Professional Documents
Culture Documents
مصادر التشريع الإسلامي
مصادر التشريع الإسلامي
-1تعريفه[ :هو كالم هللا تعالى المعجز المنزل على س$يدنا محم$د باللف$ظ الع$ربي ،المنق$ول إلين$ا ب$التواتر،
المكتوب بالمصاحف ،المتعبد بتالوته ،المبدوء بسورة الفاتحة ،المختوم بسورة الناس].
-2حجيته :اتفق جميع المسلمين على حجية الق$$رآن الك$$ريم ،ووج$$وب العم$$ل بمقتض$$ى ك$$ل حكم ورد في$$ه،
ويعد المرجع األول الذي يعود إليه المجتهد لمعرفة حكم هللا ،وال ينتقل إلى غيره من المصادر إال عن$$د ع$$دم
وجود الحكم المبتغى فيه.
-3بعض وجوه إعجازه :اقتضت حكمة هللا عز و جل أن يؤيد أنبياءه ورس$$له ب$$المعجزات للدالل$$ة على أن$$ه
مرسلهم ومكلفهم بتبليغ دينه ،وقد خص هللا الرسول محمدا صلى هللا عليه وسلم ب$$أعظم معج$$زة تمثلت في
"القرآن الكريم".
وليس سهال أن أتناول جمي$$ع وج$$وه اإلعج$$از في الق$$رآن ،ل$$ذلك أكتفي ب$$ذكر بعض$$ها اختص$$ارا على الوج$$ه
اآلتي:
أ .فصاحة ألفاظه وبالغة عبارات$ه :وق$د بل$غ الق$رآن في ذل$ك أعلى المس$تويات ،وب$ذلك ش$هد علم$اء اللغ$ة
وأئم$$ة البي$$ان ،وق$$د تح$$دى هللا الع$$رب وهم عمالق$$ة الفص$$احة والبالغ$$ة باإلتي$$ان بمث$$ل الق$$رآن فعج$$زوا ،ثم
تحداهم بأن يأتوا بعشر سور فلم يقدروا ،ثم تحداهم بأن يأتوا بسورة فعجزوا ،قال تعالى:
آن اَل َيْ $أ ُتونَ بِ ِم ْثلِِ $ه َولَ$ْ $و َك$$انَ َب ْع ُ
ضُ $ه ْم لِ َب ْع ٍ
ض $ذا ا ْلقُ$ْ $ر ِ نس َوا ْل ِجنُّ َعلَى َأنْ َيْ $أ ُتوا بِ ِم ْثِ $
$ل َهَ $ ﴿قُ$لْ لَِئنْ ْ
اج َت َم َعتْ اِإْل ُ
يرا﴾ [سورة اإلسراء ،اآلية .]88 َظ ِه ً
ض $رو ُم* فِي َأدْ َنى اَأْل ْر ِ -إخبار هللا تعالى عن انتصار الروم على الف$$رس قب$$ل وق$$وع الح$$رب﴿ :الم* ُغلِ َبتْ الُّ $
ْ
ح ال ُمْؤ ِم ُن$$ونَ * ِب َن ْ
صِ $ر $ر ُ ض ِع سِ نِينَ هَّلِل ِ اَأْل ْم ُر مِنْ َق ْب $ل ُ َومِنْ َب ْعُ $د َو َي ْو َمِئ ٍذ َي ْفَ $
س َي ْغلِ ُبونَ * فِي ِب ْ َو ُه ْم مِنْ َب ْع ِد َغلَ ِب ِه ْم َ
الرحِي ُم﴾ [سورة الروم ،اآليات .]5 -1 شا ُء َوه َُو ا ْل َع ِزي ُز َّص ُر َمنْ َي َ هَّللا ِ َين ُ
اء هَّللا ُ آ ِمنِينَ الرْؤ َي$ا ِب$ا ْل َحقِّ َل َت$$دْ ُخلُنَّ ا ْل َم ْسِ $جدَ ا ْل َحَ $را َم ِإنْ َ
شَ $ صدَ قَ هَّللا ُ َر ُ
سولَ ُه ُّ -إخبار هللا عن فتح مكة﴿ :لَ َقدْ َ
َ َ
ُون ذلَِ $ك ف ْت ًح $ا ق ِري ًبا﴾ [س$ورة الفتح، َ َ َ ُ
ص ِرينَ اَل َت َخ $افونَ ف َعلِ َم َم$$ا لَ ْم َت ْعلَ ُم$وا ف َج َع $لَ مِنْ د ِ وس ُك ْم َو ُم َق ِّ
ُم َحلِّقِينَ ُر ُء َ
اآلية .]27
-اإلخبار بواقعات وحوادث وقعت سابقا ،نجد لها أثرا في الص$$حيح من الكتب الس$$ماوية ،كم$$ا قص الق$$رآن
ب ُنوحِي َها ِإلَ ْي َك َما ُكنتَ َت ْعلَ ُم َه$$ا َأ ْنتَ َواَل َق ْو ُمَ $ك مِنْأخبار األنبياء مع أقوامهم ،قال تعالى﴿ :تِ ْل َك مِنْ َأ ْنبَاءِ ا ْل َغ ْي ِ
اص ِب ْر ِإنَّ ا ْلعاقِ َب َة لِ ْل ُم َّتقِينَ ﴾ [سورة هود ،اآلية .]49
َق ْب ِل ه ََذا َف ْ
ج .اشتماله على األحكام الشرعية المختلفة المتعلقة بالعقيدة والعبادة و األخالق والمعامالت.
ﻫ $.اإلعجاز $العلمي $في $القرآن $الكريم $:إن $القرآن $الكريم $كتاب $هداية $وتشريع $،ولكن $هذا $ال يمنع $من $وجود
$رى الَّذِينَ َك َفُ $روا َأنَّ إشارات إلى حقائق علمية أك$$دها العلم الح$$ديث ،من ذل$$ك مثال في قول$$ه تع$$الىَ﴿ :أ َولَ ْم َيَ $
ش ْيءٍ َح ٍّي َأ َفاَل ُيْؤ ِم ُنونَ ﴾ [سورة األنبياء ،اآلية ت َواَأْل ْر َ
ض َكا َن َتا َر ْت ًقا َف َف َت ْق َنا ُه َما َو َج َع ْل َنا مِنْ ا ْلمَاءِ ُكل َّ َ الس َم َاوا َِّ
،] 30وفي هذه إشارة إلى أن األرض كانت جزءا من المجموعة الشمسية ،ثم انفصلت عنها لتكون صالحة
$ردْ َأنْ
ص$دْ َرهُ لِِإْل ْس$اَل ِم َو َمنْ ُيِ $ شَ $ر ْح َالستقبال اإلنسان على ظهرها ،و قوله تعالىَ ﴿ :ف َمنْ ُي ِردْ هَّللا ُ َأنْ َيه ِد َيُ $ه َي ْ
س َعلَى الَّذِينَ اَل ُيْؤ ِم ُن$ونَ ﴾ $ذلِ َك َي ْج َع $ل ُ هَّللا ُ ِّ
ال$ر ْج َ الس$مَاءِ َك َ صَّ $ع ُد فِي َّ ضِّ $ي ًقا َح َر ًج $ا َكَأ َّن َم$ا َي َّ ُيضِ لَّ ُه َي ْج َعلْ َ
ص$دْ َرهُ َ
[سورة األنعام ،اآلية ،]125ففي ه$$ذه اآلي$$ة إش$$ارة إلى ش$$عور اإلنس$$ان بنقص األكس$$جين كلم$$ا ارتقى في
ش ْيءٍ َخلَ ْق َنا َز ْو َج ْي ِن َل َعلَّ ُك ْم َت َذ َّك ُرونَ ﴾ [س$$ورة ال$$ذاريات ،اآلي$$ة ،]49 ﴿ومِنْ ُكل ِّ َ أجواء السماء ،و قوله تعالىَ :
ض َومِنْ َأنفُ ِس ِ $ه ْم َو ِم َّما اَل َي ْعلَ ُم$$ونَ ﴾ [س$$ورة يس، ْ ُ ر َأْل ا تُب ْ
ن
َّ ُِ
ت اممِ $ا $﴿س ْ $ب َحانَ الَّذِي َخلَ$$قَ اَأْل َ َ َ
ه َّ لكُ اج و ْ
ز وقول$$هُ :
$ع عِ َظا َم $هُ* نس$انُ َألَّنْ َن ْج َمَ $ ب اِإْل َسُ $اآلية ،]36إشارة إلى انبثاث الزوجية في كل شيء ،وقول$$ه تع$$الىَ﴿ :أ َي ْح َ
ي َب َنا َن ُه﴾ [سورة القيامة ،اآليات ،]4-3إشارة إلى اختالف بصمات البشر. َبلَى َقاد ِِرينَ َعلَى َأنْ ُن َ
س ِّو َ
اقتضت حكمة هللا عز وجل أن ينزل القرآن مفرقا مستغرقا م$$دة الرس$$الة كله$$ا ،وذل$$ك لحكم يمكن تلخيص$$ها
فيما يلي:
$ة َواحِ$دَ ًة $زلَ َعلَ ْيِ $ه ا ْل ُق$ْ $رآنُ ُج ْملًَ $
﴿و َقالَ الَّذِينَ َك َف ُروا لَ ْ$واَل ُن ِّ أ .تثبيت قلب النبي : ويتجلى ذلك في قوله تعالىَ :
َك َذلِ َك لِ ُن َث ِّبتَ ِب ِه فَُؤ ادَ َك َو َر َّت ْل َناهُ َت ْرتِياًل ﴾ [سورة الفرقان ،اآلي$$ة ،]32وحينم$$ا ت$$نزل اآلي$$ات على الن$$بي يق$$وى
س ِ $ل﴾... ص َ $ب َر ُأ ْولُ$$وا ا ْل َعْ $ز ِم مِنْ ُّ
الر ُ صبره ،وتشحذ همته ،كيف ال وهللا يخاطبه بمثل هذه اآلياتَ ﴿:ف ْ
اص ِب ْر َك َما َ
س ِّب ْح ِب َح ْم ِد َر ِّب َك حِينَ َتقُو ُم﴾ [س$$ورة الط$$ور، اص ِب ْر لِ ُح ْك ِم َر ِّب َك َفِإ َّن َك ِبَأ ْع ُينِ َنا َو َ
﴿و ْ[سورة األحقاف ،اآلية َ ،]35
ٌ َ ْ
اء َك فِي َهِ $ذ ِه ال َح $قُّ َو َم ْوعِ ظ $ة َوذ ِْكَ $رى ُ َ
س ِل َما ُنث ِّبتُ ِب ِه فَؤ ادَ َك َو َج َ الر ُ َأ
ص َعلَ ْي َك مِنْ ْنبَاءِ ُّ ﴿و ُكاًّل َنقُ ُّ اآلية َ ،]48
َ َأ َّ ُ ُأ ِّ
ص َب ُروا َعلى َما كذ ُبوا َو وذوا َحتى ت$$ا ُه ْم ُ َ َ َ
سل ٌ مِنْ ق ْبلِ َك ف َ ِّ
﴿ولقدْ كذ َبتْ ُر ُُ َ َ لِ ْل ُمْؤ ِمنِينَ ﴾ [سورة هود ،اآلية َ ،]120
سلِينَ ﴾ [سورة األنعام ،اآلية .]34 اء َك مِنْ َن َبِإ ا ْل ُم ْر َ ت هَّللا ِ َولَ َقدْ َج َ
ص ُر َنا َواَل ُم َبدِّ لَ لِ َكلِ َما ِ
َن ْ
ب .التلط$$$ف ب$$$النبي عن$$$د ن$$$زول الق$$$رآن :إن للق$$$رآن هيب$$$ة وجالال ووق$$$ارا ،وذل$$$ك يس$$$تدعي التلط$$$ف
س ُن ْلقِي َعلَ ْي َك َق ْواًل َثقِياًل [ سورة المزمل ،اآلية ﴿ ،]5لَ ْو َأ ْن َز ْل َنا ه ََذا بالنبي فأنزله هللا منجما ،يقول تعالىِ﴿ :إ َّنا َ
َّ َ َ
اس ل َعل ُه ْم َيتفك ُرونَ ﴾ [س$$ورة َّ َ َّ َ َ َأْل ْ هَّللا ْ َ
صدِّ ًعا مِنْ خش َي ِة ِ َوتِل َك ا ْمثال ُ ن ْ
ض ِر ُب َها لِلن ِ ا ْلقُ ْرآنَ َعلَى َج َب ٍل َل َرَأ ْي َت ُه َخاشِ ًعا ُم َت َ
الحشر ،اآلية ،]21فإذا كان ذلك حال الجبل لو أن$زل علي$ه الق$رآن ،فكي$ف ب$النبي وه$و أرق الن$اس قلب$ا،
وأكثرهم تقديرا لكالم هللا؟
وتصف أم المؤمنين عائشة ح$ال الرس$$ول حين يت$نزل علي$$ه الق$رآن بقوله$$ا( :لق$$د رأيت$$ه حين ي$نزل علي$$ه
الوحي في اليوم الشديد البرد فينفصم عنه وإن جبينه ليتفصد عرقا).
ج .تقري$$ع الكف$$ار باس$$تمرار ،وتجدي$$د ت$$ذكيرهم ب$$انحرافهم عن الطري$$ق المس$$تقيم ،وفي المقاب$$ل ،يثبت هللا
المؤمنين ويواسيهم ،ويفرغ عليهم صبرا ويقينا.
د .التدرج في تربية المجتمع اإلسالمي ،وذلك بتبديد الرذائل ،وزرع الفض$$ائل ،وذل$ك بآي$ات التخلي$$ة وآي$ات
التحلية.
و .التدرج في تشريع األحكام ،ومثال ذلك الخمر الذي تم وفق تدرج حكيم حسب المراحل التالية:
سً $نا ِإنَّ فِي َذلَِ $ك آَل َيً $
$ة لِ َق ْ$و ٍم سَ $ك ًرا َو ِر ْز ًق$ا َح َ ِي$ل َواَأْل ْع َن$ا ِ
ب َت َّت ِخُ $ذونَ ِم ْنُ $ه َ ت ال َّنخ ِ ﴿ومِنْ َث َمَ $
$را ِ المرحلة األولىَ :
َي ْعقِلُونَ ﴾ [سورة النحل ،اآلية .]67
-5أنواع األحكام التي اشتمل عليها القرآن الكريم :اش$$تمل الق$$رآن الك$$ريم على جمي$$ع األحك$$ام ال$$تي تخص
اإلنسان ،ويمكن تصنيفها في األنواع التالية:
أ .األحكام اإلعتقادية :وهي األحكام المتعلقة بالعقيدة ،ومن اآليات التي تنص على تلك األحكام ما يأتي:
$رقُ َب ْينَ َأ َحٍ $د مِنْ نزلَ ِإلَ ْي ِه مِنْ َر ِّب ِه َوا ْل ُمْؤ ِم ُنونَ ُكل ٌّ آ َمنَ ِباهَّلل ِ َو َماَل ِئ َكتِ ِه َو ُك ُت ِب ِه َو ُر ُ
س$لِ ِه اَل ُن َفِّ $ سول ُ ِب َما ُأ ِ الر ُ
﴿آ َمنَ َّ
ْ َ
سم ِْعنا َو ط ْعنا غف َران َك َر َّبنا َوِإل ْي َك ال َمصِ ي ُر﴾ [سورة البقرة ،اآلية .]285َ َ ْ ُ َ َ َأ َ ُ َ
سلِ ِه َوقالوا َُر ُ
﴿الم* هَّللا ُ اَل ِإلَ َه ِإاَّل ه َُو ا ْل َح ُّي ا ْل َق ُّيو ُم﴾ [سورة آل عمران ،اآليتان .]2 -1
سْ $ب َحانَ هَّللا ِ َع َّماالس$اَل ُم ا ْل ُمْ$$ؤ مِنُ ا ْل ُم َه ْيمِنُ ا ْل َع ِزيُ $ز ا ْل َج َّبا ُر ا ْل ُم َت َك ِّب ُر ُ ﴿ه َُو هَّللا ُ الَّذِي اَل ِإلَ َه ِإاَّل ه َُو ا ْل َملُِ $ك ا ْلقُ$د ُ
ُّوس َّ
ض َوه َُ$و ت َواَأْل ْر ِالسَ $م َاوا ِ سِّ $ب ُح لَُ $ه َم$ا فِي َّ ص ِّو ُر لَُ $ه اَأْل ْسَ $ما ُء ا ْل ُح ْسَ $نى ُي َ ش ِر ُكونَ * ه َُو هَّللا ُ ا ْل َخالِقُ ا ْل َب ِ
ارُئ ا ْل ُم َ ُي ْ
ا ْل َع ِزيز ال َحكِي ُم﴾[ سورة الحشر ،اآليتان .]24 -23 ْ ُ
ب .األحكام األخالقية :وهي األحكام المتعلقة بأمهات الفضائل ،ومن اآليات التي تنص على تلك األحك$$ام م$$ا
يلي:
﴿ َيا َأ ُّي َها الَّذِينَ آ َم ُنوا ا َّتقُوا هَّللا َ َو ُكو ُنوا َم َع َّ
الصا ِدقِينَ ﴾ [سورة التوبة ،اآلية .]119
اب ِرينَ ﴾ [سورة النحل ،اآلية .]126 ص َب ْر ُت ْم َل ُه َو َخ ْي ٌر ل َّ
ِلص ِ ﴿...ولَِئنْ َ
َ
.1عبادات.
.2معامالت.
ِب َعلَى الَّذِينَ مِنْ َق ْبلِ ُك ْم َل َعلَّ ُك ْم َت َّتقُ$$ونَ ﴾ [س$$ورة البق$$رة ،اآلي$$ة ﴿ َيا َأ ُّي َها الَّذِينَ آ َم ُنوا ُكت َ
ِب َعلَ ْي ُك ْم ِّ
الصَ $يا ُم َك َم$$ا ُكت َ
.]183
﴿ َيا َأ ُّي َها الَّذِينَ آ َم ُنوا ِإ َذا َتدَ ا َين ُت ْم ِبدَ ْي ٍن ِإلَى َأ َج ٍل ُم َ
س ًّمى َف ْاك ُت ُبوهُ[ ﴾...سورة البقرة ،اآلية .]282
النوع األول :بيان كلي أي بذكر القواعد والمبادئ العامة التي تكون أساسا لتفريع األحكام وابتنائها عليه$$ا،
مثل:
ان َوِإي َت$$اءِ ذِي ا ْلقُ$ْ $ر َبى َو َي ْن َهى َعنْ ب .األمر بالعدل والحكم به :قال هللا تع$$الىِ﴿ :إنَّ هَّللا َ َيْ $أ ُم ُر ِبا ْل َع $دْ ِل َواِإل ْح َ
سِ $
شاءِ َوا ْل ُمن َك ِر َوا ْل َب ْغيِ َي ِع ُظ ُك ْم َل َعلَّ ُك ْم َت َذ َّك ُرونَ ﴾ [سورة النحل ،اآلية .]90
ا ْل َف ْح َ
اس ﴿واَل َتْأ ُكلُوا َأ ْم َوالَ ُك ْم َب ْي َن ُك ْم ِبا ْل َباطِ ِل َو ُتدْ لُوا ِب َها ِإلَى ا ْل ُح َّك ِام لِ َتْأ ُكلُوا َف ِري ًقا مِنْ َأ ْم َو ِ
ال ال َّن ِ ﻫ $.حرمة مال الغيرَ :
ِباِإْل ْث ِم َوَأ ْن ُت ْم َت ْعلَ ُمونَ [ سورة البقرة ،اآلية .]188
و .الوفاء بااللتزاماتَ ﴿ ،يا َأ ُّي َها الَّذِينَ آ َم ُنوا َأ ْوفُوا ِبا ْل ُعقُودِ[ ...سورة المائدة ،اآلية .]1
ج[ ﴾...سورة الحج ،اآلية .]78 ﴿...و َما َج َعلَ َعلَ ْي ُك ْم فِي الدِّ ِ
ين مِنْ َح َر ٍ ز .ال حرج و ال ضيق في الدينَ :
النوع الثاني :بيان إجمالي ،أي ذكر األحكام بصورة مجملة تحتاج إلى بيان و تفصيل ،ومن هذه األحكام:
الز َكا َة[ ﴾...سورة الحج ،اآلية .]78 أ .وجوب الصالة والزكاة ،قال تعالىَ ...﴿ :فَأقِي ُموا َّ
الصاَل َة َوآ ُتوا َّ
ولم يبين القرآن عدد ركعات الصالة وكيفيته$ا ،فج$اءت الس$نة بتفص$يل ذل$ك ،ق$ال( : ص$لوا كم$ا رأيتم$وني
أصلي ) [رواه مسلم] ،وكذلك جاءت السنة ببيان أحكام الزكاة ،وتحديد مقاديرها وأنصبتها.
اص[ ﴾...سورة البقرة ،اآلية ،]178فجاءت السنة ببيان شروط ج .وجوب القصاصُ ...﴿ :كت َِب َعلَ ْي ُك ْم ا ْلق َ
ِص ُ
القصاص.
النوع الثالث :بيان تفصيلي :أي ذكر األحكام بصورة تفصيلية ال إجمال فيها ،مثل :أنص$$بة الورث$$ة ،وكيفي$$ة
الطالق وعدده ،وكيفية اللعان بين الزوجين ،والمحرمات من النساء في النكاح.
إن آيات القرآن الك$ريم ثابت$ة بطري$ق قطعي ،ألنه$ا نقلت إلين$ا ب$التواتر ال$ذي ي$وحي ب$الجزم أن اآلي$ة ال$تي
يقرؤها كل مسلم في بقاع األرض هي نفسها التي تالها الرسول صلى هللا عليه و سلم على أصحابه ،و هي
التي نزل بها جبريل عليه السالم من اللوح المحفوظ من غير تب$$ديل و ال تغي$$ير ،تحقيق$$ا لقول$$ه تع$$الىِ﴿ :إ َّنا
الذ ْك َر َوِإ َّنا لَ ُه َل َحافِ ُظون[ ﴾...سورة الحجر ،اآلية .]9
َن ْحنُ َن َّز ْل َنا ِّ
أما داللة النص القرآني على الحكم فليست واحدة ،فمنها ما هو قطعي الداللة و منه$ا م$ا ه$و ظ$ني الدالل$ة.
فالنص القطعي الداللة هو ما دل معنى متعين فهمه منه ،و ال يحتمل تأويال آخر معه ،و ذلك مثل النصوص
ف َم$$ا َتَ $
$ر َك ﴿ولَ ُك ْم ن ْ
ِصُ $ التي وردت فيها أعداد معينة أو أنصبة محددة في الم$$واريث و الح$$دود ،ق$$ال تع$$الىَ :
َأ ْز َوا ُج ُك ْم ِإنْ لَ ْم َي ُكنْ لَ ُهنَّ َولَ ٌد[ ﴾...سورة النساء ،اآلية ،]12فإن داللة النص قطعي$$ة على أن ف$$رض ال$$زوج
اجلِدُوا ُك $ل َّ َوا ِحٍ $د ِم ْن ُه َم$$ا مِاَئ َة َج ْل$$دَ ةٍ[ ﴾...س$$ورة الن$$ور ،اآلي$$ة ،]2 ﴿الزانِ َي ُة َو َّ
الزانِي َف ْ النصف ،و قال تعالىَّ :
َأ
صَ $يا ُم َثاَل َثِ $ة َّي ٍام[ ﴾...س$$ورة
فاآلية قطعي$$ة الدالل$$ة في مق$$دار ح$$د الزن$$ا ،و ق$$ال تع$$الى في كف$$ارة اليمينَ ﴿ :ف ِ
المائدة ،اآلية ،]89فالعدد قطعي الداللة ،وال تقبل الكفارة بأقل من ذلك وال بأكثر منه.
أما النص الظني الداللة فهو ما يدل على عدة معان ،أو ما ي$$دل على مع$$نى ،و لكن$$ه يحتم$$ل مع$$اني أخ$$رى،
ص$نَ ِبَأنفُ ِسِ $هنَّ َثاَل َثَ $
$ة قُ$رُوءٍ [ ﴾...س$$ورة البق$$رة ،اآلي$$ة ﴿وا ْل ُم َطلَّ َقاتُ َي َت َر َّب ْ
مثل لفظة "القرء" في قوله تعالىَ :
.]228
فلفظ القرء في اللغة مشترك بين معنيين :الطهر والحيض ،والنص القرآني يحتمل أن يراد منه ثالثة أطهار
كما قال الشافعي وغيره ،ويحتمل أن يراد منه ثالث حيضات كما قال اإلمام أبو حنيفة ومن معه.
-1تعريف السنة:
-2حجيتها :اتفق العلم$اء على أن الس$نة الص$حيحة الثابت$$ة ال$تي ص$درت عن رس$ول هللا بقص$$د التش$$ريع
واإلقتداء حجة على المسلمين ،ومصدر تشريعي لهم متى ثبتت بطريق القطع أو غلبة الظن.
سولَ لَ َعلَّ ُك ْم ُت ْر َح ُمونَ ﴾ [سورة النور ،اآلية .]56 الز َكا َة َوَأطِ ي ُعوا َّ
الر ُ ﴿وَأقِي ُموا َّ
الصاَل َة َوآ ُتوا َّ َ
﴿قُلْ ِإنْ ُك ْن ُت ْم ُت ِح ُّبونَ هَّللا َ َفا َّت ِب ُعونِي ُي ْح ِب ْب ُك ْم هَّللا ُ َو َي ْغف ِْر َل ُك ْم[ ﴾...سورة آل عمران ،اآلية .]31
سولَ َوُأ ْولِي اَأْل ْم ِر ِم ْن ُك ْم[ ﴾...سورة النساء ،اآلية .]59 ﴿ َيا َأ ُّي َها الَّذِينَ آ َم ُنوا َأطِ ي ُعوا هَّللا َ َوَأطِ ي ُعوا َّ
الر ُ
ول ِإنْ ُكن ُت ْم ُتْؤ ِم ُنونَ ِباهَّلل ِ َوا ْل َي ْو ِم اآْل ِخِ $
$ر[ ﴾...س$$ورة النس$$اء، س ِ ش ْيءٍ َف ُردُّوهُ ِإلَى هَّللا ِ َو َّ
الر ُ ﴿َ ...فِإنْ َت َن َ
از ْع ُت ْم فِي َ
اآلية .]59
سول ُ َف ُخ ُذو ُه َو َما َن َها ُك ْم َع ْن ُه َفا ْن َت ُهوا[ ﴾...سورة الحشر ،اآلية .]7 ﴿...و َما آ َتا ُك ْم َّ
الر ُ َ
ص هَّللا َ
$رةُ مِنْ َأ ْمِ $ر ِه ْم َو َمنْ َي ْع ِ ض$ى هَّللا ُ َو َر ُ
س$ولُ ُه َأ ْمً $را َأنْ َي ُك$$ونَ لَ ُه ْم ا ْل ِخ َيَ $ ِن َواَل ُمْؤ ِم َنٍ $ة ِإ َذا َق َ ﴿و َما َكانَ لِ ُمْ$$ؤ م ٍ
َ
ُمبِينا﴾ [سورة األحزاب ،اآلية .]36 ً اًل اَلضضل َّ َ َ
سوله فقدْ ََ ُ َ َو َر ُ
س$لِّ ُموا شَ $ج َر َب ْي َن ُه ْم ُث َّم اَل َي ِج$دُوا فِي َأنفُ ِسِ $ه ْم َح َر ًج $ا ِم َّما َق َ
ضْ $يتَ َو ُي َ ﴿فال َو َر ِّب َك اَل ُيْؤ ِم ُنونَ َح َّتى ُي َح ِّك ُمو َك فِي َما َ
َت ْسلِي ًما﴾ [سورة النساء ،اآلية .]65
اع بِِإ ْذ ِن هَّللا ِ[ ﴾...سورة النساء ،اآلية .]64
ول ِإاَّل لِ ُي َط َ
س ٍ ﴿و َما َأ ْر َ
س ْل َنا مِنْ َر ُ َ
هذه النص$وص القرآني$ة -وغيره$ا كث$ير -بره$ان ودلي$ل ق$اطع على حجي$ة الس$نة ،واعتباره$ا مص$درا من
مصادر التشريع اإلسالمي ،وأن أحكام السنة تشريع إلهي واجب اإلتباع.
( روى معاذ بن جبل أن رسول هللا صلى هللا عليه و سلم لما بعثه إلى اليمن ،قال له :كيف تصنع إن ع$$رض
لك قضاء؟ قال :أقضي بما في كتاب هللا ،قال :ف$$إن لم يكن في كت$$اب هللا؟ ق$$ال :فبس$$نة رس$$ول هللا ص$$لى هللا
عليه و سلم ،قال :فإن لم يكن في سنة رسول هللا؟ قال :أجتهد رأيي ال أل$$و ،ق$$ال مع$$اذ :فض$$رب رس$$ول هللا
صدري ،ثم قال :الحمد هلل الذي وفق رسول هللا لما يرضي هللا ورسوله).
ج .إجماع الصحابة:أجمع صحابة رسول هللا في حياته وبعد وفاته على وج$$وب إتب$$اع س$$نته والعم$$ل به$$ا،
وااللتزام بما ورد فيها من أحكام ،وتنفيذ ما فيها من أوامر ،واالنتهاء عما فيها من نواه.
-3مرتبة السنة في االحتجاج بها:تأتي السنة النبوية -في االحتجاج بها -في المرتب$$ة الثاني$$ة بع$$د الق$$رآن
الكريم ،فالمفتي والمجتهد يرجع إلى الكتاب أوال ثم إلى السنة ثانيا في كل م$$ا يط$$رح من س$$ؤال أو يق$$ع من
قضية.
-4تدوين السنة :من الثابت المعلوم أن السنة لم تكتب في عهد الرسول عليه السالم كما كتب الق$$رآن ،ألن
الرسول نهاهم عن كتابتها خوف اختالطها بالقرآن ،وتوفي عليه السالم وهي محفوظة في صدور الصحابة
كل على مقدار استعداده ومبلغ حضوره مجالس الرسول عليه السالم ،وفي خالفة أبي بك$$ر رض$$ي هللا عن$$ه
لم يفكر أحد في تدوينها للسبب السابق ،ولقصر خالفة الصديق ،فلما وليها عمر رضي هللا عنه عرضت ل$$ه
فكرة التدوين ،فشاور الصحابة فيها ،فأشاروا عليه بجمعها ،ولكنه مكث شهرا يستخير هللا ح$$تى انتهى إلى
العدول عن هذا األمر ألسباب منها:
أنه وجد هذا العمل يصعب تنفيذه ،ألن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم توفي تاركا سنته موزعة في ص$$دور
أصحابه وهم كثيرون تفرقوا في البلدان ،كما كان يخش$$ى اختالطه$ا ب$القرآن وانش$$غال الن$$اس به$$ا عن$$ه ،ثم
عرضت الفكرة للخليفة العادل عمر بن عبد العزيز في أواخر حياته ،ففي عام 100ﻫ أمر $أبا $بكر $بن $حزم
قاضي المدينة أن يجمع السنة فامتثل ،و لكن الخليفة توفي بعد عام في سنة 101ﻫ ،والعام الواحد ال يكفي
لتحقيق هذا الطلب حين$ذاك ،ولم يعن من ج$اء بع$ده من خلف$اء ب$ني أمي$ة به$ذا األم$ر النش$غالهم بالسياس$ة
وإدارة $الحكم ،إذا اس$$تثنينا م$ا روي عن هش$$ام بن عب$$د المل$$ك أن$$ه لم$$ا ت$$ولى الحكم س$$نة 105ﻫ حث $ابن
شهاب الزهري على تدوين الحديث بل قيل أنه أكرهه على ذلك ،وتوفي هشام سنة 125ﻫ.
وفي عه$$د العباس$$يين جمعت الس$$نة ،وابت$$دأ ت$$دوينها في منتص$$ف الق$$رن الث$$اني الهج$$ري تقريب$$ا في مك$$ة
والمدينة والشام ومصر والكوفة والبصرة ،وكل بلد إسالمي وجد به علماء دونوا السنة ،أمثال اإلمام مال$$ك
بالمدينة ،واإلمام األوزاعي بالشام ،واإلم$$ام الليث بن س$$عد في مص$$ر ،وس$$فيان الث$$وري في الكوف$$ة ،إال أن
هذه المجموعات لم يصلنا منها إال القليل ،مثل :كتاب " الموطأ " لإلمام مالك بن أنس ،وهو يعطينا ص$$ورة
عن الكتب التي ألفت في السنة حينذاك ،وهي أنها كانت خليطا من األحاديث و أقوال الصحابة و فتاواهم ،و
لم يعن أصحابها بالسنة عناية من جاء بعدهم ممن تخصص في جمع األحاديث وترتيبها.
تلك هي الخطوة األولى في جمع السنة ثم تلتها الخطوة الثانية ،وفيها عني أصحابها بإفراد أحاديث رس$$ول
هللا عن فتاوى الصحابة وأقوال التابعين ،و كانت هذه الخطوة على رأس المائتين للهج$رة ،و لكنه$ا ابت$دأت
بطريقة المسانيد ،وهي جم$$ع أح$$اديث ك$$ل ص$$حابي على ح$$دا في جمي$$ع األب$$واب ،وه$$ذه وإن ك$$انت ج$$ردت
األحاديث من غيرها إال أنها لم تفرد الصحيح من غيره.
وفي القرن الثالث ظهرت طريقة جديدة ،وهي تمييز األح$$اديث الص$$حيحة من غيره$$ا ،والبحث عن ال$$رواة،
فكان هذا أزهى عصور الحديث ،وفيه ألف البخاري المتوفى سنة 256ﻫ ،ومسلم بن الحجاج المتوفى سنة
261ﻫ صحيحيهما $،وأبو $داود $المتوفى $سنة275 $ﻫ $،وابن $ماجة $المتوفى $سنة275 $ﻫ $،والنسائي $المتوفى
سنة 303سننهم ،وكتب هؤالء هي المعروفة بالكتب الستة ،ويلحق بها مس$ند اإلم$ام أحم$د المت$وفى س$نة
241ﻫ.
-5أقسام السنة:
.1سنة قولية :وهي ما نقل عن الرسول من قول على سبيل التشريع ،مثل (ال ضرر وال ضرار).
.2سنة فعلية :و هي كل ما فعل$$ه الرس$$ول ص$$لى هللا علي$$ه و س$$لم على س$$بيل التش$$ريع ،مث$$ل كيفي$$ة أدائ$$ه
الصالة ،و أدائه مناسك الحج.
.3سنة تقريرية :هي استحسان النبي صلى هللا عليه و س$$لم أو س$$كوته عن إنك$$ار ق$$ول أو فع$$ل ص$$در عن
الصحابة.
األول :يمثله علماء الحديث وجمهور علماء األصول ،ويقسمون السنة إلى :سنة متواترة وسنة آحاد.
.1السنة المتواترة :الت$واتر لغ$ة التت$ابع ،وفي االص$طالح :م$ا رواه جم$ع عن جم$ع ي$ؤمن تواط$ؤهم على
الكذب ،أي ينقله عن رسول هللا عليه السالم ع$دد كب$ير من الص$حابة ،ثم ينقل$ه عنهم ع$دد من الت$ابعين ،و
هكذا حتى يصل العلماء الذين قاموا بتدوين السنة وتسجيلها في القرنين الثاني والثالث الهجريين.
والسنة المتواترة تكثر في السنة العملية ،وتقل في الس$$نة القولي$$ة .والس$$نة المت$$واترة حج$$ة كامل$$ة ،وتفي$$د
العلم اليقيني القطعي في صحتها وثبوتها عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم.
.2السنة المشهورة :وهي ما رواها عن النبي صلى هللا علي$ه وس$لم واح$د أو اثن$$ان ،أي ع$دد ال يبل$غ ح$د
التواتر ،ثم اشتهرت فنقلها جموع الت$واتر ،ثم اش$تهرت فنقله$ا جم$وع الت$واتر في عص$ر الت$ابعين وت$ابعي
التابعين ،مثل ما رواه عمر بن الخطاب عن رسول هللا أنه قال( :إنما األعمال بالنيات ،وإنما لكل ام$رئ م$ا
نوى).
.3سنةاآلحاد :وهي ما يرويه$ا عن الن$بي ع$دد لم يبل$غ ح$د الت$واتر ،ثم يرويه$ا عنهم مثلهم وهك$ذا ح$تى
تصل إلى عهد التدوين.
األول :ما صدر عن النبي صلى هللا عليه وسلم باعتباره نبيا ومبلغا عن هللا ،فه$$ذا يعت$$بر تش$$ريعا لألم$$ة بال
خالف.
. 1ما صدر عن الرسول عليه السالم من األقوال واألفعال والتقريرات قبل البعثة.
. 2ما صدر عنه بمقتضى طبيعته البشرية ،كاألكل والشرب والنوم والمشي والتزاور...
. 3ما صدر عنه بمقتضى الخبرة البشرية التي استقاها من تجاربه الخاصة في الحياة ،كالتجارة والزراع$$ة
وقيادة الجيش ووصف الدواء وغير ذلك...
.4ما كان خاصا بالنبي ص$$لى هللا علي$$ه وس$$لم مث$$ل وص$$اله في الص$$وم وال$$تزوج ب$$أكثر من أرب$$ع زوج$$ات
والتهجد بالليل ،واكتفائه في إثبات الدعوى بشهادة خزيمة وحده في مجال إثبات الواقعة.
-7قطعية السنة و ظنيتها:إن السنة النبوية ق$د تك$ون قطعي$ة الثب$وت إذا ك$انت مت$واترة ،وق$د تك$ون ظني$ة
الثبوت والنسبة إلى الرسول إذا كانت مش$$هورة أو ك$$انت أحادي$$ة .ثم هي بع$$د ذل$$ك -س$$واء أك$$انت قطعي$$ة
الثبوت أم ظنية الثبوت والورود -قد تكون قطعية الداللة على معناها إذا لم تحتمل معنى غيره ،وق$$د تك$$ون
ظنية الداللة إذا احتملت معنى آخر ،فقوله( : أطعموا الج$$دة الس$$دس) ظ$$ني في ثبوت$$ه ،ألن$$ه ح$$ديث أح$$ادي
قطعي في داللت$ه على أن ف$رض الج$دة الس$دس ،وقوله( : ال ص$الة لمن لم يق$رأ بفاتح$ة الكت$اب) ظ$ني في
ثبوته لكونه حديثا أحاديا ،وظني في داللته أيضا الحتمال توجه النفي إلى صحة الصالة ،كما قال الش$$افعي،
أي ال صالة صحيحة ،أو توجهه إلى كمال الصالة كما قال اإلمام أبو حنيفة أي ال صالة كاملة.
النوع األول :أحكام موافقة ألحكام القرآن ومؤكدة لها ،مثل حديث( :ال يحل م$$ال ام$$رئ مس$$لم إال بطيب من
نفسه) فإنه موافق ومؤكد لقوله تعالىَ ﴿ :ي$$ا َأ ُّي َه$$ا الَّذِينَ آ َم ُن$$وا اَل َتْ $أ ُكلُوا َأ ْمَ $والَ ُك ْم َب ْي َن ُك ْم ِبا ْل َباطِِ $ل ِإاَّل َأنْ َت ُك$$ونَ
اض ِم ْن ُك ْم[ ﴾...سورة النساء ،اآلية ،]29ومثله أيضا ما جاء في السنة من النهي عن عق$$وق ار ًة َعنْ َت َر ٍ
ت َِج َ
الوالدين وشهادة الزور ،وقتل النفس بغير حق ،ووجوب الصالة والزكاة والصوم والحج...
ب .بتخصيص عامه :كحديث ( :نحن معاشر األنبياء ال نورث ،ما تركنا صدقة) ،الذي خص$$ص عم$$وم قول$$ه
تعالىُ ﴿ :يوصِ ي ُك ْم هَّللا ُ فِي َأ ْواَل ِد ُك ْم ل َِّلذ َك ِر ِم ْث $ل ُ َحِّ $ظ اُأْلن َث َي ْي ِن﴾ [س$ورة النس$اء ،اآلي$$ة ،]11وجعل$$ه غ$ير ش$$امل
لألنبياء.
ج .بتقييد مطلقه :كحديث سعد بن أبي وقاص في الوصية ال$$تي ق$$ال فيه$$ا الرس$$ول( : الثلث والثلث كث$$ير)،
وص$ى ِب َه$$ا َأ ْو دَ ْي ٍن[ ﴾...س$$ورة النس$$اء ،اآلي$$ة
صَّ $ي ٍة ُي َ
فقد قيد مطلق الوصية في قول$$ه تع$$الى...﴿ :مِنْ َب ْعِ $د َو ِ
،]12بعدم الزيادة على ثلث التركة.
النوع الثالث :أحكام جديدة لم يذكرها القرآن ألن السنة مستقلة بتشريع األحكام ،ولها كالقرآن في ذلك ،وقد
ثبت عنه أن$$ه ق$$ال( :أال وإني أوتيت الق$$رآن ومثل$$ه معه) ،ومن ه$$ذا الن$$وع تح$$ريم ال$$ذهب والحري$$ر على
الرجال ،وتوريث الجدة...
.1اإلمام البخاري :هو أبو عبد هللا بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغ$يرة بن بردزب$ه الجعفي البخ$اري ،ول$د
يوم الجمعة الثالث عشر من شوال سنة 194ﻫ في $مدينة $بخارى $،و $طلب $العلم $صغيرا $سنة 205 $ﻫ $،وقد
حفظ تصانيف بعض األئمة وهو صغير ،وسمع من شيوخ بلده ،ثم رح$$ل م$$ع أم$$ه وأخي$$ه إلى الحج$$از س$$نة
210ﻫ $،وأقام $في $المدينة $المنورة $،فألف $كتابه" التاريخ الكبير" ،وهو مجاور قبر الرسول ...رح$$ل إلى
شيوخ الحديث وأئمته في مختلف البالد ،وكتب عن أكثر من ألف شيخ ،و قد س$$اعده ص$$بره وذك$$اؤه وحب$$ه
للعلم على بلوغ مرتب$$ة عالي$$ة في عص$$ره ،ح$تى أص$$بح إم$$ام المس$$لمين في الح$$ديث ،و لقب$$ه األئم$$ة ب$أمير
المؤمنين في الحديث ،توفي بقرية "خرتنك" في 30رمضان سنة 256ﻫ.
الجامع الصحيح :ترك اإلمام البخاري نحوا من عش$$رين مؤلف$ا في الح$$ديث وعلوم$$ه ورجال$$ه ،وفي غيره$$ا
من علوم اإلسالم ،وأشهرها الجامع الصحيح المشهور بصحيح البخ$$اري ،وق$$د جم$$ع في$$ه البخ$$اري 9082
حديثا ،وهو أول الكتب الستة في الحديث وأفض$لها عن$$د الجمه$ور على الم$$ذهب المخت$ار ،ق$ال الن$$ووي في
ش$$$رح ص$$$حيح مس$$$لم[ :اتف$$$ق العلم$$$اء على أن أص$$$ح الكتب بع$$$د الق$$$رآن الك$$$ريم الص$$$حيحان ،ص$$$حيح
البخاري صحيح مسلم] ،وق$د ص$ح إن مس$لما ك$ان ممن يس$تفيد من$ه ويع$ترف بأن$ه ليس ل$ه نظ$ير في علم
الحديث.
قال شيخ اإلسالم ابن تيمية [ :ليس تحت أديم السماء كتاب أصح من البخاري و مسلم بعد القرآن].
-شرح اإلمام أبي سليمان أحمد بن محمد بن إبراهيم بن خطاب البتي الخطابي المتوفى سنة 308ﻫ ،سماه
"أعالم السنن".
-شرح الشيخ برهان الدين إبراهيم بن محمد الحلبي المع$$روف بس$$بط ابن العجمي ،المت$$وفى س$$نة 841ﻫ،
وسماه "التلقيح لفهم قارئ الصحيح".
-ش$$رح العالم$$ة أبي الفض$$ل أحم$$د بن علي بن حج$$ر العس$$قالني ،المت$$وفى س$$نة 852ﻫ $،وسماه" $فتح
الباري".
-شرح الحافظ جالل الدين عبد الرحمن بن أبي بكر الس$$يوطي ،المت$$وفى س$$نة 911ﻫ $،وسماه" $التوش$$يح
على الجامع الصحيح".
.2اإلمام مسلم :هو أبو الحسين مس$$لم بن الحج$$اج القش$$يري النيس$$ابوري ،ول$$د س$$نة 204ﻫ $،طلب $العلم
صغيرا من ش$$يوخ بل$$ده ،ثم رح$$ل في طلب العلم إلى بغ$$داد م$$رارا $وإلى الكوف$$ة والبص$$رة والحج$$از والش$$ام
ومصر وغيرها ،وسمع من أئمة الحديث ،وتردد على البخاري كثيرا عندما قدم البخاري نيسابور.
بلغ اإلمام مسلم منزل$$ة رفيع$$ة في العلم ،وك$$ان بعض األئم$$ة يقدم$$ه في معرف$$ة الص$$حيح على مش$$ايخ ذل$$ك
العصر ،وقد أثنى عليه معاص$$روه وجمه$$ور أه$$ل العلم من بع$$ده ،وت$$رك نح$$و عش$$رين مص$$نفا في الح$$ديث
وعلومه.
صحيح مسلم :صنف اإلمام مسلم كتابه من ثالث مائة ألف حديث مسموعة ،واستغرق في تهذيبه وتنقيح$$ه
خمس عشرة سنة ،قال اإلمام مسلم[ :ما وضعت شيئا في كتابي هذا إال بحج$ة ،وم$ا أس$قطت من$ه ش$يئا إال
بحجة].
وقال النووي [ :وسلك مسلم في صحيحه طرقا بالغة في االحتياط واإلتقان والورع والمعرفة ،وذلك مص$$رح
بكمال ورعه وتمام معرفته وغزارة $علومه وشدة تحقيقه].
-شرح اإلمام الحافظ أبي زكريا مح$$يي ال$$دين يح$$يى بن ش$$رف الخ$$رامي الن$$ووي الش$$افعي ،المت$$وفى س$$نة
676ﻫ ،وسماه" المنهاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج".
-شرح اإلمام أبي عبد هللا محمد بن خليفة الوشنالي اآلبي المالكي ،المتوفى سنة 827ﻫ.
-شرح الشيخ جالل الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي ،المتوفى سنة 911ﻫ.
الموازنة بين الصحيحين :لقد بذل الشيخان البخاري ومس$لم م$ا بوس$$عهما في تص$نيف الص$حيحين تص$$نيفا
علميا دقيقا يقوم على شروط الصحة التي ال يختلف فيها أئمة هذا الشأن ،فتلقتهم$ا األم$$ة ب$القبول ،وأجم$$ع
أهل العلم على أنهما أصح كتابين بعد القرآن الكريم ،قال ش$$يخ اإلس$$الم ابن تيمي$$ة[:ليس تحت أديم الس$$ماء
أصح من البخاري ومسلم بعد القرآن].
و لكل من "الصحيحين" خصائصه ومميزاته ،فاإلمام البخاري ت$$رجم ألب$$واب كتاب$$ه وك$$رر بعض األح$$اديث
في عدة مواضع من كتابه لفوائ$د حديثي$$ة وفقهي$$ة رآه$$ا ،وقط$ع بعض األح$اديث وجعله$ا في مواض$$ع ع$دة
لبيان حكم أو زيادة فائدة ،ولم يعمد اإلمام مسلم إلى ذلك ،بل جمع ط$$رق الح$$ديث في مك$$ان واح$$د بأس$$انيده
المتعددة ،وألفاظه المختلفة بما يسهل على الباحث تناوله.
واتفق الجمهور على تقديم "صحيح البخاري" على "ص$$حيح مس$$لم" ،إال أن بعض علم$$اء المغ$$رب ق$$دم "
صحيح " مسلم عليه لحسن الترتيب وجمع طرق الحديث في مكان واحد ،وفي هذا يقول بعض العلماء:
فقلت :لقـد فاق البخاري صحة كما فاق في حـسن الصياغة مسـلم
.3أبو داود السجستاني :هو اإلمام الثبت سيد الحفاظ سليمان بن األشعث بن إس$$حاق األزدي السجس$$تاني،
ولد سنة 202ﻫ $،و $طلب $العلم $صغيرا $ثم $رحل $إلى $الشام $والحجاز $ومصر $والعراق $والجزيرة $وخراسان،
ولقي كثيرا من األئمة كاإلمام أحمد .وتوفي في البصرة سنة 275ﻫ ،ودفن إلى جانب قبر سفيان الثوري.
.4اإلمام الترمذي :هو الحافظ أبو عيسى بن سورة الترم$$ذي ،ول$$د بع$$د س$$نة م$$ائتين في قري$$ة (ب$$وج) من
قرى ترمذ ،وطلب العلم صغيرا ،ورح$$ل في طلب$$ه إلى الع$$راق والحج$$از وخراس$$ان وغيره$$ا ،ك$ان من أئم$$ة
الحفاظ الذين اشتهروا بالضبط واإلتقان ،توفي سنة 279ﻫ بترمذ.
ترك الترمذي عدة مؤلفات أشهرها كتابه "السنن".
.5اإلمام النسائي :هو الحافظ شيخ اإلسالم أبو عبد الرحمن أحمد بن ش$عيب بن علي الخرس$$اني النس$$ائي،
نسبة إلى بلدة نساء بخراسان ،ولد سنة 215ﻫ $،ورحل $في $طلب $الحديث $وله $خمس $عشرة $سنة $،وسمع
من كب$$ار علم$$اء عص$$ره في بل$$ده وفي الحج$$از والع$$راق ومص$$ر والش$$ام والجزي$$رة ،ثم اس$$توطن مص$$رن
والراجح في وفاته أنه خرج من مصر في ذي القعدة س$$نة 302ﻫ $،وتوفي $بفلسطين $بالرملة $يوم $االثنين
13صفر سنة 303ﻫ $،ودفن في $بيت $المقدس $.صنف $نحو خمسة $عشر $مؤلفا ،جلها $في الحديث $وعلومه،
وأشهرها كتابه "السنن".
.6اإلمام ابن ماجة :هو اإلمام الحافظ أبو عبد هللا محم$$د بن يزي$$د القزوي$$ني ،وماج$$ة لقب أبي$$ه ،ول$$د س$$نة
209ﻫ $،في $قزوين $،وطلب $العلم $في $مطلع $شبابه $،ورحل $إلى $العراق $والحجاز $ومصر $والشام $وغيرها،
ولقي كثيرا من أئمة عصره.
البن ماجة مصنفات في التفسير والحديث والت$$اريخ ،ومن أش$$هر كتب$$ه "الس$$نن" .ت$وفي ابن ماج$$ة في 22
رمضان سنة 273ﻫ.
.7اإلمام مالك :ه$و أب$و عب$د هللا مال$ك بن أنس بن مال$ك األص$بحي الحم$يري الم$دني ،أح$د أعالم اإلس$الم
وإمام دار الهجرة ،ولد سنة 93ﻫ في $المدينة $المنورة $،ونشأ $فيها $،وطلب $العلم $على $أكابر $علماء $التابعين
كاإلمام ابن شهاب الزهري.
ألف كتابه "الموطأ " ،وقد توخى فيه القوي من أحاديث أهل الحجاز و أخرج فيه إلى جانب الحديث النب$$وي
آثار بعض الصحابة والتابعين .توفي سنة 179ﻫ بالمدينة.
.8اإلمام أحمد :هو أبو عبد هللا بن محمد بن حنبل الشيباني المروزي ،خرجت أمه من "مرو" وهي حامل
به فولدته في بغداد سنة 164ﻫ $،وفي $بغداد $نشأ $وطلب $العلم $،ورحل $إلى $البصرة $والكوفة $ومكة $والمدينة
واليمن والشام وغيرها ،لإلمام أحمد عدة مؤلفات أشهرها كتابه "المسند" .توفي ببغداد سنة 241ﻫ.
ثالثا :اإلجماع
-1تعريفه:
أولهم$ا :الع$$زم على الش$$يء والتص$$ميم علي$$ه ،فيق$ال :أجم$$ع فالن على الس$فر إذا ع$زم علي$ه ،ومن$ه قول$$ه
اء ُك ْم[ ﴾...سورة يونس ،اآلية ،]71و قولهَ ﴿ :فلَ َّما َذ َه ُب$$وا ِب ِ $ه َوَأ ْج َم ُع$$وا َأنْ تعالىَ ...﴿ :فَأ ْج ِم ُعوا َأ ْم َر ُك ْم َو ُ
ش َر َك َ
ب[ ﴾...سورة يوسف ،اآلية .]15 َي ْج َعلُوهُ فِي َغ َيا َب ِة ا ْل ُج ِّ
ومنه قول الرسول( : من لم يجمع الصيام قبل الفجر فال صيام له) ،أي من لم يعزم عليه من الليل فينويه.
ثانيهما :االتفاق على أي شيء ،فيقال :أجم$$ع الق$$وم على ك$$ذا ،أي اتفق$$وا علي$$ه ،ومن$$ه ق$$ول الرس$$ول( : ال
تجتمع أمتي على ضاللة) أي ال يتفقون عليها ،وهذا المعنى هو األنسب للمعنى االصطالحي.
ب .اصطالحا :في رأي جمهور العلماء هو اتفاق جميع المجتهدين من المسلمين في عصر من العصور بعد
وفاة الرسول صلى هللا عليه وسلم على حكم من األحكام الشرعية العملية.
-2حجيته:
يل ا ْل ُمْ$$ؤ ِمنِينَ ُن َولِّ ِه سولَ مِنْ َب ْع ِد َما َت َب َّينَ لَ ُه ا ْل ُهدَ ى َو َي َّت ِب ْع َغ ْي َر َ
س ِ $ب ِ ﴿و َمنْ ُي َ
شاقِقْ َّ
الر ُ أ .من القرآن :قال تعالىَ :
يرا﴾ [سورة النساء ،اآلية .]115 اءتْ َمصِ ً س َ َما َت َولَّى َو ُن ْ
صلِ ِه َج َه َّن َم َو َ
و أول من استدل بهذه اآلية على حجي$ة اإلجم$اع ه$و اإلم$ام الش$افعي ،كم$$ا ذك$$رت أمه$ات كتب األص$$ول و
غيرها.
وجه االس$$تدالل باآلي$$ة :إن هللا جم$$ع بين مش$$اقة الرس$$ول و اتب$اع غ$ير س$$بيل المؤم$$نين في الوعي$$د ،حيث
قالُ ﴿ :ن َولِّ ِه َما َت َولَّى َو ُن ْ
صلِ ِه َج َه َّن َم﴾ ،و هذا يستلزم أن يكون إتب$اع غ$ير س$بيل المؤم$نين محرم$ا ،وإذا ح$$رم
إتباع غير سبيل المؤمنين وجب تجنبه ،وال يمكن تجنبه إال بإتباع سبيلهم ألنه ال واسطة بينهم$$ا ،ول$$زم من
وجوب إتباع سبيلهم كون اإلجماع حجة.
وجه الداللة من اآلية :شرط هللا تبارك وتعالى التنازع لوجوب الرد إلى الكتاب والسنة فدل ذلك على أنهم إذا
لم يتنازعوا لم يجب عليهم ال$$رد ،و أن االتف$$اق منهم حينئ$$ذ ك$$اف عن ال$$رد إلى الكت$$اب والس$$نة ،وال مع$$نى
لكون اإلجماع حجة إال هذا.
ب .من السنة النبوية :روي عن رسول هللا الكثير من األحاديث التي ت$$واتر معناه$$ا ،وإن لم يت$$واتر لفظه$$ا
لورودها بألفاظ مختلفة:
( .6من خرج عن الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة اإلسالم من عنقه).
وجه االس$$تدالل به$ذه األح$اديث :ه$ذه األح$اديث ونحوه$ا وإن لم يت$$واتر ك$ل واح$د منه$ا لفظ$ا إال أن الق$$در
المشترك بينها و هو عصمة األمة متواتر فيها لوج$$وده في ك$$ل منه$$ا ،وإذا ثبت عص$$مة األم$$ة ت$$واترا ك$$ان
اإلجماع حجة.
أن هذه األحاديث لم تزل مشهورة بين الصحابة و التابعين يتمسكون بها في إثبات اإلجماع.
-3أنواعه:
أ .اإلجماع الصريح :و هو اإلجماع الذي يبدي فيه كل واحد من المجتهدين برأيه
ذهب الشافعي و بعض الحنفية إلى عدم االحتجاج به ،و دليلهم على ذلك ما يأتي:
. 2إن السكوت تحيط به احتماالت نفسية باطنة ال يمكن الجزم معه$$ا ب$$أن ب$$اقي المجته$$دين س$$كتوا موافق$$ة
ورضى ،وذلك بأن السكوت قد يكون مهابة للقائل أو لعدم االنتهاء إلى رأي في موضوع الفتوى ،أو لس$$بب
آخر ال نعلمه.
وذهب اإلمام أحمد وأكثر الحنفية و بعض أصحاب الشافعي إال أن$ه يحتج باإلجم$$اع الس$كوتي ،ودليلهم على
ذلك ما يأتي:
.1إن العادة قد جرت بتصدر األكبر للفتوى و سكوت غيرهم عن$$د موافق$$ة رأيهم ل$$رأي كب$$ارهم ،فالس$$كوت
محمول على الرضا والموافقة بمقتضى العرف والعادة.
. 2إن عمل المجتهدين هو بيان الحكم الشرعي ،وسكوتهم عن بيانه في موض$ع البي$ان ووقت$ه ،حيث أعلن
أحدهم رأيه يعد بيانا وموافقة على هذا الرأي ،ألن السكوت في موضع البيان بيان.
.3إن السكوت ال يحمل على الرضا إال إذا ك$$ان مج$$ردا من الدالل$$ة على اإلنك$$ار والمخالف$$ة ،وإال إذا مض$$ت
مدة كافية للتروية تكوين الرأي ،و القول بأن السكوت ق$د يك$ون مهاب$ة للقائ$ل وخوف$ا من$ه أو نح$و ذل$ك ال
يليق في جانب المجتهدين الذين بلغوا أعلى المراتب الفقهية والدينية ،والساكت عن الحق شيطان أخرس.
إجماع الصحابة على توريث الجدة السدس ،استنادا إلى ما رواه المغيرة بن شعبة عن رسول هللا ص$$لى هللا
عليه و سلم.
-4مرتبته:
يأتي اإلجماع في المرتبة الثالثة بعد القرآن والسنة ،قال ابن مسعود[ :إذا سئل أحدكم فلينظر في كت$$اب هللا،
فإن لم يجد ففي سنة رسول هللا ،فإن لم يجد فلينظر في ما اجتمع عليه المسلمون وإال فليجتهد].
رابعا :القياس
-1تعريفه:
لغة :التقدير ،مثل :قس$$ت الث$$وب بال$$ذراع ،أي ع$$رفت مق$$داره ،يتع$$دى بالب$$اء وبـ على ،فيق$$ال :قاس$$ه على
الشيء ،و قاسه بالشيء ،و يكثر في األصول تعديه ب على.
اصطالحا :هو مساواة أمر ألمر آخر في الحكم الثابت له الشتراكهما في علة الحكم.
الفرع :و هو المقيس أو المشبه ( الواقعة أو الحادثة التي نريد معرفة حكمها) .
حكم األصل :و هو الحكم الشرعي الذي يراد بيان مساواة الفرع لألصل فيه.
العلة :التي انبنى عليها تشريع الحكم في األصل ،و يتساوى معه الفرع فيها ،و تسمى جامعا.
-3حجيته:
ار﴾ [سورة الحشر ،اآلية ،]2فاالعتبار هو القياس ،و اآلية أمرت اع َت ِب ُروا َيا ُأولِي اَأْل ْب َ
ص ِ أ .قال تعالىَ ...﴿ :ف ْ
باالعتبار ،و األمر يفيد الوجوب ،فيكون القياس واجبا على المجتهد.
قال الشوكاني[ :االعتبار مشتق من العبور ،و القي$$اس عب$$ور من حكم األص$$ل إلى حكم الف$$رع ،فك$$ان داخال
تحت األمر].
ب .إن الق$$رآن يس$$تعمل القي$$اس في اإلقن$$اع و إل$$زام الحج$$ة ،فق$$د رد الق$$رآن على منك$$ري البعث ال$$ذين
نشَ$أهَا َأ َّولَ
قالواَ ...﴿ :منْ ُي ْحيِ ا ْلع َِظا َم َوه َِي َرمِي ٌم﴾ [سورة يس ،اآلية ،]78بقوله تعالى﴿ :قُلْ ُي ْحيِي َه$$ا الَّذِي َأ َ
َم َّرةٍ[ ﴾...سورة يس ،اآلية ،]79فقاس س$$بحانه إع$$ادة المخلوق$$ات وبعثه$$ا بع$$د فنائه$$ا على النش$$أة األولى
وبدء الخلقة ،وبين أن من قدر على بدء الخلق قادر على إعادته ،بل هو أهون عليه.
ج .وقد اعتمدت السنة على القياس أيضا ،ومن ذلك أن امرأة $خثعمية جاءت إلى الرسول وقالت له:
( إن أبي أدركته فريضة الحج ،أفأحج عنه؟ فقال لها :أرأيت لو كان على أبيك دين فقضيته أكان ينفعه ذلك؟
قالت :نعم ،قال :فدين هللا أحق بالقضاء) .فكان هذا قياسا لدين هللا على دين العباد.
د( .روي أن النبي صلى هللا عليه و س$$لم بعث مع$$اذا وأب$$ا موس$$ى األش$$عري إلى اليمن قاض$$يين ،ك$$ل واح$$د
منهما في ناحية ،و أنهما لما سئال قاال :إذا لم نجد في القرآن وال في الس$$نة نقيس األم$$ر ب$$األمر ،فم$$ا ك$$ان
أقرب إلى الحق عملنا به ،فقال صلى هللا عليه و سلم :أصبتما).
. 1أن يكون حكم األصل ثابتا بالكتاب كحرمة الخمر الثابتة بالقرآن ،أو ثابتا بالسنة ،أو باإلجم$$اع (في رأي
كثير من العلماء).
.2أن يكون الحكم معقول المعنى ،يعني أن يس$تطيع العق$$ل إدراك علت$$ه كتح$$ريم الخم$$ر ،ف$إن الخم$$ر ت$درك
علته و هي اإلسكار.
.3أن ال يكون حكم األصل مختصا ب$ه ،ألن ال$$دليل ال$دال على ه$$ذا االختص$$اص يمن$ع تع$دي ه$ذا الحكم إلى
الفرع بطريق القياس.
ب .شروط الفرع:
. 2أن يتساوى الفرع مع األصل في علة الحكم دون فارق جوهري بينهما ،حتى ال يكون القياس قياسا م$$ع
الفارق.
تتض$$ح ش$$روط العل$$ة من خالل تعريفه$$ا ،فالعل$$ة هي الوص$$ف الظ$$اهر المنض$$بط المتع$$دي المناس$$ب للحكم،
فيشترط في الوصف الذي يعلل به الحكم ما يأتي:
. 3أن يكون وصفا متعديا غير قاصر ،يعني يمكن وجوده في غير األمر األصلي المقيس عليه.
. 4أن يكون وصفا مناسبا مالئما لتشريع الحكم ،أي أن ربط الحكم به وج$$ودا و ع$$دما من ش$$أنه أن يحق$$ق
مصلحة للناس أو أن يدفع عنهم مفسدة.
أ .المصالح الضرورية( :وهي التي تك$$ون األم$$ة بمجموعه$$ا وآحاده$$ا في ض$$رورة إلى تحص$$يلها ،بحيث ال
يستقيم النظام باختاللها ،بحيث إذا انخرمت تؤول حالة األمة إلى فساد وتالش).
.1الدين.
.2النفس.
.3النسل
.4العقل
.5المال
ولقد شرع للمحافظة على الدين وج$$وب الجه$$اد في س$بيل هللا لل$$ذود عن ال$$دين ،كم$ا ش$$رع للمحافظ$$ة على
النفس وجوب تناول القدر الضروري لبقائها من طعام وشراب ،ووجوب ارت$$داء $الق$$در الالزم لرف$$ع الض$$رر
عنها ،ومما شرع للمحافظة على النسل تحريم الزنا والقذف وإقامة الح$$د على مرتك$$بي ه$$اتين الفاحش$$تين،
ومما شرع للمحافظ$ة على العق$$ل تح$ريم الخم$ر وس$$ائر المس$كرات ،ألنه$ا م$$دعاة لح$دوث خل$ل في العق$ل،
( فدخول الخلل على عقل الفرد مفض إلى فساد جزئي ،ودخوله على عقول الجماعات وعم$$وم األم$$ة أعظم،
ولذلك يجب منع الشخص من السكر ،ومنع األمة من تفشي السكر بين أفرادها ) .ومما شرع للمحافظة على
المال تحريم السرقة ،وتحريم أكل المال بالباطل.
ب .المصالح الحاجية :ويراد بها األمور التي يحتاج الناس إليها لرفع الحرج عنهم ،وبدونها ال يخت$$ل نظ$$ام
حي$$اتهم ولكنهم يحس$$ون بالض$$يق والح$$رج .ومن أحك$$ام رف$$ع الح$$رج إباح$$ة الفط$$ر في رمض$$ان للمس$$افر
والمريض ،وقصر الصالة الرباعية في السفر ،والتيمم عند فقد الماء أو عدم القدرة على استعماله.
ج .المصالح التحسينية :وهي م$$ا يتعل$$ق بمك$$ارم األخالق ،ومحاس$$ن الع$$ادات كالطه$$ارة ،ولبس الجدي$$د من
اللباس ،وكل ما يرتقي بحياة الناس إلى مستوى أفضل.
أ .المصالح المعتبرة :وهي المصالح ال$تي وردت نص$وص لتحقيقه$ا ،فهي معت$برة ب$ذلك في نظ$ر الش$ريعة
كالمصالح المذكورة آنفا.
ب .المص$$الح الملغ$$اة :وهي المص$$الح ال$$تي وردت نص$$وص دال$$ة على إلغائه$$ا مث$$ل :دع$$وى مس$$اواة االبن
وص$$$ي ُك ْم هَّللا ُ فِي َأ ْواَل ِد ُك ْم ل َّ
ِل$$$ذ َك ِر ِم ْث $$$ل ُ َحِّ $$$ظ والبنت في الم$$$يراث ،فتل$$$ك مص$$$لحة ملغ$$$اة بقول$$$ه تع$$$الىُ ﴿ :ي ِ
اُأْلن َث َي ْي ِن[ ﴾...سورة النساء ،اآلية .]10
ج .المص$$لحة المرس$$لة :وهي المص$$لحة المطلق$$ة ال$$تي لم ي$$رد نص يعتبره$$ا أو يلغيه$$ا .كم$ا تع$$رف بأنه$$ا:
( المعاني التي يحصل من ربط الحكم بها وبنائه عليها جلب منفعة أو رف$ع مفس$دة ،ولم يقم دلي$ل معين ي$دل
على اعتبارها أو إلغائها).
. 1أن المعروف أن مصالح الناس في تجدد مستمر ،وأن الشريعة اإلسالمية جاءت لتحقيق مصالح العب$$اد،
فإذا ما استجد أمر في حياة الناس ،وال يوجد نص يتناول ذلك ،فإن القول باعتبار المصلحة ينسجم مع بقاء
الشريعة وخلودها( ،فأينما وجدت المصلحة فثم شرع هللا).
. 2حصول إجماع الصحابة على االحتجاج بالمصلحة المرسلة ،ويتجلى ذلك في تشريعهم لكثير من األحكام
تحقيقا لمصالح مطلقة ،ومن ذلك ما يلي:
أ .تم جمع القرآن الكريم في مصحف واحد في عهد أبي بكر الصديق.
ب .لقد ثبت أن الرسول صلى هللا عليه وسلم لم يستخلف أحدا بعده ،ولما رأى أبو بك$$ر الص$$ديق رض$$ي هللا
عنه أن مصلحة األمة تقتضي استخالف عمر بن الخطاب رضي هللا عنه صنع ذلك تحقيقا لتلك المصلحة،
د .حكم عثمان بن عفان رضي هللا عنه بتوريث المرأة التي طلقها زوجه$$ا في م$$رض موت$$ه بغي$$ة حرمانه$$ا
من الميراث ،وذلك معاملة بعكس مقصوده.
.4أهمية العمل بالمصلحة المرسلة :إن العمل بالمصلحة المرسلة يخدم مصالح األمة ،إذ أن الراس$$خين في
العلم ووالة األمور في إمكانهم تشريع ما يحقق مصالح الناس في إطار مع$$الم الش$$ريعة وروحه$$ا ،وال ش$$ك
أن اس$$تجابة الش$$ريعة لمص$الح الن$اس المتج$$ددة مظه$ر من مظ$$اهر كم$$ال الش$ريعة وص$الحيتها ك$$ل زم$$ان
ومكان.
.5شروط العمل بالمصلحة المرسلة :تشير كثير من المراجع إلى شروط الزمة للعم$$ل بالمص$$لحة المرس$$لة
تتمثل فيما يلي:
أوال :أن تكون المصلحة كلية ،بمعنى أن تكون شاملة للكثير من الناس ف$$إذا ك$$انت خاص$$ة فال يعتم$$د عليه$$ا
تشريع في الحكم.
ثانيا :أن تكون المصلحة حقيقية ،بمعنى أن يكون تشريع حكم بناءا على تلك المصلحة من شأنه جلب النفع
أو دفع الضرر.
ثالثا :أن تكون المصلحة مالئمة لمقاصد الشريعة ،فإذا لم تكن كذلك ال يعتمد عليها في تشريع األحكام.
رابعا :أال تكون مصلحة ملغاة ،فإذا ورد نص يلغي مصلحة معينة فال مجال لتشريع حكم بنا ًء عليه.
.6مجال العمل بالمصلحة المرسلة :إن إدراك المصلحة يتحقق في المعامالت دون العبادات ،لذلك فإن مجال
العمل بالمصلحة المرسلة هو مجال المعامالت.
أ .فرض الضرائب عند عدم وجود ما يكفي من المال لتحقيق مصالح الناس العامة.
ج .النص على أن نقل الملكية من البائع إلى المشتري في عقد البيع يتم بعد تسجيله.
يقول اإلمام الشاطبي ( :فالمصلحة إذا كانت هي الغالبة عن$د مناظرته$ا م$ع المفس$دة في حكم االعتي$اد فهي
المقصودة شرعا ،ولتحص$$يلها وق$$ع الطلب على العب$$اد ليج$$ري قانونه$$ا على أق$$وم طري$$ق وأه$$دى س$$بيل...
وكذلك المفسدة إذا كانت هي الغالب$ة ب$النظر إلى المص$لحة في حكم االعتي$اد ،فرفعه$ا ه$و المقص$ود ش$رعا
وألجله وقع النهي).
ثانيا :العرف
والعرف والعادة أم$$ران مختلف$$ان ،إذ الع$$ادة بمع$$نى التك$$رار $،وكم$ا يك$$ون تع$$ود الش$$يء من ف$$رد يك$ون من
جماعة ،واألولى تسمى عادة فردية والثانية عادة جماعية ،أم$$ا الع$$رف فال يص$$دق إال على الجماعي$$ة ،فم$$ا
يعتاده بعض الناس ال يكون عرفا :ألنه ال بد في تحقق العرف من اعتياد األغلب أو الكل.
-2حجيته :ذكر العلماء جملة من األدلة لالستدالل بها على حجية العرف أذكر منها:
ب .قول الرسول( : ما رآه المسلمون حسنا فهو عند هللا حسن) ،فهذا الحديث يوحي بحجية العرف.
ج .ما ثبت أن الرسول قال لهند زوج أبي سفيان حينما اشتكت إليه بخل زوجه$ا عليه$$ا بالنفق$$ة ،ق$$ال له$$ا:
(خذي من مال أبي سفيان ما يكفيك وولدك بالمعروف) .قال القرطبي[ :في ه$ذا الح$ديث اعتب$ار الع$رف في
الشرعيات].
د .إن تعارف الناس على ق$$ول أو فعلم$$ا ل$$دليل على أن في ذل$$ك تحقيق$$ا لمص$$لحة أو رفع$$ا لح$$رج ،وتحقي$$ق
المصالح ورفع الحرج مما جاءت الشريعة لتقريره.
وقد ذهب جمهور الفقهاء إلى االحتجاج بالعرف ،ومع أنه قد اشتهر األخذ ب$ه عن$د الحنفي$ة والمالكي$ة ،فق$د
قيل أن الشافعي قد بنى أحكام مذهبه الجديد على عرف أهل مصر ،وقد كان في مذهبه الق$$ديم م$$ا بن$$اه على
عرف أهل العراق .يقول الق$رافي[ :أم$$ا الع$رف فمش$ترك بين الم$ذاهب ،ومن اس$تقرأها وج$دهم يص$رحون
بذلك].
-3أقسامه:
.1العرف القولي :مثل تعارف الناس على إطالق لفظ "الولد" على الذكر دون األن$$ثى م$$ع أن لف$$ظ "الولد"
وص$ي ُك ْم هَّللا ُ فِي َأ ْواَل ِد ُك ْم لِل$َّ $ذ َك ِر ِم ْث $ل ُ َحِّ $ظ اُأْلن َث َي ْي ِن[ ﴾...س$$ورة
ينطبق على الذكر واألنثى معا ،يقول تع$$الىُ ﴿ :ي ِ
النساء ،اآلية .]11
وتعارفهم على إطالق لفظ "الدابة" على ذوات األربع ،مع أن كل ما يدب على األرض يس$$مى "داب$$ة" ،ق$$ال
ض ِإاَّل َعلَى هَّللا ِ ِر ْزقُ َها[ ﴾...سورة هود ،اآلية .]6
﴿و َما مِنْ دَ ا َّب ٍة فِي اَأْل ْر ِ
تعالىَ :
كما تعارف سكان بعض البالد المصرية على إطالق "الدابة" على الحمار فقط ،في حين يطلق س$$كان بعض
البالد العراقية والسودانية لفظ "الدابة" على الفرس فقط.
كما تعارف الناس أيض$ا على إطالق لف$ظ " اللحم" على م$ا ع$دا الس$مك من اللح$وم ،م$ع أن الق$رآن س$ماه
س َّخ َر ا ْل َب ْح َر لِ َتْأ ُكلُوا ِم ْن ُه لَ ْح ًما َط ِر ًّيا[ ﴾...سورة النحل ،اآلية .]14
﴿وه َُو الَّذِي َ
"لحما" في قوله تعالىَ :
.2العرف العملي :مثل تعارف الناس على ال$$بيع بالتع$$اطي في بعض الس$$لع دون إيج$$اب و قب$$ول ،وتقس$$يم
المهر إلى معجل ومؤجل ،ودخول الحمامات واألندية والمقاهي دون تحديد لمدة المكث فيها.
.2العرف الخاص :هو ما تعارف عليه الن$$اس في طائف$$ة معين$$ة أو بل$$د معين ،وه$$ذا م$$ا نج$$ده في الواق$$ع،
حيث تختلف األعراف من طائفة إلى أخرى ،ومن بلد إلى آخر.
-4شروط العمل بالعرف:
أوال :أال يناقض العرف نصا قطعي$ا ،فال ع$برة لم$ا تع$ارف علي$ه الن$اس من أك$ل الرب$ا ،ألن$ه ع$رف فاس$د،
﴿...وَأ َحل َّ هَّللا ُ ا ْل َب ْي َع َو َح َّر َم ِّ
الر َبا[ ﴾...سورة البقرة ،اآلية .]275 لمصادمته قوله تعالىَ :
ثانيا :أن يكون العرف مطردا ،أي في جميع الحوادث أو أغلبها ،فال عبرة بالعرف غير الغالب.
ثالثا :أن يكون العرف المراد تحكيمه في التصرفات موجودا عند إنشائها وذلك بأن يقارن الفعل دون تأخير
عنه ،فلو كان العرف طارئا فال عبرة به.
رابعا :أال يعارض العرف تصريح بخالفه ،فمثال إذا كان العرف الجاري تعجيل نصف المهر وتأخير النص$$ف
لكن اشترطت المرأة تعجيل كل المهر وقبل الزوج بذلك ،فإن العرف ال يحكم في هذه الحالة ألنه ال يلجأ إليه
إال إذا لم يوجد ما يفي$$د مقص$$ود العاق$$دين ص$$راحة ،فحيث علم المقص$$ود ص$$راحة من الش$$رط ال يص$$ار إلى
العرف.
.5اختالف األحكام باختالف العرف:وردت أحكام كث$$يرة مبني$$ة على الع$$رف ،وك$$ان اختالف األع$$راف س$$ببا
الختالف تلك األحكام ،وهذا االختالف يقال عنه :أنه اختالف عصر وزمان ،ال اختالف حج$$ة وبره$$ان ،ومن
أمثلة هذا االختالف ما يأتي:
.1أن اإلمام أبا حنيفة كان يرى االكتفاء في الش$$هود بالعدال$$ة الظ$$اهرة فيم$$ا ع$$دا الح$$دود والقص$$اص ،ولم
يشترط التزكية لقوله( : المسلمون عدول بعضهم على بعض) ،وكان ه$$ذا الحكم مناس$$با لزم$$ان أبي حنيف$$ة
لغلبة الصالح فيه ،ولما تغير حال الناس وفشا فيهم الكذب رأى الصاحبان أن األخذ بظاهر العدالة كما يقول
أبو حنيفة يؤدي إلى مفسدة ،وهي ضياع كث$ير من الحق$$وق ،ف$$دعا فس$$اد الزم$$ان وتغ$$يره أن يق$$وال بتزكي$$ة
جميع الشهود دفعا لهذه المفسدة.
.2أن أبا حنيفة قال[:ال يتحقق اإلكراه من غير الس$$لطان] ،وق$$ال الص$$احبان[ :إن اإلك$$راه يتحق$$ق من غ$$ير
السلطان] ،فهذا القول من أبي حنيفة مب$$ني على م$$ا ش$$اهده في عص$$ره من أن الق$$درة والمنفع$$ة لم تكن إال
لسلطان ،وهذا الحال تغير في زمن الص$$احبين ،وص$$ار لك$$ل ظ$الم الق$$درة على إيق$اع م$ا ه$$دد ب$$ه من األذى
والمكروه ،فقاال[ :إن اإلكراه يتحقق أيضا من غير السلطان].
.3اختلف أبو حنيفة وصاحباه فيما لو غصب شخص ثوبا وصبغه بلون أسود ،فقال أبو حنيفة :إنه نقصان
في قيمته ،وقال الصاحبان :إنه زيادة فيها كما لو صبغه بل$$ون أص$$فر أو أحم$$ر .ومرج$$ع ه$$ذا االختالف إلى
الع$$رف ،ف$$إن ب$$ني أمي$$ة في زمن أبي حنيف$$ة ك$$انوا يمتنع$$ون عن لبس الس$$واد ،فك$$ان م$$ذموما ،وفي زمن
الصاحبين كان بنو العباس يلبسون السواد ،فكان مم$دوحا ،فأج$اب ك$ل منهم على م$$ا ش$اهد من ع$ادة أه$$ل
عصره.
.4روي عن اإلمام مالك أنه إذا تنازع الزوجان في قبض الصداق بعد الدخول فالقول ق$$ول ال$$زوج ،م$$ع أن
الظ$اهر أن الق$ول يك$ون للزوج$$ة ألن األص$$ل ع$$دم القبض ،ف$$داء بعض فقه$$اء المالكي$ة فق$الوا :ه$$ذه ك$انت
عادتهم بالمدينة أن الرجل ال يدخل بامرأته حتى تقبض ص$$داقها ،والي$$وم ع$$ادتهم على خالف ذل$$ك ،ف$$القول
قول الزوجة مع يمينها جريا على عادات الناس.
-1التعريف بالصحابي :الصحابي عند جمهور علماء األصول هو من لقي الن$$بي ص$$لى هللا علي$$ه و س$$لم و
آمن به و الزمه مدة كافية إلطالق وصف الصحبة عرفا.
-2حجية قول الصحابي
أ .إش$$$ارة الق$$$رآن عن فض$$$ل الص$$$حابة ،و إعالن الرض$$$ا عمن تبعهم ،واألخ$$$ذ ب$$$أقوالهم و س$$$نتهم ه$$$و
ض$واضَ $ي هَّللا ُ َع ْن ُه ْم َو َر ُ
ان َر ِ ار َوالَّذِينَ ا َّت َب ُع$$و ُه ْم بِِإ ْح َ
سٍ $ السابِقُونَ اَأْل َّولُونَ مِنْ ا ْل ُم َها ِج ِرينَ َواَأْل َ
نصِ $ ﴿و َّ إتباعهمَ .
ْ ُ َ ْ َ َ َأ َ
ت ت ْج ِري ت ْحت َها ا ن َها ُر خالِدِينَ فِي َها َبدًا ذلِك الف ْوز ال َعظِ ي ُم﴾[ سورة التوبة ،اآلية .]100 ْ َأْل َ َ َ َع ْن ُه َوَأ َعدَّ ل ُه ْم َجنا ٍ
َّ َ
ب .وردت أحاديث تجعل سنة الخلفاء الراشدين المهديين مع سنة رسول هللا:
( فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ).
ج .قال ابن قيم عن الفتوى التي يفتي بها الصحابة أنها ( ال تخرج عن ستة أوجه:
الرابع :أن يكون قد اتفق عليها مألهم ،ولم ينقل إلينا إال قول المفتي بها وحده.
الخامس :أن يكون لكمال علمه باللغة وداللة اللفظ على الوجه الذي انفرد به عنا ،أو لقرائن حالية اق$$ترنت
بالخطاب ،أو لمجموع أم$$ور فهموه$$ا على ط$$ول الزم$$ان من رؤي$$ة الن$$بي ص$$لى هللا علي$$ه وس$$لم ومش$$اهدة
أفعاله وأحواله وسيرته وسماع كالمه ،والعلم بمقاص$$ده ،وش$$هود تنزي$$ل ال$$وحي ،ومش$$اهدة تأويل$$ه بالفع$$ل
فيكون فهم ما ال نفهمه نحن.
السادس :أن يكون فهم ما لم يرده الرسول صلى هللا عليه وسلم واخطأ في فهمه ،والمراد غير ما فهمه.
وعلى ه$$ذا التق$$دير ال يك$$ون قول$$ه حج$$ة ،ومعل$$وم قطع$ا أن وق$$وع احتم$ال من خمس$$ة أغلب على الظن من
وقوع احتمال واحد معين ،هذا ما ال يشك فيه عاقل ،وذلك يفيد ظن$$ا غالب$$ا قوي$$ا على أن الص$$واب في قول$$ه
دون ما خالفه من أقوال من بعده وليس المطلوب إال الظن الغالب ،والعمل به متعين ).
وقد ذهب بعض العلماء إلى أن قول الصحابي ليس حجة اعتمادا على أدلة منها:
رابعا :االستصحاب
1تعريفه:
ب -اصطالحا :معناه استبقاء األمر الثابت في الزمن الماضي إلى أن يقوم الدليل على تغييره.
-2حجيته :من األدلة التي احتج بها القائلون بحجية االستصحاب ما يأتي:
أوال :أن استقراء األحكام الشرعية يظهر أن الش$$ارع يحكم ببقائه$$ا ح$$تى يح$$دث م$$ا يغيره$$ا ،فعص$$ير العنب
حالل إلى أن يصير خمرا ،والعشرة الزوجية حالل بين الزوجين إلى أن يزول عقد الزواج ،والمفقود يك$$ون
حيا باالستصحاب إلى أن يقوم الدليل على وفاته ،وله كل أحكام األحياء.
ثانيا :إن مما فطر هللا الناس عليه ،وجرى به ع$$رفهم في مع$$امالتهم وس$$ائر عق$$ودهم وتص$$رفاتهم أنهم إذا
تحققوا من وجود أمر في الماضي غلب على ظنهم بقاؤه واستمراره $ما دام لم يثبت ما ينافيه ،كم$$ا أنهم إذا
تحققوا من عدم وجود أمر غلب على ظنهم استمرار $عدمه حتى يثبت لهم وجوده.
األول :استصحاب الحكم األصلي لألشياء وهو اإلباحة :يقرر جمهور الفقهاء أن األصل في األشياء اإلباح$$ة
استنادا إلى األدلة التالية:
س َّخ َر لَ ُك ْم َما
﴿و َ قوله تعالى﴿ :ه َُو الَّذِي َخلَقَ لَ ُك ْم َما فِي اَأْل ْر ِ
ض َجمِي ًعا[ ﴾...سورة البقرة ،اآلية ،]29وقولهَ :
ض َجمِي ًعا ِم ْنهُ[ ﴾...سورة الجاثية ،اآلية ،]13وقوله تعالى﴿ :قُلْ َمنْ َحَّ $ر َم ِزي َنَ $
$ة ت َو َما فِي اَأْل ْر ِ الس َم َاوا ِ
فِي َّ
الر ْز ِق[ ﴾...سورة األعراف ،اآلية .]32ت مِنْ ِّ هَّللا ِ الَّتِي َأ ْخ َر َج لِ ِع َبا ِد ِه َو َّ
الط ِّي َبا ِ
فإذا كان هللا قد سخر لنا ما في السموات واألرض ،فإن ذل$$ك دلي$$ل اإلذن واإلباح$$ة ،ونفي الحرم$$ة في اآلي$$ة
األخيرة يعني إثبات اإلباحة.
كما استدلوا بقول الرسول( : إن أعظم المس$$لمين في المس$$لمين جرم$$ا من س$$أل عن ش$$يء فح$$رم من أج$$ل
مسألته) ،وبقوله ( :الحالل ما أحله هللا في كتابه ،والحرام ما حرمه هللا في كتابه ،وما سكت عن$$ه فه$$و مم$$ا
عفا عنه).
الثاني :استصحاب العدم األصلي أو البراءة األصلية ،كالحكم ببراءة الذمة من التكاليف الش$$رعية والحق$$وق
حتى يوجد الدليل الدال على ما يشغلها.
وعن هذا النوع قال ابن قيم الجوزية[ :فقد تنازع الن$$اس في$$ه ،فق$$الت طائف$$ة من الفقه$$اء واألص$$وليين أن$$ه
يصلح للدفع ال لإلبقاء كما قاله بعض الحنفية ،ومعنى ذلك أن$$ه يص$$لح ألن ي$$دفع ب$$ه من ادعى تغي$$ير الح$$ال
لبقاء األمر على ما كان ،فإن بقاءه على ما كان إنما مستند إلى موجب الحكم ال إلى عدم المغير له ،ف$$إذا لم
نجد دليال نافيا وال مثبتا أمسكنا ال نثبت الحكم وال ننفيه ،ب$$ل ن$$دفع باالستص$$حاب دع$$وى من أثبت$$ه ،فيك$$ون
حال المتمسك باالستصحاب كحال المع$ترض م$$ع المس$$تدل ،فه$و يمنع$ه الدالل$$ة ح$تى يثبت$ه ال إن يقيم دليال
على نفي ما ادعاه ،وهذا غير حال المع$$ارض :فالمع$$ارض ل$$ون والمع$$ترض ل$$ون ،ف$$المعترض يمن$$ع دالل$$ة
ال$$دليل ،والمع$$ارض يس$$لم داللت$$ه ويقيم دليال على نقيض$$ه .وذهب األك$$ثرون من أص$$حاب مال$$ك والش$$افعي
وأحمد وغيرهم على أنه يصلح إلبقاء األمر على ما كان عليه ،قالوا :ألنه إذا غلب على الظن انتفاء الناق$$ل
غلب على الظن بقاء المر على ما كان عليه].
الثالث :استصحاب ما دل العقل أو الش$رع على ثبوت$ه ،ف$إذا اس$تدان ش$خص من آخ$ر مبلغ$ا من الم$ال فق$د
ثبتت مديونيته ،وتبقى ذمته مشغولة بهذا الدين حتى يقوم الدليل على براءتها بسداد الدين أو اإلبراء .وإذا
ثبت الملك لشخص بسبب من أسباب الملك :كالبيع أو اإلرث مهما طال الزمان اعتبر قائما حتى يقوم الدليل
انتفائه بسبب طارئ ،وإذا تزوج شخص امرأة وثبت ذل$$ك فإن$$ه يحكم ببق$$اء الزوجي$$ة م$$ا لم يقم عن$$ده دلي$$ل
على الفرقة.
* قواعد شرعية مبنية على االستصحاب:من القواعد الشرعية المبنية على االستصحاب ما يلي:
خامسا :االستحسان
.2أنواعه:
النوع األول :ترجيح قياس خفي على قياس ظاهر جلي لقوة تأثير القياس الخفي ،ومثاله :ما قرره الفقه$$اء
أن الشخص إذا وقف أرضا زراعية على جهة ب$$ر ،ف$$إن حقوقه$$ا من الش$$رب والمس$$يل والم$$رور ت$$دخل في
الوقف ،ولو لم ينص في وقفه على ذلك ،مع أن مقتضى القياس عدم دخولها إال بالنص عليها كم$$ا في بي$$ع
األرض ،حيث ال تدخل في المبيع إال بالنص عليها ،ووجه االستحسان أن الوقف ال يفيد ملك الموقوف عليه
للمال الموقوف ،وإنما يثبت له ملك المنفعة فقط ،واألرض ال يمكن االنتفاع بها بدون حقوق االرتف$اق ،كم$ا
في عقد اإلجارة ،فهنا قيا سان :قياس ظاهر وهو إلحاق الوقف بالبيع من جه$$ة أن كال منهم$$ا يفي$$د إخ$$راج
المال من مالك$$ه ،وقي$$اس خفي وه$$و إلحاق$$ه باإلج$ارة من ناحي$$ة أن كال منهم$ا مقص$$ود االنتف$$اع ،فرجح$$وا
الثاني.
النوع الثاني :استثناء مسألة جزئية من قاعدة عامة لوجه اقتضى هذا االستثناء.
ومثاله أن المحجور عليه للسفه يصح وقفه على نفسه م$$دة حيات$$ه استحس$$انا اس$$تثناء من القاع$$دة العام$$ة
وهي عدم صحة تبرعاته ،ووجه االستحسان أن وقفه على نفسه يحفظ العقار الموقوف من الض$$ياع لل$$زوم
الوقف ،وعدم قبوله للبيع والشراء ،فيتحقق الغرض الذي حجر عليه من أجله ،وهو المحافظة على أمواله
فهو استحسان يستند إلى المصلحة.
-3موقف العلماء من االستحسان :ذهب الش$افعي والظاهري$ة والش$يعة إلى إنك$ار االستحس$ان ،بينم$ا ذهب
الجمهور إلى االحتجاج به.
أدلة المنكرين:
ول ِإنْ ُكن ُت ْم ُتْؤ ِم ُن$ونَ بِاهَّلل ِ َوا ْل َي$ْ $و ِم
سِ $ ش ْيءٍ َفُ $ردُّوهُ ِإلَى هَّللا ِ َو َّ
الر ُ .1قوله سبحانه وتعالىَ ...﴿ :فِإنْ َت َن َ
از ْع ُت ْم فِي َ
اآْل خ ِِر[ ﴾...سورة النساء ،اآلية .]59
فاهلل سبحانه وتعالى في هذه اآلية قد ردنا إلى حكمه وحكم رسوله عليه السالم كما جاء في الكتاب والس$$نة
عند حصول النزاع أو االختالف ،ولم يقل فردوه إلى ما تستحسنونه بعقولكم.
.2ما روي عن سعيد بن المسيب عن علي بن أبي طالب ك$$رم هللا وجه$$ه ق$$ال( :قلت :ي$$ا رس$$ول هللا األم$$ر
ي$$نزل بن$ا لم ي$نزل في$$ه ق$$رآن ولم تمض في$$ه من$$ك س$$نة؟ ق$$ال :أجمع$وا ل$$ه الع$$المين ،أو ق$$ال :العاب$$دين من
المؤمنين فاجعلوه شورى بينهم وال تقضوا فيه برأي واحد).
.3إن الرسول ال يعمل برأيه واستحسانه في مجال التشريع ،فيمنع ذلك -من باب أولى -على غيره.
أدلة المؤيدين:
سَ $ن ُه ُأ ْولَِئ َك الَّذِينَ هَ$دَ ا ُه ْم هَّللا ُ َوُأ ْولَِئ َك ُه ْم ُأ ْولُ$وا اَأْل ْل َب$ا ِ
ب﴾ .1قوله تعالى﴿ :الَّذِينَ َي ْس َت ِم ُعونَ ا ْل َق ْ$ولَ َف َي َّت ِب ُع$ونَ َأ ْح َ
[سورة الزمر ،اآلية .]18
فاهلل س$$بحانه يم$$دح ال$$ذين يتبع$$ون أحس$$ن م$$ا يس$$تمعون من الق$$ول ،والم$$دح ال يك$$ون إال عن$$د فع$$ل األولى
والمطلوب ،ومن ثم لم يكن االستحسان محظورا ،وال القول به ممنوعا.
سنَ َما ُأ ْن ِزلَ ِإلَ ْي ُك ْم مِنْ َر ِّب ُك ْم[ ﴾...سورة الزمر ،اآلية .]23
﴿وا َّت ِب ُعوا َأ ْح َ
.2قوله تعالىَ :
.3قوله تعالىَ ...﴿ :ف ُخ ْذهَا ِبقُ َّو ٍة َوْأ ُم ْر َق ْو َم َك َيْأ ُخ ُذوا ِبَأ ْح َ
سنِ َها[ ﴾...سورة األعراف ،اآلية .]145
ليس المقصود بشرع من قبلنا ما أقره شرعنا ،فليس في ه$$ذا خالف ،وليس المقص$$ود بش$$رع من قبلن$$ا م$$ا
ألغاه شرعنا ،فليس في هذا خالف كذلك ،إنما المقصود بشرع من قبلنا ما لم يقره ولم يلغ$$ه ش$$رعنا أيك$$ون
شرعا لنا؟
ذهب جمهور الحنفي$$ة والمالكي$$ة والش$$افعية إلى العم$$ل ب$$ه ،في حين ذهب بعض العلم$$اء -ومنهم المعتزل$$ة
واإلمام أحمد في رواية عنه -إلى أن شرع من قبلنا ليس شرعا لنا.
أدلة المؤيدين:
نز ْل َنا ال َّت ْو َرا َة فِي َها ُهدًى َو ُنو ٌر َي ْح ُك ُم ِب َها ال َّنبِ ُّيونَ الَّذِينَ َأ ْس $لَ ُموا لِلَّذِينَ َه$$ادُوا َو َّ
الر َّبانِ ُّيونَ .3قوله تعالىِ﴿ :إ َّنا َأ َ
َواَأْل ْح َبا ُر[ ﴾...سورة المائدة ،اآلية ،]44وقولهَ :
﴿...وفِي ُن ْس َختِ َها هُ $دًى َو َر ْح َم ٌ
$ة لِلَّذِينَ ُه ْم ل َِ$ر ِّب ِه ْم َي ْر َه ُب$ونَ ﴾
[سورة األعراف ،اآلية .]154
وفي هاتين اآلي$$تين دالل$$ة على أن الت$$وراة فيه$$ا ه$$دى ون$$ور ورحم$$ة ،ل$$ذا فك$$ل حكم ورد فيه$$ا ولم يص$$رح
بنسخه يجب العمل به.
.4صح عن الرسول أنه صام يوم عاشوراء ،فعن ابن عباس رضي هللا عنهما قال( :ق$$دم الن$$بي ص$$لى هللا
عليه وسلم المدينة ،فرأى اليهود تصوم عاشوراء ،فقال :ما هذا؟ ق$$الوا :ي$وم ص$الح ،نجى هللا في$$ه موس$ى
وبني إسرائيل من عدوهم فصامه موسى ،فقال صلى هللا عليه و سلم :أنا أحق الناس بموسى منكم فص$$امه
وأمر بصيامه).
أدلة المخالفين:
. 1إن الشرائع السابقة كانت مؤقتة بزمن محدد ،و بأمم معينة و الشريعة اإلسالمية نسخت ك$$ل من ع$$داها
من الشرائع ألنه$$ا ج$$اءت عام$$ة و ش$$املة .ق$$ال الرس$$ول( : ك$$ان الن$$بي يبعث إلى قوم$$ه خاص$$ة ويبعث إلى
الناس عامة).
.2إن الن$$بي لم$$ا بعث مع$$اذا إلى اليمن ق$$ال ل$$ه( :كي$$ف تقض$$ي إذا ع$$رض علي$$ك قض$$اء ؟ ق$$ال بكت$$اب هللا
تعالى ،قال :فإن لم تجد ؟ فبسنة رسول هللا صلى هللا عليه و سلم ،قال فإن لم تجد ؟ ق$$ال :اجته$$د رأيي وال
ألو.فقال له الرسول صلى هللا عليه و سلم :الحمد هلل الذي وفق رسول رسول هللا لما يرضي هللا ورسوله )،
فلو كان العمل بالشرائع السابقة واجبا لذكره معاذ أو ذك$ره ل$ه الرس$ول علي$ه الس$الم ،ولم$ا ج$از االجته$اد
بالرأي إال عند عدم وجود الحكم فيها.