You are on page 1of 29

2021‫ ديسمبر‬17 ‫) العدد‬2(12 ‫املجلة الجزائرية للعلوم السياسية والعالقات الدولية املجلد‬

‫مساهمة املجتمع املدني في عملية التحول الديمقراطي‬


‫ بين الفاعلية والضعف‬:)2021-2012(‫في الجزائر‬
Contribution of Civil Society in the Democratic Transformation Process in
Algeria (2012-2021): Between Effectiveness & Weakness
(*) ‫ محمد مجدان‬:‫د‬.‫أ‬

2021/11/26 :‫تاريخ القبول‬ 2021/07/24 :‫تاريخ االستالم‬

Abstract: :‫امللخص‬
This study analyses the ‫تقوم هذه الدراسة بتحليل مساهمة املجتمع‬
contribution of civil society in the
transformation towards democracy ‫في‬،‫املدني في العملية الديمقراطية في الجزائر‬
in Algeria between 2012 & 2021, by ‫ وذلك من خالل‬2021 ‫ و‬2012 ‫الفترة ما بين‬
examining, first, the concept of civil ،‫التعرف على مفهوم املجتمع املدني بصفة عامة‬
society in general, and then the
state of civil society in Algeria: its :‫والتطرق إلى املجتمع املدني في الجزائر‬
emergence, its evolution & its ‫ ودوره في عملية التحول الديمقراطي‬،‫ظهوره‬
contribution to the process through ‫ والذي يبرز في عملية التنشئة السياسية‬،‫فيها‬
political socialization, political
participation as well as its ‫ وكذلك في عالقته بالنظام‬،‫واملشاركة السياسية‬
relationship with the political ‫ ثم يتم تناول فاعلية تأثير‬.‫السياس ي في الجزائر‬
regime in the country. This study ‫ أو ضعفه‬،‫هذا املجتمع املدني في هذه العملية‬
also assesses the effectiveness of
civil society organizations in ‫ وأخيرا يتم تناول الوسائل التي يمكن أن‬.‫فيها‬
enhancing the democratic ‫تدفع املجتمع املدني وتدعمه لكي يساهم‬
transformation in Algeria. Finally, .‫بفاعلية في هذا التحول‬
the study presents certain means
‫وتنبع أهمية هذه الدراسة من كونها تتناول‬
and conditions through which the
civil society in Algeria can play ‫موضوعا هاما مرتبطا بنجاح العملية‬
more effective and active role. The ،‫ مساهمة املجتمع املدني في ذلك‬:‫الديمقراطية‬
importance of this study lies in its

e. mail: 3 ‫ جامعة الجزائر‬،‫)*(كلية العلوم السياسية والعالقات الدولية‬


medjden.mohammed@outlook.fr

11
‫محمد مجدان‪ :‬مساهمة املجتمع املدني في عملية التحول الديمقراطي في الجزائر‬

‫‪attempt to depict the link between‬‬ ‫انطالقا من االستفادة من تجارب دول أخرى‬
‫‪democracy and the civil society in‬‬ ‫سبقت الجزائر‪ .‬ولكن رغم هذا‪ ،‬فإن املجتمع‬
‫‪Algeria, which this paper argues‬‬
‫‪that it has relatively played limited‬‬ ‫املدني في الجزائر تميز بالضعف بسبب عدة‬
‫‪role for several reasons that are to‬‬ ‫أسباب‪ ،‬يتم تبيانها في ثنايا هذه الدراسة‪.‬‬
‫‪be explained.‬‬ ‫لهذا تنتهي الدراسة إلى أنه لكي يساهم املجتمع‬
‫‪Key words:‬‬
‫‪civil‬‬ ‫;‪society‬‬ ‫‪Democratic‬‬ ‫املدني بفاعلية في عملية التحول الديمقراطي في‬
‫;‪transformation‬‬ ‫‪Political‬‬ ‫الجزائر‪ ،‬ال بد من تحقيق شروط وإيجاد أرضية‬
‫;‪socialization‬‬ ‫‪Political‬‬ ‫مالئمة لذلك‪ ،‬بتوافر مجموعة من الوسائل‪:‬‬
‫‪participation; Political regimes.‬‬
‫ثقافية‪-‬اجتماعية‪ ،‬واقتصادية‪ ،‬وقانونية‪-‬‬
‫سياسية‪ ،‬تدعم دور املجتمع املدني وتدفعه إلى‬
‫املساهمة الجيدة‪.‬‬
‫الكلمات املفتاحية‪ :‬املجتمع املدني‪ ،‬التحول‬
‫الديموقراطي‪ ،‬التنشئة السياسية‪ ،‬املشاركة‬
‫السياسية النظام السياس ي‪ ،‬مساهمة املجتمع‬
‫املدني‪ ،‬الجزائر‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫ال يجادل أحد في الدور الهام الذي يلعبه املجتمع املدني في املساهمة في عملية التحول‬
‫الديمقراطي في مختلف دول العالم‪ ،‬وذلك ألنه يعتبر من الفواعل األساسية في هذه العملية‪،‬‬
‫فهو يعد همزة الوصل التي تربط بين املواطنين والنظام السياس ي‪ ،‬وذلك بتحويل انشغاالتهم‬
‫ومطالبهم إليه‪ ،‬إذ يتم بواسطته الضغط على هذا النظام للحصول على تلك املطالب‪،‬‬
‫واالهتمام بتلك االنشغاالت‪ ،‬وتحويلها إلى سياسات عامة‪ ،‬وإلى قرارات يستفيد منها الجميع‪.‬‬
‫كما أن للمجتمع املدني تأثيرا مباشرا على املواطنين أنفسهم في ميادين الحياة املختلفة‪،‬‬
‫ألنه األقرب إليهم‪ ،‬وبالتالي فبإمكانه فهم سلوكاتهم ومواقفهم إزاء أي ظاهرة سياسية أو‬
‫اجتماعية‪ . .‬الخ‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫املجلة الجزائرية للعلوم السياسية والعالقات الدولية املجلد ‪ )2(12‬العدد ‪ 17‬ديسمبر‪2021‬‬

‫للمجتمع املدني كذلك تأثير على قرارات النظام السياس ي املختلفة‪ ،‬ومنها عملية التحول‬
‫الديمقراطي‪ .‬كما ينظر النظام السياس ي إلى املجتمع املدني باعتباره الشريك االساس ي له في‬
‫صناعة القرارات الهامة واملصيرية في املجتمع‪ .‬وأخيرا يلعب املجتمع املدني دورا هاما في ضمان‬
‫تثبيت واحترام مبادئ الديمقراطية‪ ،‬وضمان حقوق االنسان والحريات العامة في املجتمع‬
‫واحترامها‪.‬‬
‫ومن هنا تظهر أهمية موضوع دور املجتمع املدني علميا‪ ،‬من حيث جلب اهتمام الباحثين‬
‫والدارسين وصناع القرار في مختلف الدول‪ ،‬وعمليا بالنظر لتطوراته السياسية في دول‬
‫العالم الثالث عامة‪ ،‬مما أدى إلى القيام باإلصالحات والتعديالت السياسية والدستورية في‬
‫هذه الدول‪.‬‬
‫وتعتبر الجزائر من بين الدول التي اهتمت باملجتمع املدني وبنشاطه ومساهمته‪ ،‬من خالل‬
‫حثها وتشجيعها على إنشاء الجمعيات على اختالف أنواعها وتنوع نشاطاتها‪ .‬وما التشريعات‬
‫املختلفة حول املوضوع إال دليال واضحا على هذا االهتمام وذاك التشجيع‪ .‬كما أن هناك من‬
‫يعتبر املجتمع املدني في الجزائر مهما من خالل الدور الذي لعبه في دفع الكثير من اإلصالحات‬
‫والتغييرات السياسية االقتصادية واالجتماعية إلى البروز والتحقق‪ ،‬باإلضافة إلى مساهمته‬
‫في املحافظة على التوازنات العامة داخل الدولة‪ ،‬خاصة في ظل الظروف الصعبة‬
‫واالستثنائية التي مرت بها البالد‪.‬‬
‫كما تظهر هذه األهمية للمجتمع املدني في الجزائر في تناوله واالهتمام به في الخطابات‬
‫الرسمية‪ ،‬وفي املجال اإلعالمي كذلك‪ ،‬حيث أصبح عامال مهما يعول عليه في كثير من األمور‬
‫الهامة ومنها العملية السياسية‪ ،‬وعملية التحول الديموقراطي‪.‬‬
‫إشكالية الدراسة‪ :‬بناء على ما تقدم ذكره‪ ،‬ستحاول هذه الدراسة معالجة مساهمة‬
‫املجتمع املدني في عملية التحول الديمقراطي في الجزائر من خالل اإلجابة عن اإلشكالية‬
‫التالية‪ :‬كيف أسهم املجتمع املدني في عملية التحول الديمقراطي في الجزائر‪ ،‬وخاصة منذ‬
‫اإلصالحات السياسية الثانية سنة ‪ 2012‬إلى اليوم (‪ )2021‬؟‬
‫وتتفرع عن هذه اإلشكالية األسئلة التالية‪ :‬ما هو مفهوم املجتمع املدني‪ ،‬وما هو مفهوم‬
‫التحول الديمقراطي؟ ما هو واقع املجتمع املدني في الجزائر؟ ماهي حدود مساهمة املجتمع‬
‫املدني في الجزائر في عملية التحول الديمقراطي؟ كيف يتم دفع ودعم مساهمة املجتمع‬
‫املدني هذه؟‬

‫‪13‬‬
‫محمد مجدان‪ :‬مساهمة املجتمع املدني في عملية التحول الديمقراطي في الجزائر‬

‫فرضيات الدراسة‪ :‬ملعالجة اإلشكالية واألسئلة املتفرعة‪ ،‬يمكن وضع الفرضيات التالية‪:‬‬
‫كلما ارتفعت مساهمة املجتمع املدني في الجزائر ازدادت فرص نجاح عملية التحول‬ ‫‪-‬‬
‫الديمقراطي‬
‫كلما كان املجتمع املدني أكثر تنظيما‪ ،‬كلما ساهم في عملية التحول الديمقراطي في‬ ‫‪-‬‬
‫الجزائر‪.‬‬
‫ربما هناك ارتباط بين استقاللية املجتمع املدني في الجزائر ومساهمته في عملية‬ ‫‪-‬‬
‫التحول الديمقراطي‪.‬‬
‫تتوقف فاعلية املجتمع املدني في الجزائر ومساهمته في العملية الديمقراطية‪ ،‬قوة‬ ‫‪-‬‬
‫وضعفا‪ ،‬تبعا لطبيعة النظام السياس ي الحاكم وعالقته به‪.‬‬
‫ربما ضعف املجتمع املدني في الجزائر‪ ،‬يؤثر سلبا على التنشئة االجتماعية‬ ‫‪-‬‬
‫والسياسية للمواطنين‪.‬‬
‫مقاربات ومناهج الدراسة‪ :‬ولإلجابة على اإلشكالية واألسئلة املتفرعة عنها‪ ،‬وللتأكد من‬
‫صحة الفرضيات املطروحة أو ال‪ ،‬تستعين الدراسة باملقاربات واملناهج التالية من أجل‬
‫املساعدة على الفهم والتحليل‪.‬‬
‫املقاربات‪ :‬هناك اقتراب التفاعل السياس ي‪ ،‬وهناك املقاربة السلوكية‪.‬‬
‫‪ -‬اقتراب التفاعل السياس ي‪ :‬الذي ينطلق من افتراض أن عالقة الدولة باملجتمع عامل هام‬
‫لفهم ديناميكية الحياة السياسية‪ .‬فاألفراد والحكومات مقيدون بعوامل تاريخية واجتماعية‬
‫وأيديولوجية وثقافية ودولية‪ ،‬وهي التي تحدد الخيارات املتاحة أمام صانع القرار‪ ،‬والتي ال‬
‫تقتصر على املوظفين الرسميين للدولة وعلى السياسيين‪ ،‬بل تتعداهم إلى التنظيمات‬
‫املدنية‪ .‬ومن خالل هذا االقتراب يمكن تناول طبيعة العالقة التي تحكم النظام السياس ي في‬
‫الجزائر باملجتمع املدني‬
‫‪ -‬املقاربة السلوكية‪ :‬التي تعتمد على نوع من اآللية في تحليل الظواهر‪ ،‬قائمة على الفعل‬
‫ورد الفعل‪ ،‬والسلوك حسبها ال يتغير عن طريق تفاعالت داخلية‪ ،‬بل استجابة لتغير العوامل‬
‫الخارجية واملحيط‪ .‬ومن خالل هذه املقاربة يمكن مالحظة أهمية دور املجتمع املدني في‬
‫عملية التحول الديمقراطي في الجزائر‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫املجلة الجزائرية للعلوم السياسية والعالقات الدولية املجلد ‪ )2(12‬العدد ‪ 17‬ديسمبر‪2021‬‬

‫‪ -‬املنهج املقارن‪ ،‬وذلك من خالل ضبط العالقة بين متغيري الدراسة املجتمع املدني والتحول‬
‫الديمقراطي في الجزائر خالل الفترة املمتدة بين ‪ 2012‬و ‪ ،2021‬من أجل الوقوف على‬
‫مميزات ونقائص املجتمع املدني خاللها‪ ،‬وكذا الرهانات والتحديات التي تواجههما‪ .‬كما أن‬
‫هذا املنهج يلقي الضوء على أدوار ووظائف املجتمع املدني عبر هذه املرحلة‪ ،‬ويساعد على‬
‫تقييم التأثيرات والنتائج‪.‬‬
‫‪ -‬املنهج التاريخي‪ ،‬وهو يساعد على دراسة ظاهرة حاضرة تمتد جذورها إلى املاض ي‪ ،‬ومعرفة‬
‫العوامل التي أنشأتها وأثرت فيها والتطورات التي لحقت بها‪ .‬وفي هذه الدراسة يتم تحليل‬
‫التطور التاريخي ملتغيري الدراسة‪ :‬الديمقراطية واملجتمع املدني عامة وفي الجزائر خاصة‪.‬‬
‫تقسيم الدراسة‪ :‬تهدف هذه الدراسة إذن إلى إماطة اللثام على مساهمة املجتمع املدني في‬
‫الجزائر في عملية التحول الديمقراطي‪ .‬وسيتم ذلك من خالل التعرف على مفهوم املجتمع‬
‫املدني عامة وعلى أهم مؤسساته‪ ،‬وكذلك التعرف على مفهوم التحول الديمقراطي‪ .‬ثم سيتم‬
‫تناول املجتمع املدني في الجزائر‪ :‬ظهوره ومساهمته في الساحة السياسية‪ :‬في عملية التنشئة‬
‫السياسية‪ ،‬وفي املشاركة السياسية‪ ،‬باإلضافة إلى طبيعة العالقة التي ظلت تربطه بالسلطة‬
‫السياسية في الجزائر‪ .‬كل ذلك من أجل معرفة كيف ساهم في عملية التحول الديمقراطي‬
‫فيها منذ اإلصالحات السياسية الثانية سنة ‪ 2012‬إلى اليوم‪ .‬ثم سيتم التعرض لألسباب التي‬
‫ظلت تعيق هذا املجتمع املدني عن القيام بدوره‪ .‬وأخيرا سيتم تناول الوسائل التي من شأنها‬
‫العمل على تدعيم املجتمع املدني ودفعه لكي يقوم بمساهمة فعالة في هذا املجال‪.‬‬
‫‪ .2‬مفهوم املجتمع املدني‪ ،‬ومفهوم التحول الديمقراطي‪ :‬سيتم هنا التعرف على مفهوم كل‬
‫من متغيري الدراسة‪ :‬املجتمع املدني‪ ،‬بتناول تعريفه ونشأته‪ ،‬باإلضافة إلى مكوناته‬
‫ومؤسساته‪ ،‬ثم مفهوم التحول الديمقراطي وما يرتبط به‪.‬‬
‫‪ .1. 2‬مفهوم املجتمع املدني‪ :‬يعد مفهوم املجتمع املدني من بين أكثر املفاهيم عرضة للنقاش‬
‫والخالف‪ ،‬إذ ليس هنالك اتفاق حول مفهومه‪ ،‬ألنه مصطلح غامض ومرن في نفس الوقت‪،‬‬
‫وخاضع لعدة تفسيرات والتي قد تكون متناقضة أحيانا‪ ،‬وذلك حسب رأي املفكر واملرجعية‬
‫التي ينطلق منها‪ ،‬وكذلك بسبب اإلختالف الكبير بين ما يمكن إدراجه ضمن إطار املجتمع‬
‫املدني وما ال يمكن‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫محمد مجدان‪ :‬مساهمة املجتمع املدني في عملية التحول الديمقراطي في الجزائر‬

‫وإذا ما تم استعراض تاريخ ظهور ونشأة املجتمع املدني‪ ،‬فإن جذوره ترجع إلى أرسطو الذي‬
‫قام بتقسيم الدولة إلى ثالث طبقات‪ :‬الطبقة الغنية جدا‪ ،‬الطبقة الفقيرة جدا‪ ،‬والطبقة‬
‫الوسطى‪ ،‬ولكل طبقة دورها في املجتمع‪ ،‬والذي يتفاوت من طبقة ألخرى)‪.(1‬‬
‫إال أن معالم املجتمع املدني لم تتبلور‪ ،‬ومظاهره لم تتضح إال في القرنين ‪17‬و‪ ،18‬وارتبط‬
‫ذلك بتطور الفكر السياس ي في أوربا‪ ،‬وبظهور نظرية العقد اإلجتماعي هناك‪ ،‬وكذلك بعد‬
‫انتقال‬
‫املجتمع األوروبي من النظام اإلقطاعي الزراعي إلى النظام الرأسمالي التجاري الصناعي‪ ،‬وما‬
‫نتج عن هذا االنتقال من صراعات على جميع األصعدة‪ :‬فكرية‪ ،‬اجتماعية‪ ،‬سياسية‬
‫واقتصادية وغيرها‪ ،‬كانت بداية لتشكل املجتمع املدني وبلورته)‪.(2‬‬
‫كما كان لنجاح الثورات السياسية هناك‪ ،‬الدور الكبير في تشكل املجتمع املدني وظهوره‬
‫بشكل أوضح‪ ،‬بدءا بالثورة الهولندية في القرن‪ ،17‬والثورة البريطانية (‪ ،)1688 -1641‬فالثورة‬
‫الفرنسية (‪ ،)1815 -1785‬والثورة األملانية في منتصف القرن ‪ .19‬هذه الثورات نقلت املجتمع‬
‫األوروبي من مجتمع مسير تبعا لنظرية الحق اإللهي وقوانين الطبيعة‪ ،‬إلى مجتمع مدني‬
‫متحضر يقوم على مبادئ الديمقراطية والحرية‪(3).‬‬

‫ولهذا فقد اتفق املفكرون الغربيون على اختالف توجهاتهم‪ ،‬على أن املجتمع املدني مر‬
‫بمرحلتين‪ :‬في األولى كان الناس يعيشون تبعا لقوانين الطبيعة‪ ،‬وهي الحالة التي سبقت دخول‬
‫اإلنسان في املجتمع وتسمى حالة طبيعية‪ .‬وفي الثانية‪ ،‬انتقل اإلنسان للعيش داخل املجتمع‪،‬‬
‫في ظل قيود وقوانين يخضع لها الجميع‪ ،‬والتي تم وضعها تبعا لعقد اجتماعي بين الناس)‪.(4‬‬
‫أما عن تعريف املجتمع املدني‪ ،‬فنجد أن هناك تعاريف متعددة في الفكر الغربي خاصة‪:‬‬
‫ٌ‬
‫‪ -‬فقد عرفه ( ‪ ) Hygel‬بأنه‪" :‬تلك األنظمة واألنشطة التي تقوم على أساس التعاقد بين األفراد‬
‫خارج إطار العائلة أو الدولة"‪.‬‬

‫)‪ -(1‬هرنبورغ‪ ،‬جون‪ ،‬املجتمع املدني التاريخ النقدي للفكرة‪ ،‬ترجمة علي حاكم وحسن ناظم‪ ،‬املنظمة العربية‬
‫للترجمة‪ ،‬بيروت ‪ .2008‬ص ص ‪.55 ،54‬‬
‫)‪ –(2‬الصوراني غازي‪ ،‬تطور املجتمع املدني وأزمة املجتمع العربي‪ ،‬مركز دراسات الغد العربي‪ ،‬غزة‪ ،‬فلسطين‬
‫‪ .2004‬ص ‪26‬‬
‫)‪ -(3‬املرجع نفسه‪ ،‬ونفس الصفحة‬
‫)‪–(4‬بياض ي محي الدين‪" ،‬املجتمع املدني في دول املغرب العربي‪ ،‬دوره في التنمية السياسية"‪ ،‬رسالة ماجستير غير‬
‫منشورة‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة بسكرة‪ ،2012 -2011 ،‬ص ص ‪17،18‬‬

‫‪16‬‬
‫املجلة الجزائرية للعلوم السياسية والعالقات الدولية املجلد ‪ )2(12‬العدد ‪ 17‬ديسمبر‪2021‬‬

‫‪ -‬وعرفه )‪ ) Stephen Dilo‬بأنه‪":‬أشكال من الجمعيات يطلق عليها غالبا مجموعات طوعية‪،‬‬


‫توجد خارج الهياكل الرسمية للدولة‪ ،‬ينضم إليها املواطنون طواعية‪ ،‬وتعمل ضد سلطة‬
‫الحكومة املركزية‪(5).‬‬

‫‪ -‬أما ( ‪ ) Dominique Collas‬فقد عرف املجتمع املدني بأنه‪" :‬تلك الحياة االجتماعية‪ ،‬وخاصة‬
‫الحياة العامة املنظمة انطالقا من منطق خاص‪ ،‬والتي تضمن من خالل ذلك ديناميكية‬
‫اقتصادية‪ ،‬وثقافية وسياسية"‪(6).‬‬

‫‪ -‬وعرفه ( ‪ ) Wright Jordan‬بأنه‪" :‬مملكة تقع بين الدولة واألسرة‪ ،‬وتقطنها منظمات منفصلة‬
‫عن الدولة‪ ،‬إذ تتمتع باالستقالل الذاتي في تعاملها معها‪ ،‬وتتشكل من مجموعة من األفراد‬
‫يهدفون إلى حماية مصالح و قيم معينة"‪(7).‬‬

‫يمكن االستنتاج من هذه التعاريف وغيرها أن املجتمع املدني هو تلك النشاطات أو‬
‫التنظيمات التي تنشأ بين مجموعة من الناس على أساس اتفاق تعاقدي حر بعيدا عن إطار‬
‫الهياكل الرسمية للدولة‪ ،‬ويكون هدفها حماية مصالح ومبادئ معينة‪ ،‬والسعي لالستفادة‬
‫من مكاسب ومنافع محددة‪.‬‬
‫ومن خالل هذه التعريفات املختلفة وغيرها‪ ،‬يظهر مدى مرونة بل وضبابية مفهوم املجتمع‬
‫املدني‪ ،‬فكل مفكر يركز على جانب معين من الظاهرة‪ ،‬ومن هنا ال نجد اتفاقا بينهم حوله‪.‬‬
‫وبغض النظر عن هذا‪ ،‬فمن املتعارف عليه أن املجتمع املدني يتكون من عدة مؤسسات‬
‫أهمها‪:‬‬
‫‪.1.1.2‬الجمعيات‪ :‬هي تعبير سياس ي واجتماعي يخص مجموعة من األفراد ينضمون‬
‫لبعضهم البعض طواعية للدفاع عن مصالحهم املشتركة في إطار حدود معينة‪ .‬وتختلف‬
‫الجمعيات باختالف اهتماماتها ومصالحها‪ ،‬منها‪ :‬املهنية‪ ،‬الخيرية‪ ،‬اإلنسانية‪ ،‬الدينية‪،‬‬
‫العلمية‪ ،‬والرياضية‪ ..‬وغيرها‪ .‬وتغطي هذه الجمعيات جل مجاالت الحياة ونشاطاتها‬

‫)‪ . (5‬ديلو‪ ،‬ستيفن‪ ،‬املجتمع املدني بين التفكير السياس ي والنظرية السياسية‪ ،‬ترجمة ربيع وهبة‪ ،‬املجلس األعلى‬
‫للثقافة‪ ،‬القاهرة ‪.2003‬ص ‪15‬‬
‫)‪- (6‬وكالة الواليات املتحدة األمريكية للتنمية الدولية‪ ،‬املجتمع املدني في العالم العربي ‪ ،.2013‬ص ‪7‬‬
‫)‪ -(7‬نفس املرجع ونفس الصفحة‬

‫‪17‬‬
‫محمد مجدان‪ :‬مساهمة املجتمع املدني في عملية التحول الديمقراطي في الجزائر‬

‫املختلفة‪ .‬كما تعتبر أداة لألفراد لتوظيف معارفهم واستغالل وسائلهم من أجل تطوير‬
‫النشاطات التي يهتمون بها‪.‬‬
‫)‪(8‬‬

‫‪ . 2.1.2‬النقابات‪ :‬هي مؤسسات تضم مجموعة من األفراد‪ ،‬بهدف الدفاع عن مصالحهم‬


‫املهنية‪.‬‬
‫وهي تعتبر من بين أهم التنظيمات الناشطة في املجتمع املدني‪ ،‬إذ أن الكثير منها قاد عديدا‬
‫من اإلصالحات ضد بعض األنظمة التسلطية واإلستبدادية في العالم‪ ،‬كنقابة تضامن في‬
‫بولونيا في بداية الثمانينيات‪ ،‬والتي أسقطت الحكومة الشيوعية هناك‪ .‬كما تساهم النقابات‬
‫في صيانة الوحدة الوطنية داخل البلد الواحد‪ ،‬والوقوف دون محاوالت التقسيم ملبرر طائفي‬
‫أو ديني أو عرقي ‪...‬أو غير ذلك‪ .‬ومن أمثلة النقابات نجد‪ :‬نقابات العمال عامة‪ ،‬األطباء‪،‬‬
‫املحامين‪ ،‬املهندسين واملعلمين‪ ،‬الخ )‪(9‬‬

‫‪.3.1.2‬املنظمات غير الحكومية‪ :‬وهي عبارة عن منظمات تقع بين الحكومة والقطاع‬
‫الخاص‪ ،‬مستقلة عن الدولة‪ ،‬وليس لها أهداف تجارية‪ ،‬وتتكون من مجموعة من األفراد‪،‬‬
‫يسعون للتأثير في السياسات العامة للدولة املتواجدين فيها‪ ،‬وهدفها تحقيق اإلتصال بين‬
‫األفراد والجماعات على النطاق العاملي‪ .‬ومن أمثلتها الصليب األحمر والهالل األحمر‪.‬‬
‫واملنظمات غير الحكومية كثيرة جدا‪.‬‬

‫‪ .4.1.2‬األحزاب السياسية‪ :‬رغم أنها ليست من املجتمع املدني بل من املجتمع السياس ي‪ ،‬ألن‬
‫ما يميز املجتمع املدني‪ ،‬ليس استقالله عن الدولة فقط‪ ،‬بل واستقالله عن السياسة أيضا‪.‬‬
‫كما أن األحزاب السياسية تسعى إلى السلطة‪ ،‬بخالف منظمات املجتمع املدني‪ .‬ولكننا‬
‫أدرجناها هنا بسبب دورها الهام في تنشيط املجتمع‪ ،‬فنشاطها ال يقتصر على املشاركة في‬
‫االنتخابات والسعي نحو السلطة فقط‪ ،‬بل تهتم كذلك بعملية الرقابة على الدولة‪ ،‬وتحقيق‬
‫املشاركة السياسية‪ ،‬وتكريس التنشئة السياسية واالجتماعية‪ ،‬واملطالبة بترقية حقوق‬
‫اإلنسان واحترامها‪ ،‬والعمل على ترسيخ مبادئ الديمقراطية‪ ،‬واملطالبة بحرية الرأي وحرية‬
‫التعبير‪ ،‬إلى غير ذلك من النشاطات الهامة في املجتمع‪.‬‬

‫)‪ -(8‬عابد‪ ،‬عمر "املجتمع املدني في الجزائر ودوره في التنمية السياسية"‪ ،‬مذكرة ماستر‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم‬
‫السياسية‪ ،‬جامعة ورقلة‪ .2016 -2015 ،‬ص ص ‪15 ،14‬‬
‫)‪ –(9‬نفس املرجع‪ ،‬ص ‪14‬‬

‫‪18‬‬
‫املجلة الجزائرية للعلوم السياسية والعالقات الدولية املجلد ‪ )2(12‬العدد ‪ 17‬ديسمبر‪2021‬‬

‫ويتكون املجتمع املدني على اختالف مؤسساته من مجموعة مبادئ تعتبر أصيله في‬
‫تكوينه‪:‬‬
‫أ ‪.‬قيام مؤسسات ال تنتمي إلى الدولة‪ ،‬وتعكس مصالح املواطنين واهتماماتهم في مختلف‬
‫امليادين‪ ،‬وتتمتع بنوع من االستقالل الذاتي في النشاط واتخاذ القرارات في مجال اختصاصها‪.‬‬
‫ب‪ .‬ضمان حق املواطنين في املعارضة الفكرية والسياسية‪ ،‬وهذا ما يدعم الوالء للمجتمع‬
‫ككل وليس لجهة أخرى محددة كالقبيلة أو العشيرة ‪ ...‬الخ‪ ،‬خاصة في حالة تناقض املصالح‬
‫وتضاربها‪.‬‬
‫ج‪ .‬كلما قويت مؤسسات املجتمع املدني وقوي نشاطها‪ ،‬كلما ضعفت قوة الدولة على ممارسة‬
‫التسلط والضغط على املواطنين‪ ،‬ألن املجتمع املدني يقوم بدور الوسيط بين الدولة‬
‫واملواطن‪ ،‬وذلك ألن الفرد ال يتعامل مع الدولة منفردا‪ ،‬بل يتعامل معها داخل مؤسسة أكبر‬
‫منه تقدم له نصيبا من املساندة والحماية‪.‬‬
‫‪.2.2‬مفهوم التحول الديمقراطي‪ :‬يعتبر مفهوم التحول الديمقراطي من املفاهيم التي‬
‫شغلت الدول كلها‪ ،‬نظرا ملا أصبح للديمقراطية من قيمة وأهمية في سلم املعايير السياسية‪،‬‬
‫بحيث أصبحت من الضرورات واالحتياجات التي يطالب بها الجميع‪ .‬كما أن هذه العملية‬
‫تعتبر من أبرز وأهم املالمح الرئيسية للتطور السياس ي الذي شهده العالم الثالث عامة‬
‫والجزائر خاصة مع نهاية الثمانينيات‪.‬‬
‫ويتميز مفهوم التحول الديمقراطي بخاصية التلون املعرفي واللبس والغموض‪ ،‬نتيجة تعدد‬
‫وتنوع واختالف املصادر واملنظومات الفكرية التي يستند إليها‪ .‬وتبدأ دائرة اللبس والغموض‬
‫من خالل تعدد واختالف التفسيرات حوله‪ ،‬حيث يعبر عنه تارة باالنتقال السياس ي أو‬
‫الديمقراطي‪ ،‬ومرة بالدمقراطة‪ ،‬وكذا باإلصالح السياس ي و اإلصالح الديمقراطي‪ ،‬أو التغيير‬
‫السياس ي ‪ ..‬الخ‪.‬‬
‫التحول هو عملية االنتقال من حالة معينة إلى حالة أخرى‪ ،‬تكون مختلفة عنها تماما‪.‬‬
‫ومنه فعملية التحول الديمقراطي تكون باالنتقال من حالة سياسية إلى حالة أخرى استجابة‬
‫للمتغيرات الداخلية والخارجية‪ .‬ويتمثل هذا التحول في التغيير البطيء والتدريجي لألوضاع‬
‫االقتصادية واالجتماعية والسياسية في بلد ما‪ ،‬وهو مرحلة متقدمة على االنتقال‬
‫الديمقراطي‪ ،‬وتتميز بالصعوبة والتعقيد‪ .‬وتتضمن عملية التحول الديمقراطي عدة مراحل‪،‬‬
‫تبدأ بالقضاء على النظام التسلطي‪ ،‬ثم التحول إلى املرحلة االنتقالية‪ ،‬وتليها مرحلة ترسيخ‬
‫الديمقراطية كمرحلة أخيرة‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫محمد مجدان‪ :‬مساهمة املجتمع املدني في عملية التحول الديمقراطي في الجزائر‬

‫وتتخذ عملية التحول الديمقراطي عدة أشكال أو أنماط‪ ،‬أي الكيفية التي يتم بها التحول‬
‫من نظام غير ديمقراطي إلى نظام ديمقراطي‪ ،‬أو نقطة انطالق وبداية عمليات التحول‪ ،‬وهنا‬
‫يتم التمييز بين ثالث بدايات‪ :‬إما عن طريق النخبة الحاكمة التي تكون هي املبادرة بعملية‬
‫التحول‪ ،‬وتسمى نمط التحول‪ ،‬أو أن املبادرة للتحول تكون من طرف النخب املعارضة‬
‫للنظام‪ ،‬وتسمى نمط اإلحالل‪ ،‬أو تكون مزيجا بين األسلوبين‪ ،‬بحيث تكون عملية التحول عن‬
‫طريق الحوار واالتفاق بين املعارضة والنظام على إجراء اإلصالحات الالزمة‪ ،‬وتسمى نمط‬
‫اإلحالل التحولي‪(10).‬‬

‫‪.3‬املجتمع املدني في الجزائر ومساهمته في عملية التحول الديمقراطي‪ :‬سيتم هنا تناول ظهور‬
‫املجتمع املدني في الجزائر وتطوره‪ ،‬ثم تناول مساهمته في عملية التحول الديمقراطي‪ ،‬وسيتم‬
‫التركيز على دور املجتمع املدني في عملية التنشئة السياسية وفي تدعيم ثقافة املشاركة‬
‫السياسية‪ ،‬وأخيرا على عالقة املجتمع املدني بالنظام السياس ي في الجزائر‪.‬‬
‫‪.1.3‬ظهور املجتمع املدني في الجزائر وتطوره‪ :‬لعبت الفترة الطويلة لالستعمار في الجزائر‬
‫والقمع الذي تعرض له الشعب‪ ،‬دورا في تكوين صورة لدى الفرد على سطوة السلطان‪ .‬وكرس‬
‫هذا طبيعة الدولة الكوربوراتية التي اتسمت بها الجزائر بعد االستقالل‪ ،‬واحتكارها املجال‬
‫السياس ي وربطه باملجال األمني‪ ،‬واعتبار نفسها الوص ي على الجانب االجتماعي‪ ،‬أي منطق‬
‫األبوية‪ ،‬ولهذا وقفت الدولة ضد تطور ونشاط املجتمع املدني لفترة طويلة‪ .‬إال أنه بعد‬
‫االنفتاحات التي عرفتها الجزائر في الثمانينيات وتكريسها للحقوق املدنية والسياسية‪ ،‬عرف‬
‫املجتمع املدني تطورا وشيوعا‪ .‬ويرجع هذا إلى جملة عوامل منها الداخلية كتراجع الدولة‬
‫اجتماعيا الناتج عن تراجعها اقتصاديا‪ ،‬وإلى عوامل خارجية نتيجة التطورات العاملية التي‬
‫أسهمت في بروز قوى املجتمع املدني عامليا وتنامي االهتمام به‪ ،‬نتيجة ظهور ما سمي باملوجة‬
‫الثالثة للديمقراطية‪.‬‬
‫وهكذا عرف امليدان السياس ي في الجزائر مفهوم املجتمع املدني بشكل أوضح‪ ،‬واحتضنت‬
‫بعض القوى السياسية واالجتماعية هذا املفهوم بسهولة وتبنت أطره التنظيمية الجديدة‪،‬‬
‫وخطابه الفكري‪ ،‬وخاصة إثر إقرار التعددية السياسية والحزبية بعد وضع دستور ‪23‬‬
‫فبراير ‪ ،1989‬الذي سمح بإنشاء الجمعيات‪ .‬حيث يشير الفصل الرابع املتعلق بالحريات‬

‫)‪ -(10‬هنتنعتن‪ ،‬صموئيل‪ ،‬املوجة الثالثة والتحول الديمقراطي في أواخرالقرن العشرين‪ ،‬ط‪ ،1‬ترجمة عبد‬
‫الوهاب علوب‪ ،‬دار سعاد الصباح‪ ،‬الكويت‪ ، .1993 ،‬ص ص ‪240 -179‬‬

‫‪20‬‬
‫املجلة الجزائرية للعلوم السياسية والعالقات الدولية املجلد ‪ )2(12‬العدد ‪ 17‬ديسمبر‪2021‬‬

‫والحقوق في املادة ‪ 33‬من هذا الدستور‪ ،‬إلى الحق في الدفاع الفردي أو عن طريق الجمعية‪،‬‬
‫على الحقوق األساسية لإلنسان‪ .‬كما يشير إلى أن الحريات الفردية والجماعية مصونة‪.‬‬
‫وتظهر هذه الحقوق بصورة واضحة في نص املادة ‪ 41‬من هذا الدستور‪ ،‬التي تنص على أن‬
‫حرية التعبير وإنشاء الجمعيات واالجتماع مضمونة للمواطن‪ .‬كما وضع هذا الدستور مادة‬
‫خاصة للتفرقة بين الجمعية والحزب السياس ي‪ ،‬وهي املادة ‪ 42‬املتعلقة بالحق في إنشاء‬
‫األحزاب‪.‬‬
‫وبعد إقرار دستور ‪ 1989‬تم إصدار قانون الجمعيات رقم ‪ 90/31‬في ‪ 4‬ديسمبر ‪،1990‬‬
‫والذي عرف الجمعية في املادة ‪ ،2‬بأنها‪" :‬اتفاقية تخضع للقوانين املعمول بها‪ ،‬ويجتمع في‬
‫إطارها أشخاص طبيعيون ومعنويون على أساس تعاقدي ولغرض غير مربح‪ ،‬كما يشتركون‬
‫في تسخير معارفهم ووسائلهم ملدة محددة من أجل ترقية األنشطة ذات طابع منهي اجتماعي‪،‬‬
‫علمي‪ ،‬ديني‪ ،‬تربوي وثقافي على الخصوص")‪(11‬‬

‫كما نص القانون العضوي رقم ‪ 12/06‬الصادر في ‪15‬جانفي ‪ 2012‬املتعلق بالجمعيات على‬


‫ذلك‪ ،‬وعرفت املادة ‪ 2‬منه الجمعية بكونها‪" :‬تجمع أشخاصا طبيعيين أو معنويين على أساس‬
‫تعاقدي ملدة زمنية محددة أو غير محددة‪ ،‬يشترك هؤالء األشخاص في تسخير معارفهم‬
‫ووسائلهم تطوعا‪ ،‬ولغرض غير مربح من أجل ترقية األنشطة‪ ،‬السيما في املجال املنهي‬
‫واإلجتماعي والعلمي والتربوي والثقافي والرياض ي والبيئي والخيري واإلنساني"‪(12).‬‬

‫يظهر من خالل هذه اإلشارات والتعريفات التي أتى بها املشرع الجزائري في مختلف قوانين‬
‫الجمعيات‪ ،‬أنه قد هدف إلى تقديم تعريف للجمعية‪ ،‬لتمييزها عن باقي الفاعلين االجتماعيين‬
‫اآلخرين‪.‬‬
‫ثم جاء التعديل الدستوري في ‪7‬مارس ‪ ،2016‬والذي نصت املادة ‪ 48‬منه على حريات‬
‫التعبير‪ ،‬وأن إنشاء الجمعيات واالجتماع مضمون للمواطن‪ .‬كما نصت املادة ‪ 54‬منه على أن‬
‫حق إنشاء الجمعيات مضمون‪ ،‬وأن الدولة تشجع ازدهار الحركة الجمعوية‪(13).‬‬

‫وفي املدة األخيرة‪ ،‬تم تعديل الدستور الجزائري الذي طرح لالستفتاء الشعبي يوم ‪ 1‬نوفمبر‬

‫)‪ . -(11‬عابد عمر‪ ،‬املجتمع املدني في الجزائرودوره في التنمية السياسية‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪45‬‬
‫)‪ –(12‬الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ ،‬قانون رقم ‪ ،16.06‬املؤرخ في ‪ ،2012. 01 .12‬يتعلق‬
‫بالجمعيات‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ ،2‬في‪ 15 :‬جانفي ‪.2012‬‬
‫)‪ –(13‬الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ ،‬قانون رقم ‪ ،01 .16‬املؤرخ في‪ ،2016 .6.3 :‬يتضمن تعديل‬
‫الدستور‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ ،14‬في‪ 3 :‬جويلية ‪2016‬‬

‫‪21‬‬
‫محمد مجدان‪ :‬مساهمة املجتمع املدني في عملية التحول الديمقراطي في الجزائر‬

‫‪ ،2020‬هذا الدستور أعطى أهمية أكبر ملؤسسات املجتمع املدني ومساهماتها‪.‬‬


‫يتبين من هذا كله أن جميع هذه اإلصالحات والتشريعات‪ ،‬جاءت لتنظيم مؤسسات‬
‫املجتمع املدني من أجل تهيئة اإلطار السياس ي واالجتماعي املناسب لتحقيق الديمقراطية من‬
‫خالل تحقيق االستقرار السياس ي والتنشئة السياسية‪ ،‬وتنشيط املشاركة السياسية‪.‬‬
‫هذا من الناحية القانونية‪ ،‬ولكن من الناحية الفعلية‪ ،‬وحسب بعض املالحظين‪ ،‬فقد قصد‬
‫النظام السياس ي في الجزائر من وراء تعامله مع موضوع املجتمع املدني‪ ،‬وحثه على إنشاء‬
‫الجمعيات‪ ،‬وكذا األحزاب السياسية‪ ،‬لتحقيق هدفين أساسيين هما‪:‬‬
‫‪ -1‬امتصاص غضب املواطنين‪ ،‬بسبب تدهور مستوى املعيشة التي ازدادت سوءا من‬
‫الجانب االجتماعي واالقتصادي خاصة في نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات‪ .‬وكان األمر‬
‫كذلك حتى مع الحراك الشعبي املناوئ للسلطة بعد انتخاب الرئيس عبد املجيد تبون في ‪12‬‬
‫ديسمبر ‪.2019‬‬
‫‪ -2‬زيادة إحكام قبضة النظام السياس ي على األوضاع العامة في البالد‪ ،‬حتى يستطيع تحقيق‬
‫تجانس وانسجام في أعلى سلم السلطة كما كان من قبل‪ ،‬بواسطة وضع استراتيجية تمكنه‬
‫من إنهاء هيمنة الحزب الواحد‪ ،‬وتحييد الجهات الضاغطة التي تستخدمه‪.‬‬
‫‪ .2.3‬مساهمة املجتمع املدني في الجزائر في عملية التحول الديمقراطي‪ :‬سنركز هنا على‪ 3‬مؤشرات‬
‫أساسية في هذه العملية‪ :‬التنشئة السياسية‪ ،‬وترسيخ ثقافة املشاركة السياسية‪ ،‬وأخيرا عالقة‬
‫املجتمع املدني بالسلطة الحاكمة‪ .‬دون القول بعدم أهمية املؤشرات األخرى‪ :‬االقتصادية‬
‫واالجتماعية والثقافية‪ .‬ولكن ال يمكن تناولها كلها هنا ألننا بصدد مقال محدود الحجم‪.‬‬
‫‪ .1.2.3‬مساهمة املجتمع املدني في عملية التنشئة السياسية‪ :‬تظهر أهمية التنشئة السياسية‬
‫في التعبير عن اتجاهات املجتمع‪ ،‬وتحقيق التعبئة السياسية‪ ،‬واختيار النخب السياسية‬
‫وتدريبها لتتقلد مناصب املسؤولية‪ ،‬زيادة على نشر الثقافة السياسية‪ ،‬وتحقيق التكامل‬
‫السياس ي‪ .‬وهنا تظهر عالقة املجتمع املدني بالتنشئة السياسية‪ ،‬وذلك عن طريق التثقيف‬
‫السياس ي من خالل عقد االجتماعات واملؤتمرات‪ ،‬وتنظيم دورات التدريب السياس ي‪ ،‬ونشر‬
‫البرامج واآلراء السياسية في صحفها ومنشوراتها‪.‬‬
‫تعتبر مؤسسات املجتمع املدني مع األحزاب السياسية مؤسسات للتنشئة السياسية‪،‬‬
‫حيث تقدم للمواطنين معلومات ومعارف سياسية متنوعة‪ ،‬كما أنها تعمل على تعبئتهم‬
‫للمشاركة السياسية‪ ،‬وكذا التصويت في االنتخابات‪ ،‬أو التعبئة وراء أفكار وبرامج سياسية‬

‫‪22‬‬
‫املجلة الجزائرية للعلوم السياسية والعالقات الدولية املجلد ‪ )2(12‬العدد ‪ 17‬ديسمبر‪2021‬‬

‫معينة‪ .‬غير أنه يالحظ أن نشاط مؤسسات املجتمع املدني بما فيها األحزاب السياسية في‬
‫التنشئة السياسية في الجزائر ظل محدودا‪ ،‬وخاصة فيما تقوم به االحزاب السياسية من‬
‫تعبئة وتدريب وتحضير لنخبها‪ ،‬هذا بسبب ضعف البرامج والحمالت التي تقدمها‪ ،‬أو ضعف‬
‫التعبئة الجماهيرية ملرشحيها‪ .‬وهذا يعني عجز في عملية التنشئة السياسية‪ .‬ويرجع ذلك إلى‬
‫هيمنة مرشحي السلطة على االحزاب السياسية وعلى مؤسسات املجتمع املدني األخرى أو‬
‫احتوائها‪ ،‬فمثال عرفت االنتخابات الرئاسية لسنة ‪ 2004‬عدة تحالفات حزبية وجمعوية‪،‬‬
‫اتخذت مواقف مدعمة ومساندة للرئيس بوتفليقة‪ ،‬وهذا يدل على ضعف األحزاب‬
‫واملنظمات املدنية وعلى عجزها‪ ،‬ويدل كذلك على سيطرة السلطة عليها التي عملت على‬
‫اختراق جل الجمعيات واحتوائها‪ ،‬والضغط على األحزاب السياسية‪.(14).‬‬
‫وإذا كانت نسبة املشاركة الجماهيرية في االنتخابات‪ ،‬تبين درجة النشاط واملساهمة‬
‫التعبوية التي تقوم بها مؤسسات املجتمع املدني من اجل تنشئة األفراد سياسيا‪ ،‬فإنه يالحظ‬
‫امتناع املواطنين وعزوفهم عن املشاركة في العملية السياسية‪ ،‬ففي انتخابات ‪2012‬‬
‫التشريعية مثال‪ ،‬كانت نسبة املشاركة ‪ ،% 42.26‬بل ويرى البعض أن نسبة املقاطعة‬
‫فاقت ‪(15) %80‬‬

‫وتعتبر هذه النسب املتدنية في االنتخابات وقلة اهتمام املواطنين بها‪ ،‬انعكاس حقيقي‬
‫لظاهرة امتناعهم عن املشاركة في االنتخابات‪ ،‬وبالتالي تعني عجز مؤسسات املجتمع املدني‬
‫على زرع املبادئ والقيم السياسية‪ ،‬ونشر الوعي السياس ي‪ ،‬وتعبئة املواطنين وتحسيسهم‬
‫وتنشئتهم سياسيا‪ .‬وحتى هذا اإلقبال الضعيف لم يكن دافعه إسم الحزب وبرنامجه‪ ،‬أو‬
‫بسبب النشاط الذي لعبته هذه الجمعية املدنية أو تلك‪ ،‬وإما كان دافعه العروشية‬
‫والعالقات الشخصية للمترشحين‪ ،‬ويرجع هذا إلى فقدان الثقة بين املواطنين واالحزاب‬
‫ومؤسسات املجتمع املدني‪.‬‬
‫كما يدل هذا االمتناع على عجز األحزاب السياسية وهذه املؤسسات على تقديم البديل عن‬
‫النظام السياس ي القائم‪ ،‬فهي في نظر الكثيرين تساند النظام وتمش ي في ركابه‪ .‬كما أن التنشئة‬
‫السياسية هي عملية مستمرة‪ ،‬إال أننا نجد أن األحزاب السياسية ومؤسسات املجتمع املدني‬

‫)‪ –(14‬موزاي بالل "الجمعيات املدنية كأساس لتفعيل التنمية السياسية في الجزائر"‪ ،‬مجلة جيل للدراسات‬
‫السياسية والعالقات الدولية‪ ،‬عدد ‪ ،1‬جانفي ‪ 2015‬ص‪.148‬‬
‫)‪ -(15‬ضميري‪ ،‬عزيزة‪" ،‬الفواعل السياسية ودورها في صنع السياسة العامة في الجزائر"‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة باتنة‪ .2008 -2007 ،‬ص ‪.123‬‬

‫‪23‬‬
‫محمد مجدان‪ :‬مساهمة املجتمع املدني في عملية التحول الديمقراطي في الجزائر‬

‫ظلت دائما ذات نشاطات ظرفية أو موسمية متقطعة‪ ،‬تظهر فقط في املناسبات االنتخابية‬
‫ثم تنسحب وتختفي بعد ذلك‪(16).‬‬

‫كما يعود ضعف نشاط ودور املجتمع املدني في عملية التنشئة السياسية في الجزائر‪ ،‬إلى‬
‫طبيعة عالقته بالنظام السياس ي التي ظلت قائمة‪ ،‬إما بتبعيته له أو بتحالفه السياس ي معه‪،‬‬
‫مما جعل التعبئة الجماهيرية والحمالت االنتخابية غير متوازنة‪ ،‬وذلك ألن املجتمع املدني‬
‫ظل مستغال من قبل النظام لدعم مرشحيه‪ ،‬فيقوم بتعبئة املواطنين من خالل املؤتمرات‬
‫والحمالت الدعائية واإلعالمية‪ ،‬ليس كأداة للمشاركة الفعلية‪ ،‬بل كأداة ملساندة قرارات‬
‫النظام القائم واختياراته‪.‬‬
‫وهكذا يظهر أن تبعية املجتمع املدني للنظام الحاكم قد أثرت على حياديته واستقالليته‬
‫وعلى القيام بمساهمته الحقيقية عامة‪ ،‬وفي التعبئة الجماهيرية والتنشئة السياسية خاصة‪.‬‬
‫‪ .2.2.3‬مساهمة املجتمع املدني في تدعيم ثقافة املشاركة السياسية‪ :‬تمكن املشاركة‬
‫السياسية املواطنين من املساهمة في الحياة السياسية كناخبين‪ ،‬أو كجماعات أو كأحزاب‬
‫سياسية‪ ،‬أو كعناصر ناشطة سياسيا‪ .‬كما تمكنهم من تكوين األحزاب أو االنضمام إليها‪،‬‬
‫وغير ذلك من مجاالت املشاركة السياسية‪ .‬وفي هذا اإلطار يأتي دور منظمات املجتمع املدني‬
‫كإحدى الجهات التي يمكنها أن تعمل على تحقيق هذه املشاركة السياسية‪ ،‬بواسطة تعميق‬
‫شعور املواطنين باملسؤولية إزاء القضايا واألهداف العامة للبالد‪ ،‬من خالل تنشئتهم‬
‫وتوعيتهم كما أسلفنا‪(17).‬‬

‫وإذا ما تم استعراض مساهمة منظمات املجتمع املدني في املشاركة السياسية في الجزائر‬


‫وخاصة في العملية االنتخابية في السنين االخيرة كمؤشر على سبيل املثال ال الحصر‪ ،‬فقد‬
‫تمثلت في‪:‬‬
‫‪ -‬االنتخابات التشريعية ملاي ‪ ،2012‬والتي عرفت مشاركة ‪ 44‬حزبا تتنافس على ‪ 462‬مقعدا في‬
‫املجلس الشعبي الوطني‪ ،‬وكانت نسبة املشاركة ‪%43.14‬‬
‫‪ -‬االنتخابات املحلية (البلدية والوالئية) لنوفمبر ‪ ،2012‬عرفت مشاركة ‪ 44‬حزبا باإلضافة‬
‫الى االحرار‪ ،‬وكانت نسبة املشاركة في انتخابات املجالس البلدية ‪( 44.27%‬مقارنة ب ‪% 43 .96‬‬

‫)‪ –(16‬عابد عمر‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪8‬‬


‫)‪ -(17‬بياض ي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪156‬‬

‫‪24‬‬
‫املجلة الجزائرية للعلوم السياسية والعالقات الدولية املجلد ‪ )2(12‬العدد ‪ 17‬ديسمبر‪2021‬‬

‫في ‪ .)2007‬أما انتخابات املجالس الوالئية فقد عرفت مشاركة ‪ 52‬حزبا ‪ +‬األحرار‪ .‬وكانت نسبة‬
‫املشاركة ‪( %42. 84‬مقارنة ب ‪ % 43. 26‬في ‪ ، 2007‬والتي شارك فيها ‪ 24‬حزبا فقط)‪.‬‬
‫‪ -‬االنتخابات الرئاسية ألفريل ‪ ،2014‬كانت نسبة املشاركة ‪ ، %50. 71‬وقادت إلى جدل حاد في‬
‫الطبقة السياسية واملجتمع املدني‪ ،‬بين مؤيد ومعارض لترشح بوتفليقة للعهدة الرابعة نظرا‬
‫لحالته املرضية‪ ،‬حيث طالب املعارضون بتطبيق املادة ‪ 86‬من الدستور الخاصة بعدم‬
‫الترشح بسبب العجز‪ ،‬ولكن املجلس الدستوري رفض ذلك‪.‬‬
‫‪ -‬االنتخابات التشريعية ملاي ‪ ،2017‬بمشاركة ‪ 55‬حزبا ‪ +‬االحرار‪ .‬ونسبة املشاركة ‪%38. 55‬‬
‫‪ -‬االنتخابات املحلية لنوفمبر‪ ، 2017‬وشهدت مشاركة أكثر من ‪ 50‬حزبا‪ ،‬ووصلت النسبة الى‬
‫‪ %46.86‬في االنتخابات البلدية‪ ،‬و ‪ %44. 96‬في االنتخابات الوالئية‪(18).‬‬

‫وبعد حراك ‪ 22‬فبراير ‪ 2019‬وإسقاط نظام بوتفليقة‪ ،‬فإن عزوف املواطنين عن املشاركة‬
‫في االنتخابات ظل هو القاعدة‪ ،‬ظهر في االنتخابات الرئاسية ل ‪ 12‬ديسمبر ‪ ،2019‬أو‬
‫االستفتاء على تعديل الدستور في ‪1‬نوفمبر‪ ،2020‬وأخيرا االنتخابات التشريعية ل ‪ 12‬جوان‬
‫‪.2021‬‬
‫ما يالحظ بالنسبة ملساهمة منظمات املجتمع املدني في املشاركة السياسية أنها كانت كبيرة‪،‬‬
‫ويظهر ذلك في مشاركة عدد ال باس به من االحزاب السياسية واألحرار في مختلف االنتخابات‬
‫التي جرت‪ ،‬إال أن نتائجها كانت منخفضة جدا‪ ،‬وذلك بسبب سيطرة حزبي النظام‪ :‬جبهة‬
‫التحرير الوطني‪ ،‬والتجمع الوطني الديمقراطي‪ .‬أما مشاركة املواطنين في هذه االنتخابات‪،‬‬
‫فقد كانت هناك مقاطعة كبيرة‪ ،‬مقارنة بعدد املسجلين‪ ،‬وهذا يدل على عجز مؤسسات‬
‫املجتمع املدني كلها على غرس املبادئ والقيم السياسية‪ ،‬ونشر الوعي‪ ،‬وتعبئة االفراد‬
‫وتحسيسهم وتنشئتهم سياسيا‪ ،‬لالهتمام بمثل هذه األمور‪ ،‬وكذلك عجز هذه املؤسسات‬
‫على تقديم البديل الحقيقي للنظام السياس ي القائم‪.‬‬
‫إذن رغم محاوالت مؤسسات املجتمع املدني مع األحزاب توسيع املشاركة السياسية‪ ،‬إال‬
‫أنها لم تكن كما ينبغي‪ ،‬ألن نشاطاتها ظلت مناسبتيه‪ ،‬كما أنها لم تكن تملك قوة التأثير على‬
‫املواطنين لترسيخ ثقافة سياسية من أجل تنشئة سياسية‪ .‬كذلك نظرا لعجز هذه االحزاب‬
‫والجمعيات على تأطير املواطنين وتوجيههم‪ ،‬مما أدى إلى انقطاعهم عن املشاركة السياسية‪،‬‬

‫)‪ . -(18‬يسعد والي‪ ،‬االنتخابات البرملانية واملحلية وعواقبها على القطب الحزبي الرائد‪ ،‬ملتقى حول االنتخابات املحلية‬
‫والبرملانية في الجزائر بكلية العلوم السياسية والعالقات الدولية‪ ،‬جامعة الجزائر ‪ ،3‬ديسمبر ‪ ،.2017‬ص ‪9‬‬

‫‪25‬‬
‫محمد مجدان‪ :‬مساهمة املجتمع املدني في عملية التحول الديمقراطي في الجزائر‬

‫خاصة في االنتخابات‪ .‬كذلك بسبب تبعية املجتمع املدني للسلطة السياسية املمثلة في‬
‫التحالفات السياسية في االنتخابات أو التعبئة غير املتوازنة لألفراد‪ .‬كل هذا أدى إلى عدم‬
‫إمكانية لعب مؤسسات املجتمع املدني دورها الحقيقي في عملية التنشئة السياسية‪.‬‬
‫لكن رغم هذا فقد أصبح املجتمع املدني في الجزائر مؤخرا أكثر نشاطا وأكثر حيوية عما‬
‫كان عليه من قبل‪ ،‬عندما كان يسود الركود والتهميش‪ .‬وحتى وإن اتسم نشاطه هذا بالعديد‬
‫من السلبيات واملآخذ التي ظلت عالقة به‪ ،‬سواء تمثلت في فكرته القائمة على التبعية‬
‫والدعم للسلطة الحاكمة في االنتخابات طمعا في االستفادة من مكاسبها املادية‪ ،‬أو كان األمر‬
‫متعلقا بموقف النظام السياس ي نفسه من تنظيمات املجتمع املدني في العمل على ترويضها‬
‫واحتوائها‪ ،‬أو حتى إقصاء من يراها تمثل خطرا على بقائه واستمراره‪ .‬إن هذه الحركية‬
‫للمجتمع املدني‪ ،‬وبصرف النظر عن خلفياتها وسلبياتها‪ ،‬يمكن اعتبارها ش يء إيجابي في إطار‬
‫حرية الرأي وحرية التعبير التي يكفلها الدستور الجزائري‪ (19).‬وربما هذه الحركية جاءت في‬
‫سياق ما شهدته الساحة العربية فيما سمى بالربيع العربي‪ ،‬وكذلك بسبب ضغوطات القوى‬
‫واملؤسسات الدولية ومطالبتها باحترام حق الشعوب في الحرية‪ ،‬دون وصاية من السلطات‬
‫الحاكمة‪ .‬يضاف إلى هذا مجيء موعد االنتخابات الرئاسية في أفريل ‪ 2019‬قبل إلغائها‪ ،‬والتي‬
‫فرضت على املجتمع املدني أن يكون له موقف‪ ،‬وأن يثبت وجوده في الساحة الوطنية‪.‬‬
‫وقد ظهرت هذه الديناميكية للمجتمع املدني في املظاهرات (الحراك) الخاصة ضد ترشح‬
‫بوتفليقة للعهدة الخامسة لهذه االنتخابات منذ ‪ 22‬فبراير ‪ .2019‬واستطاعت إجبار النظام‬
‫على إلغاء العهدة الخامسة وتأجيل انتخابات ‪ 18‬أفريل ‪ ،2019‬ثم استقالة بوتفليقة قبل‬
‫نهاية عهدته الرابعة‪ .‬واألمور خضعت لتطورات متالحقة بقيام انتخابات رئاسية التي جرت‬
‫في ‪ 12‬ديسمبر ‪ ،2019‬ثم في الدستور الجديد ( ‪ 1‬نوفمبر ‪ ،) 2020‬والذي أعطى اهتماما كبيرا‬
‫للمجتمع املدني‪ ،‬وشجع على زيادة عدد منظماته‪ ،‬ومساهماتها في مختلف نواحي الحياة‬
‫السياسية واالقتصادية واالجتماعية‪ .‬ولكن هذه‬
‫املساهمة لم تكن فعالة في االنتخابات التشريعية ل ‪ 12‬جوان ‪ ،2021‬ربما ألن املجتمع املدني‬
‫ما زال في طور النضج‪ ،‬وسوف تكشف لنا االستحقاقات السياسية القادمة قوة دوره أو‬
‫ضعفه‪.‬‬

‫)‪ –(19‬كربوسة عمراني‪" ،‬املجتمع املدني في ظل الحراك العربي الراهن‪ ،‬أي دور ؟"‪ ،‬مجلة العلوم االجتماعية‬
‫واإلنسانية‪ ،‬عدد ‪ ،16‬سبتمبر ‪ ،2014‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة بسكرة‪ ،‬ص ‪ ،162‬ص ‪162‬‬

‫‪26‬‬
‫املجلة الجزائرية للعلوم السياسية والعالقات الدولية املجلد ‪ )2(12‬العدد ‪ 17‬ديسمبر‪2021‬‬

‫‪ 3.23‬عالقة املجتمع املدني بالنظام السياس ي‪ :‬قصد النظام السياس ي في الجزائر في تعامله‬
‫مع موضوع املجتمع املدني وتشجيع إنشاء الجمعيات واألحزاب السياسية‪ ،‬كما أشير‪ ،‬إلى‬
‫امتصاص غضب املواطنين واستيائهم‪ ،‬بسبب تدهور األحوال املعيشية‪ ،‬التي ازدادت تفاقما‪.‬‬
‫كما قصد إحكام قبضته على الوضع العام‪ ،‬حتى يستطيع تحقيق تجانس وانسجام في أعلى‬
‫هرم السلطة‪.‬‬
‫ورغم ما عاشته الجزائر من هدوء نسبي‪ ،‬مقارنة بالدول العربية‪ ،‬إال أن هذا لم يمنع‬
‫حركيات املجتمع املدني من التظاهر واالحتجاج ضد النظام في كثير من جهات الوطن‪ ،‬وفي‬
‫كثير من املرات‪ ،‬تعبيرا عن الوضع االجتماعي الس يء والظلم‪ ،‬واستنكارا ملختلف مظاهر‬
‫الفساد‪ ،‬وغير ذلك من املشاكل‪ .‬واستفادت هذه النشاطات االحتجاجية من هامش الحرية‬
‫الذي يكفله الدستور الجزائري‪ ،‬لكن هذا الهامش عادة ما كانت تملؤه إما تنظيمات طالبية‬
‫متعددة‪ ،‬تخضع لهذا االتجاه السياس ي أو ذاك‪ ،‬وإما نقابات بعضها غير قادرة على الحركة‪.‬‬
‫باإلضافة إلى أن كثيرا من منظمات املجتمع املدني تحولت إلى لجان دعم ومساندة للرئيس‬
‫بوتفليقة وللنظام القائم في مختلف القضايا املطروحة‪ ،‬وهذا ما يثير مسألة االستقاللية التي‬
‫تعتبر من األمور األساسية في موضوع املجتمع املدني‪(20) .‬‬

‫كما استفادت هذه النشاطات اإلحتجاجية‪ ،‬كما أشير آنفا من انعكاسات الربيع العربي‬
‫الحركية‪ ،‬وخاصة بعد رفع السلطات الجزائرية لحالة الطوارئ التي كانت تحظر مثل هذه‬
‫النشاطات وتمنعها‪.‬‬
‫ومن أهم هذه النشاطات االحتجاجية قبل الحراك‪ ،‬الذي انطلق منذ ‪ 22‬فبراير ‪،2019‬‬
‫نذكر على سبيل املثال ال الحصر‪ ،‬التنظيمات الرافضة للعهدة الرابعة للرئيس بوتفليقة‪،‬‬
‫والتي ظهرت مباشرة بعد إعالنه الترشح لهذه العهدة في االنتخابات الرئاسية ألفريل ‪.2014‬‬
‫ومن أهم هذه التنظيمات حركة "بركات"‪ ،‬التي قامت بتنظيم احتجاجات متواصلة أمام‬
‫الجامعة املركزية بالعاصمة‪ ،‬منها احتجاج ضخم يوم ‪ 14‬مارس ‪ ،2014‬والذي ضم كثيرا من‬
‫الفئات االجتماعية غلبت عليها النخبة املثقفة من إعالميين وسياسيين وأساتذة جامعيين‬
‫وموظفين‪ (21).‬كما نظم أساتذة الجامعة وقفة تنديدية بالعهدة الرابعة بجامعة بوزريعة يوم‬
‫‪ 12‬مارس ‪.2014‬‬

‫)‪ –(20‬بوزيد‪ ،‬بومدين‪" ،‬حدود قوه التشريع والتغيير السياس ي وسبل تعزيز التحول الديمقراطي‪ ،‬محاولة فهم التجربة‬
‫الديمقراطية في الجزائر"‪ ،‬املجلة العربية للعلوم السياسية‪ ،‬عدد ‪ ،2006 ،11‬ص ‪. 64‬‬
‫)‪ -(21‬كربوسة‪ ،‬املجتمع املدني في ظل الحراك العربي الراهن‪ ،‬أي دور؟ مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪162‬‬

‫‪27‬‬
‫محمد مجدان‪ :‬مساهمة املجتمع املدني في عملية التحول الديمقراطي في الجزائر‬

‫وأهم املبررات التي أعلنتها هذه التنظيمات االحتجاجية ضد هذه العهدة نجد‪:‬‬
‫‪-1‬حالة الجمود السائدة في مختلف القطاعات‪ :‬االقتصادية واالجتماعية والسياسية‬
‫واإلعالمية‪ ،‬الذي ميز أداء املؤسسات الحكومية وكذا املعارضة‪ .‬ويظهر هذا خاصة في‬
‫التضييق في املجالين‪ :‬السياس ي واإلعالمي‪ ،‬باإلضافة إلى الفوض ى في األداء االقتصادي‪ ،‬رغم‬
‫تحسن الحالة املالية للدولة آنذاك‪ ،‬زيادة على الفساد املستشري في كثير من قطاعات‬
‫الدولة‪ ،‬حتى وصل إلى املؤسسات الهامة فيها‪ ،‬كشركة سوناطراك ووزارة األشغال العمومية‬
‫وغيرهما‪(22) .‬‬

‫‪- 2‬حالة اليأس واالستياء التي هيمنت على فئات كثيرة من الشعب‪ ،‬بسبب الوضع االجتماعي‬
‫واالقتصادي املزري‪ ،‬وبسبب خوصصة املؤسسات واألمالك العمومية بطريقة مريبة‪ ،‬وعدم‬
‫وجود برنامج اقتصادي واضح ودقيق‪ ،‬باإلضافة إلى تكريس وتدعيم الجمود باملحافظة على‬
‫نفس الوجوه في املناصب العليا دون تغيير‪ ،‬رغم إجراء انتخابات شكلية‪ ،‬التي أصبحت فقط‬
‫وسيلة لتقوم النخب الحاكمة بتجديد نفسها بنفسها‪ ،‬وكسبها الشرعية بواسطة طرق تتكرر‬
‫مع كل موعد انتخابي شكلي‪(23).‬‬

‫‪-3‬يضاف إلى هذا اإلنتقادات الكبيرة التي وجهها السيد اليمين زروال‪ ،‬الرئيس السادس‬
‫للجزائر في رسالة إلى الشعب يوم ‪ 19‬مارس ‪ ،2014‬في ذكرى النصر‪ ،‬حول األوضاع العامة في‬
‫البالد‪ ،‬حيث دعمت هذه الرسالة من موقف حركات املجتمع املدني الرافضة للعهدة الرابعة‬
‫وزادتها إصرارا‪.‬‬
‫وفي مقابل نشاط هؤالء الرافضين‪ ،‬هناك نشاط املؤيدين للعهدة الرابعة‪ ،‬وتتمثل في جل‬
‫التنظيمات الطالبية بمختلف الجامعات الجزائرية‪ ،‬والتي اجتمعت بالعاصمة يوم ‪ 14‬مارس‬
‫‪ ،2014‬ودعت إلى ضرورة دعم ومساندة ما أسمته بمرشح "الوفاء واالستقرار"‪ .‬وهو نفس‬
‫موقف منظمة الزوايا التي اجتمعت بالعاصمة في نفس اليوم‪ ،‬وضمت شيوخ الزوايا على‬
‫مستوى الوطن‪ ،‬والذين عبروا عن دعمهم ومساندتهم لبوتفليقة بل وأعلنوا "البيعة" لعهدة‬
‫رابعة‪ .‬باإلضافة إلى املركزية النقابية ‪ ....‬وغيرها من الفعاليات‪.‬‬
‫وكانت مبررات هذه التنظيمات من هذا الدعم واملساندة للعهدة الرابعة‪ ،‬ما يلي‪:‬‬

‫)‪ –(22‬نفس املرجع‪ ،‬ص ‪162‬‬


‫)‪ -(23‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪163‬‬

‫‪28‬‬
‫املجلة الجزائرية للعلوم السياسية والعالقات الدولية املجلد ‪ )2(12‬العدد ‪ 17‬ديسمبر‪2021‬‬

‫‪.1‬للرئيس بوتفليقة الفضل في القضاء على اإلرهاب بعد إصدار قانوني الوئام املدني‬
‫واملصالحة الوطنية‪ ،‬مما أدى إلى استقرار البالد وعودة الحركية السياسية واالقتصادية لها‪،‬‬
‫وخاصة عودة االستثمارات الكبيرة واألجنبية منها على الخصوص‪.‬‬
‫‪-2‬عودة الجزائر إلى صف الدول الهامة‪ .‬وهو ما ظهر في الحركية الكبيرة التي شهدتها‬
‫الديبلوماسية الجزائرية‪ ،‬حيث أصبحت الجزائر شريكا استراتيجيا مع القوى املؤثرة في‬
‫العالم في كثير من قضاياه‪.‬‬
‫ثم كان الحراك الذي انطلق في ‪ 22‬فيفري ‪ ،2019‬والذي أدى إلى اإلطاحة بنظام‬
‫بوتفليقة‪ ،‬ثم تم إجراء انتخابات رئاسية في( ‪ 12‬ديسمبر ‪ ،) 2019‬أدت إلى قيام ما يسمى‬
‫بالجمهورية الجديدة‪ ،‬تم خاللها تعديل الدستور (‪ 1‬نوفمبر ‪ ،) 2020‬ثم إجراء االنتخابات‬
‫التشريعية (‪ 12‬جوان ‪.) 2021‬‬
‫واالتجاه نحو إجراء انتخابات محلية (بلدية ووالئية) في ‪ 28‬نوفمبر ‪.2021‬‬
‫‪.4‬ضعف مساهمة املجتمع املدني في الجزائر‪ ،‬ووسائل دفع وتدعيم ذلك‪ :‬يظهر مما سبق‬
‫ضعف مساهمة املجتمع املدني في العملية الديمقراطية‪ ،‬ولهذا سيتم التعرض ألسباب هذا‬
‫الضعف‪ .‬ثم سيتم تناول الوسائل التي يجب توافرها لتجاوز هذه األسباب والقيام بنشاطه‬
‫كما ينبغي‪.‬‬
‫‪.1.4‬أسباب ضعف مساهمة املجتمع املدني في الجز ائر‪ :‬رغم كثرة تنظيمات املجتمع املدني‬
‫(أكثر من ‪ 80‬ألف منظمة بعد صدور الدستور ‪ ،)1989‬إال أنها بقيت غير فعالة فيما تقوم به‪،‬‬
‫إما بسبب تبعيتها لألحزاب السياسية‪ ،‬أو بسبب سعي الدولة الحتوائها وتكبيلها‪ ،‬ويظهر ذلك‬
‫من خالل إجراءات االعتماد والقبول والتجديد لهذه التنظيمات التي ظلت مشددة وصعبة‪،‬‬
‫مع تقليص نشاطات التنظيمات املقبولة منها واملعتمدة في نشاط وهدف محصور ومحدد‪.‬‬
‫وهذا يعد نوع من املضايقات التي تحد من قدرات منظمات املجتمع املدني ومن تقليص‬
‫نشاطاتها ومساهماتها‪.‬‬
‫وعامة‪ ،‬يمكن إرجاع أهم أسباب ضعف مساهمة املجتمع املدني في الجزائر إلى ما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬عدم وجود ثقافة سياسية حول املجتمع املدني نفسه في األوساط الشعبية عامة‪ ،‬إذ ظل‬
‫الكثيرون باستمرار يتنكرون لدوره ومساهمته‪ ،‬ألنهم ال يعرفون أهميته ودوره في الحياة‬
‫العامة‪ ،‬مما دفع السلطات في أحيان كثيرة إلى التشكيك في بعض نشاطاته‪ ،‬وبالتالي التضييق‬
‫عليه‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫محمد مجدان‪ :‬مساهمة املجتمع املدني في عملية التحول الديمقراطي في الجزائر‬

‫‪ -2‬ربط تنظيمات املجتمع املدني بشخصية معينة‪ ،‬أي شخصية القائد‪ ،‬وضعف مبدأ‬
‫التداول على القيادة في هذه التنظيمات وفي األحزاب السياسية كذلك‪ ،‬إن لم يكن انعدامها‬
‫تماما‪.‬‬
‫‪-3‬الجري خلف املساعدات والعطايا التي تمنحها الدولة لهذه التنظيمات‪ ،‬مما أدى إلى تقديم‬
‫املصالح الضيقة على حساب أهداف التنظيم وأدواره‪.‬‬
‫‪ -4‬عدم وجود برامج واضحة لدى هذه التنظيمات‪ ،‬بل هيمنت االعمال االرتجالية و املزاجية‬
‫على قراراتها‪ ،‬مع ضعف التنظيم وغياب االحترافية عند الناشطين فيها‪ ،‬مما جعلها عاجزة‬
‫على مجابهة املشاكل التي تواجهها‪ ،‬والقيام باملهام املوكلة إليها‪ ،‬وعلى عجزها عن القيام‬
‫بأدوارها‪.‬‬
‫‪ -5‬عدم وجود شراكة حقيقية بين هذه التنظيمات والسلطات العمومية‪ ،‬إما بسبب تكاسل‬
‫هذه التنظيمات في العمل امليداني من أجل الدخول في مفاوضات مع هذه السلطات ضمن‬
‫شراكة مفيدة‪ ،‬أو بسبب عجز هذه التنظيمات‪ ،‬نتيجة الحتكار السلطات الحاكمة لعملية‬
‫املمارسة السياسية وصناعة القرارات وإصدار القوانين‪(24).‬‬

‫‪ -6‬أما أكبر عائق ظلت تواجهه تنظيمات املجتمع املدني في الجزائر‪ ،‬وكان من أكبر أسباب‬
‫ضعفها في أداء دورها‪ ،‬فهو خضوعها لسيطرة الدولة‪ ،‬وذلك بقيام هذه األخيرة بفرض‬
‫إجراءات وقوانين تعقد وتصعب أوال عملية إنشاء هذه املنظمات‪ ،‬وتعقد وتصعب عملها‬
‫املحدود ثانيا إذا أنشئت‪ .‬كما ظلت الدولة تقوم بالتغلغل داخل هذه املنظمات والسيطرة‬
‫عليها‪ ،‬بل أكثر من ذلك ظلت تقوم بخلق تنظيمات وجمعيات مصطنعة موازية نابعة من‬
‫النظام و تابعة له‪ (25).‬وهنا يمكن اإلشارة إلى ما ظل يسمي باملسيرات العفوية‪ ،‬وتجميع‬
‫األشخاص املؤطرين لتمجيد النظام والصراخ بحياة الرئيس وبقائه (لجان مساندة الرئيس‬
‫بوتفليقة لعدة عهد‪ ،‬وحتى العهدة الخامسة ألبريل ‪ ،2019‬والتي ألغيت بفضل الحراك‬

‫)‪ -(24‬شايب الذراع‪ ،‬بن يمينة‪" ،‬وضعية املؤسسات الديمقراطية وأثرها في عملية التحول الديمقراطي في‬
‫الجزائر"‪ ،‬مخبر البحوث والدراسات في العالقات الدولية‪ ،‬جامعة الجزائر ‪ ،2012 ،3‬ص ص‪ ، .190 ،189‬ص‬
‫ص ‪190 ،189‬‬
‫)‪ -(25‬املغيري‪ ،‬محمد زاهي‪ ،‬املجتمع املدني والدولي‪ ،‬دالالت املفهوم وإشكالية العالقة‪ ،2018 ،‬في‪http://www. :‬‬
‫‪ ، mshwashi.20m.com/dirasat/dirasat04.httml2‬التصفح في‪..2018.08 18 :‬‬

‫‪30‬‬
‫املجلة الجزائرية للعلوم السياسية والعالقات الدولية املجلد ‪ )2(12‬العدد ‪ 17‬ديسمبر‪2021‬‬

‫الشعبي في ‪ 22‬فبراير ‪.)2019‬كما يمكن ذكر دور املنظمات الجماهيرية الكثيرة التابعة لحزب‬
‫السلطة (جبهة التحرير الوطني ))‪(26‬‬

‫وال شك أن هذه املمارسات الغريبة‪ ،‬قد تركت تأثيرات سلبية على تنظيمات املجتمع املدني‬
‫وعلى نشاطاتها‪ ،‬فنجدها إما ممنوعة من النشاط‪ ،‬أو مقيدة بمجموعة من القوانين‬
‫والضوابط‪ (27) .‬نعم إن كثيرا من منظمات املجتمع املدني هي من صنع النظام الحاكم‪،‬‬
‫وقيليال منها مستقلة‪ ،‬ولكنها تتعرض لقيود قانونية ومالية صارمة وأحيانا ظاملة‪ ،‬وإلى‬
‫ضغوطات كثيرة‪ ،‬فافتقارها ملصادر التمويل التي تسمح لها بالنشاط الحر واالستقاللية‬
‫شكل عائقا لها‪ ،‬جعلها عرضة الستغالل النظام‪ ،‬بل ربما الستغالل الجهات الخارجية‪(28).‬‬

‫لكل هذا فإن املجتمع املدني خاصة قبل حراك ‪ 22‬فيفري‪ ،2019‬فقد فاعليته وكفاءته‬
‫وتحول إلى مجرد أدوات يستخدمها النظام للسيطرة على املواطنين وتضييق الخناق عليهم‬
‫وعلى حريتهم‪(29).‬‬

‫‪ .2.4‬وسائل تدعيم مساهمة املجتمع املدني في الجزائر‪ :‬بالرغم من ضعف دور منظمات‬
‫املجتمع املدني في الجزائر نتيجة لألسباب املشار إليها‪ ،‬إال أنه يمكن دعمها ودفعها للقيام‬
‫بأداء وظيفتها بفاعلية أكبر‪ ،‬وتمكينها من القيام بنشاطها على أتم وجه‪ ،‬وذلك بتوافر‬
‫مجموعة من الوسائل‪ :‬بعضها اجتماعية‪ -‬ثقافية‪ ،‬وأخرى اقتصادية‪ ،‬وثالثتها سياسية‪-‬‬
‫قانونية‪:‬‬
‫‪ .1.2.4‬الوسائل االجتماعية‪-‬الثقافية‪ :‬هذه الوسائل تعتبر هامة في نجاح املجتمع املدني في‬
‫القيام بأدواره عامة‪ ،‬وفي عملية التحول الديمقراطي خاصة‪ .‬فال ينشط املجتمع املدني فقط‬
‫بقيام مؤسسات تنظيمية مستقلة عن الدولة‪ ،‬مالم تسبقها ثقافة ترتكز على ضرورة تقييد‬
‫نشاطات الدولة بحدود معينة عند تعاملها مع املواطنين‪ ،‬باحترام حقهم في التفكير والتعبير‬
‫والتنظيم واالجتماع ‪...‬الخ‪ .‬وكلما كانت األحوال االجتماعية والثقافية تعاني من انقسامات‬

‫)‪ -(26‬مجدان‪ ،‬محمد‪" ،‬العملية الديمقراطية في الجزائر‪ ،‬األسباب والعوائق"‪ ،‬املجلة الجزائرية للسياسات العامة‪،‬‬
‫مخبر الدراسات وتحليل السياسة العامة في الجزائر‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،3‬عدد ‪ ،2014 ،5‬ص ‪ ،.64‬ص ‪64‬‬
‫)‪ -(27‬منيس ي‪ ،‬أحمد‪ ،‬آفاق التحول الديمقراطي في دول املغرب العربي‪ ،‬في أحمد منيس ي (محرر)‪ ،‬التحول الديمقراطي‬
‫في دول املغرب العربي‪ ،‬مركز الدراسات السياسية واالستراتيجية‪ ،‬القاهرة‪ ، . 2004 ،‬ص ‪314‬‬
‫)‪ -(28‬بابا عرابي‪ ،‬مسلم‪" ،‬املؤسسة العسكرية ومسار التحول الديمقراطي في الجزائر"‪ ،‬مجلة علوم إنسانية‪ ،‬عدد‬
‫‪ ،35‬خريف ‪ ،2007‬ص ص ‪ ، .24 -1‬ص ص ‪24-1‬‬
‫)‪ -(29‬عبد الكريم‪ ،‬هشام‪" ،‬املجتمع املدني ودوره في التنمية السياسية في الجزائر (‪ ،")1999 -1989‬رسالة‬
‫ماجستير‪ ،‬كلية العلوم السياسية واإلعالم‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،2006 -2005 .‬ص ‪192‬‬

‫‪31‬‬
‫محمد مجدان‪ :‬مساهمة املجتمع املدني في عملية التحول الديمقراطي في الجزائر‬

‫داخلية‪ :‬لغوية أو دينية أو قبلية أو غيرها‪ ،‬كلما وجدت مؤسسات املجتمع املدني صعوبات‬
‫في القيام بدورها الطبيعي‪(30).‬‬

‫ولهذا يجب دعم املجال الثقافي‪ ،‬ألنه يعد من األمور املهمة املتعلقة بعملية قيام املجتمع‬
‫املدني بأدواره‪ .‬وفي هذا الصدد يبرز الدور الكبير الذي يمكن أن تلعبه السياسات الثقافية‬
‫واإلعالمية والتربوية في املجتمع‪ ،‬فهي تعتبر أسس هامة للمساهمة في عملية التحول‬
‫الديمقراطي‪(31).‬‬

‫ويتمثل هذا الجانب الثقافي في ركيزتين هامتين هما‪ :‬العمل على نشر قيم املشاركة‪ ،‬وتعميق‬
‫الوالء للوطن‪ .‬وحتى يتم تحقيق ذلك يجب االهتمام باملؤسسات التي تقوم بهذا الدور‪ ،‬وهما‬
‫مؤسسات التعليم واإلعالم خاصة‪ ،‬كما يجب احترام الرأي اآلخر‪ ،‬وكذا تشجيع املشاركة‬
‫السياسية‪ ،‬أي العمل على ترسيخ التنشئة االجتماعية‪ ،‬من خالل تعبئة الفرد ليؤدي أدواره‬
‫داخل املجتمع‪ ،‬حتى يصبح مواطنا إيجابيا يساهم في تحقيق التنمية املجتمعية في جميع‬
‫امليادين (الشعور باملواطنة)‪ .‬ومن الواضح أن نشر هذه القيم‪ ،‬تشكل مجتمعة ثقافة‬
‫املجتمع‪ ،‬وتعتبر أهم قاعدة في تطوير املجتمع املدني في الجزائر‪(32).‬‬

‫إذن فإن فاعلية تنظيمات املجتمع املدني ومساهمتها في التنمية السياسية وفي عملية‬
‫التحول الديموقراطي مرتبط بشكل الثقافة السياسية السائدة‪ ،‬ويتحقق ذلك من خالل‬
‫ثقافة املشاركة‪ ،‬هذا ما يؤدي إلى انضمام األفراد وإقبالهم على العمل السياس ي‪ ،‬بل والتأثير‬
‫في العملية السياسية برمتها‪ ،‬ومن ثم إقامة دولة ديمقراطية حقيقية وليست شكلية‪(33).‬‬

‫ولنجاح اإلطار الثقافي واالجتماعي في دعم املجتمع املدني‪ ،‬يجب تلبية مطالب االفراد‬
‫ورغباتهم‪ ،‬وتحقيق حاجاتهم الضرورية‪ ،‬ورفع مستوى الدخل الفردي‪ ،‬مما يجعلهم يترفعون‬
‫عن الحاجات الخاصة بهم‪ ،‬وعن االنشغال بها‪ ،‬ويسمح لهم باالهتمام باملشاركة السياسية‪،‬‬
‫والدخول في األحزاب واملنظمات التي تمثل لهم وسائل للمشاركة في عملية التحول‬
‫الديمقراطي‪.‬‬

‫)‪ –(30‬ربوح ياسين‪" ،‬األحزاب السياسية ودورها في التنمية السياسية في الجزائر (‪ ،")2008-1996‬رسالة‬
‫ماجستير‪ ،‬كلية العلوم السياسية واإلعالم‪ ،‬جامعة الجزائر ‪ ، 2009‬ص ‪297‬‬
‫)‪ -(31‬عبد هللا فؤاد‪ ،‬آليات التغييرالديمقراطي في الوطن العربي‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫جانفي ‪ 1997‬ص‪297.‬‬
‫)‪ -(32‬ربوح‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪195‬‬
‫)‪ -(33‬عابد‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪72‬‬

‫‪32‬‬
‫املجلة الجزائرية للعلوم السياسية والعالقات الدولية املجلد ‪ )2(12‬العدد ‪ 17‬ديسمبر‪2021‬‬

‫‪ .2.2.4‬الوسائل االقتصادية‪ :‬أي العمل على تحقيق مستوى معقول من النمو االقتصادي‬
‫كأساس ال بد منه لقيام مجتمع مدني نشيط‪ .‬إذ كما هو معروف فإن فكرة املجتمع املدني‬
‫تعود إلى الدول املتقدمة ذات املستوى االقتصادي العالي‪ ،‬الذي ساهم في تشكيل النظم‬
‫الديمقراطية بخالف‬
‫الدول املتخلفة ومنها الجزائر‪ ،‬التي تعاني من أزمات ومشاكل اقتصادية كبيرة‪ ،‬جعلها تفشل‬
‫حتى اآلن في تحقيق نمو وتقدم اقتصادي‪ ،‬يساهم في رفع املستوى املادي للمواطنين ويمكنهم‬
‫بالتالي من االهتمام باملشاركة في األمور السياسية‪ ،‬وبالتالي في عملية التحول الديموقراطي‬
‫عن طريق إنشاء تنظيمات املجتمع املدني واالنضمام لألحزاب واملشاركة في االنتخابات‪ ،‬الخ‪.‬‬
‫إذن كلما ارتفع مستوى النمو والتقدم االقتصاديين‪ ،‬وتحسنت ظروف معيشة املواطنين‪،‬‬
‫كلما زاد اهتمامهم بالشؤون العامة‪ ،‬وبالتالي يزداد نشاط املجتمع املدني في املشاركة‬
‫السياسية‪ ،‬ويزداد دوره في التنمية السياسية‪ ،‬وفي عملية التحول الديموقراطي‪.‬‬
‫وبالتالي يحتاج تنشيط املجتمع املدني في الجزائر إلى درجة مقبولة من النمو االقتصادي‪،‬‬
‫وذلك بإعطاء دور أهم للقطاع الخاص وللمبادرات الفردية‪ ،‬بعيدا عن تدخل الدولة‪ ،‬الذي‬
‫يجب أن يقتصر على تهيئة الظروف الضرورية التي تسمح لالقتصاد أن يشتغل‪ ،‬وذلك بوضع‬
‫القوانين والقواعد التنظيمية لهذه النشاطات الخاصة‪ ،‬وتحقيق األمن واالستقرار‪ ،‬دون‬
‫تدخل مباشر من طرف الدولة‪ ،‬ألن تدخلها املباشر في مختلف مجاالت النشاط االقتصادي‪،‬‬
‫يحد من إمكانية تشكل املجتمع املدني املستقل ومن لعب دور فعال‪(34).‬‬

‫ومن املسائل االقتصادية‪ ،‬قضية التمويل التي تواجهها مؤسسات املجتمع املدني في الجزائر‪،‬‬
‫إذ تمنع من ممارسة أي نشاط اقتصادي أو تجاري‪ ،‬إال في ميدان الطباعة والنشر‪ .‬وقد تتجه‬
‫إلى التمويل الخارجي الذي يلفه الكثير من الشبهات واملخاطر‪ ،‬كالتدخل في شؤون هذه‬
‫املؤسسات الداخلية‪ ،‬وتوجيهها بما يحقق مصالح وأهداف الجهات املانحة‪ ،‬وليس املصلحة‬
‫الوطنية‪ (35) .‬لهذا يجب أن تكون هناك استقاللية مالية لهذه املؤسسات‪ ،‬وأن يسمح لها‬
‫بممارسة النشاطات االقتصادية والتجارية‪.‬‬
‫‪ .3.2.4‬الوسائل السياسية‪-‬القانونية)‪ :(36‬وهذه الوسائل هي مجموعة املبادئ والقواعد‬
‫السياسية والقانونية التي تعد الضمانات الضرورية لنشاط منظمات املجتمع املدني‪ ،‬والتي‬

‫)‪ -(34‬بياض ي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪174‬‬


‫)‪ -(35‬عبد الكريم‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪169‬‬
‫)‪ -(36‬بياض ي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪175‬‬

‫‪33‬‬
‫محمد مجدان‪ :‬مساهمة املجتمع املدني في عملية التحول الديمقراطي في الجزائر‬

‫يمكن حصرها في توفير إطار سياس ي يمكن مختلف هذه املنظمات من حرية التعبير عن‬
‫أفكارها ومصالحها بطريقة سليمة ومنظمة‪ .‬وتعتبر الديمقراطية أحسن إطار سياس ي لتطور‬
‫املجتمع املدني)‪ .(37‬إن تدعيم الديمقراطية هو األساس الصحيح لقيام املجتمع املدني‪،‬‬
‫وضمان حقوق األفراد وحرياتهم‪ ،‬كحق التصويت واالختيار وحرية التعبير وحق االجتماع ‪...‬‬
‫الخ‪ ,‬ومن هنا تظهر تلك العالقة التفاعلية بين الديمقراطية واملجتمع املدني‪(38).‬‬

‫وتقوم الديمقراطية بتوفر مجموعة من املبادئ والقواعد السياسية والقانونية‪ ،‬والتي‬


‫يمكن حصرها في ضرورة قيام تعددية حزبية وتفعيلها‪ ،‬ألن وجود تعددية فعلية وفعالة يعتبر‬
‫من الوسائل املهمة التي يجب توفرها في الدولة التي تريد قيام مجتمع مدني نشيط وفعال‪،‬‬
‫والتي تتطلب تمكين مختلف القوى االجتماعية والسياسية من التعبير السياس ي‪(39).‬‬

‫ولتحقيق فعالية التعددية من أجل الوصول إلى الديمقراطية الصحيحة‪ ،‬يتطلب األمر‬
‫ما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬القبول بمبدأ التنوع والتعدد والتداول على السلطة سلميا من قبل النظام القائم‪.‬‬
‫‪ .2‬ضمان حقوق اإلنسان واحترامها‪ ،‬باعتبارها من متطلبات تطوير وتنشيط املجتمع املدني‪.‬‬
‫‪ .3‬احترام مبدأ الفصل بين السلطات‪ ،‬ووضع الحدود بين مختلف املؤسسات و أجهزة الدولة‬
‫حسب الوظائف واألدوار‪(40).‬‬

‫‪ .4‬قيام عالقة تكاملية بين الدولة واملجتمع املدني‪ ،‬مبنية على أسس مبادئ املواطنة وسيادة‬
‫القانون ودولة املؤسسات‪ ،‬باإلضافة إلى تحقيق العدالة في توزيع أعباء التنمية وثمارها على‬
‫الجميع‪ ،‬وكذلك دعم دور املجتمع املدني‪ ،‬لتصبح العالقة بين الطرفين منظمة بإطار قانوني‬
‫من أجل تحقيق نوع من التوازن والتكامل‪(41).‬‬

‫)‪ -(37‬مرس ي‪ ،‬مشري‪ ،‬التحوالت السياسية وإشكالية التنمية في الجزائر‪ ،‬و اقع وتحديات املجتمع املدني في‬
‫الجزائر‪ :‬دراسة في آلية التفعيل‪ ،‬ملتقى بكلية العلوم القانونية واإلدارية‪ ،‬جامعة الشلف ‪ 20‬أوت ‪ ،2005‬ص ‪16‬‬
‫)‪ -(38‬عبد الكريم‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪166‬‬
‫)‪ -(39‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪154‬‬
‫)‪ -(40‬الصبيحي‪ ،‬أحمد شكري‪ ،‬مستقبل املجتمع املدني في الوطن العربي‪ ،‬ط ‪ ،1‬مركز دراسات الوحدة العربية‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،.2000 ،‬ص ‪197‬‬
‫)‪ -(41‬مرس ي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪16‬‬

‫‪34‬‬
‫املجلة الجزائرية للعلوم السياسية والعالقات الدولية املجلد ‪ )2(12‬العدد ‪ 17‬ديسمبر‪2021‬‬

‫‪.5‬ضرورة وجود وسائل تسمح بالتداول على القيادة داخل مؤسسات املجتمع املدني‪ .‬إذ‬
‫يالحظ هيمنة الثقافة التسلطية في هذه املؤسسات‪ ،‬نفس الشخص القائد منذ نشأة‬
‫املنظمة (الشخصنة)‪.‬‬
‫‪ .6‬يجب التخفيف من سيطرة وتغلغل الدولة داخل املجتمع املدني ومحاولة احتوائه‪ ،‬بحجة‬
‫املبرر األمني وحجة حماية النظام العام‪ ،‬مما يؤدي إلى التضييق على الحريات العامة‬
‫والنشاطات‪(42).‬‬

‫لهذا على الدولة أن تلتزم بقدر من الحياد إزاء فعاليات املجتمع املدني وتنظيماته‬
‫املختلفة‪ ،‬وكذلك التخفيف من اإلجراءات البيروقراطية املعرقلة في التعامل معها سواء في‬
‫إنشائها أو حول نشاطاتها كذلك‪(43).‬‬

‫‪.7‬دعم عملية اإلتصال بين النظام ومؤسسات املجتمع املدني عن طريق الوسائل الرسمية‬
‫وغير الرسمية‪ ،‬لتمكين فعاليات هذا املجتمع من التعبير عن نفسها‪ ،‬ولذلك وجب تفعيل‬
‫دور اإلعالم وتنشيطه‪.‬‬
‫كما يجب أن يكون هناك تنسيق بين مؤسسات املجتمع املدني نفسها‪ ،‬وتدعيم وسائل‬
‫الحوار بينها وبين املواطنين من أجل تحسيسهم بأهمية العمل الحزبي والجمعوي والسياس ي‪.‬‬
‫ولتحقيق هذا الدور يجب تعبئة وسائل اإلعالم واإلتصال املختلفة كذلك حتى تلعب هذا‬
‫الدور‪.‬‬
‫إذا تحققت هذه املطالب والشروط‪ ،‬يستطيع املجتمع املدنى أن يلعب دوره كما يجب‪،‬‬
‫ويمكن أن يساهم في تحقيق تحول ديموقراطي سليم‪ ،‬وبالتالي الوصول إلى قيام دولة‬
‫ديموقراطية حقيقية في الجزائر‪.‬‬

‫خاتمة‪:‬‬
‫تم تناول مساهمة املجتمع املدني في عملية التحول الديمقراطي في الجزائر‪ ،‬منذ اإلصالحات‬
‫السياسية الثانية سنة ‪ 2012‬إلى اليوم‪ ،‬نظرا ألن الجزائر تعتبر من بين الدول التي بدأت‬
‫خطوات في مرحلة التحول هذا‪ .‬فتم التعرض ملفهوم املجتمع املدني بصفة عامة‪ ،‬وظهور‬

‫)‪ . -(42‬زياني‪ ،‬صالح‪" ،‬واقع وآفاق املجتمع املدني كآلية لبناء وترسيخ التعددية في العالم العربي"‪ ،‬مجلة العلوم‬
‫االجتماعية واإلنسانية‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة بسكرة‪ ،‬عدد ‪ ،2003 ،9‬ص ‪ .80‬ص ‪.80‬‬
‫)‪ -(43‬مرس ي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.17‬‬

‫‪35‬‬
‫محمد مجدان‪ :‬مساهمة املجتمع املدني في عملية التحول الديمقراطي في الجزائر‬

‫املجتمع املدني في الجزائر وتطوره بصفة خاصة‪ .‬كما تم تحليل مساهمته في عملية التحول‬
‫هذه‪ ،‬من خالل استعراض دوره في عملية التنشئة السياسية‪ ،‬وفي عملية املشاركة‬
‫السياسية‪ ،‬وكذلك بالتعرض إلى العالقة التي ظلت تربط املجتمع املدني بالسلطة السياسية‬
‫الحاكمة في الجزائر‪.‬‬
‫واتضح أن وظيفة هذا املجتمع في عملية التحول الديمقراطي في الجزائر هامة جدا‪ ،‬مثلها‬
‫مثل الوظيفة التي تلعبها املؤسسات الرسمية في الدولة‪ .‬هذه األهمية نابعة خاصة من امتالك‬
‫املجتمع املدني رصيدا ثقافيا ومعرفيا‪ ،‬يسمح للجزائر من الحصول على فرص جديدة إلقامة‬
‫دولة ديمقراطية حقيقية نابعة من خصوصيات ومقومات املجتمع الجزائري‪ .‬فاملجتمع‬
‫املدني هو انعكاس للخلفيات االجتماعية والثقافية والتاريخية وغيرها لهذا ملجتمع‪ ،‬مما‬
‫يسمح له بأن يكون مصدرا للعديد من الحلول للمشاكل الكثيرة التي تواجه عملية التحول‬
‫الديمقراطي‪ .‬هذا يبين العالقة الهامة بين املجتمع املدني في الجزائر‪ ،‬والعملية‬
‫الديموقراطية‪ ،‬حيث أن عمل مؤسسات هذا املجتمع قائم على تنظيم مشاركة املواطنين في‬
‫العملية السياسية‪ ،‬وكذا الوصول إلى املساهمة في صنع القرارات في مختلف مجاالت حياتهم‪.‬‬
‫وهذا يظهر الدور الهام الذي يلعبه املجتمع املدني في دفع عملية التحول الديمقراطي في‬
‫الجزائر إلى األمام‪ ،‬وخاصة إذا سمح له بالقيام بدوره هذا‪ ،‬واملتعلق بتنشيط املشاركة‬
‫السياسية‪ ،‬وترسيخ ثقافة اجتماعية وسياسية‪ ،‬تكون القاعدة األمامية في إقامة التنشئة‬
‫االجتماعية والسياسية‪.‬‬
‫ولكن في الجزائر ظلت العالقة بين املجتمع املدني والسلطة السياسية تتميز بالتبعية‪،‬‬
‫بسبب عدم ثقة هذه السلطة بمنظماته‪ .‬فهي تراها مصدر تهديد لها‪ ،‬مما جعلها منظمات‬
‫مراقبة ومقيدة‪ .‬ونتيجة لذلك ظلت فاعلية املجتمع املدني في الجزائر ضعيفة جدا‪ ،‬ودورها‬
‫ظل محدودا‪ ،‬بسبب طبيعة النظام وسياسة الهيمنة‪ .‬باإلضافة إلى األسباب األخرى التي‬
‫ذكرت في ثنايا هذه الدراسة‪.‬‬
‫ولهذا لكي يحصل تحول ديمقراطي صحيح‪ ،‬يجب أن يمكن املجتمع املدني من أداء نشاطه‬
‫وذلك بفتح املجال أمامه للمساهمة في ترسيخ الديمقراطية‪ ،‬ألن هذه مسؤولية جميع‬
‫الشركاء االجتماعيين‪ ،‬وليست مسؤولية الدولة وحدها‪ .‬كما يجب أن يتم تكريس مبادئ‬
‫الديمقراطية داخل هياكل منظمات املجتمع املدني أوال‪ ،‬خاصة فيما يتعلق بثقافة التداول‬
‫على القيادة‪ ،‬والعمل على تثبيت هذه الثقافة على مستوى الفاعلين داخل هذه املنظمات‪.‬‬
‫باإلضافة إلى تهيئة الوسائل الثقافية‪-‬االجتماعية واالقتصادية والسياسية‪-‬القانونية التي‬

‫‪36‬‬
‫املجلة الجزائرية للعلوم السياسية والعالقات الدولية املجلد ‪ )2(12‬العدد ‪ 17‬ديسمبر‪2021‬‬

‫تعمل دعم املجتمع املدني ودفعه ليقوم بنشاطه كما ينبغي‪ .‬وقد يكون الحراك األخير بداية‬
‫لدور كبير لهذا املجتمع املدني في نجاح العملية الديموقراطية الحقيقية في الجزائر‪ .‬فقد أدى‬
‫إلى سقوط النظام الذي ظل قائما لعقود طويلة‪ ،‬وإلى إجراء انتخابات رئاسية في ‪ 12‬ديسمبر‬
‫‪ ،2019‬نأمل أن تكون بداية لتحول ديمقراطي حقيقي‪.‬‬
‫ومع هذا يمكن مقارنة تطور دور املجتمع املدني في الجزائر من حيث اهتمام املشرع‬
‫الجزائري به وبدوره في كل اإلصالحات والتعديالت السياسية والدستورية التي تمت‪ .‬كما‬
‫يمكن رؤية التطور الكمي ملؤسسات املجتمع املدني من حيث زيادة عددها باطراد عبر مراحل‬
‫فترة الدراسة (‪ .)2021 -2012‬باإلضافة إلى تحسين تنظيم هذه املؤسسات‪ ،‬مما أدى إلى زيادة‬
‫فاعليتها‪ ،‬خاصة بعد حراك ‪ 22‬فبراير ‪ ،2019‬وأصبحت أكثر استقاللية عن النظام‬
‫السياس ي‪ ،‬مقارنة بما كانت تتميز به بالتبعية له من قبل‪ .‬كما يمكن رؤية نوع من االنسجام‬
‫والتنافس بين مختلف هذه التنظيمات بدل الصراع والتنافر الذي كان سائدا بينها‪.‬‬

‫املراجع‪:‬‬
‫‪ .1‬الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ ،‬قانون رقم ‪ ،16.06‬املؤرخ في ‪،2012. 01 .12‬‬
‫يتعلق بالجمعيات‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ ،2‬في‪ 15 :‬جانفي ‪.2012‬‬
‫‪ .2‬الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ ،‬قانون رقم ‪ ،01 .16‬املؤرخ في‪،2016 .6.3 :‬‬
‫يتضمن تعديل الدستور الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ ،14‬في‪ 3 :‬جويلية ‪2016‬‬
‫‪ .3‬الصبيحي‪ ،‬أحمد شكري‪ ،‬مستقبل املجتمع املدني في الوطن العربي‪ ،‬ط ‪ ،1‬مركز دراسات‬
‫الوحدة العربية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.2000 ،‬‬
‫‪.4‬الصوراني‪ ،‬غازي‪ ،‬تطوراملجتمع املدني وأزمة املجتمع العربي‪ ،‬مركز دراسات الغد العربي‪،‬‬
‫غزة‪ ،‬فلسطين ‪.2004‬‬
‫‪ .5‬املغيري‪ ،‬محمد زاهي‪ ،‬املجتمع املدني والدولي‪ ،‬دالالت املفهوم وإشكالية العالقة‪،2018 ،‬‬
‫‪ ،http://www. mshwashi.20m.com/dirasat/dirasat04.httml2‬التصفح في‪18 :‬‬ ‫في‪:‬‬
‫‪.2018.08.‬‬

‫‪37‬‬
‫محمد مجدان‪ :‬مساهمة املجتمع املدني في عملية التحول الديمقراطي في الجزائر‬

‫‪ .6‬بابا عرابي‪ ،‬مسلم‪" ،‬املؤسسة العسكرية ومسار التحول الديمقراطي في الجزائر"‪ ،‬مجلة‬
‫علوم إنسانية‪ ،‬عدد ‪ ،35‬خريف ‪ ،2007‬ص ص ‪.24 -1‬‬
‫‪.7‬بياض ي‪ ،‬محي الدين‪" ،‬املجتمع املدني في دول املغرب العربي‪ ،‬دوره في التنمية السياسية"‪،‬‬
‫رسالة ماجستير غير منشورة‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة بسكرة‪-2011 ،‬‬
‫‪2012‬‬
‫‪ .8‬بوزيد‪ ،‬بومدين‪" ،‬حدود قوه التشريع والتغيير السياس ي وسبل تعزيز التحول الديمقراطي‪،‬‬
‫محاولة فهم التجربة الديمقراطية في الجزائر"‪ ،‬املجلة العربية للعلوم السياسية‪ ،‬عدد ‪،11‬‬
‫‪ ،2006‬ص ‪. 64‬‬
‫‪ .9‬ديلو‪ ،‬ستيفن‪ ،‬املجتمع املدني بين التفكير السياس ي والنظرية السياسية‪ ،‬ترجمة ربيع‬
‫وهبة‪ ،‬املجلس األعلى للثقافة‪ ،‬القاهرة ‪.2003‬‬
‫‪.10‬ربوح‪ ،‬ياسين‪" ،‬األحزاب السياسية ودورها في التنمية السياسية في الجزائر ( ‪-1996‬‬
‫‪ ،")2008‬رسالة ماجستير‪ ،‬كلية العلوم السياسية واإلعالم‪ ،‬جامعة الجزائر‪.2009 ،‬‬
‫‪ .11‬زياني‪ ،‬صالح‪" ،‬واقع وآفاق املجتمع املدني كآلية لبناء وترسيخ التعددية في العالم العربي"‪،‬‬
‫مجلة العلوم االجتماعية واإلنسانية‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة بسكرة‪،‬‬
‫عدد ‪ ،2003 ،9‬ص ‪.80‬‬
‫‪.12‬شايب الذراع‪ ،‬بن يمينة‪" ،‬وضعية املؤسسات الديمقراطية و أثرها في عملية التحول‬
‫الديمقراطي في الجزائر"‪ ،‬مخبر البحوث والدراسات في العالقات الدولية‪ ،‬جامعة الجزائر‬
‫‪ ،2012 ،3‬ص ص‪.190 ،189‬‬
‫‪.13‬ضميري‪ ،‬عزيزة‪" ،‬الفواعل السياسية ودورها في صنع السياسة العامة في الجزائر"‪،‬‬
‫رسالة ماجستير‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة باتنة‪. 2008 -2007 ،‬‬
‫‪ .14‬عابد‪ ،‬عمر" املجتمع املدني في الجزائر ودوره في التنمية السياسية"‪ ،‬مذكرة ماستر‪،‬‬
‫كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة ورقلة‪.2016 -2015 ،‬‬
‫‪ .15‬عبد الكريم‪ ،‬هشام‪" ،‬املجتمع املدني ودوره في التنمية السياسية في الجزائر (‪-1989‬‬
‫‪ ،")1999‬رسالة ماجستير‪ ،‬كلية العلوم السياسية واإلعالم‪ ،‬جامعة الجزائر‪2006 -2005 .‬‬
‫‪.16‬عبد هللا‪ ،‬فؤاد‪ ،‬آليات التغيير الديمقراطي في الوطن العربي‪ ،‬مركز دراسات الوحدة‬
‫العربية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬جانفي ‪.1997‬‬

‫‪38‬‬
‫املجلة الجزائرية للعلوم السياسية والعالقات الدولية املجلد ‪ )2(12‬العدد ‪ 17‬ديسمبر‪2021‬‬

‫‪.17‬كربوسة‪ ،‬عمراني‪" ،‬املجتمع املدني في ظل الحراك العربي الراهن‪ ،‬أي دور ؟"‪ ،‬مجلة العلوم‬
‫االجتماعية واإلنسانية‪ ،‬عدد ‪ ،16‬سبتمبر ‪ ،2014‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة‬
‫بسكرة‪ ،‬ص ‪.162‬‬
‫‪ .18‬مجدان‪ ،‬محمد‪" ،‬العملية الديمقراطية في الجزائر‪ ،‬األسباب والعوائق"‪ ،‬املجلة‬
‫الجزائرية للسياسات العامة‪ ،‬مخبر الدراسات وتحليل السياسة العامة في الجزائر‪ ،‬جامعة‬
‫الجزائر‪ ،3‬عدد ‪ ،2014 ،5‬ص ‪.64‬‬
‫‪ .19‬مرس ي‪ ،‬مشري‪ ،‬التحوالت السياسية وإشكالية التنمية في الجزائر‪ ،‬و اقع وتحديات‬
‫املجتمع املدني في الجزائر‪ :‬دراسة في آلية التفعيل‪ ،‬ملتقى بكلية العلوم القانونية واإلدارية‪،‬‬
‫جامعة الشلف ‪ 20‬أوت ‪2005‬‬
‫‪ .20‬منيس ي‪ ،‬أحمد‪ ،‬آفاق التحول الديمقراطي في دول املغرب العربي‪ ،‬في أحمد منيس ي‬
‫(محرر)‪ ،‬التحول الديمقراطي في دول املغرب العربي‪ ،‬مركز الدراسات السياسية‬
‫واالستراتيجية‪ ،‬القاهرة‪. 2004 ،‬‬
‫‪ .21‬موازي‪ ،‬بالل‪" ،‬الجمعيات املدنية كأساس لتفعيل التنمية السياسية في الجزائر"‪ ،‬مجلة‬
‫جيل للدراسات السياسية والعالقات الدولية‪ ،‬عدد ‪ ،1‬جانفي ‪ 2015‬ص‪.148‬‬
‫‪ .22‬هرنبرج‪ ،‬جون‪ ،‬املجتمع املدني التاريخ النقدي للفكرة‪ ،‬ترجمة علي حاكم وحسن ناظم‪،‬‬
‫املنظمة العربية للترجمة‪ ،‬بيروت ‪.2008‬‬
‫‪ .23‬هنتنغتن‪ ،‬صموئيل‪ ،‬املوجة الثالثة والتحول الديمقراطي في أواخر القرن العشرين‪،‬‬
‫ط‪ ،1‬ترجمة عبد الوهاب علوب‪ ،‬دار سعاد الصباح‪ ،‬الكويت‪.1993 ،‬‬
‫‪ .24‬والي‪ ،‬يسعد‪ ،‬االنتخابات البرملانية واملحلية وعواقبها على القطب الحزبي الرائد‪ ،‬ملتقى‬
‫حول االنتخابات املحلية والبرملانية في الجزائر بكلية العلوم السياسية والعالقات الدولية‪،‬‬
‫جامعة الجزائر ‪ ،3‬ديسمبر ‪.2017‬‬
‫‪ .25‬وكالة الواليات املتحدة األمريكية للتنمية الدولية‪ ،‬املجتمع املدني في العالم العربي‬
‫‪.2013‬‬

‫‪39‬‬

You might also like