You are on page 1of 35

‫جامـعـة ابـن زهــر‬

‫كــلـيـة الـشـريـعــة أكـاديـــر‬

‫الـدكـتـور‬
‫حيـمـود الـمـختـار أستاذ القانون العام‬

‫محاضرات مختصرة في القانون‬


‫الجنائي العام‬

‫الفصل الرابع‬
‫الفوج‪ :‬الثالث و الرابع‬
‫مسلك الشريعة والقانون‬

‫السنةالجامعية‪2020/2019‬‬
‫‪ -1‬القانون الجنائي ‪ :‬تعريفه و أهميته ‪:‬‬
‫يتضمن القانون الجنائي مجموعة من القواعد القانونية المحددة لألفعال‬
‫والسلوكات المجرمة التي تمس بأمن الدولة وتهدد استقرار المجتمع وسالمة‬
‫أفراده في جميع حقوقهم وأموالهم و أرواحهم وحرياتهم المشروعة‪ ،‬وذلك‬
‫مع تحديد العقوبات والتدابير الوقائية في حق مرتكبي تلك األفعال المجرمة‬
‫بسبب ما تحدثه من اضطراب اجتماعي و ما يترتب عنها من أضرار مادية‬
‫ومعنوية للغير‪ ،‬كما يتضمن هذا القانون و ينص على اإلجراءات المسطرية‬
‫التي تحدد اإلجراءات المسطرية الخاصة بالبحث التمهيدي و مرحلة‬
‫التحقيق و المحاكمة و كيفية تنفيذ العقوبات الصادرة عن األحكام القضائية‪.‬‬
‫وبناء على ذلك فإن القانون الجنائي يتطرق إلى القواعد التي تعمل على‬
‫تحديد المواضيع اآلتية‪:‬‬
‫المبادئ العامة للجريمة واألفعال المجرمة و تحديد شروط‬ ‫أوال ‪:‬‬
‫المسؤولية الجنائية‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬العقوبات والتدابير الوقائية المخصصة لألفعال المجرمة‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬ا إلجراءات المسطرية المتعلقة بالبحث والتحقيق والمحاكمة وكيفية‬
‫تنفيذ العقوبات‪.‬‬

‫‪ - 2‬أقسام القانون الجنائي‪:‬‬


‫بن اء على التعريف التي تم تحديده للقانون الجنائي يمكن تقسيم قواعد هذا‬
‫القانون إلى ثالثة أقسام‪:‬‬
‫القسم األول يسمى بالقانون الجنائي العام ويتضمن مجموعة من القواعد‬
‫و األحكام و المبادىء العامة و األساسية للقانون الجنائي التي تحكم السلوك‬
‫اإلجرامي و الظاهرة اإلجرامية من حيث التجريم و العقاب و المسؤولية‬
‫الجنائية‪.‬‬
‫والقسم الثاني يسمى بالقانون الجنائي الخاص و يتضمن القواعد القانونية‬
‫التي تحدد العناصر المادية والمعنوية المكونة لكل جريمة مع تحديد‬
‫األوصاف الخاصة بكل سلوك أو فعل مجرم‪ ،‬كما أنه يعمل على تحديد‬
‫العقوبات أو اإلجر اءات الوقائية المخصصة لكل جريمة حماية للحقوق و‬
‫المصالح العامة و الخاصة ‪.‬‬
‫فالقانون الجنائي الخاص بهذا التعريف يقوم بحصر و تحديد الئحة من‬
‫األفعال المجرمة على شكل منظومة قانونية تعمل على تمييز الفعل المباح‬
‫عن الفعل الممنوع و المعاقب عليه قانونا‪.‬‬
‫أما القسم الثالث و يسمى بقانون المسطرة الجنائية‪ ،‬و هو قانون يحدد‬
‫القواعد واإلجراءات الشكلية التي تعمل على تنظيم البحث و التحقيق و‬
‫المحاكمة تبعا لدرجات التقاضي باإلضافة إلى تحديد الجهات المكلفة بذلك‬
‫مع تحديد طرق و كيفية التنفيذ الخاصة بالعقوبات الصادرة عن القضاء‪.‬‬

‫‪ - 3‬أهمية و أدوار القانون الجنائي ‪:‬‬


‫وعلى ضوء المواضيع التي يتطرق إليها القانون الجنائي ‪ ،‬فإن هذا األخير‬
‫يكتسي أهمية بالغة تجعله يتولى القيام بمجموعة أدوار من الناحية‬
‫اإلجتماعية والسياسية والقانونية و الحقوقية‪ ،‬حيث إنه يساهم من جهته‬
‫كقانون متضمن بشكل عام لقواعد آمرة و ملزمة في تحقيق مجموعة من‬
‫األهداف المهمة و التي من بينها ‪:‬‬
‫أ ‪ :‬بناء دولة الحق والقانون ودولة المؤسسات ‪،‬و يتجلى ذلك من خالل‬
‫حصر و تقنين األفعال المجرمة مع تحديد العقوبات الرادعة لهاو‬
‫إقرارالتدابير الوقائية المالئمة لها و ذلك وفق ما هو مقرر قانونا‪.‬‬
‫ب ‪ :‬إقرار السلم اإلجتماعي وجعل الدولة كمؤسسة تحتكر العنف‬
‫المشروع‪.‬وهذا ما يساهم في تأسيس حالة اإلستقرار واألمن داخل المجتمع‬
‫‪ ،‬وبالتالي يجعل القضاء الجهة الوحيدة المكلفة بفض النزاعات و إصدار‬
‫األحكام بخصوص القضايا المعروضة عليه تحقيقا لعدالة يكفلها القانون‬
‫والتي تعطي ضمانات لحماية حقوق وحريات و ممتلكات و أرواح أفراد‬
‫المجتمع‪.‬‬
‫ج‪ :‬إجبار أفراد المجتمع على الخضوع للقانون باإلضافة إلى إلزامهم‬
‫باللجوء إلى القضاء لفض النزاعات في ما بينهم بمقتضى أحكام قضائية‬
‫و تطبيقا لما هو وارد في القانون‪.‬‬
‫د ‪ :‬حماية حقوق وحريات األفراد والجماعات المرتبطة بحقوق‬
‫اإلنسان و القيم الكونية‪.‬‬
‫ج‪ :‬تحديد ضمانات قانونية لتحقيق محاكمات قضائية عادلة للمتهمينو‬
‫منحهم الحق في الدفاع عن أنفسهم خالل جميع مراحل و درجات التقاضي‪.‬‬

‫‪ - 4‬طبيعة القانون الجنائي‪:‬‬


‫لقد اختلفت اآلراء وتعددت المعايير و اإلجتهادات الفقهية حول مسألة‬
‫تحديد طبيعة القانون الجنائي من خالل الجواب على التساؤل اآلتي‪ :‬هل‬
‫القانون الجنائي فرع من فروع القانون العام أم أنه يندرج ضمن فروع‬
‫القانون الخاص؟‬
‫فهناك رأي فقهي يقول بأن القانون الجنائي ينتمي إلى القانون العام‪،‬‬
‫وهذا الرأي يعتبر الجريمة اعتداء على المجتمع برمته ‪ ،‬وبالتالي فإن‬
‫الدولة في نظره أصبحت طرفا في النزاعات والقضايا الجنائية ‪ ،‬ومن‬
‫واجب الدولة حماية أفراد المجتمع في ممتلكاتهم وحقوقهم وحياتهم‪ ،‬كما‬
‫أنها‪ -‬الدولة ‪ -‬تتحمل وتحتكر مسؤولية تمثيلهم عن طريق النيابة العامة‪،‬‬
‫وكنتيجة لذلك فإن هذه األخيرة أي النيابة العامة تظل بحكم القانون وقوته‬
‫متمسكة بمتابعة الدعوى العمومية حتى وإن تنازل المعتدى عليه عن حقه‬
‫في متابعة المعتدي ‪ ،‬أو تم إجراء صلح بين الجاني والمجني عليه بناء على‬
‫جبر الضرر ‪.‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬وتبعا لهذا الطرح فإن الدولة تصبح ملزمة بمتابعة‬
‫ومعاقبة مرتكبي الجرائم نظرا لكونها تتمتع بحق إحتكار العنف المشروع‬
‫‪ ،‬وال يحق ألفراد المجتمع أن يمارسوا هذا العنف بل عليهم اإلحتكام إلى‬
‫القانون باعتباره أسمى تعبير عن إرادة األمة‪ ،‬وعليهم أيضا انتظار صدور‬
‫األحكام القضائية المعاقبة لمرتكبي الجرائم تحقيقا للعدالة واإلنصاف‬
‫وحماية لحقوق وحريات وأرواح وممتلكات أفراد المجتمع ‪.‬‬
‫أمام هذا الرأي الفقهي نجد رأيا آخرا يعتبر القانون الجنائي فرعا من‬
‫فروع القانون الخاص‪ ،‬وتبعا لهذا الرأي فإن الجريمة هي اعتداء على‬
‫الحقوق ال فردية والمصالح الشخصية لألفراد كجريمة السرقة والقتل و‬
‫اإلغتصاب والنصب واالحتيال‪....‬وبالتالي فالجريمة هنا تستهدف المساس‬
‫بالجانب الشخصي ألفراد المجتمع ‪ ،‬وهذا من بين الحيثيات والحجج التي‬
‫تؤكد حسب هذا الطرح الفقهي بأن طبيعة القانون الجنائي تميل نحو القانون‬
‫خاص‪.‬‬
‫غير أن الرأي الراجح حول هذه المسألة المتعلقة بتحديد الطبيعة‬
‫القانونية للقانون الجنائي تذهب في اتجاه تأييد فكرة إنتماء القانون الجنائي‬
‫إلىدائرة فروع القانون العام‪.‬‬

‫‪ -5‬القانون الجنائي وعالقته بقوانين وعلوم أخرى‪:‬‬


‫إن إستقاللية القانون الجنائي التمنعه من ربط عالقات متداخلة‬
‫ومتكاملة مع مجموعة من القوانين والعلوم والسياسات العمومية‪.‬‬
‫فمن الناحية القانونية نجد العديد من القواعد الملزمة تستمد قوتها‬
‫وتفرض احترامها وتجبر األفراد على اإلمثتال لها من خالل التشريع‬
‫الجنائي‪.‬‬
‫وعلى سبيل المثال‪ ،‬فالقانون المدني يتطرق إلى االلتزامات والعقود ‪،‬‬
‫وبالتالي فإن من أخل بهذه االلتزامات يصبح متابعا ومعاقبا من طرف‬
‫القانون الجنا ئي وذلك عند إبرام عقد بناء على وثائق مزورة كانتحال‬
‫شخصية أوصفة أو اإلدالء بشهادات وبيانات و وثائق مزيفة‪...‬ففي هذه‬
‫الحاالت تصبح المسؤولية الجنائية واردة و قائمة إلى جانب المسؤولية‬
‫المدنية‪.‬‬

‫أيضا في القانون التجاري نجد عقوبات محددة من طرف المشرع الجنائي‬


‫مخصصة لكل من أخل بالعالقات التجارية المنصوص عليها قانونا ‪،‬‬
‫ونشير هنا على سبيل المثال إلى جرائم النصب و اإلحتيال‪،‬وإصدار شيك‬
‫بدون رصيد‪ ،‬و تزوير األوراق المتعلقة باألنشطة التجارية والمعامالت‬
‫المالية و المؤسسات البنكية‪.‬‬
‫وفي القانون اإلجتماعي ‪-‬أي قانون الشغل‪ -‬نجد العديد من األفعال‬
‫والعالقات جرمها التشريع الجنائي وخصص لها عقوبات ‪ ،‬ونذكر على‬
‫سبيل المثال الحالة المتعلقة بتشغيل األطفال دون السن المحدد قانونا‪،‬‬
‫حيث يصبح المشغل في هذه الحالة متابعا ومعاقبا على ذلك من طرف‬
‫القانون الجنائي‪.‬‬
‫فالمادة ‪ 143‬نصت على أنه ‪:‬‬
‫"ال يمكن تشغيل األحداث‪ ،‬وال قبولهم في المقاوالت‪ ،‬أو لدى المشغلين‪،‬‬
‫قبل بلوغهم سن خمس عشرة سنة كاملة"‬
‫أما المادة ‪ 151‬فقد حددت العقوبات على النحو التالي‪:‬‬
‫" يعاقب بغرامة من ‪25.000‬إلى ‪ 30.000‬درهم على مخالفة المادة‬
‫‪.143‬‬
‫وفي حالة العود‪ ،‬تضاعف الغرامة والحكم بحبس تتراوح مدته بين ‪6‬‬
‫أيام و‪ 3‬أشهر أو بإحدى هاتين العقوبتين"‪.‬‬
‫وعالقة بقانون الشغل أيضا فإن إفشاء السر المهني مجرم ومعاقب‬
‫عليه جنائيا ‪ ،‬وفي هذا الصدد نصت الفقرة األولى من الفصل ‪ 447‬من‬
‫القانون الجنائي المغربي على مايلي‪:‬‬
‫"كل مدير أو مساعد أو عامل في مصنع‪ ،‬إذا أفشى أو حاول إفشاء‬
‫أسرار المصنع الذي يعمل به‪ ،‬سواء كان ذلك اإلفشاء إلى أجنبي أو إلى‬
‫مغربي مقيم في بلد أجنبي يعاقب بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات‬
‫وغرامة من مائتين إلى عشرة آالف درهم‪"...‬‬
‫كما نجد القانون الجنائي حاضرا ضمن قانون األسرة ‪ ،‬وهذا ما نلمسه في‬
‫الباب الثامن والذي خصصه المشرع للجنايات والجنح ضد نظام األسرة‬
‫واألخالق العامة‪ ،‬حيث ثم تحديد عقوبات معينة كما هو الشأن مثال في‬
‫موضوع إهمال األسرة وانتهاك اآلداب‪ ،‬وإفساد الشباب‪ ،‬وخطف‬
‫القاصرين‪ ،‬وإخفاء هوية الطفل‪ ،‬و تعريض األطفال والعاجزين للخطر‪،‬‬
‫والقيام باإلجهاض بدون سند أومبررقانوني يجيزه‪.‬‬
‫أما على مستوى العلوم‪ ،‬فإن القانون الجنائي يحتاج لتحقيق أهدافه و‬
‫تطبيق قواعده بشكل معقلن إلى ضرورة التواصل والتكامل مع مجموعة‬
‫من المجاالت العلمية نظرا لما تقدمه من تطوير للقواعد الجنائية وللسياسة‬
‫الجنائية في التعامل مع ظاهرة اإلجرام‪ ،‬وبالتالي فإن هذه العلوم تجعل‬
‫المشرع الجنائي مواكبا لمعطيات العصر ومدركا للمقاربة العلمية الكفيلة‬
‫والقادرة على فهم العوامل المساهمة في ارتكاب الجريمة ‪ ،‬مما يساعده‬
‫على وضع القواعد الفعالة على مستوى التعامل مع حقوق اإلنسان من جهة‬
‫ور دع كل من يعتدي على حياة و أموال و ممتلكات األفراد أو يهدد أمن‬
‫وسالمة الدولة والمجتمع ‪.‬‬
‫و في هذا السياق نشير على سبيل المثال ال الحصر إلى مجموعة من‬
‫العلوم التالية‪:‬‬
‫* علم اإلجرام‪:La criminologie‬‬
‫وهو علم يتضمن ثالثة فروع ‪:‬علم اإلنسان الجنائي‪ ،‬وعلم النفس‬
‫الجنائي‪ ،‬ثم علم اإلجتماع الجنائي‪.‬‬
‫ويبقى القاسم المشترك لهذه العلوم الثالثة المتفرعة عن علم اإلجرام هو‬
‫البحث عن األسباب الكامنة وراء ارتكاب الجريمة باعتبارها ظاهرة‬
‫اجتماعية و سلوك بشري منحرف وغير سوي ناتج عن عدة عوامل‬
‫مرتبطة بالجوانب الفزيولوجية والنفسية والوسط االجتماعي لمرتكبي‬
‫الجرائم‪.‬‬
‫وفي هذا السياق يركز علم اإلجرام على دراسة و تحليل وفهم‬
‫األسباب الذاتية للفرد التي أدت إلى إرتكاب الجريمة ‪ ،‬حيث يتم التركيز‬
‫على البنية النفسية والتكوين الفيزيولوجي والجانب الوراثي للمجرم كما يتم‬
‫التركيز أيضا على األسباب الموضوعية والتي تتجلى في العوامل‬
‫اإلجتماعية والمحيط اإلجتماعي الدي يؤثر في الفرد و يدفعه نحو ممارسة‬
‫األفعال المجرمة‪.‬‬
‫* علم العقاب ‪:La pénologie‬‬
‫يركزهذا الصنف من العلوم على دراسة وتحليل العقوبات المالئمة‬
‫والناجعة في مواجهة الجرائم ‪ .‬والهدف من ذلك هو رصد وتحديد‬
‫الجزاءات والعقوبات و التدابير الوقائية التي تالئم مختلف الجنايات‬
‫والجنح والمخالفات‪.‬‬
‫و في هذا السياق يتم البحث عن العقوبات المالئمة للفعل المجرم مع‬
‫التركيز على فكرة إضفاء الطابع اإلنساني على هذه العقوبات تحقيقا‬
‫إلدماج الفرد‪ /‬المدان والذي تمت معاق بته في المجتمع مرة ثانية وذلك‬
‫حتى التتحول الجزاءات الجنائية إلى عقوبات ذات طابع انتقامي وال‬
‫تراعي البعد اإلنساني‪.‬‬
‫* علم التحقيق الجنائي‪: -La criminalistique -‬‬
‫وهو علم يبحث في الوسائل المساعدة على ضبط واكتشاف األفعال‬
‫المجرمة التي تم ارتكابها‪،‬وهذا العلم يعت مد في تحقيق أهدافه على توظيف‬
‫الطب الشرعي والقياس البشري‪ ،‬والشرطة العلمية‪.‬‬

‫‪ -5‬عالقة القانون الجنائي بالسياسات العمومية‪:‬‬


‫يمكن تعريف السياسة العمومية بأنها مجموعة من اإلختيارات‬
‫واألوراش التي تنهجها الحكومة باعتبارها أعلى هيئة إدارية داخل الدولة‬
‫ضمن إطار قانوني ورؤية استراتيجة لتدبير الشأن العام‪ ،‬وذلك قصد تحقيق‬
‫أهداف مرسومة متعلقةبقطاع محدد كقطاع التعليم‪،‬والصحة‪ ،‬والسياحة‪،‬‬
‫والشغل‪،‬والسكن‪،‬واألمن‪....‬‬
‫وفي هذا السياق نستنتج أهمية وقيمة مساهمة السياسات العمومية في‬
‫الحد من دوافع و أسباب ونتائج ظاهرة اإلجرام ‪ ،‬كما تعمل على تدعيم‬
‫السياسة الجنائية وتطوير قواعد القانون الجنائي‪.‬‬
‫وعلى سبيل المثال فإن محاربة أسباب الفقر واألمية ‪ ،‬وخلق مناصب‬
‫الشغل‪ ،‬والقضاء على السكن العشوائي والحد من الهجرة القروية ‪،‬‬
‫ووضع استراتيجية أمنية شمولية في التعامل مع الجريمة المنظمة‪ ،‬ودعم‬
‫قطاع ا لصحة خصوصا في الجانب المتعلق باألمراض النفسية والعقلية‬
‫والتركيز على عالج حاالت اإلدمان على المخدرات‪.....‬‬
‫كل هذا يعكس مدى التآزر والتداخل والتكامل بين قواعد القانون‬
‫الجنائي والسياسة العمومية المتبعة من طرف الدولة في تعاملها مع‬
‫المجتمع قصد الحد من ظاهرة اإلجرام ‪.‬‬
‫وعلى أساس ذلك فإن السياسة العمومية المبنية على المقاربة التنموية‬
‫والمرتكزة على منهجية عقالنية غير مرتجلة ورؤية مستقبلية وشمولية‬
‫تعكس مقاربة استراتيجية في التعامل مع قضايا المجتمع تساهم في التقليل‬
‫من إنتشار أسباب ودوافع السلوك اإلجرامي‪ ،‬كما أنها تعمل على جعل‬
‫كل عقاب أوتدبير وقائي يؤدي وظيفة إدماج الفرد‪/‬الجاني من جديد في‬
‫المجتمع بعد إنقضاءالجزاءات المحكوم بها من طرف القضاء‪ .‬وهذا ما‬
‫يجعل الحكم القضائي اليأخذ طابعا إنتقاميا بل وظيفة تقويمية لسلوك‬
‫المحكوم عليه بهدف اإلستفادة من برامج التكوين وإعادة اإلدماج من‬
‫داخل المؤسسة السجنية أو اإلصالحية خالل المدة الزمنية للعقوبة التي‬
‫يقضيها السجين داخل أسوار السجن‪.‬‬
‫المحور األول‬
‫األركـان العـامـة للجريـمـة‬

‫تعريف الجريمة‪:‬‬
‫من وجهة التعريف الشرعي‪ ،‬فإن فقهاء الشريعة اإلسالمية عرفوا‬
‫الجريمة على أنها‪:‬‬
‫" إتيان فعل مجرم معاقب على فعله أو تركه ‪ ،‬وله جزاء عاجل في‬
‫الدنيا وجزاء آجل في اآلخرة"‪ ،1‬إال من تاب وعمل صالحا فإن هللا يتوب‬
‫عليه‪ .‬والتوبة مشروطة باإلقالع عن الذنب وجبر الضرر ‪،‬باإلضافة إلى‬
‫ضرورة رد المظالم إلى أهلها ‪ ،‬أوطلب المسامحة من المظلوم مباشرة‪.‬‬

‫أما من ناحية القانون الجنائي‪ ،‬نجد المشرع المغربي قد عرف الجريمة‬


‫في الفصل ‪ 110‬من ق‪.‬ج بأنها‪" :‬عمل أو امتناع مخالف للقانون الجنائي‬
‫ومعاقب عليه بمقتضاه"‪.‬‬
‫والجرائم حسب الفصل ‪ 111‬من القانون الجنائي المغربي إما‬
‫‪:‬جنايات‪،‬أوجنح تأديبية أو جنح ضبطية‪ ،‬أو مخالفات‪:‬‬
‫فالجريمة التي تدخل عقوبتها ضمن العقوبات المنصوص عليها في‬
‫الفصل ‪ 16‬تعد جناية‪.‬‬
‫وهذه العقوبات الواردة في الفصل ‪ 16‬هي‪:‬‬
‫اإلعدام‪ ،‬السجن المؤبد‪ ،‬السجن المؤقت من خمس سنوات إلى ثالثين‬
‫سنة‪ ،‬اإلقامة الجبرية‪،‬التجريد من الحقوق الوطنية ‪.‬‬

‫العلمي عبد الواحد" المبادئ العامة للقانون الجنائي المغربي " الجزأ األول الجريمة مطبعة النجاح الجديدة‪. 1990‬ص‪.84:‬‬
‫‪1‬‬
‫أما الجريمة التي يعاقب عليها القانون بالحبس الذي يزيد حده األقصى‬
‫عن سنتين إلى ‪ 5‬سنوات تعد جنحة تأديبية‪.‬‬
‫في حين أن الجريمة التي يعاقب عليها القانون بحبس حده األقصى‬
‫سنتان أو أقل‪ ،‬أو بغرامة تزيد عن ألف ومائتي درهم ‪ 1200‬درهم تعد‬
‫جنحة ضبطية‪.‬‬
‫في حين أنالجريمة التي يعاقب عليها القانون بإحدى العقوبات‬
‫المنصوص عليها في الفصل ‪ 18‬تعد مخالفة (االعتقال لمدة تقل عن‬
‫شهر‪ ،‬أو الغرامة من ‪ 30‬درهم إلى ‪ 1200‬درهم)‬
‫وللجريمة ثالثة أركان ‪:‬‬
‫الركن القانوني‪ ،‬الركن المادي‪ ،‬والركن المعنوي‪.‬‬
‫وهذه األركان ضرورية وإلزامية من الناحية القانونية لكي تقوم‬
‫الجريمة ‪ ،‬واليمكن اعتبار سلوك أو فعل له الصفة أو الطبيعة اإلجرامية‬
‫في غياب تلك األركان الثالثة ‪.‬‬
‫أوال‪ :‬الــركــن الــقــانونـي‪.‬‬
‫المقصود بالركن القانوني للجريمة ضرورة وجود نص قانوني يؤدي‬
‫وظيفة تحديد أنواع الجرائم والعقوبات المطبقة عليها والتدابير الوقائية التي‬
‫تسري عليها‪.‬‬
‫وفي هذا السياق فإن الركن القانوني يتمحور حول مسألة التشبث‬
‫واإللتزام بمبدإ‪ " :‬ال جريمة وال عقوبة إال بنص" وهو مبدأ يضفي طابع‬
‫الشرعية والمشروعية في التعامل مع الجريمة على مستوى الوصف‬
‫والمتابعة والمحاكمة والعقاب والتدبير الوقائي ‪.‬‬
‫وبناء على هذا المبدإ ال يمكن اعتبار فعل ما أو امتناع عن فعل جريمة‬
‫يجب معاقبة فاعله إال إذا وجد نص جنائي يؤكد ذلك مع تحديد نوع العقوبة‬
‫أو التدبير الوقائي الذي يناسب خطورة السلوك المجرم‪.‬‬
‫والجدير بالذكر أن هذا المبدأ يعمل على تحقيق مجموعة من األهداف‬
‫والتي من بينها‪:‬‬
‫‪ * 1‬احترام حقوق اإلنسان وحمايتها من كل تعسف أو شطط عند‬
‫المحاكمة أمام القضاء‪.‬‬
‫‪ *2‬جعل المتابعة الجنائية والعقاب على الجرائم ضمن إطار القانوني‪.‬‬
‫‪ * 3‬اإللتزام بعدم رجعية القانون كما هو مشار إليه في الفصل‪ 4‬من‬
‫القانون الجنائي ‪":‬ال يؤاخذ أحد على فعل لم يكن يعتبر جريمة بمقتضى‬
‫القانون الذي كان ساريا وقت ارتكابه"‪.‬‬
‫‪ * 4‬عدم اللجوء إلى القياس أو التفسير الواسع للنص القانوني الجنائي‬
‫من طرف القاضي‪ .‬فه ذا األخير ال يجوز له اللجوء إلى القياس أو التفسير‬
‫الواسع أو القيام بتتميم القاعدة الجنائية الناقصة بهدف معاقبة المتهم‪.‬‬
‫‪ * 5‬تطبيق النص الجنائي األصلح للمتهم ما دام أن الحكم القضائي لم‬
‫يصدر بعد‪.‬‬
‫ونظرا ألهمية وقيمة هذا المبدإ فقد أشارت إليه عدة دساتير من بينها‬
‫دستور المملكة المغربية لسنة ‪ 2011‬حيث نص الفصل ‪ 23‬على ما‬
‫يلي‪:‬‬
‫"ال يجوز إلقاء القبض على أي شخص أو اعتقاله أو متابعته أو إدانته‪ ،‬إال‬
‫في الحاالت وطبقا لإلجراءات التي ينص عليها القانون‪.‬‬
‫اإلعتقال التعسفي أو السري و اإلختفاء القسري‪ ،‬من أخطر الجرائم‪،‬‬
‫وتعرض مقترفيها ألقسى العقوبات‪.‬‬
‫يجب إخبار كل شخص تم اعتقاله‪ ،‬على الفور وبكيفية يفهمها‪ ،‬بدواعي‬
‫اعتقاله وبحقوقه‪ ،‬و من بينها حقه في إلتزام الصمت‪ .‬ويحق له االستفادة‪،‬‬
‫في أقرب وقت ممكن‪ ،‬من مساعدة قانونية‪ ،‬ومن إمكانية االتصال بأقربائه‬
‫‪ ،‬طبقا للقانون‪.‬‬
‫قرينة البراءة والحق في محاكمة عادلة مضمونان‪.‬‬
‫يتمتع كل شخص معتقل بحقوق أساسية‪ ،‬وبظروف إعتقال إنسانية‪.‬‬
‫ويمكنه أن يستفيد من برامج للتكوين وإعادة اإلدماج‪.‬‬
‫يُح َ‬
‫ظر كل تحريض على العنصرية أو الكراهية أو العنف‪.‬‬
‫يُعاقب القانون على جريمة اإلبادة وغيرها من الجرائم ضد اإلنسانية‪،‬‬
‫وجرائم الحرب‪ ،‬وكافة االنتهاكات الجسيمة والممنهجة لحقوق اإلنسان‪".‬‬
‫كما أن المشرع المغربي عمل على تأكيد هذا المبدإ في المادة الثالثة‬
‫من القانون الجنائي بالعبارة التالية‪:‬‬
‫"ال يسوغ مؤاخذة أحد على فعل ال يعتبر جريمة بصريح القانون وال‬
‫معاقبته بعقوبات لم يقررها القانون"‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى المادة األولى من قانون المسطرة الجنائية نجد المشرع‬
‫المغربي أيضا يكرس المبدأ نفسه بالقول على أن ‪:‬‬
‫" كل متهم أو مشتبه فيه بارتكاب جريمة يعتبر بريئا إلى أن تثبت‬
‫إدانته قانونا ً بمقرر مكتسب لقوة الشيء المقضي به‪ ،‬بناء على محاكمة‬
‫عادلة تتوفر فيها كل الضمانات القانونية‪.‬يفسر الشك لفائدة المتهم"‪.‬‬
‫والجدير بالمالحظة أن أصل مبدأ " الجريمة والعقوبة إال بنص" في‬
‫الت شريعات الوضعية الحديثة يعود إلى وثيقة إعالن حقوق اإلنسان‬
‫والمواطن( ‪La Déclaration des droits de l'Homme et du‬‬
‫‪ )citoyen‬الصادرة بتاريخ ‪ 26‬غشت ‪ ،1789‬والتي جاءت كثمرة‬
‫حقوقية وساسية عقب الحدث التاريخي المتمثل في الثورة الفرنسية سنة‬
‫‪ . 1789‬فضمن المادة الثانية من هذه الوثيقة تم التنصيص على مايلي‪:‬‬
‫" ال يجوز عقاب أي شخص إال بمقتضى قانون يكون صادرا قبل‬
‫إرتكاب الجريمة"‪.‬‬
‫وفي نفس السياق نجد اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان الذي تبنته‬
‫األمم المتحدة بتاريخ ‪ 10‬ديسمبر ‪ 1948‬يؤكد نفس المبدإ ضمن المادة‬
‫‪: 11‬‬
‫" كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئا ً إلى أن تثبت إدانته قانونا ً‬
‫بمحاكمة علنية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية للدفاع عنه‪.‬‬
‫ال يدان أي شخص من جراء أداء عمل أو االمتناع عن أداء عمل إال‬
‫إذا كان ذلك يعتبر جرما ً وفقا ً للقانون الوطني أو الدولي وقت االرتكاب‪،‬‬
‫وكذلك ال توقع عليه عقوبة أشد من تلك التي كان يجوز توقيعها وقت‬
‫إرتكاب الجريمة"‬
‫وعموما فإن الركن القانوني للجريمة يتمحور حول موضوعين ‪:‬‬
‫األول‪ :‬ضرورة خضوع الفعل أو اإلمتناع المجرم لقاعدة قانونية جنائية‬
‫تضفي عليه طابع اإلجرام وتخصص له عقوبة أو إجراء وقائيا‪.‬فكل األفعال‬
‫مباحة إال ما جرمها المشرع في المادة الجنائية‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬ضرورة عدم خضوع الفعل أو اإلمتناع لسبب من أسباب‬
‫التبرير أو اإلباحة كما أشارت إليها المادة ‪ 124‬من القانون الجنائي‬
‫المغربي‪.‬‬
‫فهذه المادة ‪124‬نصت بصريح العبارة على أنه‪:‬‬
‫" ال جناية وال جنحة وال مخالفة في األحوال اآلتية‪:‬‬
‫‪ 1 -‬إذا كان الفعل قد أوجبه القانون وأمرت به السلطة الشرعية‪.‬‬
‫‪ 2 -‬إذا اضطر الفاعل ماديا إلى ارتكاب الجريمة‪ ،‬أو كان في حالة‬
‫استحال عليه معها‪ ،‬استحالة مادية‪ ،‬اجتنابها‪ ،‬وذلك لسبب خارجي لم‬
‫يستطع مقاومته ‪.‬‬
‫‪3 -‬إذا كانت الجريمة قد إستلزمتها ضرورة حالة الدفاع الشرعي عن‬
‫نفس الفاعل أو غيره أو عن ماله أو مال غيره‪ ،‬بشرط أن يكون‬
‫الدفاعمتناسبا مع خطورة اإلعتداء"‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬الــركــن الـمـادي للجـريـمـة‬
‫ما المقصود بالركن المادي للجريمة ؟و ما هي عناصر هذا الركن‬
‫المادي؟ ثم ما هي المحاولة والمشاركة والمساهمة؟‬
‫ضمن هذا المحور سنحدد ونجيب على هذه التساؤالت وذلك تبعا‬
‫للتصميم التالي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬العناصر المكونة للركن المادي‬


‫إن الركن المادي في الجريمة يتحقق عندما تتوافر وتجتمع فيه العناصر‬
‫أو المكونات الثالثة التالية‪:‬‬

‫‪ _1‬النشاط اإلجرامي‪.‬‬
‫إن المشرع اليعاقب على النوايا واألحاسيس التي هي كامنة في‬
‫ضمير الفرد أو نفسيته حتى ولو كانت على درجة عالية من الخطورة‬
‫اإلجرامية‪ .‬وبذلك فإن المتابعة والعقاب والمساءلة الجنائية تنصب فقط‬
‫على األفعال المجرمة التي تحققت وخرجت إلى الوجود المادي الملموس‬
‫وأنتجت ضررا للغير‪ ،‬وهذا ما يسمى بالنشاط المجرم وهو نشاط قد‬
‫يكون على صورة فعل إيجابي كالضرب والجرح أو على صورة فعل‬
‫سلبي أو امتناع عن فعل كعدم تقديم مساعدة لشخص في حالة خطر أو‬
‫عدم التبليغ عن مجرم أو عدم التصريح بالوالدة‪.‬‬

‫‪ _2‬تحقق نتيجة ضارة عن النشاط اإلجرامي‪.‬‬


‫المقصود بهذه النتيجة ذلك األثر الذي يحدثه النشاط المجرم الصادر عن‬
‫الجاني مثال كإحداث عاهة مستديمة للغير أو إغتصاب قاصر أو قتل‬
‫شخص عمدا‪ ،‬أو القيام بإجهاض خارج القانون‪.‬‬
‫وضمن هذا العنصر يجب التمييز بين الجرائم الشكلية والجرائم‬
‫المادية‪:‬‬
‫ففي الجرائم المادية اليمكن معاقبة صاحبها إال بعد حدوث النتيجة‬
‫الضارة مع وجود نية إجرامية لديه‪.‬‬
‫أما في الجرائم الشكلية فإن مقترفيها تتم معاقبتهم حتى ولو لم تتحقق‬
‫النتيجة الضارة من جراء سلوكهم اإلجرامي و ذلك مثل جريمة التسميم‬
‫أو سياقة سيارة بدون رخصة أو حيازة سالح ناري بدون ترخيص‪...‬‬

‫‪ _3‬وجود عالقة سببية بين النشاط اإلجرامي والنتيجة‬


‫الضارة‪.‬‬
‫من الناحية المنطقية والقانونية البد من عالقة سببية بين النشاط المجرم‬
‫والنتيجة الضارة لكي تكتمل عناصر الركن المادي للجريمة‪ ،‬وبالتالي‬
‫تحديد نسبة المسؤولية الجنائية و تحديد الفاعل األصلي والمساهم وكذا‬
‫المشارك في إحداث النشاط الضار والمجرم ‪.‬‬
‫وفي حالة انتفاء العالقة السببية فإنه ال يمكن مبدئيا تصور قيام‬
‫مسؤولية جناية‪ ،‬بل البد من وجود أسباب و وسائل إثبات تؤكد بشكل‬
‫واضح وفعلي وملموس العالقة السببية بين النشاط المجرم والنتيجة‬
‫الضارة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الــمحــاولــة‬
‫قبل تناول موضوع المحاولة من حيث التعريف و الشروط و األنواع‬
‫ينبغي اإلشارة إلى المراحل الرئيسية التي تمر منها الجريمة‪.‬‬

‫‪ – 1‬المراحل الرئيسية إلرتكاب الجريمة‪:‬‬


‫إن الجريمة تتحقق عبر أربعة مراحل‪:‬‬
‫أ * المرحلة الذهنية حيث تبدأ على شكل أفكار وتخمينات تتفاعل معها‬
‫نفسية وعقلية الجاني‪.‬‬
‫ب* المرحلة التحضيرية حيث يشرع الجاني في تهييء الظروف‬
‫المكانية و الزمانية أو الحصول على أدوات ووسائل ارتكاب الجريمة‪.‬‬
‫ج * المرحلة التنفيذية حيث يقوم بتنفيذ الجريمة كأن يبدأ بتسلق الحائط‬
‫أو يوجه سالحه نحو الضحية‪...‬‬
‫د * المرحلة األخيرة وتتجلى في حدوث النتيجة التي كانت وراء مقاصد‬
‫ودوافع الجاني كالحصول على المال في جرائم السرقة أو إزهاق روح‬
‫الضحية في جرائم القتل‪.‬‬

‫‪ : 2‬تعريف المحاولة‬
‫المحاولة جريمة غير تامة نظرا لغياب النتيجة التي كان يصبو إلى‬
‫تحقيقها الجاني وذلك لسبب من األسباب الخارجة عن إرادته‪ .‬والجدير‬
‫بالذكر أن المشرع يعتبر المحاولة جريمة على أساس تامة ويعاقب‬
‫مرتكبيها وذلك حسب الحاالت وضمن حدود معينة‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد أكد الفصل‪ 114‬من القانون الجنائي المغربي على‬
‫أن‪:‬‬
‫" كل محاولة ارتكاب جناية بدت بالشروع في تنفيذها أو بأعمال ال‬
‫لبس فيها تهدف مباشرة إلى ارتكابها إذا لم يوقف تنفيذها أو لم يحصل األثر‬
‫المتوخى منها إال لظروف خارجة عن إرادة مركبيها‪ ،‬تعتبر كالجناية التامة‬
‫ويعاقب عليها بهذه الصفة "‪.‬‬
‫وفي نفس السياق نجد الفصل ‪ 117‬ينص على أنه‪:‬‬
‫"يعاقب على المحاولة حتى في األحوال التي يكون الغرض فيها من‬
‫الجريمة غير ممكن بسبب ظروف واقعية يجهلها الفاعل"‪.‬‬
‫في حين أشار الفصل ‪ 115‬على أنه‪:‬‬
‫"ال يعاقب على محاولة الجنحة إال بمقتضى نص خاص في القانون"‪.‬‬
‫أما الفصل ‪ 116‬فقد تطرق إلى المحاولة في المخالفات بالقول على‬
‫أن‪" :‬محاولة المخالفة ال يعاقب عليها مطلقا"‪.‬‬

‫‪ : 3‬عناصر أو شروط قيام المحاولة‬


‫لقد نص الفصل ‪ 114‬من القانون الجنائي على شرطين لتحقيق‬
‫المحاولة ‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫* الشرط األول‪ :‬الشروع في التنفيذ‪.‬‬


‫المقصود بالشروع في التنفيذ أن الجاني بدأ فعال في تنفيذ قصده‬
‫الجنائي كالشروع في تكسير باب المسكن أو إضرام النار في ممتلكات‬
‫الغيرأوإحتجاز الضحية أو إختطافها‪.....‬‬
‫والشروع هنا يأخذ شكل فعل مادي ملموس يؤكد مدى عزم وإرادة‬
‫الجاني في تحقيق النتيجة اإلجرامية التي يريد الوصول إليها‪.‬‬
‫* الشرط الثاني ‪:‬إنعدام العدول اإلرادي لدى الجاني‬
‫إن الجاني الذي شرع في تنفيذ جريمته ثم تراجع عن ذلك بمحض‬
‫إرادته قد يشمله العفو أو قد يتعرض لمتابعة خفيفة من طرف القضاء‪.‬‬
‫لكن في حالة عدم العدول اإلرادي فإن صاحب المحاولة يتعرض‬
‫للمساءلة والعقاب ألنه لم يتراجع عن قصده الجنائي إال بسبب عوامل‬
‫أو أسباب خارجة عن إرادته‪.‬‬

‫وهذا ما نص عليه الفصل ‪ 114‬بالقول على أن‪:‬‬


‫" كل محاولة ارتكاب جناية بدت بالشروع في تنفيذها أو بأعمال ال لبس‬
‫فيها‪ ،‬تهدف مباشرة إلى ارتكابها‪ ،‬إذا لم يوقف تنفيذها أو لم يحصل األثر‬
‫المتوخى منها إال لظروف خارجة عن إرادة مرتكبها‪ ،‬تعتبر كالجناية‬
‫التامة ويعاقب عليها بهذه الصفة"‬

‫‪ : 3‬صور المحاولة‬
‫تتخذ المحاولة ثالثة صور‪:‬‬

‫أوال‪ :‬الجريمة الموقوفة‪:‬‬


‫وهي الجريمة التي يشرع الجاني في ارتكابها وتنفيذها غير أنه يتوقف‬
‫عـن اإلستمرار في هذا التنفيذ بسبب عوامل خارجة عن إرادته ‪،‬كأن‬
‫يشرع الفاعل في تكسير باب المحل التجاري ثم يباغته الحارس فيتوقف‬
‫عن فعله اإلجرامي‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الجريمة الخائبة ‪:‬‬


‫وهي الجريمة التي أشار إليها الفصل ‪ ، 114‬وفي هذا الصنف من‬
‫الجرائم فإن الفاعل ال يصل إلى تحقيق مبتغاه من فعله المجرم ‪ ،‬حيث‬
‫يكلل هذا الفعل بالفشل والخيبة ألنه لم يحصل األثر المتوخى منه‪ ،‬كأن‬
‫يوجه الفاعل طلقات نارية نحو الضحية بهدف القتل العمد غير أن هذه‬
‫النتيجة لم تتحقق وبقيت الضحية على قيد الحياة‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬الجريمة المستحيلة‪:‬‬


‫هذه الصورة من المحاولة نص عليها الفصل ‪ 117‬على النحو التالي‪:‬‬
‫" يعاقب على المحاولة حتى في األحوال التي يكون الغرض فيها من‬
‫الجريمة غير ممكن بسبب ظروف واقعية يجهلها الفاعل"‪.‬‬
‫فالفاعل هنا يستوفي جميع شروط وأركان الجريمة لكن النتيجة تكون‬
‫مستحيلة التحقيق بسبب عوامل قانونية أو مادية‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬المساهمة والمشاركة‬


‫إن الجريمة قد يرتكبها شخص واحد وفي هذه الحالة نتكلم عن الفاعل‬
‫األصلي‪ ،‬أما إذا تم ارتكابها من طرف عدة أشخاص فإن األمر يستدعي‬
‫الحديث عن المشارك والمساهم‪.‬‬
‫أ ‪ -‬فالمساهم حدده المشرع المغربي وقام بتعريفه حسب الفصل ‪128‬‬
‫من القانون الجنائي بالقول التالي ‪:‬‬
‫"يعتبر مساهما في الجريمة كل من ارتكب شخصيا عمال من أعمال‬
‫التنفيذ المادي لها"‪.‬‬
‫ب ‪ -‬أما المشارك حسب الفصاللفصل‪ 129‬من القانون الجنائي‬
‫المغربي فتم تحديده على النحو التالي‪:‬‬
‫"يعتبر مشاركا في الجناية أو الجنحة من لم يساهم مباشرة في تنفيذها‬
‫ولكنه أتى أحد األفعال اآلتية‪:‬‬
‫‪ - 1‬أمر بارتكاب الفعل أو حرض على ارتكابه‪ ،‬وذلك بهبة أو وعد‬
‫أو تهديد أو إساءة استغالل سلطة أو والية أو تحايل أو تدليس إجرامي‪.‬‬
‫‪ - 2‬قدم أسلحة أو أدوات أو أية وسيلة أخرى استعملت في ارتكاب‬
‫الفعل‪ ،‬مع علمه بأنها ستستعمل لذلك‪.‬‬
‫‪ - 3‬ساعد أو أعان الفاعل أو الفاعلين للجريمة في األعمال التحضيرية‬
‫أو األعمال المسهلة الرتكابها‪ ،‬مع علمه بذلك‪.‬‬
‫‪ - 4‬تعود على تقديم مسكن أو ملجإ أو مكان لالجتماع‪ ،‬لواحد أو أكثر‬
‫من األشرار الذين يمارسون اللصوصية أو العنف ضد أمن الدولة أو األمن‬
‫العام أو ضد األشخاص أو األموال مع علمه بسلوكهم اإلجرامي‪.‬‬
‫أما المشاركة في المخالفات فال عقاب عليها مطلقا"‪.‬‬
‫والجدير بالذكر أن الجريمة قد يتم ارتكابها عبر أو بواسطة شخص‬
‫آخر غير مسؤول جنائيا كالمريض عقليا ‪ ،‬وفي هذا الصدد نص‬
‫الفصل‪ 131‬على أنه ‪:‬‬
‫"من حمل شخصا غير معاقب‪ ،‬بسبب ظروفه أو صفته الشخصية‪،‬‬
‫على ارتكاب جريمة‪ ،‬فإنه يعاقب بعقوبة الجريمة التي ارتكبها هذا‬
‫الشخص‪".‬‬
‫ثالثا ‪ :‬الــركــن الـمـعنـوي للجـريـمـة‬

‫إن الجريمة اليمكن أن تتحقق فقط بتوافر الركن القانوني والمادي ‪،‬‬
‫بل البد أن يتوفر الركن المعنوي الذي يسند معنويا الجريمة إلى شخص‬
‫الجاني المسؤول عن ارتكاب الفعل المادي المجرم‪.‬‬
‫ويمكن تعريف الركن المعنوي ذلك الخطأ العمدي الذي صدر عن‬
‫الجاني وتسبب في إحداث الضرر للغير ‪.‬‬
‫وعلى على هذا األساس فإن الركن المعنوي للجريمة يتمحور حول‬
‫القصد الجنائي والنية اإلجرامية حيث تتم عملية توجيه اإلرادة عمدا نحو‬
‫تحقيق نتيجة مجرمة كالقتل أو السرقة و اإلغتصاب‪....‬‬
‫والخطأ الذي يعتد به في الميدان الجنائي يأخذ شكلين أوصورتين ‪:‬‬

‫أ ‪ -‬الشكل األول ‪:‬‬


‫ويتجلى في الخطأ الجنائي العمدي أو ما يسمى بالقصد الجنائي في‬
‫الجرائم العمدية ‪.L’ intention criminelle‬‬
‫فهذا النوع من الخطأ يعبر عن النية اإلجرامية ويترجم السلوك‬
‫اإلجرامي لدى الجاني‪ .‬وفي هذا السياق أشار القانون الجنائي المغربي في‬
‫الفصل ‪ 133‬إلى أن‪:‬‬
‫" الجنايات والجنح ال يعاقب عليها إال إذا ارتكبت عمدا‪.‬‬
‫إال أن الجنح التي ترتكـب خطـأ يعـاقـب عليهـا بصــــفـة اســـــتثنـائيـة في‬
‫الحاالت الخاصة التي ينص عليها القانون‪.‬‬
‫أمـا المخـالفـات فيعـاقـب عليهـا حتى ولو ارتكبـت خطـأ‪ ،‬فيمـا عـدا الحـاالت‬
‫التي يستلزم فيها القانون صراحة قصد اإلضرار‪".‬‬

‫الثاني ‪:‬‬ ‫ب – الشـكل‬


‫ويأخذ صورة الخطأ الجنائي غير العمدي في الجرائم غير العمدية ‪.‬‬
‫والخطأ غير العمدي يتحقق عندما يصدر من الفاعل سلوكا اليلتزم‬
‫فيه ضرورة إتخاذ التدابير واإلجراءات التي تترجم التبصر أواإلنتباه‬
‫للمخاطر التي قد تنتج عن فعله كسياقة السيارة بتهور ‪ ،‬أو رمي‬
‫األشياء الخطيرة من مكان مرتفع دون انتباه للمارة‪.....‬‬
‫وإذا كان المشرع الجنائي يشترط لقيام الركن المعنوي في الجرائم‬
‫العمدية توافر القصد الجنائي أو النية اإلجرامية‪ ،‬فإنه في الجرائم غير‬
‫العمدية يشترط لقيام هذا الركن المعنوي توافر صدور سلوك خاطئ من‬
‫طرف الفاعل دون وجود نية القصد الجنائي ‪ ،‬أي دون أن تتوفر لدى الفاعل‬
‫نية إحداث الضرر للغير بشكل عمدي ومقصود ‪.‬‬
‫والجدير بالذكر فإن هنا عدة صور لألخطاء غير العمدية أشار إليها‬
‫المشرع المغربي على سبيل المثال ال الحصر والتي من بينها‪:‬‬

‫‪ * 1‬الرعونة ‪:‬‬
‫وهوفعل يترجم سلوكا غير ملتزم بالحيطة والحذر لتفادي النتائج‬
‫الضارة بالغير مثال رمي أشياء ثقيلة أو مواد حارقة من النافذة فتؤدي إلى‬
‫حدوث ضرر ألحد المارة‪.‬‬

‫‪ * 2‬عدم التبصر‪:‬‬
‫والمقصود به سوء تقدير الفعل المرتكب بسبب الجهل أو ضعف‬
‫الدراية والمهارة من طرف الفاعل مثال رمي أعقاب السجائر المشتعلة‬
‫بالقرب من المواد القابلة لإلنفجار أو اإلشتعال‪.‬‬
‫‪ * 3‬عدم االحتياط‪:‬‬
‫وفي هذه الحالة الفاعل يكون على دراية وعلم بالنتائج‬
‫الضارة التي قد تقع بسبب فعله ولكنه اليتخذاإلحتياطات الالزمة‬
‫لتفادي وقوعها مثال عدم وضع حواجز لمنع المارة من السير بالقرب‬
‫من المنزل الدي يراد تهديمه أو بناؤه ‪.‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك نجد مظاهر أخرى للخطأ العمدي كاإلهمال‪ ،‬وعدم‬
‫اإلنتباه‪ ،‬و عدم مراعاة النظم أو القوانين‪....‬‬
‫المحور الثاني‬
‫تــصــنــيــف الـجــريـمــة‬

‫تنقسم الجريمة إلى أنواع حددها المشرع ونص عليها ضمن فصول‬
‫ومواد القانون الجنائي وذلك تبعا ألركان الجريمة نفسها‪:‬‬
‫أوال‪ :‬تصنيف الجرائم من حيث الركن القانوني‬
‫للجريمة‪:‬‬
‫إن تصنيف الجرائم هنا يركز على العقوبات المحددة للجريمة‪ ،‬كما‬
‫يركز عل الطبيعة التي تتصف بها الجريمة نفسها‪.‬‬

‫* فمن حيث العقوبة التي تسري على الجريمة ‪:‬‬


‫نجد الفصل ‪ 111‬قد صنف الجرائم إلى ثالثة أصناف حيث ينص هذا‬
‫الفصل بأن‪:‬‬
‫" الجرائم إما جنايات أو جنح تأديبية أو جنح ضبطية أو مخالفات‪ ،‬على‬
‫التفصيل اآلتي‪:‬‬
‫الجريمة التي تدخل عقوبتها ضمن العقوبات المنصوص عليها في‬
‫الفصل ‪ 16‬تعد جناية‪.‬‬
‫الجريمة التي يعاقب عليها القانون بالحبس الذي يزيد حده األقصى عن‬
‫سنتين إلى ‪ 5‬سنوات تعد جنحة تأديبية‪.‬‬
‫ا لجريمة التي يعاقب عليها القانون بحبس حده األقصى سنتان أو أقل‬
‫أو بغرامة تزيد عن ألف ومائتي درهم تعد جنحة ضبطية‪.‬‬
‫الجريمة التي يعاقب عليها القانون بإحدى العقوبات المنصوص عليها‬
‫في الفصل ‪ 18‬تعد مخالفة"‪.‬‬
‫* أما من حيث طبيعة الجريمة فنجد الجرائم مصنفة إلى ثالثة أنواع‪:‬‬
‫أ‪ -‬الجرائم العسكرية‪.‬‬
‫ب ‪-‬الجرائم السياسية ‪.‬‬
‫ج ‪ -‬الجرائم العادية‪.‬‬

‫أ‪ :‬الجرائم العسكرية‬


‫وهي جرائم يقترفها فقط المنتمون إلى المؤسسة العسكرية على اختالف‬
‫رتبهم ‪ ،‬وأن المحكمة المختصة بالنظر في مثل هذه الجرائم هي المحكمة‬
‫العسكرية بالرباط وذلك بناء على القانون العسكري الصادر بتاريخ ‪10‬‬
‫نونبر ‪.1956‬‬
‫وتبعا لإلصالح الذي جاء به قانون رقم ‪108-13‬فإن المحكمة العسكرية‬
‫بالمغرب تختص بالنظر في‪:‬‬
‫* المخالفات و الجنح و الجنايات التي يرتكبها الجنود بمختلف‬
‫درجاتهم و رتبهم‪.‬‬
‫* المخالفات و الجنح و الجنايات المصحوبة بحمل السالح دون‬
‫رخصة أو استعماله من قبل المدنيين‪.‬‬
‫* المخالفات و الجنح و الجنايات التي يرتكبها مدنيون بمشاركة‬
‫مع عسكريين‪.‬‬
‫* االعتداء على األمن الداخلي والخارجي للدولة‪.‬‬
‫ب ‪ :‬الجرائم السياسية ‪:‬‬
‫اليوجد تعريف وارد ضمن فصل معين للجريمة السياسية‪ .‬وبالتالي‬
‫فهناك تعريفات تقدم بها الفقهاء من جملتها أن هذه الجريمة هي التي‬
‫يكون دافعها سياسيا وهدفها أيضا سياسيا‪.‬‬

‫ج‪ :‬الجرائم العادية‪:‬‬


‫وهي تلك الجرائم التي يقترفها أشخاص عاديون من المجتمع مثل‬
‫جريمة اإلغتصاب والنصب والتزوير والسرقة‪...‬‬

‫ثانيا ‪:‬تصنيف الجرائم من حيث الركن المادي‪:‬‬


‫باإلعتماد على الركن المادي للجريمة فإن هذه األخيرة يتم تصنيفها إلى‪:‬‬
‫‪ :1‬الجرائم اإليجابية والجرائم السلبية‪:‬‬
‫الجريمة اإليجابية هي التي يقوم فيها الفاعل بنشاط ايجابي يجرمه‬
‫القانون الجنائي ويعاقب عليه مثل السرقة والتزوير والرشوة‪...‬‬
‫أما الجريمة السلبية فإنها امتناع الفاعل عن القيام بفعل يوجبه‬
‫القانون مثال جريمة عدم تقديم المساعدة لشخص في حالة خطر أو عدم‬
‫التبليغ عن جريمة ‪...‬‬

‫‪ :2‬الجرائم الشكلية والجرائم المادية ‪:‬‬


‫الجرائم المادية هي تلك التي تعتبر النتيجة شرطا ضروريا وإزاميا‬
‫في تحقيقها ‪ ،‬وبالتالي فإن قيامها وتحقيقها رهين بتحقيق النتيجة الضارة ‪.‬‬
‫أما الجرائم الشكلية فإنها تلك الجرائم التي تتحقق حتى ولو لم تترتب‬
‫عنها النتيجة اإلجرامية كجريمة التسميم وسياقة السيارة بدون رخصة‬
‫السياقة‪..‬‬

‫‪ :3‬الجرائم البسيطة والجرائم اإلعتيادية‬


‫أوال‪ :‬الـجرائـم البـسيطة‬
‫فالجريمة البسيطة هي جريمة تتكون من فعل مادي واحد‪ ،‬والعقاب‬
‫عليها ال يشترط إعادة أو تكرار الفعل اإلجرامي من طرف الجاني‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الجـرائـم اإلعـتيادية‬


‫هي جريمة تشترط مساءلة الفاعل الدي يكرر ويعيد الفعل المجرم‬
‫أكثر من مرة وبشكل اعتيادي‪.‬‬
‫وهذا النوع من الجرائم يكون فيها الجاني قد تعود على إرتكابها لسبب‬
‫من األسباب الذاتية أو الموضوعية ‪ ،‬مثال ذلك جريمة اإلعتياد على‬
‫ممارسة التسول والتي ينص عليها الفصل ‪ 326‬من القانون الجنائي‪:‬‬
‫" يعاقب بالحبس من شهر واحد إلى ستة أشهر من كانت لديه وسائل‬
‫التعيش أو كان بوسعه الحصول عليها بالعمل أو بأية وسيلة مشروعة‪،‬‬
‫ولكنه تعود ممارسة التسول في أي مكان كان"‪.‬‬
‫وأيضا جريمة إفساد الشباب أو جرائم البغاء التي ينص عليها الفصل‬
‫‪ 497‬من ق‪.‬ج‪" :‬يعاقب بالحبس من سنتين إلى عشر سنوات وبغرامة من‬
‫عشرين ألف إلى مائتي ألف درهم كل من حرض القاصرين دون الثامنة‬
‫عشرة على الدعارة أو البغاء أو شجعهم عليها أو سهلها لهم"‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬تصنيف الجرائم من حيث الركن المعنوي‬
‫فبناء على الركن المعنوي للجريمة فإن الجرائم تصنف إلى ‪:‬‬

‫‪ :1‬جرائم عمدية وجرائم غير عمدية‬


‫أوال‪ :‬الجريمة العمدية‪:‬‬
‫إنها الجريمة التي يوجه فيها الجاني إرادته ونيته نحو تحقيق نتيجة ضارة‬
‫للغير‪ ،‬بحيث يتوفر الفاعل على قصد جنائي مسبق كما هو الشأن بالنسبة‬
‫لجرائم القتل مع سبق اإلصرار والترصد‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الجريمة غير العمدية‬
‫وهي جرائم تتحقق معها النتيجة الضارة دون وجود نية إحداثها أي‬
‫دون وجود القصد الجنائي لدى الفاعل كجريمة القتل الخطأ على سبيل‬
‫المثال ‪.‬‬
‫‪ : 2‬الجرائم الفورية والجرائم المستمرة‬
‫‪:1‬الجرائم الفورية‬
‫الجرائم الفورية هي تلك الجرائم التي يكون تنفيذها وقصدها الجنائي‬
‫محدود في الزمن‪ ،‬حيث أنها التتميزباإلمتداد في الزمن وال يتم تتكرارها‬
‫أو إعادة ارتكابها من طرف الجاني‪.‬‬

‫‪ :2‬الجرائم المستمرة‪:‬‬
‫والمقصودبها تلك الجرائم التي يتكون ركنها المادي من عمل أو امتناع‬
‫يمتد تنفيذه وقصده اإلجرامي خالل زمن واسع نسبيا‪ ،‬مثال اختطاف‬
‫شخص واعتقاله لمدة زمنية‪ ،‬اإلعتياد على تخصيص محل للدعارة ‪....‬‬
‫الـمحور الـثالـث‪:‬‬
‫أحكام التقادم بالنسبة للجريمة وأسباب سقوط‬
‫الدعوى العمومية‬
‫بناء على المادة الثالثة من قانون المسطرة الجنائية فإن الدعوى‬
‫العمومية تمارس ضد الفاعل األصلي للجريمة والمساهمين والمشاركين‬
‫في ارتكابها‪.‬‬
‫ويقيم الدعوى العمومية ويمارسها قضاة النيابة العامة ‪ ،‬كما يمكن‬
‫أن يقيمها الموظفون المكلفون بذلك قانوناً‪.‬و يمكن أن يقيمها الطرف‬
‫المتضرر طبقا للشروط المحددة في قانون المسطرة الجنائية‪.‬‬
‫ولقد حدد المشرع المغربي سنوات التقادم التي تسري على الدعوى‬
‫العمومية وتؤدي إلى سقوطها وذلك في المادة ‪ 5‬من المسطرة الجنائية ‪،‬‬
‫كما حدد على سبيل الحصر الئحة أسباب سقوط هذه الدعوى في الفصل‬
‫‪49‬من القانون الجنائي‬
‫‪ :1‬تقادم الدعوى العمومية‬
‫نصت المادة الخامسة من قانون المسطرة الجنائية على أنه تتقادم‬
‫الدعوى العمومية‪ ،‬ما لم تنص قوانين خاصة على خالف ذلك بمرور‪:‬‬
‫‪ -‬خمس عشرة سنة ميالدية كاملة تبتدئ من يوم إرتكاب الجناية؛‬
‫‪ -‬أربع سنوات ميالدية كاملة تبتدئ من يوم إرتكاب الجنحة؛‬
‫‪ -‬سنة ميالدية كاملة تبتدئ من يوم إرتكاب المخالفة‪.‬‬
‫غير أنه إذا كان الضحية قاصراً وتعرض إلعتداء جرمي إرتكبه في‬
‫حقه أحد أصوله أو من له عليه رعاية أو كفالة أوسلطة‪ ،‬فإن أمد التقادم يبدأ‬
‫في السريان من جديد لنفس المدة إبتداء من تاريخ بلوغ الضحية سن الرشد‬
‫المدني‪.‬‬
‫وال تتقادم الدعوى العمومية الناشئة عن الجرائم التي ينص على عدم‬
‫تقادمها القانون أو إتفاقية دولية صادقت عليها المملكة المغربية وتم نشرها‬
‫بالجريدة الرسمية‪.‬‬
‫فهذه الفقرة من المادة الخامسة تبين مدى حرس وتشبث المشرع‬
‫المغربي على متابعة الجناة وعدم تمتيعهم بفرصة اإلفالة من العقاب بسبب‬
‫التقادم‪.‬‬
‫وهذا يشكل حالة استثنائية للقاعدة التي تنص على وضع المدة الزمنية‬
‫لتقادم الدعوى العمومية في ما يخص الجناية والجنحة و المخالفة ‪.‬‬

‫‪ : 2‬أسباب سقوط الدعوى العمومية‬


‫لقد حددت النصوص الجنائية أسباب سقوط الدعوى العمومية على النحو‬
‫التالي‪ :‬بموت المتهم‪ ،‬وبالتقادم وبالعفو الشامل‪ ،‬وبإلغاء القانون الجنائي‪،‬‬
‫وبصدور حكم سابق ال تعقب فيه‪.‬‬
‫ويمكن عالوة على ذلك أن تسقط الدعوى العمومية بإبرام مصالحة إذا‬
‫كان القانون ينص على ذلك بوجه صريح‪ ،‬وكذا الشأن في حالة سحب‬
‫الشكاية إذا كانت شرطا الزما للمتابعة‪.‬‬

‫وفي نفس السياق أكد الفصل ‪ 49‬من القانون الجنائي على أسباب سقوط‬
‫الدعوى العمومية على النحو التالي‪:‬‬
‫" تنفذ على المحكوم عليه العقوبات الصادرة ضده بتمامها‪ ،‬إال إذا‬
‫طرأ سبب من أسباب االنقضاء أو اإلعفاء أو اإليقاف اآلتي بيانها‪:‬‬
‫‪ - 1‬موت المحكوم عليه‬
‫‪ - 2‬العفو الشامل‬
‫‪ - 3‬إلغاء القانون الجنائي المحكوم بمقتضاه‬
‫‪ - 4‬العفو‬
‫‪ - 5‬التقادم‬
‫‪ - 6‬إيقاف تنفيذ العقوبة‬
‫‪ - 7‬اإلفراج الشرطي‬
‫‪ - 8‬الصلح‪ ،‬إذا أجازه القانون بنص صريح"‬
‫وعلى ضوء هذه األسباب المؤدية إلى سقوط الدعوى العمومية فإن‬
‫المشرع المغربي عمل على توضيح مجموعة من األمور المرتبطة بتلك‬
‫األسباب وذلك على النحو التالي وتبعا لما ينص عليه القانون الجنائي في‬
‫الفصول اآلتية ‪:‬‬
‫فالفصل ‪ 50‬أقر بأن‪:‬‬
‫" موت المحكوم عليه ال يحول دون تنفيذ الجزاءات المالية على تركته‪".‬‬
‫في حين أكد الفصل‪ 51‬على أنه‪:‬‬
‫" ال يكون العفو الشامل إال بنص تشريعي صريح‪.‬‬
‫ويحدد هذا النص ما يترتب عن العفو من آثار دون المساس بحقوق‬
‫الغير‪".‬‬

‫أما الفصل ‪ 52‬فقد أشار إلى حالة إلغاء القانون الجنائي كسبب لسقوط‬
‫الدعوى العمومية حيث نص على أنه ‪:‬‬
‫" باستثناء الحالة المنصوص عليها في الفصل ‪ ،7‬بخصوص تطبيق‬
‫القوانين المؤقتة فإن إلغاء قانون جنائي يحول دون تنفيذ العقوبة المحكوم‬
‫بها بموجبه والتي لم يشرع بعد في تنفيذها‪ ،‬كما يجعل حدا للعقوبة‬
‫الجاري تنفيذها‪".‬‬
‫ونجد المشرع الجنائي في الفصل ‪ 53‬من ق‪.‬ج قد أسند لجاللة الملك حق‬
‫العفو بالقول بأن‬
‫"العفو حق من حقوق الملك‪ ،‬ويباشر وفق الترتيبات التي تضمنها‬
‫الظهير رقم ‪ 1.57.387‬الصادر في ‪ 16‬رجب ‪ 1377‬موافق ‪ 6‬فبراير‬
‫‪ 1958‬بخصوص العفو‪.‬‬
‫و إذا قدم طلب العفو عن محكوم عليه‪ ،‬معتقل من أجل جنحة أو مخالفة‪،‬‬
‫جاز لوزير العدل‪ ،‬بصفة استثنائية‪ ،‬أن يأمر باإلفراج عنه ريثما يبت في‬
‫الطلب‪".‬‬
‫و أخيرا فإن الفصل ‪ 54‬نص على آثار التقادم تبعا للشروط الواردة في‬
‫قانون المسطرة الجنائية موضحا على أنه‪:‬‬
‫" يترتب على تقادم العقوبة تخلص المحكوم عليه من مفعول الحكم‪،‬‬
‫وفق الشروط المبينة في الفصول ‪ 648‬إلى ‪ 653‬من المسطرة الجنائية‪".‬‬

You might also like