أهدافنا‬
‫وليك تتضح فوائد البحث العلمي ينبغي أن يكون الباحث ُملام بأس باب اختياره للموضوع‬
‫وتتعدد الهداف بتعدد البحوث وختتلف ابختالف مواضيعها فقد يكون الهدف تصحيح‬
‫أخطاء ومالبسات علمية وقد يكون اثراء ملا هو قامئ‪ ،‬فالبحث يتحدد بتحديد معامله وأن يكون‬
‫هل ميدان جغرايف‪ ،‬وأن يكون هل زمن حمدد خيتلف ابختالف النظمة اجلامعية(‪.)1‬‬
‫ان الفائدة من البحث العلمي ل تتجسد ال بتوفر بعض املعطيات اليت ندركها أو‬
‫نتناساها مفن واجبنا املهين أن نوحض هذه العالقة‪ ،‬وليك تعم الفائدة جيب توفري الظرف الزماين‬
‫واملاكين املناس بني للموضوع وللباحث وهذا ملا يتطلبه املوضوع من حتمك وتركزي وخلوة علمية‬
‫تتطلب هتيئة اجلو املناسب للباحث‪ ،‬مبعىن أن ل تكون دليه مشاغل ول مهــــــوم(‪.)2‬‬
‫وليك تعم الفائدة أيضا‪ ،‬فال جيب أن يوضع سقف للتفكري النساين يف لك البحوث‬
‫العلمية‪ ،‬والقصد من السقف هنا هو وضع لكمة قف أمام املفكرين اليت جتعل اجملمتع بدون ابداع‬
‫وتقدم وهذا حال اجملمتعات املتخلفة فيطلب مهنا السري اىل المام دامئا وأبدا ليك ترىق ادلوةل اىل‬
‫مصاف المم الراقية وابلتايل حتقيق الرفاهية لشعوهبا واحملافظة عىل ماكنهتا ادلولية وأمهنا القويم‪،‬‬
‫ومن خالل هذه املعطيات فالعمل هو جمال من جمالت الفاعلية البرشية اليت تتطور بأرسع ما‬
‫ميكن(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬بترصف‪.‬‬
‫(‪ )2‬العزةل العلمية يه اخللوة العلمية‪ ،‬ويه ختتلف عن خلوة املغارات‪ ،‬اليت ينتظر أحصاهبا من السامء أن تدر علهيم اللنب‬
‫كام يعتقدون‪ ،‬ونسوا قوهل تعاىل‪( :‬وقل امعلوا فسريى هللا معلمك ورسوهل واملؤمنون) كام ختتلف اخللوة العلمية عن خلوة‬
‫الباكء والترضع‪ ،‬فالوىل ميدان معل‪ ،‬انتاجه يراه هللا عز وجل ويراه املؤمنون‪ ،‬وخلوة الباحث يه ماكن ادرار تفكريه‬
‫واس تنباط معارفه واستيعاب الهاماته‪ ،‬راجع‪:‬‬
‫‪ -‬عقيل حسني عقيل‪ ،‬فلسفة مناجه البحث العلمي‪ ،‬مكتبة مدبويل‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مرص‪ ،1999 ،‬ص ‪.27‬‬
‫(‪ )3‬عقيل حسني عقيل‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.28‬‬
‫‪- 27 -‬‬
‫ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ان احلاجة اىل ادلراسات والبحوث والتعمل أشد مهنا يف أي وقت مىض‪ ،‬فالعامل يف‬
‫رصاع كبري مع الوقت للتوصل اىل أكرب قدر ممكن من البحوث العلمية واملس متدة من ش ىت‬
‫العلوم ابختالف أنواعها اليت تكفل الرفاهية والعيش الكرمي لالنسان وتضمن هل التفوق والريق‬
‫فعظمة المم تمكن يف قدرات أبناهئا العلمية والفكرية فادلول املتطورة ترفض أي تقصري يف‬
‫ميدان البحث العلمي لهنا عىل يقني بأن البحوث العلمية اجلادة يه ادلعامة واللبنة الرئيس ية‬
‫لقتصادها وتطورها من احلسن اىل الحسن(‪.)1‬‬
‫فاحلاجة اىل ادلراسات العلمية لها من المهية مباكن تطفوا لك الاعتبارات‪ ،‬فالعامل يف‬
‫س باق للوصول اىل أكرب قدر ممكن من املعرفة ادلقيقة املس متدة من العلوم اليت تليب الراحة‬
‫والرفاهية وتضمن دوام التفوق(‪.)2‬‬
‫ان تطور أدوات البحث ومناهجه يف خمتلف جوانب احلياة الاقتصادية والاجامتعية‬
‫والنشاط النساين قد أسهم اسهاما فعال يف حتقيق التقدم املنشود‪ ،‬فالبحث العلمي أساس‬
‫للمعرفة املادية وأساس لرتقاء البرشية يف العامل اليوم وهو أداة البحث عن اجملهول ووس يةل‬
‫تسخري وتطوير النتاجئ خلدمة البرشية‪ ،‬وازاةل العقبات اليت تواجه مراحل المنو أاي اكن حمورها‬
‫ونوعها‪ ،‬ومن مث اكن من املؤكد وضع أسس علمية لضامن العداد والتنفيذ احلسن لعداد‬
‫البحوث‪ ،‬من خالل وضع قواعد علمية لتنفيذ البحوث العلمية ليك ل تكون يف حد ذاهتا وس يةل‬
‫لبعث الخطاء اليت تزيد من تفامق املشالك والزمات‪ ،‬ول تكون أداة للتقدم احلقيقي(‪.)3‬‬
‫فال يكفي للباحث أن يكون شديد احلرص يف جمال واحد حفسب‪ ،‬بل عليه أن يكون‬
‫واسع الثقافة متقنا لعلوم عرصه ومدراك لطبيعة عالقة لك عمل ببقية العلوم‪ ،‬فالواقع أشد تعقيدا مما‬
‫نتصور وأكرث تركيبا مما نعتقد‪ ،‬ول يفهم مدى تعقد الواقع ال من عرف وجرب كثريا وقىض عىل‬
‫لك الفرص اخملطئة‪ ،‬وقد يصدق ذكل بصفة خاصة عىل العلوم املعقدة اليت تتخذ النسان‬
‫والحياء موضوعا لها(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬عامر بوحوش‪ ،‬محمد اذلنيبات‪ ،‬مهنجية البحث العلمي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫(‪ )2‬بن واحض الهامشي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.04‬‬
‫(‪ )3‬محمد عبد الغين سعودي‪ ،‬حمسن أمحد اخلضريي‪ ،‬السس العلمية لكتابة رسائل املاجس تري وادلكتوراه‪ ،‬مرص‪ ،‬مكتبة‬
‫الجنلو مرصية‪ ،1992 ،‬ص ‪.01‬‬
‫(‪ )4‬محمد محمد قامس‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.27‬‬
‫‪- 28 -‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬ابخلري دراج‬

‫املطلب الثاين‪ :‬أآراء بعض املهمتني حول أمهية البحث العلمي‬


‫كام أسلفنا اذلكر سابقا بأن البحث العلمي هو أساس تقدم المم ورفاهيهتا ول جمال‬
‫للتفرقة بني لك العلوم همام اختلفت‪ ،‬يف هذا الصدد يقول الس تاذ (زين بدر فراج)‪ :‬خيطئ من‬
‫يظن أن البحث العلمي يف جمال العلوم النسانية أي النظرية رفاهية ل تدعو الهيا احلاجة ومن‬
‫مث مفن الفضل استامثر اجلهد البرشي يف جمال أآخر‪ ،‬فهذا القول ل حمل هل وحنذر منه فالبحث‬
‫العلمي يف جمال العلوم النسانية النظرية شأن العلوم التطبيقية العلمية ومن مث لزم يف اجملال‬
‫القانوين(‪.)1‬‬
‫يُعد البحث العلمي مبناهجه واجراءاته من الرضورايت يف أي حقل من احلقول‬
‫املعرفية‪ ،‬فقد أصبحت مسأةل الملام بقواعد البحوث العلمية بداية من حرص الشاكلية ووصفها‬
‫بشلك اجرايئ واختيار املهنج اىل غاية اس تخالص النتاجئ من املسائل الهامة يف العلوم الطبيعية‬
‫والاجامتعية والنسانية مجعاء(‪.)2‬‬
‫ان احلضارة احلديثة اليت يعيشها العامل الآن‪ ،‬وثورة التكنولوجيا واملعلومات والتصالت‬
‫اليت جعلت العامل قرية صغرية يه نتيجة لالهامتم ابلبحث العلمي‪ ،‬اذلي ميكن اس تخدام نتاجئه‬
‫لهداف انسانية فبالعمل والبحث العلمي ميكن فهم مجيع الظواهر واجياد احللول للمشالكت اليت‬
‫تواهجها اجملمتعات املعارصة‪ ،‬وعليه فادلول اليت حترتم نفسها أصبح فهيا البحث العلمي يدخل‬
‫مضن التقاليد واملامرسات وهذا من أجل حتقيق الهداف والغاايت املسطرة(‪.)3‬‬
‫ان المهية البارزة كصل عام للبحث العلمي تمتثل يف تزويد اجملمتع ابلعمل واملعرفة‬
‫واملسامهة الجيابية يف تقدمي احللول للمشالكت‪ ،‬ونرى ذكل جليا يف البحث العلمي واملهمة‬
‫الساس ية هل يه تناول القضااي واجياد عالج لها‪ ،‬فاذا ما أصيب رجال البحث املش تغلون يف‬
‫املراكز واملؤسسات العلمية ويف اجلامعات ابلرضر السليب‪ ،‬فان ذكل س يوثر حامت تأثريا ضارا‬
‫عىل املس توى العلمي ومن مث ينعكس سلبا عىل اجملمتع(‪.)4‬‬
‫من أمهية البحث العلمي أيضا كام يراها ادلكتور "عقيل حسني عقيل" عدم‬
‫الس يطرة لن حب الس يطرة من طبيعة النسان ل من طبيعة البحث‪ ،‬وعليه فان اذلين‬

‫(‪ )1‬منقول عن‪ :‬ادريس الفاخوري‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.52‬‬


‫(‪ )2‬عامر بوحوش‪ ،‬محمد اذلنيبات‪ ،‬مهنجية البحث العلمي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫(‪ )3‬بومدين طامشة‪ ،‬عبد النور انج‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.47‬‬
‫(‪ )4‬الهامشي بن واحض‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.05-04‬‬
‫‪- 29 -‬‬
‫ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫يعتقدون أن البحث هو غاايهتم يف الس يطرة عىل الطبيعة فهم خمطئون ونسوا أن هذه املسأةل‬
‫يه من هممة اخلالق‪ ،‬وهمام معل النسان عىل الرض فلن يس تطيع أن يغري اجتاهها (‪.)1‬‬
‫تزداد أمهية البحث العلمي‪ ،‬عندما يتناول العلوم يف مجملها ويستند اىل أساليب ومناجه‬
‫يف تقصيه حلقائق املعرفة ويف تناوهل حلقائق العلوم‪ ،‬فعندما يعول الباحث العلمي عىل هذا فهدفه‬
‫احداث اضافات أو تعديالت جديدة يف لك ميادين العلوم(‪.)2‬‬
‫يف نفس الس ياق يلخص لك من ادلكتور "بومدين طامشة" وادلكتور "عبد النور‬
‫انج" أمهية البحث العلمي ليضاف هذا الرأي اىل عداد الآراء اليت ذكرانها سابقا ويه يف‬
‫حقيقة المر مسائل تثلج الصدر لهنا دعامئ هدفها ابراز وتوضيح املسأةل‪ ،‬ذلكل حناول أن‬
‫نلخص هذه النقاط‪:‬‬
‫‪ -1‬التعرف عىل اجلديد واملس تجدات واكتشاف اجملهول والرغبة يف الاس تطالع‪.‬‬
‫‪ -2‬مواهجة املشالك اليومية والزمات والتحدايت‪.‬‬
‫‪ -3‬يزودان ابلطرق العلمية الرضورية لتحسني أساليب حياتنا ومعلنا‪ ،‬وتطوير أنفس نا‪.‬‬
‫‪ -4‬رفع همارة وكفاءة الفرد يف ش ىت امليادين‪ ،‬وحتقيق الطموحات املادية والتعلميية والثقافية‬
‫للمجمتع‪.‬‬
‫‪ -5‬جلب الكثري من املنافع ابخلري عىل اكفة البرش‪ ،‬وذكل لن العمل والتكنولوجيا الذلان يرتبطان‬
‫ابلبحث العلمي يشالكن ملكية عامة للك الفراد والشعوب‪ ،‬وهنا تقع مسؤوليات خاصة عىل‬
‫ذمة الباحثني يف حتقيق املنفعة العامة كوس يةل لزايدة املعرفة‪.‬‬
‫يشلك احلصيةل املشرتكة التعاونية للبحوث‪ ،‬لن املعرفة العلمية يه حصيةل من الفكر‬ ‫‪ّ -6‬‬
‫املشرتك وعليه يكون العمل مبثابة امللكية العامة بواسطة النرش والتوزيع‪.‬‬
‫‪ -7‬وس يةل مساعدة لرفض أو قبول التغيري و أآاثره البعيدة بني المم‪.‬‬
‫‪ -8‬حاةل الشك يف نتاجئ البحوث وادلراسات السابقة ميكن أن نس تعني ونس تخدم حبوث‬
‫جديدة‪.‬‬
‫‪ -9‬الاس تعانة بنتاجئ البحوث يف الرشاد والتوجيه‪.‬‬
‫‪ -10‬كام تساعد نتاجئ البحوث عىل زايدة ورفع الكفاءة‪.‬‬

‫(‪ )1‬ملعرفة هذه املسأةل‪ ،‬وما حتمهل من تفسريات كونية‪ ،‬راجع‪:‬‬


‫‪ -‬عقيل حسني عقيل‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.28‬‬
‫(‪ )2‬عامر بوحوش‪ ،‬محمد اذلنيبات‪ ،‬مهنجية البحث العلمي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪- 30 -‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬ابخلري دراج‬

‫‪ -11‬المل يف احلصول عىل درجة معلية (دراسات عليا)‪.‬‬


‫‪ -12‬مساعدة ادلارس عىل تمنية القدرات اذلاتية(‪.)1‬‬
‫رأي أآخر يُديل به الس تاذ "نور ادلين فوزي" ويقول بأن المهية العملية البحثية يه‬
‫وس يةل لفهم العامل احمليط بنا‪ ،‬ولعل املزيد من املعرفة والفهم لهذا العامل من شأهنا الريق بقدراتنا يف‬
‫تطوير هذا العامل والتأثري فيه‪ ،‬كام أن تدريب الباحثني عىل معرفة العمل وتطويره ل يكون ال‬
‫ابكتساب املهنجية ابعتبارها أقرب وأصوب طريق(‪.)2‬‬
‫املبحث الثالث‪:‬‬
‫أنواع البحوث اجلامعية‬
‫تنقسم وتتنوع البحوث وادلراسات اجلامعية العلمية اىل عدة أقسام وفقا لطريقة املعاجلة‬
‫للحقائق والظواهر العلمية فاختلفت وتنوعت‪ ،‬وقد رصد بعض العلامء وجود أكرث من مخس‬
‫وأربعني نوعا من أنواع البحوث‪ ،‬والعدد مرحشا للزايدة نتيجة اضافة معارف جديدة وعليه‬
‫يصعب حرص البحوث بنوع من ادلقة(‪ .)3‬وتسهيال لدلراسة ميكننا وبصورة عامة تصنيفها اكلآيت‪:‬‬
‫‪ -1‬وفقا للهدف الرئييس‪ -2 .‬وفقا لطبيعة البحث ‪ -3‬حسب مناجه والساليب املس تخدمة‪.‬‬
‫املطلب الول‪ :‬وفقا للهدف (الغرض) الرئييس‬
‫قد تكون ادلراسات والبحوث العلمية واجلامعية حبواث تنقيبية اكتشافيه وقد تكون‬
‫حبواث تفسريية نقدية‪ ،‬كام قد تكون البحوث العلمية حبواث لكية ومشولية واكمةل‪ ،‬ويه فروع هذا‬
‫املطلب‪.‬‬
‫الفرع الول‪ :‬البحث العلمي التنقييب والاكتشايف للحقائق‪( :‬الهدف اىل الكشف عن احلقيقة)‪:‬‬
‫‪ -‬وهو البحث اذلي يسع اىل مجع املعلومات واحلقائق اليت تساعد الفرد عىل معرفة جوهر‬
‫القضية‪ ،‬ويس تعمل بصفة خاصة يف معاجلة املشالكت الس ياس ية والاجامتعية والاقتصادية‬
‫ويوصف الباحث هنا مثل الرشطي يبحث عن لك ماهل عالقة ابلقضية حىت تتجمع دليه مجيع‬
‫الدةل والشواهد‪ ،‬فالباحث ليس جمربا للوصول اىل نتاجئ حمددة لكنه يكتفي بصحة احلقائق(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬ملزيد من التفصيل راجع‪:‬‬


‫‪ -‬بومدين طامشة‪ ،‬عبد النور انج‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.49-47‬‬
‫(‪ )2‬نور ادلين فوزي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪( 1‬المتهيد)‪.‬‬
‫(‪ )3‬الس يد متام‪ ،‬املرجع السابق‪.37 ،‬‬
‫(‪ )4‬عامر بوحوش‪ ،‬محمد اذلنيبات‪ ،‬مهنجية البحث العلمي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.18‬‬
‫عامر بوحوش‪ ،‬محمد محمود اذلنيبات‪ ،‬مناجه البحث العلمي وطرق اعداد البحوث‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.19‬‬
‫‪- 31 -‬‬
‫ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -‬التنقيب عن حقائق معينة دون حماوةل التعممي‪ ،‬أو اس تخدام هذه احلقائق يف حل مشلكة‬
‫معينة (اكلبحوث الطبيعية لختبار دواء جديد) (‪.)1‬‬
‫‪ -‬ذكل البحث اذلي يرتكز اجملهود والنشاط العقيل فيه عىل اكتشاف حقيقة جزئية حمددة‪،‬‬
‫فيلتجأ فهيا الباحث اىل التجارب العلمية والبحوث التنقيبية ومن بني أمثةل البحوث التنقيبية‬
‫البحوث اليت يقوم هبا العامل الطبيب يف خمربه لختبار دواء جديد‪ ،‬أيضا البحوث اليت يقوم هبا‬
‫الباحث التارخيي للبحث عن السرية اذلاتية لشخصية معينة(‪.)2‬‬
‫‪ -‬وهو البحث اذلي هيدف فيه الشخص اىل التنقيب عن حقائق معينة بواسطة اجراء‬
‫العمليات والتجارب العلمية ومن بني البحوث التنقيبية البحث اذلي يقوم به الطالب‬
‫لكتشاف مجموعة من املراجع واملصادر املتعلقة مبوضوع حبثه(‪.)3‬‬
‫‪ -‬البحث اذلي يدور حول حقيقة جزئية‪ ،‬يسخّر فهيا الباحث لك وقته وهجده لكتشـــافها(‪.)4‬‬
‫‪ -‬ويه ادلراسة الاس تكشافية اليت هتدف للتعرف عىل ظاهرة أو موضوع معني ويمت اس تخدام‬
‫هذا النوع من البحوث عندما يكون موضوع البحث جديدا أو تكون املعلومات واملعارف‬
‫املرتبطة به قليةل(‪.)5‬‬
‫الفرع الثاين‪ :‬البحث التفسريي النقدي‪ :‬هذا النوع ممكل للبحث العلمي التنقييب والكتشايف‬
‫للحقيقة‪ ،‬فالهدف الرئييس للباحث هنا هو الوصول اىل نتيجة معينة فالباحث هيمت برتتيب‬
‫املعلومات وحتليلها وتوضيح نقاط القوة والضعف كام يسع اىل ابراز الطريقة املثىل ملعاجلة‬
‫املشلكة اليت يدرسها (‪ ،)6‬بعد أن يوحض البدائل(‪.)7‬‬

‫(‪ )1‬نور ادلين فوزي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.24‬‬


‫(‪ )2‬عامر عوابدي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪24‬‬
‫(‪ )3‬ادريس الفاخوري‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.27‬‬
‫(‪ )4‬ادريس فاخور‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫(‪ )5‬خادل حامد ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.88‬‬
‫(‪ )6‬أنظر يف مفهوم املشلكة مكرحةل من املراحل الهامة يف البحث العلمي‪ ،‬حتليال دقيقا‪ :‬محمد عبد الغين سعودي‪ ،‬حمسن‬
‫أمحد اخلضريي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.15-12‬‬
‫(‪ )7‬عامر بوحوش‪ ،‬محمد محمود اذلنيبات‪ ،‬مناجه البحث العلمي وطرق اعداد البحوث‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.20-19‬‬
‫‪ -‬عامر بوحوش‪ ،‬محمد اذلنيبات‪ ،‬مهنجية البحث العلمي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.18‬‬
‫‪ -‬خادل حامد‪ ،‬املرجع السابق‪.89 ،‬‬
‫‪- 32 -‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬ابخلري دراج‬

‫‪ -‬وهو البحث اذلي ميتد اىل مناقشة الفاكر للتوصل اىل نتيجة تكون يف الغالب الرأي الراحج‬
‫بني الآراء املتضاربة‪ ،‬فالهدف هنا ليس الاكتشاف وامنا نقد الفاكر اليت مت اكتشافها(‪.)1‬‬
‫‪ -‬يعترب نوع من البحوث يعمتد عىل التربير والتدليل املنطقي والعقيل يف معاجلة احلقائق (كقيام‬
‫الباحث بدراسة الوظائف اليت تقوم هبا اجلامعة عىل مس توى البحث العلمي) (‪.)2‬‬
‫‪ -‬البحث التفسريي النقدي يعترب ذو قمية علمية هامة للوصول اىل نتاجئ عند معاجلة املشالكت‬
‫اليت تتضمن عىل قدر ضئيل وضعيف من احلقائق‪ ،‬وهو نوع البحوث العلمية اليت تعمتد عىل‬
‫الس ناد والتربير والتدليل واملنطقي والعقيل والرأي الراحج من أجل الوصول اىل معاجلة املشالك‬
‫لنه املهنج الوحيد اذلي ميكن الالتجاء اليه يف جمال هذه العلوم(‪.)3‬‬
‫‪ -‬يشرتط يف البحث التفسريي النقدي مجموعة من الرشوط‪:‬‬
‫أ) جيب أن يكون الباحث قد توصل اىل نتاجئه عن طريق ادللئل واحلجج واملناقشات‬
‫املنطقية والدةل املقارنة‪.‬‬
‫ب) تعمد املناقشة النقدية التفسريية عىل مجموعة من احلقائق والفاكر واملبادئ املعروفة و ّ‬
‫املسمل‬
‫هبا يف اجملال اذلي يدور حوهل البحث العلمي أو عىل القل تكون متناس بة معها‪.‬‬
‫ج) أن يكون اس تدلل الباحث عىل أفاكره ونتاجئه واحضة وموضوعية ومنطقية ومقبوةل ل تقبل‬
‫اثبات العكس(‪.)4‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬البحث الاكمل‪ -‬هو البحث اذلي يسع اىل حل املشالكت ووضع التعماميت بعد‬
‫التنقيب ادلقيق عن مجيع احلقائق املتعلقة ابملوضوع‪ ،‬زايدة عىل حتليل مجيع الدةل اليت يمت‬
‫التوصل الهيا كام ميتاز هذا النوع من البحوث ابمجلع بني النوعني السابقني‪ ،‬وهو الكرث مشول‬
‫ومعقا مهنام(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬ادريس خفور‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬


‫(‪ )2‬نور ادلين فوزي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.24‬‬
‫(‪ )3‬عامر عوابدي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.25-24‬‬
‫(‪ )4‬ادريس الفاخوري‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪ 28 -27‬ملعرفة املزيد راجع عامر عوابدي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪-25‬‬
‫‪.26‬‬
‫(‪ )5‬نور ادلين فوزي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪ .24‬ادريس خفور‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪- 33 -‬‬
‫ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -‬البحث اذلي يمتزي مبجموعة من املواصفات مبعىن قد يكون أساس يا أو حبثا تطبيقيا‪ ،‬كام ميكن‬
‫أن يكون حبثا وصفيا‪ ،‬واذلي يسعي اىل اجياد حلول ملشالكت معينة للتوصل اىل نتاجئ‬
‫موضوعية (‪.)1‬‬
‫‪ -‬النوع الثالث من هذه الحباث حسب منظور ادلكتور "عامر عوابدي" هيدف اىل حل‬
‫املشالك حال جذراي وس هيدف اىل وضع القوانني والتعلاميت بعد التحري ادلقيق والشامل مجليع‬
‫احلقائق املتعلقة ابملوضوع أو املشلكة‪ ،‬مث القيام بتحليل وتفسري ونقد لك الدةل ويضيف الاكتب‬
‫بأنه ذكل البحث الطويل والشامل ابلقياس اىل لك من البحث اذلي يس هتدف اكتشاف‬
‫احلقائق والبحث النقدي املنطقي التفسريي‪ ،‬وهبذا املنح فهو خيطوا خطوات ومراحل أبعد من‬
‫خطوات لك من البحث التنقييب والبحث التفسريي النقدي(‪.)2‬‬
‫‪ -‬يصف لك من ادلكتور "عامر بوحوش محمد محمود اذلنيبات" البحث الاكمل بأنه البحث اذلي‬
‫جيمع بني النوعني السابقني‪ ،‬ابلضافة اىل كونه يعمتد عىل الطرق اليت تسامه يف حل املشلك‬
‫املطروح واختيار النتاجئ والتأكد من أهنا متفق مع مجيع احلقائق املتوافرة عن املوضوع(‪.)3‬‬
‫‪ -‬ومنه فان الباحث يعمتد عىل احلقائق القابةل للربهان وحتليلها وتبوبهيا حبيث ميكن أن يتحقق‬
‫الثبات لتكل الفروض‪ ،‬معمتدا عىل املنطق والتحليل والعقل(‪.)4‬‬
‫وما يس تحق ذكره هنا أن البحوث ختتلف ابختالف جحمها وطولها أو قرصها‪ ،‬كام ختتلف‬
‫أيضا من حيث الطبيعة الاكدميية فهىي تنقسم اىل حبوث ودراسات للطلبة اجلامعيني املبتدئني‬

‫(‪ )1‬خادل حامد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.89‬‬


‫(‪ )2‬عامر عوابدي‪ ،‬املراجع السابق‪ ،‬ص‪ ،27‬ويضيف الس تاذ رشوط وعوامل هممة للبحث العلمي الاكمل نوجزها فهيا‬
‫ييل‪:‬‬
‫‪ -‬وجود املشلكة اليت تتطلب حال علام – وجود ادلليل اذلي يتضمن احلقائق الثابتة‪ -‬التحليل ادلقيق والعلمي وتصنيفه‬
‫وترتيبه منطقيا‪.‬‬
‫‪ -‬الس تعانة ابلطريقة والعقلية العالية يف حتليل ادلليل وترتيبه للوصول اىل جحج مقنعة واثبته حلل املشلكة حال علميا –‬
‫احلل القاطع واحملدد للمشلكة‪ ،‬أنظر لنفس املرجع‪ ،‬ص ص ‪.28-27‬‬
‫(‪ )3‬عامر بوحوش‪ ،‬محمد محمود اذلنيبات‪ ،‬مناجه البحث العلمي وطرق اعداد البحوث‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.20‬‬
‫‪ -‬عامر بوحوش‪ ،‬محمد اذلنيبات‪ ،‬مهنجية البحث العلمي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.18‬‬
‫(‪ )4‬منقول عن‪:‬‬
‫‪ -‬عامر بوحوش‪ ،‬محمد محمود اذلنيبات‪ ،‬مناجه البحث العلمي وطرق اعداد البحوث‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.20‬‬
‫‪ -‬عامر بوحوش‪ ،‬محمد اذلنيبات‪ ،‬مهنجية البحث العلمي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.19‬‬
‫‪- 34 -‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬ابخلري دراج‬

‫(مرحةل الليسانس)‪ ،‬واىل حبوث ادلراسات العليا (ماسرت‪ ،‬ماجس تري) كام يوجد البحث العلمي‬
‫املعمق والطويل (أطروحة ادلكتوراه)‪ ،‬وحبوث أساتذة اجلامعات (املقالت) ومراكز البحث‪.‬‬
‫أول‪ :‬البحث القصري‪ :‬وهو ذكل البحث اذلي يلزتم به الطالب بعد تقدميه من طرف الس تاذ‬
‫خالل املومس اجلامعي‪ ،‬والهدف من هذا تعويد الطالب عىل اس تعامل الواثئق والكتب واملراجع‬
‫واظهار مقدرته عىل ترتيب املعلومات ترتيبا جيدا‪ ،‬وحتليلها وتفسريها وهذا من أجل الزج‬
‫يسمل للس تاذ‬ ‫ابلطالب للقراءة وصقل معارفه‪ ،‬ويكون هذا البحث مكتواب ابلمكبيوتر عادة و ّ‬
‫لتصحيحه‪ ،‬لتقيمي الطالب ومنحه العالمة املس تحقة بناء عىل مجموعة من املسائل املتعلقة‬
‫ابلبحث العلمي (‪.)1‬‬
‫اثنيا‪ :‬مذكرة املاسرت‪ :‬ويه حمصةل دلراسة علمية أاكدميية جيرهيا طالب ادلراسات العليا للحصول‬
‫عىل درجة علمية معينة‪ ،‬ويه مذكرة تقدم من طرف الطالب يف شلك وأسلوب حتدده اجلامعة‬
‫اخملتصة غالبا‪ ،‬ملعرفة قدراته يف تنظمي املعلومات الولية والثانوية وعرض النتاجئ والشاكلية‬
‫والاقرتاحات بأسلوب مالمئ‪ ،‬ول يكون هذا العمل الرثي ال حتت ارشاف أاكدميي‪ ،‬فيقوم‬
‫الس تاذ هنا بدوره العلمي بطريقة متفاعةل ومالزمة خلطوات الباحث ورمس مسار معهل وتوجهيه‬
‫اىل الهناية املمثرة (‪.)3( )2‬‬
‫اثلثا‪ :‬رساةل املاجس تري‪ :‬ويه جزء أسايس من املواد اليت يس توفهيا الطالب لنجاحه يف‬
‫ادلراسات العليا ونيهل هذه الشهادة اجلامعية‪ .‬والرساةل عبارة عن حبث طويل نسبيا يناقش أمام‬
‫جلنة متكونة من أساتذة حمارضين‪ ،‬وجيب أن يتصف هذا البحث ابجلدية والالزتام‬
‫ابملالحظات املقدمة من طرف املناقشني‪ ،‬ليك تصبح هذه الرساةل مرجعا علميا أساس يا (‪.)4‬‬
‫تُعرف رساةل املاجس تري بناء عىل املادة ‪ 43‬من املرسوم التنفيذي ‪ 254-98‬املؤرخ يف‬
‫‪ 17‬أوت ‪ 1998‬املتعلق ابلتكوين يف ادلكتوراه وما بعد التدرج املتخصص والتأهيل اجلامعي‬
‫خبصوص مذكرات املاجس تري كام ييل‪( :‬تمتثل املذكرة املنصوص علهيا يف املادة ‪ 36‬أعاله يف‬

‫(‪ )1‬عامر بوحوش‪ ،‬محمد محمود اذلنيبات‪ ،‬مناجه البحث العلمي وطرق اعداد البحوث‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫‪ -‬عامر بوحوش‪ ،‬محمد اذلنيبات‪ ،‬مهنجية البحث العلمي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.19‬‬
‫‪ -‬تويم ألكي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.262‬‬
‫(‪ )2‬بن واحض الهامشي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.07‬‬
‫(‪ )3‬ملعرفة عالقة الباحث ابملرشف راجع‪:‬‬
‫‪ -‬عبد النارص أبو زيد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.35-32‬‬
‫(‪ )4‬عامر بوحوش‪ ،‬محمد محمود اذلنيبات‪ ،‬مناجه البحث العلمي وطرق اعداد البحوث‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫‪- 35 -‬‬
‫ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫اعداد معل حبث علمي هل جانب نظري أو تطبيقي أو اجلانبان يف أآن واحد يتعلق مبوضوع‬
‫حمدد) (‪.)1‬‬
‫من بني الرشوط الساس ية ملذكرة املاجس تري واليت تعكس صياغة وحترير الرساةل يه‬
‫"المانة العلمية" وتتجىل دلى الباحث يف التنويه بأسامء وألقاب أحصاب الفاكر واملصادر‬
‫واملراجع املعمتدة يف اجناز العمل الفكري يف لك التخصصات وجيب عليه أن ينسب لك رأي أو‬
‫فكرة حقيقة اىل صاحهبا الصيل‪ ،‬وبيان ماكن وجودها بدقة وعناية اما يف منت البحث أويف‬
‫الهامش‪ ،‬لكن الطريقة املفضةل يه الثانية (‪.)2‬‬
‫فالمانة العلمية يه أحد عوامل جناح الباحث وأمه مؤرشات الزناهة العلمية والاس تقامة‬
‫الخالقية والثبات وصفاء النفس‪ ،‬فالمانة العلمية دليل رصحي عىل روح اجلدية والاعزتاز‬
‫ابلنفس‪ ،‬وتقدير أهل العمل واملفكرين واحرتام معلهم ونضاهلم يف املسار العلمي السلمي (‪.)3‬‬
‫رابعا‪ :‬أطروحة ادلكتوراه‪ :‬يه عبارة عن حبث شامل متاكمل لنيل أعىل شهادة جامعية متنحها‬
‫املؤسسات العلمية املعرتف هبا دوليا ويه أرىق الشهادات العلمية‪ ،‬حفاملها مؤهل علميا‬
‫وبيداغوجيا ملزاوةل التدريس يف املؤسسات اجلامعية ومتطلبات هذه الشهادة تفوق متطلبات‬
‫الشهادات الخرى يف القانون والطب مع أن ادلكتوراه يف لك مهنام تعترب شهادة همنية (‪.)4‬‬
‫أطروحة ادلكتوراه يه حمصةل دراسة جيرهيا طالب ادلراسات العليا يف مس توى درجة‬
‫ادلكتوراه وتمتزي عن دراسة املاسرت واملاجس تري أساسا مبعاجلة علمية وهمنية أمعق ومشولية أوسع‬
‫ونضج أكرث ملوضوع ادلراسة‪ ،‬كام توصف ابلبحث املس تقل واملبتكر يف جمال ختصص معني ومن‬
‫الواجب أن تضيف للمعرفة شيئا‪ ،‬كام جيب أن يكون موضوع ادلراسة يتناول قطاعا مناس با من‬
‫اجملمتع‪ ،‬وأن حتلل مشلكة أو ظاهرة معينة من الوهجة العلمية (‪.)5‬‬
‫حسب املرسوم ‪ ،254-98‬فقد ّعرفت املادة ‪ 55‬من املرسوم سالف اذلكر الطروحة‬
‫بأهنا (معل مبتكر أي حيتوى عىل عنرص اجلدة والضافة للبحث العلمي‪ ،‬ول يسمح للطالب‬

‫(‪ )1‬عامر بوضياف‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.167‬‬


‫(‪ )2‬عامر عوابدي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪ ،112‬هناك عدة وسائل تساعد الباحث العلمي عىل احرتام أخالقيات وقواعد‬
‫المانة العلمية واكتساب مزااي الزناهة‪ ،‬أنظر لنفس املرجع ويف نفس الصفحة‪.‬‬
‫(‪ )3‬تويم ألكي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.135‬‬
‫(‪ )4‬عامر بوحوش‪ ،‬محمد اذلنيبات‪ ،‬مهنجية البحث العلمي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪ 21-20‬يف (املنت ‪+‬الهتميش)‪.‬‬
‫(‪ )5‬بن واحض الهامشي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.08-07‬‬
‫‪- 36 -‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬ابخلري دراج‬

‫حممكة ومتخصصة ول يسمح للطالب‬ ‫ابملناقشة ال اذا أثبت نرشه ملقال يف جمةل علمية ّ‬
‫ابملناقشة‪ ،‬ال اذا أثبت أربعة تسجيالت متتالية طبقا للامدة ‪ 68‬من املرسوم املبني أعاله (‪.)1‬‬
‫طبقا ملقتضيات املرسوم التنفيذي سالف اذلكر‪ ،‬حناول أن نوحض لطلبتنا العزاء‬
‫الجراءات القانونية يف كيفية املناقشة ليك تكون دلهيم فكرة شامةل واكفية واليت ختصصها اجلامعة‬
‫مكؤسسة للتعلمي العايل اكلآيت‪:‬‬
‫جيب عىل الباحث أن ل يقوم بطباعة الطروحة ال ابذن من املرشف‪ ،‬بعد هذا الجراء يقوم‬
‫املرشف بتحرير تقرير يتضمن صالحية الرساةل للمناقشة ويرفقه ابقرتاح جلنة املناقشة ليمت بعدها‬
‫ايداع ملف املناقشة عىل مس توى اجمللس العلمي لللكية‪ ،‬عىل أن يقوم الطالب ابيداع مثانية‬
‫نسخ من الطروحة (املادة ‪.)2( )73‬‬
‫وأوجبت املادة ‪ 70‬واملادة ‪ 71‬عىل رضورة اجامتع اجمللس العلمي وتشكيل جلنة‬
‫املناقشة اليت تتكون من س تة اىل مثانية أعضاء برتبة أس تاذ حمارض(أ) مؤهل أو أس تاذ التعلمي‬
‫العايل‪ ،‬مث حيال ملف املناقشة ملدير اجلامعة لصدار قرار الرتخيص ابملناقشة يتضمن تشكيل‬
‫اللجنة اليت صادق علهيا اجمللس العلمي لللكية (م‪ )02/71‬ليمت بعدها حتديد اترخي املناقشة‪ ،‬بعد‬
‫اجراء املشاورات بني العضاء وفقا ملعطيات وارتباطاهتم الشخصية أو الوظيفية‪ ،‬ويشء‬
‫بدهيىي أن تكون املناقشة داخل املؤسسة اليت جسـل فهيا الطالب (م‪.)3( )78‬‬
‫يوم املناقشة يفتتح رئيس اللجنة مرامس املناقشة ويرحب فهيا بأعضاء اللجنة املوقرة‬
‫والطالب وابحلضور ليقدم الرئيس وصفا عام عىل البحث (أطروحة دكتوراه علوم أو دكتوراه‬
‫‪ ،)LMD‬امس ولقب الطالب أو الطالبة‪ ،‬عنوان الطروحة‪ ،‬التخصص اذلي ينمتي اليه‬
‫الباحث‪ ،‬والعالن عن أعضاء اللجنة لك ابمسه وصفته مع الشارة للجامعة اليت يزاول فهيا‬
‫همامه(‪.)4‬‬
‫حسب املادة ‪ 80‬من املرسوم التنفيذي ختصص للطالب أو الطالبة مدة زمنية ترتاوح‬
‫بني العرشون والثالثون دقيقة(‪ ،)5‬بعدها مبارشة يتوىل املرشف عرض تقرير شفوي عىل‬

‫(‪ )1‬عامر بوضياف‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.171‬‬


‫(‪ )2‬ملعرفة املزيد فامي خيص املناقشة‪ ،‬أنظر‪:‬‬
‫‪ -‬محمد عبد الغين سعودي‪ ،‬حمسن أمحد اخلضريي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.150-145‬‬
‫(‪ )3‬عامر بوضياف‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.172‬‬
‫(‪ )4‬بترصف‪.‬‬
‫(‪ )5‬عامر بوضياف‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.173‬‬
‫‪- 37 -‬‬
‫ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الطروحة يتضمن التعريف ابملوضوع من حيث الشاكلية وتقس مي أو تبويب الجزاء منه‪ ،‬أمهية‬
‫البحث وخطة العمل اليت مجعته مع الطالب‪ ،‬وبعد الانهتاء حييل املرشف اللكمة اىل رئيس‬
‫اللجنة ليحيل هو الآخر اللكمة للعضاء املناقشني واحدا تلو الآخر لبداء مالحظاهتم وطرح‬
‫الس ئةل‪ ،‬ليكون الرئيس أآخر هؤلء ليديل أيضا برأيه واعطاء مالحظات عىل املوضوع‪ ،‬عىل‬
‫أن يقوم الباحث بتدوين املالحظات والتصويبات لتصحيحها وكتابة الس ئةل املوهجة هل لالجابة‬
‫علهيا وبعدها متنح مدة زمنية ويه غري متفق عليه بني اجلامعات‪ ،‬لكن العرف السائد أن متنح هل‬
‫مدة مخسة عرشة دقيقة وحسب احلاجة للرد عىل الس ئةل‪ ،‬وبعد الانهتاء يطلب من احلضور‬
‫مغادرة القاعة أو املدرج بطلب من رئيس اللجنة للتداول ليطلب بعدها من احلضور الرجوع مرة‬
‫أخرى‪ ،‬ليتوىل الرئيس قراءة النتيجة أو التقدير املس تحق قبل أن يذكر بعض الش ياء اليوم‪،‬‬
‫الساعة‪ ،‬املاكن‪ ،‬العنوان‪ ،‬صاحب الطروحة‪ ،‬الشهادة املتحصل علهيا‪ ،‬ذكر أعضاء اللجنة‬
‫والتخصص(‪ ،)1‬ويكون التقدير اكلآيت‪ :‬مشــــــــرف جدا‪ ،‬مرشف‪ ،‬وقــــــــــد يؤجل مع تبيان‬
‫السبب وهو ما نصـــت عليه م (‪.)2( )41/83‬‬
‫خامسا‪ :‬املقال العلمي‪ :‬ميكن تعريف املقال العلمي عامة بأنه معل حبيث أاكدميي ميس حمورا دقيقا‬
‫وجمال حمددا‪ ،‬يعاجل اشاكلية بذاهتا مطروحة عىل امليدان العلمي أاي اكن ختصص الباحث‪ ،‬ويه‬
‫نفس اخلصائص اليت ميتاز هبا املقال القانوين فيعاجل مسأةل دقيقة وحمددة يف الشق القانوين مبا‬
‫يتناسب وختصص الباحث‪ ،‬فال يصح للباحث أن يتقّص يف املسائل العامة اذا اكن املوضوع‬
‫مرسوما يف شلك مقال قانوين‪ ،‬كن يضع العناوين العامة دون ختصيصها يف جمال من اجملالت‬
‫مثال‪ :‬عقد الزواج يف قانون الرسة‪ ،‬القضاء الداري يف اجلزائر‪ ،‬مفثل هذه العناوين ل تصلح‬
‫للبحث يف اطار مقال قانوين لن حدود املقال حمددة ودقيقة(‪.)3‬‬
‫ونظرا لمهية املقال العلمي‪ ،‬فقد أصبح النظام اجلامعي القامئ يف اجلزائر يعترب املقال وس يةل‬
‫رضورية ملناقشة أطروحة ادلكتوراه وأداة وظيفية لرتقية الساتذة اجلامعيني‪ ،‬فال ميكن بتاات‬
‫للباحث يف مرحةل ادلكتوراه أن يناقش أطروحته مامل يثبت أنه نرش مقال يف جمةل علمية‬
‫متخصصة حممكة ومصنفة‪ ،‬وهذا يف جمال العلوم النسانية عامة وجمال العلوم القانونية خصوصا‪،‬‬
‫(‪ )1‬بترصف‪.‬‬
‫(‪ )2‬عامر بوضياف‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪ .174‬ملعرفة املزيد حول أطروحة ادلكتوراه انظر‪:‬‬
‫أومربتو ايكو(ترمجة عيل منويف)‪ ،‬كيف تعد رساةل دكتوراه‪ ،‬ط ‪ ،19‬اجمللس العىل للثقافة‪ ،‬مرص‪.2002 ،‬‬
‫(‪ )3‬لالسزتادة عن املقال القانوين ومعرفة الفرق بينه وبني الطروحة راجع‪ :‬عامر بوضياف‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪-175‬‬
‫‪.179‬‬
‫‪- 38 -‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬ابخلري دراج‬

‫ويه معطيات تدخل يف سنن التدريس اجلامعي اجلاد القامئ عىل أساس البداع والتجديد‬
‫املس متر‪ ،‬ففي اجلزائر ومنذ س نوات اكن الباحث يناقش أطروحته يف ادلكتوراه مبجرد اهناء‬
‫واس تكامل الاجراءات املعمول هبا يف املناقشات‪ ،‬اذن صارت املناقشة قامئة عىل نرش املقال‬
‫وهو أمر يرتك الباحث معلّقا لعدم الزتامه هبذا الرشط السايس وكذكل احلال ابلنس بة للتأهيل‬
‫اجلامعي أو الس تاذ املؤهل أي الرتقية من أس تاذ حمارض (ب) اىل أس تاذ حمارض (أ)‪ ،‬ونفس‬
‫المر يف الرتقية من أس تاذ حمارض (أ) اىل أس تاذ التعلمي العايل فأمره معلق عىل النشاط البحيث‬
‫من بيهنا املقالت العلمية يف التخصص(‪.)1‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬وفقا لطبيعة البحث‬
‫وتنقسم اىل قسمني‪ :‬البحث العلمي النظري (السايس)‪ ،‬البحث العلمي التطبيقي‬
‫الفرع الول‪ :‬البحث العلمي النظري (السايس)‬
‫‪ -‬من منظور ادلكتور "الس يد متام" فهىي البحوث اليت يكون الغرض السايس مهنا الوصول اىل‬
‫حقائق وقوانني علمية‪ ،‬ويه بذكل تسامه يف منو املعرفة العلمية ويه حتقيق لفهم أمعق وأمشل لها‬
‫بغض النظر عن مركزها يف التطبيق من عدمه(‪.)2‬‬
‫‪ -‬البحث السايس ( البحيت) (النظري)‪ ،‬وهو البحث اذلي هيمت ابكتشاف احلقائق والنظرايت‬
‫العلمية اجلديدة و اذلي يساعد عىل منو املعرفة العلمية من أجل حتقيق فهم أمشل وأمعق بغض‬
‫النظر عن التطبيقات العملية لها(‪.)3‬‬
‫‪ -‬ادلكتور "بومدين طامشة" وادلكتور "عند النور انج" يؤكدان عىل أنه نوع من البحوث‬
‫املس تخدمة يف العلوم النسانية النظرية ول يكون الهدف مهنا التوصل اىل نتاجئ معلية أو ابتاكر‬
‫خملرتع أو عامل ( عمل اللغات والدب‪ ،‬التارخي‪ ،‬الفلسفة‪ ،‬القانون‪ ،‬الرشيعة‪ ،‬ادلين) (‪.)4‬‬
‫الفرع الثاين‪ :‬البحث العلمي التطبيقي‬
‫‪ -‬يوصف بأنه البحث اذلي يكون الغرض السايس منه تطبيق املعرفة احملصةل منه حلل املشالك‬
‫العملية أو لكتشاف معارف جديدة ميكن تسخريها حىت تسع لالس تفادة من النتاجئ املتوخاة‬
‫للتصدي للك املشالك القامئة يف ش ىت اجملالت(‪.)5‬‬
‫(‪ )1‬بترصف‪.‬‬
‫(‪ )2‬الس يد متام‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.38‬‬
‫(‪ )3‬نور ادلين فوزي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.25‬‬
‫(‪ )4‬بومدين طامشة‪ ،‬عبد النور انج‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.43‬‬
‫(‪ )5‬الس يد متام‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.39‬‬
‫‪- 39 -‬‬
‫ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -‬أما الس تاذ "نور ادلين فوزي" فريى بأنه البحث اذلي يكون الغرض السايس واملبارش منه‬
‫تطبيق املعرفة العلمية املتوفرة فهو البحث اذلي يشري اىل النشاط العلمي‪ ،‬من أجل التوصل‬
‫تؤرق الباحث(‪.)1‬‬
‫اىل معرفة حقيقية وجادة والساعية حلل بعض الاشاكليات اليت ّ‬
‫‪ -‬يعترب البحث املس تعمل يف العلوم التطبيقية والتجريبية (املالحظة‪ ،‬التجربة) وغالبا ما يسع‬
‫صاحهبا لبتاكر جديد حلل املشلكة القامئة‪ ،‬أو تسخري املبتكرات والبداعات العلمية اجلديدة‬
‫ملضاعفة النتاج مما يؤدي اىل مضاعفة الرابح والتقدم املنشود‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬الفرق بني النوعني‬
‫ختتلف البحوث النظرية عن البحوث التطبيقية من زوااي خمتلفة يف املعلومات‬
‫والبياانت والغراض املطلوبة يف التحليل أثناء معلية البحث‪ ،‬حناول يف هذا اجلانب ابراز أمه‬
‫الفروقات كام ييل‪:‬‬
‫‪ -1‬البحث النظري هيدف اىل تطوير املفاهمي الدارية كام هيدف اىل اثبات أو نفي أفاكر‬
‫ومفاهمي كعينة‪ ،‬أما البحث التطبيقي يس تقي املعلومات مبارشة من امليدان العميل ومن الظواهر‬
‫الطبيعية‪.‬‬
‫‪ -2‬يس تقي الباحث النظري معلوماته من مصادر غري ميدانية اثنوية وفقط اكلكتب واملقالت‪،‬‬
‫يف حني حيتاج الباحث التطبيقي اىل املعلومات والبياانت من املصادر الصلية ابدلرجة الوىل‬
‫مث املصادر غري ميدانية يف حتليالته‪.‬‬
‫‪ -3‬خيتلف البحث النظري عن البحث التطبيقي يف املرحةل الخرية من مراحل البحث العلمي‪،‬‬
‫فالبحث التطبيقي ينهتىي ابلتطبيق و املتابعة أما البحث النظري ينهتىي حبوصةل من النتاجئ‬
‫النظرية اليت يدوهنا الباحث‪ ،‬لكن ما ميكن التنويه هل عىل أن اخلطوات البحثية للك مهنام تاكد‬
‫تكون نفسها (‪. )2‬‬

‫(‪ )1‬نور ادلين فوزي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.25‬‬


‫(‪ )2‬ملعرفة املزيد راجع‪:‬‬
‫‪ -‬بومدين طامشة‪ ،‬عبد النور انج‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.45-43‬‬
‫‪ -‬اذا قلنا بأن هناك فوارق بني البحث النظري والتطبيقي‪ ،‬فمثة قوامس مشرتكة بيهنام يف بعض الروابط املهمة‪ ،‬راجع يف هذا‬
‫الشأن نفس املؤلف يف الصفحتني ‪.45-44‬‬
‫‪- 40 -‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬ابخلري دراج‬

‫نتيجة‪ :‬ميكننا أن نس تخلص بأن البحث النظري هيدف اىل التوصل اىل احلقائق العلمية احملققة‬
‫لتكوين نظام يش متل عىل مجةل من احلقائق لتعمميها وتطوير املعرفة العلمية وابملقابل فالبحوث‬
‫التطبيقية تسع اىل تطبيق املعرفة العلمية املتوفرة والتوصل اىل نتاجئ حلل املشالكت العالقة(‪.)1‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬حسب مناجه البحث والساليب املس تخدمة‬
‫تنقسم البحوث العلمية من منظور املناجه والساليب املس تخدمة اىل البحوث الوصفية‪،‬‬
‫والبحوث التارخيية‪ ،‬والبحوث التجريبية‪ ،‬ذلكل س نقسم هذا املطلب اىل ثالثة فروع وفقا‬
‫للرتتيب سالف اذلكر‪.‬‬
‫الفرع الول‪ :‬البحث الوصفي (التشخييص)‬
‫ل نلزتم بتعريف واحد لكن حناول قدر املس تطاع اعطاء بعض املفاهمي اليت أقر هبا‬
‫مجموعة من الساتذة وأحصاب الاختصاص اكلآيت‪:‬‬
‫‪ -‬الس تاذ "عامر عوابدي" يقول بأنه البحث اذلي هيدف اىل حتديد سامت وصفات وخصائص‬
‫ومقومات ظاهرة معينة حتديدا مكيا وكيفيا(‪.)2‬‬
‫‪ -‬الس تاذ" ادريس خفور" يعرفه بأنه البحث اذلي يس هتدف حتديد صفات ومواصفات‬
‫وخصائص ومقومات ظاهرة معينة حتديدا مكيا وكيفيا يسهل التعرف علهيا فامي بعد ومقارنهتا ببايق‬
‫املسائل الخرى(‪.)3‬‬
‫‪ -‬الس تاذ "الس يد متام"‪ :‬البحث التشخييص هو اذلي هيدف اىل وصف ظواهر أو أحداث‬
‫معينة ومجع احلقائق واملعلومات واعطاء الوصف اخلاص هبا وتقرير حالهتا كام توجد عليه يف‬
‫أرض الواقع‪ ،‬يضيف الس تاذ ويقول بأن هذه البحوث ميكن أن تتجاوز الوصف اىل اقرتاح‬
‫احللول للظواهر حمل ادلراسة والبحث(‪.)4‬‬
‫‪ -‬الس تاذ "نور ادلين فوزي"‪ :‬يه البحوث اليت هتدف اىل اعطاء الوصف العام للظواهر‬
‫املعينة ومجع املعلومات واملالحظات واحلقائق عهنا‪ ،‬ووصف الظروف اخلاصة هبا(‪.)5‬‬
‫الفرع الثاين‪ :‬البحث التارخيي‬
‫أساس هذا البحث ارتاكزه عىل املهنج التارخيي كقاعدة عامة فالبحث التارخيي هو‪:‬‬
‫(‪ )1‬بترصف‪.‬‬
‫(‪ )2‬نقال عن‪ :‬عامر عوابدي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.29‬‬
‫(‪ )3‬ادريس خفور‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫(‪ )4‬الس يد متام‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.39‬‬
‫(‪ )5‬نور ادلين فوزي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.25‬‬
‫‪- 41 -‬‬
‫ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -‬البحث اذلي يسجل الحداث والوقائع اليت حدثت يف املايض‪ ،‬رشط أن ل تقف عند جمرد‬
‫الوصف والتأرخي للوقوف عىل املايض وفقط لكن جيب أن حتتوي عىل التحليل والتفسري‬
‫لس تخالص ادلروس اليت تساعد عىل فهم احلارض والتنبؤ ابملس تقبل(‪.)1‬‬
‫‪ -‬يمتثل يف البحث اذلي يسجل الحداث والوقائع اليت جرت يف املايض‪ ،‬فتحللها بغية اكتشاف‬
‫تعماميت لتكون وس يةل يف فهم احلارض وتعترب من أقدم البحوث العلمية مقارنة بغريها(‪.)2‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬البحث التجرييب‬
‫‪ -‬فهو البحث اذلي يقوم يف الساس عىل القيام ابلتجارب عىل الفرضيات لن البحث العلمي‬
‫املتاكمل جيب أن تُبىن نتاجئه بطريقة أساس ية عىل التجربة واملالحظة(‪.)3‬‬
‫‪ -‬يمتثل يف البحث اذلي يعمتد عىل املالحظة والتجارب ادلقيقة لثبات حصة الفرضيات وذكل‬
‫ملن يس تخدم قوانني علمية عامة لضبط وتفسري وحل املشالكت والظواهر العلمية(‪.)4‬‬
‫‪ -‬هذا النوع من البحوث يعمتد أساسا عىل املهنج التجرييب القامئ عىل املالحظة وفرض الفروض‬
‫والتجريب للتحقق من حصة الفروض وهو النوع اذلي يس تلزم توفر الراكن الثالثة الساس ية‬
‫ويه املواد الولية اليت جترى علهيا التجارب‪ ،‬الهجزة‪ ،‬وأخريا املُعدات املطلوبة لجراء‬
‫التجاب(‪.)5‬‬
‫‪ -‬البحث التجرييب وهو البحث اذلي يبحث عن املشالكت والظواهر بناء عىل املهنج التجرييب‬
‫مكهنج من مناجه البحث العلمي القامئ عىل املالحظة وفرض الفرضيات والتجربة ادلقيقة‬
‫املضبوطة(‪.)6‬‬
‫اخلالصة‪ :‬ويف الخري ميكننا القول‪ ،‬بأن مجيع أنواع البحوث العلمية اجلامعية متتاز ابملرونة‬
‫والتاكمل فامي بيهنا‪ ،‬فتتاكثف للوصول اىل حقائق علمية اكمةل وشامةل‪.‬‬

‫(‪ )1‬الس يد متام‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.39‬‬


‫(‪ )2‬نور ادلين فوزي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.25‬‬
‫(‪ )3‬ادريس الفاخوري املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.26‬‬
‫(‪ )4‬ملزيد من التفصيل راجع‪:‬‬
‫‪ -‬عامر عوابدي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.29‬‬
‫(‪ )5‬الس يد متام‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.40‬‬
‫(‪ )6‬نور ادلين فوزي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.25‬‬
‫‪- 42 -‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬ابخلري دراج‬

‫الفصل الثالث‪:‬‬
‫مناجه البحث العلمي يف املعارف القانونية وادلراسات الفقهية‪.‬‬
‫عندما يدرك الشخص الواعي بأن أس باب هنضة الشعوب ومنوها وتقدهما وازدهارها‬
‫يف ش ىت جمالت احلياة يدرك يقينا دون الشك بأن هناك عالقة تاكملية بني هذا التقدم وبني‬
‫الطريقة العلمية والفكرية الصحيحة املالمئة اليت سامهت يف الريق والتطور‪ ،‬معمتدين يف هذا‬
‫اجملال عىل ادلراسة العميقة اليت مت اكتساهبا من خالل دراسة سلمية لحصاب الاختصاص‪ ،‬هذا‬
‫الاس تنتاج يعترب منطقيا لن اس تعامل الطرق والساليب العلمية ووضع الرجل املناسب يف‬
‫املاكن املناسب يه العوامل الرش يدة اليت تقود ابلتأكيد اىل حتقيق الرخاء الاقتصادي والتنظمي‬
‫امل ُ ْحمك‪ ،‬وتعطي للفرد املقدرة عىل مواهجه الحداث والتحمك فهيا(‪ .)1‬فال جمال للشك بأن تقدم‬
‫البحث العلمي وحتصيل املعارف العلمية يرتبط برضورة وجود املهنج للبحث فان غاب املهنج‬
‫العلمي اذلي س ُيطبق عىل املوضوع قيد ادلراسة خضع البحث للعشوائية وأحضت املعرفة غري‬
‫علمية‪.‬‬
‫فليس هناك حبث علمي دون مهنج واحض يعمتد عىل القواعد الرئيس ية يف املوضوع فيمت‬
‫طرح الاشاكلية حمور البحث وحتليل أبعادها ومسبباهتا‪ ،‬ومعرفة لك اجلوانب وتأثريها ابلظواهر‬
‫وفقا لدوات البحث العلمي للوصول لنتاجئ ميكن تطبيقها‪ ،‬فالبحث دون مهنج علمي موضوعي‬
‫يرتبط ابلواقع العميل يصبح عامل اغرتاب وانعزال‪ ،‬حيث يتحول اىل درب من دروب التفكري‬
‫التنظريي اذلي حيتاج اىل واقع معيل يؤكد سالمته وحصة نتاجئه وتصبح ادلراسة يف هذه احلاةل‬
‫جمرد حرش ورمس جملموعة من املعارف النسانية املرتامكة‪ ،‬فتفتقد هبا رابطة علمية بيهنا وبني‬
‫اس تخداهما لوضع حل ملشلكة علمية تعاين مهنا البرشية أو تتطلع للخروج مهنا(‪.)2‬‬
‫لكن ما يُعاب عليه يف الوقت الراهن ورمغ أمهية مناجه البحث العلمي‪ ،‬لكن اجلامعة اجلزائرية يف‬
‫بعض من القسام أو اللكيات ل تعطي قمية ملناجه البحث العلمي‪ ،‬وهو القصور بعينه فينصب‬
‫يتناسوان بأن ادلراسة اليت يقومون هبا مايه ال جمرد مجع معلومات‬ ‫جام اهامتهمم عىل املوضوع و ْ‬

‫(‪ )1‬عامر بوحوش‪ ،‬دليل الباحث يف املهنجية وكتابة الرسائل اجلامعية‪ ،‬مومف للنرش والتوزيع‪ ،‬اجلزائر‪ ،2002 ،‬ص ‪.29‬‬
‫(‪ )2‬راجع‪ :‬محمد عبد الغين سعودي‪ ،‬حمسن امحد اخلضريي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.41‬‬
‫‪ -‬وهو أمر مل يعد مقبول اطالقا يف ظل نضوب املوارد البرشية واملادية والعلمية وتعدد مصادر الاس تخدام‪ ،‬فالبحث‬
‫العلمي يقوم عىل مهنج مرتب للتفكري العقيل الرش يد‪.‬‬
‫‪- 43 -‬‬
‫ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫وتدويهنا يف مطبوعات أو مؤلفات لكن دون مهنج واحض يف التعلمي ومن مث أدت اىل غياب‬
‫املهارة العلمية فينتج عهنا الاضطراب يف احلياة الفكرية‪.‬‬
‫ذلكل حناول يف الفصل الثالث من ادلراسة ابذن هللا ان نلقي نظرة عىل املعطيات العامة ملناجه‬
‫البحث العلمي‪ ،‬من خالل تقس ميه اىل ثالثة مباحث تتناول ابلفراط والتحليل املعامل الفكرية‬
‫لهذا املوضوع اكلتايل‪:‬‬
‫‪ -‬املبحث الول‪ :‬ماهية املهنج العلمي‪.‬‬
‫‪ -‬املبحث الثاين‪ :‬أمهية ووظائف املناجه العلمية‪.‬‬
‫‪ -‬املبحث الثالث‪ :‬مسامهة ودور املهمتني والفقهاء املسلمني يف مناجه البحث العلمية‬
‫املبحث الول‪:‬‬
‫ماهية املهنج العلمي‪.‬‬
‫لتحديد مفهوم املهنج العلمي جيب الاشارة يف البداية ملصطلح املهنج يف املطلب الول‪ ،‬مث‬
‫اعطاء فكرة عن املداخل املهنجية أو ما يسم كذكل ابلطار النظري املوجه للبحث العلمي‪.‬‬
‫املطلب الول‪ :‬مفهوم املهنج‪.‬‬
‫الفرع الول‪ :‬املهنج لغة واصطالحا‪.‬‬
‫املهنج ترمجة لللكمة الفرنس ية (‪ )Méthod‬وابللغة الجنلزيية (‪ )Method‬وهو‬
‫الطريق الواحض والسلمي(‪ ،)1‬وهذا اللفظ مش تق يف الصل من لكمة يواننية ويه لكمة تس تعمل‬
‫مبعىن البحث أو النظر أو املعرفة وهو املعىن من منظور "أفالطون" و"أرسطو" لكن هذا‬
‫املعىن مل يأخذ معناه احلقيقي احلايل ال ابتداء من عرص الهنضة الوربية وقبل هذا العرص اكن‬
‫مجموعة من الفالسفة يقصدون ابملهنج جزء من أجزاء املنطق مثل (‪ )Nunez, Molina‬ويف‬
‫كتاب (‪ )Zaberrella‬عام ‪ 1578‬هناك فصل طويل يتلكم عن املهنج وهو المر نفسه دلى‬
‫الاكتب (‪ )Eustache de saint paul‬زد علهيا "راموس" ‪.1572-1515Ramus‬‬
‫لكن اخلطوة احلامسة يف تكوين املهنج اكن من طرف "بيكون" س نه ‪ 1620‬يف كتابه‬
‫(الورغانون اجلديد) و"دياكرت" يف كتابه (مقال يف املهنج) عام ‪.1637‬‬
‫املصوغة من أجل الوصول اىل احلقيقة يف‬ ‫‪ -‬وع ُّرف املهنج بأنه طائفة من القواعد العامة ُ‬
‫العمل‪.‬‬

‫(‪ )1‬ادريس خفور‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬


‫‪- 44 -‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬ابخلري دراج‬

‫‪ -‬هو فن التنظمي الصحيح لسلسةل من الفاكر العديدة اما من أجل الكشف عن‬
‫احلقيقة حني نكون هبا جاهلني‪ ،‬أو من أجل الربهنة علهيا للآخرين حني نكون هبا‬
‫عارفني(‪.)1‬‬
‫‪ -‬يعترب املهنج مجموعة قواعد ومبادئ وأسس البحث العلمي يعمتدها الباحث مكراحل‬
‫وخطوات دلراسة وحتليل اشاكليه املوضوع واستامثر املادة ذات العالقة ابلبحث(‪.)2‬‬
‫‪ -‬املهنج من الفعل الثاليث هنج وهو الطريق املس تقمي الواحض‪ ،‬واملناجه يه اخلطة‬
‫املرسومة ويُ ّعرف ابلطريق ّ‬
‫البني اىل احلق يف أيرس ُس بهل(‪.)3‬‬
‫‪" -‬حامد ربيع" يقول بأن املهنج هو أحد العنارص الساس ية للمعرفة العلمية اليت جيب‬
‫أن تتضمن عنرصين هام‪ - :‬موضوع قابل للتحديد‪ -‬أن تكون هذه املعرفة العلمية قد‬
‫أمكن لها أن تشلك جسدا من احلقائق واملدراكت(‪.)4‬‬
‫دامئا يف جمال التعريف فامي خيص (املهنج) فالاكتب "محمد محمد قامس" يضع بعض من التعريفات‬
‫اليت أرشف علهيا أحصاهبا اكلتايل(‪:)5‬‬
‫‪ -‬يعرفه ادلكتور" محمد بن معر بن سامل" بأنه هيلك مكون من القواعد والفرضيات‬
‫املس تخدمة يف حقل معني وعليه تكون املهنجية بدلةل عمل املناجه اذا اكن املهنج هو‬
‫الطريق لبلوغ عمل معني(‪ - .)6‬مصطلح أحادي املعىن يف العمل(‪.)7‬‬
‫‪ -‬يقصد ابملهنج املهنجية طائفة من القواعد العامة اليت تصاغ من أجل الوصول اىل‬
‫احلقيقة املنشودة(‪.)8‬‬

‫(‪ )1‬عبد الرمحن بدوي‪ ،‬مناجه البحث العلمي‪ ،‬ط‪ ،3‬واكةل املطبوعات‪ ،‬الكويت‪ ،1977 ،‬ص ص ‪.04-03‬‬
‫(‪ )2‬تويم ألكي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.139‬‬
‫(‪ )3‬ادريس الفاخوري‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.16‬‬
‫(‪ )4‬بومدين طامشة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.09‬‬
‫(‪ )5‬منقول عن‪ :‬محمد محمد قامس‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.52‬‬
‫(‪ )6‬محمد بن معر بن سامل‪ ،‬مهنج البحث العلمي وطرق كتابته يف علوم الرشيعة‪ ،‬القاهرة‪ ،2000 ،‬ص ‪.07‬‬
‫(‪ )7‬يقول نفس الس تاذ بأنه جيب العمل جاهدا عىل وحدة املناجه يف امليدانني الطبيعي والاجامتعي‪ ،‬لن هناك فريق من‬
‫العلامء يرى بأن مناجه البحث عبارة عن اجراءات حبثية حمايدة‪ .‬راجع‪ :‬خادل حامد‪ ،‬املرجع‪ ،‬السابق‪ ،‬ص ‪.35‬‬
‫(‪ )8‬حازم محد موىس اجلنايب‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.51‬‬
‫‪- 45 -‬‬
‫ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -‬ادلكتور "الس يد متام" يعتقد بأن املهنج يف اللغة العربية هو الطريق الواحض أو اخلطة‬
‫املرسومة‪ ،‬أما علميا فهو‪ - :‬اخلطة املنظمة لعدة معليات ذهنية أو حس ية هبدف‬
‫الوصول اىل احلقيقة أو الربهنة علهيا (حسب ما جاء يف املعجم الفلسفي)‪.‬‬
‫‪ -‬الطريقة اليت يتبعها الباحث يف دراس ته للمشلكة لكتشاف احلقيقة أو الربهنة علهيا‪.‬‬
‫‪ -‬الطريق املؤدي للكشف عن احلقيقة بواسطة مجموعة من القواعد العامة‪.‬‬
‫‪ -‬التنظمي الصحيح لسلسةل من الفاكر العديدة اما من أجل الكشف عن احلقيقة حني‬
‫نكون هبا جاهلني أو من أجل الربهنة علهيا حني نكون هبا عارفني(‪.)1‬‬
‫‪ -‬بشلك عام فاملهنج هو الطريقة اليت يسلكها الباحث لالجابة عن الس ئةل اليت تثريها‬
‫املشلكة موضوع البحث‪ .‬واملهنج أيضا هو طريق احلل وقد تكون الطريقة غري علمية‬
‫أي تعمتد عىل الفاكر غري املربهنة عهنا (دون الرجوع اىل أدوات البحث العلمي)‪،‬‬
‫وهنا نكون أمام مهنج غري علمي واما العكس من ذكل ونكون بلك منطق أمام املهنج‬
‫العلمي(‪.)2‬‬
‫‪ -‬هنج الطريق سلكه وقد ورد يف القرأآن الكرمي بلفظ املهنج‪ ،‬فيقول تعاىل يف حممك تزنيهل‬
‫"للك جعلنا منمك رشعة ومهناجا"(‪ )3‬وهو الطريق الواحض احملدد ملعرفة دين احلق‪.‬‬
‫‪ -‬جند يف مطبوعة الس تاذ "نور ادلين فوزي" بعض من التعاريف نوجزها يف ما ييل‪:‬‬
‫‪ -1‬املهنج هو الكيفية العقالنية املتبعة لتقيص احلقائق وادراك املعارف‪ ،‬فهو السلوب‬
‫املتبع يف ترتيب وتنظمي الفاكر واخضاعها للتحليل للتوصل اىل نتاجئ معرفية جديدة‪.‬‬
‫‪ -2‬يه فن التنظمي الصحيح للفاكر للكشف عن احلقيقة‪ ،‬أو يه العمليات العلمية‬
‫املرتابطة بغية تطوير حقول املعرفة(‪.)4‬‬
‫البني واملس متر للوصول اىل الهدف‬ ‫اضافة اىل ما قلناه فاملهنج هو الطريق املس تقمي الواحض و ّ‬
‫املنشود‪ ،‬كام يعين كيفية أو طريقة فعل أو تعلمي يشء معني وفقا لبعض املبادئ بطريقة متتاز‬
‫ابلنظام والتنس يق(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬الس يد متام‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.49‬‬


‫(‪ )2‬أمحد درداري‪ ،‬مناجه البحث العلمي اجلامعي‪ ،‬ط‪ ،‬مطبعة تطوان‪ ،‬املغرب‪ ،2016 ،‬ص ‪.19‬‬
‫(‪ )3‬سورة املائدة‪ ،‬الآية ‪.50‬‬
‫(‪ )4‬نور ادلين فوزي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫(‪ )5‬فتيحة حزام‪ ،‬فلسفة ومناجه العلوم القانونية‪ ،‬ط‪ ،1‬املركز الاكدميي للنرش السكندرية‪ ،‬مرص‪ ،2019 ،‬ص‪.62‬‬
‫‪- 46 -‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬ابخلري دراج‬

‫ويكتسب مصطلح املهنجية مضموان علميا دقيقا مع تطور الفكر العلمي وازدهار أدواته الفنية‬
‫فأدركت ادلول قميهتا العلمية والعملية وأصبحت بذكل تدل عىل الطريقة العقالنية املنتظمة‬
‫واملنظمة واملنضبطة ملامرسة نشاط حمدد‪ ،‬كسلوب علمي رايق عىل ابيق الطرق العفوية‬
‫والعشوائية لكتساب العمل واملعرفة‪ .‬ويقصد ابملهنجية يف البحث العلمي حسب رأي ادلكتور‬
‫"امحد خروع" (الطريقة العقالنية املتبعة لتقيص احلقائق وادراك املعارف فهىي السلوب املتبع‬
‫يف ترتيب الفاكر‪ ،‬وعقلنة الفرضيات واخضاعها لالمتحان والتحليل للتوصل اىل نتاجئ معرفية‬
‫جديدة)(‪.)1‬‬
‫هيدف املهنج العلمي احلديث اىل توس يع نطاق املعرفة وحماوةل التعرف عىل اجلوانب اجملهوةل يف‬
‫ادلراسة همام اختلفت املواضيع وهمام اختلفت أنواع املناجه املس تعمةل‪.‬‬
‫واملهنج هو الطريق املؤدي اىل الغرض املطلوب من خالل دراسة املصاعب والعقبات‪ ،‬ويف‬
‫الفكر العلمي املعارص الطريق املؤدي اىل الكشف عن احلقيقة يف العلوم بواسطة طائفة من‬
‫القواعد العامة اليت هتمين عىل سري العقل للتوصل اىل مجموعة من النتاجئ(‪.)2‬‬
‫ان الهدف من تقدمي املهنج هو ايضاح النقاط الساس ية يف تقدمي املعلومات والبياانت حىت ل‬
‫يضيع هجد من حياول البحث يف التخبط العشوايئ اذلي جتاوزه العمل احلديث ولهذا تتكون‬
‫للمهنج قاعدة علمية تنطلق مهنا ادلراسة ويعودون الهيا عند احلاجة ليك تصبح مرجعا أصيال‬
‫دون التجريد من اخلصوصيات اذلاتية واملوضوعية(‪.)3‬‬
‫هو مصطلح وزنه كوزن املذهب ويعين النظام والرتتيب‪ ،‬وهو مجموعة القواعد اليت يمت وضعها‬
‫للوصول اىل احلقيقة أو الطريقة اليت يتبعها الباحث يف تفحصه للمشلك لكتشاف احلقيقة‬
‫والتوصل اىل نتاجئ لتكون برهاان ويقينا ودليال أصيال‪ ،‬وهو فن التنظمي السلمي لسلسةل من‬
‫الفاكر والجراءات للكشف عن احلقيقة(‪.)4‬‬
‫أوحض الس تاذ "توماس كون" قواعد املهنجية العلمية ورشح مراحل بلورهتا يف كتابه (هيلكه‬
‫الثورات العلمية) س نه ‪ 1967‬ويقول يف بأن جناعة املهنج تمكن يف اثراء احلقل املعريف‬
‫مبكتس بات علمية جديدة ويضيف "كون" بأن ادلورة العلمية تشمل عدة مصطلحات علمية‪:‬‬
‫(‪ )1‬أمحد خروع‪ ،‬املناجه العلمية وفلسفة القانون‪ ،‬ط‪ ،2‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬ص ص ‪.08-07‬‬
‫(‪ )2‬عامر بوحوش‪ ،‬محمد محمود اذلنيبات‪ ،‬مناجه البحث العلمي وطرق اعداد البحوث‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.102‬‬
‫‪ -‬عامر بوحوش‪ ،‬محمد اذلنيبات‪ ،‬مهنجية البحث العلمي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.92‬‬
‫(‪ )3‬عقيل حسني عقيل‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.52‬‬
‫(‪ )4‬صالح ادلين رشوخ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.92‬‬
‫‪- 47 -‬‬
‫ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -‬حمطة الافرتاض‪ :‬تبلور الافرتاضات الولية فتتشلك الانطالقة اجلدية للبحث العلمي‬
‫‪ -‬مرحةل ادلراسة والمتحيص‪ :‬مرحةل ادلراسة والمتحيص ويه نبض ادلراسة العلمية‬
‫فيتوىل الباحث حفص الافرتاضات وامتحاهنا وحوصةل النتاجئ‪.‬‬
‫‪ -‬أآخر هاته املراحل مرحةل التحقيق ويه املرحةل اليت تنهتىي هبا ادلورة العلمية والتوصل‬
‫اىل مجةل النتاجئ بعد التأكد من موضوعيهتا وابنهتاء هذه املراحل ينهتىي الوصف الهيلكي‬
‫لالكتشاف العلمي(‪.)1‬‬
‫من خالل املهنج يس تطيع الباحث الوصول اىل احلقائق واطالق احلمك عىل املعلومات‬
‫الاس تكشافية وتوليد املعارف عن القضااي املهبمة‪ ،‬والسمة الرئيس ية للمهنج هو ثبات النتاجئ اليت‬
‫يمت التوصل الهيا دون الاهامتم بشخص الباحث‪ .‬من هذا املنطق ابت جليا للمهمتني عىل أن‬
‫املهنج يقوم بدور اسرتاتيجي يف تشخيص وحتديد املشالكت اليت ميكن دراس هتا بوسائل علمية‬
‫رش يدة وحصيحة(‪.)2‬‬
‫نقصد أيضا ابملهنجية طريقة الاجابة عن الاشاكلية أو سؤال قانوين ما‪ ،‬أو حتليل فكرة ما من‬
‫خالل عرض الفاكر بأسلوب متسلسل ومتواتر مع جتنب العرض العشوايئ غري املنظم‬
‫للمعلومات(‪.)3‬‬
‫بشلك عام ومن خالل ما أوردانه من تعاريف فاننا منيل ونؤيد التعريف اذلي أدىل به ادلكتور‬
‫"عبد الرمحن بدوي" فوظف املعامل احلقيقية ملصطلح املهنج وعليه فالتعريف اذلين نسوغه‬
‫حسب رأينا‪" :‬املهنج هو املسكل أو الطريق اذلي يؤدي بنا اىل الكشف عن احلقيقة ابتباع‬
‫مجموعة من القواعد العامة العلمية اليت تس يطر وهتمين عىل العقل‪ ،‬وحتدد خمتلف جوانبه للوصول‬
‫اىل نتاجئ حمققة ومعينة"(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬منقول عن‪ - :‬أمحد خروع‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.09‬‬


‫يراها املؤلف بأهنا أوحض طريق لهنا متيل علينا تفادي الغموض والتعقيد‪ ،‬واحلرص عىل التسهيل والتبس يط بقدر ما يبسط‬
‫الباحث فرضياته واس تنتاجاته بقدر ما يسهل علينا فهمها واستيعاهبا‪ ،‬وهبذا فهىي الطريق الصوب والسلمي‪.‬‬
‫(‪ )2‬بومدين طامشة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.10‬‬
‫(‪ )3‬ادريس خفور‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.25‬‬
‫(‪ )4‬وهو التعريف اذلي اس تخلصناه‪ .‬بترصف‪.‬‬
‫‪- 48 -‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬ابخلري دراج‬

‫الفرع الثاين‪ :‬املهنج(عمل املناجه) واملهنجية‪.‬‬


‫قبل أن نشري اىل التعريف اخلاص ابملهنج العلمي املعمتد يف اعداد الرسائل‬
‫والطروحات أو حبوث ادلراسات العليا‪ ،‬بودان أن نشري اىل مشلكة خمتلف فهيا عند الباحثني‬
‫واملهمتني ويه مشلكة التفرقة بني املهنجية واملهنج‪ ،‬أو مشلكة الفرق بني املهنج والسلوب املتبع‬
‫يف ادلراسة حيث ما هو مهنج عند البعض هو مهنجية عند البعض الآخر لن حتديد نوع املهنج‬
‫املس تخدم خيتلف من ظاهرة اىل أخرى‪ ،‬أو من مشلكة اىل أخرى فاملناجه ختتلف ابختالف‬
‫الظواهر واملشالكت املطروحة مفا يصلح مهنا دلراسة ظاهرة أو مشلكة ما قد ل يصلح‬
‫لخرى‪ ،‬فهناك مثال من يعترب بأن املهنج الوصفي خيتلف عن املهنج التارخيي وعن مهنج دراسة‬
‫حاةل يف حني هناك من يرى بأن مهنج دراسة حاةل ومهنج املسح هام أسلوابن من أساليب‬
‫املهنج الوصفي‪ ،‬فال توجد طريقة علمية واحده متعارف علهيا للكشف عن احلقيقة لن طرق‬
‫العمل وأساليهبا ختتلف ابختالف املوضوعات وهذا حسب الاختصاص(‪.)1‬‬
‫عىل هذا الساس جيب عىل الطالب ادراك حقيقة هممة هو معرفة الفرق بني املهنج واملهنجية‬
‫ليك يكون هناك تاكمل مهنجي حقيقي يف البحث العلمي‪ ،‬ويه ظاهرة من منظور أحصاب عمل‬
‫الاجامتع حتتاج اىل الوقوف عندها والتنبيه خبطورهتا من هجة وأمهيهتا من هجة أخرى فيقول‬
‫الس تاذ "زعميي مراد" بأنين لكام أردت معرفة املهنج اذلي اعمتده الطالب يف اجناز حبثه ال‬
‫وجدت الجابة كام ييل (انه املهنج الوصفي التحلييل) ومما يزيد يف دهش يت كام يقول املتحدث‬
‫فانين أجد مواضيع خمتلفة بصياغات مهنجية خمتلفة وبأهداف خمتلفة ابلعامتد عىل تقنيات‬
‫وأدوات خمتلفة‪ ،‬ومع ذكل جتد الطالب قد عاجل موضوعه هبذا املهنج الوصفي التحلييل‪،‬‬
‫وللسف الشديد فان التربير الوحيد املتكرر عند الطلبة هو ذكل ما وجدانه يف املذكرات‬
‫والرسائل السابقة(‪.)2‬‬
‫فلك موضوع لدلراسة يتطلب نوعا حمددا من املناجه اليت تناس به وعليه فان تصنيف املناجه يعمتد‬
‫عادة عىل معيار‪ ،‬والهدف من هذا تفادي اخللط والتشويش كام أن التصنيفات يف حد ذاهتا فامي‬

‫(‪ )1‬بن واحض الهامشي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.21-20‬‬


‫(‪ )2‬زعميي مراد‪ ،‬التاكمل املهنجي يف البحث‪ ،‬العدد السادس (عدد خاص)‪ ،‬جمةل العلوم الانسانية‪ ،‬جامعة قس نطينة‪،‬‬
‫اجلزائر‪ ،1995 ،‬ص ‪83‬‬
‫‪- 49 -‬‬
‫ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫خيص املواضيع املدروسة ختتلف من خشص لآخر كام تتنوع التصنيفات للموضوع الواحد وهو‬
‫المر اذلي ينطبق عىل مناجه البحث العلمي(‪.)1‬‬
‫يشري الفقهاء مسأةل الفصل أو عدم الفصل بني املناجه العلمية‪ ،‬وحول هذا املوضوع الشائك يرى‬
‫"لكود برانرد" بأن املالمح الساس ية يف هذا يه‪:‬‬
‫‪ -‬ان العمل ل حيصل ال يف املعمل وفقا للحاجة العلمية‪.‬‬
‫‪ -‬عدم تقيد الباحث العلمي مبهنج فلسفي معني أثناء القيام بأحباثه ودراساته املتخصصة‪،‬‬
‫تدرس نظراي اكلقواعد وقوانني نظرية يسري عىل هدهيا الباحث‪.‬‬ ‫لن املناجه ل ميكن أن ّ‬
‫‪ -‬املناجه ختتلف ابختالف العلوم(‪.)2‬‬
‫هناك من خيالف هذا الرأي فريى ادلكتور "عبد الرمحن البدوي" ما ييل‪( :‬فاذا اكن حصيحا ما‬
‫يقوهل "لكود برانرد" يف نسبيه مناجه البحث العلمي يف تطبيقاهتا عىل خمتلف العلوم واملعرفة‬
‫وعدم تقيد العامل املتخصص بقواعد وتعالمي الفيلسوف املنطقي وأن معليات البحث وادلراسة‬
‫ختتلف وتتنوع من عامل اىل أآخر حبسب خصوصية لك عمل من العلوم‪ ،‬فانه ليس حصيحا القول‬
‫ابنفراد العامل املتخصص خبلق وتكوين مناجه البحث العلمي دون مشاركة العامل املنطقي‬
‫والفيلسوف املفكر وال لن يمتكن هذا العامل من اكتشاف ومعرفة العالقات والروابط العامة‬
‫واملنسقة بني العلوم وميادين املعرفة اخملتلفة املرتبطة واملتشابكة عىل أساس قانون وحدة العقل‬
‫النساين‪ ،‬وابلتايل ترتابط وتتداخل اكفة املناجه العلمية مبعىن لك فروع العلوم يف أصول ومناجه‬
‫علمية(‪.)3‬‬
‫ويقول "أآربون" (‪ )Urban‬بأن الروح العلمية ل ميكن أن تتقدم الا ابجياد مناجه جديدة ولك‬
‫حبث يف املهنج العلمي هو ابلرضورة حبث مؤقت ل ميكن أن يكمتل اطالقا ال اذا عُدلت عىل‬
‫ادلوام‪ ،‬و هذا المر ل يكون ال بتاكثف اجلهود بني خمتلف املعارف العلمية والفكرية كام ميكن‬
‫اس تخدام اكفة املناجه وهذا يف حبث علمي واحد لن احلاجه تزداد اىل اس تخدام أكرث من مهنج‬
‫للحصول عىل نتاجئ وحقائق أكرث ثباات ويقينا‪ ،‬والسبب يف هذا شدة تغري وتعقد الروابط يف‬

‫(‪ )1‬وهو رأي الس تاذ بن واحض الهامشي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫(‪ )2‬عبد الرمحن بدوي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.09‬‬
‫وهذا فالنتيجة أن تكوين املناجه ليس من هممة الفيلسوف لنه ل يس تطيع أن يقدم مهنجا عاما‪.‬‬
‫(‪ )3‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ص ‪.10-09‬‬
‫‪- 50 -‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬ابخلري دراج‬

‫الظواهر النسانية(‪ ،)1‬والنتيجة يقول ادلكتور "عبد الرمحن بدوي" عىل أن الفصل بني املناجه‬
‫العلمية أمر مس تحيل يف البحث العلمي لكننا نس تعمل هذا التقس مي للمناجه من أجل ادلراسة‬
‫ل أكرث ول أقل وعلينا أن نراعي تكل الوحدة‪ ،‬وأن ل نعد هذا التقس مي تقس امي مطلقا فهىي مجيعا‬
‫خطوات خمتلفة لكن يف مهنج واحد عام(‪.)2‬‬
‫من خالل ما تقدم ميكن أن نس تخلص مجموعة من الفوارق بني املهنج أو عامل املناجه واملهنجية‬
‫يوجزها ادلكتور "ادريس خفور" يف ما ييل‪:‬‬
‫‪ -‬مناجه ادلراسة ابختالف التخصصات اليت تنمتي الهيا فالفزيايء لها مناجهها والرايضيات‬
‫لها مناجهها والعلوم النسانية مناجهها يه الاخرى لكن املهنجية يه العامل املشرتك‬
‫بيهنم‪ - .‬املناجه تتطور بتطور العلوم يف حني فاملهنجية تبق اثبتة‪.‬‬
‫‪ -‬عمل املناجه يرتبط جبمهل من التقنيات والوسائل الواجب اتباعها بيامن املهنجية ترتبط‬
‫ابلساليب واملراحل اليت ترتب الفاكر لتحايش العشوائية‪.‬‬
‫املهنجية يه وس يةل وليست غاية ا ْذ تعترب اخليط اخلفي اذلي يكون هل ادلور يف ربط أقسام‬
‫املوضوع بعضها ببعض‪ ،‬كام حيدد اخلطوات الكربى اليت يسري علهيا الفكر يف انتقاء وتنظمي‬
‫املعطيات‪ ،‬فهذه الوس يةل مبا تتضمنه من أساليب للتفكري ودلت من رمح الفلسفة وترعرعت يف‬
‫كنف العلوم الطبيعية وأصبحت يف ريعان ش باهبا رفيقه للعلوم النسانية مبا فهيا العلوم القانونية‬
‫والادرية(‪.)3‬‬
‫وعمل املهنجية أو عمل املناجه اس تخدمه للوهةل الوىل الفيلسوف "كنت" فقد قسم املنطق اىل‬
‫قسمني(‪ :)4‬الول‪ :‬مذهب املبادئ ويدرس رشوط املعرفة الصحيحة‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬اذلي حيرص الاطار العام اذلي يتشلك به أي عمل من العلوم‪.‬‬
‫وبنوع من الرتكزي فعمل املناجه كام أوردها "ادلكتور عبد الرمحن بدوي" يه‪:‬‬

‫(‪ )1‬عبد الرمحن بدوي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.15‬‬


‫(‪ )2‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.16‬‬
‫أفرط الس تاذ عبد الرمحن بدوي يف هذا اجملال من خالل وصف هذا المر واسقاطه يف جمال الرايضيات عن طريق‬
‫املنحنيات وادلوال واجليب وجتيب‪.‬‬
‫ملعرفة املزيد راجع ملؤلفه يف الصفحات من ‪.19-17‬‬
‫(‪ )3‬ادريس خفور‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.26-25‬‬
‫(‪ )4‬عبد الرمحن بدوي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.07-06‬‬
‫‪- 51 -‬‬
‫ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫أ‪ -‬العمل الباحث وادلارس للمناجه الثالث الآتية الاس تدلل‪ ،‬التجريب يضاف الهيام املهنج‬
‫الثالث اخلاص ابلعلوم الخالقية أو التارخيية وهو مهنج الاسرتداد‪.‬‬
‫ب‪ -‬الربانمج اذلي حيدد لنا السبيل للوصول اىل احلقيقة أو الطريق املؤدي اىل الكشف‬
‫عهنا يف العلوم‪ .‬ج‪ -‬العمل اذلي يبحث يف مناجه ادلراسات والبحوث الفكرية اليت‬
‫يسلكها العلامء يف أحباهثم للوصول اىل احلقيقة‪ .‬والنتيجة فامي خيص الفصل من عدمه‬
‫بني املهنجية وعمل املناجه برأي ادلكتور "طلعت هامم" فهو غري ممكن يف جمال البحث‬
‫العلمي لكننا نقوم هبذا التقس مي من أجل دراس هتا حفسب وعلينا اذا أن نراعي تكل‬
‫الوحدة وأن ل نعتد هبذا التقس مي تقس امي مطلقا فهىي يف الواقع لكها خطوات خمتلفة يف‬
‫مهنج واحد عام قد نسري هبا كام يه ابلنس بة اىل مسأةل واحدة يف عمل واحد فقط(‪)1‬‬

‫وهو ما نؤيده مبنهتى الرصاحة(‪.)2‬‬


‫املطلب الثاين‪ :‬املداخل املهنجية وتطور الفكر العلمي‪.‬‬
‫يف هذا املطلب وكام هو موحض فالتقس مي يكون ثنايئ بني نوعني فالول حناول أن‬
‫نوحض مسأةل املداخل املهنجية يف حني الفرع الثاين أردان فيه اعطاء اضافة جديدة وع ْنوانه‬
‫بتطور الفكر العلمي وارتأينا الرتكزي عىل هذه النقطة من قناعة راخسة للعالقة القامئة بني الفكر‬
‫العلمي واملهنج العلمي فالعالقة بيهنام يه عالقة تاكملية‪.‬‬
‫الفرع الول‪ :‬املداخل املهنجية‪ :‬أرشان سلفا بأن عدد كبري من الفقهاء يؤيدون الطرح القامئ عىل‬
‫توحيد املناجه العلمية فالفصل بني املناجه أمر خطري ومس تحيل يف البحث العلمي‪ ،‬وهذه‬
‫الوحدة جيب أن تكون يف لك امليادين الفزيايئية‪ ،‬الرايضية‪ ،‬الاجامتعية وغريها‪ ،‬واملدخل‬
‫املهنجي يشلك الرابطة احملورية بني املبادئ والسس املنطقية لقواعد املهنجية وبني اختيارات‬
‫الباحث للمنه املتبع يف ادلراسة اذلي يرتب مسأةل تناوهل للظاهرة موضوع ادلراسة‪ ،‬وما تقتضيه‬
‫هذه القواعد من اجراءات وأساليب الفحص والاثراء(‪ ،)3‬فاملدخل املهنجي من منظور أحصاب‬
‫العلوم الاجامتعية هو" منوذج تصوري للكون والنسان واجملمتع والتارخي وبناء مهنجي لتحليل‬
‫هذا اجملمتع وتفسري ظواهره يف ضوء افرتاضات ذكل المنوذج التصوري"(‪.)4‬‬
‫(‪ )1‬نقال عن‪ :‬ادريس الفاخوري‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.19‬‬
‫أنظر ايضا‪ - :‬عبد النارص أبو زيد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.17-16‬‬
‫(‪ )2‬بترصف‪.‬‬
‫(‪ )3‬خادل حامد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.36‬‬
‫(‪ )4‬املرجع نفسه‪ ،‬الصفحة نفسها‪.‬‬
‫‪- 52 -‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬ابخلري دراج‬

‫املداخل املهنجية يه تصورات مهنجية لرؤية الواقع الاجامتعي وحماوةل حتليل القواعد والنظمة‬
‫والظواهر من خالل ابداء الرأي الشخيص فيقول "عيل ابشا" يف هذا الصدد (املدخل املهنجي‬
‫يأيت يف املس توى الثاين للبناء املهنجي لنسق التفكري العلمي واذلي يوحض التصور املهنجي لرؤية‬
‫الواقع ويتناول الظواهر وأنظمته ومراجع النساق النظرية‪ ،‬ومن خالل هذه املعطيات يتشلك‬
‫املدخل املهنجي يف ضوء املبادئ الاساس ية اليت يعمتد علهيا الباحث(‪ ،)1‬وتصنف املداخل‬
‫املهنجية اىل املدخل املهنجي الوصفي واملدخل املهنجي املاركيس واملهنج الاساليم‪.‬‬
‫‪ -1‬املدخل املهنجي الوصفي‪ :‬اس تخدم الفيلسوف "اكنت" هذا املصطلح يف عمل مذهب‬
‫املبادئ وموضوعه رشوط املعرفة الصحيحة‪ ،‬والقصد من هذا التنويه اىل نسق فلسفي‬
‫واذلي يعين الاعامتد عىل الواقع واخلربة(‪ ،)2‬هذا املهنج ينظر لدلراسة العلمية للظواهر‬
‫عىل أهنا تقوم عىل الساس الواقعي اكملالحظة‪ ،‬التجربة‪ ،‬وهو ما يؤيده "سان‬
‫س ميون" فيقول (عندما تكون لك أجزاء املعارف قامئة عىل املالحظة فان ادارة‬
‫الشؤون الروحية جيب أن تستند اىل القدرة العلمية ابعتبارها متفوقة عىل الالهوتية‬
‫وامليتافزييقية)(‪ .)3‬ومن خالل هذا الطرح يرى ادلكتور "خادل حامد" بأن "سان‬
‫س ميون" أنشأ بذور الوضعية وابملقابل الفيلسوف(كنت) جعل الوضعية نظرية متاكمةل‬
‫ذات بعد فلسفي تس توعب لك الرتاث النساين‪ ،‬وجعل مهنا منطلقا يف التحليل‬
‫حيتوى لك العلوم الاجامتعية والطبيعية(‪.)4‬‬
‫‪ -2‬املهنج املاركيس‪ :‬تصور املهنج املاركيس يقوم أساسا عىل أن تطور اجملمتعات البرشية ل‬
‫يكون ال عىل أساس اقتصادي وأن اجملمتع الش يوعي هو املصري املس تقبيل للبرشية‬
‫مجعاء‪ ،‬فيقول "لكود برانرد" عىل أن الفيلسوف جيب أن يرشدان اىل املهنج اذلي يراه‬
‫مناس با يف ادلراسة مفن الواجب أن يبدأ العا ِلم املتخصص واذلي يؤيد مهنجا معينا‬

‫(‪ )1‬فضيل دليو وأآخرون‪ ،‬عمل الاجامتع من التغريب اىل التأصيل‪ ،‬دار املعرفة‪ ،‬قس نطينة‪ ،‬دون ذكر س نة النرش‪ ،‬ص‬
‫‪.144‬‬
‫‪-‬خادل حامد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.35‬‬
‫(‪ )2‬عبد الرمحن بدوي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.07‬‬
‫(‪ )3‬نقال عن‪ :‬خادل حامد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.37‬‬
‫(‪ )4‬املرجع نفسه‪ ،‬الصفحة نفسها‪ .‬ويقول (سان س ميون) ان أكرب وأرشف طريقة للتقدم والريق ابلعمل هو جعل العامل يف‬
‫اطار التجربة ويؤسس الكمه انطالقا من بعض املقومات‪ :‬الواقعية‪ ،‬الاحساس مبصدر املعرفة‪ ،‬الطار املرجعي للعلوم‬
‫الانسانية هو العامل الطبيعي كام جيب اخضاع الظواهر الاجامتعية للتجريب‪.‬‬
‫‪- 53 -‬‬
‫ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫فريشدان اىل الطريق اذلي سلكه يف أحباثه وأن يقدم لنا تقريرا مفصال عن اخلطوات‬
‫اليت مر هبا وهو يف سبيل حبثه العلمي(‪.)1‬‬
‫والفكرة الساس ية يف النظرية املاركس ية قامئة عىل مبدأ التغيري اجلديل النابع من الرصاع بني‬
‫العنارص املتضادة‪ ،‬وهذه العملية اجلدلية متثل القانون العام اذلي حيمك اكفة صور الظواهر‬
‫املوجودة يف الطبيعة‪ ،‬زايدة عىل ما قيل فان احلقائق التارخيية تنفي املزامع اليت ينادي هبا‬
‫أحصاب املهنج املاركيس والقائل بأن قيام اجملمتع الش يوعي معناه هناية احلروب والانشقاقات اليت‬
‫تعترب من الظواهر املتعارف علهيا لكن يف احلقيقة وكام يرصح به فريق من العلامء ل ميكن‬
‫التسلمي بأن الرصاع النابع من عالقات الانتاج هو العملية املؤدية اىل التغيري الاجامتعي(‪.)2‬‬
‫‪ -3‬املهنج الاساليم‪ :‬املدخل املهنجي الاساليم هو التصور الاعتقادي اذلي يأخذ من‬
‫العقيدة الاسالمية مرجعا لتحليل السلوك النساين واحلياة الاجامتعية ويفرس‬
‫مبقتضاها مجيع الظواهر اجملمتعية(‪ ،)3‬واملهنج العلمي الاساليم جيمتع مع العديد من املناجه‬
‫اليت يؤثر فهيا مبدأ الس ببية اليت ل خيتلف فهيا السبب عن املسبب وأن التفصيل يف‬
‫هذا املوضوع ما هو ال جمهود فكري يقوم به الباحث العلمي أو العا ِلم للكشف عن‬
‫احلقيقة والتوصل اىل نتاجئ علمية مقنعة وعامة‪ ،‬جمددة‪ ،‬ميكن تعمميها وهذا المر ل‬
‫يتأىت ال ابتباع أداة من أدوات البحث العلمي اكملشاهدة والتجربة وواحض من هذا‬
‫بأن املهنج العلمي الاساليم يعمتد يف دراساته عىل الساليب ا ِحل ّس ية يف التعامل مع‬
‫موضوع ادلراسة مع اس تعامل العقل يف رصد الظواهر الاجامتعية(‪ ،)4‬فاملهنج الفكري‬
‫الاساليم يرتكز عىل مجةل من احلقائق من منظور "الس تاذ فضيل دليو" ومن معه‪:‬‬
‫أ‪ -‬لبد لالنسان من عقيدة تفرس هل ما حوهل وواحض من هذا بأن النسان بفطرته ل‬
‫ميكن هل أن يس تقر عىل أرض املعمورة دون رابط‪.‬‬
‫ب‪ -‬هناك تاكمل بني أمرين طبيعة النظام الاجامتعي وطبيعة التصور الاعتقادي فالنظام‬
‫الاجامتعي هو جزء من التفسري اللكي للوجود‪.‬‬

‫(‪ )1‬عبد الرمحن بدوي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬


‫(‪ )2‬خادل حامد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.40‬‬
‫(‪ )3‬فضيل دليو وأآخرون‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.144‬‬
‫(‪ )4‬خادل حامد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.41‬‬
‫‪- 54 -‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬ابخلري دراج‬

‫ت‪ -‬ان الشخصية النسانية ل تتناسق الا حيامن تكون حتت س يطرة مهنج واحد منبثق‬
‫من أصل واحد هو هللا خالقها(‪.)1‬‬
‫الفرع الثاين‪ :‬تطور الفكر العلمي‪ :‬يُس تخدم املهنج العلمي يف التحليل مكجموعة من السس‬
‫والقواعد اليت ينطلق مهنا أي حبث علمي‪ ،‬رشط أن يتسم هذا الثراء بصفات منطقيه كام ميتد‬
‫التحليل اىل مجموعة من العمليات التجريبية العلمية والفكرية اليت تطورت تطورا كبريا مبرور‬
‫الزمن‪ ،‬فتنوعت هذه املناجه واختلفت بتنوع العلوم والبناء املنطقي للك عمل واليت هتدف يف‬
‫الهناية اىل حتصيل املعرفة العلمية اجلادة‪ .‬فاكن للفالسفة والعلامء اضافة للتطور التكنولوج الثر‬
‫البارز يف تطور التفكري العلمي عرب مر العصور لغاية اتضاح الصورة العامة للمهنج العلمي ويف‬
‫هذا الفرع من ادلراسة حناول اعطاء نظرة عن تطور الفكر العلمي عرب التارخي ولو بيشء من‬
‫الاجياز(‪.)2‬‬
‫‪-1‬مرحةل التفكري الويل‪ :‬من الناحية التارخيية تُعترب أول عهد يدخل فيه النسان‬
‫التجمعات البرشية‪ ،‬وبصفته حيوان مدين اضطر بدافع غرائزه اىل التجمع ملواهجه عدوان‬
‫الطبيعة ومقاومة التحدايت املتعددة‪ ،‬فقبل أن يكرب النسان ويش تد عوده اكن يفتقر‬
‫لآليات امحلاية الفردية محلاية نفسه من بطش الطبيعة‪ ،‬فطفت اىل الوجود جتمعات‬
‫برشية هدفها ادلفاع عن النفس والتصدي لويالت الطبيعة‪ ،‬يه معطيات ّجعلت‬
‫ابل ُكتاب وادلارسون ابطالق العنان اىل تأليف كتب تعاجل موضوع التجمعات والعشائر‬
‫والقبائل فعربوا عهنا بأمجل مراحل الانسانية وانشدوا مببدأ همم أولت لها فامي بعد‬
‫التفاقيات واملعاهدات ادلولية الامهية البالغة أل وهو "مبدأ املساواة"(‪.)3‬‬
‫‪-2‬مرحةل التفكري ادليين وامليتافزييقي‪ :‬تطلع النسان اىل السامء يستنجد ربه ليتلق‬
‫الرمحة والعفو والغفران من عند الرحمي املقتدر فزنلت الكتب الساموية عىل النبياء والرسل‬
‫فأذاعوا بني الناس العمل والتعمل‪ ،‬فاس تطاع النسان أن خيرج من غياهب اجلهل اىل املعرفة ليقرأ‬
‫ويتعمل‪ ،‬فزنلت عىل س يدان محمد عليه أفضل الصالة وأزىك التسلمي سورة اقرأ فناشده ربه فقال‬
‫هل "اقرأ" فقال هل ما أان بقارئ فقال هل "اقرأ ابمس ربك اذلي خلق" ويه يف حقيقة المر بشائر‬
‫وصوب سهامه يف‬ ‫من السامء ليتحول النسان وخيرج من اجلهل اىل النور‪ ،‬فرتعرع النسان ّ‬

‫(‪ )1‬فضيل دليو وأآخرون‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.146‬‬


‫(‪ )2‬أمحد خروع‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫(‪ )3‬بترصف‪.‬‬
‫‪- 55 -‬‬
‫ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫غرائب الظواهر لتحليلها ابختاذ مجموعة من الطرق والوسائل كدوات يف التحليل‪ ،‬ل ُيدرك رس‬
‫الش ياء ومكوانهتا فأتقن عمل الرايضيات والفزيايء والكميياء والطب وغاص يف دواليب الشعر‬
‫والدب واخلطابة وتفسري القران الكرمي(‪.)1‬‬
‫‪-3‬مرحةل التفكري الوضعي‪ :‬املدرسة الوضعية يه احلوصةل الفكرية اليت أفرزها اجملمتع‬
‫الورويب املتحرر متعدد الروافد‪ ،‬فهىي مزجي من النفعية والواقعية تسع اىل رفع قدرات‬
‫النسان الانتاجية‪ ،‬وقد معت املدرسة الوضعية مببادهئا وفكرها وأهدافها عىل اكمل‬
‫أوجه احلياة وتفرعت عهنا العديد من النظرايت زادت وجاءت النظرية الوضعية كرد‬
‫فعل مبارش لستبداد الكنيسة حفررت العقل من مجيع القيود امليتافزييقية وادلينية‪،‬‬
‫وحول هذه املسأةل يقول الفقيه "موريس شليك" (أن العامل الوضعي عندما خياطب‬
‫امليتافزييقي ل يقول هل بأن املسائل اليت تثريها يه خاطئة بل يقول هل هذه املسائل‬
‫خارجة عن نطاق العمل وابلتايل فهىي ل تعنيين)(‪.)2‬‬
‫املبحث الثاين‪:‬‬
‫أمهية ووظائف املناجه العلمية‪.‬‬
‫مينح املهنج العلمي الس يطرة عىل الطبيعة كام مينح القدرة عىل التكيف معها مع ما‬
‫يالمئها‪ ،‬فمل تعد املعرفة العلمية ول العمل ول التفكري العلمي أنواعا من التأمل احلايل يقوم به العامل‬
‫حنو الطبيعة بل أصبح العامل الآن نوعا من الس يطرة ابلغة القوة‪ ،‬بقصد تغيري البيئة املعارصة اىل‬
‫الفضل فهو اذا انتقال من التأمل اىل التحمك(‪.)3‬‬
‫املطلب الول‪ :‬أمهية املناجه العلمية‪.‬‬
‫يمتزي البحث العلمي مبجموعة من الراكئز متثل السامت الساس ية تعطي هل معىن البحث اجلاد‬
‫القامئ عىل العمل يف قواعده ومناهجه وأسلوبه وتقس اميته‪ ،‬بدءا من الاشاكلية املطروحة اىل غاية‬
‫النتاجئ لتضفي علهيا هبذا الرتتيب امل ُ ْحمك صفه الضبط واليقني‪.‬‬

‫(‪ )1‬أمحد خروع‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.13‬‬


‫(‪ )2‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ص ‪.15-14‬‬
‫(‪ )3‬محمد محمد قامس‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.55‬‬
‫‪- 56 -‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬ابخلري دراج‬

‫واملناجه العلمية يه املناجه التحسيس ية اليت ل تقف عند قبول الواقع بل تعمل عىل حتسينه اىل‬
‫ما ينبغي أن يكون عليه حىت ل تكون مبرور الوقت جامدة أو متحجرة ل مرونة فهيا بعيدة عن‬
‫احليوية‪ ،‬متكئة عىل عصا ل فلسفة من وراهئا ال ابثبات عدم القدرة عىل من يتكئ علهيا(‪.)1‬‬
‫ان الباحث املتخصص يف جمال من جمالت العمل هل مطلق احلرية يف اتباع املهنج املالمئ‬
‫لدلراسة‪ ،‬حىت يس تطيع أن يفي مبطالب العمل املتجددة وال اكنت مصدرا للرضر‪ .‬فالروح العلمية‬
‫ل ميكن لها التقدم ال ابجياد مناجه جديدة وحديثة ويقول "أآرابن" (ل يوجد مهنج ل يفقد يف‬
‫الهناية خصوبته الوىل بل لبد أن توجد حلظة فهيا يشعر املرء بأنه ليس من الفائدة أن يبحث‬
‫النسان عن اجلديد عىل أآاثر القدمي) (‪.)2‬‬
‫رمغ أمهية املناجه العلمية ل تزال وللسف بعض اجلامعات أو اللكيات ل تعطي للمناجه أمهية‪،‬‬
‫ويه يف حقيقة المر تؤدي اىل املزيد من الاضطراب يف احلياة العلمية حارضا ومس تقبال كام‬
‫تعترب رضبة موجعة للجامعة مكؤسسة للبحث العلمي‪ .‬أمهية املناجه العلمية يف ادلراسات الفقهية‬
‫واملعارف القانونية من منظور بعض الاساتذة عديدة‪ ،‬فهىي تاكد تتفق مع بعضها البعض‪-1:‬‬
‫المهية من دراسة مناجه البحث مساعدة الباحث عىل تمنية قدراته عىل الفهم المعق للبحوث‬
‫العلمية فتساعده عىل الاختيار السلمي ملشلكة معينه لبحثه وحتديدها وصياغة فروضها‪ ،‬واختيار‬
‫السلوب املناسب والتوصل اىل نتاجئ حمددة مبعىن تزويد الباحث ابملعرفة واملهارة اليت جتعهل‬
‫أكرث قدرة عىل التحمك يف اجلوانب اخملتلفة للموضوع(‪.)3‬‬
‫‪ -2‬تمتثل المهية حسب رأي ادلكتور "عقيل حسني عقيل" يف تقيص احلقائق وتبياهنا اليت‬
‫حتفز ال ُق ّراء عىل البحث ومتكهنم من التعرف عىل أرساره‪ ،‬ولهذا مل تكن املناجه قوالب اثبتة‬
‫تس توجب التقيد هبا كام يعتقد البعض‪ ،‬لكهنا يف الساس ختتلف ابلرضورة من موضوع لآخر‬
‫ومن ابحث لآخر(‪.)4‬‬
‫‪ -3‬هيدف ابلباحث اىل المتيزي ابملوهبة واملعرفة والقدرة عىل الابداع لجياد حلول ملشلك أو‬
‫ظاهرة حبثية معينة‪ ،‬كام يسع املهنج العلمي اىل ايضاح العالقات والعلل املسببة يف اطار‬
‫حتليل املشاهدات واملالحظات واجراء املقارانت املنطقية للوصول اىل نتاجئ مرصودة‪ ،‬وبلورة‬
‫(‪ )1‬عقيل حسني عقيل‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.50‬‬
‫(‪ )2‬عبد الرمحن بدوي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫(‪ )3‬حمي ادلين خمتار‪ ،‬بعض تقنيات البحث وكتابة التقارير‪ ،‬العدد السادس (عدد خاص)‪ ،‬جمةل العلوم الانسانية‪ ،‬جامعة‬
‫قس نطينة‪ ،‬اجلزائر‪ ،1995 ،‬ص ‪.47‬‬
‫(‪ )4‬عقيل حسني عقيل‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.50‬‬
‫‪- 57 -‬‬
‫ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫هذه النتاجئ يف اطار التسلسل النظري يف شلك قواعد يمت برهنهتا كحقائق علمية تقود اىل حل‬
‫الظاهرة حمل البحث(‪.)1‬‬
‫‪-4‬هل دور فعال يسامه يف تقدم ادلول والشعوب عىل مس توايت راقيه مل تألفها فاحلضارة‬
‫الغربية الراهنة تُدين بشلك شامل واكمل يف اس تخدام مناجه البحث العلمي كوس يهل‬
‫للتفكري‪ ،‬ويضيف البعض عىل أن هذا التقدم يرتبط بصورة أساس ية ابلتحولت اليت‬
‫متت يف مناجه البحث أكرث مهنا ابلتحولت اليت متت يف العلوم النسانية والاجامتعية‬
‫قطباء(‪.)2‬‬
‫‪-5‬المهية المس للمهنج العلمي هو التحسن املس متر يف نوعيه العلوم ازاء مس تقبل مفتوح‬
‫عىل املزيد من التطور لسترشاف معان انسانية وكونية جديدة ّ‬
‫وخرية للجميع ل ُتحدث‬
‫تطورات حديثة يف لك ميادين العلوم‪ ،‬وهبذا التطور يف البحث العلمي أصبح ابلماكن‬
‫اقامة صلح بني العلوم الاجامتعية والنسانية من هجة وبني العلوم الطبيعية من هجة‬
‫أخرى‪ ،‬بل ارساء حتالف يف ما بيهنا عىل أساس أن ُم ّركب البحث دلى لكهيام يش به‬
‫حاةل سفينة البحث امل ُ ّعرضة للك أنواع العطب دون شواطئ تلجأ الهيا لالصالح(‪.)3‬‬
‫‪-6‬يربز ادلكتور "الس يد متام" أمهية املناجه العلمية يف أنه معيار احلمك عىل حصة البحث‬
‫جفودة البحث ل تقاس فقط مبا وصل اليه الباحث من نتاجئ‪ ،‬ول ابلنظر اىل حداثة‬
‫املوضوع اذلي تناوهل‪ ،‬أو أمهيته امنا مبدى الزتامه ابملهنج اذلي رمسه الباحث لبحثه(‪.)4‬‬
‫‪-7‬مفن خالل اتباع مهنج علمي مناسب لدلراسة يف البحوث العلمية تتناىم قدرة الاس تنتاج‬
‫العقيل دلى الباحث وترفع روح الابتاكر والابداع دليه وتتكون فيه الشخصية العلمية‬
‫القادرة عىل النقد املوضوعي‪ ،‬ويرفع كفاءته يف الادلء برأيه(‪.)5‬‬
‫‪-8‬يعترب سبب من أس باب هنضة بعض الشعوب الصغرية والكبرية ومنوها برسعة فائقة‪،‬‬
‫فالفرد يدرك للوهةل الوىل عالقة هذا التقدم الهائل اذلي يعترب منطقيا للك انسان لن‬

‫(‪ )1‬فتيحة حزام‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.64-63‬‬


‫(‪ )2‬محمد عبد الغين سعودي‪ ،‬حمسن أمحد اخلضريي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.41‬‬
‫(‪ )3‬أمحد الصيداوي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.243‬‬
‫(‪ )4‬الس يد متام‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.48‬‬
‫(‪ )5‬رقية سكيل‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.07-06‬‬
‫‪- 58 -‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬ابخلري دراج‬

‫اس تخدام الساليب العلمية الرئيس ية يه اليت تقود ابلتأكيد اىل حتقيق الرخاء‬
‫الاقتصادي‪ ،‬وتعطي هل املقدرة عىل مواهجة الحداث والتصدي لها(‪.)1‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬وظائف املناجه العلمية‬
‫اتفقت بعض ادلراسات املتعلقة مبهنجية البحث العلمي عىل الوظائف اليت يؤدهيا املهنج‬
‫العلمي لكهنم اختلفوا بشأن هذا املفهوم (يعين الوظائف)(‪ ،)2‬فهناك من يطلق علهيا وظائف‬
‫املهنج العلمي والبعض الآخر يسمهيا مس توايت البحث العلمي‪ ،‬ويقصد به تناول الظاهرة عرب‬
‫مس توايت متعددة أو الغرض اذلي يس هتدفه البحث يف معلية تفسري الظاهرة حمل البحث‬
‫وادلراسة‪ ،‬وأي مس توى يتقيد جبوانب حمددة من الظاهر فهو يعلن مضنيا بأن مثة جوانب ميكن‬
‫أن تتولها مس توايت أخرى من البحث(‪ ،)3‬فالباحث يف جمال ادلراسة يطرح دامئا التساؤل‬
‫حول الظاهرة موضوع ادلراسة ويسكل املهنج العلمي اذلي يراه مناس با لبحثه هذا‪ .‬ان وظائف‬
‫(مس توايت) البحث العلمي يف ادلراسات املهنجية اليت يتفق علهيا املتخصصون تنحرص يف‬
‫الوصف‪ ،‬التصنيف‪ ،‬التفسري‪ ،‬التنبؤ (التوقع) وهو تقس مي هذا املطلب من خالل الفروع‬
‫التالية‪:‬‬
‫الفرع الول‪ :‬الوصف‪ :‬ادلراسات الوصفية تس هتدف اعطاء الصورة اللكية عن الظاهرة موضوع‬
‫البحث وادلراسة هبدف التعرف عىل مضاميهنا فيقوم بدراسة الظواهر اجملهوةل النسبية‬
‫لس تكشافها بطريقة أكرث مشولية عن طريق اجراء اختبارات أكرث تعمقا‪ ،‬فالوصف هو جرد‬
‫جييب عن السؤال ماذا هناك(‪)4‬؟ هاته الوظيفة يعتربها الوضعيني بأمكلهم املهمة اجلوهرية‬
‫والرئيس ية للمهنج العلمي‪ ،‬فريى "ماخ" بأن وظيفة العمل يه الوصف الاقتصادي للوقائع‬
‫التجريبية عىل أساس مبدأ البساطة والاقتصاد يف التفكري‪ ،‬أما "بريسون" فيقول بأن لك ما‬
‫يصنف الوقائع وينظر يف عالقاهتا املتبادةل‪ ،‬امنا هو رجل عمل يطبق املهنج العلمي(‪ ،)5‬ويُقصد‬
‫ابلتصنيف أيضا أن خصائص الظاهرة ميكن النظر الهيا من خالل روابط اثبتة نسبيا ترتبط هذه‬

‫(‪ )1‬عامر بوحوش‪ ،‬محمد محمود اذلنيبات‪ ،‬مناجه البحث العلمي وطرق اعداد البحوث‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.99‬‬
‫‪-‬عامر بوحوش‪ ،‬محمد اذلنيبات‪ ،‬مهنجية البحث العلمي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.89‬‬
‫(‪ )2‬وان اختلفوا يف حتديد المهية النسبية للك مهنا والولوية اليت متنح لي مهنا قبل الخرى‪.‬‬
‫(‪ )3‬محمد شليب‪ ،‬املهنجية يف التحليل الس يايس (املفاهمي‪ ،‬املناجه‪ ،‬الاقرتاابت والدوات)‪ ،‬دون ذكر دار النرش‪ ،‬اجلزائر‪،‬‬
‫‪ ،1997‬ص ‪46‬‬
‫(‪ )4‬محمد شليب‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.46‬‬
‫(‪ )5‬نقال عن‪ :‬نور ادلين فوزي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.16‬‬
‫‪- 59 -‬‬
‫ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫اخلصائص أو الصفات‪ ،‬كام يس تخدم التصنيف يف دراسة اجملمتعات واليت ميكن تصنيفها من‬
‫خالل عدد من اخلصائص والصفات(‪ ،)1‬فالجابة عن ما حدث تس تدعي الوصف‪ ،‬مبعىن ما‬
‫حدث وصفا مفصال بتحديد خصائص الظاهرة وعنارصها وطبيعة العالقة املوجودة بني تكل‬
‫العنارص سواء اكنت عالقات طردية أو عكس ية(‪.)2‬‬
‫الفرع الثاين‪ :‬التصنيف‪ :‬يُمثل الوصف املهمة اجلوهرية للمهنج العلمي وعليه ل ميكننا أن نقلل من‬
‫أمهيته وان قلنا هذا الالكم فال جيب علينا أيضا أن نغايل يف هذا الكشف ونعتربه الوظيفة‬
‫الوحيدة اليت يقوم هبا املهنج العلمي‪ ،‬فمثة مس توى أآخر من مس توايت البحث العلمي واملسم‬
‫ابلتصنيف فهو الوظيفة الثانية للمهنج(‪ ،)3‬فعندما يالحظ النسان الظاهرة الطبيعية يلفت نظره‬
‫بعض الاش ياء والحداث املتشاهبة بدرجة كبرية‪ ،‬ومن مث يأخذ يف حفص الظاهرات ليك حيدد‬
‫خصائصها ووظائفها ومكوانهتا الساس ية‪ ،‬وتأسيسا عىل ذكل جند أن اهامتم العمل ينصب عىل‬
‫دراسة املوضوعات اليت ميكن احلصول عىل أدةل ملموسة عهنا ويكون لها وجود موضوعي يف‬
‫الطبيعة‪ ،‬لتجس يد الواقع تصويرا موضوعيا‪ ،‬وتلعب الدةل دورا ابرزا يف الثبات فلكام وجد‬
‫دليل معني مت التوصل اليه يمت قبول هذه التفسريات‪ ،‬وهذا الاهامتم هدفه الكشف عن‬
‫العالقات املتشاهبة ما بني الظاهرة وبني ما س بقها من أحداث وبذكل ميكن القفز من مرحةل‬
‫الوصف اىل مرحةل أكرث معقا ويه مرحةل التصنيف(‪.)4‬‬
‫وميكن تعريف البحوث التصنيفية "بأهنا تكل اليت هتمت بتوزيع وحدات الظاهرة بني فئات معينة‬
‫حمددة‪ ،‬مبعىن جتميع الوحدات املتشاهبة من الظاهرة حتت مسم معني والوحدات الخرى‬
‫حتت مسم أآخر‪ ،‬وتتضمن هذه البحوث شقني أساس يني معلية التوزيع ومعلية البناء ويه‬
‫العملية اليت تُعرف ابمس التبويب"(‪.)6()5‬‬

‫(‪ )1‬ميكن أن نطبق احلاةل الاوىل عىل النظم الس ياس ية‪ ،‬فميكن وصفها مثال من خالل توضيح العنارص املشرتكة اليت عىل‬
‫أساسها تصنف أمناطها‪ .‬فتصنف النظم مثال من خالل انتقال السلطة أو بواسطة مبدأ التعددية الس ياس ية‪ ،‬أما احلاةل‬
‫الثانية يف تصنيف اجملمتعات فتصنف اىل جممتعات تقليديه وانتقالية أو حديثة‪ ،‬زراعية‪ ،‬صناعية‪ ،‬برتولية‪،‬راجع‪:‬‬
‫بومدين طامشة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.11-10‬‬
‫(‪ )2‬محمد شليب‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.47‬‬
‫(‪ )3‬بترصف‪.‬‬
‫(‪ )4‬حشاتة سلامين محمد سلامين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.24-23‬‬
‫(‪ )5‬نقال عن‪ :‬محمد شليب‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.48‬‬
‫(‪ )6‬تعترب مرحةل تقس مي وتبويب البحث العلمي معلية أساس ية ومثرة املراحل السابقة‪ ،‬من خالل اس تخراج وحتديد‬
‫الشاكلية والفرضيات وغريها لرمس هيلك دقيق لدلراسة املراد البحث فهيا‪ ،‬راجع‪:‬‬
‫‪- 60 -‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬ابخلري دراج‬

‫للتصنيف فوائد كثرية فهو يفيدان يف ترتيب املعرفة واملعلومات اليت نتحصل علهيا ويساعدان عىل‬
‫افرتاض العالقات بني الظواهر املصنفة‪ ،‬وهبذا فهو وس يةل لتطوير العمل وازدهاره(‪ .)1‬الس تاذ‬
‫"محمد شليب" حيدد فوائد التصنيف يف ما ييل(‪:)2‬‬
‫‪ -‬وس يةل لفهم احلالت الفردية للظاهرة بطريقة روتينية‪ ،‬فاذا وصفنا النظام الس يايس بأنه‬
‫تسلّطي أو دميقراطي ميكن معرفة أو توقع أدائه احملمتل‪.‬‬
‫‪ -‬يفيد يف تلخيص الظاهرة املدروسة‪ ،‬فاذا اكنت ظاهرة احلزبية حمل البحث وادلراسة‬
‫فتصنيف النظم احلزبية يساعد عىل تلخيص الظاهرة بتحديد عدد احلالت اليت تندرج‬
‫حتت لك فئة‪.‬‬
‫‪ -‬يعترب مقدمة لفهم رشح مصادر التفاوت بني الفئات املتعددة‪ ،‬فاذا اكن تصنيف‬
‫النظمة احلزبية اىل أحادية وثنائية وتعددية فيكون سؤال بدهيىي هنا ملاذا ينشأ نظام‬
‫احلزب الواحد يف دوةل معينة ونظام التعددية يف دوةل أخرى‪.‬‬
‫‪ -‬يساعد عىل اكتشاف املتغري التفسريي للظاهرة من خالل معرفة مصدر الاختالف‬
‫بني فئات النظم احلزبية وفقا للمثال اذلي أوردانه يف السابق‪.‬‬
‫‪ -‬التصنيف هو خطوة حنو التعممي فال تكون ادلراسة علمية اذا اقترص الباحث عىل‬
‫جمرد رصد الظاهرة ومالحظهتا‪ ،‬أو اكتف ابلوصول اىل نتاجئ فرعية وامنا جيب أن‬
‫يسع الباحث اىل الكشف عن الصفات العامة للظاهرة والوصول اىل نظرايت‬
‫جديدة(‪.)3‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬التفسري‪ :‬التفسري يصاحب الوصف غري أنه يمتزي عن الوصف ابعامتده عىل املزيد‬
‫من التجريد‪ ،‬فالتفسري حيمل يف ثناايه استناد الباحث اىل فروض ومعاجلة عقلية ل ختضع‬
‫للمالحظة والتجريب املبارش كام هو احلال للوصف(‪ )4‬والتعريف الشائع للتفسري هو جعل ما‬
‫‪-‬محمد عبد الغين سعودي‪ ،‬حمسن أمحد اخلضريي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪-‬تويك ألكي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 123‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪-‬عبد النارص أبو زيد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.125-123‬‬
‫‪-‬عامر بوضياف‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.90-85‬‬
‫(‪ )1‬نور ادلين فوزي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.17‬‬
‫(‪ )2‬محمد شليب‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.49‬‬
‫(‪ )3‬الس يد متام‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.20‬‬
‫(‪ )4‬بومدين طامشة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪- 61 -‬‬
‫ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫هو غامض مفهوما وتعقيل الواقع‪ ،‬أي جعلها مدركة من جانب عقل يس هتدف فهمها بش ىت‬
‫الوسائل‪ ،‬فهو جييب عن السؤال ملاذا(‪)1‬؟‪ .‬والتفسري هو رضب من رضوب التعممي عن طريقه‬
‫يس تطيع الباحث أن يكشف عن العوامل املؤثرة يف الظاهرة املدروسة والعالقات اليت تربط‬
‫بيهنا وبني غريها من الظواهر(‪.)2‬‬
‫ابلنس بة "ملاكس فيرب" فان التفسري هو قوام العمل وتسم سوس يولوجية ماكس فيرب‬
‫سوس يولوجية فهمية‪ ،‬وحسب نظره فهو عمل هيدف اىل فهم النشاط الاجامتعي ابلتفسري اذلي‬
‫يرشح فامي بعد سبب تطور هذا النشاط ونتاجئه(‪ .)3‬ومن بني أهداف التفسري نذكر‪:‬‬
‫‪-1‬يفيد التفسري يف تمنيه املعارف وتوس يعها‪.‬‬
‫‪-2‬جيعل بعض الاش ياء واحضة ومفهومة‪ ،‬وعليه ُحيدث دلينا رضا ذهنيا‪.‬‬
‫‪-3‬يساعدان التفسري عىل التوقع ول يكتفي مبا حيدث‪ ،‬ويف هذا يقول "براون وجزييل" أن‬
‫التفسري ببنائه عىل خربات املايض يُ ّيرس لنا فهم خربات احلارض واملس تقبل(‪.)4‬‬
‫الفرع الرابع‪ :‬التنبؤ (التوقع)‪ :‬هيمت التنبؤ مبا س يكون يف املس تقبل متجاوزا الوصف والتفسري اىل‬
‫اقامة توقعات حصيحة للحداث(‪ ،)5‬غري أن هناك مالحظة جيب التنويه الهيا ويه أن العلوم‬
‫الاجامتعية تظل مقدرهتا عىل التوقع مسأةل نسبية‪ ،‬والعةل يف هذا أن الظاهرة الس ياس ية حمورها‬
‫النسان اذلي يصعب الضبط والتحمك يف سلوكه وهو أمر تفتقده ظواهر العلوم الطبيعية(‪.)7()6‬‬
‫ففهم العالقات والارتباط بني مكوانت الظواهر معطيات نس تطيع هبا أن نتنبأ وهذا‬
‫عن طريق القيام ابدلراسات العلمية املضبوطة والتوصل اىل قوانني عامة ابس تعامل القياس‬
‫املنطقي‪ ،‬ومن بني المثةل يف ميدان العلوم الاجامتعية مثال نذكر عىل سبيل املثال اماكنية‬
‫التدخل الاجامتعي حلل مشالكت املراهقني والش باب قبل وقوعها‪ ،‬كام ميكن التنبؤ بمنو الطفل‬
‫خالل مراحل المنو اخملتلفة واس تخالص معايري للمنو الطبيعي(‪.)8‬‬
‫(‪ )1‬نور ادلين فوزي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.18‬‬
‫(‪ )2‬نقال عن‪ :‬محمد شليب‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.50‬‬
‫(‪ )3‬أمحد درداري‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.06‬‬
‫(‪ )4‬محمد شليب‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.52‬‬
‫(‪ )5‬بومدين طامشة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫(‪ )6‬محمد شليب‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪ .53‬أنظر للمنت والهتميش‬
‫(‪ )7‬كام أن التنبؤ نس يب يف ميدان العلوم الاجامتعية لكرثة العوامل املتداخةل ابلضافة اىل أن موضوع الظاهرة هو النسان‬
‫واملتقلب بسبب ميولته وأهوائه‪.‬‬
‫(‪ )8‬حشاتة سلامين محمد سلامين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.18‬‬
‫‪- 62 -‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬ابخلري دراج‬

‫يعرف الس تاذ "محمد شليب" التنبؤ (اختيار جملموعة من العالقات القامئة بني متغريات أو ظواهر‬ ‫ّ‬
‫تقبل املالحظة واملشاهدة‪ ،‬وعليه فالتنبؤات تكون ُمصاغة يف شلك قانون أو نظرية علمية‬
‫معلنة‪ ،‬ول يتحقق القانون أو النظرية ال اذا اكنت تكل الظواهر والوقائع مفهومة‪ ،‬ول يتحقق‬
‫ذكل ال بتقدمي تفسري لها يف اطار حمك احامتيل) (‪.)1‬‬
‫املبحث الثالث‪:‬‬
‫مسامهة ودور املهمتني والفقهاء املسلمني يف مناجه البحث العلمي‪.‬‬
‫ل تس تطيع أي دوةل همام اكنت حتقيق احتياجاهتا الساس ية وطموحاهتا ال عن طريق‬
‫العمل‪ ،‬لن العامل يف س ياق محمول لكتساب املعرفة العلمية اليت توفر هل الازدهار والتقدم وأن‬
‫ماكنة ادلوةل ومزنلهتا تعمتد عىل مدى تأثريها وتطبيق علوهما يف لك التخصصات ويف ش ىت‬
‫اجملالت‪ ،‬ا ْذ يُعد البحث العلمي أساس تقدم الهنضة وتطورها وهذا من خالل مسامهة ودور‬
‫العلامء والباحثني ابضافاهتم يف رصيد املعرفة العلمية‪ ،‬كام تعترب املؤسسات البحثية أساس‬
‫النشاط مبا لها من وظيفة أساس ية يف تشجيع البحث العلمي‪ ،‬فتحتل اجلامعة الرايدة من خالل‬
‫ادلور املؤثر والبارز اذلي تلعبه مكؤسسة للبحث العلمي يف التمنية الاقتصادية والاجامتعية‬
‫والثقافية(‪.)2‬‬
‫تقدم البحث العلمي ارتبط ول يزال يرتبط بوجود مهنج للبحث والتحصيل فان غاب املهنج‬
‫متزي البحث ابلعشوائية وأحضت املعرفة غري علمية‪ ،‬ولول اس تفادة النسان من احملاولت اليت‬
‫قام هبا يف املايض جتاه الحداث الطبيعية‪ ،‬فيستبعد احملاولت الفاشةل يف الفهم والتحليل‬
‫والاثراء وابقائه عىل احملاولت الناحجة لاكنت عصور ما قبل التارخي يه اليت تغالطنا اليوم‪،‬‬
‫فالتقدم اذا مرهون ابملهنج العلمي املُتّبع يف ادلراسة(‪.)3‬‬
‫فزوال مسرية البحث العلمي يكون سبهبا اخللل يف تطبيق املناجه العلمية أو ختلف أداة من‬
‫أدوات البحث العلمي‪ ،‬ويقول الس تاذ "عبد الرمحن بدوي" (ملّا اكن هذا العمل يبحث يف املناجه‬
‫اليت يتبعها العلامء يف أحباهثم من أجل الوصول اىل احلقيقة لك يف ميدانه‪ ،‬فانه ل ميكن أن‬
‫الس ُبل اليت سلكها هؤلء العلامء أنفسهم)(‪.)4‬‬ ‫يتكون ال ابلنظر يف ّ‬

‫(‪ )1‬محمد شليب‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.53‬‬


‫(‪ )2‬ادريس خفور‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.18‬‬
‫(‪ )3‬محمد محمد قامس‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.51‬‬
‫(‪ )4‬عبد الرمحن بدوي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.07‬‬
‫‪- 63 -‬‬
‫ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫من هاته الزاوية حناول أن نربز بعض الاسهامات ودور الفقهاء والفالسفة وعلامء املسلمني يف‬
‫مناجه البحث العلمي‪ ،‬ول جنزم بأننا نتناول لك احملاولت اجلادة لكن حناول أن نربز بعض مهنا‬
‫ابذن هللا وفقا للتقس مي الثنايئ وهذا يف مطلبني الول نربز فيه مسامهة ودور الفالسفة يف مناجه‬
‫البحث العلمي‪ ،‬أما املطلب الثاين نتناول فيه مسامهة ودور الفقهاء املسلمني يف مناجه البحث‬
‫العلمي‪.‬‬
‫املطلب الول‪ :‬مسامهة ودور الفالسفة يف مناجه البحث العلمي‬
‫ان تتبع مراحل مناجه البحث العلمي عرب مر التارخي ت ُّبني بأن أول من وضع طرق‬
‫البحث مه الفالسفة اليوانن يف اس تخدام الطرق الاس تدللية القياس ية اليت تقوم عىل‬
‫الاس تنباط العقيل للحقائق نذكر من بيهنم مثال أفالطون وأرسطو فاس تخدما طريقة‬
‫الاس تقراء‪ ،‬لكن دون التحرر من املهنج القيايس(‪ ،)1‬من بني الفالسفة اذلين اكنت هلم‬
‫اسهامات يف جمال املهنج العلمي جند الفيلسوف "رونز" اذلي أرشف عىل نرش (قاموس‬
‫خفصص اهامتما كبريا حول موضوع املهنج العلمي فقدم مجموعة من التعاريف كام ييل‪-:‬‬ ‫الفلسفة) ّ‬
‫اجراء يُس تخدم يف بلوغ غاية حمددة‪.‬‬
‫‪ -‬املناجه العلمية يه أساليب معروفة تُس تخدم يف معلية حتصيل املعرفة اخلاصة مبوضوع‬
‫معني‪ - .‬عمل يُعىن بصياغة القواعد اخلاصة ابجراء ما‪.‬‬
‫منسق للمبادئ والعمليات العقلية والتجريبية اليت تو ّجه ابلرضورة للبحث‬ ‫‪ -‬حتليل ّ‬
‫العلمي‪ ،‬فاملهنج العلمي وفقا لهاته املعطيات يس تخدم أدوات علمية حبتة ويه التحليل‬
‫جملموعة املبادئ والسس اليت ينطلق مهنا الباحث(‪.)2‬‬
‫وقد ازدهر عمل املناجه العلمية يف القرن السابع عرش وولدة العقلية العلمية عىل يد‬
‫العديد من الفالسفة والعلامء املتخصصني "أمثال فرانسيس بيكون" (‪" )1561-1626‬ريين‬
‫دياكرت" (‪" ،)1596-1650‬اميانويل اكنت" (‪" ،)1724-1804‬فتش يه" (‪)1814 1762‬‬
‫"سليبخ" (‪" ،)1755-1864‬هيجل" (‪" ،)1770-1831‬ويلمي جميس" (‪،)1910 1842‬‬
‫"اكرل ماركس" و"فرويد ريك اجنلز"‪" ،‬لكود برانر"‪" ،‬اميل دورلكهامي" (‪)1918 1808‬‬
‫وغريمه من الفالسفة(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬نور ادلين فوزي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.13‬‬


‫(‪ )2‬محمد محمد قامس‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.53-52‬‬
‫(‪ )3‬عامر عوابدي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.148‬‬
‫‪- 64 -‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬ابخلري دراج‬

‫الفكرة العامة اليت جيب الرتكزي علهيا دون هوادة‪ ،‬يه أن هممة الفالسفة ل تتناىف مع‬
‫هممة العمل ومن الواجب علهيم أن يوهجوان اىل املهنج املتبع يف الحباث من خالل تقدمي التقارير‬
‫املفصةل عن اخلطوات اليت مروا هبا‪ ،‬وأن يقوموا بصياغة النتاجئ اليت وصلوا الهيا يف صيغ واحضة‬
‫ت ُّنظم عىل شلك مذهب يف العقل النساين من حيث طبيعة اجتاهاهتم يف البحث عن‬
‫احلقيقة(‪ .)1‬وقد اتضحت الصورة العامة للمهنج العلمي مع صدور كتاب "فرانسيس بيكون"‬
‫الشهر (الورجانون اجلديد) س نه ‪ 1620‬فاس تخدم مهنج جديد وهو املهنج التجرييب يف‬
‫الطرق القدمية يف ادلراسة اليت اكنت تعمتد عىل القياس الرسطي اليت ل تفيد لنا بعمل جديد‬
‫بقدر ما توحض لنا أمرا س بق معرفته‪ ،‬لكن هذا الطرح مل يريض بعض الفالسفة من جاؤوا بعد‬
‫الفيلسوف "فرانسيس بيكون" ليقدموا لنا طرحا أآخرا أو نوعا أآخرا من املناجه وهو الاس تقراء‪،‬‬
‫لريتبط تصوره ابضافة الاس تنباط كعملية تزيد دقة ورصامة ومن مث أصبح الطار العام للمهنج‬
‫ينطوي عىل املراحل الثالثة الآتية‪:‬‬
‫‪ -‬مالحظه الوقائع ذات ادللةل‪ - .‬التوصل اىل فرض حصيح يفرس عالقة تكل الوقائع‪ -.‬اس تنباط‬
‫واس تخراج النتاجئ(‪.)2‬‬
‫من بني الفالسفة اذلين دافعوا عىل ادلراسة العلمية بواسطة مناجه البحث العلمي يف ميدان‬
‫العلوم الاجامتعية مثال العامل والفيلسوف "اميل دواكمي" (‪ )1918-1808‬وذكل يف كتابه (قواعد‬
‫املهنج يف عمل الاجامتع) حفدد مجموعة الظواهر الاجامتعية ودراس هتا دراسة علمية بواسطة مناجه‬
‫البحث الاجامتعي‪ ،‬ووصف الظاهرة الاجامتعية ابلنس بة "دلوراكمي" تنبين عىل مبدأين‪:‬‬
‫‪ -‬الول‪ :‬تكون منفصةل وخارجة عن لك وعي فردي‪ ،‬حبيث يبدو وكهنا تفرض فرضا عىل‬
‫العقول الفردية دون أن يشعروا هبا حبيث ل ميكن أن تصدر عن خشص حلاهل لهنا تتو قف عىل‬
‫تركيب جامعي‪.‬‬
‫‪ -‬الثاين‪ :‬مادامت الظواهر تفرض عىل الفرد فرضا كام س بق الاشارة اليه‪ ،‬فالظاهرة الاجامتعية‬
‫هبذا الوصف متتاز بأهنا الزامية قرسية(‪.)3‬‬
‫وان اكن هذا التحليل للواقعة الاجامتعية ينقصه الكثري من ادلقة لنه يستبعد بعض الظواهر‬
‫من مجموع الظواهر الاجامتعية اليت تصدر عن الآراء الفردية ويكون لها أثر يف اجملموع‪ ،‬لكن‬

‫(‪ )1‬عبد الرمحن بدوي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬


‫(‪ )2‬محمد محمد قامس‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.54-53‬‬
‫(‪ )3‬عبد الرمحن بدوي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.222‬‬
‫‪- 65 -‬‬
‫ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫هذه اخلطوة يف حقيقة المر تعترب نقطة اجيابية تُضاف لجهتادات علامء وفالسفة العلوم‬
‫الاجامتعية‪ ،‬فقد أثبتوا وبرهنوا علميا ابس تخدام وتطبيق مناجه البحث العلمي وحتديد القواعد‬
‫العلمية اليت ميكن بواسطهتا التغلب عىل العراقيل اليت تعيق اس تعامل واس تخدام مناجه البحث‬
‫العلمي(‪ .)1‬وحيدد "دوراكمي" قواعد املهنج الاجامتعي يف ما ييل‪:‬‬
‫‪ -‬من امللزم أن نعترب الظواهر الاجامتعية أش ياء واملس تقةل عنا وعن فكران ووعينا بل‬
‫جيب أن ن ُعد الظاهرة الاجامتعية ظاهرة طبيعية موضوعية خارجية ل تتأثر بأي‬
‫خشصية معينة ‪ -‬القاعدة الثانية أن منزي داخل هذه الوقائع املوضوعية بني ما هو سوي‬
‫وما هو غري سوي‪ -‬حتديد المناط العامة لنواع الاجامتع وللحوال الناش ئة عن‬
‫الوجود يف جامعة ابتداء من امجلاعات اخملتلطة والقبيةل‪.‬‬
‫‪ -‬حتديد الس باب يف وجود الظواهر الاجامتعية‪ ،‬مبعىن أن نبحث يف العلل الف ّعاةل‬
‫املنتجة للظواهر الاجامتعية‪ -.‬الزامية تطبيق مهنج (التغريات املساوقة) واستبعاد املهنج‬
‫التجرييب لن هذا الاخري ل يصلح يف عمل الاجامتع ال اندرا مع أحقية اس تخدام‬
‫املهنج الحصايئ (الحصاء الرمسي وغري الرمسي)(‪.)2‬‬
‫يرى الفيلسوف "ويتين ‪ "1950‬بأن املهنج يرتبط ابلعمليات العقلية وهذه العمليات‬
‫تتضمن وصف الظاهرة املدروسة‪ ،‬التفسري‪ ،‬التحليل‪ ،‬التنبؤ‪ ،‬اس تعانته ابلتجربة لضبط‬
‫املتغريات للوصول اىل نتاجئ مدروسة‪ ،‬وقدّم الفيلسوف س بعة أنواع من املناجه ويه‪ -‬املهنج‬
‫الوصفي‪ :‬ويش متل عىل املسح‪ ،‬دراسة حاةل‪ ،‬حتليل الوظائف والنشاطات‪ ،‬الوصف املس متر‬
‫مجليع احلقائق‪ ،‬تفسريها‪...‬‬
‫املهنج التارخيي‪ :‬يعمتد عىل حتليل احلقائق التارخيية وتركيهبا للوصول اىل تعماميت مقبوةل‪- .‬املهنج‬
‫التجرييب‪ -.‬املهنج الفلسفي‪ - .‬املهنج التنبؤي‪ - .‬املهنج الاجامتعي‪.‬‬
‫املهنج الابداعي(‪.)3‬‬
‫من مضن السهامات املتعلقة مبناجه البحث العلمي جند اسهامات الس تاذ "لكود برانرد" فيقول‬
‫ليس من املمكن أن نفصل بني املناجه وقال (برصاحة ل أعتقد بأن املهنج الاس تقرايئ واملهنج‬

‫(‪ )1‬عامر عوابدي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.158‬‬


‫(‪ )2‬ملعرفة هاته القواعد اليت حددها "دوراكمي" بنوع من التفصيل راجع‪:‬‬
‫‪-‬عبد الرمحن بدوي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.226-225‬‬
‫(‪ )3‬منقول عن‪ :‬خادل حامد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.44‬‬
‫‪- 66 -‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬ابخلري دراج‬

‫الاس تدليل نوعني مامتيزين من حيث اجلوهر‪ ،‬ففي عقل النسان شعور أو فكرة عن مبدأ حيمك‬
‫الحوال اجلزئية‪ ....‬ولكنه ل يس تطيع مطلقا يف الرباهني ال بواسطة القيسة أي ابلسري من‬
‫العام اىل اخلاص)(‪.)1‬‬
‫يرى "أرابن" بأن الروح العلمية ل ميكن أن تتقدم ال ابجياد مناجه جديدة واحلقيقة أ ّن املناجه‬
‫العلمية لبد أن ُجتدّد بل وترفض من جيل اىل جيل اذا ثبت عدم صالحهيا‪ ،‬ويواصل الكمه‬
‫ويقول عىل الفيلسوف الباحث يف املناجه أن يتابع مناجه العلامء املتخصصني(‪.)2‬‬
‫يصنّف لك من" ساكيزت" و"قود" املناجه اىل س تة أنواع ويه املهنج التارخيي‪ ،‬املهنج‬
‫الوصفي‪ ،‬املسح الوصفي (ويعمتد عىل أساليب جتميع البياانت‪ ،‬الاس تبيان‪ ،‬املقابةل‪ ،‬املالحظة‪،‬‬
‫التقيمي‪ ،‬حتليل احملتوى‪ ،‬دراسات امجلاعات الصغرية)‪ ،‬املهنج التجرييب‪ ،‬دراسة احلاةل وادلراسات‬
‫الالكس يكية‪ ،‬دراسة المنو والتطور والوراثة(‪.)3‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬مسامهة ودور الفقهاء املسلمني يف مناجه البحث العلمي‬
‫اكن للفقهاء والعلامء املسلمني دور يف تسليط الضوء عىل العمل وعىل املناجه املتبعة اليت‬
‫يسلكها الباحث أو العامل‪ ،‬وقد أعطوا رعاية فائقة للبحث العلمي وطرقه وأساليبه وأدواته‬
‫ابعتباره الركزية احلقيقية حنو الانطالق والتقدم‪ ،‬وأجزلت العطاء يف سبيل تطويره وارتقائه‬
‫وأصبحت طرق البحث مواد دامئة ومس تقةل‪ ،‬ويُعد البحث العلمي أساس تقدم الهنضة العلمية‬
‫العربية والاسالمية وتطورها من خالل املسامهة اجلادة ابضافاهتم املبتكرة يف رصيد املعرفة‬
‫العلمية‪.‬‬
‫الفرع الول‪ :‬الامام الغزايل وابن تمييه‪ :‬يقول الامام الغزايل "رمحه هللا" يف تقيمي العمل وتقديره‬
‫احلس يات بعد حفص العقل لها وتفتيشه عىل‬ ‫"بأن العمل هو اليقني العقيل املأخوذ اما من ّ‬
‫مأآخذها‪ ،‬هل يه مس توفيه لرشوط الاحساس الصحيح أم ل واما من البدهييات بعد حفص‬
‫العقل لها‪ ،‬هل س ِلمت من سلطة الوهام أم ل أو أهنا من املتواترات بعد تفتيش العقل‬
‫واعامتده‪ ،‬واما من الوجدانيات‪ ...‬فلك ذكل ل ثقة به ال بعد تفتيش العقل وحفصه مث اعطاء‬
‫احلمك بأنه حصيح أو غري حصيح"(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬عبد الرمحن بدوي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.13‬‬


‫(‪ )2‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫(‪ )3‬خادل حامد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.45‬‬
‫(‪ )4‬منقول عن‪ :‬بن واحض الهامشي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.16‬‬
‫‪- 67 -‬‬
‫ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫وقد اكن للمهنج العلمي أمهية برزت يف العصور الوسط عىل اثر انتقاء يف بداية المر للمهنج‬
‫القيايس مث املهنج القيايس الرسطي‪ ،‬ودعوا اىل اعتبار املالحظة والتجربة دعامتني أساس يتني‬
‫يف سبيل تقدم املعرفة العلمية‪.‬‬
‫وقد انتقد الامام "ابن تمييه" املنطق القيايس يف كتابه (نقض املنطق) حيث نف أن يكون‬
‫املهنج الرسطي طريقة علمية ملعرفة احلقيقة(‪.)1‬‬
‫واكن للفقهاء املسلمني ادلور الرئييس فامي يسم ابملهنج الاساليم‪ ،‬وهو التصور اذلي يأخذ من‬
‫ومرجعا لتحليل السلوك النساين واحلياة الاجامتعية ويفرس الظواهر‬ ‫العقيدة الاسالمية منطلقا ْ‬
‫اجملمتعية (‪.)2‬‬
‫يشلك دليال حركيا‬ ‫وقد فرض طلب العمل عىل املسلمني يف الآية القرأآنية "اقرأ" والسالم ّ‬
‫وميثاق معل لالنسان‪ ،‬لن الهدف اذلي يريم اليه هو الارتقاء املس متر ابجملموعة البرشية‪ ،‬وقد‬
‫أضاف املسلمون وجدّدوا وابتكروا فتعددت عندمه العلوم فصنفها "الفارايب" اىل علوم اللغة‬
‫وفروعها (علوم التعالمي أو العلوم الرايضية‪ ،‬علوم الطبيعة وما وراء الطبيعة‪ ،‬علوم اجملمتع‬
‫وقسم هته‬‫وفروعه)‪ ،‬أما "أيب حامد الغزايل" فقسم العلوم اىل علوم رشعية وعلوم غري رشعية‪ّ ،‬‬
‫الخرية اىل علوم محمودة مثل الرايضيات والطب‪ ،‬وعلوم مذمومة اكلسحر والطالمس(‪.)3‬‬
‫الفرع الثاين‪ :‬ابن خدلون‪ :‬يُعترب "ابن خدلون" حبق أب املهنجية العلمية يف حقول العلوم‬
‫النسانية فهو صاقل قواعدها وأراكهنا اذ أصبح التارخي مع "ابن خدلون" ِعلام ُمش ّعا ينري ربوع‬
‫حفوهل من جسل‬ ‫الفكر الانساين‪ ،‬وقد ط ّبق مبعىن اللكمة املهنجية املوضوعية عىل عمل التارخي ّ‬
‫حافل ابلرواايت اىل عمل دقيق يرشح اجملمتعات ويس تخرج عللها ويبني أس باهبا‪ ،‬اقرتن امس‬
‫العالمة "ابن خدلون" ابملهنج العلمي يف البحوث النسانية وقد فصل "ابن خدلون" بصفة هنائية‬
‫بني التفكري امليتافزييقي مع العمل الاجامتعي ويه الانطالقة اجلادة للفكر العلمي من خالل وضع‬
‫مهنج منظم بقواعد منضبطة‪ ،‬واخلوض يف ميدان احلياة الاجامتعية(‪ .)4‬واكن للمؤرخ "ابن‬
‫خدلون" تأثري ل متنايه عىل املس توى العلمي‪ ،‬وجتىل هذا يف مؤلفه املشهور "مقدمة ابن‬
‫خدلون" فال ِكتاب يف حد ذاته يركّز عىل نقطة من النقاط اليت يلتجئ الهيا الباحث يف مهنجية‬

‫(‪ )1‬نور ادلين فوزي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.13‬‬


‫(‪ )2‬فضيل دليو وأآخرون‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.144‬‬
‫(‪ )3‬خادل حامد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.42‬‬
‫(‪ )4‬أمحد خروع‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.17-16‬‬
‫‪- 68 -‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬ابخلري دراج‬

‫كتابة البحوث العلمية ورسائل ادلراسات العليا من خالل املصطلح املذكور أل وهو املقدمة‪،‬‬
‫وقد انتقد الع ّالمة "ابن خدلون" املؤرخني حول بعض املسائل‪ ،‬جتلت هاته املواقف يف ما ييل‪:‬‬
‫‪ -1‬عىل أن املؤرخ ينساق اىل أهوائه الشخصية‪.‬‬
‫‪ -2‬أن املؤرخني جيهلون القوانني اليت ختضع لها الظواهر الطبيعية والاجامتعية واليت‬
‫يكون أساسها طابع العمران‪ ،‬حيث طالب اىل اس تعامل املالحظة املبارشة وتعقّب‬
‫الظاهرة الواحدة يف خمتلف مراحل تطورها عرب التارخي ومقارنة الظاهرة بغريها من‬
‫الظواهر املرتبطة هبا يف نفس اجملمتع‪.‬‬
‫‪ -3‬دع اىل الخذ ابجلانب ادلينامييك للظواهر الاجامتعية واىل اجلوانب الس تاتيكية‪.‬‬
‫‪ -4‬أكد عىل اس تخدام التعليل والربهنة وهذا بعد مجع املواد املتعلقة ابلظواهر عن طريق‬
‫احلس ية للوصول اىل القوانني العامة اليت حتمك الظواهر اخملتلفة(‪.)1‬‬
‫املالحظة ّ‬
‫‪ -5‬قال "ابن خدلون" بأن املناطقة يف القرن السادس عرش اهمتوا ح ِقيقة ابملناجه العلمية‬
‫لكهنا انصبت فقط عىل البالغة والدب وجتاهلوا املالحظة والتجريب(‪.)2‬‬
‫من هنا يُفهم بأن العالمة "ابن خدلون" فضّ ل الاعامتد عىل طرق احلس واملشاهدة‬
‫املتخصص يف وضع مهنج سلمي‬ ‫واملالحظة كدوات للبحث العلمي تسامه الباحث أو العا ِلم ّ‬
‫يؤدي به يف الهناية اىل التوصل لنتاجئ مرضية‪ ،‬كام أكّد عىل التعرف عىل قوانني المنو الاجامتعي‬
‫والس يايس‪ ،‬وقد انتقد املؤرخني كام أرشان بقوهل(يه أحاكم ذهنية والوجودايت اخلارجة‬
‫مشخّصة‪ ،‬فالتطابق بيهنام غري يقيين لن املادة قد ُحتول دونه اللهم ال ما يشهد هل ا ِحل ّس يف‬
‫ذكل فدليهل شهوده ل تكل الرباهني املنطقية(‪.)3‬‬
‫مؤسس عمل‬ ‫مؤرخ وفيلسوف يف اترخي البرشية فهو ّ‬ ‫زايدة عىل أن "ابن خدلون" ّ‬
‫العمران البرشي فألّف كتاب يف هذا الشأن اضافة اىل مؤلفات أخرى (كتارخي العرب واترخي‬
‫الرببر)‪ ،‬لكن اقرتن امس املؤرخ ابملقدمة مقارنة ابملؤلفات الخرى والرس يمكن يف أن املقدمة‬
‫يه املفتاح اذلي بدونه يس تحيل الوصول اىل املعرفة احلقيقية لتارخي المم فهىي ملخّص للمناجه‬
‫العلمية املوضوعية‪ ،‬فيقول يف أحد مؤلفاته حول الطريقة اليت بفضلها مت التحول العلمي‬
‫وفصلته يف الخبار‬ ‫والرايق(أنشأْت كتااب رف ْعت به عن الحوال الناش ئة من الجيال جحااب ّ‬

‫(‪ )1‬أمحد درداري‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.21-20‬‬


‫(‪ )2‬نور ادلين فوزي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.13‬‬
‫(‪ )3‬املرجع نفسه‪ ،‬الصفحة نفسها‪.‬‬
‫‪- 69 -‬‬
‫ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ديت فيه ل ْول ِويّة ادلول والعمران ِعلال وأس بااب فه ّذبْ ُت مناحيه هتذيبا‪،‬‬
‫والاعتبار اباب‪ ،‬وأبْ ُ‬
‫وقربته افهام العلامء واخلاصة تقريبا وسل ْكت يف ترتيبه و تبويبه مسلاك غريبا‪ ،‬واخرتعت من بني‬ ‫ّ‬
‫)‬‫‪1‬‬ ‫(‬
‫املنايح مذهبا جعيبا وطريقة مبتدعة و أسلواب) ‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬ابن النفيس‪ :‬هو عالء ادلين أبو احلسن عيل ابن أيب احلزم القريش ادلمشقي ودل‬
‫بدمشق عام ‪ 1210‬ميالدي ‪ 607‬جهري‪ ،‬اش تغل ابلطب تفرغ للعمل وأههل ومل يزتوج ُعرف‬
‫عنه حسن اخلُلق والورع والوقار‪ ،‬ت ّ‬
‫ُويف ابلقاهرة عن معر يناهز الامثنني عاما وهذا يف س نة ‪687‬‬
‫جهرية واكن دليه تصور واحض عن مناجه البحث العلمي واحنرصت هاته التصورات من خالل‬
‫املنطق والدوات(‪.)2‬‬
‫‪ -1‬املنطق‪ :‬يُقصد به ابن النفيس السلوب املُس تخدم يف نُظم الربهنة والتوصل اىل ما‬
‫يراه يقينا ويه املبادئ الولية‪ ،‬القضااي‪ ،‬القياس‪ ،‬الاس تدلل‪.‬‬
‫أ‪ -‬املبادئ الولية‪ :‬يه مبادئ يسمل هبا كساس لبناء نظريته يف احلياة ومن مث نظريته يف‬
‫عمل الطب‪ ،‬فيقمي تفسرياته وحيل مشالكته‪.‬‬
‫ب‪ -‬القضااي‪ :‬ويه القالب اللفظي اذلي ينطوي عىل حمك نُلخّص به رؤية سابقة‬
‫ونسترشف به رؤية لحقة‪.‬‬
‫ت‪ -‬القياس‪ :‬هو السلوب التقليدي يف القياس "لبن النفيس" فينتقل من مقدمة كربى‬
‫نسمل هبا اىل نتيجة لزمة عهنا عرب مقدمة صغرى تنطوي حتهتا‪ ،‬لكن هل يصلح هذا‬
‫السلوب مع ما يتسم به القياس من جتديد؟ تساؤل ورد يف ذكل العرص من‬
‫ليظهر نوعا أآخر من القياس أقرب اىل أسلوبه‬ ‫املؤرخني واملنطقيون واملتلكمون‪ْ ،‬‬
‫التقليدي واذلي يسم (متثيال) ويه طريقة اىل الربهنة تنتقل من التسلمي حباةل جزئية‬
‫ثبُت صدقها اىل حاةل مماثةل لشرتاكهام يف عةل حدوهثام رمغ حداثة احداهام عىل الخرى‬
‫ويه طريقة متطورة عىل القياس التقليدي اذلي يعين امجلود‪.‬‬
‫ث‪ -‬الاس تدلل‪ :‬هو الطابع العام لسلوب "ابن النفيس" يعترب أداة وأسلوب للطابع‬
‫الغايئ التأ ّميل اذلي اكن حيمك طريقة تفكريه‪ ،‬واذلي اكن يرشح أفاكره يف صفحات‬
‫(رشح ترشحي القانون)(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬أمحد خروع‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.18‬‬


‫(‪ )2‬ملعرفة املزيد عن حياته أنظر‪ :‬محمد محمد قامس‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.215-213‬‬
‫(‪ )3‬محمد محمد قامس‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.229-216‬‬
‫‪- 70 -‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬ابخلري دراج‬

‫‪ -2‬الدوات‪ :‬ويه أش ياء يس تخدهما الباحث دلراسة موضوعه مع الزتامه بقواعد املهنج‬
‫العلمي‪ ،‬هاته الدوات (لبن النفيس) ذات طابع نظري وأدوات ذات طابع معيل‪.‬‬
‫‪ -‬أدوات ذات الطابع النظري‪ :‬حتتوي عىل الشلك‪ ،‬املوضوعية‪ ،‬التصويب اذلايت‪.‬‬
‫‪ -‬أدوات ذات الطابع العميل‪ :‬التجربة واملشاهدة‪ ،‬مبارشة الترشحي(‪.)1‬‬
‫خالصة‪ :‬حاولنا يف هذا الفصل من احملارضات ابراز مناجه البحث العلمي يف املعارف القانونية‬
‫وادلراسات الفقهية‪ ،‬فأرشان يف البداية ملاهية املهنج العلمي (مفهوم املهنج العلمي لغة واصطالحا)‬
‫واملداخل املهنجية وتطور الفكر العلمي‪ ،‬يليه احلديث عن أمهية ووظائف املناجه ‪،‬وأخريا وليس‬
‫أآخرا أبرزان مسامهة ودور املؤرخني واملهمتني والفقهاء املسلمني يف مناجه البحث العلمي‪.‬‬
‫الفصل الرابع‪:‬‬
‫أنواع املناجه العلمية‬
‫يعترب املهنج العلمي أداة لتحقيق املوضوعية والوصول اىل احلقيقة‪ ،‬ذلكل جيب عىل‬
‫الباحث أن يوظف املهنج أو املناجه الكرث مالمئة لطبيعة العمل اذلي ينمتي اليه‪ ،‬فاذا اتبع‬
‫الباحث قواعد املهنج العلمي والزتم خطواته وسكل الطريق السلمي يف التعرف عىل الظاهرة حمل‬
‫ادلراسة وتوصل اىل معارف جديدة ابلدةل والرباهني تؤكد حصة ما مت التوصل اليه من حقائق‬
‫ونتاجئ لتعمميها‪ ،‬يصدق عليه حقيقة البحث العلمي وحقيقة الباحث اجلاد اذلي يلزتم ابلصفات‬
‫اخلاصة به‪.‬‬
‫ان القول بتوفر قواعد املهنج العلمي ل يعين ابلتأكيد أن لك العلوم جمربة ابللزتام مبهنج‬
‫واحد‪ ،‬بل توجد عدة مناجه وحىت ابلنس بة للعمل الواحد فقد يلجأ اىل أكرث من مهنج فعىل‬
‫الباحث أن خيتار املهنج املناسب اذلي يش تغل فيه مادامت لك املناجه تلزتم بأصول املهنج‬
‫العلمي(‪.)2‬‬
‫يرى بعض الفالسفة أن مناجه البحث العلمية النظرية والتطبيقية ل ختتلف يف‬
‫جوهرها عن مناجه البحث املس تخدمة يف العلوم الاجامتعية وادلراسات القانونية(‪ ،)3‬ويقول‬
‫(الس تاذ عبد الرمحن بدوي) جيب أن ل نغايل ابلتوكيد يف اظهار الاختالف بني املناجه العلمية‬

‫(‪ )1‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ص ‪.238 -230‬‬


‫(‪ )2‬ادريس خفور‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.49‬‬
‫(‪ )3‬الس يد متام‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.58‬‬
‫‪- 71 -‬‬
‫ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫فالفصل بيهنا ياكد يكون مس تحيال‪ ،‬لكننا نقوم هبذا التقس مي للمناجه من أجل دراس هتا فقط وأن‬
‫ل نعد هذا التقس مي تقس امي مطلقا(‪.)1‬‬
‫وعىل أي حال فتصنيف املناجه يعمتد عىل معيار حمدد يوهجه الباحث ليك يتفادى‬
‫اخللط و التشويش‪ ،‬وعادة ما ختتلف التقس اميت بني العلامء اخملتصني واملهمتني بعمل املهنجية حول‬
‫عدد وأنواع املناجه العلمية‪ ،‬فالبعض يقسمها اىل املناجه الرئيسة والصلية ابعتبارها مناجه حبث‬
‫مس تقةل والبعض يوسع من عدد املناجه مكناجه فرعية هدفها احلصول عىل املعرفة‪.‬‬
‫‪ -1‬تقيسامت مناجه البحث العلمي عند " هويتين " املهنج التارخيي‪ ،‬املهنج الفلسف ‪،‬‬
‫(‪ )whtney‬التنبئوي‪ ،‬البحث الاجامتعي‪ ،‬البحث البداعي‪.‬‬
‫‪ -2‬مناجه البحث العلمي عند " ماركزي ‪ " marquis‬فهىي املهنج النرتوبولوج (مبعىن املالحظة‬
‫امليدانية)واملهنج الفلسفي‪ ،‬مهنج دراسة حاةل‪ ،‬املهنج التارخيي‪ ،‬مهنج املسح‪ ،‬املهنج التجرييب‪.‬‬
‫‪ -3‬يقسم لك من (جود وسكيتس) "‪ "good and scates‬املناجه العلمية تنحرص يف املهنج‬
‫التارخيي‪ ،‬املهنج الوصفي‪ ،‬مهنج املسح الوصفي‪ ،‬املهنج التجرييب‪ ،‬مهنج دراسة احلاةل وادلراسات‬
‫اللكينيكية‪ ،‬مهنج دراسات المنو والتطوير والوراثة وتصنيف املناجه الواردة للفالسفة يسمهيا‬
‫البعض ابلتقس اميت احلديثة ملناجه البحث العلمي(‪.)2‬‬
‫هذا ويضيف البعض تقس اميت أخرى وتسم ابلتقس اميت التقليدية ويه‪:‬‬
‫‪ -1‬املهنج التحلييل والرتكييب‪ :‬فاملهنج التحلييل الاكتشايف أو مهنج الاخرتاع ويس هتدف الكشف‬
‫عن احلقيقية‪ ،‬أما املهنج الرتكييب أو التأليفي اذلي يقوم برتكيب وتأليف احلقائق اليت مت اكتشافها‬
‫هبدف نرشها للآخرين ويسم أيضا مبهنج املذهب‪ ،‬وما يعاب عىل هذا التعريف بأنه غري‬
‫مكمتل اذ هو ل ياكد يتحدث ال عن الفاكر ل عن الوقائع والقوانني(‪.)3‬‬
‫‪ -2‬املهنج التلقايئ واملهنج التأميل‪ :‬فاملهنج التلقايئ هو ذكل اذلي يسري فيه العقل سريا طبيعيا مل‬
‫حتدد أصوهل سابقا متجها حنو املعرفة أو احلقيقة‪ ،‬ويرى البعض بأن املهنج الخري هو اذلي ميكن‬
‫أن يكون موضوعا للعمل لنه يقوم عىل التأمل والشعور‪ ،‬ل عىل التلقائية والالشعور غري‬
‫الواحض(‪ .)4‬تقس مي أآخر للمناجه العلمية ومن منظور أآخر‪)1( :‬‬

‫(‪ )1‬عبد الرمحن بدوي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.16‬‬


‫(‪ )2‬عامر عوابدي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪145-144‬‬
‫‪ -‬ادريس الفاخوري‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.32‬‬
‫(‪ )3‬عبد الرمحن بدوي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.05-04‬‬
‫(‪ )4‬أنظر‪:‬‬
‫‪- 72 -‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬ابخلري دراج‬

‫‪ -1‬من حيث نوع العمليات العقلية اليت تسري علهيا‪ :‬املهنج الاس تدليل (الاس تنباطي)‪ ،‬املهنج‬
‫الاس تقرايئ‪ ،‬املهنج التارخيي‪ ،‬ولك هل دللته ومفهومه‪.‬‬
‫‪ -2‬من حيث أسلوب الجراء‪ :‬املهنج التجرييب‪ ،‬مهنج املسح‪ ،‬املهنج التارخيي‪.‬‬
‫‪ -3‬التصنيف من حيث المك والكيف فتنحرص يف مهنجني‪ :‬املهنج المكي‪ ،‬املهنج الكيفي‪.‬‬
‫‪ -4‬أخريا تصنيفها طبقا للحداثة أو التقليدية وهو ما أرشان اليه مبعىن املهنج التقليدي‪ ،‬املهنج‬
‫احلديث‪.‬‬
‫‪ -‬ان من بني هذه املناجه ما يالمئ الحباث يف جمال العلوم الفزيايئية ومهنا ما يالمئ العلوم‬
‫النسانية اكلعلوم الس ياس ية والعلوم القانونية والعلوم الدبية‪ ،‬فيتبع هبذا الباحث املهنج اذلي يراه‬
‫مرتبطا ارتباطا وثيقا ابلبحث حمل ادلراسة‪.‬‬
‫واملهنج العلمي يتضمن قواعد منطقية وخطوات اجرائية يف البحث العلمي جتد القبول‬
‫دلى مجموعة من العلامء لتطوير الرصيد املعريف املتخصص واحلصول عىل البياانت الالزمة‬
‫وحتليلها ليصال نتاجئ البحث وتعمميها اىل املهمتني‪ ،‬وان اكن مقياس مهنجية البحث العلمي‬
‫مقياس هتمت به لك جمالت ادلراسة واملعرفة انتاجا وحفصا وتعمقا(‪.)2‬‬
‫سنتطرق مبشيئة هللا يف هذا الفصل اىل مجموعة من املناجه العلمية يف جمال البحث‬
‫العلمي ول نغايل بأننا قد أحطنا بلك أنواع املناجه‪ ،‬لكننا نؤكد عىل أن املناجه اليت سيمت التفصيل‬
‫فهيا يه الكرث اس تخداما واملتفق علهيا ‪ ،‬فالتقس مي يكون يف ثالث مباحث‪:‬‬
‫املبحث الول حيتوي عىل املناجه العلمية الرئيس ية‪ ،‬يف حني يتضمن املبحث الثاين‬
‫العلمية الثانوية وأخريا املبحث الثالث يتكون من املناجه العلمية اليت لها دور يف جمال البحث‬
‫العلمي لكهنا قد ل تليق أحياان بدراسة العلوم الانسانية‪.‬‬

‫‪ -‬عامر عوابدي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.142‬‬


‫‪ -‬عبد الرمحن بدوي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.06-05‬‬
‫(‪ )1‬بن واحض الهامشي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪( 22-21‬أنظر للشلك اذلي يوحض ش بكة تصنيف مناجه البحث العلمي)‪.‬‬
‫(‪ )2‬بترصف‪.‬‬
‫‪- 73 -‬‬
‫ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫املبحث الول‪:‬‬
‫املناجه العلمية الرئيس ية‬
‫ان دراسة املناجه العلمية يف جمال العلوم القانونية والدارية مسأةل هممة ابعتبارها مجموعة‬
‫املعلومات واملعارف العلمية املتعلقة ابلدارة كتنظمي‪ ،‬وأساليب وطرق يف التس يري يه يف‬
‫الساس علوم أول وعلوم اجامتعية اثنية ختضع يف جمال ادلراسة للمناجه والبحوث العلمية املطبقة‬
‫واملس تخدمة يف العلوم الاجامتعية وهته املناجه أساسا يه املهنج الاس تدليل (الاس تنباطي)‪،‬‬
‫املهنج التجرييب (الاس تقرايئ)‪ ،‬املهنج التارخيي‪ ،‬املهنج اجلديل‪( ،‬ادلايليكتييك) (‪ )1‬واليت‬
‫س نعرضها ابدلراسة والتفصيل وعليه نقسم هذا املبحث اىل مطلبني الول املهنج الاس تدليل‬
‫واملهنج التجرييب‪ ،‬واملطلب الثاين املهنج التارخيي واملهنج اجلديل‪.‬‬
‫املطلب الول‪ :‬املهنج الاس تدليل واملهنج التجرييب‬
‫الفرع الول‪ :‬املهنج الاس تدليل‪ :‬يطلق عىل الاس تدلل عدة تسميات مثل‪ :‬الاس تنباط‬
‫القياس‪ ،‬الاس تنتاج‪ ،‬ويسم أيضا أسلوب حفص الفرضية‪ ،‬والتفكري الاس تدليل أو‬
‫الاس تنباطي يقصد به الانتقال من العام اىل اخلاص أو من املعلوم اىل اجملهول(‪.)2‬‬
‫‪ -‬وهو الربهان اذلي يبدأ من القضااي املسمل هبا ويسري اىل قضااي أخرى تنتج عهنا ابلرضورة‬
‫دون اللجوء اىل التجربة وهذا السري اما بواسطة القول أو بواسطة احلساب اكلقايض اذلي‬
‫يس تدل اعامتدا عىل ما دليه من واثئق‪ ،‬واملُضارب اذلي يس تدل وفقا للمعروض و املطلوب من‬
‫الوراق املالية(‪.)3‬‬
‫هناك من يفرق بني املهنج الاس تدليل واملهنج الاس تنباطي أو الاس تنتاج‪ ،‬والبعض‬
‫الآخر يس تعيض عهنام ابملهنج العقيل‪ ،‬لكننا سنس تعملها مجيعا مكرتادفات دون اخلوض يف‬
‫اخلالفات الفلسفية اليت متزي بني املهنج الاس تدليل واملهنج الاس تنباطي وهو ما يتفق مع العلوم‬
‫القانونية فال توجد تفرقة بني الاس تنباط والاس تنتاج‪ ،‬كام أن الاس تدلل يف اللغة هو دلل أي‬
‫يس تدل مبعىن ينتج أمرا جمهول من أمر معلوم وأن املناط يف حصة الاس تدلل هو ادلقة‬

‫(‪ )1‬عامر عوابدي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.175‬‬


‫(‪ )2‬عبد النور انج‪ ،‬مهنجية البحث القانوين‪ ،‬منشورات جامعة عنابة‪ ،‬اجلزائر‪ ،2003 ،‬ص ‪.88‬‬
‫(‪ )3‬عبد الرمحن بدوي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.82‬‬
‫‪- 74 -‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬ابخلري دراج‬

‫والتسلسل العقيل(‪ .)1‬واملهنج الاس تنباطي رضابن‪ :‬محيل‪ ،‬اذا اكنت مقدماته مسلام بصدقها‬
‫بصفة هنائية‪ ،‬وفريض‪ ،‬اذا سمل بصدقها بصفة مؤقتة(‪.)2‬‬
‫الاس تدلل هو حركة عقلية ننتقل فهيا من موضوع اىل أآخر عىل سبيل الاس تنتاج‬
‫وهذه احلركة العقلية تمتزي ابلصورية التامة‪ ،‬مبعىن أن يتوقف صدق النتاجئ فامي يُقمي من‬
‫اس تدللت عىل صدق املقدمات فقط‪ ،‬ل عىل مطابقة هذه النتاجئ للواقع(‪.)3‬‬
‫املهنج الاس تدليل يقوم عىل املبادئ والنظرايت‪ ،‬فالعملية الاس تدللية تبدأ من‬
‫نظرايت ومبادئ وتنهتىي اىل نظرايت ومبادئ مس تنتجة مهنا منطقيا(‪.)4‬‬
‫ان النظام الاس تدليل ليس نظاما مطلقا بل يتصف بثالث صفات حددها (روجيه)‬
‫بوضوح ويه‪( :‬أنه اصطاليح وغري معني وأنه مع ذكل غري اعتباطي) (‪.)5‬‬
‫ويس تعني املهنج الاس تدليل مببادئ معينة ويه‪:‬‬
‫أول‪ :‬البدهييات‪ :‬ويه القضية الواحضة ول جدال فهيا اليت ل حتتاج اىل الربهنة علهيا ومتتاز‬
‫بثالثة خاصيات‪ :‬أول البنية النفسانية مبعىن وضوهحا مبارشة للنفس بال واسطة ول برهان‬
‫منطقي‪ ،‬أما اخلاصية الثانية فمتتاز ابلولية املنطقية مبعىن أآخر فهىي مبدأ أوليا غري مس تخلص من‬
‫غريه‪ ،‬أما املزية الثالثة للبدهييات فهىي قاعدة صورية عامة أو قضية مشرتكة لن ّ‬
‫مسمل هبا من‬
‫اكمل العقول عىل السواء(‪.)6‬‬
‫اثنيا‪ :‬املصادرات(املسلامت)‪ :‬اذا اكنت البدهييات بينة بنفسها فان املصادرات ليست كذكل‬
‫ولكن يصادر عىل حصهتا وتسمل تسلامي مع عدم بياهنا بوضوح للعقل‪ .‬وحصة املصادرات تظهر من‬
‫خالل نتاجئها املتعددة والصحية وغري املتناقضة‪ ،‬وتوجد املصادرات يف العلوم الطبيعية وعمل‬
‫الرايضيات ويف العلوم النسانية والاجامتعية‪ ،‬فالفرق بني املصادرة والبدهيية يمكن يف أن‬
‫املصادرة من املمكن اناكرها دون الوقوع يف الحاةل بعكس البدهيية‪ ،‬لكن النظرايت احلديثة ل‬

‫(‪ )1‬الس يد متام‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.65‬‬


‫(‪ )2‬هتميش‪ ،‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.64‬‬
‫(‪ )3‬محمد محمد قامس‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.143‬‬
‫(‪ )4‬منقول عن‪ :‬فتيحة حزام‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.82‬‬
‫(‪ )5‬اصطاليح مبعىن غري قابل للربهنة‪ ،‬وميتاز بأنه غري معني مبعىن أننا ل نضيف اىل الفاكر الولية أي معىن خاص‪،‬‬
‫وليس اعتباطي جيري كام هيوى املرء‪ ،‬بل جيب أن يلزتم الرشطني التالني‪ :‬الكفاية والحاكم‪ ،‬راجع‪:‬‬
‫‪ -‬عبد الرمحن بدوي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.88-85‬‬
‫(‪ )6‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.90‬‬
‫‪- 75 -‬‬
‫ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫متيل اىل املغالت يف التفرقة بيهنام بل حتاول التقريب بيهنام‪ ،‬فينادى الفقيه (بوناكريه) بأن تُعد‬
‫لكتهيام تعريفات مقنعة ول فارق بيهنام ال يف درجة الرتكيب(‪.)2()1‬‬
‫اثلثا‪ :‬التعريفات‪ :‬قد يكون التعريف لفظيا‪ ،‬وهو اذلي يرشح املعىن اذلي يدل عليه اللفظ فزييل‬
‫ما به من مغوض أو قد يكون رشطيا وهو اذلي يضعه الباحث ويعطيه معىن خاص ابلبحث‬
‫اذلي جيريه برشط الالزتام به‪ ،‬وهناك التعريف الاصطاليح اذلي هيدف اىل حتديد املفهوم‬
‫اللكي بذكر خصائصه ومزياته كام قد يذكر الباحث اللفظ دون تعريف وهو ما يسم‬
‫بـالالمعروفات ومن أمثةل البدهييات أن من ميكل الكرث ميكل القل‪ ،‬واللك هو مجموع أجزائه‬
‫واملتساوايت املتشاهبة متساوية و أن الابن أصغر س نا من الب(‪.)3‬‬
‫يه اذا املبادئ الثالثة اليت يستند علهيا املهنج الاس تدليل‪.‬‬
‫أما اخلطوات العملية لالس تدلل أو الدوات العلمية لالس تدلل(‪ :)4‬فتتجىل يف‬
‫القياس التجريب العقيل‪ ،‬الرتكيب‪.‬‬
‫‪ -‬فالقياس هو مواهجة املشلكة املطلوب حلها وحتليلها‪ ،‬تنطلق من مقدمات مسمل هبا اىل نتاجئ‬
‫افرتاضية غري مضمون حصهتا‪.‬‬
‫‪ -‬التجريب العقيل‪ :‬ميكننا أن ننوه يف البداية عىل أن التجريب العقيل خيتلف اختالفا اتما عن‬
‫املهنج التجرييب‪ ،‬وهو قيام الانسان يف داخل عقهل بلك الفروض والتحقيقات اليت يعجز عن‬
‫القيام هبا وينقسم اىل قسمني التجريب العقيل اخليايل‪ ،‬والتجريب العقيل العلمي‪.‬‬
‫‪ -‬الرتكيب‪ :‬فهىي معلية عقلية عكس ية تسري قُدما وتبدأ من القضية ابعتبارها حصيحة‪ ،‬ويراد مهنا‬
‫معرفة لك النتاجئ اليت تؤدي الهيا‪.‬‬
‫الفرع الثاين‪ :‬املهنج التجرييب‪:‬‬
‫يعترب املهنج التجرييب مهنجا من املناجه العلمية اليت متخضت عهنا الهنضة العلمية احلديثة‬
‫يف أورواب يف القرن السابع عرش‪ ،‬واذلي أعاد اكتشافه " فرانسيس بيكون" يف كتابه‬
‫(الورغانون اجلديد) عام ‪ 1620‬واذلي أحدث ثورة علمية هائةل يف لك منايح احلياة‪.‬‬

‫(‪ )1‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.91‬‬


‫(‪ )2‬ملعرفة بعض الامنذج للمصادرات يف جمال الرايضيات للعالمة (اقليدس) راجع‪:‬‬
‫محمد محمد قامس‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.152‬‬
‫(‪)3‬الس يد متام‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.67‬‬
‫(‪ )4‬عبد الرمحن بدوي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.121-103‬‬
‫‪- 76 -‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬ابخلري دراج‬

‫وقد انهبر العلامء ابملهنج التجرييب يف ش ىت التخصصات فعملوا عىل تطبيقه يف اكفة‬
‫العلوم والتخصصات حىت لو اكنت طبيعة تكل العلوم وموضوعاهتا تتعارض معه‪ ،‬فقد أخذ "‬
‫لومربوزو" (‪ )1835-1909‬يف جمال عمل الجرام لك الطرق والاجهتادات ملعرفة الس باب‬
‫الاكمنة وراء السلوك الجرايم‪ ،‬ليتبني لحقا عدم حصة النتاجئ اليت متخض عهنا املهنج التجرييب‬
‫يف جمال عمل الجرام والسبب يعود لكون التكوين البيولوج واجلسامين للمجرم ل خيتلف عن‬
‫غريه‪ ،‬وأن أس باب اجلرمية تعود اىل تظافر مجموعة من العوامل اليت تس تعيص عىل التجريب(‪.)1‬‬
‫ويعترب التجريب موقفا لثبات حقائق أو التأكد مهنا‪ ،‬وتكون احلقائق اكمةل يف جمال‬
‫العلوم النسانية والعلوم الاجامتعية عند ظهورها واكتشافها يف ترصفات وسلوك ميكن مشاهدته‬
‫أو مالحظته‪ ،‬وهو أمر يقع حتت س يطرة املبحوث وظروفه اخلاصة(‪.)2‬‬
‫يعد املهنج التجرييب مهنج مالحظة الواقع وحتليهل واجراء التجارب املادية امللموسة‬
‫علهيا‪ ،‬وهو أيضا مهنج ينطلق من دراسة اجلزئيات مث ينتقل اىل تعمميها وتعمتد ادلراسة فيه عىل‬
‫الس ببية(‪.)3‬‬
‫حيتاج املهنج التجرييب ملا يسم " ابلتجربة العلمية" واليت تقوم أساسا عىل اختبار‬
‫مدى أثر عامل أو متغري جترييب معني ُيراد قياسه عن طريق التجربة العملية عىل املس توى‬
‫اجلزيئ احملدود قبل تعممي اس تخدامه ابلمنط اذلي ُاخترب به عىل اجملمتع برمته(‪.)4‬‬
‫يدرس المور العقلية فان املهنج‬ ‫أول‪ :‬مفهوم املهنج التجرييب‪ :‬اذا اكن املهنج الاس تدليل ّ‬
‫يدرس الظواهر الطبيعية اخلارجة عن العقل فهو من منظور الس تاذ " أمحد خروغ "‬ ‫التجرييب ّ‬
‫املهنج املس تخدم حني تبدأ من وقائع خارجة عن العقل لهنمت بوصفها وحتليلها واخضاعها للتجربة‬
‫العلمية فهو هبذا ينتقل من اخلاص اىل العام وهو عكس ما ميتاز به املهنج الاس تدليل(‪.)5‬‬
‫يرى بعني البصرية الس تاذ " عبد الرمحن بدوي" بأن املهنج التجرييب هو املهنج‬
‫املس تخدم حني نبدأ من وقائع خارجة عن العقل‪ ،‬سواء أاكنت خارجة عن النفس اطالقا أو‬
‫ابطنة فهيا كام يف حاةل الاس تنباط ليك نصف هذه الظاهرة اخلارجة عن العقل ونفرسها(‪.)6‬‬

‫(‪ )1‬الس يد متام‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.59‬‬


‫(‪ )2‬ملعرفة مجموعة من التفاصيل ابلرشح راجع‪ - :‬عقيل حسني عقيل‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.116-97‬‬
‫(‪ )3‬تويم ألكي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.148‬‬
‫(‪ )4‬محمد عبد الغين سعودي‪ ،‬حمسن أمحد اخلضريي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.63-62‬‬
‫(‪ )5‬أمحد خروع‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.28‬‬
‫(‪ )6‬عبد الرمحن بدوي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.128‬‬
‫‪- 77 -‬‬
‫ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫يعرف بأنه مهنج مالحظة الواقع وحتليهل واجراء التجارب املادية امللموسة علهيا‪،‬‬ ‫كام ّ‬
‫وهو أيضا مهنج ينطلق من دراسة جزئيات كثرية خاصة مث ينتقل اىل التعممي وادلراسة فيه تعمتد‬
‫عىل الس ببية(‪.)1‬‬
‫املهنج التجرييب هو املهنج اذلي تتضح فيه معامل الطريقة العلمية يف التفكري بصورة‬
‫جلية‪ ،‬لنه يعمتد عىل الرباهني بطريقة تسمح ابختبار الفروض والتحمك يف العوامل اليت ميكن أن‬
‫تؤثر يف الظاهرة والوصول اىل العالقة بني الس باب والنتاجئ(‪.)2‬‬
‫يقول " أملري" )‪ (ELMER‬بأن املهنج التجرييب يتضمن أكرث من جمرد البحث عن‬
‫حقائق جديدة أو حقائق معرتف هبا يف تراكيب وجتمعات جديدة‪ ،‬وهو التطبيق اذلي يعمتد‬
‫عىل اختبار الفروض فهو ليس جمرد أن نرى ماذا س تكون الجابة لقرتاح أو افرتاض معني‪،‬‬
‫بل هو فهم لردود الفعل الناجتة والتنوع والتغري يف ردود الفعل عندما يتغري عامل الظروف‬
‫احمليطة(‪.)3‬‬
‫املهنج التجرييب هو املهنج املس تخدم حني نبدأ من وقائع خارجة عن العقل‪ ،‬سواء‬
‫اكنت خارجة عن النفس أو ابطنية فهيا لنفرسها ابلتجربة دون اعامتد عىل مبادئ املنطق‬
‫الصورية لوحدها(‪ .)4‬نشأ هذا املهنج ليؤكد تعويل العلامء عىل الوقائع احملسوسة وليس عىل جمرد‬
‫التأمل النظري‪ ،‬بل أن معيار صدق أفاكران وفروضنا هو مدى تطابقها مع الطريقة اليت تسري‬
‫علهيا وقائع العامل اخلارج(‪.)5‬‬
‫ينظر الس تاذ (ادريس خفور) للمهنج التجرييب بأنه مثال طيب لختبار الفرض والتأكد من‬
‫حصته أو خطئه عىل الرمغ من حدود هذا املهنج يف ادلراسات الاجامتعية ابس تثناء عمل‬
‫النفس(‪.)6‬‬
‫اثنيا‪ :‬خطوات املهنج التجرييب‪ :‬يش متل املهنج التجرييب عىل مجموعة من اخلطوات ويه‪:‬‬

‫(‪ )1‬تويم ألكي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.148‬‬


‫(‪ )2‬عامر بوحوش‪ ،‬محمد محمود اذلنيبات‪ ،‬مناجه البحث العلمي وطرق اعداد البحوث‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.119‬‬
‫‪ -‬عامر بوحوش‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.36‬‬
‫‪ -‬عامر بوحوش‪ ،‬محمد اذلنيبات‪ ،‬مهنجية البحث العلمي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.109‬‬
‫(‪ )3‬محمد شليب‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.109-108‬‬
‫(‪ )4‬صالح ادلين رشوخ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.117‬‬
‫(‪ )5‬محمد محمد قامس‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.107‬‬
‫(‪ )6‬ادريس خفور‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.30‬‬
‫‪- 78 -‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬ابخلري دراج‬

‫‪ -‬حتديد املشلكة ومجع املعلومات عن طريق القراءة واملالحظة والتجريب‪.‬‬


‫‪ -‬لعالج املشلكة جيب صياغة الفروض‪.‬‬
‫‪ -‬التأكد من الفرضيات ابملالحظة والتجريب واذا أثبت التجربة صدق الفرضيات اكن هو احلل‬
‫للمشلكة‪ ،‬أما اذا ثبتت خالف ذكل يتعني تعديل الفرضية أو تغيريها بفرضية أخرى ل ُيجرى‬
‫التجريب عليه مرة أخرى لثبات حصهتا‪ ،‬واختيار حصة النظرية الفرضية يكون من خالل‬
‫الاس تدلل للوصول للنظرية العامة اليت حتمك الظاهرة حمل ادلراسة(‪.)1‬‬
‫اثلثا‪ :‬مقومات املهنج التجرييب‪ :‬يش متل املهنج التجرييب عىل ثالث حمطات علمية (أو فقرات أو‬
‫مراحل أو مقومات أو خطوات) فالمس خيتلف من خشص لآخر عىل أن الهدف املرسوم هو‬
‫نفسه ويه املالحظة‪ ،‬الفرضية‪ ،‬التجربة‪.‬‬
‫أ‪ -‬املالحظة‪ :‬اخلطوة الوىل الساس ية يف البحث العلمي جند املالحظة العلمية ويه المه يف‬
‫املهنج التجرييب‪ ،‬فهىي اليت تقود اىل وضع الفروض وحمتية اجراء التجربة عىل الفرضية‬
‫لس تخراج القوانني اليت تكشف وتفرس الظواهر والوقائع(‪ .)2‬ال أن الالكم عن املالحظة‬
‫العلمية‪ ،‬ل يعين ابلرضورة تطابق مفهوهما مع ما تعنيه املشاهدة يف الوقت اذلي تشمل فيه‬
‫املالحظة عىل املشاهدة ابعتبارها جزءا مهنا‪ ،‬فاحلديث عن املشاهدة ل يفي بأغراض املالحظة‬
‫مففهوم لك مهنام كام ييل‪)3(:‬‬

‫‪ -‬املشاهدة يه الوقوف عن كثب عىل اليشء املراد رؤيته‪ ،‬لهنا مقترصة عىل العني فقط يف‬
‫مشاهدة الشاكل والفعال‪.‬‬
‫‪ -‬املالحظة يه الرابط بني املُشاهد واملسموع‪ ،‬لهنا الداة املس تعمةل حلاس يت السمع والبرص‬
‫والعقل يف وقت واحد فيالحظ الانسان بأذنيه كام يالحظ بعينه ولكنه ل يس تطيع املشاهدة‬
‫حباسة السمع‪.‬‬
‫املالحظة تعين توجيه احلواس والانتباه اىل ظاهرة أو مجموعة من الظواهر رغبة يف‬
‫الكشف عن صفاهتا أو خصائصها توصال اىل كسب املعرفة اجلديدة عن تكل الظاهرة أو‬
‫الظواهر‪ ،‬وتتخذ املالحظة مجموعة من الصور تبدأ ابملالحظة الساذجة مث املالحظات اليت‬
‫(‪ )1‬الس يد متام‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.60‬‬
‫‪ -‬بومدين طامشة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.114‬‬
‫(‪ )2‬عامر عوابدي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.204‬‬
‫(‪ )3‬ملعرفة املزيد‪:‬‬
‫‪ -‬عقيل حسني عقيل‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.164‬‬
‫‪- 79 -‬‬
‫ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫تقرتن ابلتجارب وصول اىل مالحظات دقيقة جتمتع لها لك أساليب البحث والاس تقصاء‬
‫العلمي(‪ ،)1‬واملالحظة العلمية يه املشاهدة احلس ية واملنظمة من أجل اكتشاف أس باهبا عن‬
‫طريق القيام بعملية النظر يف هذه الش ياء والمور والظواهر وتعريفها وتوصيفها وذكل قبل‬
‫حتريك معلييت وضع الفرضيات والتجريب(‪.)2‬‬
‫يه مرحةل للتأمل وللمشاهدة وقيام الباحث بعمليات الوصف والتعريف والتصنيف‬
‫من أجل الوصول اىل معرفة حاةل اليشء أو الظاهرة أو الواقعة(‪.)3‬‬
‫وتنقسم املالحظة اىل قسمني املالحظة البس يطة واملالحظة العلمية‪ ،‬فالوىل يه اليت‬
‫نقوم هبا عرضا يف احلياة العادية دون أن نقصد اىل املالحظة فعال ودون أن نركز انتباهنا منذ‬
‫البداية يف انحية معينة‪ ،‬ولبد أن ننوع يف ميدان املالحظة وأن نقصد الهيا قصدا ليك نس تطيع‬
‫أن نصل اىل مشاهدة علمية بأمت معىن اللكمة أما املالحظة العلمية ابملعىن ادلقيق يه تكل اليت‬
‫يبدأ فهيا املرء من فرض أو حياول بواسطهتا أن يبحث يف انحية معينة‪ ،‬وجيب أن تكون هذه‬
‫املالحظة دقيقة لك ادلقة فال نغفل أي عامل قد يكون هل أثر يف احداث الظاهرة‪ ،‬ومن أجل‬
‫ذكل جيب ان نفرق كام قال (لكود برانر) بني نوعني من املشاهدة أل ويه املشاهدة البس يطة‬
‫واملشاهدة املسلحة(‪.)4‬‬
‫ب‪ -‬الفرضية‪ :‬يعرف الس تاذ (ماخ) الفرضية بأهنا تفسري لوقائع معينة ل تزال مبعزل عن امتحان‬
‫الوقائع حىت اذا ما امتحن يف الوقائع‪ ،‬أصبح من بعد اما فرضا زائفا جيب أن يعدل عنه اىل غريه‬
‫واما قانوان يفرس جمرى الظواهر(‪.)5‬‬
‫يعرفها الس تاذ (عامر عوابدي) بأهنا فروض وحلول وبدائل واقرتاحات وضعها الباحث‬
‫بواسطة معلية التحليل العلمي للبحث عن أس باب الظواهر وقوانيهنا ونظرايهتا (‪.)6‬‬

‫(‪ )1‬أساليب البحث العلمي املقصودة هنا يه الهجزة والدوات والوسائل لقياس الزمان واملاكن واحلركة واملوجة همام دقت‬
‫عنارصها أو اتسعت‪ ،‬راجع‪:‬‬
‫‪ -‬محمد محمد قامس‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.111-110‬‬
‫(‪ )2‬عبد الرمحن بدوي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.128‬‬
‫(‪ )3‬ادريس الفاخوري‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.41‬‬
‫(‪ )4‬عبد الرمحن بدوي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.135-134‬‬
‫‪ -‬املشاهدة البس يطة تقوم عىل احلواس اجملردة مبارشة‪ ،‬أما املشاهدة املسلحة فهىي تكل اليت نس تعني يف حتقيقها ابلهجزة‬
‫اخملتلفة اليت هتىيء لنا تقوية احلواس أو اكتشاف ظواهر ل ميكن أن تكتشف ابحلس اجملرد‪.‬‬
‫(‪ )5‬عبد الرمحن بدوي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.145‬‬
‫(‪ )6‬عامر عوابدي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.213‬‬
‫‪- 80 -‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬ابخلري دراج‬

‫املرحةل الثانية من مقومات املهنج التجرييب يه مرحةل وضع الفروض‪ ،‬فال قمية واحضة‬
‫ملرحةل املالحظة ال بوجود الفرض اذلي يقرتح شالك جبمع الشواهد من املالحظات والتجارب‬
‫يف صورة حصيحة ومنطقية يقبلها العقل بعد أن يتحقق من هذا الفرض‪.‬‬
‫وتلعب الفرضيات دورا ابرزا وحيواي يف القمية العلمية واملهنجية للبحوث وادلراسات‬
‫يف ش ىت ميادين الاختصاص‪ ،‬واعامتد الفروض مل يصبح مهنجا علميا هل دللته ال يف القرن‬
‫التاسع عرش بفضل أحباث ‪Cloude Bernard‬و‪ whewell‬بعد أن اكنت هناك معارضة‬
‫شديدة من غريمه من الفالسفة ممن حذروا مهنا حماولني استبعادها حبجة عدم جدواها(‪.)1‬‬
‫كام أن للفرضيات دور كبري يف تسلسل وربط معلية سري املهنج التجرييب من مرحةل‬
‫املالحظة العلمية اىل مرحةل التجريب واس تخراج القوانني واس تنباط النظرايت العلمية املتعلقة‬
‫ابلواقع والظواهر املشموةل ابلتجربة(‪.)2‬‬
‫جمال تطبيق املهنج التجرييب ميكن تطبيقه من خالل أكرث من طريقة مهنا‪:‬‬
‫‪ -‬اجراء الاختبار بعد ادخال املتغريات املس تقةل (اختبارات لحقة بعدية)‪.‬‬
‫‪ -‬اجراء الاختبارات قبل وبعد ادخال املتغريات املس تقةل (اختبارات قبلية وبعدية) (‪.)3‬‬
‫رشوط الفرضيات‪ :‬يتعلق بعضها ببنية الفرض والآخر بظروف التحقق من هذا الفرض وأمهها‪:‬‬
‫‪ -‬بساطة الفروض‪ ،‬مبعىن الوضوح واجلالء ملفردات الفروض العلمي‪.‬‬
‫‪ -‬ل ينطوي الفرض عىل تناقض داخيل بني عنارصه‪.‬‬
‫‪ -‬الرتكزي عىل الوقائع ذات ادللةل‪ ،‬والوقائع العادية اليت تكون طريقا للعلامء‪.‬‬
‫‪ -‬الاعامتد عىل الرؤية العقلية املبارشة من خالل رصيد العلامء من التجارب والواقع اذلي متثهل‬
‫من هجة أخرى‪.‬‬
‫‪ -‬عدم التعارض مع ما ّنسمل به من قوانني علمية(‪.)4‬‬
‫ج‪ -‬التجربة‪ :‬مما ل شك فيه بأن للتجريب أو التجربة العقلية أثرا هاما يف الاقتصاد الفكري‬
‫ومعلية التجريب يه معلية تأيت بامثرها عىل الفرضيات لثبات حصهتا من عدهما‪ ،‬وهذا ابستبعاد‬

‫(‪ )1‬عبد الرمحن بدوي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.145‬‬


‫(‪ )2‬عامر عوابدي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.217‬‬
‫(‪ )3‬خادل حامد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.59‬‬
‫(‪ )4‬محمد محمد قامس‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.114‬‬
‫‪- 81 -‬‬
‫ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الفرضيات الغري جمدية‪ ،‬واثبات حصة الفرضيات العلمية بواسطة اجراء معلية التجريب عىل‬
‫الفرضيات املقرتحة(‪ .)1‬ونعين ابلتجربة توفري الرشوط الاصطناعية الكفيةل ابحداث الظاهرة(‪.)2‬‬
‫ان اثبات حصة الفرضيات العلمية بواسطة معلية التجريب يف أحوال وظروف خمتلفة‬
‫ومتغايرة والتنوع يف التجريب يعمتد عىل القواعد الوىل احلقيقية اليت صاغها (فرانسيس بيكون)‬
‫واملعروفة ابمس (قنص ابن) ‪ la chasse de pan‬ويقصد هبا (بأن) الطبيعة اللكية أو الكون‬
‫مبعىن أآخر اس تعامل تنويع التجربة وقاعدة اطالهتا وقاعدة نقل التجربة وقلهبا واس تعامل لوحات‬
‫احلضور والغياب لوحة تفاوت ادلرجات والاحنراف ولهذا القنص مرحلتان‪ ،‬املرحةل الوىل يه‬
‫مرحةل التجريب واملرحةل الثانية يه مرحةل ما يسمونه بتسجيل التجربة أو امس اللوحات(‪.)3‬‬
‫اضافة أخرى يف جمال امليدان التجرييب واليت قدهما (ميل ‪ )Mill‬بعد الانتقادات اليت‬
‫وهجت لبيكون فركز ميل وتبعا لحباث (هرشال) ‪ Herschel‬عىل القواعد أو اللواحئ امخلس‬
‫والرضورية كخطوات لبد مهنا يف املهنج التجرييب والهدف من هذا اكتشاف القوانني ابثبات‬
‫روابط علية بني الظواهر بعضها ببعض وتنحرص هاته املناجه يف مهنج التفاق ومهنج الافرتاق‪،‬‬
‫املهنج املزدوج لالفرتاق والتفاق‪ ،‬ومهنج البوايق‪ ،‬ومهنج املتغريات املساوقة(‪.)4‬‬
‫تقيمي املهنج التجرييب‪ :‬يعترب املهنج التجرييب من أكرث املناجه كفاءة يف الوصول اىل نتاجئ دقيقة‬
‫مبنية عىل التجارب العلمية والقياس ادلقيق وأمه ممزياته‪:‬‬
‫‪ -‬تكرار التجربة من طرف أكرث من ابحث مما يدل عىل صدق النتاجئ‪.‬‬
‫‪ -‬ضبط املتغريات املتعلقة مبوضوع التجربة يساعد عىل قياس تأثريها‪.‬‬
‫‪ -‬صعوبة قدرة الباحث عىل حتديد الدوات املناس بة للتجربة وصعوبة التأكد من موضوعية‬
‫أطراف التجربة(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬عامر عوابدي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.220‬‬


‫(‪ )2‬خادل حامد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.60‬‬
‫(‪ )3‬عبد الرمحن بدوي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.161-157‬‬
‫(‪ )4‬ملعرفة املزيد راجع‪:‬‬
‫‪ -‬عبد الرمحن بدوي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.162 -161‬‬
‫(‪ )5‬عامر بوحوش‪ ،‬محمد اذلنيبات‪ ،‬مهنجية البحث العلمي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.117‬‬
‫‪ -‬عامر بوحوش‪ ،‬محمد محمود اذلنيبات‪ ،‬مناجه البحث العلمي وطرق اعداد البحوث‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.127‬‬
‫‪- 82 -‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬ابخلري دراج‬

‫املطلب الثاين‪ :‬املهنج التارخيي واملهنج اجلديل‬


‫الفرع الول‪ :‬املهنج التارخيي‬
‫ل يوجد اختالف حول أمهية التارخي ومعرفة املايض لنه العمل الكرث ارتباطا بلك‬
‫العلوم‪ ،‬ذلكل جند جمال الاهامتم قد فاق التصور حيث أوىل العديد من الباحثني يف عمل‬
‫الس ياس ية و القانون ابملهنج التارخيي يف دراساهتم وأصبح املزيد من البحوث تستند اىل‬
‫دراسات وواثئق اترخيية كجزء أسايس من هذه البحوث(‪.)1‬‬
‫يتكون التارخي من وقائع حدثت مرة واحدة واىل البد بيامن يتكون العمل من حقائق‬
‫قابةل دامئا لن تعود ويمتزي الزمان بعدم قابلية العادة‪ ،‬لن الصفة الساس ية هل يه الاجتاه قُدما‬
‫اىل الوراء ودون تكرار(‪.)2‬‬
‫يقوم املهنج التارخيي يف جمال البحث العلمي عىل تعقب وتتبع الظاهرة اترخييا من خالل‬
‫الحداث والوقائع اليت أثبهتا املؤرخون أو اليت تناقلهتا الرواايت‪ ،‬وتعمتد ادلراسة من خالل‬
‫التعرف عىل جزئياهتا وختصيص هذه اجلزئيات وحتديد العالقات اليت تربط بيهنا وبني احلدث‬
‫اذلي يمت دراس ته اترخييا‪ ،‬ومدى توافقه مع الطار العام حلركة املوضوع(‪.)3‬‬
‫أول‪ :‬مفهومه‪ :‬املهنج التارخيي مكهنج من مناجه البحث العلمي هل مجموعة من التعريفات ونذكر مهنا‪:‬‬
‫‪ -‬بأنه مهنج ت ُّعول عليه العلوم اليت تدرس املايض ويعمتد هذا املهنج عىل امجلع والانتقاء‬
‫والتصنيف وتأويل الوقائع‪ ،‬وخيول للمؤرخ الاهتداء اىل الواقعة اليت اختلفت ابعتبارها نقطة‬
‫البدء يف املهنج التارخيي(‪.)4‬‬
‫‪ -‬مجموعة من الطرائق والتقنيات اليت يتبعها الباحث التارخيي واملؤرخ للوصول اىل احلقيقة‬
‫التارخيية واعادة بناء املايض بلك دقائقه وزواايه‪ ،‬وكام اكن عليه يف زمانه وماكنه وجبميع تفاعالت‬
‫احلياة فيه‪ ،‬وهذه الطرائق قابةل دوما للتطور والتاكمل مع تطور املعرفة النسانية وتاكملها وهنج‬
‫اكتساهبا(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬بومدين طامشة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.97‬‬


‫(‪ )2‬عبد الرمحن بدوي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.183‬‬
‫(‪ )3‬محمد عبد الغين سعودي‪ ،‬حمسن أمحد اخلضريي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.43‬‬
‫(‪ )4‬محمد محمد قامس‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.61-60‬‬
‫(‪ )5‬عامر عوابدي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.259‬‬
‫‪- 83 -‬‬
‫ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -‬وهو املهنج اذلي يعمتد عىل الواثئق التارخيية ملعرفهتا ونقدها‪ ،‬ليحاول بعدها الباحث الانتقال‬
‫اىل املرحةل أخرى يه الرتكيب‪ ،‬ليمت التأليف بني هذه احلقائق وتفسريها وذكل من خالل فهم‬
‫احلارض انطالقا من املايض(‪.)1‬‬
‫‪ -‬املهنج التارخيي هو الطريق اذلي يربط بني احلارض واملايض واملتوقع فهو املهنج الاس تقصايئ‬
‫يف ادلراسات العلمية والاجامتعية والنسانية‪ ،‬مبعىن عدم التقيد ابدلراسات التارخيية كعمل فقط‪،‬‬
‫بل أمهيته تسع دراسة خمتلفة العلوم(‪.)2‬‬
‫‪ -‬ويس تخلص الس تاذ "عامر عوابدي" قوهل بأن املهنج التارخيي هو مهنج البحث العلمي يقوم‬
‫ابلكشف عن احلقائق التارخيية من خالل تركيب الحداث وحتليل الوقائع املاضية املسجةل يف‬
‫الواثئق التارخيية‪ ،‬واعطاء تفسريات‪ ،‬وتنبؤات علمية عامة يف صورة قوانني ونظرايت عامة‬
‫واثبتة نسبيا(‪.)3‬‬
‫‪ -‬حماوةل " لويس كوهني" يف تعريف املهنج التارخيي تضاف اىل احملاولت اجلادة يف هذا الصدد‬
‫فيقول‪ :‬هو معلية منظمة وموضوعية لكتشاف الدةل‪ ،‬وحتديدها وتقييدها والربط بيهنا من أجل‬
‫اثبات حقائق معينة‪ ،‬واخلروج مهنا ابس تنتاجات تتعلق بأحداث جرت يف السابق فهو معل يمت‬
‫بروح التقيص الناقد لعادة البناء‪ ،‬ليحقق غرضا صادقا أمينا لعرص مىض(‪.)4‬‬
‫اثنيا‪ :‬عنارص ومراحل املهنج التارخيي‪ :‬تعترب عنارص ومراحل املهنج التارخيي يه نفس خطوات‬
‫املهنج العلمي ويه‪:‬‬
‫‪ -1‬حتديد موضوع البحث التارخيي‪ :‬ويه الفكرة احملركة واملوهجة للبحث العلمي التارخيي حىت‬
‫الوصول اىل فرضيات ونظرايت وقوانني علمية اثبتة وعامة تفرس وتكشف احلقيقة العلمية‬
‫التارخيية لهذه املشلكة اليت تعترب من أمه وسائل جناح البحث التارخيي للوصول اىل احلقيقة(‪،)5‬‬
‫فتحديد البعاد احلقيقة للموضوع وحتديد الس باب همم لقناع القارئ عىل التربير املوضوعي‬
‫لختيار موضوع البحث لتحديد مضامينه وخلفياته‪.‬‬
‫‪ -2‬مجع وحرص الواثئق التارخيية املتعلقة ابلوقائع والحداث‪ :‬ل ميكن أن يقوم التارخي ال عىل‬
‫أساس من الواثئق وهذه الواثئق تنقسم اىل أآاثر أو خملفات خطية‪ ،‬أو رواايت أو نقوش‪،‬‬
‫(‪ )1‬ادريس خفور‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.28‬‬
‫(‪ )2‬عقيل حسني عقيل‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.58‬‬
‫(‪ )3‬عامر عوابدي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.259‬‬
‫(‪ )4‬منقول عن‪ - :‬ادريس الفاخوري‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.34‬‬
‫(‪ )5‬عامر عوابدي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.263‬‬
‫‪- 84 -‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬ابخلري دراج‬

‫ولهذا جيب أن تكون اخلطوة الوىل يف املهنج التارخيي يه خطة البحث عن الواثئق‪ .‬وأصل‬
‫اللكمة هو يوانين تدل عىل البحث و معىن هذه اللكمة حماوةل اجياد الدةل الاكفية واملمكن‬
‫اجيادها واملتعلقة حبادث من الحداث التارخيية(‪.)1‬‬
‫بعد حتديد الباحث لالشاكلية وحتديد موضوع حبثه يلتجأ اىل مجع الواثئق كام يسمهيا‬
‫البعض (التقميش) (‪ ،)2‬ليلجأ الباحث اىل التارخي يستنطقه بشأن احلادثة اليت احتضهنا يف حقبة‬
‫من الزمن‪ ،‬وحيث أن الواقعة التارخيية فردية ل تتكرر فالباحث يتجه اىل الشهود اذلين‬
‫شاهدوا احلادثة أو اذلين جسلوها نقال عن من شاهدها ويقوم الباحث ببياانته من مجموعة من‬
‫املصادر بش ىت أنواعها السجالت الرمسية وغري الرمسية‪ ،‬والحاكم القضائية‪ ،‬وجسالت احلالت‬
‫املدنية‪ ،‬التجارية‪ ،‬والرش يف والتقارير الس نوية وجسالت النوادي وامجلعيات والتقارير الرمسية‪،‬‬
‫وحمارض اجللسات‪ ،‬وجسالت الصادرات والواردات‪ ،‬والعقود الفردية‪ ،‬وكذكل التقارير الصحفية‬
‫واملكتبات واملتاحف والحصاءات واحلساابت واملدوانت واحلوليات وغريها(‪ ،)3‬والواثئق‬
‫التارخيية تتعدد أنواع التقس اميت اخملتلفة للدةل التارخيية‪ ،‬وهته التقس اميت تتنوع وتتعدد بدورها‬
‫وفقا لختالف علامء وفالسفة التارخي ولختالف الزوااي اليت ينظر من خاللها اىل الواثئق‬
‫التارخيية وتنقسم هذه الواثئق ابلشلك التايل‪:‬‬
‫‪ -‬أنواع الواثئق التارخيية عىل أساس تقس مي الرواايت املأثورة واخمللفات‬
‫‪ -‬عىل أساس تقس ميها اىل واثئق ومصادر أصلية وأولية واىل مصادر مش تقة وغري أصلية عىل‬
‫أساس تقس ميها اىل واثئق وأآاثر غري مكتوبة وأآاثر مكتوبة‪ ،‬واثئق حسب القامئة(‪.)4‬‬
‫‪ -3‬نقد وتقيمي الواثئق التارخيية‪ :‬والقصد من معلية تقيمي الواثئق التارخيية بعملية النقد وتتطلب‬
‫هذه العملية صفات خاصة يف الباحث التارخيي اكحلس التارخيي‪ ،‬اذلاكء‪ ،‬الدراك‪ ،‬واملعرفة‬
‫الواسعة والثقافة اخملتلفة والقدرة القوية‪.)5( ...‬‬

‫(‪ )1‬عبد الرمحن بدوي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.184‬‬


‫(‪ )2‬التقميش يعين امجلع‪ ،‬فيقول احملدث حيي بن معني‪ :‬اذا كتبت فقمش واذا حدثت ففتش‪.‬‬
‫(‪ )3‬راجع ابلتفصيل‪ :‬محمد شليب‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.61‬‬
‫(‪ )4‬عامر عوابدي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.269 -266‬‬
‫(‪ )5‬عبد الرمحن بدوي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.184 -183‬‬
‫‪ -‬هناك نقد خارج ونقد داخيل للواثئق التارخيية أنظر‪:‬‬
‫عامر عوابدي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.276 -271‬‬
‫‪- 85 -‬‬
‫ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -4‬معلية الرتكيب والتفسري التارخيي والقصد من هذا صياغة الفرضيات والقوانني املفرسة‬
‫للحقيقة التارخيية‪ ،‬ويه املرحةل الخرية من مراحل املهنج التارخيي مبعىن تنظمي احلقائق التارخيية‬
‫اجلزئية املتناثرة واملتفرقة من أجل بناهئا يف احلارض وجيه من مايض النسانية(‪.)1‬‬
‫الفرع الثاين‪ :‬املهنج اجلديل‬
‫أول‪ :‬مفهومه‪ :‬يسم ابملهنج ادلايليكتييك وادلايليكتيك أصال من احلوار وقد عرفها أرسطو بأهنا‬
‫فن الربهنة‪ ،‬والنقض‪ ،‬ومواهجة اخلصم ابلنقائض‪ ،‬ولكهنا يف احلقيقة يه فن التوصل اىل معرفة‬
‫حصيحة اذ تقتيض التيقن من رأي الفكرة املطروحة ومعرفة الرأي اخملالف (النقيض) للوصول‬
‫اىل احلقيقة الاكمةل‪ ،‬فادلايليكتيكية يه نوع من الكينونة ويصح القول ابدلايليتيكية عن لك واقع‬
‫انساين(‪.)2‬‬
‫ادلايليكتيك مصطلح يوانين مش تق من (دايلوج) أي احملادثة واجملادةل وفالسفة‬
‫اليوانن يقصدون ابجلدل املهنج العقيل للوصول اىل كشف احلقائق من خالل التناقص اذلي‬
‫يصطدم فيه اخلصم مع دحض احلجة والقضاء علهيا‪ ،‬ومن خالل وقوع اخلصم يف التناقض‬
‫والوصول اىل احلقائق يف املذهب ادلايليكتييك(‪.)3‬‬
‫ويرتكز املهنج ادلايليكتييك عىل احلقيقة القائةل بأن لك الش ياء والظواهر والعمليات‬
‫واحلقائق الطبيعية والاجامتعية والانسانية والاقتصادية والس ياس ية يف العمل يه دامئا يف‬
‫حالت تناقض ورصاع وتفاعل داخيل قوي حمرك ودافع للحركة والتغيري والتطور فالظواهر‬
‫والعمليات يه دامئا يف حاةل حركة وتغري نتيجة للتناقض والرصاع ادلاخيل‪.‬‬
‫يعمتد املهنج اجلديل عىل طرح الفاكر‪ ،‬كام أنه فن للحوار يرتكز عىل تقدمي الدةل‬
‫لثبات حصة القضااي املطروحة مما يسامه يف حترير العقل من بعض القوالب الفكرية اجلامدة‬
‫ويرثي الفكر النقدي اذلي يقر ابلتعدد الفكري(‪.)4‬‬
‫تكون الظاهرة‪ ،‬ويدرس مدى‬ ‫ويُعرف بأنه املهنج اذلي يبحث عن الجزاء اليت ّ‬
‫تناقضها ويبحث يف اماكنية حدوث الرصاع بني هاته الجزاء داخل الظاهرة(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬صالح ادلين رشوخ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪138‬‬


‫(‪ )2‬ادريس الفاخوري‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.44‬‬
‫(‪ )3‬عامر عوابدي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.230‬‬
‫(‪ )4‬خادل حامد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.72‬‬
‫(‪ )5‬أمحد درداري‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.87‬‬
‫‪- 86 -‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬ابخلري دراج‬

‫اثنيا‪ :‬خصائص املهنج اجلديل (ادلايليكتييك)‪ :‬هل مجموعة من اخلصائص حناول أن نوجزها فامي‬
‫س يأيت‪:‬‬
‫‪ -1‬فهو مهنج علمي موضوعي للبحث والتحليل والرتكيب والتفسري واملعرفة‪ ،‬أي يعمتد عىل‬
‫املفاهمي العلمية املوضوعية يف تفسري وطباع الش ياء‪.‬‬
‫‪ -2‬مهنج عام وشامل ولكي يف كشف ومعرفة وتفسري لك الظواهر والعمليات النظرية والطبيعية‬
‫والاجامتعية‪.‬‬
‫‪ -3‬طريقة معلية شامةل يف معرفة الظواهر والعمليات والفاكر من حيث التفسري والرتكيب يف‬
‫ذات الوقت‪.‬‬
‫‪ -4‬مهنج علمي بعد تطوره أصبح يطبق يف ادلراسات املرتبطة بواقع احلياة(‪.)1‬‬
‫اثلثا‪ :‬ممزياته‪ :‬يمتزي املهنج اجلديل بعلميته وموضوعيته من هجة‪ ،‬وبفلسفيته من هجة أخرى وهو‬
‫مهنج يصلح للحباث النظرية والعلمية يف نفس الوقت‪ ،‬وهبذا فهو مهنج يصلح للبحث يف‬
‫خمتلف العلوم اليت تقع خارج نطاق الاس تدلل(‪.)2‬‬
‫وقمية املهنج اجلديل يف جمال العلوم النسانية فهو املهنج العلمي املوضوعي الشامل‬
‫والصاحل لدلراسات العلمية الاجامتعية‪ ،‬الاقتصادية الس ياس ية ‪ ،‬القانونية‪ ،‬لنه انبثق أصال من‬
‫ميدان دراسات هته العلوم‪ ،‬فهو اذا مهنج علمي أصيل ابلعلوم الاجامتعية والقانونية والدارية‬
‫وحقل أصيل لتطبيق وأعامل املهنج ادلايليكتييك(‪.)3‬‬
‫املبحث الثاين‪:‬‬
‫املناجه العلمية الثانوية‬
‫تعترب املناجه العلمية الثانوية مناجه لها دور اجيايب يف جمال البحث العلمي وختتلف‬
‫املناجه ابختالف التخصصات والعلوم‪ ،‬لكن ياكد اخملتصون ُجيمعون عىل أهنا املناجه املوضوعية‬
‫والجرائية ابعتبارها مناجه تطبيقية ختصصية لك مهنا خيتص ابس تعامهل يف فرع معريف علمي معني‬
‫وأغلب الفقه املهنجي متفق علهيا فيتناولها عىل الشلك الآيت‪ :‬املهنج املقارن‪ ،‬الوصفي‪ ،‬املهنج‬
‫التحلييل‪ ،‬مهنج دراسة حاةل‪.‬‬
‫(‪ )1‬راجع‪:‬‬
‫‪ -‬عامر عوابدي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.246 -245‬‬
‫‪ -‬أمحد درداري‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.88‬‬
‫(‪ )2‬صالح ادلين رشوخ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.147‬‬
‫(‪ )3‬عامر عوابدي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.255‬‬
‫‪- 87 -‬‬
‫ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫املطلب الول‪ :‬املهنج املقارن واملهنج الوصفي‬


‫الفرع الول‪ :‬املهنج املقارن‪:‬‬
‫لقد لقت ادلراسات املقارنة اهامتما كبريا دلى املؤرخني والاقتصاديني ورجال القانون‬
‫من النظرة التارخيية البحتة‪ ،‬ورمغ أن املقارنة ابملفهوم احلديث مكهنج قامئ بذاته حديث النشأة‬
‫فان معلية املقارنة قدمية قدم الفكر النساين اذ أكد " أنسل" (‪ )Ancel‬ان أرسطو وأفالطون‬
‫اس تخدما املقارنة كوس يةل للحوار يف املناقشة من أجل قبول أو رفض القضااي املطروحة(‪.)1‬‬
‫ان املهنج املقارن احلديث واملعارص مازال يعد من أمه املناجه املس تخدمة يف العلوم‬
‫الاجامتعية والنسانية وتقوم املقارنة يف العلوم الاجامتعية مقام التجربة يف العلوم الطبيعية وحتقق‬
‫الكثري من الوظائف(‪ .)2‬ويعترب املهنج املقارن من املناجه الشائع اس تخداهما يف البحوث القانونية‪،‬‬
‫حيث ينذر أن يقترص البحث عىل دراسة الظاهرة يف القانون اجلزائري دون التعرض لها يف‬
‫القانون الفرنيس أو الرشيعة السالمية مثال‪ ،‬بل أن جودة البحث ومعقه يقاس مبدى اطالع‬
‫الباحث عىل الظاهرة يف البالد اخملتلفة(‪.)3‬‬
‫املهنج املقارن شعبة علمية حديثة سامه يف بلورهتا لك من عمل النرتوبولوجيا وعمل‬
‫القانون وتقوم عىل أساس مقارنة النظمة القانونية واس تخراج أوجه الش به والاختالف فهيا‪،‬‬
‫ولقد أنعقد أول مؤمتر للقانون املقارن يف ابريس عام ‪ 1900‬حيث مث التفاق عىل تعريف املهنج‬
‫املقارن كداة معلية تس هتدف اس تخراج القوانني اليت حتمك العالقات الاجامتعية(‪.)4‬‬
‫أول‪ :‬تعريف املهنج املقارن‪ :‬اختلفت الآراء حول معىن ادلراسة املقارنة‪ ،‬غري أهنا تاكد تنطلق‬
‫مجيعا من أدبيات " جون ستيوارت ميل" اذلي عرفها بأهنا " دراسة ظواهر متشاهبة أو‬
‫متناظرة يف جممتعات خمتلفة‪ ،‬أو يه التحليل املنظم لالختالفات يف موضوع أو أكرث عرب جممتعني‬
‫أو أكرث"(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬خادل حامد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.74‬‬


‫(‪ )2‬محمد شليب‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪. 70‬‬
‫(‪ )3‬الس يد متام‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.84‬‬
‫(‪ )4‬أمحد خروع‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.35‬‬
‫(‪ )5‬منقول عن‪:‬‬
‫‪ -‬محمد شليب‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.70‬‬
‫‪ -‬بومدين طامشة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.118‬‬
‫‪- 88 -‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬ابخلري دراج‬

‫‪ -‬هو مقابةل الحداث والآراء بعضها ببعض لكشف ما بيهنا من وجوه ش به أو عالقة واملقارنة‬
‫واملوازنة للعلوم النسانية مبثابة املالحظة والتجربة من العلوم الطبيعية(‪.)1‬‬
‫‪ -‬يعترب املهنج اذلي يس تعمل املقارنة كداة معرفية ويس تخدم أساسا يف ادلراسات الاجامتعية كام‬
‫لحظ ذكل (دوراكمي) فاملقارنة حتل حمل التجربة يف ادلراسات النسانية(‪.)2‬‬
‫املهنج املقارن هو املهنج اذلي يتبعه الباحث يف مقارنته للظواهر حمل البحث وادلراسة‬
‫من أجل معرفة العنارص اليت تتحمك يف أوجه الاختالف والتشابه يف تكل الظواهر ويس هتدف‬
‫هذا املهنج التفسري العلمي بواسطة كشفه للعالقات بني الظواهر(‪.)3‬‬
‫‪ -‬العملية العقلية اليت تمت بتحديد أوجه الش به والاختالف بني حادثتني اجامتعيتني أو أكرث‬
‫نس تطيع من خاللها احلصول عىل معارف أدق منزي هبا موضوع ادلراسة احملددة(‪.)4‬‬
‫اثنيا‪ :‬ممزيات املهنج املقارن‪ - :‬من بني السامت الساس ية للمهنج املقارن يف ادلراسات القانونية‬
‫أنه يساعدان عىل معرفة أوجه الش به والاختالف بني الامنذج الاجامتعية والنظم القانونية‪،‬‬
‫ويسمح بتحديد مس توى الاحتاكك والانتفاع احلضاري‪.‬‬
‫‪ -‬يسمح املهنج املقارن مبعرفة السلبيات والاجيابيات يف الظواهر والامنذج املدروسة وهو ما‬
‫يفسح اجملال يف فتح الربامج العلمية لسد الثغرات واثراء اجلوانب الجيابية‪.‬‬
‫‪ -‬معرفة أس باب التطور يه معرفة قواعد تطور اجملمتعات وتتبع املراحل الزمنية يف تطورها(‪.)5‬‬
‫اثلثا‪ :‬فوائده يف ادلراسات القانونية‪ - :‬التقريب بني الشعوب وازاةل اجلهل واللبس من خالل‬
‫التعرف عىل قوانني ادلول الخرى‪.‬‬
‫‪ -‬معرفة الظروف الاجامتعية والاقتصادية وادلينية والتارخيية اليت أفرزت قانوان أو تنظامي معينا‪.‬‬
‫‪ -‬الاطالع عىل القوانني الجنبية اذلي من شأنه تزويد القارئ مبعلومات قانونية متنوعة مما ميكّن‬
‫من احلمك املوضوعي عىل القانون الوطين والوقوف عىل ما به من عيوب ومزااي(‪.)6‬‬

‫(‪ )1‬الس يد متام‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.83‬‬


‫(‪ )2‬أمحد خروع‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.34‬‬
‫(‪ )3‬عبد النور انج‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.106-105‬‬
‫(‪ )4‬فتيحة حزام‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.96‬‬
‫(‪ )5‬أمحد خروع‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.36-35‬‬
‫(‪ )6‬يعترب الفقيه املرحوم "عبد الرمحن الس هنوري" من أرىس دعامئ مهنج ادلراسة القانونية املقارنة‪ ،‬خصوصا بني الرشيعة‬
‫السالمية والقوانني الغربية ‪ ،‬راجع ابلتفصيل‪:‬‬
‫‪ -‬الس يد متام‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.86-84‬‬
‫‪- 89 -‬‬
‫ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الفرع الثاين‪ :‬املهنج الوصفي‬


‫أول‪ :‬املقصود ابملهنج الوصفي‪ :‬وهو البحث اذلي هيدف اىل دراسة ووصف خصائص وأبعاد‬
‫ظاهرة من الظواهر يف اطار معني يمت من خالهل جتميع البياانت واملعلومات الالزمة عن هذه‬
‫الظاهرة‪ ،‬وتنظمي هذه البياانت وحتليلها للوصول اىل أس باب هذه الظاهرة وابلتايل اس تخالص‬
‫نتاجئ ميكن تعمميها مس تقبال(‪.)1‬‬
‫‪ -‬عبارة عن ذكل املهنج اذلي يعمتد عىل املالحظة بأنواعها ابلضافة اىل معليات التصنيف‬
‫والحصاء مع بيان وتفسري تكل العمليات‪ ،‬ويعترب املهنج الوصفي أكرث مناجه البحث مالءمة‬
‫للواقع الاجامتعي ويأيت عىل مرحلتني الوىل مرحةل الاس تكشاف والصياغة‪ ،‬والثانية مرحةل‬
‫التشخيص والوصف(‪.)2‬‬
‫‪ -‬يرى (ويثين) أن هذا املهنج يعمتد عىل جتميع احلقائق واملعلومات مث مقارنهتا وحتليلها وتفسريها‬
‫للوصول اىل تعماميت مقبوةل(‪.)3‬‬
‫‪ -‬يرى (حشاته سلامين محمد سلامين) بأن املهنج الوصفي هو مجموعة الجراءات البحثية اليت‬
‫تتاكمل لوصف الظاهرة اعامتدا عىل مجع احلقائق لتصنيفها وحتليلها حتليال اكفيا لس تخالص‬
‫دللهتا والوصول اىل نتاجئ عن الظاهرة حمل البحث(‪.)4‬‬
‫اثنيا‪ :‬خطوات املهنج الوصفي‪ :‬ميكننا اس تخالص خطوات هذا املهنج السايس يف عمل املناجه‬
‫ونشري الهيا كام ييل‪:‬‬
‫أ‪ -‬تعريف وحتديد الظاهرة املراد وصفها (الاشاكلية البحثية وفرضيات)‪.‬‬
‫ب‪ -‬مجع البياانت من داخل وخارج الظاهرة‪.‬‬
‫ج‪ -‬حتليل عنارص الظاهرة بطريقة معلية موضوعية مث تصنيفها‪.‬‬
‫د‪ -‬تأصيل عنارص الظاهرة يف شلك تعماميت علمية‪.‬‬
‫ه – الاس تعانة بأدوات املهنجية املس تخدمة يف عمل املناجه (مجع املعلومات)‪.‬‬
‫و‪ -‬نقد مراحل البحث الوصفي وتقيمي النتاجئ قبل البناء علهيا‪.‬‬
‫ز‪ -‬اس تخالص النتاجئ وحتديدها‪ ،‬والالزتام بنتاجئ حتليل الظاهرة(‪.)5‬‬
‫(‪ )1‬محمد عبد الغين سعودي‪ ،‬حمسن أمحد اخلرضي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.51-50‬‬
‫(‪ )2‬محمد محمد قامس‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.60‬‬
‫(‪ )3‬ادريس خفور‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.28‬‬
‫(‪ )4‬حشاته سلامين محمد سلامين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.337‬‬
‫(‪ )5‬تويم ألكي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.178‬‬
‫‪- 90 -‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬ابخلري دراج‬

‫املطلب الثاين‪ :‬املهنج التحلييل ومهنج دراسة حاةل‬


‫الفرع الول‪ :‬املهنج التحلييل (حتليل املضمون)‪:‬‬
‫مهنج حتليل املضمون هو أداة للبحث ظهرت أمهيته يف العالم‪ ،‬نظرا ملا حتتهل معليات‬
‫التصال أو التواصل كام هل ماكنة رئيس ية يف العالقات الاجامتعية بني الناس وتأثريها عىل‬
‫معتقداهتم ومواقفهم الاجامتعية(‪ .)1‬يُس تخدم هذا املهنج يف حتليل الوضاع الاجامتعية‬
‫الاقتصادية والس ياس ية القامئة يف أي جممتع يف املايض واحلارض واملس تقبل وهذا النوع من‬
‫الحباث مفيد يف معرفة عوامل التغري الاجامتعي وردود فعل الناس لقرارات القيادة‬
‫الس ياس ية(‪.)2‬‬
‫أول‪ :‬القصد منه‪ :‬معىن التحليل‪ :‬يه معلية مالزمة للفكر النساين تس هتدف ادراك الش ياء‬
‫بوضوح من خالل عزل عنارصها بعضها عن بعض ومعرفة خصائصها وهذه يه الفكرة العامة‬
‫ملسأةل التحليل‪.‬‬
‫معىن املضمون‪ :‬يشري مصطلح املضمون أو احملتوى ملا قد يكون عبارة عن أنشطة أو‬
‫أعامل عادية تمت عىل مس توى املؤسسات اخملتلفة (واثئق‪ ،‬قرارات‪ ،‬عقود ‪ )...‬ذلكل فقد تكون‬
‫الصحف أو الواثئق الدارية أو بعض الظواهر الاجامتعية مادة للتحليل وادلراسة(‪ )3‬وبصفة‬
‫عامة فان املادة احمللةل (املضمون احمللل) ميثل للباحث املادة اخلام اليت تشلك البياانت اليت‬
‫يعمتد علهيا يف حبثه(‪.)4‬‬
‫‪ -‬املهنج التحلييل مهنج نوعي أسايس يكرس دور العقل واعتباره املصدر الهنايئ للمعرفة مبا يقوم‬
‫به من معليات حتليل الفاكر والصور اذلهنية املكتس بة سواء مهنا املكتوبة أو غري املدونة مثل‬
‫املرئيات أو املسموعات أو احملسوسات‪ ،‬ومن املهم القول بأن املهنج التحلييل هو حقيقي بني‬
‫العقل والواقع‪ ،‬والواقع بأوسع معانيه‪ ،‬الفاكر‪ ،‬النصوص‪ ،‬القوال‪ ،‬احملسوسات‪ ،‬املرئيات‬
‫واملسموعات‪...‬اخل(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬أمحد درداري‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.114‬‬


‫(‪ )2‬عامر بوحوش‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.43‬‬
‫(‪ )3‬هو خمتلف الواثئق والقرارات وحول دلةل الظاهرة الاجامتعية راجع‪ :‬عبد النور انج‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪-137‬‬
‫‪.140‬‬
‫(‪ )4‬خادل حامد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.66-65‬‬
‫(‪ )5‬تويم ألكي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.181-180‬‬
‫‪- 91 -‬‬
‫ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -‬حتليل احملتوى هو رد حمتوى اليشء أو الفكرة أو اخلطاب احمللل اىل عنارصه الولية‬
‫البس يطة‪ ،‬مبعىن أهنا ختالف املركب احمللل يف خصائصه(‪.)1‬‬
‫يعرف بأنه أسلوب أو أداة للبحث العلمي‪ ،‬ميكن أن يس تخدهما الباحثون يف جمالت حبثية‬ ‫‪ّ -‬‬
‫متنوعة وعىل الخص يف عمل العالم لوصف حمتوى الظاهر واملضمون الرصحي للامدة العالمية‬
‫املُراد حتليلها تلبية لالحتياجات البحثية املصاغة يف تساؤلت البحث‪ ،‬طبقا للتصنيفات‬
‫املوضوعية اليت حيددها الباحث وذكل هبدف اس تخدام هذه البياانت‪.)2( ...‬‬
‫‪ -‬يعرف (اكبالن) حتليل املضمون عىل أنه العد الحصايئ للمعاين اليت تتضمهنا املادة الساس ية‬
‫اخلاضعة للتحليل لس تخالص نتاجئ علمية‪ ،‬كام يعرفه (جانيس) بأنه أسلوب حبث هيدف اىل‬
‫تبويب خصائص املضمون يف فئات‪ ،‬وفقا لقواعد حيددها احمللل ابعتباره ابحثا علميا(‪.)3‬‬
‫وفقا ملا مت ذكره من تعريفات مفهنج حتليل املضمون هو مهنج علمي هيدف اىل الوصف‬
‫املوضوعي املهنجي املنظم ملضامني وسائل التصال امجلاهريي‪ ،‬مبا تنطوي عليه هذه املضامني من‬
‫أبعاد س ياس ية‪ ،‬اجامتعية‪ ،‬اقتصادية‪.)4( ...‬‬
‫اثنيا‪ :‬خصائص حتليل املضمون‪ :‬يمتزي املهنج التحلييل خبصائص عقلية وفنية وواقعية لضامن‬
‫الوصول اىل نتاجئ تعرب وحبق عن حقيقة الفاكر والظواهر والسلواكت‪ ،‬وميكن تلخيص هذه‬
‫اخلصائص عىل النحو التايل(‪:)5‬‬
‫‪ -1‬يرتبط هذا املهنج مبفهوم املفكرين ملصادر املعرفة‪ ،‬ذلكل فهو مهنج الفكر والواقع وهو من‬
‫أقدم املناجه الفكرية املعارصة‪.‬‬
‫‪ -2‬مهنج يس توعب بكفاءة عالية لك القواعد املهنجية املعروفة مثل املالحظة‪ ،‬الاس تقراء‪،‬‬
‫الوصف‪ ،‬التحليل‪ ،‬املقارنة‪ ،‬ويعمتد عىل العقل والواقع واملصطلحات‪...‬‬

‫(‪ )1‬صالح ادلين رشوخ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.160‬‬


‫(‪ )2‬وهو تعريف الس تاذ (مسري حسني)‪ ،‬راجع‪:‬‬
‫‪ -‬محمد شليب‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.231-230‬‬
‫(‪ )3‬هناك مجموعة من املفاهمي‪ ،‬راجع‪:‬‬
‫‪ -‬بومدين طامشة‪ ،‬عبد النور انج‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.182-179‬‬
‫‪ -‬يعرف املؤلفان هذا املهنج بأنه هيدف اىل الوصف املوضوعي املهنجي املنظم ملضامني وسائل التصال امجلاهريي‪ ،‬مبا‬
‫تنطوي عليه هذه املضامني من أبعاد س ياس ية واجامتعية واقتصادية‪.‬‬
‫(‪ )4‬بومدين طامشة‪ ،‬عبد النور انج‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.182‬‬
‫(‪ )5‬تويم ألكي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.199-197‬‬
‫‪- 92 -‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬ابخلري دراج‬

‫‪ -3‬يعترب أحسن طريقة عقلية وواقعية ملعرفة حقائق الفاكر والظواهر والسلواكت وحتديد‬
‫دللهتا‪.‬‬
‫‪ -4‬مهنج تاكميل ينطلق من الوصف مير عن طريق مجيع العمليات اذلهنية والعقلية‪.‬‬
‫‪ -5‬هذا املهنج أداة أساس ية لتطوير العمل واملعرفة‪.‬‬
‫‪ -6‬يؤكد اخملتصون عىل أنه ل عمل بغري التحليل‪ ،‬وأن احلقائق اليت يمت التوصل الهيا تاكد تفقد‬
‫مصداقيهتا لول التحليل‪.‬‬
‫‪ -7‬يمتزي أيضا بأنه املهنج اذلي جيمع اكفة طرق املعرفة اكلس تدلل‪ ،‬والاس تقراء‪ ،‬التفسري‪،‬‬
‫الاكتشاف ونقد الفاكر‪.‬‬
‫بيامن (بريلسون) قد خصصه كام ييل‪:‬‬
‫‪ -‬أنه يس تخدم يف العلوم الاجامتعية فقط ‪ -‬يس تخدم يف حتديد أآاثر التصال‪ -‬ل ينطق ال عىل‬
‫جوانب النحو والرصف يف اللغة‪.‬‬
‫‪ -‬ينبغي أن يكون موضوعيا – ينبغي أن يكون منظام وأن يكون مكيا(‪.)1‬‬
‫اثلثا‪ :‬خطوات املهنج التحلييل‪ :‬تبدأ هته اخلطوات ابلتعرف عىل املوضوع املُراد دراس ته وتنهتىي‬
‫ابلرتكيب التفسريي للنتاجئ ويه‪:‬‬
‫‪ -1‬التحديد ادلقيق للموضوع وهدفه وطبيعته‪.‬‬
‫‪ -2‬حتديد تقس اميت املوضوع‪ ،‬وحتليل احملتوى والاشاكلية والفروض‪.‬‬
‫‪ -3‬الاعامتد الصارم عىل قواعد مهنجية مرتابطة ومتاكمةل‪.‬‬
‫‪ -4‬نقد قواعد البحث والجراءات والنتاجئ‪.‬‬
‫‪ -5‬مقارنة الظواهر والفاكر ومعرفة أساليب البحث‪.‬‬
‫‪ -6‬حتديد العالقات بني الظواهر والفاكر واملصطلحات‪.‬‬
‫‪ -7‬املوضوعية يف التحليل والنقد واس تخالص النتاجئ(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬أمحد درداري‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.117‬‬


‫(‪ )2‬راجع‪:‬‬
‫‪ -‬تويم ألكي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.191‬‬
‫‪ -‬صالح ادلين رشوخ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪163‬‬
‫‪- 93 -‬‬
‫ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الفرع الثاين‪ :‬مهنج دراسة حاةل‬


‫يندرج دراسة حاةل مضن املناجه املالمئة اليت تساعد عىل كشف احلقيقة‪ ،‬فهو ليس‬
‫جمرد أداة مجلع البياانت كام هو الشأن اىل أسلوب حتليل املضمون‪ ،‬أو املالحظة‪ ،‬أو املقابةل‪،‬‬
‫لنه يشري أساسا اىل طريق معني يؤدي اىل الكشف عن احلقيقة واىل الكيفية اليت تمت هبا‬
‫ادلراسة(‪.)1‬‬
‫وهيدف مهنج دراسة حاةل اىل التعرف عىل وضعية واحدة معينة وبطريقة تفصيلية‬
‫ومبعىن أآخر فان احلاةل اليت يتعذر علينا أن نفهمها أو يصعب علينا فهمها‪ ،‬ميكننا أن نركز علهيا‬
‫مبفردها وجنمع مجيع البياانت‪ ،‬وتقوم بتحليلها والتعرف عىل جوهر موضوعها للوصول اىل نتيجة‬
‫واحضة(‪.)2‬‬
‫أول‪ :‬تعريف مهنج دراسة حاةل‪ - :‬يرى ادلكتور " عقيل حسني عقيل "‪ :‬بأنه املهنج اذلي هيمت‬
‫بدراسة الظواهر واحلالت الفردية‪ ،‬والثنائية وامجلاعية‪ ،‬ويركز عىل تشخيصها من خالل‬
‫املعلومات اليت مجعها وتتبع مصادرها يف احلصول عىل حقائق ونتاجئ ومعاجلات من خالل‬
‫دراس ته املتاكمةل(‪.)3‬‬
‫‪ -‬يه دراسة معمقة للعوامل املتشابكة اليت متثل جذور احلاةل وحمتوايهتا(‪.)4‬‬
‫‪ -‬مهنم من ّعرفه بأنه مهنج عن طريقه ميكن مجع البياانت ودراس هتا حبيث ميكن رمس صورة لكية‬
‫لوحدة معينة يف عالقاهتا املتنوعة وأوضاعها الثقافية(‪.)5‬‬
‫‪ -‬يُعد من أقدم املناجه الوصفية اليت اس تخدمت يف العلوم الاجامتعية والعلوم النسانية يبحث‬
‫بشلك متعمق يف العوامل املعقدة واملتعددة واليت تسهم يف تشكيل وحدة اجامتعية ما حيث‬
‫يس تعان بأدوات البحث العلمي املس تعمةل‪ ،‬ذكل أن ادلراسة ابس تعامل هذا املهنج تعمد اىل‬
‫عزل الظاهرة املدروسة مؤقتا عن الظواهر الخرى(‪.)6‬‬

‫(‪ )1‬محمد شليب‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.87‬‬


‫(‪ )2‬عامر بوحوش‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.40‬‬
‫(‪ )3‬عقيل حسني عقيل‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.129‬‬
‫(‪ )4‬صالح ادلين رشوخ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.156‬‬
‫(‪ )5‬وهو تعريف (فري تشايدل)‪ ،‬راجع‪:‬‬
‫‪ -‬عامر بوحوش‪ ،‬محمد محمود اذلنيبات‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.130‬‬
‫(‪ )6‬أمحد درداري‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.101-100‬‬
‫‪- 94 -‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬ابخلري دراج‬

‫‪ -‬ميثل مهنج دراسة حاةل طريقة للبحث يمت الرتكزي فهيا عىل حاةل معينة يقوم بدراس هتا وقد‬
‫تكون هذه احلاةل نظام أو فرد أو جامعة أو جممتع أو مؤسسة‪ ،‬وتكون دراس هتا بشلك‬
‫مس تفيض يتناول اكفة الظواهر واملتغريات املرتبطة هبا وتناولها ابلوصف الاكمل والتحليل(‪.)1‬‬
‫اثنيا‪ :‬خطوات مهنج دراسة احلاةل‪ :‬ملهنج دراسة احلاةل مجموعة من اخلطوات العلمية ويه‪ - :‬حتيد‬
‫الشاكلية البحثية والفروض العلمية والظاهرة املطلوبة‪ -.‬حتديد وضبط املفاهمي والفروض العملية‬
‫اليت يس تعني هبا الباحث‪ - .‬حتديد اترخي الظاهرة احلاةل وتطورها وتفاعلها‪ - .‬دراسة الواثئق‬
‫والسجالت وادلفاتر املتعلقة ابحلاةل‪.‬‬
‫‪ -‬اختيار العينة اليت متثل اجملمتع املبحوث‪ -.‬التحليل ادلقيق للمعلومات وتصنيفها ونقدها‪.‬‬
‫‪ -‬حتديد مراحل وأدوات البحث العلمي (املالحظة‪ ،‬املقابةل‪.)....‬‬
‫‪ -‬التأكد من قدرات اذلين س يجمعون البياانت ابملهمة املولكة الهيم‪ - .‬اس تخالص النتاجئ ووضع‬
‫التعماميت(‪.)2‬‬
‫اثلثا‪ :‬رشوط وقواعد مهنج دراسة احلاةل‪ - :‬دقة الباحث ومثابرته يف البحث حمل ادلراسة‪.‬‬
‫‪ -‬صياغة بناء نظري مناسب‪ ،‬وظيفته توجيه الباحث حنو البعاد املركزية من البحث‪.‬‬
‫‪ -‬توثيق املعلومات توثيقا علميا‪ - .‬يكون اهامتم الباحث ُمنصبا عىل احلاةل الواحدة‪.‬‬
‫‪ -‬النظر اىل الوحدة عىل أهنا لك مرتابط يستند ترابط أجزائه اىل مبادئ منطقية تشري اىل‬
‫وجود معىن مشرتك بني هذه الجزاء‪ - .‬ابراز الحداث الكرث تأثريا يف الوحدة‪.‬‬
‫‪ -‬الزامية دراسة العالقة القامئة بني الوحدة موضع ادلراسة والوسط املبارش أو غري املبارش(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬ملعرفة املزيد عن املفاهمي اخلاصة مبهنج دراسة حاةل‪ ،‬راجع‪:‬‬


‫‪ -‬بومدين طامشة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.134‬‬
‫(‪ )2‬أنظر‪:‬‬
‫‪ -‬تويم ألكي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.206-205‬‬
‫‪ -‬أمحد درداري‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.102‬‬
‫(‪ )3‬بومدين طامشة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.135‬‬
‫‪- 95 -‬‬
‫ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫املبحث الثالث‪:‬‬
‫املناجه العلمية الخرى)*(‬

‫نقصد هبا املناجه العلمية اليت يلتجأ الهيا الباحث لكن أمهيهتا ل تعلوا عىل املناجه العلمية‬
‫اليت مت ذكرها يف ادلراسات السابقة لكهنا مناجه ميكن الالتجاء الهيا يف بعض الحيان ويه املهنج‬
‫املسحي مث املهنج الحصايئ واملهنج النفيس‪ ،‬وعليه نقسم هذا املبحث اىل مطلبني الول‪،‬‬
‫حيتوي عىل املهنج املسحي واملطلب الثاين يتعلق ابملهنج الحصايئ واملهنج النفيس‪.‬‬
‫املطلب الول‪ :‬املهنج املسحي)**(‬

‫انه أحد املناجه العلمية املؤدية اىل اكتشاف العالقات الناجتة عن تداخل مجموعة من‬
‫املتغريات واليت تؤثر سلبا أو اجيااب عىل الظاهرة‪ ،‬مما يس توجب تقّص احلقائق عهنا ابجراء‬
‫مسح شامل للمجمتع واذلي يطلق عليه ابملسح العام عندما ل تس تثين أي مفردة‪ ،‬أما اذا‬
‫حدث الاس تثناء فيعين ذكل أنه حدث التخصيص اذلي ينحرص يف اختيار عينة من اجملمتع‬
‫والفرق بني املسح الشامل والعينة من حيث الهداف ومن حيث الفلسفة ومن حيث‬
‫المهية(‪.)1‬‬
‫ان ادلراسات املسحية ميكن القيام هبا‪ ،‬لكن هذا السلوب يس تعمل من طرف‬
‫اجليولوجيني للتعرف عىل طبقات الرض ومن طرف الطباء للتعرف عىل نوعية المراض‬
‫الكرث انتشارا ومن طرف الرشاكت ادلولية للتعرف عىل اذلوق امجلهور‪ ،‬ونوع البضائع اليت‬
‫يرغب يف رشاهئا ومن طرف الس تاذ ومن طرف الطالب(‪.)2‬‬
‫الفرع الول‪ :‬تعريفه‪:‬‬
‫‪ -‬مهنج املسح أو البحث املسحي أو املسح الاجامتعي (ويه مرتادفات ملهنج واحد) يس تخدم‬
‫من أجل مجع البياانت عن شعور الناس ازاء القضااي اخملتلفة‪ ،‬أو معرفهتم لبعض القضااي‪ ،‬فاذا‬

‫(*) يبدوا بأن هاته املناجه ل ترتبط ارتباطا وثيقا ابدلراسات القانونية احملضة‪ ،‬لكن من الجدر أن نعطي للطلبة حملة موجزة‬
‫ملعرفهتا وفهمها ولو ابجياز‪.‬‬
‫(**) يعترب (ماركزي) بأن معلية املسح ليس مصدرا خصبا للفروض اجلديدة عىل الرمغ من ذكل ميكن الوصول اىل تعماميت‬
‫من خالل دراسة املسح راجع‪ :‬ادريس خفور‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.30‬‬
‫(‪ )1‬عقيل حسني عقيل‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.76‬‬
‫(‪ )2‬عامر بوحوش‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.38‬‬
‫‪- 96 -‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬ابخلري دراج‬

‫أردان معرفة مس توى الثقافة الس ياس ية ملنطقة معينة نلجأ اىل اس تجواب أهل تكل املنطقة أو‬
‫عينات متثيلية هلم بشأن بعض العبارات أو املصطلحات الس ياس ية‪.)1( ...‬‬
‫‪ -‬هو جتميع مرتب للبياانت املتعلقة مبؤسسات ادارية أو علمية أو ثقافية أو اجامتعية اكملكتبات‬
‫واملدارس خالل فرتة زمنية معينة‪ ،‬والوظيفة الساس ية لدلراسات املسحية يه مجع املعلومات‬
‫اليت ميكن اليت ميكن فامي بعد تفسريها ومن مث اخلروج ابس تنتاجات(‪.)2‬‬
‫‪ -‬هو معلية حتليلية مجليع القضااي احليوية‪ ،‬اذ بفضهل ميكن الوقوف عىل الظروف احمليطة‬
‫ابملوضوع اذلي نرغب يف دراس ته والتعرف عىل اجلوانب اليت يه يف حاجة اىل تغيري وتقيمي‬
‫شامل(‪.)3‬‬
‫الفرع الثاين‪ :‬أمهية املهنج املسحي‪:‬‬
‫‪ -‬يساعد يف اكتشاف العالقات القامئة بني الظواهر ومجع املعلومات الالزمة لتكوين نظرية‬
‫شامةل بواسطهتا ميكن اجياد حل منطقي ومعقول للقضية املدروسة‪.‬‬
‫‪ -‬يعاجل قضااي معينة عىل الطبيعة وبدون تكييف‪.‬‬
‫‪ -‬يعمل عىل التخطيط ادلقيق ومجع البياانت املطلوبة‪ ،‬ليمت حتليلها والتوصل اىل نتاجئ علمية‪.‬‬
‫‪ -‬يعترب أداة قيّمة للتعرف عىل رغبات امجلاعات وأهدافها وابلتايل يسامه يف وضع نظرايت‬
‫اجامتعية مفيدة للمجمتعات كلك‪.‬‬
‫‪ -‬يفيد يف قياس اجتاهات الرأي العام حنو خمتلف املوضوعات‪.‬‬
‫‪ -‬يس تعمل لتجديد ادلم وادخال ادليناميكية يف التغيري الاجامتعي وحماربة امجلود(‪.)4‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬املهنج الحصايئ واملهنج النفيس‬
‫الفرع الول‪ :‬املهنج الحصايئ‬
‫يعرف الحصاء ابعتباره أعداد أو أرقاما ميكن أن تلخص اما توزيعات القمي عىل‬
‫املتغريات أو عىل العالقات بني املتغريات‪ ،‬فهىي شلك من أشاكل الاخزتال الراييض يس تطيع‬
‫أن يوحض لنا عن كيفية عرض بياانتنا‪ ،‬اننا نتساءل عن ما يه أنواع العامل أو الوضاع يف‬
‫اجملمتع ادلويل الكرث احامتل أو أكرث مالءمة لاثرة الرصاعات املسلحة؟(‪.)5‬‬
‫(‪ )1‬محمد شليب‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.100‬‬
‫(‪ )2‬الهامشي بن واحض‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.26-25‬‬
‫(‪ )3‬عامر بوحوش‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.39‬‬
‫(‪ )4‬عامر بوحوش‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.39‬‬
‫(‪ )5‬محمد شليب‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.91‬‬
‫‪- 97 -‬‬
‫ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫يعترب الوس يةل الوحيدة ملعرفة عدد ونوعية الفراد العاملني ومعدل ادلخل الفردي‬
‫ونس بة احلاصلني عىل شهادات معينة‪ ،‬ومعدل العمر ومعدل الوفيات ومعدل الغياابت عن‬
‫مبوبة‬
‫العمل‪ ،‬ومزية هذا املهنج ليس فقط يف وجود الحصائيات يف ادلفاتر ووجود معلومات ّ‬
‫وتسجيل اكمل املعامالت السابقة اليت ميكن مراجعهتا عند الرضورة(‪.)1‬‬
‫ومن أمه الحصاءات نذكر الوقوف عىل وسائل العالم واجتاهات الرأي العام‬
‫والحصاءات ادلولية وقياس التيارات الس ياس ية والفكرية‪ ،‬ولكن هناك صعوابت تتجىل يف‬
‫ضعف الوعي الحصايئ حيث أن معظم أفراد الشعب جيهلون قمية الحصاء‪ ،‬ذلكل فقلام‬
‫يعرفون البياانت الصحيحة(‪.)2‬‬
‫عىل العموم فاملهنج الحصايئ هو اس تخدام الطرق الرمقية والرايضية يف معاجلة وحتليل‬
‫البياانت واعطاء التفسريات املناس بة لها‪ ،‬ويمت ذكل عرب عدة مراحل نذكر من بيهنا‪:‬‬
‫‪ -‬مجع البياانت الحصائية حول املوضوع‪.‬‬
‫‪ -‬عرض البياانت بشلك منظم‪ ،‬ومتثيلها ابلطرق املمكنة‪.‬‬
‫‪ -‬حتليل البياانت‪ - .‬تفسري البياانت من خالل ما تعنيه الرقام اجملمعة من نتاجئ(‪.)3‬‬
‫للمهنج الحصايئ أنواع نذكر من بيهنا‪:‬‬
‫‪ -1‬املهنج الحصايئ الوصفي‪ :‬اذلي يرتكز عىل وصف وتلخيص الرقام املُج ّمعة حول‬
‫موضوع معني وتفسريها يف صورة نتاجئ‪.‬‬
‫‪ -2‬املهنج الحصايئ الاس تدليل أو الاس تقرايئ‪ :‬واذلي يعمتد عىل اختيار عينة من جممتع أكرب‬
‫وحتليل وتفسري البياانت الرمقية اجملمعة عهنا للوصول اىل تعماميت واس تدللت عىل ما هو أوسع‬
‫من اجملمتع حمل البحث‪.‬‬
‫الفرع الثاين‪ :‬املهنج النفيس‬
‫يُس تخدم هذا املهنج يف لك العلوم اليت تدرس السلوك النساين‪ ،‬ول يعمتد املهنج هنا‬
‫عىل التحليل الاس تنباطي فقط وامنا يستند اىل اجراء التجارب‪ ،‬ويعمتد عىل املالحظة املدمعة‬
‫ابلآلت العلمية كام متارسها العلوم الطبيعة‪ ،‬وتكمتل صورة هذا املهنج ابلشارة اىل املهنج املقارن‬

‫(‪ )1‬ملعرفة املزيد راجع‪:‬‬


‫‪ -‬عامر بوحوش‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.42‬‬
‫(‪ )2‬عبد النور انج‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.146‬‬
‫(‪ )3‬الهامشي بن واحض‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.32‬‬
‫‪- 98 -‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬ابخلري دراج‬

‫واملهنج التجرييب سواء بني مناذج خمتلفة من الفراد‪ ،‬أو بني أفراد ينمتون اىل جممتعات أو‬
‫حضارات خمتلفة(‪.)1‬‬
‫ومتيل املناجه النفس ية اىل تقيص الس باب اليت تقف وراء الظواهر النفس ية‪ ،‬وتُ ّ‬
‫سمل‬
‫ابحلمتية ليك تصبح مناجه علمية من الوهجة العملية ووفق هاته املعطيات وغريها تصبح احلاجة‬
‫رضورية للمهنج النفيس لفلسفة العلوم لتناقش احلمتية‪ ،‬الس ببية‪ ،‬احلرية(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬محمد محمد قامس ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.61‬‬


‫(‪ )2‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.62‬‬
‫‪- 99 -‬‬
‫ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫قامئة املراجع‬
‫القرأآن الكرمي‬
‫أول‪ :‬الكتب‪:‬‬
‫‪ -1‬ابراهمي رحامين‪ ،‬خطوط رئيس ية يف كتابة البحوث اجلامعية‪ ،‬ط‪ ،1‬مطبعة خسري‪ ،‬الوادي‪،‬‬
‫اجلزائر‪.2013 ،‬‬
‫‪ -2‬امحد الصيداوي‪ ،‬البحث العلمي بامنذجه الساس ية‪ ،‬ط‪ ،1‬رشكة املطبوعات للتوزيع‬
‫والنرش‪ ،‬لبنان‪.2001 ،‬‬
‫‪-3‬امحد خروع‪ ،‬املناجه العلمية وفلسفة القانون‪ ،‬ط‪ ،2‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪ ،‬اجلزائر‪،‬‬
‫‪.2004‬‬
‫‪ -4‬أمحد درداري‪ ،‬مناجه البحث العلمي‪ ،‬ط‪ ،1‬مطبعة تطوان‪ ،‬املغرب‪.2016 ،‬‬
‫‪ -5‬ادريس خفور‪ ،‬اخملترص يف مهنجية العلوم القانونية (مفاهمي أولية يف البحث والتحليل) مكتبه‬
‫املعرفة‪ ،‬املغرب‪.2018 ،‬‬
‫‪ -6‬ادريس الفاخوري‪ ،‬أسس البحث العلمي ومناهجه‪ ،‬ط‪ ،4‬مكتبة املعرفة‪ ،‬املغرب‪.2018 ،‬‬
‫‪ -7‬الس يد متام‪ ،‬مناجه البحث وقواعد الاس تدلل القانوين‪ ،‬دار الهنضة العربية‪ ،‬مرص‪.2016 ،‬‬
‫‪ -8‬أمربتو ايكو (ترمجه عيل منويف)‪ ،‬كيف تعد رساةل دكتوراه‪ ،‬ط‪ ،19‬اجمللس العىل للثقافة‪،‬‬
‫مرص‪.2002 ،‬‬
‫‪ -9‬تـويم ألكي‪ ،‬قواعد املهنج العلمي وتطبيقاهتا يف العلوم القانونية‪ ،‬دار اخلدلونية‪ ،‬اجلزائر‪،‬‬
‫‪.2017‬‬
‫‪ -10‬حازم محد موىس اجلنايب‪ ،‬الصول والقواعد العلمية يف كتابة البحوث الس ياس ية والقانونية‪،‬‬
‫ط‪ ،1‬مكتبة زين احلقوقية والدبية‪ ،‬لبنان‪.2017 ،‬‬
‫‪ -11‬خادل حامد‪ ،‬مهنجية البحث يف العلوم الاجامتعية والنسانية‪ ،‬ط‪ ،2‬جسور للنرش‬
‫والتوزيع‪ ،‬اجلزائر‪.2012 ،‬‬
‫‪ -12‬رقية سكيل‪ ،‬مهنجية اجناز البحوث العلمية‪ ،‬ط‪ ،1‬دار اخلدلونية للنرش والتوزيع‪ ،‬اجلزائر‪،‬‬
‫‪.2012‬‬
‫‪ -13‬حشاتة سلامين محمد سلامين‪ ،‬مناجه البحث بني النظرية والتطبيق‪ ،‬مركز الاسكندرية‬
‫للكتاب‪ ،‬مرص‪.2006 ،‬‬

‫‪- 100 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬ابخلري دراج‬

‫‪ -14‬صالح ادلين رشوخ‪ ،‬مهنجية البحث القانوين للجامعيني‪ ،‬دار العلوم للنرش والتوزيع‪،‬‬
‫اجلزائر‪.2003 ،‬‬
‫‪ -15‬طامشة بومدين‪ ،‬الساس يف مهنجية حتليل النظم الس ياس ية‪ ،‬رشكة دار المة للطباعة‬
‫والنرش والتوزيع‪ ،‬اجلزائر‪.2013 ،‬‬
‫‪ -16‬طامشة بومدين‪ ،‬عبد النور انج‪ ،‬أصول مهنجية البحث يف عمل الس ياسة‪ ،‬ط‪ ،1‬جسور‬
‫للنرش والتوزيع‪ ،‬اجلزائر‪.2014 ،‬‬
‫‪ -17‬عبد الرحامن بدوي‪ ،‬مناجه البحث العلمي‪ ،‬ط‪ ،3‬واكةل املطبوعات‪ ،‬الكويت‪.1977 ،‬‬
‫‪ -18‬عبد النارص أبو زيد‪ ،‬املراحل املهنجية لعداد رسائل املاجس تري وادلكتوراه‪ ،‬دار الهنضة‬
‫العربية‪ ،‬مرص‪.2005 ،‬‬
‫‪ -19‬عبد النور انج‪ ،‬مهنجية البحث القانوين‪ ،‬منشورات جامعة ابج خمتار‪ ،‬عنابة‪ ،‬اجلزائر‪،‬‬
‫‪.2003‬‬
‫‪ -20‬عقيل حسني عقيل‪ ،‬فلسفة مناجه البحث العلمي‪ ،‬مكتبة مدبويل‪ ،‬مرص‪.1999 ،‬‬
‫‪ -21‬عامر بوحوش‪ ،‬دليل الباحث يف املهنجية وكتابة الرسائل اجلامعية‪ ،‬مومف للنرش‪ ،‬اجلزائر‪،‬‬
‫‪.2002‬‬
‫‪ -22‬عامر بوحوش‪ ،‬محمد محمود اذلنيبات‪ ،‬مهنجية البحث العلمي‪ ،‬دون ذكر دار النرش‪ ،‬دون‬
‫س نة النرش‪.2002 ،‬‬
‫‪ -23‬عامر بوحوش‪ ،‬محمد محمود اذلنيبات‪ ،‬مناجه البحث العلمي وطرق اعداد البحوث‪ ،‬ط‪،7‬‬
‫ديوان املطبوعات اجلامعية‪ ،‬اجلزائر‪.2014 ،‬‬
‫‪ -24‬عامر بوضياف‪ ،‬املرجع يف كتابة البحوث القانونية‪ ،‬ط‪ ،1‬جسور للنرش والتوزيع‪ ،‬اجلزائر‪،‬‬
‫‪.2014‬‬
‫‪ -25‬عامر عوابدي‪ ،‬مناجه البحث العلمي وتطبيقاهتا يف ميدان العلوم القانونية والدارية‪ ،‬ط‪،3‬‬
‫ديوان املطبوعات اجلامعية‪ ،‬اجلزائر‪.1999 ،‬‬
‫‪ -26‬فضيل داليو وأآخرون‪ ،‬عمل الاجامتع من التعريب اىل التأصيل‪ ،‬دار املعرفة‪ ،‬قس نطينة‪،‬‬
‫دون س نة‪.‬‬
‫‪ -27‬فتيحة حزام‪ ،‬فلسفة ومناجه العلوم القانونية‪ ،‬املركز الاكدميي للنرش‪ ،‬السكندرية‪ ،‬مرص‪،‬‬
‫‪.2019‬‬

‫‪- 101 -‬‬


‫ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -28‬محمد بن معر بن سامل‪ ،‬مهنج البحث العلمي وطرق كتابته يف العلوم الرشعية‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪.2000‬‬
‫‪ -29‬محمد شليب‪ ،‬املهنجية يف التحليل الس يايس‪ ،‬دون ذكر دار النرش‪ ،‬اجلزائر‪.1997 ،‬‬
‫‪ -30‬محمد عبد الغين سعودي‪ ،‬حمسن أمحد اخلضريي‪ ،‬السس العلمية لكتابة رسائل املاجس تري‬
‫وادلكتوراه‪ ،‬مكتبة الجنلو مرصية‪.1992 ،‬‬
‫‪ -31‬محمد محمد قامس‪ ،‬مدخل اىل مناجه البحث العلمي‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الهنضة العربية‪ ،‬مرص‪،‬‬
‫‪.1999‬‬
‫اثنيا‪ :‬املقالت‪:‬‬
‫‪ – 1‬زعميي مراد‪ ،‬التاكمل املهنجي يف البحث‪ ،‬العدد السادس (عدد خاص)‪ ،‬جمةل العلوم‬
‫النسانية‪ ،‬منشورات جامعة قس نطينة‪ ،‬اجلزائر‪.1995 ،‬‬
‫‪ -2‬حمي ادلين خمتار‪ ،‬بعض تقنيات البحث وكتابة التقرير‪ ،‬العدد السادس (عدد خاص)‪ ،‬جمةل‬
‫العلوم النسانية‪ ،‬منشورات جامعة قس نطينة‪ ،‬اجلزائر‪.1995 ،‬‬
‫اثلثا‪ :‬احملارضات‪:‬‬
‫‪ -1‬امليك دراج‪ ،‬حمارضات يف مهنجية البحث العلمي ألقيت عىل طلبة الس نة الوىل ماسرت‬
‫س ياسة عامة وحمك راشد‪ ،‬والثانية ماسرت س ياسة عامة من قسم العلوم الس ياس ية يف املوامس‬
‫اجلامعية من ‪ 2015-2014‬اىل غاية ‪ 2018-2017‬وفق عرض التكوين املعمتد من طرف‬
‫الوزارة‪ ،‬جامعة الشهيد محة خلرض‪ ،‬الوادي‪ ،‬اجلزائر‪2018-2017 .‬‬
‫‪ -2‬الهامشي بن واحض‪ ،‬مهنجية اعداد حبوث ادلراسات العليا (ماسرت‪ ،‬ماجس تري‪ ،‬دكتوراه)‪،‬‬
‫حمارضات ألقيت عىل طلبة ادلراسات العليا يف العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التس يري‪،‬‬
‫جامعة محمد بوضياف‪ ،‬املس يةل‪.2016 ،‬‬
‫‪ -3‬فوزي نور ادلين‪ ،‬حمارضات يف مهنجية العلوم الس ياس ية‪ ،‬ألقيت عىل طلبة الس نة الوىل‬
‫علوم س ياس ية‪ ،‬جامعة محمد خيرض‪ ،‬بسكرة‪ ،‬اجلزائر‪.2014-2013 ،‬‬

‫‪- 102 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬ابخلري دراج‬

‫الفــهـرس‬
‫مقدّمة‪- 1 - ................................................................................................................. :‬‬
‫الفصل األول‪ :‬األبعاد المفهومية للبحث العلمي ‪- 4 - .................................................................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬العـــلــــم ‪- 4 - ...........................................................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مسلمات البحث والعلم ‪- 4 - .......................................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مقومات ووظائف العلم وتمييزه عما يقاربه من علوم أخرى‪- 8 - ........................ .‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬المعرفــــة ‪- 12 - ........................................................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬المفاهيم العامة للمعرفة ‪- 12 - ....................................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أنواع المعارف‪- 14 - ..............................................................................‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬البحث العلمي ‪- 16 - ...................................................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مفهوم البحث العلمي‪- 16 - ...................................................................... .‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الهدف والغاية من البحث العلمي‪- 18 - ....................................................... .‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬خصائص‪ ،‬أهمية البحث العلم وأنواع البحوث الجامعية ‪- 20 - ..................................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬خصائص البحث العلمي ‪- 21 - .......................................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬خصائص البحث العلمي بصفة عامة‪- 21 - ....................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬خصائص البحث العلمي في الدراسات القانونية ‪- 25 - ......................................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬أهمية البحث العلمي ‪- 26 - ............................................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬فوائد البحث العلمي‪- 27 - .........................................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬آراء بعض المهتمين حول أهمية البحث العلمي ‪- 29 - .......................................‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬أنواع البحوث الجامعية ‪- 31 - ........................................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬وفقا للهدف (الغرض) الرئيسي ‪- 31 - ..........................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬وفقا لطبيعة البحث ‪- 39 - .........................................................................‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬حسب مناهج البحث واألساليب المستخدمة ‪- 41 - ............................................‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬مناهج البحث العلمي في المعارف القانونية والدراسات الفقهية‪- 43 - ........................ .‬‬
‫المبحث األول‪ :‬ماهية المنهج العلمي‪- 44 - ............................................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مفهوم المنهج‪- 44 - ............................................................................... .‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬المداخل المنهجية وتطور الفكر العلمي‪- 52 - ................................................ .‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬أهمية ووظائف المناهج العلمية‪- 56 - ............................................................. .‬‬
‫‪- 103 -‬‬
‫ادلليل يف مهنجية البحث العلمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫المطلب األول‪ :‬أهمية المناهج العلمية‪- 56 - ..................................................................... .‬‬


‫المطلب الثاني‪ :‬وظائف المناهج العلمية ‪- 59 - ....................................................................‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬مساهمة ودور المهتمين والفقهاء المسلمين في مناهج البحث العلمي‪- 63 - ................. .‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مساهمة ودور الفالسفة في مناهج البحث العلمي ‪- 64 - .....................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مساهمة ودور الفقهاء المسلمين في مناهج البحث العلمي ‪- 67 - ...........................‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬أنواع المناهج العلمية ‪- 71 - ...........................................................................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬المناهج العلمية الرئيسية ‪- 74 - .......................................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬المنهج االستداللي والمنهج التجريبي ‪- 74 - ....................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬المنهج التاريخي والمنهج الجدلي ‪- 83 - ........................................................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬المناهج العلمية الثانوية ‪- 87 - ........................................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬المنهج المقارن والمنهج الوصفي ‪- 88 - ........................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬المنهج التحليلي ومنهج دراسة حالة ‪- 91 - .....................................................‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬المناهج العلمية األخرى)*( ‪- 96 - ...................................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬المنهج المسحي ‪- 96 - .............................................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬المنهج اإلحصائي والمنهج النفسي ‪- 97 - ......................................................‬‬
‫قائمة المراجع ‪- 100 - ....................................................................................................‬‬
‫الفــهـرس‪- 103 - ..........................................................................................................‬‬

‫‪- 104 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬ابخلري دراج‬

‫‪105‬‬

You might also like