You are on page 1of 328

‫‪1‬‬

‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬


‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫ل‬
‫بَصِيرَُة عَ ْق ٍ‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي‬


‫الدكتور مازن الشريف‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪1‬‬


‫‪2‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪2‬‬


‫‪3‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫إهداء‬
‫*إلى روح صديقي المناضل النقابي منتصر الماطري‬
‫األمين العام التحاد نقابات قوات األمن الداخلي تغمّده‬
‫اهلل برحمته‪.‬‬
‫*إلى أرواح شهداء الوطن وخاصة الذين اغتالتهم يد‬
‫اإلرهاب من أمنيين وعسكريين ومدنيين‪.‬‬
‫*إلى روح الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي‪.‬‬
‫*وإلى كل من ناضل بالكلمة والموقف الشجاع ضد‬
‫التطرف بمختلف أشكاله‪.‬‬
‫أهدي هذا الكتاب‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪3‬‬


‫‪4‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪4‬‬


‫‪5‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫مدخل‬

‫لماذا اخترت (بصيرة عقل) عنوانا لكتابي هذا؟‬


‫ببساطة ألن العقل الذي ال بصيرة له هو عقل عاجز مهما‬
‫بلغت معارفه‪ .‬ولكن كيف يكون للعقل بصيرة وفيما‬
‫يحتاجها؟ في رأيي فإن العلم المجرّد الذي ال تدعمه‬
‫بصيرة ثاقبة هو علم مسجون في حدود ذاته مقيّد غير‬
‫قادر على الخيال والنموّ والطموح والتطوير‪ .‬أليس كل‬
‫ما شهده العالم من تطورات كان أحالم كتاب ورسوم‬
‫ملهمين من أمثال ديفنشي أو بصيرة عقلية ثاقبة لعمالقة‬
‫الفكر اإلنساني الذين نسعى جاهدين لالقتداء بهم‪.‬‬
‫وليس كتابي هذا كتابا فلسفيا ولئن حوى بعض‬
‫الفلسفة‪ ،‬وال هو روحاني ولئن كانت الروح من بواباته‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪5‬‬


‫‪6‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫استقراء واستشرافا‪ ،‬ولكنه متعلق بداء العالم اليوم‬


‫وعالمنا العربي خاصة‪ ،‬داء عضال ووباء فتاك ال فكاك‬
‫منه بغير علم ورؤيا وبصيرة تتجاوز القلب إلى العقل‬
‫نفسه‪ .‬فليس اإلرهاب سوى نسيج معقد يحتاج عقوال‬
‫لها بصائر وأبصارا لها عقول‪ .‬وهذا الكتاب مكمّل لكتابي‬
‫رحلة في عقل إرهابي متكامل معه‪ .‬وإن بصيرة العقل فيه‬
‫حاضرة ناظرة‪ ،‬يمكنك أن تقارن فيها بين زمن كتابة‬
‫المقال أو الحوار وما تم استشرافه ثم مدى تحققه‬
‫واقعيا‪ ،‬وهو أمر لك أن تقيسه بعقلك وأن تتثبت منه عبر‬
‫صور بعض تلك الحوارات كما تم نشرها في الصحف‬
‫أو الرجوع لصفحاتي على فيسبوك وللكثير من المواقع‬
‫التي نشرت لي أو لتسجيالت المداخالت التي قمت بها‬
‫في االعالم او المحاضرات التي قدمتها والندوات التي‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪6‬‬


‫‪7‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫شاركت فيها وهي كثيرة‪ ،‬وليس ما أوردته في هذا‬


‫‪1‬‬
‫الكتاب سوى نزر قليل جدا‪.‬‬
‫إن القدرة على الغوص التحليلي واالستنباط واالستباق‬
‫عبر الحدس المطوّر الذي ينتقل من التوقع إلى‬
‫االستشراف بغاية الوقاية هو أمر مهم وخاصة في‬
‫مجاالت تتعلق باالستراتيجيات األمنية والعسكرية‬
‫ومجاالت مكافحة اإلرهاب‪ .‬وقد سعيت عبر المركز‬
‫التونسي لدراسات األمن الشامل الذي كنت صاحب‬
‫فكرته األولية وأحد مؤسسيه وترأست قسم االستشراف‬
‫ومكافحة اإلرهاب فيه‪ ،‬أو عبر التنسيق مع منظمات‬
‫المجتمع المدني ذات الصلة والنقابات األمنية والعمل‬
‫التوعوي والنشاط العلمي واإلعالمي‪ ،‬سعيت لتقديم‬

‫‪ 1‬قناتي على يوتيوب‪www.youtube.com/user/arahan77 :‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪7‬‬


‫‪8‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫عصارة جهدي العلمي ونتاج بحثي المعرفي خدمة‬


‫لوطني وأمتي‪ ،‬ولكن رغم ثبات دقة الرؤية وعمق‬
‫التحليل ومصداقيته فإن الدولة – لألسف – ظلت لفترة‬
‫طويلة تتعامى وتسد أذنيها رغم حواراتي الكثيرة مع‬
‫القائمين عليها في أعلى هرم السلطة وتحذيراتي التي‬
‫تحقق خطرها وضررها‪ ،‬وال أدعي أني أمتلك العالج‬
‫وحدي ولكني على يقين أني أمتلك قسما من الحل عبر‬
‫العلم والخبرة والبصيرة الثاقبة والمصداقية العلمية‬
‫والصدق واليقين ومحبة الوطن التي شهدت عليها‬
‫أعمالي العلمية واألدبية وقصائدي واألغاني التي غناها‬
‫الفنان الكبير لطفي بوشناق وخاصة أغنية أنا مواطن‬
‫(خذوا المناصب والمكاسب لكن خلولي الوطن)‪.‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪8‬‬


‫‪9‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫والتي راجت في اآلفاق وأسالت الدمع من ماليين‬


‫األحداق‪.‬‬
‫ولعلك تجدني احيانا أذكر مواطن الخلل في الدولة‪،‬‬
‫وهو ليس كالما أخفيه في درج بل هو ما لهجت به‬
‫صراحة وأمام من كنت أعنيهم سواء في قصر قرطاج أو‬
‫في غيره وهو موثق بالصوت والصورة ومدوّن شاهد‬
‫بذاته على ذاته وشاهد علي وعليهم‪.‬‬
‫لقد كان ظهوري اإلعالمي المحليّ والدولي مكثّفا منذ‬
‫سنوات في اإلذاعات وشاشات التلفزيون‪ ،‬كشاعر‬
‫ومثقّف‪ ،‬وكخبير في العالج بالطاقة بداية‪ ،‬ثم كمفّكر‬
‫إسالمي‪ ،‬ومختصّ في التيارات اإلسالمية‪ ،‬ثمّ كخبير‬
‫استراتيجي في الشؤون األمنية والعسكرية وفي مكافحة‬
‫اإلرهاب‪ ،‬وخبير في األمن الشامل‪ ،‬وصوال لباب‬
‫االستشراف وعلمه الذي قدّمت في اإلعالم مرات عديدة‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪9‬‬


‫‪10‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫استشرافات تمّت حرفيا وال غرابة حين يكون البناء‬


‫منهجيا علميا دقيقا وال يتم االنتباه من الدولة‪ ،‬بحكم أن‬
‫غاية االستشراف الوقاية ال مجرّد توقّع حدث ما أو‬
‫استشعاره‪.‬‬
‫أما الحوارات الصحفية فهي كثيرة للغاية سواء في‬
‫الصحف المحلية أو العربية أو الصحف ووكاالت األنباء‬
‫العالمية‪ ،‬وكذلك في عدد كبير جدا من الصحف‬
‫اإللكترونية والمواقع‪ ،‬خاصة حين أستشرف عملية‬
‫إرهابية ثم تتم‪ ،‬ألن اإلعالم يتابع ما يكتبه الخبراء وما‬
‫ينشره هذا وذاك ويميّز الغثّ من السمين‪.‬‬
‫فيما يلي بعض من حواراتي الصحفية التي أرى لها‬
‫قيمة أكبر من سواها‪ ،‬ويمكن من خالل تتبع ما فيها‬
‫وربطه بالتاريخ ثم تتبع ما حدث بعدها ومعرفة عمق‬
‫التحليل ودقّة االستشراف‪ .‬كما يجد القارئ صورا‬
‫لعدد من مقاالتي وحواراتي الصحفية المنشورة‪ .‬إنّه‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪10‬‬


‫‪11‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫شاهد على جهد سعينا من خالل لتوعية الناس وإنارة‬


‫الرأي العام ونصح القائمين على الدولة عن علم وخبرة‬
‫وبيّنة وصدق‪ ،‬شاهد يثبت أن هنالك من اختار أن ال‬
‫يسمع وأن ال يرى وأن ال يفهم‪ ،‬وأن هنالك من ال يرى‬
‫وال يسمع وال يفهم أصال‪ .‬لكن ذلك ال يمنع من يقيني‬
‫بأن هذه البالد تحوي الكثير من النزهاء والشرفاء وسوف‬
‫تنهض مجددا رغم كل شيء‪ ،‬وهو رجائي لألمة كلها‪.‬‬
‫وإن ما سأستهل به كتابي هذا كلمة حق لو أني وجدتني‬
‫خارجا عنها في حرف لما أوردتها‪ ،‬وليس في األمر‬
‫غرور مزهو أو تباهي مختال‪ ،‬ولكنها دليل على وجود‬
‫شرفاء ووطنيين يقدّرون الجهد ويرون قيمة العمل‬
‫ويحترمون الصادقين‪ ،‬وهو نموذج التقيت الكثيرين منه‬
‫في الواقع وسمعت ورأيت منهم ما زاد يقيني رسوخا‬
‫وخطوتي ثباتا وحبي للشعب والوطن عمقا ونقاء‪ .‬وهو‬
‫تحية لكل من شاركني رحلة النضال الفكري التوعوي‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪11‬‬


‫‪12‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫وكان مع الوطن حين احتاجه الوطن‪ ،‬وبين للناس‬


‫الحق بحق‪ ،‬وببصيرة عقل‪.‬‬
‫سوسة ‪2:48:36 2015-04-17‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪12‬‬


‫‪13‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫بكل عفوية في إحدى الندوات‪ ،‬ومثل هذه الورقة كثيرر‪،‬‬


‫وأجد صداه مرارا في لقاءات مع الناس‪ ،‬إنره تراج لمرن‬
‫أدرك قيمررة حررب النرراس ومتررابعتهم لمررا يقرروم برره حبررا‬
‫وكرامة للوطن‪.‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪13‬‬


‫‪14‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫مقال كتبه عني هارون أبو الخير وال أعرفه شخصيا لكني‬
‫شاكر له طيب كالمه وهو مرن األمرور التري تمثرل دافعرا‬
‫لي لالستمرار‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪14‬‬


‫‪15‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪15‬‬


‫‪16‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫الدكتور مازن الشريف لرلصباح األسبوعي‬


‫إعادة المجد للزيتونة‪ ،‬والحوارات‬
‫الهادئة لمنع الفتنة‬
‫البد من التفكير بدل التكفير‬
‫‪2012-03-19‬‬
‫حوار‪ :‬محمد صالح الربعاوي‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪16‬‬


‫‪17‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫في ظل التصحّر الفكري والكبت الديني‬


‫الذي عشرناه أكثرر مرن نصرف قررن كران مرن البرديهي ان‬
‫تكون الثورة مسارا لظهور التيارات اإلسالمية وما الزمها‬
‫مررن تجاذبررات انعكسررت أحيانررا فرري صررراعات داخررل‬
‫المساجد وخارجها‪.‬‬
‫ولقررراءة هررذا الحررراك مررن زوايرراه ووجوهرره المختلفررة‬
‫تحدثت «األسبوعي» مع الدكتور مازن الشرريف الخبيرر‬
‫في التيرارات اإلسرالمية ‪-‬وهرو باحرث فري علروم القررنن‬
‫وفرري علررم األخررالق والجمررال والتصرروف وفرري الفلسررفة‬
‫واآلداب ‪ -‬الررذي سررل الضرروء علررى مختلررف التيررارات‬
‫اإلسالمية وتصنيفاتها ومرجعياتها وترداخلها‪ .‬ودعرا الرى‬
‫الحوار الهادئ بين مختلف الحساسيات ووزن كرل أمرر‬
‫بميزانرره تجنبررا للفتنررة الترري تهرردّد السررلم االجتماعيررة‬
‫والمرحلة الدقيقة التي تمرّ بها البالد في ظرل مرا يتطلبره‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪17‬‬


‫‪18‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫المسار االنتقالي من حكمة ورصانة واتزان‪ ،‬وقد شرحه‬


‫من خالل هذا الحديث‪:‬‬

‫*ماهي قراءتك لواقع التيارات اإلسالمية في تونس اليوم‬


‫خاصة في ظل الحراك الذي تعيشه بعد الثورة ؟‬
‫رر التيارات اإلسالمية في تونس تشهد اليوم حراكا كبيررا‬
‫ذا بعدين‪ ،‬بعد إسالميّ‪ ،‬منهجيّ‪ ،‬تحرر مرن االضرطهاد‬
‫وبدأ يتفاعل مع الوضرع الجديرد ومرن بينره أهرل الردعوة‬
‫والتبلير الررذين انقسررموا مررن قبررل إلررى قسررمين‪ :‬جماعررة‬
‫االسرتنقاص الرذين يقولررون إن الردين ال يحتراج إلررى أيّ‬
‫أحررد وال حتررى إلررى رسررول اهلل‪ ،‬وال نشررملها بتوصرريف‬
‫الدعوة المنهجية السرلمية ألنهرا أخرذت بعردا عنفيرا منرذ‬
‫سنوات ولكن إشعاعها ضعيف اليوم‪.‬‬
‫أما الصنف الثاني فهو ما سمي بجماعة النصرة وهو ضدّ‬
‫أفكار التيار األول ويتميز بعمرل منهجري دؤوب وسرلمي‬
‫وفق ما عاينته مرن مشرائخه‪ .‬ومرا أعلمره أن هرؤالء القروم‬
‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪18‬‬
‫‪19‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫ليست لهم عالقة مباشرة بالسياسرة برل أسراس سرعيهم‬


‫الدعوة الى اهلل وفق منهجيات متفرق عليهرا بيرنهم‪ ،‬تقروم‬
‫على اللين والدعوة المباشرة‪.‬‬

‫* في ظل تداخل مرتكزات بعض التيرارات‪ ،‬لرو توضرح‬


‫لنررا منطلقاتهررا الفكريررة ومرجعياتهررا لرربعض المفرراهيم فرري‬
‫أذهان البعض؟‬
‫رررر تمثررل الصرروفية جانبررا مهمررا مررن الفكررر اإلسررالمي‬
‫والتونسرري خاصررة وال ننسررى مررا يررردده الزيتونيررون منررذ‬
‫حقب ضمن ما أعتبره بطاقة تعريرف اإلسرالم فري ترونس‬
‫(فرري عقررد األشررعري فقرره مالررك وفرري طريقررة الجنيررد‬
‫السررالك) أي ان مررذهب الرربالد الرسررمي منررذ اإلمررام‬
‫سحنون وأسرد برن الفررات هرو المرذهب المرالكي‪ .‬وال‬
‫ننسررى ان سررحنون هررو جررامع مدونررة مالررك عررن تلميررذه‬
‫المباشر عبدالرحمان عتقري‪ .‬كمرا ان أسرد برن الفررات‬
‫تلميذ مباشر لسريدنا مالرك وأسرتاذ لسرحنون ومؤسرس‬
‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪19‬‬
‫‪20‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫األسدية في القيروان‪ .‬ثم ان اإلمام ابن عرفة هو كما قال‬


‫عنه جالل الدين السيوطي «مجدّد المائة الثامنرة» وعليره‬
‫فالمذهب المالكي في ترونس أصريل فيره مرنهج السرلف‬
‫الصالح وله رجال وعلمراء قراموا بالحفرا عليره وتطروير‬
‫علومه مما يسرمح لنرا ان نقرول ان لردينا مدرسرة مالكيرة‬
‫خاصررة فرري تررونس هرري مدرسررة القيررروان ثررم مدرسررة‬
‫الزيتونة العريقة‪.‬‬

‫* وبالنسبة للجانب العقائدي؟‬


‫رر عقيدة تونس هي األشعرية التي ترجع لإلمام األشعري‬
‫بل هي عقيدة أكثر أهل اإلسالم وهي عقيدة أهل إفريقيرة‬
‫وتقرروم علررى المعلرروم مررن المعتقرردات الترري يكررون بهررا‬
‫المسلم مسلما وعلة تنزيه اهلل تعرالى عرن األيرن والكيرف‬
‫والحيررز والشرربيه والنظيررر والجسررم‪ .‬وأمررا طريقررة الجنيررد‬
‫السررالك فهررو تررذكير ان الصرروفية أصرريلة فرري تررونس بررل‬
‫وموصولة بمدرسة الزيتونرة والقيرروان ألنهرا مرن أسرس‬
‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪20‬‬
‫‪21‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫منهج السلف الصالح من أمثال الحسن البصري وسرعيد‬


‫بررن المسرريب ولكررن شرريخ الطريقررة ضررمن األوائررل هرري‬
‫بإجماع الكثيرين‪ :‬أبي القاسم الجنيردي العابرد والزاهرد‬
‫والسالك الواصل والكالم يطول ضمن هذا الباب‪.‬‬

‫* ومررراذا عرررن الطررررق الصررروفية ومناهجهرررا الداخليرررة‬


‫وتوزيعها جغرافيا على الخارطة التونسرية ومردى عالقتهرا‬
‫بالشأن السياسي؟‬
‫ررررر فررري ترررونس اليررروم للصررروفية مدارسرررها الطرائقيرررة‬
‫وتمركزاتهررا المكانيررة ضررمن سررند وزوايررا لررديها عمررق‬
‫وجودها التاريخي وهم ال يختلفون عن أهل الردعوة مرن‬
‫حيررث المسررألة والمحبررة بررالقيم الموجررودة والرحمانيررة‬
‫ولكنهم يختلفون باختالف طررقهم ومنراهجهم الداخليرة‪.‬‬
‫ولررئن قبلنررا ان التصرروف يحترراج فرري بعررض وجوهرره الررى‬
‫المراجعة فال نقبل ان يكفر الصوفي الصوفيين قاطبرة وان‬
‫يزعم ان الصوفية بدعة في حين انها ضاربة فري جرذورها‬
‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪21‬‬
‫‪22‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫منذ بردايات الحضرارة العربيرة اإلسرالمية ولهرا امتردادها‬


‫العالمي‪ ..‬ونفس الشأن عند تكفير بعضهم لألشاعرة‪.‬‬
‫ولعرررل أكثرررر الطررررق شرررهرة بترررونس وقررردما القادريرررة‬
‫والعروسررررية والعيسرررراوية والتيجانيررررة ونجررررد الطريقررررة‬
‫الرحمانية والمدنية والقاسمية‪...‬وفي ما اعلم فان عالقرة‬
‫هذه الطرق بالسياسة شبه منعدمة الن أساسها االهتمرام‬
‫بالتزكية ولها دوائرها الذاتية المرتكرزة علرى دور تربروي‬
‫باألساس لكن تظل هذه الطررق فري ترونس وفري العرالم‬
‫العربرري اإلسررالمي تحترراج الررى مراجعررات ومناقشررات‬
‫وتطوير‪.‬‬

‫* وماذا عن التيار السرلفي الرذي أثرار اليروم الكثيرر مرن‬


‫الجررردل خاصرررة فررري ظرررل جهرررل الكثيررررين لتصرررنيفاته‬
‫ومرجعياته؟‬
‫رر مما يالحظ فري ترونس اليروم النشراط المكثرف للتيرار‬
‫السلفي بشركل يبردو أحيانرا فوضرويا او مرن قبيرل النراتج‬
‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪22‬‬
‫‪23‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫الطبيعرري للكبررت الررديني فرري الحقررب الماضررية ولكررن‬


‫التحليررل العلمرري الرصررين والغرروص المعرفرري العميررق‬
‫يفرض علينا ويلزمنا بان نعيد النظر مفهوميا واصرطالحيا‬
‫وتفكيكيررا ومررن ثمّررة تأصرريليا وتأسيسرريا وتاريخيررا فرري‬
‫مصطلح السلفية ومعناها‪.‬‬
‫وقد قمت ببحوث معمقة فري هرذا الصردد منرذ سرنوات‬
‫في أكثر من دولة عربية برل وبالتنسريق االسرتراتيجي مرع‬
‫هيئات عليا في دول عربيرة برذاتها‪ ..‬وعلينرا ان نقررأ أوال‬
‫ان بالدليل التراريخي القراطع الرذي يمكرن لمرن يريرد ان‬
‫يرجع اليه في أكثر من كتاب ومرجع ان مصطلح السلفية‬
‫لم يكن موجودا لدى السلف الصالح برل لرم يكرن لديره‬
‫وجود قبل القرن الثاني عشر للهجرة بل ربما توافقنا مرع‬
‫من يقول انه هذا المصطلح لم يكن له وجود قبل عقرود‬
‫قليلة من الزمن‪.‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪23‬‬


‫‪24‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫ان المعني بالسرلفية يحمرل مضرمونين مختلفرين اختالفرا‬


‫تاما بل متناقضين احدهما مقبول وواجب ونخر مرفوض‬
‫بإجماع األمة كلها على اختالف مذاهبها وتياراتها‪ .‬وكي‬
‫نؤصل في األمر تاريخيا رغم إقرارنا العلمري والتراريخي‬
‫ان مصطلح السلفية مصطلح ناشئ عني به غيرر مرا يبردو‬
‫مرن مضرمونه رررررررفاننا اذا قصردنا جردال بالسرلفية السررير‬
‫حقيقة على منهج السلف الصالح في معتقدهم وسمتهم‬
‫(طربعهم وشرركلهم) ودعرروتهم وعمقهرم وليررنهم ورفقهررم‬
‫وفكرررهم وإبررداعهم فانرره امررر محمررود وجبررت العنايررة برره‬
‫وعليرره يكررون مررن برراب اولررى ان يعنررى فرري تررونس مررثال‬
‫بمخررزون السررلف الصررالح التونسرري المررالكي االشررعري‬
‫وحتى الصوفي وفي المخرزون الرذي تركره أقطابره وجهرا‬
‫بذاته منذ سحنون وابن عرفرة الرى برن عاشرور ومرا برين‬
‫ذلك من مصنفات وفكر‪.‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪24‬‬


‫‪25‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫البد من التفكير بدل التكفير‬

‫* مرراهي تحفظاتررك علررى السررلفية الجهاديررة ؟‪ ..‬ومرراهي‬


‫الجوانب التي تعيبها على هذا التيار؟‬
‫رر في ما يخص السلفية الجهادية فان الجهاد في سربيل‬
‫اهلل امر واجب والزم وعليره كران رسرول اهلل واصرحابه‬
‫والسلف الصالح من بعده‪ ،‬ومن ينكره فقد انكرر اساسرا‬
‫من اساس االسرالم ولكرن الرسرول االعظرم صرلى اهلل‬
‫عليه وسلم برين فهمرا للجهراد فري سربيل اهلل علرى كرل‬
‫سلمي جهادي بل ومسلم ان ينظر فيره وهرو قولره تعرالى‬
‫عندما رجع من غزوة بدر «عدنا من الجهاد االصغر الى‬
‫الجهاد االكبر» فالجهاد االصغر في ما بينته باحد كتبري‬
‫اقل قيمة حضاريا واجتماعيرا ودينيرا مرن الجهراد االكبرر‬
‫ضمن اطر معينة فالجهاد االصغر ظرفي والجهاد االكبرر‬
‫يررومي والجهرراد االصررغر اضررطراري والجهرراد االصررغر‬
‫فري سربيل‬ ‫الموت في سبيل اهلل والجهاد االكبر العري‬
‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪25‬‬
‫‪26‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫اهلل‪ .‬وعليه فان السلفي الجهادي التونسي البد ان يردرك‬


‫انه لو كنا نقردر علرى تحريرر القردس بقروة السرالح فقرد‬
‫وجب الجهراد االصرغر ولكرن امرام عجزنرا فران جهادنرا‬
‫يكون بدعم السلم االجتمراعي ومسراعدة المحتراجين فري‬
‫اصقاع البالد والقيرام بالقوافرل داخرل ترونس او حترى‬
‫غزة‪.‬‬

‫* مرراهي المرتكررزات الترري يتعررين علررى السررلفية العلميررة‬


‫مراجعتها واعادة النظر بشأنها؟‬
‫رر اما السلفية العلمية فالبد من مراجعرة تفضري الرى فهرم‬
‫خطررورة تكفيررر المجتمررع وضرررب األئمررة كبررار السررن‬
‫خاصة وطردهم مرن المسراجد مرن قبرل بعرض الشرباب‬
‫سيؤدي الى كارثة يقتل فيها التونسي اخاه ولكرن عنردما‬
‫نعني سرلفية علميرة ونقبرل بالمصرطلح علينرا ان نؤسرس‬
‫للسلفية العلمية المالكية السحنونية القيروانيرة والزيتونيرة‬
‫وهررو قبررول جرردلي بالمصررطلح ضررمن علررم المصررطلح‬
‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪26‬‬
‫‪27‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫والمفهوم أي الغوص في مخزوننا الديني وإرثنرا الثقرافي‬


‫وما فيه محبة وتآخ وعمق وارتباط بمنهج سلفنا الصرالح‬
‫المررالكي واالشررعري والصرروفي فررال نكفررر وال نبرردع وال‬
‫نشرررتم وال نلعرررن وال ننسرررلخ وال نخررردم اعرررداء بالدنرررا‬
‫والحاقدين على تاريخنا‪.‬‬

‫* وماذا عن ظاهرة التكفير التي اسالت الكثير من الحبر‬


‫واثارت جدال واسعا في اوساط المجتمع التونسي؟‬
‫رررر ان الحاجررة الملحررة لكررل التونسرريين وخاصررة شرربابنا‬
‫وشرراباتنا الررذين نحرربهم والررذين رامرروا اتبرراع السررلف‬
‫الصررالح‪ ،‬فالحاجرررة الماسرررة إلقنرراعهم وافهرررامهم برررأن‬
‫السلف الصالح اهل رحمة وان اهلل سربحانه تعرالى قرال‬
‫في شان ذاتره «الرحمران علرم القرران» وفري شران نبيره‬
‫«وما ارسلناك اال رحمة للعالمين» وفي شان دعوة نبيه‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪27‬‬


‫‪28‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫«فبما رحمة من اهلل لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب‬
‫النفضوا من حولك»‪.‬‬
‫على الجميع ان يسرتبدل الكرره بالرحمرة والشردة برالرفق‬
‫والتكفير بالتفكير ومن الغريرب أن يقرول أحردهم بعرد ان‬
‫بينت في برنامج تلفزي حقيقة فكره وضرعف حجتره عنري‬
‫في مسجد اني قاطع الطريق الى اهلل والداعي الى البردع‬
‫واني من اهل الحرابة‪ ،‬داعيا ضمنيا الرى قتلري والتنكيرل‬
‫بي ونفيي وقطع رجليّ ويديّ من خالف كما في نيرة أهرل‬
‫الحرابة وهو موثق في الفيرديو الرذي ارسرله لري تلميرذه‬
‫والواقع ان مثلي ال يخاف غير ربه وانه بذلك يهين مثقفرا‬
‫وباحثا ومفكرا وشاعرا‪.‬‬

‫* مرراهي افضررل الحلررول ‪-‬مررن وجهررة نظرررك‪ -‬مررن اجررل‬


‫الدفاع على إسالم وسطي ومتسرامح فري ظرل المخراطر‬
‫المتعددة التي تهدد اعتداله؟‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪28‬‬


‫‪29‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫رر ان احياء الزيتونة واعادة مجدها واعادة الدروس الرى‬


‫جررامع الزيتونررة ومدرسررته واظهررار فضررل وعلررم علمائهررا‬
‫ودعمه اعالميا والقيام بالنردوات والمرؤتمرات للتوضريح‬
‫والبيررران وايقررراف المهرررازل خاصرررة ممرررن يرررأتون الينرررا‬
‫ويسررخرون مررن ديننررا وشررعبنا مرردعين الرردعوة محررولين‬
‫المساجد الى اشبه بمالعب كرة قدم فكأنما يردعون الرى‬
‫اسررالم كررروي ويعلررو الصررراخ ويظهررر منرره استنقاصررنا‬
‫وانهم يحملون الينا االسالم وان االسالم عائد وكأننا كنا‬
‫علررى ديانررة برروذا نعبررد التماثيررل وكررأن لررم يكررن لنررا‬
‫المجاهدون والعارفون والصالحون‪.‬‬
‫إني متفائل رغم كل شيء‪ ،‬وأدعو إلى حروارات هادئرة‬
‫تكشف الحقيقة وتوقرف رؤوس الفتنرة وتمنرع المترآمرين‬
‫وتصررالح بررين أفررراد الشررعب وتررتكلم بصررراحة وصرردق‬
‫وتجعل المصلحة العليا للبالد وعلمها ورفعتها فوق كرل‬
‫االعتبارات السياسية الضيقة‪.‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪29‬‬


‫‪30‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫وأنا أدعو إلرى الهردوء‪ ،‬وإلرى وزن كرل أمرر بميزانره فرال‬
‫يمكن المزج بين وزن الذهب ووزن الطماطم‪ ،‬وال توزن‬
‫األمور بخالف منطقها وخارج حقيقتها مهما زيّن لها‪.‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪30‬‬


‫‪31‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫أزمة الخطاب الديني في تونس‬


‫ومنهجية الخروج‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪31‬‬


‫‪32‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫إن المترررابع للشرررأن الرررديني فررري ترررونس بعرررد الثرررورة‪،‬‬


‫وللخطاب الديني المنتشر وما يرافقه من أثر وتأثّر وتأثير‪،‬‬
‫يرى بوضوح أزمة قوية المالمح ال تحتاج كبير ذكاء وكثر‬
‫عناء‪.‬‬
‫لقد كران الشرأن الرديني يعراني مرن أزمرة كبيررة فري فتررة‬
‫الطغيرران‪ ،‬أزمررة تمتررد إلررى االسررتقالل ومحاصرررة جررامع‬
‫الزيتونة فإغالقه‪ ،‬ثم ما كان من تضرييق وتجفيرف منرابع‪.‬‬
‫حرين جرراءت الثررورة وجرردت صرحراء قاحلررة فرري قلرروب‬
‫وعقول أغلبية شرباب ترونس فيمرا يتعلرق بالشرأن الرديني‬
‫وحقيقة المذهب المرالكي ومميرزات المرنهج الزيتروني‪،‬‬
‫وجدت شبابا اعتادوا أن يأخذوا ديرنهم مرن الفضرائيات‬
‫التي تبث غالبا الخطاب الوهابي ومرا فيره مرن إشركاالت‬
‫ومن مآزق وفخاخ كارثية‪ ،‬دون أن يتنبهوا لهرا أو يعرفروا‬
‫حقيقتها ألنره لريس لرديهم معيرار للقيراس بحكرم تغييرب‬
‫الفكررر الررديني السررمح فرري المررذهب المررالكي والمررنهج‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪32‬‬


‫‪33‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫الزيتوني التونسي بامتياز والمتميز في العقيردة واألصرول‬


‫وفي مختلف شؤون الديانة برجاله األفذاذ منرذ سرحنون‬
‫إلى ابن عاشور‪..‬‬
‫جرراءت موجررة الوهابيررة السررلفية وارتفعررت تحمررل فكررر‬
‫التكفير والتبرديع‪ ،‬ووجردت فري الشرباب التونسري مكانرا‬
‫مناسبا‪ ،‬فنمت بسرعة حتى بلغت اليروم مسرتوى خترامي‬
‫كنا بيناه ضمن تقسيمنا المرحلي لذلك الفكر ولكرل فكرر‬
‫متطرف مغال‪ :‬التنظير‪ ،‬التكفير‪ ،‬التفجير‪.‬‬
‫برردأت المرحلررة التفجيريررة التنظيميررة‪ ،‬بمسررتواها األول‬
‫وسميته "الفوضى"‪ ،‬ثم بلغرت مسرتواها الثراني وهرو مرا‬
‫أسررميته "الحريررق"‪ ،‬والررذي تمظهررر بسرررعة فرري حرررق‬
‫مراكز األمن والمحاكم والكثيرر مرن المرافرق‪ ،‬مرع تحردّ‬
‫للدولررة جلرري وعجررز مررن الدولررة واضررح‪ ،‬ومعلرروم لمررن‬
‫درس كتاب فرن الحررب لسرون ترزو وهرو أقردم وأفضرل‬
‫وأخطر كتاب حرب أن الفوضى تستخدم إلخفراء النظرام‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪33‬‬


‫‪34‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫وأن الحريررق مررن تقنيررات الحرررب الكبرررى الترري تسرربق‬


‫الخراب الكامل وهرو فرن كامرل خصرص لره سرون ترزو‬
‫مجاال وكان مسرتخدما فري الحرروب علرى مرر العصرور‪،‬‬
‫صرردفية بررل تنررتظم فرري سررياق مررنظّم‬
‫فليسررت األمررور ب‬
‫ومخط له جيدا‪ ،‬وهنا البد من وقفة تأمل وتحليل لهذه‬
‫األزمة ثم البد من رؤية منهجية للخروج منها‪.‬‬
‫إن األزمة الحالية والتي واكبناها منذ بدايتها‬ ‫‪/1‬األزمة‪:‬‬
‫متابعة وتحليال‪ ،‬ليست غريبة عن تاريخ الوهابية فري كرل‬
‫الرردول الترري دخلتهررا وخربتهررا‪ ،‬ولكررن لهررذه األزمررة فرري‬
‫تونس أسباب ألخصها في اآلتي‪:‬‬
‫*السبب األول‪ :‬الفراغ الرديني فري فتررة المخلروع ومرا‬
‫قبلهررا‪ ،‬وهررذا الفررراغ أدى إلررى تررأثر تلفررزي أوال بررذلك‬
‫الفكر ومن ثرم مباشرر بمرن قراموا بنشرره ضرمن مختلرف‬
‫التقسيمات السلفية‪.‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪34‬‬


‫‪35‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫*السبب الثاني‪ :‬تغييب علمراء الزيتونرة والفكرر المرالكي‬


‫ومرا فرري مررذهب اإلمررام مالرك مررن سررماحة وعمررق‪ ،‬ثررم‬
‫غياب علماء الزيتونة بعد الثورة ألسرباب كثيررة منهرا قلرة‬
‫وعي بعضهم بخطرورة الموقرف وخشرية بعضرهم اآلخرر‬
‫علررى نفسرره أو التضررييق عليرره وقلررة إمكانيررات الرربعض‪،‬‬
‫وحتى افتتاح جامع الزيتونة لم يحقق اإلشعاع والنجراح‬
‫المرجررو ويحترراج وقتررا طررويال وهنالررك مشرراكل منهجيررة‬
‫ولوجستية كبرى تتفاقم كل يوم‪.‬‬
‫*السبب الثالث‪ :‬خطأ استراتيجي قاتل ارتكبته الدولة‪،‬‬
‫ويتمثل في قراءة موضوع السلفية بشكل خاطئ تماما فري‬
‫اعتقادي‪ ،‬ألن األمرر نظرر إليره علرى أنره عررض نراتج ال‬
‫مرررض قررائم‪ ،‬وذلررك لعرردم درايررة عميقررة بالموضرروع‪،‬‬
‫وهكذا ظل األمر يخضع للتسرويف والوعرود وينظرر إليره‬
‫كنتيجررة لغيرراب الديمقراطيررة حينررا أو كنرراتج ارترردادي‬
‫للثررورة مرررة أخرررى‪ ،‬ولكنرره فرري الحقيقررة مرررض فعلرري‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪35‬‬


‫‪36‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫يستشررري فرري المجتمررع مسررتغال طاقررة الكراهيررة الكامنررة‬


‫ورغبة الكثير من الشباب التونسي فري السرير علرى مرنهج‬
‫السررلف وهررو أمررر جيررد لكررن منهجيترره خاطئررة‪ ،‬وكررذلك‬
‫كردود فعل على مرا كران يفعلره المتطرفرون فري التعهيرر‬
‫والفساد وحرب الديانة بل إن الثورة زادت جنون الكثير‬
‫منهم فازدادوا إمعانا في تعديهم وتحرديهم ومرن خلفهرم‬
‫منظرون لهرم ومبرررون يزينرون الكرالم وال يعرون خطرورة‬
‫األمر حتى كان موضوع الرسومات والتي لها دور معين‬
‫نبيه‪.‬‬
‫*السرربب الرابررع‪ :‬قرروة التمويررل الخررارجي‪ ،‬والرردعم‬
‫المادي واللوجسرتي لهرذا الفكرر الردخيل علرى بالدنرا‪،‬‬
‫فنشأت الجمعيات الكثيرة ودخلت المليرارات وتنظمرت‬
‫المجموعرررات تحرررت قيرررادات وتقاسرررمت األدوار ثرررم‬
‫تجمعّت وبردأت فري الهجروم مسرتغلة بعرض المحفرزات‬
‫فلم يعد للدولة من مهابة وصار األمر ينبرئ بكارثرة‪ ،‬وأنرا‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪36‬‬


‫‪37‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫علررى يقررين استشرررافي مرردعوم برربعض األدلررة الميدانيررة‬


‫الكافية للبناء عليها أن هنالك من يتدرب ويتسرلح لتطبيرق‬
‫الشريعة بقوة السرالح وهنالرك خر مباشرر مرع القاعردة‬
‫ومع التنظيمات فيقع إرسال متردربين إلرى ليبيرا وللقترال‬
‫فرري سرروريا ونخرررون يسررتعدون فرري تررونس ليرروم الغررزو‬
‫المبارك والمقدس فري اعتقرادهم لنصررة ديرن اهلل بقروة‬
‫السالح وكذلك فعل ابرن عبرد الوهراب حرين نصرر (فري‬
‫وهمه) دين اهلل بقتل من قرال ال إلره إال اهلل وحرين نصرر‬
‫رسول اهلل بذبح نل بيته وتدمير مدينته وحجرته الشريفة‪.‬‬
‫*السبب الخامس‪ :‬تعامل حركة النهضة مرع هرذا التيرار‬
‫كان رخوا جدا أو متراخيا‪ ،‬واألمر يرجرع فيمرا أراه إلرى‬
‫تأثر بعضهم بهرذا الفكرر ومرواالتهم لره‪ ،‬ولخطرأ تقرديري‬
‫لقيمرررة ذلرررك التيرررار كمخرررزون انتخرررابي‪ ،‬أو لخطرررأ‬
‫استراتيجي في فهرم نوعيرة التعامرل المناسربة مرع ذلرك‬
‫الغررزو الوهررابي المرردعوم بقرروة‪ ،‬حتررى أثبتررت األحررداث‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪37‬‬


‫‪38‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫األخيرة أن كل ذلك كان خاطئا جدا‪ ،‬وعسرى أن األوان‬


‫لم يفت‪.‬‬
‫*السبب السرادس‪ :‬طبيعرة النسريج الرذي شركل التيرار‬
‫السررلفي الوهررابي والررذي كنررا فرري دراسرراتنا عنرره قسررمنا‬
‫نوعيات المنضوين ضمنه‪.‬‬
‫*السرربب السررابع‪ :‬الفررراغ اإلسررتراتيجي الكبيررر لرردى‬
‫الحكومة وعردم االنتقرال السرريع مرن المرحلرة السرردية‬
‫واإلحصائية والمرحلة التسويفية (الوعود وسوف نفعرل‬
‫ونفعل) إلى المرحلة التنفيذية الفعلية‪ ،‬مع غياب تخطي‬
‫ورؤيررا واضررحة للحررل بسرربب الجهررل بالسرربب الفعلرري‬
‫للمشكلة‪ ،‬وال تشفع كثرة مشاكل البالد أو أي تبرير نخر‬
‫في هذا التقصير الخطير‪.‬‬
‫السرربب الثررامن‪ :‬التضررييق علررى رجررال االمررن‪ ،‬وتفري ر‬
‫المنظومة األمنيرة مرن الجردوى والنجاعرة‪ ،‬وتررك رجرل‬
‫األمن بال قانون يحميه أو يدعمه منقوصا من التجهيرزات‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪38‬‬


‫‪39‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫الالزمة‪ ،‬وعدم دعم نقابات األمن وعردم تقويرة التنسريق‬


‫بينهررا والتنسرريق بررين وزارة الداخليررة والنقابررات األمنيررة‬
‫والقيررادات األمنيررة بالشرركل المناسررب والمتناسررب مررع‬
‫الوضع الحرج لتونس وخاصة بعد مرا حردث مرؤخرا‪،‬‬
‫وكأننا خرجنا من هيمنرة وزارة الداخليرة والقمرع األمنري‬
‫زمن البنعلة إلى الفراغ األمني اليوم‪.‬‬
‫هذه بعجالة جملة من األسباب في اعتقادي يختفري فيهرا‬
‫وحولها وخلفها أمور أخرى كثيرة جردا يطرول سرياقها‪،‬‬
‫والخالصررة أن الرربالد فرري حالررة حرجررة جرردا وأنرره بعررد‬
‫المرحلرررة التفجيريرررة التنظيميرررة األولرررى التررري سرررميتها‬
‫الفوضررى‪ ،‬فإننررا اآلن فرري المرحلررة التفجيريررة التنظيميررة‬
‫الثانية التي أسميتها الحريق يعقبها بشركل سرريع مرحلرة‬
‫ختامية هي االنفجار والذي يتراوح بين العمليات النوعية‬
‫المسلحة إلى الحرب األهلية ال قدر اهلل‪.‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪39‬‬


‫‪40‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫‪/2‬منهجية الخروج‪ :‬ال يمكن ألحد أن يردعي أن لديره‬


‫الحل‪ ،‬ولكن ربما أجد طريقا للحل متمثال في اآلتي‪:‬‬
‫*كنت دعوت منذ أشرهر ومازلرت‪ ،‬إلرى تكروين "لجنرة‬
‫إدارة أزمات" في تونس‪ ،‬تضم نخبا من أفضل الكفاءات‬
‫واإلسررتراتيجيا والسياسررة‬ ‫التونسررية فرري األمررن والجرري‬
‫وعلم الرنفس وعلرم االجتمراع وعلرم االقتصراد ورجرال‬
‫الدين وغير ذلك‪ ،‬والتي ستقوم بعمل سرريع لمسراعدة‬
‫البالد في تجاوز هذه األزمة ومنع وقوع الكارثة‪.‬‬
‫*مراجعة كاملة للملف السلفي ولدور كل األطراف فيه‪،‬‬
‫والبحث عن مواضع الخلل‪ ،‬وعن دور الفاعلين فيه‪.‬‬
‫* تفعيل دور النقابات األمنية ومنح رجرل األمرن ترأطيرا‬
‫قانونيررا يمكنرره مررن خدمررة بررالده وضررمان حقوقرره ويلزمرره‬
‫بواجباته ويحميه‪ ،‬والمررور نحرو تفعيرل منظومرة "األمرن‬
‫الجمهوري"‪ .‬كما البد من التعامل الصرارم مرع كرل مرن‬
‫يثبت دوره في تشرتيت الجهرود وعرقلرة المسرار األمنري‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪40‬‬


‫‪41‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫لغايررررررررررة أو أخرررررررررررى ولسرررررررررربب أو سررررررررررواه‪.‬‬


‫* التحرك السريع وفرق المرنهج التقسريمي للتعامرل مرع‬
‫كل فئة من التيار السلفي فالحوار الزم مرع مرن يحملرون‬
‫ذلررك الفكررر ويرونرره حقررا إلقنرراعهم بأفضررلية المررنهج‬
‫الزيتوني المالكي أو إلنقاذهم من العنرف والتنظيمرات أو‬
‫إلفهامهم المنهجية الحقيقية للدعوة‪.‬‬
‫وكذلك التعامل الصرارم جردا مرع بقيرة الفئرات الهدامرة‬
‫واإلجرامية والتري ال يجرب الترواني مطلقرا مرع مرن ثبرت‬
‫إجرامه وحرقه للمنشآت األمنية وإضراره باألمن القومي‪.‬‬
‫واألمرن‬ ‫وأعتقد أن مواجهرات نوعيرة سرتتم برين الجري‬
‫‪2‬‬
‫وبعررررررررررض المسررررررررررلحين هنررررررررررا وهنرررررررررراك‪.‬‬
‫*منع كل من يتجرأ على المسراس برالرموز الدينيرة بكرل‬

‫وهو ما تحقق حرفيا فيما بعد ونتجت عنه عمليات إرهابية دامية‪ ،‬ولم‬ ‫‪2‬‬

‫يرتم االهتمررام بكرل مررا بينرراه لألسرف ومضررى الحكررام الجردد فرري تررونس‬
‫سادرين في عماهم عاجزين عن مجرد االستماع‪.‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪41‬‬


‫‪42‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫قوة القانون وردعه‪ ،‬ألنه يفعّل العنف ويمنحه بعضرا مرن‬


‫مبرراته‪.‬‬
‫*تحرك المجتمع المدني كله ومنظماتره األحرزاب علرى‬
‫اختالف ألوانها ومشاربها واإلعالم من أجرل توثيرق عررى‬
‫السلم األهلي في تونس‪.‬‬
‫*أن يقوم المجلس التأسيسي بالمصرادقة السرريعة علرى‬
‫قانونين مهمين وعاجلين‪:‬‬
‫ميثاق السلم األهلي‪ ،‬والرذي توقرع عليره كرل األحرزاب‬
‫والمنظمات المدنية‪ ،‬ويمنع منعا باتا اللجوء إلرى العنرف‬
‫مهمررا كانررت األسررباب أو المسرراس بالسررلم األهلرري فرري‬
‫تونس‪.‬‬
‫*ميثرراق الرمرروز الدينيررة‪ :3‬يلتررزم بمقتضرراه الجميررع بعرردم‬
‫المساس بالرموز الدينية تحت أي تعلة ولريس فري األمرر‬

‫كانت مع هذه الفكرة فكرة ميثاق علماء ترونس التري بلورتهرا ثرم تمرت‬ ‫‪3‬‬

‫صررياغتها وتجرردها ملحقررا فرري كتررابي "التصرروف معررراج الررذوق وتريرراق‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪42‬‬


‫‪43‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫مساس بحرية التعبيرر برل ترأطير لره ألن الحريرة المنفلترة‬


‫تؤدي إلى الخراب‪ ،‬وإلغرالق الطريرق علرى مرن يخطر‬
‫لضرب المجتمع عقائديا ونشرر العنرف والفوضرى تحرت‬
‫أقنعة الفن والحرية واإلبداع‪.‬‬
‫*كما البد من االنتباه لما بلغه المجتمع اليوم من احتقان‬
‫ومن مشراكل اقتصرادية وسياسرية واجتماعيرة والبرد مرن‬
‫عمل فعلي سريع إليقاف العنف ومنعه ألن الحلول لبقية‬
‫مشرراكل الرربالد تأخررذ وقتررا لرريس بالقصررير وجهرردا كبيرررا‬
‫يشترك فيه المجتمع كله‪.4‬‬

‫التطرف"‪ ،‬والذي تم التوقيع عليه من رئيس الدولرة السرابق ووعرد ولرم‬


‫يلتزم بشيء وبقي المشروع على قيمته دون أي دعم رسمي لليوم‪.‬‬
‫هذا أيضا استشرراف تحقرق‪ ،‬فقرد كران هنالرك فري فتررات حراكرات‬ ‫‪4‬‬

‫شررعبية عنيفررة جرردا خاصررة فرري فترررة االنتخابررات الرئاسررية وتصرراعدت‬


‫دعوات لجمهورية الجنوب ولثورة ثانية ونخرها حملة وينو البتررول ومرا‬
‫تبعها من فوضرى خاصرة فري الجنروب التونسري خصوصرا قبلري وتروزر‬
‫وقبلها ذهيبة وبنقردان ومازال الباب مفتوحرا علرى الكثيرر مرن المخراطر‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪43‬‬


‫‪44‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫هري نظررة فقر ‪ ،‬وهري رؤيرا فحسرب‪ ،‬وعسرى تجرد مرن‬


‫يفعلها‪ ،‬ألن من دورنا التحليل والنصرح والترذكير‪ ،‬حبرا‬
‫لوطننا‪ ،‬وغيررة علرى ثرورة هرذا الشرعب وأحالمهرا التري‬
‫صارت تتالشى رويدا رويدا‪ ،‬حتى صار البعض يتمنرى‬
‫الرجوع إلى ما قبلها‪ ،‬هروبا من الحريق‪.‬‬

‫سوسة‬
‫‪17:28:26 2012-06-15‬‬

‫خاصررة مررع تطررورات الوضررع الليبرري دون أيررة اسررتراتيجية اسررتباقية أو‬
‫عالجية‪ .‬تعليق بتاريخ ‪2015/06/21‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪44‬‬


‫‪45‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫الثورة التونسية‪ :‬المتغير‪ ،‬الثابت‪ ،‬والمفقود‪.‬‬


‫‪2012-09-02‬‬

‫ما هي الثورة؟؟؟‬
‫هل هي تفجير كوامن بعد سجنها؟؟ أم تغيير مسار بالقوة‬
‫حرّف بالقوة أيضا؟؟ أم رجوع حق وسقوط ظلرم‬
‫بعد إن ب‬
‫وظالم؟؟ أم هي حركرة تاريخيرة متجرددة ؟؟؟ ومراذا عرن‬
‫ثورة الفكر‪ ،‬والدين‪ ،‬واإلبداع والشعوب؟؟؟؟‬
‫حين ننظر في التعريف المعجمي للثرورة نجرد فري لسران‬
‫العررررب‪( :‬ثرررارَ الشررريءو ثؤررروورَ وثُرررؤورَ وثؤوَرانرررَ وَتثؤررروَرَ‪:‬‬
‫َض رب‪ :‬حِدَترره‪.‬والثؤائر‪ :‬الغضرربان‪ ،‬ويقررال‬
‫هرراجثوثؤورب الغ َ‬
‫للغضرربان ؤأهوريَجَ مررا يكررونُ‪ :‬قررد ثررار ثرراِئربه وفررارَ فرراِئربه إذا‬
‫غضب وهاج غضبه‪.‬‬
‫وثرررارَ إليررره ثؤررروورَ وثُرررؤورَ وثؤوَرانرررَ‪ :‬وثرررب‪ .‬والمبثرررا َورَةُ‪:‬‬
‫المواؤثبَررةُ‪.‬وثا َورَه مبثررا َورَة وثِرروَارَث عررن اللحيرراني‪ :‬واثبَرره‬
‫وسا َورَه‪.‬‬
‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪45‬‬
‫‪46‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫ويقال‪ :‬انوتَ ِظرو حتى تسكن هذه الثؤر وورَةُ‪ ،‬وهري الهَيوجب‪.‬وثرار‬
‫الدبخَانُ والغببار وغيرهما َيثُور ثؤوورَ وثُرؤورَ وثؤوَرانرَ‪ :‬ظهرر‬
‫َشرأؤتو وإن شررئتَ‬
‫وسررطع‪ ...‬ويقررال‪ :‬ثررارَتو نفسرره إذا ج َ‬
‫َشرررأؤتو أؤي ارتَفعرررت‪،‬‬
‫جاشرررتث قرررال أؤبرررو منصرررور‪ :‬ج َ‬
‫َ‬
‫وجاشت أؤي فارت‪.‬وثارَ به الدَمب وثارَ به الناسب أؤي وَؤثببروا‬
‫عليه‪.‬وثؤوَرَ الَبروكَ واستثارها أؤي أؤزعجها وأؤنهضها)‪.‬‬
‫فرررالثورة برررين الهيجررران الغاضرررب والهررريج العاصرررف‪،‬‬
‫والتهيررريج واإلنهررراض والمواثبرررة‪ ،‬فهررري حركرررة فررروران‬
‫وهيجرران وغضررب وثررب علررى الظلررم ومواثبررة ومواجهررة‬
‫للطغيان‪ ،‬أو هي حركة قوية عاصفة ضد شريء مكبّرل أو‬
‫رديء أو فاسررد أو ظررالم‪ ،‬سررواء كانررت‪ ،‬باإلبررداع أو‬
‫الفكر أو الصوت والساعد وصوال للسالح‪.‬‬
‫البد أن رحلتنا الثورية التي يقودهرا الفكرر ترأمال والقلرم‬
‫كتابة ستكون موغلرة فري المسرافات لمرا للمصرطلح مرن‬
‫مفراهيم كثيررة‪ ،‬ولمرا لتلرك المفراهيم مرن قضرايا عديرردة‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪46‬‬


‫‪47‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫تالمرس روح اإلنسران وحريتره وإرادتره‪ ،‬ثرم البرد لنرا أن‬


‫ننظر في بعض المعاني االصطالحية للثرورة مرن نرواحي‬
‫المجتمع والسياسة وعلوم الحرب وسواها‪ ،‬لتصل إلرى‬
‫اإلنقالب العسكري كنوع من التمررد الثروري‪ ،‬أو لتغييرر‬
‫نظام ما بالقوة‪ ،‬وغيرها من يسهل رصرده برالتتبع وبعرض‬
‫المطالعة‪....‬‬
‫لكني سأطرح سؤاال نخرر علرى كرل الثروريين‪ ،‬ويشرمل‬
‫السؤال أيضا المستثورين‪ ،‬مصطلح أطلقه على الثروريين‬
‫بررالقوة ال بالفعررل‪ ،‬وعلررى عكررس المتنررورين‪ ،‬أصررحاب‬
‫االسررتنارة فعررال‪ ،‬فررإن "المسررتثورين" ال نررور لهررم وال‬
‫بصيرة‪ ،‬ولكن نوع من الخبث الدقيق الرذي يمكرنهم مرن‬
‫التقلررب والتثعلررب والحربائيررة فتتغيررر الجلررود وتتبرردّل‬
‫األقنعة ويصبح أجبن الناس وأكثرهم لؤما وخيانة ومروالة‬
‫لكل طاغية‪ ،‬أكثرر النراس ثورجيرة وأجررأهم علرى شرتم‬
‫النظام البائرد والحراكم المخلروع والمهلروع‪ ،‬وأكثررهم‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪47‬‬


‫‪48‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫إصررررارا علرررى رمررري الحجرررارة علرررى جسرررد الرررذاكرة‬


‫الطاغوتية العاري‪.‬‬
‫فليكن سؤالي بسيطا مباشرا‪ :‬ما الذي تغير بعد الثرورة؟؟‬
‫وما الذي ثبت مكانه؟؟؟ وما لذي فقدناه؟؟؟‬
‫المتغيررر‪ ،‬الثابررت‪ ،‬والمفقررود‪ ،‬سررؤال ال يحمررل ثررورة‬
‫للفكر أو للفهم‪ ،‬بل نظر اسرتقرائي بسري قرد يكرون فري‬
‫تحديد اإلجابة الدقيقة عليه‪ ،‬بداية لثورة حقيقية‪.‬‬
‫سررألخص األمررر برمترره‪ ،‬وفررق مررا أراه ولكررم حررق النقررد‬
‫والنقاش‪ ،‬في أقنوم مفهومي اصطالحي ثالثي‪ ،‬للمتغيرر‬
‫والثابت والمفقود‪ :‬المجال‪ ،‬العقلية‪ ،‬النظام‪.‬‬
‫(المجرررال)‪ :‬نعنررري بالمجرررال المسررراحة‬ ‫*المتغيّرررر‬
‫والرحابة واألفق‪ ،‬فإن الثورة حطمت الكثيرر مرن القيرود‬
‫وأمكنت بالقوة من مجال للحرية‪ ،‬ومجال للفعرل وللنقرد‬
‫وللنظر والتعبير‪ ،‬مساحة أوسع ورحابة أكبر ونفاقرا أكثرر‬
‫امتدادا‪..‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪48‬‬


‫‪49‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫صار باإلمكان اليوم للمواطن أن ينقد الرئيس صرراحة‪،‬‬


‫وأن ينتقد الحكومة‪ ،‬وبإمكانه أن يعبّر عن رأيه بال خوف‪.‬‬
‫صار بإمكان اإلعالم اليوم أن يمارس سرلطته‪ ،‬أن يكرون‬
‫سلطة حقيقية‪ ،‬بإمكانه أن ينقد الحاكم‪ ،‬ذلك المقردس‬
‫من قبل والمدجج المسيج‪ ،‬وأن يقول كلمته ويحقق فري‬
‫أي قضية شاء‪.‬‬
‫لكررم أن تتخيلرروا وتتصرروروا وتنظررروا وتسررتقرئوا الواقررع‬
‫المابعررد‪-‬ثرروري‪ ،‬وأنررتم لكررم اليرروم هنررا أو هنرراك علررى‬
‫مسراحات افتراضرية أو واقعيرة أن تعبرروا وأن تشررعروا أن‬
‫لكم مجاال أرحب فعال‪ ،‬فهل من مشكلة؟؟‬
‫هل أن هذا المجال منحنا قدرة على الفعل؟؟؟ غيّر واقعنا‬
‫نحرررو األرقرررى؟؟؟ هرررل واقعنرررا السياسررري واإلعالمررري‬
‫واالجتماعي تطوّر بشكل ثوري مذهل؟؟؟ أو حترى نمطري‬
‫بسي ؟؟؟‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪49‬‬


‫‪50‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫(العقليررة)‪ :‬ثبتررت علررى حالهررا أو تررردت‪،‬‬ ‫*الثابررت‬


‫تلرررك التررري كانرررت مصررريبة األمرررة كلهرررا‪ ،‬مرضرررت أو‬
‫أمرضوها‪ ،‬تلفت أو أتلفوها‪ ،‬ملئوها وهما وأوهموها‪ ،‬أو‬
‫ثبتوهررا بحجررارة الجهررل المقرردس‪ ،‬وحشرروها بررالفراغ‬
‫المثقررف‪ ،‬حترررى صرررار تمتشررظية منبتترررة منسرررخلة‪ ،‬أو‬
‫متحجرة تافهة مسجونة في نمطية فارغرة وترهرات تافهرة‪،‬‬
‫إنها العقلية التري رزحرت تحرت طراغوت مرا كران لره أن‬
‫يستمر في فساده دون أن يستمر في إفسادها‪ ،‬وما كان له‬
‫أن يدوم في طغيانه دون أن يديم عماهرا حترى وإن كانرت‬
‫ترتب بعقل مدكتر أو مشيّخ أو مثقفن أو مبدعن إال قليرل‬
‫ممن شذّ عن قداسة القالب فذاق وبراال ونكراال واكتروى‬
‫بما احتوى‪.‬‬
‫العقليررة الفاسرردة‪ ،‬المتحجرررة‪ ،‬أو الزئبقيررة المنافقررة‪،‬‬
‫وتلرررك المنسرررلخة مرررن كرررل قيمرررة المريضرررة برررالاللون‬
‫والالمعنررى‪ ،‬أو تلررك الترري ترردعي أنهررا عقليررة حرررة وهرري‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪50‬‬


‫‪51‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫عقليررة متعهّرررة‪ ،‬وسررواها كثيررر شرركلت عقليررة مريضررة‬


‫واحدة‪ .‬هل الثورة طالت العقليرة‪ ،‬لتثرور علرى أمراضرها‬
‫وفسررادها وأوهامهررا ولتطرررد كررل جنررود الوهررو حرررس‬
‫الطاغوت والجهل المقدس المندس؟؟؟‬
‫فيما أراه‪ ،‬فإن تلرك العقليرة ثبترت علرى مرضرها‪ ،‬إن لرم‬
‫تكن قد مرضت أكثر‪ ،‬وأن الطراغوت الرذي لرم يغادرهرا‬
‫ذخر من الجيوش مزيدا ومن الجند عديدا لترى التشدد‬
‫أكثررر ثقررال وتطرفررا والميوعررة أشررد لؤمررا وخبثررا وعهرررا‬
‫والجهاالت أعمق غورا وأعظم خطرا‪..‬‬
‫عقلية ثابتة في مجال مفتوح‪ ،‬أليست كراثة؟؟؟؟؟‬
‫(النظام)‪ :‬ال نعني بالنظرام نظرام الحكرم‪،‬‬ ‫*المفقود‬
‫ألن الثورة إنما ثارت على نظام فاسد‪ ،‬ولرئن كنرت علرى‬
‫يقين أن ذلك النظرام أمكرن وأخبرث مرن أن يرزول بمثرل‬
‫تلك السرعة‪ ،‬وأن ما نحن فيه مسار ثروري‪ ،‬فرإن النظرام‬
‫الررذي اعنيرره هررو التنظرريم والتنسرريق والتقنررين‪ ،‬فهنالررك‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪51‬‬


‫‪52‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫قرروانين مدنيررة ونظررام للتعامررل واإلدارة والحيرراة العامررة‪،‬‬


‫وهررذا النظررام فقررد توازنرره‪ ،‬وانخرررم‪ ،‬حتررى صررارت‬
‫الديمقراطية لتي نزلرت لتوهرا مرن جبرل األولمرب تلربس‬
‫مالبررس الخالرردين مبتسررمة ابتسررامة أفروديررت‪ ،‬صررارت‬
‫ديمخرافية‪.‬‬
‫الديمخرافية‪ ،‬خرافرة دائمرة فري عقليرة متحجررة فاسردة‬
‫وجررردت مجررراال لترررزداد رعونرررة ولتصررربح ديكتاتوريرررة‬
‫شعبوية‪ ،‬وفوضرى مذهبيرة‪ ،‬وهجمرة سرلفية‪ ،‬وتروغالت‬
‫وهابية وشريعية وبهائيرة‪ ،‬وحمرالت تكفيريرة‪ ،‬وفسرادات‬
‫منهجية‪ ،‬وجرأة عهرية‪ ،‬وتعهرات إعالمية‪ ،‬وعنفا في كل‬
‫شيء وكراهية متنشرة متفشية ال يكراد يسرلم منهرا أحرد‪،‬‬
‫وشوارع تحولت إلى مزابل‪ ،‬وأكداس من األوساخ في‬
‫كررل ركررن‪ ،‬واعتصررامات عشرروائية‪ ،‬وهرروة إيديلوجيررة‪،‬‬
‫وفرقة سياسية‪ ،‬وخبطا في الحكم والتحكم واالحتكرام‪،‬‬
‫وتغييبرررا للحكمرررة وبعرررد النظرررر‪ ،‬وحرائرررق غامضرررة‪،‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪52‬‬


‫‪53‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫وعاصرربات تنهررب وتضرررب‪ ،‬ومخرردرات تنتشررر أكثررر‪،‬‬


‫حررررب عشررروائية ترررزداد كرررل يررروم حميرررة وخطرررورة‬
‫واتقادا‪،‬ثم حين وقرع نسرخ تلرك الثرورة البكرر‪ ،‬وجردنا‬
‫ثورات مشوهة‪ ،‬كانرت وسريلة للردم والقترل والشرتات‪،‬‬
‫وترى األخ يقتل أخاه‪ ،‬والكل يهتف للثورة وبالثورة‪...‬‬
‫ربمررا أكررون متشررائما جرردا‪ ،‬أو واقعيررا للغايررة‪ ،‬كررم أن‬
‫تحكموا‪ ،‬وأن تحاكموا كلماتي هرذه بالحجرة والبرهران‪،‬‬
‫ولي أن أكمل لكم ختاما‪:‬‬
‫ما لم تقم ثورة للحرب‪ ،‬واإلبرداع‪ ،‬والرقري‪ ،‬والثقافرة‪،‬‬
‫وما لم نحسن استغالل المجال‪ ،‬ولم نغيّرر العقليرة نحرو‬
‫األفضل واألصلح‪ ،‬لتصبح لدينا ثورة فري العقليرة تنحرو‬
‫نحو العلم والحوار والتآخي والفهرم العميرق‪ .‬ومرا ولرم‬
‫نسررترد النظررام الررذي يعنرري التنسرريق والتنظرريم والتفاعررل‬
‫اإليجابي بين كل المكونات مهما كان اختالفها‪ ،‬ونجترث‬
‫النظام الخبيرث الطراغوتي الرذي اسرتعان اليروم بالمرال‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪53‬‬


‫‪54‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫القررذر والفكررر األقررذر بررين متطرررف أرعررن وعرراهر وقررح‬


‫حتررى يحاصررر الحلررم‬ ‫وجاهررل مرردع وخبيررث مرررت‬
‫ويموت البريرق‪ ،‬فرإن الثرورة بكرل معانيهرا اإليجابيرة لرن‬
‫تكون سوى مسخ ثوري سرعان مرن سيصريب مرن دفرع‬
‫من أجلها كل غال ونفيس بالخيبة والنردم‪ ،‬وسررعان مرا‬
‫سيتفشى الخروف حترى يقرول مرن فقرد النظرام واألمران‪:‬‬
‫ليت نظاما الطاغوت بقي بيننا فقد كانت الحياة أكثر أمانا‬
‫وكان الخوف منه ومن عصابته فق ال من كل شيء وكل‬
‫ألف عصابة‪ ،‬وسرعان ما سريفقد المتحمسرون للمجرال‬
‫الحر المفتوح حماستهم كما يفقرد الغرزال الرذي يطلرق‬
‫ليجري في الصحراء بحرية قواه ألنه يجرري دون غايرة أو‬
‫هرردف أو مكرران يؤويرره ليرترراح قلرريال مررن مطرراردة اطيرراف‬
‫الحرية‪.‬‬

‫تاجروين ‪ -‬الكاف‬
‫‪15:32:01 2012-09-02‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪54‬‬


‫‪55‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫تونس‪....‬إلى أين؟؟؟؟‬
‫‪2012-09-23‬‬

‫عندما نرجع بأذهاننا إلى أول يوم استيقظنا فيه بعرد فررار‬
‫الطاغية مباشرة‪ ،‬إلى ذلك اإلحسراس الرائرع والشرعور‬
‫العجيب الذي احسه كل واحد منرا (نحرن الرذين طالمرا‬
‫ظُلمنررا وتألمنررا وكتبنررا وحلمنررا بمثررل ذلررك اليرروم)‪ ،‬إن‬
‫مشررهد ش رروق شررمس ذلررك ليرروم كرران مشررهد مختلفررا‬
‫تماما‪ ،‬وحتى الهواء كان يتنفس الحرية‪ .‬إذا كيف شرعر‬
‫الذين كانوا يعتاشون مرن النظرام‪ ،‬وكيرف أحرس الرذين‬
‫خررانوا وع رذّبوا وسرررقوا وفعلرروا األفاعيررل وقررد جرراءتهم‬
‫الصرراعقة بغتررة فبَهتررتهم؟؟ لنتمشررى قلرريال علررى شررواطئ‬
‫الذاكرة‪ ،‬ألننا لألسف نعاني فعال من أزمة ذاكرة‪ ،‬لريس‬
‫هذا سياق شرحها وبيانها‪ ،‬ولكن حقيقة نذكر كيف بتنرا‬
‫نحرررس بيوتنررا وكيررف كنررا بحررق شررعبا واحرردا‪ ،‬كيررف‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪55‬‬


‫‪56‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫اتحدنا ألول مرة منذ زمن بعيد‪ .‬اليوم حين تنظر إلرى مرا‬
‫تراه أمامك ستبصر خليطا عجيبا‪ ،‬يصعب عليك ودخان‬
‫األحداث يمرأل عينيرك أن تررى‪ ،‬ولكرن ترذكّر أنره حرين‬
‫فرحررت أنررت (مظلومررا مناضررال مبرردعا ثررائرا)‪ ،‬امررتألت‬
‫قلوبهم حقردا وكرهرا لرك ولثورترك (ذئراب النظرام فري‬
‫الررردم والظرررالم فررري‬ ‫داخرررل جررررح الررروطن وخفرررافي‬
‫سراديب أسراره‪ ،‬مع كل كالب األنظمة الفاسدة وكرل‬
‫الطواغيت وأنظمة الفساد المنظم)‪ .‬هل تظن أنك حرين‬
‫رقصت وصرخت في حالرة نشروة‪ :‬برن علري هررب‪..‬بن‬
‫علي هرب‪ ،‬أو أنك حرين هتفرت بردموع قلبرك النازفرة‪:‬‬
‫هرمنررا‪..‬من أجررل هررذه اللحظررة التاريخيررة‪ ..‬أتظررن أنهررم‬
‫كانوا ليغفروا لك تحقق حلمك؟؟؟؟‬
‫لنعترررف إذا أننررا برردأنا نرررى أيرراديهم علررن عمررا أضررمرت‬
‫قلررروبهم مرررن قبرررل‪ ،‬وحنررراجرهم تصررررخ بمرررا كتمرررت‬
‫صدورهم‪ ،‬ولكن كيف؟؟ مخطئ مرن يظننري أتكلرم عرن‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪56‬‬


‫‪57‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫رموز التجمع‪ ،‬وعن وجوه معروفة معلومة‪ ،‬مهمرا كانرت‬


‫متورطة ومجرمة‪ ،‬ألن من طبيعة األنظمرة الجرثوميرة أنهرا‬
‫تحتوي على طبقات‪ ،‬طبقة نعرفهرا‪ ،‬وطبقرة تعرفنرا‪ ،‬دون‬
‫أن نعرفها أو نراها‪ .‬ولكي تكون الخطة أكثر نجاعة‪ ،‬البرد‬
‫أن تتوغل في كل مكان‪ ،‬وفي كل نوع وصرنف‪ ،‬ونحرن‬
‫سنسرراعدهم‪ ،‬بجهلنررا‪ ،‬بغرورنررا‪ ،‬بوقوعنررا المنضررب فرري‬
‫كل فخ ينصبونه لنا‪.‬‬
‫لكي يكون كالمنرا محرددا فرإليكم خالصرة األمرر‪ :‬حرين‬
‫يرنجح الكرره فري التسرلل إلرى قلوبنرا فنكرره بعضرنا بعضررا‬
‫وننقسررم شرريعا كررلع يرردّعي الكمررال ويلقرري علررى غيررره‬
‫الضررالل‪ ،‬وال يرررى المرروالي منررا ف ريمن يواليرره عيبررا وال‬
‫خطررأ‪ ،‬وال يرررى فرريمن يعارضرره خيرررا وال نقطررة ضرروء‬
‫واحدة‪ .‬حين يتم كل ذلك مع تفعيل في اإلعالم وتغروّل‬
‫فرري المجلررس التأسيسرري وفرري الشررارع وفرري الضررمائر‬
‫والعقررول‪....‬حين يررتم كررل ذلررك فهررو أقرروى فخرراخهم‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪57‬‬


‫‪58‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫وأكبررر نجاحرراتهم‪ ،‬الررذين لررم ينرراموا مررن الغرريظ والقهررر‬


‫حين هتف الشعب بصوت واحد‪ :‬الشرعب يريرد‪ .‬عنردما‬
‫ترتكب أخطاء استراتيجية قاتلرة ويتررك النظرام للفوضرى‬
‫وترهن البالد في رهانات دولية وتهافت مرن هنرا وهنراك‬
‫بين راع لمصالحه ولو كانت علرى حسراب مصرالحنا أو‬
‫خائف لدرجة الرعب مرن وصرول الثرورة إليره فيوصرل‬
‫حبائله إلينا حتى يصبح لدينا مظاهر لم نألفها ليست مرن‬
‫ديننا وال من عرفنا وال من أخالقنا‪ .‬ثم تمضي األمور إلى‬
‫مررا هررو أسرروأ‪ ،‬وكمررا قررال ميرراموتو موساشرري أعظررم‬
‫سرراموراي فرري ترراريخ اليابرران وواحررد مررن أكبررر خبررراء‬
‫التكتيك واالستراتيجيا في تاريخ بني ندم في كتابه الرائع‬
‫والرهيب "الحلقات الخمرس( ‪" Gorin Nu Shu‬الرذي‬
‫لم يترجم بعرد إلرى العربيرة ألننرا أمرة اقررأ التري ال تقررأ)‬
‫يقول ما نصه‪" :‬إن أخطاء صغيرة في البدايرة قرد ترؤدي‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪58‬‬


‫‪59‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫إلى كوارث كبيررة فري النهايرة"‪ .‬فمرا بالرك حرين تكرون‬


‫األخطاء كارثية منذ البداية؟؟؟؟؟‬

‫إن صفارات اإلنذار وإشرارات الضروء األحمرر تسرطعنا‬


‫كل حين لننتبه‪ ،‬ومرا حردث للمراء فري قريظ الصريف أو‬
‫للسدود في فيض الشتاء‪ ،‬وللغابات من حرائرق وللمردن‬
‫من انتشارات النفايات ومما تفشى مرن جررائم وسررقات‬
‫وفوضررى‪ ،‬اضررف إليرره المفاسررد المقصررودة والمشرراكل‬
‫السلفي مرن جانرب والالئكري مرن‬ ‫المرصودة والتجيي‬
‫جانب نخر كرل يردعو بردعواه هرذا لسرلخ الردين وذاك‬
‫لمسررخ العقيرردة‪ ،‬ثررم مررا كرران فرري أحررداث السررفارة‬
‫األمريكية‪ ،‬كل هذا يجعلنا نتسراءل بحرقرة‪ :‬ترونس‪...‬إلى‬
‫أيررررن؟؟؟ ولنررررا ان نسررررأل أيضررررا‪ :‬ليبيررررا‪..‬إلى أيررررن؟؟؟‬
‫ومصر‪...‬إلى أين؟؟؟ وسوريا‪....‬إلى أين؟؟ لكرن الوضرع‬
‫التونسي الذي علينا ان نعالجه بسرعة له قيمرة كبررى فري‬
‫التوازنات اإلسرتراتيجية لمرا هرو نت‪ ،‬ولرن يكرون األمرر‬
‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪59‬‬
‫‪60‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫سهال ما دمنا متسلحين بأطنان الكراهية وجيروش العنراد‬


‫والخرروف العميرررق مررن النقرررد ومررن الررررأي المخرررالف‬
‫واالسررتكبار الكامررل علررى العلررم وأهلرره والسررعي خلررف‬
‫بصل أطماعنا وقثاء أنفسنا المغررورة حترى نقرع فري التيره‬
‫كما وقع بنو إسررائيل يسرتبدلون المرن والسرلوى بربعض‬
‫بصررل أوهررامهم وقثرراء أطمرراعهم فنصررروا فرعررون أنفسررهم‬
‫على موسى قلوبهم‪ ،‬وخاب حينها المسعى‪....‬‬

‫الكاف‬
‫‪15:41:43 2012-09-23‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪60‬‬


‫‪61‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫رسالة عاجلة إلى سمو الوطن‬


‫‪ 08:55:13 2012/11/08‬م‬

‫كنا كتبتنا من قبل دراسات ومقاالت ووجهنا عبر اإلعالم‬


‫المرئي والمسموع والمكتوب رسرائل واضرحة وحرذرنا‬
‫مررن خطررر الوهابيررة‪ ،‬وثبررت كررل يرروم صررحة مررا كتبنرراه‬
‫واستشرررفناه‪ ،‬ولكننررا مازلنررا ننتظررر التفعيررل والفاعليررة‬
‫والتعامل المجدي من قبل المعنيين باألمر‪ ،‬ومن الشعب‬
‫نفسرررررررره ورجررررررررال العلررررررررم بشرررررررركل خرررررررراص‪.‬‬
‫ربما ينظر للوضع الحالي على أنه حراك طبيعي ناتج عن‬
‫الثورة أو تدافع عادي للفكر والرؤى‪ ،‬وهرو فري الحقيقرة‬
‫تقيرررررررريم خرررررررراطئ وخطيررررررررر وغيررررررررر بررررررررريء‪.‬‬
‫ألن ما يحدث في تونس اليوم يتجراوز مجررد االخرتالف‬
‫بين تيارات إسالمية في نهجها ومنهجها وفكرها‪ ،‬إلرى مرا‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪61‬‬


‫‪62‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫هو أبعد وأعمق‪ ،‬إلى عمل قصدي ممرنهج مرنظم يهردف‬


‫إلى ضررب فري العمرق للعقيردة والفقره والرذوق والهويرة‬
‫الدينية والتاريخ اإلسالمي للبالد التونسرية‪ ،‬ولريس هردم‬
‫الزوايررا وحرقهررا ومررا فعررل بمقررام الشرريخ عبررد القررادر‬
‫الجيالنرري أو مقررام السرريدة المنوبيررة إال فصررل مررن ذلررك‬
‫المخط‬
‫يوم بعث ابن عبد الوهاب رسالته في القرن الثامن عشرر‬
‫إلرى الرربالد التونسرية‪ ،‬وطلررب حمررودة باشرا مررن علمرراء‬
‫إفريقية الرد عليه‪ ،‬كتب مفتيها وواحد من كبار علمائهرا‬
‫الشرريخ عمررر المحجرروب ردا مفحمررا سررماه " رسررالة‬
‫علماء تونس إلى الضال الوهابي"‪ ،‬وبهرت الوهرابي وبران‬
‫له صغار مقام وقلة علمه فأخفى الرسالة وصرمت ولرم‬
‫يجب‪ ،‬لكن الحقد مكث في قلوب أدعياء الوهابية حترى‬
‫جرراءتهم فرصررة سررانحة إذ فتحررت لهررم الثررورة المجررال‬
‫لالنتشار والتمركز مع تراج من الحكومة في التعامل وقلة‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪62‬‬


‫‪63‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫وعرري منهجرري وغيرراب رؤيررا اسررتراتيجية عامررة وخاصررة‬


‫غابررت عررن االعررالم مررثال وعررن رجررال العلررم المررالكيين‬
‫الزيتونيين وعن القائمين على تسيير البالد‪ ،‬ولكم دعونا‬
‫فررري المنرررابر كلهرررا الرررى الررروعي بخطرررورة الوضرررع‪.‬‬
‫األمر جلي‪ ،‬ويصبح أكثر جالء كل يوم‪ ،‬هو مسرخ فعلري‬
‫للعقيدة عبر التجسريم وللفقره عبرر فكرر متشردد ال يمرت‬
‫بصلة بسماحة الفقه المالكي ووسطية واعتردال االسرالم‬
‫في ترونس‪ ،‬وجمرود يجعرل الصروفية شرركا والمقامرات‬
‫مكان شررك مخالفرا روحيرة وصروفية هرذه الربالد التري‬
‫كانت وفق ما نهج لها علماؤها مرن أبري العررب التميمري‬
‫وسحنون وأسد بن الفرات إلرى ابرن عرفرة الرى ابرراهيم‬
‫الرياحي فالطاهر بن عاشور فكل أقطاب علمها وأوليائهرا‬
‫ورجالها عبر تاريخها العريق المشبع باإليمان‪ ،‬كانت كما‬
‫ذكرررررررررررر ابرررررررررررن عاشرررررررررررر فررررررررررري متنررررررررررره‪:‬‬
‫في عقد االشعري وفقه مالك وفي طريقة الجنيد السالك‪.‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪63‬‬


‫‪64‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫اليوم بعد أن انفرط العقد‪ ،‬وبعد أن تجاوز المد الوهرابي‬


‫التقسيمات التي قسمنا مراحله وفق بعرد دراسرة دامرت‬
‫لسنوات وهي مراحل (التنظير والتكفير والتفجير)‪ ،‬وبعد‬
‫كل التمفصالت الداخلية التي شهد الشعب كلره عليهرا‬
‫في مساجد تونس ومرا حصرل فيهرا مرن سريطرة وضررب‬
‫وأذى‪ ،‬وفي المقامات والحرق والتخريب مأزورا بتفجير‬
‫عظرام‬ ‫مقام الشيخ عبد السرالم األسرمر فري ليبيرا ونرب‬
‫األوليرراء وهررو مررا يتنررافى مررع الشرررع االسررالمي ومررع أي‬
‫أخالقيررات إنسررانية‪ ،‬وصرروال إلررى الهجرروم علررى رجررال‬
‫األمن وحرق المراكز األمنية واالنتقرال إلرى بدايرة حررب‬
‫عصررابات وشرروارع علررى مرررأى ومسررمع الجميررع بررل‬
‫والتصريح بذلك فري االعرالم‪ ،‬حترى صرار رجرل األمرن‬
‫يبحث عرن أمرن لره‪ ،‬وحترى صرارت مؤسسرات الدولرة‬
‫هدفا سهال سواء كانرت جامعرة أو محكمرة أو سرواها أو‬
‫االمررالك الخاصررة وحتررى علررم الرربالد وبناتهررا وطلبتهررا‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪64‬‬


‫‪65‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫ومشايخها ومعالمهرا ومقاماتهرا وروح تاريخهرا‪ ،‬وهري مرا‬


‫سميناه بالحرب العشوائية‪ ،‬بعد كل هرذا يكرون السرؤال‬
‫الررذي يتوجررب طرحرره‪ :‬متررى تررتم معالجررة هررذا لوضررع‬
‫الكررارثي بطرررح علمرري منهجرري وبلجنررة للتفكيررر واخرررى‬
‫لألزمرات وباسررتراتيجيا واضرحة أمنيررة واعالميرة وقانونيررة‬
‫وعلميررة تشررترك فيهررا العقررول الجبررارة للرربالد وعلمرراء‬
‫الزيتونة والخبراء االستراتيجيون وتفعّل بشكل سريع‪ .‬أو‬
‫سينتقلون إلى مقام محرز بن خلف وأحمرد برن عرروس‬
‫وأبو علي النفطي وكل مقامات االولياء الذين أحربهم اهلل‬
‫وابهررم التونسرريون وتركرروا علمررا وروحانيررة وذوقررا وأثرررا‬
‫ويمثلون جرزءا هامرا مرن تراريخ ترونس وثقافتهرا وروحهرا‬
‫ودينهرررا وذوقهرررا‪ ،‬وسرررينقتلون ألرررى العمرررل التنظيمررري‬
‫والضرررب بقرروة ألمررن الرربالد القررومي والقتصررادها عبررر‬
‫ضرررب السررياحة وتشررويه صررورة تررونس فرري الخررارج‬
‫ولتعليمها وفكرها وفنّها ألنه فكر يرفض الفن ولرروح هرذا‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪65‬‬


‫‪66‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫الشعب المتسرامح المحرب‪ ،‬الصروفي بوعيره أو ببرواطن‬


‫وعيه وأغوار ذاكرتره‪ ،‬وعسرى ال نبتلرى فري وطننرا الرذي‬
‫يسررتحق بعررد ثررورة الكرامررة أفقررا أكثررر رحابررة وانشررغاال‬
‫بالقضايا الكبرى ورجوعا أكبر لحقيقته وهويته وعبقريته‪.‬‬

‫الكاف‬
‫‪ 08:55:13 2012/11/08‬م‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪66‬‬


‫‪67‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫بعد عامين من أول‬


‫هذا‬ ‫عن‬ ‫استشراف‬
‫األمر‪ ،‬أصبح حقيقة‬
‫تحذر منها المخابرات‬
‫الدولية وتتخذ إجراءات‬
‫وقائية والجزائر خاصة‬
‫إذا تم اإلعالن عن‬
‫على‬ ‫سيطرة داع‬
‫قاعدة القرضابية بسرت‬
‫عن‬ ‫معلومات‬ ‫وثمة‬
‫وجود طائرات عسكرية‬
‫فيها‪ ،‬كما تم قبل ذلك‬
‫اختفاء‬ ‫عن‬ ‫الكالم‬
‫طائرات مدنية بعد حرق مطار طرابلس وعن تدريبات لطيارين من‬
‫وعن التنبيه من عمليات إرهابية شبيهة ب ‪ 11‬سبتمبر‪ .‬وتم‬ ‫داع‬
‫إصدار تهديد باستهداف الطائرات التونسية وأعلن وزير الخارجية‬
‫ناجم الغرسلي عن اتخاذ إجراءات وقائية‪ .‬وأرجو أن ال تتم‬
‫عمليات فعلية ألنها ستكون كارثية‪ .‬تعليق بتاريخ ‪21-06-2015‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪67‬‬


‫‪68‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪68‬‬


‫‪69‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪69‬‬


‫‪70‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫حوار مع جريدة المغرب‬


‫بتاريخ ‪2013/1/30‬‬

‫أوال دكتور عرفنا بنفسك ؟‪.‬‬


‫مازن الشريف مثقف وشاعر تونسي وخبير في العلوم‬
‫االستراتيجية ولي تخصص في التيارات االسالمية‪.‬‬
‫ما معنى الوهابية؟‬
‫الوهابية تسمية ترجع إلى محمد ابن عبد الوهاب الذي‬
‫ظهر بنجد نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع‬
‫عشر‪ ،‬وهي حركة تميزت بالعنف والسفك والتخريب‬
‫وتكفير عامة المسلمين‪ .‬رغم أن دعاتها يرون أنها حركة‬
‫لنشر التوحيد ومحاربة الشرك والخرافات‪ .‬ويمكن لمن‬
‫شاء االطالع على الحقيقة أن يرجع لتاريخ ابن بشر‬
‫الذي رافق بن عبد الوهاب في "غزواته" ليبصر القتل‬
‫والتدمير‪ .‬وان يرجع أيضا إلى كتاب "فتنة الوهابية"‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪70‬‬


‫‪71‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫لزيني دحالن مفتي مكة في تلك الفترة‪ ،‬ولكتاب "رد‬


‫الكتب‪.‬‬ ‫من‬ ‫وغيرها‬ ‫عابدين‬ ‫البن‬ ‫المحتار"‬
‫ومعلوم أن لبريطانيا وعميلها همفر دور أساسي في‬
‫تكوين ابن عبد الوهاب‪ .‬رغم إنكار أتباعه لذلك‪.‬‬
‫وهنالك حقائق تاريخية يمكن التثبت منها لمن رام‬
‫الحقيقة ولم يتعصّب‪.‬‬
‫أال يمكن أن نعتبر المد الوهابي اليوم بمثابة الوهابية‬
‫الجديدة ؟‬
‫ال اراها جديدة ألن المبادئ والطرق نفسها‪ ،‬ولكن أظنها‬
‫حملة جديدة وقوية على األمة كلها‪ ،‬هو مشروع وهابي‬
‫خطير وممول وممنهج بشكل كبير ومدعوم ماديا وإعالميا‬
‫وسياسيا‪.‬‬
‫*هل تعتبر أن المد الوهابي حركة عالمية ؟‬
‫‪ -‬نعم لقد وصلت إلى العالمية وهي تنتشر بسرعة كبيرة‬
‫وبنفاذ كبير ولها مجندون ودعاة همهم نشرها ولها‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪71‬‬


‫‪72‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫تمويل كبير جدا ومراكز دعم ومخططون وفرق عمل‬


‫كثيرة عبر العالم ومنبهرون كثر متعصّبون يرون أن من‬
‫خالفهم كافر‪.‬‬
‫الصهيونية؟‬ ‫بالحركة‬ ‫شبيهة‬ ‫هي‬ ‫*هل‬
‫‪-‬في اعتقادي هي أخطر من الحركة الصهيونية وإن‬
‫كانت تعاضدها وتخدمها‪ .‬فشغل الناس عن أمهات‬
‫القضايا وملؤهم بالحقد وإفساد عقائدهم هو عمل‬
‫الوهابية المنظم‪ .‬أما عمل الصهيونية فهو إفساد أخالق‬
‫الناس‪ .‬ولكنهما معا يعمالن على نشر الفوضى‬
‫والخداع‪ .‬واحد يعمل على المسخ العقدي واالخر‬
‫يعمل على السلخ القيمي‪ .‬وهما خادمان لنفس‬
‫الطاغوت ونفس الغايات الكبرى‪.‬‬
‫ما هي أهم مالمح المد الوهابي؟‬
‫أهم مالمحه انتشار نم شكالني معين ومعروف‪ ،‬ثم‬
‫نم سلوكي عنيف‪ ،‬ونم عقائدي تجسيمي‪ .‬مع نم‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪72‬‬


‫‪73‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫كالمي وفكري متشدد ومغال‪ .‬ثم حمالت الفتكاك‬


‫المساجد بالقوة ولهدم الزوايا التي يعتبرونها شركا‬
‫ولحرب على أولياء اهلل وعلى عامة المسلمين تكفيرا‬
‫لمعتقداتهم ومذاهبهم وتحجيرا لحرياتهم‪ .‬وله أبعاد‬
‫أخرى متعلقة بالزواج العرفي المتفشي اليوم بتونس‬
‫وبالرقية على طريق فيه الكثير من التوهم وعلى محاولة‬
‫لسلخ هوية أي بلد يحل فيه هذا الفكر وتحويله إلى قال‬
‫جاهز ومعد مسبقا‪.‬‬
‫كيف تؤثر هذه الحركة على العقول؟‬
‫قسمت مسار هذا التيار إلى محطات ثالث‪ :‬تنظير‪،‬‬
‫تكفير‪ ،‬تفجير‪.‬‬
‫المرحلة التنظيرية تقوم على التنميطات واإلسقاطات‬
‫والمغالطات‪ .‬فيفقد المنخدع بهذا الفكر قدرات‬
‫التحليل والتمييز والنقد‪ .‬مما يحشوه بالنظريات الوهابية‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪73‬‬


‫‪74‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫عن الشرك وعن توحيد األلوهية وتوحيد الربوبية ويقنعه‬


‫بكفر كل الناس‪.‬‬
‫المستوى التكفيري يبدأ من الذات فكفّر الشاب ذاته‬
‫الماضية‪ .‬ثم اهله فمجتمعه فالعالم كله‪.‬‬
‫أما التفجير فهو انفجار لذلك الكبت يتراوح بين العنف‬
‫على الذات أو على االخر إلى الجريمة المنظمة والحرق‬
‫والتخريب وصوال لحمل السالح والتفجير بالقنابل‪.‬‬
‫وهو على ذلك يستخدم البرمجة اللغوية وتأثير الكالم‬
‫والخدع الفكرية والتضليل وله أساليب معقدة جدا‪.‬‬
‫*ما هي مخاطرها ؟‬
‫الوهابية تيار خطير جدا وهي سريعة النفاذ لضحاياها‪.‬‬
‫يسلب الشباب بعذوبة الكالم حتى يقع تنويمهم تماما‪.‬‬
‫وحينها يكونون مستعدين للقتل وفعل أي شيء من أجل‬
‫"الشيخ"‪ .‬ويكونون متعصبين يرون أن كل من خالفهم‬
‫هو كافر ومشرك‪ .‬فخطر التكفير خطر داهم لهذا الفكر‪.‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪74‬‬


‫‪75‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫وهو أيضا ينشر التعصب والتناحر والخراب‪ .‬وكذلك‬


‫يعتدي على الهوية وعلى الحضارة والثقافة والخصوصية‬
‫لكل بلد‪ .‬وكذلك على الروحية الخاصة والسماحة‬
‫وثقافة الحوار ومبادئ التسامح والتآخي‪.‬‬
‫*كيف نحمي شبابنا وثقافتنا منها؟‬
‫الشباب عرضة لهذا التيار وكثيرون منهم انخدعوا به‪.‬‬
‫ورغم أني موقن أن أكثرهم نواياهم طيبة وأن الذنب في‬
‫تركهم وعدم تأطيرهم وأن غلق جامع الزيتونة جر هذا‬
‫الوبال وكذلك تغييب علمائه مما جعل الشباب يمضي‬
‫إلى الفضائيات التي تمطر سما وتقصف قلبه بالكراهية‬
‫وعقله بالسخافات والتعصب األعمى وتزرع في نفسه‬
‫الحقد والغرور وتجعله سجين قالب معين ال يرى أن‬
‫الدين يكون دونه‪.‬‬
‫دور رجال الدين مهم جدا‪ .‬ونحن دونا ميثاقا لعلماء‬
‫تونس نرى أن نشره وانتشاره سيكون درعا واقيا‪ .‬كما ان‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪75‬‬


‫‪76‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫اجتماع علماء الزيتونة وعلماء الحقيقة من أهل التصوف‬


‫ووقوف المثقفين والفنانين واالعالميين ورجال السياسة‬
‫ورجال األمن والسلطة في تنسيق وتنظيم من أجل إيقاف‬
‫المد الوهابي ومن أجل إنقاذ بناتنا وأبنائنا من خطره‬
‫ومن أجل محاورة من يتبعونه ألن لهم الحرية والحق في‬
‫ذلك ونحن حين ننقد التيار ال يعني أننا ندعو إلى أذية‬
‫من يتبعه أو ال نؤمن بحقهم وحريتهم ولكن شرط ان‬
‫يلتزموا مبادئ الديمقراطية والحرية والسلم األهلي‪ .‬أرى‬
‫أن على المجلس التأسيسي أو يوقع على ميثاق للسلم‬
‫األهلي يكون مشتركا بين كل التونسيين بما فيهم من‬
‫يتبعون هذا الفكر (وهو حقهم والنسبة الكبرى من الخطأ‬
‫ليست منهم) حتى يلتزم الكل بالسلم األهلي وباحترام‬
‫حق االختالف‪ .‬وانا عاكف االن على التخطي لفكرة‬
‫ميثاق السلم األهلي منذ أشهر كما عكفت أشهرا قبلها‬
‫على فكرة ميثاق علماء تونس حتى يسر اهلل ظهوره يجهد‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪76‬‬


‫‪77‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫نخبة من االخوة األفاضل وبدعم وتوقيع فضيلة الشيخ‬


‫العالمة كمال الدين جعي رحمه اهلل الذي بارك الميثاق‬
‫ومنحه من روحه‪ .‬وكذلك سماحة مفتي الجمهورية‬
‫ونخبة من أسيادي علماء الزيتونة كما وقع عليه سيادة‬
‫رئيس الجمهورية ونحن ماضون لمزيد من التوقيعات‬
‫وصوال إلى المجلس التأسيسي‪.‬‬
‫إن حماية شبابنا دور وطني مشترك ألن هذا التيار خطر‬
‫داهم وعلينا أن نوحد لجهود من أجل إنقاذ الوطن من‬
‫شره النه لم يحل بأرض إال نشر فيها الفوضى والخراب‬
‫والتكفير والحرق والتدمير ومالي خير مثال ومدينة تينبكتو‬
‫زاوية فتم تدميرها كلها مع التكبير‬ ‫‪333‬‬ ‫التي كان فيها‬
‫وادعاء التخلص من امكنة الشرك في حين أن الك‬
‫الزوايا نشرت االسالم في غر إفريقيا وكانت منارات‬
‫للعلم وقالعا للجهاد‪ .‬كما تم إحراق مكتبة في نالف‬
‫المخطوطات النادرة‪.‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪77‬‬


‫‪78‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫*هل تعتقد أن شيوخ الوهابية وراء هدم االضرحة ؟‬


‫حين تم تهديم مقام صغير في قابس ظهر فيديو على‬
‫شبكات التواصل فيه شيخ بحريني خلفه الجرافة وهو‬
‫يكبر ويقول ‪ :‬اليوم اإلسالم رجع إلى تونس‪ .‬كأننا كنا‬
‫طيلة هذه القرون الطويلة على ديانة بوذا أو نعبد البقر‪.‬‬
‫وحين هم الوهابيون بتفجير مقام الشيخ عبد السالم‬
‫األسمر وهو منارة للعلم والقرنن وفيه مكتبة مخطوطات‬
‫كان األزهر يستعير منها الكتب‪ ،‬فقد ورد اتصال هاتفي‬
‫من شيخ وهابي في الخليج يأمرهم بالغزو وتخليص ليبيا‬
‫من الشرك!‬
‫ومنذ أيام حين كنت مع زعيم الوهابية بتونس كفرني‬
‫وقال لي أنت ال تعرف ال إال اهلل‪ ،‬وأن الزوايا أمكنة‬
‫شرك وأني وكل الصوفيين بل وعامة التونسيين‬
‫"مشركون"‪ .‬وهو أمر استكفت عن الرد عليه وأطالب‬
‫علماء الزيتونة الكرام بالرد الني صمت ال عجزا بل‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪78‬‬


‫‪79‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫توقيرا لمقامهم ألنهم األولى بالرد على هذه الشبهات‬


‫والتضليالت مني‪ .‬المهم أن هذا الكالم يثبت أن لهم في‬
‫األمر يدا‪ .‬وحتى إن ثبت أن عصابات أخرى استغلت‬
‫األمر فإنهم داعمون بفكرهم التكفيري لذلك‪ .‬ونحن في‬
‫اتحاد الطرق الصوفية نسعى إلى إجراءات قانونية رادعة‬
‫إليقاف هذه المذبحة التي يتعرض لها تراثنا وتاريخنا‪.‬‬
‫وانا حين قلت لزعيم الوهابية ان زيارة الزوايا (على‬
‫اعتبار جدلي أنها شرك) حق شخصي مدني وال يمكن‬
‫ألي كان أن يجبر التونسيين على رأيه ألن لهم الحرية‬
‫وخاصة بعد ثورة الكرامة‪ .‬رغم أن األمر بعيد كل البعد‬
‫عن الشرك فال أحد من المسلمين عبد وليا أو سجد‬
‫لقبر‪ .‬واآليات النازلة في الكفار يسقطها هؤالء كما فعل‬
‫زعيمهم منذ أيام في اللقاء التلفزي‪ ،‬يسقطونها على‬
‫المسلمين ويدلسون كالم علماء المالكية‪ .‬إن هدم الزوايا‬
‫اعتداء سافر على التاريخ والهوية التونسية وعلى عبق‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪79‬‬


‫‪80‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫الحضارة وروحها‪ .‬والتراخي والتبرير من وزراة الشؤون‬


‫الدينية ومن بعض رجال السياسة ومن السلطة عامة امر‬
‫مريب وغريب‪ .‬مع تحيتي لوزارة الثقافة التي تجتهد في‬
‫إيجاد حل ناجع لهذه المعضلة بعد أن بلغت االعتداءات‬
‫‪ 86‬اعتداء بالحرق ولتخريب واالستيالء والتحويل‪.‬‬
‫والخطر سينتشر إلى المقابر عامة النها شرك أيضا ثم‬
‫االثار الرومانية وما قبلها وما بعدها الن كلها شرك‪ ،‬ثم‬
‫على المسرح والسينما ألنه ضاللة‪ .‬ثم على الحياة كلها‪،‬‬
‫ألنها "بدعة"‪.‬‬
‫ظهور الحركة اإلصالحية في تونس بعد الرسالة التي‬
‫وجهها محمد بن عبد الوهاب إلى تونس يعد خير‬
‫دليل على طبيعة المجتمع التونسي التي تميل لالعتدال‬
‫والوسطية‪.‬‬
‫المجتمع التونسي كان دائما مجتمعا وسطيا معتدال يقبل‬
‫بالمختلف وبحق االختالف‪ .‬وعلماء الزيتونة كانوا أهل‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪80‬‬


‫‪81‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫ذوق وتصوف وتزكية وعلم بالمقاصد وبالشريعة ولهم‬


‫بهم عميق للمعتقد األشعري وللمذهب المالكي حتى‬
‫نشروه في أصقاع كثيرة‪ .‬والمجتمع التونسي مجتمع‬
‫يؤمن بقيم الجمال والحب وبالفن والرقي والسمو‪ .‬وال‬
‫غرابة أن تكون حركات االصالح في تونس نابعة من‬
‫الفكر الزيتوني ومن ذلك االعتدال‪ .‬اما رسالة ابن عبد‬
‫الوهاب فقد رد عليها سيدي عمر المحجوب ردا‬
‫مفحما ألن علماء الزيتونة هم أهل الحل والعقد في‬
‫العلم والقضايا ولهم باع في المسائل كلها وال يخفى‬
‫ذلك عن ذي عقل وال يماري فيه إال جاهل أو خبيث‬
‫حتى يقول قائل إنهم كانوا كفرة وقبوريين وهو كالم نابع‬
‫من قلب مريض ونفس لئيمة ومن حسد للحضارة‬
‫وللروعة وللعلم الذي أشرق من تونس الجمال وتونس‬
‫الجميلة التي تغنى بها عاشقها ومعشوقها أبو القاسم‬
‫الشابي‪ .‬والتي ستبقى ببركات أوليائها ودماء شهدائها‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪81‬‬


‫‪82‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫وعلم علمائها وخيرها ونقائها وحسنها وبهائها أرضا‬


‫للحب وللحوار وللجمال النقي مهما حاول الناقمون‬
‫والحاقدون‪ .‬والمشروع الوهابي والصهيوني وغيره من‬
‫المشاريع التي تريد الخراب وتصطاد في مياه الحقد‬
‫والضغينة‪ ،‬كلها ستفشل‪ ،‬ألن تونس العظيمة بشعبها‬
‫الرائع‪ ،‬أكبر منهم جميعا‪ .‬سيتحولون إلى زبد ويذهبون‬
‫جبفاء‪ .‬وتبقى حياة وماء ينفع الناس ويحيي األرض‪.‬‬

‫حوار مع د‪ .‬مازن الشريف‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪82‬‬


‫‪83‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫(مفكر إسالمي‪ .‬وخبير استراتيجي‪ ،‬مختص في الشؤون‬


‫األمنية‪ ،‬والتيارات اإلسالمية)‬

‫الدكتور مازن الشريف للمغرب‪ :‬ال لقتل الوطن‬

‫"تزخر المؤسسة األمنية المؤسسة لعسكرية بكفاءات‬


‫كبيرة يجب االستفادة منها ويمكنها حتما إنقاذ الوطن‪".‬‬
‫التاريخ‪2013/5/4 :‬‬
‫المقال‪:‬‬
‫ما هو تحليلك للوضع األمني الحالي بتونس؟‬
‫أعتقد أن أي مواطن تونسي اليوم يشعر بالقلق إن لم يكن‬
‫الخوف من الوضع األمني الحالي لبالدنا‪ ،‬مع كثرة‬
‫الجرائم التي طالت أعوان األمن أنفسهم‪ ،‬أي أن من‬
‫لديهم عهدة حفظ األمن باتوا عرضة للقتل والضرب‬
‫والذبح (العديد من شهداء المؤسسة األمنية الذين‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪83‬‬


‫‪84‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫تعرضوا للقتل وكذلك العديدون تم االعتداء عليهم‬


‫بالعنف وتهديدهم وتهديد عائالتهم)‪ .‬وهذا يجعل الروح‬
‫المعنوية للمواطن ولرجل األمن وحتى للجندي في حالة‬
‫بين االنهيار لدى البعض والضعف لدى البعض اآلخر أو‬
‫التعب على أقل تقدير‪ .‬رغم أني موقن أن المواطن‬
‫ورجل األمن والجندي سيكونون في حالة معنوية مختلفة‬
‫وعالية وقوية وقت اللزوم‪.‬‬
‫الوضع األمني في تونس حرج للغاية وتجاوز خطوطا‬
‫حمراء كثيرة‪ ،‬ولطالما دعونا السلطة إلى النظر الجدي‬
‫إلى ملفات التطرف والتكفير واألسلحة وعمليات‬
‫التخريب والحرق واالعتداء وصوال لخطورة العثور على‬
‫معسكرات للمتطرفين وخطورة حدوث االغتيال‬
‫السياسي ووجود التطرف المنظم‪ ،‬لكن ال حياة لمن‬
‫تنادي‪.‬‬
‫ما هي المخاطر األمنية اليوم وعالقتها بالتشدد؟‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪84‬‬


‫‪85‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫المخاطر األمنية اليوم كثيرة وكبيرة‪ ،‬وبالعودة إلى أصل‬


‫المشكلة ومنبع المعضلة‪ ،‬فإن فتح الباب للفكر الوهابي‬
‫التكفيري المتشدد‪ ،‬وترك أبناءنا ووطننا عرضة لطوفان‬
‫الكره والتكفير‪ ،‬ثم تحويل تونس إلى مخزن أسلحة‪،‬‬
‫والتغرير بعدد كبير من شبابها وشاباتها لإللقاء بهم في‬
‫أتون حرب ال يفهمون عنها شيئا (في سوريا ومالي‬
‫أيضا)‪ ،‬مع تنويمهم بأفكار تفقدهم صلتهم بالواقع‬
‫وتمضي بهم نحو الموت وهم يستبشرون بالجهاد‬
‫والجنان والحور تاركين األم واألب في بالء وبكاء‪ .‬كل‬
‫هذا جريمة كبرى في حق الوطن وأهله‪ .‬بل إنه من‬
‫المضحك المبكي أن يكون جنودنا وأمننا الوطني في‬
‫حرب مع اإلرهاب في جبل الشعانبي‪ ،‬وأن تبتر سيقان‬
‫وتبفقأ أعين‪ ،‬وفي نفس الوقت الذي ينتظر فيه الجرحي‬
‫طائرة تأخذهم للعاصمة للعالج‪ ،‬يهب علينا في نفس‬
‫المطار واحد من كبار الوهابيين في العالم في استقبال‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪85‬‬


‫‪86‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫رسمي وجماهيري وتتم تعبأة اآلالف في مالعب كرة‬


‫القدم والساحات في أرجاء البالد لسماع درره التي‬
‫تبشر ببلوغ المسلمين وتونس خاصة سطح المريخ‬
‫بعد عام وتفكيك أسرار االنصهار الذري‪ .‬إنه أمر مقرف‬
‫فعال‪ ،‬خاصة إذا علمنا أن بعض التكفيريين كانوا‬
‫يحتفلون بإصابة جنودنا ألنهم جنود الطاغوت‪.‬‬
‫كل هذا يضعنا أمام خيارات صعبة ومسار دموي‪ .‬ألن‬
‫كل شيء ممكن‪ ،‬التفجيرات‪ ،‬االغتياالت‪ ،‬الحرب‬
‫األهلية‪ ،‬حرب الشوارع والعصابات‪ ...‬وما دام التفكير‬
‫يتغذى فهو لن يتوقف ولن يشبع حتى يحرق كل شبر من‬
‫"تونس الحبيبة"‪.‬‬

‫هل تعتقد أن زيارات الشيوخ الوهابيين لها عالقة بالعنف‬


‫الذي يحدث في تونس؟‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪86‬‬


‫‪87‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫الوهابية تيار دموي تكفيري‪ ،‬هذا مما يجب العلم به‪.‬‬


‫وبالنظر إلى كتب مرجعية لنشأة هذا الفكر مثل تاريخ ابن‬
‫بشر‪ ،‬نرى أن أولئك القوم ذبحوا الحجيج وقتلوا الناس‬
‫في الحرم ألنهم في نظرهم كفار وذبحوا ثالثة نالف‬
‫طفل وامرأة ورجل في كربالء في ثالث ساعات وابن‬
‫بشر مؤرخ ابن عبد الوهاب ومرافقه يفتخر بذلك ويمكن‬
‫الرجوع للمصدر والتأكد‪.‬‬
‫ال يعني ذلك أن كل شاب تونسي يعتقد في هذا النم‬
‫الوهابي هو مجرم‪ ،‬لكنه مهيأ للتحول إلى نلة قتل حين‬
‫يفتي له "شيخه" بذلك‪.‬‬
‫ولقد كتبت مرارا وتكرارا وقلت في منابر اإلعالم‬
‫والمتلقيات (نخرها الندوة الوطنية األولى إلصالح‬
‫المؤسسة األمنية التي نظمتها اتحاد نقابات قوات األمن‬
‫الداخلي بتونس وقدمت فيها مداخلة بعنوان "األمن‬
‫للمبادئ‬ ‫رؤية‬ ‫الفكري‬ ‫واألمن‬ ‫االستراتيجي‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪87‬‬


‫‪88‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫واألهداف")‪ ،‬لطالما قلت أن التراخي في التعامل بل‬


‫ودعم هذا النم التكفيري وتبنيه هو خطأ فادح وخطير‬
‫وقاتل‪.‬‬
‫لكن للبعض اعتقاد كلي راسخ في ضرورة تحويل‬
‫تونس إلى تونستان‪،‬وهم انتقلوا من الرغبة إلى التنفيذ‬
‫بكل إصرار وعمى‪ .‬وحين يكون مسئولون كبار في‬
‫حزب حاكم "وهابيين" حد النخاع‪ ،‬فإن األمر يتحوّل‬
‫من الخطير إلى الكارثي‪.‬‬
‫زيارة مشائخ التكفير وجهاد النكاح والمغررين بشبابنا‬
‫(ولو مثلوا دور الناصحين والرهبان ) هو أمر يجب‬
‫على السلطة (إن كان لها بقيّة من دم تونسي ) أن‬
‫تتصدى له بسلطة القانون‪ ،‬أو يكون األسوأ‪ ،‬وربما نصل‬
‫إلى ما ال يمكن تجاوزه إال بأثمان باهضة جدا من الدماء‬
‫واألرواح‪.‬‬
‫لماذا كل هذا الرفض للتيار الوهابي وربطه باإلرهاب؟‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪88‬‬


‫‪89‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫منذ أشهر قمت بنشر نظريتي التي بنيتها بعد دراسة‬


‫مطولة للوهابية وصغتها منذ سنة ‪ ،2008‬وهي نظرية‬
‫تقسّم مراحل تطوّل الفيروس الوهابي داخل عقل‬
‫الشاب ووجدانه‪ ،‬وقد اشتهرت كثيرا وتم الكالم عنها‬
‫في أكثر من منبر إعالمي‪ ،‬وهي "التنظير‪ ،‬التكفير‪،‬‬
‫التفجير"‪ .‬كما نشرت تقسيما داخليا للمراحل الثالثية‬
‫وتقسيما لنوعيات المنتمين لهذا التيار مع الشواهد‬
‫التاريخية والواقعية وتوقعات دقيقة أوصلت بعضها إلى‬
‫بعض القائمين على المؤسسة األمنية ولكن لم يجدوا‬
‫أذنا صاغية من السلطة‪.‬‬
‫التيار الوهابي ولد في الدم والقتل وتكفير المسلمين‪،‬‬
‫نخذا روح الخوارج وممارساتهم‪ .‬الشباب التونسي تم‬
‫عزله عن مرجعيته الزيتونية وما فيها من تسامح ومحبة‬
‫وقدرة على التعاي ‪ ،‬فلم يجد غير الفضائيات التي‬
‫قدمت له شيوخ الوهابية يدعونه إلى التوحيد الخاص‪،‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪89‬‬


‫‪90‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫مثل الجهبذ الذي "شرفنا بمقدمه المبارك" هذه األيام‬


‫وحبشد له اآلالف وهم ال يعلمون أنه والى نظام مبارك‬
‫قبل سقوطه ثم انقلب عليه بعد ذلك وذاك شأن‬
‫مشايخ السلطان‪ .‬وما خفي كان أعظم‪ .‬معظم الشباب‬
‫التونسي الذي اتبع هذا التيار كان يريد حقيقة تطبيق‬
‫منهج السلف ومجابهة البدع والمفاسد‪ .‬ومعظمهم لم‬
‫يقصد إال خيرا ولم يرد إال تطبيق شرع اهلل حتى وهو‬
‫يحرق مقاما أو يخّرب زاوية أو يمضي ليقاتل في سوريا‬
‫ويسجن أو يقتل وحتى الفتيات الصغيرات وهنّ يعشن‬
‫تجربة الزواج العرفي أو يمضي بعضهن لتطبيق فتوى‬
‫جهاد النكاح التي طلع بها علينا "جهبذ" نخر وشيخ من‬
‫شيوخ النكاح فتحوا له الجامعات وتركوه يسكب سمّه‬
‫المغموس في العسل في قلوب وعقول أبنائنا وبناتنا‪.‬‬
‫الخاص بهذا التيار‬ ‫ولطالما بيّنا بالتفصيل المخط‬
‫والذي يبدأ من تنظير إلى تكفير فتفجير يمر بمراحل من‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪90‬‬


‫‪91‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫العنف إلى التخريب والحريق وصوال للقتل والعنف‬


‫التنظيمي‪ .‬ومع تكديس األسلحة وافتكاك المساجد‬
‫وفتح قنوات تلفزية في "تونس الحبيبة" تدعو ليل نهار‬
‫للجهاد في سوريا (ولم تتكلم مرة عن الجهاد في تل‬
‫أبيب)‪ ،‬ثم استمرار تهاطل رموز الوهابية في العالم‬
‫االسالمي‪ ،‬كل هذا يكسف عن مخط كامل يتنباه رموز‬
‫في حركة النهضة أعماهم اعتقادهم في هذا التيار‬
‫التكفيري والتدميري والذي لم يدخل أرضا إال حل بها‬
‫وقبله‬ ‫ومالي‬ ‫سوريا‬ ‫نموذج‬ ‫(أقرب‬ ‫الخراب‬
‫الصومال‪ )...‬وهذا المخط يريد تونستان ال تونسنا التي‬
‫نعرفها ونحبها‪.‬‬

‫ما هي األبعاد الوطنية والعالمية للمخاطر األمنية الحالية‬


‫في عالقتها بالتطرف والتشدد ؟‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪91‬‬


‫‪92‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫هنالك تراب كلي بين البعدين الوطني والعالمي‪ ،‬وذلك‬


‫ألسباب كثيرة منها‪:‬‬

‫رررررررر التيار الوهابي تيار عالمي لديه تمويل خرافي‬


‫ومخط عالمي وهو ما أسميته "مشروع الدولة الوهابية‬
‫الرابعة" وقدمت عنه محاضرة في ملتقى دولي تم بتونس‬
‫ال يمكن تنفيذه إال‬ ‫منذ شهر تقريبا‪ .‬وهذا المخط‬
‫بالتغرير بأنباء الوطن لتخريبه من الداخل بحجة تطبيق‬
‫الشرع ونشر التوحيد الخالص مع لعبة الوهم التي قال‬
‫عنها أحد الفالسفة‪ " :‬الوهم ظنّا منه أنه حقيقة يأخذ‬
‫الحقيقة على أنّها وهم"‪ .‬وحينها تصبح كل مكاسب‬
‫الوطن وهما وكل أوهام التكفير حقائق البد من نشرها‬
‫ولو بقوة السيف والسالح‪.‬‬
‫ررررررررر حين يتم نشر نم تفكير مسموم محتقن تكفيري‪،‬‬
‫ويفتح المجال له بشكل كامل ليفتك المساجد ويظهر في‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪92‬‬


‫‪93‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫اإلعالم ويتموّل ويدرّب الشباب في دورات مغلقة‬


‫للعقيدة وفي دورات أخرى للفنون الدفاعية والستعمال‬
‫األسلحة ثم تكدّس األسلحة بشكل كبير وتصل إلى‬
‫العاصمة ثم يحدث حرق للمقامات التي هي رمز ثقافي‬
‫وتاريخي متعلق بهوية البالد ثم يتم الهجوم على سفارة‬
‫وعناصر مسلحة أكثر من مرة‬ ‫ويتم االشتباك بين الجي‬
‫ويسق شهداء ثم يتم‬ ‫ويقع ضحايا من األمن والجي‬
‫اغتيال سياسي لشخصية حزبية وسياسية بارزة ثم يتم‬
‫التعامي وشلّ المؤسسة األمنية وترك رجالها في حال‬
‫من الضيم وصل إلى حاالت معنوية متدنية جدا لدى‬
‫البعض‪ .............‬حين يتم كل ذلك وأكثر‪ ،‬فإن‬
‫الكارثة ستحل حتما‪ ،‬وال سبيل لتفاديها ولكن قد نجد‬
‫السبل للتخفيف منها‪.‬‬
‫رررررررررررر عندما يتم الرب بين التنظيمات التكفيرية في‬
‫الوطن العربي والعالم االسالمي تحت لواء القاعدة أو‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪93‬‬


‫‪94‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫سواه ويتم التنسيق بشبكات معقدة مدعومة لنقل الشباب‬


‫التونسي إلى مالي وسوريا في حرب ال يفقهون عنها‬
‫شيئا ويكون العدد كبيرا وال يبسمح للمؤسسة األمنية‬
‫بلعب دورها الوطني وال يتم تطويق األمر منذ البداية‪،‬‬
‫فإن أولئك الشباب سيرجع عدد منهم غدا وقد عاشوا‬
‫الحال الدموي الذي يصعب الخروج منه‪ .‬وكذلك من‬
‫يدعمهم ويشاركهم المعتقد في تونس سينحو منحاهم‬
‫غدا وهذا معنى الرسالة التي تم العثور عليها في جبل‬
‫الشعانبي والتي تعلن عن بداية الجهاد في "تونس‬
‫الحبيبة"‪ .‬وكذلك تم تخليص "ليبيا الحبيبة" من معالم‬
‫"الشرك" مثل الزاوية األسمرية التي علمت القرنن‬
‫لقرون‪ .‬وكذا يتم تخليص "سوريا الحبيبة" من العلويين‬
‫قبور الصحابة‬ ‫"الكفار" ومن رموز الشرك مثل نب‬
‫وتفجير مقاماتهم واغتصاب بناتهم وذبح أبنائهم والزج‬
‫بأنبائنا في قلب الموت‪....‬كل هذا "الحب" ذاق‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪94‬‬


‫‪95‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫جنودنا ورجال أمننا جناه وثماره التي بترت سيقانا مشت‬


‫لتدافع عن وطن تحبّه‪...‬وسنذوق منه مزيدا ما دام‬
‫التعامل السياسي والسلطوي بهذا "التنوّر" وهذه‬
‫"النباهة المذهلة"‪.‬‬

‫ما هي األخطاء التي تم ارتكابها لتصل البالد إلى هذا‬


‫المستوى الخطير؟‬
‫بالرجوع إلى العلوم االستراتيجية وعلوم الحرب‬
‫والتكيك فإننا نجد مصدرين من أهم المصادر في‬
‫العالم‪ .‬األول كتاب "فن الحرب" للصيني "سن تزو"‬
‫وقد ألفه منذ القرن الخامس قبل الميالد وهو أهم كتاب‬
‫عسكري واستراتيجي في تاريخ العالم ويدرس إلى اآلن‬
‫في األكاديميات العسكرية‪ .‬يقول سن تزو في الفصل‬
‫الثالث من كتابه وهو بعنوان "الهجوم المخادع" وفي‬
‫البند الحادي عشر‪ :‬يعتبر القائد حصن الدولة‪ ،‬فإذا‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪95‬‬


‫‪96‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫كان هذا الحصن محكما من جميع الجهات‪ ،‬فالدولة‬


‫ستكون قوية‪ ،‬أما إذا كان هذا الحصن به عيوب‪ ،‬تكون‬
‫الدولة ضعيفة"‪ .‬ويمكن فهم معنى هذا الكالم في رب له‬
‫بتونس وقيادتها السياسية والخلل االستراتيجي‬
‫والضعف التكتيكي والتصريحات الغبية والتصرفات‬
‫الرعناء والعناد األعمى والمراهنات الخاسرة واالنضواء‬
‫تحت دويلة لديها مشروع هيمنة وتخريب حقيقي يتم في‬
‫سوريا وليبيا ومالي وسيتم في تونس بقوة التفجير‬
‫والتفكير والمال القذر‪ .‬ثم الغرور وعدم سماع النصح‬
‫من الخبراء وتقييد المؤسسة االمنية وارهاق الجي‬
‫لكون الناتج ألغاما تنفجر تجت أقدام جنود وطننا‬
‫ورجال أمنه وألغام أخرى يفجرها مشائخ جهنم الوافدين‬
‫والمقيمين يفجرونها تباعا في عقول أبنائنا وبناتنا تحت‬
‫مظلة من التكبير والتفكير‪.‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪96‬‬


‫‪97‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫أما الكتاب الثاني فهو لياباني من القرن السابع يعتبر أهم‬


‫ساموراي (سيّاف ومحارب) في تاريخ اليابان يسمى‬
‫مياموتو موساشي وألف كتابه "الحلقات الخمس"‬
‫ويعتبر أهم كتاب في العالم في التكتيك الحربي‪ .‬يقول‪:‬‬
‫" إن أخطاء صغيرة في البداية يمكن أن تتحول إلى‬
‫كوارث كبيرة في النهاية"‪ .‬وهنا يكون السؤال" ماذا عن‬
‫كوارث كبيرة في البداية؟؟ كيف تكون النتيجة؟؟‬
‫حين يتم الصمت عن األسلحة وتكديسها لتبل‬
‫العاصمة‪ ،‬وكنت شخصيا حذرت منها بعض القائمين‬
‫على الشأن األمني منذ عام ونصف تقريبا وبينت التمشي‬
‫الذي تم تنفيذه حرفيا بعد ذلك ويمكنني التصريح بمن‬
‫وجهت لهم المعلومات الدقيقة وخاصة السيد منتصر‬
‫الماطري األمين العام التحاد نقابات األمن حتى عن‬
‫مكان وجود األسلحة وبعض أنواعها‪ ،‬وقاموا باالتصال‬
‫لكن السلطة لم تستمع ولم تكترث‪ .‬حين يتم الصمت‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪97‬‬


‫‪98‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫والتعامي ويتم شلّ المؤسسة األمنية وتعريض رجالها‬


‫للمخاطر التي وصلت حد القتل وقد قدّم القائمون على‬
‫اتحاد النقابات األمنية تفصيال بالصوت والصورة لقتل‬
‫وضرب أعوان األمن في الندوة الوطنية األولى إلصالح‬
‫المؤسسة األمنية بحضور مسؤولين حزبيين ونواب من‬
‫المجلس التأسيسي الذين عبروا عن الصدمة الكبيرة‬
‫لهول ما رأوه‪ .‬أضف إلى ذلك مشكلة التعليمات التي‬
‫سببت كوارث ألن أي مالزم أمن تونسي كان يمكنه‬
‫السيطرة على الوضع في مسألة السفارة األمريكية مثال لو‬
‫ترك له األمر لكن انتظار التعليمات التي لم تأت أدى‬
‫الوطني‬ ‫إلى تلك الكارثة‪ .‬مع اإلرهاق الكبير للجي‬
‫وعدم تطوير معداته‪ .‬كل هذا كوارث كبيرة أوصلتنا إلى‬
‫حقيقة تم إنكارها من قبل والتعامل مع أي معلومة عنها‬
‫على أنها إفك وكذب معارضة وتهويل إلى نخره‪ .‬وهذه‬
‫الحقيقة برهن عليها من بترت ساقه في جبل الشعانبي‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪98‬‬


‫‪99‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫وبرهن عليها وجود فعلي لتنظيم مسلح في تونس‬


‫الحبيبة‪.‬‬
‫األخطاء إذا كثيرة‪ ،‬يتحمل راشد الغنوشي قسما كبيرا‬
‫منها لدعمه الكلي للتيار الوهابي وتبنيه له وكونه منتم له‬
‫اعتقادا وهو ما جعله يأتي بزعيم الوهابية بتونس ليقف‬
‫بجانبه ويخطب في الجمهور منذ فترة في شارع بورقيبة‪.‬‬
‫ويتحمل الرئيس المؤقت المنصف المرزوقي وفريق‬
‫عمله قسما نخر منها لعدم االستماع للنصح وكنت‬
‫شخصيا وجهته بشكل مباشر مرارا وتكرارا ولكن تمت‬
‫استضافة زعيم الوهابية في قصر الرئاسة وبينا حينها‬
‫الموقف العلمي ثم عدنا للتحذير والنصح الصادق ال‬
‫خوفا وال طمعا ولكن لقد أسمعت لو ناديت‬
‫حيا‪...‬وكم تمنيت أن تكون هنالك حمية في الذود عن‬
‫تونس كما رأيناها في الدفاع عن قطر‪ .‬كما تمنينا أن يتم‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪99‬‬


‫‪100‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫الكالم عن الوطن ككنز ألبنائه وجنة لهمن ال كعكة‬


‫للمتكالبين على السلطة الفانية‪.‬‬
‫ثم الحكومة السابقة تتحمل القسم األكبر لعدم السماح‬
‫واألمن بتقديم العون الفعلي وتقييدهم‬ ‫لخبراء الجي‬
‫(حتى المتقاعدين منهم لديهم من الخبرة ما يمكنه إنقاذ‬
‫الوطن وتبيين المنهج والطريق)‪ .‬وكذلك للخبراء‬
‫االستراتيجيين والمفكرين‪ .‬وليس هنالك من داع لسرد‬
‫األخطاء الكارثية الكثيرة‪ .‬وكذلك المجلس التأسيسي‬
‫الذي تحوّل إلى بوديوم" لعراك الديكة وأغرق البالد في‬
‫االحباط وأشعل نار الكراهية وعليه أن يستيقظ من وهمه‬
‫(مع احترام من فرض احترامه من نوابه)‪.‬‬
‫ثم إن المجتمع المدني يتحمل مسؤولية كبرى أيضا‬
‫للسلبية التي تعامل بها رغم وجود أطراف كثيرة حاولت‬
‫وتحاول ولكن ذلك غير كاف‪.‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪100‬‬


‫‪101‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫كخبير في االستشراف وعلم المستقبليات‪ ،‬وقد عاينا‬


‫تحقق توقعاتك السابقة‪ ،‬ما هي التوقعات الخاصة‬
‫بالمرحلة القادمة؟؟‬
‫لم أستغرب ما يحدث في الشعانبي ولن أستغرب‬
‫سواه‪ ،‬ويمكن الرجوع إلى تسجيالت البرامج التلفزية‬
‫واإلذاعية وكذلك للمقاالت الصحفية (وهي منشورة في‬
‫شبكة االنترنت) والتي قدمت فيها جملة من التوقعات‬
‫وتمت بالحرف‪ .‬ألن علم االستشراف االستراتيجي أو‬
‫المستقبليات علم تحليلي دقيق ومنهج صارم وغالبا ما‬
‫تكون توقعاته صحيحة في ارتباط مع قدرات المحلل‬
‫نفسه‪.‬‬
‫المهم‪ ،‬ما أتوقعه اآلن ينحو نحو امرين ال ثالث لهما‬
‫ومرتب بكيفيات التعامل‪.‬‬
‫أوال‪ :‬مزيد من العمليات النوعية بتونس والتي قد تصل‬
‫للتفجير واالغتيال‪ .‬والعثور على معاقل أخرى‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪101‬‬


‫‪102‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫لإلرهابيين‪ .‬مع سقوط كبير في الجانب االقتصادي‬


‫والنفسي وكثرة للجرائم واالعتداءات على رجال األمن‬
‫وسقوط األقنعة لدى الكثيرين وأزمة سياسية‪ .‬وهذا‬
‫التوقع مرتب باستمرار التعامي من السلطة واستمرار‬
‫بعض قياديي حركة النهضة في خنق الحركة وأخذها مع‬
‫البالد كلها نحو الهاوية رغم يقيني من وجود أشخاص‬
‫لديهم نزاهة وحكمة في حركة النهضة ولكن هل تم‬
‫االستماع لهم؟؟؟ هل تم االستماع مثال لكالم الشيخ‬
‫عبد الفتاح مورو وهو نائب رئيس الحركة أم تم التهجم‬
‫عليه وتسلي األراذل لضربه وأذيّته؟؟؟‬
‫باستمرار مؤسسة الرئاسة والرئيس‬ ‫وكذلك مرتب‬
‫خاصة في التصرفات المتسرعة والغباء االستراتيجي‬
‫وعدم االستماع للنصح واالستعانة بالخيراء‪.‬‬
‫مرتب أيضا باستمرار تقييد المؤسسة األمنية وخنقها‬
‫وعدم االستماع لخبراءها واالستفادة منهم‪.‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪102‬‬


‫‪103‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫أيضا بالعقم السياسي لدى الكثير أحزاب‬ ‫مرتب‬


‫المعارضة وانشغالهم بكره النهضة أو بالصراع الداخلي‬
‫وعدم وجود مخط استراتيجي واضح لديهم‪.‬‬
‫ومرتب بالمجلس التأسيسي والمماطلة لدى البعض في‬
‫كتابة الدستور وعدم بناء منظومة قانونية قوية تحمي‬
‫الوطن وأنباءه‪.‬‬
‫أخيرا هو مرتب بالمجتمع المدني واستمرار سلبيته‪.‬‬

‫التوقع الثاني (وهو ما أرجوه) أن تتم اليقظة لدى‬


‫الجميع وتتوحد الصفوف ويقع الحسم في األمر تحت‬
‫شعار واحد (ال لقتل الوطن)‪ .‬حينها سنتجاوز‪ ،‬ولدينا‬
‫الكفاءات لفعل ذلك في جيشنا الوطني وفي أمننا‬
‫الجمهوري وفي مفكرينا‪ .‬وعلى الذين في السلطة‬
‫والساسة بشكل عام حسن االستماع وحسن النظر‬
‫وحسن التفاعل بينهم وتجاوز كل‬ ‫وحسن التخطي‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪103‬‬


‫‪104‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫الخالفات من أجل إنقاذ الوطن‪ .‬علينا أن علم جميعا أن‬


‫الوضع خطير جدا وأن األمر هو إنقاذ واستعادة "تونس‬
‫الحبيبة"‪ ،‬وأي شيء نخر ال معنى له‪.‬‬

‫دكتور مازن‪ ،‬في الختام ما هي مقترحاتك لتجاوز‬


‫األزمة الراهنة؟‬
‫في الجانب االستراتيجي واألمني كنت قدمت في الندوة‬
‫الوطنية األولى إلصالح لمنظومة األمنية بعض‬
‫المقترحات التي نالت المواقفة وأرجو أن يتم تفعيلها‬
‫بعد عرضها على المجلس التأسيسي وهي‪:‬‬
‫ررررر مركز دراسات استراتيجية واستشرافية‪ 5‬مستقل‬
‫عن السلطة وفي عالقة مباشرة بالنقابات األمنية يضم‬

‫تم بعد في إطار ذلرك تنفيرذ الفكررة فري المركرز التونسري لدراسرات‬ ‫‪5‬‬

‫األمن الشرامل وكنرت عضرو الهيئرة اإلداريرة ورئريس قسرم االستشرراف‬


‫ومكافحة اإلرهاب فيه‪ .‬وقد تم االقتباس من ذلك في جمعيات ومنظمات‬
‫مماثلة تم تأسيسها الحقا‪ .‬وحاولت بالتنسيق مع وزير الداخليرة السرابق‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪104‬‬


‫‪105‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫كفاءات استراتيجية وطنية وكذلك الخبرات المتقاعدة‬


‫من المؤسسة األمنية والعسكرية والتي لألسف تمثل‬
‫نزيفا كبيرا ألن تلك الكفاءات حين يتم االستغناء عنها‬
‫بشكل كامل يعتبر ذلك خسارة للوطن في الحال العادي‬
‫فكيف بالحال الطارئ والحرج اليوم‪ .‬ثم الخبراء‬
‫المستقلون الذين لديهم خبرة وقدرة‪ .‬وهذا المركز‬
‫مستقل عن السلطة مما يعطيه حرية ومجاال للعمل‬
‫والنصح‪ .‬ويتعامل مع مركز ثان لوزارة‬ ‫والتخطي‬

‫وبتكليف منه تأسيس لجنرة داخرل وزارة الداخليرة تحرت مسرمى لجنرة‬
‫االستشراف واألمن القومي وكان القصد أن تكون لبنة أولرى لبنراء وكالرة‬
‫أمن قومي طالما طالبت بها‪ ،‬لكن تمت ممطرالتي لمردة عرام ونصرف ألن‬
‫رئاستي الحكومة المتعاقتبين (العريض ومهردي جمعرة) ورئاسرة الدولرة‬
‫السابقة رفضت أن أكون على رأس هذه اللجنة أو حتى عضوا فيها رغرم‬
‫أني واضع فكرتها‪ .‬وسوف أقوم بتأسيس المنظمة الدولية لألمن الشرامل‬
‫قريبا إن شاء اهلل‪ .‬تعليق بتاريخ ‪.21-06-2015‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪105‬‬


‫‪106‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫الداخلية وثالث للمؤسسة العسكرية وبذلك مع السلطة‬


‫الحاكمة‪ .‬وسيكون له نفع كبير مع ضمان تفعيل دوره‪.‬‬
‫ررررررررررر لجنة عالقات بين اتحاد نقابات األمن ووزارة‬
‫الداخلية والمجلس التأسيسي تفسح المجال لخبراء‬
‫المؤسسة األمنية بإعطاء نرائهم واالستفادة من خبراتهم‬
‫ألن الوضع الحالي لألسف هو عدم االستماع لهم‬
‫وتركهم في حال من الضيم واأللم لما يصيب وطنهم أو‬
‫سجنهم بتعليمات ال تنم عن خبرة أو فهم وال يمكن‬
‫للسياسي أن يفوق األمني خبرة لذلك البد من ترك أهل‬
‫المجال يوصلون مقترحاتهم ويخدمون وطنهم وسيكون‬
‫لألمر فائدة كبرى للوطن كله‪( .‬البد أيضا من لجنة‬
‫مماثلة عسكرية تستفيد من خبرات العسكريين ويتم‬
‫ويكون لهذه اللجنة دور فعلي في‬ ‫االستماع لها)‬
‫مما يضمن‬ ‫صياغة الدستور فيما يخض األمن والجي‬
‫الحق ويدعم الواجب ألنه ال معنى لصياغة فصول من‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪106‬‬


‫‪107‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫دون استشارة ذوي‬ ‫الدستور عن األمن والجي‬


‫الشأن‪ .‬وكذلك تقوم بمراجعة القوانين المجحفة‬
‫والخاطئة التي تم وضعها لسجن المؤسسة األمنية‬
‫وتحويلها آللة بيد الطاغية‪ .‬وال يجب أن يستمر ذلك‪.‬‬
‫وقد قدم الرائد أيمن القروي مداخلة مميزة في ذلك‬
‫ويمكن االستعانة به وبزمالئه ألنهم كفاءات تفخر بهم‬
‫المؤسسة األمنية كما تزخر المؤسسة لعسكرية بكفاءات‬
‫كبيرة يجب االستفادة منها ويمكنها حتما إنقاذ الوطن‪.‬‬
‫رررررررر لجنة إعالمية تقدم معلومات دقيقة عن المؤسسة‬
‫األمنية مما ينبغي كشفه لطمأنة المواطن‪ .‬وأنا أدعو‬
‫إلذاعة خاصة تكون مختصة في الشأن األمني بمختف‬
‫مقاسمه والعسكري إن اقتضت الضرورة تكون مصدرا‬
‫رسميا للمعلومة التي يحتاجها المواطن وبقية وسائل‬
‫اإلعالم فيما يجب معرفته وفيما يبث الطمأنينة لدى‬
‫المواطنين والثقة والروح المعنوية لدى األمنيين‪ .‬بل‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪107‬‬


‫‪108‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫وتكون وسيلة طمأنة للعالم الذي نتفاعل معه في أكثر من‬


‫مجال وخاصة السياحة المرتبطة أساسا بالوضع‬
‫األمني‪.‬‬
‫أما على مستوى السلطة فلها أن تستمع إلى الخبراء‬
‫وتقيم لجنة أزمات كنت دعوت إليها من عام ونصف‪،‬‬
‫وكذلك لجنة للتفكير واإلصالح تضم المفكرين‬
‫التونسيين الذين لديهم من العلم والخبرة ما يفيد‬
‫الوطن‪.‬‬
‫ويجب التعامل الجدي مع الفكر التفكيري ودعم "ميثاق‬
‫علماء تونس" الذي ولد من رحم فكرة لي تم تصنيفها‬
‫وتبنيها بعد ذلك من الشيخ جعي رحمه اهلل وكانت‬
‫جريدة المغرب من بادرت بنشره‪ ،‬ومن المفتي العام‬
‫الشيخ عثمان بطيخ وكذلك من مجموعة كبيرة من‬
‫شيوخ الزيتونة‪ .‬ودعم هذا الميثاق (الذي وقّع عليه‬
‫رئيس الدولة ووعد بدعمه ولم يفعل ونرجو أن يبادر‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪108‬‬


‫‪109‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫بذلك قريبا) هو من سبل إنقاذ تونس عبر تقوية األمن‬


‫الفكري والديني وليس سوى الفكر الزيتوني السني‬
‫المالكي األشعري الجنيدي (اإلمام الجنيد ومنهج‬
‫السلوك والتصوف) النير واألصيل والذي يمكنه إنقاذ‬
‫شبابنا ووطننا‪ .‬ولن يكون أفضل من الميثاق لدعمه‬
‫والقيام بمؤتمر دولي حوله وهو أمر سأقوم به بعون اهلل‬
‫بدعم السلطة أو دون دعمها ولكن دعمها ييسر األمر‬
‫والفائدة لها وللوطن كله‪ .‬بل أرى أن الميثاق البد من‬
‫اإلشارة إليه في الدستور وتعليمه في المدارس ونشره‬
‫في المساجد وفي اإلعالم وفي كل مكان ألنه هوية تونس‬
‫التي تحميها من كل فكر متطرف دخيل‪.‬‬
‫كما البد من دعم اتحاد الطرق الصوفية ودعم‬
‫التصوف الممنهج علميا والذي كان له دور كبير في نشر‬
‫المحبة والتسامح واإلخاء والتعاي ‪.....‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪109‬‬


‫‪110‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫والبد من تفعيل مشروع "ميثاق السلم األهلي" (وهو‬


‫مخط كنت فكرت فيه مع تفكيري في ميثاق علماء تونس‬
‫ثم بقية المواثيق األخرى ومنها ميثاق علماء األمة وكل‬
‫ذلك بناء من كتاب فن الحرب لسن تزو وعلوم التبنيد‬
‫والمواثيق) وهذا الميثاق يصادق عليه الجميع وخاصة‬
‫الساسة وأهم بنوده حرمة الدم التونسي وروح التعاي‬
‫السلمي رغم االختالف‪.‬‬
‫أما الجمعيات المدنية فالبد من تفعيل دورها‪ ،‬ومن‬
‫جانبي كرئيس لجمعية عشاق تونس كنت أسست جبهة‬
‫أسميتها جبهة االعتدال دعوت إليها كل المنظمات‬
‫والجمعيات لالنضمام لمجابهة العنف والتكفير بالعلم‬
‫والفن والفكر‪ .‬ولكن ال وجدنا دعما ماديا وال وجدنا‬
‫دعم الجمعيات إال قلة قليلة‪ ،‬ورغم ذلك سنستمر‬
‫موقنين من النجاح بعون اهلل تعالى‪.‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪110‬‬


‫‪111‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫ختاما هنالك مقاسم كثيرة منها االقتصادي واالجتماعي‬


‫والتربوي وغيرها‪ ،‬وكلها متعلقة باألمن في مفهومه‬
‫الشامل‪ .‬ودعم األمن الشامل يعني دعم االمن‬
‫االقتصادي واالجتماعي والفكري والثقافي والديني الذي‬
‫سيدعم األمن العسكري واألمن الوقائي‪ ،‬والبد من‬
‫سرعة التفعيل ومن عمل إعالمي مكثف للتوعية وكشف‬
‫الحقائق واألخطاء والعمل على تجاوزها‪ ...‬وعلينا أن‬
‫نسترد وطننا فورا من قبضة الظالم الدموي‪ ،‬ويمكن‬
‫ألحفاد حنبعل وعقبة أن يفعلوا ذلك‪ ،‬البد من أن يكون‬
‫شعارنا جميعا منذ اآلن‪ :‬ال لقتل الوطن‪....6‬‬

‫حوار مع جريدة اإلعالن‬


‫(‪)2014/7/25‬‬

‫رغم ذلك استمر ويستمر القتل الممنهج للوطن‪ ،‬وال أرى في األفرق‬ ‫‪6‬‬

‫إال مزيدا من التأزم‪ .‬تعليق بتاريخ ‪ 21-06-2015‬الرابع مرن رمضران‬


‫‪.1436‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪111‬‬


‫‪112‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫*كيف تفسرون لقراء جريدة االعالن العودة القوية‬


‫لإلرهاب في ونس بعد حادثة الشعانبي االخيرة ؟؟؟‬
‫ررررر اإلرهاب لم يذهب ليعود‪ ،‬ولكن البعض ينقطع لديه‬
‫الناظم لألحداث‪.‬‬ ‫التسلسل بين العمليات والخي‬
‫اإلرهاب في تونس يمضي في استكمال مخططه وتنفيذه‬
‫وهو لن يتوقف حتى يتم إيقافه بقوة االستراتيجيا وبقوة‬
‫السالح أيضا‪ .‬أما إن استمر الوضع على حاله من‬
‫الغياب الفعلي للمنظومة االستعالمية أو ضعفها مع غلبة‬
‫مخابرات اإلرهاب (وهو ما يثبته تمكن اإلرهابيين من‬
‫تصوير موقع الهجوم ومراقبته ولم تتفطن مخابراتنا‬
‫لألمر) ومما يسمى في العلوم االستراتيجية بالعمى‬
‫الكارثي‪ ،‬وهو عدم القدرة على رؤية الخطر ولو كان‬
‫أمام الوجه مباشرة‪ ،‬وغيرها من الثغرات فستكون‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪112‬‬


‫‪113‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫الضربات أعنف كل مرة‪ .‬وإن عدم االستفادة من اهل‬


‫العلم والخبرة يدعم اإلرهاب ألن نقيض العلم هو‬
‫الجهل‪ ،‬والجهل مدمر‪.‬‬

‫**"حين تنهار الدول‪ :‬يظهر الحاقدون‪ ،‬ويأمن‬


‫المجرمون‪ ،‬ويكثر الخونة‪ ،‬ويتحالفون"‪ ،7‬هل نعي‬
‫هذا االن وهنا ؟؟‬
‫فيه‪ ،‬فللحقد جنود وخدم‪،‬‬ ‫رررررر أجل نعيشه ونعي‬
‫والمجرمون نمنون جدا‪ ،‬يقتلون ثم ينشرون صورهم‬
‫على الفايسبوك كأنهم في سياحة‪ ،‬ويمكن النظر في‬
‫الصفحات التي تدعم اإلرهاب للتيقن من ذلك‪ ،‬او‬
‫حتى قصص السرقات التي تجد في ربوع تونس‬
‫فلصوص المواشي يعتدون على المنازل أحيانا في‬

‫كلمة مرن كترابي فرن الحررب بدايرة جديردة وفري كترابي مردخل لعلرم‬ ‫‪7‬‬

‫االستراتيجيا‪.‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪113‬‬


‫‪114‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫وضح النهار وحين يتفطن صاحب المنزل يضربونه‬


‫ويمضون سالمين‪ ،‬كما رجع اإلرهابيون سالمين غانمين‬
‫راقصين بعد عملية القصرين وعملية الشعانبي األخيرة‬
‫وهو ما يهدد األمن القومي والوجود الكلي لكيان‬
‫الدولة‪ .‬اما الخونة فحدث وال حرج ولهم وقاحة كبيرة‬
‫حيث يدافع بعضهم عن اإلرهابيين ويبيض اإلرهاب‬
‫جهرة ويعمل البعض االخر على ضرب مقومات الدولة‬
‫وفتح المجاالت لهم‪ ،‬ولهؤالء الخونة مجاالت كثيرة فهم‬
‫سرطان خبيث يتسلل في كل موضع‪ .‬واالتحاد بين‬
‫هؤالء ثابت ظاهر‪ ،‬رغم أنه لم يتمظهر بشكل قوي لكنه‬
‫سينجلي في القريب وتنكشف خيوط اللعبة وارتباطها‬
‫االقليمي والدولي‪.‬‬
‫**‬
‫تنبأت منذ شهر ماي وفلت "مادام الباب مفتوحا أمام‬
‫اإلرهابيين فقد يهجمون على قصر قرطاج ‪ .‬وقد تداولت‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪114‬‬


‫‪115‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫بعض الصحف مؤخرا هذا االمر ‪...‬على أي أساس‬


‫بنيتم هذا التنبؤ ؟؟ وكيف تتنبؤون بالوضع االمني في‬
‫المدة القادمة ؟؟‬
‫رررررررررررررررر في الحقيقة أنا ال أتنبّأ‪ ،‬إنما أستشرف‪،‬‬
‫والفرق بين األمرين كبير‪ ،‬رغم وجود نقاط تشابه‪.‬‬
‫فاالستشراف هو مقدرة على رؤية الزمن القادم أو نسق‬
‫أحداثه‪ ،‬وهو ضمن علم المستقبليات الذي كان المفكر‬
‫المهدي المنجرة أول من أدخله للعالم العربي والخبراء‬
‫فيه قلة‪.‬‬
‫وحين ندرس المعطيات اآلنية‪ ،‬وننظر في النسق السابق‬
‫لها‪ ،‬يمكننا أن نرسم صورة بيانية عن المستقبل‪ ،‬بمعنى‬
‫أن المستقبل مرتهن بالماضي والحاضر ضمن تفاعالت‬
‫دقيقة‪ ،‬وهذا العلم يختلف ناتجه باختالف قدرة‬
‫المستشرف نفسه وموهبته ومقدرته على االستشعار‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪115‬‬


‫‪116‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫وشفافيته الحسية والروحية‪ ،‬ألن االنسان احساس‬


‫وروح وحدس أيضا وليس مجرد مادة‪.‬‬
‫البعض ال يصدق هذا ويرى في تحقق كل استشرافاتي‬
‫دليل على أني عميل مخابرات‪ ،‬خاصة مع الدقة‬
‫والتحقق المستمر ونسبة الخطأ المنعدمة إلى حد االن‪،‬‬
‫واحيانا استشرف امرا فيتم بعد يوم او يومين واالمثلة‬
‫كثيرة ومنشورة ومنها ما هو مسجل في االعالم المرئي‬
‫خاصة ويمكن التحقق منه والرجوع اليه‪.‬‬
‫لنفترض جدال أن لدي مخابرات تخبرني‪ ،‬كيف تفعل‬
‫ذلك وال تتفطن الدولة له؟ ثم أليس من باب أولى أن‬
‫تقدر مخابرات تونس على الوصول ألكثر وأدق مما‬
‫يصل إليه مواطن من مواطنيها إن كان االمر مرتبطا‬
‫باستخبارات بعينها؟‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪116‬‬


‫‪117‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫لكن األمر في الحقيقة مقدرة وعلم ثبت صحة مساره‪،‬‬


‫وما كل الكالم المشكك اال بعضا من الحقد والخوف‬
‫واالرتعاش والعجز أو محض الحسد‪.‬‬
‫وإن الغاية من االستشراف ليست التنبؤ باألحداث بل‬
‫منع وقوعها‪ ،‬والوقاية منها‪ ،‬وعليه فأنا أحزن كلما تحقق‬
‫استشراف ألنهم لم يأخذوا كالمي محمل الجد في‬
‫حين تستعين الواليات المتحدة مثال مع المستشرفين –‬
‫وهم قلة كما قلت – وتستفيد من خبراتهم وقدراتهم‪.‬‬
‫وعندما نرجع إلى عملية الشعانبي تجد اني قلت في‬
‫حوار مع العرب الدولية قبله بأيام "رمضان الدماء‬
‫والدموع في شمال افريقيا" مستشرفا ما حصل بعد‬
‫ذلك في تونس وطرابلس‪ ،‬وإن دراساتي االستشرافية‬
‫فياها أبعاد إقليمية ودولية وقد تحققت ويمكن الرجوع‬
‫لما نشرته وما وثقته فهو برهان جلي ودليل قوي‪.‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪117‬‬


‫‪118‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫فليس االستشراف وعلمه وفنه وما فيه من توقع‬


‫ومستقبليات مجرد وهم أو كذبة‪ ،‬بل هو علم حقيقي‬
‫تتنافس الدول العظمى على تطويره والبحث عن‬
‫القادرين على تفعيله أي المزج بين المعطى البياني‬
‫والمقدرة االستشعارية‪ ،‬فاألمر متعلق بمصفوفة حسابات‬
‫وقاعدة بيانات مع موهبة وقدرة استشعارية وحدس عال‬
‫جدا ومطور‪ ،‬اعتقد أن جانبي الصوفي الروحي وتمكني‬
‫من بلوع درجة عالية في فنون الننجا وبعض تقنياتها‬
‫المعقدة مما يسر لي ذلك‪.‬‬
‫موضوع قصر قرطاج ثم ما أشيع عن احباط عملية‬
‫كانت تستهدفه ضمن ما استشرفته من قبل ألنك حين‬
‫تفتح الباب للعدو وتمكن له فهو سيضرب كل مكان‬
‫خاصة االماكن الحساسة‪ .‬وليس كالمي ذاك من باب‬
‫الحقد والدعوة لضرب السيادة كما يتوهم االغبياء‪.‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪118‬‬


‫‪119‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫اما ما سيكون فخالصته بسيطة ونتائجها معقدة‪ :‬إما أن‬


‫نمضي في رسم استراتيجيا قوية وتطبيقها‪ ،‬او ستكون‬
‫الضربات المتتابعة المكثفة والتي سترج أركان الدولة‪،‬‬
‫فاإلرهاب لم يبدأ بعد ضرباته األعنف‪ .‬وانا أسال اهلل أن‬
‫نكمل شهر الصيام بخير وأن نمضي لالنتخابات بخير ألن‬
‫توقع ضربات في األيام القادمة كبير جدا‪ ،‬وتطور‬
‫االحداث االقليمية والدولية سيكون أكثر دموية وعنفا‬
‫وسيؤثر على الوضع التونسي بشدة‪.‬‬
‫**قلت أنك حين اطلعت على نسخة من مسودة قانون‬
‫اإلرهاب الجديد ‪ ،‬قلت أنه كُتب من أجل اإلرهابيين‬
‫كيف ذلك ؟؟؟‬
‫ررررررر أجل لقد اطلعت على أغلب فصوله‪ ،‬وكما سبق‬
‫وبينت هو فاسد المقاصد وفاسد البناء والمنشأ‪ ،‬فهل‬
‫سمعت عن دولة في العالم تعالج أعقد القضايا وأكبر‬
‫المخاطر وهي اإلرهاب من منظور حقوقي وعبر بعض‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪119‬‬


‫‪120‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫الجمعيات المشبوهة وأشباه الحقوقيين؟ وهل صدر في‬


‫العالم قانون لمكافحة اإلرهاب ال يسهم فيه الخبراء في‬
‫القانون وفي االستراتيجيا واألمنيون والعسكريون‬
‫والقضاة؟ وهل نحن نعرف عن الديمقراطية وحقوق‬
‫االنسان أكثر من الواليات المتحدة أو من بريطانيا التي‬
‫قال رئيس وزرائها ديفيد كامرون‪" :‬حين يتعلق االمر‬
‫باإلرهاب ال يكلمني أحد عن حقوق االنسان"‪.‬‬
‫إنها واهلل مهزلة‪ ،‬وقد ناقشت مرة المشرف على لجنة‬
‫صياغة هذا القانون في اجتماع خاص مع مستشاري‬
‫وزراء نخرين – في حكومة الترويكا – وممثلين لدولة‬
‫كبرى‪ ،‬وتعجبت من الفراغ المعرفي الكبير لديه‪،‬‬
‫وكانت ردودي عليهم شديدة وقلت لهم وللممثلين‬
‫الرسميين لتلك الدولة‪ :‬هؤالء يهينون عشرة نالف سنة‬
‫من الحضارة التونسية"‪.‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪120‬‬


‫‪121‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫ال يحتاج األمر لذكاء وعبقرية‪ :‬أشباه الحقوقيين‬


‫وجمعياتهم المشبوهة وفكرة صياغة القانون في وزارة‬
‫حقوق االنسان إنما تصب في مصلحة اإلرهابيين ومن‬
‫يدعمهم وتثبت تورط "بعضهم" وخوفهم‪ .‬والذي ينظر‬
‫في العقوبات الخاصة باإلرهابيين يرى ذلك جليا‪،‬‬
‫ولست أعلم إن تم تعديله لكن في النسخة التي اطلعت‬
‫عليها فإن عقوبة من يقوم بعمل إرهابي هي المؤبد‪ ،‬في‬
‫حين توجد عقوبات جنائية في بعض قضايا االغتصاب‬
‫تصل لإلعدام‪ .‬أما عقوبة من يدعم ويخط فهي عشرين‬
‫سنة‪ ،‬ومن يخط لعمل ارهابي يستهدف خارج تونس‬
‫‪ 12‬عاما‪ 8‬وهو ما يمثل خطرا على العالقات الدولية‬
‫التونسية‪ .‬وفي كل هذا وجود العفو الرئاسي والكل‬
‫يعلم ما انجر عن قرارات العفو من جرائم واغتصاب‬

‫النسخة األولى التي اطلعت عليها وتم تعديلها مرات كثيررة ولكرن لرم‬ ‫‪8‬‬

‫يتم اعتمادها لليوم (‪.)2015/06/21‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪121‬‬


‫‪122‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫وارهاب‪ .‬كما ان تجارة السالح ليست جريمة منصوصا‬


‫عليها في هذا القانون‪ ،‬وهو بصياغته مقدرة بعض‬
‫المشبوهين مما ال ناقة لهم وال جمل في العلم وفهم‬
‫القانون على االطالع عليه والتحكم في صياغته خيانة‬
‫كبرى للوطن ولدماء الشهداء‪ .‬كما أن تعطيل التوقيع‬
‫عليه والتركيز على الحق االنساني لإلرهابي امر خطير‬
‫جدا‪ ،‬فاإلرهاب ليس مبحثا حقوقيا وال انسانيا‪،‬‬
‫واإلرهابي تخلى عن حقه االنساني بمجرد وولوجه‬
‫لإلرهاب تخطيطا او تمويال او تنفيذا‪ .‬وال فرق بين‬
‫ارهاب يضرب الداخل او ارهاب يستهدف الخارج‪،‬‬
‫فكان ذلك القانون يقول للعالم‪ :‬سأجعل من تونس‬
‫مقصدا للسياحة اإلرهابية وسأسمح بالتخطي لضربكم‬
‫ولن أُعاقِب إال سنوات قليلة‪ ،‬فهل عاقل سوي يفعل‬
‫هذا؟؟؟؟‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪122‬‬


‫‪123‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫وعليه أرى وجوب الرجوع لقانون ‪ 2003‬مع بعض‬


‫التعديالت االستراتيجية‪ ،‬وخلق ضمانات أخرى من‬
‫خارج القانون لتحديد الدقة والتوجه وعدم التسلي على‬
‫بريء لسبب سياسي او غيره‪ .‬والبد من محاسبة من‬
‫سبب هذه المهازل الكارثية ومن ترك المؤسسة األمنية‬
‫في فراغ تشريعي وهي تواجه أكبر عدو للبالد وأخطر‬
‫هجمة في تاريخها منذ دون جوان االسباني وسكيبيو‬
‫الروماني‪.‬‬

‫**هذا يدفعنا الى القول أن المجلس التأسيسي باعتباره‬


‫مشرعا هو حاضنة لإلرهاب او لنقل على االقل في جزء‬
‫كبير من اعضائه ؟؟‬
‫رررررر هذا ليس مجال نقدي‪ ،‬هذا امر متروك ألعضاء‬
‫المجلس التأسيسي لنقد بعضهم والكشف عن‬
‫المالبسات‪ ،‬ومتروك للسياسيين ليبينوا ويوضحوا‪،‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪123‬‬


‫‪124‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫وعموما المجلس لم يقدم لتونس أكثر مما أضر بها‬


‫وبصورتها وبأعصاب مواطنيها حتى تحول إلى "بوديوم"‬
‫للصراع والعراك والشتائم والمواقف العجيبة التي بثت‬
‫طاقات الكراهية وانكعست أحيانا كثيرة بالفوضى‪ ،‬رغم‬
‫النجاح في صياغة الدستور بعد ضيق نفس وطول‬
‫انتظار وتعطيل‪ ،‬وأرجو أن تتم االنتخابات وان ينتهي‬
‫وجوده ليحل محلة مجلس للنواب والبد من الحساب‬
‫والمحسابة لكل من تورط بأي شكل في الحاق الضرر‬
‫بتونس أو أحد أبنائها عبر تحريض أو تآمر أو تواطؤ أو‬
‫تعطيل أو تحالف مع من ينشر اإلرهاب وخاصة دوال‬
‫بعينها صارت محرك كل الخراب الذي يحدث في‬
‫المنطقة برمتها وهي الراعية لإلرهاب بجالء الحجة‬
‫ووضوح الدليل‪.‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪124‬‬


‫‪125‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫**في اجتماع رسمي مع وزير الداخلية والمدير العام‬


‫لألمن العمومي كلفتم بالتخطي لمشروع حول األمن‬
‫القومي أطلقتم عليه المشروع التأسيسي للجنة‬
‫االستشراف واألمن القومي لكن المشروع بقي في‬
‫االدراج كيف تفسرون هذا وما حجم الخسارة التي‬
‫لحقت بتونس نتيجة ذلك ؟؟؟‬
‫ررررررررررررر هذا صحيح‪ ،‬وقد ضبيّع من وقتي قرابة العام‬
‫ونصف‪ ،‬وتمت مماطلتي وتسويفي وتسبب ذلك لي‬
‫بخسارة مادية وخسارة في الجهد والوقت‪ ،‬وهو أمر ال‬
‫يحزنني بقدر ما كلفه من خسارة لتونس‪.‬‬
‫ولقد صمت على األمر حتى نطقت به بعد عملية‬
‫القصرين‪ ،‬ألن أبس قواعد االستشراف واالستراتيجيا‬
‫كانت لتجنبنا تلك الكارثة‪.‬‬
‫لقد تمت استشارتي مرات كثيرة وفي مسائل دقيقة‪،‬‬
‫ولست ممن يكذب ولم يثبت أني كذبت مرة في امر‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪125‬‬


‫‪126‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫سواء تحليل أو استشراف او معلومة‪ ،‬ثم تم االجتماع‬


‫واالتفاق والتكليف بما بينته فيما نشرته على صفحتي‬
‫الخاصة‪ ،‬وأنا على يقين أن وزير الداخلية لطفي بن‬
‫جدو والمدير العام لألمن العمومي حينها وحيد‬
‫التوجاني كانا صادقين معي‪ ،‬خاصة وأني استشرفت‬
‫أمورا في موضوع دقيق وتمت بكل دقة‪ ،‬وهما يعرفان‬
‫جيدا مصداقيتي ومقدرتي العلمية‪ ،‬ولكن هنالك من‬
‫أصر على عدم تفعيل المشروع الذي كان خاصا‬
‫باألمن القومي واالستشراف وكان من المفروض أن‬
‫تكون لجنة خاصة أشرف عليها وأترأسها‪ ،‬وأن تضم‬
‫خبراء ويكون بداية لبناء منظومة استخبارية واستشرافية‬
‫مطورة‪ .‬ويكون ذلك مع االستفادة من مشاريع اخرى‬
‫مثل مشروع مركز االمن الشامل وهي فكرة صرحت‬
‫ودعوت لها مرارا عاما قبل تنفيذها ثم كنت رئيس قسم‬
‫االستشراف ومكافحة اإلرهاب واحد المؤسسين ولكن‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪126‬‬


‫‪127‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫استقلت ألسباب شرحتها من قبل من اهمها سياسة‬


‫رئيس المركز ورغبته في الهيمنة عليه وتحويله إلى‬
‫مآرب شخصية وسياسية‪ .9‬وأعتقد أن كل التسويف‬
‫والتعطيل زمن حكومة الترويكا التي يعلم من عطلني‬
‫بتفاصيل ما تمت استشارتي فيه من قبل ونتيجة تلك‬
‫االستشارات التي جنبت تونس كوارث كبرى‪ ،‬ويعلم‬
‫مقدرتي الفعلية على استشراف المسائل وأنا التونسي‬
‫الوحيد المختص والمتمكن من علم المستقبليات وعلم‬
‫االستشراف وهذا ليس ادعاء‪ .‬مع يقيني بوجود خبراء‬
‫ممتازين تفخر بهم تونس في مجاالت االستراتيجيا‬
‫وغيرها من المسائل وكان المشروع يتمحور حول‬
‫االستفادة من خبراتهم بطرق مختلفة مع االستفادة من‬
‫الخبرات الكبيرة لدى المؤسسة األمنية والمؤسسة‬

‫اتضح ذلك فيما بعد ثم قدم استقالته وحل مكانره العميرد مخترار برن‬ ‫‪9‬‬

‫نصر ورجعت للنشاط مع المركز‪.‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪127‬‬


‫‪128‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫العسكرية والكفاءات العالية التي دفعت تونس الكثير‬


‫للحصول عليها والتفويت في تلك الخبرات من أسباب‬
‫ما بلغناه إذ حل محلهم من ال علم وال فهم لهم خاصة‬
‫من أسميتهم سياسيو المصادفة‪ .‬وعليه فحين يقع‬
‫االستغناء عن الخبراء الحقيقيين ويقرر االمور من ال‬
‫خبرة لهم ممن أركبتهم الثورة على كراسي الحكم بال‬
‫حول وال قوة لهم وال فضل وال علم أو بينة‪ ،‬فهو من‬
‫عالمات االنهيار والتداعي الكامل‪.‬‬
‫إن تسويفي وتعطيل عملي وإضاعة وقتي لقرابة العام‪،‬‬
‫ودقن مثل هذا المشروع الهام أمر خطير جدا‪ ،‬ألنه‬
‫يعني رفض كل مشروع فعلي لتطوير االستراتيجيا وانقاذ‬
‫تونس وحمايتها‪ ،‬ألننا لن ننجح دون استراتيجيا‪ ،‬وألن‬
‫ما حدث في القصرين أمام منزل الوزير ثم في الشعانبي‬
‫يكشف مقدار العمى االستراتيجي‪ ،‬وما بينته واستشرفته‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪128‬‬


‫‪129‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫قبل ذلك يكشف قدرتي الففعلية التي كان يمكن أت‬


‫تساهم مساهمة كبيرة في تجنب ذلك‪.‬‬
‫وإني أطالب باالعتذار مني عن إضاعة وقتي وجهدي‪،‬‬
‫وأسال السيد المهدي جمعة وقد بلغه األمر ووضع في‬
‫مكتبه وتمت مكالمتي مرات كثيرة عن مجلس وزاري‬
‫ينعقد فق للتوقيع على االذن بانطالق المشروع ثم تم‬
‫تعطيله واعرف جيدا المعطلين وغاياتهم وخلفياتهم‬
‫السياسية‪ :‬لماذا لم تصنعوا بديال إن كنتم استغنيتم عما‬
‫قدمنا لكم؟ او توضيحا إن كنتم تنوون توظيف ذلك في‬
‫مشروع القطب الخاص بمكافحة اإلرهاب؟ واعتذارا في‬
‫كل االحوال؟‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪129‬‬


‫‪130‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫**توجهتم برسالة الى المرزوقي بعنوان السلطان‬


‫سليمان المعظم لو تكشف لنا محتواها ولماذا اخترت‬
‫هذا التوقيت بالذات لنشرها ؟؟‬
‫ررررررر كنت أرجو من المرزوقي خيرا في البداية‪ ،‬وقد‬
‫سمعت كالمه قبل االنتخابات وحضرت معه في جربة‬
‫مرتين وحاورته والتقيته بعد ذلك‪ ،‬وقد نصحت له‬
‫مرات وقلت له‪ :‬سينقتلون من حرق الزوايا إلى‬
‫االغتيال‪ .‬وهو ما كرره حرفيا بعد اغتيال بلعيد‪ .‬ولكني‬
‫حين رأيت الطريق الذي اتخذه وتحالفه مع قطر وقطعه‬
‫للعالقات مع الشام وأمور أخرى فمن واجبي كمفكر‬
‫ومثقف وشاعر وخبير تونسي أن أقول له ما ينبغي علي‬
‫قوله‪ ،‬ضمن كلمة قلتها في بداية الرسالة‪ :‬علي أن أتكلم‬
‫وليس عليك أن تسمع‪.‬‬
‫إن األمور تبدأ بخيارات خاطئة‪ ،‬لكنها تتحول إلى امور‬
‫أخطر بعد ذلك‪ ،‬وليس لدي أي مشكل شخصي معه‪،‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪130‬‬


‫‪131‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫ولكنه رئيس دولة أنا من مواطنيها‪ ،‬ومن حقي عليه أن‬


‫يسمع نقدي وأن ينظر في موقفي بعيدا عن مزايدة‬
‫سياسية إذ لو انتميت لحزب ألعلنت ذلك وهو حقي‬
‫وال اخجل به‪.‬‬
‫إن عملية الشعانبي مؤشر خطير كنت بينت خطه‬
‫وخطته ضمن دراسات كثيرة خاصة ما تعلق بنظريتي‬
‫عن المراحل الثالثية‪ :‬تنظير‪ ،‬تكفير‪ ،‬تفجير‪ .‬وما فيها‬
‫من مراحل داخلية مثل مرحلة الحريق والتي استشرفت‬
‫فيها كثرة الحرائق وهو ما تم وغيرها وكل هذا منشور‬
‫موثق‪ .‬وإني أرى من الواجب مراجعة التوجه الذي‬
‫تتخذه الدولة التونسية مثل التعاون مع قطر التي لم يبق‬
‫لها من حليف غير عمر البشير في السودان والمرزوقي‬
‫في تونس ومن تمولهم من حركات تخريبية وارهابية مثل‬
‫وغيرها‪ .‬وإن اتهام المخابرات الجزائرية‬ ‫النصرة وداع‬
‫واستعداء الجزائر ومصر تنفيذ للمخط القطري التركي‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪131‬‬


‫‪132‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫ويضر باألمن القومي للبالد التونسي فال مناص من‬


‫التعاون مع الجزائر ومصر وال مفر من اصالح الخراب‬
‫الديبلوماسي مع دمشق لمعالجة مسائل الجالية‬
‫والعائدين من تلك المحرقة والذين يشكلون أكبر خطر‬
‫على البالد والعباد وليس لدى الدولة معطيات فعلية‬
‫عنهم وال عن أقسامهم ونوعياتهم ودرجة خطورة كل‬
‫نوع منهم‪ ،‬وهو ما بينته في دراستي "العائدون من‬
‫الجحيم"‪.‬‬
‫رسالتي جلية المعنى واضحة المقصد وما أريد إال أن‬
‫أرى وطني أجمل وأفضل‪ ،‬وكما قلت في كلماتي أغنيتي‬
‫أنا مواطن التي رددها العالم العربي من المحي إلى‬
‫الخليج وصارت شعارا وكلمة على كل لسان‪ :‬خذوا‬
‫المناصب والمكاسب‪...‬لكن خلّولي الوطن‪ .‬رغم أني‬
‫أرى أنها صورة شعرية غايتها الفعلية أن يكون المنصب‬
‫خادما للوطن ال هادما له‪.‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪132‬‬


‫‪133‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫*رغم أنها متأخرة كثيرا كيف تقيمون القرارات التي‬


‫اتخذها رئيس الحكومة ؟؟؟‬
‫رررررر أضعنا الكثير من الوقت وفوتنا الكثير من النصائح‬
‫وانا من الشاهدين على ذلك‪ ،‬وصار األمر أصعب‬
‫وأعسر وصار العدو أمكن وأقوى وله ذيول وعمالء‬
‫مندسون في كل مكان‪ ،‬أو يحاولون ذلك ويعملون على‬
‫توطئة األمور لما هو أشد وفق أجندات استخباراتية‬
‫تصب كلها في مصلحة الحلف الدموي للربيع العبري‬
‫الذي يصب كله في مصلحة إسرائيل وحلفائها‪ .‬وعليه‬
‫فإن المهدي جمعة ليس عليه كثير لوم ألنه أخذ البالد‬
‫بعد أن تم حقنها بسموم كثيرة‪ ،‬حتى صارت معالجة‬
‫والتي تشكل خطرا عاجال على األمن‬ ‫النفايات فق‬
‫الصحي أمرا صعبا يكاد يصل لالستحالة‪ .‬وبالرغم من‬
‫يقيني بتورط الكثيرين‪ ،‬وبأن عدم محاسبة المتسببين‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪133‬‬


‫‪134‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫الفعليين في هذا الخراب سيبعيق كل مشروع إصالحي‬


‫وسيقوم أولئك بكل ما لديهم من نفوذ لمنع كل‬
‫محاسبة ولتزييف كل حقيقة تثبت تورطهم ومحاولة كتم‬
‫كل فم يكشف تلك الحقائق‪ ،‬ولكني أرجو من السيد‬
‫رئيس الحكومة تجنب المواقف المرتعشة ومحاولة‬
‫االصالح أقصى ما يمكن‪ .‬وأرى أن ما قرره هام رغم أنه‬
‫منقوص كثيرا من جهة صعوبة الوضع ومن جهة ضعف‬
‫الدولة‪ :‬فاألولى منع التكفير من بلوغ المساجد ال‬
‫غلقها‪ .‬واالولى محاسبة من يبيضون اإلرهاب ومن‬
‫يخطبون إلى اآلن في المنابر داعين للتكفير والجهاد في‬
‫علنا ضاربين عرض الحائ‬ ‫سوريا مبايعين داع‬
‫بالدولة ومؤسساتها‪ ،‬وحتى إن تم اعتقال أحدهم يجد‬
‫جيشا من أشباه الحقوقيين وأشباه االعالميين يدافعون‬
‫ويخرجون في وسائل االعالم او يتوجهون للسجون‬
‫ومراكز االمن ويتهجمون على األمنيين‪ ،‬أو يتم االفراج‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪134‬‬


‫‪135‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫عنه بشكل مريب‪ .‬ونحن في صورة مبكية مضحكة‪ :‬نترك‬


‫رؤوس األفاعي التي نراها‪ ،‬ونبحث عن بعض الذيول‬
‫لنمسك بهم كي يقال لقد قطعوا رأس الحية‪ ،‬ولكن‬
‫الحقيقة أن تلك الرؤوس تعد سمها للضربة القاتلة‪.‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪135‬‬


‫‪136‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫الدكتررور مرازن الشريررف (خبيررر دولي في األمن‬


‫الشامل والجماعات المتطرّفرررررة) لر«التونسيرررة»‪:‬‬
‫السمّ بل العظم فمتى نقضي على سماسرة الدم؟‬

‫غزوات اإلرهابيين في تونس تعتمد "نظرية الذراعين"‪.‬‬

‫حاورته‪ :‬صباح توجاني‬


‫‪23/03/2015‬‬

‫حرراورت الرردكتور مررازن الشررريف الخبيررر اإلسررتراتيجي‬


‫الرردولي فرري شررؤون األمررن والجماعررات المتطرفررة‪ ،‬فمررا‬
‫وجدته يوما أشدّ نقمة وغضبا كما وجدته هذه المرة‪،،،‬‬
‫فالرجل خبر مجال تحركات الجماعات المسرلحة وكران‬
‫سباقا الى تفكيك رموز عملياتها المتتالية منبها فري ذات‬
‫الوقررت الررى مررا سرريلي كررل تحرررك جبرران يسرررتهدف‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪136‬‬


‫‪137‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫المؤسستين العسكرية واألمنية رافعا صوته عاليا ومقدما‬


‫مقترحات عملية ناجعة إليقاف هذا السرطان الرذي ينخرر‬
‫كافرررررررررررررررررررررررررررررررة المجتمعرررررررررررررررررررررررررررررررات‪.‬‬
‫الدكتور مازن الشريف واستنادا الرى خبرتره الدراسرية‬
‫الرسرائل غيرر‬ ‫للجماعات المتطرفرة يسرعى الرى تبسري‬
‫المشفرة التي يوجهها اإلرهراب الرى ترونس فري كرل مررة‬
‫يكشررر فيهررا عررن انيابرره‪ ،‬ويعمررل علررى ان تتخررذ الدولررة‬
‫احتياطات اضافية لقطع الطريق على العصابات التكفيرية‬
‫الدموية التي يعتقد ضيفنا انها ستتكلم مرة اخرى اذا لم‬
‫تحكم الدولة والشعب معا التصدي لها وقطع دابرها من‬
‫ارضرررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررنا‪.‬‬

‫قلررت للرردكتور مررازن الشررريف فرري بدايررة جلوسرري اليرره‪:‬‬


‫« لفت انتباه الكثيررين انرك نشررت جملرة مليئرة بالمعراني‬
‫منذ قرابة شهر ونصف قلت فيهرا حرفيرا» نحرن مقردمون‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪137‬‬


‫‪138‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫على كارثة واصرحاب الفخامرة ال يسرمعون»‪ ،‬فهرل هري‬


‫فراسررة أم «نبرروءة» ‪-‬اذ جرراز التعبيررر‪ -‬أم مسررألة حسررابية‬
‫تسررررررررررررتند الررررررررررررى معطيررررررررررررات علميررررررررررررة؟؟‬
‫ر بل استشراف علمي وهو علم يقوم على معطيات يمكن‬
‫تلخيصرررررررررررررررررررررررررررررررها كالترررررررررررررررررررررررررررررررالي‪:‬‬
‫أوال ‪ ،‬اإلستشررعار وهررو أعلررى درجررة مررن الحرردس‪.‬‬
‫والتوقررع المبنرري علبررالخبرة والدراسررةالمقارنة والمررزج‬
‫بينهمررررا يعطرررري نجاعررررة أكثررررر لإلستشررررراف واكثررررر‬
‫دقة‪،،،‬وهذا مايميز عملية اإلستشرراف التري قمرت بهرا‬
‫والتي لم أخطئ فيها ولو مرة واحردة منذسرنوات الرى‬
‫يومنرررررا هرررررذا‪ ،‬وهررررري أمرررررور كلهرررررا موثقرررررة لررررردي‪.‬‬
‫الجانب الثاني يتعلق بأن دراسة تاريخ هذه المجموعات‬
‫أو تمشيها الذي اعتمدتره فري الصرومال ومرالي مرثال‪ ،‬أو‬
‫حتررى فرري عمقرره الترراريخي‪ ،‬هررو اسرراس نظريررة التنظيررر‬
‫والتكفير والتفجير‪...‬ومراحلها الداخلية والتي بينت فيها‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪138‬‬


‫‪139‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫منذ سنوات مختلف المراحل التي عاشرتها ترونس فيمرا‬


‫بعد‪ ،‬وصوال الى هذه المرحلة وما يليها‪ .‬وعنردما أربر‬
‫بين حرق مقامات األولياء الصرالحين كاسرتهداف رمرزي‬
‫أو محاولررة تفجيررر ضررريح الررزعيم الحبيررب بورقيبررة أو‬
‫مهاجمة المتحف الوطني‪ ،،،‬فالراب هو الحرص علرى‬
‫ضرررب البنيررة الزمنيررة الترري انبنررت عليهررا الدولررة‪ ،،‬أي‬
‫تاريخها وروحانياتهرا اإلسرالمية ذات الصربغة التاريخيرة‬
‫‪ ،،،‬أي المقامات والزوايا وأيضا تاريخ دولة اإلستقالل‬
‫( ضرررررررررريح الرررررررررزعيم بورقيبرررررررررة بالمنسرررررررررتير‪).‬‬
‫وهنا البد أن أشير الى ثرالث «غرزوات» مهمرة يمكرن أن‬
‫نرى فيها تجسيدا للتنظير والتكفير والتفجير‪ :‬أوال «غزوة»‬
‫السرراعة العمالقررة المنتصرربة فرري قلررب شررارع الحبيررب‬
‫بورقيبة والتي تعبرر عرن بدايرة ظهرور النظريرة وتجسريدها‬
‫على ارض الواقع بعد ان تخمرت زمنا فري اإلجتماعرات‬
‫السرية وفي المساجد‪..‬وهي نظرية تكفر عموم التونسريين‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪139‬‬


‫‪140‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫وتجسم كل الحقرد الوهرابي والرغبرة فري تحويرل وجهرة‬


‫المجتمررع بالقوة‪...‬وقررد تكررون تلررك السرراعة العمالقررة‬
‫والصعود فوقها بداية الصعود فوق الزمن التونسي حترى‬
‫يصبحوا حديث النراس وشرغلهم الشراغل لرزمن طويرل‪.‬‬
‫ثم «غرزوة» الكليرة والتري ترم فيهرا نرزع العلرم التونسري‬
‫ووضررع علررم «داع ر » القررادم بعررد قليررل‪ ،‬والترري تررم‬
‫التخطررري لهرررا مرررن قبرررل ضرررمن كتررراب «المرررذكرة‬
‫اإلستراتيجية» الصرادر عرام ‪ 2011‬لمؤلفره عبرد اهلل برن‬
‫محمررد‪ ،‬أحررد منظررري «داع ر »‪ ،‬وضررمن رسررائل ابررو‬
‫مصعب الزرقاوي قبل ذلك بسنوات اي مباشرة بعد غزو‬
‫العرررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررراق ‪.‬‬
‫فال يخفى على أحد أنه ضمن العلوم العسركرية القديمرة‬
‫والحديثة‪ ،‬فإن نرزع العلرم ووضرع أخرر فري مكانره يعنري‬
‫إفتكاك البلد والسيطرة على القلعة‪،،،‬فعندما يكون ذلك‬
‫العلم وتلك القردم فروق األداب والفنرون واإلنسرانيات‪،‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪140‬‬


‫‪141‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫فإنه ضرب وسرطو علرى نداب ترونس وفنونهرا وانسرانيتها‬


‫وعلى حضارتها ونزع ابي القاسم الشرابي وشرعره وإبرن‬
‫خلدون وعلمره‪ ،،،‬ليحرل محلهرا ابرن تيميرة وابرن عبرد‬
‫الوهاب وابن الباز وابن عثيمين‪....‬ولتنجلي صرورة برن‬
‫الدن بعد ذلك في الر«باك سبور» ينشرها تالميذ عشقوا‬
‫ذلك اإلرهابي عوض الرياضة وروحها ‪ ،،،‬وليبدأ بعرد‬
‫ذلررك الحريررق فرري أرض العلررم واآلداب والفنررون عبررر‬
‫حرررق الزوايررا والجبررال والغابررات ومهاجمررة أهررل الفررن‬
‫والثقافرررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررة‪.....‬‬
‫بعررد ذلررك ترراتي «غررزوة» برراردو لتجسررد روح التكفيررر‬
‫صادمة مزعزعة محطمة أوهام الذين كذبوا استشررافات‬
‫صادقة‪ ،‬وصموا اذانهم عن كل كلمة حضرت ونظرت‬
‫وفسرت واستشرفت لتكون طعنة لعيد اإلستقالل وضرربة‬
‫لهيبررررة الدولررررة وزعزعررررة لثقررررة مررررن ظنرررروا أنهررررم‬
‫امنون‪...‬فالفوضى في مجلس نواب الشعب وحالة الهلع‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪141‬‬


‫‪142‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫هي رسالة من اإلرهابيين وضربة مباشررة ولكمرة مسرددة‬


‫لهيبررررررررررررة الدولررررررررررررة ولسررررررررررررلطة قرارهررررررررررررا‪.‬‬
‫أما في المتحف الروطني‪ ،‬فرصراص اإلرهرابيين إختررق‬
‫صدر جنبعل وهتك سر عليسة ودنس شرف صدربعل‬
‫وأهان يوغرطة وأميلكرار وطرارق برن زيراد واألميررة أروى‬
‫واألميرررة مهريررة وسررحنون وعقبررة بررن نررافع وأسررد بررن‬
‫الفرات‪....‬بل لعله طعن قلرب علري برن خليفرة النفراتي‬
‫والدغباجي وفرحرات حشراد والطراهر الحرداد ومحمرد‬
‫علرررري الحامي‪....‬فررررالمتحف يرمررررز الررررى كررررل هررررذا‬
‫وأكثر‪...‬واألمرررر اكبرررر وأعمرررق مرررن سرررطحية األشرررباه‪.‬‬
‫أال تعتقررد معرري أن عرردة رسررائل غيررر مشررفرة وجههررا‬
‫اإلرهابيون للدولة ولسياسييها ومثقفيها واعالمييها وعامرة‬
‫شرررررررررعبها مرررررررررن خرررررررررالل عمليرررررررررة بررررررررراردو؟‬
‫رر هنرراك ابعرراد أخرررى لررر«غررزوة» برراردو منهررا مررا يتعلررق‬
‫بوجهتين اساسيتين‪ :‬اولهما وجهة عبررت عرن وحشريتها‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪142‬‬


‫‪143‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫وقسوتها‪ ،‬ناقلة عنا لكل سكان المعمورة صورة يصرعب‬


‫اصررالحها إذ ان السررياح الررذين قتلرروا لررم يغتيلرروا فرري‬
‫شارع حتى يسند الموت الى الشارع ويقال حينها «قتل‬
‫مشاة في شارع من شروارع ترونس»‪ ،،،‬ولكرنهم قتلروا‬
‫في متحف‪ ،‬بل أغتيلوا لذنب وحيد ‪ ،‬عشرقهم لحضرارة‬
‫هررذه الرربالد وحرربهم لتاريخهررا وانبهررارهم بهرا ‪...‬وحررين‬
‫تكون طعنرة البشراعة فري قلرب الجمرال‪ ،‬تكرون بشراعتها‬
‫أجلى ويكون ضرر الجمرال أكبرر ‪ ،‬وهرذا لعمرري أعظرم‬
‫مررن الضرررر اإلقتصررادي الررذي تررم حتمررا ‪ ،‬أو الحرررج‬
‫الديبلوماسررري ألنررره ضررررر حضررراري عميرررق وفرررادح‪.‬‬
‫أما الوجهة الثانية‪ ،‬فهري أن بيردقين مرن بيرادق اإلرهراب‬
‫ليسا من ذوي الخبررة برل مجنردان حرديثا العهرد وقلريال‬
‫الدرايررة بالسررالح‪ ،،‬عشرروائيان ‪ ،‬اقتحمررا قلعررة الدولررة‬
‫المحصررنة قرررب ثكنررات عسرركرية ومقرررات أمنيررة بجانررب‬
‫مجلس نواب الشعب‪ ،‬في قلب متحف‪ ،‬فري مكران كران‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪143‬‬


‫‪144‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫مررن المفررروض أن يكررون محصررنا ‪ ،،،‬ليطرررح سررؤال‬


‫بشررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررعبتيه‪:‬‬
‫أوال ‪،‬إن كررانوا قررد قرردروا علررى ذلررك المكرران‪ ،‬فهررل‬
‫يعجزهم مكان اخر وان خاف النائب وأرعب‪ ،‬فهل يامن‬
‫المواطن وهو في بيته ليكون الررب مباشررا مرع الهجروم‬
‫على منزل وزير الداخليرة األسربق وقترل حراسره وقطرع‬
‫التيار الكهربائي عن منزل الوزير الحالي ورسم مسردس‬
‫علررررررررررررى حررررررررررررائ منررررررررررررزل والررررررررررررده؟؟؟؟‬
‫ثانيا‪ ،‬أقول إن السؤال األكثر حرقة هو أنه اذ كان شابان‬
‫نكرترران وبيرردقان مجنرردان قررد نجحررا فرري اختررراق مكانررا‬
‫سياديا وقتال عددا مرن سركان العرالم القرادمين لبالدنرا‬
‫ورجل امرن‪ ،‬فكيرف لرو كانرت مجموعرة مرن الردواع‬
‫المررررررررررررررررررررررررردربين والمفخخرررررررررررررررررررررررررين؟؟؟؟‬
‫أليس الذي أوصلهم إلرتكاب تلك المجزرة كران قرادرا‬
‫على إيصالهم بسيارة مفخخة أو عبوات ناسفة وان كانت‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪144‬‬


‫‪145‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫الثغرة بذلك اإلتساع الذي مكرن لهمرا‪ ،‬هرل مرن سربب‬


‫موضوعي لمنعهما؟؟ وهنا أتساءل أيضا ان كان في الربالد‬
‫شخص واحد قد إستشررف ذلرك وحللره وحرذّر منره‪،‬‬
‫أفال يكون أولو األمر مسؤولين عن حدوث الكارثة‪ ،‬فمرا‬
‫بالررك والرربالد تزخررر بررالخبرات وأصرروات المحررذرين‬
‫تتعالى من سياسريين ومنظمرات ومجتمرع مردني وخبرراء‬
‫‪...‬وكان صوتي عاليا مرتفعرا فري كافرة وسرائل اإلعرالم‬
‫التونسية واألجنبية ومن خالل الندوات والمحاضررات‪...‬‬
‫ثررم مررن المسررؤول عررن كررل هررذا ؟؟؟ مررن الررذي أدخررل‬
‫التكفير الى ربوعنا‪ ،‬ومن أيده وحماه ؟؟؟ ومن فتح البالد‬
‫للعصررابات والجريمررة المنظمررة ‪ ،‬وترررك شرربابا عررراة‬
‫العقررول ضررعاف الثقافررة والتكرروين منهبررا لسماسرررة الرردم‬
‫وشيوخ جهنم ؟؟؟ من جعل أرضنا أكبر مصدّر لإلرهراب‬
‫حتررى بلغررت األمررور مررا بلغترره وتررورّط بعررض شرربابنا فرري‬
‫معسررركرات درنرررة وأنطاكيرررا ومجرررازر حلرررب والرقرررة‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪145‬‬


‫‪146‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫والموصررررررررررررررررررررررررررل وطمبكتررررررررررررررررررررررررررو ؟؟؟‬


‫واألن ماذا يدور في فكرك اإلستشرافي عما يلري براردو‬
‫؟؟؟‬
‫ر بعد كارثة باردو ستمضي األمور ضرمن مسرارين اثنرين‬
‫أحرررررررررردهما مطلرررررررررروب واألخررررررررررر حتمرررررررررري‪:‬‬
‫أولهما المسرار المطلروب وهرو مرا يتوجرب علرى الدولرة‬
‫فعله من ردع وتصدّ ووقايرة ويقظرة ‪ ،‬وهري مصرطلحات‬
‫هامة جدا في العلم اإلستراتيجي‪ ،‬كمرا البرد مرن عرالج‬
‫ثنائي‪ ،‬األول ضمن مبادئ األمرن القرومي عبرر إحرداث‬
‫وكالة لألمن القومي وتقويرة المخرابرات وإعرادة منظومرة‬
‫واألمرن برالقوة اإلسرتراتيجية‬ ‫أمن الدولة وتزويد الجري‬
‫واللوجسرتية الالزمرة والرردرع القرانون الضرروري‪ ...‬امررا‬
‫العالج الثاني فيمر عبر مبادئ األمن الشامل ضمن لجان‬
‫تفكيررر واصررالح ودمررج بررين المعالجررات اإلقتصررادية‬
‫واإلجتماعيررة والنفسررية والعقائديررة والثقافيررة واإلعالميررة‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪146‬‬


‫‪147‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫ايضررا ممررا يسررتوجب تشررريك خبررراء فرري علرروم الررنفس‬


‫واالجتمررراع واالقتصررراد والعقيررردة والثقافرررة واإلعرررالم‪.‬‬
‫وذلك يستدعي تحصين الشباب وتجفيرف منرابع التكفيرر‬
‫والتهريب ومعالجة األنفس والمجتمعرات وعمرال اعالميرا‬
‫وفنيا وثقافيا وتوعويا ممنهجا مع اقرار اصالحات واجبرة‬
‫للمنظومررة التربويررة لحمايررة الناشررئة وسررد كررل الثغرررات‬
‫واغالق افواه مبيّضي اإلرهاب بسلطة القانون وقطع ايردي‬
‫المهربين والفسدة والحد من فوضى المخابرات األجنبيرة‬
‫وعدم السماح بارتهان القرار السيادي لتونس ومنع كلري‬
‫ألي اشرتراك فري مأسراة عربيرة فري الشرام أو العررراق أو‬
‫ليبيررا أو سررواها ‪ ،،،‬فرراألمن العربرري هررو أمررن واحررد‪.‬‬
‫أما في ما يتعلق بالمسار الحتمي‪ ،‬فهرو أن السرم قرد بلر‬
‫العظم وأن الفصل ضروري وأن األلم محتوم وأن الدولرة‬
‫التونسية وهي تعلن متأخرة جردا الحررب علرى اإلرهراب‬
‫سررتكون امررام حتميررة سررابقة والحقررة لررذلك‪ ،‬وهرري أن‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪147‬‬


‫‪148‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫اإلرهاب أعلرن منرذ أول زاويرة أحرقهرا والقروم نرائمون‪،‬‬


‫ومنذ أول مسجد سيطر عليه وهم غافلون أو خرائفون أو‬
‫متخاذلون ومنذ أول غابة احرقها وهم عاجزون‪ ،،،‬ومنذ‬
‫أول سياسرري وأمنرري وعسرركري قتلرره وهررم ينظرررون‪،،،‬‬
‫ويعلررن عبررر برراردو وإرهابرره األسررود وسرريعلن عبررر مررا‬
‫سيأتي الحرب الشاملة على تونس دينا وحضرارة وثقافرة‬
‫واقتصادا ومجتمعا وتاريخا وحاضرا ومسرتقبال‪،،،‬ولوال‬
‫ضيق المجال لفككت كل عملية ارهابية وفق ما ذكرت‪..‬‬
‫ولكن اسمح لي دكتور ان أذكرك بأن عملية باردو لرم‬
‫تكرررررررن األولرررررررى التررررررري تسرررررررتهدف المررررررردن ؟؟‬
‫رر أجررل لرم تكررن العمليرة اإلرهابيررة علرى برراردو األولرى‬
‫داخررل المرردن بررل سرربقتها عمليررات اخرررى علررى غرررار‬
‫عمليرة سوسررة اإلنتحاريرة الفاشررلة والمحاولرة الفاشررلة‬
‫لتفجير ضريح الزعيم بورقيبة بالمنستير والخلية التري ترم‬
‫الكشف عنها في صفاقس بعد انفجار القنبلرة علرى احرد‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪148‬‬


‫‪149‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫الطلبررة العائرردين مررن سرروريا‪ ،‬وسرربقتها خاليررا قبلرري‬


‫وسيدي علي بن عون وما اعده اإلرهابيون مرن سريارات‬
‫مفخخرررررررررررة وخليرررررررررررة رواد ووادي الليرررررررررررل‪...‬‬
‫ولكررن عمليررة برراردو هرري اإلنتصررار التكتيتكرري األول فرري‬
‫انتظار اإلنتصارات اإلستراتيجية‪..‬ومعلوم ان عبد اهلل بن‬
‫محمرد صرراحب كترراب « المرذكرة اإلسررتراتيجية» وهررو‬
‫احررد منظرررري «داعرر »‪،‬كررران قرررد تكلررم عرررن نظريرررة‬
‫«الررذراعين» وه ري مررأخوذة مررن تقنيررة الجنرراحين الترري‬
‫طبقهررررا خالررررد بررررن الوليررررد فرررري حرررررب اليرمرررروك‬
‫الشررهيرة‪...‬ولعل لهررا عمقررا تكتيكيررا فرري فررن السرراموراي‬
‫ومدرسة اكبر خبير في تراريخ اليابران وهري مدرسرة فرن‬
‫السفين للمعلم الكبير «مياتو موساش» صراحب كتراب‬
‫«الحلقررررررررررررررررررررررررررررات الخمررررررررررررررررررررررررررررس‪»..‬‬
‫مررررررررا هرررررررري قواعررررررررد نظريررررررررة الررررررررذراعين ؟؟‬
‫ر نظرية «الذراعين» حددها بجنراحي الدولرة اإلسرالمية‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪149‬‬


‫‪150‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫واحدة في الشام واألخرى باليمن‪ ،‬حتى اذا مرا ضرربت‬


‫واحرردة اسررتخدم األخرررى مررع شررروط فرري المنجررال‬
‫والجيوستراتيجيا‪...‬ولما فشل ذراع اليمن استعيذ عنره‬
‫بذراع ليبيا ودرنة تحديدا‪ ،‬للتوفر على الحدود الشروط‬
‫الالزمررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررة‪.‬‬
‫وذات األمر طبق في تونس عبر ذراعين ينطلق األول من‬
‫الحدود التونسية الليبية وتحديدا من برن قرردان‪ ،‬حيرث‬
‫تررم تخررزين األسررلحة وكنررت نبهررت الررى ذلررك منررذ‬
‫سنوات‪ ،‬ليصل الرى الحرزام النراري المتراخم للجزائرر‬
‫عبررر بررؤرة مركزيررة فرري الشررعانبي وجبررال سررمامة وورغررة‬
‫وبؤرة أخرى في القصرين وباجة وجندوبة‪ ..‬وقد اخرتص‬
‫هذا الذراع فري اإلرهراب االنتقرامي اي القترل مرن أجرل‬
‫القترررل والتنكيرررل وقطرررع الررررؤوس والحررررق واالغتيرررال‬
‫المفاجئ بشكلب خاطف وسريع ومنظم وحرفي‪ ،،،‬في‬
‫حررين أن الررذراع األخطررر كرران ينرردس داخررل المرردن‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪150‬‬


‫‪151‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫ويتسررلل كالسررم يخطر وينتظررر‪ ،‬كرران هدفرره األساسرري‬


‫التفخرررررررررررريخ واإلرهرررررررررررراب األسررررررررررررود‪..‬‬
‫وقد جرب ذلرك فري سوسرة وحراول مررارا فري المردن‬
‫الكبرى صرفاقس والعاصرمة ترونس‪ ،،،‬ولرو ال الجهرد‬
‫العسرركري واألمنرري والعمررل اإلسررتباقي لكانررت الطامررة‬
‫الكبرررررررررررى قررررررررررد وقعررررررررررت منررررررررررذ زمررررررررررن‪.‬‬
‫والواقع أن هذا الذراع يمتلك عرددا كبيررا مرن الخاليرا‬
‫النائمة‪ ،‬وفي الوقت المناسب سريتحرك الرذراعان معرا‬
‫في اكثر من نقطة وقد قاما بتدريبات وعمليات بيضاء مرن‬
‫اجل ذلك ضمن أمر حذّرنا منه كثيرا كثيرا‪ ....‬ولم يتم‬
‫اخررذ تحررذيراتنا مأخررذ الجررد‪ ،‬وأقصررد عمليررات اطررالق‬
‫«الفوشرريك» الممنهجررة ف ري ليررالي طويلررة بكافررة جهررات‬
‫البالد‪ .‬وقد تم استعمال «الفوشيك» فري الهجروم علرى‬
‫منزل وزير الداخلية األسبق لطفي برن جردو وايضرا قبرل‬
‫الحرب األهلية في لبنان والجزائر‪ ،‬فهل فكك اولي األمر‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪151‬‬


‫‪152‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫هرررذه الرمررروز ؟؟؟ وهرررل فهمررروا مرررا بّينّرررا وذكرنرررا ؟؟؟‬


‫فإن كانوا يفهمون وحدث الذي حردث فري براردو فهري‬
‫مصيبة‪ ،‬وإن كانوا ال يفهمون فالمصيبة أكبرر وأعظرم وإن‬
‫كنررا نفهررم ونبررين وهررم ال يسررمعون ‪ ،،،‬كمررا لرم يسررمع‬
‫الرررررذين مرررررن قررررربلهم وتلرررررك الطامرررررة الكبررررررى‪....‬‬
‫وأخرتم بسررؤال غيررر بررريء عرن الررراب بررين ظررالم عمليررة‬
‫بولعابة وضوء الفوشيك المبهر وانقطاع النور الكهربرائي‬
‫عن كامل البالد وقطعه عن منزل وزير الداخلية الحرالي‬
‫نررراجم الغرسرررلي ليجررردوا بعرررد عرررودة النرررور رسررروما‬
‫تهديديررةعلى حررائ المنررزل شرربيهة باأللعرراب السررحرية‬
‫لرررررررررررررررررررررر«هررررررررررررررررررررراري هررررررررررررررررررررروديني‪».‬‬
‫انه سؤال غير بريء تماما يدرك مدبرو اإلرهاب اجابته ‪،‬‬
‫فهل تردرك دولتنرا الحكيمرة وحكومتنرا الرشريدة وأولري‬
‫األمر فينا ذلك ومعناه‪ ،‬أم سيتركون التفسير كمرا تركروه‬
‫لعملية باردو ليكون يوم النفير العام الذي إن لرم يمنعروه‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪152‬‬


‫‪153‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫بقوة السالح والعلم والقانون والدولة‪ ،‬سريقع حتمرا ال‬


‫قدر اهلل‪.‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪153‬‬


‫‪154‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪154‬‬


‫‪155‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫عصا أوباما‬

‫مشهد من الكوميدياء السوداء ذلك الذي شاهده العرالم‬


‫اليوم في مقرر األمرم المتحردة‪ ،‬حرين رفرع أوبامرا عصراه‬
‫علررى مررن عصرراه‪ ،‬وانبرررى قررادة العررالم يهرولررون خلفرره‬
‫حاملين ما وجدته أيديهم من عِصيّ‪ ،‬ومرن خلفهرم زمررة‬
‫من قادة العرب الذين يتجشّمون ألجله كل أمر عَصيّ‪.‬‬
‫األمررر الررذي لررم يفهمرره الشررباب الررذي احتوترره أفكررار‬
‫الجهاديين وتدعوش سريعا‪ ،‬أن الرذين صرنعوا داعر‬
‫بسرررعة ومكّنرروا لهررا "فررتح األرض" بسرررعة فصررالوا فرري‬
‫الشام وجالوا في العراق وامتدوا من الرقة إلى الموصل‬
‫يقطعررون الرررؤوس ويقطّعررون األيرردي وينشرررون المرروت‬
‫والرعررب ويبيعررون الحرائررر فرري سرروق الجررواري‪ ،‬ذات‬
‫الذين صنعوهم سيقضون عليهم بنفس السررعة‪ ،‬وربّمرا‬
‫بنسق أسرع‪.‬‬
‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪155‬‬
‫‪156‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫كانررت مهمّررة جيرروش المرتزقررة الررذين غسررلوا أدمغررتهم‬


‫وحرموهم روعة الحياة وحوّلوهم إلرى لوعرة حارقرة فري‬
‫قلوب أهاليهم وطعنة قاتلة فري صردور أوطرانهم‪ ،‬كانرت‬
‫مهّمتهم األولى تدمير الدولة السورية‪ ،‬وكان المخط ان‬
‫يتم ذلك في أشهر قليلة‪ ،‬ثم طرال األمرر فسريطر الحقرد‬
‫على دويالت والهلع على ذويالت‪ ،‬فأما الردويالت التري‬
‫صبّت المال صبّا فقد خاب مسعاها فانبرى بعضها علرى‬
‫بعض لوما ثم اتهاما وتطاحنا خفيّا حينرا وجليّرا أحيانرا‪،‬‬
‫وأما الرذويالت فلكرل ذويرل دوره‪ ،‬ولكرل ذيرل مهمتره‪،‬‬
‫منهم من فتح الباب ومنهم من باع الشباب وتراجر بزهررة‬
‫أعمارهم ومنهم من هرع يقطع العالقات مع الشام ويلقي‬
‫بأبنائنا في المحرقة طمعا في موائد اللئام‪.‬‬
‫األمر الذي لم يفهمه هؤالء جميعا‪ ،‬ومرن خلفهرم أمريكرا‬
‫التي كانت مشتتة الموقف فيد تردعم ويرد تخشرى وعرين‬
‫ترى وعين تتغاضى‪ ،‬حتى أيقرن قادتهرا أن بنري صرهيون‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪156‬‬


‫‪157‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫ومَن خلفهم قد كذؤبوهم‪،‬وأن أمراء النف قرد ورّطروهم‪،‬‬


‫وأن أباطرة الحرب خدعوهم مجددا‪ ،‬فصار لزاما عليهم‬
‫أن يتعرراونوا حتررى مررع إيررران وهرري العرردو االسررتراتيجي‬
‫األكبر ألمريكا وحلفائها في المنطقة (رغم أنره وضرع قرد‬
‫يتغيّر كليا)‪ ،‬وأن يدعموا الدولة السرورية ونظامهرا رغمرا‬
‫عنهم‪ .‬األمر الرذي لرم يفهمره ذئراب الردويالت وأذنراب‬
‫الررذويالت أنرره مررن المحررال السرريطرة علررى قرروة الشررر‬
‫وتطويعهررا دون أن ينقلررب السررحر علررى السرراحر ويرتررد‬
‫السهم على راميه‪.‬‬
‫مرراذا سرريقول الررذين حرضرروا والررذين موّلرروا والررذين‬
‫تواطئوا حين تضرعهم عصرا أوبامرا أمرام الفرمران العلريّ‪:‬‬
‫فقد انتهت مدّة صلوحيتها وخرجت عرن‬ ‫"اقتلوا داع‬
‫الخ المرسوم لها وصارت تمثّرل خطررا علرى معالينرا‬
‫وعليكم أيضا أيها الحمقى"‪.‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪157‬‬


‫‪158‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫كيررف ستتصرررف تركيررا حررين وضررعها العررالم كلّرره فرري‬


‫الزاوية وهو الذي شجّعها بقسم كبير منه على لعب دور‬
‫النخّرراس فرري سرروق المرروت والرردمار‪ .‬وكيررف سررتتم‬
‫معاقبتها على دورها الكبيرر فري دخرول جحافرل المروت‬
‫إلى الشام ومرورها إلى أرجاء العرالم ممرا يشركّل خطررا‬
‫دوليا داهما؟‬
‫كيررف سرريفعل "أصررحاب السررعادة" حررين يغرقررون فرري‬
‫وحل التعاسة وتجلردهم مامرا أمريكرا دون نظررة حنران‪.‬‬
‫وكيف سيقتلعون بأيديهم المرتجفة ما زرعوه في العرراق‬
‫والشام وليبيا وفي كل مكان طالته تلك األيدي النجسة؟‬
‫وبماذا سيتشدّق "فقهاه جهنّم" وهرم ذيرول السرالطين‪،‬‬
‫وكيف سيقنعون من أقنعوهم من قبل ان الخالفة سرتقوم‬
‫وأن النظررام السرروري ملعررون وأن إيررران شرريطان‪ ،‬فهررل‬
‫سرريفتون اليرروم بررأن "أبنرراءهم الرردواع " فرري الرردرك‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪158‬‬


‫‪159‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫األسرررفل مرررن النرررار وأن قرررتلهم قربرررى مرررن اهلل وطاعرررة‬


‫لرسوله؟‬
‫وماذا عن الذي لن أذكره‪...‬ماذا عرن بالدنرا ومرن فرتح‬
‫باب الجحيم وألقرى أبناءنرا فيره ليكرون الشرباب التونسري‬
‫إرهابي في العرالم وليشركل غالبيرة الردواع‬ ‫أكبر جي‬
‫قرادة وسرفّاحين وجنررود‪ ،‬وسرواهم مررن خلفهررم منتظررر‬
‫يحمرل نفررس العقيردة والفكررر والرغبرة‪...‬وكيف سرريكون‬
‫انعكاس كل هذا على دول المغرب العربي وحين تصرل‬
‫عصا أوباما إلى ليبيا وإلى القاعدة في بالد المغرب؟‬
‫وكيف يكون انعكاسه على المنطقة وعلرى العرالم حرين‬
‫"داع ر " ومررا شررابهها وكرران علررى‬ ‫يكتشررفون أن جرري‬
‫نهجهررا أو كانررت علررى نهجرره أكثررر عررددا ومررددا ممررا‬
‫مبنري علرى فكررة‪ ،‬ومرن المحرال‬ ‫يتصوّرون‪ ،‬ألنره جري‬
‫محاصرة الفكرة خاصة حين تتحوّل إلى عقيردة وتلترف‬
‫كاألفعى بالمقردّس وتكرون مبنيرة بعنايرة مطرورة بدقرة مرن‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪159‬‬


‫‪160‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫الوهابيررة وفكررر الخرروارج إلررى طرررق الصررهاينة وخبررث‬


‫سماسررررة الررردم وتجّرررار السرررالح ولصررروص الثرررروات‬
‫والبترول والغاز‪.‬‬
‫عصا أوباما ستضرب بقروّة‪ ،‬وسريلقي قرادة العرالم ومرن‬
‫خلفهم جمهرة من قادة الدول العربية بعصيّهم فرإذا هري‬
‫تسعى كعصيّ سرحرة فرعرون‪ ،‬لكرن عصرا أوبامرا ليسرت‬
‫عصا موسى‪ ،‬ولن تقسم البحر نصفين ولرن تربجس مرن‬
‫الحجر ينابيع‪ ،‬بل ستفجر الكثير من الردم وتجررّ خلفهرا‬
‫– ولو لم تبرد ذلك ‪ -‬طوفانا من العمليات اإلرهابية فري‬
‫عدد كبير من الدول‪ .‬وهرو شررّ ال فكراك منره‪ ،‬وشررَك‬
‫خطير يجعل كل حركة تحمل خسارة‪ ،‬فإن تركوا األمرر‬
‫يستمرّ فهي كارثة‪ ،‬وإن حاولوا إيقافه جرّ كوارث أخرى‬
‫ربّمررا ذوت سررريعا وهرروت‬ ‫أيضررا‪ .‬صررحيح أن داع ر‬
‫بسرعة ألنهرا كرائن هالمري وجسرم غيرر طبيعري وفيرروس‬
‫صنعوه وأطلقوه ليخرّب ويدمّر (ثم يرأتي ثعبران صرهيون‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪160‬‬


‫‪161‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫–وكالبرره عربيررة الوجرره يهوديررة القلررب مصررحوبة برربعض‬


‫ثعالى الغرب التي تعتراش علرى الرنف والغراز وخيررات‬
‫الرردول مهمررا كرران ثمررن ذلررك ‪ -‬ليبنرري ويعمّررر ويحكررم‬
‫ويسيطر) ولكنّ نثار ذلرك لرن تتوقّرف اآلن‪ ،‬وسرتتمظهر‬
‫فيروسات أخرى ال يمكن السيطرة عليها‪ ،‬وتتطور خاليرا‬
‫زئبقية يزداد انتشارها كلما أشعلت فيها النار‪.‬‬
‫قلررت م ررّة لخبيررر اسررراتيجي أمريكرري التقيترره فرري حرروار‬
‫علمي بمدينة سوسة‪" :‬أنرتم صرنعتم الفوضرى المنظّمرة‬
‫ولم تفهموها جيردا‪ ،‬األمرر أشربه بنظريرة ترأثير الفراشرة‬
‫التري قرد تصرنع رفرفرة جناحهررا فري الصرين إعصرارا فرري‬
‫أمريكررا‪ .‬وإنرري أقررول لررك‪ :‬إذا زرعررت فكرررة إرهابيررة فرري‬
‫اإلسكيمو‪ ،‬فستحصدها في نيويورك"‪.‬‬
‫كان على أمريكا أن تفهم أن التغاضي على اإلرهراب لعبرة‬
‫خطيرة‪ ،‬وأن استمرار أعداء أمريكا من اللوبي الصهيوني‬
‫وحلفائه في داخله في جلب الردمار للعرالم لرن يجلرب‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪161‬‬


‫‪162‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫إال الخررراب ألمريكررا نفسررها‪ ،‬كمررا جلررب جنررون جررورج‬


‫بوش وعقيدتره الهرمجدونيرة الفاسردة اإلفرالس وفقردان‬
‫المنررازل والمصررائب للشررعب األمريكرري والمرروت آلالف‬
‫الجنود في معارك كان فري غنرى عنهرا فري العرراق وفري‬
‫أفغانستان‪ ،‬وكرها كبيرا من شعوب كان من األجدى أن‬
‫تجمعهررا بهررا أخرروة إنسررانية ومحبّررة ترررب البشررر بعضررهم‬
‫ببعض‪ ،‬إال من شذّ منهم وسق في هوّة الكراهية‪.‬‬
‫وكان على "حمير القطران" وذيرولهم المالعرين الرذين‬
‫اسررتجلبوا المرروت وأحلرروا برردولهم اإلرهرراب والخررراب‬
‫وصدّروه لدولة عربية لها عليهم حق األخ وحرق الجرار‬
‫وحقّ الردين والردم‪ ،‬كران علريهم أن ينتبهروا للنرار التري‬
‫أشعلوها وأن يعلموا أن وحوش النرار ال يمكرن الرتحّكم‬
‫فيهرررا‪ ،‬وحرررين تنتهررري مرررن حررررق دمشرررق والموصرررل‬
‫وطرابلس‪ ،‬ستأتي إليهم لتحرقهم أجمعين وتلفرح وجروه‬
‫شعوبهم بالشوا ‪.‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪162‬‬


‫‪163‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫هي لحظة تاريخية فاصلة رغم كل مرا فيهرا مرن سرخرية‬


‫مررّة‪ ،‬وتمضرري خطوطهررا وفررق مررا استشرررفته مررن قبرررل‪،‬‬
‫لتخلررق محرراور جديرردة وعالقررات مفروضررة بررالقوة بررين‬
‫عناصررر متنررافرة‪ ،‬وتضرراربا مفروضررا بررذات القرروة بررين‬
‫عناصر متآلفة‪ ،‬وهي مرن قروى الكرون الرهيبرة التري كرم‬
‫صهرت بين متنافر لتولّد نوعا جديردا‪ ،‬وكرم فرّقرت برين‬
‫مترررآلف لتخلّرررق عنصررررا مسرررتجدّا‪ ،‬وسررريكون الضرررياع‬
‫والتالشي لمن لم يجد من يلتحم به‪ ،‬فيضيع في متاهات‬
‫‪10‬‬
‫العالم ضياع ذرّة تائهة في سجف الكون السحيقة‪.‬‬

‫‪ 10‬سوسة ‪20:04:21 2014-09-24‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪163‬‬


‫‪164‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫حذار!‬

‫بعد فترة تأمل ونظرر‪ ،‬ومسرافة علرى الباحرث أن يأخرذها‬


‫كل مرة مجددا مرن األحرداث حترى ال يرؤدي انغماسره‬
‫فيها إلى انخداعه بها ومغنطة فكره بمظاهرها وسرجنه فري‬
‫أحادية الرؤية وخدعرة البداهرة‪ .‬وبعرد أن رأيرت ورأيرتم‬
‫معي تحقق ما كنت بينته في دراساتي وتحليالتي السابقة‬
‫منذ ثرالث سرنين عرن مسرار التنظيرر والتكفيرر والتفجيرر‬
‫وخطررورة اإلرهرراب ومخرراطر التررورط فرري الحرررب علررى‬
‫سورية وعمى بصريرة مرن فرتح لهرا األبرواب خاصرة فري‬
‫تررونس الترري كانررت بمنررأى عررن الكثيررر مررن ذلررك‪ .‬وبعررد‬
‫التطررورات األخيرررة الترري أثبتررت صرردق نظريترري فرري أن‬
‫اإلرهاب فري صريغته المطرورة الجديردة هرو خطرر علرى‬
‫اإلنسان في كل مكان وعدو لإلنسانية ككل‪ ،‬ومن لعب به‬
‫بيرردقا فررري رقعرررة شررطرنج الشرررركات النفطيرررة الكبررررى‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪164‬‬


‫‪165‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫والصهيونية العالمية وحلفائها ومصرالح المهووسرين فري‬


‫الغرررب وأذيررالهم فرري العرررب‪ ،‬هررؤالء جميعررا سررينقلب‬
‫البيرردق علرريهم ويغررادر حرردود الرقعررة ليحرررق منررازلهم‬
‫وثيابهم ووجروههم ويضررب مردنهم مهمرا كران تحصرينها‬
‫قويا ورقابتهم دقيقة‪ ،‬ألنه إرهاب خبيث دمروي سرالحه‬
‫الجسد البشري المفخخ والرغبة الجامحرة فري المروت‪،‬‬
‫فكيررف يواجهررون مررن يريررد المرروت وأخررذ حيرراتهم فرري‬
‫طريقه‪.‬‬
‫هي اليوم أكبر خطر على دول العالم التي ترتعد‬ ‫داع‬
‫بأنماط ثالثة‪:‬‬ ‫خوفا‪ ،‬ولكن ألم تصنع تلك الدول داع‬
‫*نم قاصد عامد‪ ،‬ظنّا أنه سيزرع الخراب في سروريا‬
‫كما زرعه في العراق من قبل‪ ،‬وسيحول ليبيا إلرى كومرة‬
‫محترق‪ ،‬ثم يرأتي معرززا مكرّمرا علرى ظهرر دبّابرة أو‬ ‫ق‬
‫ظهر عميل ليجني ويحصد ويبني ويعمّر ويشتري ويبيع‪.‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪165‬‬


‫‪166‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫*نم "ذيليّ" ابتليرت بره دول مرا بعرد الربيرع العبرري‪،‬‬


‫وهذه الذيول رحّبرت كرذيل الكلرب بتردمير دول شرقيقة‬
‫وساهمت بخسّتها وارتعاشها أمام بريرق الكرسري وفتنتره‬
‫في خراب كبير طال دمشرق وبغرداد وطررابلس وانسرلّت‬
‫أفاعيه تنشر سمّها قتال وتنكيال في مصر وتونس والجزائر‬
‫وأرض إفريقيا‪.‬‬
‫*نم غبي‪ ،‬عاجز‪ ،‬ظلّ يشاهد فاغر الفاه كرأحمق أمرام‬
‫خدعررة سرراحر‪ ،‬وهررذا الررنم موجررود فرري الرردول الترري‬
‫خطّطت فصفّق غبطة وهو ال يدري أنّه يستجلب الخراب‬
‫لعقررر داره ويعررين خونررة بررالده وطواغيتهررا‪ .‬وفرري الرردول‬
‫فضرلت الصررمت ظنّررا أن الحريررق بعيررد عنهررا حتررى‬
‫الترري ّ‬
‫وجررردت األفررراعي فررري حجورهرررا‪ .‬وفررري الررردول التررري‬
‫اس رتبهدفت فتقررافز كاألبلرره مهلررال بررالربيع وأزهررار الربيررع‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪166‬‬


‫‪167‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫وأمجاد الثورة مستقبال بالزهور والبخور الثروار اسرتقبال‬


‫الفاتحين وأولياء اهلل الصالحين‪ ،‬ثم دكّته الصدمة حرين‬
‫رأى مدنرره تحترررق ومررآذن المسرراجد والزوايررا والكنررائس‬
‫تسوّى باألرض نسرفا وتفجيررا والنسراء تبسربى والررؤوس‬
‫تبقطع واألطفال يموتون مرن الجروع والبررد ففررّ مرن فررّ‬
‫منهم ورجع من رجع نادما والت حين مناص‪.‬‬
‫الدول التي صمتت تكلّمت اليوم ولكرن هرل يجردي‬
‫كالمها؟‬
‫والدول التي افتعلت ذلك تريد براءة الرذئب مرن دم‬
‫يوسف لكن هل يصدّقها أحد؟‬
‫في كل هذا الغبار قد تصبح الرؤية عسيرة‪ ،‬لكرن مرن‬
‫يتأمل بقلبه العاقل وعقله المتبصر يرى بجالء‪.‬‬
‫إن قتررل مررن يسررمون أنفسررهم بجنررد الخالفررة للرهينررة‬
‫الفرنسي‪ ،‬وأول رسالة لمن يتسمون "كتيبة عقبرة برن‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪167‬‬


‫‪168‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫نررافع" للدولررة التونسررية تهديرردا ووعيرردا‪ ،‬وتحركررات‬


‫المجموعات المسلحة في ليبيا وفي إفريقيا‪ ،‬ومبايعتها‬
‫جميعرررا للبغررردادي‪ ،‬ومرررا يجرررري اآلن فررري سررروريا‬
‫والعررراق والهجمررة الدوليررة علررى داعر ‪ ،‬كررل هررذا‬
‫يدعو الجميع للحذر والحذر الشديد‪.‬‬
‫حذار‪ :‬من االغترار باالنتصار‪ ،‬ألن خلف كل انتهرار‬
‫امكانية هزيمة‪.‬‬
‫حذار من االنخرداع بهردوء العردو وكمونره‪ ،‬فخلرف‬
‫كل كُمون هجوم وشيك‪.‬‬
‫حذار من استسهال األمور‪ ،‬فخلرف مرا يبردو سرهال‬
‫أعسر المحن‪.‬‬
‫حذار من الظن أن الفعل يمضي دون ردّة فعل تشابه‬
‫عنفه أو أعنف‪ ،‬ألن لكل فعل ناتج مرن نوعره ونترائج‬
‫من ضدّه‪.‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪168‬‬


‫‪169‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫ينبغي الحذر الشديد اليوم كثيرا وغدا أكثر‪ :‬خاصرة‬


‫تونس التي تمضي نحو انتخابرات يحيطهرا الكثيرر مرن‬
‫الغمرروض واألمررور المريبررة – ولرريس هررذا سررياق‬
‫تفصيلها – وربّما سقطت أقنعة وظهرت بشاعة وجروه‬
‫وفظاعرة خونررة ومتررآمرين وتحروّل بعررض الررذيول إلررى‬
‫رؤوس ثعررابين‪ .‬أو ربّمررا خرررج نيرررون جديررد يحرررق‬
‫البالد وهو يعزف على ناي جنرون العظمرة والمررض‬
‫النفسرري‪ .‬هررذا دون أن أذكررر اإلرهرراب واحتمرراالت‬
‫تسديده لضربات هي األعنف‪ ،‬ألن هرذا مرن البرديهي‬
‫االحتياط منه وتوقّعه والعمل بكل قروة ودقّرة ونجاعرة‬
‫علررى منعرره‪ ،‬وهرري دعرروة خاصررة للشررعب والدولررة‬
‫ككل‪ ،‬وأخص للمؤسستين األمنيرة والعسركرية التري‬
‫يقع على عاتقهرا الكثيرر مرن العمرل والبرد أن تفعرذل‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪169‬‬


‫‪170‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫استراتيجية تفاعلية بينها تمكّرن لهرا مرن الحسرم فري‬


‫هذه الحرب مع اإلرهاب‪.‬‬
‫األمر عام والتحذير شامل‪ *:‬فرنسا وأمريكرا والعديرد‬
‫من الدول الغربية‪ .‬وما ذكره رئيس الروزراء العراقري‬
‫حيرردر العبررادي فرري األمررم المتحرردة عررن معلومررات‬
‫استخباراتية مؤكدة حول استهداف محطات الميترو‬
‫مثال‪.‬‬
‫عليهرا أن‬ ‫*كل دولة تشارك في الحرب على داع‬
‫فكرة لرم يبعرهرا أحرد اهتمامرا‬ ‫تحذر أيضا ألن داع‬
‫وتلك الفكرة يمكن أن تفرّخ في كل مكان وتنتشر فري‬
‫أي ركن وال تحدّها مسرافة (أذكرر كالمرا لعالمرة فري‬
‫الناسا عن أن الفكرة أسرع من الكهرباء)‪.‬‬
‫*الرردول العربيررة كلهررا مسررتهدفة‪ ،‬حتررى الترري موّلررت‬
‫وساهمت في خلقها‪ .‬ولألسف فوعيهم بهذه‬ ‫داع‬
‫الحقيقررة وعرري متررأخر جرردا‪ ،‬ولسررت نسررف علررى‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪170‬‬


‫‪171‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫المتآمرين من الحكرام برل علرى برراءة الشرعوب التري‬


‫ستكون الضحية األولى‪.‬‬
‫إنّ ما نذكره ال يعني تهويال ونفخرا فري صرورة تنظريم‬
‫داع ‪ ،‬لكرنّ الحقيقرة التري يجرب الرتفطن إليهرا أن‬
‫لرريس سرروى نرروع مررن أنررواع السررلعة الترري‬ ‫داع ر‬
‫ينتجهررا مصررنع أعررداء اإلنسررانية‪ ،‬سررمّهم صررهيونية‬
‫عالميرررة أو سرررمّهم مرررا تريرررد‪ .‬المهرررم أن الفكررررة‬
‫األساسية تقوم على‪ :‬المزج بين اإلحساس بالمهانرة‬
‫وغياب المعنى‪ ،‬والفكر التكفيرري الوهرابي االنتقرامي‬
‫المشرررربع بالتصررررهين والتطرررررّف النّازي‪.‬والخبررررث‬
‫االنتهازي لسماسرة الثروات ولصوص النف والغراز‬
‫ومصّاصرري دمرراء الشررعوب‪ .‬ر والحقررارة المطلقررة‬
‫للطواغيت وكالبهم من شيوخ جهرنّم وحميرر الرنف‬
‫والقطران‪ .‬وأعقد من أنتجت الجريمرة المنظّمرة مرن‬
‫نبظررم وخطر وطرائررق واسررتراتيجيات‪.‬مع أفضررل مررا‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪171‬‬


‫‪172‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫طوّر العقل البشري من تكنولوجيا خاصة فري مجرال‬


‫البرمجيات واالعرالم واالخترراق والرنظم الحاسروبية‬
‫واألسلحة خاصة التفخيخ والقنابل‪.‬زد علرى ذلرك‬
‫العقيدة الفاسدة التي تأخذ صبغة الحقيقة المطلقة‪،‬‬
‫وخرردر العقررول وغسرريلها‪.‬وطاقة شررباب حوّلرروه إلررى‬
‫ومسحوا مرن ذهنره الردنيا‬ ‫أقوى سالح وأفتك وح‬
‫بكل روائعها وجمّلوا في عينيه الجرائم بكرل فظائعهرا‬
‫وأوهموه أنه بمجررد أن يفجّرر جسرده سيسرتيقظ فري‬
‫حضن حورية من حوريات الجنة في غرفة من غررف‬
‫‪11‬‬
‫الفردوس األعلى‪.‬‬

‫‪11:06 2014-09-26 11‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪172‬‬


‫‪173‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫لقد خبدِعنا!‬
‫(حصان طروادة مجددا)‬

‫للعربي مع الحصان قصص‪ ،‬منرذ أن قرال عنتررة‪ :‬لرو‬


‫كرران يرردري مررا المحرراورة اشررتكى‪ .‬وقبلرره قررال امرررئ‬
‫القيس‪ :‬مكرّ مفرّ‪...‬كجلمود صرخر‪ .‬لكرنّ الحصران‬
‫الخشبي الذي استقبله أهل طروادة بالرقص وفتحروا‬
‫له أبواب قلعتهم الحصينة ظنّا أن العدو استسلم لهم‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪173‬‬


‫‪174‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫وفرّ عبرر البحرر وتررك لهرم تلرك الهديرة‪ ،‬حترى إذا‬


‫أخذت سكرة الفرح الموهوم باأللباب‪ ،‬ونام النّروّم‪،‬‬
‫خرج الجند المختبئون كمردة الجن‪ ،‬ورجرع العردو‬
‫بجيشه‪ ،‬وانفتحت له األبواب‪ ،‬ليقتل الرجال ويسربي‬
‫النسرراء واألطفررال‪ ،‬علررى وقررع ضررحكات مينرريالوس‬
‫(ملررك اسرربرطة وزوج هيل رين) الحاقرردة وصررراخه‪:‬‬
‫دمروا طروادة‪...‬انهبوا كل شيء‪..‬اقتلوهم جميعا‪.‬‬
‫قيل أن سبب الحرب لم يكن جمال هيلينا الرذي لرم‬
‫يكن له نظير كمرا قرال هروميروس‪ ،‬هيررودوت نفسره‬
‫استغرب ذلك‪ ،‬برل كانرت مرن أجرل كنروز طرروادة‬
‫الترري غررارت منهررا حتررى اآللهررة كمررا تقررول اإلليرراذة‬
‫واألوديسا‪ ..‬لقد كانرت خدعرة متقنرة جردا‪ ،‬وحرين‬
‫صرخ أهرل طرروادة "لقرد خبردعنا" كران األوان قرد‬
‫فات‪.‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪174‬‬


‫‪175‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫وليست الخدعة بأمر غريب في المعارك والحروب‪،‬‬


‫فالحرب خدعرة‪ ،‬ولريس مسرتبعدا أن يحراول عردوّك‬
‫خداعك أو تسعى لخداعه أثناء المعركة‪ ،‬إنره جانرب‬
‫من فن المناورة الذي أسهب سن تزو في الكالم عنه‬
‫فرري كتابرره المرجعرري "فررن الحرررب"‪ ،‬واهررتم بفنررون‬
‫الخداع الحربي كل قادة الجيوش على مرّ التاريخ‪،‬‬
‫ولكن حصان طروادة يمثّل أنموذجرا ظرل يتررنّح برين‬
‫األسطورة والحقيقة التاريخية‪.‬‬
‫السؤال الحارق هنا‪ :‬هل كان الربيرع العربري حصران‬
‫طروادة جديد؟ وهل حقا أنه كمرا أسرميته مرن قبرل‪:‬‬
‫الربيع العبري؟‬
‫هررل حقّررا قامررت بعررض الشررعوب العربيررة بررر"ثورة"‪،‬‬
‫بدأت من أرض إفريقية على هدير‪ :‬الشعب يريد؟؟‬
‫هررل سرراعدنا مررن سرراعدنا أيررام الثررورة ثررم أعلررن أنرره‬
‫يساعد الشعوب الثائرة على نيل الحرية وانبرت قنواته‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪175‬‬


‫‪176‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫االخبارية تسعى في األرض تبرث أمجراد الثروار مرن‬


‫طرررابلس إلررى دمشررق؟ هررل كرران حقررا ألجررل جمررال‬
‫الحرية الذي فاق جمال هيلين االسربرطية‪ ،‬أم ألجرل‬
‫كنوزنا التي تفوق كنوز طروادة؟‬
‫أجل كانت بداية الحلم مسار ثورة فري ترونس‪ ،‬لكرن‬
‫المسار تم التالعب به سريعا حين انتبره المرردة لمرا‬
‫يمكن أن يؤول إليه األمر لرو تمّرت ثرورة حقيقيرة فري‬
‫أرض العرب‪ :‬ثورة ثقافرة وفكرر ومحبّرة ورقيّ‪..‬ثرورة‬
‫أعظرررم أثررررا وأجرررلّ مقامرررا مرررن مجررررّد هرررروب‬
‫حاكم‪...‬ثورة لن تكسر فق الديكتاتورية بل ستكسرر‬
‫الجهل وتهرزم الحقرد وتبعرد أشرباح الجروع والفقرر‬
‫عن شعوب طال بها الربالء‪ .‬ثرورة مازلرت أحلرم بهرا‬
‫وأنتظرها وأرجو تحققرا ولرو بعرد حرين‪ ،‬حرين نفهرم‬
‫المعنى الحقيقي للثورة‪..‬المعنى الذي يجعلنا شرعوبا‬
‫تستحق االحترام‪.‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪176‬‬


‫‪177‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫كأهل طرروادة ظننرا ان العردو فررّ‪ ،‬وأن الديمقراطيرة‬


‫هدية قدّمها إلينا خاضعا ضعيفا مرتعدا‪ ،‬فرقصنا طربرا‬
‫سركرنا‬
‫وترنحنا سكرا بنسائم الحرية‪ .‬لكن فري غمررة ب‬
‫لم ننبته لمن اختبأ في الحصان الخشربي‪ ،‬ولرم ينتبره‬
‫أهل ليبيا ومصرر والريمن والشام‪...‬الشرعوب انطلرت‬
‫عليها الحيلة جميعا‪ ،‬إال قلّة قليلة لم تجد لها سامعا‬
‫فررري البدايرررة‪ .‬والحقيقرررة أن الخدعرررة كانرررت جيّررردة‬
‫االخراج فيها من سحر سحرة فرعون الذين سحروا‬
‫أعين الناس‪ ،‬وكم من الئم الم عليّ منذ سنتين يروم‬
‫بيّنت ما بيّنت عن حقيقة ما يجري ومرا دوّنتره شراهد‬
‫يمكن التثبّت منه ومراجعته‪ ،‬رغم أني كنت فري غايرة‬
‫السررعادة يرروم تحطّمررت الزمرررة اآلثمررة وف ررّ راعرريهم‬
‫وتركهم مشرّدين‪ .‬وأعني عائلرة المخلروع وأصرهاره‬
‫ومن كان في زمرتهم‪ ،‬لكني كنرت حرذرا جردا حترى‬
‫بدأت خيوط اللعبة تنكشف‪.‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪177‬‬


‫‪178‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫"لقد خبدِعنا"‪ .‬كلمة مرّة حين يقولهرا مرواطن رقؤرص‬


‫رقصة الولهان في حضن اللقاء وهو يفتح أبواب وطنه‬
‫للنار والدمار‪ ،‬وهذا ما حصل ألهالي بلردة عرسرال‬
‫في لبنان أو أكراد الشرام والكثيرر مرن أهرالي حمرص‬
‫وحلررب والرقررة الررذين صردّقوا وهررم الثررورة وطربرروا‬
‫الحررر ليجرردوا أمررامهم سررفّاح‬ ‫النتصررارات الجرري‬
‫وليكتشفوا أن الربيع لم يكن إال خريفا مردمّرا‬ ‫داع‬
‫باألعاصررير وأن الحررر لررم يكررن إال عمرريال نجسرررا‪.‬‬
‫وحصررل أيضررا ألهررل ليبيررا فلررم تنتهرري نشرروة الفرررح‬
‫بنجرراح الثررورة حتررى شرراهدوا مقررام شرريخهم عبررد‬
‫السررالم األسررمر يفجّرهررا اهررل التكفيررر علررى وقررع‬
‫التكبير‪ ،‬وحتى رأوا مطار طرابلس يحتررق وخزانرات‬
‫الوقود تفجّر وشاهدوا االغتيراالت والردمار فري كرل‬
‫مكان‪.‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪178‬‬


‫‪179‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫"لقررد خبرردِعنا"‪ .‬ألرريس علررى المصررري والسرروري‬


‫واليمني والليبي والعراقي أن يردّدها وهرو يررى األخ‬
‫يقتررل أخرراه واالبررن يكفّررر أبرراه وأبنرراء الرروطن الواحررد‬
‫يسحل بعضرهم بعضرا وتمرزّقهم اإليرديولوجيا المقيترة‬
‫والطائفية البغيضة وهم الذين كرانوا منرذ قليرل إخروة‬
‫الوطن‪.‬‬
‫"لقد خبردِعنا"‪ .‬هرل يمكرن للتونسري أن يقولهرا وهرو‬
‫يرى بلده يتحوّل إلى منبرع لإلرهرابيين وبرؤرة للتكفيرر‬
‫والتعهير على حد سواء‪ .،‬بل ويغدو"قمامرة كبيررة"‬
‫وتخنق النفايات وروائح العطن والعفن أطفرال جربرة‬
‫وشرروارع سوسررة وأنهررج العاصررمة وتررراب األرض‬
‫في مدن تونس الجميلة‪.‬‬
‫"لقررد خبرردِعنا"‪ .‬هررل علررى الحررالمين بأمجرراد الثررورة‬
‫والمصردّقين لحكاياتهررا والمتمررايلين وجرردا لمواويلهررا أن‬
‫يعترفوا بانهم خبدعوا‪ ،‬حتى الشهداء الرذين ضريّع حكّرام‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪179‬‬


‫‪180‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫مررا بعررد الثررورة دمرراءهم وحقرروق أهرراليهم والجرحررى‬


‫والمهمّشين والفقراء الباحثين عن رغيف كرامة‪.‬‬
‫إنّه أمر مرّ حقيقة ومقيت جدا‪ ،‬بكل فظاعة مشاهده‪ ،‬بكل‬
‫صررور القتررل الداعشرري الرهيبررة‪ ،‬بكررل جثررث الجنررود‬
‫المغررردورين واألمنيرررين المقترررولين ودمررروع األمهرررات‬
‫الثكررالى‪ .‬بكررل مررا ال يسررر العررين مررن خررراب ودمررار‬
‫ودم‪...‬وبكل حقرد الجنرود الرذين خرجروا مرن حصران‬
‫طررروادة وعرراثوا فرري أبنرراء األمررة قررتال‪ :‬مررن دمشررق إلررى‬
‫حلررب‪ ،‬ومررن الموصررل إلررى تكريررت‪ ،‬ومررن غ رزّة إلررى‬
‫غزّة‪....‬‬
‫فهل نصحوا من سكرتنا لنصرحح المسرار‪ ،‬وننجرز ثرورة‬
‫القرريم‪ ،‬ثرررورة العلررم‪ ،‬ثرررورة األخررالق‪ ،‬ثرررورة الثقافرررة‬
‫والمحبة والتعاي ؟‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪180‬‬


‫‪181‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫وإن كنا نقدر يوما‪ ،‬فكيف الخالص من جند مينريالوس‬


‫‪12‬‬
‫المتعطشين للمزيد من دمائنا؟؟؟‬

‫‪ 12‬سوسة ‪21:50:06 2014-09-26‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪181‬‬


‫‪182‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫قؤ ْطرائِيلُ والقؤطِرَونسيِّينَ‬

‫الفلم الذي بثته قناة الجزيرة عن حقيقة‬


‫اغتيال الشهيد شكري بلعيد حسب زعمها‪ ،‬ال يختلف‬
‫عن الرسالة التي وجهها اإلخواني المختل وجدي غنيم‬
‫ليكفّر أغلبية الشعب التونسي ويبث حقده وكرهه‬
‫لألرض التي قال عنها االمام مالك في حديثه لسيدي‬
‫علي بن زياد‪" :‬واعلم يا بني أن إفريقية هي القبلة الرابعة‬
‫باالعتبار"‪.‬‬
‫وقاحة الفلم وانحطاطه القيمي شبيه بانحطاط ووقاحة‬
‫الدعيّ الداعشي‪ ،‬وكالهما وجهان لنفس العمالة‪ :‬خدمة‬
‫مشروع صهيوني تندمج فيه قطر مع إسرائيل ومع‬
‫الخليفة العثماني الجديد الذي يحلم بتتريك العالم‬
‫العربي‪.‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪182‬‬


‫‪183‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫هذا الحلف انتظر حتى وجد في ثورة تونس فرصته‬


‫ليغيّر مجرى النهر ويصنع من الربيع العربي ربيعا نخر‬
‫كان على العرب خريفا عاصفا‪ .‬وهؤالء هم من صنعوا‬
‫والخليفة الوهابي مع العبين أكبر منهم حجما‪،‬‬ ‫داع‬
‫وساهمت الجزيرة كما ساهم غنيم والقرضاوي في‬
‫العاطفي والعقائدي لها‪ ،‬لتخريب‬ ‫صناعتها والتجيي‬
‫الشام وما بقي من العراق بعد خراب االحتالل االمريكي‬
‫المدمر‪ ،‬ولزرع الوهابية وارهابها التنظيمي في ليبيا‬
‫ومصر وتونس وعدد من دول إفريقيا‪ ،‬مع من تحالف‬
‫معهم من فلول االخوان وبعض المتذيّلين الذين يقدمون‬
‫الخدمة مهما كانت لمن يمنحهم الكرسي أو يساعدهم‬
‫على البقاء فيه‪.‬‬
‫يوم حاضر أحد زعماء الوهابية في قصر قرطاج وس‬
‫جموع من المسؤولين في الحكومة والقيادات السياسية‬
‫والسفراء‪ ،‬بتقديم رسمي من رئيس الدولة‪ ،‬وأخذ ينظّر‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪183‬‬


‫‪184‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫للسلفية أمام حيرة البعض وصدمة نخرين خاصة من‬


‫كان حاضرا من سفراء الدول الغربية‪ ،‬وابتهاج من‬
‫وافقوه منهجا أو من جاؤوا في ركابه‪ ،‬يومها كنت‬
‫حاضرا واطعت واجبي في رد مختزل قوي عليه وعلى ما‬
‫قاله وهو رد اشتهر كثيرا تعبيرا عن صوت زيتوني‬
‫صوفي تونسي وعن ذات مثقف ومفكّر ال يريد أن يرى‬
‫تونس العظيمة مرتعا ألفاعي ابن عبد الوهاب النجدي‬
‫الذي لقنه سيدي عمر المحجوب من قبل درسا لم‬
‫يذق مثله طيلة حياته وكسر غروره وفضح افكه وادعاءه‪.‬‬
‫لكن تونس العظيمة كانت سجينة حينها في أيدي أرادت‬
‫تقزيمها ألنها أيدي أقزام‪.‬‬
‫إن قطرائيل اخطر من اسرائيل‪ ،‬ألن الصهيوني عدو‬
‫ظاهر‪ ،‬بيننا وبينه تاريخ من الدم منذ أن هاجمت الهاغانا‬
‫وبقية العصابات الصهيونية دير ياسين وبيت المقدس‪،‬‬
‫إلى قتل محمد الدرة وهو يحتمي بأبيه تحت جدار‪ ،‬إلى‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪184‬‬


‫‪185‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫ما فعلوه في لبنان وفي غزة‪ .‬لكن قطر تنطق بلغتنا وتدعي‬
‫أنها تنور عقولنا وتغار على ديننا‪ ،‬وتريد ان ترينا حقيقة‬
‫تاريخنا ووقائع حاضرنا وترسم لنا غدنا وتزرع فيها‬
‫جذوة الثورة حبا للحرية وصونا للكرامة ورفضا‬
‫للطغيان‪ .‬وهي ألجل ذلك بنت الجزيرة التي استدرجتنا‬
‫سنين عددا حتى خلناها صوت الحق القادم بتجلياته‬
‫العظمى‪ ،‬وكان فيها "المفكر العربي" الذي اصبح فيما‬
‫بعد منظّرا واصبحت الجزيرة بوقا للربيع العربي لتحمله‬
‫عبر جمعة الغضب وجمعة الرحيل وغيرها من الجمعات‬
‫الى ليبيا ومصر واليمن وسوريا‪ ،‬ولينكشف بعد حين انه‬
‫الربيع العبري الذي لم يحمل اال الدمار والخراب‬
‫والتردّي واإلرهاب‪.‬‬
‫وهي ايضا من اوصلت الينا صوت شيخ اتحاد‬
‫العلماء المسلمين‪...‬وأظهرته عالما ربانيا وقائدا ملهما‬
‫يوحد االمة ويفتي بالحق كما نزل على نبي الحق‪...‬لكنه‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪185‬‬


‫‪186‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫انبرى يدعو لقتل السوريين أمنيين ومواطنين ان هم‬


‫ناصروا رئيسهم‪...‬ويقول ما قالوا له أن يقول مهما كان‬
‫القول بعيدا عن منهج الحق وعن روح االسالم وجالبا‬
‫شيوخ‬ ‫من‬ ‫زمرة‬ ‫والمآسي‪...‬مع‬ ‫للكوارث‬
‫جهنم‪...‬لنسمع عن مالئكة العريفي التي تنصر الثوار في‬
‫بر الشام‪...‬وعن أمور اخرى عجيبة يقولها الوهابيون‬
‫الجدد المتحالفون مع االخوان الخارجين من أقاصي‬
‫تطرف سيد قطب حين دمج بين االخوانية والسلفية‬
‫الجهادية‪ .‬وتوالى القصف العقلي والوجداني من قنوات‬
‫وهابية أخرى تخدم نفس المشروع‪...‬بل صوّرت لنا‬
‫الصحابة كأننا نراهم واعادت زمن النبوة في مسلسل‬
‫عمر وصورت الحسن والحسين واوبوهما الكرار رضي‬
‫اهلل عنهم لتثير حفيظة الشيعة ولتقرّب التمثل الوهمي‬
‫لفترة النبوة والخلفاء‪ ،‬دمغجة وخداعا للسذج‬
‫والمتعصبين الذين تداعوا الى الشام كي يكونوا صحابة‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪186‬‬


‫‪187‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫جددا‪ ،‬ثم خرجوا للناس بخليفة جديد صورة طبق‬


‫االصل من صورة الخليفة عمر كما أداها الممثل‪.‬‬
‫كل هذا وغيره فعلته قطر‪ ،‬ومع حلفائها المعروفين‪:‬‬
‫موّلت وسلّحت وتآمرت وخططت ونفّذت وسحرت‬
‫أعين الناس وأتت باإلفك العظيم‪ .‬وفي كل هذا ظهر‬
‫القطرنسيّون‪...‬فعلوا كل شيء لخدمة أسيادهم‪:‬‬
‫*قطعوا العالقات مع سوريا‪ ،‬مدمرين بذلك مبادئ‬
‫الديبلوماسية التونسية التي مثلت مدرسة متميزة‪ ،‬غير‬
‫مبالين بكل ما يجمعنا بالشام العظيمة وأهلها الطيبين‪.‬‬
‫*غضوا النظر عن تغطرس الوهابيين وسيطرة التكفيريين‬
‫على المساجد وما سببوه من فوضى في المجتمع‪.‬‬
‫*تساهلوا مع بؤر اإلرهاب االولى وتهريب االسلحة‬
‫واخترقوا كل أجهزة الدولة ليجد اإلرهابيون حتى في‬
‫صورة القبض عليهم طابورا خامسا مندسا بين القضاة‬
‫والحقوقيين والمحامين وفي االعالم وفي الوزارات يدفع‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪187‬‬


‫‪188‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫عنهم الضرر ويبعد عنهم الخطر ويمهد لهم الطريق‬


‫الستكمال الحريق‪.‬‬
‫*أنزلوا في الحضيض هيبة الدولة‪ ،‬فكانوا سخرية‬
‫الشعب الذي لم يحترموه فلم يحترمهم‪ ،‬إال من كان في‬
‫صفّهم متعصّبا ولو علم أنهم في طريق خاطئ‪.‬‬
‫*دمّروا – أو كادوا – البنية التحتية للدولة التونسية‪،‬‬
‫فشل اقتصادها‪ ،‬وانهار مستواها التعليمي‪ ،‬وضربها‬
‫اإلرهاب بقسوة‪ ،‬خنقها التلوث‪ ،‬واستشرى الفساد‬
‫االداري‪ ،‬اشتعلت االسعار‪ ،‬وكادت الفوضى أن‬
‫تحكم والمواطن أن يفقد االمل‪.‬‬

‫اليوم مسار المعركة يأخذ أبعادا أخرى‪* :‬موقف دولي‬


‫موحّد ضد تنظيم داع ‪ ،‬وتركيا مضطرة لدعم األكراد‬
‫والبيشمرقة في قتالها البنتها الداعشية في كوباني‪.‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪188‬‬


‫‪189‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫*فشل الربيع العبري‪- :‬انتكاسة االخوان في مصر قبل‬


‫المصريين لدعم النصرة وتنظيم الدولة ومهاجمة‬ ‫تجيي‬
‫الشام وغيرها من الكوارث التي كان يعدّ لها مرسي بكل‬
‫غرور وعجرفة أبي جهل‪.‬‬
‫‪-‬الفشل في إسقاط الدولة السورية‪.‬‬
‫‪ -‬فشل في تدمير حزب اهلل وخنق إيران‪.‬‬
‫‪-‬فشل في خلق دولة وهابية إخوانية في ليبيا وفي بناء‬
‫مشروع اإلمارة المزعومة ألنصار الشريعة‪ ،‬وهزائم كبيرة‬
‫الليبي الذي يقوده حفتر‪.‬‬ ‫ألنصار الشريعة أمام الجي‬
‫‪ -‬فشل في إرساء وهم الخالفة بين العراق والشام رغم‬
‫في الموصل‬ ‫كل االنتصارات الميدانية الكبيرة لداع‬
‫ودير الزور وما بينهما‪ .‬فشل في اختراق الجزائر وخلق‬
‫قالقل فيها‪.‬‬
‫‪-‬فشل في صوملة تونس وجعلها موطنا أخيرا لتنظيم‬
‫االخوان رغم كل الضرباا اإلرهابية الموجعة تحويلها‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪189‬‬


‫‪190‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫إلى أكبر مصدّر لإلرهابيين في العالم‪ .‬لكن البنية التحتية‬


‫للدولة التونسية صدمت بفضل وعي قسم كبير من‬
‫الشعب التونسي وعمل عدد كبير من رجال االعالم‬
‫والفكر والدين والسياسة واألمن‪.‬‬
‫حين تعطي االنتخابات التونسية نتائجها التي أعطت‬
‫نصرا نوعيا للنداء وتغيرا تكتيكيا ولينا في مواقف حركة‬
‫النهضة التي ربما يسعى بعض الواقعيين فيها للخروج‬
‫نهائيا من جبة تنظيم اإلخوان‪ ،‬وحين يهنئ الغنوشي في‬
‫تقليد جديد شبيه بما لدى الدول الغربية حركة نداء‬
‫تونس‪ ،‬وحين يلوح ان االنتخابات الرئاسية قد تخرج‬
‫المرزوقي من قصر قرطاج وتأتي بمن يجتث بقايا‬
‫المشروع القطري التركي الصهيوني ويقوم بإرجاع‬
‫العالقات مع سوريا (وهو ما ينبغي القيام به دون تردد‬
‫أو تأخير) ويبني مشروعا استراتيجيا ينزع كل اوراق‬
‫التوت عن اإلرهابيين وداعميهم أيا كانت مواضعهم‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪190‬‬


‫‪191‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫وكيفما كانت أقنعتهم‪ :‬في القضاء‪ ،‬محامين‪ ،‬حقوقيين‪،‬‬


‫أشباه إعالميين‪ ...‬فإن الهلع القطرائيلي والتتريكي‬
‫والقطرنسي والصهيوني كبير جدا‪ ،‬وليس لديهم إال‬
‫المضي إلى ما تبقى لديهم من قوة‪ ،‬وال أرى زيارة‬
‫الصهيوني برنارد ليفي (وهو المدير التنفيذي للربيع‬
‫العبري ورجل الحرائق والكوارث حيثما حلّ حلّت‬
‫وحيثما مضى مضت) لتونس إال ضربة اليائس الحقود‪،‬‬
‫مما يجعلني أتوجس من كل ما يمكن أن يخط له وأن‬
‫ينفذ في تونس ومصر والجزائر وليبيا في األيام القليلة‬
‫لتقسيم التونسيين إلى قوادة في‬ ‫القادمة‪ ،‬مع التجيي‬
‫الوس والشمال وفالّقة في الجنوب‪ ،‬أو تونستان في‬
‫والشمال‪ ،‬وهي ورقة‬ ‫الجنوب وتونسيانا في الوس‬
‫يستخدمها الداعمون للقطرنسيّة الحالمة بالمكوث في‬
‫قصر قرطاج واكمال المشروع كلفها ذلك ما كلّفها‪ ،‬في‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪191‬‬


‫‪192‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫حديث عن أمل الثورة الباقي وعن بقايا حياة الربيع‬


‫العربي الكاذب‪.‬‬
‫لكن رغم كل هذا‪ ،‬فإني على يقين أن الوعي الشعبي‬
‫العربي قد أدرك – رغم فداحة الثمن – أن الربيع لم‬
‫يكن عربيا‪ ،‬بل هو ربيع عبري جنت تل أبيب ثماره‪،‬‬
‫وتغطرست بعد دمار دول كانت تؤرقها وقتلت نالف‬
‫الغزاويين أمام صمت العالم ولم يطلق الخليفة‬
‫البغدادي رصاصة واحدة على جندي صهيوني في‬
‫حين مضى يذبح من تطاله يداه من اآلمنين في العراق‬
‫ولشيوخ‬ ‫والشام‪ .‬ولم يتحرك ساكن ألمراء النف‬
‫الجحيم ولم يتحدث احد منهم عن مالئكة تنصر‬
‫المجاهدين في غزة فمالئكتهم المزعومة ال تظهر إال‬
‫ولمرتزقة الوهابية وما هي إال‬ ‫لجماعة النصرة وداع‬
‫شياطين ملعونة لعنة تطال شيوخ اإلفك الذين يرسلون‬
‫أبناءنا للموت في سوريا ويعدونهم بجنات عدن والحور‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪192‬‬


‫‪193‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫العين‪ ،‬في حين يرسلون أبناءهم إلى لندن وكندا حيث‬


‫جنّات الفنادق الفاخرة وحور الفرنجة‪.‬‬
‫الشعب التونسي الواعي (دون ذكر المدمغجين‬
‫والغارقين في الوهم االيديولوجي والتعصب الثورجي‬
‫فالنائم مرفوع عنه القلم حتى يفيق) لن يسمح بالمزيد‬
‫من اإلرهاب والفوضى والخراب والتلوث والتردي‬
‫والنزيف الدموي للشباب التونسي في محارق الصهاينة‬
‫والقطرائيليين وحثالة الترك (مع احترامنا وحبنا‬
‫للشعبين الشقيقين القطري والتركي) وبعض أجالف‬
‫النف وامراء الحرب ومشائخ الوهابية الذين ال يريدون‬
‫لألمة إلى التخلف والدمار والتناحر‪ ،‬وفلول االخونج‬
‫المستميتين في استعادة حكم لم يكونوا له أهال وجلبوا‬
‫من الخراب في عامين ما لم يسببه الطغيان في ثالثين‬
‫عاما‪.‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪193‬‬


‫‪194‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫لن تكون المرحلة القادمة سهلة‪ ،‬وهنالك مراجعات‬


‫على حركة النهضة كفاعل سياسي في تونس أن تقوم‬
‫بها ولديها من الكفاءات ما يكفي لفعل ذلك‪ ،‬ويمكن‬
‫االكتفاء بنصائح ونقد الشيخ مورو‪ .‬وعلى النداء‬
‫واالحزاب الوطنية أن تبني مشاريع استراتيجية حقيقية‬
‫تراعي فيها باألساس االسالم الوسطي المعتدل‬
‫والمنهج الزيتوني المستنير والمشاريع الواقعية التي‬
‫تعتمد على الكفاءة باألساس‪ .‬أما المجتمع المدني‬
‫فعمله أشد دقة ألن اإلصالح عسير وشاق في هذا‬
‫الظرف اإلقليمي الحرج وامام العداوة التي ستظهر كل‬
‫يوم أكثر للمشروع الوطني التونسي‪.‬‬
‫خالصة األمر ببساطة‪ :‬ال قطْرنَة‪ ،‬وال وهوبنَة‪ ،‬وال تَروكؤنَة‪،‬‬
‫وال صهينة‪ ،‬وال فرنسة وال أمركؤة‪ ،‬وال طلينة‪ ،‬بل‬
‫توونَسة‪ ،‬توونَسة فق ‪ ،‬مع العمق الحضاري واالمتداد‬
‫التواصلي العالمي‪.‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪194‬‬


‫‪195‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫هذا أمر على الجميع خاصة األحزاب السياسية أن‬


‫يفهموه‪ .‬وفيه جهد كبير يجمع بين المخزون الثقافي‬
‫والديني والحضاري‪ ،‬والمنظومة العالئقية مع دول‬
‫ومواقف‬ ‫وديبلوماسية‬ ‫وفكرا‬ ‫قيما‬ ‫العالم‬
‫واقتصادا‪...‬حيث تكون لنا ذات تونسية مستقلة بكل ما‬
‫تمثّله‪ ،‬قادرة على التواصل مع كل من يشترك معنا في‬
‫القيم االنسانية‪ ،‬دون تطبيع مع الصهاينة أو خضوع‬
‫‪13‬‬
‫ألذنابهم أيا كانوا‪ ،‬وعلى رأسهم بنو قطرائيل‪.‬‬

‫‪ 13‬سوسة ‪22:17:05 2014-11-01‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪195‬‬


‫‪196‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫غياب المعنى وفوبيا الغياب‬

‫كنرت تكلّمررت عرن المعنررى فرري‬


‫كتابي "تأمالت فلسرفية"‪ .‬ولريس المعنرى براألمر الهرين‪،‬‬
‫فهو فري اللغرة مرثال نتراج ارتبراط الردال بالمردلول‪ ،‬فرإن‬
‫الدال أن لم يؤدّ معنى في تعريفه للمدلول ماديرا كانرا أو‬
‫حسرريا أو فكريررا أو سررواه‪ ،‬فقررد سررق فرري االضررمحالل‬
‫المعنوي‪ ،‬لذا تقوم اللغرة ككرائن حري واع بتطروير اتهرا‬
‫تفاعليا مع لغرات أخررى أو مرع متطلبرات الواقرع لخلرق‬
‫دوال تبين معاني المدلوالت المستجدة‪.‬‬
‫والمعنى كمصطلح وجودي على غاية القيمرة واألهميرة‪،‬‬
‫ألنرره محرردد للوظيفررة والحقيقررة والكنرره‪ ،‬فررالمعنى كنرره‬
‫وطبيعة ومحتوى‪ .‬وحيراة برال معنرى‪ ،‬أو وجرود ال يلمرس‬
‫المعنى‪ ،‬يسق في العدمية والعبثية والفوضى‪.‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪196‬‬


‫‪197‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫إن أفقرردت إنسررانا معنررى وجرروده‪ ،‬أو فقررده‪ ،‬فررال يمكررن‬


‫تعررويض ذلررك مطلقررا‪ ،‬وسرريحاول البحررث عررن المعنررى‬
‫وإيجاده ولو بالتوهّم‪ ،‬وهنا خطورة افتعال فرراغ معنروي‬
‫وجودي وشخصاني‪ ،‬ألن الشخصية الخاوية فريسة لكرل‬
‫متصيّد ومفسد‪.‬‬
‫ماذا حين يتم برمجة الصورة والمعطى إلثبات أن الفتررة‬
‫فيرره‪،‬‬ ‫كلهررا‪ ،‬الررزمن الررذي تعيشرره‪ ،‬الرروطن الررذي تعرري‬
‫الوجود الذي يكتنفك‪ ،‬المعاني التري تعتقرد فيهرا‪ ،‬كلهرا‬
‫بال معنى‪ ،‬ثم يقدّمون لك معنى جديدا يمنحك معنى كان‬
‫غائبررا عنررك‪ ،‬ويعوضررك عررن غيرراب المعنررى فرري زمنررك‬
‫وفترتك وقيمك وفهمك ومجتمعك وأهلك وذاتك؟‬
‫حين يقال لك أن زمنك مبحردث وهرو بدعرة وكرل بدعرة‬
‫ضاللة‪ ،‬والضالالت في النار‪ .‬مما يعني أن كل مكتسبات‬
‫اإلنسران مرن علرروم ومعرارف وثقافرة هرري محردثات وشررر‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪197‬‬


‫‪198‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫األمور محردثاتها‪ ،‬فري إسرقاط معنروي تروهيمي لحرديث‬


‫نبوي شريف‪.‬‬
‫وحين يصوّر لك أن الفترة التي أنت فيها هي انحدار من‬
‫فترررة مشرررقة يصررورونها لررك كمررا أرادوا ويخلقررون لررك‬
‫الصورة التي تقرب من ذهنك المعنرى حترى تغمسره فيره‬
‫ثم تغرقه بالكامل‪ ،‬فتنفق األموال على مسلسرالت تجسرد‬
‫زمن النبوة االولرى وتأتيرك بوجروه الصرحابة وأصرواتهم‬
‫على معنى ما رسموا لك وليس معنراهم فري الحقيقرة إال‬
‫كذبة على المعنرى‪ .‬ليسرهل بعرد ذلرك الررب برين معنرى‬
‫الصحابي الجليل الفاروق عمر وبين صورة الفاروق فري‬
‫مالمح وصوت الممثل الذي يؤدي الدور ويجسّد الوهم‬
‫ال الحقيقررة‪ ،‬وبررين حيرراة الصررحابة فرري المدينررة ومشرري‬
‫النرراس فرري األسررواق‪ ،‬والصررورة النمطيررة لررذلك فرري‬
‫المسلسررل‪ ،‬ليررتم اإلسررقاط فترررى قائررد تنظرريم جهررادي‬
‫يشاكل صورة الممثرل الرذي يردعي أنره يشراكل صرورة‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪198‬‬


‫‪199‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫الصررحابي عمررر بررن الخطرراب‪ ،‬ثررم يررتم حررذف الصررورة‬


‫النمطية الوسطى ليكون النراتج أن القيرادي فري التنظريم‬
‫يشاكل – نمطيرا – صرورة الصرحابي عمرر‪ ،‬وعليره يرتم‬
‫دمج الصورتين في معنى يبسق قداسة الفاروق عمر فري‬
‫المخيال العام على قداسة نمطية للقيادي‪ ،‬فيكرون إمامرا‬
‫وخليفة للرسول كما كان الفاروق إماما وخليفة‪ ،‬ويجوز‬
‫له أن يتكلم بالفصحى التي تكلم بهرا الممثرل الرذي ادى‬
‫دور عمررر ال الفرراروق حقيقررة‪ ،‬ولكررن لررم تعررد تالحررظ‬
‫الفررق برين الممثرل والقيرادي والفراروق‪ ،‬برل ترم دمرج‬
‫الصررور معررا لخلررق معنررى يجعررل ذلررك القيررادي يقاتررل‬
‫لنصرة اهلل ورسوله ويفتح المدن ويغزو ويرفع نفس رايرة‬
‫رسررول اهلل الترري تررم رفعهررا فرري المسلسررل أيضررا فرري‬
‫استجالب لرفعها حقيقة في ايدي الصحابة زمرن النبروة‪.‬‬
‫وتصبح المشاهد الحياتية للصحابة فري المسلسرل والتري‬
‫بجس رد بافتعررال‬
‫توهمررك أنهررا مشرراهد الصررحابة حقيقررة ت ّ‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪199‬‬


‫‪200‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫وتنمي وتركيب في المدن التي سيطرت عليها تنظيمات‬


‫التكفيريين‪.‬‬
‫بعد ذلك يتم تركيب المشاعر واإلحساسي واألحرداث‬
‫والرروالء والبررراء وفررق نفررس القررانون‪ :‬مررثال مشررهد قتررل‬
‫الصحابي القائد خالد بن الوليد لمسليمة الكرذاب‪ ،‬يرتم‬
‫تجسميه – وهميا – في دمويرة كبيررة وغرل وحقرد مبررر‬
‫أنهررا نقمررة المررؤمن علررى زعرريم الكفررار ومرردعي النبرروة‪،‬‬
‫فيطعنه بالسيف مرات كثيرة ويقطع رأسه وهو يكبّر‪ ،‬ثرم‬
‫يتمّ صب وجه ولحية ومالبس الممثل الرذي يرؤدي دور‬
‫خالد بالدم ويتم التركيز على ذلرك ليزرعروا فري الرذهن‬
‫صورة باطنية دموية تكون مجاال لتبرير وتجميرل وإلبراس‬
‫حلل القداسة والنشوة لكل مشاهد قطع الرؤوس فيكون‬
‫السفاح القاتل مبتهجا وهرو يرذبح أسريرا ويقطرع رأسره‬
‫بالسيف يكبّر ويكبرر معره رفاقره مبتهجرين تكبيرر الصرحابة‬
‫حين قترل خالرد لمسريلمة‪ ،‬ويصرب مالبسره ولحيتره فري‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪200‬‬


‫‪201‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫الرردم وهرري مالمررح ومالبررس شرربيهة أو تحرراول التشرربه‬


‫بمالبررس الممثررل الررذي يررؤدي دور خالررد‪ ،‬وطبيعرري أن‬
‫المقتول يوضع حينها في صورة مسيلمة‪ ،‬وكل مخرالف‬
‫للتنظرريم هررو مسرريلمة حينهررا‪ ،‬وحررين يررتم الصررراع بررين‬
‫فك رلن يرررى نفسرره خالررد ويرررى خصررمه‬ ‫النصرررة وداع ر‬
‫مسيلمة الكافر‪ ،‬ويبرتهج كرل طررف برذبح اآلخرر‪ ،‬حترى‬
‫كان أن يذبح تونسي تونسريا وكران المرذبوح سرفاحا فري‬
‫النصرة وذابحه داعشي ويصور كل ذلك‪ .‬بقي أن الرذي‬
‫جسرد خالرد‬
‫يجسّد خالد بن الوليد‪ ،‬عن صورة لممثرل ّ‬
‫بن الوليد‪ ،‬يلبس لباس الممثل أي يلبس لباس خالرد –‬
‫حين يتم التمراهي برين الصرور كالتمراهي برين الذبرذبات‬
‫الصوتية – ويسمّي كتيبتره كتيبرة خالرد برن الوليرد ولكنره‬
‫يحطّررم مقررام خالررد بررن الوليررد الحقيقرري ويخرررج رفررات‬
‫صررحابة حقيقيررين ويحطّررم كررل مقامررات الصررحابة الترري‬
‫تتطالهررا يررده وهررو يجسررد الصررحابة ويحمررل رايررة النبرري‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪201‬‬


‫‪202‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫وأصحابه في نفس اليد‪ .‬ولو بل مقام النبري لهدمره وقرد‬


‫رام إمام هذه الفئة ابرن عبرد الوهراب ذلرك لكنره اكتفرى‬
‫بالذبح في حجرتره الشرريفة وحترى فروق قبرره كمرا فعرل‬
‫الحجرراج وكمررا فعررل يزيررد وجنررود فرري وقعررة الحرررة مررع‬
‫التكبير المستمر والتهليل الدائم‪.‬‬
‫ربما سوف تعجب من عقم معنى هذا‪ ،‬لكن يوجدون لره‬
‫معنى‪ :‬فقد تم الفصل بين النبي ومقامه وقبره‪ ،‬وخالد بن‬
‫الوليد ومقامره وقبرره‪ .‬فرالنبي نبريّ يردافعون عنره وهرم لره‬
‫خلفرراء‪ ،‬ولكررن مقامرره شرررك ووثررن يبعبررد مررن دون اهلل‪،‬‬
‫واهلل أيضا تمّ تقريبه للذهن في صورة التجسيم والمكننرة‬
‫– وضعه في إطار مكاني ضمن قرولهم اهلل فري السرماء –‬
‫مع زرع تفاصيل تلوث الصرورة الذهنيرة وتتحيرل علرى‬
‫معطى كون اهلل ليس كمثله شيء ‪ ،‬فيبقال‪ :‬له ساق كمرا‬
‫للبعير ساق‪ ،‬لكن ليس كمثله شيء‪ .‬وهو كرالم متهافرت‬
‫ال يستقيم منطقيا وال عقائديا‪.‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪202‬‬


‫‪203‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫وعليه فتحليل معنى ما ذكرت لرك ممكرن يعمرق النظرر‪:‬‬


‫فقد تم خلق بدائل للمعنى الفعلري‪ ،‬ودمجهرا فري معنرى‬
‫وهمرري يأخررذ صرربغة الحقيقرري‪ :‬فخالررد بررن الوليررد فرري‬
‫المسلسرل‪ ،‬والقيررادي الجهررادي الررذي يررتقمص ذلررك‪،‬‬
‫هما بديالن لخالرد الحقيقري وال عالقرة لهمرا بره مطلقرا‪،‬‬
‫ولرريس للمثررل الررذي يررؤدي دور عمررر وال لمررن يررتقمص‬
‫ذلك من التنظيم صرلة مرع الفراروق عمرر برن الخطراب‬
‫رضي اهلل عنه وعن خالد وأصحاب النبري عليره الصرالة‬
‫والسررالم‪ .‬كمررا أن النبرري ورايررة النبرري فرري المسلس رل –‬
‫كمتخيّل واستحضرار مثرال – وفري كرالم الرذين يردعون‬
‫أنهم ينصررونه ال رابر بينره وبرين نبري اهلل محمرد ورايتره‬
‫الشررريفة‪ .‬بررل إن "اإللرره" الررذي يتنررادون برره تكبيرررا وهررم‬
‫يذبحون المسلمين كما فعل الخوارج في ذبح الصرحابة‬
‫وفي ذبح الصحابي بن الصحابي عبد اهلل برن خبراب برن‬
‫األرت رضري اهلل عنهمررا وبقرر بطررن امرأتره أو فعررل ابررن‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪203‬‬


‫‪204‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫عبد الوهاب وزمرته في نحر المؤمنين وهرم عراكفون فري‬


‫المساجد وفي الحرم المكي وفي المسجد النبروي‪ ،‬وفري‬
‫مذابح الشام والعراق منذ بدايرة المحرقرة إلرى اهلل‪ ،‬هرذا‬
‫"اإلله" المجسّم الذي يجلرس علرى كرسري فري السرماء‬
‫وله ما للبعير من ساق ليس اهلل الواحد األحد الررحمن‬
‫الرحيم سربحانه وتعرالى كمرا يصرفون‪ .‬فتكبيررهم لهروى‬
‫أكبر‪ ،‬ال لرب أكبرر‪ ،‬واهلل بريّن أن مرن النراس مرن يتّخرذ‬
‫إلهه هواه‪.‬‬
‫إن ما أسرميته "نظريرة بنراء الروهم" أمرر خطيرر البرد مرن‬
‫فهمه له أبعاد كثيرة ويتم سحب الناس إلى دوامة تغرق‬
‫أفكارهم سرواء فري مسلسرل يسرلب ألبراب النراس حترى‬
‫يصبح مرضا اجتماعيا واستالبا كليّرا‪ ،‬ويمكرن النظرر فري‬
‫نمررراذج "كاسرررندرا" و"مهنّرررد ونرررور" لفهرررم الحررراالت‬
‫المرضية االستالبية التري نتجرت عنهرا‪ ،‬وطبيعري أنره إذا‬
‫تمكنررت كاسررندرا او اسررتطاع "مهنررد" السرريطرة علررى‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪204‬‬


‫‪205‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫عقول الناس‪ ،‬فإن ما ذكررت لرك مرن أسراليب وصرور‬


‫وتنميطررات أولررى بتلررك القرردرة‪ .‬وأعتقررد يقينررا أن األمررور‬
‫االولررى كانررت اختبررارات لمررا بعرردها ويمكررن الرررب بررين‬
‫الدول ومصادر التمويل وكيفيات بناء القصرص والحبكرة‬
‫ودور خبراء البرمجة في مخابرات معينة بذلك للفهم‪.‬‬
‫المسررائل تتخررذ بعرردا فرري بنرراء الرروهم وبنرراء الصررورة‬
‫وتأثيرهرررا‪ ،‬وهرررو مجرررال يفرررتح علرررى أشرررر المشررراهد‬
‫والمشهدي والسمعي البصرري وعالقتره باآلثرار اإليحائيرة‬
‫والتنويم المغناطيسي الصروري وهرو مبحرث عميرق ربمرا‬
‫رجعت إليه فري دراسرة اخررى‪ ،‬ولكنري هنرا أفسرر لرك‬
‫أسرراس مرحلررة التنظيررر وهررو مكررون التنمرري وأسرراليب‬
‫اإلسررقاط والمغالطررة‪ .‬والترري يليهررا بالضرررورة التكفيررر‬
‫والتفجير ثم التدمير‪.‬‬
‫إن صورة خالد وهو يقتل مسيلمة في مسلسرل عمرر‪ ،‬أو‬
‫صورة القعقاع بن عمر التميمي وهو ينحر فيل كسررى‪،‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪205‬‬


‫‪206‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫والدموية فيهان لها نثرار ومعران منهرا بلرد كسررى وعالقرة‬


‫ذلرك برإيران وبالشريعة الررذين يكفررّهم الوهرابيون تكفيرررا‬
‫كليّا وسبق ان ذبح ابن عبد الوهاب وجنوده ثالثرة نالف‬
‫شيعي في كربالء في ثالث ساعات وفق ما أورد مؤرخه‬
‫ابن بشر في كتاب المجد في تاريخ نجد مفتخررا برذلك‪.‬‬
‫وعليه فرإن القترل حرين يصرطب بالقداسرة والردفاع عرن‬
‫الرب فهو يكون أكثر دموية وهنرا يمكرن الرجروع لتراريخ‬
‫الحروب الصليبية التي يذكر مؤرخوهم فيهرا بفخرر ذبرح‬
‫الفلسطينيين ورضخ رؤوس أطفالهم بالحجارة ودمراءهم‬
‫على الطرقات ألنها حرب مقدسة إلرضراء الررب والقترل‬
‫ترضية له والمذبوحون قرابين الرضى‪ .‬وذات األمر فعلره‬
‫جنود الصهاينة فري ديرر ياسرين وقانرا ألن الحاخرام قررأ‬
‫عليهم من التوراة المكذوبة على تروراة موسرى أن الررب‬
‫جعل كل بني ندم عبيدا لنبي إسرائيل وأنه أمرهم بتطهير‬
‫األرض المقدسة من بني كنعان‪.‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪206‬‬


‫‪207‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫المجسرمة‬
‫ّ‬ ‫بقرري أن أشررير إلررى أن تصرروير تلررك المشرراهد‬
‫لحياة النبي والصحابة‪ ،‬وخاصرة مشراهد القترل‪ ،‬تخلرق‬
‫أرضية لتصوير مشاهد الرذبح والتنكيرل‪ ،‬ولريس توظيرف‬
‫عبد اهلل غيث لتجسيد شخصية حمزة فري فلرم الرسرالة‬
‫للعقاد‪ ،‬بنفس غاية نفرس التجسريم فري مسلسرالت مثرل‬
‫عمر‪ ،‬ففلم الرسالة أدخل نالف لإلسرالم‪ ،‬لكنره واجره‬
‫حربا وهابية لمنعه من التصوير – مما أدرى إلرى تحويلره‬
‫من المغرب إلى ليبيا ‪ -‬ثم من العررض وتمرت علميرات‬
‫إرهابية في بعرض قاعرات عرضره فري الواليرات المتحردة‬
‫لعلم الصهيو‪-‬وهابية بخطورته في نشرر اإلسرالم بصرورته‬
‫الجمالية‪ ،‬وإظهار معناه الحقيقي‪ ،‬أما المسلسل المعنري‬
‫فقد دعمته تلك اآللة برالفتوى والتمويرل وترم فيره للمررة‬
‫األولى تجسيد اإلمرام علري فري اسرتفزار للشريعة ولبقيرة‬
‫المسرررلمين‪ .‬رغرررم أن االسرررتفزاز متبرررادل أيضرررا فررري‬
‫مسلسالت إيرانية أخرى ولكل غايات يقصدها في تفكيك‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪207‬‬


‫‪208‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫فترة الفتنة مثال ضمن مقارنة بين مسلسل معاوية والحسن‬


‫والحسين ومسلسالت تناولت ذات الموضوع من وجهرة‬
‫النظر الشيعية‪.‬‬

‫كل ما ذكرت لك مرتب بالمعنى وبصورة ذلرك المعنرى‬


‫وتوظيفاته‪ :‬مثال ما معنى صحابي؟ ما المعنرى حقيقرة هلل؟‬
‫ولرسول اهلل؟ وما معنى حقيقة الفاروق عمر؟ ومرا معنرى‬
‫العالقرة برين فترررة السررلف الصرالح وخيررر القرررن‪ ،‬وبقيررة‬
‫الفترات؟ هل المعنرى أن كرل مرا يرأتي مرن فهروم وعلروم‬
‫وبشر يسقطون جميعا ضمن المحدثة البدعة الضاللة فري‬
‫النرررار؟ وال ينجرررو إال مرررن استحضرررر برررالقوة والتنمررري‬
‫والتوهم وتلك الفترة وفرضها على "اآلن" في كسر لسنة‬
‫اهلل التطورية وحكمته القدرية واستمرار وجروده وعنايتره‬
‫بخلقرره فرري كررل زمرران ومكرران واسررتمرار روح الرردعوة‬
‫والوجود الروحي المحمدي في كل فترة ومع كل مؤمن‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪208‬‬


‫‪209‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫أيا كران زمنره؟ ألريس ألجرل ذلرك ترم سرجن النبري فري‬
‫فترته تلك وقيل أنه ميت ال يضر وال ينفع؟ أي أنره منعرزل‬
‫اآلن فاقد ألي حياة روحية وأي وجود معنوي وحينها يتم‬
‫افتكاك الكلمة منه ليكون السلفي الناطق الوحيرد باسرمه‬
‫وباسم ربه والحامل الوحيد لراية دينه وعليه تكون لعبرة‬
‫معنى التوحيد وفروعه عند الوهابية كما رسرمها مخطر‬
‫همفر البن عبد الوهاب عن معرفة ودقة وخبث كبير‪.‬‬
‫أليس من واجرب أهرل العلرم أن يوضرحوا هرذه المعراني‬
‫الحقيقية كما فعل من تصردّر لرذلك مرن قبرل؟ ألرم تكرن‬
‫الدعوة المحمدية ودعوة كل نبي دعوة في عمرق حقيقرة‬
‫المعنى ليكون معنى اهلل "الواحد األحد الرذي ال معبرود‬
‫سواه وال خالق غيره وال شبيه وال نظير وال حدّ يحدّه"‪،‬‬
‫ولرريس الكوكررب والبقررر والصررنم والطبيعررة والفرعررون‬
‫واالمبراطرررور والطررروطم وال حترررى اهلل الواحرررد األحرررد‬
‫المعبررود األوحررد دون وسرريلة لنبرري وجرراه لررولي – ممررا‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪209‬‬


‫‪210‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫سمح للوهابيين تكفير المسلمين لوسريلتهم فري رسرول‬


‫اهلل أو زيررارة ولرري هلل ‪ -‬أو دون صرربغة السرربحانية بمررا‬
‫تحمررل مررن معرراني التنزيرره الكلرري عررن الشرربيه والنظيررر‬
‫والحد‪ .‬وكرذا االمرر فري مسرائل الوجرود وغايرة الردعوة‬
‫ووظيفة الدين اإلصالحية وحقيقة معنى الجهراد بأبعراده‬
‫المختلفررة الترري ال تنحصررر فرري القتررال وليسررت أبرردا فرري‬
‫الررذبح والقتررل لمررن خررالف الرردين فكيررف بمررن هررو مررن‬
‫الدين وضمنه‪.‬‬
‫البحث في عمق المعنى يوصل إلى غيابه وتغييبره‪ ،‬وهرو‬
‫امر خطير جدا كان على الردول االنتبراه إليره وكران علرى‬
‫علم االجتماع وعلم النفس االجتماعي وعلى الموكولين‬
‫بررأمر الرردعوة الحررق هلل وبررأمور الديانررة علررى سررجيتها‬
‫السمحة ان ينشغلوا به‪ .‬فإن غياب المعنرى كارثرة كبررى‪.‬‬
‫من أهم األسباب التي توصل الشاب لمخلتف الشرنائع‬
‫وصوال للتكفير والتفجير‪ .‬فغياب معنى حياتي ووجرودي‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪210‬‬


‫‪211‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫لدى فئات كبيرة من الشرباب – وهرو مررض عرالمي فري‬


‫اعتقادي بنسب متفاوتة – يجعل البعض يبحث عن معنى‬
‫وجوده وعن ملئ تلك "الثقوب السروداء المظلمرة" فري‬
‫أعماق نفسه‪ ،‬بعضهم يجد السبيل في الغياب عن الوعي‬
‫ألن الغيرراب عررن الرروعي يبفقررد الشررعور بغيرراب المعنررى‪،‬‬
‫فتكون الخمور مع إدمانها والعنف معها‪ ،‬أو المخردرات‬
‫مع ما يصاحبها من أفعال وما ينجرّ عنها مرن نثرار‪ ،‬او أن‬
‫يلقرري نفسرره ألسررماك البحررر فرري رحررالت المرروت علررى‬
‫الزوارق والمراكب الصغيرة ليس فق هروبا مرن جحريم‬
‫الفقررر والبطالررة‪ ،‬بررل لفوبيررا ضرريق المكرران وفوبيررا غيرراب‬
‫المعنى‪.‬‬
‫هنا نفهم لم هنالك شباب مترفون مستقرون فري حيراتهم‬
‫ولكنهم تحولوا إلى التكفيرر والرذبح واالنتحرار‪ ،‬وتركروا‬
‫أو القاعدة وقتلروا مرن ال‬ ‫األهل والولد والتحقوا بداع‬
‫يعرفون في أرض اهلل مرن الشيشران إلرى مرالي‪ .‬وكرذلك‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪211‬‬


‫‪212‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫نفهم لم مختصون في العلوم مرن طرب وسرواه وخاصرة‬


‫المهندسرررون هرررم نسررربة كبيررررة ممرررن يلتحرررق بتلرررك‬
‫الجماعات‪ ،‬ألن العلم المادي ال يمأل المعنرى الروحري‬
‫الذي يحتاجه اإلنسان بالضرورة‪ ،‬بل إن هنالك قسما كان‬
‫يبحرث عررن المعنررى فرري النقريض ليمررر إلررى نقيضرره‪ :‬مررن‬
‫التعهير إلى التكفير‪ ،‬ومن التخدير باألفيون إلرى التخردير‬
‫بررالتنمي واإلسررقاط والمغالطررة الترري تضررعه فرري بئررر‬
‫التفجير‪.‬‬
‫عن تفكيك كل هذه المعاني أمر ضروري جردا‪ ،‬والعنايرة‬
‫بهذه المعارف الزم‪ .‬مما يمكّن من فهم مختلف لما يبردو‬
‫عدميا عبثيا ال معنى له‪ ،‬فمنطق المنطق أنره زئبقري حرين‬
‫يكون عالئقيا منظوريا‪ ،‬أعني من منظور الشخص نفسره‪،‬‬
‫وهررو برراب للفلسررفة العنديررة والبعررد الررذاتي فرري علررم‬
‫الجمررال‪ ،‬فتكررون تلررك القيمررة عنرردك ال تعنرري أي قيمررة‬
‫عندي‪ ،‬ويكون مرا ترراه جمريال لريس بالضررورة مرا أراه‪،‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪212‬‬


‫‪213‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫وهررو تيررار فلسررفي ارتررب بالسفسررطائية وجرراء ليضرررب‬


‫صرامة التحديد المعنوي لمدرسة سقراط وأفالطون في‬
‫تحديد معنى القيمة وحقيقة الحقيقة والجمال وسرواها‪.‬‬
‫ألن التنسيب في الكليات الكبررى خطيرر‪ ،‬مثرل أن يقرول‬
‫الملحد‪ :‬أنت عندك اهلل موجرود وعنردي غيرر موجرود‪.‬‬
‫وينجر عنه تنسيب القيم الكلية‪ :‬كأن يقول المفسد‪ :‬أنرت‬
‫ترى الزنا والفساد سيئا وأراه جيردا‪ .‬حترى نسرمع اليروم‬
‫من يقول‪ :‬أنت والدولة ترون أن المخدرات جريمة ولكن‬
‫أراها أمرا عاديا‪ ،‬و يتم منحه اإلعالم ليتكلم ليصبح كرل‬
‫شيء نسربيا معوّمرا فري فراغيرة المعنرى العنردي‪ .‬وهنرا ال‬
‫غرابة أن يقول من يتبنى التفكيرر أن اإلرهراب واجرب وان‬
‫األمني طاغوت واإلرهابي شرهيد ثرم يجرد طرابورا يردافع‬
‫عنه‪ .‬وهذا تيرار دعمتره الصرهيونية العالميرة بشركل كبيرر‬
‫ليصل االمر إلى القول أن الفئرة التري ترؤمن ان التعراي‬
‫يكون زوجيا وفق طبيعة الخلق – ذكر وانثرى‪ -‬ال يمثلرون‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪213‬‬


‫‪214‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫الحقيقة الكلية الطبيعيرة برل أمرر نسربي والمجرال مفتروح‬


‫للنم الشاذ‪ .‬ويقنن ذلك ويحرق الرزواج برين المثليرين‬
‫وتدافع عنهم الدول ويتكلم رئيس الواليات المتحرد عرن‬
‫هذا الحق ويعاتب دولة إفريقية تمنعه‪ ،‬ويسكب سمّ هذا‬
‫في كل الدول خاصة أمة اإلسالم‪ .‬وكل ما ذكررت يرتم‬
‫ربطه بالحرية وبالحق الشخصي ويستجلب لكل فئرة نروع‬
‫خرررراص مررررن اإلعالميررررين والمنظرررررين والمشرررررعين‬
‫والمرردافعين والحقرروقيين‪ .‬نفررس القررانون إذا يحكررم كررل‬
‫تلررك الضرررواب وضرررمنه يمكرررن ان تررررى طرقرررا أخررررى‬
‫للتوظيف تحتاج بصيرة وعلما وحكمة لفك طالسمها‪.‬‬
‫كررل هررذا الطمرري اللرروثي يجررري فرري عررروق المجتمررع‬
‫وشرايين البلدان خاصة بلداننا‪ ،‬وليس هنا مجرال ذكرر‬
‫نسب عبادة الشيطان والشذوذ وغيرها والشبكات الكبرى‬
‫التي تدعمها وخاصة في العالم االفتراضي الرذي يجعرل‬
‫التخرردير أيسررر والرررب أسررهل والتفعيررل أنجررع‪ .‬وغررن‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪214‬‬


‫‪215‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫مجتمعررا يبترررك للوثررات والشررعوذة واالنسررالخ القيمرري‬


‫والغيرراب المعنرروي هررو سررائر للرردمار والخررراب وفريسررة‬
‫للتكفيررر والتفجيررر والترردمير الررذي يصررطاد فرري كررل هررذا‬
‫وينمررو اكثررر واسرررع كلمررا وجررد الفسرراد الررذي يرردعي‬
‫إصالحه بأفسد منره‪ ،‬والفرراغ الرذي يروهم مرأله برأفرغ‬
‫منرره‪ ،‬والفقررر واليررأس واعرردام اآلفرراق وغيرراب المعنررى‪.‬‬
‫ويستثمر مكمونرات العنرف وموروثرات الجينرات القتاليرة‬
‫التي ورثها الشباب من أجداه الفراتحين وسركان األرض‬
‫الذين أورثوه بسالتهم‪ .‬وحين يكون كالمي عن تونس فإن‬
‫وأقوى سفّاحيهم وأعترى قرادتهم‬ ‫أشرس مقاتلي داع‬
‫تونسرريون‪ ،‬ألرريس ذلررك توظيفررا مرردمّرا محزنررا للجينررات‬
‫القتالية ليوغرطة وحنبعرل وطرارق برن زيراد وعقبرة وأبري‬
‫زيد الهاللي وفرسان بني هالل وبني سليم؟‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪215‬‬


‫‪216‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫لقررد وجررد األجررداد وصرروال لعلرري بررن خليفررة النفرراتي‬


‫والدغباجي معنى لتوظيف قدراتهم‪ ،‬فرأي معنرى اوجردناه‬
‫لشبابنا؟‬
‫وينطبرررق االمرررر علرررى أحفررراد عمرررر المخترررار وغومرررة‬
‫المحمودي‪ ،‬وألحفاد كل أبطال أمة محمد‪.‬‬
‫هذا البؤس المعنوي نتاج عوامل كثيرة أسهم فيها حكام‬
‫مرررا قبرررل الثرررورات بالفسررراد والفرررراغ وتغييرررب الررردين‬
‫والتصوف الحق بما يبنيه من اخالق وما يزرعره مرن قريم‬
‫وما يغرسه مرن تسرامح وروحانيرة ورحمرة‪ .‬وأسرهم فيره‬
‫حكررام مررا بعررد الثررورات بعمررى بعضررهم وعجررز بعضررهم‬
‫اآلخررر‪ ،‬وبتواطررؤ وخيانررة وعمالررة قسررم مررنهم‪ ،‬لتبقررى‬
‫المعاني الحقيقية غائبة‪ ،‬مرا لرم نسرارع فري تفكيرك كرل‬
‫القنابل الموقوتة ونزع كل االلغام التي ادراها عقل مدبّر‬
‫في سجف عقرل مردمّر ‪ ،‬ومرا لرم نبنري مسررعين تردابير‬
‫عاجلررة وننشررئ لجرران ازمررات ونسررتقدم لخبررراء الفعليررين‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪216‬‬


‫‪217‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫ونقوم بإصرالحات ضررورية فري منظومرة األمرن الشرامل‬


‫وتوابعه‪ .‬وما لم نفهم طبيعة ما بينت من مراحرل التنظيرر‬
‫والتكفيررر والتفجيررر ومراحلهررا الداخليررة‪ .‬لررنلخص إلررى‬
‫استراتيجيا دقيقرة ضرمن مخطر مسرتقبلي استشررافي‪،‬‬
‫فإن لم نفعل‪ ،‬فلننتظر أن نرى تحقق معنرى مرا استشررفته‬
‫من قبل‪ ،‬ومعنى ضياع الدول وخرراب االوطران‪ ،‬وربمرا‬
‫يعلررم الحكررام حينهررا معنررى الحكررم وحكمترره‪ ،‬لكررن بعررد‬
‫فوات األوان‪ ،‬كما فهم فرعون معنرى اهلل واإليمران‪ ،‬بعرد‬
‫‪14‬‬
‫أن أخذه الغرق‪.‬‬

‫‪14‬سوسة‪ 08:46:05 2014/06/19‬مساء‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪217‬‬


‫‪218‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫احلرب البيضاء‬

‫يقول ريتشارد نيد ليبو ‪Richard Ned‬‬


‫‪ Lebow‬في كتابه «لماذا تتحارب األمرم ‪Why Nations‬‬
‫‪ Fight‬ترجمة د‪ .‬إيهاب عبد الرحيم علي‪« :‬وكلّما علمنا‬
‫أكثررر حررول أسررباب الحرررب‪ ،‬نكررون أقرردر علررى تصررميم‬
‫االستراتيجيات وبناء المؤسسات الالزمة لتقليل احتمال‬
‫وقوعها»‪.‬‬
‫وهررذه الجملررة علررى اختزالهررا تمث رلّ قاعرردة هامررة لعلررم‬
‫االسررتراتيجيات الحربيررة الررذي يكررون مررن أهررم مهامرره‬
‫التخطرري لمنررع حرردوث الحرررب ولحمايررة الرروطن مررن‬
‫الكوارث ومرن أي علميرة نوعيرة ترؤدي إلرى التخريرب‪،‬‬
‫ويكون اإلرهاب وفق هرذا مقسرما هامرا مرن مقاسرم هرذا‬
‫العلم االستراتيجي‪.‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪218‬‬


‫‪219‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫للحروب صرنوف ونوعيرات‪ ،‬لكرل نروع خطر خاصرة‬


‫ووضررعيات محررددة‪ ،‬ولعرلّ حرررب الشرروارع مررن أعسررر‬
‫أنواع الحروب على الدول وعادة ما تكون ضرمن حررب‬
‫أهلية فتاكة أو ضد عدو أنزل جنده في دولة أو مكان ما‪.‬‬
‫ومن بين نوعيات الحرب التي ينبغي دراستها ولها عالقة‬
‫صررلة مباشرررة إن تط روّرت بحرررب الشرروارع والحررروب‬
‫الخاطفة لتصبح بعد ذلك حربا طويلة وشاملة‪« :‬الحرب‬
‫البيضاء»‪ .‬ولئن كانت الكلمة تعني ضمن بعض سياقاتها‪:‬‬
‫ترررويج المخرردرات‪ ،‬الترري تعتبررر سررالحا فتّاكررا لترردمير‬
‫الشباب وتخريب المجتمعات‪ .‬فرإني أعنري بهرا «الحررب‬
‫الفكرية وااليديلوجية والعمليات البيضاء النوعية الممهدة‬
‫لحرب ميدانية فعلية»‪.‬‬
‫فالصررراع الفكررري واأليررديولوجي حررين يصرراب بلوثررة‬
‫الكراهيررة وتتلرربس برره األنانيررة العميرراء والغرررور المفرررط‬
‫يصبح ممهدا للخراب‪ :‬فال تعدم دولة أو شعب من عدو‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪219‬‬


‫‪220‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫متربّص داخلي أو خارجي أو حلف بينهما‪ .‬وهذا العدو‬


‫سيستغل مناخ الكراهية والشتات ليضرب بقوة في الوقت‬
‫المناسب‪.‬‬
‫أما العمليات البيضاء فهري كثيررة متعرددة تعتمرد التمويره‬
‫والمنررراورة وحررررب اإلشررراعة والحررررب المعلوماتيرررة‬
‫واالفتراضية ولها صنوف كثيرة أجد من المجدي اآلن أن‬
‫أعتبر ضمنها علميات «الفوشيك» التي تتم كل ليلة فري‬
‫كامررل تررراب الجمهوريررة‪ ،‬والترري أرى فيهررا ترردريبا علررى‬
‫التنسيق الحركي والتزامن فري تنفيرذ عمليرات كثيررة فري‬
‫نفرس الوقرت فري أكثرر مررن نقطرة محرددة‪ .‬وكرذا ترردريبا‬
‫للعناصر علرى القيرام بتلرك العمليرات وإعطراء إشرارات‬
‫ضرروئية عليهررا أو تمهيرردا لهررا (وهررو فررن قررائم بذاترره فرري‬
‫الحروب القديمة عبر النار لريال والردخان نهرارا‪ ،‬أو فري‬
‫الحروب الحديثة عبر الشعالت الضوئية)‪.‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪220‬‬


‫‪221‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫ثم تقسيم القروة إلرى وحردات صرغرى فري نقراط مكانيرة‬


‫متعددة شاملة تتحرك في نفس الوقت ويسهل أن تخترق‬
‫وتنسحب‪ .‬أضف إلى ذلك تعويد تلك العناصر وتعويرد‬
‫الناس على صوت الرصاص‪ ،‬واختبار رد فعل الدولة‬
‫واألجهزة والشعب‪ .‬ثرم إن ترم القربض علرى أحرد تلرك‬
‫العناصر أو المجموعات فسيقال‪ :‬مجرد شباب يلهرو أو‬
‫فرحة عرس»‪ .‬وسيخرج أكثر من واحد يردافع بشراسرة‬
‫ويستبله الناس‪ .‬ولكرن الحقيقرة أن ذلرك يتجراوز الخر‬
‫األحمر لألمن القومي وكان البد من دراسة عميقة وفهم‬
‫للرسررائل ومرردلوالتها وتحرررك ثالثرري‪ :‬أمنرري‪ ،‬عسرركري‪،‬‬
‫سياسرري‪ .‬ال يعنرري هجومررا أو عمليررات معينررة بررل يعنرري‬
‫سلطة للقانون وتشريعا ودراسات استراتيجية وخطوات‬
‫محددة ضمن األمن العميرق وسرواه مرن مقاسرم األمرن‬
‫القومي واالستراتيجي‪.‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪221‬‬


‫‪222‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫إن مرحلة الحرب البيضاء تتخللها حروب حمراء صغيرة‬


‫أو ضررربات نوعيررة (مررا حرردث فري الشررعانبي هرري حرررب‬
‫صغرى وعمليات نوعية خطيرة جردا البرد مرن دراسرتها‬
‫لمنع تكرارها والوعي بخطورتها)‪ .‬واالغتياالت السياسية‬
‫كانت ضربات نوعية مرع اختيرار دقيرق ورسرائل مبطنرة‪.‬‬
‫ولوال حسن تحرك األمن في الفترة األخيرة لحدث أكثر‬
‫مررن ذلررك عديررد المرررات‪ ،‬ولكانررت ضررربات قويررة جرردا‬
‫مازال إمكان حدوثها واردا جدا بل أرى أن األمرر برذلك‬
‫تم من عناصر محددة‪ .‬وكل تحرّك أمني مهما كان قويرا‬
‫ال يكفي ما لم يتم استعمال السالح األقوى‪« :‬العلم»‪.‬‬
‫ثم يدعم ذلك بقرار سرلطوي قروي وواضرح منربن علرى‬
‫علم وبينة وخبرة ويستفاد في ذلك من الخبراء في الشأن‬
‫األمني والعسركري واالسرتراتيجي‪ .‬يرؤازره وعري شرعبي‬
‫ويقظة وطنية وحراك منظماتي ومدني ضرد العنرف وضرد‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪222‬‬


‫‪223‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫التداعي وضد الحرب أيا كان نوعها وضدّ كرل مرن يريرد‬
‫إنزال شرّها بالوطن والناس‪.‬‬
‫الحرب البيضاء يتغذى سوادها وشرّها من قلوب مظلمة‬
‫نبعت منها الكراهية وعقول ظالمية نبغت في الحقد‪ .‬ومن‬
‫ذوات ناقصة تقنّعت بالغرور وتقمصتها األنانية العمياء‪.‬‬
‫إن بالدنا اليروم تحتراج إلرى يقظرة كاملرة‪ :‬لريس التهديرد‬
‫اإلرهررابي وإمكانيررة حرردوث حرررب فعليررة مجرررد خيررال‬
‫علمي أو «فزّاعة»‪ .‬بل هنالك مؤشرات كثيرة تردل عليره‬
‫والبررد مررن دراسررة كررل ذلررك وتالفيرره‪ .‬وحررين نعلررم أن‬
‫بعض التنظيمات تتدرب خارج ترونس وفري أمكنرة شرتى‬
‫منها ما هو مجاور للبالد‪ ،‬وحين نرى وضرع برالد الشرام‬
‫التي لم يكن أحد يتصور بلوغها لتلك الحرب الطاحنة‬
‫وننظر في وضع مصر وليبيا‪ ،‬علينا أن نعي وجود يد تدير‬
‫تلررك الحررروب وتحرّكهررا‪ ،‬وعلينررا خاصررة أن نفهررم أن‬
‫إغفال المؤشرات الجلية والنظر األجدب السطحي إلرى‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪223‬‬


‫‪224‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫األمور سيسرّع مرن تحروّل الحررب البيضراء التري تردور‬


‫رحاها اآلن في عديد المساجد‪ ،‬وفي خطرب التكفيرريين‬
‫وتحريضهم‪ ،‬وفي منرابر التطراحن السياسري‪ ،‬وكرواليس‬
‫الحكررم‪ ،‬وأزقررة األحررزاب المتعثّرررة‪ ،‬وحتررى فرري انتشررار‬
‫الوبرراء الفكررري التكفيررري‪ ،‬وحرراالت الغيبوبررة الجماعيررة‬
‫جراء المخدرات فري صرفوف قسرم كبيرر مرن الشرباب‪،‬‬
‫وحررراالت التلررروث الحيررروي والمنررراخي التررري تسرررببها‬
‫األوسرراخ المتكدسررة فرري كررل مكرران‪ ،‬وكررذا مخررازن‬
‫األسلحة التي غمرت البالد واختبأت كالمرض الخبيث‬
‫فرري انتظررار التمظهررر والضرررب بقرروة وقسرروة‪ .‬وعصررابات‬
‫التجارة باإلنسان التي تخطرف شربابنا وبناتنرا إلرى حررب‬
‫األحقرراد والظررالم فرري أرض الشررام‪...‬إلى غيرهررا مررن‬
‫اآلفات والحاالت‪.‬‬
‫ليست الحرب البيضاء سوى بداية‪ ،‬فرإن كنرا علرى وعري‬
‫وإدراك أمكن لنا التخلص منها ومما بعدها‪ ،‬وإن تخبطّنا‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪224‬‬


‫‪225‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫وتوهّمنررا وحكمتنررا الحماقررة أو اسررتحكم فينررا الحمقررى‪،‬‬


‫وقعنا في مرا بعردها وكانرت الكارثرة‪ .‬وإن قاعردة أوردهرا‬
‫المعلم الكبير سن تزو صاحب الكتاب األهم واألشرهر‬
‫في علوم الحرب واالستراتيجيا «فن الحرب» الرذي ترم‬
‫تأليفه في القررن الخرامس قبرل المريالد ولكرن كران منرذ‬
‫تلك الفترة إلى اليوم أهم مرجرع لردى العسراكر والقرادة‬
‫والخبررراء فرري الفصررل الربررع الررذي س رمّاه «المنرراورات‬
‫التكتيكية‪ :‬نحن مسؤولون عن حماية أنفسنا من الهزيمرة‪،‬‬
‫أما هزيمرة العردو فهري مشرروطة برأحوال العردو نفسره»‪.‬‬
‫وهذه القاعدة تنطبق علينا كدولة وشعب من بابين‪ :‬براب‬
‫ونحص رن أنفسررنا بررالفكر والعلررم‬
‫ّ‬ ‫لنررا حررين نعرري ونفهررم‬
‫والثقافررررة والحكمررررة وحسررررن التسرررريير واالستشررررراف‬
‫والتخطي ‪ ،‬وبراب علينرا حرين يكرون عردوّنا واعيرا بهرذا‬
‫ويترك أحوالنا تقودنا إلى الهزيمة الكاملة‪.‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪225‬‬


‫‪226‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫ختاما أترك لكم التأمل في حكمرة لرنفس المعلرم ضرمن‬


‫نفس الكتاب وفيها لمرن أراد فهمرا وعلمرا دروس وعبرر‬
‫وخط وفِكؤر ونفاق نظر‪« :‬إذا كنت تعرف العدو وتعرف‬
‫نفسك‪ ،‬فال حاجة للخوف مرن نترائج مائرة معركرة‪ .‬وإذا‬
‫عرفررت نفسررك ولررم تعرررف العرردو‪ ،‬فكررل نصررر تبحرررزه‬
‫ستقابله هزيمرة تلقاهرا‪ .‬وإذا كنرت ال تعررف نفسرك وال‬
‫تعرف العدو‪ ،‬ستهزم في كل معركة»‪.‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪226‬‬


‫‪227‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫احلرب املفهومية‬

‫(للمصطلح قيمة كبرى‪ ،‬إذ لواله لمرا‬


‫تم طرق باب المعنى تحديدا وتقييدا‪ ،‬إذ المصطلح لفظ‬
‫موضرح‪،‬‬
‫مقيّد لمعنى شيء أو أمر أو فكرة‪ ،‬وهرو محرددّ ّ‬
‫وألن اللغررة كررائن ح ريّ تفرراعلي‪ ،‬وكررذا الحيرراة تتطررورا‬
‫وجودا ونشوءا وفكرا واكتشافا‪ ،‬فرإن المصرطلح محايرث‬
‫لكل ذلك‪ ،‬محيّن أللفا اللغرة حترى تعبّرر عرن حياتهرا‬
‫وتطورّهررا وتسررتجيب لحاجررة اإلنسرران فرري تحديررد معنررى‬
‫وتسررررمية شرررريء أو فكرررررة أو نظريررررة‪ ،‬فيكررررون تطرررروير‬
‫المصطلحات أمرا حضاريا على غاية القيمة واألهمية‪.‬‬
‫ضمن هذا المعطرى اللغروي وثيرق الصرلة بتطرور العلروم‬
‫وبعلم االجتماع وعلم الحضارة والعلم اإلنسراني العرام‪،‬‬
‫فررإن الغرروص فرري طبيعررة المصررطلح موصررل بالضرررورة‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪227‬‬


‫‪228‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫للغوص في المفهوم‪ ،‬ألن المفهوم هرو روح المصرطلح‬


‫ومعناه‪ ،‬في ارتباط بالفهم والداللة‪ .‬وكذا تكرون القضرايا‬
‫التي هي جماع المفاهيم ولقاح تالقيها‪).‬‬
‫بهذا المدخل من كتابي (تأمالت فلسفية)‪ ،‬ألج موضروع‬
‫الفصل الجديد من تأمالت مواطن عربي الرذي أخصصره‬
‫للحرب المفهوميرة‪ ،‬وهرو مصرطلح ترم ابتكراره مرن قبرل‬
‫ولكن لي فيه نظر ومقصد أفصّله في هذا المقال‪.‬‬

‫المفهوم مرتب بالمصطلح‪ ،‬ولكنه مخاتل لره أيضرا‪ ،‬ألن‬


‫بعررض الررردهاء قرررد يجعررل للمصرررطلح مفهومرررا مغالطرررا‬
‫لحقيقترره‪ ،‬ومررن هنررا مرردخل لعلررم االسررتراتيجيا وفررن‬
‫الحرب‪.‬‬
‫فمن أولويات القائرد العسركري الرذكي أن يجعرل لحربره‬
‫مفهوما مقدسرا مرتبطرا باإللره والروطن والقداسرة (حترى‬
‫قداسررة اإلمبراطررور)‪ ،‬ثررم يبسررق كررل ذلررك علررى نبررل‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪228‬‬


‫‪229‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫القضررية وأحقيتهررا ولررو فرري أحرروال الهجرروم والتعرردي‪،‬‬


‫فمبررات بطرس مثال في دعوتره للحررب الصرليبية التري‬
‫طاف فيها أرجاء أوروبا كانت إنقاذ بيرت الررب والردفاع‬
‫عررن الرررب‪ ،‬وحتررى قتررل الفلسررطينيين وذبحهررم علررى‬
‫الطرقررات فرري مشرراهد مروعررة تجررد لهررا ذكرررا فرري كتررب‬
‫التاريخ أُسق على أنه إرضاء للرب‪.‬‬
‫هتلر كان يصب حربه على العالم بقداسة الجرنس اآلري‬
‫وضررررورة زوال أو خضررروع األجنررراس األخررررى‪ .‬أمرررا‬
‫الصهاينة فلهم فيما وضع حاخاماتهم وأحبارهم على مرر‬
‫الزمن فري التروراة عرن وعرد الررب لموسرى بجعرل كرل‬
‫الناس عبيدا لبني إسررائيل محفّرز وداعرم‪ ،‬وهرم حرين‬
‫قاموا مع الهاغانا وسواها من منظمرات اإلجررام بمجرازر‬
‫دير ياسرين وقانرا وغيرهرا فقرد كران األمرر يبمرنح مفهومرا‬
‫مقدسا من نصرة الرب المزعوم عنردهم وحررب أعدائره‬
‫وجواز قتلهم بل التقرب من الرب يكرون بردمائهم‪ ،‬وهرو‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪229‬‬


‫‪230‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫أمر يذكّر بالقرابين البشرية التي كان يرضي بره الجراهلون‬


‫نلهتهم بتبرير مرن كراهن فاسرد‪ ،‬أو حترى ادعراء فرعرون‬
‫لأللوهية ليصب نفسه وحربه على الحق بصبغة القداسرة‬
‫المطلقة‪ .‬وحين تراجع سيرة جنكيز خان تجد اصطباغه‬
‫بالقداسة ودعم "إله الرعد" لره ممرا ألقرى الخشرية منره‬
‫لدى مناصرريه وخصرومه‪ .‬ويمكرن الرجروع لتراريخ كرل‬
‫الطواغيررت ومجررانين الحرررب والطوائررف الهدامررة مررن‬
‫الحشاشرررين إلرررى كررراليوغوال الرومررراني (االمبراطرررور‬
‫المجنرررون) ونيررررون وغيررررهم لنجرررد نفرررس التأصررريل‬
‫المفهومي الذي يرب إجررامهم بالقداسرة ويسرق عليهرا‬
‫مفهوما العلوية والربانية‪.‬‬

‫حتى الكفرار فري حرربهم علرى كرل نبري‪ ،‬فرإنهم يرضرون‬


‫بذلك نلهتهم وأصنامهم‪ ،‬ويحثون أتباعهم ‪-‬على عمرى‪-‬‬
‫على نصرة اآللهة (مثلما ورد في خبر النبي إبراهيم وقول‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪230‬‬


‫‪231‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫وصرربوا نِلهَرتَ ُكمو إنْ‬


‫مجرمي قومه ألتباعهم‪ :‬قؤالُوا حَرقُوهب وَان ب‬
‫ُكنوبتمو فؤاعِلِينَ)‪.15‬‬

‫حتى لو علم زعمراء الكفرر أن كرل ذلرك مجررد كرذب‬


‫ودفاع على المصرالح الدنيويرة والمكاسرب والملرك أو‬
‫لمحض الحسرد والحقرد فرإنهم يسرهرون ويعكفرون علرى‬
‫تخدير عقول أتباعهم مفهوميا حتى يعتقد كل واحد منهم‬
‫أنه ينصر نلهته ونلهة أجداده ويستميت فري ذلرك‪ .‬وكرذا‬
‫ديدن الخوارج حين قتلوا اإلمام علي (وهو مرن رسرول‬
‫اهلل بمنزلة هارون من موسى كما قرال الرسرول األكررم)‬
‫مع ترديد‪ :‬ال حكم إال اهلل‪ .‬وهو ذاته مرا فعلره صراحب‬
‫الحمار الخارجي (مخلد بن كرداد اليفرنري) فري إفريقيرة‬
‫زمررن الدولررة الفاطميررة‪ ،‬ويررذكر ابررن خلرردون أنرره خررال‬
‫النكارية من الخوارج فمرال إلرى مرذهبهم وأخرذ بره‪ .‬ثرم‬
‫تقرؤه في كتاب المجد في تراريخ نجرد البرن بشرر مرؤرخ‬

‫‪ 15‬األنبياء اآلية ‪68‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪231‬‬


‫‪232‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫محمد بن عبد الوهاب الخارجي‪ ،‬وكتب من حايثوه زمنا‬


‫مثل العالمة أحمد بن زيني دحالن (فتنرة الوهابيرة) التري‬
‫أرخت لمشاهد القتل والترويع والذبح (مثرل مرا حردث‬
‫في الحرم المكي وفي المدينة المنورة وكربالء حيرث ترم‬
‫ذبح ثالثة نالف إنسان في ثالث ساعات)‪ ،‬والتي كانرت‬
‫تحت غطاء مفهومي هو محاربرة الشررك والبردع ونصررة‬
‫التوحيررد الصررحيح‪ ،‬وطبيعرري أن يررتم إسررقاط اآليررات‬
‫ومغالطة الحقائق وتزييف الوقائع‪.‬‬
‫ليس الكالم هاهنا من قبيل التررف اللغروي أو البعرد عرن‬
‫الواقع اآلني‪ ،‬ألن األمر مستمر إلرى اآلن‪ ،‬ودليرل ذلرك‬
‫نراه اليوم في اغتيال شيوخ التصوف في ليبيا ويتم عرادة‬
‫فجررر يرروم الجمعررة ألن القتلررة يرررون فرري قتررل الصرروفي‬
‫المشرك بزعمهم في تلك الساعة "المباركرة" تقربرا مرن‬
‫اهلل‪ .‬ونررراه فرري الحرررب الغاشررمة علررى سرروريا الترري‬
‫تصبح‪ :‬جهادا في سبيل اهلل ونصررة المرؤمنين مرن أهرل‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪232‬‬


‫‪233‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫السنة في بالد الشام على "النصريريين الكفرار" وتحقيرق‬


‫وعد اهلل ورسوله في أمر المالحم الكبرى‪ ،‬ومن هنا يرتم‬
‫استخدام األحاديث واآليات إسقاطيا‪ .‬فهي ذات التقنية‬
‫ضمن الحرب المفهومية‪ :‬تحويل المعنى وتبديل الحقيقة‬
‫وإسقاط القداسة على الردنس الكامرل‪ .‬ومرن هنرا يكرون‬
‫الذي تمت برمجته مفهوميا مستعدا للقتل بال مبررر فعلري‬
‫ولكن لفتوى سمعها من شيخ دعيّ‪ ،‬ثم تراه يلتذ اللعب‬
‫برؤوس البشرر وأكرل القلروب واألكبراد وقطرع الررؤوس‬
‫تحت مظالت التكبير‪ ،‬بعرد أن ترم نسرف عقلره ووجدانره‬
‫كليا ضمن أعقد وأخبث نظم لحررب المفهوميرة بمعناهرا‬
‫الضرردي‪ .‬ويبسررتجلب الشررباب إلررى ذلررك مررن منررابر فرري‬
‫مساجد اسرتغلها التكفيريرون لتمريرر تلرك المفراهيم عبرر‬
‫مستويات سبق أن بينتها ضمن نظريتي (التنظير‪ ،‬التكفير‪،‬‬
‫التفجير)‪.‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪233‬‬


‫‪234‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫وال يتوقف األمر عنرد هرذا الحرد‪ ،‬برل تجرد دعمرا نخرر‬
‫ضمن الحرب المفهوميرة يبحرث عرن حرق اإلرهرابي فري‬
‫مجرال حقروق اإلنسران‪ ،‬ويهرتم لألمرر أكثرر مرن اهتمامرره‬
‫بالحق اإلنساني للمواطن المهدد بالقتل والجندي ورجل‬
‫األمن الذي أهدر شيوخ جهنم دماءهم‪.‬‬
‫ثم يتم اللعب بالمفاهيم حتى ال يقع التمييز بين اإلرهابي‬
‫حقيقرررة والضرررحية‪ ،‬ويبجعرررل لألمرررر مجررراالت أخررررى‬
‫للسفسررطة مثررل كررون التسررمية لإلرهررابي عليهررا أن تكررون‬
‫جزائية ال مفهومية ومدنية وموقفية (أي موقف الرأي العام‬
‫والمجتمع والمؤسسرة األمنيرة والعسركرية مرن اإلرهراب‬
‫واإلرهابيين) وال حتى ميدانيرة مباشررة وعسركرية دفاعيرة‬
‫(حين يتعلق األمر بمن رفع السالح على األمن والجري‬
‫وقتل منهم ومات وهو يقاتلهم)‪.‬‬
‫للحرب المفهومية تفاصيل أخرى كثيرة‪ ،‬وهنرا يصرح أن‬
‫نقول‪ :‬هل أن اإلرهابي مثال بعد أن قتل وروّع وذبح بقري‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪234‬‬


‫‪235‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫"مفهوميا واصطالحيا" ضمن دائرة بنري اإلنسران ليطبرق‬


‫عليه قانون حقوق اإلنسان‪ .‬وما اإلنسران مفهومرا وقضرية‪:‬‬
‫أليس الذي يحمي الحياة ويحبها وال يؤذي اآلخر ويقبرل‬
‫به؟ أم الرذي يرذبح ويسرفك الردماء بغيرر حرق ويجرد فري‬
‫ذلك نشوة ومدعاة لالحتفال؟‬
‫وأي حق أولى ضرمن مجرال حقروق اإلنسران‪ :‬المرواطن‬
‫المسالم المهدد واألمني والجندي الذي يدافع عن وطنه‬
‫أم اإلرهابي؟‬
‫وحتى معنى الشهادة‪ ،‬والذي يندرج ضمن استخدام اهلل‬
‫سبحانه ألحقيرة القداسرة الفعليرة فري الحيراة والمروت‪:‬‬
‫جهاد في سبيل اهلل واستشهاد في سبيله‪ ،‬فأيهمرا أولرى‬
‫به‪ :‬القاتل المجرم أم المقتول البريء؟‬
‫الحرررب المفهوميررة ال تنحصررر ضررمن هررذا الحررد فقر ‪،‬‬
‫ويمكن أن نبدمج فيها صراع الحضرارات والحررب علرى‬
‫القيم واألخالق واللعب المفهرومي بحيرث يصربح العهرر‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪235‬‬


‫‪236‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫نوعررا مررن الحريررة والشررذوذ حقررا مرردنيّا واجتماعيررا‪،‬‬


‫والكذب ذكراء والطيبرة سرذاجة وغبراء والمحافظرة علرى‬
‫المبادئ واالنسالخ الكامل تطوّرا‪ ،‬وهرذا مرا عانرت منره‬
‫األمة العربية وهو يرجرع ألمررين‪ :‬مخطر كامرل ذكررت‬
‫فصول منه فري بروتروكالت حكمراء صرهيون تهردف إلرى‬
‫ضرب البنية التحتية األخالقية للمجتمعات المسلمة ممرا‬
‫يزيد من ضعفها وتشتتها‪ ،‬وولع المغلوب بتقليرد الغالرب‬
‫كمررا يقررول ابررن خلرردون‪ .‬ولكنرري تعمرردت التركيررز علررى‬
‫جانب نخر من تلك الحرب ضمن النقيض الكلري الرذي‬
‫يرردعي حمايررة القرريم وطاعررة الرررب‪ .‬ولكررن القواسررم‬
‫المشتركة بينهمرا كبيررة جردا ضرمن التفكيرك المفهرومي‬
‫الدقيق‪.‬‬

‫الحرررب المفهوميررة لهررا جانبرران‪ :‬جانررب حررق فرري‬


‫قداسة الدفاع عن الوطن (مما يردخل فري براب العقيردة‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪236‬‬


‫‪237‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫األمنية والعسكرية والعقيدة الدينية أيضا حيث أن رسرول‬


‫اهلل كان يحث المؤمنين على الجهاد في سبيل اهلل ومرن‬
‫ذلك قوله في غزوة بردر‪ :‬ال بيقؤراتِ ُل بهمب الْيَروومَ رَجبرلع فؤبيقْتَرلُ‬
‫َسررربما بمقْبلْرررا غؤيوررررَ مبررردوَبرٍ إال أؤ ودخَلؤرررهب اللرررهب‬
‫صرررابرما بمحوت ُ‬
‫َ‬
‫الْجَنَّةؤ )وكذا بين اهلل سبحانه في كتابه العزيز واآليات في‬
‫الباب كثيررة لريس المجرال ذكرهرا‪ .‬وهنرا وجروب مزيرد‬
‫وفري المرواطنين‬ ‫غرس ذلك في رجرال األمرن والجري‬
‫ألن الدفاع عن الوطن مقدس‪ ،‬ثم تقوية تلك القيم التي‬
‫تحمي الحياة وتدافع عن حق اإلنسان فيها‪.‬‬
‫أما الجانب الثاني‪ ،‬فهو استخدام إسقاطي خبيث لنفس‬
‫اآليررات واألحاديررث والقرريم والمفرراهيم والمصررطلحات‬
‫والقضايا لغرض تبرير التكفير والتفجير والتردمير وصرب‬
‫دنس القتل واإلجررام بقداسرة اهلل ومرضراة اهلل وتحقيرق‬
‫كلمته‪ ،‬وتجد ترسانة كاملة تمرر ذلك وتبرر لره وتردعو‬
‫إليه في المساجد وفي جمعيات تردعي أنهرا خيريرة وهري‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪237‬‬


‫‪238‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫في الحقيقة خاليا لتهريب الشباب ودعم الفكر التكفيري‬


‫الهررردام‪ ،‬ومنظومرررة كبيررررة لرررديها أذرع فررري اإلعرررالم‬
‫والسياسرة والمجرال الحقرروقي والقرانوني ولرديها تمويررل‬
‫كبير ومال كثير وتداخل مع التهريب والجريمرة المنظمرة‬
‫(تجارة المخدرات واالتجار بالبشر وتهريب األسرلحة)‪،‬‬
‫بل وصل األمر إلى استعمال مرافرق حياتيرة كثيررة مثرل‬
‫المطاعم والمكتبات ورياض األطفال والمدارس القرننية‬
‫لتمرير الفك التفكير وعقيدة التجسيم المنحرفة ومرا فيهرا‬
‫من صورة وهمية للخالق وتصور وهمي للحياة والعالم‪.‬‬
‫وهنالررك رمرروز لهررذا األمررر يبررررون لرره مررع قرردرة علررى‬
‫التزييررف والتلميررع فيجعلررون قسررما علميررا دعويررا ونخررر‬
‫جهاديا وقد يتبرأ بعضهم من بعض ويدعي جزء مرنهم أنره‬
‫ضد القتل ولكن الفكر كله مبني على التكفير والتخريب‪،‬‬
‫ولرريس حرررق مقررام ألنرره مكرران شرررك بأقررل خطررورة مررن‬
‫اغتيال إنسان‪ ،‬ألن ضرب الجانب الروحاني مرحلرة يرتم‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪238‬‬


‫‪239‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫المرور بعدها للجوانب األخرى وصوال للمادي‪ ،‬ولكل‬


‫ذلررك رمزيررات محررددة سرربق أن تكلمنررا عنهررا تحلرريال‬
‫واستشرافا بدقرة فري الرؤيرة والمرنهج والتأصريل‪ .‬وهرذا‬
‫كله قسم من الحرب المفهومية التي تستعر كل يوم أكثرر‬
‫وتررزداد خطررورة واتسرراعا‪ ،‬خاصررة إذا أضررفنا إليهررا‬
‫الصراع السياسي اإليديولوجي ومحاولة احتكار مفراهيم‬
‫الثررورة والثوريررة والوطنيررة والنضررال وخدمررة مصررلحة‬
‫الشعب‪.‬‬
‫إن عناية الدول بالجانرب المفهرومي عنايرة كبيررة‪ ،‬فتجرد‬
‫جيوشا من الخبراء واإلعالميين وحتى السينما تدخل في‬
‫الحررررب المفهوميرررة ليرررتم رسرررم المقاومرررة للعررردوان‬
‫الصررهيوني مررثال علررى أنهررا إرهرراب‪ ،‬ويررتم رسررم إرهرراب‬
‫دولة إسرائيل على أنره دفراع شررعي عرن الرنفس‪ ،‬ثرم‬
‫يلتقي الهدف الصهيوني بالهدف الوهابي في الحرب على‬
‫مرن دجرالي الفقره‬ ‫سوريا فيتم تبريرره "شررعيا" بجري‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪239‬‬


‫‪240‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫وشيوخ جهرنم وأدعيراء التقروى والغيررة علرى المرؤمنين‬


‫بسرروريا وعلررى مررنهج التوحيررد‪ ،‬حتررى يصررل األمررر بهررم‬
‫للكالم عن نزول المالئكة لمساعدة الثوار‪ ،‬ولتبرير العهر‬
‫باسم جهاد النكاح‪ ،‬وتدمير كل شيء باسم تحريرر كرل‬
‫شيء‪ .‬ويتم خل المفراهيم بشركل كامرل حترى ال يكرون‬
‫الجهاد لتحرير فلسطين من الصرهاينة برل لتحريرر الشرام‬
‫من جيشها العربري ودولتهرا المدنيرة‪ .‬ويرتم العمرل علرى‬
‫الصررورة واإلخررراج بشرركل منهجرري مرراكر عبررر بعررض‬
‫المسلسررالت مررثال وعبررر أنمرراط مررن الصررور الترري ترردعي‬
‫مشاكلة الصحابة حترى تصربح رايرة رسرول اهلل محمولرة‬
‫بأيدي من يقتلون أمته ظلما بادعاء نصرته ونصرة دينه‪.16‬‬

‫‪ 16‬وللحرب المفهومية جوانب أخرى تعمرل علرى الصرورة وإخراجهرا‪،‬‬


‫ولجبهة النصررة ولقاعردة التري‬ ‫فتصبح راية رسول اهلل مثال رمزا لداع‬
‫تقتل المسلمين الموحّدين‪ .‬وكذلك مسلسرالت مثرل مسلسرل عمرر ولره‬
‫غايات على غاية الدقة‪ ،‬وفيه مشاهد مثل قتل خالد بن الوليد لمسيلمة أو‬
‫القعقاع ابن عمر التميمي لفيل كسرى وما فيها مرن دم تصرب كلهرا فري‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪240‬‬


‫‪241‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫إن الكالم عن الحرب المفهوميرة بمكرن أن يأخرذ أبعرادا‬


‫كثيرة ومختلفة لهرا صرورها فري العرالم كلره فري تاريخره‬
‫وفرري حاضررره‪ ،‬وهرري تررؤثر فيرره بشرركل عميررق وتررؤثر فرري‬
‫انتشار التيارات الفكرية واأليديولوجية وسواها‪ .‬ولرذلك‬
‫فإن النظر في المفاهيم والمصطلحات والعمل عليها أمرر‬
‫مهم جدا وضروري‪.‬‬

‫برمجة عقلية وغايات رمزية تخفري صرورا إيحائيرة‪ ،‬ويكرون القيرادي فري‬
‫هرو خالرد برن الوليرد أو القعقراع برن عمرر‪ ،‬برل‬ ‫جبهة النصررة وداعر‬
‫تتسمى كتائبهم بمثل ذلرك ويلبسرون مالبرس شربيهة بمرا ترم عرضره فري‬
‫المسلسل بعد أن جسموا لهم الصحابة في صورة نمطية تشربه صرورهم‬
‫أو ببرمجوا على التشبه بها ليسق برذلك شركلهم علرى شراكلة الصرحابة‬
‫ويكونوا في وهمهم أقرب الناس للصحابة والنبي قلبا وقالبا‪ ،‬وهذا للنساء‬
‫فيه نصيب أيضرا وبرنفس القردر‪ .‬لكرن الرذي يتشربه بالصرحابي خالرد برن‬
‫قبور‬ ‫الوليد ال يجد مانعا في تفجير مقامه في حمص مع التكبير وفي نب‬
‫الصحابة وتفجير أضرحتهم ومقاماتهم‪.‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪241‬‬


‫‪242‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫وللعنايررة بعلررم المصررطلح والمفهرروم وجرروه كثيرررة فرري‬


‫الواليات المتحدة مثال‪ ،‬حيرث تجردد المفراهيم وتكيّرف‬
‫وفق مصلحة األمن القومي‪ .‬كما أن مفهوم األمن القرومي‬
‫بحد ذاته وبكل صرامته وإعطائه األولوية القصوى حيث‬
‫يررتم التعامررل بمنتهررى الصرررامة مررع كررل مررن أو مررا يمثررل‬
‫خطرا على األمن القومي‪ ،‬هذا المفهوم مغيّب أو غائرب‬
‫ويتم التالعب به في الدول العربية وبل قمة التردي بعرد‬
‫الثورات حين تم اختراقه مفهوميا من سماسرة الحررب‬
‫ومشرررعوذي اإلدعررراء بالررردين وزمرررر التكفيرررر وشرررراذم‬
‫المتكالبين على الكراسي بأي وسيلة كانت‪.‬‬
‫إن قيمررة االبتكررار المفهررومي قيمررة كبيرررة‪ ،‬وفهررم علررم‬
‫المصطلح والمفهوم أمر الزم وحتمي للبناء وللدفاع‪ ،‬ثم‬
‫تطوير المصطلحات والمفاهيم وبناء القضايا التي تحملها‬
‫المصررطلحات المفهوميررة الترابطيررة (أعنرري بررذلك بنرراء‬
‫مصطلحات جديدة يتم الرب فيها برين مفهرومين وهرو مرا‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪242‬‬


‫‪243‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫يشرركل القضررية المعنويررة مثررل بنررائي لمصررطلح األمررن‬


‫العقائرردي أي أن حمايررة العقيرردة الصررحيحة مررن العقائررد‬
‫الفاسدة أمر هام به تتم حمايرة الروطن ككرل‪ ،‬وانخرامره‬
‫يررؤدي للكرروارث والترراريخ دليررل علررى ذلررك‪ ،‬ويمكررن‬
‫الرجرروع لدراسررتي عررن األمررن الشررامل ضررمن تررأمالت‬
‫مواطن عربي للنظر واإلطالع) ‪.‬‬
‫إن موضررروع الحررررب المفهوميرررة يسرررتحق الدراسرررة‬
‫التفصرريلية والتأصرريلية والمقارنررة‪ ،‬ويسررتحق االهتمررام‬
‫بالجوانب النظريرة والتطبيقيرة واالسرتراتيجية‪ ،‬وخاصرة‬
‫الجيوسياسررررية والجيوسررررتراتيجية‪ .‬لفهررررم التمركررررز‬
‫الجغرافي للحرب المفهومية الضدية (ضد الدولة المدنية‬
‫والتسامح) وكرذلك‬ ‫والحياة ككل وضد السالم والتعاي‬
‫تحركها وتوزعها لوضع استراتيجيات التصردي والرردع‬
‫والوقاية (فالجغرافيا هي أُم اإلستراتيجية كما يقول غراي‬
‫ولسررون)‪ .‬بمعنررى نخررر لرريس دراسررة ترروزع العصررابات‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪243‬‬


‫‪244‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫اإلرهابية فقر ‪ ،‬برل األخطرر مرنهم وهرم الردعاة للتكفيرر‬


‫واإلرهرراب والمبررررون لرره مفهوميررا ومررن خلفهررم ممررن‬
‫يسرررتفيد اسرررتراتيجيا مرررنهم وعلرررى رأسرررهم الصرررهاينة‬
‫وعصرررابات التهريرررب والمخررردرات وتجرررارة األسرررلحة‬
‫واسررتخبارات أنظمررة محررددة‪ .‬ثررم تنقررل ذلررك وغاياترره‬
‫السياسية واالقتصرادية وتموضرعه المكراني الرذي يتطرور‬
‫بشكل مطرد فتكون لره برؤر جديردة كرل مررة فري ارتبراط‬
‫بأوضاع إقليمية وعالمية‪ .‬وكل هذا يجرب دراسرته بدقرة‬
‫ثررم تحديررد وجهررة الحرررب المفهوميررة المضررادة (الترري‬
‫تهررردف إلرررى ردع تلرررك الحررررب المفهوميرررة الضررردية‬
‫والتصررردي لهرررا والتررروقي منهرررا باسرررتخدام المخرررزون‬
‫المفهومي الحقيقي وتجديرد المصرطلحات وبنراء مفراهيم‬
‫دقيقررة وجديرردة وتوضرريح القضررايا كرري ال يررتم التغريررر‬
‫بالشباب وخرداع العقرول وتخرديرها‪ ،‬ومرن هنرا واجرب‬
‫الدولرررة وفاعليرررة المجتمرررع المررردني وقيمرررة المخرررزون‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪244‬‬


‫‪245‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫الحضاري والثقافة والعقيدة والتصروف وعلرم االجتمراع‬


‫وعلم النفس وما يشكل مفهوم األمن الشامل بمعناه العام‬
‫التعاضدي بين أقسامه والتفاعلي بين مكوناته‪.‬‬
‫إن دراسة مثل هذه حين يتم النظر إليها ودعمها وتبينهرا‬
‫وتفعيلهررا سرريكون لهررا أثررر مباشررر علررى المرردى الحينرري‬
‫وعلى المردى اإلستشررافي القريرب والبعيرد‪ ،‬والبرد مرن‬
‫فهم حقيقة الحرب المفهومية وقيمتها الخطيرة‪ ،‬ألن مرن‬
‫‪17‬‬
‫يخسرها يخسر بقية الحرب بشكل حاسم وقطعي‪.‬‬

‫‪17‬سوسة‪14:04:12 2014-02-25‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪245‬‬


‫‪246‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫احلرب العشوائية‬

‫كنررا قلنررا لكررم مررن قبررل هررذا فرري تأمالتنررا‬


‫السابقة أن هنالك مخططا ممنهجا وحربا منظمة مدعومرة‬
‫على األمة كلها‪ ،‬وعلى المغربي العربري خاصرة‪ ،‬وعلرى‬
‫تررونس بشرركل أخررص‪ ،‬وليبيررا طبعررا‪ ،‬أي علررى المررذهب‬
‫السررني المررالكي وعلررى السررلم األهلرري وعلررى الترراريخ‬
‫والحاضررر والمسررتقبل‪ ،‬لكررن ربمررا أن الصررياغة كانررت‬
‫مختلفة‪ ،‬وكنا قسمنا المراحل الخاصة بفيروس الوهابية‬
‫كمرررض معررد سررريع اإلنتشررار إلررى "تنظيررر‪ ،‬تكفيررر‪،‬‬
‫تفجير"‪.‬‬
‫فأمررا التنظيررر فمغالطررات وتنميطررات وإسررقاطات تبفقررد‬
‫قدرات النقد والتمييز والتحليل‪.‬‬
‫وأما التكفير فشخصي ثم عائلي ثم عام‪.‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪246‬‬


‫‪247‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫وأما التفجير فذاتي ثم عنفي فتنظيمي‪.‬‬


‫وأعتقررد أن الواقررع أثبررت صرردقية هررذه التحلرريالت الترري‬
‫انبنت علرى دراسرة ميدانيرة قمرت بهرا فري أكثرر مرن برل‬
‫عربرري وبعررد دراسررة معمقررة للفكررر الوهررابي وتاريخيرره‬
‫وللكثيررر مررن نمرراذج الفكررر المتطرررف فرري العررالم‪ ،‬وقررد‬
‫أنهيت تلرك الدراسرة سرنة ‪ ،2008‬ولكنري رأيرت بدايرة‬
‫تحققهرررا الكلررري بعرررد الثرررورة‪ ،‬وخاصرررة فررري األشرررهر‬
‫الماضية‪.‬‬
‫وكنت أيضا دونت ترأمال مرن دروس كتراب فرن الحررب‬
‫للصيني سن تزو‪ ،‬وهو أكبر وأهم وأقدم كتاب فري فنرون‬
‫الحرررب دونرره العبقررري تررزو فرري القرررن الخررامس قبررل‬
‫الميالد‪ ،‬وظلت العقول العظيمة تنهل منه عبر العصور‪،‬‬
‫فكرران السرربب فرري توحيررد الصررين وقرررأه غيررر واحررد مررن‬
‫أفررذاذ الحرررب حتررى صررار مرجررع المررارينز والمراكررز‬
‫االستراتيجية الخاصة بإدارة الحروب في العرالم الحري‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪247‬‬


‫‪248‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫(العالم الذي يفررض قروانين الحيراة وأميرزه عرن العرالم‬


‫الميررت الررذي ال يفعررل شرريئا بررل ينتظررر المرروت ويكررون‬
‫مجرد فأر تجربة في مخبر الحضارة)‪.‬‬
‫سرأرجع إلرى سرن ترزو وإلرى القرانون الرذي ذكرتره فري‬
‫التأمررل المرردون بعررد الثررورة بقليررل‪ ،‬وهررو ضررمن فصررل‬
‫الطاقررة وفيرره بعررض مررن اسررتراتجيات مررا بعررد الهزيمررة‪،‬‬
‫وتتمثل باختزال في "إخفراء النظرام عرن طريرق الفوضرى‬
‫وإخفاء القوة عن طريق إظهار مواطن الضعف"‪.‬‬
‫ثم لنرب بمراحرل الفكرر المتطررف‪ ،‬وصروال للمرحلرة‬
‫الختامية في المرحلة األخيرة‪ ،‬أعني المرحلرة التنظيميرة‬
‫في المرحلة التفجيرية‪ ،‬ولنسأل‪ :‬ماذا يفعل من يدير هذه‬
‫الحررررب وهرررذه المراحرررل فررري حرررال فشرررل التفجيرررر‬
‫التنظيمررري؟؟؟ وهرررل مرررن بررردائل أو وسرررائل أو خطررر‬
‫أخرى؟؟؟‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪248‬‬


‫‪249‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫في المزج بين كتاب فن الحرب وتاريخ الفكرر الوهرابي‪،‬‬


‫ثم في المزاوجة بين تحليل الواقرع واسرتقراء الماضري‪،‬‬
‫ربما نصل إلى فكرة واحدة‪ :‬الحرب العشوائية‪.‬‬

‫أعني بالحرب العشوائية الفوضى التي يكمن خلفها نظرام‬


‫معقررد جرردا يصررعب تبينرره‪ ،‬طبيعرري أن نظريررة الفوضررى‬
‫المنظمة التي ابتكرهرا األمريكري إدوارد نورترون لرورنتنز‬
‫ضررمن فهررم رياضرري للفوضررى والعشرروائية‪ ،‬والترري تررم‬
‫تطويرها نحو الفوضى الخالقة ومشروع الشرق األوسر‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪249‬‬


‫‪250‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫الجديررد‪ ،‬تعتبررر رافرردا مهمررا لهررذه الحرررب وجررزء مررن‬


‫مخططها العام‪.‬‬
‫إن تأثير أجنحة الفراشة على كوكب األرض ككل‪ ،‬كما‬
‫قررال لررورنتز‪ ،‬يبررين إمكانيررة تررأثير الجزئرري علررى الكلرري‪،‬‬
‫والالمتوقع على المتوقع‪ ،‬وأن هنالرك خيطرا ناظمرا لكرل‬
‫حركة عشوائية ال تخضع ظاهريا ألي نظام‪.‬‬
‫حين يتوجب على الفاشل في خطة حربية ما أن يسرتثمر‬
‫بقايا الطاقة‪ ،‬فعليه حسرب وصرايا سرن ترزو‪ ،‬ان يخفري‬
‫النظررام عبررر الفوضررى‪ ،‬وبمررا ان أعررداء األمررة قررارئون‬
‫متعمقون لسن تزو وكتابه‪ ،‬فإنك تجد خطة إخفاء النظام‬
‫عبررر الفوضررى قررد وقررع تطبيقهررا فرري تررونس بعررد الثررورة‬
‫(القناصرررة‪ ،‬االعتصرررامات الفوضررروية‪ ،‬جررررائم القترررل‬
‫الغامضررة‪ ،‬السرررقات‪ )....‬وكررذلك شررأن مصررر وليبيررا‬
‫كمثل قريب‪.‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪250‬‬


‫‪251‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫الوهابيررة هرري السررالح األطررر فرري يررد أعررداء األمررة‪ ،‬ألن‬


‫األسلحة األخرى التي تعمل من خارج المنظومة الردين‬
‫علررى نفاذهررا وتمويلهررا وخبثهررا تبقررى تعمررل مررن خررارج‬
‫المنظومة ولذلك تبقى قاصرة‪ ،‬أما الوهابية‪ ،‬فمنذ وضع‬
‫مخططهرا الجاسرروس البريطراني همفررر اسرتاذ ابررن عبررذ‬
‫الوهاب‪ ،‬وهي افتك سالح لضرب األمرة مرن الرداخل‪،‬‬
‫مواصلة عمل الخروارج الرذين أو قفردوا الفتنرة الكبررى‬
‫بأيد من هنا وهناك في أكبر لعبة في تاريخ األمرة مازالرت‬
‫تلقي بكلكلها إلى اليوم وتستمر بخردعها وخبثهرا وأيرديها‬
‫ومشايخها وزعماء فتنتهرا وكرالب النرار القرائمين عليهرا‪،‬‬
‫ولكن ابن عبد الوهاب كان األشد إجرامرا وحربره كانرت‬
‫األكثر أذى على األمة فدمر مخزونهرا الروحري التراريخي‬
‫بتدمير كل مكان له بنبي األمرة وأصرحابه ونل بيتره صرلة‬
‫في أرض الحجاز واستمرت الحرب بشركل كبيرر لكنهرا‬
‫اليوم تشهد هجمتها األشرس منذ النشأة قبل قرنين‪.‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪251‬‬


‫‪252‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫الراب الوثيق بين الصهيونية والوهابية ال يخفرى إال علرى‬


‫ذي بصر كليل وعقل هزيل‪ ،‬وعندما اعترف بعرض قرادة‬
‫العدو أن اسرائيل الكبرى مجرد وهم‪ ،‬ثم حرين جراءت‬
‫الثررورات البكررر بنقائهررا األول‪ ،‬وأثبتررت قرروة الشررعوب‬
‫العربية وأن سر هرذه األمرة حرين يختفري فهرو ال ينتفري‪،‬‬
‫كان البد من تفعيل السالح األخطرر‪ ،‬مرن إعرادة ترتيرب‬
‫األوراق‪ ،‬ومن وكيل يقوم بالنيابة بتحقيق حلم اسررائيل‬
‫الكبرى ولكن من داخل األمة االسالمية وبأيردي شربابها‬
‫عبر نشر التوحيد اإلبليسي الوهابي وتحويل االمة وتراثها‬
‫وروحها إلى ركام وحينها تحقق االهداف‪.‬‬
‫هنالررك رابر وثيررق‪ :‬زوال الوهابيررة يعنرري زوال الطغيرران‬
‫والجهل المقدس من أمة محمد‪ ،‬وحرين يرزول الطغيران‬
‫تررزول دولررة الصررهاينة بشرركل سررريع‪ ،‬وبمررا أنهررا حرررب‬
‫وجود يفهم الطاغوت العربي والعدو الصهيوني حقيقتهرا‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪252‬‬


‫‪253‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫وخطورتهررا وقرروة مرردها الثرروري‪ ،‬فقررد كرران لزامررا البرردء‬


‫بحرررب وجررود وإبررادة بكررل األمرروال القارونيررة والجنررد‬
‫الهاماني والكفر الفرعوني المتأله‪ ،‬وبكل مشرائخ الجهرل‬
‫المقرردس مررن خبثرراء األنفررس ومرضررى القلرروب وأهررل‬
‫الغرور والزور‪.‬‬
‫سيكون المسعى حثيثا من اجل التغرير بأكبر عدد ممكن‬
‫ومن اجل هدم األمة من الداخل ألن الذي قتل الفراروق‬
‫كسررى علرى قوتره وال‬ ‫عمر ابن الخطاب لم يكرن جري‬
‫القيصر على عدده وعدته بل شخص يصلي خلفه‬ ‫جي‬
‫ولم يعلم من في الصف األخير من المسرجد مرا حردث‬
‫فرري الصررف االول إال حررين كثررر الهرررج وبرران الخليفررة‬
‫مسجى في دمره‪ ،‬إنره مشرهد وثيرق الصرلة بمرا نحرن فيره‬
‫بني صهيون من هدم بيت النبي‬ ‫اليوم‪ ،‬فلن يتمكن جي‬
‫الذي ولد وعاش فيه‪ ،‬لكن ابن عبد الوهاب وهرو يهترف‬
‫مع زمرته "اهلل اكبر" تمكن مرن ذلكرن ذات االمرر فعلره‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪253‬‬


‫‪254‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫أبنرراء ليبيررا بمقررام ولرريهم وشرريخ مشررايخهم عبررد السررالم‬


‫األسمر وهم يكبررون ويهللرون ويحرقرون أعظرم مدرسرة‬
‫صوفية للقرنن في شمال إفريقيا وواحدة من اهل الزوايا‬
‫في العالم اإلسالمي ومكتبرة تضرم أكثرر مرن ألرف كتراب‬
‫ومخطوط قديم أحرقت كلها أو جلها‪...‬‬

‫الحرب العشوائية هي خ مهم حين يكتشرف العردو أن‬


‫العنف التنظيمي يمكن تبينره ورصرده‪ ،‬وكنرا بينرا أوجهرا‬
‫له‪ ،‬وتتلخص خطة الحرب العشوائية في اآلتي‪ :‬اضررب‬
‫بكل ما تملك في كل مكان بشكل عنيف سريع عشوائي‪.‬‬
‫حين تنظر في الحرائق التري يؤكرد أكثرر مرن واحرد مرن‬
‫المراقبين أنها غامضة ومتعمدة (ال ننسى ان سون تزو في‬
‫كتابه فن الحرب يخصص مجاال مهما لمشرعلي الحرائرق‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪254‬‬


‫‪255‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫كأسلوب جربي عشوائي خطير جدا)‪ ،‬ثم ضرب العلماء‬


‫(حادثة الشيخ مورو على عشوائية الهجوم حتى بدا كان‬
‫المهاجم مجرد مخبول ولكنه في الحقيقة ضرمن العنرف‬
‫العشوائي)‪ ،‬ثم الهجوم على الزوايا والحررق والتخريرب‬
‫وفرررض الصررالة فرري السرراحات علررى النرراس فرري العيررد‬
‫والهجوم على الحفل الصوفي في القيروان وعلى الحفل‬
‫المقدسرري فرري بنررزرت‪ ،‬أضررف إلررى ذلررك الهجمررات‬
‫المتقطعة هنا وهناك‪ ،‬من مهرجانات وعرروض مسررحية‬
‫وفنية إلى األعراس والمناسبات‪ ،‬ثم عليك أن تضيف ما‬
‫يحدث في ليبيا ألنه مهم جدا‪ ،‬وقد تم تفجير الكثير جدا‬
‫من الزوايا وحدثت جرائم قتل غامضة عشوائية‪ ،‬وصوال‬
‫إلى المشهد الرهيب الخطير لتفجير مقام الشيخ العارف‬
‫باهلل عبد السالم األسمر وهي مدرسة كان لها أثر عميرق‬
‫فرري اإلصررالح والتنرروير لقرررون مررن الزمرران‪ ،‬ولررن يكررون‬
‫بعدها إلى دمار كبير‪.‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪255‬‬


‫‪256‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫إن ما يبدو عشوائيا سيزداد وتيرة وقروة‪ ،‬ولكنره محكروم‬


‫بنظام خارجي‪ ،‬ولكي تفهم معي حقيقة األمر إليرك هرذه‬
‫الصورة‪ :‬الحبوب الفوارة‪ ،‬حين تضعها فري كرأس مراء‪،‬‬
‫تبدأ في الفوران بحركرات عشروائية ترزداد وتيررة‪ ،‬لكرن‬
‫الكررأس الحرراوي لهررا ثابررت‪ ،‬فررنفس الشرريء‪ ،‬الحرررب‬
‫العشوائية تنفجر وتزداد وتيرة بكشل كبير تخرب أكثر ما‬
‫يمكن كعمل متشنج جبان انتقامي تخريبري شربيه بأعمرال‬
‫العصررابات الترري تررود أن تحرررق مدينررة مررا قبررل أن ي رأتي‬
‫حاكمهررا الحقيقرري أو بنيرررون وحرق ره الجنرروني لرومررا‪،‬‬
‫ولكن اإلطار التخطيطري والهيكلري لكرل تلرك العشروائية‬
‫ثابت خبيث مراقب منتظم‪ ،‬إنه عنف مهيكل حاور لعنف‬
‫عشرروائي‪ ،‬حرررب منظمررة جرردا ودقيقررة للغايررة تسررتخدم‬
‫حربا عشروائية شرسرة‪ ،‬ينفرذها عبيرد الروهم والكراهيرة‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪256‬‬


‫‪257‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫الررررررين ال يفقهررررررون مررررررن االمررررررر برمترررررره شرررررريئا‪.‬‬


‫التحليل قد يطول بي ولكني أجمل في النقاط التالية‪:‬‬
‫ر وتيرة هذه الحرب العشوائية ستزداد بشكل كبيرر ولهرا‬
‫صلة وثيقة بحرب عشوائية أخرى في سوريا‪ ،‬وقد يمس‬
‫مصر من ذلرك شريء‪ ،‬وحترى العنرف فري مالعرب كررة‬
‫القدم جزء ينفذه رعيل نخر من البيادق‪.‬‬
‫ر تونس وليبيا محور أساسري لهرذه الحررب العشروائية‪،‬‬
‫وسيرام محو كلي شبيه بما فعلره ابرن عبرد الوهراب فري‬
‫الحجاز لكل الترراث الصروفي وكرل الزوايرا مرع تزييرف‬
‫وطمس ومواجهات علنية بقروة السرالح (مرن أر بري جري‬
‫إلى السيف والساطور)‪.‬‬
‫ر الصرمت الرسرمي علرى ذلرك ونليرة التعامرل العراجزة‬
‫والترري ترررفض التطرروير واالسررتعانة بهررال الررذكر سررتكون‬
‫سررببا لكرروارث أشررد‪ ،‬كمررا هرري السرربب فرري الكرروارث‬
‫الحالية‪.‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪257‬‬


‫‪258‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫ر داء الوهابية اليوم استفحل‪ ،‬البد من االستعانة بطبيب‬


‫يبين كيفية عالج األوبئة حسب مراحلها المختلفة!‬
‫دعوة أكررها منذ سنة تقريبا على منابر اإلعالم‪ :‬البد مرن‬
‫لجنة أزمات‪ ،‬ولجنة للتفكير واإلصالح‪ ،‬أو هي الطامة‪.‬‬

‫سوسة‬
‫‪11:50:36 2012-08-26‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪258‬‬


‫‪259‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫إنه السقوط يا موالي‬

‫حين كانت القالع تحاصر في الحروب القديمة‪ ،‬كانت‬


‫ردود الفعل تختلف‪ ،‬بين من يحبذ االستسالم باكرا‬
‫لينقذ شعبه ومدينته‪ .‬وبين من يقاتل حتى الرمق األخير‪.‬‬
‫أو من تصمد قلعته حتى ييأس الغزاة‪ .‬لكن حصان‬
‫طروادة المخادع أعطى درسا قاسيا للقلعة األعتى‪:‬‬
‫االختراق‪.‬‬

‫حين يتم االختراق بحصان طروادة أو بالخونة‪ ،‬فإن‬


‫القلعة سرعان ما تتداعى‪ .‬وكذا حين يحكم القلعة أحد‬
‫مجانين السلطان‪ ،‬فيرفض أن يرى الحقيقة ويلقي بجنوده‬
‫المرتجف ألحد أفراد‬ ‫للهالك حتى يأتيه الصوت‬
‫الحاشية يقول له‪ :‬إنه السقوط‪...‬يا موالي‪.‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪259‬‬


‫‪260‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫اليوم لم نعد نحتمي بالقالع الحجرية‪ ،‬ولكن قلعتنا كل‬


‫ما يجعل الوطن وطنا‪ :‬الدستور‪ ،‬سلطة القانون‪،‬‬
‫العدالة‪ ،‬الديمقراطية‪ ،‬التماسك والتعاون بين أفراد‬
‫الشعب‪ ،‬الوحدة الوطنية‪ ،‬السلم األهلي‪ ،‬وحدة‬
‫العقيدة‪ ،‬األمن‪ ،‬الجي ‪....‬‬
‫ذكرت في كتابي "فن الحرب بداية جديدة"‪ ،18‬أن‬
‫"هنالك صنفان من الناس يخدمان عدوا يريد أن‬
‫يخترق القلعة ويحاول إسقاطها‪ :‬خائن‪ ،‬أو أحمق"‪.‬‬
‫للحمقى قدرة عجيبة على فعل كل ما يريد العدو فعله‪،‬‬
‫وبأقل التكاليف ‪ ،‬ولكن كيف يكون األمر حين يوجد‬
‫خائن أحمق أو أحمق خائن؟‬

‫‪ 18‬كتاب استراتيجي هو محاورة وتجدد لكتاب فرن الحررب لسرن ترزو‪،‬‬


‫ضررمن رؤيترري كمعلررم فنررون دفرراع وخبيررر فرري فنررون الحرررب وعلرروم‬
‫االستراتيجيا‪.‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪260‬‬


‫‪261‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫‪19‬‬
‫منذ بداية تأليفها قبل‬ ‫لقد مرت تأمالت مواطن عربي‬
‫الثورة التونسية وتوقعتها‪ ،‬ثم بعدها مباشرة وتوقعت فيها‬
‫نظما للفوضى لخنق الثورة عبر تأمالت في كتاب فن‬
‫الحرب لسن تزو‪ .‬ثم مضت التأمالت تحلل وتستشرف‬
‫وتتوقع وكل تلك التوقعات تمت بالحرف‪ .‬وقد تكلمت‬
‫عن نظريتي الثالثية‪ :‬التنظير‪ ،‬التكفير‪ ،‬التفجير‪ .‬ثم‬
‫أضفت مرحلة التدمير وتوقعت اغتياال نخر بعد بلعيد‬
‫وعمليات نوعية وهو ما تم ويتم اآلن‪ .20‬ثم كان لي‬
‫التأمل األخير في مفهوم األمن الشامل ضمن مشروع‬
‫كم تمنيت لو تبنته الدولة قبل فوات الكثير من األوان‪.‬‬
‫ومازال يفوت منه ما تبقى‪.‬‬

‫‪ 19‬سلسلة من مقاالت ودراسات معظمها في هذا الكتاب‪.‬‬


‫‪ 20‬كل هذا منشور على صفحاتي في فايسبوك وعدد كبيرر مرن المواقرع‬
‫والصرررحف الوطنيرررة والدوليرررة وكرررذلك فررري الكثيرررر مرررن النررردوات‬
‫والمحاضرات والبرامج التلفزية واالذاعية‪.‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪261‬‬


‫‪262‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫هذا التأمل سيتركز على قراءة عقل العدو وتحليل‬


‫مختزل للواقع مع بعض االستشراف‪.‬‬
‫في العلوم العسكرية‪ ،‬من أهم األمور‪ ،‬وقد أشار إليها‬
‫سن تزو‪ ،‬هو معرفة كيفية تفكير العدو‪ .‬لدى البعض‬
‫قدرة استشعار ولدى اآلخرين قدرة على القراءة العقلية‪.‬‬
‫وهذا ما جعل المخابرات األمريكية والسوفيتية تتصارعان‬
‫لعقود حول تطوير قدرات أشخاص مختارين في قراءة‬
‫العقل والتيليباتي‪.‬‬
‫األمر بسي جدا‪ ،‬ويتم عبر هذه المراحل‪:‬‬
‫*توغل في وهم الفرح‪.‬‬
‫*مخادعة للشعب ومنحه وهم الطمأنينة‪.‬‬
‫*بث الفوضى والحقد والكراهية بشكل تدريجي‪.‬‬
‫*تغيير أقفال الخزائن الوزارية وما تحتها من مناصب‬
‫وصوال للعمد‪ ،‬ووضع كل المفاتيح في جيب شخص‬
‫واحد‪.‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪262‬‬


‫‪263‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫*ضرب الثوابت الدينية والعقائدية وبث الفتن والسيطرة‬


‫على بيوت اهلل وحرق مقامات أهل اهلل‪.‬‬
‫*ضرب عمق هيبة الدولة بقصد قاصد أو بوضع من ال‬
‫يستطيع وال مهابة له وخاصة مؤسسة الرئاسة‪.‬‬
‫*محاولة اختراق المؤسسة األمنية‪ ،‬وضربها من‬
‫على مراحل‪.‬‬ ‫الداخل وإضعافها‪ ،‬وضرب الجي‬
‫*تقوية التكفيريين ومنحهم الضمان واألمان‪.‬‬
‫*فتح البالد لألسلحة حتى تصبح في كل تراب البالد‬
‫من المساجد إلى البيوت‪.‬‬
‫*تعطيل كل مشروع جيد ومحاصرة كل شخص‬
‫صادق وكل خبير عارف ال يبيع ذمته‪.‬‬
‫*جمع ما يمكن من ضعاف الذمة والهمة وعديمي‬
‫المروءة ومنحهم أهم المناصب حتى يكونوا وباال على‬
‫كل مؤسسة ينتمون إليها‪ ،‬وبهذا يتم تدمير المؤسسات‬
‫وتحويلها إلى أوكار خاصة‪.‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪263‬‬


‫‪264‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫*خداع الناس واستباله عقولهم وجر المغفلين إلى‬


‫المحرقة وهم يرقصون‪.‬‬
‫*إغراق البالد اقتصاديا‪ ،‬خنقها سياسيا‪ ،‬تهميشها‬
‫ثقافيا‪ ،‬وتحطيمها معنويا‪.‬‬
‫وبعد كل هذا‪ ،‬حين يتفطن الشعب أو يرغب في‬
‫اليقظة‪:‬‬
‫* اتهام من يخرج ويعارض أو ينصح‪ :‬باالنقالب‪.‬‬
‫أبناء الوطن الواحد ضد بعضهم‪.‬‬ ‫* تجيي‬
‫أو‬ ‫*عدم التمييز بين الصديق والخصم‪ :‬كل من يناق‬
‫يجادل يحاصر ويبتّهم‪.‬‬
‫*يرافق ذلك عمل إرهابي منظم يقوم في ظل كل هذه‬
‫الظروف المالئمة بالضرب بكل قسوة في كل مكان‪ ،‬ذبح‬
‫وتفجير‪.‬‬ ‫واغتيال‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪264‬‬


‫‪265‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫ستقول لي‪ :‬برنامج صهيوني‪...‬أو تسميه بما تريد‪،‬‬


‫المهم هذا ما كان وما تم تطبيقه‪.‬‬
‫ما تم في مصر وما سيجره من كوارث على أرض‬
‫الكنانة‪ ،‬وما يفعله التكفيريون اليوم في ليبيا وفي سوريا‬
‫ومالي وما تم من فعلهم وصنيعهم في الصومال هو‬
‫تحقق ذلك البرنامج مع تعديالت حسب البالد والعباد‪.‬‬
‫لقد بل التحقق في تونس مستوى متقدما جدا وخطيرا‪،‬‬
‫ولكن الوعي السلطوي وعي بائس إن كان وعيا أصال‪.‬‬
‫وأما األحزاب التي في الحكم والتي في المعارضة فهي‬
‫جميعا – إال قلة قليلة – سقطت في الفخ ومضت في‬
‫سبل الكراهية وال تزداد كل يوم إال كرها لبعضها‬
‫وتجييشا لمناصريها مما يمثل فرصة ال يمكن تفويتها‬
‫لإلرهابيين‪.‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪265‬‬


‫‪266‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫إن من يعتقد أن الوضع بسي ويمكن بتغيير حزب حاكم‬


‫أو رئيس حكومة الخروج منه فهو واهم‪ ،‬لقد تم نصب‬
‫الكمين بإحكام وتم التوغل واالختراق تحت‬
‫غطائين ‪:‬غطاء الحمق والغباوة‪ ،‬وغطاء الخيانة والعمالة ‪.‬‬
‫وبحافزين‪:‬حافز من العقيدة الوهابية الفاسدة التي مرض‬
‫بها قياديون في الحزب الحاكم فناصروا إخوانهم فيها‬
‫وتعاطفوا معهم وزرعوهم ومنحوهم غطاء للتسلح‬
‫والتغول والتمول‪ .‬ومسهم العمى الكلي فلم يسمعوا‬
‫ناصحا وال قبلوا من ذي رأي رأيا وما زالوا على عماهم‬
‫يتخبطون ويجرون خلفهم من ابتلي بهم مناصرا أو‬
‫معارضا‪.‬‬
‫وحافز من الشره على الكرسي والخوف من الحرمان منه‬
‫‪.‬مع عدم تغييب حافز نخر هو العمالة والتواطؤ وهو‬
‫مستشر لدى فئات بعينها تتناثر هنا وهناك‪.‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪266‬‬


‫‪267‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫ولكن الغطاء األكبر كان غفلة الشعب ونومه الطويل‪،‬‬


‫وضعف الرؤية لدى السياسيين وانشغالهم بالكراهية‬
‫لبعضهم بدل االنشغال بحب الوطن‪ ،‬وال أستثني إال‬
‫نسبة محددة‪.‬‬
‫إن رمزية اغتيال محمد البراهمي في عيد الجمهورية‬
‫ونحر الجنود غير بعيد عن عيد الجي ‪ ،‬هي رمزية‬
‫خطيرة جدا‪ ،‬واآلن سوف يحاولون القيام بعمليات في‬
‫العمق‪ ،‬وسيعلم الجميع أن لديهم أوكارا ال تحصى‬
‫األقنعة في النهاية ويكشف المسوخ عن‬ ‫وستسق‬
‫وجوههم الحقيقية‪.‬‬
‫ليس الحل لكل هذا بيد حزب أو مجموعة‪ ،‬بل بيد‬
‫الشرفاء جميعا‪ .‬وأنا على يقين أن حركة النهضة وبقية‬
‫األحزاب على اختالفها واختالف مواقعها ومنابعها‬
‫تحوي الكثير من النزهاء والشرفاء‪ .‬على الجميع أن‬
‫يعلموا أن الخائن ال دين وال ملة وال وطن وال حزب‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪267‬‬


‫‪268‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫له‪ ،‬سواء كان خائنا بالقصد أو بالحمق‪ .‬وكنت قسمت‬


‫الخونة في كتاب فن الحرب بداية جديدة إلى خائن‬
‫باإلرادة وخائن بالجبن وخائن بالجهل‪.‬وأن الشعب عليه‬
‫أن يتكاتف ويتضامن ال أن يتحول إلى شتات وهو ما‬
‫اليوم‪.‬‬ ‫يحدث‬
‫أما الجانب األمني والعسكري فهو األوان لمجلس لألمن‬
‫القومي ومراكز لالستراتيجيا واالستشراف ودعوة‬
‫الخبراء والعارفين بهذه العلوم والعمل العميق‪.‬‬
‫والبد من الحسم ألن كل يوم يضيع يحمل ضربة‬
‫ومخططا‪ .‬فالذين اختبئوا بصمت طيلة الليل في بطن‬
‫حصان طروادة‪ ،‬سيحاولون فور نزولهم منه الضرب‬
‫بسرعة وقسوة ودموية لقتل كل شيء حتى الفرح‪ ،‬ثم‬
‫فتح أبواب القلعة لدخول العدو وإسقاطها بالكامل‪.‬والبد‬
‫من الصد والردع واالستباق‪ .‬وأرى أن الضرب يكون‬
‫عنقوديا في كامل البالد مع اختيار أمكنة حساسة ومدن‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪268‬‬


‫‪269‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫بعينها أكثر من سواها وأشخاص أكثر من غيرهم‬


‫لغايات منها التدمير المعنوي وبث الخوف أو مجرد‬
‫االنتقام‪.‬‬
‫إن من أعسر األمور أن تفكر بعقل خصمك وأن ترى‬
‫بعينه‪ .‬ومن األمور الصعبة أيضا عزل الذات من انتمائها‬
‫والنظر بحياد ولو للحظات‪ ،‬ألن التعصب أيا كان‬
‫مصدره ومنحاه فخ قاتل للعقل والفهم واإلدراك‪.‬‬
‫البد من الوعي أن البالد تغرق اآلن في الرمال‬
‫المتحركة‪ ،‬وأن األلغام تم زرعها في عقول وقلوب كثيرة‬
‫قسوة وانتقاما‪ ،‬وأن األسلحة التي تم تهريبها وتسريبها‬
‫في داخل البالد كثيرة جدا‪ ،‬وأن هنالك شبكة كبيرة‬
‫ولها رغبة جامحة في سقوط الوطن وحرقه وإراقة دماء‬
‫مواطنيه‪.‬‬
‫االقتصاد يتداعى وكل شيء يترنح‪ .‬والمسار هو التالي‪:‬‬
‫التنظير‪ /‬التكفير‪ /‬التفجير‪ /‬التدمير‪ /‬التداعي‪/‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪269‬‬


‫‪270‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫السقوط‪ .‬وقد بدأنا فعليا في السقوط ولن تكون بعده إال‬


‫مرحلة االنهيار‪.‬‬
‫يمكننا تجنب ذلك ولكن العناصر الالزمة غير متوفرة‬
‫حاليا‪ .‬وأهم عنصر الوحدة المقدسة والفطنة‪ ،‬وأن ال‬
‫يكون المرء إمعة يتبع دون فهم ويبستبله من هذا وذاك‬
‫فيخرب بيته بيده‪ .‬علينا أن نحمي قلعتنا رغم كل ما‬
‫أصابها‪ ،‬كي ال نسمع الصوت المرتجف مجددا‪ :‬إنه‬
‫السقوط يا موالي‪ ،‬وكما أقول في كتابي‪ :‬فن الحرب‬
‫بداية جديدة‪":‬القلعة التي يضربها العدو من خارجها‬
‫بالمنجنيق قد ال تسق ‪ ،‬لكن التي تحتوي خائنا واحدا‬
‫في داخلها سرعان من تنهار‪".‬‬

‫سوسة‬
‫‪15:54:59 2013-08-04‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪270‬‬


‫‪271‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫‪21‬‬
‫أقنعة الوهم المقدس‬

‫عنرردما يقررع العقررل فرري بررراثن الرروهم‪،‬‬


‫يتخب الفكر وتسيطر الخزعبالت على كل نظرر رصرين‪.‬‬
‫وتغيررب البصرريرة خلررف حجررب مررن الظررالم المتمرررس‬
‫بفنون التعمية واإليهام‪ .‬وإن أشد أنرواع الروهم المردنس‬

‫تم نشره بجريدة المغرب بتاريخ السبت ‪ 28‬سبتمبر ‪2013‬‬ ‫‪21‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪271‬‬


‫‪272‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫مررا التحررف بالمقرردس‪ .‬فتكررون للرروهم حينهررا قداسررة‬


‫ومرجعية تلتصق – وهميا – بشرع اهلل الرذي مرا جراء إال‬
‫لينقذ اإلنسان من الوهم وجنوده وسماسرته‪.‬‬
‫كان للمشركين فنرون فري اإليهرام وكرانوا علرى شراكالت‬
‫مختلفررة وأنررواع متعررددة‪ ،‬فمررنهم منخرردع يظررن فعررال أن‬
‫الصررنم يض ررّ وينفررع‪ ،‬ومررنهم تجررار مرراكرون يعلمررون أن‬
‫الحجر الذي يصنعونه ويستجلبونه ويتاجرون به ما هرو إال‬
‫حجررر‪ ،‬لكررن شرررهم وشرررههم ال ينتهرري أو ينثنرري عنررد‬
‫حررد‪ ،‬فيغرقررون السررذج فرري أوهررام القداسررة وحبائررل‬
‫الظلمات والكفر بل ويمضون بعيدا في التنكيل بالمقدس‬
‫حقيقة بإلباس صنوف الدنس مرن حولره حترى "أفتروا"‬
‫لمن رام الحقيقة والخالص أن يطوف بأقدس مكان وهو‬
‫عرار تمامرا يسرتغيث بهبرل والرالت‪ .‬ولريس ذلرك العرراء‬
‫الجسررمي إال ترجمررة للعررراء الفكررري والخررواء الروحرري‬
‫وسيطرة الوهم المدنس والتحافه بأثواب التقرديس‪ .‬ومرا‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪272‬‬


‫‪273‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫أشبه األمس باليوم‪ ،‬بل ما أشبه األيام باأليرام فري تكررار‬


‫النم علرى اخرتالف التفصريل‪ ،‬واألصرل فري الحقيقرة‬
‫واحد‪.‬‬
‫أليس الواقع في فتنة الخروارج علرى مرر العصرور سرواء‬
‫زمررن اإلمررام علرري أو حتررى أيررام ثررورة صرراحب الحمررار‬
‫الخررارجي فرري إفريقيررة‪ ،‬واقعررا فرري وهررم مرردنس يلتحررف‬
‫بالمقررردس ويعريررره مرررن كرررل إنسرررانية وكرامرررة ذات‪.‬‬
‫والوهرررابيون ورثررروا كرررل فنرررون المشرررركين فررري ذلرررك‬
‫وشيوخهم كشيوخ الشرك يتقنون التجرارة ببنري اإلنسران‬
‫وترردنيس المقرردس وصررب المرردنس بصرربغة القداسررة‬
‫وتعرية اإلنسان من روح اإلنسان‪.‬‬
‫ترردمير مقامررات نل البيررت ومقررام السرريدة خديجررة وبيررت‬
‫األرقررم أول مدرسررة للنبرري وأصررحابه وكررذا مقامررات‬
‫الخلفاء واألئمة في البقيع ومكة والمدينة ثم نشر شررهم‬
‫في دمار مقامات أهل اهلل في الصومال ومالي وأرجاء في‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪273‬‬


‫‪274‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫اليمن وفي العراق ثم ليبيا حيث ترم تردمير كرل مقامرات‬


‫أهررل اهلل تقريبررا مررع اغتيرراالت للمنتسرربين للبيررت النبرروي‬
‫وللمنهل الصروفي وعرادة يكرون يروم الجمعرة إثرر صرالة‬
‫الصبح (بذلك يتقربون إلى ربهم) وكذا ما تم فري ترونس‬
‫ويراد أن يتم ثم مأساة الشام وما يجري فيها‪ ،‬وكل هرذا‬
‫تحررت مظررالت الفترراوي الترري تنطررق بلسرران هبررل وتلرربس‬
‫لباس الصحابة وتابعيهم وتدعي أنها تمثل مرنهج السرلف‬
‫الصالح‪.‬‬
‫ثم يكرون العرراء فري جهراد النكراح حيرث يهرون الجسرد‬
‫ويصرربح سررلعة كتلررك الترري طافررت حررول الكعبررة وهرري‬
‫محاصرة باألصنام أيام الشرك والجاهليرة األولرى حرين‬
‫رام سدنة الظلموت تدنيس مقرام الرحمرة واالنتقرام مرن‬
‫إبراهيم وإسماعيل إذ يرفعان جدران البيت‪.‬‬
‫وإن التمويرره علررى الحقيقررة واإلفررك والكررذب علررى رب‬
‫العالمين إلظهار أن دينه دين قتل وقطع رؤوس ويدربون‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪274‬‬


‫‪275‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫األطفال على ذلرك وتررى مشراهد "أُحرد" تتكررر برنفس‬


‫الحقررد ونفررس الررروح المظلمررة المتعطشررة لالنتقررام مررن‬
‫النبي ونله وأصحابه ومن اإلسالم نرورا وحقيقرة‪ ،‬وتررى‬
‫قطع الرؤوس والتمثيل برالقتلى وأكبرادا تقطرع وتؤكرل‪،‬‬
‫ثررم يررأتي التكبيررر معلنررا قداسررة ذلررك الرروهم السررافل‬
‫المرردنس وربانيررة تلررك القسرروة الشرريطانية الترري ال يأتيهررا‬
‫إنسان فكيف بمؤمن‪.‬‬
‫لرريس جهرراد النكرراح فرري الحقيقررة إال تمظهرررا للرروهم‬
‫المقدس كما فعل من قبل العجل المقدس وفرعون يروم‬
‫الزينة وسحرته إذ ألقوا مرا هرم ملقرون‪ .‬إنره اسرتعراض‬
‫للقرردرة الوهميررة وكيررف تصررنع بضررحيتها فتسررلبه كرامررة‬
‫الوجود‪ .‬وهي إذ توغل فيه تستخدم أجمل ما فيره وهري‬
‫العقيدة اإليمانية فتظن الضحية أنها تتقرب إلرى اهلل وهري‬
‫تمضي إلى أبعد المناطق عنه وأقصى األقاصي عن دربره‬
‫الحق‪.‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪275‬‬


‫‪276‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫ولكن األوجع في كل هذا واألدهى‪ :‬كيف تترك الضحايا‬


‫لحمهرن أجرالف قسراة ومجرمرون بغراة‬ ‫بال حماية فيرنه‬
‫يشربون دم اإلنسران وهرم يرذكرون اسرم خرالق اإلنسران‬
‫ويكبّررررون بررراهلل الرحمررران واهلل مرررنهم برررريء ورسررروله‬
‫والمؤمنون‪.‬‬
‫للوهم جند كثر‪ ،‬منهم من يلمّع صورته ويمنحره أثرواب‬
‫القديسين‪ :‬فقهراء جهرنم وأحذيرة السرالطين‪ .‬ومرنهم مرن‬
‫يغذيه ويطعمه‪ :‬الخوارج كالب النار‪ .‬ومنهم من يدعمهم‬
‫بخيانترره وجبنرره ومطامعرره‪ ،‬وهررؤالء متوغلررون فرري مقاسررم‬
‫كثيرة لكل واحد منهم وجه ووجهة ودور‪ .‬ويوم ينكشفون‬
‫ستنكشف أمور كثيررة وخطيررة‪ :‬فمرن سرمح ومرن مرنح‬
‫ومن غضّ الطرف وتساهل ومرن فرتح المسراجد ألدعيراء‬
‫الدين ورسل الدجال كي يخربوا عقول وضمائر الشباب‬
‫والشابات ويلقونهم في حرب خاسرة بائسة يائسة فيبقترل‬
‫منهم من يبقتل وتوضرع الفتراة الصرغيرة الغضرة فري ركرن‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪276‬‬


‫‪277‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫مظلم يتداول عليها خمسون ومئرة ذئرب بشرري مرتعط‬


‫للجنس والقتل وقطع الرؤوس والتهام األكباد‪.‬‬
‫هي خيانة عظمى البد من كشفها كاملة‪ ،‬واأليام القادمرة‬
‫ستفضح من ساهم في نسجها وكوّن خيطا مرن خيوطهرا‬
‫المتشعبة‪.‬‬
‫إنه أمرر جلرل ترم تردبيره بليرل وهرم والتخطري لره بدقرة‬
‫وحقد كبير على هذا الوطن تخصيصا وعلرى األمرة كلهرا‬
‫والشرام ومصرر خاصرة‪ .‬وال غرابرة فري القترل واالغتيررال‬
‫وحرق المقامات ألن المشروع أكبرر مرن ذلرك‪ ،‬ورغرم‬
‫يقيني بفشله في تونس وبداية نهايته منها بعد كل مرا فعلره‬
‫واقترفرره فرري أرض اهلل طيلررة قرررون‪ ،‬فررإني علررى يقررين أن‬
‫الحقائق التي ستنكشف ستصدم الجميع فهي مخططات‬
‫إلمارات وضرب عميق وفتن كبرى ‪.‬‬
‫‪22‬‬

‫وهو استشراف نخر تحقق‪ ،‬فقد شهد العالم أمورا كثيرة عميقرة صرادمة‬ ‫‪22‬‬

‫منها تدمير مدينرة نمررود التاريخيرة فري العرراق واحردة مرن أقردم مردن التراريخ‬
‫وكذلك متحف الموصل وما يحويه مرن مروروث إنسراني يمترد لقرابرة العشررة‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪277‬‬


‫‪278‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫إن الثقافة الحقيقية والعلم الحق والرجروع إلرى المنرابع‬


‫الصحيحة هو ترياق لهذا السرم‪ .‬وكرذلك مشرروع دولرة‬
‫ترفض أن تسق في الظالم والجهل وهي أم أعرالم هرداة‬
‫وعلماء ثقات كانت لهم اليد الطولى في العلروم منقولهرا‬
‫ومعقولها‪ .‬ومشروع شعب يريد التحرر من الظلمة التري‬
‫تريد سلبه وجوده وثقافته ودينه وأرضه وعرضه‪.‬‬
‫هي مرحلة مفصلية من تاريخ بالدنا وأمتنا‪ ،‬فطروبى لمرن‬
‫وقف في وجه الروهم بشرعلة الحقيقرة حترى لرو أحرقرت‬
‫يده‪ .‬والخزي كل الخزي‪ :‬لخردم الروهم وزبانيرة الظرالم‬
‫ونخاسي الدنس "المقدس‪."23‬‬
‫سوسة‬
‫‪13:49:49 2013-09-27‬‬

‫نالف سنة واآلن قرد يردمرون مدينرة تردمر السرورية‪ ،‬ثرم الهجروم علرى متحرف‬
‫باردوا ومجلة شارلي إيبدو وقرصنة قناة ‪ TV5‬الفرنسية وغيره كثير‪.‬‬
‫‪ 23‬طبعا يه قداسة ومهية اكليت يعطهيا عبدة ا ألصنام ألصناهمم‪.‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪278‬‬


‫‪279‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫كشف األوراق األخيرة‪:‬‬


‫ما تبقى من المخط اإلرهابي وكيفيات ردعه‪.‬‬

‫"في علم االستراتيجيا‪ ،‬عليك أن تتوقع األسوأ‪،‬‬


‫وتعمل لألحسن‪ ،‬ال أن تتوقع األحسن‪ ،‬وأنت تعمل‬
‫لألسوأ"‪.‬‬
‫من كتابي مدخل إلى علم االستراتيجيا‪.‬‬

‫مالحظة أولى‪ :‬ما سيتم تفصيله في هذا المقال هرو ضرمن فهرم‬
‫عقل العدو‪ ،‬وضمن تصور أقصرى ما يصبو إليه وأقسرى ما يمكنه‬
‫فعله‪ .‬وهو أمر مهم لمناقشة كل تلك النقاط على أنها احتماالت‬
‫أو استشرافات – كل حسرب مسرتوى فهمره ووجهرة نظرره– ثرم‬
‫منررع حرردوثها جميعررا وترروفير السرربل إلررى ذلررك‪ ،‬فغايررة علررم‬
‫االستشرررراف والمسررتقبليات هررو الوقايررة ولرريس مجرررد التنب رؤ‬
‫بحدث ما‪ .‬وإن التفكيك البنيوي العميق للفعرل اإلرهرابي يمكرن‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪279‬‬


‫‪280‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫من استشراف واستباق كل حركاته والحد منها بنسبة كبيررة وال‬


‫يعني ذلك في مطلق األحوال بلوع نسبة الخطر صفر فهرو أمرر‬
‫صعب جدا ولكن بلوغ نسب عالية جردا مرن الوقايرة والتصردي‬
‫والمناعة حتى يرتم بلروغ النسربة صرفر وال يظرل أمرام اإلرهراب‬
‫سوى مجاالت ضيقة‪ ،‬وهذا المسرتوى بلغتره ترونس قبرل الثرورة‬
‫فكانررت العمليررات اإلرهابيررة نررادرة جرردا‪ ،‬ومررن يتعلررل بررالظرف‬
‫اإلقليمي فقرد عاشرت الجزائرر عشررية سروداء ولكرن لرم يطرل‬
‫ذلرررك مرررن ترررونس شررريء بفضرررل كفررراءات أمنيرررة وعسررركرية‬
‫واسررتخباراتية مهمررة تررم ضررربها بشرركل متعمررد بعررد الثررورة‪،‬‬
‫وسياسة مكافحة إرهاب ناجعة تم تخريبها بحجة حقوق االنسان‬
‫والعفو التشريعي والحريرة وهري حجرج كاذبرة ألنهرا تمرزج برين‬
‫الديكتاتوريررة والنجاعررة األمنيررة‪ ،‬وبررين الحريررة وحقرروق االنسرران‬
‫وفتح المجال لإلرهابيين‪.‬‬
‫***************************‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪280‬‬


‫‪281‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫ضمن علم فنون الدفاع‪ ،‬ثمة فرن‬


‫غرررامض خطيرررر‪ ،‬يتعلرررق بفهرررم النقررراط الحيويرررة‬
‫وتشاكرات الجسم‪ ،‬وقد أتقنه مقاتلو الننجا بشركل‬
‫خاص وسموه ‪ ،Dammak‬وفيره فنيرات ضررب‬
‫النقاط الحيوية التي تؤدي للشلل الحركي وفقردان‬
‫الرروعي وحتررى المرروت‪ .‬وهنالررك تمشرريات لهررذه‬
‫الفنون وانماط حركية كثيرة ومسارات معينة ونقراط‬
‫محددة ومراكز ضغ ومواضع استهداف دقيقة‪.‬‬
‫إن فهم علم النقاط الحيوية مفيد طبيا بشكل كبيرر‪،‬‬
‫لكنه مفيد استراتيجيا أكثر‪ ،‬ففي الفن الحربي يقوم‬
‫الهجوم والصد – كما في الفرن القترالي والردفاعي‬
‫– على فهم نقاط قوة الذات ونقاط ضعفها‪ ،‬ونقراط‬
‫قوة العدو ونقاط ضعفه‪ ،‬وبذلك تدعم نقاط قوترك‬
‫وتحمي نقاط ضعفك حتى تصل إلرى تحويلهرا إلرى‬
‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪281‬‬
‫‪282‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫نقاط قوة أو نقراط محصرنة‪ ،‬وتهراجم نقراط ضرعف‬


‫العرردو وتسررعى لالسررتفادة مررن نقرراط قوترره عبررر‬
‫استغاللها بشكل يجعلهرا تخردمك‪ ،‬وهرذا أسراس‬
‫الحركة الدفاعية في فنون الجيجتسو واأليكيدو ومرا‬
‫دار في فلكهما‪.‬‬
‫هذا العلم تكلم عنه واحرد مرن أكبرر معلمري فنرون‬
‫الحرب في التاريخ البشرري‪ ،‬سرن ترزو حرين قرال‬
‫في كتابره فرن الحررب‪ " :‬إذا كنرت تعررف نفسرك‬
‫وتعرف العدو‪..‬فال حاجة بك للخوف من نتائج مئة‬
‫معركة‪.‬‬
‫إذا عرفت نفسرك ولرم تعررف العردو‪ ..‬فكرل نصرر‬
‫تحرزه سيقابله هزيمة تتلقاها‪.‬‬
‫إذا كنت ال تعرف نفسك وال العدو‪ ..‬سرتنهزم فري‬
‫كل معركة"‪.‬‬
‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪282‬‬
‫‪283‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫عندما ندرس مجال الحركة وخطوط الحركية التي‬


‫تسمى في فن الكاراتي‪ ،Embusen :‬يصبح هذا‬
‫العلم مهمرا فري الحركرة االسرتراتيجية‪ ،‬عبرر فهرم‬
‫الذات وفهم العدو وفهم الواقع‪ ،‬ومن خالل ذلك‬
‫استشررراف الحركررات القادمررة للعرردو ومنعرره مررن‬
‫القيام بها‪ ،‬أو الحد من ضررها بعد القيام بها‪ ،‬ثرم‬
‫منع العدو من فهم حركاتك‪ ،‬حتى بل األمر بسرن‬
‫تزو ان يقول ان القائد فق هرو مرن عليره أن يفهرم‬
‫كل الحركات وليس جنوده‪.‬‬
‫أما حين نوسّع نطاق النقاط الحيوية فيمكن أن نرى‬
‫أن التقسيم الطبروغرافي للمجرال يجرب أن يردرس‬
‫كررل نقطررة مجاليررة وخصائصررها‪ ،‬وأيررن يمكررن أن‬
‫يضرب العدو أوال‪ ،‬وكيرف‪ ،‬وأيرة نليرة للوقايرة مرن‬
‫ذلك‪ ،‬وهذا ما تفعلره الردول الكبررى فري رسرمها‬
‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪283‬‬
‫‪284‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫البيرراني لمجالهررا عبررر األهررم فررالمهم‪ ،‬فررالمقرات‬


‫السيادية والثكنرات العسركرية والمواقرع الحساسرة‬
‫وحتى المستشفيات والنزل تخضع لتردابير خاصرة‬
‫مع منظومات رقابة حديثة ومخططرات وقروى رقابرة‬
‫وحماية وتصدي‪....‬‬
‫وفررري المجرررال القطررراعي يكرررون الجانرررب األمنررري‬
‫والعسكري والسيادي والسياسري واالقتصرادي فري‬
‫األولويات‪.‬‬
‫اآلن لنطبق هذه المسائل علرى الضرربات اإلرهابيرة‬
‫التي تمت في ترونس‪ :‬قترل األمنيرين والعسركريين‪،‬‬
‫قتل السياسريين واغتيرالهم‪ ،‬الهجروم علرى متحرف‬
‫وعلى نرزل وقترل السرياح‪ ،‬حررق الزوايرا الصروفية‬
‫وقتل بعض حفظتها‪.‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪284‬‬


‫‪285‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫أي رابر بررين هررذه الهجمررات وأيررة عالقررة بالنقرراط‬


‫الحيوية؟‬
‫وكيف يمكن استشراف ما بعدها؟؟‬
‫إن شررربّهنا الدولرررة بالجسرررد‪ ،‬فسررريكون العصرررب‬
‫والعظررام مكونررا مررن األمررن والجرري ‪ ،‬األمررن هررو‬
‫النظام العصبي الذي يتحرك وييسرر الحركة وينقرل‬
‫المعلومرررة وينفرررذ المخططرررات والقررروانين تحرررت‬
‫إشراف الرأس – رئاسة الدولة الحكومة البرلمان‬
‫والقوى السياسية – أما البنيرة والهيكلرة فمحفوظرة‬
‫بالهيكل العسكري وهو العظرام القويرة التري تجعرل‬
‫الجسررد يقررف ويصررد الهجرروم الخررارجي ويضرررب‬
‫حين يلزم األمر‪.‬‬
‫السياسيون ضرمن الررأس إذا‪ ،‬بمرا أنهرم يشركلون‬
‫السررلطة‪ ،‬وحتررى المعارضررة هرري مكمّررل للسررلطة‪،‬‬
‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪285‬‬
‫‪286‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫ودورهرررم مهرررم جررردا‪ ،‬فبصرررالحهم وصررردقهم‬


‫ووطنيتهم وحسن تدبيرهم وإحراطتهم بأهرل العلرم‬
‫والمشورة وانشغالهم بأمور مواطنيهم تصلح األمور‬
‫ويتهيب األعداء النيرل مرن بلردانهم‪ ،‬وبفسرادهم أو‬
‫عجررزهم أو عمررالتهم يحررل الخررراب‪...‬فكم دولررة‬
‫دمّرها ساستها وكرم برالدا خربهرا عمالؤها‪...‬أمرا‬
‫الدولة التي يكون فيهرا الضردان معرا فهري تتعررض‬
‫لهزات كثيرة وتجاذبات عديردة ترؤدي إلرى تعطيرل‬
‫كل مشروع وضرب كل خطوة لألمام‪...‬‬
‫أمررا االقتصرراد فهررو الطاقررة‪ ،‬هررو الحيويررة والرردفق‬
‫الحيرروي‪ ،‬والسررياحة لررب ذلررك فرري تررونس‪ ،‬إنهررا‬
‫تشاكرات الطاقة األساسية وكل نزل نقطة من تلك‬
‫النقرراط الحيويررة وكررل مدينررة سررياحية هرري تشرراكرا‬
‫منفصلة‪.‬‬
‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪286‬‬
‫‪287‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫الرردين والتصرروف همررا الررروح‪ ،‬والزوايررا الصرروفية‬


‫مكامن لتلرك الرروح يأتيهرا النراس ليشرعروا برالقوة‬
‫الروحية تسري فيهم ويرون في األوليراء الصرالحين‬
‫قوة روحانية حافظة‪.‬‬
‫يوم ترم حررق أول زاويرة فري ترونس قلرت‪ :‬سريتم‬
‫المرور لقتل السياسيين واألمنيين‪...‬وتكلمرت عرن‬
‫نظريترري التنظيررر والتكفيررر والتفجيررر‪ ،‬وتحقررق كررل‬
‫ذلك‪.‬‬
‫ويوم تم استهداف السياسريين نبهرت إلرى ضرربات‬
‫أكبررر تضرررب االقتصرراد‪ ،‬واستشرررفت كررل مرررة‬
‫العملية القادمة بدقة‪ ،‬ومن أهم أسباب ذلك فهرم‬
‫علرررم النقررراط الحيويرررة وتنزيالتررره علرررى الجانرررب‬
‫االستراتيجي وما يخص اإلرهراب‪ ،‬ثرم فهرم الفرن‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪287‬‬


‫‪288‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫الحربي‪ ،‬مع دراسات مقارنة لتجارب دول ضربها‬


‫اإلرهاب قبل تونس‪.‬‬
‫أوال‪ :‬النقرراط‬ ‫ر ر يضرررب اإلرهرراب األمررن والجرري‬
‫الحيويرررة األساسرررية والقررروة العصررربية والبنيويرررة‪:‬‬
‫األعصاب فيكون الشلل‪ ،‬والعظام فيكون االنهيار‪.‬‬
‫ر ثم يضرب ضربات في الرأس ما أمكن عبر اغتيال‬
‫كل من شركري بلعيرد ومحمرد البراهمري‪ ،‬ويرجرع‬
‫مرررات إلررى عمليررات قتررل أكبررر عرردد ممكررن مررن‬
‫األمنيين والعسكريين ووصفهم بالطراغوت‪ ،‬ضرمن‬
‫ما أسميته باإلرهاب االنتقامي‪ .‬ثرم حررق مرا أمكرن‬
‫من زوايا‪ :‬النموذج الليبي ترم تحطريم كرل الزوايرا‬
‫وقترررل أهرررم المشرررايخ الصررروفيين‪ .‬وفررري العرررراق‬
‫وسوريا ومرالي ترم تحطريم أكبرر عردد ممكرن مرن‬
‫الزوايا والمقامات‪.‬‬
‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪288‬‬
‫‪289‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫ر تكفير التصوف والصوفيين هو عرزل تلرك الطاقرة‬


‫الروحية والتشكيك فيها‪.‬‬
‫ر استهداف المتحرف فيره جانبران‪ :‬التراريخ والبعرد‬
‫الحضاري وهي الهالة التي تحي بالجسرم وجروهر‬
‫الطاقة ومصدرها األول وهرو مخطر عميرق ضرمنه‬
‫تدمير متحف الموصل ومدينة نمرود وربما دمرروا‬
‫غرردا ترردمر وأهررم المعررالم التاريخيررة فرري العررالم‬
‫العربي‪...‬‬
‫الجانب الثاني الستهداف متحف باردو يلتقري مرع‬
‫استهداف النرزل عبرر العمليرة األولرى والثانيرة فري‬
‫سوسررة‪ ،‬والثانيررة بشرركل أخررص لنجاحهررا‪ :‬ترردمير‬
‫السياحة مما سيدمر االقتصاد ويفقد الربالد طاقتهرا‬
‫فتضعف وتنتشر فيها الفوضى‪.‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪289‬‬


‫‪290‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫ر ر العرردو يضرررب هررذه النقرراط ويعررزز ذات النقرراط‬


‫عنده‪:‬‬
‫أي األعصراب والعظرام‪،‬‬ ‫*يضرب األمرن والجري‬
‫ويكوّن خاليا نائمة تمثل جهازه العصبي والعظمري‪:‬‬
‫بنية كاملة مخفية تريرد الحلرول مكران الدولرة ومرن‬
‫هذا كان األمن السلفي الموازي‪.‬‬
‫ويحصرن قادتره‬
‫ّ‬ ‫*يغتال السياسيين ويسعى للمزيد‪،‬‬
‫فرري ليبيررا وسرروريا ويحرريطهم بهالررة مررن المناعررة‬
‫والقداسررة ويصررورهم فرري أبهررى األشرركال وبررأرقى‬
‫تقنيات الفيديو مثل فيديو أبو بكر الحكيم ومن معره‬
‫يهددون ترونس‪ ،‬برل ويخلرق زعيمرا روحيرا وقائردا‬
‫عظيما وأميرا للمرؤمنين وإمامرا للمسرلمين وخليفرة‬
‫للنبي ووصي هلل على أهل التوحيرد وهرو الخليفرة‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪290‬‬


‫‪291‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫البغررردادي‪ ،‬فررري حرررين تغيرررب عنررردنا المرجعيرررة‬


‫الروحية وصورة القائد الي يتحد خلفه الجميع‪.‬‬
‫*يضررررب االقتصررراد والسرررياحة‪ ،‬لكنررره يؤسرررس‬
‫وكاالت تسفير للشباب التونسي لبؤر اإلرهاب حتى‬
‫صارت تونس األولى عالميا‪ ،‬وهي تنش فري كرل‬
‫تراب الجمهورية‪ ،‬وهذا يمكن التريقن منره بمجررد‬
‫النظر إلى التوزيع الجغرافي لقائمات المقتولين في‬
‫ترونس‪ .‬ويقروي‬ ‫سوريا والعراق وليبيا من دواعر‬
‫جانبه االقتصادي من خالل الجمعيات التي تخدمره‬
‫ومررن خررالل تبيرريض األمرروال والتهريررب وتجررارة‬
‫السالح والمخدرات‪ ،‬وعبر دعم الدول التي تتبناه‬
‫وتنشررره‪ .‬بالنسرربة للعررراق وليبيررا يبيعررون البترررول‬
‫بأسرررعار زهيررردة جررردا ويسررريطرون علرررى البنررروك‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪291‬‬


‫‪292‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫ويتعرراملون حتررى مررع المافيررا الكوبيررة فرري مجررال‬


‫المخدرات‪....‬‬
‫*يكفّررر الصرروفيين ويحرررق الزوايررا ويقتررل بعررض‬
‫حفاظها (قتل الشيخ حسرين حفريظ زاويرة سريدي‬
‫عبد القادر في منزل بوزلفة كان من طرف وهرابيين‬
‫تكفيريين ألنه مشرك بنظررهم وهرذا ضرمن النسريج‬
‫العقائدي لإلرهاب) والكثير من مشائخ التصوف تم‬
‫قتلهم في ليبيا‪ ،‬ويخنق البعرد الروحري‪ ،‬فري حرين‬
‫يخلررق بعرردا روحانيررا موازيررا عبررر السرريطرة علررى‬
‫المسررراجد وتفرررريخ األئمرررة التكفيرررريين وتررردريس‬
‫العقيدة الفاسدة ونشر الفكرر الوهرابي واالحاديرث‬
‫الترررري تررررتكلم عررررن المالحررررم – معظمهررررا مررررن‬
‫االسرائيليات ‪ -‬ولكن بتأويالتهم وإقنراع المنتمرين‬
‫اليهم بها وصوال للرقية الوهمية وقتال الجن الكافر‬
‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪292‬‬
‫‪293‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫وتحريررر النرراس منرره وهررذا حرردث فرري تررونس فرري‬


‫المساجد وكان أحد مشايخ الوهابية يردخل مصرلى‬
‫النساء ويرقيهم بالجملة وتكثر نوبات الصرع وحتى‬
‫في صالة الجمعة تم صرع أحرد المصرلين وراح‬
‫الشيخ العبقري يحرره من الجن والمصلون يكبرون‬
‫وتررم تسررجيل ذلررك بالفيررديو‪ ،‬وبررل حتررى المشررهد‬
‫اإلعالمي دون رادع وال منتبه لخطورة ذلك‪.‬‬
‫*هنالك نقاط أخررى منهرا ضررب القيمرة والتراريخ‬
‫والحضارة عبرر تشرويه ترونس دوليرا بقترل ضريوفها‬
‫ومهاجمة متحفها يلتقي مع نزع العلم (حادثة كلية‬
‫اآلداب منوبرة) ورفررع علررم بررديل وهررو فرري العلرروم‬
‫العسررركرية يعنررري سررريطرة قررروات علرررى برررالد مرررا‬
‫وسقوطها الكامل‪ ،‬ففي ذلرك أيضرا ضررب لمعنرى‬
‫واساس الدولة‪ .‬وإن فوضى الخراب الممنهج فري‬
‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪293‬‬
‫‪294‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫اإلضرررابات العشرروائية وفرري المزابررل واالوسرراخ‬


‫المتراكمة والرداءة علرى جميرع المسرتويات يردعم‬
‫اإلرهاب بنشرر طاقرة اليرأس واالحتقران ممرا يقروي‬
‫االمررراض االجتماعيررة والنفسررية الترري يسررتثمرها‬
‫اإلرهاب في صيده للشباب‪ ،‬وكذلك نشر الدعارة‬
‫واالنحطاط في اإلعالم وخاصرة فري شرهر الصريام‬
‫بل بل االسرتفزاز واالسرتدراج حردا غيرر مسربوق‬
‫ومن ذلك جمعية المثليين ومشاهد أخرى مخزيرة‪،‬‬
‫وكل هذا يخدم مخططرات اإلرهراب ويردعمها مرن‬
‫حيررث خلررق ردة الفعررل العنيفررة ونشررر التطرررف‬
‫والتعصب كانفعال لدى الكثير من الشرباب‪ ،‬وهرذا‬
‫يتصرريده المبرمجررون لهررم ليقنعرروهم بكفررر الشررعب‬
‫ويحفزوهم على الذود عن دينهم‪ ،‬بل األخطر من‬
‫ذلك انفالت بعض المدمغجين التكفيريين من تلقاء‬
‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪294‬‬
‫‪295‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫أنفسهم لظنهم أنهرم يردافعون عرن الردين‪ .‬وضرمن‬


‫هذا االنحطاط والفراغ القيمي يبني اإلرهاب لنفسه‬
‫قيمررة ويسررتغل الضررحالة الثقافيررة بثقافررة بديلررة فيهررا‬
‫أبعررراد جماليرررة كثيررررة وحضرررور للحرررور العرررين‬
‫والخطاب الخالب ويمنح لمنتسربيه معنرى وجرودي‬
‫لم يلمسوه في مجتمعاتهم التي عاشوا فيها الفراغ‬
‫المعنررروي الكامرررل وغيررراب أي هررردف حقيقررري‪.‬‬
‫‪24‬‬
‫اإلرهاب يعطيهم أنبل األهرداف وأرقرى المعراني‬

‫‪ 24‬إن حالةةل ال ةةا الةةعم ي ةةاخ ةل ةةل ا ة يف القنطةةا م تن ة‬


‫ض ة ا ذ ةةا من ة ق‪ :‬ذنو ةةية ي ةةل ليا ةةل ة ا ة ة يا اذا ةةي ل ة ة ا‬
‫ة‬ ‫ة ة ه ل ةةية قرةةو ب ة خ ة ا ةةي ة‬ ‫ب جمةةية ا بةةية‬
‫ج ةاذ ة ةةا يف لن ة ةةل ال نان ة ةةا ي ة ةةات ال ذقر ة ةةيال إن‬ ‫ة ا ض ةة ا ةة‬
‫ةةي ذ ةةا ب جم ةةي لاا لة ة ن ةةو ة ة ال ال ة ة ا‬ ‫اإل ةةاق ايق قة ة‬
‫الةةع ا اةةقطيا يف اإل ةةا ةةل ذةةا بنةةا الةةيةا ذةةا‬ ‫املنر ةةل لة ا ل‬
‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪295‬‬
‫‪296‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫– ولو كان ذلك مجرد وهم في الحقيقة ولكن من‬


‫هم فيه يرونه بأعين منبهرة ويتلقفونه بأنفس ظمآنرة‪،‬‬
‫وينشررر قيمرره فرري العررالم االفتراضرري وفرري الفيررديو‬
‫بكل ما‬ ‫واالناشيد وعبر دولة كاملة شكلتها داع‬
‫يلزم من مرال وعتراد ومجرال جغرافري شاسرع مرن‬
‫الرقة بالشام إلى كركوك العرراق ومجراالت أخررى‬
‫فرري نيجيريررا ومررالي وليبيررا والصررومال وفرري ارجرراء‬
‫العالم كله عبر الخاليا النائمة والمفعلة‪.‬‬
‫***بعرد هرذا مرا هرري الحركرات القادمرة؟؟؟ وهررل‬
‫يمكررن استشرررافها او مقارنتهررا بمسررارات أخرررى‬
‫مشابهة؟؟‬

‫ةةعا ضةةا نا ةةا يف ح ة‬ ‫م ة ة نثة ل نةةان ذر ةرا يف ا ااةةري لة‬


‫ل؟؟؟‬ ‫ماتي؟ ا امل‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪296‬‬


‫‪297‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫ر ر عنرردما يضررعف الجسررد بضرررب نقاطرره الحيويررة‬


‫يحدث أمران‪ :‬ينهرار تلقائيرا‪ ،‬أو يرتم القضراء عليره‬
‫بالضربة القاضية‪.‬‬
‫وعليه فعبر الضربات النوعية للنقاط الحيوية‪:‬‬
‫*تختررل الدولررة وتعمهررا الفوضررى وتصرربح خرابررا‪:‬‬
‫نموذج الصومال‪.‬‬
‫* يتم ضربها بشكل كامل إلسقاطها عبر ضرب بقية‬
‫الجسد وهو الشعب كله‪ :‬نموذج سوريا والعراق‪.‬‬
‫وهو اإلرهاب األسود في األسواق وفي كل مكران‬
‫قتل قتل بال هوادة والسيطرة على األرض وافتكاك‬
‫المدن ونهب الثروات‪.‬‬
‫**في أي مرحلرة ترونس االن‪ :‬اسرتكمال الررضرب‬
‫على النقاط الحيوية مع إيهام بقيرة الجسرم أنره فري‬
‫امرران (عرردم قتررل المررواطنين بشرركل مقصررود فرري‬
‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪297‬‬
‫‪298‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫عمليات كثيررة مثرل مهاجمرة منرزل وزيرر الداخليرة‬


‫السابق وقترل األمنيرين والقرول للنراس‪ :‬ادخرل يرا‬
‫مسلم‪...‬ألنهم يقتلون االمرن الطراغوت الكرافر‪ ،‬او‬
‫قطع راس حسن السلطاني وتررك شرقيقه‪ .‬او قترل‬
‫السياح فق في عملية سوسة ألنهم كفار وتجنرب‬
‫المررواطنين وقررال القاتررل ألحرردهم‪ :‬لررم نترري مررن‬
‫اجلك‪ ،‬وهو يبتسم‪.‬‬
‫ر ر اسررتكمال الضررررب علررى النقرراط الحيويررة يعنرري‬
‫ضرررب المزيررد مررن المنشررآت السررياحية لتحطرريم‬
‫االقتصاد كليا مما قد ينشر الفوضى ويجعل البعض‬
‫يرررنظم لإلرهرررابيين وهنرررا فرررتح مجررراالت الفوضرررى‬
‫واستهداف المقرات األمنية والسيادية في عدد من‬
‫مناطق البالد‪ .‬ومن يدبّر هذا يخدم االرهاب قصردا‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪298‬‬


‫‪299‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫ألنرره ويتعامررل مررع مررن يزرعون ره مسررتغال المطالررب‬


‫المشروعة ألهالي تلك المناطق‪.‬‬
‫*ضرب النقاط الحيوية أكثرر يعنري مهاجمرة ثكنرات‬
‫ومقرات امنية‪ .‬أمر البد من أخذه بجدية كاملة دون‬
‫أن أفصل فيه‪....‬‬
‫*ضرب النقاط الحيويرة أكثرر يعنري اغتيرال المزيرد‬
‫مررن السياسرريين طمعررا فرري الفوضررى وهررو مقصررد‬
‫أساسي من اغتيرال بلعيرد والبراهمري كمرا صررح‬
‫بذلك الحكيم في مجلة دامق‪.‬‬
‫*ضرب النقاط الحيوية يعني تفعيرل أكبرر للتهريرب‬
‫وتجررارة األسررلحة‪ ،‬واسررتغالل مناخررات العجررز‬
‫والترررردي‪ ،‬وشرررراء ذمرررم العمرررالء‪ ،‬ومحررراوالت‬
‫االختررراق المسررتمرة‪ ،‬ودعررم الطررابور الخررامس‬
‫المرردافع عررن االرهررابين بحجررة حقرروق االنسرران‬
‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪299‬‬
‫‪300‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫والحرية والديمقراطية‪ ،‬وخلق المتعاطفين‪ ،‬وتقوية‬


‫شرروكة اخرروة العقيرردة عبررر دعررم الوهابيررة ومررن‬
‫يعتنقونها‪ ،‬الى كل رافع لنفس الراية ومنراد برنفس‬
‫الغاية‪ :‬الراية السوداء ودولة الخالفة‪...‬‬
‫*ضرب النقاط الحيوية يعني التكفير ونشرر العقائرد‬
‫المختلررة اكثررر‪ ،‬وغسررل األمرروال واسررتخدام كررل‬
‫شيء من مخدرات وروحانيرات فاسردة واسرتغالل‬
‫للفراغ الروحي والمعنوي ومهاجمرة الزوايرا ونشرر‬
‫الحرائق مثلما تم من حرق الجبال والمقامات الى‬
‫حرق المقرات األمنية‪ ،‬وتشكيل فرق فوضى وعنف‬
‫وجريمة‪.‬‬
‫*ضرب ما تبقى من نقاط حيوية يعنري اسرتثمار مرا‬
‫يرتم بثرره مرن انسررالخ قيمرري ونشرر للعهررر والشررذوذ‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪300‬‬


‫‪301‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫إلقناع المتحمسين للدفاع عن الردين بكفرر الدولرة‬


‫ثم الشعب‪.‬‬
‫*ضرررب مررا تبقررى يعنرري القيررام بعمليررات إرهابيررة‬
‫استعراضررية‪ ،‬ضررخ األمرروال وقرروة المخررابرات‪،‬‬
‫المزيررد مررن التسررلح‪ ،‬محاولررة زرع فكرررة تقسرريم‬
‫تونس بين جنوب وشمال الستغاللها‪ ،‬يدعم ذلك‬
‫انتشار وسيطرة قوية على ليبيرا‪ ،‬رجروع المقراتلين‬
‫التونسرريين مررن كررل بررؤر النررزاع وهررم برراآلالف‪،‬‬
‫تحريرررك فوضرررى عارمرررة خاصرررة فررري المنررراطق‬
‫الحدوديررة‪ ،‬القيررام بعمليررات كثيرررة متزامنررة تررم‬
‫الترردريب عليهررا عبررر الفوشرريك وهررو نرروع مررن‬
‫التدريب على التزامن الحركي‪ ،‬وتكلم أبو عيراض‬
‫عنها فري محاضررته فري جرامع بالمركرب الجرامعي‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪301‬‬


‫‪302‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫بالمنرار سنسرة ‪ 2012‬وعبّرر عنره برالزلزال ونصررح‬


‫اتباعه بانتظاره‪...‬‬
‫بعد كل هذا وإن تم تنفيذ مخططهرم بنجراح سريتم‬
‫التحررول إلررى اإلرهرراب األسررود ضررمن النمرروذج‬
‫الجزائررري فرري العشرررية السرروداء‪ ،‬أي اسررتهداف‬
‫لتسيطر‬ ‫المدنيين‪ .‬حينها سوف يتم تحريك داع‬
‫على طرابلس بدعم من داخل تلك المدينرة لتمترد‬
‫سررريعا نحررو تررونس ضررمن مجررال مررن المنرراطق‬
‫الحدوديررة وهررو سرريناريو يجررب بحثرره ودراسررته‬
‫والتوقي منه‪.‬‬
‫وضمن كل ذلك او بعده يتم المرور للجزائر وهي‬
‫الغاية الكبرى‪.‬‬
‫هذا هو لب المخط وخالصته وفق مرا أراه‪ ،‬قرد‬
‫يتم بعضه وقد يتم كله‪ ،‬ويمكن للدولة التونسرية أن‬
‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪302‬‬
‫‪303‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫تمنعه وتوقفه‪ .‬عبر مخطر مفصرل يرتم وضرعه مرع‬


‫االستعانة بالخبراء والمختصين مرن داخرل أجهرزة‬
‫الدولة خاصة الداخلية والجي ‪ ،‬ومن خارجها‪،‬‬
‫ثم التنسيق مع الجزائر ومع الدول االوربية الكبرى‬
‫على مسرتوى المخرابرات وعلرى مسرتوى منظومرات‬
‫الرقابرررة واللوجسرررتيك واالسرررتراتيجيا‪ ،‬وكرررذلك‬
‫والسعي لحل االزمة الليبية سرلميا‪ ،‬وبنراء مشرروع‬
‫تصدي لخطر العائدين من برؤر النرزاع‪ ،‬وتأسريس‬
‫مشروع امن شامل وتقوية االمن القومي وتأسريس‬
‫وكالة لألمن القرومي‪ ،‬وتقويرة المخرابرات بكرل مرا‬
‫يحتاجرره ذلررك‪ ،‬وتحفيررز دور المجتمررع المرردني‪،‬‬
‫وتوجيه االعالم وجهة وسرطية معتدلرة تنشرر القريم‬
‫السامية وتقوي الحالة المعنوية للشعب وتساهم في‬
‫الحرب على اإلرهاب‪ .‬ثم محاربة ثقافة الموت عبر‬
‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪303‬‬
‫‪304‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫الثقافررة الهادفررة‪ ،‬ومحاربررة الحرررب الحضررارية عررر‬


‫منع أسبابها‪ ،‬والضررب بقروة علرى كرل مرن يردعم‬
‫اإلرهرراب‪ ،‬ونشررر العقيرردة السررليمة مكرران العقائررد‬
‫الفاسرردة‪ ،‬ومنررع الفوضررى بقرروة القررانون وإيقرراف‬
‫االحتقان االجتماعي فورا‪ .‬ثم قوة قانون وقوة إرادة‬
‫سياسية ونجاعة وسرعة انجاز ودقة ووعي بحقيقة‬
‫المخاطر‪.‬‬
‫دون هذا لرن يكرون برين أيردينا اال رزم مرن الكرالم‬
‫الفارغ‪ ،‬وسيتسمر الحريق وكل مرة عمليرة اعمرق‬
‫واخطر ورويدا رويدا تقع البالد كلهرا فري مسرتنقع‬
‫الدم‪...‬أحذركم كما حذرتكم قبل العملية األخيرة‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪304‬‬


‫‪305‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫بشهر‪ ،25‬بل حتى ليلتها حرين قلرت‪ :‬هرذا الهردوء‬


‫المريب ال يجب ان يخدع القائمين علرى الدولرة‪،‬‬
‫الحرررذر الحرررذر‪ ،‬فررررب غفلرررة أوصرررلت إلرررى‬
‫كارثة‪...26‬وكانت فعال غفلة خلّفرت كارثرة كبررى‬
‫على مستوى عالمي وضرررا فادحرا ‪...‬فرجراء حبرا‬
‫بررالوطن اسررمعوا االن قبررل ان تبل ر الرربالد ذلررك‬
‫المصير المرعب‪...‬ولو ان حكام تونس بعد الثورة‬

‫‪ 25‬أحد رواب التحذير قبل شهر وانتشر إعالميا على نطاق واسع‪ ،‬رغرم‬
‫ذلك رئيس الحكومة يقول عملية سوسة لم تكن متوقعة‪ :‬مازن الشريف‬
‫يحذر من عملية إرهابية ضخمة‪:‬‬
‫‪http://www.jawharafm.net/ar/article/%D9%85%D8%A7%D8%B2%‬‬
‫‪D9%86-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%8A%D9%81 -‬‬
‫‪%D9%8A%D8%AD%D8%B0%D8%B1-%D9%85%D9%86-‬‬
‫‪%D8%B9%D9%85%D9%84%D9%8A%D8%A9 -‬‬
‫‪%D8%A5%D8%B1%D9%87%D8%A7%D8%A8%D9%8A%D8%‬‬
‫‪A9-%D8%B6%D8%AE%D9%85%D8%A9-/105/29057‬‬

‫‪ 26‬رابط التحذير ليلة العملية في سوسة‪:‬‬


‫‪https://www.facebook.com/dr.cherif.mazen/posts/918469571547483‬‬
‫‪?fref=nf‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪305‬‬


‫‪306‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫سررمعوا منررذ البرردء لمررا بلغنررا هررذا‪...‬فق تفطنررت‬


‫لألمر منذ البداية‪...‬وكنتم عنه غافلين‪.‬‬

‫سوسة‬
‫‪16:13:16 2015-07-01‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪306‬‬


‫‪307‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫(الترويع‪ ،‬التجويع‪ ،‬التطويع)‬


‫قراءة في استراتيجيات االختراق والهزيمة والتملّك‬

‫ترررذكرون ربمرررا نظريتررري الثالثيرررة‪( :‬التنظيرررر‪ ،‬التكفيرررر‪،‬‬


‫التفجيررر)‪ ،‬والترري بنيتهررا سررنة ‪ 2008‬وبينتهررا مرررارا فرري‬
‫اإلعالم وأثبتت األيام واألحداث مدى عمقها وصردقيّتها‬
‫وذكرها اإلعالم كثيرا وارتب مصرطلح التكفيرر برالتفجير‬
‫وتم الكالم عن االنتقال للمرحلة الثالثة على ألسنة كثيررة‬
‫من سياسيين وسواهم وفي مواقع كثيرة منهرا مرا يحمرل‬
‫اسررم مواجهررة اإلرهرراب والتفكيررر والتفجيررر ويخصررص‬
‫حيزا كبيررا لمهراجمتي ضرمن مفارقرات مضرحكة مبكيرة‪.‬‬
‫ونظريررة (التنظيررر‪ ،‬التكفيررر‪ ،‬التفجيررر)‪ ،‬شررأنها شرررأن‬
‫مصررطلح األمررن العقائرردي أو اإلرهرراب االنتقررامي وغيررر‬
‫ذلررك ممررا ابتكرررت كثيرررا مررا يررتم اسررتخدامها مررن قبررل‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪307‬‬


‫‪308‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫اإلعالم أو بعض الخبراء دون الرجوع لصاحب النظريرة‬


‫أو مبتكر المصطلح‪.‬‬
‫ضمن تطوير الفهم ومحاولرة بنراء نظريرات يمكرن تطبيقهرا‬
‫على الواقع وتوفر خالصات تقرب من فهم أعمرق وأدق‬
‫ونظر أقرب وأعمق‪ ،‬فإني أشير إلرى نظريرة أخررى قمرت‬
‫ببنائها منذ أشهر وفسرت بعض معانيها في أحرد البررامج‬
‫التلفزية وبعض المقاالت‪ ،‬ولكني لم أفصلها منهجيا وهو‬
‫مقصد ما سأكتبه هنا‪:‬‬
‫أود أن أشير بداية إلى أن ما أقولره هرو نظرر بشرري قابرل‬
‫للنقرررد والتطررروير‪ ،‬ومحاولرررة صرررادقة وجرررادة للفهرررم‬
‫والغوص في المعنى والمبنى مما يعنري مقارنرات مرع مرا‬
‫مضى ومقاربات للواقع واستشرافات للمسرتقبل‪ ،‬وشرأن‬
‫التنظيررر والتكفيررر والتفجيررر فررإن هررذه النظريررة الجديرردة‬
‫تحمل تقسيما تراتبيا‪ ،‬فري حرين حملرت نظريتري العامرة‬
‫(التفكير‪ ،‬التنوير‪ ،‬التزوير‪ ،‬التعهير‪ ،‬التكفيرر‪ ،‬التردمير‪،‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪308‬‬


‫‪309‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫التفجيررر‪ ،‬التبريررر‪ ،‬التحريررر‪ )...‬الترري نشرررتها مررن قبررل‬


‫وضمنتها في كتابي رحلة في عقل إرهرابي تقسريما نوعيرا‬
‫تندرج فيه تقسيمات تراتبية أو عالقرات سربب بنتيجرة أو‬
‫ترابطات تفاعلية‪.‬‬
‫ثانيا فإن منهجري فري تفسرير هرذه النظريرة سريعتمد بدايرة‬
‫على خالصات يتم التوسع فيها في مقراالت ودراسرات‬
‫أخرى مع إعطاء النمراذج واألدلرة مرن التراريخ والواقرع‬
‫ألن تحقررق هررذه النظريررة كبيررر فرري مسررتوى االسررتراتيجيا‬
‫وحتررى فرري الفررن الحربرري‪ ،‬وإن لكررل مصررطلح أيقونررات‬
‫داللية ترتب به وتفراعالت ترؤدي إليره وتصرله بمرا بعرده‬
‫وترابطات منهجية تربطه بالواقع القديم واآلني والالحق‪.‬‬
‫إن الترويررع والتجويررع والتطويررع‪ ،‬والررذي يكررون ضررمنه‬
‫التطبيع أي قبرول األمرر كواقرع طبيعري والخضروع لره أو‬
‫حتى التطبيرع مرع الكيران الصرهيوني‪ ،‬هرو تمشري تبينرت‬
‫حقيقته من خالل دراسات كثيرة ونظر وتأمل في الواقع‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪309‬‬


‫‪310‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫أيضررا‪ ،‬وقررد كانررت األلفررا العربيررة الترري اخترتهررا دواال‬


‫على مدلوالت منطقية قصدتها يمكن التعبيرر عنهرا بردوال‬
‫أخرى‪ ،‬كما تم التعبير عن مدلول نظريتي التنظير التكفير‬
‫التفجير باالستقطاب واالنترزاع والتجنيرد‪ 27‬وهري دوال‬
‫تصرررل إلرررى نفرررس المرررؤدى رغرررم اخرررتالف التمشررري‬
‫والمصطلح‪.‬‬
‫‪/1‬الترويررع‪ :‬الترويررع لغررة مصرردر رَوَّعَ‪ ،‬روَّع فالنمررا ‪:‬‬
‫أراعرره ‪ ،‬أفزعرره ‪ ،‬أخافرره‪ .‬فهررو بررث للخرروف والهلررع‬
‫والرعب عبر استراتيجيات خاصة بذلك يكون اإلرهراب‬
‫بمخلتف أشركاله وتطبيقاتره أحرد أهمهرا وأقواهرا‪ ،‬وهنرا‬

‫‪ 27‬مصطلحات مرحلية من ابتكار الدكتور صالح الدين برن فررج عرالم‬


‫االجتمرراع ض رمّنها فرري مداخلررة خاص رة بنرردوة تررم تنظيمهررا مررن طرررف‬
‫المدرسرة العليرا لقرروات األمرن الررداخلي (الشررباب ومخراطر التطررّف‪:‬‬
‫االستقطاب‪ ،‬الوقاية واليات التصدي‪).٢٠١٥-١-١٥ ،‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪310‬‬


‫‪311‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫علرى تصروير جررائم الرذبح وقطرع‬ ‫نجد حررص داعر‬


‫الرررؤوس وأشرركال اإلعرردام المختلفررة لمزيررد الترويررع‬
‫والتخويرف‪ .‬وحرين ننظرر فري التراريخ نجرد أن الحرروب‬
‫تقوم على الجانرب الترويعري‪ ،‬لبرث الهلرع فري صرفوف‬
‫الخصرروم‪ ،‬ولنررا نمرراذج كثيرررة جرردا عررن ذلررك‪ ،‬ويكررون‬
‫التنكيل بمن يتم القبض عليهم من جنود العدو جزءا من‬
‫ذلك‪ ،‬ومن أهم مرن اسرتخدموا اسرتراتيجيات الترويرع‬
‫نجررد التتررار والمغررول الررذين كررانوا يبيرردون مرردنا بكاملهررا‬
‫وينكلون بأهلها بأشرنع الطررق حترى تصراب بقيرة المردن‬
‫بالرعب وتستسلم‪ .‬وبث الرعب والخوف علم كامل فري‬
‫فنون الدفاع تكون الصيحة ‪ Kiai‬جزءا منها واألمر شبيه‬
‫بما تصردره الحيوانرات مرن صريحات لبرث الخروف فري‬
‫خصررومها‪....‬وللترويع طرررق كثيرررة تهرردف إلررى الرردفاع‬
‫وبررث الخرروف مررن الهجرروم ممررا يسررمى حررديثا بترروازن‬
‫الرعب‪ ،‬أو تحطيم معنويات الخصم سواء كان جيشا أو‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪311‬‬


‫‪312‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫بالدا أو حتى أمة‪ .‬ولعل في مصطلح اإلرهاب جانب من‬


‫الترويررع ألن أرهررب‪ 28‬يعنرري ممررا يعنيرره روّع وخرروّف‬
‫وأفزع‪.‬‬
‫‪/2‬التجويع‪ :‬تقوم الدول والمجتمعات وحتى القبائرل‬
‫واألسرر علرى عنصرر أساسري هرو ضرمانة مرن ضررمانات‬
‫الوجود البشري‪ ،‬ومقوّم أساسي لتكروين المجتمعرات‪،‬‬
‫أال وهرررو الغرررذاء‪ ،‬فحرررين يرررتم تررروفيره فرررذلك يعنررري‬
‫االستمرار‪ ،‬وحين ينردر فرذلك يعنري الفوضرى‪ ،‬وحرين‬
‫ينعدم فذلك يعني االندثار‪ ،‬وقد شهد العرالم فري الفتررة‬
‫المعاصرة مجاعات كبيرة أدت لموت الماليرين مثرل مرا‬
‫حدث في الصومال وإثيوبيا ومرا يحردث إلرى اليروم فري‬
‫أرجاء إفريقيا كردارفور‪ ،‬وقرد شرهدت البشررية مجاعرات‬

‫‪ 28‬أؤرو َهبَ‪ ( :‬فعل ) أرهبَ يبرهب ‪ ،‬إرهابمرا ‪ ،‬فهرو مبرهِرب ‪ ،‬والمفعرول‬


‫مبرهَب ‪ /‬أرهب فالنما ‪ :‬خوَّفه وأفزعه ‪ /‬أؤرو َهبَ ‪ :‬رَكِربَ رَهوبمرا ‪ /‬أؤروهَربَ‬
‫اإلُبلؤ عَن الحَووض ‪ :‬ذؤادَهَا ‪ ،‬سَاقؤهَا وَؤأوبعَدَهَا ‪ /‬أؤرو َهبَ ال ؤقمِيصب ‪ :‬طؤرالؤ‬
‫كُمُّهب ‪ /‬أؤرو َهبَ كُمَّهب ‪ :‬ؤأطؤالؤهب‪.‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪312‬‬


‫‪313‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫رهيبة‪ 29‬مثل المجاعة التي ضربت في الصين بين سنتي‬


‫‪ 1958‬و‪ 1961‬وسميت بمجاعة الصين الكبررى وقُردّر‬

‫‪ 29‬اكبر مجاعة هي المجاعة التي لحقت ب ‪ 30‬مليرون لقروا مصررعهم‬


‫خررالل المجاعررة فرري ‪ 61-1958‬فرري الصررين‪ .‬وأبرررز غيرهررا فرري القرررن‬
‫شملت الكوارث ‪ 1945-1942‬في والية البنغال‪ ،‬ومجاعرات الصرين‬
‫في عام ‪ ،1928‬وعام ‪ ،1942‬وسلسرلة مرن المجاعرات فري االتحراد‬
‫السوفياتي‪ ،‬بما في ذلك هولودومور‪ ،‬ستالين‪ ،‬والمجاعة التري لحقرت‬
‫أوكرانيا في ‪ .33/1932‬وهناك عدد قليل من المجاعات الكبررى فري‬
‫أواخر القرن العشرين هي ‪ :‬مجاعرة بيرافرا فري ‪ ،1960‬والكروارث فري‬
‫كمبوديا في السبعينيات‪ ،‬وإثيوبيا مجاعة‪ ،85-1983‬وكوريا الشمالية‪،‬‬
‫المجاعة في ‪.1990‬‬
‫المجاعة التي لحقت بأ و كرانيا السوفيتية في الموسم الزراعري ‪1932‬‬
‫‪ .1933 -‬في ذات الفترة كانت المجاعات تعصف ببقراع أخررى أيضرَ‬
‫من االتحاد السوفييتي‪ .‬تعتبر مجاعة هولودومرور أحرد أسروأ الكروارث‬
‫في التاريخ األوكراني‪ ،‬وأحرد أسروأ معرالم فتررة حكرم سرتالين‪ ،‬حيرث‬
‫تشرير التقررديرات إلررى أن مرا بررين ‪ 2.2‬و ‪ 3.5‬مليررون قرد مرراتوا فرري هررذه‬
‫المجاعررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررة‪( .‬منقررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررول)‬
‫‪http://art.asaal.net/question/565618/%D9%85%D‬‬
‫‪8%A7-%D8%A3%D9%83%D8%A8%D8%B1-‬‬
‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪313‬‬
‫‪314‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫عدد ضحاياها بين ‪ 20‬و ‪ 43‬مليون إنسان‪...30‬وهنالرك‬


‫مخاوف من كثررة المجاعرات مسرتقبال بسربب االنحبراس‬
‫الحراري وامتداد التصحر وندرة المياه والزيادة السكانية‬
‫والحروب األهلية وسوء االستغالل القصدي مرن الردول‬
‫واألنظمررة والمنظومررات الترري تسررلب الشررعوب ثرواتهررا‬
‫وتتركها للجوع والموت‪ .‬ويعتبر التجويع أحد األسرلحة‬
‫الفتاكة التي اعتمدتها الجيوش في حروبها فليس حصار‬

‫‪%D9%85%D8%AC%D8%A7%D8%B9%D8%‬‬
‫‪A9-%D8%AD%D8%AF%D8%AB%D8%AA-‬‬
‫‪%D9%81%D9%8A-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%8‬‬
‫‪4%D9%85-%D8%9F‬‬

‫‪ 30‬معلومررات عررن مجاعررة الصررين الكبرررى فرري موسرروعة ويكبيررديا‪:‬‬


‫‪https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D8%AC‬‬
‫‪%D8%A7%D8%B9%D8%A9_%D8%A7%D9%‬‬
‫‪84%D8%B5%D9%8A%D9%86_%D8%A7%D9‬‬
‫‪%84%D9%83%D8%A8%D8%B1%D9%89‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪314‬‬


‫‪315‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫المدن سروى تجويرع ألهلهرا وقرد يسرتمر لسرنوات ومرن‬


‫أطررول مررا شررهدت الحررروب والمرردن مررن حصررار نجررد‬
‫حصار نبوخذ نصر البابلي لمدينرة صرور الكنعانيرة سرنة‬
‫‪ 685‬ق م ودام ‪ 13‬سررنة‪ .‬وقررد تررم تطرروير منظومررات‬
‫الحصار إلرى أنرواع العقوبرات الدوليرة والحظرر الجروي‬
‫وغيرها ومرن أقسرى وأطرول أشركال الحصرار فري الفتررة‬
‫المعاصرة الحصار الدولي على العراق والذي نرتج عرن‬
‫القرار األممي الذي نرتج عرن قررار األمرم المتحردة رقرم‬
‫‪ ،661‬وقررد دام أيضررا – ربمررا لسررخرية الترراريخ – ‪13‬‬
‫سنة (من ‪ 1990‬تاريخ غزو الكويت إلى ‪ 2003‬تراريخ‬
‫سقوط بغداد) أي نفس الفترة التري حاصرر بهرا نبوخرذ‬
‫نصر العراقي صور الكنعانية والذي حاصر القدس أيضا‬
‫وحطررم دولررة إسرررائيل األولررى‪ .‬وكرران حصررارا كارثيررا‬
‫تسبب في تدمير العراق وموت أعداد كبيرة جدا من أبناء‬
‫الشعب العراقي‪.‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪315‬‬


‫‪316‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫‪ /3‬التطويررع‪ :‬ط روّع مبالغررة فرري طرراع‪ ،‬وفرررس طؤ رووع‬


‫العِنان ‪ :‬سهل منقاد ‪ ،‬فالنع طووع القياد ‪ :‬ال رأي لره ‪،‬‬
‫إمَّعة‪ .‬وهو طوع يرديك ‪ /‬هرو طروع يمينرك ‪ :‬يفعرل مرا‬
‫تأمره به ‪ ،‬منقاد لك‪ .‬هكذا ورد المعنى المعجمي وكذا‬
‫قالت العرب ضمن التطويع والطوع والطاعة‪ .‬وإن الحرر‬
‫ليررأنف مررن مثررل هررذا الخضرروع واالنقيرراد‪ ،‬ومررن أجررود‬
‫الشعر في هذا قول اإلمام علي‪:‬‬
‫أسائل هذا وذا ما الخبر‬ ‫ولست بإمعة في الرجال‬
‫جالّب خير وفراج شر‬ ‫ولكنني مدره األصغررين‬
‫ويحمل التطويع هنا معاني قروة وسريطرة كبيررة للمطروِّع‬
‫(الفاعل) ومعاني ذل وخنوع كبيررة للمطروّع (المفعرول‬
‫به) وهو أمر أنفته نفس العربي وأبته فروسيته أكثر من أي‬
‫شعب نخر في العالم‪ ،‬وقد قال فارس العرب وشاعرها‬
‫عنترة بن شداد في بيت من أشهر أبيات الشعر العربي‪:‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪316‬‬


‫‪317‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫ال تَسرقِني مرراءح الحَيرراةِ ب ِذلؤ رةف ا بَررل فؤاِسرقِني بررالعِز كؤررأسَ‬
‫الحَنظؤل‪.‬‬
‫‪ /4‬استراتيجي ات االختراق والهزيمة والتملّك‪ :‬عنردما‬
‫يرتم اعتمراد مررنهج ترويعري تجرويعي‪ ،‬يكررون القصرد منرره‬
‫االخضرراع والتطويررع واإلرغررام‪ ،‬ويكررون مررن أثررر ذلررك‬
‫االستسررالم أو الفرررار أو االسررتعمار والسررلب والنهررب‬
‫وانتهاك المقدسات واالعراض والقترل وصروال للمحرو‬
‫الكلي ونماذج هذا ال تحصى‪.‬‬
‫إن القرررنن الكررريم الررذي حرروى عيررون الحكمررة وأروعهررا‬
‫وحقررائق الخبررر وأصرردقها‪ ،‬وردت فيرره سررورة يمررن اهلل‬
‫ويقول اهلل سبحانه وتعالى فيها‪ " :‬لِإيلؤافِ‬ ‫فيها على قري‬
‫َالصر ويفِ (‪ )2‬فؤلَْي وعببردبوا‬
‫الشرتَاءُ و َّ‬
‫ُقرَوي ٍ (‪ )1‬إيلؤافِهمو رحولؤةؤ ِّ‬
‫رَبَّ هَٰذؤا ا ْلبَيوتِ (‪ )3‬الرذِي أؤ ْط َع َمهبرم مِّرن جبروعٍ وَنمَرَنهبم‬
‫مِّنو خَووفف(‪ .")4‬فإن ألفتهم بالسفر وعدم خروفهم وعردم‬
‫جراءة القبائل عليهم من نعم اهلل ومن بركات بيته الحرام‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪317‬‬


‫‪318‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫واهلل أطعمهم من جوع ونمنهم مرن خروف‪ ،‬ويبردو جليرا‬


‫أن عنصري التجويع والترويع حاضران ضمن النفي الذي‬
‫يثبت وجروده خرارج أطرر النفري نفسره وهرو مخصروص‬
‫بعوامل حددها اهلل هنا في وجود البيت الحرام ومنعته‪،‬‬
‫وهو ما حددته الردول والقبائرل مرن أجرل أن تكرون وأن‬
‫تستمر‪ ،‬فدولة أو قبيلة ال يبطعم الناس فيها من جروع وال‬
‫يأمنون من خوف هي منهارة ال محالرة وال يمكرن العري‬
‫فيها إال بذلة لمن امتلك الغذاء الكرافي والقروة المؤمّنرة‪.‬‬
‫وهنررا تجررد أن القبائررل العربيررة تعتمررد الغررزو لطريقررة مررن‬
‫طرق ترأمين الطعرام فتعمرد إلرى ترويرع القبائرل الضرعيفة‬
‫والترري بخضرروعها وتطويعهررا ترردفع للقبيلررة المهيمنررة‪،‬‬
‫وكذلك شأن الدول أيضا‪ ،‬وضمن هذا ترد مصرطلحات‬
‫األمرررن القرررومي واألمرررن الغرررذائي والمناعرررة والوقايرررة‬
‫والتصرردي والقرروة العسرركرية وكررل مفرراهيم األمررن بمعنرراه‬
‫المحدد والشامل وكل مقومات االقتصاد‪....‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪318‬‬


‫‪319‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫إن التررراب بررين البعررد األمنرري والبعررد االقتصررادي كبيررر‬


‫جدا‪ ،‬فكم حربا قامت من أجل وجود أزمة اقتصرادية أو‬
‫من أجل فرض الهيمنة والقوة وهنا نجد االستعمار وهرو‬
‫من سربل الهيمنرة ونهرب الثرروات برل الحررب العالميرة‬
‫الثانية نفسها كان من أسبابها األزمة االقتصرادية العالميرة‬
‫والتي بدأت بما سرمي يروم الخمريس األسرود يروم ‪24‬‬
‫أكترروبر ‪ 1929‬وهررو انهيررار بورصررة وول سررتريت‪ ،‬وال‬
‫يخفى وجود أزمة وول ستريت ثانية بردأت سرنة ‪2011‬‬
‫وهي سرنة انردالع مرا سرمي برالربيع العربري وهنرا يكرون‬
‫مجال سؤال عن حقيقة ما يجري في العالم العربي وفري‬
‫العالم اليوم وإمكانات وقوع حرب كبرى قادمة‪..‬‬
‫إن مررنهج الترويررع والتجويررع بسرركل قصرردي يهرردف فرري‬
‫النهايرة إلررى التطويرع الكلرري‪ ،‬وهنرا يكررون الترويرع مفعّررال‬
‫لالختررراق وهررو مررا يمررنح قرردرة نفرراذ كبيرررة كمررا يفعررل‬
‫تخويررف الخصررم فرري فنررون الرردفاع مررن اختررراق لنفسرره‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪319‬‬


‫‪320‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫ومناعترره الذاتيررة وطاقترره الحيويررة فتجررد المرتعررب خررائر‬


‫القوى عاجزا عن الحركة كما تفعل الصيحة التي يطلقها‬
‫معلم فنون دفاع متمكن‪.‬‬
‫أما التجويع فهو مما يبث االنهيار والعجز ويسهل الهزيمة‬
‫جرائع أو شرعب بره مجاعرة أن ينتصرر‪،‬‬ ‫فال يمكن لجي‬
‫وإن الشرعوب والردول الخاضررعة اقتصرادية هري شررعوب‬
‫ودول مهزومة بال أدنى شك‪.‬‬
‫أما التطويع فهرو نتيجرة حتميرة لكرل ذلرك‪ :‬فبعرد ترويرع‬
‫ينتج عنه اختراق وتحطم للمناعة‪ ،‬وبعد تجويع ينتج عنه‬
‫انهزام وتحطيم للقردرة‪ ،‬يكرون التطويرع الرذي ينرتج عنره‬
‫تملّك الخصم لمصير المغلوب وامتالكه ألرضه وثرواتره‬
‫عبر استعمار قديم او عبر منظومات االسرتعمار الحديثرة‬
‫التي تتم بالوكالرة عبرر العمرالء واللصروص الكبرار وهري‬
‫تجربة ما قبل الربيع العربري فري عديرد الردول العربيرة أو‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪320‬‬


‫‪321‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫عبررر مؤسسررات اإلرهررراب الدوليررة وفروعهررا كرررداع‬


‫والقاعدة‪....‬‬
‫أما التطبيع كالحقة لما بنيناه وبيناه فيعني أن يصبح الرذل‬
‫طبيعيا والجروع طبيعيرا ووقروع كارثرة أو عمليرة إرهابيرة‬
‫كبيرة طبيعيا واستعمار األرض ونهبهرا وانتهراك العررض‬
‫طبيعيا جدا‪ ،‬وليسرت األمرة بغريبرة عرن هرذا الحرال فري‬
‫واقعها المتردي‪ ،‬فقتل محمد الردرة أو مجرازر قانرا ومرا‬
‫يجري من علميات إرهابية فري العرراق وسروريا وانتهراك‬
‫القدس مرارا واالستيطان وغيره تم التطبيع معه كما ترم‬
‫التطبيررع مررع مشرراهد أخرررى كثيرررة وهنالررك محرراوالت‬
‫للتطبيررع م رع االنهيررار القيمرري بشرركل أعنررف مررن السررابق‬
‫وخاصة مسألة الشذوذ وهو عمل ممنهج دولي‪.‬‬
‫وللتطبيررع معنررى يرررتب بدولررة الصررهاينة والترري لهررا دور‬
‫محوري في كل ما يجرري عبرر عمالئهرا ووكالئهرا ضرمن‬
‫تطوير تحدث عنه من قبل أحرد قرادة جيشرها أي أن يرتم‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪321‬‬


‫‪322‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫تجاوز المعارك الضدية المباشرة بعد تجربة حرب تموز‬


‫‪ 2006‬القاسرررية إلرررى حررررب داخليرررة يكرررون القاترررل‬
‫والمقتول فيها من نفس األمة ويتم تردمير الروطن العربري‬
‫بأيدي أبنائه عبر منظومة شررحت أبعرادا كثيررة منهرا فري‬
‫دراسات كثيرة وخاصة في كتابي رحلة في عقل إرهابي‬
‫وكتابي بصيرة عقل‪.‬‬
‫إن العالقة بين الترويع والتجويع ليست بالضرورة تراتبيرة‬
‫كمررا هررو األمررر فرري التنظيررر والتكفيررر‪ ،‬أي يمكررن أن يبررق‬
‫الترويررع التجويررع أو التجويررع التطبيررع أو يتزامنررا معررا‪،‬‬
‫ولكني أرى أن المرحلة الحالية للعالم العربي يكون فيهرا‬
‫الترويررع أوال عبررر اإلرهرراب ثررم التجويررع عبررر االنهيررار‬
‫االقتصادي الناتج عن اإلرهاب والخرراب ويمكرن النظرر‬
‫للشرررعب السررروري واعرررداد الالجئرررين وهررري برررالماليين‬
‫والتجويررع الممررنهج لرره بعررد الفرررار مررن المرردن نتيجررة‬
‫الحرب واإلرهاب‪ .‬وكذلك فيما يخص تونس تم اعتماد‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪322‬‬


‫‪323‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫هذا المنهج فالقتل اإلرهابي ممنهج بدقة وهو في عمليتي‬


‫باردو وسوسة هدف إلى قتل السرياح ممرا يعنري ضررب‬
‫السياحة واالقتصاد وهنالك أعداد كبيرة من األسر فقرد‬
‫مورد رزقها المتأتي مرن السرياحة والدولرة كلهرا سروف‬
‫تعاني من نثار ذلك والشعب بأكمله سوف يترأثر‪ .‬وربمرا‬
‫يكون مرنهج التجويرع متجسردا فري السررقات والتعيينرات‬
‫العشرروائية ممررا يجعررل التمويررل الكبيررر للجمعيررات الترري‬
‫تخدم اإلرهراب ذا جردوى فري اسرتقطاب الشرباب وفري‬
‫اخترررراق المجتمرررع واسرررتغالل الحررراالت االجتماعيرررة‬
‫المعوزة‪....‬وقرررد كنرررت استشررررفت هرررذه األبعررراد فررري‬
‫دراسات سابقة‪ ،‬وإن نشر الفوضى واستغالل الظرروف‬
‫الحياتية الصعبة للمناطق المهمشة ممرا يخردم مثرل هرذه‬
‫االسررتراتيجيات ويقرروي االختررراق والشررعور بالهزيمررة‬
‫واإلحباط الكامل‪.‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪323‬‬


‫‪324‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫ليسرت‬ ‫بعد كل هذا التمشري سريكون التطويرع‪ :‬فرداع‬


‫سوى وسيلة تطويع‪ ،‬فهري وسريلة لنهرب الثرروات‪ ،‬إذ‬
‫النف العراقي والليبري بأسرعار متدنيرة جردا‬ ‫تبيع داع‬
‫(بررين ‪ 10‬و ‪ 13‬دوالر للبرميررل وفررق بعررض المعطيررات)‬
‫بخرررالف تجارتهرررا باآلثرررار السرررورية والعراقيرررة وصررروال‬
‫للمخرردرات وبيررع األعضرراء البشرررية وتجررارة األسررلحة‬
‫وسيلة للتردخل‬ ‫والتهريب‪ .‬وكذلك سوف تكون داع‬
‫العسكري في ليبيا مثال مما ييسر نهب ثرواته الكبرى التري‬
‫بينت بعضا منها في دراستي‪ :‬ليبيرا برين مطرقرة اإلرهراب‬
‫وسندان األطماع الدولية ونشرتها ضمن كتابي رحلة في‬
‫عقل إرهابي‪ .‬وسيكون لهذا التنظريم اإلرهرابي تطويعرات‬
‫كثيرة وقيمرة اسرتراتيجية كبررى فري االخترراق والهزيمرة‬
‫والتملك في العراق وفري سروريا وفري كرل مكران يضرربه‬
‫وليس عبثا أن يضرب في مالي والصومال ونيجيريا ومصر‬
‫والعراق والشام والكويرت والسرعودية وترونس والجزائرر‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪324‬‬


‫‪325‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫وحتى فري فرنسرا وروسريا والصرين قبرل ذلرك (عمليتري‬


‫فولغرروغراد وكومينر )‪ ،‬وهررو مررا يبررين اتسرراع المشررروع‬
‫وقوترره الترري فاقررت قرروة مشررروع القاعرردة رغررم ضرررباته‬
‫الدولية (عمليات مومباي سنة ‪ 2008‬وتفجيرات مدريرد‬
‫سررنة ‪ 2004‬وعمليررة ‪ 11‬سرربتمر ‪ 2001‬فرري الواليررات‬
‫المتحدة وفق الرواية الرسمية وغيرها‪)..‬‬
‫أما ما يخص تونس فبعد عملية سوسة المدمرة اقتصاديا‬
‫والمروعررة فعليررا فهررا نحررن نسررمع عررن مشررروع قاعرردة‬
‫عسكرية أمريكية وفك ارتباط مع الجزائرر‪ ،‬فرإن لرم يكرن‬
‫هذا تطويعا فماذا يكون؟‬
‫وإن كانت هذه االستراتيجية سرتتم فري الربالد التونسرية‬
‫فذلك يعني ضرربات أعنرف‪ ،‬وهرو مرا تجرده فري مقرالي‪:‬‬
‫كشف األوراق األخيرة‪.‬‬
‫إن خالصررة مررا أردت قولرره أن اإلرهرراب الررذي يضرررب‬
‫الرروطني العربرري اليرروم لرريس مجرررد عمررل عشرروائي بررل‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪325‬‬


‫‪326‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫خلفه اسرتراتيجيات ولره أهرداف قريبرة وبعيردة وتحركره‬


‫مخابرات ودول ويترب بالثروات وبمسرائل كثيررة جردا‪،‬‬
‫ووهو يمضري ليصربح خطررا علرى العرالم كلره‪ ،‬والرذين‬
‫يصفقون اليوم للربيع العربي وأمجاده في سوريا والريمن‬
‫وليبيررا ويحصرردون فاكهررة ذلررك فرراكهين ويشررعرون بلررذة‬
‫االنتصار‪ ،‬هم كرالحمقى الرذين صرفقوا لهتلرر ورقصروا‬
‫طربا لكتابه (كفاحي) ولخطاباته المؤثرة حتى جلب لهرم‬
‫وللعالم الخراب والموت‪ ،‬رغم أني على يقرين أنره مثرل‬
‫اإلرهرراب الررذي يضرررب اليرروم‪ :‬كرران بيرردقا تحركرره أيرراد‬
‫حرصت على أن تبقرى فري الظرل دائمرا‪ ،‬ولرم تلحظهرا‬
‫عين التاريخ‪.‬‬

‫سوسة‬
‫‪20:24:44 2015-07-21‬‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪326‬‬


‫‪327‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪327‬‬


‫‪328‬‬
‫حوارات ومقاالت عن اإلرهاب وقضاياه‬ ‫ل‬
‫بَصيرَةُ َعقْ ٍ‬

‫المفكر االستراتيجي والخبير الدولي د‪.‬مازن الشريف‬ ‫‪328‬‬

You might also like