You are on page 1of 273

Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.

indd 272 11/17/19 8:57 PM


‫‪271‬‬ ‫ُ‬
‫أحاديث هذا الكتاب‬ ‫أهم ما تضمنته‬
‫ُملخص ِّ‬

‫توز ُن‬ ‫ُ‬ ‫توز ُن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫انق ِ‬‫كون بعدَ ِ‬
‫و َي ُ‬
‫األعــال‪ ،‬وتار ًة َ‬ ‫القيامــة‪ ،‬فتار ًة َ‬ ‫احلســاب يو َم‬ ‫ضاء‬
‫يوز ُن ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كل َ‬
‫ذلك‪.‬‬ ‫يوز ُن العام ُل ُ‬
‫نفس ُه‪ ،‬وقد َ‬ ‫األعامل‪ ،‬وتار ًة َ‬ ‫صحائف‬
‫ُ‬
‫َّاس َفو َقه عىل َقدْ ِر ِ ِ‬
‫إيامن ْم‪.‬‬ ‫رس ممدو ٌد عىل َمت ِْن َج َهن ََّم‪َ ،‬ي ُم ُّر الن ُ‬ ‫• •الص ُ ِ‬
‫اط ج ٌ‬ ‫ِّ‬
‫ي َخ ْل ِقــه‪ ،‬ف َي ْحكُم َب ْينَهم‬ ‫كــال عَدْ ِل اهللِ‪ :‬أنَّه َ‬
‫يض ُع كرســ َّيه ل َف ْص ِل القضاء َب ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫• • ِم ْن‬
‫بال َعدْ ِل‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫احلســاب َيو َم القيا َم ِة‬ ‫••‬
‫فمن‪ ‬زا َد ْت حسناتُه‬ ‫احلسنات‪ ،‬والســ ِّيئات‪َ ،‬‬ ‫بمقا َب َلة َ‬ ‫ُ‬
‫يكون ُ‬ ‫ُ‬
‫أكثر ِ‪ ‬م ْن حســناتِ ِه ‪-‬و َل ْو‬
‫َت ســ ِّيئاتُه َ‬ ‫ــدة‪ -‬فقدْ أف َل َح ونَجا‪ ،‬و َم ْن‪ ‬كان ْ‬ ‫بواح ٍ‬ ‫‪-‬ولو ِ‬
‫ِ‬
‫‪ ‬أصحاب‬ ‫كان ِ‪ ‬م ْن‬
‫ن‪ ‬اســتو ْت حســناتُه‪ ،‬وســ ِّيئاتُه‪َ ،‬‬
‫َ‬ ‫دخ َل َ‬
‫النار‪ ،‬و َم‬ ‫ــدة‪َ -‬‬ ‫واح ٍ‬‫بِ ِ‬
‫راف‪.‬‬‫األ ْع ِ‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 271‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪270‬‬

‫ِ‬ ‫مح ِ‬ ‫••‬


‫ــقف‬
‫وهو َس ُ‬ ‫المخلوقــات‪ ،‬وأع َظ ُمها‪ ،‬وأثق ُلهــا َو ْزنًا‪َ ،‬‬ ‫ــن َّأو ُل َ‬ ‫ُ‬
‫عــرش الر َ‬
‫العــالِ‪ ،‬واهللُ تعاىل ِ‬
‫قد‬ ‫َ‬ ‫ــب‪ ،‬يعني‪ :‬كال ُق َّبة عىل‬ ‫ِ‬
‫خلوقــات‪ُ ،‬م ٌ‬
‫يط هبا‪ ،‬وهو مق َّب ٌ‬ ‫الم‬
‫َ‬
‫بجالله‪ ،‬وكامله‪( :‬ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ)‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ليق َ‬
‫است ََوى عىل َع ْرشه‪ ،‬اســتوا ًء َي ُ‬
‫[طه‪.]٥ :‬‬

‫وكتب اهللُ هذا يف‬


‫َ‬ ‫مح ِة اهللِ تعاىل‪َّ :‬‬
‫أن رمحتَه َســ َب َق ْت‪ ،‬و َغل َب ْت‪َ ،‬غ َض َبه‪،‬‬ ‫• • ِم ْن َســ َع ِة ر َ‬
‫فوق ال َع ِ‬
‫رش‪.‬‬ ‫كتاب عندَ ه َ‬ ‫ٍ‬

‫بأسامئ ِه‪،‬‬
‫ِ‬ ‫وت ِ‬
‫جيده‬ ‫ناء ِ‬
‫عليه‪َ ،‬‬ ‫عاء‪ ،‬بتقدي ِم الحم ِد‪ ،‬وال َّث ِ‬‫• •التَّوســل إىل اهللِ تعاىل يف الدُّ ِ‬
‫َ ْ‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬
‫وتوحيده؛ ال َيكا ُد ُي َر ُّد م َع ُه الدُّ عا ُء‪.‬‬ ‫َّوس ُل إليه بعبود َّيتِه‪،‬‬ ‫ِِ‬
‫وصفاته‪ ،‬والت ُّ‬

‫الخف َّي ِة‪،‬‬ ‫الظاهرة‪ ،‬والباطن ِ‬


‫َــة‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األصوات‪،‬‬ ‫مجيع‬
‫ــم ُع َ‬ ‫صري‪َ ،‬ي ْس َ‬
‫ــميع َب ٌ‬
‫ٌ‬ ‫• •اهللُ تعاىل َس‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫واجلل َّيــة‪ ،‬باختالف ال ُّلغات‪ ،‬عىل تفنُّن احلاجات‪ ،‬فال َغيب عندَ ه َشــها َدةٌ‪ُّ ِّ ،‬‬
‫والس‬
‫قريب‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫عندَ ُه عالن َي ٌة‪ ،‬وال َبعيدُ ِعندَ ه‬
‫أن الغيب ال يع َلمــه َّإل اهللُ تعاىل‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وع ْل ُم‬ ‫• •م ْن أصول اإليامن‪ ،‬و َثوابــت ال َعقيدة‪ُ ْ َ َ ْ َّ :‬‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫وحدَ ه خزائنُه‪،‬‬ ‫الغيب م َن الع ْل ِم الذي استأ َث َر اهللُ تعاىل به لن ْفسه‪ ،‬وب َيده ‪ْ ‬‬
‫هو‪ ،‬وال ُي ْط ِل ُع عليها َّإل َمن شا َء ِم ْن ُر ُس ِله‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وال ُّط ُر ُق الموصل ُة إليه‪ ،‬ال َي ْملكُها َّإل َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ٌ‬
‫شــغول‬ ‫الســ ْبعِ‪َّ ،‬إل َ‬
‫وهو َم‬ ‫الســاوات َّ‬ ‫• •م ْن َع َظمة اهللِ تعاىل‪ :‬أنَّه ما م ْن َم ْوض ٍع يف َّ‬
‫لبعض ح ِّقــه‪ ،‬وانقيا ًدا ِ‬
‫ألمره‬ ‫ِ‬ ‫َعظيــا جلاللِه‪ ،‬وأدا ًء‬
‫ً‬ ‫دون ِّ ِ‬
‫لربم؛ ت‬ ‫باملالئك ِ‬
‫َــة‪َ ،‬يتع َّب َ‬ ‫ِ‬

‫‪.‬‬

‫شفع‪،‬‬ ‫للشــافِ ِع ْ‬
‫أن َي َ‬
‫ي‪ِ :‬‬
‫إذن اهللِ تعاىل َّ‬ ‫بش َط ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫• •ال ت َِص ُّح َّ‬
‫الشــفاع ُة عندَ اهلل تعاىل َّإل َ ْ‬
‫أن ُيش َف َع َّإل يف ِ‬
‫أهل‬ ‫رض ْ‬‫فيه‪ ،‬واهللُ تعاىل ال َي َ‬‫أن يش َفع ِ‬
‫المشفو ِع له ْ‬ ‫ورضا اهللِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫عن َ‬
‫ِ‬
‫َّوحيد‪.‬‬ ‫الت‬
‫الع ِ‬
‫باد‪،‬‬ ‫أعامل ِ‬
‫فيه ُ‬‫توزن ِ‬
‫تان‪َ ،‬‬ ‫سان‪ِ ،‬‬
‫وك َّف ِ‬ ‫سوس‪ ،‬ل ُه لِ ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ميزان األ ْع ِ‬
‫ُ‬ ‫••‬
‫حقيقي َم ٌ‬
‫ٌّ‬ ‫ميزان‬ ‫امل‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 270‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫‪269‬‬ ‫ُ‬
‫أحاديث هذا الكتاب‬ ‫أهم ما تضمنته‬
‫ُملخص ِّ‬

‫ِ‬
‫طي ملا‬‫مانع ملا أع َطى‪ ،‬وال ُم ْع َ‬ ‫واخلري ك ُّله بيد اهللِ‪ ،‬ال َ‬
‫ُ‬ ‫أمره‪،‬‬
‫واألمر ُ‬
‫ُ‬ ‫الخ ْل ُق َخ ْل ُق اهللِ‪،‬‬
‫•• َ‬
‫هادي َلِ ْن َأ ْض َّل اهللُ‪َ ،‬وال ُم ِض َّل‬
‫َ‬ ‫باس َط لِا َق َب َض‪َ ،‬وال‬
‫منَع‪ ،‬وال قابِ َض لِا بس َط‪ ،‬وال ِ‬
‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬
‫َلِ ْن َهدَ ى‪.‬‬

‫َ‬
‫يقومون‬ ‫عباده عظيم ٌة جليل ٌة‪ ،‬وحقو ُقه ِ‬
‫عليه ْم كثريةٌ‪ ،‬والعباد ال‬ ‫• •نِعم اهللِ تعاىل عىل ِ‬
‫َ ُ‬
‫أعاملم بن ِ‬
‫َجاتم‪ ،‬ف َل ْو‬ ‫بحق عبود َّيتِ ِه التي َيستح ُّقها ِ‬
‫عليه ْم‪ ،‬وال تَفي ُ ُ‬ ‫‪َ -‬م ْهام ف َعلوا‪ِّ -‬‬
‫ِ‬ ‫حتُه ‪َ ‬خ ٌري هلُم ِم ْن‬
‫أعاملم‪.‬‬ ‫ور ْ َ‬ ‫ربم؛ َل َع َّذ َبم وهو ُ‬
‫غري ظاملٍ هل ُ ْم‪َ ،‬‬ ‫َّ‬
‫عذ َبم ُّ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫األرزاق‪،‬‬ ‫ص بالنَّفقة‪ ،‬وال َعطاء‪ ،‬فهو ‪ُ ‬ي َق ِّس ُ‬
‫ــم‬ ‫• •خزائ ُن اهللِ ال تن َفدُ وال تن ُق ُ‬
‫األخرى‬‫َ‬ ‫عبــاد ِه بيمينِ ِه‪ ،‬وبال َي ِد‬
‫ِ‬ ‫وي ِز ُل العطايا‪ ،‬و َي ُم ُّن ب َف ْض ِله عىل َم ْن يشــا ُء ِم ْن‬
‫ُْ‬
‫وحكْم ًة‪ ،‬ال إل َه َّإل‬ ‫امليزان‪َ ،‬ي ِْف ُض به من يشــاء‪ ،‬وير َفع به من يشــاء‪ ،‬عَدْ ًل منه‪ِ ،‬‬ ‫ُ‬
‫ُ‬ ‫ُ َْ ُ َ ْ‬ ‫َ ْ‬
‫كيم‪.‬‬
‫الح ُ‬
‫العزيز َ‬
‫ُ‬ ‫هو‬
‫َ‬

‫ألســن َِة ُر ُس ِله‪ ،‬ويف كتابِ ِه‪،‬‬


‫عث يتَضمن تكذيب اهللِ تعاىل فيام أخرب ِبه عىل ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ ُ‬
‫• •إنكار الب ِ‬
‫ُ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ومجيع‬
‫ُ‬ ‫الغني‪،‬‬
‫ُّ‬ ‫الص َمدُ‬
‫ص؛ ألنَّه الس ِّيدُ َّ‬ ‫شــتم َل ُه‪ ،‬و َتنَ ُّق ٌ‬
‫ٌ‬ ‫ون ْســ َب ُة الولد إليه ‪E‬‬
‫املخلوقات مفت َِقر ٌة ِ‬
‫إليه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫ف بتفر ِد اهللِ تعاىل بالنِّع ِم ال َّظ ِ‬
‫اهرة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫وكامل إيامنِه‪ ،‬حتَّى‬
‫ُ‬ ‫• •ال َيتِ ُّم توحيدُ ال َع ْب ِد‪،‬‬
‫َ‬ ‫يعــر َ ُّ‬
‫واعتا ًفا‪ ،‬و َي ْع َ‬
‫رتف‬ ‫الخ ْل ِق‪ ،‬و ُيضي َفها إىل اهللِ تعاىل َق ْو ًل‪ِ ،‬‬
‫عليه وعىل مجي ِع َ‬ ‫والباطن َِة‪ِ ،‬‬

‫وح ْس ِن ِعبا َدتِه‪.‬‬ ‫ستعني بنِ َعم اهللِ تعاىل عىل ِذك ِْره‪ُ ،‬‬
‫وشك ِْره‪ُ ،‬‬ ‫َ‬ ‫بتفر ِده بدَ ْف ِع النِّ َقم‪ ،‬و َي‬
‫ُّ‬
‫هو الذي‬ ‫أدب معه ‪‬؛ َّ‬ ‫• •ســب الدَّ ه ِر ِ‬
‫فيه أذ َّي ٌة هللِ تعاىل‪ ،‬وسو ُء ٍ‬
‫ألن اهللَ تعاىل َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لوق م ْن َملوقات اهللِ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الزمان‪ ،‬وال ف ْع َل له‪َ ،‬ب ْل َ‬
‫هو َم ٌ‬ ‫ُ‬ ‫هو‬
‫األمور‪ ،‬والدَّ ْه ُر َ‬
‫َ‬ ‫ُيقدِّ ُر‬

‫خاض ٌع هللِ تعاىل‪ ،‬ول َع َظ َمتِه‪ ،‬شاهدٌ عىل َو ْحدان َّيته‪ ،‬وربوب َّيتِ ِه ‪،‬‬‫• •الكَو ُن ك ُّله ِ‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫وحرارتا‬ ‫فالشــمس بحج ِمها ِ‬
‫اهلائ ِل‪،‬‬ ‫يك له‪َّ ،‬‬ ‫وحدَ ه ال َش َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ َ ْ‬ ‫واســتحقاقه للعبا َدة ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ش َّ ٍ‬ ‫ِ‬
‫تســتأذ َن‬ ‫رشق‪ ،‬حتَّى‬‫الم ِ‬
‫كل ليلة‪ ،‬وال تط ُل ُع م َن َ‬ ‫حتت ال َع ْر ِ‬
‫ــجدُ َ‬‫الم ْح ِرقة‪ ،‬ت َْس ُ‬
‫ُ‬
‫جودها‪ ،‬فيأ َذ َن هلا‪.‬‬‫حال س ِ‬ ‫ربا‪ ،‬وهي يف ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 269‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪268‬‬

‫زال ح ًّيا‪َ ،‬ل ْ يســبِ ْق‬ ‫الكام ِ‬


‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لة‪َ ،‬ل ْ َيز ْل‪ ،‬وال َي ُ‬ ‫احلياة‬ ‫حل ُّي‪ :‬ذو‬ ‫• •اهللُ تعاىل ٌّ‬
‫حي ق ُّيــو ٌم‪ ،‬وا َ‬
‫واآلخر‪ ،E ،‬وال َقيوم‪ِ :‬‬ ‫ِ‬ ‫األو ُل‪،‬‬
‫القائ ُم‬ ‫ُّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫حياتَه َم ْو ٌت‪ ،‬وال َي ْل َح ُقها َم ْو ٌت‪َ ،‬‬
‫فهو َّ‬
‫ِ‬
‫بأمور‬ ‫أح ٍد‪ ،‬يقو ُم‬‫كل َ‬
‫ِ‬
‫إليــه ُّ‬ ‫تاج‬
‫غريه‪َ ،‬ي ُ‬
‫والقائــم عىل ِ ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫أح ٍد‪،‬‬
‫تاج إىل َ‬
‫ِ ِ‬
‫بذاتــه‪ ،‬ال َي ُ‬
‫كل ٍ‬ ‫فيهن‪ ،‬فهو ِ‬ ‫ِ‬
‫يشء‪.‬‬ ‫القائ ُم عىل ِّ‬ ‫واألرض‪ ،‬و َم ْن ِ َّ َ‬
‫ِ‬ ‫اموات‪،‬‬ ‫الس‬
‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فع رف َعه‪ ،‬و َمن‬ ‫فمن َعم َل ما َي ْســتَح ُّق َّ‬
‫الر َ‬ ‫••َْ‬
‫يك ُُم اهللُ تعاىل يف َخ ْلقه بميزان ال َعدْ ل‪َ ،‬‬
‫خفضه‪.‬‬‫اخلفض َ‬
‫َ‬ ‫َع ِم َل ما يست ِ‬
‫َح ُّق‬ ‫َْ‬
‫• •حرم اهللُ تعاىل ال ُّظ ْلم عىل ِ‬
‫نفسه؛ فاهللُ تعاىل مقدَّ ٌس و ُم َّنز ٌه ِ‬
‫عن ال ُّظل ِم‪ ،‬وال ُّظ ْل ُم ُم ٌال‬ ‫َ‬ ‫ّ َ‬
‫يف ح ِّقه ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ــرون إىل اهللِ ‪ ‬يف َج ْل ِ‬ ‫الخ ْل ِق ُمفت َِق‬
‫ب َمصالهم‪ ،‬و َد ْف ِع َم ِّ‬
‫ضارهم‪ ،‬يف‬ ‫َ‬ ‫•• ُ‬
‫مجيع َ‬
‫ألنفس ِهم شي ًئا ِم ْن َ‬
‫ذلك ك ِّله‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫نياهم‪ ،‬والعبا ُد ال َي ْم ِل َ‬
‫كون‬ ‫أمور دينهم‪ ،‬و ُد ُ‬
‫ِ ِ‬

‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬
‫فهو ‪ٌ ‬‬
‫آخذ بنَواصيها‪،‬‬ ‫وســ ْلطانه‪َ ،‬‬ ‫قه ِر اهللِ ُ‬
‫المخلوقات داخل ٌة َت َت ْ‬ ‫• • َج ُ‬
‫يع َ‬
‫كيف يشــا ُء‪ ،‬وحيك ُُم فيها بام ُيريدُ ‪( :‬ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ‬
‫ف فيها َ‬ ‫َرص ُ‬ ‫ِ‬
‫قاد ٌر عل ْيها‪ ،‬يت َّ‬
‫ﭸ ﭹ) [هود‪.]٥٦ :‬‬

‫الس ْب َع‪ ،‬وما‬ ‫ِ‬ ‫وم ْن ع َظ َمتِ ِه‪ّ :‬‬


‫• •اهللُ ‪ E‬عظيم‪ِ ،‬‬
‫واألرضني َّ‬
‫َ‬ ‫بع‪،‬‬
‫الس َ‬‫الســموات َّ‬ ‫أن َّ‬ ‫ٌ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫يد اهللِ‪َ ،‬‬
‫كخ ْر َد َلة يف يد أحدنا‪ ،‬و َي ْقبِ ُض اهللُ يو َم القيا َمة األَ ْر َض‪َ ،‬و َي ْطوي‬ ‫فيهــا‪ ،‬يف ِ‬
‫ِ‬
‫وات ب َيمينِ ِه‪.‬‬
‫السم ِ‬
‫َّ َ‬
‫كالمه ‪ :‬أنَّه تعاىل إذا تك َّلم باألم ِر‪ ،‬وس ِ‬
‫ــم َع ُ‬
‫أهل‬ ‫مة ِ‬ ‫مة اهلل‪ ،‬و َع َظ ِ‬
‫• • ِمن َع َظ ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫مثل ال َغ ْ ِ‬
‫ش‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫السموات كال َمه‪ُ ،‬أ ْرعدوا م َن اهل َ ْي َبة‪ ،‬حتَّى َيلح َقهم ُ‬ ‫َّ‬
‫ِِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫• •هللِ تعــاىل‬
‫تكب‪،‬‬ ‫صفات ال َع َظ َمة‪ ،‬والع َّزة‪ ،‬والك ْبياء‪ ،‬وم ْن أســائه ‪ُ :‬‬
‫الم ِّ ُ‬ ‫ُ‬
‫تكب‪،‬‬ ‫الخ ِ‬
‫لق‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫صفــات َ‬ ‫الك ِ‬
‫ربياء‪َ ،‬‬ ‫أي‪ :‬العظيــم ذو ِ‬
‫الم ِّ ُ‬
‫وقيل‪ُ :‬‬ ‫المتعايل عن‬
‫وقيل‪ُ :‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫السوء‪ ،‬والن ِ‬
‫َّقص‪ ،‬وال ُع ِ‬
‫يوب‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫تنز ُه‪ِ ،‬‬
‫عن ُّ‬ ‫والم ِّ‬
‫ُ‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 268‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫‪267‬‬

‫أهم ما تضمنته أحاديث هذا الكتاب‬


‫ِّ‬ ‫ملخص‬

‫اآلخر بِال ِن ٍ‬ ‫كل ٍ‬


‫يشء‪ ،‬فهو األو ُل بال بِداي ٍة‪ ،‬كام أنَّه ِ‬
‫اية‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ‬ ‫األو ُل َق ْب َل ِّ‬
‫هو َّ‬‫• •اهللُ تعاىل َ‬
‫باإليامن بمراتِبِ ِه‪ ،‬وأركانِ ِه األربع ِة‪ ،‬وهي‪ِ :‬‬
‫ِ‬
‫الع ْل ُم‪ ،‬والكتا َب ُة‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ََْ‬ ‫َ‬ ‫اإليامن بال َقدَ ِر ال َي ُّ‬
‫تم َّإل‬ ‫ُ‬ ‫••‬
‫ِ‬
‫باألشــياء َق ْب َل ك َْو ِنا‪ ،‬وكتا َب ُت ُه هلا َق ْب َل‬ ‫والخ ُ ِ‬
‫ب‪‬‬ ‫الر ِّ‬‫لق‪ :‬ع ْل ُم َّ‬ ‫والمشــي َئ ُة‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫ك َْو ِنا‪ ،‬ومشي َئتُه هلا‪َ ،‬‬
‫وخ ْل ُقه هلا‪.‬‬
‫كل ٍ‬
‫يشء‪. ،‬‬ ‫• •اهللُ خالِ ُق ِّ‬

‫امليثاق الذي َ‬
‫أخذه اهللُ تعاىل عىل‬ ‫ُ‬ ‫أخذها اهللُ تعاىل عىل َبني آ َد َم ثال َث ٌة‪:‬‬‫واثيق التي َ‬ ‫الم ُ‬ ‫•• َ‬
‫رة‪ ،‬وما جا َء ْت ِبه‬
‫الف ْط ِ‬
‫وميثاق ِ‬
‫ُ‬ ‫أبيه ْم آد َم ‪،S‬‬ ‫أخر َج ُهم ِم ْن َظ ْه ِر ِ‬
‫حني َ‬
‫َبني آ َد َم َ‬
‫الر ُس ُل‪ ،‬و ُأ ِنز َلت ِبه ال ُكتُب‪.‬‬
‫ُّ‬

‫بأمور ثال َث ٍة‪:‬‬


‫ٍ‬
‫ــو َس َل ُه‪َ :‬م ْن َخ َل َق َّ‬
‫الل؟ ف ُيدْ َفع هذا‬ ‫وو ْس َ‬ ‫َ‬
‫اإلنسان‪َ ،‬‬ ‫الش ُ‬
‫يطان‬ ‫• •إذا أتَى َّ‬
‫الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّعوذ ِم َن َّ‬ ‫ِ ِ‬
‫ــبب الدَّ اعي إىل‬ ‫الشــيطان « َق ْط ُع َّ‬ ‫باشةً»‪ ،‬والت ُّ‬ ‫باالنتهاء « َق ْط ُع َّ ِّ‬
‫الش ُم َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قيني‪ ،‬الذي َيد َف ُع‬ ‫الص ِ‬
‫حيح ال َي ِّ‬ ‫الش»‪ ،‬وباإليامن «ال ُّلجو ُء واالعتصا ُم باالعتقــاد َّ‬ ‫َّ ِّ‬
‫ض»‪.‬‬ ‫عار ٍ‬ ‫كل ُم ِ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫األسامء‪،‬‬ ‫ــه‪ ،‬وما أثبتَه له َرسو ُله ‪ِ ،َH‬م ْن مجي ِع‬ ‫لنفس ِ‬
‫• •نُثبِ ُت هللِ تعاىل ما أثبتَه ِ‬
‫الكتاب‪ ،‬والسن َِّة‪ ،‬عىل الوج ِه ِ‬
‫الالئ ِق‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الواردة يف‬ ‫ِ‬
‫وأحكامها‬ ‫والص ِ‬
‫فات‪ ،‬ومعانيها‪،‬‬
‫َ ْ‬ ‫ُّ‬ ‫ِّ‬
‫ٍ‬
‫َكييف‪،‬‬ ‫ثيل‪ ،‬وال ت‬ ‫ٍ‬
‫َشــبيه‪ ،‬وال َت ٍ‬ ‫ظاه ِرها‪ِ ،‬م ْن ِ‬
‫غري ت‬ ‫بكاملِ ِه‪ ،‬وجاللِ ِه‪ ،‬ونُجرهيا عىل ِ‬
‫ْ‬
‫طيل‪( :‬ﭡ ﭢ ﭣﭤ ﭥ ﭦ ﭧ) [الشورى‪.]١١ :‬‬ ‫وال َت ْع ٍ‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 267‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ 266

Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 266 11/17/19 8:57 PM


‫‪265‬‬ ‫احلديث األربعون‪« :‬حيرش الناس يوم القيامة ُعرا ًة غُرالً ُ ْب ًام‪»...‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قالوا‪ :‬ا ُمل ْفل ُس فينا َم ْن ال د ْر َه َم َل ُه‪َ ،‬وال َم َ‬
‫تاع‪.‬‬
‫فقال‪« :‬إِ َّن ا ُمل ْفلِــس ِمن ُأمتي يأيت يوم القيام ِة بِصال ٍَة‪ ،‬وصيــامٍ‪ ،‬وز ٍ‬
‫َكاة‪َ ،‬و َيأيت َقدْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ْ َّ َ َ ْ َ‬
‫ض َب هذا؛ َف ُي ْع َطى هذا‬ ‫ك َد َم هذا‪َ ،‬و َ َ‬ ‫مال هذا‪َ ،‬و َس َف َ‬ ‫ف هذا‪َ ،‬و َأك ََل َ‬ ‫َشــت ََم هذا‪َ ،‬و َق َذ َ‬
‫ت َح َســنا ُت ُه َق ْب َل َأ ْن ُي ْق َض ما َع َل ْي ِه؛ ُأ ِخ َذ ِم ْن‬ ‫ِم ْن َح َســناتِ ِه‪َ ،‬وهذا ِم ْن َح َسناتِ ِه‪َ ،‬فإِ ْن َفن َي ْ‬
‫ت َع َل ْي ِه‪ُ ،‬ث َّم ُط ِر َح يف الن ِ‬
‫َّار»(((‪.‬‬ ‫طاياه ْم‪َ ،‬ف ُط ِر َح ْ‬
‫َخ ُ‬

‫وقال اهللُ تعاىل‪( :‬ﮘ ﮙ ﮚﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ‬


‫ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ)‬
‫[األعراف‪.]٩-٨ :‬‬

‫الم ِل ُك‪ ،‬الذي ب َي ِده ُم ْل ُك‬


‫فهــو َ‬
‫َ‬ ‫ان»؛‬
‫ك‪ ،‬أَنا ال َّديَّ ُ‬ ‫ولذا قــال ‪« :‬أَنا ال َ‬
‫م ِل ُ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫بأعاملم‪،‬‬ ‫الحك َُم‪ ،‬الذي ُيازي عبا َده‬ ‫وهو الدَّ َّي ُ‬ ‫واألرض‪ ،‬و َم ْن ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ان‪َ ،‬‬ ‫فيه َّن‪َ ،‬‬ ‫اموات‪،‬‬ ‫الس‬
‫َّ‬
‫فرش(((‪.‬‬
‫شا ٌّ‬ ‫فخ ْ ٌي‪ْ ،‬‬
‫وإن َ ًّ‬ ‫خريا َ‬
‫إن ً‬‫ْ‬
‫ت يسمعه من بعدَ ‪ ،‬كَام يسمعه من َقرب»‪ِ :‬‬ ‫ٍ‬
‫فيه َد ٌ‬
‫ليل عىل‬ ‫َ ْ َ ُُ َ ْ ُ َ‬ ‫وقو ُل ُه‪ُ « :‬ث َّم ُينادهيِ ْم بِ َص ْو َ ْ َ ُ ُ َ ْ َ ُ‬
‫ض(((‪.‬‬‫أقر ُب إىل اهللِ تعاىل ِم ْن َب ْع ِ‬ ‫بعض ِ ِ ِ‬
‫أهل املوقف َ‬ ‫َّ‬
‫أن َ‬

‫((( رواه مسلم (‪.)2581‬‬


‫الدعاء للخطايب (ص‪ ،)105‬رشح كتاب التوحيد للغُ نيامن (‪.)314/2‬‬
‫((( شأن ُّ‬
‫((( رشح كتاب التوحيد (‪.)314/2‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 265‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪264‬‬

‫ســول اهللِ ‪،H‬‬ ‫ِ‬ ‫ــم َع ُه ِم ْن َر‬


‫ديث َعن رج ٍل س ِ‬
‫يقــول ‪َ « :I‬ب َل َغنــي َح ٌ ْ َ ُ َ‬ ‫ُ‬
‫س ُت إِ َل ْي ِه َش ْه ًرا‪َ ،‬حتَّى َق ِد ْم ُت َع َل ْي ِه َّ‬
‫الشا َم‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عريا‪ُ ،‬ث َّم َشدَ ْد ُت َع َل ْيه َر ْحيل‪َ ،‬ف ْ‬‫ت ْي ُت َب ً‬ ‫ْ‬
‫فاش َ َ‬
‫س»‪.‬‬‫َفإِذا َع ْبدُ اهللِ ْب ُن ُأ َن ْي ٍ‬

‫ٍ‬
‫بعض يف‬ ‫عضهــم ِم ْن‬
‫صــاص الخَ ْل ِق ب ِ‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫صــاص‪ ،‬ا ْقتِ‬
‫ِ‬ ‫ديــث عظيم يف ِ‬
‫الق‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫وهو َح‬
‫َ‬
‫ئات‪ ،‬قال تعاىل‪( :‬ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ‬ ‫نات‪ ،‬والسي ِ‬ ‫قوق‪ ،‬باحلس ِ‬
‫الح ِ‬
‫َّ ِّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ) [آل عمران‪ ،]٢٥ :‬وقال‪( :‬ﭑ‬
‫ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ ﭘ ﭙ ﭚﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ) [غافر‪.]١٧ :‬‬

‫عض؛ ف َع ْن َأيب ُه َر ْي َر َة ‪،I‬‬ ‫بعضها ال َب ِ‬ ‫واحليوانات‪ِ ،‬مــن ِ‬


‫ِ‬ ‫ِ‬
‫للبهائ ِم‪،‬‬ ‫َص‬
‫ْ‬ ‫حتَّى ُيقت َّ‬
‫لش ِاة‬
‫القيام ِة‪َ ،‬حتَّى ُيقا َد لِ َّ‬
‫َ‬ ‫قوق إِ َل َأ ْهلِها َي ْو َم‬ ‫سول اهللِ ‪ H‬قال‪َ « :‬لت َُؤ ُّد َّن ُ‬
‫احل َ‬ ‫َأ َّن َر َ‬
‫ناء(((»(((‪.‬‬ ‫الش ِاة ال َقر ِ‬
‫حاء((( ِم َن َّ‬
‫اجل ْل ِ‬
‫َ‬
‫ْ‬

‫حان‪َ ،‬فقال‪« :‬يا َأبا‬‫َي َتنْتَطِ ِ‬ ‫سول اهلل ‪َ H‬ر َأى شات ْ ِ‬ ‫و َع ْن َأيب َذ ٍّر ‪َ ،I‬أ َّن َر َ‬
‫حان؟»‪ ،‬قال‪ :‬ال‪ ،‬قال‪َ « :‬لكِ َّن اللَّ َيدْ ري‪َ ،‬و َس َي ْقيض َب ْين َُهام»(((‪.‬‬
‫فيم َتنْتَطِ ِ‬
‫َذ ٍّر‪َ ،‬ه ْل تَدْ ري َ‬

‫َت َل ُه َم ْظ َل َم ٌة‬
‫«م ْن كان ْ‬
‫ســول اهلل ‪َ :H‬‬ ‫ُ‬ ‫و َعــ ْن َأيب ُه َر ْي َر َة ‪ ،I‬قال‪ :‬قال َر‬
‫دينار‪َ ،‬وال ِد ْر َه ٌم‪،‬‬‫كون ٌ‬ ‫ش ٍء؛ َف ْل َيت ََح َّل ْل ُه ِمنْ ُه ال َي ْو َم‪َ ،‬ق ْب َل َأ ْن ال َي َ‬ ‫ِ ِ ِ ِ ِ َ‬
‫لخيــه‪ ،‬م ْن ع ْرضه‪ ،‬أ ْو َ ْ‬
‫َِ‬
‫ــنات‪ُ ،‬أ ِخ َذ ِم ْن‬ ‫ٌ‬ ‫ــل صالِ ٌح‪ُ ،‬أ ِخ َذ ِمنْ ُه بِ َقدْ ِر َم ْظ َل َمتِ ِه‪َ ،‬وإِ ْن َل ْ َتك ُْن َل ُه َح َس‬ ‫إِ ْن َ‬
‫كان َل ُه َع َم ٌ‬
‫صاحبِ ِه‪َ ،‬ف ُح ِم َل َع َل ْي ِه»(((‪.‬‬
‫ِ‬ ‫سي ِ‬
‫ئات‬ ‫َ ِّ‬

‫رون ما ا ُمل ْفلِ ُس؟»‪.‬‬ ‫سول اهللِ ‪ H‬قال‪َ :‬‬


‫«أتَدْ َ‬ ‫و َع ْن َأيب ُه َر ْي َر َة ‪َ ،I‬أ َّن َر َ‬

‫((( التي ال َ‬
‫قرن هلا‪.‬‬
‫((( التي هلا َقرن‪.‬‬
‫((( رواه مسلم (‪.)2582‬‬
‫وحسنه حمقّقو املسند‪.‬‬
‫ّ‬ ‫((( رواه اإلمام أمحد (‪،)21438‬‬
‫((( رواه البخاري (‪.)2449‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 264‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫‪263‬‬

‫الحديث األربعون‬

‫ُ‬
‫قول‪:‬‬ ‫َ‬
‫ســول اهللِ ‪ H‬يَ‬‫ت رَ‬
‫ِع ُ‬
‫ســم ْ‬ ‫ــن أُنَ ْي ٍ‬
‫ــس ‪ ،I‬قــال‪َ :‬‬ ‫ــن َع ْبــ ِد اهللِ بْ ِ‬
‫َع ْ‬
‫ال((( ب ُ ْه ًما»‪ ،‬قال‪ُ :‬ق ْلنا‪:‬‬ ‫راة ُ‬
‫غ ْر ً‬ ‫ع ً‬ ‫م القيا َم ِة‪- ،‬أ َ ْو قال‪ِ :‬‬
‫العبا ُد‪ُ ،-‬‬ ‫«ي ُ ْح َ‬
‫شر ُ النَّ ُ‬
‫اس ي َ ْو َ‬
‫ع َد‬‫ن بَ ُ‬
‫ع ُه َم ْ‬ ‫م ُ‬
‫س َ‬ ‫ت يَ ْ‬ ‫ص ْو ٍ‬
‫م ِب َ‬
‫ناديه ْ‬
‫ِ‬ ‫م يُ‬ ‫ي ٌء‪ ،‬ث ُ َّ‬
‫ش ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬
‫ع ُ‬
‫س َم َ‬ ‫َوما بُ ْه ًما؟ قال‪« :‬ل َ ْي َ‬
‫ل النَّارِ‬ ‫ن أ َ ْه ِ‬
‫ح ٍد ِم ْ‬‫ان‪َ ،‬وال ي َ ْنبَغي ِلأ َ َ‬
‫ك‪ ،‬أَنا ال َّديَّ ُ‬ ‫ب‪ :‬أَنا ال َ‬
‫م ِل ُ‬ ‫ن َقر ُ َ‬‫ع ُه َم ْ‬
‫م ُ‬
‫س َ‬
‫كما ي َ ْ‬‫َ‬

‫حتَّى أ َ ُق َّ‬
‫ص ُه ِم ْنهُ‪.‬‬ ‫ح ٌّ‬
‫ق‪َ ،‬‬ ‫جنَّ ِة َ‬ ‫ن أ َ ْه ِ‬
‫ل ال َ‬ ‫ل النَّارَ‪َ ،‬ول َ ُه ِع ْن َد أ َ َ‬
‫ح ٍد ِم ْ‬ ‫خ َ‬ ‫أَ ْ‬
‫ن ي َ ْد ُ‬

‫ن أ َ ْه ِ‬
‫ل النَّارِ‬ ‫ــد ِم ْ‬
‫ح ٍ‬‫ة‪َ ،‬وأل َ َ‬
‫جنَّ َ‬ ‫خ َ‬
‫ل ال َ‬ ‫جنَّ ِة أ َ ْ‬
‫ن ي َ ْد ُ‬ ‫ن أ َ ْه ِــل ال َ‬
‫ح ٍد ِم ْ‬ ‫َوال ي َ ْنبَغي أل َ َ‬
‫م ُة»‪.‬‬ ‫ط َ‬ ‫حتَّى اللَّ ْ‬ ‫ص ُه ِم ْنهُ‪َ ،‬‬ ‫حتَّى أ َ ُق َّ‬ ‫ح ٌّ‬
‫ق‪َ ،‬‬ ‫ِع ْن َد ُه َ‬

‫ــنات‬
‫ِ‬ ‫س‬ ‫راة ُغ ْر ًال بُ ْه ًما؟ قال‪ِ « :‬بال َ‬
‫ح َ‬ ‫ف‪َ ،‬وإِنَّا إِنَّما نَأْتي َ‬
‫اهلل ‪ُ D‬ع ً‬ ‫قــال‪ُ :‬ق ْلنا‪َ :‬ك ْي َ‬
‫ئات»(((‪.‬‬
‫والسيِّ ِ‬
‫َّ‬

‫الح ُ‬
‫ديث‬ ‫وهو َ‬ ‫س ‪َ ،L‬‬ ‫عبد اهللِ ِم ْن َع ْب ِد اهللِ ْب ِن ُأ َن ْي ٍ‬
‫ديث س ِمعه جابِر بن ِ‬
‫ُ ُ‬ ‫الح ُ َ َ‬ ‫هذا َ‬
‫ِ‬ ‫سامع ِه‪،‬‬
‫حل جابر لِ ِ‬
‫الشا ِم يف َش ْه ٍر كام ٍل؛ ل َي ْس َ‬
‫مع هذا‬ ‫وسار إىل َّ‬ ‫َ‬ ‫عريا‪،‬‬
‫واشتى َب ً‬
‫ََ‬ ‫ٌ‬ ‫الذي َر َ‬
‫ِ‬
‫الواحدَ ‪.‬‬ ‫َ‬
‫احلديث‬

‫((( غري خمتونني‪.‬‬


‫((( رواه اإلمام أمحد (‪ ،)16042‬واحلاكم (‪ ،)3638‬والبخاري يف األدب املفرد (‪ ،)970‬والطرباين يف‬
‫الكبري (‪ ،)331‬وصححه احلاكم‪ ،‬ووافقه الذهبي‪ ،‬وكذا صححه اهليتمي يف الزواجر (‪،)403/2‬‬
‫واملنذري يف الرتغيب والرتهيب (‪.)218/4‬‬
‫ُّ‬ ‫وحسنه اهليثمي يف املجمع (‪،)351/10‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 263‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪262‬‬

‫وأمرها إذا‬ ‫ُ‬ ‫واحل ِ‬ ‫َفهدَّ دته بام ســي ِجري له يوم الج ِ‬
‫زاء‪ِ ،‬‬
‫أمره ُ‬‫يكون ُ‬ ‫وكيف َس‬
‫َ‬ ‫ساب‪،‬‬ ‫َْ َ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬
‫«صدَ َق ْت‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫النبي ‪ H‬كَال َمها‪ ،‬وصدَّ قه بقوله‪َ :‬‬ ‫المظلو ِم‪ ،‬وأ َق َّر ُّ‬
‫ُص لل َّظالِ م َن َ‬
‫اقت َّ‬
‫َصدَ َق ْت»‪.‬‬
‫ِ‬
‫رين»‪:‬‬ ‫ج َع األَ َّو َ‬
‫لني‪ ،‬واآلخ َ‬ ‫ف َت ْع َل ُم يا ُغدَ ُر إِذا َو َض َع اهللُ الك ُْر َّ‬
‫يس‪َ ،‬و َ َ‬ ‫«س ْو َ‬ ‫ُ‬
‫وقولا‪َ :‬‬
‫ُــريس‪ ،‬و َي ِنز ُل ِم َن ال َع ْر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫القضــاء ب َ ِ‬ ‫يعني‪ :‬ل َف ْص ِل‬
‫ش إىل‬ ‫َّ‬ ‫ب اهللُ الك‬‫ي َخ ْلقه‪ ،‬ف َينْص ُ‬‫َْ‬
‫َواكب‪ ،‬وكور ِ‬ ‫ت الك ِ‬ ‫واألرض‪ ،‬ونُثِر ِ‬ ‫ِ‬
‫ت‬ ‫ِّ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ــاوات‪،‬‬ ‫يس‪ ،‬وقد َط َوى ‪َّ ‬‬
‫الس‬ ‫الك ُْر ِّ‬
‫بالخ ِ‬
‫الئ ِق‪.‬‬ ‫المالئك ُة َ‬ ‫ِ‬
‫والقم ُر‪ ،‬وأحا َطت َ‬
‫َ‬ ‫مس‪،‬‬ ‫الش ُ‬‫َّ‬
‫كان النَّاس يف ال ُّظ ْل ِ‬
‫مة‪،‬‬ ‫أن َ‬‫ربا‪ ،‬ب ْعــدَ ْ‬ ‫األرض ِ‬ ‫أش َق ِ‬
‫ُ‬ ‫بنور ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ت‬ ‫فإذا جــا َء ‪َ ْ ‬‬
‫وح َّق هلا ذلِ َك‪ ،‬كام قال‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ‬ ‫ُ‬
‫ﭜ ﭝ ﭞﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ‬
‫ﭭ ﭮ((( ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ‬
‫ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ) [الزمر‪.(((]٧٠-٦٨ :‬‬
‫‪.‬‬

‫وقــال تعاىل‪( :‬ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ‬


‫ليق بجاللِه‪ ،‬وكاملِه‪.‬‬
‫ﯸﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ) [البقرة‪ ،]٢١٠ :‬فيأيت ‪َ ‬مي ًئا َي ُ‬

‫وقال ‪( :‬ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ‬
‫ﯯ ﯰ ﯱﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ) [الفجر‪.]٢٣-٢١ :‬‬

‫وكامل عَدْ لِ ِه‪.‬‬


‫ِ‬ ‫وس ْلطانِه‪،‬‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫دل عىل َع َظ َمة اهللِ‪ ،‬وعظي ِم ُقدْ َرته‪ُ ،‬‬
‫ديث َي ُّ‬
‫الح ُ‬
‫وهذا َ‬

‫((( كتاب األعامل‪.‬‬


‫((( الفتوى احلموية الكربى (ص‪ ،)372‬خمترص الصواعق املرسلة (ص‪ ،)423‬معارج القبول (‪،)303/1‬‬
‫تفسري السعدي (ص‪ ،)94‬العقيدة يف اهلل لألشقر (ص‪.)195‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 262‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫‪261‬‬

‫الحديث التاسع والثالثون‬

‫ســول ال َّلــ ِه ‪ُ H‬مها ِجرَ ُة ال َب ْحرِ‪ ،‬قال‪:‬‬


‫ِ‬ ‫ت إِلَى ر َ‬
‫ــن جابِرٍ ‪ I‬قال‪ :‬لَ َّما ر َ َج َع ْ‬
‫َع ْ‬
‫ــة؟»‪ ،‬قــال فِ ْت َي ٌة ِم ْن ُه ْ‬
‫ــم‪ :‬بَ َلى يا‬ ‫ش ِ‬‫حب َ َ‬ ‫م ِبأَرْ ِ‬
‫ض ال َ‬ ‫عاجيب ما رَأ ْيت ُ ْ‬
‫ِ‬ ‫ح ِّدثوني ِبأ َ‬
‫«أَال ت ُ َ‬
‫ــم‪ ،‬تَ ْحم ُ‬
‫ِل على‬ ‫ه ْ‬ ‫ت بِنــا َعجوزٌ ِم ْ‬
‫ن َعجائِــز ِ رَهابين ِ ِ‬ ‫لــوس‪َ ،‬م َّر ْ‬
‫ٌ‬ ‫ســول ال َّلــ ِه‪ ،‬بَ ْينــا نَ ْح ُ‬
‫ن ُج‬ ‫َ‬ ‫رَ‬
‫ــن َكت ِ َف ْيهــا‪ُ ،‬ث َّ‬
‫م‬ ‫ــل إ ِ ْحــ َدى يَ َديْ ِه بَ ْي َ‬ ‫ت ب ِ َف ًتى ِم ْن ُه ْ‬
‫ــم‪َ ،‬ف َج َع َ‬ ‫مــاء‪َ ،‬ف َمــ َّر ْ‬
‫ٍ‬ ‫ــن‬ ‫أســها ُق َّل ً‬
‫ــة ِم ْ‬ ‫رَ ِ‬
‫قالت‪:‬‬
‫ْ‬ ‫ت إِلَ ْي ِه‪َ ،‬ف‬
‫ت ال َت َف َت ْ‬
‫ت ُق َّل ُتها‪َ ،‬ف َل َّما ارْتَ َف َع ْ‬ ‫ت على ر ُ ْك َب َت ْيها‪ ،‬فانْ َك َ‬
‫سرَ ْ‬ ‫َد َف َعها‪َ ،‬ف َخ َّر ْ‬
‫رين‪َ ،‬وتَ َك َّل َم ِ‬
‫ت‬ ‫ليــن‪ ،‬واآل ِخ َ‬ ‫ســي‪َ ،‬و َج َمعَ األ َ َّو َ‬
‫َّ‬ ‫ضعَ ُ‬
‫اهلل ُ‬
‫الك ْر‬ ‫م يا ُغ َدر ُ((( إِذا َو َ‬ ‫ف تَ ْع َل ُ‬
‫ــو َ‬
‫س ْ‬ ‫َ‬
‫ك ِع ْن َد ُه َغ ًدا‪.‬‬‫ف أ َ ْمري َوأ َ ْم ُر َ‬
‫م َك ْي َ‬
‫ف تَ ْع َل ُ‬
‫س ْو َ‬
‫بون‪َ ،‬ف َ‬
‫س َ‬ ‫ل‪ ،‬بِما كانوا يَ ْك ِ‬ ‫األيْدي‪ ،‬واألَر ْ ُج ُ‬

‫س((( اهللُ أ ُ َّم ًة‪ ،‬ال‬ ‫ف يُ َ‬


‫ق ِّد ُ‬ ‫ك ْي َ‬
‫ت! َ‬
‫ص َد َق ْ‬ ‫سول ال َّل ِه ‪َ :H‬‬
‫«ص َد َق ْ‬
‫ت َ‬ ‫ُ‬ ‫فقال ر َ‬
‫م؟»(((‪.‬‬ ‫ن َ‬
‫شدي ِد ِه ْ‬ ‫م ِم ْ‬
‫عيف ِه ْ‬
‫ض ِ‬ ‫ي ُ ْؤ َ‬
‫خ ُذ ِل َ‬

‫شة‪َ ،‬ق ُّصوا عىل ر ِ‬


‫سول اهللِ‬ ‫حر‪ ،‬وهم الذين هاجروا إىل الحب ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ َ‬ ‫رج َعت ُمهاج َر ُة ال َب ِ ُ ُ‬ ‫َّملا َ‬
‫هذ ِه ال َع ِ‬
‫جوز‪ ،‬وهذا ال َفتَى الذي د َف َعها عىل‬ ‫ي ِ‬‫احلكاي َة التــي َج َرت َب ْ َ‬ ‫هذ ِه ِ‬
‫‪ِ H‬‬
‫َس ُق َّلتَها‪.‬‬ ‫ِ‬
‫األرض‪ ،‬وك َ َ‬

‫((( أي‪ :‬يا غادر‪.‬‬


‫الدنس واآلثام‪.‬‬
‫يطهرهم من َّ‬
‫((( ِّ‬
‫وحسنه البوصريي واأللباين‪.‬‬
‫َّ‬ ‫حبان‪،‬‬
‫وصححه ابن َّ‬
‫َّ‬ ‫((( رواه ابن ماجه (‪،)4011‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 261‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 260 11/17/19 8:57 PM
‫‪259‬‬ ‫احلديث الثامن والثالثون‪ :‬كان رسول اهلل ‪ H‬إذا رفع رأسه من الركوع قال‪... :‬‬

‫فيه عىل َمشي َئ ِة‬


‫أحال األمر ِ‬
‫َْ‬ ‫ثم َ‬ ‫ِ‬
‫واألرض‪َّ ،‬‬
‫ِ‬
‫اموات‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فإنَّه ‪َ H‬حدَ اهللَ م ْل َء َّ‬
‫الس‬
‫الح ْم ِد‬ ‫ِ‬ ‫ــد منْتَهى‪ِ َ ،‬‬
‫ول ْ ينْته أحدٌ مــ ْن َخ ْل ِق اهللِ يف َ‬
‫ِ‬
‫الح ْم ُ‬ ‫ذلك َ‬‫وليس ورا َء َ‬‫اهللِ تعــاىل‪َ ،‬‬
‫أحْدَ‬ ‫«أحد»؛ ألنَّه َ‬
‫كان َ‬ ‫ــمى ْ َ‬‫أن ُي َس َّ‬ ‫الرت َب ِة اســت َّ‬
‫َحق ْ‬ ‫ِ ِ‬
‫َم ْب َل َغه‪ ،‬و ُمنتها ُه ‪ ،َH‬وهبذه ُّ‬
‫ِم ْن ِسوا ُه(((‪.‬‬

‫((( رشح أيب داود للعيني (‪ ،)364/3‬ونُخب األفكار له (‪.)294/4‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 259‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪258‬‬

‫النبي ‪َّ ،H‬‬


‫أن هذا‬ ‫أخب ُّ‬ ‫ظاه ٌر عــى فضي َل ِة هذا ِّ‬
‫الذك ِْر؛ ف َقدْ َ َ‬
‫ليل ِ‬
‫ويف هذا َد ٌ‬
‫أحق ما قاله ال َع ْبدُ ‪.‬‬
‫ُّ‬
‫ِ‬
‫واإلذعان َل ُه‪،‬‬ ‫َّفويــض إىل اهللِ تعاىل‪،‬‬
‫ِ‬ ‫فيه ِم َن الت‬
‫أحق مــا قاله العبدُ ؛ لِا ِ‬
‫َ‬ ‫كان َّ‬ ‫وإنَّام َ‬
‫قو َة َّإل بِ ِه‪.‬‬ ‫واالعرتاف َبو ْحدان َّيتِه‪ ،‬والت‬
‫َّرصيح بأنَّه ال َح ْو َل وال َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬

‫ال ِة‪ ،‬كام قال‪:‬‬‫ِ‬


‫الص َ‬
‫ِ‬
‫األعامل َّ‬ ‫ِ‬
‫واإلقبال عىل‬ ‫الز ْه ِد يف الدُّ نيا‪،‬‬
‫الح ِّث عىل ُّ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫ولا فيه م َن َ‬
‫والو َل ِد‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بالمال‪َ ،‬‬ ‫الح ِّ‬
‫ــظ يف الدُّ نيا‬ ‫ك ال َج ُّد» أي‪ :‬ال ينْ َفع ذا َ‬ ‫جــ ِّد ِم ْن َ‬
‫ع ذا ال َ‬‫ف ُ‬ ‫« َوال ي َ ْن َ‬
‫منــك‪ ،‬وإنَّام ين َفعه وي ِ‬ ‫نــك ح ُّظه؛ أي‪ :‬ال ي ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫نجيه‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫نجيه ح ُّظه‬ ‫ُ‬ ‫والســ ْلطان‪ ،‬م َ َ ُ‬ ‫وال َع َظمة‪ُّ ،‬‬
‫الح‪ ،‬كام قــال‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕﭖ ﭗ‬ ‫الص ُ‬ ‫ــل َّ‬ ‫والعم ُ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫اإليامن‪،‬‬
‫ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ((() [الكهف‪.(((]٤٦ :‬‬
‫ٍ‬ ‫َ‬
‫أح ُّق‬‫رب ُملبتَــدَ أ َمذوف‪ ،‬أي‪ :‬هذا الكَال ُم َ‬ ‫وقيــل‪ :‬قو ُل ُه‪« :‬أ َ َح ُّق ما قال ال َع ْب ُد» خ ٌ‬
‫ــماوات‪،‬‬ ‫الس‬
‫ء َّ‬ ‫ح ْمد‪ِ ،‬م ْ‬ ‫ــم رَبَّنا ل َ َ‬ ‫ِِ‬
‫ما قال ال َع ْبــدُ ‪ ،‬ف ُيعو ُد عىل قوله‪« :‬اللَّ ُ‬
‫ِ‬ ‫ل َ‬ ‫ك ال َ‬ ‫ه َّ‬
‫أحق ما قال العبدُ ‪.‬‬
‫وتجيدُ ك‪ ،‬هو ُّ‬ ‫عليك‪َ ،‬‬
‫َ‬ ‫ض‪ ،»...‬أي‪َ :‬تميدُ ك‪ ،‬وال َّثنا ُء‬ ‫واألَرْ ِ‬

‫أن َحْدَ اهللِ‪ ،‬والثنا َء‬


‫َبــن َّ‬
‫ابن تيم َّي َة ‪ ،V‬قال‪« :‬فت َّ‬‫ــيخ اإلســا ِم ِ‬
‫اختيار َش ِ‬
‫ُ‬ ‫وهو‬
‫َ‬
‫لك‪،‬‬ ‫«لك ال َح ْم ُد»؛ أي‪َ :‬‬‫َ‬ ‫أحق ما قاله العبــدُ ‪ ،‬ويف ِضمنِه توحيدُ ه له‪ ،‬إ ْذ قال‪:‬‬
‫عليه‪ُّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫ال ل َغ ْ ِي َك‪.‬‬

‫ت»‪ ،‬وهذا َيقتَيض‬


‫طي ِلما َمن َ ْع َ‬
‫َ‬ ‫ت‪َ ،‬وال ُم ْع‬
‫ط ْي َ‬ ‫آخ ِره‪« :‬ال ما ِن َ‬
‫ع ِلما أ َ ْع َ‬ ‫وقال يف ِ‬
‫تعان َّإل ِبه‪ ،‬وال ُيط َلب َّإل من ُه»(((‪.‬‬
‫والمنعِ‪ ،‬فال ُي ْس ُ‬ ‫ِ‬
‫انفرا َده بال َعطاء‪َ ،‬‬
‫االعت ِ‬
‫اف‬ ‫ِ‬ ‫ي ٍء ب َ ْع ُد»‪ :‬إشار ٌة إىل‬
‫ش ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ش ْئ َ‬
‫ت ِم ْ‬
‫ِ‬
‫َّحميد‪َ « :‬و ِم ْ‬‫وقو ُل ُه َع ِن الت‬
‫ء ما ِ‬‫ل َ‬
‫أعز ِم ْن ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بالعج ِز عن ِ‬
‫ب‪ ،‬و ُي َعدَّ ‪.‬‬
‫ي َس َ‬
‫أن ُ ْ‬ ‫فهو ُّ‬ ‫المجهود‪َ ،‬‬ ‫الح ْمد‪ ،‬ب ْعدَ استفرا ِغ َ‬‫حق َ‬‫أداء ِّ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ‬

‫((( ما يؤ ِّمله اإلنسان‪.‬‬


‫((( رشح النووي عىل مسلم (‪ ،)195/4‬مرقاة املفاتيح (‪.)712/2‬‬
‫((( جمموع الفتاوى (‪.)376 ،312/14 ،212/8( ،)265/6‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 258‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫‪257‬‬

‫الحديث الثامن والثالثون‬

‫ســول ال َّل ِه ‪ H‬إِذا ر َ َفعَ ر َ َ‬


‫أسهُ‬ ‫ُ‬ ‫كان ر َ‬
‫َ‬ ‫ري‪ ،I ،‬قال‪:‬‬
‫الخ ْد ِّ‬ ‫ن أَبي َ‬
‫ســعي ٍد ُ‬ ‫َع ْ‬
‫ن الرُّكو ِع قال‪:‬‬
‫ِم ْ‬

‫ي ٍء‬ ‫ن َ‬
‫ش ْ‬ ‫ت ِم ْ‬ ‫ش ْئ َ‬‫ء ما ِ‬ ‫ل َ‬‫ض‪َ ،‬و ِم ْ‬ ‫ــماوات‪ ،‬واألَرْ ِ‬
‫ِ‬ ‫الس‬
‫ء َّ‬ ‫ل َ‬‫ح ْمد‪ِ ،‬م ْ‬ ‫«رَبَّنا ل َ َ‬
‫ك ال َ‬
‫م ال ما ِن َ‬
‫ع‬ ‫ع ْب ٌد‪ ،‬اللَّ ُ‬
‫ه َّ‬ ‫كلُّنا ل َ َ‬
‫ك َ‬ ‫ع ْب ُد‪َ ،‬و ُ‬ ‫ح ُّ‬
‫ق ما قال ال َ‬ ‫م ْج ِد‪ ،‬أ َ َ‬ ‫ل الثَّ ِ‬
‫ناء‪ ،‬وال َ‬ ‫ب َ ْع ُد‪ ،‬أ َ ْه َ‬
‫ك ال َج ُّد»(((‪.‬‬
‫ج ِّد ِم ْن َ‬ ‫ت‪َ ،‬وال ي َ ْن َ‬
‫ف ُ‬
‫ع ذا ال َ‬ ‫طي ِلما َمن َ ْع َ‬
‫َ‬ ‫ت‪َ ،‬وال ُم ْع‬ ‫ِلما أ َ ْع َ‬
‫ط ْي َ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫كر ِم ْن‬


‫الركوعِ‪ ،‬وفيه ثنا ٌء عىل اهللِ تعاىل بام َ‬
‫هو أه ُل ُه‪ ،‬وأنَّه‬ ‫الرف ِع م َن ُّ‬ ‫ِ‬
‫أذكار َّ‬ ‫هــذا ِّ‬
‫الذ ُ‬
‫فالخ ْل ُق خل ُقه‪،‬‬ ‫ِ ِ‬
‫َــع؛ َ‬‫عطي ملا من َ‬‫َــع‪ ،‬وال مان َع لا أع َطى‪ ،‬وال ُم َ‬ ‫ويمن ُ‬
‫‪ُ ‬يعطي‪ْ ،‬‬
‫ــره‪( :‬ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ‬ ‫واألمر أ ْم ُ‬
‫ُ‬
‫ﯫﯬ ﯭ ﯮ ﯯ) [فاطر‪.]٢ :‬‬

‫وقو ُلــ ُه‪« :‬أ َ َح ُّق ما قال ال َع ْبــ ُد» يعني‪ُّ :‬‬
‫أحق ما قال العبدُ قو ُلــ ُه‪« :‬ال ما ِن َ‬
‫ع ِلما‬
‫منعت‪ »...‬إىل ِ‬
‫آخ ِره‪.‬‬ ‫َ‬ ‫طي ِلما‬
‫َ‬ ‫أعطيت‪ ،‬وال ُم ْع‬
‫َ‬

‫أن َ‬‫َّقدير‪ :‬ف َين َبغي لنا ْ‬ ‫ِ‬ ‫وقو ُل ُه‪:‬‬


‫نقول هذا؛‬ ‫«وكلُّنا لك عب ٌد» ُجل ٌة اعتاض َّيــ ٌة‪ ،‬والت ُ‬
‫ُ‬
‫ألنَّنا ك َّلنا َ‬
‫لك َع ْبدٌ ‪.‬‬

‫((( رواه مسلم (‪.)477‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 257‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 256 11/17/19 8:57 PM
‫‪255‬‬ ‫احلديث السابع والثالثون‪« :‬يوضع امليزان يوم القيامة‪»...‬‬

‫ف‪ ،‬دح ٌض م ِز َّلة(((‪ِ ،‬‬ ‫الشع ِر‪ ،‬وأحدُّ ِمن الســي ِ‬ ‫ِ‬
‫طاطيف‪،‬‬
‫ُ‬ ‫فيه َخ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ َّ ْ‬ ‫َ‬ ‫اط أ َد ُّق من َّ ْ‬
‫والص ُ‬‫ِّ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫َالليب‪ ،‬ال َت ْث ُبــت عليه َقدَ ٌم‪َّ ،‬إل َم ْن ث َّبت ُه اهللُ‪ ،‬و ُين َْصــب يف ُظ ْل َمة‪ ،‬ف ُيع َطى ُ‬
‫الناس‬ ‫ُ‬ ‫وك‬
‫ِ‬
‫أعاملم(((‪.‬‬ ‫أنوارا عىل َقدْ ِر ِ ِ‬
‫إيامنم‪ ،‬و َي ُم ُّرون فو َق ُه عىل َقدْ ِر‬ ‫ً‬
‫ِ‬ ‫كام قال ‪َ « :H‬ف َي ُم ُّر ا ُمل ْؤ ِم َ‬
‫كالب ِق‪َ ،‬و ِّ‬
‫كالريحِ ‪َ ،‬وكال َّط ْ ِي‪،‬‬ ‫ِ‬
‫نون َك َط ْرف ال َع ْي‪َ ،‬و َ ْ‬
‫ْدوس((( يف ِ‬ ‫والر ِ‬ ‫ِ‬ ‫َوك ََأ‬
‫نار‬ ‫دوش ُم ْر َس ٌ‬
‫ــل‪َ ،‬و َمك ٌ‬ ‫م ٌ‬ ‫كاب‪َ ،‬فناجٍ ُم َســ َّل ٌم‪َ ،‬و َ ْ‬ ‫اخل ْي ِل‪ِّ ،‬‬
‫جاويد َ‬
‫َج َهن ََّم»(((‪.‬‬
‫وأن يثبتَنا عىل الص ِ‬ ‫أن ُيث ِّق َل موازينَنا‪ْ ،‬‬ ‫فن َ‬
‫َسأ ُل اهللَ تعاىل ْ‬
‫اط‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫وأن ُيب ِّي َض وجوهنا‪ِّ ْ ،‬‬

‫((( املوضع الذي َت ِز ُّل فيه األقدام‪.‬‬


‫((( رشح الطحاوية (‪ ،)415/1‬أصول اإليامن يف ضوء الكتاب والسنة (ص‪.)327‬‬
‫((( أي‪ :‬مدفوع‪.‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)7439‬ومسلم (‪ ،)183‬واللفظ له‪.‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 255‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪254‬‬

‫ِ‬ ‫ت الس ِ‬‫طاش ِ‬


‫ِك َّف ٍة‪ ،‬والبِطا َق ُة يف ِك َّف ٍة‪َ ،‬ف َ‬
‫َّت‪َ ،‬و َث ُق َلت البِطا َق ُة؛ َفال َي ْث ُق ُل َم َع ْ‬
‫اس ِم اهلل‬ ‫ــجال ُ‬ ‫ِّ‬
‫ش ٌء(((‪.‬‬
‫َ ْ‬
‫ِ‬ ‫العم ِل»‪ :‬فقدْ َّ‬ ‫ِ‬
‫«صاح ِ‬ ‫وزن ِ‬
‫العام ِل ِ‬
‫النبي ‪:H‬‬ ‫قو ُل ِّ‬
‫دل عىل ذل َك ْ‬ ‫ب َ‬ ‫نفسه‬ ‫وأما ُ‬ ‫َّ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عوضة»‪َ ،‬وقال‪:‬‬ ‫القيامة‪ ،‬ال َي ِز ُن عنْدَ اللَِّ َج َ‬
‫ناح َب َ‬ ‫َ‬ ‫مني َي ْو َم‬
‫الس ُ‬
‫ظيم َّ‬ ‫«إِ َّن ُه َل َي ْأيت َّ‬
‫الر ُج ُل ال َع ُ‬
‫«ا ْق َرءوا‪( :‬ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ) [الكهف‪.(((»]١٠٥ :‬‬

‫أن ال َق ْو َم َض ِحكَوا‬ ‫السا َق ْ ِ‬


‫ي ‪َّ ،-‬‬ ‫دقيق َّ‬ ‫‪-‬وكان َ‬‫َ‬ ‫ٍ‬
‫بن َمسعود ‪I‬‬
‫ب ِ‬
‫عبد اهللِ ِ‬ ‫وجاء يف ِ‬
‫مناق ِ‬ ‫َ‬
‫ُ ٍ (((‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫امليزان م ْن أ ُحد» ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫سول اهللِ ‪« :H‬والذي َن ْفيس ب َيده؛ َُلام َأ ْث َق ُل يف‬ ‫من ُه‪َ ،‬فقال َر ُ‬

‫و َي ُ‬
‫قول اب ُن الق ِّي ِم ‪ V‬يف «نون َّيته»‪:‬‬
‫ِ‬
‫امليزان؟‬ ‫ض يف‬ ‫ِد ُ َت ُّط يو َم ال َع ْر ِ‬ ‫ـــال ِ‬
‫العبا‬ ‫أن َأ ْع َ‬ ‫ُــصــدِّ ُق َّ‬
‫أفــا ت َ‬
‫ـرآن ذو تِ ِ‬
‫بيان‬ ‫ــ َـرى ذاك يف الـ ُقـ ِ‬ ‫ــف ُأخـ‬ ‫ــذاك َت ْث ُق ُل تــار ًة َ ِ‬
‫وت ُّ‬ ‫ولِ َ‬
‫ــيــه نــاظِــرتـ ِ‬
‫ـان‬ ‫ــتــان إ َل ِ‬
‫ِ‬ ‫والــكِــ َّف‬ ‫ٌ ِ‬
‫ــســان كــ َّفــتــا ُه ت ُ‬
‫ُقيم ُه‬ ‫و َلـــه لِ‬
‫ُ‬
‫ِ‪4‬‬
‫سوس َح ًّقا ِعندَ ذي اإليامن‬ ‫ـم ْح ُ‬ ‫َ‬ ‫هو الـ‬‫ذاك أمـ ًـرا معنو ًّيا َب ْل َ‬ ‫ما َ‬

‫تن َجهنَّــم‪َ ،‬ي ِر ُده الن ُ‬


‫رس َمدو ٌد عىل َم ِ‬ ‫ِ‬ ‫الص ُ‬
‫َّاس‪ ،‬قال تعاىل‪( :‬ﮐ‬ ‫اط‪َ :‬فهو ج ٌ‬ ‫َّأما ِّ‬
‫ﮑ ﮒ ﮓﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ‬
‫ﮡ ﮢ) [مريم‪.]٧٢-٧١ :‬‬
‫ٍ‬
‫سعود ‪،L‬‬ ‫وورود الن َِّار هو‪ :‬ا ُملرور عىل الص ِ‬
‫اط؛ كام قال اب ُن ع َّب ٍ‬
‫اس‪ ،‬واب ُن َم‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ‬
‫و َغريمها(((‪.‬‬

‫((( رواه الرتمذي (‪ ،)2639‬وابن ماجه (‪ ،)4300‬وهو يف الصحيحة (‪.)135‬‬


‫((( رواه البخاري (‪ ،)4729‬ومسلم (‪.)2785‬‬
‫((( رواه اإلمام أمحد (‪ ،)3991‬وهو يف السلسلة الصحيحة (‪.)2750‬‬
‫((( النونية (ص‪.)351‬‬
‫((( تفسري الطربي (‪ ،)232/18‬تفسري القرطبي (‪.)136/11‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 254‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫‪253‬‬ ‫احلديث السابع والثالثون‪« :‬يوضع امليزان يوم القيامة‪»...‬‬

‫ُي ْؤ َخ ُذ َع ْبدٌ بِ ِس َوى ما َع ِمال‬ ‫ط َفال ُظ ْل َم َوال‬‫القس ِ‬


‫ِ‬
‫والوز ُْن بِ ْ‬
‫َ‬
‫ـر ٍ‬
‫ف َأ ْو َب ـ َق ـ ُه ُعــدْ وا ُنـ ُه‬ ‫وم ـ ْقـ ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ــح ميزا ُن ُه‬
‫راج ٌ‬ ‫َفـ َبـ ْ َ‬
‫ـن نــاجٍ‬

‫ديث‪َ « :‬ف َل ْو ُو ِز َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫الح ُ‬‫وال َي ْع َل ُم َقدْ َر هذا امليزان َّإل اهللُ ‪ ،‬كام َد َّل عليه هذا َ‬
‫ِ‬ ‫فـ«امليزان أوسع مما ما بي الس ِ‬ ‫اموات‪ ،‬واألَ ْر ُض‪َ ،‬ل َو ِســ َع ْ‬ ‫ِ‬
‫واألرض‪،‬‬ ‫امء‪،‬‬ ‫ُ ْ َ ُ َّ َ ْ َ َّ‬ ‫ت»‪،‬‬ ‫الس ُ‬ ‫فيه َّ‬
‫ِ‬ ‫امليزان فهو أكرب ِما يمأل ما بي الس ِ‬
‫واألرض»(((‪.‬‬ ‫امء‪،‬‬ ‫َ ْ َّ‬ ‫َ َ ُ َّ َ ْ‬ ‫فام َي ْم َل‬

‫امليــزان يو َم القيا َم ِة‪َ ،‬ثالث ُة‬


‫ِ‬ ‫يوز ُن يف‬ ‫الشع َّي ُة عىل َّ‬
‫أن الذي َ‬ ‫ُّصوص َّ‬
‫ُ‬
‫وقــد د َّل ِ‬
‫ت الن‬
‫ٍ‬
‫أشياء‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يوز ُن العام ُل ُ‬
‫نفس ُه(((‪.‬‬ ‫األعامل‪ ،‬وتار ًة َ‬ ‫ف‬
‫صحائ ُ‬ ‫توز ُن‬ ‫ُ‬
‫األعامل‪ ،‬وتار ًة َ‬ ‫توز ُن‬
‫فتار ًة َ‬
‫َ‬
‫ذلك؛ فيو َز ُن ِ‬
‫العام ُل‪ ،‬و َع َم ُله‪ ،‬وصحيف ُة َع َم ِله(((‪.‬‬ ‫كل َ‬‫يوز ُن ُّ‬
‫وقد َ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫امليزان‪،‬‬ ‫وشها‪َ ،‬ي ْو َم القيا َم ِة‪َ ،‬‬
‫وتوزن يف‬ ‫ِ ِ‬
‫َّأما وز ُْن ال َع َم ِل‪ :‬ف ُيؤتَى باألعامل َخ ْيها‪ِّ َ ،‬‬
‫أن َي ْق ِل َبها اهللُ تعاىل ُبقدرتِ ِه أجسا ًما(((‪.‬‬
‫بعدَ ْ‬
‫ســان‪َ ،‬ثقي َل ِ‬
‫تان يف‬ ‫ِ‬ ‫تان عىل ال ِّل‬ ‫وقــد َد َّل عىل هذا‪َ ،‬قو ُله ‪« :H‬كَلِ َم ِ‬
‫تان َخفي َف ِ‬
‫حان اللَِّ َوبِ َح ْم ِد ِه»(((‪.‬‬
‫لل ال َعظيمِ‪ُ ،‬س ْب َ‬ ‫ح ِن‪ُ :‬س ْب َ‬
‫حان ا َِّ‬ ‫الر ْ َ‬ ‫امليزان‪َ ،‬حبي َب ِ‬
‫تان إِ َل َّ‬ ‫ِ‬

‫الر ُج ِل الذي‬ ‫املش ِ‬ ‫حديث البِ ِ‬


‫طاقة ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫األعامل‪َّ :‬‬ ‫ف‬‫وأما وز ُْن صحائِ ِ‬
‫هور‪ ،‬يف َّ‬ ‫فدل عليه‬ ‫َّ‬
‫ثم َت ُْر ُج بِطا َق ٌة((( فيها‪:‬‬
‫ص‪َّ ،‬‬‫ــج ٍّل ِم ْث ُل َمدِّ ال َب َ ِ‬
‫عون ِس ِج ًّل‪ ،‬ك ُُّل ِس ِ‬ ‫نش ل ُه تِ ْســ َع ٌة وتِ ْس َ‬ ‫ُي َ ُ‬
‫الس ِجال ُ‬
‫َّت يف‬ ‫م َّمدً ا َع ْبدُ ُه َو َرسو ُل ُه»‪َ ...‬ف َ‬
‫توض ُع ِّ‬ ‫ــهدُ َأ ْن ال إِ َل َه إِ َّل اهللُ‪َ ،‬و َأ ْش َهدُ َأ َّن ُ َ‬
‫«أ ْش َ‬‫َ‬

‫((( جامع العلوم ِ‬


‫واحل َكم (‪.)18/2‬‬
‫((( تفسري ابن كثري (‪.)390/3‬‬
‫((( معارج القبول حلافظ احلكمي (‪ ،)849/2‬القيامة الكربى لألشقر (ص‪.)254‬‬
‫((( تفسري ابن كثري (‪ ،)389/3‬معارج القبول (‪.)845/2‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)6406‬ومسلم (‪.)2694‬‬
‫((( ُرقعة صغرية‪.‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 253‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪252‬‬

‫كامل عَدْ ِل اهللِ تعاىل‪ ،‬كام قال ‪( :‬ﭪ ﭫ ﭬ‬ ‫وها د ِ‬


‫ليالن عىل ِ‬ ‫ُ َ‬
‫ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻﭼ‬
‫ﭽ ﭾ ﭿ) [األنبياء‪.]٤٧ :‬‬

‫وقــال ‪( :D‬ﮘ ﮙ ﮚﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ‬
‫ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ)‬
‫[األعراف‪.]٩-٨ :‬‬
‫الع ِ‬
‫باد‪،‬‬ ‫أعامل ِ‬
‫فيه ُ‬‫توز ُن ِ‬
‫تان‪َ ،‬‬ ‫ســان((( ِ‬
‫وك َّف ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ميزان حقيقي َمســوس‪ ،‬له لِ‬ ‫ٌ‬ ‫وامليزان‪:‬‬
‫ُ‬
‫ٌ ُ‬ ‫ٌّ‬
‫ساب يو َم القيا َم ِة‪.‬‬
‫احل ِ‬ ‫ِ‬
‫انقضاء ِ‬ ‫ُ‬
‫ويكون َبعدَ‬
‫ألن الوز َن للج ِ‬
‫زاء‪ ،‬فين َبغي ْ‬ ‫ِ‬ ‫«فإذا ان َق َض ِ‬
‫أن‬ ‫َ‬ ‫األعامل؛ َّ َ ْ‬ ‫كان َبعدَ ه ُ‬
‫وزن‬ ‫ســاب؛ َ‬
‫ُ‬ ‫احل‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والو َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المحاســ َب َة‬ ‫يكون بعدَ المحاس ِ‬
‫ــبة؛ َّ‬
‫مقاديرها؛‬ ‫إلظهار‬ ‫زن‬ ‫األعامل‪َ ،‬‬ ‫لتقدير‬ ‫فإن ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ َ‬
‫بح َسبِها»(((‪.‬‬
‫الجزا ُء َ‬ ‫َ‬
‫ليكون َ‬
‫الع ِ‬
‫باد‪ ،‬أ ْم َّ‬
‫أن‬ ‫أعــال ِ‬
‫ُ‬ ‫توزن به‬ ‫ميــزان ِ‬
‫واحدٌ ‪َ ،‬‬ ‫ٌ‬ ‫هو‬ ‫أهل ِ‬
‫الع ْلم‪ْ :‬‬ ‫ف ُ‬ ‫و َق ِ‬
‫ــد اخ َت َل َ‬
‫هل َ‬
‫ٌ‬
‫ميزان؟‬ ‫لكل ٍ‬
‫عمل‬ ‫اخلاص‪ ،‬أو ِّ‬ ‫ص ميزانُه‬‫كل َش ْخ ٍ‬ ‫الموازين متعدِّ دةٌ‪ِ ،‬‬
‫فل ِّ‬
‫ُّ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫واحــدٌ ‪ِ ،‬‬
‫لك ْن ُجِ َعت‬ ‫ميزان ِ‬
‫ٌ‬ ‫ٍ‬
‫حجر‪ :‬أنَّه‬ ‫ُ‬
‫واحلافظ ابــ ُن‬ ‫احلافــظ اب ُن ٍ‬
‫كثري‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫َفر َّجح‬
‫(ﭫ) [األنبياء‪ ]٤٧ :‬يف قولِ ِه‪( :‬ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ) [األنبياء‪،]٤٧ :‬‬
‫زونة ِ‬
‫األعامل المو ِ‬ ‫بار تَعدُّ ِد‬
‫باعتِ ِ‬
‫فيه(((‪.‬‬ ‫ِ َْ‬
‫ِ‬ ‫الــذ َّرة ِم َن ال َع َم ِل‪َ ،‬‬
‫عاد ٌل‪ِ ،‬يزن ِمثقال َّ‬
‫دقيق ِ‬
‫ــنات‪،‬‬
‫ُ‬ ‫توز ُن فيه َ‬
‫الح َس‬ ‫ٌ‬
‫ميــزان ٌ‬ ‫وهو‬
‫َ‬
‫ٍ‬
‫ئات‪ ،‬ب َك ْيف َّية ال َي ْع َل ُمها َّإل اهللُ تعاىل‪ ،‬قال اهللُ ‪( :D‬ﮇ ﮈ ﮉ‬ ‫والســ ِّي ُ‬
‫ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ) [الزلزلة‪.]٨-٧ :‬‬

‫((( وهي احلديدة التي تكون يف وسط امليزان‪.‬‬


‫((( التذكرة للقرطبي (‪. )5/2‬‬
‫((( تفسري ابن كثري (‪ ،)345/5‬فتح الباري (‪.)538/13‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 252‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫‪251‬‬

‫الحديث السابع والثالثون‬

‫ن ال َّن ِّ‬
‫بي ‪ ،H‬قال‪:‬‬ ‫س ْل َ‬
‫مان ‪َ ،I‬ع ِ‬ ‫ن َ‬
‫َع ْ‬

‫ــماوات‪ ،‬واألَرْ ُ‬
‫ض‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫الس‬
‫فيه َّ‬
‫ن ِ‬ ‫م القيا َم ِة‪َ ،‬فل َ ْ‬
‫ــو ُوزِ َ‬ ‫ــو َ‬
‫الميزان ي َ ْ‬
‫ُ‬ ‫ع‬ ‫َ‬
‫«يوضــ ُ‬
‫ن‬ ‫قول اهللُ تَعالَى‪ِ :‬ل َ‬
‫م ْ‬ ‫ُ‬ ‫ن هذا؟ َفي َ‬
‫ن ي َ ِز ُ‬
‫م ْ‬ ‫ك ُة‪ :‬يا ر َ ِّ‬
‫ب ِل َ‬ ‫مال ِئ َ‬ ‫ُ‬
‫قول ال َ‬‫ت‪َ ،‬فت َ‬
‫ع ْ‬ ‫ل َ َو ِ‬
‫س َ‬
‫ق ِعبا َد ِت َ‬
‫ك‪.‬‬ ‫ح َّ‬ ‫عب َ ْد َ‬
‫ناك َ‬ ‫ك‪ ،‬ما َ‬ ‫ك ُة‪ُ :‬‬
‫س ْبحان َ َ‬ ‫مال ِئ َ‬ ‫ُ‬
‫قول ال َ‬‫خ ْلقي‪َ ،‬فت َ‬
‫ن َ‬ ‫ش ْئ ُ‬
‫ت ِم ْ‬ ‫ِ‬

‫ك ُة‪َ :‬م ْ‬
‫ن تُجيز ُ على‬ ‫مال ِئ َ‬ ‫ُ‬
‫قول ال َ‬‫الموســى‪َ ،‬فت َ‬
‫َ‬ ‫راط ِم ْثل َ‬
‫ح ّد‬ ‫الص ُ‬ ‫َ‬
‫يوض ُ‬
‫ع ِّ‬ ‫َو‬
‫ح َّ‬
‫ق‬ ‫عب َ ْد َ‬
‫ناك َ‬ ‫س ْبحان َ َ‬
‫ك‪ ،‬ما َ‬ ‫قولون‪ُ :‬‬
‫َ‬ ‫خ ْلقي‪َ ،‬في َ‬
‫ن َ‬ ‫شــ ْئ ُ‬
‫ت ِم ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ُ‬
‫قول‪َ :‬م ْ‬‫هذا؟ َفي َ‬
‫ك»(((‪.‬‬
‫ِعبا َد ِت َ‬

‫واإليامن بالص ِ‬
‫اط‪.‬‬ ‫ُ ِّ‬
‫ِ‬
‫بامليزان‪،‬‬ ‫ُ‬
‫اإليامن‬ ‫ِم ْن عقيدتِنا‪:‬‬

‫وصححه األلباين يف الصحيحة (‪ ،)941‬ورواه‬


‫َّ‬ ‫وصححه عىل رشط مسلم‪،‬‬‫ّ‬ ‫((( رواه احلاكم (‪،)8739‬‬
‫ورجح وق َفه‬
‫املروزي يف زوائد الزهد (‪ ،)1357‬واآلجري يف الرشيعة (‪ ،)894‬عن سلامن من قوله‪َّ ،‬‬
‫ابن رجب يف جامع العلوم واحلكم (‪ )18/2‬وقال‪« :‬املوقوف هو املشهور»‪.‬‬ ‫ُ‬
‫الس َأ َد ُّق ِم َن الشَّ ْعر ِة‪َ ،‬و َأ َح ُّد ِم َن السي ِ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬
‫ف»‪،‬‬ ‫َّ ْ‬ ‫َ‬ ‫وروى مسلم (‪ )183‬عن أيب َسعيد اخلدري قال‪َ « :‬ب َلغَ ني أ َّن ْ ِ ْ َ‬
‫وروى الطربي يف تفسريه (‪ ،)232/18‬واحلاكم يف مستدركه (‪ ،)3423‬والطرباين يف املعجم الكبري‬
‫(‪ ،)203/9‬واملروزي يف تعظيم قدر الصالة (‪ ،)278‬من طرق‪ ،‬عن ابن مسعود ‪ ،I‬قال‪« :‬الرصاط‬
‫حد السيف» وهو صحيح عن ابن مسعود‪.‬‬ ‫مثل ّ‬‫عىل جهنم ُ‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 251‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 250 11/17/19 8:57 PM
‫‪249‬‬ ‫احلديث السادس والثالثون‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬هل نرى ربنا يوم القيامة؟‪...‬‬

‫خاص ٌة‬
‫فهي َشفا َع ٌة َّ‬
‫ب؛ َ‬‫ذاب ع ْن أيب طالِ ٍ‬ ‫أما شفاع ُة النبي ‪ H‬يف َت ِ‬
‫فيف ال َع ِ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬
‫ِبه َو ْحدَ ه‪.‬‬
‫وهي ُمشــت ََهر ٌة يف كت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المح ِّق َ‬
‫ُب‬ ‫أحاديث َّ‬
‫الشــفاعة‪َ ،‬‬ ‫قون بتَواتُر‬ ‫األئم ُة ُ‬
‫ص َح َّ‬‫و َقدْ َ َّ‬
‫ِ‬
‫سانيد‪.‬‬ ‫والم‬ ‫الص ِ‬
‫حاح‪َ ،‬‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الشفاع ُة ِم ْن ُ‬
‫و َتنْ َق ِس ُم َّ‬
‫سم ْي‪:‬‬ ‫حيث ال َقبول‪َّ ،‬‬
‫والر ِّد‪ ،‬إىل ق َ‬
‫ِ‬ ‫ش َط ِي َّ‬ ‫ٍ‬
‫ذكور ْين‪.‬‬
‫الم َ‬‫الشفا َعة َ‬ ‫وهي ما َف َقدَ ْت َ‬
‫أحدَ َ ْ‬ ‫َم ْردو َدة‪َ :‬‬
‫الش ِ‬ ‫ٍ‬
‫فاعة (((‪.‬‬ ‫وهي ما َت َّقق فيها ْ‬
‫رشطا َّ‬ ‫ومقبو َلة‪َ :‬‬
‫َ‬

‫والس َّنة (ص‪.)234‬‬


‫((( أصول اإليامن يف ضوء الكتاب ُّ‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 249‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪248‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِِ ِ‬


‫أصحاب‬ ‫بعض‬ ‫أن َيشــ َفعوا عندَ ه يف‬
‫واملؤمنني‪ْ ،‬‬
‫َ‬ ‫ــلني‪،‬‬
‫رس َ‬ ‫َخ ْلقه‪ ،‬م َن املالئكَة‪ُ ،‬‬
‫والم َ‬
‫بالمشفو ِع ِ‬
‫فيه ْم‪.‬‬ ‫مح ًة َ‬ ‫الشافِ َ‬
‫عني عندَ ه‪ ،‬ور َ‬ ‫ِ‬
‫لكرامة َّ‬ ‫إظهارا‬
‫ً‬
‫أهل الت ِ‬
‫َّوحيد؛‬ ‫نوب ِم ْن ِ‬
‫الذ ِ‬ ‫ُّ‬

‫ي‪:‬‬ ‫ْ‬ ‫وال ت َِص ُّح َّ‬


‫الشفاع ُة عندَ اهللِ تعاىل‪َّ ،‬إل بِ َش َط ْ ِ‬

‫للشافِ ِع ْ‬
‫أن َي ْش َف َع‪.‬‬ ‫أحد ِها‪ُ :‬‬
‫إذن اهللِ تعاىل َّ‬ ‫•• ِ‬

‫ِ‬ ‫دل عىل هذا َّ ِ‬


‫الشط قو ُل ُه تعــاىل يف آية الك ِّ‬
‫ُريس‪( :‬ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ‬ ‫وقدْ َّ‬
‫ﯟ ﯠ) [البقرة‪ ،]٢٥٥ :‬وقو ُله تعاىل‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ)‬
‫[سبأ‪.]٢٣ :‬‬

‫لق عىل اهللِ تعاىل‪ ،‬ال َي ْشــ َف ُع يو َم القيا َم ِة حتَّى‬ ‫الخ ِ‬


‫أكر ُم َ‬ ‫وهو َ‬
‫َّبــي ‪َ ،H‬‬ ‫والن ُّ‬
‫رش‪ ،‬و َي ْس َأ َل ر َّب ُه‪ ،‬حتَّى َي َ‬
‫قول َل ُه‪ْ :‬‬
‫«اش َف ْع ت َُش َّف ْع»‪.‬‬ ‫حتت ال َع ِ‬ ‫ي ِ‬
‫ستأذ َن‪ ،‬و َي ْس ُجدَ َ‬ ‫َ‬
‫يش َفع ِ‬ ‫المشفو ِع له‪ْ ،‬‬ ‫الثاين‪ :‬رضا اهللِ ِ‬
‫فيه‪.‬‬ ‫أن ْ َ‬ ‫عن َ‬
‫الش ِ‬
‫ط قو ُله تعاىل‪( :‬ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ) [األنبياء‪.]٢٨ :‬‬ ‫وقد َد َّل عىل هذا َّ‬

‫ــان يف قولِ ِه تعــاىل‪( :‬ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ‬


‫ِ‬ ‫الش ِ‬
‫طان ُم ْ َم‬ ‫ِ‬
‫وهذان َّ‬
‫ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ ﰗ) [النجم‪.]٢٦ :‬‬
‫ِ‬
‫َّوحيد؛‬ ‫أن ُيشــ َف َع َّإل يف ِ‬
‫أهل الت‬ ‫أن اهللَ تعاىل ال َي ْر َض ْ‬ ‫ُّصوص عىل َّ‬ ‫وقــد د َّل ِ‬
‫ت الن‬
‫ُ‬
‫َبي َد ْع َو ٌة ُم ْســتَجا َب ٌة َيدْ عو ِبا‪َ ،‬و ُأريدُ َأ ْن َأ ْخ َتبِ َئ َد ْع َويت؛‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫الحديث‪« :‬لك ُِّل ن ٍّ‬‫لا ث َب َت يف َ‬
‫اآلخ َر ِة»‪.‬‬
‫َشفاع ًة ِلُمتي يف ِ‬
‫َ َّ‬
‫مات ِم ْن ُأ َّمتي‪ ،‬ال ُي ْ ِ‬
‫ش ُك بِاهللِ َش ْيئًا»(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫هي نائ َل ٌة إِ ْن َ‬
‫شاء اهللُ َم ْن َ‬ ‫ٍ‬
‫زا َد يف رواية‪َ « :‬ف َ‬
‫وقال تعاىل يف الك َّف ِ‬
‫ار‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ) [املدثر‪.]٤٨ :‬‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)6304‬ومسلم (‪ ،)199‬والزيادة له‪.‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 248‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫‪247‬‬

‫الحديث السادس والثالثون‬

‫سول اهللِ ‪ H‬قالوا‪:‬‬


‫ِ‬ ‫ن رَ‬ ‫ري‪ ،I ،‬أ َ َّن ً‬
‫ناسا في ز َ َم ِ‬ ‫الخ ْد ِّ‬ ‫ن أَبي َ‬
‫سعي ٍد ُ‬ ‫َع ْ‬
‫م»‪...‬‬ ‫ســول اهللِ ‪« :H‬ن َ َ‬
‫ع ْ‬ ‫ُ‬ ‫ــو َم القيا َم ِة؟ قال ر َ‬ ‫ســول اهللِ‪َ ،‬ه ْ‬
‫ل نَرَى رَبَّنا يَ ْ‬ ‫َ‬ ‫يــا ر َ‬
‫الح َ‬
‫ديث‪،‬‬ ‫َ‬
‫ساق َ‬‫َو‬

‫ف َ‬
‫ع‬ ‫ون‪َ ،‬و َ‬
‫ش َ‬ ‫ع النَّبي ُّ َ‬
‫ف َ‬ ‫ك ُة‪َ ،‬و َ‬
‫شــ َ‬ ‫مال ِئ َ‬
‫ت ال َ‬
‫ع ِ‬ ‫ش َ‬
‫ــف َ‬ ‫قول ُ‬
‫اهلل ‪َ :D‬‬ ‫ُ‬ ‫َوفي ِه‪َ ...« :‬ف َي‬
‫ض ًة ِم َ‬
‫ن النَّارِ‪َ ،‬في ُ ْخ ِر ُج‬ ‫مين‪َ ،‬في َ ْق ِب ُــض َق ْب َ‬
‫َ‬ ‫اح‬
‫م الرَّ ِ‬ ‫ق إال أَرْ َ‬
‫ح ُ‬ ‫م ي َ ْب َ‬ ‫م ْؤ ِم َ‬
‫نون‪َ ،‬ول َ ْ‬ ‫ال ُ‬
‫م في ن َ َ‬
‫ه ٍر في‬ ‫م ًمــا‪َ ،‬في ُ ْل ِ‬
‫قيه ْ‬ ‫ط‪َ ،‬ق ْد عادوا ُ‬
‫ح َ‬ ‫خ ْي ًرا َق ُّ‬
‫ملوا َ‬ ‫ِم ْنها َق ْو ًما ل َ ْ‬
‫ــم ي َ ْع َ‬
‫ياة»(((‪.‬‬
‫ح ِ‬ ‫قال لَهُ‪ :‬ن َ َ‬
‫هر ُ ال َ‬ ‫جنَّ ِة‪ ،‬ي ُ ُ‬ ‫أ َ ْف ِ‬
‫واه ال َ‬

‫فاعة عندَ اهللِ تعاىل ْيو َم القيا َم ِة‪.‬‬


‫الش ِ‬‫إثبات َّ‬
‫ُ‬ ‫هذ ْين احلدي َث ْ ِ‬
‫ي‬ ‫يف َ‬
‫ِ‬
‫الوسي َل ُة‪ ،‬وال َّط َل ُ‬
‫ب‪.‬‬ ‫والشفاع ُة يف ال ُّلغة‪َ :‬‬
‫َّ‬

‫الخ ْ ِي لل َغ ْ ِي‪.‬‬ ‫ويف العر ِ‬


‫ف‪ُ :‬س ُ‬
‫ؤال َ‬ ‫ُْ‬

‫نوب واآلثا ِم لل َغ ْ ِي‪.‬‬


‫الذ ِ‬
‫عن ُّ‬ ‫َ‬ ‫ؤال اهللِ الت‬
‫َّجاوز ِ‬ ‫والشفا َع ُة عندَ اهللِ‪ُ :‬س ُ‬
‫َّ‬

‫ني ِم ْن‬ ‫لبعض الص ِ‬


‫ال َ‬ ‫ِ َّ‬ ‫يــو َم القيا َم ِة‬ ‫ِِ‬ ‫ِِ‬
‫أن اهللَ تعاىل ب ُلطفه‪ ،‬وك ََرمه‪ ،‬يأ َذ ُن ْ‬
‫وح َقي َقتُهــا‪َّ :‬‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)7439‬ومسلم (‪ )183‬واللفظ له‪.‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 247‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫‪246‬‬

‫الحديث الخامس والثالثون‬

‫ن أَبي ُهرَيْرَ َة‪ ،I ،‬عن ال َّن ِّ‬


‫بي ‪ H‬قال‪:‬‬ ‫َع ْ‬

‫ع اهللُ األ َ َّو َ‬


‫لين‬ ‫مــ ُ‬
‫م؟ ي َ ْج َ‬ ‫َل تَــ ْد َ‬
‫رون ِب َ‬ ‫م القيا َم ِة‪ ،‬ه ْ‬
‫ــو َ‬
‫م يَ ْ‬
‫ق ْو ِ‬ ‫«أَنا َ‬
‫ســيِّ ُد ال َ‬
‫م ال َّداعي‪َ ،‬وت َ ْدنو‬
‫ه ُ‬
‫ع ُ‬
‫ــم ُ‬
‫س ِ‬ ‫م النَّ ِ‬
‫اظرُ‪َ ،‬وي ُ ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫واح ٍد‪َ ،‬في ُ ْب ِ‬
‫صر ُ ُ‬ ‫عيد ِ‬
‫ص ٍ‬
‫رين في َ‬
‫واآلخ َ‬
‫ِ‬
‫فيه؟ إِلَى‬
‫م ِ‬ ‫ن إِلَى مــا أ َ ْنت ُ ْ‬
‫اس‪ :‬أَال تَر َ ْو َ‬ ‫قول ب َ ْع ُ‬
‫ض النَّ ِ‬ ‫ُ‬ ‫س‪َ ،‬في َ‬
‫ــم ُ‬ ‫م َّ‬
‫الش ْ‬ ‫ِم ْن ُ‬
‫ه ُ‬
‫قول ب َ ْع ُ‬
‫ض‬ ‫ُ‬ ‫م؟ َفي َ‬ ‫ــم إِلَى رَب ِّ ُ‬
‫ك ْ‬ ‫ك ْ‬ ‫ع لَ ُ‬
‫ف ُ‬ ‫ن يَ ْ‬
‫شــ َ‬ ‫رون إِلَى َم ْ‬
‫ظ َ‬ ‫م؟ أَال ت َ ْن ُ‬ ‫ما بَل َ َ‬
‫غ ُ‬
‫ك ْ‬
‫ج ُد‬
‫ســ ُ‬‫أن قال‪َ « :‬فيَأْتوني‪َ ،‬فأ َ ْ‬ ‫الحديث‪ ،‬إلى ْ‬ ‫م‪َ ،‬فيَأْتونَهُ‪َ »...‬‬ ‫م آ َد ُ‬ ‫ــاس‪ :‬أ َ ُ‬
‫بوك ْ‬ ‫ِ‬ ‫النَّ‬
‫طهْ »(((‪.‬‬ ‫ل ت ُ ْع َ‬
‫س ْ‬ ‫فعْ ت ُ َ‬
‫ش َّ‬
‫فعْ ‪َ ،‬و َ‬ ‫ك‪ْ ،‬‬
‫واش َ‬ ‫م ُد‪ ،‬ارْ َفعْ رَأ ْ َ‬
‫س َ‬ ‫ح َّ‬ ‫ش‪َ ،‬في ُ ُ‬
‫قال‪ :‬يا ُم َ‬ ‫ع ْر ِ‬ ‫ت َ ْح َ‬
‫ت ال َ‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)3340‬ومسلم (‪.)194‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 246‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫‪245‬‬ ‫احلديث الرابع والثالثون‪« :‬اللهم رب الناس مذهب الباس‪ ،‬اشف أنت الشايف‪»...‬‬

‫الش ِ‬ ‫ريض ِمن األد ِ‬


‫عية؛ ل َط َل ِ‬ ‫ِ‬
‫فاء(((‪.‬‬ ‫ب ِّ‬ ‫َ ْ‬ ‫فالرقي ُة‪ :‬ما ُي َع َّو ُذ به َ‬
‫الم ُ‬ ‫ُّ‬
‫فهي‬ ‫ِ‬
‫الناس ال َي ْو َم‪َ ،‬‬ ‫َثري ِمــ َن‬
‫جره ك ٌ‬
‫َوي الذي َه َ‬ ‫الشع َّيــ ُة َ‬
‫هي الدَّ وا ُء املعن ُّ‬ ‫والرقي ُة َّ‬
‫ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وأمــراض الب ْط ِن‪ ،‬واآلفات ا ّلتي ت ُ‬
‫ُصيب الدّ َم‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫كالصداعِ‪،‬‬‫ألمراض األبدان‪ُّ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫الج‬
‫ع ٌ‬
‫الصدْ ِر‪،‬‬ ‫ِ‬
‫كضيق َّ‬ ‫ِ‬
‫وأمــراض ال ُق ِ‬
‫لوب‪،‬‬ ‫واألمراض النفســ َّي ِة‪،‬‬
‫ِ‬ ‫طانات‪ِ ،‬‬
‫وغريها‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫والس‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫والح َســد‪ ،‬وال ُغ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وال َق ِ‬
‫رور‪،‬‬ ‫والو ْسوســة‪ ،‬واالضطرابات‪ ،‬والتَّوت ُِّر‪َ ،‬‬ ‫ئاب‪َ ،‬‬ ‫لق‪ ،‬واالكت ِ‬
‫ذلك‪.‬‬ ‫وغري َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والك ْ ِب‪،‬‬

‫الرقيــ َة الرشع َّي َة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫فــإن َ‬


‫بني احلاالت التي ت َْســتَدْ عي ُّ‬
‫ســلم َ‬
‫ُ‬ ‫فر ُق ُ‬
‫الم‬ ‫قيل‪َ :‬‬
‫كيف ُي ِّ‬ ‫ْ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫والحاالت التي ت َْستَدْ عي َّ‬
‫ائي َن ْف ٍّ‬
‫يس؟‬ ‫أخص ٍّ‬
‫طبيب‪ ،‬أو َّ‬ ‫هاب إىل‬
‫الذ َ‬

‫الج‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ــة‪ ،‬النَّفســ َّي ِة‪ِ ،‬‬


‫العيادات الطبي ِ‬
‫ِ‬ ‫أن ِ‬‫فاجلواب‪ّ :‬‬
‫أو ال ُع ْضو َّية‪ ،‬والع َ‬ ‫َّ‬ ‫ــاج يف‬
‫َ‬ ‫الع‬ ‫ُ‬
‫فاء‪ ،‬يتكام ِ‬‫الش ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الن‪ ،‬وال‬ ‫َ‬ ‫صول ِّ‬ ‫حل‬ ‫الشع َّية‪ ،‬ال يتنا َفيان؛ ُ‬
‫فهام ســ َببان ُ‬ ‫والر َقى َّ‬
‫بال ُقرآن‪ُّ ،‬‬
‫يتَضاد ِ‬
‫ان‪.‬‬ ‫َّ‬

‫الشع َّي ِة‪،‬‬


‫بالر َقــى َّ‬ ‫عيات ِ‬
‫الع ِ‬
‫الج ُّ‬
‫ِ‬ ‫ــح ِبه‪ :‬عَــدَ ُم الت ِ‬
‫َّفريق َب ْ َ‬
‫ي ُمســتَدْ‬ ‫فالذي نن َْص ُ‬
‫احل ِّس ِية‪.‬‬
‫الج باألدوي ِة ِ‬
‫َ‬
‫عيات ِ‬
‫الع ِ‬ ‫ِ‬ ‫و ُمستَدْ‬
‫ِ‬ ‫بحالة مرض َّي ٍة‪َ ،‬م ْهام َ‬
‫ٍ‬
‫ــتعم ُل َّأو ًل‬ ‫كان تَوصي ُفها؛ فإنَّه َي ْس‬ ‫ُ‬
‫اإلنســان‬ ‫فمتَى ُأ َ‬
‫صيب‬
‫فإن اســت ََم َّر ِبه الدَّ ا ُء‪ ،‬فإنَّه‬
‫الشعي ِة‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬
‫والر َقى‪ ،‬والتَّعاويذ َّ َّ‬
‫ِ‬
‫عي بال ُقــرآن‪ُّ ،‬‬ ‫الش َّ‬
‫الج َّ‬ ‫ِ‬
‫الع َ‬
‫ِ‬
‫ضيف‬
‫ُ‬ ‫الشع َّي َة‪ ،‬وإنَّام ُي‬ ‫رت ُك ُّ‬
‫الرق َي َة َّ‬ ‫مع ذل َك ال َي ُ‬ ‫وهو َ‬
‫بش ٍّي‪َ ،‬‬ ‫نفسه عىل َط ٍ‬
‫بيب َ‬ ‫َي ْع ِر ُض َ‬
‫الج باأل ْدو َي ِة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫إليها الع َ‬

‫((( الصباح املنري (‪ ،)236/2‬حاشية العدوي عىل الرسالة (‪.)490/2‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 245‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪244‬‬

‫ِ‬
‫األدواء القلب َّي ِة‪،‬‬ ‫الشفا ُء التا ُّم ِم ْن مجي ِع‬
‫هو ِّ‬ ‫يقول اإلما ُم اب ُن الق ِّي ِم ‪« :V‬فال ُق ُ‬‫ُ‬
‫رآن َ‬
‫ؤه ُل وال يو َّف ُق لالستِشــفاء ِبه‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫واآلخ َر ِة(((‪ ،‬وما ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والبدَ ن َّي ِة‪،‬‬
‫كل أحد ُي َّ‬ ‫وأدواء الدُّ نيا‪،‬‬
‫ٍ‬
‫وإيــان‪ ،‬و َق ٍ‬
‫بول تا ٍّم‪،‬‬ ‫بصدْ ٍق‪،‬‬ ‫دائ ِه ِ‬
‫ووضعــه عىل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫العليل التَّداوي به‪َ َ ،‬‬ ‫أحســ َن‬
‫وإذا َ‬
‫يقاو ْم ُه الدَّ ا ُء أبدً ا‪.‬‬ ‫ِ‬
‫واستيفاء ُشوطِ ِه؛ َل ِ‬ ‫قاد جاز ٍم‪،‬‬ ‫واعتِ ٍ‬
‫ْ‬
‫اجل ِ‬
‫ــو ن ََز َل عىل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وكيف ت ِ‬
‫بال‬ ‫والســاء؟ الذي َل ْ‬ ‫األرض‪َّ ،‬‬ ‫رب‬
‫ُقاو ُم األدوا ُء كَال َم ِّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫األرض لق َّط َعها‪.‬‬ ‫لصدَّ َعها ِم ْن َع َظ َمتِه‪ ،‬وجاللتِ ِه‪ ،‬أو عىل‬
‫َ‬

‫ــبيل الدَّ ال َل ِة عىل‬ ‫ِ‬


‫القرآن َس ُ‬ ‫ِ‬
‫واألبدان‪َّ ،‬إل ويف‬ ‫لوب‪،‬‬ ‫أمراض ال ُق ِ‬ ‫ِ‬ ‫ض ِم ْن‬
‫فام ِم ْن َم َر ٍ‬
‫والوقا َي ِة ِمنْ ُه‪َ ،‬مل ْن َر َز َق ُه اهللُ َف ْه ًم يف كتابِ ِه»(((‪.‬‬
‫وائه‪ ،‬وس َببِ ِه‪ِ ،‬‬‫د ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫داء‪ ،‬إِ َّل َأ ْنز ََل َل ُه ش ً‬
‫فاء»(((‪.‬‬ ‫الحديث‪« :‬ما َأ ْنز ََل اهللُ ً‬
‫ويف َ‬
‫داء دواء‪َ ،‬فإِذا ُأصيب دواء الدَّ ِ‬
‫اء‪َ ،‬ب َر َأ بِإِ ْذ ِن اهللِ ‪.(((»D‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫َ َ ُ‬ ‫وقال ‪« :H‬لك ُِّل َ ٌ‬

‫هو‬ ‫ِ‬ ‫فكيف إذا َ‬ ‫وهذا يعم األدوي َة ِ‬


‫احل ِّســ َّي َة‪،‬‬
‫كان الــدَّ وا ُء بالقرآن الذي َ‬ ‫َ‬ ‫وغريها‪،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ُّ‬
‫راض‪ ،‬ما َل ْ َ ْيت َِد إِ َل ْيها ُع ُ‬
‫قول‬ ‫فيه ِم َن األَ ْدو َي ِة ا َّلتي ت َْشفي ِم َن األَ ْم ِ‬ ‫الشفاء التَّام؟ والذي ِ‬
‫ِّ ُ ُّ‬
‫ار ُ ُب ْم‪َ ،‬و َأ ْق ِي َســت ُُه ْم‪ِ ،‬م َن األَ ْدو َي ِة ال َق ْلب َّي ِة‪،‬‬
‫اء‪َ ،‬و َل ت َِص ْل إِ َل ْيها ُعلو ُم ُه ْم‪َ ،‬و َت ِ‬ ‫َأكابِ ِر األَطِب ِ‬
‫ْ‬ ‫َّ‬
‫والروحان َّي ِة(((‪.‬‬
‫ُّ‬
‫األسباب اإلهلي ِة يف ِ‬
‫الع ِ‬
‫الج‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫وهي ِم َن‬ ‫ِ‬ ‫َفدَ َّل هذا عىل أمهي ِة الر ِ‬
‫َّ‬ ‫الشع َّية‪َ ،‬‬
‫قية َّ‬ ‫َّ ُّ‬

‫عوذ ُت ُه باهللِ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫«ر َقى»‪ُ ،‬ي ُ‬ ‫ِ‬


‫قال‪ :‬رق ْيتُه‪ْ ،‬أرقيه‪ ،‬يعني‪َّ :‬‬ ‫والرقي ُة‪ :‬مأخوذ ٌة م َن الف ْعل َ‬
‫ُّ‬

‫((( أهواهلا ومصائبها وعذاهبا‪.‬‬


‫بترصف‪.‬‬
‫((( زاد املعاد (‪ُّ ،)322 ،162/4‬‬
‫((( رواه البخاري (‪.)5678‬‬
‫((( رواه مسلم (‪.)2204‬‬
‫((( انظر‪ :‬زاد املعاد (‪.)10/4‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 244‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫‪243‬‬ ‫احلديث الرابع والثالثون‪« :‬اللهم رب الناس مذهب الباس‪ ،‬اشف أنت الشايف‪»...‬‬

‫أن ِع َّلتَهام‬ ‫الطب ُيعالِج أحدُ هم َر ُج َل ْي‪ ،‬وهو َي ْز ُعم َّ‬ ‫ِّ‬ ‫َسبني إىل ِع ْل ِم‬
‫المنت َ‬‫و َقدْ رأ ْينا ُ‬
‫ذاؤ ُها‬‫ي‪ِ ،‬غ ُ‬ ‫أخو ْي ِن ت َْوأ َم ْ ِ‬ ‫ٍ ِ ٍ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِ ٍ ِ‬
‫واحدَ ةٌ‪ ،‬يف ز َم ٍن واحد‪ ،‬وس ٍّن واحد‪ ،‬و َب َلد واحد‪ُ ،‬‬
‫ور َّبام كانا َ‬
‫ِ‬

‫َطول ِع َّلتُه‪ُ ،‬ث َّم‬


‫اآلخ ُر‪ ،‬أو ت ُ‬ ‫مــوت َ‬
‫ُ‬ ‫أحدُ ُها‪ ،‬و َي‬
‫فيق َ‬‫واح ٍد‪ ،‬ف ُي ُ‬‫الج ِ‬‫بع ٍ‬‫فعالهام ِ‬
‫ََ ُ‬
‫ِ‬
‫واحدٌ ‪،‬‬
‫الم ِ‬ ‫ِ‬
‫قدور ل ُه»(((‪.‬‬ ‫فيق عندَ األَ َمد َ‬ ‫ُي ُ‬
‫ِ‬
‫وكامل‬ ‫ِ‬
‫«بكامل ُربوب َّيته(((‪،‬‬ ‫الرق َي ِة إىل اهللِ تعاىل‬ ‫ِ ِ‬
‫النبي ‪ H‬يف هذه ُّ‬ ‫ولذا ت ََو َّس َل ُّ‬
‫ِ‬
‫فاؤه‪ ،‬فتضمنت التوس َل ِ‬
‫إليه‬ ‫ِ‬ ‫بالش ِ‬
‫فاء(((‪ ،‬وأنَّه وحدَ ه َّ‬ ‫حتِه ِّ‬
‫ُّ‬ ‫َّ‬ ‫الشايف‪ ،‬وأنَّه ال شفا َء إال ش ُ ُ‬ ‫َر ْ َ‬
‫وربوب َّيتِ ِه»(((‪.‬‬ ‫ِِ‬
‫بتوحيده‪ ،‬وإحسانه‪ُ ،‬‬
‫ِ ِ‬

‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫َوس ُل إىل اهللِ ‪ُ D‬بربوب َّيته العا َّمة‪« :‬اللَّ ُ‬
‫الر ُّب‬ ‫اس»؛ َ‬
‫فهو َّ‬ ‫ب النَّ ِ‬
‫م ر َ َّ‬
‫ه َّ‬ ‫ريض يت َّ‬
‫فالم ُ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األمور‪.‬‬ ‫‪ E‬الخال ُق‪ ،‬املال ُك‪ُ ،‬‬
‫المدَ ِّب ُر جلمي ِع‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بيب‬ ‫هو َّإل َس َب ٌ‬
‫ب‪ ،‬وال َّط ُ‬ ‫خلوقني ما َ‬
‫َ‬ ‫فشــفا ُء اهللِ تعاىل ال شفا َء َغ ْ ُيه‪ ،‬وشــفا ُء َ‬
‫الم‬
‫وحدَ ه(((‪.‬‬
‫هو اهللُ ْ‬
‫والشايف َ‬ ‫ب‪َّ ،‬‬ ‫ب‪ ،‬والدَّ وا ُء س َب ٌ‬ ‫َس َب ٌ‬
‫مح ُة العا َّم ُة‪،‬‬
‫فهو اهلُــدَ ى‪ ،‬والر َ‬ ‫ليكــون هداي ًة للعا َل َ‬
‫ني‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫القرآن؛‬ ‫أنز َل‬
‫واهللُ تعــاىل َ‬
‫والموع َظــ ُة‪ ،‬وال ُف ُ‬
‫رقان‪( :‬ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ‬ ‫ُّور اهلادي‪ ،‬وال َبال ُغ‪َ ،‬‬
‫والن ُ‬
‫ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ) [يونس‪.]٥٧ :‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ألمراض ال ُق ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األبدان‬ ‫وأمراض‬ ‫وحي»‪،‬‬
‫الر َّ‬
‫َوي ُّ‬
‫فاء املعن َّ‬ ‫لوب‪ِّ :‬‬
‫«الش َ‬ ‫وجع َله اهللُ ش ً‬
‫فاء‬ ‫َ‬
‫املادي»؛ فقال تعاىل‪( :‬ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ) [فصلت‪،]٤٤ :‬‬ ‫َّ‬ ‫فاء‬ ‫ِّ‬
‫«الش َ‬
‫وقال‪( :‬ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ) [اإلرساء‪ ،]٨٢ :‬و ِ‬
‫«م ْن» هنا‬ ‫َ‬
‫فالقرآن ك ُّله ِشفا ٌء‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫َّبعيض‪،‬‬
‫وليس للت‬
‫ْس‪َ ،‬‬ ‫اجلن ِ‬ ‫لِ ِ‬
‫بيان ِ‬

‫((( التمهيد (‪.)264/5‬‬


‫((( َر َّب ال َّن ِ‬
‫اس‪.‬‬
‫ِ‬
‫الباس‪.‬‬ ‫((( ُم ْذ ِه َب‬
‫((( زاد املعاد (‪.)173/4‬‬
‫((( رشح رياض الصاحلني البن عثيمني (‪.)479/4‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 243‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪242‬‬

‫ن َ‬
‫شر ِّ‬ ‫َ‬
‫ذيك‪ِ ،‬م ْ‬ ‫ي ٍء ي ُ ْؤ‬ ‫ل َ‬
‫ش ْ‬ ‫ن ُ‬
‫ك ِّ‬ ‫هلل أَرْ َ‬
‫قيك‪ِ ،‬م ْ‬ ‫ــم ا ِ‬ ‫اس ِ‬ ‫م»‪ .‬قال‪ِ « :‬ب ْ‬ ‫ع ْ‬ ‫َفقال‪« :‬ن َ َ‬
‫قيك»(((‪.‬‬ ‫هلل أَرْ َ‬
‫ما ِ‬ ‫اس ِ‬ ‫َ‬
‫فيك‪ِ ،‬ب ْ‬ ‫ش‬‫حاس ٍد‪ ،‬اهللُ ي َ ْ‬
‫ِ‬ ‫ن‬ ‫س(((‪ ،‬أ َ ْو َ‬
‫ع ْي ِ‬ ‫ل ن َ ْف ٍ‬ ‫ُ‬
‫ك ِّ‬

‫ُ‬
‫ويقول‪:‬‬ ‫عو ُذهما‬
‫فكان يُ ِّ‬
‫َ‬ ‫ــين ‪،L‬‬
‫س َ‬ ‫والح َ‬
‫ُ‬ ‫ــن‪،‬‬
‫س َ‬ ‫الح َ‬
‫وكان ‪ H‬يَ ْرقي َ‬
‫َ‬
‫ل‬ ‫ن ُ‬
‫ك ِّ‬ ‫طان‪َ ،‬وها َّم ٍة(((‪َ ،‬و ِم ْ‬
‫ٍ‬ ‫ــي‬
‫ش ْ‬‫ل َ‬ ‫ن ُ‬
‫ك ِّ‬ ‫مــات اللَّ ِه التَّا َّم ِة‪ِ ،‬م ْ‬
‫ِ‬ ‫ك ِل‬ ‫«أُعي ُذ ُ‬
‫كما ِب َ‬
‫ماعيل»(((‪.‬‬
‫َ‬ ‫س‬ ‫س َ‬
‫حاق َوإ ِ ْ‬ ‫ع ِّو ُذ إ ِ ْ‬
‫راهيم ي ُ َ‬
‫ُ‬ ‫كان إ ِ ْب‬
‫َ‬ ‫قول‪« :‬ه َ‬
‫َكذا‬ ‫ُ‬ ‫ع ْي ٍن ال َّم ٍة(((»‪َ ،‬ويَ‬
‫َ‬

‫ســول ال َّلــ ِه‬


‫ِ‬ ‫شــكا إِلَــى ر َ‬ ‫فــي ‪ ،I‬أَنَّــهُ َ‬ ‫الث َق ِّ‬ ‫العــاص َّ‬
‫ِ‬ ‫ــن أَبــي‬
‫مــان بْ ِ‬
‫َ‬ ‫ــن ُع ْث‬
‫و َع ْ‬
‫ســول ال َّل ِه ‪:H‬‬ ‫ُ‬ ‫م‪َ ،‬فقال لَهُ ر َ‬
‫ســ َل َ‬ ‫ســ ِد ِه ُم ْن ُذ أ َ ْ‬
‫ــد ُه فــي َج َ‬
‫ج ُ‬ ‫‪َ H‬و َج ًعــا يَ ِ‬
‫ل‬ ‫ــم اللَّ ِه ‪-‬ث َ ً‬
‫الثا‪َ ،-‬و ُق ْ‬ ‫اس ِ‬ ‫ســ ِد َ‬
‫ك‪َ ،‬و ُق ْ‬
‫ل‪ِ :‬ب ْ‬ ‫ج َ‬
‫ن َ‬ ‫ك على الذي تَأَلَّ َ‬
‫م ِم ْ‬ ‫«ضعْ ي َ َد َ‬
‫َ‬
‫شر ِّ ما أ َ ِج ُد‪َ ،‬وأُحا ِذرُ»(((‪.‬‬ ‫ات‪ :-‬أَعو ُذ ِباللَّ ِه َو ُق ْدر َ ِت ِه ِم ْ‬
‫ن َ‬ ‫‪-‬س ْب َ‬
‫ع َمرَّ ٍ‬ ‫َ‬

‫وحدَ ُه‪ ،‬ال ِشفا َء إال‬ ‫الشايف ْ‬‫وربوب َّيتِ ِه‪ :‬أنَّه ‪َّ ‬‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فاهللُ تعاىل م ْن َع َظ َمته‪ ،‬وعزَّته‪ُ ،‬‬
‫هو‪ ،‬بام ُي َقدِّ ُر ِم َن‬ ‫الش ِ‬
‫ــفاء ِم َن‬ ‫هو‪ ،‬وال َي ْق ِد ُر عىل ِّ‬
‫ِ‬
‫األمراض َّإل َ‬ ‫شايف َّإل َ‬ ‫ِش ُ‬
‫فاؤ ُه‪ ،‬وال َ‬
‫إليه‪( :‬ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ) [الشعراء‪.]٨٠ :‬‬ ‫الموص َلة ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األسباب‬

‫تقدير اهللِ تعاىل‪َّ ،‬‬ ‫إن َل ي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫وإل فال َين َْج ُع»(((‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ف‬
‫صاد ْ‬ ‫«فام َي َق ُع م َن الدَّ واء‪ ،‬والتَّداوي‪ُ ْ ْ ،‬‬
‫أن ُي َع ِّج َله َق ْب َل ْ‬ ‫يس يف ُوســ ِع َم ٍ‬ ‫ِ‬
‫أن‬ ‫لوق ْ‬ ‫ْ‬ ‫«فالب ُء َل َ‬
‫رب ‪ْ ُ :V‬‬ ‫ُ‬
‫يقول اإلما ُم اب ُن عبد ال ِّ‬
‫َي ِنز َل‪ ،‬أو َأ ْن ُيقدِّ َر وقتَه‪ ،‬وحينَه‪.‬‬

‫((( نفس اآلدمي‪ ،‬أو العني‪.‬‬


‫((( رواه مسلم (‪.)2186‬‬
‫كل ِ‬
‫ذات ُس ّم يقتل‪.‬‬ ‫((( ّ‬
‫((( تصيب بسوء إذا ح َّلت وأملَّت به‪.‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)3371‬والرتمذي (‪ )2060‬واللفظ له‪.‬‬
‫((( رواه مسلم (‪.)2202‬‬
‫((( فتح الباري (‪.)207/10‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 242‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫‪241‬‬

‫الحديث الرابع والثالثون‬

‫ك‪َ ،‬فقال‬
‫ن مال ِ ٍ‬ ‫ت‪ ،‬على أَنَ ِ‬
‫س بْ ِ‬ ‫ت أَنا َوثاب ِ ٌ‬
‫يب قال‪َ :‬د َخ ْل ُ‬
‫ص َه ٍ‬
‫بن ُ‬
‫العزيز ِ ِ‬
‫ن َع ْب ِد َ‬
‫َع ْ‬
‫ســول ال َّل ِه ‪H‬؟‬
‫ِ‬ ‫س‪ :‬أَال أَر ْ َ‬
‫قيك ب ِ ُر ْق َي ِة ر َ‬ ‫ت‪َ ،‬فقال أَنَ ٌ‬ ‫ت‪ :‬يا أَبا َح ْمزَ َة‪ْ ،‬‬
‫اشــ َت َ‬
‫ك ْي ُ‬ ‫ثاب ِ ٌ‬
‫ت َّ‬
‫الشافي‪ ،‬ال‬ ‫ــف أ َ ْن َ‬
‫اش ِ‬‫الباس‪ْ ،‬‬
‫ِ‬ ‫اس‪ُ ،‬م ْذ ِه َ‬
‫ب‬ ‫ب النَّ ِ‬
‫م ر َ َّ‬ ‫قــال‪ :‬بَ َلــى‪ ،‬قــال‪« :‬اللَّ ُ‬
‫ه َّ‬
‫ق ًما»(((‪.‬‬
‫س َ‬
‫فاء ال يُغا ِدر ُ َ‬
‫ش ً‬ ‫شافي إال أ َ ْن َ‬
‫ت‪ِ ،‬‬ ‫َ‬

‫ــو ُذ‬ ‫كان ال َّن ُّ‬


‫بــي ‪ H‬يُ َع ِّ‬ ‫َ‬ ‫قالــت‪:‬‬
‫ْ‬ ‫ة‪J‬‬ ‫المؤمنيــن عائ ِ َ‬
‫شــ َ‬ ‫َ‬ ‫أم‬
‫ــن ِّ‬
‫و َع ْ‬
‫س ُحهُ ب َيمين ِ ِه‪:‬‬
‫م‪ ،‬يَ ْم َ‬ ‫بَ ْع َ‬
‫ض ُه ْ‬

‫شفا ُؤ َ‬
‫ك‪،‬‬ ‫ء إال ِ‬
‫شفا َ‬ ‫ت َّ‬
‫الشافي‪ ،‬ال ِ‬ ‫واش ِــف أ َ ْن َ‬
‫اس‪ْ ،‬‬
‫ب النَّ ِ‬
‫الباس‪ ،‬ر َ َّ‬
‫َ‬ ‫«أ َ ْذ ِه ِ‬
‫ب‬
‫ق ًما»(((‪.‬‬
‫س َ‬
‫فاء ال يُغا ِدر ُ َ‬
‫ش ً‬ ‫ِ‬

‫كى ي َ ْقرَأ ُ على ن َ ْف ِ‬


‫س ِه‬ ‫كان إِذا ْ‬
‫اشــت َ َ‬ ‫َ‬ ‫وع ْنهــا‪« :J ،‬أ َ َّ‬
‫ن النَّ َّ‬
‫بي ‪H‬‬

‫ع ْن ُه بي َ ِد ِه؛‬
‫ح َ‬ ‫عل َ ْي ِه‪َ ،‬وأ َ ْم َ‬
‫س ُ‬ ‫ت أ َ ْقرَأ ُ َ‬ ‫عهُ‪ُ ،‬‬
‫ك ْن ُ‬ ‫ج ُ‬ ‫ما ْ‬
‫اشت َ َّد َو َ‬ ‫ث‪َ ،‬فل َ َّ‬ ‫ذات‪َ ،‬وي َ ْن ُ‬
‫ف ُ‬ ‫ع ِّو ِ‬
‫م َ‬
‫ِبال ُ‬
‫رَجا َء بَر َ َك ِتها» (((‪.‬‬

‫ت؟‬
‫ك ْي َ‬ ‫بريل ‪َ ،S‬فقال‪ :‬يا ُم َح َّم ُد‪ْ ،‬‬
‫اش َت َ‬ ‫ورَقا ُه ِج ُ‬

‫((( رواه البخاري (‪.)5742‬‬


‫((( رواه البخاري (‪ ،)5750‬ومسلم (‪.)2191‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)5016‬ومسلم (‪.)2192‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 241‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪240‬‬

‫بالمعص َي ِة‪ ،‬وير َف ُعه تار ًة بتوســي ِع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الرزق‪ ،‬واخلذالن َ‬ ‫تار ًة بت ْق ِ‬
‫تري ِّ‬ ‫َ‬
‫امليزان َ‬
‫في ِ‬
‫خف ُض‬ ‫َ‬
‫وحكم ًة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫زق‪ ،‬والت ِ‬
‫َّوفيق لل َّطا َعة‪ ،‬عَدْ ًل‪،‬‬ ‫الر ِ‬
‫َ‬ ‫ِّ‬
‫الر َ‬ ‫ِ‬
‫زق عىل َم ْن يشا ُء‪،‬‬ ‫فاهللُ تعاىل َيْف ُض َم ْن يشــا ُء‪ ،‬و َي ْر َف ُع َم ْن يشــا ُء‪َ ،‬‬
‫ويو ِّســع ِّ‬
‫و ُي َض ِّي ُقه عىل َم ْن يشا ُء(((‪.‬‬

‫((( أعالم احلديث للخطايب (‪ ،)1862/3‬ا ُملف ِهم للقرطبي (‪ ،)409/1‬رشح النووي عىل مسلم (‪،13/3‬‬
‫‪ ،)80/7‬فتح الباري (‪ ،)395/13‬إرشاد الساري للقسطالين (‪ ،)387/10 ،169/7‬مرقاة املفاتيح‬
‫(‪ ،)165/1‬رشح كتاب التوحيد للغنيامن (‪.)306/1‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 240‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫‪239‬‬ ‫احلديث الثالث والثالثون‪« :‬من شأنه أن يغفر ذنب ًا‪»...‬‬

‫ِ‬ ‫األز ِل‪ ،‬وقضاها‪َ ،‬ق ْب َل ْ‬


‫ألف‬‫ســن َ‬
‫َ‬ ‫واألرض َ‬
‫بخ ْم‬ ‫َ‬ ‫ــاوات‬ ‫الس‬‫أن َي ُل َق َّ‬ ‫التي قدَّ َرها يف َ‬
‫أوقاتا التي اقت ََضتْها ِحك َْمتُه‪ ،‬و َيسو ُقها إىل‬
‫ِ‬ ‫زال تعاىل ُي ْمضيها‪ ،‬و ُي ِنف ُذها‪ ،‬يف‬ ‫َسن ٍَة‪ ،‬ال َي ُ‬
‫وجرى ِبه‬
‫أحصا ُه كتا ُب ُه‪َ ،‬‬ ‫فهي ما ْ‬ ‫ش ٌء ع ْن وقتِ ِه‪ ،‬وال َّ‬
‫يتأخ ُر؛ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مواقيتها‪ ،‬فال َيتَقدَّ م منْها َ ْ‬
‫فيه ُحك ُْمه‪ ،‬وس َب َق ِبه ِع ْل ُم ُه‪.‬‬ ‫َق َلمه‪ ،‬و َن َف َذ ِ‬
‫ُ‬
‫وهي أحكامه الدِّ ينيــ ُة التي هي األمر‪ ،‬والنَّهي‪ ،‬وال َقدَ ري ُة التي ُيرهيا عىل ِ‬
‫عباده‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ف‬ ‫الماملك ك ِّلها َو ْحدَ ه‪ُّ ،‬‬
‫ترص َ‬ ‫ف يف َ‬ ‫َص ُ‬‫المت َ ِّ‬
‫فهو ‪ُ ‬‬ ‫ُمدَّ َة ُمقام ِه ْم يف هذه الدَّ ِار‪َ ،‬‬
‫عار ُضه‬ ‫ناز ُعه يف ُم ْل ِكه ُم ِ‬
‫ناز ٌع‪ ،‬وال ُي ِ‬ ‫ــك‪ ،‬ال ُي ِ‬‫عادل رحي ٍم‪ ،‬تام الم ْل ِ‬
‫ِّ ُ‬ ‫َ‬
‫ٍ‬ ‫قاه ٍر‪،‬‬ ‫م ِل ٍك ِ‬
‫قاد ٍر ِ‬
‫َ‬
‫عار ٌض‪.‬‬ ‫ِ‬
‫فيه ُم ِ‬

‫مح ِة؛‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ي ال َعدْ ِل‪ِ ،‬‬


‫واإلحسان‪ ،‬واحلكْمة‪ ،‬واملص َل َحة‪َّ ،‬‬
‫والر َ‬ ‫فتَص ُفه يف المم َلك َِة ِ‬
‫دائ ٌر َب ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُّ‬
‫ترصفه ع ْن َ‬
‫ذلك(((‪.‬‬ ‫فال َي ُر ُج ُّ‬
‫ِ‬
‫بأعاملم‬ ‫ِ‬
‫رجــات ال ُع َل‬ ‫وقو ُل ُه ‪َ « :H‬وي َ ْر َفــ َع َق ْو ًما» أي‪ :‬ير َف ُعهم إىل الدَّ‬
‫زق‪ِ ْ ،‬‬
‫وغيه‪.‬‬ ‫ظوظ الدُّ نيا ِم َن الر ِ‬
‫الصالح ِة‪ ،‬أو ير َفعهم بح ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ َ‬
‫ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الس َ‬ ‫ِ‬ ‫وقو ُل ُه ‪َ « :H‬وي َ ْخ ِف َ‬
‫أعاملم‪،‬‬ ‫بسوء‬ ‫فل‬ ‫رين» أي‪ :‬إىل الدَّ ركات ُّ‬
‫خ َ‬ ‫ضآ َ‬
‫ِ‬
‫ومعاش ِهم(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫أرزاق ِهم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بتقليل‬ ‫أو‬
‫ٍ‬
‫حديث َ‬
‫آخ َر‪:‬‬ ‫ــط‪َ ،‬و َي ْر َف ُعــ ُه»(((‪ ،‬ويف‬ ‫«ي ِف ُض ِ‬
‫الق ْس َ‬ ‫ديث‪ْ َ :‬‬ ‫وهذا كــا جاء يف الح ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ي ِف ُض‪َ ،‬و َي ْر َف ُع»(((‪.‬‬
‫امليزان‪ْ َ ،‬‬
‫ُ‬ ‫«وب َي ِد ِه األُ ْخ َرى‬
‫َ‬

‫الرفع رف َعه‪ ،‬و َمن‬ ‫بميزان العدْ ِل‪ ،‬فمن َع ِم َل ما يست ِ‬


‫َح ُّق‬ ‫ِ‬ ‫يك ُُم يف َخ ْل ِقه‬
‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫فاهللُ تعاىل َ ْ‬
‫الخ ْف َض َ‬
‫خفضه‪.‬‬ ‫َح ُّق َ‬ ‫َع ِم َل ما يست ِ‬
‫َْ‬

‫((( تفسري البغوي (‪ ،)445/7‬طريق اهلجرتني (ص‪ ،)123‬تفسري ابن كثري (‪ ،)494/7‬تفسري السعدي (ص‪.)830‬‬
‫((( مشارق األنوار الوهاجة رشح سنن ابن ماجه‪ ،‬لإلثيويب (‪.)191/4‬‬
‫((( رواه مسلم (‪.)179‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)7411‬ومسلم (‪.)993‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 239‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪238‬‬

‫َغنون عنه َط ْرف َة‬ ‫ِ‬


‫ومقالم‪ ،‬وال َي ْست َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حوائ ِجهم‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بحالم‪،‬‬ ‫ُم ْفتَقرون إليه‪َ ،‬يســألونَه َ‬
‫مجيع‬
‫أقل ِم ْن ذلِ َك‪.‬‬
‫عي‪ ،‬وال َّ‬‫ٍْ‬

‫يب داع ًيا‪،‬‬ ‫وي ُ‬ ‫وهو تعاىل (ﮖﮗﮘ ﮙ ﮚ) [الرمحن‪َ :]٢٩ :‬ي ْغ ِف ُر ذن ًبا‪ ،‬و ُي َف ِّر ُج ك َْر ًبا‪ُ ،‬‬ ‫َ‬
‫ظالِا‪ ،‬و َي ُف ُّك عان ًيا‪،‬‬
‫ويأخ ُذ ً‬ ‫نص َمظلو ًما‪ُ ،‬‬ ‫كسريا‪ ،‬و َي ُ ُ‬
‫ً‬ ‫ب‬‫وي ُ ُ‬
‫فقريا‪ْ َ ،‬‬
‫غم‪ ،‬و ُيغني ً‬ ‫ف ًّ‬ ‫و َيك ِْش ُ‬
‫وي ِْف ُض‪،‬‬ ‫وييي‪ ،‬و َي ْر َف ُع‪َ ،‬‬ ‫ريضا‪ ،‬و ُي ْعطي َق ْو ًما‪ ،‬و َي ْمن َُع َ‬ ‫وي ْش ِ‬
‫ميت‪ْ ُ ،‬‬ ‫آخري َن‪ ،‬و ُي ُ‬ ‫ــفى َم ً‬ ‫َ‬
‫ب بدَ ْو ٍلة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عزيزا‪ ،‬و ُيعطى سائ ًل‪ ،‬و َي ْذ َه ُ‬ ‫ذليل‪ ،‬و ُي ِذ ُّل ً‬ ‫ت َع ْو َرةً‪ ،‬و ُي ِع ُّز ً‬
‫قيل َع ْثرةً‪ ،‬و َي ْس ُ ُ‬‫و ُي ُ‬
‫آخري َن‪ ،‬إىل ما ال‬ ‫فع َأقوا ًمــا‪ ،‬و َي َض ُع َ‬ ‫داو ُل األ َّيا َم َب ْي الن ِ‬
‫َّاس‪ ،‬و َي ْر ُ‬ ‫خــرى‪ ،‬و ُي ِ‬ ‫ويأيت ُبأ َ‬ ‫ْ‬
‫ي َص ِم ْن أفعالِه ‪ ‬يف َخ ْل ِق ِه بام َيشا ُء‪.‬‬ ‫ُْ‬

‫الم ِل ِّح َ‬ ‫ِ‬


‫ســائ ُل‪ ،‬وال ُي ْ ِب ُمه ْ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ال َي ْشــ َغ ُله ٌ‬
‫ني‪ ،‬وال‬ ‫اح ُ‬‫إل ُ‬ ‫شأن ع ْن َشأن‪ ،‬وال ُت ْغل ُطه َ‬
‫الم‬
‫لني‪.‬‬ ‫ِ‬
‫السائ َ‬ ‫طول َمسأ َل ِة‬
‫ُ‬

‫ضطرا‪ ،‬و َي ْغ ِف ُر‬


‫يب ُم ً‬
‫وي ُ‬ ‫يب داع ًيا‪ ،‬و َيك ِْش ُ‬
‫ــف ك َْر ًبــا‪ُ ،‬‬ ‫«كل يو ٍم هو ُي ُ‬
‫قال ُم ِ‬
‫اهدٌ ‪َّ :‬‬
‫َذن ًبا»‪.‬‬

‫ميت َم ِّيتًا‪،‬‬
‫ييي ح ًّيا‪ ،‬و ُي ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وقال قتا َدةُ‪« :‬ال َي ْس َت ْغني عنه ُ‬
‫واألرض‪ْ ُ ،‬‬ ‫موات‪،‬‬ ‫الس‬
‫أهل َّ‬
‫احلني‪ ،‬وص ِ‬
‫خي ِه ْم‪ ،‬و ُمنت ََهى‬ ‫ِ‬ ‫غريا‪ ،‬و َي ُف ُّك‬
‫الص َ َ‬ ‫أســرا‪ ،‬وهو ُمنت ََهى حاجات َّ‬
‫ً‬ ‫و ُي َر ِّب َص ً‬
‫شكواهم»(((‪.‬‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اب‪ ،‬الذي عم ْت ِ‬
‫مواه ُبه َ‬ ‫الو َّه ِ‬ ‫فس ْب َ‬
‫اموات‪ ،‬و َع َّم‬ ‫والس‬
‫األرض‪َّ ،‬‬ ‫أهل‬ ‫َّ‬ ‫حان الكري ِم َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اآلنات‪ ،‬وال َّل‬ ‫الخ ْل ِق يف ِّ‬
‫حظات‪.‬‬ ‫كل‬ ‫يع َ‬‫ُل ْط ُفه َج َ‬
‫اإلعطاء معصيــ ُة العاصني‪ ،‬وال اســتِ ْغناء ال ُف ِ‬
‫قراء‬ ‫ِ‬ ‫وتعــاىل الذي ال َي ْمنَ ُعــه ِم َن‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫لني ِبه‪ ،‬وبك ََر ِم ِه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اجلاه َ‬

‫وتدابريه‪،‬‬
‫ُ‬ ‫تقاديره‪،‬‬
‫ُ‬ ‫هي‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫شــأن َ‬ ‫أخرب أنَّه تعاىل َّ‬
‫كل يو ٍم هو يف‬ ‫الشــئون التي َ‬
‫ُ‬ ‫وهذ ِه‬
‫ِ‬

‫((( تفسري الطربي (‪ ،)38/23‬تفسري ابن كثري (‪.)495/7‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 238‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫‪237‬‬

‫الحديث الثالث والثالثون‬

‫بي ‪ ،H‬في َق ْول ِ ِه تَعالَى‪( :‬ﮖ ﮗ ﮘ‬


‫ن ال َّن ِّ‬ ‫ــن أَبي َّ‬
‫الــدرْدا ِء‪َ ،I ،‬ع ِ‬ ‫َع ْ‬
‫ﮙ ﮚ) [الرمحن‪ ]٢٩ :‬قال‪:‬‬
‫‪،‬‬

‫رين»(((‪.‬‬
‫خ َ‬ ‫ضآ َ‬
‫ع َق ْو ًما‪َ ،‬وي َ ْخ ِف َ‬
‫ك ْر ًبا‪َ ،‬وي َ ْر َف َ‬
‫ج َ‬ ‫شأْ ِن ِه أ َ ْ‬
‫ن ي َ ْغ ِفر َ َذ ْن ًبا‪َ ،‬وي ُ َ‬
‫فر ِّ َ‬ ‫ن َ‬
‫«م ْ‬
‫ِ‬

‫واألرض‪ ،‬وب َي ِده وحدَ ه خزائنُها‪،‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اموات‪،‬‬ ‫ني‪َ ،‬ل ُه مقاليدُ َّ‬
‫الس‬ ‫هو َر ُّب العا َل َ‬ ‫فاهللُ تعاىل َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ني‪ ،‬الذي ت َْص ِمدُ إليه((( َ‬
‫حاجاتا‪،‬‬ ‫خلوقات‪ ،‬يف مجي ِع‬ ‫الم‬
‫يع َ‬‫ج ُ‬ ‫الص َمدُ ال َغ ُّ‬
‫وهو الس ِّيدُ َّ‬
‫َ‬
‫خاض ٌع له‪ُ ،‬مفت َِق ٌر إليه‪،‬‬
‫فالكل ِ‬
‫ُّ‬ ‫ــة‪ ،‬واالفتِ ِ‬
‫قار‪،‬‬ ‫بالذ ِّل‪ ،‬واحلاج ِ‬
‫َ‬ ‫ورضوراتا‪ُّ ،‬‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وأحوالا‪،‬‬
‫وهو ‪ ‬ال َغني عن ِ‬
‫عباده‪.‬‬ ‫ُّ ْ‬

‫وهذا كام قال تعاىل‪( :‬ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ) [الرمحن‪.]٢٩ :‬‬

‫الخ ْل ِق‬ ‫ِ‬


‫الجــود‪ ،‬والك ََر ِم‪ُّ ،‬‬
‫فكل َ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ــع‬ ‫الغني بذاته عن َجي ِع خملوقاته‪َ ،‬‬
‫وهو واس ُ‬ ‫ُّ‬ ‫فهو‬
‫َ‬

‫وحسنه البوصريي يف مصباح الزجاجة‬


‫َّ‬ ‫((( رواه ابن ماجه (‪ ،)202‬وابن حبان يف صحيحه (‪،)689‬‬
‫وضعفه ابن اجلوزي يف العلل املتناهية (‪،)28/1‬‬
‫َّ‬ ‫(‪ )28/1‬وكذا حسنه األلباين يف صحيح ابن ماجة‪،‬‬
‫وابن حجر يف تغليق التعليق (‪ ،)333/4‬ورواه البيهقي يف الشعب (‪ )1067‬موقو ًفا عىل أيب الدرداء‬
‫ُ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫ورج َحه الدارقطني يف «العلل»‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫وذكره عنه البخاري معلقًا بصيغة اجل ْزم (‪،)144/6‬‬ ‫‪،I‬‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫(‪.)229/6‬‬
‫((( ِ‬
‫تقصده‪.‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 237‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪236‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ــر ال َع ْبدُ ِم ْن ِ‬


‫قول‪ :‬يا مق ِّل َ‬ ‫ف ْل ُيكْثِ ِ‬
‫ف‬ ‫القلوب‪ ،‬ث ِّب ْت قلبي عــى دين َك‪ ،‬يا ُم َ ِّ‬
‫ص َ‬ ‫ــب‬
‫ف قلبي إىل طا َعتِ َك»(((‪.‬‬ ‫اص ْ‬‫لوب‪ِ ْ ،‬‬‫ال ُق ِ‬
‫ــخني يف ِ‬
‫الع ْل ِم‪( :‬ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ‬ ‫اس‬ ‫ومن د ِ‬
‫عاء الر ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ ُ‬
‫ﯶﯷ ﯸ ﯹ ﯺ) [آل عمران‪.]٨ :‬‬
‫‪.‬‬

‫ْت َأ ْن ت ُِض َّلني»(((‪.‬‬ ‫«الله َّم إِ ِّن َأعو ُذ بِ ِعزَّتِ َ‬


‫ك ال إِ َل َه إِ َّل َأن َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫النبي ‪ُ :H‬‬
‫وم ْن ُدعاء ِّ‬
‫لكامل ِع َّزتِه‪ِ ،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫وغناه‪ ،‬ال‬ ‫فاهللُ تعاىل بع َّزته ُيض ُّل َم ْن يشــا ُء‪ ،‬وهيدي َم ْن يشا ُء‪َ ،‬‬
‫فهو‬
‫العاصني‪ ،‬كام قال تعاىل‪( :‬ﭺ ﭻ ﭼ‬ ‫َ‬ ‫َضه َمعص َي ُة‬ ‫تن َف ُعــه طا َع ُة ال َّط ِائ َ‬
‫عني‪ ،‬وال ت ُ ُّ‬
‫ﭽ ﭾ ﭿﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ) [الزمر‪ ]٧ :‬وقــال‪( :‬ﭘ‬
‫‪،‬‬

‫ﭙ ﭚﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ) [الزمر‪.]٤١ :‬‬

‫الضال َل ِة‪.‬‬
‫وتوحيده؛ هدا ُه ون ََّجا ُه ِم َن َّ‬
‫ِ‬ ‫بع َّزتِه‪،‬‬
‫إليه ِ‬
‫بع َّز ِة اهللِ‪ ،‬وتوس َل ِ‬
‫َّ‬
‫فم ِن استعا َذ ِ‬
‫َ‬
‫واست َِع ْذ بِ ِه‬ ‫ِ‬
‫المامت‪ْ ،‬‬
‫ِ ِ‬
‫بات عىل اإلسال ِم‪ ،‬واإليامن‪ ،‬واهلدا َية حتَّى َ‬ ‫فس ِل اهللَ تعاىل ال َّث َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫الضالل َبعدَ اهلُدَ ى‪.‬‬ ‫ِم َن َّ‬
‫ـن َرجاكا‬ ‫عي َمـ ْ‬
‫ـب َس ُ‬
‫ِ‬
‫إ ْذ َل ْ َيـ ْ‬ ‫جــــو ُه يل ِسواكا‬ ‫ُ‬ ‫ال َر َّب ْأر‬
‫إن ُاهلــــدَ ى ُهــداكــا‬
‫رب َّ‬ ‫أنـــت َل هتـ ِ‬
‫ـدنــا َض َل ْلنا‬ ‫إن‬
‫يــا ِّ‬ ‫َ ْ‬ ‫ْ‬
‫ــا بِــنــا َجي ًعا‬ ‫أحــ ْط َ ِ‬
‫أنــــت تـــرانـــا وال نَــراكــا‬ ‫َ‬ ‫ــت عــ ْل ً‬ ‫َ‬

‫((( تفسري السعدي (ص‪.)318‬‬


‫خمترصا (‪ ،)7383‬ومسلم (‪.)2717‬‬
‫ً‬ ‫((( رواه البخاري‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 236‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫‪235‬‬ ‫احلديث الثاين والثالثون‪« :‬إن قلوب بني آدم كلها بني إصبعني من أصابع الرمحن‪»...‬‬

‫أو الم ِ‬ ‫ِّصال يف َّ ِ‬


‫كان‪.‬‬ ‫الزمان‪َ ِ ،‬‬ ‫فال َب ْين َّي ُة ال ت َْس َت ْل ِز ُم االت َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فكيف‬
‫َ‬ ‫خلوقات‪،‬‬ ‫الم‬
‫ي َ‬ ‫امس َة‪ ،‬فيام َب ْ َ‬
‫والم َّ‬
‫باشةَ‪ُ ،‬‬ ‫وإذا كانَت ال َب ْين َّي ُة ال ت َْســ َت ْل ِز ُم ُ‬
‫الم َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ــموات‪،‬‬ ‫الس‬ ‫خلوق‪ ،‬واخلال ِق ‪ ،‬الذي َوس َ‬
‫ــع ك ُْرســ ُّيه َّ‬ ‫الم‬
‫بال َب ْين َّيــة فيام َب ْي َ‬
‫بكل َش ٍء ُم ٌ‬
‫يط؟!‬ ‫وهو ِّ‬ ‫واألرض‪َ ،‬‬
‫َ‬

‫ي ُّل يف َش ٍء ِم ْن‬
‫بائن ِمن َخ ْل ِقه‪ ،‬وال َ ِ‬‫ِ‬ ‫ُ‬
‫والعقل‪ ،‬عــى َّ‬
‫أن اهللَ تعاىل ٌ ْ‬ ‫وقد َد َّل َّ‬
‫الش ُع‪،‬‬
‫ف عىل ذلِ َك‪.‬‬ ‫الس َل ُ‬ ‫فيه َش ٌء ِم ْن َخ ْل ِقه‪َ ْ ،F ،‬‬
‫وأج َع َّ‬
‫ي ُّل ِ‬
‫َخ ْل ِقه‪ ،‬وال َ ِ‬

‫ي إصبع ِ ِ‬ ‫فن ِ‬
‫مح ِن‪ ،‬كام َ َ‬
‫أخبنا نب ُّينا‬ ‫ني م ْن أصابِ ِع َّ‬
‫الر َ‬ ‫لوب بني آد َم ك َّلهــا َب ْ َ ْ َ َ‬‫بأن ُق َ‬
‫ُؤم ُن َّ‬
‫الخ ْل ِق باهللِ‪ ،‬وال ي ْل َزم ِمن ذلِ َك املعاين ِ‬
‫الفاسدَ ُة التي يت ََص َّو ُرها‬ ‫وهو أ ْع َل ُم َ‬
‫َ ُ ْ‬ ‫‪َ ،H‬‬
‫نقول كام قال نب ُّينا ‪ ،َH‬حقيق ًة بِال ت ٍ‬
‫َأويل‪.‬‬ ‫أهل البِدَ عِ‪ْ ،‬بل ُ‬
‫َب ْع ُض ِ‬
‫ف يف ِ‬
‫ُ‬
‫ونقول كام‬ ‫هذه ال ُق ِ‬
‫لوب كام َيشا ُء‪،‬‬ ‫ترص ُ‬
‫أن اهللَ تعاىل َي َّ‬‫ذلك ‪-‬أ ْي ًضا‪َّ -‬‬
‫مع َ‬‫ونُثبِ ُت َ‬
‫ك»(((‪.‬‬‫ف ُقلو َبنا عىل طا َعتِ َ‬
‫ص ْ‬ ‫ف ال ُق ِ‬
‫لوب‪ِّ َ ،‬‬ ‫ص َ‬ ‫«الله َّم ُم َ ِّ‬
‫يقول نب ُّينا ‪ُ :H‬‬ ‫كان ُ‬ ‫َ‬
‫ٍ‬ ‫باد بي إصبع ِ ِ‬‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫واحد‪،‬‬ ‫ب‬‫مح ِن تعاىل‪ ،‬ك َق ْل ٍ‬ ‫ني م ْن أصابِ ِع َّ‬
‫الر َ‬ ‫قلوب الع َ ْ ْ َ َ‬
‫َ‬ ‫فاحلاص ُل‪َّ :‬‬
‫أن‬
‫باد ب َي ِده‪ ،‬وهو ‪ ‬عىل ِّ‬
‫كل‬ ‫الع ِ‬ ‫كيف شاء‪ ،‬ويق ِّلبها حي ُث شاء‪ ،‬ونَوايص ِ‬
‫َ‬ ‫ص ُفها َ َ ُ ُ َ ْ‬ ‫ُي َ ِّ‬
‫قدير‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫َشء ٌ‬

‫كام قال ‪( :‬ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤﯥ‬


‫ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ) [األنفال‪.]٢٤ :‬‬

‫حال َب ْينَكُــم وب ْينَه إذا ُ‬


‫أردتوه بعدَ‬ ‫أمــر اهللِ َّأو َل ما َيأتيك ُْم‪ ،‬ف ُي َ‬ ‫«فإ َّياكُــم ْ‬
‫أن ت َُر ُّدوا َ‬
‫ِ‬ ‫ذلِ َك‪ْ َ ،‬‬
‫لوب ح ْي ُث شا َء‪،‬‬
‫ب ال ُق َ‬ ‫الم ْرء‪ ،‬و َق ْلبِه‪ُ ،‬ي َق ِّل ُ‬ ‫فإن اهللَ َي ُ‬
‫ول َب ْي َ‬ ‫َلف قلو ُبك ُْم؛ َّ‬
‫وتت َ‬
‫ص ُفها أنَّى شا َء‪.‬‬
‫و ُي َ ِّ‬
‫تيمية (ص‪ ،)73‬أسامء اهلل وصفاته البن عثيمني (ص‪ ،)45‬القواعد ا ُملثىل‬
‫((( التدمرية لشيخ اإلسالم ابن َّ‬
‫التدمرية (ص‪ ،)62‬القول املفيد (‪ ،)528/2‬تفسري الفاحتة والبقرة (‪.)218/2‬‬
‫(ص‪ ،)51‬تقريب ُ‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 235‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪234‬‬

‫َيف شــا َء‪ ،‬ال َي ْمتَنِ ُع‬ ‫لوب ِ‬


‫عباده ك َ‬ ‫ف يف ُق ِ‬ ‫ترص ٌ‬ ‫بيان‪َّ :‬‬
‫ديث ُ‬‫يف هذا الح ِ‬
‫أن اهللَ تعاىل ُم ِّ‬ ‫َ‬
‫فم ْن شــا َء أقا َم قل َب ُه‪ ،‬و َمن شا َء أزا َغه‪ْ َ ،‬يدي َم ْن‬ ‫ِ ِ‬
‫عليه منْها َش ٌء‪ ،‬وال يفوتُه ما ُيريدُ ُه‪َ ،‬‬
‫ٍ‬ ‫وهو عىل ِّ‬ ‫ِ‬
‫قدير‪.‬‬
‫كل يشء ٌ‬ ‫يشا ُء‪ ،‬و ُيض ُّل َم ْن يشا ُء‪َ ، ،‬‬

‫ديث عىل حقي َقتِ ِه‪َّ ،‬‬


‫وأن هللِ تعاىل يدَ ْي ِن‪ ،‬ول ُه ‪ ‬أصابِع‬ ‫نؤمن هبذا الح ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ونَحن ِ‬
‫ُ‬
‫ليق بجاللِه‪،‬‬ ‫حقيقــ ًة‪ُ ،‬ن ْثبِتُها له كام أثبتَها َله رســو ُله ‪ ،َH‬عىل الوج ِ‬
‫ــه الذي َي ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ‬
‫طيل‪( :‬ﭡ ﭢ ﭣﭤ‬ ‫ٍ‬
‫ثيل‪ ،‬وال تَكييف‪ ،‬وال َت ْع ٍ‬ ‫غري ت ٍ‬
‫َشبيه‪ ،‬وال َت ٍ‬ ‫وكاملِه‪ِ ،‬م ْن ِ‬
‫ﭥ ﭦ ﭧ) [الشورى‪.]١١ :‬‬
‫‪.‬‬

‫الحقي َق ِة‪،‬‬ ‫ِ‬


‫مح ِن ‪ ،C‬عىل َو ْجه َ‬
‫الر َ‬
‫بأن ال ُقلوب ك َّلها بي إصبع ِ ِ‬
‫ي م ْن أصابِع َّ‬ ‫َْ َ ْ َ َْ‬ ‫َ‬
‫ون ِ‬
‫ُؤم ُن َّ‬
‫وتصفِه يف‬ ‫ِ ِ‬ ‫ديث‪ :‬الح ُ ِ‬
‫ديث كنا َي ٌة عن ُســلطان اهلل‪ُّ َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫الح َ‬ ‫تأو َل َ‬ ‫نقول كام ُ‬
‫يقول َم ْن َّ‬ ‫وال ُ‬
‫لوب؛ ألنَّه َل ْي َس يف ُقلوبِنا أصابِ ُع!‬
‫ال ُق ِ‬

‫ني ِم ْن أصابِ ِع‬‫إص َب َع ِ‬ ‫بل نُثبِتُه عىل حقي َقتِ ِه‪ ،‬وال ي ْل َزم ِمــن ك ِ‬
‫َون ُق ِ‬
‫لوب بني آد َم َب ْي ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ‬
‫تكون أصابِع اهللِ ِ‬
‫داخ َل‬ ‫الح ُ‬ ‫ِ‬ ‫اهللِ‪ْ ،‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫لول ْ‬
‫بأن‬ ‫اس ًة‪ ،‬و ُمباش ًة هلا‪ ،‬وال َي ْل َز ُم من ُه ُ‬ ‫أن ت َ‬
‫َكون ُم َّ‬
‫أجوافِنا!‬
‫يقول‪ :‬جيب ص ُفه عن ِ‬
‫ظاه ِره حتَّى ال‬ ‫أن َ‬ ‫احلديث إىل ْ‬
‫َ‬ ‫تأو َل‬
‫ْ‬ ‫ُ َ ْ‬ ‫وهذا الــذي َدعا َم ْن َّ‬
‫ِ‬
‫باشةُ‪،‬‬ ‫امســ ُة‪ُ ،‬‬
‫والم َ‬ ‫لول! وهذا َخ َط ٌأ؛ فال َب ْين َّي ُة َب ْي َشــي َئ ْي ال َي ْل َزم منْها ُ‬
‫الم َّ‬ ‫الح ُ‬
‫ُيت ََو َّه َم ُ‬
‫فه ْل‬
‫وهذا كام قال تعاىل‪( :‬ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ) [البقرة‪َ ،]١٦٤ :‬‬
‫باشا هلُام؟! ال ُي ْم ِك ُن‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الص ًقا للس ِ‬
‫يكون السحاب م ِ‬ ‫ي ْل َزم ِمن ِ‬
‫واألرض‪ُ ،‬م ً‬ ‫امء‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ َّ‬ ‫اآلية ْ‬
‫أن‬ ‫َ ُ َ‬
‫ِ‬ ‫َحن ُ‬
‫اس ًة له‪.‬‬
‫باش ًة له‪ ،‬وال ُم َّ‬ ‫الم َص ِّل بني يدَ ْيه»‪ ،‬و َل ْي َست َ‬
‫هي ُم َ‬ ‫تة ُ‬ ‫نقول‪ُ :‬‬
‫«س ْ َ‬ ‫ون ُ‬

‫َ‬
‫تكون‬ ‫أن‬ ‫واملدينة»‪ ،‬مع تبا ُع ِ‬
‫ــد ما بينَها وب ْين َُهام‪ ،‬فال َي ْل َز ُم ْ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ونقول‪َ « :‬بدْ ٌر َب ْي م َّك َة‪،‬‬
‫َ‬
‫ُمتَّصل ًة ِهبام‪.‬‬

‫جلام َدى‪.‬‬ ‫َ‬ ‫بي ُجادى‪ ،‬وذي ال َقع ِ‬


‫دة»‪ ،‬وال َي ْل َز ُم ْ‬ ‫«ش ُ‬ ‫ُ‬
‫ونقول‪َ :‬‬
‫يكون موال ًيا ُ‬ ‫أن‬ ‫ْ‬ ‫عبان ْ َ َ‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 234‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫‪233‬‬

‫الحديث الثاني والثالثون‬

‫َ‬
‫ســول اهللِ ‪،H‬‬ ‫العاص ‪ ،L‬أَنَّهُ َ‬
‫ســمِعَ ر َ‬ ‫ِ‬ ‫ن‬
‫ــن َع ْمــرِو بْ ِ‬
‫عــن َع ْبــ ِد اهللِ بْ ِ‬
‫ْ‬
‫ُ‬
‫قول‪:‬‬‫يَ‬
‫ك َ‬
‫ق ْل ٍ‬
‫ب‬ ‫ن‪َ ،‬‬
‫م ِ‬ ‫ن أَصا ِب ِ‬
‫ــع الرَّ ْح َ‬ ‫ن ِم ْ‬
‫ع ْي ِ‬
‫صب َ َ‬
‫ن إِ ْ‬ ‫م ُ‬
‫كلَّها ب َ ْي َ‬ ‫لوب بَنــي آ َد َ‬
‫َ‬ ‫ن ُق‬
‫«إ ِ َّ‬
‫ء»‪.‬‬
‫ث يَشا ُ‬ ‫صر ِّ ُف ُه َ‬
‫ح ْي ُ‬ ‫واح ٍد‪ ،‬ي ُ َ‬
‫ِ‬

‫ُ‬
‫سول اهللِ ‪:H‬‬ ‫ُث َّ‬
‫م قال ر َ‬

‫ك»(((‪.‬‬
‫ع ِت َ‬
‫ف ُقلوبَنا على طا َ‬
‫صر ِّ ْ‬
‫لوب‪َ ،‬‬
‫ق ِ‬ ‫صر ِّ َ‬
‫ف ال ُ‬ ‫م ُم َ‬
‫ه َّ‬
‫«الل ُ‬

‫قلِّ َ‬
‫ب‬ ‫َ‬
‫قول‪« :‬يا ُم َ‬‫سول ال َّل ِه ‪ H‬يُ ْكث ِ ُر أ َ ْن يَ‬
‫ُ‬ ‫كان ر َ‬
‫َ‬ ‫ن أَنَ ٍ‬
‫س ‪ ،I‬قال‪:‬‬ ‫و َع ْ‬
‫ك»‪.‬‬ ‫لوب‪ ،‬ثَبِّ ْ‬
‫ت َق ْلبي على دي ِن َ‬ ‫ق ِ‬ ‫ال ُ‬

‫خاف َع َل ْينا؟‬
‫ل تَ ُ‬ ‫ك‪َ ،‬وبِما ِج ْئ َ‬
‫ت ب ِ ِه؛ َف َه ْ‬ ‫سول ال َّل ِه‪ ،‬آ َم َّنا ب ِ َ‬
‫َ‬ ‫َف ُق ْل ُ‬
‫ت‪ :‬يا ر َ‬

‫ك ْي َ‬
‫ف‬ ‫قلِّبُها َ‬ ‫ن أَصا ِب ِع اللَّ ِ‬
‫ــه‪ ،‬ي ُ َ‬ ‫ن ِم ْ‬
‫ع ْي ِ‬ ‫ــن أ ُ ْ‬
‫صب ُ َ‬ ‫لوب ب َ ْي َ‬
‫َ‬ ‫ن ال ُ‬
‫ق‬ ‫م‪ ،‬إ ِ َّ‬ ‫قــال‪« :‬ن َ َ‬
‫ع ْ‬
‫يَشا ُء»(((‪.‬‬

‫((( رواه مسلم (‪.)2654‬‬


‫((( رواه الرتمذي (‪ ،)3587‬وحسنه‪ ،‬وابن ماجه (‪ ،)3834‬ورواه ابن منده يف الرد عىل اجلهمية (‪،)25‬‬
‫ديث ثابِ ٌت بِات ٍ‬
‫ِّفاق»‪.‬‬ ‫من حديث جابر‪ ،‬وقال‪« :‬هذا َح ٌ‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 233‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 232 11/17/19 8:57 PM
‫‪231‬‬ ‫احلديث احلادي والثالثون‪ :‬احلمد هلل الذي وسع سمعه األصوات‪ ،‬لقد جاءت خولة‪...‬‬

‫ظواه ِرها‪ ،‬ال ِم ْن َط ٍ‬


‫ريق‬ ‫ِ‬ ‫وص ُفها ع ْن‬ ‫ِ‬ ‫هذ ِه الن‬
‫تأويل ِ‬ ‫أح ٍد ِمن ُْهم ُ‬ ‫َ ِ‬
‫ُّصوص‪ْ َ ،‬‬ ‫ول ْ يأت َع ْن َ‬
‫ذلك‪.‬‬ ‫حيح‪ ،‬وال َض ٍ‬
‫عيف‪َ ،‬م َع توا ُف ِر الدَّ واعي عىل َن ْق ِل َ‬ ‫َص ٍ‬
‫ظاهر ِ‬
‫ؤمــن‪ ،‬هو ِ‬ ‫أن الذي ُأريدَ ِمنْهم‪ِ ،‬‬ ‫ِمَّا ُي َب ِّ ُ‬
‫اخل ِ‬
‫طاب‪ ،‬وهذا‬ ‫ُ‬ ‫ٍ َ‬ ‫وم ْن ِّ‬
‫كل ُم‬ ‫ُ‬ ‫ــن َق ْط ًعا َّ‬
‫الصحا َب ِة ‪.M‬‬ ‫ف َ‬
‫حال َّ‬ ‫ُّصوص‪ ،‬و َع َر َ‬
‫َ‬ ‫واض ٌح َمل ْن تأ َّم َل الن‬ ‫ِ‬

‫سول ‪ ،H‬وصحا َبتِه‪،‬‬


‫سبيل الر ِ‬
‫ِ َّ‬ ‫لوك َغ ْ ِي‬ ‫ِ‬
‫التأويل‪ ،‬وأنَّه ُس ُ‬ ‫ُ‬
‫طالن‬ ‫َبي ُب‬
‫وهبذا َيت َّ ُ‬
‫ٍ‬
‫بإحسان إىل َيو ِم الدِّ ِ‬
‫ين(((‪.‬‬ ‫والتَّابِ َ‬
‫عني هل ُ ْم‬

‫وس ْم ُع إجا َب ٍة‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫وس ْم ُع ُه ‪ ‬ن ِ‬


‫َوعان‪َ :‬س ْم ُع إ ْدراك‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫والجل َّي ِة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫األصــوات ال َّظ ِ‬
‫اهرة‪ ،‬والباطنَة‪ ،‬اخلف َّيــة‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ــم ُعه جلمي ِع‬ ‫األو ُل‪َ :‬س ْ‬‫• • َّ‬
‫األرض‪ ،‬وال يف الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وإحاط ُت ُه التا َّم ُة هبا‪ ،‬فاهللُ تعاىل ال َ ْ‬
‫امء‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ي َفى عليه َ ْ‬
‫ش ٌء يف‬

‫اعني‪ ،‬والعابِدي َن‪ ،‬ف ُيجي ُب ُهم‪ ،‬و ُيثي ُب ُهم‪.‬‬


‫للسائلني‪ ،‬والدَّ َ‬
‫َ‬ ‫• •وال َّثاين‪َ :‬س ْم ُع اإلجا َب ِة ِمنْه‬
‫ِ‬
‫ومن ُه قو ُل ُه تعاىل‪( :‬ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ) [إبراهيم‪ ]٣٩ :‬أي‪ُ :‬مي ُبه‪.‬‬
‫ِ ِ‬ ‫صل ِ‬
‫«سم َع اهللُ َل ْن َحدَ ه» أي‪ :‬است َ‬
‫َجاب َل ُه‪ ،‬فأثا َبه(((‪.‬‬ ‫الم ِّ َ‬ ‫ُ‬
‫وقول ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫هو‬
‫وليس َ‬ ‫األو َل‪َ :‬‬
‫«س ْم َع اإل ْدراك»‪َ ،‬‬ ‫ــم ُع اإلجا َبة»‪ ،‬ال ُينايف َّ‬
‫«س ْ‬ ‫ــم ُع الثاين‪َ :‬‬
‫والس ْ‬
‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إثبات له‪ ،‬وم ْن ِ‬
‫اعني‪،‬‬
‫يب َدعوات الدَّ َ‬ ‫لوازمه؛ فإذا َ‬
‫كان اهللُ تعاىل ُي ُ‬ ‫ٌ‬ ‫تأويــا له؛ َب ْل َ‬
‫هو‬ ‫ً‬
‫يب‪.‬‬ ‫لني؛ َ ِ‬ ‫ِ‬
‫وي ُ‬
‫فهو ‪َ ‬ي ْس َم ُع‪ُ ،‬‬ ‫فيلز ُم م ْن هذا أنَّه َي ْس َم ُعها؛ َ‬ ‫والسائ َ‬

‫((( رشح كتاب التوحيد للغُ نيامن (‪.)189/1‬‬


‫السفارينية‬
‫َّ‬ ‫((( مفتاح دار السعادة (‪ ،)79/1‬تفسري أسامء اهلل احلسنى للسعدي (ص‪ ،)209‬رشح العقيدة‬
‫البن عثيمني (ص‪ ،)185‬رشح الواسطية (‪ ،)206/1‬رشح رياض الصاحلني (‪.)551/5‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 231‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪230‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬


‫«سميع‬
‫ٌ‬ ‫َس ْب ِع َساموات؛ ولذا قال يف ختا ِم اآل َية‪( :‬ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ) [املجادلة‪]١ :‬؛ َ‬
‫فهو‬
‫إليه‪ ،‬بصري بمن ي ْشكو ِ‬
‫إليه»(((‪.‬‬ ‫ُناجيه‪ ،‬وتترضع ِ‬
‫ِ‬ ‫لِا ت‬
‫َ ٌ َ ْ َ‬ ‫َّ ُ‬
‫ِ‬
‫احلاجات‪.‬‬ ‫ِ‬
‫األوقات‪ ،‬عىل تفن ُِّن‬ ‫ِ‬
‫األصوات‪ ،‬يف مجي ِع‬ ‫(ﭠ ﭡ ﭢ)‪ :‬جلمي ِع‬
‫يلة ال َّظ ْل ِ‬
‫امء‪.‬‬ ‫لة الس ِ‬
‫وداء‪ ،‬عىل الص ْخر ِة الصم ِء‪ ،‬يف ال َّل ِ‬ ‫(ﭣ)‪ :‬يب ِص دبيب النَّم ِ‬
‫َّ َ َّ َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُْ ُ َ َ ْ‬
‫ِ‬
‫واجلليلة‪.‬‬ ‫باألمور الدَّ قي َق ِة‪،‬‬
‫ِ‬ ‫صه‪ ،‬وإحا َطتِ ِهام‬
‫كامل َس ْم ِعه‪ ،‬و َب َ ِ‬
‫وهذا إخبار ع ْن ِ‬
‫ٌ‬
‫زيل َشــكواها‪ ،‬وير َفع ب ْلواها؛ ِ‬
‫ولذا‬ ‫بأن اهللَ تعاىل س ُي ُ‬ ‫ويف ِض ْم ِن ذلك‪ :‬اإلشــار ُة َّ‬
‫َْ ُ َ‬
‫ِ‬ ‫غريها‪ ،‬عىل َو ْج ِه ال ُعمو ِم يف‬
‫وحك َْم ِ‬
‫اآليات التي َب ْعدَ ها»(((‪.‬‬ ‫َذك ََر ُحك َْمها‪ُ ،‬‬
‫‪،‬‬‫ﮡ) [طه‪]٧ :‬‬ ‫ُ‬
‫يقــول‪( :‬ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ‬ ‫وصــدَ َق اهللُ تعاىل إ ْذ‬
‫َ‬
‫ﮇ ﮈ ﮉ) [الزخرف‪:‬‬ ‫وقــال‪( :‬ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﮅ ﮆ‬
‫وقــال‪( :‬ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ‬ ‫‪]٨٠‬‬

‫ﯥ) [التوبة‪.]٧٨ :‬‬

‫ع ُه‬
‫ــم ُ‬
‫س ْ‬ ‫ســ َ‬
‫ع َ‬ ‫عائشــ ُة ‪« :J‬ال َ‬
‫ح ْم ُد ِ‬
‫هلل الذي َو ِ‬ ‫املؤمنني َ‬
‫َ‬ ‫قالــت أ ُّم‬
‫ْ‬ ‫ولِذا‬
‫وأحاط هبا ك ِّلها‪ ،‬ال يفوتُه ِمنْها يش ٌء وإن‬ ‫َ‬ ‫األصوات‪،‬‬
‫َ‬ ‫وات» أي‪ :‬أ ْد َر َك َس ْ‬
‫ــم ُعه‬ ‫ص َ‬ ‫األ َ ْ‬
‫عليه‪ ،‬وال َي ْش َغ ُله ِمنْها َس ْم ٌع ع ْن‬
‫الخ ْل ِق‪ ،‬وال ت َْشــتَبِه ِ‬
‫ُ‬ ‫أصوات َ‬
‫ُ‬ ‫ف عليه‬ ‫في‪ ،‬وال ختت َِل ُ‬
‫َخ َ‬
‫لني(((‪.‬‬‫والس ِائ َ‬ ‫ِ‬
‫المسائ ِل‪َّ ،‬‬
‫ِ‬
‫َس ْمعٍ‪ ،‬وال ُت ْغل ُطه كثر ُة َ‬
‫ِ‬
‫ُّصوص عىل‬ ‫الصحا َبــ َة ‪ M‬آ َمنوا بالن‬ ‫أن َّ‬ ‫وقو ُل عائشــ َة ‪ J‬هذا يدُ ُّل عىل َّ‬ ‫ْ‬
‫غري ِهم‬
‫وم ْن ِ‬‫وأن هذا هو الذي أراده اهللُ تعاىل ِمنْهم‪ِ ،‬‬ ‫ظاه ِرها الذي يتبا َد ُر إىل ال َف ْه ِم‪َّ ،‬‬‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫المك َّل َ‬
‫فني‪.‬‬ ‫ِ‬
‫م َن ُ‬
‫واب‪،‬‬ ‫كان هذا الذي آمنوا ِبه‪ ،‬واع َت َقدوه َخ َط ًأ؛ َل ي َقروا ِ‬
‫عليه‪ ،‬و َل ُب ِّ َ‬ ‫إ ْذ َل ْو َ‬
‫الص ُ‬‫ي هل ُ ُم َّ‬ ‫ْ ُ ُّ‬ ‫َ‬

‫((( تفسري البغوي (‪.)50/8‬‬


‫بترصف‪.‬‬
‫((( تفسري السعدي (ص‪ُّ ،)843‬‬
‫((( طريق اهلجرتني (ص‪ ،)127‬رشح كتاب التوحيد للغُ نيامن (‪.)189/1‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 230‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫‪229‬‬

‫الحديث الحادي والثالثون‬

‫وات‪ ،‬ل َ َ‬
‫ق ْد‬ ‫ص َ‬ ‫ع ُه األ َ ْ‬
‫ــم ُ‬
‫س ْ‬ ‫ســ َ‬
‫ع َ‬ ‫ح ْم ُد ِ‬
‫هلل الذي َو ِ‬ ‫قالت‪ :‬ال َ‬
‫ْ‬ ‫ة‪J‬‬ ‫ن عائ ِ َ‬
‫شــ َ‬ ‫َع ْ‬
‫عل َ َّ‬
‫ي‬ ‫كان ي َ ْخ َ‬
‫فى َ‬ ‫َ‬ ‫جها‪َ ،‬ف‬ ‫ســول اللَّ ِه ‪ H‬ت َ ْ‬
‫شكو ز َ ْو َ‬ ‫ِ‬ ‫خ ْول َ ُة إِلَى ر َ‬
‫ت َ‬
‫ء ْ‬
‫جا َ‬
‫َكال ُمها‪َ ،‬فأ َ ْنز َ َل اهللُ ‪( :D‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ‬
‫ﭜ ﭝ ﭞ) [املجادلة‪ ]١ :‬اآل َي َة(((‪.‬‬

‫َ‬
‫وحالا‪،‬‬ ‫َت حا َله‪،‬‬ ‫كبريا‪ ،‬اش َت َكتْه زوجتُه‪ ،‬وشك َ‬
‫شيخا ً‬ ‫كان ً‬ ‫ِ‬
‫األنصار‪َ ،‬‬ ‫هذا َر ُج ٌل ِم َن‬
‫نفس ِه‬
‫رســول اهللِ ‪ H‬فيام جرى بينَهام‪َّ ،‬ملا حرمها عىل ِ‬
‫َّ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وحاو َر ْت‬
‫َ‬ ‫إىل اهللِ تعاىل‪،‬‬
‫ت‬ ‫واألوالد‪ ،‬وراجع ِ‬
‫ِ‬ ‫الصح َب ِة الطوي َل ِة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫طالق ِ‬ ‫‪-‬وكان ِم ْن‬
‫َ‬ ‫بال ِّظ ِ‬
‫َ‬ ‫أهل اجلاهل َّية ‪-‬بعدَ ُّ‬ ‫هار‬
‫ِ‬
‫وكر َر ْت‪ ،‬وأعا َد ْت(((‪.‬‬‫مع رسول اهللِ ‪َّ َH‬‬ ‫الكال َم َ‬
‫ســول اهللِ‬
‫َ‬ ‫والمرأ ُة تُك ِّل ُم َر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املؤمنني عائشــ ُة ‪ J‬يف ناحيــة ال َب ْيت‪َ ،‬‬
‫َ‬ ‫وكانت أ ُّم‬
‫ْ‬
‫أس َم ُع ما ت ُ‬ ‫ٍ‬ ‫‪ُ ،َH‬‬
‫َقول»(((‪.‬‬ ‫كالمها»‪ ،‬ويف رواية‪« :‬وما ْ‬ ‫«فكان َي َفى َّ‬
‫عيل ُ‬ ‫َ‬ ‫تقول‪:‬‬
‫وما َد َلتَها‪ِ ،‬م ْن ِ‬
‫فوق‬ ‫قولا‪ ،‬وشــكواها‪ُ ،‬‬ ‫صري‪َ ،E ،‬س ِم َع َ‬ ‫ِ‬
‫ــميع َب ٌ‬
‫ٌ‬ ‫لك َّن اهلل َس‬

‫وصححه‪ :‬ابن‬
‫َّ‬ ‫((( أخرجه البخاري تعليقًا (‪ ،)117/9‬ووصله النسائي (‪ ،)3460‬وابن ماجه (‪،)188‬‬
‫تيمية‪ ،‬وابن امللقّن‪ ،‬وابن حجر‪ ،‬واأللباين‪.‬‬
‫َّ‬
‫((( تفسري البغوي (‪ ،)50/8‬تفسري السعدي (ص‪.)843‬‬
‫((( رواه ابن ماجه (‪ ،)188‬وأمحد (‪.)24195‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 229‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪228‬‬

‫روايــة‪ِ :‬‬
‫والع َّزة إزاري‪َ ،-‬ف َم ْن‬ ‫ٍ‬ ‫«الك ْبيا ُء ِردائــي‪ ،‬وال َع َظم ُة إِزاري ‪-‬ويف‬ ‫احلديث‪ِ :‬‬
‫ِ‬

‫واحدً ا ِمن ُْهام ُأ ْل ِق ِه يف الن َِّار»(((‪.‬‬


‫ناز َعني ِ‬
‫َ‬

‫ص‬ ‫خصائ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ــيخ اإلســا ِم ابن تيمية ‪« :V‬والع َظم ُة‪ِ ،‬‬
‫والك ْبيــا ُء‪ِ ،‬من‬ ‫ُ‬
‫يقول َش ُ‬
‫َ‬ ‫ُ َّ‬
‫داء‪ ،‬كام َ‬
‫جعل ال َع َظ َم َة‬ ‫ولذا جع َلها بمنز َل ِة الر ِ‬ ‫ــة‪ِ ،‬‬
‫والكبياء أعىل ِمن الع َظم ِة؛ ِ‬ ‫الربوبي ِ‬
‫ِّ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ْ ُ‬ ‫ُّ َّ‬
‫ِ‬
‫اإلزار»(((‪.‬‬ ‫بمنز َل ِة‬

‫((( رواه أبو داود (‪ ،)4090‬واإلمام أمحد (‪ ،)7382‬وتقدم الكالم عليه‪.‬‬


‫تيمية (ص‪.)99‬‬
‫العبودية البن َّ‬
‫َّ‬ ‫(((‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 228‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫‪227‬‬ ‫قمت مع رسول اهلل ‪ H‬ليلة‪ ،‬فقام فقرأ سورة البقرة‪...‬‬
‫احلديث الثالثون‪ُ :‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الملِ ُ‬


‫بصفات‬ ‫وصــوف‬
‫ُ‬ ‫الم ْلك‪َ :‬‬
‫الم‬ ‫ــب ُ‬
‫ك ‪ ،‬صاح ُ‬ ‫هــو َ‬‫واهلل تعــاىل َ‬
‫الخ ْل ِق‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الم ْط َل ُق‪ ،‬يف َ‬ ‫ف ُ‬ ‫ال َع َظ َمة‪ ،‬والك ْبيــاء‪ ،‬وال َق ْه ِر‪ ،‬والتدبري‪ ،‬الذي له الت ُّ‬
‫َّــر ُ‬
‫فيل‪ ،‬عبيدُ ه‪ ،‬ومماليكُه‪ ،‬و ُمض َّط َ‬
‫رون‬ ‫والكل يف َ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والس ِّ‬
‫لوي‪ُّ ،‬‬ ‫العال ال ُع ِّ‬ ‫واجلزاء‪،‬‬ ‫واألمر‪،‬‬
‫ب‪ ،‬و ُي َق ِّل ُبهم كام‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اآلمر النَّاهي‪ ،‬الم ِع ُّز‪ِ ،‬‬
‫إليه‪ ،‬فهو ِ‬
‫ِ‬
‫أمور عباده كام ُي ُّ‬
‫ف َ‬ ‫ص ُ‬ ‫المذ ُّل‪ُ ،‬ي َ ِّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫يشا ُء ‪.(((‬‬

‫كام قــال ‪( :‬ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ) [احلرش‪ ،]٢٣ :‬وقال‬


‫تعاىل‪( :‬ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ‬
‫ﮕ ﮖ ﮗ ﮘﮙ ﮚ ﮛﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ) [آل عمران‪ ،]٢٦ :‬وقال تعاىل‪:‬‬
‫(ﭹ ﭺ ﭻ ﭼﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ) [احلديد‪ ،]٥ :‬وقــال ‪( :D‬ﰘ ﰙ‬
‫ﰚ ﰛ ﰜ ﰝﰞ ﰟ ﰠ ﰡ ﰢ ﰣ) [املائدة‪.]١٢٠ :‬‬
‫ــال‪ ،‬والمجدُ ‪ِ ،‬مــن ِ‬
‫والج ُ‬ ‫ِ‬
‫«الك ْب» بمعنى‪:‬‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫لك‪،‬‬ ‫و«الك ْبيــاء»‪ :‬ال َع َظ َم ُة ُ‬
‫والم ُ‬
‫الع َظ ِ‬
‫مة‪.‬‬ ‫َ‬

‫يوصف هبا َّإل اهللُ تعاىل‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الذ ِ‬ ‫وقيل‪ :‬هي عبار ٌة عن ِ‬
‫كامل َّ‬ ‫َ‬
‫الوجود‪ ،‬وال َ‬
‫وكامل ُ‬ ‫ات‪،‬‬
‫قال تعاىل‪( :‬ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋﮌ ﮍ ﮎ ﮏ) [اجلاثية‪.]٣٧ :‬‬
‫الكب ِ‬
‫ياء‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫و«الكبــر»؛ أي‪:‬‬ ‫أســائ ِه ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العظيــم ذو ْ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫«املتكــر»‪،‬‬
‫ِّ ُ‬ ‫وم ْن‬
‫عن الس ِ‬ ‫الخ ْل ِق‪َ ،‬‬ ‫وقيل‪ :‬المتعايل عن ِص ِ‬
‫ــوء‪ ،‬والن ِ‬
‫َّقص‪،‬‬ ‫واملتنز ُه ِ ُّ‬
‫ِّ‬ ‫املتكب‬
‫ِّ ُ‬ ‫وقيل‪:‬‬ ‫فات َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫وال ُع ِ‬
‫يوب(((‪.‬‬

‫الك ْبيــا َء أعىل؛ ولِذا جا َء يف‬ ‫«الك ِ‬


‫ربياء»‪ ،‬لكن ِ‬ ‫و«الع َظمــة»‪ :‬معناها قريب ِمــن ِ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬

‫((( تفسري أسامء اهلل احلسنى للسعدي (ص‪.)234‬‬


‫((( النهاية (‪ ،)140/4‬لسان العرب (‪ ،)125/5‬املرقاة (‪ ،)247/3‬عون املعبود (‪ ،)89/3‬تفسري‬
‫السعدي (ص‪.)854 ،778‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 227‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪226‬‬

‫ــار‪( :‬ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ‬
‫الج َّب ُ‬
‫هو َ‬‫فاهللُ تعاىل َ‬
‫ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ)‬
‫[احلرش‪.]٢٣ :‬‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫القه ُار‪ ،‬ال َع ُّيل‪:‬‬
‫ؤوف‪َّ ،‬‬ ‫الر ُ‬ ‫معان‪ ،‬ك ُّلها داخل ٌة فيه‪َّ :‬‬ ‫و«اجل َّبار» ل ُه ثال َث ُة‬
‫ِ‬
‫وي ُب ُق َ‬
‫لوب‬ ‫صاب‪ْ َ ،‬‬ ‫والم َ‬ ‫َســر‪ُ ،‬‬‫َ‬ ‫عيف‪ ،‬والك‬ ‫الض َ‬ ‫ي ُب َّ‬ ‫فهو َ ْ‬
‫الرؤوف‪َ ،‬‬ ‫‪1 -1‬بمعنى َّ‬
‫عليه ْم ِم ْن كراماتِه‪،‬‬
‫فيــض ِ‬ ‫عني ل َع َظ َمتِه‪ ،‬وجاللِه‪ ،‬بام ُي ُ‬ ‫الخاض َ‬‫ِ‬ ‫ــن له‬ ‫الم ِح ِّب َ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫وبركاته‪.‬‬
‫َ‬
‫ش ٍء‪.‬‬
‫وخض َع له ك ُُّل َ ْ‬ ‫َ‬ ‫كل َش ٍء‪،‬‬ ‫كل َش ٍء‪ ،‬الذي َ‬
‫دان َل ُه ُّ‬ ‫ار لِ ِّ‬ ‫القه ِ‬ ‫‪2 -2‬بمعنى َّ‬
‫ب َخ ْل َق ُه عىل ما َيشا ُء ِم ْن َأ ْم ِر ِه»(((‪.‬‬ ‫‪3 -3‬قال َقتا َدةُ‪َ :‬‬
‫«ج َ َ‬
‫كل َش ٍء‪.‬‬ ‫فهو األعىل عىل ِّ‬ ‫‪4 -4‬بمعنى ال َع ِّيل األعىل‪َ ،‬‬

‫أح ٍد‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬


‫ٍ‬
‫ونقص‪ ،‬وع ْن ُما َث َلة َ‬ ‫ســوء‪،‬‬ ‫تكب عن ك ُِّل‬
‫الم ِّ ُ‬ ‫وقدْ ُيرا ُد به معنًى رابِ ٌع‪َ ،‬‬
‫وهو‪ُ :‬‬
‫خصائ ِصه‪ ،‬وح ِ‬
‫قوقه(((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬
‫رشيك‪ ،‬يف‬ ‫مي‪ ،‬أو‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫وعن ْ‬
‫ُ‬ ‫ُفؤ‪ ،‬أو ضدٌّ ‪ ،‬أو َس ٌّ‬
‫يكون له ك ٌ‬ ‫أن‬

‫َي ُ‬
‫قول اإلما ُم اب ُن الق ِّيم يف «نون َّيته»‪:‬‬
‫ـوعـ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫اجلـبــار ِمــن َأوصــافِـ ِ‬ ‫ـذلِـ َ‬
‫ـان‬ ‫ـــر يف َأ ْوصــافــه َنـ ْ‬ ‫َ‬
‫واجل ْ ُ‬ ‫ـه‬ ‫ـك َ َّ ُ ْ ْ‬ ‫َو َكـ َ‬
‫ــر ِم ـنْ ـ ُه ِ‬
‫دان‬ ‫َ‬
‫فــاجل ْ ُ‬ ‫َــــر ٍة‪،‬‬
‫ذا ك ْ َ‬ ‫ب َقدْ غَدا‬ ‫الض ِ‬
‫عيف َوك ُِّل َق ْل ٍ‬ ‫ب َّ‬ ‫َج ْ ُ‬
‫ـان‬ ‫ــن إِ ْنــسـ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫وال َّثاين جب ال َقه ِر بِ ِ‬
‫ال َينْ َبغي لــســوا ُه م ْ‬ ‫الع ِّز الذي‬ ‫ْ‬ ‫َ ُْ‬
‫ِ‬
‫إنسان‬ ‫ـلو ف َل ْي َس َيدْ نو ِمنْه ِم ْن‬
‫ُّ‬ ‫ــو ال ُعـ‬
‫وه َ‬ ‫ثالث ْ‬ ‫ٌ‬ ‫و َلــ ُه ُم َس ًّمى‬

‫وقال‪:‬‬
‫والس ْب ِ‬ ‫ِ‬
‫ـــال وا ِ‬‫إِ ْج‬ ‫اجلب ِ‬
‫وتوا َمل َل َ‬
‫حان‬ ‫ُّ‬ ‫إلكْـــرا ِم‬ ‫كوتوال‬ ‫حانذي َ َ‬
‫ُس ْب َ‬

‫((( تفسري الطربي (‪.)554/22‬‬


‫القيم (ص‪ ،)121‬تفسري أسامء اهلل احلسنى‬ ‫َّ‬
‫للخطايب (ص‪ ،)48‬شفاء العليل البن ِّ‬ ‫((( شأن الدعاء‬
‫للسعدي (ص‪.)176‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 226‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫‪225‬‬ ‫قمت مع رسول اهلل ‪ H‬ليلة‪ ،‬فقام فقرأ سورة البقرة‪...‬‬
‫احلديث الثالثون‪ُ :‬‬

‫وح‬ ‫ِِ‬ ‫ِِ‬ ‫ســول اهللِ ‪َ H‬‬


‫كان َي ُ‬ ‫َ‬ ‫وعنها‪َ ،‬أ َّن َر‬
‫(((‬
‫«س ُّب ٌ‬
‫قول يف ُركوعه‪َ ،‬و ُســجوده‪ُ :‬‬
‫ِ ِ‬
‫وس ‪َ ،‬ر ُّب ا َملالئكَة‪ُّ ،‬‬
‫والروحِ »(((‪.‬‬ ‫ُقدُّ ٌ‬
‫(((‬

‫ْت‪،‬‬ ‫ك َآمن ُ‬‫ــجدْ ُت‪َ ،‬وبِ َ‬ ‫«الله َّم َل َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ك َس َ‬ ‫أيضا‪ُ :‬‬ ‫ــجوده ً‬ ‫يقــول يف ُس‬ ‫وكان ‪H‬‬

‫َبار َك اهللُ‬ ‫ِ‬ ‫ك َأ ْس َل ْم ُ‬


‫ص ُه‪ ،‬ت َ‬‫ت‪َ ،‬س َجدَ َو ْجهي ل َّلذي َخ َل َق ُه‪َ ،‬و َص َّو َر ُه‪َ ،‬و َش َّق َس ْم َع ُه‪َ ،‬و َب َ َ‬ ‫َو َل َ‬
‫جود ِه‪.‬‬
‫كان يقو ُله ‪ H‬يف س ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫تعظيم َ‬
‫ٌ‬ ‫قني»(((‪ .‬وهذا‬‫َأ ْح َس ُن اخلال َ‬

‫فاض؛ ولِذا َ‬
‫كان‬ ‫وانخ ٍ‬‫وخضوعٍ‪ِ ،‬‬‫والســجو ُد حالتا ُذ ٍّل‪ُ ،‬‬ ‫كوع َم َ ُّل التَّعظي ِم‪َ ،‬‬
‫وهو ُّ‬ ‫فالر ُ‬
‫ُّ‬
‫كوت‪ ،‬والكِب ِ‬
‫ياء‪ ،‬وال َع َظ َم ِة»‪.‬‬ ‫ْ‬
‫وت‪ ،‬وا َمل َل ِ‬
‫اجلب ِ‬
‫حان ذي َ َ‬
‫«س ْب َ‬ ‫يقول ِ‬
‫فيهام‪ُ :‬‬ ‫النبي ‪ُ H‬‬ ‫ُّ‬

‫ص(((‪.‬‬ ‫بحان»‪ :‬التَّسبيح‪ :‬التَّنزيه‪ ،‬والتَّقديس‪ ،‬والتَّربئ ُة ِمن الن ِ‬


‫َّقائ ِ‬ ‫«س َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫ليــق بكاملِه‪ ،‬وجاللِه‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬


‫نقص‪ ،‬و َع ْي ٍ‬
‫وســوء‪ ،‬وما ال َي ُ‬ ‫ب‪،‬‬ ‫َــز ُه اهللَ عــ ْن ِّ‬
‫كل‬ ‫أي‪ُ :‬أن ِّ‬
‫ِ‬
‫واإلعياء‪.‬‬ ‫كالج ْه ِل‪ ،‬وال َع ْج ِز‪ ،‬وال َّت َع ِ‬
‫ب‪،‬‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫الج ْ ِب‪ ،‬وال َق ْه ِر‪،‬‬ ‫ِ‬
‫و«الم َلكوت»‪َ :‬مأخو ٌذ م َن ُ‬
‫«الملك»‪،‬‬ ‫َ‬ ‫«الج َبوت»‪ :‬مأخــو ٌذ م َن َ‬ ‫َ‬
‫ح ِة‪ ،‬والر َح ِ‬
‫وت‪.‬‬ ‫والر ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّ‬ ‫والر َهبوت‪َّ ،‬‬
‫الر ْه َبة‪َّ ،‬‬
‫مثل‪َّ :‬‬
‫واح ٍ‬
‫كــوت» بمعنى ِ‬ ‫«الم َل‬ ‫واح ٍ‬
‫وهــي بمعنى ِ‬
‫ب»‬
‫و«الج ْ ُ‬
‫َ‬ ‫ــد‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫فـ«الم ْل ُك»‪َ ،‬و َ‬
‫ُ‬ ‫ــد؛‬ ‫َ‬
‫ت الواو‪ ،‬والتاء؛ للمبال َغ ِة يف الصفة‪ِ.‬‬ ‫لكن زيدَ ِ‬‫واح ٍد‪ِ ،‬‬
‫ربوت» بمعنى ِ‬
‫ُ‬ ‫و«الج‬
‫ِّ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬

‫ظاه ًرا‪ ،‬وباطِنًا(((‪.‬‬


‫وصاحب الم ْل ِك العظي ِم‪ِ ،‬‬
‫ُ ُ‬
‫ِ‬ ‫الج ْ ِب وال َق ْه ِر العظي ِم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫فاملعنى‪ :‬صاح ُب َ‬

‫والشيك‪ ،‬وما ال يليق‪.‬‬


‫ومنزه من النقائص‪َّ ،‬‬
‫ربأ َّ‬
‫((( ُم َّ‬
‫((( ُمبارك‪ ،‬أو‪ :‬طاهر من ِّ‬
‫كل عيب‪.‬‬
‫((( رواه مسلم (‪.)487‬‬
‫((( رواه مسلم (‪.)771‬‬
‫((( النهاية (‪ ،)331/2‬ولسان العرب (‪.)471/2‬‬
‫((( تفسري الطربي (‪ ،)347/9‬النهاية البن األثري (‪ ،)359/4 ،236/1‬تفسري القرطبي (‪،23/7‬‬
‫‪ ،)330‬تفسري ابن كثري (‪ ،)596/6‬مرقاة املفاتيح (‪.)715/2‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 225‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪224‬‬

‫واألغلب يف‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫واألصــل‬ ‫ظيم اهللِ تعاىل‪،‬‬ ‫الركو ِع َ‬
‫هــو َت ْع ُ‬ ‫ــب يف ُّ‬ ‫واألص ُل واألغ َل ُ‬
‫ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫كوع‪َ :‬ف َع ِّظموا فيه َّ‬
‫الر َّب ‪،D‬‬ ‫الر ُ‬‫هو االجتها ُد يف الدُّ عاء؛ لديث‪َ « :‬ف َأ َّما ُّ‬ ‫الســجو ُد َ‬ ‫ُّ‬
‫ِ ِ‬
‫فاجت َِهدوا يف الدُّ عاء؛ َف َقم ٌن((( َأ ْن ُي ْست َ‬
‫َجاب َلك ُْم»(((‪.‬‬ ‫السجو ُد‪ْ :‬‬‫َو َأ َّما ُّ‬

‫رب العظيم»‪.‬‬ ‫ِِ‬ ‫الم ِّ‬ ‫ولِذا ُ‬


‫بحان ِّ َ‬
‫«س َ‬ ‫صل يف ركوعه‪ُ :‬‬ ‫يقول ُ‬

‫تلك ال َع َظ َم َة هبذا‬
‫وقابل َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫ضوعه‪،‬‬ ‫وخ‬ ‫حال ِ‬
‫العبد‪ ،‬وذ ِّله‪ُ ،‬‬ ‫فنز َه َعظمتَه ‪ ‬ع ْن ِ‬ ‫َّ‬
‫َ‬
‫واالنح ِ‬
‫ِ‬
‫وطوى َظ ْه َره‪ ،‬ور ُّبه فو َقه‬ ‫انخ َف َض‪ ،‬و َط ْأ َط ْأ َ‬
‫رأسه‪َ ،‬‬ ‫والخضوعِ‪ ،‬قد َ‬ ‫ناء‪ُ ،‬‬ ‫الذ ِّل‪،‬‬
‫ُ‬
‫ٍ‬
‫وإجالل(((‪.‬‬ ‫َي َرى ُخضو َعه‪ ،‬و ُذ َّله‪ ،‬و َي ْس َم ُع كال َمه‪َ ،‬‬
‫فهو ُرك ُن تَعظي ٍم‪،‬‬

‫ت‪َ ،‬وبِ َ‬
‫ك َآمن ُ‬
‫ْت‪،‬‬ ‫أيضا‪« :‬ال َّل ُه َّم َل َ‬
‫ك َر َك ْع ُ‬ ‫الركو ِع ً‬ ‫النبــي ‪ُ H‬‬
‫يقول يف ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬
‫وكان‬
‫مي‪َ ،‬و َع ْظمي‪َ ،‬و َع َصبي»(((‪.‬‬ ‫ك َأ ْس َل ْم ُ‬
‫ت‪َ ،‬خ َش َع َل َ‬
‫ك َس ْمعي‪َ ،‬و َب َصي‪َ ،‬و ُ ِّ‬ ‫َو َل َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫السجود بام َ‬
‫ور َد‪،‬‬ ‫التعظيم يف ُّ‬
‫ُ‬ ‫الركو ِع بام َو َر َد‪ ،‬كام ال يمت ُ‬
‫َنع‬ ‫عاء يف ُّ‬
‫َنع الدُّ ُ‬
‫لكن ال يمت ُ‬
‫هو االجتِها َد يف‬ ‫ِ‬
‫الســجود َ‬‫والغالب يف ُّ‬
‫ُ‬ ‫َّعظيم‪،‬‬
‫هو الت َ‬ ‫الركو ِع َ‬
‫ب يف ُّ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫يكون الغال ُ‬
‫ِ‬
‫لكــ ْن‬
‫الدُّ ِ‬
‫عاء(((‪.‬‬

‫َّبي ‪َ H‬ي ُ‬
‫قول يف‬ ‫قالت‪َ :‬‬ ‫عائ َش َة ‪َّ J‬أنا ْ‬ ‫وقد ثب َت َعن أم املؤمنني ِ‬
‫كان الن ُّ‬ ‫ْ ِّ‬ ‫َ‬
‫َك ال َّل ُه َّم َر َّبنا َوبِ َح ْم ِد َك‪ ،‬ال َّل ُه َّم اغ ِْف ْر يل»(((‪.‬‬
‫«س ْبحان َ‬ ‫ِِ‬ ‫ِِ‬
‫ُركوعه‪َ ،‬و ُسجوده‪ُ :‬‬

‫مع الت ِ‬
‫َّسبيح‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫وهذا ُدعا ٌء َ‬
‫كان َيدْ عو به ‪ H‬يف ُركوعه‪َ ،‬‬

‫((( حقيق وجدير‪.‬‬


‫((( رواه مسلم (‪.)479‬‬
‫القيم (ص‪ ،)228‬الصالة وحكم تاركها (ص‪.)145‬‬
‫((( شفاء العليل البن ِّ‬
‫((( رواه مسلم (‪.)771‬‬
‫((( إحكام األحكام البن دقيق العيد (‪ ،)315/1‬وفتح الباري (‪.)300 ،281/2‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)794‬ومسلم (‪.)484‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 224‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫‪223‬‬

‫الحديث الثالثون‬

‫ســول ال َّل ِ‬
‫ه‪H‬‬ ‫ِ‬ ‫رَ‬ ‫عي ‪ ،I‬قال‪ُ :‬ق ْم ُ‬
‫ت َمعَ‬ ‫ــج ِّ‬
‫ش َ‬ ‫ك األ َ ْ‬
‫ن مال ِ ٍ‬
‫ف بْ ِ‬
‫ــن َع ْو ِ‬
‫َع ْ‬

‫سأَ َل‪َ ،‬وال يَ ُم ُّر بِآيَ ِة َع ٍ‬


‫ذاب‬ ‫قام َف َقرَأ َ سور َ َة ال َب َقرَ ِة‪ ،‬ال يَ ُم ُّر بِآيَ ِة ر َ ْح َم ٍة إال َو َق َ‬
‫ف َف َ‬ ‫لَ ْي َل ًة‪َ ،‬ف َ‬
‫ف َف َت َع َّو َذ‪.‬‬
‫إال َو َق َ‬

‫روت‪،‬‬ ‫حان ذي ال َ‬
‫جب َ ِ‬ ‫«ســ ْب َ‬ ‫ُ‬
‫قــول فــي رُكو ِعــ ِه‪ُ :‬‬‫ــدر ِ قيا ِمــ ِه‪ ،‬يَ‬ ‫قــال‪ُ :‬ث َّ‬
‫ــم ر َ َكــعَ ب ِ َق ْ‬
‫ــدر ِ قيا ِمــ ِه‪ُ ،‬ث َّ‬
‫م قــال في‬ ‫ــج َد ب ِ َق ْ‬
‫س َ‬ ‫م ِة»‪ُ ،‬ث َّ‬
‫ــم َ‬ ‫ع َ‬
‫ظ َ‬ ‫ريــاء‪ ،‬وال َ‬
‫ِ‬ ‫والك ْب‬
‫ِ‬ ‫كــوت‪،‬‬
‫ِ‬ ‫مل َ‬
‫وال َ‬
‫ك(((‪.‬‬ ‫سجو ِد ِه ِم ْث َ‬
‫ل َذل ِ َ‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫األذكار المشــ ِ‬ ‫العظيم ِم َن‬


‫ثبت يف‬ ‫ــجود‪ ،‬وقد َ‬ ‫والس‬
‫الركوعِ‪ُّ ،‬‬ ‫ركة يف ُّ‬ ‫َ‬ ‫ِ ُ‬ ‫ُ‬ ‫كر‬
‫الذ ُ‬‫هذا ِّ‬
‫ِ‬
‫بمقدار‬ ‫أن النبي ‪ H‬كرره كثريا جدً ا‪ ،‬يف الركوع‪ ،‬ويف الس ِ‬
‫جود‪،‬‬ ‫ِ‬
‫احلديث َّ‬ ‫هذا‬
‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫وس َأل‪ ،‬وال ُ‬
‫يم ُّر‬ ‫وقف َ‬ ‫ح ٍة إال َ‬ ‫قراء ِة ســور ِة البقر ِة قراء َة المتدب ِر‪ ،‬الذي ال يمر ِ‬
‫بآية َر ْ َ‬ ‫ُ ُّ‬ ‫ُ ِّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ف فت َع َّو َذ‪.‬‬ ‫عذاب إال َو َق َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫بآية‬

‫وتعظيمه‬
‫ُ‬ ‫ــجود ِه‪ُ ،‬‬
‫وخضو ُعه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫وس‬ ‫َ‬
‫‪ُ H‬‬ ‫النبي‬ ‫كان ُ‬
‫طول ُركو ِع ِّ‬ ‫فتأ َّم ْل َ‬
‫كيف َ‬
‫لر ِّب ِه ‪.D‬‬

‫وصححه النووي يف املجموع (‪،)414/3‬‬


‫َّ‬ ‫((( رواه أبو داود (‪ ،)873‬والنسائي (‪،)1132 ،1049‬‬
‫وحسنه ابن حجر يف نتائج األفكار (‪.)74/2‬‬
‫َّ‬ ‫واأللباين يف صحيح أيب داود‪،‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 223‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 222 11/17/19 8:57 PM
‫‪221‬‬ ‫احلديث التاسع والعرشون‪« :‬إين أرى ما ال ترون‪»...‬‬

‫ون يف‬ ‫األو َل‪َ ،‬و َي َت ُّ‬


‫اص َ‬ ‫فوف َ‬‫الص َ‬ ‫الئ َك ُة ِعنْدَ َر ِّبا؟ قال‪ُ « :‬يتِ ُّم َ‬
‫ون ُّ‬
‫ف ا َمل ِ‬ ‫اهللِ‪َ ،‬و َك ْي َ‬
‫ــف ت َُص ُّ‬
‫الص ِّ‬
‫ف»(((‪.‬‬ ‫َّ‬

‫وات َل َســا ًء ما فيها َم ْو ِض ُع ِش ْ ٍب‪ ،‬إِ َّل‬


‫ســعود ‪« :I‬إِ َّن ِمن الســم ِ‬
‫َ َّ َ‬
‫ٍ‬ ‫وقال اب ُن َم‬
‫ــر َأ‪( :‬ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫َو َع َل ْيه َج ْب َه ُة َم َلــك‪َ ،‬أ ْو َقدَ ُم ُه‪ ،‬قائ ًم»‪ُ ،‬ث َّم َق َ‬
‫ﮖ)((( [الصافات‪.]١٦٦-١٦٥ :‬‬
‫ــموات َم ْو ِض ُع ِش ْ ٍ‬
‫ــر‪َّ ،‬إل وعليــه َم َل ٌك ُي َص ِّل‪ ،‬أو‬ ‫ِ‬ ‫الس‬ ‫وقال اب ُن ع َّب ٍ‬
‫اس‪« :‬ما يف َّ‬
‫ُي َس ِّب ُح»(((‪.‬‬
‫ِ‬
‫وكامل تعظي ِم‬ ‫مة اهللِ تعــاىل‪ ،‬وجاللِ ِه‪،‬‬
‫لكامل َع َظ ِ‬
‫ِ‬ ‫بيان ِ‬
‫واض ٌح‬ ‫ويف هــذا الح ِ‬
‫ديث ٌ‬ ‫َ‬
‫املالئك َِة له ‪.‬‬

‫((( رواه مسلم (‪.)430‬‬


‫تفسري ابن كثري (‪.)39/7‬‬
‫ُ‬ ‫الطربي (‪،)652/19‬‬
‫ّ‬ ‫تفسري‬
‫ُ‬ ‫(((‬
‫((( تفسري البغوي (‪.)63/7‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 221‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪220‬‬

‫وقال تعــاىل‪( :‬ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ‬


‫ﮮ((( ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ((() [األنبياء‪.]٢٠-١٩ :‬‬

‫وقــال تعــاىل‪( :‬ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ‬


‫ﯵ ﯶ ﯷ) [فصلت‪.]٣٨ :‬‬

‫شغول باملالئك َِة‪،‬‬


‫ٌ‬ ‫الس ْبعِ‪َّ ،‬إل َ‬
‫وهو َم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ربنا ‪ H‬أنَّه ما م ْن َم ْوض ٍع يف َّ‬
‫الساموات َّ‬ ‫فأخ َ‬
‫ألمره ‪.‬‬ ‫لبعض ح ِّقه‪ ،‬وانقيا ًدا ِ‬
‫ِ‬ ‫تعظيم جلاللِه‪ ،‬وأدا ًء‬
‫ً‬ ‫لربِ ْم؛‬
‫َيتَع َّبدون ِّ‬
‫قائم َأبدً ا‪ ،‬و ِمنْهم‪ :‬من هو ِ‬
‫راك ٌع َأ َبدً ا‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ٍ ِ‬
‫هو ٌ َ َ ُ ْ َ ْ َ‬ ‫«و ُه ْم يف ُصنوف م َن العبا َدة‪ ،‬من ُْه ْم‪َ :‬م ْن َ‬
‫َ‬
‫ساجدٌ َأبدً ا‪ ،‬و ِمنْهم‪ :‬من هو يف ص ٍ‬ ‫ِ‬
‫نوف ُأ َخ َر‪ ،‬اهللُ َأ ْع َل ُم ِبا‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫هو ِ َ َ ُ ْ َ ْ َ‬ ‫َومن ُْه ْم‪َ :‬م ْن َ‬
‫كار ِهم‪ ،‬و َأ ْع ِ‬ ‫ِ‬ ‫دائ َ ِ‬ ‫وهم ِ‬
‫امل ُم ا َّلتي َأ َم َر ُه ُم اهللُ ِبا‪،‬‬ ‫مون يف عبا َد ِتِ ْم‪َ ،‬وت َْسبيح ِه ْم‪َ ،‬و َأ ْذ ِ ْ َ‬ ‫َ ُ ْ‬
‫قالت املالئك ُة‪( :‬ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ‬ ‫ناز ُل ِعنْدَ ربِم‪ ،‬كَام ِ‬ ‫َو َل ُ ْم َم ِ‬
‫َ ِّ ْ‬
‫ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ) [الصافات‪.(((»]١٦٦-١٦٤ :‬‬

‫قولم‪( :‬ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ) [الصافات‪ ]١٦٤ :‬أي‪ :‬ما ِمنَّا َم َل ٌك َّإل له‬ ‫ومعنى ِ‬

‫يتجاو ُزه‪ ،‬وال يتَعدَّ ا ُه‪.‬‬


‫َ‬ ‫العبا َد ِة‪ ،‬ال‬
‫ومقامات ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اموات‪،‬‬ ‫الس‬
‫صوص يف َّ‬
‫ٌ‬ ‫َم ْو ِض ٌع َم ْ‬
‫ِ‬ ‫(ﮐ ﮑ ﮒ) [الصافات‪ ]١٦٥ :‬أي‪ :‬ن َِق ُ‬
‫فوف‬
‫فص ُ‬‫ــف ُصفو ًفا يف ال َّطا َعة‪ُ ،‬‬
‫عنه ْم‪( :‬ﭑ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بادة كص ِ‬‫للع ِ‬ ‫املالئكة يف الس ِ‬
‫ــاء ِ‬ ‫ِ‬
‫األرض‪ ،‬كام قال ُ‬ ‫الناس يف‬ ‫فوف‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫ﭒ) [الصافات‪.(((]١ :‬‬

‫َ‬
‫ســول‬‫ف ا َملالئِ َك ُة ِعنْدَ َر ِّبا؟»‪ ،‬فقالوا‪ :‬يا َر‬ ‫«أال ت َُص ُّف َ‬
‫ون كَــا ت َُص ُّ‬ ‫ِ‬
‫احلديــث‪َ :‬‬ ‫ويف‬

‫يتعبون‪ ،‬وال يم ُّلون‪.‬‬


‫((( ال َ‬
‫((( ال َي ْض ُعفون‪.‬‬
‫بترصف يسري‪.‬‬
‫((( البداية والنهاية (‪ُّ ،)96/1‬‬
‫((( تفسري البغوي (‪ ،)63/7‬تفسري القرطبي (‪ ،)137/15‬تفسري ابن كثري (‪.)43/7‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 220‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫‪219‬‬

‫الحديث التاسع والعشرون‬

‫سول ال َّل ِه ‪:H‬‬


‫ُ‬ ‫ن أَبي َذرٍّ‪ ،I ،‬قال‪ :‬قال ر َ‬
‫َع ْ‬

‫ق لَها‬
‫ح َّ‬
‫ء‪َ ،‬و ُ‬
‫السما ُ‬
‫ت َّ‬ ‫عون‪ ،‬أ َ َّ‬
‫ط ِ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ع ما ال ت َ ْ‬
‫ســ َ‬ ‫ــم ُ‬
‫س َ‬‫ن‪َ ،‬وأ َ ْ‬
‫«إِنِّي أَرَى ما ال تَر َ ْو َ‬
‫ساج ًدا هللِ»(((‪.‬‬
‫ِ‬ ‫هت َ ُه‬ ‫واضعٌ َ‬
‫ج ْب َ‬ ‫ك ِ‬ ‫ع أَرْب َ ِع أَصا ِبعَ‪ ،‬إال َو َمل َ ٌ‬
‫ض ُ‬
‫ط‪ ،‬ما فيها َم ْو ِ‬ ‫أَ ْ‬
‫ن ت َ ِئ َّ‬

‫ط»‪:‬‬ ‫ق لَها أ َ ْ‬
‫ن ت َ ِئ َّ‬ ‫ح َّ‬
‫ء‪َ ،‬و ُ‬
‫السما ُ‬
‫ت َّ‬ ‫قوله ‪« :H‬أ َ َّ‬
‫ط ِ‬

‫وحقيق هبا‪ ،‬و َينبغي هلا ْ‬


‫أن‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬
‫املالئكة‪،‬‬ ‫َت ِمن ثِ َقل ما عليها ِم َن‬ ‫وصوت ْ‬ ‫صاح ْت‬ ‫أي‪:‬‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫عني هلل تعاىل‪ ،‬و َع َظ َمتِه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫اخلاض َ‬ ‫لكثرة ما فيها ِم َن املالئك َِة الس ِ‬
‫اجدي َن العابِدي َن‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫تفعل؛‬
‫سأ َ‬
‫مون(((‪.‬‬ ‫فتون ع ْن ِعبا َد ِة اهللِ‪ ،‬وال َي َ‬ ‫مع َك ْث َر ِ ِتم ال َي ُ‬
‫فه ْم َ‬
‫ُ‬
‫صون اهللَ تعاىل َط ْرف َة َع ْ ٍ‬
‫ي‪( :‬ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫املالئكة الذي َن ال َي ْع‬ ‫فالسام ُء َم ْس َك ُن‬
‫َّ‬
‫ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ) [التحريم‪.]٦ :‬‬

‫ــعني هللِ‪ُ ،‬مع ِّظ َ‬


‫مني لــه ‪ ،‬قال تعاىل‪( :‬ﯳ‬ ‫َ‬ ‫عبــادة دائم ٍة‪ِ ،‬‬
‫خاش‬ ‫ٍ‬ ‫وه ْم يف‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ) [األعراف‪،]٢٠٦ :‬‬

‫ابن العريب‬
‫((( رواه الرتمذي (‪ ،)2312‬وابن ماجه (‪ ،)4190‬واحلاكم (‪ ،)3883‬وصححه‪ ،‬وصححه ُ‬
‫وحسنه األلباين يف الصحيحة (‪.)1722‬‬
‫َّ‬ ‫يف عارضة األحوذي (‪،)152/5‬‬
‫((( تفسري القرطبي (‪ ،)6/16‬مرقاة املفاتيح (‪.)3350/8‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 219‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 218 11/17/19 8:57 PM
‫‪217‬‬ ‫احلديث الثامن والعرشون‪« :‬مفتاح الغيب مخس‪ ،‬ال يعملها إال اهلل‪»...‬‬

‫ِ‬ ‫رســول اهللِ ‪ِ َH‬‬


‫َ‬ ‫سأل ٌ‬ ‫و َّملا َ‬
‫الســا َع ُة؟ قال‪َ :‬‬
‫«وماذا‬ ‫الساعة‪َ :‬متَى َّ‬
‫عن َّ‬ ‫رجل‬
‫َأ ْعدَ ْد َت َلا»(((‪.‬‬

‫الســا َع ُة َوب َي ِد‬ ‫ِ‬


‫قامت َّ‬ ‫ســول اهللِ ‪« :H‬إِ ْن َ‬ ‫ُ‬ ‫َس ْب ِن مالِ ٍك قال‪ :‬قال َر‬ ‫وع ْن َأن ِ‬
‫َطاع َأ ْن ال َيقو َم َحتَّى َيغ ِْر َسها‪َ ،‬ف ْل َي ْف َع ْل»(((‪ .‬‬ ‫ِ‬
‫َأ َحدك ُْم َفسي َل ٌة(((‪َ ،‬فإِ ْن ْاست َ‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)3688‬ومسلم (‪.)2639‬‬


‫((( نخلة صغرية‪.‬‬
‫وصححه األلباين يف الصحيحة‬
‫َّ‬ ‫((( رواه اإلمام أمحد (‪ ،)12981‬والبخاري يف األدب املفرد (‪،)479‬‬
‫(‪ )9‬وحمقِّقو املسند‪.‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 217‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪216‬‬

‫العال يف ‪ 21‬ديســمرب ‪2012‬م‪،‬‬ ‫املاليني يرت َّقبون هناي َة َ‬


‫ُ‬ ‫فم َث ًل‪ :‬يف ســنة ‪2012‬م‪،‬‬ ‫َ‬
‫ســبوقة‪ ،‬ابتــدا ًء ِم ْن يو ِم‬
‫ٍ‬ ‫غري َم‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫وشــهدت َخ ُس دول بأمريــكا اجلنوب َّية احتفاالت َ‬ ‫ْ‬
‫اية َ‬‫وملــدة ثال َث ِة أيا ٍم؛ ارتِقابا إلشــا َع ِة ِن ِ‬
‫ِ‬ ‫الجم ِ‬
‫الج ُمعة ‪ 21‬ديســمرب‬ ‫العالِ يو َم ُ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫عة‪،‬‬ ‫ُ ُ‬
‫األرض َر ْأ ًسا عىل‬
‫َ‬ ‫ضخ ٌم‪ ،‬س َي ْق ِلب‬
‫باألرض ِج ْس ٌم ْ‬
‫ِ‬ ‫ــرتَطِ ُم‬ ‫ِ‬
‫‪2012‬م‪ُ ،‬معتقدي َن أنَّه َس َ‬
‫ب!‬ ‫ِ‬
‫عق ٍ‬

‫واهللُ ‪ُ E‬‬
‫يقول‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ) [األحزاب‪:‬‬

‫‪ ،]٦٣‬وقــال‪( :‬ﰄ ﰅ ﰆ) [النازعات‪ ،]٤٤ :‬وقــال‪( :‬ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ‬


‫ﯳﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹﯺ ﯻ ﯼ((( ﯽ ﯾ ﯿﰀ ﰁ((( ﰂ ﰃ ﰄﰅ ﰆ‬
‫ﰇ ﰈ ﰉ) [األعراف‪ ،]١٨٧ :‬وقــال تعاىل‪( :‬ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ‬
‫ﯱ) [لقامن‪.]٣٤ :‬‬
‫ِ‬
‫الحديث‪َ « :‬وال ي َ ْعل َ ُ‬
‫ع ُة إال اهللُ»‪.‬‬
‫السا َ‬
‫قوم َّ‬
‫ُ‬ ‫م َمتَى ت َ‬ ‫ويف هذا َ‬

‫أن‬‫الســاع َة ســتقو ُم َي ْو َم كذا‪ ،‬أو سنَ َة كذا‪ ،‬أو َّ‬ ‫ٍ‬


‫حديث‪َّ ،‬‬ ‫فم ْن ز َع َم يف قدي ٍم‪ ،‬أو‬
‫أن َّ‬ ‫َ‬
‫تقو ٌل عىل اهللِ تعاىل ب َغ ْ ِي‬ ‫ِ‬ ‫العــالِ اقرتبت؛ فهو ِ‬ ‫ِناي َة‬
‫فت عىل اهللِ الكَــذ َب‪ُ ،‬م ِّ‬
‫كاذ ٌب‪ُ ،‬م َ ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ‬
‫ِع ْل ٍم‪ ،‬وال ب ٍ‬
‫رهان‪.‬‬ ‫ُ‬

‫ثري ِمنها َل ْ َي َق ْع‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫الساع ُة َّإل بعدَ ُوقوعها‪َ ،‬وك ٌ‬ ‫ٌ‬
‫أرشاط‪ ،‬ال تقو ُم َّ‬
‫وللس ِ‬
‫اعة‬ ‫َّ‬

‫بم ْو ِع ِدها‪ ،‬وال يمنَ َعه‬ ‫أن يعم َل ليو ِم القيام ِة‪ ،‬وال ي َ ِ‬ ‫ِ‬
‫نشغ َل َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫المسل ِم ْ َ َ‬
‫طلوب م َن ُ‬
‫ُ‬ ‫والم‬
‫َ‬
‫عي عىل‬ ‫والس ِ‬
‫ــب‪َّ ،‬‬ ‫قيامها‪ِ ،‬م َن ال َع َم ِل‪ ،‬وال َّتك َُّس ِ‬
‫ف ِمن ِ‬ ‫أو َ‬
‫الخ ْو ُ ْ‬
‫ِ‬
‫ــاعة‪ِ ،‬‬ ‫رب قيا ِم َّ‬
‫الس‬ ‫ُق ُ‬
‫ين؛ ولذا قــال تعاىل‪( :‬ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ) [النازعات‪:‬‬
‫والعمل هلذا الدِّ ِ ِ‬
‫ِ‬ ‫عيالِ ِه‪،‬‬
‫‪.]٤٥‬‬
‫ِ‬
‫ويكش ُفها‪ ،‬أو‪ :‬يأيت هبا‪.‬‬ ‫((( ُي ْظ ِه ُرها‬
‫أمرها‪.‬‬
‫في ُ‬‫وخ َ‬ ‫((( ثقُ ل ِع ْل ُمها َ‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 216‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫‪215‬‬ ‫احلديث الثامن والعرشون‪« :‬مفتاح الغيب مخس‪ ،‬ال يعملها إال اهلل‪»...‬‬

‫نام ِه َّ‬
‫كأن‬ ‫الخلي َف َة المنْصــور اهتَم بمعر َف ِة مدَّ ِة ُعم ِره‪ ،‬فــر َأى يف م ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َّ‬ ‫َ‬ ‫إن َ‬ ‫قيل‪َّ :‬‬‫وقــدْ َ‬
‫إليه باألصابِ ِع َ‬
‫الخ ْم ِ‬
‫س‪ ،‬فاســ َت ْفتَى ال ُعلام َء يف‬ ‫حر‪ ،‬وأشــار ِ‬ ‫أخر َج يدَ ه ِم َن ال َب ِ‬ ‫ً‬
‫َ‬ ‫خيــال َ‬
‫غري َ‬
‫ذلك‪.‬‬ ‫أشه ٍر‪ ،‬وبِ ِ‬ ‫نني‪ِ َ ،‬‬ ‫س ِس َ‬ ‫بخ ْم ِ‬
‫فتأولوها َ‬ ‫َ‬
‫وبخ ْم َسة ُ‬ ‫ذلك‪َّ ،‬‬

‫خ ٌس ال َي ْع َل ُمها َّإل اهللُ‪،‬‬ ‫ِ‬


‫الغيب َ ْ‬ ‫أن مفاتِ َح‬
‫حتَّى قال أبو حني َف َة ‪« :V‬تأوي ُلهــا‪َّ :‬‬
‫لك ِ‬
‫إليه»(((‪.‬‬ ‫وأن ما َط َل ْب َت َم ْع ِر َفتَه ال َ‬
‫سبيل َ‬ ‫َّ‬

‫«والَ‬ ‫ٍ‬ ‫وقو ُلــ ُه ‪َ « :H‬وما ي َ ْدري أ َ َ‬


‫طــرُ»‪ ،‬ويف رواية‪َ :‬‬
‫م َ‬ ‫ح ٌد َمتَى يَجي ُ‬
‫ء ال َ‬

‫َي ْع َل ُم َمتَى َي ْأيت َ‬


‫الم َط ُر َأ َحدٌ إِ َّل اهللُ»‪:‬‬

‫َّهار‪،‬‬ ‫يل‪ِ ،‬‬


‫أو الن ِ‬ ‫الم َط ُر يف ال َّل ِ‬
‫هو اهللُ ‪ ،‬وال يع َل ُم متَى يأيت َ‬ ‫الذي ُين َِّز ُل َ‬
‫الم َط َر َ‬
‫أي سا َع ٍة‪َّ ،‬إل اهللُ ‪ ،‬فهذا ِم ْن ِع ْلم ال َغ ِ‬
‫يب‪.‬‬ ‫أو يف ِّ‬
‫ِ‬
‫ســوف‪،‬‬ ‫ُســوف‪ ،‬والخُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وأوقات الك‬ ‫والبحث عنها‪،‬‬ ‫َ‬ ‫قس‪،‬‬ ‫ِ‬
‫أحوال ال َّط ِ‬ ‫لك َّن َمعرف َة‬‫ِ‬

‫ألنا تُبنَى‬ ‫ب؛ َّ‬ ‫يدخ ُل يف التَّنجيمِ‪ ،‬أو ا ِّدعاء ِع ْل ِم ال َغ ْي ِ‬ ‫ذلك‪ ،‬ال ُ‬ ‫ِ‬
‫األمطار‪ ،‬وتَو ُّق َع َ‬ ‫ون ِ‬
‫ُزول‬
‫ِ‬ ‫أمور ِح ِّس َّي ٍة‪،‬‬
‫أمور ظن َّي ٌة ال يقين َّي ُة‪،‬‬‫هي ٌ‬ ‫ثم َ‬‫وجتار َب‪ ،‬و َن َظ ٍر يف ُســن َِن اهللِ الكون َّية‪َّ ،‬‬
‫ِ‬ ‫عىل ٍ‬
‫القريب‪ ،‬فال َيتو َّق َ‬
‫عون‬ ‫ِ‬ ‫المدَ ى‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫طئ تارةً‪ ،‬وغالِ ًبا‬ ‫ُصيب تارةً‪ُ ،‬‬
‫تكون تقديرات عىل َ‬ ‫وت ُ‬ ‫فت ُ‬
‫أش ُه ٍر(((‪.‬‬‫َوات‪ ،‬أو بعدَ ْ‬ ‫ث بعدَ سن ٍ‬ ‫أمطارا َتْدُ ُ‬
‫َ‬ ‫ً‬

‫ع ُة إال اهللُ»‪:‬‬
‫السا َ‬
‫قوم َّ‬
‫ُ‬ ‫وقو ُل ُه ‪َ « :H‬وال َ ي َ ْعل َ ُ‬
‫م َمتَى ت َ‬

‫رت َب ْت‪ ،‬القيام ُة ستقو ُم َيو َم‬


‫العالِ اق َ‬ ‫الش ُ‬
‫اغل هل ُ ْم‪ :‬هنا َية َ‬ ‫الش ُ‬
‫غل َّ‬ ‫صار ُّ‬
‫الناس َ‬ ‫ِ‬ ‫َثري ِم َن‬
‫ك ٌ‬
‫وتور َط ْت يف هذا‬ ‫كذا‪ ،‬ســن َة كذا‪ ،‬أو كذا‪ ،‬و ُأ ِّلفت يف هذا ُمؤ َّل ٌ‬
‫فات‪ ،‬عرب َّي ٌة‪ ،‬وأجنب َّي ٌة‪َّ ،‬‬
‫وكاالت ٍ‬
‫أنباء عامل َّي ٌة!‬ ‫ُ‬

‫الكشاف للزخمرشي (‪.)505/3‬‬


‫((( َّ‬
‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪ ،)323/8 ،635 ،634/1‬القول املفيد (‪ ،)531/1‬رشح رياض الصاحلني‬
‫رمضانية البن عثيمني‪.‬‬
‫َّ‬ ‫(‪ ،)441/3‬جلسات‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 215‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪214‬‬

‫ب َ‬
‫غ ًدا»‪:‬‬ ‫س ُ‬ ‫س ماذا ت َ ْ‬
‫ك ِ‬ ‫وقو ُل ُه ‪َ « :H‬وال َ ت َ ْعل َ ُ‬
‫م ن َ ْف ٌ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ــب‪ ،‬هل َتكْس ُ‬
‫ب‬ ‫نفس ماذا َتكْس ُ‬ ‫ســتقبل‪ ،‬فال تَدْ ري ٌ‬‫الم‬ ‫يعني‪ :‬ماذا َتكْس ُ‬
‫ــب يف ُ‬
‫العمل؟ وما أش َب َه ذلِ َك‪.‬‬
‫َ‬ ‫غد؟ أو يأيت غدٌ ِ‬
‫وفيه ما يمن َُع‬ ‫متوت َقب َل ٍ‬
‫رشا؟ أو ُ ْ‬ ‫خريا‪ ،‬أو ًّ‬
‫ً‬
‫ف‬ ‫ــب غدً ا ِع ْل ًم يقين ًّيا‪ ،‬ولكنَّه قــد َيتَو َّق ُع‪ ،‬و َقدْ ُ ْ‬
‫ت َل ُ‬ ‫ِ‬
‫فاإلنســان ال َي ْع َلم ماذا َيكْس ُ‬
‫ُ‬
‫األمور(((‪.‬‬
‫ُ‬

‫موت»‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ض تَ‬
‫أي أرْ ٍ‬ ‫وقو ُل ُه ‪َ « :H‬وما ت َ ْدري ن َ ْف ٌ‬
‫س ِب ِّ َ‬

‫ٍ‬
‫بعيدة عنْها‪ ،‬أو‬ ‫ٍ‬
‫بأرض‬ ‫موت ِ‬
‫بأرضه‪ ،‬أو‬ ‫س‪ ،‬هل َي ُ‬ ‫وأي َن ْف ٍ‬ ‫ٍ‬
‫أي إنســان‪ُّ ،‬‬‫فال َيدْ ري ُّ‬
‫ذلك َّإل اهللُ‪.‬‬ ‫يموت يف ال َب ْح ِر‪ ،‬أو يف َ‬
‫الج ِّو؟ ال َيدْ ري‪ ،‬وال َي ْع َل ُم َ‬ ‫ُ‬ ‫قريبة ِمنْها‪ ،‬أو‬
‫ٍ‬

‫طر ُأ عىل بالِه ْ‬


‫أن َي َ‬
‫نتقل عنْها‪ُ ،‬ث َّم إذا‬ ‫ُ‬
‫ويعيش فيها‪ ،‬وال َي َ‬
‫اإلنســان يو َلد يف ٍ‬
‫بلد‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َِ‬
‫تدُ‬
‫وهو ال‬
‫األرض‪ ،‬ف َيموت فيها َ‬ ‫ِ‬ ‫هذ ِه‬
‫جعل له حاجــ ًة يف ِ‬ ‫ٍ‬
‫أرض؛ َ‬ ‫أرا َد اهللُ أن َي ْقبِ َضــه يف‬
‫سيموت فيها!‬
‫ُ‬ ‫َيدْ ري أنَّه‬

‫كب‪ُ ،‬ث َّم ُي ْســت ُ‬


‫َعمل‬ ‫ِ‬
‫األرض‪ُ ،‬ث َّم َي ُ ُ‬ ‫هة ِم ْن ِجهات‬ ‫ــأ يف ِج ٍ‬
‫ينش ُ‬ ‫احليوان كال َب ِ‬
‫عري‪َ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫بل‬
‫الد بعيدَ ٍة‬
‫موت يف بِ ٍ‬ ‫الد ِه‪ ،‬أو َي ُ‬ ‫الد بعيدَ ٍة عن بِ ِ‬
‫ْ‬
‫كوب‪ُ ،‬ثم ي ْذبح يف بِ ٍ‬
‫الر ِ َّ ُ َ ُ‬ ‫كوب‪ ،‬أو ِ‬
‫غري ُّ‬ ‫للر ِ‬ ‫ُّ‬
‫الد ِه‪.‬‬
‫عن بِ ِ‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫ٍ‬
‫أرض‬ ‫المــوت‪ ،‬وال بِ ِّ‬
‫أي‬ ‫كان َ‬ ‫اإلنســان‪ ،‬والنَّ ْف ُس ُعمو ًما‪ ،‬ال َيدْ ري َم َ‬
‫ُ‬ ‫وإذا َ‬
‫كان‬
‫ُ‬
‫فزمان‬ ‫ٍ‬
‫أرض؛‬ ‫ٍ‬
‫أرض إىل‬ ‫واالنتقال ِم ْن‬
‫ُ‬ ‫وش ً‬
‫امل‪،‬‬ ‫الذهاب يمينًا‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬
‫مع أنَّه ُيمكنُ ُه َّ ُ‬
‫يموت‪َ ،‬‬
‫ُ‬
‫يموت‪.‬‬
‫ُ‬ ‫أي يو ٍم‬
‫يموت ويف ِّ‬
‫ُ‬ ‫باب ْأو َل‪ ،‬فال َيدْ ري ً‬
‫أيضا متَى‬ ‫وت ِم ْن ِ‬
‫الم ِ‬
‫َ‬
‫مكنُه أن ي ِ‬
‫نتق َل‪ ،‬أو ال َ‬ ‫اإلنسان ي ِ‬ ‫جهالة الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫أشدُّ ِم ْن‬ ‫الز ِ‬
‫ينتقل‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫كان؛ َّ‬
‫أن‬ ‫َ‬ ‫مان َ‬ ‫فجهال ُة َّ‬
‫َ‬
‫موت(((‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫أرض َي ُ‬ ‫بأي‬ ‫يم ُّر َر ْغ ًم عنه؛ فال َي ْع َل ُم أحدٌ متَى‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫يموت‪ ،‬وال ِّ‬
‫ُ‬ ‫الزمان ُ‬ ‫لك َّن‬

‫((( رشح رياض الصاحلني (‪.)442/3‬‬


‫رمضانية‪.‬‬
‫َّ‬ ‫((( رشح رياض الصاحلني (‪ ،)442/3‬جلسات‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 214‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫‪213‬‬ ‫احلديث الثامن والعرشون‪« :‬مفتاح الغيب مخس‪ ،‬ال يعملها إال اهلل‪»...‬‬

‫األجنَّ ُة التي فيها‪ ،‬أو يتِ ُّم َخ ْل ُقها‪.‬‬


‫(ﮃ ﮄ) [الرعد‪ ]٨ :‬األرحام‪ ،‬وتكب ِ‬
‫ُُ‬ ‫ْ ُ‬

‫زيادتا عليها‪.‬‬ ‫و«الزيادةُ»‪:‬‬ ‫أشه ٍر‪،‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫َ‬


‫وقيل‪« :‬ال َغ ْي ُض»‪ :‬ن‬
‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ُقصانا عن ت ْسعة ُ‬
‫ُ‬

‫الخ ْل ِق‪.‬‬
‫و«الزيادةُ»‪ :‬متا ُم َ‬
‫ِّ‬ ‫الس ْق ُط‪،‬‬ ‫ُ‬
‫ُّقصان»‪ّ :‬‬ ‫َ‬
‫وقيل‪« :‬الن‬
‫(ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ) [الرعد‪ :]٨ :‬فال يتقدَّ م ِ‬
‫عليه‪ ،‬وال َي َّ‬
‫تأخ ُر‪ ،‬وال َيزيدُ ‪،‬‬ ‫َ ُ‬
‫وع ْل ُمه (((‪.C‬‬‫َضيه ِحكْمتُه‪ِ ،‬‬
‫وال ين ُقص‪َّ ،‬إل بام َت ْقت ِ‬
‫َ‬ ‫َ ُ‬

‫هو‬ ‫الج ِ‬
‫نني‪ ،‬هل َ‬ ‫اآلن َي ْع َل ُم مــا يف األرحامِ‪ ،‬و َي ْع َل ُم ن َْو َع َ‬
‫احلديث َ‬ ‫ُ‬ ‫الطب‬
‫ُّ‬ ‫فإِ ْن َ‬
‫قيل‪:‬‬
‫بواس َط ِة األش َّع ِة؟‬
‫َذكَر‪ ،‬أو أن َثى‪ِ ،‬‬
‫ٌ‬

‫واب‪:‬‬
‫فالج ُ‬
‫َ‬

‫ــم اهللِ تعاىل بام يف األرحا ِم أ َع ُّم ِم ْن ُم َّر ِد ِع ْل ِم كونِه ذك ًَرا‪ ،‬أو ُأن َثى؛‬ ‫ِ‬
‫• • َّأو ًل‪ :‬ع ْل ُ‬
‫ديث‪ ،‬متع َّل ُق ِ‬
‫الع ْل ِم‪ ،‬ف َل ْم ي ُقل‪َ « :‬ي ْع َلم كذا‪،‬‬ ‫اآلية‪ ،‬وال يف الح ِ‬ ‫ولِذا مل ي ْذكَر يف ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُْ ْ‬
‫وكذا»‪.‬‬

‫شقي‪ ،‬أو سعيدٌ ؟ ِرز َقه‪ ،‬أج َله‪ْ ،‬‬


‫هل‬ ‫بيح؟ ٌّ‬ ‫هو َح َس ٌن‪ ،‬أو َق ٌ‬
‫هل َ‬ ‫فاهللُ تعاىل َي ْع َل ُم َ‬
‫أحدٌ ؟!‬ ‫ِ‬ ‫ش؟! ْ‬ ‫فه ْل هذا يف ِع ْلم ال َب َ ِ‬
‫وهل يدَّ عيه َ‬ ‫سيخر ُج ح ًّيا‪ ،‬أو م ِّيتًا؟ َ‬
‫ُ‬
‫الج ِ‬
‫نني َّإل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫• •ثان ًيا‪:‬‬
‫ووســائل التَّقنية‪ ،‬ال ُيمكنُها الع ْل ُم بنَو ِع َ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫احلديث‪،‬‬ ‫الطب‬
‫ُّ‬
‫بأمر اهللِ‪ ،‬أي‪ :‬بعدَ الت ِ‬‫صري َذك ًَرا‪ ،‬أو ُأن َثى‪ِ ،‬‬
‫َّخليق‪،‬‬ ‫يض اهللُ َخ ْل َقه‪ ،‬و َي َ‬
‫أن َي ْق َ‬
‫بعدَ ْ‬
‫الشها َد ِة ال ِم ْن َ‬
‫عالِ‬ ‫عال َّ‬ ‫صار ِم ْن َ‬ ‫اجلنني‪ ،‬و ُظ ِ ِ‬
‫هور ن َْوعه‪ ،‬وإذا ُخ ِّل َق َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وتكوين‬
‫َ‬
‫يعلمون شي ًئا(((‪.‬‬ ‫ذلك‪ :‬فال‬ ‫ال َغ ِ‬
‫يب‪ ،‬أ َّما َق ْب َل َ‬

‫((( تفسري البغوي (‪ ،)297/4‬تفسري ابن كثري (‪ ،)435/4‬تفسري السعدي (ص‪ ،)414‬فيض القدير‬
‫(‪.)525/5‬‬
‫((( رشح الواسطية البن عثيمني (‪ ،)196/1‬جلسات رمضانية له (صوتية)‪ ،‬رشح رياض الصاحلني‬
‫(‪.)441/3‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 213‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪212‬‬

‫َّبي ‪« :H‬الَ تَقويل َهكَذا‪َ ،‬وقويل‬ ‫ٍ‬


‫َبــي َي ْع َل ُم ما يف َغد»‪َ ،‬فقال الن ُّ‬ ‫جار َي ٌة‪َ :‬‬
‫«وفينا ن ٌّ‬
‫َقولني»(((‪.‬‬ ‫ما ُكن ِ‬
‫ْت ت‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الغيب إال اهللُ‪ ،‬وإنَّام‬
‫َ‬ ‫النبي ‪ H‬م ْن هذا القول الباط ِل؛ «ألنَّه ال ُ‬
‫يعلم‬ ‫فمنَ َعها ُّ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫سول ‪ H‬م َن ال َغ ِ‬
‫الر ُ‬
‫به»(((‪.‬‬
‫أخ َ َ‬‫يب ما ْ‬ ‫َيع َل ُم َّ‬
‫«والَ‬ ‫ٍ‬ ‫وقو ُل ُه ‪َ « :H‬وال َ ي َ ْعل َ ُ‬
‫حام»‪ ،‬ويف رواية‪َ :‬‬
‫كون في األَرْ ِ‬
‫ُ‬ ‫م أَ َ‬
‫ح ٌد مــا ي َ‬
‫َغيض األَ ْرحا ُم إِ َّل اهللُ»‪:‬‬
‫َي ْع َل ُم ما ت ُ‬

‫وهذا كام قــال تعــاىل‪( :‬ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﮅ‬


‫ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ) [الرعد‪.]٩-٨ :‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وام ُل ِم ْن ِّ‬
‫يط ِع ْلمه بــا َ ْت ِم ُله الح ِ‬
‫يوانات‪ ،‬كام قال‪:‬‬ ‫الح‬
‫كل إنــاث َ‬ ‫َ‬ ‫فــاهللُ تعاىل ُم ٌ ُ‬
‫(ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ) [لقامن‪.]٣٤ :‬‬

‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ح َلت ِم ْن ِذك ٍَر‪ ،‬أو أن َثى‪ ،‬أو َح َس ٍ‬ ‫ف َي ْع َلم ما َ َ‬


‫طويل‬ ‫سعيد‪ ،‬أو‬ ‫قي‪ ،‬أو‬ ‫ــن‪ ،‬أو َقبيحٍ ‪ ،‬أو َش ٍّ‬
‫ناقصه‪ِ ،‬‬
‫واحدً ا‪ِ ،‬أو اثن َْي‪ ،‬أو أك َث َر‪ ،‬كام‬ ‫الخ ْل ِق‪ ،‬أم ِ‬ ‫قصري ِه‪،‬‬
‫وكيف ِرز ُقه‪َ ،‬س ّ‬
‫ــوي َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ال ُع ُم ِر‪ ،‬أو‬
‫قال‪( :‬ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ) [النجم‪.]٣٢ :‬‬

‫أي َر ِّب ُن ْط َف ٌة‪ْ ،‬‬


‫أي َر ِّب َع َل َق ٌة‪،‬‬ ‫قول‪ْ :‬‬ ‫الر ِح ِم َم َلكًا‪َ ،‬ف َي ُ‬ ‫«وك ََّل اهللُ بِ َّ‬
‫ِ‬
‫وكام يف احلديث‪َ :‬‬
‫قي‪،‬‬‫أي َر ِّب‪َ ،‬أ َذك ٌَر‪َ ،‬أ ْم ُأ ْن َثى؟ َأ َش ٌّ‬ ‫يض َخ ْل َقها‪ ،‬قال‪ْ :‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫أي َر ِّب ُم ْض َغ ٌة‪َ ،‬فإِذا أرا َد اهللُ أ ْن َي ْق َ‬
‫ْ‬
‫ك يف َب ْط ِن ُأ ِّم ِه»(((‪.‬‬ ‫َب ك ََذلِ َ‬‫الرز ُْق؟ َفام األَ َج ُل؟ َف ُي ْكت ُ‬‫َأ ْم َسعيدٌ ؟ َفام ِّ‬

‫ــص ممَّا فيهــا‪ ،‬إ َّما أن َ ْي ِل َك‬


‫وقو ُلــ ُه‪( :‬ﮀ ﮁ ﮂ) [الرعد‪ ]٨ :‬أي‪ :‬تَن ُق ُ‬
‫الح ْم ُل‪ ،‬أو يتضا َء َل‪ ،‬أو َي ْض َم ِح َّل‪.‬‬
‫َ‬

‫((( رواه البخاري (‪.)4001‬‬


‫((( مرقاة املفاتيح (‪.)2065/5‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)6595‬ومسلم (‪.)2646‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 212‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫‪211‬‬ ‫احلديث الثامن والعرشون‪« :‬مفتاح الغيب مخس‪ ،‬ال يعملها إال اهلل‪»...‬‬

‫ِ َ‬ ‫حديث ِج َ‬‫ِ‬ ‫النبي ‪ِ H‬ج ُ‬


‫الم ْشهور‪َ « :‬فأ ْخ ِ ْ‬
‫بين‬ ‫ربيل َ‬ ‫ربيل‪ ،‬يف‬ ‫سأل َّ‬ ‫و َّملا َ‬
‫السائِ ِل»(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫املسئول َعنْها بِ َأ ْع َل َم م َن َّ‬
‫ُ‬ ‫السا َع ِة‪ ،‬قال‪ :‬ما‬
‫َع ِن َّ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أمر بِه؛ َعل َمتْه املالئك ُة َ‬
‫املوك َ‬
‫َّلون‬ ‫وإنــزال ال َغ ْيث ال َي ْع َل ُمه َّإل اهللُ‪ ،‬ولك ْن إذا َ‬
‫ُ‬ ‫‪-2‬‬
‫بذلك‪ ،‬و َمن شا َء اهللُ ِمن َخ ْل ِقه‪.‬‬ ‫َ‬

‫أن يأ ُم َر َم َل َك‬‫ي ُل َقه اهللُ ِســوا ُه‪َ ،‬ق ْب َل ْ‬


‫أن َ ْ‬
‫ــم ما يف األرحــامِ‪ ،‬ممَّا ُيريدُ ْ‬ ‫‪ -3‬وال َي ْع َل ُ‬
‫ولك ْن إذا أ َم َر بك َْونِه َذك ًَرا‪ ،‬أو ُأ ْن َثى‪ ،‬أو شــق ًّيا‪،‬‬‫بتخليقه‪ ،‬وكتابتِه‪ِ ،‬‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫األرحا ِم‬
‫بذلك‪ ،‬و َمن شا َء اهللُ ِم ْن َخ ْل ِقه‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫أو َسعيدً ا؛ َعل َم املالئك ُة َ‬
‫الموكَّلون‬
‫ب غدً ا‪ ،‬يف ُدنياها‪ ،‬و ُأخراها‪.‬‬ ‫ِ‬
‫نفس ماذا َتكْس ُ‬ ‫‪ -4‬وال تَدْ ري ٌ‬
‫أي‬ ‫ِ ِ‬ ‫‪( -5‬ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ) [لقامن‪ ،]٤٣ :‬يف َب َل ِدهــا‪ ،‬أو‬
‫غــره م ْن ِّ‬
‫َ‬
‫بذلك(((‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫ألحد‬ ‫كان‪ ،‬ال ِع ْل َم‬ ‫ِ‬
‫بالد اهللِ َ‬

‫كون يف غ ٍَد»‪:‬‬
‫وقو ُل ُه ‪« :H‬الَ َي ْع َل ُم َأ َحدٌ ما َي ُ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ش‪ ،‬فال َي ْع َلم أحدٌ ما َينْ َطوي عليه ال َغدُ م ْن َخ ْي‪ ،‬أو َ ٍّ‬
‫ش‪ ،‬ولو‬ ‫يعني‪ :‬من َخ ْي‪ ،‬أو َ ٍّ‬
‫بواس َط ِة الوحي المن ََّز ِل ِ‬‫كان نبيا‪ ،‬إال ِ‬
‫عليه(((‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫َ ًّ‬

‫عائشــ ُة ‪َ « :J‬مــ ْن َز َع َم َأ َّن حممدً ا ‪ُ H‬ي ِ ُ‬


‫ْب‬ ‫املؤمنني َ‬
‫َ‬ ‫قالت أ ُّم‬
‫وهذا كام ْ‬
‫قول‪( :‬ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ‬ ‫كون يف َغ ٍد؛ َف َقــدْ َأ ْع َظم عىل اهلل ِ‬
‫الف ْر َي َة‪ ،‬واللَُّ َي ُ‬ ‫بِام َي ُ‬
‫َ‬
‫ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ) [النمل‪.(((»]٦٥ :‬‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫وكان‬ ‫ني عليها‪،‬‬ ‫الر َب ِّي ِع بِنْت ُم َع ِّوذ ‪َ J‬غدا َة ُب َ‬ ‫النبي ‪ H‬عــى ُّ‬ ‫دخ َل ُّ‬‫و َّملا َ‬
‫ــو َم َبدْ ٍر‪َ ،‬حتَّى ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫قالت‬ ‫ف‪َ ،‬ينْدُ ْب َن َم ْن ُقت َل م ْن آبائ ِه َّن َي ْ‬
‫ض ْب َن بِالــدُّ ِّ‬
‫ريات َي ْ ِ‬
‫جو ْي ٌ‬
‫هناك َ‬ ‫َ‬

‫((( رواه مسلم (‪.)8‬‬


‫((( تفسري ابن كثري (‪ ،)352/6‬فتح الباري البن رجب (‪.)270/9‬‬
‫((( فيض القدير (‪ ،)525/5‬منار القاري حلمزة قاسم (‪.)291/2‬‬
‫((( رواه مسلم (‪.)259‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 211‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪210‬‬

‫ذلك‪ِ ،‬مثل‪ِ :‬ع ْل ِمه ب َعــدَ ِد َخ ْل ِقه‪ ،‬كام قال‪( :‬ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸﯹ‬
‫أكثر ِم ْن َ‬
‫هو ُ‬ ‫ْ‬
‫بــل َ‬
‫ﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁ ﰂﰃﰄﰅﰆﰇ ﰈﰉﰊ‬
‫ﰋ ﰌ) [األنعام‪.]٥٩ :‬‬
‫ِ‬
‫وأســائه‪ ،‬كــا قال‪( :‬ﯦ ﯧ ﯨ‬ ‫بع ْل ِمه بذاتِه‪ ،‬وصفاتِه‪،‬‬
‫ثاره ِ‬ ‫ِ‬
‫ومثل‪ :‬اســتِ ْئ ِ‬
‫ﯩ) [طه‪.]١١٠ :‬‬

‫ك‪َ ،‬أو أن َز ْلتَه يف كِتابِ َ‬


‫ك‪،‬‬ ‫ت ِبه َن ْف َس َ‬ ‫هو َ‬
‫لك‪َ ،‬س َّم ْي َ‬ ‫ك بك ُِّل ْاس ٍم َ‬ ‫«أسأ ُل َ‬ ‫ويف الح ِ‬
‫ديث‪َ :‬‬ ‫َ‬
‫ب ِعندَ ك»((((((‪.‬‬ ‫ك‪َ ،‬أو ْاستأ َث ْر َت ِبه يف ِع ْل ِم ال َغ ْي ِ‬‫َأو َع َّل ْمتَه َأحدً ا ِمن َخ ْل ِق َ‬

‫وايــات‪ -‬يف قولِ ِه تعاىل‪( :‬ﯫ‬


‫ِ‬ ‫الر‬ ‫ِ‬
‫بعض ِّ‬ ‫تفســرها ‪-‬كام يف‬
‫ُ‬ ‫الخ ْم ُس جا َء‬ ‫ِ‬
‫وهذه َ‬
‫ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ‬
‫ﯻ ﯼﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ) [لقامن‪.]٣٤ :‬‬
‫ِ‬
‫إعالمه‬ ‫بع ْل ِمها‪ ،‬فال َي ْع َل ُمها أحدٌ َّإل َب ْعدَ‬
‫فهذه مفاتيح ال َغيب التي است َْأ َثر اهللُ تعاىل ِ‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ ْ ُ‬
‫تعاىل هبا‪:‬‬
‫وقت الس ِ‬
‫اعة مما اختَص اهللُ ِبه نفسه‪ ،‬ومل ي ْط ِلع ِ‬
‫عليه َغ ْ َيه‪ ،‬فال َي ْع َل ُمه‬ ‫فع ْلم ِ‬
‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫‪ُ -1‬‬
‫نبي ُم ْر َس ٌل‪ ،‬وال َم َل ٌك ُم َق َّر ٌب‪.‬‬
‫ٌّ‬

‫كــا قــال تعــاىل‪( :‬ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹﯺ‬


‫ﰂ ﰃ ﰄﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ)‬ ‫(((‬
‫ﯻ ﯼ((( ﯽ ﯾ ﯿﰀ ﰁ‬
‫[األعراف‪. ]١٨٧ :‬‬

‫وصححه األلباين‪.‬‬
‫َّ‬ ‫((( رواه اإلمام أمحد (‪،)4318‬‬
‫بترصف‪.‬‬
‫((( فتح الباري البن رجب (‪ُّ ،)268/9‬‬
‫ِ‬
‫ويكش ُفها‪ ،‬أو‪ :‬يأيت هبا‪.‬‬ ‫((( ُي ْظ ِه ُرها‬
‫أمرها‪.‬‬
‫في ُ‬‫وخ َ‬ ‫((( ثقُ ل ِع ْل ُمها َ‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 210‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫‪209‬‬ ‫احلديث الثامن والعرشون‪« :‬مفتاح الغيب مخس‪ ،‬ال يعملها إال اهلل‪»...‬‬

‫اآلخ َر ِة‪.‬‬
‫االنتقال ِمن الدُّ نيا إىل ِ‬
‫ِ َ‬ ‫فتاح‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ع ْل ُم مكان َ‬
‫الموت‪ :‬م ُ‬

‫الخ ْم ُس مفاتِ َح»(((‪.‬‬


‫هذ ِه َ‬
‫فلهذا صار ْت ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬

‫سبيل هلُم إىل ِع ْل ِمه‪ ،‬كاملالئك َِة‪،‬‬


‫بحيث ال َ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الناس‪،‬‬ ‫غاب عن ِع ْل ِم‬
‫كل ما َ‬ ‫َيب»‪ُّ :‬‬
‫و«الغ ُ‬
‫المستقبل َّي ِة‪ ،‬ون َْح ِو َ‬
‫ذلك‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واجل ِّن‪ ،‬ومواقيت األشياء ُ‬

‫وحدَ ه خزائنُ ُه‪ ،‬وال ُّط ُرق‬ ‫الغيب‪ ،‬وبيده ‪ْ ‬‬ ‫ِ‬ ‫أن اهلل تعاىل ِعندَ ه ِع ْل ُم‬
‫واملعنى‪َّ :‬‬
‫هو‪ ،‬وال ُي ْط ِل ُع عليها َّإل َم ْن شا َء ِم ْن ُر ُس ِله(((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الموصل ُة إليه‪ ،‬ال َي ْملكُها َّإل َ‬

‫واقع‪ ،‬و ُمستق َب ٌل‪.‬‬ ‫ِ‬


‫نوعان‪ٌ :‬‬ ‫وال َغ ْي ُ‬
‫ب‬

‫وآلخ َر َم ً‬ ‫ٍ‬
‫لشخص معلو ًما‪َ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ ِ‬
‫هول‪.‬‬ ‫يكون‬ ‫بي‪،‬‬ ‫ف َغ ْي ُ‬
‫ب الواقع ن ْس ٌّ‬
‫يكون معلوما ألح ٍد َّإل اهللُ وحدَ ه‪ ،‬أو من أ ْط َلعه ِ‬ ‫المست َق ِ‬
‫عليه‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ َ ً َ‬ ‫حقيقي‪ ،‬ال‬
‫ٌّ‬ ‫بل‬ ‫يب ُ‬ ‫و َغ ُ‬
‫مكذ ٌب هللِ ‪ ،D‬ولرسولِ ِه ‪.((( H‬‬ ‫فهو كافِ ٌر؛ ألنَّه ِّ‬ ‫ِ‬
‫الر ُس ِل‪ ،‬و َم ِن ا َّد َعى ع ْل َمه َ‬
‫ِ‬
‫م َن ُّ‬

‫س‪ ،‬لكن هذه ُأ َّم ُ‬


‫هاتا‪،‬‬ ‫هذ ِه َ‬
‫الخ ْم ِ‬ ‫يب يف ِ‬ ‫ص ِع ْل ِم ال َغ ِ‬ ‫س» ال ُيفيدُ َح ْ َ‬
‫خ ْم ٌ‬ ‫وقو ُل ُه‪َ « :‬‬

‫بع ْل ِمها(((‪.‬‬
‫صاص اهللِ ِ‬
‫ِ‬ ‫فة اختِ‬
‫الناس إىل مع ِر ِ‬
‫ِ َْ‬ ‫حلاج ِة‬
‫و ُذك َرت َ‬
‫ِ‬

‫الم َطر» ِض ْم َن َ‬
‫«الخ ْمس»‪َ ،‬‬
‫ول ْ َيذكُر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بدليل أنَّه ُذ ِك َر يف‬
‫ِ‬
‫الروايات‪« :‬جمــي َء َ‬
‫بعض ِّ‬
‫«ع ْل َم الساعة»‪.‬‬ ‫فيها‪ِ :‬‬

‫خ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫أن ِع ْلم اهللِ الذي اســتأ َثر ِبه َ ِ‬


‫س‪،‬‬ ‫دون َخ ْلقه‪ ،‬مل َين َْح ْ‬
‫ص يف َ ْ‬ ‫َ‬ ‫«وهذا ممَّا يدُ ُّل عىل َّ َ‬

‫رمضانية (صوتية)‪..‬‬
‫َّ‬ ‫((( رشح الواسطية (‪ ،)195/1‬جلسات‬
‫((( تفسري الطربي (‪ ،)282/9‬التفسري الوسيط للواحدي (‪ ،)188/8‬تفسري القرطبي (‪ ،)1/7‬التحرير‬
‫والتنوير (‪.)270/7‬‬
‫((( رشح ثالثة األصول البن ُعثَيمني (ص‪.)153‬‬
‫((( فتح الباري البن رجب (‪ ،)268/9‬عمدة القاري للعيني (‪ ،)61/7‬إرشاد الساري للقسطالين‬
‫(‪.)259/2‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 209‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪208‬‬

‫ِ‬
‫ســتد ُّل هبا عىل‬ ‫األمــور بمقدّ ِ‬
‫ِ‬ ‫معر َف ِة‬
‫هو‪ :‬الذي َيســت َِد ُّل عىل ِ‬
‫مات َي‬ ‫اف َ‬‫والعــر ُ‬
‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الكاه َن‪،‬‬ ‫أعم م َن الكاه ِن؛ ألنه َي ْش َ‬
‫ــم ُل‬ ‫فهو ُّ‬ ‫ونحوها‪َ ،‬‬ ‫الضا َّلة‪،‬‬
‫ــروق‪ ،‬ومكان َّ‬ ‫الم‬
‫َ‬
‫واخلاص‪.‬‬ ‫باب العا ِّم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫فهام م ْن ِ‬
‫ِّ‬ ‫وغريه‪ُ ،‬‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫والكاه ُن هــو الذي ُي ِْب ِ‬ ‫الض ِ‬
‫عن‬ ‫مري‪،‬‬ ‫عــا يف َّ‬
‫ب َّ‬‫هو‪ :‬الذي ُي ِ ُ‬
‫العــراف َ‬‫َّ‬ ‫َ‬
‫وقيل‪:‬‬
‫المستق َب ِل(((‪.‬‬‫المغ َّيبات يف ُ‬
‫َ‬

‫س‪ ،‬ال ي َ ْعل َ ُ‬


‫مها إال اهلل»‪:‬‬ ‫غ ْيب َ‬
‫خ ْم ٌ‬ ‫وقو ُل ُه ‪َ « :H‬مفا ِت ُ‬
‫ح ال َ‬

‫فتاح الذي‬‫ِ‬ ‫ب‪ ،‬و«مفاتِح»‪ِ ْ َ :‬‬


‫جع «م ْفتَح»‪َ ،‬‬
‫وهو امل ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫خزائ ُن ال َغ ْي ِ‬ ‫ب» أي‪:‬‬ ‫«مفاتِ ُح ال َغ ْي ِ‬
‫ت‪.‬‬‫ي ُّل مغ َل ًقا‪ ،‬كال ُق ْف ِل عىل البي ِ‬ ‫ِ‬ ‫وهو ِعبار ٌة ع ْن ِّ‬ ‫ِ‬
‫َْ‬ ‫كل ما َ ُ‬ ‫ُيفت َُح به‪َ ،‬‬
‫جع ِ‬
‫«مفتاح»‪.‬‬ ‫فاتيح»‪ُ ْ َ :‬‬
‫و« َم ُ‬

‫زائن‬ ‫خاز ِن َ‬
‫والخ ِ‬ ‫بالم ِ‬ ‫بالمتا ِع الن ِ‬
‫َّفيس الذي ُيدَّ َخ ُر َ‬ ‫الناس َ‬ ‫ِ‬ ‫الم َغ َّيب َة ِ‬
‫عن‬ ‫األمور ُ‬
‫َ‬ ‫فش َّبه‬‫َ‬
‫بحيث ال َي ْع َل ُم ما فيها َّإل الذي ب َي ِده ِ ُ‬
‫مفاتها‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫بأقفال‪،‬‬ ‫المست َْو َثق عليها‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فال َي ْع َل ُم ال َغيب َّإل َم ْن ب َيده َمفات ُح أقفاله‪َ ،‬‬
‫وهو اهللُ (((‪.E‬‬

‫س َمفاتِ َح‪:-‬‬ ‫هذ ِه َ‬


‫اخل ْم ِ‬ ‫بيان وج ِه كَو ِن ِ‬
‫مني ‪- V‬يف ِ َ ْ ْ‬
‫ابن ُع َث ْي َ‬
‫يخ ُ‬ ‫ُ‬
‫ويقول َّ‬
‫الش ُ‬

‫اآلخ َر ِة‪.‬‬
‫احلياة ِ‬
‫ِ‬ ‫فتاح‬ ‫ِ‬
‫«الساع ُة‪ :‬م ُ‬
‫َّ‬
‫األرض بالن ِ‬
‫ِ‬ ‫ث‪ِ :‬مفتاح ِ‬
‫نزول ال َغي ِ‬
‫َّبات‪.‬‬ ‫حياة‬ ‫ُ‬ ‫ُ ْ‬
‫ِ‬
‫احلياة‪.‬‬ ‫ما يف األرحا ِم‪ِ :‬مفتاح الو ِ‬
‫جود يف‬ ‫ُ ُ‬

‫المستق َب ِل‪.‬‬ ‫فتاح ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ُ‬


‫عمل ُ‬ ‫عمل ال َغد‪ :‬م ُ‬

‫((( القول املفيد (‪.)552/1‬‬


‫((( تفسري الطربي (‪ ،)282/9‬التفسري الوسيط للواحدي (‪ ،)188/8‬تفسري القرطبي (‪ ،)1/7‬التحرير‬
‫والتنوير (‪.)270/7‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 208‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫‪207‬‬ ‫احلديث الثامن والعرشون‪« :‬مفتاح الغيب مخس‪ ،‬ال يعملها إال اهلل‪»...‬‬

‫ك‬‫ك ِم ْن َف ْضلِ َ‬ ‫ك‪َ ،‬و َأ ْســ َت ْق ِد ُر َك بِ ُقدْ َرتِ َ‬


‫ك‪َ ،‬و َأ ْس َأ ُل َ‬ ‫َخري َك بِ ِع ْل ِم َ‬ ‫َ‬
‫ُث َّم ل َي ُق ْل‪ :‬ال َّل ُه َّم إِ ِّن أ ْست ُ‬
‫َ‬
‫احلديث(((‪.‬‬ ‫ُيوب‪»...‬‬ ‫ْت َع َّل ُم الغ ِ‬ ‫َّك َت ْق ِد ُر َوال َأ ْق ِد ُر‪َ ،‬و َت ْع َل ُم َوال َأ ْع َل ُم‪َ ،‬و َأن َ‬
‫ال َعظيمِ‪َ ،‬فإِن َ‬

‫ويوق َن ِبه‪َ ،‬ف َم ِن اعتقدَ ‪ ،‬أو ا َّد َعى َّ‬


‫أن‬ ‫األصل‪ِ ،‬‬
‫ِ‬ ‫أن ِ‬
‫يؤم َن هبذا‬ ‫كل ُمســلِ ٍم ْ‬ ‫ويِ ُ‬
‫ب عىل ِّ‬ ‫َ‬
‫ً‬
‫ضالل ُمبينًا‪.‬‬ ‫وض َّل‬ ‫ب؛ فقد ك َف َر‪َ ،‬‬
‫وكذ َب َ‬ ‫غري اهللِ ‪َ E‬ي ْع َل ُم ال َغ ْي َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫بعض‬ ‫ِ‬
‫وكاعتقاد‬ ‫مني‪،‬‬ ‫رة‪ ،‬والك ََه ِنة‪ ،‬وال َع َّر َ‬
‫افني‪ ،‬واملن َِّج َ‬ ‫ذلك يف السح ِ‬
‫كم ْن َيعت َِقد َ‬
‫َّ َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أئمت ِهم‪ ،‬و ُغالة الصوف َّية يف َمشاخي ِهم‪ ،‬وأوليائ ِهم‪ ،‬واالعتقاد يف اجل ِّن‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الطوائف يف َّ‬

‫فهو كافِ ٌر‪ ،‬و َم ْن صدَّ َق‬ ‫ِ‬


‫الغيب‪َ ،‬‬ ‫لم‬ ‫ِ‬
‫مني ‪َ « :V‬م ِن ا َّد َعى ع َ‬ ‫ــيخ اب ُن ُع َث ْي َ‬
‫الش ُ‬ ‫ُ‬
‫يقول َّ‬
‫لقوله تعــاىل‪( :‬ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ‬ ‫ِ‬ ‫يــب‪ ،‬فإنَّه كافِ ٌر أ ْي ًضا؛‬
‫َمن يدَّ عي ع ْل َم ال َغ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واألرض‪ ،‬إال اهللُ‬ ‫ــاوات‪،‬‬ ‫الس‬
‫ب َّ‬ ‫ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ) [النمل‪]٦٥ :‬؛ فــا َي ْع َل ُم َغ ْي َ‬
‫وحدَ ُه‪.‬‬
‫كل هذا ِمن الك ِ‬
‫المستق َب ِل؛ ُّ‬ ‫عون َّأنم َي ْع َل َ‬ ‫وهؤ ِ‬
‫الء الذي َن يدَّ َ‬
‫َهانة‪.‬‬ ‫َ‬ ‫مون ال َغ ْي َ‬
‫ب يف ُ‬ ‫ُ‬

‫ش ٍء؛ َل ْ ُت ْق َب ْل َل ُه‬ ‫َ‬ ‫النبي ‪ H‬أنَّه قال‪َ َ :‬‬


‫«م ْن أتَى َع َّرا ًفا َف َسأ َل ُه َع ْن َ ْ‬ ‫وقد َث َب َت َع ِن ِّ‬
‫َصال ٌة َأ ْر َب َ‬
‫عني َل ْي َل ًة»(((‪.‬‬

‫كذ َب قو َله تعاىل‪:‬‬ ‫ِ‬


‫الغيب‪ ،‬فقد َّ‬ ‫يكون كافرا؛ ألنَّه إذا صدَّ َقه ِ‬
‫بع ْل ِم‬ ‫ُ ً‬ ‫ْ‬
‫فــإن صدَّ قه فإنَّه‬
‫(ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ) [النمل‪.(((»]٦٥ :‬‬

‫قول؛ َف َقدْ َك َف َر بِام ُأن ِْز َل عىل‬ ‫احلديــث‪« :‬من َأتَى ِ‬


‫كاهنًا‪َ ،‬أ ْو َع َّرا ًفا‪َ ،‬ف َصدَّ َق ُه بِام َي ُ‬ ‫ِ‬ ‫ويف‬
‫َ ْ‬
‫م َّم ٍد ‪.(((»H‬‬
‫َُ‬

‫((( رواه البخاري (‪.)1166‬‬


‫((( رواه مسلم (‪.)2230‬‬
‫((( فتاوى ابن عثيمني (‪.)202/1‬‬
‫ابن حجر‪ ،‬واأللباين‪.‬‬
‫وصححه ُ‬
‫َّ‬ ‫((( رواه أبو داود (‪ ،)3904‬واإلمام أمحد (‪ )9532‬وغريمها‪،‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 207‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪206‬‬

‫ِ‬
‫العقيدة‪ ،‬وهو‬ ‫ِ‬
‫وثوابت‬ ‫ِ‬
‫اإليامن‪،‬‬ ‫ِ‬
‫أصول‬ ‫أصل عظي ٍم ِم ْن‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬
‫احلديث عىل‬ ‫اشت ََم َل هذا‬
‫العل ِم الذي اســتأ َث َر اهللُ تعاىل ِبه‬
‫يب ِمن ِ‬
‫لم ال َغ ِ َ‬
‫ِ‬
‫ــب ال َي ْع َل ُمه إال اهللُ تعاىل‪ ،‬وع ُ‬‫أن ال َغ ْي َ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫هو‪،‬‬ ‫لنَفســه‪ ،‬وب َيده ‪َ ‬و ْحدَ ه َخزائنُه‪ ،‬وال ُّط ُر ُق الموصل ُة إليه‪ ،‬ال َي ْملكُها َّإل َ‬
‫وال ُي ْط ِل ُع عليها َّإل َم ْن شا َء ِم ْن ُر ُس ِله‪.‬‬

‫هو‬
‫عمن َ‬ ‫رس ٌ‬
‫ــل‪َ ،‬ف ْض ًل َّ‬ ‫نبي ُم َ‬ ‫ب أحدٌ َّإل اهللُ‪ ،‬ال َم َل ٌك َّ‬
‫مقر ٌب‪ ،‬وال ٌّ‬ ‫فال َي ْع َل ُم ال َغ ْي َ‬
‫دونُام‪.‬‬
‫َ‬

‫قال تعاىل‪( :‬ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱﯲ) [األنعام‪ ،]٥٩ :‬وقال‪( :‬ﭧ ﭨ‬


‫ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ) [النمل‪ ،]٦٥ :‬وقال‪:‬‬
‫(ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ) [الكهف‪( ،]٢٦ :‬ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ) [يونس‪،]٢٠ :‬‬
‫(ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ) [الرعد‪ ،]٩ :‬وقــال‪( :‬ﯵ ﯶ‬
‫ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ) [اجلن‪ ،]٢٧-٢٦ :‬وقــال‪:‬‬
‫(ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ) [آل عمران‪.]١٧٩ :‬‬

‫رب اهللُ عنه‪( :‬ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ‬ ‫ِ‬


‫النبي ‪ H‬ع ْن نفسه‪ ،‬فيام أخ َ‬
‫وقد قال ُّ‬
‫ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ) [األعراف‪.]١٨٨ :‬‬
‫َعــال لِنَبي ِ‬
‫ــه ‪( :H‬ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ‬ ‫وقال اهللُ ت َ ِّ‬
‫ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ) [األنعام‪.]٥٠ :‬‬
‫ِ‬
‫وقالت ِ‬
‫اجل ُّن‪( :‬ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ) [اجلن‪.]١٠ :‬‬

‫َ‬
‫ســليامن ‪( :S‬ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ‬ ‫وقــال اهللُ عنهم يف قص ِة ِ‬
‫موت‬ ‫َّ‬ ‫ُ ْ‬
‫ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ) [سبأ‪.]١٤ :‬‬
‫ِ‬ ‫ا َم ال ُغ ِ‬ ‫ِ‬
‫األمور‬ ‫يوب يف‬ ‫َخري اهللَ تعاىل عــ َّ‬
‫أن ن َْســت َ‬ ‫النبي ‪ْ H‬‬ ‫ولــذا‪ ،‬ع َّل َمنا ُّ‬
‫ريض ِة‪،‬‬ ‫ــن غ ْ ِ‬
‫َي ال َف َ‬ ‫المســتَقبلي ِة؛ فقال‪« :‬إِذا هم َأحدُ كُــم بِاألَم ِر ؛ َف ْليكَع ر ْكعت ِ ِ‬
‫َي م ْ‬ ‫َْ ْ َ َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ َّ َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 206‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫‪205‬‬

‫الحديث الثامن والعشرون‬

‫سول ال َّل ِه ‪ H‬قال‪:‬‬


‫َ‬ ‫ن ُع َمرَ ‪ ،L‬أ َ َّن ر َ‬
‫ن ابْ ِ‬
‫َع ِ‬

‫كون في َ‬
‫غ ٍد‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ح ٌد ما ي َ‬ ‫مها إِال اهللُ‪ :‬ال ي َ ْعل َ ُ‬
‫م أَ َ‬ ‫س‪ ،‬ال ي َ ْعل َ ُ‬ ‫ب َ‬
‫خ ْم ٌ‬ ‫«م ْفتا ُح ال َ‬
‫غ ْي ِ‬ ‫ِ‬
‫س ُــب َ‬
‫غ ًدا‪َ ،‬وما‬ ‫س ماذا ت َ ْ‬
‫ك ِ‬ ‫م ن َ ْف ٌ‬ ‫كون في األَرْ ِ‬
‫حام‪َ ،‬وال ت َ ْعل َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫م أَ َ‬
‫ح ٌد ما ي َ‬ ‫َوال ي َ ْعل َ ُ‬
‫طرُ»(((‪.‬‬
‫م َ‬
‫ء ال َ‬ ‫موت‪َ ،‬وما ي َ ْدري أ َ َ‬
‫ح ٌد َمتَى يَجي ُ‬ ‫ُ‬ ‫ض تَ‬ ‫س ِب ِّ َ‬
‫أي أرْ ٍ‬ ‫ت َ ْدري ن َ ْف ٌ‬

‫غ ٍد‬ ‫مها إِال اهللُ‪ :‬ال ي َ ْعل َ ُ‬


‫م ما في َ‬ ‫س‪ ،‬ال ي َ ْعل َ ُ‬ ‫ب َ‬
‫خ ْم ٌ‬ ‫ح ال َ‬
‫غ ْي ِ‬ ‫وفــي روايــ ٍة‪َ « :‬مفا ِت ُ‬
‫طر ُ أ َ َ‬
‫ح ٌد‬ ‫م َ‬ ‫حام إِال اهللُ‪َ ،‬وال ي َ ْعل َ ُ‬
‫م َمتَى يَأْتي ال َ‬ ‫غيض األَرْ ُ‬
‫ُ‬ ‫إال اهللُ‪َ ،‬وال ي َ ْعل َ ُ‬
‫م ما ت َ‬

‫ع ُة إِال‬
‫الســا َ‬
‫قوم َّ‬
‫ُ‬ ‫م َمتَى ت َ‬
‫موت‪َ ،‬وال ي َ ْعل َ ُ‬
‫ُ‬ ‫ض تَ‬
‫أي أرْ ٍ‬ ‫إِال اهللُ‪َ ،‬وال ت َ ْدري ن َ ْف ٌ‬
‫س ِب ِّ َ‬

‫اهللُ»(((‪.‬‬

‫ــم قــرأَ‪( :‬ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ‬


‫ــس‪ُ ،‬ث َّ‬ ‫ب َ‬
‫خ ْم ٌ‬ ‫ح ال َ‬
‫غ ْي ِ‬ ‫وفــي روايــ ٍة‪َ « :‬مفا ِتــ ُ‬
‫ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼﯽ ﯾ ﯿ ﰀ‬
‫ﰁ ﰂ ﰃﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ) [لقامن‪.(((»]٣٤ :‬‬
‫‪.‬‬

‫((( رواه البخاري (‪.)1039‬‬


‫((( رواه البخاري (‪.)4697‬‬
‫((( رواه البخاري (‪.)4778 ،4627‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 205‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪204‬‬

‫ِ ِ‬
‫َ‬
‫ســاقون‬ ‫آخرهم َ‬
‫أولُم‪ ،‬و ُي‬ ‫أولم عىل آخ ِرهم‪ ،‬وي ْت َب ُع ُ‬ ‫ﯹ) [فصلت‪ ]١٩ :‬أي‪ُ :‬ي َر ُّد ُ‬
‫نص َ‬
‫ون‪.‬‬ ‫َطيعون امتِنا ًعا‪ ،‬وال َين ُْص َ‬
‫ون أن ُف َسهم‪ ،‬وال ُه ْم ُي َ‬ ‫َ‬ ‫إليها َس ْو ًقا عني ًفا‪ ،‬ال َيست‬

‫كل ُع ْض ٍو ِم ْن‬
‫ــهدُ ُّ‬
‫وجلو ُدهم‪ ،‬ف َي ْش َ‬ ‫وأبصار ُهــم‪ُ ،‬‬
‫ُ‬ ‫ــم ُع ُهم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫عليه ْم َس ْ‬ ‫ُث َّم َي ْش َ‬
‫ــهدُ‬
‫فكل ُع ْض ٍو ُ‬
‫يقول‪ :‬أنا ف َع ْل ُت كذا‪ ،‬وكذا‪َ ،‬ي ْو َم كذا‪ ،‬وكذا‪.‬‬ ‫ِ‬
‫أعضائ ِهم‪ُّ ،‬‬

‫ُث َّم و َّب َخ ُه ُم اهللُ تعاىل؛ فقال‪( :‬ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ‬


‫أن ت َْش َهدَ‬ ‫ارتكاب ِ‬
‫القبائحِ ؛ خماف َة ْ‬ ‫ِ‬ ‫ﭮ ﭯ) [فصلت‪ ]٢٢ :‬أي‪ :‬وما كُنت ُْم ت َْست َْخ َ‬
‫فون عندَ‬
‫ُفر‪ ،‬واملعايص‪،‬‬ ‫رون اهللَ بالك ِ‬
‫اه َ‬ ‫بــل كنتُم ُت ِ‬
‫ْ‬ ‫ذلك‪ْ ،‬‬ ‫رون ِم ْن َ‬ ‫أعضاؤكُم عليكُم‪ ،‬وال ُت ِ‬
‫اذ َ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫دون أنَّه ال َي ْع َل ُم َ‬
‫مجيع أفعالكُم‪.‬‬ ‫ُبالون منه يف َز ْعمكُم؛ ألنَّكم كنتُم َت ْعتَق َ‬
‫وال ت َ‬
‫ِ‬
‫بإقدامكُم عىل املعايص (ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ‬ ‫ولِذا قــال‪( :‬ﭰ ﭱ)‬
‫ﭸ)؛ فلذلِ َك َصدَ َر منك ُْم ما َصدَ َر‪.‬‬
‫ِ‬
‫صار هو‬‫لون؛ َ‬ ‫يعم َ‬ ‫أن اهللَ ال َيع َل ُم ً‬
‫كثريا ممَّا َ‬ ‫وهو اعتقا ُد ُهــم َّ‬‫وهذا ال َّظ ُّن الفاســدُ ‪َ ،‬‬
‫ولذا قال‪( :‬ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ) فهذا‬
‫‪:‬‬
‫ــقائهم؛ ِ‬
‫وش ِ‬ ‫ِ‬
‫هالك ِه ْم‪َ ،‬‬ ‫َســ َبب‬
‫بجاللِ ِه (ﭿ) أي‪ :‬أه َل َككُم (ﮀ‬ ‫حيث ظننتُم ِبه ما ال َي ُ‬
‫ليق َ‬ ‫الس ُء ُ‬‫ال َّظ ُّن َّ ِّ‬
‫ِ‬
‫األعامل التي أوج َبها لك ُْم ظنُّكم ال َق ُ‬
‫بيح‬ ‫ب‬‫بس َب ِ‬ ‫ِ‬
‫وأهليه ْم؛ َ‬ ‫ﮁ ﮂ) ألن ُف ِس ِهم‪،‬‬
‫الخلو ُد الدَّ ِائ ُم يف‬
‫ب عليك ُُم ُ‬ ‫ِ‬ ‫قاب‪َّ ،‬‬ ‫الع ِ‬‫بربكُم‪ ،‬فح َّق ْت عليكُم كلم ُة ِ‬
‫وو َج َ‬
‫والشــقاء‪َ ،‬‬ ‫ْ َ‬ ‫ِّ ْ‬
‫عنه ْم سا َع ًة(((‪.‬‬
‫ت ُ‬ ‫ال َع ِ‬
‫ذاب الذي ال ُي َف َّ ُ‬
‫ِ‬
‫وعليه‬ ‫حال‪َّ ،‬إل‬ ‫أن يتح َّق َق أنَّه ال يمــر ِ‬
‫عليه ٌ‬ ‫المؤمــ َن َين َبغي ْ‬ ‫ِ‬
‫وفيــه َتنْبي ٌه عىل‪َّ :‬‬
‫َ ُ ُّ‬ ‫أن ُ‬
‫قيب ِم َن اهللِ تعاىل(((‪.‬‬
‫َر ٌ‬

‫((( تفسري ابن كثري (‪ ،)172/7‬تفسري السعدي (ص‪.)747‬‬


‫((( إرشاد الساري للقسطالين (‪.)329/7‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 204‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫‪203‬‬ ‫احلديث السابع والعرشون‪ :‬اجتمع عند البيت ثقف َّي ِ‬
‫ان و ُقريش أو ُقرشيان‪...‬‬

‫وقــال ‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ‬
‫ﭝ ﭞﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ) [املجادلة‪.]١ :‬‬

‫حل ْمدُ هللِ الذي َو ِس َع َس ْم ُع ُه األَ ْص َ‬


‫وات‪َ ،‬ل َقدْ‬ ‫َ ِ‬
‫ؤمنني عائ َشــ ُة ‪« :J‬ا َ‬ ‫الم‬
‫قالت أ ُّم ُ‬
‫ي َفى َع َ َّل كَال ُمها‪،‬‬ ‫َ‬
‫ــكان َ ْ‬ ‫ســول اهلل ‪ H‬ت َْشــكو َز ْو َجها‪َ ،‬ف‬‫ِ‬ ‫جا َء ْت َخ ْو َل ُة إِ َل َر‬
‫ْــز َل اهللُ ‪( :D‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ‬ ‫َف َأن َ‬
‫ﭞ) [املجادلة‪.(((»]١ :‬‬

‫ُ‬
‫يقول اإلما ُم اب ُن الق ِّيم ‪ V‬يف «نون َّيته»‪:‬‬
‫ـر ُن ْط ِق لِ ِ‬
‫سان‬ ‫يف َن ْف ِس ِه ِم ْن َغـ ْ ِ‬ ‫ليم بِام َيو ْس ِو ُس َع ْبدُ ُه‬ ‫هو ال َع ُ‬ ‫َو َ‬
‫إل ْعـ ِ‬
‫ـان‬ ‫إل ْس ِار وا ِ‬ ‫قايص َوذو ا ِ‬ ‫َب ْل َي ْستَوي يف ِع ْل ِم ِه الدَّ اين َم ْع الـ‬
‫ِ‬
‫اآلن‬ ‫ـان وا َمل ْعلو ُم يف ذا‬‫َقــدْ كـ َ‬ ‫كون َغدً ا َوما‬ ‫ليم بِام َي ُ‬ ‫هو ال َع ُ‬ ‫َو َ‬
‫ِ‪3‬‬
‫كون َم ْوجو ًدا َلدَ ى األَ ْعيان‬ ‫َ‬
‫ـف َي ُ‬ ‫كان َك ْيـ‬‫ش ٍء َل َيك ُْن َل ْو َ‬ ‫ِ‬
‫َو ُبك ِّل َ ْ‬

‫وقال تعــاىل‪( :‬ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ‬


‫ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅﰆ ﰇ ﭑ ﭒ ﭓ‬
‫ﭔ ﭕﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ‬
‫ﭤ ﭥ ﭦﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ‬
‫ﭲﭳﭴﭵﭶ ﭷ ﭸ ﭹﭺﭻﭼﭽﭾ ﭿﮀ‬
‫ﮁ ﮂ) [فصلت‪.]٢٣-١٩ :‬‬
‫وتكذيب رس ِ‬
‫ــله‪،‬‬ ‫ِ ُ ُ‬ ‫بــارزو ُه بال ُك ْف ِر ِبه‪ ،‬وبآياتِ ِه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ب تعاىل عــ ْن أعدائه الذي َن َ‬ ‫ف ُي ْخ ِ ُ‬
‫ي َمعون (ﯶ ﯷ ﯸ‬ ‫ون‪ ،‬أي‪ْ ُ :‬‬‫ي َش َ‬ ‫الشني َع ِة َ‬
‫حني ُ ْ‬
‫ِ‬
‫وحالم َّ‬ ‫وم َار َبتِهم‪،‬‬ ‫وم ِ‬
‫عاداتم‪ُ ،‬‬ ‫ُ‬

‫وصححه‪ :‬ابن‬
‫َّ‬ ‫((( أخرجه البخاري تعليقًا (‪ ،)117/9‬ووص َله النسائي (‪ ،)3460‬وابن ماجه (‪،)188‬‬
‫تيمية‪ ،‬وابن امللقّن‪ ،‬وابن حجر‪ ،‬واأللباين‪.‬‬
‫َّ‬
‫((( نونية ابن القيم (ص‪.)36‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 203‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪202‬‬

‫م ُ‬
‫ع إِذا‬ ‫ه ْرنا؛ َفإِنَّ ُه ي َ ْ‬
‫ســ َ‬ ‫ج َ‬ ‫م ُ‬
‫ع إِذا َ‬ ‫ســ َ‬
‫كان ي َ ْ‬
‫َ‬ ‫ن‬ ‫وأ ْف َ‬
‫طنُهم‪ ،‬وأف َق ُه ُهم‪َ ،‬م ْن قال‪« :‬إ ِ ْ‬
‫بس ْم ِعه إذا َج َهروا‪ ،‬ف َل ْم‬ ‫ِ‬
‫ذلك‪ ،‬وع َّل َق ع ْل َم اهللِ تعاىل بام ُيفونَه َ‬
‫أ َ ْخ َف ْينا»‪ ،‬لكنَّه َش َّك يف َ‬
‫الف ِ‬
‫قه م َع ُهم(((‪.‬‬ ‫ف بق َّل ِة ِ‬
‫قولُم؛ ولِذا ُو ِص َ‬ ‫ي ْق َط ْع َّ‬
‫بأن اهللَ تعاىل َي ْس َم ُع َ‬

‫ــرة‪ ،‬والباطِنة‪ ،‬اخلف َّية‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫يع األصوات‪ ،‬الظاه َ‬ ‫ــم ُع َج َ‬
‫صري‪َ ،‬ي ْس َ‬
‫ــميع َب ٌ‬
‫ٌ‬ ‫واهللُ تعاىل َس‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫والس عندَ ُه‬ ‫واجلل َّية‪ ،‬باختالف ال ُّلغات‪ ،‬عىل تفن ُِّن احلاجات‪ ،‬فال َغ ْي ُ‬
‫ب عندَ ه شــها َدةٌ‪ُّ ِّ ،‬‬
‫ِ‬
‫ريب‪( :‬ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ) [طه‪( ،]٧ :‬ﭾ‬ ‫عالن َي ٌة‪ ،‬وال َبعيدُ عندَ ه َق ٌ‬
‫ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ) [الزخرف‪( ،]٨٠ :‬ﯛ‬
‫ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ) [التوبة‪.]٧٨ :‬‬
‫(((‬
‫وقــال‪( :‬ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ((( ﯵ ﯶﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ‬
‫ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ) [هود‪.]٥ :‬‬
‫خرة الصم ِء‪ ،‬يف ال َّل ِ‬
‫يلة‬ ‫َّملة السو ِ‬
‫داء‪ ،‬عىل الص ِ‬ ‫فهو ‪ ‬يرى ويسمع دبيب الن ِ‬
‫َّ َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َْ َ ُ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬
‫ال َّظ ْل ِ‬
‫امء‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫بكل َش ٍء ِع ْل ًم‪،‬‬
‫الس‪،‬‬ ‫كل يشء عَدَ ًدا‪َ ،‬ي ْع َلم ِّ َّ‬
‫الس‪ ،‬وأخ َفى م َن ِّ ِّ‬ ‫وأحص َّ‬
‫َ‬ ‫أحاط ِّ‬
‫َ‬ ‫« َقدْ‬
‫ول ْ َتت ََح َّر ْك ِبه شفتا ُه‪ ،‬وأخ َفى ِمن ُه‪:‬‬
‫وخ َط َر بقلبِ ِه‪َ ،‬‬ ‫عليه َضمري ِ‬
‫العبد‪َ ،‬‬ ‫ُ‬
‫فالس‪ :‬ما ا ْن َطوى ِ‬
‫َ‬ ‫ِّ ُّ‬
‫ِ‬
‫ي ُطر َب ْعدُ ؛ ف َيع َلم أنَّه س َي ْخ ُط ُر ب َق ْلبِه كذا‪ ،‬وكذا‪ ،‬يف وقت كذا‪ ،‬وكذا»(((‪.‬‬ ‫ما َل ْ َ ْ‬
‫ِ‬
‫واإلعالن‪( :‬ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ‬ ‫َ‬ ‫وس ْم ُعه َي ْش َم ُل ِّ َّ‬
‫الس‪،‬‬ ‫فع ْل ُمه َ‬
‫َف يف َق ْع ِر َب ْيتِ ِه‬
‫ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ) [الرعد‪]١٠ :‬؛ أي‪« :‬مــن هو ُمْت ٍ‬
‫َ ْ َ‬
‫كالها يف ِع ْل ِم اهلل َسوا ٌء»(((‪.‬‬ ‫ياض الن ِ‬
‫َّهار؛ ُ‬ ‫ماش يف َب ِ‬ ‫يف َظال ِم ال َّلي ِل‪ ،‬ومن هو ِ‬
‫ظاه ٌر ٍ‬ ‫َ ْ‬ ‫ْ‬

‫((( رشح ابن َّ‬


‫بطال (‪ ،)523/10‬اإلفصاح (‪ ،)40/2‬رشح كتاب التوحيد للغُ نيامن (‪.)505/2‬‬
‫((( خيفون ما صدورهم من الشحناء والعداوة للنبي ‪.H‬‬
‫رؤوسهم بثياهبم‪.‬‬
‫َ‬ ‫((( ُيغَ ُّطون‬
‫القيم (ص‪ ،)62‬باختصار‪.‬‬
‫((( الوابل الصيب البن ِّ‬
‫بترصف‪.‬‬
‫((( تفسري ابن كثري (‪ُّ ،)437/4‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 202‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫‪201‬‬

‫الحديث السابع والعشرون‬

‫ان‪،‬‬ ‫ــت ث َ َ‬
‫قفيَّ ِ‬ ‫ع ِع ْنــ َد الب َ ْي ِ‬ ‫اجت َ َ‬
‫مــ َ‬ ‫ســعو ٍد ‪ ،I‬قــال‪ْ :‬‬ ‫ــن َع ْبــ ِد ال َّلــ ِه بْ ِ‬
‫ــن َم ْ‬ ‫َع ْ‬
‫م‪َ ،‬قليل َ ٌة ِف ْق ُه ُقلو ِب ِه ْ‬
‫م‪،‬‬ ‫م بُطو ِن ِه ْ‬ ‫كثير َ ٌة َ‬
‫ش ْح ُ‬ ‫في‪َ ،‬‬
‫ق ٌّ‬ ‫شي‪ ،‬أ َ ْو ُقرَشيَّ ِ‬
‫ان‪َ ،‬وث َ َ‬ ‫َو ُقر َ ٌّ‬
‫ه ْرنا‪،‬‬
‫ج َ‬
‫ن َ‬ ‫م ُ‬
‫ع إِ ْ‬ ‫س َ‬ ‫قول؟ قال اآل َ‬
‫خرُ‪ :‬ي َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ع ما ن َ‬
‫ــم ُ‬
‫س َ‬‫ه يَ ْ‬ ‫ن أ َ َّ‬
‫ن اللَّ َ‬ ‫م‪ :‬أَتَر َ ْو َ‬
‫ه ْ‬ ‫َفقال أ َ َ‬
‫ح ُد ُ‬
‫ن أ َ ْخ َ‬
‫ف ْينا!‬ ‫م ُ‬
‫ع إِ ْ‬ ‫س َ‬
‫َوال ي َ ْ‬

‫اهلل تَعالَى‪:‬‬ ‫م ُع إِذا أ َ ْخ َ‬


‫ف ْينا‪َ .‬فأَنْزَ َل ُ‬ ‫ه ْرنا؛ َفإِنَّ ُه ي َ ْ‬
‫س َ‬ ‫م ُع إِذا َج َ‬
‫س َ‬
‫كان ي َ ْ‬
‫َ‬ ‫َوقال اآل َخرُ‪ :‬إ ِ ْن‬
‫(ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ) [فصلت‪.(((]٢٢ :‬‬

‫حديثَنا؟ قال‬ ‫م ُ‬
‫ع َ‬ ‫ســ َ‬
‫ه يَ ْ‬ ‫ن أ َ َّ‬
‫ن اللَّ َ‬ ‫ض‪ :‬أَتُر َ ْو َ‬
‫م ِلب َ ْع ٍ‬
‫ه ْ‬ ‫وفــي رواي ٍة‪َ « :‬فقال ب َ ْع ُ‬
‫ض ُ‬
‫ض ُه ل َ َ‬
‫ق ْد‬ ‫ع ب َ ْع َ‬
‫م ُ‬
‫ســ َ‬
‫كان ي َ ْ‬
‫َ‬ ‫م‪ :‬ل َ ِئ ْ‬
‫ن‬ ‫ه ْ‬
‫ض ُ‬ ‫ع ب َ ْع َ‬
‫ضهُ‪َ ،‬وقــال ب َ ْع ُ‬ ‫م ُ‬
‫ســ َ‬
‫م‪ :‬ي َ ْ‬
‫ه ْ‬ ‫ب َ ْع ُ‬
‫ض ُ‬
‫كلَّهُ»(((‪.‬‬
‫ع ُ‬
‫م ُ‬
‫س َ‬
‫يَ ْ‬

‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬
‫اجتمعوا عندَ‬ ‫بعض ُهم َبعدَ َذل َك‪َ -‬‬ ‫أس َل َم ُ‬
‫كني ‪-‬وقدْ ْ‬ ‫الم ِ‬
‫رش َ‬ ‫هؤالء َثالث ُة ِرجال م َن ُ‬ ‫ُ‬
‫بخ ْل ِقه‪ِ ،‬م ْن أنَّه‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ٍ‬
‫وص َف ُه ُم اب ُن َم ْسعود ‪ I‬بق َّلة الفقه؛ َّ‬
‫ألنم ش َّبهوا اهللَ تعاىل َ‬ ‫ِ‬
‫ال َبيت‪َ ،‬‬
‫فصدَ َرت ِمنْهم‬ ‫اآلخ ِر‪َ ،‬‬ ‫بعضها َ‬
‫دون َ‬ ‫ــم ُع َ‬‫سها‪ ،‬أو َي ْس َ‬
‫األصوات َ ِ‬
‫دون ِّ‬
‫ِ‬ ‫ــمع َج ْه َر‬ ‫َي ْس َ‬
‫المقال ُة‪ ،‬الدَّ ا َّلة عىل ِق َّل ِة ال َف ْهم‪.‬‬‫لك َ‬ ‫تِ َ‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)7521‬ومسلم (‪.)2775‬‬


‫((( رواه البخاري (‪.)4816‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 201‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 200 11/17/19 8:57 PM
‫‪199‬‬ ‫احلديث السادس والعرشون‪« :‬قال رجل مل يعمل خري ًا قط‪ :‬إذا مات ِّ‬
‫فحرقوه‪»...‬‬

‫قــال‪( :‬ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ) [البقرة‪ ]٢٦٠ :‬أي‪ْ َ :‬ت ُص ُل هلُــ َّن َحيا ٌة كامل ٌة‪،‬‬
‫وحص َل ل ُه‬ ‫ذلك‪،‬‬‫إبراهيم ‪َ S‬‬ ‫هذه القو ِة‪ ،‬وس َع ِة ال َّط ِ‬
‫ريان‪ ،‬فف َع َ‬
‫ــل‬ ‫ويأتينَــك يف ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫ما أرا َد‪.‬‬

‫َّ‬ ‫ٍ‬ ‫قو ٍة‬


‫ســخ َر هبا‬ ‫عظيمة‪،‬‬ ‫ثم قال‪( :‬ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ) [البقرة‪ ]٢٦٠ :‬أي‪ :‬ذو َّ‬ ‫َّ‬
‫خاضع ٌة جلاللِه‪ِ،‬‬
‫لع َّزتِ ِه‪ِ ،‬‬
‫عليه َشء ِمنْها‪ْ ،‬بل هي منقاد ٌة ِ‬
‫ص ِ‬ ‫ِ‬
‫المخلوقات‪ ،‬ف َل ْم َي ْســ َت ْع ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬
‫ذلك فأفعا ُله تعاىل تابِ َع ٌة ِحلك َْمته‪ ،‬ال يف َع ُل َش ْي ًئا ع َب ًثا‪.(((» ،‬‬
‫و َم َع َ‬

‫وترصف‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫((( تفسري السعدي (ص‪ ،)112‬باختصار‪،‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 199‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪198‬‬

‫وقــال‪( :‬ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ)‬


‫[النازعات‪( ،]٤١-٤٠ :‬ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ) [الرمحن‪.]٤٦ :‬‬

‫َت‬
‫ي بات ْ‬ ‫َت ِم ْن َخ ْشــ َي ِة ا َّ‬
‫للِ‪َ ،‬و َع ْ ٌ‬ ‫ي َبك ْ‬
‫ــهام الن َُّار‪َ :‬ع ْ ٌ‬
‫ِ‬
‫ديــث‪َ « :‬ع ْي ِ‬
‫نان ال َت َ ُّس ُ‬ ‫الح‬
‫ويف َ‬
‫َ ْت ُر ُس يف َس ِ‬
‫بيل اللَِّ»(((‪.‬‬
‫ِ‬ ‫بيان عظي ِم ُقدْ َر ِة اهللِ تعاىل‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫سري‪،‬‬
‫هي عليه َي ٌ‬ ‫وأن َب ْع َث َ‬
‫الموتَى ِّ ٌ‬ ‫أيضا‪ُ :‬‬
‫احلديث ً‬ ‫ويف‬
‫كام قــال ‪( :‬ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ) [الروم‪:‬‬

‫‪ ،]٢٧‬وقال‪( :‬ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝﯞ ﯟ ﯠ ﯡ‬
‫ﯢ) [التغابن‪.]٧ :‬‬

‫وقــال ‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ‬


‫ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ‬
‫ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ) [البقرة‪.]٢٦٠ :‬‬
‫ث‪ ،‬والج ِ‬
‫زاء‪.‬‬ ‫وإحيائ ِه الموتَى للبع ِ‬
‫ِ‬ ‫اللة ِح ِّس ٍية عىل ُقدْ َر ِة اهللِ‪،‬‬
‫فيه أع َظم د ٍ‬
‫«وهذا ِ‬
‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬

‫الم ْوتى؛ ألنَّه‬ ‫ييي َ‬ ‫كيف ُ ْ‬


‫صه َ‬ ‫أن ُير َيه ب َب َ ِ‬
‫إبراهيم أنَّه ســأ َله ْ‬
‫َ‬ ‫خليل ِه‬
‫فأخب تعاىل عن ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ ََ‬
‫ِ‬
‫شــاهدَ ه عيانًا؛ ل َي ْح ُص َل له َمر َت َب ُة َع ِ‬
‫ني‬ ‫بخ َ ِب اهللِ تعاىل‪ ،‬ولكنَّه َّ‬
‫أحب أن ُي‬ ‫قد َت َي َّقن َ‬
‫ذلك َ‬
‫ال َي ِ‬
‫قني‪.‬‬

‫بم ْرأى ِمن ُه‪،‬‬ ‫َ‬


‫ليكون َ‬
‫ذلك َ‬
‫ويضمهن ِ‬
‫إليه؛‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يأخ َذ أر َبع ًة م َن ال َّط ِري‪َّ ُ َّ ُ ،‬‬
‫أن ُ‬ ‫فأ َم َره اهللُ تعاىل ْ‬
‫شاهدَ ٍة‪ ،‬وعىل َيدَ ْي ِه‪.‬‬
‫و ُم َ‬

‫جبل ِمن‬
‫كل ٍ‬‫وي َع َل عىل ِّ‬
‫عض‪ْ َ ،‬‬ ‫وي ِل َط أجزا َء ُه َّن َ‬
‫بعضها ب َب ٍ‬ ‫أن ُي َم ِّز َق ُه َّن‪َ ،‬‬
‫أمــر ُه ْ‬
‫ُث َّم َ‬
‫ِ‬
‫األجزاء‪.‬‬ ‫تلك‬‫رب منه ُجز ًءا ِم ْن َ‬ ‫بال التي يف ال ُق ِ‬ ‫اجل ِ‬
‫ِ‬

‫وصححه األلباين يف صحيح اجلامع (‪.)4112‬‬


‫َّ‬ ‫((( رواه الرتمذي (‪،)1639‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 198‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫‪197‬‬ ‫احلديث السادس والعرشون‪« :‬قال رجل مل يعمل خري ًا قط‪ :‬إذا مات ِّ‬
‫فحرقوه‪»...‬‬

‫خ ْي ًرا َق ُّ‬
‫ط»‪:‬‬ ‫ل َ‬
‫م ْ‬ ‫فقو ُل ُه‪« :‬ل َ ْ‬
‫م ي َ ْع َ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وأن ِعندَ ه ُ‬ ‫ال َّظ ِ‬


‫فهو ُمؤم ٌن‬ ‫أصل اإليامن يف قلبِه‪َ ،‬‬ ‫وارح‪َّ ،‬‬ ‫المقصو َد َع َم ُل َ‬
‫الج ِ‬ ‫أن َ‬ ‫اه ُر َّ‬
‫باهللِ‪ ،‬وبالج ِ‬
‫«م ْن َخ ْشــ َيتِ َك‪َ ،‬و َأن َ‬
‫ْت َأ ْع َل ُم»‪،‬‬ ‫واضح ِمن قولِ ِه‪ِ :‬‬
‫ٌ‬
‫ســاب‪ ،‬وهذا ِ‬ ‫ِ‬ ‫زاء‪ِ ،‬‬
‫واحل‬ ‫َ‬
‫تكون َّإل ِ‬
‫ملؤم ٍن ُم َصدِّ ٍق(((‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫وقولِ ِه‪َ « :‬ل ِئ ْن َقدَ َر َع َ َّل َر ِّب َل ُي َع ِّذ َبنِّي»‪َ ،‬‬
‫والخشي ُة ال‬
‫قط عىل التَّام ِم‪ ،‬والك ِ‬
‫َامل»(((‪.‬‬ ‫يعم ْل َخ ْ ًيا ُّ‬ ‫وقال اإلما ُم اب ُن ُخ َزيم َة يف معناها‪َ :‬‬
‫«ل ْ َ‬
‫أسباب الم ِ‬ ‫وف ِم َن اهللِ تعاىل ِم ْن أع َظ ِم‬ ‫ِ‬
‫غف َرة(((‪.‬‬ ‫ِ َ‬ ‫أن َ‬
‫الخ َ‬ ‫احلديث ٌ‬
‫دليل عىل‪َّ :‬‬ ‫ويف هذا‬
‫جل ُذنوبه العظيم َة؛ لِا وقع يف َق ْلبِه ِمن َم ِ‬
‫افة اهللِ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫الر ِ َ َ‬ ‫فقد َغ َف َر اهللُ تعاىل لذا َّ‬
‫ف اهللِ تعــاىل‪ ،‬وغ َلبتِها عىل ِ‬
‫العبد‪،‬‬ ‫احلديث َفضيل ُة َخو ِ‬
‫ِ‬ ‫راقــي‪« :‬يف هذا‬ ‫يقول ِ‬
‫الع‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُّ‬
‫ف‪ ،‬وحص َلت له الم ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫غف َرةُ»(((‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫رس ُ‬ ‫وأنا م ْن مقامات اإليامن‪ ،‬وهبا ان َت َف َع هذا ُ‬
‫َّ‬
‫ــل صاحبها عىل طا َع ِ‬
‫ــة اهللِ تعاىل‪،‬‬ ‫حتم ُ‬ ‫ــوف ِمن اهللِ تعاىل ِعبــاد ٌة جلي َل ٌة‪ِ ،‬‬ ‫َ‬
‫والخ‬
‫َ‬ ‫ُ َ‬
‫نني‪( :‬ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ‬ ‫عبــاد ِه الم ِ‬
‫ؤم َ‬ ‫ِ‬ ‫ف‬ ‫نــاب معصي ِته؛ قال تعاىل يف وص ِ‬
‫ِ‬ ‫واجتِ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ﮦ) [املعارج‪.]٢٧ :‬‬

‫وقال‪( :‬ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ) [األنبياء‪.]٤٩ :‬‬

‫وقال‪( :‬ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ)‬


‫[الرعد‪.]٢١ :‬‬

‫وقال‪( :‬ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ) [اإلرساء‪.]٥٧ :‬‬

‫الرب (‪ ،)40/18‬رشح كتاب التوحيد للغُ نيامن (‪.)391/2‬‬


‫((( التمهيد البن عبد ّ‬
‫((( التوحيد (‪.)732/2‬‬
‫النبوية (‪.)484/5‬‬
‫َّ‬ ‫((( منهاج السنة‬
‫((( طرح التثريب (‪ ،)269/3‬باختصار‪.‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 197‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪196‬‬

‫فيه ِم َن َّ‬
‫الش ِّك يف‬ ‫ف منه‪ ،‬وو َقع فيام و َقع ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫والخو ِ‬ ‫ِ‬
‫ي اإليامن باهللِ‪ْ َ ،‬‬ ‫مج َع َب ْ َ‬
‫جل َ‬ ‫الر ُ‬
‫فهذا َّ‬
‫بج ْه ِله‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫بج ْه ِل ِه؛ ف َقبِ َل اهلل تعاىل من ُه إيامنَه‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫وغفر له ما َو َق َع فيه َ‬
‫َ‬ ‫وخ ْو َفه‪،‬‬ ‫ُقدرة اهللِ تعاىل َ‬
‫حيم‪.‬‬ ‫واهللُ َغ ٌ‬
‫فور َر ٌ‬
‫واهللُ تعاىل َله «يف َخ ْل ِقه ِحك ٌَم ال تب ُل ُغها ُع ُ‬
‫قول ال َب َ ِ‬
‫ش»(((‪.‬‬

‫ــك يف ُقدْ َر ِة اهللِ تعــاىل‪ ،‬ويف إعا َدتِه َبعدَ َم ْوتِه‪،‬‬


‫الش ِّ‬‫مح َله َج ْه ُله عىل َّ‬ ‫ُ‬
‫الرجل َ‬ ‫فهــذا‬
‫كان ِ‬
‫جاه ًل‬ ‫سلمني‪ ،‬لكنَّه َ‬ ‫الم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ ِ ِ‬
‫َ‬ ‫كفر باتِّفاق ُ‬ ‫الرياح‪« ،‬وهذا ٌ‬ ‫وح ْرق ج ْســمه‪ ،‬وتفريقه يف ِّ‬
‫أن ي ِ‬
‫عاق َب ُه؛ ف َغ َف َر له‬ ‫وكان م ِ‬ ‫ال يع َل ُم َ‬
‫َ‬
‫بذلك»(((‪.‬‬ ‫اف اهللَ ْ ُ‬
‫ؤمنًا َي ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ذلك‪،‬‬

‫الش ُّ‬
‫ــك‪،‬‬ ‫الر ُج ُل َ‬
‫كان َقدْ و َق َع له َّ‬ ‫ــيخ اإلســا ِم اب ُن تيم َّي َة ‪« :V‬فهذا َّ‬ ‫ُ‬
‫يقول َش ُ‬
‫ــل‪ ،‬يف ُقدْ َر ِة اهللِ تعاىل عىل إعا َد ِة ِ‬
‫ابن آ َد َم َب ْعدَ ما ُأ ْح ِر َق‪ ،‬و ُذ ِّر َي‪ ،‬وعىل أنَّه ُيعيدُ‬ ‫والج ْه ُ‬
‫َ‬
‫شه إذا ُف ِع َل ِبه َ‬
‫ذلك‪.‬‬ ‫وي ُ ُ‬
‫امل ِّي َت‪ْ َ ،‬‬
‫ِ‬
‫عظيامن‪:‬‬ ‫ِ‬
‫أصالن‬ ‫ِ‬
‫وهذان‬
‫ٍ‬
‫قدير‪.‬‬ ‫اإليامن بأنَّه عىل ِّ‬
‫كل َشء ٌ‬ ‫ُ‬ ‫• •أحدُ ُها‪ُ :‬متع ِّل ٌق باهلل تعاىل‪َ ،‬‬
‫وهو‬

‫وي ِ‬ ‫ِ‬
‫زيه‬ ‫اإليامن َّ‬
‫بأن اهللَ ُيعيدُ هذا امل ِّي َت‪ْ َ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫• •وال َّثــاين‪ :‬متع ِّل ٌق باليو ِم اآلخ ِر‪َ ،‬‬
‫وهو‬
‫عىل أعاملِ ِه‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ومــع هذا‪ ،‬فلم َ ِ‬
‫وهو‬
‫الجملة‪َ ،‬‬ ‫كان ُمؤمنًا باهللِ يف ُ‬
‫الجملة‪ ،‬ومؤمنًا باليو ِم اآلخ ِر يف ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫حلا‪ ،‬وهو َخ ْو ُفه ِم َن اهللِ ْ‬
‫أن‬ ‫عمل صا ً‬‫ت‪ ،‬وقد َع ِم َل ً‬
‫عاقب‪ ،‬بعدَ المو ِ‬
‫َْ‬
‫ِ‬
‫ثيــب‪ ،‬و ُي ُ‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫أن اهللَ ُي‬
‫اإليامن بــاهللِ‪ ،‬واليو ِم ِ‬
‫اآلخ ِر‪ ،‬وال َع ِ‬
‫مل‬ ‫ِ‬ ‫كان ِمنْ ُه ِم َن‬
‫عاق َبه عــى ذنوبِ ِه؛ غ َف َر اهللُ له بام َ‬
‫ي ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫الصال ِح»(((‪.‬‬

‫((( حادي األرواح (ص‪.)381‬‬


‫((( جمموع الفتاوى (‪.)231/3‬‬
‫((( جمموع الفتاوى (‪.)491/12‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 196‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫‪195‬‬ ‫احلديث السادس والعرشون‪« :‬قال رجل مل يعمل خري ًا قط‪ :‬إذا مات ِّ‬
‫فحرقوه‪»...‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أن رج ًل ِمن األُم ِم املاضي ِة أ ْنعم اهللُ تعاىل ِ‬ ‫ِ‬
‫الكثري‪ ،‬ورز َقه‬ ‫باملال‬ ‫عليه‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫وحاص ُلهــا‪ُ َ َّ :‬‬
‫ِ‬
‫بالمعايص‪.‬‬ ‫ف عىل نفسه َ‬ ‫األوال َد‪ ،‬لكنَّه َل ْ يشك ُْر ر َّبه عىل َهذه النِّ َع ِم‪َ ْ ،‬‬
‫وأس َ‬

‫مع ر ِّب ِه‪ ،‬وكثر َة ذنوبِ ِه‪ ،‬وتفري َطه يف ِّ‬


‫حق اهللِ‪ ،‬فتم َّلكَه‬ ‫الم ْو ُت؛ تذك ََّر حا َله َ‬ ‫حضه َ‬‫فلم َ َ‬ ‫َّ‬
‫فهو‬
‫عذ ُبه عذا ًبا شديدً ا‪َ ،‬‬ ‫الشــديدُ ِم َن اهللِ‪ ،‬وظ ّن أنَّه متَى َق ِد َم عىل اهللِ‪ ،‬فإنَّه س ُي ِّ‬‫ف َّ‬ ‫َ‬
‫الخ ْو ُ‬
‫ملة‪َّ ،‬‬
‫وأن اهللَ‬ ‫واحلســاب يف الج ِ‬ ‫واجلزاء ِ‬‫ِ‬ ‫ويؤمن باليو ِم ِ‬
‫اآلخ ِر‪،‬‬ ‫ملة‪ِ ،‬‬ ‫يؤمن باهللِ يف الج ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ت‪.‬‬ ‫عاقب‪ ،‬بعدَ المو ِ‬ ‫ِ‬
‫َْ‬ ‫ثيب‪ ،‬و ُي ُ‬ ‫تعاىل ُي ُ‬

‫هله أنَّه َل ْو ُح ِّر َق بعدَ َم ْو ِته‪ ،‬وأ ْذ َرتْه‬


‫تفاصيل ُقدْ ر ِة اهللِ تعاىل‪ ،‬وظن بج ِ‬
‫َّ َ ْ‬ ‫ِ َ‬ ‫يش ُّك يف‬ ‫لكنَّ ُه َ‬
‫كان ُ‬
‫وإحيائ ِه!‬
‫ِ‬ ‫ج ِعه‪،‬‬
‫عذاب اهللِ‪ ،‬و َل ْن َي ْق ِد َر اهللُ عىل َ ْ‬
‫ِ‬ ‫يفلت ِم ْن‬
‫الريح يف الرب‪ ،‬والبح ِر‪ ،‬فس ِ‬
‫َ‬ ‫ِّ َ ْ‬ ‫ِّ ُ‬

‫واثيق بذلِ َك‪ ،‬و َغ َف َل‬


‫الم َ‬
‫عليه ُم َ‬ ‫ذلك بعدَ َم ْوتِ ِه‪َ ،‬‬
‫وأخ َذ ِ‬ ‫أن يف َعلوا به َ‬ ‫َفأ ْو َص أوال َده ْ‬
‫ٍ‬ ‫أن اهللَ تعاىل عىل ِّ‬ ‫هذا املِ‬
‫الم ْوتى‪،‬‬ ‫دير‪ ،‬وأنَّــه ‪َ ‬يب َع ُث َ‬ ‫كل َشء َق ٌ‬ ‫ســكني ع ْن َّ‬
‫ُ‬
‫عليــه‪( :‬ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ‬ ‫ِ‬ ‫ــو ُن‬
‫أه َ‬ ‫وهــو ْ‬
‫َ‬ ‫و ُيعيدُ هم‪،‬‬
‫أســاك البِ ِ ِ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫حار‪ ،‬وم ُنهم َمــ ْن أك َلتْه ال ُّط ُ‬
‫يور‬ ‫ــم الذي أك َلتْه‬
‫ﭵ) [الروم‪ ،]٢٧ :‬ومن ُْه ُ‬
‫حتو َل إىل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ومن ُْهم َم ْن َ‬ ‫فتس ُة‪ِ ،‬‬‫الم َ ِ‬
‫الباري‪ ،‬ومنْهم َم ْن َّ‬ ‫السباع‪ ،‬ووحوش َ‬ ‫كان يف ُبطون ِّ‬ ‫ُ‬
‫األشجار!‬ ‫ِ‬ ‫ت ٍ‬
‫ُراب ت َغ َّذت به‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫األســاك‪،‬‬ ‫وج ِعهم ِمن ب ِ‬
‫طون‬ ‫ِ‬
‫وإحيائ ِهم‪ْ َ ،‬‬ ‫قاد ٌر عىل َب ْعثِهم‪،‬‬
‫ذلك‪ ،‬فاهللُ تعاىل ِ‬
‫و َم َع َ‬
‫ْ ُ‬
‫ــر‪( ،‬ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ‬ ‫ِ‬
‫وحواص ِل ال َّط ِ‬ ‫والســباعِ‪،‬‬
‫ِّ‬
‫ﯝﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ) [التغابن‪.]٧ :‬‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مع ما‬
‫ي َ‬ ‫رب وال َب ْح َر ْ‬
‫أن َ ْ‬ ‫ف َف َع َل أوال ُده به ما طل َبه منْهم َبعدَ َم ْوتــه؛ َ‬
‫فأمر اهللُ تعاىل ال َّ‬
‫فيه‪ ،‬فإذا هو ِ‬
‫قائ ٌم َر ُج ًل َسو ًّيا‪.‬‬ ‫ِ‬
‫َ‬

‫صنيعه‪- ،‬وهو ‪ ‬أع َل ُم ِبه‪-‬‬ ‫ِ‬ ‫مح َله عىل‬


‫ب الذي َ‬ ‫الســ َب ِ‬ ‫فسأ َل ُه اهللُ تعاىل ِ‬
‫عن َّ‬
‫حتِه‪،‬‬
‫فر اهللُ تعاىل له‪ ،‬وتل َّقاه َبر ْ َ‬ ‫ٍ‬
‫فقال‪ :‬يا َر ِّب َخ ْش َيت َُك! ويف رواية‪َ :‬ما َفتُك يا َر ِّب! ف َغ َ‬
‫حيم ‪.‬‬ ‫الر ُ‬ ‫وهو ال َغ ُ‬
‫فور َّ‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 195‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪194‬‬

‫ن‬
‫م ْ‬ ‫ج ً‬
‫ال في َ‬ ‫بي ‪« :H‬أ َ َّ‬
‫ن رَ ُ‬ ‫ن ال َّن ِّ‬ ‫ري‪ ،I ،‬يُ َح ِّد ُ‬
‫ث َع ِ‬ ‫سعي ٍد ُ‬
‫الخ ْد َّ‬ ‫وعن أبي َ‬
‫ْ‬
‫م ِب ِه أ َ ْو‬
‫ك ْ‬ ‫عل ُ َّ‬
‫ن ما آ ُمر ُ ُ‬ ‫راش ُه اهللُ((( ما ً‬
‫ال َو َول َ ًدا‪َ ،‬فقال ِل َول َ ِد ِه‪ :‬لَت َ ْف َ‬ ‫م‪َ ،‬‬ ‫كان َق ْبل َ ُ‬
‫ك ْ‬ ‫َ‬
‫ــحقوني‪ ،‬وا ْذروني‬
‫اس َ‬ ‫ت‪َ ،‬فأ َ ْح ِرقوني‪ ،‬ث ُ َّ‬
‫م ْ‬ ‫م‪ ،‬إِذا أَنا ُم ُّ‬ ‫غ ْير َ ُ‬
‫ك ْ‬ ‫لَأ َولِّي َ َّ‬
‫ن ميراثي َ‬

‫ع ِّذبَني‪،‬‬ ‫ي أَ ْ‬
‫ن يُ َ‬ ‫ن اهللَ ي َ ْق ِدر ُ َ‬
‫عل َ َّ‬ ‫م أ َ ْبت َ ِه ْر((( ِع ْن َد ا ِ‬
‫هلل َ‬
‫خ ْي ًرا‪َ ،‬وإ ِ َّ‬ ‫يح‪َ ،‬فإِنِّي ل َ ْ‬
‫في الر ِّ ِ‬
‫مل َ َ‬
‫ك على‬ ‫ك ِب ِه‪َ ،‬ورَبِّي‪َ ،‬فقال اهللُ‪ :‬ما َ‬
‫ح َ‬ ‫علوا َذ ِل َ‬ ‫ميثاقا‪َ ،‬ف َ‬
‫ف َ‬ ‫ً‬ ‫م‬
‫ه ْ‬ ‫قال‪َ :‬فأ َ َ‬
‫خ َذ ِم ْن ُ‬
‫ك‪ ،‬قال َفما تَالفا ُه((( َغ ْيرُها»‪.‬‬
‫ت؟ َفقال‪َ :‬مخا َفت ُ َ‬ ‫ما َف َ‬
‫ع ْل َ‬

‫متفــق عليــ ِه‪ ،‬وهذه رواية مســلم (‪ ،)2757‬وفي روايــة البخــاري (‪« :)7508‬أَن َّ ُه‬
‫ٌ‬

‫ما‬ ‫م‪ -‬أ َ ْعطا ُه اهللُ ما ً‬


‫ال َو َول َ ًدا‪َ ،‬فل َ َّ‬ ‫كان َق ْبل َ ُ‬
‫ك ْ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ف ‪-‬أ َ ْو في َ‬
‫م ْ‬ ‫سل َ َ‬
‫ن َ‬
‫م ْ‬ ‫ج ً‬
‫ال في َ‬ ‫َذ َ‬
‫كر َ ر َ ُ‬
‫م‬ ‫خ ْير َ أ َ ٍ‬
‫ب‪ ،‬قال‪َ :‬فإِنَّ ُه ل َ ْ‬ ‫م؟ قالوا‪َ :‬‬ ‫ت لَ ُ‬
‫ك ْ‬ ‫ك ْن ُ‬ ‫أي أ َ ٍ‬
‫ب ُ‬ ‫ت ال َوفا ُة‪ ،‬قال ِلب َ ِ‬
‫نيه‪َّ :‬‬ ‫ح َ‬
‫ضر َ ِ‬ ‫َ‬
‫ت َفأ َ ْح ِرقوني‪،‬‬ ‫ع ِّذ ْبهُ‪ ،‬فا ْن ُ‬
‫ظروا إِذا ُم ُّ‬ ‫ن ي َ ْق ِدرِ اهللُ َ‬
‫عل َ ْي ِه ي ُ َ‬ ‫ي َ ْبت َ ِئ ْر ِع ْن َد اللَّ ِه َ‬
‫خ ْي ًرا‪َ ،‬وإ ِ ْ‬
‫ف َفأ َ ْذروني فيها‪،‬‬
‫عاص ٍ‬
‫ِ‬ ‫ريح‬
‫م ٍ‬ ‫كان ي َ ْو ُ‬
‫َ‬ ‫حقوني‪َ ،‬فإِذا‬ ‫ت َف ْح ًما ْ‬
‫فاس َ‬ ‫حتَّى إِذا ِ‬
‫ص ْر ُ‬ ‫َ‬
‫علوا‪ ،‬ث ُ َّ‬
‫م‬ ‫ك‪َ ،‬ورَبِّي‪َ ،‬ف َ‬
‫ف َ‬ ‫م على َذ ِل َ‬
‫ه ْ‬
‫ق ُ‬ ‫بي اللَّ ِه ‪َ :H‬فأ َ َ‬
‫خ َذ َمواثي َ‬ ‫َفقال‪ :‬ن َ ُّ‬
‫م‪ ،‬قال اهللُ‪ْ :‬‬
‫أي‬ ‫ل قا ِئ ٌ‬ ‫ن‪َ ،‬فإِذا ه َو ر َ ُ‬
‫ج ٌ‬ ‫ف‪َ ،‬فقال اهللُ ‪ُ :D‬‬
‫ك ْ‬ ‫عاص ٍ‬
‫ِ‬ ‫أ َ ْذر َ ْو ُه في ي َ ْو ٍم‬
‫ك‪،-‬‬ ‫ك‪- ،‬أ َ ْو َفر َ ٌ‬
‫ق ِم ْن َ‬ ‫ت؟ قال‪َ :‬مخا َفت ُ َ‬ ‫ت ما َف َ‬
‫ع ْل َ‬ ‫ع ْل َ‬ ‫ك على أ َ ْ‬
‫ن َف َ‬ ‫مل َ َ‬
‫ح َ‬
‫ع ْبدي‪ ،‬ما َ‬
‫َ‬
‫قال‪َ :‬فما تَالفا ُه أ َ ْن ر َ ِح َم ُه ِع ْن َدها»‪َ ،‬وقال َم َّر ًة أ ُ ْخرَى‪َ « :‬فما تَالفا ُه َغ ْيرُها»‪.‬‬

‫«فتلقاه بر َ ْح َم ِته» (((‪.‬‬


‫َّ‬ ‫وفي رواي ٍة‪:‬‬

‫ص التي وقع ْت يف َّ ِ‬ ‫القصة ِمن َع ِ‬‫ِ ِ‬


‫السابِ ِق‪ ،‬التي َ‬
‫أوحى اهللُ‬ ‫الزمان َّ‬ ‫َ‬ ‫ب ال َق َص ِ‬
‫جائ ِ‬ ‫ْ‬ ‫هذه َّ‬
‫وذك َْرى َلُم‪.‬‬‫تعاىل هبا إىل نبينا ‪ ،H‬وقصها عىل أصحابِه؛ موعظ ًة‪ِ ،‬‬
‫َْ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬
‫((( أعطاه ا ُ‬
‫هلل‪.‬‬
‫ِ‬
‫يا‪َ ،‬و َ ْل َأ َّدخ ْر ُه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ض الرواة‪َ :‬‬ ‫ِ‬
‫ناها‪ْ َ :‬ل ُأ َقدِّ ْم َخ ْ ً‬ ‫وال ُاء ُم ْبدَ َل ٌة م َن ْ َ‬
‫ال ْم َزة‪َ ،‬و َم ْع ُ‬ ‫حيح‪ْ ،‬‬ ‫«أ ْب َتئر» َوك ُ‬
‫الها َص ٌ‬ ‫((( َول َب ْع ِ ُّ‬
‫رشح النووي عىل مسلم (‪.)73/17‬‬
‫((( أي‪ :‬ما تداركه‪.‬‬
‫((( رواه البخاري (‪.)3478‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 194‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫‪193‬‬

‫الحديث السادس والعشرون‬

‫سول ال َّل ِه ‪ H‬قال‪:‬‬


‫َ‬ ‫ن أَبي ُهرَيْرَ َة ‪ ،I‬أ َ َّن ر َ‬
‫َع ْ‬

‫ف ُه في البَرِّ‪،‬‬ ‫ص َ‬ ‫حرِّقو ُه‪ ،‬وا ْذروا ِن ْ‬ ‫مات َف َ‬‫َ‬ ‫ط‪ :‬إِذا‬ ‫خ ْي ًرا َق ُّ‬
‫ل َ‬ ‫م ْ‬ ‫ل لَ ْ‬
‫م ي َ ْع َ‬ ‫ج ٌ‬
‫«قــال ر َ ُ‬
‫ح ًدا‬ ‫ع ِّذب ُ ُه أ َ َ‬ ‫ــه لَي ُ َ‬
‫ع ِّذبَنَّ ُه َ‬
‫عذا ًبا ال ي ُ َ‬ ‫ن َق َدر َ اهللُ َ‬
‫عل َ ْي ِ‬ ‫ف ُه في الب َ ْح ِر؛ َفواللَّ ِه ل َ ِئ ْ‬ ‫ص َ‬
‫َو ِن ْ‬
‫مين‪.‬‬
‫َ‬ ‫ن العال َ‬
‫ِم َ‬

‫ت؟‬ ‫م َف َ‬
‫ع ْل َ‬ ‫فيه‪ ،‬ث ُ َّ‬
‫م قال‪ِ :‬ل َ‬ ‫م َ‬
‫ع ما ِ‬ ‫فيه‪َ ،‬وأ َ َمر َ البَرَّ َف َ‬
‫ج َ‬ ‫م َ‬
‫ع ما ِ‬ ‫َفأ َ َمر َ اهللُ الب َ ْحر َ َف َ‬
‫ج َ‬
‫فر َ لَهُ»(((‪.‬‬
‫غ َ‬ ‫ت أ َ ْعل َ ُ‬
‫م‪َ ،‬ف َ‬ ‫ك َوأ َ ْن َ‬ ‫خ ْ‬
‫شي َ ِت َ‬ ‫ن َ‬
‫قال‪ِ :‬م ْ‬

‫ت قال‬
‫م ْو ُ‬ ‫ح َ‬
‫ضــر َ ُه ال َ‬ ‫ــه‪َ ،‬فل َ َّ‬
‫ما َ‬ ‫س ِ‬ ‫ف على ن َ ْف ِ‬
‫ســ ِر ُ‬ ‫ج ٌ‬
‫ل يُ ْ‬ ‫«كان ر َ ُ‬
‫َ‬ ‫وفي رواي ٍة‪:‬‬

‫م َذرُّوني في الر ِّ ِ‬
‫يح؛ َفواللَّ ِه‬ ‫حنوني‪ ،‬ث ُ َّ‬ ‫م ْ‬
‫اط َ‬ ‫ــت َفأ َ ْح ِرقوني‪ ،‬ث ُ َّ‬‫نيه‪ :‬إِذا أَنا ُم ُّ‬ ‫ِلب َ ِ‬
‫ح ًدا‪.‬‬‫ع َّذب َ ُه أ َ َ‬‫عذا ًبا ما َ‬ ‫ي رَبِّي لَي ُ َ‬
‫ع ِّذبَنِّي َ‬ ‫عل َ َّ‬
‫ن َق َدر َ َ‬‫ل َ ِئ ْ‬

‫فيك ِم ْنهُ‪،‬‬
‫ِ‬ ‫معي ما‬
‫اج َ‬ ‫ك‪َ ،‬فأ َ َمر َ اهللُ األَرْ َ‬
‫ض‪َ ،‬فقال‪ْ :‬‬ ‫ل ِب ِه َذ ِل َ‬
‫مــات ُف ِع َ‬
‫َ‬ ‫َفل َ َّ‬
‫ما‬
‫صن َ ْع َ‬
‫ــت؟ قال‪ :‬يا ر َ ِّ‬
‫ب‬ ‫مل َ َ‬
‫ك على ما َ‬ ‫م‪َ ،‬فقــال‪ :‬ما َ‬
‫ح َ‬ ‫ــت‪َ ،‬فإِذا ه َو قا ِئ ٌ‬
‫عل َ ْ‬ ‫َف َ‬
‫ف َ‬
‫ب‪َ ،-‬ف َغ َفر َ لَهُ»(((‪.‬‬
‫ك ‪-‬وفي رواي ٍة‪َ :‬مخا َفتُك يا ر َ ِّ‬ ‫خ ْ‬
‫شيَت ُ َ‬ ‫َ‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)7506‬ومسلم (‪.)2756‬‬


‫((( رواه البخاري (‪ ،)3481‬ومسلم (‪.)2756‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 193‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪192‬‬

‫قيق عبا َد ِة اهللِ ‪.D‬‬ ‫نفس ُه‪َ ،‬‬


‫وت َ‬ ‫ِ‬ ‫نفس ِه ُس ٌ‬
‫لوك َي ْش َهد فيه َ‬
‫اإلنسان َعن ِ‬
‫ْ‬
‫ِ‬ ‫ب‬ ‫وهذا َّ‬
‫ألن َخ َ َ‬
‫بأسامئ ِه‪ ،‬وصفاتِ ِه»(((‪.‬‬
‫ِ‬ ‫إل اهللَ ‪D‬‬
‫وأما الثناء المح ُض‪ :‬فهو ال ي ْشهد ِ‬
‫فيه َّ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ُ َ ْ‬ ‫َّ‬
‫جيده بأسامئِ ِه‪،‬‬
‫وت ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫الح ْمد‪ ،‬وال َّثناء عليه‪ْ َ ،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّوس ُل إىل اهللِ تعاىل يف الدُّ عاء‪ ،‬بتَقدي ِم َ‬
‫والت ُّ‬
‫وتوحيد ِه؛ ال يكا ُد ُي َر ُّد م َع ُه الدُّ عا ُء‪.‬‬
‫ِ‬ ‫إليه بعبود َّيتِ ِه‪،‬‬
‫وصفاتِ ِه‪ ،‬والتَّوسل ِ‬
‫ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والثناء ِ‬ ‫بالح ْم ِد‪،‬‬ ‫الوســي َلت ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ولِذا َ َ ِ‬
‫ومتجيده‪:‬‬ ‫عليه‪،‬‬ ‫التوس ُل َ‬
‫ُّ‬ ‫َي‪ ،‬ومها‪:‬‬ ‫جعت الفات ُة َ‬
‫(ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ)‬
‫[الفاحتة‪.]٤-٢ :‬‬
‫ِ‬
‫وتوحيده‪( :‬ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ) [الفاحتة‪.]٥ :‬‬ ‫إليه ب ُعبود َّيتِ ِه‪،‬‬
‫والتَّوس ُل ِ‬
‫ُّ‬
‫الوســي َلت ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُث َّم جا َء ُس ُ‬
‫َي‪( :‬ﭧ ﭨ‬ ‫وهو‪ :‬اهلداي ُة‪َ ،‬بعدَ َ‬
‫طالب‪َ ،‬‬ ‫الم‬
‫أهم َ‬
‫ــؤال ِّ‬
‫قيق باإلجا َب ِة‪.‬‬
‫ﭩ) [الفاحتة‪]٦ :‬؛ فالدَّ اعي ِبه َح ٌ‬

‫الح ْمدُ ‪،‬‬ ‫ناء ِ‬


‫عليه‪« :‬ال َّل ُه َّم َل َ‬ ‫إليه بحم ِده‪ ،‬وال َّث ِ‬ ‫ــل ِ‬ ‫التوس َ‬ ‫وهنا يف هذا الدُّ ِ‬
‫عاء‪َ :‬ذك ََر‬
‫ك َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُّ‬
‫ض‪ ،»....‬وب ُعبود َّيتِه له‪« :‬ال َّل ُه َّم َل َ‬
‫ك َأ ْس َل ْم ُ‬ ‫وات‪ ،‬واألَ ْر ِ‬‫ْت نور السم ِ‬
‫ْت‪،‬‬ ‫ك َآمن ُ‬ ‫ت‪َ ،‬وبِ َ‬ ‫َأن َ ُ َّ َ‬
‫ت‪َ ،‬وما َأ َّخ ْر ُت»(((‪.‬‬ ‫غف َرةَ‪« :‬فاغ ِْف ْر يل ما َقدَّ ْم ُ‬ ‫ت‪ُ ،»...‬ثم سأ َله الم ِ‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ك ت ََو َّك ْل ُ‬
‫َو َع َل ْي َ‬

‫((( جمموع الفتاوى (‪ ،)390 ،376/22‬باختصار‪.‬‬


‫((( مدارج السالكني (‪.)47/1‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 192‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫‪191‬‬ ‫احلديث اخلامس والعرشون‪« :‬اللهم لك احلمد‪ ،‬أنت ق ِّيم السموات واألرض‪»...‬‬

‫هو َش ُ‬
‫أن‬ ‫ِ‬
‫الناس‪ ،‬وهذا َ‬ ‫المجت َِم ُع الذي َيْفى عىل ِ‬
‫أكثر‬ ‫َّفيس ُ‬ ‫ومعنى «الكَنز»‪ُ :‬‬
‫املال الن ُ‬
‫ِ‬ ‫َنز أن َف ُس‬ ‫َفيس‪ ،‬كام َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫األموال(((‪.‬‬ ‫أن الك َ‬ ‫وهو َث ٌ‬
‫واب ن ٌ‬ ‫خر يف اجلنَّة‪َ ،‬‬ ‫هذه الكَلمة‪ ،‬ف َث ُ‬
‫وابا مدَّ ٌ‬

‫والقوة‬ ‫الح ْو ِل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫«م ْن ِ‬ ‫فه ِذه الك َِلمة فيها نَصيب موفور ِ‬
‫َّ‬ ‫ربي م َن َ‬‫َّفويض‪ ،‬والت ِّ‬ ‫كامل الت‬ ‫ٌ َْ ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫لكل َ َت ُّو ٍل‬
‫ذلك ِّ‬ ‫ش ٍء من ُه‪ ،‬و ُعمو ِم َ‬ ‫َّإل باهللِ‪ ،‬وتَســلي ِم األم ِر ك ِّله له‪ ،‬وعدَ ِم م َ ِ‬
‫ناز َعته يف َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫وأن ذلك‬ ‫َّحو ِل‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫حال‪ ،‬يف َ‬ ‫حال إىل ٍ‬‫ِمن ِ‬
‫والقوة عىل ذلك الت ُّ‬‫َّ‬ ‫ــفيل‪،‬‬
‫والس ِّ‬‫لوي‪ُّ ،‬‬ ‫العال ال ُع ِّ‬
‫مة َش ٌء»(((‪.‬‬ ‫هلذ ِه الك َِل ِ‬
‫ك َّله باهللِ وحدَ ه؛ فال يقوم ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬

‫يل‪،‬‬ ‫كان َي ْس َت ْفتِ ُح ِبه ‪-‬أحيانًا‪َ -‬صالتَه بال َّل ِ‬


‫النبي ‪ H‬الذي َ‬ ‫و َب ْعدُ ؛ فهذا ُدعا ُء ِّ‬
‫معاين‬ ‫ــع فيه ‪H‬‬
‫ِ‬ ‫واحل ْف ِ‬
‫ــظ‪ ،‬وال َف ْه ِم‪ ،‬وال َع َم ِل‪ ،‬وقدْ َ َ‬ ‫وهــو جدير بالتأم ِل‪ِ ،‬‬
‫َ‬ ‫ج َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ َ ٌ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإليامن‪ ،‬والتَّوحيد‪ ،‬والتَّوك ِ‬
‫والخضو ِع‬ ‫ُ‬ ‫ُّل‪ ،‬واالنقياد‪ ،‬والتَّسلي ِم‪ ،‬واإلنا َبة‪ ،‬والت ُّ‬
‫َّرضعِ‪،‬‬
‫عليه‪ ،‬وختَمه بالدُّ ِ‬
‫عاء‪.‬‬ ‫ناء ِ‬ ‫هللِ تعاىل‪ ،‬مع عظي ِم ال َّث ِ‬
‫َُ‬ ‫َ‬
‫فيه ‪ H‬أنواع االستِفتاحِ ال َّث ِ‬
‫الثة‪:‬‬ ‫وجع ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ِ‬ ‫«أنواع االســتِ ِ‬ ‫ُ‬
‫للصالة َثالث ٌة‪َ ،‬‬
‫وهي‬ ‫فتاح َّ‬ ‫ُ‬ ‫يخ اإلســا ِم اب ُن تيم َّية ‪:V‬‬ ‫يقول َش ُ‬
‫ِ‬
‫القرآن‪:‬‬ ‫أنواع األ ْذ ِ‬
‫كار ُم ْطل ًقا بعدَ‬ ‫ُ‬
‫كان َثنا ًء عىل اهللِ‪.‬‬
‫• •أعالها‪ :‬ما َ‬

‫با ِمن ال َع ْب ِد عن ِعبا َد ِة اهللِ‪.‬‬ ‫ِ‬


‫• •ويليه‪ :‬ما كان َخ َ ً‬
‫كان ُدعا ًء لل َع ْب ِد»‪.‬‬
‫• •وال َّثالِ ُث‪ :‬ما َ‬

‫ب‬‫هو َخ َ ٌ‬ ‫األنواع الثال َث َة‪ ،‬ف َقدَّ م ما َ‬


‫َ‬ ‫تض َّم َن‬ ‫ُث َّم َذك ََر َحدي َثنا هذا‪ ،‬وقال‪« :‬وهذا ِّ‬
‫الذك ُْر َ‬
‫َوحيد ال َع ْب ِد‪ ،‬وإيامنِ ِه‪ُ ،‬ث َّم‬
‫ِ‬
‫هو َخ َ ٌ‬
‫ب َعــ ْن ت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َع ِن اهللِ‪ ،‬وال َي ْو ِم اآلخ ِر‪ُ ،‬‬
‫ور ُســله‪ ،‬ثم ذك ََر ما َ‬
‫َختَم بِالس ِ‬
‫ؤال‪.‬‬ ‫َ ُّ‬

‫القيم (ص‪.)112‬‬
‫((( رشح النووي (‪ ،)26/17‬شفاء العليل البن ِّ‬
‫((( زاد املعاد (‪.)193/4‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 191‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪190‬‬

‫َحق العبا َدةَ»(((‪.‬‬ ‫لوه الم ِ‬


‫عبود‪ ،‬الذي َيست ُّ‬ ‫«واإل َله هو بمعنى‪ :‬الم ْأ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬

‫وإخالص‬
‫ُ‬ ‫هــو إفرا ُد اهللِ تعاىل َوحدَ ه بالعبا َد ِة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫هو تَوحيدُ األلوه َّية‪ ،‬الذي َ‬ ‫وهذا َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫يك َله‪ ،‬ال‬
‫وحدَ ه ال َش َ‬ ‫بإخالص العبادات ك ِّلها ظاه ِرها‪ ،‬وباطنها‪ ،‬هللِ ْ‬ ‫ين ك ِّله هللِ‪،‬‬
‫الدِّ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِ ِ‬
‫أحدَ‬‫فض ًل ع ْن غريها‪ ،‬فال َ‬ ‫رس ٍل‪ْ ،‬‬‫لنبي ُم َ‬‫ب‪ ،‬وال ٍّ‬ ‫ي َع ُل فيها َش ْي ًئا ل َغ ِريه‪ ،‬ال َل َلك ُم َّ‬
‫قر ٍ‬ ‫َْ‬
‫َحق العبا َد َة َّإل اهلل تعاىل‪.‬‬
‫َيست ُّ‬

‫ل َوال ق َّو َة إال ِباللَّ ِه»‪:‬‬ ‫قو ُل ُه ‪َ « :H‬وال َ‬


‫ح ْو َ‬

‫ذلك‪َّ ،‬إل باهللِ(((‪.‬‬


‫قو َة له عىل َ‬
‫حال‪ ،‬وال َّ‬ ‫املعنى‪ :‬ال َ َت ُّو َل لل َع ْب ِد ِمن ٍ‬
‫حال إىل ٍ‬

‫فكأن ََّك ُق ْل َت‪ :‬ال َأســتَطيع‪ ،‬وال َأ ْقوى عىل التَّحــو ِل إال بم ِ‬
‫عونة اهللِ‪ ،‬فـ«البا ُء» يف‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫حال إىل ٍ‬
‫حال‪،‬‬ ‫تحو َل ِم ْن ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬
‫«إل باهللِ» لالســتعانَة‪ ،‬فك ُُّل إنسان ال َيســت ُ‬
‫َطيع ْ‬
‫أن َي َّ‬ ‫قولِ ِه‪َّ :‬‬
‫أفضل ِمنْها‪َّ ،‬إل باهللِ (((‪.D‬‬
‫َ‬ ‫َسواء ِم ْن َمعص َي ٍة إىل طا َع ٍة‪ ،‬أو ِم ْن طا َع ٍة إىل‬

‫والقو ِة إالَّ‬
‫َّ‬ ‫الح ْو ِل‬ ‫ِ‬
‫رب ٍئ م َن َ‬ ‫وتفويض إىل اهللِ‪ ،‬و َت ُّ‬
‫ٍ‬ ‫فه ِذ ِه «كلم ُة إسال ٍم‪ ،‬واستِ ْسال ٍم‪،‬‬
‫َ‬
‫قو ٌة يف َج ْل ِ‬ ‫مل ُك ِمن ِ ِ‬ ‫ِبه‪َّ ،‬‬
‫وأن العبدَ ال ي ِ‬
‫ب‬ ‫رش‪ ،‬وال َّ‬ ‫أمره شــي ًئا‪ ،‬و َل ْي َس له حيل ٌة يف د ْف ِع ٍّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫َخ ْ ٍي‪َّ ،‬إل بإرا َدتِ ِه ‪.‬‬

‫ُنال ِبه اإلعا َن ُة»(((‪.‬‬


‫قو ُل ُه ‪« :H‬ال َح ْو َل وال قو َة إال باهللِ» ت ُ‬

‫النبي ‪ H‬أليب‬ ‫ِ‬ ‫َنز ِم ْن ك ِ‬‫وهــذ ِه ك َِلم ٌة عظيم ٌة‪ ،‬وهــي ك ٌ‬


‫ِ‬
‫ُنوز اجلنَّة‪ ،‬كــا قال ُّ‬
‫الجن َِّة؟»‪ ،‬قال‪َ :‬ب َل‬ ‫هي َكنْ ٌز ِم ْن ك ِ‬
‫ُنوز َ‬
‫ِ ٍ‬
‫ك عىل كَل َمة َ‬ ‫«أالَ َأ ُد ُّل َ‬
‫ري ‪َ :I‬‬ ‫موسى ْ‬
‫األش َع ِّ‬ ‫َ‬
‫قو َة إِ َّل بِاللَِّ»(((‪.‬‬ ‫سول اللَِّ‪ ،‬فِ َ‬
‫داك َأيب َو ُأ ِّمي‪ ،‬قال‪« :‬الَ َح ْو َل َوالَ َّ‬ ‫يا َر َ‬

‫تيمية (‪.)224/1‬‬
‫((( َدرء تعارض العقل والنقل البن َّ‬
‫((( جامع العلوم ِ‬
‫واحل َكم (‪.)482/1‬‬
‫((( الرشح املمتع (‪.)85/2‬‬
‫((( فقه األدعية واألذكار لعبد الرزاق بن عبد املحسن البدر (‪.)96/3‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)4205‬ومسلم (‪.)2704‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 190‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫‪189‬‬ ‫احلديث اخلامس والعرشون‪« :‬اللهم لك احلمد‪ ،‬أنت ق ِّيم السموات واألرض‪»...‬‬

‫ت‪َ ،‬وما أ َ ْعل َ ْن ُ‬


‫ت»‪:‬‬ ‫قو ُل ُه ‪َ « :H‬وما أ َ ْ‬
‫سرَرْ ُ‬

‫واألحوال الس ِّي ِئة‪.‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واألفعال‪،‬‬ ‫ِ‬
‫األقوال‪،‬‬ ‫رت‪ِ ،‬م َن‬
‫يت‪ ،‬وأ ْظ َه ُ‬
‫أي‪ :‬ما أخ َف ُ‬

‫ثت ِبه ن ْفيس‪ ،‬وما َت َّر َك ِبه لِساين(((‪.‬‬


‫أو‪ :‬ما حدَّ ُ‬

‫م َؤ ِّ‬
‫خرُ»‪:‬‬ ‫م‪َ ،‬وأ َ ْن َ‬
‫ت ال ُ‬ ‫م َ‬
‫ق ِّد ُ‬ ‫قو ُل ُه ‪« :H‬أ َ ْن َ‬
‫ت ال ُ‬

‫ِّ‬
‫وتؤخ ُر َم ْن‬ ‫حتِك‪ ،‬وطا َعتِــك بت ِ‬
‫َوفيق َك‪،‬‬ ‫ــئت ِم ْن َخ ْل ِقك إىل َر ْ َ‬
‫أي‪ :‬تُقدِّ ُم َم ْن ِش َ‬
‫َضيه ِحك َْمتُك‪ ،‬وت ُِع ُّز َم ْن تشا ُء‪ ،‬وت ُِذ ُّل‬
‫َّوفيق‪ ،‬كام تقت ِ‬
‫ذالنم َع ِن الت ِ‬‫بخ ِ ِ‬
‫شئت َعن ذلِ َك ِ‬
‫َ ْ‬
‫َمن تشا ُء‪.‬‬

‫ويؤخ ُر ما شا َء‪ ،‬وج َع َل‬ ‫ِّ‬ ‫مناز َلا‪ُ ،‬يقدِّ ُم ما شا َء ِمنْها‪،‬‬ ‫ِ‬
‫لألشياء ِ‬ ‫المن َِّز ُل‬
‫فهو ‪ُ ‬‬ ‫َ‬
‫جات‪ ،‬فهو المســت ِ‬ ‫ض در ٍ‬ ‫ِ‬
‫ويؤخ َر‪ ،‬فال ُأ َقدِّ ُم أنا‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫َح ُّق أن ُيقدِّ َم‪،‬‬ ‫َ ُ ْ‬ ‫عبا َده َب ْع َض ُهم َف ْو َق َب ْع ٍ َ َ‬
‫وال َأؤ ِّخ ُر‪.‬‬

‫غفور له ما تقدَّ َم ِم ْن َذ ْنبِ ِه‪ ،‬وما ت ََأ َّخ َر‪،‬‬


‫مع أنَّه َم ٌ‬ ‫المغفرةَ‪َ ،‬‬
‫ِ‬
‫النبي ‪َ H‬‬ ‫ــؤال ِّ‬ ‫وس ُ‬ ‫ُ‬
‫والخضو ِع‬ ‫واإلجالل هللِ تعاىل‪ُ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واإلشــفاق‪،‬‬ ‫س‪،‬‬ ‫وه ْض ِم النَّ ْف ِ‬
‫َّواضعِ‪َ ،‬‬
‫مول عىل الت ُ‬ ‫َم ْ ٌ‬
‫والخضوعِ‪،‬‬ ‫عاء‪ُ ،‬‬ ‫أصل الدُّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫تعليم أل َّمتِه؛ ل ُيقتَدَ ى ِبه يف‬ ‫وهو‬ ‫ِ‬
‫ٌ‬ ‫له‪ ،‬وتعظيمــه ‪َ ،‬‬
‫هبة(((‪.‬‬‫غبة‪ ،‬والر ِ‬ ‫وحس ِن التَّرضعِ‪ ،‬والر ِ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ ْ‬

‫ه إال أ َ ْن َ‬
‫ت»‪:‬‬ ‫قو ُل ُه ‪« :H‬أ َ ْن َ‬
‫ت إِلَهي‪ ،‬ال إِل َ َ‬

‫أنت َم ْعبــودي‪ ،‬فال َمعبو َد بِ ٍّ‬


‫حق‬ ‫ِ‬
‫َّوحيد‪ ،‬أي‪َ :‬‬ ‫ِ‬ ‫َبدَ َأ الدُّ عا َء بالت‬
‫َّوحيــد‪َ ،‬‬
‫وخت ََمه بالت‬
‫َغ ْ ُي َك‪.‬‬

‫القدير (‪ ،)154/2‬عون املعبود (‪ ،)262/4‬مرعاة املفاتيح (‪.)247/8‬‬


‫((( عمدة القاري (‪ ،)167/7‬مرقاة املفاتيح (‪.)916/3‬‬
‫علم (‪ ،)135/3‬اإلفصاح (‪ ،)20/3‬رشح النووي (‪ ،)40/17 ،60 ،56/6‬عمدة القاري‬‫((( إكامل ا ُمل ِ‬
‫(‪ ،)167/7‬مرقاة املفاتيح (‪ ،)916/3 ،495/2‬مرعاة املفاتيح (‪.)247/8 ،202/4 ،93/3‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 189‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪188‬‬

‫ت»‪:‬‬ ‫َ‬
‫حاك ْم ُ‬ ‫ت‪َ ،‬وإِل َ ْي َ‬
‫ك‬ ‫خاص ْم ُ‬
‫َ‬ ‫فقو ُل ُه ‪َ « :H‬و ِب َ‬
‫ك‬
‫ِ‬
‫«ماك ََمتُه» َخ ْص َمه إىل‬ ‫ُ‬
‫وتكون ُ‬ ‫وح ِّظه‪،‬‬ ‫خاص َمة» هللِ تعاىل‪ ،‬ال لــوا ُه‪َ ،‬‬ ‫«الم َ‬‫فتكون ُ‬ ‫ُ‬
‫وش ِعه‪ ،‬ال إىل َش ٍء ِسوا ُه‪.‬‬ ‫ِ ِ‬
‫أمر اهلل‪ْ َ ،‬‬
‫قالت ِ‬ ‫َص لن ْف ِس ِه‪ ،‬و َقدْ‬ ‫ِ ِ‬
‫عائ َش ُة ‪:J‬‬ ‫ْ‬ ‫َّبع هوا ُه وانت َ َ‬ ‫فهو مم َّ ِن ات َ‬
‫خاص َم لنفسه؛ َ‬ ‫فم ْن َ‬ ‫َ‬
‫ِ ِ (((‬ ‫ِ‬
‫ك ُح ْر َم ُة اللَِّ‪َ ،‬ف َي ْنتَق َم هلل با» ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ســول اللَِّ ‪ H‬ل َن ْفســه‪ ،‬إِ َّل َأ ْن ُت ْنت ََه َ‬ ‫ُ‬ ‫«ما ا ْن َت َق َم َر‬
‫لتكميل ُعبود َّيتِ ِه‪.‬‬
‫ِ‬ ‫وهذا‬
‫اغوت‪ ،‬و َقدْ ُأ ِم َر ْ‬
‫أن‬ ‫ِ‬ ‫غري اهللِ‪ ،‬ورســولِ ِه؛ ف َقدْ حاك ََم إىل ال َّط‬
‫و َم ْن حاك ََم َخ ْص َمه إىل ِ‬
‫َي ْك ُف َر ِبه‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ‬
‫ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ) [النساء‪.]٦٠ :‬‬
‫هو كذلِ َك ىف َن ْف ِ‬
‫س‬ ‫الحك َْم هللِ وحدَ ُه‪ ،‬كام َ‬
‫عل ُ‬‫ي َ‬ ‫ِ‬
‫ــر ال َع ْبدُ بال َّطاغوت حتَّى َ ْ‬
‫وال َي ْك ُف ُ‬
‫األ ْم ِر(((‪.‬‬

‫ت‪َ ،‬وما أ َ َّخ ْر ُ‬


‫ت»‪:‬‬ ‫«فاغ ِف ْر لي ما َق َّد ْم ُ‬
‫ْ‬ ‫قو ُل ُه ‪:H‬‬
‫العم ِل‪ ،‬ق ْب َل‬ ‫ِ‬ ‫واألعامل الســ ِّي ِئة‪ ،‬أو ِم َن الت‬
‫َّقصري يف َ‬
‫ِ‬ ‫مت ِم َن ُّ‬
‫الذ ِ‬
‫نوب‪،‬‬ ‫يعني‪ :‬ما قدَّ ُ‬
‫ت‪.‬‬‫هذا الو ْق ِ‬
‫َ‬

‫َّقدير‪.‬‬ ‫أخ ْر ُت عن ُه ِمَّا َي َق ُع منِّي َب ْعدَ َذلِ َك‪ ،‬عىل ال َف ْر ِ‬


‫ض‪ ،‬والت ِ‬ ‫وما َّ‬

‫عم ٍل؛ أي‪َ :‬جيع ما َف َر َط منِّي‪.‬‬ ‫أخ ُ ِ‬


‫مت ِم ْن س ِّي ٍئة‪ ،‬وما َّ‬ ‫َ‬
‫وقيل‪ :‬ما قدَّ ُ‬
‫رت م ْن َ‬
‫الح ِ‬
‫قوق التي َ ِت ُب َ‬ ‫أخ ُ ِ‬ ‫مت ِمن شهوايت عىل ح ِ‬
‫قوقك‪ ،‬وما َّ‬ ‫َ‬
‫لك‪.‬‬ ‫رت م َن ُ‬ ‫ُ‬ ‫وقيل‪ :‬ما قدَّ ُ ْ َ‬

‫أن َي ْش َم َل َ‬
‫ذلك ما َم َض‪ ،‬أو ما َم َض‪ ،‬و َيأيت(((‪.‬‬ ‫حتمل ْ‬
‫و َع َل هذا؛ ف ُي َ‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)3560‬ومسلم (‪.)2327‬‬


‫القيم (ص‪.)37‬‬
‫((( طريق اهلجرتني البن ِّ‬
‫علم (‪ ،)132/3‬اإلفصاح (‪ ،)19/3‬مرقاة املفاتيح (‪ ،)391/5 ،916/3 ،495/2‬فيض‬‫((( إكامل ا ُمل ِ‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 188‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫‪187‬‬ ‫احلديث اخلامس والعرشون‪« :‬اللهم لك احلمد‪ ،‬أنت ق ِّيم السموات واألرض‪»...‬‬

‫والم ْقبِل ب َق ْلبِه إىل‬ ‫ِ‬


‫الراج ُع‪ُ ،‬‬
‫نيب»‪َّ :‬‬‫و«الم ُ‬
‫ُ‬ ‫جوع إىل اهللِ تعاىل بالتو َب ِة‪،‬‬ ‫َفـ«اإلنا َب ُة»‪ُّ :‬‬
‫الر ُ‬
‫نيب‪ :‬إذا أ ْق َب َل َ‬
‫ور َج َع‪.‬‬ ‫نيب إنا َب ًة‪ ،‬فهو ُم ٌ‬
‫قال‪ :‬أناب ُي ُ‬ ‫اهللِ‪ُ ،‬ي ُ‬

‫عت هبِ َّمتــي إىل طا َعتِك‪ ،‬وعبا َدتِك‪ ،‬أي‪:‬‬ ‫أمــر َك‪ ،‬و ُت ْب ُت‪َ ،‬‬
‫ور َج ُ‬ ‫َ‬ ‫واملعنى‪ :‬أ َط ْع ُت‬
‫عن االلتِ ِ‬
‫فات إىل َغ ْ ِي َك‪،‬‬ ‫وأعر ْض ُت ِ‬
‫وانص ْف ُت‪َ ،‬‬ ‫يقــر ُب َ‬
‫إليك‪َ َ ،‬‬ ‫أق َب ْل ُت إليها‪ ،‬وإىل ما ِّ‬
‫و َع ْن ُما َل َفتِ َك‪.‬‬

‫َّلت‪،‬‬ ‫فو ْض ُت أمري َ‬


‫إليك‪ ،‬وتوك ُ‬ ‫إليك َر َج ْع ُت يف أ ْمري‪ ،‬وتَدبريي؛ بمعنى‪َّ :‬‬ ‫َ‬
‫وقيل‪َ :‬‬
‫واس َت َعن ُْت(((‪.‬‬

‫ت»‪:‬‬
‫خاص ْم ُ‬
‫َ‬ ‫قو ُل ُه ‪َ « :H‬و ِب َ‬
‫ك‬

‫والقو ِة‪.‬‬
‫َّ‬ ‫الب ِ‬
‫اهني‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أي‪ :‬بِ َك ْ‬
‫أحت َُّج‪ ،‬و ُأداف ُع‪ ،‬و ُأقات ُل‪ ،‬بام أ ْع َط ْيتَني م َن َ‬
‫فيك‪ ،‬و َق َمعتُه‬
‫وخاص َم َ‬
‫َ‬ ‫وخاص ْم ُت َم ْن عانَــدَ ك‪ ،‬وك َف َر َ‬
‫بك‪،‬‬ ‫َ‬ ‫واملعنى‪َ :‬‬
‫حاج ْج ُت‬
‫سان‪ ،‬وبالسي ِ‬
‫ف‪.‬‬ ‫بحج ِة ال ِّل ِ‬
‫َّ ْ‬ ‫ُ َّ‬

‫ُصتِ َك‪ ،‬قات ْل ُت‪ ،‬أو بِ َو ْح ِيك نا َظ ْر ُت َخ ْصمي(((‪.‬‬ ‫ِ‬


‫وقيل‪ :‬بتأييد َك‪ ،‬ون ْ َ‬
‫َ‬

‫ت»‪:‬‬ ‫َ‬
‫حاك ْم ُ‬ ‫قو ُل ُه ‪َ « :H‬وإِل َ ْي َ‬
‫ك‬

‫وج َحدَ ُه‪،‬‬ ‫كل َم ْن أ َبى َق َ‬


‫ــيف‪َّ ،‬‬ ‫إليــك بالحج ِج‪ ،‬والس ِ‬ ‫َ‬ ‫أي‪ُ :‬أ ِ‬
‫ــق‪َ ،‬‬ ‫الح ِّ‬‫بول َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ َ‬ ‫حاك ُم‬
‫اكم ِ‬ ‫ِ‬ ‫غري َك ِم َّ ْن كان ْ‬
‫دون ِ‬ ‫ِ‬
‫وغري ُه ْم‪،‬‬
‫ُ‬ ‫إليه اجلاهل َّي ُة‪،‬‬ ‫َت ُت ُ‬ ‫الحاك َم بيني وبينَــ ُه‪َ ،‬‬ ‫وجع ْلت َُك‬
‫بحك ِْمك‪ ،‬وال أعت َِمدُ‬ ‫ٍ‬
‫وشــ ْيطان‪ ،‬و َغ ْ ِيها؛ فــا ْأر َض َّإل ُ‬ ‫وكاه ٍن‪ٍ ،‬‬
‫ونار‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِم ْن صنَ ٍم‪،‬‬
‫أتوك َُّل َّإل عل ْي َك(((‪.‬‬
‫غريه‪ ،‬وال َ‬
‫َ‬
‫((( التمهيد (‪ ،)191/12‬إكامل ا ُمل ِ‬
‫علم (‪ ،)215/8 ،131/3‬النهاية البن األثري (‪ ،)122/5‬رشح‬
‫النووي (‪.)39/17 ،55/6‬‬
‫ِّ‬ ‫((( إكامل ا ُمل ِ‬
‫علم (‪ ،)215/8 ،132/3‬رشح النووي (‪ ،)39/17 ،55/6‬رشح املشكاة للطيبي‬
‫(‪ ،)1195/4‬رشح أيب داود للعيني (‪.)382/3‬‬
‫علم (‪ ،)132/3‬رشح النووي (‪.)55/6‬‬ ‫((( إكامل ا ُمل ِ‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 187‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪186‬‬

‫ق»‪:‬‬ ‫ع ُة َ‬
‫ح ٌّ‬ ‫«والسا َ‬
‫َّ‬ ‫قو ُل ُه ‪:H‬‬
‫ِ‬
‫وامليزان‪،‬‬ ‫ِ‬
‫األعــال‪،‬‬ ‫ف‬‫صحائ ِ‬
‫ِ‬ ‫ســاب‪ ،‬ون ْ ِ‬
‫َش‬ ‫ِ‬ ‫فيه ِمن ِ‬
‫احل‬ ‫ــة‪ ،‬وما ِ‬ ‫أي‪ :‬يوم القيام ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َْ ُ‬
‫شك ِ‬ ‫وغري ذلِ َك؛ فك ُّله ح ٌّق‪ِ ،‬‬
‫وصدْ ٌق‪ ،‬ال َّ‬ ‫ِ‬ ‫ْطر ِة‪،‬‬ ‫والح ْو ِ‬ ‫ِ‬
‫فيه‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ض‪ ،‬وال َقن َ‬ ‫والصاط‪َ ،‬‬ ‫ِّ‬
‫ك أَ ْ‬
‫سل َ ْم ُ‬
‫ت»‪:‬‬ ‫م لَ َ‬ ‫قو ُل ُه ‪« :H‬اللَّ ُ‬
‫ه َّ‬

‫مت‪،‬‬ ‫ونْ ِي َك‪َ ،‬‬


‫وســ َّل ُ‬ ‫ــدت حلُك ِْم َك‪ِ ،‬‬
‫وأمر َك‪َ ،‬‬ ‫است َْســ َل ُ‬
‫مت‪ ،‬وأ َط ْع ُت‪ ،‬وان َق ُ‬ ‫أي‪ْ :‬‬
‫قت‪ ،‬واس َت ْي َق ُ‬
‫نت(((‪.‬‬ ‫وصدَّ ُ‬
‫ورضيت‪ ،‬وآ َمن ُْت‪َ ،‬‬
‫ُ‬
‫قو ُل ُه ‪َ « :H‬و ِب َ‬
‫ك آ َم ْن ُ‬
‫ت»‪:‬‬

‫ونَ ْي َت(((‪.‬‬
‫ب َت‪ ،‬وأ َم ْر َت‪َ ،‬‬
‫أخ َ ْ‬ ‫ِّ‬
‫وبكل ما ْ‬ ‫بك‪ ،‬وبام َأن َْز ْل َت‪،‬‬
‫قت َ‬
‫أي‪ :‬صدَّ ُ‬
‫بك»‪ ،‬و َب ْينَهام َف ْر ٌق؛ وذلك َّ‬
‫أن‬ ‫نت َ‬‫ول ْ ي ُق ْل‪« :‬آ َم ُ‬
‫نت»‪َ ،‬‬ ‫كيف قال‪« :‬وبِ َك آ َم ُ‬ ‫ــل َ‬ ‫وتأ َّم ْ‬
‫َوفيق ِه‪ ،‬و َق ْو َل ُه‪:‬‬
‫يؤمن ِبه َّإل بت ِ‬
‫ْ‬
‫اف أنَّه َل ِ‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫واالعت َ‬ ‫اإليامن باهللِ‪،‬‬
‫َ‬ ‫ي َم ُع‪:‬‬ ‫نت» َ ْ‬‫قو َله‪« :‬بِك آ َم ُ‬
‫اإلخبار ع ْن إيامنِ ِه(((‪.‬‬
‫ِ‬ ‫هو ُم َّر ُد‬ ‫نت َ‬
‫بك» إنَّام َ‬ ‫«آ َم ُ‬
‫ك ت َ َو َّ‬
‫ك ْل ُ‬
‫ت»‪:‬‬ ‫قو ُل ُه ‪َ « :H‬و َ‬
‫عل َ ْي َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الح ْو ِل‪،‬‬ ‫ِ ِ‬
‫أموره إ َل ْيه؛ وأ ْي َق َن أنَّه َل ْن ُيصي َبه َّإل ما كُت َ‬
‫ب‬ ‫ف َ‬ ‫وص َ‬
‫والقوة‪َ َ ،‬‬
‫َّ‬ ‫رب َأ إليه م َن َ‬‫َت َّ‬
‫إليه؛ فاهللُ تعاىل كايف من توك ََّل ِ‬
‫عليه‪.‬‬ ‫ونعم الم َفو ُض ِ‬ ‫له‪ ،‬وفو َض أمره إىل اهللِ‪ِ ،‬‬
‫َ ْ‬ ‫َ ُ َّ‬ ‫َْ ُ‬ ‫َّ‬
‫«الوكيل» معنا ُه‪ :‬الكايف(((‪.‬‬‫واسم اهللِ َ‬
‫ُ‬
‫قو ُل ُه ‪َ « :H‬وإِل َ ْي َ‬
‫ك أَن َ ْب ُ‬
‫ت»‪:‬‬

‫الش إنا َب ًة‪ ،‬قال تعاىل‪(:‬ﯜ ﯝ‬


‫جوع إىل َّ ِّ‬
‫الر ُ‬ ‫ُ‬
‫يكون ُّ‬ ‫الخ ْ ِي‪ ،‬فال‬
‫أي‪َ :‬ر َج ْع ُت إىل َ‬
‫رض ِبه عنْكُم ِمن الت ِ‬
‫َّوبة‪.‬‬ ‫ﯞ) [الزمر‪ ]٥٤ :‬أي‪ :‬عودوا إىل ما َي َ‬
‫ْ َ‬
‫بطال (‪ ،)109/3‬التمهيد البن عبد الرب (‪ ،)191/12‬إكامل ا ُمل ِ‬
‫علم للقايض عياض‬ ‫((( رشح ابن َّ‬
‫ّ‬
‫(‪ ،)215/8 ،131/3‬رشح النووي عىل صحيح مسلم (‪.)55/6‬‬
‫علم (‪ ،)215/8 ،131/3‬رشح النووي (‪.)55/6‬‬ ‫بطال (‪ ،)109/3‬إكامل ا ُمل ِ‬‫((( رشح ابن َّ‬
‫((( اإلفصاح البن ُه َبرية (‪.)19/3‬‬
‫بطال (‪ ،)109/3‬التوضيح البن امللقّن (‪.)20/9‬‬ ‫((( رشح ابن َّ‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 186‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫‪185‬‬ ‫احلديث اخلامس والعرشون‪« :‬اللهم لك احلمد‪ ،‬أنت ق ِّيم السموات واألرض‪»...‬‬

‫ح ٌّ‬
‫ق»‪:‬‬ ‫قو ُل ُه ‪« :H‬والنَّبي ُّ َ‬
‫ون َ‬

‫ور ُس ِله‪ً ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫َّفصييل‪ ،‬ونُصدِّ ُق بام‬
‫ِّ‬ ‫ً‬
‫وتفصيل يف الت‬ ‫إمجال يف اإلمجا ِّيل‪،‬‬ ‫فنؤم ُن بأنبياء اهللِ‪ُ ،‬‬
‫أخبار ِهم‪ ،‬وما جرى َلم مع ِ‬
‫قوم ِه ْم‪.‬‬ ‫ََ ُ َ َ‬ ‫ِ‬ ‫َص َّح ِم ْن‬
‫ُفر بام يعبدُ ِمن ِ‬ ‫ِ‬
‫عبادة اهللِ وحدَ ُه ال َش َ‬
‫دونه‪:‬‬ ‫يك َلــ ُه‪ ،‬والك ِ ُ َ ْ‬ ‫َو َّأنم كانــوا َيدْ َ‬
‫عون إىل‬
‫(ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ) [النحل‪.]٣٦ :‬‬
‫عند اهللِ تعاىل؛ ِ‬
‫فنؤمــ ُن‪ ،‬ون َُصدِّ ُق‪ ،‬هبِم مجي ًعا‪ ،‬وال‬ ‫حق ِمن ِ‬
‫وأن رســا َلت َُهم َجي ًعا ٌّ ْ‬
‫َّ‬
‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫نُفر ُق بي ٍ ِ‬
‫كفر برسا َلة واحد من ُْهم‪َ ،‬ف َقد َك َف َر َ‬
‫بالجميعِ‪ ،‬وك َف َر‬ ‫أحد م ْن ُر ُس ِل اهللِ؛ َ‬
‫فم ْن َ‬ ‫ِّ َ ْ َ‬
‫باهللِ العظيــ ِم‪ ،‬والعيا ُذ بــاهللِ‪( :‬ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ) [البقرة‪( ،]٢٨٥ :‬ﭱ‬
‫ﭲﭳ ﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻ ﭼ‬
‫ﭽﭾﭿﮀﮁ ﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈ‬
‫ﮉ ﮊ ﮋ) [النساء‪.]١٥١-١٥٠ :‬‬

‫احلق‬
‫ــدون‪ ،‬وكانوا عىل ِّ‬ ‫َ‬ ‫ون ِ‬
‫راش‬ ‫بار َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫قــون‪ُّ ،‬‬ ‫صادقون ُم َصدَّ‬ ‫بأنُــم مجي ًعا‬ ‫ونُؤم ُن َّ‬
‫ِ‬ ‫المســت ِ‬ ‫الم ِ‬
‫ول ْ‬‫ول ْ ُي َبدِّ لوا‪َ ،‬‬
‫بــن‪َ ،‬‬
‫الم َ‬ ‫َبني‪َ ،‬ب َّلغوا ِرســاالت ِّ‬
‫ربِم البال َغ ُ‬ ‫بني‪ ،‬واهلُدَ ى ُ‬ ‫ُ‬
‫الح َّج ُة‬ ‫ِ‬
‫ول ْ َيكتُموا منْها َح ْر ًفا‪ ،‬أو َيزيدوا َشــ ْي ًئا‪ ،‬أو َين ُقصو ُه؛ فقا َم ْت َ‬ ‫ــروا‪َ ،‬‬
‫بذلك ُ‬ ‫ُي َغ ِّ‬
‫الخ ْل ِق ب َب ْع َثتِهم‪.‬‬
‫عىل َ‬

‫ح ٌّ‬
‫ق»‪:‬‬ ‫قو ُل ُه ‪« :H‬و ُم َّ‬
‫حم ٌد َ‬

‫َعظيم له‪ ،‬و َعط َفه عىل «النب ِّيني» إشار ًة إىل‬ ‫مع أنَّه ِم ْن ُج َل ِة «النب ِّي َ‬
‫ني»؛ ت ً‬ ‫بالذك ِْر َ‬
‫َخ َّص ُه ِّ‬
‫تص ٍة بِ ِه‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫بأوصاف ُم َّ‬ ‫فائ ٌق ِ‬
‫عليه ْم ْ‬
‫أنَّه ِ‬

‫اإليامن بِ ِه‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ــه‪ ،‬كأنَّه َغيه‪ ،‬ووجــب ِ‬
‫عليه‬ ‫َ َ َ‬ ‫ُْ‬
‫حق»‪ ،‬فجرده َعن ذاتِ ِ‬
‫ْ‬ ‫َ َّ‬ ‫ــل‪« :‬وأنا ٌّ‬ ‫ول ْ َي ُق ْ‬
‫َ‬
‫ُبوتِ ِه‪ ،‬كام يف الت ََّش ُّهد(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وتصدي ُقه؛ ُمبالغ ًة يف إثبات ن َّ‬

‫((( فتح الباري (‪ ،)5/3‬عمدة القاري للعيني (‪.)167/7‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 185‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪184‬‬

‫كام قال تعــاىل‪( :‬ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝﯞ ﯟ‬


‫ﯠ ﯡ ﯢ) [التغابن‪ ،]٧ :‬وقــال‪( :‬ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ)‬
‫[االنشقاق‪ ،]٦ :‬وقــال‪( :‬ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ) [البقرة‪ ،]٢٢٣ :‬وقــال‪:‬‬
‫(ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ) [الروم‪.]٨ :‬‬

‫«اإليامن‪َ :‬أ ْن‬ ‫رير َة (((‪:I‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حديــث ِج َ‬ ‫ِ‬


‫ُ‬ ‫ربيل ‪ ،S‬م ْن رواية أيب ُه َ‬ ‫وقدْ جا َء يف‬
‫للِ‪ ،‬ومالَئِكَتِ ِه‪ ،‬و ُك ُتبِ ِه‪ ،‬وبِلِقائِ ِه‪ ،‬ورسلِ ِه‪ ،‬وت ُْؤ ِمن بِالبع ِ‬ ‫ِ‬
‫ث»(((‪.‬‬ ‫َ َْ‬ ‫َ‬ ‫َُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ت ُْؤم َن بِا َّ َ َ‬
‫غري َ ْت ٍ‬
‫ريف‪ ،‬وال ت َْأ ٍ‬
‫ويل‪.‬‬ ‫ليق باهللِ تعاىل‪ِ ،‬م ْن ِ‬
‫حقيقي‪ ،‬عىل ما َي ُ‬ ‫ولقا ُء اهللِ لقا ٌء‬
‫ٌّ‬
‫لل عىل ن َْو َع ْ ِ‬
‫ي‪:‬‬ ‫قاء ا َِّ‬‫ِ‬
‫و«ل َ‬
‫ْروه عىل َو ْج ِه التعذيب؛ كَام قال ُس َل ْي ُ‬‫قاء مك ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫بوب عىل َو ْج ِه ِ‬‫قاء َم ْ ٍ‬ ‫لِ ِ‬
‫امن‬ ‫اإلكْرا ِم‪َ ،‬ول َ‬
‫ْبــ ُن َع ْب ِد ا َمل ِل ِك ِلَيب ِ‬
‫ؤمنني‪ ،‬أ َّما‬
‫َ‬ ‫َعــال؟ َفقال‪ :‬يا َأ َ‬
‫مري ا ُمل‬ ‫ف ال ُقدو ُم عىل اللَِّ ت َ‬
‫حاز ٍم‪َ :‬ك ْي َ‬
‫بد اآلبِ ِق‪َ ،‬يأيت‬ ‫ب‪ ،‬يأيت َأه َله َف ِرحا مسورا‪ ،‬وأمــا ا ُمليسء‪ :‬فكالع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ً َْ ً َ‬ ‫المحســ ُن‪ :‬فكالغائ ِ َ‬ ‫ُ‬
‫َم ْوال ُه خائ ًفا َمْزونًا»(((‪.‬‬

‫ح ٌّ‬
‫ق»‪:‬‬ ‫ح ٌّ‬
‫ق‪ ،‬والنَّار ُ َ‬ ‫قو ُل ُه ‪« :َH‬وال َ‬
‫جنَّ ُة َ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫وجودتان َ‬ ‫ِ‬
‫اآلن‪ ،‬ال تَفنَيان‪ ،‬وال تَبيدان‪ ،‬فنُؤم ُن بنَعي ِم اجلنَّة‪َّ ،‬‬
‫وأنا‬ ‫لوقتان َم‬‫فهــا َم‬
‫ُ‬
‫العاصني‪.‬‬
‫َ‬ ‫وأنا َجزا ُء الكافِري َن‬ ‫وبعذاب ِ‬
‫النار‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫نني ال َّط َ‬
‫ائعني‪،‬‬ ‫جزاء الم ِ‬
‫ؤم َ‬ ‫ُ ُ‬

‫كــا قــال تعــاىل‪( :‬ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ‬


‫‪ ،]١٣٣‬وقــال‪( :‬ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ‬ ‫ﭚ ﭛ ﭜ) [آل عمران‪:‬‬

‫ﯺ) [آل عمران‪.]١٣١ :‬‬

‫((( ورواية مسلم التي انفر َد هبا‪ ،‬هي من حديث ابن عمر عن عمر‪.‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)50‬ومسلم (‪.)9‬‬
‫((( جمموع الفتاوى (‪.)482 ،467/6‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 184‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫‪183‬‬ ‫احلديث اخلامس والعرشون‪« :‬اللهم لك احلمد‪ ،‬أنت ق ِّيم السموات واألرض‪»...‬‬

‫ِ‬
‫الذين‬
‫َ‬ ‫ويزي‬
‫الذين أساءوا بام َعملوا‪ْ َ ،‬‬
‫َ‬ ‫ﰉ) [آل عمران‪]٩ :‬؛ فاهللُ تعاىل َ ْ‬
‫يزي‬
‫بالحسنَى(((‪.‬‬
‫أحسنوا ُ‬
‫َ‬
‫ح ُّ‬
‫ق»‪:‬‬ ‫قو ُل ُه ‪َ « :H‬و َق ْول ُ َ‬
‫ك ال َ‬

‫َّ‬
‫شــك يف‬ ‫فيه‪ ،‬وال ك َِذ َب‪ ،‬وال ُم َاز َف َة‪ ،‬وال‬
‫ثابت‪ ،‬فال َعب َث ِ‬
‫َ‬ ‫أي‪ِ :‬ص ٌ‬
‫ــدق‪ ،‬وعَدْ ُل‪ٌ ،‬‬
‫(((‬
‫‪.‬‬ ‫صدْ قه‪ ،‬كام قال ‪( :‬ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ) [األحزاب‪]٤ :‬‬
‫ِ ِ‬

‫وقــال تعــاىل‪( :‬ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮﮯ ﮰ ﮱ ﯓﯔ ﯕ ﯖ‬


‫رب به‬
‫فكل ما أخ َ‬ ‫ِ‬
‫األخبار‪ ،‬وعَدْ ًل يف األحكا ِم؛ ُّ‬ ‫ﯗ) [األنعام‪]١١٥ :‬؛ أي‪ِ :‬صد ًقا يف‬
‫فهو ال َعدْ ُل الذي ال عَدْ َل ِسوا ُه‪ُّ ،‬‬
‫وكل ما‬ ‫أمر به َ‬
‫وكل ما َ‬‫شــك‪ُّ ،‬‬
‫َّ‬ ‫فحق ال ِمري َة ِ‬
‫فيه‪ ،‬وال‬ ‫َ‬ ‫ٌّ‬
‫َنَى عنه فباطِ ٌل‪ ،‬فإنَّه ال َين َْهى َّإل ع ْن َم ْف َســدَ ٍة‪ ،‬كام قال تعاىل‪( :‬ﮀ ﮁ‬
‫ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ) [األعراف‪:‬‬

‫‪.]١٥٧‬‬

‫فيه ُم َازف ٌة‪ ،‬وال ك َِذ ٌب‪ ،‬وال‬


‫دق‪ ،‬وعَدْ ٌل‪ ،‬وهدً ى‪ ،‬ليس ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫حق‪ِ ،‬‬
‫وص ٌ‬ ‫فقو ُل ُه ‪ٌّ ‬‬
‫ِ‬
‫افتا ٌء(((‪.‬‬

‫ح ُّ‬
‫ق»‪:‬‬ ‫قو ُل ُه ‪َ « :H‬و ِلقا ُؤ َ‬
‫ك ال َ‬

‫واقع كائ ٌن ال َما َل َة‪.‬‬


‫أي‪ٌ :‬‬
‫الع ِ‬
‫قوف ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ي‬
‫باد َب ْ َ‬ ‫وو ُ‬‫صري إىل الدَّ ِار اآلخ َرة‪ُ ،‬‬
‫والم ُ‬
‫الم ْوت‪َ ،‬‬ ‫ولقا ُء اهللِ َ‬
‫هو‪ :‬ال َب ْع ُث َب ْعدَ َ‬
‫بأعاملم‪ ،‬والج ِ‬
‫ِ‬ ‫حاس َب ِة‬
‫زاء هبا(((‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫للم َ‬ ‫يدَ ِي اهللِ ‪D‬؛ ُ‬

‫بطال عىل البخاري (‪.)109/3‬‬‫((( رشح ابن َّ‬


‫((( رشح ابن َّ‬
‫بطال (‪ ،)109/3‬التوضيح لرشح اجلامع الصحيح البن امللقّن (‪ ،)19/9‬مرقاة املفاتيح‬
‫(‪.)915/3‬‬
‫((( تفسري ابن كثري (‪.)322/3 ،199/1‬‬
‫((( فتح الباري البن رجب (‪ ،)210/1‬رشح أيب داود للعيني (‪ ،)381/3‬مرقاة املفاتيح (‪.)915/3‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 183‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪182‬‬

‫ــق‪ ،‬والت ِ‬
‫َّدبري‪ ،‬والنِّ َعم‪،‬‬ ‫انفراد ِه َ‬
‫بالخ ْل ِ‬ ‫ِ‬ ‫فدَ َّل قو ُلــ ُه‪( :‬ﭘ ﭙ) عىل‬
‫كل َو ْج ٍه‪ ،‬واعتِ ٍ‬
‫بار»(((‪.‬‬ ‫ني إل ْي ِه بِ ِّ‬ ‫ِ‬
‫وكامل غنا ُه‪ ،‬ومتا ِم َف ْق ِر العا َل َ‬

‫أنت خالِ ُقهام‪،‬‬


‫فيه َّن» أي‪َ :‬‬ ‫ِِ‬
‫فمعنى قوله‪« :‬أ َ ْن َ‬
‫ن ِ‬ ‫وات‪ ،‬واألَرْ ِ‬
‫ض‪َ ،‬و َم ْ‬ ‫م ِ‬ ‫الس َ‬
‫ب َّ‬ ‫ت ر َ ُّ‬
‫فالم ْل ُك‬ ‫ِ ِ‬
‫ألمورهم؛ ُ‬ ‫المدَ ِّب ُر‬ ‫بمشيئتِ َك‪َ ،‬‬
‫وأنت ُ‬ ‫ف ِ‬
‫فيهام َ‬ ‫ترص ُ‬‫والم ِّ‬
‫فيهام‪ُ ،‬‬ ‫ومالِك ُُهام‪ ،‬و َم ْن ِ‬
‫تبارك َْت وتعا َل ْي َت(((‪.‬‬
‫بري‪َ ،‬‬ ‫اشت ٌ‬
‫اك‪ ،‬أو تَدْ ٌ‬
‫ألحد م َع َك ِ‬ ‫ٍ‬ ‫لك‪ ،‬و َل ْي َس‬
‫َ‬

‫ح ُّ‬
‫ق»‪:‬‬ ‫قو ُل ُه ‪« :َH‬أ َ ْن َ‬
‫ت ال َ‬

‫لواز ِم ذاتِ ِه‪ ،‬و َي ْست ُ‬


‫َحيل‬ ‫جود‪ ،‬وجو ُده ِم ْن ِ‬
‫واجب الو ِ‬
‫فهو ِ ُ ُ‬
‫ِِ‬ ‫ِِ‬
‫الح ُّق يف ذاته‪ ،‬وصفاته‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫كام ُل الص ِ‬ ‫األش ِ‬
‫ــياء َّإل بِ ِه‪ ،‬وهو ِ‬ ‫لش ٍء ِم َن ْ‬ ‫ِ‬
‫فات‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫عليه ال َعدَ ُم َأز ًل‪ ،‬وأ َبدً ا‪ ،‬وال ُوجو َد َ ْ‬
‫والن ِ‬
‫ُّعوت‪.‬‬

‫ول ْ َي َز ْل وال ُ‬
‫يزال‬ ‫امل والك ِ‬
‫َامل َم ْوصو ًفا‪َ ،‬‬ ‫والج ِ‬ ‫بالج ِ‬
‫الل َ‬ ‫فهو الذي َل ْ َيز ْل وال ُ‬
‫يزال َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫باإلحسان َمعرو ًفا‪.‬‬

‫حق‪،‬‬
‫حــق‪ ،‬ودينُ ُه ٌّ‬
‫ٌّ‬ ‫ور ُســ ُله ٌّ‬
‫حق‪ ،‬وك ُت ُبه‬ ‫حق‪ُ ،‬‬
‫ولقاؤه ٌّ‬
‫ُ‬ ‫حــق‪ ،‬وفِ ْع ُله ٌّ‬
‫حق‪،‬‬ ‫ٌّ‬ ‫ف َقو ُل ُه‬
‫ِ‬ ‫وكل َ ٍ‬
‫هو َح ٌّق؛ (ﮨ‬ ‫ــب إليه َف َ‬ ‫الح ُّق‪ْ ُّ ،‬‬
‫شء ُين َْس ُ‬ ‫هي َ‬‫يك له َ‬‫وحدَ ه ال َش َ‬ ‫وعبا َدتُــه ْ‬
‫ﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰ ﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘ‬
‫ﯙ) [احلج‪( ،]٦٢ :‬ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ) [الكهف‪.((( ]٢٩ :‬‬

‫ح ُّ‬
‫ق»‪:‬‬ ‫قو ُل ُه ‪َ « :H‬و َو ْع ُد َ‬
‫ك ال َ‬

‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫أي‪ :‬ما و َع َ ِ‬


‫شــك يف َ‬
‫ذلك‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫دت به يف كتابِك‪ ،‬وعىل ألســنَة ُر ُســل َك؛ ٌ‬
‫واقع ال‬ ‫َ‬
‫كام قــال تعــاىل‪( :‬ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ) [يونس‪ ،]٥٥ :‬وقال‪( :‬ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ‬

‫((( تفسري السعدي (ص‪.)39‬‬


‫((( رشح كتاب التوحيد للغُ نيامن (‪.)169/1‬‬
‫((( تفسري أسامء اهلل احلسنى للسعدي (ص‪.)184‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 182‬‬ ‫‪11/17/19 8:57 PM‬‬


‫‪181‬‬ ‫احلديث اخلامس والعرشون‪« :‬اللهم لك احلمد‪ ،‬أنت ق ِّيم السموات واألرض‪»...‬‬

‫ن»‪:‬‬
‫فيه َّ‬
‫ن ِ‬ ‫وات‪ ،‬واألَرْ ِ‬
‫ض‪َ ،‬و َم ْ‬ ‫م ِ‬ ‫الس َ‬
‫ب َّ‬ ‫ح ْم ُد‪ ،‬أ َ ْن َ‬
‫ت ر َ ُّ‬ ‫قو ُل ُه ‪َ « :H‬ول َ َ‬
‫ك ال َ‬

‫الفات ِة‪( :‬ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ) [الفاحتة‪.]٢ :‬‬


‫سورة ِ َ‬
‫ِ‬ ‫وهذا كام قال تعاىل يف‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫هو الخال ُق‪ ،‬املال ُك‪ُ ،‬‬
‫المد ِّب ُر‪.‬‬ ‫و«الر ُّب»‪َ :‬‬
‫َّ‬

‫فهو‬ ‫والم ُ‬ ‫الخ ْل ُ‬ ‫ٍ‬


‫أوصاف‪َ :‬‬ ‫ــن اجتمع ِ‬
‫فيه ثالث ُة‬ ‫«فالر ُّب‪ :‬هو َم ِ‬
‫والتدبري؛ َ‬
‫ُ‬ ‫لك‪،‬‬ ‫ــق‪ُ ،‬‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫األمور»(((‪.‬‬ ‫ش ٍء‪ ،‬املد ِّب ُر جلمي ِع‬ ‫اخلالِ ُق املالِ ُك ِّ‬
‫لكل َ ْ‬
‫ِ‬
‫واإلنس‪ ،‬واجل ِّن‪،‬‬ ‫كل ما ِس َوى اهللِ تعاىل‪ِ ،‬م َن املالئك َِة‪،‬‬
‫وهو ُّ‬ ‫مج ُع َ‬
‫عالٍ‪َ ،‬‬ ‫ني»‪ْ :‬‬‫و«العا َل َ‬
‫ِ‬
‫وغريها‪.‬‬ ‫وال َّط ِري‪،‬‬

‫كل َش ٍء ِم َن‬
‫ــم عىل خالِ ِقهم ‪E‬؛ ففــي ِّ‬ ‫ألنُم َع َل ٌ‬ ‫َ‬
‫بذلك؛ َّ‬ ‫«و ِصفوا‬ ‫و َقــدْ ُ‬
‫وغري َ‬
‫ذلك‬ ‫ِ‬ ‫وع َّزتِ ِه‪،‬‬
‫محتِ ِه‪ِ ،‬‬
‫كمتِ ِه‪ ،‬ور َ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المخلوقات آي ٌة تَدُ ُّل عىل اخلال ِق‪ :‬عىل ُقدرته‪ ،‬وح َ‬ ‫َ‬
‫ِم ْن معاين ُربوب َّيته» ‪.‬‬
‫ِ ِ (((‬

‫ِ‬
‫قه نَو ِ‬
‫وخاص ٌة‪.‬‬
‫َّ‬ ‫عان‪ :‬عا َّم ٌة‪،‬‬ ‫وتَربي ُة اهللِ تعاىل خلَ ْل ْ‬
‫ِ‬ ‫وهدايتُهم لِا ِ‬
‫ورز ُقهم‪ِ ،‬‬
‫مصالُ ُه ُم التي فيها‬ ‫فيه‬ ‫ُ‬ ‫خلوقني‪ُ ِ ،‬‬
‫َ‬ ‫للم‬ ‫«فالعام ُة‪َ :‬‬
‫هي َخل ُق ُه َ‬ ‫َّ‬
‫بقاؤ ُهم يف الدُّ نيا‪.‬‬
‫ُ‬

‫ويكم ُل ُه هل ُ ْم‪ ،‬و َيدْ َف ُع‬


‫ِّ‬
‫ِ‬
‫باإليــان‪ ،‬ويو ِّف ُق ُهم له‪،‬‬ ‫ألوليائ ِه‪ُ ،‬في ِّب ِيه ْم‬
‫ِ‬ ‫واخلاص ُة‪ :‬تَربي ُت ُه‬
‫َّ‬
‫والعوائ َق ِ‬
‫احلائ َل َة َب ْين َُهم و َب ْينَ ُه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ف‪،‬‬ ‫الص ِ‬
‫وار َ‬ ‫عنه ُم َّ‬
‫ُ‬

‫ش‪.‬‬ ‫خري‪ِ ،‬‬


‫والعصمة عن ِّ‬ ‫لكل ٍ‬ ‫وحقي َقتُها‪ :‬تَرب َي ُة الت ِ‬
‫َّوفيق ِّ‬
‫كل َ ٍّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الس يف ك َْو ِن أك َث ِ‬
‫فإن‬ ‫ــر أدع َية األنبياء ب َل ْفــظ‪َّ :‬‬
‫«الر ِّب»؛ َّ‬ ‫هــو ِّ ُّ‬‫ــل هذا املعنى َ‬ ‫ول َع َّ‬
‫اخلاص ِة‪.‬‬
‫َّ‬ ‫حتت ُربوب َّيتِ ِه‬ ‫مطالبهم ك َّلها ِ‬
‫داخ َل ٌة َ‬ ‫َ َُ‬

‫((( تفسري سورة الفاحتة البن عثيمني (‪.)10/1‬‬


‫((( تفسري سورة الفاحتة البن عثيمني (‪.)10/1‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 181‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪180‬‬

‫قال اب ُن الق ِّيم يف «النُّون َّي ِة»‪:‬‬


‫ِ‬
‫ـــران‬ ‫َقــيــوم يف َأوصـــافِ ِ‬
‫ـــه َأ ْم‬ ‫ْ‬ ‫ُّ ُ‬ ‫هذا َو ِم ْن َأ ْوصافِ ِه ال َق ُّيو ُم‪ ،‬وال‬
‫ــران‬ ‫ِ‬
‫ـو ُن قــا َم بِــه ُها األَ ْم ِ‬ ‫والـ َكـ ْ‬ ‫ـداهــا‪ :‬ال َق ُّيو ُم قا َم بِنَ ْف ِس ِه‬
‫إِ ْحـ ُ‬
‫ـه ال َّثاين‬‫ـل إِ َلـيـ ِ‬
‫ْ‬ ‫ـن ُكـ ٍّ‬ ‫ِ‬
‫وال َف ْق ُر مـ ْ‬ ‫ـر ِه‬
‫فــاألَ َّو ُل ْاستِغْناؤُ ُه َع ْن َغـ ْ ِ‬
‫ِ‪4‬‬
‫الشان‬‫ظيم َّ‬ ‫َم ْوصو ُف ُه أ ْي ًضا َع ُ‬ ‫ف بِال َق ُّيو ِم ذو َش ْأ ٍن كَذا‬ ‫والو ْص ُ‬
‫َ‬

‫أنت الذي أقمت َُهام ِم َن‬‫ض»‪َ :‬‬ ‫وات‪ ،‬واألَرْ ِ‬


‫م ِ‬ ‫الس َ‬‫م َّ‬ ‫ت َقيِّ ُ‬‫ح ْم ُد‪ ،‬أ َ ْن َ‬‫ك ال َ‬‫فمعنى « َول َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الر ِاز ُق‪ ،‬املال ُك ُ‬
‫المدَ ِّب ُر‪،‬‬ ‫فأنت اخلال ُق َّ‬‫قيم ُهام‪َ ،‬‬ ‫عليهام بام ُي ْصل ُح ُهام‪ ،‬و ُي ُ‬ ‫والقائم ِ‬
‫ُ‬ ‫ال َعدَ ِم‪،‬‬
‫صريه َ‬
‫إليك‪،‬‬ ‫قري َ‬
‫إليك‪ ،‬و َم ُ‬ ‫َ‬
‫ــواك َف ٌ‬ ‫ش ٍء‪ُّ ،‬‬
‫وكل َمن ِس‬ ‫الغني ع ْن ك ُِّل َ ْ‬‫ُّ‬ ‫ميت‪،‬‬
‫الم ُ‬ ‫الم ْحيي ُ‬ ‫ُ‬
‫الح ْمدُ (((‪.‬‬
‫أنت الذي ْأو َجدْ تَه‪ ،‬فلك َ‬
‫كام أنَّك َ‬

‫وأنزل ِبه حاجاتِ ِه‪ ،‬واست َ‬


‫َغاث‬ ‫َ‬ ‫إليه بق ُّيوم َّيتِه‪،‬‬
‫ف اهلل بقيوميتِه؛ دعاه‪ ،‬وتوس َل ِ‬
‫َّ‬ ‫ُّ َّ َ ُ‬ ‫وم ْن َع َر َ‬ ‫َ‬
‫ٍ‬
‫صباح‪ ،‬و َمساء‪« :‬يا َح ُّي‬ ‫ٍ‬ ‫كل‬‫تقول َّ‬
‫أن َ‬ ‫ِبه؛ ولِذا َع َّلم نب ُّينا ‪ َH‬فاط َم َة ابنَ َت ُه ‪ْ J‬‬
‫ِ‬

‫ي»(((‪.‬‬ ‫َغيث‪َ ،‬أ ْصلِ ْح يل َش ْأين ُك َّل ُه‪ ،‬وال تَكِ ْلني إِ َل َن ْفيس َط َر َف َة َع ْ ٍ‬ ‫حت ِ َ‬
‫ك َأ ْست ُ‬ ‫يا َق ُّيو ُم‪ ،‬بِ َر ْ َ‬
‫َامل‪ِ ،‬‬
‫والغنَى التا َّم‪ ،‬وال ُقدر َة‬ ‫ِ‬
‫صفات الك ِ‬ ‫ِ (((‬ ‫ِ‬
‫هذان االســان‬ ‫قال اب ُن الق ِّيم‪« :‬ان َت َظ َم‬
‫كل ِص َف ٍة‬
‫الر ِّب تعاىل‪ ،‬وبِ ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ستغيث ِّ‬
‫ٌ‬ ‫َغيث ِبِام ُم‬
‫المســت َ‬ ‫التا َّم َة‪ ،‬فك َّ‬
‫بكل اس ٍم م ْن أسامء َّ‬ ‫َأن ُ‬
‫ِم ْن ِصفاتِ ِه‪.‬‬
‫ِ‬ ‫َفريج الكُر ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ي ْ‬‫االســم ْ ِ‬ ‫هبذ ْي ِن‬
‫فام َأ ْو َل االســتغا َث َة َ‬
‫وإغاثة‬ ‫بات‪،‬‬ ‫أن يكونا يف َمظنَّة ت ِ ُ‬ ‫َ‬
‫هفات‪ ،‬وإنا َل ِة ال َّط ِ‬
‫لبات»(((‪.‬‬ ‫ال َّل ِ‬

‫نونية ابن القيم (ص‪.)211‬‬


‫((( َّ‬
‫((( رشح كتاب التوحيد للغُ نيامن (‪.)169/1‬‬
‫وحسنه األلباين‬
‫َّ‬ ‫املنذري‪،‬‬
‫ّ‬ ‫وصححه‬
‫َّ‬ ‫الس ِّني يف عمل اليوم والليلة (‪،)46‬‬
‫((( رواه احلاكم (‪ ،)2000‬وابن ُّ‬
‫يف صحيح اجلامع (‪.)5820‬‬
‫((( يعني‪ :‬احلي القيوم‪.‬‬
‫((( بدائع الفوائد (‪.)679/2‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 180‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪179‬‬ ‫احلديث اخلامس والعرشون‪« :‬اللهم لك احلمد‪ ،‬أنت ق ِّيم السموات واألرض‪»...‬‬

‫وات‪ ،‬واألَرْ ِ‬
‫ض»‪:‬‬ ‫م ِ‬ ‫الس َ‬
‫م َّ‬ ‫ح ْم ُد‪ ،‬أ َ ْن َ‬
‫ت َقيِّ ُ‬ ‫قو ُل ُه ‪َ « :H‬ول َ َ‬
‫ك ال َ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ــاوات واألَ ْر ِ‬ ‫ٍ‬
‫رواية ُملســل ٍم (‪َ :)769‬‬
‫ض»‪ ،‬وعندَ الن ِّ‬
‫ّسائي يف‬ ‫ْت َق َّيا ُم َّ‬
‫الس‬ ‫«أن َ‬ ‫ويف‬
‫ْت َق ُّيو ُم الساموات واألَ ْر ِ‬
‫ض»‪.‬‬ ‫ربى (‪َ :)7656‬‬
‫«أن َ‬ ‫ال ُك َ‬

‫أسامئ ِه‬
‫ِ‬ ‫بذلك‪ِ ،‬‬
‫وم ْن‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫«ق ِّي ٌم»‪ ،‬و«ق َّيا ٌم»‪ ،‬و«ق ُّيو ُم»‪ :‬صيغ ُة ُمبا َلغة‪ ،‬واهللُ تعاىل َ‬
‫يوصف‬
‫تعاىل‪« :‬الق ُّيو ُم»‪ ،‬كام قال ‪( :‬ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ) [البقرة‪.]٢٥٥ :‬‬
‫و«القيوم هو ِ‬
‫كام ُل القيومية‪ ،‬وله معن ِ‬
‫َيان‪:‬‬ ‫ُّ َّ‬ ‫ُّ ُ َ‬
‫بنفس ِ‬
‫ــه‪ ،‬وع ُظ َمت ِصفاتُه‪ ،‬واس َت ْغنَى ع ْن مجي ِع‬ ‫• •املعنى األو ُل‪ :‬هو الذي قام ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫َملوقاتِ ِه‪.‬‬

‫فيهام ِم َن‬
‫ــموات‪ ،‬وما ِ‬
‫ُ‬ ‫والس‬
‫األرض‪َّ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫ــت ِبه‬
‫هو الذي قا َم ْ‬ ‫• •المعنــى ال َّثاين‪َ :‬‬
‫بقاؤها‪،‬‬
‫فيه ُ‬ ‫لكل ما ِ‬‫فهو الذي ْأو َجدَ هــا‪ ،‬وأمدَّ ها‪ ،‬وأعدَّ ها‪ِّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫المخلوقات‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫جه‪ ،‬وهي التي اف َت َقر ْت ِ‬ ‫كل و ٍ‬ ‫ِ‬
‫إليه‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ني عنها م ْن ِّ َ‬‫فهو ال َغ ُّ‬
‫وصالحها‪ ،‬وقيا ُمها‪َ ،‬‬ ‫ُ‬
‫كل َو ْج ٍه»(((‪.‬‬‫ِم ْن ِّ‬
‫بآجالم‪ ،‬و َأ ِ‬
‫عاملم‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫القائ ُم عىل َخ ْل ِق ِه‪،‬‬
‫• •قال قتادةُ‪(« :‬ﮩ) [البقرة‪ِ :]٢٥٥ :‬‬
‫و َأ ِ‬
‫رزاق ِهم»(((‪.‬‬

‫بنفس ِه‪ ،‬ال‬


‫القائم ِ‬
‫ُ‬
‫وكامل ُقدْ رتِ ِه؛ فإنَّه ِ‬
‫َ َ‬ ‫«متضم ٌن َ‬
‫كامل غنا ُه‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫االسم (ﮩ)‬ ‫ُ‬ ‫فهذا‬
‫عم ِسوا ُه‪.‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قيم ُه‪ ،‬وهذا م ْن كامل غنا ُه بنفسه َّ‬
‫تاج إىل َمن ُي ُ‬
‫َي ُ‬

‫وع َّزتِ ِه»(((‪.‬‬


‫كامل ُقدْ رتِ ِه‪ِ ،‬‬
‫َ‬
‫لغري ِه َّإل بإقامتِ ِه‪ ،‬وهذا ِم ْن ِ‬
‫غري ِه؛ فال قيا َم ِ‬
‫قيم لِ ِ‬
‫الم ُ‬
‫وهو ُ‬
‫َ‬

‫احلق الواضح املبني للسعدي (ص‪.)87‬‬


‫((( ُّ‬
‫((( الزاهر البن األنباري (‪.)90/1‬‬
‫((( بدائع الفوائد (‪.)184/2‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 179‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪178‬‬

‫ِ‬ ‫ال ْعتِ‬


‫ض‪ِ ،‬ب ِذ ِه ِ‬ ‫ِ‬
‫بارات‬ ‫الســاوات‪ ،‬واألَ ْر ِ َ‬ ‫حل ُّق َأ َّن ُه ُ‬
‫نور َّ‬ ‫ابن الق ِّيــم ‪« :V‬وا َ‬
‫قال ُ‬
‫ُك ِّلها»(((‪.‬‬
‫‪-‬أيضا‪ِ -‬من أوصافِ ِه‪ِ ،‬‬
‫ومنْ ُه اشت َُّق‬ ‫ُّور ً‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ْ‬ ‫ُّور هبذه املعاين م ْن أفعاله ‪ ،E‬والن ُ‬
‫والن ُ‬
‫اسم «النُّور»(((‪.‬‬
‫له ُ‬
‫ِ‬
‫َوي؛ فاهلل‬
‫س‪ ،‬واملعن ُّ‬ ‫فاهللُ تعاىل‪( :‬ﮪ ﮫ ﮬ) [النور‪ُ ،]٣٥ :‬‬
‫النور احل ِّ ُّ‬
‫وحجابه نور‪ِ ،‬‬ ‫تعاىل «بذاتِ ِه نور‪ِ ،‬‬
‫مس‪ ،‬وال َق ُ‬
‫مر‪،‬‬ ‫ُريس‪َّ ،‬‬
‫والش ُ‬ ‫استنار ال َع ُ‬
‫رش‪ ،‬والك ُّ‬ ‫َ‬ ‫وبه‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫ِ‬
‫استنارت اجلنَّ ُة‪.‬‬ ‫والنُّور‪ِ ،‬‬
‫وبه‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫والمعرف ُة يف‬ ‫ُ‬
‫واإليامن َ‬ ‫نور‪،‬‬
‫وش ُع ُه ٌ‬ ‫رجــع إىل اهللِ؛ فكتا ُب ُه ٌ‬
‫نور‪َ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫عنوي َي‬
‫الم ُّ‬
‫ُّور َ‬
‫والن ُ‬
‫ؤمنني نور؛ ف َلوال نوره تعاىل؛ َلرتاكَم ِ‬
‫ت ال ُّظ ُلامت»(((‪.‬‬ ‫الم‬ ‫ِ‬ ‫ُق ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ٌ ْ‬ ‫لوب ُر ُسله وعباده ُ‬
‫يقول اإلما ُم اب ُن الق ِّيم ‪ V‬يف «نون َّيتِه»‪:‬‬
‫ويف هذا ُ‬
‫كيف النُّجو ُم وال َق َم ِ‬
‫ران‬ ‫واألرض‪َ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫موات ال ُع َل ِم ْن ِ‬
‫نوره‬ ‫ِ‬ ‫الس‬
‫نور َّ‬ ‫ُ‬
‫وكذا حكا ُه احلافِ ُظ ال َّط َباين‬ ‫ب‪‬‬ ‫الـــر ِّ‬
‫ِ‬
‫نــور َو ْجـــه َّ‬ ‫ِ‬ ‫ــن‬
‫م ْ‬
‫ِ‬
‫باق وسائِ ِر األ ْكـ ِ‬ ‫َس ْب ِع ال ِّط ِ‬ ‫مع‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫ـوان‬ ‫يس ْ‬ ‫العرش والك ُْر ُّ‬ ‫استنار‬
‫َ‬ ‫فبه‬
‫املبعوث بال ُف ْر ِ‬
‫قان‬ ‫ُ‬ ‫ـور‪ ،‬كذا‬‫نـ ٌ‬ ‫ش ُعــ ُه‬ ‫نــور‪ ،‬كذلك َ ْ‬ ‫ٌ‬ ‫وكتا ُبه‬
‫مــع الــقـ ِ‬
‫ـرآن‬ ‫ٍ‬
‫نـــور َ‬ ‫نـــور عــى‬
‫ٌ‬ ‫ب الفتَى‬ ‫اإليامن يف َق ْل ِ‬
‫ُ‬ ‫وكذلك‬
‫حات لألك ِ‬ ‫كشف ِ‬ ‫ِ‬
‫ْوان‬ ‫ألح ْر َق ُّ‬
‫الس ُب ُ‬ ‫َب َ‬ ‫احلجا‬ ‫َ‬ ‫نور‪ ،‬فلو‬ ‫وحجا ُبه ٌ‬
‫ِ‬
‫قيامة األبـ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وإذا أتَى لل َف ْص ِل ُيـ ْ ِ‬
‫ـدان‬ ‫األرض يو َم‬ ‫يف‬ ‫نوره‬‫ـر ُق ُ‬
‫ِ (‪)٤‬‬
‫تــأ َلَ َ‬
‫ليس ذا ُب ْطالن‬ ‫ـور َ ْ‬
‫نـ ٌ‬ ‫َّات ال ُع َل‬‫الر ِّب جن ُ‬ ‫دار َّ‬ ‫وكذاك ُ‬‫َ‬

‫نور َك‪ ،‬و َب َركاتِك‪.‬‬


‫هم أفِ ْض علينا ِم ْن ِ‬
‫فال َّل َّ‬

‫((( اجتامع اجليوش اإلسالمية (‪.)46/2‬‬


‫اإلسالمية (‪.)44/2‬‬
‫َّ‬ ‫((( اجتامع اجليوش‬
‫((( تفسري السعدي (ص‪ ،)568‬باختصار‪.‬‬
‫((( تفسري السعدي (ص‪ ،)568‬باختصار‪.‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 178‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪177‬‬ ‫احلديث اخلامس والعرشون‪« :‬اللهم لك احلمد‪ ،‬أنت ق ِّيم السموات واألرض‪»...‬‬

‫وتقول‪ :‬شكرتُه عىل ك ََر ِمه‪ ،‬وإحسانِ ِه إ َّيل(((‪.‬‬


‫ُ‬ ‫َرت ُفالنًا ل ُفروس َّيته‪،‬‬ ‫وال ت ُ‬
‫َقول‪َ :‬شك ُ‬

‫ُ‬ ‫ولذا َ‬‫جوه؛ ِ‬


‫الكامل ِمن َجيــ ِع الو ِ‬ ‫ِ‬ ‫بالح ْم ِد‬
‫ســول اهلل‬ ‫كان َر‬ ‫ُ‬ ‫َــص َ‬ ‫فــاهللُ تعاىل ُمت ٌّ‬
‫ات»‪َ ،‬وإِذا َر َأى‬ ‫«احلمدُ هللِ الذي بِنِعمتِ ِه تَتِم الص ِ‬ ‫ِ‬
‫ال ُ‬ ‫ُّ َّ‬ ‫َْ‬ ‫ب قال‪ْ َ :‬‬ ‫‪ H‬إِذا َر َأى مــا ُي ُّ‬
‫«احلمدُ هللِ عىل ك ُِّل ٍ‬
‫حال»(((‪.‬‬ ‫ما َيك َْر ُه قال‪ْ َ :‬‬

‫وات‪ ،‬واألَرْ ِ‬
‫ض»‪:‬‬ ‫م ِ‬ ‫الس َ‬ ‫قو ُل ُه ‪« :H‬أ َ ْن َ‬
‫ت نور ُ َّ‬

‫وهذا كام قــال تعــاىل‪( :‬ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ) [النور‪ ،]٣٥ :‬يعني‪ُ :‬من َِّور‬
‫وقمرها‪ ،‬وهو‬ ‫وشمســها‪،‬‬ ‫أمرها‪ ،‬نُجو َمها‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫فهو الذي ُيد ِّب ُر َ‬
‫واألرض‪َ ،‬‬ ‫ــاوات‪،‬‬ ‫الس‬
‫َّ‬
‫ينورها‪.‬‬
‫الذي ِّ‬
‫الئك َِة‪ ،‬ونَور األَرض بِاألَن ِ‬
‫ْبياء‪.‬‬ ‫قيل‪ :‬نَور السامء بِا َمل ِ‬
‫َ َّ َ ْ َ‬ ‫َّ َ َّ َ‬
‫موات‪ ،‬واألَ ْر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب ْب ُن َك ْع ٍ‬
‫السام َء‬
‫ض‪َ ،‬ز َّي َن َّ‬ ‫الس‬ ‫وغريمها‪ِّ :‬‬
‫«مزي ُن َّ‬ ‫حل َس ُن‪ُ ،‬‬ ‫ب‪ ،‬وا َ‬ ‫َوقال ُأ َ ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نني»‪.‬‬ ‫س‪ ،‬وال َق َم ِر‪ ،‬والنُّجو ِم‪َ ،‬و َز َّي َن األَ ْر َض بِاألَنْبياء‪ ،‬وال ُع َلامء‪ ،‬وا ُمل ْؤ ِم َ‬ ‫بِ َّ‬
‫الش ْم ِ‬

‫ِ‬
‫ــاوات‪،‬‬ ‫الس‬ ‫نــور ِه اهتَدَ ى ُ‬
‫واألرض؛ فبِ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وقيل‪ :‬هــادي ِ‬
‫َ‬
‫أهل َّ‬ ‫ــاوات‪،‬‬‫الس‬
‫أهل َّ‬
‫ِ‬
‫واألرض(((‪.‬‬

‫«أعو ُذ‬ ‫ف‪ ،‬أنَّه قال‪َ :‬‬ ‫الطائ ِ‬


‫ِ‬ ‫ف ِم َن‬ ‫نص ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وهو ُم َ‬‫النبي ‪َ ،H‬‬ ‫روي يف ُدعاء ِّ‬ ‫ولذا َ‬
‫واآلخ َر ِة؛ َأ ْن ُتن ِْز َل‬
‫ِ‬ ‫امت‪َ ،‬و َص َل َح َع َل ْي ِه َأ َم ُر الدُّ نْيا‪،‬‬
‫ت َل ُه ال ُّظ ُل ُ‬
‫ش َق ْ‬ ‫َ‬
‫ك الــذي أ ْ َ‬
‫بِ ِ‬
‫نور َو ْج ِه َ‬
‫ك‪َ ،‬أو ُ ِ‬
‫ت َّل َع َ َّل َسخَ َط َ‬
‫ك»(((‪.‬‬ ‫َض َب َ ْ‬ ‫يب غ َ‬

‫((( الفروق ال ُّل َّ‬


‫غوية للعسكري (ص‪ ،)201‬مدارج السالكني (‪ ،)237/2‬تفسري ابن كثري (‪،)128/1‬‬
‫رشح كتاب التوحيد للغُ نيامن (‪.)169/1‬‬
‫وحسنه األلباين‪.‬‬
‫َّ‬ ‫وصححه البوصريي‪،‬‬
‫َّ‬ ‫وجود إسنا َده النووي‪،‬‬
‫((( رواه ابن ماجه (‪َّ ،)3803‬‬
‫((( تفسري البغوي (‪ ،)45/6‬تفسري القرطبي (‪ ،)257/12‬تفسري ابن كثري (‪ ،)57/6‬فتح الباري (‪.)4/3‬‬
‫وضعفه األلباين يف الضعيفة (‪.)2933‬‬
‫َّ‬ ‫((( رواه الطرباين يف املعجم الكبري (‪،)181‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 177‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪176‬‬

‫ائر ِة َب ْي ال َف ْض ِل‪ ،‬وال َعدْ ِل‪ ،‬ف َل ُه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬


‫فالحمدُ «ثنا ٌء عىل اهللِ بصفات الكَامل‪ ،‬وبأفعاله الدَّ َ‬
‫َ‬
‫الكام ُل بجمي ِع الو ِ‬
‫جوه»(((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫الح ْمدُ‬
‫ُ‬ ‫َ‬

‫كر‪:‬‬ ‫الح ْم ِد‪ُّ ،‬‬


‫والش ِ‬ ‫وال َف ْر ُق َب ْي َ‬

‫ُ‬
‫ويكون‬ ‫والمتعد َي ِة‪،‬‬ ‫حمود‪ ،‬بصفاتِ ِه ِ ِ‬
‫الالز َمة‪ُ ،‬‬
‫ِ‬ ‫الم‬ ‫ِ‬
‫هو ال َّثنا ُء بال َق ْول عىل َ‬
‫الح ْمدَ ‪َ :‬‬
‫أن َ‬‫َّ‬
‫ِ‬
‫والقلب‪.‬‬ ‫بال ِّل ِ‬
‫سان‪،‬‬

‫وأياديه‪ ،‬وعىل َخ ْل ِقه‪،‬‬


‫ِ‬ ‫أســائ ِه‪ ،‬وصفاتِ ِه‪ ،‬وعىل نِ َعمه‪،‬‬
‫ِ‬ ‫هو املحمو ُد عىل‬
‫فاهللُ تعاىل َ‬
‫وظاه ًرا‪ ،‬وباطِنًا‪.‬‬
‫ِ‬ ‫أمره‪ ،‬وحك ِْم ِه‪ ،‬وهو المحمود أو ًل ِ‬
‫وآخ ًرا‪،‬‬ ‫ُ َّ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫وأفعالِ ِه‪ ،‬وعىل ِ‬

‫ِ‬
‫بالقلب ُخضو ًعا‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫فات المتعدي ِ‬ ‫يكون َّإل عىل الص ِ‬ ‫ُ‬ ‫ــكر‪ :‬فال‬ ‫وأ َّما ُّ‬
‫ويكون‬ ‫ــة‪،‬‬ ‫ُ َ‬ ‫ِّ‬ ‫الش ُ‬
‫ِ‬
‫وباجلوار ِح طا َع ًة‪ ،‬وانقيــا ًدا‪ ،‬كام قال تعاىل‪:‬‬ ‫ِ‬
‫لســان ثنا ًء‪ ،‬واعرتا ًفا‪،‬‬ ‫واســتِكا َن ًة‪ ،‬وبا ِّل‬
‫(ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ) [سبأ‪.]١٣ :‬‬

‫يكون َّإل يف ُمقابِ ِل‬ ‫مة‪ ،‬ويكون ِ‬


‫قابل نِع ٍ‬
‫ُ‬ ‫ــكر ال‬ ‫بدونا‪ُّ ،‬‬
‫والش ُ‬ ‫يكون يف ُم ِ ْ‬
‫ُ‬ ‫فالح ْمــدُ‬
‫َ‬
‫نِع ٍ‬
‫مة‪.‬‬ ‫ْ‬

‫صوص‪:‬‬
‫ٌ‬ ‫وخ‬
‫كر َب ْينَهام ُعمو ٌم ُ‬ ‫والح ْمدُ ُّ‬
‫والش ُ‬ ‫َ‬

‫الصفات‬ ‫ِ ِ‬ ‫ــكر ِمــ ْن َح ُ‬


‫الش ِ‬‫أعم ِم َن ُّ‬
‫يث ما َيقعان عليه؛ ألنَّــه يكون عىل ِّ‬ ‫فالح ْمدُ ُّ‬
‫َ‬
‫وحِدتُه لك ََر ِمه‪.‬‬
‫والمتعدية‪ ،‬تقول‪َ :‬حِدتُه لفروس َّيته‪َ ،‬‬‫الالزمة ُ‬

‫أخص ألنَّه ال يكون إال بالقول والقلب‪.‬‬


‫وهو ُّ‬
‫يكون بال َقو ِل‪ِ ،‬‬
‫والف ْع ِل‪ ،‬وال َق ْل ِ‬ ‫ِ‬
‫وهو‬
‫ب‪َ ،‬‬ ‫ُ ْ‬ ‫يقعان عليه ؛ ألنَّه‬ ‫أعم من حيث ما‬‫والشكر ُّ‬ ‫ُّ‬
‫قال‪َ :‬شــك َْرنا اهللَ عىل حياتِه‪،‬‬ ‫المتعد َي ِة‪ ،‬فال ُي ُ‬ ‫ِ‬
‫الصفات ُ‬ ‫كــون َّإل عىل ِّ‬
‫ُ‬ ‫ص؛ ألنَّه ال َي‬ ‫َ‬
‫أخ ُّ‬
‫المحمو ُد عليها‪ ،‬كام هو َممو ٌد عىل إحسانِ ِه‪ ،‬وعَدْ لِه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وبرصه‪ ،‬لكنَّه َ‬ ‫وس َم ِعه‪،‬‬ ‫ِ ِِ‬
‫وع ْلمه‪َ ،‬‬

‫((( تفسري السعدي (ص‪.)39‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 176‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪175‬‬ ‫احلديث اخلامس والعرشون‪« :‬اللهم لك احلمد‪ ،‬أنت ق ِّيم السموات واألرض‪»...‬‬

‫ح ْم ُد»‪:‬‬ ‫م لَ َ‬
‫ك ال َ‬ ‫وقو ُله ‪« :َH‬اللَّ ُ‬
‫ه َّ‬
‫ف الن ِ‬
‫ِّداء‪.‬‬ ‫«اللهم» يعني‪ :‬يا اهللُ‪ ،‬وامليم الم َشدَّ د ُة ِعو ٌض َعن حر ِ‬
‫ْ َْ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ َّ‬
‫ِ‬ ‫َقديم ِ‬ ‫ك الحمدُ »‪ِ ِ ُ :‬‬
‫َّخصيص‪.‬‬ ‫اخلرب ُّ‬
‫يدل عىل الت‬ ‫«الح ْمدُ لك»‪ ،‬وت ُ‬
‫أصل العبارة َ‬ ‫« َل َ َ ْ‬

‫حام ِد؛‬
‫استغراق َجي ِع الم ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫غراق‪ ،‬واالستِقصا َء؛ أي‪:‬‬
‫«الح ْمد» تُفيدُ االستِ َ‬
‫و«الـ» يف َ‬
‫كل الم ِ‬
‫حامد هللِ‬ ‫الح ْم ِد‬
‫إثبــات ِّ َ‬
‫ُ‬ ‫واجب‪ ،‬و ُم ْســت ََح ٌّق هلل تعاىل؛ ففي َ‬
‫ذلك‬ ‫ٌ‬ ‫مجيــع َ‬
‫ُ‬ ‫أي‪:‬‬
‫تعاىل(((‪.‬‬

‫يت‪،‬‬ ‫مع المح َّبة‪ ،‬والتَّعظي ِم‪« ،‬الك ِ‬


‫َامل َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الذا ِّ‬ ‫المحمــود بالكامل‪َ َ ،‬‬ ‫ف َ‬‫و«الح ْمدُ »‪َ :‬و ْص ُ‬
‫َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فهو كام ٌل يف ذاته‪ ،‬وصفاته‪ ،‬وأفعالــه‪ ،‬وال ُبدَّ م ْن َق ْيد َ‬
‫وهو‪:‬‬ ‫ــي‪َ :‬‬
‫صفي‪ ،‬والف ْع ِّ‬‫والو ِّ‬‫َ‬
‫«املح َّب ُة والتعظيم»‪.‬‬

‫دون حم َّب ٍة‪ ،‬وال تعظي ٍم‪ ،‬ال ُي َس َّمى َحْدً ا؛‬
‫بالكامل بِ ِ‬
‫ِ‬ ‫ألن ُم َّر َد َو ْص ِفه‬ ‫قال ُ‬
‫أهل العلمِ‪َّ :‬‬
‫أن َي َ‬
‫نال من ُه‬ ‫مدوح‪ ،‬لكنَّه ُيريدُ ْ‬ ‫الم‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ب َ‬ ‫يقع م ْن إنســان ال ُي ُّ‬
‫ــمى َمدْ ًحا؛ ولذا ُ‬ ‫وإنَّام ُي َس َّ‬
‫َش ْي ًئا‪.‬‬

‫عظيم ٍة؛ ال حم َّب ًة‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ــعراء َي ِق ُ‬ ‫َِ‬
‫َ‬ ‫بأوصــاف‬ ‫ثم يأيت هل ُ ْم‬‫ــف أما َم األُمراء‪َّ ،‬‬ ‫عض ُّ‬
‫الش‬ ‫تدُ َب َ‬
‫املال الذي ُيعطو َن ُه‪ ،‬أو َخ ْو ًفا ِمن ُْهم‪.‬‬ ‫فيهم‪ِ ،‬‬
‫ولك ْن حم َّب ًة يف ِ‬
‫ِ ْ‬

‫الح ْم ِد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫صار ال ُبدَّ م َن ال َق ْيد يف َ‬
‫لك َ‬
‫حد حمب ٍة‪ ،‬وتعظي ٍم؛ ِ‬
‫فل َذ َ‬ ‫ِ‬
‫ولكن محدُ نا لر ِّبنا ‪َّ ْ َ D‬‬
‫المح َّب ِة‪ ،‬والتَّعظي ِم»(((‪.‬‬
‫مع َ‬ ‫َامل‪َ ،‬‬
‫ِ‬
‫املحمود بالك ِ‬ ‫ف‬‫«وص ُ‬
‫أنَّه ْ‬
‫وتعظيم ِه؛ ِ‬
‫ِ‬ ‫حمود‪ ،‬مع ُح ِّبه‪ ،‬وإجاللِ ِه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ولذا َ‬
‫كان‬ ‫إخبار ع ْن َماس ِن َ‬
‫الم‬ ‫ٌ‬ ‫«فاحلمدُ ‪:‬‬
‫ِ ِ‬
‫المدْ ِح؛ فإنَّه خ ٌ‬
‫رب ُم َّر ٌد»(((‪.‬‬ ‫تضم ُن اإلنشا َء‪ ،‬بخالف َ‬
‫ربا َي َّ‬
‫خ ً‬

‫((( مرقاة املفاتيح (‪ ،)914/3‬رشح كتاب التوحيد للغُ نيامن (‪.)169/1‬‬


‫((( تفسري سورة الفاحتة البن عثيمني (‪.)9/1‬‬
‫((( بدائع الفوائد (‪.)93/2‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 175‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪174‬‬

‫ِ‬ ‫االســتِ ْف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫تاح‪ ،‬التي كان َي ْســ َت ْفت ُح هبا ُّ‬
‫النبي‬ ‫العظيم‪ ،‬م ْن أدع َية ْ‬
‫ُ‬ ‫كر والدُّ عا ُء‬ ‫هذا ِّ‬
‫الذ ُ‬
‫َّهج ِد(((‪.‬‬ ‫‪َ H‬صال َة ال َّل ِ‬
‫يل إذا قا َم للت ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واإلخالص‪،‬‬ ‫َّصديق‪،‬‬ ‫واإليامن‪ ،‬والت‬ ‫َّوحيد‪،‬‬ ‫العظيم َمعاين‪ :‬الت‬
‫ُ‬ ‫عاء‬ ‫و َقدْ َ‬
‫مج َع هذا الدُّ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والتَّوك ِ‬
‫َّرضعِ‪،‬‬‫ُّل‪ ،‬واالنقياد‪ ،‬والتَّســلي ِم‪ ،‬واإلخبــات‪ ،‬واإلنابة إىل اهلل تعــاىل‪ ،‬والت ُّ‬
‫ووعيد ِه‪،‬‬
‫ِ‬ ‫واإلقــرار َبو ْع ِد اهللِ‪،‬‬
‫ِ‬ ‫هو أه ُل ُه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ناء ِ‬ ‫والخضــوعِ‪ ،‬وال َّث ِ‬
‫أعظــم ال َّثناء بام َ‬
‫َ‬ ‫عليه‬ ‫ُ‬
‫ونار ِه‪.‬‬
‫عث‪ ،‬وبجنَّتِ ِه‪ِ ،‬‬ ‫وبالب ِ‬
‫َ‬

‫الناس بر ِّب ِه‪ ،‬وأع َظ ُمهم له عبادةً‪َ ،‬‬


‫وخشــي ًة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫هو أع َل ُم‬ ‫كيف ال؟ ونب ُّينا ‪َ H‬‬
‫َ‬
‫واإلحسان عىل َو ْج ِه ِه‪.‬‬
‫ِ‬ ‫أكم َل ‪ H‬مقا َم العبود َّي ِة‬
‫وقد َ‬

‫وحيــا ًء‪ ،‬وحم َّب ًة‪،‬‬ ‫ً‬


‫إجالل‪ ،‬و َمهاب ًة‪َ ،‬‬ ‫‪َ H‬ي ْع ُبــدُ ر َّبه ‪ D‬كأنَّه َيــرا ُه؛‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫فكان‬
‫كــال اخلُضوعِ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫أحســنِ ِه‪َ ،‬م َع‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وكان يأيت بالعبــادات عىل أك َْم ِل َو ْجه‪َ ،‬و َ‬ ‫َ‬ ‫وخشــي ًة‪،‬‬
‫َ‬
‫لرب العا َل َ‬
‫ني‪.‬‬ ‫واخلُشوعِ‪ ،‬فيها ِّ‬

‫الخ ْل ِق يف أنوا ِع‬


‫المقدَّ م عىل مجي ِع َ‬ ‫ــق‪ ،‬وأكر َم ُهم عىل اهللِ‪َ ،‬‬
‫وهو ُ‬ ‫الخ ْل ِ‬ ‫َ‬
‫«أكمل َ‬ ‫َ‬
‫فكان‬
‫ُ‬ ‫ِّلني عىل اهللِ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫أفضل املح ِّبني هللِ‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫وأفضل العابدي َن له‪،‬‬ ‫المتَوك َ‬
‫وأفضل ُ‬ ‫ال َّطاعات؛ َ‬
‫فهو‬
‫بني إليه»(((‪.‬‬ ‫وأفضل ِ‬
‫التائ َ‬ ‫ُ‬ ‫فني ِبه‪،‬‬ ‫وأفضل ِ‬
‫العار َ‬ ‫ُ‬
‫ف َلنا ِ‬
‫‪ H‬األُ ْس َو ُة َ‬
‫الحســن ُة‪( :‬ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ‬ ‫َ‬ ‫فيه‬
‫ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ) [األحزاب‪.]٢١ :‬‬

‫«أما َلك ُْم َّيف ُأ ْس َوةٌ؟»(((‪.‬‬


‫وقال ‪َ :َH‬‬

‫قام لِل َّت َه ُّج ِد قال َب ْعدَ ما‬


‫سول اهلل ‪ H‬إِذا َ‬ ‫«كان َر ُ‬ ‫َ‬ ‫((( فعند ابن خزيمة يف صحيحه (‪:)1152‬‬
‫كان َيْمدُ ِبذا ال َّتحميدِ‬ ‫َ‬ ‫«باب ِذكْ ِر َّ‬
‫ْ‬ ‫بي ‪ H‬إِنَّام َ َ‬ ‫ليل عىل أنَّ ال َّن َّ‬ ‫الد ِ‬ ‫وبوب له‪ُ :‬‬ ‫ب‪ »...:‬فذكره‪ّ ،‬‬ ‫ُي َك ِّ ُ‬
‫ري‪ ،‬ال َق ْب ُل»‪.‬‬ ‫عاء؛ ِلفْتِتاحِ َص ِ‬
‫الة ال َّل ْي ِل‪َ ،‬ب ْعدَ ال َّت ْكب ِ‬ ‫الد ِ‬
‫َو َي ْدعو ِبذا ُّ‬
‫((( جمموع الفتاوى (‪.)56/15‬‬
‫((( رواه مسلم (‪.)681‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 174‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪173‬‬

‫الحديث الخامس والعشرون‬

‫ل يَ َت َه َّج ُد‪ ،‬قال‪:‬‬


‫ن ال َّل ْي ِ‬
‫قام ِم َ‬ ‫كان ال َّن ُّ‬
‫بي ‪ H‬إِذا َ‬ ‫اس ‪ ،L‬قال‪َ :‬‬
‫ن َع َّب ٍ‬
‫ن ابْ ِ‬
‫َع ِ‬

‫ن‪َ ،‬ول َ َ‬
‫ك‬ ‫فيه َّ‬
‫ــن ِ‬ ‫وات واألَرْ ِ‬
‫ض َو َم ْ‬ ‫ــم ِ‬
‫الس َ‬
‫م َّ‬ ‫ح ْم ُد‪ ،‬أ َ ْن َ‬
‫ت َقيِّ ُ‬ ‫م ل َ َــك ال َ‬ ‫«اللَّ ُ‬
‫ه َّ‬
‫ت نور ُ‬‫ح ْم ُد‪ ،‬أ َ ْن َ‬ ‫ن‪َ ،‬ول َ َ‬
‫ــك ال َ‬ ‫فيه َّ‬
‫ن ِ‬ ‫ض َو َم ْ‬ ‫وات واألَرْ ِ‬
‫م ِ‬ ‫الســ َ‬
‫ك َّ‬ ‫ك ُم ْل ُ‬‫ح ْمــ ُد‪ ،‬ل َ َ‬ ‫ال َ‬
‫ض‪،‬‬‫وات واألَرْ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫الس َ‬
‫ك َّ‬ ‫ت َم ِل ُ‬ ‫ح ْم ُد‪ ،‬أ َ ْن َ‬ ‫ن‪َ ،‬ول َ َ‬
‫ك ال َ‬ ‫فيه َّ‬
‫ن ِ‬ ‫ض َو َم ْ‬‫وات واألَرْ ِ‬‫م ِ‬ ‫الس َ‬
‫َّ‬
‫جنَّ ُة‬ ‫ح ٌّ‬
‫ق‪ ،‬وال َ‬ ‫ق‪َ ،‬و َق ْول ُ َ‬
‫ك َ‬ ‫ح ٌّ‬ ‫ــق‪َ ،‬و ِلقا ُؤ َ‬
‫ك َ‬ ‫ح ُّ‬‫ك ال َ‬ ‫ح ُّ‬
‫ق‪َ ،‬و َو ْع ُد َ‬ ‫ح ْم ُد‪ ،‬أ َ ْن َ‬
‫ت ال َ‬ ‫َول َ َ‬
‫ك ال َ‬
‫م‬‫ه َّ‬ ‫ق‪ ،‬اللَّ ُ‬ ‫ع ُة َ‬
‫ح ٌّ‬ ‫والســا َ‬
‫َّ‬ ‫ح ٌّ‬
‫ق‪،‬‬ ‫م ٌد ‪َ H‬‬ ‫ح َّ‬‫ق‪َ ،‬و ُم َ‬ ‫ح ٌّ‬ ‫ق‪ ،‬والنَّبي ُّ َ‬
‫ون َ‬ ‫ح ٌّ‬‫ق‪ ،‬والنَّار ُ َ‬ ‫ح ٌّ‬‫َ‬
‫ت‪،‬‬ ‫خاص ْم ُ‬‫َ‬ ‫ك‬ ‫ــك أَن َ ْب ُ‬
‫ت‪َ ،‬و ِب َ‬ ‫ت‪َ ،‬وإِل َ ْي َ‬ ‫ك ت َ َو َّ‬
‫ك ْل ُ‬ ‫عل َ ْي َ‬‫ت‪َ ،‬و َ‬ ‫ت‪َ ،‬و ِب َ‬
‫ك آ َم ْن ُ‬ ‫ســل َ ْم ُ‬ ‫ك أَ ْ‬ ‫لَ َ‬

‫ت َوما أ َ ْعل َ ْن ُ‬
‫ت‪،‬‬ ‫ت‪َ ،‬وما أ َ ْ‬
‫ســرَرْ ُ‬ ‫ت َوما أ َ َّخ ْر ُ‬
‫فاغ ِف ْر لي ما َق َّد ْم ُ‬
‫ت‪ْ ،‬‬ ‫َ‬
‫حاك ْم ُ‬ ‫َوإِل َ ْي َ‬
‫ــك‬
‫ت‪َ ،‬وال َح ْو َل َوال ق َّو َة إال ِباللَّ ِه»(((‪.‬‬
‫ه إال أ َ ْن َ‬ ‫م َؤ ِّ‬
‫خرُ‪ ،‬ال إِل َ َ‬ ‫م‪َ ،‬وأ َ ْن َ‬
‫ت ال ُ‬ ‫م َ‬
‫ق ِّد ُ‬ ‫أ َ ْن َ‬
‫ت ال ُ‬

‫ك ال َ‬
‫ح ْم ُد‪،‬‬ ‫ماوات واألَرْ ِ‬
‫ض‪َ ،‬ول َ َ‬ ‫ِ‬ ‫الس‬ ‫ح ْم ُد‪ ،‬أ َ ْن َ‬
‫ت نور ُ َّ‬ ‫م لَ َ‬
‫ك ال َ‬ ‫ه َّ‬
‫وفي رواية‪« :‬الل ُ‬
‫ن‬‫ض َو َم ْ‬ ‫ماوات واألَرْ ِ‬
‫ِ‬ ‫الس‬
‫ب َّ‬ ‫ت ر َ ُّ‬‫ح ْم ُد‪ ،‬أ َ ْن َ‬‫ك ال َ‬ ‫ض‪َ ،‬ول َ َ‬‫ماوات واألَرْ ِ‬‫ِ‬ ‫الس‬
‫ام َّ‬‫ت َقيَّ ُ‬ ‫أ َ ْن َ‬
‫ق‪،‬‬ ‫جنَّ ُة َ‬
‫ح ٌّ‬ ‫ق‪ ،‬وال َ‬ ‫ح ٌّ‬ ‫ق‪َ ،‬و ِلقا ُؤ َ‬
‫ك َ‬ ‫ح ُّ‬‫ك ال َ‬ ‫ق‪َ ،‬و َق ْول ُ َ‬‫ح ُّ‬
‫ك ال َ‬ ‫ح ُّ‬
‫ــق‪َ ،‬و َو ْع ُد َ‬ ‫ن‪ ،‬أ َ ْن َ‬
‫ت ال َ‬ ‫فيه َّ‬
‫ِ‬
‫ك ت َ َو َّ‬
‫ك ْل ُ‬
‫ت‪،‬‬ ‫عل َ ْي َ‬ ‫ت‪َ ،‬و ِب َ‬
‫ك آ َم ْن ُ‬
‫ت‪َ ،‬و َ‬ ‫ك أَ ْ‬
‫سل َ ْم ُ‬ ‫م لَ َ‬
‫ه َّ‬
‫ق‪ ،‬الل ُ‬ ‫ع ُة َ‬
‫ح ٌّ‬ ‫والسا َ‬
‫َّ‬ ‫ح ٌّ‬
‫ق‪،‬‬ ‫والنَّار ُ َ‬
‫ت َوأ َ َّخ ْر ُ‬
‫ت‪،‬‬ ‫فاغ ِف ْر لي ما َق َّد ْم ُ‬
‫ت‪ْ ،‬‬ ‫َ‬
‫حاك ْم ُ‬ ‫ت‪َ ،‬وإِل َ ْي َ‬
‫ك‬ ‫خاص ْم ُ‬
‫َ‬ ‫ك‬ ‫ك أَن َ ْب ُ‬
‫ت‪َ ،‬و ِب َ‬ ‫َوإِل َ ْي َ‬
‫ت»(((‪.‬‬
‫ه إال أ َ ْن َ‬ ‫ت‪ ،‬أ َ ْن َ‬
‫ت إِلَهي‪ ،‬ال إِل َ َ‬ ‫ت َوأ َ ْعل َ ْن ُ‬ ‫َوأ َ ْ‬
‫سرَرْ ُ‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)1120‬ومسلم (‪.)769‬‬


‫((( رواه البخاري (‪ ،)7499‬ومسلم (‪.)769‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 173‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪172‬‬

‫فريح ُه ُم اهللُ تعاىل‬


‫للمؤمنني‪ُ َ ،‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫تكون إال‬ ‫الرمح ُة ال‬ ‫• •الثاني ُة‪ :‬رمح ٌة َّ‬
‫خاص ٌة‪ :‬وهذه َّ‬
‫ْص ُهم عىل الكافِري َن‪،‬‬ ‫عنه ْم‪ ،‬وين ُ ُ‬
‫ــع ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫يف الدُّ نيا‪ :‬بت َْوفيق ِهم إىل اهلداية‪ ،‬و ُيداف ُ‬
‫ــم‪ ،‬ون َْحو ذلك ِم ْن أنوا ِع‬ ‫أعطاه ْ‬
‫ُ‬ ‫ويرز ُق ُه ُم احليــا َة الط ِّيب َة‪ ،‬و ُي ُ‬
‫بارك هل ُ ْم فيام‬ ‫ُ‬
‫اآلخرة‪ :‬بال َع ْف ِو ع ْن س ِّي ِ‬
‫ئاتِم‪،‬‬ ‫ويرحهم يف ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َُُ‬ ‫النِّ َع ِم اإلهل َّية‪ ،‬وال َعطايا َّ‬
‫الربان َّية‪،‬‬
‫النار‪ ،‬قال تعاىل‪( :‬ﰑ‬ ‫ونجاتم ِم َن ِ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫وإدخالم اجلنَّ َة‪،‬‬ ‫والرضا عن ُْهم‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫ﰒ ﰓ) [األحزاب‪.(((]٤٣ :‬‬

‫اخلاص ِة‪ ،‬والعا َّم ِة‪:‬‬


‫َّ‬ ‫حتِ ِه‬ ‫جود ِم ْن ِ‬
‫آثار َر ْ َ‬ ‫«وا ْن ُظر إِ َل ما يف الو ِ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫جلها َل ِة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫فربمحته َأ ْر َس َل إِ َل ْينا َرسو َل ُه ‪َ ،H‬و َأن َْز َل َع َل ْينا كتا َب ُه‪َ ،‬و َع َص َمنا م َن ا َ‬
‫صنا ِم َن ال َع َمى‪َ ،‬و َأ ْر َشدَ نا ِم َن ال َغ ِّي‪.‬‬ ‫وهدانا ِمن َّ ِ‬
‫الضال َلة‪َ ،‬و َب َّ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫وبرمحتِ ِه َعر َفنا ِمن َأس ِ‬
‫امئ ِه‪َ ،‬و ِصفاتِ ِه‪َ ،‬و َأ ْفعالِ ِه‪ ،‬ما َع َر ْفنا بِ ِه َأ َّن ُه َر ُّبنا‪َ ،‬و َم ْوالنا‪.‬‬ ‫ْ ْ‬ ‫َّ‬
‫وبرمحتِ ِه َع َّل َمنا ما َل ْ َن ُك ْن َن ْع َل ُم‪َ ،‬و َأ ْر َشدَ نا َلِصالِ ِح دينِنا‪َ ،‬و ُدنْيانا‪.‬‬
‫َّهار‪َ ،‬و َب َس َط األَ ْر َض‪َ ،‬و َج َع َلها‬ ‫وبرمحتِ ِه َأ ْط َل َع َّ‬
‫الش ْم َس‪ ،‬وال َق َم َر‪َ ،‬و َج َع َل ال َّل ْي َل‪ ،‬والن َ‬
‫ياء واألَم ِ‬ ‫لح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِمها ًدا‪َ ،‬وفِ ً‬
‫وات‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫رارا‪َ ،‬وكفاتًا‪ ،‬ل ْ َ ْ‬‫راشا‪َ ،‬و َق ً‬
‫وبرمحتِ ِه َأن َْش َأ السحاب‪ ،‬و َأم َطر ا َمل َطر‪ ،‬و َأ ْط َلع ال َف ِ‬
‫واك َه‪ ،‬واألَ ْق َ‬
‫وات‪ ،‬وا َمل ْر َعى‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ ْ َ‬ ‫َّ‬
‫ومن رمحتِ ِه‪َ :‬س َّخ َر َلنا اخلَ ْي َل‪ِ ،‬‬
‫واإلبِ َل‪ ،‬واألَنْعا َم‪َ ،‬و َذ َّل َلها ُمنْقا َد ًة لِ ُّلر ِ‬
‫كوب‪ ،‬واحلَ ْم ِل‪،‬‬
‫واألَك ِ‬
‫ْل‪ ،‬والدَّ ِّر‪.‬‬
‫ي ِ‬
‫سائ ِر َأنْوا ِع احلي ِ‬ ‫احوا ِبا‪َ ،‬وك ََذلِ َك َب ْ َ‬
‫باد ِه؛ ل َي َت َ‬
‫ي ِع ِ‬
‫ح َة َب ْ َ‬ ‫ِِ‬
‫وان»(((‪.‬‬ ‫ََ‬ ‫وبرمحته َو َض َع َّ‬
‫الر ْ َ‬

‫((( وهلل األسامء احلسنى فادعوه هبا‪ ،‬لعبد العزيز ا ُ‬


‫جلليل (ص‪.)127‬‬
‫((( خمترص الصواعق املرسلة (‪.)368/1‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 172‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪171‬‬ ‫احلديث الرابع والعرشون‪« :‬ملا قىض اهلل اخللق‪ ،‬كتب يف كتابه‪»...‬‬

‫ش؛ ِ‬ ‫وو ِض َع عندَ اهللِ تعاىل َف ْو َق ال َع ْر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ففيه َتنْبي ٌه عىل‬ ‫الر ْح ُة‪ُ ،‬‬ ‫تاب كُت َبت فيه َّ‬ ‫وهذا الك ُ‬
‫ِ‬
‫كتوب‪.‬‬ ‫والم‬
‫تاب‪َ ،‬‬ ‫جال َل ِة َقدْ ِر الكِ ِ‬
‫وو ْض ِعه عندَ ه‬ ‫ِ‬ ‫الك ِ ِ‬
‫تاب بذك ِْر َّ‬
‫الر ْحة‪َ ،‬‬
‫قول ابن القيم ‪« :V‬تأم ِل اختِصاص هذا ِ‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َي ُ ُ ِّ‬
‫ــه‪( :‬ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ) [طه‪،]٥ :‬‬ ‫وبي قولِ ِ‬ ‫ذلك‪َ ْ ،‬‬ ‫بي َ‬ ‫ش‪ ،‬وطابِ ْق ْ َ‬ ‫عىل ال َع ْر ِ‬
‫وقولِ ِه‪(:‬ﭾ ﭿ ﮀ ﮁﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ) [الفرقان‪]٥٩ :‬؛ َينْ َفتِ ْح َل َك‬
‫عنك الت ُ‬ ‫إن مل ُي ْغ ِل ْقه َ‬ ‫الر ِّب ‪ْ ،F‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّجهم(((»(((‪.‬‬ ‫َّعطيل‪ ،‬والت ُّ‬ ‫ظيم م ْن َمعر َفة َّ‬ ‫باب َع ٌ‬ ‫ٌ‬
‫وهو‬ ‫امحني‪ ،‬وهــو َخي ِ‬
‫ني‪َ ،‬‬ ‫الراح َ‬ ‫َ ُْ‬ ‫الر َ‬ ‫حم َّ‬ ‫وهو ْأر ُ‬‫حيم‪َ ،‬‬ ‫الر ُ‬ ‫مح ُن َّ‬ ‫الر َ‬
‫هــو َّ‬
‫فاهللُ ‪َ D‬‬
‫مح ِة‪.‬‬‫الر َ‬
‫فور ذو َّ‬ ‫ال َغ ُ‬
‫تفض ًل من ُه‪ ،‬وإحسانًا‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫الر ْح َة عىل َن ْف ِسه‬ ‫ومن ر ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫الكريمة؛ ُّ‬ ‫جب َّ‬ ‫محته ‪ :‬أنَّه ْأو َ‬ ‫ْ َ‬
‫وامتِنانًا عىل َخ ْل ِق ِه‪ ،‬كام قال‪( :‬ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ) [األنعام‪.]٥٤ :‬‬
‫عباد ِه‪( :‬ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ‬ ‫وال يســتطيع أحدٌ أن َيجبها عن ِ‬
‫ْ َُ‬
‫ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ) [فاطر‪.]٢ :‬‬
‫ِ‬
‫نوعان‪:‬‬ ‫بعباد ِه‬
‫ِ‬ ‫مح ُة اهلل ِ ‪D‬‬
‫ور َ‬
‫ِ‬
‫ورزق ِهم‪،‬‬ ‫بإجياد ِهم‪ ،‬وتربيتِ ِهم‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اخلالئ ِق‪،‬‬ ‫عام ٌة‪َ :‬‬
‫وهي جلميــ ِع‬ ‫• •األوىل‪ :‬رمح ٌة َّ‬
‫ِ‬
‫خلوقات‬ ‫الم‬ ‫ِ‬ ‫وتصحيح ِ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وإمداد ِهــم بالنِّ َعم‪ ،‬وال َعطايا‪،‬‬
‫وتســخري َ‬ ‫أبدانم‪،‬‬
‫اد‪َ ،‬لُــم‪ ،‬قال تعاىل‪( :‬ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ‬ ‫وج ٍ‬ ‫ٍ‬
‫وحيوان‪َ ،‬‬ ‫ِمن ٍ‬
‫نبات‪،‬‬ ‫ْ‬
‫ﯢ ﯣ) [غافر‪.]٧ :‬‬
‫فكل ما‬ ‫هذ ِه مع ِ‬
‫الع ْل ِم؛ ُّ‬ ‫«ألن اهللَ َقر َن الرمح َة ِ‬
‫سل َم‪ ،‬والكافِ َر َّ‬ ‫فهذ ِه تشم ُل الم ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ح ُت ُه‪ ،‬فكام َيع َل ُم الكافِ َر‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫بالغ َّ‬ ‫بل َغه ِع ْلم اهللِ‪ِ ،‬‬
‫وع ْل ُم اهلل ٌ‬
‫كل يشء؛ فقد بل َغته َر ْ َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫للكافر رمح ٌة جسد َّي ُة‪ ،‬بدن َّي ٌة‪ُ ،‬دنيو َّية» ‪.‬‬
‫ُ (((‬
‫حتَه‬ ‫ِ‬
‫أيضا‪ ،‬لك َّن َر ْ َ‬
‫الكافر ً‬ ‫يرح ُم‬
‫َ‬ ‫َ‬

‫الوجه الالئق به ‪.‬‬


‫((( يعني‪ :‬تعطيل صفات اهلل‪ ،‬وعدم إثباهتا عىل َ‬
‫((( مدارج السالكني (‪.)57/1‬‬
‫((( رشح الواسطية البن عثيمني (‪.)249/1‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 171‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪170‬‬

‫حتي َس َب َقت غ ََضبي»‪ ،‬أو‪َ « :‬غ َل َب ْت‬ ‫«إن َر ْ َ‬


‫رش‪َّ :‬‬ ‫وق ال َع ِ‬ ‫كتب يف ِك ٍ‬
‫تاب عندَ ه َف َ‬ ‫فاهللُ تعاىل َ‬
‫ِ‬
‫تقدير َ‬
‫ذلك‪.‬‬ ‫الخ ْل َق‪َّ ،‬ملا قدَّ َر خل َقهم و َف َر َغ ِم ْن‬
‫أن َي ُلق َ‬ ‫كتب ذلك َق َبل ْ‬ ‫غ ََضبي»‪َ ،‬‬
‫وشمولا(((‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫والمراد بـ« َغ َلبت»‪ ،‬و«سب َقت»‪ :‬كَثر ُة الر ِ‬
‫محة‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ ُ‬
‫ب وت َْسبِ ُق َغ َض َبه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫فر ْ َ ِ‬ ‫قال َش ُ‬
‫بأنا تَغل ُ‬ ‫حته َّ‬ ‫«و ْص ُ َ‬ ‫يخ اإلســا ِم اب ُن تيم َّية ‪َ :V‬‬
‫جهة َس ْب ِقها‪ ،‬و َغ َل َبتِها»(((‪.‬‬ ‫حتِه عىل َغ َضبه‪ِ ،‬من ِ‬ ‫يدُ ُّل عىل َف ْض ِل َر ْ َ‬
‫ِ‬ ‫مح ُة‪ ،‬وال َغ َضب‪ِ ُ ،‬‬
‫ُ‬
‫وأشمل‪،‬‬ ‫ــع‪،‬‬
‫أوس ُ‬ ‫كالها م ْن صفات اهللِ تعاىل‪ ،‬لك َّن َّ‬
‫الرمح َة َ‬ ‫ُ‬ ‫فالر َ‬
‫َّ‬
‫وهذا معنى َغلبِها لل َغ َض ِ‬
‫ب(((‪.‬‬

‫وهذا كام قال تعــاىل‪( :‬ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ) [غافر‪:‬‬

‫ح ٍة َق ْب َله‪،‬‬ ‫بي ِ‬
‫صفة َر ْ َ‬ ‫ف بـ (ﭱ ﭲ) [غافر‪َ ْ ]٣ :‬‬ ‫الو ْص ُ‬
‫وقــع َ‬
‫َ‬ ‫‪]٣‬؛ فـ«تأ َّمل كيف‬
‫مح ٍة َب ْعدَ ه؛ فقب َله‪( :‬ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ) [غافر‪ ]٣ :‬و َبعدَ ه‪( :‬ﭳ ﭴ)‬ ‫ِ‬
‫وصفة ر َ‬
‫ِ‬
‫احلديث‪ ،‬و ِ‬
‫شاهدٌ َل ُه»(((‪.‬‬ ‫َصديق‬
‫ُ‬ ‫[غافر‪َ ]٣ :‬ففي هذا ت‬
‫َ‬
‫املتفض ِل عىل‬
‫َثري‪ِّ ،‬‬‫ــر الك ِ‬
‫والخ ْ ِ‬
‫والم ِّن‪َ ،‬‬
‫ومعنــى (ﭳ ﭴ) [غافر‪ :]٣ :‬ذي النِّ َعم‪َ ،‬‬
‫واحدة ِمنْها(((‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫بشك ِْر‬ ‫َ‬
‫طيقون القيا َم ُ‬ ‫فيه ِمن املِن َِن‪ ،‬والنِّعم الك ِ‬
‫َثرية‪ ،‬التي ال ُي‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫عباد ِه بام هم ِ‬
‫ُ ْ‬
‫ِ‬

‫النبي‬
‫كان ُّ‬‫غض َبه‪ ،‬و َغ َل َبتْه؛ ولِذا َ‬ ‫َي‪ ،‬فســب َقت رمحتُه َ‬ ‫ي رمحت ْ ِ‬ ‫فشدَّ ُة عقابِ ِه وق َع ْت َب ْ َ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫فيقول‪:‬‬ ‫وبمعافاتِه ِم ْن عقو َبتِه؛‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ستعيذ باهللِ يف ُسجوده ِبرضا ُه م ْن َس َخطه‪ُ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫‪َ H‬ي‬
‫ك ِمن َ‬
‫ْك‪ ،‬ال‬ ‫ك‪َ ،‬و َأعو ُذ بِ َ‬‫ك ِم ْن ُعقو َبتِ َ‬ ‫ك‪َ ،‬وبِ ُمعافاتِ َ‬ ‫ضاك ِم ْن َســخَ طِ َ‬ ‫«الله َّم َأعو ُذ بِ ِر َ‬‫ُ‬
‫ك»(((‪.‬‬ ‫ت عىل َن ْف ِس َ‬ ‫ْت كَام َأ ْثنَ ْي َ‬ ‫ك‪َ ،‬أن َ‬ ‫ناء َع َل ْي َ‬‫ُأ ْحيص َث ً‬
‫((( رشح النووي عىل مسلم (‪.)68/17‬‬
‫((( جمموع الفتاوى (‪.)91/17‬‬
‫((( رشح كتاب التوحيد من صحيح البخاري للغُ نيامن (‪.)261/1‬‬
‫القيم (‪.)193/1‬‬
‫((( بدائع الفوائد البن ِّ‬
‫((( تفسري ابن كثري (‪.)128/7‬‬
‫((( رواه مسلم (‪.)486‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 170‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪169‬‬

‫الحديث الرابع والعشرون‬

‫سول ال َّل ِه ‪:H‬‬


‫ُ‬ ‫ن أَبي ُهرَيْرَ َة ‪ ،I‬قال‪ :‬قال ر َ‬
‫َع ْ‬

‫ش‪ :‬إ ِ َّ‬


‫ن‬ ‫ع ْر ِ‬ ‫كتا ِب ِه‪َ ،‬فهــ َو ِع ْن َد ُه َف ْو َ‬
‫ق ال َ‬ ‫كت َ َ‬
‫ب في ِ‬ ‫ق‪َ ،‬‬ ‫ضى اهللُ ال َ‬
‫خ ْل َ‬ ‫«ل َ َّ‬
‫مــا َق َ‬
‫ضبي»(((‪.‬‬
‫غ َ‬
‫ت َ‬
‫غلَب َ ْ‬
‫متي َ‬
‫ر َ ْح َ‬

‫ت‬ ‫سب َ َ‬
‫ق ْ‬ ‫متي َ‬
‫ن ر َ ْح َ‬ ‫خ ْل َ‬
‫ق‪ :‬إ ِ َّ‬ ‫ق ال َ‬ ‫ل أَ ْ‬
‫ن ي َ ْخل ُ َ‬ ‫كتا ًبا َق ْب َ‬ ‫كت َ َ‬
‫ب ِ‬ ‫ه َ‬
‫ن اللَّ َ‬
‫وفي رواي ٍة‪« :‬إ ِ َّ‬
‫ش»(((‪.‬‬
‫ع ْر ِ‬ ‫توب ِع ْن َد ُه َف ْو َ‬
‫ق ال َ‬ ‫ٌ‬ ‫ك‬‫ضبي‪َ ،‬فه َو َم ْ‬
‫غ َ‬
‫َ‬

‫قام ِه‪،‬‬
‫ح ِة اهللِ تعاىل‪ ،‬وكَثر َة َف ْض ِلــه يف ِح ْل ِمه َقب َل انتِ ِ‬
‫ْ‬ ‫تضم ُن َســ َع َة َر ْ َ‬ ‫ُ‬
‫احلديث َي َّ‬ ‫هذا‬
‫و َع ْف ِوه َق َبل ُعقو َبتِه‪.‬‬
‫ألن ما زا َد تأكيدُ ه ُي ْث َبت يف ِك ٍ‬
‫تاب‪.‬‬ ‫تاب» تأكيدٌ بالِ ٌغ يف َمعنا ُه؛ َّ‬ ‫وذكْر ِ‬
‫«الك ِ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫كتــاب َش ٍ‬ ‫نفس ِ‬
‫فاهللُ تعاىل َكتَب و َأوجب عىل ِ‬
‫ف عندَ ه‪ ،‬حتَّى َل ْ َيو ِّل َخ ْزنَه‪،‬‬ ‫ِ َ‬ ‫ــه‪ ،‬يف‬ ‫َ َ ْ َ‬
‫رش‪.‬‬‫وق ال َع ِ‬ ‫كان َخ ْزنِه َّإل ْ‬
‫أن جع َله َف َ‬ ‫ول ير َض يف م ِ‬
‫َ‬ ‫سل‪ْ َ ْ َ ،‬‬ ‫َم َلكًا ُم َّ‬
‫قر ًبا‪ ،‬وال نب ًّيا ُم ْر ً‬

‫واألرض‪ ،‬لوال أنَّه َغ َل َبتْه‬ ‫ِ‬


‫ُ‬ ‫ــموات‪،‬‬
‫ُ‬ ‫أن َغ َض َبه ‪َ C‬ل ْ تكُــ ْن لتَقو َم له َّ‬
‫الس‬ ‫وذلــك َّ‬
‫َ‬
‫العظيم بال َعظي ِم(((‪.‬‬
‫َ‬ ‫حتُه‪ ،‬فدَ َف َع‬
‫َر ْ َ‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)3194‬ومسلم (‪.)2751‬‬


‫((( رواه البخاري (‪- )7554‬واللفظ له‪ ،-‬ومسلم (‪. )2751‬‬
‫((( اإلفصاح البن ُه َبرية (‪.)307/6‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 169‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪168‬‬

‫ِ‬
‫وهباء َمنْ َظ ِره؛ فإنَّه‬ ‫وح ْسنِه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لســ َعته‪ُ ،‬‬ ‫ف َ‬
‫بذلك؛ َ‬ ‫يوص َ‬
‫أن َ‬‫خلوقات ْ‬ ‫الم‬
‫أحق َ‬ ‫هو ُّ‬ ‫َب ْل َ‬
‫ِ‬ ‫الح ْس ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫المنْ َظر‪،‬‬
‫وباء َ‬ ‫ــن‪َ ،‬‬ ‫كل يشء يف املخلوقات‪ ،‬وأمج ُله‪ ،‬وأمج ُعه لصفات ُ‬ ‫ــع ِّ‬
‫أوس ُ‬ ‫َ‬
‫نظره‪َّ ،‬إل اهللُ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وح ْسنه‪ ،‬وهباء َم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يقدر َقدْ َر َع َظ َمته‪ُ ،‬‬
‫والذات‪ ،‬وال ُ‬ ‫والرتبة‪َّ ،‬‬
‫لو ال َقدْ ر‪ُّ ،‬‬
‫و ُع ِّ‬

‫الس ْب ُع‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫واألرضون َّ‬ ‫بع‪،‬‬
‫الس ُ‬
‫اموات َّ‬
‫ُ‬ ‫والس‬
‫وم ْدُ ه ُمســتفا ٌد م ْن َمْد خالقه‪ ،‬و ُم ْبدعه‪َّ ،‬‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫احللقة‬ ‫فيه َ‬
‫كتلك‬ ‫الة‪ ،‬والكُريس ِ‬ ‫أرض َف ٍ‬
‫ِ‬ ‫ني يدَ يه‪ ،‬كحل َق ٍة م ٍ‬
‫لقاة يف‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫يس الذي َب َ ْ‬‫ُــر ّ‬
‫يف الك ْ‬
‫كريم‪ ،‬جميدٌ »(((‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫يف ال َف ِ‬
‫عظيم‪ٌ ،‬‬‫ٌ‬ ‫فهو‬
‫يكون َميدً ا وهذا شأ ُن ُه؟! َ‬ ‫فكيف ال‬
‫َ‬ ‫الة؛‬
‫ِ‬
‫خلوقات‪ ،‬كام تقدَ َم بيانُه‪.‬‬ ‫وال َع ْر ُش َّأو ُل َ‬
‫الم‬

‫قد اســت ََوى عىل َع ْر ِش ِه‪ ،‬اســتوا ًء َي ُ‬


‫ليق بجاللِ ِه‪ ،‬وكاملِ ِه‪( :‬ﮉ ﮊ‬ ‫واهللُ تعاىل ِ‬
‫ﮋ ﮌ) [طه‪.]٥ :‬‬

‫ــئ َل اإلما ُم مالِ ٌك عــن قولِ ِه تعــاىل‪( :‬ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ) قال‪:‬‬ ‫و َّملا س ِ‬


‫ُ‬
‫ؤال َعنْ ُه بِدْ َع ٌة»(((‪.‬‬
‫والس ُ‬ ‫ِ‬
‫واإليامن بِه ِ‬
‫ُ‬ ‫«ال ْستِوا ُء َم ْعلو ٌم‪ ،‬وال َك ْي ُ‬
‫ف َم ْ ٌ‬ ‫ِ‬
‫ب‪ُّ ،‬‬
‫واج ٌ‬ ‫هول‪،‬‬

‫لق ِه‪،‬‬
‫قــال ابن القيم ‪« :V‬األد َّل ُة الســمعية المحكَمة عىل ُعلو الــرب عىل َخ ِ‬
‫ِّ َّ ِّ‬ ‫َّ ُ ْ‬ ‫ُ ِّ‬
‫ألف َد ٍ‬
‫ليل»(((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عرشه‪ ،‬إذا ُبس َطت أفرا ُدها كانت َ‬ ‫ِِ‬
‫واستوائه عىل ْ‬
‫ٌ‬
‫وتعطيل‪.‬‬ ‫ريف‪،‬‬ ‫ان‪ ،‬وتفسريه بالم ْل ِك‪ ،‬أو الس ِ‬
‫لطان‪َ ،‬ت ٌ‬ ‫رش والكُريس حقيقي ِ‬
‫وال َع ُ‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُّ‬

‫بترصف واختصار‪.‬‬
‫القيم (ص‪ُّ ،)94‬‬
‫((( التبيان يف أقسام القرآن البن ِّ‬
‫((( االعتصام (‪.)229/1‬‬
‫بترصف‪ ،‬والصواعق املرسلة (‪.)294/1‬‬
‫((( إعالم املوقعني (‪ُّ )217/2‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 168‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪167‬‬ ‫احلديث الثالث والعرشون‪« :‬ما الساموات السبع يف الكريس إال كحلقة ملقاة يف فالة‪»...‬‬

‫‪( ،]١٥‬ﯘ ﯙ ﯚ ﯛﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ‬ ‫ﯟ) [غافر‪:‬‬

‫ﯣ) [املؤمنون‪( ،]١١٦ :‬ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ) [النمل‪.]٢٦ :‬‬

‫ليم‪ ،‬الَ إِ َلــ َه إِ َّل اهللُ َر ُّب ال َع ْر ِ‬ ‫ِ‬


‫ش‬ ‫الح ُ‬ ‫ب‪« :‬الَ إِ َلــ َه إِ َّل اهللُ ال َع ُ‬
‫ظيم َ‬ ‫عــاء الك َْر ِ‬‫ويف ُد‬
‫ش الكَريمِ»(((‪.‬‬ ‫ض‪َ ،‬و َر ُّب ال َع ْر ِ‬ ‫العظيمِ‪ ،‬الَ إِ َله إِ َّل اهللُ رب السم ِ‬
‫وات‪َ ،‬و َر ُّب األَ ْر ِ‬ ‫َ ُّ َّ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫وقال ‪( :‬ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ) [الربوج‪:‬‬

‫‪.]١٦-١٤‬‬

‫المع َّظ ِم‪ ،‬العايل عىل مجي ِع‬


‫ش ُ‬ ‫صاحب ال َع ْر ِ‬
‫ُ‬ ‫وقو ُله‪( :‬ﯓ ﯔ) [الربوج‪ ]١٥ :‬أي‪:‬‬
‫ب‬ ‫ِ‬
‫خلوقات بال ُق ْر ِ‬ ‫الم‬ ‫لعظمتِ ِه‪ ،‬وألنَّه‬ ‫ص اهللُ ال َع ْر َش ِّ‬ ‫الخ ِ‬
‫الئق‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫أخص َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫بالذكْــر؛‬ ‫وخ َّ‬
‫ِمنْ ُه تعاىل(((‪.‬‬

‫وشفِه(((‪.‬‬
‫لوه‪َ َ ،‬‬
‫ِ‬ ‫َريم‪َ ،‬‬
‫وقيل‪ :‬العايل؛ ل ُع ِّ‬ ‫القوي يف ن َْو ِع ِه‪َ ،‬‬
‫وقيل‪ :‬الك ُ‬ ‫ُّ‬ ‫وا َملجيدُ ‪ :‬ال َع ُ‬
‫ظيم‪،‬‬

‫فع عىل أنَّه صف ٌة‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬


‫ويف قوله تعــاىل‪( :‬ﯓ ﯔ ﯕ) [الربوج‪ ]١٥ :‬قراءتــان‪َّ :‬‬
‫الر ُ‬
‫ِ‬
‫للعرش‪.‬‬ ‫والج ُّر عىل أنَّه صف ٌة‬ ‫ب ال َع ْر ِ‬ ‫ِ‬
‫صاح ِ‬
‫ش‪َ ،‬‬ ‫ب‪D‬‬
‫للر ِّ‬
‫َّ‬

‫وس َعتِها‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫تض ِّمن لكثرة صفات كامله‪َ ،‬‬ ‫فاســم اهللِ (ﯕ) [الربوج‪]١٥ :‬هو‪ُ :‬‬
‫الم َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وكثرة ِ‬ ‫وس َع ِة أفعالِه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ودوامه‪.‬‬ ‫خريه‪،‬‬ ‫الخ ْلق هلا‪َ ،‬‬
‫إحصاء َ‬ ‫وعد ِم‬

‫بالم ْج ِد‪.‬‬
‫أحق َ‬ ‫كان َع ُ‬
‫رشه َميدً ا‪ ،‬فهو ‪ُّ ‬‬ ‫وعىل قرا َء ِة الك ْ ِ‬
‫َس‪ :‬فإذا َ‬

‫ف َع ْر َشــه بالك ََرم‪( :‬ﯡ ﯢ ﯣ) [املؤمنون‪،]١١٦ :‬‬ ‫وص َ‬


‫«واهللُ تعاىل َ‬
‫مــة‪( :‬ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ) [التوبة‪،]١٢٩ :‬‬ ‫وهو نَظــر المج ِد‪ ،‬ووص َفه بالع َظ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ ْ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بالم ْجد ُمطابِ ٌق َلو ْصفه بال َع َظ َمة‪ ،‬والك ََرم‪.‬‬
‫فو ْص ُفه ‪َ ‬‬ ‫َ‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)6346‬ومسلم (‪.)2730‬‬


‫((( تفسري الطربي (‪ ،)284/24‬تفسري ابن كثري (‪ ،)372/8‬تفسري السعدي (ص‪.)918‬‬
‫((( اهلداية إىل بلوغ النهاية (‪ ،)8187/12‬النكت والعيون (‪ ،)243/6‬التحرير والتنوير (‪.)250/30‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 167‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪166‬‬

‫ِ‬
‫املخلوقــات‪ُ ،‬م ٌ‬ ‫محن ‪َ C‬ع ْر ٌش‬ ‫الر ِ‬
‫وهو‬
‫يط هبا‪َ ،‬‬ ‫ــقف‬
‫عظيم‪ ،‬وهو َس ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ــر ُش َّ‬
‫و َع ْ‬
‫العال‪ ،‬وما حتته بالنســب ِة ِ‬
‫إليه أص َغ ُر‬ ‫ب‪ ،‬يعني‪ :‬كال ُق َّبة عىل َ‬
‫َ‬ ‫وأكبها‪ ،‬وهو مق َّب ٌ‬
‫أعالها‪ُ َ ،‬‬
‫قة يف َف ٍ‬
‫الة‪.‬‬ ‫ِمن ح ْل ٍ‬
‫ْ َ‬

‫ُــريس‪( :‬ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ) [البقرة‪ ]٢٥٥ :‬أي‪:‬‬ ‫ِّ‬ ‫وقال تعــاىل ِ‬


‫عن الك‬
‫واألرض‪ ،‬و«الكُــريس ِ‬
‫موض ُع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ــاوات‪،‬‬ ‫الس‬ ‫وأحاط‪ ،‬والكُــريس أك ِ‬‫َ‬ ‫َش ِ‬
‫ــم َل‪،‬‬
‫ْ ُّ‬ ‫رب م َن َّ‬
‫ْ ُّ ُ‬
‫اس ‪.((( L‬‬ ‫القد َم ْي»‪ ،‬كام قال اب ُن ع َّب ٍ‬
‫ش كح ْل ٍ‬
‫قة ُألق َي ْت يف َصحراء‪ ،‬فامذا تُســاوي‬ ‫ِ‬
‫ــر ِ َ‬
‫ُريس بالنِّســبة لل َع ْ‬ ‫وإذا َ‬
‫كان الك ُّ‬
‫األرض التي نح ُن عليها‬
‫ُ‬ ‫واألرض‪ ،‬بالنِّســبة لل َع ْرش؟! أم ماذا تُساوي‬
‫ُ‬ ‫اموات‪،‬‬
‫ُ‬ ‫الس‬‫َّ‬
‫بالنِّسبة لل َع ْر ِ‬
‫ش؟!‬
‫ِ‬
‫النبي ‪َ H‬لز ْو ِجه َ‬
‫جو ْير َي َة‬ ‫المخلوقات َو ْزنًا؛ كام قــال ُّ‬ ‫هو ُ‬
‫أثقل َ‬ ‫رش َ‬ ‫وال َع ُ‬
‫َت بِام ُق ْل ِ‬
‫ــو ُو ِزن ْ‬ ‫ٍ‬ ‫‪َ « :J‬ل َقــدْ ُق ْل ُت بعدَ ِك َأربع ك َِل ٍ‬
‫ت ُمن ُْذ ال َي ْو ِم‬ ‫الث َم َّرات‪َ ،‬ل ْ‬
‫امت‪َ ،‬ث َ‬ ‫َْ َ‬ ‫َْ‬
‫ــه‪َ ،‬و ِمدا َد‬ ‫ــه‪ ،‬و ِز َن َة َعر ِش ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫حان اهللِ وبِحم ِد ِه‪ ،‬عَدَ د َخ ْل ِق ِه‪ ،‬و ِرضا َن ْف ِس ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫َل َو َز َنت ُْه َّن‪ُ :‬ســ ْب َ‬
‫ك َِلامتِ ِه»(((‪.‬‬

‫مك ُن ِم َن‬
‫باحلديث ِناي ُة ما ي ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫«المقصو ُد‬
‫ــيخ اإلســا ُم اب ُن تيم َّية ‪َ :V‬‬‫يقول َش ُ‬‫ُ‬
‫والم ْح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫بوب»(((‪.‬‬ ‫المعدود‪ ،‬وغاي ُة ما ُيمك ُن م َن ال َق ْول‪َ ،‬‬
‫الو ْزن‪ ،‬وغاي ُة ما ُيمك ُن م َن َ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫األوزان»(((‪.‬‬ ‫ش ُ‬
‫أثقل‬ ‫«و ِز َن َة َع ْر ِش ِه»‪ُ « :‬ي َب ِّي َّ‬
‫أن ِزن َة ال َع ْر ِ‬ ‫فقو ُل ُه‪َ :‬‬
‫صاحــب ال َع ِ‬
‫رش؛ فقــال‪( :‬ﯜ ﯝ ﯞ‬ ‫ُ‬ ‫نفســه بأنَّه‬
‫َــدح اهللُ تعاىل َ‬
‫وامت َ‬

‫لو‬
‫الع ّ‬
‫وصححه األلباين يف خمترص ُ‬
‫َّ‬ ‫((( رواه ابن خزيمة يف كتاب التوحيد (‪ ،)248/1‬واحلاكم (‪،)310/2‬‬
‫(ص‪.)102‬‬
‫((( رواه مسلم (‪.)2726‬‬
‫اجلهمية (‪.)267/3‬‬
‫َّ‬ ‫((( بيان تلبيس‬
‫((( جمموعة الرسائل واملسائل (‪.)110/4‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 166‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪165‬‬

‫الحديث الثالث والعشرون‬

‫بي ‪ H‬قال‪:‬‬ ‫ن أَبي َذر ٍّ ‪ِ ،I‬‬


‫عن ال ّن ِّ‬ ‫َع ْ‬

‫الة‪،‬‬ ‫قاة في أَرْ ِ‬


‫ض َف ٍ‬ ‫ح ْل َ‬
‫ق ٍة ُم ْل ٍ‬ ‫ســي إال َ‬
‫ك َ‬ ‫ع في ُ‬
‫الك ْر ِّ‬ ‫الس ْب ُ‬
‫ماوات َّ‬
‫ُ‬ ‫الس‬
‫«ما َّ‬
‫ك ال َح ْل َق ِة»(((‪.‬‬
‫الة على ِت ْل َ‬
‫ف ِ‬ ‫ل ال َ‬ ‫ك َ‬
‫ف ْ‬
‫ض ِ‬ ‫سي‪َ ،‬‬
‫ِّ‬ ‫ش على ُ‬
‫الك ْر‬ ‫ع ْر ِ‬ ‫َو َف َ‬
‫ض ُ‬
‫ل ال َ‬

‫ِ‬
‫محــن ‪ ،C‬وأنَّه أع َظ ُم‬ ‫الر‬
‫ش َّ‬‫واضح ٌة عــى ِع َظ ِم َع ْر ِ‬ ‫هــذا الح ُ ِ‬
‫فيه دالل ٌة ِ‬
‫ديث َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫لوقات اهللِ تعاىل‪.‬‬‫َم‬
‫و«العر ُش» يف ال ُّل ِ‬
‫غة هو‪ :‬سير الم ِلك‪ ،‬كام قال تعاىل َعن س ِير م ِل ِ‬
‫كة َس َبأ‪( :‬ﭙ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ َ ُ َ‬ ‫َْ‬
‫يوســف ‪( :S‬ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ)‬
‫َ‬ ‫ﭚ ﭛ) [النمل‪ ،]٢٣ :‬وقال عن‬
‫[يوسف‪.(((]١٠٠ :‬‬

‫((( رواه البيهقي يف األسامء والصفات (‪ ،)861‬وابن حبان يف صحيحه (‪ ،)361‬وأبو الشيخ يف العظمة‬
‫ابن القيم بنسبته إىل النبي ‪ H‬يف الصواعق‬ ‫(‪ )569/2‬وأبو نعيم يف احللية (‪ ،)166/1‬وجزم ُ‬
‫«و َق ْد‬
‫املرسلة (‪ ،)431/2‬وصححه األلبا ُّين يف الصحيحة (‪ ،)109‬وقال شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪َ :V‬‬
‫ش َك َح ْلق َِة م ْلقاةٍ‬ ‫َ‬ ‫مون َأنَّ ُكرسي ُه ‪َ E‬و ِس َع السم ِ‬
‫وات ْ َ‬ ‫َع ِل َم ْ ُال ْس ِل َ‬
‫ُ‬ ‫يس يف ا ْل َع ْر ِ‬‫ض‪َ ،‬وأنَّ ا ْل ُك ْر َّ‬‫وال ْر َ‬ ‫َّ َ‬ ‫ْ َّ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫بِ َأ ْر ِ‬
‫واحد‪.‬‬ ‫العلو‪« :‬اخلرب منكر»‪ ،‬وتك ّلم فيه ُ‬
‫غري‬ ‫ض َفالة» جمموع الفتاوى (‪ ،)106/5‬وقال الذهبي يف ّ‬
‫احلموية البن‬
‫َّ‬ ‫الربية بتلخيص‬ ‫رب َّ‬ ‫((( هتذيب اللغة لألزهري (‪ ،)263/1‬البداية والنهاية (‪ ،)20/1‬فتح ِّ‬
‫عثيمني (ص‪.)53‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 165‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 164 11/17/19 8:56 PM
‫‪163‬‬ ‫احلديث الثاين والعرشون‪ ... :‬حني غربت الشمس‪« :‬أتدري أين تذهب‪»...‬‬

‫كان ُمؤمنًا َق َبل َ‬


‫ذلك‪ْ ،‬‬
‫فإن‬ ‫ــأ الكافِر إيامنًا يو ٍ‬
‫مئذ ال ُي ْق َب ُل من ُه‪ ،‬فأ َّما َم ْن َ‬ ‫أنش َ‬
‫«أي‪ :‬إذا َ‬
‫َْ‬ ‫ُ‬
‫بخ ْ ٍي عظي ٍم‪.‬‬
‫فهو َ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫كان ُم ْصل ًحا يف عمله َ‬

‫ي َمل قو ُله تعاىل‪:‬‬ ‫ٍ‬


‫فأحدث توب ًة حينَئذ؛ َل ْ ُت ْق َب ْل من ُه تو َبتُه‪ ،‬وعليه ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫كان ُم َ ِّل ًطا‪،‬‬
‫وإن َ‬ ‫ْ‬
‫ــب َع َم ٍل‬ ‫ِ‬
‫ٍ‬
‫صالح‪،‬‬ ‫(ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ) [األنعام‪]١٥٨ :‬؛ أي‪ :‬وال ُي ْق َب ُل منْها ك َْس ُ‬
‫ذلك»(((‪.‬‬ ‫عام ًل ِبه َق َبل َ‬ ‫إذا َل ي ُكن ِ‬
‫ْ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫«الضابِ ُط‪َ :‬أ َّن ك َُّل بِر ُم ْدَ ٍ‬
‫ب يف إ ْحداثه ُر ْؤ َي َة اآل َية‪َ ،‬و َل ْ‬ ‫الســ َب ُ‬ ‫ث َي ُ‬
‫كون َّ‬ ‫ٍّ‬ ‫لامء‪َّ :‬‬ ‫قال ال ُع ُ‬
‫صول‪َ ،‬أ ِو ال ُفروعِ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫كان ِم َن األُ‬‫صاحبِ ِه ِم ْث ُل ُه؛ ال َينْ َف ُع‪َ ،‬سوا ٌء َ‬ ‫ِ‬ ‫َي ْسبِ ْق ِم ْن‬

‫عام ًل بِ ِه َق ْب َل ُر ْؤ َي ِة اآل َي ِة؛ َينْ َف ُع»(((‪.‬‬


‫كان ِ‬
‫صاحبِ ِه َ‬
‫ِ‬ ‫َوك ُُّل بِ ٍّر َل ْي َس ك ََذلِ َك؛ لِك َْو ِن‬

‫ــم ُس ِم َن‬ ‫َزال الت َّْو َب ُة َم ْقبو َل ًة َحتَّى َت ْط ُل َع َّ‬


‫الش ْ‬ ‫ديــث‪َ ...« :‬وال ت ُ‬ ‫ِ‬ ‫حل‬
‫وأ َّما ما جا َء يف ا َ‬
‫ِ‬ ‫ت ُطبِ َع عىل ك ُِّل َق ْل ٍ‬ ‫ب‪َ ،‬فإِذا َط َل َع ْ‬
‫المغ ِْر ِ‬
‫َّاس ال َع َم َل»(((‪.‬‬‫ُفي الن ُ‬‫ب بِام فيه‪َ ،‬وك َ‬ ‫َ‬
‫كان يعم ُله ِمن ال َف ِ‬
‫رائ ِ‬
‫ض َق ْب َل‬ ‫فلح ‪َ « :V‬ل ْي َس ا ُملرا ُد ِبذا اخلَ َ ِب ت َْر َك ما َ َ ْ َ ُ َ‬ ‫فقال اب ُن ُم ٍ‬
‫ض َق ْب َل َذلِ َك‪،‬‬ ‫كان يعم ُله ِمن ال َف ِ‬
‫رائ ِ‬ ‫ْيان بِــا َ َ ْ َ ُ َ‬ ‫اإلت ُ‬ ‫ب ِ‬‫ب‪َ ،‬ف َي ِج ُ‬ ‫س ِم َن ا َمل ْغ ِر ِ‬ ‫ــم ِ‬‫الش ْ‬ ‫ُطلو ِع َّ‬
‫كان َي ْأيت بِ ِه َق ْب َل َذلِ َك‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اإليامن‪ ،‬الذي َ‬ ‫َو َينْ َف ُع ُه ما َي ْأيت بِ ِه ِم َن‬

‫َّاس ال َع َم َل» ْ‬
‫أي‪َ :‬ع َم ًل َل ْ َيكونوا َي ْف َعلو َن ُه»(((‪.‬‬ ‫ُفي الن ُ‬ ‫فقو ُل ُه‪َ :‬‬
‫«وك َ‬

‫((( تفسري ابن كثري (‪.)376/3‬‬


‫البهية للسفاريني (‪.)136/2‬‬
‫((( لوامع األنوار َّ‬
‫وحسن إسنا َده حمقِّقو املسند‪.‬‬
‫وحسنه احلافظ ابن كثري يف التفسري (‪َّ ،)375/3‬‬
‫((( رواه اإلمام أمحد (‪َّ ،)1671‬‬
‫البهية (‪.)136/2‬‬ ‫ِ‬
‫الرشعية البن ُمفلح (‪ ،)116/1‬ولوامع األنوار َّ‬
‫َّ‬ ‫((( اآلداب‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 163‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪162‬‬

‫فهي دائم ُة ال ُّطلو ِع عىل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ل َف َل ِكها‪ ،‬أو مفارقتَها النتِ ِ‬
‫لألرض؛ َ‬ ‫بالنسبة‬ ‫ســرها‬ ‫ظامها يف َم‬ ‫ُ‬
‫بم ِ‬
‫قدار َس ْ ِيها‪.‬‬ ‫ختتلف ِ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫األرض‪،‬‬ ‫واألوقات بالن ِ‬
‫ِّسبة إىل ِ‬
‫أهل‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫األرض‪،‬‬ ‫ُج ْز ٍء ِم َن‬

‫سريها‪ُ ،‬فر َّبام ُ‬


‫يقول‬ ‫َّب عىل َم ِ‬ ‫يل‪ ،‬والن ِ‬
‫َّهار‪ ،‬واختال َف ُهام‪ ،‬يرتت ُ‬ ‫ب ال َّل ِ‬
‫أن تعا ُق َ‬‫ومعلو ٌم َّ‬
‫عن‬ ‫ِ‬
‫ســتم ٌّر‪ ،‬و ُب ْعدُ ها ِ‬ ‫ــرها ُم‬ ‫ُ‬ ‫قائل‪ :‬أين ُســجو ُدها َت َت ال َع ْرش‪ ،‬ومتَى‬ ‫ٌ‬
‫وس ُ‬ ‫يكون‪َ ،‬‬
‫شاهدٌ ؟!‬ ‫ِ‬
‫األوقات‪ ،‬كام َّ‬ ‫وقت ِم َن‬
‫ف يف ٍ‬ ‫األرض ال َي ِتل ُ‬
‫ِ‬
‫هو ُم َ‬ ‫يتغي‪ ،‬كام َ‬
‫أن َس ْ َيها ال َّ ُ‬
‫ُ‬ ‫الص ُ‬ ‫ش‪ ،‬كــا أخ ِ‬ ‫كل ٍ‬
‫ليلة َت َت ال َع ْر ِ‬ ‫ــجدُ َّ‬
‫صدوق‬ ‫الم‬
‫ادق َ‬ ‫رب به َّ‬‫َ‬ ‫واب‪َّ :‬أنا ت َْس ُ‬
‫والج ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫مع َس ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب ِم َن‬
‫وهــي طالِع ٌة عىل جانِ ٍ‬
‫دائم‬
‫وهي ً‬ ‫ــرها يف َف َلكها‪َ ،‬‬ ‫األرض‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫‪،H‬‬
‫ش‪ ،‬لكنَّها‬ ‫ِ‬
‫خلوقات َت َت ال َع ْر ِ‬ ‫الم‬ ‫ٍ ِ‬ ‫َّهار‪َ ،‬ب ْل ُّ‬ ‫يل‪ ،‬والن ِ‬
‫ش يف ال َّل ِ‬ ‫حتت ال َع ْر ِ‬
‫وكل يشء م َن َ‬ ‫َ‬
‫الخ ْل ُق‪ ،‬و َل ِك ْن‬
‫عي‪َ ،‬يص ُلح ُسجو ُدها الذي ال ُيدْ ِركُه َ‬ ‫كان ُم َّ ٍ‬ ‫وقت ِمن س ِيها‪ ،‬ويف م ٍ‬
‫َ‬ ‫ْ َ ْ‬
‫يف ٍ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وهو ُسجو ٌد ُيناس ُبها عىل ظاه ِر ِّ‬
‫النص(((‪.‬‬ ‫بالو ْحي‪َ ،‬‬ ‫ُعلم َ‬
‫لربا َت َت ال َع ِ‬
‫رش ما‬ ‫ِ‬ ‫«فليس لنا َّإل الت‬
‫وليس يف ُســجودها ِّ‬
‫َّســليم‪َ ،‬‬
‫ُ‬ ‫َّصديق‪ ،‬والت‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ف لِا ُس ِّخرت له‪.‬‬ ‫ب يف س ِيها‪ ،‬والتَّرص ِ‬
‫ُّ‬ ‫َ ْ‬ ‫يعو ُقها َع ِن الدَّ َأ ِ‬

‫وتبار َك اهللُ َر ُّب‬ ‫كل ٍ‬


‫يشء عدَ ًدا‪،‬‬ ‫وأحص َّ‬ ‫بكل َش ٍء ِع ْل ًم‪،‬‬
‫أحاط ِّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ــبحان الذي‬ ‫ُس‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ني‪ ،‬وأحس ُن اخلالِ َ‬
‫قني»(((‪.‬‬ ‫العا َل َ‬
‫ِ‬
‫ــؤالء كام قــال اهللُ تعــاىل‪( :‬ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ)‬‫فه‬
‫َ‬
‫[يونس‪َ ،]٣٩ :‬‬
‫نسأ ُل اهللَ تعاىل َّ‬
‫السال َم َة‪ ،‬والعافي َة‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الم ِ‬
‫غر ِ‬ ‫ِ‬
‫ُبى‪ ،‬واهللُ تعاىل‬
‫الساعة الك ْ َ‬
‫ب؛ فهذا م ْن أرشاط َّ‬ ‫ــمس إذا َط َل َعت م َن َ‬ ‫َّ‬
‫والش ُ‬
‫ُ‬
‫يقــول‪( :‬ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ‬
‫ﭰ ﭱ ﭲ) [األنعام‪.]١٥٨ :‬‬

‫تيمية (‪ ،)54/4‬رشح كتاب التوحيد من صحيح البخاري (‪.)335/1‬‬


‫اجلهمية البن َّ‬
‫َّ‬ ‫((( بيان تلبيس‬
‫بترصف‪.‬‬ ‫َّ‬
‫للخطايب (‪ُّ ،)1894/3‬‬ ‫((( أعالم احلديث‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 162‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪161‬‬ ‫احلديث الثاين والعرشون‪ ... :‬حني غربت الشمس‪« :‬أتدري أين تذهب‪»...‬‬

‫ِ‬ ‫ـمـ ِ‬ ‫ــر إِ َل الـ َّ‬


‫ـــر ْة‬
‫ـــســـتَـــع َ‬ ‫َج ْ‬
‫ــــذ َو ُتــــا ُم ْ‬ ‫ـس ا َّلتي‬ ‫ـشـ ْ‬ ‫انْــ ُظ ْ‬
‫َــــر ْة‬‫حـــــــــرار ٌة مــــنْــــت ِ‬ ‫ضــــيــــاء َو ِبـــــا‬ ‫فــيــهــا‬
‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬
‫َّ َ‬
‫الـــــر َرةْ؟‬ ‫ـــو ِمــ ْث َ‬
‫ــل‬ ‫يف َ‬
‫اجل ِّ‬ ‫ـــن ذا الـــذي َأ ْو َجـــدَ هـــا‬ ‫َم ْ‬
‫ـــمـــرة‬ ‫َأنْــــعــــمــــه مـــنْـــه ِ‬ ‫هــــو اهللُ الـــذي‬ ‫َ‬
‫ذاك‬
‫َ‬ ‫ُ ُ ُ ُ‬ ‫َ‬
‫و ُقــــــــــدْ ر ٍة مــــ ْقــــت ِ‬
‫َــــد َر ْة‬ ‫ـــة بـــالِـــغ ٍ‬
‫َـــة‬ ‫ذو ِحـــكْـــم ٍ‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫قــال اهللُ تعــاىل‪( :‬ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ ﯞ ﯟ‬


‫ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ)‬
‫[فصلت‪ ،]٣٧ :‬وقــال ‪( :D‬ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ‬
‫ﮑ ﮒ ﮓ) [آل عمران‪( ،]١٩٠ :‬ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣﮤ‬
‫ﮥ ﮦ) [الذاريات‪.]٢١-٢٠ :‬‬

‫الح َ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫احلديث‬ ‫ديث‪ ،‬وقالوا‪ :‬هذا‬ ‫المعاصين هذا َ‬ ‫ني ُ‬
‫عض ال َعقالن ِّي َ‬ ‫و َقد اســ َتن َ‬
‫ْكر َب ُ‬
‫السجو ُد‬ ‫ش‪ ،‬وت ِ‬
‫ُفار ُق ال َف َلك‪ ،‬وهذا ُّ‬ ‫الشمس َ ْت َت ال َع ْر ِ‬
‫ُ‬ ‫قل؛ إ ْذ َ‬
‫كيف ت َْس ُجدُ‬ ‫ُيالِ ُ‬
‫ف ال َع َ‬
‫دورانا يف َس ْيها؟!‬
‫َ‬ ‫عيق‬
‫ُي ُ‬

‫واب‪:‬‬
‫والج ُ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ــمس؛ فقال ‪( :‬ﭳ ﭴ ﭵ‬ ‫ــجود َّ‬
‫الش‬ ‫• • َّأو ًل‪ :‬أخ َ‬
‫رب اهللُ تعاىل عن ُس‬
‫ﭶ ﭷ ﭸ ﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀ ﮁﮂ‬
‫ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ) [احلج‪.]١٨ :‬‬
‫كل ٍ‬
‫رانا يف َس ْ ِيها؛ بل َ‬
‫هي ت َْس َب ُح يف‬ ‫عيق َد َو َ‬
‫ليلة ال ُي ُ‬ ‫الش ِ‬
‫مس َّ‬ ‫• •ثان ًيا‪ُ :‬ســجو ُد َّ‬
‫ِ‬
‫رب اهللُ تعاىل‪،‬‬ ‫‪-‬وهي يف حال َس ْ ِيها‪ ،‬كام أخ َ‬
‫َ‬ ‫ال َف َلك‪ ،‬وت َْس ُجدُ هلل َت َت ال َع ِ‬
‫رش‬
‫تص هبا‪ ،‬ال نَع َل ُم كيف َّيتَه‪( :‬ﯡ ﯢ ﯣ‬
‫ورسو ُله ‪ُ -H‬سجو ًدا َي ُّ‬
‫ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ) [األنبياء‪.]٣٣ :‬‬

‫ش‪ ،‬فك َْو ُنا ت َْس ُجدُ َ ْت َت ال َع ْر ِ‬


‫ش ال َيقتَيض ُمفارقتَها‬ ‫خلوقات ك ُّلها َت َت ال َع ْر ِ‬
‫ُ‬ ‫والم‬
‫َ‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 161‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪160‬‬

‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫بحان اهللِ! إذا كان ِ‬


‫مس ُمشتعل ًة َهبذه الطا َقة اهلائ َلة َماليني ِّ‬
‫السنني‪ ،‬فلامذا‬ ‫َت َّ‬
‫الش ُ‬ ‫ُس َ‬
‫ال تَن َف ِج ُر؟ وملاذا ال تَن َط ِف ُئ؟‬

‫المشت َِع ُل‪ ،‬وإ َّما ْ‬


‫أن َي َّ‬
‫قل تدرجي ًّيا‬ ‫سم ُ‬ ‫جر ِ‬
‫اجل ُ‬
‫أن يزيدَ تدرجي ًّيا‪ ،‬فين َف ِ‬ ‫فاالشتِ ُ‬
‫عال إ َّما ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فينْ َطفئ‪ِ ،‬‬
‫ــئ‪( ،‬ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ)‬ ‫ــمس ال َتنْ َفج ُر‪ ،‬وال تَن َطف ُ‬
‫َ‬ ‫لك َّن َّ‬
‫الش‬ ‫َ‬
‫[يس‪.]٣٨ :‬‬
‫األرض يف ظال ٍم ِ‬
‫دام ٍ‬ ‫الشــمس َفجأةً؛ َل َغ ِر َق ِ‬ ‫يقــول العلامء‪َ « :‬ل ِو انط َف ِ‬
‫س‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ــت‬ ‫ُ ْ‬ ‫أت َّ‬ ‫ُ ُ ُ‬
‫فر‪ ،‬ولتحو ِ‬
‫الص ِ‬ ‫بطــت درج ُة الح ِ‬
‫رارة فيها إىل ‪ 270‬درج ًة َ ْت َ‬ ‫َ‬
‫األرض إىل‬
‫ُ‬ ‫لت‬ ‫َّ‬ ‫ــت ِّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ول َ‬
‫َق ْ ٍب َج ٍّ‬
‫ليدي!‬
‫ِ‬
‫احلياة عىل َســ ْط ِح‬ ‫ظهر ِم ْن َم ِ‬
‫ظاهر‬ ‫كل َم ٍ‬ ‫ِ‬
‫كافيان ِ‬
‫لقتل ِّ‬ ‫ُّور‪،‬‬ ‫وإن انعدام الدِّ ِ‬
‫فء‪ ،‬والن ِ‬ ‫َّ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫األرض»(((‪.‬‬

‫وسيها‪ ،‬فال تن َف ِل ُت‪ ،‬وال ت َْص َط ِد ُم؟‬


‫مس‪ ،‬وال َق َم َر‪ ،‬والنُّجو َم‪َّ ،‬‬ ‫َم ِن الذي د َّب َر َّ‬
‫الش َ‬

‫َنح ِر ُ‬
‫ف ع ْن‬ ‫ســاب الدَّ ِ‬
‫قيق‪ ،‬فال َتتَقــدَّ ُم‪ ،‬وال َتت َّ‬ ‫ِ‬ ‫مــن أجراها هبذا ِ‬
‫ــر‪ ،‬وال ت َ‬
‫َأخ ُ‬ ‫احل‬ ‫َ ْ‬
‫ســارها؟ (ﯢ ﯣ ﯤ ﯥﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ‬ ‫ِ‬ ‫َم‬
‫ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲﯳﯴﯵ ﯶ ﯷﯸﯹ ﯺ ﯻ‬
‫ﯼ ﯽ ﯾﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ) [يس‪.]٤٠-٣٨ :‬‬

‫نارا؟‬
‫نارا‪ ،‬ون ََص َبها َم ً‬
‫الشمس َمن رف َعها ً‬
‫َ‬ ‫«س ِل‬ ‫َي ُ‬
‫قول أمحدُ َش ْوقي‪َ :‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الساعة؟‬ ‫اجلو إىل قيام‬ ‫و َم ْن َع َّلقها يف ِّ‬
‫اجلو ساع ًة‪َ ،‬يد ُّب َع ْق َرباها يف ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫و َم ِ‬
‫ســاء‬ ‫راجها‪َ ،‬و َأ َح َّلها أ ْب َ‬
‫راجها‪ ،‬و َن َّقل يف‬ ‫وهداها َأ ْد َ‬
‫عراجها‪َ ،‬‬
‫ــن الذي آتاها م َ‬
‫اجها؟»(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الدُّ نيا س َ‬

‫((( موسوعة اإلعجاز العلمي يف القرآن والسنة (‪.)39/2‬‬


‫((( أسواق الذهب (ص‪.)40‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 160‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪159‬‬ ‫احلديث الثاين والعرشون‪ ... :‬حني غربت الشمس‪« :‬أتدري أين تذهب‪»...‬‬

‫وقيل‪ :‬معنــى (ﯣ ﯤ ﯥ) [يس‪ ]٣٨ :‬أي‪ :‬إىل ُم ْســ َت َق ٍّر هلا‪ ،‬أي‪ :‬إىل‬ ‫َ‬
‫اعة‪ ،‬ف َي ْب ُطل َس ْ ُيها‪ ،‬وت َْس ُك ُن‬ ‫انق ِ‬
‫ضاء الدُّ نيا‪ ،‬وقيا ِم الس ِ‬ ‫ــرها عندَ ِ‬
‫انتهاء‪ ،‬أو ُمنتهي َس ْ ِ‬‫ِ‬
‫َّ‬
‫العال ُ إىل غايتِ ِه‪.‬‬
‫َح َر َكتُها‪ ،‬و ُتك ََّو ُر‪ ،‬و َينتَهي هذا َ‬

‫َّماين؛ كام يف قولِ ِه‪( :‬ﭰ ﭱ ﭲﭳ ﭴ ﭵ ﭶ‬ ‫هو ُم ْســ َت َق ُّرها الز ُّ‬
‫وهذا َ‬
‫السا َع ِة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يريان إىل انقطاع ِهام بقيا ِم َّ‬‫ﭷ) [الرعد‪ ،]٢ :‬أي‪ْ َ :‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َهي إىل أ ْب َع ِد ِ‬
‫مغار ِبا‪ ،‬ثم ت َْرج ُع‪ ،‬فذل َك ُم ْس َت َق ُّرها؛ َّ‬
‫ألنا‬ ‫تســر حتَّى تنت َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫وقيل‪َّ :‬إنا‬
‫ال ُت ِ‬
‫او ُزه‪.‬‬
‫الش ِ‬
‫وناي ُة ُهبوطِها يف ِّ‬
‫يف‪ِ ،‬‬ ‫تفاعها يف الس ِ‬
‫امء يف الص ِ‬ ‫وقيل‪ :‬مس َت َقرها ِناي ُة ار ِ‬
‫تاء(((‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ ْ ُّ‬

‫أثر ُصنْ ِع اهللِ‪،‬‬ ‫ــمس‪ ،‬ثم شــاهدَ بع ِ ِ‬


‫ني ع ْقله فيهــا َ‬ ‫َ‬ ‫ِ َّ‬ ‫قليل يف َع َظ َم ِة َّ‬
‫الش‬ ‫و َم ْن تأ َّم َل ً‬
‫وحكْمته؛ انت َقل ِمنْها إىل ع َظ َم ِة خالِقها‪ ،‬ف‪ ‬ما َأ ْع َظ َم شأ َن ُه(((‪.‬‬
‫وإتْقانه‪ِ ،‬‬

‫الشمس آي ٌة ساطِع ٌة‪ ،‬دا َّل ٌة عىل اهللِ كس ِ‬ ‫ِ ِ‬


‫طوعها‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫هذه َّ ُ‬

‫مرة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫األرض مليونًا و‪ 300‬ألف َّ‬ ‫َح ْج ُمها ِم ُثل َحج ِم‬

‫ِ‬
‫األرض ‪ 156‬مليون كيلومرت‪.‬‬ ‫تَب ُعدُ ِ‬
‫عن‬

‫المساف َة يف ‪َ 8‬‬
‫دقائق (((‪.‬‬ ‫الش ِ ِ ِ‬
‫و َيق َط ُع َضو ُء َّ‬
‫مس هذه َ‬

‫درج ًة مئو َّي ًة!‬ ‫السطح َّية إىل ِ‬ ‫ِ‬ ‫حرار ِة َّ‬
‫الش ِ‬ ‫وت ُ‬
‫َصل درج ُة‬
‫نحو ‪َ 5600‬‬ ‫مس يف أجزائها َّ‬ ‫َ‬

‫وهي درج ُة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫أ َّمــا يف باطنها‪ ،‬فتزيدُ درجــ ُة احلرارة عن ‪ 15‬مليون درجــة مئو َّية! َ‬
‫األرض يف َل ٍ‬ ‫يشء عىل ِ‬ ‫َبخري أي ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ظات!‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫وجه‬ ‫حرارة كافية لت ِ ِّ‬

‫((( تفسري البغوي (‪ ،)17/7‬ابن كثري (‪.)577/6 ،430/4‬‬


‫وترصف‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫((( تفسري الرازي (‪ ،)175/31‬باختصار‬
‫((( موسوعة اإلعجاز العلمي يف القرآن والسنة (‪.)39/2‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 159‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪158‬‬

‫حين (ﭥ ﭦ ﭧ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ذاك‬ ‫م؟‬
‫ذاك ْ‬ ‫سول اهللِ ‪« :H‬أَت َ ْد َ‬
‫رون َمتَى ُ‬ ‫ُ‬ ‫َفقال ر َ‬
‫ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ) [األنعام‪.(((»]١٥٨ :‬‬

‫خاض ٌع هللِ تعــاىل‪ ،‬ول َع َظ َمتِه‪ ،‬شــاهدٌ عىل َو ْحدان َّيتِــه‪ ،‬وربوب َّيتِه‬‫فالكَو ُن ك ُّلــه ِ‬
‫ْ‬
‫رشيك له‪( :‬ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ‬ ‫َ‬ ‫للعبا َد ِة َو ْحدَ ه ال‬
‫حقاقه ِ‬
‫‪ ،‬واســتِ ِ‬

‫ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ) [فصلت‪.]١١ :‬‬

‫لربا َذليل ًة ُمنقا َدةً‪ ،‬وت َْس ُجدُ‬ ‫الم ْح ِر َق ِة‪َ ،‬‬
‫ختض ُع ِّ‬
‫ِ‬
‫وحرارتا ُ‬
‫َ‬
‫الشمس بحج ِمها ِ‬
‫اهلائ ِل‪،‬‬ ‫فهذه َّ ُ َ ْ‬
‫ِ‬
‫َ‬
‫حال س ِ‬ ‫تأذ َن ربا‪ ،‬وهي يف ِ‬ ‫رش ِق حتَّى تَس ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ش َّ ٍ‬ ‫حتت ال َع ْر ِ‬
‫جودها‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫كل ليلة‪ ،‬وال تَط ُل ُع م َن َ‬ ‫َ‬
‫فيأ َذ َن هلا‪( :‬ﯢ ﯣ ﯤ ﯥﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ) [يس‪.]٣٨ :‬‬
‫ذلك الجانِ ِ‬
‫ب‪.‬‬ ‫األرض يف َ‬
‫َ‬ ‫كاين َ ْت َت ال َع ِ‬
‫رش‪ ،‬ممَّا ييل‬ ‫ومس َت َق ُّرها َ‬
‫الم ُّ‬ ‫ُ‬
‫َّبي ‪َ H‬ع ْن َق ْولِ ِه ت َ‬
‫َعال‪:‬‬ ‫ــأ ْل ُت الن َّ‬
‫و َقدْ َثب َت يف الح ِ‬
‫ديث‪َ ،‬ع ْن َأيب َذ ٍّر قال‪َ :‬س َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ش»(((‪.‬‬ ‫ت ال َع ْر ِ‬‫«م ْس َت َق ُّرها َ ْت َ‬
‫(ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ) [يس‪ ]٣٨ :‬قال‪ُ :‬‬
‫كذلِ َك؛ َّ‬
‫ألن ال َع ْر َش‬ ‫ِ‬
‫خلوقــات َ‬ ‫الم‬
‫يع َ‬‫وج ُ‬‫ش‪َ ،‬‬ ‫فهي َ ْتت ال َع ْر ِ‬‫َــت َ‬
‫وهي أينَام كان ْ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وهو َف ْو َق َ‬
‫العالِ مَّا ييل‬ ‫قوائم َ ْتم ُله َ‬
‫المالئكــ ُة‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫ذات‬‫وهو ُق َّب ٌة ُ‬
‫المخلوقات‪َ ،‬‬ ‫ف َ‬ ‫َســ ْق ُ‬
‫ِ‬
‫الناس‪.‬‬ ‫ؤوس‬
‫ُر َ‬
‫َكون ِمن‬
‫أقرب ما ت ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫تكون‬ ‫هــر ِة‪،‬‬ ‫(((‬ ‫ِ‬
‫َت يف ُق َّبة ال َف َلك َو ْق َت ال َّظ َ‬
‫ــمس إذا كان ْ‬
‫فالش ُ‬ ‫َّ‬
‫وقت نِص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ف‬ ‫وهو ُ ْ‬ ‫الرابِ ِع إىل ُمقاب َلة هــذا َ‬
‫المقا ِم‪َ ،‬‬ ‫اســتدار ْت يف َف َلكها َّ‬
‫َ‬ ‫ش‪ ،‬فإذا‬ ‫ال َع ْر ِ‬
‫ِ‬
‫وتستأذ ُن يف ال ُّطلوعِ‪ ،‬كام‬ ‫ــجد‬ ‫ٍ‬ ‫َكون ِم َن ال َع ْر ِ‬
‫صارت أ ْب َعدَ ما ت ُ‬ ‫ال َّل ِ‬
‫ش‪ ،‬فحينئذ ت َْس ُ‬ ‫يل؛ َ‬
‫الح ُ‬
‫ديث(((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫دل عليه هذا َ‬

‫((( رواه مسلم (‪.)159‬‬


‫((( رواه البخاري (‪ ،)4803‬ومسلم (‪.)159‬‬
‫((( ال َف َلك‪ُ :‬‬
‫مدار النجوم والكواكب‪.‬‬
‫((( تفسري ابن كثري (‪.)576/6‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 158‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪157‬‬

‫الحديث الثاني والعشرون‬

‫س‪« :‬أَت َ ْدري‬ ‫ت َّ‬


‫الش ْــم ُ‬ ‫حين َغرَبَ ِ‬
‫َ‬ ‫ن أَبي َذر ٍّ ‪ ،I‬أن ال َّن ُّ‬
‫بي ‪ H‬قال له‪،‬‬ ‫َع ْ‬
‫ج َد ت َ ْح َ‬
‫ت‬ ‫حتَّى ت َ ْ‬
‫س ُ‬ ‫م‪ ،‬قال‪َ « :‬فإِنَّها ت َ ْذه ُ‬
‫َب َ‬ ‫ت‪ُ :‬‬
‫اهلل َورَسو ُلهُ أ َ ْع َل ُ‬ ‫َب؟»‪ُ ،‬ق ْل ُ‬
‫ن ت َ ْذه ُ‬
‫أ ْي َ‬
‫ستَأْ ِذ َ‬
‫ن‬ ‫ج َد َفال ي ُ ْقب َ َ‬
‫ل ِم ْنها‪َ ،‬وت َ ْ‬ ‫ك أَ ْ‬
‫ن تَ ْ‬
‫س ُ‬ ‫يوش ُ‬ ‫ستَأْ ِذ ُ‬
‫ن َفي ُ ْؤ َذ ُ‬
‫ن لَها‪َ ،‬و ِ‬ ‫ش‪َ ،‬فت َ ْ‬
‫ع ْر ِ‬
‫ال َ‬
‫ن َم ْغ ِر ِبها‪َ ،‬ف َذ ِل َ‬
‫ك‬ ‫ع ِم ْ‬ ‫ث ِج ْئ ِ‬
‫ت‪َ ،‬فت َ ْ‬
‫طل ُ ُ‬ ‫ح ْي ُ‬ ‫قال لَها‪ :‬ارْ ِجعي ِم ْ‬
‫ن َ‬ ‫َفال ي ُ ْؤ َذ َ‬
‫ن لَها‪ ،‬ي ُ ُ‬

‫ﯪ) [يس‪:‬‬ ‫َق ْولُــ ُه تَعالَى‪( :‬ﯢ ﯣ ﯤ ﯥﯦ ﯧ ﯨ ﯩ‬


‫‪.(((»]٣٨‬‬

‫قرِّها ت َ ْح َ‬
‫ت‬ ‫هي إِلَى ُم ْ‬
‫ســت َ َ‬ ‫حتَّى ت َ ْنت َ َ‬
‫ه ِذ ِه ت َ ْجري َ‬
‫ن َ‬
‫لمســلم‪« :‬إ ِ َّ‬
‫ٍ‬ ‫وفــي روايــ ٍة‬
‫حتَّى يُقــال لَها‪ :‬ارْت َ ِفعي‪ ،‬ارْ ِجعي‬ ‫ك َذ ِل َ‬
‫ك َ‬ ‫زال َ‬
‫ســاج َد ًة‪َ ،‬فال ت َ ُ‬
‫ِ‬ ‫ش‪َ ،‬فت َ ِخر ُّ‬
‫ع ْر ِ‬
‫ال َ‬
‫ع ًة ِم ْ‬
‫ن َم ْ‬
‫ط ِل ِعها‪.‬‬ ‫ح طا ِل َ‬ ‫ع َفت ُ ْ‬
‫ص ِب ُ‬ ‫ث ِج ْئ ِ‬
‫ت‪َ ،‬فت َ ْر ِج ُ‬ ‫ح ْي ُ‬
‫ن َ‬
‫ِم ْ‬

‫ســاج َد ًة‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ش‪َ ،‬فت َ ِخر ُّ‬
‫ع ْر ِ‬ ‫قرِّها ت َ ْح َ‬
‫ت ال َ‬ ‫هي إِلَى ُم ْ‬
‫ســت َ َ‬ ‫حتَّى ت َ ْنت َ َ‬ ‫ث ُ َّ‬
‫م ت َ ْجــري َ‬
‫ع‬ ‫ث ِج ْئ ِ‬
‫ت‪َ ،‬فت َ ْر ِج ُ‬ ‫ح ْي ُ‬ ‫حتَّى يُقال لَها‪ :‬ارْت َ ِفعي‪ ،‬ارْ ِجعــي ِم ْ‬
‫ن َ‬ ‫ك َذ ِل َ‬
‫ك َ‬ ‫ــزال َ‬
‫ُ‬ ‫َوال ت َ‬

‫ط ِل ِعها‪.‬‬ ‫ع ًة ِم ْ‬
‫ن َم ْ‬ ‫ح طا ِل َ‬ ‫َفت ُ ْ‬
‫ص ِب ُ‬

‫َ‬
‫ذاك‬ ‫قرِّها‬ ‫هي إِلَى ُم ْ‬
‫ست َ َ‬ ‫حتَّى ت َ ْنت َ َ‬ ‫اس ِم ْنها َ‬
‫ش ْي ًئا‪َ ،‬‬ ‫ست َ ْن ِ‬
‫كر ُ النَّ ُ‬ ‫ث ُ َّ‬
‫م ت َ ْجري ال ي َ ْ‬
‫ح‬ ‫ك‪َ ،‬فت ُ ْ‬
‫ص ِب ُ‬ ‫ع ًة ِم ْ‬
‫ن َم ْغ ِر ِب ِ‬ ‫قال لَهــا‪ :‬ارْت َ ِفعي‪ ،‬أ َ ْ‬
‫ص ِبحي طا ِل َ‬ ‫ش‪َ ،‬في ُ ُ‬
‫ع ْر ِ‬ ‫ت َ ْح َ‬
‫ت ال َ‬
‫ع ًة ِم ْ‬
‫ن َم ْغ ِر ِبها»‪.‬‬ ‫طا ِل َ‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)3199‬ومسلم (‪.)159‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 157‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪156‬‬

‫يدل ِ‬ ‫ــر»‪ ،‬كام ُّ‬ ‫ب الدَّ ْه ِ‬


‫عليه‬ ‫تقديره‪« :‬وأنا مق ِّل ُ‬
‫ُ‬ ‫ف‬‫[آل عمران‪ ،]١٤٠ :‬ففــي الــكال ِم َح ْذ ٌ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫َّهار»‪،‬‬ ‫فسه بعدَ ه بقوله‪« :‬ب َيدي األَ ْم ُر‪ُ ،‬أ َق ِّل ُ‬
‫ــب ال َّل ْي َل‪ ،‬والن َ‬ ‫ــياق‪ ،‬والقرينَ ُة؛ ولذا َّ‬
‫الس ُ‬ ‫ِّ‬
‫وال َّل ُيل والن ُ‬
‫َّهار ُها الدَّ ْه ُر‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قال َّ‬
‫بأن‬ ‫وغريه‪ ،‬وال ُي ُ‬ ‫ب إليه اب ُن َح ْز ٍم‪ُ ،‬‬ ‫فليس «الدَّ ْه ُر» م ْن أســاء اهللِ تعاىل كام َ‬
‫ذه َ‬ ‫َ‬
‫ب ُم َق َّل ًبا(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫والمق ِّل َ‬
‫ذلك؛ ف َقدْ ج َع َل اخلال َق َمْلو ًقا‪ُ ،‬‬
‫نفس ُه! و َمن قال َ‬
‫هو الدَّ ْه ُر ُ‬
‫اهللَ َ‬
‫ب الدَّ ْهر ِق ْس ِ‬
‫امن‪:‬‬ ‫وس ُّ‬
‫َ‬
‫الفاع ُل‪ِ ْ :‬‬ ‫ِ‬
‫بس ِّبه الدَّ ْه َر َّ‬
‫أن الدَّ ْه َر‬ ‫كأن َيعتقدَ َ‬ ‫هو‬
‫ب الدَّ ْه َر عىل أنَّه َ‬‫أن َي ُس َّ‬ ‫• • َّ‬
‫األو ُل‪ْ :‬‬
‫ِ‬ ‫األمور إىل َ ِ‬
‫رب؛ ألنَّه اعتقدَ َّ‬
‫أن‬ ‫ش ٌك أك ُ‬ ‫والش‪ ،‬فهذا ْ‬
‫الخ ْي‪ِّ َّ ،‬‬ ‫َ‬ ‫هو الذي ُي َق ِّل ُ‬
‫ــب‬ ‫َ‬
‫غري اهللِ تعاىل‪ ،‬وهذا ُك ْف ٌر‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ث إىل ِ‬‫ب احلواد َ‬ ‫مع اهللِ خال ًقا‪ ،‬ون ََس َ‬‫َ‬

‫هو‬ ‫ِ‬
‫الفاع ُل‪ْ ،‬‬
‫بــل َيعتقدُ َّ‬ ‫ِ‬ ‫• •الثاين‪ْ :‬‬
‫أن اهللَ َ‬ ‫هو‬
‫ــب الدَّ ْه َر ال العتقاده أنَّه َ‬ ‫أن َي ُس َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يســ ُّبه ألنَّه َم َ ٌّل ِلذا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المكــروه عندَ ه‪ ،‬فهذا ُم َ َّر ٌم‪َ ،‬‬
‫وهو‬ ‫األمر َ‬ ‫الفاع ُل‪َ ،‬لك ْن ُ‬
‫درج ِة‬ ‫ِ‬
‫ديث‪ ،‬لكنَّه ال َيص ُل إىل َ‬ ‫الح ُ‬ ‫ِ‬
‫ــب هللِ تعاىل‪ ،‬كام َد َّل عليــه َ‬
‫ِِ‬
‫يف حقي َقته َس ٌّ‬
‫سب اهللِ تعاىل‪.‬‬ ‫ِّ ِ‬
‫َعمدْ ‪ ،‬وي َت َق َّصدْ ‪َّ ،‬‬ ‫الشك؛ ألنَّه َل ْ يت َّ‬
‫ْ‬
‫ألن حقيق َة َســ ِّبه تَعو ُد إىل اهللِ‬
‫ين؛ َّ‬ ‫ِ‬
‫ــال يف الدِّ ِ‬ ‫والض‬ ‫الســ َفه يف ال َع ِ‬
‫قل‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫وهو م َن َّ‬
‫َ‬
‫صف الدَّ ْه َر‪.‬‬
‫هو الذي ُي َ ِّ‬ ‫‪‬؛ َّ‬
‫ألن اهللَ تعاىل َ‬

‫حر هذا اليو ِم‪ ،‬أو َب ْر ِده‪ ،‬وما أشــ َب َه ذلِ َك‪ :‬فهذا‬ ‫ِ‬ ‫أما قو ُل الب ِ ِ ِ ِ‬
‫عض‪ :‬تَع ْبنا من شــدَّ ة ِّ‬ ‫َّ ْ َ‬
‫ب الدّ ِ‬ ‫ِ‬
‫لوط ‪( :S‬ﮝ ﮞ ﮟ) [هود‪.(((]٧٧ :‬‬ ‫هر‪ ،‬وهذا كام قال ٌ‬ ‫َل ْي َس م ْن َس ِّ‬

‫((( القول املفيد (‪ ،)245/2‬رشح كتاب التوحيد للغنيامن (‪.)351/2‬‬


‫((( انظر‪ :‬القول املفيد (‪.)240/2‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 156‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪155‬‬ ‫يسب الدهر‪»...،‬‬
‫احلديث احلادي والعرشون‪« :‬قال اهلل يؤذيني ابن آدم‪ُّ ،‬‬

‫ــع‪ ،‬اخلافِ ُض‪ ،‬الرافِ ُع‪،‬‬ ‫ِ‬


‫الم ْعطي‪ ،‬المان ُ‬ ‫هو ُ‬ ‫فــر ُّب الدَّ ْه ِر تعاىل َ‬
‫ِ‬
‫ويف حقيقة األ ْم ِر‪َ ،‬‬
‫فم َس َّبت ُُهم للدَّ ْه ِر َم َس َّب ٌة هللِ ‪D‬؛ وهلذا‬
‫ش ٌء‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫األمر َ ْ‬ ‫ليس له ِم َن‬ ‫الم ِع ُّز‪ِ ،‬‬
‫المذ ُّل‪ ،‬والدَّ ْه ُر َ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫الحديث‪.‬‬ ‫للر ِّب تعاىل‪ ،‬كام يف هذا َ‬ ‫كانت ُمؤذي ًة َّ‬
‫الشك بِ ِه‪ ،‬فإنَّه‬
‫أحد ِها‪ :‬إ َّما َس ّبه هللِ‪ ،‬أو ِّ‬ ‫بني أمري ِن‪ ،‬ال بدَّ له ِمن ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫فساب الدَّ ْه ِر دائ ٌر َ َ ْ‬‫ُّ‬
‫ِ‬
‫أن اهللَ وحدَ ه هو الذي َف َع َل‬ ‫ش ٌك‪ ،‬وإن اعتقدَ َّ‬ ‫مع اهللِ َ‬
‫فهو ُم ْ ِ‬ ‫أن الدَّ ْه َر ٌ‬
‫فاعل َ‬ ‫إذا اعتقدَ َّ‬
‫ب َم ْن َف َع َله؛ فقد َس َّ‬
‫ب اهلل»(((‪.‬‬ ‫وهو َي ُس ُّ‬ ‫َ‬
‫ذلك‪َ ،‬‬

‫م»‪:‬‬ ‫ول اهللِ تعاىل‪« :‬ي ُ ْؤذيني ا ْب ُ‬


‫ن آ َد َ‬ ‫و َق ُ‬
‫ِ‬
‫والز ْج َر‪.‬‬
‫َّهي‪َّ ،‬‬
‫تضم ُن الن َ‬
‫ب َي َّ‬ ‫أي‪ُ :‬ي ْلح ُق َ‬
‫يب األ َذى‪ ،‬وهو َخ َ ٌ‬
‫فاألذ َّي ُة هلل ثابت ٌة‪ ،‬وكيف َّيتُها ال نع َل ُمها‪ ،‬واهللُ تعاىل َيتأ َّذى ِم ْن فِ ْع ِل َبني آ َد َم‪ ،‬لكنَّه ال‬
‫رضه َش ٌء ‪ ‬و َت َقدَّ َس‪.‬‬
‫ُي ُّ‬
‫ألن اهللَ تعاىل أثبتَها لنَ ْف ِس ِه‪ ،‬وقال ‪( :‬ﮁ ﮂ ﮃ‬
‫إثباتا؛ َّ‬ ‫َِ‬
‫وي ُ‬
‫ب علينا ُ‬
‫ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ) [األحزاب‪.]٥٧ :‬‬
‫الض ُر‪ ،‬واهللُ تعاىل ال َيب ُل ُغ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ولكنَّها َل ْي َس ْ‬
‫المخلوق‪ ،‬وال َي َلز ُم م َن األذ َّية َّ َ‬
‫ــت كأذ َّية َ‬
‫ضه‪ ،‬أو َن ْف َعه‪ ،‬كام قال ‪( :‬ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ) [آل عمران‪:‬‬ ‫ُ‬
‫خلوق َ َّ‬ ‫الم‬
‫َ‬
‫‪ ،]١٧٦‬وقــال‪( :‬ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ) [آل عمران‪ ،]١٤٤ :‬ويف‬
‫َــروين‪ ،‬ولن تَب ُلغوا َن ْفعي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يس‪« :‬يا عبادي‪ ،‬إنَّكم َل ْن تَب ُلغوا َ ِّ‬
‫ضي َفت ُ ُّ‬ ‫احلديث ال ُقــدْ ِّ‬
‫َفتَن َفعوين»(((‪.(((愀‬‬

‫وقو ُله تعاىل‪َ « :‬وأَنا ال َّد ْهرُ»‪:‬‬

‫أي‪ُ :‬مدَ ِّب ُر الدَّ ْه ِر‪ ،‬و ُم َ ِّ‬


‫ص ُفه‪ ،‬كام قال تعاىل‪( :‬ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ)‬

‫وترصف‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫((( زاد املعاد (‪ ،)323/2‬باختصار‬
‫((( روا ُه مسلم (‪.)2577‬‬
‫((( القول املفيد (‪ ،)244 ،241/2‬رشح كتاب التوحيد للغنيامن (‪.)351/2‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 155‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪154‬‬

‫مان‪ ،‬أو َمكْرو ٌه ِم َن األ ْم ِر؛‬


‫الز ِ‬ ‫أصاب ْم ِشــدَّ ٌة ِم َن َّ‬‫َُ‬
‫وكان ِمن ِ‬
‫عادة ِ‬
‫أهل اجلاهل َّية إذا‬ ‫َ ْ‬
‫أضافو ُه إىل الدَّ ْه ِر‪ ،‬وســ ُّبوه‪ ،‬فقالوا‪ :‬يا َخيب َة الدَّ ْه ِر‪ُ ،‬ب ْؤ ًسا للدَّ ْه ِر‪ ،‬وت ًّبا للدَّ ْه ِر‪ْ ،‬‬
‫ونح َو‬
‫عال إىل الدَّ ْه ِر‪ ،‬و َي ُس ُّبونه‪.‬‬ ‫تلك األ ْف َ‬ ‫ذلك ِم َن ال َق ْو ِل‪ ،‬ف ُي ْسنِدون َ‬
‫َ‬

‫ب الدَّ ْه ِر‬ ‫ِ‬


‫فكأنم إنَّام َســ ُّبوا اهللَ ‪D‬؛ فلهذا ُن َي عن َس ِّ‬
‫هو اهللُ تعاىل‪َّ ،‬‬ ‫وإنَّام فاع ُلها َ‬
‫ِ‬
‫األفعال‪.‬‬ ‫هو الدَّ ْه ُر الذي َي ْعنونَه‪ ،‬و ُي ْسنِ َ‬
‫دون إليه َ‬
‫تلك‬ ‫ألن اهللَ َ‬ ‫هبذا االعتِ ِ‬
‫بار؛ َّ‬

‫أدب م َعه ‪‬؛ َّ‬


‫ألن اهللَ تعاىل هو الذي‬ ‫فسب الدَّ ه ِر ِ‬
‫فيه أذ َّي ٌة هللِ تعاىل‪ ،‬وسو ُء ٍ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لوق م ْن خملوقات اهلل(((‪.‬‬ ‫مان‪ ،‬وال ف ْع َل له‪َ ،‬ب ْل َ‬
‫هو َم ٌ‬ ‫الز ُ‬
‫األمور‪ ،‬والدَّ ْهر هو َّ‬
‫َ‬ ‫ُيقدِّ ر‬
‫ثالث ِ‬
‫مفاسدَ عظيم ٌة‪:‬‬ ‫َي ُ‬
‫قول اإلما ُم اب ُن الق ِّي ِم ‪« :V‬يف هذا ُ‬

‫فإن الدَّ ْه َر َخ ْل ٌق ُم َس َّخ ٌر ِمن َخ ْلق‬


‫ب؛ َّ‬ ‫ليس ٍ‬
‫بأهل ْ‬
‫أن ُي َس َّ‬ ‫ــب َمن َ‬ ‫• •إحداها‪َ :‬س ُّ‬
‫أول َّ‬
‫بالذ ِّم منه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫لتسخريه‪ ،‬فسا ُّبه َ‬ ‫اهلل‪ُ ،‬منقا ٌد ِ‬
‫ألمره‪ُ ،‬م َذ َّل ٌل‬

‫يض‪ ،‬و َين َف ُع‪ ،‬وأنَّه‬‫للشك؛ فإنَّه إنَّام س َّبه لظنِّه أنَّه ُ ُّ‬ ‫أن ســ َّبه ُمت ََض ِّم ٌن ِّ ْ‬ ‫• •الثاني ُة‪َّ :‬‬
‫ور َف َع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الض َر‪ ،‬وأ ْع َطى َم ْن ال َي ْستَح ُّق ال َعطا َء‪َ ،‬‬ ‫رض َمن ال َي ْســتَح ُّق َّ َ‬ ‫ظامل ٌ قد َّ‬
‫هم الدَّ ْه َر‬ ‫احل ْر َ‬ ‫َح ُّق ِ‬‫َح ُّق الرفع َة‪ ،‬وحرم من ال يست ِ‬ ‫من ال يست ِ‬
‫بعض ُ‬ ‫مان‪ ،‬وي ُعدُّ ُ‬ ‫َْ‬ ‫ََ َ َ‬ ‫ِّ َ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬
‫ال‬‫الج َّه ِ‬ ‫ِ‬ ‫أشــعار كثري ٌة ِجدًّ ا‪،‬‬ ‫مة! وهل ُ ْم يف َ‬ ‫ِمــن أظ َل ِم ال َّظ َل ِ‬
‫وكثــر م َن ُ‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ذلك‬
‫ِ‬
‫وتقبيحه!‬ ‫ص ُح ب َل ْعنِه‪،‬‬
‫ُي َ ِّ‬
‫أن الســب ِمنْهم إنَّام يقع عــى من َفع َل ِ‬
‫َ‬
‫األفعــال‪ ،‬وهو اهللُ‬ ‫هذه‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫• •الثالثــ ُة‪ُ َّ َّ َّ :‬‬
‫ِ‬ ‫‪ ،‬التي َل ِو ا َّت َب َع ُّ‬
‫واألرض‪،‬‬
‫ُ‬ ‫اموات‪،‬‬
‫ُ‬ ‫احلق فيها أهوا َء ُهم؛ ل َف َسدَ ت َّ‬
‫الس‬
‫وإذا واف َقت أهواءهم‪َ ،‬حِدوا الدَّ هر‪ ،‬وأثنَوا ِ‬
‫عليه!‬ ‫ْ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬

‫الرب (‪،)551/8‬‬
‫الس َنن (‪ ،)158/4‬االستذكار البن عبد ّ‬
‫((( أعالم احلديث للخطايب (‪ ،)1904/3‬معامل ُّ‬
‫الس َّنة للبغوي (‪ ،)357/12‬رشح النووي عىل صحيح مسلم (‪ ،)3/15‬جمموع الفتاوى البن‬
‫رشح ُّ‬
‫تيمية (‪ ،)493/2‬تفسري ابن كثري (‪.)279/7 ،480/6‬‬‫َّ‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 154‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪153‬‬

‫الحديث الحادي والعشرون‬

‫سول ال َّل ِه ‪:H‬‬


‫ُ‬ ‫ن أَبي ُهرَيْرَ َة ‪ ،I‬قال‪ :‬قال ر َ‬
‫َع ْ‬

‫ــر‪َ ،‬وأَنا ال َّد ْهرُ‪ ،‬بيَدي األ َ ْمرُ‪،‬‬


‫س ُّــب ال َّد ْه َ‬
‫م‪ ،‬ي َ ُ‬ ‫«قال اهللُ ‪ :D‬ي ُ ْؤذيني ا ْب ُ‬
‫ن آ َد َ‬
‫ل‪ ،‬والنَّهارَ»(((‪.‬‬ ‫أ ُ َقلِّ ُ‬
‫ب اللَّ ْي َ‬

‫وفي رواي ٍة‪« :‬ال تَقولوا‪َ :‬خ ْيب َ َة ال َّد ْه ِر؛ َفإِ َّن اللَّ َه ه َو ال َّد ْهرُ»(((‪.‬‬

‫خ ْيب َ َ‬
‫ة‬ ‫قول‪ :‬يا َ‬
‫ُ‬ ‫م‪ ،‬ي َ‬ ‫ــن آ َد َ‬ ‫م‪« :‬قــال اهللُ ‪ :D‬ي ُ ْؤذيني ا ْب ُ‬ ‫لمســل ِ ٍ‬ ‫فظ ُ‬ ‫وفــي لَ ٍ‬
‫ب ل َ ْيل َ ُه َونَهار َ ُه‪،‬‬ ‫ة ال َّد ْه ِر؛ َفإِنِّي أَنا ال َّد ْهرُ‪ ،‬أ ُ َقل ِّ ُ‬
‫خ ْيب َ َ‬
‫م‪ :‬يا َ‬ ‫ح ُد ُ‬
‫ك ْ‬ ‫نأَ َ‬
‫ال َّد ْه ِر‪َ ،‬فال يَقول َ َّ‬
‫ضت ُ ُهما»‪.‬‬ ‫ش ْئ ُ‬
‫ت َقب َ ْ‬ ‫َفإِذا ِ‬

‫مع اهللِ‬ ‫ب‪ :‬األدب مــع اهللِ تعاىل‪ ،‬وتعظيمه‪ ،‬وتوقريه‪ِ ،‬‬
‫ومــ َن التأ ُّد ِ‬ ‫رأس األ َد ِ‬
‫ب َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫سب‬ ‫ديث ال ُق ُّ‬
‫ديس‪ ،‬ب َعد ِم ِّ‬ ‫الح ُ‬ ‫تعاىل‪ :‬التأ ُّد ُب م َع ُه يف األلفاظ‪ ،‬وهذا ما َ‬
‫أرشــدَ له هذا َ‬
‫يقول ‪َ -‬م َث ًل‪ :-‬يا َخيب َة الدَّ ْه ِر‪ ،‬ومث ُله‪:‬‬
‫بأن َ‬ ‫الدَّ ْه ِر‪ْ ،‬‬

‫ونحو‬ ‫عضنا الدَّ ْه ُر بنابِه‪،‬‬


‫الز َم ُن‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫عليــه َّ‬ ‫جار‬ ‫الز ِ‬
‫يا َل َغدْ ِر َّ‬
‫ُ‬ ‫عيل‪َ ،‬‬
‫والزم ُن َّ‬
‫أنت َّ‬
‫مان‪َ ،‬‬
‫ذلِك‪.‬‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)4826‬ومسلم (‪.)2246‬‬


‫((( رواه البخاري (‪ ،)6182‬ومسلم (‪.)2246‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 153‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪152‬‬

‫والج ِ‬
‫نوب(((‪.‬‬ ‫امل‪َ ،‬‬ ‫كالقب َل ِة‪َّ ،‬‬
‫والش ِ‬ ‫األماك ِن‪ِ ،‬‬
‫ِ‬ ‫وكذلك االستِ ُ‬
‫دالل هبا عىل‬ ‫َ‬

‫واخلســوف‪،‬‬ ‫وأوقات الكُســوف‪ُ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫قس‪ ،‬وال َب ْح ُ‬


‫ث عنْها‪،‬‬ ‫ِ‬
‫أحوال ال َّط ِ‬ ‫َّأمــا َم ْع ِر َف ُة‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َدخل يف التَّنجيــ ِم‪ ،‬أو ا ِّدعاء ع ْل ِم ال َغ ْيب؛ َّ‬
‫ألنا‬ ‫ذلك‪َ :‬فال ت ُ‬ ‫األمطار‪ ،‬وت ََو ُّقع َ‬ ‫ونُــزول‬
‫وليس فيها اعتقا ٌد َّ‬
‫أن‬ ‫وجتارب‪ ،‬و َن َظ ٍر يف ُســن َِن اهللِ الكون َّية‪َ ،‬‬
‫ِ‬ ‫أمور ِح ِّســ َّي ٍة‪،‬‬ ‫تُبنَى عىل ٍ‬
‫األحوال األرض َّي ِة(((‪.‬‬
‫ِ‬ ‫تأثريا يف‬‫للنُّجو ِم ً‬
‫وكــال إيامنِه‪ ،‬حتَّى َي ْع َ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫ديــث‪ :‬أنَّه ال َيتِ ُّم توحيدُ ال َع ْب ِد‪،‬‬ ‫الح‬ ‫ِ‬
‫رتف‬ ‫فالمقصو ُد م َن َ‬ ‫َ‬
‫الخ ْل ِق‪ ،‬و ُيضي َفها إىل اهللِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اهرة والباطنَــة عليه‪ ،‬وعىل مجي ِع َ‬ ‫بتفرد اهللِ تعاىل بالنِّ َع ِم ال َّظ َ‬
‫ُّ‬
‫ستعني بنِ َعم اهللِ تعاىل عىل ِذك ِْره‬
‫َ‬ ‫بتفر ِده بدَ ْف ِع النِّ َقم‪ ،‬و َي‬
‫ف ُّ‬ ‫عت َ‬ ‫تعاىل َق ْو ًل‪ِ ،‬‬
‫واعتا ًفا‪ ،‬و َي َ ِ‬
‫وح ْس ِن ِعبا َدتِه(((‪.‬‬‫وشك ِْره‪ُ ،‬‬ ‫ُ‬

‫((( تيسري العزيز احلميد (ص‪ ،)378‬والقول املفيد (‪.)520/1‬‬


‫((( فتاوى اللجنة الدائمة (‪.https://islamqa.info/ar/83837 ،)635/1‬‬
‫((( القول السديد للسعدي (ص‪.)110‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 152‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪151‬‬ ‫احلديث العرشون‪« :‬هل تدرون ماذا قال ربكم؟‪»...‬‬

‫«م ْن ا ْق َت َب َس ِع ْل ًم ِم َن النُّجومِ؛ ا ْق َت َب َس ُش ْع َب ًة ِم َن‬ ‫ِِ‬


‫َّنجيم ُم َّر ٌم؛ لقوله ‪َ :H‬‬
‫والت ُ‬
‫الس ْح ِر‪ ،‬زا َد ما زا َد»(((‪.‬‬
‫ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫االســتدالل باألحــوال الفلك َّية عىل احلــوادث األرض َّية التي َل ْ‬ ‫هو‪:‬‬
‫َّنجيم َ‬
‫والت ُ‬
‫ث‬ ‫واد ِ‬
‫وبي الح ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫َت َقع‪ ،‬وهذا يســمى ِ‬
‫«ع ْلم‬
‫فاألحوال الفلك َّية ال َعالقة ب ْينَها ْ َ َ‬ ‫التأثري»‪،‬‬ ‫ُ َّ‬ ‫ْ‬
‫األرض َّي ِة‪.‬‬
‫ِ‬
‫ياطني‪،‬‬ ‫لش‬ ‫َث‪ :‬جع َلها زينَ ًة لِلس ِ‬
‫امء‪َ ،‬و ُرجو ًما لِ َّ‬ ‫«خ َل َق اهللُ ه ِذ ِه النُّجوم لِ َثال ٍ‬
‫قال قتا َدةُ‪َ :‬‬
‫َّ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َمات يتَدَ ى ِبا‪َ ،‬فمن ت ََأو َل فيها بِ َغ ِ ِ‬ ‫و َعال ٍ‬
‫ف ما‬ ‫ــر َذل َك َأ ْخ َط َأ‪َ ،‬و َأ َ‬
‫ضاع نَصي َب ُه‪َ ،‬و َت َك َّل َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ َّ‬ ‫ُْ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الَ ع ْل َم َل ُه بِه»(((‪.‬‬
‫ِ‬
‫الفاعل ُة المختار ُة ِ‬ ‫ِ‬
‫لذاتا‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫المد ِّبر ُة‬
‫هي ُ‬‫السامو َّي َة‪َ ،‬‬
‫أن النُّجو َم‪ ،‬واألجرا َم َّ‬ ‫فإن اعتقدَ َّ‬
‫هو اهللُ تعاىل‪ ،‬ولكنَّه ج َع َل‬ ‫وإن اعتقدَ َّ‬ ‫سلمني‪ِ ،‬‬
‫المد ِّب َر َ‬ ‫اخلالق ُ‬
‫َ‬ ‫بأن‬ ‫َ‬ ‫ُفر بإمجا ِع ُ‬
‫الم‬ ‫فهذا ك ٌ‬
‫ــوادث َقب َل حدوثِها‪ ،‬أو أنا أســباب هلا؛ فهذا ِ‬
‫قد‬ ‫ِ‬ ‫الح‬ ‫ِ‬
‫َواكب َد َ‬
‫ٌ‬ ‫َّ‬ ‫ْ ُ‬ ‫الئل عىل َ‬ ‫ســر الك‬
‫َ‬ ‫َم‬
‫تكفري ِه عىل َق ْو َلني(((‪.‬‬
‫ِ‬ ‫اخت ُِلف يف‬
‫واألوقات؛ فهذا جائِزٌ‪ ،‬ويســمى ِ‬
‫«ع ْلم‬ ‫ِ‬ ‫اجل ِ‬
‫هات‪،‬‬ ‫َّأما االســتِ ُ‬
‫دالل بالنُّجو ِم عىل ِ‬
‫ُ َّ‬
‫الت ِ‬
‫َّيسري»‪.‬‬
‫الة َّإل ِ‬
‫بــه؛ قال تعاىل‪( :‬ﭝﭞ‬ ‫أوقات الص ِ‬ ‫يكون ِ‬
‫واج ًبــا إذا َل ْ ُي ْع َرف‬ ‫ُ‬ ‫و َقــدْ‬
‫ُ َّ‬
‫ﭟ ﭠ ﭡ) [النحل‪.]١٦ :‬‬

‫بأس بِ ِه‪ِ ،‬م ْثل ْ‬


‫أن ُيقــال‪ :‬إذا َط َل َع الن َّْج ُم‬ ‫ِ‬ ‫فاالســتِ ُ‬
‫دالل بالنُّجو ِم عىل األزمــان ال َ‬
‫الربيعِ‪.‬‬
‫وقت َّ‬ ‫َ‬
‫ودخل ُ‬ ‫السيل‪،‬‬‫وقت َّ‬ ‫دخل ُ‬‫الين َ‬
‫ال ُف ُّ‬
‫وصححه النووي والعراقي‪ ،‬واأللباين يف صحيح‬
‫َّ‬ ‫((( رواه أبو داود (‪ ،)3905‬وابن ماجه (‪،)3726‬‬
‫اجلامع (‪.)6074‬‬
‫((( رواه البخاري مع َّلقًا بصيغة اجلزم (‪ ،)107/4‬ووصله الطربي يف تفسريه (‪ ،)185/17‬بسند صحيح‪.‬‬
‫((( تيسري العزيز احلميد (ص‪.)378‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 151‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪150‬‬

‫القــول‪ ،‬واالعتِ ِ‬
‫قاد؛ ف َع ْن َأيب ُه َر ْي َرةَ‪َ ،‬أ َّن‬ ‫ِ‬ ‫َّهي َع ْن هذا‬ ‫ٍ‬
‫آخر الن ُ‬
‫جاء يف حديث َ‬
‫وقــد َ‬
‫سول اهللِ ‪ H‬قال‪« :‬ال َعدْ َوى‪َ ،‬وال َ‬
‫هام َة(((‪َ ،‬وال ن َْو َء(((‪َ ،‬وال َص َف َر(((»(((‪.‬‬ ‫َر َ‬
‫الناس إذا أصابه َشء سء‪« :‬هذا ِمن ِ‬
‫سوء ال َّطالِع»‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ريب ِم ْن هذا‪َ :‬ق ْو ُل‬
‫ْ‬ ‫ٌ َ ِّ ٌ‬ ‫َ‬ ‫بعض‬ ‫و َق ٌ‬
‫سار قال‪« :‬هذا ِم ْن ُح ْس ِن الطالِعِ»!‬
‫حص َل له أ ْم ٌر ٌّ‬
‫وإذا َ‬
‫و«الطالِع» هو‪ :‬النَّجم الطالِع يف الس ِ‬
‫امء‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ ُ‬

‫«من ُح ْسن الطالِع»‪،‬‬


‫عبارت‪ِ :‬‬
‫َْ‬ ‫ُ‬
‫استعامل‬ ‫«حيرم‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫فتاوى اللجنة الدَّ ائ َمة‪ُ :‬‬‫وقد جا َء يف َ‬
‫‪-‬حسنًا‪ ،‬أو سو ًءا‪-‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فيهام نِ ْسب َة‬ ‫و«من سوء الطالِع»؛ َّ‬
‫ألن ِ‬ ‫ِ‬
‫الحوادث الك َْون َّية ُ‬
‫التأثري يف َ‬
‫وليس ْت سب ًبا يف َسعا َد ٍة‪ ،‬أو ن َْح ٍ‬
‫س‪ ،‬قال‬ ‫المطالِع‪ ،‬وهي ال َت ْ ِلك ِمن َ‬
‫ذلك شــي ًئا‪َ ،‬‬ ‫إىل َ‬
‫اهللُ تعاىل‪( :‬ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ) » [األعراف‪.]٥٤ :‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عتقدُ َّ ِ ِ‬
‫القائ ُل ي ِ‬
‫كان ِ‬
‫ش ٌك‬
‫فهو ْ‬‫أن هذه املطال َع فاعل ٌة بنفسها م ْن دون اهللِ تعاىل؛ َ‬ ‫َ‬ ‫فإن َ‬
‫ْ‬
‫فهو ِمن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األمور ك َّلها بيد اهللِ ْ‬
‫وحدَ ه‪ ،‬ولك ْن تل َّفظ بذل َك فقط؛ َ‬ ‫َ‬ ‫أن‬‫كان َيعتقدُ َّ‬
‫وإن َ‬
‫أكب‪ْ ،‬‬ ‫َُ‬
‫ب»(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الواج ِ‬ ‫ِ‬
‫َّوحيد‬ ‫ِ‬
‫األلفاظ الذي ُينايف ك َ‬
‫َامل الت‬ ‫ش ِك‬ ‫ِ‬
‫ْ‬

‫الش ِك؛‬ ‫هــو ن َْو ٌع ِم َن ِّ‬ ‫ِ‬


‫ثيمني ‪« :V‬هذا م َن التَّنجي ِم الذي َ‬ ‫الش ُ‬
‫ــيخ اب ُن ُع َ‬ ‫وقال َّ‬
‫وادث األرضي ِة‪ ،‬ب ِل األمر ِ‬
‫بيد اهللِ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫الح‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وذلك َّ‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫َّ َ‬ ‫تأثري يف َ‬
‫ألن الطال َع‪ ،‬والغار َب‪ ،‬ليس له ٌ‬
‫وقت»(((‪.‬‬ ‫ب‪ ،‬أو يف أي ٍ‬ ‫اإلنسان يف هذا ال َّطالِعِ‪ْ ،‬أو يف هذا ِ‬
‫الغار ِ‬ ‫ُ‬ ‫سوا ٌء ُولِدَ‬
‫ِّ‬

‫صارت‬
‫امليت إذا مات َ‬
‫اجلاهلية يعتقدون أن ِّ‬
‫َّ‬ ‫((( طائر يطري بالليل‪ ،‬كانوا يتشا َءمون به‪ .‬وقيل‪ :‬كانوا يف‬
‫روحه أو عظامه هام ًة يعني‪ً :‬‬
‫طائرا يطري‪.‬‬
‫ِ‬
‫((( يعني‪ :‬ال نَو َء ُين ِزل املطر أو َّ‬
‫يترصف ويؤ ِّثر فيه‪ ،‬فال تقولوا‪ُ :‬مط ْرنا ب َنوء كذا‪.‬‬
‫((( ال تتشا َءموا بشهر صفر‪ ،‬وال لياليه‪.‬‬
‫((( رواه مسلم (‪.)2220‬‬
‫بترصف يسري‪.‬‬
‫((( فتاوى اللجنة (‪ُّ ،)368/26‬‬
‫((( لقاء الباب املفتوح (‪ ،)12/64‬برتقيم الشاملة‪.‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 150‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪149‬‬ ‫احلديث العرشون‪« :‬هل تدرون ماذا قال ربكم؟‪»...‬‬

‫أصغر‪،‬‬ ‫عليه َش ٌع‪ ،‬وال َقدَ ٌر؛ فهو ِش ٌك‬


‫يدل ِ‬ ‫ِ‬
‫والقاعد ُة أن‪« :‬ك ُّل َم ِن اعتقدَ سب ًبا مل ُّ‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وإن اعتقدَ ه الفاعل بذاته فهو ش ٌك أك ُ‬
‫رب»‪.‬‬

‫دفع ِه‪ ،‬فهذا ِم َن‬


‫ثــا‪ :‬من َلبِس ح ْلقــ ًة‪ ،‬أو َخي ًطا‪ ،‬ونحو ُها؛ لرف ِع البــاء‪ ،‬أو ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫فم ً َ‬ ‫َ‬
‫صاحبِ ِه‪ِ :‬‬
‫فإن اعت َقدَ البِ ُسها‬ ‫ِ‬ ‫ــب َق ْص ِد‬ ‫ُ ِ‬ ‫الش ِك‪ ،‬وقد‬
‫أكب‪ ،‬أو أص َغ َر‪َ ،‬ح َس َ‬
‫شكًا َ َ‬ ‫يكون ْ‬ ‫ِّ‬
‫أن‬‫الربوب َّي ِة؛ ألنَّه اعتقدَ َّ‬ ‫ِ‬
‫أكب يف توحيد ُّ‬ ‫شكًا َ َ‬
‫دون اهللِ؛ فهو م ِ ِ‬
‫رش ٌك ْ‬ ‫ُ‬ ‫بنفسها َ‬ ‫أنا مؤ ِّثر ٌة ِ‬
‫َّ‬
‫َ ِ‬
‫مع اهلل خال ًقا َ‬
‫غري ُه‪.‬‬

‫مرشك ِشكًا أص َغ َر؛ ألنَّه َّملا‬


‫ٌ‬ ‫بنفس ِه؛ فهو‬
‫وإن اعتقدَ أنا سبب‪ ،‬ولكنَّه ليس مؤ ِّثرا ِ‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫َّ َ َ ٌ‬
‫ِ‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫بس َب ٍ‬ ‫اعتقدَ َّ‬
‫ب‪،‬‬ ‫الحك ِم هلذا َّ‬
‫الشء بأنَّه َس َب ٌ‬ ‫شارك اهللَ تعاىل يف ُ‬ ‫ب سب ًبا‪ ،‬فقدْ‬ ‫ليس َ‬ ‫أن ما َ‬
‫ي َع ْله َس َب ًبا‪.‬‬
‫واهللُ تعاىل َل ْ َ ْ‬

‫الم َطر إىل الن َّْو ِء ثالث ُة أقسامٍ‪:‬‬ ‫ِ‬


‫فن ْسب ُة َ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ش ٌك َ ُ‬
‫أكب‪.‬‬ ‫ ‪1 -‬ن ْس َب ُة إجياد‪ :‬فهذا ْ‬

‫ش ٌك أص َغ ُر‪.‬‬‫ِ‬ ‫ ‪2 -‬نِ ْسب ُة َس َب ٍ‬


‫ب‪ :‬فهذا ْ‬

‫قول‪ :‬بِن َْو ِء‬ ‫قول‪ :‬مطِرنا يف ن ِ‬


‫َوء كَذا‪َ ،‬وال َي ُ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ ‪3 -‬ن ْســب ُة وقت‪َ :‬فهذا جائ ٌز‪َ ،‬و َلك ْن َي ُ ُ‬
‫كَذا(((‪.‬‬

‫ثيمني ‪:V‬‬
‫ ‪َ 4 -‬وقال اب ُن ُع َ‬

‫جيوز‪ُ :‬مطرنا يف ن َْو ِء كَذا‪َ ،‬و ّفرقوا‬ ‫ِ‬


‫طرنا بِنَوء كَذا‪َ ،‬و ُ‬ ‫أن َي َ‬
‫قول‪ُ :‬م ْ‬ ‫«قــال العلام ُء‪َ :‬ي ُر ُم ْ‬
‫ببية‪ ،‬و«يف» لِل ّظ ِ‬
‫رفية»(((‪.‬‬ ‫أن «الباء» لِلس ِ‬ ‫َبين َُهام‪ّ :‬‬
‫َ‬ ‫َ ّ‬

‫((( االستذكار (‪ ،)436/2‬التمهيد (‪ ،)285/16‬رشح النووي عىل مسلم (‪ ،)61/2‬فتح الباري البن‬
‫رجب (‪ ،)258/9‬فتح الباري البن حجر (‪ ،)523/2‬القول املفيد (‪.)28/2 ،164/1‬‬
‫((( القول املفيد (‪.)31/2‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 149‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪148‬‬

‫قوط الم َطر‪ ،‬يف ِ‬


‫تربية‪،‬‬ ‫ث العا َّم‪ ،‬وهو ُس ُ َ‬ ‫الحدَ َ‬‫رسول اهللِ ‪ H‬هذا َ‬ ‫ُ‬ ‫فاس َت ْث َم َر‬
‫بــأن امل َط َر ِم ْن فِ ْع ِل اهللِ‬
‫َّ‬ ‫قدي لدَ ى أصحابِ ِه‪ ،‬ون َّب َه ُهم وذك ََّر ُهم‬
‫ب ال َع ِّ‬ ‫وترســيخ اجلانِ ِ‬
‫ِ‬
‫الر ِاز ُق‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ف يف هذا الك َْون‪َّ ،‬‬ ‫ترص ُ‬ ‫وخ ْل ِقه‪ ،‬وت ِ‬‫تعاىل َو ْحدَ ه‪َ ،‬‬
‫الم ِّ‬ ‫هو ُ‬‫َقديره‪ ،‬وأنَّه ‪َ ‬‬
‫الم ِل ُك‪  ،‬ال َش َ‬
‫يك له‪.‬‬ ‫المد ِّب ُر‪َ ،‬‬‫ُ‬
‫وكافر بالك َْو ِ‬
‫كب‪ ،‬ال‬ ‫فهو مؤمــ ٌن باهللِ‪،‬‬ ‫فمن قــال‪« :‬مطِرنا بِ َف ْض ِل اهلل‪ ،‬ور ْ َ ِ ِ‬
‫ٌ‬ ‫حته»؛ َ‬ ‫ََ‬ ‫ُ ْ‬ ‫َ ْ‬
‫تأثريا‪.‬‬ ‫ِ‬
‫يعتقدُ له ً‬
‫قــال تعــاىل‪( :‬ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥﯦ ﯧ ﯨ‬
‫‪ ،]٢٨‬وقــال‪( :‬ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ‬ ‫ﯩ) [الشورى‪:‬‬

‫ﯫ) [األعراف‪ ،]٥٧ :‬وقال‪( :‬ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ‬


‫وإنبات الن ِ‬
‫ِ‬ ‫الم َطر‪،‬‬ ‫ِ‬
‫َّبات‪.‬‬ ‫ﰄ) [الروم‪ ]٥٠ :‬يعني‪ :‬بإنزال َ‬
‫ِ‬
‫بســقوط أو ُطلــو ِع ن َْج ِم كذا وكذا‪ ،‬أو‬ ‫و َمن قال‪ُ « :‬مطِ ْرنا بنَوء كذا وكذا»‪ ،‬أي‪:‬‬
‫ٍ‬
‫أحوال‪:‬‬ ‫يلو ِمن ِ‬
‫ثالثة‬ ‫غيابِه‪ ،‬فال َ ْ‬
‫ْ‬

‫كب ٌ‬ ‫الم َط ِر‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫أن للك َْو ِ‬


‫فاعل‪،‬‬ ‫وأن الك َْو َ‬ ‫َرص ًفا يف نُــزول َ‬
‫كب ت ُّ‬ ‫أن يعتقدَ َّ‬
‫ ‪1 -‬إ َّما ْ‬
‫أهل اجلاهل َّي ِة؛‬
‫بعض ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ــحاب‪ ،‬كام َ‬
‫كان اعتقا ُد‬ ‫للم َط ِر‪َّ ،‬‬
‫والس‬ ‫نشــئ َ‬
‫ٌ‬ ‫مد ِّب ٌر‪ُ ،‬م‬
‫ِ‬ ‫أش َك َ ِ‬ ‫شك يف ك ِ‬
‫غريه‪ ،‬فهذا ش ٌك َ ُ‬
‫أكب‪.‬‬ ‫مع اهلل َ‬ ‫ُفره‪ ،‬وأنَّه ْ َ‬ ‫فهذا ال َّ‬

‫َ‬
‫ــقوط‬ ‫حتِه‪َّ ،‬‬
‫وأن ُس‬ ‫طر م َن اهللِ تعاىل‪َ ،‬‬
‫وبر ْ َ‬ ‫أن الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫أن َ‬
‫يقول هذا‪ُ ،‬م ْعتَقدً ا َّ َ َ‬ ‫ ‪2 -‬وإ َّما ْ‬
‫وقت‬ ‫وقت‪ ،‬وعالم ٌة‪ ،‬اعتبارا بالعاد ِة‪ ،‬فكأنَّــه قال‪« :‬مطِرنا يف ِ‬ ‫الن َّْج ِم لــه ٌ‬
‫ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫النبي‬ ‫وقيل‪َ :‬مكرو ٌه؛ لن ِ‬‫القــول حرا ٌم‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫كذا»؛ فهذا ال ي ْك ُفر‪ِ ،‬‬
‫َهي ِّ‬ ‫لك َّن هذا‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫للذريعة‪.‬‬ ‫عار اجلاهل َّي ِة‪ ،‬وسدًّ ا‬
‫‪ H‬عنه؛ وألنَّه ِم ْن ِش ِ‬

‫ِ‬ ‫أن الم ِ‬


‫ب؛‬
‫الس َب ُ‬
‫هو َّ‬ ‫طر م َن اهللِ َ‬
‫وهو خال ُقه‪ ،‬لك َّن النَّوء َ‬ ‫وإن قال هذا ُمعتقدً ا َّ َ َ‬
‫ ‪ْ 3 -‬‬
‫ليس سب ًبا سب ًبا‪.‬‬ ‫األص َغ َر؛ ألنَّه َ‬ ‫فهذا ِمن ّ ِ‬
‫جعل ما َ‬ ‫الشك ْ‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 148‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪147‬‬

‫الحديث العشرون‬

‫ســول ال َّل ِ‬
‫ه‪H‬‬ ‫ُ‬ ‫نــي ‪ ،I‬أَنَّهُ قــال‪َ :‬‬
‫ص َّلى لَنا ر َ‬ ‫الج َه ِّ‬ ‫ــن زَيْــ ِد بْ ِ‬
‫ــن خالِــ ٍد ُ‬ ‫َع ْ‬
‫ف أ َ ْق َب َ‬
‫ل‬ ‫ن ال َّل ْي َلــ ِة‪َ ،‬ف َل َّما انْ َ‬
‫صرَ َ‬ ‫ــماء((( كانَ ْ‬
‫ت ِم َ‬ ‫ٍ‬ ‫س‬‫الح َديْب َي ِة على إ ِ ْثر ِ َ‬
‫ح بِ ُ‬ ‫صــا َة ُّ‬
‫الص ْبــ ِ‬ ‫َ‬
‫اس؛ َفقال‪:‬‬
‫على ال َّن ِ‬

‫م؟»‪،‬‬
‫ك ْ‬ ‫َل ت َ ْد َ‬
‫رون ماذا قال رَب ُّ ُ‬ ‫«ه ْ‬

‫قالوا‪ُ :‬‬
‫اهلل َورَسو ُلهُ أ َ ْع َل ُ‬
‫م‪،‬‬

‫ل‬
‫ض ِ‬ ‫ط ْرنا ِب َ‬
‫ف ْ‬ ‫ن بي‪َ ،‬وكا ِفرٌ‪َ ،‬فأ َ َّما َم ْ‬
‫ن قال‪ُ :‬م ِ‬ ‫ن ِعبادي ُم ْؤ ِم ٌ‬
‫ح ِم ْ‬ ‫قــال‪« :‬أ َ ْ‬
‫صب َ َ‬
‫كذا‬ ‫ب‪َ ،‬وأ َ َّما َم ْ‬
‫ن قال‪ِ :‬بن َ ْو ِء َ‬ ‫الك ْو َ‬
‫ك ِ‬ ‫ك ُم ْؤ ِم ٌ‬
‫ن بي‪َ ،‬وكا ِفرٌ ِب َ‬ ‫م ِت ِه؛ َف َذ ِل َ‬
‫اللَّ ِه‪َ ،‬ور َ ْح َ‬
‫ب»(((‪.‬‬ ‫الك ْو َ‬
‫ك ِ‬ ‫ك كا ِفرٌ بي‪َ ،‬و ُم ْؤ ِم ٌ‬
‫ن ِب َ‬ ‫كذا؛ َف َذ ِل َ‬
‫َو َ‬

‫ــة أصحابِ ِه عىل‬


‫واقف‪ ،‬يف تربي ِ‬
‫َ‬ ‫والم َ‬ ‫َ‬
‫األحــداث‪َ ،‬‬ ‫ــتثمر‬
‫ُ‬ ‫النبي ‪َ H‬ي ْس‬ ‫كان ُّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫باآلخ َرة‪،‬‬ ‫َّذكــر‬ ‫حيح َخ َطــأ َع َق ٍّ‬
‫دي‪ ،‬أو الت‬ ‫حيحــة‪ ،‬أو ت َْص ِ‬ ‫الص‬
‫اإليــان‪ ،‬وال َعقيدَ ة َّ‬
‫والت ِ‬
‫َّزهيد يف الدُّ نيا‪ ،‬ون َْح ِو َ‬
‫ذلك‪.‬‬

‫((( مطر‪.‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)846‬ومسلم (‪.)71‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 147‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 146 11/17/19 8:56 PM
‫‪145‬‬ ‫عيل الليلة آية‪»...‬‬
‫احلديث التاسع عرش‪« :‬لقد نزلت َّ‬

‫َ‬
‫ِّــرون‪( :‬ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ) [آل عمران‪]١٩١ :‬‬
‫المتفك‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫ؤمنون ُ‬‫الم‬
‫ويقول هــؤالء ُ‬
‫كم ٍة؛ ْبل َخ َل ْقتَه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُشاهدُ ه يف الس ِ‬
‫الذي ن ِ‬
‫واألرض (ﮥ) أي‪َ :‬ع َب ًثا ضائ ًعا بِال ح َ‬ ‫ِ‬ ‫امء‪،‬‬ ‫َّ‬
‫زي َمن‬ ‫زي الذي َن أســاءوا بــا َع ِملوا‪ْ َ ،‬‬
‫وت َ‬ ‫وخ َلقتَه َ‬
‫بالح ِّق؛ لت َْج َ‬ ‫ٍ‬
‫جليل‪َ ،‬‬ ‫أل ْم ٍر عظي ٍم‬
‫ِ‬
‫بالح ْسنَى‪.‬‬
‫حلا ُ‬‫َعم َل صا ً‬
‫باطل‪،‬‬ ‫ث‪ ،‬والباطِل‪ْ ،‬‬
‫وأن َت ُل َق شــي ًئا ً‬ ‫(ﮦ) أي‪ُ :‬نن َِّزه َك عــن هذا العب ِ‬
‫ََ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬
‫ونقص‪.‬‬ ‫ب‪،‬‬ ‫كل َع ْي ٍ‬
‫و ُنن َِّز ُهك عن ِّ‬
‫داية ِ‬
‫واهل ِ‬ ‫ــح‪ِ ،‬‬
‫الصالِ ِ‬ ‫ب الت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إليه؛‬ ‫َّوفيق لل َع َم ِل َّ‬ ‫المتفكِّري َن فيه ط َل ُ‬
‫َســبيح هؤالء ُ‬‫ُ‬ ‫وت‬
‫الجحي ِم؛ ولِذا قالوا‪(:‬ﮧ‬ ‫عــذاب َ‬
‫َ‬
‫ِّهايــة إىل جن ِ‬
‫َّات النَّعي ِم‪ ،‬و َيق َي ُهم‬ ‫ِ‬ ‫هديم يف الن‬
‫ل َي َ ُ‬
‫إليه واق ًيا‪ ،‬وحام ًيا‪ ،‬ودافِ ًعا‬
‫يكون مــا و َّفقتَنا ِ‬
‫َ‬ ‫ﮨ ﮩ) [آل عمران‪ ]١٩١ :‬أي‪ :‬حتَّى‬
‫عذاب الن َِّار‪.‬‬
‫َ‬ ‫عنَّا‬

‫حص َل ْت َل ُ ُم‬ ‫عــذاب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ذلك ُس َ‬ ‫تضم ُن َ‬


‫النار‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫وقاه ُم اهللُ‬
‫ألنُم إذا ُ‬ ‫ــؤال اجلنَّة؛ َّ‬ ‫«و َي َّ‬
‫ِ‬ ‫اجلن ُة‪ِ ،‬‬
‫األمور عندَ ُهم»(((‪.‬‬ ‫بقلوبِم؛ د َع ُوا اهللَ ِّ‬
‫بأهم‬ ‫ِ‬ ‫ف‬ ‫ولكن َّملا قا َم َ‬
‫الخ ْو ُ‬

‫((( تفسري السعدي (ص‪.)161‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 145‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪144‬‬

‫س ِم َن اهللِ‪،‬‬ ‫فإن َل ْ ت َْستَطِ ْع‪ ،‬فاذك ُْر ُه َ‬


‫وأنت عىل جنبِ َك‪ُ ،‬ي ْ ٌ‬ ‫ت َْســتَطِ ْع‪ ،‬فاذك ُْر ُه َ‬
‫وأنت قاعدٌ ‪ْ ،‬‬
‫وختفيف»(((‪.‬‬
‫ٌ‬

‫بارا‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫(ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ) [آل عمران‪ ]١٩١ :‬استِ ً‬


‫دالل‪ ،‬واعت ً‬
‫فيهام‪ ،‬فيقودهم هذا إىل تعظي ِم ِ‬
‫خالق ِهام‪ ،‬وليدُ َّلم‬ ‫ِِ‬
‫وإتقانام‪ ،‬وما أ ْبدَ َع اهللُ ِ‬ ‫يف ص ِ‬
‫نع ِهام‪،‬‬
‫ُُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عىل كامل ُقدرته‪ ،‬ف ُي َع ِّظموه‪َ ،‬‬
‫وي َْش ْو ُه‪.‬‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫«أن اهللَ تعاىل َّملا َذك ََر َد َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وم َن ال َّل‬
‫الئل اإلهل َّية‪ ،‬وال ُقدرة‪ ،‬واحلكْمة‪َ ،‬‬
‫وهو ما‬ ‫طائــف‪َّ :‬‬
‫َّصل بال ُعبود َّي ِة‪.‬‬
‫الربوب َّية؛ َذك ََر َب ْعدَ ها ما َيت ُ‬ ‫ِ‬
‫بتقرير ُّ‬ ‫يت ُ‬
‫َّصل‬

‫مل‬ ‫بالقلب‪ ،‬واإلقرار بال ِّل ِ‬


‫سان‪ ،‬وال َع ُ‬ ‫ِ‬ ‫وأصناف ال ُعبود َّية ثالث ُة أقســامٍ‪ :‬الت‬
‫َّصديق‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ُ‬
‫بالج ِ‬
‫وار ِح‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقو ُله تعاىل‪( :‬ﮖ ﮗ) [آل عمران‪ ]١٩١ :‬إشار ٌة إىل ُعبودية ال ِّل ِ‬
‫سان‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬

‫وقو ُلــه‪( :‬ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ) [آل عمران‪ ]١٩١ :‬إشــار ٌة إىل ُعبود َّيــة‬
‫ِ‬
‫واألعضاء‪.‬‬ ‫الج ِ‬
‫وارح‪،‬‬ ‫َ‬

‫وقو ُلــه‪( :‬ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ) [آل عمران‪ ]١٩١ :‬إشــار ٌة إىل‬


‫ِ‬
‫لب‪ ،‬والفك ِْر‪ُّ ،‬‬
‫والر ِ‬
‫وح‪.‬‬ ‫ُعبود َّية ال َق ِ‬

‫ُ‬
‫واألركان‬ ‫الذك ِْر‪،‬‬ ‫سان ُم ِ‬
‫ستغر ًقا يف ِّ‬ ‫كان ال ِّل ُ‬
‫جموع‪ ،‬فإذا َ‬
‫ُ‬ ‫ليس َّإل هذا َ‬
‫الم‬ ‫ُ‬
‫واإلنسان َ‬
‫أجزائ ِه يف ال ُعبود َّي ِة‪.‬‬
‫ِ‬
‫ستغر ًقا َ‬
‫بجمي ِع‬ ‫نان يف ِ‬
‫الفك ِْر؛ كان هذا ال َعبدُ ُم ِ‬ ‫الشك ِْر‪َ ،‬‬
‫والج ُ‬ ‫يف ُّ‬
‫كــال الربوبي ِ‬
‫ــة‪( :‬ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ‬ ‫ِ ُّ َّ‬ ‫األول دا َّل ٌة عــى‬
‫َ‬ ‫فاآليــ ُة‬
‫وهــذ ِه اآلي ُة دا َّل ٌة عىل‬
‫ِ‬ ‫ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ) [آل عمران‪]١٩٠ :‬‬
‫‪،‬‬

‫ِ‬
‫كامل ال ُعبود َّية»(((‪.‬‬

‫((( تفسري ابن أيب حاتم (‪.)842/3‬‬


‫((( تفسري الرازي (‪.)459/9‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 144‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪143‬‬ ‫عيل الليلة آية‪»...‬‬
‫احلديث التاسع عرش‪« :‬لقد نزلت َّ‬

‫اآليات‬
‫ُ‬ ‫ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌﮍ ﮎ ﮏ) [آل عمران‪ ،]١٩٧-١٩٦ :‬وهــذه‬
‫َثري ِم ْن َذلِ َك»(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫جام َع ٌة لك ٍ‬

‫وقو ُلــ ُه تعــاىل‪( :‬ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ) [آل عمران‪ ]١٩٠ :‬أي‪ :‬يف‬


‫فات‪ِ ،‬م َن اإلبداعِ‪ ،‬واإلحكا ِم‪.‬‬
‫هذ ِه الص ِ‬
‫ِّ‬
‫وإنشائ ِهام‪ ،‬عىل ِ‬
‫ِ‬ ‫إجياد ِها‪،‬‬
‫ِ‬

‫والقم ِر‪ ،‬والنُّجو ِم‪،‬‬


‫َ‬ ‫ِّســاعها‪ ،‬وما فيها ِم َن َّ‬
‫الش ِ‬
‫مس‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ارتفاعها‪ ،‬وات‬ ‫اموات‪ :‬يف‬
‫ُ‬ ‫فالس‬
‫َّ‬
‫والزينَة‪ِ.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الس َّيارة‪ ،‬والثابتَة‪ِّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫والكواك ِ‬
‫ب َّ‬
‫واجل ِ‬
‫بال‪،‬‬ ‫حار‪ِ ،‬‬‫َذليلها‪ ،‬وما فيها ِمــ َن البِ ِ‬
‫فاضها‪ ،‬وبســطِها‪ ،‬وت ِ‬
‫َْ‬
‫واألرض‪ :‬يف ِ‬
‫انخ ِ‬ ‫ُ‬
‫وغري ذلِ َك‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واحليوان‪،‬‬ ‫امر‪ ،‬وأنوا ِع الم ِ‬
‫عاد ِن‪،‬‬ ‫َ‬ ‫واألشجار‪ ،‬وال ِّث ِ‬
‫ِ‬ ‫فار‪ ،‬والن ِ‬
‫َّبات‪،‬‬ ‫ِ‬
‫والق ِ‬

‫وتفاو ِ ِتام‪ ،‬يف ال ُظ ْل َم ِة‪،‬‬


‫ُ‬ ‫(ﮎ ﮏ ﮐ) [آل عمران‪ ]١٩٠ :‬أي‪ :‬تعا ُقبِ ِهــا‪،‬‬
‫وشــدَّ ةً‪ِ ،‬‬
‫وع ًّزا‪ ،‬و ُذ ًّل‪،‬‬ ‫ص‪ ،‬واختالفِ ِهام حرا‪ ،‬وبردا‪ ،‬ورخاء‪ِ ،‬‬ ‫ول‪ِ ،‬‬
‫والق َ ِ‬ ‫ُّور‪ ،‬وال ُّط ِ‬
‫والن ِ‬
‫ً‬ ‫َ ًّ َ ْ ً‬
‫وهزيم ًة‪ ،‬ونَصا‪ ،‬وسع ًة‪ ،‬وضي ًقا‪ِ ،‬‬
‫وص َّح ًة‪ ،‬و َم َر ًضا‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ْ ً‬
‫وربوب َّيتِه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ ِ‬
‫راهني قاطع ًة ساط َع ًة‪ ،‬عىل ُقدرته ُ‬
‫(ﮑ) [آل عمران‪ِ ]١٩٠ :‬‬
‫واض َح ًة‪ ،‬و َب‬
‫‪.‬‬

‫افية النَّق َّي ِة‪.‬‬


‫قول الص ِ‬
‫ألصحاب ال ُع ِ َّ‬
‫ِ‬ ‫(ﮒ ﮓ) [آل عمران‪ ]١٩٠ :‬أي‪:‬‬
‫قول؛ ألنم هم ِ‬
‫املنتفعون هبا‪،‬‬ ‫أهل ال ُع ِ‬
‫وه ْم ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّ ُ ُ ُ‬ ‫األلباب‪ُ ،‬‬ ‫باآليــات أويل‬ ‫«وخص اهللُ‬
‫َّ‬
‫بأبصار ِهم»(((‪.‬‬
‫ِ‬ ‫رون إليها بع ِ‬
‫قولم ال‬ ‫النَّاظِ َ‬
‫ُ‬

‫كرا‪ ،‬قيا ًما‪ ،‬و ُقعو ًدا‪ ،‬وعىل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ــم َذك ََر اهللُ تعاىل َّ‬
‫كــرا‪ ،‬وذ ً‬‫األلباب َيع ُبدو َن ُه ف ً‬ ‫أن أويل‬ ‫ُث َّ‬
‫ســائ ِر أحوالم؛ فقال‪( :‬ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ) [آل عمران‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬

‫فإن َل ْ‬
‫قائم‪ْ ،‬‬
‫وأنت ٌ‬ ‫«هذ ِه حاالتُك ك ُّلها يا ابــ َن آ َد َم‪ ،‬اذك ُِر اهللَ َ‬
‫‪ ]١٩١‬قــال قتاد ُة ‪ِ :V‬‬
‫َ‬

‫بترصف‪.‬‬
‫((( التوضيح رشح اجلامع الصحيح البن امللقّن (‪ُّ ،)187/22‬‬
‫((( تفسري السعدي (ص‪.)161‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 143‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪142‬‬

‫ِ‬
‫قالت‪ُ :‬ث َّم َبكَى‪َ ،‬ف َل ْم َي َز ْل َي ْبكي َحتَّى َب َّل ْ‬
‫ل َي َت ُه‪.‬‬ ‫ْ‬

‫قالت‪ُ :‬ث َّم َبكَى‪َ ،‬ف َل ْم َي َز ْل َي ْبكي َحتَّى َب َّل األَ ْر َض‪.‬‬
‫ْ‬

‫سول اهلل‪ِ ،‬ل َ َت ْبكي َو َقدْ َغ َف َر اهلل‬ ‫الل ي ْؤ ِذ ُنه بِالص ِ‬


‫الة‪َ ،‬ف َل َّم َرآ ُه َي ْبكي قال‪ :‬يا َر َ‬ ‫َفجا َء بِ ٌ ُ ُ َّ‬
‫كورا؟ َل َقدْ ن ََز َل ْت َع َ َّل ال َّل ْي َل َة آ َي ٌة َو ْي ٌل‬ ‫َل َك ما َت َقدَّ َم‪َ ،‬وما ت ََأ َّخ َر؟ قال‪َ « :‬أ َفال َأ ُ‬
‫كون َع ْبدً ا َش ً‬
‫َلِ ْن َق َر َأهــا َو َل ْ َي َت َفك َّْر فيها‪( :‬ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ‬
‫ﮑ ﮒ ﮓ) [آل عمران‪ ]١٩٠ :‬اآلي َة ك َّلها»‪.‬‬

‫زاعي َع ْن َأ ْدنَى مــا َيتَعلق بِ ِه ا ُمل َت َع ِّل ُق‬


‫ــأ ْل ُت األَ ْو َّ‬ ‫امن‪َ :‬س َ‬
‫ح ِن ْب ُن ُســ َل ْي َ‬
‫الر ْ َ‬
‫قال َع ْبدُ َّ‬
‫ِ ِ‬ ‫الفك ِْر ِ‬ ‫ِمــن ِ‬
‫هو‬ ‫الو ْي ِل؟ َف َأ ْط َ‬
‫ــر َق ُهنَ َّي ًة‪ُ ،‬ث َّم قال‪َ « :‬ي ْق َر ُؤ ُه َّن َو َ‬ ‫فيه َّن‪َ ،‬وما ُينْجيه م ْن هذا َ‬ ‫َ‬
‫َي ْع ِق ُل ُهن»(((‪.‬‬
‫آل ِ‬ ‫اآليات الع ْش ِمن ِ‬
‫آخ ِر ِ‬ ‫ِ‬ ‫هذ ِه‬
‫كان ي ْقر ُأ ِ‬
‫مران‬
‫ ع َ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫رسول اهللِ ‪َ َ َ H‬‬ ‫َ‬ ‫أن‬
‫ت َّ‬ ‫و َقدْ َث َب َ‬
‫ــه‪( :‬ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ‬ ‫إذا قــا َم ِم َن ال َّل ِ‬
‫يل لِتَهج ِد ِه‪ِ ،‬من قولِ ِ‬
‫ْ‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬
‫ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ) [آل عمران‪ ]١٩٠ :‬إىل آخ ِر ُّ‬
‫السورة(((‪.‬‬

‫بالنبي‬
‫ِّ‬ ‫اآليات؛ اقتِدا ًء‬
‫ِ‬ ‫هذ ِه‬
‫أن يتلو ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬
‫للمســ َت ْيقظ م ْن نومه ْ َ‬
‫ب ُ‬‫لامء‪ُ « :‬ي ْســت ََح ُّ‬
‫قال ال ُع ُ‬
‫َــدئ ب َع َظ َمة ر ِّب ِه‪ُ ،‬ث َّم ِذك ِْر اهللِ‪( :‬ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ‬ ‫‪H‬؛ ألنَّه يبت ِ‬
‫َ‬
‫العبا َد ِة‪( :‬ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ‬ ‫إليه ِمن ِ‬
‫َ‬
‫ﮚ ﮛ) [آل عمران‪ ،]١٩١ :‬وما نَدَ ب ِ‬
‫َ‬
‫ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ) [آل عمران‪( ،]١٩٣ :‬ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ‬
‫ِ‬
‫الثواب‪( :‬ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ‬ ‫ذلك ِمــ َن‬
‫ﭙ) [آل عمران‪ ،]١٩٥ :‬ومــا وعدَ عىل َ‬
‫ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ) [آل عمران‪.]١٩٨ :‬‬
‫وتوعَّــدَ عىل معصيتِ ِه ِمن ِ‬
‫الع ِ‬
‫قاب‪( :‬ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫((( تفسري ابن كثري (‪.)190/2‬‬


‫((( رواه البخاري (‪ ،)183‬ومسلم (‪.)763‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 142‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪141‬‬

‫الحديث التاسع عشر‬

‫سول اهللِ ‪ ،H‬قال‪:‬‬


‫ِ‬ ‫عن ر َ‬ ‫عن عائ ِ َ‬
‫ش َة ‪ْ ،J‬‬ ‫ْ‬

‫ي اللَّ ْيل َ َة آي َ ٌة‪َ ،‬و ْي ٌل ِل َم ْــن َقرَأَها‪َ ،‬ول َ ْم يَت َ َف َّك ْر فيها‪( :‬ﮉ‬
‫عل َ َّ‬ ‫ق ْد نَزَل َ ْ‬
‫ت َ‬ ‫«ل َ َ‬
‫ﮊ ﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑ ﮒﮓﮔﮕ‬
‫ﮖﮗﮘﮙ ﮚﮛﮜﮝ ﮞﮟﮠ ﮡ‬
‫ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ) [آل عمران‪:(((»]١٩١-١٩٠ :‬‬

‫ب ما َر َأ ْت ُه‬ ‫املؤمنني ِ‬
‫عائ َش ُة ‪َ J‬ع ْن أ ْع َج ِ‬ ‫ناسب ٌة‪َ :‬ف َقدْ ُسئ َلت أ ُّم‬ ‫الح ُ‬
‫َ‬ ‫ديث له ُم َ‬ ‫هذا َ‬
‫كان َل ْي َل ٌة من ال َّليايل قال‪« :‬يا عائِ َشــ ُة‪َ ،‬ذريني‬
‫فقالت‪َّ :‬ملا َ‬
‫ْ‬ ‫ســول اهللِ ‪،َH‬‬ ‫ِ‬ ‫ِم ْن َر‬
‫َأ َت َع َّبدُ ال َّل ْي َل َة لِ َر ِّب»‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫س َك‪.‬‬
‫ب ما َ َّ‬ ‫قالت‪ :‬واهللِ إِ ِّن َلُح ُّ‬
‫ب ُق ْر َب َك‪َ ،‬و ُأح ُّ‬

‫قالت‪َ :‬فقا َم َف َت َط َّه َر‪ُ ،‬ث َّم قا َم ُي َص ِّل‪.‬‬


‫ْ‬

‫قالت‪َ :‬ف َل ْم َي َز ْل َي ْبكي َحتَّى َب َّل ِح ْج َر ُه‪.‬‬


‫ْ‬

‫حبان يف صحيحه (‪ ،)620‬والطحاوي يف رشح مشكل اآلثار (‪ ،)4618‬وأبو الشيخ يف‬


‫((( رواه ابن َّ‬
‫أخالق النبي (‪ ،)568‬وابن املنذر يف تفسريه (‪ ،)532/2‬وصححه شعيب األرناؤوط يف تعليقه عىل‬
‫وجود إسناده األلباين يف الصحيحة (‪.)68‬‬
‫صحيح ابن حبان‪ ،‬عىل رشط مسلم‪َّ ،‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 141‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪140‬‬

‫يكون له ِمنْها‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫األشــياء َملوق ٌة له َمربو َب ٌة‪،‬‬
‫فكيــف‬
‫َ‬ ‫يع‬ ‫َظري له‪ ،‬وال َشــبي َه له‪َ ،‬‬
‫وج ُ‬ ‫ال ن َ‬
‫َو َلدٌ ؟!»(((‪.‬‬

‫كبــرا‪ ،‬ال إل َه َّإل َ‬


‫هو‪،‬‬ ‫ً‬ ‫لوا‬ ‫َ‬
‫الظالمون ُع ًّ‬ ‫ُ‬
‫يقــول‬ ‫ــبحان اهللِ العظي ِم‪ ،‬وتعاىل َّ‬
‫عم‬ ‫َ‬ ‫فس‬
‫ُ‬
‫أحدٌ ‪.‬‬
‫ُفوا َ‬ ‫الصمدُ ‪ ،‬الذي َل ْ َي ِلدْ ‪َ ،‬‬
‫ول ْ يو َلدْ ‪َ ،‬‬
‫ول ْ َي ُك ْن له ك ً‬ ‫األحدُ َّ‬
‫الواحدُ َ‬

‫((( تفسري ابن كثري (‪ ،)396/1‬باختصار‪.‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 140‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪139‬‬ ‫احلديث الثامن عرش‪« :‬قال اهلل‪َّ :‬‬
‫كذبني ابن آدم‪ ،‬ومل يكن له ذلك‪»...‬‬

‫ﯴﯵ ﯶﯷ ﯸﯹﯺﯻ ﯼﯽﯾﯿﰀﰁ‬


‫ﰂ ﰃ) [مريم‪.]٩٥-٨٨ :‬‬

‫وقــال ‪( :‬ﮭ ﮮ ﮯ ﮰﮱ ﯓﯔ ﯕ ﯖﯗ ﯘ ﯙ ﯚ‬
‫ﯛ ﯜ ﯝ ﯞﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ‬
‫والكل عَبيدُ ه‪ ،‬ومماليكُه‪ِ ،‬فلي ٍ‬
‫ُّ‬ ‫كل َو ْج ٍه‪،‬‬
‫الغني ِم ْن ِّ‬
‫يشء‬ ‫ِّ‬ ‫ُّ‬ ‫ﯫ) [يونس‪]٦٨ :‬؛ َ‬
‫فهو‬
‫ص يف غنا ُه(((‪.‬‬ ‫َّخذ أحدٌ َولدً ا َّإل لنَ ْق ٍ‬ ‫يت ِ‬
‫َّخ ُذ الولدَ ؟ وال َيت ُ‬

‫وقال ‪( :‬ﮣ ﮤ ﮥ ﮦﮧ ﮨﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯﮰ ﮱ‬
‫ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ) [البقرة‪:‬‬

‫‪.]١١٧-١١٦‬‬

‫افت ْوا‪،‬‬
‫األمر كام َ َ‬
‫«ليس ُ‬‫فهو ‪( ‬ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ) [البقرة‪َ :]١١٦ :‬‬ ‫َ‬
‫وهو خالِ ُقهم‪ِ ،‬‬
‫وراز ُق ُهم‪،‬‬ ‫ترصف ِ‬
‫فيهم‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وإنَّام له ُم ُ‬
‫الم ِّ‬
‫وهو ُ‬
‫واألرض‪َ ،‬‬ ‫اموات‪،‬‬ ‫الس‬
‫لك َّ‬
‫ــخرهم‪ ،‬ومسيهم‪ ،‬ومصفهم كام يشاء‪ ،‬واجلميع عبيدٌ له‪ِ ،‬‬
‫وم ٌ‬
‫لك‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ ِّ‬ ‫ُ َ ِّ ُ‬ ‫و ُمقدِّ ُرهم‪ ،‬و ُم َس ِّ ُ‬
‫يكون له ولدٌ ِمنْهم؟!‬
‫ُ‬ ‫فكيف‬
‫َ‬ ‫له‪،‬‬
‫يكون متو ِّلدً ا ِمن شــي َئي م ِ‬
‫تناســ َب ْ ِ‬
‫ليس َل ُه ٌ‬
‫نظري‪ ،‬وال‬ ‫وهو ‪َ F‬‬ ‫ي‪َ ،‬‬ ‫ْ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ ُ‬ ‫والولدُ إنَّام‬
‫َ‬
‫يكون له َو َلدٌ ؟!‬
‫ُ‬ ‫فكيف‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫صاح َب َة له‪،‬‬ ‫وكربيائ ِه‪ ،‬وال‬
‫ِ‬ ‫شار ٌك يف ع َظ َمتِه‪،‬‬ ‫ُم ِ‬

‫كام قال تعاىل‪( :‬ﯸ ﯹ ﯺﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃﰄ ﰅ‬


‫ﰆ ﰇﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ) [األنعام‪.]١٠١ :‬‬

‫وقال تعــاىل‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ‬


‫العظيم‪ ،‬الذي‬
‫ُ‬ ‫فهــو الســ ِّيد‬
‫َ‬ ‫ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ) [اإلخالص‪]٤-١ :‬؛‬

‫((( تفسري السعدي (ص‪.)369‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 139‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪138‬‬

‫لبعث استِبعا ًدا‪( :‬ﭒ‬


‫نكرين لِ ِ‬ ‫ِ‬
‫هلؤالء الم ِ‬ ‫َفأ َم َر اهللُ تعاىل رسو َله ‪َ H‬أ ْن َ‬
‫يقول‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫والقو ِة‪َ ،‬ت ْع ً‬
‫جيزا َلُم‪ ،‬أي‪ :‬است َْش ِعروا‬ ‫َّ‬ ‫الشدَّ ة‪،‬‬ ‫ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ) [اإلرساء‪ ]٥٠ :‬يف ِّ‬
‫القو ِة‪( ،‬ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ)‬ ‫ِ‬
‫يف قلوبِكُــم أ َّنكُم حجارةٌ‪ ،‬أو حديدٌ ‪ ،‬يف َّ‬
‫بال‪.‬‬‫واجل ِ‬ ‫ض‪ِ ،‬‬‫واألر ِ‬ ‫ِ‬
‫اموات‪،‬‬ ‫كالس‬
‫ْ‬ ‫[اإلرساء‪َّ ]٥١ :‬‬
‫‪ ‬عليهم الحج َة يف الب ِ‬
‫عث‪( :‬ﭠ ﭡﭢ ﭣ‬ ‫َ‬ ‫ُقيم ِ ُ ُ َّ‬
‫حــن ت ُ‬
‫َ‬ ‫(ﭟ) [اإلرساء‪]٥١ :‬‬

‫ذكورا؛ فإنَّه‬ ‫ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ) [اإلرساء‪ ]٥١ :‬فكــا َف َط َركُم‪َ ،‬‬


‫ول ْ تكونوا شــي ًئا َم ً‬ ‫‪،‬‬

‫س ُيعيدُ كُم َخ ْل ًقا َجديدً ا (ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ) [األنبياء‪.((( ]١٠٤ :‬‬

‫خ َذ اهللُ َول َ ًدا‪َ ،‬وأَنا‬


‫ق ْولُهُ‪ :‬اتَّ َ‬
‫اي َف َ‬ ‫الشتم‪َ « :-‬وأ َ َّما َ‬
‫ش ْت ُ‬
‫م ُه إيَّ َ‬ ‫وقال يف ال َّثاين َ‬
‫‪-‬وهو ّ ُ‬
‫ك ْف ًئا أ َ َ‬
‫ح ٌد»‪:‬‬ ‫ن لي ُ‬ ‫م يَ ُ‬
‫ك ْ‬ ‫م أ َ ِل ْد‪َ ،‬ول َ ْ‬
‫م أول َ ْد‪َ ،‬ول َ ْ‬ ‫م ُد‪ ،‬ل َ ْ‬
‫الص َ‬ ‫األ َ َ‬
‫ح ُد َّ‬

‫جيــ ِع حاجاتِا‪،‬‬ ‫ِ‬


‫خلوقات‪ ،‬يف َ‬ ‫الم‬ ‫ِ‬ ‫فهو ‪ ‬الــذي ت َْص ِمدُ‬
‫يــع َ‬
‫ج ُ‬ ‫إليــه((( َ‬ ‫َ‬
‫قار‪ ،‬وهو الــذي كَم َل يف ِع ْل ِمه‪ِ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واحلاجة‪ ،‬واالفت ِ‬ ‫بالــذ ِّل‪،‬‬
‫ُّ‬ ‫ِ‬
‫ورضوراتا‪،‬‬ ‫ِ‬
‫وأحوالــا‪،‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وسائ ِر أوصافِ ِه(((‪.‬‬
‫ِ‬ ‫حتِه‪،‬‬
‫ور ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِِ ِ ِ ِ‬
‫وحك َْمته‪ ،‬وحلمه‪ ،‬و ُقدْ َرته‪ ،‬و َع َظ َمته‪َ ،‬‬
‫نس ِ‬
‫والده‪ ،‬واهللُ‬ ‫يكون ِم ْن ِج ِ‬
‫َ‬ ‫والو َلد ال ُبــدَّ ْ‬
‫أن‬ ‫ِ ِ‬
‫الغني ع ْن عباده‪َ ،‬‬
‫ُّ‬ ‫وهــو ‪‬‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫كل يشء‪ ،‬وال شبي َه َله‪ ،‬وال ندَّ ‪( :‬ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ) [اإلخالص‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫خالق ِّ‬
‫ُ‬
‫يكون َله ولدٌ ‪‬؟!‬
‫ُ‬ ‫فكيف‬
‫َ‬ ‫‪]٤‬؛‬

‫وهذا كام قال ‪‬؛ َر ًّدا ِ‬


‫عليهم‪( :‬ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ‬
‫ﯖ ﯗ((( ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ‬
‫ﯣﯤﯥ ﯦ ﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲ ﯳ‬

‫((( تفسري البغوي (‪ ،)98/5‬تفسري السعدي (ص‪.)460‬‬


‫((( أي‪ِ :‬‬
‫تقصده‪.‬‬
‫((( احلق الواضح املبني للسعدي (ص‪.)75‬‬
‫ً‬
‫عظيم‪.‬‬ ‫منكرا أو‬
‫((( ً‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 138‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪137‬‬ ‫احلديث الثامن عرش‪« :‬قال اهلل‪َّ :‬‬
‫كذبني ابن آدم‪ ،‬ومل يكن له ذلك‪»...‬‬

‫وقــال‪( :‬ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ‬
‫ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰﮱ ﯓ‬
‫ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ) [العنكبوت‪.]٢٠-١٩ :‬‬
‫وقــال تعــاىل‪( :‬ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ) [الواقعة‪ ]٦٢ :‬أي‪ِ :‬‬
‫اخل ْلق َة‬
‫األول‪َ ،‬و َل ْ‬
‫َ‬
‫رت عىل‬ ‫قادر عىل إعا َدتِكم كام قدَ ُ‬ ‫تكونوا شــي ًئا؛ (ﮔ ﮕ) [الواقعة‪ِّ ،]٦٢ :‬أن ٌ‬
‫خرى‪ ،‬بِ ِ‬
‫طريق األَ ْو َل‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫وأن الذي قدَ ر عىل الن ِ‬ ‫ِ‬
‫قادر عىل النَّشأة األُ َ‬ ‫َ‬
‫األول ٌ‬ ‫َّشأة‬ ‫َ‬ ‫إبدائكُم‪َّ ،‬‬
‫واألَ ْح َرى(((‪.‬‬

‫وقــال تعــاىل‪( :‬ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ‬


‫ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ) [مريم‪.]٦٧-٦٦ :‬‬

‫وقــال‪( :‬ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ‬
‫ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ)‬
‫[القيامة‪.]٤٠-٣٦ :‬‬

‫وقال تعاىل‪( :‬ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ((( ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﭑ ﭒ‬


‫ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭢ ﭣ‬
‫ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ) [اإلرساء‪.]51-٤٩ :‬‬

‫ألنم قاسوا‬ ‫الت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َفهم أنكَروا البع َث بعدَ المو ِ‬
‫اب؛ َّ‬ ‫األجســاد إىل ُّ‬ ‫واســتحالة‬ ‫ت‪،‬‬ ‫َْ‬ ‫َْ َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واألرض‪ ،‬ب ُقدَ رتِم الضعيفة العاج َزة‪َّ ،‬‬
‫فلــا َر َأ ْوا َّ‬
‫أن هذا‬ ‫ِ‬ ‫ــاوات‪،‬‬ ‫ُقــدْ َر َة خال ِق َّ‬
‫الس‬
‫رون‪ ‬ع َل ْيه؛ َجعلوا ُقدْ َر َة اهللِ كذلِ َك!‬ ‫‪ ‬عليهم ال ي ِ‬
‫قد َ‬ ‫ُمتَن ٌع ِ ْ َ‬
‫ِ‬

‫((( تفسري البغوي (‪ ،)20/8‬تفسري ابن كثري (‪.)539/7‬‬


‫((( رفاتًا‪ :‬أجسا ًدا بالية‪.‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 137‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪136‬‬

‫وقال‪( :‬ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ‬
‫ﮩ ﮪ ﮫﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ) [األحقاف‪ ،]٣٣ :‬وقــال ‪( :D‬ﮡ ﮢ‬
‫ﮣ ﮤ ﮥ ﮦﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ) [يس‪.]٧٩ :‬‬
‫هذ ِه ِ‬
‫العظا َم‬ ‫أن الذي َخ َل َق ِ‬
‫‪ ،‬وهــو‪َّ :‬‬‫ســيط ُم ْقنِ ٍع ُم ْف ِح ٍم‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫تعاىل‪ ‬عليهم َبر ٍّد َب‬ ‫َفر َّد اهللُ‬
‫َ‬
‫ٍ‬
‫أن ُيعيدَ ها‪.‬‬ ‫َّأو َل َم َّرة ٌ‬
‫قادر عىل ْ‬

‫هو الذي‬ ‫ؤمنــون َّ‬


‫َ‬ ‫ِ‬ ‫وهذا الــرد ال ي ِ‬
‫أن اهللَ تعاىل َ‬ ‫ألنُم ُم‬
‫االعرتاض‪ ‬عليــه؛ َّ‬
‫ُ‬ ‫مك ُن‬ ‫ُّ ُ‬
‫َخ َل َق ُهم؛ كام قال تعــاىل عن ُْه ْ‬
‫ــم‪( :‬ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵﯶ ﯷ ﯸ)‬
‫[الزخرف‪.]٨٧ :‬‬

‫مر ٍة‪،‬‬‫أنش َأها َّأو َل َّ‬‫أن الذي َ‬ ‫«وهذا بمجر ِد تصوره يع َلم ِبه علم يقينيا‪ ،‬ال ُشبهة ِ‬
‫فيه‪َّ ،‬‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ُّ ُ ْ‬ ‫ُ َ َّ‬
‫تصو ُر‪.‬‬
‫الم ِّ‬
‫تصوره ُ‬ ‫‪ ،‬وهو‪ ‬أه َو ُن عىل ال ُقدْ َرة إذا َّ‬
‫ْ‬ ‫مر ٍة‬ ‫ِ‬
‫قادر عىل اإلعا َدة ثاين َّ‬
‫ٌ‬
‫صفات اهللِ‬‫ِ‬ ‫ثان ِمــ ْن‬
‫ليــل ٍ‬
‫أيضــا َد ٌ‬ ‫(ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ) [يس‪ :]٧٩ :‬هــذا ً‬
‫ِ‬
‫األوقات‪.‬‬ ‫ِ‬
‫أحوالا‪ ،‬يف مجي ِع‬ ‫بجمي ِع َملوقاتِ ِه‪ ،‬يف مجي ِع‬ ‫علم ُه تعاىل ُم ٌ‬ ‫تعاىل‪ ،‬وهو َّ‬
‫يط َ‬ ‫أن َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ ِ‬
‫ب‪،‬‬ ‫األرض م ْن أجســاد األمــوات‪ ،‬وما َي ْب َقى‪ ،‬ويع َل ُ‬
‫ــم ال َغ ْي َ‬ ‫و َيع َل ُ‬
‫ــم ما تن ُقص‬
‫ِ‬
‫إحياء اهللِ‬ ‫وأجل ِم ْن‬
‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أقر ال َع ْبدُ هبذا الع ْل ِم العظي ِم؛ َعل َم أن ُه أع َظ ُ‬
‫ــم‬ ‫َّ‬
‫والشــها َدةَ‪ ،‬فإذا َّ‬
‫بور ِهم»(((‪ .‬‬‫الم ْوتى ِم ْن ُق ِ‬
‫َ‬
‫ِِ‬ ‫قصور ِع ْل ِم ِه‪ ،‬أو ُق ٍ‬
‫ِ‬ ‫يكون لِ‬ ‫اإلعادة ِ‬
‫ِ‬
‫صور يف ُقدرته‪ ،‬وال ُق َ‬
‫صور‬ ‫ُ‬ ‫‪ ‬عليه‪ ‬إنَّام‬ ‫«فإن ُّ‬
‫تعذ َر‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بكل َخ ْل ٍق علي ٍم‪ ،‬وال ُقدْ َر َة َ‬ ‫يف ِع ْل ِم َم ْن هو ِّ‬
‫واألرض‪،‬‬
‫َ‬ ‫اموات‪،‬‬ ‫الس‬‫فوق ُقدْ رة َم ْن َخ َل َق َّ‬
‫كل َش ٍء‪.‬‬ ‫وبيد ِه َم َل ُ‬
‫كوت ِّ‬ ‫فيكون‪ِ ،‬‬‫ُ‬ ‫وإذا أرا َد َش ْي ًئا قال له‪ُ :‬ك ْن؛‬
‫ِ‬
‫َّشــأة‬ ‫ول ْ َت ْع َج ْز َع ِن الن‬‫إحيائكُم َبعدَ َماتِكم‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫َيف َتعج ُز ُقدْ رتُــه‪ِ ،‬‬
‫وع ْل ُمه‪َ ،‬ع ْن‬ ‫َ‬ ‫فك َ ْ َ‬
‫رض؟»(((‪ .‬‬ ‫موات‪ ،‬واألَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الس‬ ‫األول‪ ،‬وال َع ْن َخ ِ‬
‫َ‬
‫لق َّ‬

‫((( تفسري السعدي (ص‪.)699‬‬


‫((( إعالم املو ِّقعني (‪.)110/1‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 136‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪135‬‬ ‫احلديث الثامن عرش‪« :‬قال اهلل‪َّ :‬‬
‫كذبني ابن آدم‪ ،‬ومل يكن له ذلك‪»...‬‬

‫والو َل ِد؟!»(((‪.‬‬ ‫ِ‬


‫ني َع ِن َّ‬
‫الصاح َبة‪َ ،‬‬ ‫َفقال‪ُ « :‬تن َِّزهونه َع ْن هذا‪َ ،‬والَ ُتن َِّزهون َر َّب العا َل َ‬
‫يصب ِ‬ ‫ِ‬
‫عليهم‪،‬‬ ‫حليم عىل عبــاده‪ُ ِ ،‬‬ ‫ٌ‬ ‫أن اهللَ تعاىل‬ ‫ــص‪َّ ،‬إل َّ‬ ‫الشــت ِم‪ ،‬والتن ُّق ِ‬ ‫ومع هذا َّ‬ ‫َ‬
‫َ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ويرز ُقهم‪ ،‬وال ُي ِ‬ ‫و ُي ِ‬
‫ب عىل‬‫الحديث‪« :‬ال أ َحدَ أ ْص َ ُ‬ ‫عاج ُلهم بال ُعقو َبــة‪ ،‬كام يف َ‬ ‫عافيهم‪ُ ،‬‬
‫هو ُي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫عافيه ْم‪َ ،‬و َي ْر ُز ُق ُه ْم»(((‪.‬‬ ‫الو َلد‪ُ ،‬ث َّم َ‬
‫ي َع ُل َل ُه َ‬ ‫أ ًذى َي ْس َم ُع ُه م َن اهلل ‪ ،D‬إِ َّن ُه ُي ْ َ‬
‫ش ُك بِه‪َ ،‬و ُ ْ‬

‫يقول اب ُن الق ِّي ِم ‪ V‬يف «نون َّيتِه»‪:‬‬


‫ويف هذا ُ‬
‫ــل ن ََســبوه لل ُب ْه ِ‬
‫تــان‬ ‫َشــتَموه َب ْ‬ ‫بور عــى أ َذى أعدائِ ِه‬ ‫الص ُ‬‫وهو َّ‬‫َ‬
‫ِ‬
‫ْســان‬ ‫َشــت ًْم وتكذي ًبــا ِم َن اإلن‬ ‫وليــس ُيعيدُ نا‬‫َ‬ ‫قالوا َلــه َو َلــدٌ‬
‫عاج َل ُهم بــك ُِّل َه ِ‬ ‫وذاك بِســم ِع ِه وبِ ِع ْل ِم ِ‬
‫وان‬ ‫شــاء َ‬
‫َ‬ ‫َل ْو‬ ‫ــه‬ ‫َ َ ْ‬ ‫هــذا‬
‫ِ‪2‬‬
‫بالــر ِك وال ُك ْفــران‬
‫ِّ ْ‬ ‫ُيؤذونَــه‬ ‫لكــن ُي ِ‬
‫عافيهــم و َي ْر ُز ُق ُهم ُ‬
‫وهم‬

‫ِ‬
‫التكذيب‪َّ ،‬‬
‫والشتمِ‪:‬‬ ‫ُث َّم ر َّد اهللُ تعاىل عىل هذا‬

‫كما ب َ َدأَني‪،‬‬ ‫ق ْولُهُ‪ :‬ل َ ْ‬


‫ــن يُعي َدني َ‬ ‫اي‪َ ،‬ف َ‬
‫ــه إيَّ َ‬ ‫األو ِل‪َ « :‬فأ َ َّما ت َ ْ‬
‫كذيب ُ ُ‬ ‫فقــال يف َّ‬
‫ي ِم ْن إِعا َد ِت ِه»‪.‬‬
‫عل َ َّ‬ ‫ق ِبأ َ ْه َو َ‬
‫ن َ‬ ‫س أ َ َّو ُ‬
‫ل ال َ‬
‫خ ْل ِ‬ ‫َول َ ْي َ‬

‫وهــذا كام قال تعــاىل‪( :‬ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ)‬


‫[الروم‪.]٢٧ :‬‬

‫وقال ‪( :‬ﯴ ﯵ ﯶﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ) [ق‪.]١٥ :‬‬

‫شــك ِم َن اإلعا َد ِة؟ (ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ‬ ‫ٍّ‬ ‫الخ ْل ِق حتَّى ُهم يف‬


‫جزنا ابتدا ُء َ‬
‫أي‪« :‬أفأ ْع َ‬
‫أسه ُل ِمنْه»(((‪.‬‬
‫الخ ْل ِق مل ُي ْع ِج ْزنا‪ ،‬واإلعا َد ُة َ‬ ‫ﯽ ﯾ) [ق‪ ،]١٥ :‬واملعنى‪َّ :‬‬
‫أن ابتدا َء َ‬

‫((( تبيني كذب املفرتي البن عساكر (ص‪ ،)218‬سري أعالم النبالء (‪.)192/17‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)6009‬ومسلم (‪ ،)2804‬واللفظ له‪.‬‬
‫القيم (ص‪.)207‬‬
‫((( نونية ابن ِّ‬
‫((( تفسري ابن كثري (‪.)397/7‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 135‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪134‬‬

‫ث بعدَ الم ِ‬ ‫ِ‬


‫الم ْوتَى‪،‬‬
‫مع أجســا َد َ‬
‫ي ُ‬ ‫وت‪َّ ،‬‬
‫وأن اهللَ تعاىل َ ْ‬ ‫َ‬ ‫إثبــات ال َب ْع َ‬
‫ُ‬ ‫• • َّ‬
‫األو ُل‪:‬‬
‫األرواح إليها‪.‬‬
‫َ‬ ‫و ُيعيدُ ها‪ُ ،‬ب ْقدْ َرتِه كام كان ْ‬
‫َت‪ ،‬و ُيعيدُ‬

‫والو َل ِد‪.‬‬ ‫ِ‬


‫الصاح َبة‪َ ،‬‬
‫عن َّ‬
‫أن اهللَ تعاىل ِ‬
‫واحدٌ ‪ُ ،‬من َّز ٌه ِ‬ ‫ُ‬
‫واألصل الثاين‪َّ :‬‬ ‫••‬

‫ألسن َِة ُر ُس ِله‪ ،‬ويف ِكتابِ ِه؛‬ ‫عث يتضمن تكذيب اهللِ تعاىل فيام أخب ِبه عىل ِ‬ ‫وإنكار الب ِ‬
‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ ُ‬ ‫ُ َ‬
‫ولِذا قال ‪« :‬ك ََّذ َبنــي ا ْب ُن آ َد َم‪َ ،‬و َل ْ َيك ُْن َل ُه َذلِ َ‬
‫ك‪َ ...‬ف َأ َّما َتكْذي ُب ُه إ َّي َ‬
‫اي‪َ ،‬ف َق ْو ُل ُه‪:‬‬
‫َل ْن ُيعيدَ ين كَام َبدَ َأين»‪.‬‬

‫واهللُ تعــاىل َي ُ‬
‫قول‪( :‬ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ‬
‫ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ) [يس‪ ]٧٩-٧٨ :‬وقــال‬
‫‪،‬‬

‫تعاىل‪( :‬ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ)‬


‫[التغابن‪.]٧ :‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كبريا؛ ألنَّه‬
‫لوا ً‬ ‫َ‬
‫يقولون ُع ًّ‬ ‫عم‬
‫ص‪َّ E ،‬‬ ‫ون ْس َب ُة الو َلد إىل اهللِ تعاىل َش ٌ‬
‫تم َل ُه‪ ،‬وتَن ُّق ٌ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وهو ‪‬‬ ‫المخلوقات خاض َع ٌة َله‪ُ ،‬مفتَقر ٌة إل ْيه‪َ ،‬‬ ‫ومجيع َ‬
‫ُ‬ ‫الغني‪،‬‬
‫ُّ‬ ‫الص َمدُ‬
‫الســ ِّيدُ َّ‬
‫كل َش ٍء‪ ،‬وال‬ ‫والده‪ ،‬واهللُ خالِ ُق ِّ‬
‫نس ِ‬ ‫كون ِم ْن ِج ِ‬
‫أن َي َ‬ ‫الغنــي عن ِع ِ‬
‫باده‪ ،‬والو َلدُ ال ُبدَّ ْ‬ ‫ُّ ْ‬
‫َشبي َه َل ُه‪ ،‬وال نِدَّ ‪( :‬ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ) [اإلخالص‪.]٤ :‬‬

‫اي‬ ‫ك‪َ ...‬وأ َ َّما َ‬


‫شــ ْت ُ‬
‫م ُه إيَّ َ‬ ‫ن ل َ ُه َذ ِل َ‬ ‫مني َول َ ْ‬
‫ــم ي َ ُ‬
‫ك ْ‬ ‫ولِذا قال ‪َ « :‬و َ‬
‫شــت َ َ‬

‫َف َق ْولُهُ‪ :‬اتَّ َخ َذ اهللُ َول َ ًدا»‪.‬‬

‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫دخ َل أبو ب ٍ ِ‬


‫و َّملــا َ‬
‫الباقل ُّين‪:‬‬ ‫ب‪ ،‬فقال له‬ ‫كر الباق َّل ُّين عىل َملك ُّ‬
‫الــرو ِم‪ ،‬وعندَ ُه راه ٌ‬ ‫َ‬
‫ف األَ ْه ُل‪ ،‬واألَوالَ ُد؟‬
‫َك ْي َ‬

‫ِ‬ ‫َفقال ِ‬
‫يتنزه َع ْن هذا؟‬
‫اهب َّ‬ ‫المل ُك‪َ :‬م ْه! َأما َعل ْم َت َأ َّن َّ‬
‫الر َ‬ ‫َ‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 134‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪133‬‬

‫الحديث الثامن عشر‬

‫بي ‪ H‬قال‪:‬‬ ‫ن أَبي ُهرَيْرَ َة ‪َ ،I‬ع ِ‬


‫ن ال َّن ِّ‬ ‫َع ْ‬

‫ن‬ ‫مني َول َ ْ‬


‫م يَ ُ‬
‫ك ْ‬ ‫ك‪َ ،‬و َ‬
‫شــت َ َ‬ ‫ن ل َ ُه َذ ِل َ‬ ‫م‪َ ،‬ول َ ْ‬
‫م يَ ُ‬
‫ك ْ‬ ‫«قــال اهللُ‪َ :‬‬
‫ك َّذبَني ا ْب ُ‬
‫ن آ َد َ‬
‫س أ َ َّو ُ‬
‫ل‬ ‫كما ب َ َدأَني‪َ ،‬ول َ ْي َ‬
‫ق ْولُهُ‪ :‬ل َ ْــن يُعي َدني َ‬
‫اي‪َ ،‬ف َ‬ ‫ك‪َ ،‬فأ َ َّما ت َ ْ‬
‫كذيب ُ ُه إيَّ َ‬ ‫ل َ ُه َذ ِل َ‬

‫ن إِعا َد ِت ِه‪.‬‬ ‫عل َ َّ‬


‫ي ِم ْ‬ ‫ق ِبأ َ ْه َو َ‬
‫ن َ‬ ‫ال َ‬
‫خ ْل ِ‬

‫م أ َ ِل ْد َول َ ْ‬
‫م‬ ‫م ُد‪ ،‬ل َ ْ‬
‫الص َ‬ ‫خ َذ اهللُ َول َ ًدا‪َ ،‬وأَنا األ َ َ‬
‫ح ُد َّ‬ ‫ق ْولُهُ‪ :‬ات َّ َ‬
‫اي‪َ ،‬ف َ‬ ‫َوأ َ َّما َ‬
‫شــ ْت ُ‬
‫م ُه إيَّ َ‬
‫ك ْن لي ُك ْف ًئا أ َ َح ٌد»(((‪.‬‬ ‫أول َ ْد‪َ ،‬ول َ ْ‬
‫م يَ ُ‬

‫بي ‪ ،H‬قال‪ :‬قال ُ‬


‫اهلل‪:‬‬ ‫ن ال َّن ِّ‬
‫اس ‪َ ،L‬ع ِ‬
‫ن َع َّب ٍ‬
‫ن ابْ ِ‬
‫و َع ِ‬

‫ن ل َ ُه َذ ِل َ‬
‫ك‪،‬‬ ‫مني‪َ ،‬ول َ ْ‬
‫م يَ ُ‬
‫ك ْ‬ ‫ك‪َ ،‬و َ‬
‫شــت َ َ‬ ‫ن ل َ ُه َذ ِل َ‬ ‫م َول َ ْ‬
‫م يَ ُ‬
‫ك ْ‬ ‫َ‬
‫«ك َّذبَني ا ْب ُ‬
‫ــن آ َد َ‬
‫اي‪،‬‬
‫م ُه إيَّ َ‬ ‫ش ْ‬
‫ــت ُ‬ ‫كان‪َ ،‬وأ َ َّما َ‬
‫َ‬ ‫كما‬ ‫م أَنِّي ال أ َ ْق ِدر ُ أ َ ْ‬
‫ن أُعي َد ُه َ‬ ‫اي‪َ ،‬فز َ َ‬
‫ع َ‬ ‫َفأ َ َّما ت َ ْ‬
‫كذيب ُ ُه إيَّ َ‬
‫صاحب َ ًة أ َ ْو َول َ ًدا»(((‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ن أَت َّ ِخ َذ‬
‫س ْبحاني أ َ ْ‬
‫ق ْول ُ ُه لي َول َ ٌد‪َ ،‬ف ُ‬
‫َف َ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عظيم ْي ِم ْن‬ ‫العظيم عىل أص َل ْ ِ‬


‫َّوحيد‪:‬‬
‫أصول الت‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ُ‬ ‫ديث ال ُقدْ ُّ‬
‫يس‬ ‫اشتم َل هذا َ‬
‫الح ُ‬ ‫َ‬

‫((( رواه البخاري (‪.)4974‬‬


‫((( رواه البخاري (‪.)4482‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 133‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 132 11/17/19 8:56 PM
‫‪131‬‬ ‫احلديث السابع عرش‪« :‬يد اهلل مألى ال يغيضها نفقة‪»...‬‬

‫ِ‬
‫واإلحســان؛ وهلذا‬ ‫ي ِســ ُن‪ ،‬و َي ْع ِد ُل‪ ،‬وال َي ُْرج فِ ْع ُله ِ‬
‫عن ال َعدْ ِل‪،‬‬ ‫فهو «‪ْ ُ ‬‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫وكل ن ْق َمة منه عَدْ ٌل»(((‪.‬‬ ‫فضل‪ُّ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫كل ن ْعمة منه ٌ‬
‫قيل‪ُّ :‬‬
‫َ‬

‫وي ِز ُل ال َعطايا‪ ،‬و َي ُم ُّن ب َف ْض ِله عىل َمن‬ ‫َ‬


‫األرزاق‪ْ ُ ،‬‬ ‫وقال اب ُن الق ِّي ِم ‪ُ « :V‬ي َق ِّس ُ‬
‫ــم‬
‫امليزان‪َ ،‬ي ِْف ُض به َمن يشــا ُء‪ ،‬و َي ْر َف ُع به َم ْن‬
‫ُ‬ ‫وباليد ْ‬
‫األخ َرى‬ ‫ِ‬ ‫عباده بيمينِه‪،‬‬
‫يشــاء ِمن ِ‬
‫ُ ْ‬
‫ِ‬
‫كيم‪.‬‬
‫الح ُ‬ ‫زيز َ‬ ‫يشا ُء‪ ،‬عَدْ ًل منه‪ ،‬وحكْم ًة‪ ،‬ال إل َه َّإل َ‬
‫هو ال َع ُ‬
‫ــموات‪ ،‬واألَ ِ‬‫ِ‬ ‫هو الق ُّيو ُم ِ‬
‫ليس َل ُه َّبو ٌ‬
‫اب ف ُيستأ َذن‪ ،‬وال‬ ‫رض‪ ،‬و َم ْن فيه َّن‪َ ،‬‬ ‫الس‬
‫بأمر َّ‬ ‫َ‬
‫بــه‪ ،‬وال ويل ِمن دونِهِ‬
‫ســتعان ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ٌّ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ظهري ف ُي‬
‫ٌ‬ ‫وزير فيؤتَى‪ ،‬وال‬ ‫فيدخل ع َل ْيه‪ ،‬وال ٌ‬
‫ب ُ‬ ‫حاج ٌ‬
‫ِ‬
‫قضائها‪،‬‬ ‫عباد ِه‪ ،‬وال ُمعني له ف ُي ِ‬
‫عاونُه عىل‬ ‫إليه‪ ،‬وال نائب عنه فيعرفه حوائج ِ‬ ‫في ْش َفع به ِ‬
‫َ‬ ‫ٌ ُ ُ َ ِّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أحاط ‪ ‬هبا ع ْل ًم‪َ ،‬‬
‫ووس َعها ُقدْ َرةً‪ ،‬ورمح ًة‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َب ْل قدْ‬
‫شأن َعن ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫شأن‪ ،‬وال‬ ‫فال تَزيدُ ه كثر ُة الحاجات َّإل جو ًدا‪ ،‬وك ََر ًما‪ ،‬وال َي ْش َغ ُله منْها ٌ ْ‬
‫الم ِل ِّح َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ني‪( ،‬ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ‬ ‫ِ‬
‫بإحلاح ُ‬ ‫المسائ ِل‪ ،‬وال ي َت َّ‬
‫رب ُم‬ ‫ُت ْغل ُطه كثر ُة َ‬
‫ﯱ ﯲ ﯳ) [يس‪.((( ]٨٢ :‬‬
‫»‬

‫السنة النبوية (‪.)139/1‬‬


‫((( منهاج ُّ‬
‫وترصف يسري‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫((( طريق اهلجرتني (ص‪ ،)207‬باختصار‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 131‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪130‬‬

‫المرتفعة إل ْي ِه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫باد ِ ِ ِ ِ ِ ِ‬


‫الناز َلة م ْن عنده‪ ،‬وأعاملم ُ‬
‫الع ِ‬
‫أرزاق ِ‬
‫ِ‬ ‫يوزن ِم ْن‬
‫امليــزان‪ ،‬و َي ْر َف ُعه بام َ‬
‫َ‬
‫زق‪،‬‬ ‫ِ‬
‫عصية‪ ،‬و َير َف ُعه تار ًة بت َْوسي ِع الر ِ‬ ‫بالم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫امليزان تار ًة بت ِ‬
‫َ‬ ‫في ِ‬
‫ِّ‬ ‫الرزق‪ ،‬واخلذالن َ‬ ‫َقتري ِّ‬ ‫خف ُض‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّوفيق لل َّطاعة‪ ،‬عَدْ ًل‪ ،‬وحكم ًة(((‪.‬‬ ‫والت ِ‬
‫ِ‬
‫ض‪،-‬‬ ‫ض ‪-‬أ َ ِو ال َ‬
‫ق ْب ُ‬ ‫ف ْي ُ‬ ‫الرواية األُ َ‬
‫خرى‪َ « :‬وبي َ ِد ِه األ ُ ْخرَى ال َ‬ ‫وقو ُل ُه ‪ H‬يف ِّ‬
‫ي َ ْر َفعُ‪َ ،‬وي َ ْخ ِف ُ‬
‫ض»‪:‬‬

‫الراوي‪َ ،‬‬ ‫ض»‪« :‬أو» هنا َّ ِ‬ ‫َقو ُل ُه‪« :‬ال َ‬


‫وقيل‪ :‬للتَّنويعِ‪.‬‬ ‫للش ِّك م َن َّ‬ ‫ض أ َ ِو ال َ‬
‫ق ْب ُ‬ ‫ف ْي ُ‬

‫ِ‬
‫الواسعِ‪.‬‬ ‫زق‬ ‫اإلحسان بالع ِ‬
‫طاء‪ ،‬والر ِ‬ ‫ِ‬ ‫هو‪َ :‬ف ْي ُض‬ ‫و«ال َ‬
‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ض» َ‬
‫ف ْي ُ‬

‫األرواح بالمو ِ‬ ‫ض»‪َ :‬ق ُ‬


‫ت‪.‬‬ ‫ِ َْ‬ ‫بض‬ ‫و«ال َ‬
‫ق ْب ُ‬

‫«س َّحا ُء ال َّل ْي َل‪،‬‬ ‫ألن اإلعطا َء َقدْ ُذ ِك َر يف قولِه َق ْب َل َ‬


‫ذلك‪َ :‬‬ ‫المن ُْع؛ َّ‬ ‫َ‬
‫وقيل‪« :‬ال َق ْب ُض»‪َ :‬‬
‫ِ‬
‫نع‪ ،‬كام قــال تعاىل‪( :‬ﯯ ﯰ‬ ‫فيكــون املعنى‪ :‬بيد اهللِ ال َعطــا ُء َ‬
‫والم ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّهــار»‪،‬‬
‫والن َ‬
‫ﯱ) [البقرة‪.]٢٤٥ :‬‬
‫الر َ‬
‫زق عىل َم ْن‬ ‫ــع ِّ‬
‫ويو ِّس ُ‬ ‫ويض ُع َ‬
‫آخرين‪َ ،‬‬ ‫ض» أي‪َ :‬ي ُ‬
‫رفع أقوا ًما‪َ ،‬‬ ‫و«ي َ ْر َفعُ‪ ،‬وي َ ْخ ِف ُ‬

‫َيشا ُء‪ ،‬و ُي َض ِّي ُقه عىل َمن يشا ُء(((‪.‬‬


‫ُ‬
‫اإلحسان‬ ‫أن يدَ اهللِ ‪ ‬ال ُيمنَى فيها‬ ‫ب َّ‬ ‫النبي ‪ H‬قدْ ْ‬ ‫ِ‬
‫فاحلاص ُل‪َّ :‬‬
‫أخ َ َ‬ ‫أن َّ‬
‫وامليزان‪ ،‬الذي بِ ِه َي ِْف ُض‪ ،‬و َي ْر َف ُع‪.‬‬
‫ُ‬ ‫الخ ْل ِق‪ ،‬ويدَ ه ْ‬
‫األخ َرى فيها ال َعدْ ُل‪،‬‬ ‫إىل َ‬

‫ور ْف ُعه ِمن عَدْ لِ ِه‪ ،‬وإحسانُه‬


‫فخ ْف ُضه َ‬
‫األخرى‪َ ،‬‬
‫َ‬
‫بيد ِه اليمنَى‪ ،‬والعدْ ل ِ‬
‫بيده‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫فال َف ْض ُل ِ‬

‫إىل َخ ْل ِقه ِمن َف ْض ِله(((‪.‬‬

‫((( أعالم احلديث للخطايب (‪ ،)1862/3‬ا ُملف ِهم للقرطبي (‪ ،)409/1‬رشح النووي عىل مسلم (‪،13/3‬‬
‫‪ ،)80/7‬فتح الباري (‪ ،)395/13‬إرشاد الساري للقسطالين (‪ ،)387/10 ،169/7‬مرقاة املفاتيح‬
‫(‪ ،)165/1‬رشح كتاب التوحيد للغنيامن (‪.)306/1‬‬
‫((( فتح الباري (‪ ،)395/13‬إرشاد الساري (‪.)393/10‬‬
‫تيمية (‪.)93/17 ،95/8‬‬
‫((( جمموع الفتاوى البن َّ‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 130‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪129‬‬ ‫احلديث السابع عرش‪« :‬يد اهلل مألى ال يغيضها نفقة‪»...‬‬

‫(ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ)‬
‫[هود‪.]٧ :‬‬
‫ِ‬ ‫ويف الح ِ‬
‫كان َع ْر ُشــ ُه عىل الماء‪َ ،‬و َكت َ‬
‫َب يف‬ ‫َي ُه‪َ ،‬و َ‬ ‫«كان اهللُ َو َل ْ َيك ُْن َ ْ‬
‫ش ٌء غ ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫ديث‪:‬‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫الس َموات‪ ،‬واألَ ْر َض»(((‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫شء‪َ ،‬و َخ َل َق َّ‬ ‫الذك ِْر ك َُّل َ ْ‬
‫ِّ‬

‫ض‪َ ،‬وي َ ْر َفعُ»‪:‬‬


‫الميزان‪ ،‬ي َ ْخ ِف ُ‬
‫ُ‬ ‫وقو ُل ُه ‪َ « :َH‬وبي َ ِد ِه األ ُ ْخرَى‬

‫«ي ِف ُض‬
‫اآلخ ِر‪ْ َ :‬‬ ‫ِ‬
‫احلديث َ‬ ‫يقع ال َعدْ ُل‪ ،‬كام يف‬ ‫ِ‬
‫هو‪ :‬ال َعدْ ُل؛ ألنَّه بامليزان ُ‬
‫«الميزان» َ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫الق ْس َط‪َ ،‬و َي ْر َف ُع ُه»(((‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فع رف َعه‪ ،‬و َمن‬ ‫فمن َعم َل ما َي ْستَح ُّق َّ‬
‫الر َ‬ ‫يك ُُم يف َخ ْلقه بميزان ال َعدْ ل‪َ ،‬‬
‫فاهللُ تعاىل َ ْ‬
‫اخلفض َخ َ‬
‫فضه‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َع ِم َل ما يست ِ‬
‫َح ُّق‬ ‫َْ‬
‫الر َ‬ ‫ِ‬
‫زق عىل َم ْن يشا ُء‪،‬‬ ‫ــع ِّ‬ ‫فاهللُ تعاىل َيْف ُض َم ْن يشــا ُء‪ ،‬و َي ْر َف ُع َم ْن يشــا ُء‪َ ،‬‬
‫ويو ِّس ُ‬
‫َعــال‪( :‬ﮖ ﮗ ﮘ‬ ‫داء‪ ،I ،‬يف َق ْولِ ِه ت َ‬ ‫ويضي ُقه عىل من يشــاء؛ كــا قال َأبو الدَّ ر ِ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ َ ِّ‬
‫يب داع ًيا‪َ ،‬و َي ْر َف ُع َق ْو ًما‪،‬‬ ‫ﮙ ﮚ) [الرمحن‪ ،]٢٩ :‬قال‪َ « :‬ي ْغ ِف ُر َذ ْن ًبا‪َ ،‬و َيك ِْش ُ‬
‫ــف ك َْر ًبا‪َ ،‬و ُي ُ‬
‫َو َي َض ُع َ‬
‫آخري َن»(((‪.‬‬
‫ِ‬
‫بامليزان‬ ‫يوز ُن‬ ‫امليزان و َي ْر َف ُعه؛ َّ‬
‫فإن الذي َ‬ ‫َ‬ ‫ض َوي َ ْر َفــعُ» أي‪َ :‬ي ِْف ُض‬ ‫وقو ُل ُه‪« :‬ي َ ْخ ِف ُ‬
‫«ي ِف ُض ِ‬
‫الق ْس َط َو َي ْر َف ُع ُه»(((‪.‬‬ ‫اآلخ ِر‪ْ َ :‬‬ ‫ِ‬
‫احلديث َ‬ ‫ف‪ ،‬و َي ْر َج ُح‪ ،‬كام يف‬ ‫َِ‬
‫ي ُّ‬

‫الخ ْل ِق‪.‬‬ ‫«امليزان» هو‪ِ :‬‬


‫الق ْس َم ُة َب ْ َ‬ ‫َ‬
‫ي َ‬ ‫ُ َ‬ ‫وقيل‪:‬‬

‫زون‪ ،‬فاهللُ تعاىل َي ِْف ُض‬


‫الم ْو ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫الش ُء َ‬ ‫فامليزان الذي َيْف ُضه اهللُ تعاىل‪ ،‬وير َف ُعه‪َ ،‬‬
‫هو‪َّ :‬‬

‫((( رواه البخاري (‪.)3191‬‬


‫((( رواه مسلم (‪.)179‬‬
‫((( رواه البيهقي يف الشعب (‪ ،)1067‬ويأيت‪.‬‬
‫((( رواه مسلم (‪.)179‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 129‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪128‬‬

‫ظاه ِرها‪ِ ،‬م ْن َغ ِري‬ ‫ِ‬


‫فــات عىل ِ‬ ‫الص‬ ‫ِ‬
‫ُصوص ِّ‬ ‫ليــق بجاللِ ِه‪ ،‬وكاملِ ِه ‪ ،‬وإجرا ُء ن‬
‫َي ُ‬
‫َعطيل‪( :‬ﭡ ﭢ ﭣﭤ ﭥ ﭦ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫َكييف‪ ،‬وال ت‬
‫ثيل‪ ،‬وال ت‬ ‫ٍ‬
‫َشــبيه‪ ،‬وال َت ٍ‬
‫ت‬
‫ﭧ) [الشورى‪.]١١ :‬‬

‫ِ‬
‫َّعطيل(((‪.‬‬ ‫يقول ُ‬
‫أهل الت‬ ‫المرا َد بـ«اليد»‪ :‬ال ُقدرةُ‪ِ ،‬‬
‫أو النِّ ْعم ُة‪ ،‬كام ُ‬ ‫إن ُ‬ ‫فال ُ‬
‫نقول‪َّ :‬‬

‫م‬ ‫وات واألَرْ َ‬


‫ض؟ َفإِنَّ ُه ل َ ْ‬ ‫م ِ‬ ‫الس َ‬
‫ق َّ‬‫خل َ َ‬
‫ق ُم ْن ُذ َ‬
‫ف َ‬ ‫وقو ُل ُه ‪« :H‬أَرَأ ْيت ُ ْ‬
‫م ما أ َ ْن َ‬

‫ض ما في ي َ ِد ِه»‪:‬‬
‫ي َ ِغ ْ‬

‫لكثرة َن َف َقتِه‬
‫ِ‬ ‫وإيضاح‬
‫ٌ‬
‫والش ِ‬
‫ــاهد عليها‪،‬‬ ‫ليل َّ‬ ‫ِ‬
‫ــابقة‪ ،‬وكالدَّ ِ‬ ‫الس‬ ‫ِ‬
‫للجملة َّ‬ ‫هذا تأكيدٌ ُ‬
‫طاء‪ ،‬وتُعطي‬ ‫َّفقة‪ ،‬والع ِ‬
‫أن يدَ اهللِ مألى‪ ،‬ال تَن ُقص بالن ِ‬
‫تعــاىل‪ ،‬وتنبي ٌه َمل ْن له َبصري ٌة إىل َّ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫اموات‪ ،‬واألَ َ‬ ‫هذ ِه النف َق ِة ُم ُ‬
‫ال َّل َيل‪ ،‬والنَّهار‪ ،‬ومع ِع َظم ِ‬
‫ينقص ما يف‬‫رض‪َ ،‬ل ْ ْ‬ ‫نذ َخ َل َق َّ‬
‫الس‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫طي لِا َمن َعه ‪ ،‬وإذا أرا َد‬ ‫مانع لا أع َطى‪ ،‬وال ُم ْع َ‬
‫ِ‬
‫اخلري ك َّلــه‪ ،‬ال َ‬
‫ي ِده؛ َّ ِ‬
‫ألن بيده َ‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫فيكون(((‪.‬‬ ‫َش ْي ًئا قال له‪ُ :‬ك ْن‪،‬‬

‫واية األخرَى‪:‬‬
‫الماء»‪ ،‬وفــي الر ِّ ِ‬
‫ِ‬ ‫ع ْر ُ‬
‫شــ ُه علــى‬ ‫كان َ‬
‫َ‬ ‫وقو ُل ُه ‪َ « :H‬و‬
‫الماء»‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ع ْر ُ‬
‫شه على‬ ‫«و َ‬

‫ــعر أو َت َط َّل َع إىل ما َق ْب َل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫الخاطر است َْش َ‬
‫َ‬ ‫واألرض‪َّ ،‬‬
‫كأن‬ ‫ــموات‪،‬‬ ‫ََّلا ذك ََر َخ ْل َق َّ‬
‫الس‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ذلِ َك؛ َ‬
‫ِ‬
‫واألرض‪.‬‬ ‫موات‪،‬‬ ‫كان َع ْر ُشه عىل املاء‪َ ،‬ق ْب َل َخ ْل ِق َّ‬
‫الس‬ ‫فذك ََر أنَّه ‪َ E‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أن َخ ْل َق ال َع ْر ِ‬ ‫ويف هذا َد ٌ‬


‫واألرض(((‪.‬‬ ‫موات‪،‬‬ ‫كان َق ْب َل َّ‬
‫الس‬ ‫ش َ‬ ‫ليل عىل‪َّ :‬‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ِ‬
‫واألرض‪ ،‬كام قال تعاىل‪:‬‬ ‫ــموات‪،‬‬ ‫كان عىل املــاء عندَ ابتداء َخ ْل ِق َّ‬
‫الس‬ ‫فال َع ْر ُش َ‬

‫احلموية البن عثيمني (ص‪ ،)69‬رشح الواسطية (‪ ،)291/1‬رشح كتاب‬


‫َّ‬ ‫الربية بتلخيص‬
‫((( فتح رب َّ‬
‫التوحيد للغنيامن (‪.)311 ،304/1‬‬
‫((( طرح التثريب للعراقي (‪ ،)69/4‬رشح كتاب التوحيد للغنيامن (‪.)305/1‬‬
‫((( طرح التثريب (‪ ،)69/4‬فتح الباري (‪.)395/13‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 128‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪127‬‬ ‫احلديث السابع عرش‪« :‬يد اهلل مألى ال يغيضها نفقة‪»...‬‬

‫ومع َ‬
‫ذلك فإنَّه مل‬ ‫دائم‪ُ ،‬ت ْعطي ال َّل َيل‪ ،‬والن َ‬
‫َّهار‪َ ،‬‬ ‫سحا ُء ً‬
‫فمألى َّ‬ ‫أ َّما يدُ اهللِ ‪َ :E‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َيغ ْض ما يف َيمينه‪ ،‬أي‪َ :‬ل ْ َين ُق ْ‬
‫ص(((‪.‬‬

‫حتِه‪ ،‬التي ال‬ ‫ِ‬


‫خزائــن َر ْ َ‬ ‫الصاد ُر ِم ْن‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫واإلحســان‬ ‫ِ‬
‫الكام ُل‪،‬‬ ‫فاهللُ تعاىل لــه الجو ُد‬
‫ُ‬
‫اإلنفاق‪( :‬ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ) [يس‪.]٨٢ :‬‬ ‫ين ُق ُصها‬

‫وهذا كام قال تعاىل‪( :‬ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ) [املائدة‪]٦٤ :‬؛ «فال َح ْج َر‬


‫ِ‬
‫نيوي‪،‬‬ ‫سط فض َله‪ ،‬وإحسانَه الدِّ َّ‬
‫يني‪ ،‬والدُّ َّ‬ ‫مانع َي ْمنَ ُعه ممَّا أرا َد‪ ،‬فإنَّه تعاىل قد َب َ‬
‫عليه‪ ،‬وال َ‬
‫أبواب إحسانِه‬
‫َ‬ ‫يسدُّ وا عىل أن ُف ِسهم‬ ‫حات ِ‬
‫جوده‪ْ ،‬‬
‫وأن ال ُ‬
‫أن يتعرضوا لنَ َف ِ‬
‫وأمر العبا َد ْ َّ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وخ ُريه يف َجي ِع األوقات مدْ ٌ‬
‫رار»(((‪.‬‬ ‫عاصيهم‪ ،‬فيدُ ُه َس َّحا ُء ال َّل َيل‪ ،‬والن َ‬
‫َّهار‪َ ،‬‬ ‫بم‬
‫َ‬
‫والشــح‪ ،‬فيم ِسك َخشي َة الن ِ‬ ‫فم ْن َط ْب ِعه ال ُب ُ‬
‫اإلنسان‪ِ :‬‬
‫َّفاد؛ كام قال تعاىل‪:‬‬ ‫خل‪ْ ُ ُّ ُّ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫َّأما‬
‫(ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣﮤ ﮥ ﮦ ﮧ)‬
‫[اإلرساء‪.(((]١٠٠ :‬‬
‫تان بالع ِ‬
‫طاء‪ ،‬والنِّ َعم‪ُ ،‬‬
‫وها‬ ‫إثبات اليدَ ي ِن هللِ تعاىل‪ ،‬وأنام مبســو َط ِ‬ ‫ويف الح ِ‬
‫ديث‪:‬‬
‫َ‬ ‫َّ َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫الل ِئق بجاللِه‪.‬‬
‫الو ْج ِه َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫م ْن صفات اهللِ الذات َّية ال َّثابتة َله حقيق ًة‪ ،‬عىل َ‬

‫«وب َي ِد ِه األُ ْخ َرى‬ ‫الرواية األُخرى‪َ « :‬ي ُ‬


‫مني اهلل»‪ُ ،‬ث َّ‬
‫ــم قال‪َ :‬‬ ‫فقــال‪« :‬ي َ ُد اهلل»‪ ،‬ويف ِّ‬
‫ُ‬
‫امليزان»‪.‬‬

‫وقــال تعــاىل‪( :‬ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ) [ص‪ ]٧٥ :‬وقــال‪( :‬ﯯ ﯰ‬


‫ﯱ) [املائدة‪.]٦٤ :‬‬

‫الو ْج ِه الذي‬
‫إثباتام هللِ تعاىل َحقيق ًة‪ ،‬عىل َ‬
‫جب ُ‬ ‫أن هللِ يدَ ْي ِن‪ ،‬ف َي ُ‬ ‫الس َل ُ‬
‫ف عىل َّ‬ ‫وأج َع َّ‬
‫ْ‬

‫السفارينية البن عثيمني (ص‪.)256‬‬


‫َّ‬ ‫((( رشح العقيدة‬
‫((( تفسري السعدي (ص‪.)238‬‬
‫وقتورا‪ً :‬‬
‫بخيل‪.‬‬ ‫ً‬ ‫((( خشية اإلنفاق‪ :‬النفاد والفاقة‪،‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 127‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪126‬‬

‫ِ‬
‫وكامل‬ ‫وجوده‪ ،‬وإحســانِه‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ك اهللِ ‪،D‬‬ ‫َــال م ْل ِ‬
‫ُ‬
‫بيان لِك ِ‬
‫ديث ٌ‬ ‫يف هــذا الح ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫وع َظ َمتِه‪َّ ،‬‬
‫وأن ُم ْلكَه وخزائنَه ال تَن َفدُ ‪ ،‬وال ت ُ‬
‫َنقص بالنَّفقة‪ ،‬والعطاء‪ ،‬كام‬ ‫ُقدْ َرتِه‪َ ،‬‬
‫قال تعاىل‪( :‬ﭷ ﭸ ﭹﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ) [النحل‪ ،]٩٦ :‬وقال‪( :‬ﮁ ﮂ‬
‫ﮃ ﮄ) [املنافقون‪ ،]٧ :‬وقــال‪( :‬ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ)‬
‫[احلجر‪.]٢١ :‬‬
‫اآلخ ِر‪« :‬يا ِعبادي‪َ ،‬لو َأ َّن َأو َلكُم‪ ،‬و ِ‬
‫آخ َرك ُْم‪َ ،‬وإِن َْســك ُْم‪َ ،‬و ِجنَّك ُْم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ديــث َ‬ ‫الح‬
‫َّ ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫ويف َ‬
‫ك ِمَّا‬
‫ــأ َل َت ُه؛ ما َن َق َص َذلِ َ‬
‫ْســان َم ْس َ‬
‫ٍ‬ ‫ت ك َُّل إِن‬ ‫واح ٍد‪َ ،‬ف َس َ‬
‫ــألوين‪َ ،‬ف َأ ْع َط ْي ُ‬ ‫عيد ِ‬ ‫قاموا يف ص ٍ‬
‫َ‬
‫ِعنْدي‪ ،‬إِ َّل كَام َينْ ُق ُص املِخْ َي ُط إِذا ُأ ْد ِخ َل ال َب ْح َر»(((‪.‬‬

‫ء اللَّ ْي َ‬
‫ل‪ ،‬والنَّهارَ»‪:‬‬ ‫ق ٌة‪َ ،‬‬
‫س َّحا ُ‬ ‫ف َ‬
‫غيضها ن َ َ‬
‫ُ‬ ‫وقو ُل ُه ‪« :H‬ي َ ُد اللَّ ِه َمألى‪ ،‬ال ي َ‬

‫الكثري‪ ،‬وما ال ِناي َة َله ِم َن األر ِ‬


‫زاق‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫بالخ ْ ِي‬
‫الء َ‬‫قو ُله‪« :‬م ْلأى» يعني‪َ :‬شديد ُة االمتِ ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫وال َعطايا‪.‬‬

‫غيضها» أي‪ :‬ال ين ُق ُصها‪.‬‬


‫ُ‬ ‫«ال ي َ‬

‫يل‪ ،‬والن ِ‬
‫ب‪ ،‬يف ال َّل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّهار‪.‬‬ ‫ل‪ ،‬والنَّهارَ» أي‪ :‬دائم ُة ال َعطاء‪َّ ،‬‬
‫والص ِّ‬ ‫ء اللَّ ْي َ‬
‫«س َّحا ُ‬
‫َ‬

‫قال‪« :‬ســح املاء»‪ :‬إذا انصب من َفوق‪ ،‬وارتفع إىل حدِّ الس ِ‬
‫يالن؛ ف َيدُ اهللِ ُت ْعطي‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُي ُ َ َّ ُ‬
‫انصب ِم ْن فوق‬ ‫ِ‬
‫إلعطــاء اهللِ؛ َّ‬
‫ألن املا َء إذا‬ ‫هر ِغنًى‪ ،‬جزيل ُة الع ِ‬
‫طاء‪ ،‬وال مانِ َع‬ ‫عــن َظ ِ‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫أن ُير َّده(((‪.‬‬‫باب َل ْ َي ْستَطِ ْع أحدٌ ْ‬ ‫ِ‬
‫االنص ِ‬ ‫انصب بسهو َل ٍة‪ ،‬وإذا َ‬
‫أخذ يف‬ ‫َّ‬

‫تكون َمألى‪ ،‬ويكون صاح ُبها‬ ‫ُ‬ ‫مكن ال َعطا ُء ِمنْها‪ ،‬وقد‬ ‫تكون خالي ًة‪ ،‬فال ي ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫فاليدُ قدْ‬
‫غري َس َّحاء‪ ،‬وإذا َل ْ ي ُك ْن فيها َش ٌء‬ ‫ِ‬
‫صارت َ‬ ‫كانت َمألى وصاح ُبها ال ُينفق َ‬ ‫َبخيالً‪ ،‬فإذا ْ‬
‫ألنا خالي ٌة‪.‬‬ ‫َفال َ‬
‫إنفاق؛ َّ‬

‫((( رواه مسلم (‪.)2577‬‬


‫((( مرقاة املفاتيح (‪.)166/1‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 126‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪125‬‬

‫الحديث السابع عشر‬

‫سول ال َّل ِه ‪ ،H‬قال‪:‬‬


‫َ‬ ‫ن أَبي ُهرَيْرَ َة‪ ،I ،‬أ َ َّن ر َ‬
‫َع ْ‬

‫ء اللَّ ْي َ‬
‫ل‪ ،‬والنَّهارَ»‪،‬‬ ‫ق ٌة‪َ ،‬‬
‫س َّحا ُ‬ ‫ف َ‬
‫غيضها ن َ َ‬
‫ُ‬ ‫«ي َ ُد اللَّ ِه َمألى ال ي َ‬

‫َوقال‪:‬‬

‫م ي َ ِغ ْ‬
‫ض ما في‬ ‫وات‪ ،‬واألَرْ َ‬
‫ض؟ َفإِن َّ ُه ل َ ْ‬ ‫م ِ‬ ‫الســ َ‬
‫ق َّ‬‫خل َ َ‬
‫ق ُم ْن ُذ َ‬ ‫م ما أ َ ْن َ‬
‫ف َ‬ ‫«أَرَأ ْيت ُ ْ‬
‫ي َ ِد ِه»‪،‬‬

‫َوقال‪:‬‬

‫ض‪َ ،‬وي َ ْر َفعُ»(((‪.‬‬


‫الميزان‪ ،‬ي َ ْخ ِف ُ‬
‫ُ‬ ‫الماء‪َ ،‬وبي َ ِد ِه األ ُ ْخرَى‬
‫ِ‬ ‫ع ْر ُ‬
‫ش ُه على‬ ‫« َ‬

‫وفي رواي ٍة لهما‪:‬‬

‫ق‬ ‫م ما أ َ ْن َ‬
‫ف َ‬ ‫ل والنَّهارَ‪ ،‬أَرَأ ْيت ُ ْ‬
‫ء اللَّ ْي َ‬ ‫ق ٌة‪َ ،‬‬
‫س َّحا ُ‬ ‫ف َ‬
‫غيضها ن َ َ‬
‫ُ‬ ‫مين اهلل َم ْلأى‪ ،‬ال ي َ‬
‫ُ‬ ‫«ي َ‬
‫ع ْر ُ‬
‫ش ُه على‬ ‫ص ما في يَمي ِن ِه‪َ ،‬و َ‬ ‫م ي َ ْن ُ‬
‫ق ْ‬ ‫وات‪ ،‬واألَرْ َ‬
‫ض؟ َفإِنَّ ُه ل َ ْ‬ ‫م ِ‬ ‫الس َ‬
‫ق َّ‬‫خل َ َ‬
‫ُم ْن ُذ َ‬
‫ض»(((‪.‬‬
‫ض‪ ،-‬ي َ ْر َفعُ‪َ ،‬وي َ ْخ ِف ُ‬ ‫ض ‪-‬أ َ ِو ال َ‬
‫ق ْب ُ‬ ‫الماء‪َ ،‬وبي َ ِد ِه األ ُ ْخرَى ال َ‬
‫ف ْي ُ‬ ‫ِ‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)7411‬ومسلم (‪.)993‬‬


‫((( رواه البخاري (‪ ،)7419‬ومسلم (‪.)993‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 125‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪124‬‬

‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ورش‪،‬‬ ‫كتب اهللُ له م ْن َخري‪ٍّ ،‬‬ ‫أن ال َع ْبدَ إذا َعل َم أنَّه َل ْن ُيصي َبه َّإل مــا َ‬
‫والمقصــو ُد‪َّ :‬‬‫َ‬
‫ٍ‬
‫غري ُمفيد ألب َّت َة؛ َع ِل َم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المقدور ُ‬ ‫الخ ْل ِق ك ِّلهم عىل خــاف َ‬ ‫وأن اجتها َد َ‬ ‫وض‪َّ ،‬‬ ‫ونَفــعٍ‪ٍّ َ ،‬‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ َّ‬
‫نع‪.‬‬
‫والم ُ‬ ‫الض والن ُ‬
‫ّفع وال َعطا ُء َ‬ ‫هو الذي ب َيده ُّ ُّ‬ ‫أن اهللَ وحدَ ه َ‬
‫وح ْف َظ ح ِ‬ ‫اعــة‪ِ ،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫دوده؛ َّ‬
‫فإن‬ ‫ُ‬ ‫للعبــد ت َْوحيدَ ر ِّبه ‪ ،D‬وإفرا َده بال َّط‬ ‫جب َ‬
‫ذلك‬ ‫َفأ ْو َ‬
‫املعبود إنَّــا ي ْقصد بعبادتِه ج ْلــب المنافعِ‪ ،‬ود ْفع المضار؛ ِ‬
‫ولــذا َذ َّم اهللُ تعاىل َمن‬ ‫َ ُ َ ِّ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫يض‪ ،‬وال ُيغني ع ْن عابده شــي ًئا‪( :‬ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ‬ ‫ِ‬
‫نفع‪ ،‬وال ُ ُّ‬‫يع ُبدُ َمــ ْن ال َي ُ‬
‫ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ) [الفرقان‪( ،]٥٥ :‬ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ)‬
‫[يونس‪.]١٠٦ :‬‬

‫أوجب له‬ ‫َ‬ ‫غــر اهللِ؛‬


‫ُ‬ ‫يــر‪ ،‬وال ُي ْعطي‪ ،‬وال َي ُ‬
‫منع‪،‬‬ ‫نفع‪ ،‬وال ُ ُّ‬ ‫فمــ ْن َي ْع َلم أنَّه ال َي ُ‬
‫َ‬
‫والترضعِ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫والسؤال له‪،‬‬ ‫ِ‬
‫واالســتعانة به‪،‬‬ ‫والمح َّب ِة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ذلك إفراده َ ِ‬ ‫َ‬
‫ُّ‬ ‫والرجاء‪َ ،‬‬ ‫بالخ ْوف‪َّ ،‬‬ ‫َ‬
‫الخ ْل ِق‬
‫طاعة َ‬‫ِ‬ ‫وتقديم طاعتِ ِه عىل‬ ‫وحال الر ِ‬
‫خاء‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫الشدَّ ِة‪،‬‬ ‫عاء له يف ِ‬
‫حال ِّ‬ ‫وإخالص الدُّ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫الخ ْل ِق مجي ًعا(((‪.‬‬
‫َّقي َس َخ َطه‪ ،‬ولو كان فيه َس َخ ُط َ‬ ‫وأن َيت َ‬ ‫مجي ًعا‪ْ ،‬‬

‫ت النَّارَ»‪:‬‬ ‫غ ْي ِر هذا ل َ َد َ‬
‫خ ْل َ‬ ‫وقو ُله ‪َ « :H‬ول َ ْو ُم َّ‬
‫ت على َ‬

‫أنكر القدَ َر‬


‫ألن َمن َ‬ ‫أهل ِ‬
‫النار؛ َّ‬ ‫كان ِم ْن ِ‬ ‫مات م ِ‬
‫نك ًرا لل َقــدَ ِر‪َ ،‬‬ ‫أن َم ْن َ ُ‬ ‫يف هــذا َج ْز ٌم َّ‬
‫والكافر‬
‫ُ‬ ‫ور ِة‪،‬‬ ‫ألمر َم ْعلو ٍم ِم َن الدِّ ين َّ‬
‫بالض َ‬ ‫ومكذ ٌب ٍ‬
‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫للقرآن‪،‬‬ ‫مكذ ٌب‬ ‫كافر؛ ألنَّه ِّ‬
‫فهو ٌ‬ ‫َ‬
‫المخ َّلدين فيها(((‪.‬‬ ‫النار ُ‬ ‫ِم ْن ِ‬
‫أهل ِ‬

‫((( جامع العلوم ِ‬


‫واحل َكم (‪.)484/1‬‬
‫((( ا ُملف ِهم للقرطبي (‪ ،)132/1‬جامع العلوم ِ‬
‫واحل َكم (‪ ،)103/1‬القول املفيد (‪.)427/2‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 124‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪123‬‬ ‫احلديث السادس عرش‪« :‬لو أن اهلل عذب أهل سامواته‪ ،‬وأهل أرضه‪»...‬‬

‫حفوظ َق ْبل كَونِ ِه‪( :‬ﯧ ﯨ‬


‫ِ‬ ‫الم‬ ‫ٍ‬ ‫كتب َّ‬
‫كل َشء يف ال َّلوحِ َ‬ ‫َّ‬
‫بــأن اهللَ تعاىل َ‬ ‫ونُؤم ُن‬
‫ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ) [يس‪.]١٢ :‬‬
‫الخ ِ‬ ‫ِ‬
‫الئق‪ ،‬ما َ‬
‫كان‪ ،‬وما‬ ‫قادير َ‬
‫ليكتب َم َ‬
‫َ‬ ‫حفوظ؛‬ ‫أج َرى الق َل َم عىل ال َّل ْوحِ َ‬
‫الم‬ ‫فاهللُ تعاىل ْ‬
‫فق ما َس َب َق ِبه ِع ْل ُم اهللِ تعاىل‪ ،‬وإرادتُه‪ ،‬ومشي َئتُه ‪ً ‬‬
‫أزل‪.‬‬ ‫هو كائن إىل ِ‬
‫األبد‪ ،‬عىل َو ِ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬
‫الدائرة بي الر ِ‬
‫محة‪،‬‬ ‫َ ْ َّ‬
‫ِ‬ ‫ومشيئتِ ِه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫فهو بإِرا َدة اهللِ‪َ ،‬‬
‫كل ما َيري يف هذا الك َْو ِن َ‬ ‫بأن َّ‬‫ُؤم ُن َّ‬‫ون ِ‬
‫ِ‬ ‫ذلك‪ ،‬فإنَّه م ٌ ِ ِ‬ ‫واحلك ِ‬ ‫ِ‬
‫حفوظ؛‬ ‫الم‬
‫وح َ‬ ‫كتوب يف ال َّل ِ‬‫ِ‬ ‫السابِ ِق َ‬
‫الم‬ ‫طابق لع ْلمه َّ‬ ‫ُ‬ ‫ْمة‪ ،‬وما َو َق َع م ْن َ‬
‫يش ْأ َل ْ ي ُك ْن؛ فال َي ُر ُج ع ْن‬
‫كان‪ ،‬وما َل ْ َ‬ ‫فمشــيئ ُة اهللِ نافِذةٌ‪ ،‬و ُقدر ُته ِ‬
‫شام َل ٌة‪ ،‬ما شــا َء اهللُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫إِرادته َش ٌء‪( :‬ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ) [التكوير‪.]٢٩ :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫كل ما ِسوا ُه‬ ‫رب ِســوا ُه‪َ ،‬‬


‫وأ َّن َّ‬ ‫غري ُه‪ ،‬وال َّ‬
‫خالق ُ‬
‫كل ٍ‬
‫يشء‪ ،‬ال َ‬ ‫بأن اهللَ خالِ ُق ِّ‬ ‫ون ِ‬
‫ُؤمن َّ‬
‫متحر ٍك‪ ،‬وحركتِ ِه‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫عامل‪ ،‬وعملِ ِه‪ِّ ،‬‬
‫وكل‬ ‫ٍ‬ ‫كل‬‫خالق ِّ‬
‫فهو ُ‬ ‫َم ٌ‬
‫لوق؛ َ‬
‫ٍ‬ ‫وإيامن‪ ،‬وطا َع ٍة‪ ،‬و َم‬
‫ٍ‬ ‫وش‪ ،‬وك ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫و َأ َّن َّ‬
‫عصية‪ ،‬شــا َء ُه اهللُ‪،‬‬ ‫ُفر‪،‬‬ ‫كل مــا َيري م ْن َخ ْي‪ٍّ َ ،‬‬
‫وخ َلقه‪ ،‬قــال تعــاىل‪( :‬ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ) [القمر‪ ،]٤٩ :‬وقال‪( :‬ﯬ‬
‫و َقــدَّ َره‪َ ،‬‬
‫ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ) [الفرقان‪ ،]٢ :‬وقال‪( :‬ﮏ ﮐ ﮑ ﮒﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ‬
‫ﮘ) [الزمر‪.]٦٢ :‬‬

‫ــك‪َ ،‬وأ َ َّ‬


‫ن ما‬ ‫طئ َ َ‬
‫ن لي ُ ْخ ِ‬
‫ك ْ‬ ‫ن ما أَصاب َ َ‬
‫ــك ل َ ْ‬
‫م يَ ُ‬ ‫وقو ُلــ ُه ‪َ « :H‬وت َ ْعل َ َ‬
‫م أ َ َّ‬
‫ن ليُصيب َ َ‬
‫ك»‪:‬‬ ‫م يَ ُ‬
‫ك ْ‬ ‫طأ َ َ‬
‫ك لَ ْ‬ ‫أ َ ْخ َ‬

‫ســول اهللِ ‪ H‬اب َن َع ٍ‬


‫باس‬ ‫ُ‬ ‫مثل مــا ورد يف الك َِل ِ‬
‫امت ا ّلتي َع ّل َم ُه ّن َر‬ ‫َوهــذا ُ‬
‫ََ َ‬
‫ش ٍء‪َ ،‬ل ْ َينْ َف َ‬
‫عوك إِ َّل‬ ‫عوك بِ َ ْ‬‫ت عىل َأ ْن َينْ َف َ‬ ‫‪ ،L‬فقال‪ ...« :‬وا ْع َل ْم َأ َّن األُ َّم َة َل ْو ْ‬
‫اجت ََم َع ْ‬
‫ش ٍء َقدْ‬
‫وك إِ َّل بِ َ ْ‬
‫ض َ‬ ‫وك بِ َ ٍ‬
‫شء‪َ ،‬ل ْ َي ُ ُّ‬‫ض َ ْ‬
‫َ‬
‫اجت ََمعوا عىل أ ْن َي ُ ُّ‬ ‫ك‪َ ،‬و َل ْو ْ‬ ‫ــي ٍء َقدْ َك َت َب ُه اهللُ َل َ‬
‫بِ َ ْ‬
‫ت األَ ْقال ُم‪َ ،‬و َج َّف ْ‬ ‫ك‪ ،‬رفِع ِ‬
‫ف»(((‪.‬‬ ‫الص ُح ُ‬ ‫ت ُّ‬ ‫َك َت َب ُه اهللُ َع َل ْي َ ُ َ‬

‫وصححه ابن منده واأللباين وحمقِّقو املسند‪.‬‬


‫َّ‬ ‫وحسنه ابن رجب وابن حجر‪،‬‬
‫َّ‬ ‫((( رواه الرتمذي (‪،)2516‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 123‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪122‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حديث ِج َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬


‫واإلحسان‪،‬‬ ‫واإليامن‪،‬‬ ‫شهور يف اإلسال ِم‪،‬‬ ‫َ‬ ‫الم‬
‫ربيل َ‬ ‫مر‬
‫روى ع ْن أبيه ُع َ‬ ‫ُث َّم َ‬
‫اإليامن‪ ،‬قال‪َ :‬أ ْن ت ُْؤ ِم َن بِاهللِ‪َ ،‬و َمالئِكَتِ ِه‪َ ،‬و ُك ُتبِ ِه‪َ ،‬و ُر ُســلِ ِه‪ ،‬وال َي ْو ِم‬
‫ِ‬ ‫بين َع ِن‬ ‫ِ َ‬
‫وفيه‪َ « :‬فأ ْخ ِ ْ‬
‫ش ِه»(((‪.‬‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اآلخ ِر‪َ ،‬وت ُْؤم َن بِال َقدَ ر َخ ْيه‪َ ،‬و َ ِّ‬
‫ِ‬
‫اإليامن‬ ‫دون‬ ‫رب أنَّه ال تُق َب ُل ِمن ُْهم ُ‬
‫أعاملم بِ ِ‬
‫مر ‪ ،L‬وأخ َ‬
‫منه ْم عبدُ اهلل ب ُن ُع َ‬
‫ربأ ُ‬
‫ف َت َّ‬
‫بال َقدَ ِر‪.‬‬
‫ِ‬
‫اإليامن‪،‬‬ ‫تدَ َط ْع َم َحقي َق ِة‬ ‫ت ‪ِ I‬ل ْبنِ ِه‪« :‬يا ُبنَي‪ ،‬إِن ََّك َل ْن َ ِ‬
‫َّ‬
‫وقال ُعباد ُة بن الص ِام ِ‬
‫َ ْ ُ َّ‬
‫َحتَّى َت ْع َل َم َأ َّن ما َأصا َب َك َل ْ َي ُك ْن ل ُي ْخطِ َئ َك‪َ ،‬وما َأ ْخ َط َأ َك َل ْ َي ُك ْن ل ُيصي َب َك»‪.‬‬

‫قول‪« :‬إِ َّن َأ َّو َل ما َخ َل َق اهللُ ال َق َل َم‪َ ،‬فقال‬


‫ســول اهلل ‪َ H‬ي ُ‬ ‫َ‬ ‫ُث َّم قال‪َ :‬س ِم ْع ُت َر‬
‫السا َع ُة»‪.‬‬ ‫َله‪ :‬ا ْكتُب‪ ،‬قال‪ :‬رب‪ ،‬وماذا َأ ْكتُب؟ قال‪ :‬ا ْكتُب مقادير ك ُِّل َ ٍ‬
‫شء َحتَّى تَقو َم َّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ِّ َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫مات عىل غ ْ ِ‬
‫َي هذا‬ ‫«م ْن َ‬ ‫سول اهلل ‪َ H‬ي ُ‬ ‫ُثم قال‪ :‬يا بنَي‪ ،‬إِ ِّن س ِ‬
‫ــم ْع ُت َر َ‬
‫قول‪َ :‬‬ ‫َ‬ ‫ُ َّ‬ ‫َّ‬
‫َف َل ْي َس ِمنِّي»(((‪.‬‬

‫َّقي اللَّ َحتَّى ت ُْؤ ِم َن بِاللَِّ‪،‬‬ ‫َّــق اللَّ‪ ،‬وا ْع َل ْم َأن َ‬


‫َّك َل ْن َتت َ‬ ‫التمذي‪« :‬يا ُبن ََّي‪ ،‬ات ِ‬ ‫ِ‬
‫رواية ِّ‬ ‫ويف‬
‫ت الن ََّار»(((‪.‬‬‫َي هذا َد َخ ْل َ‬ ‫ت عىل غ ْ ِ‬ ‫ش ِه‪َ ،‬فإِ ْن ُم َّ‬ ‫ِ ِ ِِ‬ ‫ِ‬
‫َوت ُْؤم َن بِال َقدَ ر ُك ِّله َخ ْيه‪َ ،‬و َ ِّ‬
‫يتــم َّإل باإليامن بمراتبِه‪ ،‬وأركانِ ِه األر َب َعة‪،‬‬
‫ُّ‬ ‫اإليامن بال َقدَ ر ال‬
‫َ‬ ‫وقد تَقدَّ م م َعنا‪َّ :‬‬
‫أن‬
‫لق‪.‬‬
‫والخ ُ‬ ‫وهي‪ِ :‬‬
‫الع ْل ُم‪ ،‬والكتا َب ُة‪ ،‬واملشي َئ ُة‪َ ،‬‬ ‫َ‬

‫كان‪ ،‬وما‬ ‫األزيل َق ْب َل ك َْو ِنــا‪ ،‬ف َع ِل َم ما َ‬


‫ِّ‬ ‫بع ْل ِمه‬
‫بأن اهللَ تعاىل علِم األشــياء ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ِ‬
‫فنؤم ُن َّ‬
‫َفصيل‪ ،‬و َأنَّه َع ِل َم ما‬
‫ً‬ ‫يكون‪ُ ،‬جل ًة‪ ،‬وت‬ ‫ُ‬ ‫كيف‬
‫كان َ‬ ‫ــيكون‪ ،‬وما َل ْ ي ُك ْن َلو َ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫يكون‪ ،‬وما َس‬
‫اخللق عاملون َق ْبل َخ ْلقهم‪( :‬ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ) [التوبة‪]١١٥ :‬‬
‫ِ‬ ‫ُ ِ‬

‫((( رواه مسلم (‪.)8‬‬


‫وصححه ابن حجر واأللباين‪.‬‬
‫َّ‬ ‫((( رواه أبو داود (‪،)4700‬‬
‫وصححه األلباين‪.‬‬
‫َّ‬ ‫((( الرتمذي (‪،)2155‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 122‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪121‬‬ ‫احلديث السادس عرش‪« :‬لو أن اهلل عذب أهل سامواته‪ ،‬وأهل أرضه‪»...‬‬

‫ول ْ ي ُقل‪« :‬ال َغ ُ‬


‫فور‬ ‫ُث َّم قال‪( :‬ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ) [املائدة‪َ ،]١١٨ :‬‬
‫الر ِّب ِ‬
‫عليهم‪،‬‬ ‫الرحيم»‪ ،‬وهذا ِمن أب َلغ األدب مع اهللِ تعاىل؛ فإنَّه قاله يف ِ‬
‫وقت َغ َض ِ‬
‫ب َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ ُ‬
‫راءة ِم ُنه ْم‪،‬‬
‫عطاف‪ ،‬وال شفا َع ٍة‪ْ ،‬بل مقام ب ٍ‬
‫َ َ‬
‫ٍ‬ ‫النار‪ ،‬فليس هو مقام اســتِ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫واأل ْم ِر هبِ ْم إىل ِ‬
‫الر ُّب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫عليه ْم‪.‬‬ ‫ب َّ‬‫للر ِّب يف َغ َضبه عىل َمن َغض َ‬
‫فالمقا ُم َمقا ُم موافقة َّ‬‫َ‬
‫والع َّز ِة‪ِ ،‬‬
‫والع ْل ِم‪،‬‬ ‫َــال ال ُقدْ ر ِة‪ِ ،‬‬
‫تكون ع ْن ك ِ‬
‫ُ‬ ‫إن َغ َفر َت هلم‪ ،‬فم ِ‬
‫َ‬ ‫غفرتُك‬ ‫ُْ َ‬ ‫والمعنى‪ْ ْ :‬‬
‫رائ ِمهم‪.‬‬
‫قدار ج ِ‬ ‫َ ِ‬ ‫ليست عن عج ٍز ع ِن االنتقا ِم منهم‪ ،‬وال عن َخ ٍ‬
‫عليك بم ِ َ‬ ‫فاء‬ ‫ْ‬ ‫ُ ْ‬ ‫َ ْ َ ْ َ‬ ‫َ‬
‫قدار إســاءتِه ِ‬
‫إليه‪،‬‬ ‫بم ِ‬ ‫عن االنتقــا ِم ِمنه‪ ،‬وجله ِله ِ‬ ‫فالعبدُ قــد ي ْغ ِفر ل َغ ِ‬
‫ريه ل َع ْج ِزه ِ‬
‫َ‬ ‫َْ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫وهــو (ﯹ ﯺ) [املائدة‪ ]١١٨ :‬وكان ذك ُْر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والكامل‪ :‬هــو م ْغفر ُة القاد ِر ِ‬
‫العالِ‪،‬‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫عني األدب يف ِ‬
‫اخل ِ‬ ‫الصفت ِ‬ ‫هات ْ ِ‬
‫طاب(((‪.‬‬ ‫هو َ َ‬ ‫المقا ِم َ‬ ‫َني يف هذا َ‬ ‫َي ِّ‬

‫ــبيل اللَّ ِه‪ ،‬ما َق ِبل َ ُه‬


‫ِ‬ ‫س‬ ‫ل أُ ُ‬
‫ح ٍد َذ َ‬
‫ه ًبا في َ‬ ‫ت ِم ْث َ‬ ‫وقو ُلــه ‪َ « :H‬ول َ ْو أ َ ْن َ‬
‫ف ْق َ‬
‫ك‪َ ،‬وأ َ َّ‬
‫ن‬ ‫طئ َ َ‬
‫ن لي ُ ْخ ِ‬ ‫م يَ ُ‬
‫ك ْ‬ ‫ن ما أَصاب َ َ‬
‫ك لَ ْ‬ ‫م أ َ َّ‬
‫ق َدرِ‪َ ،‬وت َ ْعل َ َ‬ ‫حتَّى ت ُ ْؤ ِم َ‬
‫ن ِبال َ‬ ‫اهللُ ِم ْن َ‬
‫ك َ‬
‫ن ليُصيب َ َ‬
‫ك»‪:‬‬ ‫م يَ ُ‬
‫ك ْ‬ ‫طأ َ َ‬
‫ك لَ ْ‬ ‫ما أ َ ْخ َ‬

‫إيامن ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫العبد َّإل‬ ‫تم ُ‬ ‫اإليامن بالقضاء وال َقدَ ِر م ْن أركان اإليــان‪ ،‬وأصوله التي ال َي ُّ‬‫ُ‬
‫واقتضتْه ِحك َْمتُه»(((‪.‬‬
‫َ‬ ‫سبق ِبه ِع ْل ُمه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫للكائنات َح ْس َبام َ‬ ‫«تقدير اهللِ تعاىل‬
‫ُ‬ ‫وهو‪:‬‬
‫هبا‪َ ،‬‬
‫ِ‬ ‫ولِذا َّملا َ‬
‫آن‪َ ،‬و َي َت َق َّف َ‬
‫رون‬ ‫ءون ال ُق ْر َ‬
‫ــر َ‬ ‫ناس َي ْق َ‬ ‫البن ُع َمر ‪ :L‬إِ َّن ُه َقدْ َظ َه َر ق َب َلنا ٌ‬ ‫قيــل ِ‬
‫عمر‪:‬‬ ‫ُف ! قال اب ُن َ‬
‫(((‬
‫مون َأ ْن ال َقدَ َر‪َ ،‬و َأ َّن َاأل ْم َر ُأن ٌ‬‫الع ْل َم(((‪َ ،‬و َذك ََر ِم ْن َش ْأ ِ ِن ْم‪َ ،‬و َأ ُنَّ ْم َي ْز ُع َ‬ ‫ِ‬

‫ف بِ ِه َع ْبدُ‬
‫ــرآ ُء ِمنِّي! والذي َ ْي ِل ُ‬ ‫ِ‬
‫ب ُه ْم َأ ِّن َبري ٌء من ُْه ْم‪َ ،‬و َأ َّنُ ْم ُب َ‬
‫« َفــإِذا َل َ ِ‬
‫قيت أو َلئ َك؛ َف َأ ْخ ِ ْ‬
‫اهللِ ْب ُن ُع َم َر؛ َل ْو َأ َّن ِلَ َح ِد ِه ْم ِم ْث َل ُأ ُح ٍد َذ َه ًبا َف َأ ْن َف َق ُه؛ ما َقبِ َل اهللُ ِمنْ ُه َحتَّى ُي ْؤ ِم َن بِال َقدَ ِر»‪.‬‬

‫((( مدارج السالكني (‪ ،)358/2‬مفتاح دار السعادة (‪ ،)109/2‬تفسري السعدي (ص‪.)250‬‬


‫((( عقيدة أهل السنة واجلامعة البن عثيمني (ص‪.)27‬‬
‫((( يطلبون وجيمعون ِ‬
‫العلم‪.‬‬
‫((( أي‪ُ :‬مستأنَف‪ ،‬مل َي ْسبِق به َقدَ ر وال ِعلم من اهلل‪ ،‬وأنَّه يعلمه بعد وقوعه ‪َّ E‬‬
‫عم يقول الظاملون‪.‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 121‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪120‬‬

‫ول ْ ي ُك ْن ظا ًملا هل ُ ْم‪ ،‬وأنَّه َل ْو‬ ‫لعذبم باستِ ِ‬


‫حقاقهم‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫احلديث‪ :‬أنَّه َل ْو َّ‬
‫ْ‬ ‫عذ َبم؛ َّ َ‬ ‫فمعنى‬
‫ِ‬ ‫محتُه َخ ْ ٌي ِم ْن‬ ‫ِ‬ ‫وكرم ِه‪ ،‬ال‬
‫ِ‬ ‫ذلك ُمرد ِ‬ ‫َ‬ ‫َر ِ َ‬
‫أعاملم‪.‬‬ ‫بأعاملم؛ فر َ‬ ‫فضله‪،‬‬ ‫لكان َ َّ َ‬ ‫حهم؛‬

‫حتِه‪ ،‬و َف ْض ِله‪ ،‬فام نجا ِمن ُْهــم أحدٌ َّإل ب َع ْف ِو ِه‪،‬‬‫ور ْ َ‬‫ــو اهللِ‪َ ،‬‬
‫حتت َع ْف ِ‬ ‫الع ِ‬
‫باد َ‬ ‫فجميــع ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫حتِه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫و َم ْغ ِف َرتِه‪ ،‬وال َ‬
‫فاز باجلنَّة أحدٌ إال ب َف ْضله‪َ ،‬‬
‫ور ْ َ‬
‫وجوده‪ ،‬و َع ِ‬
‫ِ‬ ‫حتِه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫طائه(((‪.‬‬ ‫ور ْ َ‬
‫ني عىل إحسانه‪َ ،‬‬ ‫فالحمدُ هللِ ِّ‬
‫رب العا َل َ‬ ‫َ‬

‫عيســى ‪ ،S‬كام َحكاه ر ُّبه‪( :‬ﯯ ﯰ ﯱ ﯲﯳ‬ ‫ِ‬ ‫إن َ‬


‫قيل‪ :‬فام معنى قول َ‬ ‫فِ ْ‬
‫ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ) [املائدة‪]١١٨ :‬؟‬
‫البعض ِمــن قولِ ِ‬
‫ــه‪( :‬ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ) َّ‬
‫أن َمعنا ُه‪ُ :‬ه ْم عبا ُدك‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ف َقدْ َي ُ‬
‫فهم‬
‫غري ظاملٍ‪ ،‬ف َل ْو َّ‬ ‫ِ‬
‫عذبتَهم َل ْ تك ُن ظا ًملا َلُم؛ ألنَّك‬ ‫ف يف ُم ْلكه ُ‬
‫ترص ُ‬ ‫والم ْلك ُملكُك‪ُ ،‬‬
‫والم ِّ‬ ‫ُ‬
‫الج ْب َّية‪.‬‬ ‫جردة! وهذا َق ُ‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بم ْح ِ‬ ‫تف َع ُل ما تَشا ُء‪َ ،‬‬
‫فأنت ت ِّ‬
‫ول َ‬ ‫الم َّ‬
‫المشي َئة ُ‬‫ض َ‬ ‫ُعذهبم َ‬
‫ب عيسى ‪ S‬مع ربه ‪ِ ،F‬‬
‫وم ْن أب َل ِغ األ َد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب‬ ‫َ ِّ‬ ‫أن هذا م ْن كَامل أ َد ِ َ‬
‫واب‪َّ :‬‬
‫فالج ُ‬
‫َ‬
‫المقا ِم‪.‬‬ ‫مع اهللِ يف ِم ِ‬
‫ثل هذا َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫وهؤالء عَبيدُ ك َليسوا‬ ‫واإلحسان ِ‬
‫إليه ْم‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫شأن الســي ِد رمح ُة َع ِ‬
‫بيده‪،‬‬ ‫أن َ‬ ‫والمعنى‪َّ :‬‬
‫ِّ‬
‫وأنت ْأر َح ُم ِبِم ِم ْن أن ُف ِســهم‪ ،‬ف َل ْوال‬
‫كونم عبيدَ ك‪َ ،‬‬ ‫عذبتَهم َم َع ِ ِ‬ ‫عبيدً ا لِ ِ‬
‫غري َك‪ ،‬فإذا َّ‬
‫بسهم‪ ،‬وعالنيتِهم‪ ،‬كام قال َق ْبلها‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ســوء ُعصاةٌ‪َ ،‬ل ْ ُت َع ِّذ ْ ُبم‪،‬‬
‫أعلم ِّ‬
‫وأنت ُ‬
‫َ‬ ‫َّأنم عَبيدُ‬
‫(ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ) [املائدة‪.]١١٦ :‬‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫واعرتاف‪ ،‬وثنا ٌء‬
‫ٌ‬ ‫إقرار‪،‬‬
‫فهو ٌ‬‫عذبتَهم عىل ع ْل ٍم من َْك بام ُت َع ِّذ ُبم عليه‪َ ،‬‬ ‫عذبتَهم َّ‬
‫فإذا َّ‬
‫فهو‬ ‫ِ‬ ‫بحالم‪ ،‬واســتِ ِ‬
‫ِ‬ ‫وكامل ِع ْل ِمه‬
‫ِ‬ ‫بحك َْمتِه‪ ،‬وعَدْ لِه‪،‬‬‫عليه ‪ِ ‬‬ ‫ِ‬
‫للعذاب‪َ ،‬‬ ‫حقاقهم‬
‫ديث‪ ،‬وال ُيالِ ُفه‪.‬‬
‫الح َ‬ ‫ِ‬
‫يواف ُق َ‬

‫((( جمموع الفتاوى (‪ ،)143/18‬طريق اهلجرتني (ص‪ ،)286 ،112‬مفتاح دار السعادة (‪،8/1‬‬
‫رس َلة (ص‪.)246‬‬
‫‪ ،)109/2‬شفاء العليل (ص‪ ،)113‬خمترص الصواعق ا ُمل َ‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 120‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪119‬‬ ‫احلديث السادس عرش‪« :‬لو أن اهلل عذب أهل سامواته‪ ،‬وأهل أرضه‪»...‬‬

‫طاعات ِ‬
‫العبد ك ُّلها‬ ‫ُ‬ ‫ف َت ْبقى نِ َع ُمه الكثري ُة ال ُمقابِ َل هلا ِم ْن ُش ِ‬
‫ــكر ِه ْم‪َ ،‬ب ْل لو ُو ِّز َعت‬
‫سري جدًّ ا‪ ،‬ال نِسب َة له إىل َقدْ ِر‬ ‫ــط ِّ ِ ٍ ِ‬
‫كل ن ْعمة منْها َّإل جز ٌء َي ٌ‬ ‫هذه النِّ َعم؛ مل َي ُر ْج ِق ْس ُ‬
‫عىل ِ‬
‫تلك النِّعمة بوج ٍه ِمن الو ِ‬
‫جوه!‬ ‫ِ‬
‫َْ َ ْ َ ُ‬

‫قــال اهللُ تعــاىل‪( :‬ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠ‬


‫األخرى‪( :‬ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱﭲ‬ ‫ﭡ) [إبراهيم‪ ،]٣٤ :‬وقال يف ِ‬
‫اآلية‬
‫َ‬
‫ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ) [النحل‪.]١٨ :‬‬
‫عذبم عىل تَر ِك ُشــك ِْر ِهم‪ ،‬وتَر ِك ِ‬
‫أداء ح ِّقه الذي َينبغي له ‪‬؛ َّ‬
‫عذهبم‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫فإذا َّ َ ُ‬
‫بح ِّق ِه‪ ،‬ومل ي ُك ْن ظا ًملا هل ُ ْم؛ وهلذا قال ب َعده‪:‬‬

‫ن أ َ ْعما ِل ِه ْ‬
‫م»‪:‬‬ ‫م ِم ْ‬ ‫خ ْي ًرا ل َ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫مت ُ ُه َ‬ ‫م؛ كان َ ْ‬
‫ت ر َ ْح َ‬ ‫ه ْ‬ ‫« َول َ ْو ر َ ِح َ‬
‫م ُ‬

‫هي ثمنًا هلا‪ ،‬وال تب ُل ُغ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ُ‬
‫أعاملم‬ ‫حتَه َلُم َل ْي َســت يف ُمقا َب َلة أعاملم‪ ،‬وال َ‬ ‫َيعني‪َّ :‬‬
‫أن َر ْ َ‬
‫ضاء الر ِ‬‫أعاملم ال تَســت َِق ُّل باقتِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ــت عىل َقدْ ِر‬
‫محة‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫ُُ‬ ‫أعاملم؛ إذ‬ ‫يس ْ‬‫حتُه هلم َل َ‬ ‫حتَه؛ َفر ْ َ‬
‫َر ْ َ‬
‫وشك ِْره التي يست ِ‬
‫َح ُّقها ِ‬
‫عليه ْم َل ْ يقوموا هبا‪.‬‬ ‫وحقوق عبود َّيتِه ُ‬ ‫ُ‬
‫َْ‬
‫حــ َة اهللِ ُتنْجي العبدَ ‪ ،‬و َعم َله ال ي ِ‬
‫نجيه‪،‬‬ ‫أعامل ْم؛ َّ‬
‫ألن َر ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫خري ِم ْن‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫حتُه ‪ٌ ‬‬ ‫َفر ْ َ‬
‫ْت‬ ‫وال ُيدْ ِخ ُله اجلنَّ َة؛ كام قال ‪َ « :H‬ل ْن ُيدْ ِخ َل َأ َحدً ا َع َم ُل ُه َ‬
‫اجلنَّ َة»‪ ،‬قالوا‪َ :‬وال َأن َ‬
‫ٍ‬
‫رواية‪َ « :‬ل ْن‬ ‫ح ٍة»(((‪ ،‬ويف‬ ‫«وال َأنا‪ ،‬إِالَّ َأ ْن َي َتغ ََّمدَ ين اهللُ بِ َف ْض ٍل‪َ ،‬و َر ْ َ‬
‫ســول اهلل؟ قال‪َ :‬‬ ‫َ‬ ‫يا َر‬
‫ْجي َأ َحدً ا ِمنْك ُْم َع َم ُل ُه»(((‪.‬‬
‫ُين َ‬

‫خول اجلن َِّة‪ ،‬كام قال تعاىل‪( :‬ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ‬ ‫بب يف ُد ِ‬ ‫الصاحل ُة َس ٌ‬ ‫ُ‬
‫فاألعامل َّ‬
‫لدخول اجلن َِّة‪ ،‬أو ُم َ‬
‫عاوض ًة‪ ،‬ومقابل ًة‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫األعامل َثمنًا‬ ‫ت‬ ‫لكن ليس ِ‬ ‫ِ‬
‫ﯡ) [النحل‪َ ْ ،]٣٢ :‬‬
‫ح ِة اهللِ تعاىل‪ ،‬و َف ْض ِله‪.‬‬ ‫ُ‬
‫يكون َبر ْ َ‬ ‫خول اجلن َِّة‬
‫للجن َِّة‪ْ ،‬بل ُد ُ‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)5673‬ومسلم (‪.)2816‬‬


‫تقدم ذكره آن ًفا‪.‬‬
‫((( ّ‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 119‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪118‬‬

‫عم‬‫سأل َّ‬ ‫حلك ِْمه‪ ،‬وال ُي ُ‬


‫ب ُ‬ ‫ويك ُُم ما ُيريدُ ‪ ،‬ال ُم َع ِّق َ‬
‫يفعل ما يشــا ُء‪ْ َ ،‬‬ ‫ف‪ ،‬الذي ُ‬ ‫ترص ُ‬‫الم ِّ‬
‫ُ‬
‫املالك الذي ال َي ْظ ِل ُم‬
‫ُ‬ ‫الخ ْل ُق‪ ،‬واأل ْم ُر‪َ ،‬مهام ف َع َل ف َعدْ ٌل؛ ألنَّه‬
‫سألون‪ ،‬ف َل ُه َ‬
‫َ‬ ‫وهم ُي‬‫يفعل‪ُ ،‬‬‫ُ‬
‫ذر ٍة»(((‪.‬‬
‫مثقال َّ‬
‫ِ‬

‫ِ‬
‫جاء يف هذا احلديث‪« :‬ل َ ْو أ َ َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سماوا ِت ِه‪،‬‬ ‫ب أ َ ْه َ‬
‫ل َ‬ ‫ع َّذ َ‬ ‫ن اللَّ َ‬
‫ه َ‬ ‫وم ْن َعدْ له ‪ :‬ما َ‬
‫م»‪:‬‬ ‫م لَ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫م َوه َو َ‬
‫غ ْير ُ ظا ِل ٍ‬ ‫ع َّذب َ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫ل أَرْ ِ‬
‫ض ِه؛ َ‬ ‫َوأ َ ْه َ‬
‫ِ ِ‬ ‫شيئة المجر ِ‬
‫دة ِ‬ ‫ض الم ِ‬
‫فالم ْل ُك‬
‫ب‪ ،‬واحلكْمة‪ُ ،‬‬ ‫الس َب ِ‬
‫عن َّ‬ ‫ُ َّ‬ ‫بم ْح ِ َ‬ ‫ذلك َ‬ ‫ليس ألنَّه ُ‬
‫يفعل َ‬ ‫َ‬
‫كيف يشــاء بال ِحك ٍ‬ ‫ف يف ُم ْل ِكه َ‬ ‫ِ‬
‫ْمة!‬ ‫ُ‬ ‫ترص ُ‬
‫فهو َي َّ‬ ‫ف يف ُم ْلكه ُ‬
‫غري ظاملٍ‪َ ،‬‬ ‫واملترص ُ‬
‫ِّ‬ ‫ُملكُــه‪،‬‬
‫عذ َ ُبم؛ كان تعذي ُب ُهم عَدْ ًل‬
‫هو ‪ E‬إذا َّ‬ ‫الجرب َّية ِم ْن ِ‬
‫أهل البِدَ عِ‪-‬؛ ْبل َ‬ ‫‪-‬كام يقو ُله َ‬
‫املشيئة المجر ِ‬
‫ِ‬ ‫بم ْح ِ‬ ‫ِ‬
‫دة‪.‬‬ ‫ُ َّ‬ ‫ض‬ ‫منه‪ ،‬وحكْم ًة‪ ،‬ال َ‬
‫عباده عظيمــ ٌة جليل ٌة‪ ،‬وحقو َقه ِ‬ ‫أن نِعم اهللِ تعاىل عىل ِ‬
‫عليه ْم كثريةٌ‪،‬‬ ‫ذلك‪َ َ َّ :‬‬ ‫وبيان َ‬ ‫ُ‬
‫ويتجاو ُز‪.‬‬
‫َ‬ ‫وهو ‪َ ‬ي ْعفو‪ ،‬و َي ْغ ِف ُر‪،‬‬
‫كر ِه‪ ،‬التي َيستح ُّقها ِ‬
‫عليه ْم‪،‬‬ ‫بحق ُعبود َّي ِته‪ُ ،‬‬
‫وش ِ‬ ‫يقومون ‪َ -‬م ْهام ف َعلوا‪ِّ -‬‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫والعبا ُد ال‬
‫أعاملــم بن ِ‬
‫ــا‪ ،‬أو تفري ًطا‪ ،‬أو إضاعــ ًة‪ ،‬أو َت ْق ً‬
‫صريا‪ ،‬كام يف‬ ‫َجاتم‪ ،‬إ َّما َج ْه ً‬ ‫ُُ‬ ‫وال تَفي‬
‫ْجي َأ َحدً ا ِمنْك ُْم َع َم ُل ُه»(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الحديث‪َ « :‬ل ْن ُين َ‬ ‫َ‬
‫ــه ِ‬‫لعذبم حل ِّق ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫غري ظــاملٍ هل ُ ْم‪ ،‬وكانوا‬ ‫عليه ْم‪ ،‬وهو ُ‬ ‫عذ َ ُبم يف هــذه احلالة؛ َّ َ ُ‬ ‫ف َل ْ‬
‫ــو َّ‬
‫للعذاب‪ ،‬ومل يك ْن تَعذي ُبه ُظ ْلم َلم ب َغ ِري اســتِ ْح ٍ‬
‫ِ‬ ‫ذاك‪ -‬مســت ِ‬
‫فإن ح َّقه‬
‫قاق؛ َّ‬ ‫ً ُ‬ ‫َح ِّقني‬ ‫‪-‬إذ َ ُ ْ‬
‫أضعاف ما َأتَوا ِمن ال َّط ِ‬
‫اعات‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫أضعاف‬
‫ُ‬ ‫‪ِ ‬‬
‫عليه ْم‬
‫ْ َ‬
‫عليهم؟ ب ْل تَوفي ُقهم لل َّط ِ‬ ‫َ ِ ِ‬
‫اعة‬ ‫ُ‬ ‫القليل م ْن ن َعم اهللِ تعاىل ِ ْ َ‬ ‫وأعاملم ال توازي‬‫ُ‬ ‫فكيف‪،‬‬
‫َ‬
‫الش ِ‬
‫كر‬ ‫حق ِمن ُّ‬ ‫هذ ِه النِّ َع ِم ٌّ‬
‫ولكل نِعم ٍة ِمن ِ‬
‫ِّ ْ َ ْ‬ ‫عليه ْم‪ ،‬و َف ْض ِله‪ ،‬وإحســانِه‪،‬‬‫هو ِم ْن نِ َع ِمه ِ‬‫َ‬
‫عيه‪ ،‬وي ْقت ِ‬
‫َضيه‪.‬‬ ‫يستَدْ ِ‬
‫َ‬ ‫َْ‬

‫((( تفسري ابن كثري (‪.)270/6‬‬


‫((( رواه البخاري (‪ ،)6463‬ومسلم (‪.)2816‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 118‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪117‬‬

‫الحديث السادس عشر‬

‫ن ال َّن ِّ‬
‫بي ‪ ،H‬قال‪:‬‬ ‫ثابت ‪َ ،I‬ع ِ‬
‫ٍ‬ ‫ن زَي ِد ِ‬
‫بن‬ ‫َع ْ‬

‫م‬ ‫م َوه َو َ‬
‫غ ْير ُ ظا ِل ٍ‬ ‫ع َّذب َ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫ض ِه؛ َ‬‫ل أَرْ ِ‬
‫ســماوا ِت ِه‪َ ،‬وأ َ ْه َ‬ ‫ل َ‬ ‫ب أ َ ْه َ‬
‫ع َّذ َ‬‫ه َ‬‫ن اللَّ َ‬ ‫«ل َ ْو أ َ َّ‬
‫ت ِم ْث َ‬
‫ل‬ ‫ف ْق َ‬ ‫م‪َ ،‬ول َ ْو أ َ ْن َ‬ ‫ن أ َ ْعما ِل ِه ْ‬
‫م ِم ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫خ ْي ًرا ل َ ُ‬
‫مت ُ ُه َ‬
‫ت ر َ ْح َ‬‫م؛ كان َ ْ‬ ‫ه ْ‬‫م ُ‬‫م‪َ ،‬ول َ ْو ر َ ِح َ‬ ‫لَ ُ‬
‫ه ْ‬
‫م أ َ َّ‬
‫ن‬ ‫ق َدرِ‪َ ،‬وت َ ْعل َ َ‬ ‫حتَّى ت ُ ْؤ ِم َ‬
‫ن ِبال َ‬ ‫ك َ‬ ‫ــبيل اللَّ ِه؛ ما َق ِبل َ ُه اهللُ ِم ْن َ‬
‫ِ‬ ‫س‬‫ه ًبا في َ‬ ‫أُ ُ‬
‫ح ٍد َذ َ‬
‫ت‬ ‫ك‪َ ،‬ول َ ْو ُم َّ‬ ‫ن ليُصيب َ َ‬ ‫ك ْ‬ ‫م يَ ُ‬‫ك لَ ْ‬‫طأ َ َ‬
‫ن ما أ َ ْخ َ‬‫ك‪َ ،‬وأ َ َّ‬‫طئ َ َ‬‫ن لي ُ ْخ ِ‬
‫ك ْ‬ ‫ما أَصاب َ َ‬
‫ك لَ ْ‬
‫م يَ ُ‬
‫ت النَّارَ»(((‪.‬‬ ‫غ ْي ِر هذا ل َ َد َ‬
‫خ ْل َ‬ ‫على َ‬

‫ِ‬
‫عــن ال ُّظ ْل ِم‪ ،‬وال ُّظ ْل ُم ُم ٌال يف ح ِّقه ‪ ،‬كام قال تعاىل‪( :‬ﭶ‬ ‫منز ٌه‬
‫فاهللُ ‪َّ D‬‬
‫ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ) [النساء‪( ،]٤٠ :‬ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ) [الكهف‪( ،]٤٩ :‬ﰗ‬
‫ﰘ ﰙ ﰚ) [فصلت‪.]٤٦ :‬‬

‫لم عىل نَفيس»(((‪.‬‬ ‫القديس‪« :‬يا ِعبادي‪ِّ ،‬إن َح َّر ْم ُ‬


‫ت ال ُّظ َ‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬
‫احلديث‬ ‫وقدْ تقدّ َم قو ُله يف‬

‫«احلاكم‬
‫ُ‬ ‫وهــو ‪( ‬ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ) [العنكبوت‪َ ،]٢١ :‬‬
‫فهو‬ ‫َ‬
‫((( رواه أبو داود (‪ ،)4699‬وابن ماجة (‪ ،)77‬وأمحد (‪ ،)21589‬وابن حبان يف صحيحه (‪،)727‬‬
‫القيم يف شفاء العليل (ص‪ )113‬واأللباين يف صحيح أيب داود‪ ،‬وقال حمققو املسند‪:‬‬
‫ابن ِّ‬
‫وصححه ُ‬
‫َّ‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫«إسناده قوي»‪ ،‬وقال احلافظ ابن رجب يف جامع العلوم واحلكم (‪« :)35/2‬يف هذا ْالديث نَظ ٌر»‪.‬‬
‫((( روا ُه مسلم (‪.)2577‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 117‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 116 11/17/19 8:56 PM
‫‪115‬‬ ‫احلديث اخلامس عرش‪« :‬استووا؛ حتى ُأثني عىل ريب‪»...‬‬

‫عذاب َ َ‬
‫ك‪،‬‬ ‫ك((( َو َ‬ ‫عل َ ْي ِه ْ‬
‫م رِ ْجز َ َ‬ ‫ع ْ‬
‫ل َ‬ ‫واج َ‬
‫ك‪ْ ،‬‬‫ســبي ِل َ‬
‫ن َ‬
‫ع ْ‬
‫ون َ‬
‫ص ُّد َ‬ ‫سل َ َ‬
‫ك‪َ ،‬وي َ ُ‬ ‫بون ر ُ ُ‬ ‫يُ َ‬
‫ك ِّذ َ‬
‫تاب»‪.‬‬
‫الك َ‬
‫الذين أوتوا ِ‬
‫َ‬ ‫فر َ َة‬
‫الك َ‬
‫ل َ‬ ‫م قا ِت ِ‬
‫ه َّ‬
‫الل ُ‬

‫جل وعال‪ ،‬وهذا ِمن حس ِن ِ‬ ‫ِ‬ ‫اس َمني ِم ْن‬ ‫ِ‬


‫اخلتا ِم؛ فقال‪:‬‬ ‫ُ ْ‬ ‫أسامئه َّ‬ ‫ختم الدُّ عا َء بذك ِْر ْ‬
‫ُثم َ‬
‫ِ‬
‫كقولم‪:‬‬ ‫وصوف إىل الص ِ‬
‫فة‪،‬‬ ‫الم‬
‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫فأضاف َ‬
‫َ‬ ‫احلق»‪،‬‬
‫والتقدير‪« :‬اإلل َه ّ‬
‫ُ‬ ‫«إِل َ َه ال َح ِّق»‪،‬‬
‫ِ‬
‫اجلام ُع(((‪.‬‬ ‫المسجدُ‬ ‫ِ‬
‫« َمسجدُ اجلامع» يعني‪َ :‬‬
‫بالعبا َد ِة‬
‫َح ُّق أن يؤ َّله‪ ،‬أي‪ :‬يعبدَ ‪ ،‬ويفرد ِ‬
‫ُ َ َ‬ ‫َُْ‬ ‫ُ َ‬
‫و«اإلله» هو‪ :‬المألوه‪ ،‬المعبود‪ ،‬المســت ِ‬
‫َ ُ َ ُ ُ ْ‬ ‫ُ‬
‫وحدَ ه ال َش َ‬
‫يك ل ُه‪.‬‬ ‫ْ‬
‫وصفاتِ ِه‪ُّ ،‬‬
‫وكل‬ ‫ــل»؛ فاهللُ تعاىل هو اإلله الح ُّق‪ ،‬يف ذاتِ ِ‬
‫ــه‪ِ ،‬‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫و«احلق»‪ :‬ضدُّ «الباطِ ِ‬
‫ُّ‬
‫ِ‬ ‫م ٍ‬
‫عبود دو َن ُه باطل(((‪.‬‬ ‫َ‬
‫حــق‪ ،‬ودينُ ُه ٌّ‬
‫حق‪،‬‬ ‫ٌّ‬ ‫حق‪ ،‬وك ُت ُبه‬
‫ور ُســله ٌّ‬
‫حق‪ُ ،‬‬
‫ولقاؤه ٌّ‬
‫ُ‬ ‫حق‪،‬‬ ‫ــق‪ ،‬وفِ ْع ُله ٌّ‬
‫فقو ُله َح ٌّ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫احلق‪ُّ ،‬‬
‫حق؛ (ﮨ‬ ‫فهو ٌّ‬‫نســب إليه َ‬ ‫وكل َشء ُي َ‬ ‫هي ُّ‬‫يك َله َ‬‫وحــدَ ه ال َش َ‬ ‫وعبا َدتُه ْ‬
‫ﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰ ﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘ‬
‫ﯙ) [احلج‪.((( ]٦٢ :‬‬

‫شدة العذاب‪.‬‬
‫((( َّ‬
‫((( الشايف يف رشح مسند الشافعي البن األثري (‪.)430/3‬‬
‫((( رشح الدعاء من الكتاب والسنة ملاهر بن عبد احلميد (ص‪.)500‬‬
‫((( تفسري أسامء اهلل احلسنى للسعدي (ص‪.)184‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 115‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪114‬‬

‫الح َس ِد‪ ،‬أو‬ ‫ُ‬


‫فيكون سب ًبا يف َ‬
‫ْمة‪ِ ،‬‬
‫وع ْل ٍم؛‬ ‫لكامل ِحك ٍ‬ ‫ِ‬ ‫رش ما من َعه‪،‬‬ ‫ِِ‬
‫واســتَعا َذ باهلل م ْن ِّ‬
‫زن‪ ،‬واهل َ ِّم‪ ،‬الذي ُي ْش ِغ ُل ع ْن َمصالِح الدِّ ِ‬
‫ين‪ ،‬والدُّ نيا‪ ،‬أو عَدَ م‬ ‫البغي‪ ،‬أو ال ُّظل ِم‪ ،‬أو الح ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫قس َم اهللُ له‪.‬‬ ‫ال َقناعة‪ِّ ،‬‬
‫والرضا بام َ‬
‫كر ِّ ْه إِل َ ْينا ُ‬
‫الك ْفرَ‪،‬‬ ‫اإليمان‪َ ،‬وزَي ِّ ْن ُه في ُقلو ِبنا‪َ ،‬و َ‬
‫َ‬ ‫حبِّ ْــب إِل َ ْينا‬
‫م َ‬ ‫وقو ُل ُه‪« :‬الل ُ‬
‫ه َّ‬
‫يان»‪:‬‬
‫ص َ‬ ‫والع ْ‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫سوق‪،‬‬ ‫وال ُ‬
‫ف‬

‫ِ‬ ‫اإليامن َمبوبا لنا يف ن ِ‬


‫ُفوســنا‪ُ ،‬مز َّينًا يف ُقلوبِنا‪َ ،‬ف َّ‬ ‫َ‬ ‫اج َع ِل‬
‫باألعامل‬ ‫ظاهرنا‬
‫ُ‬ ‫يتزي ُن‬ ‫ً‬ ‫أي‪ْ :‬‬
‫ُفر‪،‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫الص ِ‬
‫عايص‪ ،‬والك َ‬
‫َ‬ ‫الم‬
‫تكره َ‬ ‫ُفوســنا‪َ ،‬‬ ‫واج َعل قلو َبنا‪ ،‬ون َ‬ ‫الحة بــا ز َّين َْت به باطنَنا‪ْ ،‬‬‫َّ َ‬
‫والعمل بِاملعصية‪ِ.‬‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫عن ال َّطاعة‪،‬‬‫روج ِ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫والخ َ‬

‫ستقيمني يف أعاملِنا عىل طاعتِك‪،‬‬


‫َ‬ ‫اج َع ْلنا ُم‬‫دين» أي‪ْ :‬‬
‫اش َ‬ ‫ن الرَّ ِ‬‫ع ْلنا ِم َ‬
‫«واج َ‬
‫ْ‬ ‫وقو ُل ُه‪:‬‬
‫كل أحوالِنا‪.‬‬ ‫اه ِر‪ ،‬والباطِ ِن‪ ،‬ويف ِّ‬
‫وحس ِن ِعبادتِك‪ ،‬يف ال َّظ ِ‬
‫َ‬ ‫ُ ْ‬

‫حين»‪:‬‬
‫َ‬ ‫مين‪َ ،‬وأ َ ْل ِح ْقنا ِب َّ‬
‫الصا ِل‬ ‫َ‬ ‫مين‪َ ،‬وأ َ ْح ِينا ُم ْ‬
‫س ِل‬ ‫َ‬ ‫م ت َ َو َّفنا ُم ْ‬
‫س ِل‬ ‫وقو ُل ُه‪« :‬الل ُ‬
‫ه َّ‬

‫املامت‪ ،‬باالستِســا ِم هللِ‬


‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والثبات عىل الدِّ ِ‬
‫ين‪ ،‬حتَّى‬ ‫اخلات َ ِة‪،‬‬
‫ــن ِ‬ ‫ســؤال ُح ْس ِ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫فيه‪:‬‬
‫ظاهرا‪ ،‬وباطِنًا‪ ،‬كام قال تعــاىل‪( :‬ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ‬ ‫ً‬
‫ِ‬
‫والس ِري يف َطريق ِهم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫احلني‪َّ ،‬‬
‫الص َ‬ ‫ﭮ ﭯ) [آل عمران‪َ ،]١٠٢ :‬‬
‫مع ُصحبة َّ‬
‫بمعصيتِك‪ ،‬وت َْر ِك ِ‬
‫أمر َك‪،‬‬ ‫ِ‬
‫تونين» أي‪ :‬فال تُذ َّلنــي َ‬ ‫َ‬ ‫وقو ُلــ ُه‪َ « :‬‬
‫غ ْير َ َ‬
‫خزايا‪َ ،‬وال َم ْف‬
‫ضيح ِة من ُه‪.‬‬ ‫الذ ُّل الذي يستحيا ِمن ِم ِثل ِه‪ ،‬لِا ُي ُ ِ‬
‫اف م َن ال َف َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫«اخل ْزي»‪ُّ :‬‬ ‫فأص ُل ِ‬
‫ْ‬

‫اآلخ َر ِة‪.‬‬
‫والعذاب يف ِ‬
‫ِ‬ ‫الف ِ‬
‫تنة الدِّ ين َّية‪،‬‬ ‫عني يف ِ‬ ‫فتونين» أي‪ :‬غري ِ‬
‫واق َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وقو ُل ُه‪« :‬وال َم‬

‫واآلخ َر ِة‪.‬‬
‫ِ‬ ‫والسالم َة يف الدُّ نيا‪،‬‬ ‫نسأل ا َّ ِ‬
‫لل احل ْف َظ‪َّ ،‬‬ ‫ُ‬

‫قاتلون رســو َله‪ ،‬و َي ُصدُّ ون‬


‫َ‬ ‫كني الذيــ َن ُي‬
‫رش َ‬ ‫الم ِ‬‫َّبي ‪ H‬عــى ُ‬ ‫ُث َّ‬
‫ــم دعا الن ُّ‬
‫الذين‬
‫َ‬ ‫فر َ َة‬
‫الك َ‬
‫ل َ‬ ‫م قا ِت ِ‬ ‫ؤســه‪« :‬الل ُ‬
‫ه َّ‬ ‫عل ع َل ْي ِهم َعذا َبه‪ ،‬و ُب َ‬ ‫ــبيل اهللِ‪ْ ،‬‬
‫بأن َي َ‬ ‫َع ْن َس ِ‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 114‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪113‬‬ ‫احلديث اخلامس عرش‪« :‬استووا؛ حتى ُأثني عىل ريب‪»...‬‬

‫وت َت ُحك ِْمه‪ ،‬و َق ْه ِره»(((‪.‬‬


‫بي يدَ ْي ِه‪َ ،‬‬
‫و ُقدْ َرته‪ ،‬األشيا ُء‪ ،‬واستكانَت‪ ،‬وتضاء َل ْت ْ َ‬

‫ض ِل َ‬
‫ك‪،‬‬ ‫ك‪َ ،‬و َف ْ‬
‫م ِت َ‬ ‫ن بَرَكا ِت َ‬
‫ك‪َ ،‬ور َ ْح َ‬ ‫عل َ ْينا ِم ْ‬ ‫س ْ‬
‫ط َ‬ ‫م ا ْب ُ‬ ‫وقو ُلــه ‪« :H‬الل ُ‬
‫ه َّ‬
‫َورِزْ ِق َ‬
‫ك»‪:‬‬

‫كر َمطلوبِ ِه‬


‫ش َع يف ِذ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫والتوس َل بأسامئه‪ ،‬وصفاته؛ َ َ‬
‫ُّ‬ ‫ب ْعدَ أن قدَّ َم ال َّثنا َء عىل اهلل ‪،C‬‬
‫واآلخ َر ِة‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِم ْن َخ ْ َي ِي الدُّ نيا‪،‬‬
‫ور ِ‬
‫زقه‪،‬‬ ‫وفضل ِه‪ِ ،‬‬
‫ِ‬ ‫ور َحاتِ ِه‪،‬‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ــع ِ‬ ‫َ‬
‫فسأل اهللَ تعاىل ْ‬
‫عليهم‪ ،‬و ُيكث َر م ْن خرياته‪َ ،‬‬ ‫أن َيو ِّس َ‬
‫عليهم؛ فهو ‪ِ ‬‬
‫وحدَ ه‪.‬‬ ‫القاد ُر عىل َ‬
‫ذلك ْ‬ ‫َ‬ ‫ذلك ِ ْ‬‫ديم َ‬ ‫ْ‬
‫وأن ُي َ‬
‫حول‪َ ،‬وال ي َ ُ‬
‫زول»‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫قيم الذي ال ي َ‬
‫َ‬ ‫م‬
‫عيم ال ُ‬
‫َ‬ ‫س َ‬
‫ــأل ُ َ‬
‫ك النَّ‬ ‫م إِنِّي أ َ ْ‬ ‫وقو ُل ُه‪« :‬الل ُ‬
‫ه َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫تحو ُل‪ ،‬وال َي َّ ُ‬
‫تغي‪ ،‬وال َين َفدُ ‪.‬‬ ‫َعيم دائ ٌم ال َي َّ‬
‫فهو ن ٌ‬
‫َعيم اآلخ َرة؛ َ‬
‫وهو ن ُ‬

‫احلاج ِة‪،‬‬
‫َ‬ ‫ــة»‪ ،‬أي‪ :‬يوم‬
‫ع ْيل َ ِ‬
‫م ال َ‬
‫عيــم ي َ ْو َ‬
‫َ‬ ‫ســأَل ُ َ‬
‫ك النَّ‬ ‫م إِنِّي أ َ ْ‬
‫ه َّ‬ ‫وقو ُلــه‪« :‬الل ُ‬
‫ِ‬
‫واحلاجة‬ ‫ِ‬
‫الناس‪،‬‬ ‫وأن ُيغن َيه ع ْن س ِ‬
‫ؤال‬ ‫احلاج ِة‪ْ ،‬‬ ‫قر‪ ،‬فسأ َله النِّعم َة َ‬
‫وقت‬ ‫والشدَّ ِة‪ ،‬وال َف ِ‬
‫ِّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫عمن ِسوا ُه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وأن ُيغن َيه به َّ‬‫إليه ْم‪ْ ،‬‬ ‫ِ‬

‫ئنان‪ ،‬إذا َّ‬


‫حل ال َف َز ُع‪،‬‬ ‫ِ‬
‫واالطم َ‬ ‫َ‬
‫األمان‪،‬‬ ‫ف»‪ :‬وأسأ ُلك‬ ‫م ال َ‬ ‫وقو ُله‪« :‬واأل َ ْم َ‬
‫خ ْو ِ‬ ‫ن ي َ ْو َ‬
‫ب‪ ،‬أو ِ‬
‫غريها‪.‬‬ ‫ف‪ ،‬يف َح ْر ٍ‬ ‫َ‬
‫والخ ْو ُ‬

‫شر ِّ ما َمن َ ْع َ‬
‫ت»‪:‬‬ ‫شر ِّ ما أ َ ْع َ‬
‫ط ْيتَنا‪َ ،‬و َ‬ ‫ن َ‬ ‫م إِنِّي عا ِئ ٌذ ِب َ‬
‫ك ِم ْ‬ ‫وقو ُله‪« :‬الل ُ‬
‫ه َّ‬

‫َرك ما َيب ِ‬
‫عليه‬ ‫واخلري؛ فيؤدي ِبه إىل ت ِ‬
‫ِ‬ ‫زق‪،‬‬‫فاستعا َذ باهللِ ِم ْن رش ما ُيعطا ُه‪ِ ،‬م َن الر ِ‬
‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يكون ســب ًبا يف ال ُّطغيان‪ ،‬واالست ِ‬
‫كبار‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ذلك‪ ،‬أو‬‫َحو َ‬ ‫لة األرحا ِم‪ ،‬ون ِ‬ ‫وص ِ‬‫كاة‪ِ ،‬‬ ‫الز ِ‬
‫ِم َن َّ‬
‫حر َم اهللُ‪ ،‬كام قال تعاىل‪( :‬ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أو العصيان باســتعامله فيام َّ‬
‫ﮛ) [العلق‪.]٧-٦ :‬‬

‫((( تفسري ابن كثري (‪.)244/3‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 113‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪112‬‬

‫النبي‬ ‫بس َ‬
‫ــط عىل ِّ‬ ‫العظيم ِة‪ْ ،‬‬
‫أن َي ُ‬ ‫َ‬ ‫ببعض ِصفاتِ ِه‬
‫ِ‬ ‫وتوس ٌ‬
‫ــل‬ ‫ُّ‬ ‫فهذا ثنا ٌء عىل اهلل تعاىل‪،‬‬
‫وفضله‪ ،‬وما ُذ ِكر يف هذا الدُّ ِ‬
‫ِ‬ ‫حتِه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عاء‪.‬‬ ‫َ‬ ‫‪ H‬وأصحابِه م ْن بركاته‪َ ،‬‬
‫ور ْ َ‬
‫ِ‬ ‫لق اهللِ‪،‬‬
‫طي‬ ‫واخلــر ك ُّله بيده‪ ،‬ال َ‬
‫مانع ملا أع َطى‪ ،‬وال ُم ْع َ‬ ‫ُ‬ ‫أمره‪،‬‬
‫واألمر ُ‬
‫ُ‬ ‫فالخ ْل ُق َخ ُ‬
‫َ‬
‫باس َط لِا َق َب َض؛ كام قال تعاىل‪( :‬ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ‬ ‫ــط‪ ،‬وال ِ‬ ‫ِ‬
‫ملا َمن ََع‪ ،‬وال قابِ َض لا َب َس َ َ‬
‫ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫﯬ ﯭ ﯮ ﯯ) [فاطر‪.]٢ :‬‬

‫هــادي َلِن َأ ْض َّل اهللُ ‪َ ،‬وال ُم ِض َّل َلِــ ْن َهدَ ى‪( :‬ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ‬
‫َ‬ ‫َوال‬
‫ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ) [األنعام‪( ،]٣٩ :‬ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ)‬
‫[األعراف‪( ،]١٨٦ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ)‬
‫[اإلرساء‪( ،]٩٧ :‬ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ)‬
‫[النساء‪.]٨٨ :‬‬

‫وي ِْف ُض‪،‬‬ ‫فهو ‪َ ‬يقبِ ُض‪ ،‬و َي ُ‬


‫بسط‪َ ،‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َوال ُم َق ِّر َب لا باعَدَ ‪َ ،‬وال ُمباعدَ لا َق َّر َب؛ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وهو‬
‫اخلري ‪َ ،‬‬ ‫ويدي‪ ،‬و ُيع ُّز‪ ،‬و ُيذ ُّل‪ ،‬بيده ُ‬
‫وير َفع‪ ،‬و ُي ْعطــي‪ ،‬و َيمنَع‪ ،‬و ُيض ُّل‪ْ َ ،‬‬
‫قدير‪( :‬ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ) [غافر‪( ،]١٢ :‬ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ‬ ‫ٍ‬ ‫عىل ِّ‬
‫كل َشء ٌ‬
‫ﯺ) [الرعد‪( ،]٤١ :‬ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ) [املائدة‪( ،]١ :‬ﯗ ﯘ ﯙ) [الربوج‪:‬‬

‫‪( ،]١٦‬ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ‬
‫ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅﰆ ﰇ ﰈ ﰉ) [األنعام‪.]١٨-١٧ :‬‬

‫وقهر َّ‬
‫كل‬ ‫الوجو ُه‪َ ،‬‬ ‫قاب‪ ،‬وذ َّلت ل ُه اجلبابرةُ‪ ،‬وعنَت له ُ‬ ‫فهو «الذي َخ َض َعت َل ُه ِّ‬
‫الر ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َواض َعت ل َع َظ َمة َجالله‪ ،‬وكربيائه‪ ،‬و َع َظ َمته‪ ،‬و ُع ِّ‬
‫لوه‪،‬‬ ‫ــق‪ ،‬وت َ‬ ‫الخ ِ‬
‫الئ ُ‬ ‫ودانت َل ُه َ‬
‫ْ‬ ‫َش ٍء‪،‬‬

‫= واحد من العلامء إىل إرساله‪ ،‬وقال الذهبي يف السري (‪« :)415/1‬هذا حديث غريب منكر»‪ ،‬ولعل‬
‫الذين أوتوا ا ْل ِك َ‬
‫تاب» فهذا الدعاء ‪-‬عىل فرض‬ ‫َ‬ ‫«الله َّم قاتِ ِل ا ْل َك َف َر َة‬
‫وجه استنكاره قوله يف احلديث‪ُ :‬‬
‫صحته‪ -‬كان يوم أحد‪ ،‬ومل يكن النبي ‪ H‬يقاتل يف هذه الفرتة إال مرشكي قريش‪ ،‬فال معنى‬
‫لذكر أهل الكتاب هنا‪ ،‬وقد صحح هذا احلديث احلافظ ابن حجر يف نتائج األفكار (‪ ،)163/2‬وكذا‬
‫صححه األلباين يف صحيح األدب املفرد‪.‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 112‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪111‬‬

‫الحديث الخامس عشر‬

‫ك َفــأَ‬
‫ــو ُم أ ُ ُحــ ٍد وانْ َ‬
‫كان يَ ْ‬
‫َ‬ ‫ــن أَبيــ ِه‪ ،‬قــال‪ :‬لَ َّمــا‬
‫قــي‪َ ،‬ع ْ‬ ‫ــن رِفا َع َ‬
‫ــة الزُّر َ ِّ‬ ‫ــن ُع َب ْيــ ِد بْ ِ‬
‫َع ْ‬
‫ُ‬
‫سول اهللِ ‪: H‬‬‫كون‪ ،‬قال ر َ‬
‫َ‬ ‫الم ْ‬
‫شر ِ‬ ‫ُ‬

‫م‬
‫ه َّ‬ ‫حتَّى أ ُ ْث َ‬
‫ني على رَبِّي»‪َ ،‬فصــاروا َخ ْل َفهُ ُ‬
‫صفو ًفا‪َ ،‬فقــال‪« :‬الل ُ‬ ‫«اســتَووا ؛ َ‬
‫ْ‬
‫ت‪َ ،‬وال‬ ‫باس َــط ِلما َقب َ ْ‬
‫ض َ‬ ‫س ْــط َ‬
‫ت‪َ ،‬وال ِ‬ ‫م ال قا ِب َ‬
‫ض ِلما ب َ َ‬ ‫كلُّهُ‪ ،‬الل ُ‬
‫ه َّ‬ ‫ح ْم ُد ُ‬ ‫لَ َ‬
‫ك ال َ‬
‫طــي ِلما َمن َ ْع َ‬
‫ت‪َ ،‬وال‬ ‫َ‬ ‫ت‪َ ،‬وال ُم ْع‬
‫ه َد ْي َ‬
‫ن َ‬
‫م ْ‬ ‫ض َّ‬
‫ل ِل َ‬ ‫ــت‪َ ،‬وال ُم ِ‬ ‫ن أَ ْ‬
‫ضل َ ْل َ‬ ‫م ْ‬
‫هادي ِل َ‬
‫َ‬
‫م‬
‫ه َّ‬‫ت‪ ،‬الل ُ‬ ‫باع َد ِلمــا َقرَّ ْب َ‬
‫ت‪َ ،‬وال ُم ِ‬ ‫عــ ْد َ‬ ‫ب ِلما با َ‬ ‫ــت‪َ ،‬وال ُم َ‬
‫قر ِّ َ‬ ‫ط ْي َ‬ ‫ع ِلما أ َ ْع َ‬
‫ما ِن َ‬
‫ك‬ ‫ســأَل ُ َ‬
‫م إِنِّي أ َ ْ‬ ‫ه َّ‬ ‫ك َورِزْ ِق َ‬
‫ك‪ ،‬الل ُ‬ ‫ض ِل َ‬‫ك َو َف ْ‬
‫م ِت َ‬
‫ك َور َ ْح َ‬ ‫ن بَرَكا ِت َ‬
‫عل َ ْينا ِم ْ‬ ‫س ْ‬
‫ــط َ‬ ‫ا ْب ُ‬
‫عيم ي َ ْو َ‬
‫م‬ ‫َ‬ ‫ك النَّ‬ ‫س َ‬
‫ــأل ُ َ‬ ‫م إِنِّي أ َ ْ‬‫ه َّ‬ ‫حول َوال ي َ ُ‬
‫زول‪ ،‬الل ُ‬ ‫ُ‬ ‫قيم‪ ،‬الذي ال ي َ‬ ‫َ‬ ‫م‬‫عيم ال ُ‬
‫َ‬ ‫النَّ‬

‫شر ِّ‬‫ط ْيتَنا‪َ ،‬و َ‬ ‫شر ِّ ما أ َ ْع َ‬


‫ن َ‬ ‫ك ِم ْ‬‫م إِنِّي عا ِئ ٌذ ِب َ‬
‫ه َّ‬
‫ف‪ ،‬الل ُ‬
‫خ ْو ِ‬ ‫م ال َ‬
‫ن ي َ ْو َ‬‫ع ْيل َ ِة‪ ،‬واأل َ ْم َ‬
‫ال َ‬
‫كر ِّ ْه إِل َ ْينا ُ‬
‫الك ْفرَ‪،‬‬ ‫اإليمان َوزَي ِّ ْن ُه فــي ُقلو ِبنا‪َ ،‬و َ‬
‫َ‬ ‫ب إِل َ ْينا‬
‫حبِّ ْ‬
‫م َ‬
‫ه َّ‬ ‫ما َمن َ ْع َ‬
‫ت‪ ،‬الل ُ‬
‫مين‪،‬‬
‫َ‬ ‫م ت َ َو َّفنا ُم ْ‬
‫س ِل‬ ‫ه َّ‬
‫ــدين‪ ،‬الل ُ‬
‫َ‬ ‫اش‬ ‫ع ْلنا ِم َ‬
‫ن الرَّ ِ‬ ‫واج َ‬
‫يان‪ْ ،‬‬
‫ص َ‬‫والع ْ‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫ســوق‪،‬‬ ‫وال ُ‬
‫ف‬

‫م قا ِت ِ‬
‫ل‬ ‫ه َّ‬
‫تونين‪ ،‬الل ُ‬
‫َ‬ ‫غ ْير َ َ‬
‫خزايا َوال َم ْف‬ ‫حين‪َ ،‬‬
‫َ‬ ‫مين‪َ ،‬وأ َ ْل ِح ْقنا ِب َّ‬
‫الصا ِل‬ ‫َ‬ ‫َوأ َ ْح ِينا ُم ْ‬
‫س ِل‬
‫عل َ ْي ِه ْ‬
‫م‬ ‫ع ْ‬
‫ل َ‬ ‫واج َ‬
‫ك‪ْ ،‬‬‫ســبي ِل َ‬
‫ن َ‬
‫ع ْ‬
‫ون َ‬
‫ص ُّد َ‬ ‫ســل َ َ‬
‫ك‪َ ،‬وي َ ُ‬ ‫بون ر ُ ُ‬ ‫الذين ي ُ َ‬
‫ك ِّذ َ‬ ‫َ‬ ‫فــر َ َة‬
‫الك َ‬
‫َ‬
‫تاب‪ ،‬إِل َ َه ال َح ِّق»(((‪.‬‬
‫الك َ‬
‫الذين أوتوا ِ‬
‫َ‬ ‫فر َ َة‬
‫الك َ‬
‫ل َ‬ ‫م قا ِت ِ‬
‫ه َّ‬ ‫عذاب َ َ‬
‫ك‪ ،‬الل ُ‬ ‫رِ ْجز َ َ‬
‫ك َو َ‬

‫((( رواه اإلمام أمحد يف املسند (‪ ،)15492‬والبخاري يف األدب املفرد (‪ ،)699‬والنسائي يف الكربى‬
‫(‪ ،)10370‬والطرباين يف العجم الكبري (‪ ،)4549‬واحلاكم يف املستدرك (‪ ،)1868‬وأبو نعيم يف‬
‫احللية (‪ ،)127/10‬واخ ُتلف فيه عىل عبد الواحد بن أيمن راويه عن عبيد بن رفاعة‪ ،‬وأشار غري=‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 111‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 110 11/17/19 8:56 PM
‫‪109‬‬ ‫إزار ُه‪ ،‬والكِربياء رداؤُ ُه‪»...‬‬
‫احلديث الرابع عرش‪« :‬الع ُّز ُ‬

‫رب‪ ،‬و َيســتو َيل‬ ‫بي َّ‬ ‫واض ِع ِ‬


‫الك ِ‬ ‫أيضا‪« :‬التَّكبري مرشوع يف الم ِ‬ ‫ُ‬
‫أن اهللَ أك ُ‬ ‫بار؛ ل ُي ِّ َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ َ‬ ‫ويقول ً‬
‫كون الدِّ ي ُن ُك ُّل ُه هللِ‪َ ،‬و َي ُ‬
‫كون‬ ‫بــار؛ َف َي ُ‬‫الك ِ‬ ‫األمور ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كربياء َ‬
‫تلك‬ ‫لوب عىل‬ ‫كربيــاؤه يف ال ُق ِ‬
‫ُ‬
‫لوبِ ْم هللِ‪،‬‬ ‫العبا َد ِة بِ َتك ِ‬
‫ْبــر ُق ِ‬ ‫صــودان‪ :‬م ْقصود ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العبا ُد َل ُه ُمك َِّبيــ َن؛ َف َي ْح ُص ُل َل ُ ْم َم ْق‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫يائ ِه»(((‪.‬‬
‫ب لِ ِكب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫َو َم ْقصو ُد ال ْستعانَة بِانْقياد سائ ِر ا َملطال ِ ْ‬
‫تكبي َن أنَّه َي ُشهم‬ ‫للم ِّ‬ ‫كان ِم ْن ِع ِ‬
‫قاب اهللِ تعاىل ُ‬ ‫وحدَ ه؛ ولذا َ‬ ‫ِ‬
‫فالكربيــا ُء هللِ تعاىل ْ‬
‫ون َي ْو َم القيا َم ِة‬
‫الم َتك َِّب َ‬
‫ــر ُ‬
‫«ي َ ُ‬
‫ِ‬
‫الحديث‪ْ ُ :‬‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫عنــدَ ال َبعث يف صورة َمهينة ذليلة‪ ،‬كام يف َ‬
‫الذ ُّل ِمن ك ُِّل م ٍ‬
‫كان»(((‪.‬‬ ‫شاه ُم((( ُّ‬ ‫صو ِر الر ِ‬
‫جال‪َ ،‬ي ْغ ُ‬ ‫َّ (((‬ ‫َأ ْم َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫الذ ِّر يف َ ِّ‬ ‫ثال‬

‫((( جمموع الفتاوى (‪ ،)229/24‬باختصار‪.‬‬


‫الصغَ ر واحلقارة‪.‬‬
‫((( أمثال النمل الصغري‪ ،‬يف ِّ‬
‫((( يأتيهم‪.‬‬
‫ين يف صحيح األدب املفرد‬
‫وحسنه األلبا ُّ‬
‫والبخاري يف األدب املفرد (‪َّ ،)557‬‬
‫ُّ‬ ‫((( رواه الرتمذي (‪،)2492‬‬
‫(‪.)434‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 109‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪108‬‬

‫ِ‬
‫كســائ ِر‬ ‫إزاره‪ ،‬والكربيا َء ِر ُ‬ ‫ــز‪ِ ،‬‬ ‫بأن ِ‬
‫ــف اهللِ تعاىل َّ‬
‫داؤه‪ ،‬هو‬ ‫أو ال َع َظ َم َة‪ُ ،‬‬ ‫الع َّ‬ ‫وو ْص ُ‬ ‫َ‬
‫النص‪ِ ،‬م ْن‬ ‫ويــب ْ ِ ِ‬
‫أن ن ُْؤم َن به عىل ما أفا َده ُّ‬ ‫ليق به ‪ُ َ ،‬‬
‫ــه؛ ُن ْثبِتُه عىل ما ي ُ ِ‬
‫َ‬
‫صفاتِ ِ‬

‫ْييف‪ ،‬وال َت ْع ٍ‬
‫طيل(((‪.‬‬ ‫ثيل‪ ،‬وال َتك ٍ‬
‫بيه‪ ،‬وال َت ْ ٍ‬ ‫غري ت َْش ٍ‬
‫ِ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وردا ًء‪ ،‬م ْن ِجنس ما َيل َب ُســه ُ‬
‫الناس‪ ،‬ممَّا ُي ْصنَع‬ ‫أن هللِ ً‬
‫إزارا‪ِ ،‬‬ ‫احلديث‪َّ :‬‬ ‫يس معنى‬ ‫و َل َ‬
‫نص يف َن ْفي هذا‬ ‫ُ‬ ‫ذلك؛ ِ‬‫ونحو َ‬‫ِ‬ ‫طن‪ ،‬والكت ِ‬ ‫ِ‬
‫جلود األنعــا ِم‪ ،‬وال ُق ِ‬ ‫ِم ْن‬
‫احلديث ٌّ‬ ‫بــل‬ ‫َّان‪،‬‬
‫الفاس ِد(((‪.‬‬
‫املعنى ِ‬

‫ِ‬
‫ع َّذ ْبتُهُ»‪.‬‬
‫عني َ‬
‫ن يُنازِ ُ‬ ‫ولذا قال‪َ « :‬ف َ‬
‫م ْ‬

‫والج ُ‬ ‫ِ‬
‫والم ْجدُ ‪.‬‬
‫الل‪َ ،‬‬ ‫ياء»‪ :‬ال َع َظم ُة‪َ ،‬‬
‫و«الك ْب ُ‬
‫الك ِ‬
‫ربياء‪َ ،‬‬
‫وقيل‪:‬‬ ‫أســائ ِه ‪« :‬املتكب»‪ ،‬و«الكبري»؛ أي‪ :‬العظيم ذو ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وم ْن‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ ُ‬
‫عن الس ِ‬ ‫الخ ِ‬ ‫ِ‬ ‫المتعــايل عن ِص‬
‫ــوء‪ ،‬والن ِ‬
‫َّقص‪،‬‬ ‫تنــزه ِ ُّ‬
‫والم ِّ‬
‫املتكب ُ‬
‫ِّ ُ‬ ‫َ‬
‫وقيــل‪:‬‬ ‫لق‪،‬‬ ‫فــات َ‬ ‫ُ‬
‫وال ُع ِ‬
‫يوب(((‪.‬‬

‫ِ‬
‫خصائص‬ ‫ــيخ اإلســا ِم ابن تيميــة ‪« :V‬والع َظم ُة ِ‬
‫والك ْبيــا ُء ِمن‬ ‫َ‬ ‫ُ َّ‬ ‫ُ‬
‫يقول َش ُ‬
‫داء‪ ،‬كام َ‬
‫جعل ال َع َظ َمة‬ ‫ولذا جع َلها بمنز َل ِة الر ِ‬
‫والكبياء أعىل ِمن الع َظم ِة؛ ِ‬
‫ــة‪ِ ،‬‬‫الربوبي ِ‬
‫ِّ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ْ ُ‬ ‫ُّ َّ‬
‫ِ‬
‫اإلزار‪.‬‬ ‫بمنز َل ِة‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ولذا َ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫وكان ُمســتح ًّبا يف‬ ‫َّكبري‪،‬‬
‫هو الت َ‬ ‫ــعار الصــاة‪ ،‬واألَذان‪ ،‬واألعياد‪َ ،‬‬
‫كان ش ُ‬
‫ش ًفا‪َ ،‬أو َر ِكب دا َّب ًة‪ ،‬ونَحو‬ ‫ُ‬
‫اإلنســان َ َ‬ ‫وة وإذا عال‬‫العالية‪ ،‬كالصفا‪ ،‬والمر ِ‬
‫َْ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫األم ِك ِ‬
‫نــة‬ ‫ْ‬
‫ُ‬
‫الشيطان»(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫األذان َي ُرب‬ ‫ذلك‪ ،‬وعندَ‬‫َ‬

‫((( رشح كتاب التوحيد للغنيامن (‪.)162/2‬‬


‫تيمية (‪.)271/6‬‬
‫اجلهمية البن َّ‬
‫َّ‬ ‫((( بيان تلبيس‬
‫((( لسان العرب (‪ ،)125/5‬وتفسري السعدي (ص‪.)854 ،778‬‬
‫((( جمموع الفتاوى (‪.)196/10‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 108‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪107‬‬

‫الحديث الرابع عشر‬

‫ُ‬
‫سول اهللِ ‪:H‬‬‫ري‪َ ،‬وأَبي ُهرَيْرَ َة‪ ،L ،‬قاال‪ :‬قال ر َ‬ ‫ن أَبي َ‬
‫سعي ٍد ُ‬
‫الخ ْد ِّ‬ ‫َع ْ‬

‫ع َّذ ْبتُهُ»(((‪.‬‬
‫عني َ‬
‫ن يُنازِ ُ‬ ‫ء رِدا ُؤ ُه‪َ ،‬ف َ‬
‫م ْ‬ ‫والك ْبريا ُ‬
‫ِ‬ ‫«العز ُّ إِزار ُ ُه‪،‬‬
‫ِ‬

‫واح ًدا‬ ‫ــن ناز َ َ‬


‫عني ِ‬ ‫م ْ‬ ‫مــ ُة إِزاري‪َ ،‬ف َ‬ ‫ع َ‬
‫ظ َ‬ ‫ء رِدائي‪ ،‬وال َ‬
‫«الك ْبريــا ُ‬
‫ِ‬ ‫وفــي روايــ ٍة‪:‬‬
‫هما‪َ ،‬ق َذ ْفت ُ ُه في النَّارِ»(((‪.‬‬
‫ِم ْن ُ‬

‫والكب ِ‬
‫ياء‪ ،‬كام قال تعاىل‪( :‬ﮇ‬ ‫ــز ِة‪ِ ،‬‬ ‫فات الع َظم ِة‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫والع َّ‬ ‫عظيم‪ ،‬له ص ُ َ َ‬
‫ٌ‬ ‫فــاهللُ ‪D‬‬

‫ﮈ ﮉ ﮊ ﮋﮌ ﮍ ﮎ ﮏ) [اجلاثية‪ ،]٣٧ :‬وقال‪(:‬ﮋ ﮌ‬


‫ﮍ ﮎ ﮏ) [الرعد‪.]٩ :‬‬

‫وقال‪( :‬ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ‬
‫ﯚ ﯛ ﯜﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ) [احلرش‪.]٢٣ :‬‬

‫داء الكِ ْ ِب عىل َو ْج ِه ِه‪،‬‬


‫ي َأ ْن َينْ ُظروا إِ َل َر ِّبِ ْم‪ ،‬إِ َّل ِر ُ‬
‫ي ال َق ْو ِم َو َب ْ َ‬
‫«وما َب ْ َ‬
‫ِ‬
‫الحديث‪َ :‬‬ ‫ويف َ‬
‫يف َجن َِّة َعدْ ٍن»(((‪.‬‬

‫((( رواه مسلم (‪.)2620‬‬


‫وصححه األلباين‪.‬‬
‫َّ‬ ‫((( رواه أبو داود (‪ ،)4090‬واإلمام أمحد (‪،)8894‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)4878‬ومسلم (‪.)180‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 107‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪106‬‬

‫وهذا كام قال اهللُ تعاىل‪( :‬ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥﭦ‬


‫ُقصان(((‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫خبوا بام قال ِم ْن َغ ِري زيا َد ٍة‪ ،‬وال ن‬
‫ﭧ ﭨ ﭩ) [سبأ‪َ ،]٢٣ :‬فأ َ‬
‫عال عىل مجي ِع‬ ‫فهــو ٍ‬ ‫َ‬ ‫فــاهللُ تعاىل هــو (ﭨ ﭩ) [سبأ‪« :]٢٣ :‬ال َع ُّيل يف ذاتِ ِه‪،‬‬
‫ِ‬
‫خلوقات‪.‬‬ ‫الم‬
‫َ‬
‫كام ُل الص ِ‬
‫فات‪.‬‬ ‫ويف َقدْ ِره؛ فهو ِ‬
‫ِّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫خلوقات‪.‬‬ ‫جلمي ِع َ‬
‫الم‬ ‫ويف َق ْه ِره َ‬
‫األرض‬‫َ‬ ‫وكربيائ ِه‪َّ :‬‬
‫أن‬ ‫ِ‬ ‫أسامئ ِه‪ ،‬ويف ِصفاتِ ِه‪ ،‬الذي ِم ْن َع َظ َمتِه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫«الكبري» يف ذاتِ ِه‪ ،‬ويف‬ ‫ُ‬
‫َقب َضتُه يوم القيام ِة‪ ،‬والساموات م ْطويات بيمينِه‪ِ.‬‬
‫َ َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َْ َ‬ ‫ْ‬
‫واألرض‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اموات‪،‬‬ ‫الس‬ ‫ِ‬ ‫ربيائ ِه‪َّ :‬‬
‫ومن ِك ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫أن كُرس َّيه َوس َع َّ‬ ‫ْ‬
‫بمشــيئتِ ِه‪ ،‬وال‬ ‫فون َّإل َ‬
‫يترص َ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫أن نَوايص العباد ب َيده‪ ،‬فال َّ‬ ‫ربيائ ِه‪َّ :‬‬
‫وك ِ‬ ‫ومن َع َظمتِه‪ِ ،‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫ُنون َّإل بإرادتِ ِه‪.‬‬ ‫كون و َي ْسك َ‬ ‫تحر َ‬ ‫َي َّ‬
‫ِ ِ‬
‫نبي ُم ْر َس ٌ‬
‫ــل‪َّ :‬أنا‬ ‫مقر ٌب‪ ،‬وال ٌّ‬ ‫هو‪ ،‬ال َم َل ٌك َّ‬ ‫وحقيقــ ُة الكربياء التي ال َي ْع َل ُمها َّإل َ‬ ‫َ‬
‫أج ُّلها‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فهي ثابت ٌة ل ُه‪ ،‬و َل ُه م ْن َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ُّ ِ‬
‫الصفة َ‬ ‫تلك ِّ‬ ‫وجالل‪ ،‬وكربياء‪ ،‬و َع َظمة‪َ ،‬‬ ‫كل صفة كَامل‪َ ،‬‬
‫وأكم ُلها‪.‬‬
‫ِ‬
‫واألرض‪ ،‬امل ْقصود‬ ‫ِ‬
‫اموات‪،‬‬ ‫الس‬ ‫العبادات ك َّلها الصادر َة ِم ْن ِ‬
‫أهل َّ‬
‫ِ‬ ‫وم ْن كِربيائِه‪َّ :‬‬
‫أن‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫بادات‬ ‫كان التكبري ِشــعارا ِ‬
‫للع‬ ‫ولذا َ‬ ‫منها‪ :‬تكْبريه‪ ،‬وتعظيمــه‪ ،‬وإجال ُله‪ ،‬وإكرامه؛ ِ‬
‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ‬
‫بار‪ ،‬كالص ِ‬
‫الة‪ ،‬و َغ ْ ِيها»(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الك ِ‬
‫َّ‬

‫((( تفسري ابن كثري (‪.)514/6‬‬


‫((( تفسري السعدي (ص‪.)٥٤٣‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 106‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪105‬‬ ‫احلديث الثالث عرش‪« :‬إذا قىض اهللُ األمر يف السامء‪»...‬‬

‫سل َ ٌة على‬ ‫كأَن َّ ُه ِ‬


‫س ْل ِ‬ ‫ق ْو ِل ِه‪َ ،‬‬
‫ضعا ًنا ِل َ‬ ‫ك ُة ِبأ َ ْج ِن َ‬
‫ح ِتها ُ‬
‫خ ْ‬ ‫مال ِئ َ‬
‫ت ال َ‬ ‫وقو ُل ُه‪َ :‬‬
‫«ضرَب َ ِ‬
‫ص ْف ٍ‬
‫وان»‪:‬‬ ‫َ‬

‫«خضعانًا لقولِ ِه»‪ :‬أي‪ُ :‬خضو ًعا لقولِ ِه‪.‬‬


‫ُ‬
‫القول يف َو ْق ِعه عىل ِ ِ‬
‫قلوب ْم‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫«كأنَّه» أي‪َ :‬ص ُ‬
‫وت‬

‫وت‬ ‫ُ‬
‫يكون هلا َص ٌ‬ ‫و«الس ْلسلة» عليه‬
‫ِّ‬ ‫لب‪،‬‬ ‫الح َجر األم َل ُس َّ‬
‫الص ُ‬ ‫هو‪َ :‬‬ ‫و«الص ُ‬
‫فوان» َ‬ ‫َّ‬
‫عظيم‪.‬‬
‫ٌ‬
‫ألن اهللَ (ﭡ ﭢ ﭣﭤ ﭥ‬ ‫وت اهللِ تعاىل هبذا؛ َّ‬‫وليس المراد تشــبيه ص ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ ُ ُ‬
‫ــم ِم َن ال َف َز ِع عندَ ما‬
‫المرا ُد تَشــبي َه ما َي ُص ُل هل ُ ْ‬
‫بل ُ‬‫ﭦ ﭧ) [الشورى‪]١١ :‬؛ ِ‬
‫عون كَالمه‪ ،‬ب َف َز ِع من يسمع ِس ْل ِس َل ًة عىل ص ٍ‬
‫فوان‪.‬‬ ‫َي ْس َم َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬
‫م؟ قالوا ِللَّذي قال‪:‬‬ ‫م قالوا‪ :‬مــاذا قال رَب ُّ ُ‬
‫ك ْ‬ ‫ن ُقلو ِب ِه ْ‬
‫ع ْ‬ ‫وقوله‪َ « :‬فإِذا ُفز ِّ َ‬
‫ع َ‬
‫لي َ‬
‫الكبيرُ»‪:‬‬ ‫ع ُّ‬ ‫ح َّ‬
‫ق َوه َو ال َ‬ ‫ال َ‬

‫عض‪« :‬ماذا‬ ‫بعض ُهم ل َب ٍ‬ ‫قوله‪« :‬فإذ ُفز ِّ َع َع ْن ُقلو ِب ِه ْم» أي‪ُ :‬أ َ‬
‫زيل عنها ال َف َز ُع؛ قال ُ‬
‫ِ‬
‫القو َل َ‬
‫الح َّق‪.‬‬ ‫احلق؛ أي‪ :‬قال ْ‬ ‫حل َّق» أي‪ :‬قالوا‪ :‬قال َّ‬ ‫قال َر ُّبك ُْم؟ قالوا ل َّلذي قال‪ :‬ا َ‬
‫الح َّق‪.‬‬ ‫َ‬
‫القول َ‬ ‫تقدير ُه‪ :‬قال‬
‫ُ‬ ‫عام ِل ِه‪،‬‬
‫حمذوف مع ِ‬
‫َ‬
‫ٍ‬ ‫ملصدَ ٍر‬
‫فـ«احلق» صف ٌة ْ‬
‫َّ‬
‫هل هم يقولونه ألنم س ِ‬
‫ــمعوا ما قال‪ ،‬و َع ِلموا أنَّه‬ ‫َّ ُ َ‬ ‫اجلواب الذي يقولو َن ُه ْ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫وهذا‬
‫الح َّق؟‬‫قول َّإل َ‬
‫حق؟ أو َّأنُم يع َلمون أنَّه ال َي ُ‬ ‫ٌّ‬
‫فيكــون هذا ِ‬
‫عائدً ا إىل‬ ‫ُ‬ ‫الح ّق؛‬ ‫ِ‬ ‫ُيت ََم ُ‬
‫ــل ْ‬
‫أن يكونوا قد َعلمــوا ما قال‪ ،‬وقالوا‪ :‬إنَّه َ‬
‫الوحي الذي ت َك َّلم اهللُ ِبه‪.‬‬
‫ِ‬

‫فل َ‬
‫ذلك قالوا‬ ‫احلق؛ ِ‬
‫يقول َّإل َّ‬ ‫لع ْل ِمهم َّ‬
‫أن اهللَ ‪ ‬ال ُ‬ ‫ذلك ِ‬
‫تم ُل َّأنُم قالوا َ‬
‫وي َ‬
‫ُْ‬
‫ذلك ِصف ُت ُه (((‪.E‬‬ ‫ألن َ‬ ‫هذا؛ َّ‬

‫((( القول املفيد (‪.)310/1‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 105‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪104‬‬

‫مي بِ ِم ْث ِل هذا؟»‪.‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫سول اهللِ ‪« :H‬ماذا ُك ْنت ُْم ت‬


‫َقولون يف اجلاهل َّية إِذا ُر َ‬
‫َ‬ ‫َفقال َل ُ ْم َر ُ‬
‫قالوا‪ :‬اهللُ ورسو ُله َأ ْع َلم‪ُ ،‬كنَّا ن ُ ِ‬
‫مات َر ُج ٌل َع ٌ‬
‫ظيم!‬ ‫َقول ُولدَ ال َّل ْي َل َة َر ُج ٌل َع ٌ‬
‫ظيم‪َ ،‬و َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ََ‬
‫ت َأ َح ٍد‪َ ،‬وال َِلياتِ ِه؛ َو َلكِ ْن َر ُّبنا‬ ‫سول اهللِ ‪َ « :H‬فإِنا ال يرمى ِبا َل ِو ِ‬ ‫َفقال َر ُ‬
‫ْ‬ ‫ُْ َ‬ ‫َّ‬
‫ش‪ُ ،‬ثم سبح َأه ُل الس ِ‬
‫لونُ ْم‪،‬‬‫الذين َي َ‬‫َ‬ ‫امء‬ ‫َّ‬ ‫ح َل ُة ال َع ْر ِ َّ َ َّ َ ْ‬ ‫ــم ُه‪ ،‬إِذا َق َض َأ ْم ًرا َس َّب َح َ َ‬ ‫‪ْ F‬اس ُ‬
‫امء الدُّ نْيا‪.‬‬ ‫حتَّى يب ُلغَ التَّسبيح َأه َل ه ِذ ِه الس ِ‬
‫َّ‬ ‫ْ ُ ْ َ‬ ‫َ َْ‬
‫ونُ ْم ماذا قال‪.‬‬ ‫ش‪ :‬ماذا قال َر ُّبك ُْم؟ َف ُي ْخ ِب َ‬ ‫ش ِلَ َم َل ِة ال َع ْر ِ‬ ‫ح َل َة ال َع ْر ِ‬ ‫ُث َّم قال الذي َن َي َ‬
‫لون َ َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫امء الدُّ نْيا‪،‬‬ ‫الس َ‬‫ب َهذه َّ‬ ‫اخل َ ُ‬‫ــاوات َب ْع ًضا‪َ ،‬حتَّى َي ْب ُلغَ َ‬ ‫ب َب ْع ُض َأ ْه ِل َّ‬
‫الس‬ ‫قال‪َ :‬ف َي ْستَخْ ِ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الس ْم َع َف َي ْق ِذ َ‬ ‫ف ِ‬
‫هو‬ ‫فون إِ َل َأ ْوليائ ِه ْم‪َ ،‬و ُي ْر َم ْو َن بِه‪َ ،‬فام جاءوا بِه عىل َو ْج ِهه َف َ‬ ‫اجل ُّن َّ‬ ‫َفتَخْ َط ُ‬
‫زيدون»(((‪.‬‬ ‫َ‬ ‫فون((( ِ‬
‫فيه َو َي‬ ‫َح ٌّق‪َ ،‬و َلكِن َُّه ْم َي ْق ِر َ‬
‫ِ‬
‫الس ْم ِع َهكَذا‪،‬‬ ‫الس ْمعِ‪َ ،‬و ُم ْس َ ِت ُق َّ‬ ‫ــم ُعها ُم ْس َ ِت ُق َّ‬ ‫جاء يف متا ِم حديثنا هذا‪َ « :‬ف َي ْس َ‬ ‫كام َ‬
‫ي َأصابِ ِع ِه‪َ ،-‬ف َي ْس َم ُع‬ ‫يان((( بِ َك ِّف ِه َف َح َر َفها‪َ ،‬و َبدَّ َد َب َ ْ‬ ‫ف ُســ ْف ُ‬ ‫‪-‬و َو َص َ‬ ‫ض‪َ ،‬‬ ‫َب ْع ُض ُه َف ْو َق َب ْع ٍ‬
‫ِ‬ ‫اآلخر إِ َل من َ ْت َته‪ ،‬حتَّى ي ْلقيها عىل لِ‬ ‫ِ‬
‫ســان‬ ‫َ ْ ُ َ ُ َ‬ ‫الكَل َمــ َة‪َ ،‬ف ُي ْلقيها إِ َل َم ْن َ ْت َت ُه‪ُ ،‬ث َّم ُي ْلقيها َ ُ‬
‫هاب َق ْب َل َأ ْن ُي ْلق َيها‪َ ،‬و ُر َّبام َأ ْلقاها َق ْب َل َأ ْن ُيدْ ِر َك ُه‪،‬‬ ‫الكاه ِن‪َ ،‬ف ُر َّبام َأ ْد َر َك ِّ‬‫ِ‬ ‫الس ِ‬
‫اح ِر‪َ ،‬أ ِو‬
‫الش ُ‬ ‫َّ‬
‫َف َيك ِْذ ُب َم َعها ِما َئ َة ك َْذ َب ٍة‪.‬‬

‫قــال‪َ :‬أ َل ْي َس َقدْ قال َلنا َي ْو َم كَذا َوكَذا‪ :‬كَذا َوكَــذا؟ َف ُي َصدَّ ُق بِتِ ْل َك الك َِل َم ِة ا َّلتي‬ ‫َف ُي ُ‬
‫امء»‪.‬‬ ‫س ِمع ِمن الس ِ‬
‫َ َ َ َّ‬
‫كــا قــال تعــاىل‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ‬
‫ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ) [احلجر‪:‬‬

‫‪ ،]١٨-١٦‬وقال‪( :‬ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ) [الصافات‪.]١٠ :‬‬

‫((( خيلطون فيه الكذب‪ ،‬ويف رواية‪َ ( :‬يق ِْذفون)‪.‬‬


‫((( رواه مسلم (‪.)2229‬‬
‫((( هو ابن عيينة‪ ،‬أحد رواة احلديث‪.‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 104‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪103‬‬

‫الحديث الثالث عشر‬

‫ضى اهللُ األ َ ْمر َ في‬ ‫ــن أَبــي ُهرَيْرَ َة ‪َ ،I‬ع ِ‬


‫ن ال َّن ِّ‬
‫بي ‪ ،H‬قــال‪« :‬إِذا َق َ‬ ‫َع ْ‬
‫سل َ ٌة على‬ ‫كأَن َّ ُه ِ‬
‫س ْل ِ‬ ‫ق ْو ِل ِه‪َ ،‬‬
‫ضعا ًنا ِل َ‬ ‫ك ُة ِبأ َ ْج ِن َ‬
‫ح ِتها ُ‬
‫خ ْ‬ ‫مال ِئ َ‬
‫ت ال َ‬ ‫ــماء؛ َ‬
‫ضرَب َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الس‬
‫َّ‬
‫ــم؟ قالوا ِللَّذي قال‪:‬‬
‫ك ْ‬ ‫م قالوا‪ :‬ماذا قال رَب ُّ ُ‬
‫ــن ُقلو ِب ِه ْ‬
‫ع ْ‬ ‫وان‪َ ،‬فإِذا ُفز ِّ َ‬
‫ع َ‬ ‫ص ْف ٍ‬
‫َ‬
‫الس ْم ِع‬
‫ق َّ‬‫ست َ ِر ُ‬
‫ــم ِع‪َ ،‬و ُم ْ‬
‫الس ْ‬ ‫ست َ ِر ُ‬
‫ق َّ‬ ‫عها ُم ْ‬
‫ــم ُ‬
‫س َ‬‫الكبيرُ‪َ ،‬في َ ْ‬
‫لي َ‬‫ع ُّ‬ ‫ح َّ‬
‫ق َوه َو ال َ‬ ‫ال َ‬
‫َ‬
‫احلديث(((‪.‬‬ ‫ض‪»...‬‬ ‫ض ُه َف ْو َ‬
‫ق ب َ ْع ٍ‬ ‫ه َ‬
‫َكذا‪ ،‬ب َ ْع ُ‬

‫َالمه ‪ ،‬وأنَّه تعاىل إذا تَك َّل َم‬ ‫مة ك ِ‬


‫مة اهللِ‪ ،‬و َع َظ ِ‬
‫بيان َع َظ ِ‬ ‫احلديث ِ‬
‫فيه ُ‬ ‫ٌ‬ ‫هــذا‬
‫يبــة‪ ،‬حتَّى َي ْلح َقهم ِم ُثل‬
‫ــموات كَالمه‪ُ ،‬أر ِعدوا ِمن اهل ِ‬
‫َ َ‬ ‫َُ ْ‬
‫ِ‬
‫أه ُل ّ‬
‫الس‬ ‫ِ‬
‫بالو ْحي‪َ ،‬ف َســم َع ْ‬
‫َ‬
‫ال َغ ْ ِ‬
‫ش‪.‬‬

‫حل ُة ال َع ْر ِ‬
‫ش‬ ‫َ‬
‫بذلك َ َ‬ ‫عضا‪ :‬ماذا قال ر ُّبكُم؟ ف ُي ْخ ِ ُ‬
‫ب‬ ‫كان كذلِ َك َي ْس ُأل ُ‬
‫بعض ُهم َب ً‬ ‫فإذا َ‬
‫أهل الس ِ‬
‫امء الدُّ نيا‪.‬‬ ‫رب إىل ِ َّ‬ ‫يلونم َمل ْن َتت َُهم‪ ،‬حتَّى ينت َ‬
‫َهي َ‬
‫الخ ُ‬ ‫يلونم‪ُ ،‬ث َّم الذي َن َ‬
‫للذي َن َ‬

‫ــرين َر ُج ٌل ِم ْن‬
‫اس ‪ ،L‬قال‪َ :‬أ ْخ َ َ‬ ‫ــد اهللِ ْب َن َع َّب ٍ‬‫ذلك صحيا عن َعب ِ‬
‫كام جــا َء َ َ ً ْ ْ‬
‫ِ‬
‫ســول اهللِ‬ ‫َّبــي ‪ِ H‬م َن األَن ِ‬
‫ْصار‪َ ،‬أ َّنُ ْم َب ْينَام ُه ْم ُج ٌ‬
‫لوس َل ْي َل ًة َم َع َر‬ ‫َأ ْص ِ‬
‫حاب الن ِّ‬
‫َنار‪.‬‬ ‫مي بِن َْج ٍم ْ‬
‫فاست َ‬ ‫‪ُ H‬ر َ‬

‫((( رواه البخاري (‪.)4800‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 103‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 102 11/17/19 8:56 PM
‫‪101‬‬ ‫ب من األحبار إىل رسول اهلل ‪...H‬‬
‫احلديث الثاين عرش‪ :‬جاء َح ْ ٌ‬

‫ليق باهللِ ‪ ،D‬كال َي ِد‪.‬‬


‫حقيقي‪َ ،‬ي ُ‬
‫ٌّ‬ ‫إص َب ٌع‬
‫«اإلص َب ُع» ْ‬
‫ْ‬ ‫َو‬
‫ِ‬
‫اموات‪ ،‬واألَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫رض‪ ،‬كام‬ ‫الس‬
‫َّرصف يف َّ‬ ‫إص َبعٍ»‪ُ :‬سهول َة الت ُّ‬
‫المرا ُد بقوله‪« :‬عىل ْ‬ ‫وليس ُ‬
‫َ‬
‫م؛ وألنَّه ‪H‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الف لظاه ِر ال َّلفظ‪ ،‬والتَّقسي ِ‬ ‫ِ‬
‫أهل التَّحريف! َب ْل هذا َخ َط ٌأ ُم ٌ‬ ‫يقو ُل ُه ُ‬
‫بإقرار ِه(((‪.‬‬
‫ِ‬ ‫أ ْث َب َت َ‬
‫ذلك‬

‫((( القول املفيد (‪.)527/2‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 101‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪100‬‬

‫والســن َِّة‪،‬‬
‫تاب‪ُّ ،‬‬
‫عليه نُصوص ِ‬
‫الك ِ‬ ‫ُ‬
‫َعطيل‪ ،‬وهذا هو الذي د َّل ْت ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ْزهيا بِال ت‬
‫ثيل‪ ،‬وتن ً‬‫بِال َت ْ ٍ‬
‫أثر ُهم عىل ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫وع َل ْي ِه َســ َل ُ‬
‫اإلسال ِم‪،‬‬ ‫ف األُ َّمة‪ ،‬وأئ َّمتُها‪ ،‬و َم ْن تَبِ َع ُهم بإحســان‪ ،‬واق َت َفى َ‬
‫ِ‬
‫واإليامن‪.‬‬
‫األحاديث الصحيح ِة ِمن تعظيــ ِم النَّبي ‪ َH‬ربه‪ِ ،‬‬
‫بذك ِْر‬ ‫ِ‬ ‫هذ ِه‬
‫ــل ما يف ِ‬ ‫وتَأ َّم ْ‬
‫َ َّ ُ‬ ‫ِّ‬ ‫َ ْ ْ‬ ‫َّ‬
‫أخ َبوا ِبه ِ‬
‫عن اهللِ‬ ‫وتصديق ِه ال َيهو َد فيام ْ‬
‫ِ‬ ‫وجاللِ ِه‪،‬‬ ‫ِِ‬
‫ليق ب َع َظمته‪َ ،‬‬ ‫فــات كَاملِ ِه عىل ما َي ُ‬
‫ِ‬ ‫ِص‬
‫فات ا َّلتي تَدُ ُّل عىل ع َظ َمتِ ِه‪.‬‬
‫ِمن الص ِ‬
‫َ ِّ‬
‫ول ي ُقــل النَّبي ‪ H‬يف َش ٍء ِمنْها‪ :‬إِ َّن ظاهرها غــر م ٍ‬
‫راد‪ ،‬أو َّإنا ت ُّ‬
‫َدل عىل‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُّ‬ ‫َْ َ‬
‫فات َخ ْل ِقه‪ ،‬ف َل ْو َ‬
‫كان هذا ح ًّقا َلب َّل َغه ‪َH‬؛ فإِ َّن اهللَ َ‬
‫أكم َل‬ ‫بص ِ‬ ‫َشــبيه ِص ِ‬
‫فات اهللِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت‬
‫عليه‪ ،‬وعىل آلِ ِه‪،‬‬ ‫وات اهللِ وسالمه ِ‬
‫ُ‬ ‫بني‪ ،‬ص َل ُ‬ ‫ِّعم َة‪ ،‬ف َب َّل َغ البال َغ ُ‬
‫الم َ‬ ‫ِبه الدِّ ين‪ ،‬و َأ ِ‬
‫تم به الن َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫وص ْح ِبه‪ ،‬و َم ْن تب َع ُهم إىل يو ِم الدِّ ِ‬
‫ين‪.‬‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫به ر َّبه ِم ْن‬
‫ف ِ‬ ‫الصحا َب ُة ‪َ M‬ع ْن نب ِّي ِهــم‬
‫صفات‬ ‫‪ H‬ما َو َص َ‬
‫َ‬ ‫و َت َل َّقى َّ‬
‫ربم‬ ‫تاب اهللِ‪ ،‬وما تضمنه ِمن ِص ِ‬
‫فات ِّ ِ‬ ‫ُعوت جالل ِ ِه‪ ،‬فآمنوا بِ ِه‪ ،‬وآمنوا ِ‬
‫بك ِ‬ ‫َامله‪ ،‬ون ِ‬ ‫ك ِ‬
‫َّ ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وعال‪ ،‬كام قال تعــاىل‪( :‬ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ)‬ ‫َّ‬
‫جل َ‬
‫[آل عمران‪.]٧ :‬‬
‫بإحســان‪ ،‬وتابعوهم‪ ،‬واألئم ُة ِمن المحدِّ ثني‪ ،‬وال ُف ِ‬
‫قهاء‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫وكذلِ َك الت‬
‫َّابعون هل ُ ْم‬
‫َ‬ ‫َّ َ ُ‬ ‫َ ُ ْ‬
‫ي َحدوا َشي ًئا‬ ‫ووص َفه ِبه َرسو ُله ‪َ ،H‬‬
‫ول ْ َ ْ‬ ‫نفس ُه‪َ ،‬‬
‫ف اهللَ بام وص َ ِ‬
‫ف به َ‬ ‫َ َ‬ ‫ك ُّل ُهم َ‬
‫وص َ‬
‫راد‪ ،‬وال إِنَّــه َي َلزم ِم ْن ِ‬
‫إثباتا‬ ‫إن ظاهرها َغري م ٍ‬ ‫أحــدٌ ِم ُنه ْم‪َّ :‬‬‫الصفات‪ ،‬وال قال َ‬
‫ِ‬
‫مــ َن ِّ‬
‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ‬
‫الشــب ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫التَّشــبي ُه‪ْ ،‬بل أنكَروا عىل َم ْن قال َ‬
‫ذلك غا َي َة‬
‫هات‬ ‫فصنَّفوا يف ر ِّد هذه ُّ ُ‬ ‫اإلنكار‪َ ،‬‬
‫ِ‬ ‫السن َِّة‬ ‫الموجود َة بأيدي ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫واجلامعة(((‪.‬‬ ‫أهل ُّ‬ ‫المعرو َف َة َ‬ ‫بار‪َ ،‬‬
‫الم َصنَّفات الك َ‬‫ُ‬
‫ٍ‬
‫َشــبيه‪،‬‬ ‫ليق به ‪ِ ،‬م ْن ِ‬
‫غري ت‬ ‫الو ْجه الذي َي ُ‬ ‫فنُثبِ ُت هللِ تعاىل‬
‫«األصابع»‪ ،‬عىل َ‬
‫َ‬
‫طيل‪.‬‬ ‫ثيل‪ ،‬وال َتك ٍ‬
‫ْييف‪ ،‬وال َت ْع ٍ‬ ‫وال َت ْ ٍ‬

‫((( تيسري العزيز احلميد (ص‪.)640‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 100‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪99‬‬

‫الحديث الثاني عشر‬

‫ســول‬
‫ِ‬ ‫ــن األ َ ْحبــار ِ إِلَــى ر َ‬
‫جــاء َح ْبــ ٌر ِم َ‬
‫َ‬ ‫ــن َع ْبــ ِد ال َّلــ ِه ِ‬
‫بــن َمســعو ٍد ‪ ،I‬قــال‪:‬‬ ‫َع ْ‬
‫وات علــى إ ِ ْ‬
‫ص َب ٍع‪،‬‬ ‫ــم ِ‬
‫الس َ‬
‫ل َّ‬‫ج ُد أ َ َّن ال َّل َه يَ ْج َع ُ‬
‫ال َّلــ ِه ‪َ ،H‬فقــال‪ :‬يــا ُم َح َّم ُد‪ ،‬إِنَّــا نَ ِ‬
‫ص َب ٍع‪َ ،‬وســائِرَ‬ ‫والمــاء َّ‬
‫والثرَى على إ ِ ْ‬ ‫َ‬ ‫ص َب ٍع‪،‬‬
‫ــجرَ علــى إ ِ ْ‬ ‫َّ‬
‫والش َ‬ ‫ص َب ٍع‪،‬‬
‫ضيــن علــى إ ِ ْ‬
‫َ‬ ‫واألَر َ‬
‫بــي ‪َ H‬ح َّتى بَ َد ْ‬
‫ت‬ ‫ك ال َّن ُّ‬
‫ح َ‬ ‫ــك؟ َف َ‬
‫ض ِ‬ ‫قــول‪ :‬أَنا َ‬
‫المل ِ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ص َب ٍع‪َ ،‬ف َي‬
‫ــق علــى إ ِ ْ‬ ‫َ‬
‫الخالئ ِ ِ‬
‫ســول ال َّلــ ِه ‪( :H‬ﯦ ﯧ ﯨ‬
‫ُ‬ ‫ــم َقــرَأ َ ر َ‬
‫الح ْبــرِ‪ُ ،‬ث َّ‬
‫ل َ‬ ‫ديقــا ل ِ َق ْ‬
‫ــو ِ‬ ‫ص ً‬ ‫ــذ ُه؛ تَ ْ‬
‫نَوا ِج ُ‬

‫ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲﯳ‬
‫ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ) [الزمر‪:(((]٧٦ :‬‬

‫َجد» يعني‪ :‬يف الت ِ‬


‫َّوراة(((‪.‬‬ ‫العال‪ ،‬وهو ِمن الي ِ‬
‫هود‪ ،‬وقو ُل ُه‪« :‬إنَّا ن ِ‬ ‫«الحب»‪ :‬هو ِ‬
‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ف‬ ‫دل عىل َع َظ َمة اهللِ‪ ،‬وعظي ِم ُقدْ َرته‪ ،‬وع َظ ِم خملوقاته‪ ،‬وقد ت َّ‬
‫َعر َ‬ ‫ديث َي ُّ‬
‫الح ُ‬
‫وهذا َ‬
‫ِِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫وعجائ ِ‬ ‫بصفاتِ ِه‪،‬‬‫عباد ِه ِ‬
‫‪ E‬إىل ِ‬
‫المعبو ُد‬
‫هو َ‬‫ب َملوقاته‪ ،‬بام َيدُ ُّل عىل كامله‪ ،‬وأنَّه َ‬
‫يك له يف ُربوب َّي ِته‪ ،‬وإهل َّي ِته‪.‬‬ ‫َوحدَ ُه‪ ،‬ال َش َ‬

‫الل اهللِ‪ ،‬وع َظ َمتِ ِه‪ ،‬إثباتًا‬


‫بج ِ‬‫ليــق َ‬
‫إثبات الص ِ‬
‫فات َل ُه عىل ما َي ُ‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ديــث عىل‬ ‫و َد َّل َ‬
‫الح‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)4811‬ومسلم (‪.)2786‬‬


‫((( القول املفيد (‪.)524/2‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 99‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪98‬‬

‫صار تأوي ُلها َتري ًفا‪،‬‬ ‫ٍ‬


‫َفســر؛ وهلذا َ‬ ‫وظاهــر ٌة َجل َّي ٌة‪ ،‬ال َتت َِمل ت ً‬
‫َأويل‪ ،‬وال َت ُ‬
‫تاج إىل ت‬
‫وإلا ًدا فيها(((‪.‬‬‫ْ‬

‫لوك األَرْ ِ‬
‫ض؟»‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫ن ُم‬
‫ك‪ ،‬أ ْي َ‬ ‫قول‪ :‬أَنا ال َ‬
‫م ِل ُ‬ ‫ُ‬ ‫وقو ُل ُه‪« :‬ث ُ َّ‬
‫م يَ‬

‫ناز َع له‪ ،‬وال ُم ِ‬‫الم ِل ُك ح ًّقا الذي ال ُم ِ‬ ‫ِ‬


‫عاو َن‪ ،‬وال‬ ‫فهو َ‬
‫بالملك‪َ ،‬‬ ‫أي‪ :‬أنَّه تعاىل َينْ َف ِر ُد ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ذلك اليو ِم‪ ،‬عندما َي ْقبِ ُض‬
‫ــاوات‬ ‫األرض بيده‪ ،‬و َي ْطوي َّ‬
‫الس‬ ‫َ‬ ‫يك‪ ،‬ويف َ‬ ‫هري‪ ،‬وال َش َ‬ ‫َظ َ‬
‫نازعونَه يف الدُّ نيا ُم ْلكَه‪،‬‬ ‫كل َش ٍء يف ق ْب َضتِ ِه‪ُ ،‬ينادي الذي َن كانــوا ُي ِ‬ ‫بيمينِ ِه‪ ،‬و ُي ْصبِــح ٌّ‬
‫لــوك الدُّ نيا‪ ،‬و َق ِد ان َف َر َد‬
‫ِ‬ ‫تجبي َن ِمن ُم‬
‫والم ِّ‬ ‫تكبي َن ُ‬
‫ِِ ِ‬
‫ويت َعدَّ ْو َن عىل ُســلطانه‪ ،‬مــ َن ُ‬
‫الم ِّ‬
‫بالم ْل ِك‪.‬‬ ‫ِ‬
‫السلطان ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الملك الواحدُ ال َق َّه ُار ذو ُّ‬ ‫مال ُك ُ‬
‫ِ‬

‫َشف َجل ًّيا‪ ،‬ف ُينادهيِم بام يت ََض َّم ُن‬ ‫نفرد ِبه يف ِّ ٍ‬
‫ذلك ال َي ْو ِم َينك ُ‬
‫غري أنَّه يف َ‬
‫كل آن‪َ ،‬‬ ‫وهو ُم ِ ٌ‬
‫َ‬
‫وه ْل‬ ‫َ‬
‫َطيعون َمنْ ًعــا‪ ،‬أو َر ًّدا؟ َ‬ ‫فه ْل َيســت‬ ‫توبيخ ُهــم‪ ،‬وهتديدَ ُهم‪ :‬أيــ َن ُم ُ‬
‫لوك الدُّ نيا؟ َ‬ ‫َ‬
‫والذ ُّل‪،‬‬ ‫ت التَّبِ ُ‬ ‫كل َش ٍء‪ ،‬وبقي ِ‬ ‫لدَ يِــم قوةٌ‪ ،‬أو حي َل ٌة‪ ،‬أو فِدً ى؟ ل َقدْ ذه ِ‬
‫عات‪ُّ ،‬‬ ‫َ َ‬ ‫ب م ُنهم ُّ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬
‫ات(((‪.‬‬‫والح َس ُ‬
‫َ‬

‫((( رشح كتاب التوحيد للغنيامن (‪.)140/1‬‬


‫((( رشح كتاب التوحيد للغنيامن (‪.)141/1‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 98‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪97‬‬ ‫احلديث احلادي عرش‪« :‬يطوي اهلل الساموات يوم القيامة‪»...‬‬

‫ِ ِ (((‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫بمشــي َئته‪ ،‬وإرادته ‪َ ،‬‬
‫وهي‬ ‫وهذا م ْن صفات اهللِ تعــاىل الفعل َّية التي تَتع َّل ُق َ‬
‫(((‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬


‫ب‬ ‫وأحاديث صحيحة ع ْن رســول اهللِ ‪َ ،H‬‬
‫وهي مَّا َي ُ‬ ‫َ‬ ‫كثرية‪،‬‬ ‫بآيات‬ ‫ثابتــ ٌة‬
‫ِ‬ ‫ألن َ ِ‬ ‫اإليــان ِبه؛ َّ‬
‫خرج َملعانيها‬ ‫الم ِ‬ ‫ــر ُم تأوي ُلها ُ‬
‫وي ُ‬‫ذلك داخ ٌل يف اإليامن باهللِ تعاىل‪ْ َ ،‬‬ ‫ُ‬
‫َعن ِ‬
‫ظاه ِرها‪.‬‬ ‫ْ‬
‫إثبات َّ‬
‫أن اهللَ‬ ‫ُ‬ ‫بوتا هللِ تعاىل الع ْق ُل أي ًضا‪ ،‬فإنَّــه ال ي ِ‬
‫مك ُن َمل ْن نفاها‬ ‫و َقــدْ َد َّل عىل ُث ِ‬
‫ُ‬ ‫َ ْ‬
‫ِ‬ ‫عل ال بدَّ لــه ِمن ِ‬
‫فاع ٍل‪،‬‬ ‫َون المشــاه ِد؛ َّ ِ‬ ‫الخالق هلذا الك ِ‬
‫والفاعل ال ُبدَّ له‬ ‫ْ‬ ‫ألن الف َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫هو‬
‫َ‬
‫كان الزما‪ ،‬كالن ِ‬
‫ُّزول‪،‬‬ ‫ِ‬
‫عقول َّإل ما قا َم بالفاع ِل‪ ،‬ســواء َ‬ ‫ِ‬
‫ناك ف ْع ٌل َم ٌ‬ ‫وليس ُه َ‬ ‫ِم ْن ف ٍ‬
‫ِ‬
‫ً‬ ‫عل‪َ ،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫دوث ما ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫والم ِ‬
‫خلوقات‪،‬‬ ‫يد ُث ُه تعاىل م َن َ‬
‫الم‬ ‫ْ‬ ‫فح ُ‬‫كالقبض‪ ،‬وال َّط ِّي‪ُ ،‬‬ ‫جيء‪ ،‬أو ُمتعد ًيا‪،‬‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫القائمة به تعاىل‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تابِ ٌع لا يفع ُله م ْن أفعاله االختيار َّية‬
‫َ‬

‫األفعال االختيار َّي ِة ِبه؛‬


‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وهو ‪َ E‬ح ٌّي ق ُّيو ٌم‪ ،‬ف َّع ٌال لا ُيريــدُ ‪َ ،‬‬
‫فم ْن أنك ََر قيا َم‬ ‫َ‬
‫العالِ المشاه ِد‪ ،‬و َغ ِري المشاه ِد‪ ،‬وي ِ‬
‫نك ُر قو َله‪:‬‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫ذلك أنَّه ُينك ُر َخ ْل َقه هلذا َ ُ َ‬ ‫َّ‬
‫فإن معنى َ‬

‫قل َد َّل عىل ما جا َء ِبه َّ‬


‫الش ُع‪.‬‬ ‫(ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ) [فصلت‪ ،]٣٩ :‬فال َع ُ‬

‫احلديث ِمــ َن «ال َق ِ‬


‫بض»‪ ،‬و«ال َّط ِّي»‪ ،‬قد جا َء َص ً‬
‫حيا أ ْي ًضا يف‬ ‫ِ‬ ‫صح بِه يف هذا‬
‫وما َ َّ‬
‫تاب اهللِ تعــاىل‪( :‬ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ‬ ‫ِك ِ‬
‫ﯰ ﯱ ﯲﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ) [الزمر‪.]٦٧ :‬‬

‫رشكون اهللَ َح َّق قدْ ِر ِه‪َ ،‬‬


‫حني ع َبــدوا م َع ُه َغ َري ُه‪َ ،‬‬
‫وهو‬ ‫َ‬ ‫الم‬ ‫ُ‬
‫«يقول تعاىل‪ :‬ومــا قدَ َر ُ‬
‫حتت‬ ‫ٍ‬ ‫لكل َش ٍء‪ُّ ،‬‬ ‫المالك ِّ‬
‫ُ‬ ‫كل َش ٍء‪،‬‬ ‫العظيم الذي ال أع َظم منه‪ِ ،‬‬
‫القاد ُر عىل ِّ‬
‫وكل يشء َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ ُ‬
‫َق ْه ِره‪ ،‬و ُقدْ َرتِه»(((‪.‬‬
‫ِ‬
‫ذكور‪ ،‬كثريةٌ‪،‬‬ ‫الم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الســ َلف يف َص ِ‬ ‫واآلثار ِ‬ ‫ُ‬
‫والحديث َ‬
‫يح اآلية‪َ ،‬‬ ‫عن َّ‬ ‫ُ‬ ‫واألحاديث‬

‫والرضا‪ ،‬والغضب‪ ،‬وغريها‪.‬‬ ‫((( كال ُّنزول‪ ،‬واملجيء‪ِ َّ ،‬‬


‫والضحك‪ِّ ،‬‬
‫الفعلية‪.‬‬
‫َّ‬ ‫((( يعني‪ :‬الصفات‬
‫((( تفسري ابن كثري (‪.)113/7‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 97‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪96‬‬

‫إحــدَ ى يدَ ْي ِه َي ٌ‬
‫مني‪،‬‬ ‫أن هللِ ‪ D‬يدَ ْي ِن‪َّ ،‬‬
‫وأن ْ‬
‫أهل الســن َِّة والج ِ‬
‫امعة عــى َّ‬ ‫َ‬ ‫ــع ُ ُّ‬ ‫َفأ ْ َ‬
‫ج َ‬
‫واخت َلفوا‪:‬‬

‫أن ِكلتا يدَ ْي ِه َي ٌ‬


‫مني؟‬ ‫بالش ِ‬
‫امل؟ أ ْم َّ‬ ‫ف ِّ‬
‫توص ُ‬ ‫َهل األُ َ‬
‫خرى َ‬
‫يخ ُممدُ بن ِ‬ ‫ارمي‪ ،‬وأبو َي ْع َل ال َف َّرا ُء‪َّ ،‬‬ ‫ٍ‬ ‫َفأث َبتَها اإلما ُم ُع ُ‬
‫عبد‬ ‫والش ُ َّ ُ‬ ‫ثامن ب ُن َســعيد الدَّ ُّ‬
‫وغي ُه ْم‪.‬‬ ‫الوه ِ‬
‫اب‪ُ ْ ،‬‬ ‫َّ‬

‫زيم َة(((‪.‬‬ ‫امل ِ ِ‬ ‫مني‪ ،‬ال ِش َ‬


‫رون‪َ :‬ب ْل ِكلتا يدَ ْي ِه َي ٌ‬
‫آخ َ‬
‫فيهام؛ م ُنه ُم‪ :‬اإلما ُم اب ُن ُخ َ‬ ‫وقال َ‬

‫فهي ِعندي ال‬ ‫ِ ٍ‬


‫َت لف َظ ُة «شامل» َمفو َظ ًة؛ َ‬ ‫يمني ‪« :V‬إذا كان ْ‬ ‫يخ اب ُن ُع َث َ‬
‫الش ُ‬
‫قول َّ‬‫َي ُ‬
‫امل بالنِس َب ِة‬ ‫ــت كال َي ِد ِّ‬
‫الش ِ‬ ‫ليس ْ‬‫خرى َ‬ ‫أن اليدَ ُاأل َ‬‫ألن المعنى َّ‬ ‫«ك ْلتا يدَ يه ٌ‬
‫يمني»(((؛ َّ‬ ‫تُنايف ِ‬

‫َقص‪.‬‬
‫يس فيها ن ٌ‬ ‫مني»‪ ،‬أي‪َ :‬ل َ‬‫«ك ْلتا يدَ ْي ِه َي ٌ‬
‫اليد اليمنَى؛ فقال‪ِ :‬‬
‫ُ‬
‫عن ِ‬‫ناقص ًة ِ‬‫خلوق‪َ ،‬‬‫ِ‬ ‫للم‬
‫َ‬
‫أقل قو ًة ِمن ِ‬ ‫وص ْفنا اليدَ األُخرى ِّ ِ‬
‫اليد ال ُيمنَى‪َ ،‬ب ْل‬ ‫المرا ُد َّأنا ُّ َّ َ‬ ‫بالشامل؛ ف َل ْي َس ُ‬ ‫َ‬ ‫فإِذا َ‬
‫‪ H‬فنَح ُن‬‫َ‬ ‫َقول‪ :‬إِ ْن ثبت َْت ع ْن ر ِ‬
‫سول اهللِ‬ ‫َ‬ ‫أن ن َ‬ ‫والواجب ع َل ْينا ْ‬
‫ُ‬ ‫ِكلتا يدَ ْي ِه َي ٌ‬
‫مني‪،‬‬
‫إن َل ْ تَث ُب ْت ف َل ْن َ‬
‫نقول‬ ‫مــن»‪َ ،‬و ْ‬
‫ٌ‬ ‫«ك ْلتا يدَ ْي ِه َي‬
‫وبني قولِ ِه‪ِ :‬‬
‫ن ُْؤ ِم ُن هبا‪ ،‬وال ُمنافــا َة بينَها‪َ ،‬‬
‫هبا»(((‪.‬‬

‫وات‬ ‫اآلخ ِر‪« :‬ي َ ْق ِب ُ‬


‫ض اهللُ األَرْ َ‬
‫ض‪َ ،‬وي َ ْ‬ ‫ِ‬
‫احلديث َ‬ ‫‪ H‬يف‬
‫َ‬ ‫وقو ُل ُه‬
‫م ِ‬ ‫الس َ‬
‫طوي َّ‬
‫بيَمي ِن ِه»‪:‬‬

‫الش ِء ِ‬ ‫بض»‪ ،‬و«ال َّط ِّي»‪َّ :‬‬‫بــن «ال َق ِ‬


‫وج ُعه‪،‬‬
‫باليد‪ْ َ ،‬‬ ‫أخ ُ‬
‫ــذ َّ‬ ‫هو‪ْ :‬‬ ‫بض» َ‬ ‫أن «ال َق َ‬ ‫ال َف ْر ُق ْ َ‬
‫ريب ِم َن «ال َق ْب ِ‬ ‫عض ِه عىل َب ٍ‬ ‫الش ِء ب ِ‬
‫ض»‪.‬‬ ‫وهو َق ٌ‬
‫وج ُعه‪ ،‬ول ُّف ُه‪َ ،‬‬
‫عض‪ْ َ ،‬‬ ‫و«ال َّط ّي» َ‬
‫هو ُمالقا ُة َّ َ‬

‫والس َّنة لعلوي السقاف (ص‪.)383 ،379‬‬


‫((( صفات اهلل الواردة يف الكتاب ُّ‬
‫((( مسلم (‪.)1827‬‬
‫((( القول املفيد (‪.)534/2‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 96‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪95‬‬ ‫احلديث احلادي عرش‪« :‬يطوي اهلل الساموات يوم القيامة‪»...‬‬

‫احل ِّق‪َ ،‬وغ َْم ُط الن ِ‬


‫ب َب َط ُر َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّاس»(((‪.‬‬ ‫الحديث‪« :‬الك ْ ُ‬
‫كام يف َ‬

‫احتقار ُهم(((‪.‬‬
‫ُ‬ ‫با‪ ،‬و« َغ ْم ُط الن ِ‬
‫َّاس»‪:‬‬ ‫وإنكاره؛ ت ََر ُّف ًعا‪َ َ ،‬‬
‫وت ُّ ً‬ ‫ُ‬ ‫ومعنى « َب َط ُر ِّ‬
‫احلق»‪َ :‬دف ُعه‪،‬‬

‫الســ ْلط ُة‪،‬‬ ‫الم ُ‬


‫لوك الذي َن كانوا يف الدُّ نيا َل ُ ُم ُّ‬ ‫ُ‬
‫فيقول‪ :‬أي َن ُ‬ ‫واالســتِفها ُم للتَّحدِّ ي‪،‬‬
‫بــاد اهللِ؟ (ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ)‬ ‫والتَّجــر‪ ،‬والتَّكب‪ ،‬عــى ِع ِ‬
‫ُّ ُ‬ ‫ُّ ُ‬
‫[األنعام‪.]٩٤ :‬‬

‫دام ِهم(((؛ كام يف‬‫الــذر(((‪ ،‬ي َط ُؤهم النــاس بأ ْق ِ‬ ‫ون َ‬ ‫ِ‬


‫ُ‬ ‫أمثال َّ ِّ َ ُ ْ‬ ‫ي َش َ‬ ‫الوقت ُ ْ‬ ‫َ‬
‫ذلــك َ‬ ‫ويف‬
‫(((‬
‫شــاه ُم‬
‫ُ‬ ‫صو ِر الر ِ‬
‫جال‪َ ،‬ي ْغ‬ ‫الذ ِّر‪ ،‬يف َ ِّ‬ ‫ون َي ْو َم القيا َم ِة َأ ْم َ‬
‫ثال َّ‬ ‫الم َتك َِّب َ‬
‫ش ُ‬ ‫«ي َ ُ‬
‫ِ‬
‫الحديث‪ْ ُ :‬‬‫َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫الذ ُّل م ْن ك ُِّل َمكان»(((‪.‬‬‫ُّ‬

‫كونون يف غا َي ٍة ِم َن‬
‫َ‬ ‫َّمل‪« ،‬واملعنى‪َ :‬أ َّنُ ْ‬
‫ــم َي‬ ‫غار الن ِ‬ ‫ثــال ِص ِ‬ ‫حرش ُه ُم اهللُ تعاىل أ ْم َ‬ ‫َف َي ُ‬
‫ش بِ َأ ْر ُج ِل ِه ْم‪ِ ،‬م ْن َه ِ ِ‬
‫وان ْم عىل اهلل»(((‪.‬‬ ‫َّقيص ِة‪َ ،‬ي َط ُؤ ُه ْم َأ ْه ُل ا َمل ْح َ ِ‬ ‫ِ‬
‫ا َمل َذ َّلة‪ ،‬والن َ‬

‫ن‬
‫ك‪ ،‬أ ْي َ‬ ‫قول‪ :‬أَنا ال َ‬
‫م ِل ُ‬ ‫ُ‬ ‫شما ِل ِه‪ ،‬ث ُ َّ‬
‫م يَ‬ ‫ضين ِب ِ‬
‫َ‬ ‫طوي األَر َ‬ ‫وقو ُل ُه ‪« :H‬ث ُ َّ‬
‫م يَ ْ‬
‫رون؟»‪:‬‬ ‫مت َ َ‬
‫كبِّ َ‬ ‫ن ال ُ‬
‫ارون؟ أ ْي َ‬
‫َ‬ ‫جبَّ‬
‫ال َ‬

‫فمنْهم من أثبتَها‪ ،‬وهي رواي ُة م ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اخ َت َل َ‬


‫ســل ٍم‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫الروا ُة يف إثبات لف َظة «بشــاله»‪ْ َ ُ ،‬‬ ‫ف ُّ‬
‫ِ‬
‫العلامء عىل ِر ِ‬
‫واية‬ ‫ومن ُْهم َم ْن قال «ب َي ِد ِه األُ ْخ َرى»؛ ولِــذا َحك ََم َب ُ‬
‫عض‬ ‫ــه‪ِ ،‬‬
‫صحيح ِ‬
‫ِ‬ ‫يف‬
‫بالش ِ‬
‫ذوذ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اإلثبات ُّ‬

‫((( رواه مسلم (‪.)91‬‬


‫((( رشح النووي عىل صحيح مسلم (‪.)90/2‬‬
‫الصغَ ر واحلقارة‪.‬‬
‫((( أمثال النمل الصغري‪ ،‬يف ِّ‬
‫((( القول املفيد البن عثيمني (‪.)533/2‬‬
‫((( يأتيهم‪.‬‬
‫ين يف صحيح األدب املفرد‬
‫وحسنه األلبا ُّ‬
‫والبخاري يف األدب املفرد (‪َّ ،)557‬‬
‫ُّ‬ ‫((( رواه الرتمذي (‪،)2492‬‬
‫(‪.)434‬‬
‫((( مرقاة املفاتيح (‪.)3192/8‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 95‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪94‬‬

‫ﮄ ﮅ) [النبأ‪َ ،]٣٨ :‬وقال ت َ‬


‫َعال‪(:‬ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ)‬
‫[طه‪َ ،]١٠٨ :‬وقال‪( :‬ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚﯛ ﯜ ﯝ ﯞ) [هود‪:‬‬

‫‪.]١٠٥‬‬

‫ــك َأ َحدٌ يف َذلِ َك‬


‫ــاس‪( :‬ﭞ ﭟ ﭠ) [الفاحتة‪ ،]٤ :‬ال َي ْم ِل ُ‬ ‫ٍ‬ ‫َوقال ا ْب ُن َع َّب‬
‫ال َي ْو ِم َم َع ُه ُحك ًْم‪ ،‬ك َِم ْل ِك ِه ْم يف الدُّ نْيا»‪.‬‬
‫الئ ِق‪ ،‬وهو يوم القيام ِة‪ ،‬يدينُهم بِ َأ ْع ِ‬
‫امل ْم‪ ،‬إِ ْن‬ ‫ساب لِ ْل َخ ِ‬
‫احل ِ‬ ‫ين‪ :‬يوم ِ‬
‫َ ُ ُ ْ‬ ‫َ َ َْ ُ‬ ‫«و َي ْو ُم الدِّ ِ َ ْ ُ‬‫قال‪َ :‬‬
‫ش‪ ،‬إِ َّل َم ْن َعفا َعنْ ُه»‪.‬‬ ‫شا َف َ ٌّ‬
‫ِ‬
‫َخ ْ ًيا َف َخ ْ ٌي‪َ ،‬وإ َّن َ ًّ‬
‫ف‪ ،‬وهو ِ‬‫عني‪ ،‬والس َل ِ‬
‫الصحا َب ِة‪ ،‬والتَّابِ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ظاه ٌر»(((‪.‬‬ ‫َ َ‬ ‫َّ‬ ‫َوك ََذل َك قال َغ ْ ُي ُه م َن َّ‬

‫يكون يف ذلِ َك ال َي ْو ِم؛ َّ‬


‫ألن اهللَ تعاىل ُينادي‬ ‫ُ‬ ‫وسلطانِ ِه‪ ،‬إنَّام‬ ‫ِِ‬ ‫ِِ‬
‫ف ُظ ُ‬
‫هور َملكوته‪ ،‬و ُملكه‪ُ ،‬‬
‫ُ‬
‫فيقول تعاىل‪( :‬ﯼ ﯽ ﯾ)‬ ‫أحدٌ ؛‬ ‫(ﯸ ﯹ ﯺ) [غافر‪ ،]١٦ :‬فــا ُي ُ‬
‫يب َ‬
‫ــعوبم أنَّه ال مالِ َك َّإل‬
‫ُُ‬ ‫لوك َيعت َِقدُ ُش‬
‫لوك‪َ ،‬ب ْل ي ْظ َه ُر ُم ٌ‬
‫ظه ُر ُم ٌ‬‫[غافر‪ ،]١٦ :‬ففي الدُّ نيا َي َ‬
‫رض‪َ ،‬ي َر ْو َن َّ‬
‫أن‬ ‫ِ‬
‫ــموات‪ ،‬واألَ ِ‬ ‫للس‬ ‫أن ُه َ‬ ‫ون ‪َ -‬م َث ًل‪ -‬ال َي َر ْو َن َّ‬
‫فالشــيوع ُّي َ‬ ‫ُهم؛ ُّ‬
‫ناك ر ًّبا َّ‬
‫رئيس ُهم(((‪.‬‬‫هو ُ‬ ‫ربم َ‬ ‫وأرض َت ْب َل ُع‪َّ ،‬‬
‫وأن َّ ُ‬ ‫ٌ‬ ‫احليا َة أرحا ٌم تَدْ َف ُع‪،‬‬

‫رون؟»‪:‬‬ ‫مت َ َ‬
‫كبِّ َ‬ ‫ن ال ُ‬
‫ارون؟ أ ْي َ‬
‫َ‬ ‫جبَّ‬ ‫وقو ُل ُه تعاىل‪« :‬أ ْي َ‬
‫ن ال َ‬

‫الناس بال َق ْه ِر‪ ،‬وال َغ َل ِبة‪ ،‬وال ُّظ ْل ِم‪ ،‬وال َب ْط ِ‬


‫ش‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫تعالون عىل‬ ‫ارون»‪ :‬ال َّظ َل َمــ ُة‪ُ ،‬‬
‫الم‬ ‫«اجل َّب َ‬
‫ب َغ ْ ِي َح ٍّق‪.‬‬

‫النــاس بال ُّظ ْل ِم‪ ،‬وال َب ْط ِ‬


‫ش‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وجاه ِه ْم‪َ ،‬يتَعا َل ْو َن عىل‬ ‫ــرون» أي‪ِ :‬‬
‫باملم‪،‬‬ ‫َ‬ ‫«والمتك ِّب‬
‫ُ‬
‫ويتَعا َل ْو َن عىل ِّ‬
‫احلق‪ ،‬فال يق َبلونه(((‪.‬‬

‫((( تفسري ابن كثري (‪.)134/1‬‬


‫((( تفسري سورة الفاحتة البن عثيمني (‪.)12/1‬‬
‫((( مرقاة املفاتيح (‪ ،)3506/8‬وإعانة املستفيد برشح كتاب التوحيد للفوزان (‪.)323/2‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 94‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪93‬‬ ‫احلديث احلادي عرش‪« :‬يطوي اهلل الساموات يوم القيامة‪»...‬‬

‫طيل‪ ،‬وال ن ُ‬
‫َقول‪:‬‬ ‫ثيل‪ ،‬وال َتك ٍ‬
‫ْييف‪ ،‬وال َت ْع ٍ‬ ‫بيه‪ ،‬وال َت ْ ٍ‬‫بذلِ َك ُك ِّل ِه‪ِ ،‬من َغ ِي ت َْش ٍ‬ ‫فن ِ‬
‫ُؤم ُن َ‬
‫ْ ْ‬
‫خري‪ ،‬وال َق ْه ُر! فهذا‬ ‫والمرا َد بـ«ال َّط ّي»‪ ،‬و«ال َق ْب ِ‬ ‫ِ‬
‫ض»‪ :‬الت َّْس ُ‬ ‫درةُ‪ُ ،‬‬ ‫المرا َد بـ«ال َيد» ال ُق َ‬
‫إن ُ‬ ‫َّ‬
‫الم ْذمو ِم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫التأويل َ‬ ‫ِم َن‬

‫واألرض يف َي ِد اهللِ ‪ ،‬ويف َق ْب َضتِ ِه‪ ،‬ال َيفوتُه ِمنها َش ٌء‪ ،‬وال‬‫ُ‬ ‫ــموات‬
‫ُ‬ ‫«فالس‬
‫َّ‬
‫َثري» ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عز ُب ع ْن ُقدْ َرته منها َق ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ي َفى َع ْن ع ْلمه منْها َش ٌء‪ ،‬وال َي ُ‬
‫ليل‪ ،‬وال ك ٌ‬ ‫َْ‬
‫(((‬

‫ك»‪:‬‬ ‫قول‪ :‬أَنا ال َ‬


‫م ِل ُ‬ ‫ُ‬ ‫َقو ُله ‪« :َH‬ث ُ َّ‬
‫م يَ‬

‫الكام َل ِة‪ ،‬وعىل ُم ْل ِكه‬


‫ِ‬ ‫ْبيها عىل َع َظ َمتِــه‬ ‫ِ ِ‬ ‫ي ُ ِ‬
‫قول ذل َك َثنا ًء عىل ن ْفســه ‪ ،‬و َتن ً‬ ‫َ‬
‫مالك ذو س ْل ٍ‬ ‫ِ‬
‫طان‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫فهو ٌ‬ ‫الس ْل ُ‬
‫طان‪َ ،‬‬ ‫وهو ُّ‬‫الكام ِل‪َ ،‬‬
‫الها َم ِ‬
‫عر َف ًة‪،‬‬ ‫ــر ِك ُ‬ ‫َ‬
‫والخ َ ُ‬ ‫المبتد ُأ‬
‫كان ُ‬ ‫و«الم ِل ُك» َم ْع ِرفــ ٌة‪ ،‬وإذا َ‬
‫َ‬ ‫و«أنا» َم ْعرفــ ٌة‪،‬‬
‫ِ‬ ‫فــإن َ ِ‬
‫ُ‬
‫ــلطان التَّا ُّم‪ ،‬ال‬ ‫المط َلق ُة‪ُّ ،‬‬
‫والس‬ ‫ص‪ ،‬أي‪ :‬أنا الذي يل امللك َّي ُة ُ‬ ‫ذلك م ْن ُط ُر ِق َ‬
‫الح ْ ِ‬ ‫َّ‬
‫أحدٌ (((‪.‬‬
‫فيهام َ‬ ‫ُي ِ‬
‫ناز ُعني ِ‬

‫واآلخر ِة؟‬
‫َ‬ ‫الملِ ُ‬
‫ك يف الدُّ نيا‪،‬‬ ‫هو َ‬ ‫فإِ ْن َ‬
‫قيل‪ :‬أ َل ْي َس اهللُ َ‬

‫ناز ُعه‬‫اآلخر ِة ال ُي ِ‬
‫َ‬ ‫واآلخ َر ِة‪َ ،‬ل ِكن يف‬
‫ِ‬ ‫الم ِل ُك يف الدُّ نيا‪،‬‬
‫هو َ‬‫واب‪َ :‬بل‪ ،‬اهللُ تعاىل َ‬
‫فالج ُ‬ ‫َ‬
‫ســور ِة «الفاحتة»‪( :‬ﭞ ﭟ ﭠ) [الفاحتة‪]٤ :‬؛ أي‪َ :‬ل ُه‬ ‫َ‬ ‫أحدٌ ‪ ،‬كام قال تعاىل يف‬‫َ‬
‫كم َم َع اهللِ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أحدٌ فيه ُح ً‬ ‫ذلك ال َي ْوم‪َ ،‬ي ْوم القيا َمة‪ ،‬ال َيمل ُك َ‬
‫لك التَّا ُّم يف َ‬
‫الم ُ‬
‫ُ‬

‫ْفيه َع َّم َعدا ُه؛ ِلَ َّن ُه َقدْ َت َقدَّ َم‬


‫ين ال ين ِ‬ ‫ِ‬
‫ْصيص ا ُمل ْلك ب َي ْو ِم الدِّ ِ َ‬
‫«و َت ُ‬ ‫كثري ‪َ :V‬‬ ‫قال اب ُن ٍ‬
‫واآلخ َر ِة‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ني»‪َ ،‬و َذلِ َك عا ٌّم يف الدُّ نْيا‪،‬‬ ‫بار بِ َأ َّن ُه َ‬
‫«ر ُّب العا َل َ‬ ‫ِ‬
‫اإل ْخ ُ‬

‫ين»؛ ِلَ َّن ُه ال َيدَّ عي َأ َحدٌ ُهنالِ َك َشــ ْي ًئا‪َ ،‬وال َي َت َك َّل ُم َأ َحدٌ‬
‫ضيف إِ َل « َي ْو ِم الدِّ ِ‬
‫َ‬ ‫َوإِنَّام ُأ‬
‫إِ َّل بِإِ ْذنِ ِه‪ ،‬كَام قــال‪( :‬ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ‬

‫((( اإلفصاح البن ُهبرية (‪.)71/4‬‬


‫((( القول املفيد (‪.)533/2‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 93‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪92‬‬

‫وذلك لِ ِ‬
‫كامل‬ ‫َ‬ ‫(ﭵ ﭶﭷ ﭸ ﭹ ﭺ) [األنبياء‪ :]١٠٤ :‬نُن ِّف ُ‬
‫ــذ مــا َوعَدْ نا؛‬
‫ُقدْ َرتِه ‪ ،‬وأنَّه ال َتْتَنِ ُع ِمنْ ُه األشيا ُء(((‪.‬‬
‫َتان هللِ تعاىل‪ ،‬فنُثبِ ُت هللِ تعاىل ما أثب َته لن ْف ِس ِ‬
‫ــه‪ ،‬وما أثبتَه َل ُه َرســو ُله‬ ‫ــدان ثابت ِ‬
‫ِ‬ ‫وال َي‬
‫ُ‬
‫غري ت ٍ‬
‫َشبيه‪ ،‬وال َت ْ ٍ‬
‫ثيل‪ ،‬وال‬ ‫ظاه ِرها‪ِ ،‬م ْن ِ‬ ‫فات عىل ِ‬ ‫‪ ،َH‬ونُجري نُصوص الص ِ‬
‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫طيل‪ ،‬قال تعــاىل‪( :‬ﭡ ﭢ ﭣﭤ ﭥ ﭦ ﭧ)‬ ‫ٍ‬
‫ْييــف‪ ،‬وال َت ْع ٍ‬ ‫َتك‬
‫[الشورى‪.]١١ :‬‬

‫صري؛ «ويف هذا‬ ‫ِ‬ ‫ني َن ْف ِي الت ِ‬ ‫َفجمع اهللُ ‪ ‬يف ِ‬


‫ميع َب ٌ‬
‫َّمثيل‪ ،‬وإثبات أنَّه َس ٌ‬ ‫اآلية َب َ‬ ‫َ َ َ‬
‫عوى َّ‬
‫أن‬ ‫أن َينْفوا ِ ِ‬ ‫للخ ِ‬
‫لق ْ‬ ‫جيوز َ‬ ‫واض َح ٌة إىل أنَّه ال ُ‬‫إشــار ٌة ِ‬
‫وبصه‪ ،‬بدَ َ‬
‫عن اهلل َس ْم َعه‪َ َ ،‬‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫المخلوقات احلاد َث َة َتل ُك َس ْم ًعا‪ ،‬وأ ْب ً‬
‫صارا!‬ ‫َ‬

‫وأبصارها‬ ‫ِ‬
‫خلوقات‬ ‫الم‬ ‫الل اهللِ‪ ،‬وكاملِ ِه‪،‬‬
‫بج ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫وأســاع َ‬
‫ُ‬ ‫ص ُه َيليقان َ‬
‫ــم ُع اهلل و َب َ ُ‬
‫فس ْ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫حالم؛ َفال تَشابه َ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫خلوقات»(((‪.‬‬ ‫بي صفات اهللِ وصفات َ‬
‫الم‬ ‫َُ ْ‬ ‫ب َُ‬ ‫تُناس ُ‬

‫قال تعــاىل‪( :‬ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ) [املائدة‪( ،]٦٤ :‬ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ‬


‫ﯢ ﯣ ﯤ) [ص ‪.]٧٥‬‬
‫ِ‬
‫وإثبات األصابِ ِع هلُام‪،‬‬ ‫ِ‬
‫«إثبــات اليدَ ْي ِن هللِ تعاىل‪،‬‬ ‫الشع َّية يف‬ ‫ُّصوص َّ‬ ‫وتنو ِ‬
‫عت الن‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫خرى ِش ٌ‬
‫ــال‪ ،‬وأنَّه تعاىل‬ ‫واأل َ‬‫مني‪ُ ،‬‬ ‫ها َي ٌ‬ ‫ض ِ ِبام‪ ،‬وتَثن َيتِ ِهام(((‪َّ ،‬‬
‫وأن إحدا ُ‬
‫ِ‬
‫وإثبــات ال َق ْب ِ‬
‫يل‪ ،‬وأنَّه تعاىل‬‫ليتــوب ُميس ُء ال َّل ِ‬
‫َ‬ ‫َّهار‪ ،‬وبِالن ِ‬
‫َّهار؛‬ ‫ليتوب ُميس ُء الن ِ‬ ‫َ‬ ‫ــط َيدَ ُه بال َّل ِ‬
‫يل؛‬ ‫َي ْب ُس ُ‬
‫ــطني عىل‬
‫َ‬ ‫الم ْق ِس‬
‫وأن ُ‬ ‫في ِّبيها لصاحبِها‪َّ ،‬‬ ‫ِِ‬
‫ب بيمينه‪َ ُ ،‬‬ ‫الصد َق َة ِم َن الك َْس ِ‬
‫ــب الط ِّي ِ‬ ‫َيتَق َّب ُل َّ‬
‫مح ِن»(((‪.‬‬‫الر َ‬ ‫نور ع ْن َي ِ‬
‫مني َّ‬ ‫منابِ َر ِم ْن ٍ‬

‫((( تفسري السعدي (ص‪ ،)531‬أضواء البيان (‪.)249/4‬‬


‫((( العقيدة يف اهلل لألشقر (ص‪ ،)220‬باختصار‪.‬‬
‫((( َّأنام يدان‪.‬‬
‫((( رشح كتاب التوحيد للغنيامن (‪.)311/1‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 92‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪91‬‬ ‫احلديث احلادي عرش‪« :‬يطوي اهلل الساموات يوم القيامة‪»...‬‬

‫ِ‬
‫ســول اهللِ ‪H‬‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫ف بِ َر‬ ‫ك‪َ ،‬أنا ال َعزيزُ‪َ ،‬أنا الك ُ‬
‫َريم»‪َ ،‬ف َر َج َ‬ ‫َب‪َ ،‬أنا ا َملل ُ‬
‫اجل َّب ُار‪ ،‬أنا ا ُمل َتك ِّ ُ‬
‫َ‬
‫خ َّر َّن بِ ِه!(((‪.‬‬
‫املِنْب‪ ،‬حتَّى ُق ْلنا‪َ :‬لي ِ‬
‫َ‬ ‫َُ َ‬

‫ن‬
‫ه َّ‬ ‫م يَأْ ُ‬
‫خ ُذ ُ‬ ‫م القيا َم ِة‪ ،‬ث ُ َّ‬
‫ماوات ي َ ْو َ‬
‫ِ‬ ‫الس‬ ‫قو ُله ‪« :H‬ي َ ْ‬
‫طوي اهللُ ‪َّ D‬‬
‫بي َ ِد ِه الي ُ ْمنَى»‪:‬‬

‫الش ِء‬ ‫الش ِء َب ْع ِضه عىل َب ْع ٍ‬


‫ــض‪ ،‬أو ُمالقا ُة َّ‬ ‫ضم َّ‬
‫وهو‪ُّ :‬‬
‫َّش»‪َ ،‬‬ ‫«ال َّط ُّي»‪ِ :‬ضــدُّ «الن ْ ِ‬
‫وج ُعه‪ ،‬ول ُّفه(((‪.‬‬
‫بعض‪ْ َ ،‬‬‫ٍ‬ ‫بعض ِه عىل‬ ‫ِ‬

‫ُؤم ُن ِبه عىل حقي َقتِ ِه‪،‬‬


‫يكون يوم القيام ِة‪ ،‬وهو طي حقيقي‪ ،‬ن ِ‬
‫َ ٌّ َ ٌّ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ذكور‬
‫الم ُ‬‫وهذا ال َّط ُّي َ‬
‫كــا قال اهللُ تعــاىل‪( :‬ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭﭮ ﭯ ﭰ ﭱ‬
‫ﭲ ﭳﭴ ﭵ ﭶﭷ ﭸ ﭹ ﭺ) [األنبياء‪ ،]١٠٤ :‬وقال‪( :‬ﯦ ﯧ ﯨ‬
‫ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲﯳ‬
‫ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ) [الزمر‪.]٦٧ :‬‬
‫الخ ِ‬ ‫الســ ْب َع بام فيها ِمــ َن َ‬ ‫ِ‬ ‫قــال اب ُن ع َّب ٍ‬
‫ليقة‪،‬‬ ‫ــموات َّ‬ ‫اس ‪َ « :L‬ي ْطوي اهللُ َّ‬
‫الس َ‬
‫ذلك ك ُّله يف‬ ‫ُ‬
‫يكون َ‬ ‫ذلك ك َّلــ ُه بيمينِ ِه‪،‬‬
‫الســ ْب َع بام فيها ِم َن اخللي َق ِة‪َ ،‬يطوي َ‬
‫ضني َّ‬
‫واألر َ‬ ‫َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫بم ِنز َلة َخ ْر َد َلة»(((‪.‬‬ ‫ِ ِ‬
‫يده َ‬

‫الصحي َف ُة عىل ما‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬


‫الســاوات عىل ع َظمها‪ ،‬واتِّساعها‪ ،‬كام ُت ْط َوى َّ‬ ‫ف َيطوي اهللُ تعاىل َّ‬
‫أماكنِها‪.‬‬
‫وتزول عن ِ‬
‫ُ ْ‬ ‫كو ُر َش ْم ُسها‪ ،‬و َق َم ُرها‪،‬‬‫ب فيها‪ ،‬فتُن َثر نُجو ُمها‪ ،‬و ُي َّ‬
‫ِ‬
‫كُت َ‬

‫وقو ُل ُه‪( :‬ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳﭴ) [األنبياء‪ ]١٠٤ :‬أي‪ :‬إعا َدتُنا لِ َ‬


‫لخ ْل ِق ُ‬
‫مثل‬
‫ول يكونوا َش ْي ًئا؛ كذلِ َك نُعيدُ ُهم بعدَ م ِ‬
‫وتِم‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫َ‬ ‫ابتدائنا لَ ْلقهم‪ ،‬فكام ابتدَ أنا َخ ْل َقهم‪ْ َ ،‬‬
‫ين يف الصحيحة (‪.)597/7‬‬
‫وصح َح إسنا َده األلبا ُّ‬
‫َّ‬ ‫((( رواه اإلمام أمحد (‪،)5414‬‬
‫((( لسان العرب (‪ ،)18/15‬واملعجم الوسيط (‪ ،)572/2‬ورشح كتاب التوحيد من صحيح البخاري‬
‫للغنيامن (‪.)140/1‬‬
‫((( تفسري ابن أيب حاتم (‪ ،)13752‬وابن كثري (‪.)382/5‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 91‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪90‬‬

‫ِّسبة إىل َع َظ ِ‬
‫مة‬ ‫واألرض‪ ،‬وما بينَهام‪ ،‬بالن ِ‬ ‫ِ‬
‫اموات‪،‬‬ ‫الس‬ ‫مة اهللِ ‪َّ :‬‬ ‫فمن ع َظ ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫أن َّ‬ ‫ْ َ‬
‫أح ِدنا(((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الص ِ‬
‫غري يف يد َ‬ ‫كالشء َّ‬ ‫اهللِ‪ ،‬و َق ْبضه هلا‪ ،‬ما َ‬
‫هي َّإل َّ‬

‫الس ْب ُع‪ ،‬يف َي ِد اهلل‪،‬‬ ‫َ‬


‫ضون َّ‬‫الس ْب ُع‪ ،‬واألَ َر‬
‫وات َّ‬
‫الس َم ُ‬
‫اس ‪« :L‬ما َّ‬ ‫وقدْ قال اب ُن ع َّب ٍ‬
‫َخ ْر َد َل ٍة يف َي ِد َأ َح ِدك ُْم»(((‪.‬‬
‫إِ َّل ك َ‬

‫قال اب ُن الق ِّي ِم ‪:V‬‬


‫ــذ ِه األَك ِ‬
‫ْــوان‬ ‫ـف خالِ ِق ه ِ‬
‫َ‬ ‫يف َكـ ِّ‬ ‫ِ‬
‫موات ال ُع َل‬ ‫الس‬
‫إن َّ‬ ‫َب ْل َق ْو ُلم(‪َّ )3‬‬
‫ِ (‪)4‬‬
‫الس ْلطان‬ ‫ِ ِ‬ ‫ٍ‬
‫ُمْسكها‪ ،‬تعاىل اهللُ ذو ُّ‬ ‫ُــرى يف ك ِّ‬
‫َف‬ ‫َح ًّقا كخَ ْر َد َلة ت ْ‬

‫الح َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫و َقدْ جــا َء يف َب ِ‬


‫ديث‬ ‫َّبــي ‪َ H‬ذك ََر هذا َ‬ ‫أن الن َّ‬ ‫احلديث‪َّ :‬‬ ‫روايات‬ ‫عض‬
‫تتِه؛ ف َع ْن ُع َب ْي ِد اهللِ ْب ِن ِم ْق َســ ٍم‪َ ،‬أ َّن ُه َن َظ َر إِ َل َع ْب ِد اهللِ ْب ِن‬
‫نب ِم ْن َ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عىل املن َْب‪َ ،‬فت ََح ّر َك امل َ ُ‬
‫ضيه‪،‬‬‫ســول اهللِ ‪ ،H‬قال‪« :‬ي ْأ ُخ ُذ اهللُ ‪ D‬سامواتِ ِه‪ ،‬و َأر ِ‬ ‫َ‬ ‫يكي َر‬ ‫ُع َم َر َك ْي َ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ف َْ‬
‫ت‬ ‫‪-‬و َي ْقبِ ُض َأصابِ َع ُه‪َ ،‬و َي ْب ُســ ُطها(((‪َ ،-‬أنا ا َمل ِل ُك»‪َ ،‬حتَّى َن َظ ْر ُ‬ ‫قول‪َ :‬أنا اهللُ َ‬ ‫ب َيدَ ْي ِه‪َ ،‬ف َي ُ‬
‫ِ‬
‫ســول اهللِ‬ ‫هو بِ َر‬ ‫ِ‬
‫قول‪َ :‬أســاق ٌط َ‬ ‫ش ٍء ِمنْ ُه‪َ ،‬حتَّى إِ ِّن َلَ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫إ َل املن َْب َيت ََح َّر ُك م ْن َأ ْســ َف ِل َ ْ‬
‫‪H‬؟!(((‪.‬‬

‫ــذ ِه اآل َي َة َ‬
‫ذات َي ْو ٍم عىل‬ ‫ســول اهللِ ‪َ H‬قر َأ ه ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ــن ا ْب ِن ُع َم َر ‪َ ،L‬أ َّن َر‬
‫و َع ِ‬
‫املِن َ ِْب‪( :‬ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ‬
‫ســول اهللِ‬‫ُ‬ ‫ﯱ ﯲﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ) [الزمر‪َ ،]٦٧ :‬و َر‬
‫الر ُّب َن ْف َســ ُه‪َ :‬أنا‬ ‫ِ ِ‬
‫ي ِّركُهــا‪ُ ،‬ي ْقبِ ُل ِبا َو ُيدْ بِ ُر‪ُ « :‬ي َم ِّجدُ َّ‬ ‫ُ‬
‫قــول َهكَذا ب َيده‪َ ،‬و ُ َ‬‫‪َ H‬ي‬

‫تيمية (ص‪.)18‬‬
‫العرشية البن َّ‬
‫َّ‬ ‫((( الرسالة‬
‫((( تفسري الطربي (‪.)246/20‬‬
‫((( يعني‪ :‬قول أهل السنة‪.‬‬
‫((( القصيدة النونية (ص‪.)145‬‬
‫النبي ‪.H‬‬
‫((( يعني‪َّ :‬‬
‫((( رواه مسلم (‪.)2788‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 90‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪89‬‬

‫الحديث الحادي عشر‬

‫سول ال َّل ِه ‪ ،H‬أَنَّهُ قال‪:‬‬


‫ِ‬ ‫ن رَ‬
‫ن ُع َمرَ ‪َ ،L‬ع ْ‬
‫ن ابْ ِ‬
‫َع ِ‬

‫ن بي َ ِد ِه الي ُ ْمنَى‪،‬‬
‫ه َّ‬ ‫م يَأْ ُ‬
‫خ ُذ ُ‬ ‫م القيا َم ِة‪ ،‬ث ُ َّ‬
‫ــماوات ي َ ْو َ‬
‫ِ‬ ‫طوي اهللُ ‪َّ D‬‬
‫الس‬ ‫«ي َ ْ‬
‫ضين‬
‫َ‬ ‫طوي األَر َ‬ ‫رون؟ ث ُ َّ‬
‫م يَ ْ‬ ‫كبِّ َ‬ ‫مت َ َ‬
‫ن ال ُ‬
‫ارون؟ أ ْي َ‬
‫َ‬ ‫جبَّ‬
‫ــن ال َ‬
‫ك‪ ،‬أ ْي َ‬ ‫قول‪ :‬أَنا ال َ‬
‫م ِل ُ‬ ‫ُ‬ ‫ث ُ َّ‬
‫م يَ‬
‫رون؟»(((‪.‬‬
‫كبِّ َ‬ ‫مت َ َ‬‫ن ال ُ‬
‫ارون؟ أ ْي َ‬
‫َ‬ ‫جبَّ‬
‫ن ال َ‬
‫ك‪ ،‬أ ْي َ‬ ‫م ِل ُ‬‫قول‪ :‬أَنا ال َ‬
‫ُ‬ ‫شما ِل ِه‪ ،‬ث ُ َّ‬
‫م يَ‬ ‫ِب ِ‬

‫بي ‪ H‬قال‪:‬‬ ‫ن أَبي ُهرَيْرَ َة ‪َ ،I‬ع ِ‬


‫ن ال َّن ِّ‬ ‫و َع ْ‬

‫ك‪،‬‬ ‫قول‪ :‬أَنا ال َ‬


‫م ِل ُ‬ ‫ُ‬ ‫وات بيَمي ِن ِه‪ ،‬ث ُ َّ‬
‫م يَ‬ ‫ــم ِ‬
‫الس َ‬ ‫ض اهللُ األَرْ َ‬
‫ض‪َ ،‬وي َ ْ‬
‫طوي َّ‬ ‫«ي َ ْق ِب ُ‬

‫ض؟»(((‪.‬‬
‫لوك األَرْ ِ‬
‫ُ‬ ‫ن ُم‬
‫أ ْي َ‬

‫وم ْ ِد ِه‪،‬‬
‫ــه‪ ،‬و ُقدْ َرتِ ِه‪َ ،‬‬
‫ربيائ ِ‬
‫وك ِ‬ ‫يان َش ٍء ِمــن َع َظ ِ‬
‫مة اهلل ‪ِ ،D‬‬ ‫فيه َب ُ‬‫ديث ِ‬ ‫الح ُ‬
‫ْ‬ ‫هــذا َ‬
‫فو َق‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫خلوقات ْ ِ‬ ‫وجاللِ ِه‪ُ ،‬‬
‫بأسها لع ِّزه‪ ،‬و َع َظ َمته‪ ،‬وأنَّه ‪ ‬القاه ُر ْ‬ ‫وخضو ِع َ‬
‫الم‬
‫حتت َق ْه ِره‪ ،‬و ُقدْ َرتِه ‪.D‬‬ ‫ٍ‬ ‫عباد ِه‪ُّ ،‬‬
‫ِ‬
‫وكل َشء َ‬
‫للع ِ‬
‫بادة‬ ‫قاقه ِ‬
‫ليل واضح عىل ربوبيتِه ‪ ،‬ووحدانيتِه‪ ،‬واســتِح ِ‬ ‫ويف هــذا َد ٌ‬
‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ٌ‬
‫أن ي ِذ َّل َله ِ‬ ‫هو ‪ِ َ ،‬‬ ‫يك َله‪ ،‬وأنَّه ال َمعبو َد بِ َح ٍّ‬
‫العبا ُد‬ ‫ب ْ َ‬
‫وي ُ‬ ‫ــق َّإل َ‬ ‫َوحدَ ه ال َش َ‬
‫ب‪ ،‬والتَّأ ُّل ِه‪.‬‬ ‫الح ِّ‬ ‫الذ ِّل‪ ،‬والتَّعظي ِم‪ ،‬م َع ك ِ‬
‫َامل ُ‬ ‫َ‬ ‫غا َي َة ُّ‬

‫خمترصا‪ ،‬ومسلم (‪.)2788‬‬


‫ً‬ ‫((( رواه البخاري (‪)7412‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)4812‬ومسلم (‪.)2787‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 89‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 88 11/17/19 8:56 PM
‫‪87‬‬ ‫احلديث العارش‪« :‬اللهم رب الساموات‪ ،‬ورب األرض‪ ،‬ورب العرش‪»...‬‬

‫األو ُل‪ِ :‬غنَى الن ِ‬ ‫ِ‬


‫حبوب‪.‬‬
‫ُ‬ ‫الم‬
‫رغوب َ‬
‫ُ‬ ‫الم‬
‫طلوب َ‬
‫ُ‬ ‫الم‬
‫وهو َ‬
‫َّفس‪َ ،‬‬ ‫• •الق ْس ُم َّ‬
‫القسم الثاين‪ِ :‬‬
‫الغنَى باهللِ تعاىل‪.‬‬ ‫•• ِ‬
‫ُ‬
‫اخل ِ‬
‫الف‪.‬‬ ‫بالمال‪ ،‬وهو مو ِضع ِ‬
‫َ َْ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ث‪ِ :‬‬
‫الغنَى‬ ‫سم ال َّثالِ ُ‬ ‫ِ‬
‫• •الق ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قار إىل اهللِ؟‬
‫أيام َأت َُّم‪ :‬الغنَى باهللِ تعاىل‪ ،‬أ ْم االفت ُ‬ ‫و َقدْ ُس ِئ َل َب ُ‬
‫عض ال ُعلامء‪ُ ُّ :‬‬
‫الغنَى باهللِ‪ ،‬فإذا صح االفتِقار إىل اهللِ‪ ،‬كَم َل ِ‬ ‫يوجب ِ‬ ‫ِ‬
‫ت‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َّ‬ ‫قار إىل اهللِ تعاىل ِ ُ‬ ‫َفقال‪« :‬االفت ُ‬
‫خرى‪ ،‬و َم ْن َص َّح‬ ‫إحداها َّإل بتَام ِم األُ َ‬
‫ُ‬ ‫حالتان ال تَتِ ُّم‬
‫ِ‬ ‫ألنُام‬
‫أتم؛ َّ‬ ‫أيام ُّ‬
‫ِ‬
‫العنا َي ُة‪ ،‬فال ُيقال ُّ ُ‬
‫ناؤ ُه ِبه»(((‪.‬‬
‫قار ُه إىل اهللِ َص َّح ِغ ُ‬
‫افت ُ‬
‫ِ‬

‫فاســدُ كثــرةٌ‪ ،‬كارتِ ِ‬


‫كاب‬ ‫عليهام م ِ‬
‫َّب ِ َ‬‫عظيم‪َ ،‬يرتت ُ‬
‫ٌ‬ ‫قر ِك ُ‬
‫الهــا َه ٌّم‬ ‫والدَّ ْيــن وال َف ُ‬
‫اإلنسان‪ ،‬و َي ْمنعانِه ِم َن‬
‫َ‬ ‫ب‪ ،‬و َقدْ يؤر ِ‬
‫قان‬ ‫ِّ‬
‫واعيد‪ ،‬وتَعم ِد ِ‬
‫الكذ ِ‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬ ‫الم‬ ‫ِ‬
‫المعايص‪ ،‬وإخالف َ‬ ‫َ‬
‫النَّو ِم‪.‬‬

‫لك‬ ‫إليه بتِ َ‬


‫ــأ العبدُ إىل اهللِ و َطلب منــه ‪ ‬مدَّ ه‪ ،‬و َعو َنه‪ ،‬متَوســا ِ‬
‫ْ ُ ُ ِّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫فإذا َلَ َ َ‬
‫ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫التُّوس ِ‬
‫ويدَ ُأ؛ ألنَّه‬
‫رتاح‪ْ َ ،‬‬ ‫العظيمة؛ فإِ َّن َ‬
‫نفس ُه عندئذ ت َْســ ُك ُن‪ ،‬و َت ْط َمئ ُّن‪ ،‬وقل َب ُه َي ُ‬ ‫َ‬ ‫الت‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أمر ُه إىل َم ْن ب َي ِد ِه ِأز َّم ُة‬
‫ولَ َأ إىل َم ْن ُ‬
‫أمر ُه‬ ‫رض‪َ ،‬‬ ‫موات‪ ،‬واألَ ِ‬ ‫الس‬
‫األمور‪ ،‬و َمقاليدُ َّ‬ ‫َوك ََّل َ‬
‫بم ْن هذا‬ ‫القلب‪ ،‬وقد َت َع َّل َق َ‬‫ُ‬ ‫وكيف ال َي ْط َمئ ُّن‬
‫َ‬ ‫يقول َل ُه ُك ْن ف َي ُ‬
‫كون‪،‬‬ ‫إذا أرا َد َشــي ًئا َأ ْن َ‬
‫َشأ ُن ُه؟!(((‪.‬‬

‫((( املسالك يف رشح موطأ مالك البن العريب (‪.)440/3‬‬


‫((( فقه األدعية واألذكار (‪.)75/3‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 87‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪86‬‬

‫ب لل َع ْب ِد‬ ‫ِ‬
‫ويوج ُ‬ ‫أن َل ْ َي ُك ْن‪،‬‬ ‫ث ِ‬
‫كائ ٌن َبعــدَ ْ‬ ‫كل ما ِســواه ِ‬
‫حاد ٌ‬ ‫ُ‬ ‫أن َّ‬ ‫فاألو ُل‪َ :‬يدُ ُّل عىل َّ‬
‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب‪ ،‬من ُه تعاىل‪.‬‬ ‫والم َس َّب ُ‬
‫ب‪ُ ،‬‬ ‫كل ن ْعمة دين َّية‪ ،‬أو ُدنيو َّية؛ إِذ َّ‬
‫الس َب ُ‬ ‫فض َل ر ِّبه يف ِّ‬ ‫أن َي ْل َح َظ ْ‬
‫ْ‬
‫خلوقات بت ُّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َألها‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫الم‬
‫والص َمدُ الذي ت َْصمد إليه َ‬ ‫واآلخ ُر‪َ :‬يدُ ُّل عىل أنَّه َ‬
‫هو الغاي ُة‪َّ ،‬‬
‫وجي ِع َمطالِبِها‪.‬‬
‫ور ْه َبتِها‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫ورغ َبتها‪َ ،‬‬
‫ِ‬
‫وتَع ُّبدها‪َ ،‬‬
‫الل ك ُِّل َش ٍء عندَ ع َظمتِ ِه ِمن َذ ٍ‬
‫وات‪،‬‬ ‫واض ِم ْح ِ‬ ‫وال َّظ ِ‬
‫اه ُر‪َ :‬يدُ ُّل عىل ع َظ َم ِة ِصفاتِ ِه‪ْ ،‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫لو ِه ‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫وصفات‪ ،‬و َيدُ ُّل عىل ُع ِّ‬
‫والخفايا‪ ،‬ود ِ‬
‫قائ ِق‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫والخبايا‪،‬‬ ‫والض ِ‬
‫امئ ِر‪،‬‬ ‫الس ِائ ِر‪َّ ،‬‬ ‫ِِ‬
‫دل عىل ا ِّطالعه عىل َّ‬ ‫والباطِ ُن‪َ :‬ي ُّ‬
‫كامل ُق ْربِ ِه‪ ،‬و ُد ِّنو ِه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫األشياء‪ ،‬كام َيدُ ُّل عىل ِ‬

‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬


‫فهو‬ ‫ش ٌء يف ِّ‬
‫كل النُّعوت؛ َ‬ ‫ــن ال َّظاه ِر‪ ،‬والباط ِن؛ ل َّن اهللَ َل َ‬
‫يس كَمثله َ ْ‬ ‫وال ُمنافا َة َب َ‬
‫ِ‬
‫لوه ‪.(((‬‬ ‫ال َع ُّيل يف ُد ِّنوه‪ ،‬ال َق ُ‬
‫ريب يف ُع ِّ‬
‫ِ ِ‬ ‫ُث َّم َس َ‬
‫ن‪ ،‬والغنَى م َن ال َف ْق ِر؛ َفقال‪« :‬ا ْق ِ‬
‫ض عنَّا‬ ‫ضاء الدَّ ْي ِ‬ ‫ــأ َل الن ُّ‬
‫َّبي ‪َ َH‬ر َّب ُه َق َ‬
‫ن ا ْل َف ْق ِر»‪:‬‬
‫ن‪َ ،‬وأ َ ْغ ِننا ِم َ‬
‫ال َّد ْي َ‬

‫باد‪ِ ،‬م ْن‬ ‫الع ِ‬


‫وحقوق ِ‬
‫ِ‬ ‫قوق اهللِ(((‪،‬‬ ‫أعنَّا عىل ِ‬
‫أداء ُح ِ‬ ‫ن» أي‪ِ :‬‬‫ض عنَّا ال َّد ْي َ‬ ‫وقو ُل ُه‪« :‬ا ْق ِ‬
‫قو َة َل ُه‬ ‫ِ‬ ‫الح ْو ِل‪،‬‬ ‫ِ ِ‬
‫والقوة‪ ،‬وأنَّه ال َح ْو َل وال َّ‬
‫َّ‬ ‫َبي اإلنســان م َن َ‬ ‫مجي ِع األنواعِ‪ ،‬ويف هذا ت َ ِّ‬
‫َّإل باهللِ ال َعظي ِم‪.‬‬

‫بي‪،‬‬ ‫خلوق‪ْ ،‬أو ِم َن ال َف ِ‬


‫قر الق ْل ِّ‬
‫ِ‬ ‫الم‬ ‫االح ِ‬
‫تياج إىل َ‬ ‫وقو ُلــ ُه‪َ « :‬وأ َ ْغ ِننا ِم َ‬
‫ن ا ْل َف ْق ِر» أي‪ْ :‬‬
‫الحاج ِة(((‪.‬‬
‫َ‬ ‫هو‪ :‬عَدَ ُم‬ ‫ِ‬
‫والغنَى َ‬
‫ِ‬
‫والغنَى ثال َث ُة أقسامٍ‪:‬‬

‫احلق الواضح املبني للسعدي (ص‪ ،)25‬وفقه األدعية (‪.)74/3‬‬


‫((( ُّ‬
‫أحق أن ُي َ‬
‫قض‪.‬‬ ‫((( فدَ ين اهلل ُّ‬
‫((( مرقاة املفاتيح (‪ ،)1671/4‬فقه األدعية واألذكار (‪.)75/3‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 86‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪85‬‬ ‫احلديث العارش‪« :‬اللهم رب الساموات‪ ،‬ورب األرض‪ ،‬ورب العرش‪»...‬‬

‫ٍ‬
‫خملوق‪ ،‬و َب ْط ُش ُه‬ ‫فوق ُقدْ ِ‬
‫رة ِّ‬ ‫أس‪ ،‬ف ُقدْ ر ُة اهللِ ‪َ D‬‬
‫الر ِ‬
‫كل‬ ‫بنواصيها‪ ،‬و«النَّاص َي ُة» ُمقدّ م َّ‬
‫وق ك ُِّل ذي َب ْط ٍ‬
‫ش‪.‬‬ ‫َف َ‬

‫آخذ بنَواصيها‪،‬‬ ‫وس ْلطانِ ِه‪ ،‬فهو ‪ٌ ‬‬ ‫ِ ِ‬


‫المخلوقات داخل ٌة َت َت َق ْه ِر اهللِ‪ُ ،‬‬ ‫ميع َ‬‫فج ُ‬‫َ‬
‫كم فيها بام ُيريدُ ‪ ،‬كام َحكَى اهللُ تعاىل َق ْو َل‬ ‫ِ‬
‫وي ُ‬‫كيف َيشــا ُء َ ْ‬ ‫ف فيها َ‬ ‫َص ُ‬
‫قاد ٌر عليها‪َ ،‬يت َ َّ‬
‫هــود ‪( :S‬ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹﭺ ﭻ ﭼ‬ ‫ٍ‬

‫ﭽ ﭾ ﭿ) [هود‪.(((]٥٦ :‬‬

‫أن َم ْن َ‬
‫أخذ‬ ‫آخــذ بناصيته»‪َّ :‬‬
‫ٌ‬ ‫أنت‬
‫شــيء َ‬ ‫ٍ‬ ‫«ك ِّ‬
‫ل‬ ‫َّعبري هنا ب َق ْول ِ ِه‪ُ :‬‬
‫فالس يف الت ِ‬
‫ِّ ُّ‬
‫ِ (((‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫أحد‪ ،‬ف َقدْ َق َه َره‪ ،‬و َقدَ َر عليه غا َي َة ال ُقدْ َرة ‪.‬‬
‫بناصية َ‬

‫اآلخر ُ َفل َ ْي َ‬
‫س‬ ‫ش ْــي ٌء‪َ ،‬وأ َ ْن َ‬
‫ــت ِ‬ ‫ك َ‬‫س َق ْبل َ َ‬‫ل َفل َ ْي َ‬‫ت األ َ َّو ُ‬ ‫وقو ُل ُه ‪« :َH‬أ َ ْن َ‬
‫س‬‫ن َفل َ ْي َ‬‫الباط ُ‬
‫ِ‬ ‫ــي ٌء‪َ ،‬وأ َ ْن َ‬
‫ت‬ ‫ش ْ‬ ‫ك َ‬‫س َف ْو َق َ‬ ‫اهر ُ َفل َ ْي َ‬‫الظ ِ‬ ‫ت َّ‬ ‫ــي ٌء‪َ ،‬وأ َ ْن َ‬
‫ش ْ‬ ‫ك َ‬
‫ب َ ْع َد َ‬
‫ي ٌء»‪:‬‬ ‫ك َ‬
‫ش ْ‬ ‫دون َ َ‬

‫ِ‬
‫واآلخــر‪ ،‬وال َّظ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬
‫اه ُر‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫األو ُل‪،‬‬ ‫َذك ََر ُهنا أرب َع َة أســاء م ْن أســاء اهللِ تعاىل‪َ ،‬‬
‫وهي‪َّ :‬‬
‫‪ H‬ك َُّل اس ٍم بمعناه‪ ،‬ون َفى عنه ما يضاده‪ ،‬وي ِ‬ ‫ِ‬
‫نافيه‪.‬‬ ‫ُ ُ ُّ ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫والباط ُن‪َ ،‬ف َف َّس الن ُّ‬
‫َّبي‬

‫المط َل ِق‪ ،‬واإلحا َط ِة َّ‬


‫الزمان َّي ِة يف‬ ‫ِ‬
‫الر ِّب ال َعظي ِم بالكَامل ُ‬
‫فه ِذ ِه األسامء تَدُ ُّل عىل ِ‬
‫تفرد َّ‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫اه ُر‪ ،‬والباطِ ُن»‪.‬‬
‫واآلخر»‪ ،‬واإلحا َط ِة المكاني ِة يف قولِ ِه‪« :‬ال َّظ ِ‬
‫َ َّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫«األو ُل‪،‬‬
‫َّ‬ ‫قولِ ِه‪:‬‬

‫ش ٍء‪ ،‬وأ َبد َّي ِته ‪،‬‬ ‫كل َ ْ‬‫ــل ِّ‬ ‫ــة اهللِ ‪ ،‬وأنَّه َق ْب َ‬ ‫وفيها دال َلة عىل‪ :‬أولي ِ‬
‫َّ َّ‬ ‫َ‬
‫رش ِه‪ ،‬و َفوقيتِ ِه‪ ،‬وأنَّه ال َّظاهرِ‬
‫وائ ِه عىل َع ِ‬ ‫لق ِه‪ ،‬واستِ ِ‬‫كل َش ٍء‪ ،‬و ُعلو ِه عىل َخ ِ‬ ‫قائ ِه َبعدَ ِّ‬
‫وب ِ‬
‫ُ‬ ‫ْ َّ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬
‫جل و َعال الباطِ ُن‬ ‫ش َء َف ْو َق ُه‪ ،‬و ُق ْربِ ِه ‪ِ ‬م ْن َخ ْل ِق ِه‪ ،‬وإحا َطتِ ِه ِ ِبم‪ ،‬وأنَّه َّ‬
‫الذي ال َ ْ‬
‫الذي ال َش َء دو َن ُه‪.‬‬

‫((( رشح النووي عىل مسلم (‪ ،)36/17‬الفتح الرباين للساعايت (‪ ،)247/14‬فقه األدعية واألذكار‬
‫(‪.)73/3‬‬
‫للمظهري (‪.)216/3‬‬
‫((( املفاتيح يف رشح املصابيح ُ‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 85‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪84‬‬

‫ظيمة‪ ،‬وهي َف ْل ُق احلب ِة‪ ،‬والن ِ‬


‫اآليــة الع ِ‬
‫ِ‬ ‫هذ ِه‬
‫ني َفه ِم ِه إىل ِ‬ ‫ِ‬
‫َّواة‪ ،‬عن‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫فإذا َن َظ َر ناظ ٌر ب َع ِ ْ‬
‫وودائع‪ِ ،‬مــ ْن ِجن ِ‬
‫ْس َخ ْل ِق‬ ‫ُ‬ ‫وعجائب‪،‬‬
‫ُ‬ ‫أسار‪،‬‬ ‫ِ‬
‫منهام فيــه َ ْ‬ ‫َخلة؛ َر َأى ك ًُّل ُ‬
‫لة‪ ،‬ون ْ ٍ‬ ‫ســنب ٍ‬
‫ُ ُ‬
‫األرض‪ ،‬وال يف الس ِ‬
‫امء‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ذلك ال ُي ْع ِج ُزه َش ٌء يف‬
‫فاعل َ‬ ‫أن َ‬ ‫ِ‬
‫اإلنسان؛ ف َع ِل َم َّ‬
‫َّ‬

‫جيل‪ ،‬وال ُف ْرقان»؛ إشــار ًة إىل‬ ‫راة وا ْلإِ ْن ِ‬


‫ل التَّ ْو ِ‬ ‫ذلك ك َّله بقولِ ِه‪َ « :‬و ُم ْن ِز َ‬ ‫ب َ‬ ‫ُث َّم ع َّق َ‬
‫جــود َّإل ب َت َع ُّل ٍم‪ ،‬و َت َع ُّب ٍد‪ ،‬وال‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫أنَّه ال ي ِ‬
‫إخراج األشــياء مــ َن ال َعدَ ِم َإل َفضاء ُ‬
‫الو‬ ‫ُ‬ ‫مك ُن‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬
‫ورسول َي ْبع ُث ُه‪.‬‬ ‫بك ٍ‬
‫تاب ُين َِّزل ُه‪،‬‬ ‫َيص ُل َذلِ َك َّإل ِ‬
‫ْ ُ‬

‫قيل‪ :‬يا مالِك‪ ،‬يا ُمدَ ِّبر‪ ،‬يا خالِق‪ ،‬يا هادي‪.‬‬
‫كَأ َّن ُه َ‬
‫شتم َلة عىل ه ِ‬
‫داية‬ ‫هذ ِه ال ُكتُب العظيمة‪ ،‬الم ِ‬
‫ــل إىل اهللِ تعاىل بإنزالِ ِه ِ‬
‫ويف هذا ت ََو ُّس ٌ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ألنا أع َظ ُم‬ ‫بالذ ِ‬
‫وخ َّصهــا ِّ‬ ‫ِ‬
‫واآلخ َرة‪َ ،‬‬ ‫الناس‪ ،‬و َف ِ‬
‫الح ِهم‪ ،‬وســعا َد ِ ِتم يف الدُّ نيا‪،‬‬ ‫ِ‬
‫كر؛ َّ‬
‫تيب ن ِ‬ ‫الم َّنز ِلة‪ ،‬و َبدَ َأها َح َسب ت َْر ِ‬
‫مني‪.‬‬
‫الز ِّ‬
‫ُزولا َّ‬ ‫ُب اهللِ ُ‬
‫ُكت ِ‬

‫رش‬ ‫واألرض‪ ،‬وال َع َ‬ ‫ِ‬


‫اموات‪،‬‬ ‫الس‬ ‫«رب»‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫وتأم ْل ك َ‬
‫َ‬ ‫فذك ََر‪َّ :‬‬ ‫المخلوقات َّ‬ ‫َيف قال يف َ‬ ‫َّ‬
‫هي كَال ُم اهللِ؛‬ ‫ِ‬
‫الكتــب التي َ‬ ‫هذ ِه‬
‫«فالق»‪ ،‬أما يف ِ‬
‫َّ‬ ‫ب‪ ،‬والنَّوى َ‬‫الح ِّ‬
‫ظيم‪ ،‬وقــال يف َ‬‫ال َع َ‬
‫فقال‪« :‬و َم ِّنزل»‪.‬‬

‫أهــل البِدَ ِع الذي َن‬


‫ِ‬ ‫لوق‪ِ ،‬‬
‫وفيه َر ٌّد عىل‬ ‫أن كالم اهللِ غــر َم ٍ‬
‫ففي هذا َدال َلــ ٌة عىل َّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫إن كَال َم اهللِ َم ٌ‬
‫لوق(((‪.‬‬ ‫يقولون‪َّ :‬‬
‫َ‬

‫الس ْبعِ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َّبي ‪ H‬إىل اهللِ تعاىل بِربوب َّيتِه لِ ِّ‬ ‫فتوس َ‬
‫للســموات َّ‬ ‫كل َشء‪َّ ،‬‬ ‫ــل الن ُّ‬ ‫َّ‬
‫المبني‪ِ،‬‬ ‫لكالمه العظيــ ِم‪ ،‬ووح ِيهِ‬ ‫ِ‬ ‫ش العظيــ ِم‪ ،‬وبإنزالِهِ‬
‫ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫الســ ْبعِ‪ ،‬وال َع ْر ِ َ‬
‫واألرضني َّ‬
‫َ‬
‫آخ ٌذ‬
‫ت ِ‬ ‫شــيء أ َ ْن َ‬
‫ٍ‬ ‫ك ِّ‬
‫ل‬ ‫شــر ِّ ُ‬ ‫ن َ‬‫ك ِم ْ‬ ‫الش ِ‬
‫ور؛ فقال‪« :‬أَعو ُذ ِب َ‬ ‫عيــذه ِم ْن َجي ِع ُّ‬
‫أن ُي َ‬
‫ِبناصي َ ِت ِه»‪:‬‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫كل َ ٍ ِ‬ ‫ِ‬
‫آخذ‬ ‫ألنــا ك َّلها يف ُســ ْلطانه‪َ ،‬‬
‫وهو ٌ‬ ‫المخلوقات؛ َّ‬ ‫رش ِّ ْ‬
‫شء مــ َن َ‬ ‫أي‪ :‬مــ ْن ِّ‬
‫ْ‬
‫((( اإلفصاح البن ُهبرية (‪ ،)68/8‬رشح املشكاة ِّ‬
‫للطيبي (‪ ،)1886/6‬فقه األدعية واألذكار (‪.)71/3‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 84‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪83‬‬ ‫احلديث العارش‪« :‬اللهم رب الساموات‪ ،‬ورب األرض‪ ،‬ورب العرش‪»...‬‬

‫َ‬
‫وأحاط‪،‬‬ ‫وقال تعاىل‪( :‬ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ) [البقرة‪ ]٢٥٥ :‬أي‪َ :‬ش ِم َل‬
‫واألرض‪ ،‬و«الكُريس م ِ‬
‫وض ُع القد َم ْي»‪ ،‬كام قال اب ُن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اموات‪،‬‬ ‫الس‬ ‫والكُريس أك ِ‬
‫ْ ُّ َ‬ ‫رب م َن َّ‬
‫ُ‬ ‫ْ ُّ‬
‫ع َّب ٍ‬
‫اس (((‪.L‬‬

‫يس إِ َّل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫الس ْب ُع يف الك ُْر ِّ‬
‫ــاوات َّ‬
‫ُ‬ ‫الس‬
‫الحديث‪« :‬ما َّ‬
‫يس‪ ،‬ويف َ‬ ‫وال َع ْر ُش َ ُ‬
‫أكب م َن الك ُْر ِّ‬
‫ك‬‫الة عىل تِ ْل َ‬
‫ش عىل الكُريس‪َ ،‬ك َف ْض ِل ال َف ِ‬
‫ْ ِّ‬ ‫ــر ِ‬ ‫قاة يف َأر ِ ٍ‬
‫ض َفالة‪َ ،‬و َف َض ُل ال َع ْ‬ ‫ْ‬
‫كَح ْل َق ٍة م ْل ٍ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫احل ْل َقة»(((‪.‬‬ ‫َ‬

‫ش‬ ‫ِِ‬
‫ف َبــدَ َأ ‪ َH‬ب َق ْوله‪« :‬اللَّ َّ‬
‫ع ْر ِ‬
‫ب ال َ‬
‫األرض‪َ ،‬ور َ َّ‬
‫ِ‬ ‫ورب‬
‫َّ‬ ‫ــموات‪،‬‬
‫ِ‬ ‫الس‬
‫رب َّ‬
‫هم َّ‬
‫اآليات البي ِ‬
‫نات‪ُ ،‬ث َّم قال َبعدَ ُه‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫خلوقات‪ ،‬وما فيها ِم َن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِّ‬ ‫ظيم»؛ لع َظ ِم هذه َ‬
‫الم‬ ‫ِ‬ ‫ع‬‫ال َ‬

‫األمر ُمت ٌّ‬


‫َص‬ ‫أن َ‬ ‫ْصيص؛ لِ َّئل ُي َظ َّن َّ‬
‫ٍ‬ ‫ميم َبعدَ َت‬ ‫ش ْــي ٍء»‪َ ،‬‬
‫فهو َت ْع ٌ‬ ‫ل َ‬ ‫ب ُ‬
‫ك ِّ‬ ‫«رَبَّنا َور َ َّ‬
‫بام ُذ ِك َر‪.‬‬

‫ب‪ ،‬والنَّ َوى»‪،‬‬ ‫ح ِّ‬ ‫والخ ْل ِق؛ فقال‪« :‬فا ِل َ‬


‫ق ال َ‬ ‫الربوب َّي ِة‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ظه ٍر م ْن مظاه ِر ُّ‬ ‫ــم ع َّقب ُه َ‬
‫بم َ‬ ‫ُث َّ‬
‫َّمر‪ ،‬و َغ ْ ِي ِه؛‬
‫ــق ح َّب َة ال َّطعا ِم‪ ،‬ون ََوى الت ِ‬ ‫ــق‪ ،‬أي‪ :‬الذي ُ‬
‫يش ُّ‬ ‫وهو ِم َن «ال َف ْل ِق» أي‪َّ :‬‬
‫الش ِّ‬ ‫َ‬
‫روع‪.‬‬
‫والز َ‬
‫األشجار‪ُّ ،‬‬
‫َ‬ ‫ُخ ِر َج‬
‫لت ْ‬

‫هو الذي َي ْف ِلق‬


‫ب‪ ،‬واهللُ َ‬ ‫روع أص ُلها َ‬
‫الح ُّ‬ ‫أشجار أص ُلها الن ََّوى‪ ،‬أو ُز ٌ‬‫ٌ‬ ‫ّباتات إ َّما‬
‫فالن ُ‬
‫ِِ ِ‬
‫واألشــجار الك َ‬
‫َبريةُ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ظيم ُة‪،‬‬
‫روع ال َع َ‬
‫الز ُ‬ ‫ــب والن ََّوى اليابِ َس ب ُقدرته؛ لت َ‬
‫َخرج من ُه ُّ‬ ‫الح َّ‬‫َ‬
‫الخالق ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫وعظم ِة‬
‫َ‬ ‫الم ْب ِدعِ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫باهر ٌة عىل كامل ُ‬
‫ِ‬
‫وفيه آي ٌة َ‬

‫كام قال تعــاىل‪( :‬ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ‬


‫ﭟﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥ) [األنعام‪.]٩٥ :‬‬

‫«م ُ‬
‫فوظ َع ِن ْاب ِن‬ ‫((( رواه ابن خزيمة يف كتاب التوحيد (‪ ،)248/1‬واحلاكم (‪ ،)3116‬وقال ابن كثري‪ْ َ :‬‬
‫ِ‬ ‫اك ب ِن م ِ‬
‫ح ِن‬
‫الر ْ َ‬ ‫زاحمٍ ‪َ ،‬وإِ ْس َ‬
‫امعيل ْب ِن َع ْبد َّ‬ ‫والض َّح ِ ْ ُ‬ ‫موسى ْ َ‬
‫الشْ َع ِّ‬
‫ري‪َّ ،‬‬ ‫اس‪َ ،‬و َحكا ُه ْاب ُن َجري ٍر َع ْن َأيب َ‬ ‫َع َّب ٍ‬
‫ري‪َ ،‬و ُم ْس ِلمٍ ا ْل َبط ِ‬
‫ني» البداية والنهاية (‪.)13/1‬‬ ‫السدِّ ِّي ا ْل َكب ِ‬
‫ُّ‬
‫((( رواه البيهقي يف األسامء والصفات (‪ ،)861‬ويأيت الكالم عليه‪.‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 83‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪82‬‬

‫‪( ،]١٥‬ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ‬ ‫ﭗ) [النحل‪:‬‬

‫ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬﮭ ﮮ ﮯ ﮰﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ) [النمل‪:‬‬

‫‪( ،]٦١‬ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ) [الزخرف‪.]١٠ :‬‬

‫ودعا اهللُ تعاىل عبــا َد ُه للتَّفك ُِّر فيها‪ ،‬ويف انتِ ِ‬


‫صابا‪( :‬ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ‬
‫ﮭﮮﮯﮰﮱ ﯓﯔﯕﯖﯗ ﯘﯙﯚﯛ ﯜ‬
‫ﯝ) [الغاشية‪.]٢٠-١٧ :‬‬

‫فكيف َيع ُب َ‬
‫دون‬ ‫ِ‬
‫واألرض‪،‬‬ ‫خالق الس ِ‬
‫ــاء‪،‬‬ ‫رشكون ُم ْع َ ِت َ‬
‫فون َّ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫أن اهللَ تعاىل هو ُ َّ‬ ‫والم‬
‫ُ‬
‫َغ َري ُه؟ (ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘﯙ ﯚ‬
‫ﯛ) [العنكبوت‪.]٦١ :‬‬

‫بتفر ِده‬ ‫مع ِ‬


‫إقرارهم ُّ‬
‫اإلقرار بتفر ِده تعــاىل يف َ ِ‬
‫اإلل َّية‪َ ،‬‬ ‫ِ ُّ‬ ‫فون َع ِن‬
‫رص َ‬ ‫فكيــف ُي َ‬
‫َ‬ ‫«أي‪:‬‬
‫تعاىل فيام َذك ََر ِم َن َ‬
‫الخ ْل ِق‪ ،‬والت َّْس ِ‬
‫خري»(((‪.‬‬

‫َثريا ما ُي َق ِّر ُر ت َ‬
‫َعال َمقا َم‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬ ‫الواحدُ يف ُم ْل ِك ِه؛ َف ْل َيك ِ‬
‫ِ‬ ‫« َفكَام َأ َّن ُه‬
‫ُــن الواحدَ يف عبا َدته‪َ ،‬وك ً‬
‫الربوب َّي ِة»(((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ ِ‬
‫اإل َل َّية‪ ،‬بِال ْعتاف بِت َْوحيد ُّ‬
‫لوقــات اهللِ تعاىل‪ ،‬وأو ُلا َخ ْل ًقا‪ ،‬كام تقدّ م يف ح ٍ‬
‫ِ‬ ‫ظيم‪ :‬أع َظ ُم َم‬ ‫وال َع ُ‬
‫ديث‪:‬‬ ‫َ َ‬ ‫َّ‬ ‫رش ال َع ُ‬
‫ش ٍء‪،‬‬‫الذك ِْر ك َُّل َ ْ‬
‫َب يف ِّ‬ ‫ِ‬
‫«كان اهللُ َو َل ْ َي ُك ْن َ ْ‬
‫ش ٌء َغ ْ ُي ُه‪َ ،‬و َ‬
‫كان َع ْر ُشــ ُه عىل المــاء‪َ ،‬و َكت َ‬ ‫َ‬
‫وات‪ ،‬واألَ ْر َض»(((‪.‬‬ ‫و َخ َل َق السم ِ‬
‫َّ َ‬ ‫َ‬

‫وقــال تعــاىل‪( :‬ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ‬


‫ﭭ ﭮ ﭯ) [هود‪.]٧ :‬‬

‫((( تفسري أيب السعود (‪.)46/7‬‬


‫((( تفسري ابن كثري (‪.)294/6‬‬
‫((( رواه البخاري (‪.)3191‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 82‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪81‬‬ ‫احلديث العارش‪« :‬اللهم رب الساموات‪ ،‬ورب األرض‪ ،‬ورب العرش‪»...‬‬

‫ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ) [غافر‪،]٥٧ :‬‬
‫وقال تعــاىل‪( :‬ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ‬
‫ﮓ) [آل عمران‪.]١٩٠ :‬‬
‫ِ‬
‫ــاوات‪ ،‬وهذا كَثري يف ال ُق ِ‬ ‫فبدَ َأ ِ‬
‫فاألرض‪ ،‬والبِ ُ‬
‫حار‪ ،‬واهلَوا ُء‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫رآن‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫كر َخ ْل ِق َّ‬
‫الس‬ ‫بذ ِ‬ ‫َ‬
‫طر ٍة يف َب ْح ٍر‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الساموات‪ ،‬باإلضا َفة إىل الساموات‪َ ،‬ك َق َ‬ ‫وكل ما َت َت َّ‬‫ُّ‬

‫القرآن َّإل وفيها ِذك ُْرها‪:‬‬


‫ِ‬ ‫سور ٌة يف‬
‫يء َ‬‫أن َت َ‬
‫ِ‬
‫ولذا َّ‬
‫قل ْ‬

‫وس َعتِها‪.‬‬ ‫ِ ِ‬
‫بارا ع ْن ع َظمها‪َ ،‬‬
‫إخ ً‬‫إ َّما ْ‬

‫وإ َّما إقسا ًما ِبا‪.‬‬

‫وإ َّما ُدعا ًء إىل النَّ َظ ِر فيها‪.‬‬

‫ستد ُّلوا هبا عىل ِع َظ ِم بانيها ورافِ ِعها ‪.‬‬


‫أن ي ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫وإ َّما إرشا ًدا للعباد ْ َ‬

‫عاد‪ ،‬والقيا َم ِة‪.‬‬


‫أخب ِبه ِمن الم ِ‬
‫َ َ‬
‫الل منه ‪ِ َ ‬‬
‫بخ ْلقها عىل ما ْ َ َ‬
‫ِ‬
‫وإ َّما استدْ ً ُ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫وإ َّما استِدْ ً‬
‫الل من ُه بِ ُربوب َّيته هلا عىل َو ْحدان َّيته‪ ،‬وأنَّه اهللُ الذي ال إل َه َّإل َ‬
‫هو‪.‬‬
‫ِ‬
‫أجزائها‪ ،‬وعدَ ِم ال ُف ِ‬ ‫وائها‪ ،‬والتِئا ِم‬
‫الل منه بحسنِها‪ ،‬واستِ ِ‬ ‫ِ‬
‫طور فيها‪ ،‬عىل‬ ‫وإ َّما استدْ ً ُ ُ ْ‬
‫َتا ِم ِحك َْمتِ ِه‪ ،‬و ُقدرتِ ِه‪.‬‬

‫َقاص‬ ‫مــر‪ ،‬والع ِ‬


‫جائ ِ‬ ‫ــمس‪ ،‬وال َق ِ‬
‫ِ‬ ‫ب‪َّ ،‬‬ ‫وكذلِ َك ما فيها ِمن الك ِ‬
‫َواك ِ‬
‫ب‪ ،‬التي َتت َ ُ‬ ‫َ‬ ‫والش‬ ‫َ‬
‫رش َعن َق ِ‬
‫ليلها»(((‪.‬‬ ‫قول ال َب ِ ْ‬
‫ُع ُ‬

‫لنعيش ع َل ْيها‪ ،‬وجع َلها‬


‫َ‬ ‫َّ‬
‫وســخ َرها لنــا؛‬ ‫جيب‪َ ،‬م َّهدَ ها اهللُ‪،‬‬ ‫واألرض‪َ :‬م ٌ‬
‫لوق َع ٌ‬ ‫ُ‬
‫بال حتَّى ال ت َْض ِ‬ ‫باجل ِ‬
‫رارا‪ ،‬وث َّبتَهــا ِ‬
‫طــر َب‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ‬ ‫لنا َق ً‬

‫بترصف وزيادة‪.‬‬
‫القيم (‪ُّ ،)196/1‬‬
‫((( مفتاح دار السعادة البن ِّ‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 81‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪80‬‬

‫وي َف َظ ُه ِم ْن‬
‫بعنا َيتِ ِه‪َ ،‬‬
‫ْله ِ‬ ‫ِِ‬
‫اإلنسان بِ ِرعا َيته‪ ،‬و َيك َ َ ُ‬
‫َ‬ ‫إليه‪ ،‬ويت َع َّو ُذ ِبه‪ْ ،‬‬
‫بأن ُي َ‬
‫يط‬ ‫ــل ِ‬ ‫َوس ُ‬
‫َيت َّ‬
‫الش ِ‬
‫ور‪.‬‬ ‫َجي ِع ُّ‬

‫العظيم ِة‪ ،‬الدَّ ا َّل ِة عىل كَاملِ ِه‪،‬‬


‫َ‬ ‫أسامئ ِه‬
‫ِ‬ ‫جل و َعال ب َب ْع ِ‬
‫ض‬ ‫َّوس ِل إىل اهللِ َّ‬ ‫ِ‬
‫َو ُمشتم ٌل عىل الت ُّ‬
‫اإلنســان َد ْينَ ُه‪ ،‬و ُي ْغن َي ُه ِم ْن‬
‫ِ‬ ‫يض َع ِن‬ ‫ش ٍء‪ْ ،‬‬
‫بأن َي ْق َ‬ ‫كل َ ْ‬‫ــه‪ ،‬وإحا َطتِ ِه بِ ِّ‬
‫وجاللِه‪ ،‬و َع َظمتِ ِ‬
‫َ‬
‫َف ْق ِر ِه(((‪.‬‬
‫هذ ِه التَّوس ِ‬
‫الت‪:‬‬ ‫َرتيب ِ‬ ‫ِ‬
‫طائف يف ت ِ‬ ‫َو ِم َن ال َّل‬
‫ُّ‬

‫ش‬ ‫ِِ‬
‫‪َ H‬بدَ أ بقوله‪« :‬اللَّ َّ‬
‫َ‬ ‫أنَّــه‬
‫ع ْر ِ‬
‫ب ال َ‬
‫األرض‪َ ،‬ور َ َّ‬
‫ِ‬ ‫ورب‬
‫َّ‬ ‫موات‪،‬‬
‫ِ‬ ‫الس‬
‫رب َّ‬
‫هم َّ‬
‫وموجدُ ها ِم َن ال َعدَ ِم‪.‬‬
‫ِ‬ ‫أمورها‪ ،‬و ُم ْب ِد ُعها‪،‬‬
‫ظيم»؛ أي‪ :‬خال ُقها‪ ،‬ومالِكُها‪ ،‬ومد ِّب ُر ِ‬
‫ِ‬ ‫ع‬‫ال َ‬

‫ــرة ما فيها ِم َن‬


‫وك ِبها‪ ،‬ولِ َك ْث ِ‬ ‫ِ‬ ‫بالذك ِ ِ ِ‬
‫ْــر؛ لع َظمها‪َ ،‬‬
‫ِ‬
‫خلوقات ِّ‬ ‫الم‬ ‫ِ‬
‫ــص هذه َ‬ ‫و َقدْ َخ َّ‬
‫وإل‬‫مة ُم ْب ِد ِعها‪َّ ،‬‬
‫َامل خالِقهــا‪ ،‬و َع َظ ِ‬
‫رات‪ ،‬عىل ك ِ‬ ‫الباه ِ‬ ‫ِ‬
‫الالت ِ‬ ‫اآليــات البي ِ‬
‫نات‪ ،‬والدَّ‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬

‫الخالق ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫وكبريها‪ ،‬فيها آ َي ٌة ب ِّين ٌة عىل ِ‬


‫كامل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫خلوقات َص ِ‬
‫غريها‪،‬‬ ‫الم‬
‫ميع َ‬
‫فج ُ‬‫َ‬

‫ْصيص؛ لِ َّئل ُي َظ َّن‬


‫ٍ‬ ‫ميم َب ْعدَ َت‬
‫فهو َت ْع ٌ‬
‫ش ْــي ٍء»‪َ ،‬‬
‫ل َ‬ ‫ولذا قال َب ْعدَ ه‪« :‬رَبَّنا َور َ َّ‬
‫ب ُ‬
‫ك ِّ‬ ‫ِ‬

‫َص بام ُذ ِك َر‪.‬‬ ‫األمر ُمت ٌّ‬


‫أن َ‬ ‫َّ‬

‫أقس َم اهللُ ِبا‪( :‬ﭠ ﭡ ﭢ) [الشمس‪ ،]٥ :‬ففيها‬ ‫ِ‬ ‫امء‪َ :‬م ٌ‬
‫ظيم‪ ،‬ولذا َ‬ ‫لوق َع ٌ‬ ‫فالس ُ‬ ‫َّ‬
‫وس َعتِها‪،‬‬
‫لوها‪َ ،‬‬
‫ِ ِ‬
‫وكامل بنائها‪« ،‬و ُع ِّ‬ ‫ف‪ِ ،‬م ْن ُح ْس ِن‬ ‫لق ما َي ْع ِج ُز عن ُه ْ‬
‫الوص ُ‬ ‫ِم ْن بدي ِع َ‬
‫الخ ِ‬
‫ِ‬
‫وكواكبِها‪،‬‬ ‫وقم ِرها‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وع َظ ِم َخ ْل ِقها‪ ،‬وحس ِن بِ ِ‬
‫واستِدار ِتا‪ِ ،‬‬
‫وعجائب َش ْمسها‪َ ،‬‬ ‫نائها‪،‬‬ ‫ُ ْ‬ ‫َ‬
‫ومغار ِبا‪ ،‬فال َذر َة فيها َتنْ َف ُّك َعن ِحكْمة‪ٍ.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وتفاوت َمشارقها‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ومقاديرها‪ ،‬وأشكالا‪،‬‬‫ِ‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫اإلنســان‪َ ،‬ب ْل ال‬ ‫ب ِم ْن بدَ ِن‬ ‫ِ‬
‫لعجائ ِ‬ ‫وأجع لِ‬
‫َــم َخ ْل ًقا‪ ،‬وأ ْت َق ُن ُصنْ ًعا‪ُ َ ْ ،‬‬
‫هي أحك ُ‬ ‫َب ْل َ‬
‫جائب السم ِ‬ ‫ِ‬ ‫نِســ َب َة جلَمي ِع ما يف‬
‫وات‪ ،‬كام قال اهللُ تعاىل‪( :‬ﮊ ﮋ ﮌ‬ ‫ِ َّ َ‬ ‫األرض إىل َع‬
‫ﮍ ﮎﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ) [النازعات‪ ،]٢٨-٢٧ :‬وقــال‪( :‬ﯔ ﯕ‬

‫((( فقه األدعية واألذكار لعبد الرزاق البدر (‪.)71/3‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 80‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪79‬‬

‫الحديث العاشر‬

‫كان أَبو صال ِ ٍح يَأْ ُم ُرنــا‪ ،‬إِذا أَرا َد أ َ َح ُدنا أ َ ْن يَ َ‬


‫نام‪،‬‬ ‫َ‬ ‫بن أبي صال ِ ٍح‪ ،‬قــال‪:‬‬
‫ل ِ‬‫ــه ْي ِ‬
‫س َ‬ ‫ــن ُ‬
‫َع ْ‬
‫ب‬‫ــماوات‪َ ،‬ور َ َّ‬
‫ِ‬ ‫الس‬
‫ب َّ‬ ‫م ر َ َّ‬
‫ه َّ‬ ‫ُ‬
‫قــول‪« :‬الل ُ‬ ‫ــن‪ُ ،‬ث َّ‬
‫ــم يَ‬ ‫ش ِّ‬
‫ــق ِه األيْ َم ِ‬ ‫جــعَ علــى ِ‬ ‫ط ِ‬ ‫أ َ ْن يَ ْ‬
‫ض َ‬
‫ب‪ ،‬والنَّ َوى‪،‬‬‫ح ِّ‬
‫ق ال َ‬‫ش ْــي ٍء‪ ،‬فا ِل َ‬ ‫ل َ‬ ‫ك ِّ‬‫ب ُ‬
‫ظيم‪ ،‬رَبَّنا َور َ َّ‬
‫ِ‬ ‫ع‬
‫ش ال َ‬ ‫ع ْر ِ‬
‫ب ال َ‬
‫ض‪َ ،‬ور َ َّ‬ ‫األَرْ ِ‬
‫آخ ٌذ‬
‫ت ِ‬‫ي ٍء أ َ ْن َ‬ ‫ل َ‬
‫ش ْ‬ ‫ــر ُ‬
‫ك ِّ‬ ‫ن َ‬
‫ش ِّ‬ ‫قان‪ ،‬أَعو ُذ ِب َ‬
‫ك ِم ْ‬ ‫جيل‪ ،‬وال ُ‬
‫ف ْر ِ‬ ‫راة‪ ،‬واإلِ ْن ِ‬ ‫َو ُم ْن ِز َ‬
‫ل التَّ ْو ِ‬
‫ِبناصي َ ِت ِه‪.‬‬

‫ي ٌء‪،‬‬ ‫ك َ‬
‫ش ْ‬ ‫س ب َ ْع َد َ‬
‫اآلخر ُ َفل َ ْي َ‬
‫ت ِ‬ ‫ي ٌء‪َ ،‬وأ َ ْن َ‬ ‫ك َ‬
‫ش ْ‬ ‫س َق ْبل َ َ‬
‫ل َفل َ ْي َ‬ ‫م أ َ ْن َ‬
‫ت األ َ َّو ُ‬ ‫ه َّ‬
‫الل ُ‬
‫ــي ٌء‪،‬‬
‫ش ْ‬ ‫ك َ‬
‫س دون َ َ‬
‫ن َفل َ ْي َ‬
‫الباط ُ‬
‫ِ‬ ‫ــي ٌء‪َ ،‬وأ َ ْن َ‬
‫ت‬ ‫ش ْ‬ ‫ك َ‬
‫س َف ْو َق َ‬
‫اهر ُ َفل َ ْي َ‬ ‫َوأ َ ْن َ‬
‫ت َّ‬
‫الظ ِ‬
‫ن‪َ ،‬وأ َ ْغ ِننا ِم َ‬
‫ن ال َ‬
‫ف ْق ِر»‪.‬‬ ‫عنَّا ال َّد ْي َ‬ ‫ا ْق ِ‬
‫ض َ‬

‫بي ‪.(((H‬‬ ‫ن أَبي ُهرَيْرَ َة‪َ ،‬ع ِ‬


‫ن ال َّن ِّ‬ ‫كان يَ ْروي َذل ِ َ‬
‫ك َع ْ‬ ‫َو َ‬

‫واألذكار الك ِ‬
‫ِ‬ ‫واحدٌ ِم َن األ ْدع َي ِة‬
‫والذكــر‪ِ ،‬‬
‫َثرية التي تُقال عندَ النَّو ِم‪،‬‬ ‫هذا الدُّ عا ُء‪ُ ِّ ،‬‬
‫راش ِه‪.‬‬
‫عليه ك َُّل لي َل ٍة‪ ،‬عندَ ما يأوي إىل فِ ِ‬
‫َ‬
‫أن ُيافِ َظ ِ‬ ‫وهو دعاء َعظيم‪َ ،‬يسن بالم ِ‬
‫سل ِم ْ‬ ‫ٌ ُْ ُ ُ‬ ‫َ ُ ٌ‬
‫ِ‬
‫موات‬ ‫للس‬ ‫ٍ‬ ‫عظيم ٍة إىل اهللِ ‪ :F‬بِربوب َّيتِ ِه ِّ‬ ‫وهو مشت َِم ٌل عىل تَوس ٍ‬
‫لكل َشء‪َّ ،‬‬ ‫َ‬ ‫الت‬ ‫َ ُّ‬ ‫َ َ ُ‬
‫الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِِ‬
‫بني‪.‬‬ ‫ووح ِيه ُ‬
‫ش ال َعظي ِم‪ ،‬وبإنزاله لكالمه ال َعظي ِم‪ْ ،‬‬‫الس ْبعِ‪ ،‬وال َع ْر ِ‬
‫رضني َّ‬
‫َ‬ ‫الس ْبعِ‪ ،‬واألَ‬
‫َّ‬

‫((( رواه مسلم (‪.)2713‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 79‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪78‬‬

‫ي َمدُ اهللَ تعاىل‪ ،‬و َم ْن َو َجدَ َغ َري َذ َ‬ ‫ِ ِ‬


‫نفس ُه‬
‫لك َيلو ُم َ‬ ‫ويف اآلخ َرة‪َ :‬م ْن َو َجدَ َخ ْ ًيا؛ فإنَّه َ ْ‬
‫حني ال َينْ َف ُع ُه ال َّل ْوم(((‪.‬‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سه‬ ‫نفسه يف الدُّ نيا َق ْب َل ال ُقدو ِم عىل اهلل تعاىل‪ ،‬و ُيقدِّ ُم لنفسه ما َي ُ ُّ‬
‫ب َ‬ ‫فالمسل ُم ُياس ُ‬
‫ُ‬
‫َّفريط‪َ ،‬ق َبل ْ‬
‫أن ال َين َف َع النَّدَ ُم‪.‬‬ ‫َّقصري‪ ،‬والت َ‬ ‫تدار ُك الت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أن َ ِ‬
‫ْ‬
‫َ‬ ‫يدَ ه يف َصحي َفته َي ْو َم القيا َمة‪ ،‬و َي َ‬

‫وترصف‪.‬‬ ‫((( جامع العلوم ِ‬


‫واحل َكم (‪ ،)51/2‬باختصار‬
‫ُّ‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 78‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪77‬‬ ‫احلديث التاسع‪« :‬يا عبادي‪ ،‬إين حرمت الظلم عىل نفيس‪»...‬‬

‫ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ) [آل عمران‪ ،]٣٠ :‬وقال تعاىل‪( :‬ﮉ ﮊ ﮋ‬


‫ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ‬
‫ﮚ ﮛ) [النحل‪ ،]٩٧ :‬وقال‪( :‬ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ) [النساء‪.((( ]١٢٣ :‬‬

‫ك‪َ ،‬فال يَلو َم َّ‬


‫ن إال‬ ‫غ ْير َ َذ ِل َ‬
‫ج َد َ‬ ‫مــ ِد اهللَ‪َ ،‬و َم ْ‬
‫ن َو َ‬ ‫خ ْي ًرا َف ْلي َ ْح َ‬
‫ج َد َ‬
‫ن َو َ‬ ‫وقو ُله‪َ « :‬ف َ‬
‫م ْ‬
‫ن َ ْف َ‬
‫سهُ»‪:‬‬

‫فضل ِمن ُه عىل َع ْب ِد ِه‪ِ ،‬م ْن َغ ِري استِ ٍ‬


‫حقاق‬ ‫اخلري ك َّل ُه ِم َن اهللِ ٌ‬ ‫يف هذا‪« :‬إشــار ٌة إىل َّ‬
‫أن َ‬
‫نفس ِ‬‫ابن آدم‪ِ ،‬م ِن اتِّباع هوى ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫ــه‪ ،‬كام قال ‪( :D‬ﰅ ﰆ ﰇ‬ ‫َ َ‬ ‫والش ك َّله م ْن عند ِ َ َ‬
‫َل ُه‪َّ َّ ،‬‬
‫ﰈ ﰉ ﰊﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ) [النساء‪.]٧٩ :‬‬

‫وقال َع ٌّيل ‪« :I‬ال َيرجو عَبدٌ َّإل َر َّب ُه‪ ،‬وال َيا َف َّن َّإل ذن َب ُه»‪.‬‬

‫فكان َذلِ َك‬


‫َ‬ ‫وو َّف َق ُه لطا َعتِ ِه‪،‬‬ ‫فاهللُ ‪ ‬إذا أراد ت َ ٍ ِ‬
‫َوفيق َع ْبد‪ ،‬وهدايتَــ ُه؛ أعانَه‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫الش ُ‬
‫يطان؛‬ ‫وخ َّل َب ْينَ ُه و َب ْينَها‪َ ،‬فأ ْغوا ُه َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ذالن عبد؛ و َّك َله إىل نفسه‪َ ،‬‬‫َف ْض ًل ِمنْ ُه‪ ،‬وإذا أرا َد ِخ َ‬
‫ِ‬ ‫لِ َغ ْف َلتِــه َع ْن ِذك ِْر اهللِ‪ ،‬وا َّت َب َع َهوا ُه‪،‬‬
‫قائم ٌة عىل‬ ‫فالح َّج ُة َ‬‫ذلك عَدْ ًل م َن اهللِ تعاىل؛ ُ‬ ‫وكان َ‬‫َ‬
‫الناس عىل اهللِ ُح َّج ٌة َبعدَ‬
‫ِ‬ ‫ألح ٍد ِم َن‬‫قي َ‬ ‫ِ‬
‫الرسول‪ ،‬فام َب َ‬
‫ِ‬
‫تاب‪ ،‬وإرســال َّ‬ ‫الك ِ‬ ‫بإنزال ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العبد‬
‫الر ُس ِل‪.‬‬
‫ُّ‬

‫الح ِة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بح ْم ِد اهللِ عىل ما َو َجدَ ه ِم ْن‬


‫الص َ‬ ‫األعامل َّ‬ ‫جزاء‬ ‫مأمور َ‬
‫ٌ‬ ‫ســلم‬
‫ُ‬ ‫ويف الدُّ نيا‪ُ :‬‬
‫الم‬
‫ومأمور ب َل ْو ِم‬
‫ٌ‬ ‫َحو َذلِ َك‪،‬‬ ‫ِ‬
‫األمور‪ ،‬ون ِ‬ ‫ِ‬
‫ســر‬ ‫ياة الط ِّي ِبة‪ ،‬و َت ْي‬
‫الذي ُعج َل له يف الدُّ نيا‪ ،‬كاحل ِ‬
‫َ‬ ‫ِّ ُ‬
‫ب‪ ،‬واهلُمو ِم‪،‬‬ ‫عاقبتَها يف الدُّ نيا‪ ،‬كالم ِ‬
‫صائ ِ‬ ‫ِ‬ ‫نفس ِه عىل ما َف َع َل ْت ِم َن ُّ‬
‫الذ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫نوب التي َو َجدَ َ‬
‫َحو ذلِ َك‪.‬‬‫والع ْل ِم‪ ،‬ون ِ‬‫زق‪ِ ،‬‬ ‫وحر ِ‬
‫مان الر ِ‬
‫ِّ‬
‫ِ‬
‫وال ُغمو ِم‪ْ ،‬‬

‫الرجو ِع‬ ‫نفس ِه بال َّل ْو ِم‪ ،‬و َدعا ُه َ‬


‫ذلك إىل ُّ‬
‫فالمؤمن إذا أصابه يف الدُّ نيا بالء؛ رجع إىل ِ‬
‫َ ٌ َ َ َ‬ ‫َُ‬ ‫ُ ُ‬
‫إىل اهللِ بالتَّو َب ِة‪ ،‬واالستِ ْغ ِ‬
‫فار‪.‬‬
‫((( جامع العلوم ِ‬
‫واحل َكم (‪.)51/2‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 77‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪76‬‬

‫والمقصود التَّقريب إىل األ ْفها ِم بام شــاهدوه؛ فإِ َّن البحر ِمن أع َظ ِم المرئي ِ‬
‫ات عيانًا‪،‬‬ ‫َ َّ‬ ‫َ َْ ْ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َِ‬
‫مع َّأنا َصقيل ٌة ال َيتع َّلق ِبا ما ٌء‪.‬‬ ‫واإلبر ُة م ْن أص َغ ِر َ‬
‫الموجودات‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫وأكبها‪،‬‬

‫ﯳ) [يس‪:‬‬ ‫ُ‬


‫يقــول‪( :‬ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ‬ ‫واهللُ تعاىل‬
‫‪ ،]٨٢‬وقــال‪( :‬ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ) [النحل‪َ ،]٤٠ :‬‬
‫فهو‬
‫فكيف‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫فكان‪،‬‬ ‫ذلك؛ قال له‪ُ :‬ك ْن‬ ‫غري َ‬ ‫ذاب‪ ،‬أو ِ‬ ‫طاء‪ ،‬أو َع ٍ‬‫‪ ‬إذا أراد شيئا ِمن ع ٍ‬
‫َ ً ْ َ‬
‫ُ‬
‫يكون(((‪.‬‬ ‫وكذلِ َك إذا أرا َد ْ‬
‫أن َي ُل َق شي ًئا قال له‪ُ :‬ك ْن َف‬ ‫ص هذا؟ َ‬ ‫أن ين ُق َ‬
‫ُيت ََص َّور ْ‬
‫ِ‬ ‫فكيف ُي ُ‬ ‫كان هذا َعطا َء اهللِ‪ ،‬و ُم ْلكَه ‪‬؛‬
‫العاج ُز‪،‬‬ ‫خلوق ال َف ُ‬
‫قري‬ ‫ُ‬ ‫الم‬
‫سأل َ‬ ‫َ‬ ‫فإذا َ‬
‫القاد ُر ‪‬؟‬ ‫وي ْت ُك ال َغني ِ‬
‫ُّ‬ ‫ُ َ‬

‫م‬ ‫م‪ ،‬ث ُ َّ‬


‫م أ َو ِّف ُ‬
‫يك ْ‬ ‫م أ ُ ْحصيها ل َ ُ‬
‫ك ْ‬ ‫ك ْ‬ ‫وقو ُله تعاىل‪« :‬يا ِعبــادي‪ ،‬إِنَّما َ‬
‫هي أ َ ْعمال ُ ُ‬

‫إيَّاها»‪:‬‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ ِ‬
‫َ‬
‫أعاملم؛‬ ‫أحص ِ‬
‫عليه ْم‬ ‫وح َّجته عىل َخ ْلقه‪ :‬أنَّــه َ‬‫كان م ْن متا ِم حكمــة اهللِ تعاىل‪ُ ،‬‬
‫الكرا َم الكاتِ َ‬
‫بني‬ ‫الشهيدُ ‪ ،‬وأمر مالئك َته ِ‬
‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫قيب‪َّ ،‬‬
‫الر ُ‬ ‫الح ُ‬
‫فيظ‪َّ ،‬‬ ‫ســيب‪َ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫الح‬
‫فهو ‪َ ‬‬ ‫َ‬
‫غريها‪ ،‬وك ِ‬‫وشها‪َ ،‬ص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َبريها‪( :‬ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ‬ ‫بكتا َبة أعامل العباد‪َ ،‬خريها‪ِّ َ ،‬‬
‫ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ) [االنفطار‪.]١٢-١٠ :‬‬

‫ــم يو ِّف ِيهم إ َّياها‪ ،‬أي‪:‬‬ ‫فــاهللُ تعاىل ُييص َ ِ ِ‬


‫أعامل العبــاد‪ ،‬أي‪َ :‬ي َف ُظها‪ ،‬ويك ُت ُبها‪ُ ،‬ث َّ‬ ‫ْ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫فرش‪.‬‬
‫رشا ٌّ‬ ‫فخري‪ ،‬وإن ًّ‬
‫ٌ‬ ‫ُيعطيهم َجزا َء أعاملم واف ًيا تا ًّما َي ْو َم القيا َمة‪ :‬إ ْن ً‬
‫خريا‬

‫كام قال تعاىل‪( :‬ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳﯴ ﯵ ﯶ ﯷ)‬


‫[املجادلة‪( ،]٦ :‬ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ‬
‫ﮑ ﮒ ﮓ) [الزلزلة‪ ،]٨-٧ :‬وقال‪( :‬ﮒ ﮓ ﮔ ﮕﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ)‬
‫[الكهف‪ ،]٤٩ :‬وقال‪(:‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ‬
‫((( رشح النووي عىل مسلم (‪ ،)133/16‬جامع العلوم ِ‬
‫واحل َكم (‪.)49/2‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 76‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪75‬‬ ‫احلديث التاسع‪« :‬يا عبادي‪ ،‬إين حرمت الظلم عىل نفيس‪»...‬‬

‫َّهار‪َ ،‬أ َرأ ْيت ُْم‬ ‫لى‪ ،‬الَ َي ُ‬‫لل َم ْ َ‬ ‫ويف الح ِ‬
‫اء ال َّل ْي َل‪ ،‬والن َ‬ ‫غيضها َن َف َق ٌة‪َ ،‬س َّح ُ‬ ‫ديث‪َ « :‬يدُ ا َِّ‬ ‫َ‬
‫(((‬ ‫(((‬

‫وات‪ ،‬واألَ ْر َض‪َ ،‬فإِ َّن ُه َل ْ َي ِغ ْض ما يف َي ِد ِه»(((‪.‬‬‫ما َأ ْن َف َق من ُْذ َخ َل َق السم ِ‬


‫َّ َ‬ ‫ُ‬

‫ْت؛ َو َلكِ ْن ل َي ْع ِز ِم‬


‫الله َّم اغ ِْف ْر يل إِ ْن ِشئ َ‬
‫وقال ‪« :H‬إِذا َدعا َأ َحدُ ك ُْم َفال َي ُق ْل‪ُ :‬‬
‫ش ٌء َأ ْعطا ُه»(((‪.‬‬ ‫ا َمل ْس َأ َل َة‪َ ،‬و ْل ُي َع ِّظ ِم َّ‬
‫الر ْغ َب َة؛ َفإِ َّن اهللَ ال َيتَعا َظ ُم ُه َ ْ‬
‫ط إِذا أ ُ ْد ِخ َ‬
‫ل‬ ‫ــص المِ ْخي َ ُ‬
‫ُ‬ ‫ق‬ ‫ما ِع ْندي‪ ،‬إال َ‬
‫كما ي َ ْن ُ‬ ‫ــص َذ ِل َ‬
‫ك ِم َّ‬ ‫َ‬ ‫وقو ُله‪« :‬ما ن َ َ‬
‫ق‬
‫الب َ ْحرَ»‪:‬‬

‫هذا تقريب إىل األفها ِم‪ ،‬ومعناه‪ :‬ال ين ُقص َشــي ًئا أص ًل‪ ،‬فإِ َّن البحر إذا ُغ ِمس ِ‬
‫فيه‬ ‫َ‬ ‫َ َْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫ش ٌء‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ص ِم َن ال َب ِ‬ ‫إبرةٌ‪ُ ،‬ث َّم ُأ ْخ ِر َج ْت؛ َل ْ ين ُق ُ‬
‫بذلك َ ْ‬ ‫حر‬ ‫َ‬

‫ص ال َب ْح ُر أ ْل َب َّت َة؛ ِل َّن‬ ‫ــا؛ فإنَّه ال َين ُق ُ‬


‫صفور َم َث ً‬
‫ٌ‬ ‫ش َب ِمن ُه ُع‬‫ــك َل ْو ُف ِر َض أنَّه َ ِ‬ ‫وكذلِ َ‬
‫فم ْهام ُأ ِخ َذ من ُه َل ْ ين ُق ْص ُه َش ٌء؛ ألنَّه‬ ‫وأهنارها الجار َي ُة‪َ ،‬‬
‫ُ‬ ‫زال َتُدُّ ه ميا ُه الدُّ نيا‪،‬‬‫ال َب ْح َر ال َي ُ‬
‫هو أزيدُ ِمَّا ُأ ِخ َذ ِمن ُه‪.‬‬‫َي ُمدُّ ه ما َ‬

‫َقص ألب َّت َة؛ كام قال تعــاىل‪( :‬ﭷ ﭸ ﭹﭺ ﭻ ﭼ ﭽ‬ ‫فام عنــدَ اهللِ ال َيدْ ُخ ُله ن ٌ‬
‫ﭾ) [النحل‪ ،]٩٦ :‬وقال ‪َ « :َH‬يدُ اللَِّ َم ْ َ‬
‫لى‪ ،‬الَ َي ُ‬
‫غيضها((( َن َف َق ٌة»(((‪.‬‬

‫وليس‬ ‫ِِ‬ ‫دخ ُل النَّقص المحدود الفاين‪ ،‬وعطاء اهللِ تعاىل ِمن ر ْ َ ِ‬
‫وإنَّام َي ُ‬
‫حته‪ ،‬وك ََرمه‪َ ،‬‬ ‫ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ ْ َ‬
‫فيهام نَقص بوج ٍه ِمن الو ِ‬
‫جوه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ٌ َ ْ َ ُ‬

‫الق َّل ِة‪،‬‬


‫ــل يف ِ‬
‫الم َث ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فضب الم َث َ ِ‬
‫ــل بامل ْخ َيــط يف ال َب ْحر؛ ألنَّه غا َي ُة مــا ُي ْ َ‬
‫ض ُب به َ‬ ‫َ َ َ َ‬

‫((( ينقُ صها‪.‬‬


‫((( دائمة العطاء‪.‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)7411‬ومسلم (‪.)993‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)6339‬ومسلم (‪ )2679‬واللفظ له‪.‬‬
‫((( ينقُ صها‪.‬‬
‫((( البخاري (‪ ،)7411‬ومسلم (‪.)993‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 75‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪74‬‬

‫وصفاتِه‪،‬‬‫َــال المط َل ُق يف ذاتِه‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬


‫عم ْن ســوا ُه‪ ،‬و َله الك ُ ُ‬
‫ِِ‬
‫فإنَّه ‪ ‬ال َغ ُّ‬
‫ني بذاته َّ‬
‫أي َو ْج ٍه َ‬
‫كان‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الوجوه‪ ،‬عىل ِّ‬
‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬
‫ص فيه َبو ْجه م َن ُ‬ ‫لك ٌ‬
‫كامل‪ ،‬ال َن ْق َ‬ ‫فم ْلكُه ُم ٌ‬ ‫ِ‬
‫وأفعاله‪ُ ،‬‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َّقوى؛ َل ْ َي ِزد َ‬
‫ذلك يف‬ ‫الب‪ ،‬والت َ‬ ‫الخ ْل ِق كانوا عىل ص َفة َ‬
‫أكم ِل َخ ْلقه م َن ِّ ِّ‬ ‫يع َ‬ ‫ف َل ْو َّ‬
‫أن َج َ‬
‫ٍ‬
‫عوضة‪.‬‬ ‫ُم ْل ِكه شي ًئا‪ ،‬وال َقدْ َر َج ِ‬
‫ناح َب‬

‫ذلك ِم ْن ُم ْل ِكه َشي ًئا‪.‬‬


‫ص َ‬ ‫ص َخ ْل ِقه ِم َن ال ُف ِ‬
‫جور؛ َل ْ ين ُق ْ‬ ‫و َل ْو كانوا عىل ِص َف ِة أن َق ِ‬

‫كان‪ ،‬ال يزداد وال يكْم ُل بال َّط ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬


‫اعات‪ ،‬وال‬ ‫َ ُ‬ ‫أي وجه َ َ ُ‬ ‫أن ُم ْلكَــه كام ٌل عىل ِّ‬
‫َفدَ َّل عىل َّ‬
‫ِ‬
‫الحميدُ ‪.‬‬
‫ني َ‬ ‫فهو ‪ ‬ال َغ ُّ‬ ‫ص باملعايص‪ ،‬وال ُيؤ ِّثر فيه َش ٌء‪َ ،‬‬ ‫َين ُق ُ‬

‫علَى أ َ ْف َ‬
‫ِِ‬
‫م»‪ ،‬و َقوله‪َ « :‬‬
‫ِِ‬
‫ويف قوله‪َ « :‬‬
‫علَى أ َ ْت َ‬
‫ج ِر َق ْل ِ‬
‫ب‬ ‫واح ٍد ِم ْن ُ‬
‫ك ْ‬ ‫ج ٍل ِ‬ ‫قى َق ْل ِ‬
‫ب رَ ُ‬
‫ب‬‫القلب‪ ،‬فإذا َب َّر الق ْل ُ‬
‫ُ‬ ‫هو‬
‫جور‪َ ،‬‬‫َّقوى‪ ،‬وال ُف ِ‬ ‫َ‬
‫األصل يف الت َ‬ ‫أن‬ ‫واح ٍد» َد ٌ‬
‫ليل عىل‪َّ :‬‬ ‫ــل ِ‬‫ج ٍ‬ ‫رَ ُ‬
‫الج ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّبي ‪:َH‬‬ ‫وار ُح؛ كام قال الن ُّ‬ ‫فج َرت َ‬
‫لب‪َ ،‬‬ ‫وارح‪ ،‬وإذا َف َج َر ال َق ُ‬
‫الج ُ‬‫وا َّت َقى َب َّرت َ‬
‫وأشار إىل َصدْ ِره(((‪.(((悀‬‬
‫َ‬ ‫«ال َّت ْق َوى ُ‬
‫هاهنا»‪،‬‬

‫م‪،‬‬ ‫م‪َ ،‬و ِجنَّ ُ‬


‫ك ْ‬ ‫س ُ‬
‫ــك ْ‬ ‫م‪َ ،‬وإ ِ ْن َ‬ ‫آخر َ ُ‬
‫ك ْ‬ ‫م‪َ ،‬و ِ‬ ‫ن أ َ َّول َ ُ‬
‫ك ْ‬ ‫وقو ُلــه تعاىل‪« :‬يا ِعبادي‪ ،‬ل َ ْ‬
‫ــو أ َ َّ‬
‫ص‬ ‫سأَلَتَهُ؛ ما ن َ َ‬
‫ق َ‬ ‫سان َم ْ‬
‫ٍ‬ ‫ل إ ِ ْن‬ ‫ت ُ‬
‫ك َّ‬ ‫سأَلوني‪َ ،‬فأ َ ْع َ‬
‫ط ْي ُ‬ ‫واح ٍد‪َ ،‬ف َ‬
‫عيد ِ‬
‫ص ٍ‬
‫قاموا في َ‬
‫ل الب َ ْحرَ»‪:‬‬
‫ط إِذا أ ُ ْد ِخ َ‬
‫ص المِ ْخي َ ُ‬ ‫ما ِع ْندي‪ ،‬إال َ‬
‫كما ي َ ْن ُ‬
‫ق ُ‬ ‫َذ ِل َ‬
‫ك ِم َّ‬

‫وكامل ُم ْل ِكه‪َّ ،‬‬


‫وأن ُم ْلكَه‪ ،‬وخزائنَه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫كامل ُقدْ َر ِته ‪،‬‬ ‫والمقصــو ُد هبذا‪ِ :‬ذكْر ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫واآلخري َن‪ِ ،‬من ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫واإلنس‪،‬‬ ‫اجل ِّن‪،‬‬ ‫لــن‪،‬‬ ‫ص بال َعطاء‪ ،‬و َل ْو َأع َطى َّ‬
‫األو َ‬ ‫ال تن َفــدُ وال تن ُق ُ‬
‫واح ٍد‪.‬‬
‫مجيع ما سألوه يف مقا ٍم ِ‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬

‫وائج ِهم ِبه(((‪.‬‬


‫وإنزال َح ِ‬
‫ِ‬ ‫لخ ْل ِق عىل ُسؤالِه‪،‬‬
‫ذلك‪َ :‬ح ٌث لِ َ‬
‫ويف َ‬

‫((( مسلم (‪.)2564‬‬


‫َ‬ ‫ِ‬
‫((( جامع العلوم واحلكم (‪.)46/2‬‬
‫((( جامع العلوم ِ‬
‫واحل َكم (‪.)47/2‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 74‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪73‬‬ ‫احلديث التاسع‪« :‬يا عبادي‪ ،‬إين حرمت الظلم عىل نفيس‪»...‬‬

‫مثل ِ‬
‫ــه‪ْ ،‬أو ل َيدْ َف َععن ُه‬ ‫عيف‪ ،‬الــذي ينفع َغيه ليكافِ َئه بنف ٍع ِ‬
‫الض ِ‬ ‫هــي عاد ُة الم ْخ ِ‬
‫لوق َّ‬
‫َ‬ ‫َ ُ َْ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َض ًرا‪.‬‬

‫منز ٌه ع ْن ِّ‬
‫كل‬ ‫وهو َّ‬ ‫ِ‬ ‫بل هــو ‪ ‬ال َغني الحميدُ ‪ ،‬الذي ِ‬
‫األمــور‪َ ،‬‬ ‫بيده َمقاليدُ‬ ‫ُّ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن ٍ‬
‫َقص‪ ،‬و َع ْي ٍ‬
‫ب‪.‬‬

‫ســر ِه‪،‬‬
‫ِ‬ ‫بأمر ِه‪ ،‬و َت ْي‬ ‫ِ‬
‫األفعال َّإل ِ‬ ‫عليه ِم َن‬
‫رون ِ‬ ‫يقد َ‬‫عاجزين عــا ِ‬
‫َّ‬
‫ــق ِ‬
‫الخ ْل ُ‬
‫كان َ‬ ‫وإذا َ‬
‫رض ُه؟!‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فكيف يب ُلغون َن ْف َع‬ ‫رون ِ‬‫فكيــف بام ال َي ْق ِد َ‬
‫الصمد‪ ،‬أو َّ‬ ‫الحميد َّ‬
‫الغني َ‬
‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫عليه؟!‬ ‫َ‬
‫حاشاه ‪.‬‬

‫أن َي ْعصوه‪،‬‬ ‫كــر ُه ِمن ُْهم ْ‬


‫أن يتَّقو ُه‪ ،‬و ُيطيعو ُه‪ ،‬و َي َ‬ ‫عبــاد ِه ْ‬
‫ِ‬ ‫ب ِم ْن‬ ‫ِ‬
‫لكــ َّن اهللَ تعاىل ُي ُّ‬
‫ذلك إل ْي ِه ْم دونَه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مع ِغنا ُه ع ْن‬ ‫ُ ِ‬
‫نفع َ‬ ‫طاعاتم‪ ،‬وتو َبت ِهم إل ْيه‪ ،‬وإنَّام َيعو ُد ُ‬ ‫أمر ُه‪َ ،‬‬
‫ويالفوا َ‬

‫الض ِر‬ ‫وم َّبتِه لنَ ْف ِع ِهم‪ ،‬ودف ِع َّ‬


‫باد ِه‪َ ،‬‬
‫جود ِه‪ ،‬وإحسانِه ‪ ‬إىل ِع ِ‬ ‫كامل ِ‬ ‫وهذا ِم ْن ِ‬
‫أن يع ِرفوه‪ِ ُ ،‬‬ ‫ِِ‬ ‫ي ِ‬ ‫ِ‬
‫تقربوا‬
‫ويافوه‪ ،‬ويتَّقوه‪ ،‬و ُيطيعوه‪ ،‬و َي َّ‬ ‫وي ُّبوه‪َ ،‬‬ ‫ب م ْن عباده ْ َ ْ‬ ‫فهو ُ ُّ‬
‫عنه ْم؛ َ‬ ‫ُ‬
‫عباد ِه(((‪.‬‬
‫نوب ِ‬ ‫ِ‬
‫مغفرة ُذ ِ‬ ‫الذنوب غريه‪ ،‬وأنَّه ِ‬
‫قاد ٌر عىل‬ ‫ِ‬
‫أن َي ْع َلموا أنَّه ال َيغف ُر ُّ َ ُ ُ‬
‫ب ْ‬ ‫إ َلي ِه‪ِ ُ ،‬‬
‫وي ُّ‬ ‫ْ‬

‫م‪،‬‬ ‫م‪َ ،‬و ِجنَّ ُ‬


‫ك ْ‬ ‫س ُ‬
‫ــك ْ‬ ‫م‪َ ،‬وإ ِ ْن َ‬ ‫آخر َ ُ‬
‫ك ْ‬ ‫م‪َ ،‬و ِ‬ ‫ن أ َ َّول َ ُ‬
‫ك ْ‬ ‫وقو ُلــه تعاىل‪« :‬يا ِعبادي‪ ،‬ل َ ْ‬
‫ــو أ َ َّ‬
‫ك في ُم ْلكي َ‬
‫ش ْي ًئا‪.‬‬ ‫م؛ ما زا َد َذ ِل َ‬ ‫واح ٍد ِم ْن ُ‬
‫ك ْ‬ ‫ج ٍل ِ‬ ‫كانوا على أ َ ْت َ‬
‫قى َق ْل ِ‬
‫ب رَ ُ‬

‫م‪ ،‬كانوا على أ َ ْف َ‬


‫ج ِر‬ ‫م‪َ ،‬و ِجنَّ ُ‬
‫ك ْ‬ ‫س ُ‬
‫ــك ْ‬ ‫م‪َ ،‬وإ ِ ْن َ‬ ‫آخر َ ُ‬
‫ك ْ‬ ‫م‪َ ،‬و ِ‬ ‫ن أ َ َّول َ ُ‬
‫ك ْ‬ ‫يا ِعبادي‪ ،‬ل َ ْو أ َ َّ‬
‫ش ْي ًئا»‪:‬‬
‫ن ُم ْلكي َ‬ ‫ص َذ ِل َ‬
‫ك ِم ْ‬ ‫واح ٍد؛ ما ن َ َ‬
‫ق َ‬ ‫ج ٍل ِ‬ ‫َق ْل ِ‬
‫ب رَ ُ‬

‫ــق‪ ،‬و َل ْو كانوا ك ُّل ُهم َب َرر ًة أتقيا َء‪،‬‬ ‫أن ُم ْل َك اهللِ تعاىل ال َيزيدُ بِطا َع ِة َ‬
‫الخ ْل ِ‬ ‫المعنــى‪َّ :‬‬
‫العاصني‪ ،‬و َل ْو َ‬
‫كان‬ ‫َ‬ ‫بمعص َي ِة‬
‫ص ُم ْلكُــه َ‬
‫ِ‬ ‫لوبــم عىل َق ِ‬
‫لب أت َقى َر ُج ٍل م ُنه ْم‪ ،‬وال َين ُق ُ‬ ‫ُق ُ‬
‫رجل ِمن ُْه ْم‪.‬‬‫ٍ‬ ‫لب أ ْف َج ِر‬
‫لوبم عىل َق ِ‬ ‫واإلنس ك ُّلهم‪ُ ،‬عصا ًة َف َجرةً‪ُ ،‬ق ُ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫اجل ُّن‬
‫((( مفتاح دار السعادة (‪ ،)90/2‬جامع العلوم ِ‬
‫واحل َكم (‪.)43/2‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 73‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪72‬‬

‫وكر ِمه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫والعاصني‪« :‬فمن رمحته‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫المذنِ َ‬
‫بني‪،‬‬ ‫ســر عىل ُ‬ ‫حيم‪َ ،‬ي ُ‬ ‫فور َر ٌ‬‫فاهللُ تعاىل َغ ٌ‬
‫ــديد إلي ِه‪ ،‬حتَّى إنَّه ال ي ِ‬
‫مكنُ ُه‬ ‫ِ‬ ‫الش‬ ‫مع َف ِ‬
‫قره َّ‬ ‫وح ْل ِمه‪َّ :‬‬
‫وكاملِه‪ِ ،‬‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫بالمعايص َ‬ ‫اهر َ‬ ‫أن العبدَ ُي ُ‬
‫يتقوى عليها بنِ َع ِم ر ِّب ِه‪.‬‬
‫يص َّإل َأ ْن َّ‬ ‫ْ‬
‫أن َي ْع َ‬
‫ته بِ ِس ِرته‪ ،‬فهو‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كرمه‪َ -‬يستحيي م ْن َف ْض ِح عبده‪ ،‬ف َي ْس ُ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مع كامل غنا ُه ‪-‬م ْن َ‬ ‫والر ُّب َ‬
‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بالمعايص»(((‪.‬‬‫وه ْم يتب ّغضون إليه َ‬‫َيتح َّبب إىل عباده بالنِّ َع ِم‪ُ ،‬‬

‫ضرُّوني‪ ،‬ولن تَبلُغوا‬ ‫وقو ُله تعاىل‪« :‬يا ِعبادي‪ ،‬إنَّكم ل َ ْــن تَبلُغوا َ‬
‫ضرِّي َفت َ ُ‬
‫ن َ ْفعي َفتَن َ‬
‫فعوني»‪:‬‬

‫ضا؛ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ــد َ‬‫العباد ال ي ْق ِ‬


‫أن ِ‬‫يعنــي‪َّ :‬‬
‫فإن اهللَ‬ ‫رون أن يوصلوا إىل اهلل تعاىل نف ًعــا‪ ،‬وال َ ًّ‬ ‫َ َ‬
‫باد‪ ،‬وال َيعو ُد نف ُعها إ َل ْي ِه‪ ،‬وإنَّام ُهم‬
‫الع ِ‬
‫بطاعات ِ‬
‫ِ‬ ‫حاج َة له‬
‫غني َحيدٌ ‪ ،‬ال َ‬
‫ِ‬
‫تعاىل يف َن ْفسه ٌّ‬
‫ترض َ‬
‫رون هبا‪.‬‬ ‫ِ‬
‫عاصيهم‪ ،‬وإنَّام ُهم َي َّ‬ ‫بم‬
‫ترض ُر َ‬ ‫َينْت َِف َ‬
‫عون هبا‪ ،‬وال َي َّ‬
‫كــا قــال ‪( :‬ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ‬
‫ﭹ) [آل عمران‪.]١٧٦ :‬‬

‫وقال‪( :‬ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ) [آل عمران‪.]١٤٤ :‬‬

‫وقــال‪( :‬ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ)‬


‫[إبراهيم‪.]٨ :‬‬

‫وقال‪( :‬ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ) [احلج‪.]٣٧ :‬‬

‫يل‪،‬‬ ‫جــاء ْت بعدَ قولِ ِه‪« :‬يا ِعبادي‪ ،‬إ َّنكُم ُتْطِ َ‬
‫ئون بال َّل ِ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫احلديث‬ ‫الجمل ُة ِم َن‬ ‫ِِ‬
‫وهذه ُ‬
‫أغف ْر لك ُْم»‪ ،‬وما َقب َلها؛ إِشار ًة إىل َّ‬‫َغفروين ِ‬ ‫الذنوب جيعا؛ فاست ِ‬ ‫ِ‬
‫أن‬ ‫والنَّهار‪ ،‬وأنا َأغْف ُر ُّ َ َ ً‬
‫ويدهيِم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ويفرج ك ُُرباتم‪ْ َ ،‬‬ ‫دعوت ْم‪ِّ ،‬‬
‫َُ‬ ‫يــب‬
‫وي ُ‬ ‫عباد ِه‪ُ ،‬‬
‫ت ِ‬ ‫وزل ِ‬
‫ذنوب َّ‬‫َ‬
‫اهللَ تعاىل ِ‬
‫يغف ُر‬
‫ِ‬ ‫نفعة ِمنْهم‪ ،‬وال لِدَ ف ِع م ٍ‬
‫بم ٍ‬ ‫و ُي ْط ِع ُم ُهم‪،‬‬
‫نه ْم‪ ،‬كام‬ ‫رضة َيتو َّق ُعها م ُ‬
‫َ َّ‬ ‫جل ْل ِ َ‬
‫ويكســوهم‪ ،‬ال َ‬
‫ُ‬

‫((( تفسري أسامء اهلل احلسنى للسعدي (ص‪ ،)193‬بترصف‪.‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 72‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪71‬‬ ‫احلديث التاسع‪« :‬يا عبادي‪ ،‬إين حرمت الظلم عىل نفيس‪»...‬‬

‫(ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ) [النساء‪:‬‬

‫‪ ،]١١٠‬وقال ‪( :‬ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ) [طه‪.]٨٢ :‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫للِ‪ ،‬إِ ِّن َلَ ْســ َتغ ِْف ُر ا َّ‬
‫توب إِ َل ْيه يف ال َي ْو ِم َأ ْك َث َر م ْن َســ ْب َ‬
‫عني‬ ‫لل َو َأ ُ‬ ‫وقال ‪« :َH‬وا َّ‬
‫َم َّرةً»(((‪.‬‬

‫«وإِ ِّن َلَ ْس َتغ ِْف ُر اهللَ يف ال َي ْو ِم ِما َئ َة َم َّر ٍة»(((‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫ويف رواية‪َ :‬‬
‫ل َخطاياكُم ما بي الس ِ‬
‫امء‪،‬‬ ‫ديث‪« :‬والذي َن ْفيس ب َي ِد ِه‪َ ،‬ل ْو َأ ْخطات ُْم َحتَّى َت ْ َ َ‬ ‫ويف الح ِ‬
‫ْ َ ْ َ َّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ض‪ُ ،‬ثم اســ َت ْغ َفرتُم اهللَ؛ َل َغ َفر َلكُم‪ ،‬والذي َن ْفس ُ َ ٍ ِ ِ‬
‫م َّمد ب َيده‪َ ،‬ل ْو َل ْ ُتْطئوا؛ َل َ‬
‫اء‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫ْ ُ‬ ‫واألَ ْر ِ َّ ْ‬
‫رون اهللَ‪َ ،‬ف َيغ ِْف ُر َُل ْم»(((‪.‬‬
‫ئون‪ُ ،‬ث َّم َي ْس َتغ ِْف َ‬
‫يطِ َ‬ ‫اهللُ بِ َق ْو ٍم ُ ْ‬

‫َّك ما َد َع ْوتَني‪َ ،‬و َر َج ْوتَني‪َ ،‬غ َف ْر ُت َل َ‬ ‫ديس‪« :‬يا ا ْب َن آ َد َم‪ ،‬إِن َ‬ ‫ِ‬
‫ك عىل‬ ‫الحديث ال ُق ِّ‬ ‫ويف َ‬
‫نان الس ِ‬
‫ــاء((( ُث َّم ْاســ َت ْغ َف ْرتَني؛‬ ‫َت ُذنو ُب َ‬‫فيك َوال ُأبايل‪ ،‬يا ا ْب َن آ َد َم‪َ ،‬ل ْو َب َلغ ْ‬
‫كان َ‬
‫ك َع َ َّ‬ ‫ما َ‬
‫راب األَ ْر ِ‬
‫ض((( َخطايا‪ُ ،‬ث َّم َلقيتَني‬ ‫َّك َل ْو َأ َت ْيتَني بِ ُق ِ‬
‫ك َوال ُأبايل‪ ،‬يا ا ْب َن آ َد َم‪ ،‬إِن َ‬ ‫ــر ُت َل َ‬
‫َغ َف ْ‬
‫رابا َمغ ِْف َرةً»(((‪.‬‬ ‫ُك بِ ُق ِ‬ ‫ُش ُك يب َش ْيئًا؛ َلَ َت ْيت َ‬‫ال ت ْ ِ‬
‫الذنوب جيعا؛ فاســت ِ‬ ‫ِ‬
‫نوب»‬
‫«الذ َ‬‫كيف ذك ََر ُّ‬ ‫َغفروين»‪َ ،‬‬ ‫«و َأنــا َأغْف ُر ُّ َ َ ً‬
‫وت ََّأم ْل َقو َله‪َ :‬‬
‫غراق‪ ،‬وأ َّكدَ ها بقولِ ِه‪« :‬مجي ًعــا»‪ ،‬ذك ََر ذلك َق َبل ْ‬
‫أن‬ ‫باأللف والال ِم التي تُفيدُ االســتِ َ‬
‫ِ‬

‫ذنب ارتك َب ُه! (((‪.‬‬ ‫باستغفاره؛ حتَّى ال ي ْقن ََط أحدٌ ِمن ِ‬
‫رمحة اهللِ‪ ،‬لعظي ِم ٍ‬ ‫ِ‬ ‫يأ ُم َرنا‬
‫ْ‬ ‫َ‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)6307‬من حديث أيب هريرة ‪.I‬‬


‫األغر املزين ‪.I‬‬ ‫ّ‬ ‫((( رواه مسلم (‪ ،)2702‬من حديث‬
‫ين يف الصحيحة (‪ ،)1951‬وشطره الثاين أصله يف‬
‫وحسنه لغريه األلبا ُّ‬
‫َّ‬ ‫((( رواه اإلمام أمحد (‪،)13518‬‬
‫صحيح مسلم (‪.)2749‬‬
‫ظهر لك منها‪.‬‬
‫((( َسحاهبا وما َ‬
‫((( ِمثلها وما ُيقا ِرهبا‪.‬‬
‫ين يف صحيح الرتغيب (‪.)1616‬‬
‫وحسنه لغريه األلبا ُّ‬
‫َّ‬ ‫((( رواه الرتمذي (‪،)3540‬‬
‫((( اإلفصاح (‪.)187/2‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 71‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪70‬‬

‫وفيه‪ :‬تَوجيه وتَأديــب لل ُف ِ‬


‫قراء‪ ،‬وكأنَّه قال‪ :‬ال تَط ُلبــوا ال َّطعا َم ِم ْن غريي‪ُّ ،‬‬
‫فكل‬ ‫ِ‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫«فاس َت ْط ِعموين ُأ ْط ِع ْمكم»(((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫َ ِ‬ ‫ِ‬
‫َطلبون من ُْهم أنا أ ْطع ُمهم؛ ْ‬‫هؤالء الذي َن ت‬

‫كســوتُهُ؛ فاست َ ْ‬
‫كســوني‬ ‫ن َ‬
‫كم عا ٍر إال َم ْ‬ ‫وقو ُله تعاىل‪« :‬يــا ِعبادي‪ُ ،‬‬
‫كل ُّ ُ‬
‫ك ْم»‪:‬‬
‫س ُ‬ ‫ْ‬
‫أك ُ‬

‫هو‬ ‫بــاس‪ِ ِّ ،‬‬


‫ِ‬ ‫ســر َع ْو َرتِه‪ ،‬والتن ُّعم بأنوا ِع ال ِّل‬
‫ِ‬
‫والزينة‪ ،‬واهللُ تعاىل َ‬ ‫تاج إىل‬
‫فالكُّل ُم ٌ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ميل‪ ،‬ويكْسو بالتَّقوى‪ ،‬وهي‬ ‫بالس ْ ِت َ‬
‫الج ِ‬ ‫الج َسد‪ ،‬وقد يكْسو َّ‬ ‫الذي َيكْســو م ْن ُع ْر ِي َ‬
‫باس‪( :‬ﭾ ﭿ) [األعراف‪.]٢٦ :‬‬ ‫َخ ُري لِ ٍ‬

‫اه َر‪ ،‬ال ِم ْن َغ ْ ِي ِه‪ ،‬و َم ْن كَسا ُه اهللُ تعاىل‬


‫ميل ال َّط ِ‬
‫الج َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فا ْط ُلبوا م َن اهللِ تعاىل الكســا َء َ‬
‫أن َين ِْز َعه عنْ ُه(((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّقوى َل ْ َي ْقد ْر َ‬
‫أحدٌ ْ‬ ‫باس الت َ‬
‫ل َ‬

‫نوب‬
‫َ‬ ‫يل‪ ،‬والنَّهار‪ ،‬وأنا أ َ ْغ ِفر ُ ال ُّذ‬
‫ئون باللَّ ِ‬
‫ط َ‬ ‫وقو ُل ُه تعاىل‪« :‬يا ِعبادي‪ ،‬إن َّ ُ‬
‫كم ت ُ ْخ ِ‬
‫لك ْم»‪:‬‬
‫أغف ْر ُ‬ ‫ميعا؛ فاست َ ِ‬
‫غفروني ِ‬ ‫ج ً‬ ‫َ‬

‫ذلــك؛ ألنَّه ُيْطِ ُئ‬


‫َ‬ ‫أح َو ُج َش ٍء إىل‬ ‫املغف ِ‬
‫ــرة‪ ،‬والعبدُ ْ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫االســتِ ِ‬
‫غفار‪َ :‬ط َلب ِ‬
‫ومعنى ْ‬
‫يل‪ ،‬والن ِ‬
‫َّهار(((‪.‬‬ ‫بال َّل ِ‬

‫قال تعــاىل‪( :‬ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮﮯ ﮰ ﮱ‬


‫ﯓ ﯔ ﯕﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ) [الزمر‪ ،]٥٣ :‬وقــال تعــاىل‪(:‬ﮓ ﮔ‬
‫ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ) [احلديد‪ ،]٢١ :‬وقال‪( :‬ﭒ‬
‫ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ) [آل عمران‪:‬‬

‫‪ ،]١٣٣‬وقال تعاىل‪( :‬ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ) [التوبة‪( ،]١٠٤ :‬ﮌ‬


‫ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ) [الشورى‪،]٢٥ :‬‬

‫((( اإلفصاح (‪.)186/2‬‬


‫((( اإلفصاح (‪ ،)187/2‬مرقاة املفاتيح (‪.)1611/4‬‬
‫((( جامع العلوم ِ‬
‫واحل َكم (‪.)41/2‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 70‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪69‬‬ ‫احلديث التاسع‪« :‬يا عبادي‪ ،‬إين حرمت الظلم عىل نفيس‪»...‬‬

‫ــن األَ ْخ ِ‬
‫الق‪ ،‬ال َ ْيدي‬ ‫«اه ِدين ِلَ ْح َس ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ ِ‬ ‫وأفعالِــه‪،‬‬
‫َّبــي ‪ْ :H‬‬ ‫وكان م ْن ُدعاء الن ِّ‬
‫ف َعنِّي َس ِّيئَها إِ َّل َأن َ‬
‫ْت»(((‪.‬‬ ‫ص ُ‬‫ف َعنِّي َس ِّيئَها‪ ،‬ال َي ْ ِ‬ ‫ْت‪ِ ْ ،‬‬
‫واص ْ‬ ‫ِلَ ْح َسنِها إِ َّل َأن َ‬
‫ين‪ ،‬والدُّ نيا‪« :‬ال َّل ُه َّم إِ ِّن َأ ْس َأ ُل َ‬
‫ك ُاهلدَ ى‪،‬‬ ‫خري ِي الدِّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ٍ‬
‫بأر َب ِع كَلامت َ ْت َم ُع لل َع ْبد َ‬
‫ودعا ْ‬
‫والغنَى»(((‪.‬‬ ‫فاف‪ِ ،‬‬
‫وال ُّت َقى‪ ،‬وال َع َ‬
‫مل الصالح‪ ،‬وتَــر ُك المحر ِ‬
‫مات ك ِّلها‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ُ َّ‬ ‫ْ‬ ‫َّافع‪ ،‬والتُّقى‪ :‬ال َع ُ َّ ُ‬ ‫ــم الن ُ‬‫هو‪ :‬الع ْل ُ‬ ‫فاهلدَ ى َ‬
‫الص ِ‬
‫الح‪.‬‬ ‫اهلداي ُة ِ‬
‫للع ْل ِم النَّافعِ‪ ،‬وال َع ِ‬ ‫فاهلداي ُة التام ُة هي ِ‬
‫ين‪ِ ،‬‬ ‫الح الدِّ ِ‬
‫مل َّ‬ ‫َّ َ‬ ‫وهذا َص ُ‬
‫الخ ْل ِق‪ِ ،‬‬
‫والغنى باهللِ‪ ،‬و َعد ِم‬ ‫عن َ‬ ‫ِ‬
‫بالعفاف ِ‬ ‫ب‪ ،‬و ُطمأنينَتِه‪،‬‬‫الح ال َق ْل ِ‬
‫بص ِ‬ ‫ومتا ُم َ‬
‫ذلك َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تع ُّل ِق‬
‫نيوي‪،‬‬
‫والنعيم الدُّ ُّ‬
‫ُ‬ ‫للعبد احليا ُة الط ِّيب ُة‪،‬‬ ‫َّاس‪ ،‬وبِال َعفاف‪ ،‬والغنى‪ُّ ،‬‬
‫يتم‬ ‫ِ‬
‫القلب بالن ِ‬
‫والقناع ُة بام آتا ُه اهللُ(((‪.‬‬

‫فاس َ‬
‫ــت ْ‬
‫ط ِعموني‬ ‫ْ‬ ‫ع ْمتُهُ؛‬ ‫ن أَ ْ‬
‫ط َ‬ ‫كم جا ِئعٌ إال َم ْ‬ ‫وقو ُل ُه تعاىل‪« :‬يا عبادي‪ُ ،‬‬
‫كل ُّ ُ‬

‫أُ ِ‬
‫طع ْم ُ‬
‫كم»‪:‬‬

‫كل ِ‬
‫طاع ٍم‪ ،‬فإنَّه‬ ‫ــق َذوي َف ْق ٍر إىل ال َّطعــا ِم‪َّ ،‬‬
‫وأن َّ‬ ‫الخ ْل َ‬
‫لق َ‬‫َيعنــي ‪ :E‬أنَّه َخ َ‬
‫َصحيح‬ ‫ومنها‪ :‬ت‬‫زق‪ِ ،‬‬ ‫ــو ُق الــر ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫أطعم ُه اهللُ تعاىل بأنْواعِ‪ ،‬منها‪َ :‬س ْ‬ ‫َ‬ ‫كان جائ ًعا حتَّــى‬
‫األطعم َة‪ ،‬وييء ِ‬
‫آالت‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫إليــك‬ ‫ُ‬
‫ســوق‬ ‫فهو ‪َ ‬ي‬ ‫تناولة لذلِ َك الر ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َُ ُ‬ ‫زق‪َ ،‬‬ ‫ِّ‬ ‫الم‬
‫اآللة ُ‬
‫ِ‬
‫أثقالا‪.‬‬ ‫ي ِّل َص َك ِم ْن‬ ‫ف َ‬
‫بك حتَّى ُ َ‬ ‫لتناو ِلا‪ ،‬و َي ْل ُط ُ‬ ‫ِ ِ‬
‫است ْطعام َك ُ‬

‫ف َح ٌّي‪ ،‬وال‬ ‫زق ِمنِّي‪ ،‬وال َيســ َتن ِْك ْ‬ ‫ط ِعموني» أي‪ :‬اط ُلبوا ِّ‬
‫الر َ‬ ‫«اســت َ ْ‬‫وقو ُل ُه‪ْ :‬‬
‫يد ِه ِم َن‬
‫ذلك الذي يف ِ‬ ‫أن َ‬ ‫ذلك َج ْه ٌل من ُه‪ ،‬وظ ٌّن باطِ ٌل َّ‬
‫فإن َ‬‫َثر ٍة أن َي ْســ َت ْط ِع َمني؛ َّ‬ ‫ذو ك َ‬
‫زق‪ ،‬وال َّطعا ِم‪ُ ،‬ي ْط ِع ُمه إ َّيا ُه َغريي‪.‬‬‫الر ِ‬
‫ِّ‬

‫((( رواه مسلم (‪.)771‬‬


‫((( رواه مسلم (‪.)2721‬‬
‫الشهية للسعدي (ص‪ ،)277‬وهبجة قلوب األبرار له (ص‪.)205 ،89‬‬
‫َّ‬ ‫((( الفواكه‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 69‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪68‬‬

‫حاج َت ُه ُك َّلها‪َ ،‬حتَّى َي ْس َأ َل ِش ْس َع َن ْعلِ ِه‬ ‫ِ‬


‫الحديث‪« :‬ل َي ْس َأ ْل َأ َحدُ ك ُْم َر َّب ُه َ‬
‫روي يف َ‬
‫َ‬ ‫و َقدْ‬
‫إِذا ا ْن َق َط َع»(((‪.‬‬

‫حوائ ِج ِه‪ ،‬حتى ِم ْل َح َعجينِه‪ ،‬و َع َل َ‬


‫ف‬ ‫ِ‬ ‫يسأل اهللَ يف صالتِه َّ‬
‫كل‬ ‫ف ُ‬ ‫بعض الس َل ِ‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫وكان ُ‬
‫شاتِ ِه(((‪.‬‬

‫فاســتَهدوني‬
‫ْ‬ ‫ن هَديتُهُ؛‬ ‫ٌّ‬
‫ضــال إال َم ْ‬ ‫كم‬ ‫وقو ُلــ ُه تعاىل‪« :‬يا ِعبــادي‪ُ ،‬‬
‫كل ُّ ُ‬

‫أه ِد ُكم»‪:‬‬

‫وأن ِمن ُمقت ََض‬ ‫ِ‬


‫واالعتناء بشــأنِ ِه‪َّ ،‬‬ ‫للتنبيه عىل فخا َمتِه‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ك ََّرر قو َله‪« :‬يا عبادي»؛‬
‫الربوب َّي ِة(((‪.‬‬
‫حق ُّ‬
‫ِ‬
‫راعاة ِّ‬ ‫االفتقار إىل ُم‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫العباد‪:‬‬ ‫عبود َّي ِة‬

‫َّب عىل‬ ‫الل َّإل َم ْن َهدَ ى اهللُ تعاىل‪َ ،‬‬


‫فيتت ُ‬ ‫الض ُ‬ ‫ِ‬
‫الناس َّ‬ ‫الش َ‬
‫ــأن يف‬ ‫أن َّ‬ ‫و َد َّل هذا عىل‪َّ :‬‬
‫ذلك ِمن ِ‬
‫عند اهللِ تعاىل‪ ،‬و ُك َّلام‬ ‫ذلِ َك‪َّ :‬‬
‫أن َ ْ‬ ‫اإلنسان إذا َر َأى عندَ ُه َ‬
‫آثار ُهدى‪َ ،‬ف ْل َي ْع َل ْم َّ‬ ‫َ‬ ‫أن‬
‫هادي إال اهللُ‪:‬‬
‫َ‬ ‫كرا‪ ،‬ومحدً ا‪ ،‬هللِ تعاىل؛ فال‬ ‫َعي عل ْي ِه ْ‬
‫أن َيزدا َد ُش ً‬ ‫ازدا َد هدً ى‪ ،‬ت َّ َ‬

‫َوالَ ت ََصـــدَّ ْقنا َوالَ َصــــ َّل ْينا‬ ‫ال َّل ُه َّم َل ْوالَ َأن َ‬
‫ْت ما ْاهتَدَ ْينا‬

‫أه ِدك ُْم‪.‬‬ ‫ِ‬


‫«فاستَهدوني أه ِد ُكم» أي‪ :‬اط ُلبوا منِّي اهلداي َة؛ ْ‬
‫ْ‬ ‫ولِذا قال‪:‬‬

‫عرفتُك‬ ‫والمعنى‪َ :‬أهديكُم إذا است َْهدَ يتُموين‪ ،‬فإذا استهديتَني ُّأيا العبدُ َ‬
‫فهدَ َيتُك؛ َّ‬
‫ول َت ْغرت ِ‬ ‫فت إلي َك َ ِ‬ ‫أج ْب ُت الدُّ عا َء‪ ،‬و َأ ْعطيتُك ما َس َ‬
‫بنفس َك‪،‬‬ ‫بذل َك‪َّ ْ َ ،‬‬ ‫فتعر ُ ْ‬‫لت‪َّ ،‬‬‫ــأ َ‬ ‫أنَّني َ‬
‫القائل‪( :‬ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ) [القصص‪.(((]٧٨ :‬‬ ‫ُ‬ ‫وت ُق ْل كام قال‬

‫أخالقه‪ ،‬وأقوالِه‪،‬‬
‫ِ‬ ‫داية ر ِّبه يف َجي ِع أحوالِه‪ْ ،‬‬
‫بأن ُي َسدِّ َده يف‬ ‫فكل أح ٍد مضطر إىل ِه ِ‬
‫ُّ َ ُ ٌّ‬

‫وضعفه األلباين‪.‬‬
‫َّ‬ ‫((( رواه الرتمذي (‪،)3604‬‬
‫((( جامع العلوم ِ‬
‫واحل َكم (‪.)38/2‬‬
‫((( مرقاة املفاتيح (‪.)1611/4‬‬
‫((( اإلفصاح البن ُهبرية (‪.)186/2‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 68‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪67‬‬ ‫احلديث التاسع‪« :‬يا عبادي‪ ،‬إين حرمت الظلم عىل نفيس‪»...‬‬

‫ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ)‬
‫[الشعراء‪.]٨٢-٧٥ :‬‬
‫وإحيائ ِه‪ ،‬وإماتَتِ ِ‬
‫ِ‬ ‫وبر ْز ِق ِه‪،‬‬ ‫العبد‪ ،‬وهبدايتِ ِ‬
‫ــق ِ‬ ‫بخ ْل ِ‬
‫ــه‪ ،‬يف الدُّ نيا‪،‬‬ ‫ــه‪ِ ،‬‬ ‫تفر َد َ‬ ‫فــإِ َّن َم ْن َّ‬
‫والع ِ‬
‫بادة‪ ،‬والس ِ‬ ‫باإللي ِة‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫والترض ِع‬
‫ُّ‬ ‫ؤال‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫وبم ْغف َرة ذنوبِه يف اآلخ َرة؛ ُم ْســتَح ٌّق أن ُي َ‬
‫فر َد َ َّ‬ ‫َ‬
‫إل ْي ِه‪ ،‬واالستكانَة َل ُه‪.‬‬
‫ِ‬

‫قــال تعــاىل‪( :‬ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭﯮ ﯯ ﯰ‬


‫(((‬
‫ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ) [الروم‪]٤٠ :‬‬

‫ﮀ ﮁ) [احلجر‪:‬‬ ‫يد اهللِ تعاىل‪( :‬ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ‬ ‫ِ‬


‫األشياء ك ِّلها ب ِ‬ ‫فخ ِ‬
‫زائ ُن‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫‪ ،]٢١‬يدَ بر األمر ‪‬؛ فاهللُ تعاىل يدي من يشــاء‪ ،‬وي ِض ُّل من يشاء‪ ،‬وي ِ‬
‫غفر َمل ْن‬ ‫َ ْ َ ُ َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫َْ‬ ‫ُ ِّ ُ ْ َ‬
‫َيشــا ُء‪ ،‬و ُي َع ِّذ ُب َم ْن َيشــا ُء‪ ،‬و َي ْر َح ُم َمن َيشا ُء‪ ،‬و ُي ْعطي َم ْن َيشــا ُء‪ ،‬و َيمن َُع َم ْن َيشا ُء‪،‬‬
‫الر َ‬ ‫َ ِ‬
‫زق عىل َم ْن َيشا ُء‪ ،‬و ُي َض ِّي ُق عىل َمن‬ ‫ويْف ُض َم ْن َيشــا ُء‪ ،‬و َي ْر َف ُع َم ْن َيشا ُء‪َ ،‬‬
‫ويو ِّس ُع ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اخلري‪. ،‬‬ ‫َيشا ُء‪ ،‬و ُيع ُّز َمن َيشا ُء‪ ،‬و ُيذ ُّل َم ْن َيشا ُء‪ ،‬ب َيده ُ‬
‫ب‬‫وأن َيتوكَّلوا عل ْي ِه يف َج ْل ِ‬ ‫بالع ِ‬
‫بادة‪ْ ،‬‬ ‫أن ي ْف ِردوه ‪ِ ‬‬
‫ُ‬
‫ِ ِ‬
‫ب م َن العباد ْ ُ‬
‫يوج ِ‬
‫وهذا ِ ُ‬
‫آمالُم ورجا َء ُهم بِ ِه وحدَ ه يف ُح ِّ‬
‫صول ك ُِّل ما ُ ِ‬ ‫الض‪ ،‬و َأ ْن ُي َع ِّلقوا َ‬
‫ي ُّب َ‬
‫ون‪،‬‬ ‫النَّفعِ‪ ،‬و َد ْف ِع َّ ِّ‬
‫غريه(((‪.‬‬
‫أحدً ا َ‬ ‫هون‪ْ ،‬‬
‫وأن ال َيسألوا َ‬ ‫كر َ‬ ‫و َد ْف ِع ِّ‬
‫كل ما َي َ‬
‫أهدكُم»‪« ،‬فاس َت ْط ِعموين ُأ ِ‬
‫طع ْمكُم»‪« ،‬فاس َتكْسوين‬ ‫َعال‪« :‬فاستَهدوين ِ‬
‫ويف َق ْو ِل اهللِ ت َ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫أكْسكُم»‪« ،‬فاست ِ‬
‫َغفروين أغفر لك ُْم» ٌ‬
‫دليل عىل‪:‬‬ ‫ُ ْ‬

‫نياه ْم‪ِ ،‬م َن ال َّطعا ِم‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫مجيع َمصالح دين ِهــم‪ ،‬و ُد ُ‬
‫ِ‬
‫أن يســأ َله العبا ُد َ‬
‫ب ْ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫أن اهللَ تعاىل ُي ُّ‬
‫اهلداي َة‪ ،‬والم ِ‬
‫غفرةَ‪.‬‬ ‫ذلك‪ ،‬كام يسألو َنه ِ‬
‫وغري َ‬ ‫ِ‬ ‫والكس ِ‬
‫وة‪،‬‬ ‫اب‪ِ ،‬‬ ‫والش ِ‬ ‫َّ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫((( جامع العلوم ِ‬
‫واحل َكم (‪ ،)37/2‬ورشح األربعني املنسوب البن دقيق العيد (ص‪.)88‬‬
‫احلسان للسعدي (ص‪.)50‬‬‫((( القواعد ِ‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 67‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪66‬‬

‫ميعا؛‬
‫ج ً‬ ‫نوب َ‬
‫َ‬ ‫يل‪ ،‬والنَّهار‪ ،‬وأنــا أ َ ْغ ِفر ُ ال ُّذ‬
‫ئون باللَّ ِ‬
‫ط َ‬ ‫كــم ت ُ ْخ ِ‬
‫يا ِعبادي‪ ،‬إن َّ ُ‬
‫لك ْم»‪:‬‬
‫أغف ْر ُ‬ ‫فاست َ ِ‬
‫غفروني ِ‬

‫كان عار ًيا إِ َّل‬ ‫ت‪َ ،‬و ُك ُّلك ُْم َ‬ ‫ضال إِ َّل َم ْن َهدَ ْي ُ‬
‫كان ًّ‬ ‫ٍ‬
‫ُــم َ‬‫ويف رواية‪« :‬يا َبني آ َد َم‪ُ ،‬ك ُّلك ْ‬
‫ت؛‬ ‫كان َظ ْمآنًا إِ َّل َم ْن َس َق ْي ُ‬
‫ت‪َ ،‬و ُك ُّلك ُْم َ‬ ‫كان جائِ ًعا إِ َّل َم ْن َأ ْط َع ْم ُ‬
‫َم ْن ك ََس ْو ُت‪َ ،‬و ُك ُّلك ُْم َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واست َْسقوين‬ ‫واســ َت ْطعموين ُأ ْطع ْمك ُْم‪ْ ،‬‬ ‫واس َتكْسوين َأك ُْسك ُْم‪ْ ،‬‬ ‫فاســت َْهدوين َأ ْهدك ُْم‪ْ ،‬‬ ‫ْ‬
‫َأ ْس ِقك ُْم»(((‪.‬‬
‫بم ِ‬ ‫ــق مفت َِق َ ِ‬
‫صالهم‪،‬‬ ‫رون إل ْيه ‪ ‬يف َج ْل ِ َ‬ ‫الخ ْل ِ ُ‬
‫مجيع َ‬
‫أن َ‬ ‫فبي اهللُ ‪َّ ‬‬
‫َّ َ‬
‫ود ْف ِع مضارهم‪ ،‬يف ِ ِ‬
‫أمور دين ِهم‪ ،‬و ُد ُ‬
‫نياهم‪.‬‬ ‫َ َ ِّ‬
‫ــهم َشــي ًئا ِم ْن ذلِ َك ُك ِّله‪ ،‬وهو َي ِ‬
‫رج ُع إىل معنى‪« :‬ال‬ ‫كون ألن ُف ِس ِ‬ ‫وأن ِ‬
‫العبا َد ال َي ْم ِل َ‬ ‫َّ‬
‫قو َة َّإل باهللِ»‪.‬‬
‫َح ْو َل وال َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ي َر ُم ُهــا يف الدُّ نيا‪ ،‬و َمن َل ْ‬ ‫يتفض ِل اهللُ عليه باهلُــدَ ى‪ِّ ،‬‬
‫والرزق؛ فإنَّه ُ ْ‬ ‫وأن َمــ ْن َل ْ َّ‬
‫َّ‬
‫اآلخ َر ِة؛ قال اهللُ تعاىل‪( :‬ﭾ ﭿ‬ ‫ــه بم ْغ ِفر ِة ذنوبِ ِه؛ أوب َق ْته َخطاياه يف ِ‬
‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ‬
‫يتفض ِل اهللُ علي ِ‬
‫ْ‬ ‫َّ‬
‫ﮀ ﮁ ﮂﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ) [الكهف‪ ،]١٧ :‬وقــال‪:‬‬
‫(ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫﯬ ﯭ‬
‫ﯮ ﯯ) [فاطر‪ ،]٢ :‬وقــال‪( :‬ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀﮁ ﮂ‬
‫ِ‬
‫وزوجه َّأنام قاال‪( :‬ﭒ‬ ‫ﮃ) [العنكبوت‪ ،]١٧ :‬وقــال تعاىل حاك ًيا عــن آد َم‬
‫ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ) [األعراف‪.]٢٣ :‬‬
‫ِ‬
‫األمور عىل أنَّه ال إل َه َغ ُريه‪،‬‬ ‫هبــذ ِه‬
‫ليل ‪ S‬بتفر ِد اهللِ ِ‬
‫ُّ‬ ‫الخ ُ‬
‫إبراهيم َ‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫اســتدل‬ ‫وقد‬
‫ــه‪( :‬ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ‬ ‫ش َك معه فباطِ ٌل؛ فقال ل َقو ِم ِ‬
‫كل مــا ُأ ْ ِ‬
‫وأن َّ‬
‫َّ‬
‫ْ‬
‫ﯛ ﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢ ﯣﯤ ﯥﯦﯧ‬
‫ﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮ ﯯﯰﯱﯲﯳﯴ‬

‫وصح َح إسنا َده حمقِّقو املسند‪.‬‬


‫َّ‬ ‫((( رواه اإلمام أمحد (‪،)21420‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 66‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪65‬‬ ‫احلديث التاسع‪« :‬يا عبادي‪ ،‬إين حرمت الظلم عىل نفيس‪»...‬‬

‫عباد ِه‪:‬‬
‫نفس ِه‪ ،‬حرمه عىل ِ‬
‫َّ َ‬
‫و َّملا حرم اهللُ تعاىل ال ُّظ ْلم عىل ِ‬
‫َ‬ ‫َّ َ‬

‫كم ُم َحرَّ ًما‪ ،‬فال تَظالَموا»‪:‬‬


‫ع ْلت ُ ُه بَين َ ُ‬
‫ج َ‬
‫«و َ‬

‫عضا‪ ،‬وهو تَوكيدٌ لِ ِ ِ‬ ‫والمرا ُد‪ :‬ال َي ْظ ِل ْم َب ُ‬


‫قوله‪« :‬و َ‬
‫جعلتُه‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫عضكُم َب ً‬ ‫أي‪ :‬ال َتتَظا َلوا‪ُ ،‬‬
‫حتريم ِه(((‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫تغليظ يف‬ ‫كم ُمحرَّ ًما»‪ ،‬وزياد ُة‬
‫بين َ ُ‬

‫فحرا ٌم عىل ِّ‬


‫كل‬ ‫أن َيتَظا َلوا فيام بين َُه ْم‪َ ،‬‬
‫وهناهم ْ‬
‫ُ‬ ‫عباد ِه‪،‬‬
‫َفحرم اهللُ تعــاىل ال ُّظ ْلم عىل ِ‬
‫َ‬ ‫َّ َ‬
‫وهو ن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َع ْب ٍد ْ‬
‫َوعان‪:‬‬ ‫أن ال ُّظ ْل َم يف نفسه ُم َ َّر ٌم ُمطل ًقا‪َ ،‬‬
‫أن َي ْظل َم َغ ْ َيه‪َ ،‬م َع َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫نوب‪ ،‬والمعايص‪ ،‬عىل اختِ‬
‫أنواعها‪ ،‬وأع َظ ُم ُه‬ ‫ــاف‬ ‫َ‬ ‫بالذ ِ‬ ‫ــم الن ِ‬
‫َّفس ُّ‬ ‫َأ َحدُ ُها‪ُ :‬ظ ْل ُ‬
‫خلوق يف‬ ‫َ‬ ‫ش َك َج َع َل َ‬
‫الم‬ ‫الم ْ ِ‬
‫فإن ُ‬ ‫الش ُك‪( :‬ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ) [لقامن‪]١٣ :‬؛ َّ‬ ‫ِّ ْ‬
‫ِ‬
‫األشياء يف َغ ِري َم ْو ِض ِعها‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫َم ِنز َل ِة‬
‫الخالق‪َ ،‬فع َبدَ ه‪ ،‬وت ََأ َّلَه‪َ ،‬‬
‫فهو َو ْض ُع‬
‫العبد لِ َغ ِريه‪ ،‬وهو المذكور يف هذا الح ِ‬
‫ديث(((‪.‬‬ ‫والثاين‪ُ :‬ظ ْلم ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬ ‫ِ (((‬ ‫ٍ‬
‫َت َل ُه‬ ‫القيامة» ‪ ،‬ويف َحديث َ‬
‫آخر‪َ « :‬م ْن كان ْ‬ ‫َ‬ ‫امت َي ْو َم‬‫آخر‪« :‬ال ُّظ ْل ُم ُظ ُل ٌ‬ ‫ويف َحديث َ‬
‫دينار‪َ ،‬وال‬
‫كون ٌ‬ ‫ش ٍء؛ َف ْل َيت ََح َّل ْل ُه ِمنْ ُه ال َي ْو َم‪َ ،‬ق ْب َل َأ ْن ال َي َ‬ ‫ِ ِ ِ ِ ِ ِ‬
‫َم ْظ َل َم ٌة لَخيه‪ ،‬م ْن ع ْرضه‪َ ،‬أ ْو َ ْ‬
‫نات‪ُ ،‬أ ِخ َذ‬
‫كان َل ُه َع َم ٌل صالِ ٌح‪ُ ،‬أ ِخ َذ ِمنْ ُه بِ َقدْ ِر َم ْظ َل َمتِ ِه‪َ ،‬وإِ ْن َل ْ َت ُك ْن َل ُه َح َس ٌ‬ ‫ِد ْر َه ٌم‪ ،‬إِ ْن َ‬
‫صاحبِ ِه‪َ ،‬ف ُح ِم َل َع َل ْي ِه»(((‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِمن سي ِ‬
‫ئات‬ ‫ْ َ ِّ‬
‫فاستَهدوني أه ِد ُ‬
‫كم‪.‬‬ ‫ن هَديتُهُ؛ ْ‬ ‫ٌّ‬
‫ضال إال َم ْ‬ ‫كم‬ ‫قو ُله‪« :‬يا ِعبادي‪ُ ،‬‬
‫كل ُّ ُ‬

‫كم‪.‬‬ ‫ط ِعموني أ ُ ِ‬
‫طع ْم ُ‬ ‫فاست َ ْ‬
‫ع ْمتُهُ؛ ْ‬ ‫ن أَ ْ‬
‫ط َ‬ ‫كل ُّ ُ‬
‫كم جا ِئعٌ إال َم ْ‬ ‫يا عبادي‪ُ ،‬‬

‫م‪.‬‬ ‫س ُ‬
‫ك ْ‬ ‫كسوتُهُ؛ فاست َ ْ‬
‫كسوني ْ‬
‫أك ُ‬ ‫ن َ‬ ‫كل ُّ ُ‬
‫كم عا ٍر إال َم ْ‬ ‫يا ِعبادي‪ُ ،‬‬

‫((( رشح النووي عىل مسلم (‪.)132/16‬‬


‫((( جامع العلوم ِ‬
‫واحل َكم (‪.)36/2‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)2447‬ومسلم (‪.)2579‬‬
‫((( رواه البخاري (‪.)2449‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 65‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪64‬‬

‫ف ُي َقدِّ ُس اهللُ ُأ َّم ًة ال ُي ْؤ َخ ُذ‬ ‫ت‪َ ،‬صدَ َق ْ‬


‫ت! َك ْي َ‬ ‫«صدَ َق ْ‬
‫ســول اهلل ‪َ :H‬‬ ‫ُ‬ ‫فقال َر‬
‫ديد ِه ْم؟»(((‪ .‬‬
‫عيف ِهم ِمن َش ِ‬
‫ْ ْ‬
‫لِ َض ِ‬

‫وقال تعــاىل‪( :‬ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ)‬


‫[آل عمران‪.]١٨ :‬‬

‫واحلق‪ ،‬قال تعاىل‪( :‬ﮚ‬ ‫أساس ال َعدْ ِل‪،‬‬


‫ِ‬ ‫واألرض عىل‬ ‫ِ‬
‫ــموات‬ ‫الس‬
‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫واهللُ تعاىل أقا َم َّ‬
‫ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ) [األحقاف‪ ،]٣ :‬وقــال‪( :‬ﮊ ﮋ‬
‫ﮌﮍ ﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖ ﮗﮘ‬
‫َكون‬ ‫باحلق‪ ،‬وال َع ِ‬
‫دل؛ لت َ‬ ‫واألرض‪ِّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫موات‪،‬‬ ‫الس‬ ‫ﮙ) [الرمحن‪]٩-٧ :‬؛ أي‪:‬‬
‫َ‬ ‫«خلق َّ‬
‫َ‬
‫بالح ِّق‪ ،‬وال َع ِ‬
‫دل»(((‪.‬‬ ‫األشيا ُء ك ُّلها َ‬

‫وك َِلامتُه ك ُّلها عَدْ ٌل‪( :‬ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ) [األنعام‪ ،]١١٥ :‬قال َقتا َدةُ‪:‬‬
‫ِ‬
‫«صدْ ًقا فيام قال‪َ ،‬وعَدْ ًل فيام َحك ََم»(((‪.‬‬
‫وحــق‪ ،‬ورشيعتُه ك ُّلها عَدْ ٌل‪ ،‬وســاح ٌة‪ِ ،‬‬
‫وحكْم ٌة‪ ،‬ومصلح ٌة‪:‬‬ ‫ٌّ‬ ‫وأحكا ُمه عَدْ ٌل‪،‬‬
‫ْ‬
‫(ﭹ ﭺ ﭻ) [غافر‪.]٢٠ :‬‬

‫وأمره وهن ُي ُه عَدْ ٌل‪( :‬ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ‬


‫ُ‬
‫ﮄ ﮅ ﮆ ﮇﮈ ﮉ ﮊ ﮋ) [النحل‪.]٩٠ :‬‬
‫ِ‬
‫العاد ِل‪(:‬ﭪ ﭫ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مــع اهللُ عبا َده‪ ،‬وي ْفص ُل بين َُهــم ُ‬
‫بالحك ِم‬ ‫و َيو َم القيامة َي ُ‬
‫ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ‬
‫ﭻﭼ ﭽ ﭾ ﭿ) [األنبياء‪.]٤٧ :‬‬

‫وحسنه األلباين يف صحيح سنن ابن ماجه‪.‬‬


‫َّ‬ ‫((( رواه ابن ماجه (‪،)4011‬‬
‫((( تفسري ابن كثري (‪.)326/4‬‬
‫((( تفسري ابن كثري (‪.)322/3‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 64‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪63‬‬ ‫احلديث التاسع‪« :‬يا عبادي‪ ،‬إين حرمت الظلم عىل نفيس‪»...‬‬

‫ﯳ ﯴ) [غافر‪( ،]31:‬ﰗ ﰘ ﰙ ﰚ) [فصلت‪( ،]٤٦ :‬ﯲ ﯳ ﯴ‬


‫ﯵ) [ق‪.]٢٩ :‬‬

‫نفسه فِ ْع َل ُه‪ ،‬وإرا َد َت ُه»(((‪.‬‬


‫ريمه عىل َن ْف ِسه‪ ،‬و َن َفى عن ِ‬
‫ْ‬
‫«فأخرب عن َ ْت ِ‬
‫ْ َ ْ‬

‫َعال عَدْ ٌل ال َي ْظ ِل ُم َأ َحدً ا‪َ ،‬حتَّى‬


‫لل ت َ‬ ‫ِ‬
‫اموات‪ ،‬عىل َأ َّن ا َّ‬ ‫والس‬ ‫«وقد ا َّت َف َق َأ ْه ُل األَ ْر ِ‬ ‫ِ‬
‫ض‪َّ ،‬‬
‫ون َل ُه بِال َعدْ ِل‪َ ،‬و ُمن َِّز َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِِ‬ ‫ِ‬
‫هون َل ُه‬ ‫كني اجلاحدي َن لصفات كَامله‪َ ،‬فإِ َّنُ ْم ُمق ُّ‬
‫ــر َ‬ ‫ش َ‬ ‫َأ ْعــدا َء ُه ا ُمل ْ ِ‬
‫َعال‪( :‬ﯷ‬ ‫فون بِ َعدْ لِ ِه‪ ،‬كَام قال ت َ‬
‫لون الن ََّار َو ُه ْم ُم ْع َ ِت َ‬
‫َع ِن ال ُّظ ْل ِم‪َ ،‬حتَّى إِ َّنُ ْم َل َيدْ ُخ َ‬
‫َعــال‪( :‬ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ‬ ‫ﯸ) [امللك‪َ ،]١١ :‬وقــال ت َ‬
‫ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫﯬ ﯭ‬
‫ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ) [األنعام‪.(((»]١٣٠ :‬‬
‫ســول اهلل ‪ H‬م ِ‬
‫هاج َر ُة ال َب ْح ِر(((؛‬ ‫ِ‬ ‫و َع ْن جابِ ٍر ‪ I‬قال‪ََّ :‬لا َر َج َع ْت إِ َل َر‬
‫ُ‬
‫احل َب َش ِة؟»‪.‬‬
‫ض َ‬‫عاجيب ما َرأ ْيت ُْم بِ َأ ْر ِ‬
‫ِ‬ ‫«أال ُتَدِّ ثوين بِ َأ‬
‫قال‪َ :‬‬

‫جوز ِمن َع ِ‬
‫جائ ِز‬ ‫قال فِ ْت َي ٌة ِمن ُْه ْم‪َ :‬ب َل يا َر‬
‫لوس َم َّر ْت بِنا َع ٌ ْ‬ ‫ســول اهلل‪َ ،‬ب ْينا ن َْحــ ُن ُج ٌ‬ ‫َ‬
‫ٍ‬
‫ي‬ ‫أســها ُق َّل ًة ِم ْن ماء‪َ ،‬ف َم َّر ْت بِ َفتًى ِمن ُْه ْم‪َ ،‬ف َج َع َل إِ ْحدَ ى َيدَ ْي ِه َب ْ َ‬ ‫رهابينِ ِهم‪ْ َ ،‬ت ِم ُل عىل ر ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫َس ْت ُق َّلتُها‪َ ،‬ف َل َّم ْار َت َف َعت(((‪  ‬ال َت َفت َْت إِ َل ْي ِه‪،‬‬
‫كَت َف ْيها‪ُ ،‬ث َّم َد َف َعها َف َخ َّر ْت عىل ُر ْك َب َت ْيها‪ ،‬فا ْنك َ َ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫واآلخري َن‪،‬‬ ‫ج َع َاأل َّو َلني‪،‬‬ ‫يس‪َ ،‬و َ َ‬ ‫ف َت ْع َل ُم يا ُغدَ ُر ‪ ‬إِذا َو َض َع اهللُ الك ْ‬
‫ُــر َّ‬ ‫ــو َ‬‫قالت‪َ :‬س ْ‬ ‫َف ْ‬
‫(((‬

‫ف َأ ْمري َو َأ ْم ُر َك‬ ‫ف َت ْع َل ُم َك ْي َ‬ ‫ــبون‪َ ،‬ف َس ْو َ‬


‫َ‬ ‫ت األ ْيدي‪ ،‬واألَ ْر ُج ُل‪ ،‬بِام كانوا َيك ِْس‬ ‫و َت َك َّلم ِ‬
‫َ َ‬
‫ِعنْدَ ُه َغدً ا!‬

‫((( مفتاح دار السعادة (‪.)106/2‬‬


‫((( خمترص الصواعق املرسلة (ص‪.)231‬‬
‫((( الذين هاجروا إىل ا َ‬
‫حل َبشَ ة‪.‬‬
‫((( يعني‪ :‬املرأة‪.‬‬
‫((( يا غادر‪.‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 63‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪62‬‬

‫عيد‬
‫ص ٍ‬ ‫م‪ ،‬قاموا في َ‬ ‫م‪َ ،‬و ِجنَّ ُ‬
‫ك ْ‬ ‫س ُ‬
‫ك ْ‬ ‫م‪َ ،‬وإ ِ ْن َ‬ ‫آخر َ ُ‬
‫ك ْ‬ ‫م‪َ ،‬و ِ‬ ‫ن أ َ َّول َ ُ‬
‫ك ْ‬ ‫يا ِعبادي‪ ،‬ل َ ْو أ َ َّ‬
‫ما ِع ْندي‪،‬‬ ‫ص َذ ِل َ‬
‫ك ِم َّ‬ ‫سأَلَتَهُ؛ ما ن َ َ‬
‫ق َ‬ ‫سان َم ْ‬
‫ٍ‬ ‫ل إ ِ ْن‬ ‫ت ُ‬
‫ك َّ‬ ‫سأَلوني‪َ ،‬فأ َ ْع َ‬
‫ط ْي ُ‬ ‫واح ٍد‪َ ،‬ف َ‬
‫ِ‬
‫ط إِذا أ ُ ْد ِخ َ‬
‫ل الب َ ْحرَ‪.‬‬ ‫ص المِ ْخي َ ُ‬
‫ق ُ‬ ‫إال َ‬
‫كما ي َ ْن ُ‬

‫ن‬ ‫م إيَّاها‪َ ،‬ف َ‬


‫م ْ‬ ‫يك ْ‬ ‫ــم‪ ،‬ث ُ َّ‬
‫م أ َو ِّف ُ‬ ‫ك ْ‬ ‫م أ ُ ْحصيها ل َ ُ‬ ‫هي أ َ ْعمال ُ ُ‬
‫ك ْ‬ ‫َ‬ ‫يا ِعبادي‪ ،‬إِنَّما‬
‫سهُ»(((‪.‬‬
‫ن إال ن َ ْف َ‬
‫ك‪َ ،‬فال يَلو َم َّ‬
‫غ ْير َ َذ ِل َ‬
‫ج َد َ‬ ‫م ِد اهللَ‪َ ،‬و َم ْ‬
‫ن َو َ‬ ‫خ ْي ًرا َف ْلي َ ْح َ‬
‫ج َد َ‬
‫َو َ‬

‫وجاللِه‪ ،‬وكَاملِه‪ ،‬ما‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬


‫يف ال َقدْ ِر‪ ،‬فيه م ْن َع َظمة اهللِ‪َ ،‬‬ ‫ليل‪َ ،‬ش ُ‬ ‫ظيم َج ٌ‬ ‫هذا َح ٌ‬
‫ديث َع ٌ‬
‫ِ‬
‫احلديث‬ ‫الين راوي هذا‬
‫ريس اخلَ ْو ُّ‬ ‫وكان َأبو إِ ْد َ‬
‫َ‬ ‫كل ُمســل ٍم تأ ُّم ُله‪ ،‬وتَد ُّب ُره‪،‬‬
‫َين َبغي عىل ِّ‬
‫ديث؛ َجثا عىل ُر ْك َب َت ْي ِه(((‪.‬‬
‫ث ِبذا احل ِ‬
‫َ‬ ‫ذر ‪ ،I‬إِذا َحدَّ َ‬ ‫َع ْن أيب ٍّ‬

‫الشام(((»(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ألهل َّ‬ ‫ٍ‬
‫حديث‬ ‫أرشف‬ ‫«هو‬
‫ُ‬ ‫وقال اإلما ُم أمحَدُ ‪َ :‬‬

‫لم على نَفسي»‪:‬‬ ‫ت ُّ‬


‫الظ َ‬ ‫قوله‪« :‬يا ِعبادي‪ ،‬إنِّي َ‬
‫حرَّ ْم ُ‬

‫ومنز ٌه‪ِ ،‬‬


‫عن‬ ‫يعني‪ :‬أنَّه منع نفســه ‪ِ ‬من ال ُّظ ْلم لِ ِ‬
‫عباده؛ فاهللُ تعاىل مقدَّ ٌس‪َّ ،‬‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬
‫ال ُّظل ِم‪ ،‬وال ُّظ ْل ُم ُم ٌال يف ح ِّقه ‪.‬‬

‫غري َم ْو ِض ِعها(((‪.‬‬ ‫ِ‬


‫األشياء يف ِ‬ ‫و«ال ُّظ ُ‬
‫لم»‪َ :‬و ْض ُع‬

‫قــال تعــاىل‪( :‬ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ) [النساء‪( ،]٤٠ :‬ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ‬


‫ﭢ ﭣ) [يونس‪( ،]٤٤ :‬ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ) [الكهف‪( ،]٤٩ :‬ﯰ ﯱ ﯲ‬

‫((( روا ُه مسلم (‪.)2577‬‬


‫((( مسلم (‪.)2577‬‬
‫مشقيني‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫حديث ُم َس ْل َسل بالدِّ‬
‫ٌ‬ ‫شاميون‪ ،‬وهو‬
‫((( يعني‪ :‬رواته ُّ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫((( األذكار للنووي (ص‪ ،)413‬جامع العلوم واحلكم (‪.)34/2‬‬
‫((( رشح النووي عىل مسلم (‪ ،)132/16‬جامع العلوم ِ‬
‫واحل َكم (‪.)35/2‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 62‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪61‬‬

‫الحديث التاسع‬

‫ن‬ ‫بــي ‪،H‬فيما ر َ َوى َع ِ‬ ‫ــن أَبي َذرٍّ‪َ ،‬ع ِ‬


‫ن ال َّن ِّ‬ ‫الني‪َ ،‬ع ْ‬ ‫ريس َ‬
‫الخ ْو ِّ‬ ‫ــن أَبــي إ ِ ْد َ‬
‫َع ْ‬
‫ع ْلت ُ ُه‬ ‫لم على نَفســي‪ ،‬و َ‬
‫ج َ‬ ‫الظ َ‬‫ت ُّ‬ ‫اهللِ ‪ F‬أَنَّ ُــه قــال‪« :‬يا ِعبادي‪ ،‬إنِّي َ‬
‫حرَّ ْم ُ‬
‫حرَّ ًما؛ فال تَظالَموا‪.‬‬ ‫بَين َ ُ‬
‫كم ُم َ‬

‫كم‪.‬‬ ‫فاستَهدوني ْ‬
‫أه ِد ُ‬ ‫ن هَديتُهُ؛ ْ‬ ‫ٌّ‬
‫ضال إال َم ْ‬ ‫كل ُّ ُ‬
‫كم‬ ‫يا ِعبادي‪ُ ،‬‬

‫كم‪.‬‬ ‫ط ِعموني أ ُ ِ‬
‫طع ْم ُ‬ ‫فاست َ ْ‬
‫ع ْمتُهُ؛ ْ‬ ‫ن أَ ْ‬
‫ط َ‬ ‫كل ُّ ُ‬
‫كم جا ِئعٌ إال َم ْ‬ ‫يا عبادي‪ُ ،‬‬

‫م‪.‬‬ ‫س ُ‬
‫ك ْ‬ ‫كسوتُهُ؛ فاست َ ْ‬
‫كسوني ْ‬
‫أك ُ‬ ‫ن َ‬ ‫كل ُّ ُ‬
‫كم عا ٍر إال َم ْ‬ ‫يا ِعبادي‪ُ ،‬‬

‫ميعا؛‬
‫ج ً‬ ‫نوب َ‬
‫َ‬ ‫يل‪ ،‬والنَّهار‪ ،‬وأنــا أ َ ْغ ِفر ُ ال ُّذ‬
‫ئون باللَّ ِ‬
‫ط َ‬ ‫كــم ت ُ ْخ ِ‬
‫يا ِعبادي‪ ،‬إن َّ ُ‬

‫م‪.‬‬ ‫غفروني أ َ ِ‬
‫غف ْر ُ‬
‫لك ْ‬ ‫فاست َ ِ‬

‫ضرُّوني‪ ،‬ولــن تَبلُغوا ن َ ْفعي‬


‫ضــرِّي َفت َ ُ‬ ‫يا ِعبــادي‪ ،‬إنَّكم ل َ ْ‬
‫ــن تَبلُغوا َ‬
‫َفتَن َ‬
‫فعوني‪.‬‬

‫م‪ ،‬كانوا على أ َ ْت َ‬


‫قى‬ ‫م‪َ ،‬و ِجنَّ ُ‬
‫ك ْ‬ ‫س ُ‬
‫ك ْ‬ ‫م‪َ ،‬وإ ِ ْن َ‬ ‫آخر َ ُ‬
‫ك ْ‬ ‫م‪َ ،‬و ِ‬ ‫ن أ َ َّول َ ُ‬
‫ك ْ‬ ‫يا ِعبادي‪ ،‬ل َ ْو أ َ َّ‬
‫ك في ُم ْلكي َ‬
‫ش ْي ًئا‪.‬‬ ‫م؛ ما زا َد َذ ِل َ‬ ‫واح ٍد ِم ْن ُ‬
‫ك ْ‬ ‫ج ٍل ِ‬ ‫َق ْل ِ‬
‫ب رَ ُ‬

‫م‪ ،‬كانوا على أ َ ْف َ‬


‫ج ِر‬ ‫م‪َ ،‬و ِجنَّ ُ‬
‫ك ْ‬ ‫ــك ْ‬ ‫س ُ‬
‫م‪َ ،‬وإ ِ ْن َ‬
‫ك ْ‬ ‫آخر َ ُ‬
‫م‪َ ،‬و ِ‬ ‫ك ْ‬‫ن أ َ َّول َ ُ‬
‫يا ِعبادي‪ ،‬ل َ ْو أ َ َّ‬
‫ن ُم ْلكي َ‬
‫ش ْي ًئا‪.‬‬ ‫ك ِم ْ‬ ‫ص َذ ِل َ‬ ‫ق َ‬ ‫واح ٍد؛ ما ن َ َ‬ ‫ج ٍل ِ‬ ‫َق ْل ِ‬
‫ب رَ ُ‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 61‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪60‬‬

‫وجال ُله‪َ ،‬‬


‫وباؤ ُه‪.‬‬ ‫نوره‪َ ،‬‬
‫حات َو ْج ِهه»‪ُ :‬‬
‫ُ‬ ‫ومعنى‪ُ :‬‬
‫«سب ُ‬

‫ست ُه ساتِ ٌر‪ ،‬وال‬


‫ش ٌء‪ ،‬وال َي ُ ُ‬
‫ِ‬
‫المخلوقات‪ ،‬ال َيفوتُه َ ْ‬ ‫بجمي ِع َ‬ ‫يط َ‬‫صه ‪ُ ‬م ٌ‬ ‫و َب َ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫خلوقات‪.‬‬ ‫الم‬
‫يع َ‬ ‫ص ُه م ْن َخ ْلقه»‪َ :‬ج ُ‬
‫فالمرا ُد بقوله‪« :‬ما ا ْنت ََهى إ َل ْيه َب َ ُ‬
‫ول دو َن ُه حائ ٌل؛ ُ‬ ‫َي ُ‬
‫ِ‬ ‫ــه ‪َ َ ،‬‬ ‫احلجاب املانِع ِمن رؤيتِ ِ‬ ‫ــف هذا ِ‬
‫ألح َر َق ُ‬
‫نور‬ ‫وت َّل خلَ ْلقه؛ ْ‬ ‫َ ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫ف َل ْو ك ََش َ‬
‫يع َملوقاتِه‪.‬‬ ‫َو ْج ِهه َ‬
‫وجال ُله َج َ‬
‫ــف ِمن ِ‬
‫احل ِ‬ ‫لج َب ِل‪َ ،‬‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الج َب ُل يف‬ ‫سريا؛ َ‬
‫ساخ َ‬ ‫جاب شي ًئا َي ً‬ ‫وكش َ َ‬ ‫ولذا ََّلا َت َّل ‪ F‬ل َ‬
‫ول ْ ي ُق ْم لر ِّب ِه ‪ ،F‬كام قــال تعاىل‪( :‬ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ‬ ‫األر ِ‬
‫ض‪ ،‬وتَدَ ْكــدَ َك‪َ ،‬‬ ‫ْ‬
‫ﯭ ﯮ) [األعراف‪.]١٤٣ :‬‬
‫خلوقات ِ‬
‫بحجابِــه النُّور‪ ،‬وأنَّه َل ْو‬ ‫ِ‬
‫َجب َع ِن َ‬
‫الم‬ ‫احت َ‬ ‫ب ‪ H‬أنَّه تعــاىل ْ‬ ‫ْ‬
‫فأخ َ َ‬
‫يع َملوقاتِه(((‪.‬‬
‫نور َو ْج ِهه َج َ‬ ‫جاب؛ َل َ‬
‫حرق ُ‬
‫ِ‬
‫َشف هذا احل َ‬‫ك َ‬

‫حات َو ْج ِهه األ ْع َ‬


‫ــى ال َيقو ُم هلا َش ٌء‬ ‫َت ُســ ُب ُ‬ ‫َي ُ‬
‫قول ابــ ُن الق ِّي ِم ‪« :V‬فإذا كان ْ‬
‫لوي‪،‬‬ ‫الح َت َق َ‬ ‫ِ‬ ‫ُّور ع ْن تِ َ‬
‫جاب الن ِ‬ ‫ِمن َخ ْل ِقه‪ ،‬و َلو ك ََش َ ِ‬
‫العال ُ ال ُع ُّ‬ ‫الس ُبحات؛ ْ‬ ‫لك ُّ‬ ‫ــف ح َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ربيائه‪ ،‬وكاملِه‬
‫وك ِ‬ ‫ذلــك الوج ِه الكريــ ِم‪ ،‬و َع َظمتِــه‪ِ ،‬‬
‫َ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫بج ِ‬
‫الل‬ ‫ــفيل؛ فام الظــ ُّن َ‬
‫والس ُّ‬
‫ُّ‬
‫وجالله؟!» ‪.‬‬‫ِ‬
‫(((‬
‫َ‬

‫القيم (ص‪ ،)51‬رشح كتاب التوحيد من‬


‫الصيب البن ِّ‬
‫ِّ‬ ‫((( رشح النووي عىل مسلم (‪ ،)13/3‬الوابل‬
‫صحيح البخاري للغُ نيامن (‪.)173/1‬‬
‫((( الصواعق املرسلة (‪.)1082/3‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 60‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪59‬‬ ‫احلديث الثامن‪« :‬إن اهلل ال ينام‪»...‬‬

‫ِ‬
‫وبنوره َ ْيتَدي ُ‬
‫أهل‬ ‫واألر َض‪ ،‬و َمــ ْن فيه َّن‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ــاوات‪،‬‬ ‫الس‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫فهو الذي ُين َِّو ُر َّ‬
‫م ْن أفعاله؛ َ‬
‫والشــمس‪ ،‬وال َقمر‪ِ ،‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫وبه‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُريس‪َّ ،‬‬‫َنار ال َع ْر ُش‪ ،‬والك ُّ‬
‫واألرض‪ ،‬وبه اســت َ‬ ‫ــاوات‪،‬‬ ‫الس‬
‫َّ‬
‫الجنَّ ُة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫استنارت َ‬
‫نور‪ ،‬كام قال اإلما ُم اب ُن الق ِّي ِ‬
‫م‪V‬‬
‫ِِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫فهو ‪ ‬بذاته ٌ‬
‫أيضا م ْن أوصافه؛ َ‬
‫ُّور ً‬
‫والن ُ‬
‫يف «نون َّي ِته»‪:‬‬
‫كيف النُّجو ُم وال َق َم ِ‬
‫ران‬ ‫واألرض‪َ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫موات ال ُع َل ِم ْن ِ‬
‫نوره‬ ‫ِ‬ ‫الس‬
‫نور َّ‬
‫ُ‬
‫وكذا حكا ُه احلافِ ُظ ال َّط َباين‬ ‫جل جالله‬‫الر ِّب َّ‬ ‫ِ‬
‫نور َو ْجه َّ‬ ‫ِم ْن ِ‬
‫وسائر األ ْكـ ِ‬
‫ـوان‬ ‫ِ‬ ‫َس ْب ِع ال ِّط ِ‬
‫باق‬ ‫يس َمع‬
‫رش والك ُْر ُّ‬ ‫استنار ال َع ُ‬
‫َ‬ ‫فبِ ِه‬
‫بعوث بال ُف ْر ِ‬
‫ُ‬
‫قان‬ ‫الم‬
‫نور‪ ،‬كذا َ‬ ‫ٌ‬ ‫كذلك َ ْ‬
‫ش ُعــ ُه‬ ‫َ‬ ‫نــور‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫وكتا ُب ُه‬
‫مــع الــ ُق ِ‬
‫ــرآن‬ ‫ٍ‬
‫نـــور َ‬ ‫نـــور عــى‬
‫ٌ‬ ‫ب ال َفتَى‬ ‫اإليامن يف َق ْل ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫وكذلك‬
‫حات لألك ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫نور‪ ،‬ف َل ْو ك ََش َ‬ ‫ِ‬
‫ْوان‬ ‫ألح ْر َق ُّ‬
‫الس ُب ُ‬ ‫َب َ‬ ‫احلجا‬ ‫وحجا ُب ُه ٌ‬
‫ِ‬
‫قيامة األ ْبـ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وإذا أتَى لل َف ْص ِل ُيـ ْ ِ‬
‫ـدان‬ ‫األرض يو َم‬ ‫يف‬ ‫نوره‬‫ـر ُق ُ‬
‫ليس ذا ُب ْط ِ‬
‫الن‬ ‫َـــأ َلَ َ‬
‫نــور ت َ ْ‬
‫ٌ‬ ‫َّات ال ُعىل‬
‫الر ِّب جن ُ‬ ‫دار َّ‬‫وكذاك ُ‬‫َ‬
‫ِ‬ ‫منعان ِم َن‬
‫ِ‬ ‫ب ‪َ ‬عن َخ ْل ِقه بالن ِ‬
‫ُّور‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬
‫اإلدراك يف‬ ‫أو الن َِّار؛ َّ‬
‫ألنُام َي‬ ‫احت ََج َ‬
‫وقــد ْ‬
‫ِ‬ ‫العاد ِة ُ ِ‬
‫لشعاع ِهام‪ ،‬كام قال‪« :‬حجا ُب ُه الن ُ‬
‫ُّور»‪.‬‬ ‫َ‬
‫َّبي ‪َ H‬ل ْيل َة‬ ‫ٌ‬ ‫ُّور َم‬ ‫فهذا ِ‬
‫وهو الــذي َرآ ُه الن ُّ‬
‫لــوق‪َ ،‬‬ ‫هو الن ُ‬
‫جــاب الذي َ‬
‫ُ‬ ‫احل‬
‫نورا»(((‪.‬‬
‫«رأيت ً‬
‫ُ‬ ‫املِ ْع ِ‬
‫راج‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫وصفا ُته َغري َم ٍ‬
‫لوقة (((‪.‬‬ ‫أما نور وج ِهه وذاتِه ‪ :‬فهو ِمن أوصافِ ِه‪ِ ،‬‬
‫ُ ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫َّ ُ َ ْ‬

‫ص ُه ِم ْن َخ ْل ِق ِه»‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫حات َو ْج ِهه ما ا ْنت ََهى إِ َل ْيه َب َ ُ‬ ‫ولِذا قال‪َ « :‬ل ْو ك ََش َف ُه ألَ ْح َر َق ْ‬
‫ت ُس ُب ُ‬

‫((( رواه مسلم (‪.)178‬‬


‫القيم (ص‪ ،)257‬اجتامع‬
‫تيمية (‪ ،)490/5‬التبيان يف أقسام القرآن البن ِّ‬
‫اجلهمية البن َّ‬
‫َّ‬ ‫((( بيان تلبيس‬
‫اإلسالمية (‪.)49/2‬‬
‫َّ‬ ‫اجليوش‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 59‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪58‬‬

‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬
‫ناء‪َ ،‬ف ُي ُ‬
‫قال‪ :‬ات ُْركوا‬ ‫ي َأخيه َش ْ‬
‫ــح ُ‬ ‫ميس‪َ ،‬ف ُي ْغ َف ُر لــك ُِّل َع ْبد ُم ْؤم ٍن‪ ،‬إِالَّ َع ْبدً ا َب ْينَ ُه َو َب ْ َ‬
‫اخل ِ‬
‫َ‬
‫َه َذ ْي ِن َحتَّى َيفيئا(((»(((‪.‬‬

‫ُ‬
‫ويقول‪:‬‬ ‫ميس‪ ،‬وتبكي إ َل ْي ِه‪،‬‬ ‫امر َأتِ ِه َي ْو َم َ‬
‫الخ ِ‬ ‫عي ‪َ V‬يبكي إىل َ‬ ‫إبراهيم الن ََّخ ُّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫وكان‬
‫ُعر ُض أعام ُلنا عىل اهللِ ‪.(((»D‬‬
‫«اليو َم ت َ‬

‫ــه ِر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫أعامل العا ِم ك ِّله ُجل ًة واحدَ ًة يف َش ْ‬ ‫فت َف ُع ُ‬ ‫ــنوي‪ُ :‬‬
‫ُّ‬ ‫الس‬ ‫َّوع ال َّث ُ‬
‫الث‪ :‬ال َع ْر ُض َّ‬ ‫والن ُ‬
‫سول اهلل‪َ ،‬ل ْ َأ َر َك‬‫لت‪ :‬يا َر َ‬ ‫ديث ُأسا َم َة ْب ِن َز ْي ٍد ‪ ،L‬قال‪ُ :‬ق ُ‬ ‫دل ِ‬
‫عليه َح ُ‬ ‫عبان؛ كام َّ‬ ‫َش َ‬
‫ي‬ ‫ك َش ْه ٌر َي ْغ ُف ُل الن ُ‬
‫َّاس َعنْ ُه َب ْ َ‬ ‫بان؟ قال‪َ « :‬ذلِ َ‬ ‫هور ما تَصو ُم ِم ْن َش ْع َ‬
‫الش ِ‬ ‫تَصو ُم َش ْه ًرا ِم َن ُّ‬
‫ِ‬ ‫ضان‪ ،‬وهو َشهر تُر َفع ِ‬
‫ب َأ ْن ُي ْر َف َع َع َميل‬‫ني؛ َف ُأح ُّ‬ ‫فيه األَ ْع ُ‬
‫امل إِ َل َر ِّب العا َل َ‬ ‫ب‪َ ،‬و َر َم َ َ َ ْ ٌ ْ ُ‬ ‫َر َج ٍ‬
‫َو َأنا صائِ ٌم»(((‪.‬‬

‫«وإِذا اِ ْن َق َض األَ َج ُل؛ ُرفِ َع َع َم ُل ال ُع ُم ِر ُك ِّله‪َ ،‬وطو َي ْ‬


‫ت َصحي َف ُة ال َع َم ِل»(((‪.‬‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ولكل َعر ٍ ِ‬
‫علمها ر ُّبنــا ‪ ،‬وم َن اهللِ تعاىل ِّ‬
‫الرســا َل ُة‪َ ،‬و َع َل‬ ‫ض حكْمــ ٌة َي ُ‬ ‫ِّ ْ‬
‫ِ‬
‫الرسول ‪ َH‬ال َبال ُغ‪ ،‬وع َل ْينا الت ُ‬
‫َّسليم‪.‬‬ ‫َّ‬
‫الرفعِ‪ ،‬وال َع ْر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ض؛ َف َيصو ُم‬ ‫لمســل ِم االزْديا ُد م َن ال َّطاعات يف ْأوقات َّ‬ ‫تحب ل ُ‬
‫و ُي ْس ُّ‬
‫تزو ُد‬ ‫الصيا َم يف َش َ‬ ‫ِ‬ ‫ميس‪ ،‬كام َ‬ ‫والخ ِ‬ ‫َي‪َ ،‬‬ ‫َي ْو َم االثن ْ ِ‬
‫عبان‪ ،‬و َي َّ‬ ‫كان َهدْ ُيه ‪ ،H‬و ُيكثر ِّ‬
‫باألعامل الص ِ‬
‫يل‪ ،‬والن ِ‬
‫َّهار‪.‬‬ ‫احلة يف ال َّل ِ‬ ‫ِ َّ‬
‫ٍ‬
‫رواية‪« :‬الن َُّار»‪:‬‬ ‫وقو ُل ُه ‪ِ :َH‬‬
‫«حجاب ُ ُه النُّورُ»‪ ،‬ويف‬
‫ِ ِ‬
‫قــال اهللُ تعاىل عــ ْن نفســه‪( :‬ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ) [النور‪ ،]٣٥ :‬والن ُ‬
‫ُّور‬

‫((( يرجعا ويتصاحلا‪.‬‬


‫((( رواه مسلم (‪.)36‬‬
‫((( لطائف املعارف (ص‪.)127‬‬
‫وحسنه األلباين يف الصحيحة (‪.)1898‬‬
‫َّ‬ ‫((( رواه النسائي (‪،)2357‬‬
‫القيم (‪.)354/2‬‬
‫((( هتذيب السنن البن ِّ‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 58‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪57‬‬ ‫احلديث الثامن‪« :‬إن اهلل ال ينام‪»...‬‬

‫َّهار‪ ،‬و َي ْص َع َ‬
‫دون‬ ‫ِ‬
‫انقضائــه يف َّأو ِل الن ِ‬ ‫يل َبعد‬ ‫ِ‬
‫بأعامل ال َّل ِ‬ ‫المالئكــ َة َي ْص َع َ‬
‫دون‬ ‫َّ‬
‫فإن َ‬
‫يل(((‪.‬‬‫انقضائ ِه يف َّأو ِل ال َّل ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بأعامل الن ِ‬
‫َّهار َبعدَ‬

‫يت َِم َ‬
‫عون‬ ‫بون فيك ُْم َمالَئِ َك ٌة بِال َّل ْي ِل‪َ ،‬و َمالَئِ َك ٌة بِالن ِ‬
‫َّهار‪َ ،‬و َ ْ‬ ‫ديث‪َ « :‬يتَعا َق َ‬ ‫كام يف الح ِ‬
‫َ‬
‫هو َأ ْع َل ُم‬
‫ــأ ُل ْم َو َ‬ ‫الذين باتوا فيك ُْم‪َ ،‬ف َي ْس َ‬ ‫َ‬ ‫ص‪ُ ،‬ث َّم َي ْع ُر ُج‬ ‫يف َصال َِة ال َف ْج ِر‪َ ،‬و َصال َِة ال َع ْ ِ‬
‫ــون‪َ ،‬و َأ َت ْي ُ‬
‫ناه ْم َو ُه ْم‬ ‫ْناه ْم َو ُه ْم ُي َص ُّل َ‬ ‫قولــون‪ :‬ت ََرك ُ‬
‫َ‬ ‫ُــم ِعبادي؟ َف َي‬ ‫ف ت ََر ْكت ْ‬ ‫ِبِ ْم‪َ :‬ك ْي َ‬
‫ون»(((‪.‬‬ ‫ُي َص ُّل َ‬

‫لو اهللِ تعاىل؛ كام قــال تعاىل‪( :‬ﯦ ﯧ ﯨ‬


‫إشــار ٌة إىل ُع ِّ‬ ‫ِ‬
‫األعامل‬ ‫ويف َر ْفــ ِع‬
‫َ‬
‫ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ) [فاطر‪ ،]١٠ :‬وقــال‪( :‬ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ)‬
‫[طه‪ ،]٥ :‬وقــال‪( :‬ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ) [امللك‪:‬‬
‫املالئ ِ‬
‫كة‪( :‬ﯔ ﯕ ﯖ‬ ‫‪ ،]١٦‬وقــال‪( :‬ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ) [األعىل‪ ،]١ :‬وقال َع ِن ِ‬

‫ﯗ) [النحل‪.]٥٠ :‬‬


‫ِ‬
‫وعرضها عىل اهللِ تعاىل‪:‬‬ ‫ِ‬
‫األعامل‬ ‫أنواع َر ْف ِع‬
‫ُ‬

‫رضها عىل اهللِ تعاىل‪ ،‬ثال َث ُة أنْواعٍ‪:‬‬ ‫ِ‬


‫األعامل‪ ،‬و َع َ‬ ‫أن َر ْف َع‬
‫الشع َّي ُة عىل َّ‬
‫ُّصوص َّ‬ ‫د َّل ِ‬
‫ت الن‬
‫ُ‬

‫دل‬ ‫ومرة بالن ِ‬


‫َّهار‪ ،‬كام َّ‬ ‫يل َّ‬ ‫مرة بال َّل ِ‬
‫تي‪َّ ،‬‬‫مر ْ ِ‬‫كل يو ٍم َّ‬ ‫اليومي‪ :‬يف ِّ‬‫ُّ‬ ‫فع‬ ‫األو ُل‪َّ :‬‬
‫الر ُ‬ ‫َّــوع َّ‬
‫الن ُ‬
‫َّهار‪ ،‬وتَص َعد‬ ‫آخر ِه يف َّأو ِل الن ِ‬‫يل يف ِ‬ ‫ِ‬
‫بأعامل ال َّل ِ‬ ‫ديث‪ ،‬فاملالئ َك ُة تَص َعدُ‬
‫الح ُ‬ ‫ذلك َ‬ ‫عليــه َ‬‫ِ‬

‫زق ِه‬‫بــور َك َله يف ِر ِ‬


‫ِ‬ ‫كان يف طا َع ٍة‪،‬‬ ‫فم ْن َ‬ ‫يل‪َ ،‬‬ ‫ــه يف َّأو ِل ال َّل ِ‬‫انقضائ ِ‬
‫ِ‬ ‫َّهار َبعدَ‬ ‫ِ‬
‫بأعــال الن ِ‬
‫و َع َم ِل ِه‪.‬‬
‫مر ِ‬
‫تني‪َ ،‬ي ْو َم‬ ‫كل ُأســبو ٍع َّ‬ ‫األعامل َّ‬
‫ُ‬ ‫ُعــر ُض‬‫ســبوعي‪ :‬فت َ‬
‫ُّ‬ ‫َّوع ال َّثاين‪ :‬ال َع ْر ُض األُ‬
‫الن ُ‬
‫َي‪ :‬يوم ِ‬ ‫ٍ (((‬ ‫ميس‪ُ « :‬ت ْع َر ُض َأ ْع ُ‬ ‫ِْ‬
‫ال ْثن ِ ْ‬
‫َي‪َ ،‬و َي ْو َم‬ ‫ج َعة َم َّرت ِ ْ َ ْ َ‬ ‫امل الن ِ‬
‫َّاس يف ك ُِّل ُ ُ‬ ‫والخ ِ‬‫االثنــن‪َ ،‬‬

‫((( رشح النووي عىل مسلم (‪.)13/3‬‬


‫((( رواه البخاري (‪ ،)555‬ومسلم (‪.)632‬‬
‫((( أي‪ :‬أسبوع‪.‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 57‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪56‬‬

‫أمور ِبه يف قولِ ِه‪( :‬ﭻ‬


‫الم ُ‬‫ﭛ) [احلديد‪ ،]٢٥ :‬أي‪ :‬الن ََّصف ُة يف األحكا ِم‪ ،‬وال َعدْ ُل َ‬
‫ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ) [النحل‪.]٩٠ :‬‬
‫ِ‬
‫وأتباع ِهم‬ ‫وأصحابِم‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األنبيــاء‪،‬‬ ‫فتار ًة ير َفعه بمعنــى‪ :‬ي َغ ِّلبه‪ ،‬وي ْظ ِهره‪ ،‬بو ِ‬
‫جود‬ ‫ُ ُ ُ ُ ُ‬ ‫َْ ُ‬
‫ورجو ِع ِ‬
‫أكثر‬ ‫ِ‬
‫هاب الرشائعِ‪ُ ،‬‬ ‫بذ ِ‬ ‫ِ‬
‫ويفيه َ‬ ‫العاملني ِبه‪ ،‬وتــار ًة َيْف ُضه بمعنى‪ :‬أنَّه ُي ْذه ُبه ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫عن الم ْش عىل ِم ِ‬
‫نهاجها(((‪.‬‬ ‫الناس ِ َ‬ ‫ِ‬

‫ب لقولِ ِه‪:‬‬ ‫ِ‬


‫س َــط‪َ ،‬وي َ ْر َف ُعهُ» ُمناس ٌ‬ ‫الق ْ‬
‫ض ِ‬ ‫‪َ H‬ع ِن اهللِ ت َ‬
‫َعال‪« :‬ي َ ْخ ِف ُ‬ ‫َ‬ ‫وقو ُل ُه‬
‫ف أبدً ا يف ُم ْل ِك ِه‬ ‫َرص ُ‬‫وهو الذي يت َّ‬ ‫ذلك‪َ ،‬‬ ‫عليه َ‬ ‫ــوز ِ‬‫كيف َي ُ‬ ‫«وال َينْ َبغي َل ُه َأ ْن َينا َم»؛ إ ْذ َ‬‫َ‬
‫ِ‬
‫بميزان ال َعدْ ل؟!(((‪.‬‬
‫الر َ‬ ‫ِ‬
‫زق عىل َم ْن يشا ُء‪،‬‬ ‫ــع ِّ‬ ‫فاهللُ تعاىل َيْف ُض َم ْن يشــا ُء‪ ،‬و َي ْر َف ُع َم ْن يشــا ُء‪َ ،‬‬
‫ويو ِّس ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اخلري‪. ،‬‬ ‫و ُي َض ِّي ُق عىل َم ْن يشا ُء‪ ،‬و ُيع ُّز َم ْن َيشا ُء‪ ،‬و ُيذ ُّل َم ْن َيشا ُء‪ ،‬ب َيده ُ‬
‫وهو ِم ْن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وهذا المشهدُ يسم ِيه العلامء‪ :‬مشهدَ القيومي ِة‪ِ ،‬‬
‫اجلامع لِ‬
‫األفعال‪َ ،‬‬ ‫صفات‬ ‫َ‬ ‫ُّ َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ِّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫الربوب َّية(((‪.‬‬
‫شهدٌ م ْن َمشاهد ُّ‬
‫وهو َم َ‬
‫ني‪َ ،‬‬ ‫أر َف ِع َمشاهد ال ُعلامء َّ‬
‫الربان ِّي َ‬
‫م ُ‬
‫ل النَّهارِ‬ ‫ل النَّهارِ‪َ ،‬و َ‬
‫ع َ‬ ‫م ِ‬
‫ع َ‬ ‫ل َق ْب َ‬
‫ل َ‬ ‫م ُ‬
‫ل اللَّ ْي ِ‬ ‫ع َ‬ ‫وقو ُلــ ُه ‪« :َH‬ي ُ ْر َف ُ‬
‫ع إِل َ ْي ِه َ‬
‫ل اللَّ ْي ِ‬
‫ل»‪:‬‬ ‫م ِ‬
‫ع َ‬ ‫َق ْب َ‬
‫ل َ‬

‫َّهار»‪.‬‬ ‫«و ُي ْر َف ُع إِ َل ْي ِه َع َم ُل الن ِ‬


‫َّهار بِال َّل ْي ِل‪َ ،‬و َع َم ُل ال َّل ْي ِل بِالن ِ‬ ‫ٍ‬
‫رواية ُملسل ٍم ً‬
‫أيضا‪َ :‬‬ ‫ويف‬
‫عمل الن ِ‬
‫َّهار الذي َبعدَ ُه‪ ،‬و َع َم ُل‬ ‫الليل َق ْب َل ِ‬
‫ِ‬ ‫األول‪ :‬ير َفع ِ‬
‫إليه َع َم ُل‬ ‫فمعنى الر ِ‬
‫َ ُْ‬ ‫واية‬ ‫ِّ‬
‫الن ِ‬
‫َّهار َق ْب َل َع َم ِل ال َّل ِ‬
‫يل الذي َب ْعدَ ُه‪.‬‬
‫يل الذي بعدَ ه‪ ،‬وير َفع ِ‬
‫إليه‬ ‫النهار يف ِ‬
‫أول ال َّل ِ‬ ‫ِ‬ ‫الثانية‪ :‬ير َفع ِ‬
‫إليه َع َم ُل‬ ‫ِ‬ ‫ومعنى الر ِ‬
‫واية‬
‫َ ُ ُْ ُ‬ ‫ُْ ُ‬ ‫ِّ‬
‫َّهار الذي َبعدَ ُه‪.‬‬ ‫يل يف ِ‬
‫أول الن ِ‬ ‫َع َم ُل ال َّل ِ‬

‫((( ا ُملف ِهم (‪.)409/1‬‬


‫((( مرقاة املفاتيح (‪.)165/1‬‬
‫((( انظر‪ :‬طريق اهلجرتني (ص‪.)44‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 56‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪55‬‬ ‫احلديث الثامن‪« :‬إن اهلل ال ينام‪»...‬‬

‫اعة‪ ،‬عَدْ ًل‪ِ ،‬‬


‫وحكم ًة‪ ،‬كام قال تعاىل‪( :‬ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ‬ ‫َّوفيق لل َّط ِ‬ ‫الر ِ‬
‫زق‪ ،‬والت ِ‬ ‫ِّ‬
‫ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ) [احلجر‪.(((]٢١ :‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فع ر َف َع ُه‪ ،‬و َمن‬ ‫فمن َعم َل ما َي ْستَح ُّق َّ‬
‫الر َ‬ ‫يك ُُم يف َخ ْلقه بميزان ال َعدْ ل‪َ ،‬‬
‫فاهللُ تعاىل َ ْ‬
‫الخ ْف َض َ‬
‫خفض ُه‪.‬‬ ‫َح ُّق َ‬ ‫َع ِم َل ما يست ِ‬
‫َْ‬
‫ِ‬
‫الماء‪،‬‬ ‫رير َة ‪َ I‬مرفو ًعا‪َ « :‬ع ْر ُشــ ُه عىل‬ ‫ِ‬ ‫ذلــك‪ :‬ما َ‬‫َ‬ ‫و ُيؤ ِّيد‬
‫ثبت يف َحديث أيب ُه َ‬
‫ي ِف ُض‪َ ،‬و َي ْر َف ُع»(((‪.‬‬‫امليزان‪ْ َ ،‬‬
‫ُ‬ ‫َوب َي ِد ِه األُ ْخ َرى‬

‫َعال‪( :‬ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ) [الرمحن‪ ،]٢٩ :‬قال‪:‬‬ ‫داء ‪ ،I‬يف قولِه ت َ‬ ‫وقال َأبو الدَّ ر ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ف ك َْر ًبا‪َ ،‬و َي ْر َف ُع َق ْو ًما‪َ ،‬و َي َض ُع َ‬
‫آخري َن»(((‪.‬‬ ‫« َي ْغ ِف ُر َذ ْن ًبا‪َ ،‬و َيك ِْش ُ‬

‫سط‪ ،‬وير َف ُعه» أرا َد ِبه أنَّه‬ ‫«خيف ُض ِ‬


‫الق َ‬ ‫يخ اإلسال ِم ابن تيمي َة ‪« :V‬قو ُله‪ِ :‬‬
‫وقال َش ُ‬
‫ُ‬ ‫ُ َّ‬
‫أعامل العباد‪ ،‬كام قال تعاىل‪( :‬ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ) [احلجر‪:‬‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫دل يف‬‫ُيراعي ال َع َ‬
‫‪.(((»]٢١‬‬

‫سيع ِه‪،‬‬
‫َضييق ِه‪ ،‬وير َفعه بتَو ِ‬
‫َ ُ ْ‬
‫زق بت ِ‬
‫الر َ‬ ‫ِ‬
‫زق»‪ ،‬واملعنى‪َ :‬يْف ُض ِّ‬‫«الر ُ‬
‫ــط هو ِّ‬
‫وقيل‪ِ :‬‬
‫الق ْس ُ‬
‫ِ‬
‫«قس ُط» ك ُِّل َم ٍ‬ ‫الر َ‬ ‫ِ‬
‫لوق‪ ،‬أي‪ :‬نَصي ُبه‪( :‬ﯝ ﯞ ﯟ‬ ‫زق هو ْ‬ ‫ويو ِّس ُع؛ ل َّن ِّ‬
‫ف ُي َض ِّي ُق َ‬
‫ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ) [العنكبوت‪.(((]٦٢ :‬‬

‫واألحكا ُم‪ ،‬كام قال تعاىل‪:‬‬


‫ْ‬ ‫ائع‪،‬‬ ‫نفس ُه‪ ،‬و ُيراد بِ ِه‪َّ :‬‬
‫الش ُ‬ ‫ــط» هو ال َعدْ ُل ُ‬
‫وقيل‪ِ :‬‬
‫«الق ْس ُ‬ ‫َ‬
‫(ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ‬

‫((( ا ُملف ِهم للقرطبي (‪ ،)409/1‬رشح النووي عىل مسلم (‪ ،)13/3‬مرقاة املفاتيح (‪.)165/1‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)7411‬ومسلم (‪.)993‬‬
‫مرفوعا‬
‫ً‬ ‫((( ع ّلقه البخاري يف صحيحه (‪ ،)144/6‬ووصله البيهقي يف الشعب (‪ ،)1067‬موقو ًفا‪ ،‬ورواه ً‬
‫أيضا‬
‫وصوب الدارقطني وقفه‪ ،‬كام يف العلل (‪.)229/6‬‬
‫ّ‬ ‫مرفوعا (‪،)202‬‬
‫ً‬ ‫(‪ ،)1066‬وكذا رواه ابن ماجة‬
‫((( بيان تلبيس اجلهمية (‪)78/8‬‬
‫((( ا ُملف ِهم (‪ ،)409/1‬ورشح النووي عىل مسلم (‪ ،)13/3‬ومرقاة املفاتيح (‪.)165/1‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 55‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪54‬‬

‫َفال َ ِ‬
‫ص‬ ‫ألن هذا ن ْق ٌ‬
‫ُعاس‪َ ،‬وهو مقدِّ م ُة النَّو ِم‪( ،‬ﮮ ﮯ)؛ َّ‬ ‫تعتيه (ﮭ) أي‪ :‬ن ٌ‬
‫ألن ِ‬
‫النائ َم‬ ‫ســتحيل يف ح ِّق ِه النَّو ُم؛ َّ‬
‫ُ‬ ‫ليــق باهللِ تعاىل‪ ،‬واهللُ تعاىل ُم َّنز ٌه ع ْن َ‬
‫ذلك‪ ،‬و َي‬ ‫ال َي ُ‬
‫غيب عىل اهللِ َش ٌء‪.‬‬‫عم حو َل ُه‪ ،‬وال َي ُ‬ ‫غيب َّ‬
‫َي ُ‬
‫والنَّو ُم َغفل ٌة‪ ،‬واهللُ ال َيغ ُف ُل عــ ْن َش ٍء ‪ ،‬والنَّو ُم راح ٌة ِم َن ال َّت َع ِ‬
‫ب‪ ،‬واهللُ‬
‫ب‪.‬‬ ‫تعاىل ُم َّنز ٌه ع ْن َ‬
‫ذلك‪ ،‬فال َي َم ُّسه إعيا ٌء‪ ،‬وال َت َع ٌ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫فاهللُ تعاىل كام ُل احلياة‪ ،‬كام ُل الق ُّيوم َّية‪ ،‬ق ُّيو ٌم عىل خلقه‪ُ ،‬يد ِّب ُر َ‬
‫أمور ُه ْم‪ ،‬فال َين َبغي‬
‫ويرز ُق‪ ،‬ويغني‪ ،‬وي ِ‬ ‫فيل‪ ،‬فيخ ُل ُق‪ُ ،‬‬ ‫األمور يف َ‬ ‫َله ْ‬
‫فق ُر‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫والس ِّ‬
‫لوي‪ُّ ،‬‬ ‫العالِ ال ُع ِّ‬ ‫َ‬ ‫أن ينا َم‪ُ « ،‬يدَ ِّب ُر‬
‫قيل الع ِ‬ ‫آخريــن‪ ،‬وي ِع ُّز‪ ،‬وي ِذ ُّل‪ِ َ ،‬‬
‫ثرات‪،‬‬ ‫ــع‪ ،‬و ُي ُ َ‬
‫ويْف ُض‪ ،‬و َي ْر َف ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ويض ُع َ‬ ‫رفع أقوا ًما‪َ ،‬‬ ‫و َي ُ‬
‫وج َرى هبا َق َل ُمه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بات‪ ،‬و ُي ِنفذ‬ ‫ويفرج الكُر ِ‬
‫أوقاتا التي َســ َب َق هبــا ع ْل ُمه‪َ ،‬‬ ‫األقدار يف‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ِّ‬
‫بري ِه»(((‪.‬‬
‫لتدبري ما جع َل ُهم عىل تدْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وير ِس ُل مالئك َته ِ‬
‫الكرا َم؛‬ ‫ُ‬ ‫ُْ‬

‫شــؤونُم‪،‬‬ ‫المدَ ِّب ُر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فكيف ينام ‪ ‬وهو ِ‬


‫القائ ُم عىل ِ‬
‫َ‬ ‫أمور الكَون‪ ،‬و َمن فيه‪ُ ،‬‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫َ‬
‫وأحوالُم؟‬
‫فيه‪ ،‬وما ِ‬
‫َون ك ُّله بمن ِ‬
‫حل َظ ًة ‪-‬وحاشاه ‪-‬؛ َل َف َسدَ الك ُ‬
‫فيه‪.‬‬ ‫َ ْ‬ ‫و َل ْو َغ َف َل ْ‬

‫ط‪َ ،‬وي َ ْر َف ُ‬
‫عهُ»‪:‬‬ ‫س َ‬
‫الق ْ‬
‫ض ِ‬ ‫وقوله ‪« :َH‬ي َ ْخ ِف ُ‬

‫يقع ال َعدْ ُل‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ ِ‬ ‫ِ‬


‫«الق ْس ُط»‪ :‬هو ال َعدْ ُل‪ ،‬أو‬
‫امليزان ق ْس ًطا؛ ألنَّه بامليزان ُ‬ ‫وس ِّمي‬ ‫ُ‬
‫امليزان‪ُ ،‬‬
‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وزون‪ ،‬فاهللُ تعاىل‬ ‫الم‬
‫الش ُء َ‬ ‫هو‪َّ :‬‬‫والمــرا ُد بامليزان الذي َيْف ُضه اهللُ تعاىل و َير َف ُعه َ‬ ‫ُ‬
‫رتفعةِ‬
‫وأعاملم الم ِ‬
‫ِ‬ ‫نده‪ِ،‬‬
‫الناز َل ِة ِمن ِع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يوزن م ْن أرزاق العباد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫امليزان‪ ،‬و َي ْر َف ُعه بام‬
‫َ‬ ‫َي ِْف ُض‬
‫ُ َ‬ ‫ْ‬
‫إ َل ْي ِه‪.‬‬
‫ذالن بالمع ِ‬ ‫زق‪ِ ،‬‬
‫واخل ِ‬ ‫تري الر ِ‬ ‫َفي ِ‬
‫صية‪ ،‬و َير َف ُعه تار ًة بتوســي ِع‬ ‫َ ْ‬ ‫امليزان تار ًة بت ْق ِ ِّ‬
‫َ‬ ‫خف ُض‬ ‫َ‬

‫((( تفسري السعدي (ص‪.)412‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 54‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪53‬‬ ‫احلديث الثامن‪« :‬إن اهلل ال ينام‪»...‬‬

‫صول‬ ‫أن النَّبــي ‪ َH‬أويت ج ِ‬


‫وام َع الك َِل ِم‪ ،‬حتَّى إِ َّن ُه َل َي ْج َم ُع ُأ َ‬ ‫لك َّ‬‫بي َ‬‫وهذا ُي ِّ ُ‬
‫َ َ‬ ‫َّ‬
‫جام ٍ‬
‫عات‪.‬‬ ‫سريات ِ‬
‫ٍ‬ ‫َّوحيد‪ ،‬يف ك َِل ٍ‬
‫امت َي‬ ‫ِ‬ ‫صول الت‬ ‫ِ‬
‫الع ْل ِم‪ ،‬و ُأ َ‬

‫ديث ِم ْن َذلِ َك‪.‬‬


‫الح ُ‬
‫َوهذا َ‬
‫نام»‪:‬‬ ‫نام‪َ ،‬وال ي َ ْنبَغي ل َ ُه أ َ ْ‬
‫ن يَ َ‬ ‫وقو ُله ‪« :H‬إ ِ َّ‬
‫ن اهللَ ‪ D‬ال ي َ ُ‬

‫زال ح ًّيا‪َ ،‬ل ْ َيســبِ ْق‬


‫لة‪َ ،‬ل ْ َي َز ْل وال َي ُ‬‫الكام ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احلياة‬ ‫حي ق ُّيو ٌم‪ ،‬واحلَ ُّي‪ :‬ذو‬
‫فــاهللُ تعاىل ٌّ‬
‫واآلخ ُر‪.E ،‬‬ ‫ِ‬ ‫األو ُل‪،‬‬ ‫وت‪ ،‬وال َي ْل َح ُقها َم ٌ‬
‫فهو َّ‬ ‫وت‪َ ،‬‬ ‫حياتَه َم ٌ‬

‫أح ٍد‪،‬‬‫كل َ‬‫تاج إل ْي ِه ُّ‬ ‫والقائم عىل ِ ِ‬


‫غريه‪َ ،‬ي ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫وال َقيوم‪ :‬القائم بذاتِ ِه‪ ،‬ال َيتاج إىل ٍ‬
‫أحد‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ ُ‬
‫كل َش ٍء‪.‬‬ ‫القائم عىل ِّ‬
‫ُ‬ ‫وهو‬
‫فيه َّن‪َ ،‬‬‫واألرض‪ ،‬و َم ْن ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اموات‪،‬‬ ‫الس‬ ‫ِ‬
‫بأمور َّ‬ ‫َيقو ُم‬

‫فهو الذي ْأوجدَ ها‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫موات‪ ،‬وما ِ ِ‬ ‫فقا َم ْت ِبه‬


‫المخلوقات‪َ ،‬‬ ‫فيهام م َن َ‬ ‫ُ‬ ‫والس‬
‫األرض‪َّ ،‬‬‫ُ‬
‫ني عنْها ِم ْن ِّ‬
‫كل‬ ‫فهو ال َغ ُّ‬
‫الحها‪ ،‬وقيا ُمها‪َ ،‬‬
‫وص ُ‬ ‫بقاؤها‪َ ،‬‬ ‫فيه ُ‬ ‫لكل ما ِ‬
‫وأ َمدَّ ها‪ ،‬وأعَدَّ ها‪ِّ ،‬‬
‫كل َو ْج ٍه(((‪.‬‬
‫إليه ِم ْن ِّ‬
‫جه‪ ،‬وهي التي افت َقر ْت ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫و ٍ‬
‫َ‬
‫فات َّ ِ‬
‫ســتلزم ُة ِلمي ِع ِص ِ‬ ‫ِ‬
‫كالســمعِ‪،‬‬
‫الذات‪َّ ،‬‬ ‫ِ َ‬ ‫فالح ُّي‪َ :‬مــ ْن َل ُه احليا ُة الكام َل ُة‪ُ ،‬‬
‫الم‬ ‫َ‬
‫َحو َ‬
‫ذلك‪.‬‬ ‫در ِة‪ ،‬ون ِ‬ ‫ِ‬
‫ص‪ ،‬والع ْلم‪ ،‬وال ُق َ‬ ‫وال َب َ ِ‬
‫ِ‬
‫األفعال‬ ‫هو الذي قا َم بنَ ْف ِســه‪ ،‬وقــا َم بِ ِه َغ ُري ُه‪ ،‬وذلِ َك ُمســت ْل ِز ٌم ِلمي ِع‬‫والق ُّيو ُم‪َ :‬‬
‫واء‪ ،‬والن ِ‬ ‫عل ِه ما يشــاء‪ِ ،‬من االستِ ِ‬ ‫ني‪ِ ،‬من فِ ِ‬
‫ُّزول‪ ،‬والكَال ِم‪،‬‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ف هبا َر ُّب العا َل َ ْ‬ ‫التي ات ََّص َ‬
‫ذلك‬ ‫ِ‬
‫التدبري‪ ،‬ك ُُّل َ‬ ‫ِ‬
‫وســائ ِر أنــوا ِع‬ ‫ِ‬
‫واإلحياء‪،‬‬ ‫زق‪ ،‬واإلمات َِة‪،‬‬ ‫والخ ْل ِق‪ ،‬والر ِ‬‫َ‬ ‫وال َق ْو ِل‪،‬‬
‫ِّ‬
‫داخ ٌل يف َق ُّيوم َّي ِة الباري‪.‬‬ ‫ِ‬

‫ــن متا ِم حياتِ ِه‪ ،‬وق ُّيوم َّيتِ ِه‪ :‬أ َّن ُه ‪ ‬ال َينام (ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩﮪ‬
‫وم ْ‬
‫ِ‬

‫ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ) [البقرة‪ ،]٢٥٥ :‬فــا ينــا ُم‪ ،‬وال َينبغي له ْ‬


‫أن ينا َم‪ ،‬والنَّو ُم أخو‬
‫كام ُل الح ِ‬
‫ياة‪.‬‬ ‫ت‪ ،‬واهللُ تعاىل حي ِ‬
‫المو ِ‬
‫َ‬ ‫ٌّ‬ ‫َْ‬

‫احلق الواضح املبني للسعدي (ص‪ ،)87‬تفسري سورة البقرة البن عثيمني (‪.)251/3‬‬
‫((( ُّ‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 53‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪52‬‬

‫«إن َأ ْصدَ َق كَلِ َم ٍة قاهلا‬ ‫لل ال َعظيمِ»‪َ ،‬وقال ‪َّ :H‬‬ ‫حان ا َِّ‬ ‫لل َوبِ َح ْم ِد ِه‪ُ ،‬س ْب َ‬ ‫حان ا َِّ‬
‫ُس ْب َ‬
‫«إن ال َع ْبدَ َل َي َت َك َّل َم بِالكَلِ َم ِة‬
‫لل باطِ ٌل»‪َ ،‬وقال‪َّ :‬‬ ‫ش ٍء ما َخال ا َّ‬ ‫ٍ َ‬ ‫َّ ِ ِ‬
‫الشاع ُر كَل َم ُة َلب َيد‪ :‬أال ك ُُّل َ ْ‬
‫القيام ِة‪َ ،‬وإِ َّن‬
‫َ‬ ‫َب َل ُه ِبا ِر ْضوا ُن ُه إىل َي ْو ِم‬ ‫َت‪ُ ،‬ي ْكت ُ‬ ‫ــن ِر ْض ِ‬
‫وان اللَِّ ما َي ُظ ُّن َأ ْن َت ْب ُلغَ ما َب َلغ ْ‬ ‫م ْ‬
‫ِ‬

‫َب َل ُه ِبا َسخَ ُط ُه‬ ‫لل ما َي ُظ ُّن َأ ْن َت ْب ُلغَ ما َب َلغ ْ‬ ‫العبدَ َلي َت َك َّلم بِالكَلِم ِة ِمن ســخَ ِ‬
‫َت‪ُ ،‬ي ْكت ُ‬ ‫ط ا َِّ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫َْ َ ُ‬
‫َت بِام ُق ْلت‬ ‫امت َل ْو ُو ِزن ْ‬ ‫ت بعدَ ك َأربع كَلِ ٍ‬ ‫القيام ِة»‪َ ،‬وقال ِلُ ِّم ا ُمل ْؤ ِم َ‬
‫ََْ‬ ‫نني « َل َقدْ ُق ْل ُ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ــو ِم‬
‫إىل َي ْ‬
‫لل ِز َن َة‬ ‫لل ِرضا َن ْف ِس ِه‪ُ ،‬س ْب َ‬
‫حان ا َِّ‬ ‫لل َعدَ َد َخ ْل ِق ِه‪ُ ،‬س ْب َ‬
‫حان ا َِّ‬ ‫ُمن ُْذ ال َي ْو َم َل َو َز َنت ُْه َّن‪ُ :‬ســ ْب َ‬
‫حان ا َِّ‬
‫َعــال‪( :‬ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ‬ ‫لل ِمدا َد كَلِامتِ ِه»‪َ ،‬و ِمنْ ُه َق ْو ُل ُه ت َ‬ ‫حان ا َِّ‬
‫ــه‪ُ ،‬ســ ْب َ‬ ‫عر ِش ِ‬
‫َْ‬
‫ﭝﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ) [الكهف‪َ ]٥ :‬و َق ْو ُلــ ُه‪( :‬ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ‬
‫ﮦ ﮧ ﮨ) [الفتح‪ ،]٢٦ :‬و َق ْو ُلــ ُه ت َ‬
‫َعال‪( :‬ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ‬
‫ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ) [آل عمران‪َ ،]٦٤ :‬و َق ْو ُلــ ُه‪( :‬ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ‬
‫ﮕ ﮖ ﮗ) [الزخرف‪َ ،]٢٨ :‬و َق ْو ُلــ ُه‪( :‬ﯦ ﯧ ﯨ‬
‫ــو ُل الن ِّ‬
‫َّبــي‬ ‫ﯩ ﯪﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ) [التوبة‪َ ،]٤٠ :‬و َق ْ‬
‫ِ‬ ‫هو يف َس ِ‬ ‫‪« :H‬من قات ََل لِت َ ِ‬
‫بيل اللَِّ»‪َ ،‬ونَظائ ُر ُه ك َ‬
‫َثريةٌ‪.‬‬ ‫هي ال ُع ْليا؛ َف َ‬
‫َكون كَل َم ُة اللَِّ َ‬ ‫َ ْ‬

‫ــظ الك َِل َم ِة َّإل وا ُملرا ُد بِ ِه‬ ‫والســن َِّة‪َ ،‬وكَال ِم ال َع َر ِ‬


‫ب‪َ ،‬ل ْف ُ‬ ‫تاب‪ُّ ،‬‬
‫وال يوجدُ َق ُّط يف ِ‬
‫الك ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اجلُ ْم َل ُة التَّا َّم ُة‪.‬‬
‫ِ‬ ‫فون َذلِ َك؛ َب ْل َي ُظن َ‬‫ــم ال َي ْع ِر َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الح ُه ْم يف‬
‫اصط َ‬ ‫ُّــون َأ َّن ْ‬ ‫َثــر م ْن النُّحاة َأ ْو َأ ْك َث ُر ُه ْ‬
‫َفك ٌ‬
‫هو ُل َغ ُة ال َع َر ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫ب»(((‪.‬‬ ‫اس ٍم‪َ ،‬وف ْع ٍل‪َ ،‬و َح ْرف‪َ ،‬‬ ‫ُم َس َّمى الكَل َمة َينْ َقس ُم إىل ْ‬

‫ح َل كَال ِم اهلل‪َ ،‬و َرســولِ ِه‪َ ،‬ع َل ْي ِه‪َ ،‬ف َي َق ُع‬ ‫ال ْصطِ ِ‬
‫الح‪ ،‬ما َل ْ َيت ََض َّم ْن َ ْ‬ ‫«وال حجــر يف ِ‬
‫َ َ ْ َ‬
‫راد ا ُمل َت َك ِّلــ ِم ِمنْها‪َ ،‬و َقدْ َح َص َل‬
‫ح ِلها عىل َغ ِي م ِ‬
‫ْ ُ‬ ‫ِ‬
‫ُّصــوص‪َ ،‬و َ ْ‬ ‫بِ َذلِ َ‬
‫ــك ال َغ َل ُط يف َف ْه ِم الن‬
‫ِ‬
‫ُّصوص»(((‪.‬‬ ‫بِ َذلِ َك لِ ْل ُمت ََأ ِّخري َن َأ ْغ ٌ‬
‫الط َشديدَ ٌة يف َف ْه ِم الن‬

‫((( جمموع الفتاوى (‪.)104/12‬‬


‫((( إعالم املوقعني (‪.)71/1‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 52‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪51‬‬

‫الحديث الثامن‬

‫ُ‬
‫ســول اهلل ِ ‪H‬‬‫قــام فينــا ر َ‬
‫َ‬ ‫ري ‪ ،I‬قــال‪:‬‬
‫ــع ِّ‬ ‫موســى ْ‬
‫األش َ‬ ‫َ‬ ‫ــن أَبــي‬
‫َع ْ‬
‫مات‪َ ،‬فقال‪:‬‬
‫س َكل ِ ٍ‬
‫ب ِ َخ ْم ِ‬

‫س َــط َوي َ ْر َف ُ‬
‫عهُ‪،‬‬ ‫الق ْ‬
‫ض ِ‬ ‫نــام‪َ ،‬وال ي َ ْنبَغي ل َ ُه أ َ ْن ي َ َ‬
‫نام‪ ،‬ي َ ْخ ِف ُ‬ ‫ُ‬ ‫ن اهللَ ‪ D‬ال ي َ‬
‫«إ ِ َّ‬
‫ل اللَّ ْي ِ‬
‫ل‪ِ ،‬حجاب ُ ُه‬ ‫م ِ‬ ‫ل النَّهارِ َق ْب َ‬
‫ل َع َ‬ ‫م ُ‬
‫ل النَّهارِ‪َ ،‬و َع َ‬
‫م ِ‬ ‫ل َق ْب َ‬
‫ل َع َ‬ ‫ل اللَّ ْي ِ‬ ‫ي ُ ْر َف ُع إِل َ ْي ِه َع َ‬
‫م ُ‬
‫ن َ‬
‫خ ْل ِق ِه»(((‪.‬‬ ‫حات َو ْج ِه ِه ما ا ْنتَهَى إِل َ ْي ِه ب َ َ‬
‫صر ُ ُه ِم ْ‬ ‫سب ُ ُ‬ ‫ف ُه أل َ ْحر َ َق ْ‬
‫ت ُ‬ ‫ك َ‬
‫ش َ‬ ‫النُّورُ‪ ،‬ل َ ْو َ‬

‫مة اهللِ تعاىل‪ ،‬وقيوميتِ ِه عىل َخ ْل ِ‬


‫قه‪.‬‬ ‫فيه كثري ِمن معاين َع َظ ِ‬
‫جليل‪ِ ،‬‬
‫عظيم ٌ‬ ‫هذا َح ٌ‬
‫ديث‬
‫َ ُّ َّ‬ ‫ٌ ْ‬ ‫ٌ‬

‫س َكل ِ ٍ‬
‫مات»‪.‬‬ ‫سول اهللِ ‪ H‬ب ِ َخ ْم ِ‬
‫ُ‬ ‫«قام فينا ر َ‬
‫َ‬ ‫وقوله ‪:I‬‬
‫‪َ H‬تعني الجم َلــ َة التَّام َة‪ِ َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫ســول اهللِ‬ ‫«الك َِل َم ُة» يف كَال ِم َر‬
‫هي يف‬ ‫وكذل َك َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ‬
‫بالكل َم ِة ال َق ْو َل‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫ريدون‬ ‫ريدون بالك َِل َم ِة الــكَال َم‪ ،‬إنَّام ُي‬
‫َ‬ ‫ُل َغ ِ‬
‫ــة ال َع َر ِ‬
‫ب‪َّ ،‬إل َأ َّن النُّحا َة ال ُي‬
‫لون ِم َثل‪« :‬قا َم ُم َّمدٌ » ك َِل َمت ْ ِ‬
‫َي‪.‬‬ ‫الم ْف َر َد‪ ،‬ف َي ْج َع َ‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫هي‬
‫ب‪َ -‬‬ ‫قال َش ْي ُخ اإلســا ِم ا ْب ُن تَيم َّي َة ‪« :V‬الكَل َم ُة يف ُل َغت ِه ْم ‪-‬يعني ُلغ َة َ‬
‫العر ِ‬
‫الفعلي ُة‪ ،‬كَام قال النَّبي ‪ H‬يف احل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ديث ا ُمل َّت َف ِق‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫اجلُ ْم َل ُة التَّا َّم ُة‪ ،‬اجلُ ْم َل ُة ال ْسم َّي ُة‪َ ،‬أ ِو ْ َّ‬
‫ح ِن‪:‬‬ ‫الر ْ َ‬ ‫امليزان‪َ ،‬حبي َب ِ‬
‫تان إىل َّ‬ ‫ِ‬ ‫ســان‪َ ،‬ثقي َل ِ‬
‫تان يف‬ ‫ِ‬ ‫عىل ِص َّحتِ ِه‪« :‬كَلِ َم ِ‬
‫تان َخفي َف ِ‬
‫تان عىل ال ِّل‬

‫((( رواه مسلم (‪.)179‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 51‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 50 11/17/19 8:56 PM
‫‪49‬‬ ‫خلق كذا؟‪»...‬‬
‫احلديث السابع‪« :‬يأيت الشيطانُ أحدَ كم فيقول‪َ :‬من َ‬

‫هذ ِه‬
‫وهذا التَّعليم النَّبوي الكَريم أن َفع وأ ْق َطع لِلوسوس ِة ِمن المجاد ِلة العقلي ِة يف ِ‬
‫َ َّ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫ُ َ ْ َ َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫المجاد َل َة َق َّلام تَن َف ُع يف م ْث ِلها‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ال َقض َّية؛ فإِ َّن ُ‬
‫ٍ‬ ‫أن أ ْك َث َر الن ِ‬ ‫ؤس ِ‬
‫و ِمن الم ِ‬
‫َّاس يف َغ ْف َلة َع ْن هذا التَّعلي ِم الن ِّ‬
‫َّبوي الكَري ِم؛ َف َتنَ َّبهوا‬ ‫ف‪َّ :‬‬ ‫َ َ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َعرفوا إىل ُسنَّة نب ِّيك ُْم‪ ،‬وا ْع َملوا ِبا؛ فإِ َّن فيها شفا َءك ُْم‪ ،‬وع َّزك ُْم»(((‪.‬‬ ‫َ‬
‫سلمون‪ ،‬وت َّ‬ ‫الم‬
‫ُّأيا ُ‬

‫((( السلسلة الصحيحة (‪.)236/1‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 49‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪48‬‬

‫فع ك َُّل ما ُيضا ُّد ُه ِم َن الباطِ ِل‪،‬‬ ‫الص ِ‬


‫حيح الذي َيدْ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الم ْلقي هل َ ِذ ِه ُّ‬
‫الشــ ْب َهة‪ ،‬وباإليامن َّ‬ ‫هو ُ‬‫َ‬
‫والح ْمدُ هللِ‪.‬‬
‫َ‬
‫ِ ِ‬
‫باشةً‪.‬‬ ‫َفبِاالنتهاء‪َ :‬ق ْط ُع َّ ِّ‬
‫الش ُم َ َ‬
‫ِ ِ‬
‫الش‪.‬‬
‫بب الدَّ اعي إىل َّ ِّ‬ ‫وبِاالستعا َذة‪َ :‬ق ْط ُع َّ‬
‫الس ِ‬

‫فع ك َُّل ُم ِ‬
‫عار ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َوبِ‬
‫ض‪.‬‬ ‫قيني‪ ،‬الذي َيدْ ُ‬ ‫اإليامن‪ :‬ال ُّلجو ُء واالعتصا ُم باالعتقاد َّ‬
‫الصحيحِ ال َي ِّ‬
‫األســباب الدَّ افِع ِة لِك ُِّل ُشــب ٍ‬ ‫وه ِذ ِه‬
‫َ‬
‫اإليامن؛‬ ‫هة ت ِ‬
‫ُعار ُض‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫هي ِج ُ‬
‫اع‬ ‫األمور الثال َث ُة َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ف َينْ َبغي العنا َي ُة هبا يف ك ُِّل ما َي ْعر ُض لإليامن م ْن ُشــ ْب َهة‪ ،‬واشتباه‪َ ،‬يدْ َف ُعه ال َع ْبدُ ُم َ َ‬
‫باش ًة‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫الب ِ‬
‫الل‪،‬‬ ‫يس َب ْعدَ ه َّإل َّ‬
‫الض ُ‬ ‫الح ُّق الذي َل َ‬ ‫وهو َ‬ ‫اهني الدَّ ا َّلة عىل إبطاله‪ ،‬وبإثبات ضدِّ ه‪َ ،‬‬ ‫بِ َ‬
‫الشه ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫لوب فِ َت َن ُّ‬ ‫ِ‬ ‫التعو ِذ باهللِ ِم َن َّ‬
‫وات؛‬ ‫الش ُبهات‪ ،‬وف َت َن َّ َ‬ ‫ــيطان الذي َيدْ َف ُع إىل ال ُق ِ‬ ‫الش‬ ‫وبِ ُّ‬
‫ِ‬
‫المعايص‪.‬‬ ‫إيامنُم‪ ،‬ويوق َعهم بِأنْوا ِع َ‬ ‫ل ُي َز ْل ِز َل َ‬
‫الشب ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫الســام َة ِم ْن فِت َِن َّ‬ ‫الص ِرب‪ ،‬وال َي ِ‬
‫هات‪،‬‬ ‫الش َهوات‪ ،‬وم ْن فت َِن ُّ ُ‬ ‫قني‪َ ،‬ي ُ‬
‫نال ال َع ْبدُ َّ‬ ‫َفبِ َّ‬
‫المو ِّف ُق الحافِظ(((‪.‬‬
‫هو َ‬ ‫واهللُ َ‬

‫يطان‬
‫الش ُ‬‫السنَّة َل ِ ْن َو ْس َو َس إ َل ِيه َّ‬
‫جاء يف ُّ‬ ‫ــيخ األ ْل ُّ‬
‫باين ‪ V‬تعاىل ما َ‬ ‫الش ُ‬ ‫َو َقدْ ََّل َص َّ‬
‫يقول‪ :‬آمن ُْت باهللِ ورس ِ‬ ‫أن َ‬ ‫«من َخ َل َق اهللَ؟»‪َ ،‬فقال‪ُ :‬‬ ‫ِ ِ‬
‫ــله‪( ،‬ﭓ‬ ‫ُ ُ‬ ‫الصتُها ْ‬
‫«وخ َ‬ ‫ب َق ْولــه‪َ :‬‬
‫ﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚ ﭛﭜﭝﭞﭟﭠ‬
‫ســار ِه ثال ًثا‪ ،‬و َيســتَعيذ باهللِ ِم َن‬
‫ِ‬ ‫ﭡ ﭢ) [اإلخالص‪ ،]٤-١ :‬ثم َي ْت ُفل َع ْن َي‬
‫الو ْس َو َس ِة»‪.‬‬ ‫ِ‬
‫االنسياق َم َع َ‬
‫الش ِ‬
‫يطان‪ُ ،‬ث َّم ينتَهي َع ِن‬ ‫َّ‬

‫ذلك طاع ًة هللِ‪ ،‬ورســولِ ِه‪ ،‬مُ ْ ِل ًصا يف َذلِ َك‪ :‬أنَّه ال ُبدَّ‬ ‫قال ‪« :V‬و َأعْتقدُ َّ‬
‫أن َم ْن َف َع َل َ‬
‫ذلك ُي ْذ ِه ُب َعنْ ُه»(((‪.‬‬
‫«فإن َ‬ ‫الو ْس َوس ُة عن ُه‪ ،‬و َينْدَ ِح َر شيطا ُن ُه؛ لِقولِ ِه ‪َّ :H‬‬ ‫َأ ْن ت َْذ َه َب َ‬

‫((( هبجة قلوب األبرار للسعدي (ص‪.)27‬‬


‫وحسنه األلباين يف الصحيحة (‪.)116‬‬
‫َّ‬ ‫((( رواه اإلمام أمحد (‪،)26203‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 48‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪47‬‬ ‫خلق كذا؟‪»...‬‬
‫احلديث السابع‪« :‬يأيت الشيطانُ أحدَ كم فيقول‪َ :‬من َ‬

‫ب إِ َل ْي ِه ِم ْن َأ ْن َي َت َك َّل َم بِ ِه!‬
‫ح َم ًة((( َأ َح ُّ‬ ‫الش ِء(((‪َ ،‬لَ ْن َي َ‬
‫كون َ ُ‬ ‫ِ ِ‬
‫َن ْفسه‪ُ ،‬ي َع ِّر ُض بِ َّ ْ‬
‫ب إِ َ َّل ِم ْن َأ ْن َأ َت َك َّل َم‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ويف ِر ٍ‬
‫واية‪ :‬إِ ِّن ُأ َحدِّ ُ‬
‫ث َن ْفيس بِ َّ ْ‬
‫الشء‪َ ،‬لَ ْن أخ َّر م َن َّ‬
‫السامء َأ َح ُّ‬
‫بِ ِه!‬

‫الو ْس َو َس ِة»(((‪.‬‬
‫ْب‪ ،‬احلَ ْمدُ هللِ الذي َر َّد َك ْيدَ ُه إِ َل َ‬
‫ْب‪ ،‬اهللُ َأك َ ُ‬
‫َفقال‪« :‬اهللُ َأك َْب‪ ،‬اهللُ َأك َ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫حديث آخر‪ :‬إِنَّا ن ِ‬
‫َجدُ يف َأ ْن ُفســنا ما َيتَعا َظ ُم َأ َحدُ نــا َأ ْن َي َت َك َّل َم بِه! قال‪َ :‬‬
‫«و َقدْ‬ ‫َ‬ ‫ويف‬
‫ِ‬
‫اإليامن»(((‪.‬‬ ‫يح‬ ‫َو َجدْ ُتو ُه؟»‪ ،‬قالوا‪َ :‬ن َع ْم‪ ،‬قال‪َ :‬‬
‫«ذاك َص ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫حي ُه»(((‪.‬‬
‫وص ُ‬ ‫الو ْس َوس َة‪ ،‬ونف َيها‪َ ،‬‬
‫هو َم ْ ُض اإليامن َ‬ ‫بذلك‪َّ :‬‬
‫أن كراهتَه هذه َ‬ ‫َ‬ ‫وأرا َد‬

‫ْت بِاللَِّ‪،‬‬
‫ــله‪َ « :‬ف ْل َي ُق ْل‪َ :‬آمن ُ‬ ‫ُ ُ‬
‫ِ‬
‫اإليامن باهللِ ورس ِ‬ ‫األم ُر الثالِ ُ‬
‫ث‪ :‬أن َيدْ َف َعه بام ُيضا ُّده ِم َن‬ ‫ْ‬
‫َو ُر ُسلِ ِه»‪.‬‬

‫تفر ُد‬ ‫يس َق ْب َله َش ٌء‪ ،‬وأنَّه تعاىل ُ‬


‫الم ِّ‬ ‫األو ُل الذي َل َ‬ ‫ور ُس َله َ‬
‫أخبوا بأنَّه تعاىل َّ‬ ‫فإن اهللَ ُ‬ ‫َّ‬
‫واللح َق ِة‪.‬‬
‫الساب َق ِة‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫لموجودات َّ‬
‫ِ ِ‬ ‫بالوحدان َّي ِة‪ ،‬وبِ َ‬
‫الخ ْل ِق‪ ،‬واإلجياد ل َ‬ ‫َ‬
‫الشــب ِه الم ِ‬ ‫ِ‬
‫نافية‬ ‫قيني‪َ ،‬يدْ َف ُع َج َ‬
‫يع ما ُيضا ُّده م َن ُّ َ ُ‬ ‫الص ُ‬
‫ادق ال َي ُّ‬ ‫حيح َّ‬
‫الص ُ‬ ‫ُ‬
‫اإليامن َّ‬ ‫فهذا‬
‫قني‪.‬‬ ‫كوك ال ت ِ‬
‫ُعار ُض ال َي َ‬ ‫والش َ‬ ‫احلق َيدْ َف ُع الباطِ َل‪ُّ ،‬‬
‫َل ُه؛ فإِ َّن َّ‬

‫هذ ِه ُّ‬
‫الشــ َب َه التي ال ت ُ‬
‫َزال‬ ‫فه ِذ ِه األمور ال َثال َث ُة التي َذكَرها النَّبي ‪ُ H‬تبطِ ُل ِ‬
‫ْ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫تنو َع ٍة‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫المالحدَ ة‪ُ ،‬ي ْل َ‬
‫قونا بعبارات ُم ِّ‬
‫ِ ِ‬
‫عىل ألسنَة َ‬
‫ِ‬
‫الشــيطان الذي‬ ‫ــل الباطِ َل‪ ،‬وبال َّت َع ُّو ِذ ِم َن‬ ‫َفأمــر بـ‪ :‬االنتِ ِ‬
‫هاء الذي ُي ْبطِ ُل الت ََّس ْل ُس َ‬ ‫َ َ‬

‫((( أي‪ :‬القبيح‪.‬‬


‫((( َف ْح ًم‪.‬‬
‫وصححه األلباين‪.‬‬
‫َّ‬ ‫((( رواه أبو داود (‪ ،)5112‬واإلمام أمحد (‪،)297‬‬
‫((( رواه مسلم (‪.)132‬‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بترصف وزيادات‪.‬‬
‫تيمية (‪ُّ ،)117/3‬‬ ‫ِ‬
‫تعارض العقل والنقل البن َّ‬ ‫رء‬
‫((( َد ُ‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 47‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪46‬‬

‫ٍ‬
‫بأمور‬ ‫ديث ال َعظي ِم إىل َد ْف ِع هذا الس ِ‬
‫ؤال‬ ‫و َقدْ َأر َشــدَ النَّبي ‪ H‬يف هذا الح ِ‬
‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ْ‬
‫وباإليامن‪َ « :‬ف ْل َي ْست َِع ْذ بِاللَِّ‪َ ،‬و ْل َينْت َِه»‪ ،‬و« ْل َي ُق ْل‪:‬‬
‫ِ‬ ‫الش ِ‬‫َّعو ِذ ِم َن َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫يطان‪،‬‬ ‫َثال َثة‪ :‬بِاالنتهاء‪ ،‬والت ُّ‬
‫للِ‪َ ،‬و ُر ُسلِ ِه»‪.‬‬
‫ْت بِا َّ‬‫َآمن ُ‬

‫قول‪َ ،‬حدًّ ا تنتَهــي إ َل ْي ِه‪ ،‬وال‬


‫ــكار‪ ،‬وال ُع ِ‬
‫ِ‬ ‫فــإن اهللَ تعاىل َج َع َل لِأل ْف‬
‫َّ‬ ‫هاء‪:‬‬ ‫ِ‬
‫َّأمــا االنت ُ‬
‫او َل ُة الم ِ‬
‫حال‬ ‫َطيع؛ أل َّن ُه ُم ٌال‪ُ ،‬‬
‫وم َ‬ ‫جماوزتَه ْ‬
‫أن تَســت َ‬ ‫َ‬ ‫حاو ْل َت‬
‫َحيل َل ْو َ‬
‫َجاو ُز ُه‪ ،‬و َيســت ُ‬‫َتت َ‬
‫ُ‬
‫والس َف ِه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫م َن الباط ِل‪َّ ،‬‬
‫ِ‬

‫َهي‬ ‫َثري ِم ْن ِ‬
‫أمورها حتَّى َتنْت َ‬ ‫خلوقات هلا ابتِدا ٌء‪ ،‬وهلا انتِها ٌء‪ ،‬و َقدْ َتت ََس ْل َس ُل يف ك ٍ‬
‫ُ‬ ‫والم‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والموا ِّد‪ ،‬وال َعنارص (ﰓ ﰔ‬‫الصفات‪َ ،‬‬ ‫إىل اهللِ الذي َأ ْو َجدَ هــا و َأ ْو َجدَ ما فيها م َن ِّ‬
‫ﰕ ﰖ) [النجم‪.]٤٢ :‬‬
‫فــإذا وص َل ِ‬
‫يس َق ْب َله‬ ‫قول إىل اهللِ تعاىل َوق َف ْت وانت ََه ْت؛ فإنَّــه َّ‬
‫األو ُل الذي َل َ‬ ‫ت ال ُع ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫فأول َّي ُت ُه تعاىل ال ُمبتَدَ َأ هلا َم ْهام َ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫األزمان‪،‬‬ ‫فرضت‬ ‫ش ٌء‪ ،‬واآلخ ُر الذي َل ْي َس َب ْعدَ ُه َ ْ‬
‫ش ٌء‪َّ ،‬‬ ‫َ ْ‬
‫قوى‬
‫هي َب ْع ُض َ‬
‫قول التي َ‬ ‫مان‪ ،‬واألَ ْح َ‬
‫ــوال‪ ،‬وال ُع َ‬ ‫األز َ‬ ‫وهو الذي ْأو َجدَ ْ‬ ‫وال‪َ ،‬‬‫واألَ ْح ُ‬
‫ؤال الباطِ ِل؟!‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬
‫بإيراد هذا الس ِ‬ ‫أن َيت ََش َّب َث‬ ‫َيف ُي ِ‬
‫او ُل ال َع ُ‬
‫قل ْ‬ ‫ِ‬
‫اإلنسان‪ ،‬فك َ‬

‫والنتِها ُء‪.‬‬
‫قوف‪ِ ،‬‬
‫الو ُ‬ ‫ِ‬
‫الحال‪ُ :‬‬ ‫هذ ِه‬
‫فال َفر ُض ع َلي ِه المحتَّم يف ِ‬
‫ْ ُ َ‬ ‫ْ‬
‫وإلقائ ِه يف ال ُق ِ‬
‫لوب؛‬ ‫ِ‬ ‫ساو ِس ِه‪،‬‬
‫فإن هذا ِم ْن َو ِ‬ ‫الش ِ‬
‫يطان‪َّ :‬‬ ‫َّعو ُذ باهللِ ِم َن َّ‬
‫األم ُر ال َّثاين‪ :‬الت ُّ‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫َّاس يف اإليامن بِ َر ِّ ِب ْم‪.‬‬ ‫ل ُي َشك َ‬
‫ِّك الن َ‬

‫وقو ٍة؛‬ ‫ِ‬


‫فمــ ْن َت َع َّو َذ باهللِ بصدْ ٍق‪َّ ،‬‬
‫ِ‬ ‫ف َع َل ال َع ْب ِد إذا َو َجدَ َذلِ َك‪َ :‬أ ْن َيســت َ‬
‫َعيذ باهللِ منْ ُه‪َ ،‬‬
‫ساو ُسه الباطِ َل ُة‪.‬‬
‫واض َم َح َّل ْت َو ِ‬
‫يطان‪ْ ،‬‬ ‫الش َ‬ ‫أعا َذ ُه اهللُ‪ ،‬و َط َر َد عنْ ُه َّ‬
‫ساوس ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫الش ُ‬
‫يطان‬ ‫الفاسدَ َة التي ُي ْلقيها َّ‬ ‫الو ِ َ‬ ‫َ‬
‫«فأ َم َره باالســتعا َذة من ُه؛ ليق َط َع اهللُ عن ُه َ‬
‫ي َ ِت َق وال َ ِ‬
‫يدَ ها!‬ ‫تار ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بِ َغ ِري‬
‫أن َ ْ‬ ‫وت‪ ،‬أو حتَّى َي َ‬
‫الم َ‬
‫اختياره‪ ،‬و ُي ْؤذيه هبا‪ ،‬حتّى قد َيتَمنَّى َ‬
‫سول اهلل‪ ،‬إِ َّن َأ َحدَ نا َ ِ‬
‫يدُ يف‬ ‫الصحا َب ُة‪ ،‬فقالوا‪ :‬يا َر َ‬
‫الو ْس َوس ُة التي َس َأل عنها َّ‬
‫وهي َ‬
‫َ‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 46‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪45‬‬ ‫خلق كذا؟‪»...‬‬
‫احلديث السابع‪« :‬يأيت الشيطانُ أحدَ كم فيقول‪َ :‬من َ‬

‫الس ُ‬
‫ؤال‬ ‫يكون َملو ًقا‪ُ ،‬ث َّم َل ْو َ‬
‫كان ُّ‬ ‫َ‬ ‫«الخالق َيســت ُ‬
‫َحيل ْ‬
‫أن‬ ‫ُ‬ ‫ايب ‪:V‬‬ ‫قول الخَ َّط ُّ‬
‫َي ُ‬
‫(((‬

‫وهو ُم ٌال‪.‬‬ ‫مت ِ‬


‫َّج ًها؛ الس َت ْلز َم الت ََّس ْل ُس َل‪َ ،‬‬ ‫ُ‬
‫كان هو م ْفت َِقرا إىل ُم ْ ِد ٍ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ث؛‬ ‫الم ْحدَ ثات ُمفتَق َر ٌة إىل ُمْدث‪ ،‬ف َل ْو َ َ ُ ً‬
‫أن ُ‬‫و َقدْ أث َب َت ال َع ْق ُل َّ‬
‫لكان ِمن المحدَ ِ‬
‫ثات»(((‪.‬‬ ‫َ َ ُ ْ‬

‫ح َلها؟!»‪.‬‬ ‫أن َي ُل َق َص ْخ َر ًة ال َيست ُ‬


‫َطيع َ ْ‬ ‫«ه ْل َي ْست ُ‬
‫َطيع اهللُ ْ‬ ‫أيضا‪ُ :‬‬
‫قول ُ ْم‪َ :‬‬ ‫ِ‬ ‫َو ِم ْن ت‬
‫َلبيساتِ ْم ً‬
‫أن يس ِ‬ ‫ِ‬ ‫او ُل ك ِ‬
‫وي ِ‬ ‫ؤال و َأمثا ُله ِ‬
‫تعملو ُه‬ ‫الم ْلحدي َن ْ َ ْ‬
‫َثري م َن ُ‬
‫ٌ‬ ‫فيه ُمغا َلط ٌة كَبريةٌ‪ُ ،‬‬ ‫الس ُ َ ْ‬ ‫وهذا ُّ‬
‫جيب بالباطِ ِل‪:‬‬
‫الم ِ‬‫ريدون إِ ْلزا َم ُ‬
‫َ‬ ‫وه ْم ُي‬
‫مني‪ُ ،‬‬
‫سل َ‬ ‫َ َ ُ‬
‫يف ِح ِ‬
‫واراتِم مع الم ِ‬

‫الخ ْل ِق؟!‬ ‫هو ِ‬


‫عاج ٌز َع ِن َ‬ ‫كيف َي ُ‬
‫كون َإلًا َو َ‬ ‫َفإِ ْن قال‪ :‬ال َيست ُ‬
‫َطيع‪ ،‬قالوا‪َ :‬‬

‫والرف ِع ِل ِذ ِه‬
‫الح ْم ِل َّ‬
‫هــو ِ‬
‫عاج ٌز َع ِن َ‬ ‫ُ‬
‫يكون َإلًا َو َ‬ ‫َوإِ ْن قال‪َ :‬يســت ُ‬
‫َطيع‪ ،‬قالوا‪َ :‬ك ْي َ‬
‫ف‬
‫الص ْخ ِ‬
‫رة؟!‬ ‫َّ‬

‫األص ِل‪َ ،‬ف ُقــدْ َر ُة اهللِ تعاىل ال تَتع َّل ُق‬


‫حيح يف ْ‬ ‫الس َ‬
‫ــؤال َغ ْ ُي َص ٍ‬ ‫أن هذا ُّ‬ ‫واب‪َّ :‬‬
‫والج ُ‬
‫َ‬
‫ومن ِص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فات‬ ‫«ص ْخ َر ِتِم»‪ْ ،‬‬ ‫وهو ِ‬
‫عاج ٌز َعــ ْن َر ْف ِع َ‬ ‫يكون َإلًا َ‬ ‫ُ‬ ‫َحيالت؛ ف َك ْي َ‬
‫ف‬ ‫بالمســت‬
‫ُ‬
‫خلوقات ما هو أع َظم ِمن ِصفاتِ‬ ‫ِ‬ ‫الم‬ ‫ِ‬ ‫اهللِ تعاىل ال ُقدْ َرةُ؟! ْ‬
‫ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫وهل َســيوجدُ يف صفات َ‬
‫خالِقها؟‬

‫نــات العقل َّي ِة‪ ،‬ال‬


‫ِ‬ ‫بالم ْم ِك‬
‫ــق ُ‬ ‫وغــر َمــدو َد ٍة‪َ ،‬لكنَّها تَتع َّل ُ‬
‫ُ‬ ‫ف ُقــدْ َر ُة اهللِ ُم ْط َلقــ ٌة‪،‬‬
‫دائ َر ِة‬
‫َت مط َلق ًة‪ ،‬وال حــدود هلا‪َ ،‬تب َقى يف ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫مهام كان ْ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بالمســتَحيالت ال َعقل َّية‪ ،‬فال ُقدْ َر ُة ْ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بالمستَحيالت‪.‬‬ ‫الوجود‪ ،‬وال تَتع َّل ُق ُ‬ ‫ُمْكنات ُ‬
‫الش ِ‬
‫يطان‪ ،‬كام َد َّل‬ ‫وأص ُل ُه و َمصدَ ُره ِم َن َّ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ؤال « َم ْن َخ َل َق اهللَ؟» فاسدٌ م ْن أصله‪ْ ،‬‬
‫فس ُ‬ ‫ُ‬
‫حل ُ‬ ‫ِ‬
‫ديث‪.‬‬ ‫عىل ذل َك هذا ا َ‬

‫ربك‪.‬‬
‫((( يعني سؤال‪َ :‬من خلقَ َّ‬
‫((( فتح الباري البن حجر (‪.)341/6‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 45‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪44‬‬

‫َّبي ‪َ َH‬قدْ و َق َع ِم ْن َقدي ٍم‪ ،‬وال ُ‬


‫يزال َي َق ُع‪ ،‬وال‬ ‫هذا األ ْم ُر الذي ْ‬
‫أخ َ َ‬
‫ب َعن ُه الن ُّ‬
‫ِ‬
‫ياطني‬ ‫سان َش‬‫ــيطان هذا اإليراد الباطِ َل‪ ،‬إما وسوس ًة َم ْ َض ًة‪ ،‬أو عىل لِ ِ‬ ‫ُ‬ ‫لقي َّ‬
‫الش‬ ‫ُبدَّ ْ‬
‫َّ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫أن ُي َ‬
‫اإلنس‪ ،‬وم ِ‬
‫الحدَ ِتِ ْم‪.‬‬ ‫ِ َ َ‬

‫ــج ِد؛ إِ ْذ‬ ‫ْ‬


‫و َقــدْ قال أبو هرير َة ‪ I‬بعــدَ ِروايتِ ِه ِلذا الح ِ‬
‫ديث‪َ « :‬ف َب ْينا َأنا يف ا َملس ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َْ‬
‫ناس ِم َن األَ ْع ِ‬
‫راب‪َ ،‬فقالوا‪ :‬يا َأبا ُه َر ْي َرةَ‪ ،‬هذا اهللُ‪َ ،‬ف َم ْن َخ َل َق اللَّ؟ قال‪َ :‬ف َأ َخ َذ‬ ‫جــا َءين ٌ‬
‫ِ‬
‫ماه ْم‪ُ ،‬ث َّم قال‪ :‬قوموا قوموا‪َ ،‬صدَ َق َخلييل»(((‪.‬‬ ‫َح ًص بِ َك ِّفه َف َر ُ‬

‫ــيطان َيدْ َف ُع إىل‬


‫ُ‬ ‫األمر ْي ِن َو َقعا‪ ،‬ال َي ُ‬
‫زال َّ‬
‫الش‬ ‫َ‬ ‫ر ‪َH‬؛ َّ‬
‫فإن‬ ‫أخــ َ‬ ‫و َقدْ و َق َع كام ْ‬
‫اإلل ِ‬
‫اد ُي ْل َ‬ ‫ُ‬ ‫ــؤال الباطِ َل‪ ،‬وال َي ُ‬
‫الس َ‬ ‫ُق ِ‬
‫قون‬ ‫أهــل ْ‬ ‫زال‬ ‫ــت هل ُ ْم َبصري ٌة هذا ُّ‬
‫يس ْ‬‫لوب َم ْن َل َ‬
‫الع َل ِل‪ ،‬وعن مواد ِ‬
‫الع ْل ِم‪ ،‬بِكال ٍم‬ ‫مون َع ِن ِ‬ ‫الشــ َب ِه‪ ،‬ويتك َّل َ‬
‫هي أ ْب َط ُل ُّ‬ ‫هذ ِه ُّ‬
‫ِ‬
‫ْ َ ِّ‬ ‫الش َبه َة التي َ‬
‫خيف مع ٍ‬
‫روف(((‪.‬‬ ‫س ٍ‬
‫َْ‬ ‫َ‬
‫ٍ‬ ‫قول الم ِ‬
‫فم ْن خ َل َق اهللَ»؟!‬ ‫خالق ِّ‬
‫كل يشء؛ َ‬ ‫الحدَ ةُ‪« :‬س َّلمنا َّ‬
‫أن اهللَ ُ‬ ‫َي ُ َ‬
‫ثم ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أساس ِه‪ ،‬و ُمغا َلط ٌة؛‬
‫فاسدٌ ِمن ِ‬ ‫ــؤال ِ‬
‫يقول‪:‬‬ ‫«فالم ْلحدُ ُي َس ِّلم بأ َّن ُه خال ٌق‪َّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫وهذا ُس ٌ‬
‫الجم َل ِة!‬
‫س ُ‬‫ومْلو ًقا يف َن ْف ِ‬‫َم ْن خل َق ُه؟ فيج َع ُل ِمن ُه خالِ ًقا َ‬

‫كون َمْلو ًقا‪،‬‬


‫أن َي َ‬ ‫قــول؛ ِل َّن الخالِ َق ال ي ِ‬
‫مك ُن ْ‬ ‫ِ‬ ‫واض ٌح يف َبدائ َِة ال ُع‬
‫وهــذا تَنا ُق ٌض ِ‬
‫ُ‬
‫كون خالِ ًقا»(((‪.‬‬ ‫أن َي َ‬ ‫لوق ال ي ِ‬
‫مك ُن ْ‬ ‫وا َمل ْخ َ ُ‬

‫ُث َّم إنَّنا َل ْو س َّل ْمنا ِبذا؛ فهذا َ‬


‫يلز ُم من ُه الت ََّس ْل ُس َل‪ ،‬وهذا ُم ٌال َع ْق ًل‪.‬‬

‫ؤال عىل‬‫الس ُ‬ ‫آخ ُر‪َ ،‬س َ ِ‬


‫ــر ُد َن ْف ُس ُّ‬ ‫لق اهللَ؟ بأ َّن ُه‪ :‬خالِ ٌق َ‬
‫َف َل ْو أج ْبنا َع ْن ُســؤالِ َك‪َ :‬م ْن َخ َ‬
‫قال‪َ :‬م ْن َخ َل َق ُه؟ وهكَذا إىل ما ال ِناي َة َل ُه‪َ .‬ف َي ْل َز ُم ِم ْن هذا َن ْف ُي الخالِ ِق!‬ ‫الخالِ ِق َ‬
‫اآلخ ِر؛ ف ُي ُ‬

‫((( رواه مسلم (‪.)135‬‬


‫((( هبجة قلوب األبرار للسعدي (ص‪.)27‬‬
‫((( اإلحلاد‪ ،‬للدكتور صالح بن عبد العزيز سندي (ص‪.)53‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 44‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪43‬‬

‫الحديث السابع‬

‫طان‬
‫ُ‬ ‫ســول ال َّل ِه ‪« :H‬يَأْتي َّ‬
‫الشــ ْي‬ ‫ُ‬ ‫عــن أبــي ُهرَيْــرَ َة ‪ ،I‬قال‪ :‬قال ر َ‬
‫ْ‬
‫ق رَب َّ َ‬
‫ك؟‬ ‫خل َ َ‬
‫ن َ‬ ‫َ‬
‫قول‪َ :‬م ْ‬‫حتَّى ي َ‬ ‫ق َ‬
‫كذا؟ َ‬ ‫خل َ َ‬
‫ن َ‬ ‫ق َ‬
‫كذا؟ َم ْ‬ ‫خل َ َ‬
‫ن َ‬ ‫ُ‬
‫قول‪َ :‬م ْ‬‫ــم َفي َ‬
‫ك ْ‬ ‫أَ َ‬
‫ح َد ُ‬
‫ست َ ِع ْذ ِباللَّ ِه‪َ ،‬و ْلي َ ْنت َ ِه»(((‪.‬‬
‫غهُ‪َ ،‬ف ْلي َ ْ‬
‫َفإِذا بَل َ َ‬

‫حتَّى يَقولوا‪ :‬هذا اهللُ‬ ‫الع ْل ِ‬


‫م‪َ ،‬‬ ‫ن ِ‬ ‫ع ِ‬
‫م َ‬ ‫سأَلون َ ُ‬
‫ك ْ‬ ‫اس ي َ ْ‬ ‫وفي رواي ٍة‪« :‬ال ي َ ُ‬
‫زال النَّ ُ‬
‫ق اهللَ؟»(((‪.‬‬
‫خل َ َ‬
‫ن َ‬ ‫قنا‪َ ،‬ف َ‬
‫م ْ‬ ‫خل َ َ‬
‫َ‬

‫ء؟‬
‫الســما َ‬
‫ق َّ‬‫خل َ َ‬
‫ن َ‬ ‫ُ‬
‫قول‪َ :‬م ْ‬‫م‪َ ،‬في َ‬ ‫طان يَأْتي أ َ َ‬
‫ح َد ُ‬
‫ك ْ‬ ‫َ‬ ‫ن َّ‬
‫الشــ ْي‬ ‫وفــي رواي ٍة‪« :‬إ ِ َّ‬
‫خل َ َ‬
‫ق‬ ‫ن َ‬ ‫ُ‬
‫قول‪َ :‬م ْ‬‫قول‪ :‬اهللُ‪َ ،‬في َ‬
‫ُ‬ ‫ق األَرْ َ‬
‫ض؟ َفي َ‬ ‫خل َ َ‬
‫ن َ‬ ‫ُ‬
‫قول‪َ :‬م ْ‬‫قول‪ :‬اهللُ ‪َ ،D‬في َ‬
‫ُ‬ ‫َفي َ‬
‫س ِل ِه»(((‪.‬‬ ‫ل‪ :‬آ َم ْن ُ‬
‫ت ِبا ِ‬
‫هلل َو ِبر ُ ُ‬ ‫ك‪َ ،‬ف ْلي َ ُ‬
‫ق ْ‬ ‫ن َذ ِل َ‬
‫ي ٍء ِم ْ‬ ‫م ِب َ‬
‫ش ْ‬ ‫ك ْ‬ ‫س أَ َ‬
‫ح ُد ُ‬ ‫اهللَ؟ َفإِذا أ َ َ‬
‫ح َّ‬

‫ســول اهللِ ‪ H‬قال‪ :‬قــال اهللُ ‪« :D‬إِ َّن ُأ َّمت َ‬ ‫ِ‬ ‫َس ب ِن مالِ ٍ‬
‫َك‬ ‫ك‪َ ،‬ع ْن َر‬ ‫و َع ْن َأن ِ ْ‬
‫قولون‪ :‬ما كَذا؟ ما كَذا؟ َحتَّى َيقولوا‪ :‬هــذا اهللُ َخ َل َق َ‬
‫اخل ْل َق‪َ ،‬ف َم ْن َخ َل َق‬ ‫َ‬ ‫زالــون َي‬
‫َ‬ ‫ال َي‬
‫اهللَ؟»(((‪.‬‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)3276‬ومسلم (‪.)134‬‬


‫((( رواه مسلم (‪.)135‬‬
‫((( رواه أمحد (‪ ،)8376‬ومسلم (‪.)134‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)7296‬ومسلم (‪ ،)136‬واللفظ له‪.‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 43‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 42 11/17/19 8:56 PM
‫‪41‬‬ ‫احلديث السادس‪« :‬قال اهلل عزوجل‪ :‬ومن أظلم ممن ذهب خيلق‪»...‬‬

‫ــوال َذلِ َك َل ْ َي ْق ِدروا عىل االنتِفا ِع ِبا ال يف‬


‫ــخ َرها َل ُ ْم‪ ،‬و َل ْ‬
‫أن َخل َقها َل ُ ْم َس َّ‬
‫ُث َّم َبعدَ ْ‬
‫َثــر‪( :‬ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ‬ ‫ليل‪ ،‬وال ك ٍ‬ ‫َق ٍ‬
‫ﰓ ﰔ) [اجلاثية‪.]١٣ :‬‬
‫ِ‬
‫مل هبا‪ ،‬وحيلتَه التي‬ ‫ْســان َن ْف َس ُه‪ ،‬و َع ْق َله الذي ُي َفك ُِّر بِه‪َّ ،‬‬
‫وقوتَه التي َي ْع ُ‬ ‫َ‬ ‫إن اإلن‬ ‫َب ْل َّ‬
‫هو ِم ْن َخ ْل ِق اهللِ ‪( :D‬ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ) [الصافات‪.]٩٦ :‬‬ ‫ِ‬
‫تال هبا؛ ك ُُّل َذل َك َ‬
‫َي ُ‬

‫هار‪،‬‬ ‫إليــه ال َب َش َّي ُة ِم ْن ُعلو ٍم‪َ ،‬وتَقــدُّ ٍم‪ْ ،‬‬


‫واز ِد ٍ‬ ‫ِ‬ ‫األم ِر‪َّ :‬‬
‫أن ك َُّل ما َو َص َل ْت‬ ‫َف َحقيقــ ُة ْ‬
‫عباد ِه‪( :‬ﭤ‬
‫ومنَّتِ ِه عىل ِ‬‫ســائ َل حدي َث ٍة‪ ،‬هي ِمن َخ ْل ِق اهللِ‪ ،‬و َف ْض ِله‪ِ ،‬‬
‫َ ْ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫كنولوجيا‪َ ،‬و َو‬
‫ْ‬
‫وتِ‬
‫ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ) [البقرة‪( ،]239 :‬ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ)‬
‫[النساء‪( ،]١١٣ :‬ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ) [العلق‪( ،]٥ :‬ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ‬
‫ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ)‬
‫[النحل‪.]٧٨ :‬‬
‫ِِ‬
‫ياح العات َي َة‪ ،‬أو َمنَ َع ُه ُم‬ ‫ــمس َع ْن عباده‪ ،‬أو ســ َّل َط ع َل ْي ِه ُم ِّ‬
‫الر َ‬ ‫الش َ‬ ‫ب اهللُ َّ‬ ‫َو َل ْو َح َج َ‬
‫صري ُهم؟! (ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ‬ ‫ُ‬
‫يكون َم ُ‬ ‫ف َس‬‫الما َء‪َ ،‬أ ِو اهلَوا َء؛ ف َك ْي َ‬
‫ﮆ ﮇ) [امللك‪.]٣٠ :‬‬

‫فضل ِه‪.‬‬
‫فالحمدُ هللِ عىل نِع ِم ِه‪ ،‬ونَس َأ ُل اهللَ المزيدَ ِمن ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 41‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪40‬‬

‫تحر ٌك‪ ،‬وال‬ ‫ِ‬


‫الخ ْل ِق بيدَ ْيــه‪ ،‬وأنَّه ال َيت َّ‬
‫َحر ُك ُم ِّ‬ ‫أن نَوايص َ‬ ‫وعزَّتِ ِه‪َّ :‬‬
‫َــال قوتِه ِ‬
‫َوم ْن ك ِ َّ‬
‫ِ‬

‫ساك ٌن إال بإرا َدتِ ِه‪ ،‬ومشي َئتِ ِه‪ ،‬فام شا َء اهللُ َ‬
‫كان‪ ،‬وما َل ْ َي َش ْأ َل ْ َي ُك ْن‪.‬‬ ‫يس ُكن ِ‬
‫َْ ُ‬

‫واألرض َأ ْن تَزوال‪( :‬ﮑ ﮒ ﮓ‬


‫َ‬ ‫ِ‬
‫ــاوات‬ ‫الس‬ ‫قوتِ ِه‪ :‬أنَّه ُي ْم ِس ُ‬
‫ــك َّ‬ ‫َامل َّ‬
‫ِ‬
‫وم ْن ك ِ‬

‫ﮔ ﮕ ﮖ ﮗﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ)‬
‫[فاطر‪.]٤١ :‬‬
‫ٍ‬
‫واحدة‪( :‬ﭭ‬ ‫بص ْي َح ٍة‬ ‫ِ‬ ‫قوتِ ِه‪ :‬أنَّه َي ْب َع ُث َ‬
‫الخ ْل َق ك َّلهم‪َّ ،‬أو َلم وآخ َر ُهم‪َ ،‬‬ ‫َو ِم ْن ك ِ‬
‫َامل َّ‬
‫ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ) [الروم‪.]٢٧ :‬‬

‫ط ِم ْن‬
‫ســر‪ ،‬وســو ٍ‬
‫ٍ َ ْ‬ ‫واألمم العاتي َة بِ َش ٍء َي‬
‫َ‬ ‫قوتِ ِه‪ :‬أنَّه أه َل َك اجلبابِ َرةَ‪،‬‬ ‫ــن ك ِ‬
‫َامل َّ‬
‫ِ‬
‫وم ْ‬
‫ريح‪ ،‬أو َخس ٍ‬
‫ف(((‪.‬‬ ‫حة‪ ،‬أو ٍ‬ ‫َعذابِ ِه‪ ،‬كرج َف ٍة‪ ،‬أو صي ٍ‬
‫ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ ْ‬

‫لش ِء‪ُ « :‬ك ْن»‪َ ،‬ف َيكون‪ ،‬قال‬ ‫بأن ي َ ِ‬


‫قول ل َّ ْ‬
‫الخ ْل َ ِ‬
‫ــق م َن ال َعدَ ِم ْ َ‬ ‫ي ُل ُق َ‬ ‫فاهللُ ج َّل ْت ُقدْ َر ُت ُه َ ْ‬
‫فه ْل‬ ‫ِ‬
‫تعاىل ل َع ْبده َزكَر َّيا ‪( :S‬ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ) [مريم‪َ ،]٩ :‬‬
‫الم َث ُل يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫كائنًا ح ًّيا ِم َن ال َعدَ ِم؟ و َل ْو َ‬
‫أن خي ُلقوا ِ‬ ‫رش ْ‬ ‫ِ‬
‫ض ُب به َ‬
‫ذلك الكائ ُن ُي ْ َ‬‫كان َ‬ ‫َي ْقد ُر ال َب ُ‬
‫باب؟‬ ‫الذ ِ‬ ‫أو ُّ‬ ‫الص َغ ِر‪ ،‬كالنَّم َل ِة‪ِ ،‬‬ ‫ِّ‬
‫كان َصغريا‪ ،‬كح َّب ِة َش ٍ‬
‫ــعري‪،‬‬ ‫مهام َ‬ ‫ِ‬
‫خي ُلقوا َجا ًدا م َن ال َعدَ ِم‪ْ ،‬‬ ‫َب ْل َه ْل َي ْق ِد َ‬
‫رون عىل ْ‬
‫أن ْ‬
‫ً‬
‫أو َق ْم ٍح؟!‬

‫والموا ِّد‪ ،‬التي خل َقها‬ ‫ِ ِ‬


‫العناص‪َ ،‬‬ ‫رش َأ ْن َيصنَعوا َشــي ًئا ِم َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إ َّن غاي َة ما َي ْقد ُر عليه ال َب ُ‬
‫ٍ‬ ‫لونا ِم ْن‬ ‫باد ِه يف الك ِ‬ ‫لع ِ‬
‫اهللُ تعاىل ِ‬
‫خرى‪.‬‬‫صورة إىل ُأ َ‬
‫َ‬ ‫وهم ُي ِّو َ‬‫َون‪ُ ،‬‬

‫واهللُ تعاىل هو الذي َخل َقها و َأ ْوجدَ هــا ِم َن ال َعدَ ِم‪( :‬ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ‬
‫ﯲ ﯳ) [البقرة‪.]٢٩ :‬‬

‫((( تفسري ابن كثري (‪ ،)454/5‬تفسري السعدي (ص‪.)546‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 40‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪39‬‬ ‫احلديث السادس‪« :‬قال اهلل عزوجل‪ :‬ومن أظلم ممن ذهب خيلق‪»...‬‬

‫باب إ َّيا ُه‪ ،‬و َع ْن ُمقاو َمتِ ِه‪،‬‬


‫الذ ُ‬
‫بي َضع َفهم‪ ،‬و َعج َزهم َع ِن اســتِ ِ‬
‫نقاذ ما َي ْس ُل ُب ُه ُم ُّ‬ ‫ْ ُ‬ ‫ُث َّم َّ َ ْ ُ‬
‫صــار ِمنْ ُه؛ فقــال‪( :‬ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ)؛ َف ُهم ال‬ ‫ِ‬ ‫والنتِ‬ ‫ِ‬

‫طيب ون َْح ِو ِه(((‪،‬‬


‫باب إذا َســ َل َب ُه ْم شي ًئا ِمَّا ع َل ْي ِه ْم‪ِ ،‬م ْن ٍ‬ ‫صار ِم َن ُّ‬
‫الذ ِ‬ ‫رون عىل االنتِ ِ‬ ‫َي ْق ِد َ‬
‫ف َي ْس َتن ِْقذون ُه ِمن ُه!‬

‫صري ِم َن ال َع ْج ِز!‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫باب م ْن أض َعف َملوقات اهلل‪ ،‬وأح َق ِرها‪ ،‬وهذا غاي ُة ما َي ُ‬ ‫هذا ُّ‬
‫والذ ُ‬
‫ِ‬
‫وانات‪َ ،‬‬
‫وأخ ِّســها‪،‬‬ ‫الح َي‬ ‫باب الذي هو ِمن ْ ِ‬ ‫الذ ِ‬‫رون عىل َخ ْل ِق ُّ‬ ‫َفال هم ِ‬
‫قاد َ‬
‫أض َعف َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫واستجا ِع ما َس َل َب ُه ْم إ َّيا ُه!‬
‫ْ‬ ‫صار ِمن ُه‪،‬‬
‫وال عىل االنتِ ِ‬

‫دوهم ِمن ِ‬
‫دون‬ ‫ِ‬ ‫ف الحي ِ‬
‫وان‪ ،‬و َأح َق ُر ُه‪ ،‬ال َي ْقد ُر َمن ع َب ُ‬ ‫فإِذا َ‬
‫أض َع ُ َ َ‬ ‫هو ْ‬
‫كان هذا الذي َ‬
‫ِ‬ ‫اهللِ ‪ D‬عىل َخ ْل ِق ِم ْث ِل ِه‪ ،‬و َد ْفــ ِع أذ َّيتِ ِه‪ ،‬فك َ‬
‫أن يكونوا آل َ ًة َم ْعبودي َن‪ْ ،‬‬
‫وأربا ًبا‬ ‫وز ْ‬ ‫َيف َي ُ‬
‫هان‪.‬‬‫وأوض ِح بر ٍ‬
‫َ ُْ‬ ‫أقوى ُح َّج ٍة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫طاعني؟! وهذا م ْن َ‬ ‫َ‬ ‫ُم‬

‫عاق ٌل ِعبا َد َتا ِمن‬


‫َيف يستَح ِســن ِ‬
‫ُ‬
‫أضع َ ِ‬
‫ف منها‪ ،‬فك َ َ ْ ْ‬
‫ِ ِ ِِ‬ ‫ِ‬
‫َفال أ ْع َج َز م ْن هذه اآللَة‪ ،‬وال َ ْ‬
‫ِ‬
‫دون اهللِ؟!‬

‫حق َم ْع ِر َفتِه‪،‬‬
‫زيز؛ َفام َقدَ َر ُه َح َّق َقدْ ِر ِه‪ ،‬وال َع َر َفه َّ‬
‫وي ال َع ِّ‬ ‫فم ْن َج َ‬
‫عل هذا َإلًا َم َع ال َق ِّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫أش َك َم َع ُه آل َ ًة هذا‬ ‫ِ‬ ‫فه ْل َقدَ َر‬ ‫ِ‬
‫زيــز َح َّق َقدْ ره َم ْن ْ َ‬
‫القوي ال َع َ‬ ‫َّ‬ ‫حق تعظيمه‪َ ،‬‬ ‫وال َع َّظ َمــه َّ‬
‫َش ُأنا؟! َولِذا قال تعاىل‪( :‬ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ) [احلج‪.(((]٧٤ :‬‬
‫كام ُل القو ِة‪ِ ،‬‬
‫كام ُل‬ ‫و َختــم الم َث َل بقولِ ِه‪( :‬ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ) [احلج‪ ]٧٤ :‬أي‪ِ :‬‬
‫َّ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كل َشء‪ ،‬و َع َّز ك َُّل يشء‪ ،‬ف َق َ‬
‫هر ُه‪ ،‬و َغل َب ُه‪ ،‬فال ُيامن َُع‪ ،‬وال‬ ‫وقوته‪َ ،‬خ َل َق َّ‬
‫الع َّزة‪ ،‬ب ُقدْ َرته‪َّ ،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وس ْلطانه‪َ ،‬‬
‫وهو الواحدُ ال َق َّه ُار‪.‬‬ ‫ب‪ ،‬ل َع َظ َمته‪ُ ،‬‬‫ُيغا َل ُ‬

‫((( وقد َي ْس ُلب احلياة بنقل امليكروبات‪.‬‬


‫((( تفسري الطربي (‪ ،)635/16‬تفسري املاوردي (‪ ،)40/4‬تفسري البغوي (‪ ،)400/5‬تفسري القرطبي‬
‫(‪ ،)97/12‬تفسري ابن كثري (‪ ،)453/5‬تفسري السعدي (ص‪ ،)546‬الصواعق املرسلة (‪،)466/2‬‬
‫إعالم املو ِّقعني (‪.)312/2‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 39‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪38‬‬

‫ِ ِ‬ ‫احلن ِ‬
‫وتنب ُت‪ ،‬ويوجدُ فيها ما يوجدُ يف حب ِة ِ‬
‫ب الذي‬ ‫ــعري‪ ،‬ون َْح ِوها م َن َ‬
‫الح ِّ‬ ‫والش ِ‬‫ْطة‪َّ ،‬‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫وه ُو أ ْم ُر َت ْع ٍ‬
‫جيز(((‪.‬‬ ‫َي ُل ُقه اهللُ تعاىل‪َ ،‬‬
‫ِ‬
‫بتكليف ِهم‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫أشدُّ ‪ ،‬و ُأخرى‬ ‫تار ًة بتكليف ِهم َخ ْل َق َح َيوان‪َ ،‬‬
‫وهو َ‬ ‫«وال َغ َر ُض‪ :‬ت ُ‬
‫َعجيز ُه ْم‪َ ،‬‬
‫ذلك ال ُقدْ َر َة َلُم عىل ذلِ َك»(((‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫أه َو ُن‪ ،‬و َم َع َ‬ ‫َخ ْل َق َجاد‪َ ،‬‬
‫وهو ْ‬
‫ِ‬
‫أمثال ال ُق ِ‬
‫رآن ال َعظيــمِ‪ ،‬التي َينْ َبغي عىل ِّ‬
‫كل ُم ْســل ٍم تَدَ ُّب ُرها‪ :‬قو ُل ُه‬ ‫ــك ِم ْن‬
‫ولِ َذلِ َ‬
‫تعــاىل‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ‬
‫ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭬ‬
‫ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ)‬
‫[احلج‪.]٧٤-٧٣ :‬‬
‫كل مــا يدْ َعى ِمن ِ‬
‫دون اهللِ (ﭞ‬ ‫ــم ُل َّ‬
‫ُ‬ ‫(ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ) َي ْش َ‬
‫ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ)‪.‬‬

‫ــع عابدَ ُه‪ ،‬وإعد َام ما‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫الم ْعبو َد َأ َق ُّ‬ ‫وذلِ َ‬
‫ــل َدرجاته أن َي ْقد َر عىل إجياد ما َينْ َف ُ‬ ‫أن َ‬‫ــك َّ‬
‫ض ُه‪.‬‬
‫َي ُ ُّ‬

‫باب‪ ،‬و َل ِو‬ ‫الذ ِ‬‫دون اهللِ َل ْن َت ْق ِد َر عــى َخ ْل ِق ُّ‬


‫كون ِمن ِ‬
‫رش َ ْ‬ ‫الم ِ‬ ‫ِ‬
‫واآلل َ ُة التــي َيع ُبدُ ها ُ‬
‫واح ٍد‪ ،‬وســاعَدَ ُ‬
‫بعض ُه ْم َب ْع ًضــا‪ ،‬وعاو َن ُه بأ ْب َل ِغ‬ ‫عيــد ِ‬
‫اجتَمعــوا ك ُّلهم خل ْل ِق ِه يف ص ٍ‬
‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫ْب من ُه؟!‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫عاونة؛ َل َع َجزوا َع ْن َخ ْل ِق ُذبا َبة واحدَ ة‪ ،‬فك َ‬
‫هو أك َ ُ‬
‫َيف ما َ‬ ‫الم َ‬
‫ُ‬

‫«و َم ْن َأ ْظ َل ُم ِم َّ ْن َخ َل َق َخ ْل ًقا كَخَ ْلقي؟!‬ ‫ِ‬


‫بعض ِروايات هذا احلديث‪َ :‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َو َقدْ جا َء يف‬
‫َف ْل َيخْ ُلقوا ِم ْث َل َخ ْلقي‪َ :‬ذ َّرةً‪َ ،‬أ ْو ُذبا َب ًة‪َ ،‬أ ْو َح َّب ًة»(((‪.‬‬

‫((( رشح النووي عىل مسلم (‪.)91/14‬‬


‫((( فتح الباري (‪.)386/10‬‬
‫((( رواه اإلمام أمحد (‪.)9082‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 38‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪37‬‬

‫الحديث السادس‬

‫قول‪« :‬قال ُ‬
‫اهلل ‪:D‬‬ ‫ُ‬ ‫ت ال َّن َّ‬
‫بي ‪ H‬يَ‬ ‫ِع ُ‬ ‫ن أبي ُهرَيْرَ َة ‪ ،I‬قال‪َ :‬‬
‫ســم ْ‬ ‫َع ْ‬
‫خ ْلقــي؟ َف ْلي َ ْخلُقوا َذر َّ ًة‪ ،‬أ َ ْو لي َ ْخلُقوا‬
‫ك َ‬
‫خ ْل ًقا َ‬
‫ق َ‬ ‫ن َذه َ‬
‫َب ي َ ْخل ُ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ــن أ َ ْ‬
‫ظل َ ُ‬
‫م ِم َّ‬ ‫َو َم ْ‬
‫حبَّ ًة‪ ،‬أ َ ْو لي َ ْخلُقوا َ‬
‫شعير َ ًة»(((‪.‬‬ ‫َ‬

‫يان لِعظي ِم ُقدْ َر ِة اهللِ تعاىل‪ ،‬وأ َّن ُه اخلالِ ُق ‪َ ‬و ْحدَ ُه‪ُّ ،‬‬
‫وكل‬ ‫يف هــذا الح ِ‬
‫ديث َب ٌ‬ ‫َ‬
‫ما ِسوا ُه َم ٌ‬
‫لوق َل ُه‪َ ،‬م ٌ‬
‫ربوب‪ُ ،‬مد َّب ٌر‪.‬‬

‫كخ ْل ِق اهللِ‪ ،‬وأنَّى له‬ ‫ب َي ُل ُ‬ ‫فيــه‪َ :‬تَدٍّ ‪ ،‬وت ٌ‬ ‫و ِ‬


‫ــق َ‬ ‫بيخ‪َ ،‬ملن َ‬
‫ذه َ‬ ‫َبكيــت‪ ،‬وت َْو ٌ‬
‫ٌ‬ ‫َعجيز‪ ،‬وت‬ ‫َ‬
‫ذلِ َك؟! فال َأ َحدَ َأ ْظ َل َم ِمنْ ُه‪.‬‬
‫ديث للمصورين الذين ي ِ‬‫والوعيــدُ يف هذا الح ِ‬
‫بخ ْل ِق اهللِ‪ُ ،‬‬
‫وه ُم الذي َن‬ ‫َ‬
‫ئــون َ‬‫ضاه‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ َ ِّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫َعون َت َ‬
‫واح‪.‬‬ ‫وصو َر َذوات ْ‬
‫األر ِ‬ ‫َ‬ ‫اثيل‬ ‫َيصن َ‬

‫ف بن ْف ِســها‬
‫تتص ُ‬ ‫والمعنــى‪َ « :‬ف ْلي َ ْخلُقوا َذر َّ ًة» َيعني‪ :‬نَم َل ًة َصغريةً‪ ،‬فيها ٌ‬
‫روح‪َّ َ ،‬‬
‫هي َخ ْل ُق اهللِ تعاىل‪.‬‬ ‫كَه ِذ ِه َّ ِ‬
‫الذ َّرة التي َ‬ ‫َ‬

‫شــعير َ ًة» أي‪ :‬ح َّب ًة فيها َط ْع ٌم‪ ،‬تُؤك َُل‪ ،‬وت َ‬
‫ُزر ُع‪،‬‬ ‫حبَّ ًة‪ ،‬أ َ ْو لي َ ْخلُقوا َ‬
‫«أ َ ْو لي َ ْخلُقوا َ‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)5953‬ومسلم (‪.)2111‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 37‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪36‬‬

‫ِ‬
‫امليثاق‬ ‫مات عىل‬ ‫ِ‬
‫َّكليف؛ َ‬ ‫غريا َق ْب َل الت‬ ‫امليثاق الثالِ َث‪َ ،‬بأ ْن َ‬
‫َ‬ ‫َو َم ْن َل ْ ُيدْ ِر ْك هذا‬
‫مات َص ً‬
‫سلمني مع ِ‬
‫آبائ ِهم‪.‬‬ ‫الم‬ ‫ِ‬ ‫رة‪ ،‬فإِ ْن َ ِ‬
‫الف ْط ِ‬
‫األو ِل عىل ِ‬
‫َ َ َ‬ ‫سلمني‪ ،‬فأوال ُد ُ‬ ‫َ‬ ‫الم‬
‫كان م ْن أوالد ُ‬ ‫َّ‬
‫رشكــن؛ فاهللُ أع َلم بــا َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وإِ ْن َ ِ‬
‫كان عام ًل َل ْ‬
‫ــو أ ْد َركَه‪ ،‬كام يف‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫الم‬
‫كان مــ ْن أوالد ُ‬ ‫َ‬
‫ســول اهلل ‪َ H‬عن َأو َالدِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫اس ‪ L‬قال‪ُ :‬ســئ َل َر‬ ‫ابن ع َّب ٍ‬ ‫ي(((‪َ ،‬ع ِن ِ‬ ‫حيح ْ ِ‬
‫ْ ْ‬ ‫الص َ‬ ‫َّ‬
‫كني؛ َفقال‪« :‬اهللُ إِ ْذ َخ َل َقهم َأع َلم بِام كانوا ِ‬
‫عاملنيَ» (((‪.‬‬ ‫ش َ‬‫الم ْ ِ‬
‫ُ ْ ْ ُ‬ ‫ُ‬
‫ذر يف ت َْر ِك‬ ‫عليه ْم‪َ ،‬‬
‫ول ْ ي ُك ْن هل ُ ْم ُع ٌ‬ ‫ِ‬
‫املواثيق ِ‬ ‫هذ ِه‬
‫ولِــذا ب َط َل ْت حج ُة الكافِرين َبأ ْخ ِذ ِ‬
‫َ‬ ‫ُ َّ‬ ‫َ‬
‫اإليامن‪ ،‬ولذا قال تعاىل‪( :‬ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ) [األعراف‪:‬‬
‫ِ ِ‬
‫‪.]١٧٢‬‬
‫ِ‬
‫واإلقرار‬ ‫ِ‬
‫وامليثاق‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫أي‪ :‬لِ َئ َّل يقولوا يو َم القيا َم ِة‪( :‬ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ) الت‬
‫َّوحيد‪،‬‬ ‫ْ‬
‫(ﮂ)‪.‬‬
‫كل ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أحد َم ُف ٌ‬
‫طور‬ ‫الح َّج ُة البال َغ ُة هللِ عليك ُْم‪َ ،‬ف ُّ َ‬
‫فاليو َم قد انق َط َع ْت ُح َّج ُتك ُْم‪ ،‬وثبتَت ُ‬
‫للناس عىل اهللِ‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫يكون‬ ‫امليثاق؛ ولِ َّئل‬
‫ِ‬ ‫كريا هبذا‬‫الر ُس ُل َتديدً ا‪ ،‬وت َْذ ً‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عىل ذل َك‪ ،‬وجا َءت ُّ‬
‫الر ِ‬
‫سل(((‪.‬‬ ‫ُح َّج ٌة َبعدَ ُّ‬

‫((( البخاري (‪ ،)1383‬ومسلم (‪.)2660‬‬


‫((( انظر‪ :‬تفسري ابن كثري (‪ ،)500/3‬معارج القبول حلافظ احلكمي (‪.)92/1‬‬
‫((( تفسري البغوي (‪ ،)299/3‬تفسري ابن كثري (‪ ،)506/3‬تفسري السعدي (ص‪.)308‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 36‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪35‬‬ ‫احلديث اخلامس‪« :‬أخذ اهلل امليثاق من ظهر آدم بنَعامن‪»...‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ص فيها‪َ ،‬وإِنَّام َ ْ‬
‫يدُ ُ‬
‫ث فيها‬ ‫هيم َة كام َل َة األَ ْعضاء ال َن ْق َ‬ ‫واملعنى‪َ « :‬أ َّن ال َب َ‬
‫هيم َة تَلدُ ال َب َ‬
‫ص‪َ ،‬ب ْعدَ ِوال َد ِتا»(((‪.‬‬ ‫جلدْ ُع‪ ،‬والنَّ ْق ُ‬
‫ا َ‬

‫َفاء ُك َّل ُه ْم‪َ ،‬وإِ َّنُ ْم َأ َتت ُْه ْم‬ ‫ديــث ال ُقديس‪« :‬إِن َخ َل ْق ُ ِ‬ ‫ِ‬
‫ت عبادي ُحن َ‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫الح‬
‫وقال تعاىل يف َ‬
‫ــت َُل ْم‪َ ،‬و َأ َم َر ُ ْت ْم َأ ْن‬ ‫فاجتا َلت ُْه ْم((( َع ْن دين ِ ِه ْم‪َ ،‬و َح َّر َم ْ‬
‫ت َع َل ْي ِه ْم ما َأ ْح َل ْل ُ‬ ‫ــياطني‪ْ ،‬‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫الش‬
‫شكوا يب ما َل ْ ُأن ِْز ْل بِ ِه ُس ْلطانًا»(((‪.‬‬
‫ُي ْ ِ‬

‫األو ِل‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ ِ‬


‫للميثاق َّ‬ ‫ــل‪ ،‬و ُأ ِنز َل ْت بِه ال ُكت ُ‬
‫ُب‪َ ،‬تديدً ا‬ ‫الر ُس ُ‬
‫جاءت به ُّ‬ ‫امليثاق ال َّث ُ‬
‫الث‪ :‬ما‬ ‫ُ‬
‫كريا بِ ِه‪ ،‬كام قال تعــاىل‪( :‬ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ‬ ‫وت َْذ ً‬
‫ﮈﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ) [النساء‪.]١٦٥ :‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫شــاهد ٌة بام َث َب َت يف‬ ‫ِ ِ‬ ‫امليثاق َو َ ٍ‬ ‫َف َم ْن َأ ْد َر َك هذا‬
‫امليثاق‬ ‫هي‬‫هو باق عىل ف ْط َرته‪ ،‬التي َ‬ ‫َ‬
‫ف؛ ِلنَّه جا َء موافِ ًقا لِا يف فِ ْط َر ِته‪ ،‬وما‬ ‫مر ٍة‪ ،‬وال َيتَو َّق ُ‬ ‫ِ‬ ‫األو ِل؛ فإنَّــه ي ْقب ُل َ ِ‬
‫ذلك م ْن َّأول َّ‬ ‫َ َ‬ ‫َّ‬
‫بذلك َيقينُ ُه‪ ،‬و َي ْق َوى إيامنُه‪ ،‬فال يت َل ْع َث ُم‪ ،‬وال يرت َّد ُد‪.‬‬
‫َ‬ ‫جب َله اهللُ ِ‬
‫عليه‪َ ،‬ف َي ْزدا ُد‬ ‫ََ‬
‫ِ‬
‫امليثاق‬ ‫ِ‬
‫اإلقرار بام َث َب َت يف‬ ‫عليه ِم َن‬
‫ومــن أدركَه و َقدْ تغي ْت فِ ْطر ُته عم جب َلــه اهللُ ِ‬
‫َ ُ َّ َ َ‬ ‫َّ َ‬ ‫َ ْ َْ‬
‫وه َّو َد ُه أبوا ُه‪ ،‬أو ن ََّصا ُه‪ ،‬أو َمَّسا ُه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫كان قد اجتا َلتْه َّ‬ ‫ِ‬ ‫بأن َ‬ ‫األو ِل‪ْ ،‬‬
‫ــياطني ع ْن دينه‪َ ،‬‬‫ُ‬ ‫الش‬ ‫َّ‬
‫الر ُس ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫إن تَداركَــه اهللُ تعاىل بر ْ َ ِ‬
‫ــل‪،‬‬ ‫وصدَّ َق بام جا َء ْت به ُّ‬ ‫حته‪َ ،‬فر َج َع إىل ف ْط َرته‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫فهذا ْ‬
‫األو ُل‪ ،‬وال َّثاين‪.‬‬ ‫ِ‬
‫امليثاق َّ‬‫ُ‬ ‫ون ََز َل ْت به ال ُكت ُ‬
‫ُب؛ َن َف َعه‬

‫إقراره ِبه يو َم َ‬
‫أخذ ُه اهللُ‬ ‫فلم َينْ َف ْعــه ُ‬
‫كان مك َِّذ ًبا َّ ِ‬
‫باألول‪ْ ،‬‬
‫ِ‬ ‫وإِ ْن َّ‬
‫كذ َب هبــذا امليثاق؛ َ ُ‬
‫‪،‬‬‫حيــث قــال‪( :‬ﭶ) [األعراف‪َ ]١٧٢ :‬جوا ًبا لقول ِ ِه تعــاىل‪( :‬ﭲ ﭳ)‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫عليه؛‬
‫ِ‬ ‫عليه حج ُة اهللِ‪ ،‬وغلب ْت ِ‬
‫[األعراف‪ ]١٧٢ :‬وقام ْت ِ‬
‫ذاب‪،‬‬ ‫الشــ ْقوةُ‪َ ،‬‬
‫وح َّق عليه ال َع ُ‬ ‫عليه ِّ‬ ‫َ‬ ‫ُ َّ‬ ‫َ‬
‫(ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ) [احلج‪.]١٨ :‬‬

‫((( رشح النووي عىل صحيح مسلم (‪.)209/16‬‬


‫((( اس َت َخ َّفتهم‪ ،‬فجالوا معهم يف الضالل‪.‬‬
‫((( رواه مسلم (‪.)2865‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 35‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪34‬‬

‫أخذها اهللُ تعاىل عىل بني آد َم‪ ،‬ثال َث ُة َم ُ‬


‫واثيق التي َ‬ ‫أهل ِ‬
‫العل ِم ّ‬ ‫بعض ُ‬
‫واثيق‪:‬‬ ‫الم َ‬‫أن َ‬ ‫و َذ َ‬
‫كر ُ‬

‫امليثاق الذي َ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫األو ُل‪:‬‬
‫أخذه اهللُ تعاىل عىل‬ ‫الحديث‪َ :‬‬
‫وهو‬ ‫ذكــور يف هذا َ‬‫ُ‬ ‫الم‬
‫امليثاق َ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫أبيه ْم آ َد َم ‪َ ،S‬و َأ ْشهدَ هم عىل أن ُفس ِهم (ﭲ‬ ‫ِ‬
‫أخرج ُه ْم م ْن َظ ْه ِر ِ‬ ‫حني‬
‫بني آ َد َم‪َ ،‬‬
‫َ‬
‫ﭳﭴ ﭵ ﭶ) ‪.‬‬

‫ك ما‬ ‫القيام ِة‪َ :‬ل ْو َأ َّن َل َ‬


‫َ‬ ‫َعال ِلَ ْه َو ِن َأ ْه ِل الن ِ‬
‫َّار َعذا ًبا َي ْو َم‬ ‫قول اهللُ ت َ‬ ‫ِ‬
‫ديــث‪َ « :‬ي ُ‬ ‫الح‬
‫ويف َ‬
‫ْك َأ ْه َو َن ِم ْن‬‫قول‪َ :‬أ َر ْد ُت ِمن َ‬ ‫ــم‪َ ،‬ف َي ُ‬‫قول‪َ :‬ن َع ْ‬ ‫ْت َت ْفتَدي بِ ِه؟ َف َي ُ‬
‫ش ٍء َأ ُكن َ‬
‫ــن َ ْ‬
‫ضم ْ‬
‫يف األَر ِ ِ‬
‫ْ‬
‫َ ِ‬ ‫ُش َك يب َش ْيئًا‪َ ،‬ف َأ َب ْي َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫هذا(((‪َ ،‬و َأن َ‬
‫ُش َك يب»(((‪.‬‬ ‫ت إِلَّ أ ْن ت ْ‬ ‫ب آ َد َم‪ :‬أ ْن َال ت ْ‬‫ْت يف ُص ْل ِ‬

‫الش َك(((‪.‬‬
‫أخرجت َُك إىل الدُّ نيا‪َّ -‬إل ِّ ْ‬
‫ْ‬ ‫امليثاق‪َ ،‬فأ َب ْي َت ‪-‬إِ ْذ‬
‫َ‬ ‫حني ْ‬
‫أخذ ُت‬ ‫واملعنى‪ :‬أمرت َُك َ‬
‫توحيد ِه‪ ،‬ودينِ ِه‪ِ ،‬‬
‫ِ‬ ‫ال َّثاين‪ِ ِ ُ :‬‬
‫شاهدي َن بام‬ ‫أن اهللَ تعاىل َف َط َر ُهم عىل‬ ‫ميثاق الف ْطرة‪َ :‬‬
‫وهو َّ‬
‫األو ِل‪ ،‬كام قال تعاىل‪( :‬ﯔ ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ‬ ‫ِ‬
‫امليثاق َّ‬ ‫أخذ ُه ِ‬
‫عليه ْم يف‬ ‫َ‬
‫ﯜ ﯝ ﯞﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ) [الروم‪.]٣٠ :‬‬
‫شــاهدي َن عىل أن ُف ِس ِهم َّ‬
‫أن اهللَ‬ ‫ِ‬ ‫أصالبِ ْم‪،‬‬
‫ِ‬ ‫رج ُذر َّي َة بني آ َد َم ِم ْن‬ ‫فاهللُ تعاىل اســت َ‬
‫ْخ َ‬
‫ربم‪ ،‬و َمليك ُُهم‪ ،‬وأنَّه ال إ َل َه َّإل َ‬
‫هو‪.‬‬ ‫ُّ ُ‬
‫ديث‪« :‬ما ِمن مو ٍ‬
‫لود إِالَّ‬ ‫عليه‪ ،‬كام يف الح ِ‬ ‫ذلك‪ ،‬وجب َلهم ِ‬ ‫كام أنَّه تعاىل َف َط َر ُهم عىل َ‬
‫ْ َْ‬ ‫َ‬ ‫ََ ُ‬
‫ِِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬
‫يم ًة‬ ‫يو َلدُ عىل الف ْط َرة‪َ ،‬ف َأ َبوا ُه ُ َي ِّودانه‪ ،‬أو ُين َِّصانه‪َ ،‬أ ْو ُي َم ِّجسانه‪ ،‬كَام ُتنْت َُج ال َب َ‬
‫هيم ُة َب َ‬
‫(((‬

‫ون فيها ِم ْن َجدْ عا َء(((؟»(((‪.‬‬ ‫جعا َء(((‪َ ،‬ه ْل ِ ُت ُّس َ‬ ‫َْ‬

‫((( يعني‪ :‬أمرتُك‪.‬‬


‫((( رواه البخاري (‪ ،)6557‬ومسلم (‪.)2805‬‬
‫((( فتح الباري (‪.)403/11‬‬
‫((( ت َِلد‪.‬‬
‫((( جمتمعة األعضاء سليمة من النقص‪.‬‬
‫((( مقطوعة األذن أو غريها من األعضاء‪.‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ ،)1358‬ومسلم (‪.)2658‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 34‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪33‬‬

‫الحديث الخامس‬

‫َ‬
‫الميثاق‬ ‫ذ اهللُ ‪F‬‬ ‫بــي ‪ H‬قال‪« :‬أ َ َ‬
‫خ َ‬ ‫ن ال َّن ِّ‬
‫اس ‪َ ،L‬ع ِ‬
‫ن َع َّب ٍ‬
‫ــن ابْ ِ‬
‫َع ِ‬
‫ل ُذرِّيَّ ٍة َذرَأَها‪،‬‬ ‫ــه ُ‬
‫ك َّ‬ ‫ص ْل ِب ِ‬
‫ن ُ‬ ‫مان ‪-‬يَ ْعنــي‪َ :‬عرَ َفــ َة‪َ -‬فأ َ ْخر َ َ‬
‫ج ِم ْ‬ ‫م ِبن َ ْع َ‬ ‫ن َ‬
‫ظ ْهــ ِر آ َد َ‬ ‫ِم ْ‬
‫م َكلَّ َم ُه ْم ِقب َ ًال‪ ،‬قال‪( :‬ﭲ ﭳﭴ ﭵ ﭶﭷ ﭸﭹ‬
‫ن ي َ َد ْي ِه كال َّذرِّ‪ ،‬ث ُ َّ‬
‫م ب َ ْي َ‬ ‫َفنَثَر َ ُ‬
‫ه ْ‬
‫ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ) [األعراف‪.(((»]١٧٢ :‬‬

‫هو ال َع ْهدُ ‪.‬‬ ‫ُ‬


‫«امليثاق» َ‬

‫الكربى (‪ ،)11127‬واإلمام أمحد يف املسند (‪ ،)2455‬واحلاكم يف املستدرك‬‫((( رواه ال َّنسائي يف ُ‬


‫صححه األلباين يف الصحيحة (‪ ،)1623‬وضعفه شيخ‬ ‫(‪ ،)4000‬وصححه‪ ،‬ووافقه الذهبي‪ ،‬وكذا َّ‬
‫اإلسالم ابن تيمية وغريه‪ ،‬وصحح احلافظ ابن كثري وغريه وقفه‪ ،‬وقال غري واحد من أهل العلم‬
‫حيد» وقال إِ ْسحاق ْبن َ‬
‫راه َو ْيه‬ ‫هاد إِنَّام هو ِف ْطر ُ ُتم عىل ال َّتو ِ‬ ‫الشْ ِ‬ ‫«الرا َد ِبذا ْ ِ‬ ‫من السلف واخللف‪ُ ْ :‬‬
‫ْ‬ ‫َ َ ْ‬
‫واح‬ ‫ِ‬
‫ج َع َأ ْه ُل ا ْلع ْلمِ َأ َّنا ْ َ‬ ‫يف ِ َقولِ ِه ‪( :D‬ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ) قال‪َ :‬‬
‫«أ ْ َ‬
‫ال ْر ُ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫فاس َت ْنطق َُه ْم َوأشْ َهدَ ُه ْم عىل أنْفسه ْم‪( :‬ﭲ ﭳﭴ ﭵ ﭶ)» االستذكار (‪،)107/3‬‬ ‫ُ‬ ‫َق ْب َل ال ْجساد‪ْ ،‬‬
‫حلديث وكرباء أهل ا ْلعلم يف َه ِذه ْال َية‪َ :‬أن اهلل أخرج ُذ ِّر َّية آدم من‬ ‫َوقال ْابن األنباري‪َ « :‬م ْذ َهب أهل ا َ‬
‫فاع َتفوا‬ ‫الذر‪َ ،‬فأخذ َع َل ْي ِهم ْاليثاق َأنه خالقهم‪َ ،‬و َأ َّ ُن ْم مصنوعون‪ْ ،‬‬ ‫صلبه وأصالب َأ ْوالده وهم يف صور َّ‬
‫ك‬ ‫الصحيحني عن َأنَس بن مالِ ٍ‬ ‫بذلك وقبلوا» الروح (ص‪ ،)163‬واستشهد هؤالء يف اجلملة بام يف ّ‬
‫ْ‬
‫َعال ِ َل ْه َو ِن َأ ْه ِل ال َّنا ِر َعذا ًبا َي ْو َم القيا َم ِة‪َ :‬ل ْو َأ َّن َل َك ما يف‬
‫اهلل ت َ‬‫قول ُ‬ ‫بي ‪ H‬قال‪َ « :‬ي ُ‬ ‫‪َ ،I‬ع ِن ال َّن ِّ‬
‫ب‬ ‫قول‪َ :‬أ َر ْد ُت ِم ْن َك َأ ْه َونَ ِم ْن هذا‪َ ،‬و َأن َْت يف ُص ْل ِ‬ ‫قول‪ :‬ن ََع ْم‪َ ،‬ف َي ُ‬ ‫ش ٍء َأ ُك ْن َت َت ْف َتدي بِ ِه؟ َف َي ُ‬ ‫ض ِم ْن َ ْ‬ ‫َ‬
‫األ ْر ِ‬
‫ُش َك يب»‪.‬‬ ‫ُش َك يب َش ْيئًا‪َ ،‬ف َأ َب ْي َت إِ َّل َأ ْن ت ْ ِ‬ ‫آ َد َم‪َ :‬أ ْن َال ت ْ ِ‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 33‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 32 11/17/19 8:56 PM
‫‪31‬‬ ‫احلديث الرابع‪ُ :‬نينا أن نسأل رسول اهلل ‪ H‬عن يشء‪...‬‬

‫ف املالِ ُك‪،‬‬
‫املترص ُ‬
‫ِّ‬ ‫العظيم اخلالِ ُق‬
‫ُ‬ ‫الر ُّب‬ ‫ِِ‬
‫ذلك‪ ،‬وصانعه‪ ،‬وأنَّه َّ‬ ‫خالق َ‬‫ن َّبهه هبذا عىل ُقدْ َر ِة ِ‬
‫العباد َة ِسوا ُه(((‪.‬‬
‫َح ُّق ِ‬
‫وأنَّه اإلله الذي ال يست ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬

‫اإلبِ ِل‪،‬‬ ‫«يقول‪َ :‬ه ْل َي ْق ِد ُر َأ َحدٌ َأ ْن َ ْ‬


‫ي ُل َق ِم ْث َل ِ‬ ‫ُ‬ ‫اس ‪ L‬ق َا َل‪:‬‬ ‫ولِذا جا َء َع ِن ا ْب ِن َع َّب ٍ‬
‫بال‪َ ،‬أ ْو َي ْس َط َح ِم ْث َل األَ ْر ِ‬
‫اجل ِ‬‫ب ِم ْث َل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ض َغ ْيي؟!»(((‪.‬‬ ‫السامء‪َ ،‬أ ْو َينْص َ‬ ‫َأ ْو َي ْر َف َع م ْث َل َّ‬
‫رسول اهللِ ‪َH‬؛ فقال‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ــم ِضام ٌم ‪- I‬هنا يف ُســؤالِه‪ -‬عىل‬ ‫أقس َ‬
‫وهكذا َ‬ ‫َ‬
‫بال‪ ،‬آللَُّ َأ ْر َس َل َك؟»‪ ،‬فقال‬ ‫ب َه ِذ ِه ِ‬
‫اجل َ‬ ‫« َفبِالذي َخ َل َق َّ‬
‫الســا َء‪َ ،‬و َخ َل َق األَ ْر َض‪َ ،‬ون ََص َ‬
‫‪« :َH‬ن َ َع ْم»‪.‬‬

‫((( تفسري ابن كثري (‪.)387/8‬‬


‫((( التفسري الوسيط للواحدي (‪ ،)476/4‬والبغوي (‪.)410/8‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 31‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪30‬‬

‫األمــور أنَّه ِ‬
‫قاد ٌر عىل‬ ‫ِ‬ ‫هذ ِه‬
‫ــه ‪ ،‬وليع َلمــوا بِ ُقدرتِ ِه ‪ ‬عىل ِ‬ ‫ووحدانيتِ ِ‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫عاد‪ ،‬والجزاء‪ِ،‬‬
‫أخب بِ ِه ِمن ِصحة الم ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ْ َّ َ‬ ‫َب ْعثهم ْيو َم القيا َمة‪َ ،‬ف َي ْســتد ُّلوا هبا عىل ص َّحة ما َ ْ َ‬
‫ساب؛ َفقال ‪( :‬ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ‬ ‫ِ‬
‫واحل ِ‬
‫ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ) [الغاشية‪.]٢٠-١٧ :‬‬

‫وهي‬ ‫فهذ ِه اإلبِ ُل َخ ْل ٌق عجيب‪ ،‬وتركيبها َغريب؛ فإنا يف غاي ِة القو ِة‪ِ ِّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫والشــدَّ ة‪َ ،‬‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ٌ َّ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫يأخ ُذ‬
‫غري ُ‬ ‫عيف‪ ،‬حتَّى َّ‬ ‫الض ِ‬ ‫للقائ ِد َّ‬
‫الثقيل‪ ،‬وتنقاد ِ‬ ‫ِ‬ ‫َلني ِ‬
‫للح ْم ِل‬ ‫مع َ‬
‫الص َ‬
‫بي َّ‬ ‫الص َّ‬‫إن َّ‬ ‫ُ‬ ‫ذلك ت ُ‬ ‫َ‬
‫ِبز ِ‬
‫رش ُب لبنُها‪ ،‬و ُن ِّبهوا‬ ‫ب هبا َح ْي ُث شــا َء! وتُؤك َُل‪ ،‬و ُينت َفع َبو َبرهــا‪ ،‬و ُي َ‬ ‫مامها‪ْ ،‬‬
‫فيذ َه ُ‬
‫ِ‬ ‫وكانت أن َف َس‬ ‫َت ِ‬
‫اإل َبل‪،‬‬ ‫ألن العرب غالِب دوابِم كان ِ‬ ‫َِ‬
‫وأكثرها‪.‬‬
‫َ‬ ‫أموالم‬ ‫ْ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫بذل َك؛ َّ َ َ‬
‫ِ‬ ‫كيف ر َف َعها اهللُ ‪ِ D‬‬ ‫ِ ِ‬
‫الر ْف َع ال َع َ‬
‫ظيم‪،‬‬ ‫األرض هذا َّ‬ ‫عن‬ ‫رون َ‬ ‫السام ُء‪ ،‬أفال ين ُظ َ‬
‫وهذه َّ‬
‫ِ‬
‫الســاء َن َار ُهم‪ ،‬ولي َل ُهم‪ ،‬يف‬ ‫ــر َع َم ٍد‪ ،‬حتَّى ال َ‬
‫ينالــا َش ٌء‪ ،‬وال َع َر ُب َين ُظ َ‬
‫رون إىل‬ ‫ب َغ ْ ِ‬
‫ــاء؟! (ﮀ ﮁ ﮂ‬ ‫رون يف عظي ِم َخ ْل ِق الس ِ‬
‫فكيف ال َيتَد َّب َ‬
‫َ‬ ‫إقا َمتِهــم‪ ،‬و َظ ْعنِهم؛‬
‫َّ‬
‫ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ) [ق‪.]٦ :‬‬

‫ِ‬
‫األرض ن َْص ًبا ثابتًا‪ ،‬أي‪:‬‬ ‫كيف ن ُِص َب ْت عىل َو ْج ِه‬
‫رون إليها َ‬ ‫وهذ ِه ِ‬
‫اجل ُ‬
‫بال‪ ،‬أفال ين ُظ َ‬ ‫ِ‬
‫بأهلها‪ ،‬وال ت ُ‬
‫َزول‪ ،‬وال‬ ‫راسخ ٌة‪ ،‬راسي ٌة‪ ،‬ال َت ُيل ِ‬ ‫ارتفاعها مرســاةٌ‪ِ ،‬‬
‫ِ‬ ‫مع‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُْ‬ ‫وهي َ‬
‫ُرف َعت‪َ ،‬‬
‫عل ِمن املنافِعِ‪ ،‬والم ِ‬
‫عاد ِن؟‬ ‫َ‬ ‫تتغي‪ ،‬وج َع َل فيها ما َج َ َ‬
‫َّ ُ‬
‫رون إليها َ ِ‬ ‫وهذ ِه‬
‫ِ‬
‫كيف ُبس َط ْت‪ِّ ،‬‬
‫وسو َيت‪ ،‬و ُم ِّهدَ ْت‪ ،‬و ُمدَّ ْت‪َ ،‬مدًّ ا‬ ‫األرض‪ ،‬أفال ين ُظ َ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫اخلالئ ُق عىل َظ ْه ِرها‪ ،‬و َيتَمكَّنوا من َح ْرثِها‪،‬‬ ‫التسهيل؛ ل َيست َِق َّر‬
‫ِ‬ ‫وس ِّهلت غاي َة‬ ‫ِ‬
‫واســ ًعا‪ُ ،‬‬
‫قاص ِد فيها؟(((‪.‬‬‫لة إىل أنوا ِع الم ِ‬
‫َ‬
‫لوك ال ُّطرق الموص ِ‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫نيان فيها‪ ،‬وس ِ‬
‫ُ‬
‫راسها‪ ،‬والب ِ‬
‫ُ‬
‫وغ ِ‬‫ِ‬

‫عريه الذي‬‫شاهدُ ه ِم ْن‪َ :‬ب ِ‬


‫االســتدالل بام ي ِ‬
‫ِ ُ‬ ‫الر ُج َل ال َبدَ َّ‬
‫وي عىل‬ ‫الكريم َّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫القرآن‬ ‫َفن َّب َه‬
‫ِ‬ ‫بل الذي ِت ِ‬ ‫امء التي َ ِ ِ‬ ‫عليه‪ ،‬والس ِ‬
‫هو راكب ِ‬
‫واألرض التي َتت ُه‪،‬‬ ‫اهه‪،‬‬ ‫فوق َر ْأسه‪َ ،‬‬
‫والج ِ‬ ‫َّ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬

‫((( تفسري البغوي (‪ ،)410/8‬زاد املسري (‪ ،)436/4‬تفسري القرطبي (‪ ،)36/20‬تفسري ابن كثري‬
‫(‪ ،)387/8‬تفسري السعدي (ص‪.)922‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 30‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪29‬‬ ‫احلديث الرابع‪ُ :‬نينا أن نسأل رسول اهلل ‪ H‬عن يشء‪...‬‬

‫ِ‬ ‫إثبات لِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫بأســئ َل ٍة ســه ٍ‬


‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الر ُج ُل‬ ‫ِ‬
‫وجود‬ ‫ٌ‬ ‫جوابا‬ ‫يكون يف‬ ‫لة‪،‬‬ ‫َ ْ‬ ‫العاقل‬ ‫َو َقد اك َت َفى هذا َّ‬
‫وحدَ ه ‪ ،‬أي َقــ َن َب ْعدَ ها بِ ِصدْ ِقه‬ ‫ِ ِِ ِ ِِ‬
‫ووحدان َّيته‪ ،‬واســت ْحقاقه للعبادة ْ‬
‫ِِ‬
‫اهللِ تعاىل‪ْ ،‬‬
‫ان بن ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫‪ َH‬بام َر َأى َوشاهدَ ِم َن الدَّ ِ‬
‫ثابت ‪:I‬‬ ‫حس ُ ُ‬ ‫الئل الدَّ ا َّلة عليه‪ ،‬كام قال َّ‬
‫باخل َ ِب‬
‫َأتيك َ‬
‫دهيتُه(‪ )١‬ت َ‬ ‫آيـات ُمب ِّينـ ٌة‬ ‫َلـو َل َتكُـن ِ‬
‫كانت َب َ‬ ‫ٌ‬ ‫فيـه‬ ‫ْ‬ ‫ْ ْ‬
‫(‪(((怀((()٢‬‬

‫بال‪ ،‬وج َع َل فيها ما‬ ‫ب ِ‬


‫اجل َ‬ ‫األرض؟ و َم ْن ن ََص َ‬
‫َ‬ ‫السام َء؟ و َم ْن َخ َل َق‬
‫َف َسأ َله َم ْن َخ َل َق َّ‬
‫جع َل ِمن املنافِعِ‪ ،‬والم ِ‬
‫عاد ِن؟ فأجا َب ُه‪« :‬اهللُ»‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬

‫الح ِة سيا َق ِته‪ ،‬وترتيبِ ِه؛ َفإِ َّن ُه‬


‫الر ُج ِل‪َ ،‬و َم َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لامء‪« :‬وهذا م ْن ُح ْس ِن ُسؤال هذا َّ‬ ‫قال ال ُع ُ‬
‫سول‬ ‫هو؟ ُث َّم َأ ْق َس َم َع َل ْي ِه بِ ِه َأ ْن َي ْصدُ َق ُه يف ك َْونه َر ً‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َس َأ َل َأ َّو ًل َع ْن صان ِع ا َمل ْخلوقات َم ْن َ‬
‫تيب َي ْفت َِقر إِ َل َع ْق ٍل‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ف عىل ِرسا َلته َوع ْلمها؛ َأ ْق َس َم َع َل ْيه بِه‪َ ،‬وهذا ت َْر ٌ‬ ‫للخالِق‪ُ ،‬ث َّم ََّلا َو َق َ‬
‫َر ٍ‬
‫صني»(((‪.‬‬
‫اإلنسان‪ ،‬واألك ِ‬
‫ْوان‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫خلوقات عىل الخالِ ِق‪ ،‬وت َفك ٌُّر يف َخ ْل ِق‬
‫ِ‬ ‫بالم‬ ‫وهذا اســتِ ٌ‬
‫دالل َ‬
‫ووحدان َّي ِته‪.‬‬ ‫ِ‬
‫يدُ ُّل عىل وجود اهللِ‪ْ ،‬‬

‫وحدان َّيتِ ِه‪ ،‬كام قال تعاىل‪:‬‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وهــو م َن األد َّلة اليقين َّية عىل وجوده ‪ ،‬وعــى ْ‬
‫َ‬
‫(ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ) [يونس‪ ،]١٠١ :‬وقــال‪( :‬ﮪ ﮫ ﮬ‬
‫ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ) [األعراف‪( ،]١٨٥ :‬ﮉ ﮊ ﮋ‬
‫ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ) [آل عمران‪،]١٩٠ :‬‬
‫(ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣﮤ ﮥ ﮦ) [الذاريات‪.]٢١-٢٠ :‬‬

‫َّظر يف خملوقاتِ ِه‬


‫وأمر ُه ْم بالن ِ‬ ‫ِِ‬
‫ب َخ ْلقه‪َ ،‬‬
‫ِ‬
‫وهذا كام َذك ََّر ُه ُم اهللُ تعاىل ُصنْ َعــ ُه‪ ،‬وعجائ َ‬
‫درة اهللِ‪ ،‬و َع َظ َمتِه‪،‬‬
‫ــر عىل ُق ِ‬ ‫بار إىل َخ ْل ِقها البديعِ؛ ليســتد ُّلوا بام فيها ِمن ِ‬
‫الع َ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َن َظ َر ا ْعتِ ٍ‬

‫((( مظهره‪.‬‬
‫((( تفسري ابن كثري (‪.)255/4‬‬
‫((( رشح النووي عىل مسلم (‪.)171/1‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 29‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪28‬‬

‫س َنتِنا؟ قال‪َ :‬‬


‫«ص َد َ‬
‫ق»‪.‬‬ ‫ضان في َ‬
‫َ‬ ‫ش ْهر ِ ر َ َم‬ ‫ك أ َ َّن َع َل ْينا َ‬
‫ص ْو َم َ‬ ‫م رَسو ُل َ‬
‫قال‪َ :‬وز َ َع َ‬

‫م»‪.‬‬ ‫ك‪ ،‬آل َّلهُ أ َ َمرَ َ‬


‫ك بِهذا؟ قال‪« :‬ن َ َ‬
‫ع ْ‬ ‫قال‪َ :‬فبِالذي أَر ْ َ‬
‫س َل َ‬

‫ســبي ً‬
‫ال؟ قــال‪:‬‬ ‫طاع إِلَ ْيــ ِه َ‬
‫َ‬ ‫اســ َت‬
‫ــن ْ‬
‫ــت َم ِ‬ ‫ك أ َ َّن َع َل ْينــا َح َّ‬
‫ــج ال َب ْي ِ‬ ‫ــم رَســو ُل َ‬
‫قــال‪َ :‬وز َ َع َ‬
‫«ص َد َ‬
‫ق»‪.‬‬ ‫َ‬

‫ن‪َ ،‬وال أَنْ ُق ُ‬


‫ص ِم ْن ُه َّ‬
‫ن‪.‬‬ ‫الح ِّق‪ ،‬ال أ َ ُ‬
‫زيد َع َل ْي ِ‬
‫ه َّ‬ ‫م َو َّلى‪ ،‬قال‪ :‬والذي بَ َع َث َ‬
‫ك بِ َ‬ ‫قال‪ُ :‬ث َّ‬

‫جنَّ َ‬
‫ة»‪.‬‬ ‫ق لَي َ ْد ُ‬
‫خل َ َّ‬
‫ن ال َ‬ ‫ص َد َ‬ ‫بي ‪« :H‬ل َ ِئ ْ‬
‫ن َ‬ ‫َفقال ال َّن ُّ‬

‫ِ‬
‫ــؤال‪ ،‬كام قال‬ ‫الس‬ ‫بح ْس ِ‬
‫ــن ُّ‬ ‫وكان َمعرو ًفا ُ‬
‫َ‬ ‫هو ِضام ُم ب ُن َث ْع َلب َة ‪،I‬‬
‫الر ُج ُل َ‬
‫هذا َّ‬
‫جز ِم ْن ِضام ِم ِ‬
‫بن‬ ‫أحســ َن َمســأل ًة‪ ،‬وال ْأو َ‬
‫أحدً ا َ‬
‫اب ‪« :I‬ما َرأ ْي ُت َ‬ ‫الخ َّط ِ‬
‫عمر ب ُن َ‬
‫ُ‬
‫َث ْع َلب َة»(((‪.‬‬

‫َونا‪ ،‬و َع َّم‬ ‫ِ‬


‫األشياء َق َبل ك ِ‬ ‫َّبي ‪ِ َH‬‬
‫عن‬ ‫ِ‬ ‫و َقدْ نى اهللُ تعاىل َعن ِ‬
‫كثرة ُســؤال الن ِّ‬‫ْ َ‬ ‫َ ََ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّنقيب عن ُه‪ ،‬كام قال تعاىل‪( :‬ﮮ‬ ‫ــؤال‪ ،‬والت ِ‬ ‫ال َضور َة إِ َليــه‪ ،‬وال فائد َة َلُم يف ُّ‬
‫الس‬
‫ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ) [املائدة‪.]١٠١ :‬‬

‫الذك ِْر‪ ،‬واهللُ تعاىل ُ‬


‫يقول‪:‬‬ ‫ِ‬
‫ــؤال ِ‬
‫أهل ِّ‬ ‫وهو ِم ْن ُس‬ ‫ِ‬ ‫َ ِ‬
‫تاجون إليه فال مان َع من ُه‪َ ،‬‬‫أ َّما ما َي‬
‫(ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ) [النحل‪.]٤٣ :‬‬

‫أهــل الباد َي ِة‪ِ ،‬م َّ ْن َل ْ َي ْب ُل ْغ ُه‬


‫ِ‬ ‫يت َر ُج ٌل ِم ْن‬ ‫الصحا َب َة ‪ْ M‬‬
‫أن يأ َ‬ ‫ب َّ‬ ‫َولِــذا َ‬
‫كان ُي ْع ِج ُ‬
‫ف بِكيف َّي ِة‬ ‫العاقل أ ْع َر ُ‬‫َ‬ ‫عون؛ ِل َّن‬
‫سم َ‬ ‫وه ْم َي َ‬
‫ِ‬
‫ؤال‪َ ،‬و َيكون عاق ًل‪َ ،‬ف َي ْس َأ َل ُ‬ ‫الن َّْهي َع ِن الس ِ‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واب(((‪.‬‬ ‫بالج ِ‬
‫المراج َعة‪ ،‬فينتَفعوا َ‬ ‫وح ْس ِن ُ‬ ‫والم ِه ِّم من ُه‪ُ ،‬‬
‫السؤال‪ ،‬وآدابِه‪ُ ،‬‬ ‫ُّ‬

‫((( اإلصابة يف متييز الصحابة (‪.)395/3‬‬


‫((( رشح النووي عىل صحيح مسلم (‪ ،)169/1‬وتفسري ابن كثري (‪.)203/3 ،380/1‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 28‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪27‬‬

‫الحديث الرابع‬

‫ســول ال َّلــ ِه ‪َ H‬ع ْ‬


‫ن‬ ‫َ‬ ‫ســأَ َل ر َ‬
‫ــك ‪ I‬قــال‪ :‬نُهينا أ َ ْن نَ ْ‬
‫ــن مال ِ ٍ‬ ‫ــن أَنَ ِ‬
‫ــس بْ ِ‬ ‫َع ْ‬
‫ســأَلَهُ َونَ ْح ُ‬
‫ن‬ ‫ل‪َ ،‬ف َي ْ‬ ‫ن أ َ ْه ِ‬
‫ل الباديَ ِة العاقِ ُ‬ ‫جيء ال َّر ُج ُ‬
‫ل ِم َ‬ ‫َ‬ ‫ج ُبنا أ َ ْن يَ‬ ‫ــي ٍء‪َ ،‬ف َ‬
‫كان يُ ْع ِ‬ ‫ش ْ‬ ‫َ‬

‫ن أ َ ْه ِ‬
‫ل الباديَ ِة‪َ ،‬فقال‪:‬‬ ‫جاء ر َ ُج ٌ‬
‫ل ِم ْ‬ ‫س َمعُ ‪َ ،‬ف َ‬
‫نَ ْ‬

‫«ص َد َ‬
‫ق»‪.‬‬ ‫م أ َ َّن ال َّل َه أَر ْ َ‬
‫س َل َ‬
‫ك؟ قال‪َ :‬‬ ‫م لَنا أَنَّ َ‬
‫ك تَ ْز ُع ُ‬ ‫يا ُم َح َّم ُد‪ ،‬أَتانا رَسو ُل َ‬
‫ك‪َ ،‬فزَ َع َ‬

‫ماء؟ قال‪« :‬اهللُ»‪.‬‬


‫الس َ‬ ‫ن َخ َل َ‬
‫ق َّ‬ ‫قال‪َ :‬ف َم ْ‬

‫ض؟ قال‪« :‬اهللُ»‪.‬‬


‫ق األَر ْ َ‬
‫ن َخ َل َ‬
‫قال‪َ :‬ف َم ْ‬

‫ل؟ قال‪« :‬اهللُ»‪.‬‬


‫ل فيها ما َج َع َ‬
‫بال‪َ ،‬و َج َع َ‬
‫ج َ‬ ‫ب َه ِذ ِه ال ِ‬ ‫ن نَ َ‬
‫ص َ‬ ‫قال‪َ :‬ف َم ْ‬

‫ك؟‬ ‫بال‪ ،‬آل َّلهُ أَر ْ َ‬


‫ســ َل َ‬ ‫ج َ‬ ‫ب َه ِذ ِه ال ِ‬
‫ص َ‬ ‫ق األَر ْ َ‬
‫ض‪َ ،‬ونَ َ‬ ‫ــماء‪َ ،‬و َخ َل َ‬
‫َ‬ ‫الس‬ ‫قال‪َ :‬فبِالذي َخ َل َ‬
‫ق َّ‬
‫وتمامهُ ‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ديث(((‪،‬‬
‫الح َ‬
‫م»‪َ ...‬‬ ‫قال‪« :‬ن َ َ‬
‫ع ْ‬

‫وات في يَ ْو ِمنا َولَ ْي َلتِنا؟ قال‪َ :‬‬


‫«ص َد َ‬
‫ق»‪.‬‬ ‫ص َل ٍ‬ ‫ك أ َ َّن َع َل ْينا َخ ْم َ‬
‫س َ‬ ‫م رَسو ُل َ‬
‫قال‪َ :‬وز َ َع َ‬

‫م»‪.‬‬ ‫ك‪ ،‬آل َّلهُ أ َ َمرَ َ‬


‫ك بِهذا؟ قال‪« :‬ن َ َ‬
‫ع ْ‬ ‫قال‪َ :‬فبِالذي أَر ْ َ‬
‫س َل َ‬

‫كاة في أ َ ْموالِنا؟ قال‪َ :‬‬


‫«ص َد َ‬
‫ق»‪.‬‬ ‫ك أ َ َّن َع َل ْينا ز َ ً‬
‫م رَسو ُل َ‬
‫قال‪َ :‬وز َ َع َ‬

‫م»‪.‬‬ ‫ك‪ ،‬آل َّلهُ أ َ َمرَ َ‬


‫ك بِهذا؟ قال‪« :‬ن َ َ‬
‫ع ْ‬ ‫قال‪َ :‬فبِالذي أَر ْ َ‬
‫س َل َ‬

‫((( رواه البخاري (‪ ،)63‬ومسلم (‪ )12‬واللفظ له‪.‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 27‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 26 11/17/19 8:56 PM
‫‪25‬‬ ‫النبي ‪ H‬يقرأ يف املغرب بـ(الطور)‪...‬‬
‫احلديث الثالث‪ ... :‬سمعت َّ‬

‫صاف‬‫َعال‪( :‬ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ) [الطور‪]٣٥ :‬؛ ِلَ َّن حص َأو ِ‬ ‫َق ْو ُل ُه ت َ‬


‫َ ْ َ ْ‬
‫ش ٍء‪َ ،‬أ ْو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ي َلقوا م ْن َغ ْي َ ْ‬ ‫فيه؛ ِلَ َّنُ ْم إِ َّما َأ ْن ُ ْ‬
‫ــك ِ‬ ‫عي ال َش َّ‬ ‫ِ‬
‫حل يف األَ ْقســا ِم ال َّثال َثة َق ْط ٌّ‬ ‫ا َمل ِّ‬
‫طال ِ‬
‫الق ْس َم ْ ِ‬ ‫ــه ْم‪َ ،‬وال رابِ َع َأ ْل َب َّت َة‪َ ،‬وإِ ْب ُ‬ ‫ي ُل َق ُه ْم خالِ ٌق َغ ْ ُي َأ ْن ُف ِس ِ‬ ‫ــه ْم‪َ ،‬أ ْو َ ْ‬
‫ي‬ ‫ي ُلقوا َأ ْن ُف َس ُ‬ ‫َْ‬
‫ف يف اآل َي ِة‬ ‫فيه‪َ ،‬و َقدْ ُح ِذ َ‬ ‫ي َأ َّن ال َّثالِ َث ح ٌّق ال َش َّك ِ‬
‫َ‬
‫ــك ِ‬
‫فيه‪َ ،‬ف َي َت َع َّ ُ‬ ‫عي ال َش َّ‬ ‫ي َق ْط ٌّ‬ ‫األَ َّو َل ْ ِ‬
‫الس ْ ِب وال َّت ْقسي ِم عىل ِعبا َد ِة اهلل َو ْحدَ ُه َق ْطع َّي ٌة ال َش َّك فيها»(((‪.‬‬ ‫هوره‪َ ،‬فدَ ال َل ُة هذا َّ‬
‫لِ ُظ ِ ِ‬

‫((( أضواء البيان (‪.)495/3‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 25‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪24‬‬

‫ــال لِا ُيريدُ ‪،‬‬


‫ف ال َف َّع ُ‬
‫َرص ُ‬
‫المت ِّ‬ ‫هــو المالِ ُ‬
‫ــك ُ‬ ‫األمــر كذلِ َك؛ ِ‬
‫بل اهللُ ‪َ D‬‬ ‫ُ‬ ‫ف َل َ‬
‫يــس‬
‫‪.(((‬‬

‫المقنِعِ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الم ْفح ِم ُ‬ ‫قو ِة هــذا الدَّ ِ‬
‫ليل ُ‬
‫ِ‬
‫بري ‪« I‬كا َد َق ْلبي َأ ْن َي َ‬
‫طري»؛ ل َّ‬
‫ِ‬
‫َولــذا قال ُج ٌ‬
‫اطمئ َّن يف قلبِ ِه بعدَ َ‬
‫ذلك‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اإليامن يف قلبِه‪ُ ،‬ث َّم َ‬
‫ُ‬ ‫حتَّى َد َ‬
‫خل‬

‫أن َل ْ َيك ْن‪َّ ،‬‬


‫وأن الذي‬ ‫ث َبعدَ ْ‬ ‫لق ِ‬
‫حاد ٌ‬ ‫أن َ‬
‫الخ َ‬ ‫واض ٌح عــى َّ‬‫ليل ِ‬ ‫ِ‬
‫اآليات َد ٌ‬ ‫هذ ِه‬
‫ِل َّن ِ‬

‫ش ٍء!‬ ‫ِ‬ ‫حاد ٌ ِ‬


‫ث م ْن َغري َ ْ‬
‫قول‪ :‬أنَّه ِ‬ ‫مك ُن ِل َح ٍد ْ‬
‫أن َي ُ‬ ‫أحدَ َثه هو اهللُ؛ ِلنَّه ال ي ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬

‫ثم حدَ َ‬
‫ث‪،‬‬ ‫ث ل ُه ُم ْ ِد ٌ‬
‫ث؛ أل َّن ُه َ‬
‫كان عَدَ ًما َّ‬
‫حاد ٍ‬
‫أن ك َُّل ِ‬
‫قلي َيقتَيض َّ‬ ‫إن الدَّ َ‬
‫ليــل ال َع َّ‬ ‫إِذ َّ‬
‫ث‪.‬‬ ‫فال بدَّ له ِمن ُم ْ ِد ٍ‬
‫ُ‬
‫بنفس ِه؛ ِل َّنه َقب َل الح ِ‬
‫ث نفسه ِ‬ ‫يقول ِ‬
‫قائ ٌل‪َّ :‬‬ ‫أن َ‬
‫دوث‬ ‫ُ‬ ‫ُ ْ‬ ‫أحدَ َ َ ُ‬‫الش َء ْ‬
‫إن َّ‬ ‫مكن ْ‬
‫َوال ُي ُ‬
‫ث‪،‬‬‫حاد ٍ‬
‫هناك ُم ْ ِد ًثا ليس بِ ِ‬
‫َ‬ ‫اآلن َّ‬
‫أن‬ ‫َعــن َ‬
‫ث شــي ًئا‪ ،‬فت َّ َ‬ ‫ي ِد ُ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫كان َعدَ ًما‪ ،‬وال َعدَ ُم ال ُ ْ‬
‫وهو اهللُ ‪.D‬‬ ‫َ‬
‫أن نَحص األشياء الم ِ‬
‫مكنَ َة‪،‬‬ ‫َوهذا ِم َن األد َّل ِة التي ت َُس َّمى َ ِ‬
‫َ ُ‬ ‫بالس ْب وال َّت ْقسي ِم؛ يعني‪َ ُ ْ ْ :‬‬
‫نقول‪ :‬أهذا‪ ،‬أو هذا‪ ،‬أو هذا؟ حتَّى ن َِص َل إىل الب ِ‬
‫هان(((‪.‬‬ ‫ثم ُ‬
‫ُ‬ ‫َّ‬

‫ْباط ِع َّل ِة‬‫ني‪ :‬يس َتعم ُل الستِن ِ‬


‫ْ‬ ‫سيم عنْدَ األُصول ِّي َ ُ ْ ْ َ‬
‫ِ‬
‫ب وال َّت ْق ُ‬
‫«الس ْ ُ‬
‫نقيطي ‪َّ :V‬‬ ‫ُّ‬ ‫قال َّ‬
‫الش‬
‫ني‬‫الس ْ ِب وال َّت ْقســي ِم‪َ ،‬وضابِ ُط هذا ا َمل ْس َل ِك ِعنْدَ األُصول ِّي َ‬ ‫ِ‬
‫عي‪ ،‬بِ َم ْســ َلك َّ‬ ‫الش ِّ‬ ‫احلُ ْك ِم َّ ْ‬
‫طال ما َل ْي َس‬ ‫قيس َع َل ْي ِه‪ ،‬وال َّثــاين‪ :‬إِ ْب ُ‬
‫صــاف األَ ْص ِل ا َمل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ص َأ ْو‬ ‫هو َح ْ ُ‬
‫ِ‬
‫َأ ْمــران‪ ،‬األَ َّو ُل‪َ :‬‬
‫عي‪َ ،‬وإِ ْن كانا‬ ‫هــو َد ٌ‬ ‫طال َم ًعا َق ْطع َّي ْ ِ‬
‫واإل ْب ُ‬ ‫ص ِ‬ ‫ــة‪َ ،‬فإِ ْن َ‬ ‫صالا لِ ْل ِع َّل ِ‬‫ِ‬
‫ليل َق ْط ٌّ‬ ‫ي؛ َف َ‬ ‫حل ْ ُ‬ ‫كان ا َ‬ ‫ً‬
‫طال ِ‬
‫فيه َق ْطع َّي ْ ِ‬ ‫ص ِ‬ ‫ليل َظن ٌِّّي‪َ ،‬و ِم ُ‬ ‫َظنِّ َّي ْ ِ‬
‫ي‪:‬‬ ‫واإل ْب ُ‬ ‫كان احلَ ْ ُ‬ ‫ثال ما َ‬ ‫هو َد ٌ‬ ‫ي‪َ ،‬أ ْو َأ َحدُ ُها َظنِّ ًّيا؛ َف َ‬

‫((( أعالم احلديث للخطايب (‪ ،)1913/3‬تفسري البغوي (‪ ،)392/7‬جمموع الفتاوى (‪ ،)11/2‬تفسري‬


‫القيم (‪ ،)493/2‬فتح الباري (‪ ،)603/8‬تفسري‬
‫ابن كثري (‪ ،)437/7‬الصواعق املرسلة البن ِّ‬
‫السعدي (ص‪.)816‬‬
‫((( فتح ذي اجلالل واإلكرام برشح بلوغ املرام البن عثيمني (‪.)90/2‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 24‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪23‬‬ ‫النبي ‪ H‬يقرأ يف املغرب بـ(الطور)‪...‬‬
‫احلديث الثالث‪ ... :‬سمعت َّ‬

‫سم‬ ‫ِ‬ ‫الح َّج ُة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫األمران‪َ ،‬و َ‬ ‫ِ‬ ‫َفإِذا َب َط َل‬
‫عليه ْم‪ ،‬و َت َع َّي الق ُ‬ ‫بان اســتحالت ُُهام؛ قا َمت ُ‬ ‫هذان‬
‫أن اهللَ هو الذي َخ َل َق ُهم‪.‬‬
‫الث‪َّ :‬‬ ‫ال َّث ُ‬
‫فالمعنــى‪ :‬أو ِجدوا ِمن َغ ِري ِ ٍ‬
‫أي‪ :‬ال هذا‪ ،‬وال‬ ‫موجد؟ أ ْم ُه ْم َأ ْو َجدوا أن ُف َس ُ‬
‫ــهم؟ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫هو الذي خ َل َق ُهم‪ ،‬وأن َْش َأ ُه ْم بعدَ ْ‬
‫أن َل ْ َيكونوا َش ْي ًئا َم ً‬
‫ذكورا‪.‬‬ ‫هذا‪ِ ،‬‬
‫بل اهللُ َ‬
‫أن اهللَ تعاىل هو املعبود وحدَ ه‪ ،‬الذي ال َتنْبغي ِ‬
‫العبادةُ‪ ،‬وال‬ ‫لك؛ ُع ِل َم َّ‬ ‫َوإِذا ت َّ َ‬
‫َعي َذ َ‬
‫َ‬ ‫ُ َ ْ ُ‬ ‫َ‬
‫ت َْص ُل ُح َّإل َل ُه تعاىل‪َ ،‬ف ْل ْيؤ ِمنوا بِ ِه ‪.‬‬
‫وقوله‪( :‬ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ) [الطور‪ :]٣٦ :‬هذا اســتِ ْفها ٌم يدُ ُّل عىل ِ‬
‫تقرير‬
‫اموات‪ ،‬واألَ ْر َض‪َ ،‬فيكونوا ُه ُم الخالِ َ‬
‫قني‪ ،‬و َيكونوا ُشكا َء هللِ‪.‬‬ ‫َّفي‪ ،‬أي‪ :‬ما َخ َلقوا الس ِ‬
‫ّ‬ ‫الن ِ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫جاز َلُم َأ ْن َيدَّ عوا َخ ْل َق أن ُف ِس ِهم يف تِ َ‬
‫أي‪ :‬إِ ْن َ‬
‫اموات‬ ‫لك الحال‪َ ،‬ف ْل َيدَّ عوا َخ ْل َق َّ‬
‫الس‬
‫الح َّج ُة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫واألَ ْر ِ‬
‫عليه ْم‪.‬‬ ‫الوجوه‪َ ،‬فقامت ُ‬ ‫ذلك ال ُيمكنُهم َأ ْن يدَّ عوه َبو ْجه م َن ُ‬ ‫ض‪َ ،‬و َ‬

‫يك َل ُه‪،‬‬ ‫مون أنَّه الخالِ ُق َو ْحدَ ه ال َش َ‬


‫ش ِك ِه ْم باهللِ‪َ ،‬و ُه ْم يع َل َ‬ ‫ِ‬
‫عليه ْم يف ْ‬ ‫إنكار ِ‬ ‫ٌ‬ ‫َوهذا‬
‫ِ‬ ‫إيقانم هو الذي َ ِ‬ ‫واضح ِجدًّ ا‪ ،‬و َل ِكن عدم ِ‬ ‫وهذا أمر ِ‬
‫كذ َ‬
‫بون‬ ‫يم ُل ُهم عىل ذل َك‪ُ ،‬‬
‫فالم ِّ‬ ‫ْ‬ ‫ِ َ‬ ‫َ َّ َ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬
‫فاع‬ ‫ِ‬ ‫ويقــن ِ‬ ‫ِ‬ ‫(ﭹ ﭺ) [الطور‪ ]٣٦ :‬أي‪:‬‬
‫ب هلم االنت َ‬ ‫يوج ُ‬ ‫ٌ‬ ‫لم تا ٌّم‪،‬‬
‫ليــس عندَ ُهم ع ٌ‬ ‫َ‬
‫الشع َّي ِة‪ ،‬وال َعقل َّي ِة‪.‬‬
‫باألد َّل ِة َّ‬

‫مح ِة‬ ‫بني ِ‬ ‫ِ‬


‫خزائ ُن َر َ‬ ‫الم ِّ‬
‫كذ َ‬ ‫هؤالء ُ‬ ‫(ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ) [الطور‪ ]٣٧ :‬أي‪َ :‬أ ِعنْــدَ ُ‬
‫لك‪ ،‬وب َي ِد ِه ْم‬
‫فون يف الم ِ‬
‫ُ‬ ‫َص َ‬ ‫َ‬
‫ريدون‪ ،‬ويت َ َّ‬ ‫يشاءون‪ ،‬و َي ْمن َ‬
‫َعون َم ْن ُي‬ ‫َ‬ ‫ر ِّب َك‪ ،‬ف ُي ْع َ‬
‫طون َم ْن‬
‫الخ ِ‬
‫زائ ِن؟!‬ ‫فاتيح َ‬‫َم ُ‬
‫لخ ِ‬
‫الئ ِق‪.‬‬ ‫بون لِ َ‬ ‫(ﮀ ﮁ ﮂ) [الطور‪ :]٣٧ :‬الم ِ‬
‫حاس َ‬ ‫ُ‬

‫ورســو َله ُم َ َّمدً ا ‪،َH‬‬ ‫طي الن َُّّبو َة َع ْبدَ ه َ‬‫ــك َح َجروا عىل اهللِ َأ ْن ُي ْع َ‬ ‫فل َذلِ َ‬
‫أي‪ِ :‬‬
‫ذل ِم ْن َ‬
‫ذلك‪َ ،‬‬
‫فليس‬ ‫قر َو َأ ُّ‬
‫أح ُ‬
‫وه ْم ْ‬‫رحة اهللِ‪ُ ،‬‬
‫زائ ِن ْ َ ِ‬
‫ضون عىل َخ ِ‬ ‫َ‬ ‫الم َف َّو‬
‫الوكَال ُء ُ‬
‫كأنُ ُم ُ‬
‫َو َّ‬
‫ِ ِ‬
‫ض‪ ،‬وال َم ْو ٌت‪ ،‬وال حياةٌ‪ ،‬وال ن ٌ‬
‫ُشور‪.‬‬ ‫يف أيدهيِ ْم لن ُفس ِه ْم ن ٌ‬
‫َفع‪ ،‬وال َ ٌ‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 23‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪22‬‬

‫ديــث‪َ « :‬فك ََأنَّام ص ِدع عن َق ْلبي حني س ِ‬


‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت‬
‫ــم ْع ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ َ َ ْ‬ ‫عض ِروايات َ‬
‫الح‬ ‫و َقدْ جــا َء يف َب ِ‬
‫ال ُق ْر َ‬
‫آن»(((‪.‬‬

‫انز َع َج هلا ُج َب ْ ٌي‬


‫رآن‪ ،‬التي َ‬ ‫ــم َعها ُجبري ‪ِ I‬م ْن َق ِ‬
‫وار ِع ال ُق ِ‬ ‫اآليات التي س ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫وه ِذ ِه‬
‫َ‬
‫ٌ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ََّلا َس ِم َعها؛ ِلنَّه َف ِه َم َمعناها‪ ،‬و َع َر َ‬
‫الح َّجة البال َغة التي ال ت َ‬
‫ُقاو ُم‪.‬‬ ‫ف ما ت ََض َّمنَت ُه م َن ُ‬

‫وجود اهللِ‪ ،‬ووحدان َّي ِته ‪.‬‬


‫ِ‬ ‫هي كافي ٌة َلِن عندَ ه َع ْق ٌل يف الدَّ ال َل ِة عىل‬
‫َو َ‬
‫لح ِّق‪َ ،‬أ ِو ُ‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫روج َع ْن‬
‫الخ ُ‬ ‫عليه ْم بأ ْم ٍر ال ُيمكن ُُهم فيه َّإل الت ُ‬
‫َّسليم ل َ‬ ‫الل ِ‬ ‫اســتد ٌ‬ ‫َوفيها‪:‬‬
‫قل‪ ،‬والدِّ ِ‬
‫ين‪.‬‬ ‫ِ‬
‫موج ِ‬
‫ب ال َع ِ‬

‫ِ‬ ‫بون لِ َرسولِ ِه‪ ،‬و َذلِ َك ُمست ْل ِز ٌم‬ ‫ِ‬


‫توحيد اهللِ‪ُ ،‬مك َِّذ َ‬‫رون لِ‬ ‫ك‪ :‬أنم م ِ‬ ‫وب ُ ِ‬
‫إلنكار‬ ‫نك َ‬ ‫يان َذل َ َّ ُ ُ‬ ‫ََ‬
‫أن اهللَ َخ َل َق ُهم‪.‬‬
‫َّ‬

‫أحد َثال َث ِة ُأ ٍ‬
‫مور‪:‬‬ ‫أن األَمر ال َيلو ِمن ِ‬
‫ْ‬ ‫الشعِ‪َ ْ َّ :‬‬ ‫َو َقد َت َق َّر َر يف ال َع ِ‬
‫قل َم َع َّ‬

‫أي‪ :‬ال خالِ َق َخ َل َقهم‪َ ،‬ب ْل‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬


‫إِ َّما َّأنُــم ُخلقوا م ْن َغ ْ ِي َشء (ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ) ْ‬
‫موج ٍد‪.‬‬
‫إجياد‪ ،‬وال ِ‬ ‫و ِجدوا ِمن َغ ِري ٍ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫بالخالق ِمن َض ِ‬ ‫كون؛ ِل َّن َت َع ُّل َق َ‬ ‫حال‪ِ ،‬‬
‫ي الم ِ‬
‫ورة‬ ‫ِ ْ‬ ‫الخ ْل ِق‬ ‫أن َي َ‬
‫وز ْ‬‫ومَّا ال َي ُ‬ ‫وهذا َع ْ ُ ُ‬
‫يوجدوا بِال خالِ ٍق‪.‬‬ ‫أن َ‬ ‫الخالق َل ْ َ ُ‬
‫ي ْز ْ‬ ‫َ‬ ‫الس ِم‪َ ،‬فإِ ْن أنكَروا‬ ‫ِ‬

‫ِ‬
‫طالن‬ ‫أيضا ُم ٌال‪ ،‬ويف ال ُب‬‫ــهم (ﭯ ﭰ ﭱ) َوهذا ً‬ ‫قون ِلن ُف ِس ِ‬
‫َأو ُه ُم اخلالِ َ‬
‫ي ُل ُق؟!‬ ‫يوجدوا أن ُف َس ُهم‪ ،‬وما ال ُوجو َد َل ُه َ‬
‫كيف َ ْ‬ ‫أن ِ‬ ‫أشدُّ ؛ َفإنَّه ال ُيت ََص َّو ُر ْ‬‫َ‬

‫ــهم‪،‬‬ ‫مون َّأنُ ْم َل ْ َي ُلقوا َ‬


‫أنفس ُ‬ ‫مون َّأنُم َل ْ يكونوا ِم ْن َغ ْ ِي ُمك َِّو ٍن‪ ،‬ويع َل َ‬
‫ــم يع َل َ‬‫َو ُه ْ‬
‫أن ُي ْستَدَ َّل َع َل ِيه‪ :‬بِ َّ‬
‫أن َّ‬
‫كل‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬
‫ــهم َمعلو ٌم بالف ْطرة بِنَفســه‪ ،‬ال َي ُ‬
‫تاج ْ‬ ‫وع ْل ُم ُهم بِ ُحك ِم أن ُف ِس ِ‬‫ِ‬

‫موج ٍد‪.‬‬
‫يوجدُ ِم ْن َغ ِي ِ‬
‫ْ‬
‫ِ ِ‬
‫يوجدُ بِنَفسه‪ ،‬وال َ‬
‫ٍ‬
‫كائ ٍن ُم ْدَ ث ال َ‬
‫ِ‬

‫وضعفه حمقِّقو املسند‪.‬‬


‫َّ‬ ‫((( رواه اإلمام أمحد (‪،)16762‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 22‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪21‬‬

‫الحديث الثالث‬

‫ب‬ ‫بي ‪ H‬يَ ْقرَأ ُ في َ‬


‫الم ْغر ِ ِ‬ ‫ت ال َّن َّ‬
‫ِع ُ‬
‫سم ْ‬
‫م‪ ،I ،‬قال‪َ :‬‬
‫ع ٍ‬ ‫بن ُم ْ‬
‫ط ِ‬ ‫ن ُج َبير ِ ِ‬
‫َع ْ‬
‫«الطورِ»‪َ ،‬ف َل َّما بَ َل َغ َه ِذ ِه اآليَ َة‪( :‬ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ‬
‫ُّ‬ ‫بِـ‬
‫ﭵ ﭶﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ)‬
‫[الطور‪ ،]٣٧-٣٥ :‬قال‪« :‬كا َد َق ْلبي أ َ ْن يَطيرَ»(((‪.‬‬

‫«الطــورِ»‪َ ،‬و َذل ِ َ‬


‫ك‬ ‫ُّ‬ ‫ب بـ‬ ‫بي ‪ H‬يَ ْقــرَأ ُ في َ‬
‫الم ْغر ِ ِ‬ ‫ت ال َّن َّ‬
‫ِع ُ‬
‫«ســم ْ‬
‫وفــي رواي ٍة‪َ :‬‬
‫اإليمان في َق ْلبي»(((‪.‬‬
‫ُ‬ ‫أ َ َّو َل ما َو َقرَ‬

‫َ‬
‫وكان‬ ‫ســارى َبدْ ٍر‪،‬‬
‫َ‬ ‫ب فِدا َء ُأ‬ ‫ِ‬
‫املدينة َبعدَ َوق َعة َبدْ ٍر‪َ ،‬يط ُل ُ‬
‫َ‬ ‫بن ُم ْط ِع ٍم‬ ‫ِ‬
‫َقــد َم ُج ُ‬
‫بري ُ‬
‫ســور َة «ال ُّط ِ‬ ‫‪َ H‬يقر ُأ‬ ‫ِ‬ ‫شكًا عىل ِ ِ ِ‬ ‫إِ ْذ َ‬
‫ذاك ُم ْ ِ‬
‫ور» يف‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫النبي‬
‫فســم َع َّ‬ ‫دين َق ْومه‪َ ،‬‬
‫تأثريا َبلي ًغا َم َع أنَّه ُم ِ‬
‫رش ٌك‬ ‫اآليات‪ ،‬فأ َّثر ْ ِ‬
‫ِ‬ ‫هذ ِه‬
‫ــمع منه ِ‬
‫ِ‬ ‫الم ِ‬
‫غر ِ‬ ‫ِ‬
‫ت فيه ً‬ ‫َ‬ ‫فس َ ُ‬ ‫ب‪َ ،‬‬ ‫صالة َ‬
‫اإلسالم‬
‫َ‬ ‫ب ِهدايتِ ِه‪ ،‬ودخول ِ ِه‬ ‫هو َس َب َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ــاع هذه اآليات َ‬ ‫َ‬
‫وكان َس ُ‬ ‫ص عىل الك ِ‬
‫ُفر‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ُم ٌّ‬
‫َبعدَ ذل ِ َك(((‪.‬‬

‫((( رواه البخاري (‪.)4854‬‬


‫((( رواه البخاري (‪.)4023‬‬
‫((( تفسري ابن كثري (‪ ،)437/7 ،64/1‬فتح الباري (‪.)248/2‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 21‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪20‬‬

‫ــاعة التــي ُخ ِل َق فيها؛ كام يف الح ِ‬


‫ديث‪« :‬إِ َّن َأ َّو َل‬ ‫ِ‬ ‫الس‬ ‫َوكتا َب ُة الق َل ِم لِل َقدَ ِر َ‬
‫َ‬ ‫كان يف َّ‬
‫هــو كائِ ٌن إِ َل َي ْو ِم‬ ‫ِ‬
‫الســا َعة بِام َ‬
‫ك َّ‬ ‫ُب‪َ ،‬ف َج َرى يف تِ ْل َ‬
‫ــق اهللُ ال َق َل ُم‪ُ ،‬ث َّم قال‪ :‬ا ْكت ْ‬
‫ما َخ َل َ‬
‫القيام ِة»(((‪.‬‬
‫َ‬

‫وحسن إسنا َده حمقِّقو املسند‪ .‬وانظر‪ :‬الصفدية (‪ ،)78/2‬وبغية املرتاد‬


‫َّ‬ ‫((( رواه اإلمام أمحد (‪،)22705‬‬
‫القيم (ص‪ ،)6‬والعرش للذهبي (‪.)300/1‬‬
‫تيمية (ص‪ ،)294‬وشفاء العليل البن ِّ‬
‫البن َّ‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 20‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪19‬‬ ‫احلديث الثاين‪« :‬كتب اهلل مقادير اخلالئق‪»...‬‬

‫رض‪،‬‬‫وات‪ ،‬واألَ ِ‬ ‫كامل ِع ْل ِم اهللِ تعاىل‪ ،‬وع َظمتِ ِه ‪ :‬أنَّه يع َلم ما يف السم ِ‬ ‫فم ْن ِ‬ ‫ِ‬
‫َّ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ‬
‫أص َغ َر ِم ْن‬ ‫ثقال ٍ‬
‫ذرة‪ ،‬وال ْ‬
‫ِ‬
‫عز ُب عن ُه م ُ َّ‬
‫رض‪ ،‬فال َي ُ‬ ‫وات‪ ،‬وما يف األَ ِ‬‫يط بام يف السم ِ‬
‫َّ َ‬ ‫وأنَّه ُم ٌ‬
‫ذلك يف ال َّل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وح‬ ‫َب َ‬ ‫ْب‪ ،‬وأنَّه تعاىل َعل َم الكائنات ك َّلها َق ْب َل ُوجودها‪ ،‬وكت َ‬
‫َذل َك‪ ،‬وال أك َ َ‬
‫ِ‬
‫حفوظ‪.‬‬ ‫الم‬
‫َ‬

‫كام قال تعــاىل‪( :‬ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮﮯ‬


‫ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ) [احلج‪.]٧٠ :‬‬

‫أيضا‪ ،‬فام‬
‫َونا‪ ،‬وقدَّ َرها‪ ،‬وكت َبها ً‬ ‫وهذا ِمن َتا ِم ِع ْل ِم ِه تعاىل‪ :‬أنَّه َع ِلم األشياء َقب َل ك ِ‬
‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫الخ ِ‬
‫لق‬ ‫لون َقدْ َع ِلمه تعاىل َقب َل َذلِ َك‪ ،‬عىل الو ِ‬
‫جه الذي َيفعلو َن ُه‪َ ،‬ف َي ْع َل ُم َق ْب َل َ‬ ‫عام َ‬‫العباد ِ‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫بكل َش ٍء‬
‫وأحاط ِّ‬
‫َ‬ ‫َب ذلِ َك ِعندَ ُه‪،‬‬ ‫ِِ‬
‫باختياره‪ ،‬وكت َ‬ ‫تيار ِه‪ ،‬وهذا ي ْعيص‬‫باخ ِ‬ ‫طيع ْ‬ ‫َّ‬
‫أن هذا ُي ُ‬
‫ولذا قال تعاىل‪( :‬ﮫ ﮬ ﮭ ﮮﮯ ﮰ ﮱ ﯓ‬ ‫ِع ْلم‪ ،‬وهو سه ٌل َع َلي ِه‪ ،‬يسري َلدَ ي ِه؛ ِ‬
‫ْ َ ٌ ْ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫ً‬
‫ﯔ ﯕ) [احلج‪.]٧٠ :‬‬

‫وقال ‪( :‬ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ‬
‫ﯜ ﯝ ﯞ ﯟﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ) [احلديد‪.]٢٢ :‬‬

‫الماء»‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ش ُه على‬ ‫وقو ُل ُه ‪َ « :َH‬و َ‬
‫ع ْر ُ‬

‫ِ‬
‫اموات‪ ،‬واألَ ِ‬
‫رض(((‪.‬‬ ‫الس‬ ‫أي‪َ :‬ق ْب َل َخ ِ‬
‫لق َّ‬

‫رش ســابِ ٌق عــى َخ ْل ِق ال َق َل ِم‪ ،‬كام قال تعاىل‪( :‬ﭤ‬


‫لق ال َع ِ‬ ‫ِ‬
‫وفيه َد ٌ‬
‫ليل عىل‪َّ :‬‬
‫أن َخ َ‬
‫ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ) [هود‪.]٧ :‬‬
‫ِ‬
‫المــاء‪َ ،‬ق ْب َل ْ‬
‫أن َي ُل َق‬ ‫حني َ‬ ‫الخ ِ‬
‫كان َع ُ‬
‫رشــ ُه عىل‬ ‫لق َ‬ ‫قادير َ‬
‫َب َم َ‬‫هــو ‪ ‬كت َ‬ ‫َف َ‬
‫ألف َسن ٍَة‪.‬‬
‫سني َ‬‫بخ ْم َ‬ ‫ِ‬
‫اموات‪ ،‬واألَ ْر َض‪َ ،‬‬ ‫الس‬
‫َّ‬

‫المف ِهم للقرطبي (‪ ،)668/6‬ورشح النووي عىل مسلم (‪.)203/16‬‬


‫((( ُ‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 19‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪18‬‬

‫ِ‬
‫باإلجياد والخَ ْل ِق‪:‬‬ ‫اإليامن‬
‫ُ‬ ‫‪.4‬‬

‫قــال تعــاىل‪( :‬ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ) [القمر‪ ،]٤٩ :‬وقــال‪( :‬ﯬ ﯭ ﯮ‬


‫ﯯ ﯰ) [الفرقان‪ ،]٢ :‬وقال‪( :‬ﮏ ﮐ ﮑ ﮒﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ)‬
‫[الزمر‪.]٦٢ :‬‬

‫كل ما ِسوا ُه‬


‫رب ِسوا ُه‪ ،‬و َأ َّن َّ‬ ‫كل ٍ‬ ‫خالق ِّ‬ ‫فن ِ‬
‫ُؤم ُن َّ‬
‫غري ُه‪ ،‬وال َّ‬‫خالق ُ‬‫يشء‪ ،‬ال َ‬ ‫«بأن اهللَ ُ‬
‫كل ما َيري ِم ْن‬ ‫وح َركَتِ ِه‪ ،‬و َأ َّن َّ‬ ‫ٍ‬
‫تحرك‪َ ،‬‬
‫ِِ‬
‫وعمله‪ ،‬وك ُِّل ُم ِّ‬‫عامل َ‬ ‫ٍ‬ ‫خملــوق؛ فهو خالِ ُق ِّ‬
‫كل‬ ‫ٌ‬
‫ٍ‬
‫عصية‪ ،‬شا َء ُه اهللُ‪ ،‬و َقدَّ َره‪ ،‬وخل َق ُه»(((‪.‬‬ ‫وإيامن‪ ،‬وطا َع ٍة‪ ،‬و َم‬
‫ٍ‬ ‫ورش‪ ،‬وك ٍ‬
‫ُفر‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫خري‪ٍّ ،‬‬
‫ُ‬
‫يكون‬ ‫نفس ِه‪ ،‬ولِا‬
‫يكون ِمن اهللِ تعاىل ِ‬
‫ُ َ‬ ‫راتب األَر َب َع شــام َل ٌة لِا‬
‫الم َ‬
‫ِ‬
‫بأن «هذه َ‬
‫ِ‬
‫ونؤم ُن َّ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫م َن العبــاد؛ فك ُُّل ما َيقو ُم به العبــا ُد م ْن أقوال‪ ،‬أو أ ْفعال‪ ،‬أو تُــروك‪َ ،‬‬
‫فهي َمعلو َم ٌة‬
‫وخ َل َقها‪( :‬ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ‬ ‫هللِ تعــاىل‪َ ،‬مكتو َب ٌة ِعندَ ُه‪ ،‬واهللُ تعاىل قد شــا َءها‪َ ،‬‬
‫ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ) [التكوير‪( ،]٢٩-٢٨ :‬ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ‬
‫ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ) [البقرة‪( ،]٢٥٣ :‬ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ‬
‫ِ‬
‫ﮁ) [األنعام‪( ،]١١٢ :‬ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ) [الصافات‪ ،]٩٦ :‬و َلكنَّنــا َ‬
‫مع‬
‫عل»(((‪.‬‬ ‫يكون ِ‬
‫الف ُ‬ ‫ُ‬ ‫اختيارا‪ ،‬و ُقدرةً‪ ،‬هبام‬ ‫ٍ‬
‫للعبد‬ ‫بأن اهللَ تعاىل َج َ‬
‫عل‬ ‫ذلك نُؤم ُن َّ‬
‫َ‬
‫ً‬
‫ِ‬
‫اإلنسان‪،‬‬ ‫وجود ِه‪ُ ،‬منافا ٌة ملشــي َئ ِة‬
‫ِ‬ ‫كل َش ٍء َق ْب َل‬
‫وتقدير ِه َّ‬
‫ِ‬ ‫فليس يف كتا َب ِة اهللِ تعاىل‪،‬‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫ُ‬
‫خلوق‪،‬‬ ‫َّاس؛ ل َّن اهللَ تعاىل َكتَب ع ْل َمه بام َي ْع َم ُل ُه هذا َ‬
‫الم‬ ‫بعض الن ُ‬ ‫واختياره‪ ،‬كام َيت َّ ُ‬
‫َوه ُه ُ‬
‫المعايص‪َ ،‬ب ْل َنا ُه عنها‪َ ،‬و َز َ‬
‫جر ُه‪َ ،‬و َح َّذ َر ُه‬ ‫عل َ‬ ‫ب ُه عىل فِ ِ‬‫يِْ‬ ‫َّب عىل َع َم ِل ِه‪َ ،‬‬
‫ول ْ ُ ْ‬ ‫ومــا َيتت ُ‬
‫غري إِ ٍ‬
‫كراه‪،‬‬ ‫تار ما ُيريدُ ‪ِ ،‬م ْن ِ‬ ‫وبي ن ْف ِس ِه؛ ْ‬ ‫ِم ْن فِ ْع ِلها‪ ،‬وت ََوعَّدَ ُه عىل َذلِ َك‪َ ،‬‬
‫وخ َّل بينَ ُه ْ َ‬
‫ليخ َ‬
‫وإِلزا ٍم(((‪.‬‬

‫((( الوجيز (ص‪.)96‬‬


‫((( عقيدة أهل السنة واجلامعة البن عثيمني (ص‪.)28‬‬
‫((( رشح كتاب التوحيد من صحيح البخاري للغنيامن (‪.)219/2‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 18‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪17‬‬ ‫احلديث الثاين‪« :‬كتب اهلل مقادير اخلالئق‪»...‬‬

‫الذك ُْر‪ِ ،‬‬


‫واإلما ُم‪،‬‬ ‫يو ِم القيام ِة‪ ،‬فهو مكتوب عندَ اهللِ تعاىل يف ُأم ِ‬
‫الك ِ‬
‫تاب‪ ،‬و ُي َس َّمى‪ِّ :‬‬ ‫ِّ‬ ‫ٌ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫بني»(((‪.‬‬
‫الم ُ‬ ‫ِ‬
‫تاب ُ‬‫والك ُ‬

‫بتقدير اهللِ ‪D‬‬


‫ِ‬ ‫أن تؤمــ َن‬ ‫ِ‬
‫«اإليــان بال َقدَ ِر‪ْ :‬‬
‫ُ‬ ‫ــيخ اب ُن ُع َث َ‬
‫يمني ‪:V‬‬ ‫الش ُ‬ ‫َي ُ‬
‫قول َّ‬
‫وأن اهللَ ‪ D‬قدَّ َرها‪،‬‬ ‫غري ِه‪َّ ،‬‬
‫عل ِ‬‫اء ُك ِّلها‪َ ،‬ســواء ما يت َع َّل ُق ِبف ْع ِل ِه‪ ،‬أو ما َيتَع َّل ُق ِبف ِ‬ ‫لِألشي ِ‬
‫ْ‬
‫ألف َسن ٍَة‪ ،‬و َمعلو ٌم أنَّه ال‬
‫سني َ‬‫بخ ْم َ‬‫واألرض‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫اموات‪،‬‬ ‫الس‬ ‫وك َت َبها عندَ ُه َق ْب َل َأ ْن َي ُل َق َّ‬
‫الكتا َب ِة‪.‬‬
‫فالعلم سابِ ٌق عىل ِ‬
‫ُ‬
‫ِكتاب َة َّإل بعدَ ِع ْل ٍم‪ِ ،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ــب إىل يو ِم القيا َم ِة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يــس ك ُُّل َمعلو ٍم هللِ ‪َ E‬مكتو ًبا؛ ل َّن الذي كُت َ‬ ‫ُث َّم إ َّن ُه َل َ‬
‫هــي معلو َم ٌة عندَ اهللِ ‪،D‬‬ ‫َ‬ ‫َثري ٌة أك َثر ِمَّا يف الدُّ نيا‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ناك أشــيا ُء َب ْعدَ َيــو ِم القيا َمة ك َ‬‫وه َ‬ ‫ُ‬
‫والسن َِّة‪َّ ،‬أنا َمكتو َب ٌة»(((‪.‬‬‫تاب‪ُّ ،‬‬
‫ولكنَّه َل ي ِرد يف ِ‬
‫الك ِ‬ ‫ُ َْ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُب‪َ ،‬ف َج َرى‬ ‫الحديث‪« :‬إِ َّن َأ َّو َل ما َخ َل َق اهللُ ال َق َل ُم‪ُ ،‬ث َّم قال‪ :‬ا ْكت ْ‬ ‫َففي إحدَ ى ِروايات َ‬
‫كائ ٌن إِ َل َي ْو ِم القيا َم ِة»(((‪.‬‬
‫يف تِ ْل َك السا َع ِة بِام هو ِ‬
‫َ‬ ‫َّ‬

‫والمشيئ َِة‪:‬‬ ‫ِ‬


‫اإليامن باإلرا َدة َ‬
‫ُ‬ ‫‪.3‬‬

‫الدائ َر ِة َ‬
‫بني‬ ‫َون فهو بإِراد ِة اهللِ‪ ،‬ومشــي َئتِ ِه‪ِ ،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫«كل مــا َيري يف هذا الك ِ‬ ‫بأن َّ‬ ‫َفن ِ‬
‫ُؤم ُن َّ‬
‫كمتِ ِه‪ ،‬ال ُي ْس َأ ُل َع َّم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واحلكم ِة‪ ،‬يدي من يشــاء بر َ ِ ِ‬
‫محته‪ ،‬و ُيض ُّل َم ْن يشــا ُء بِح َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ‬
‫مح ِة‪ِ ،‬‬
‫الر َ‬
‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وسلطانه‪َ ،‬و ُه ْم ُي ْس َأ َ‬
‫لون‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َي ُ‬
‫فعل؛ لكَامل حك َْمته‪ُ ،‬‬
‫ِ‬ ‫السابِ ِق‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ ِ‬
‫فمشي َئ ُة‬‫المحفوظ؛ َ‬ ‫وح َ‬‫املكتوب يف ال َّل ِ‬‫ِ‬ ‫وما َو َق َع م ْن ذل َك َفإ َّن ُه ُمطابِ ٌق لع ْلمه َّ‬
‫ْرج َع ْن إِرا َدتِ ِه‬ ‫ِ‬ ‫اهللِ نافِ َذةٌ‪َ ،‬و ُقدر ُت ُه‬
‫كان‪ ،‬وما َل ْ َي َش ْأ َل ْ َي ُك ْن؛ فال َي ُ‬
‫شــام َل ٌة‪ ،‬ما شــا َء اهللُ َ‬
‫ش ٌء‪ ،‬قال تعاىل‪( :‬ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ) [التكوير‪.(((»]٢٩ :‬‬ ‫َ ْ‬
‫((( الوجيز (ص‪.)95‬‬
‫((( القول املفيد (‪.)413/2‬‬
‫وحسن إسنا َده حمقِّقو املسند‪.‬‬
‫َّ‬ ‫((( رواه اإلمام أمحد (‪،)22705‬‬
‫((( الوجيز (ص‪.)95‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 17‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪16‬‬

‫والسعيدَ ‪،‬‬ ‫منه ُم َّ‬ ‫َناتم‪ِ َ ،‬‬


‫وســك ِ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫وآجالُم‪ ،‬و َأ َ‬
‫عاملُم‪،‬‬ ‫َ‬
‫ــقي‪َّ ،‬‬
‫الش َّ‬ ‫وعل َم ُ‬ ‫وحركاتم‪َ ،‬‬
‫بــه َأ َز ًل‪( :‬ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ)‬ ‫موصوف ِ‬ ‫هو‬ ‫ِ‬ ‫بع ْل ِم ِه‬
‫وذلك ِ‬
‫َ‬
‫ٌ‬ ‫القديــم الذي َ‬
‫[التوبة‪َ ،(((»]١١٥ :‬وقــال‪( :‬ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ ﰗ ﰘ ﰙ‬
‫ﰚ ﰛ) [الطالق‪.]١٢ :‬‬

‫حفوظ َق ْب َل ك َْونِ ِه‪ ،‬قال اهللُ‬


‫ِ‬
‫ب يف ال َّلوحِ َ‬
‫الم‬ ‫ٍ ِ‬ ‫وأن َّ‬
‫كل َشء كُت َ‬
‫اإليامن بالكِتاب ِ‬
‫ــة‪َّ ،‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫‪.2‬‬
‫تعــاىل‪( :‬ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ (((ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ((() [القمر‪:‬‬

‫‪ ،]٣٥-٢٥‬وقال‪( :‬ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ) [يس‪.]٢١ :‬‬


‫ِ‬
‫ق‬ ‫ل أَ ْ‬
‫ن ي َ ْخل ُ َ‬ ‫ق َق ْب َ‬ ‫ب اهللُ َمقادير َ ال َ‬
‫خال ِئ ِ‬ ‫كت َ َ‬ ‫ُ‬
‫ديــث‪َ « :‬‬ ‫وهذا ما َد َّل عليه هذا َ‬
‫الح‬
‫سن َ ٍة»‪.‬‬ ‫سين أ َ ْل َ‬
‫ف َ‬ ‫َ‬ ‫خ ْم‬ ‫ماوات‪ ،‬واألَرْ َ‬
‫ض‪ِ ،‬ب َ‬ ‫ِ‬ ‫الس‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫حفوظ(((‪.‬‬‫الم‬ ‫الكتا َب ِة يف ال َّل ِ‬
‫وقت ِ‬
‫ِ‬ ‫المرا ُد‪َ :‬تديدُ‬
‫وح َ‬ ‫قال ال ُعلام ُء‪ُ :‬‬
‫كان‪ ،‬وما‬ ‫ِ‬
‫اخلالئ ِق‪ ،‬ما َ‬ ‫قادير‬ ‫ِ‬ ‫أجرى ال َق َل َم عىل ال َّل ِ‬
‫ُب َم َ‬‫وح املحفوظ؛ ل َيكت َ‬ ‫فاهللُ تعاىل َ‬
‫ِ ِ‬ ‫كائ ٌن إىل األ َب ِد‪ ،‬عىل َو ِ‬
‫فق ما َســ َب َق بِه ع ْل ُم اهللِ تعاىل‪ ،‬وإرا َد ُت ُه‪ ،‬ومشيئتُه ‪‬‬
‫هو ِ‬
‫َ‬
‫َأ َز ًل(((‪.‬‬

‫اكتب‪َ ،‬فقال‪ :‬م َا َأ ْكتُب؟‬ ‫ِ‬


‫ْ‬ ‫كام يف احلَديث ا ُملتقدِّ ِم‪« :‬إِ َّن َأ َّو َل ما َخ َل َق اهللُ ال َق َ‬
‫لم‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫هو ك َائِ ٌن إِىل األَ َبد»(((‪.‬‬
‫كان‪َ ،‬وما َ‬ ‫قال‪ :‬اكتب ال َقدَ ر‪ ،‬ما َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َب ما َس َب َق ِبه ِع ْل ُمه ِم ْن‬ ‫فن ِ‬
‫ُؤم ُن َ‬
‫حفوظ‪،‬‬ ‫المخلوقات يف ال َّل ْو ِح َ‬
‫الم‬ ‫مقادير َ‬ ‫«بأ َّن اهللَ كت َ‬
‫وكل ِ‬
‫كائ ٍن إِىل‬ ‫يري‪ُّ ،‬‬ ‫ش ٍء؛ َف ُّ‬
‫كل ما َج َرى‪ ،‬وما َ ْ‬
‫ِ ِ‬
‫فر ْط فيه م ْن َ ْ‬ ‫تاب الذي َل ْ ُي َّ‬
‫ِ‬
‫وهو الك ُ‬‫َ‬

‫((( الوجيز يف عقيدة السلف الصالح لعبد اهلل األثري (ص‪.)94‬‬


‫((( اللوح املحفوظ‪ ،‬وقيل‪ :‬كتب ا َ‬
‫حل َفظة‪.‬‬
‫((( مستطر‪ :‬مكتوب‪.‬‬
‫((( ا ُملف ِهم للقرطبي (‪ ،)668/6‬ورشح النووي عىل مسلم (‪.)203/16‬‬
‫((( مرقاة املفاتيح (‪.)147/1‬‬
‫((( رواه الرتمذي (‪ ،)2155‬وهو يف صحيح اجلامع (‪.)2017‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 16‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪15‬‬

‫الحديث الثاني‬

‫َ‬
‫ســول اهللِ ‪،H‬‬‫ت رَ‬
‫ِع ُ‬
‫ســم ْ‬
‫العــاص‪ ،‬قــال‪َ :‬‬
‫ِ‬ ‫ــن‬
‫ــن َع ْمــر ِ ِو بْ ِ‬
‫ــن َع ْبــ ِد اهللِ بْ ِ‬
‫َع ْ‬
‫ــماوات‪ ،‬واألَرْ َ‬
‫ض‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫الس‬
‫ق َّ‬ ‫ــل أ َ ْ‬
‫ن ي َ ْخل ُ َ‬ ‫ق َق ْب َ‬ ‫ــب اهللُ َمقادير َ ال َ‬
‫خال ِئ ِ‬ ‫«كت َ َ‬
‫قــول‪َ :‬‬
‫ُ‬ ‫يَ‬
‫الماء»(((‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ع ْر ُ‬
‫ش ُه على‬ ‫سن َ ٍة» قال‪َ « :‬و َ‬ ‫سين أ َ ْل َ‬
‫ف َ‬ ‫َ‬ ‫ِب َ‬
‫خ ْم‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫وهي التي‬ ‫إيامن ال َعبد َّإل هبا‪َ ،‬‬ ‫تم ُ‬ ‫الســتَّة التي ال َي ُّ‬ ‫اإليامن بال َقدَ ِر م ْن أركان اإليامن ِّ‬ ‫ُ‬
‫«أ ْن ت ُْؤ ِم َن بِاهللِ‪،‬‬
‫يامن»‪ ،‬قــال‪َ :‬‬ ‫ــرين َع ِن ْال ِ‬ ‫َ‬
‫ربيل ‪َ « :S‬فأ ْخ ِ ْ‬ ‫ديث ِج َ‬ ‫جــاءت يف ح ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ش ِه»(((‪.‬‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫َو َمالئكَته‪َ ،‬و ُك ُتبِه‪َ ،‬و ُر ُسله‪ ،‬وا ْل َي ْو ِم ْالخ ِر‪َ ،‬وت ُْؤم َن بِا ْل َقدَ ر َخ ْيه‪َ ،‬و َ ِّ‬
‫بعــة‪ ،‬وهي‪ِ :‬‬
‫الع ْل ُم‪،‬‬ ‫باإليــان بمراتبِ ِه‪ ،‬وأركانِ ِه األَر ِ‬ ‫ِ‬ ‫واإليامن بال َقــدَ ِر ال َيتِ ُّم َّإل‬
‫ُ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫باألشياء َقب َل كَوهنا‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وكتاب ُت ُه هلا‬ ‫ْ‬ ‫الرب ‪‬‬ ‫والخ ْل ُق‪ ،‬ع ْل ُم ِّ‬ ‫والمشــيئ ُة‪َ ،‬‬ ‫والكتا َب ُة‪َ ،‬‬
‫وخ ْل ُق ُه َلا(((‪.‬‬ ‫قبل ك َْو ِنا‪ ،‬ومشي َئ ُت ُه َلا‪َ ،‬‬
‫َ‬
‫ٍ‬
‫يشء ِع ْل ًم‪،‬‬ ‫أحاط بك ُِّل‬
‫َ‬ ‫باألشــياء َقب َل ك ِ‬
‫َونا‪ :‬وأ َّن ُه‬ ‫ِ‬ ‫اإليامن ِ‬
‫بعل ِم اهللِ األزَ ِّيل‬ ‫‪.1‬‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫َيف َي ُ‬
‫كون‪،‬‬ ‫كان ك َ‬ ‫لو َ‬ ‫كون‪ ،‬وما َل ْ َيك ْ‬
‫ُــن ْ‬ ‫كون‪ ،‬وما َســ َي ُ‬ ‫كان‪ ،‬وما َي ُ‬ ‫وأنَّه َع ِل َم ما َ‬
‫وع ِل َم َأرزا َقهم‪،‬‬ ‫لون َقب َل ِ‬
‫خلق ِهــم‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫وتفصيل‪ ،‬و َأنَّــه َع ِل َم ما‬
‫اخللق عام َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫«ج ً‬
‫لة‪،‬‬ ‫ُ‬

‫((( رواه مسلم (‪)2653‬‬


‫((( رواه مسلم (‪.)8‬‬
‫القيم (ص‪.)29‬‬
‫((( شفاء العليل البن ِّ‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 15‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪14‬‬

‫ِ ِ‬
‫ُ‬
‫حفوظ‪.‬‬‫الم‬ ‫هو َم َ ُّل الكتا َبة‪ ،‬وهو ال َّل ُ‬
‫وح َ‬ ‫ِّ‬
‫و«الذك ُْر» هنا َ‬

‫السا َع ِة التي َج َر ْت فيها الكتا َب ُة‬ ‫َب ك َُّل ما أرا َد إجيا َد ُه ِم ْن تِ َ‬


‫لك َّ‬ ‫والمرا ُد‪ :‬أ َّن ُه تعاىل َكت َ‬
‫ُ‬
‫ِ (((‬
‫السا َعة ‪.‬‬ ‫إىل قيا ِم َّ‬
‫ِ‬
‫ُب‪َ ،‬فقال‪ :‬م َا َأ ْكتُب؟ قال‪:‬‬ ‫الحديث‪« :‬إِ َّن َأ َو َل ما َخ َل َق اهللُ ال َق َ‬
‫لم‪ ،‬فقال‪ :‬اكت ْ‬ ‫كام يف َ‬
‫هو ك َائِ ٌن إِىل األَ َب ِد»(((‪.‬‬
‫كان‪َ ،‬وما َ‬ ‫اكتُب ال َقدَ َر‪ ،‬ما َ‬

‫السا َع ِة بِام‬
‫ك َّ‬‫ُب‪َ ،‬ف َج َرى يف تِ ْل َ‬ ‫ٍ‬
‫ويف رواية‪« :‬إِ َّن َأ َّو َل ما َخ َل َق اهللُ ال َق َل َم‪ُ ،‬ث َّم قال‪ :‬ا ْكت ْ‬
‫القيام ِة»(((‪.‬‬
‫َ‬ ‫هو كائِ ٌن إِ َل َي ْو ِم‬
‫َ‬

‫رش ســابِ ٌق عــى َخ ْل ِق ال َق َل ِم‪ ،‬كام قال تعاىل‪( :‬ﭤ‬


‫لق ال َع ِ‬ ‫ِ‬
‫وفيه َد ٌ‬
‫ليل عىل‪َّ :‬‬
‫أن َخ َ‬
‫ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ) [هود‪.]٧ :‬‬

‫((( رشح كتاب التوحيد للغنيامن (‪.)386/1‬‬


‫((( رواه الرتمذي (‪ ،)2155‬وهو يف صحيح اجلامع (‪.)2017‬‬
‫وحسن إسنا َده حمقِّقو املسند‪.‬‬
‫َّ‬ ‫((( رواه اإلمام أمحد (‪،)22705‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 14‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪13‬‬ ‫احلديث األول‪ ...« :‬كان اهلل ومل يكن يشء غريه‪»...‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الماء‪ ،‬كام قال تعاىل‪( :‬ﭤ‬ ‫ض َ‬
‫كان َع ُ‬
‫رش ُه عىل‬ ‫اموات واألَ ْر ِ‬ ‫أي‪ :‬و ْق َت َخ ْل ِق َّ‬
‫الس‬
‫ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ) [هود‪.]٧ :‬‬

‫ض‪َّ ،‬‬
‫وأن‬ ‫ِ‬
‫ــاوات‪ ،‬واألَ ْر ِ‬‫الس‬ ‫رش ســابِ ٌق عىل َخ ِ‬
‫لق ال َع ِ‬ ‫أن َخ َ‬ ‫و ِ‬
‫فيــه ٌ‬
‫دليل عىل‪َّ :‬‬
‫لق َّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الس َموات‪ ،‬واألَ ِ‬
‫رض‪.‬‬ ‫كان عىل الماء عندَ ابتداء َخ ْل ِق َّ‬
‫رش َ‬ ‫ال َع َ‬

‫ث كائ ٌن َبعدَ ْ‬
‫أن‬ ‫كل َم ٍ‬
‫لوق ُم ْدَ ٌ‬ ‫ش ٍء‪َّ ،‬‬
‫وأن َّ‬ ‫ِ‬
‫وهذا َيدُ ُّل عىل أنَّه ‪ ‬خال ُق ك ُِّل َ ْ‬
‫مع أنَّه تعاىل َل ْ َي َز ْل بِ ِصفاتِ ِه خالِ ًقا َف َّع ًال لِا ُيريدُ ‪.‬‬‫َل ْ َي ُك ْن‪َ ،‬‬

‫َامل‪ ،‬كــا قال تعاىل‪( :‬ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ) [النحل‪:‬‬ ‫فات الك ِ‬ ‫والخ ْل ُق ِمن ِص ِ‬ ‫َ‬
‫ْ‬
‫ــبوق بِال َعدَ ِم‪،‬‬
‫ث َم ْس ٌ‬ ‫ولك ْن ك ُُّل َم ٍ‬
‫لوق ُم ْدَ ٌ‬ ‫فة‪ِ ،‬‬ ‫هذ ِه الص ِ‬ ‫أن ين َف َّك عن ِ‬ ‫وز ْ‬ ‫‪ ،]١٧‬فال َي ُ‬
‫ِّ‬ ‫ْ‬
‫يكون ُم َع َّط ًل َ‬
‫غري‬ ‫َ‬ ‫الكامل ِم ْن ْ‬
‫أن‬ ‫ِ‬ ‫أن هذا َأب َل ُغ يف‬ ‫ــك َّ‬ ‫وليس َم َع اهللِ َش ٌء ٌ‬
‫قديم‪ ،‬وال َش َّ‬ ‫َ‬
‫عل(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫قادر عىل الف ِ‬‫ٍ‬

‫قال اهللُ تعاىل‪( :‬ﮏ ﮐ ﮑ ﮒﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ) [الزمر‪.]٦٢ :‬‬

‫ث‬‫بوب ُمدَ َّب ٌر‪ُ ،‬مك ََّو ٌن َب ْعدَ َأ ْن َل ْ َي ُك ْن‪ُ ،‬م ْدَ ٌ‬
‫لوق َل ُه‪َ ،‬م ْر ٌ‬
‫هو َم ْ ٌ‬ ‫« َفك ُُّل ما ِســوا ُه ت َ‬
‫َعال َف َ‬
‫ي َذلِ َك‬ ‫لوقــات إِ َل ما َ ْت َت ال َّث َرى‪َ ،‬وما َب ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫ف ا َمل ْخ‬ ‫هو َســ ْق ُ‬ ‫ِِ‬
‫َب ْعدَ عَدَ مه‪ ،‬فال َع ْر ُش الذي َ‬
‫ــت َق ْه ِر ِه‪َ ،‬و ُقدْ َرتِ ِه‪َ ،‬و َ ْت َت‬
‫ميع َخ ْل ُق ُه‪َ ،‬و ِم ْل ُك ُه‪َ ،‬وعَبيدُ ُه‪َ ،‬و َ ْت َ‬ ‫ِ‬ ‫ٍِ‬
‫مــ ْن جامد‪َ ،‬وناط ٍق‪ ،‬اجلَ ُ‬
‫ِ‬

‫ت َْص ِيف ِه‪َ ،‬و َمشي َئتِ ِه»(((‪.‬‬

‫وات‪،‬‬
‫م ِ‬ ‫الســ َ‬
‫ق َّ‬‫خل َ َ‬
‫ــي ٍء‪َ ،‬و َ‬
‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ك ِر ُ‬
‫ك َّ‬ ‫ب في ال ِّذ ْ‬ ‫وقو ُلــ ُه ‪َ « :َH‬و َ‬
‫كت َ َ‬
‫ض»‪:‬‬
‫واألَرْ َ‬

‫َفس ِه‪،‬‬
‫باش الكتاب َة بِن ِ‬
‫َ‬ ‫ُأضي َف ْت الكتاب ُة هنا إىل اهللِ تعاىل‪ ،‬وال َ‬
‫يلز ُم منْها أنَّه ‪َ َ ‬‬
‫ذلك َمن َيشا ُء‪.‬‬‫وز َأ ْن يأ ُم َر بِ َ‬
‫َب ْل َي ُ‬

‫((( رشح كتاب التوحيد للغنيامن (‪.)384/1‬‬


‫((( البداية والنهاية (‪.)11/1‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 13‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪12‬‬

‫ألول َّي ِته َم ْبدَ ٌأ حتَّى‬ ‫ٍ‬ ‫قبل ِّ‬


‫األو ُل َ‬
‫ــور َّ‬‫كل يشء‪ ،‬الذي ال ُيت ََص َّ‬ ‫هو َّ‬‫ومعنا ُه‪ :‬أنَّــ ُه تعاىل َ‬
‫اآلخ ُر بِال ِنا َي ٍة‪.‬‬
‫يم ِكن أن يتَصور قب َله َشء‪ ،‬ب ْل هو األو ُل بِال بِداي ٍة‪ ،‬كام أنَّه ِ‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ َ َّ َ ُ ٌ َ‬ ‫ُْ‬

‫غاية ُي َقدِّ ُرها ال َع ْق ُل إال و َأ َزل َّيتُه تعاىل قب َلها‪ِ ،‬بل غا َي ٍة َمدو َد ٍة‪.‬‬
‫فام ِمن ٍ‬
‫ْ‬

‫فليس «األَ َز ُل» شي ًئا َمدو ًدا(((‪.‬‬ ‫ِ‬


‫و«األز ُل» َمعنا ُه َعد ُم األول َّية‪َ ،‬‬
‫َ‬

‫كان َر ُّبنا َق ْب َل َأ ْن‬ ‫ســول اهلل ‪ َH‬س ِ‬


‫ــئ َل‪ :‬أ ْيــ َن َ‬ ‫َ‬ ‫و َقدْ روي يف الح ِ‬
‫ديث‪َّ :‬‬
‫أن َر‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ٍ (((‬
‫واء‪َ ،‬و َخ َل َق َع ْر َش ُه عىل‬ ‫«كان يف َعامء ‪ ،‬ما ْ َت َت ُه َه ٌ‬
‫واء‪َ ،‬وما َف ْو َق ُه َه ٌ‬ ‫َ‬ ‫ي ُل َق َخ ْل َق ُه؟ فقال‪:‬‬
‫َْ‬
‫ِ‬
‫املاء»(((‪.‬‬
‫ْت ِ‬
‫اآلخ ُر َف َل ْي َس‬ ‫ش ٌء‪َ ،‬و َأن َ‬ ‫ْــت األَ َّو ُل َف َل ْي َس َق ْب َل َ‬ ‫َوهذا كَقولِ ِه ‪َ :َH‬‬
‫ــك َ ْ‬ ‫«أن َ‬
‫ش ٌء»(((‪.‬‬ ‫َب ْعدَ َك َ ْ‬
‫قائ ِه‬ ‫كل ٍ‬
‫يشء‪ ،‬وأبديتِ ِه ‪ ،‬وب ِ‬ ‫فيه َدال َل ٌة عىل َّأول َّي ِة اهللِ ‪ ،‬وأ َّن ُه َق ْب َل ِّ‬
‫َف ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ َّ‬
‫بعدَ ك ُِّل َش ٍء‪.‬‬
‫ِ‬
‫للعبد أن‬ ‫ب‬ ‫ِ‬ ‫أن َل ْ ي ُك ْن‪،‬‬ ‫ث ِ‬
‫كائ ٌن بعدَ ْ‬ ‫كل ما ِسواه ِ‬
‫حاد ٌ‬ ‫أن َّ‬‫فاألو ُل‪َ :‬يدُ ُّل عىل َّ‬
‫ويوج ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫ب من ُه تعاىل‪.‬‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ي ْلحظ َف ْض َل رب ِه يف ِّ ِ ٍ‬
‫والم َس َّب ُ‬
‫ب ُ‬ ‫الس َب ُ‬
‫كل ن ْعمة دين َّية‪ ،‬أو ُدنيو َّية؛ إذ َّ‬ ‫ِّ‬ ‫َ َ‬
‫خلوقات بِت ُّ ِ‬
‫َألها‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫واآلخر‪ :‬يدُ ُّل عىل أ َّنه هو الغايــ ُة‪ ،‬والصمدُ الذي تَص ِمدُ ِ‬
‫إليه ا َمل‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫َّ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ‬
‫ور ْه َبتِها َو َجي ِع َمطالِبِها(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ورغ َبتها‪َ ،‬‬
‫ِ‬
‫وتع ُّبدها‪َ ،‬‬

‫ض»‪:‬‬
‫وات واألَرْ َ‬
‫م ِ‬ ‫الس َ‬
‫ق َّ‬‫خل َ َ‬
‫الماء‪َ ...‬و َ‬
‫ِ‬ ‫ع ْر ُ‬
‫ش ُه على‬ ‫كان َ‬
‫َ‬ ‫و َق ْو ُل ُه ‪َ « :H‬و‬

‫((( رشح كتاب التوحيد من صحيح البخاري للغنيامن (‪.)383/1‬‬


‫((( ليس معه يشء‪.‬‬
‫وضعفه األلباين‪.‬‬
‫َّ‬ ‫((( رواه الرتمذي (‪،)3109‬‬
‫((( رواه مسلم (‪.)2713‬‬
‫الرزَّ اق البدر (‪.)74/3‬‬
‫احلق الواضح املبني للسعدي (ص‪ ،)25‬فقه األدعية لعبد َّ‬
‫((( ُّ‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 12‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪11‬‬

‫الحديث األول‬

‫بــي ‪َ ،H‬و َع َق ْل ُ‬
‫ت‬ ‫ــن ‪ ،L‬قال‪َ :‬د َخ ْل ُ‬
‫ت على ال َّن ِّ‬ ‫ص ْي ٍ‬
‫بن ُح َ‬
‫عمــران ِ‬
‫َ‬ ‫عــن‬
‫ميم َفقال‪« :‬ا ْقبَلوا الب ُ ْ‬
‫شرَى يا بَني ت َ ٍ‬
‫ميم»‪،‬‬ ‫ن بَني تَ ٍ‬ ‫باب‪َ ،‬فأَتا ُه ٌ‬
‫ناس ِم ْ‬ ‫نا َقتي بِا ْل ِ‬
‫ن‪َ ،‬فقال‪:‬‬ ‫ن أ َ ْه ِ‬
‫ــل ال َي َم ِ‬ ‫نــاس ِم ْ‬
‫ٌ‬ ‫ل َع َل ْي ِه‬ ‫ن‪ُ ،‬ث َّ‬
‫ــم َد َخ َ‬ ‫شــ ْرتَنا َفأَ ْع ِ‬
‫طنــا‪َ ،‬م َّرتَ ْي ِ‬ ‫ــد بَ َّ‬
‫قالــوا‪َ :‬ق ْ‬
‫ــد َقب ِ ْلنا يا‬
‫ميم»‪ ،‬قالوا‪َ :‬ق ْ‬ ‫ن‪ ،‬إ ِ ْذ ل َ ْ‬
‫م ي َ ْقب َ ْلها بَنو ت َ ٍ‬ ‫م ِ‬ ‫شــرَى يا أ َ ْه َ‬
‫ل الي َ َ‬ ‫«ا ْقبَلوا الب ُ ْ‬

‫ن‬ ‫«كان اللَّ ُه َول َ ْ‬


‫م يَ ُ‬
‫ك ْ‬ ‫َ‬ ‫ن هــذا األ َ ْمــرِ؟ قــال‪:‬‬ ‫ســأَ ُل َ‬
‫ك َع ْ‬ ‫ســول ال َّلــ ِه‪ ،‬قالــوا‪ِ :‬ج ْئ َ‬
‫ناك نَ ْ‬ ‫َ‬ ‫رَ‬
‫خل َ َ‬
‫ق‬ ‫ي ٍء‪َ ،‬و َ‬ ‫ل َ‬
‫ش ْ‬ ‫ك ِر ُ‬
‫ك َّ‬ ‫كت َ َ‬
‫ب في ال ِّذ ْ‬ ‫الماء‪َ ،‬و َ‬
‫ِ‬ ‫ع ْر ُ‬
‫ش ُه على‬ ‫كان َ‬
‫َ‬ ‫ي ٌء َ‬
‫غ ْير ُ ُه‪َ ،‬و‬ ‫َ‬
‫ش ْ‬
‫ط َل ْق ُ‬
‫ت‪،‬‬ ‫ــن‪ ،‬فانْ َ‬
‫ص ْي ِ‬
‫الح َ‬
‫ن ُ‬ ‫ت نا َق ُت َ‬
‫ك يــا ابْ َ‬ ‫وات واألَرْ َ‬
‫ض»‪َ ،‬فنا َدى ُمنا ٍد‪َ :‬ذ َه َب ْ‬ ‫م ِ‬ ‫الســ َ‬
‫َّ‬
‫ت أَنِّي ُك ْن ُ‬
‫ت تَرَ ْك ُتها(((‪.‬‬ ‫راب‪َ ،‬فوال َّل ِه لَ َو ِد ْد ُ‬ ‫هي يَ ْق َ‬
‫طعُ دونَها َّ‬
‫الس ُ‬ ‫َفإِذا َ‬

‫ل هــذا األمــرِ‪،‬‬
‫عــن أ َّو ِ‬
‫ْ‬ ‫رســول اهللِ ‪ َH‬يَســألونَهُ‬
‫ِ‬ ‫ــن إلــى‬ ‫ُ‬
‫أهــل ال َي َم ِ‬ ‫جــاء‬
‫َ‬

‫ق‪َ ،‬وبِدايَة العالَ ِ‬


‫م‪.‬‬ ‫يَ ْعني‪ :‬أ َ ْمرَ َ‬
‫الخ ْل ِ‬

‫ي ٌء َ‬
‫غ ْير ُ ُه»‪.‬‬ ‫ن َ‬
‫ش ْ‬ ‫ك ْ‬ ‫«كان اللَّ ُه َول َ ْ‬
‫م يَ ُ‬ ‫َ‬ ‫فقال ‪:َH‬‬

‫ي ٌء َق ْبلَهُ»(((‪.‬‬ ‫ن َ‬
‫ش ْ‬ ‫ك ْ‬ ‫«كان اللَّ ُه َول َ ْ‬
‫م يَ ُ‬ ‫َ‬ ‫َوفي رواي ٍة‪:‬‬

‫ي ٍء»(((‪.‬‬ ‫ل َ‬
‫ش ْ‬ ‫ك ِّ‬ ‫«كان اهللُ َق ْب َ‬
‫ل ُ‬ ‫َ‬ ‫وفي رواي ٍة‪:‬‬

‫((( رواه البخاري (‪.)3191‬‬


‫((( رواه البخاري (‪.)7418‬‬
‫وصححه حمقِّقو املسند‪.‬‬
‫َّ‬ ‫((( رواه اإلمام أمحد (‪،)19876‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 11‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪10‬‬

‫وقــال تعــاىل‪( :‬ﯲ ﯳ ﯴ ﯵﯶ ﯷ ﯸ ﯹﯺ ﯻ ﯼ‬


‫ﯽ) [البقرة‪.]٢٥٥ :‬‬
‫ض َف ٍ‬
‫الة‪،‬‬ ‫اموات الســبع يف الكُريس إِ َّل كَح ْل َق ٍة م ْل ٍ‬
‫قاة يف َأ ْر ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ ِّ‬ ‫الس ُ َّ ْ ُ‬ ‫الحديث‪« :‬ما َّ‬‫ويف َ‬
‫احل ْل َق ِة»(((‪.‬‬
‫ك َ‬ ‫الة عىل تِ ْل َ‬
‫ش عىل الكُريس َك َف ْض ِل ال َف ِ‬
‫ْ ِّ‬ ‫َو َف َض ُل ال َع ْر ِ‬
‫ِ‬ ‫فــإِذا كان ْ ِ ِ‬
‫َيف ب َع َظمة اهللِ َ‬
‫وهو‪( :‬ﯣ ﯤ‬ ‫ــر ِ‬
‫ش‪ ،‬فك َ‬ ‫َت هذه َع َظمة الك ُْر ِّ‬
‫يس‪ ،‬وال َع ْ‬
‫ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ) [املؤمنون‪]٨٦ :‬؟!‬
‫ِ‬
‫واح‪ ،‬و َقدْ‬ ‫دان‪ ،‬واألَ ْر ُ‬ ‫لوب‪ ،‬واألَ ْب ُ‬‫ظيم الذي َت َْش ُع ل َع َظ َمته ال ُق ُ‬
‫هو ‪ ‬ال َع ُ‬ ‫َو َ‬
‫ك‬ ‫ْت‪َ ،‬و َل َ‬ ‫ت‪َ ،‬وبِ َ‬
‫ك َآمن ُ‬ ‫«الله َّم َل َ‬
‫ك َر َك ْع ُ‬ ‫ِِ‬ ‫َ‬
‫َّبي ‪ َH‬إذا َرك ََع يف صالته قال‪ُ :‬‬ ‫كان الن ُّ‬
‫ت‬ ‫مي‪َ ،‬و َع ْظمي‪َ ،‬و َع َصبي‪َ ،‬وما ْاس َت َق َّل ْ‬ ‫ْت َر ِّب‪َ ،‬خ َش َع َس ْمعي‪َ ،‬و َب َصي‪َ ،‬و ُ ِّ‬‫ت‪َ ،‬أن َ‬ ‫َأ ْس َل ْم ُ‬
‫ِ‬
‫ني»(((‪.‬‬ ‫بِه َقدَ مي‪ ،‬هللِ َر ِّب العا َل َ‬

‫ش َء َأ ْع َل ِمن َ‬
‫ْــك َجدًّ ا َو َأ ْمَدُ‬ ‫َفال َ ْ‬ ‫ك َر َّبنا‬ ‫والم ْل ُ‬
‫امء ُ‬ ‫ك َ‬
‫احل ْمدُ والنَّ ْع ُ‬ ‫َل َ‬
‫ــه َت ْعنــو ِ‬‫لِ ِعزَّتِ ِ‬ ‫امء ُم َه ْي ِم ٌن‬
‫ش الس ِ‬
‫ــجدُ‬ ‫اجلبا ُه َوت َْس ُ‬ ‫ليك عىل َع ْر ِ َّ‬ ‫َم ٌ‬
‫وإِ ْذ هــي يف جو الس ِ‬
‫ــاء ت ََص َّعدُ‬ ‫اخلفا‬ ‫َوام ُن يف َ‬ ‫تُســبحه ال َّطي الك ِ‬
‫َ ِّ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ِّ ُ ُ ْ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والو ْح ُش ُأ َّبدُ‬
‫جار َ‬ ‫َو َس َّب َح ُه األَ ْش ُ‬ ‫حدَ ُه‬ ‫الر ْعدُ َ ْ‬‫َوم ْن َخ ْوف َر ِّب َس َّب َح َّ‬
‫الش ِح‪ ،‬والب ِ‬
‫يان‪،‬‬ ‫َ‬ ‫عني َحدي ًثا يف َع َظ َم ِة اهللِ َر ِّب العا َل َ‬
‫ني بِ َّ ْ‬ ‫تاب مجع ألَ ْر َب َ‬ ‫ويف هذا ِ‬
‫الك ِ‬
‫َعال َأ ْن َين َف َع بِ ِه‪َ ،‬ويدْ َف َع بِ ِه‪.‬‬
‫لني اهللَ ت َ‬ ‫ِ‬
‫سائ َ‬

‫((( رواه البيهقي يف األسامء والصفات (‪ ،)861‬وهو حديث خمتلف فيه‪ ،‬وسيأيت‪.‬‬
‫((( رواه مسلم (‪ ،)771‬واإلمام أمحد (‪ )960‬واللفظ له‪.‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 10‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪9‬‬ ‫املقدمة‬

‫امء‪َ ،‬و ُح َّق َلا َأ ْن تَئِ َّط‪ ،‬ما فيها َم ْو ِض ُع َأ ْر َب ِع َأصابِ َع‬
‫الس ُ‬
‫َّ‬
‫َ َّ ِ (((‬
‫وقال ‪« :َH‬أطت‬
‫ساجدً ا هللِ»(((‪.‬‬ ‫ك ِ‬
‫واض ٌع َج ْب َه َت ُه ِ‬ ‫إِالَّ َو َم َل ٌ‬

‫ــن َأ ْص َغ ُر ِم َن‬
‫ح ِ‬ ‫الر ْ َ‬ ‫ِ‬
‫ــموات واألَ ْر َض يف ك ِّ‬ ‫ــه ‪َّ :‬‬ ‫و ِمــن ع َظمتِ ِ‬
‫َف َّ‬ ‫الس‬
‫أن َّ‬ ‫َ ْ َ‬
‫فيهام‪ ،‬يف‬ ‫الس ْب ُع‪ ،‬وما ِ‬ ‫َ‬
‫واألرضون َّ‬ ‫بع‪،‬‬
‫الس ُ‬
‫موات َّ‬
‫ُ‬ ‫الس‬ ‫الخ ْر َد َل ِة‪ ،‬كام قال ا ْب ُن ع َّب ٍ‬
‫اس‪« :‬ما َّ‬ ‫َ‬
‫يد ِ‬
‫كخرد َل ٍة يف ِ‬ ‫ِ‬
‫أحدك ُْم»(((‪.‬‬ ‫يد اهللِ‪َّ ،‬إل َ ْ َ‬

‫قال اب ُن الق ِّي ِم ‪:V‬‬


‫َف خالِ ِق َه ِذ ِه األَ ْكـ ِ‬
‫ـوان‬ ‫يف ك ِّ‬ ‫ِ‬
‫موات ال ُع َل‬ ‫الس‬ ‫َب ْل َق ْو ُلم(‪َّ )٤‬‬
‫إن َّ‬
‫ِ (‪)٥‬‬
‫الس ْلطان‬ ‫ِ ِ‬ ‫َح ًّقا كخَ ْر َد َل ٍة ُتـ ْـرى يف ك ِّ‬
‫ُمْسكها‪ ،‬تعاىل اهلل ذو ُّ‬ ‫َف‬

‫حار‪ ،‬وأن ٍار‪َ ،‬و ٍ‬


‫جبال‪ ،‬ت ُ‬
‫َكون‬ ‫ِ‬
‫األرض َجي ًعا بام فيها م ْن بِ ٍ ْ‬
‫َ‬ ‫ــن ع َظ َمتِ ِه ‪َّ :‬‬
‫أن‬ ‫وم ْ‬
‫ِ‬

‫ويات بيمينِ ِه‪( :‬ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ‬ ‫ِ‬


‫ــاوات َم ْط ٌ‬ ‫والس‬ ‫ِ‬ ‫يف َق َ ِ ِ‬
‫بضته يو َم القيا َمة‪َّ ،‬‬
‫ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ) [الزمر‪.]٦٧ :‬‬

‫القيام ِة‪ُ ،‬ث َّم َي ْأ ُخ ُذ ُه َّن ب َي ِد ِه ال ُي ْمنَى‪،‬‬


‫َ‬
‫ِ‬
‫ــاوات َي ْو َم‬ ‫ِ‬
‫َويف احلديث‪َ « :‬ي ْطوي اهللُ ‪َّ D‬‬
‫الس‬
‫ضني بِ ِشــالِ ِه‪ُ ،‬ث َّم‬ ‫ون؟ ُث َّم َي ْطوي األَ َر َ‬ ‫ارون؟ أ ْي َن ا ُمل َتك َِّب َ‬ ‫قول‪َ :‬أنا ا َمللِ ُ‬
‫ك‪ ،‬أ ْي َن َ‬
‫اجل َّب َ‬ ‫ُث َّم َي ُ‬
‫ون؟» (((‪.‬‬ ‫ارون؟ أ ْي َن ا ُمل َتك َِّب َ‬ ‫ك‪ ،‬أ ْي َن َ‬
‫اجل َّب َ‬ ‫قول‪َ :‬أنا ا َمللِ ُ‬
‫َي ُ‬

‫وقال تعاىل‪( :‬ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ‬


‫ﮞ ﮟ ﮠ) [فاطر‪.]٤١ :‬‬

‫صوتت‪.‬‬
‫((( َّ‬
‫وحسنه األلباين يف صحيح اجلامع (‪.)1127‬‬
‫َّ‬ ‫((( رواه الرتمذي (‪ ،)2312‬وابن ماجه (‪،)4190‬‬
‫((( تفسري الطربي (‪ ،)324/21‬السنة لعبد اهلل بن أمحد (‪.)476/2‬‬
‫((( يعني‪ :‬قول أهل السنة‪.‬‬
‫((( القصيدة النونية (ص‪.)145‬‬
‫خمترصا‪ ،‬ومسلم (‪.)2788‬‬
‫ً‬ ‫((( رواه البخاري (‪)7412‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 9‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪8‬‬

‫ْت ِ‬
‫اآلخ ُر َف َل ْي َس َب ْعدَ َك‬ ‫ش ٌء‪َ ،‬و َأن َ‬ ‫ْــت األَ َّو ُل َف َل ْي َس َق ْب َل َ‬
‫ديث‪« :‬ال َّل ُه َّم َأن َ‬ ‫ويف الح ِ‬
‫ك َ ْ‬ ‫َ‬
‫ش ٌء»(((‪.‬‬ ‫ْت الباطِ ُن َف َل ْي َس دون َ‬
‫َك َ ْ‬ ‫ش ٌء‪َ ،‬و َأن َ‬ ‫ك َ ْ‬
‫ْت ال َّظ ِ‬
‫اه ُر َف َل ْي َس َف ْو َق َ‬ ‫ش ٌء‪َ ،‬و َأن َ‬
‫َ ْ‬
‫الزمان َّي ِة يف‬
‫المط َل ِق‪ ،‬واإلحا َط ِة َّ‬ ‫ِ‬
‫الر ِّب ال َعظي ِم بالكَامل ُ‬
‫فه ِذ ِه األسامء تَدُ ُّل عىل ت ِ‬
‫َفرد َّ‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫المكان َّية يف قوله‪( :‬ﯷ ﯸ)‪.‬‬ ‫َقوله‪( :‬ﯵ ﯶ)‪ ،‬واإلحا َطة َ‬
‫ويوجب للع ِ‬ ‫ث ِ‬ ‫كل ما ِسواه ِ‬
‫بد ْ‬
‫أن‬ ‫ِ ُ َ‬ ‫كائ ٌن َب ْعدَ َأ ْن َل ْ َي ُك ْن‪،‬‬ ‫حاد ٌ‬ ‫ُ‬ ‫فاألَ َّو ُل‪َ :‬يدُ ُّل عىل َّ‬
‫أن َّ‬
‫ب ِمن ُه تعاىل‪.‬‬
‫والمس َّب ُ‬
‫ب ُ‬ ‫الس َب ُ‬
‫ٍ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ي ْلح َظ َف ْض َل رب ِه يف ك ُِّل نِ ٍ‬
‫عمة دين َّية‪ ،‬أو ُدن َيو َّية؛ إِذ َّ‬
‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬
‫خلوقات بِت ُّ ِ‬
‫َألها‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫واآلخر‪ :‬يدُ ُّل عىل أ َّنه هو الغايــ ُة‪ ،‬والصمدُ الذي تَص ِمدُ ِ‬
‫إليه ا َمل‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬
‫َو َت َع ُّب ِدها‪َ ،‬و َر ْغ َبتِها‪َ ،‬و َر ْهبتِها‪َ ،‬و َجي ِع َمطالِبِها‪.‬‬
‫الل ك ُِّل َش ٍء عندَ َع َظمتِ ِه ِمن َذ ٍ‬
‫وات‪،‬‬ ‫واض ِم ْح ِ‬
‫اه ُر‪َ :‬يدُ ُّل عىل َع َظ َم ِة ِصفاتِ ِه‪ْ ،‬‬‫وال َّظ ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫لو ِه ‪.‬‬ ‫ِ ٍ‬
‫َوصفات‪َ ،‬و َيدُ ُّل عىل ُع ِّ‬
‫والخفايا‪ ،‬ود ِ‬
‫قائ ِق‬ ‫والض ِ‬
‫امئ ِر‪،‬‬ ‫الس ِائ ِر‪َّ ،‬‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫والخبايا‪،‬‬ ‫والباط ُن‪َ :‬يدُ ُّل عىل ا ِّطالعه عىل َّ‬
‫َامل ُق ْربِ ِه‪َ ،‬و ُد ِّنو ِه‪.‬‬ ‫األش ِ‬
‫ياء‪ ،‬كام َيدُ ُّل عىل ك ِ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫اهر والباطِ ِن؛ ِل َّن اهللَ‬
‫بني ال َّظ ِ‬
‫ش ٌء يف ك ُِّل النُّعوت؛ َف َ‬
‫هو‬ ‫ليــس كَمثله َ ْ‬
‫َ‬ ‫وال ُمنافا َة َ‬
‫ِ‬
‫لوه‪.((( ،‬‬ ‫ال َع ُّيل يف ُد ِّنوه‪ ،‬ال َق ُ‬
‫ريب يف ُع ِّ‬

‫وســ ْلطانِ ِه‪ ،‬له ِع َظ ُم َّ‬


‫الش ْأ ِن‪،‬‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ظيم‪ :‬ذو ال َع َظ َمة واجلَالل يف ُم ْلكه ُ‬
‫وهو ‪ ‬ال َع ُ‬ ‫َ‬
‫ش َء أع َظ ُم ِمنْ ُه‪. ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َو َجال َل ُة ال َقدْ ِر‪ُ ،‬ي ْ‬
‫ستح َق ُر بالنس َبة إليه ك ُُّل ما سوا ُه؛ فال َ ْ‬
‫وهو الم َع َّظم الذي ُ ِ‬
‫لوقات‪ ،‬و ُت َع ِّظ ُم ُه‪ ،‬وت َُســ ِّب ُح ُه‪ ،‬و ُت َقدِّ ُس ُه‪( :‬ﮚ ﮛ‬
‫ُ‬ ‫ت ُّل ُه َ‬
‫الم ْخ‬ ‫َ ُ ُ‬
‫ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ) [اإلرساء‪.]٤٤ :‬‬

‫((( رواه مسلم (‪.)2713‬‬


‫((( احلق الواضح املبني للسعدي (ص‪.)25‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 8‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪7‬‬

‫ــهدَ ْت َلــه بِالربوبي ِة َجيع َمْلوقاتِ ِ‬


‫ــه‪َ ،‬و َأ َق َّر ْت‬ ‫ني‪ ،‬الذي َش ِ‬ ‫حل ْمــدُ هللِ َر ِّب العا َل َ‬
‫ُ‬ ‫ُ ُّ َّ‬ ‫ا َ‬
‫هو‪ ،‬بِام َأ ْو َد َعها ِم ْن‬ ‫يع َم ْصنوعاتِ ِه‪َ ،‬و َش ِ‬
‫ــهدَ ْت بِ َأ َّن ُه اهللُ الذي ال إِ َلــ َه إِ َّل َ‬
‫َله بِ ِ ِ‬
‫اإل َل َّية َج ُ‬ ‫ُ‬
‫دائ ِع آياتِ ِه‪.‬‬
‫ب صنْعتِ ِه‪ ،‬وب ِ‬
‫َعجائ ِ َ َ َ َ‬
‫ِ‬

‫ورسو ُل ُه‪،‬‬ ‫وأشهدُ َّ‬


‫أن ُم َ َّمدً ا عبدُ ُه َ‬ ‫َ‬ ‫ــهدُ َأ ْن ال إِ َل َه إِ َّل اهللُ‪َ ،‬و ْحدَ ُه ال َش َ‬
‫يك َل ُه‪،‬‬ ‫َو َأ ْش َ‬
‫َثريا إِ َل َي ْو ِم الدِّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ين‪.‬‬ ‫ليم ك ً‬ ‫َص َّل اهللُ عليه وعىل آله‪َ ،‬و َأ ْصحابِه‪َ ،‬و َس َّل َم ت َْس ً‬

‫َأ َّما َب ْعدُ ‪:‬‬

‫ليم‪،‬‬ ‫راز ٌق‪َ ،‬ح ٌّي‪َ ،‬قيو ٌم‪َ ،‬ص َمــدٌ ‪َ ،‬ع ٌ‬
‫ظيم‪َ ،‬ع ٌ‬ ‫واحدٌ ‪ ،‬خالِ ٌ‬
‫ــق‪ِ ،‬‬ ‫َفربنــا ‪ ‬رب ِ‬
‫َ ٌّ‬ ‫َ ُّ‬
‫ِ‬
‫وســائ ِر‬ ‫ورحتِ ِه‪،‬‬
‫لم ِه‪ ،‬و ُقدرتِ ِه‪ ،‬وع َظ َمتِ ِه‪َ ْ ،‬‬
‫وح ِ‬
‫وحكْمتِ ِه‪ِ ،‬‬
‫َقدير‪ ،‬حليم‪ ،‬كَم َل يف ِع ْل ِم ِه‪ِ ،‬‬
‫َ‬ ‫ٌ َ ٌ ُ‬
‫ْأوصافِ ِه‪.‬‬

‫رز ُق‪ ،‬و ُي ْغني‪،‬‬ ‫ــفيل‪َ ،‬ف َيخ ُل ُق‪ ،‬و َي ُ‬


‫والس ِّ‬ ‫لوي‪ُّ ،‬‬ ‫األمور يف َ‬
‫العالِ ال ُع ِّ‬ ‫َ‬ ‫هــو ‪ُ « D‬يدَ ِّب ُر‬ ‫َو َ‬
‫وي ِْف ُ‬
‫ــض‪ ،‬و َي ْر َف ُع‪ ،‬و ُي ُ‬
‫قيل‬ ‫ــز‪ ،‬و ُي ِذ ُّل‪َ ،‬‬
‫آخري َن‪ ،‬و ُي ِع ُّ‬
‫ويض ُع َ‬ ‫ــر‪ ،‬و َير َف ُع أقوا ًمــا‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫و ُي ْفق ُ‬
‫وج َرى هبا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بات‪ ،‬و ُي ِنف ُذ‬
‫رات‪ ،‬ويفرج الكُر ِ‬ ‫الع َث ِ‬
‫لم ُه‪َ ،‬‬ ‫األقدار يف أوقاتا التي َس َب َق هبا ع ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ِّ ُ‬ ‫َ‬
‫بري ِه»(((‪.‬‬
‫بري ما َج َع َل ُه ْم عىل تَدْ ِ‬ ‫مالئ َك َته ِ‬
‫الكرا َم لتَدْ ِ‬ ‫ُ‬
‫رس ُل ِ‬ ‫َق َلمه‪ ،‬وي ِ‬
‫ُُ ُ‬

‫وهو ‪( :‬ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ) [احلديد‪.]٣ :‬‬

‫((( تفسري السعدي (ص‪.)412‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 7‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫األربعون يف عظمة رب العاملني‬ ‫‪6‬‬

‫احلديث (‪« :)٢٠‬هل تدرون ماذا قال ربكم؟‪١٤٧............................................. »...‬‬


‫يسب الدهر‪١٥٣................................ »...،‬‬
‫احلديث (‪« :)٢١‬قال اهلل يؤذيني ابن آدم‪ُّ ،‬‬
‫احلديث (‪ ... :)٢٢‬حني غربت الشمس‪« :‬أتدري أين تذهب‪١٥٧........................ »...‬‬
‫احلديث (‪« :)٢٣‬ما الساموات السبع يف الكريس إال كحلقة ملقاة يف فالة‪١٦٥........... »...‬‬
‫احلديث (‪« :)٢٤‬ملا قىض اهلل اخللق‪ ،‬كتب يف كتابه‪١٦٩.......................................»...‬‬
‫احلديث (‪« :)٢٥‬اللهم لك احلمد‪ ،‬أنت ق ِّيم السموات واألرض‪١٧٣.................... »...‬‬
‫احلديث (‪« :)٢٦‬قال رجل مل يعمل خري ًا قط‪ :‬إذا مات ِّ‬
‫فحرقوه‪١٩3...................... »...‬‬
‫احلديث (‪ :)٢٧‬اجتمع عند البيت ثقف َّي ِ‬
‫ان و ُقريش أو ُقرشيان‪٢٠1........................... ...‬‬
‫احلديث (‪« :)٢٨‬مفتاح الغيب مخس‪ ،‬ال يعملها إال اهلل‪٢٠5.................................»...‬‬
‫احلديث (‪« :)٢٩‬إين أرى ما ال ترون‪٢19....................................................... »...‬‬
‫قمت مع رسول اهلل ‪ H‬ليلة‪ ،‬فقام فقرأ سورة البقرة‪٢٢3.......... ...‬‬
‫احلديث (‪ُ :)٣٠‬‬
‫احلديث (‪ :)٣١‬احلمد هلل الذي وسع سمعه األصوات‪ ،‬لقد جاءت خولة‪٢29........... ...‬‬
‫احلديث (‪« :)٣٢‬إن قلوب بني آدم كلها بني إصبعني من أصابع الرمحن‪٢٣3........... »...‬‬
‫احلديث (‪« :)٣٣‬من شأنه أن يغفر ذنب ًا‪٢٣7..................................................... »...‬‬
‫احلديث (‪« :)٣٤‬اللهم رب الناس مذهب الباس‪ ،‬اشف أنت الشايف‪٢٤1............... »...‬‬
‫احلديث (‪« :)٣٥‬أنا سيد القوم يوم القيامة‪٢٤6................................................ »...‬‬
‫احلديث (‪ :)٣٦‬يا رسول اهلل‪ ،‬هل نرى ربنا يوم القيامة؟‪٢٤7................................ ...‬‬
‫احلديث (‪« :)٣٧‬يوضع امليزان يوم القيامة‪٢٥1................................................ »...‬‬
‫احلديث (‪ :)٣٨‬كان رسول اهلل ‪ H‬إذا رفع رأسه من الركوع قال‪٢٥7............ ... :‬‬
‫احلديث (‪« :)٣٩‬أال حتدثوين بأعاجيب ما رأيتم بأرض احلبشة؟» ‪٢٦1.........................‬‬
‫احلديث (‪« :)٤٠‬حيرش الناس يوم القيامة ُعرا ًة غُرالً ُ ْب ًام‪٢٦1................................»...‬‬
‫ُ‬
‫أحاديث هذا الكتاب‪٢٦5..................................................‬‬ ‫أهم ما تضمنته‬
‫ُملخص ِّ‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 6‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


‫‪5‬‬

‫املقدمة ‪٧......................................................................................................‬‬
‫احلديث (‪ ...« :)١‬كان اهلل ومل يكن يشء غريه‪١١............................................. »...‬‬
‫احلديث (‪« :)٢‬كتب اهلل مقادير اخلالئق‪١٥..................................................... »...‬‬
‫النبي ‪ H‬يقرأ يف املغرب بـ(الطور)‪٢١.................... ...‬‬
‫احلديث (‪ ... :)٣‬سمعت َّ‬
‫احلديث (‪ُ :)٤‬نينا أن نسأل رسول اهلل ‪ H‬عن يشء‪٢٧....................................‬‬
‫احلديث (‪« :)٥‬أخذ اهلل امليثاق من ظهر آدم بنَعامن‪٣٣......................................... »...‬‬
‫احلديث (‪« :)٦‬قال اهلل عزوجل‪ :‬ومن أظلم ممن ذهب خيلق‪٣٧............................ »...‬‬
‫خلق كذا؟‪٤٣............................ »...‬‬
‫الشيطان أحدَ كم فيقول‪َ :‬من َ‬
‫ُ‬ ‫احلديث (‪« :)٧‬يأيت‬
‫احلديث (‪« :)٨‬إن اهلل ال ينام‪٥١....................................................................»...‬‬
‫احلديث (‪« :)٩‬يا عبادي‪ ،‬إين حرمت الظلم عىل نفيس‪٦١................................... »...‬‬
‫احلديث (‪« :)١٠‬اللهم رب الساموات‪ ،‬ورب األرض‪ ،‬ورب العرش‪٧٩.................»...‬‬
‫احلديث (‪« :)١١‬يطوي اهلل الساموات يوم القيامة‪٨٩..........................................»...‬‬
‫ب من األحبار إىل رسول اهلل ‪٩٩............................ ...H‬‬
‫احلديث (‪ :)١٢‬جاء َح ْ ٌ‬
‫احلديث (‪« :)١٣‬إذا قىض اهللُ األمر يف السامء‪١٠٣..............................................»...‬‬
‫إزار ُه‪ ،‬والكِربياء رداؤُ ُه‪١١٧.............................................»...‬‬
‫احلديث (‪« :)١٤‬الع ُّز ُ‬
‫احلديث (‪« :)١٥‬استووا؛ حتى ُأثني عىل ريب‪١١١............................................. »...‬‬
‫احلديث (‪« :)١٦‬لو أن اهلل عذب أهل سامواته‪ ،‬وأهل أرضه‪١١٧.......................... »...‬‬
‫احلديث (‪« :)١٧‬يد اهلل مألى ال يغيضها نفقة‪١٢٥............................................ »...‬‬
‫كذبني ابن آدم‪ ،‬ومل يكن له ذلك‪١٣٣............................ »...‬‬ ‫احلديث (‪« :)١٨‬قال اهلل‪َّ :‬‬
‫عيل الليلة آية‪١٤١..................................................»...‬‬
‫احلديث (‪« :)١٩‬لقد نزلت َّ‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 5‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 4 11/17/19 8:56 PM
Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 3 11/17/19 8:56 PM
‫ح جمموعة زاد للن�شر‪14٣٩ ،‬هـ‬
‫فهر�سة مكتبة امللك فهد الوطنية �أثناء الن�شر‬
‫املنجد‪ ،‬حممد �صالح‬
‫الأربعون يف عظمة رب العاملني‪ /.‬حممد �صالح املنجد‪-.‬‬
‫الريا�ض‪14٣٩ ،‬هـ‬
‫‪�٢٧٢‬ص‪�٢٤*١٦٫٥ .‬سم‬
‫ردمك‪978-603-٨٠٤٧-٩٦-٥ :‬‬
‫‪ -٢‬احلديث ال�صحيح ‬ ‫‪ -1‬احلديث ‪� -‬شرح ‬
‫�أ‪ .‬العنوان‬
‫‪١٤٣٩/١٢٠٠‬‬ ‫ ‬‫ديوي‪٢٣٧٫٧ :‬‬

‫الطبعة الأوىل‬
‫‪14٤١‬هـ‪20٢٠/‬م‬

‫نـ�شـــر‬
‫اململكة العربية ال�سعودية ‪ -‬جدة‬
‫حي ال�شاطئ ‪ -‬بيوتات الأعمال ‪ -‬مكتب ‪١٦‬‬
‫موبايل‪ ،+966 ٥٠ ٤٤٤ ٦٤٣٢ :‬هاتف‪+966 ١٢ ٦٩٢٩٢٤٢ :‬‬
‫�ص‪.‬ب‪ ١٢٦٣٧١ :‬جدة ‪٢١٣٥٢‬‬
‫‪www.zadgroup.net‬‬

‫توزيع‬
‫اململكة العربية ال�شعودية ‪ -‬الريا�ض‬
‫طريق امللك فهد ‪ -‬مقابل برج اململكة‬
‫هاتف‪� ،+966 11 4808654 :‬ض‪.‬ب‪ 67622 :‬الريا�ض ‪11517‬‬

‫‪Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 2‬‬ ‫‪11/17/19 8:56 PM‬‬


Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 1 11/17/19 8:56 PM
Al-Arbaoon Fe Azamate Rabbelalameen 2c.indd 4 11/17/19 8:56 PM

You might also like