Professional Documents
Culture Documents
مساهمة المجتمع المدني في عملية التحول الديمقراطي في الجزائر (1989-2021) بين الفعالية والضعف
مساهمة المجتمع المدني في عملية التحول الديمقراطي في الجزائر (1989-2021) بين الفعالية والضعف
Abstract: :امللخص
This study analyses the تقوم هذه الدراسة بتحليل مساهمة املجتمع
contribution of civil society in the
transformation towards democracy في،املدني في العملية الديمقراطية في الجزائر
in Algeria between 2012 & 2021, by وذلك من خالل2021 و2012 الفترة ما بين
examining, first, the concept of civil ،التعرف على مفهوم املجتمع املدني بصفة عامة
society in general, and then the
state of civil society in Algeria: its :والتطرق إلى املجتمع املدني في الجزائر
emergence, its evolution & its ودوره في عملية التحول الديمقراطي،ظهوره
contribution to the process through والذي يبرز في عملية التنشئة السياسية،فيها
political socialization, political
participation as well as its وكذلك في عالقته بالنظام،واملشاركة السياسية
relationship with the political ثم يتم تناول فاعلية تأثير.السياس ي في الجزائر
regime in the country. This study أو ضعفه،هذا املجتمع املدني في هذه العملية
also assesses the effectiveness of
civil society organizations in وأخيرا يتم تناول الوسائل التي يمكن أن.فيها
enhancing the democratic تدفع املجتمع املدني وتدعمه لكي يساهم
transformation in Algeria. Finally, .بفاعلية في هذا التحول
the study presents certain means
وتنبع أهمية هذه الدراسة من كونها تتناول
and conditions through which the
civil society in Algeria can play موضوعا هاما مرتبطا بنجاح العملية
more effective and active role. The ، مساهمة املجتمع املدني في ذلك:الديمقراطية
importance of this study lies in its
11
محمد مجدان :مساهمة املجتمع املدني في عملية التحول الديمقراطي في الجزائر
attempt to depict the link between انطالقا من االستفادة من تجارب دول أخرى
democracy and the civil society in سبقت الجزائر .ولكن رغم هذا ،فإن املجتمع
Algeria, which this paper argues
that it has relatively played limited املدني في الجزائر تميز بالضعف بسبب عدة
role for several reasons that are to أسباب ،يتم تبيانها في ثنايا هذه الدراسة.
be explained. لهذا تنتهي الدراسة إلى أنه لكي يساهم املجتمع
Key words:
civil ;society Democratic املدني بفاعلية في عملية التحول الديمقراطي في
;transformation Political الجزائر ،ال بد من تحقيق شروط وإيجاد أرضية
;socialization Political مالئمة لذلك ،بتوافر مجموعة من الوسائل:
participation; Political regimes.
ثقافية-اجتماعية ،واقتصادية ،وقانونية-
سياسية ،تدعم دور املجتمع املدني وتدفعه إلى
املساهمة الجيدة.
الكلمات املفتاحية :املجتمع املدني ،التحول
الديموقراطي ،التنشئة السياسية ،املشاركة
السياسية النظام السياس ي ،مساهمة املجتمع
املدني ،الجزائر
مقدمة:
ال يجادل أحد في الدور الهام الذي يلعبه املجتمع املدني في املساهمة في عملية التحول
الديمقراطي في مختلف دول العالم ،وذلك ألنه يعتبر من الفواعل األساسية في هذه العملية،
فهو يعد همزة الوصل التي تربط بين املواطنين والنظام السياس ي ،وذلك بتحويل انشغاالتهم
ومطالبهم إليه ،إذ يتم بواسطته الضغط على هذا النظام للحصول على تلك املطالب،
واالهتمام بتلك االنشغاالت ،وتحويلها إلى سياسات عامة ،وإلى قرارات يستفيد منها الجميع.
كما أن للمجتمع املدني تأثيرا مباشرا على املواطنين أنفسهم في ميادين الحياة املختلفة،
ألنه األقرب إليهم ،وبالتالي فبإمكانه فهم سلوكاتهم ومواقفهم إزاء أي ظاهرة سياسية أو
اجتماعية . .الخ.
12
املجلة الجزائرية للعلوم السياسية والعالقات الدولية املجلد )2(12العدد 17ديسمبر2021
للمجتمع املدني كذلك تأثير على قرارات النظام السياس ي املختلفة ،ومنها عملية التحول
الديمقراطي .كما ينظر النظام السياس ي إلى املجتمع املدني باعتباره الشريك االساس ي له في
صناعة القرارات الهامة واملصيرية في املجتمع .وأخيرا يلعب املجتمع املدني دورا هاما في ضمان
تثبيت واحترام مبادئ الديمقراطية ،وضمان حقوق االنسان والحريات العامة في املجتمع
واحترامها.
ومن هنا تظهر أهمية موضوع دور املجتمع املدني علميا ،من حيث جلب اهتمام الباحثين
والدارسين وصناع القرار في مختلف الدول ،وعمليا بالنظر لتطوراته السياسية في دول
العالم الثالث عامة ،مما أدى إلى القيام باإلصالحات والتعديالت السياسية والدستورية في
هذه الدول.
وتعتبر الجزائر من بين الدول التي اهتمت باملجتمع املدني وبنشاطه ومساهمته ،من خالل
حثها وتشجيعها على إنشاء الجمعيات على اختالف أنواعها وتنوع نشاطاتها .وما التشريعات
املختلفة حول املوضوع إال دليال واضحا على هذا االهتمام وذاك التشجيع .كما أن هناك من
يعتبر املجتمع املدني في الجزائر مهما من خالل الدور الذي لعبه في دفع الكثير من اإلصالحات
والتغييرات السياسية االقتصادية واالجتماعية إلى البروز والتحقق ،باإلضافة إلى مساهمته
في املحافظة على التوازنات العامة داخل الدولة ،خاصة في ظل الظروف الصعبة
واالستثنائية التي مرت بها البالد.
كما تظهر هذه األهمية للمجتمع املدني في الجزائر في تناوله واالهتمام به في الخطابات
الرسمية ،وفي املجال اإلعالمي كذلك ،حيث أصبح عامال مهما يعول عليه في كثير من األمور
الهامة ومنها العملية السياسية ،وعملية التحول الديموقراطي.
إشكالية الدراسة :بناء على ما تقدم ذكره ،ستحاول هذه الدراسة معالجة مساهمة
املجتمع املدني في عملية التحول الديمقراطي في الجزائر من خالل اإلجابة عن اإلشكالية
التالية :كيف أسهم املجتمع املدني في عملية التحول الديمقراطي في الجزائر ،وخاصة منذ
اإلصالحات السياسية الثانية سنة 2012إلى اليوم ( )2021؟
وتتفرع عن هذه اإلشكالية األسئلة التالية :ما هو مفهوم املجتمع املدني ،وما هو مفهوم
التحول الديمقراطي؟ ما هو واقع املجتمع املدني في الجزائر؟ ماهي حدود مساهمة املجتمع
املدني في الجزائر في عملية التحول الديمقراطي؟ كيف يتم دفع ودعم مساهمة املجتمع
املدني هذه؟
13
محمد مجدان :مساهمة املجتمع املدني في عملية التحول الديمقراطي في الجزائر
فرضيات الدراسة :ملعالجة اإلشكالية واألسئلة املتفرعة ،يمكن وضع الفرضيات التالية:
كلما ارتفعت مساهمة املجتمع املدني في الجزائر ازدادت فرص نجاح عملية التحول -
الديمقراطي
كلما كان املجتمع املدني أكثر تنظيما ،كلما ساهم في عملية التحول الديمقراطي في -
الجزائر.
ربما هناك ارتباط بين استقاللية املجتمع املدني في الجزائر ومساهمته في عملية -
التحول الديمقراطي.
تتوقف فاعلية املجتمع املدني في الجزائر ومساهمته في العملية الديمقراطية ،قوة -
وضعفا ،تبعا لطبيعة النظام السياس ي الحاكم وعالقته به.
ربما ضعف املجتمع املدني في الجزائر ،يؤثر سلبا على التنشئة االجتماعية -
والسياسية للمواطنين.
مقاربات ومناهج الدراسة :ولإلجابة على اإلشكالية واألسئلة املتفرعة عنها ،وللتأكد من
صحة الفرضيات املطروحة أو ال ،تستعين الدراسة باملقاربات واملناهج التالية من أجل
املساعدة على الفهم والتحليل.
املقاربات :هناك اقتراب التفاعل السياس ي ،وهناك املقاربة السلوكية.
-اقتراب التفاعل السياس ي :الذي ينطلق من افتراض أن عالقة الدولة باملجتمع عامل هام
لفهم ديناميكية الحياة السياسية .فاألفراد والحكومات مقيدون بعوامل تاريخية واجتماعية
وأيديولوجية وثقافية ودولية ،وهي التي تحدد الخيارات املتاحة أمام صانع القرار ،والتي ال
تقتصر على املوظفين الرسميين للدولة وعلى السياسيين ،بل تتعداهم إلى التنظيمات
املدنية .ومن خالل هذا االقتراب يمكن تناول طبيعة العالقة التي تحكم النظام السياس ي في
الجزائر باملجتمع املدني
-املقاربة السلوكية :التي تعتمد على نوع من اآللية في تحليل الظواهر ،قائمة على الفعل
ورد الفعل ،والسلوك حسبها ال يتغير عن طريق تفاعالت داخلية ،بل استجابة لتغير العوامل
الخارجية واملحيط .ومن خالل هذه املقاربة يمكن مالحظة أهمية دور املجتمع املدني في
عملية التحول الديمقراطي في الجزائر.
14
املجلة الجزائرية للعلوم السياسية والعالقات الدولية املجلد )2(12العدد 17ديسمبر2021
-املنهج املقارن ،وذلك من خالل ضبط العالقة بين متغيري الدراسة املجتمع املدني والتحول
الديمقراطي في الجزائر خالل الفترة املمتدة بين 2012و ،2021من أجل الوقوف على
مميزات ونقائص املجتمع املدني خاللها ،وكذا الرهانات والتحديات التي تواجههما .كما أن
هذا املنهج يلقي الضوء على أدوار ووظائف املجتمع املدني عبر هذه املرحلة ،ويساعد على
تقييم التأثيرات والنتائج.
-املنهج التاريخي ،وهو يساعد على دراسة ظاهرة حاضرة تمتد جذورها إلى املاض ي ،ومعرفة
العوامل التي أنشأتها وأثرت فيها والتطورات التي لحقت بها .وفي هذه الدراسة يتم تحليل
التطور التاريخي ملتغيري الدراسة :الديمقراطية واملجتمع املدني عامة وفي الجزائر خاصة.
تقسيم الدراسة :تهدف هذه الدراسة إذن إلى إماطة اللثام على مساهمة املجتمع املدني في
الجزائر في عملية التحول الديمقراطي .وسيتم ذلك من خالل التعرف على مفهوم املجتمع
املدني عامة وعلى أهم مؤسساته ،وكذلك التعرف على مفهوم التحول الديمقراطي .ثم سيتم
تناول املجتمع املدني في الجزائر :ظهوره ومساهمته في الساحة السياسية :في عملية التنشئة
السياسية ،وفي املشاركة السياسية ،باإلضافة إلى طبيعة العالقة التي ظلت تربطه بالسلطة
السياسية في الجزائر .كل ذلك من أجل معرفة كيف ساهم في عملية التحول الديمقراطي
فيها منذ اإلصالحات السياسية الثانية سنة 2012إلى اليوم .ثم سيتم التعرض لألسباب التي
ظلت تعيق هذا املجتمع املدني عن القيام بدوره .وأخيرا سيتم تناول الوسائل التي من شأنها
العمل على تدعيم املجتمع املدني ودفعه لكي يقوم بمساهمة فعالة في هذا املجال.
.2مفهوم املجتمع املدني ،ومفهوم التحول الديمقراطي :سيتم هنا التعرف على مفهوم كل
من متغيري الدراسة :املجتمع املدني ،بتناول تعريفه ونشأته ،باإلضافة إلى مكوناته
ومؤسساته ،ثم مفهوم التحول الديمقراطي وما يرتبط به.
.1. 2مفهوم املجتمع املدني :يعد مفهوم املجتمع املدني من بين أكثر املفاهيم عرضة للنقاش
والخالف ،إذ ليس هنالك اتفاق حول مفهومه ،ألنه مصطلح غامض ومرن في نفس الوقت،
وخاضع لعدة تفسيرات والتي قد تكون متناقضة أحيانا ،وذلك حسب رأي املفكر واملرجعية
التي ينطلق منها ،وكذلك بسبب اإلختالف الكبير بين ما يمكن إدراجه ضمن إطار املجتمع
املدني وما ال يمكن.
15
محمد مجدان :مساهمة املجتمع املدني في عملية التحول الديمقراطي في الجزائر
وإذا ما تم استعراض تاريخ ظهور ونشأة املجتمع املدني ،فإن جذوره ترجع إلى أرسطو الذي
قام بتقسيم الدولة إلى ثالث طبقات :الطبقة الغنية جدا ،الطبقة الفقيرة جدا ،والطبقة
الوسطى ،ولكل طبقة دورها في املجتمع ،والذي يتفاوت من طبقة ألخرى).(1
إال أن معالم املجتمع املدني لم تتبلور ،ومظاهره لم تتضح إال في القرنين 17و ،18وارتبط
ذلك بتطور الفكر السياس ي في أوربا ،وبظهور نظرية العقد اإلجتماعي هناك ،وكذلك بعد
انتقال
املجتمع األوروبي من النظام اإلقطاعي الزراعي إلى النظام الرأسمالي التجاري الصناعي ،وما
نتج عن هذا االنتقال من صراعات على جميع األصعدة :فكرية ،اجتماعية ،سياسية
واقتصادية وغيرها ،كانت بداية لتشكل املجتمع املدني وبلورته).(2
كما كان لنجاح الثورات السياسية هناك ،الدور الكبير في تشكل املجتمع املدني وظهوره
بشكل أوضح ،بدءا بالثورة الهولندية في القرن ،17والثورة البريطانية ( ،)1688 -1641فالثورة
الفرنسية ( ،)1815 -1785والثورة األملانية في منتصف القرن .19هذه الثورات نقلت املجتمع
األوروبي من مجتمع مسير تبعا لنظرية الحق اإللهي وقوانين الطبيعة ،إلى مجتمع مدني
متحضر يقوم على مبادئ الديمقراطية والحرية(3).
ولهذا فقد اتفق املفكرون الغربيون على اختالف توجهاتهم ،على أن املجتمع املدني مر
بمرحلتين :في األولى كان الناس يعيشون تبعا لقوانين الطبيعة ،وهي الحالة التي سبقت دخول
اإلنسان في املجتمع وتسمى حالة طبيعية .وفي الثانية ،انتقل اإلنسان للعيش داخل املجتمع،
في ظل قيود وقوانين يخضع لها الجميع ،والتي تم وضعها تبعا لعقد اجتماعي بين الناس).(4
أما عن تعريف املجتمع املدني ،فنجد أن هناك تعاريف متعددة في الفكر الغربي خاصة:
ٌ
-فقد عرفه ( ) Hygelبأنه" :تلك األنظمة واألنشطة التي تقوم على أساس التعاقد بين األفراد
خارج إطار العائلة أو الدولة".
) -(1هرنبورغ ،جون ،املجتمع املدني التاريخ النقدي للفكرة ،ترجمة علي حاكم وحسن ناظم ،املنظمة العربية
للترجمة ،بيروت .2008ص ص .55 ،54
) –(2الصوراني غازي ،تطور املجتمع املدني وأزمة املجتمع العربي ،مركز دراسات الغد العربي ،غزة ،فلسطين
.2004ص 26
) -(3املرجع نفسه ،ونفس الصفحة
)–(4بياض ي محي الدين" ،املجتمع املدني في دول املغرب العربي ،دوره في التنمية السياسية" ،رسالة ماجستير غير
منشورة ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة بسكرة ،2012 -2011 ،ص ص 17،18
16
املجلة الجزائرية للعلوم السياسية والعالقات الدولية املجلد )2(12العدد 17ديسمبر2021
-أما ( ) Dominique Collasفقد عرف املجتمع املدني بأنه" :تلك الحياة االجتماعية ،وخاصة
الحياة العامة املنظمة انطالقا من منطق خاص ،والتي تضمن من خالل ذلك ديناميكية
اقتصادية ،وثقافية وسياسية"(6).
-وعرفه ( ) Wright Jordanبأنه" :مملكة تقع بين الدولة واألسرة ،وتقطنها منظمات منفصلة
عن الدولة ،إذ تتمتع باالستقالل الذاتي في تعاملها معها ،وتتشكل من مجموعة من األفراد
يهدفون إلى حماية مصالح و قيم معينة"(7).
يمكن االستنتاج من هذه التعاريف وغيرها أن املجتمع املدني هو تلك النشاطات أو
التنظيمات التي تنشأ بين مجموعة من الناس على أساس اتفاق تعاقدي حر بعيدا عن إطار
الهياكل الرسمية للدولة ،ويكون هدفها حماية مصالح ومبادئ معينة ،والسعي لالستفادة
من مكاسب ومنافع محددة.
ومن خالل هذه التعريفات املختلفة وغيرها ،يظهر مدى مرونة بل وضبابية مفهوم املجتمع
املدني ،فكل مفكر يركز على جانب معين من الظاهرة ،ومن هنا ال نجد اتفاقا بينهم حوله.
وبغض النظر عن هذا ،فمن املتعارف عليه أن املجتمع املدني يتكون من عدة مؤسسات
أهمها:
.1.1.2الجمعيات :هي تعبير سياس ي واجتماعي يخص مجموعة من األفراد ينضمون
لبعضهم البعض طواعية للدفاع عن مصالحهم املشتركة في إطار حدود معينة .وتختلف
الجمعيات باختالف اهتماماتها ومصالحها ،منها :املهنية ،الخيرية ،اإلنسانية ،الدينية،
العلمية ،والرياضية ..وغيرها .وتغطي هذه الجمعيات جل مجاالت الحياة ونشاطاتها
) . (5ديلو ،ستيفن ،املجتمع املدني بين التفكير السياس ي والنظرية السياسية ،ترجمة ربيع وهبة ،املجلس األعلى
للثقافة ،القاهرة .2003ص 15
)- (6وكالة الواليات املتحدة األمريكية للتنمية الدولية ،املجتمع املدني في العالم العربي ،.2013ص 7
) -(7نفس املرجع ونفس الصفحة
17
محمد مجدان :مساهمة املجتمع املدني في عملية التحول الديمقراطي في الجزائر
املختلفة .كما تعتبر أداة لألفراد لتوظيف معارفهم واستغالل وسائلهم من أجل تطوير
النشاطات التي يهتمون بها.
)(8
.3.1.2املنظمات غير الحكومية :وهي عبارة عن منظمات تقع بين الحكومة والقطاع
الخاص ،مستقلة عن الدولة ،وليس لها أهداف تجارية ،وتتكون من مجموعة من األفراد،
يسعون للتأثير في السياسات العامة للدولة املتواجدين فيها ،وهدفها تحقيق اإلتصال بين
األفراد والجماعات على النطاق العاملي .ومن أمثلتها الصليب األحمر والهالل األحمر.
واملنظمات غير الحكومية كثيرة جدا.
.4.1.2األحزاب السياسية :رغم أنها ليست من املجتمع املدني بل من املجتمع السياس ي ،ألن
ما يميز املجتمع املدني ،ليس استقالله عن الدولة فقط ،بل واستقالله عن السياسة أيضا.
كما أن األحزاب السياسية تسعى إلى السلطة ،بخالف منظمات املجتمع املدني .ولكننا
أدرجناها هنا بسبب دورها الهام في تنشيط املجتمع ،فنشاطها ال يقتصر على املشاركة في
االنتخابات والسعي نحو السلطة فقط ،بل تهتم كذلك بعملية الرقابة على الدولة ،وتحقيق
املشاركة السياسية ،وتكريس التنشئة السياسية واالجتماعية ،واملطالبة بترقية حقوق
اإلنسان واحترامها ،والعمل على ترسيخ مبادئ الديمقراطية ،واملطالبة بحرية الرأي وحرية
التعبير ،إلى غير ذلك من النشاطات الهامة في املجتمع.
) -(8عابد ،عمر "املجتمع املدني في الجزائر ودوره في التنمية السياسية" ،مذكرة ماستر ،كلية الحقوق والعلوم
السياسية ،جامعة ورقلة .2016 -2015 ،ص ص 15 ،14
) –(9نفس املرجع ،ص 14
18
املجلة الجزائرية للعلوم السياسية والعالقات الدولية املجلد )2(12العدد 17ديسمبر2021
ويتكون املجتمع املدني على اختالف مؤسساته من مجموعة مبادئ تعتبر أصيله في
تكوينه:
أ .قيام مؤسسات ال تنتمي إلى الدولة ،وتعكس مصالح املواطنين واهتماماتهم في مختلف
امليادين ،وتتمتع بنوع من االستقالل الذاتي في النشاط واتخاذ القرارات في مجال اختصاصها.
ب .ضمان حق املواطنين في املعارضة الفكرية والسياسية ،وهذا ما يدعم الوالء للمجتمع
ككل وليس لجهة أخرى محددة كالقبيلة أو العشيرة ...الخ ،خاصة في حالة تناقض املصالح
وتضاربها.
ج .كلما قويت مؤسسات املجتمع املدني وقوي نشاطها ،كلما ضعفت قوة الدولة على ممارسة
التسلط والضغط على املواطنين ،ألن املجتمع املدني يقوم بدور الوسيط بين الدولة
واملواطن ،وذلك ألن الفرد ال يتعامل مع الدولة منفردا ،بل يتعامل معها داخل مؤسسة أكبر
منه تقدم له نصيبا من املساندة والحماية.
.2.2مفهوم التحول الديمقراطي :يعتبر مفهوم التحول الديمقراطي من املفاهيم التي
شغلت الدول كلها ،نظرا ملا أصبح للديمقراطية من قيمة وأهمية في سلم املعايير السياسية،
بحيث أصبحت من الضرورات واالحتياجات التي يطالب بها الجميع .كما أن هذه العملية
تعتبر من أبرز وأهم املالمح الرئيسية للتطور السياس ي الذي شهده العالم الثالث عامة
والجزائر خاصة مع نهاية الثمانينيات.
ويتميز مفهوم التحول الديمقراطي بخاصية التلون املعرفي واللبس والغموض ،نتيجة تعدد
وتنوع واختالف املصادر واملنظومات الفكرية التي يستند إليها .وتبدأ دائرة اللبس والغموض
من خالل تعدد واختالف التفسيرات حوله ،حيث يعبر عنه تارة باالنتقال السياس ي أو
الديمقراطي ،ومرة بالدمقراطة ،وكذا باإلصالح السياس ي و اإلصالح الديمقراطي ،أو التغيير
السياس ي ..الخ.
التحول هو عملية االنتقال من حالة معينة إلى حالة أخرى ،تكون مختلفة عنها تماما.
ومنه فعملية التحول الديمقراطي تكون باالنتقال من حالة سياسية إلى حالة أخرى استجابة
للمتغيرات الداخلية والخارجية .ويتمثل هذا التحول في التغيير البطيء والتدريجي لألوضاع
االقتصادية واالجتماعية والسياسية في بلد ما ،وهو مرحلة متقدمة على االنتقال
الديمقراطي ،وتتميز بالصعوبة والتعقيد .وتتضمن عملية التحول الديمقراطي عدة مراحل،
تبدأ بالقضاء على النظام التسلطي ،ثم التحول إلى املرحلة االنتقالية ،وتليها مرحلة ترسيخ
الديمقراطية كمرحلة أخيرة.
19
محمد مجدان :مساهمة املجتمع املدني في عملية التحول الديمقراطي في الجزائر
وتتخذ عملية التحول الديمقراطي عدة أشكال أو أنماط ،أي الكيفية التي يتم بها التحول
من نظام غير ديمقراطي إلى نظام ديمقراطي ،أو نقطة انطالق وبداية عمليات التحول ،وهنا
يتم التمييز بين ثالث بدايات :إما عن طريق النخبة الحاكمة التي تكون هي املبادرة بعملية
التحول ،وتسمى نمط التحول ،أو أن املبادرة للتحول تكون من طرف النخب املعارضة
للنظام ،وتسمى نمط اإلحالل ،أو تكون مزيجا بين األسلوبين ،بحيث تكون عملية التحول عن
طريق الحوار واالتفاق بين املعارضة والنظام على إجراء اإلصالحات الالزمة ،وتسمى نمط
اإلحالل التحولي(10).
.3املجتمع املدني في الجزائر ومساهمته في عملية التحول الديمقراطي :سيتم هنا تناول ظهور
املجتمع املدني في الجزائر وتطوره ،ثم تناول مساهمته في عملية التحول الديمقراطي ،وسيتم
التركيز على دور املجتمع املدني في عملية التنشئة السياسية وفي تدعيم ثقافة املشاركة
السياسية ،وأخيرا على عالقة املجتمع املدني بالنظام السياس ي في الجزائر.
.1.3ظهور املجتمع املدني في الجزائر وتطوره :لعبت الفترة الطويلة لالستعمار في الجزائر
والقمع الذي تعرض له الشعب ،دورا في تكوين صورة لدى الفرد على سطوة السلطان .وكرس
هذا طبيعة الدولة الكوربوراتية التي اتسمت بها الجزائر بعد االستقالل ،واحتكارها املجال
السياس ي وربطه باملجال األمني ،واعتبار نفسها الوص ي على الجانب االجتماعي ،أي منطق
األبوية ،ولهذا وقفت الدولة ضد تطور ونشاط املجتمع املدني لفترة طويلة .إال أنه بعد
االنفتاحات التي عرفتها الجزائر في الثمانينيات وتكريسها للحقوق املدنية والسياسية ،عرف
املجتمع املدني تطورا وشيوعا .ويرجع هذا إلى جملة عوامل منها الداخلية كتراجع الدولة
اجتماعيا الناتج عن تراجعها اقتصاديا ،وإلى عوامل خارجية نتيجة التطورات العاملية التي
أسهمت في بروز قوى املجتمع املدني عامليا وتنامي االهتمام به ،نتيجة ظهور ما سمي باملوجة
الثالثة للديمقراطية.
وهكذا عرف امليدان السياس ي في الجزائر مفهوم املجتمع املدني بشكل أوضح ،واحتضنت
بعض القوى السياسية واالجتماعية هذا املفهوم بسهولة وتبنت أطره التنظيمية الجديدة،
وخطابه الفكري ،وخاصة إثر إقرار التعددية السياسية والحزبية بعد وضع دستور 23
فبراير ،1989الذي سمح بإنشاء الجمعيات .حيث يشير الفصل الرابع املتعلق بالحريات
) -(10هنتنعتن ،صموئيل ،املوجة الثالثة والتحول الديمقراطي في أواخرالقرن العشرين ،ط ،1ترجمة عبد
الوهاب علوب ،دار سعاد الصباح ،الكويت ، .1993 ،ص ص 240 -179
20
املجلة الجزائرية للعلوم السياسية والعالقات الدولية املجلد )2(12العدد 17ديسمبر2021
والحقوق في املادة 33من هذا الدستور ،إلى الحق في الدفاع الفردي أو عن طريق الجمعية،
على الحقوق األساسية لإلنسان .كما يشير إلى أن الحريات الفردية والجماعية مصونة.
وتظهر هذه الحقوق بصورة واضحة في نص املادة 41من هذا الدستور ،التي تنص على أن
حرية التعبير وإنشاء الجمعيات واالجتماع مضمونة للمواطن .كما وضع هذا الدستور مادة
خاصة للتفرقة بين الجمعية والحزب السياس ي ،وهي املادة 42املتعلقة بالحق في إنشاء
األحزاب.
وبعد إقرار دستور 1989تم إصدار قانون الجمعيات رقم 90/31في 4ديسمبر ،1990
والذي عرف الجمعية في املادة ،2بأنها" :اتفاقية تخضع للقوانين املعمول بها ،ويجتمع في
إطارها أشخاص طبيعيون ومعنويون على أساس تعاقدي ولغرض غير مربح ،كما يشتركون
في تسخير معارفهم ووسائلهم ملدة محددة من أجل ترقية األنشطة ذات طابع منهي اجتماعي،
علمي ،ديني ،تربوي وثقافي على الخصوص")(11
يظهر من خالل هذه اإلشارات والتعريفات التي أتى بها املشرع الجزائري في مختلف قوانين
الجمعيات ،أنه قد هدف إلى تقديم تعريف للجمعية ،لتمييزها عن باقي الفاعلين االجتماعيين
اآلخرين.
ثم جاء التعديل الدستوري في 7مارس ،2016والذي نصت املادة 48منه على حريات
التعبير ،وأن إنشاء الجمعيات واالجتماع مضمون للمواطن .كما نصت املادة 54منه على أن
حق إنشاء الجمعيات مضمون ،وأن الدولة تشجع ازدهار الحركة الجمعوية(13).
وفي املدة األخيرة ،تم تعديل الدستور الجزائري الذي طرح لالستفتاء الشعبي يوم 1نوفمبر
) . -(11عابد عمر ،املجتمع املدني في الجزائرودوره في التنمية السياسية ،مرجع سبق ذكره ،ص 45
) –(12الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ،قانون رقم ،16.06املؤرخ في ،2012. 01 .12يتعلق
بالجمعيات ،الجريدة الرسمية ،العدد ،2في 15 :جانفي .2012
) –(13الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ،قانون رقم ،01 .16املؤرخ في ،2016 .6.3 :يتضمن تعديل
الدستور ،الجريدة الرسمية ،العدد ،14في 3 :جويلية 2016
21
محمد مجدان :مساهمة املجتمع املدني في عملية التحول الديمقراطي في الجزائر
22
املجلة الجزائرية للعلوم السياسية والعالقات الدولية املجلد )2(12العدد 17ديسمبر2021
معينة .غير أنه يالحظ أن نشاط مؤسسات املجتمع املدني بما فيها األحزاب السياسية في
التنشئة السياسية في الجزائر ظل محدودا ،وخاصة فيما تقوم به االحزاب السياسية من
تعبئة وتدريب وتحضير لنخبها ،هذا بسبب ضعف البرامج والحمالت التي تقدمها ،أو ضعف
التعبئة الجماهيرية ملرشحيها .وهذا يعني عجز في عملية التنشئة السياسية .ويرجع ذلك إلى
هيمنة مرشحي السلطة على االحزاب السياسية وعلى مؤسسات املجتمع املدني األخرى أو
احتوائها ،فمثال عرفت االنتخابات الرئاسية لسنة 2004عدة تحالفات حزبية وجمعوية،
اتخذت مواقف مدعمة ومساندة للرئيس بوتفليقة ،وهذا يدل على ضعف األحزاب
واملنظمات املدنية وعلى عجزها ،ويدل كذلك على سيطرة السلطة عليها التي عملت على
اختراق جل الجمعيات واحتوائها ،والضغط على األحزاب السياسية.(14).
وإذا كانت نسبة املشاركة الجماهيرية في االنتخابات ،تبين درجة النشاط واملساهمة
التعبوية التي تقوم بها مؤسسات املجتمع املدني من اجل تنشئة األفراد سياسيا ،فإنه يالحظ
امتناع املواطنين وعزوفهم عن املشاركة في العملية السياسية ،ففي انتخابات 2012
التشريعية مثال ،كانت نسبة املشاركة ،% 42.26بل ويرى البعض أن نسبة املقاطعة
فاقت (15) %80
وتعتبر هذه النسب املتدنية في االنتخابات وقلة اهتمام املواطنين بها ،انعكاس حقيقي
لظاهرة امتناعهم عن املشاركة في االنتخابات ،وبالتالي تعني عجز مؤسسات املجتمع املدني
على زرع املبادئ والقيم السياسية ،ونشر الوعي السياس ي ،وتعبئة املواطنين وتحسيسهم
وتنشئتهم سياسيا .وحتى هذا اإلقبال الضعيف لم يكن دافعه إسم الحزب وبرنامجه ،أو
بسبب النشاط الذي لعبته هذه الجمعية املدنية أو تلك ،وإما كان دافعه العروشية
والعالقات الشخصية للمترشحين ،ويرجع هذا إلى فقدان الثقة بين املواطنين واالحزاب
ومؤسسات املجتمع املدني.
كما يدل هذا االمتناع على عجز األحزاب السياسية وهذه املؤسسات على تقديم البديل عن
النظام السياس ي القائم ،فهي في نظر الكثيرين تساند النظام وتمش ي في ركابه .كما أن التنشئة
السياسية هي عملية مستمرة ،إال أننا نجد أن األحزاب السياسية ومؤسسات املجتمع املدني
) –(14موزاي بالل "الجمعيات املدنية كأساس لتفعيل التنمية السياسية في الجزائر" ،مجلة جيل للدراسات
السياسية والعالقات الدولية ،عدد ،1جانفي 2015ص.148
) -(15ضميري ،عزيزة" ،الفواعل السياسية ودورها في صنع السياسة العامة في الجزائر" ،رسالة ماجستير ،كلية
الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة باتنة .2008 -2007 ،ص .123
23
محمد مجدان :مساهمة املجتمع املدني في عملية التحول الديمقراطي في الجزائر
ظلت دائما ذات نشاطات ظرفية أو موسمية متقطعة ،تظهر فقط في املناسبات االنتخابية
ثم تنسحب وتختفي بعد ذلك(16).
كما يعود ضعف نشاط ودور املجتمع املدني في عملية التنشئة السياسية في الجزائر ،إلى
طبيعة عالقته بالنظام السياس ي التي ظلت قائمة ،إما بتبعيته له أو بتحالفه السياس ي معه،
مما جعل التعبئة الجماهيرية والحمالت االنتخابية غير متوازنة ،وذلك ألن املجتمع املدني
ظل مستغال من قبل النظام لدعم مرشحيه ،فيقوم بتعبئة املواطنين من خالل املؤتمرات
والحمالت الدعائية واإلعالمية ،ليس كأداة للمشاركة الفعلية ،بل كأداة ملساندة قرارات
النظام القائم واختياراته.
وهكذا يظهر أن تبعية املجتمع املدني للنظام الحاكم قد أثرت على حياديته واستقالليته
وعلى القيام بمساهمته الحقيقية عامة ،وفي التعبئة الجماهيرية والتنشئة السياسية خاصة.
.2.2.3مساهمة املجتمع املدني في تدعيم ثقافة املشاركة السياسية :تمكن املشاركة
السياسية املواطنين من املساهمة في الحياة السياسية كناخبين ،أو كجماعات أو كأحزاب
سياسية ،أو كعناصر ناشطة سياسيا .كما تمكنهم من تكوين األحزاب أو االنضمام إليها،
وغير ذلك من مجاالت املشاركة السياسية .وفي هذا اإلطار يأتي دور منظمات املجتمع املدني
كإحدى الجهات التي يمكنها أن تعمل على تحقيق هذه املشاركة السياسية ،بواسطة تعميق
شعور املواطنين باملسؤولية إزاء القضايا واألهداف العامة للبالد ،من خالل تنشئتهم
وتوعيتهم كما أسلفنا(17).
24
املجلة الجزائرية للعلوم السياسية والعالقات الدولية املجلد )2(12العدد 17ديسمبر2021
في .)2007أما انتخابات املجالس الوالئية فقد عرفت مشاركة 52حزبا +األحرار .وكانت نسبة
املشاركة ( %42. 84مقارنة ب % 43. 26في ، 2007والتي شارك فيها 24حزبا فقط).
-االنتخابات الرئاسية ألفريل ،2014كانت نسبة املشاركة ، %50. 71وقادت إلى جدل حاد في
الطبقة السياسية واملجتمع املدني ،بين مؤيد ومعارض لترشح بوتفليقة للعهدة الرابعة نظرا
لحالته املرضية ،حيث طالب املعارضون بتطبيق املادة 86من الدستور الخاصة بعدم
الترشح بسبب العجز ،ولكن املجلس الدستوري رفض ذلك.
-االنتخابات التشريعية ملاي ،2017بمشاركة 55حزبا +االحرار .ونسبة املشاركة %38. 55
-االنتخابات املحلية لنوفمبر ، 2017وشهدت مشاركة أكثر من 50حزبا ،ووصلت النسبة الى
%46.86في االنتخابات البلدية ،و %44. 96في االنتخابات الوالئية(18).
وبعد حراك 22فبراير 2019وإسقاط نظام بوتفليقة ،فإن عزوف املواطنين عن املشاركة
في االنتخابات ظل هو القاعدة ،ظهر في االنتخابات الرئاسية ل 12ديسمبر ،2019أو
االستفتاء على تعديل الدستور في 1نوفمبر ،2020وأخيرا االنتخابات التشريعية ل 12جوان
.2021
ما يالحظ بالنسبة ملساهمة منظمات املجتمع املدني في املشاركة السياسية أنها كانت كبيرة،
ويظهر ذلك في مشاركة عدد ال باس به من االحزاب السياسية واألحرار في مختلف االنتخابات
التي جرت ،إال أن نتائجها كانت منخفضة جدا ،وذلك بسبب سيطرة حزبي النظام :جبهة
التحرير الوطني ،والتجمع الوطني الديمقراطي .أما مشاركة املواطنين في هذه االنتخابات،
فقد كانت هناك مقاطعة كبيرة ،مقارنة بعدد املسجلين ،وهذا يدل على عجز مؤسسات
املجتمع املدني كلها على غرس املبادئ والقيم السياسية ،ونشر الوعي ،وتعبئة االفراد
وتحسيسهم وتنشئتهم سياسيا ،لالهتمام بمثل هذه األمور ،وكذلك عجز هذه املؤسسات
على تقديم البديل الحقيقي للنظام السياس ي القائم.
إذن رغم محاوالت مؤسسات املجتمع املدني مع األحزاب توسيع املشاركة السياسية ،إال
أنها لم تكن كما ينبغي ،ألن نشاطاتها ظلت مناسبتيه ،كما أنها لم تكن تملك قوة التأثير على
املواطنين لترسيخ ثقافة سياسية من أجل تنشئة سياسية .كذلك نظرا لعجز هذه االحزاب
والجمعيات على تأطير املواطنين وتوجيههم ،مما أدى إلى انقطاعهم عن املشاركة السياسية،
) . -(18يسعد والي ،االنتخابات البرملانية واملحلية وعواقبها على القطب الحزبي الرائد ،ملتقى حول االنتخابات املحلية
والبرملانية في الجزائر بكلية العلوم السياسية والعالقات الدولية ،جامعة الجزائر ،3ديسمبر ،.2017ص 9
25
محمد مجدان :مساهمة املجتمع املدني في عملية التحول الديمقراطي في الجزائر
خاصة في االنتخابات .كذلك بسبب تبعية املجتمع املدني للسلطة السياسية املمثلة في
التحالفات السياسية في االنتخابات أو التعبئة غير املتوازنة لألفراد .كل هذا أدى إلى عدم
إمكانية لعب مؤسسات املجتمع املدني دورها الحقيقي في عملية التنشئة السياسية.
لكن رغم هذا فقد أصبح املجتمع املدني في الجزائر مؤخرا أكثر نشاطا وأكثر حيوية عما
كان عليه من قبل ،عندما كان يسود الركود والتهميش .وحتى وإن اتسم نشاطه هذا بالعديد
من السلبيات واملآخذ التي ظلت عالقة به ،سواء تمثلت في فكرته القائمة على التبعية
والدعم للسلطة الحاكمة في االنتخابات طمعا في االستفادة من مكاسبها املادية ،أو كان األمر
متعلقا بموقف النظام السياس ي نفسه من تنظيمات املجتمع املدني في العمل على ترويضها
واحتوائها ،أو حتى إقصاء من يراها تمثل خطرا على بقائه واستمراره .إن هذه الحركية
للمجتمع املدني ،وبصرف النظر عن خلفياتها وسلبياتها ،يمكن اعتبارها ش يء إيجابي في إطار
حرية الرأي وحرية التعبير التي يكفلها الدستور الجزائري (19).وربما هذه الحركية جاءت في
سياق ما شهدته الساحة العربية فيما سمى بالربيع العربي ،وكذلك بسبب ضغوطات القوى
واملؤسسات الدولية ومطالبتها باحترام حق الشعوب في الحرية ،دون وصاية من السلطات
الحاكمة .يضاف إلى هذا مجيء موعد االنتخابات الرئاسية في أفريل 2019قبل إلغائها ،والتي
فرضت على املجتمع املدني أن يكون له موقف ،وأن يثبت وجوده في الساحة الوطنية.
وقد ظهرت هذه الديناميكية للمجتمع املدني في املظاهرات (الحراك) الخاصة ضد ترشح
بوتفليقة للعهدة الخامسة لهذه االنتخابات منذ 22فبراير .2019واستطاعت إجبار النظام
على إلغاء العهدة الخامسة وتأجيل انتخابات 18أفريل ،2019ثم استقالة بوتفليقة قبل
نهاية عهدته الرابعة .واألمور خضعت لتطورات متالحقة بقيام انتخابات رئاسية التي جرت
في 12ديسمبر ،2019ثم في الدستور الجديد ( 1نوفمبر ،) 2020والذي أعطى اهتماما كبيرا
للمجتمع املدني ،وشجع على زيادة عدد منظماته ،ومساهماتها في مختلف نواحي الحياة
السياسية واالقتصادية واالجتماعية .ولكن هذه
املساهمة لم تكن فعالة في االنتخابات التشريعية ل 12جوان ،2021ربما ألن املجتمع املدني
ما زال في طور النضج ،وسوف تكشف لنا االستحقاقات السياسية القادمة قوة دوره أو
ضعفه.
) –(19كربوسة عمراني" ،املجتمع املدني في ظل الحراك العربي الراهن ،أي دور ؟" ،مجلة العلوم االجتماعية
واإلنسانية ،عدد ،16سبتمبر ،2014كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة بسكرة ،ص ،162ص 162
26
املجلة الجزائرية للعلوم السياسية والعالقات الدولية املجلد )2(12العدد 17ديسمبر2021
3.23عالقة املجتمع املدني بالنظام السياس ي :قصد النظام السياس ي في الجزائر في تعامله
مع موضوع املجتمع املدني وتشجيع إنشاء الجمعيات واألحزاب السياسية ،كما أشير ،إلى
امتصاص غضب املواطنين واستيائهم ،بسبب تدهور األحوال املعيشية ،التي ازدادت تفاقما.
كما قصد إحكام قبضته على الوضع العام ،حتى يستطيع تحقيق تجانس وانسجام في أعلى
هرم السلطة.
ورغم ما عاشته الجزائر من هدوء نسبي ،مقارنة بالدول العربية ،إال أن هذا لم يمنع
حركيات املجتمع املدني من التظاهر واالحتجاج ضد النظام في كثير من جهات الوطن ،وفي
كثير من املرات ،تعبيرا عن الوضع االجتماعي الس يء والظلم ،واستنكارا ملختلف مظاهر
الفساد ،وغير ذلك من املشاكل .واستفادت هذه النشاطات االحتجاجية من هامش الحرية
الذي يكفله الدستور الجزائري ،لكن هذا الهامش عادة ما كانت تملؤه إما تنظيمات طالبية
متعددة ،تخضع لهذا االتجاه السياس ي أو ذاك ،وإما نقابات بعضها غير قادرة على الحركة.
باإلضافة إلى أن كثيرا من منظمات املجتمع املدني تحولت إلى لجان دعم ومساندة للرئيس
بوتفليقة وللنظام القائم في مختلف القضايا املطروحة ،وهذا ما يثير مسألة االستقاللية التي
تعتبر من األمور األساسية في موضوع املجتمع املدني(20) .
كما استفادت هذه النشاطات اإلحتجاجية ،كما أشير آنفا من انعكاسات الربيع العربي
الحركية ،وخاصة بعد رفع السلطات الجزائرية لحالة الطوارئ التي كانت تحظر مثل هذه
النشاطات وتمنعها.
ومن أهم هذه النشاطات االحتجاجية قبل الحراك ،الذي انطلق منذ 22فبراير ،2019
نذكر على سبيل املثال ال الحصر ،التنظيمات الرافضة للعهدة الرابعة للرئيس بوتفليقة،
والتي ظهرت مباشرة بعد إعالنه الترشح لهذه العهدة في االنتخابات الرئاسية ألفريل .2014
ومن أهم هذه التنظيمات حركة "بركات" ،التي قامت بتنظيم احتجاجات متواصلة أمام
الجامعة املركزية بالعاصمة ،منها احتجاج ضخم يوم 14مارس ،2014والذي ضم كثيرا من
الفئات االجتماعية غلبت عليها النخبة املثقفة من إعالميين وسياسيين وأساتذة جامعيين
وموظفين (21).كما نظم أساتذة الجامعة وقفة تنديدية بالعهدة الرابعة بجامعة بوزريعة يوم
12مارس .2014
) –(20بوزيد ،بومدين" ،حدود قوه التشريع والتغيير السياس ي وسبل تعزيز التحول الديمقراطي ،محاولة فهم التجربة
الديمقراطية في الجزائر" ،املجلة العربية للعلوم السياسية ،عدد ،2006 ،11ص . 64
) -(21كربوسة ،املجتمع املدني في ظل الحراك العربي الراهن ،أي دور؟ مرجع سبق ذكره ،ص162
27
محمد مجدان :مساهمة املجتمع املدني في عملية التحول الديمقراطي في الجزائر
وأهم املبررات التي أعلنتها هذه التنظيمات االحتجاجية ضد هذه العهدة نجد:
-1حالة الجمود السائدة في مختلف القطاعات :االقتصادية واالجتماعية والسياسية
واإلعالمية ،الذي ميز أداء املؤسسات الحكومية وكذا املعارضة .ويظهر هذا خاصة في
التضييق في املجالين :السياس ي واإلعالمي ،باإلضافة إلى الفوض ى في األداء االقتصادي ،رغم
تحسن الحالة املالية للدولة آنذاك ،زيادة على الفساد املستشري في كثير من قطاعات
الدولة ،حتى وصل إلى املؤسسات الهامة فيها ،كشركة سوناطراك ووزارة األشغال العمومية
وغيرهما(22) .
- 2حالة اليأس واالستياء التي هيمنت على فئات كثيرة من الشعب ،بسبب الوضع االجتماعي
واالقتصادي املزري ،وبسبب خوصصة املؤسسات واألمالك العمومية بطريقة مريبة ،وعدم
وجود برنامج اقتصادي واضح ودقيق ،باإلضافة إلى تكريس وتدعيم الجمود باملحافظة على
نفس الوجوه في املناصب العليا دون تغيير ،رغم إجراء انتخابات شكلية ،التي أصبحت فقط
وسيلة لتقوم النخب الحاكمة بتجديد نفسها بنفسها ،وكسبها الشرعية بواسطة طرق تتكرر
مع كل موعد انتخابي شكلي(23).
-3يضاف إلى هذا اإلنتقادات الكبيرة التي وجهها السيد اليمين زروال ،الرئيس السادس
للجزائر في رسالة إلى الشعب يوم 19مارس ،2014في ذكرى النصر ،حول األوضاع العامة في
البالد ،حيث دعمت هذه الرسالة من موقف حركات املجتمع املدني الرافضة للعهدة الرابعة
وزادتها إصرارا.
وفي مقابل نشاط هؤالء الرافضين ،هناك نشاط املؤيدين للعهدة الرابعة ،وتتمثل في جل
التنظيمات الطالبية بمختلف الجامعات الجزائرية ،والتي اجتمعت بالعاصمة يوم 14مارس
،2014ودعت إلى ضرورة دعم ومساندة ما أسمته بمرشح "الوفاء واالستقرار" .وهو نفس
موقف منظمة الزوايا التي اجتمعت بالعاصمة في نفس اليوم ،وضمت شيوخ الزوايا على
مستوى الوطن ،والذين عبروا عن دعمهم ومساندتهم لبوتفليقة بل وأعلنوا "البيعة" لعهدة
رابعة .باإلضافة إلى املركزية النقابية ....وغيرها من الفعاليات.
وكانت مبررات هذه التنظيمات من هذا الدعم واملساندة للعهدة الرابعة ،ما يلي:
28
املجلة الجزائرية للعلوم السياسية والعالقات الدولية املجلد )2(12العدد 17ديسمبر2021
.1للرئيس بوتفليقة الفضل في القضاء على اإلرهاب بعد إصدار قانوني الوئام املدني
واملصالحة الوطنية ،مما أدى إلى استقرار البالد وعودة الحركية السياسية واالقتصادية لها،
وخاصة عودة االستثمارات الكبيرة واألجنبية منها على الخصوص.
-2عودة الجزائر إلى صف الدول الهامة .وهو ما ظهر في الحركية الكبيرة التي شهدتها
الديبلوماسية الجزائرية ،حيث أصبحت الجزائر شريكا استراتيجيا مع القوى املؤثرة في
العالم في كثير من قضاياه.
ثم كان الحراك الذي انطلق في 22فيفري ،2019والذي أدى إلى اإلطاحة بنظام
بوتفليقة ،ثم تم إجراء انتخابات رئاسية في( 12ديسمبر ،) 2019أدت إلى قيام ما يسمى
بالجمهورية الجديدة ،تم خاللها تعديل الدستور ( 1نوفمبر ،) 2020ثم إجراء االنتخابات
التشريعية ( 12جوان .) 2021
واالتجاه نحو إجراء انتخابات محلية (بلدية ووالئية) في 28نوفمبر .2021
.4ضعف مساهمة املجتمع املدني في الجزائر ،ووسائل دفع وتدعيم ذلك :يظهر مما سبق
ضعف مساهمة املجتمع املدني في العملية الديمقراطية ،ولهذا سيتم التعرض ألسباب هذا
الضعف .ثم سيتم تناول الوسائل التي يجب توافرها لتجاوز هذه األسباب والقيام بنشاطه
كما ينبغي.
.1.4أسباب ضعف مساهمة املجتمع املدني في الجز ائر :رغم كثرة تنظيمات املجتمع املدني
(أكثر من 80ألف منظمة بعد صدور الدستور ،)1989إال أنها بقيت غير فعالة فيما تقوم به،
إما بسبب تبعيتها لألحزاب السياسية ،أو بسبب سعي الدولة الحتوائها وتكبيلها ،ويظهر ذلك
من خالل إجراءات االعتماد والقبول والتجديد لهذه التنظيمات التي ظلت مشددة وصعبة،
مع تقليص نشاطات التنظيمات املقبولة منها واملعتمدة في نشاط وهدف محصور ومحدد.
وهذا يعد نوع من املضايقات التي تحد من قدرات منظمات املجتمع املدني ومن تقليص
نشاطاتها ومساهماتها.
وعامة ،يمكن إرجاع أهم أسباب ضعف مساهمة املجتمع املدني في الجزائر إلى ما يلي:
-1عدم وجود ثقافة سياسية حول املجتمع املدني نفسه في األوساط الشعبية عامة ،إذ ظل
الكثيرون باستمرار يتنكرون لدوره ومساهمته ،ألنهم ال يعرفون أهميته ودوره في الحياة
العامة ،مما دفع السلطات في أحيان كثيرة إلى التشكيك في بعض نشاطاته ،وبالتالي التضييق
عليه.
29
محمد مجدان :مساهمة املجتمع املدني في عملية التحول الديمقراطي في الجزائر
-2ربط تنظيمات املجتمع املدني بشخصية معينة ،أي شخصية القائد ،وضعف مبدأ
التداول على القيادة في هذه التنظيمات وفي األحزاب السياسية كذلك ،إن لم يكن انعدامها
تماما.
-3الجري خلف املساعدات والعطايا التي تمنحها الدولة لهذه التنظيمات ،مما أدى إلى تقديم
املصالح الضيقة على حساب أهداف التنظيم وأدواره.
-4عدم وجود برامج واضحة لدى هذه التنظيمات ،بل هيمنت االعمال االرتجالية و املزاجية
على قراراتها ،مع ضعف التنظيم وغياب االحترافية عند الناشطين فيها ،مما جعلها عاجزة
على مجابهة املشاكل التي تواجهها ،والقيام باملهام املوكلة إليها ،وعلى عجزها عن القيام
بأدوارها.
-5عدم وجود شراكة حقيقية بين هذه التنظيمات والسلطات العمومية ،إما بسبب تكاسل
هذه التنظيمات في العمل امليداني من أجل الدخول في مفاوضات مع هذه السلطات ضمن
شراكة مفيدة ،أو بسبب عجز هذه التنظيمات ،نتيجة الحتكار السلطات الحاكمة لعملية
املمارسة السياسية وصناعة القرارات وإصدار القوانين(24).
-6أما أكبر عائق ظلت تواجهه تنظيمات املجتمع املدني في الجزائر ،وكان من أكبر أسباب
ضعفها في أداء دورها ،فهو خضوعها لسيطرة الدولة ،وذلك بقيام هذه األخيرة بفرض
إجراءات وقوانين تعقد وتصعب أوال عملية إنشاء هذه املنظمات ،وتعقد وتصعب عملها
املحدود ثانيا إذا أنشئت .كما ظلت الدولة تقوم بالتغلغل داخل هذه املنظمات والسيطرة
عليها ،بل أكثر من ذلك ظلت تقوم بخلق تنظيمات وجمعيات مصطنعة موازية نابعة من
النظام و تابعة له (25).وهنا يمكن اإلشارة إلى ما ظل يسمي باملسيرات العفوية ،وتجميع
األشخاص املؤطرين لتمجيد النظام والصراخ بحياة الرئيس وبقائه (لجان مساندة الرئيس
بوتفليقة لعدة عهد ،وحتى العهدة الخامسة ألبريل ،2019والتي ألغيت بفضل الحراك
) -(24شايب الذراع ،بن يمينة" ،وضعية املؤسسات الديمقراطية وأثرها في عملية التحول الديمقراطي في
الجزائر" ،مخبر البحوث والدراسات في العالقات الدولية ،جامعة الجزائر ،2012 ،3ص ص ، .190 ،189ص
ص 190 ،189
) -(25املغيري ،محمد زاهي ،املجتمع املدني والدولي ،دالالت املفهوم وإشكالية العالقة ،2018 ،فيhttp://www. :
، mshwashi.20m.com/dirasat/dirasat04.httml2التصفح في..2018.08 18 :
30
املجلة الجزائرية للعلوم السياسية والعالقات الدولية املجلد )2(12العدد 17ديسمبر2021
الشعبي في 22فبراير .)2019كما يمكن ذكر دور املنظمات الجماهيرية الكثيرة التابعة لحزب
السلطة (جبهة التحرير الوطني ))(26
وال شك أن هذه املمارسات الغريبة ،قد تركت تأثيرات سلبية على تنظيمات املجتمع املدني
وعلى نشاطاتها ،فنجدها إما ممنوعة من النشاط ،أو مقيدة بمجموعة من القوانين
والضوابط (27) .نعم إن كثيرا من منظمات املجتمع املدني هي من صنع النظام الحاكم،
وقيليال منها مستقلة ،ولكنها تتعرض لقيود قانونية ومالية صارمة وأحيانا ظاملة ،وإلى
ضغوطات كثيرة ،فافتقارها ملصادر التمويل التي تسمح لها بالنشاط الحر واالستقاللية
شكل عائقا لها ،جعلها عرضة الستغالل النظام ،بل ربما الستغالل الجهات الخارجية(28).
لكل هذا فإن املجتمع املدني خاصة قبل حراك 22فيفري ،2019فقد فاعليته وكفاءته
وتحول إلى مجرد أدوات يستخدمها النظام للسيطرة على املواطنين وتضييق الخناق عليهم
وعلى حريتهم(29).
.2.4وسائل تدعيم مساهمة املجتمع املدني في الجزائر :بالرغم من ضعف دور منظمات
املجتمع املدني في الجزائر نتيجة لألسباب املشار إليها ،إال أنه يمكن دعمها ودفعها للقيام
بأداء وظيفتها بفاعلية أكبر ،وتمكينها من القيام بنشاطها على أتم وجه ،وذلك بتوافر
مجموعة من الوسائل :بعضها اجتماعية -ثقافية ،وأخرى اقتصادية ،وثالثتها سياسية-
قانونية:
.1.2.4الوسائل االجتماعية-الثقافية :هذه الوسائل تعتبر هامة في نجاح املجتمع املدني في
القيام بأدواره عامة ،وفي عملية التحول الديمقراطي خاصة .فال ينشط املجتمع املدني فقط
بقيام مؤسسات تنظيمية مستقلة عن الدولة ،مالم تسبقها ثقافة ترتكز على ضرورة تقييد
نشاطات الدولة بحدود معينة عند تعاملها مع املواطنين ،باحترام حقهم في التفكير والتعبير
والتنظيم واالجتماع ...الخ .وكلما كانت األحوال االجتماعية والثقافية تعاني من انقسامات
) -(26مجدان ،محمد" ،العملية الديمقراطية في الجزائر ،األسباب والعوائق" ،املجلة الجزائرية للسياسات العامة،
مخبر الدراسات وتحليل السياسة العامة في الجزائر ،جامعة الجزائر ،3عدد ،2014 ،5ص ،.64ص 64
) -(27منيس ي ،أحمد ،آفاق التحول الديمقراطي في دول املغرب العربي ،في أحمد منيس ي (محرر) ،التحول الديمقراطي
في دول املغرب العربي ،مركز الدراسات السياسية واالستراتيجية ،القاهرة ، . 2004 ،ص 314
) -(28بابا عرابي ،مسلم" ،املؤسسة العسكرية ومسار التحول الديمقراطي في الجزائر" ،مجلة علوم إنسانية ،عدد
،35خريف ،2007ص ص ، .24 -1ص ص 24-1
) -(29عبد الكريم ،هشام" ،املجتمع املدني ودوره في التنمية السياسية في الجزائر ( ،")1999 -1989رسالة
ماجستير ،كلية العلوم السياسية واإلعالم ،جامعة الجزائر ،2006 -2005 .ص 192
31
محمد مجدان :مساهمة املجتمع املدني في عملية التحول الديمقراطي في الجزائر
داخلية :لغوية أو دينية أو قبلية أو غيرها ،كلما وجدت مؤسسات املجتمع املدني صعوبات
في القيام بدورها الطبيعي(30).
ولهذا يجب دعم املجال الثقافي ،ألنه يعد من األمور املهمة املتعلقة بعملية قيام املجتمع
املدني بأدواره .وفي هذا الصدد يبرز الدور الكبير الذي يمكن أن تلعبه السياسات الثقافية
واإلعالمية والتربوية في املجتمع ،فهي تعتبر أسس هامة للمساهمة في عملية التحول
الديمقراطي(31).
ويتمثل هذا الجانب الثقافي في ركيزتين هامتين هما :العمل على نشر قيم املشاركة ،وتعميق
الوالء للوطن .وحتى يتم تحقيق ذلك يجب االهتمام باملؤسسات التي تقوم بهذا الدور ،وهما
مؤسسات التعليم واإلعالم خاصة ،كما يجب احترام الرأي اآلخر ،وكذا تشجيع املشاركة
السياسية ،أي العمل على ترسيخ التنشئة االجتماعية ،من خالل تعبئة الفرد ليؤدي أدواره
داخل املجتمع ،حتى يصبح مواطنا إيجابيا يساهم في تحقيق التنمية املجتمعية في جميع
امليادين (الشعور باملواطنة) .ومن الواضح أن نشر هذه القيم ،تشكل مجتمعة ثقافة
املجتمع ،وتعتبر أهم قاعدة في تطوير املجتمع املدني في الجزائر(32).
إذن فإن فاعلية تنظيمات املجتمع املدني ومساهمتها في التنمية السياسية وفي عملية
التحول الديموقراطي مرتبط بشكل الثقافة السياسية السائدة ،ويتحقق ذلك من خالل
ثقافة املشاركة ،هذا ما يؤدي إلى انضمام األفراد وإقبالهم على العمل السياس ي ،بل والتأثير
في العملية السياسية برمتها ،ومن ثم إقامة دولة ديمقراطية حقيقية وليست شكلية(33).
ولنجاح اإلطار الثقافي واالجتماعي في دعم املجتمع املدني ،يجب تلبية مطالب االفراد
ورغباتهم ،وتحقيق حاجاتهم الضرورية ،ورفع مستوى الدخل الفردي ،مما يجعلهم يترفعون
عن الحاجات الخاصة بهم ،وعن االنشغال بها ،ويسمح لهم باالهتمام باملشاركة السياسية،
والدخول في األحزاب واملنظمات التي تمثل لهم وسائل للمشاركة في عملية التحول
الديمقراطي.
) –(30ربوح ياسين" ،األحزاب السياسية ودورها في التنمية السياسية في الجزائر ( ،")2008-1996رسالة
ماجستير ،كلية العلوم السياسية واإلعالم ،جامعة الجزائر ، 2009ص 297
) -(31عبد هللا فؤاد ،آليات التغييرالديمقراطي في الوطن العربي ،مركز دراسات الوحدة العربية ،بيروت ،لبنان،
جانفي 1997ص297.
) -(32ربوح ،مرجع سبق ذكره ،ص 195
) -(33عابد ،مرجع سبق ذكره ،ص 72
32
املجلة الجزائرية للعلوم السياسية والعالقات الدولية املجلد )2(12العدد 17ديسمبر2021
.2.2.4الوسائل االقتصادية :أي العمل على تحقيق مستوى معقول من النمو االقتصادي
كأساس ال بد منه لقيام مجتمع مدني نشيط .إذ كما هو معروف فإن فكرة املجتمع املدني
تعود إلى الدول املتقدمة ذات املستوى االقتصادي العالي ،الذي ساهم في تشكيل النظم
الديمقراطية بخالف
الدول املتخلفة ومنها الجزائر ،التي تعاني من أزمات ومشاكل اقتصادية كبيرة ،جعلها تفشل
حتى اآلن في تحقيق نمو وتقدم اقتصادي ،يساهم في رفع املستوى املادي للمواطنين ويمكنهم
بالتالي من االهتمام باملشاركة في األمور السياسية ،وبالتالي في عملية التحول الديموقراطي
عن طريق إنشاء تنظيمات املجتمع املدني واالنضمام لألحزاب واملشاركة في االنتخابات ،الخ.
إذن كلما ارتفع مستوى النمو والتقدم االقتصاديين ،وتحسنت ظروف معيشة املواطنين،
كلما زاد اهتمامهم بالشؤون العامة ،وبالتالي يزداد نشاط املجتمع املدني في املشاركة
السياسية ،ويزداد دوره في التنمية السياسية ،وفي عملية التحول الديموقراطي.
وبالتالي يحتاج تنشيط املجتمع املدني في الجزائر إلى درجة مقبولة من النمو االقتصادي،
وذلك بإعطاء دور أهم للقطاع الخاص وللمبادرات الفردية ،بعيدا عن تدخل الدولة ،الذي
يجب أن يقتصر على تهيئة الظروف الضرورية التي تسمح لالقتصاد أن يشتغل ،وذلك بوضع
القوانين والقواعد التنظيمية لهذه النشاطات الخاصة ،وتحقيق األمن واالستقرار ،دون
تدخل مباشر من طرف الدولة ،ألن تدخلها املباشر في مختلف مجاالت النشاط االقتصادي،
يحد من إمكانية تشكل املجتمع املدني املستقل ومن لعب دور فعال(34).
ومن املسائل االقتصادية ،قضية التمويل التي تواجهها مؤسسات املجتمع املدني في الجزائر،
إذ تمنع من ممارسة أي نشاط اقتصادي أو تجاري ،إال في ميدان الطباعة والنشر .وقد تتجه
إلى التمويل الخارجي الذي يلفه الكثير من الشبهات واملخاطر ،كالتدخل في شؤون هذه
املؤسسات الداخلية ،وتوجيهها بما يحقق مصالح وأهداف الجهات املانحة ،وليس املصلحة
الوطنية (35) .لهذا يجب أن تكون هناك استقاللية مالية لهذه املؤسسات ،وأن يسمح لها
بممارسة النشاطات االقتصادية والتجارية.
.3.2.4الوسائل السياسية-القانونية) :(36وهذه الوسائل هي مجموعة املبادئ والقواعد
السياسية والقانونية التي تعد الضمانات الضرورية لنشاط منظمات املجتمع املدني ،والتي
33
محمد مجدان :مساهمة املجتمع املدني في عملية التحول الديمقراطي في الجزائر
يمكن حصرها في توفير إطار سياس ي يمكن مختلف هذه املنظمات من حرية التعبير عن
أفكارها ومصالحها بطريقة سليمة ومنظمة .وتعتبر الديمقراطية أحسن إطار سياس ي لتطور
املجتمع املدني) .(37إن تدعيم الديمقراطية هو األساس الصحيح لقيام املجتمع املدني،
وضمان حقوق األفراد وحرياتهم ،كحق التصويت واالختيار وحرية التعبير وحق االجتماع ...
الخ ,ومن هنا تظهر تلك العالقة التفاعلية بين الديمقراطية واملجتمع املدني(38).
ولتحقيق فعالية التعددية من أجل الوصول إلى الديمقراطية الصحيحة ،يتطلب األمر
ما يلي:
.1القبول بمبدأ التنوع والتعدد والتداول على السلطة سلميا من قبل النظام القائم.
.2ضمان حقوق اإلنسان واحترامها ،باعتبارها من متطلبات تطوير وتنشيط املجتمع املدني.
.3احترام مبدأ الفصل بين السلطات ،ووضع الحدود بين مختلف املؤسسات و أجهزة الدولة
حسب الوظائف واألدوار(40).
.4قيام عالقة تكاملية بين الدولة واملجتمع املدني ،مبنية على أسس مبادئ املواطنة وسيادة
القانون ودولة املؤسسات ،باإلضافة إلى تحقيق العدالة في توزيع أعباء التنمية وثمارها على
الجميع ،وكذلك دعم دور املجتمع املدني ،لتصبح العالقة بين الطرفين منظمة بإطار قانوني
من أجل تحقيق نوع من التوازن والتكامل(41).
) -(37مرس ي ،مشري ،التحوالت السياسية وإشكالية التنمية في الجزائر ،و اقع وتحديات املجتمع املدني في
الجزائر :دراسة في آلية التفعيل ،ملتقى بكلية العلوم القانونية واإلدارية ،جامعة الشلف 20أوت ،2005ص 16
) -(38عبد الكريم ،مرجع سبق ذكره ،ص 166
) -(39املرجع نفسه ،ص 154
) -(40الصبيحي ،أحمد شكري ،مستقبل املجتمع املدني في الوطن العربي ،ط ،1مركز دراسات الوحدة العربية،
بيروت ،لبنان ،.2000 ،ص 197
) -(41مرس ي ،مرجع سبق ذكره ،ص 16
34
املجلة الجزائرية للعلوم السياسية والعالقات الدولية املجلد )2(12العدد 17ديسمبر2021
.5ضرورة وجود وسائل تسمح بالتداول على القيادة داخل مؤسسات املجتمع املدني .إذ
يالحظ هيمنة الثقافة التسلطية في هذه املؤسسات ،نفس الشخص القائد منذ نشأة
املنظمة (الشخصنة).
.6يجب التخفيف من سيطرة وتغلغل الدولة داخل املجتمع املدني ومحاولة احتوائه ،بحجة
املبرر األمني وحجة حماية النظام العام ،مما يؤدي إلى التضييق على الحريات العامة
والنشاطات(42).
لهذا على الدولة أن تلتزم بقدر من الحياد إزاء فعاليات املجتمع املدني وتنظيماته
املختلفة ،وكذلك التخفيف من اإلجراءات البيروقراطية املعرقلة في التعامل معها سواء في
إنشائها أو حول نشاطاتها كذلك(43).
.7دعم عملية اإلتصال بين النظام ومؤسسات املجتمع املدني عن طريق الوسائل الرسمية
وغير الرسمية ،لتمكين فعاليات هذا املجتمع من التعبير عن نفسها ،ولذلك وجب تفعيل
دور اإلعالم وتنشيطه.
كما يجب أن يكون هناك تنسيق بين مؤسسات املجتمع املدني نفسها ،وتدعيم وسائل
الحوار بينها وبين املواطنين من أجل تحسيسهم بأهمية العمل الحزبي والجمعوي والسياس ي.
ولتحقيق هذا الدور يجب تعبئة وسائل اإلعالم واإلتصال املختلفة كذلك حتى تلعب هذا
الدور.
إذا تحققت هذه املطالب والشروط ،يستطيع املجتمع املدنى أن يلعب دوره كما يجب،
ويمكن أن يساهم في تحقيق تحول ديموقراطي سليم ،وبالتالي الوصول إلى قيام دولة
ديموقراطية حقيقية في الجزائر.
خاتمة:
تم تناول مساهمة املجتمع املدني في عملية التحول الديمقراطي في الجزائر ،منذ اإلصالحات
السياسية الثانية سنة 2012إلى اليوم ،نظرا ألن الجزائر تعتبر من بين الدول التي بدأت
خطوات في مرحلة التحول هذا .فتم التعرض ملفهوم املجتمع املدني بصفة عامة ،وظهور
) . -(42زياني ،صالح" ،واقع وآفاق املجتمع املدني كآلية لبناء وترسيخ التعددية في العالم العربي" ،مجلة العلوم
االجتماعية واإلنسانية ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة بسكرة ،عدد ،2003 ،9ص .80ص .80
) -(43مرس ي ،مرجع سبق ذكره ،ص .17
35
محمد مجدان :مساهمة املجتمع املدني في عملية التحول الديمقراطي في الجزائر
املجتمع املدني في الجزائر وتطوره بصفة خاصة .كما تم تحليل مساهمته في عملية التحول
هذه ،من خالل استعراض دوره في عملية التنشئة السياسية ،وفي عملية املشاركة
السياسية ،وكذلك بالتعرض إلى العالقة التي ظلت تربط املجتمع املدني بالسلطة السياسية
الحاكمة في الجزائر.
واتضح أن وظيفة هذا املجتمع في عملية التحول الديمقراطي في الجزائر هامة جدا ،مثلها
مثل الوظيفة التي تلعبها املؤسسات الرسمية في الدولة .هذه األهمية نابعة خاصة من امتالك
املجتمع املدني رصيدا ثقافيا ومعرفيا ،يسمح للجزائر من الحصول على فرص جديدة إلقامة
دولة ديمقراطية حقيقية نابعة من خصوصيات ومقومات املجتمع الجزائري .فاملجتمع
املدني هو انعكاس للخلفيات االجتماعية والثقافية والتاريخية وغيرها لهذا ملجتمع ،مما
يسمح له بأن يكون مصدرا للعديد من الحلول للمشاكل الكثيرة التي تواجه عملية التحول
الديمقراطي .هذا يبين العالقة الهامة بين املجتمع املدني في الجزائر ،والعملية
الديموقراطية ،حيث أن عمل مؤسسات هذا املجتمع قائم على تنظيم مشاركة املواطنين في
العملية السياسية ،وكذا الوصول إلى املساهمة في صنع القرارات في مختلف مجاالت حياتهم.
وهذا يظهر الدور الهام الذي يلعبه املجتمع املدني في دفع عملية التحول الديمقراطي في
الجزائر إلى األمام ،وخاصة إذا سمح له بالقيام بدوره هذا ،واملتعلق بتنشيط املشاركة
السياسية ،وترسيخ ثقافة اجتماعية وسياسية ،تكون القاعدة األمامية في إقامة التنشئة
االجتماعية والسياسية.
ولكن في الجزائر ظلت العالقة بين املجتمع املدني والسلطة السياسية تتميز بالتبعية،
بسبب عدم ثقة هذه السلطة بمنظماته .فهي تراها مصدر تهديد لها ،مما جعلها منظمات
مراقبة ومقيدة .ونتيجة لذلك ظلت فاعلية املجتمع املدني في الجزائر ضعيفة جدا ،ودورها
ظل محدودا ،بسبب طبيعة النظام وسياسة الهيمنة .باإلضافة إلى األسباب األخرى التي
ذكرت في ثنايا هذه الدراسة.
ولهذا لكي يحصل تحول ديمقراطي صحيح ،يجب أن يمكن املجتمع املدني من أداء نشاطه
وذلك بفتح املجال أمامه للمساهمة في ترسيخ الديمقراطية ،ألن هذه مسؤولية جميع
الشركاء االجتماعيين ،وليست مسؤولية الدولة وحدها .كما يجب أن يتم تكريس مبادئ
الديمقراطية داخل هياكل منظمات املجتمع املدني أوال ،خاصة فيما يتعلق بثقافة التداول
على القيادة ،والعمل على تثبيت هذه الثقافة على مستوى الفاعلين داخل هذه املنظمات.
باإلضافة إلى تهيئة الوسائل الثقافية-االجتماعية واالقتصادية والسياسية-القانونية التي
36
املجلة الجزائرية للعلوم السياسية والعالقات الدولية املجلد )2(12العدد 17ديسمبر2021
تعمل دعم املجتمع املدني ودفعه ليقوم بنشاطه كما ينبغي .وقد يكون الحراك األخير بداية
لدور كبير لهذا املجتمع املدني في نجاح العملية الديموقراطية الحقيقية في الجزائر .فقد أدى
إلى سقوط النظام الذي ظل قائما لعقود طويلة ،وإلى إجراء انتخابات رئاسية في 12ديسمبر
،2019نأمل أن تكون بداية لتحول ديمقراطي حقيقي.
ومع هذا يمكن مقارنة تطور دور املجتمع املدني في الجزائر من حيث اهتمام املشرع
الجزائري به وبدوره في كل اإلصالحات والتعديالت السياسية والدستورية التي تمت .كما
يمكن رؤية التطور الكمي ملؤسسات املجتمع املدني من حيث زيادة عددها باطراد عبر مراحل
فترة الدراسة ( .)2021 -2012باإلضافة إلى تحسين تنظيم هذه املؤسسات ،مما أدى إلى زيادة
فاعليتها ،خاصة بعد حراك 22فبراير ،2019وأصبحت أكثر استقاللية عن النظام
السياس ي ،مقارنة بما كانت تتميز به بالتبعية له من قبل .كما يمكن رؤية نوع من االنسجام
والتنافس بين مختلف هذه التنظيمات بدل الصراع والتنافر الذي كان سائدا بينها.
املراجع:
.1الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ،قانون رقم ،16.06املؤرخ في ،2012. 01 .12
يتعلق بالجمعيات ،الجريدة الرسمية ،العدد ،2في 15 :جانفي .2012
.2الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ،قانون رقم ،01 .16املؤرخ في،2016 .6.3 :
يتضمن تعديل الدستور الجريدة الرسمية ،العدد ،14في 3 :جويلية 2016
.3الصبيحي ،أحمد شكري ،مستقبل املجتمع املدني في الوطن العربي ،ط ،1مركز دراسات
الوحدة العربية ،بيروت ،لبنان.2000 ،
.4الصوراني ،غازي ،تطوراملجتمع املدني وأزمة املجتمع العربي ،مركز دراسات الغد العربي،
غزة ،فلسطين .2004
.5املغيري ،محمد زاهي ،املجتمع املدني والدولي ،دالالت املفهوم وإشكالية العالقة،2018 ،
،http://www. mshwashi.20m.com/dirasat/dirasat04.httml2التصفح في18 : في:
.2018.08.
37
محمد مجدان :مساهمة املجتمع املدني في عملية التحول الديمقراطي في الجزائر
.6بابا عرابي ،مسلم" ،املؤسسة العسكرية ومسار التحول الديمقراطي في الجزائر" ،مجلة
علوم إنسانية ،عدد ،35خريف ،2007ص ص .24 -1
.7بياض ي ،محي الدين" ،املجتمع املدني في دول املغرب العربي ،دوره في التنمية السياسية"،
رسالة ماجستير غير منشورة ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة بسكرة-2011 ،
2012
.8بوزيد ،بومدين" ،حدود قوه التشريع والتغيير السياس ي وسبل تعزيز التحول الديمقراطي،
محاولة فهم التجربة الديمقراطية في الجزائر" ،املجلة العربية للعلوم السياسية ،عدد ،11
،2006ص . 64
.9ديلو ،ستيفن ،املجتمع املدني بين التفكير السياس ي والنظرية السياسية ،ترجمة ربيع
وهبة ،املجلس األعلى للثقافة ،القاهرة .2003
.10ربوح ،ياسين" ،األحزاب السياسية ودورها في التنمية السياسية في الجزائر ( -1996
،")2008رسالة ماجستير ،كلية العلوم السياسية واإلعالم ،جامعة الجزائر.2009 ،
.11زياني ،صالح" ،واقع وآفاق املجتمع املدني كآلية لبناء وترسيخ التعددية في العالم العربي"،
مجلة العلوم االجتماعية واإلنسانية ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة بسكرة،
عدد ،2003 ،9ص .80
.12شايب الذراع ،بن يمينة" ،وضعية املؤسسات الديمقراطية و أثرها في عملية التحول
الديمقراطي في الجزائر" ،مخبر البحوث والدراسات في العالقات الدولية ،جامعة الجزائر
،2012 ،3ص ص.190 ،189
.13ضميري ،عزيزة" ،الفواعل السياسية ودورها في صنع السياسة العامة في الجزائر"،
رسالة ماجستير ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة باتنة. 2008 -2007 ،
.14عابد ،عمر" املجتمع املدني في الجزائر ودوره في التنمية السياسية" ،مذكرة ماستر،
كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة ورقلة.2016 -2015 ،
.15عبد الكريم ،هشام" ،املجتمع املدني ودوره في التنمية السياسية في الجزائر (-1989
،")1999رسالة ماجستير ،كلية العلوم السياسية واإلعالم ،جامعة الجزائر2006 -2005 .
.16عبد هللا ،فؤاد ،آليات التغيير الديمقراطي في الوطن العربي ،مركز دراسات الوحدة
العربية ،بيروت ،لبنان ،جانفي .1997
38
املجلة الجزائرية للعلوم السياسية والعالقات الدولية املجلد )2(12العدد 17ديسمبر2021
.17كربوسة ،عمراني" ،املجتمع املدني في ظل الحراك العربي الراهن ،أي دور ؟" ،مجلة العلوم
االجتماعية واإلنسانية ،عدد ،16سبتمبر ،2014كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة
بسكرة ،ص .162
.18مجدان ،محمد" ،العملية الديمقراطية في الجزائر ،األسباب والعوائق" ،املجلة
الجزائرية للسياسات العامة ،مخبر الدراسات وتحليل السياسة العامة في الجزائر ،جامعة
الجزائر ،3عدد ،2014 ،5ص .64
.19مرس ي ،مشري ،التحوالت السياسية وإشكالية التنمية في الجزائر ،و اقع وتحديات
املجتمع املدني في الجزائر :دراسة في آلية التفعيل ،ملتقى بكلية العلوم القانونية واإلدارية،
جامعة الشلف 20أوت 2005
.20منيس ي ،أحمد ،آفاق التحول الديمقراطي في دول املغرب العربي ،في أحمد منيس ي
(محرر) ،التحول الديمقراطي في دول املغرب العربي ،مركز الدراسات السياسية
واالستراتيجية ،القاهرة. 2004 ،
.21موازي ،بالل" ،الجمعيات املدنية كأساس لتفعيل التنمية السياسية في الجزائر" ،مجلة
جيل للدراسات السياسية والعالقات الدولية ،عدد ،1جانفي 2015ص.148
.22هرنبرج ،جون ،املجتمع املدني التاريخ النقدي للفكرة ،ترجمة علي حاكم وحسن ناظم،
املنظمة العربية للترجمة ،بيروت .2008
.23هنتنغتن ،صموئيل ،املوجة الثالثة والتحول الديمقراطي في أواخر القرن العشرين،
ط ،1ترجمة عبد الوهاب علوب ،دار سعاد الصباح ،الكويت.1993 ،
.24والي ،يسعد ،االنتخابات البرملانية واملحلية وعواقبها على القطب الحزبي الرائد ،ملتقى
حول االنتخابات املحلية والبرملانية في الجزائر بكلية العلوم السياسية والعالقات الدولية،
جامعة الجزائر ،3ديسمبر .2017
.25وكالة الواليات املتحدة األمريكية للتنمية الدولية ،املجتمع املدني في العالم العربي
.2013
39