Professional Documents
Culture Documents
النسخ ومايتعلّق به 1
النسخ ومايتعلّق به 1
نعنوان:
النسخ
إعداد البحث
تحت إشراف:
1
المبحث األول :تعريف النسخ
أحدهما :إزالة الشي دون أن يقوم غيره مقامه ،كقولهم :نسخت الريح األثرر .ومرن هراا المعنرى قرول اللره
تبارك وتعالى( :فينسخ اللره مرا فري يلقري الشريطان ثرم يحكرم اللره هياترهي أل يزيلره فرال يتلرى وي ي برت فري
المصحف بدله.1
ثانيهما :إبطال الشيء وزواله وإقامة هخر مقامه ،ومنه نسخت الشمس الظر ،،إذا أذهبتره وحلرت محلره،
وهو معنى قول الله تبارك وتعالى( :ما ننسخ من هية أو ننسها نأت بخير منهاي.
وفي الحديث الال أخرجه مسلم لم تكن نبوة قط إي تناسخت أل تحولت من حال إلى حرال ،يقرال:
انتسخ الشيب الشباب.
ويطلق النسخ في هاا المقام على التبدي ،،ومنه قوله تبارك وتعالى( :وإذا بدلنا هية مكان هيرة واللره أعلرم
بما ينزلي.
ال اني :يطلق النسخ ويراد به النق ،،وهو تحوي ،شريء مرن مكران إلرى هخرر ،أو مرن حالرة إلرى أخرر مر
بقائه في نفسه ،0كنق ،كتاب من مكان إلى مكان هخر ،وفي هاا المعنرى جراء قرول اللره تبرارك وتعرالى:
(كنا نستنسخ ما كنتم تعملوني أل نأمر بنسخه وإثباته ،ومنه المناسخات في الموارث.3
1
تفسير القرطبي .20/0
0حاشية األزميرل على مرهة األصول .121/0
2
وبناء على هاا المعنى يكون القرهن الكريم منسوخا بنقله مرن اللرو المحفرو ومنرزي إلرى بيرت العرزة فري
السماء الدنيا .وهاا المعنى اللغول ي عالقة له بمعنى النسخ ايصطالحي وي باإلزالة واإلبطال.4
فرع :ه ،النسخ من باب ايشتراك اللفظي بين اإلزالة والنق ،،أو هو حقيقة في اإلزالرة ماراز فري النقر،،
أو هو حقيقة في النق ،مااز في اإلزالة؟
القول األول :إن النسخ حقيقة فيهما ،فهرو مشرترك بينهمرا ،قرال بره القاضري ابرو بكرر البراقالني والغزالري.
ووجرره هرراا القررول ألن النسررخ اسررتعم ،فيهمررا علررى السرواء ،ولررم يغلررب علررى أحرردهما دون ا خررر فوجررب
القضاء بايشتراك بناء على أنه أطلق عليهما ،واألص ،في اإلطالق الحقيقة.5
القول ال اني :إن النسخ حقيقة في النق ،مااز في اإلزالرة ،وهرو قرول القفرال الشاشري .ووجره هراا القرول
ألن النسخ لفظ ك ر استعماله في النق ،،وق ،استعماله في اإلزالة ،فاعله حقيقة فيمرا ك رر اسرتعماله فيره
وماازا فيما ق ،استعماله فه ضررورة جتميرة ،إذ إن الحقيقرة أك رر مرن الماراز اسرتعماي ،وي يصرح جعلره
حقيقة في القلي.2،
3
القول ال الث :إن النسخ حقيقة في اإلزالة ،مااز في النق ،،وهرو مرا اختراره الفخرر الررازل وأبرو الحسرين
ومعن ررى اإلزال ررة أع ررم ،وإذا دار اللف ررظ ب ررين األع ررم البص رررل .ووج رره ه رراا الق ررول ألن معن ررى النق رر ،أخ ر ر
فاعله حقيقة في األعم أولى من جعله حقيقة في األخ ،لما في األعم تك ير للفائدة.7 واألخ
ثمة عديد من التعريفات للنسخ متعددة العبارات متقاربة المعراني أحيانرا ومتباينرة فري حرين هخرر .سرأنق،
في هاا المقام خمسة تعاريف لألصوليين حول تعريف النسخ اصطالحا.
التعريررف األول :تعريررف القاضرري أبرري بكررر البرراقالني النسررخ بأنرره( :رف ر الحكررم الشرررعي برردلي ،شرررعي
متأخري.
التعريررف ال رراني :تعريررف أبرري الحسررين البصرررل النسررخ بأنرره( :إزالررة م رر ،الحكررم ال ابررت بقررول منقررول عررن
رسروله ،وتكررون اإلزالررة بقررول منقررول عررن اللرره أو عررن رسروله أو بفعرر ،منقررول عررن رسروله ،مر تراخيرره عنرره
على وجه لويه لكان ثابتاي.
التعريف ال الث :تعريف الغزالي النسخ بأنره( :هرو الخطراب الردال علرى ارتفراع الحكرم ال ابرت بالخطراب
المتقدم على وجه لويه لكان ثابتا م تراخيه عنهي.
التعريف الراب :تعريف البيضاول النسخ بأنه( :بيان انتهاء حكم شرعي بطريق شرعي متراخ عنهي.1
4
التعريف الخرامس :تعريرف النسرفي النسرخ بأنره( :بيران لمردة الحكرم المطلرق الرال كران معلومرا عنرد اللره
تعررالى ،إي أنرره أطلقرره فصررار برراهرة البقرراء فرري حررق البشررر فكرران تبررديال فرري حقنررا ،بيرران محضررا فرري حررق
صاحب الشرعي.9
12
المطلب األول :موقف أه ،الشرائ السابقة من النسخ
اتفق أه ،الشرائ السابقة على جواز النسخ عقال ووقوعه سرمعا إي مرا نقلره علمراء األصرول عرن اليهرود،
فإنهم انقسموا في ذلك إلى ثالث طوائف:
الطائفة األولى :طائفة الشمعونية ،وهم الاين قالوا :إن النسخ محال عقال وسمعا.
الطائفة ال انية :طائفة العنانية ،وهم الاين قالوا :إن النسخ جائز عقال ومحال سمعا.
الطائفررة ال ال ررة :طائف ررة العيس رروية ،وه ررم ال رراين قررالوا :إن النس ررخ ج ررائز عق ررال وواق ر س ررمعا ،وإن الش رريعة
اإلسررالمية جرراءت للعرررب خاصررة ،فلررم يبعررث محمررد صررلى اللرره عليرره وسررلم إلررى بنري إسررائي ،حيررث يلررزم
نسخ شريعتهم.
وي شررك أن ق ررول جمرراهير أهرر ،الملرر ،السررابقة ه ررو ال رراجح ،ويمكررن إرج رراع مامرر ،اس ررتدييتهم إل ررى
قسمين:
5
القسم األول :أدلة الامهور على جرواز النسرخ عقرال ،ولهرم فري ذلرك دلير ،مرن المعنرى المعنرى ،وهرو أن
النسرخ ي يفضرري فررو وقوعرره إلررى محرال .وبيرران ذلررك أن األحكرام إمررا شرررعت لتحقيرق مصررالح العبرراد،
والمصالح قد تتغير بتغير األزمان واألشخاص ،وعليه فالنسخ غيرر محرال .وإمرا شررعت األحكرام يبرتالء
العباد واختبارهم فال يترترب علرى النسرخ محرال أيضرا ،ألن األحكرام مرن أفعرال اللره تبرارك وتعرالى ولره أن
يحكم بما شاء ،ويمحو ما يشاء ،وي بت ما يريد.
القسم ال اني :أدلة الامهور على وقوع النسخ شرعا ،ولهم في ذلك من األدلة ي تق ،عن خمسة.
الرردلي ،األول :أن نكررا األخروات كانررت مشررروعا فرري شرريعة هدم عليرره السررالم وبرره حصرر ،التناسرر ،،وقررد
ورد فرري الترروراة أن اللرره تعررالى أمررر هدم بتررزوين بناترره مررن بنيرره ،فقررد أخرررج الطبرانرري عررن ابررن مسررعود وابررن
عباس رضي الله عنهما أنه كان ي يولد ألدم غالم إي ولدت معه جارية ،فكران يرزوج توأمره هراا ل خرر،
وتومأه ا خر لهاا ،ليقوم اختالف البطون مكان اختالف النسب ،ثرم ررم هراا فري شرريعة مرن بعرده مرن
األنبياء اتفاقا ،وهاا هو النسخ.11
الرردلي ،ال رراني :أن ايسررتمتاع بررالازء كرران حررالي دم عليرره السررالم ،فررإن زوجترره حرواء كانررت مخلوقررةمن
منره ضلعه على ما نطق بره الخبرر ،ثرم نسرخ ذلرك بغيرره مرن الشررائ ،وي ياروز ألحرد أن يسرتمت بربع
بالنكا كابنته.10
الرردلي ،ال الررث :إن الام ر بررين األختررين كرران مشررروعا فرري ش رريعة يعقرروب عليرره السررالم ،وإنرره جم ر بررين
األختررين ،فقررد ذكررر فرري الترروراة أنرره خطررب الصررغر ،فقررال أبوهررا :لرريس مررن سررنة بلرردنا أن نررزوج الصررغر
قب ،الكبر فنزوجهما معا ،ثم حرم الام في حكم التوراة.13
11
انظر :كشف األسرار على أصول البزدوي ،978/3ومختصر ابن الحاجب .98/2
12
شرح أصول البزدوي .990/3
13
شرح تنقيل الفصول للقرافي ص .303
6
الردلي ،الرابر :إن العمر ،فري يروم السربت كران مباحرا قبر ،شرريعة موسرى عليره السرالم ،ثرم انتسرخت تلررك
اإلباحررة بش رريعته عليرره السررالم ،فكرران تح رريم العمرر ،يرروم السرربت مختص ررا بش رريعة موسررى عليرره الس ررالم
بايتفاق.14
الرردلي ،الخررامس :وقررد وردت فرري الترروراة أحكررام ك يرررة ثررم نسررخت وذلررك م رر ،السررارق إذا سرررق للمرررة
الرابعة فيعاقب ب قب أذنيه وبيعه ،وقد اتفقوا على نسخ ذلك.15
لقد أجم المسلمون على جواز النسخ عقال ،ووقوعه شرعا ولم يخرالف فري ذلرك أحرد إي مرا ذكرر عرن
أبي مسلم األصفهاني أنه أنكر وقوعه.
والال عليه التحقيق أن الخرالف برين أبري مسرلم األصرفهاني والامهرور هرو فري وقروع النسرخ فري القررهن
الكرريم ولرم يكرن الخررالف بينره وبرين الامهرور فرري وقروع النسرخ برين الشررائ المختلفرة أو فري وقوعره فرري
الشريعة الواحدة.12
وماهب الامهور القائ ،بأن النسخ واق في القرهن هو الال تنصره األدلة المتكاثرة.
تنقسم شروط النَّسخ إلى شروط متفق عليها ،وشروط مختلف فيها :
14
كشف األسرار في شرح أصول البزدوي .978/3
15
شرح تنقيح الفصول للقرافي ص .303
16
النسخ في دراسات األصوليين ص .93
7
.1أن يكون الحكم المنسوخ شرعيًّا :إذ األحكام العقلية ي نسخ فيهار فاينتقال من البراءة األصلية
أمر عقلي ي شرعي.
نسخار ألن هاه البراءة ٌ
عد ًإلى التكليف ي يُ ُّ
.0أن يكون الدلي ،الدال على ارتفاع الحكم شرعيًّا:فارتفاع الحكم بموت المكلف أو جنونه ليس
بنسخ ،وإنما هو سقوط التكليف جملة".
.3أن يكون الناسخ متراخيًا عن الخطاب المنسوخ حكمه :أل :تفص ،بينهما مدةر فإن المقترن
ِ
الصيَ َام إِلَى ِ
نسخا ،وإنما هو تخصي ر كقوله تعالى ﴿ :ثَُّم أَت ُّموا ّ
كالشرط والصفة وايست ناء ي يسمى ً
نهارا. اللَّْي ِ[ ﴾ ،البقرة ]117 :فليس ذلك ً
ناسخا للصوم ً
مقيدا بوقت معين ،أو بزمن مخصوص :م اله" :قوله صلى الله
.4أي يكون الخطاب المرفوع حكمه ً
عليه وسلم(( :ي صال َة بعد الصبح حتى تطل الشمس ،وي صالة بعد العصر حتى تغرب الشمسيي،
فإن الوقت الال ياوز فيه أداء النواف ،التي ي سبب لها :مؤقَّ ٌ
ت ،فال يكون نهيُه عن هاه النواف ،في
17
نسخا لِما قب ،ذلك من الاوازر ألن التوقيت يمن النَّسخ"
الوقت المخصوص ً
8
.5أن يكون الناسخ والمنسوخ نصين قاطعين
.2أن يكون الناسخ مقابال للمنسوخ مقابلة األمر بالنهي ،والمضيق بالموس
.7أن يكون النسخ ببدل
قال اإلمام ا مدل رحمه الله تعالى بعد ذكر الشروط الخمسة األخيرة -المختلف فيه": -فإن ذلك
11
كله مختلف فيه ،والحق أن هاه األمور غير معتبرة"
يمكن أن نقسم النَّسخ على وجه العموم إلى قسمين :نسخ شريعة النبي صلى الله عليه
وسلم للشرائ السابقة ،والنَّسخ داخ ،هاه الشريعة.
لما كانت شريعة اإلسالم هخر الشرائ ،وصالحة لك ،زمان ومكانر إذ ي شريعة بعدها ،فقد نسخ الله
بها ما شاء من الشرائ الماضية.
قال اإلمام الزركشي" :شريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ناسخة لامي الشرائ باإلجماع"19
9
وقال اإلمام ابن قدامة رحمه الله تعالى ":وقد أجمعت األمة على أن شريعة محمد صلى الله عليه
02
وسلم قد نسخت ما خالفها من شرائ األنبياء"
المبحث الثاني :النَّسخ في الشريعة اإلسالمية إما أن يكون لبدل أو غير بدل:
حكما شرعيًّا ،فإما أن يح ،مح ،هاا الحكم حكم هخر أو ي ،فإذا ح،
إذا نسخ الله -ج ،وعال ً -
محله حكم جديد فالك النَّسخ إلى بدل ،وإن لم يح ،محله أل حكم فالك النَّسخ إلى غير بدل.
إذا نُسخ الحكم الشرعي وح ،محله حكم هخر ،فإما أن يكون هاا الحكم البدي ،مساويًا لألول ،أو
أثق ،منه ،أو أخف:
.1النَّسخ إلى بدل مساو:
أل :على نفس المكلفر بحيث ي فرق بين الحكم المنسوخ والحكم الناسخ من حيث ال ق ،أو
الخفة بالنسبة للمكلف.
م اله :نسخ استقبال بيت المقدس الال ثبت بالسنة ،فنسخ بالقرهنر فعن ابن عباس رضي الله عنهما
قال :أول ما نسخ من القرهن فيما ذكر لنا -والله أعلم -شأ ُن القبلةر قال تعالى َ ﴿:ولِلَّ ِه الْ َم ْش ِر ُق
رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى ب فَأَيْرنَ َما ترُ َولُّوا فَر َ َّم َو ْجهُ اللَّ ِه ﴾ [البقرة ،]115 :فاستقبُ ، َوالْ َم ْغ ِر ُ
ثنحو بيت المقدس ،وترك البيت العتيق ،ثم صرفه إلى بيته العتيق ونسخها ،فقال َ ﴿:وِم ْن َحْي ُ
ِِ
وه ُك ْم َشطَْرهُ ﴾ { البقرة: ث َما ُكْنرتُ ْم فَر َولُّوا ُو ُج َ ت فَر َوِّل َو ْج َه َ
ك َشطَْر الْ َم ْساد الْ َحَرِام َو َحْي ُ َخَر ْج َ
01
}152
10
.0النسخ إلى بدل أخف :
وهاا ك ير في شريعتنا ،و ِ
لنكتف بم الين:
الثاني :نسخ تحريم األك ،والشرب والاماع بعد النوم في ليالي رمضان ،ولع ،هاا التحريم كان ثابتا
اس لَ ُك ْم ِ الرفَ ُ ِ ِ ِ ِ
الصيَ ِام َّ ِ
ث إلَى ن َسائ ُك ْم ُه َّن لبَ ٌ بالسنة ،فتم نسخه بالقرهنر قال تعالى { :أُح َّ ،لَ ُك ْم لَْيرلَ َة ّ
ِ ِ ِ
وه َّن َوابْرتَرغُوا اس لَ ُه َّن َعل َم اللَّهُ أَنَّ ُك ْم ُكْنرتُ ْم تَ ْختَانُو َن أَنْر ُف َس ُك ْم فَرتَ َ
اب َعلَْي ُك ْم َو َع َفا َعْن ُك ْم فَاْ َن بَاش ُر ُ َوأَنْرتُ ْم لبَ ٌ
َس َوِد ِم َن الْ َف ْا ِر ثَُّم أَتِ ُّموا ِ ِ
ط ْاألَبْريَ ُ م َن الْ َخْيط ْاأل ْ ب اللَّهُ لَ ُك ْم َوُكلُوا َوا ْشَربُوا َحتَّى يرَتَربَريَّ َن لَ ُك ُم الْ َخْي َُما َكتَ َ
ِ ك ح ُد ِ ِِِ ِ ِ ِ ِ
ك يرُبَريِّ ُنوها َك َال َ ود اللَّه فَ َال تَر ْقَربُ َ
وه َّن َوأَنْرتُ ْم َعاك ُفو َن في الْ َم َساجد ت ْل َ ُ ُ الصيَ َام إِلَى اللَّْي َِ ،وَي ترُبَاش ُر ُّ
َّاس لَ َعلَّ ُه ْم يرَتَّر ُقو َن} [ البقرة . ] 117 : اللَّهُ هيَاتِِه لِلن ِ
وهاا النوع أيضا كالنوع األول ،ي خالف في جوازه عقال ووقوعه سمعا عند القائلين بالنسخ أجمعين .
11
ِ ِ ِ ِِ ِ
يما } [ النساء : ضوا َعْنر ُه َما إ َّن اللَّهَ َكا َن تَر َّوابًا َرح ً وه َما فَِإ ْن تَابَا َوأ ْ
َصلَ َحا فَأ َْع ِر ُ َواللَّ َاان يَأْتيَان َها مْن ُك ْم فَآذُ ُ
.] 12-15
الزانِي فَاجلِ ُدوا ُك َّ ،و ِ
احد ِمْنر ُه َما ِمائَ َة َج ْل َدة الزانِيَةُ َو َّ
فهاه ا ية منسوخة بقوله تعالى في سورة النور { َّ
َ ْ
َوَي تَأْ ُخ ْا ُك ْم بِ ِه َما َرأْفَةٌ فِي ِدي ِن اللَّ ِه إِ ْن ُكْنرتُ ْم ترُ ْؤِمنُو َن بِاللَّ ِه َوالْيَر ْوِم اْ ِخ ِر َولْيَ ْش َه ْد َع َاابرَ ُه َما طَائَِفةٌ ِم َن
ين } [ النور ] 0 : ِِ
الْ ُم ْؤمن َ
قال ابن عباس :كان الحكم كالك حتى أنزل الله سورة النور ،فنسخها بالالد أو الرجم.
المقصود بهاا النوع من النسخ أن يرف الله تعالى حكما شرعيا دون بدي ،عنه ،ومن أم لته :نسخ
وجوب تقديم الصدقة عند المناجاة بين يدل النبي صلى الله عليه وسلم .
ِ الرس َ ِ ِ َّ ِ
ك َخْيرٌر لَ ُك ْم
ص َدقَ ًة ذَل َ
ول فَر َق ّد ُموا برَْي َن يَ َد ْل نَ ْا َوا ُك ْم َ اجْيرتُ ُم َّ ُ قال تعالى { :يَا أَيرُّ َها الا َ
ين َهمنُوا إذَا نَ َ
يم } [ الماادلة . ] 10 : وأَطْهر فَِإ ْن لَم تَ ِا ُدوا فَِإ َّن اللَّه َغ ُف ِ
ور َرح ٌ َ ٌ ْ َ َُ
ص َدقَات فَِإ ْذ لَ ْم ِ
فهاه ا ية منسوخة با ية التي بعدها وهي { :أَأَ ْش َف ْقتُ ْم أَ ْن تُر َق ّد ُموا برَْي َن يَ َد ْل نَ ْا َوا ُك ْم َ
َطيعُوا اللَّ َه َوَر ُسولَهُ َواللَّهُ َخبِ ٌير بِ َما تَر ْع َملُو َن } [ الزَكا َة وأ ِ ِ
الص َال َة َوهتُوا َّ َ يموا َّ اب اللَّهُ َعلَْي ُك ْم فَأَق ُ
تَر ْف َعلُوا َوتَ َ
00
الماادلة ] 13 :
المغتزلة. والامهور على جواز هاا النوع من النسخ ،وأنكره الظاهرية وبع
مما ي ريب فيه أن النسخ وق في شريعة اإلسالم التي هي هخر الشرائ ر وذلك لحكم جليلة ،وفوائد
عظيمة ،وهاا النسخ كما وق في القرهن وق في السنة ،وكما نسخ القرهن بالقرهن فقد نسخ بالسنة،
12
وكاا كما نسخت السنة بالسنة فقد نسخت بالقرهن ،وقب ،أن أفص ،القول في ذلك ،أشير إلى أقسام
النسخ في القرهن :
أجم القائلون بالنسخ من المسلمين على جوازه ووقوعه ،أما جوازه فألن هيات القرهن متساوية في
العلم بها ،وفي وجوب العم ،بمقتضاها ،وأما الوقوع فلألدلة الك يرة التي سناكر بعضها بإذن الله ،وقد
قسم العلماء هااالنوع من النسخ إلى ثالثة أقسام :
لقد ثبتت جملة من األحاديث الصحيحة الدالة على وقوع نسخ التالوة م بقاء الحكم ،ومنها :
13
ِّ
بالحق ،وأنزل عليه الكتاب ،فكان مما أنزل عليه هية الرجم ،قرأناها ووعيناها وعقلناها ،فرجم رسول الله
الرجم في
بعده ،فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائ :،ما ناد َ صلى الله عليه وسلم ،ورجمنا َ
أحصن من
حق على من زنى إذا َ الرجم في كتاب الله ّ ُّ
كتاب الله ،فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله ،وإن َ
03
الرجال والنساء ،إذا قامت البينة ،أو كان الحب ،،أو ايعتراف.
وقد جاء التصريح بآية الرجم في رواية ابن أبي شيبة وغيره ،وفيها" :الشيخ والشيخة إذا زنيا
فارجموهما البتة " .04والمراد بالشيخ والشيخة :المحصنان
ِ ِ ِ ِ َّ ِ
اعااجا َوصيَّةً أل َْزَواج ِه ْم َمتَ ً ين يرُتَر َوفَّر ْو َن مْن ُك ْم َويَ َا ُرو َن أ َْزَو ً
ومن أم لة على هاا النوع قوله تعالى َ { :والا َ
إِلَى الْ َح ْوِل َغْيرَر إِ ْخَراج فَِإ ْن َخَر ْج َن فَ َال ُجنَا َ َعلَْي ُك ْم فِي َما فَر َع ْل َن فِي أَنْر ُف ِس ِه َّن ِم ْن َم ْع ُروف َواللَّهُ َع ِز ٌيز
يم } [ البقرة ] 042 : ِ
َحك ٌ
ِ َّ ِ
اجاين يرُتَر َوفَّر ْو َن مْن ُك ْم َويَ َا ُرو َن أ َْزَو ً
فالحكمم الال تضمنته هاه ا ية منسوخ بقوله تعالى َ { :والا َ
يما فَر َع ْل َن فِي أَنْر ُف ِس ِه َّن ِ
َجلَ ُه َّن فَ َال ُجنَا َ َعلَْي ُك ْم ف َ
ِ يرتَرربَّ ِ ِ
ص َن بأَنْر ُفس ِه َّن أ َْربرَ َعةَ أَ ْش ُهر َو َع ْشًرا فَإذَا برَلَ ْغ َن أ َ
ََ ْ
وف َواللَّهُ بِ َما تَر ْع َملُو َن َخبِ ٌير } [ البقرة ] 034 : بِالْمعر ِ
َ ُْ
14
كما هو معلوم من تقسيمات السنة أنها تنقسم إلى متواتر وهحاد ،فيندرج إذا تحت نسخ القرهن بالسنة
صورتان :
-نسخ القرهن بالسنة المتواترة
-نسخ القرهن با حاد
15
اختلف في هاا النوع من النسخ ،والاين ذهبوا إلى المن احتاوا بكون القرهن قطعي ال بوت،
بخالف حديث ا حادر فإنه بني ال بوت ،فكيف يرف الظني القطعي؟ وممن أيّد المن من المتأخرين
العالمة الزرقاء –رحمه الله تعالى -فقد قال في مناهله " أما خبر الواحد فالحق عدم جواز نسخ القرهن
به للمعنى الماكور ،وهو أنه بني ،والقرهن قطعي ،والظني أضعف من القطعير فال يقو على رفعه.
والراجح في هاه المسألة – والله أعلم -ما ذهب إليه الامهور وهو جواز نسخ القرهن بخبر ا حاد ،
كما قاله الشنقطي رحمه الله تعالى في ماكرته " :التحقيق الال ي شك فيه هو جواز وقوع نسخ
المتواتر با حاد الصحيحة ال ابت تأخرها عنه ،والدلي ،الوقوع".
وم ال نسخ القرهن بأخبار ا حاد الصحيحة ال ابت تأخرها عنه :نسخ إباحة الحمر األهلية المنصوص
ُوحي إِلَي محَّرما علَى طَ ِ
اعم يَطْ َع ُمهُ إَِّي أَ ْن يَ ُكو َن ِ ِ ِ
عليها بالحصر الصريح في هية { :قُ َْ ،ي أَج ُد في َما أ َ َّ ُ َ ً َ
ِ ِ ِ
اضطَُّر َغْيرَر بَاغ َوَي َعاد س أ َْو ف ْس ًقا أُه َّ ،لغَْي ِر اللَّ ِه بِِه فَ َم ِن ْ ِ ِ ِ ِ
وحا أ َْو لَ ْح َم خْنزير فَإنَّهُ ر ْج ٌ
َمْيرتَةً أ َْو َد ًما َم ْس ُف ً
ك َغ ُف ِ ِ
يم } [ األنعام ] 145 :بالسنة الصحيحة ال ابت تأخرها عنهر ألن ا ية من سورة ور َرح ٌفَإ َّن َربَّ َ ٌ
األنعام وهي مكية ،أل نازلة قب ،الهارة بال خالف ،وتحريم الحمر األهلية بالسنة واق بعد ذلك في
خيبر ،وي منافاة البتة بين هية األنعام الماكورة وأحاديث تحريم الحمر األهلية ر يختالف زمنهما،
فا ية وقت نزولها لم يكن محرما إي األربعة المنصوصة فيها ،وتحريم الحمر األهلية طارئ بعد ذلك
،ولطروء ليس منافاة لما قبله ،وإنما تحص ،المنافاة بينهما لو كان في ا ية ما يدل على نفي تحريم
شيء في المستقب ،غير األربعة الماكورة في ا ية ،وهاا لم تتعرو له ا ية ،ب ،الصيغة فيها مختصة
بالماضي ،لقوله { :ق ،ي أجد في ما أوحي إلي }بصيغة الماضي ،ولم يق : ،فيما سيوحي إلي في
المستقب.07،
16
وهاا القسم اختلف فيه أيضا ،بيد أن جمهور الفقهاء والمتكلمين على جوازه ووقوعه ،ولم يخالف في
ك ال ِّا ْكَر
ذلك إي اإلمام الشافعي رحمه الله تعالى في إحد روايتيهر " لقوله تعالى َ { :وأَنْرَزلْنَا إِلَْي َ
لِتُربَريِّ َن لِلن ِ
َّاس َما نرُِّزَل إِلَْي ِه ْم َولَ َعلَّ ُه ْم يرَتَر َف َّك ُرو َن } [ النح. "] 44 : ،
ووجه الديلة أنه – سبحانه – قد جع ،السنة بيانا للقرهن ،والناسخ بيان للمنسوخ ،ولو كان القرهن
01
ناسخا للسنة لكان القرهن بيانا للسنة ،وهاا ي ياوز" .
وي ريب أن الصحيح قول الامهورر وذلك ألن نسخ السنة بالقرهن ي يمتن عقالر فكالهما وحي من
الله تعالى. ،
ومن أدلة الوقوع ما يلي :
.1استقبال بيت المقدس في الصالة لم يعرف إي من السنة ،وقد نسخه قوله تعالى { :فَر َوِّل
ِِ
وه ُك ْم َشطَْرهُ } [ البقرة .]144 : ث َما ُكْنرتُ ْم فَر َولُّوا ُو ُج َك َشطَْر الْ َم ْساد الْ َحَرِام َو َحْي ُ َو ْج َه َ
.0ومنها :أن األك ،والشرب والمباشرة كان محرما في ليالي رمضان على من صام ،ثم نسخ
ب اللَّهُ لَ ُك ْم َوُكلُوا َوا ْشَربُوا َحتَّى يرَتَربَريَّ َن ِ
وه َّن َوابْرتَرغُوا َما َكتَ َ هاا التحريم بقوله تعالى { :فَاْ َن بَاش ُر ُ
َس َوِد ِم َن الْ َف ْا ِر } [ البقرة .] 117 : ِ ِ
ط ْاألَبْريَ ُ م َن الْ َخْيط ْاأل ْ لَ ُك ُم الْ َخْي ُ
باعتبار تقسيم السنة إلى متواترة وهحاد ،فإن نسخ السنة بالسنة يندرج تحته أرب صور :نسخ المتواتر
بالمتواتر ،ونسخ ا حاد با حاد ،ونسخ أحدهما با خر.
29شرح الورقات في أصول الفقه للعالمة عبد الله بن صالح الفوزان 178 :
17
.2نسخ اآلحاد باآلحاد
وهاا النوع كالك ي خالف فيه بين القائلين بالنسخر ألن الناسخ والمنسوخ في درجة واحدة ،فال
مان من أن ينسخ أحدهما ل خر.
ومن األم لة :حديث بريدة رضي الله عنه مرفوعا ( :كنت نهيتكم عن زيارة القبور ،فزوروهاي .09فقوله
صلى الله عليه وسلم " كنت نهيتكم" يدل على أن النهي ثابت بالسنة.
وهاا النوع ي خالف فيه كالك بين القائلين بالنسخر وذلك ألن المتواتر أقو من ا حاد ،فال مان
32
من نسخ ا حاد بالمتواتر ،.ونسخ الشيء بما هو أعلى منه جائز ولكنه لم يق .
إذا كان جمهور العلماء متفقين على جواز األنواع ال الثة الماضية من نسخ السنة بالسنة ،فقد اختلفوا
في جواز هاا النوع الراب شرعا ،واتفقوا على جوازه عقال ،فاهب الامهور إلى المن ،وذهب الظاهرية
إلى اإلثبات.
28أخرجه مسلم
30إتحاف ذوي البصائر11٢/٢
18
المطلب األول :تعريف الناسخ:
الناسخ :اسم فاع ،من نسخ ينسخ فهو ناسخ ،والناسخ حقيقة هو الله تعالىر فهو الال ينسخ ما
ت بِ َخْير ِمْنر َها أ َْو ِم ْلِ َها ﴾ [البقرة:
شاء بما شاءر كما قال تعالى ﴿ :ما نرَْنسخ ِمن هية أَو نرُْن ِسها نَأْ ِ
َ َْ ْ َ ْ َ
] 122
رابط الموضوع
الحكم الشرعي الال ُرف بدلي ،شرعي متراخ عنهر كمصابرة الواحد للعشرة ،فهاا حكم
والمرادُ :
منسوخ بمصابرته يثنين ،كما في سورة األنفال.
31
أوال :نسخ الكتاب بالكتاب
31انظر:
((اللمع في أصول الفقه)) ،للشيرازي ،أبو إسحاق إبراهيم بن علي الفيروز آباذى الشيرازي (470هـ) ،تحقيق :عبد القادر الخطيب
الحسني ،ط ،1 :دار الحديث الكتانية -بيروت1434 ،هـ2013/م)171/2( :
19
((ما نرَْن َس ْخ ِم ْن اٰيَة اَْو
وهاا مام على جوازه وي خالف فيه ،ألن القرهن كله متواتر .قال تعالىَ :
وهاا صريح في ذلك ،حيث أن الخير من القرهن أو الال م ، 30
ت بِ َخْير ِّمْنر َهآ اَْو ِم ْلِ َهايي
نرُْن ِسها نَأْ ِ
َ
القرهن هو القرهن نفسه.
ص َدقَةً.....يي ، 33فإن الله تعالى شرع في ا ية الصدقة وجع ،سببها مناجاة الرسول صلى
نَ ْا ٰوى ُك ْم َ
الله عليه وسلم ،واتفق العلماء على أن حكم هاه ا ية منسوخ بآية ((ءَاَ ْش َف ْقتُ ْم اَ ْن ترُ َق ِّد ُم ْوا برَْي َن يَ َد ْل
34
الزٰكوَة َواَ ِطْيرعُوا ال ٰلّهَ َوَر ُس ْولَه..يي اب ال ٰلّهُ َعلَْي ُك ْم فَاَقِْي ُموا َّ
الص ٰلوَة َواٰتُوا َّ ِ
ص َد ٰقت فَا ْذ لَ ْم تَر ْف َعلُ ْوا َوتَ َ
نَ ْا ٰوى ُك ْم َ
المسلمين القادرين على تقديم الصدقة قب ،الناو شق عليهم ذلك فأمسكوا عن وذلك أن بع
35
مناجاة النبي صلى الله عليه وسلم فأسقط الله وجوب هاه الصدقة.
((شرح األصول من علم االصول)) ،محمد بن صالح العثيمين ،ط ،4 :مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية -الرياض،
1434هـ)443( :
((إتحاف ذوي البصائر بشرح روضة الناظر)) ،د .عبد الكريم بن علي بن محمد النملة ،ط ،1 :دار العصمة -الرياض،
1417هـ1880/م)311/2( :
32البقرة100 :
33المجادلة12 :
34المجادلة13 :
33انظر(( :التحرير والتنوير)) ،الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور ،الدار التةنسية-تونس1894 ،هـ)40-42/29( :
30انظر(( :مذكرة أصول الفقه)) ،محمد األمين بن محمد المختار الجكني الشنقيطي (ت1383 :هـ) ،ط ،4 :دار عالم الفوائد-مكة
المكرمة1437 ،هـ)123-124( :
20
قال الدكتور مصطفى الزحيلي :37اتفق العلماء على جواز نسخ السنة بالسنة إجماي ،وأما
األولى -1 :نسخ المتواتر بالمتواتر -0 ،نسخ المتواتر با حاد -3 ،نسخ ا حاد بالمتواتر،
وال انية :نسخ خبر ا حاد بخبر ا حاد ،وهاا جائز شرعا ،وواق فعال ،م اله :قوله صلى الله
ِ
وها)). 38عليه وسلم(( :نَ َه ْي تُ ُك ْم َع ْن ِزيَ َارة الْ ُقبُوِر ،فَ ُز ُ
ور َ
39
ثالثا :نسخ السنة بالقرآن
oالقول األول :نسخ السنة بالقرهن جائز ،وهاا قول الامهور من الحنفية والمالكية
والحنابلة والظاهرية ،وك ير من الشافعية .والدلي ،عليه أنه إذا جاز نسخ الكتاب
بالكتاب وهما في منزلة واحدة ،فنسخ السنة بالقرهن أولى ألنه أعلى منها .وكالك
استدلوا على جوازه بوقوعه فعال ،م اله :نسخ استقبال القبلة إلى بيت المقدس المقرر
(( 37الوجيز في أصول الفقه اإلسالمي)) ،د .محمد مصطفى الزحيلي ،ط ،2 :دار الخير -دمشق1427 ،هـ2000/م)234-233( :
39أخرجه مسلم ،كتاب :الجنائز ،باب :استئذان النبي ربه عز وجل في زيارة قبر أمه ،رقم877 :
((صحيح مسلم)) ،مسلم بن الحجاج أبو الحسن القشيري النيسابوري (ت 202 :هـ) ،تحقيق :محمد فؤاد عبد الباقي ،دار الكتب
العلمية -بيروت)072/2( :
38انظر(( :الوجيز)) لمصطفى الزحيلي)233( :
و((شرح اللمع)) ،أبو إسحاق إبراهيم الشيرازي ،تحقيق :عبد المجيد تركي ،ط ،1 :دار الغرب اإلسالمي -بيروت،
1409هـ1899/م)300-488/1( :
21
ۤ
ٰىها فَرلَنرولِّيرن ِ
َّك قْبرلَةً تَر ْرض َ
َُ َ َ الس َما ِء
ك فِى َّ
ب َو ْج ِه َ ُّ
بالسنة ،بقوله تعالى(( :قَ ْد نرَ ٰر تَر َقل َ
ك َشطَْر الْ َم ْس ِا ِد الْ َحَرِام يي 42فنسخت ا ية التوجه إلى بيت المقدس.
فَر َوِّل َو ْج َه َ
oالقول الثاني :من نسخ السنة بالقرهن ،وهاا أحد قولي الشافعي .والدلي ،عليه قوله
َّاس َما نرُِّزَل اِلَْي ِهميي 41فاع ،السنة بيانا للقرهن ،فال ياوز أن يكزن
تعالى(( :لِتُربَريِّ َن لِلن ِ
أن المراد بالبيان اإلبهار والتبليغ دون ما ياهب إليه من النسخ .والبيان هو إخراج الشيء من
للعموم أن النسخ ليس بإثبات وإنما هو إسقاط للنطق ورف له ،والبيان إنما هو تخصي
وبيان المام.،
أنه لما جع ،السنة بيانا للقرهن نبّه بالك على أن القرهن أولى أن يكون بيانا للسنة ألنه أعلى
منها ،فإذا جاز بيان األعلى باألدنى فبيان األدنى ياألعلى أولى.
أنه ياوز أن تكون السنة بيانا للقرهن ،ثم ياع ،القرهن بيانا للسنة في النسخ ،كما أنها
جعلت بيانا للقرهن ثم كان القرهن بيانا لها من جهة التخصي .
40
رابعا :نسخ القرآن بالسنة
40البقرة144 :
41النحل44:
22
فإن القرهن الكريم متواتر وثابت قطعا ،والسنة منها المتواتر وهو ثابت قطعا ،ومنها ما لم يبلغ
فقد اختلف العلماء في جواز نسخ القرهن بالسنة كما اختلفوا في اشتراط قوة الدلي ،الناسخ
بالسنة للمنسوخ.
القول األول :أن نسخ هية من القرهن بالسنة جائز عقال ،وواق شرعا .وهو قول الامهور،
الحنابلة ،والظاهرية .ولكنهم اختلفوا في نوع السنة الناسخة ،فالحنفية وهم الحنفية والمالكية وبع
الحنابلة حصروا ذلك أجازوا نسخ القرهن بالسنة المتواترة والمشهورة بين الناس ،والمالكية وبع
ب المتواتر ،وذهب ابن حزم الظاهرل إلى جواز نسخ القرهن بالمتواتر وخبر ا حاد ،ألن خبر ا حاد
23
ويرد على هاا ايستديل بأن الناسخ ل ية هو هية المواريث ،كما قال ابن عباس
رضي الله عنهما(( :كان المال للولد وكانت الوصية للوالدين فنسخ الله من ذلك ما أحب
فاع ،للاكر م ،حظ األن يين وجع ،لألبوين لك ،واحد منهما السدس وجع ،للمرأة ال من
العلماء أنه ي نسخ في ا ية إلمكانبة الام بين والرب وللزوج الشطر والرب يي ،45وقال بع
هية الوصية والحديث ،أو بين هية الوصية وأيات المواريث بحم ،الوصية على غير الوارث،
القول الثاني :ي ياوز نسخ القرهن بالسنة مطلقا .وهو رأل الشافعي وأك ر أصحابه،
قال اإلمام الشافعي –رحمه الله( -ت024 :هري(( :ي ينسخ كتاب الله إي كتابه . . .فهو
المزي ،الم بت لما شاء منه ،ج ،ثناؤه ،وي يكون ذلك ألحد من خلقهيي.47
43أخرجه البخاري ،كتاب الوصايا ،باب :ال وصية لوارث ،رقم2747 :
((الجامع الصحيح)) ،للبخاري ،محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري الجعفي (ت230 :هـ) ،تحقيق :جماعة من العلماء،
ط ،1:دار طرق النجاح-بيروت1422 ،هـ)4/4( :
40األنعام143 :
24
واستدل أصحاب هاا الرأل بأدلة منها:
ت بِ َخْير ِّمْنر َهآ اَْو ِم ْلِ َها اَلَ ْم تَر ْعلَ ْم اَ َّن ال ٰلّهَ َع ٰلى
قال تعالى(( :ما نرَْنسخ ِمن اٰية اَو نرُْن ِسها نَأْ ِ
َ َْ ْ َ ْ َ -1
ُك َِّ ،ش ْيء قَ ِديْرٌريي 41قال الشافعي رحمه الله(( :فأخبر الله أن نسخ القرهن وتأخير إنزاله
ي يكون إي بقرهن م لهيي ،49ألن السنة ليست بخير من القرهن ،وي م له ،فال تكون
ناسخة له ،ودل هخر ا ية أن اختصاص التبدي ،محصور بمن له القدرة الكاملة ،وهو الله
كالك ،وأن المراد بالخيرية والم لية هو في الحكم بحسب مصلحة الناس ،ي باللفظ ،وقد يكون
((واِ َذا بَ َّدلْنَآ اٰيَةً َّم َكا َن اٰيَة َّۙوال ٰلّهُ اَ ْعلَ ُم بِ َما يرُنَرِّزُليي 51فصرحت ا ية أن الله هو
قال تعالىَ : -0
(( 47الرسالة)) ،اإلمام الشافعي ،محمد بن إدريس الشافعي (ت204 :هـ) ،ط ،1 :مطبعة مصطفى الباني الحلبي وأوالده -مصر،
1337هـ1839 /م)107( :
49البقرة100 :
(( 48الرسالة)) لإلمام الشافعي109 :
30النجم4-3 :
31النحل101 :
25
ۤ
50
قال تعالى (( :قُ َْ ،ما يَ ُك ْو ُن لِ ْٓي اَ ْن اُبَ ِّدلَه ِم ْن تِْل َقا ِئ نرَ ْف ِس ْي اِ ْن اَتَّبِ ُ اَِّي َما يرُ ْو ٰحٓى اِلَ َّي يي -3
فالتبدي ،ي يكون من عند النبي صلى الله عليه وسلم ،فال تكون السنة بديال عن القرهن.
صلى الله عليه وسلم هي البيان للقرهن فقط ،فالسنة مبينة للقرهن ي ناسخة لها.
ورد على ايستديل با يات ال الثة أن ما يأتي به الرسول صلى الله عليه وسلم هو من عند الله،
ّ
وأن التبدي ،من عند الله ،وبينه الرسول ،وأن النسخ نوع من البيانر ألنه بيان انتهاء الحكم الشرعي
بطريق شرعي متراخ عنه ،والتبدي ،يكون للرسم والتالوة ،والمراد هنا نسخ الحكم الال ورد في ا ية
قال الدكتور مصطفى الزحيلي :أر أن الخالف لفظي واصطالحي ،ولم يترتب عليه اختالف في
األحكام ،وأن ما يسميه الشافعي رحمه الله تعالى نسخا يسميه الحنفية وغيرهم تخصيصا ،وأن
54
الشافعي ير أن الله ينسخ بآية أخر ،ثم يبين الرسول صلى الله عليه وسلم النسخ والعم ،بها.
ياوز نسخ القول بالقول والفع ،بالفع ،ألنهما في رتبة واحدة .وكالك ياوز نسخ الفع،
بالقول ،ألن القول كالفع ،في البيان وينفرد بأن له صيغة يتعد بها إلى غيره ،والفع ،ي صيغة له.
32يونس13 :
33النحل44 :
(( 34الوجيز)) لمصطفى الزحيلي238 :
26
واختلف في نسخ القول بالفع.،
قال اإلمام الشيرازل (ت472 :هري :من الناس من قال :ي ياوز نسخ القول بالفع .،والدلي،
55
على جوازه :أن الفع ،كالقول في البيان ،فكما ياوز بالقول جاز بالفع.،
56
سادسا :النسخ باإلجماع
وأما النسخ باإلجماع فغير جائز ،فهاا ماهب الامهور .قالوا :أن المنسوخ باإلجماع إما أن
أما األول- :وهو كون المنسوخ نصا -فال يصح أن يكون الناسخ هو اإلجماعر وذلك
يستحالة انعقاد اإلجماع على خالف ذلك الن ،لكون اإلجماع معصوما عن الخطأ.
أما ال اني- :وهو كون الناسخ إجماعا -فال يصحر يمتناع انعقاد اإلجماع على خالف
إجماع هخر.
أما ال الث- :وهو كون المنسوخ قياسا -فال يصح أيضار ألن من شرط حاية القياس :أن ي
يخالف اإلجماع.
(( 33اللمع في أصول الفقه)) ،ابو إسحاق إبراهيم بن علي الفيروز أبذي الشيرازي (ت470 :هـ) ،تحقيق :عبد القادر الخطيب
الحسني ،ط ،1 :مكتبة نظام يعقوبي الخاصة -البحرين1434 ،هـ2013/م)172/2( :
30انظر(( :اللمع)) لإلمام الشيرازي173 :
و ((إتحاف ذوي البصائر))349-340 :
27
والدلي ،ال اني :ألن اإلجماع يكوم حاة بعد عهد النبي صلى الله عليه وسلم ،فال ياوز أن
المعتزلة :ياوز أن يكون اإلجماع ناسخ .قالوا :أن اإلجماع دلي ،من أدلة الشرع وقال بع
57
سابعا :النسخ بالقياس
مخالف وليس بصحيح ،ألن القياس إنما يصح إذا لم يعارضه ن ،فإذا كان هناك ن
58
ثامنا :النسخ بدليل الخطاب وفحواه
28
فقد اختلف في النسخ بدلي ،الخطاب وفحواه ،فمن قال بأن دلي ،الخطاب في معنى النطق
وفحو الخطاب معلوم من جهة النطق أجاز النسخ بهما .ومن جعلهما كالقياس ،ألن فحو
قال اإلمام الشيرازل :واألول أبهر 59.أل :أنهما في معنى النطق ،فياوز النسخ به.
60
تاسعا :النسخ بأدلة العقل
ما علم بضرورة العق ،،وهو مما ي ياوز أن يكون على خالف ما هو به كالتوحيد، -1
فيوجب العلم الضرورل ،وإن كان عن استديل للوصول إليه بضرورة العق.،
فهاا ضرب ي ياوز أن يرد الشرع بخالفه ،فهاا ي يتصور نسخ الشرع به ،ألنه إذا لم
ياز ورود الشرع مخالفا لها فال يمكن نسخ ما ي ياوز أن يرد الشرع به.
ما علم بدلي ،العق ،،وهو ما ياوز أن يكون على خالف ما هو به كآحاد األنبياء إذا -0
ادعى النبوة ،فيوجب علم ايستديل ،وي يوجب علم ايضطرار ،لحدوثه عن دلي ،العق،
ي عن ضرورته.
29
فهاا ضرب ياوز أن يرد الشرع بخالفه ،وهو البقاء على حكم األص .،وهاا أيضا ي
ياوز النسخ به ،ألنه إنما ياب العم ،به عند عدم الشرعر فإذا وجد الشرع بطلت
21
عاشرا :النسخ باألخف واألثقل
قال الامهور :ياوز النسخ باألخف واألثق .،واستدلوا بدلي ،عقلي وشرعي.
فالدلي ،العقلي :أنه ي يمتن أن تكون المصلحة في التدرين والترقي من األخف إلى األثق،،
.1أن النبي صلى الله عليه وسلم أخر صالة الظهر والعصر يوم األحزاب فصالهما بعد المغرب،
ثم صلى بعدهما المغرب والعشاء ،فيدل ذلك على جواز تأخير الصالة حالة الخوف ،ثم
نسخ ذلك بقوله تعالى(( :فَِا ْن ِخ ْفتُ ْم فَ ِر َج ًاي اَْو ُرْكبَانًايي 20فأوجب اإلتيان بالصالة على أل
01انظر(( :روضة الناظر وجنة المناظر)) ،موفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة (ت020 :هـ) ،تحقيق :د .شعبان محمد إسماعيل،
ط ،1 :المكتبة المكية -مكة المكرمة1418 ،هـ1889/م231 :
02البقرة238 :
03انظر (( :تفسير القرآن العظيم)) ،ابن كثير ،أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي (ت774 :هـ) ،تحقيق :سامي
بن محمد السالمة ،ط ،2 :دار طيبة1420 ،هـ1888-م)030-033/1( :
30
اع ُف ْوا
.0أن القتال كان ممنوعا منه في أول اإلسالم بآيات ك يرة منها :قوله تعالى(( :فَ ْ
أه ،الظاهر جواز النسخ باألثق ،،واستدلوا بقوله تعالى(( :يُِريْ ُد ال ٰلّهُ بِ ُك ُم الْيُ ْسَر َوَي وأنكر بع
ِ ٰ و((اَلْرٰن خف ٰ يُِريْ ُد بِ ُك ُم الْعُ ْسَريي
َّف اللّهُ َعْن ُك ْم يي و((يُِريْ ُد اللّهُ اَ ْن يُّ َخ ّف َ
ف َعْن ُك ْميي ،70وقالوا أن 71 72
َ َ َ
النسخ إلى األثق ،تشديد على المكلف ،و إن الله تعالى رؤوف ،فال يليق به الت قي ،والتشديد.
وأجيب عنهم :أن ا يات التي ذكروها إنما وردت في صور خاصة أريد بها التخفيف ،وليس فيه
من إرادة الت قي .،وقولهم :إن الله رؤوف ،فال يمن من التكليف باألثق ،،فإن ذلك منقوو بابتداء
التكليف ،فإنه شديد ،لمصالح العباد ،وكالك وقوع المرو والفقر وأنواع ا يم ،ك ،ذلك تشديد،
04البقرة108 :
03النساء91 :
00المائدة13 :
07البقرة210 :
09التوبة14 :
08التحريم8 :
70البقرة193 :
71األنفال00 :
72النساء29 :
31
ما يجوز نسخه من األحكام وما ال يجوز
قال اإلمام الشيرازل (ت472 :هري :أن النسخ ي ياوز إي فيما يصح وقوعه على وجهين:
73
كالصوم والصالة ،والعبادات الشرعية.
74
ثانيا :أمور ال يدخلها نسخ
.1التوحيد وأصول اإليمان ،وهاا كقوله تعالىَ (( :و ْاعبُ ُدوا ال ٰلّ َه َوَي تُ ْش ِرُك ْوا بِه َشْيرًايي 75فال يمكن
.0األخبار ،فال يمكن نسخهار ألن النسخ يأتي بما ينافيه ،ونسخ أحد الخبرين يفيد أن
.3نصوص األخالق والفضائل :فال يتصور في م لها التبدي ،،ألن الفضيلة ي يقابلها إي الرذيلة،
فالصلة يقابلها القطيعة ،واإلحسان يقابلها اإلساءة ،فهكاا فال يدخلها النسخ.
َ .4مساوئ األخالق كالفاور والكاب والبخ ،وغير ذلك ،فال يمكن أن تأتي هية تحث على
مساوئ األخالق.
32
.5اإلجماع :فإن اإلجماع ي يكون إي بعد موت النبي صلى الله عليه و سلم ،والنسخ ي ياوز
بعد موته ،وأ ن وجود اإلجماع ال اني يبط ،اإلجماع األول ينتفاء شرطه ،ي ألن ال اني
نسخه.
.2القياس :ألن القياس تاب لألصول ،واألصول ثابتة فال ياوز نسخ تابعها.
بعد تفصي ،الكالم فيما يق به وعليه النسخ من األحوال ،يبقى الكالم في ع ّدة صور -في
هخر أو مافي حكمه يفيد ذلك الحكم م شرعي يفيد حكما ّثم يرد ن
ّ صورة المسألة :أن يرد ن
األول.
يتضمنه ّ
األول فيضيف إليها مالم ّ
ّ زيادة على ما أفاده الن
33
هراء األصوليين في المسألة:
ماهبين:
ليست نسخا بامي صوره ،ذهب األول :هو الماهب القائ ،بإ ّن الزيادة على الن
.1الماهب ّ
72
إلى هاا ابن قدامة في باهر كالمه
.0الماهب ال اني :هو الماهب القائم على اختالف رتبة المزيد على وجه التفصي ،،فتع ّددت
صورتان:
المستق ،عن المزيد عليه ليس من جنس المزيد عليه ،كأن يأتي ن
ّ .1أن يكون المزيد
مستق،
ّ بإيااب الصالة ّثم جاء ا خر بزيادة هي إيااب الصوم ،فإ ّن المزيد وهو الصوم
{{ 70روضة الناظر وج ّنة المناظرفي أصول الفقه}} ،موفّق الدين عبد الله أحمدى بن قدامة 020 -431ه ،تقديم وتوضيخ غوامضه
وتخريج شواهدة :د.شعبان بن إسماعيل األستاذ في كليّة الشريعة والدراسات اإلسالمية جامعة أ ّم القرى ،المكتبة المكيّة-المكتبة
التدمريّة الرياض -مؤسّسة الريان ،ط1:ج ،1:ص234 :
34
يخالف بين األصوليين في أن هاه الصورة ليست من النسخ ،77لعدم تحقق النسخ إذ
هو -فيما سبق ذكره -رف الحكم أو تبديله ولم يرتف في الحال حكم المزيد عليه وهو
وجوب الصالة ولم يقم مقامه حكم المزيد وهو وجوب الصوم ب ،كان المزيد عليه (
الزيادة.
الصالةي باقيا على حكمه بعد هاه ّ
المستق ،عن المزيد عليه من جنس المزيد عليه ،كزيادة صالة على
ّ .0أن يكون المزيد
71
الصلوات الخمس في قوله تعالى{ :حافظوا على الصلوات والصالة الوسطى}
-ذهب الامهور 79إلى أن هاه الصورة ليست بنسخ ،فإن كون المزيد من جنس
المزيد عليه ييؤثّر ،فإن المعتبر في الصورتين واحد وهو عدم تح ّقق النسخ وهو
ارتفاع حكم المزيد ،فال يقال في ا ية أن الصالة الوسطى تنسخ جنس صالة العصر
الداخلة تحت الصلوات ،ب ،حكمها باق بعد الزيادة كما كان قبلها.
زيادة صالة على الصلوات الخمس تغيّر صالة الوسطى فيرتف وجوبها المستفاد من
ويستدل على هاا الرأل بكون صالة الوسطى وسطى وإ ّن الوسطيّة على العدد
ّ ا ية،
77
بالتصرف من {{ روضة الناظر البن قدامة }} ص242 :
ّ نقل هذ
79
سورة البقرة239 :
78
بالتصرف من {{ إتحاف ذوي البصائر }} ص400 :
ّ نقل هذا
35
المفرد وهو الخمس ،فإذ زيدت بالسادسة وجبت أن تكون هاه الزيادة تغيّر لكي
المرتبة الثانية ،أن تكون الزيادة غير مستقلّة حيث إ ّن المزيد يتعلّق بالمزيد عليه بأن يكون جزءا
الحديث على جلد مائة الوارد بن ّ القرهن. من المزيد عليه ،كزيادة تغريب عام الواردة بن
من حديث غبادة بن صامت( :خاوا عنّي خاوا عنّي ،قد جع، النبي
ن ّ المزيد هو قول ّ
12
لهن سبيال ،البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة‘ ،وال يّب بال يّب جلد مائة والرجمي
الله ّ
11
ك ،واحد منهما مائة جلدة....ي
ن ّ المزيد عليه هو قول الله تعالى( :الزانية والزاني فاجلدوا ّ
ا ية.
10
ليست بنسخ ،وهاا ماهب الامهور. إن الزيادة المستقلّة على الن
دلي ،الامهور :إ ّن حقيقة النسخ هو رف حكم الخطاب وإزالته ،وإن حكم الخطاب
(جلد الزاني البكر مائة جلدةي في الم ال السابق باق ولم يتغيّر ولم يتب ّدل م وجود تلك
90
(صحيح مسلم)3188 :
91
سورة النور2 :
92
{{ اتحاف ذوي البصائر }} ،ص403 :
36
يعتبر نسخا ،ذهب إلى هاا القول أبو حنيفة ،13فإن حكم إ ّن الزيادة المستقلّة على الن
دليلهم :إن المزيد عليه قب ،الزيادة كان كامال يمكن ايقتصار عليه في ايمت ال ،و ّلما جاء
ورد الشهادة،
الزيادة ارتف كون كماله وجواز ايقتصار عليه وييكتفي به تعلّق التفسيق ّ
ففي الحال يب ّد من العم ،بالزيادة (التغريبي م ذلك المزيد معا فتكون صفة الكمال
الاواب األوّل :أ ّن تلك الصفة (الكمالي وإن رفعت عند وجود الزيادة إي أنّها ليست
الزيادة،
مقصودة حكما شرعا ب ،المقصود وجوب الا ّد وإجزاؤه وهما لم يرتفعا م تلك ّ
وإ ّن التغريب ييزي ،وجوبه وييغيّر إجزاءه وإنّما يضاف إليهما واجب هخر وهو هاا
التغريب.
الاواب ال اني :إ ّن القول بإن الزيادة ترف حكم ايقتصار على جلد مائة ييح ّقق النسخ،
جلدةيّ 14
ييدل على ايقتصار وكالك ييستفاد ايقتصار ،إذ الوجوب بشيئ ييوجب
93
94
{ سورة النور } 2 :
37
نفي وجوب غيره ،فإيااب الح ّد يينفي أن يوجب الشارع غيره زيادة عليه وهي ليست
بنسخ.
المرتبة الثالثة ،أن تكون الزيادة غير مستقلّة حيث يتعلّق المزيد بالمزيد عليه تعلّق الشرط
بالمشروط ،فإذا فقد المزيد عليه هاه الريادة وهو الشرط يكون وجوده وعدمه واحدا ،كزيادة
شرط اإليمان في كون الرقبة ،فإ ّن الشارع جاء بأمر عتق رقبة ّثم زيد شرط كونها مؤمنة ،وكالك
زيادة النيّة شرطا في األمر بالطهارة ،وزيادة الطهارة شرطا في األمر بالطواف.
الماهب ّ
15
الشافعيّة األول :إ ّن الزيادة في هاه الصورة نسخ ،ذهب إلى هاا بع
دلي ،أصحاب هاا الماهب :إن حكم المزيد عليه كما يكون في وجوب عتق رقبة بالشرط هو
دلي ،أصحاب هاا الماهب :إ ّن حقيقة النسخ رف حكم الخطاب كلّه ،والخطاب -في قوله
تعالى ( وأقيمو الصالة ي 17م ال -يقتضي أمرين :هما الوجوب واإلجزاء حيث ياوز الصالة
93
90
97
( سورة النور 30 :
38
بدون طهارة بناء على هاا اللفظ ،و ّلما جاءت الزيادة وهي اشتراط الطهارة عند اإلتيان بها،
فإ ّن وجوبها (الصالةي لم يرتف بتلك الزيادة (اشتراط الطهارةي وإنّا يبقى على حاله بعد الزيادة
كما كان قب ،ورود الزيادة عليه ،وأما الال ارتف حكمه في الحال هو اإلجزاء ،فأصبحت
الصورة الثانية :نسخ جزء من أجزاء العبادة أو شرط من شروطها هل نسخ لجملة العبادة ؟
11
األصوليون في هاا المبحث ع ،ماهبين:
.1إ ّن نسخ جزء من أجزاء العبادة أو شرط من شروطها ليس نسخا للعبادة باملتها ،وهاا ماهب
إ ّن حقيقة النسخ هو الرف واإلزالة ،وهاه الحقيقة يتتناول ّإي ((الازءيي ((والشرطيي
المنسوخ فقط ،أما ماعدا ذلك بقي على حاله يتتغيّر ويتتب ّدل ،ومما يدل على وقوع
هاا هو أن نسخ الشارع شرط عبادة من العبادات ولم تكن تلك العبادة قد نسخت
99
{{ إتحاف ذوي البصائر } 490
98
{ إتحاف ذوي البصائر } ص490:
39
لصحة الصالةّ ،ثم نسخ
بالكليّةر حيث إنّه معلوم إن استقبال بيت المقدس كان شرطا ّ
هاا الشرط ويخالف في أن نسخ هاا الشرط (استقبال بيت المقدسي ليس نسخا
الازء أو إلغاء الشرط لم يرف حكم تلك العبادة من الوجزب أو الندب وكالك إن نق
ييكون نسخا للامي . ييوجب تحصيصا للامي ،فكالك نسخ البع إ ّن التخصي
.0إ ّن نسخ جزء من أجزاء العبادة أو شرط من شروطها نسخ للعبادة باملتها ،ذهب إلى هاا أك ر
دلي ،أصحاب هاا الماهب :إ ّن الله تعالى إذا أوجب أرب ركعات ّثم نسخ وجوب ركعتين
ا خر ،فإ ّن وتبقية للبع فبقيت ركعتان ،فقد نسخ وجوب أص ،العبادة ،ي أنّه نسخ للبع
كمامر -الرف والتبدي ،،وقد كان حكم األرب هو الوجوب ثم تغيّر وتب ّدل
حقيقة النسخ – ّ
ويدل على
وجوب األرب إلى وجوب الركعتين فقد وصارت الركعات األرب غير الركعتين وزيادةّ .
40
إذا نسخت ركعتان في صالة الصبح فقد كانت –قب ،النسخ -يتازؤ الصالة بدون
هاا المنسو ،ولكن بعد النسخ صارتا مازية ،فكون العبادة يتازئ إي بالمنسوخ –
فب ،وقوع النسخ بخالف بعده -تغييرا لحكم العبادة وتبديال له ،وهاا هو النسخ.
90
والنسخ يعرف بع ّدة أمور:
وتأخر ا خر ،والتق ّدم ّ أوال ،أن يقتضي ذلك اللفظ ،بأن يكون فيه ّ
مايدل على تق ّدم أحدهما ّ
التأخر في النزول يفي التالوة أو الترتيب القرهني ،فإ ّن ا ية في
التأخر المقصودين هنا التق ّدم و ّ
و ّ
الع ّدة بأربعة أشهر وأربعة أيام ناسخة ل ية في الع ّدة بالحول ،م أنّها (ا ية الناسخةي تسبق
المنسوخة في الترتيب.
ثانيا ،أن يعرف الناسخ من المنسوخ بقوله صلّى الله عليه وسلّم ،كأن يقول :هاا ناسخ لهاا أو
مافي معنى ذلك ،والم ال على هاا قوله صلّى الله عليه وسلّم من حديث بريدة بن الحصيب
{{ إرشاد الفحول إلى تحقيق الح ّق من علم األصول }} ،اإلمام مح ّمد بن علي الشوكاني ،تحقيق وتعليق :أبي حفص 80
سامي بن العربي ،دار الفضيلة للنشر والتوزيع الرياض ،ط ،1 :ص934-933 :
ل{{ التعارض في الحديث }} ،لطفي بن محمد الزغير أستاذ مساعد في كلّية المعلمين في بيشه جامعة الملك فهد ،مكتبة العبيكان
1427ه ،ط ،1:ص.348-349 :
41
ثالثا ،أن يعرف الناسخ من المنسوخ بفع ،النبي صلّى الله علي وسلّم ،كرجمه لماعز بن المالك
األسلمي رضي الله عنه ولم يالده ،فإ ّن فعله صلّى الله عليه وسلم هاا يفيد نسخ حكم جلد
ال يب الزاني الوارد في قولة ( ال يب بال يّب جلد مائة ورجمه بالحاارةي
رابعا ،أن يعرف النسخ بإجماع الصحابة على أ ّن الشيء ناسخ وا خر منسوخ ،كنسخ صوم يوم
المرة
عاشوراء بصوم شهر رمضان ،وإجماع الصحابة على نسخ حديث قت ،شارب الخمر في ّ
الرابعة ،ون ّ الحديث قوله صلى الله عليه وسلم من حديث معاوية بن أبي سفيان (( :إذا شربوا
91
الخمر فاجلدوهم وإذا شربوا فاجلدوهم ،وإذا شربو فاجلدوهم وإذا شربوا فاقتلوهم يي
خامسا ،أن يعرف النسخ بنق ،الصحبابي لتق ّدم أحد الحكمين ّ
وتأخر ا خر ،إذ يمدخ،
لالجتهاد في الحال .والم ال على هاا مانقله أبي ين كعب رضي الله عنه أنّه قال( :كان الماء
90
من الماء رخصة في ّأول اإلسالم ّثم نهي عنه ي
الشرعي في الحال
ّ سادسا ،أن يعرف النسخ بكون أحد الحكمين شرعيّا وا خر موافقا للعادة ،فيكون
ناسخا.
81
الحديث رواه بن ماجة /الحدود /من شرب الخمر مرارا ،رقم2372 :
82
أخرجه أبو داود ،الطهارة ،في اإلكسال ،رقم213 :
42