You are on page 1of 292

‫حماضرات يف أصول‬

‫البحث العلمي القانوني‬


‫إعداد‬

‫أ‪.‬د‪ .‬حممد الشافعي‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬عبد اهلل الصعيدي‬


‫أستاذ االقتصاد والمالية العامة‪ ،‬ووكيل الكلية‬ ‫أستاذ االقتصاد والتشريع الضريبي‪ ،‬ورئيس قسم‬
‫لشئون التعليم والطالب‬ ‫االقتصاد األسبق بالكلية‬

‫أ‪.‬د‪ .‬ممدوح واعر‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬أمحد ديهوم‬


‫أستاذ ورئيس قسم الشريعة اإلسالمية المساعد‬ ‫أستاذ فلسفة القانون وتاريخه‪ ،‬ووكيل الكلية لشئون‬
‫بالكلية‬ ‫خدمة المجتمع وتنمية البيئة‬

‫د‪ .‬يسرا شعبان‬ ‫د‪ .‬مصطفى مهدي‬


‫مدرس القانون المدني‬ ‫مدرس الشريعة اإلسالمية‬
‫إهداء‬

‫إلى طالب وباحثي كلية الحقوق جامعة عين شمس‬

‫نهدي هذا الكتاب راجين من هللا تعالى القبول‬

‫***‬
‫تقديم للكتاب‬
‫بقلم‬

‫األستاذ الدكتور‪ /‬حممد صايف يوسف‬

‫أستاذ ورئيس قسم القانون الدويل العام‬

‫وعميد كلية احلقوق جامعة عني مشس‬


‫تقديم أ‪.‬د‪ .‬محمد صايف يوسف‪ ،‬عميد الكلية‪.‬‬

‫تقديم‬

‫إنه لمن دواعي سروري أن أقدم للقارئ العربي الكريم بصفة عامة‪ ،‬ولطالب‬

‫مرحلة الدراسات العليا بكلية الحقوق جامعة عين شمس على وجه الخصوص‪ ،‬هذا‬

‫المؤلف العلمي المتكامل الذي يحوي بين دفتيه مجموعة من المحاضرات التي‬

‫أعدت لتكون معينا واضحا وموثوقا لكل من يهدف إلى إعداد بحث قانوين يراعى‬

‫األسس والقواعد الموضوعية والشكلية المتعارف عليها عالميا‪ ،‬ويحرتم حقوق‬

‫الملكية الفكرية‪ ،‬ويثرى العلم والمعرفة عرب اإلضافة إليهما‪ ،‬و ُيكتب يف سجل‬

‫حسنات مقدمه بدال من أن يؤاخذ و ُيالم عليه‪.‬‬

‫لقد شغل موضوع رسائل الدكتوراه وبحوث دبلومات الدراسات العليا حيزا‬

‫كبيرا من عقل وفكر اإلدارة الحالية لكلية الحقوق جامعة عين شمس‪ ،‬فاتخذت‬

‫مجموعة من اإلجراءات المهمة لالرتقاء هبا‪ ،‬والعمل على احرتامها للمعايير العلمية‬

‫والقانونية واجبة اإلتباع‪ ،‬فألزمنا مقدم مشروع رسالة الدكتوراه بعرض موضوعه يف‬

‫حلقة نقاش "سيمنار" بحضور أعضاء مجلس القسم المعني والباحثين‪ ،‬وأنشأنا لجنة‬

‫ألخالقيات البحث العلمي تـُعرض عليها الرسالة بعد اكتمالها‪ ،‬وقبل مناقشتها‪،‬‬

‫بغرض التأكد من استيفائها لمعايير األمانة العلمية‪ ،‬ووضعنا أسسا موضوعية محددة‬

‫أ‬
‫تقديم أ‪.‬د‪ .‬محمد صايف يوسف‪ ،‬عميد الكلية‪.‬‬

‫ُيقدر على أساس منها التقدير الذى ُيمنح للرسالة‪ ،‬وقبل ذلك كله نعمل على إعداد‬

‫خطة بحثية لكل قسم علمي لتحديد مجاالت البحث األولى بالعناية واالهتمام يف‬

‫ظل متطلبات الجمهورية المصرية الجديدة‪ ،‬واسرتاتيجيات وخطط التنمية الوطنية‬

‫المستدامة‪.‬‬

‫ولم يكن بغائب عنا أن جانبا كبيرا من عدم احرتام البحوث والدراسات‬

‫لمقتضيات األمانة العلمية ومعايير المنهجية القانونية يعزى يف الحقيقة إلى أن‬

‫الباحث لم يجد من يحطه علما هبا‪ ،‬ولم يسع إلى التعرف عليها من خالل قدراته‬

‫وإمكاناته الذاتية‪ ،‬ومن هنا جاء التفكير يف ضرورة إحياء وتفعيل األحكام المنصوص‬

‫عليها يف المادة الثام نة عشرة من الالئحة الداخلية للكلية‪ ،‬والتي تلزم مجلس الكلية‬

‫برتتيب قاعة بحث لمرحلة دبلومات الدراسات العليا‪ ،‬فكلفنا نخبة من أعضاء هيئة‬

‫التدريس المتميزين بإعداد مؤلف حول "أصول البحث العلمي القانوين"‪ ،‬وأدخلنا‬

‫مادة "قاعة البحث" ضمن الجدول الدراسي للدبلومات‪ ،‬وسوف تـُدرس هذه‬

‫"األصول" بمشيئة اهلل تعالى للطالب بدءا من العام الجامعي ‪2023/2022‬م‪،‬‬

‫ويحدونا األمل أن تؤتى ثمارها كاملة‪.‬‬

‫ب‬
‫تقديم أ‪.‬د‪ .‬محمد صايف يوسف‪ ،‬عميد الكلية‪.‬‬

‫ويحتوي هذا المؤلف الذي أشرف بتقديمه على خمسة فصول‪ ،‬تعرض على‬

‫التوالي لجملة من المسائل األساسية التي تتعلق بمفهوم البحث العلمي القانوين‬

‫وخصوصيته‪ ،‬والمهارات التي يتطلبها‪ ،‬واألخالقيات التي يلتزم هبا الباحث‪،‬‬

‫وسمات البحث الجيد‪ ،‬وماهية مناهج البحث العلمي وأنواعها‪ ،‬وهيكل البحث‬

‫ومراحل إعداده‪ ،‬وكيفية كتابته وصياغته من حيث مواصفات العبارة واألسلوب‬

‫وصحة الكتابة وسالمتها اللغوية وعالمات الرتقيم‪ ،‬ومصادر ومراجع البحث‬

‫وقواعد التوثيق‪.‬‬

‫وقد بذل زمالئي أعضاء هيئة التدريس جهدا كبيرا يف إعداد هذا المؤلف حتى‬

‫يخرج إلى النور يف الوقت المناسب‪ ،‬وهبذا الشكل من االكتمال والمهنية والبساطة‬

‫ووضوح العرض‪ ،‬فاحتوى على مجمل المسائل التي يضمن اإللمام هبا إعداد بحث‬

‫قانوين "متميز"‪ ،‬وقد كُتب بلغة وأسلوب عملي مقروء للكافة‪ ،‬وما ذلك بمستغرب‬

‫عليهم‪ ،‬فجميعهم من ذوى الخربة الواسعة يف مجال البحث العلمي‪ ،‬ومن المشهود‬

‫لهم بالكفاءة النادرة يف تخصصاهتم‪ ،‬وهم يستحقون بذلك أسمى آيات الشكر‬

‫والتقدير‪ ،‬والدعاء إلى اهلل تعالى بأن يجزيهم عن طالهبم خير الجزاء‪ ،‬وأن يجعل هذا‬

‫العمل الصالح يف ميزان حسناهتم‪.‬‬

‫ت‬
‫تقديم أ‪.‬د‪ .‬محمد صايف يوسف‪ ،‬عميد الكلية‪.‬‬

‫وإذ أدعو الزمالء والباحثين والدارسين إلى االطالع على هذا المؤلف العلمي‬

‫واالستفادة منه‪ ،‬فإنني على ثقة بأن مالحظاهتم حول ما ورد به من محتوى علمي‬

‫سوف تثرى طبعاته القادمة‪ ،‬وعلى يقين كامل بأنه ُيعد خطوة مهمة يف سبيل إصالح‬

‫منظومة البحث العلمي داخل هذا الصرح العلمي الكبير‪ ،‬كلية الحقوق جامعة عين‬

‫شمس‪ ،‬والتي نعمل جميعا على رفعة شأهنا‪ ،‬ودعم ومساندة مشروعات التطوير‬

‫واإلصالح هبا يف ظل وطن عزيز أبى قوى أفرز يف كل مراحله علماء أجالء أثروا‬

‫بعلمهم األمين النافع جميع ميادين العلم والمعرفة‪.‬‬

‫واهلل من وراء القصد‬

‫وهو الموفق والمستعان‪،‬‬

‫أ‪.‬د‪ .‬محمد صايف يوسف‬

‫أستاذ ورئيس قسم القانون الدولي العام‬

‫وعميد كلية الحقوق جامعة عين شمس‬

‫تحريرا يف‬

‫السابع والعشرين من شهر ربيع األول لعام ‪ 1444‬هـ‬

‫الموافق‪ :‬الثالث والعشرين من أكتوبر لعام ‪2022‬م‬

‫ث‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫(‪)1‬‬
‫مقدمة الكتاب‬

‫طية‪ ،‬ولكل غاية وسيلة‪ ،‬فإن لكل باحث في محراب العلم أدواته‬
‫كما أن لكل مسافر م َ‬
‫التي تعينه على استكمال هدفه وإتمام مهمته‪ .‬فال غنى للباحث عن منهجية وطرائق يستهدي‬
‫بها إلنجاز بحثه أو رسالته‪ .‬وتجدر اإلشارة إلى أن لكل علم من العلوم الطبيعية واالجتماعية‬
‫ما يناسبه من مناهج البحث‪ ،‬بل إن األمر يتباين في داخل العلوم االجتماعية ذاتها بين‬
‫علم وآخر‪ ،‬فما يصلح من مناهج البحث لعلم االجتماع قد ال يصلح بالضرورة للبحث في‬
‫علم القانون‪.‬‬
‫إن استعانة الباحث بالمنهجية البحثية المناسبة هي ضمانة بالغة األهمية للوصول‬
‫إلى نتائج وتوصيات دقيقة‪ ،‬فمناهج البحث ‪ -‬بما تتضمنه من معايير وضوابط ومبادئ ‪-‬‬
‫تساعد الباحث على تحليل وتأصيل جوهر وإشكالية بحثه وربط مقدماته بنتائجه ووضع‬
‫فروضه موضع االختبار والتقييم‪.‬‬
‫إن دراسة مناهج البحث القانوني تسهم ‪ -‬وبال شك ‪ -‬في اكتساب الطالب المهارات‬
‫البحثية الالزمة إلدارة بحثه العلمي أو أطروحته للماجستير والدكتوراه‪ .‬فاستخالص القواعد‬
‫والمبادئ من النصوص القانونية‪ ،‬والتعليق على األحكام القضائية‪ ،‬وتأصيل الفكرة وتحليلها‬
‫وردها إلى جذورها التاريخية واستلهامها في تأسيس مبدأ قانوني يصلح للتطبيق على وقائع‬
‫يعد من المهارات التي يلزم على الباحث اكتسابها من‬
‫مستجدة ومستحدثة‪ ،‬كل ذلك جميعه ُ‬
‫خالل دراسته واطالعه على مناهج البحث القانوني المختلفة‪.‬‬

‫(‪ )1‬هذه المقدمة إعداد‪ :‬األس تتتاذ الدكتورح محمد إب ار يم الع تتافعي‪ ،‬أس تتتاذ االقتص تتاد والمالية العامة‪ ،‬ووكيل‬
‫الكلية لعئون التعليم والطالب‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫ونظ اًر ألهميته البالغة‪ ،‬فإن كليات الحقوق قد درجت في السنوات األخيرة على إدراج‬
‫مقرر مناهج البحث القانوني في خططها الدراسية‪ ،‬ليس فحسب في مرحلة الليسانس (أو‬
‫البكالوريوس) وإنما أيضا في مرحلة الدراسات العليا (الدبلومات والماجستير والدكتوراه)‪.‬‬
‫وإيمانا منا بأهمية تطوير الفكر القانوني والرغبة في إعداد نخبة من الباحثين الجادين‬
‫مزودين بمهارات البحث العلمي الرصين‪ ،‬فإن هذا المؤلف الذي بين أيديكم يسهم في تحقيق‬
‫هذه الغاية من خالل مساعدة الطالب على فهم وإدراك المقررات القانونية المختلفة‪ ،‬كون أن‬
‫دراسة مناهج البحث تُعد بمثابة المفتاح أو العفرة التي قد تساعد الباحث على فهم كيفية‬
‫عرض وتنسيق وتحليل المؤلفات العلمية‪.‬‬
‫من ناحية أخرى‪ ،‬فإن دراسة مناهج البحث تعزز من المهارات البحثية لدى الطالب‪،‬‬
‫وهو ما يؤهله ويعده على نحو مالئم لتقلد وظائف ومهن بحثية في مجال عمله حتى ولو‬
‫لم يكن كله في المجال البحثي‪ .‬فمن يعمل في مهنة المحاماة سيكون بحاجة إلى معرفة‬
‫كيفية كتابة مذكرة قانونية‪ ،‬والتي تحتاج بالضرورة إلى مهارات بحثية في التعليل واالستنتاج‬
‫وترتيب األفكار وغيرها من المهارات التي يمكن لمادة مناهج البحث أن تكسبه إياها‪.‬‬
‫لقد حاولنا من خالل هذا الكتاب أن نقدم للقارئ ‪ -‬وبأسلوب سهل ومبسط – أهم‬
‫المهارات والقواعد التي نرى أنه من الضروري على الباحث أن يكتسبها ليستعين بها في‬
‫إتمام بحثه‪ ،‬منها ما يتعلق باختيار عنوان وموضوع بحثه‪ ،‬ومنها ما يتعلق بكيفية صياغة‬
‫أفكاره وكتابتها بأسلوب لغوي رصين‪ ،‬ومنها ما يتعلق بأحكام االقتباس وكتابة المراجع‬
‫وغيرها من الموضوعات الهامة للباحث‪.‬‬
‫ولقد حرصنا على تدعيم هذه الدراسة بأمثلة تطبيقية كما زودناها ببعض المالحق‬
‫التوضيحية التي قد تساعد على تنمية قدرات الباحث وفهم محتوى ومضمون المؤلف‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫إن هذا الكتاب يعزز ويدعم األسلوب العلمي في التفكير وينحي الععوائية جانباً‪،‬‬
‫فالمنهج العلمي السليم هو الركيزة األساسية للتعامل مع الواقع لوضع حلول مناسبة وناجعة‬
‫للمعكالت في كافة المجاالت العلمية واالجتماعية والثقافية‪.‬‬
‫وعلى هدى ما سبق‪ ،‬جاءت خطة الدراسة متوافقة مع الغاية من هذا المؤلف ومع‬
‫أبجديات البحث العلمي ومقتضياته‪ .‬لهذا عرضنا في الفصل األول لما ية وأخالقيات البحث‬
‫العلمي مدعمين إياه بملحق يتعلق بميثاق أخالقيات البحث العلمي في كلية الحقوق‪ .‬في‬
‫الفصل الثاني من هذا الكتاب سلطنا الضوء على الصور المختلفة لمناهج البحث العلمي‬
‫مبينين مزايا وقسمات كل منها وما يناسب كل منها من موضوعات وكيفية استخدامها على‬
‫النحو الذي يمكن الباحث من بلوغ مأربه وإنجاز مهمته على الوجه األمثل‪ .‬وفي الفصل‬
‫الثالث تطرقنا إلى موضوع هام وهو يكل ومراحل إعداد البحث العلمي مدعما بملحق يتعلق‬
‫بمثال تطبيقي لمقدمة لبحث علمي محكم منعور في إحدى الدوريات‪ ،‬أعقبناه في الفصل‬
‫الرابع بعرض مستفيض لقواعد ومبادئ كتابة وصياغة البحث العلمي القانوني‪ .‬وأخي اًر‪،‬‬
‫أودعنا في الفصل الخامس من هذا الكتاب موضوعا هاما هو مصادر ومراجع البحث‬
‫وقواعد التوثيق‪.‬‬
‫وهللا نسأل أن ينفع أبنائنا الطالب بهذا المؤلف وأن يلهمهم الرشد والتوفيق والسداد‪،‬‬
‫وهللا من وراء القصد وهو يهدي السبيل‪،،،،‬‬
‫المؤلفون‬

‫‪3‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫‪4‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫الفصل األول‬
‫ماهية البحث العلمي‬
‫وأخالقياته‬

‫األستاذ الدكتور‪ /‬عبد هللا الصعيدي‬


‫أستاذ االقتصاد والتعريع الضريبي‪ ،‬ورئيس قسم االقتصاد‬
‫األسبق بالكلية‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫‪6‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫الفصل األول‬

‫ماهية البحث العلمي وأخالقياته‬

‫تقديم وتقسيم‪:‬‬
‫)أ) تقديم‪:‬‬
‫في بداية هذا التقديم‪ ،‬نجد من األهمية بمكان أن نميز بين مصطلحين يستخدمان‬
‫بكثرة في هذا المؤلف‪ ،‬هذان المصطلحان هما‪ :‬مصطلح منهج البحث من ناحية‪ ،‬ومصطلح‬
‫البحث العلمي من ناحية أخرى‪.‬‬
‫ورغم اختالف المعنى في المصطلحين‪ ،‬إال أنهما غير متعارضين‪ ،‬بل إنهما‬
‫متكامالن‪ :‬فالمصطلح األول (منهج البحث) إنما يعني الطريق أو الكيفية التي يسلكها العقل‬
‫إلى المعرفة‪ ،‬والمعرفة ‪ -‬هنا ‪ -‬تعني اكتعاف وصياغة النظريات والمبادئ والتعميمات أو‬
‫القوانين في كلمة مختصرة‪.‬‬
‫وحتى يمكن التوصل إلى ذلك‪ ،‬فإن هناك مجموعة من الخطوات واألفكار المرتبة‬
‫منطقيا بحيث تؤدي إلى كعف حقيقة مجهولة‪ ،‬أو تقدم البرهان على صحة حقيقة‬
‫ً‬ ‫تيبا‬
‫تر ً‬
‫معلومة‪ ،‬وهذه المجموعة من الخطوات هي التي يطلق عليها منهج البحث‪.‬‬
‫إن ذلك يعني أن التعميمات أو النتائج التي تم التوصل إليها هي نتيجة البحث‬
‫العلمي‪ ،‬وهكذا يمكن القول‪ :‬إن البحث العلمي (المصطلح الثاني) إنما يعني الوسيلة الالزمة‬
‫لالستعالم واالستقصاء المنظم والدقيق‪ ،‬الذي يقوم به الباحث بهدف اكتعاف معلومات أو‬
‫عالقات جديدة‪ ،‬باإلضافة إلى تطوير أو تصحيح المعلومات الموجودة فعالً‪ ،‬بعرط أن يتبع‬
‫الباحث في هذا االستعالم والفحص خطوات منهج البحث العلمي‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫ويعير الواقع المعاهد إلى وجود عالقة وثيقة وطردية بين التقدم والرقي الحضاري‬
‫وارتفاع مستوي المعيعة من ناحية‪ ،‬وتقدم البحث العلمي واستمرار نموه في عالج المعكالت‬
‫االجتماعية واالقتصادية والتقنية من ناحية أخرى‪ ،‬وهذا االرتباط الوثيق بين التقدم والبحث‬
‫العلمي يكون على المستوى الفردي (أي الباحث) والمستوى الكلي (أي المجتمع ككل)‪.‬‬
‫ومع ذلك فإن البحث العلمي في العلوم االجتماعية بصفة عامة‪ ،‬والمجال القانوني‬
‫بصفة خاصة‪ ،‬يتميز بخصوصية أو ذاتية مستقلة تجعل الطرق المتبعة في هذا البحث‬
‫تختلف عنها في بقية العلوم بصفة عامة والعلوم الطبيعية بصفة خاصة‪.‬‬
‫أمر‬
‫ونظ ار لهذه األهمية للبحث العلمي‪ ،‬فإن إيضاح أخالقياته‪ ،‬ومهاراته يعتبر ًا‬
‫مهما‪ ،‬وهذا ما سوف نوضحه في التقسيم اآلتي لهذا الفصل‪:‬‬
‫ً‬

‫(ب) تقسيم مقررات الفصل األول‬


‫بناء على ما أشرت إليه في التقديم‪ ،‬فإن هذا الفصل يمكن تقسيمه إلى مباحث ثالثة؛‬
‫ً‬
‫هي‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬مفهوم البحث العلمي‪ ،‬أهميته‪ ،‬خصوصيته‪ ،‬بالنسبة للعلوم‬
‫االجتماعية‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬مهارات البحث العلمي‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬أخالقيات الباحث العلمي‪ ،‬وسمات البحث العلمي الجيد‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫المبحث األول‬
‫مفهوم البحث العلمي‪ ،‬أهميته‪ ،‬وخصوصيته بالنسبة للعلوم االجتماعية‬

‫ويمكن تقسيم هذا المبحث إلى مطالب ثالثة؛ هي‪:‬‬


‫المطلب األول‪ :‬مفهوم البحث العلمي‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أهمية البحث العلمي على المستوى الجزئي والكلي‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬خصوصية البحث العلمي بالنسبة للعلوم االجتماعية‪.‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬محتوى موضوع البحث العلمي (شروط االختيار)‪.‬‬

‫المطلب األول‬
‫مفهوم البحث العلمي‬

‫كلمة "البحث" تعني بصفة عامة السؤال عن شيء لمعرفة كنهه‪ ،‬أو هو محاولة‬
‫طلب أمر تدعو الحاجة إليه‪ ،‬أو التقصي عن أمر مجهول‪ ،‬أو محاولة إيضاح أمر غامض‪.‬‬
‫ولذلك يقال‪ :‬إن البحث العلمي هو مجموعة من اإلجراءات النظامية التي ينتهجها‬
‫الباحث أو الدارس من أجل التعرف على جميع الجوانب المتعلقة بموضوع أو إشكالية‬
‫علمية‪ ،‬والهدف النهائي هو حل تلك المعكلة‪.‬‬
‫قيودا تنظيمية على الباحث‬
‫إال أنه يالحظ أن وصف كلمة البحث بالعلمية يضع ً‬
‫أن يتقيد بها حتى يبتعد بحثه عن الععوائية وعدم االنضباط‪ ،‬وهنا يحسن أن نوضح المقصود‬
‫بكلمة "العلم" التي يتصف بها البحث‪.‬‬
‫كلمة "علم" في اللغة تعني إدراك العيء على ما هو عليه‪ ،‬أي على حقيقته‪ ،‬وهو‬

‫‪9‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫اليقين والمعرفة‪ ،‬والعلم ضد الجهل‪ ،‬ألنه إدراك كامل‪.‬‬


‫وفي الوقت الحاضر تستخدم كلمة "علم" للداللة على مجموعة من المعارف المؤيدة‬
‫باألدلة الحسية‪ ،‬وجملة القوانين التي اكتعفت لتعليل الحوادث الناتجة عن الطبيعة تعليال‬
‫مؤسسا على تلك القوانين الثابتة‪.‬‬
‫ً‬
‫وفي معناه العام يقصد بالعلم‪ :‬مجموعة المعارف األساسية المنظمة والمتعلقة بالبيئة‬
‫والمجتمع والفكر‪ ،‬والمستخلصة عن طريق اكتعاف القوانين الموضوعية التي تحكم الظواهر‬
‫الحسية‪ ،‬وذلك باستخدام مناهج البحث العلمي‪ ،‬وتقوم وظيفة العلم بالكعف عن العالقات‬
‫الفعلية الثابتة بين الظواهر الجزئية في مكانها وزمانها‪ ،‬مع استبعاد العالقات العرضية‬

‫الوهمية والطبيعية(‪.)1‬‬

‫وهذا المعنى المحدد للعلن يختلف عن غيره من المصطلحات والمفا يم‬


‫(‪)2‬‬
‫له واللصيقة به في غالب األحيان مثل‪ :‬المعرفة‪ ،‬الثقافة‪ ،‬الفن‪ ...‬إلخ‪.‬‬ ‫المتعابهة‬

‫وتأسيساً على ما تقدم‪ ،‬يمكن تقديم بعض التعريفات أو المفا يم للبحث العلمي وذلك‬
‫من أجل استخالص أهم العناصر والعروط واجبة التوافر في البحث العلمي‪:‬‬
‫‪ .1‬هو أسلوب منظم لجمع المعلومات الموثقة وتدوين المالحظات والتحليل‬
‫الموضوعي لتلك المعلومات باتباع أساليب ومناهج علمية محددة بقصد‬
‫التأكد من صحتها أو تعديلها أو إضافة الجديد إليها‪ ،‬ومن ثم التوصل إلى‬
‫بعض القوانين والنظريات والتنبؤ بحدوث مثل هذه الظواهر والتحكم في‬

‫(‪ )1‬راجع في ذلك‪:‬‬


‫أ‪ .‬توفيق الطويل‪" ،‬أسس الفلسفة"‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،1967 ،‬ص ت ‪.179 ،136 ،135‬‬
‫(‪ )2‬لمزيد من التفاصيل حول معنى هذه المصطلحات المعابهة لمصطلح العلم راجع‪:‬‬
‫أ‪.‬دح صت تتالح زين الدين‪" ،‬مناهج البحث العلمي وكتابة الرست تتائل الجامعية"‪ ،‬دار النهضت تتة العربية‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫بدون تاريخ‪ ،‬ص ت ‪ 9‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫أسبابها‪.‬‬
‫‪ .2‬وهو وسيلة يمكن بها الوصول إلى حل معكلة محددة أو اكتعاف حقائق‬
‫جديدة عن طريق المعلومات الدقيقة‪.‬‬
‫‪ .3‬هو المحاولة الدقيقة للتوصل إلى حل المعكالت التي تؤرق اإلنسان وتحيره‪.‬‬
‫‪ .4‬هو وسيلة لالستفهام واالستقصاء المنظم والدقيق الذي يقوم به الباحث بغرض‬
‫اكتعاف معلومات جديدة وتحقيق المعلومات الموجودة فعالً‪ ،‬على أن يتبع‬
‫في هذا االستقصاء خطوات المنهج العلمي واختيار الطرق واألدوات الالزمة‬
‫للبحث‪.‬‬
‫‪ .5‬وفي النهاية‪ ،‬البحث العلمي هو عملية فكرية منظمة يقوم بها شخص يسمي‬
‫سمى "موضوع‬
‫"الباحث" من أجل تقصي الحقائق في مسألة أو معكلة معينة تُ َّ‬
‫سمى "منهج البحث" بهدف‬
‫البحث"‪ ،‬وذلك باتباع طريقة علمية منظمة تُ َّ‬
‫الوصول إلى حلول مالئمة للعالج‪ ،‬أو إلى نتائج صالحة للتعميم على‬
‫سمى "نتائج البحث‪".‬‬
‫المعكالت المماثلة تُ َّ‬
‫وبناء على التعريفات سالفة الذكر للبحث العلمي‪ ،‬يمكن التوصل في النهاية إلى‬
‫المالحظات اآلتية‪:‬‬
‫أوال‪ :‬يعتبر البحث العلمي األكاديمي هو االستخدام العقالني والمنهجي المنظم لعدد‬
‫من الطرق واألساليب للتنقيب عن المعرفة‪ ،‬لفحص وتحليل أسباب معكلة محددة‪ ،‬بهدف‬

‫الوصول إلى عالج للمعكلة بصياغة مقترحات وتوصيات قابلة للتطبيق (‪.)1‬‬

‫ثانيا‪ :‬من أهم النقاط المعتركة في كل تعريفات البحث العلمي ما يلي‪:‬‬


‫‪ .1‬عدم اعتماد البحث العلمي على اتباع األساليب غير العلمية؛ مثل الخبرة أو‬

‫(‪ )1‬راجع في ذلك أ‪.‬دح صالح زين الدين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬صت ‪.20‬‬

‫‪11‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫الخرافات أو األساطير‪ ،‬من أجل تفسير الظواهر أو حل المعكالت‪ ،‬ذلك أن‬


‫البحث العلمي يسير على منهج وأسلوب منظم في البحث‪.‬‬
‫‪ .2‬يجب أن تتوافر لدى الباحث القدرة على التأقلم مع الغير من خالل البيئة‬
‫التي يتم دراستها‪ ،‬كما يجب أن تكون لديه القدرة على السيطرة عليها‪ ،‬فيصبح‬
‫الهدف متمثالً في زيادة وتطور معرفة اإلنسان وتوسيعها‪.‬‬
‫‪ .3‬ضرورة التدقيق في كل المعلومات التي يعتمد عليها ويصل إليها من خالل‬
‫يبيا‪ ،‬وبعد ذلك‬
‫البحث‪ ،‬ويتأكد من صحتها ومصدرها‪ ،‬ويسعى إلثباتها تجر ً‬
‫يقوم بنعرها وإعالنها‪.‬‬
‫‪ .4‬بهذا المعنى‪ ،‬يستخدم البحث العلمي في تطوير جميع مجاالت الحياة‪.‬‬
‫‪ .5‬من أهم العروط الموضوعية في البحث العلمي‪ :‬أن تكون هناك معكلة‬
‫تستدعي البحث عن حل لها‪ ،‬كما يجب أن تتوافر األدلة التي تحتوي على‬
‫الحقائق‪ ،‬وكذلك التحليل الدقيق لألدلة وتصنيفها‪ ،‬مع استخدام العقل والمنطق‬
‫لترتيب األدلة في حجج وإثباتات‪ ،‬وذلك مع مراعاة الموضوعية وعدم التعصب‬
‫للرأي وقبول النتائج التي تسفر عنها األدلة‪ ،‬فإذا ما توصلنا إلى الحل المحدد‬
‫كان هو اإلجابة النهائية عن المعكلة‪ ،‬وتكون في شكل تعميم‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫المطلب الثاني‬
‫أهمية البحث العلمي‬

‫(أ) أهمية البحث العلمي بالنسبة للمجتمع ككل (المستوى الكلي)‪.‬‬


‫(ب) أهمية البحث العلمي بالنسبة للباحث (المستوى الجزئي)‪.‬‬

‫(أ) بالنسبة ألهمية البحث العلمي للمجتمع ككل‬


‫سبق وأن أشرنا في تقديم هذا الفصل‪ ،‬أن التقدم والتحضر وارتفاع مستوى المعيعة‬
‫وناتجا عن تطور مستوى البحث العلمي سواء‬
‫ً‬ ‫وليدا‬
‫لألفراد في جميع المجاالت‪ ،‬قد أصبح ً‬
‫أكان ذلك على المستوى المحلي أم الدولي‪.‬‬
‫ونتيجة إلدراك هذه الحقيقة التي يؤكدها الواقع العملي المعاهد زاد االهتمام بدعم‬
‫جهود البحث العلمي‪ ،‬وذلك اتساًقا مع االهتمام بقضايا المجتمع والبحث المستمر عن‬
‫التطوير في خدمته‪ ،‬كما أصبح االقتناع بأهمية البحث العلمي من أجل الوصول إلى بيانات‬
‫ومعلومات جديدة والتوصل إلى حل المعكالت التي تواجه المجتمع في كافة المجاالت‪.‬‬
‫ولعل ما يؤكد ذلك ما تعير إليه اإلحصاءات الحديثة من ارتفاع نسبة ما يوجه من‬
‫الناتج المحلي اإلجمالي (أو الموازنة العامة للدولة) نحو االرتقاء بمستوى البحث العلمي في‬
‫الدول المتقدمة‪ ،‬وتدني هذه النسبة في الدول النامية بصفة عامة والعربية منها بصفة خاصة‪،‬‬
‫وفي هذا السياق نجد إحدى الدراسات الحديثة (‪2021‬م) حول واقع البحث العلمي في‬

‫البلدان العربية‪ ،‬تعير إلى المعوقات ومقترحات التطوير (حالة تونس) (‪ )1‬إلى‪ ،‬ومن ذلك ما‬

‫(‪ )1‬دح هتاديتة العود البهلول‪" ،‬دافع البحتث العلمي في البلتدان العربيتة‪ :‬المعوقتات ومقترحتات للتطوير (حتالة‬
‫تونس)‪ ،‬منعورة في مجلة مستقبل العلوم االجتماعية‪ ،‬العدد الخامس‪ ،‬إبريل‪ ،‬سنة ‪2021‬م صت ت ت ت ت ت ت ‪60‬‬
‫وما بعدها‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫يأتي‪:‬‬
‫‪ .1‬دولة مثل فرنسا – على سبيل المثال ‪ -‬لديها ‪ 2000‬مركز ومعهد للبحث العلمي‬
‫والتطوير‪ ،‬وهي مراكز عالية الجودة من حيث المعدات والقدرات المتاحة لها‪ ،‬في‬
‫حين أن الدول العربية مجتمعة (‪ 22‬دولة) لديها ‪ 600‬مركز ومعهد أبحاث فقط‬
‫(وذلك دون الدخول في مواصفات هذه المعاهد والمراكز وقدراتها التجهيزية وجودة‬
‫الخدمات التي تقدمها) باستثناء بعض المراكز المهمة في بعض الدول العربية‪.‬‬
‫حادا في اإلحصاءات المتاحة‬ ‫‪ .2‬في مجال العلوم االجتماعية‪ ،‬يواجه الباحثون ً‬
‫نقصا ً‬
‫والحديثة‪ ،‬مما يؤثر على مصداقية نتائج البحث العلمي‪.‬‬
‫‪ .3‬تعير تقارير البنك الدولي واليونيسكو للعلوم إلى أن اإلنفاق على البحث العلمي‬
‫كنسبة من إجمالي الناتج المحلي في عام ‪2018‬م كانت ‪،%2.84 ،%3.26‬‬
‫‪ ،%1.7 ،%2.2 ،%2.19‬في كل من اليابان‪ ،‬والواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬والصين‪،‬‬
‫وفرنسا‪ ،‬وإنجلت ار على التوالي‪ ،‬بينما بلغت هذه النسبة ‪ %4.95‬في إسرائيل‪%4.5 ،‬‬
‫في كوريا الجنوبية‪ %2.82 ،‬في سنغافورة‪ %2.2 ،‬في ماليزيا‪ %1.94 ،‬في جنوب‬
‫أفريقيا‪ ،‬ونحو ‪ %.35‬كمتوسط عام للدول العربية‪ %0.6 ،‬في تونس‪ ،‬وفي مصر‬
‫بلغت النسبة ‪( %0.8‬وكانت ‪ %0.27‬في ‪2011‬م)‪.‬‬
‫وتصنف مستويات اإلنفاق على البحث العلمي بالنسبة لإلنتاج المحلي حسب المعايير‬
‫جدا‪ ،‬وبين ‪%1‬‬
‫ضعيفا ً‬
‫ً‬ ‫الدولية إلى أربعة أصناف‪( :‬أقل من ‪ %1‬يعتبر أداء البحث العلمي‬

‫طا‪ ،‬وأكثر من ‪ %1.6‬يكون المستوى ً‬


‫جيدا‪ ،‬وأكثر‬ ‫إلى ‪ %1.6‬يعتبر أداء البحث العلمي متوس ً‬
‫من ‪ %2‬يعتبر أداء البحث العلمي في المستوى المطلوب لتطوير القطاعات وإيجاد تقنيات‬
‫جديدة‪ ،‬إن ذلك يعني أن اإلنفاق على البحث العلمي في الدول العربية هو بحث غير منتج)‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫ب‪ -‬أهمية البحث العلمي على المستوى الجزئي (أهميته للباحث)‬


‫‪ .1‬يعتبر البحث العلمي أهم أداة لمعرفة حقائق الكون واإلنسان والحياة‪ ،‬ومن ثم‬
‫فإن البحث العلمي يسمح للباحث باالطالع على مختلف المناهج واختيار‬
‫األفضل منها‪ ،‬كما أن البحث العلمي يجعل من الباحث شخصية مختلفة‬
‫عن غيره من حيث التفكير واالنضباط والحركة‪.‬‬
‫‪ .2‬البهجة والمتعة العلمية التي يععر بها الباحث عندما يوفق من خالل بحثه‬
‫إلى إيجاد حل لمعكلة ما‪ ،‬أو التوصل إلى إجابة عن تساؤل معين‪ ،‬فتزداد‬
‫ومناسبا للرغبة النفسية‬
‫ً‬ ‫مالئما‬
‫ً‬ ‫ثقته بنفسه‪ ،‬وكلما كان موضوع البحث‬
‫للباحث‪ ،‬أي الرغبة في الدراسة والتعمق‪ ،‬بحيث يوجد نوع من االنجذاب‬
‫النفسي والوجداني بين الباحث وبين موضوع البحث‪ ،‬فإن ذلك يذلل الصعاب‬
‫التي تواجه الباحث‪ ،‬واإلرهاق الجسماني‪ ،‬وتتحول الرغبة في استمرار البحث‬
‫إلى متعة وهواية‪.‬‬
‫‪ .3‬الدرجة العلمية التي يحصل عليها الباحث – بعد أدائه لبحثه كما يجب –‬
‫سواء أكانت الحصول على دبلوم الدراسات العليا‪ ،‬أم الماجستير‪ ،‬أو الدكتوراه‬
‫‪ -‬تنقل الباحث إلى درجة علمية أعلى ووظيفة أفضل ومستوى معيعي أرقى‪.‬‬
‫‪ .4‬األبحاث العلمية تقود الباحث إلى التعرف على المجتمعات األخرى‪ ،‬مما‬
‫يعمل على اتساع وحرفية واستمرار عطائه‪.‬‬
‫‪ .5‬البحث العلمي يدعم اإلبداع واالبتكار لدى الباحث‪ ،‬ويساعده في التوصل‬
‫إلى حل للمعكلة محل البحث‪ ،‬أو الحصول على إجابة عن سؤال كانت‬
‫إجابته غير واضحة أو مجهولة‪.‬‬
‫‪ .6‬إن إعمال الفكر والمنطق واالطالع على البيانات الالزمة واألدلة الحاسمة‬

‫‪15‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫من أجل حل معكلة البحث‪ ،‬يعني االستجابة لما أمرنا هللا سبحانه وتعالى‬
‫به من التفكر والتدبر في أمور الحياة ومن ثم يكون من ذوي األلباب الذي‬
‫ِ‬
‫ات و ْاأل َْر ِ‬
‫ض‬ ‫خاطبهم الحق تبارك وتعالى في كتابة الكريم‪ِ" :‬إ َّن ِفي َخْل ِق َّ‬
‫الس َم َاو َ‬
‫ات ِألُولِي ْاألَْل َب ِ‬
‫اب"(‪.)1‬‬ ‫ار َآلي ٍ‬ ‫ف َّ‬
‫اللْي ِل َو َّ‬
‫الن َه ِ َ‬
‫اخِت َال ِ‬
‫َو ْ‬

‫المطلب الثالث‬
‫خصوصية البحث العلمي في العلوم االجتماعية‬

‫في الوقت الحاضر تنقسم علوم الحياة إلى مجموعات متميزة‪ ،‬تضم كل منها عدة‬
‫أنواع تنسجم مع الطبيعة الخاصة التي تضمها المجموعة‪ ،‬فنجد مجموعة العلوم الطبيعية‪،‬‬
‫ومجموعة العلوم االجتماعية (أو اإلنسانية)‪ ،‬ومجموعة العلوم العكلية‪ ،‬ومجموعة العلوم‬
‫التطبيقية‪ ،‬ويمكن أن يضاف إلى ذلك مجموعة العلوم العرعية‪.‬‬
‫ومن المنطقي أن توجد مناهج للبحث العلمي تتالءم مع هذه المجموعات من العلوم‪،‬‬
‫بل يمكن للباحث أن يستخدم مناهج البحث ذاته في دراسة موضوعات تنتمي إلى مجموعات‬
‫علمية مختلفة‪.‬‬
‫وما يهمنا ‪ -‬هنا ‪ -‬هو بيان الطبيعة الخاصة لمناهج البحث المستخدمة في العلوم‬
‫االجتماعية بصفة عامة (وفي مجال القانون بصفة خاصة)‪ ،‬وما يميزها عن منهج البحث‬
‫المستخدم في العلوم الطبيعية‪ .‬وقبل أن نوضح هذا التمييز‪ ،‬تحسن اإلشارة إلى مفهوم‬
‫مجموعة العلوم الطبيعية من ناحية‪ ،‬ومحتوى مجموعة العلوم االجتماعية من ناحية أخرى‪.‬‬

‫(‪ )1‬القرآن الكريم‪ ،‬سورة آل عمران‪ ،‬اآلية رقم (‪.)190‬‬

‫‪16‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫أوالَ‪ :‬مجموعة العلوم الطبيعية‪:‬‬


‫تبحث العلوم الطبيعية في سلوك الطبيعة بالمعنى الواسع‪ ،‬وهو سلوك يتسم بالثبات‬
‫بوجه عام‪ ،‬ومن ثم فإن مادة البحث (موضوع البحث) في هذه العلوم يتمثل في كل ما‬
‫تعتمل عليه الطبيعة من كائنات ومخلوقات (غير اإلنسان) وما تحتويه من نباتات وأنهار‬
‫وهضاب وجبال وبحار ومحيطات‪ ،‬وبعبارة موجزة‪ ،‬فإن موضوع البحث في هذه العلوم هو‬
‫مختلف الظواهر غير الحية للطبيعة أو كائناتها غير الناطقة والمطيعة (كالفئران أو األرانب‬
‫أو القرود ‪ )...‬ومن أمثلة العلوم الطبيعية‪ :‬علم الفلك‪ ،‬علم األحياء‪ ،‬علوم األرض‪ ،‬علم‬
‫البيئة‪ ،‬علم الفيزياء ‪.‬‬
‫ويترتب على ذلك أن موضوع البحث في العلوم الطبيعية يمكن إخضاعه لطريقة‬
‫التجربة العلمية في المعمل أو المختبر‪ ،‬وعزله عن كافة المتغيرات األخرى التي يمكن أن‬
‫تأثير عليه‪ ،‬ومن ثم يمكن للباحث أن يتوصل إلى نتائج علمية تتميز بأكبر قدر من‬
‫تمارس ًا‬
‫الصحة والدقة والثبات‪ ،‬وعلى ذلك فإن قوانين العلوم الطبيعية (كنتائج لمنهج البحث العلمي‬

‫التجريبي) تتسم بالدقة بوجه عام‪ ،‬بمعنى أن النتائج التي تتضمنها هذه القوانين ستكون ً‬
‫دائما‬
‫هي نفس النتائج إذا كانت الظروف التي تكتنف الظاهرة الطبيعية واحدة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬مجموعة العلوم االجتماعية (أو اإلنسانية)‬


‫موضوع الدراسة (محل البحث) في هذه المجموعة من العلوم هو سلوك اإلنسان‬
‫بمختلف أشكاله وجوانب حياته العادية‪ ،‬بما يتميز به من تعقد بالغ نتيجة خضوعه (أي‬
‫تاما‪،‬‬
‫اإلنسان) لعدد كبير من المتغيرات يصعب السيطرة عليها أو عزلها عن بعضها عزالً ً‬
‫فردا في المجتمع‪ ،‬فإن مصطلح العلوم االجتماعية يمكن‬
‫ولما كان اإلنسان بسلوكه يعتبر ً‬

‫‪17‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫أن يعتبر مرادًفا لمصطلح العلوم اإلنسانية‪.‬‬


‫وتكمن صعوبة البحث في سلوك البعر في التناقضات التي تعتمل عليها النفس‬
‫البعرية‪( :‬الخير والعر‪ ،‬الكره والحب‪ ،‬الفجور والتقوى‪ ،‬النور والظالم‪ ،‬الهدى والضالل ‪...‬‬
‫إلخ( ‪.‬‬
‫هذا التناقض أثار العك في إمكانية إخضاع العلوم اإلنسانية لمنهج علمي كالعلوم‬
‫الطبيعية‪ .‬ولم يقبل العلماء بسهولة ‪ -‬فيما مضى ‪ -‬فكرة تطبيق مناهج البحث العلمي على‬
‫علوما بالمعنى‬
‫ً‬ ‫العلوم االجتماعية (أو اإلنسانية)‪ ،‬حيث كانوا ينظرون إليها على أنها ليست‬

‫الدقيق؛ وذلك لما تحدثه من لبس في المفا يم يعود إلى خصائها المتنوعة‪ ،‬والمتمثلة في(‪:)1‬‬

‫‪ )1‬تعقد وتعابك الظواهر السلوكية‪.‬‬


‫‪ )2‬ديناميكية وسرعة التغيير والتفاعل في الظواهر السلوكية‪.‬‬
‫‪ )3‬انعدام التجانس بين الظواهر السلوكية‪.‬‬
‫‪ )4‬صعوبة (بل استحالة) استخدام الطرق التجريبية (في المعمل)‪.‬‬
‫‪ )5‬التحيز والميول العخصية للباحث‪.‬‬
‫ومن أجل محاولة تذليل هذه الصعوبات التي تفوق البحث العلمي‪ ،‬طرح علماء العلوم‬
‫اإلنسانية قاعدتين؛ هما‪:‬‬
‫األولي‪ :‬اعتبار الظواهر االجتماعية أشياء عند دراستها‪ ،‬ذلك أن العيء هو كل ما‬
‫يصلح أن يكون أداة للمعرفة‪ ،‬ومن ثم تصبح مثل الظواهر الطبيعية قابلة لإلدراك بعيدا عن‬
‫ذاتية الباحث‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬استبعاد كل العوامل النفسية التي تبعث في نفس الباحث الععور بالقهر‬
‫االجتماعي‪ ،‬وذلك من أجل عزل الظواهر االجتماعية عن فكر ووعي الباحث‪ ،‬وجعلها كأنها‬

‫(‪ )1‬راجع ذلك أ‪.‬دح صالح زين الدين‪ ،‬مرجع سابق صت ‪ ،18‬ص ت‪.63‬‬

‫‪18‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫كيان قائم بذاته خارج مجال التأثير على الباحث‪.‬‬


‫جانبا‬
‫وقد ترتب على ذلك أن أصبحت العلوم اإلنسانية (أي التي يتناول كل منها ً‬
‫من جوانب السلوك البعري في المجتمع) علوماً بالمعنى الدقيق‪ ،‬ويرجع ذلك لالعتبارات‬
‫اآلتية‪:‬‬
‫)‪ (1‬من حيث النتائج‪ :‬أحرزت العلوم اإلنسانية نتائج هامة جداً تتعلق بضبط سلوك‬
‫اإلنسان‪ ،‬وتفسير الظواهر االجتماعية‪ ،‬والتنبؤ بما سيط أر على الظاهرة في المستقبل‪.‬‬
‫)‪ (2‬من حيث مدى علمية طريقة البحث‪ :‬أصبحت العلوم اإلنسانية تخضع لمناهج‬
‫البحث العلمي مثلها في ذلك مثل العلوم الطبيعية‪.‬‬
‫ومطلوبا‬
‫ً‬ ‫اضحا ‪ -‬بل‬
‫)‪ (3‬من حيث األهداف‪ :‬أصبح الهدف من العلوم اإلنسانية و ً‬
‫على مستوى األفراد والمجتمعات‪ -‬وهو ضبط الظواهر وإيجاد تفسيرات لها‪.‬‬
‫)‪ (4‬كما يمكن إخضاع العلوم اإلنسانية للتجربة والمالحظة‪ ،‬أو المنطق والفكر‪،‬‬
‫وذلك من خالل طرق أو مناهج البحث العلمي الخاصة التي تتوافق مع طبيعتها هذه الطبيعة‬
‫التي تتمثل في اشتمالها على عدد كبير من المجاالت الفرعية‪ ،‬والتي تتعلق جميعها بسلوك‬
‫البعر مثل‪ :‬االقتصاد‪ ،‬القانون‪ ،‬السكان‪ ،‬الجغرافيا‪ ،‬السياسة‪ ،‬اإلدارة‪ ،‬التاريخ‪ ،‬واالجتماع ‪...‬‬
‫إلخ‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬منهج أو طرق البحث العلمي الخاصة بالعلوم االجتماعية‪:‬‬
‫لما كانت العلوم االجتماعية المختلفة (القانون‪ ،‬االقتصاد‪ ،‬السكان‪ ،‬التاريخ‪،‬‬
‫السياسة‪ ،‬الفلسفة‪ ،‬اإلدارة ‪ ...‬إلخ) يدرس كل منها جانباً من جوانب السلوك البعري‪ ،‬فإن‬
‫ذلك يعني أن دراسة الحقيقة اإلنسانية باعتبارها ُكالً متكامالً ال يمكن أن يتحقق باالقتصار‬
‫على دراسة وجه واحد من وجوهها في نطاق ذلك العلم االجتماعي الذي يختص بدارسة هذا‬
‫الوجه بعينه‪ ،‬بل إنه البد وأن يتحقق التفسير الكامل والصحيح لتلك الحقيقة من خالل عبور‬

‫‪19‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫وتأكيدا لذلك يقول الكاتب الفرنسي "أوجست‬


‫ً‬ ‫المناطق المخصصة للعلوم االجتماعية األخرى‪.‬‬
‫كونت"‪ :‬إن كل دراسة منعزلة لمختلف العناصر االجتماعية هي بالضرورة غير رشيدة‬

‫وعقيمة"(‪.)1‬‬

‫هذا التكامل بين العلوم االجتماعية من أجل فهم الحقيقة اإلنسانية‪ ،‬دفع العلماء إلى‬
‫محاولة إيجاد طرق بحث علمي تتفق مع طبيعة هذه العلوم المتعلقة بالظواهر االجتماعية‬
‫والسلوكيات البعرية‪ ،‬تختلف عن تلك الطرق التجريبية التي أشرنا إليها بالنسبة للعلوم‬
‫الطبيعية‪.‬‬
‫وقد توصل البحث إلى تنمية عدد من الطرق للدراسة والتحليل يمكن عن طريقها‬

‫جمع البيانات عن الظواهر االجتماعية من واقع المعاهدة العملية‪ ،‬وأن يمضي البحث قدماً‬
‫في الكعف عما إذا كانت هذه البيانات تفصح عن سمات معتركة أو عالقات متكررة‪ ،‬وهذه‬
‫هي الطريقة االستقرائية‪ ،‬كما أمكن الباحث االجتماعي أن يلجأ إلى طريقة التجريد‪ ،‬والتي‬
‫تعتمد على العقل والمنطق والذهن في ربط المقدمات المتعلقة بالظواهر االجتماعية معاً من‬
‫أجل استخالص واستنباط القوانين التي تحكم هذه الظواهر‪ ،‬وهذه هي الطريقة االستنباطية‪،‬‬
‫والتي بمقتضاها يمكن القول بأن الدراسة االجتماعية هي دراسة تطبيقية في علم المنطق‪.‬‬
‫وسنوضح هاتين الطريقتين من طرق البحث في العلوم االجتماعية فيما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬الطريقة االستنباطية‪:‬‬
‫وتتمثل خطوات تطبيق هذه الطريقة في اآلتي‪:‬‬
‫أ‪ -‬يقوم الباحث باختيار الظاهرة االجتماعية (المعكلة) المراد دراستها‪ ،‬حيث يهدف‬
‫الباحث إلى التوصل إلى حل أو إجابة عن التساؤل محل البحث‪.‬‬

‫(‪ )1‬راجع في ذلك أ‪.‬دح أحمد جامع‪" ،‬النظرية االقتص ت ت ت تتادية"‪ ،‬الجزء األول "التحليل االقتص ت ت ت تتادي الجزئي"‪،‬‬
‫دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة ‪ ،1984‬ص ت ‪.9 ،8‬‬

‫‪20‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫ب‪ -‬يقوم الباحث بوضع الفروض العرطية األولية (كمقدمات)‪ ،‬ويجب أن تكون هذه‬
‫المقدمات قريبة من الواقع‪ ،‬ومتفقة مع المنطق بقدر اإلمكان‪ ،‬وذلك حتى يكون للبحث‬
‫الوصفي أهمية معتبرة‪.‬‬
‫ج‪ -‬يجب أن تؤدي كل مقدمة (أو كل فرض شرطي) إلى نتيجة منطقية تمثل مقدمة‬
‫أخرى يمكن التوصل منها عن طريق المنطق السليم إلى مقدمة ثالثة‪ ،‬وهكذا حتى نصل‬
‫إلى االستنتاج األخير‪ ،‬والذي يمثل القانون (أو التعميم)‪ ،‬الذي يحكم الظاهرة أو المعكلة أو‬
‫التساؤل محل البحث‪.‬‬
‫و‪ -‬هذا االستنتاج األخير يمكن اختبار صحته بواسطة المالحظة‪ ،‬كما أن مدى‬
‫صحته سيتوقف على صحة المقدمات األصلية‪ ،‬وسالمة مجرى التفكير العقلي والمنطقي‪.‬‬

‫وهكذا تنطلق هذه الطريقة من التعميم إلى التخصيص(‪.)1‬‬

‫‪ .2‬الطريقة االستقرائية‬
‫وفقا لهذه الطريقة يقوم الباحث بمالحظة الحقائق وترتيبها مع محاولة إيجاد العالقة‬
‫– عالقة السببية ‪ -‬بين المتغيرات المرتبطة بالظاهرة محل البحث التي يالحظها‪ ،‬ومن ثم‬
‫فإن جوهر هذه الطريقة يتمثل في التوصل إلى أحكام عامة عن طريق مراقبة حاالت فردية‬

‫(‪ )1‬وكمثال للطريقة االستتتتتتنباطية‪ :‬إذا افترض ت ت تتنا أن المع ت ت تتكلة محل البحث تتمثل في ما ية الكيفية التي‬
‫يحص تتل بها المس تتتهلك على أقص تتى إش تتباع ممكن لحاجاته من إنفاق دخله المحدود ‪ ،‬فهنا يمكن وفي‬
‫إطار علم االقتص ت ت تتاد كعلم اجتماعي بناء نموذج يحتوي على عدد من المقدمات المنطقية التي تتعلق‬
‫بمحدودية الدخل‪ ،‬وعدم قدرة المستتهلك على تغيير األستعار بمفرده‪ ،‬مع انخفاض ما يستتمده المستتهلك‬
‫من نفع كلما زادت وحدات الس ت ت ت تتلعة محل االس ت ت ت تتتهالك‪ ،‬وكذلك العالقة العكس ت ت ت تتية بين المنفعة الحدية‬
‫والمنفعة الكلية‪ ،‬حتي نصت ت ت تتل في النهاية إلى قانون تنظيم المنفعة الكلية للمست ت ت تتتهلك‪ ،‬والذي يتمثل في‬
‫ضرورة التناسب بين المنافع الحدية المستمدة من السلع المستهلكة وأثمانها‪ ،‬راجع في ذلك‪:‬‬
‫أ‪.‬دح عبد هللا الصتتعيدي‪ :‬مبادئ علم االقتصتتاد الجزئي" الجزء األول‪ :‬المقدمة‪ ،‬النظم االقتصتتادية والتنمية‪،‬‬
‫كلية الحقوق ج‪ .‬عين شمس‪ ،‬بدون تاريخ‪ ،‬ص ت‪.40‬‬

‫‪21‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫أو خاصة أو جزئية‪ ،‬ذلك يعني االنطالق من التخصيص إلى التعميم‪ .‬ويمكن استخدام هذه‬
‫الطريقة مثالً في مجال االقتصاد – كعلم اجتماعي‪ -‬من خالل مالحظة البيانات‬
‫واإلحصائيات المتعلقة باالرتباط بين الدخل (لنوع من طبقات المجتمع) وبين العادات‬
‫االستهالكية واالدخار‪.‬‬
‫والواقع أن منهج االستقراء واالستنباط ليسا منهجين متعارضين‪ ،‬أو يمكن أن يحل‬
‫أحدهما إحالالً كامالً محل اآلخر‪ ،‬بل العكس فهما طريقتان مترابطتان ومتكاملتان‪ ،‬وتستلزم‬
‫كل منهما األخرى في كثير من األحيان‪ ،‬وعلى ذلك فإن الباحث االجتماعي عليه التأكد‬
‫من صحة التعميمات التي توصل إليها باستخدام إحداهما عن طريق استخدام الطريقة‬
‫األخرى في تحليل ذات الظاهرة االجتماعية أو المعكلة محل البحث‪.‬‬
‫ويمكن القول بأن هناك عالقة تبادلية بين االستقراء واالستنباط‪ ،‬فاالستقراء عادة ما‬
‫يتقدم القياس (أو االستنباط)‪ ،‬وبذلك فإن القياس يبدأ من حيث ينتهي االستقراء‪ ،‬وبينما‬
‫يحتاج االستقراء إلى القياس عندما يطبق على الجزئيات للتأكد من الفروض (المقدمات)‪،‬‬

‫فإن القياس يحتاج إلى استقراء من أجل التوصل إلى القواعد والقوانين الكلية(‪.)1‬‬

‫‪ .3‬بعض مناهج البحث العلمي في مجال العلوم القانونية‪:‬‬


‫في كليات الحقوق يدرس الطالب ‪ -‬في مرحلتي الليسانس والدراسات العليا ‪ -‬القانون‬
‫بفروعه المختلفة وتاريخه‪ ،‬وفلسفته‪ ،‬باإلضافة إلى دراسة النظم السياسية والدستورية‬
‫واإلدارية‪ ،‬وهذه الدراسة للقانون بفروعه المختلفة دعت العلماء إلى البحث عن مناهج من‬
‫أجل مواجهة المعكالت القانونية ذات الطابع المحلي أو الدولي‪ ،‬فباإلضافة إلى طريقتي‬
‫االستنباط واالستقراء التي أشرنا إليهما‪ ،‬توجد مناهج بحث علمي أخرى في مجال العلوم‬
‫القانونية من أهمها‪:‬‬

‫(‪ )1‬راجع في ذلك أ‪.‬دح صالح زين الدين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ت ‪.24‬‬

‫‪22‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫(أ) المنهج التحليلي‪ :‬وهنا يعتمد الباحث على تفكيك المعكلة في صورة عناصر‬
‫أساسية‪ ،‬مع دراسة كل عنصر بمعزل عن اآلخر‪ ،‬مع تتبع المصادر القانونية ومع القيام‬
‫بعملية تقويم ونقد‪ ،‬وفي النهاية يقوم بعملية تركيب للنتائج ومن ثم حل اإلشكالية (موضوع‬
‫البحث)‪.‬‬
‫(ب) المنهج التاريخي‪ :‬وترجع أهمية هذا المنهج إلى وجود أصول تاريخية لجميع‬
‫القوانين‪ ،‬ومن ثم يحتاج البحث إلى مراجعة التعريعات أو القوانين المتعلقة بمعكلة البحث‪.‬‬
‫بناء‬
‫(ج) المنهج االستداللي‪ :‬ويعني بإيجاز أن الباحث يتوصل إلى معرفة جديدة ً‬
‫على االستعانة بمعرفة سابقة‪.‬‬
‫(د) المنهج الجدلي (المنهج الفرضي)‪ :‬ويتمثل في وضع مجموعة من البدائل لحل‬
‫معكلة ما‪ ،‬ومناقعة ذلك من خالل التفكير المنطقي‪ ،‬ومن ثم اختيار الحل األمثل واألنسب‪.‬‬
‫وباإلضافة إلى هذه المناهج‪ ،‬يمكن االستعانة كذلك – وفي إطار العلوم االجتماعية‬
‫بصفة عامة والعلوم القانونية بصفة خاصة ‪ -‬ببعض مناهج البحث األخرى التي تتناسب‬
‫مع طبيعة المعكلة محل البحث‪ ،‬ومنها مثالً‪ :‬المنهج الوصفي‪ ،‬المنهج المقارن‪ ...‬الخ‪.‬‬
‫مالحظة‪ :‬يبحث الفصل الثاني من هذا المؤلف بالتفصيل في مناهج البحث العلمي‬
‫المختلفة وتطبيقاتها على المعكالت محل البحث‪ ،‬ومن ثم فإننا سنكتفي بما ذكرناه بالنسبة‬
‫لمناهج البحث في العلوم االجتماعية بصفة عامة والعلوم القانونية بصفة خاصة‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫المطلب الرابع‬
‫محتوى موضوع البحث العلمي (شروط االختيار)‬

‫أ يا كان موقع موضوع البحث العلمي من العلوم المختلفة (العلوم الطبيعية‪،‬‬


‫االجتماعية‪ ،‬التطبيقية ‪ ...‬الخ)‪ ،‬فإن اختيار الموضوع يعتبر أول مرحلة تواجه الباحث‪،‬‬
‫مناسبا من الناحيتين الموضوعية والذاتية‪.‬‬
‫ً‬ ‫موضوعا‬
‫ً‬ ‫حيث يجب على الباحث أن يختار‬
‫ونظر ألهمية موضوع البحث‪ ،‬فإننا سنوضح فيما يلي النقاط اآلتية‪:‬‬
‫ًا‬
‫أوالً‪ :‬العروط العامة واجبة التوافر في اختيار موضوع البحث‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬عوامل اختيار موضوع البحث المرتبطة بعخص الباحث‪.‬‬
‫ً‬
‫ثالثًا‪ :‬عوامل اختيار موضوع البحث المرتبطة بطبيعة البحث ‪.‬‬
‫ابعا‪ :‬ما يجب مراعاته عند صياغة موضوع (أو معكلة البحث)‪.‬‬
‫رً‬

‫أوالً‪ :‬الشروط العامة في اختيار موضوع البحث‬


‫‪ .1‬أن يكون الموضوع في مجال اهتمام الباحث‪ ،‬أي في المجال الذي يفضله‬
‫ئيسيا في نجاحه‪.‬‬
‫دور ر ً‬
‫الباحث‪ ،‬ذلك أن رضاء الباحث عن الموضوع يلعب ًا‬
‫‪ .2‬أن يكون الموضوع يتسم بالحداثة والمعاصرة‪ ،‬أي يجب أن يكون االختيار‬
‫لموضوع جديد ولم يبحث من قبل‪ ،‬وذلك حتى تقدم فائدة جديدة للعلم‪.‬‬
‫‪ .3‬أن يتسم الموضوع المختار بالوضوح والتحديد‪ ،‬فإن اتسم الموضوع بالغموض‬
‫فلن يصل الباحث إلى نتائج مقبولة‪.‬‬
‫خياليا‪،‬‬
‫ً‬ ‫اقعيا وليس‬
‫موضوعا و ً‬
‫ً‬ ‫‪ .4‬أن يكون الموضوع المختار قابالً للتطبيق‪ ،‬أي‬
‫حتى ال يضيع وقت الباحث فيما ال فائدة منه‪.‬‬
‫‪ .5‬يجب على الباحث أن يتأكد من توافر المراجع والمصادر التي يمكن للباحث‬

‫‪24‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫أن يستعين بها في مجال بحثه للموضوع المختار‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬عوامل اختيار الموضوع المرتبطة بشخص الباحث‪:‬‬


‫‪ .1‬من أهم العوامل في هذا المجال الرغبة النفسية لدى الباحث‪ ،‬أي وجود رغبة‬
‫محببة لدى الباحث في اختياره للموضوع‪ ،‬ألنه سيتعايش معه لفترة قد تطول‬
‫معدا للدكتوراه‪.‬‬
‫لعدة سنوات إذا كان البحث ً‬
‫‪ .2‬يجب توافر القدرات العقلية (في تناول جميع جوانب الموضوع)‪ ،‬مع القدرة‬
‫على االطالع على البيانات أو المعلومات المساعدة في البحث‪ ،‬وكذلك توافر‬
‫القدرات الجسمانية لتمكين الباحث من القدرة على مواصلة البحث‪ ،‬وكذلك‬
‫توافر القدرات المالية في بعض األبحاث التي تحتاج إلى تمويل‪.‬‬
‫‪ .3‬إتقان بعض اللغات األجنبية حتى يتمكن الباحث من االطالع على الدراسات‬
‫وخصوصا الدراسات القانونية‪.‬‬
‫ً‬ ‫والمراجع باللغات األجنبية‬
‫‪ .4‬يجب أن يكون الموضوع المختار داخالً في إطار ما درسه الباحث (أي‬
‫عاما أم‬
‫داخالً في تخصصه العلمي سواء أكان ذلك بنفس التخصص ً‬
‫خاصا‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ .5‬التخصص المهني‪ ،‬حيث يكون مرغوبا فيه أن يواصل الباحث في نفس‬
‫تخصصه المهني (التطبيقي)‪ ،‬بحيث توفر له الوظيفة الضرورية للبحث‪،‬‬
‫وكذلك يستفيد من الترقية المهنية من خالل رفع مستواه المهني‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫ثالثا‪ :‬عوامل اختيار الموضوع المرتبطة بطبيعة البحث‪:‬‬


‫‪ .1‬يجب على الباحث مراعاة المدة المحددة إلنجاز البحوث العلمية؛ وهي المدة‬
‫الضرورية إلنجاز البحث والمحددة من قبل الجهات المسئولة عن البحث‬
‫العلمي‪.‬‬
‫مبتكر‪ ،‬ويمكن‬
‫ًا‬ ‫‪ .2‬يجب أن يتسم موضوع البحث المختار بالحداثة‪ ،‬وأن يكون‬
‫من الكعف عن حقائق جديدة‪ ،‬أو على األقل يؤدي إلى تدعيم المعلومات‬
‫ووضوحا‪.‬‬
‫ً‬ ‫السابقة بحيث تصبح أكثر دقة‬
‫متناسبا مع الدرجة‬
‫ً‬ ‫‪ .3‬يجب على الباحث أن يختار موضوع البحث بحيث يكون‬
‫العلمية المراد تحصيلها‪ ،‬أو من أجل ترقية مهنية‪ .‬فاألمر هنا يختلف من‬
‫حيث االتساع أو العمول طبًقا لما إذا كانت الدرجة العلمية المطلوبة هي‬
‫بحث للدراسات العليا‪ ،‬أو درجة الماجستير‪ ،‬أو الدكتوراه‪ ،‬وبالطبع فإن ذلك‬
‫يتم بمساعدة األستاذ المعرف على البحث‪.‬‬
‫‪ .4‬يجب على الباحث أن يتأكد من وجود مراجع أو مصادر أو وثائق أو بيانات‬
‫أو معلومات تساعد في إجراء البحث‪ ،‬وكلما تعددت هذه المصادر والمراجع‬
‫وتنوعت كلما ساعد ذلك الباحث على اإلنجاز والدقة والعمول‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬صياغة مشكلة البحث‪:‬‬


‫معكلة البحث هي موضوعه (عنوانه)‪ ،‬ومن ثم فإن معايير اختيار الموضوع هي‬
‫ذاتها معايير اختيار معكلة البحث‪ ،‬فالبحث العلمي في النهاية – ومن حيث الموضوع ‪-‬‬
‫ليس سوى إجابة عن سؤال مطروح‪ ،‬أو بحث عن حل لمعكلة قائمة‪ ،‬أو إيضاح لمعلومات‬
‫يكتنفها الغموض ‪ ....‬إلخ‪ ،‬ومن أجل حسن صياغة موضوع البحث‪ ،‬يجب على الباحث‬

‫‪26‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫مراعاة ما يلي ‪:‬‬


‫‪ .1‬أن تكون المعكلة (موضوع البحث) واضحة وخاصة وغير غامضة‪.‬‬
‫‪ .2‬يجب أن يصاغ العنوان (الموضوع) بعبارات واضحة ال لبس فيها وال‬
‫غموض‪ ،‬مع إيضاح المصطلحات المستخدمة في صياغة المعكلة‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫‪28‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫المبحث الثاني‬
‫مهارات البحث العلمي‬

‫في هذا المبحث نحاول اإلجابة عن تساؤالت ثالثة؛ هي‪:‬‬


‫ماذا يقصد بالمهارة بصفة عامة وما مدى إمكانية قياسها وماذا تعني مهارات‬
‫البحث العلمي بصفة خاصة‬
‫ما هي الطرق التي يستطيع بها الباحث أن يكتسب مهارات البحث العلمي‬
‫ما هي األساليب التي يمكن للباحث أن يعتمد عليها في تحسين مهارات البحث‬
‫العلمي‬
‫ويمكن تخصيص مطلب مستقل لإلجابة عن كل سؤال من هذه التساؤالت كما يلي‪:‬‬

‫المطلب األول‬
‫معني المهارة بصفة عامة‪ ،‬وإمكانية قياسها‪ ،‬وماذا يقصد بمهارة البحث العلمي بصفة‬
‫خاصة‬

‫أوال‪ :‬معني المهارة بصفة عامة‪:‬‬


‫يمكن تعريف المهارة بصفة عامة بأنها مجموعة من المعارف والخبرات تتمثل في‬
‫شكل أداء يقوم به العخص من أجل إنجاز عمل معين بدقة كاملة وكفاءة عالية‪ ،‬وبأقل‬
‫التكاليف الممكنة وفي أقل وقت ممكن‪ ،‬وبهذا المعنى فإن المهارة تعتبر مرادًفا للجودة‪.‬‬
‫وتنقسم المهارات إلى صعبة أو عملية‪ ،‬ومهارات لينة (أو شخصية)‪ ،‬واألولى تتمثل‬
‫في القدرات المكتسبة من خالل التعليم والممارسة والتكرار‪ ،‬ويمكن قياس هذا النوع من‬
‫كميا (وتعمل المعرفة والقدرات التقنية‪ ،‬وكذلك إجادة اللغة‪ ،‬والمحاسبة‪،‬‬
‫قياسا ً‬
‫المهارات ً‬
‫‪29‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫وتحليل البيانات ‪ ....‬إلخ)‪ .‬أما الثانية (اللينة أو العخصية غير التقنية) فهي مهارات غير‬
‫ملموسة وتعبر عن سمات العخص وسلوكه‪ ،‬وتكتسب بالتعلم من الحياة اليومية أو من‬
‫خالل التعليم إال أنه يصعب قياسها؛ ألنها تختلف من شخص إلى آخر‪ ،‬مثل‪ :‬الثقة بالنفس‪،‬‬
‫والقدرة على التواصل وحل المعكالت‪.‬‬
‫و ًأيا كان نوع المهارة‪ ،‬فإنها تتمثل في كل ما يكتسبه الفرد من أجل تنمية عقله وقدراته‪،‬‬
‫وذلك للوصول إلى النجاح في حياته‪ .‬ولذلك فإنه ليس المهم أن نعرف ما نتعلم‪ ،‬ولكن المهم‬
‫هو أن نعرف كيف نطبق ما نتعلم‪.‬‬
‫وتعتبر المهارة العقلية من أهم المهارات المطلوبة في البحث العلمي‪ ،‬حيث إنها‬
‫ترتبط بالقدرات العقلية التي تمكن الباحث من إنجاز المهام المطلوبة والمتعلقة بها‪ ،‬ذلك‬
‫خصبا‪ ،‬إلى جانب القدرة‬
‫ً‬ ‫مثل القدرة على التخطيط وإنتاج أفكار إبداعية مما يتطلب خياالً‬
‫على التقييم واتخاذ القرار المناسب والقدرة على إقناع اآلخرين (قوالً أو كتابة)‪ ،‬كما تتمثل‬
‫أيضا‬
‫المهارة العقلية في القدرة على النقد والتحليل والقياس والتنبؤ في األبحاث العلمية‪ ،‬وهي ً‬
‫تمكن اإلنسان من التطوير المستمر لنفسه عبر التعليم الذاتي‪.‬‬
‫وعلى ذلك‪ ،‬يمكن القول بأن مهارة البحث العلمي تتمثل – بإيجاز ‪ -‬في القدرة على‬
‫التقصي والفحص والتفتيش إليجاد المعلومات والبيانات المناسبة ذات العالقة بالموضوع‬
‫(محل البحث‪ ،‬أو المعكلة التي تحتاج إلى حل) الذي تمت دراسته‪ ،‬ومن ثم تجميعها‬
‫وتحليلها وتقييمها‪ ،‬للخروج بنتائج تضمن تطوير هذه الدراسة وتعزيزها‪ .‬وتتمثل هذه المهارة‬
‫في اآلتي ‪:‬‬
‫‪ .1‬مهارة كتابة التقارير‪.‬‬
‫‪ .2‬مهارة جمع المعلومات‪.‬‬
‫‪ .3‬مهارة تحليل البيانات من مصادرها المختلفة‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫‪ .4‬مهارة البحث عن المعلومات عبر اإلنترنت‪.‬‬


‫‪ .5‬مهارة التفكير الناقد‪.‬‬
‫‪ .6‬مهارة التخطيط والتنظيم‪.‬‬
‫‪ .7‬مهارة إجراء المقابالت إن لزم األمر‪.‬‬
‫‪ .8‬مهارة التحليل النقدي‪.‬‬

‫المطلب الثاني‬
‫طرق اكتساب مهارات البحث العلمي‬

‫كما أشرنا حاالً تعتبر مهارات البحث العلمي من أهم المهارات العقلية‪ ،‬حتى يمكن‬
‫تنمية هذه المهارات‪ ،‬أو على األقل اكتساب المهارات أوالً ثم تنميتها في مرحلة الحقة‪ ،‬ومن‬
‫ثم فإن الطرق اآلتية يجب أن تُتبع‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬طرق المالحظة‪:‬‬


‫تعتبر المالحظة المحرك األساسي لعملية البحث العلمي‪ ،‬بل هي الخطوة األولى‬
‫في هذا البحث‪ ،‬وتعتبر من أهم عناصر البحث التجريبي بصفة عامة‪ ،‬ومنهج البحث‬
‫االستقرائي بصفة خاصة‪ ،‬حيث – وكما سبق أن أشرنا ‪ -‬يقوم الباحث في الطريقة االستقرائية‬
‫بتجميع البيانات والمعلومات الالزمة للبحث ومالحظاتها بدقة؛ حتى يوجد العالقات فيما‬
‫بينها وصوالً للقانون أو التعميم الذي يحكم المعكلة أو الظاهرة محل البحث‪ .‬ومن أهم‬
‫مميزات طريقة المالحظة العلمية‪:‬‬
‫‪ .1‬إمكانية تسجيل الظواهر فور حدوثها‪ ،‬وبالتالي تالفي آثار التحيز التي قد‬
‫تنتج عن مضي فترة طويلة بين حدوث الظاهرة وتسجيلها‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫‪ .2‬التقليل من مخاطر الحصول على إجابات متحيزة – مقارنة باالستقصاء –‬


‫إما بسبب الحرج أو التفاخر‪.‬‬
‫‪ .3‬تسمح بتجميع البيانات في المواقف السلوكية المثالية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الرغبة في البحث العلمي والمدعمة بأهمية التفاعل مع المشكلة محل البحث‬
‫فكلما أقبل الباحث برغبة محبة للبحث‪ ،‬مع االقتناع الكامل بأهمية الظاهرة أو‬
‫أوليا على نجاح البحث‪.‬‬
‫المعكلة محل الدراسة‪ ،‬كلما كان ذلك مؤش اًر ً‬

‫ثالثا‪ :‬الصبر والمثابرة‪:‬‬


‫فهذان عامالن في غاية األهمية وال غنى عنهما في عملية البحث‪ ،‬فقد يأخذ البحث‬
‫وقتاً طويالً حتى يتم التوصل إلى النتائج المطلوبة‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬القدرة على التحليل‪:‬‬


‫والتحليل – هنا ‪ -‬يعني دراسة البيانات والمعلومات التي يتوصل إليها الباحث – بناء‬
‫على منهج البحث العلمي المطبق ‪ ،-‬ومن ثم فإن هذا التحليل يعتبر من مهارات البحث‬
‫العلمي الضرورية‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬التفكير النقدي‪:‬‬


‫حيث تعتبر مهارة التفكير النقدي جزًءا ال يتج أز من مهارات البحث‪ ،‬خصوصاً عند‬
‫البحث في قضايا شائكة (كحادثة تاريخية مثالً)‪ ،‬أو كان البحث حول قضية تحتمل العديد‬
‫من وجهات النظر‪ ،‬أو كان حول مسألة عليها خالف أو نزاع بين أطراف متعددة‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫وهنا يجب أن يلتزم الباحث بالحياد‪ ،‬وهذا يعني أن الباحث ال يبحث عن األشياء‬
‫وفًقا لموقفه العخصي‪ ،‬بل إنه يقوم بالبحث في إطار السعي إلى الوصول إلى الحقيقة في‬
‫نهاية األمر‪ ،‬ومن ثم فيجب أن يعرض الباحث ‪ -‬وبأمانة ‪ -‬لكافة اآلراء التي تتناول جوانب‬
‫المعكلة محل البحث‪.‬‬

‫سادسا‪ :‬التحلي بخصائص التفكير العلمي‪:‬‬


‫وهذا يعني أن الباحث عليه أن يكون ملتزماً باالعتماد على الحقائق والعواهد‪ ،‬واالبتعاد‬
‫عن التأمالت والمعلومات التي ال تستند إلى أسس وبراهين‪ .‬كما يجب على الباحث أن‬
‫يستغرق فترة كافية لجمع الوثائق والمعلومات التي تتعلق مباشرة بموضوع البحث‪ ،‬ويتخلى‬
‫عن تلك التي ال تتعلق بالموضوع‪ ،‬حتى ال يكثر الحعو الممل‪ ،‬ويبعد البحث عن الموضوعية‬
‫والدقة‪ ،‬كما يجب على الباحث أن يلتزم الموضوعية في الوصول إلى المعرفة واالبتعاد عن‬
‫العواطف‪.‬‬

‫طبقا ألنظمة البحث‪:‬‬


‫سابعا‪ :‬التدوين وتسجيل البيانات المتعلقة بالموضوع وترتيبها ً‬
‫وهنا يجب على الباحث ‪ -‬ومن أجل اكتساب مهارة البحث العلمي‪ -‬أن يقوم بتدوين‬
‫أفكار فجائية (عفو‬
‫كل ما يجده من بيانات لها عالقة بالموضوع محل الدراسة‪ ،‬سواء أكانت ًا‬
‫الخاطر) أم كانت مصادر إضافية‪ ،‬ويجب عليه – أيضا ‪ -‬أن يستفيد من التكنولوجيا‬
‫الحديثة (اإلنترنت) الذي أصبح بعكل مكتبة متنقلة مفيدة للباحثين في كل المجاالت‪ ،‬كما‬
‫يجب على الباحث أن يعمل على تحديث ما لديه من معلومات‪ ،‬حتى يتميز بحثه بالحداثة‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫المطلب الثالث‬
‫وسائل تحسين مهارات البحث العلمي‬

‫أوال‪ :‬تحقق االقتناع الكامل لدى الباحث وكذا االعتقاد الحاسم بأهمية البحث العلمي‬
‫دائما إلى تحسين ما يرغب فيه‪،‬‬
‫لكل من الباحثين والمجتمع ككل؛ وذلك ألن اإلنسان يسعى ً‬
‫أما ما ال يرغب فيه وال يعتقد في أهميته فال يسعى إلى تحسينه‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬من أجل تحسين المهارات المتعلقة بالبحث العلمي‪ ،‬ال يكفي أن يكون الباحث‬
‫عالما بخطوات إجراء البحث (اختيار المعكلة‪ ،‬المقدمة‪ ،‬المتن‪ ،‬النتائج والتوصيات)‪.‬‬
‫ً‬
‫بل إن التحسين يستلزم االرتقاء بالمعرفة إلى مرتبة أعلى تتمثل في‪:‬‬
‫‪ .1‬تصنيف البحث العلمي حسب االستعمال‪ :‬أي معرفة الباحث لتقديم بحثه‬
‫كمقالة ال تتعدي عدة صفحات من أجل تدريب الطالب على تنظيم األفكار‪،‬‬
‫أو أن البحث سيقدم كمعروع للتخرج (بمرحلة الليسانس أو مرحلة الدراسات‬
‫العليا)‪ ،‬ويكون البحث في هذه الحالة أكثر عمًقا من المقالة بهدف تنمية‬
‫قدرات الطالب في السيطرة على المعلومات ومصادر المعرفة‪ ،‬أو أن البحث‬
‫سيقدم كرسالة علمية للحصول على درجة الماجيستير‪ ،‬وهنا يكون البحث‬
‫تحت إشراف أحد األساتذة‪ ،‬أو أن البحث سيقدم للحصول على درجة الدكتوراه‬
‫كبحث أصيل يقوم فيه الباحث باختيار الموضوع وتحديد اإلشكالية وتحديد‬
‫منهج البحث‪ ،‬وذلك من أجل إضافة لبنة جديدة لبنيان المعرفة والعلم‪ ،‬وهنا‬
‫قد يستغرق اإلنجاز عدة سنوات‪.‬‬
‫‪ .2‬تصنيف مناهج البحث حسب طبيعة العلم الذي تدرس المعكلة في إطاره‬
‫(مناهج البحث والعلوم االجتماعية تختلف عنها في العلوم الطبيعية مثالً)‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫‪ .3‬تصنيف البحوث العلمية حسب طبيعتها إلى‪ :‬بحوث أساسية (تجرى من أجل‬
‫الحصول على المعرفة بحد ذاتها)‪ ،‬وبحوث تطبيقية (توجه عادة لحل معكلة‬
‫من المعاكل العملية(‪.‬‬
‫‪ .4‬تصنيف البحوث بحسب مناهجها إلى‪ :‬بحوث وثائقية (وفيها يتبع الباحث‬
‫المنهج اإلحصائي‪ ،‬والمنهج التاريخي‪ ،‬وبحوث ميدانية (حيث يطبق المنهج‬
‫المسحي‪ ،‬أو منهج دراسة الحالة‪ ،‬وبحوث تجريبية (تجري في المختبرات‬
‫العملية)‪.‬‬
‫‪ .5‬تصنيف البحوث بحسب جهات تنفيذها‪ :‬حيث توجد البحوث األكاديمية وهي‬
‫البحوث التي تجرى في الجامعات والمعاهد والمؤسسات األكاديمية المختلفة‪،‬‬
‫ولها أنواع متعددة‪( :‬تقارير علمية‪ ،‬وبحوث دراسات عليا‪ ،‬وبحوث ما بعد‬
‫الدكتوراه)‪ ،‬وكذلك البحوث غير األكاديمية‪( :‬وهي بحوث متخصصة تنفذ في‬
‫المؤسسات المختلفة بغرض تطوير أعمالها ومعالجة معكالتها) وبالتالي فهي‬
‫أقرب إلى البحوث التطبيقية‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬وضع جدول زمني وااللتزام بتنفيذه‪:‬‬
‫من الوسائل التي تؤدي إلى تحسين مهارات البحث العلمي أن يقوم الباحث بإعداد‬
‫جدول زمني‪ ،‬حيث يتم تقسيم الوقت بطريقة فعالة تضمن إعطاء كل خطوة من خطوات‬
‫البحث العلمي حقها‪ ،‬ومثال ذلك‪ :‬أن يخصص الباحث يومين لجمع البيانات‪ ،‬وثالثة أيام‬
‫إضافيا قبل موعد‬
‫ً‬ ‫أسبوعا للكتابة‪ ،‬وهكذا‪ .‬ويمكن للباحث أن يمنح نفسه وقتًا‬
‫للتحليل‪ ،‬و ً‬
‫التسليم النهائي من أجل المراجعة والتأكد من المصادر والوثائق المستخدمة‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫رابعا‪ :‬التزام الدقة في اختيار موضوع البحث‪:‬‬

‫من األهمية بمكان أن يحدد الباحث – وبدقة كاملة ‪ -‬الموضوع الذي سيكون محالً‬
‫لبحثه‪ ،‬وهذا الموضوع يتمثل – كما ذكرنا ‪ -‬في سؤال يحتاج إلى إجابة‪ ،‬أو معكلة تحتاج‬
‫إلى حل‪ ،‬ومن ثم فإنه كلما كان االختيار دقيًقا للمعكلة محل البحث‪ ،‬كلما كان البحث أكثر‬
‫طا‪ ،‬والنتائج أكثر سالمة وصحة‪.‬‬
‫انضبا ً‬
‫خامسا‪ :‬وضع مخطط مناسب للبحث‪:‬‬
‫فبعد تحديد موضوع البحث بدقة‪ ،‬ووضع السؤال األساسي الذي يرغب الباحث اإلجابة‬
‫عنه‪ ،‬سينتقل الباحث إلى الخطوة التالية وهي كتابة مخطط مبدئي للبحث‪ ،‬بحيث يتم تقسيمه‬
‫إلى أجزاء مترابطة ومنطقية‪ ،‬وهذه الخطوة تحمي الباحث من الضياع في بحر المعلومات‬
‫التي تم جمعها‪ ،‬وتجعل عملية كتابة البحث أسهل‪ ،‬كما يؤدي ذلك إلى تعرف الباحث على‬
‫جوانب النقص أو القصور‪ ،‬وحلها في الوقت المناسب‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬ال يمكن إهمال االطالع في المكتبات الورقية‪:‬‬
‫فرغم التقدم المعاصر في شبكة اإلنترنت‪ ،‬إال أن المكتبة التقليدية مازالت تمثل المرجع‬
‫الرئيسي‪ ،‬وبالذات بالنسبة للمراجع األصلية والدوريات القديمة‪.‬‬
‫سابعا‪ :‬السؤال واالستفسار‪:‬‬
‫مصاحبا للباحث طوال فترة إعداد بحثه يتمثل في سؤال األساتذة المعرفين‬
‫ً‬ ‫أمر يظل‬
‫على الدراسة‪ ،‬والزمالء من أصحاب الخبرة السابقة في البحث العلمي‪ ،‬وكذلك استفسارهم‬
‫الدائم عما يعترض الباحث من صعوبات أثناء البحث‪ ،‬كل ذلك يساعد في تنمية مهارات‬
‫البحث العلمي‪ ،‬وتجنب األخطاء الفنية والعلمية في اإلعداد ‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫ثامنا‪ :‬ترتيب المعلومات وتحديثها‪:‬‬


‫من األمور التي تحسن من مهارة البحث العلمي قيام الباحث بجمع المعلومات المتعلقة‬
‫بموضوع البحث وترتيبها طبًقا لخطة البحث‪ ،‬وهنا يالحظ أن القدرة على إيجاد المعلومات‬
‫والبيانات المناسبة من مختلف المصادر تعتبر من أهم مهارات البحث‪.‬‬
‫وأن البحث يتناول معكلة معاصرة‪ ،‬فالبد من تحديث البيانات‪ ،‬حتى تكون نتائج‬
‫البحث متفقة مع الواقع المعاصر‪.‬‬
‫تاسعا‪ :‬إن إجراء األبحاث على نحو مستمر‪ ،‬مع محاولة االستفادة من إرشادات ذوي‬
‫الخبرة من األساتذة المعرفين والزمالء‪ ،‬وهو أمر ال يمكن إنكاره في تحسين مهارات البحث‬
‫العلمي‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫‪38‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫المبحث الثالث‬
‫أخالقيات الباحث العلمي‪ ،‬وسمات البحث العلمي الجيد‬

‫يمكن تقسيم هذا المبحث إلى مطلبين هما‪:‬‬


‫المطلب األول‪ :‬أخالقيات الباحث العلمي‬
‫المطلب الثاني‪ :‬سمات البحث العلمي الجيد‬

‫المطلب األول‬
‫أخالقيات الباحث العلمي‬

‫امتدح هللا سبحانه وتعالى رسوله الكريم في القرآن الكريم بقوله‪"َ :‬وإَِّن َك َل َعلى ُخلُ ٍق‬

‫َع ِظيمٍ"(‪ ،)1‬ويقول العاعر‪:‬‬

‫فإن هم ذهبت أخالقهم ذهبوا"‬ ‫"إنما األمم األخالق ما بقيت‬


‫وال شك أن االلتزام بالخلق الكريم والسلوك القويم أمر محمود تدعو إليه الفطرة السليمة‬
‫والخلق الكريم‪ ،‬وحسن الخلق يتمثل في‪ :‬بسط الوجه‪ ،‬وبذل المعروف‪ ،‬وكف األذى عن‬
‫الناس (ال ضرر وال ضرار)‪.‬‬
‫ومع هذا المعني العام لحسن الخلق‪ ،‬توجد معان خاصة لحسن الخلق تتناسب مع‬
‫المهن أو الحرف أو الوظائف المختلفة؛ ففي الطب – مثال ‪ -‬يلتزم الطبيب بالحفاظ على‬
‫أسرار المرضى‪ ،‬وفي البنوك أو العمل المصرفي يلتزم الموظفون بالحفاظ على سرية‬
‫الحسابات المصرفية‪ ،‬وفي الهندسة المدنية يلتزم المهندسون بمراعاة الدقة الكاملة في تنفيذ‬

‫(‪ )1‬القرآن الكريم‪ ،‬سورة القلم‪ ،‬اآلية رقم (‪.)4‬‬

‫‪39‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫المباني من النواحي الفنية‪ ،‬وهكذا ‪ ...‬وفيما يتعلق بالباحث العلمي‪ ،‬فإن أخالقيات البحث‬
‫العلمي تعتبر من أقسام علم األخالق الذي يهدف إلى التمسك بجميع المثل والمبادئ‬
‫األخالقية‪ ،‬مع تجنب الغش أو االنتحال أو التزوير للمعلومات وكل ما يسيء للعمل العلمي‬
‫البحثي‪.‬‬
‫إن بناء األبحاث العلمية عالية الجودة يستلزم أن تكون هناك ثقة بالمضمون البحثي‬
‫وبالنتائج التي تم التوصل إليها‪ ،‬وهذا يحتاج إلى االلتزام الكامل بجميع أخالقيات البحث‬
‫العلمي وبالصفات التي يجب أن يتحلى بها الباحث‪ ،‬مما يوصلنا إلى دراسات علمية مهمة‬
‫كبير في نعر البيانات والمعلومات والنتائج الموثقة الدقيقة‪ ،‬التي لها تأثير كبير‬
‫دور ًا‬
‫تلعب ًا‬
‫على تطور العلوم والمجتمعات‪.‬‬
‫كما أن اإلخالل بهذه األخالقيات ستكون له نتائج سلبية للغاية على األبحاث العلمية‬
‫عموما وعلي الباحث العلمي بعكل خاص‪.‬‬
‫ً‬
‫ومن أبرز أخالقيات البحث العلمي ‪ -‬بداية من مرحلة اختيار موضوع البحث‪ ،‬ومرو اًر‬
‫بخطوات اإلعداد للدراسة وصوالً إلى مرحلة تنفيذ وكتابة البحث أو الرسالة العلمية ‪ -‬ما‬
‫يلي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬األمانة العلمية والصدق والنزاهة‪:‬‬
‫وتتجلي األمانة العلمية لدى الباحث في عدم نسبة أفكار الغير وآرائهم إلى نفسه‪،‬‬
‫وفي االقتباس الجيد واإلسناد لكل رأي أو فكرة أو معلومة إلى صاحبها األصلي‪ ،‬وبيان‬
‫مكان وجودها بدقة وعناية في المصادر والمراجع المعتمدة‪ ،‬كما أن التقيد بأخالقيات وقواعد‬
‫األمانة العلمية يتمثل في الدقة الكاملة والعناية العاملة في فهم أفكار اآلخرين ونقلها‪،‬‬
‫أمينا‪.‬‬
‫دائما واالعتماد على الوثائق األصلية‪ ،‬وتوثيق الهوامش توثيًقا صادًقا و ً‬
‫والرجوع ً‬
‫كما أن الصدق يقتضي أن يسجل الباحث نتائج واقعية مرتبطة بالدراسة‪ ،‬وليس نتائج‬

‫‪40‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫ععوائية أو غير واقعية‪ .‬كما أن المبالغة في تفسير النتائج تقلل من أهمية ومصداقية‬
‫البحث‪ ،‬وأن كل ذلك يعني ضرورة ابتعاد الباحث عن أي محاولة لالحتيال أو التضليل في‬
‫دراسته العلمية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الدقة والتنظيم في أداء البحث العلمي‪:‬‬
‫الدقة‪ :‬تعني ضرورة أن يتصف الباحث بصفة التقصي الفكري‪ ،‬والرغبة الراسخة في‬

‫الكعف عن الحقائق‪ ،‬والقدرة على الجدل الذهني المدعم(‪.)1‬‬

‫أما التنظيم‪ :‬فيعني الترتيب المنطقي ألجزاء البحث ومحتوياته‪ ،‬وذلك يعني ضرورة‬
‫سبق األسباب للنتائج‪ ،‬وسبق النتائج للتوصيات المفترضة‪ ،‬كما يجب وجود التكامل بين‬
‫هذه األج ازء‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬الحياد والموضوعية‬
‫حيث ال يمكن التوصل إلى بحث علمي أكاديمي عالي الجودة إال مع التزام الباحث‬
‫العلمي بالحياد والموضوعية‪.‬‬
‫والحياد يعني أن الباحث – فيما يتعلق بموضوع الدراسة‪ -‬البد أن يستبعد كل ميل‬
‫أو انحراف متعمد نحو فروض أو نتائج معينة‪ ،‬أي يجب على الباحث أن يبتعد عن ميوله‬
‫العخصية وآ ارئه الذاتية‪ ،‬وخصوصا في مرحلة مناقعة الدراسة وعرض نتائجها‪ ،‬وبعبارة‬
‫أخرى‪ ،‬يكون على الباحث العلمي أن يجهد نفسه في الفصل بين تحليله المحايد لما هو‬
‫كائن فعالً‪ ،‬وبين آرائه العخصية من ناحية‪ ،‬وبين ما يجب أن يكون من ناحية أخرى‪ .‬وهنا‬

‫يالحظ أن نظرية تكون تقريرية إذا تعلقت ً‬


‫أساسا بما هو قائم أو كائن فعالً‪ ،‬أما النظريات‬
‫التقديرية‪ ،‬فإنها تهتم بما يجب أن يكون‪ ،‬وهي بذلك تعبر عن التقدير العخصي أو الحكم‬

‫(‪ )1‬راجع‪ :‬أ‪.‬دح عبد هللا الصعيدي‪ ،‬مبادئ علم االقتصاد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬صت‪.34‬‬

‫‪41‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫العخصي على ما هو مقبول أو غير مقبول‬

‫رابعا‪ :‬احترام مجهودات اآلخرين وملكياتهم الفكرية‬


‫فال يجب على الباحث أن ينتحل صفة أي شخص‪ ،‬وأال يقتبس معلوماته أو بياناته‬
‫أو آ ارءه ويقدمها كعمل شخصي له‪ ،‬فهذا يخل باألمانة العلمية ويعتبر سرقة أدبية‪ ،‬ومع‬
‫ذلك فإن شخصية الباحثة المستقلة يجب أن تظهر في كتابته لبحثه؛ وذلك من خالل إبراز‬
‫آرائه الخاصة وأحكامه الذاتية على الوقائع واألحداث‪ ،‬وعدم االعتماد الكلي على آراء غيره‬

‫من الباحثين وعدم نقلها دون تمحيص أو دراسة‪ ،‬وهذا يضفي على عمله ً‬
‫نوعا من التمييز‬
‫والخصوصية واألصالة‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬التعامل األخالقي مع عينة الدراسة‪:‬‬
‫حيث يجب على الباحث أن يحتفظ بسرية المعلومات التي يقدمها له أفراد عينة‬
‫الدراسة‪ ،‬وأن يتعامل مع أفراد العينة باحترام وصدق‪ ،‬وأن يحترم رغباتهم إذا ما لم يرغبوا‬
‫في االشتراك كعينة للدراسة دون الضغط عليهم‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬التجديد واالبتكار في موضوعات البحث‪:‬‬
‫ويتحقق ذلك من خالل‪:‬‬
‫‪ .1‬اكتعاف معلومات وحقائق جديدة متعلقة بموضوع البحث لم تكن موجودة‬
‫من قبل‪ ،‬وتحليلها‪ ،‬وتركيبها‪ ،‬وتفسيرها‪ ،‬وإعالمها في صورة نظرية علمية أو‬
‫قانون علمي‪.‬‬
‫‪ .2‬اكتعاف معلومات وأسباب وحقائق جديدة إضافية عن الموضوع محل الدراسة‬
‫والبحث‪ ،‬تضاف إلى المعلومات والحقائق القديمة المتعلقة بذات الموضوع‪.‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬حست ت تتين عمر‪" ،‬مبادئ علم االقتصت ت تتاد"‪ ،‬تحليل جزئي وكلي ومعجم اقتصت ت تتادي‪ ،‬دار الفكر العربي‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،1989 ،‬ص ت‪.30‬‬

‫‪42‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫‪ .3‬اكتعاف أدلة وفرضيات علمية جديدة باإلضافة إلى الفرضيات القديمة‪.‬‬


‫سابعا‪ :‬النشر العلمي في مجالت علمية محكمة وموثقة ومعتمدة ذات انتشار واسع‪.‬‬
‫ثامنا‪ :‬الشرعية وااللتزام بالقوانين واألعراف السائدة في المجتمع‪:‬‬
‫حيث يجب على الباحث أن يختار المواضيع والمعكالت البحثية التي تتفق مع‬
‫القوانين السائدة في المجتمع والعرف المطبق‪ ،‬بحيث ال تكون متعارضة مع العرائع واألديان‬
‫السماوية‪.‬‬
‫تاسعا‪ :‬اإللمام التام بموضوع البحث العلمي‪ ،‬مع توافر الذكاء وسرعة البديهة‪،‬‬
‫وذلك حتى يستطيع الباحث أن يربط األفكار والمعلومات‪ ،‬مع القدرة على المناقعة والتحليل‬
‫وصوالً إلى النتائج المنطقية المطلوبة‪.‬‬
‫عاشرا‪ :‬التواضع وتقبل النقد العلمي‪:‬‬
‫حيث يجب على الباحث أن يتعامل بعكل متواضع في إطار مناقعته ونقده أو‬
‫عرضه للمعلومات البحثية السابقة‪ ،‬فال يسيء ألي باحث أو مؤلف سابق‪ ،‬مع التعامل‬
‫بتواضع مع عينة الدراسة والمعاركين في البحث‪ ،‬باإلضافة إلى ضرورة وأهمية تقبله للنقد‬
‫العلمي البناء‪.‬‬
‫حادي عشر‪ :‬ثبت وتوثيق المصادر والهوامش‪:‬‬
‫ويتعلق هذا الثبت والتوثيق باألمانة العلمية‪ ،‬حيث تقاس مدى مصداقية وجدية‬
‫البحث أساساً بمقدار عدد وتنوع المصادر والمراجع التي استند إليها الباحث واستفاد منها‬
‫ونوعا‪ ،‬واألكثر أهمية – في هذا المجال ‪ -‬هو حداثة وتطور هذه المصادر‪،‬‬ ‫ً‬ ‫كما‬
‫بالفعل ً‬
‫والبد من استخدام قواعد اإلسناد وتوثيق الوثائق في الهوامش‪ ،‬وذلك طبقا لقواعد وأساليب‬
‫المنهجية الحديثة‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫المطلب الثاني‬
‫سمات البحث العلمي الجيد‬

‫وجيدا‪ ،‬يجب أن تتوافر فيه ثالثة أنواع من‬


‫ً‬ ‫حتى يكون البحث العلمي بحثًا ً‬
‫جادا‬
‫السمات أو الخصائص؛ هي‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬السمات العامة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬السمات العكلية‪.‬‬
‫ً‬
‫ثالثًا‪ :‬السمات العلمية أو الموضوعية‪.‬‬
‫ونوضحها بعيء من التفصيل فيما يأتي‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬السمات العامة واجبة التوافر في البحث العلمي‪:‬‬


‫وتتمثل في اآلتي‪:‬‬
‫‪ )1‬تركيز البحث على موضوع أساسي واحد‪ ،‬أو معكلة واضحة تحتاج إلى حل‪،‬‬
‫أو سؤال رئيسي يحتاج إلى إجابة‪.‬‬
‫‪ )2‬يجب أن يعكس محتوى البحث قراءة واسعة للمصادر المتاحة والمالئمة‬
‫للموضوع‪.‬‬
‫ومنطقيا للموضوع الذي يعالجه‪.‬‬
‫ً‬ ‫طا‬
‫شموليا متراب ً‬
‫ً‬ ‫تصور‬
‫ًا‬ ‫‪ )3‬يجب أن يقدم‬
‫‪ )4‬يجب أن يكون البحث مثاالً يحتذى في الدقة اللغوية من حيث القواعد‬
‫النحوية‪ ،‬واإلمالئية‪ ،‬وعالمات الترقيم ‪ ...‬إلخ‪.‬‬
‫انعكاسا صادًقا لمنهج البحث العلمي‪ ،‬وللصدق والدقة‬
‫ً‬ ‫‪ )5‬يجب أن يكون البحث‬
‫والنزاهة في جميع مراحل معالجة معكلته وكتابتها‪.‬‬
‫‪ )6‬يجب توثيق جميع المصادر والمراجع والوثائق التي تمت االستعانة بها في‬

‫‪44‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫كتابة البحث‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬السمات (أو الخصائص) الشكلية للبحث العلمي الجيد‪:‬‬


‫ً‬
‫مناسبا‬
‫ً‬ ‫‪ )1‬تحقق التناسب بين حجم البحث والموضوع الذي يناقعه بطريقة تجعله‬
‫لمستواه دون مغاالة أو مبالغة أو حتى إيجاز مخل‪.‬‬
‫‪ )2‬إيضاح وجهة نظر الباحث مع دعمها باألدلة والبراهين التي تثبتها‪ ،‬مع تجنب‬
‫الحعو والتكرار‪.‬‬
‫‪ )3‬مراعاة المظهر الخارجي للبحث‪ ،‬وتجنب كل ما يسيء لهذا المظهر من‬
‫شطب أو محو بيانات أو خالفه‪.‬‬
‫‪ )4‬االلتزام باحتواء البحث العلمي على كافة العناصر اإلنعائية من‪ :‬عنوان‪،‬‬
‫ومقدمة‪ ،‬وخطة بحث‪ ،‬وخاتمة‪ ،‬باإلضافة إلى ملحق تفصيلي يحتوي على‬
‫تفسيرات ألية رموز – إن وجدت ‪ ،-‬وفهرس يسهل عملية الرجوع للمعلومات‪.‬‬
‫‪ )5‬تحقق التناسب بين عدد صفحات كل جزء من أجزاء البحث‪ ،‬والعدد الكلي‬
‫لصفحات البحث‪ ،‬بحيث ال يطغى فصل من الفصول على القسم األكبر من‬
‫الصفحات‪ ،‬بينما نجد فصالً آخر يحتوي على عدد محدود منها‪.‬‬
‫‪ )6‬خلو البحث العلمي من أية أخطاء مطبعية‪ ،‬أو لغوية‪ ،‬أو إمالئية‪ ،‬أي االلتزام‬
‫باللغة العربية الصحيحة والسليمة والمفهومة‪ ،‬دون أي اختصار يمكن أن‬
‫يخل بالمعني‪ ،‬مع الحرص على صياغة المعلومات بعكل احترافي‪ ،‬وتجنب‬
‫الزخارف اللغوية وصيغ المبالغة الععرية؛ ألنها تعتت ذهن القارئ وتصعب‬
‫من فهم النص‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫ثالثا‪ :‬السمات (أو الخصائص) الموضوعية في البحث العلمي الجيد‪:‬‬


‫مصطلح الموضوعية يعني‪ :‬البعد عن التحيز للرأي العخصي للباحث‪ ،‬كذلك االبتعاد‬
‫عن التحيز لرأي ذاتي ساذج أو رأي جماعي جاهز يوفر مكانة مميزة للباحث بين أفرد هذه‬
‫الجماعة‪ ،‬رغم أن هذا الرأي ليس له سند من الواقع‪.‬‬
‫أيضا‪ :‬البعد عن التوجه األيديولوجي (أي االرتباط بنسق‬
‫كما تعني الموضوعية ً‬
‫فكري متكامل يعتقد الباحث أنه موصل إلى الحقيقة)‪ ،‬والبعد عن الحكم القيمي (أي اعتبار‬

‫نافعا)(‪.)1‬‬ ‫الباحث أن ما يصل إليه يكون ًا‬


‫ضار أو ً‬
‫ويمكن بإيجاز إيضاح العروط الموضوعية للبحث العلمي فيما يأتي‪:‬‬
‫حقيقيا عما يتناوله البحث من‬
‫ً‬ ‫تعبير‬
‫ًا‬ ‫‪ )1‬يجب أن يكون عنوان البحث ًا‬
‫معبر‬
‫معكلة تحتاج إلى حل‪ ،‬أو سؤال يحتاج إلى إجابة أو غموض أمر يحتاج‬
‫إلى إيضاح‪.‬‬
‫‪ )2‬يتم تنظيم موضوعات البحث (الخطة التفصيلية) بحيث تعتمل على أبواب‬
‫أو فصول أو مباحث‪ ،‬وبما يغطي كافة ما يحيط بالمعكلة محل البحث من‬
‫بيانات أو معلومات‪.‬‬
‫‪ )3‬يجب أن تتوافر ثالث سمات أساسية في العنوان المختار؛ وهي‪:‬‬
‫أ‪ -‬العمولية‪ :‬أي أن يعمل عنوان البحث المجال المحدد‪ ،‬والموضوع‬
‫الدقيق الذي يخوض فيه الباحث‪ ،‬والفترة الزمنية التي يغطيها البحث‪.‬‬
‫ب‪ -‬الوضوح‪ :‬أي أن يعطي عنوان البحث دالالت واضحة في‬
‫مصطلحاته‪ ،‬وعباراته‪ ،‬واستخدامه لبعض اإلشارات والرموز‪.‬‬

‫(‪ )1‬راجع‪ :‬د‪ .‬صت ت تتالح قنصت ت تتوه‪" ،‬الموضت ت تتوعية في العلوم اإلنست ت تتانية" دار التنوير للطباعة والنعت ت تتر‪ ،‬يناير‬
‫‪ 2007‬عدد الصفحات ‪ 414‬صفحة‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫ج‪ -‬الداللة‪ :‬أي أن يعطي العنوان دالالت موضوعية محددة وواضحة‬


‫للموضوع الذي يبحث معالجته‪ ،‬واالبتعاد عن العموميات‪.‬‬
‫‪ )4‬أهمية اإلسناد‪:‬‬
‫يعتبر اإلسناد (أي إرجاع المعلومات إلى مصادرها الحقيقية) من أهم العروط‬
‫الموضوعية والعكلية ‪ -‬في ذات الوقت ‪ -‬للبحث الجيد‪ ،‬وهذا اإلسناد يرتكز‬
‫على جانبين هما‪:‬‬
‫األول‪ :‬اإلشارة إلى المصادر التي استقى منها الباحث معلوماته وأفكاره (سواء‬
‫أكانت بحثًا في دورية علمية‪ ،‬أم رًأيا في نقاش علمي منعور في مؤتمر‬
‫علمي‪ ،‬أو أحد المراجع األصلية للبحث ‪ ...‬إلخ)‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬التأكد من عدم تعويه األفكار واآلراء التي نقل الباحث عنها معلوماته‪.‬‬
‫‪ )5‬الكتابة بأسلوب واضح مفهوم ومقروء ومعوق‪ ،‬وبطريقة تجذب القارئ للقراءة‬
‫ومتابعة صفحات البحث ومعلوماته‪.‬‬
‫‪ )6‬الترابط والتكامل بين أجزاء البحث‪:‬‬
‫يجب أن يتحقق هذا التكامل بين العناصر المختلفة للبحث‪( :‬الفصول‪ ،‬أو‬
‫المباحث‪ ،‬أو المطالب‪ ،‬أو الفروع)‪ ،‬ويمكن التأكد من هذا التكامل بوجود‬
‫خلل واضح في المفهوم العام إذا ما تم حذف أحد األجزاء أو العناصر‪.‬‬
‫‪ )7‬اإلضافة إلى المعرفة في مجال تخصص الباحث‪:‬‬
‫ال قيمة لتكرار األبحاث ذات الموضوعات التي سبق دراستها‪ ،‬حيث لن تأتي‬
‫بجديد‪ .‬ولذلك يكتسب البحث العلمي الجيد صفة الموضوعية كلما أضاف‬
‫جديدا في مجال تخصص الباحث‪ ،‬إن ذلك يعني استمرار اإلبداع ودوام‬
‫ً‬
‫االبتكار واستدامة التقدم‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫خاتمة الفصل‬
‫وفي نهاية هذا الفصل ‪ -‬والذي أرجو أن أكون قد وفقت في عرضه ‪ -‬أتقدم ببعض‬
‫التوصيات من أجل ضمان جدية الباحثين (في مرحلة الدراسات العليا بصفة عامة‪ ،‬ومرحلة‬
‫الدكتوراه بصفة خاصة)‪ ،‬وضمان أداء الكتابة للبحث على نحو صحيح بحيث يتجنب القدر‬
‫األكبر من األخطاء الكتابية‪:‬‬
‫التوصية األولى‪:‬‬
‫تكليف الباحثين بصفة عامة‪ ،‬وفي مرحلة الدكتوراه بصفة خاصة‪ ،‬بالحصول على‬
‫دورة تخصصية في قواعد اللغة العربية‪ ،‬مدتها ال تقل عن ثالثة شهور‪ ،‬على أن تقدم العهادة‬
‫التي تثبت ذلك عند تقديم طلب التسجيل للدكتوراه‪.‬‬
‫التوصية الثانية‪:‬‬
‫حتى يمكن ضمان الحد األدنى لجدية الباحث (في مرحلة الدكتوراه)‪ ،‬اقترح أن يقوم‬
‫المعرف على الرسالة (بعد اختيار الباحث لموضوعها تحت إشراف وموافقة األستاذ‬
‫المعرف) بتكليف الباحث بقراءة – على األقل ‪ -‬ععرة مراجع حول ذات الموضوع (أي‬
‫متعلقة بالجوانب المختلفة للموضوع المختار)؛ خمسة منها باللغة العربية‪ ،‬والخمسة األخرى‬
‫باللغة األجنبية (اإلنجليزية أو الفرنسية حسب خلفية الباحث)‪ ،‬مع تقديم موجز لهذه المراجع‬
‫مع خطة مقترحة‪ ،‬يقوم الباحث بتقديم هذه الملخصات مع الخطة المقترحة لألستاذ المعرف‪،‬‬
‫وهنا يقوم المعرف بإجراء التعديالت الالزمة على الخطة المقترحة من قبل الباحث‪ ،‬وذلك‬
‫قبل إجراء التسجيل للرسالة‪.‬‬

‫وهللا ولي التوفيق‪،‬‬

‫‪48‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫‪49‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫‪50‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫ملحق الفصل األول‬


‫ميثاق أخالقيات البحث العلمي‬
‫بكلية الحقوق‬
‫(‪)1‬‬
‫جامعة عين شمس‬

‫)‪ (1‬أعد هذا الميثاق الدكتورةح دعاء حامد أبو طالب – مدرس القانون المدني بالكلية – كميثاق لعمل لجنة‬
‫أخالقيات البحث العلمي بالكلية‪ ،‬وقد تناقعت اللجنة في مفردات الميثاق‪ ،‬وأقرته في اجتماعها بتاريخ ‪ 7‬ح‬
‫‪ 6‬ح ‪2022‬م‪ ،‬وذلك بحضور كل من‪:‬‬
‫األستاذ الدكتورح حسام الدين كامل األهواني – رئيس اللجنة ‪ ،-‬واألستاذ الدكتورح ياسين العاذلي‪ ،‬واألستاذ‬
‫الدكتورح أحمد علي ديهوم‪ ،‬واألستاذ الدكتورح محمود لطفي‪ ،‬والدكتورةح فاطمة عادل‪ ،‬والدكتورح مصطفى‬
‫مهدي‪ ،‬والدكتورح فريد شعبان – أمين الجلسة‪.-‬‬

‫‪51‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫‪52‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫ميثاق أخالقيات البحث العلمي‬

‫مقدمة‬
‫شهدت السنوات القليلة الماضية زيادة كبيرة في أعداد الباحثين الراغبين في الحصول‬
‫على درجة الدكتوراه من كلية الحقوق – جامعة عين شمس‪ ،‬ونتيجة لذلك لوحظ ظهور‬
‫بعض حاالت عدم األمانة العلمية في إعداد رسائل الدكتوراه من الباحثين‪ ،‬األمر الذي يتنافى‬
‫ونبل رسالة البحث العلمي‪.‬‬
‫والغرض من إعداد هذه الرسائل ُ‬
‫من هنا تزايدت الحاجة الى إنعاء وتفعيل لجنة أخالقيات البحث العلمي والتي أنعئت‬
‫بمقتضى قرار األستاذ الدكتورح محمد صافي ‪ -‬عميد الكلية ‪ -‬بتاريخ ‪ 11‬يناير ‪2022‬م؛‬
‫إعماالً لقرار مجلس الجامعة بإنعاء لجنة ألخالقيات البحث العلمي ليكون من اختصاصها‬
‫التأكد من استيفاء رسائل الدكتوراه لمتطلبات األمانة العلمية‪ ،‬وأال تُجاز أي رسالة وال تُمنح‬
‫تقرير صالحية من المعرف إال بعد الحصول على موافقة اللجنة عليها‪ ،‬وذلك بعد فحص‬
‫الرسالة من قبل اللجنة‪.‬‬
‫وبذلك تكون رسالة اللجنة هي التأكد من استيفاء رسائل الدكتوراه للمعايير األخالقية‬
‫في مجال البحث العلمي وتطبيق هذه المعايير قبل تقرير صالحيتها للمناقعة‪.‬‬
‫ذلك أن عدم أمانة البحث العلمي من قبل بعض الباحثين هو عامل هدم لكل الجهود‬
‫البحثية لغيرهم من الباحثين الجادين الذين اهتموا بإعداد أبحاث ورسائل دكتوراه وفقاً لألسس‬
‫العلمية واألخالقية للبحث العلمي‪ .‬فالعمل البحثي السيء قادر على هدم ثقة المجتمع‬
‫األكاديمي والبحثي في جميع األعمال البحثية األخرى‪ ،‬وبالتالي تُفقد الثقة في الدرجات‬
‫العلمية التي تُمنح للباحثين؛ للعلم اليقيني بعدم استيفاء أعمالهم البحثية لمتطلبات األمانة‬
‫العلمية‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫ولما كان احترام وتطبيق ما ورد في هذا الميثاق يمثل ضمانة قوية لحفظ قيمة‬
‫الدرجات العلمية التي تمنحها كلية الحقوق – جامعة عين شمس‪ ،‬ويجعل الباحث الحاصل‬
‫على درجة الدكتوراه أهالً لهذه المكانة‪ ،‬فإن ارتكاب الباحث ألي من المخالفات المذكورة به‬
‫قد يعرضه لتوقيع الئحة الجزاءات التي قد تصل إلى إلغاء تسجيل الباحث‪ ،‬أو إحالته إلى‬
‫مجلس التأديب‪.‬‬
‫وتنطوي هذه الوثيقة على تحديد للمعايير التي تمثل انعكاساً ألخالقيات البحث‬
‫العلمي‪ ،‬والتي يجب على الباحث مراعاتها أثناء إعداده لرسالة الدكتوراه حتى يكون بمنأى‬
‫عن المساءلة القانونية‪.‬‬
‫وتتمثل أخالقيات البحث العلمي فيما يلي‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬أمانة النقل‪:‬‬
‫يستخدم لفظ االنتحال ‪ Plagiarism‬لإلشارة إلى نقل نص أو فكرة وعرضها أو‬
‫تقديمها في العمل البحثي باعتبار أنها خاصة بالباحث دون ذكر المؤلف األصلي‪ ،‬سواء‬
‫أتم ذلك بصورة عمدية أم ال‪ .‬وعلى هذا األساس يعتبر انتحاالً ما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬النقل الحرفي لنص كتبه شخص آخر ‪ -‬سواء أكان ذلك كلياً أم جزئياً ‪ -‬وادعاء‬
‫نسبته لنفسه‪ ،‬دون أي توثيق أو ذكر للمؤلف األصلي‪.‬‬
‫‪ .2‬النقل الحرفي لنص كتبه شخص آخر مع تغيير بعض الكلمات إلخفاء النقل فقط‪.‬‬
‫‪ .3‬إعادة صياغة فكرة عن شخص آخر تتسم بالجدة ويظهر فيها خصوصية رأي وجهد‬
‫العخص اآلخر وعرضها باسم الباحث دون إشارة للمؤلف األصلي‪.‬‬
‫‪ .4‬نقل أجزاء من مراجع متعددة ومتتالية بحيث يبدو العمل البحثي كما لو كان مجموعة‬
‫من القطع المنقولة‪ ،‬حتى لو ذكر الباحث هذه المراجع في مواضعها‪.‬‬
‫‪ .5‬ترجمة عمل بحثي بلغة أجنبية أو أجزاء منه دون ذكر العمل األصلي‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫‪ .6‬التوثيق غير الصحيح (أو اإلشارة غير الصحيحة) في مواضع متكررة بما يدل على‬
‫إهمال الباحث في توثيق ما يذكره من معلومات‪.‬‬
‫‪ .7‬االستخدام الخاطئ لعالمات التنصيص‪ ،‬ويعمل‪:‬‬
‫أ‪ -‬استخدام عالمات التنصيص لنقل أجزاء كبيرة من مصدر آخر بما يتجاوز‬
‫النسبة المقررة ببرامج الفحص حتى ولو ذكر الباحث المصدر األصلي‪.‬‬
‫ب‪ -‬استخدام عالمات التنصيص لنقل عبارات لم تُذكر في المصدر أو أنها‬
‫ليست من صميم جهد مؤلف المصدر األصلي‪.‬‬
‫ج‪ -‬اقتطاع النص األصلي من سياقه ووضعه بين عالمات التنصيص‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬أمانة المعالجة‪:‬‬
‫يجب على الباحث ‪ -‬عند إعداد عمله البحثي ‪ -‬أن يراعي فيه موضوعية المعالجة‪،‬‬
‫وذلك بأن يكون العنوان متفقاً مع ما يندرج تحته من معلومات‪ ،‬وال ينفصل عنه‪ .‬وعلى هذا‬
‫األساس يعتبر من قبيل عدم األمانة العلمية‪:‬‬
‫‪ .1‬استخدام عنوان للعمل البحثي مخالف لما يعمله من معلومات‪.‬‬
‫‪ .2‬عدم تناول جميع التقسيمات التي ذكرها الباحث في التقدمة‪ ،‬طالما كان ذلك النهج‬
‫الذي سار عليه الباحث في مواضع متعددة‪ .‬فإذا اعتاد الباحث ذكر تقسيمات‬
‫الموضوع في البداية واغفل بعد ذلك ذكرها أو تعمد عدم ذكرها بما يخالف ما سبق‬
‫ذكره في التقديم – كأن يذكر في التقديم تقسيم المبحث إلى ثالثة مطالب ويكتفي‬
‫بذكر اثنين فقط – هو من قبيل عدم األمانة العلمية‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫ثالثاً‪ :‬أمانة التوثيق‪:‬‬


‫ُيقصد بأمانة التوثيق ضرورة أن يذكر الباحث المصدر الحقيقي واألصلي لكل معلومة‬
‫ذكرها في عمله البحثي‪ ،‬حتى يمكن لمن يليه من الباحثين أو القراء معرفة مصدر هذه‬
‫المعلومة وجميع البيانات التي تُ ّعرف هذا المصدر وبصدق وإال اعتبر تزييفاً ‪Falsification‬‬
‫لهذه المعلومات على نحو يقدح في مصداقية جميع ما ذكره الباحث في عمله البحثي‪.‬‬
‫وعلى هذا األساس يعتبر ما يلي تزييفاً للمعلومات‪:‬‬
‫‪ .1‬ذكر معلومات أساسية وجوهرية في متن العمل البحثي دون توثيقها بذكر مصدرها‪.‬‬
‫‪ .2‬عدم ذكر بيانات المصدر كاملة أو ذكر بيانات خاطئة طالما تعددت المواضع التي‬
‫لم يذكر فيها بيانات كاملة وصحيحة للمصدر‪.‬‬
‫‪ .3‬عدم مراعاة خصوصية بيانات المصدر كما الوضع بالنسبة للمراجع األجنبية‬
‫واألحكام القضائية‪.‬‬
‫‪ .4‬عدم تحديد موضع النقل أو االقتباس من المصدر‪ ،‬خاصة إذا كان ذلك نهج الباحث‬
‫في عمله البحثي‪.‬‬
‫‪ .5‬نقل المراجع التي استخدمها المصدر كما هي‪ ،‬دون الرجوع إليها أو دون اإلشارة‬
‫إلى أنها مذكورة في هذا المصدر‪.‬‬
‫‪ .6‬استخدام مراجع غير علمية أو غير أكاديمية أو غير معلومة المنعأ كمصدر‬
‫لمعلومات أساسية في متن العمل البحثي‪ .‬ويعتبر من قبيل المراجع العلمية التي‬
‫يمكن للباحثين االستعهاد بها‪:‬‬
‫‪ .a‬الكتب المنعورة سواء أكانت ورقية أم إلكترونية طالما كانت متاحة للجمهور‬
‫ولها رقم إيداع‪ ،‬ومحدد بها اسم المؤلف‪.‬‬
‫‪ .b‬األبحاث العلمية المنعورة في المجالت العلمية الصادرة عن مؤسسة علمية‬

‫‪56‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫أو جهة رسمية‪.‬‬


‫‪ .c‬رسائل الدكتوراه والماجيستير التي تمت مناقعتها في أي جامعة معترف بها‬
‫في مصر أو أي دولة أخرى‪.‬‬
‫‪ .d‬المنعورات الصادرة عن جهات رسمية‪.‬‬
‫‪ .e‬المطبوعات الدورية والنعرات الرسمية الصادرة عن الجهات المعنية‪.‬‬
‫‪ .f‬مواقع اإلنترنت الرسمية للكيانات المسئولة كالو ازرات والمؤسسات الدولية‬
‫فيما تصدره أو تنعره على الموقع من معلومات أو بيانات تدخل في صميم‬
‫اختصاصها‪.‬‬
‫رابعاً‪ :‬أمانة المراجع‪:‬‬
‫يجب على الباحث إعداد قائمة بالمراجع العلمية التي اعتمد عليها في كتابة عمله‬
‫البحثي‪ ،‬وأن يكون صادقاً وأميناً في ذلك‪ ،‬وإال اعتبر تزييفاً يصل لدرجة عدم األمانة العلمية‪.‬‬
‫وعلى هذا األساس ُيعتبر تزييفاً‪:‬‬
‫‪ .1‬ذكر مراجع في قائمة المراجع لم تُستخدم في أي من صفحات العمل البحثي‪.‬‬
‫‪ .2‬استخدام مراجع في توثيق معلومات العمل البحثي دون ذكر بياناتها في قائمة‬
‫المراجع‪.‬‬
‫استيفاء للعكل مع عدم االطالع عليها‪.‬‬
‫ً‬ ‫‪ .3‬ذكر مراجع أجنبية‬
‫ألجل ذلك تهيب اللجنة بالباحثين ضرورة االلتزام بمقتضيات األمانة العلمية أثناء‬
‫إعداد رسائل الدكتوراه حتى يكونوا بمنأى عن الوقوع في أي من هذه المخالفات التي يترتب‬
‫عليها توقيع جزاءات قد تصل إلى إلغاء التسجيل واإلحالة لمجلس التأديب‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫‪58‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫الفصل الثاني‬
‫مناهج البحث العلمي‬

‫األستاذ الدكتور‪ /‬أحمد علي عبد الحي ديهوم‬


‫أستاذ فلسفة القانون وتاريخه‪ ،‬ووكيل الكلية لعئون خدمة‬
‫المجتمع وتنمية البيئة‬

‫‪59‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫‪60‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫الفصل الثاني‬

‫مناهج البحث العلمي‬

‫يعد البحث العلمي من األهمية القصوى‪ ،‬وذلك في ظل التطورات االجتماعية‬


‫واالقتصادية والسياسية‪ ،‬إذ يعد البحث العلمي من أولويات الدول ومن ضمن خططها‬
‫اإلستراتيجية‪ ،‬كما خصص لها العديد من المخصصات المالية‪.‬‬
‫ويؤسس البحث العلمي ‪ -‬بصفة عامة ‪ -‬على التفكير‪ ،‬بحيث يعد مجموعة من‬
‫اإلجراءات الفكرية التي يقوم العقل البعري بها بصورة منظمة وصوالً إلى جوهر شيء ما‬

‫بغية إيضاحه أو تفسيره(‪.)1‬‬

‫وتجدر اإلشارة هنا إلى أن البحث العلمي ال يقتصر على تجميع معلومات وعرض‬
‫اآلراء الخاصة بها‪ ،‬وإنما ينصب جوهره على تحليل القوانين والقواعد بغية الوصول إلى‬
‫نتائج محددة‪ ،‬بحيث يعد البحث العلمي نوعاً من التنقيب والتحقيق والتحليل والتأصيل‪ ،‬وهذا‬
‫ما أوضحه " كانط" من خالل تمييزه بين دراسة المبادئ العامة "المنطق الصوري"‪ ،‬ودراسة‬

‫سبل التفكير وصوالً للنتائج "علم مناهج البحث"(‪.)2‬‬

‫وبناء على ما سبق‪ ،‬يمكن تناول مناهج البحث العلمي فيما يلي‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬ما ية مناهج البحث العلمي‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬أنواع مناهج البحث العلمي‪.‬‬

‫)‪ (1‬د‪ .‬فايز محمد حسين‪ ،‬التدريب القانوني والمهارات القانونية وكفالة الحق في التقاضي‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫دار المطبوعات الجامعية‪ ،2013 ،‬ص ‪ 217‬وما بعدها‪.‬‬
‫)‪ (2‬د‪ .‬فايز محمد حسين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.218‬‬

‫‪61‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫‪62‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫المبحث األول‬
‫ماهية مناهج البحث العلمي‬

‫تعد منهجية البحث العلمي من المفترضات الالزمة لدراسة إشكالية ما‪ ،‬وذلك سواء‬

‫وبناء على ذلك يجب الوقوف‬


‫ً‬ ‫أكانت هذه اإلشكالية متعلقة بالعلوم اإلنسانية أم الطبيعية(‪،)1‬‬

‫على مفهوم مناهج البحث العلمي‪ ،‬وأهميتها‪ ،‬وخصوصيتها في مجال العلوم اإلنسانية؛ وذلك‬
‫فيما يلي‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مفهوم مناهج البحث العلمي‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬خصوصية مناهج البحث العلمي في العلوم اإلنسانية‪.‬‬

‫المطلب األول‬
‫مفهوم مناهج البحث العلمي‬

‫تعد مناهج البحث العلمي جزءا ال يتج أز من علم المناهج‪ ،‬لذلك ينبغي تبيان تعريف‬
‫المناهج وعلم المناهج‪ ،‬وذلك قبل تناول أهميتها؛ وذلك فيما يلي‪:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تعريف المنهج العلمي‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬أهمية مناهج البحث العلمي‪.‬‬

‫)‪ (1‬د‪ .‬مصطفي البنداري أبو سعده‪ ،‬المنهجية القانونية بين القواعد النظرية والمهارات التطبيقية الدليل‬
‫العملي للقانونيين‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار األهرام‪ ،2022 ،‬ص ‪.74‬‬

‫‪63‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫الفرع األول‬
‫تعريف المنهج العلمي‬

‫يقصد بالمنهج لغة‪ :‬الطريق‪ ،‬يقال‪ :‬نهج نهجاً أي وضح واستبان‪ ،‬ويقال أيضاً‪ :‬نهج‬
‫الطريق أي بينه‪ ،‬والمنهاج أي‪ :‬الطريق الواضح(‪ ،)1‬وتعود أصل كلمة منهج إلى اللغة‬
‫اليونانية‪ ،‬وتعد ترجمة للكلمة الفرنسية "‪ ،"Methode‬وقد استخدم أفالطون المنهج بقصد‬
‫البحث أو المعرفة‪ ،‬كما استخدمها أرسطو بمعنى البحث‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة هنا إلى أن المنهج بمعنى القواعد العامة بغية الوصول إلى حقيقة‬
‫العلم‪ ،‬لم يظهر إال في بداءة من عصر النهضة األوربية‪ ،‬وقد اكتمل تكوين المنهج في‬
‫القرن السابع ععر بصياغة قواعد المنهج التجريبي‪ ،‬ولذلك يرجع البعض تكوين فكرة المنهج‬
‫إلي علماء المنهج التجريبي واالستداللي‪ ،‬ويرتبط المنهج بالبحث الذي يهدف إلى دراسة‬
‫معمقة إلشكالية ما تأسيساً على معايير علمية(‪.)2‬‬
‫وقد عرف المنهج وفقاً لذلك بأنه‪" :‬فن التنظيم الصحيح لألفكار بغية الكعف عن‬
‫الحقيقة‪ ،‬وذلك عندما نكون ال علم لنا بها‪ ،‬أو من أجل إثباتها لآلخرين"(‪.)3‬‬
‫وتجدر اإلشارة هنا إلي أن هذا التعريف اتسم بالنقص‪ ،‬إذ ينصب فقط على األفكار‬
‫دون غيرها من وقائع وقوانين‪ ،‬وهذا ما استتبع تعريف المنهج بأنه‪" :‬السبيل إلى كعف‬
‫الحقيقة في العلوم‪ ،‬وذلك من خالل قواعد عامة تهمين على التفكير العقلي وصوالً إلى‬

‫)‪ (1‬المعجم الوجيز‪ ،‬إصدار مجمع اللغة العربية‪ ،‬مصر‪ ،1990 ،‬ص ‪.636‬‬
‫)‪ (2‬عبد الرحمن بدوي‪ ،‬مناهج البحث العلمي‪ ،‬الكويت‪ ،‬وكالة المطبوعات‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،1977 ،‬ص‬
‫‪ 4‬وما بعدها‪ ،‬د‪ .‬فايز محمد حسين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،219‬د مصطفي البنداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‬
‫‪.75‬‬
‫)‪ (3‬عبد الرحمن بدوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.5‬‬

‫‪64‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫نتيجة معلومة(‪.)1‬‬
‫كما عرف بأنه‪ " :‬الطريق الذي يسلكه الفرد بغية الوصول إلى مبتغاه"(‪ ،)2‬وعرف‬
‫المنهج – أيضاً ‪ -‬بأنه‪ " :‬السبيل الذي يهتدي به اإلنسان بطرق علمية تتسق مع الواقع‬
‫إلدراك طبيعة الحقائق التي تخفى عنه‪ ،‬بحيث يعد الطريق إلى اليقين"(‪.)3‬‬
‫ومفاد ما سبق كله أن المنهج يعد أحد أركان البحث العلمي‪ ،‬ويقصد به‪ :‬البحث‬
‫والتفتيش أو التحري والتنقيب عن إشكالية ما‪ ،‬وذلك بغية الوصول إلى الحقيقة‪ ،‬وفق أسس‬
‫علمية محددة"(‪.)4‬‬

‫الفرع الثاني‬
‫أهمية مناهج البحث العلمي‬

‫سبق أن بينا أن المنهج يعد أحد أركان البحث العلمي‪ ،‬وأنه يقصد به‪ :‬التفتيش‬
‫والتحري والتنقيب عن إشكالية ما‪ ،‬وذلك بغية الوصول إلى حقيقتها أو جوهرها‪ ،‬وهو يتبع‬
‫في ذلك علم المناهج‪.‬‬
‫والمنهج نوعان‪ :‬أوالهما‪ :‬التلقائي‪ ،‬وثانيهما‪ :‬التأملي‪ ،‬فبينما يقوم المنهج األول على‬
‫التلقائية والالشعور غير البين‪ ،‬يقوم الثاني على التأمل والععور‪ ،‬وهو ما يمثل جزءاً من‬
‫المنطق‪ ،‬وهذا ما يركن إليه عند تناول فكرة البحث المنهجي(‪.)5‬‬

‫)‪ (1‬عبد الرحمن بدوي‪ ،‬مناهج البحث العملي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ 3‬وما بعدها‪.‬‬
‫)‪ (2‬د‪ .‬مصطفي البنداري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.75‬‬
‫)‪ (3‬د‪ .‬السيد عبد الحميد فوده‪ ،‬أصول إعداد وصياغة البحوث القانونية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار النهضة‬
‫العربية‪ ،2015،‬ص ‪.39‬‬
‫)‪ (4‬د‪ .‬السيد عبد الحميد فودة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.39‬‬
‫)‪ (5‬عبد الرحمن بدوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.6‬‬

‫‪65‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫والبحث في المنهج التأملي يعرف بعلم المناهج‪ ،‬ويقصد بعلم المناهج‪ :‬ذلك العلم‬
‫الذي يبحث في السبل التي ينتهجها اإلنسان – الباحث ‪ -‬في تناول إشكالية ما بغية الوصول‬
‫إلى حلول لها‪ ،‬وهذا العلم تعكل على يد العديد من الفالسفة(‪.)1‬‬
‫وتجدر اإلشارة هنا إلى إمكانية الركون إلى مصطلح المنهج بالمعني العام‪ ،‬بحيث‬
‫يندرج تحته كل سبيل ترتب الوصول إلى غاية معلومة نريد الحصول عليها‪ ،‬وهذا ما يستتبع‬
‫وجود منهج للتعلم‪ ،‬وزخر للقراءة‪.‬‬
‫إال أن المنهج الذي نبتغيه ليس بهذا اإلطالق‪ ،‬بحيث يجب حصره في السبل الكاشفة‬
‫عن الحقيقة في العلوم النظرية‪ ،‬إذ هناك ما يعرف بمنهج الوصول إلى النتائج المادية وذلك‬
‫في العلوم العملية(‪.)2‬‬
‫وتختلف المناهج باختالف العلوم‪ ،‬إال أنه يمكن ردها إلي منهجين‪ :‬أوالهما‬
‫االستداللي‪ ،‬وثانيهما التجريبي‪ ،‬ويمكن إضافة منهج آخر خاص بالعلوم التاريخية واألخالقية‬
‫يعرف بمنهج االسترداد(‪.)3‬‬
‫ويقع علي الباحث واجب اختيار المنهج المالئم إلشكاليته‪ ،‬وهذا األمر يعد من األمور‬
‫الدقيقة لتعدد العلوم والمناهج‪ ،‬ويمثل ذلك مفترضا أوليا؛ نظ اًر ألهمية المناهج العلمية في‬
‫البحث العلمي‪.‬‬
‫وتتمثل أهمية المناهج العلمية بصفة عامة في تسهيل مهمة الباحثين‪ ،‬إذ يقوم البحث‬
‫العلمي على منهجية منظمة تبتعد عن الععوائية‪ ،‬بحيث يتم تجميع المعلومات وتصنيفها‪.‬‬

‫)‪ (1‬د‪ .‬مصطفي البنداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.76‬‬


‫)‪ (2‬عبد الرحمن بدوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 6‬وما بعدها‪.‬‬
‫)‪ (3‬عبد الرحمن بدوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.7‬‬

‫‪66‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫ومن جهة أخرى فإن المناهج العلمية ترتب الوصول إلى نتائج مقبولة تتسم بالدقة‪،‬‬
‫إذ إن التحليل والتفكير المنطقي يؤدي إلى الوصول لحقائق ونتائج مؤكدة(‪.)1‬‬
‫وجدير بالذكر – هنا ‪ -‬أن المناهج العلمية تحظى بأهمية خاصة في مجال الدراسات‬
‫القانونية‪ ،‬وتتمثل هذه األهمية في إكساب الباحثين قدرات التفكير النقدي وتكوين الملكة‬
‫القانونية(‪.)2‬‬
‫وتتوقف أهمية البحث العلمي ‪ -‬بصفة عامة وفي مجال الدراسات القانونية بصفة‬
‫خاصة ‪ -‬على عدة أسس‪ ،‬أوالهم‪ :‬أهمية الموضوع محل الدراسة‪ ،‬وذلك من حيث نوع‬
‫الدراسة‪ ،‬ومدى وجود قصور علمي من عدمه بعأن إشكالية البحث‪.‬‬
‫وثانيهم‪ :‬ما يتضمنه البحث من تحليل وتأصيل في المعالجة‪ ،‬بحيث يعكس البحث‬
‫فكر الباحث ووعيه بالموضوع‪.‬‬
‫وثالث هذه األسس‪ :‬توافر األمانة العلمية من حيث التوثيق‪ ،‬وذلك باإلضافة إلى‬
‫سالمة األفكار ووضوح التقسيم وسالسة اللغة المستخدمة(‪.)3‬‬

‫)‪ (1‬د‪.‬مصطفي البنداري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.77‬‬


‫)‪ (2‬د‪.‬فايز محمد حسين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 224‬وما بعدها‪.‬‬
‫)‪ (3‬د‪.‬فايز محمد حسين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 220‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫المطلب الثاني‬
‫خصوصية مناهج البحث في الدراسات اإلنسانية‬

‫وجدت العديد من مناهج البحث العلمي ‪ -‬كما سبق الذكر ‪ -‬إال أن البعض حاول‬
‫إرجاع هذه األنواع إلي مصدر واحد أال وهو العقل‪ ،‬كما أن البعض ذهب إلى صعوبة‬
‫تطبيق المناهج في مجال الدراسات القانونية‪ ،‬ويمكن تبيان ذلك فيما يلي‪:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬وحدة مناهج البحث العلمي‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬مدى إمكانية تطبيق المناهج في مجال الدراسات القانونية‪.‬‬

‫الفرع األول‬
‫وحدة مناهج البحث العلمي‬

‫تتباين مناهج البحث بتباين العلوم‪ ،‬إال أن هذا األمر قد يبدو غير منطقي في ظل‬
‫ركون كافة المناهج – مهما اختلفت العلوم ‪ -‬إلى العقل البعري‪ ،‬وهذا ما استتبع القول‪ :‬إن‬
‫الفصل الجامد بين المناهج المختلفة يكاد يكون مستحيالً(‪.)1‬‬
‫وتطبيقاً لذلك فقد ذهب البعض إلى أن اختيار المنهج البحثي يتوقف على الموضوع‪،‬‬
‫فحال كون الموضوع متعلقا بمبادئ عامة للتطبيق على الجزئيات‪ ،‬فإنه من الواجب اتباع‬
‫المنهج االستداللي‪.‬‬
‫أما حال كون الموضوع متعلقا بعالقات متععبة ومتعابكة‪ ،‬فإن األمر ال يكون بذات‬

‫)‪ (1‬عبد الرحمن بدوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.13‬‬

‫‪68‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫اليقين لذا يجب افتراض فروض محددة وتجربتها‪ ،‬وهذا ما يعرف بالمنهج االستقرائي(‪.)1‬‬
‫وتجدر اإلشارة – هنا ‪ -‬إلى أن كال المنهجين متقاربان في االستقراء واالفتراض‪ ،‬إذ‬
‫يذهب كال المنهجين لهذه األساليب من أجل الوصول إلي التحقق من النتائج المستخلصة‪،‬‬
‫إال أن االختالف يبدأ عند الوصول إلى المبادئ بتباين العلوم‪ ،‬فالمبادئ لدى الرياضي تكون‬
‫مطلقة إذ تطبق على الواقع كما هي‪ ،‬أما الباحث التاريخي فيظل المبدأ لديه نسبيا مؤقتا‬
‫بثبات الظروف(‪.)2‬‬
‫وحقيقة القول‪ :‬إن المناهج العلمية تتكامل فيما بينها‪ ،‬وذلك بالرغم من تباينها الذي‬
‫قد يوحي بعدم إمكانية اللجوء إلى أكثر من منهج وخاصة في الدراسات القانونية‪.‬‬
‫كما أنه من الصعوبة االرتكان إلى منهج بحثي بصورة منفردة في تناول إشكالية ما‪،‬‬
‫وقد ثبت بتباين العلوم ضرورة االستعانة بأكثر من منهج بغية الوصول إلى النتائج المرجوة‪،‬‬
‫بحيث يتم اختيار منهج رئيسي‪ ،‬وآخر ثانوي يتم الركون إليه لسد احتياجات المنهج‬
‫الرئيسي(‪.)3‬‬
‫وتطبيقاً لذلك في مجال الدراسات القانونية نجد أن هناك عالقة وثيقة بين المناهج‬
‫البحثية‪ ،‬حتى قيل‪" :‬جهد يوم في التأصيل ينبغي أن يسبقه جهد عام من التحليل‪ ،‬وأن‬
‫التأصيل بدوره مقدمة ضرورية لتحليل جديد"(‪.)4‬‬
‫فالمناهج تتكامل بغية الوصول إلى الحقيقة‪ ،‬كل ما في األمر أن البدايات تختلف‬
‫من منهج آلخر‪ ،‬فبينما نجد أن منهجا ينطلق من القواعد أو المبادئ العامة وصوالً إلى‬

‫)‪ (1‬عبد الرحمن بدوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.13‬‬


‫)‪ (2‬عبد الرحمن بدوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪14‬‬
‫)‪ (3‬د‪ .‬فايز محمد حسين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.248‬‬
‫)‪ (4‬د‪ .‬أحمد مسلم‪ ،‬التأصيل المنطقي ألحوال انقضاء الخصومة‪ ،‬مجلة العلوم القانونية واالقتصادية‪،‬‬
‫كلية حقوق‪-‬عين شمس‪ ،‬يناير ‪ ،1969‬ص ‪.96‬‬

‫‪69‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫التطبيق على الجزئيات‪ ،‬نجد آخر ينطلق من الجزئيات لوضع قواعد عامة(‪.)1‬‬

‫الفرع الثاني‬
‫مدى إمكانية تطبيق المناهج في مجال الدراسات القانونية‬

‫يثور التساؤل عن مدى إمكانية تطبيق المناهج العلمية في مجال الدراسات القانونية‪،‬‬
‫وذلك بحسب أن القانون يندرج ضمن دراسة الظواهر االجتماعية‪ ،‬بحيث يكون اإلنسان‬
‫ومجتمعه محل الدراسة‪ ،‬وهذا ما يمثل صعوبة بعأن المالحظة والتجربة(‪.)2‬‬
‫وقد أسست صعوبة تطبيق المناهج العلمية على الدراسات القانونية على فكرتين(‪،)3‬‬
‫أوالهما‪ :‬عدم موضوعية الباحث‪ ،‬إذ إن الباحث ‪ -‬باعتباره إنسانا ‪ -‬جزء من الدراسة‬
‫االجتماعية‪ ،‬كما أنه منغمس في الواقع االجتماعي واالقتصادي والسياسي‪ ،‬وهذا ما يودي‬
‫إلى التأثر والتأثير بالدراسة‪ ،‬ومن ثم يفقد جزءا من حياديته على أقل تقدير‪.‬‬
‫وثانيهما‪ :‬خصوصية الظاهرة االجتماعية‪ ،‬وذلك من عدة نواح(‪:)4‬‬
‫فمن ناحية أولي تتسم بعدم االستقرار والتغير‪ ،‬فنظ اًر لكون اإلنسان ونعاطه هو محل‬
‫الدراسة فإنه من المنطقي تغير المعطيات‪ ،‬وذلك لكون اإلنسان يسعى للتغيير دائما‪ ،‬ولكونه‬
‫خاضعا للعديد من المتغيرات‪ ،‬كالظروف النفسية واالجتماعية‪.‬‬
‫ومن ناحية أخرى فإنه من الصعوبة تطبيق منهج المالحظة والتجربة على النعاط‬

‫‪ )1‬د‪ .‬أحمد إب ار يم عبد التواب‪ ،‬أصول البحث العلمي في علم القانون‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬دار الجامعة‬
‫الجديدة‪ ،2009 ،‬ص ‪ ،110‬د‪ .‬فايز محمد حسين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.249‬‬
‫)‪ (2‬د‪.‬مصطفي البنداري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 78‬وما بعدها‪.‬‬
‫)‪ (3‬د‪ .‬مصطفي البنداري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.79‬‬
‫)‪ (4‬د‪.‬مصطفي البنداري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.80‬‬

‫‪70‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫اإلنساني‪ ،‬إذ إن الظواهر االجتماعية غالبيتها تتسم بكونها معنوية‪ ،‬فضالً عن صعوبة‬
‫تكرارها بذات الظروف‪ ،‬إذ تختلف الظروف بتغير الزمان والمكان‪.‬‬
‫ومن ناحية ثالثة‪ ،‬ونتاجا لهذه الصفات تتسم القوانين بصدد الدراسات االجتماعية‬
‫بعدم الدقة‪ ،‬إذ إن المجتمعات تتباين وتتسم بعدم االستقرار‪ ،‬وهذا ما يستتبع عدم خضوع‬
‫الدراسة لمبدأ الحتمية‪.‬‬
‫وبالرغم من هذه الصعوبات إال أنه من الضرورة التأكيد علي صيرورة تطبيق المناهج‬
‫العلمية في الدراسات القانونية أم ار حتميا‪ ،‬فمن المتصور الوصول لقوانين اجتماعية تتسم‬
‫بالعمول‪ ،‬وذلك في ظل حرية الباحثين واألسس العلمية السليمة‪ ،‬كما أنه من الالزم عدم‬
‫تطبيق المصطلحات كما هي في كافة العلوم‪ ،‬بحيث إن مفهوم المصطلح قد يتغير من علم‬
‫آلخر‪ ،‬وهذا ما قد ينطبق على منهج التجربة والمالحظة(‪.)1‬‬
‫وتطبيقاً لذلك فإن استخدام المناهج البحثية في مجال الدراسات القانونية أدى إلى‬
‫الوصول إلى قواعد عامة‪ ،‬كما مكن القضاء من إصدار أحكام تتسم بالمنطق واإلقناع‪ ،‬كما‬
‫أن بعض فروع القانون أمكن استخدام المنهج التجريبي بها‪ ،‬كتجربة ومالحظة تطبيق نظام‬
‫جديد للحوافز في مجال القانون اإلداري(‪.)2‬‬

‫)‪ (1‬د‪ .‬أحمد بدر‪ ،‬أصول البحث العلمي ومناهجه‪ ،‬الكويت‪ ،‬وكالة المطبوعات‪ ،‬الطبعة الثامنة‪،1986 ،‬‬
‫ص ‪ ،246‬د‪ .‬مصطفي البنداري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 80‬وما بعدها‪.‬‬
‫)‪ (2‬د‪ .‬مصطفي البنداري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.80‬‬

‫‪71‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫‪72‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫المبحث الثاني‬
‫أنواع مناهج البحث العلمي‬

‫وجدت العديد من مناهج البحث العلمي المختلفة‪ ،‬وتباينت بتباين العلوم والمناهج‬
‫الفلسفية‪ ،‬فقد وجد المنهج االستنباطي‪ ،‬والمنهج االستقرائي‪ ،‬والمنهج التاريخي‪ ،‬والمنهم‬
‫الوصفي‪ ،‬والمنهج المقارن‪.‬‬
‫وقد تباينت اآلراء حول تقسيمات المناهج‪ ،‬وأيا ما كان الخالف فإنه يمكن اعتماد‬
‫تقسيم المناهج إلى مناهج عقلية‪ ،‬ومناهج إجرائية(‪ ،)1‬ويمكن تبيانها فيما يلي‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬المناهج العقلية‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬المناهج اإلجرائية‪.‬‬

‫المطلب األول‬
‫المناهج العقلية‬

‫يقصد بالمناهج العقلية‪ :‬تلك المناهج التي تتخذ من التفكير العقلي أساساً لها(‪ ،)2‬أو‬
‫ما يمكن معرفته باالستدالل وهو طلب الدليل‪ ،‬وقد عرفه األصوليون بأنه إقامة الدليل والنظر‬
‫فيه‪ .‬ويعد االستدالل عملية منطقية تستنتج فيها صحة أشياء ناتجة عن التسليم بصحة‬
‫قضية أخرى‪ ،‬فهو "عملية منطقية ينتقل فيها الفكر من قضية مسلم بصحتها إلى أشياء‬

‫)‪ (1‬د‪ .‬مصطفي البنداري‪ ،‬المرجع السايق‪ ،‬ص ‪ 82‬وما بعدها‪.‬‬


‫)‪ (2‬د‪ .‬مصطفي البنداري‪ ،‬المرجع السايق‪ ،‬ص ‪.83‬‬

‫‪73‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫أخرى ناتجة عنها بالضرورة"(‪.)1‬‬


‫ومفاد ذلك أنه يمكن القول‪ :‬إن االستدالل هو االنتقال مما هو معلوم إلى ما هو‬
‫مجهول‪ ،‬إذ إنه يتضمن عدة عمليات مجردة‪ ،‬تؤسس على معلومة مؤكدة في نزاع وتطبيقها‬
‫على واقعة أخرى(‪.)2‬‬
‫ومما سبق يتضح أن االستدالل يتضمن مقدمة ونتيجة تربطهما عالقة منطقية يكعف‬
‫عنها العقل‪ ،‬وذلك من خالل تطبيق المقدمة أو المقدمة الكبرى؛ أال وهى القاعدة المؤكدة‬
‫الموجودة على الواقعة محل النزاع المعروض أو المقدمة الصغرى‪ ،‬وذلك من خالل وجود‬
‫ارتباط فيما بينهم وهذا ما يظهر أو يتوصل إليه العقل(‪.)3‬‬
‫وقد يكون االستدالل قانونيا‪ ،‬وقد يكون قضائيا‪ ،‬فمن جهة االستدالل القانوني فهو‬
‫منهج عقلي يرتب الوصول إلى الحلول القانونية للنزاعات المعروضة‪ ،‬وذلك باللجوء إلى‬
‫عدة وسائل عقلية(‪.)4‬‬
‫فالقانون يهدف إلى تنظيم سلوك األفراد داخل المجتمع‪ ،‬وهذا ما يستتبع فرض سلوك‬

‫)‪ (1‬د‪ .‬عبد المنعم الحفني‪ ،‬المعجم الفلسفي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الدار العرقية‪ ،1990 ،‬مادة "استدالل"؛ د‪ .‬عبد‬
‫الرحمن بدوى‪ ،‬المنطق الصوري والرياضي‪ ،‬الكويت‪ ،‬د‪.‬ن‪ ،1977 ،‬ص ‪139‬؛ د‪ .‬السيد العربي‪،‬‬
‫االستدالل المنطقي لألحكام في ضوء التغيرات االجتماعية "دراسة مقارنة بين النظامين اإلسالمي‬
‫واألنجلو أمريكي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،1999 ،‬ص ‪.29‬‬

‫‪(2) Perelman(cH): Raisonnement juridique et logique juridique, A.P.D, 1966,‬‬


‫‪p.2, Villey(M): Histoire de la logique, op.cit, p,23.‬‬
‫)‪ (3‬د‪ .‬محمود السقا‪ ،‬دراسة في علم المنطق القانوني‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،1998 ،‬ص ‪،23‬‬
‫د‪ .‬السيد العربي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫‪Perelman(ch): logique juridique, op.cit, p.4 et ss, Terre, op, cit, p.350 et s,‬‬
‫‪(4) Bergel(J.L): Théorie générale du droit, paris, Dalloz, 1989, p.263.‬‬

‫‪74‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫معين يعكس قيمه ومبادئه‪ ،‬وهو ما يعكس تجاربه السابقة‪ ،‬واالستدالل القانوني هو تطبيق‬
‫هذه المبادئ على ما يستجد من وقائع(‪.)1‬‬
‫أما االستدالل القضائي فيعد األداة الرئيسية في تطبيق القواعد القانونية على الوقائع‬
‫المجتمعية‪ ،‬إذ القضاة في األحكام القضائية ملتزمون بتسبيب أحكامهم‪ ،‬وهذا ما يتضمن‬
‫اللجوء إلى وسائل المنطق من استدالل وقياس(‪.)2‬‬
‫ويعكس الحكم القضائي منهج االستدالل وبوضوح‪ ،‬إذ إنه يتضمن مقدمة كبرى أال‬
‫وهي النص القانوني‪ ،‬ومقدمة صغرى أال وهي الواقعة أو النزاع المعروض‪ ،‬ومن ثم النتيجة‬
‫أو التطبيق(‪.)3‬‬
‫ومما تجدر اإلشارة إليه أن االستدالل القضائي يتصف بأهميته القصوى في المجال‬
‫القانوني‪ ،‬إذ يعد استدالالً مركباً‪ ،‬فهو من جهة يتوصل إلى الحكم من خالل القواعد‪ ،‬وهذا‬
‫ما يمثل أداة تطبيق القواعد‪ ،‬ومن جهة أخرى يتضمن وسائل االستدالالت الرئيسية أو األولية‬
‫من مقدمات كبرى وصغرى ونتيجة‪ ،‬فهو قد يتضمن اللجوء إلى قواعد قانونية باإلضافة إلى‬
‫قواعد أخرى غير قانونية(‪.)4‬‬
‫ويتخذ االستدالل صورتين‪ ،‬أوالهما االستنتاجي أو االستنباطي‪ ،‬وثانيتهما االستقرائي‬
‫أو االستقراء‪ ،‬كما قد يكون االستدالل مباشرا‪ ،‬وذلك في األمور التي يتوصل إليها من خالل‬
‫قضية واحدة معلومة بال توسط قضية أخرى‪ ،‬وقد يكون غير مباشر وذلك في األمور التي‬

‫)‪ (1‬د‪ .‬فايز محمد حسين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪Bergel: op, cit, p.264..235‬‬
‫)‪ (2‬د‪ .‬فايز محمد حسين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.235‬‬
‫‪(3) Perelman:La raisonnable et le déraisonnable en droit, paris, 1984, p.136‬‬
‫‪et ss.‬‬
‫)‪ (4‬د‪ .‬فايز محمد حسين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.236‬‬

‫‪75‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫يتوصل إليها من خالل عدة قضايا(‪ .)1‬ويمكن تناولهما فيما يلي‬


‫الفرع األول‪ :‬المنهج االستنباطي‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬المنهج االستقرائي‪.‬‬

‫الفرع األول‬
‫المنهج االستنباطي‬

‫يقصد بالمنهج االستنباطي‪ :‬الوصول إلى األحكام الجزئية من األحكام الكلية‪ ،‬أي‬
‫الوصول من الكل إلى الجزء‪ ،‬أو بمعنى آخر هو التوصل إلى معرفة حكم الخاص ارتكا اًز‬
‫على العام أو الكل(‪.)2‬‬
‫فاالستنباط وفقاً لهذا التعريف يقوم على أساس تصور عقلي لوضع مقدمات وفروض‪،‬‬
‫وذلك للوصول إلى نتائج‪ ،‬وهذه الفروض تبدأ من الكل أو العام إلى الخاص أو الجزء(‪.)3‬‬
‫فالمنهج االستنباطي يستهل بدراسة القواعد العامة والوقوف على شروط ونطاق‬
‫تطبيقها‪ ،‬وذلك قبل تناول اإلشكالية محل البحث وتحليلها‪ ،‬بغية الوصول إلى اختيار القاعدة‬
‫المناسبة لتطبيقها علي اإلشكالية‪ ،‬ومن ثم الوقوف علي آثار هذا االختيار والحل(‪.)4‬‬

‫)‪ (1‬د‪ .‬السيد العربي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.29‬‬


‫)‪ (2‬د‪ .‬حسن عبد الحميد‪ ،‬محاضرات في المدخل لدراسة فلسفة القانون لطلبة الدراسات العليا‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق جامعة عين شمس‪ ،2016-2015 ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬ص ‪ 22‬وما بعدها‪.‬‬

‫)‪ (3‬د‪ .‬فايز محمد حسين‪ ،‬التدريب القانوني والمهارات القانونية وكفالة الحق في التقاضي‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.229‬‬
‫)‪ (4‬د‪ .‬السيد عبد الحميد فوده‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.44‬‬

‫‪76‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أنه من الضروري أن يتضمن هذا األسلوب صحة وسالمة التفكير‬
‫المنطقي‪ ،‬وصحة المقدمات والفروض‪ ،‬باإلضافة إلى صحة المدركات العقلية‪ ،‬وذلك حتى‬
‫تكون النتائج صحيحة(‪.)1‬‬
‫ومفاد ذلك أن االستنباط يمثل جوهره البحث في الكليات أو المبادئ العامة المدرجة‬
‫في النصوص الدستورية أو التعريعية‪ ،‬وذلك للوصول إلى حلول للجزئيات‪ ،‬بحيث تمثل‬
‫المبادئ مقدمات عامة والجزئيات مقدمات صغرى(‪.)2‬‬
‫ويعد االستنباط من أكثر المناهج استخداماً في المجال القانوني‪ ،‬ويعمل التطبيق‬
‫النطاق النظري والعملي‪ ،‬فيتم اللجوء إليه عند وضع المبادئ العامة والقوانين وتطبيقها‪،‬‬
‫وتطبيقاً لذلك يقوم القاضي بتحديد الوصف القانوني للمعكلة محل النزاع‪ ،‬ومن ثم يقوم‬
‫بتطبيق المبدأ القانوني العام على الحالة الخاصة‪.‬‬
‫فالقاضي لدى قيامه بحل النزاع المعروض عليه يقوم باستخدام المنهج االستنباطي‪،‬‬
‫حيث يقوم باستخدام مقدمات وفروض صحيحة متمثلة في النصوص القانونية ثم يطبقها‬
‫على الوقائع المعروضة "الجزئيات"‪ ،‬فالقاضي يستخلص حكم الجزء "النزاع" من الكل‬
‫"النصوص القانونية"(‪.)3‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن عملية االستنباط ال تعترط أن يكون المرء على معرفة بقواعد‬
‫المنطق بعكل دقيق‪ ،‬إذ بالرغم من أنها قد تبدو وسيلة استداللية معقدة إال أنها حدسية‪.‬‬
‫ومثال ذلك‪ :‬أن النص القرآني الكريم الذي قضى بتحريم الخمر‪ ،‬يمكن من خالله‬

‫)‪ (1‬د‪ .‬حسن عبد الحميد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 23‬وما بعدها‪ ،‬د‪ .‬فايز محمد حسين‪ ،‬المرجع السابق‪،‬‬
‫ص ‪.229‬‬
‫)‪ (2‬د‪ .‬فايز محمد حسين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.230‬‬
‫)‪ (3‬د‪ .‬السيد العربي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 30‬وما بعدها‪ ،‬د السيد عبد الحميد فوده‪ ،‬المرجع السابق‪،‬‬
‫ص ‪ 45‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫وبسهولة استنباط أن كافة األشياء المستحدثة التي تسكر صاحبها محرمة أيضاً؛ كالمخدرات‬
‫وغيرها(‪.)1‬‬
‫وقد يكون االستدالل من باب أولى‪ ،‬وذلك من خالل استنتاج حكم لنزاع من قضية‬
‫أخرى‪ ،‬تأسيساً على ذات األسباب‪ ،‬فإذا كانت القضية األولى صادقة فمن باب أولى فإن‬
‫القضية الثانية صادقة لتوافر ذات األسباب‪.‬‬
‫ومثال ذلك‪ :‬االستدالل (أو االستنباط) في القرآن الكريم على البعث‪ ،‬فقد قال تعالى‪:‬‬
‫ض ِبَق ِاد ٍر َعَل ٰى أَن َي ْخُل َق ِم ْثَل ُهم"(‪ ،)2‬وقال سبحانه‪َ" :‬ل َخْل ُق‬ ‫ِ‬ ‫"أ ََوَل ْي َس َّال ِذي َخَل َق َّ‬
‫الس َم َاوات َو ْاأل َْر َ‬
‫الن ِ‬
‫اس َال َي ْعَل ُمو َن"(‪ ،)3‬فاآليتان القرآنيتان‬ ‫اس َوَٰل ِك َّن أَ ْكثَ َر َّ‬ ‫ض أَ ْك َب ُر ِم ْن َخْل ِق َّ‬
‫الن ِ‬ ‫ِ‬
‫ات و ْاأل َْر ِ‬
‫الس َم َاو َ‬‫َّ‬
‫معا تقرران أن خلق السموات واألرض أكبر من خلق اإلنسان‪ ،‬وهللا سبحانه وتعالى القادر‬
‫على خلق ما هو أكبر قادر على خلق ما هو أقل(‪.)4‬‬
‫وتجدر اإلشارة هنا إلى أن المنهج االستنباطي يساهم في كعف مزايا وعيوب القواعد‬
‫القانونية‪ ،‬وذلك نتيجة لتحليل القواعد وتطبيقها علي اإلشكاليات المختلفة‪ ،‬وهذا ما يستتبع‬
‫تطور القواعد القانونية(‪.)5‬‬

‫)‪ (1‬د‪ .‬السيد العربي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.30‬‬


‫)‪ (2‬سورة يس‪ ،‬من آية ‪.81‬‬
‫)‪ (3‬سورة غافر‪ ،‬آية ‪.57‬‬
‫)‪ (4‬د‪ .‬السيد العربي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪32‬؛ د‪ .‬سعد الدين السيد صالح‪ ،‬قصة الصراع بين منطق‬
‫اليونان ومنطق المسلمين‪ ،‬الزقازيق‪ ،‬د‪.‬ن‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،1990 ،‬ص ‪.522‬‬
‫)‪ (5‬د‪ .‬السيد عبد الحميد فوده‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 45‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫الفرع الثاني‬
‫المنهج االستقرائي‬

‫يقصد بالمنهج االستقرائي‪ :‬الوصول إلى حكم الكل من خالل حكم الجزء‪ ،‬فهو يعنى‬
‫استقراء أو مالحظة حكم الجزئيات للوصول إلى حكم الكليات‪ ،‬فهو منهج تصاعدي من‬
‫الجزء إلى الكل(‪.)1‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن المنهج االستقرائي يقوم على أساس المالحظة‪ ،‬أي مالحظة‬
‫األمور الجزئية وتحديدها‪ ،‬ومن ثم تدوين ما تم التوصل إليه من خاللها‪ ،‬وذلك للوصول‬
‫إلى حكم كلي لكافة األمور الجزئية‪ ،‬بحيث يجمع الحكم الكلي كافة األحكام الجزئية(‪.)2‬‬
‫ونظ اًر لقيام المنهج االستقرائي على هدف يبتغيه ‪ -‬أال وهو الوصول من الخاص‬
‫إلى العام أو من الجزء إلى الكل ‪ -‬فقد عد السبيل نحو تكوين المفا يم والوصول إلى‬
‫العموميات‪ ،‬وذلك من خالل دراسة الفروض والبراهين وإيجاد األدلة(‪.)3‬‬
‫ومفاد ما سبق أن المنهج االستقرائي في نطاق القانون يقوم على أساس النظر في‬
‫الجزئيات وردها إلى مبدأ عام‪ ،‬بحيث ينطبق هذا المبدأ العام على كافة الجزئيات المتعابهة‬
‫سواء أكان ذلك من حيث الطبيعة أم الحكم القانوني أو من حيث اآلثار المترتبة‪.4‬‬
‫واالستقراء له نوعان‪ :‬أولهما التام أو الصوري‪ ،‬وهو ما يعرف أيضاً باالستقراء‬
‫الرياضي‪ ،‬حيث يقوم الرياضيون بالبرهان على قضية خاصة ثم ينتقلون إلى ما هو أهم‬
‫منها‪ ،‬وثانيهما االستقراء الناقص الذى يتضمن االستدالل بأكثر الجزئيات فقط ليحكم على‬

‫‪ )1‬د‪ .‬فايز محمد حسين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.232‬‬


‫)‪ (2‬د‪ .‬حسن عبد الحميد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 22‬وما بعدها‪.‬‬
‫)‪ (3‬د‪ .‬فايز محمد حسين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.232‬‬
‫)‪ (4‬د‪ .‬فايز محمد حسين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 232‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫الكل‪ .‬وهذا النوع األخير هو ما يكثر استخدامه في األنظمة القانونية(‪.)1‬‬


‫ففي االستقراء تمتد القاعدة العامة إلى عدد من الحاالت الجديدة‪ ،‬وذلك لتعابهها أو‬
‫تماثلها‪ ،‬فاالستقراء يعد ممكناً حال وجود حاالت متعابهة(‪.)2‬‬
‫ويجد هذا األمر تطبيقاً له في ظل قانون المرافعات في نصه على رد القاضي‪ ،‬حيث‬
‫نص على أنه "يجوز رد القاضي ألحد األسباب اآلتية‪:‬‬
‫(‪ )1‬إذا كان له أو لزوجته دعوى مماثلة للدعوى التي ينظرها‪ ،‬أو إذا جدت ألحدهما‬
‫خصومة مع أحد الخصوم‪ ،‬أو لزوجته بعد قيام الدعوى المطروحة على القاضي ما لم تكن‬
‫هذه الدعوى قد أقيمت بقصد رده عن نظر الدعوى المطروحة عليه‪.‬‬
‫(‪ )2‬إذا كان لمطلقته التي له منها ولد أو ألحد أقاربه أو أصهاره على عمود النسب‬
‫خصومة قائمة أمام القضاء مع أحد الخصوم في الدعوى أو مع زوجته ما لم تكن هذه‬
‫الخصومة قد أقيمت بعد قيام الدعوى المطروحة على القاضي بقصد رده‪.‬‬
‫(‪ )3‬إذا كان أحد الخصوم خادماً له‪ ،‬أو كان هو قد اعتاد مؤاكلة أحد الخصوم أو‬
‫مساكنته‪ ،‬أو كان تلقى منه هدية قبيل رفع الدعوى أو بعده‪.‬‬
‫(‪ )4‬إذا كان بينه وبين أحد الخصوم عداوة أو مودة يرجح معها عدم استطاعته الحكم‬
‫بغير ميل"‪.‬‬
‫فوفقاً لهذا النص يجوز رد القاضي في حاالت محددة‪ ،‬إال أن الحالة الرابعة تتسم‬
‫بالعمول وعدم التحديد‪ ،‬حيث إن لفظ العداوة والمودة من األلفاظ العامة التي تندرج تحتها‬
‫العديد من المواقف‪ ،‬لذا فإن أي موقف يندرج ضمن هذه الحالة يطبق عليه حكم رد القاضي‪.‬‬
‫وتطبيقاً لذلك نجد أن الربا في العريعة اإلسالمية يعكس ذلك‪ ،‬فقد روي "أن الرسول‬

‫)‪ (1‬د‪ .‬السيد العربي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.33‬‬


‫)‪ (2‬د‪ .‬السيد العربي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.33‬‬

‫‪80‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬قد حرم تبادل الذهب بالذهب‪ ،‬والفضة بالفضة‪ ،‬والتمر بالتمر‪،‬‬
‫والقمح بالقمح‪ ،‬والبر بالبر‪ ،‬والععير بالععير‪ ،‬إال إذا كانت متساوية في الكمية‪.‬‬
‫فعلة التحريم تكمن في طبيعة السلع المنقولة التي تباع بالكيل والوزن‪ ،‬وهذا ما يستلزم‬
‫وبناء على ذلك يمتد التحريم إلى الزبيب أو أية سلعة‬
‫ً‬ ‫تحريم التبادل بمقادير غير متساوية"‪،‬‬
‫أخرى‪ ،‬وذلك حال تبادلها في ذات الظروف(‪.)1‬‬
‫كما أن االستقراء يتميز عن القياس من حيث درجة التأكيد‪ ،‬فاالستقراء يعد أكثر‬
‫تأكيداً من القياس في التوصل إلى النتائج(‪.)2‬‬
‫ويعد المنهج االستقرائي من المناهج الهامة في مجال الدراسات القانونية‪ ،‬وقد أدى‬
‫انتهاجه إلى الوصول إلى العديد من المبادئ العامة في القانون‪ ،‬كنظرية االلتزام‪ ،‬والعقود‪،‬‬
‫كما يؤدي المنهج إلى عمق الدراسات وتحقيق التناغم بين نطاق تطبيق النظريات العامة(‪.)3‬‬
‫ومما تجدر اإلشارة إليه أن كال المنهجين ال غنى عنهما‪ ،‬وهما يتصفان بالتكامل‬
‫وليس التناقض‪ ،‬ويرجع ذلك إلى أن االستقراء يتحول إلى استنباط‪ ،‬إذ إن مالحظة الجزئيات‬
‫توصلنا إلى أحكام نسعى إلى تطبيقها على جزئيات أخرى(‪.)4‬‬
‫وتطبيقاً لذلك نجد أن أرسطو قد انتهج المنهج االستنتاجي وإن لم يغفل االستقرائي‪،‬‬
‫إذ اهتم أرسطو بالكليات‪ ،‬فقد رأى أن الوجود الحقيقي لألشياء يكمن في جوهره‪ ،‬وجوهر‬
‫األشياء يكمن في األشياء ذاتها‪ ،‬فكل شيء يحمل في طياته جوهره‪ ،‬وهذا ما يستتبع استنباط‬

‫)‪ (1‬د‪ .‬السيد العربي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 34‬وما بعدها؛ د‪ .‬حسين حامد‪ ،‬أصول الفقه‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار‬
‫النهضة العربية‪ ،1970 ،‬ص ‪.528‬‬
‫)‪ (2‬د‪ .‬السيد العربي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪،35‬‬
‫‪Weal B.Hallaq: Legal Reasoning in Islamic law and common law logic and‬‬
‫‪method, in Cleveland state law review, V.34, 1979, p.92.‬‬
‫)‪ (3‬د‪ .‬السيد عبد الحميد فوده‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.43‬‬
‫)‪ (4‬د‪ .‬حسن عبد الحميد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 22‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫حقائق األشياء وجوهرها أو استنتاجها من مالحظتها(‪.)1‬‬

‫المطلب الثاني‬
‫المناهج اإلجرائية‬

‫يقصد بالمناهج اإلجرائية‪ :‬تلك المناهج التي يتم اختيارها تأسيساً علي األسلوب الذي‬
‫ينتهجه الباحث في العرض‪ ،‬كالمنهج المقارن‪ ،‬والمنهج التاريخي‪ ،‬والمنهج الوصفي(‪،)2‬‬
‫ويمكن تبيانها فيما يلي‪-:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬المنهج المقارن‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬المنهج التاريخي‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬المنهج الوصفي‪.‬‬

‫)‪ (1‬د‪ .‬حسن عبد الحميد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 23‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪Hassan Abd El hamied, op, cit , p.335 et ss.‬‬
‫)‪ (2‬د‪ .‬مصطفي البنداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.89‬‬

‫‪82‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫الفرع األول‬
‫المنهج المقارن‬

‫يقصد بالمنهج المقارن‪ :‬دراسة إشكالية أو موضوع ما في القانون الوطني ومقارنتها‬


‫بنظام قانوني أجنبي أو أكثر‪ ،‬بغية الوقوف علي أوجه التقارب واالختالف وأسبابهما؛ وذلك‬
‫للوصول إلى جوهر القواعد وألجل الوقوف على أكثر القواعد مالءمة للموضوع أو‬
‫اإلشكالية(‪.)1‬‬
‫ويعد المنهج المقارن من أهم المناهج في الدراسات القانونية؛ لما يمتاز به من اتسام‬
‫البحث بالعمق والدقة‪ ،‬كما أن الباحثين االجتماعيين ذهبوا إلي أن المنهج المقارن يعد هو‬
‫المنهج التجريبي بالنسبة للدراسات االجتماعية(‪.)2‬‬
‫ويتخذ المنهج المقارن إحدى صورتين‪ ،‬أوالهما‪ :‬المنهج المقارن الرأسي‪ ،‬ويقوم على‬
‫أساس المقارنة الرأسية لكل إشكالية من إشكاليات البحث‪ ،‬بحيث يقوم الباحث بمناقعة كل‬
‫إشكالية في نظام قانوني أو أكثر(‪ ،)3‬وعلى سبيل المثال‪ :‬فعند تناول الباحث شروط العقد‬
‫فإنه سيعرض كل شرط على حدة متضمنا المقارنة في النظم المختلفة‪.‬‬
‫وثانيهما المنهج المقارن األفقي‪ ،‬ويقوم على أساس معالجة إشكالية ما بكافة تفاصيلها‬
‫في قانون ما‪ ،‬ثم االنتقال لدراسة ذات اإلشكالية في النظم القانونية األخرى كل على حدة(‪،)4‬‬

‫)‪ (1‬د‪ .‬السيد عبد الحميد فوده‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 51‬وما بعدها‪ ،‬د‪ .‬مصطفي البنداري‪ ،‬المرجع‬
‫السابق‪ ،‬ص ‪.90‬‬
‫)‪ (2‬د‪ .‬أحمد عبد الكريم سالمه‪ ،‬األصول المنهجية في إعداد البحوث القانونية‪ ،‬د‪.‬ن‪ ،1997 ،‬ص ‪،42‬‬
‫د‪ .‬مصطفي البنداري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.91‬‬
‫)‪ (3‬د‪ .‬فايز محمد حسين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.242‬‬
‫)‪ (4‬د‪ .‬السيد عبد الحميد فوده‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.52‬‬

‫‪83‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫كأن يتناول الباحث شروط المسئولية في القانون المصري‪ ،‬ثم بعد االنتهاء منها يتناول‬
‫شروطها في القانون الفرنسي‪ ،‬ثم القانون اإلنجليزي وهكذا‪.‬‬
‫ومما سبق يتضح أن المنهج المقارن األفقي قد يوقع الباحث في عيب التكرار‪ ،‬إذ قد‬
‫تتعابه القوانين محل المقارنة مما يدفع الباحث إلى تكرار المعلومات‪ ،‬كما أن هذا المنهج‬
‫قد يعتت الباحث ويوصم البحث بعدم الترابط‪ ،‬حيث تكون معالجة الموضوع في عدة أجزاء‬
‫من البحث‪ ،‬وهذا ما يتالفاه المنهج المقارن الرأسي(‪.)1‬‬
‫وتجدر اإلشارة – هنا ‪ -‬إلى أن الدراسات القانونية المقارنة ال تقتصر على مجرد‬
‫عرض النصوص‪ ،‬وإنما جوهرها هو استقراء العوامل المتعابهة إليجاد أسس موحدة(‪.)2‬‬

‫وتتمثل أهمية المنهج المقارن في االطالع على تجارب األنظمة القانونية األخرى‪،‬‬
‫واالستفادة منها فيما يخص القانون الوطني‪ ،‬هذا باإلضافة إلى المساهمة في فهم النظم‬
‫القانونية المختلفة‪ ،‬لما يتضمنه المنهج من تبيان أوجه العبه واالختالف‪ ،‬كما يساهم المنهج‬
‫في التوحيد الدولي للقوانين‪.‬‬
‫هذا باإلضافة إلى أن المنهج المقارن يساهم في الكعف عن الحلول المالئمة‬
‫لإلشكاليات القانونية‪ ،‬ويوضح الحلول الوطنية المختلفة واتجاهاتها‪ ،‬وذلك ما يساعد في‬
‫دراسة الظواهر االجتماعية وفهم جوهرها(‪.)3‬‬
‫وتجدر اإلشارة هنا إلى أن المنهج المقارن يقوم على عدة أسس‪ ،‬تتمثل في ضرورة‬

‫)‪ (1‬د‪ .‬أحمد عبد الكريم سالمه‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.45‬‬
‫)‪ (2‬د‪ .‬محمود نجيب حسني‪ ،‬المساهمة الجنائية في التعريعات العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار النهضة العربية‪،‬‬
‫‪ ،2009‬ص ‪ ،9‬د‪ .‬فايز محمد حسين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.243‬‬
‫)‪ (3‬د‪ .‬أحمد عبد الكريم سالمه‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ ،45‬د‪ .‬فايز محمد حسين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‬
‫‪ 245‬وما بعدها‪ ،‬د‪ .‬السيد عبد الحميد فوده‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪54‬‬

‫‪84‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫التحديد الدقيق لإلشكالية محل البحث بحيث يتم تحديد نطاق مجال الدراسة المقارنة‪ ،‬وينصح‬
‫– هنا ‪ -‬باختيار نظم متقدمة عن النظام الوطني‪.‬‬
‫كما يجب الوضع في االعتبار تباين األنظمة القانونية من الناحية السياسية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬ويجب أن يلم الباحث باللغة القانونية للنظام محل المقارنة؛‬
‫للوقوف علي التمييز بين المصطلحات القانونية المتعابهة(‪.)1‬‬

‫الفرع الثاني‬
‫المنهج التاريخي‬

‫وجدت العديد من التعريفات للمنهج التاريخي‪ ،‬فقد عرفه البعض بأنه‪" :‬المنهج الذي‬
‫يؤسس على كعف الحقائق التاريخية والبحث عنها‪ ،‬وذلك من خالل قراءة وتحليل وتركيب‬
‫األحداث والوقائع الموثقة‪ ،‬بغية الوصول إلى تفسيرات علمية في شكل قوانين عامة"(‪.)2‬‬
‫كما عرف أيضاً بأنه‪" :‬المنهج الذي يؤسس على المدخل الزمني التقريري بحيث يتم‬

‫)‪ (1‬د‪ .‬جابر جاد نصار‪ ،‬أصول وفنون البحث العلمي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار النهضة العربية‪41 ،2005 ،‬؛ د‪.‬‬
‫خليل فيكتور تادروس؛ د إيهاب عباس الفراش‪ ،‬أصول البحث العلمي القانوني‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار النهضة‬
‫العربية‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬ص‪ 30‬وما بعدها‪ ،‬د‪ .‬السيد عبد الحميد فوده‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ ،53‬د‪ .‬فايز محمد‬
‫حسين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 244‬وما بعدها‪.‬‬
‫)‪ (2‬د‪ .‬مصطفي البنداري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪99‬‬

‫‪85‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫البحث والرجوع إلى الماضي باستمرار"(‪ ،)1‬وعرف أيضاً بأنه‪" :‬المراحل التي تناولها الباحث‬
‫وصوالً للحقيقة التاريخية‪ ،‬بحيث يتم تقديمها إلى المختصين بخاصة والقراء عامة"(‪.)2‬‬
‫ويقصد بالحقيقة التاريخية تلك الحقيقة النسبية‪ ،‬إذ إن الحقيقة المطلقة تتسم بصعوبة‬
‫المنال أو غير مستطاع الوصول إليها‪ ،‬وذلك لعدة عوامل كضياع األدلة أو زوال اآلثار‪،‬‬
‫وهذا ما استتبع القول‪ :‬إنه كلما زادت درجة الصدق في الحقائق التاريخية اقترب التاريخ من‬
‫الصيرورة تاريخيا بالمعني الفني(‪.)3‬‬
‫ويعد المنهج التاريخي من المناهج الهامة في كافة العلوم التجريبية واإلنسانية‪،‬‬
‫ويكتسب المنهج التاريخي أهمية خاصة في ظل الدراسات اإلنسانية والقانونية بصفة محددة‪،‬‬
‫وذلك الرتباط هذه الدراسات بالتاريخ‪ ،‬إذ يندرج التاريخ ضمن حلقات تطور القانون(‪.)4‬‬

‫ويرجع الفضل في االهتمام بالدراسات القانونية التاريخية إلى المدرسة التاريخية في‬
‫القانون‪ ،‬وذلك في أوائل القرن التاسع ععر‪ ،‬إذ ذهب أصحابها إلى أن القانون وليد التطور‪،‬‬
‫فهو انعكاس لحاجات المجتمع في زمن معين في ظروف محددة(‪.)5‬‬
‫وتطبيقاً لذلك عد المنهج التاريخي أحد المناهج المتبعة لدراسة ظواهر وأحداث تاريخية‬
‫مر عليها زمن قصير أو طويل‪ ،‬وذلك من خالل دراسة الماضي وفهم الواقع والتنبؤ‬

‫)‪ (1‬د‪ .‬أحمد عبد الكريم سالمه‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 39‬وما بعدها‪.‬‬
‫)‪ (2‬د‪ .‬فايز محمد حسين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.236‬‬
‫)‪ (3‬د‪ .‬فايز محمد حسين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.236‬‬
‫)‪ (4‬د‪ .‬السيد عبد الحميد فوده‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.47‬‬
‫)‪ (5‬د‪ .‬فايز محمد حسين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 236‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫بالمستقبل(‪.)1‬‬
‫وتجدر اإلشارة ‪ -‬هنا ‪ -‬إلي أن المنهج التاريخي يؤسس على وصف للظاهرة‬
‫االجتماعية دون مواربة‪ ،‬وهذا ما يلتزم الباحث فيه بالموضوعية‪ ،‬ثم يقوم بتحليل وتفسير‬
‫الوقائع في إطار الفكر الفلسفي والسياسي السائد آنذاك‪ ،‬بحيث يجب االعتداد عند تحليل‬
‫وتفسير التاريخ بالبيئة المحيطة للواقعة‪ ،‬من حيث النظام القانوني والسياسي واالقتصادي‬
‫السائد(‪.)2‬‬
‫ومفاد ذلك أن المنهج التاريخي ال يعد منهجاً وصفياً‪ ،‬بحيث يقتصر فيه الباحث على‬
‫وصف األحداث التاريخية‪ ،‬بل يمتد عمله إلى تحليل وتأصيل اإلشكاليات والنظر والتدقيق‬
‫بها‪ ،‬وذلك بغية وضع قواعد عامة تالئم النظم واألوضاع السائدة(‪.)3‬‬
‫ويتخذ المنهج التاريخي في الدراسات القانونية إحدى صورتين‪ ،‬أوالهما الدراسة‬
‫الوصفية لنظام قانوني معين‪ ،‬ويؤسس على دراسة وصفية لنظام قانوني معين‪ ،‬كنظام الحكم‬
‫في مصر الفرعونية أو بالد العراق قديماً‪ ،‬بحيث ال تخرج الدراسة عن اإللمام بالنظام‬
‫القانوني في حقب محددة من التاريخ‪.‬‬
‫وثانيهما الدراسة التحليلية للنظم القانونية‪ ،‬وتؤسس فيه الدراسة على تحليل األنظمة‬
‫بغية الوقوف على نقاط القوة والضعف ومن ثم االستفادة منها في األنظمة المطبقة‬
‫حديثاً(‪.)4‬‬

‫)‪ (1‬د‪ .‬خليل فيكتور؛ د‪ .‬إيهاب عباس فراش‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.26‬‬
‫)‪ (2‬د‪ .‬أحمد عبد الكريم سالمه‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ .40‬د‪ .‬فايز محمد حسين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‬
‫‪ 237‬وما بعدها‪.‬‬
‫)‪ (3‬د‪ .‬خليل فيكتور؛ د‪ .‬إيهاب عباس الفراش‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ ،27‬د‪ .‬فايز محمد حسين‪ ،‬المرجع‬
‫السابق‪ ،‬ص ‪ ،236‬د‪ .‬السيد عبد الحميد فوده‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.48‬‬
‫)‪ (4‬د‪ .‬جابر جاد نصار‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ ،44‬د‪ .‬فايز محمد حسين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪237‬‬
‫وما بعدها‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫وتجدر اإلشارة – هنا ‪ -‬إلى عدم وجود فروق بين الصورتين‪ ،‬إذ من يقوم بتحليل‬
‫النظم القانونية‪ ،‬يقوم أوالً بدراسة النظام القانوني د ارسة وصفية‪ ،‬كما أن من يقوم بالدراسة‬
‫الوصفية يقوم حتماً بتحليل النظام القانوني لالستفادة من دراسته(‪.)1‬‬
‫ويستلزم المنهج التاريخي لصحة تطبيقه توافر الحقائق والوثائق التي تقوم عليها‬
‫الدراسة‪ ،‬والتي تتمثل في الوثائق أو اآلثار التاريخية أو المصادر التي تلت الواقعة وتكون‬
‫منقولة أو معتقة من الوثائق واآلثار‪ ،‬وذلك مع وجود إمكانية لتكملة النقص بواسطة القياس‪،‬‬
‫ولكن ذلك من خالل ضوابط محددة بغية الوصول إلى إقرار أحكام عامة‪ ،‬من خالل الربط‬
‫بين األحكام الجزئية المستنبطة من القياس التاريخي(‪.)2‬‬
‫ومما سبق يتضح أن المنهج التاريخي يساهم في فهم العديد من األمور الحديثة‪ ،‬إذ‬
‫إن مالحظة الماضي تساهم في فهم الحاضر‪ ،‬كما أن المنهج التأصيلي يساهم في فهم‬
‫إشكالية تغير القانون وتطوره‪ ،‬وهذا ما يستتبع فهم النظم القانونية بصورة أوضح وأدق(‪.)3‬‬
‫ويمكن اللجوء إلى المنهج التاريخي في الدراسات القانونية الكبرى‪ ،‬فيمكن من جهة‬
‫االعتماد على المنهج التاريخي كمنهج أساسي في دراسة إشكالية ما‪ ،‬وذلك كدراسة األصول‬
‫التاريخية والفلسفية لمبدأ الفصل بين السلطات‪.‬‬

‫كما يمكن اللجوء إلي المنهج التاريخي كمنهج مساعد‪ ،‬كالتطرق إلشكالية تضرب‬
‫بجذورها في الماضي‪ ،‬كنظام اإلفالس‪ ،‬وعقد العركة‪ ،‬هذا باإلضافة إلى استخدامه كمنهج‬

‫)‪ (1‬د‪ .‬جابر جاد نصار‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ ،44‬د‪ .‬فايز محمد حسين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.238‬‬
‫)‪ (2‬د‪ .‬فايز محمد حسين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ .238‬د‪ .‬السيد عبد الحميد فوده‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‬
‫‪ ،49‬د‪ .‬مصطفي البنداري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.100‬‬
‫)‪ (3‬د‪ .‬أحمد عبد الكريم سالمه‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 40‬وما بعدها‪ ،‬د‪ .‬فايز محمد حسين‪ ،‬المرجع‬
‫السابق‪ ،‬ص ‪.240‬‬

‫‪88‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫لتفريد النظم القانونية بغية الوقوف علي مدى مالءمة تطبيقها حالياً من عدمه(‪.)1‬‬

‫الفرع الثالث‬
‫المنهج الوصفي‬

‫عرف المنهج الوصفي بأنه‪ " :‬المنهج الذي يبغي جمع كافة المعلومات والحقائق‬
‫عن ظاهرة ما كما هي‪ ،‬ومن ثم تحليلها وتفسيرها ومقارنتها‪ ،‬بغية الوصول إلى الوصف‬
‫العلمي الكامل لها"(‪.)2‬‬
‫كما عرف بأنه‪ " :‬المنهج الذي يعكس رؤية واضحة ودقيقة لظاهرة ما‪ ،‬من حيث‬
‫أبعادها وخصائصها وعالقتها بغيرها من الحقائق والبيانات األخرى"(‪.)3‬‬
‫وعرف – أيضا ‪ -‬بأنه‪" :‬طريق من طرق التحليل الذي يؤسس على توافر معلومات‬
‫محددة عن ظاهرة أو إشكالية قانونية ما‪ ،‬وذلك خالل فترة زمنية معينة‪ ،‬بغية الوصول إلى‬
‫نتيجة علمية يمكن تفسيرها بصورة موضوعية تتفق والمعطيات الفعلية"(‪.)4‬‬
‫ومفاد ما سبق أن المنهج الوصفي يرتكز علي دراسة النصوص التعريعية واألحكام‬
‫القضائية واآلراء الفقهية‪ ،‬وذلك قبل البحث عن تأصيلها وتحليلها‪ ،‬بحيث ال يقتصر دور‬
‫الباحث على مجرد تجميع المعلومات والبيانات‪ ،‬بل يمتد إلى تحليلها وصوالً لنتائج‬
‫موضوعية‪ ،‬وهذا ما يبرر عدم االرتكاز على المنهج الوصفي منفرداً؛ بل يجب أن يكون‬
‫مساعداً للمناهج األخرى(‪.)5‬‬

‫)‪ (1‬د‪ .‬مصطفي البنداري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.101‬‬


‫)‪ (2‬د‪ .‬مصطفي البنداري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.102‬‬
‫)‪ (3‬د‪ .‬مصطفي البنداري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.102‬‬
‫)‪ (4‬د‪ .‬السيد عبد الحميد فوده‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.55‬‬
‫)‪ (5‬د‪ .‬السيد عبد الحميد فوده‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.56‬‬

‫‪89‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫وتجدر اإلشارة – هنا ‪ -‬إلى أن نعأة المنهج الوصفي ترجع إلى عمليات المسح‬
‫االجتماعي‪ ،‬إذ يعد هذا المنهج من أكثر المناهج مالءمة لدراسة الواقع االجتماعي(‪.)1‬‬
‫وللمنهج الوصفي عدة صور من أهمها دراسة الحالة‪ ،‬ويقصد بها دراسة إشكالية ما‬
‫بصورة معمقة وصوالً إلى نتائج محددة يمكن تطبيقها على حاالت أخرى‪.‬‬
‫وثاني هذه الصور الدراسة المسحية‪ ،‬ويقصد بها دراسة ظاهرة ما في الوقت الراهن‬
‫في مكان وزمان محدد‪ ،‬وذلك بغية الوصول إلى الوضوح‪ ،‬ومن ثم وضع الخطط للنهوض‬
‫بالحالة وإصالحها‪.‬‬
‫وثالث هذه الصور دراسة الرأي العام‪ ،‬حيث ترتكز الدراسة على الوقوف على آراء‬
‫فئة معينة من المواطنين إزاء موضوع ما‪ ،‬كاستطالع رأي مجموعة من الناخبين في نظام‬
‫االنتخاب بالقائمة(‪.)2‬‬

‫)‪ (1‬د‪ .‬مصطفي البنداري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.102‬‬


‫)‪ (2‬د‪ .‬مصطفي البنداري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.104‬‬

‫‪90‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫‪91‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫‪92‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫الفصل الثالث‬
‫هيكل ومراحل‬
‫إعداد البحث العلمي‬

‫األستاذ الدكتور‪ /‬محمد إبراهيم الشافعي‬


‫أستاذ االقتصاد والمالية العامة‪ ،‬ووكيل الكلية لشئون‬
‫التعليم والطالب‬

‫‪93‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫‪94‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫الفصل الثالث‬

‫هيكل ومراحل إعداد البحث العلمي‬

‫تمهيد‪:‬‬
‫يتعين على الباحث أن يكون على قدر كبير من الوعي واإلدراك لنطاق بحثه و يكله‬
‫قبل الولوج في إعداده وكتابته وطباعته‪ .‬فالباحث ‪ -‬كقائد الطائرة ‪ -‬يمكن أن يتعرف على‬
‫معالم بحثه وكلياته‪ ،‬من خالل نظرة سريعة يتيقن خاللها من التناسق العام بين أجزائه‬
‫الكلية‪ ،‬قبل أن يدلف إلى تفاصيله ويغرق في جزئياته عند إعداده وكتابته‪ .‬وكلما أحسن‬
‫الباحث بناء يكل بحثه‪ ،‬كلما أجاد في صياغته وإعداد تفاصيله‪ ،‬فالكل يلزم أن يكون‬
‫متناسقاً مع األجزاء والعكس صحيح‪.‬‬
‫وعلى هدى ما سبق‪ ،‬فإننا سنعرض ومن خالل مبحثين لكل من‪ :‬يكل البحث العلمي‬
‫(المبحث األول)‪ ،‬ومراحل إعداد البحث العلمي (المبحث الثاني)‪.‬‬

‫‪95‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫المبحث األول‬
‫هيكل البحث العلمي‬

‫نعني بهيكل البحث العلمي‪ :‬العناصر واألجزاء الرئيسة التي يتعكل منها البحث‪.‬‬
‫فهيكل البحث يعبه تماما يكل جسم اإلنسان‪ ،‬ومن ثم يتعابه تكوين البحث العلمي مع‬
‫غيره في العلوم المختلفة إال أنه يختلف في الطبيعة والمضمون‪ .‬لهذا‪ ،‬فإننا سنعرض من‬
‫ابتداء من‬
‫ً‬ ‫خالل هذا المبحث ألهم عناصر ومكونات البحث العلمي من الناحية العكلية‪،‬‬
‫انتهاء بخاتمته ومراجعه ومالحقه؛ وذلك من‬
‫عنوان البحث ومقدمته‪ ،‬ومرو اًر بمتن البحث‪ ،‬و ً‬
‫خالل أربعة مطالب على النحو اآلتي‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬عنوان ومقدمة البحث‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬متن البحث‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬خاتمة البحث‪.‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬مالحق ومراجع البحث‪.‬‬

‫المطلب األول‬
‫عنوان ومقدمة البحث‬

‫يعد عنوان البحث ومقدمته اللبنة األولى في يكل البحث‪ ،‬وكالهما منبثق عن‬
‫موضوع البحث‪ .‬لهذا فإننا سنسلط الضوء في هذا المطلب على كل من عنوان البحث‬
‫ومقدمته‪ ،‬من خالل فرعين‪.‬‬

‫‪96‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫الفرع األول‬
‫عنوان البحث‬

‫يعد اختيار عنوان الدراسة من أكثر األمور دقة وصعوبة‪ ،‬حيث إن العنوان يعبر عن‬
‫موضوع البحث‪ ،‬ويتضمن في طياته خطة الدراسة‪ ،‬ونعتم منه رائحة اإلشكالية‪ .‬وقد يثور‬
‫التساؤل حول أهم سمات العنوان الجيد‪ ،‬وهو ما يدعونا إلى استعراض أهم مالمح العنوان‬
‫في السطور التالية‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬الوضوح‪ :‬من الضروري أن يستخدم الباحث مرادفات سهلة وواضحة عند‬
‫صياغته لعنوان بحثه‪ .‬وعليه أن ينأى عن استخدام المصطلحات الغامضة‪ ،‬فكلما كان‬
‫العنوان واضحاً كلما كان ذلك دليالً على مهارة الباحث‪ .‬والوضوح الذي نقصده هنا هو‬
‫الوضوح ألهل التخصص‪ ،‬فليس من الالزم أن يكون عنوان البحث واضحاً للكافة؛ كون أن‬
‫البحث يخاطب المتخصصين من أهل العلم‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬الجاذبية‪ :‬من المهم أن يكون عنوان البحث جذاباً ليستقطب اهتمام أولي العلم‬
‫في التخصص‪ ،‬ومعوقاً ليثير الفضول لدى القارئ ليعلم ما تخفيه صفحاته‪ .‬ويفضل أال‬
‫يكون العنوان طويالً أو قصي اًر؛ بل عوان بين هذا وذاك‪ .‬فطول العنوان يصيبه بآفة الرتابة‪،‬‬
‫وقصره قد يفقده سمة حسن التعبير عن الموضوع‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬جامعاً مانعاً‪ :‬يتعين على الباحث عند صياغته لعنوان دراسته أن يجعله بقدر‬
‫اإلمكان جامعا مانعاً‪ .‬جامعاً لما تقتضيه طبيعة موضوعه وإشكالية دراسته ونطاق بحثه‪،‬‬
‫فال يفلت منه عنصر‪ ،‬ومانعاً من دخول ما ال يقتضيه موضوع الدراسة‪ ،‬فالعنوان بوصلة‬
‫الباحث ومنوال البحث الذي يغزل عليه المؤلف كل عباراته لتصار في النهاية مؤلفاً يمثل‬
‫قيمة مضافة في المكتبة العلمية‪.‬‬

‫‪97‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫رابعاً‪ :‬جملة اسمية‪ :‬من المتعارف عليه أن يأخذ العنوان شكل جملة اسمية‪ .‬وإن كان‬
‫البعض ال يمانع في أن يكون العنوان على هيئة سؤال ربما إلضفاء مزيد من التعويق عليه‪.‬‬
‫وإذا كنا ال نجد غضاضة في أن يصاغ العنوان في صورة تساؤل‪ ،‬إال أنه يتعين قصر ذلك‬
‫األمر على المقاالت البحثية الصغيرة‪ ،‬دون أن يمتد هذا النهج إلى رسائل الدكتوراه‬
‫والماجستير‪.‬‬
‫ومن المناسب وضع العنوان في وسط الصفحة وال تستخدم معه عالمات الترقيم‪ .‬كما‬
‫يفضل عدم السجع في العنوان‪ ،‬وتجنب استخدام حرف الواو حتى ال نكون بصدد‬
‫موضوعين(‪.)1‬‬
‫خامساً‪ :‬عنوان جديد‪ :‬على الباحث أن يحرص بقدر اإلمكان أن يكون عنوان بحثه‬
‫جديداً‪ ،‬فيتجنب التكرار‪ ،‬فانفراد الباحث بعنوان مميز لبحثه يعد مظه اًر لجدية موضوعه‬
‫وحداثته وحسن اختياره إلشكالية الدراسة‪ ،‬مما يوحي بأن دراسته ستمثل بالضرورة إضافة‬
‫إلى التخصص‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فقد تضطر طبيعة الموضوع الباحث إلى صياغة عنوان سبق‬
‫استعماله في أبحاث وأطروحات سابقة‪ ،‬هنا يتعين على الباحث أن يعير في مقدمة بحثة‬
‫إلى ما يميز دراسته عن الدراسات األخرى التي تحمل ذات العنوان(‪.)2‬‬
‫ولكن كيف يصوغ الباحث عنوان بحثه؟‬
‫من المناسب عند اختيار الباحث لعنوان بحثه أن يبحث في الدوريات والمجالت‬
‫العلمية في التخصص الذي يرغب في إعداد بحثه فيه‪ ،‬وكذلك االطالع على رسائل‬
‫الماجستير والدكتوراه وجمع العناوين المختلفة للموضوع الذي يرغب في البحث فيه‪ .‬ثم يقوم‬

‫)‪ (1‬انظر د‪ .‬وائل عالم ‪" ،‬مناهج البحث القانوني"‪ ،‬مكتبة الجامعة‪ ،‬العارقة‪ ،‬اإلمارات العربية المتحدة‪،‬‬
‫الطبعة الثانية‪ ،2015 ،‬ص‪.181-180 .‬‬
‫)‪ (2‬انظر في ذات المضمون د‪ .‬محي محمد مسعد ‪" ،‬كيفية كتابة األبحاث واإلعداد للمحاضرات"‪ ،‬دار‬
‫المطبوعات الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪.2004 ،‬‬

‫‪98‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫بعد ذلك بصياغة العنوان على نحو يعكس إشكالية الدراسة وموضوعها األساسي(‪.)1‬‬
‫ويستحب أن يقوم الباحث بالتعديل والتحوير في العنوان على نحو يجعل له خصوصيته‬
‫التي تميزه عن غيره‪ ،‬فال يكون مكر اًر ممالً وال غريباً شاذاً‪.‬‬

‫الفرع الثاني‬
‫مقدمة البحث‬

‫مقدمة البحث هي رؤية الباحث أو موجز لمخططه ومعروعه البحثي‪ .‬وتجدر اإلشارة‬
‫إلى أن مقدمة البحث تمثل غالباً المعروع البحثي الذي يتقدم به الباحث لمناقعته في الحلقة‬
‫النقاشية (السيمينار) قبل اعتماده وتسجيله‪ .‬فهي تحوي تعريفاً مبسطاً لموضوع بحثه‪،‬‬
‫وإشكالية الموضوع ونطاقه‪ ،‬وأهميته‪ ،‬والمنهجية التي يتبناها الباحث في عالج بحثه‪،‬‬
‫وفروض الدراسة التي سيختبر صحتها من عدمه عند عالجه لموضوع الدراسة‪ .‬عالوة على‬
‫ما سبق‪ ،‬فإن مقدمة الدراسة ال تخلو كذلك من إشارة موجزة ألهم الدراسات النظرية السابقة‬
‫التي تناولت موضوع البحث وما يميز دراسة الباحث عنها‪ ،‬باإلضافة إلى التقسيم األساسي‬
‫لخطة البحث من أبواب‪ ،‬وفصول‪ ،‬ومباحث‪ .‬وسنعرض بإيجاز للمكونات الرئيسة لمقدمة‬
‫البحث‪ .‬كما أن المعروع البحثي يتضمن قائمة مراجع تمهيدية يكون الباحث قد استعان بها‬
‫عند إعداده لمعروعه البحثي‪ ،‬وهو ما ال يجب أن تتضمنه مقدمة البحث‪.‬‬

‫)‪ (1‬انظر ‪ :‬محمد عبد الحميد جفالن‪" ،‬الوجيز في إعداد البحث العلمي"‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪ ،2018‬ص‪.26-25 .‬‬

‫‪99‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫أوالً‪ :‬التعريف بالموضوع‪:‬‬


‫يتعين على الباحث أن يصدر مقدمة رسالته بتعريف بموضوع بحثه‪ ،‬يستعرض خالله‬
‫– بصورة موجزة – نعأة الموضوع وتطوره التاريخي وجوانبه المختلفة‪ .‬وأحياناً ما يكون‬
‫التعريف بموضوع الدراسة بديالً للفصل التمهيدي الذي يتصدر في الغالب الكثير من‬
‫أطروحات الماجستير والدكتوراه‪ .‬ومن ثم فإن البعض قد يحبذ أن يعرض الباحث في هذا‬
‫الجزء من المقدمة للنعأة التاريخية والتطور الخاص بموضوع البحث وقوفاً في النهاية على‬
‫ما سوف يقدمه الباحث من إضافة علمية من خالل دراسته‪ .‬إن استهالل المقدمة يعد البداية‬
‫لمعوار البحث العلمي لموضوع البحث‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬إشكالية الدراسة‪:‬‬
‫تعد إشكالية الدراسة أحد البنود الرئيسة التي تتضمنها المقدمة إن لم تكن أهمها على‬
‫اإلطالق‪ .‬ويتعين على الباحث أن يعرضها بعبارات واضحة ومعوقة تستقطب القارئ‪ ،‬وتنم‬
‫عن جوهر معكلة الدراسة‪ ،‬والتي يسعى الباحث من خالل دراسته أن يضع حلوالً لها‬
‫ويوصي في خاتمة بحثه بما يتعين عمله بعأنها لعالجها وتوضيح آليات وضعها موضع‬
‫التنفيذ‪.‬‬
‫وقد تكون إشكالية الدراسة عبارة عن وجود فراغ تعريعي لتنظيم ظاهرة معينة من‬
‫الناحية القانونية كالذكاء االصطناعي‪ ،‬مما يدفع الباحث نحو إعداد بحثه لعالج هذه الثغرة‬
‫من خالل التوصية بإصدار تعريع منظم لهذه الوقائع‪ .‬وقد تتمثل إشكالية الدراسة في وجود‬
‫تعارض بين تعريعين مما يضع العديد من العراقيل أمام السلطة المعنية في وضع التعريع‬
‫موضع التنفيذ؛ فيستهدف الباحث من وراء بحثه وضع حلول إلزالة هذا التعرض وتقديم‬
‫العون للسلطة لتنفيذ القوانين‪ .‬كما قد تتجسد إشكالية البحث في عدم تناسب التعريع الذي‬
‫صدر في فترة ماضية في عالج ما استحدث من وقائع‪ ،‬فيصبح التعريع متخلفاً عن الواقع‬

‫‪100‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫فيستدعي التعديل‪ ،‬ومن ثم يندفع الباحث نحو وضع تصور لتعديل تعريعي يحتوى ما‬
‫استجد من وقائع ويدخلها في نطاق وطائلة التعريع المنظم لها‪.‬‬
‫إن حسن صياغة إشكالية الدراسة يعد أم اًر في غاية األهمية‪ ،‬فهو يبرز مدى فهم‬
‫واستيعاب الباحث لموضوع بحثه كما أنها بوصلته في تحديد خطة الدراسة وتقسيمها‬
‫المتعارف عليه‪ .‬وصياغة اإلشكالية يتعين أن تكون في سطور بسيطة ينهيها الباحث بتساؤل‬
‫رئيس يمثل عصب هذه اإلشكالية‪ ،‬ثم يتبعها بمجموعة من التساؤالت الفرعية المنبثقة من‬
‫التساؤل األساسي‪.‬‬
‫ومن األهمية أن نعير إلى ضرورة أن يكون هناك انسجاماً وتناسقاً كامالً بين عنوان‬
‫البحث واإلشكالية وخطة الدراسة والخاتمة‪ ،‬فالبد أن يكون جميعها على نسق واحد‪ ،‬وأن‬
‫يكون بينها رباطاً منطقياً‪ ،‬وأن يؤدي بعضها إلى البعض اآلخر‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬أهمية الموضوع‪:‬‬
‫من الالزم على الباحث أن يبرز أهمية موضوع بحثه في مقدمة البحث‪ .‬ومن المهم‬
‫أن يبين الباحث أهمية دراسته من الناحيتين النظرية والعملية‪ .‬فيوضح ما سيضيفه البحث‬
‫إلى حقل التخصص من قيمة علمية؛ كأن يسد فراغاً أو نقصاً في نظرية معينة‪ ،‬أو يعالج‬
‫خلالً أو قصو اًر في أحد المبادئ القانونية‪ ،‬أو يوجد تفسي اًر نظرياً مقبوالً لظاهرة محددة‪ .‬ومن‬
‫الضروري كذلك أن يعير الباحث إلى أهمية بحثه بالنسبة للواقع العملي؛ فيسلط الضوء على‬
‫ما قد يفيده هذا البحث بالنسبة لعالج الخلل في التطبيق العملي أو تذليل صعوبات محددة‬
‫أسفر عنها التعامل اليومي في مجال معين‪ .‬إن ما سيسهم به البحث في المجالين العلمي‬
‫والعملي هو ما يمثل – وبحق – أهمية البحث العلمي‪.‬‬

‫‪101‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫رابعاً‪ :‬فروض الدراسة‪:‬‬


‫الفروض هي أفكار مبدئية تثور في ذهن الباحث عن طريق التأمل والمالحظة‪،‬‬
‫وتعكل قضية نظرية احتمالية‪ .‬ويكون دور الباحث هو وضع الفروض تحت االختبار‬
‫للتحقق من صدقها وتقرير صحتها من عدمه‪ ،‬لينتهي الباحث إلى إعادة طرح هذه األفكار‬
‫في ضوء قراءاته وتفكيره أو تأييدها‪ .‬وتختلف الفروض بمفهومها السابق عن المسلمات‪.‬‬
‫ونعني بهذه األخيرة مجموعة من البديهيات والحقائق التي تدعم الجوانب العلمية للبحث‪ ،‬وال‬
‫يحتاج الباحث إلى إثباتها أو إقامة الدليل عليها؛ مثل أن تخلف ركن من أركان العقد يؤدي‬
‫إلى بطالنه(‪.)1‬‬
‫بعض الدراسات السيما االقتصادية واإلحصائية قد تقتضي أن يوضع في المقدمة‬
‫فروضاً معينة‪ ،‬سيتم اختبار صحتها من عدمه من خالل التحليل والمناقعة عبر البحث‪.‬‬

‫وهذه الفروض غالبا ما يتم صياغتها في هيئة جمل اسمية قصيرة تقرر أو تنفي شيئاً محدداً‬
‫سيتم تحديد مدى تحققها في خاتمة البحث‪ .‬وتجدر اإلشارة إلى أن هذه الفروض يتم تحليلها‬
‫والبت فيها من خالل مناهج البحث التي يطبقها الباحث؛ كالمنهج االستنباطي والمنهج‬
‫اإلحصائي‪.‬‬
‫على سبيل المثال‪ :‬لو أن الباحث يبحث في موضوع أسباب البطالة في مصر‪ .‬فإنه‬
‫يمكن أن يضع له عدة فرضيات يستطيع اختبار صحتها مثل‪:‬‬
‫‪ -‬وجود عالقة طردية بين نسبة األمية ومعدل البطالة‪.‬‬
‫‪ -‬وجود عالقة عكسية بين حجم االستثمار ومعدالت البطالة‪.‬‬

‫)‪ (1‬د‪ .‬أحمد عبدالكريم سالمة‪" ،‬األصول المنهجية إلعداد البحوث العلمية"‪ ،‬دار النهضة العربية‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،2017 ،‬ص‪.72.‬‬

‫‪102‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫ومن المهم أن توضع الفروض وفق ترتيب تناولها في البحث‪ ،‬بحيث تسبق فروض‬
‫الفصل األول فروض الفصل الثاني(‪.)1‬‬
‫خامسا‪ :‬نطاق البحث‪:‬‬
‫نعني بنطاق البحث اإلطار الحدودي الذي سيعالج فيه موضوع الدراسة دون أن‬
‫يتخطاه إلى نقاط أو موضوعات أخرى‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬قد يحتاج موضوع الدراسة إلى‬
‫تحديد أكثر دقة مما يوحي به عنوان البحث‪ .‬فقد يكون عنوان البحث "دور السياسة الجنائية‬
‫في الحد من ظاهرة اإلرهاب"‪ ،‬ومن ثم فإنه قد يقتضي تحديداً لنطاقه الزمني والمكاني‪ ،‬وهنا‬
‫يأتي دور المقدمة لنودع فيها هذا التوضيح الضروري‪.‬‬
‫وقد يكون النطاق زمنياً‪ ،‬فتتحدد فترة دراسة وتحليل الموضوع بفترة بداية وفترة نهاية؛‬
‫كأن يتحدد الموضوع من سنة ‪ 1980‬حتى عام ‪ .2000‬وبالتالي لن يتعرض الباحث‬
‫للموضوع قبل أو بعد هذا التاريخ المحدد‪ ،‬أو قد يكتفي باإلشارة إليه بصورة موجزة‪ .‬كما قد‬
‫يكون نطاق البحث مكانياً فيحدد الباحث ما إذا كان البحث سيكون تطبيقياً فقط داخل حدود‬
‫الدولة‪ ،‬بأن يعملها جميع أقاليمها أم سيقتصر النطاق المكاني ألحد أقاليمها دون غيرها‪ ،‬أم‬
‫أن الدراسة ستتضمن دوالً أخرى غير دولته‪ ،‬وبالتالي ستكون مقارنة مكانية‪.‬‬
‫وقد يدعونا ذلك للتساؤل حول مدى حتمية وضع نطاق للبحث في مقدمة الرسالة أو‬
‫البحث‪ .‬ونرى أن وجود نطاق البحث من بين البنود التي تعتمل عليها المقدمة ال يعد في‬
‫األساس أم اًر حتمياً‪ .‬ومع ذلك فإن وضوح العنوان بصورة دقيقة قد يغني عن وجود نطاق‬
‫البحث في المقدمة‪ .‬فلو أننا حددنا في المثال السابق عنوان البحث ليكون على النحو التالي‪:‬‬
‫"دور السياسة الجنائية في الحد من ظاهرة اإلرهاب خالل الفترة ‪:2020-1980‬‬

‫)‪ (1‬انظر‪ :‬د‪ .‬صالح مصطفى الفوال‪ " ،‬مناهج البحث في العلوم االجتماعية"‪ ،‬مكتبة غريب‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪ ،1982‬ص‪.63 .‬‬

‫‪103‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫دراسة تطبيقية على كل من مصر والعراق"‪.‬‬


‫نالحظ من خالل هذا العنوان أن النطاق الزمني والموضوعي والمكاني محددين على‬
‫نحو دقيق‪ ،‬وبالتالي فإنه من غير الضروري أن تتضمن المقدمة تحديد لنطاق الدراسة‪.‬‬
‫سادساً‪ :‬منهجية البحث‪:‬‬
‫تعتبر منهجية البحث من البيانات األساسية التي يتعين وجودها في مقدمة البحث‪.‬‬
‫فمنهج البحث الذي سيستعين به الباحث في عالج موضوع دراسته يعد بمثابة المطية التي‬
‫ستعينه على الوصول إلى غايته‪ .‬وبالتالي يتعين على الباحث أن ينتقي الوسيلة المناسبة‬
‫والمنهج الفعال لتحقيق ما يربو إليه‪ .‬ومن المناهج األساسية التي يستعين بها الباحث في‬
‫دراسته المنهج االستقرائي‪ ،‬والمنهج االستنباطي‪ ،‬والمنهج المقارن‪ ،‬والمنهج التاريخي‪،‬‬
‫والمنهج التحليلي واإلحصائي‪ ...‬إلخ‪ .‬وهو في الغالب ال يستعين بمنهج واحد فقط؛ بل بعدة‬
‫مناهج في ذات البحث يكمل بعضها بعضا‪ ،‬وتظل وحدة الهدف وإن تعددت المناهج‪ .‬فقد‬
‫يستعين في أحد فصول الرسالة بالمنهج التاريخي عند بحثه لنعأة وتطور الموضوع محل‬
‫البحث‪ ،‬ثم يتبعه بالمنهج االستقرائي في فصل آخر عند استعراضه لوصف وخصائص‬
‫الظاهرة‪ ،‬بينما يستعين في فصل ثالث بالمنهج التحليلي عند تقييم آثار الظاهرة محل البحث‪.‬‬
‫سابعاً‪ :‬الدراسات السابقة‪:‬‬
‫إن البحث العلمي ما هو إال تراكم معرفي‪ ،‬وهذا يقتضي من الباحث أن يبدأ من حيث‬
‫انتهي الباحثون اآلخرون في دراسة وتحليل الموضوع الذي اختاره الباحث‪ .‬فما جدوى سبر‬
‫أغوار موضوع سبق وأن خضع للدراسة والتحليل من قبل دراسات وأبحاث سابقة‪ .‬لهذا على‬
‫الباحث أن يقف على ما أنتجته قرائح الباحثين والنظر والتمعن فيها؛ للوقوف على ما إذا‬
‫كانت ثمة لبنة تحتاج إلى وضعها في هذا البناء أم أن البناء قد اكتمل وال يعوزه شيء جديد‪.‬‬
‫وحينما يستعرض الباحث للدراسات السابقة‪ ،‬عليه أن يبين وبوضح أوجه التميز بين‬

‫‪104‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫دراسته وتلك الدراسات؛ حيث إن ذلك األمر هو الذي سيكعف للقارئ وكذلك للباحث ما‬
‫يتعين عليه إضافته ليصبح بحثه ممي اًز وليس تك ار اًر لدراسات أخرى‪.‬‬
‫ثامناً‪ :‬خطة الدراسة‪:‬‬
‫نقصد بخطة الدراسة التصور األولي لتقسيم موضوعات البحث‪ ،‬فهي بمثابة تصميم‬
‫هندسي لبناء تمثل األبواب والفصول أعمدته بينما يعد العرح والتحليل أثاثه وفرشه‪ .‬وبالتالي‬
‫فإن الباحث يصوغ أبواب رسالته وما يتفرع منها من فصول ومباحث ومطالب وفروع بما‬
‫يتناسب مع عنوان وإشكالية بحثه‪ ،‬حتى تستقيم الخطة مع جوهر الموضوع‪.‬‬
‫ويتعين أن تنقسم الرسالة تقسيماً جيداً سواء من حيث المضمون أو العكل(‪:)1‬‬
‫فمن حيث الموضوع‪ ،‬من الالزم أن يتناسق تقسيم البحث مع طبيعة الموضوع‪،‬‬
‫ويعكس أهم خصائصه ويجسد كل أركانه دون زيادة أو نقصان‪ .‬ومن ثم فإنه على الباحث‬
‫أن يستحضر في عقله عنوان الرسالة وهو يصوغ خطته الدراسية‪ .‬ومن المهم أن يتجنب‬
‫الباحث استنساخ خطة غيره لتكون خطته‪ ،‬فعالوة على ما في ذلك من تكرار غير مستحب‬
‫فإنه يفقد الباحث ‪ -‬وكذلك البحث ‪ -‬هويته المميزة‪ .‬وقد يستعير من غيره بعض العناوين‬
‫التي تقتضيها طبيعة الدراسة وإن كان من األفضل أن يعيد صياغتها بمرادفات أخرى‪.‬‬
‫ومن حيث الشكل‪ ،‬من الضروري تنظيم األبواب والفصول بعكل متقن ومرتب على‬
‫نحو منطقي‪ .‬فالباب األول يسلم للباب الثاني والذي بدوره يسلم للباب الثالث وهكذا‪ .‬على‬
‫سبيل المثال‪ ،‬قد يخصص الباحث الباب األول لوصف المعكلة والثاني ألسبابها والثالث‬
‫للحلول المقترحة لها‪.‬‬
‫ومن المناسب أن يتضمن تقسيم الدراسة إجابة على التساؤالت التي طرحها الباحث‬

‫)‪ (1‬انظر‪ :‬د‪ .‬عبد الباسط وفا‪" ،‬فن إعداد الرسائل والبحوث العلمية"‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫الطبعة الثانية‪ ،‬بدون تاريخ نعر‪ ،‬ص‪.35-34 .‬‬

‫‪105‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫في مقدمة بحثه‪ ،‬وكذلك تحليال لفرضيات الدراسة وتقييما لها على نحو يمهد في النهاية إلى‬
‫الحكم على صحتها من عدمه في خاتمة البحث‪.‬‬
‫وقد يثار التساؤل حول توازن خطة الدراسة‪ :‬فهل يركز الباحث على التوازن‬
‫الموضوعي أم التوازن العكلي‬
‫ونعني بالتوازن الموضوعي تبني الباحث لخطة تستمد من طبيعة الموضوع وتقتضيها‬
‫إشكاليته‪ ،‬دون التعويل كثي اًر على ضرورة أن تتساوى الفصول في الفصل األول مع نظيرتها‬
‫في بقية أبواب الرسالة‪ ،‬ودون االكتراث لحتمية أن تتساوى عدد صفحات األبواب مع بعضها‬
‫البعض‪ ،‬وصفحات الفصول مع بعضها البعض وهكذا‪.‬‬
‫وعلى النقيض من ذلك‪ ،‬فقد ينتصر البعض للتوازن العكلي على حساب التوازن‬
‫الموضوعي‪ ،‬فيحرص البعض على أن تتساوى عدد الفصول في كل باب مع غيرها في‬
‫أبواب الرسالة‪ ،‬وهكذا األمر بالنسبة للمباحث والمطالب وأيضاً عدد صفحات كل منها‪ ،‬وإن‬
‫كان ذلك يعد أم ار شاقا إن لم يكن مستحيالً‪ .‬ونرى أن ينصب اهتمام الباحث على التوازن‬
‫الموضوعي فهو جوهر البحث وعماده‪ ،‬فإن استطاع أن يحقق التوازن العكلي جنباً إلى‬
‫جنب مع التوازن الموضوعي فسيكون أم اًر رائعا يستحق اإلشادة‪ ،‬وإن عجز عن ذلك فذاك‬
‫سنة هللا في خلقه فليس هناك كمال لبعر‪ .‬ومع ذلك فإن ذلك ال يعني أن يهمل الباحث‬
‫التوازن العكلي بصورة كاملة؛ بل عليه أن يجتهد في أن يحقق التوازن بعقيه‪ ،‬وليس من‬
‫المتصور أن نجد باباً من أبواب الرسالة قد تجاوزت صفحاته المائة بينما ال يتجاوز عدد‬
‫صفحات باب آخر الخمسين صفحة‪ ،‬فهو خلل شكلي واضح يعتور الرسالة‪.‬‬
‫وقد يتساءل البعض عن وقت كتابة المقدمة‪ :‬أيكون بذات ترتيب الرسالة (أي عند‬
‫البدء في كتابة الرسالة) أم عند الختام واالنتهاء من إعداد الرسالة؟‬
‫المقدمة هي جزء هام من الرسالة تتضمن – كما سبق أن ذكرنا – رؤية الباحث لما‬

‫‪106‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫سوف يقدمه في رسالته‪ ،‬ومن المتوقع أن يعود الباحث إلعادة تنقيح وصياغة المقدمة في‬
‫ضوء ما سيتكعف له من خالل إعداده للبحث‪ .‬فهي بمثابة عودة إلى الماضي بعد استعراف‬
‫المستقبل‪ .‬والباحث أثناء إعداده لمعروعه البحثي يعد في ذات الوقت مقدمة تمهيدية لرسالته‬
‫فكل منهما – أي المقدمة والمعروع البحثي – يتضمنان بيانات متعابهة‪ ،‬وبالتالي فإن‬
‫المعروع البحثي ما هو إال مقدمة تمهيدية عرضة للتعديل والتنقيح في نهاية البحث على‬
‫حسب الظروف واألحوال‪.‬‬

‫المطلب الثاني‬
‫محتوى البحث‬

‫يقصد بالمحتوى جوهر البحث‪ ،‬والذي يتضمن العروحات العلمية للبحث وتقسيماته‬
‫واألفكار والتحليل والنقد والتقييم والنتائج والتوصيات التي يقدمها الباحث في نهاية رحلة‬
‫البحث‪.‬‬
‫ولقد جرى العمل في األدبيات العلمية على تقسيم البحث إلى أجزاء محددة تكون‬
‫متسقة فيما بينها‪ ،‬تتكامل مع بعضها البعض لتمثل في النهاية جسد البحث وجوهره‪ .‬ويختلف‬
‫هذا التقسيم على حسب طبيعة البحث‪ .‬فحينما نكون بصدد بحث لغرض نعره في دورية‬
‫محكمة يكون من المناسب تقسيم هذا البحث إلى عدة مباحث وفقاً لطبيعة المضمون‪ ،‬ثم‬
‫يقسم كل مبحث إلى مطالب‪ ،‬وبدورها تقسم المطالب إلى فروع‪ .‬أما في حالة رسالة‬
‫الماجستير فإنه يكون من األفضل أن يتم تقسيمها إلى فصول ومباحث ومطالب‪ .‬أما في‬
‫حالة رسائل الدكتوراه‪ ،‬فقد اعتادت األعراف الجامعية على تقسيمها إلى أقسام‪ ،‬ثم تقسم‬
‫األقسام إلى أبواب‪ ،‬واألبواب إلى فصول‪ ،‬والفصول إلى مباحث ومطالب وفروع‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن شكل تقسيم الرسالة إلى أقسام أو أبواب أو فصول يختلف من‬

‫‪107‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫مدرسة علمية إلى مدرسة أخرى‪ ،‬فالوضع في المدرسة الالتينية يختلف عنه في المدرسة‬
‫األنجلوسكسونية؛ فالتقاليد واألعراف العلمية غالباً ما تلقي بظاللها على شكل ومضمون‬
‫الرسالة أو البحث العلمي بصورة عامة‪.‬‬
‫ويتعين على الباحث عند قيامه بهذا التقسيم أن يراعي مجموعة من الضوابط‬
‫واالعتبارات(‪:)1‬‬
‫أوالً‪ :‬التسلسل المنطقي‪ :‬ويقتضي هذا األمر أن تأخذ الموضوعات برقاب بعضها‪،‬‬
‫وأن يؤدي أولها إلى ما يعقبها فيكون تتمة له وفقاً للسياق المنطقي للموضوع‪ .‬فعلى سبيل‬
‫المثال‪ ،‬لو أن الباحث يعالج موضوع البطالة في مصر‪ ،‬فإنه سيكون من المنطقي أن‬
‫يخصص الفصل األول لتعريف البطالة وصورها‪ ،‬بينما يخصص الفصل الثاني للحديث‬
‫عن أسباب البطالة‪ ،‬ويسلط الضوء في الفصل الثالث على آثار البطالة‪ ،‬ثم يختمها في‬
‫الفصل الرابع بالحديث عن عالج معكلة البطالة‪ .‬ويتم مراعاة ذات االعتبار في التقسيم‬
‫الفرعي لألبواب والفصول والمباحث والفروع‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة أيضاً إلى أهمية وضع توطئة أو تمهيد عقب العنوان الرئيس للباب‬
‫أو الفصل أو المبحث أو المطلب أو حتى الفرع‪ ،‬فليس من المقبول أن يعقب الباحث العنوان‬
‫بتقسيم مباشر للباب أو للفصل‪ ....‬إلخ‪ .‬في تلك التوطئة يمهد الباحث ذهن القارئ لما هو‬
‫مقبل عليه‪ ،‬خاتماً هذا التمهيد بالتقسيم الفرعي للباب أو للفصل أو غيرها‪.‬‬
‫من ناحية أخرى‪ ،‬فإنه من المناسب أيضاً أن ينهي الباحث كل باب وفصل ومبحث‬
‫بخالصة له وذلك بصورة موجزة‪ .‬ولهذه الخالصة أهمية كبيرة‪ ،‬فمن ناحية تعطي الخالصة‬
‫مؤش اًر للباحث بما أنجزه في هذا الجزء من الرسالة‪ ،‬وبالتالي سيقف على حقيقة ما إذا كان‬

‫)‪ (1‬انظر ‪ :‬د‪ .‬أحمد عبد الكريم سالمة‪ ،‬األصول المنهجية إلعداد البحوث العلمية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.‬‬
‫‪.79-76‬‬

‫‪108‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫قد أجاب على تساؤالت الرسالة التي طرحها في المقدمة بالنسبة لما يخص هذا الجزء من‬
‫عدمه‪ .‬ومن ناحية ثانية‪ ،‬فإن هذه الخالصة ستعين الباحث على حسن صياغة نتائج‬
‫وتوصيات الدراسة في خاتمة البحث دون أن يتجعم عبء القراءة والبحث في أنحاء الرسالة‬
‫لوضع خاتمة مناسبة‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬حسن اختيار العناوين‪ :‬من الضروري أيضاً أن يهتم الباحث باختيار عناوين‬
‫األبواب والفصول والمباحث والمطالب على نحو متناسق مع عنوان الرسالة‪ .‬فيجب صياغة‬
‫العنوان بصورة واضحة وموجزة‪ ،‬وأن يكون مفهوماً بعيداً عن الغموض‪ .‬كذلك يجب على‬
‫العناوين الفرعية أن تكون مستغرقة ومعمولة في عنوان الباب أو الفصل‪ ،‬سواء أكان ذلك‬
‫بطريقة صريحة أم ضمنية‪ .‬وعلى الباحث أن يحافظ على هذا التناسق بين العناوين على‬
‫نحو دقيق‪.‬‬
‫كما يتعين على الباحث أيضاً أن يتجنب تكرار العناوين‪ ،‬فال يجوز أن يكون عنوان‬
‫المبحث متطابقاً مع عنوان الفصل‪ ،‬كما ال يجوز أن يكون عنوان الفصل مماثالً لعنوان‬
‫البحث‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬الحفاظ على التوازن والتماثل في التقسيم‪ :‬على الباحث ‪ -‬وهو يعالج موضوع‬
‫بحثه ويضع تقسيمات وتبويب خطته ‪ -‬أن يراعي بقدر اإلمكان التوازن في التقسيم لتجنب‬
‫الخلل غير المرغوب‪ .‬والتوازن يكون بين عدد الصفحات في كل باب من األبواب‪ ،‬وبين‬
‫الفصول في كل باب‪ ،‬وبين المباحث في كل فصل‪ ،‬وبين المطالب في كل مبحث‪ ،‬وبين‬
‫الفروع في كل مطلب‪ .‬وال نعني بالتوازن هنا التساوي المطلق في عدد الصفحات‪ ،‬بل يكفي‬
‫أن يكون هناك تقارب بين عدد الصفحات سواء بين األبواب بعضها مع بعض‪ ،‬وكذلك‬
‫األمر بالنسبة للفصول المكونة منها األبواب والمباحث التي تتكون منها الفصول‪.‬‬
‫ويتوقف تحقيق التوازن في التقسيم على عدة عوامل؛ من بينها نوع وكمية المعلومات‬

‫‪109‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫التي يتحصل عليها الباحث‪ ،‬وقدرته على تغطية كافة جوانب موضوع بحثه‪ ،‬وقدرته على‬
‫التفكير والتحليل واإلبداع واالبتكار في استخراج أفكار جديدة‪ ،‬باإلضافة إلى خبرته المكتسبة‬
‫من أبحاثه السابقة‪ ،‬ومن قراءاته الكثيفة والمتنوعة‪ ،‬ومن الدراسات السابقة‪.‬‬
‫رابعاً‪ :‬األصالة والتجديد‪ :‬على الباحث أن يتأنى ‪ -‬عند عمل تقسيم رسالته ‪ -‬ليضيف‬
‫بعدا جديداً ومبتك اًر للتقسيم وينأى بنفسه عن التكرار‪ ،‬فعلى الباحث أن يكون مبدعاً في‬
‫تقسيم رسالته حتى ولو كان موضوع بحثه تقليدياً في أجزاء منه‪ .‬فما الجدوى من تبني‬
‫الباحث لخطة بحثية مكررة !! أين ستكون القيمة المضافة لهذا البحث ! إن أصالة التبويب‬
‫والتقسيم تعد داللة على كفاءة الباحث وهويته المميزة واستقاللية تفكيره‪ ،‬عالوة على أنها‬
‫تضفي على المادة العلمية رونقاً وقيمة تلحظها عين القارئ المتمرس من الوهلة األولى‪ .‬زد‬
‫على ما سبق‪ ،‬أن جدية التبويب والتقسيم قد تغطي على نقائص أخرى اعتورت موضوع‬
‫الرسالة؛ كعدم حداثة الموضوع مثال‪.‬‬

‫المطلب الثالث‬
‫خاتمة البحث‬

‫خاتمة الدراسة هي الكلمة األخيرة للباحث في موضوع بحثه‪ ،‬يجيب فيها على‬
‫التساؤالت التي طرحها في المقدمة‪ ،‬ويبرز فيها نتائج دراسته للفروض التي عرضها‪ ،‬ويبين‬
‫مدى صحتها من عدمه وفقاً ألدوات التحليل التي استخدمها‪ .‬باختصار‪ ،‬الخاتمة هي نهاية‬
‫الطريق في البحث العلمي‪.‬‬
‫ولقد استقرت األدبيات العلمية على أن الخاتمة تتكون من ثالثة عناصر‪ :‬ملخص‬
‫لموضوع الدراسة‪ ،‬والنتائج التي توصل إليها الباحث‪ ،‬والتوصيات التي يقترحها لعالج إشكالية‬
‫البحث‪.‬‬

‫‪110‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫أوالً‪ :‬ملخص موضوع الدراسة‪ :‬ويعرض من خالله الباحث – وبصورة موجزة – ألهم‬
‫العناصر والتقسيمات والمحاور التي تناولها في بحثه‪ ،‬دون أن يبدو هذا العرض الملخص‬
‫كأنه تكرار لخطة البحث والتقسيم الرئيس للرسالة‪ ،‬فعلى الباحث أن يكون مبدعاً في العرض‬
‫دون تكرار ممل‪ .‬ويّفضل أال يتجاوز ملخص الرسالة صفحة واحدة‪ ،‬وأن تعطي القارئ فكرة‬
‫عامة عن موضوع الدراسة دون أن يقتضي ذلك قيامه بقراءة الرسالة كاملة‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬نتائج الدراسة‪ :‬وهنا يعرض الباحث ألهم ما توصل إليه من مخرجات علمية‬
‫واستنتاجات‪ ،‬من خالل الدراسة والتحليل والنقد وربط المقدمات بالنظريات القائمة وتأييدها‬
‫باألدلة والقرائن المختلفة‪ .‬والتي تمثل إجابات على تساؤالت رسالته وتوضيح إلشكاليتها‪.‬‬
‫ومن الالزم ترتيب هذه النتائج وفقا لترتيب التقسيم الذي طبقه الباحث في رسالته‪ ،‬فتكون‬
‫النتيجة األولى مرتبطة بما ورد من شرح وتحليل في الفصل األول‪ ،‬وهكذا بالنسبة لبقية‬
‫الفصول‪ .‬كذلك من المتوقع أن تتضمن النتائج إجابات على مدى صحة أو خطأ الفروض‬
‫التي طرحها الباحث في مقدمة الرسالة أو البحث؛ ليحقق الربط بين المقدمة والخاتمة وما‬
‫بينهما من شرح ودراسة وتحليل‪.‬‬
‫باإلضافة إلى ما سبق‪ ،‬فإنه من المناسب أن يذكر الباحث أيضاً هذه النتائج بإيجاز‬
‫دون إسهاب‪ ،‬وأن يكون عدد هذه النتائج معقوالً وأال تنطوي على شرح تفصيلي(‪.)1‬‬
‫ومن المتوقع أن تحتوي النتائج على حل إلشكالية الدراسة‪ ،‬أو تصحيح لمفهوم خاطئ‪،‬‬
‫أو تفسير لظاهرة‪ ،‬أو إظهار لعوار في تطبيق القانون في الواقع العملي‪ ،‬أو إبراز لتناقض‬
‫في النصوص القانونية‪ ،‬أو وضع تصور عام لموضوع متفرق(‪.)2‬‬
‫ثالثاً‪ :‬التوصيات‪ :‬وهي عبارة عن المقترحات التي يقدمها الباحث من أجل وضع‬

‫)‪ (1‬انظر ‪ :‬د‪ .‬عبد الباسط وفا‪ ،‬فن إعداد الرسائل والبحوث العلمية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.102 .‬‬
‫)‪ (2‬انظر‪ :‬د‪ .‬وائل عالم‪ ،‬مناهج البحث القانوني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.199 .‬‬

‫‪111‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫حلول عملية وواقعية وقابلة للتطبيق لإلشكالية التي طرحها في مقدمة بحثه وللتساؤالت‬
‫المنبثقة منها‪ .‬ومن المناسب أن يربط الباحث بين نتائج الدراسة والتوصيات التي يقترحها‪.‬‬
‫فمثالً إذا عرض في النتائج لوجود فراغ تعريعي في تنظيم واقعة معينة‪ ،‬فإنه يلزم عليه بأن‬
‫يقدم في توصياته نصاً تعريعياً يعالج به هذا النقصان‪ ،‬وال يكتفي بالقول بأن على المعرع‬
‫أن يتدخل لسد الثغرة التعريعية‪ .‬كما يتعين أيضاً أن تكون التوصيات قابلة للتطبيق‪ ،‬فما‬
‫جدوى مقترحات نظرية ال تغني وال تسمن وتظل حبيسة الخيال‪ .‬من المهم أيضاً أن يكون‬
‫عدد التوصيات قليلة‪ ،‬وأن تكون متناسقة مع عدد النتائج بقدر اإلمكان‪.‬‬
‫عالوة على ما سبق‪ ،‬فإنه من المالئم أن يبرز الباحث بعض األفكار التي تحتاج‬
‫إلى دراسة أكثر عمقاً ولم يتناولها في دراسته؛ إما لندرة المراجع وإما لكونها ال تتعلق بصورة‬
‫مباشرة بموضوع بحثه‪ ،‬وهنا يحسب للباحث أنه يفتح الطريق أمام غيره من الباحثين للولوج‬
‫في عمل علمي جديد ليستكمل به البناء‪.‬‬
‫عودا على بدء‪ ،‬فإن الباحث يمكن له االستعانة بملخصات األبواب والفصول‬
‫والمباحث في صياغة خاتمة الرسالة‪ ،‬ولكن بصياغة مختلفة وبمفردات جديدة تتجن التكرار‪.‬‬

‫المطلب الرابع‬
‫مالحق ومراجع البحث‬

‫أوالً‪ :‬مالحق البحث‪:‬‬


‫بعد وضع الباحث لخاتمة بحثه يعقبها في الترتيب بمالحق البحث إذا استدعى األمر‬
‫ذلك‪ .‬فقد تقتضي الضرورة أن يفرد الباحث صفحات محددة لإلسهاب في موضوع ال يرتبط‬
‫بصورة مباشرة مع موضوع بحثه؛ ومن ثم لم يتم إدراجه في متن الرسالة‪ ،‬ألنه لو فعل لقطع‬
‫تسلسل األفكار الضروري بصفحات هامعية تعوق االنسياب الطبيعي والتواتر المنطقي‬

‫‪112‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫لألفكار الجوهرية لموضوع البحث‪ .‬كما أنه من غير المناسب وضع صفحات طويلة في‬
‫حاشية البحث؛ حيث إن ذلك يتعارض مع الوظيفة التي تقوم بها‪.‬‬
‫وتتضمن المالحق تعريعات قانونية‪ ،‬وجداول‪ ،‬وإحصائيات‪ ،‬وتقارير‪ ،‬ووثائق‪،‬‬
‫واتفاقات‪ ،‬مما يعني أنها بمثابة سجل إداري للبحث أو أرشيف يتم إدراجه بعد الخاتمة(‪.)1‬‬
‫ثانياً‪ :‬مراجع البحث‪:‬‬
‫نعني بمراجع البحث المصادر العربية واألجنبية من كتب عامة ومتخصصة‪ ،‬ودوريات‬
‫علمية‪ ،‬ورسائل‪ ،‬وأحكام قضائية‪ ،‬وغيرها مما يستعين بها الباحث في إنجاز رسالته أو‬
‫‪2‬‬
‫اء وقوةً كلما كثرت المراجع وتنوعت‪ ،‬وكانت حديثة بالقدر الكافي‪.‬‬
‫بحثه( )‪ .‬ويزداد البحث ثر ً‬
‫وعند توثيق المرجع فإنه يتعين ذكر اسم المؤلف ولقبه‪ ،‬وعنوان المرجع‪ ،‬ودار النعر‪،‬‬
‫ومكان النعر‪ ،‬وسنة النعر‪ ،‬ورقم الطبعة‪ ،‬ورقم الصفحة‪ .‬وذلك كله على النحو الذي سيرد‬
‫تفصيله في صفحات مقبلة‪.‬‬

‫)‪ (1‬انظر ‪ :‬د‪ .‬محمد شفيق‪" ،‬البحث العلمي‪ :‬الخطوات المنهجية إلعداد البحوث االجتماعية‪ ،‬مرجع‬
‫مذكور عند د‪ .‬عبد الباسط وفا‪ ،‬مرجع سابق ص‪.104 .‬‬
‫)‪ (2‬انظر في تفصيل ذلك‪ :‬د‪ .‬حسن حسين البراوي "مبادئ البحث القانوني"‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬دار النهضة‬
‫العربية‪ ،‬القاهرة‪.2001 ،‬‬

‫‪113‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫المبحث الثاني‬
‫مراحل إعداد البحث العلمي‬

‫لقد عرضنا في المبحث السابق لهيكل البحث العلمي سواء في شكله المبسط (بحث‬
‫لنعره في دورية علمية‪ ،‬أم رسالة ماجستير‪ ،‬أم رسالة دكتوراه)‪ .‬وفي هذا المبحث سنعني‬
‫بالمراحل التي يمر بها البحث العلمي‪ ،‬منذ اختيار الباحث لموضوع بحثه‪ ،‬ومرو اًر بمرحلة‬
‫إعداد خطة البحث وعرضها في السيمينار‪ ،‬ثم جمع المادة العلمية والبيانات وتصنيفها‪،‬‬
‫وصوالً إلى المرحلة األخيرة والمتمثلة في كتابة وطباعة البحث تمهيداً للمناقعة‪ .‬وسنعرض‬
‫لهذه المراحل المختلفة من خالل أربعة مطالب على النحو التالي‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬اختيار موضوع البحث‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬إعداد خطة البحث وعرضها في حلقة نقاشية‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬جمع المادة العلمية والبيانات وتصنيفها‪.‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬كتابة وطباعة البحث‪.‬‬

‫المطلب األول‬
‫اختيار موضوع البحث‬

‫يعد اختيار موضوع البحث اللبنة األولى في بناء الهيكل البحثي‪ ،‬أو بعبارة أخرى‬
‫الخطوة األولى التي يتوقف عليها طريق البحث العلمي الذي سيسلكه الباحث لمدة ليست‬
‫بالقصيرة‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فإنه كلما أحسن الباحث اختيار الموضوع وأتقنه كلما كان ذلك أم اًر‬
‫جيداً‪ ،‬فثمة أبحاث تظل عالمة فارقة بين األدبيات العلمية ألن موضوعها اختير بعناية‪.‬‬

‫‪114‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫ويثور التساؤل عن مالمح الموضوع الجيد وسبل اختياره وهوية من يختاره‪.‬‬


‫أوالً‪ :‬من الذي يختار موضوع البحث؟‬
‫ال شك أن اختيار موضوع البحث تقع مسئوليته في المقام األول على الباحث‪ ،‬سواء‬
‫أكان هذا االختيار قد تم من قريحة الباحث ذاته أم اقتنع به بعد أن رشحه له شخص آخر‪.‬‬
‫ففي جميع األحوال يلزم أن يكون الباحث على قناعة تامة بموضوع بحثه‪.‬‬
‫وإذا كانت القاعدة العامة أن الباحث يكون ح اًر في اختيار موضوع بحثه‪ ،‬أو فيما‬
‫يسمى بالبحوث الحرة التي يقوم الباحث بإعدادها رغبة منه في البحث والدراسة ودون إكراه‬
‫من أحد‪ ،‬إال أن األمر ال يسير على ذات المنوال في جميع األحيان‪ .‬ففي حاالت معينة قد‬
‫يجد الباحث نفسه مضط ار الختيار موضوع بعينه‪ ،‬أو االختيار بين عدة موضوعات محددة‬
‫في إطار الخطة البحثية للقسم أو للمؤسسة العلمية التي سيعد بحثه أو رسالته من خاللها(‪.)1‬‬
‫وقد يلجأ الباحث إلى معرفه ليعينه على اختيار موضوع بحثه‪ ،‬وهو أمر قد ال يرجحه‬
‫البعض؛ خعية عدم تناسب هذا الموضوع والقدرات العلمية للباحث‪ ،‬أو عدم توافقه مع ميول‬
‫إرضاء لمعرفه فيحيا‬
‫ً‬ ‫الباحث‪ ،‬أو خعية التحرج من المعرف فيقبله الباحث على مضض‬
‫تعيساً كمن تزوج رغماً عنه‪ .‬فالمرجح إذاً أن يختار الباحث موضوع البحث‪ ،‬ثم يعرضه‬
‫على معرفه في مرحلة تالية للنقاش حول جدواه وأهميته‪ ،‬مستفيداً من الخبرات العلمية‬
‫المتراكمة لديه في هذا الخصوص‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬الخطوة األولى الختيار موضوع البحث‪:‬‬
‫إن اختيار الموضوع يحتاج إلى حكمة وصبر وتأني من قبل الباحث‪ ،‬حتى يكون‬
‫اختياره للموضوع مناسباً وجدي اًر بأن يفرد له الباحث الوقت والمال والجهد‪ .‬وال شك أن اختيار‬

‫)‪ (1‬انظر في تفصيل ذلك‪ :‬د‪ .‬أحمد عبد الكريم سالمة‪" ،‬األصول المنهجية إلعداد البحوث العلمية"‪،‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص‪.63-62 .‬‬

‫‪115‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫الموضوع يفترض قيام الباحث باالطالع على أمهات الكتب والم ارجع في التخصص الذي‬
‫يرغب في إعداد بحثه فيه‪ ،‬وأن يستفيض في القراءة في هذا التخصص؛ إذ كيف يمكن‬
‫للباحث أن يختار موضوعاً دون أن يكون ملماً بجوهر وأساسيات التخصص المراد البحث‬
‫فيه‪.‬‬
‫فالباحث يتعين عليه أن يق أر في الكتب الدراسية التي تعرض للنظريات والقواعد العامة‬
‫للتخصص‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬من يرغب في إعداد رسالة دكتو اره في موضوع "الضريبة‬
‫على الدخل" يلزم عليه بأن يق أر في نظرية الضريبة وقواعدها العامة والتعريعات الضريبية‬
‫في مصر قبل أن يختار موضوع بحثه‪ .‬والقول بغير ذلك قد يدفع الباحث إلى اختيار‬
‫موضوع سطحي قد يضيق أو يتسع عن المطلوب وفقاً لمعايير البحث العلمي‪ ،‬وقد يختار‬
‫موضوع سبق وأن تواترت عليه األقالم والمؤلفين فيضيق عليه قدر ما سيضيفه إلى المكتبة‬
‫العلمية‪.‬‬
‫وقد تلتقي سعة اطالع الباحث مع الخبرات التراكمية التي اكتسبها من محيط عمله‬
‫فيوحي له بموضوع بحث مهم‪ ،‬وتكون بمثابة اإللهام له‪ ،‬ليعرع في بلورة هذا الموضوع‬
‫ويثريه بالقراءة واالطالع فيصبح قابالً ألن يودع في رحم البحث والتحليل‪.‬‬
‫إن القراءة الكثيفة والخبرات العملية هما العنصران األساسيان اللذان يعينان الباحث‬
‫على تحسس المعكالت والقضايا الهامة التي تصلح ألن تكون موضوعاً لبحثه العلمي‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬معايير واعتبارات اختيار الموضوع الجيد للبحث‪:‬‬
‫من الضروري على الباحث عند اختياره لموضوع بحثه أن يهتدي بعدة معايير أو‬
‫اعتبارات قد تساعده على إنجاز مهمة االختيار على خير وجه يبتغيه‪.‬‬
‫‪ -1‬طبيعة البحث‪ :‬على الباحث أن يختار موضوعاً يتناسب مع الدرجة العلمية التي‬

‫يرغب في الحصول عليها‪ .‬فموضوع البحث يختلف بحسب ما إذا كان موضوعاً‬

‫‪116‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫لبحث في دبلومة من دبلومات القانون‪ ،‬أو موضوعاً لرسالة ماجستير‪ ،‬أو‬


‫موضوعاً ألطروحة دكتوراه‪ ،‬فالموضوع الذي يصلح ألن يكون بحثاً في الماجستير‬
‫قد ال يصلح بالضرورة أن يكون موضوعاً للدكتوراه‪ .‬وال شك أن المعرف له دور‬
‫كبير في توجيه الطالب عند اختيار موضوع بحثه؛ نظ اًر لخبرته الواسعة في‬
‫التخصص‪ ،‬وكذلك خبرته المكتسبة من اإلشراف على الرسائل العلمية‪ .‬ودور‬
‫المعرف هنا ليس سلطوياً بل استعارياً‪ ،‬هدفه إعانة صغار الباحثين ومساعدتهم‬
‫على حسن اختيار الموضوع لنقص خبرتهم العلمية والفنية‪.‬‬
‫‪ -2‬أهمية الموضوع‪ :‬على الباحث أن يحرص على أن يكون لموضوع بحثه أهمية‬
‫معقولة تبرر ما سيبذله من وقت وجهد ومال في سبيل إعداده‪ .‬وعليه أال يكون‬
‫مبعثه على إنجازه هو مجرد الحصول على شهادة في الدراسات العليا يتباهى‬
‫بها وسط أقرانه‪ .‬ولكن متى يعتبر موضوع البحث هاماً فيلجه الباحث يكون‬
‫الموضوع هاماً حينما يمثل إضافة علمية إلى الفقه القانوني في مسألة معينة‪،‬‬
‫وهنا تكون األهمية نظرية خالصة‪ .‬كما أن هذه األهمية قد تتجسد في مساهمة‬
‫الموضوع في حل إشكالية عملية؛ كأن يلفت االنتباه إلى وجود فراغ تعريعي‬
‫لمسألة معينة فيسهم باقتراح تنظيم قانوني لها‪ ،‬وهنا تكون األهمية عملية‪ .‬وقد‬
‫تكون أهمية الموضوع نظرية وعملية في ذات الوقت؛ كونه يسهم في وضع حلول‬
‫لمعاكل عملية باإلضافة إلى مساهمته في تطوير الفقه القانوني في الموضوع‬
‫المعني(‪.)1‬‬
‫‪ -3‬قدرات الباحث العلمية والمادية‪ :‬يتعين على الباحث اختيار موضوع يتناسب مع‬

‫)‪ (1‬انظر في عناصر اختيار الموضوع الجيد‪ :‬على ضوي‪" ،‬منهجية البحث القانوني"‪ ،‬منعورات مجمع‬
‫الفاتح للجامعات‪ ،‬ليبيا‪ ،1989 ،‬ص‪.20-15 .‬‬

‫‪117‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫إمكانياته وقدراته العلمية والمادية‪ .‬ويقصد بالقدرات العلمية‪ :‬المهارات البحثية‬


‫والمعرفية المتعلقة بتخصص معين‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬ال ينبغي للباحث أن يعد‬
‫دراسة مقارنة بالفقه اإلسالمي وهو يفتقد لفهم األصول العرعية وكيفية تخريج‬
‫األحاديث العريفة وأحكام القياس وغيرها من أدوات البحث في الفقه اإلسالمي‪،‬‬
‫فخير له في مثل هذه الحالة أن يقصر دراسته على مجال المقارنة بين المدارس‬
‫الوضعية فحسب‪ ،‬دون أن يمدها إلى الفقه اإلسالمي‪ .‬كما أن عدم معرفة الباحث‬
‫باللغات األجنبية قد تحرمه من االطالع على أحدث التطورات األجنبية في هذا‬
‫الموضوع ومن ثم يضحى عمله منقوصاً‪ ،‬فقد أصبحت اللغة العربية هي لغة‬
‫الكتابة بينما اللغات األجنبية هي لغات االطالع األساسية(‪.)1‬‬
‫عالوة على ما سبق‪ ،‬فإن الباحث البد وأن تتوافر لديه اإلمكانيات المادية لإلنفاق‬
‫على بحثه من كتب ومراجع ودوريات وتصوير وانتقاالت بين المكتبات والسفر‬
‫للخارج متى استدعى األمر ذلك‪ .‬وعلى الرغم من أن شبكة اإلنترنت قد وفرت‬
‫للباحث مكنة االطالع على أحدث المراجع العلمية‪ ،‬إال أن النفاذ إلي غالبيتها‬
‫ليس مجاناً؛ بل يحتاج إلى دفع مبالغ نقدية تتفاوت قيمتها بحسب المراجع‬
‫المطلوب االطالع عليها‪.‬‬
‫‪ -4‬مهنة أو عمل الباحث‪ :‬قد يكون لعمل الباحث أو مهنته تأثي ار كبي اًر في تحديد‬
‫طبيعة موضوع البحث‪ .‬فالباحث الذي يعمل في السلك القضائي أو في مهنة‬
‫المحاماة قد تواجهه معكالت قانونية عملية أثناء ممارسته لهذه المهنة وتوحي له‬
‫بموضوع هام يصلح ألن يكون نواة لبحث علمي محكم يسهم من خالله بإيجاد‬

‫‪ (1‬نظر في تفصيل ذلك‪ :‬د‪ .‬عبد الباسط وفا‪" ،‬فن إعداد الرسائل والبحوث العلمية"‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.‬‬
‫‪.26-24‬‬

‫‪118‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫حلول لتلك المعكالت‪ .‬لهذا أحياناً ما يغلب الجانب النظري على الجانب التطبيقي‬
‫بالنسبة للباحثين المنتسبين إلى الجامعة والمعاهد البحثية‪ ،‬بينما يغلب الجانب‬
‫التطبيقي على الباحثين من خارج الجامعة بحكم اتصالهم أكثر بالواقع العملي‪.‬‬
‫‪ -5‬حداثة الموضوع وجديته‪ :‬من المهم بمكان أن يكون موضوع البحث على قدر‬
‫كبير من الحداثة والتطور‪ .‬فالتطورات الحديثة في مجال التكنولوجيا والتحضر‬
‫تلقي بظاللها على البحث العلمي بما يخلقه من تحديات وصعاب وما يفرضه‬
‫من متطلبات تستدعي وجود نظم قانونية تحكم الظواهر الحديثة‪ .‬فعلى سبيل‬
‫المثال‪ ،‬ظهور النقود اإللكترونية يقتضي دراسة وتحليل أثرها على السياسات‬
‫النقدية ودور المصارف المركزية في مواجهتها‪ ،‬كما يمكن النظر إليها من وجهة‬
‫نظر جنائية للبحث في دورها في جرائم غسل األموال‪.‬‬
‫ويرتبط حداثة الموضوع وجديته بقدرته على أن يمثل إضافة للتخصص المعني‪.‬‬
‫إن البحث العلمي يعد قيمة مضافة في الهرم البحثي والعلمي ألي تخصص‪.‬‬
‫لهذا فإن الباحث الجاد يبدأ من حيث انتهى اآلخرون في هذا الموضوع ليستكمل‬
‫بنائه العلمي ويحقق ما يسمى بالتراكم المعرفي‪ ،‬فكل باحث يضيف لبنة في‬
‫صرح التخصص‪ .‬ومع ذلك فإن هذا ال يعني بالضرورة أن البحث في أي موضوع‬
‫قديم ال يصلح ألن يكون موضوع لبحث علمي‪ ،‬حيث إن التطورات الحديثة قد‬
‫تضفي أهمية كبيرة على موضوع تقليدي يستدعي بحث أثر هذا التطور عليه‪.‬‬
‫مثل التوقيع اإللكتروني ومدى اعتباره كأحد أدلة اإلثبات‪.‬‬
‫‪ -6‬وفرة المراجع في الموضوع‪ :‬قد يكون لوفرة المراجع دور مؤثر في تحديد موضوع‬
‫البحث‪ .‬فبعض الباحثين يميلون إلى اختيار موضوعات لها وفرة من المراجع‬
‫خعية الخوف من عدم استكمال البحث لندرة المراجع‪ ،‬في حين أن البعض قد‬

‫‪119‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫يعتبر أن اختيار موضوع له مراجع كثيرة بمثابة إفالس علمي‪ ،‬فكثرة المراجع في‬
‫الموضوع قد يغدو دليال على أنه كان محال للبحث والدراسة لععرات الرسائل‪،‬‬
‫فما الجديد الذي يمكن أن يسهم به الباحث في هذا الموضوع ! لهذا من األصلح‬
‫للباحث أن يختار موضوعاً ال تتسم مراجعه بالغ ازرة‪ ،‬حتى ال يجد نفسه مكر ار‬
‫لمن سبقه في درب البحث العلمي‪ .‬كما أنه ال يعد من الفطنة كذلك اختيار‬
‫موضوع عديم المراجع أو يستعصي عليه الحصول على مراجع فيه‪.‬‬
‫‪ -7‬موضوع يثير إشكالية‪ :‬من الالزم أن يثير موضوع الدراسة إشكالية معينة تستدعي‬
‫تسليط الضوء عليها بالبحث والتحليل‪ .‬وتتناقص أهمية الدراسة بل تنعدم إذا خال‬
‫البحث من إشكالية‪ .‬إن العقدة التي يتعين على الباحث أن يجد لها حالً تمثل‬
‫جوهر الدراسة وبؤرة أهميتها‪.‬‬

‫المطلب الثاني‬
‫إعداد خطة البحث وعرضها في حلقة نقاشية‬

‫أوالً‪ :‬إعداد خطة البحث العلمي‪:‬‬


‫بعد أن ينتهي الباحث من اختيار موضوع بحثه ينتقل إلى الخطوة التالية‪ ،‬والمتمثلة‬
‫في وضع خطة مبدئية لبحثه تتضمن عنواناً له‪ ،‬وتعريف بموضوع بحثه‪ ،‬وإشكاليته‪،‬‬
‫وتساؤالت الدراسة‪ ،‬وأهميتها‪ ،‬وفروضها‪ ،‬ومنهجية الدراسة‪ ،‬والدراسات السابقة‪ ،‬وخطة بحثية‬
‫تتضمن أهم أقسام الدراسة من أبواب وفصول ومباحث وقائمة مراجع أولية‪ ،‬وذلك على‬
‫النحو الذي سبق وأن عرضنا له في صفحات سابقة‪ .‬وتمثل هذه الخطة البحثية المعروع‬
‫التمهيدي للبحث‪ ،‬والذي يكون عرضة للتغيير والتبديل في المستقبل‪ ،‬وفقا لقراءات الباحث‬
‫وتغير الظروف المتعلقة بالموضوع‪ ،‬وكذلك ما قد يط أر من أفكار حديثة فيه خالل فترة‬

‫‪120‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫الدراسة‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أنه يتعين على الباحث االستفادة من األبحاث والرسائل الجيدة‬
‫التي سبق إعدادها في التخصص بصورة عامة‪ ،‬وفي الموضوعات المماثلة أو العبيهة‬
‫بموضوع بحثه‪ .‬إن االستعانة بالخطط البحثية للدراسات واألبحاث السابقة تعد من قبيل‬
‫السوابق العلمية والمؤشرات الناجعة في تيسير إعداد الباحث لخطة بحثه‪ ،‬حيث يمكن له‬
‫عمل توليفات وتبديالت في الخطط البحثية المختلفة للموضوعات المماثلة التي يطلع عليها‪،‬‬
‫ثم يقوم بتنقيحها وتطويرها على النحو الذي يتناسب مع طبيعة موضوعه‪ ،‬وأن يسبغ عليه‬
‫من الحداثة والجدية ما يوحي للقارئ بأن ما سيقبل على االطالع عليه هو بحث متميز‬
‫وجديد‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬عرض خطة البحث في الحلقة النقاشية‪:‬‬
‫بعد أن ينتهي الباحث من إعداد الخطة أو معروعه البحثي يقوم بعرضه على معرفه‬
‫ليحصل على موافقته عليها لوضع اللمسات األخيرة وتنقيحها على الوجه األمثل‪.‬‬
‫وعقب انتهاء المعرف من إبداء مالحظاته وقيام الباحث بعمل التعديالت الالزمة‪،‬‬
‫يقدم معروعه البحثي إلى مجلس القسم المعني ليقوم بعقد حلقة نقاشية عامة (السيمنار)‬
‫يحضرها أعضاء مجلس القسم والباحثين في التخصص وطلبة الدراسات العليا‪.‬‬
‫ويقوم الباحث في الحلقة النقاشية بعرض موجز لموضوع رسالته يتضمن مقدمة‬
‫تعريفية للموضوع‪ ،‬وإشكالية البحث‪ ،‬والتقسيم الرئيس لها‪ ،‬وأوجه تميز دراسته عن الدراسات‬
‫السابقة‪ .‬ثم يطرح رئيس القسم الذي يدير السيمنار الموضوع على مائدة المناقعة ليدلي كل‬
‫من الحاضرين برأيه؛ بهدف تحسين وتجويد الخطة البحثية وتبصير الباحث ببعض المعاكل‬
‫التي قد يواجهها أثناء إعداده لرسالته‪ ،‬باإلضافة إلى توصياتهم ومقترحاتهم بتعديل وتغيير‬

‫‪121‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫بعض العناوين والمباحث واألجزاء التي قد تبدو لبعضهم أنها غير مناسبة في سياق‬
‫الموضوع البحثي‪.‬‬
‫إن الحلقة الدرسية هي عرض مفيد وتبادل للرؤى والمناقعات من ذوي الخبرة لتطوير‬
‫وتنقيح الخطة األولية للباحث‪ ،‬وليس الهدف منها القدح والذم في الرسالة‪ ،‬وإنما الهدف‬
‫اإلصالح والتطوير وتعديل بوصلة البحث وهو مازال في بداية رحلته العلمية‪.‬‬
‫وعلى الباحث أن يعد جيدا للحلقة النقاشية وأن يق أر كثي اًر حول موضوع بحثه وأن يعي‬
‫بصورة واضحة إشكالية ومنهجية وخطة بحثه حتى يتمكن من الرد على األسئلة‬
‫واالستفسارات التي ستوجه له‪ .‬كما يتعين عليه أيضاً اإلصغاء باهتمام وتركيز لجميع اآلراء‬
‫التي تطرح‪ ،‬وتدوينها في مالحظات في دفتره لتعينه على تحسين خطته‪ ،‬بعد التوافق مع‬
‫المعرف على طبيعة ونوع التعديالت التي سيدخلها على خطته األولى‪.‬‬

‫المطلب الثالث‬
‫جمع المادة العلمية والبيانات وتصنيفها‬

‫بعد فراغ الباحث من إعداد خطة البحث يعرع في جمع مصادر وبيانات المادة العلمية‬
‫وترتيبها وفقاً لتقسيم خطته تمهيداً لمرحلة الكتابة(‪ .)1‬لهذا يضحى من الضروري أن نسلط‬
‫الضوء على هذه المرحلة الهامة من مراحل العمل البحثي‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬مصادر المادة العلمية‪:‬‬
‫ال يمكن للباحث أن يعتمد فحسب على ما تنتجه قريحته من أفكار وإبداع‪ ،‬بل يلزم‬

‫‪ (1‬انظر في تفصيل ذلك‪ :‬د‪ .‬أحمد شلبي‪" ،‬كيف تكتب بحثاً أو رسالة‪ :‬دراسة منهجية لكتابة البحوث‬
‫وإعداد رسائل الماجستير والدكتوراه"‪ ،‬مكتبة النهضة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الطبعة الرابعة والععرون‪ ،1997 ،‬ص‪.‬‬
‫‪.88-73‬‬

‫‪122‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫أن يستعين بدراسات وأبحاث اآلخرين ليتفاعل معها؛ منتقداً أحياناً ومستلهما إياها أحياناً‬
‫أخرى‪ .‬فالتراكم المعرفي في مجال التخصص أو موضوع البحث الذي سبق لآلخرين إنجازه‬
‫من األهمية بمكان‪ ،‬حيث إنه يثري دراسة المؤلف ويعيد توجيهها على نحو مثالي‪ ،‬ربما‬
‫يستكمل به ما نقص في رسالته أو يكعف من خالله ما غمض من جنبات معرفته‪.‬‬
‫وتتعدد مصادر المعلوماتية أو المادة العلمية التي يرغب الباحث في االستعانة بها‬
‫إلتمام بحثه أو رسالته‪ ،‬والتي تتضمن ما يلي(‪:)1‬‬
‫‪ -1‬المصادر والمراجع النظرية(‪ :)2‬وتتضمن‪:‬‬
‫‪ -‬الكتب‪ :‬وهي تعد المصدر أو المرجع الرئيس أو المرجع األم بعبارة أخرى‪ .‬وتتضمن‬
‫الكتب األفكار العامة المتعلقة بالموضوع وعالقته بالموضوعات األخرى‪ .‬وهذه الكتب أو‬
‫المراجع قد تكون كتبا عامة وقد تكون كتبا متخصصة‪ .‬فالكتب العامة تعتمل على القواعد‬
‫والمبادئ واألصول لعلم قانوني معين؛ مثل كتاب القانون الدولي العام أو كتاب المالية‬
‫العامة أو كتاب مصادر االلتزام‪ .‬أما بالنسبة للكتب أو المراجع المتخصصة‪ ،‬فهي الكتب‬
‫التي تتعلق بموضوع البحث سواء أكان ذلك بصورة مباشرة أم غير مباشرة‪ .‬فعلى سبيل‬
‫المثال‪ ،‬قد يرغب أحد الباحثين في إعداد بحث عن فض المنازعات التجارية وفقاً لقواعد‬
‫منظمة التجارة العالمية‪ .‬هنا يلجأ الباحث إلى الكتب العامة في مجال القانون الدولي العام‬
‫وكذلك االقتصاد الدولي‪ ،‬كما أنه سيستعين حتما بالكتب المتخصصة؛ مثل كتب عن منظمة‬

‫)‪ (1‬انظر في تفصيل أنواع المصادر‪ :‬د‪ .‬عبد القادر العيخلي‪" ،‬إعداد البحث القانوني"‪ ،‬دار محدالوي‬
‫للنعر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،‬ص‪.26-17 :‬‬
‫)‪ (2‬يميز البعض بين المصادر والمراجع حيث يعتبر األولى الوعاء الذي تنعر فيه الموضوع أو المادة‬
‫العلمية ألول مرة مثل المخطوطات والمذكرات والوثائق‪ ،‬بينما أما الثانية فهي الوعاء الذي تنعر به المادة‬
‫العلمية في وقت الحق عن زمن المصدر مثل الكتب واألبحاث‪ .‬انظر في تفصيل ذلك د‪ .‬أحمد عبد‬
‫الكريم سالمة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.84 .‬‬

‫‪123‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫التجارة العالمية وعن التجارة الدولية‪ .‬كما أن من يرغب في إعداد بحث عن العقد اإللكتروني‬
‫سيكون بحاجة إلى االستعانة بكتب عامة عن مصادر االلتزام وأخرى متخصصة في العقود‪.‬‬
‫‪ -‬الدوريات المتخصصة‪ :‬ونعني بها المجالت العلمية المحكمة‪ ،‬والتي تصدر بصورة‬
‫دورية خالل العام (لهذا سميت بالدوريات)؛ مثل مجلة العلوم القانونية واالقتصادية التي‬
‫تصدر عن كلية الحقوق جامعة عين شمس‪ ،‬أو غيرها من الدوريات العربية واألجنبية‪.‬‬
‫وتختلف هذه الدوريات عن الكتب في أنها تتضمن أبحاثاً متخصصة في مجال القانون أو‬
‫االقتصاد أو غيرها من المجاالت والعلوم األخرى‪ .‬وهذه األبحاث ال يتم نعرها بتلك الدوريات‬
‫إال بعد تحكميها واعتمادها من قبل علماء متخصصين في موضوع البحث لتصبح صالحة‬
‫للنعر بعد استيفاء معايير وشروط النعر في هذه المجلة العلمية‪ .‬وقد تتضمن هذه الدوريات‬
‫أحياناً تعليقات على األحكام القضائية أو خالصة بعض الرسائل العلمية للحاصلين على‬
‫الماجستير والدكتوراه‪ ،‬وقد تخصص بعض أعداد المجلة لنعر األبحاث التي ألقيت في‬
‫مؤتمر علمي حول موضوع محدد‪.‬‬
‫وتعد الدوريات – وبحق – أحد المصادر الرئيسة والثرية ألي باحث يرغب في اختيار‬
‫موضوع لبحثه‪ ،‬وكذلك إلتمام بحثه الذي اختاره وأعد خطته‪.‬‬
‫‪ -‬التقارير الدورية واإلحصائيات‪ :‬وهي عبارة عن بيانات ومعلومات تصدر عن‬
‫جهة أو منظمة متخصصة بصورة دورية (سنوية أو نصف أو ربع سنوية أو‬
‫شهرية) مثل التقارير السنوية والعهرية التي تصدر عن البنك المركزي‪ ،‬أو التقرير‬
‫السنوي للبنك الدولي أو صندوق النقد الدولي‪.‬‬
‫‪-2‬المصادر والمراجع العملية‪ :‬وتتضمن‪:‬‬
‫‪-‬النماذج االستبيانية‪ :‬وهي عبارة عن استمارات ونماذج تتخذ صورة أسئلة تتعلق‬
‫بموضوع البحث‪ ،‬يجيب عنها متلقو تلك االستمارات‪ ،‬ثم يتم تحليل اإلجابات الواردة على‬

‫‪124‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫التساؤالت واستخالص مجموعة من النتائج تتعلق بالبحث‪ ،‬وبالتالي يبني الباحث على‬
‫أساسها مقترحاته وتوصياته‪ .‬على سبيل المثال‪ ،‬قد يقوم أحد الباحثين بإعداد بحث عن‬
‫المعكالت التي تواجه العركات الصغيرة والمتوسطة‪ ،‬فيعمد الباحث إلى عمل دراسة‬
‫استقصائية يستعين فيها بنماذج استبيانات توزع على أصحاب هذه العركات لإلجابات على‬
‫تساؤالت تتعلق بالعقبات والصعوبات التي تواجه معروعاتهم‪ ،‬ثم يقوم الباحث بتحليل هذه‬
‫اإلجابات ويستخلص بعض النتائج المفيدة القتراح حلول عملية لمثل هذه المعكالت‪.‬‬
‫‪ -‬المقابالت الشخصية‪ :‬قد يقوم الباحث بعمل مقابالت شخصية مع المعنيين‬
‫بموضوع بحثه لكي يقف على بعض األمور والموضوعات التي قد يستعصي عليه معرفتها‬
‫من المراجع العامة والمتخصصة‪ .‬فقد يقوم الباحث بمقابلة مدراء بعض العركات أو رؤساء‬
‫بعض الهيئات القضائية للوقوف على العقبات التي تواجه عمل المحاكم االقتصادية أو‬
‫يقابل بعض العخصيات والمفاوضين لمعرفة أسباب تعثر إتمام اتفاقية معينة وهكذا‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬وسائل الوصول للمصادر والمراجع‪:‬‬
‫يمكن للباحث أن يصل إلى مصادر ومراجع بحثه من خالل عدة وسائل(‪:)1‬‬
‫‪ -1‬المكتبات‪ :‬وهي أماكن مخصصة لالطالع والبحث لما تحويه من مراجع وكتب‬
‫ودوريات متنوعة‪ .‬وأفضل المكتبات تلك الموجودة بالجامعات الكبرى‪ ،‬والتي‬
‫ستيسر على الباحث االطالع على المراجع التي تخص موضوعه من كتب‬
‫وأبحاث ورسائل وتقارير وغيرها‪.‬‬
‫‪ -2‬قواعد البيانات‪ :‬وهي عبارة عن تجميع لما كتب من أبحاث ومقاالت علمية في‬
‫تخصص معين ونعر بالدوريات والمجالت المحكمة‪ ،‬ويتم االشتراك فيها نظير‬
‫مبلغ نقدي أو اشتراك شهري أو سنوي‪ .‬وأحيانا ما يتم بيعها على إسطوانات‬

‫)‪ (1‬انظر في تفصيل ذلك‪ :‬محمد عبد الحميد جفالن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.42-40 .‬‬

‫‪125‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫مدمجة بصورة منفصلة‪ ،‬وإن كان يعيب هذه األخيرة عدم حداثتها ألنها تحوي‬
‫فقط البيانات التي تغطي سنوات معينة‪ ،‬وقد تكون قديمة إلى حد ما وهو ما قد‬
‫ال يفيد الباحث بالنسبة لحرصه على االطالع على أحدث ما كتب ونعر في‬
‫موضوع بحثه‪.‬‬
‫والبيانات التي تعملها هذه القواعد ربما تكون عبارة عن تعريعات أو أحكام‬
‫قضائية أو مقاالت بحثية لبعض الدوريات أو إحصائيات سنوية‪ .‬وعلى الباحث‬
‫أن يكون على دراية بأهم هذه القواعد؛ ألنها قد تيسر عليه الكثير من الوقت‬
‫والجهد‪ ،‬كما أنها قد تغنيه عن السفر للخارج إذا كانت طبيعة بحثه تقتضي‬
‫االطالع على مراجع أجنبية‪.‬‬
‫والكثير من هذه القواعد قد يتوافر في المكتبات الجامعية العريقة‪ ،‬بينما ال يتوافر‬
‫البعض اآلخر بها وقد يضطر الباحث حينئذ إلى التواصل مع الجهة أو المؤسسة‬
‫التي تقوم بإصدار هذه القواعد لمعرفة كيفية الحصول عليها أو االشتراك فيها‪.‬‬
‫‪ -3‬المقابالت والزيارات الميدانية‪ :‬قد ال تكفي المصادر والمراجع المكتوبة إلشباع‬
‫نهم الباحث‪ ،‬فقد يعوزه أن يطرق أبواب أشخاص ومؤسسات وهيئات عامة للوقوف‬
‫على بعض األمور التي تمس موضوع بحثه وتعجز المراجع عن أن تعي بها‪.‬‬
‫وفي مثل هذه الحاالت التي قد تقتضي قيام الباحث بعمل مقابالت أو زيارات‬
‫لمؤسسات حكومية أو خاصة‪ ،‬عليه أن يستعين بمعرفه وأن يتزود بخطاب رسمي‬
‫من الجامعة التي يسجل بها رسالته موجهة إلى الجهة أو العخص الذي سيقابله‬
‫الباحث؛ كي يطمئن األخير إلى غاية وغرض الباحث من المقابلة‪ .‬وعلى الباحث‬
‫أن يستعين بالصبر في مثل هذه المقابالت حيث قد يواجهه الكثير من اإلجراءات‬
‫البيروقراطية‪ ،‬وعدم رغبة من سيقابله في اإلفصاح عن الكثير من البيانات‬

‫‪126‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫العتبارها من أسرار وظيفته التي ال يجوز له إفعائها‪.‬‬


‫‪ -4‬شبكة اإل نترنت‪ :‬لقد أسهمت التكنولوجيا الحديثة والتقدم العلمي في مجال اإلنترنت‬
‫في تيسير االطالع على أحدث المراجع والمقاالت العلمية من خالل العبكة‬
‫العنكبوتية‪ .‬فقد أصبح من العائع أن يجد الباحث الكثير من المراجع المتعلقة‬
‫بموضوعه منعورة على النت‪ ،‬ويكون االطالع عليها مجاناً وأحياناً يكون في‬
‫مقابل مبلغ رمزي‪.‬‬
‫وعلى الباحث تحري الدقة عند الرجوع إلى هذه المراجع‪ ،‬فليس كل ما يكتب وينعر‬
‫على شبكة اإلنترنت يكون جدي اًر باالعتماد عليه واتخاذه مرجعاً في البحث‪ ،‬فهناك بعض‬
‫الصفحات المجهولة التي قد تعرض لموضوعات تتعلق بموضوع الباحث لكنها غير موثقة‪،‬‬
‫لهذا فإننا نوصي الباحثين بضرورة توخي الدقة عند االعتماد على البيانات المنعورة على‬
‫اإلنترنت كمرجع‪ ،‬ويفضل اللجوء إلى المنعورات الصادرة عن المؤسسات الدولية محل الثقة؛‬
‫مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية‪ ،‬وجميعها لها مواقع رسمية‬
‫على العبكة وتتيح االطالع على منعوراتها مجاناً‪ .‬كما يتعين على الباحث عند توثيق‬
‫المراجع التي يستعين بها على اإلنترنت أن يدون اسم المرجع‪ ،‬والموقع‪ ،‬وتاريخ الزيارة؛ تجنبا‬
‫إلدخال المسئول عن الموقع لتعديالت وتحديثات بعد اطالع الباحث عليه‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬فحص المادة العلمية‪:‬‬
‫على الباحث أن يكون حصيفاً ذكياً‪ ،‬فليس كل ما يقرأه سيكتبه وليس كل ما يطلع‬
‫عليه من مراجع شبيهة بموضوعه ستكون بالضرورة مفيدة له في بحثه‪ ،‬حتى ولو كان‬
‫عنوانها يطابق عنوان بحثه‪ .‬ففي بعض األحيان قد تعي العناوين بعيء يختلف تمام‬
‫االختالف عن المضمون‪ .‬وبالتالي فإن على الباحث أن يميز بين ما هو مفيد لبحثه من‬
‫مراجع وبين ما هو غير ذلك‪ ،‬وأن يكون لديه المقدرة على فلترة وفرز المادة العلمية المتاحة‬

‫‪127‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫بين يديه(‪.)1‬‬
‫وعلى هدى ما سبق‪ ،‬فإنه على الباحث أن يطلع على فهرس المرجع أوالً ليرى ما‬
‫يتعابه منه مع تقسيمات بحثه فيحدده‪ ،‬كأن يحدد الفصل الثاني من هذا المرجع وعالقته‬
‫بالفصل األول في بحثه الخاص‪ .‬وبعد ذلك يقوم الباحث بقراءة أولية سريعة لهذا الجزء‬
‫للتيقن من مدى جدواه بالنسبة لموضوع بحثه‪ ،‬فقد ال تتعلق نهائيا ببحثه أو تناول المرجع‬
‫لها جاء بصورة غير مرضية؛ فيكون من األولى هجر هذا المرجع وتجاهله كمصدر للرسالة‪.‬‬
‫وعلى النقيض من ذلك‪ ،‬إذا تيقن الباحث من خالل القراءة التمهيدية بأن هذا الجزء من‬
‫المرجع يتعلق بموضوع بحثه وأنه قد عرض له بصورة متعمقة فهنا سيحتاج الباحث غلى‬
‫قراءته بصورة متأنية ليحدد على وجه الدقة طريقة االقتباس منه؛ أيكون ذلك باللفظ والمعنى‬
‫أم بالمعنى فقط ليصوغه هو بمفردات من لدنه‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة أخي اًر إلى أن الباحث قد ال يستفيد أحياناً من المرجع ذاته وأن يقتبس‬
‫منه بما يفيد بحثه‪ ،‬ومع ذلك فقد يكون هناك للباحث مآرب أخرى من هذا المرجع كأن‬
‫يستعين ببعض المراجع التي ذكرها المرجع المعار إليه‪ ،‬وقد يدله أحيانا على مراجع من‬
‫المحتمل أن تثري موضوع بحثه على نحو أكثر أهمية مما قد يفعل المرجع الذي بين يديه‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬تدوين وتصنيف المادة العلمية‪:‬‬
‫نعني بتدوين البيانات نقل المعلومات المتعلقة بموضوع البحث والواردة بالمرجع أو‬
‫المصدر أو استمارة االستبيان أو المقابلة أو االستقصاء الميداني‪ ،‬وتسجيلها كتابة على‬
‫وسيلة مادية (أوراق‪ ،‬أو إسطوانة‪ ،‬أو فالشة) على نحو يسهل معه استرجاعها واالستفادة‬
‫منها عند كتابة البحث(‪.)2‬‬

‫‪ (1‬انظر‪ :‬د‪ .‬عبد الباسط وفا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.54 .‬‬


‫)‪ (2‬انظر‪ :‬د‪ .‬أحمد عبد الكريم سالمة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.119-118 .‬‬

‫‪128‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫والجدير بالذكر أن عملية التدوين تقع على بعض السطور أو األجزاء البسيطة من‬
‫المرجع‪ ،‬وهي تلك العبارات التي تتعلق بالفكرة التي يرغب في ضمها إلى بحثة وتقع تحت‬
‫عناوين أحد الفروع أو المطالب أو المباحث أو غيرها وفقاً للتقسيم الذي تبناه الباحث في‬
‫خطة بحثه‪.‬‬

‫‪ -1‬طريقة الكتابة على بطاقات ورقية‪ :‬قد تكون الكتابة يدوية على قصاصات سميكة‬
‫من األوراق تسمى البطاقات أو الفيعات‪ ،‬يدون عليها الباحث ما يرغب من نقله‬
‫أو اقتباسه من أفكار من المرجع المعني‪ .‬ويفضل أن تكون بألوان مختلفة حتى‬
‫يسهل تصنيفها فيما بعد‪ .‬ومن الضروري أن يكتب الباحث على كل بطاقة اسم‬
‫الفصل أو المبحث أو المطلب الذي ستفرغ فيه المحتوى الفكري لتلك البطاقة‪.‬‬
‫كما يتعين أيضاً كتابة التوثيق الكامل للمرجع المقتبس منه في هذه البطاقة من‬
‫اسم المؤلف وعنوان المرجع ورقم الطبعة ودار النعر وتاريخ النعر ‪ -‬إن وجد ‪-‬‬
‫ورقم الصفحات المقتبس منها‪ .‬ومن المهم كذلك أن يتم تدوين مالحظة واحدة‬
‫فقط على هذه البطاقة لتيسير التصنيف بعد ذلك؛ إذ كيف سيتم التصنيف إن‬
‫وضع الباحث مالحظتين تتعلقان بمبحثين مختلفين في بحثه !‬
‫‪ -2‬طريقة التصوير الضوئي‪ :‬وقد يلجأ الباحث إلى طريقة التصوير لألجزاء التي‬
‫يحتاج إليها من كل مرجع أو الصفحات التي تتعلق بموضوع بحثه‪ ،‬ثم يحدد‬
‫عليها اسم المبحث أو الفصل أو المطلب المتعلق بها في رسالته لالستعانة بها‬
‫في مرحلة الكتابة‪ .‬بعد ذلك يقوم الباحث بتوزيع هذه األجزاء على مظاريف يكتب‬
‫عليه من الخارج اسم الفصل أو المبحث وهكذا‪.‬‬
‫‪ -3‬الطريقة اإللكترونية‪ :‬من العائع حديثاً أن يستعين الباحث بالطريقة اإللكترونية‬

‫‪129‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫في التدوين‪ ،‬وذلك بالنظر إلى شيوع استخدام أجهزة الكمبيوتر وانتعار الرقمنة‪.‬‬
‫وبمقتضى هذه الطريقة‪ ،‬يقوم الباحث بعمل ملفات على برنامج الوورد يطلق على‬
‫كل ملف اسم الفصل أو المبحث أو المطلب وفقاً لما يراه‪ ،‬ثم يقوم بتدوين ما‬
‫يقرأه ويتعلق بالجزء المعني في خطته البحثية في هذا الملف‪ .‬وقد يقوم الباحث‬
‫بعمل مسح إلكتروني لبعض الصفحات (اسكانر) وتخزينها على الكمبيوتر في‬
‫ملفات تسمى بعناوين الفصول أو المباحث أو المطالب لحين اللجوء إليها عند‬
‫الكتابة النهائية‪ .‬وتتميز الطريقة اإللكترونية بالسهولة واليسر حيث لن يضطر‬
‫الباحث إلى الكتابة مرة أخرى‪ ،‬حيث يكتفي بتجميعها وتنقيحها وتنسيقها‪.‬‬
‫بعد أن يفرغ الباحث من عملية التدوين يقوم بتصنيف هذه المادة العلمية التي‬
‫قام بتدوينها على األبواب والفصول والمباحث وفقاً للتقسيم الذي تبناه في خطته‬
‫البحثية‪ .‬وكلما كانت الخطة البحثية مفصلة كلما كان ذلك أفضل للباحث لتحقيق‬
‫تصنيف دقيق وواضح للمادة العلمية المجمعة والمدونة‪.‬‬

‫المطلب الرابع‬
‫كتابة وطباعة البحث‬

‫بعد انتهاء الباحث من مرحلة التدوين والتصنيف للمادة العلمية المتعلقة بموضوع‬
‫البحث‪ ،‬يعرع في مرحلة الكتابة‪ .‬وتعد هذه المرحلة من المراحل الهامة إلنجاز الرسالة‪،‬‬
‫حيث تتجلى فيها شخصية الباحث وقدرته على العرض والتحليل والنقد واالنتقال بين األفكار‬
‫بسالسة ومنطقية(‪.)1‬‬

‫)‪ (1‬انظر ‪ :‬د‪ .‬أحمد شلبي‪ ،‬كيف تكتب بحثا أو رسالة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 108- 105 .‬وانظر كذلك‪:‬‬
‫د‪ .‬أحمد عبد الكريم سالمة‪ ،‬األصول المنهجية إلعداد البحوث العلمية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.163-146 .‬‬

‫‪130‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫أوالً‪ :‬كتابة البحث‪:‬‬


‫يبدأ الباحث باالطالع على كل ما قام بتجميعه وتصنيفه تحت طائلة كل فصل‪ ،‬ثم‬
‫دونه في المباحث والمطالب المكونة لهذا الفصل‪ .‬يبدأ الباحث‬
‫يبدأ في فحص ما سبق أن ّ‬
‫في كتابة المسودة األولى للفصل األول من خالل عمل تمهيد أو توطئة بسيطة لهذا الفصل‪،‬‬
‫مبينا ما سيعرض له في هذا الفصل والمباحث التي يتكون منها‪ ،‬ثم يدلف بعدها للحديث‬
‫عن المبحث األول موضحا بتمهيد بسيط ما يتضمنه هذا المبحث وما ينطوي عليه من‬
‫مطالب‪ ،‬ثم يعرج بعد ذلك إلى الحديث عن كل مطلب شارحاً ألفكاره التي سبق وأن اقتبسها‬
‫من المراجع والمدونة في البطاقات أو الملفات اإللكترونية أو المصورة‪.‬‬

‫وعلى الباحث عند البدء في الكتابة التسلح بالعجاعة؛ مبدياً رأيه حيناً‪ ،‬ومحلالً وناقداً‬
‫أحياناً أخرى‪ ،‬وأال يكتفي بالسرد وسطحية العرض؛ بل يهتم بعمق الفكرة وتأصيلها وأن‬
‫يفصل بين االقتباس واآلخر برأيه أو بمثال من عندياته أو بتقييم للرأي الذي طرحه جانب‬
‫من الفقه أو ببيان تطبيق عملي لهذه الفكرة‪ ،‬حتى ال يظهر في النهاية وكأن البحث مستنسخ‬
‫من مراجع (قص ولصق)‪.‬‬
‫وبعد فراغ الباحث من كتابة مسودته األولى عليه أن يعكف على قراءتها مرة ثانية‬
‫بعين الناقد ال بعين الكاتب؛ ليعيد صياغة بعض ما قد يستعصي على الفهم‪ ،‬ويحذف ما‬
‫تكرر من عبارات وكلمات‪ ،‬ويزيل التناقض بين األفكار‪ ،‬ويبسط ما غمض من أسلوب‪،‬‬
‫ويمحو كل لبس وغموض في ثنايا الفقرات‪ ،‬ويصحح األخطاء المطبعية واللغوية‪ ،‬وله أن‬
‫يستعين بمتخصص في مثل هذه األحوال(‪.)1‬‬
‫وعلى الباحث أن ي ارعي التسلسل المنطقي لألفكار عند الكتابة‪ ،‬ليس فحسب على‬
‫مستوى الفصول والمباحث والمطالب‪ ،‬وإنما أيضاً في ذات الصفحة الواحدة بالنسبة للفقرات‬

‫)‪ (1‬انظر‪ :‬محمد عبد الحميد جفالن‪" ،‬الوجيز في إعداد البحث العلمي"‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.63 .‬‬

‫‪131‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫وكذلك العبارات داخل الفقرة الواحدة‪.‬‬


‫وقد يتساءل البعض عند البدء في الكتابة عما إذا كان من المناسب أن يبدأ الباحث‬
‫بالكتابة وفقاً لتسلسل خطة البحث التي سبق وأعدها أم أنه ليس من الضروري أن يلتزم بهذا‬
‫الترتيب ويبدأ من أي أجزاء البحث يعتهي ونحن نرى بأن هذا األمر يتوقف على ما إذا‬
‫كانت فصول البحث تترتب على بعضها بعضاً أم ال‪ .‬فإذا كان الجزء التالي يتوقف على‬
‫ما هو قبله‪ ،‬فإنه على الباحث أن يلتزم حينئذ بالترتيب الذي ورد بخطته عند العروع في‬
‫الكتابة‪ .‬وعلى النقيض من ذلك‪ ،‬فإن للباحث أن يختار البدء بما يعاء من فصول الرسالة‬
‫إذا كان ال يعتمد بعضها على البعض اآلخر‪.‬‬
‫وبعد أن ينتهي الباحث من مرحلة الكتابة‪ ،‬عليه أن يعرض رسالته على معرفه‪،‬‬
‫ويفضل أن يعرضها عليه فصالً فصالً‪ ،‬ففي الوقت الذي يق أر فيها المعرف الفصل األول‬
‫يكون الباحث معغوالً بإعداد الفصل الذي يليه وهكذا‪ .‬إن مثل هذه الطريقة تسمح للباحث‬
‫الوقوف على أخطائه أوالً بأول‪ ،‬ومن ثم يتجنب الوقوع فيها في ضوء مالحظات أستاذه‬
‫المعرف في الفصول التي يعدها في مرحلة تالية‪ .‬وبعد االنتهاء من مراجعة المعرف لكافة‬
‫أجزاء الرسالة وإبداء مالحظاته عليها‪ ،‬يقوم الباحث بتصحيح تلك المالحظات وتقديمه‬
‫لرسالته في نسخة مجمعة ليقول فيها قولته األخيرة قبل أن ينتقل الباحث إلى مرحلة الطبع‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬طبع البحث‪:‬‬
‫بعد انتهاء الباحث من كتابة رسالته وتالفي المالحظات العكلية والموضوعية التي‬
‫أبداها المعرف عليها‪ ،‬يلزم عليه أن يقوم بعمل إخراج نهائي لها‪ ،‬وطبعها لعرضها علي‬
‫المعرف في حلتها النهائية قبل أن تدخل مرحلة الدورة اإلج ارئية للموافقة على مناقعتها‬
‫والحكم عليها‪.‬‬

‫‪132‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫ومن المتعارف عليه أن يكون المحتوى النهائي للرسالة عند الطبع كما يلي(‪:)1‬‬
‫‪ -1‬غالف البحث‪ :‬ويتضمن البيانات الكاملة والدقيقة شاملة‪ :‬اسم الجامعة‪ ،‬والكلية‪،‬‬
‫واسم الباحث‪ ،‬وعنوان البحث‪ ،‬واسم المعرف‪ ،‬ولجنة المناقعة والحكم على الرسالة‪،‬‬
‫والدرجة العلمية المتوقع الحصول عليها (بالنسبة لرسائل الدكتوراه والماجستير)‪،‬‬
‫والعام الميالدي والهجري‪.‬‬
‫‪ -2‬البسملة أو آية قرآنية أو قول مأثور‪.‬‬
‫‪ -3‬اإلهداء‪ :‬وفيه يهدي الباحث رسالته إلى أهله ووالديه أو زوجته أو لهم جميعا‪.‬‬
‫وتكون في صفحة مستقلة‪.‬‬
‫‪ -4‬الشكر والتقدير‪ :‬وفيه يوجه الباحث العكر واالمتنان لمعرفه‪ ،‬وألعضاء لجنة‬
‫المناقعة والحكم على الرسالة‪ ،‬ومن ساعد البحث أثناء إعداده ألطروحته‪.‬‬
‫‪ -5‬ملخص الرسالة‪ :‬وهو عبارة عن صفحة يوجز فيها الباحث مضمون رسالته‪،‬‬
‫والتقسيم الرئيسي لها‪ ،‬وما توصل إليه من نتائج‪ ،‬وأهم توصياته‪ .‬وقد تقتضي لوائح‬
‫الجامعة أن يكون ملخص الرسالة باللغتين العربية واإلنجليزية‪.‬‬
‫‪ -6‬قائمة االختصارات‪ :‬وهي عبارة عن جدول يوضح فيه الباحث قرين كل اختصار‬
‫يستخدمه في الرسالة االصطالح الكامل له‪ .‬على سبيل المثال‪ :‬االختصار ‪WTO‬‬
‫يعير إلى ‪ World Trade Organisation‬أي منظمة التجارة العالمية‪ .‬وأحيانا‬
‫ما يفضل البعض كتابة هذه القائمة في نهاية الرسالة وليس في مقدمتها‪ ،‬واألمر‬
‫متروك تنظيمه لتعليمات ولوائح الجامعة بالنسبة لطبع الرسائل‪ ،‬وعلى الباحث أن‬
‫يطلع على هذه التعليمات قبل شروعه في طبع رسالته من قسم الدراسات العليا‬
‫بالكلية‪.‬‬

‫‪ (1‬انظر في تفصيل ذلك‪ :‬د‪ .‬وائل عالم‪" ،‬مناهج البحث القانوني"‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.207-201 .‬‬

‫‪133‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫‪ -7‬مقدمة الرسالة‪ :‬وذلك بالبيانات والبنود التي سبق وأن أوضحناها في هذا الفصل‪.‬‬
‫‪ -8‬تقسيمات الرسالة من أبواب وفصول ومباحث‪ :‬وبما يحتويه كل منها من شرح‬
‫وتفصيل‪.‬‬
‫‪ -9‬خاتمة الرسالة‪ :‬وذلك بعناصرها الثالثة التي سبق وأن أوضحناها‪.‬‬
‫مالحق الرسالة‪ :‬وتعمل نصوص القوانين‪ ،‬وجداول إحصائية‪ ،‬واستمارة‬ ‫‪-10‬‬
‫االستبيان‪ ،‬وغيرها مما ينطوي تحت مفهوم المالحق‪.‬‬
‫‪-11‬قائمة المراجع‪ :‬ويمكن تقسيمها إلى مراجع عربية وأخرى أجنبية‪ .‬وبالنسبة‬
‫للمراجع العربية يمكن تقسيمها إلى‪ :‬كتب عامة‪ ،‬وكتب متخصصة‪ ،‬ودوريات‪ ،‬وتقارير‪،‬‬
‫وتعريعات‪ ،‬ورسائل‪ ،‬وأحكام قضائية‪ .‬ومن الضروري ترتيب هذه المراجع أبجدياً حتى يسهل‬
‫على القارئ االطالع عليها ومراجعتها‪ .‬وفي حال ما إذا كان هناك مؤلف ألكثر من مرجع‪،‬‬
‫فإنه يرتب بحسب أقدمية النعر األقدم ثم األحدث وهكذا‪.‬‬
‫‪-12‬الفهرس‪ :‬وفيه يبين الموضوع وقرينه رقم الصفحة‪ .‬وأحيانا ما يقوم بعض‬
‫الباحثين بعمل فهرس عام وفهارس أخرى متخصصة لآليات القرآنية واألحاديث والبلدان‬
‫والموضوعات‪ ،‬إال أن هذه الفهرسة ليست شائعة‪.‬‬
‫بعد انتهاء الباحث من طبع بحثه‪ ،‬يقوم بعرضه على المعرف إلبداء المالحظات‬
‫النهائية‪ .‬فإن وافق على العكل قام بالطبع والتغليف وفقاً لتعليمات الجامعة‪ ،‬ويقوم بتسليم‬
‫عدد معين من النسخ لقسم الدراسات العليا بالكلية؛ التخاذ اإلجراءات الالزمة تمهيداً ليوم‬
‫المناقعة والحكم على الرسالة‪.‬‬

‫‪134‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫ملحق الفصل الثالث‬

‫نموذج لمقدمة بحث محكم ومنعور في دورية محكمة‬


‫بعنوان‬
‫التسوية اإلدارية للمنازعات الضريبية‬
‫(دراسة مقارنة بين القانونين اإلماراتي والمصري)‬

‫مقدمة‬
‫بدأت اإلمارات في عام ‪ 2016‬في رسم سياستها الضريبية لتنويع وتعزيز مصادر‬
‫تمثلت أولى خطواتها في تأسيس الهيئة اإلتحادية للضرائب‪ ،‬أعقبتها بخطوات‬
‫الدخل‪ ،‬حيث ّ‬
‫أكثر تطو اًر من خالل فرض الضريبة االنتقائية ثم الضريبة على القيمة المضافة‪ .‬وفي هذا‬
‫السياق‪ ،‬صدر القانون اتحادي رقم (‪ )7‬لسنة ‪ 2017‬بعأن اإلجراءات الضريبية بغية تنظيم‬
‫الحقوق وااللتزامات المتبادلة بين الهيئة ودافع الضريبة‪ ،‬باإلضافة لتنظيم اإلجراءات والقواعد‬
‫المعتركة التي تطبق على كافة الضرائب سواء المطبقة حالياً أم في المستقبل‪ .‬وتتجلى‬
‫أهمية إصدار اإلجراءات الضريبية في رسمه للوسائل والسبل التي يمكن من خاللها تسوية‬
‫المنازعات الضريبية بينها وبين المكلفين بدفع الضريبة‪.‬‬
‫مضيق لها فيقصرها على‬
‫اختلفت كلمة الفقه في شأن تعريف المنازعة الضريبية بين ّ‬
‫موسع في تعريفها فأضاف إلى‬
‫المنازعات المتعلقة بربط الضريبة وتحصيلها فقط‪ ،‬وبين ّ‬
‫المنازعات المتعلقة بالربط والتحصيل‪ ،‬دعاوي اإللغاء‪ ،‬ودعاوى التعويض‪ ،‬والطعون‬
‫والدعاوى الجزائية المتعلقة بتطبيق الجزاءات الضريبية التي يفرضها القانون‪.‬‬

‫‪135‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫و َعرف البعض المنازعة الضريبية بأنها‪ :‬المنازعة التي تنازع في صحة أو شرعية‬
‫ربط الضريبة المباشرة‪ ،‬ومهمة القاضي في هذا الصدد هي البحث عما إذا كانت الضريبة‬
‫محل النزاع‪ ،‬قد ربطت وفقا للقانون واللوائح‪ ،‬أو لم تربط وفقاً لها‪ ،‬وفي حالة ما إذا تبين عدم‬
‫صحة أو شرعية ربط الضريبة‪ ،‬فإنه يحكم برفعها كلية أو جزئياً‪.‬‬
‫ويمكن القول‪ :‬إن المنازعة الضريبية تعني بصورة عامة الخصومة التي تنعا بين‬
‫اإلدارة الضريبية من جهة وبين المكلف بدفع الضريبة من ناحية أخرى‪ ،‬في أمر يخص‬
‫تبناه القضاء‪ ،‬حيث اعتبر المنازعة الضريبية بأنها‬
‫التعريعات الضريبية‪ ،‬وهو التعريف الذي ّ‬
‫كل منازعة ناشئة عن تطبيق أحكام قانون الضرائب‪.‬‬
‫ونالحظ أن المعرع االتحادي قد سكت عن وضع تعريف محدد للمنازعة الضريبية‪،‬‬
‫وإنما اكتفى بتحديد نطاق سريان القانون والذي يتضمن اإلجراءات الضريبية المتعلقة بإدارة‬
‫وتحصيل وتنفيذ الضرائب من قبل الهيئة‪.‬‬
‫وعليه نخلص إلى أن المنازعة الضريبية وفقاً لقانون اإلجراءات االتحادية تتضمن‬
‫جميع المنازعات الضريبية التي تكون الهيئة االتحادية أحد طرفاها‪ .‬من ناحية أخرى‪ ،‬فإن‬
‫القوانين الضريبية المصرية وكذلك معروع قانون اإلجراءات الضريبية الموحد ال يتضمن‬
‫تعريفا محددا للمنازعة الضريبية‪.‬‬
‫ويتمثل طرفا المنازعة الضريبية في كل من اإلدارة الضريبية والمكلف بدفع الضريبة‪،‬‬
‫كما يتعلق موضوع المنازعة بعأن ضريبي‪ ،‬ويطبق عليها أحكام التعريعات الضريبية سواء‬
‫ما يتعلق منها بقوانين الضرائب المطبقة أو بقانون اإلجراءات الضريبية‪.‬‬
‫وقد تنعأ المنازعة الضريبية عن خطأ يرجع إلى اإلدارة الضريبية نفسها؛ كأن تربط‬
‫الضريبة بأكثر من قيمتها أو تفرض الضريبة على شخص معفي أو تقع في خطأ في‬
‫إجراءات التحصيل‪ .‬وقد تنعأ المنازعة الضريبية لسبب يرجع إلى المكلف‪ ،‬كأن يتهرب من‬

‫‪136‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫دفع الضريبة المربوطة عليه‪ .‬وقد يحدث لخطأ غير مقصود؛ كأن يكتب بدون قصد بيانات‬
‫غير صحيحة باإلقرار الضريبي فيترتب عليه خطأ في ربط الضريبة‪ .‬ويلتمس المكلف‬
‫بالضريبة بموجب شكوى يقدمها لإلدارة الضريبية مراجعة واستدراك األخطاء والحصول على‬
‫حقه‪ .‬وتجدر اإلشارة إلى أن اإلدارة يحق لها هي األخرى – كونها طرفاً في هذه المنازعة‬
‫– أن تطالب بحقوقها من الممول من خالل الطرق التي أتاحها القانون لتسوية المنازعات‬
‫الضريبية‪.‬‬
‫ومن الجدير بالذكر أن للمنازعة الضريبية مجموعة من الخصائص والسمات تميزها‬
‫عن غيرها من المنازعات األخرى‪ .‬ومن بين هذه الخصائص عدم تساوي المراكز القانونية‬
‫للخصوم في المنازعة الضريبية؛ حيث إن سلطة اإلدارة الضريبية تكون أقوى وأكبر من‬
‫سلطة المكلف‪ ،‬ومن ثم يكون لإلدارة مزايا وسلطات ال يملكها المكلف بالضريبة‪ .‬تتميز‬
‫المنازعة الضريبية أيضاً بأنها تخضع ألحكام القانون الضريبي كقاعدة عامة‪ ،‬فإن خال‬
‫القانون الضريبي من نص يحكم المنازعة فإن القواعد العامة في القانون المدني وقانون‬
‫اإلجراءات المدنية والتجارية تكون واجبة التطبيق‪ .‬من السمات األخرى للمنازعة الضريبية‬
‫تعلقها بعمل من أعمال الضريبة؛ كربط الضريبة وتحصيلها وغيرها من األمور‪ ،‬باإلضافة‬
‫إلى سرعة وسرية إجراءات الفصل في المنازعة الضريبية‪ .‬عالوة على ما سبق‪ ،‬تتميز‬
‫المنازعة الضريبية بأن لها وسائل اإلثبات الخاصة بها كاألدلة المحاسبية وتقارير الخبراء‬
‫والمعاينة والقرائن باإلضافة إلى وسائل اإلثبات األخرى المتعارف عليها‪.‬‬

‫نطاق الدراسة‪:‬‬
‫على غرار التعريع الضريبي المصري‪ ،‬يقرر قانون اإلجراءات الضريبية االتحادي‬
‫طريقتين لتسوية المنازعات الضريبية وهما‪ :‬الطريق اإلداري والطريق القضائي‪ .‬فاآللية‬

‫‪137‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫األولى‪ ،‬أي الطريق اإلداري‪ ،‬تتضمن تسوية ودية للنزاع لوأده قبل بلوغ مرحلة النزاع القضائي‪.‬‬
‫وفي حال إذا ما استعصى حل المنازعة الضريبية في مرحلتها األولى‪ ،‬فإنه ال يكون هناك‬
‫مفر حينئذ من اللجوء إلى القضاء‪ .‬ستقتصر دراستنا – هنا ‪ -‬على تسوية المنازعات‬
‫الضريبية بالطرق اإلدارية في القانون الضريبي االتحادي مقارنة بالقانون الضريبي المصري‪.‬‬

‫إشكالية الدراسة‪:‬‬
‫إن إقرار المعرع االتحادي آليات إدارية لتسوية المنازعات الضريبية من شأنه أن‬
‫ييسر – على األقل من الناحية النظرية – للمكلف بدفع الضريبة تسوية نزاعاته مع الهيئة‬
‫االتحادية على نحو أسرع وأقل كلفة مقارنة بالطريق القضائي‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن فعالية هذه‬
‫الوسائل ترتبط على نحو يقيني بمدى مالءمة ومرونة وتوازن القواعد القانونية الناظمة لطرق‬
‫التسوية اإلدارية‪.‬‬
‫انطالقاً مما سبق تثور إشكالية الدراسة حول مدى إحكام المعرع الضريبي االتحادي‬
‫لتقنين قواعد التسوية اإلدارية للمنازعات الضريبية‪ .‬بعبارة أخرى‪ ،‬وعلى نحو أكثر تفصيالً‪،‬‬
‫هل وازن المعرع االتحادي – وهو يصوغ نصوص وسائل التسوية اإلدارية للمنازعات‬
‫الضريبية – بين مصلحة الخزانة العامة في سرعة تحصيل اإليرادات الضريبية وتجنب‬
‫التحايل من قبل المكلفين بالضريبة في دفع ديونهم الضريبية من ناحية‪ ،‬وبين إتاحة الفرصة‬
‫للمكلفين بالضريبية في دفع الظلم الذي قد يلحق بهم حال وقوع اإلدارة الضريبية في أخطاء‬
‫تتعلق بربط أو بتحصيل الضريبة من ناحية أخرى وهل سمح المعرع االتحادي عند إق ارره‬
‫للتسوية اإلدارية للمنازعات الضريبية بالتدرج في االعتراض على ق اررات اإلدارة الضريبية‬
‫والتظلم منها‪ ،‬وغاير في اإلجراءات اإلدارية في كل مرحلة من مراحل االعتراض اإلداري‬
‫بغية تسوية المنازعة الضريبية عالوة على ما سبق‪ ،‬فإن الدراسة تتساءل حول ما إذا كان‬

‫‪138‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫التعريع الضريبي المصري قد انطوى ‪ -‬عند تنظيمه لقواعد التسوية اإلدارية للمنازعة‬
‫الضريبية ‪ -‬على ما يميزه عن التعريع الضريبي االتحادي في هذا العأن ومن ثم كيف‬
‫يمكن االستفادة في مثل هذه الحالة في عالج العوار – إن وجد – في التعريع الضريبي‬
‫اإلماراتي وكيف يمكن االستفادة من التعريع االتحادي في تنقيح التعريع المصري‬

‫أهمية الدراسة‪:‬‬
‫تتجلى أهمية هذه الدراسة في الوقوف على وسائل التسوية اإلدارية للمنازعات‬
‫الضريبية وفقاً لقانون اإلجراءات الضريبية االتحادي‪ ،‬ومحاولة الكعف عن مدى قوة وصالبة‬
‫ومرونة القواعد الناظمة لهذه الوسائل‪ .‬فعلى قدر إحكام وتوازن هذ الطرق سيكون تأثيرها‬
‫في سرعة وتيسير فض مثل هذه المنازعات‪ ،‬وتجنب الزج بها إلى أروقة القضاء وإثقال‬
‫عاتقه بمثل هذه المنازعات‪ .‬وعلى هدي من ذلك‪ ،‬فإنه ومتى استلهمنا األحكام العامة لهذه‬
‫وتجلت لنا قسماتها من بين نصوص التعريعات الضريبية االتحادية‪ ،‬كلما تيسر لنا‬
‫الوسائل ّ‬
‫أن نحكم على مدى فعاليتها وإحكامها مقارنة بالتعريع الضريبي المصري‪.‬‬

‫منهج الدراسة‪:‬‬
‫تقتضي طبيعة الدراسة االستعانة بأكثر من منهج‪ .‬فمن ناحية أولى سيستعين الباحث‬
‫بالمنهجين االستقرائي واالستنباطي لتحليل ومناقعة المسائل المتعلقة بالموضوع وصوالً في‬
‫النهاية إلى تبيان مجموعة من النتائج مستخلصة من المقدمات والمعطيات العامة‪ .‬كما‬
‫التميز في التعريع المقارن ليستفاد بها‬
‫سنلجأ من ناحية أخرى للمنهج المقارن إلبراز جوانب ّ‬
‫في رأب مواطن الضعف في التعريع االتحادي وتطويرها أو الحفاظ على استقرارها‪ ،‬وذلك‬
‫على نحو يحقق الفعالية والمثالية المرغوبة في التعريع‪.‬‬

‫‪139‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫خطة الدراسة‪:‬‬
‫قرر المعرع االتحادي طريقة التسوية اإلدارية للمنازعة الضريبية في الباب الرابع من‬
‫قانون اإلجراءات الضريبية‪ ،‬حيث تضمنت المواد ‪ 32-27‬أحكام االعتراض على الق اررات‬
‫تفرقت وسائل‬
‫الصادرة من الهيئة االتحادية للضرائب‪ .‬أما بالنسبة للمعرع المصري‪ ،‬فقد ّ‬
‫التسوية اإلدارية للمنازعات الضريبية بين التعريعات الضريبية المختلفة‪ .‬ونخلص من‬
‫اطالعنا على نصوص هذه المواد أن المعرع في الدولتين رسم طريقين إداريين لالعتراض‬
‫على ق اررات اإلدارة الضريبية وهما‪ :‬التظلم والطعن أمام اللجان الضريبية‪ .‬وانطالقاً من هنا‪،‬‬
‫فإننا سنعرض لهذه الدراسة من خالل مبحثين‪ ،‬وذلك على النحو اآلتي‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬التظلم أمام اإلدارة الضريبية‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬الطعن أمام اللجان الضريبية‪.‬‬

‫‪140‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫‪141‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫‪142‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫الفصل الرابع‬

‫كتابة وصياغة‬
‫البحث العلمي القانوني‬

‫الدكتور‬ ‫األستاذ الدكتور‬


‫مصطفى مهدي محمد‬ ‫ممدوح واعر عبد الرحمن‬
‫مدرس الشريعة اإلسالمية‬ ‫أستاذ ورئيس قسم‬
‫بالكلية‬ ‫الشريعة اإلسالمية المساعد‬
‫بالكلية‬

‫‪143‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫‪144‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫الفصل الرابع‬

‫كتابة وصياغة البحث العلمي القانوني‬

‫تمهيد وتقسيم‬
‫يعنى هذا الفصل ببيان كيفية كتابة وصياغة البحث القانوني بعكل علمي صحيح‬
‫وبلغة قانونية منضبطة وسليمة‪ ،‬ويركز بعكل خاص على مواصفات لغة البحث وسالمتها‬
‫من العيوب اللغوية‪ ،‬وكذا االستخدام الصحيح لعالمات الترقيم؛ لما لذلك من أهمية بالغة‬
‫في جودة إخراج البحث وفي تحقيق الهدف منه‪.‬‬
‫وفي هذا الفصل بيان لذلك من خالل تمهيد‪ ،‬وثالثة مباحث‪:‬‬
‫التمهيد‪ :‬أهمية اإللمام بأصول الكتابة العلمية وأهمية الصياغة القانونية المنضبطة‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬مواصفات العبارة واألسلوب في الكتابة العلمية‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬صحة الكتابة وسالمتها اللغوية‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬عالمات الترقيم‪.‬‬

‫‪145‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫تمهيد (توطئة)‬
‫(‪)1‬‬
‫أهمية اإللمام بأصول الكتابة العلمية وأهمية الصياغة القانونية المنضبطة‬

‫قبل البدء في بيان أصول الكتابة والصياغة العلمية للبحث القانوني‪ ،‬ينبغي بيان‬
‫أهمية إدراك الباحث لهذه األصول وإلمامه بها‪ ،‬بل ودراستها دراسة جيدة على نحو كاف‬
‫يمكنه من مراعاتها في بحثه؛ وكذا أهمية أن تكون صياغته لعبارات البحث صياغة منضبطة‬
‫ورصينة‪ .‬ولهذا أعرض لذلك ‪ -‬في هذا التمهيد ‪ -‬من خالل نقطتين‪:‬‬
‫النقطة األولى‪ :‬أهمية اإللمام بأصول الكتابة العلمية‪.‬‬
‫النقطة الثانية‪ :‬أهمية الصياغة القانونية المنضبطة‪.‬‬

‫أوال‪ :‬أهمية اإللمام بأصول الكتابة العلمية‬

‫للكتابة العلمية خصائص وسمات تميزها عن غيرها من أنواع الكتابة؛ كالكتابة‬


‫الصحفية والكتابة األدبية والكتابة الخطابية وغيرها‪ .‬ولهذا النوع من الكتابة أسس وأصول‬
‫وقواعد ينبغي مراعاتها والحرص على االلتزام بها‪.‬‬
‫ومن ذلك على سبيل المثال أن اللغة المستخدمة في الكتابة العلمية ال بد وأن تكون‬
‫لغة هادئة تتسم بالحياد والموضوعية والدقة‪ ،‬وتقوم على الدليل‪ ،‬فال محل فيها لالنطباعات‬
‫العخصية أو االنفعاالت العاطفية(‪ .)2‬كما أنها تحتاج من الباحث جهدا وصب ار وتدريبا‬

‫(‪ )1‬التمهيد من إعداد‪ :‬د‪ .‬مصطفى مهدي محمد‪.‬‬


‫(‪ )2‬د‪ .‬أحمد على صالح ضبش‪ ،‬قاعة البحث والمكتبة العرعية‪ ،‬الدليل األكاديمي للباحث العرعي‪ ،‬بدون‬
‫ناشر‪ 1442 ،‬ه‪ ،‬ص ‪.19‬‬

‫‪146‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫وتمرسا‪.‬‬
‫ذهنيا من أجزاء‬
‫فكتابة البحث وصياغته صياغة علمية رصينة تعكل الجزء المجهد ً‬
‫البحث العلمي‪ .‬وإذا كان لوجود مو بة خاصة في الكتابة دور في جذب انتباه القارئ وتجنيبه‬
‫السأم‪ ،‬فإن الكتابة العلمية لها تميز خاص وموقف فريد في هذا العأن؛ وذلك أن الدور‬
‫األكبر فيها يعتمد على دراسة أصولها والتمرس فيها‪ .‬بل إن المو بة نفسها ال تؤتي ثمارها‬
‫دون دراسة وتمرس‪ .‬فالدراسة والتمرس هما السبيل إلى أن يصقل الباحث موهبته ويتم دراسته‬
‫على الوجه األكمل‪.‬‬
‫موهوبا كان أم غير موهوب في مجال الكتابة – أن يكون‬
‫ً‬ ‫ومن ثم فعلى كل باحث –‬
‫ملما بأصول وقواعد الكتابة العلمية‪ ،‬باإلضافة إلى تمكنه من قواعد اللغة التي يكتب بها‬
‫ً‬
‫بحثه(‪.)1‬‬
‫وينبغي على كل باحث (أو مقبل على البحث العلمي) أن يجعل نصب عينيه أن‬
‫يخرج البحث في صياغة علمية جيدة ورصينة‪ ،‬وأن يدرك أن الكتابة العلمية الجيدة والرصينة‬
‫كثير وإعادته للكتابة‬
‫وصبر كبيرين؛ وذلك من خالل تمرسه عليها ًا‬
‫ًا‬ ‫جهدا‬
‫تتطلب من الباحث ً‬
‫عدة مرات‪.‬‬

‫كما ينبغي على كل باحث أن يكون و ً‬


‫اعيا ومدركا أنه ال وجود لوسيلة تجعله كاتبا‬
‫متمي از بين ععية وضحاها‪ ،‬وأنه ال وجود لدرس يمكن من خالله – فجأة ‪ -‬أن يكون ماه ار‬
‫ومتمي از في الكتابة العلمية‪ ،‬وأنه ال سبيل إلى الكتابة العلمية الجيدة أو المتميزة إال بتعلمه‬
‫أصول الكتابة العلمية السليمة وبمثابرته على الكتابة السليمة حتى يعهد تحسنها‪.‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬أحمد عبد المنعم حست تتن‪ ،‬أصت تتول البحث العلمي‪ ،‬المنهج العلمي وأست تتاليب كتابة البحوث والرست تتائل‬
‫العلميتة‪ ،‬القتاهرة‪ ،‬المكتبتة األكتاديميتة‪ ،‬الطبعتة األولى‪1996 ،‬م‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬ص ‪ .64 ،63‬د‪ .‬جميتل‬
‫عبد الباقي الص تتغير‪ ،‬الدليل في كيفية إعداد رس تتائل الماجس تتتير والدكتوراه في العلوم القانونية‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫دار النهضة العربية‪2015 ،‬م‪ ،‬ص ‪.25‬‬

‫‪147‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫وذلك أنه من الطبيعي والمعتاد كثي ار أن يغير الباحث فيما كتب‪ ،‬فيحذف كلمة ليضع‬
‫أخرى أدق منها‪ ،‬أو يحذف عبارة ليثبت غيرها‪ ،‬أو أن يجد أن هناك فكرة ينبغي أن تتقدم‬
‫على أخرى‪ ،‬أو يكتب رأيا ثم يعدل عنه بعد أن يمعن النظر فيه‪ ،‬أو يجد فكرة بعيدة الصلة‬
‫عن موضوع البحث فيحذفها‪ ،‬وربما رأى حاجة إلى كتابتها في الهامش‪ ،‬فينقلها من المتن‬
‫إلى الهامش‪ ،‬وفي بعض األحيان يرى الباحث إطنابا في فكرة يحسن اإليجاز فيها فيهذبها‪،‬‬
‫وأحيانا أخرى يرى أنه قد أوجز في عرض فكرة يقتضي البحث اإلطناب فيها‪ ،‬فيعدل عن‬
‫اإليجاز إلى اإلطناب‪.‬‬
‫وهذا التعديل الدائم والمستمر أمر محمود للباحث‪ ،‬وليس عيبا في البحث‪ ،‬وإنما هو‬
‫سعي من الباحث نحو اإلجادة والكمال‪ ،‬ولذلك يعتهر بين الباحثين أن الكتابة األولى تعد‬
‫بمثابة مسودة‪.‬‬
‫وأما وقوع الباحث في الالمباالة أو التعجل واإلهمال ألصول الكتابة العلمية‪ ،‬فإن‬
‫ذلك يثير العكوك والتساؤالت حول جدية الباحث وحول صحة تخطيط وتنفيذ الدراسة ذاتها‪،‬‬
‫بل وحتى حول النتائج وتفسيرها أحيانا(‪.)1‬‬
‫وتجدر اإلشارة ‪ -‬هنا ‪ -‬إلى أن التنقيح الدائم أمر شائع ومحمود في كل كتابة؛‬
‫علمية كانت أم غير علمية‪ ،‬وفي هذا يقول القاضي الفاضل عبد الرحيم البيساني‪ " :‬إني‬
‫رأيت أنه ال يكتب إنسان كتاباً في ِ‬
‫يومه إال قال في َغ ِدِه‪ :‬لو غير هذا لكان أحسن‪ ،‬ولو زيد‬ ‫ُ‬
‫ستحسن‪ ،‬ولو ُق َّدم هذا لكان أفضل‪ ،‬ولو تُِرك هذا لكان أجمل‪ .‬وهذا من أعظم العبر‪،‬‬
‫لكان ُي َ‬
‫وهو دليل على استيالء النقص على جملة البعر"(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬أحمد عبد المنعم حسن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪.65‬‬
‫(‪ )2‬صديق بن حسن القنوجي‪ ،‬أبجد العلوم الوشي المرقوم في بيان أحوال العلوم‪ ،‬أعده للطبع ووضع‬
‫فهارسه‪ :‬عبد الجبار زكار‪ ،‬دمعق منعورات و ازرة الثقافة واإلرشاد القومي‪1978 ،‬م‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪.71‬‬

‫‪148‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫ثانيا‪ :‬أهمية الصياغة القانونية المنضبطة‬

‫ينبغي على كل باحث أن يحرص على أن يكون بحثه جيدا في موضوعه ولغته‬
‫ومعالجة مفرداته‪ ،‬ومن أهم مواصفات البحث القانوني الجيد أن تكون صياغته منضبطة‬
‫بعكل قانوني ولغوي سليمين‪ ،‬وأن يظهر في هذه الصياغة حسن األسلوب وسالمته‬
‫ومالءمته لمجال البحث على النحو الذي يزيد شوق القارئ وشغفه إلى مداومة القراءة وعدم‬
‫االنقطاع عنها‪.‬‬
‫فلمراعاة قواعد الصياغة والكتابة ومستوى اللغة أثر كبير وأهمية عظمى في البحث‬
‫العلمي ‪ -‬بعكل العام ‪ -‬والبحث القانوني ‪ -‬على نحو خاص ‪-‬؛ إذ ال بد أن يكون مستوى‬
‫مناسبا للدراسة العلمية البحثية؛ وذلك أنه في اللغة العربية –‬
‫ً‬ ‫اللغة المستخدم في الكتابة‬
‫على سبيل المثال – تتنوع األساليب والمستويات وتتعدد المرادفات والبدائل اللفظية‪ ،‬وما‬
‫يستخدم في المصطلحات والتعريفات يختلف عما يستخدم في العروح والحواشي‪.‬‬

‫كما أن مستوى اللغة في الصياغة القانونية يختلف عن مستوى لغة األدب ً‬


‫مثال‪ ،‬إذ‬
‫اللغة المستخدمة في الصياغة القانونية تقوم على المباشرة والوضوح والدقة واإللزام بلغة‬
‫منضبطة محددة‪ ،‬مع ضرورة أن تكون خالية من الحعو واالستطراد ومجازات اللغة‬
‫وتوسعاتها وتجوزاتها (والتي تكون محتملة في مدلوالتها لمعان متعددة على النحو الذي‬
‫محتمال)‪ .‬وهذه السمات تجعل الصياغة القانونية أبعد ما‬
‫ً‬ ‫يجعل المقصود منها مضطرًبا أو‬
‫تكون عن اجتهاد المجتهدين وتأويل المتأولين‪.‬‬
‫وعلى النقيض من ذلك‪ ،‬فإن مستوى اللغة في األدب يعتمد بعكل رئيس على اإليحاء‬
‫والخيال‪ ،‬وعلى مراعاة األساليب الجمالية والتوسعات اللغوية التي تفتح اللفظ للعديد من‬
‫المعاني والتأويالت وتحمله بالكثير من االحتماالت‪.‬‬

‫‪149‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫وهذا الفارق بين لغة القانون ولغة األدب مرده أن لغة القانون ينبغي أن تتسم بالهيبة‬
‫وتكتسي باحترام الناس لها والتزامهم بها(‪.)1‬‬
‫وأما لغة األدب فالمقصود منها تذوق القارئ ‪ -‬أو المستمع ‪ -‬للمعاني الجمالية‬
‫والمحسنات البديعية الموجودة في اللغة‪ ،‬والتعرف على سعة مدلوالتها ومعانيها‪ ،‬واستععار‬
‫معاني الخيال واإليحاء المستبطنة في مفرداتها‪.‬‬
‫والقانون ‪ -‬كفرع من فروع المعرفة – شأنه كعأن باقي العلوم والمعارف‪ ،‬له لغته‬
‫الخاصة التي يعيع فيها بعض األلفاظ والمصطلحات واألساليب واألعراف‪ ،‬بل أحيانا تختص‬
‫هذه األلفاظ والمصطلحات به(‪ ،)2‬ومن األمثلة على ذلك التمييز بين السجن والحبس في‬
‫قانون العقوبات المصري‪.‬‬
‫حيث تعرف المادة ‪ 16‬من قانون العقوبات المصري رقم ‪ 58‬لسنة ‪ 1937‬عقوبة‬
‫السجن‪ ،‬بقولها‪(( :‬عقوبة السجن هي‪ :‬وضع المحكوم عليه في أحد السجون العمومية‪،‬‬
‫وتعغيله داخل السجن أو خارجه في األعمال التي تعينها الحكومة المدة المحكوم بها عليه‪،‬‬
‫وال يجوز أن تنقص تلك المدة عن ثالث سنين وال أن تزيد على خمس ععرة سنة‪ ،‬إال في‬
‫األحوال الخصوصية المنصوص عليها قانونا))‪.‬‬
‫كما تعرف المادة ‪ 18‬من القانون ذاته عقوبة الحبس‪ ،‬بقولها‪(( :‬عقوبة الحبس هي‪:‬‬
‫وضع المحكوم عليه في أحد السجون المركزية أو العمومية المدة المحكوم بها عليه‪ ،‬وال‬
‫يجوز أن تنقص هذه المدة عن أربع وععرين ساعة وال أن تزيد على ثالث سنين‪ ،‬إال في‬
‫األحوال الخصوصية المنصوص عليها قانونا))‪.‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬ست تتليمان بن عبد العزيز العيوني‪ ،‬الضت توابط اللغوية للصت تتياغة القانونية‪ ،‬مجلة العلوم العربية‪ ،‬العدد‬
‫‪ ،29‬شوال ‪1434‬هت‪ ،‬ص ‪.210‬‬
‫(‪ )2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.209‬‬

‫‪150‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫وغني عن البيان – هنا – أنه ال بد أن تكون الصياغة للقانون أو للقاعدة القانونية‬


‫موافقة للغة العربية في جميع أجزائها(‪.)1‬‬
‫وتجدر اإلشارة – هنا ‪ -‬إلى أن الصياغة القانونية ليست صورة واحدة‪ ،‬وإنما صور‬
‫متعددة ومتنوعة‪ ،‬ولكل منها سماتها التي تميزها عن غيرها‪ ،‬وإن كان بينها جميعا قدر‬
‫معترك‪ ،‬متمثل في ضرورة مراعاة الصحة والسالمة اللغوية‪ ،‬وضرورة الدقة والوضوح في‬
‫التعبير عن المعنى‪ ،‬إضافة إلى توافر مواصفات معينة في العبارة واألسلوب – سيأتي بيانها‬
‫‪ .-‬ويمكن إجمال صور الصياغة القانونية أو أنواعها في ثالثة أنواع؛ هي‪:‬‬
‫‪ )1‬الصياغة التعريعية؛ وهي التي تتعلق بصياغة الدساتير‪ ،‬والتعريعات العادية‪،‬‬
‫واللوائح‪.‬‬
‫‪ )2‬الصياغة األكاديمية‪ ،‬مثل‪ :‬المقاالت األكاديمية‪ ،‬والرسائل واألبحاث العلمية‬
‫(كأبحاث الماجستير‪ ،‬والدكتوراه‪ ،‬والترقية‪ ،‬والمؤتمرات)‪ ،‬والكتب القانونية‬
‫المنهجية أو الدراسية‪ ،‬والتعليقات الفقهية على القوانين واألحكام‪.‬‬
‫‪ )3‬الصياغة القضائية‪ ،‬مثل‪ :‬المذكرات القانونية‪ ،‬وااللتماسات‪ ،‬والدفوع القانونية‬
‫المقدمة للمحاكم واألجهزة اإلدارية والمحكمين(‪.)2‬‬
‫وفي جميع هذه األنواع ينبغي على الصائغ أن يعبر عن جوهر القاعدة القانونية‬
‫ومضمونها بعبارة دقيقة وواضحة تكعف عن مدلولها بغير إفراط أو تفريط؛ وذلك أن للقاعدة‬
‫جوهر أو مضمونا‪ ،‬وهذا الجوهر أو ذاك المضمون هو الذي يمثل الهدف والغاية‬
‫ا‬ ‫القانونية‬
‫من وجودها‪ ،‬وأن الصياغة القانونية هي الطريق الموصل لهذا الجوهر وهي العكل الكاشف‬
‫عن هذا المضمون‪.‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬سليمان بن عبد العزيز العيوني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.209‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬خالد جمال أحمد‪ ،‬مبادئ الصياغة التعريعية‪ ،‬المجلة القانونية‪ ،‬العدد الرابع‪ ،‬ص ‪.20‬‬

‫‪151‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫وإذا كان من المحال االستغناء عن جوهر القاعدة ومضمونها‪ ،‬فبذات القدر ال يمكن‬
‫االستغناء عن الصياغة المحكمة والمعبرة عن جوهرها وكنهها‪ .‬وذلك أنه كلما أحسن الصائغ‬
‫التعبير عن هذا الجوهر وتلك الما ية كلما زادت فرص نجاح القاعدة القانونية في التطبيق‬
‫العملي‪ ،‬وكلما كا نت صياغة القاعدة القانونية رديئة وسيئة كلما كان ذلك أدعى لضياعها‬
‫أو تحريفها عن مضمونها‪ .‬والواقع يكعف عن ضياع العديد من الجواهر والمضامين عند‬
‫التطبيق العملي لها‪ ،‬وذلك بسبب سوء صياغتها(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬خالد جمال أحمد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬

‫‪152‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫المبحث األول‬
‫(‪)1‬‬
‫مواصفات العبارة واألسلوب في الكتابة العلمية‬

‫تمهيد وتقسيم‬
‫يحسن في الرسائل العلمية ‪ -‬في الموضوعات األدبية وفي العلوم اإلنسانية ‪ -‬أن‬
‫تكتب بأسلوب جميل‪ ،‬وال يعني ذلك الحرص على الزخرفة واختيار األلفاظ الغريبة واإلكثار‬
‫من المحسنات البديعية‪ ،‬فهذا مما ينبغي على الطالب أن يتحاشاه لكونه يتنافى مع طبيعة‬
‫الرسائل العلمية‪ ،‬تلك الطبيعة التي تتطلب أن يكون هدف الكاتب والقارئ هو الناحية العلمية‬
‫وحدها‪.‬‬
‫جيدا كيف يختار الكلمات‪ ،‬وكيف‬
‫لكن المقصود باألسلوب الجميل أن يعرف الطالب ً‬
‫ينظمها في جمل متناسقة مترابطة‪ ،‬وكيف تتكون من الجمل العبارات والمقاالت‪ ،‬وما الذي‬
‫ينبغي مراعاته في أسلوب الكتابة وما الذي ينبغي اجتنابه (‪.)2‬‬
‫ومن ثم فإن هذا المبحث سيركز على توجيه الباحث إلى اختيار الكلمات والجمل‬
‫والضمائر وزمان الفعل‪ ،‬كما يبين فيه المواصفات التي ينبغي مراعاتها في فقرات البحث‪،‬‬
‫وكذلك مواصفات األسلوب العلمي؛ مما ينبغي التزامه وما ينبغي اجتنابه؛ وذلك في ثالثة‬
‫مطالب‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬اختيار الكلمات والجمل والضمائر وزمن الفعل‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مراعاة مواصفات الفقرة‪.‬‬

‫(‪ )1‬هذا المبحث إعداد‪ :‬دح مصطفى مهدي محمد‪ ،‬دح ممدوح واعر عبد الرحمن‪.‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬أحمد شت تتلبي‪ ،‬كيف تكتب بحثًا أو رست تتالة د ارست تتة منهجية لكتابة البحوث وإعداد رست تتائل الماجست تتتير‬
‫والدكتوراه‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مكتبة النهضة المصرية‪ ،‬ط‪1968 ،6‬م‪ ،‬ص ‪.81‬‬

‫‪153‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫المطلب الثالث‪ :‬مراعاة مواصفات األسلوب العلمي‪.‬‬

‫المطلب األول‬
‫اختيار الكلمات والجمل والضمائر وزمن الفعل‪.‬‬

‫وفيه ثالثة فروع‪:‬‬


‫الفرع األول‪ :‬اختيار الكلمات‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬اختيار الجمل‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬اختيار الضمائر‪.‬‬
‫الفرع الرابع‪ :‬اختيار زمان الفعل‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬اختيار الكلمات‬

‫مما يساعد على حسن األسلوب في البحث العلمي‪ ،‬أن يكون معجم الطالب في اللغة‬
‫اسعا‪ ،‬بحيث يزوده باأللفاظ التي يرد معناها في خاطره‪ ،‬كما يمكنه من‬
‫التي يكتب بها و ً‬
‫إيجاد مترادفات متعددة للمعنى الواحد‪ ،‬خاصة إذا كان هذا المعنى سيتكرر عدة مرات في‬
‫موضع واحد‪.‬‬
‫كما يكون األسلوب حسنا كلما حرص الباحث على اختيار الكلمات المعاصرة‬
‫الواضحة الداللة ما دامت صحيحة من جهة اللغة‪ ،‬وكلما اجتنب استعمال الكلمات القديمة‬
‫والكلمات حديثة الظهور‪.‬‬

‫‪154‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫كما يحسن األسلوب ‪ -‬أيضا ‪ -‬كلما ابتعد الباحث عن التعقيدات اللفظية والكلمات‬
‫الغريبة التي تسبب جفاف األسلوب وتجهد القارئ‪ ،‬وكلما اجتنب العبارات والكلمات األجنبية‬
‫إال إذا كانت كلمات أو عبارات اصطالحية (‪.)1( )Technical Terms‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬اختيار الجمل‬

‫الجمل هي الوحدات التي تتكون منها الفقرة‪ ،‬وكلما حسن اختيار الجمل كلما كانت‬
‫الفقرة أجود وأحسن ‪ -‬مع مراعاة مواصفات أخرى سيرد ذكرها ‪.-‬‬
‫وينبغي عند اختيار الجمل أن يراعى ما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬أن تكون الجملة واضحة المعنى‪ ،‬وأال يفهم منها سوى معنى واحد‪ .‬فال ينبغي أن‬
‫تكون الجملة محتملة ألكثر من معنى‪.‬‬
‫‪ .2‬أن تكون الجملة كاملة؛ أي تتكون من فعل وفاعل ومفعول‪.‬‬
‫‪ .3‬أن تكون بسيطة غير معقدة‪ ،‬فيحسن أال تتكون من أكثر من فعل واحد وفاعل‬
‫واحد ومفعول واحد‪.‬‬
‫وينبغي أن تكتب الجملة بأقل ما يمكن من األلفاظ؛ حيث إن اإلطالة قد تفقد‬
‫القارئ المعنى أو تعتته‪ .‬فإذا أمكن الباحث أن يعبر عن المعنى المراد في سبع‬
‫مثال – فال يضعه في تسع أو ععر‪ .‬فالجمل القصيرة تفضل الطويلة‬
‫كلمات – ً‬
‫بوجه عام‪.‬‬
‫‪ .4‬أال تعتمل الجملة على كلمات عامية‪ ،‬أو مبهمة‪ ،‬أو هجينة من تالقي ثقافتين‪ ،‬أو‬
‫مصطلحات مبتكرة‪.‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬أحمد شلبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.82 ،81‬‬

‫‪155‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫‪ .5‬أال تعتمل الجملة على الفواصل الطويلة بقدر اإلمكان بين الفعل والفاعل وبين‬
‫المبتدأ والخبر؛ كي يسهل على القارئ أن يدرك االرتباط بين شطري الجملة أو‬
‫بين الكلمة ومتعلقاتها(‪.)1‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬اختيار الضمائر‬

‫تتعدد أساليب الضمائر – وخاصة في اللغة العربية – مثل ضمير المتكلم‪( :‬أنا‪،‬‬
‫نحن‪ ،)...‬وضمير المخاطب‪( :‬أنت‪ ،‬أنتم ‪ )...‬إلخ‪.‬‬
‫وال مانع من استخدام الضمائر في البحث العلمي‪ ،‬ولكن ينبغي أن يكون كل في‬
‫موضعه‪ ،‬مع إبراز شخصية الباحث دون اشتماله على معنى التعظيم أو مدح النفس أو‬
‫إظهار اإلعجاب بها‪.‬‬
‫فمن سمات البحث الجيد أن تبدو فيه شخصية الباحث؛ ألن شخصيته تبرز موهبته‪،‬‬
‫وتمكنه من إظهار النتيجة التي يتوصل إليها‪ ،‬ويدافع عنها‪ ،‬فليس هدف البحث النقل عن‬
‫اآلخرين وحسب‪.‬‬
‫ومن ثم فإنه ال يكفي في تكوين الباحث الجيد أن يكون ًا‬
‫قادر على القراءة والبحث‬
‫والفهم‪ ،‬دون أن تكون لديه ملكة عرض المعلومة وتحليلها ومناقعتها وبيانها على الوجه‬
‫الذي يصل معه المعنى المراد إلى القارئ بيسر وسهولة‪.‬‬

‫وهو مع ذلك ينبغي أن يكون متو ً‬


‫اضعا فال يمتدح نفسه‪ ،‬وال يقلل من شأن غيره‪ ،‬وإن‬
‫كان رأيه صو ًابا‪ ،‬ورأي غيره على النقيض من ذلك‪.‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬أحمد عبد المنعم حس ت تتن‪ ،‬مرجع س ت تتابق‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪ .67 ،66‬د‪ .‬أحمد ش ت تتلبي‪ ،‬مرجع س ت تتابق‪ ،‬ص‬
‫‪.83 ،82‬‬

‫‪156‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫ومن ثم فينبغي على الباحث أن يتخير الضمائر التي يستخدمها في رسالته أو‬
‫اعيا في ذلك ما يلي‪:‬‬
‫بحثه‪ ،‬مر ً‬
‫متصال‪،‬‬
‫ً‬ ‫منفصال كان أو‬
‫ً‬ ‫‪ .1‬يحسن بالباحث أال يكثر من استخدام ضمير المتكلم‬
‫مثل أن يقول‪( :‬أنا‪ ،‬نحن‪ ،‬أرى‪ ،‬نرى‪ ،‬وقد انتهيت في هذا الموضوع إلى‪ ،‬ورأيي‪،‬‬
‫ونحو ذلك)‪.‬‬
‫‪ .2‬يحسن بالباحث أال يكثر من استخدام ضمير المخاطب‪.‬‬
‫‪ .3‬عند استخدام ضمير المتكلم أو المخاطب‪ ،‬ينبغي أن يخلو السياق من مظهر‬
‫الفخر واالعتداد بالنفس‪ .‬فال بد أن يتحلى أسلوب الباحث بالتواضع واألدب الجم‪.‬‬
‫فيجب على الباحث أن يجتنب العبارات التي يظهر فيها الفخر واإلعجاب واالعتداد‬
‫بالنفس؛ مثل‪( :‬إن األبحاث التي قمت بها تجعلني أعتقد‪ ،‬وال أوافق هذا الكاتب على‪ ،‬ألني‬
‫استطعت الحصول على مادة كذا)‪.‬‬
‫وأال يكثر – أيضا ‪ -‬من العبارات التي توحي بذلك؛ مثل‪( :‬ويرى الكاتب‪ ،‬والمؤلف‬
‫ال يوافق‪ ،‬والباحث يميل)‪.‬‬
‫فينبغي أن يكون الباحث ًا‬
‫ماهر في إبراز ما يريد بأسلوب سمح هادئ‪ ،‬ومن ثم ينبغي‬
‫أن يغلب على األسلوب العبارات اآلتية (كبديل للعبارات السابقة)‪:‬‬
‫(يبدو أنه‪ ،‬ويظهر مما سبق‪ ،‬ويتضح من ذلك‪ ،‬انطالقا من ذلك‪ ،‬على ضوء ما‬
‫سبق‪ ،‬والمادة المعروفة عن هذا الموضوع تبرز‪ ،‬ويتضح مما تجمع من مادة‪ ،‬يستدل من‬
‫نتائج الدراسة على أن‪ ،‬تختلف نتائج الدراسة عما توصل إليه ‪.)1( )...‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬أحمد شلبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.87 ،86‬‬

‫‪157‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫الفرع الرابع‪ :‬اختيار زمن الفعل‬

‫القاعدة هنا أنه يستخدم الزمن الماضي لوصف ما أجري وما ُجد في البحث‪ ،‬وما‬
‫وجده اآلخرون‪ .‬بينما يستخدم الزمان المضارع لبيان الحقائق‪.‬‬
‫ويتغير زمان الفعل المستخدم حسب جزء البحث أو الرسالة‪ ،‬على النحو التالي‪:‬‬
‫‪ .1‬يستخدم الزمان الماضي في كتابة المختصر أو الملخص‪ ،‬وفي استعراض نتائج‬
‫اآلخرين‪ ،‬وفي المواد وطرق البحث‪ ،‬وفي النتائج المتحصل عليها‪ ،‬وفي بيان‬
‫الهدف من الرسالة (وذلك في الدراسة التي أنجزت بالفعل)‪.‬‬
‫‪ .2‬يستخدم الزمان المضارع في كتابة الحقائق العامة في المقدمة‪ ،‬وكذلك الحقائق‬
‫العامة التي ترد ضمن استعراض الدراسات السابقة‪.‬‬
‫كما يستخدم في استعراض الدراسات السابقة وفي المناقعة‪.‬‬
‫‪ .3‬يستخدم الفعل الماضي في المناقعة عند االستعهاد بالنتائج المتحصل عليها‪،‬‬
‫بينما يستخدم الفعل المضارع عند التعليق عليها أو عند استخالص حقيقة عامة‬
‫منها(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬أحمد عبد المنعم حسن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪.78 ،77‬‬

‫‪158‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫المطلب الثاني‬
‫مراعاة مواصفات الفقرة‬

‫يتكون كل بحث علمي من عدد من المباحث التي يأتي تحتها مطالب وتقسيمات‬
‫فرعية أخرى‪ .‬ويتكون كل تقسيم من هذه التقسيمات الفرعية من عدد من الفقرات‪ ،‬وربما‬
‫تكون – في قليل من األحوال – فقرة واحدة‪.‬‬
‫والفقرة وحدة قائمة بذاتها لكنها ليست بحاجة إلى عنوان‪ .‬وتتكون الفقرة من مجموعة‬
‫من الجمل التي بينها اتصال وثيق‪ ،‬وذلك من أجل إبراز معنى واحد أو شرح حقيقة واحدة‪.‬‬
‫وينبغي أن تعبر الفقرة عن فكرة واحدة تامة‪ ،‬توضحها وتناقعها‪ ،‬وتظهر الفكرة من‬

‫متابعة الجمل التي تتكون منها الفقرة‪ ،‬بحيث تكون تلك الجمل المكونة للفقرة مرتبة تر ً‬
‫تيبا‬
‫ومنطقيا‪ ،‬بأن تبنى كل جملة على ما قبلها وتمهد لما بعدها‪ .‬ومن ثم فال يصح أن‬
‫ً‬ ‫متسلسال‬
‫ً‬
‫تعتمل الفقرة الواحدة على معان متععبة األفكار‪ ،‬حتى ال يتعتت القارئ أو ال تتضح لديه‬
‫الفكرة الرئيسة أو المقصودة من الفقرة‪.‬‬
‫ويتعين في الفقرات أن تكون متوسطة الطول‪ ،‬فال تطول ًا‬
‫كثير بأن تحتل صفحة‬
‫كثير بأن تتكون من جملة واحدة أو جملتين قصيرتين‪.‬‬
‫كاملة‪ ،‬وال تقصر ًا‬
‫وينبغي أن يراعى الترابط والصلة بين الفقرة والتي تليها والتي قبلها‪ ،‬وذلك بأن تنتهي‬
‫الفقرة بجملة تمهد للفقرة التي تليها‪.‬‬

‫‪159‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫ورغم الترابط والصلة بين الفقرات إال أنه ينبغي أن تكون كل فقرة وحدة قائمة بذاتها‬
‫جديدا لكل‬
‫سطر ً‬‫متمتعة باالستقالل‪ ،‬ويظهر هذا االستقالل للعين على الورق؛ فيبدأ الكاتب ًا‬
‫اغا عند بدء ذلك السطر‪ ،‬ويضع نقطة عند انتهاء الفقرة‪ ،‬ويترك فراغا أوسع‬
‫فقرة‪ ،‬ويترك فر ً‬
‫بين كل فقرتين(‪.)1‬‬
‫تكون‬
‫كما يجب على الباحث أن يراعي في الفقرات التي يكتبها‪ ،‬وفي الجمل التي ّ‬
‫بحثه‪ ،‬وجود ارتباط وثيق الصلة بالمعنى األصيل في البحث‪ ،‬فال ينبغي أن تكون بعيدة عن‬
‫هذا المعنى‪ ،‬باالستطراد في ذكر ما ال عالقة له بموضوعه‪ ،‬أو ما له عالقة بعيدة ال محل‬
‫لها‪.‬‬
‫ويجب على الباحث أن يراعي في بحثه تنظيم الفقرات‪ ،‬وتنسيقها بحيث يفصل الفقرة‬
‫تامة المعنى‪ ،‬ويبدأ في الفقرة التالية من أول السطر‪ ،‬مع مراعاة الترابط بينهما؛ وذلك ألن‬
‫البحث وحدة واحدة‪ ،‬وأفكار متصلة ال يصح أن يكون بينها تناقض‪ ،‬أو تباعد من حيث‬
‫المعنى‪.‬‬
‫كما يقتضي حسن عرض الفقرة أن تبدأ بجملة استهاللية تقدم موضوع الفقرة‪ ،‬مع عدم‬
‫اشتمالها على االستنتاج الذي يتم التوصل إليه من خاللها لكي يتوصل القارئ إلى االستنتاج‬
‫بنفسه‪.‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬أحمد عبد المنعم حست تتن‪ ،‬مرجع ست تتابق‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪ .66 ،65‬د‪ .‬أحمد شت تتلبي‪ ،‬مرجع ست تتابق‪ ،‬ص‬
‫‪.89 ،88‬‬

‫‪160‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫منطقيا‪ ،‬بحيث تكون‬


‫ً‬ ‫تسلسال‬
‫ً‬ ‫ويقتضي حسن تنظيم الفقرات أن تكون الفقرات متسلسلة‬
‫الفقرة التالية مبنية على ما قبلها‪ ،‬وهي في الوقت ذاته ممهدة لما بعدها؛ ألنها في مجموعها‬
‫طا(‪.)1‬‬
‫موضوعا متراب ً‬
‫ً‬ ‫تكون‬
‫ّ‬
‫ويراعى عند اشتمال الفقرات على اقتباس‪ ،‬ضرورة مالئمة موضع االقتباس مع ما‬
‫كتب قبله‪ ،‬وما يكون بعده‪ .‬وذلك أن الباحث قد يلجأ إلى االقتباس من عبارات كتبها غيره؛‬
‫ليؤيد وجهة نظره‪ ،‬أو ليظهر أن الفكرة التي يدافع عنها ليست بدعة من القول‪ ،‬أو لغير‬
‫ذلك‪ .‬فينبغي عليه أن يراعي الترابط بين ما يكتبه بأسلوبه وبين ما يقتبسه عن غيره‪ ،‬بحيث‬
‫ال يوجد تنافر‪ ،‬أو تباعد في المعنى(‪.)2‬‬
‫ويجب أن يعير إلى المصدر الذي اقتبس منه بكل أمانة‪ ،‬وأن يضع محل االقتباس‬
‫بين عالمتي تنصيص – كما سيأتي في عالمات الترقيم ‪.-‬‬
‫ومما تجدر اإلشارة إليه – هنا ‪ -‬أن الفقرة هي الوحدة التي تتكون منها أجزاء البحث‪،‬‬
‫وهذه األجزاء لها شكل معين يجب على الباحث االلتزام به ومراعاته‪.‬‬
‫فللبحوث العلمية قواعد وأسس يجدر بالباحثين اتباعها من الناحية العكلية في كتابة‬
‫المقدمة‪ ،‬والتمهيد‪ ،‬واألبواب‪ ،‬والفصول‪ ،‬والخاتمة‪ ،‬والفهارس‪ .‬وهذه النواحي العكلية هي‬
‫بمثابة المقدمات التي ينبغي أن تكون صحيحة لكي تكون النتائج صحيحة(‪.)3‬‬
‫فينبغي على الباحث أن يستفتح الباب بمقدمة يبين فيها موضوعاته‪ ،‬وكيف وزعت‬
‫على فصول الباب‪ ،‬ويذكر في نهايتها فصول هذا الباب وعناوينها‪ .‬ثم يبدأ الفصل ويقسمه‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬أحمد عبد المنعم حسن‪ ،‬أصول البحث العلمي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬المكتبة األكاديمية ‪1996‬م‪ ،‬ج ‪ ،2‬ص‬
‫‪.64 – 63‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬وجيه محجوب‪ ،‬أصول البحث العلمي ومناهجه‪ ،‬األردن‪ ،‬عمان‪ ،‬دار المناهج للنعر والتوزيع‪،‬‬
‫ط‪1425 ،2‬ه‪2005-‬م‪ ،‬ص ‪.123‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬أحمد علي ضبش‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.19‬‬

‫‪161‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫إلى مباحث مس بوقة بكلمة تبين هذا التقسيم‪ .‬وبعد ذلك يبدأ في المبحث األول فيقسمه إلى‬
‫مطالب‪ ،‬ويقدم للتقسيم بكلمة‪ ،‬وهكذا‪.‬‬
‫فال يجوز أن تأتي العناوين أو التقسيمات متتالية بدون تقديم‪ ،‬يوضح فيه الباحث‬
‫التقسيم العام للموضوع‪ ،‬ويظهر من خالله التسلسل المنطقي لنقاط البحث‪ .‬ويحسن أن تكون‬
‫نهاية الفصل األول مقدمة للفصل الثاني‪ ،‬ونهاية الفصل الثاني مقدمة للفصل الثالث‪ ،‬وهكذا‪،‬‬
‫على النحو الذي يبرز في الكتابة جانب الدراسة التحليلية المنطقية المترابطة‪ ،‬التي توصل‬
‫إلى خاتمة موضوعية في نهاية الرسالة‪.‬‬
‫والمألوف في البحث القانوني – في غير أحكام الزواج والطالق والميراث والوصية‬
‫والوقف ‪ -‬أن يبدأ العرض بالنصوص التعريعية‪ ،‬ثم اآلراء الفقهية‪ ،‬وأخي ار أحكام القضاء‪،‬‬
‫على أن يراعى البدء بالفقه الفرنسي قبل الفقه العربي؛ ألنه أساس الفقه القانوني المعاصر(‪.)1‬‬
‫أما البحث القانوني في أحكام األسرة من زواج وطالق وما في حكمها من المواريث‬
‫والوصايا واألوقاف؛ فالعادة أن يبدأ الباحث بعرض آراء الفقهاء من الكتب المعتمدة في‬
‫المذاهب الفقهية اإلسالمية؛ ألن المصدر المباشر والوحيد لقوانين األسرة وما في حكمها من‬
‫المواريث والوصايا واألوقاف ‪ -‬للمصريين المسلمين ‪ -‬هو الفقه اإلسالمي‪ .‬وبعد ذلك‬
‫يعرض لموقف القانون‪ ،‬ثم أخي ار أحكام القضاء‪ .‬كما يمكنه أن يبدأ بعرض النصوص‬
‫التعريعية‪ ،‬ثم آراء الفقهاء‪ ،‬وبعدها أحكام القضاء‪.‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬جميل عبد الباقي الصغير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.26‬‬

‫‪162‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫المطلب الثالث‬
‫مراعاة مواصفات األسلوب العلمي‬

‫لكي يعبر الباحث عن المعنى المراد‪ ،‬ويصل هذا المعنى إلى القارئ بسرعة وسهولة‬
‫ذهنيا في اختيار األسلوب‬
‫ً‬ ‫جهدا‬
‫متسما بالدقة والتحديد والوضوح؛ ينبغي عليه أن يبذل ً‬
‫األمثل الذي يفي بالغرض‪.‬‬
‫فاألسلوب هو وسيلة التعبير عن الحقائق‪ ،‬فينبغي عرضها بألفاظ واضحة الداللة‬
‫على المعنى المراد ومعبرة عنه بدقة ووضوح‪ .‬كما ينبغي عليه أن يحسن اختيار الكلمات‬
‫جيدا ويكون‬
‫والعبارات والجمل مع الوضوح واإليجاز والبالغة والبراعة‪ ،‬كي يكون أسلوبه ً‬
‫ومثير لالهتمام‪.‬‬
‫ًا‬ ‫عرضه معوًقا‬
‫واألسلوب – في الغالب ‪ -‬يدل على رقة العبارة وتسلسلها وعدم التعقيد فيها‪.‬‬
‫لكن هناك معنى آخر لألسلوب أوسع وأشمل – وهو المقصود هنا ‪ ،-‬حيث يمتد‬
‫ليعمل خطة الرسالة‪ ،‬والبراعة في عرض المادة‪ ،‬وترتيب الفقرات‪ ،‬وإبراز النتائج‪ ،‬وكل ما‬
‫قويا في قيمة الرسالة‪.‬‬
‫تأثير ً‬
‫من شأنه أن يؤثر ًا‬
‫جميال‪ ،‬فهناك أمور ينبغي على الباحث التزامها وأخرى ينبغي‬
‫ً‬ ‫وحتى يكون األسلوب‬
‫عليه اجتنابها‪ .‬وهذه األمور ليست أمو ار لتحسين العمل وتجويده وإخراجه في شكل جميل‬
‫وحسب‪ ،‬بل هي قبل ذلك كله مبادئ وقواعد شكلية ألسلوب الكتابة العلمية‪.‬‬

‫‪163‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫ما ينبغي على الباحث التزامه في األسلوب‪:‬‬


‫من قبيل ما ينبغي مراعاته في الكتابة العلمية ما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬اختيار األلفاظ المناسبة لتوضيح األفكار‪.‬‬
‫‪ .2‬أن تكون الكلمات التي يستخدمها الباحث مفهومة المعنى‪ ،‬متداولة االستخدام‪،‬‬
‫بعيدة عن التعقيد‪.‬‬
‫وفي حال استخدام مصطلحات أو كلمات ال تستخدم بكثرة ويخفى على الكثيرين‬
‫فهم المراد بها‪ ،‬فيجب على الباحث أن يوضح معناها في هامش البحث؛ ليرجع‬
‫إليه من يريد‪.‬‬
‫‪ .3‬ترابط الجمل بأن تأخذ كل جملة بعجز سابقتها‪ ،‬مع اتسامها بالبساطة واإليجاز‬
‫والخلو من التعقيد‪.‬‬
‫‪ .4‬أن يعبع الباحث رغبة القارئ المتخصص في مناقعة نتائج الدراسة بصورة متعمقة‬
‫وموضوعية‪.‬‬
‫اضحا‪ ،‬وذلك يقتضي أن يكون األسلوب متراب ً‬
‫طا غير‬ ‫‪ .5‬أن يكون األسلوب ً‬
‫جذابا و ً‬
‫منفك؛ ألن انفكاكه يؤدي إلى فقد المعنى المراد عند القارئ‪.‬‬
‫تأثير في إبراز‬ ‫مباشرا؛ ألنه يكون ً‬
‫دائما أوضح وأدق وأكثر ًا‬ ‫ً‬ ‫‪ .6‬أن يكون األسلوب‬
‫المعنى من األسلوب غير المباشر‪.‬‬

‫‪ .7‬الحرص على تعدد مفردات اللغة‪ ،‬وتجنب التكرار في التعبير‪.‬‬


‫ذلك أن اللغة – وعلى رأسها العربية ‪ -‬تعتمل على العديد من فنون التعبير‪ ،‬وال‬

‫ينبغي للباحث أن يكون ضيق األفق محدود التعبير‪ ،‬بل يجب أن يكون ً‬
‫غنيا في‬
‫لغته‪ ،‬لديه البدائل المتوفرة للتنوع في التعبير عن الفكرة التي يريد أن يصل بها‬
‫إلى القارئ‪ ،‬وهذا ال يتأتى إال بكثرة القراءة‪ ،‬واالطالع في اللغة‪ ،‬والرجوع إلى‬

‫‪164‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫المعاجم اللغوية من حين آلخر‪.‬‬

‫‪ .8‬ينبغي في المسائل الخالفية أن يختمها الباحث برأي نهائي‪ ،‬وذلك بعد أن يناقش‬
‫اآلراء المتصارعة تفصيال‪ ،‬وإذا كان في المسألة آراء مهجورة فيكتفى باإلشارة إليها‬
‫بإيجاز أو توضيح ما يتعلق بها في الهامش‪ .‬ثم يختم الباحث المسألة بالرأي الذي‬
‫انتهى إليه أو الرأي الذي يتفق معه‪.‬‬
‫فيبدأ الباحث المسألة بعرض اآلراء والنظريات المختلفة‪ ،‬ويناقعها تفصيال مبينا ما‬
‫فيها من صواب وخطأ‪ ،‬وبعد ذلك يعرض وجهة نظره مدعما إياها بالحجج واألسانيد‬
‫من الفقه والنصوص التعريعية وأحكام القضاء‪.‬‬
‫ويراعى أن يرتب هذه األسانيد بحسب قوتها‪ ،‬فيبدأ بأبسطها‪ ،‬ثم يتدرج إلى أقواها‬
‫سندا‪ ،‬ويختم باألسانيد الحاسمة‪ ،‬وذلك بقصد أن يتدرج بالقارئ من المعارضة له‬
‫إلى العك‪ ،‬ثم الظن‪ ،‬ثم اليقين بصحة رأيه‪ .‬وينبغي عليه أن يتجنب إيراد األسانيد‬
‫الوا ية التي يسهل الرد عليها(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬أحمد عبد المنعم حست ت تتن‪ ،‬مرجع ست ت تتابق‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪ .77 ،76 ،69 ،68‬د‪ .‬أحمد شت ت تتلبي‪ ،‬مرجع‬
‫س ت ت ت ت ت تتابق‪ ،‬ص‪ .84 ،83‬د‪ .‬جميل عبد الباقي‪ ،‬مرجع س ت ت ت ت ت تتابق‪ ،‬ص ‪ .29 ،28‬دح فتحي علي يونس‪،‬‬
‫التواصل اللغوي والتعليم‪ ،‬بدون ناشر‪2009 ،‬م‪ ،‬ص ‪ 16‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪165‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫ما ينبغي على الباحث اجتنابه في األسلوب‪:‬‬


‫جميال باجتناب بعض األمور وعدم اإلكثار من‬
‫ً‬ ‫يحسن أسلوب الكتابة العلمية ويكون‬
‫أمور أخري؛ ومن ذلك‪:‬‬
‫‪ .1‬أن يخلو األسلوب من التعقيدات‪ ،‬فال يقوم الباحث بتعقيد بحثه وكتابته بصورة‬
‫غير مفهومة حتى لزمالئه في التخصص‪.‬‬
‫‪ .2‬تجنب تكرار المعاني‪ ،‬وتجنب الحديث عن نقطة معينة في أكثر من موضع‬
‫في البحث‪.‬‬

‫‪ .3‬عدم اإلكثار والتكلف إليراد السجع‪.‬‬


‫ال مانع من وجود السجع في بعض المواضع من البحث القانوني؛ ألنه يضيف‬
‫إلى البحث جماال يسعد القارئ‪ ،‬بل ويطربه ويعجعه على مواصلة القراءة‪،‬‬
‫لكن ينبغي أن يجئ هذا السجع عفوا‪ ،‬وأن يكون في مواضعه من حين آلخر‬
‫وبالقدر الالزم فقط‪ ،‬فال يكون السجع تكلفا من الباحث‪ ،‬وال يكثر منه في‬
‫بحثه؛ ألن هذا اإلكثار قد يععر القارئ بأنه يق أر موضوعا في اإلنعاء‪ ،‬وربما‬
‫يؤدي التكلف فيه إلى إهمال المعاني والدالالت التي تدل عليها عبارات البحث‬
‫من أجل المحافظة على تحقيق السجع بين الجمل‪ ،‬وهذا من العيوب التي‬
‫ينبغي الحذر منها‪.‬‬
‫‪ .4‬أن يجتنب الباحث إبراز انفعاله‪ ،‬ولكن يوجه جل اهتمامه إلى إبراز الحقائق‬
‫بأمانة وموضوعية‪.‬‬
‫‪ .5‬أن يجتنب الباحث استخدام الكلمات غير المحددة الداللة‪ ،‬وأن يجتنب استعمال‬
‫المجازات والتوسعات اللغوية التي تجعل النص مفتوحا للعديد من المعاني‪.‬‬

‫‪166‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫‪ .6‬اإلقالل من إيراد البراهين على المبادئ المسلم بها أو التي يمكن التسليم‬

‫بها بسهولة‪ .‬فينبغي أن يكون اإلقالل أو اإلكثار من إيراد األدلة مرتب ً‬


‫طا‬
‫بالتسليم بالرأي أو اإلمعان في مخالفته‪.‬‬

‫‪ .7‬تجنب اإلفاضة في البديهيات القانونية مع تجنب إيراد التوجيهات‪.‬‬


‫ومرد ذلك أن الرسائل العلمية تقدم ألشخاص متخصصين‪ .‬ولهذا فال محل‬
‫في الرسائل للتعاريف ومحاولة تبسيط المصطلحات القانونية‪ ،‬إال إذا كان‬
‫الباحث بصدد وضع تعريف لمسألة بعينها يختلف عما هو معلوم‪ ،‬وحينئذ‬
‫يورد الباحث التعريف العائع والتعريف الذي يراه مناسبا‪ ،‬مبينا الفارق بينهما‬
‫وأوجه اختياره لهذا التعريف‪.‬‬

‫‪ .8‬أن يتحاشى الباحث األسلوب المشتمل على مبالغات‪.‬‬


‫بل ينبغي عليه أن يبتعد كل البعد عن المبالغة في التعبير؛ فالمبالغة غير‬
‫ممدوحة في البحث العلمي‪ ،‬فقد توقع المبالغة الباحث في حرج شديد؛ حيث‬
‫يمكن أن يبالغ في إبراز صحة وجهة نظره بحيث يصل المعنى للقارئ أنه ال‬
‫مثال ‪ -‬أن وجهة‬
‫صواب إال هذا‪ ،‬في حين يواجه فيه الباحث – في المناقعة ً‬
‫نظره واضحة الخطأ للمختصين من غير حاجة إلى تمعن‪.‬‬
‫وقد يوقعه أسلوب المبالغة في توجيه األسئلة إليه في مواطن لم يكن يتوقعها‪،‬‬
‫فإذا لم يجب بدت صورته أنه يبالغ لمجرد المبالغة أي بال هدف‪.‬‬

‫‪167‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫‪ .9‬أن يتحاشى الباحث األسلوب التهكمي وعبارات السخرية‪.‬‬


‫مجاال لمثل هذا اللون من التعبير‪ .‬واألبحاث العلمية‬
‫ً‬ ‫فليست الرسائل العلمية‬
‫ال بد أن تتصف بالحيادية والموضوعية‪ ،‬وهما ال يتحققان بالمدح من أجل‬
‫المجاملة‪ ،‬وال بالهجوم الساخر بقصد النيل من اآلخرين‪.‬‬

‫حبا في‬
‫بابا للخالف‪ ،‬وأن يحذر الجدال ً‬
‫‪ .10‬أن يتجنب الباحث ما يفتح عليه ً‬
‫الجدال‪.‬‬
‫فينبغي على الباحث أن يحرص على البعد عن اتخاذ الجدل غاية؛ فليس‬
‫الهدف من البحث المباراة في وصف اآلخرين بما يقلل من جهدهم‪ ،‬أو يبرز‬
‫أخطاءهم‪ ،‬وإنما هدف البحث الوصول إلى الحقيقة المجردة لبناء العلم‪،‬‬
‫والوصول بالحقيقة إلى القارئ‪.‬‬
‫أما الجدل للجدل فهو أسلوب مذموم‪ ،‬وهو في ذات الوقت ال يرتفع بالباحث‪،‬‬
‫اضحا في بحثه‪.‬‬
‫عظيما إذا كان و ً‬
‫ً‬ ‫نقدا‬
‫بل يواجه به ً‬
‫وليس معنى ذلك أال يناقش الباحث األفكار التي ذكرها غيره‪ ،‬بل له أن يناقش‬
‫وجهة نظر من سبقه من الباحثين والمختصين‪ ،‬بصراحة ودون مجاملة‪ ،‬ولكن‬
‫بأسلوب مهذب لين‪ ،‬مع ذكر جهدهم‪ ،‬وال مانع أن يلتمس لمن خالفهم الرأي‬
‫العذر في توصلهم إلى النتيجة التي لم ترضه في استنتاجه‪ ،‬كأن يقول‪ :‬وقد‬
‫فهم أنصار هذا القول – أي من خالفهم الرأي ‪ -‬هذا المعنى من نص المادة‬
‫كذا‪ ،‬ولهم عذر في هذا؛ إذ إن نص المادة في ظاهره يحمل على هذا المعنى‪،‬‬
‫إال أنه بالتحقيق والتمعن يظهر أن هذا االستنتاج قد جانبه الصواب؛ بسبب‬
‫كذا‪ ،‬وكذا‪.‬‬

‫‪168‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫وينبغي على الباحث أن يكون ذا رأي فيما يق أر وفما يكتب‪ ،‬فال يقبل منه‬
‫االحتجاج بالرأي ظاهر الخطأ لكونه منقوال عن أستاذ كبير‪ .‬ولكن يجب على‬
‫الباحث أن يجتهد في تدعيم رأيه بالحجج واألسانيد التي تجعل القارئ يطمئن‬
‫إلى أنه الصواب‪ .‬وال يعد عيبا أن يناقش الباحث رأي أستاذ كبير مناقعة‬
‫موضوعية حيادية منصفة‪ ،‬مراعيا فيها األدب والتوقير لهذا األستاذ‪.‬‬

‫وحاسما‬
‫ً‬ ‫‪ .11‬أن يتجنب استعمال العبارات التي تفرض على القارئ رًأيا معيًنا‬
‫ومؤكدا في الخالفيات‪.‬‬
‫ً‬
‫مثل (ومما ال شك – ومن الحقائق التي ال يمكن إنكارها‪ ،‬ونحو ذلك)‪ ،‬مع‬
‫ضرورة وضع حد فاصل بين الحقائق والتصورات‪.‬‬
‫وال يصح استعمال الكلمات التي تضفي صفة النسبية على المطلقات‪ ،‬كما ال‬
‫يقبل استخدام الكلمات التي تضفي صفة اإلطالق على النسبيات‬

‫‪ .12‬تجنب اإلكثار من كتابة ألفاظ أجنبية وتكرارها في سياق الكالم العربي‬


‫بغير مناسبة‪.‬‬
‫وكذلك عدم عرض نصوص المواد األجنبية في متن الرسالة‪ ،‬وإنما محلها‬
‫الهامش‪ .‬وال ينفي ذلك أن الباحث قد يحتاج إلى ذكر بعض االصطالحات‬
‫بلغة أجنبية في المتن‪ ،‬فال حرج في ذلك‪ ،‬لكن يحسن بعأن العبارات المكتوبة‬
‫بلغة أجنبية أن تذكر في الهامش‪.‬‬

‫‪169‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫‪ .13‬تجنب استعمال الكلمات والعبارات التي توحي بعدم الثقة والوضوح‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫(ربما‪ ،‬من المحتمل‪.)1( )... ،‬‬

‫‪ .14‬اجتناب العبارات التي فيها تفخيم في األلقاب واألوصاف‪.‬‬


‫نحو‪( :‬أستاذنا الكبير‪ ،‬العالم الجليل‪ ،‬العالمة العظيم‪ ،‬فريد دهره ووحيد عصره‪،‬‬
‫سعادة المحافظ‪ ،‬دولة الوزير)‪.‬‬
‫وال حرج أن يضيف اللقب العلمي إلى صاحبه‪ ،‬فيقول مثال‪ :‬يرى الدكتورح طه‬
‫حسين(‪.)2‬‬

‫‪ .15‬البعد عن الحشو واالستطراد في الصياغة وفي المعالجة‪:‬‬


‫مما يجب على الباحث أن يراعيه في بحثه عدم الحعو واالستطراد في الكتابة‪.‬‬
‫وذلك أن بعض الباحثين يريد أن يكتب وأن يدون في بحثه كل معلومة قرأها‬
‫أو اطلع عليها‪ ،‬ولو كانت غير ذي صلة مباشرة أو غير مباشرة بموضوع‬
‫متوهما بذلك أنه يثري البحث‪.‬‬
‫ً‬ ‫البحث‪،‬‬
‫وإنما ينبغي على الباحث أن يكتب ما هو وثيق الصلة بموضوع البحث وما‬
‫يخدم فكرته بعكل مباشر وأصيل‪ ،‬وأال يكثر من المعالجات غير المباشرة‪ ،‬بل‬
‫ويجب عليه أن يتجنب ما هو بعيد الصلة عنها‪.‬‬
‫فينبغي على الباحث أن يحرص على عرض المعلومة بالقدر المالئم‪ ،‬دون‬
‫إيجاز مخل أو إسهاب ممل‪ .‬فال يكتب ما ال عالقة له بموضوعه أو ما له‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬أحمد شلبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.85 ،84‬‬


‫(‪ )2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪ .97‬د‪ .‬جميل عبد الباقي الصغير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.30 – 27‬‬

‫‪170‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫ويفقد القارئ الوصول‬


‫عالقة بعيدة؛ إذ إن ذلك يؤثر في وحدة البحث‪ ،‬وتسلسله‪ُ ،‬‬
‫إلى النتيجة المرادة بسبب عدم وحدة الموضوع‪.‬‬
‫إجهادا للذهن‬
‫ً‬ ‫وقد سبق وأن بينا أن مرحلة الكتابة العلمية هي أكثر المراحل‬
‫وأنها أكثر المراحل معقة‪ .‬فما أن ينتهي الباحث من قراءة المراجع وجمع‬
‫المادة العلمية والتدوين األولى‪ ،‬حتى يدخل في المرحلة العاقة وهي الصياغة‬
‫والكتابة للبحث‪ ،‬ففي تلك المرحلة تظهر ذاتية الباحث وتبرز شخصيته‪ ،‬ففيها‬
‫يختار من المادة العلمية المجموعة ويرتب ما أختاره ويكتبه وفًقا لألصول‬
‫العلمية للكتابة‪.‬‬
‫وهنا يظهر للباحث أنه من غير الممكن ومن غير المرغوب فيه إثبات جميع‬
‫ما جمع‪ ،‬وخاصة إذا كان موضوع البحث قد كثرت الدراسات فيه‪ .‬فهنا يجب‬
‫على الباحث أن يستخدم قدراته وملكاته في االختيار من هذه المادة المجموعة‬
‫وتصفيتها‪ ،‬وذلك بأن يقوم بعمل تقويم ذاتي لبضاعته ومادته التي جمعها؛‬
‫ليأخذ بعضها ويدع بعضها‪ ،‬وفًقا لفائدتها لموضوع البحث ودقة المراجع التي‬
‫وجدت فيها وأخيرها طرافتها وعدم ذيوعها‪ ،‬وذلك هو السبيل لتجنب الحعو‬
‫واالستطراد غير المفيدين‪.‬‬
‫كثير من قرار طرح المادة التي‬
‫وال يمكن ألحد أن يتجاهل أن الباحث يتأذى ًا‬
‫عانى في جمعها؛ لعدم االنتفاع بها في الرسالة‪ .‬ولكن ينبغي على الباحث‬
‫أن يعي وأن يدرك‪:‬‬
‫أ‪ .‬أن حعر مادة غير ضرورية يذهب بجمال الرسالة‪ ،‬ويقلل من قيمتها العلمية‪،‬‬
‫ويضعف – بل وربما يذهب ‪ -‬الععف والعوق إلكمال قراءتها‪.‬‬

‫‪171‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫ب‪ .‬أن االطالع على المراجع المتعددة والمتنوعة وجمع المادة العلمية (المباشرة‬
‫وغير المباشرة‪ ،‬والقريبة والبعيدة) ال يكون الهدف منه إنتاج الرسالة وحسب؛‬
‫بل ذاك بعض أهدافه ومقاصده‪ ،‬إذ هناك مقصد رئيس من وراء ذلك وهو‬
‫التعلم ورفع الوعي المعرفي من وراء ما اطلع عليه وما جمعه‪.‬‬
‫ومن ثم فإنه وإن كان يضن بالمادة التي جمعها ويعق على نفسه أال‬
‫يستعملها‪ ،‬فإنه في الحقيقة استفاد من قراءتها وإن لم تكن الزمة له في‬
‫الرسالة فإنها الزمة له في حياته العلمية وفي إنتاج أبحاث ودراسات أخرى‪،‬‬
‫حتما – بعكل غير مباشر في رسالته التي قدمها‬ ‫بل إنه استفاد منها – ً‬
‫وأخرجها‪ ،‬وإن لم يكن قد دونها فيها(‪.)1‬‬
‫ت‪ .‬أن االستط ارد يعود على البحث بالضر أكثر من النفع‪ ،‬حيث يفكك الموضوع‪،‬‬
‫تباكا للقارئ؛ فيقطع لذته‬
‫ويذهب وحدته وانسجامه‪ ،‬كما أنه يحدث قلًقا وار ً‬
‫التي ركزها في تتبع نقطة ما‪.‬‬
‫بابا غير وثيق الصلة بها‪،‬‬
‫والمقصود باالستطراد أن يضيف الباحث للرسالة ً‬
‫فصال ليس واضح العالقة بغيره من الفصول‪.‬‬
‫ً‬ ‫أو أن يضع في باب منها‬
‫أحيانا يكون االستطراد في ثنايا التقسيمات الفرعية بأن يضيف الباحث فقرة‬
‫و ً‬
‫جمال ال يتطلبها الهدف المرجو الوصول إليه(‪.)2‬‬
‫أو فقرات أو جملة أو ً‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬أحمد شلبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.74 ،73‬‬


‫(‪ )2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.77‬‬

‫‪172‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫‪ .16‬تجنب الخلط بين ما يكتب في المتن‪ ،‬وما يجب أن يكتب في الهامش‬


‫(الحاشية)‪:‬‬
‫فالهامش له خاصية تختلف عن المتن‪ ،‬ومن أهم ما يكون محله الهامش ما‬
‫يلي‪:‬‬

‫‪ -‬إيضاح ما أبهم في المتن‪:‬‬


‫خادما للمتن‪ ،‬فيمكن للباحث أن يوضح فيه ما أبهم في المتن‬
‫ً‬ ‫يعد الهامش‬
‫مما ال محل لذكره في صلب البحث؛ كأن يذكر معنى مصطلح يخفى معناه‬
‫على البعض لعدم شهرته‪ ،‬أو لقدمه‪ ،‬أو لغير ذلك‪.‬‬

‫التعريف باألعالم‪:‬‬ ‫‪-‬‬


‫فمن المناسب أن يقوم الباحث بالتعريف باألعالم الذين يرجع إليهم في المتن‪،‬‬
‫يعرف بأبي يوسف‬
‫بذكر نبذة مختصرة عن حياتهم وتكوينهم العلمي‪ ،‬كأن ّ‬
‫صاحب أبي حنيفة‪ ،‬أو بالقاضي شريح‪ ،‬أو غيرهما من األعالم على مختلف‬
‫العصور‪.‬‬

‫‪ -‬اإلحاالت‪:‬‬
‫حيث يعار في الهامش باإلحالة إلى الموضوعات التي سبق ذكرها في البحث‪،‬‬
‫بذكر رقم الصحيفة‪ ،‬كأن يقال‪( :‬راجع ما سبق في ص ‪ ...‬من البحث) فهذه‬
‫اإلحالة تكفيه إعادة ذكر ما سبق ذكره‪ ،‬وتتحاشى التكرار الذي يعيب البحث‪.‬‬

‫‪173‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫‪ -‬المراجع‪:‬‬
‫وتذكر مفصلة في أول مرة‪ ،‬ثم اإلحالة إليها في المرات التالية بضابطها‬
‫المعروف من ذكر التعريف الموجز المناسب (اسم المؤلِف‪ ،‬أو اسم المؤَلف‪،‬‬
‫والجزء‪ ،‬والصفحة)‪ ،‬واألشهر في ذكر المؤلفات العرعية القديمة (أمهات‬
‫الكتب) أن يذكر المؤَلف قبل المؤلِف‪ ،‬أما المؤلفات الحديثة الفقهية‪ ،‬وكذلك‬
‫المؤلفات القانونية فيبدأ الباحث بذكر المؤلِف‪ ،‬ثم المؤَلف‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة هنا إلى أن تقصير الباحث في مراعاة ما ينبغي التزامه وما ينبغي‬
‫وممال‪.‬‬
‫ً‬ ‫فاتر‬
‫سيئا ويجعل عرضه ًا‬
‫اجتنابه‪ ،‬يجعل أسلوب بحثه ً‬
‫جيدا ويكون ًا‬
‫فاتر ويصيب قارئه بالسأم‪ ،‬إذا كثر فيه ما يلي‪:‬‬ ‫فالبحث ال يكون ً‬
‫‪ .1‬الصيغ المبتذلة والتفاهات‪.‬‬
‫‪ .2‬اإلطناب المضجر واإلسهاب الزائد‪.‬‬
‫‪ .3‬الغموض والتردد‪.‬‬
‫‪ .4‬استعمال صيغة المبني للمجهول؛ إذ األساس في الكتاب العلمية استخدام صيغة‬
‫المبني للمعلوم‪.‬‬
‫‪ .5‬الكلمات الطنانة والعبارات المتكلفة‪.‬‬
‫‪ .6‬العبارات التي ال محل لها في الموضوع(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬أحمد عبد المنعم حسن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪.69‬‬

‫‪174‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫ويجدر التنبه إلى أن الجملة القانونية في الصياغة التشريعية تتسم – في الغالب‬


‫– بعدد من السمات‪ ،‬من بينها‪:‬‬
‫كثير على التراكيب المتداخلة‪.‬‬
‫‪ .1‬طول الجملة‪ ،‬واعتمادها ًا‬
‫‪ .2‬التباعد بين أجزاء الجملة؛ كالفعل وفاعله ومفعوله‪ ،‬والصفة والموصوف‪ ،‬والمبتدأ‬
‫والخبر‪.‬‬
‫‪ .3‬كثرة األلفاظ المقيدة في الجملة؛ لتكون الجملة محددة المعنى بعيدة عن التأويل‪.‬‬
‫‪ .4‬ازدحام الجملة بتفاصيل تجعل من الصعب اختراقها(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬سليمان بن عبد العزيز العيوني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.213‬‬

‫‪175‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫‪176‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫المبحث الثاني‬
‫(‪)1‬‬
‫صحة الكتابة وسالمتها اللغوية‬

‫تمهيد وتقسيم‪:‬‬

‫لما كانت السالمة اللغوية أم ار هاما ومتطلبا ضروريا في البحث العلمي‪ ،‬اقتضى ذلك‬
‫أن أعرض في هذا المبحث لبيان ما ية السالمة اللغوية‪ ،‬وما هي الضوابط التي يحتاج‬
‫الباحث إلى مراعاتها في بحثه كي تكون عباراته سليمة من ناحية اللغة‬
‫ولما كانت لغة األبحاث في كليات الحقوق المصرية هي اللغة العربية‪ ،‬فإن الحديث‬
‫‪ -‬في هذا المبحث – سيقتصر على الضوابط اللغوية التي ينبغي مراعاتها – حتما أو ندبا‬
‫‪ -‬عند صياغة البحث القانوني باللغة العربية‪.‬‬
‫ثم أخي ار قصدت التنبيه إلى بعض األمور اإلمالئية التي يعيع فيها الخطأ بين‬
‫الباحثين‪.‬‬
‫وقد عرضت لذلك من خالل ثالثة مطالب‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬ما ية السالمة اللغوية‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الضوابط اللغوية للبحث القانوني‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬التنبيه على بعض األخطاء اإلمالئية العائعة في الكتابة‪.‬‬

‫(‪ )1‬هذا المبحث إعداد‪ :‬دح مصطفى مهدي محمد‪.‬‬

‫‪177‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫المطلب األول‬
‫ماهية السالمة اللغوية‬

‫صحة الكتابة وسالمتها اللغوية من المبادئ الرئيسة في البحث العلمي‪ .‬فال بد أن‬
‫تكون العبارة (أو الصياغة) في جميع أجزاء البحث موافقة ألحكام اللغة التي ُيكتب بها؛ أي‬
‫سليمة وخالية من األخطاء اللغوية ومنزهة عما يعيبها من ناحية اللغة‪.‬‬
‫فمن العوامل الرئيسية لنجاح البحث ووصول الهدف منه وتيسير فهمه أن تكون‬
‫عباراته سليمة وخالية من األخطاء والمثالب اللغوية‪.‬‬
‫معتمال على صعوبة في اللغة‪،‬‬
‫ً‬ ‫وفي المقابل من ذلك فإنه مما يعيب البحث أن يكون‬
‫أو تناقض في المعنى‪ ،‬أو استخدام لكلمات متعددة المعاني دون تحديد دقيق لمدلولها المراد‬
‫في نطاق البحث‪ .‬وهذه المثالب والعيوب تعسر فهمه وربما تضيع الهدف من ورائه وتذهب‬
‫شغف القارئ إلى إكمال قراءته‪.‬‬
‫وإذا كانت السالمة والصحة اللغوية من قبيل العكل‪ ،‬فال يعني ذلك كونها أم ار هامعيا‬
‫أو ثانويا في البحث؛ وذلك أن لكل بحث علمي ركنيين أساسيين؛ أولهما العكل وثانيهما‬
‫المضمون‪ ،‬وإن أي خلل يحصل في أي من هذين الركنين يعد عيبا في البحث‪ .‬وإنه مهما‬

‫أجاد الباحث في اختيار موضوع البحث وفي جمع مادته العلمية‪ ،‬فال يكون بحثه ً‬
‫جيدا حال‬
‫اشتماله على أخطاء لغوية‪ ،‬أو استخدام غير سليم لعالمات الترقيم‪ ،‬أو كتابته بأسلوب غير‬
‫مناسب أو معيب‪.‬‬

‫‪178‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫وصحة لغة البحث وسالمتها توجب أن تكون صياغة الباحث ألفكار بحثه ومفرداته‬
‫موافقة أحكام اللغة العربية من جهة اللفظ‪ ،‬والتركيب‪ ،‬والمعنى‪.‬‬
‫فمن جهة اللفظ‪ :‬ينبغي أن تكون كافة األلفاظ المكونة لعبارات البحث عربية أو‬
‫معربة‪ ،‬أو دخيلة وافقت جهة معتمدة على دخولها إلى اللغة العربية بلفظها األعجمي‪.‬‬
‫وأما جهة التركيب‪ :‬فيجب أن يكون صف األلفاظ في عبارات البحث موافًقا لألسلوب‬
‫العربي في التركيب‪ ،‬فال تعتمل العبارة على أساليب مولدة أو مترجمة تخالف التركيب‬
‫العربي‪.‬‬
‫ومن ناحية المعنى‪ :‬فال يصح استعمال اللفظ أو التركيب في غير معناه العربي‪،‬‬
‫كأن تستعمل األلفاظ في الداللة على معانيها العامية أو على معان مولدة تخالف المعنى‬
‫العربي (‪.)1‬‬
‫ولكي تكون عبارة الباحث موافقة ألحكام اللغة من جهة اللفظ والتركيب والمعني على‬
‫هذا النحو‪ ،‬فينبغي أن يلتزم الباحث بالضوابط اآلتية‪:‬‬
‫‪ .1‬موافقة العبارة للمعني‪.‬‬
‫‪ .2‬الدقة والوضوح‪.‬‬
‫‪ .3‬سالمة قواعد اللغة وقواعد اإلمالء‪.‬‬
‫‪ .4‬مراعاة عالمات الترقيم والعكل‪.‬‬
‫وسيأتي بيان هذه الضوابط تفصيال في المطلب التالي‪.‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬سليمان بن عبد العزيز العيوني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.214‬‬

‫‪179‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫وتجدر اإلشارة – هنا ‪ -‬إلى أنه توجد بعض الضوابط اللغوية تستخدم في الصياغة‬
‫القانونية في عرف القانونيين؛ منها‪ :‬كون المخاطب بالمفرد ال بالجمع‪ ،‬ومنها أن تكون‬
‫(‪)1‬‬
‫الصياغة بالفعل المضارع المبني للمعلوم‬
‫وبشأن إلمام الباحث بالضوابط اللغوية التي تمكنه من جعل عبارات بحثه موافقة‬
‫ألحكام اللغة العربية‪ ،‬فإنه يحسن أن يكون الباحث ملما بالمباحث اللغوية الملحقة بعلم‬
‫أصول الفقه اإلسالمي‪.‬‬

‫فقد اهتم األصوليون بدالالت األلفاظ وجعلوا اللفظ أمام المعنى ً‬


‫تماما بتمام‪ ،‬حيث‬
‫إنهم قد استقرؤوا األساليب العربية وعباراتها ومفرداتها‪ ،‬وتوصلوا بواسطة هذا االستقراء إلى‬
‫صحيحا‪،‬‬
‫ً‬ ‫فهما‬
‫قواعد وضوابط يتوصل بمراعاتها إلى فهم األحكام من النصوص العرعية ً‬
‫وفًقا ألساليب العرب في فهم المعاني من األلفاظ العربية‪.‬‬
‫أيضا إلى فهم مواد أي قانون وضع باللغة‬
‫وهذه القواعد والضوابط يتوصل بها ً‬
‫قانونا باللغة العربية‪ ،‬ويتطلب‬
‫عقال أن يضع المعرع ً‬
‫قانونا وال ً‬
‫العربية؛ ألنه ليس من السائغ ً‬
‫من المخاطبين به أن يفهموا ألفاظ مواده وعباراتها على مقتضى أساليب وأوضاع لغة أخرى؛‬
‫فعرط صحة التكليف بالقانون قدرة المكلفين به على فهمه‪.‬‬
‫فما قرره األصوليون من قواعد وضوابط لغوية يجب مراعاتها في فهم القانون المدني‬
‫والقانون التجاري وقانون المرافعات وقانون العقوبات وغيرها من قوانين الدولة الموضوعة‬
‫باللغة العربية‪ ،‬حتى وإن كان بعض هذه القوانين معربة عن أصل فرنسي؛ ألن القانون‬
‫المكلف به قد صيغ ونعر باللغة العربية‪ .‬فإذا وقع تعارض بين النص العربي وأصله‬
‫الفرنسي‪ ،‬ولم يمكن التوفيق بينهما‪ ،‬يعمل بمقتضى النص العربي؛ ألن الناس ال يكلفون إال‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬سليمان بن عبد العزيز العيوني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.215‬‬

‫‪180‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫بما يفهمون‪ ،‬وهو ما نعر لهم(‪ .)1‬وهو ما سارت عليه محكمة استئناف مصر في حكمها‬
‫(‪)3‬‬
‫الصادر في ‪ 30‬يناير ‪1929‬م(‪ .)2‬وكذلك حكمها الصادر في ‪ 29‬ديسمبر ‪1924‬م‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أنه قد اهتمت الدساتير المصرية المتعاقبة بالنص على أن لغة‬
‫الدولة الرسمية هي اللغة العربية‪ .‬وفي هذا تأكيد على ضرورة مراعاة قواعد اللغة العربية‬
‫فضال عن حتمية التزام الدولة باعتماد اللغة العربية لغة رسمية‪،‬‬
‫في فهم النصوص القانونية‪ً ،‬‬
‫تلتزم بها فيما تصدره من قوانين وتعريعات وأحكام قضائية وق اررات وغير ذلك‪ ،‬كما يلزم‬
‫الدولة بحماية اللغة العربية من كل ما يهددها؛ لكون تلك التهديدات هي بالتبعية تهديدات‬
‫لهوية البالد الثقافية والحضارية(‪.)4‬‬
‫ُ‬
‫وقد أكدت محكمة النقض ذلك‪ ،‬فذكرت أن "المعرع عد اللغة العربية من السمات‬
‫الجوهرية والمقومات األساسية التي ينهض عليها نظام الدولة‪ ،‬مما يوجب على الجماعة‬
‫وشعبا بحسب األصل االلتزام بها دون أية لغة أخرى كوسيلة للخطاب‬
‫ً‬ ‫بأسرها حكومة‬
‫والتعبير في جميع المعامالت وشتى المجاالت على اختالفها"(‪.)5‬‬
‫كما أوضحت أن اللغة العربية هي "اللغة الرسمية للدولة وإحدى الركائز إلعمال‬

‫(‪ )1‬الع ت تتيخح عبد الوهاب خالف‪ ،‬علم أص ت تتول الفقه‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار الحديث‪1423 ،‬ه ت ت ت ت ت ت ت ت تت‪2003 ،‬م‪ ،‬ص‪:‬‬
‫‪.166 ،165‬‬
‫(‪ )2‬العيخح عبد الوهاب خالف‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪ 167 ،166 :‬بالهامش‪ ،‬وقد عزاه إلى مجلة المحاماة‪،‬‬
‫ص ‪ ،529‬السنة التاسعة‪.‬‬
‫(‪ )3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪ 167‬بالهامش‪ ،‬وقد عزاه إلى مجلة المحاماة‪ ،‬ص ‪ ،805‬السنة السادسة‪.‬‬
‫(‪ )4‬دح حازم علي ماهر‪ ،‬تطبيق الع ت تريعة اإلس ت تتالمية والنص ت تتوص الدس ت تتتورية‪ ،‬تقديم‪ :‬المس ت تتتع ت تتارح طارق‬
‫البعت تتري‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار النهضت تتة العربية‪ ،‬اإلمارات‪ ،‬دار النهضت تتة العلمية‪ ،‬ط‪2018 ،1‬م‪ ،‬ص‪،496 :‬‬
‫‪.497‬‬
‫(‪ )5‬حكمها في الطعن رقم ‪ 2333‬لست ت ت تتنة ‪ 59‬قضت ت ت تتائية‪ ،‬جلست ت ت تتة ‪16‬ح ‪1‬ح ‪ ،1994‬مكتب فني ‪1( ،45‬ح‬
‫‪.)158‬‬

‫‪181‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫سيادتها وبسط سلطانها على أراضيها‪ ،‬مما يحتم على الجميع عدم التفريط فيها أو االنتقاص‬
‫من شأنها على أية صورة كانت"(‪.)1‬‬

‫المطلب الثاني‬
‫الضوابط اللغوية للبحث القانوني‬

‫سبق وأن أشرنا إلى أن السالمة اللغوية تتطلب االلتزام بالضوابط التي تجعل البحث متفقا‬
‫وأحكام اللغة العربية لفظا وتركيبا ومعنى‪ .‬ويمكن بيان هذه الضوابط في الفروع األربعة‬
‫اآلتية‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬موافقة العبارة للمعني‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬الدقة والوضوح‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬سالمة قواعد اللغة وقواعد اإلمالء‪.‬‬
‫الفرع الرابع‪ :‬مراعاة عالمات الترقيم والعكل‬

‫الفرع األول‪ :‬موافقة العبارة للمعنى وف ًقا ألساليب اللغة العربية في داللة األلفاظ على‬
‫معانيها‬

‫تتسم اللغة العربية بالسعة والعمول‪ ،‬وتنوع العبارات والمفردات والتراكيب‪ .‬وفي ألفاظ‬
‫اللغة العربية وتراكيبها المختلفة ما يدل عند العموم واإلجمال على معنى واحد‪ ،‬ولكن هذه‬
‫األلفاظ والتراكيب في الخصوص والدقة تختلف معانيها وتتمايز‪.‬‬

‫(‪ )1‬الحكم نفسه‪.‬‬

‫‪182‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫ومن ثم فينبغي على الباحث عند التعبير عن فكرته أو صياغتها أن تكون عبارته‬
‫موافقة للمعني؛ بمعنى أن تكون العبارة بمقدار المعني‪ ،‬ال تزيد عليه فتعتمل على غيره‪ ،‬وال‬
‫تنقص عنه فتقصر عن جميع معناه‪.‬‬
‫مخالفا لما أراده الباحث من معنى؛ فال‬
‫ً‬ ‫كما ال يصح أن يكون المعنى اللغوي للعبارة‬
‫يصح التعميم في موضع التخصيص‪ ،‬كما ال يجوز اإلطالق في موضع التقييد‪ ،‬وال يصح‬
‫استخدام العبارات واأللفاظ التي تفيد التجدد واالستمرار في موضع الثبات‪ ،‬كما ال يصح‬
‫استعمال األلفاظ واألساليب الدالة على إرادة الثبات في مواضع التجدد واالستمرار (‪.)1‬‬
‫ومن األمثلة على ذلك‪ :‬أنه قد درجت الدساتير المصرية على النص صراحة على‬
‫دين الدولة ولغتها الرسمية(‪ ،)2‬ومن قبيل ذلك ما نصت عليه المادة الثانية من التعديل‬
‫الدستوري (الصادر في ‪ )1980‬لدستور مصر ‪ ،1971‬والتي تنص على أن‪(( :‬اإلسالم‬
‫دين الدولة‪ ،‬واللغة العربية لغتها الرسمية‪ ،‬ومبادئ العريعة اإلسالمية المصدر الرئيسي‬
‫للتعريع))‪.‬‬
‫وكان من الممكن أن يعبر عن مضمون هذه المادة أو المراد منها بصياغة أو بعبارة‬
‫أخرى؛ وهي‪(( :‬دين الدولة اإلسالم‪ ،‬ولغتها الرسمية اللغة العربية‪ ،‬والمصدر الرئيسي للتعريع‬
‫مبادئ العريعة اإلسالمية))‬
‫وذلك أن النصين أو العبارتين يستعمالن للداللة على معنى إجمالي واحد‪ ،‬ولكن عند‬
‫التدقيق في المعنى من جهة اللغة العربية يظهر أنهما مختلفان في المعنى الدقيق‪.‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬سليمان بن عبد العزيز العيوني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.215‬‬
‫(‪ )2‬مادة ‪ 3‬من دستتور مصتر ‪ ،1956‬مادة ‪ 2‬من الدستاتير المتعاقبة منذ دستتور ‪ ،1971‬وهي الدستاتير‬
‫الصادرة في ‪.2014 ،2012 ،2011‬‬

‫‪183‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫ووجه االختالف بينهما‪ :‬أن األصل في المبتدأ أن يكون العيء المعلوم‪ ،‬وأن يكون‬
‫الخبر العيء المجهول‪ ،‬أي العيء الذي يؤتى به لإلخبار به عن المبتدأ‪ .‬ومما هو معلوم‬
‫من شأن الدساتير أنها تبين دين الدولة ولغتها الرسمية ومصادر التعريع الرئيسية(‪.)1‬‬
‫فعند السؤال عما تضمنته المادة الثانية آنفة الذكر‪ُ ،‬يقال‪ :‬ما دين الدولة في مصر ‪،‬‬
‫ليجاب‪ :‬دين الدولة اإلسالم‪ .‬وال يقال‪ :‬ما اإلسالم في مصر ليجاب‪ :‬اإلسالم هو دين‬
‫الدولة‪.‬‬
‫ويقال – أيضا ‪ -‬ما اللغة الرسمية في مصر ليجاب‪ :‬اللغة الرسمية في مصر اللغة‬
‫العربية‪ ،‬وال يقال‪ :‬ما اللغة العربية في مصر ليقال‪ :‬اللغة العربية هي اللغة الرسمية‪.‬‬
‫كما يسأل‪ :‬ما المصدر الرئيسي للتعريع في مصر ليجاب‪ :‬المصدر الرئيسي للتعريع‬
‫فيها مبادئ العريعة اإلسالمية‪ ،‬وال يقال‪ :‬ما مبادئ العريعة اإلسالمية في مصر ليقال‪:‬‬
‫مبادئ العريعة اإلسالمية المصدر الرئيسي للتعريع‪.‬‬
‫ومن ثم فإن األوفق أو األحسن واألصح في الصياغة أن يكون نص المادة على هذا‬
‫النحو ((دين الدولة اإلسالم‪ ،‬ولغتها الرسمية اللغة العربية‪ ،‬والمصدر الرئيسي للتعريع فيها‬
‫مبادئ العريعة اإلسالمية))‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الدقة والوضوح‬

‫ينبغي على الباحث أن يراعي الدقة والوضوح في كل عبارة من عبارات بحثه؛ ألنهما‬
‫يضفيان على العبارة المعنى المراد المقصود‪ .‬فعدم الدقة يعوش معنى العبارة بأن يجعلها‬
‫غامضة‪ ،‬يتردد القارئ في فهم‬
‫ً‬ ‫محتملة لمعنى آخر غير المراد منها‪ .‬وعدم الوضوح يجعلها‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬سليمان بن عبد العزيز العيوني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.217 ،216‬‬

‫‪184‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫معناها‪.‬‬
‫ودقة العبارة ووضوحها تظهر في كونها وحدها كافية في الداللة على المعنى بعكل‬
‫مباشر (‪.)1‬‬
‫وكي توصف العبارة بأنها واضحة ودقيقة‪ ،‬ينبغي أن يراعى فيها ما يلي(‪:)2‬‬
‫‪ )1‬أن تُستعمل ألفاظها في المعاني األصلية لها‪ ،‬وذلك بأن تكون جميع ألفاظها‬
‫ظا تدل على معان أخرى‬
‫أصل في الداللة على معناها؛ ألن في اللغة ألفا ً‬
‫غير معانيها األصلية من قبيل المجاز أو التوسع اللغوي‪.‬‬
‫‪ )2‬أن تدل على معنى واحد محدد‪ ،‬فال تكون محتملة ألكثر من معني‪.‬‬

‫‪ )3‬أن تكون خالية من الحعو‪ ،‬فال تتضمن ألفا ً‬


‫ظا زائدة ال تفيد المعنى‪ ،‬وأال‬
‫ُيفصل بين كلماتها المتعلقة ببعضها بكلمات أخرى بعيدة عنها؛ فحعو كلمات‬
‫‪ -‬بال داع أو فائدة – يثقل الجملة ويضعف معناها‪ ،‬ويؤدي بالقارئ إلى‬
‫الماللة‪ ،‬وربما يذهب بعوقه إلى إكمال القراءة‪.‬‬
‫‪ )4‬أال تقصر عن المعنى المراد‪.‬‬
‫‪ )5‬أال تكون بصيغة البناء لما لم ُيسم فاعله (البناء للمجهول)‪ .‬فينبغي أن يجتنب‬
‫الباحث اللجوء إلى الفعل المبني لما لم يسم فاعله؛ ألنه قد يسبب الغموض‬
‫حين يكون بيان الفاعل مطلوبا‪ .‬ولهذا كان استعمال الفعل المبني للمعلوم‬
‫أولى وأحسن‪.‬‬
‫‪ )6‬اتحاد األسلوب وعدم اختالفه بال داع أو حاجة‪ ،‬فينبغي أن يتأثر األسلوب‬
‫أو التركيب بالمعني ويكون موافًقا له‪ ،‬وينبغي أال يختلف األسلوب في‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬سليمان بن عبد العزيز العيوني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.220‬‬
‫(‪ )2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.238 ،229 ،224 ،222‬‬

‫‪185‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫المتعابهات بال داع أو حاجة‪.‬‬


‫ومن أمثلة ذلك أن ُيقال‪( :‬لرئيس الدولة أن يدعو مجلس الوزراء والمحافظين‬
‫إلى اجتماع معترك‪ ،‬وله أن يدعو من يراه لحضور هذا االجتماع)‪.‬‬
‫ففي هذه العبارة ُعديت الدعوة بت(إلى) مرة‪ ،‬وبالالم مرة أخرى‪ ،‬بال داع أو‬
‫حاجة للتمييز‪.‬‬

‫وإذا كان من المحتم أن تتسم عبارة البحث العلمي بالدقة والوضوح في داللتها على‬
‫أيضا أن تتميز لغة البحث – من الناحية الموضوعية ‪ -‬بالدقة‬
‫المعنى‪ ،‬فإنه من المحتم ً‬
‫والتحديد‪ ،‬فينأى بها الباحث عن أن تكون ً‬
‫مجاال إليراد وإبراز انطباعاته العخصية وانفعاالته‬
‫العاطفية‪ .‬فالبحث العلمي محل إيراد الحقائق وما يستند إلى األدلة الصحيحة‪ ،‬ولهذا فال بد‬
‫أن تكون اللغة المستخدمة متسمة بالدقة والتحديد‪ ،‬شأنها شأن األرقام واإلحصاءات‪.‬‬
‫كبير في‬
‫انتعار ًا‬
‫ًا‬ ‫فعلى سبيل المثال‪ :‬قول القائل‪( :‬ستعهد المصارف اإلسالمية‬
‫المستقبل) يتسم بعدم التحديد وعدم الدقة لسببين‪:‬‬
‫السبب األول‪ :‬أنه ذكر أن االنتعار سيكون كبيرا‪ ،‬دون أن يبين حدوده أو حجمه‪.‬‬
‫والسبب الثاني‪ :‬أنه أخبر أن ذلك سيقع في المستقبل‪ ،‬دون أن يبين متى سيكون‬
‫وقوعه؛ هل سيحدث ذلك بعد شهر أم عام أم عقد أم قرن (‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬أحمد علي ضبش‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.20 ،19‬‬

‫‪186‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫ومن صور الدقة المطلوبة في لغة البحث العلمي ضرورة أن يراعي الباحث اللغة‬
‫العلمية‪ ،‬وأن يبتعد عن المصطلحات والتعريفات التعليمية التي غرضها التيسير ال الدقة‪.‬‬
‫فثمة فرق بين التعريف العلمي والتعريف التعليمي‪ ،‬وبين المصطلح العلمي والمصطلح‬
‫فمثال‪ :‬تعرف الجملة االسمية في التعليم بأنها الجملة التي تبدأ باسم‪ ،‬لكنها في‬
‫التعليمي‪ً ،‬‬
‫العلم تعرف بأنها الجملة التي تتكون من ركني المبتدأ والخبر(‪.)1‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬سالمة قواعد اللغة وقواعد اإلمالء‬

‫الصحة اللغوية مكون من المكونات الرئيسية للكتابة العلمية‪ .‬فال بد في البحث العلمي‬
‫من سالمة قواعد اللغة وقواعد اإلمالء‪ ،‬وخلو عبارات البحث كلها من األخطاء النحوية‬
‫والتصريفية واإلمالئية أو المطبعية؛ ألن األلفاظ قوالب المعاني‪ ،‬ووقوع خطأ فيها يستلزم‬
‫اختالف المعنى‪.‬‬
‫ومن ثم فينبغي على الباحث أن يحرص على اإللمام بأساسيات النحو واإلمالء‬
‫والترقيم؛ ألنها تؤثر على المعاني بعكل كبير(‪.)2‬‬
‫ومن المثالب ‪ -‬التي يلزم الباحث أن ينزه بحثه عنها ‪ -‬أن تشتمل عبارات بحثه‬
‫على أخطاء نحوية أو تصريفية أو إمالئية أو مطبعية‪ .‬وهذه األخطاء وإن كانت أخطاء‬
‫جدا في الرسائل العلمية‪.‬‬
‫من الناحية العكلية للبحث‪ ،‬إال أن وجودها معيب ً‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬أحمد علي ضبش‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.20‬‬


‫(‪ )2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.45‬‬

‫‪187‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫فإن كانت قدرات الباحث اللغوية ال تمكنه من ذلك‪ ،‬فيجب عليه االستعانة بمختص‬
‫لغويا‪ ،‬بحيث يصحح له ما قد وقع في الرسالة من أخطاء‬
‫لمراجعة عبارات بحثه وتدقيقها ً‬
‫أو هفوات لغوية أو إمالئية (‪.)1‬‬
‫كما ينبغي على الباحث (ومن يدقق له لغة بحثه) أن يراعي صحة األسلوب عند‬
‫لغويا‪،‬‬ ‫تركيبا عر ًبيا وأن يكون األسلوب ً‬
‫سليما ً‬ ‫ً‬ ‫التعبير عن أفكار بحثه‪ ،‬بأن يكون التركيب‬
‫فيراعي أحكام التركيب والمعنى وسالمة األسلوب؛ ألنه ليس كل صف للكلمات خلف بعضها‬
‫سليما‪.‬‬
‫أسلوبا ً‬
‫ً‬ ‫تركيبا عر ًبيا أو‬
‫ً‬
‫ومن األمثلة على األخطاء النحوية التي يقع فيها البعض قولهم‪( :‬تختص المحاكم‬
‫في الفصل في جميع المنازعات والجرائم)‪ ،‬وفي اللغة االختصاص يتعدى بالباء ال بت(في)‪،‬‬
‫ومن ثم فيجب أن ُيقال‪( :‬تختص المحاكم بالفصل)‪.‬‬
‫ومثله قول بعضهم عن المساكن في الدولة‪( :‬للمساكن حرمتها وال يجوز دخولها بغير‬
‫إذن صاحبها)‪ ،‬فالخطأ في إفراد كلمة (صاحبها) مع أن الضمير عائد إلى الجمع‪ ،‬وهي‬
‫(المساكن) في الدولة‪ .‬ومساكن الدولة ليست لواحد بل ألفراد عديدة‪ ،‬والصواب أن ُيقال‪:‬‬
‫(بغير إذن أصحابها أو أهلها) أو يقال‪( :‬للمسكن حرمته وال يجوز دخوله بغير إذن‬
‫صاحبه)(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬سليمان بن عبد العزيز العيوني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ .226‬د‪ .‬أحمد شلبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.80‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬سليمان بن عبد العزيز العيوني‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.233 ،232 ،231‬‬

‫‪188‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫ومما يحسن مراعاته في عبارات البحث أن تكون ألفاظ كل عبارة منتقاة وفًقا لما هو‬
‫سبيال‪ .‬وإن‬
‫متفق على صحته‪ ،‬وأال تعتمل على ما فيه خالف ما استطاع الباحث إلى ذلك ً‬
‫مختلفا فيها بين النحويين‪ ،‬فينبغي عليه‬
‫ً‬ ‫ظا أو تراكيب أو أساليب‬
‫ضمن الباحث عبارته ألفا ً‬
‫ّ‬
‫أن يختار األصوب واألحسن واألكثر شيوعا واستعماال‪ ،‬وأن يبتعد عن الضعيف أو المختلف‬
‫قويا‪.‬‬
‫فيه خالًفا ً‬
‫ومن األمثلة على ذلك‪ :‬قولهم‪( :‬نفس العيء) أو (نفس الطريقة) بتقديم لفظ التوكيد‬
‫اعتمادا على‬
‫ً‬ ‫على المؤكد‪ ،‬حيث يمنعه كثير من اللغويين لعدم سماعه‪ ،‬ويجيزه بعضهم‬
‫وروده في كالم بعض العلماء‪ ،‬واألصوب أن يقال‪( :‬العيء نفسه) و(الطريقة نفسها)(‪.)1‬‬

‫ومن المثالب ‪ -‬التي ينبغي أن ينزه الباحث عنها بحثه ‪ -‬استعمال األلفاظ العامية‬
‫غير السليمة لغويا‪ .‬ومن ثم فيجب على الباحث أن يراعي في عبارات بحثه أن تكون خالية‬
‫من األلفاظ العامية غير السليمة من جهة اللغة‪ .‬وال حرج في أن يعتمل بحثه على بعض‬
‫كلمات عامية شريطة أن تكون سليمة من الناحية اللغوية‪.‬‬
‫لغويا أن يقال‪( :‬ال يجوز لغير المصريين‬
‫فمن أمثلة األلفاظ العامية غير السليمة ً‬
‫امتالك المركبات الخصوصي)؛ ألن الموصوف (المركبات) مؤنث‪ ،‬والصفة (الخصوصي)‬
‫وجمعا وإفرًادا‪ .‬ومن ثم فالصواب أن‬
‫ً‬ ‫تذكير وتأنيثًا‬
‫ًا‬ ‫مذكر‪ ،‬والصفة ال بد أن تتبع الموصوف‬
‫يقال‪( :‬المركبات الخاصة)(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬سليمان بن عبد العزيز العيوني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.230 ،229‬‬
‫(‪ )2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.227‬‬

‫‪189‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫لغويا‪ ،‬فإنه يلزم –‬


‫وكما يلزم أن يخلو البحث من األلفاظ العامية غير الصحيحة ً‬
‫أيضا ‪ -‬أن يكون التركيب أو األسلوب ً‬
‫عربيا‪ .‬وذلك أنه توجد أساليب مولدة غير سلمية‬
‫من ناحية اللغة العربية‪ ،‬وهذه األساليب قد وجدت بسبب تأثر بعض المترجمين من اللغات‬
‫األخرى بأساليب هذه اللغات‪ ،‬والتي حاولوا صوغها في قوالب عربية تخالف العربية‪ ،‬وهذه‬
‫األساليب تسمى باألساليب المترجمة‪.‬‬
‫ومن أمثلتها‪ :‬استعمال (تفاعل) و(افتعل) متعديين بت(مع) مع أنهما في الفصيح‬
‫متعديان بأنفسهما‪ ،‬فيقال‪( :‬تخاصم زيد وعمرو)‪ ،‬و(تعارض زيد وعمرو) و(اختصم زيد‬
‫وعمر)‪ ،‬وأما األسلوب المولد فيقال‪( :‬تخاصم زيد مع عمرو)‪ ،‬و(تعارض زيد مع عمرو)‪.‬‬
‫أيضا استعمال الفعل (يعتبر)‪ ،‬حيث يستعمله المولدون بمعنى (يعد)‪،‬‬
‫ومن هذه القبيل ً‬
‫وهو معنى غير موجود له في المعاجم اللغوية‪.‬‬
‫أيضا كثرة الفعل المساعد (تم) ومعتقاته‪ ،‬ومن أمثلته أن يقال‪( :‬يتم تحقيق‬
‫وكذلك ً‬
‫التنمية)‪ ،‬و(يتم تعيين القضاة)‪ ،‬واألسلوب الفصيح أن يقال‪( :‬تتحقق التنمية)‪ ،‬و(يعين‬
‫القضاة)(‪.)1‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬مراعاة عالمات الترقيم والشكل‬

‫مراعاة عالمات الترقيم والضبط في الرسائل العلمية أمر ضروري؛ إذ يتوقف الفهم‬
‫تعين مواضع الوصل والفصل‪ ،‬وأنها تسهل الفهم واإلدراك‬
‫دائما ما ّ‬
‫أحيانا‪ ،‬كما أنها ً‬
‫ً‬ ‫عليها‬
‫للقارئ وتنبهه إلى المواضع التي ينبغي عليه فيها تغيير النبرات الصوتية‪ ،‬وهو ما يسهل‬
‫أيضا‪.‬‬
‫على السامع الفهم واإلدراك ً‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬سليمان بن عبد العزيز العيوني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.236 ،235‬‬

‫‪190‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫وتتصل عالمات الترقيم بالرسم اإلمالئي وتوثر في المعنى بالسلب إذا أسيء‬
‫استخدامها‪ ،‬فقد يؤدي سوء استعمالها إلى اختالف المعنى المقصود من الكالم‪ ،‬ولهذا فإنها‬
‫تعد من عناصر التعبير الكتابي‪.‬‬
‫ويقصد بعالمات الترقيم والضبط كتابة رموز شكلية ذات وظائف معينة‪ ،‬والتي بدونها‬
‫قد تختلط العبارات ويصير من العسير قراءتها‪ ،‬بل إن المعاني قد تتداخل ويلتبس فهمها‪.‬‬
‫واللغة العربية غنية بهذه العالمات والرموز التي تضبط الكالم وتؤدي إلى إدراك‬
‫المعنى المقصود منه(‪.)1‬‬
‫ومن ثم فيجب على الباحث مراعاة عالمات الترقيم في جميع عبارات بحثه‪ ،‬ويلزمه‬
‫صحيحا؛ ألن ذلك يسهم في إيضاح المعنى ويبعد عنه االلتباس‪،‬‬
‫ً‬ ‫استعماال‬
‫ً‬ ‫أن يستعملها‬
‫حيث تعمل عالمات الترقيم على الربط بين المترابطات‪ ،‬والفصل بين المنفصالت‪ ،‬كما‬
‫توضح أجزاء الكالم وتظهر آثاره بعكل بين(‪.)2‬‬
‫ومن األمور ذات األهمية الكبيرة في األبحاث العلمية‪ ،‬والتي ينبغي مراعاتها‪ ،‬موضوع‬
‫العكل أو الضبط؛ فكثير من كلمات العربية تحتاج إلى أن تُضبط بالعكل لتيسير القراءة‬
‫والفهم وإزالة اللبس‪.‬‬
‫ويقصد بالشكل أو الضبط‪" :‬وضع الحركات (الضمة – الفتحة – الكسرة – السكون)‬
‫على الحروف"(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬جميل عبد الباقي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.30‬‬


‫(‪ )2‬د‪ .‬سليمان بن عبد العزيز العيوني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ .229‬د‪ .‬أحمد شلبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.98‬‬
‫أيمن أمين عبتتد الغني‪ :‬الكتتافي في قواعتتد اإلمالء والكتتتابتتة وفقتتا لق اررات مجمع اللغتتة العربيتتة بتتالقتتاهرة‪،‬‬
‫مراجعتة‪ :‬أ‪.‬د‪ .‬كمتال بعت ت ت ت ت ت تتر‪ ،‬أ‪.‬د‪ .‬محمود كتامتل النتاقتة‪ ،‬القتاهرة‪ ،‬دار التوفيقيتة للتراث‪2012 ،‬م‪ ،‬ص‬
‫‪.112‬‬
‫(‪ )3‬أيمن أمين عبد الغني‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.19‬‬

‫‪191‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫ومراعاة العكل أو الضبط أمر محمود في األبحاث العلمية إذا كان بالقدر الالزم وفي‬
‫الحاالت التي تقتضيه‪.‬‬
‫فهناك حاالت يحسن فيها وضع العكل‪ ،‬منها‪ :‬حالة تقديم المفعول به على الفاعل‪،‬‬
‫ومنها‪ :‬أن يورد الباحث كلمات نطقها الصحيح غير معهور‪ ،‬ومنها الكلمات المعربة‪.‬‬
‫ولكن ينبغي أال يبالغ الباحث في استعمال العكل‪ ،‬فال يعكل ما ال يحتاج إلى إيضاح‪،‬‬
‫كما عليه أن يقتصد في شكل الكلمات المبهمة‪ ،‬بأن يعكل منها الحرف الذي سيجعل قراءتها‬
‫أيسر‪ ،‬وال يتعدى هذا الحرف إلى سواه(‪.)1‬‬
‫وتجدر اإلشارة هنا إلى أنه تضبط اآليات القرآنية واألحاديث النبوية بالعكل الكامل‪.‬‬
‫ولن يجد الباحث صعوبة في ذلك؛ إذ المكتبات اإللكترونية المتعددة قد كفته ذلك‪ ،‬وينحصر‬
‫دور الباحث في أن ينسخ اآلية القرآنية أوالحديث النبوي من مصدره إلى البحث‪.‬‬

‫المطلب الثالث‬
‫التنبيه على بعض األخطاء اإلمالئية الشائعة في الكتابة‬

‫تمهيد وتقسيم‬
‫سالمة اإلمالء (أي رسم الكلمة رسما صحيحا بالطريقة التي اتفق عليها) من أهم‬
‫شروط صحة المعنى ودقته ووضوحه‪ ،‬وهو ما يستتبع سرعة فهم المكتوب وإدراك معناه(‪.)2‬‬
‫وفي المقابل من ذلك‪ ،‬فإن األخطاء اإلمالئية ربما تفقد الكالم معناه‪ ،‬وأحيانا تغير المعنى‬
‫وتبدله‪ ،‬وفي بعض األحوال تؤثر في وضوح معنى الكالم ودقته‪ .‬ولهذا فإن األخطاء‬
‫اإلمالئية تحط من شأن الكاتب وتحط من قدر ما كتب‪ ،‬وإنه مهما كانت الفكرة التي يعرضها‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬أحمد شلبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.100 ،99‬‬


‫(‪ )2‬أيمن أمين عبد الغني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.7‬‬

‫‪192‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫الكاتب رائعة‪ ،‬ومهما كانت ثقافته واسعة‪ ،‬فإن القارئ – في الغالب – ما يزدري الكاتب الذي‬
‫يهفو في اإلمالء(‪ .)1‬وإذا كان هذا هو حال كل كتابة يقدمها اإلنسان‪ ،‬علمية كانت أم غير‬
‫علمية‪ ،‬فإن األمر يكون آكد وأشد تأكيدا إذا كانت الكتابة علمية‪ ،‬وتزداد أهمية – أيضا –‬
‫إذا كانت في المجال العرعي أو القانوني‪ .‬ومن ثم كان من الضوابط التي يلزم مراعاتها في‬
‫البحث العلمي القانوني – على نحو ما مر ‪ -‬سالمة عباراته من األخطاء النحوية‬
‫والتصريفية واإلمالئية‪.‬‬
‫ولما كانت بعض حروف اللغة العربية يلتبس على بعض الباحثين الطريقة الصحيحة‬
‫لكتابتها‪ ،‬بل وربما يعيع الخطأ فيها بين الناس‪ ،‬رأيت أن أنبه على أهم هذه الحاالت؛ وذلك‬
‫في أربعة فروع‪:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬التاء المربوطة والتاء المفتوحة‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬الهمزة أو الكلمة واأللف اللينة‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬الحروف التي تزاد‪.‬‬
‫الفرع الرابع‪ :‬الحروف التي تنقص‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬التاء المربوطة والتاء المفتوحة‬

‫وفيه الحديث عن التاء المربوطة‪ ،‬والتاء المفتوحة‪ ،‬من حيث المقصود بكل منهما‪ ،‬ومواضع‬
‫كل منهما‪.‬‬

‫(‪ )1‬أيمن أمين عبد الغني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.14‬‬

‫‪193‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫أوال‪ :‬التاء المربوطة‬

‫يقصد بالتاء المربوطة‪ :‬التاء التي تنطق (هاء) ساكنة حال الوقف عليها‪ ،‬وتنطق (تاء) مع‬
‫الحركات الثالث‪( :‬الفتحة‪ ،‬والضمة‪ ،‬والكسرة)‪ ،‬فهي في حال الوصل تنطق (تاء)‪.‬‬
‫وتُوضع فوق التاء المربوطة نقطتان‪ ،‬فترسم هكذا‪( :‬تة)‪( ،‬ة)‪ .‬وفي هذا تمييز لها عن الهاء‬
‫المربوطة‪.‬‬
‫حيث تنطق الهاء المربوطة (هاء) في جميع األحوال‪ ،‬وصال ووقفا‪ ،‬وتكون خالية من النقط‪،‬‬
‫فترسم هكذا‪( :‬ته)‪ ،‬ومثالها‪ :‬أخي بيته جميل‪ ،‬إنه كريم (‪.)1‬‬

‫مواضع التاء المربوطة‪:‬‬

‫ترسم التاء مربوطة في المواضع اآلتية‪:‬‬


‫‪ .1‬في آخر االسم المفرد المؤنث‪ ،‬مثل‪ :‬فاطمة‪ ،‬مكة‪.‬‬
‫‪ .2‬في آخر جمع التكسير إذا كان مفرده ال ينتهي بالتاء المفتوحة‪ ،‬مثل‪ :‬قضاة‪ ،‬دعاة‪،‬‬
‫سعاة‪ ،‬فمفردها‪ :‬قاضي‪ ،‬ساعي‪ ،‬داعي‪.‬‬
‫‪ .3‬في آخر بعض األعالم المذكرة‪ ،‬مثل‪ :‬معاوية‪ ،‬عبيدة‪ ،‬حمزة‪ ،‬أسامة‪.‬‬
‫‪ .4‬آخر بعض األسماء األعجمية‪ ،‬مثل‪ :‬اإلسكندرية‪ ،‬الرومية‪ ،‬اإلب ار يمية‪ ،‬اليونانية‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن هناك بعض الكلمات يجوز في الوقف عليها أن تكتب بالتاء المربوطة‬
‫أو المفتوحة‪ ،‬مثل‪( :‬ثمة – ثمت)‪ ،‬و(الة – الت) (‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬أيمن أمين عبد الغني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.30 ،29‬‬
‫(‪ )2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.28‬‬

‫‪194‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫ثانيا‪ :‬التاء المفتوحة‬

‫يقصد بالتاء المفتوحة أو المبسوطة‪ :‬التاء التي تنطق (تاء) في جميع األحوال‪ ،‬وصال‬
‫ووقفا‪ ،‬مع الحركات الثالث‪( :‬الفتحة‪ ،‬والضمة‪ ،‬والكسرة) ومع الوقف عليها بالسكون‪.‬‬

‫مواضع التاء المفتوحة‬

‫ترسم بالتاء مفتوحة في المواضع الستة اآلتية‪:‬‬


‫‪ .1‬إذا وقعت في آخر الفعل‪ ،‬سواء أكانت من أصل الفعل‪ ،‬مثل‪ :‬مات – بات – فات‪،‬‬
‫أم كانت تاء التأنيث الساكنة‪ ،‬مثل‪ :‬قالت‪ ،‬كتبت‪ ،‬جلست‪ ،‬أم كانت تاء الفاعل‪،‬‬
‫ذهبت‪ ،‬ذهب ِت‪.‬‬
‫َ‬ ‫ذهبت‪،‬‬
‫ُ‬ ‫مثل‪:‬‬
‫‪ .2‬في آخر جمع المؤنث السالم‪ ،‬مثل‪ :‬مسلمات‪ ،‬مؤمنات‪ ،‬قانتات‪.‬‬
‫‪ .3‬في آخر االسم الثالثي الساكن الوسط‪ ،‬في حالتي اإلفراد والجمع‪ ،‬مثل‪ :‬بيت –‬
‫أبيات‪ ،‬قوت – أقوات‪ ،‬صوت – أصوات‪.‬‬
‫‪ .4‬في آخر االسم المفرد المذكر‪ ،‬مثل‪ :‬نحات‪ ،‬عصمت‪ ،‬جودت‪ ،‬رفعت‪.‬‬
‫‪ .5‬في آخر بعض الحروف‪ ،‬مثل‪ :‬ليت – الت – لعلت – ثمت‪.‬‬
‫‪ .6‬في الضمير المنفصل للمفرد المذكر والمؤنث‪ ،‬مثل‪ :‬أنت‪ِ ،‬‬
‫أنت(‪.)1‬‬ ‫َ‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الهمزة أول الكلمة واأللف اللينة‬

‫وفيه الحديث عن همزة الوصل وهمزة القطع؛ فإنهما يأتيان أول الكلمة‪ ،‬ثم الحديث‬

‫(‪ )1‬أيمن أمين عبد الغني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.29‬‬

‫‪195‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫عن األلف اللينة في آخر الكلمة‪.‬‬

‫أوال‪ :‬همزة الوصل‬

‫ألفا بدون همزة فوقها أو تحتها‪،‬‬


‫همزة الوصل هي همزة تقع في أول الكلمة‪ ،‬وترسم ً‬
‫وتثبت نطًقا في االبتداء وتسقط في وسطه؛ أي عند االبتداء بها يثبت لفظها‪ ،‬فتنطق عند‬
‫ابتداء الكالم بها‪ ،‬وتسقط في حال وصل الكلمة بما قبلها فال تنطق‪.‬‬

‫مواضع همزة الوصل‬

‫لهمزة الوصل خمسة مواضع؛ هي‪:‬‬


‫‪ .1‬األسماء العشرة‪.‬‬
‫وهي‪( :‬اسم‪ ،‬است‪ ،‬ابن‪ ،‬ابنه‪ ،‬ابنم‪ ،‬امرؤ‪ ،‬امرأة – ومثنى هذه األسماء السبعة‬
‫‪ ،-‬اثنان‪ ،‬اثنتان‪ ،‬ايمن هللا)‪.‬‬
‫‪ .2‬أل بجميع أنواعها؛ مثل‪ :‬الرجل‪ ،‬العباس‪ ،‬الضارب‪ ،‬المضروب‪ ،‬السماء‪ ،‬الورد‪.‬‬
‫‪ .3‬الفعل الماضي الخماسي والسداسي‪.‬‬
‫الفعل الماضي الذي تكون من خمسة حروف دائما ما تكون همزته همزة وصل؛‬
‫اقترب‪.‬‬
‫مثل‪ :‬انطَلق‪َ ،‬‬
‫كما أن الفعل الماضي الذي تكون من ستة أحرف دائما ما تكون همزته همزة‬
‫استبعد‪.‬‬
‫َ‬ ‫استخرج‪،‬‬
‫َ‬ ‫وصل؛ مثل‪:‬‬
‫‪ .4‬فعل األمر من الثالثي والخماسي والسداسي‪.‬‬
‫فمثال أمر الفعل الثالثي (وهو الفعل المكون من ثالثة أحرف)‪ :‬اكتب‪ ،‬افهم‪،‬‬

‫‪196‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫اذكر‪ ،‬اخرج‪.‬‬
‫ومثال أمر الخماسي‪ :‬انطلِق‪ِ ،‬‬
‫اقترب‪.‬‬
‫ِ‬
‫استبعد‪.‬‬ ‫ِ‬
‫استخرج‪،‬‬ ‫ومثال أمر السداسي‪:‬‬
‫‪ .5‬مصدر الخماسي والسداسي‪ ،‬نحو‪ :‬انطالق‪ ،‬استخراج‪ ،‬اقتراب(‪.)1‬‬

‫ثانيا‪ :‬همزة القطع‬

‫همزة القطع هي‪ :‬همزة أصلية متحركة تثبت في االبتداء والوقف أي تنطق في جميع‬
‫األحوال والمواضع التي تجيء بها‪.‬‬
‫َمر‪ ،‬أُمر‪ ،‬أَكرم‪،‬‬
‫ألفا فوقها همزة إن كانت حركتها الفتحة أو الضمة‪( ،‬مثل‪ :‬أ َ‬
‫وترسم ً‬
‫أُكرم)‪.‬‬
‫ألفا تحتها همزة إن كانت حركتها الكسرة‪( ،‬مثل‪ :‬إن حال كونها مكسورة‪،‬‬
‫وترسم ً‬
‫إيمان‪ ،‬اإليمان)‪.‬‬

‫مواضع همزة القطع‬

‫تكون الهمزة في أول الكلمة همزة قطع في جميع المواضع (في األسماء‪ ،‬واألفعال‪،‬‬
‫والحروف)‪ ،‬عدا المواضع التي سبق ذكرها في همزة الوصل‪.‬‬
‫فمثال االسم المفرد‪ :‬أخ وأخت‪.‬‬
‫ومثال المثنى‪ :‬أخوين وأختين‪.‬‬

‫(‪ )1‬عبتد الست ت ت ت ت ت تتالم محمتد هارون‪ ،‬قواعد اإلمالء وعالمات الترقيم‪ ،‬القتاهرة‪ ،‬دار الطالئع للنعت ت ت ت ت ت تتر والتوزيع‬
‫والتصدير‪ ،‬ص ‪ .57 ،8 ،7‬أيمن أمين عبد الغني‪ ،‬مرجع سابق‪.71 - 70 ،‬‬

‫‪197‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫ومثال الجمع‪ :‬اإلخوة واألخوات‪.‬‬


‫أسر وإسرار‪.‬‬
‫ومثال مصدر الثالثي والرباعي‪ْ :‬‬
‫أس َّر(‪.)1‬‬
‫أس َر و َ‬
‫ومثال الفعل الماضي الثالثي والرباعي‪َ :‬‬

‫ثالثا‪ :‬األلف اللينة في طرف الكلمة‬

‫األلف اللينة هي التي ال تقبل الحركة‪ ،‬وترسم ياء في سبعة مواضع‪ ،‬وفي غيرها ترسم‬
‫ألفا‪ ،‬مثالها‪( :‬دعا‪ ،‬غزا‪ ،‬عفا)‪.‬‬
‫ً‬

‫والمواضع السبعة التي تكتب فيها األلف اللينة ياء هي‪:‬‬


‫‪ .1‬كل اسم ثالثي ألفه منقلبة عن ياء‪ ،‬نحو‪ :‬الفتى والهدى والسرى واللمى‪.‬‬
‫‪ .2‬كل اسم عربي زائد عن ثالثة وليس قبل آخره ياء‪ ،‬نحو‪ :‬صغرى‪ ،‬وكبرى‪،‬‬
‫ومصطفى‪ ،‬حبلى‪ ،‬صرعى‪ ،‬قتلى‪ ،‬عذارى‪ ،‬سكارى‪ ،‬مرتضى‪ ،‬تترى‪.‬‬
‫علما‬
‫ألفا مطلًقا‪ ،‬نحو‪ :‬دنيا‪ ،‬وقضايا‪ .‬إال ((يحيى)) ً‬
‫فإن كان قبل آخره ياء فترسم ً‬
‫فإنها ترسم بالياء‪.‬‬
‫‪ .3‬خمسة أعالم أعجمية‪ ،‬هي‪ :‬موسى‪ ،‬عيسى‪ ،‬متّى‪ ،‬كسرى‪ُ ،‬بخارى‪.‬‬
‫‪ .4‬خمسة أسماء مبنية‪ ،‬وهي‪ :‬لدى‪َّ ،‬أنى‪ ،‬متى‪ ،‬أُولى‪ ،‬األُلى‪.‬‬
‫‪ .5‬كل فعل ثالثي ألفه منقلبة عن ياء‪ ،‬نحو‪ :‬سعى‪ ،‬معى‪ ،‬رعى‪ ،‬رمى‪.‬‬
‫‪ .6‬كل فعل زائد على ثالثة إذا لم يكن قبل األلف ياء‪ ،‬نحو‪ :‬أهدى‪ ،‬اهتدى‪َّ ،‬‬
‫خلى‪،‬‬
‫َّ‬
‫صلى‪.‬‬

‫(‪ )1‬عبد السالم محمد هارون‪ ،‬ص ‪ .58 ،57 ،8‬أيمن أمين عبد الغني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.79 – 77‬‬

‫‪198‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫‪ .7‬أربعة أحرف‪ ،‬هي‪ :‬إلى‪ ،‬على‪ ،‬حتى‪ ،‬بلى(‪.)1‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬الحروف التي تزاد‬

‫وفيه الحديث عن زيادة األلف‪ ،‬وزيادة الواو‪.‬‬

‫أوال‪ :‬زيادة األلف‪:‬‬

‫تزاد األلف في وسط الكلمة وفي طرفها (أي آخرها)‪ ،‬وذلك على النحو اآلتي‪:‬‬

‫طا في كلمة (مائة)‪ ،‬سواء أكانت مفردة أم مركبة؛ مثل‪ :‬خمسمائة‬


‫أوًال‪ :‬تزاد األلف وس ً‬
‫وتسعمائة‪ ،‬وسبعمائة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬تزاد األلف طرًفا في المواضع اآلتية‪:‬‬


‫ً‬
‫‪ .1‬بعد واو الجماعة المتصلة بالفعل الماضي أو فعل األمر‪ ،‬نحو‪ :‬خرجوا‪ ،‬ذهبوا‪،‬‬
‫اخرجوا‪ ،‬اذهبوا‪.‬‬
‫وكذلك بعد واو الجماعة المتصلة بفعل من األفعال الخمسة عند نصبه أو جزمه‪،‬‬
‫مثل‪ :‬لن ترسبوا‪ ،‬لم يفعلوا‪.‬‬
‫‪ .2‬االسم المذكر المنتهي بحرف صحيح حال النصب إذا كان منونا‪ ،‬مثل‪ :‬أحضرت‬
‫كتابا‪ ،‬أكرمت ضيفا‪.‬‬
‫‪ .3‬االسم المذكر المنتهي بهمزة متطرفة حال النصب إذا كان منونا‪ ،‬مثل‪ :‬وضوءا‪،‬‬

‫(‪ )1‬عبد السالم محمد هارون‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪ 19‬إلى ‪.67 ،66 ،22‬‬

‫‪199‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫مملوءا‪ ،‬بدءا‪ ،‬شيئا‪.‬‬


‫وتجدر اإلشارة هنا إلى أنه إذا كانت الكلمة منتهية بهمزة قبلها ألف‪ ،‬مثل‪( :‬نداء‪،‬‬
‫دعاء‪ ،‬سماء)‪ ،‬فعند تنوينها بالنصب ال تزاد األلف في اآلخر‪ ،‬ويكتفى بالتنوين‪،‬‬
‫دعاء‪.‬‬
‫ً‬ ‫نداء‪،‬‬
‫سماء‪ً ،‬‬
‫ً‬ ‫فتكتب‪:‬‬
‫كما أنه إذا كانت الكلمة منتهية بهمزة على ألف‪ ،‬مثل‪( :‬خطأ‪ ،‬كأل‪ ،‬مبدأ‪ ،‬ملجأ)‪،‬‬
‫فعند تنوينها بالنصب ال تزاد األلف في اآلخر‪ ،‬ويكتفى بالتنوين‪.‬‬
‫‪ .4‬في آخر بيت الععر إذا كانت لإلطالق(‪.)1‬‬

‫ويجدر التنبه إلى ثالثة أمور‪:‬‬


‫األمر األول‪ :‬أنه ال تزاد األلف بعد الواو التي هي جزء من الفعل‪ ،‬مثل‪ :‬يدعو‬
‫المصلون‪ ،‬ونحن ندعو‪ ،‬وأنت تدعو‪.‬‬
‫األمر الثاني‪ :‬ال تزاد األلف بعد واو الجمع الالحقة لجمع المذكر السالم وملحقاته‪،‬‬
‫مثل‪ :‬مسلمو المدينة‪ ،‬فالحو القرية‪ ،‬بنو الوطن؛ ألنها واو جمع ال واو جماعة‪.‬‬
‫األمر الثالث‪ :‬ال يصح إهمال كتابة األلف بعد واو الجماعة في الفعل المسند إليها‬
‫المعظم(‪.)2‬‬
‫لتعظيم المفرد‪ ،‬مثل‪( :‬تفضلوا) في خطاب المفرد َ‬

‫(‪ )1‬عبد الست ت تتالم محمد هارون‪ ،‬مرجع ست ت تتابق‪ ،‬ص ‪ .32 ،31‬أيمن أمين عبد الغني‪ ،‬مرجع ست ت تتابق‪ ،‬ص‬
‫‪.97 ،62‬‬
‫(‪ )2‬عبد السالم محمد هارون‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.32‬‬

‫‪200‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫ثانيا‪ :‬زيادة الواو‪:‬‬

‫تزاد الواو في وسط الكلمة وتزاد في طرفها‪ ،‬ولكل منهما مواضع معينة‪ ،‬وذلك على‬
‫النحو التالي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬تزاد الواو في وسط الكلمة فيما يأتي‪:‬‬


‫‪ .1‬أولى اإلشارية‪ ،‬وممدودها (أوالء)‪.‬‬
‫‪ .2‬أولو وأُولي‪ ،‬بمعنى أصحاب‪ ،‬مثل‪ :‬وأولوا األرحام‪ ،‬وأولي النهى‬
‫ثانيا‪ :‬تزاد الواو في آخر الكلمة في موضعين‪:‬‬
‫‪ .1‬كلمة (عمرو) إذا اجتمعت فيها العروط اآلتية‪:‬‬
‫أ‪ -‬أن يكون علما‪.‬‬
‫ب‪ -‬وأن يكون غير مضاف لضمير‪.‬‬
‫ت‪ -‬أال يكون مصغرا‪.‬‬
‫ث‪ -‬أال يكون مقرونا بأل‪.‬‬
‫ج‪ -‬أال يكون منسوبا‪.‬‬
‫ح‪ -‬أال يكون منصوبا منونا‪.‬‬
‫‪ .2‬بعد ميم الجمع التي أُشبعت ضمتها‪ ،‬مثل‪ :‬إليكمو‪ ،‬وعليكمو‪ .‬وبعضهم يحذها(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬عبد السالم محمد هارون‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.33 ،32‬‬

‫‪201‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫الفرع الرابع‪ :‬الحروف التي تنقص‬

‫وفيه الحديث عن نقص األلف‪ ،‬ونقص أل‪ ،‬ونقص النون‪ ،‬ونقص الواو‪.‬‬

‫أوال‪ :‬نقص األلف‬

‫تنقص األلف في أول الكلمة وفي وسطها‪ ،‬على النحو اآلتي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬نقص األلف في أول الكلمة‬


‫تنقص األلف أول الكلمة في كل من‪( :‬ابن)‪( ،‬ابنه)‪( ،‬اسم)‪( ،‬أل)‪ ،‬ولكل منها مواضع‬
‫على النحو التالي‪:‬‬

‫▪ ألف (ابن) و(ابنة) (‪:)1‬‬


‫تنقص ألف ابن وابنة في ثالثة مواضع‪:‬‬
‫نعتا بين علمين مباشرين أولهما غير منون‪ ،‬وثانيهما‬
‫مفردا ً‬
‫‪ .1‬إذا وقع أحدهما ً‬
‫مشهور باألبوة ولو ادعاء‪ ،‬بشرط أال يكون أول سطر‪.‬‬
‫مثال ذلك‪ :‬الحسن بن علي‪ ،‬وفالن بن فالن‪ ،‬وزين العابدين بن الحسين‪.‬‬
‫وال تحذف األلف حال التثنية نحو‪ :‬رحم هللا الحسن والحسين ابني علي‪.‬‬
‫وال تحذف األلف – أيضا ‪ -‬عند عدم المباشرة نحو‪ :‬قال محمد هو ابن مالك‪.‬‬

‫(‪ )1‬عبد الس ت ت تتالم محمد هارون‪ ،‬مرجع س ت ت تتابق‪ ،‬ص ‪ .38 ،37‬أيمن أمين عبد الغني‪ ،‬مرجع س ت ت تتابق‪ ،‬ص‬
‫‪.48‬‬

‫‪202‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫‪ .2‬إذا وقع أحدهما بعد (يا) التي للنداء‪.‬‬


‫مثال ذلك‪ :‬يابن الذي دان له المعرقان‪ ،‬يابنة عبد هللا‪.‬‬
‫‪ .3‬إذا دخلت عليهما همزة االستفهام؛ مثل‪ :‬أَبنك هذا أبنتك هذا‬

‫▪ ألف اسم‪:‬‬

‫تنقص أو تحذف ألف (اسم) في البسملة وحدها‪( :‬بسم هللا الرحمن الرحيم)‪ .‬ومن ثم‬
‫فال تحذف في (باسمك اللهم)‪.‬‬

‫▪ ألف (أل)‪:‬‬

‫ياللرجال‪،‬‬
‫تنقص ألف (أل) إذا دخل عليها الالم‪ ،‬مثل‪ :‬إنه للحق‪ ،‬للعمل الصالح أبقى‪ّ ،‬‬
‫للذي‪ ،‬للذين‪ .‬وهناك مواضع أخرى في بعض لغات العرب‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬نقص األلف في وسط الكلمة‪:‬‬

‫تنقص األلف من لفظ الجاللة (هللا)‪ ،‬ومن كلمة (الرحمن)‪ ،‬و(الحرث) علمين مقرونين‬
‫بأل‪ ،‬ومن (طه)‪ ،‬و(يس)‪ ،‬ومن (إله)‪ ،‬و(اإلله)‪ ،‬و(السموات) (‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬عبد السالم محمد هارون‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.40 ،39‬‬

‫‪203‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫ثانيا‪ :‬نقص أل‪:‬‬

‫تحذف (أل) إذا وقعت بعد الم وكان بعدها الم‪.‬‬


‫ومن أمثلة ذلك‪ :‬أصغيت للحن الجميل‪ ،‬للحن الجميل غذاء الروح‪.‬‬
‫ومن ذلك االسم الموصول الذي يرسم بالمين‪ ،‬مثل‪ :‬للذان فعال الخير مستحقان‬
‫لإلكرام‪ ،‬لالتي فعلن الخير مستحقات للتعظيم(‪.)1‬‬

‫ثالثا‪ :‬نقص النون‪:‬‬

‫تحذف النون في المواضع اآلتية‪:‬‬


‫عما‪،‬‬
‫عمن‪ّ ،‬‬
‫مما‪ّ ،‬‬
‫‪ .1‬من كلمتي‪( :‬من)‪ ،‬و(عن) إذا دخلتا على (ما) أو (من)‪ ،‬مثل‪ّ :‬‬
‫عمن‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ .2‬من (إن العرطية) إذا وقع بعدها (ما) الزائدة‪ ،‬ومن ذلك قوله تعالى‪ِ :‬إ َّما َيْبلُ َغ َّن‬
‫َح ُد ُه َما أ َْو ِكالَ ُه َما‪.‬‬
‫(‪)2‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ع َند َك اْلك َب َر أ َ‬
‫ِ َّ‬
‫نص ُروهُ‬
‫‪ .3‬من (إن العرطية) إذا وقع بعدها (ال) النافية‪ ،‬ومن ذلك قوله تعالى‪ :‬إال تَ ُ‬
‫(‪)3‬‬
‫للاُ‪.‬‬
‫ص َرهُ ّ‬
‫َفَق ْد َن َ‬
‫أما أنت منطلًقا‪.‬‬
‫‪ .4‬من (أن المصدرية الناصبة) إذا وقع بعدها (ما)‪ ،‬مثل‪ّ :‬‬
‫‪ .5‬من (أن المصدرية الناصبة) إذا وقع بعدها (ال)‪ ،‬سواء أكانت نافية أم زائدة‪.‬‬
‫فمثال (ال) النافية‪ :‬عسى أال يمرض‪.‬‬

‫(‪ )1‬عبد السالم محمد هارون‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.42 ،41‬‬
‫(‪[ )2‬اإلسراء‪.]23:‬‬
‫(‪[ )3‬التوبة‪.]40:‬‬

‫‪204‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫أي ألن يعلم؛ وقوله‬ ‫اب‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬ ‫َهل اْل ِكتَ ِ‬ ‫ِ َّ‬
‫ومثال (ال) الزائدة قوله تعالى‪ :‬ل َئال َي ْعَل َم أ ْ ُ‬
‫ضُّلوا‪ ،‬أَالَّ تَتَِّب َع ِن‪ )2(.‬أي أن تتبعن(‪.)3‬‬
‫ال َيا َه ُارو ُن َما َم َن َع َك ِإ ْذ َأرَْيتَ ُه ْم َ‬
‫تعالى‪َ :‬ق َ‬
‫‪ .6‬من المثنى وجمع المذكر السالم عند اإلضافة‪ ،‬مثل‪ :‬طبيبا األسرة مسافران‪،‬‬
‫مواطنو الدولة مخلصون(‪.)4‬‬

‫رابعا‪ :‬نقص الواو‬

‫تحذف الواو من‪:‬‬


‫‪ .1‬الفعل المضارع المنتهي بواو حال الجزم‪ ،‬مثل‪ :‬لم يدع‪ ،‬لم يرج‪ ،‬لم ينج‪.‬‬
‫‪ .2‬فعل األمر المنتهي بواو‪ ،‬مثل‪ :‬ادع‪ ،‬ارج‪ ،‬انج‪.‬‬
‫عمرا‪.‬‬
‫‪ .3‬كلمة (عمرو) حال النصب إذا كانت منونة‪ ،‬مثل‪ :‬نصح األب ً‬
‫‪ .4‬جمع المذكر السالم إذا أضيف إلى ياء المتكلم‪ ،‬مثل‪ :‬معلمي‪ ،‬بني‪ .‬حيث‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أصلهما‪ :‬معلمون‪ ،‬وبنون‪ ،‬فجاءت بعدهما ياء المتكلم‪ ،‬فحذفت النون لإلضافة‪،‬‬
‫وقلبت الواو ياء وأدغمت بياء المتكلم‪.‬‬
‫‪ .5‬الفعل المعتل األول عند المضارع واألمر والمصدر‪ ،‬مثل‪َ :‬ي ِع ُد‪ ،‬وذلك أن ماضيها‪:‬‬
‫وعد‪ ،‬وأمرها‪ :‬عد‪ ،‬ومصدرها‪ :‬عدة(‪.)5‬‬

‫(‪[ )1‬الحديد‪.]29:‬‬
‫(‪[ )2‬طه‪.]93-92:‬‬

‫(‪ )3‬عبد السالم محمد هارون‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 43‬إلى ‪.44‬‬
‫(‪ )4‬أيمن أمين عبد الغني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.58‬‬
‫(‪ )5‬أيمن أمين عبد الغني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.54‬‬

‫‪205‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫‪206‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫المبحث الثالث‬
‫(‪)1‬‬
‫عالمات الترقيم‬

‫يقصد بعالمات الترقيم‪ :‬عالمات تتخلل الجمل والكتابات‪ ،‬لتنظيمها بما يساعد القارئ‬
‫على فهمها‪.‬‬
‫وهي كثيرة ومتنوعة‪ ،‬يأتي تنوعها من عمق اللغة العربية وثرائها‪.‬‬

‫وعالمات الترقيم متصلة بالرسم اإلمالئي‪ ،‬وهي عنصر أصيل من عناصر التعبير‬
‫‪)2( .‬‬
‫الكتابي؛ ذلك أنه يختلف المعنى بل ويختل عند إساءة استعمال عالمات الترقيم‬
‫ومن أهم عالمات الترقيم ما يلي‪:‬‬

‫‪،‬‬ ‫‪ -‬الفصلة‬
‫؛‬ ‫‪ -‬الفصلة المنقوطة‬
‫‪.‬‬ ‫‪ -‬النقطة‬
‫‪:‬‬ ‫‪ -‬النقطتان‬
‫‪-‬‬ ‫‪ -‬العرطة‬
‫‪--‬‬ ‫‪ -‬العرطتان‬

‫(‪ )1‬هذا المبحث إعداد‪ :‬دح ممدوح واعر عبد الرحمن‪.‬‬


‫(‪ )2‬أيمن أمين‪ ،‬الكافي في قواعد اإلمالء والكتابة وفًقا لق اررات مجمع اللغة العربية بالقاهرة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار‬
‫التوفيقية للتراث‪ ،‬ص ‪.112‬‬

‫‪207‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫‪ -‬عالمة االستفهام‬
‫!‬ ‫‪ -‬عالمة التأثر‬
‫()‬ ‫‪ -‬القوسان‬
‫""‬ ‫‪ -‬التنصيص‬
‫‪...‬‬ ‫‪ -‬عالمة الحذف‬
‫‪‬‬ ‫‪ -‬القوسان القرآنيان‬
‫[]‬ ‫‪ -‬القوسان المعقوفان‬
‫=‬ ‫‪ -‬عالمة التابعية‬

‫وقبل البدء في بيان أهم مواضع استخدام كل منها‪ ،‬أشير إلى أن بعض هذه العالمات‬
‫ال يصح وضعها ال في أول السطر‪ ،‬وال في أول الكالم؛ وهذه العالمات هي‪ ،( :‬؛ ‪: .‬‬
‫»)(‪.)1‬‬ ‫!‬
‫وهاك بيان مواضع استخدام كل عالمة من العالمات السابق ذكرها‪:‬‬

‫(‪ )1‬أحمد زكي‪ ،‬الترقيم وعالماته في اللغة العربية‪ ،‬المملكة المتحدة‪ ،‬مؤسسة هنداوي‪ ،‬ص ‪.13‬‬

‫‪208‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫الفصلة (‪)،‬‬

‫وتستخدم للفصل بين أجزاء الكالم‪ ،‬ليتم التنفس بالوقوف وقفة خفيفة‪ ،‬دون أن يضيع‬
‫تركيب الجملة‪ ،‬أو يختل المعنى المراد‪.‬‬

‫وأشهر مواضع استخدامها ما يلي‪:‬‬

‫تاما معيًنا في مجموعها‪:‬‬


‫‪ -‬بين الجمل التي تفيد معنى ً‬
‫يعرف التالميذ باألدوات‬
‫مثال‪ :‬توفير المعامل في المدارس له فوائد عديدة‪ :‬فهو ّ‬
‫المعملية‪ ،‬ويصقل الجانب العملي‪ ،‬ويعجع على االبتكار‪.‬‬

‫‪ -‬بين أقسام الشيء‪ ،‬وأنواعه‪:‬‬


‫مثال‪ :‬أقسام اإلدارة على نوعين‪ :‬مركزية‪ ،‬والمركزية‪.‬‬
‫فصول السنة أربعة‪ :‬العتاء‪ ،‬والربيع‪ ،‬والخريف‪ ،‬والصيف‪.‬‬
‫‪ -‬بين العرط وجوابه‪ ،‬مثل‪ :‬إن تتقرب الى هللا بالعمل الصالح‪ ،‬يكتب لك التوفيق‪.‬‬

‫المنادى‪:‬‬
‫َ‬ ‫‪ -‬بعد لفظ‬
‫مثال‪ :‬يا محمد‪ ،‬أقبل‪ ،‬يا إب ار يم‪ ،‬انتبه‪.‬‬

‫‪209‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫بين القسم وجوابه‪:‬‬


‫مثل‪ :‬وهللا ألصدقنك القول(‪.)1‬‬

‫الفصلة المنقوطة (؛)‬

‫وتستخدم للفصل بين الجمل‪ ،‬ليتم التنفس بالوقوف وقفة أطول من وقفة الفصلة‪ ،‬مع‬
‫شمولها على فوائد أخرى في فهم الكالم‪.‬‬

‫وأشهر مواضع استخدامها ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬حين تكون الجملة الثانية مسببة عن الجملة األولى‪:‬‬


‫مثال‪ :‬لقد أضاع وقته كله فيما ال فائدة منه؛ فبدد هذا الوقت‪ ،‬ولم يستفد منه‪.‬‬

‫‪ -‬حين تكون الجملة األولى سببها الجملة الثانية‪:‬‬


‫سلبا على‬
‫مثال‪ :‬لم ُيقبل أسامة في كلية العرطة؛ ألنه أفرط في التدخين مما أثر ً‬
‫صحته‪.‬‬

‫(‪ )1‬دح أحمد محمد أبو بكر‪ ،‬القواعد الذهبية في اإلمالء والترقيم‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬ص ‪ .52 – 51‬فخر‬
‫الدين قباوة‪ ،‬عالمات الترقيم في اللغة العربية‪ ،‬حلب‪ ،‬دار الملتقى‪ ،‬ط‪1428 ،1‬ه‪2007 -‬م‪ ،‬ص‪-56‬‬
‫‪ .57‬وخام الكينيال‪ ،‬عبد المجيد النعيمي‪ ،‬اإلمالء الواضح‪ ،‬بغداد‪ ،‬مطبعة أسعد (بغداد) طح ثالثة ‪1387‬ه‪-‬‬
‫‪1967‬م‪ ،‬ص ‪.11‬‬

‫‪210‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫‪ -‬بين الجمل الطويلة التي تؤلف في مجموعها معان مختلفة للتنفس بينها‪،‬‬
‫نظر الشتمالها على جمل طويلة‪ ،‬بينها تباعد إلى حد ما‪:‬‬
‫صحيحا ًا‬
‫ً‬ ‫فهما‬
‫ولفهمها ً‬
‫مثال‪ :‬ليست معكلة طالب الماجستير في صعوبة الموضوعات التي يختارونها‪،‬‬
‫أو في قلة المراجع العلمية؛ وإنما المعكلة في قلة اطالع بعضهم‪ ،‬وعدم تمرس الكثير منهم‬
‫(‪)1‬‬
‫على أسلوب البحث‪.‬‬

‫النقطة (‪).‬‬

‫وتستخدم في نهاية الجملة التامة لتفيد إتمام معناها‪ ،‬ونهايته‪ ،‬واستئناف الجملة التي‬
‫تليها بمعنى جديد‪.‬‬

‫ومن أشهر مواضع استعمالها ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬نهاية الجملة‪:‬‬
‫مثال‪ :‬ال خير فيمن عاش لنفسه فقط‪.‬‬

‫‪ -‬نهاية الفقرة‪:‬‬
‫مثال‪ :‬يتعلق هذا البحث بموضوع "الهجرة غير المعروعة في الفقه اإلسالمي"‬
‫وذلك بيان األحكام الفقهية المتعلقة بالهجرة غير المعروعة‪ ،‬وسرد أهم أدلة هذه األحكام‪،‬‬

‫(‪ )1‬دح أحمد محمد أبو بكر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،53‬أيمن أمين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،113‬وخام‬
‫الكينيال‪ ،‬عبد المجيد النعيمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.12‬‬

‫‪211‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫مع بيان الواجب العرعي في مكافحة هذه الظاهرة‪.‬‬

‫‪ -‬نهاية القول‪:‬‬
‫مثال‪ :‬قال رسول هللا ‪ ‬فيما رواه أنس ‪-‬رضى هللا عنه‪" :-‬ال يؤمن أحدكم حتى‬
‫(‪)1‬‬
‫يحب ألخيه ما يحب لنفسه"‪.‬‬

‫النقطتان الفوقيتان (‪):‬‬

‫طا‪.‬‬
‫وقفا متوس ً‬
‫وتستخدمان في التوضيح‪ ،‬والتوقف ً‬

‫ومن أشهر مواضع استعمالهما ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬بين القول‪ ،‬والمقول‪:‬‬


‫مثال‪ :‬عن حذيفة ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪" :‬ال ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫قالوا‪ :‬وكيف يذل نفسه قال‪ :‬يتعرض من البالء لما ال يطيق"‪.‬‬

‫(‪ )1‬أبي عبد هللا محمد بن إسماعيل البخاري الجعفي‪ ،‬الجامع الصحيح المختصر (صحيح البخاري)‪،‬‬
‫تحقيقح د‪ .‬مصطفى ديب البغا‪ ،‬بيروت‪ ،‬اليمامة‪ ،‬دار ابن كثير‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪1407‬ه‪1987 -‬م‪،‬‬
‫(باب‪ :‬من اإليمان أن يحب ألخيه ما يحب لنفسه)‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.14‬‬
‫(‪ )2‬العيخح محمد بن عيسى الترمذي السلمي‪ ،‬الجامع الصحيح (سنن الترمذي)‪ ،‬تحقيقح أحمد محمد‬
‫شاكر وآخرون‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬ج ‪ ،4‬ص ‪.522‬‬
‫وقال فيه أبو عيسى‪" :‬هذا حديث حسن غريب"‪.‬‬

‫‪212‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫‪ -‬بين الشيء‪ ،‬وأقسامه‪:‬‬


‫مثال‪ :‬أقسام السنة أربعة‪ :‬العتاء‪ ،‬والربيع‪ ،‬والخريف‪ ،‬والصيف‪.‬‬

‫المعرف‪:‬‬
‫َّ‬ ‫‪ -‬قبل‬
‫مثال‪ :‬الهجرة غير المعروعة هي‪ :‬االنتقال من دولة إلى دولة أخرى بغية الوصول‬
‫إلى وضع أفضل –سواء من الناحية االقتصادية‪ ،‬أو السياسية‪ ،‬أو االجتماعية‪ ،‬أو الدينية‪،‬‬
‫ٍ‬
‫مخالفة للنظم‪ ،‬والقوانين الموضوعة في هذا العأن من ِقَبل الدولة‬ ‫أو غير ذلك‪ -‬بطر ٍ‬
‫يقة‬
‫معا‪.‬‬
‫المهاجر منها‪ ،‬أو إليها‪ ،‬أو منهما ً‬
‫َ‬

‫‪ -‬قبل الكالم الموضوع لتوضيح ما سبقه‪:‬‬


‫مثال‪ :‬تعتمل الهجرة غير المعروعة على مضار عديدة‪ :‬تعرض المهاجر‬
‫(‪)1‬‬
‫للتهلكة‪ ،‬ولألذى‪ ،‬فيها إذالل للنفس‪ ،‬تعرض المهاجر للترحيل‪ ،‬وللسجن‪.‬‬

‫أيضا في‪ :‬أبي عبد هللا محمد بن يزيد القزويني‪ ،‬سنن ابن ماجه‪ ،‬تحقيقح محمد فؤاد عبد‬ ‫والحديث ً‬
‫آم ُنوْا َعَل ْي ُك ْم‬ ‫الباقي‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بدون تاريخ‪ ،‬ج ‪ 2‬ص‪( 1332‬باب قوله تعالى‪{ :‬يا أَي َّ ِ‬
‫ين َ‬
‫ُّها الذ َ‬
‫َ َ‬
‫أَنُف َس ُك ْم} [المائدة‪.)]105:‬‬
‫(‪ )1‬أيمن أمين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،115-114‬فخر الدين قباوة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ .57‬عبد السالم‬
‫محمد هارون‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.72‬‬

‫‪213‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫الشرطة (‪)-‬‬

‫أيضا‪ ،‬ومن أشهر مواضع استعمالها ما يلي‪:‬‬


‫وتسمى (الوصلة) ً‬

‫رقما‪:‬‬
‫ظا‪ ،‬أو ً‬
‫‪ -‬بين العدد‪ ،‬والمعدود سواء أكان العدد لف ً‬
‫مثال‪ :‬من شروط الكتابة الجيدة‪:‬‬
‫‪ -1‬كثرة القراءة‪.‬‬
‫‪ -2‬التنوع في االطالع‪.‬‬
‫‪ -3‬عدم التعصب التجاه معين‪.‬‬
‫مثال آخر‪ :‬من آثار الغضب السيئة‪:‬‬
‫أوًال‪ -‬يمنع ضبط النفس‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬يدفع بالغضبان إلى اتخاذ ق اررات غير صائبة‪.‬‬
‫ً‬
‫ثالثًا‪ -‬يعود بالندم على صاحبه‪.‬‬

‫بديال عن ذكر األسماء في المحادثة‪:‬‬


‫‪ً -‬‬
‫مثال‪:‬‬
‫فبدال من أن تقول قال فالن‪ ،‬ثم أجاب فالن تقول ً‬
‫ً‬
‫أتى رجل قرية فسألهم مساعدة‪:‬‬
‫‪ -‬ساعدوني‪.‬‬
‫‪ -‬من أنت‬
‫‪ -‬أنا عابر سبيل‪.‬‬

‫‪214‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫(‪)1‬‬
‫‪ -‬ما حاجتك‬

‫الشرطتان (‪)- -‬‬

‫وتستخدم عالمة العرطتين لتيسير فهم الجملة‪ ،‬وعدم الفصل في المعنى بين ما قبل‬
‫العرطة األولى‪ ،‬وما بعد العرطة الثانية‪.‬‬

‫ومن أشهر مواضع استعمالهما ما يلي‪:‬‬


‫‪-‬الجمل االعتراضية‪:‬‬
‫مثال‪ :‬هذه قصة –يا مدرس الفصل‪ -‬أحكيها‪.‬‬
‫محرما –سواء في مقصده‪ ،‬أو في وسيلته‪ -‬فإن‬
‫ً‬ ‫مثال آخر‪ :‬إن السفر إذا كان‬
‫أيضا؛ ألن ما يؤدي إلى الحرام فهو حرام‪.‬‬
‫ركوب البحر لهذا السفر محرم ً‬

‫االستفهام (؟)‬

‫وتستخدم عالمته في نهاية الجمل االستفهامية‪ ،‬ولو كانت أداة االستفهام محذوفة‪.‬‬

‫فمثال األداة المذكورة‪:‬‬


‫أهذا بحثك للدكتوراه‬

‫(‪ )1‬دح أحمد محمد أبو بكر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ .59-58‬أيمن أمين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.117-116‬‬

‫‪215‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫هل قسمت البحث إلى أبواب‪ ،‬أم إلى فصول‬

‫ومثال األداة المحذوفة‪:‬‬


‫(‪)1‬‬
‫محتاجا‪ ،‬وال تعطه‬
‫ً‬ ‫محتاجا وال تعطه فالمراد أترى‬
‫ً‬ ‫ترى‬

‫التأثر (!)‬

‫تستخدم عالمة التأثر آخر الجملة للتعبير عن االنفعاالت النفسية‪ ،‬فكأنها صورة‬
‫تمثيلية‪ ،‬أو تجسيدية لإلحساس الداخلي‪.‬‬
‫كالفرح‪ ،‬والحزن‪ ،‬والدهعة‪ ،‬والتعجب‪.‬‬
‫مثال‪:‬‬
‫ما أسعدني بك!‬
‫ما أتعس من فارق أهله!‬
‫ما أغرب ضرب الزوجة لزوجها!‬
‫(‪)2‬‬
‫عجبا لما أسمعه منك!‬
‫ً‬

‫(‪ )1‬دح أحمد محمد أبو بكر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،57‬عبدالمجيد النعيمي‪ ،‬خام الكينيال‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫ص ‪ ،14‬عبدالسالم محمد هارون‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.72‬‬
‫(‪ )2‬أيمن أمين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،114‬عبد السالم محمد هارون‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.73‬‬

‫‪216‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫القوسان ( )‬

‫ويستخدمان حول الجمل المعترضة غير المرتبطة بسياق الكالم‪.‬‬


‫مثال‪ :‬كان فيما كتب عمر بن الخطاب (رضى هللا عنه) إلى أبي موسى (رضى هللا‬
‫عنه) "أما بعد‪ :‬ال يمنعك قضاء قضيته باألمس راجعت فيه الحق‪ ،‬فإن الحق قديم‪ ،‬ال يبطل‬
‫(‪)1‬‬
‫الحق شيء‪ ،‬ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل"‪.‬‬

‫(‪)2‬‬
‫ويمكن استعمال العرطتين بدل القوسين‪ ،‬فهو استعمال جائز مستساغ‪.‬‬

‫التنصيص (" ")‬

‫حرفيا‪ ،‬وهو‬
‫وتستخدم عالمتي التنصيص ليوضع بينهما الكالم المنقول عن اآلخرين ً‬
‫مما يدل على أمانة الباحث في النقل‪.‬‬
‫مثال‪ :‬يقول اإلمام العافعي ‪" :‬مثل الذي يطلب العلم بال حجة‪ ،‬كمثل حاطب‬
‫ليل يحمل حزمة حطب وفيه أفعى تلدغه وهو ال يدري"‪.‬‬

‫(‪ )1‬العيخح أحمد بن الحسين بن علي بن موسى البيهقي‪ ،‬سنن البيهقي الكبرى‪ ،‬تحقيقح محمد عبد القادر‬
‫عطا‪ ،‬مكة المكرمة‪ ،‬مكتبة دار الباز‪1414 ،‬ه‪1994 -‬م‪ ،‬ج ‪ ،10‬ص ‪.204‬‬
‫وقال فيه البيهقي‪..." :‬ورواه أحمد بن حنبل‪ ،‬وغيره عن سفيان"‬
‫(‪ )2‬أيمن أمين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.118‬‬

‫‪217‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫(‪)1‬‬
‫وقال أبو يوسف ‪" :‬ال يحل ألحد أن يقول مقالتنا حتى يعلم من أين قلنا"‪.‬‬

‫الحذف (‪)...‬‬

‫وتستخدم عالمته للداللة على وجود كالم حذفه الكاتب لعلة‪ ،‬قد تكون عدم الحاجة‬

‫إليه في موضع الحديث‪ ،‬وقد يكون ً‬


‫كالما ال يليق ذكره‪ ،‬وأقلها ثالث نقاط وفق المعهور‪.‬‬

‫ومن أهم مواضع استخدام عالمة الحذف‪:‬‬

‫كامال‪:‬‬
‫‪ -‬الداللة على أمانة الناقل‪ ،‬وأنه اكتفى ببعض الكالم‪ ،‬ولم يذكره ً‬
‫مالكا‪ ،‬وال‪...‬وخذ من‬
‫مثال‪ :‬يقول اإلمام أحمد بن حنبل ‪" :‬ال تقلدني‪ ،‬وال تقلد ً‬
‫(‪)2‬‬
‫حيث أخذوا"‪.‬‬

‫‪ -‬مكان األلفاظ التي تخدش الحياء‪ ،‬كالسب‪ ،‬والقذف‪:‬‬


‫قائال له‪ :‬يا‪...‬‬
‫مثال‪ :‬لقد أخطأ فالن بوصف جاره بأحط الصفات ً‬

‫(‪ )1‬العيخح محمد بن أبي بكر الدمعقي‪ ،‬إعالم الموقعين‪ ،‬تحقيقح طه عبد الرؤوف سعد‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار‬
‫الجيل‪1973 ،‬م‪ ،‬ج ‪ ،2‬ص ‪.201 - 200‬‬

‫(‪ )2‬المرجع السابق ذات الموضع‪.‬‬

‫‪218‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫‪ -‬توضع مكان الكالم المحذوف عن عمد لسبب من األسباب كتخويف األب البنه‬
‫مثال‪:‬‬
‫ً‬
‫(‪)1‬‬
‫مثال‪ :‬إن لم تتفوق هذا العام‪ ،‬فسوف‪...‬‬

‫القوسان المزهران (القرآنيان) ‪ ‬‬

‫ويستخدمان ليوضع بينهما آيات الذكر الحكيم من القرآن الكريم‪ ،‬فهما خاصان بالقرآن‬
‫الكريم‪.‬‬
‫وه ُك ْم‬ ‫الة ْ ِ‬ ‫الص ِ‬
‫آم ُنوْا ِإ َذا ُق ْمتُ ْم ِإَلى َّ‬ ‫كأن تقول‪ :‬يقول تعالى‪ :‬يا أَي َّ ِ‬
‫فاغسُلوْا ُو ُج َ‬ ‫ين َ‬
‫ُّها الذ َ‬ ‫َ َ‬
‫ين وإِن ُكنتُم جنبا َف َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ام َس ُحوْا ب ُرُؤوس ُك ْم َوأ َْر ُجَل ُك ْم إَلى اْل َك ْع َب ِ َ‬
‫َوأ َْيدَي ُك ْم إَلى اْل َم َراف ِق َو ْ‬
‫(‪)2‬‬
‫اط َّه ُروْا‪.‬‬ ‫ْ ُ ًُ‬

‫القوسان المعقوفان [ ]‬

‫ويستخدمان لإلحاطة بالكالم الزائد على النص األصلي‪ ،‬إما إليضاحه‪ ،‬وإما لبيان‬
‫أنه من عند الكاتب‪ ،‬أو لغير ذلك‪.‬‬

‫مثال‪ :‬عن أبي هريرة ‪ ‬أن رسول هللا ‪ ‬قال‪" :‬سيكون في آخر الزمان ناس من‬
‫أمتي يحدثونكم بما لم تسمعوا أنتم وال آباؤكم‪ ،‬فإياكم‪ ،‬وإياهم"‪.‬‬

‫(‪ )1‬دح أحمد محمد أبو بكر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ .63‬عبد السالم محمد هارون‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.72‬‬
‫(‪[ )2‬المائدة‪.]6:‬‬

‫‪219‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫حيث يقول الحاكم النيسابوري في تخريج هذا الحديث‪" :‬هذا حديث ذكره مسلم في‬
‫خطبة الكتاب مع الحكايات‪ ،‬ولم يخرجاه [أي البخاري‪ ،‬ومسلم] في أبواب الكتاب‪ ،‬وهو‬
‫(‪)1‬‬
‫جميعا‪...‬وال أعلم له علة"‪.‬‬
‫ً‬ ‫صحيح على شرطهما‬

‫وقد يوضعان عند اختيار كلمة غير فصيحة يحتاج الباحث الى استخدامها مثال‪:‬‬
‫(‪.)2‬‬
‫مصباح [لمبة] عند العامية‬

‫عالمة التابعية (=)‬

‫وتوضع في آخر الهامش من نهاية السطر عند عدم اكتمال الكالم‪ ،‬على أن يوضع‬
‫مثلها في بداية هامش الصفحة التالية لها‪ ،‬ليفهم القارئ أن بقية الهامش في الصفحة‬
‫القادمة(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬العيخح أبي عبد هللا محمد بن عبدهللا الحاكم النيسابوري‪ ،‬المستدرك على الصحيحين‪ ،‬تحقيقح مصطفى‬
‫عبدالقادر عطا‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬الطبعة األولى ‪1411‬هت ‪1990 -‬م‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪.184‬‬

‫(‪ )2‬فخر الدين قباوة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ،58‬أيمن أمين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.118‬‬
‫(‪ )3‬المرجعان نفسهما‪ :‬أيمن أمين‪ ،‬ص ‪ ،119‬فخر الدين قباوة‪ ،‬ص‪.59‬‬

‫‪220‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫‪221‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫‪222‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫الفصل الخامس‬
‫مصادر ومراجع‬
‫البحث وقواعد التوثيق‬

‫الدكتورة‪ /‬يس ار شعبان‬


‫مدرس القانون المدني بالكلية‬

‫‪223‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫‪224‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫الفصل الخامس‬

‫مصادر ومراجع البحث وقواعد التوثيق‬

‫تمهيد‬

‫بحث‪.‬‬ ‫أو‬ ‫دراسة‬ ‫أي‬ ‫مكونات‬ ‫أهم‬ ‫من‬ ‫والمراجع‬ ‫المصادر‬ ‫تعد‬
‫لتوثيق هذه المراجع والمصادر أهمية قصوى فيما تعطيه للبحث من ثقل وصالبة وثقة‪ .‬كما‬
‫تعكس مدى إطالع الباحث ومدى أمانته واجتهاده للوصول إلى معلومة‪ ،‬وخصوصاً مدى‬
‫إلمامه بكافة المراجع في تخصصه قديماً وحديثاً‪ ،‬في وقت الدراسة ‪.‬‬

‫ونقصد بالتوثيق إثبات أو تسجيل المصدر والمرجع في كل معلومة يسوقها الباحث‪ ،‬وتستخدم‬
‫هذه الكلمة لوصف الراوي بأنه ثقة(‪ ،)1‬ويتم ذلك على مرحلتين‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬يكون ذلك في الحاشية )الهوامش( والصفحات بوضع إشارة (رقم صغير) فوق‬
‫المعلومة المدونة في متن النص‪ ،‬ويتم ذكر المصادر في الهامش‪.‬‬
‫ثانياً‪ ،‬تأتي مرحلة إعداد قائمة المراجع النهائية‪ ،‬والتي يكون مكانها عادة في آخر‬
‫البحث أو الرسالة‪ ،‬وتجمع وتصنف المراجع بترتيب معين وبتسلسل دقيق‪.‬‬
‫لكن قبل البدء‪ ،‬يتعين علينا ضبط المصطلحات أو المفا يم‪ ،‬فيجب علينا التفرقة بين‬
‫المصدر والمرجع ‪.‬‬

‫‪ 1‬انظر قاموس المعاني باتباع الرابط التالي‪https://www.almaany.com/ar/dict/ar- ،‬‬


‫‪ar/‬توثيق‪ ،/‬تاريخ الزيارة ‪ 1٩‬أكتوبر ‪.2٠22‬‬
‫‪225‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫التعريف بالمصدر والمرجع والتفرقة بينهما‬

‫عَّرف علماء اللغة المرجع‪" :‬بأنه الموضع أو المكان الذي يرجع إليه شيء من األشياء‬
‫أو الذي يرد إليه أمر من األمور‪ ،‬مثل الكتاب مرجع لمن يريد االطالع والقراءة أو البحث‬
‫عن المعرفة (‪.)1‬‬
‫فالمرجع هو‪ :‬مجموع الوثائق التي يعتمد عليها الباحث‪ ،‬والتي توفر المادة العلمية‬
‫التي ُيبنى عليها بحثه‪ ،‬ويستقيم بها(‪.)2‬‬
‫وعرفه األستاذ الدكتور أحمد عبد الكريم سالمة بأن المرجع هو الوعاء الذي نعر فيه‬
‫الموضوع أو المادة العلمية في وقت الحق عن زمن المصدر‪ ،‬وتكون تلك المادة مأخوذة‬
‫عن المصدر األصلي(‪ .)3‬أو هو كذلك األوعية التي تم وضعها ليتم الرجوع إ ليها بعأ ن‬
‫الحصول على معلومة معينة لمعالجة موقف أ و قضية ما‪ ،‬وضربوا أ مثل ًة على ذلك‬
‫بتالقاموس‪ ،‬فنرجع إ ليه ُلن ِّحدد معنى كلمة ما‪ ،‬وكيفية استخدامها في موضعها الصحيح‪.‬‬
‫وكلمة مرجع هي المقابل العربي للمصطلح اإلنجليزي‪Reference Books (4).‬‬

‫‪ 1‬قاموس المعاني ويمكن االطالع عليه إلكترونيا ً باتباع الرابط التالي‬


‫‪/https://www.almaany.com/ar/dict/ar-ar‬مرجع‪ ، /‬تاريخ الزيارة ‪ 1٩‬أكتوبر ‪.2٠22‬‬
‫‪ 2‬د أحمد شرف‪ ،‬أحمد حافظ‪ ،‬مهارات البحث العلمي‪ ،‬صفحات ‪.13-9‬‬

‫أحم ت تتد عب ت تتد الك ت تريم س ت تتالمة‪ ،‬األص ت تتول المنهجي ت تتة إلع ت تتداد البح ت تتوث العلمي ت تتة‪ ،‬دار النهض ت تتة العربي ت تتة‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ ،2017‬ص‪.84‬‬

‫‪4‬محمد أمين البنهاوي‪ ،‬شعبان عبد العزيز خليفة‪ ،‬قاموس البنهاوي الموسوعي في مصطلحات المكتبات‬
‫والمعلومات‪ ،‬العربي للنعر والتوزيع‪.1991 ،‬‬

‫‪226‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫أَّما المصدر فهو الموضع أ و المكان الذي ُّ‬


‫يمد بالمعلومات األصلية‪ ،‬أو الوجهة التي‬
‫يجب الذهاب إليها للحصول على المعلومات األصلية من جذورها‪ .‬فيمكن توصيف المصادر‬
‫بأنها الكتب القديمة التي يعود إ ليها الباحث ليأ خذ منها مادته الخام‪ .‬فهو الوعاء الذي تذكر‬
‫فيه المعلومة ألول مرة ومثال ذلك المخطوطات والوثائق والمذكرات(‪.)1‬‬
‫ليست المصادر كالمراجع؛ فهناك فرق بينهما َّ‬
‫يتمثل في أ ن المصادر هي الكتب التي‬
‫تحتوي على المعلومات والعلوم الجديدة التي لم يسبق إ ليها أ حد‪ ،‬فالمصادر هي األصول‪.‬‬
‫أَّما المراجع فهي كتب تعتمد في محتواها على المصادر‪ ،‬وقد تكون شروحاً لها‪ ،‬والباحث ال‬
‫يستعين بالمرجع كله‪ ،‬بل يبحث داخله عن الج ٔزيية التي تفيده في مجال بحثه‪ .‬كما يمكن‬
‫أن يفهم المصدر بأنه المكان بمعني المستند الذي يجد فيه الباحث اإلشارة إلى المرجع‪.‬‬
‫فيعود إلى المرجع األصلي األساسي كي يجد المعلومة األصلية واألساسية ويراها بعينه‪.‬‬
‫وبذلك نفهم أن الفرق بين المرجع والمصدر يتجلى في أن المرجع يعير إلى المصدر وليس‬
‫كتبا فرعية بينما المصدر هو األصل الرئيسي الذي تتم اإلشارة‬
‫المرجع ً‬
‫العكس‪ ،‬حيث تعتبر ا‬
‫إليه للحصول على المعلومات من أساسها(‪.)2‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن هناك فرقا بين المرجع المباشر والمرجع غير المباشر‪.‬‬
‫فالمراجع المباشرة‪ :‬هي التي تُعطي للباحث المعلومات بصورة مباشرة‪ ،‬مثل‬
‫الموسوعات‪ ،‬والدوريات الصادرة عن الجهات الرسمية‪ ،‬وكتب التراجم‪ ،‬وغيرها‪ .‬والمراجع‬

‫‪ 1‬انظر أحمد عبد الكريم سالمة‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬


‫‪ 2‬أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي‪ ،‬مصابيح السنة‪ ،‬تحقيق‪ :‬الدكتور‬
‫يوسف عبد الرحمن المرعشلي‪ ،‬محمد سليم إبراهيم سمارة‪ ،‬جمال حمدي الذهبي الناشر‪ :‬دار المعرفة‬
‫للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،1٩٨٧ ،‬يمكنكم االطالع عليه إلكترونيا ً‬
‫باتباع الرابط التالي ‪ ، https://al-maktaba.org/book/32891/13‬تاريخ الزيارة ‪ 1٩‬أكتوبر‬
‫‪.2٠22‬‬
‫‪227‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫الغير مباشرة‪ :‬هي التي تدُّ ل الباحث على المصدر الذي يمكن أ ن يستقي منه معلوماته‬
‫التي يحتاج إ ليها(‪.)1‬‬

‫نتناول في هذا الفصل "مصادر ومراجع البحث وقواعد توثيقها" وذلك في إطار البحث عن‬
‫الكيفية ‪.‬‬
‫فنتناول أوالً في المبحث األول‪ :‬كيفية الوصول إلى المراجع‪ ،‬فما هي مصادر البحث و‬
‫المراجع‬

‫وفيه نتعرض ألهم قواعد البيانات للنظم القانونية التي درجت عليها الدراسات القانونية‬
‫والمقارنة في مصر وهي‪ :‬من ناحية القانون المصري ومن ناحية أخرى القانون الفرنسي ‪.‬‬
‫ثم نتناول ثانياً في المبحث الثاني‪ :‬كيفية توثيق هذه المصادر والمراجع في الهوامش وكذلك‬
‫في قائمة المراجع النهائية ‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬مصادر البحث في المجال القانوني‬
‫المبحث الثاني‪ :‬قواعد التوثيق في البحث القانوني‬

‫‪ 1‬انظر محاضرات تقنيات البحث‪ ،‬للدكتورة سهام صياد‪ ،‬للسنة األولى لليسانس‪ ،‬تحت عنوان مراجع‬
‫ومصادر البحث‪ ،‬الجزائر‪.‬‬
‫‪228‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫المبحث األول‬
‫مصادر البحث في المجال القانوني‬

‫نتناول في هذا المبحث مصادر البحث في المجال القانوني ومن باب أولي "الكيفية"‪.‬‬
‫فنعير في هذا المبحث إلى كيفية الحصول على المراجع الهامة للبحث والدراسة من‬
‫مصادرها القانونية الموثوقة ‪.‬‬

‫ونتناول هذه الفكرة على مطلبين‪ ،‬بحيث نبين في المطلب األول مصادر البحث في القانون‬
‫المصري‪ ،‬ونتناول في المطلب الثاني مصادر البحث في القانون المقارن ولنأخذ القانون‬
‫الفرنسي نموذجاً‪.‬‬

‫المطلب األول‬
‫مصادر البحث بالنسبة لألبحاث العلمية بوجه عام‬

‫يبدأ الباحث بتحديد الكلمات المفتاحية أو الداللية الخاصة ببحثه وموضوع دراسته‪،‬‬
‫والتي يستطيع بمقتضاها حصر مصادر البحث والمراجع الخاصة بالنظام القانوني الذي‬
‫يتخصص فيه‪.‬‬
‫ويظل الكتاب هو المصدر األولي واألساسي للبحث العلمي السليم‪ ،‬خصوصاً في‬
‫المجال القانوني‪ ،‬من أجل تحصيل المعلومة من مصدرها الصحيح‪ .‬تعامل الباحث مع‬
‫الكتاب يخلق لغة جديدة بينهما ويساعد الباحث على تكوين فلسفته التخصصية وفكره‬
‫المتميز‪.‬‬

‫‪229‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫وإنه لجدير بالذكر أن البحث في المجال القانوني يبدأ بالعام ثم الخاص أي يبدأ‬
‫الباحث بتحديد المراجع العامة ثم الخاصة‪ ،‬ونصوص القوانين العامة ثم التعريعات الخاصة‬
‫التي صدرت بموضوع بحثه‪ ،‬ثم الرسائل المتعلقة ببحثه والدراسات القديمة والحديثة‪ ،‬ثم يلي‬
‫ذلك األحكام القضائية إلعطاء النظرة العملية للبحث‪.‬‬
‫إذا كان البحث عن مرجع يخص القانون المصري‪ ،‬فيمكن االستعانة بعدة مواقع مثل‬
‫موقع اتحاد مكتبات الجامعات المصرية‪ ،‬موقع بنك المعرفة المصري‪ ،‬موقع مجلة كلية‬
‫حقوق عين شمس المبين على موقع بنك المعرفة المصري‪ ،‬موقع محكمة النقض المصرية‪.‬‬
‫انظر في تفصيل هذه المواقع الملحق رقم ‪ 1‬من هذا الفصل‪.‬‬

‫المطلب الثاني‬
‫مصادر البحث بالنسبة لألبحاث العلمية المقارنة‬
‫)القانون الفرنسي نموذجا ً(‬

‫للبحث في القانون المقارن خصوصية‪ ،‬ألنه يتطلب باحثا على درجة عالية من‬
‫التأهيل والتحليل‪ .‬أهم مهارات هذا التأهيل هي اللغات األجنبية‪ .‬فيجب على الباحث في‬
‫القانون المقارن أن يتقن لغة أجنبية على األقل‪ ،‬إذا لم يكن إتقانه للغتين أجنبيتين أو أكثر‪.‬‬
‫إذا كان البحث مقارنا بالقانون الفرنسي‪ ،‬فهناك سبل تقدمها و ازرة التعليم العالي‬
‫الفرنسية والجهات المعنية للباحثين للتسهيل عليهم الحصول على المراجع‪ .‬يوجد العديد من‬
‫قواعد البيانات المعروفة والتي يمكن للباحث اللجوء إليها مثل قاعدة بيانات ‪ ،sudoc‬قاعدة‬
‫بيانات ‪ ،Legifrance‬قواعد البيانات للمقاالت الفقهية واألبحاث مثل ‪Lexis ،Dalloz‬‬
‫‪. Lextenso،Doctrinal plus ،360‬‬

‫‪230‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫أما عن قواعد البيانات الخاصة برسائل الماجيستير والدكتوراه‪ ،‬فنذكر منها‬


‫‪https://www.theses.fr ،‬‬
‫‪https://dumas.ccsd.cnrs.fr‬‬
‫ح‪https://hal.archives-ouvertes.fr‬‬
‫انظر في تفصيل هذه المواقع الملحق رقم ‪ 2‬من هذا الفصل‪.‬‬

‫المصادر في القانون متنوعة وكثيرة‪ .‬نتحدث عن أنواعها وكيفية تصنيفها في المبحث‬


‫الثاني‪.‬‬

‫‪231‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫المبحث الثاني‬
‫قواعد التوثيق في البحث القانوني‬

‫يقوم الباحث بتوثيق معلوماته ونسبتها إلى مصدرها العلمي الصحيح‪ .‬فما يضفيه‬
‫الباحث يجب أن يعير إليه في نهاية الجملة الموثّقة في الهامش‪ .‬ويعد التوثيق أهم الخطوات‬
‫التي تمثل األمانة العلمية في البحث العلمي‪ ،‬وتحافظ كذلك على حقوق المؤلفين‪ ،‬ألن هناك‬
‫من يستغل ذلك بعكل سيئ‪ ،‬ويقوم بالسطو واالستيالء على مؤلفات غيره األدبية‪ ،‬وتسمى‬
‫ذلك ب ” السرقة الفكرية“‪ .‬فالتوثيق يعزز من مصداقية الرسائل العلمية‪ .‬والتوثيق في قائمة‬
‫المراجع يهدف من ناحية‪ ،‬إلى توفير معلومات حول المراجع التي استخدمها الباحث‪ ،‬ومن‬
‫ناحية أخرى إلى السماح لآلخرين بالوصول إلى هذه المراجع بسهولة ويسر‪ .‬كذلك توثيق‬
‫تعمق الباحث واجتهاده‪ ،‬واطالعه على الكتب‬
‫المراجع العلمية ُيعتبر بمثابة دليل أصيل على ُّ‬
‫والمؤلفات ذات الصلة بموضوع البحث‪ ،‬وحبَّذا لو كان عدد المراجع التي يتم تضمينها‬
‫كبيرا؛ حيث إن ُمناقعي الرسائل العلمية يستععرون من خالل‬
‫للبحث أو الرسالة العلمية ً‬
‫تخصصه‪ .‬ونضيف‬
‫ذلك رغبة وشغف وحرص الباحث على إثراء البيئة العلمية في مجال ُّ‬
‫إلى ذلك أن المراجع تتيح للباحث نفسه فرصة أن يصبح على إلمام كبير وشامل لموضوع‬
‫دراسته وتخصصه‪ ،‬كذلك يعد عامال أساسيا لتراكم المعلومات وتجميعها في محال تخصص‬
‫معين مما يسهل تبادل الثقافات والمعلومات بين أصحاب التخصص الواحد أو بين غيرهم‬
‫من غير المتخصصين‪.‬‬
‫نتناول في المطلب األول ما يخص قواعد التوثيق الخاصة بالحاشية )الهوامش(‪ ،‬وفي‬
‫المطلب الثاني القواعد الخاصة بتوثيق قائمة المراجع‪.‬‬

‫‪232‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫المطلب األول‬
‫قواعد التوثيق الخاصة بالحاشية )الهوامش(‬

‫يكتب الهامش أسفل الصفحة باإلشارة برقم بأعلى النص أو الكلمة في المتن ذاته‪.‬‬
‫يهدف التوثيق إلى إثبات مصادر المعلومات ونسبة األفكار إلى مؤلفيها‪ .‬فأهم فوائد توثيق‬
‫الهوامش في الكتب القانونية هي أن الباحث يحتاج أحياناً إلى شرح مفصل أو مطول ال‬
‫مجال له في المتن‪ .‬فيسرد الباحث بعض التفاصيل اإلضافية في الحاشية والتي تساعد‬
‫القارئ على فهم الفكرة والتعمق فيها وأحياناً يتم ذلك باإلشارة إلى مراجع وقراءات إضافية‬
‫أخرى كي يكون القارئ صورة متكاملة عن المضمون‪ .‬فالهوامش تعتبر الطريقة األدبية‬
‫الصحيحة إلقامة حوار بين الكاتب والقارئ‪ .‬تختلف طريقة كتابة التوثيق في الهوامش‬
‫باختالف نوع المرجع؛ ما إذا كان كتاباً أو مقاالً أو غير ذلك )‪.(1‬‬

‫أوالً‪ ،‬إذا كان كتاباً‬


‫يجب ذكر البيانات التالية بالترتيب عند ذكر المرجع ألول مرة في الهامش ‪:‬‬
‫اسم المؤلف ولقبه‪ ،‬عنوان الكتاب‪ ،‬تحديد الجزء الخاص المذكور منه المعلومة وذلك‬
‫إذا كان الكتاب مكونا من عدة أجزاء‪ ،‬اسم دار النعر‪ ،‬المكان )الدولة‪ ،‬العاصمة (‪ ،‬رقم‬
‫الطبعة ‪ ،‬تاريخ النعر أو اإلصدار‪ ،‬الصفحة التي ذكرت فيها هذه المعلومة تحديداً‪.‬‬
‫مثال‪:‬‬

‫‪ 1‬لمزيد من التفاصيل الخاصة بقواعد التوثيق‪ ،‬يمكنكم االطالع على الدليل الجامعي لتوثيق المراجع‬
‫القانونية الذي نشرته جامعة بوردو بفرنسا‪ .‬يمنكم االطالع عليه باتباع الرابط التالي‬
‫‪http://weburfist.univ-bordeaux.fr/wp-content/uploads/2017/12/20171208-‬‬
‫‪R%C3%A9dux-Guide-de-r%C3%A9daction-des-r%C3%A9f%C3%A9rences-‬‬
‫‪ ،bibliographiques-version-num%C3%A9rique.pdf‬تاريخ الزيارة ‪ 1٩‬أكتوبر ‪.2٠22‬‬
‫أو المنشور من قبل جامعة السوربون ‪https://sup.sorbonne-‬‬
‫‪universite.fr/sites/default/files/public/files/pups-normes-bibliographiques-‬‬
‫‪ 201503.pdf‬تاريخ الزيارة ‪ 1٩‬أكتوبر ‪.2٠22‬‬
‫‪233‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬نظرية االلتزام‬
‫بوجه عام‪ ،‬دار العروق‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬الطبعة األولى دار العروق‪ ،2010،‬ص‪0‬‬
‫ثانياً‪ ،‬إذا كان المرجع مقاالً‪:‬‬
‫يجب ذكر البيانات التالية‪:‬‬
‫اسم المؤلف أو المؤلفين وألقابهم‪ ،‬عنوان المقالة‪ ،‬اسم الدورية بخط مائل ‪- Italic‬هذا‬
‫ما تعترطه أحياناً بعض المدارس الفقهية‪ ،-‬مكان اإلصدار والجهة التي صدر منها المجلة‪،‬‬
‫رقم المجلد‪ ،‬رقم العدد‪ ،‬تاريخ صدور الدورية‪ ،‬الصفحات الخاصة بالمقال‪.‬‬
‫مثال‪:‬‬
‫‪BARBIER Hugo, Réforme du droit des contrats, La violence par‬‬
‫‪abus de dépendance, Libres propos, JCP Éd. G., n°15, 2016,‬‬
‫‪p.421.‬‬
‫خالد جمال أحمد حسن ‪ ،‬الحماية القانونية للمستهلك في اتفاقات اإلعفاء من المسئولية‬
‫العقدية كليه الحقوق جامعه البحرين ‪2007 ،‬‬
‫ثالثاً‪ ،‬إذا كان المرجع رسالة أو بحثاً‪:‬‬
‫يجب ذكر البيانات التالية‪:‬‬
‫اسم المؤلف ولقبه‪ ،‬عنوان البحث‪ ،‬اإلشارة إلى طبيعة البحث رسالة ماجيستر أو‬
‫أطروحة دكتوراه‪ ،‬الجامعة‪ ،‬التخصص‪ ،‬السنة‪ ،‬الصفحة‪.‬‬
‫مثال‪:‬‬
‫‪BACHELET Benoit, L'abus en matière contractuelle, thèse,‬‬
‫‪Université Pierre Mendès France, Grenoble, 2004.‬‬
‫رشوان حسن رشوان أحمد‪ ،‬أثر الظروف االقتصادية على القوة الملزمة للعقد‪ ،‬رسالة‬

‫‪234‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫دكتوراه‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة القاهرة‪ ،‬مصر‪1994.،‬‬


‫رابعاً‪ ،‬إذا كان المرجع من المؤتمرات‬
‫عند توثيق المؤتمرات في البحث العلمي يجب ذكر البيانات التالية‪:‬‬
‫اسم المؤلف ولقبه‪ ،‬عنوان المؤلف‪ ،‬عنوان المؤتمر‪ ،‬المكان‪ ،‬القسم‪ ،‬اسم الجهة‬
‫المنظمة‪ ،‬تاريخه‪ ،‬الصفحة‪.‬‬
‫مثال‪:‬‬
‫حسام الدين كامل األهواني مجموعة األبحاث المقدمة لندوة "حماية المستهلك في‬
‫العريعة والقانون" التي نظمتها‪ ،‬كلية العريعة والقانون بجامعة اإلمارات العربية المتحدة في‬
‫الفترة من ‪ 7-6‬ديسمبر ‪ 1998‬بفندق هيلتون العين‪.‬‬
‫خامساً‪ ،‬إذا كان المرجع من اإلنترنت‪:‬‬
‫غالبا ما تتميز المواقع الرسمية والموثوقة برموز خاصة‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫ً‬
‫عسكري =‪mil‬‬
‫شبكة= ‪net‬‬
‫أكاديمي=‪ac‬‬ ‫أو‬ ‫علمي‬
‫‪gov‬‬ ‫حكومة=‬
‫تعليم=‪edu‬‬
‫منظمة=‪org‬‬

‫فيكون التوثيق بالطريقة اآلتية‪( :‬عنوان المقال‪ ،‬اسم الموقع‪ ،‬يوم التوثيق‪ ،‬تاريخ‬
‫التوثيق‪ ،‬رابط الموقع)‪.‬‬

‫‪235‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫مثال‪:‬‬
‫‪PIOLLET Fabrice, La réception de la violence économique en‬‬
‫‪droit comparé, Mémoire, Université Paris II Panthéon-Assas, 2008,‬‬
‫‪accessible‬‬ ‫‪en‬‬ ‫‪ligne‬‬ ‫‪sur‬‬ ‫‪https://mja-assas.fr/wp-‬‬
‫‪content/uploads/La-r%C3%A9ception-de-la-violence-‬‬
‫‪%C3%A9conomique-en-droit-compar%C3%A9_Fabrice-‬‬
‫‪PIOLLET_2008.pdf‬‬ ‫‪, consulté le 22-11-2019.‬‬
‫الموقع الرسمي لهيئة الطاقة الجديدة والمتجددة ‪http://www.nrea.gov.eg‬ح‬
‫الموقع الرسمي لو ازرة البيئة الفرنسية ‪https://www.ecologie.gouv.fr‬‬

‫للبحث على شبكة اإلنترنت آليات متعددة‪ ،‬يمكن ذكر بعضها على سبيل المثال‬
‫كاآلتي‪:‬‬
‫يمكن استخدام كلمة ‪ OR‬للوصول للمواقع التي تحتوي على المعلومات كافة‪ ،‬أو‬
‫كلمة ‪ AND‬للحصول على المعلومة مرتبطة بأخرى‪ .‬وكذلك يمكن استخدام اإلشارات – أو‬
‫‪ +‬لتوجيه قاعدة بيانات البحث بأن تتضمن هذه المعلومات كافة أو المعلومة باستثناء كذا‬
‫وإلخ‪...‬‬

‫‪236‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫وإذا كان المرجع حكم قضائي ‪:‬‬

‫يتم كتابة المحكمة الصادر منها الحكم‪ ،‬والتاريخ‪ ،‬والسنة القضائية‪ ،‬رقم الطعن وإذا وجدت‬
‫أية بيانات تخص الحكم أو رابط مباشر للحكم يرجى كتابته‪.‬‬
‫‪ o‬حكم المحكمة اإلدارية العليا الصادر بجلسة ‪21‬ح‪2‬ح‪ ،2001‬الطعن رقم ‪8450‬‬
‫لسنة ‪ 44‬ق‪ .‬ع‪ ،.‬مجموعة األحكام الصادرة عن الدائرة األولى للمحكمة اإلدارية‬
‫العليا‪ ،‬السنة ‪ ،47‬الجزء األول‪ ،‬ص ‪ 410‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ o‬حكم المحكمة الدستورية العليا‪ ،‬جلسة ‪ ،5/ 12/2015‬الدعوي رقم ‪ 173‬لسنة‬
‫‪ 50‬ه مكرر‪ ،‬بتاريخ ‪.‬‬ ‫‪ 29‬قضائية دستورية‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد‬
‫‪16/12/2015‬‬
‫تختلف قواعد ذكر المراجع في الهوامش ما إذا كان المرجع ذكر قبل ذلك أم ال وهذه‬
‫الحاالت الخاصة‪:‬‬
‫طريقة تتابع الهوامش‪ ،‬خصوصاً فيما يخص المراجع األجنبية‬
‫‪ -‬عند تكرار نفس المرجع مباشرة بعد ذكره‪ ،‬يكتب الباحث على سبيل المثال‪ :‬المرجع‬
‫السابق‪ ،‬الصفحة‪.‬‬
‫‪ -‬عند تكرار نفس المرجع لكن ليس مباشرة‪ ،‬نكتب بالطريقة التالية ‪ :‬اسم المؤلف ‪،‬‬
‫اسم الكتاب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة‪ .‬سيكفي إضافة مصطلح "المرجع السابق" أو‬
‫بالالتينية ‪.op. cit‬‬
‫مثال‪:‬‬
‫عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.‬‬
‫‪RAMBAUD Thierry, op. cit., p. 189‬‬

‫‪237‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫‪ -‬وفي حالة وجود مؤلفين يكتب أسمائهم معاً‪ ،‬أما في حالة وجود أكثر من مؤلفين‬
‫يكتب اسم المؤلف األول وآخرون ويمكن كتابة اسمهم جميعاً‪.‬‬
‫صالح عبد هللا جاسم وعبد الرؤوف شفيق قبالوي‪ ،‬التربية البيئية‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫السرايا للنعر‪ ،‬عام ‪.1995‬‬
‫‪-‬في حالة ما إذا كانت اإلشارة إلى ذات المرجع وذات الصفحة وتم ذكره في الهامش‬
‫السابق مباشرة‪ ،‬يجب أن يكتب الباحث ‪ id‬وهي كلمة التينية تعني في ذات الصفحة وذات‬
‫المرجع ‪.‬‬
‫مثال‪:‬‬
‫‪-‬في حالة ما إذا كانت اإلشارة في ذات المرجع وفي ذات الصفحة لكن ليست في‬
‫الهامش السابق مباشرة‪ ،‬يجب أن يكتب الباحث ‪ ibid‬مع ذكر رقم الصفحة‪ .‬وهي كلمة‬
‫التينية تعني في ذات المكان‪.‬‬
‫مثال‪:‬‬
‫‪Ibid p. 130.‬‬
‫إذا كان الباحث يريد أن يعير إلى ما كتبه بعاليه في ذات بحثه عليه أن يستخدم‬
‫اللفظ الالتيني ‪ supra‬والذي يعني بعاليه ‪.‬‬
‫مثال‪:‬‬
‫‪V. supra p. 38‬‬
‫انظر عاليه ص‪ 10 .‬وما بعدها‪.‬‬

‫أما إذا أراد اإلشارة إلى ما كتبه أدناه فعليه استخدام اللفظ‪infra.‬‬

‫‪238‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫مثال‪:‬‬
‫‪V. infra p. 100 et s.‬‬
‫انظر أدناه الخاتمة والتوصيات ص‪ 24‬وما بعدها‬
‫المطلب الثاني‬
‫قواعد التوثيق الخاصة بقائمة المراجع‬

‫َّ‬
‫تتعدد أنواع المراجع في البحث العلمي‪ ،‬وخاصة القانوني‪ .‬وعندما نق أر أي كتاب‬

‫نتوجه مباشرةً‬
‫الجمل‪ ،‬ومن ثَ َّم َّ‬ ‫متخصص ُنالحظ وجود رقم مرتفع بعض َّ‬
‫العيء بجوار بعض ُ‬ ‫ُ‬
‫السفلي لمعرفة المصدر وذلك من أجل رؤية مدلول هذه المعلومات القيمة‪،‬‬
‫إلى الهامش ُّ‬
‫فنتجه مباشرة إلى الهوامش‪ .‬وهنا نجد الصلة المباشرة بين أهمية التوثيق للمراجع وطريقة‬
‫سردها في الهوامش‪ ،‬وكذلك سردها في القائمة األخيرة بنهاية الكتاب أو البحث‪ .‬ونتناول‬
‫هذا المطلب من خالل فرعين‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬أنواع المراجع‬
‫الفرع الثاني‪ :‬ترتيب المراجع‬

‫الفرع األول‪ :‬أنواع المراجع‬


‫من أهم المراجع األساسية التي ال يستطيع الباحث االستغناء عنها في بحثه‪ :‬الكتب‪،‬‬
‫والموسوعات ودوائر المعارف‪ ،‬والمعاجم‪ ،‬وكتب التراجم‪ ،‬وكتب الدين اإلسالمي؛ كالقرآن‬
‫الكريم‪ ،‬واألحاديث النبوي‪.‬‬
‫أوالً‪ ،‬الكتب ‪:‬‬
‫تخصص علمي ُكتُبه‬
‫تأتي الكتب في مقدمة أنواع المراجع في البحث العلمي‪ ،‬ولكل ُّ‬
‫العامة والمتخصصة‪.‬‬

‫‪239‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫ثانياً‪ ،‬الموسوعات‪:‬‬
‫هي عبارة عن إصدارات متخصصة تحتوي على معلومات دقيقة ‪ .‬وهناك عدد كبير‬
‫من الموسوعات الموجودة في الوقت الحالي مثل‪ :‬الموسوعة العربية‪ ،‬ودائرة المعارف‬
‫اإلسالمية‪ ،‬وموسوعة الفلسفة ‪ ،‬وموسوعة الغد‪ ،‬والموسوعة البريطانية‪ ،‬الموسوعة القانونية‬
‫للتعريعات واألحكام المصرية ‪ .…،‬إلخ ‪.‬وجدير بالذكر أن ترتيب الموضوعات بالموسوعات‬
‫يتم وفقاً للترتيب األبجدي‪ ،‬أو على حسب أهمية الموضوعات وذلك وفقاً لما يراه الباحث‬
‫والناشر ‪.‬‬
‫ثالثاً‪ ،‬المجلدات‪:‬‬
‫جمعة في كتاب واحد‪ ،‬وذلك في حالة قيام شخص بإصدار‬ ‫وهي عبارة عن أجزاء ُم َّ‬
‫أكثر من جزء يتعلق بتخصص معين‪ ،‬وترتبط األجزاء ببعضهما البعض؛ فيتم إصدارها في‬
‫جمع؛ من أجل تيسير االطالع‪.‬‬‫مجلد ُم َّ‬
‫رابعاً‪ ،‬المعاجم والقواميس ‪Dictionnaires‬‬
‫هي كتب مرجعية تحتوي على كلمات (مفردات) لغة ما أو أكثر أو مصطلحات‬
‫موضوع ما (كالمعجم الطبي أو القانوني) مرتبة بنظام محدد (الترتيب الهجائي غالباً) مع‬
‫توضيح لمعاني هذه المفردات واستعمالها وأصولها التاريخية ومرادفاتها ومعانيها‪ ،‬وتكون‬
‫المعاجم والقواميس إما عامة أو متخصصة‪.‬‬
‫خامساً‪ ،‬الدوريات العلمية‪:‬‬
‫تُ َع ُّد الدوريات العلمية من بين أنواع مراجع البحث العلمي الهامة‪ ،‬وهي عبارة عن‬
‫نعرات يتم إصدارها على فترات منتظمة‪ ،‬قد تكون شهرية أو ثالثة أشهر أو ستة أشهر‬
‫وأحياناً سنوية… إلخ‪ ،‬ويكون ذلك في ُّ‬
‫تخصصات علمية وأكاديمية معينة ‪ .‬وتعد الدوريات‬
‫العلمية أحد أهم مصادر البحث؛ والسبب في ذلك هو أن البحث المنعور فيها يتسم من‬

‫‪240‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫ناحية‪ ،‬بالدقة والتحديد على عكس نوعية المعلومات التي نجدها عادة في أمهات الكتب‬
‫والمراجع العامة‪ ،‬ومن ناحية أخرى ألن عادة ما تهتم الدوريات بتحديث المعلومات واألخذ‬
‫في االعتبار مستجدات الساحة العلمية ‪les actualités juridiques.‬‬
‫سادساً‪ ،‬المقاالت العلمية ‪:‬‬
‫تُعتبر المقاالت العلمية التي يطرحها الخبراء في تخصص معين‪ ،‬من بين أنواع‬
‫المراجع في البحث العلمي‪ ،‬والتي يمكن أن يتم االستعانة بها وتوثيقها ‪.‬‬
‫سابعاً‪ ،‬األبحاث والرسائل العلمية‪:‬‬
‫تعد األبحاث والرسائل العلمية من أهم مصادر المراجع وذلك لما تحويه من أفكار‬
‫جديدة وما تطلعنا عليه من مستجدات قانونية واجتماعية مهمة ومستحدثة‪.‬‬
‫ثامناً‪ ،‬المخطوطات‪:‬‬
‫تستخدم المخطوطات بقدر كبير في األبحاث العلمية الخاصة بالتخصصات الدينية‬
‫والتاريخية؛ ألنها تعتبر المصدر األولى واألساسي والموثوق به لهذه األبحاث وقلما يوجد‬
‫بها تحريف ‪.‬‬
‫والمخطوطات هي عبارة عن مؤلفات علمية‪ .‬ونستخدم مصطلح " مخطوطات" للتفرقة‬
‫بين النصوص العلمية المكتوبة بخط اليد‪ ،‬وما يتم إصداره في مدونات مطبوعة ‪.‬‬
‫تاسعاً‪ ،‬مواقع اإلنترنت العلمية‪:‬‬
‫ُيوجد على شبكة اإلنترنت ععرات اآلالف من المواقع العلمية‪ ،‬وفي جميع المجاالت‪.‬‬

‫مصدر لبعض المعلومات البحثية ولكن بعروط‪ :‬أوال‪ ،‬ينبغي ِّ‬


‫توخي الحذر‪،‬‬ ‫ًا‬ ‫ويمكن أن تكون‬
‫ُ‬
‫وعدم االعتماد بصورة كاملة إال على المواقع ذات المصداقية‪ ،‬والموثقة من جهات علمية‬
‫أكاديمية معروفة‪ .‬ثانياً‪ ،‬يجب على الباحث في كل األحوال أن يتحقق من المعلومات عن‬
‫طريق أمهات الكتب‪ .‬ثالثاً‪ ،‬أن كثي اًر ما يتغير محتوى الصفحات التي نطلع عليها على‬

‫‪241‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫شبكات اإلنترنت؛ لذلك فإنه من األهمية بمكان عند التوثيق تحديد تاريخ وميعاد االطالع‬
‫حتى يتسنى لمن يأتي من بعدنا من باحثين الوصول للمحتوى الدقيق المذكور في متن‬
‫البحث ‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬ترتيب المراجع‬

‫أما عن ترتيب المراجع بالطريقة الصحيحة في قائمة المراجع‪ ،‬فيجب إتباع النصائح‬
‫التالية ‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬أن يبدأ الترتيب من العام إلى الخاص ‪.‬‬
‫بمعنى أن نبدأ في القسم األول بالكتب والمراجع العامة ثم المتخصصة في قسم آخر‬
‫وهكذا‪ .‬ثم قسم آخر للمقاالت‪ ،‬وقسم آخر ما لألحكام وإلخ‪...‬‬
‫ثانياً‪ :‬أن يكون الترتيب أبجدياً)‪(1‬‬
‫وإذا كان البحث مقارنا أو بلغات مختلفة فيجب أن يفرد الباحث قسماً لكل قانون‪،‬‬
‫بحيث يكون بداخل كل نظام قانوني التقسيم الوارد ذكره‪ :‬كتبا عامة‪ ،‬كتبا متخصصة وإلخ‪..‬‬
‫مثال‪:‬‬
‫السيد عيد نايل‪ ،‬المسؤولية القانونية عن األضرار البيئية‪ ،‬عام ‪.2007‬‬
‫حسام الدين كامل األهواني‪ ،‬مصادر االلتزام (المصادر اإلرادية)‪ ،‬دار النهضة‬
‫العربية‪ ،‬عام ‪.2021‬‬
‫حسن عبد الرحمن‪ ،‬مدى التزام المنتج بضمان السالمة في مواجهة مخاطر التطور‬
‫العلمي‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬عام ‪.2001‬‬

‫‪ 1‬لمزيد من التفاصيل عن ترتيب المراجع يمكنكم االطالع على ما نشرته وحدة التوثيق بجامعة مونبلييه‬
‫‪HENSENS Hanka, rédaction de bibliographie, les normes et les usages, IRD‬‬
‫‪Montpellier, Centre de Documentation, novembre 2004.‬‬

‫‪242‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫زين الدين عبد المقصود‪ ،‬البيئة واإلنسان‪ ،‬عالقات ومعكالت‪ ،‬منعأة المعارف‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪ ،‬عام ‪.1981‬‬

‫سعيد سعد عبد السالم‪ ،‬معكلة تعويض أضرار البيئة التكنولوجية‪ ،‬دار النهضة‬
‫العربية‪ ،‬القاهرة (بدون تاريخ)‬
‫صالح عبد هللا جاسم وعبد الرؤوف شفيق قبالوي‪ ،‬التربية البيئية‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫السرايا للنعر‪ ،‬عام ‪.1995‬‬

‫‪La translittération‬‬
‫في حالة كتابة مراجع فقهية أو إسالمية بلغة أجنبية‪ ،‬قد توجه إلى غير الناطقين‬
‫بالعربية يجب اتباع طريقة ‪ .la translittération‬وهي قواعد تعارف عليها دولياً وتعني‬
‫كتابة لغة ما بحروف تُستعمل لكتابة لغة أخرى‪ ،‬أي إيقاع تقابل بين لغتين ومبادلة كل‬
‫حرف بحرف وحرف واحد كلما أمكن‪.‬‬

‫مثال‪:‬‬

‫عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬نظرية االلتزام‬
‫بوجه عام‪ ،‬دار العروق‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬الطبعة األولى دار العروق‪2010،‬‬
‫‪AL-Sanhūurī ʿabdilrāzik, Al- wasīṭ fī šarḥ‬‬ ‫‪Al- Qānūn‬‬
‫‪Al- Madanī- Al juzʾ Al-ṯanī, naẓariyaẗ, Al’iltizām biwajh ʿām, Dar‬‬
‫‪Al šurūq Al-qāhiraẗ Miṣr, Al-ṭabʿaaẗ Al-’ulá, dār al- šurūq,2010‬‬

‫‪243‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫برجاء مطالعة هذا الرابط إذا لزم األمر لذلك‬


‫‪http://portal.unesco.org/culture/fr/ev.php-‬‬
‫‪URL_ID=39360&URL_DO=DO_TOPIC&URL_SECTION=201.html‬‬
‫‪https://kitcat.bnf.fr/consignes-catalogage/translitteration-de-‬‬
‫‪larabe‬‬

‫بعض المالحظات العامة والختامية‬

‫أوالً‪ ،‬يجب على الباحث محاولة التعبير عن رأيه وصياغة األفكار والجمل بطريقته‬
‫الخاصة‪ ،‬وأال يلجأ إلى االقتباس إال في الضرورة وبعد التأكد من أن هذه االقتباسات تأتي‬
‫لتوضيح المعنى أو تكملته‪ .‬وذلك على النحو المذكور بعاليه من اتباع عالمات التنصيص‬
‫وخالفه‪.‬‬
‫فيجب على الباحث أن يستخدم عالمات التنصيص عند ذكر نص القانون أو عند‬
‫اقتباس مقولة أو عدة سطور من باحث‪ ،‬أو كاتب آخر(‪ .)1‬وأحياناً‪ ،‬يعترط بعض المعرفين‬
‫أن تكون المقولة بخط مائل‪.‬‬
‫مثال ذلك‪:‬‬
‫» ‪Comparer, c’est opérer des regroupements et / ou des‬‬
‫‪distinctions (…). Classer, ordonner, hiérarchiser, mesurer, évaluer,‬‬
‫» ‪c’est comparer‬‬

‫‪ 1‬وفي ذلك‪ ،‬نحيلكم إلى الفصل الرابع الخاص بالكتابة العلمية وعالمات الترقيم‪.‬‬
‫‪244‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫‪« la dépendance signifie « Fait, pour une personne, d'être sous‬‬


‫‪l'autorité, l'influence de quelqu’un, de dépendre de quelqu’un ou de‬‬
‫‪quelque chose ».‬‬
‫"الطفل الصغير ومهما كان سنه‪ ،‬وفاقد العقل مهما كانت درجة فقدانه لعقله ألي‬
‫سبب كان موقتاً أو دائماً‪ ،‬فإنه يعد مسؤوالً عن الضرر الذي سببه للغير نتيجة فعله "‪.‬‬

‫ثانياً‪ ،‬تاريخ نعر المرجع له أهمية كبيرة‪ .‬المراجع الحديثة تعد مصدر المعلومات‬
‫الجديدة والمتجددة بلغة العصر‪ ،‬لكن المراجع القديمة والتراثية ذات أهمية كبيرة لما تضمه‬
‫من معلومات تراثية وأصول قيمة ال غنى عنها في السرد التاريخي والقانوني للموضوع‪.‬‬
‫ثالثاً‪ ،‬يجب على الباحث أن يعير في ذات بحثه إلى المعلومات بعاليه وبأسفله مما‬
‫يعطي صورة متكاملة للبحث ككل ويربط األفكار بعضها ببعض مما يعكس مدى تمكن‬
‫الباحث من علمه‪ ،‬رسالته وفكرته ‪ .‬فمثالً يعير إلى فقرة أو صفحة سابقة قد تناولت معلومة‬
‫مكملة‪ ،‬أو يعير إلى صفحات مقبلة لما سوف تتضمنه من معلومات تفصيلية إلخ ‪...‬‬
‫فيكتب انظر فيما سبق أو انظر فيما بعد صفحة كذا ‪ .‬فيساعد ذلك على اتساق كامل‬
‫األفكار بعضها ببعض وكذلك على تحديد كل معلومة بدقة وفي موضعها المناسب‪ ،‬كما‬
‫تخلق لغة خطاب بين القارئ والمؤلف(‪ .)1‬وهو ما نطلق عليه بالالتينية ‪.Infra, Supra‬‬
‫رابعاً‪ ،‬يجب أن يكون ذكر المراجع في القائمة األخيرة كاشفاً لما تم استخدامه من مراجع‬
‫طوال البحث‪ .‬وهذا يعني أنه ال يمكن ذكر المصدر في الهوامش دون إدراجه في قائمة‬
‫المراجع النهائية ‪.‬‬

‫‪ 1‬للمزيد عن أهمية الحاشية في البحث ‪ ،‬يمنكم االطالع إلكترونيا ً على ما نشرته جامعة الفال بكندا على‬
‫موقعها المعني بالبحث العلمي ‪ ،https://roberge.mus.ulaval.ca/gdrm/07-notes.htm‬تاريخ‬
‫الزيارة ‪ 1٩‬أكتوبر ‪.2٠22‬‬
‫‪245‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫خامساً‪ ،‬يحتاج الباحث لدقة كبيرة كي يذكر بيانات المراجع بطريقة صحيحة ‪.‬‬
‫سادساً‪ ،‬يجب أن يكون تعامل الباحث مع المرجع هو التعامل المباشر واألولي‪ .‬فال‬
‫يفضل ذكر المرجع من المصدر الثاني أو الثالث ‪ source de second main .‬فيؤدي‬
‫ذلك أحياناً إلى ضياع المعنى وتحور الفكرة من باحث إلى آخر ‪ .‬يجب أن يحاول الباحث‬
‫الوصول إلى المرجع بنفسه واستقاء المعلومة بنفسه لتجنب إفساد المعنى‪ .‬وإن استحال‬
‫الوصول للمرجع األصلي‪ ،‬يجب على الباحث لتوخي األمانة العلمية كتابة المصطلح ‪In‬‬
‫بالالتينية‪ ،‬لتوضيح المصدر األساسي الذي وجد فيه هذا المرجع أو هذه المعلومة‪ .‬وبذلك‬
‫يجنب نفسه العديد من االنتقادات ويؤكد للجنة المناقعة وللقارئ مدى أمانته العلمية‪ .‬أن ‪in‬‬
‫تعني ببساطة أنها وجدت في‪ ،‬أو منقولة من طرف أو عن فالن‪.‬‬
‫مثال ذلك ‪:‬‬
‫‪GAVALDA-MOULENAT Christine, La violence économique et‬‬
‫‪le droit de la consommation, l’abus de faiblesse, in PICOD Yves,‬‬
‫‪MAZEAUD Denis (dirs.), Association Henri Capitant, 21e Journées‬‬
‫‪nationales, Perpignan 2016, La violence économique, À l’aune du‬‬
‫‪nouveau droit des contrats et du droit économique, op. cit., p. 76‬‬

‫وهناك قائمة لالختصارات يجب اعتمادها حين ذكر هذه المصطلحات بداخل متن‬
‫البحث أو الرسالة‪ .‬ويجب ذكر أية اختصارات تستخدم في متن الرسالة تماماً كما هو الحال‬
‫بالنسبة لمفتاح الخريطة‪ .‬يتم إضافة هذه االختصارات من باب أولى في بداية الرسالة بعد‬
‫العكر وقبل المقدمة‪ ،‬أو يتم وضعها قبل الجزء الخاص بالمراجع‪ .‬انظر في تفصيل هذه‬
‫االختصارات الملحق رقم ‪ 3‬من هذا الفصل‪.‬‬

‫‪246‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫مالحق الفصل الخامس‬

‫)الملحق رقم ‪(1‬‬


‫‪ .1‬موقع "اتحاد مكتبات الجامعات المصري "‬
‫الذي يسمح بالكعف عن كافة الكتب ورسائل الماجستير والدكتوراه المفهرسة الموجودة‬
‫بالجامعات المصرية‪.‬‬
‫‪http://srv3.eulc.edu.eg/eulc_v5/libraries/start.aspx?fbclid=IwA‬‬
‫‪R1PkLzHQS18ajZR9zUCUEr0xXtBz-4KmYPYNxvAITiu-Ggezqur-‬‬
‫‪TVWS7E‬‬

‫‪247‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫تجدر اإلشارة إلى أن هذا الموقع يعطي فقط التفاصيل والمعلومات للوصول للمرجع‪.‬‬
‫لذلك موقع اتحاد مكتبات الجامعات المصرية يعد مرجعاً غير مباشر ألنه يدل الباحث‬
‫فقط على المعلومات والبيانات الالزمة للمراجع المباشرة‪ .‬ليس لديه صالحية وضع المرجع‬
‫كامالً على الموقع لكنه يعطي معلومات دقيقة عن الجامعة‪ ،‬الكلية‪ ،‬والبيانات األرشيفية‬
‫للمرجع‪ ،‬بحيث يسهل على الباحث الوصول إليه بمجرد تواجده في المكان المعار إليه‪.‬‬

‫‪ .2‬موقع بنك المعرفة المصري‬


‫‪https://www.ekb.eg‬‬
‫يمنح بنك المعرفة المصري جميع المصريين من جميع األعمار إمكانية الوصول إلى‬
‫أكبر قدر من المعرفة والمحتوى الثقافي والعلمي سواء أكان علوما أساسية‪ ،‬أم تطبيقية أو‬
‫تقنية أو بعرية أو إدارية‪ ،‬حتى الكتب الثقافية العامة‪.‬‬
‫يحتوي بنك المعرفة المصري على بوابتين رئيسيتين تنقسم كل بوابة منهم لعدد من‬
‫البوابات الفرعية‪ .‬البوابة الرئيسية األولى هي بوابة إتاحة المعلومات ‪ www.ekb.eg‬وتعد‬
‫من أكبر المكتبات الرقمية ومركز معرفة إلكتروني على مستوى العالم‪ ،‬والتي تقدم وصوال‬
‫مجانيا للمنعورات التعليمية والعلمية في العديد من فروع المعرفة لكل أفراد الععب داخل‬
‫جمهورية مصر العربية بالتسجيل عليها باستخدام الرقم القومي والبريد اإللكتروني وبعض‬
‫للقرء‬
‫البيانات العخصية والوظيفية البسيطة‪ ،‬وتقدم خدماتها من خالل أربع بوابات فرعية ّا‬
‫والباحثين والطلبة والمعلمين وكذلك األطفال ‪ .‬أما عن البوابة الرئيسية الثانية لبنك المعرفة‬
‫المصري فهي بوابة إنتاج ونعر المعلومات المحلية األكاديمية للجامعات المصرية‪.‬‬

‫‪248‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن بنك المعرفة‪ ،‬أضحى ذا أهمية قصوى في مجال البحث‬
‫القانوني‪ ،‬خصوصاً أن المجالت العلمية للكليات الحقوق المصرية أصبح لها بوابات خاصة‬
‫على الموقع الرئيسي لبنك المعرفة‪ ،‬وتنعر عليه األبحاث العلمية أوالً بأول‪ ،‬إتباعاً للفكر‬
‫العالمي السائد حالياً من قواعد البيانات والمواقع النعر العلمية الدولية ‪.Open Access‬‬

‫على سبيل المثال‪ ،‬أصبح لمجلة كلية الحقوق بجامعة عين شمس‪ ،‬موقعاً إلكترونياً‬
‫بالتنسيق مع بنك المعرفة المصري‪.‬‬
‫‪https://jelc.journals.ekb.eg‬‬

‫‪249‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫‪ .3‬موقع محكمة النقض المصرية‬


‫أما إذا كان األمر متعلق بأحكام قضائية أو بنصوص القوانين‪ ،‬فقد نعطت محكمة‬
‫النقض المصرية مؤخ اًر موقعها اإللكتروني الرسمي مما يسهل كثي اًر على الباحثين جمع ما‬
‫يخصهم من أحكام وفقاً للتخصص‪.‬‬
‫‪https://www.cc.gov.eg‬‬

‫‪250‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫‪251‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫الملحق رقم ‪2‬‬

‫إليكم قائمة بأهم قواعد البيانات التي تسهل على طالب العلم الوصول لمصادر‬
‫ومراجع القانون الفرنسي مع العرح التطبيقي على كيفية التعامل مع هذه القواعد‪.‬‬

‫‪ .1‬قاعدة بيانات ‪sudoc‬‬


‫‪http://www.sudoc.abes.fr/cbs/xslt//DB=2.1‬ح‬
‫‪ : Sudoc‬نظام التوثيق الجامعي الذي تنتجه المكتبات ومراكز التوثيق للتعليم العالي‬
‫والبحث في فرنسا‪ .‬يضم أكثر من ‪ 13‬مليونا من بيانات المراجع ألنواع مختلفة من الوثائق‬
‫(كتب‪ ،‬أطروحات‪ ،‬مجالت‪ ،‬موارد إلكترونية‪ ،‬مستندات سمعية بصرية‪ ،‬أشكال مصغرة‪،‬‬
‫أيضا مجموعات المجالت والصحف‬
‫خرائط‪ ،‬درجات‪ ،‬مخطوطات إلخ ‪ ...‬يصف ‪ً Sudoc‬‬
‫لما يقرب من ‪ 1500‬مؤسسة وثائقية خارج التعليم العالي (مكتبات البلدية‪ ،‬ومراكز التوثيق‪،‬‬
‫وما إلى ذلك)‪.‬‬
‫تعد قاعدة البيانات ‪ sudoc‬من أهم المراجع الغير مباشرة‪ .‬كونها تعير فقط إلى‬
‫بيانات المرجع المطلوب‪ ،‬إذا كان الكتاب موجوداً في ذات المكتبة التي يجري بها الباحث‬
‫بحثه ففي لحظات يكون بين يديه‪ .‬أما وإذا لم يكن موجوداً في ذات المكتبة يمكنه استخدام‬
‫خدمة ‪ PEB (prêt entre bibliothèques).‬وهي خدمة يستفيد بها من كان مقيداً في‬
‫إحدى مؤسسات التعليم العالي بفرنسا ‪ .‬والتي تسمح للمكتبة نفسها باستعارة الكتاب من‬
‫مكتبة أخرى فرنسية من أجل خدمة الطالب‪.‬‬

‫‪252‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫‪ .2‬قاعدة بيانات‪Legifrance‬‬
‫‪https://www.legifrance.gouv.fr‬‬
‫أما بخصوص النصوص القانونية واألحكام القضائية قامت الحكومة الفرنسية بإنعاء‬
‫موقع موحد يضمن نعر النصوص التعريعية والتنظيمية وق اررات المحاكم الصادرة عن‬
‫المحاكم العليا ومحاكم االستئناف في القانون الفرنسي‪.‬‬

‫‪253‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫‪ .3‬قواعد البيانات للمقاالت الفقهية واألبحاث‬


‫فيما يلي قواعد بيانات متخصصة في مجال القانون الفرنسي‪ .‬قد تحتاج بعضها إلى‬
‫اشتراك مسبق‪ ،‬ويمكن الحصول عليها إما إلكترونياً أو ورقياً‪.‬‬
‫‪Dalloz‬‬
‫تقدم إصدارات ‪ Dalloz‬قاعدة بياناتها القانونية تضم أكثر من ‪ 20‬مجلة عامة أو‬
‫مهنية أو أساسية وأرشيفاتها منذ عام ‪ ،1990‬تضم هذه المجالت تعليقات على رسائل‪،‬‬
‫أحكام قضائية وما إلى ذلك‪.‬‬
‫‪Lexis 360‬‬
‫‪ Lexis 360‬هي بوابة قانونية للطالب تقدم وثائق قانونية مصنفة حسب المصدر‬
‫(الموسوعات ‪ -‬ملخصات ‪ ، JurisClasseur‬واألكواد والقوانين ‪ ،‬والسوابق القضائية ‪،‬‬
‫واالتفاقيات الجماعية ‪ ،‬ومجالت ‪ ، Lexis Nexis‬وما إلى ذلك) واألوراق التعليمية للدراسات‬
‫الجامعية‪.‬‬
‫‪Doctrinal plus‬‬
‫يوفر ‪ Doctrinal Plus‬الوصول إلى نصوص القوانين واللوائح األوروبية والسوابق‬
‫القضائية الفرنسية واألوروبية المذكورة في المقاالت التي تم تحليلها‪.‬‬
‫وتعد ‪ ، Doctrinal Plus‬على العكس من دالوز مثالً‪ ،‬قاعدة بيانات أو مصدر غير‬
‫مباشر للمراجع‪ .‬هي باألحرى كعاف يعطي البيانات المرجعية‪ .‬توفر أحياناً روابط مباشرة‬
‫لق اررات المحاكم العليا الوطنية واألوروبية‪.‬‬
‫‪Lextenso‬‬
‫تأخذ قاعدة ‪ Lextenso‬قواعد السوابق القضائية في ‪ ، Légifrance‬بالق اررات‬
‫والمقاالت المنعورة في المجالت التسعة الموجودة على ‪.Lextenso‬‬

‫‪254‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫‪ .4‬قواعد البيانات الخاصة برسائل الماجيستير والدكتوراه‬


‫‪https://www.theses.fr‬‬
‫لحصر رسائل الدكتوراه الخاصة بموضوع البحث يمكن للباحث االطالع عليها كاملة‬
‫على موقع ‪ thèses.fr‬والذي يسمح بقراءة ملخص الرسائل وأحياناً االطالع وتحميل الرسالة‬
‫كاملة‪.‬‬
‫‪ theses.fr‬تجمع كافة رسائل الدكتوراه في فرنسا منذ عام ‪ 1985‬وتحدد كذلك إذا‬
‫كانت هذه الرسائل تمت مناقعتها‪ ،‬أو في طور اإلعداد وهكذا ‪ ..‬هو أحد تطبيقات معروع‬
‫‪ Portail des thèses‬الذي أوكلت إليه ‪ ABES‬في عام ‪ 2009‬من قبل و ازرة التعليم‬
‫العالي والبحث‪.‬‬

‫‪https://dumas.ccsd.cnrs.fr‬‬
‫‪ Dumas‬قاعدة بيانات تهتم بإيداع رسائل الماجيستير بعد مناقعتها وذلك في جميع‬

‫‪255‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫التخصصات ‪.‬‬
‫وهي بوابة أرشفة مفتوحة وتطبق مبدأ حرية الوصول لألبحاث ‪. libre accès‬‬
‫وتهدف إلى سهولة الوصول لألبحاث العلمية‪ ،‬عالوة على نعر ثقافة البحث العلمي على‬
‫المستوى الدولي‪.‬‬

‫‪ .5‬قواعد بيانات عامة وأكاديمية‬


‫‪https://hal.archives-ouvertes.fr‬ح‬
‫‪ HAL‬هي عبارة عن منصة على اإلنترنت تم تطويرها في عام ‪ 2001‬من قبل مركز‬
‫االتصال العلمي المباشر (‪ )CCSD‬التابع لت ‪ ، CNRS‬وتهدف إلى إيداع ونعر المقاالت‬
‫واألطروحات من قبل الباحثين أنفسهم ‪ ، Autoarchivage‬سواء تم نعرها أو ال من قبل‬
‫المؤسسات التعليمية ومراكز البحوث الفرنسية أو األجنبية ‪ ،‬معامل عامة أو خاصة ‪ .‬ويعد‬
‫الوصول إلى البيانات مجاني ضمن االتجاه العالمي ‪.Open Access data‬‬

‫‪256‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫‪257‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

3 ‫الملحق رقم‬
‫قائمة االختصارات‬
Liste des abréviations

AJ contrat Actualité juridique contrat


AJDI Actualité juridique droit immobilier
Al. Alinéa
APD Archives de philosophie du droit
Bull. civ. Bulletin des arrêts de la Cour de cassation,
chambres civiles
Bull. crim. Bulletin des arrêts de la Cour de cassation,
chambre criminelle
Bull. soc. Bulletin des arrêts de la Cour de cassation,
chambre sociale
C.c.e Code civil égyptien
C.c.f. Code civil français
C.f. Confère
CA Cour d’appel
Cass. Cour de cassation
Cass. civ. Cour de cassation, chambre civile
Cass. com. Cour de cassation, chambre commerciale

258
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

Cass. soc. Cour de cassation, chambre sociale


Cass.req. Arrêt de la chambre des requêtes de la Cour de
cassation
CCC. Revue Contrats Concurrence Consommation
Ch. Chambre
Chron. Chronique
CJUE Cour de justice de l'Union européenne
CRA Consumer Rights Act
D. Recueil Dalloz
Dir./Dirs. Direction
Dr. et patri. Droit et patrimoine
Éd. Édition
Gaz. pal. Gazette du Palais
i.e. id est, « c'est-à-dire »
Ibid. Ibidem, « ici même », « au même endroit »
Infra. « Ci-dessous »
JCP Juris-Classeur périodique, Semaine juridique
JCP E Juris-Classeur périodique, édition entreprise
JCP éd. G. Juris-Classeur périodique, édition générale
JO Journal officiel
Jurisp. Jurisprudence

259
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

L. Loi
L’Essentiel droit des contrats LEDC
La Semaine Juridique Notariale et Immobilière JCP N
LGDJ Librairie Générale de Droit et de Jurisprudence
LPA Les petites affiches
n° Numéro
Obs. Observations
Op. cit. opere citado, « dans l'ouvrage précité »
p. Page
pp. pages
Préc. Précité
PUAM Presses Universitaires d’Aix-Marseille
PUF Presses Universitaires de France
RDC Revue Droit des Contrats
Rép. civ. Répertoire Civil Dalloz
RFDA Revue Française de Droit Administratif
RGDM Revue générale de droit médical
RID Comp. Revue Internationale de Droit Comparé
RIDC Revue internationale de droit comparé
RIDE Revue internationale de droit économique
RJ comRevue de jurisprudence commerciale

260
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

RJDA Revue de jurisprudence de droit des affaires


RJT Revue juridique Thémis
RLC Revue Lamy de la Concurrence
RLDC Revue Lamy Droit Civil
RLDC Revue Lamy droit Civil
RRJ Revue de droit prospectif
RTD civ. Revue trimestrielle de droit civil
RTD com. Revue trimestrielle de droit commercial
Semaine Sociale Lamy SSL
SLC Société de Législation Comparée
spéc. Spécialement
Supra « Ci-dessus »
t. Tome
UCTA Unfair Contract Terms Act
v. Voir
Vol. Volume

261
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫‪262‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫أوال‪ :‬مراجع باللغة العربية‪:‬‬

‫▪ أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي العافعي‪ ،‬مصابيح‬


‫السنة‪ ،‬تحقيق‪ :‬الدكتور يوسف عبد الرحمن المرععلي‪ ،‬محمد سليم إب ار يم‬
‫سمارة‪ ،‬جمال حمدي الذهبي‪ ،‬دار المعرفة للطباعة والنعر والتوزيع‪ ،‬بيروت‬
‫‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة األولى‪.1987 ،‬‬
‫▪ توفيق الطويل‪" ،‬أسس الفلسفة"‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،1967 ،‬ص ت‬
‫‪.179 ،136 ،135‬‬
‫▪ أ‪.‬د‪ .‬صالح زين الدين‪" ،‬مناهج البحث العلمي وكتابة الرسائل الجامعية"‪،‬‬
‫دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬بدون تاريخ‪.‬‬
‫▪ أ‪.‬دح أحمد جامع‪" ،‬النظرية االقتصادية"‪ ،‬الجزء األول "التحليل االقتصادي‬
‫الجزئي"‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة ‪.1984‬‬
‫▪ أ‪.‬دح عبد هللا الصعيدي‪ :‬مبادئ علم االقتصاد الجزئي" الجزء األول‪ :‬المقدمة‪،‬‬
‫النظم االقتصادية والتنمية‪ ،‬كلية الحقوق ج‪ .‬عين شمس‪ ،‬بدون تاريخ‪.‬‬
‫▪ أحمد بن الحسين بن علي ابن موسى البيهقي‪ ،‬سنن البيهقي الكبرى‪ ،‬تحقيقح‬
‫محمد عبدالقادر عطا‪ ،‬مكة المكرمة‪ ،‬مكتبة دار الباز‪1414 ،‬ه‪1994 -‬م‪.‬‬
‫▪ أحمد زكي‪ ،‬الترقيم وعالماته في اللغة العربية‪ ،‬المملكة المتحدة‪ ،‬مؤسسة‬
‫هنداوي‪.‬‬

‫‪263‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫▪ أيمن أمين‪ ،‬الكافي في قواعد اإلمالء والكتابة وفًقا لق اررات مجمع اللغة العربية‬
‫بالقاهرة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار التوفيقية للتراث‪.‬‬
‫▪ جميل عبد الباقي الصغير‪ ،‬الدليل في كيفية إعداد رسائل الماجستير والدكتوراه‬
‫في العلوم القانونية‪ ،‬دار النهضة العربية‪.2015 ،‬‬
‫▪ د‪ .‬أحمد بدر‪ ،‬أصول البحث العلمي ومناهجه‪ ،‬الكويت‪ ،‬وكالة المطبوعات‪،‬‬
‫الطبعة الثامنة‪1986 ،‬م‪.‬‬
‫▪ د‪ .‬أحمد شلبي‪" ،‬كيف تكتب بحثاً أو رسالة‪ :‬دراسة منهجية لكتابة البحوث‬
‫وإعداد رسائل الماجستير والدكتوراه"‪ ،‬مكتبة النهضة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الطبعة الرابعة‬
‫والععرون‪1997 ،‬م‪.‬‬
‫▪ د‪ .‬أحمد شلبي‪ ،‬كيف تكتب بحثًا أو رسالة دراسة منهجية لكتابة البحوث‬
‫وإعداد رسائل الماجستير والدكتوراه‪ :‬القاهرة‪ ،‬مكتبة النهضة المصرية‪ ،‬ط‪،6‬‬
‫‪1968‬م‪.‬‬
‫▪ د‪ .‬أحمد عبد الكريم سالمه‪ ،‬األصول المنهجية في إعداد البحوث القانونية‪،‬‬
‫د‪.‬ن‪1997 ،‬م‪.‬‬
‫▪ د‪ .‬أحمد عبد المنعم حسن‪ ،‬أصول البحث العلمي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬المكتبة األكاديمية‬
‫‪1996‬م‪ ،‬الجزء الثاني‪.‬‬
‫▪ د‪ .‬أحمد عبد المنعم حسن‪ ،‬أصول البحث العلمي‪ ،‬المنهج العلمي وأساليب‬
‫كتابة البحوث والرسائل العلمية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬المكتبة األكاديمية‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫‪1996‬م‪ ،‬الجزء األول‪.‬‬
‫▪ د‪ .‬أحمد عبد الكريم سالمة‪" ،‬األصول المنهجية إلعداد البحوث العلمية"‪،‬‬
‫دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الطبعة الثانية‪2017 ،‬‬

‫‪264‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫▪ د‪ .‬أحمد على صالح ضبش‪ ،‬قاعة البحث والمكتبة العرعية‪ ،‬الدليل األكاديمي‬
‫للباحث العرعي‪ ،‬بدون ناشر‪ 1442 ،‬ه‪.‬‬
‫▪ د‪ .‬أحمد مسلم‪ ،‬التأصيل المنطقي ألحوال انقضاء الخصومة‪ ،‬مجلة العلوم‬
‫القانونية واالقتصادية‪ ،‬كلية حقوق‪-‬عين شمس‪ ،‬يناير ‪1969‬م‪.‬‬
‫▪ د‪ .‬السيد العربي‪ ،‬االستدالل المنطقي لألحكام في ضوء التغيرات االجتماعية‬
‫"دراسة مقارنة بين النظامين اإلسالمي واألنجلو أمريكي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار النهضة‬
‫العربية‪1999 ،‬م‪.‬‬
‫▪ د‪ .‬السيد عبد الحميد فوده‪ ،‬أصول إعداد وصياغة البحوث القانونية‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫دار النهضة العربية‪2015،‬م‪.‬‬
‫▪ د‪ .‬جابر جاد نصار‪ ،‬أصول وفنون البحث العلمي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار النهضة‬
‫العربية‪2005 ،‬م‪.‬‬
‫▪ د‪ .‬جميل عبد الباقي الصغير‪ ،‬الدليل في كيفية إعداد رسائل الماجستير‬
‫والدكتوراه في العلوم القانونية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار النهضة العربية‪2015 ،‬م‪.‬‬
‫▪ د‪ .‬حسن حسين البراوي "مبادئ البحث القانوني"‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬دار النهضة‬
‫العربية‪ ،‬القاهرة‪.2001 ،‬‬
‫▪ د‪ .‬حسين حامد‪ ،‬أصول الفقه‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار النهضة العربية‪1970 ،‬م‪.‬‬
‫▪ د‪ .‬حسين عمر‪" ،‬مبادئ علم االقتصاد"‪ ،‬تحليل جزئي وكلي ومعجم‬
‫اقتصادي‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪.1989 ،‬‬
‫▪ د‪ .‬خالد جمال أحمد‪ ،‬مبادئ الصياغة التعريعية‪ ،‬المجلة القانونية‪ ،‬العدد‬
‫الرابع‪.‬‬
‫▪ د‪ .‬خليل فيكتور تادروس؛ د إيهاب عباس الفراش‪ ،‬أصول البحث العلمي‬

‫‪265‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫القانوني‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬


‫▪ د‪ .‬سعد الدين السيد صالح‪ ،‬قصة الصراع بين منطق اليونان ومنطق‬
‫المسلمين‪ ،‬الزقازيق‪ ،‬د‪.‬ن‪ ،‬الطبعة األولى‪1990 ،‬م‪.‬‬
‫▪ د‪ .‬سليمان بن عبد العزيز العيوني‪ ،‬الضوابط اللغوية للصياغة القانونية‪،‬‬
‫مجلة العلوم العربية‪ ،‬العدد ‪ ،29‬شوال ‪1434‬هت‪.‬‬
‫▪ د‪ .‬صالح قنصوه‪" ،‬الموضوعية في العلوم اإلنسانية" دار التنوير للطباعة‬
‫والنعر‪ ،‬يناير ‪2007‬م‪.‬‬
‫▪ د‪ .‬صالح مصطفى الفوال‪ " ،‬مناهج البحث في العلوم االجتماعية"‪ ،‬مكتبة‬
‫غريب‪ ،‬القاهرة‪1982 ،‬م‪.‬‬
‫▪ د‪ .‬عبد الباسط وفا‪" ،‬فن إعداد الرسائل والبحوث العلمية"‪ ،‬دار النهضة‬
‫العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬بدون تاريخ نعر‪.‬‬
‫▪ د‪ .‬عبد الرحمن بدوى‪ ،‬المنطق الصوري والرياضي‪ ،‬الكويت‪ ،‬د‪.‬ن‪1977 ،‬م‪.‬‬
‫▪ د‪ .‬عبد القادر العيخلي‪" ،‬إعداد البحث القانوني"‪ ،‬دار محدالوي للنعر‬
‫والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪.‬‬
‫▪ د‪ .‬عبد المنعم الحفني‪ ،‬المعجم الفلسفي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الدار العرقية‪1990 ،‬م‪.‬‬
‫▪ د‪ .‬فايز محمد حسين‪ ،‬التدريب القانوني والمهارات القانونية وكفالة الحق في‬
‫التقاضي‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪.2013 ،‬‬
‫▪ محمد أمين البنهاوي‪ ،‬شعبان عبد العزيز خليفة‪ ،‬قاموس البنهاوي الموسوعي‬
‫في مصطلحات المكتبات والمعلومات‪ ،‬العربي للنعر والتوزيع‪.1991 ،‬‬
‫▪ د‪ .‬محمود السقا‪ ،‬دراسة فى علم المنطق القانونى‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار النهضة‬
‫العربية‪1998 ،‬م‪.‬‬

‫‪266‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫▪ د‪ .‬محمود نجيب حسني‪ ،‬المساهمة الجنائية في التعريعات العربية‪ ،‬القاهرة‪،‬‬


‫دار النهضة العربية‪2009 ،‬م‪.‬‬
‫▪ د‪ .‬محي محمد مسعد ‪" ،‬كيفية كتابة األبحاث واإلعداد للمحاضرات"‪ ،‬دار‬
‫المطبوعات الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪.2004 ،‬‬
‫▪ د‪ .‬مصطفي البنداري أبو سعده‪ ،‬المنهجية القانونية بين القواعد النظرية‬
‫والمهارات التطبيقية الدليل العملي للقانونيين‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار األهرام‪.2022 ،‬‬
‫▪ د‪ .‬هادية العود البهلول‪" ،‬دافع البحث العلمي في البلدان العربية‪ :‬المعوقات‬
‫ومقترحات للتطوير (حالة تونس)‪ ،‬منعورة في مجلة مستقبل العلوم‬
‫االجتماعية‪ ،‬العدد الخامس‪ ،‬إبريل‪ ،‬سنة ‪2021‬م ‪.‬‬
‫▪ د‪ .‬وائل عالم‪" ،‬مناهج البحث القانوني"‪ ،‬مكتبة الجامعة‪ ،‬العارقة‪ ،‬اإلمارات‬
‫العربية المتحدة‪ ،‬الطبعة الثانية‪2015 ،‬م‪.‬‬
‫▪ د‪ .‬وجيه محجوب‪ ،‬أصول البحث العلمي ومناهجه‪ ،‬األردن‪ ،‬عمان‪ ،‬دار‬
‫المناهج للنعر والتوزيع‪ ،‬ط‪1425 ،2‬ه‪2005-‬م‪.‬‬
‫▪ د‪ .‬حسن عبد الحميد‪ ،‬محاضرات فى المدخل لدراسة فلسفة القانون لطلبة‬
‫الدراسات العليا‪ ،‬كلية الحقوق جامعة عين شمس‪ ،2016-2015 ،‬دار‬
‫النهضة العربية‪.‬‬
‫▪ دح أحمد محمد أبو بكر‪ ،‬القواعد الذهبية في اإلمالء والترقيم‪ ،‬الطبعة األولى ‪.‬‬
‫▪ دح حازم علي ماهر‪ ،‬تطبيق العريعة اإلسالمية والنصوص الدستورية‪ ،‬تقديم‪:‬‬
‫المستعارح طارق البعري‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬اإلمارات‪ ،‬دار‬
‫النهضة العلمية‪ ،‬ط‪2018 ،1‬م‪.‬‬
‫▪ دح فتحي علي يونس‪ ،‬التواصل اللغوي والتعليم‪ ،‬بدون ناشر‪2009 ،‬م‬

‫‪267‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫▪ دليل إعداد الرسائل والبحوث العلمية العرطية‪ ،‬كلية الدراسات العليا‪ ،‬مطابع‬
‫العرطة للطباعة والنعر والتوزيع‪.2022 ،‬‬
‫▪ السيد عبد الحميد فودة‪ ،‬إعداد وصياغة البحوث القانونية‪ ،‬دار النهضة‬
‫العربية‪.2016 ،‬‬
‫▪ صديق بن حسن القنوجي‪ ،‬أبجد العلوم الوشي المرقوم في بيان أحوال العلوم‪،‬‬
‫أعده للطبع ووضع فهارسه‪ :‬عبد الجبار زكار‪ ،‬دمعق منعورات و ازرة الثقافة‬
‫واإلرشاد القومي‪1978 ،‬م‪.‬‬
‫▪ عبد الرحمن بدوي‪ ،‬مناهج البحث العلمي‪ ،‬الكويت‪ ،‬وكالة المطبوعات‪،‬‬
‫الطبعة الثالثة‪1977 ،‬م‪.‬‬
‫▪ عبد السالم محمد هارون‪ ،‬قواعد اإلمالء وعالمات الترقيم‪ ،‬تنقيح وتعليق‪:‬‬
‫محمد إب ار يم سليم‪ ،‬نبيل عبد السالم هارون‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار الطالئع للنعر‬
‫والتوزيع والتصدير‪.‬‬
‫▪ عبد الوهاب خالف‪ ،‬علم أصول الفقه‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار الحديث‪1423 ،‬هت‪،‬‬
‫‪2003‬م ‪.‬‬
‫▪ على ضوي‪" ،‬منهجية البحث القانوني"‪ ،‬منعورات مجمع الفاشلتح للجامعات‪،‬‬
‫ليبيا‪1989 ،‬م‪.‬‬
‫▪ فخر الدين قباوة‪ ،‬عالمات الترقيم في اللغة العربية‪ ،‬حلب‪ ،‬دار الملتقى‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪1428‬ه‪2007 -‬م‪.‬‬
‫▪ محمد بن أبي بكر الدمعقي‪ ،‬إعالم الموقعين‪ ،‬تحقيقح طه عبد الرءوف سعد‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬دار الجيل‪1973 ،‬م‪.‬‬
‫▪ محمد بن إسماعيل البخاري الجعفي‪ ،‬الجامع الصحيح المختصر (صحيح‬

‫‪268‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫البخاري)‪ ،‬تحقيقح د‪ .‬مصطفى ديب البغا‪ ،‬بيروت‪ ،‬اليمامة‪ ،‬دار ابن كثير‪،‬‬
‫الطبعة الثالثة ‪1407‬ه‪1987 -‬م ‪.‬‬
‫▪ محمد بن عبدهللا الحاكم النيسابوري‪ ،‬المستدرك على الصحيحين‪ ،‬تحقيقح‬
‫مصطفى عبدالقادر عطا‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫‪1411‬هت ‪1990 -‬م‪.‬‬
‫▪ محمد بن عيسى الترمذي السلمي‪ ،‬الجامع الصحيح (سنن الترمذي)‪ ،‬تحقيقح‬
‫أحمد محمد شاكر وآخرون‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪.‬‬
‫▪ محمد بن يزيد القزويني‪ ،‬سنن ابن ماجه‪ ،‬تحقيقح محمد فؤاد عبد الباقي‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بدون تاريخ‪.‬‬
‫▪ محمد عبد الحميد جفالن‪" ،‬الوجيز في إعداد البحث العلمي"‪ ،‬دار النهضة‬
‫العربية‪ ،‬القاهرة‪2018 ،‬م‪.‬‬
‫▪ المعجم الوجيز‪ ،‬إصدار مجمع اللغة العربية‪ ،‬مصر‪1990 ،‬م‪.‬‬
‫▪ وخام الكينيال‪ ،‬عبد المجيد النعيمي‪ ،‬اإلمالء الواضح‪ ،‬بغداد‪ ،‬مطبعة أسعد‬
‫(بغداد) طح ثالثة ‪1387‬ه‪1967-‬م‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬مقاالت عامة ‪:‬‬

‫▪ عبد الرحمن برقوق‪ ،‬تحرير وبناء قائمة المراجع في الرسائل الجامعية‪ ،‬مجلة‬
‫العلوم اإلنسانية‪ ،‬جامعة محمد خيضر بسكرة‪ ،‬العدد العاشر‪ ،‬نوفمبر ‪.2006‬‬
‫▪ عاصم خليل‪ ،‬منهجية البحث القانوني وأصوله‪ ،‬دار العروق للنعر والتوزيع‪،‬‬
‫عمان‪ ،‬األردن‪ ،‬رام هللا‪ ،‬فلسطين‪.2012 ،‬‬

‫‪269‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

:‫ مراجع باللغات األجنبية‬:‫ثالثا‬

▪ Bergel(J.L): Théorie générale du droit, paris, Dalloz,


1989
▪ HENSENS Hanka, rédaction de bibliographie, les normes
et les usages, IRD Montpellier, Centre de
Documentation, novembre 2004.
▪ Perelman(cH): Raisonnement juridique et logique
juridique, A.P.D, 1966, Villey(M): Histoire de la logique,
op.cit.
▪ Perelman: La raisonnable et le déraisonnable en droit,
paris, 1984,
▪ Weal B.Hallaq: Legal Reasoning in Islamic law and
common law logic and method, in Cleveland state law
review, V

270
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫رابعا‪ :‬مواقع إلكترونية‬

‫العلمي‬ ‫بالبحث‬ ‫المعني‬ ‫الموقع‬ ‫بكندا‪،‬‬ ‫الفال‬ ‫▪ جامعة‬


‫‪ ،https://roberge.mus.ulaval.ca/gdrm/07-notes.htm‬تاريخ‬
‫الزيارة ‪ 19‬أكتوبر ‪.2022‬‬
‫▪ الدليل الجامعي لتوثيق المراجع القانونية‪ ،‬منعور من جامعة بوردو بفرنسا‪.‬‬
‫يمنكم االطالع عليه باتباع الرابط التالي ‪http://weburfist.univ-‬‬
‫‪bordeaux.fr/wp-content/uploads/2017/12/20171208-‬‬
‫‪R%C3%A9dux-Guide-de-r%C3%A9daction-des-‬‬
‫‪r%C3%A9f%C3%A9rences-bibliographiques-version-‬‬
‫‪ ،num%C3%A9rique.pdf‬تاريخ الزيارة ‪ 19‬أكتوبر ‪.2022‬‬
‫▪ الدليل الجامعي لتوثيق المراجع القانونية‪ ،‬منعور من جامعة بوردو بفرنسا‪.‬‬
‫يمنكم االطالع عليه باتباع الرابط التالي ‪https://sup.sorbonne-‬‬
‫‪universite.fr/sites/default/files/public/files/pups-normes-‬‬
‫‪ ، bibliographiques-201503.pdf‬تاريخ الزيارة ‪ 19‬أكتوبر ‪.2022‬‬
‫▪ قاموس المعاني واالطالع عليه إلكترونياً باتباع الرابط التالي‬
‫‪https://www.almaany.com‬‬

‫‪271‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫‪272‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫فهرس الموضوعات‬

‫تقدمي بقلم األستاذ الدكتور‪ /‬حممد صايف ‪..............................‬أ ‪ -‬ث‬


‫مقدمة الكتاب ‪1 ........................................................‬‬
‫الفصل األول ‪..........................................................‬‬
‫‪٧‬‬ ‫ماهية البحث العلمي وأخالقياته ‪........................................‬‬
‫املبحث األول ‪......................................................‬‬
‫‪٩‬‬ ‫مفهوم البحث العلمي‪ ،‬أمهيته‪ ،‬وخصوصيته ابلنسبة للعلوم االجتماعية ‪.‬‬
‫املطلب األول ‪...................................................‬‬
‫‪٩‬‬ ‫مفهوم البحث العلمي ‪..........................................‬‬
‫املطلب الثان ‪...................................................‬‬
‫‪13‬‬ ‫أمهية البحث العلمي‪...........................................‬‬
‫املطلب الثالث ‪..................................................‬‬
‫‪16‬‬ ‫خصوصية البحث العلمي يف العلوم االجتماعية ‪..................‬‬
‫املطلب الرابع ‪...................................................‬‬
‫‪24‬‬ ‫حمتوى موضوع البحث العلمي (شروط االختيار)‪.................‬‬
‫املبحث الثان ‪.......................................................‬‬
‫‪2٩‬‬ ‫مهارات البحث العلمي ‪...........................................‬‬
‫املطلب األول ‪...................................................‬‬
‫معين املهارة بصفة عامة‪ ،‬وإمكانية قياسها‪ ،‬وماذا يقصد مبهارة البحث‬
‫‪2٩‬‬ ‫العلمي بصفة خاصة ‪...............................................‬‬
‫‪273‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫املطلب الثان ‪...................................................‬‬


‫‪31‬‬ ‫طرق اكتساب مهارات البحث العلمي ‪..........................‬‬
‫املطلب الثالث ‪..................................................‬‬
‫‪34‬‬ ‫وسائل حتسني مهارات البحث العلمي ‪...........................‬‬
‫املبحث الثالث ‪.....................................................‬‬
‫‪3٩‬‬ ‫أخالقيات الباحث العلمي‪ ،‬ومسات البحث العلمي اجليد‪.............‬‬
‫املطلب األول ‪...................................................‬‬
‫‪3٩‬‬ ‫أخالقيات الباحث العلمي ‪.....................................‬‬
‫املطلب الثان ‪...................................................‬‬
‫‪44‬‬ ‫مسات البحث العلمي اجليد ‪....................................‬‬
‫ميثاق أخالقيات البحث العلمي ‪51 ..................................‬‬
‫الفصل الثان ‪...........................................................‬‬
‫‪5٩‬‬ ‫مناهج البحث العلمي ‪................................................‬‬
‫املبحث األول ‪......................................................‬‬
‫‪61‬‬ ‫ماهية مناهج البحث العلمي ‪.......................................‬‬
‫املطلب األول ‪...................................................‬‬
‫‪63‬‬ ‫مفهوم مناهج البحث العلمي ‪...................................‬‬
‫املطلب الثان ‪...................................................‬‬
‫‪6٨‬‬ ‫خصوصية مناهج البحث يف الدراسات اإلنسانية‪.................‬‬
‫املبحث الثان ‪.......................................................‬‬
‫‪٧3‬‬ ‫أنواع مناهج البحث العلمي ‪.......................................‬‬
‫‪274‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫املطلب األول ‪...................................................‬‬


‫‪٧3‬‬ ‫املناهج العقلية ‪................................................‬‬
‫املطلب الثان ‪...................................................‬‬
‫املناهج اإلجرائية ‪82 .............................................‬‬
‫الفصل الثالث‪..........................................................‬‬
‫‪٩5‬‬ ‫هيكل ومراحل إعداد البحث العلمي ‪..................................‬‬
‫املبحث األول ‪......................................................‬‬
‫‪٩5‬‬ ‫هيكل البحث العلمي ‪.............................................‬‬
‫املطلب األول ‪...................................................‬‬
‫‪٩6‬‬ ‫عنوان ومقدمة البحث ‪.........................................‬‬
‫املطلب الثان ‪...................................................‬‬
‫‪1٠٧‬‬ ‫حمتوى البحث‪................................................‬‬
‫املطلب الثالث ‪..................................................‬‬
‫‪11٠‬‬ ‫خامتة البحث ‪................................................‬‬
‫املطلب الرابع ‪...................................................‬‬
‫‪112‬‬ ‫مالحق ومراجع البحث ‪.......................................‬‬
‫املبحث الثان ‪.......................................................‬‬
‫‪114‬‬ ‫مراحل إعداد البحث العلمي ‪.....................................‬‬
‫املطلب األول ‪...................................................‬‬
‫‪114‬‬ ‫اختيار موضوع البحث ‪........................................‬‬
‫املطلب الثان ‪...................................................‬‬
‫‪275‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫‪12٠‬‬ ‫إعداد خطة البحث وعرضها يف حلقة نقاشية ‪...................‬‬


‫املطلب الثالث ‪..................................................‬‬
‫‪122‬‬ ‫مجع املادة العلمية والبياانت وتصنيفها ‪.........................‬‬
‫املطلب الرابع ‪...................................................‬‬
‫‪13٠‬‬ ‫كتابة وطباعة البحث ‪.........................................‬‬
‫‪135‬‬ ‫ملحق الفصل الثالث ‪.........................................‬‬
‫الفصل الرابع‪...........................................................‬‬
‫‪145‬‬ ‫كتابة وصياغة البحث العلمي القانون‪.................................‬‬
‫‪146‬‬ ‫متهيد (توطئة) ‪................................................‬‬
‫أمهية اإلملام أبصول الكتابة العلمية وأهمية الصياغة القانونية‬
‫المنضبطة ‪146 .....................................................‬‬

‫املبحث األول ‪......................................................‬‬


‫‪153‬‬ ‫مواصفات العبارة واألسلوب يف الكتابة العلمية‪.....................‬‬
‫املطلب األول ‪...................................................‬‬
‫‪154‬‬ ‫اختيار الكلمات واجلمل والضمائر وزمن الفعل‪................ .‬‬
‫املطلب الثان ‪...................................................‬‬
‫‪15٩‬‬ ‫مراعاة مواصفات الفقرة‪.......................................‬‬
‫املطلب الثالث ‪..................................................‬‬
‫‪163‬‬ ‫مراعاة مواصفات األسلوب العلمي ‪............................‬‬
‫املبحث الثان ‪.......................................................‬‬
‫صحة الكتابة وسالمتها اللغوية‪177 ..................................‬‬

‫‪276‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫املطلب األول ‪...................................................‬‬


‫‪1٧٨‬‬ ‫ماهية السالمة اللغوية‪.........................................‬‬
‫املطلب الثان ‪...................................................‬‬
‫‪1٨2‬‬ ‫الضوابط اللغوية للبحث القانون ‪..............................‬‬
‫املطلب الثالث ‪..................................................‬‬
‫‪1٩2.................‬‬ ‫التنبيه على بعض األخطاء اإلمالئية الشائعة يف الكتابة‬
‫املبحث الثالث ‪.....................................................‬‬
‫عالمات الرتقيم ‪207 ................................................‬‬
‫الفصلة (‪209 ................................................ )،‬‬
‫الفصلة املنقوطة (؛) ‪210 ........................................‬‬
‫النقطة (‪211 ................................................. ).‬‬
‫‪212‬‬ ‫النقطتان الفوقيتان (‪........................................ ):‬‬
‫الشرطة (‪214 .............................................. )-‬‬
‫‪215‬‬ ‫الشرطتان (‪............................................ )- -‬‬
‫االستفهام (؟)‪215 ..............................................‬‬
‫التأثر (!) ‪216 ..................................................‬‬
‫‪21٧‬‬ ‫القوسان ( ) ‪.................................................‬‬
‫التنصيص (" ") ‪217 ...........................................‬‬
‫احلذف (‪218 .............................................. )...‬‬
‫‪219‬‬ ‫القوسان املزهران (القرآنيان) ‪..............................  ‬‬
‫القوسان املعقوفان [ ]‪219 ......................................‬‬
‫‪277‬‬
‫محاضرات يف أصول البحث العلمي القانون‬

‫‪22٠‬‬ ‫عالمة التابعية (=) ‪...........................................‬‬


‫الفصل اخلامس‪.........................................................‬‬
‫‪223‬‬ ‫مصادر ومراجع البحث وقواعد التوثيق ‪...............................‬‬
‫التعريف ابملصدر واملرجع والتفرقة بينهما ‪226 .....................‬‬
‫املبحث األول ‪......................................................‬‬
‫‪22٩‬‬ ‫مصادر البحث يف اجملال القانون ‪..................................‬‬
‫املطلب األول ‪...................................................‬‬
‫‪22٩‬‬ ‫مصادر البحث ابلنسبة لألحباث العلمية بوجه عام ‪..............‬‬
‫املطلب الثان ‪...................................................‬‬
‫مصادر البحث ابلنسبة لألحباث العلمية املقارنة ‪....................‬‬
‫‪23٠‬‬ ‫)القانون الفرنسي منوذجا( ‪....................................‬‬
‫املبحث الثان ‪.......................................................‬‬
‫‪232‬‬ ‫قواعد التوثيق يف البحث القانون ‪..................................‬‬
‫املطلب األول ‪...................................................‬‬
‫‪233‬‬ ‫قواعد التوثيق اخلاصة ابحلاشية )اهلوامش( ‪......................‬‬
‫املطلب الثان ‪...................................................‬‬
‫‪23٩‬‬ ‫قواعد التوثيق اخلاصة بقائمة املراجع ‪...........................‬‬
‫قائمة املصادر واملراجع ‪263 ............................................‬‬
‫فهرس املوضوعات ‪273 ................................................‬‬

‫‪278‬‬

You might also like