You are on page 1of 138

‫جامعة جـــــرش‬

‫قسم اللغة العربية‬

‫الزمن يف شعر املتنبي حنو قراءة جديدة‬


‫‪Time in the poetry of Mutanabi new vision‬‬

‫إعداد الطالب‬

‫عمي عبدالكريم خميف الحوامدة‬

‫إشراف‬

‫األستاذة الدكتورة جودي فارس البطاينة‬

‫قدمت ىذه الرسالة استكمالً لمتطمبات الحصول عمى درجة الماجستير في المغة العربية وآدابيا‬

‫عمادة البحث العممي والدراسات العميا‬

‫جامعة جرش‬

‫الفصل الدراسي األَول‬

‫‪ٕٜٓٔ-ٕٓٔٛ‬م‬

‫‌أ‬
‫التفويـض‬

‫أنب‌الغبلت‪‌:‬علي‌عجذالكشين‌خليف‌الحٌاهذح‌؛‌أفٌض‌جبهعخ‌جشش‌ثزضًيذ‌نسخو‌هن‌‬
‫سسبلزي‌ًالوعنٌنخ"‌الضهن‌في‌شعش‌الوزنجي‌نحٌ‌قشاءح‌جذيذح"‌للوكزجبد‪‌،‬أًَ‌الييئبد‪‌،‬‬
‫أًَ‌الونظوبد‌ًالوؤسسبد‌الجحثيخ‌عنذ‌علجين‌حست‌الزعلويبد‌النبفزح‌في‌الجبهعخ‪‌ .‬‬

‫‌‬

‫التىقيـع‪‌ .....................................:‬‬

‫‌‬

‫التاريـخ‪1069‌/‌‌6‌/66‌‌‌:‬م ‌‬

‫‌ة‬
‫قرار لجنة المناقشة‬
‫الزمن يف شعر املتنبي حنو قراءة جديدة"‬ ‫ُنوقشت ىذه الرسالة المعنونة بـ"‬
‫وأُجيزت بتاريخ ‪ٕٓٔٛ / ٔ / ٔٙ‬‬

‫التوقيع‬ ‫أعضاء جلنت املناقشت ذ‬

‫أ‪.‬د جودي البطاينت‪........................‬رئيست ومشرفت‬

‫أ‪‌ .‬د حممد ربيع‪.......................................‬عضوا‬

‫أ‪.‬د حممد القضاة‪..............................‬عضوا خارجيا‬

‫‌ج‬
‫ذ‬ ‫اإلػــــــــــــــــاا‬

‫إىلذواظايّ‪......‬رمحفؿاذاهلل‬
‫واظايذاظذيذرحلذعبؽراًذسنذػذهذاظاغقاذبعاذأنذراصتذرؿتهذمسا ذاظورنذ‬
‫ؼوعاذبعاذؼومذوحننذصغارذغـتظرهذصإذاذعاذتعبتذعنذاظطوافذسادتذظتحطذ‬
‫رحاهلاذبقــاذوظتؿألذحقاتـاذح ّباًذوسشؼاًذدرعاؼا‬
‫واظايذاظذيذطانذعشعلذاظـورذيفذحقاتي؛ذإذذسؾؿينذأجباؼةذاحلرفذصغرياًذ‬
‫وأضا ذظقؾيذصبقاًذوزرعذيفذغػديذضقمذاظرجوظةذطراعةذوسزاذوإبا ًذوخطذظـاذسؾىذ‬
‫سنيذاظشؿسذبصؿةذصخارذبأخالضهذالزظـاذغتػقأذزالهلاذإىلذاآلن ذ‬
‫واظاتيذحبرذاظعطفذواحلـانذاظذيذدبحـاذصقهذصغاراًذوطباراً؛ذأعيّذاظيتذطاغتذ‬
‫تؼفذخؾفذاظـاصذةذتراضبذخطواتيذذػاباًذوإؼاباًذرشمذثؼلذادلدؤوظقةذاظيتذ‬
‫زؿؾفاذوضاذاعتزجذحـاغفاذبؼدوةذسصاػاذاظيتذتؾدعذجـيبذإذاذعاذتأتأتذيفذ‬
‫ضرا تي‪ .‬ذ‬
‫إىلذإخواغيذوأخواتي‪....‬ذصروسيذاظذؼنذادتظلذبظؾفمذوضتذاظعـا ذإذذسشتذ‬
‫وإؼاػمذزتذدؼفذسزذأبقـاذوحـانذأعـاذغتؼادمذظؼؿةذاخلبزذععاذوغتشاركذيفذ‬
‫اظػرحذواظؾفوذععا ذ‬
‫إىلذزوجيتذرصقؼةذدربيذاظيتذأضا تذظيذذطرذحقاتيذتـتظرغيذإذاذشبتذ‬
‫وزتػلذبيذإذاذحضرتذواظيتذأرػؼتينذبرتتقبذأوراضيذرشمذتؼؾبذعزاجي ذ‬
‫إىلذطلذأداتذتيذاظذؼنذخطّواذيفذغػديذحروفذاظعؾمذوأغارواذظيذدروبذ‬
‫ادلعرصة ذ‬
‫إىلذطلذاألصاضا ذوإىلذطلذأحرارذاألعةذأؼـؿاذذطاغوا ذ‬
‫إىلذادلتـيبذيفذضربهذاظذيذرعاغاذباا ذذعرهذورحلذإذذضال‪ :‬ذ‬
‫أغامذعل ذجػوغيذسنذذواردػاذذذذذذذذذذوؼدفرذاخلؾقذجراػاذوخيتصم ذ‬
‫إىلذػؤال ذمجقعاذإػاا ذحمبةذووصا ذوسرصان ذ‬

‫‌د‬
‫شكر وتقدير‬

‫هلل الحمد كالشكر مف قبؿ كمف بعد‪ :‬فمكال تكفيقو لي ما استطعت انجاز ىذا العمؿ‬

‫المتكاضع‪.‬‬

‫كفي البدء أتقدـ بكافر الشكر كجزيؿ العرفاف‪ ،‬لجامعة جرش كأخص بالذكر كمية اآلداب‬

‫ممثمة باألستاذ الدكتكر محمد ربيع أطاؿ اهلل في عمره‪ ،‬كما أشكر األستاذة الدكتكرة‪ ،‬جودي‬

‫فارس البطاينة التي تفضمت مشككرة بقبكؿ اإلشراؼ عمى ىذه الرسالة‪ ،‬إذ تابعتني خطكة خطكة‬

‫كلـ تم ٌؿ أك تك ٌؿ مف إسداء الرأم كالتكجيو كما تكانت لحظة عف تقديـ المساعدة لي مما كاف لذلؾ‬

‫كمو أكبر األثر في نفسي مف عزـ كعزيمة في إكماؿ ىذا الجيد المتكاضع فجزاىا اهلل خير الجزاء‬

‫كما كأتقدـ بالشكر الجزيؿ كخالص االمتناف لؤلساتذة األجبلء الذيف تفضمكا بقبكؿ مناقشة‬

‫رسالتي كتحممكا مشقة قراءتيا كتقكيميا مما يسيـ في إثرائيا ‪ ،‬كال يغيب عف ذىني أف أقدـ كافر‬

‫شكرم كخالص تقديرم لكؿ األساتذة الذيف تتممذت عمى أيدييـ أثناء دراستي لمرحمة الماجستير‪،‬‬

‫أبدم ليـ جميعا كؿ الشكر كالتقدير‪.‬‬


‫كالذيف طبعكا في قمبي بصمة عشؽ ٌ‬

‫الباحث‬

‫‌ه‬
‫فيرس المحتويات‬
‫رقم الصفحة‬ ‫الموضوع‬
‫ب‬ ‫التفكيػض‬
‫ج‬ ‫قرار لجنة المناقشة‬
‫د‬ ‫اإلىػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػداء‬
‫ق‬ ‫الشكر كالتقدير‬
‫ك‬ ‫فيرس المحتكيات‬
‫م‬ ‫الممخص بالمغة العربية‬
‫‪1‬‬ ‫المقدمة‬
‫‪2‬‬ ‫أىمية الدراسة‬
‫‪2‬‬ ‫منيجية الدراسة‬
‫‪3‬‬ ‫الدراسات السابقة‬
‫‪4‬‬ ‫التمييد‬
‫‪4‬‬ ‫المبحث األكؿ‪ :‬مكلد المتنبي كنشأتو‬
‫‪8‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬أثر البيئة في تككيف شخصية المتنبي‬
‫‪14‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬الزمف في الشعر العربي‬
‫‪19‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬ألفاظ الزمن ودللتيا في شعر المتنبي‬
‫‪21‬‬ ‫المبحث األكؿ‪ :‬ألفاظ الزمف في شعر المتنبي (ُّٓ‪)ّّٔ-‬‬
‫‪37‬‬ ‫المبحث الثاني (ألفاظ الزمف في شعر المتنبي الفترة(ّّٔ‪)ّْٔ-‬‬
‫‪45‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬ألفاظ الزمف في شعر في المتنبي الفترة(ّْٔ‪)ّْٓ-‬‬
‫‪53‬‬ ‫المبحث الرابع استراتيجيات المكاجية مع الزمف‬
‫‪60‬‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬الزمن في الصورة الفنية في شعر المتنبي‬
‫‪64‬‬ ‫المبحث االكؿ‪ :‬مفيكـ الصكرة الفنية في النقد القديـ كالحديث‬
‫‪65‬‬ ‫المطمب االكؿ‪ :‬الصكرة الفنية في النقد القديـ‬
‫‪69‬‬ ‫المطمب الثاني‪ :‬مفيكـ الصكرة في النقد الحديث‬

‫‪73‬‬ ‫المطمب الثالث‪ :‬كسائؿ الصكرة الفنية في شعر المتنبي‬

‫‪73‬‬ ‫‪ -‬التشبيو‬

‫‪82‬‬ ‫‪ -‬االستعارة‬

‫‌ً‬
‫رقم الصفحة‬ ‫الموضوع‬
‫‪85‬‬ ‫‪ -‬التشخيص‬

‫‪91‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬البناء الفني في قصيدة المتنبي‬

‫‪92‬‬ ‫المطمب االكؿ‪ :‬مطمع القصيدة‬

‫‪95‬‬ ‫المطمب الثاني‪ :‬خاتمة القصيدة‬

‫‪100‬‬ ‫الخاتمة‬

‫‪103‬‬ ‫قائمة المصادر كالمراجع‬

‫‪116‬‬ ‫الترتيب الزمني لمقصائد كألفاظ الزمف الكاردة فييا‬

‫‪129‬‬ ‫الممخص بالمغة اإلنجميزية‬

‫‌ص‬
‫الممخص‬

‫تناكلت ىذه الدراسة الزمف في شعر المتنبي مف خبلؿ رؤية جديدة تمثمت في‬

‫تتبع ألفاظ الزمف في شعره كفقان لممراحؿ الزمنية المختمفة التي عاشيا المتنبي‪.‬‬

‫لذا فقد تمثؿ ىدؼ الدراسة بالتعرؼ عمى تطكر مفيكـ الزمف في شعر‬

‫المتنبي المتنبي كارتباطو بطبيعة الحياة التي عاصرىا المتنبي كاألحداث التي مرت‬

‫بو‪.‬‬

‫كلتحقيؽ ىذا اليدؼ فقد تـ تقسيـ الدراسة إلى تمييد كفصميف كخاتمة؛ حيث‬

‫تناكؿ التمييد التعرؼ عمى نشأة المتنبي كأثر البيئة في تككيف النشأة كالزمف في‬

‫الشعر العربي‪ ،‬أما الفصؿ األكؿ فعرض لتطكر ألفاظ الزمف كدالالتيا في شعر‬

‫المتنبي مف خبلؿ تقسيـ حياة المتنبي إلى ثبلث مراحؿ زمنية‪ ،‬ما قبؿ لقاء سيؼ‬

‫الدكلة(ُّٓ‪ ،)ّّٔ-‬كالفترة التي التقى فييا المتنبي بسيؼ الدكلة(ّّٔ‪،)ّْٔ-‬‬

‫كمرحمة كافكر كما بعدىا(ّْٔ‪ .)ّْٓ-‬كتناكؿ الفصؿ الثاني مفيكـ الصكرة الفنية‬

‫في النقد القديـ كالحديث ككسائؿ الصكرة الفنية في شعر المتنبي مف تشبيع كاستعارة‬

‫كتشخيص كعرض لمبناء الفني في قصيدة المتنبي‪.‬‬

‫أف عبلقة المتنبي بالزمف كانت عبلقة عداء كصراع في‬


‫كقد خمصت الدراسة إلى ٌ‬

‫أغمب األحياف؛ حيث شكؿ الزمف العدك األساسي الذم يقؼ في كجو المتنبي كيحكؿ‬

‫دكف سعيو لتحقيؽ طمكحو‪ ،‬كلكف البلفت لمنظر أف الزمف بعد لقاء المتنبي بسيؼ‬

‫‌ح‬
‫الدكلة اتٌخذ نمطان جديدان قكامو التفاؤؿ بتحقيؽ األحبلـ كالطمكحات‪ ،‬ثـ يتحكؿ ذلؾ‬

‫الطمكح إلى خيبة أمؿ جديدة بعد انتياء عبلقة المتنبي بسيؼ الدكلة كاالنتقاؿ إلى‬

‫كافكر كزكدت الدراسة في نيايتيا بجدكؿ لقصائد المتنبي التي ذكر فييا الزمف مرتبة‬

‫تصاعديا‪‌ .‬‬ ‫تريبا زمنيا‬


‫‌‬

‫‌ط‬
‫المقدمة‬
‫ييعػػد المتنبػػي مػػف أىػػـ شػػعراء العربيػػة(ُ)‪ ،‬حتػػى عػػده الػػبعض شػػاعر العػػرب األكبػػر عبػػر‬

‫(ّ)‬
‫كقػػاـ بشػػرح ديكانػػو‪ ،‬كنقػػده الغالبيػػة العظمػػى مػػف شػراح عصػره‬ ‫العصػػكر(ِ) كشػػاعر العربيػػة األكؿ‬

‫يفسػ ػػر الغري ػػب م ػػف أش ػػعاره‪ ،‬كاقتنػ ػػاص الجدي ػػد ال ػػذم طم ػػع بػ ػػو(ٓ)‪،‬‬ ‫(ْ)‬
‫كنق ػػادىـ ‪ ،‬فمض ػػى الػ ػبعض ٌ‬

‫كبعضػػيـ مضػػى يرجػػع ىػػذه المجمكعػػة مػػف المعػػاني كالصػػكر فػػي قصػػائده إلػػى قصػػائد غي ػره(ٔ)‪،‬‬

‫كآخركف اكتفكا بالكقكؼ أماـ المتنبػي كقفػة الظمػعف عمػى حافػة بئػر يمقػي بػدلكه‪ ،‬كيعػب المػاء حتػى‬

‫يرتكم‪ ،‬كمف ثـ يمضي لمكاصمة طريقو ‪ .‬كاجتماع النقاد‪ ،‬كالشراح عمػى شػعر أبػي الطيػب المتنبػي‬

‫يػػد ٌؿ داللػػة كاضػػحة عمػػى أىميػػة المتنبػػي‪ ،‬كعمػػى الػػدكر الػػذم ٌأداه فػػي الحيػػاة الشػػعرية‪ ،‬كعصػػكر‬

‫األدب كميا(ٕ)‪.‬فأبك الطيب المتنبي ما زاؿ حيا يسكننا حتى ىذه المحظة‪.‬‬

‫(ُ) انظر الكركي‪ ،‬خالد‪ ،‬الصائح المحكي صكرة المتنبي في الشعر الحديث‪ ،‬المؤسسة العربية لمدراسات كالنشر‪،‬‬
‫األردف‪.ُٗٗٗ ،‬‬
‫(ِ)الحجية‪ ،‬فالح‪ ،‬في األدب كالفف ‪alnoor. Se/exstra/4/16/pdf :‬‬
‫(ّ)حسبف‪ ،‬طو‪ ،‬مع المتنبي ضمف كتاب مف تاريخ األدب العربي العصر العباسي الثاني‪ ،‬جّ‪ ،‬دار العمـ‬
‫لممبلييف‪ ،‬طّ‪ ،َُٖٗ ،‬صُٗ كما بعدىا‪.‬‬
‫(ْ)انظر‪ :‬شرح ابف جني‪ ،‬عثماف بف جني المكصمي(ِّٗق) المكسكـ بالفسر‪ ،‬تحقيؽ صفاء خمكصي‪ ،‬ك ازرة‬
‫الثقافة كالفنكف ‪ ،‬بغداد‪ ،ُٕٕٗ ،‬شرح ابي العبلء المعرم المكسكـ باالمع العزيزم‪ ،‬شرح التبريزم المكسكـ‬
‫بالمكضكح‪ ،‬شرح الكندم المكسكـ بالصفكة‪ ،‬شرح العكبرم المكسكـ بالتبياف‪.‬‬
‫(ٓ)شرح المشكؿ في شرح المتنبي ألبف سيدة‪ ،‬عمي بف أسماعيؿ‪ ،‬مكتبة المصطفي‪ ،‬تحقيؽ مصطفى السقا ‪،‬ػ‬
‫كحامد عبدالمجيد‪ ،‬القاىرة‪ .ُٕٗٔ ،‬الكاضح في مشكبلت شعر المتنبي‪ ،‬أبك القاسـ األصبياني‪ ،‬تحقيؽ محمد‬
‫الطاىر ابف عاشكر‪ ،‬دار السبلـ‪ .‬القاىرة‪.ََِٗ .‬‬
‫(ٔ) ببف ككيع ‪ ،‬أبك محمد الحسف بف عمي (ّّٗىػ)‪ ،‬المنصؼ لمسارؽ كالمسركؽ منو‪ ،‬تحقيؽ عمر خميفة بف‬
‫أدريس منشكرات جامعة قاريكنس‪ ،‬ليبيا‪ ،‬طُ‪ ،ُْٗٗ ،‬الشسبلخ‌الوٌضحخ‌في‌ركش‌سشقبد‌الوزنجي‌ًسبقظ‌شعشه‪‌،‬‬
‫الحبروي‪‌،‬هحوذ‌ثن‌الحسن‌ثن‌الوظفش‪‌،‬رحقيق‌هحوذ‌يٌسف‌نجن‪‌،‬داس‌صبدس‌ثيشًد‪‌ .6965‌،‬‬
‫(ٕ)سماعيؿ‪ ،‬عز الديف‪ :‬نكابغ العرب أبك الطيب المتنبي‪( ،‬د‪ ،‬ط)‪ ،‬بيركت‪ :‬دار العكدة‪ ،ُْٕٗ ،‬طُ‪ ،‬صٓٗ‪‌ .‬‬

‫‪1‬‬
‫أىداف الدراسة واىميتيا ومبرراتيا‬

‫تيػػدؼ ىػػذه الد ارسػػة إلػػى التعػػرؼ عمػػى الػػزمف فػػي شػػعر المتنبػػي كدالالتػػو‪ .‬كمػػا تسػػعى إلػػى‬

‫التعػػرؼ عمػػى كسػػائؿ الصػػكرة الفنيػػة فػػي شػػعر المتنبػػي مػػف تشػػبيو كاسػػتعارة كتشػػخيص كعمػػى بنػػاء‬

‫القصيدة الزمنية في شعر المتنبي مف حيث المطمع كالنياية‪.‬‬

‫تكتسب الدراسة الحالية أىمية نظرية كتطبيقية ؛ فعمى الصعيد النظرم يمكف القكؿ بأف مجاؿ‬

‫البحث في الزمف في شعر المتنبي ال يزاؿ مف المكضكعات التي تستحؽ البحث كالعناية لقمػة‬

‫الد ارس ػػات المتخصص ػػة ف ػػي ى ػػذا المج ػػاؿ‪ ،‬كبالت ػػالي فػ ػ ف ى ػػذه الد ارس ػػة تس ػػيـ ف ػػي س ػػد ال ػػنقص‬

‫الحاصؿ في ىذا المجاؿ‪ .‬أما عمػى الصػعيد التطبيقػي فمػف المؤمػؿ أف تسػيـ ىػذه الد ارسػة فػي‬

‫الكشؼ عف جكانب اإلبػداع الشػعرم عنػد المتنبػي خاصػة عنػد إظيػار الجكانػب الببلغيػة التػي‬

‫كرد فييا لفظ الزمف‪.‬‬

‫ككػاف المبػػرر إلجػراء ىػػذه الد ارسػػة أف الػػزمف كػػاف حاضػ انر فػػي شػػعر المتنبػػي مشػػحكنان بػػدالالت‬

‫ببلغية ال تنتيي كانفعاالت ال تنفؾ‪ ،‬كيبدك أف الفترة التي عاشيا المتنبي كالتجارب التي مرت‬

‫عبػػر عػػف عمػػؽ الصػػكرة‬


‫بػػو قػػد شػػكمت عنػػده زمنػػا نفسػػيا مكثفػػا جسػػده التعبيػػر الشػػعرم الػػذم ٌ‬

‫الزمنية عنده فجاء النص الشعرم عنده مثقبلن باإلحساس بالزمف كاآلثار التي تركيا في نفسو‪.‬‬

‫منيج الدراسة ‪:‬‬

‫تػػـ اعتمػػاد المػػني الكصػػفي التحميمػػي الػػذم يقػػكـ عمػػى جمػػع كتقصػػي ألفػػاظ الػػزمف فػػي شػػعر‬

‫المتنبي كرصدىا في خط متسمسؿ‪ ،‬كفي الكقت نفسو ف ف ىذا المني يعكس رغبة الباحث في‬

‫التحميػػؿ كالنق ػػد كالت ػػذكؽ ف ػػبل ييكتفػػى بس ػػرد ألف ػػاظ ال ػػزمف كاسػػتخبلص أى ػػـ مبلمحي ػػا كانم ػػا ي ػػتـ‬

‫تحميميا كعرضيا كالتعميؽ عمييا كمناقشة ما يرل الباحث أنو بحاجة إلى مناقشة لمكصكؿ إلى‬

‫صكرة متكاممة حكؿ الزمف كدالالتو في شعر المتنبي‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫الدارسات السابقة ‪:‬‬

‫عثر الباحث عمى ثبلث دراسات مختصة بمكضكع الرسالة كىي ‪:‬‬

‫ُ‪ -‬د ارسػػة عصػػاـ شػرتح(ََِٓ) كىػػي بعنػكاف جدليػػة الزمػػاف ك المكػػاف فػػي شػػعر المتنبػػي ك أبػػي‬

‫فػراس الحمػداني‪ ،‬كىػك مقػاؿ مكػكف مػف أثنتػي عشػرة صػفحة مػف (َُٓ‪ )ُِٔ-‬لػـ ت ً‬
‫ػأت عمػى‬

‫ذكػػر الػػزمف فػػي شػػعر المتنبػػي إال فػػي خمػػس صػػفحات كىػػك مقارنػػة بػػيف شػػاعريف فػػي جدليػػة‬

‫الزماف كالمكاف مجمة المعرفة العدد ُِٓ ك ازرة الثقافة العربية السكرية‪ ،‬سكريا‪ ،‬ايار‪.ََِٔ ،‬‬

‫ِ‪ -‬د ارسػػة سػػندس عبػػاس(ََُِ) كىػػي بعن ػكاف "ســمطة الـــزمن فــي شــعر المتنبــي" منشػػكر‬

‫بمجمػة العمػكـ اإلنسػانية ‪ ،‬العػراؽ‪ ،‬جامعػة بابػؿ المجمػد (ُُ) العػدد ال اربػع ََُِ كىػي د ارسػػة‬

‫لـ تتعمؽ بمدلكؿ الزمف في كافة شعر المتنبي‪.‬‬

‫ّ‪ -‬د ارسػػة أحمػػد ياسػػيف مكسػى العػػركد(َُِٔ) كىػػي بعنػػكف " جدليــة المــون والــزمن فــي قصــيدة‬

‫المتنبي منى كن لي أن البياض خضـاب"منشػكر فػي مجمػة المقػاؿ المجمػد الثػاني العػدد ال اربػع‬

‫َُِٔ‪ ،‬جامعة سكيكدة‪ ،‬ركز فيو عمى قصيدة كاحدة فقط في دراسة الزمف في شعر المتنبي‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫التمهيد‬

‫يتناكؿ التمييد ثبلثة محاكر أكليما التعريؼ بالمتنبي مف حيػث مكلػده كنشػأتو‪ ،‬كثانييمػا أثػر‬

‫البيئة في تككيف شخصيتو‪ ،‬كثالثيما الزمف في الشعر العربي‪.‬‬

‫المبحث األول مىلده ونشأتو‬


‫(ٖ)‬
‫أب ػػك الطي ػػب أحم ػػد ب ػػف الحس ػػيف ب ػػف الحس ػػف ب ػػف عب ػػد الص ػػمد الجعف ػػي الكن ػػدم الك ػػكفي‬

‫(ٗ)‬
‫كلػد‬ ‫المعركؼ بالمتنبي الشاعر المشيكر‪ ،‬كقيؿ‪ :‬ىك أحمد بف الحسػيف بػف مػرة بػف عبػد الجبػار‬

‫(َُ)‬
‫كتتممذ عمى يد كتاتيبيا كمجاليا‪ ،‬حيث كانت الككفة يكـ ذلؾ‬ ‫بالككفة سنة (َّّ‪ )ّْٓ-‬ق‬

‫جامعة العمـ كالثقافة فتعمـ القراءة كالكتابة كتعمػؽ بمجػالس األدب كالشػعر ‪ ،‬كأقػاـ بالباديػة فتػرة مػف‬

‫الزمف يقتبس المغة كاألخبار ككاف ذا فكر كقاد كقريحة ثاقبة فحفػظ الشػعر كتعمػـ العربيػة كأصػكليا‬

‫ثـ رحؿ في صباه إلى بادية السماكة ليتعمـ المغة الفصحة البعيدة عػف المحػف كبقػي فييػا عػدة سػنف‬

‫تعمـ منيا الكػرـ كالشػجاعة كالشػيامة كأحػب الحريػة حتػى عػاد إلػى الككفػة ككأنػو بػدكم صػميـ(ُُ)‪،‬‬

‫بمغ الذركة في النظـ‪ ،‬كأربى عمى المتقػدميف‪ ،‬كسػار ديكانػو فػي اآلفػاؽ(ُِ)‪ ،‬كانمػا قيػؿ لػو المتنبػي "‬

‫ألنو ادعى النبكة في بادية السماكة‪ ،‬كتبعو خمؽ كثير مػف بنػي كمػب كغيػرىـ فخػرج إليػو لؤلػؤ أميػر‬

‫(ٖ) كندة التي ينتسب إلييا ىي محمة في الككفة ‪ :‬انظر ‪:‬عزاـ ‪ ،‬عبدالكىاب‪ ،‬ذكرى ابي الطيب بعد الف عام‪،‬‬
‫مطبعة الجزيرة‪ ،‬بغداد‪ ،ُّٗٔ ،‬صِٕ‪.‬‬
‫(ٗ)انظر‪ :‬ابف خمكاف ‪ ،‬أبك العباس شمس الديف أحمد بف محمد بف أبي بكر ‪ ،‬وفيات األعيان وأنباء أبناء‬
‫الزمان‪ ،‬تحقيؽ إحساف عباس‪ ،‬دار صادر – بيركت‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬جُ‪ ،‬صُُِ‪.‬‬
‫(َُ)انظر‪ :‬الزكمي‪ ،‬خير الديف بف محمكد بف محمد بف عمي بف فارس‪ .‬األعالم‪ ،‬دار العمـ لممبلييف‪،‬‬
‫بيركت‪،ََُِ،‬جُ‪ ،‬صُُٓ‪.‬‬
‫(ُُ)الحجية‪ ،‬فالح‪ ،‬في األدب كالفف‪ ،‬صُِ‪alnoor. Se/exstra/4/16/pdf : ُٕ-‬‬
‫(ُِ)انظر‪ :‬الذىبي‪ ،‬شمس الديف أبك عبد اهلل محمد بف أحمد‪ ،‬سير أعالم النبالء دار الحديث‪ -‬القاىرة‪،‬‬
‫ََِٔ ‪،‬جُِ‪ ،‬صِٓٓ‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫حمص نائب اإلخشيدية فأسره كتفرؽ أصحابو كحبسو طكيبلن ثػـ اسػتتابو كأطمقػو‪ ،‬كقيػؿ غيػر ذلػؾ‪،‬‬

‫كىذا أصح‪ ،‬كقيؿ‪ :‬إنو قاؿ‪ :‬أنا أكؿ مف تنبأ بالشعر"(ُّ)‪.‬‬

‫اإل أف أمر ادعاء المتنبي لمنبكة كاف مثار خبلؼ بيف المصادر الحديثة كالقديمة؛ فبينما تؤكػد‬

‫المصادر القديمة أف المتنبي ادعى النبكة(ُْ)‪ ،‬ف ف بعض المصػادر الحديثػة حاكلػت أف تجػد مبػر انر‬

‫ىذه التيمة عف المتنبي حيث ذكر سعيد األفغاني مػا نصػو " كال مندكحػة مػف القػكؿ بػأف تنبػؤه فػي‬

‫األع ػراب كقػػع حقيقػػة كال سػػبيؿ إلػػى الشػػؾ فيػػو كتضػػافرت عمػػى ذلػػؾ كػػؿ المصػػادر المكثكقػػة حتػػى‬

‫(ُٓ)‬
‫التي تميؿ إليو‪ ،‬ف نيا لـ تنؼ األمر كانما التمست لو المعاذر"‬

‫كاف كالده الحسيف يعرؼ بعيداف السقا(ُٔ)‪ ،‬اإل أف نسب المتنبي كاف مثار خبلؼ بيف‬

‫(ُٕ)‬
‫عد المتنبي مجيكؿ النسب حيث يقكؿ" كجائز جدان أف يككف المتنبي رجؿ‬
‫النقاد ‪ ،‬فطو حسيف ٌ‬

‫عربي خالص النسب‪ ،‬كجائز أف يككف مف عرب الجنكب‪ ،‬جعفي األب‪ ،‬ىمذاني األـ‪ ،‬كلكف‬

‫الشيء الذم ليس فيو شؾ ىك أف ديكانو ال يثبت ىذا كال يؤكده بؿ ال يسجمو كال يذكره"(ُٖ)‪ ،‬كلعؿ‬

‫ديكانو ينفيو ‪ ،‬فقد كاف لممتنبي أب كجد كلكف المتنبي لـ يمدح أباه‪ ،‬كال يكجد ما يثبت أنو كاف‬

‫ابف خمكاف‪ ،‬أبك العباس شمس الديف أحمد بف محمد‪ ،‬كفيات األعيان وأنباء أبناء الزمان‪ ،‬جُ‪،‬‬ ‫(ُّ)‬
‫صُِِ‪.‬‬
‫العكرم‪ ،‬عبد الحي بف أحمد‪ ،‬شذرات الذىب في أخبار من ذىب‪ ،‬تحقيؽ محمكد‬
‫(ُْ)انظر عمى سبيؿ المثاؿ‪ :‬ى‬
‫األرناءكط‪،‬الناشر‪ ،‬دار ابف كثير‪ ،‬دمشؽ‪ ،‬طُ‪ ،‬األكلى‪ ُٖٗٔ ،‬ـ‪ ،‬جْ‪ ،‬صِِٖ‪ .‬الخطيب البغدادم‪ ،‬أبك بكر‬
‫أحمد بف عمي بف ثابت‪ ،‬تاريخ بغداد وذيولو‪ ،‬تحقيؽ مصطفى عبد القادر عطا‪،‬دار الكتب العممية –‬
‫بيركت‪،‬األكلى‪ ُُْٕ ،‬ىػ‪ ،‬جْ‪ ،‬صِّٓ‪.‬‬
‫(ُٓ) األفغاني‪ ،‬سعيد‪ ،‬ديف المتنبي‪ ،‬مجمة الرسالة‪ ،ُّٗٔ،‬أغسطس‪ ،‬العدد ُُٔ‪ ،‬صُِٓٓ‬
‫مي كالد المتنبي بذاؾ ألنو "كاف يسقي الماء ألىؿ الككفة عمى بعير لو ككاف شيخا كبي ار كعيداف " ابف‬
‫(ُٔ) يس ن‬
‫كثير‪ ،‬إسماعيؿ بف عمر بف كثير‪ ،‬البداية والنياية‪ ،‬مكتبة المعارؼ بيركت ; ‪َُٗٗ ،‬جُُ‪ ،‬صِِٗ‪.‬‬
‫(ُٕ)الدمشقي‪ ،‬يكسؼ البديعي ‪،‬الصبح المنبي عن حيثية المتنبي (مطبكع بيامش شرح العكبرم) طُ‪ ،‬العامرة‬
‫الشرفية‪َُّٗ ،‬ىػ‪ ،‬جُ‪ ،‬صٔ‪.‬‬
‫(ُٖ)‬

‫‪5‬‬
‫(ُٗ)‬
‫كيقكؿ الدكتكر محمد عبد الرحمف شعيب أف نسب‬ ‫يعرؼ جده كال يحدثنا الديكاف بشيء "‬

‫المتنبي كاف يكتنفو الغمكض‪ ،‬فقد كاف المتنبي في يكتناب ألكالد األشراؼ في الككفة مف العمكييف‬

‫(َِ)‬
‫كيتساءؿ الدكتكر عبد الغني المبلح عف سبب كتماف المتنبي لنسبو‪،‬‬ ‫يتعممكف دركس العمكية‬

‫حيث يقكؿ" ىؿ كاف كالد المتنبي رجبل تافيا يستحي المتنبي مف ذكره؟ أـ انو كاف ىاربا مف‬

‫العدالة فتستر عميو خكفا مف العقاب؟ كىؿ كاف كالده رجبل ميما كصاحب قضية فانطكل عمى‬

‫سره الكبير با انر بكعكد قطعيا عمى نفسو في صباه أك شبابو بعد أف أدرؾ خطكرة البكح باسمو أك‬

‫االنتساب إليو" ثـ يخمص بعد طرح تمؾ التساؤالت إلى تقرير حقيقة أف المتنبي لـ يكف ابف رجؿ‬

‫(ُِ)‬
‫مما يعني أف كالد المتنبي كاف ذك شأف مف كجية نظر الدكتكر‬ ‫تافو أك فا انر مف العدالة"‬

‫عبدالغني المبلح‪ ،‬كأف دافعو إلخفاء نسبو كاف خكفو عمى كالده‪.‬‬

‫نشأ أبك الطيب كصحب األعراب كأكثر مف مبلزمة الكراقيف؛ فقد رأل المتنبي أحد‬

‫الكراقيف معو كتاب مف كتب األصمعي نحك ثبلثيف كرقة‪ ،‬فأطاؿ النظر فيو فقاؿ لو إف كنت تريد‬

‫حفظو فيككف بعد شير‪ ،‬فقاؿ أف كنت حفظتو في ىذه المدة فقاؿ لو الكراؽ فيك لؾ "قاؿ فأخذت‬

‫الدفتر مف يده فسرده ثـ أسمبو فجعمو في كمو قاؿ ككاف يخرج إلى بادية كمب فأقاـ فييـ فادعى‬

‫أنو عمكم ثـ ادعى النبكة ثـ أخذ فحبس طكيبل كاستتيب ككاف لؤلؤ أمير حمص خرج إليو فقتمو‬

‫"(ِِ)‬
‫‪.‬‬ ‫كشرد مف معو مف قبائؿ العرب ككاف بعد ذلؾ إذا ذكر لو ذلؾ ينكره‬

‫اشػتير فػػي صػغره بحػػدة الػذكاء فقػػد كػاف " كىػػك صػبي ينػػزؿ فػي جػكارم بالككفػة‪ ،‬ككػػاف محبػان‬

‫لمعمـ كاألدب‪ ،‬فصحب األعراب في البادية‪ ،‬كجاءنا بعد سنيف بدكيان قحان ككاف تعمـ الكتابة كالقراءة‬

‫(ُٗ) حسيف‪ ،‬طو‪ ،‬مع المتنبي‪ ،‬ك ازرة الثقافة ‪ ،‬عماف‪،َُِْ ،‬طُ‪ ،‬صُِ‪.‬‬
‫(َِ)انظر‪ :‬عبدالرحمف‪ ،‬محمد‪ ،‬المتنبي بين ناقديو في القديم والحديث‪،‬دار المعارؼ‪ ،‬مصر‪ ،ُْٗٔ ،‬صُُ‪.‬‬
‫(ُِ)المبلح‪ ،‬عبدالغني‪ ،‬المتنبي يسترد أباه‪ ،‬المؤسسة العربية لمدراسات كالنشر‪ ،ُٖٗٗ ،,‬صِٓ‪.ِٔ-‬‬
‫(ِِ)ابف حجر العسقبلني‪ ،‬أحمد بف عمي بف محمد ‪ ،‬لسان الميزان‪ ،‬تحقيؽ دائرة المعرؼ النظامية – اليند‪،‬‬
‫مؤسسة األعممي لممطبكعات بيركت – لبناف ‪ ،‬الطبعة‪ :‬الثانية ‪ ، ،ُُٕٗ ،‬جُ‪ ،‬صَُٔ‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫(ِّ)‬
‫قػػاؿ أبػػا عمػػي‬ ‫فمػػزـ أىػػؿ العمػػـ كاألدب‪ ،‬كأكثػػر مػػف مبلزمػػة الػػكراقيف فكػػاف عممػػو مػػف دفػػاترىـ"‬

‫الفارسي‪ ،‬صاحب اإليضاح كالتكممة" قمت لممتنبي يكمػان‪ :‬كػـ لنػا مػف الجمػكع عمػى كزف فعمي‪،‬فقػاؿ‬

‫المتنبي عمػى الفػكر ‪ً :‬حجمػى ً‬


‫كظربػى‪ ،‬قػاؿ أبػك عمػي فطالعػت كتػب المغػة ثػبلث ليػاؿ عمػي أف أجػد‬

‫ليذيف الجمعيف ثالثان‪ ،‬فمـ أجد‪ ..‬كحجمى‪ :‬جمع حجؿ‪ ،‬كىك‪ :‬الطائر الذم يسمى القب ‪ ،‬كالظربػي‪:‬‬

‫جمع ظرباف ‪ -‬عمى مثاؿ قطراف ‪ -‬كىي دكيبة منتنة الرائحة(ِْ)‪.‬‬

‫كأشار الثعالبي إلى أف كالد المتنبي سافر بو إلى ببلد الشاـ" فمـ يزؿ ينقمو مف باديتيا‬

‫إلى حضرىا‪ ،‬كمف مدرىا إلى كبرىا‪ ،‬كيسممو في المكاتب‪ ،‬كيردده في القبائؿ‪ .‬حتى تكفي أبكه كقد‬

‫ترعرع أبك الطيب كشعر كبرع‪ ،‬كبمغ مف كبر نفسو كبعد ىمتو أف دعا إلى بيعتو قكما عمى حداثة‬

‫سنو‪ ،‬كحيف كاد يتـ لو أمر دعكتو كصؿ خبره إلى كالي البمدة‪ ،‬كرفع إليو ما ىـ بو مف الخركج‪.‬‬

‫فأمر بحبسو كتقيده"(ِٓ)‪.‬‬

‫لقد تمرد المتنبي عمى كاقعو الذم لـ ينصفو حتى تكصؿ إلى أف يقكؿ‪:‬‬

‫كتاب(ِٔ)‪.‬‬
‫ي‬ ‫ً‬
‫الزماف‬ ‫و‬
‫جميس في‬ ‫كخير‬
‫ي‬ ‫سابح‬
‫و‬ ‫الدنى سريج‬ ‫أعز و‬
‫مكاف في ٌ‬ ‫ي‬

‫كميما قيؿ في حياة كنسب المتنبي ف نو‪ :‬يعد كاحدان مف أىـ شعراء العربية‪ ،‬إف لـ يكف‬

‫أىميـ‪ ،‬فيك بعيد األثر في حمقات ‪ ،‬كثمة دراسات عديدة تناكلت الشاعر مف حيث حياتو"(ِٕ)‪،‬‬

‫(ِّ)الدمشقي‪ ،‬الصبح المنبي مرجع سابؽ‪ ،‬جُ‪ ،‬صٖ‪.‬‬


‫(ِْ)ابف خمكاف‪ ، ،‬كفيات األعيان وأنباء أبناء الزمان‪ ،‬جُ‪ ،‬صُُِ‪.‬‬
‫(ِٓ)الثعالبي‪ ،‬أبك منصكر عبد الممؾ بف محمد بف إسماعيؿ‪ ،‬أبو الطيب المتنبي وما لو وما عميو‪ ،‬تحقيؽ‬
‫محمد محيي الديف عبد الحميد‪ ،‬كتبة الحسيف التجارية ‪ ،‬القاىرة‪َُُِ ،‬ػ جُ‪ ،‬صِّ‪.‬‬
‫(ِٔ)الكاحدم‪ ،‬ديكاف المتنبي‪ ،‬حققو عمر الطباع‪ ،‬دار األدىـ ‪ ،‬بيركت‪ ،‬جِ‪ ،‬صٕ‪.‬‬
‫(ِٕ)انظر‪ :‬المقدسي‪ ،‬أنيس‪ :‬أمراء الشعر العربي في العصر العباسي‪ ،‬طَُ‪ ،‬بيركت‪ :‬دار العمـ لممبلييف‪،‬‬
‫ُٕٓٗ‪ ،‬صّْٗ‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫كأغراضو الشعرية كغير ذلؾ‪ ،‬كقد تمقى الناس‪ ،‬كالجميكر شعره بحفاكة‪ ،‬كاجبلؿ(ِٖ)‪ ،‬كال غرابة في‬

‫ذلؾ فيك الذم مؤل الدنيا كشغؿ الناس(ِٗ)‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬البيئة وأثرىا عمى شخصية المتنبي‪:‬‬

‫إف د ارسػػة البيئػػة باعتبارىػػا الكعػػاء الػػذم يترعػػرع كينشػػأ فيػػو الفػػرد أمػػر فػػي غايػػة األىميػػة‪،‬‬

‫فمف خبلؿ البيئة يستطيع الناقد األدبي التعرؼ عمى المحطات التي مػر بيػا الشػاعر كمػدل تػأثير‬

‫تمػؾ المحطػػات فػػي االنتػاج الشػػعرم لػػو‪ .‬كمكضػػكع البيئػة ىػػك محػػؿ اىتمػاـ الد ارسػػات النفسػػية عمػػى‬

‫كج ػػو الخص ػػكص‪ ،‬حي ػػث أك ػػدت أغم ػػب د ارس ػػات عم ػػـ ال ػػنفس أف "البيئ ػػة باعتبارى ػػا جمي ػػع العكام ػػؿ‬

‫ػر‪ ،‬أك غيػر مباشػر منػذ لحظػة اإلخصػاب فػي رحػـ المػرأة‪ ،‬كتشػمؿ‬
‫الخارجية التػي تػؤثر تػأثي انر مباش ان‬

‫العكامػػؿ الماديػػة‪ ،‬كاالجتماعيػػة‪ ،‬كالثقافيػػة‪ ،‬كالحضػػارية‪ ،‬كىػػذه العكامػػؿ كثيػرة جػػدان‪ ،‬كتشػػمؿ األسػرة‪،‬‬

‫كاألصدقاء‪ ،‬كالمدرسة‪ ،‬ككؿ المعاقؿ التي يتمقى فييا النشء مختمؼ أنػكاع العمػكـ‪ ،‬كيكتسػب القػيـ‪،‬‬

‫كالفضػػائؿ‪ ،‬كاألخبلقيػػات‪ ،‬ليػػا تػػأثي انر كبي ػ انر فػػي تشػػكيؿ شخصػػية الفػػرد‪ ،‬كفػػي تعيػػيف أنمػػاط سػػمككو‪،‬‬

‫كأسػػاليبو فػػي مجابيػػة مكاقػػؼ الحيػػاة‪ ،‬لبنػػاء الشخصػػية‪ ،‬عمػػى أف الفػػرد يتػػأثر فػػي عمميػػات التنشػػئة‬

‫االجتماعية بالثقافة العامة لممجتمػع الػذم يعػيش فيػو‪ ،‬كالتػي تشػمؿ‪ :‬المعتقػدات كالتقاليػد‪ ،‬كالعػرؼ‪،‬‬

‫كالقكاعد األخبلقية كالدينية‪ ،‬كالقكانيف كالفنكف كالعمكـ كالمعارؼ‪ ،‬كالتكنكلكجيا"(َّ)‪.‬‬

‫ك تعػػد األسػ ػرة " أى ػػـ كأق ػػكل الجماعػػات األكلي ػػة كأكثرى ػػا أثػ ػ انر فػػي تنش ػػئة الطف ػػؿ كف ػػي س ػػمككو‬

‫االجتماعي‪ ،‬كفي بنػاء شخصػيتو‪ .‬فاألسػرة ىػي التػي تيػذب سػمكؾ الطفػؿ كتجعمػو سػمككا اجتماعيػان‬

‫(ِٖ)انظر‪ :‬شمبي‪ ،‬سعد إسماعيؿ‪ :‬مقدمة القصيدة عند أبي تمام والمتنبي‪( ،‬د‪ ،‬ط)‪ ،‬القاىرة‪ :‬دار غريب‬
‫لمطباعة‪( ،‬د‪ ،‬ت)‪ ،‬صٓ‪.‬‬
‫(ِٗ) انظر‪ :‬ابف رشيؽ‪ ،‬أبك عمى الحسف‪ ،‬العمدة في محاسن الشعر وآدابو‪ ،‬تحقيؽ‪ :‬محمد محيي الديف عبد‬
‫الحميد‪ ،‬دار الجيؿ‪ ،‬طٓ‪ ُُٖٗ ،‬ـ‪ ،‬جُ‪ ،‬صََُ‪.‬‬
‫)‪ )1‬خكجمي‪ ،‬ىشاـ ‪ ،‬عمم نفس النمو الخمفيات العممية رؤية جديدة‪ ،‬جدة‪ ،‬السعكدية‪ ،‬الدار السعكدية‪ ،‬طُ‪،‬‬
‫ََُِـ‪ ،‬ص ِٕٓ‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫مقبػكالن مػف المجتمػع‪ ،‬كىػي التػي تغػرس فػي نفػس الطفػؿ القػيـ كاالتجاىػات التػي يرتضػييا المجتمػع‬

‫كيتقبميا"(ُّ)‪.‬‬

‫كالمتتبػػع لنشػػأة المتنبػػي يجػػد أف االس ػرة التػػي كلػػد فييػػا المتنبػػي فقي ػرة ‪ ،‬فكالػػد المتنبػػي كػػاف‬

‫ػقاء لػػيس ذا صػػيت كشػػأف‪ ،‬ككالدتػػو تكفيػػت فػػي صػػباه ‪ ،‬بػػؿ إف المتنبػػي‬
‫شخصػػا مغمػػك ار إذ كػػاف سػ ن‬

‫نفسو كاف يخفي نسبو‪ ،‬فقد يذكر أف أبا الطيب قاؿ في شأف نسبو " أنا رجؿ أحيط القبائؿ‪ ،‬كأطكل‬

‫الب ػكادم كحػػدم‪ ،‬كمتػػى انتسػػب لػػـ آمػػف أف يأخػػذني بعػػض العػػرب بطائمػػة بينيػػا كبػػيف القبيمػػة التػػي‬

‫أنتسب إلييا‪ ،‬كما دمت غير منتسب إلى أحد فأنا أسػمـ عمػى جمػيعيـ كيخػافكف لسػاني"(ِّ)‪ .‬كلعػؿ‬

‫ىذا ىك السبب في أف أبا الطيب لـ يتناكليما في شعره ‪ .‬كيبدك أف المتنبي قد تربى عمى يد جدتػو‬

‫بعد أف قضى فترة مػف طفكلتػو فػي الباديػة (ّّ) ًلقدذ‌سابىدب‌حدين‌هبردذ‌فدي‌ يبثدو‌ثق دي ‌ذح‌هشديٌسح‌‬

‫هغلعيب ‪‌ :‬‬

‫(ٖٗ)‬
‫مما‬ ‫ُّ ِ‬
‫شيا َجيالً ول كفيا ح َ‬
‫فَما َبط ُ‬ ‫األحداث َمدحاً ول َذ ّما‬
‫َ‬ ‫أل ل أُري‬

‫كلعؿ مف الثابت بيف النقاد أف أحداث القرف الرابع أثرت فػي تكػكيف شخصػية المتنبػي حيػث‬

‫"كانت تمؾ الحقٌبة حقبة عصػيبة مػف تػاريخ العػرب‪ ،‬فقػد كانػت الػببلد العربيػة عرضػة ليجمػات الػركـ‬

‫ناىيػػؾ عػػف االنقسػػامات الداخميػػة ثػػـ الثػػكرات التػػي شػػيدتيا الكاليػػات"(ّٓ) كفػػي مثػػؿ ىػػذه البيئػػة كلػػد‬

‫كنشأ المتنبي فػي بيئػة كػاف يصػبغيا الػدـ مػف حػيف آلخػر‪ ،‬ككػاف يتػردد مػا بػيف الباديػة‪ ،‬كالحضػر‪،‬‬

‫(ُّ) أبك حميداف‪ ،‬يكسؼ ‪،‬تعديل السموك النظرية والتطبيق‪ ،‬عماف‪ ،‬دار المدل لمنشر كالتكزيع‪ََِّ ،‬ـ‪،‬‬
‫صّٔ‪.‬‬
‫)‪ )3‬البغدادم‪ ،‬أبك بكر أحمد بف عمي بف ثابت‪ ،‬تاريخ بغداد‪ ،‬تحقيؽ‪ ،‬مصطفى عبد القادر عطا‪ ،‬دار الكتب‬
‫العممية‪ ،‬بيركت‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬جْ‪ ،‬صِّٓ‪.‬‬
‫(ّّ)عكض‪ ،‬إبراىيـ ‪ ،‬المتنبي دراسة جديدة لحياتو وشخصيتو‪ ،‬دار الحقكؽ ُٕٖٗ ‪.‬صِّ‬
‫(ّْ)العكبرم‪ ،‬شرح ديوان المتنبي‪ ،‬جُ‪ ،‬صِْٓ‪.‬‬
‫(ّٓ)زيف الديف‪ ،‬ثائر‪ ،‬أبو الطيب المتنبي في الشعر العربي المعاصر‪ ،‬اتحاد الكتاب العرب‪ ،‬دمشؽ‪،ُٗٗٗ ،‬‬
‫صُِ‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫فاكتسػػب مػػف األكلػػى صػػبلبتيا‪ ،‬كنزعتيػػا البدكيػػة‪ ،‬كمػػف الثانيػػة عمكميػػا‪ ،‬كثقافتيػػا األدبيػػة‪ ،‬كقيػػؿ إف‬

‫(ّٔ)‪.‬‬
‫أباه سممو إلى ال يكتناب‪ ،‬ككاف يتردد في القبائؿ‬

‫فمـ يكف المتنبي آمنا فػي بغػداد؛ ألنػو كػاف قرمطػي اليػكل‪ ،‬فخػرج منيػا خائفػا‪ .‬ارتحػؿ قاصػدا‬

‫بػػبلد الشػػاـ‪ ،‬كأخػػذ يجػػكؿ فػػي أقطارىػػا مادحػػا أعيانيػػا بقػػي عمػػى ىػػذه الحػػاؿ بضػػع سػػنكات‪ ،‬حتػػى‬

‫اتصؿ سنة ِّٖ ىػ باألمير العربي بػدر بػف عمػار‪ ،‬فمزمػو كمدحػو‪ ،‬كلكػف اتصػالو بػو لػـ يػدـ‪ ،‬فقػد‬

‫دخم ػػت بينيم ػػا مكاي ػػد الحس ػػاد‪ ،‬فاض ػػطر إل ػػى ترك ػػو‪ ،‬كالرج ػػكع إل ػػى م ػػا ك ػػاف عمي ػػو م ػػف التنق ػػؿ ف ػػي‬

‫األقطار‪ .‬كلو في ىذه الفترة مف الشعر ما يكاد يبمغ نصؼ ديكانو‪ ،‬كأىـ ممدكحيو فػي ىػذه الفتػرة ‪:‬‬

‫آؿ اسحؽ التنكخي‪ ،‬كعبداهلل بف خمكاف‪ ،‬كشجاع الطائي‪ .‬كبقي المتنبي يتنقؿ مف مكػاف إلػى آخػر‬

‫حتػػى ألقتػػو المقػػادير إلػػى أنطاكيػػة‪ ،‬ككػػاف فييػػا أبػػك العشػػائر الحمػػداني كاليػػا مػػف قبػػؿ سػػيؼ الدكلػػة‪،‬‬

‫فمدحو المتنبي‪ ،‬كلحسف حظو قدـ في تمؾ األثناء سيؼ الدكلػة‪ ،‬فقػدـ أبػك العشػائر المتنبػي إليػو‪،‬‬

‫(ّٕ)‬
‫ككاف ذلؾ بدء اتصالو بو‪ ،‬كبدء سعادتو مف جاه‪ ،‬كماؿ كفير‬

‫لبث المتنبي مع سيؼ الدكلة مدة طكيمة‪ ،‬كقػد قػاؿ فػي ىػذه الفتػرة أحسػف شػعره‪ .‬إلػى أف فػرؽ‬

‫الحساد بينيما حتػى انحػرؼ عنػو‪ ،‬كأصػغى إلػى أقػكاؿ الحسػاد كالخصػكـ‪ ،‬ممػا أجبػر المتنبػي عمػى‬

‫الرحيػؿ تاركػا حمػب‪ ،‬كقاصػدا الرممػػة حتػى طمبػو كػافكر فػي مصػػر‪ .‬كفػي سػبب خركجػو لمصػر أنػػو‬

‫كاف لسيؼ الدكلة مجمس يحضره العمماء كؿ ليمة فيتكممكف بحضرتو‪ ،‬فكقع بيف المتنبي كبيف ابف‬

‫خالكيػػو النحػػكم كػػبلـ‪ ،‬فكثػػب ابػػف خالكيػػو عمػػى المتنبػػي فضػػرب كجيػػو بمفتػػاح كػػاف معػػو‪ ،‬فشػػجو‬

‫كخػرج كدمػػو يسػيؿ عمػػى ثيابػػو‪ ،‬فغضػب كخػػرج إلػى مصػػر كامتػػدح كػافك انر(ّٖ)‪.‬أقػػاـ فػي مصػػر "أربػػع‬

‫سنيف كستة أشير مف جمادل الثانية سنة ست كأربعػيف إلػى التاسػع مػف ذم الحجػة سػنة خمسػيف‬

‫(ّٔ) انظر‪ :‬المقدسي‪ ،‬أنيس‪ ،‬أمراء الشعر العربي في العصر العباسي‪ ،‬صِّٗ‪.ِّٕ-‬‬
‫(ّٕ)انظر‪ :‬المرجع السابؽ‪ ،‬صُّّ‪.‬‬
‫(ّٖ)انظر‪ :‬ابف خمكاف‪ ،‬كفيات األعيان وأنباء أبناء الزمان‪ ،‬جُ‪ ،‬صُِِ‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫(ّٗ)‪.‬‬
‫ثػػـ رحػػؿ عنػػو كقصػػد بػػبلد فػػارس‪ ،‬كمػػدح عضػػد الدكلػػة بػػف بكيػػو الػػديممي‪ ،‬فػػأجزؿ‬ ‫كثبلثمائػػة"‬

‫جائزتو‪ ،‬كلما رجع مف عنده قاصدان إلى بغداد ثـ إلى الككفػة فػي شػعباف "لثمػاف خمػكف منػو عػرض‬

‫لػػو فاتػػؾ بػػف أبػػي الجيػػؿ األسػػدم فػػي عػػدة مػػف أصػػحابو‪ ،‬ككػػاف مػػع المتنبػػي أيض ػان جماعػػة مػػف‬

‫أصحابو‪ ،‬فقاتمكىـ‪ ،‬فقتؿ المتنبي كابنو يمحسد كغبلمو مفمح بالقرب مف النعمانية‪ ،‬في مكضع يقاؿ‬

‫لػػو الصػػافية‪ ،‬كقيػػؿ حيػػاؿ الصػػافية‪ ،‬مػػف الجانػػب الغربػػي مػػف سػكاد بغػػداد عنػػد ديػػر العػػاقكؿ بينيمػػا‬

‫مسافة ميميف"(َْ)‪.‬‬

‫كان ػػت شخص ػػية المتنب ػػي مث ػػار خ ػػبلؼ ب ػػيف النق ػػاد فم ػػا ب ػػيف معج ػػب بش ػػعره كابداع ػػو(ُْ)‪ ،‬إل ػػى‬

‫(ِْ)‬
‫‪ ،‬إلػى مػف كقػؼ مكقفػان كسػطان بػيف االتجػاىيف السػابقيف‪،‬‬ ‫مبغض عدد مساؤه كتجاكزاتو الشعرية‬

‫كقد مثؿ ىذا االتجاه الجرجاني)تِّٗىػ( فػي كتابػو المكازنػة بػيف المتنبػي كخصػكمو‪ .‬حيػث ذكػر‬

‫الجرجػاني الخػبلؼ حػػكؿ المتنبػي بقكلػو "‌كمػػا زلػت أرل أىػؿ األدب منػػذ ألحقتنػي الرغبػة بجممػػتيـ‪،‬‬

‫ككصػػمت العنايػػة بينػػي ك بيػػنيـ فػػي أبػػي الطيػػب أحمػػد بػػف الحسػػيف المتنبػػي فئتػػيف "مػػف مطنػػب فػػي‬

‫تقريظػػو‪ ،‬منقطػػع إليػػو بجممتػػو‪ ،‬مػػنحط فػػي ى ػكاه بمسػػانو كقمبػػو‪ ،‬كيتمقػػى مناقبػػو إذا ذكػػرت بػػالتعظيـ‪،‬‬

‫كبتشػػييع محاسػػنو إذا مػػا حكيػػت بػػالتفخيـ‪ ،‬كيعجػػب كيعيػػد كيكػػرر‪ ،‬كيميػػؿ عمػػى مػػف عابػػو بالز اري ػة‬

‫كالتقصػػير‪ ،‬كتنػػاكؿ مػػف ينقصػػو باالسػػتحقار كالتجييػػؿ‪ ،‬فػ ذا عثػػر عمػػى بيػػت مختػؿ النظػػاـ‪ ،‬أك نبػػو‬

‫عمى لفظ ناقص عف التماـ ‪ ،‬التػزـ مف نصرة خطئػو كتحسػيف زلمػػو مػا يزيمػو عػف مكقػؼ المعتػذر‪،‬‬

‫كيتجػاكز بػو مقػاـ المنتصر ‪ .‬كعائب يركـ إزالتو عف رتبتو‪ ،‬فمـ يسمـ لو فضمو‪ ،‬كيحاكؿ أف يحطػو‬

‫(ّٗ)عزاـ‪ ،‬عبد الكىاب‪ ،‬ذكرى أبي الطيب بعد ألف عام‪ ،‬مؤسسة ىنداكم لمتعميـ كالثقافة‪ ،‬مصر‪َُِِ ،‬‬
‫صُْٕ‬
‫(َْ)انظر‪ :‬ابف خمكاف‪ ، ،‬كفيات األعيان وأنباء أبناء الزمان‪ ،‬جُ‪ ،‬صُِّ‪.‬‬
‫(ُْ)مثؿ ىذ االتجاه ابف جني(ِّٗىػ) حيث قاـ بشرح شعر المتنبي مدفكعا ب عجابو بشاعرية المتنبي‪.‬‬
‫(ِْ)مف بيف نقاد ىذا االتجاه الصاحب بف عباد (ّٖٓ) في رسالتو "الكشف عن مساوئ المتنبي‪ ،‬تتبع فييا‬
‫أخطاء المتنبي بما يكمئ الى شي مف التحامؿ كالبغض لممتنبي‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫عف مترلػة ب ػكأه إياىػا أدبػو‪ ،‬فيػك يجتيػد فػي إخفػاء فضػائمو كاظيػار معايبػو‪ ،‬كتتبػع سػقطاتو كاذاعػة‬

‫غفبلتػو ككبل الفريقيف ‪ ،‬إما ظالـ لو أك لؤلدب فيو"(ّْ)‪.‬‬

‫عمػػى أف ىنػػاؾ منحػػى جديػػدان فػػي النقػػد األدبػػي حػػكؿ المتنبػػي يػػرل أف الظػػركؼ االجتماعيػػة‬

‫كالسياسػية بػؿ كالعائميػة كػػاف ليػا أثػر كبيػر فػػي صػير شخصػية المتنبػي حيػػث أثػرت تمػؾ األحػػداث‬

‫بالجممة عمى المتنبي مف الزكايا اآلتية‪:‬‬

‫ُ‪-‬أنانية المتنبي واعتزازه بنفسو وكبريائو‪ :‬قػاؿ ابػف رشػيؽ القيركانػي" كأمػا أبػك الطيػب فكػاف فػي‬

‫طبعو غمظة كفي عتبو شدة ككاف كثير التحامؿ ‪ ،‬ظاىر الكبر كاالنفو"(ْْ) كلعؿ ىػذا الكبريػاء ىػك‬

‫الػػذم أدل الػػى الجفػػكة بػػيف سػػيؼ الدكلػػة الحمػػداني كأبػػك الطيػػب المتنبػػي‪ ،‬فػػالمتنبي كػػاف ينشػػد فػػي‬

‫(ْٓ)‬
‫حضرة سيؼ الدكلة قاعدا ال كغيره مف الشعراء الذيف أنشدكا كىـ كقكؼ‬

‫ٕ‪-‬الشجاعة وعدم الخوف من اآلخر سواء أكان حاكما أم محكوما‪:‬فشػجاعة المتنبػي متأتيػة ممػا‬

‫كػاف يشػػعر بػػو مػػف العػػز كاالنفػػة كالكبريػػاء قػػاؿ ابػػف رشػػيؽ" كأبػػك الطيػػب كالممػػؾ الجبػػار‪ ،‬يأخػػذ مػػا‬

‫(ْٔ)‬
‫حكلو قي ار أك عنكة‪ ،‬أك كالشجاع الجرمء ييجـ عمى ما يريده كال يبالي ما لقي كال حيث كقع‬

‫ّ‪-‬التشاؤم الـدائم ‪ :‬فػالمتنبي كػاف سػيء الظػف بالنػاس كدائػـ الشػككل مػف الػدىر‪ ،‬كلعػؿ مػرد ذلػؾ‬

‫الػػى البيئػػة التػػي عػػاش فييػػا المتنبػػي كخاصػػة فػػي صػػباه "فقػػد اختمػػؼ المتنبػػي الػػى كتػػاب فيػػو أكالد‬

‫(ّْ)انظر‪ :‬الجرجاني‪ ،‬محمد أبك الفضؿ إبراىيـ عمي‪ ،‬الوساطة بين المتنبي وخصومو ‪ ،‬المكتبة العصرية‪،‬‬
‫صيدا ‪ -‬بيركت‪ ،‬طُ ‪ ،‬سنة ََِٔ‪ ،‬ص ِ‬
‫(ْْ)ابف رشيؽ‪ ،‬العمدة ‪ ،‬جِ‪ ،‬صُُِ‪.‬‬
‫(ْٓ)انظر‪ :‬البغدادم‪ ،‬خزانة األدب‪ ،‬جُ‪ ،‬صّّٖ‪.‬‬
‫(ْٔ)ابف رشيؽ‪ ،‬العمدة ‪ ،‬جُ‪ ،‬صُِّ‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫أشػ ػراؼ الككف ػػو ‪ ،‬كال ري ػػب أن ػػو ك ػػاف يمق ػػى المض ػػايقات م ػػف أكلئ ػػؾ األكالد ألن ػػو فقي ػػر كألني ػػـ أكالد‬

‫(ْٕ)‬
‫االغنياء كاالشراؼ كلعؿ ىذه الفترة ىي سر نفكر المتنبي مف البشر‬

‫كمف خبلؿ دراستي تبيف أف المتنبي كاف رغـ تشاؤمو يسعى إلى تحقيؽ مكانة اجتماعية تميؽ بما‬

‫يراه في نفسو مف العظمة كالكبرياء كحػب األنػا‪ ،‬فيػك فػي نظػر نفسػو عػالي المكانػة عظػيـ الطمػكح‬

‫كاليمة كبير النفس‪ ،‬كيؼ ال كىك القائؿ‪:‬‬

‫َول قا ِبالً إِّل لِخالِ ِق ِو ُحكما‪.‬‬ ‫فس ِو‬


‫عظماً َغير َن ِ‬
‫َ‬
‫تَ َغ َّرب ل مستَ ِ‬
‫َ ُ‬

‫(ْٕ) انظر‪ :‬ببلشير‪ ،‬ريجس‪ ،‬أبو الطيب المتنبي دراسة في التاريخ األدبي‪ ،‬تحقيؽ إبراىيـ الكيبلني‪ ،‬منشكرات‬
‫اتحاد الكتاب العرب‪ ،‬دمشؽ‪،ََُِ ،‬صْْ‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫المبحث الثالث‬

‫الزمن في الشعر العربي‬

‫حظي لفظ الزمف باىتماـ المغات قديميا كحديثيا‪ ،‬ككاف اىتماـ النحاة بو كاضحا حيف أفردكا لو‬

‫ككػػذلؾ المغػػكييف الػذيف بحثػكا فػي لفػػظ الػزمف كدالالتػػو(ْٗ) كلعػػؿ‬ ‫(ْٖ)‬
‫مباحػث خاصػػة فػي مصػػنفاتيـ‬

‫االىتم ػػاـ ب ػػالزمف يع ػػكد لص ػػمتو باإلنس ػػاف؛ فاإلنس ػػاف من ػػذ الق ػػدـ ح ػػاكؿ البح ػػث ع ػػف ماىي ػػة ال ػػزمف‬

‫كاشكاليتو‪ ،‬لذا تبيانػت األلفػاظ الدالػة عمػى الػزمف فيطمػؽ عميػو أحيانػا الحػيف كأحيانػا الػدىر كالكقػت‬

‫إلى غير ذلؾ مف األلفاظ الدالة عميو‪.‬‬

‫‪ -‬المعنى المغوي‬

‫تذكر معاجـ المغة أف "الزمف‪ ،‬كالزماف اسـ لقميؿ الكقت ككثيره‪ ،‬كالجمع أزمف‪ ،‬كأزماف‪،‬‬

‫كأزمنة‪ ،‬كأزمف الشيء‪ :‬طاؿ عميو الزماف‪ ،‬كأزمف بالمكاف‪ :‬أقاـ بو زمنا"(َٓ)‪ .‬أما في المعجـ‬

‫الفمسفي‪" :‬فيك كسط متجانس غير محدكد تمر فيو األحداث المتبلحقة‪ ،‬كالمدة جزء منو كقد يطمؽ‬

‫عمى مدة معينة"(ُٓ)‪.‬‬

‫كلفظ الزمف في الدراسات المغكية يطمؽ عميو الزمف المغكم ليقابؿ الزمف الطبيعي‪ ،‬حيث ال يعتمد‬

‫"األكؿ عمى العد أك اإلدارؾ الحسي‪ ،‬بخبلؼ الثاني كالذم يعتمد عمى العد ألجزائة كيمكف إدراكو‬

‫(ْٖ) مف ذلؾ قكؿ سيبكيو " فمما صار بمنزلة الكقت في الزمف كاف مثمو"‪ ،‬انظر‪ :‬سيبكيو‪ ،‬أبك بشر عمرك بف‬
‫عثماف بف قنبر الحارثي‪ ،‬الكتاب‪ ،‬تحقيؽ عبدالسبلـ ىاركف طّ‪ ،ُٖٖٗ ،‬مكتبة الخانجي‪ ،‬القاىرة‪ ،‬جُ‪ ،‬صّٔ‪.‬‬
‫(ْٗ ) مف ذلؾ تعريؼ ابف فارس لمزمف بأنو "ساعات الميؿ كالنيار كالكقت القصير أك الطكيؿ‪ :‬انظر ابف فارس‪،‬‬
‫أحمد بف فارس بف زكريا‪ ،‬معجم مقاييس المغة‪،‬عبد السبلـ محمد ىاركف ‪ ،‬دار الفكر بيركت‪ُٕٗٗ ،‬ـ‪ ،‬جِ‪،‬‬
‫صِٖٓ‪ .‬ككذلؾ عرفة ابكىبلؿ العسكرم" بأنو أكقات متكاليو مختمفة أك متفقة" انظر ابكىبلؿ العكسرم‪ ،‬الحسف‬
‫بف عبد اهلل بف سيؿ‪ ،‬معجم الفروق المغوية‪ ،‬تحقيؽ محمد إبراىيـ سميـ‪ ،‬دار العمـ كالثقافة لمنشر كالتكزيع‪،‬‬
‫‪ ،2014‬صِِْ‪.‬‬
‫)َٓ( ابف منظكر‪ ،‬محمد بف مكرـ بف عمى‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيركت‪ ،ُٖٗٓ ،‬مادة زمف صُٗٗ‪.‬‬
‫)ُٓ( مدككر‪ ،‬إبراىيـ‪ ،‬المعجم الفمسفي‪ ،‬الييئة العامة لمشؤكف المطباع األميرية القاىرة‪ ،ُّٖٗ ،‬صٓٗ‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫حسيا"(ِٓ)‪ .‬كالزمف كاف حاض ار في الشعر منذ القدـ ‪ ،‬ككاف الشاعر الجاىمي ينظر إلى الزمف‬

‫باعتباره الجانب المخفي كالذم ال يمكف الكصكؿ إلى ماىيتو أك التنبكء بما يخفيو‪ ،‬فالزمف كاف‬

‫عندىـ اشبو بقناع يخفي خمفو شبح المكت الذم يتسمط عمى األشياء بفعؿ الزمف فيحيميا إلى‬

‫(ّٓ)‬
‫عدـ‪ ،‬أك أنو تمؾ القكة اليائمة التي تغير األشياء كترتبط بأنكاع الشركر المكجكدة في الطبيعة‬

‫‪ -‬المعنى الصطالحي‪:‬‬

‫أثار مكضكع الزمف مكضكع لبس كاختبلؼ بيف المفكريف‪ ،‬سكاء القدامى منيـ أـ‬

‫المحدثكف‪ ،‬لكنيـ ربطكا بشكؿ أك بعخر بينو كبيف الحركة كالتغيير في األشياء‪ ،‬فبدكف حركة‬

‫كتغير ال يكجد زماف‪ ،‬كالزماف يعتمد عمى ىذه الحركة كىذا التغيير‪ ،‬كيقاس بالفكاصؿ القصيرة‬

‫كالطكيمة التي تتعاقب فييا األشياء(ْٓ)‪ .‬كقد عرؼ كثير منيـ الزمف‪ ،‬فمنيـ مف قاؿ‪" :‬الزماف ىك‬

‫مقدار حركة الفمؾ عند الحكماء"(ٓٓ)‪ .‬ككذلؾ‪" :‬ساعات الميؿ كالنيار كيقاؿ ذلؾ لمطكيؿ مف المدة‬

‫كالقصير منيا"(ٔٓ)‪.‬‬

‫أما في المعجـ الفمسفي فأف لفظ الزمف عند "أرسطك يمثؿ"‪ :‬مقياس الحركة كفرؽ بينو‬

‫كبيف المكاف كما دامت الحركة متصمة‪ ،‬فالزماف متصؿ"‪ ،‬كفي ذلؾ يقكؿ ابف سينا‪" :‬الزماف مقدار‬

‫الحركة المستديرة مف جية المتقدـ كالمتأخر" كعند المتكمميف‪" :‬متعدد معمكـ بقدر بو متعدد آخر‬

‫(ِٓ)رشيد‪ ،‬كماؿ‪،‬الزمن النحوي في المغة العربية‪،‬عالـ الثقافة لمنشر ‪ ،‬ىعماف ََِٖ ‪ ،‬صُّ‪.‬‬
‫(ّٓ) انظر‪ :‬العاتي‪ ،‬إبراىيـ‪ ،‬الزمان في الفكر السالمي‪ ،‬دار المنتخب العربي لمدراسات كالنشر كالتكزيع‪،‬‬
‫بيركت – لبناف‪ُُّْ ،‬ىػ‪ُّٗٗ-‬ـ‪ ،‬صُٕٗ‪.‬‬
‫)ْٓ( انظر‪ :‬األلكسي‪ ،‬حساـ‪ ،‬الزمان في الفكر الديني والفمسفي القديم‪ ،‬المؤسسة العربية لمدراسات كالنشر‬
‫بيركت‪ ،‬الطبعة األكلى َُٖٗ‪ ،‬صُٓٔ‪.‬‬
‫)ٓٓ( الجرجاني‪ ،‬عبد القاىر‪ ،‬التعريفات‪ ،‬تحقيؽ إبراىيـ األبيارم مكتبة لبناف بيركت‪ ،‬الطبعة الثالثة ُٖٓٗ‪،‬‬
‫صٖٔ‪.‬‬
‫)ٔٓ( الطبرم‪ ،‬محمد بف جرير‪ :‬تاريخ الطبري‪ ،‬دار الكتب العممية بيركت‪ ،‬الطبعة األكلى‪َُْٕ ،‬ىػ‪ ،‬الجزء ُ‪،‬‬
‫صُْ‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫مكىكـ كما يقاؿ آتيتؾ عند طمكع الشمس"‪ ،‬كيرل "كانط" في مسالة الزمف‪" :‬صكرة أكلية ترجع‬

‫غمى الحساسية الداخمية بصفة مباشرة كالى الحساسية الداخمية بصفة مباشرة كالى الحساسية‬

‫الخارجية بصفة غير مباشرة‪ ،‬كؿ إحساس إنما ىك حدس نفسي لو مكضعو مف الزماف"‪ ،‬كعند‬

‫غير مستمر متصؿ يصبح معو الحاضر ماضيان‪ ،‬كبأب الذىف أف يضؿ في التيار‬
‫"برجسكف"‪ :‬ت ٌ‬

‫الزمني بؿ يجسـ كؿ ما يتصؿ بو كيربطو بفكرة معينة‪ ،‬فالزماف مرتبط عنده بالديمكمة"(ٕٓ)‪.‬‬

‫‪-‬الزمن والشعر‪:‬‬

‫الػػزمف مقكلػػة فمسػػفية‪ ،‬شػػغمت اإلنسػػاف منػػذ بػػدء الخميقػػة‪ ،‬الرتباطيػػا بػػو أشػػد االرتبػػاط ‪،‬إذ شػػكمت‬

‫(‪)58‬‬
‫كالمتتبػع لمشػعر العربػي‬ ‫تساؤالتو التي أقضػت مضػجعو كحيرتػو‪ ،‬فكانػت دىشػتو األكلػى كاألزليػة‬

‫القػػديـ يجػػد الػػزمف متمػػثبلن فػػي األطػػبلؿ أىػػـ فػػف فػػي الشػػعر الجػػاىمي(‪ )59‬بػػؿ إف األطػػبلؿ "تػػرد فػػي‬

‫نسيب أكثر مف مائتي قصيدة بشكؿ غالػب كجكىرم‪ ،‬بؿ تكاد تمقي بظبلليا عمى الصكر الشعرية‬

‫(‪)60‬‬
‫لذا يمكف القكؿ بأف الشاعر العربي بدكره ‪ ،‬اسػتكقفتو المقكلػة‬ ‫كالظعائف"‬ ‫مف مثػؿ طيؼ الخياؿ‬

‫الزمنية‪ ،‬كانشغؿ بيا ثقافيا كفكريا عمى مساحة كاسعة مف نتاجاتو اإلبداعية ‪.‬‬

‫كاذا كاف الزمف في الشعر الجاىمي قد ارتبط بالحنيف كالشكؽ‪ ،‬ف ف ثمة بعػد آخػر لمػزمف فػي‬

‫الشعر الجاىمي ‪ ،‬حيث يعكػس ىػذا البعػد الجانػب المأسػاكم لمػزمف‪ ،‬فالشػاعر الجػاىمي يػرل الػزمف‬

‫في (اليكـ‪ ،‬الغد) كىػك فػي نظػره مأسػاكم ؛ ألنػو يفاجئػؾ كيقضػي عميػؾ دكف سػابؽ إنػذار‪ ،‬فػالزمف‬

‫ينتقػػؿ بسػػرعة مػػف الحاضػػر إلػػى المسػػتقبؿ‪ ،‬كفػػي سػػيره الس ػريع إشػػارة إلػػى فنػػاء اإلنسػػاف إثػػر ىػػذه‬

‫)ٕٓ(إبراىيـ مدككر‪ ،‬المعجم الفمسفي‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بيركت‪،ُٖٕٗ ،‬صٓٗ‪.‬‬


‫(ٖٓ)انظر ‪:‬االطرش‪ ،‬رابح‪ ،‬مفيوم الزمن في الفكر واألدب‪ ،‬مجمة العمكـ االنسانية‪ ،‬مارس‪ ،ََِٔ ،‬صِ‬
‫(ٗٓ)ناصؼ‪ ،‬مصطفى ‪ .‬قراءة ثانية لشعرنا القديم‪ ،‬دار لبناف لمطباعة كالنشر‪ ،‬د‪.‬ت ‪ .‬ص ‪ٓٓ :‬‬
‫(َٔ)عز الديف‪ ،‬حسف البنا‪ .‬الكممات واألشياء‪ ،‬بحث في التقاليد الفنية لمقصيدة الجاىمية ‪ .‬دار الفكر‬
‫العربي‪76: ُٖٗٗ.،‬ص‬

‫‪16‬‬
‫الحركػػة‪ ،‬ألف حيػػاة اإلنسػػاف ميػػددة باسػػتمرار مػػف قبػػؿ الػػزمف‪ ،‬فيػػي تمضػػي إلػػى زكاؿ دائمػػا‪ ،‬كأف‬

‫(‪)66‬‬
‫الزمف سينيي اإلنساف كما أنيى السابقكف‬

‫عمػػى أف الػػزمف بالشػػعر لػػيس الػػزمف الػػذم عنػػاه النحكيػػكف بأبعػػاده الثبلثػػة الماضػػي كالحاضػػر‬

‫كالمستقبؿ" إنما المقصكد بو الزمف الكامف خمؼ تمؾ األبعاد الثبلثة" فاألزمنػة الػثبلث تتكامػؿ فيمػا‬

‫(‪)61‬‬
‫بينيا في تشكيؿ زمنية عامة تمتد عمى االبعاد الثبلثة"‬

‫فمفيكـ الػزمف فػي الشػعر "ارتػبط ب تصػكر اإلنسػاف منػذ م ارحػؿ الحيػاة اإلنسػانية األكلػى‬

‫لعالـ المتغيرات الػذم يحػيط بػو كيعيشػو‪ ،‬فكػؿ مػا حكلػو فػي تغيػر مسػتمر‪ ،‬كفػي محاكلتػو المسػتمرة‬

‫لمكشؼ عف المجيكؿ كالقبكؿ التي اىتدل إلييا بحدسو الفطرم كعمة ليػذا التغييػر ثػارت فػي نفسػو‬

‫مصيره"(‪.)63‬‬ ‫دكافع الخمؽ كالخكؼ مف‬

‫لقػػد كانػػت فكػرة المػػكت أك الػػدىر أك الفنػػاء مػػا يسػػتأثر بكامػػؿ تػػأمبلت الشػػعراء القيػػدامى‪ ،‬إذ‬

‫كػػاف كعػػييـ منصػػبان حػػكؿ فك ػرة فحكاىػػا أف دىػػرىـ سػػيطكييـ آج ػبلن أـ عػػاجبلن‪ ،‬كليػػذا كقف ػكا مكقف ػان‬

‫ػاكيرىـ الخاصػةي بػػالمكت‪ ،‬كلعػػؿ أبػػرز مػػف ألحػػت عميػػو صػػكرة‬


‫ػؼ عنػػو تصػ ي‬
‫عػدائيان منػػو‪ ،‬كىػػذا مػػا تشػ ٌ‬

‫المػػكت فػػي سػػياؽ التأمػػؿ الكػػكني زىيػػر بػػف أبػػي سػػممى حػػيف صػػكره عمػػى ىيئػػة ناقػػة عميػػاء تتخػػبط‬

‫بمصائر األحياء فقاؿ‪‌ :‬‬


‫ِ‬
‫فييرم(ْٔ)‪.‬‬ ‫وم ْن تُخطئ ُيعمر‬ ‫ط عشواء م ْن تُ ِ‬
‫تُمتْ ُو َ‬ ‫ص ْب‬ ‫َ‬ ‫أيت المنايا َخ ْب َ‬
‫ر ُ‬

‫(ُٔ)انظر‪ :‬األطرش‪ ،‬رابح‪ ،‬مفيوم الزمن في الفكر واألدب‪ ،‬مجمة العمكـ اإلنسانية‪ ََِٔ ،‬صٔ‬
‫(ِٔ)دىنية‪ ،‬ابتساـ‪ ،‬بنية النص الشعري في ديوان عمقمة الفحل‪ ،‬رسالة ماجستير غير منشكرة‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫صِٔ‪.‬‬
‫)ّٔ(‬
‫كماؿ‪ ،‬صفكت‪ ،‬مفيوم الزمن بين الساطير والمأثورات الشعبية‪ ،‬مجمة عالـ الفكر‪ ،‬الككيت‪،ُٕٗٗ ،‬‬
‫المجمد ٖ‪ ،‬صُٕٓ‪.‬‬
‫(ِ) الشيباني‪ ،‬أبك عمر‪ ،‬شرح المعمقات التسع‪ ،‬تحقيؽ‪ :‬عبد المجيد ىمك‪ ،‬مؤسسة األعممي لممطبكعات‪ ،‬بيركت‬
‫– لبناف‪ ،ََُِ ،‬صُِِ‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫كلقػد تعػددت الكتػب التػػي درسػت الػزمف فػي الشػػعر كغيػره لسػطكة الػزمف عمػػى الشػعر العربػي قػػديمان‬

‫كحديثان(ٓٔ)‪ ،‬أما الزمف في شعر المتنبي فقػد تضػمف بعػدان جديػدان لػـ يتناكلػو مػف سػبقو مػف الشػعراء‬

‫فمـ يقتصر الزمف عنده عمػى الػزمف الماضػي كالحاضػر بػؿ أضػاؼ المتنبػي بعػدا آخػر كىػك التنبػؤ‬

‫(‪)66‬‬
‫بالمستقبؿ‬

‫كقػػد كػػاف الصػراع بػػيف اإلنسػػاف كالػػزمف حاضػ ار فػػي شػػعر المتنبػػي " ألف الػػزمف ىػػك الػػذم ينبػػيء‬

‫اإلنسػػاف بمكتػػو كزكالػػو كبعث ػرة كػػؿ جيػػكده كمػػا يش ػير بانتظػػار الجديػػد الكافػػد الػػذم سػػكؼ يحػػدث‪،‬‬

‫الفاني"(‪.)67‬‬ ‫كالجديد الذم سكؼ يحمؿ أمؿ اإلنساف كبأسو مجده كتفاىة شأنو‪ ،‬إنو الكياف المكجكد‬

‫(ّ) انظر‪ :‬ىانز ميرىكؼ‪ ،‬الزمف في األدب‪ ،‬ترجمة أسعد رزكؽ‪ ،‬مطبعة سجؿ العرب‪ ،‬القاىرة‪،ُِٕٗ ،‬‬
‫صَُ‪ ،‬كانظر غاستكف‪ ،‬باشبلر ‪ ،‬حدس المحظة‪ ،‬ترجمة رضا غركز كعبدالعزيز زمزـ‪ ،‬بغداد‪ ،‬صِْ‪.‬‬
‫(ٔٔ)انظر‪ :‬عباس‪ ،‬سندس سمطة الزمن في شعر المتنبي‪ ،‬مجمة العمكـ اإلنسانية‪ ،ََُِ،‬العدد ْ‪ ،‬ص ُّّ‪.‬‬
‫)ٕٔ( انظر‪ :‬المرجع نفسو‪ ،‬صِٖ‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫الفصل األول‪:‬‬

‫ألفاظ الزمن ودللتيا في شعر المتنبي‬

‫تمييد ‪:‬‬

‫ال شؾ بأف لمزمف حضك انر كاضحان في الشعر عمى مر العصكر‪ ،‬كعبلقة الشاعر بالزمف‬

‫عبلقة جدلية؛ ذلؾ أف الزمف يذ ٌكر الشاعر بأبرز المحطات التي مر فييا كما تحممو تمؾ‬

‫المحطات مف آالـ كآماؿ كطمكحات‪ ،‬لذا كاف الزمف محط اىتماـ الدراسات النقدية باعتباره‬

‫مفصبلن أساسيان في الكجكد اإلنساني كيتداخؿ في كؿ مراحؿ الحياة اإلنسانية ابتداء مف الميبلد‬

‫يككف ثنائية المكت كالحياة بالنسبة لمكجكد اإلنساني‪ ،‬لذا اعتبره النقاد‬
‫انتياء بالمكت‪ ،‬ألف الزمف ٌ‬
‫ك ن‬

‫خبلصة النشاط الخبلؽ‪ ،‬كىك في الكقت ذاتو النتيجة الطبيعية النتياء الحياة ذاتيا(‪.)ٙٛ‬كمف‬

‫ناحية الدراسات النقدية ف نو يتـ التعامؿ مع نكعيف مف الزمف‪:‬‬

‫‪ -‬الزمف الذاتي أك النفسي‪ ،‬كىك الزمف بصفتو خبرة ذاتية تدخؿ في نسي حياة اإلنساف‪.‬‬

‫‪ -‬الزمف المكضكعي‪ ،‬أك الزمف الخارجي‪ ،‬كىك ما يتعارؼ عميو الجميع بالساعات كالتقاكيـ‪.‬‬

‫ككبل الزمنيف مكجكد في األدب(‪ ،)69‬إال أف االىتماـ "كاف منصبا بالدرجة األكلى عمى الزمف‬

‫الذاتي‪ ،‬أك النفسي‪ .‬مف خبلؿ تصكير العبلقة الناشئة بيف الذات كبيف الحيز الزماني كالمكاني‬

‫(‪‌ )70‬‬
‫الذم نحيا فيو‪ ،‬كأثر كؿ منيما في اآلخر"‬

‫لقد كاف الزمف عند أغمب الشعراء يتخذ صفة الحديث عف الماضي أك الحاضر أك المستقبؿ‪،‬‬

‫أما المتنبي فقد اتخذ الحديث عف الزمف عنده بعدا آخر لـ يسبقو إليو أحد مف الشعراء كىذا البعد‬

‫(ٖٔ)انظر‪ :‬برديائيؼ‪ ،‬نيقكال ‪ ،‬العزلة والمجتمع‪ ،‬ترجمة‪ :‬فؤاد كامؿ‪،‬مراجعة‪ ،‬عمي أدىـ ‪.‬دار الشؤكف الثقافية‪:‬‬
‫طِ‪ ،‬بغداد‪،ُٖٗٔ،‬صِ‪.‬‬
‫(ٗٔ)انظر‪ :‬مندكال‪ ،‬الزمن والرواية‪ ،‬ترجمة إحساف عباس ‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيركت‪ ،‬طُ ‪ ،ُٕٗٗ ،‬صٕٕ‬
‫(َٕ)ميرىكؼ‪،‬ىانز‪ ،‬الزمن في األدب‪ ،‬ترجمة أسعﺩ ﺭﺯًﻕ ‪ ،‬مﺅسسة سجؿ ﺍلعﺭﺏ ‪ ،‬ﺍلقاىﺭﺓ‪.ُِٕٗ .، .‬ص‬
‫َُ‪.ُُ-‬‬

‫‪19‬‬
‫تجمي في مسألة التنبؤ بما سيككف‪ ،‬كبالتالي فقد اتخذ خط الزمف عند المتنبي مقارنة بيف الزمف‬

‫المنقضي كالزمف األزلي عبر الحديث عف ثنائية المكت كالحياة‪ .‬كيكاد يجمع النقاد كالدارسكف‬

‫لؤلدب العربي أف المتنبي كاف أكثر الشعراء الذيف أحسكا بكطأة الزمف كثقمو كنتيجة ليذا‬

‫(‪)76‬‬
‫كىذا الفصؿ يأتي لمحديث عف‬ ‫اإلحساس ذىب يفسح في شعره لمحكمة كالشككل مف الزمف‬

‫الزمف كدالالتو عند المتنبي‪.‬‬

‫كسكؼ يتـ تناكؿ تطكر ألفاظ الزمف كدالالتيا في شعر المتنبي مف خبلؿ المباحث‬

‫اآلتية‪:‬‬

‫(ُٕ)انظر‪ :‬ضيؼ ‪ ،‬أحمد شكقي ‪ ،‬الفن ومذاىبو في الشعر العربي‪ ،‬طَُ‪ ،‬دار المعارؼ بمصر‪،ُٕٖٗ،‬‬
‫صِِْ‬

‫‪20‬‬
‫المبحث األول‬

‫ألفاظ الزمن ودللتيا في شعر المتنبي في الفترة من (ٖ٘ٔ‪)ٖٖٙ-‬‬

‫كلد المتنبي كسط بيئة لـ تكف سميمة‪ ،‬فقد شيدت ىذه البيئة مف الكيبلت كالنيب كالسمب‬

‫كاإلغارة " كسمعت أذناه ما كاف يقاؿ في بمده عف تمؾ األكضاع‪ ،‬كترسب كؿ ذلؾ في أعماؽ‬

‫(ِٕ)‬
‫ندبا ساعدت األحداث األخرل فيما بعد عمى إذكائو كتقكيتو مف جديد"‪.‬‬
‫البلشعكر‪ ،‬كترؾ ن‬

‫فانعكست آثار الزمف عمى شعره منذ البدايات األكلى كتطكرت مدلكالتو‪ ،‬فكاف تشاؤمو كصراعو‬

‫مع الزمف مبك انر كتطكر ىذا الصراع مع مركر الزمف‪.‬‬

‫(ْٕ)‬ ‫(ّٕ)‬
‫التي تناكلت شخصية المتنبي إلى التأكيد‬ ‫كاألدبية‬ ‫كتؤكد أغمب الدراسات التاريخية‬

‫بارز عمى فصكؿ حياتو كميا‪ ،‬بؿ إف تمؾ النشأة كانت ىي‬
‫عمى أف نشأة المتنبي كاف ليا أ هثر ه‬

‫المؤثر الرئيس عمى حياتو‪ ،‬فالمتنبي لـ يتمتع كباقي أقرانو في فترة الصبا بمستكل اجتماعي‬

‫كمادم مناسب بحيث يككف بمستكل أقرانو‪ ،‬فمـ يعدك أف يككف ابف لسقاء مما يعني أنو لـ يكف‬

‫ميسكر الحاؿ ‪ ،‬إال أنو مع مركر الزمف أظير نبكغا كعبقرٌية جعمتو يفكؽ أقرانو‪ ،‬فكاف مف قدره‬

‫أف يدفع ثمف فقره في سنكاتو األكلى‪ ،‬فشارؾ أبناء األشراؼ مقاعد الدراسة‪ ،‬كىنا بدأت الصعكبات‬

‫التي يتعرض ليا المتنبي كطفؿ فقير مع أبناء األشراؼ‪ ،‬كلعؿ ىذا المقاء األكؿ مع الناس‬

‫كاالحتكاؾ معيـ؛ ىك منشأ نفكر أبي الطيب مف البشر(ٕٓ)‪.‬‬

‫(ِٕ)عبدالرحمف‪ ،‬عفيؼ‪،‬ىل كان المتنبي متشائما‪ ،‬مجمة المكرد‪ ،‬عدد خاص بالمتنبي‪ ،ُٕٕٗ ،‬صَُُ‬
‫(ّٕ) مف تمؾ الدراسات‪ :‬ابف خمكاف‪ ،‬وفيات األعيان‪ ،‬تحقيؽ إحساف عباس‪ ،‬دار الثقافة ‪ ،‬بيركت‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬جُ‪،‬‬
‫صّٔ‬
‫(ْٕ) مف تمؾ الدراسات‪ :‬الحناشي‪ ،‬يكسؼ‪ ،‬الرفض ومعانية في شعر المتنبي‪،‬الدار العربية لمكتاب‪ ،‬تكنس‪،‬‬
‫ُْٖٗ‪ ،‬صُِ‪.‬‬
‫(ٕٓ)انظر‪ :‬ببلشير‪ ،‬ريجس‪ ،‬أبو الطيب المتنبي دراسة في التاريخ األدبي‪ ،‬ترجمة إبراىيـ الكيبلني‪ ،‬منشكرات‬
‫اتحاد الكتاب‪ ،‬دمشؽ‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬صُْ‬

‫‪21‬‬
‫كتتناكؿ ىذه الفترة القصائد التي قاليا المتنبي في صباه‪ ،‬كتمتد ىذه المرحمة حتى لقائو‬

‫بسيؼ الدكلة عاـ ّّٔق‪ ،‬كقد تميزت ىذه الفترة بظيكر آثار التشاؤـ مف الزمف الممزكج‬

‫باالستخفاؼ بو كاالستعبلء عميو كالصراع معو كأنو الند‪ ،‬كلعؿ أىـ ما يميز ىذه المرحمة ىي‬

‫االعتزاز بالنفس كالفخر الذم يصؿ إلى حد الغركر‪ ،‬اإل أف المتنبي نظر منذ نعكمة أظفاره إلى‬

‫الزمف نظرة ريبة كتكجس‪ ،‬فنراه في قصيدتو األكلى التي قاليا في عاـ ُّٓق‪ ،‬كمطمعيا ‪:‬‬

‫ِ ٕٔ)‬
‫أعمَى ُم َقمَِّده‬ ‫الص ِ‬
‫دود َعمى ْ‬ ‫ف ُّ‬
‫س ْي ُ‬
‫َ‬ ‫وح َم ْن َييواهُ في َي ِد ِه‬ ‫وَِ‬
‫شاد ٍن ُر ُ‬ ‫َ‬

‫يذـ المتنبي الزمف كينظر إليو نظرة ريبة كتكجس مف أخطاره دكف أف ينسى المتنبي الفخر بنفسو‬

‫كأنو سبقي الشخص الذم ال يكجد في الزماف مثمو‪ ،‬ففي ىذه القصيدة يبدأ المتنبي بذـ الزمف‬

‫بقكلو‪:‬‬

‫أحمد ِه‬
‫ِ‬ ‫درِه في ح ِ‬
‫مد‬ ‫َ‬ ‫ما َذ ّم ِمن َب ِ‬ ‫أح ّب ِت ِو‬
‫ان إلَ ْي ِو ِم ْن ِ‬
‫الزَم ُ‬
‫َذ ّم ّ‬
‫(ٕٕ)‬
‫كىنا نمحظ اعتزاز المتنبي بنفسو إذ جعؿ نفسو أحمد الزماف "أم ليس في الزماف أحد مثمو"‬

‫ثـ نجد في قصيدة التي قاليا في ُّٖق يمدح محمد بف عبيد اهلل العمكم ‪ ،‬يقكؿ‬

‫ٖٕ)‬
‫ش ْوقاً إلى َم ْن َي ِب ُ‬
‫يت َي ْرقُ ُد َىا‬ ‫َ‬ ‫ت ِم ْن طَ َر ٍب‬
‫س ِي ْد ُ‬
‫بئس المّ َيالي َ‬

‫ففي البيت السابؽ يذـ المتنبي الميالي ألنو يسير فيما المعشكؽ يناـ مؿء جفكنو غير مكترث‬

‫لحاؿ الشاعر(ٕٗ)‪.‬‬

‫الصبا‬ ‫ً‬
‫كتابع المتنبي اعت اززه بنفسو في زمف ال يكجد فيو نظير لممتنبي ففي قصيدة "‪:‬ذكر ٌ‬

‫اتع اآلراـ " التي قاليا عاـ ُِّق‪ .‬نجد لفظ الزمف يظير في البيت اآلتي‪:‬‬
‫كمر ً‬

‫(ٕٔ)ديكاف المتنبي مراجعة نخبة مف األدباء‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬بيركت(د‪.‬ت)‪ ،‬جُ‪ ،‬صّٔ‬
‫(ٕٕ) العكبرم‪ ،‬عبداهلل بف الحسيف‪ ،‬التبيان في شرح ديوان المتنبي‪ ،‬ضبطو كصححو مصطفى السقا دار‬
‫المعرفة‪ ،‬بيركت‪ ُٕٖٗ ،‬ـ ‪ ،‬جِ‪ ،‬صُْٗ‬
‫(ٖٕ)ديكاف المتنبي‪ ،‬جِ‪ ،‬صُِٗ‬
‫(ٕٗ) انظر‪ ، :‬شرح ديوان المتنبي‪ ،‬تحقيؽ مصطفي سبيتي‪ ،‬دار الكتب العممية ‪ ،‬بيركت‪ ،‬طُ‪ُٖٗٔ ،‬صَٓ‬

‫‪22‬‬
‫ِ َٖ)‬
‫ير تَ َمام‬ ‫ُولِ َد ْت َم ِ‬
‫كارُم ُي ْم ل َغ ِ‬ ‫أىمُ ُو‬ ‫ريب ُة في َزَم ٍ‬
‫ان ْ‬ ‫أنت ال َغ َ‬
‫َ‬

‫فيك ييعد نفسو غريب في زمف غمب عمى أىمو نقصاف المركءة كعدـ تماـ األخبلؽ فالمتنبي‬

‫ىنا ال يذـ ذات الزمف كلكف يكجو المكـ إلى أىؿ ىذا الزمف(ُٖ)‪.‬‬

‫نمحظ تطك ار جديدا في مفيكـ الزمف عند المتنبي بعد عاـ ِِّق‪ ،‬ففي قصيدة قاليا في مدح أبي‬

‫يأرؽ " حيث يظير‬ ‫أرؽ عمى أر و‬


‫ؽ كمثمي ي‬ ‫شجاع محمد بف معف بف الرضى األزدم ‪ ،‬كمطمعيا " ه‬

‫لفظ المكت ألكؿ في ىذه القصيدة ‪:‬‬

‫ستَِع ّر ِب َما لَ َد ْي ِو ْ‬ ‫ِ‬ ‫ت ٍ‬


‫آت َو ُّ‬
‫ِٖ)‬
‫ق‬
‫األح َم ُ‬ ‫الم ْ‬
‫َو ُ‬ ‫س‬
‫وس َنفائ ٌ‬
‫النفُ ُ‬ ‫الم ْو ُ‬
‫فَ َ‬

‫كالمتأمؿ في شعر المتنبي يجد أنو كاف عمى يقيف بأف معاناتو مردىا اآلخركف؛ ألنيـ ىـ‬

‫الذيف خمقكا لو المعسي‪ ،‬فكانت ردة فعمو تتسـ بالشدة كالقسكة‪ ،‬ككفقا لمتحميؿ النفسي لؤلدب ف ف‬

‫مسألة المديح في شعر المتنبي ‪ ،‬ثـ انقبلبيا إلى ىجاء بعد ذلؾ بفترة كجيزة كما حدث مع كافكر‬

‫مثبل‪ ،‬يمكف تفسيرىا بأف القكة الكامنة داخؿ الشاعر ال يمكف أف تتحكؿ إلى فعؿ خارجي اإل‬

‫بمقتضى الحرية؛ فالشاعر ال يشعر بذاتو إال في المحظة التي يخرج فييا مف ذاتو‪ ،‬لذا فيك ال‬

‫(ّٖ)‬
‫‪ ،‬لذا ف ف المتنبي‬ ‫يكاد يدرؾ معنى حياتو إال في صميـ الفعؿ الذم يكسع مف دائرة حياتو‬

‫كاف عمى مستكل النص يتمتع بحرية اختيار ما يشاء مف األلفاظ كالمعاني كيتجكؿ بيف فترة‬

‫كأخرل مف المديح إلى الذـ؛ ألنو كاف يتمتع بحرية ذاتيو كاسعة‪ ،‬أما عمى مستكل الفعؿ فقد كاف‬

‫أسي ار لجبركت الزماف كليذا فطالما خاطب الزماف كبيف أف ذلؾ الزمف ىك الذم جعؿ الكىف‬

‫(َٖ)ديكاف المتنبي ‪ ،‬جُ‪ ،‬صُُٓ‬


‫(ُٖ)انظر‪ :‬العكبرم‪ ،‬شرح ديوان المتنبي ‪ ،‬جُ‪ ،‬صِٗ‬
‫(ِٖ)ديكاف المتنبي ‪ ،‬جِ‪ ،‬صُِٗ‬
‫(ّٖ)‬
‫انظر‪ :‬إبراىيـ‪ ،‬زكريا‪ ،‬مشكبلت الحياة‪ ،‬مكتبة مصر‪ ،‬القاىرة‪ ،ُُٕٗ ،‬صِِٕ‬

‫‪23‬‬
‫كالضعؼ يصيب المتنبي‪ ،‬كمف أمثمة ذلؾ القصيدة التي قاليا في صباه سنة ِِّق قكؿ‬

‫المتنبي‪:‬‬

‫س ّد عمَييا طُ ْرقَيا ِى َممي‬


‫(ْٖ)‬
‫حتى تَ ُ‬ ‫الد ْى ِر تَتُْرُكني‬ ‫ول أظُ ّن ب ِ‬
‫نات ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الحال و ِ‬
‫اعذ ْرني َول تَمُِم‬ ‫ِب ِرقّ ِة‬ ‫لُِم المّيالي التي ْ‬
‫ِ َ‬ ‫أخ َن ْت عمى ِج َدتي‬

‫كيعكد المكت لمظيكر مرة أخرل في القصيدة التي قاليا في مدح شجاع بف محمد الطائي‬

‫المنبجي في منب سنة ِِّق‪ .‬كىنا ال بد مف التأمؿ عف سبب كركد لفظ المكت في سياؽ‬

‫قصيدة أساسيا المدح‪ ،‬حيث نجد في ىذه القصيدة األبيات اآلتية‪:‬‬

‫(ٖٓ)‬ ‫ييات ليس ليوِم ع ِ‬


‫يد ُك ُم َغ ُد‬ ‫َى ِ‬ ‫الم ْو ِع ُد؟‬
‫َ َْ َ‬ ‫فأين َ‬
‫يد ُك ُم َ‬
‫ا ْل َي ْوَم َع ُ‬

‫بع ُدوا‬
‫أبع ُد من ُك ُم ل تَ ُ‬
‫يش َ‬‫الع ُ‬
‫َو َ‬ ‫ب ِم ْخمَباً من َب ْي ِن ُك ْم‬
‫أقر ُ‬
‫ت َ‬ ‫ألم ْو ُ‬
‫َ‬

‫َّد‬
‫وىو ُمقَي ُ‬
‫ىر َ‬‫الد ُ‬
‫َعمَييا ّ‬ ‫شى‬
‫وم َ‬
‫ْأبمَ ْت َم َوّدتَيا المّيالي َب ْع َد َنا َ‬
‫(ٖٔ)‬
‫اإل أف األمكر‬ ‫فالمتنبي يؤسس لحكمة كىي أف الدىر ىك الذم يبمي األشياء كيغير حاليا‬

‫تبدأ بأخذ منحى جديد بعد أف سجف المتنبي في حمص فنجد في قصيدتو التي قاليا في كالي‬

‫حمص كىك في السجف سنةِّْق‪ ،‬تضاؤؿ اعتزاز المتنبي بنفسو حتى انو أرسؿ لكالي حمص‬

‫استعطؼ كرجاء إلخراجو مف السجف‪ ،‬حيث قاؿ ‪:‬‬

‫ِ ٕٖ)‬ ‫ِ‬
‫الوريد‬
‫كحبل َ‬
‫ت مني َ‬
‫الم ْو ُ‬
‫ءو َ‬ ‫الر َجا‬ ‫ند ا ْن ِق ِ‬
‫طاع ّ‬ ‫َد َع ْوتُ َك ِع َ‬

‫كلعؿ المتنبي بعد حادثة السجف بدأ يرل األشياء بمنظار أكثر كاقعية‪ ،‬فبل االعتزاز بالنفس كال‬

‫رؤية اآلخريف دكنو حققت لو شيء مف أحبلمو‪ ،‬ف ذا نظرنا في القصائد التي قاليا قبؿ لقاء سيؼ‬

‫(ْٖ)المتنبي‪ ،‬الديوان‪ ،‬جُ‪،‬صَٖ‬


‫(ٖٓ)المتنبي‪ ،‬الديوان‪ ،‬صَٗ‬
‫(ٖٔ)انظر‪ :‬العكبرم‪ ،‬شرح ديوان المتنبي ‪ ،‬جُ‪ ،‬صَّٓ‬
‫(ٕٖ)ديوان المتنبي ‪ ،‬جِ‪ ،‬صُٖٗ‬

‫‪24‬‬
‫الدكلة‪ ،‬نجد أف أغمب القصائد التي قاليا في مدح أك رثاء األمراء أك الكالة‪ ،‬حيث مدح مساكر‬

‫ابف محمد الركمي سنةِّٓق في حمب‪ ،‬كرثى محمد بف إسحاؽ التنكخي سنةِّٓق‪ ،‬كمدح‬

‫الحسيف بف اسحؽ التنكخي في البلذقية سنةِّٓق‪ ،‬ك مدح عمي بف إبراىيـ التنكخي في البلذقية‬

‫سنةِّٔق‪ ،‬كمدح المغيث بف عمي بف بشر العجمي في أنطاكية سنة ِّٕق‪ ،‬كمدح أبي الفرج‬

‫أحمد بف الحسف القاضي سنة ِّٕق‪ ،‬كمدح بدر بف عمار في طبرية سنةِّٗق‪ ،‬كرثى جدتو‬

‫بعد أف أرسؿ إلييا كتابا يسأليا المسير إليو في بغداد سنة ّّْق‪.‬‬

‫كلكف كؿ ىؤالء األمراء الذيف مدحيـ لـ ينؿ منيـ ما كاف يصبك إليو‪ ،‬فتحكؿ شعره إلى تحد‬

‫األمراء كالممكؾ‪ ،‬ككانت صيغة التحدم ىذه بعيدة عف التجربة‪ ،‬فعندما ييسأؿ عف سبب ترؾ لقاء‬

‫الممكؾ‪ ،‬ال يجيب بصيغة المستقبؿ‪ ،‬بؿ يستعمؿ القكة باعتبارىا العبلج الكحيد إلزالة الحجاب بينو‬

‫كبينيـ(ٖٖ)‪ ،‬كفي ىذا الصدد يقكؿ المتنبي بعد أف المو أبك سعيد المخيمرم في تركو لقاء الممكؾ‬

‫‪:‬‬

‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫الصو َابا‬
‫أي أخطأ ّ‬
‫ب َر ٍ‬
‫فَُر ّ‬ ‫سعيد َج ّن ِب الع َ‬
‫تابا‬ ‫َأبا َ‬

‫الب ّو َابا‬
‫استَ ْوقَفُوا َلرّد َنا َ‬
‫َو ْ‬ ‫الح ّج َابا‬
‫فإ ّن ُي ْم قَ ْد أ ْكثَُروا ُ‬
‫السمر و ِ‬
‫العر َابا‬ ‫ِ‬ ‫ارِم ِ‬
‫الص ِ‬
‫َوال ّذابالت ُّ َ‬ ‫ض َابا‬
‫الق ْر َ‬ ‫َوا ّن َح ّد ّ‬
‫(ٖٗ)‬ ‫تَرفَـع فيمــا ب ْي َننــا ِ‬
‫الح َج َابــا‬ ‫ْ ُ َ َ‬

‫كيبالغ المتنبي بيجاء بعض الممكؾ في ىذه الفترة ‪ ،‬فيقكؿ في مدح أبي الحسيف المغيث‬

‫ابف عمي بف بشر العجمي ‪:‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُمفَتَّ َح ٌة ُع ُيونُ ُي ُم ن َي ُ‬
‫(َٗ)‬
‫ام‬ ‫ير أ ّن ُي ُم ُممُو ٌك‬
‫ب َغ َ‬
‫أران ُ‬

‫(ٖٖ)انظر‪ :‬صبيح‪ ،‬صادؽ‪ ،‬أثر اإلخفاق في شعر المتنبي‪ ،‬مجمة أفكار‪ ،ُٕٕٗ ،‬عدد ىاص بالمتنبي‪،‬‬
‫صُُّ‪.‬‬
‫(ٖٗ) البرقكقي‪ ،‬عبدالرحمف‪ ،‬شرح ديوان المتنبي‪ ،‬دار الكتاب العربي بيركت ‪ ،ُٖٗٔ،‬جُ‪،‬صِِّ‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫فقد بالغ المتنبي في ذـ الممكؾ حيف شبييـ باألرانب تناـ كعيكنيا مفتكحة‪ .‬فرغـ أف‬

‫عيكنيـ مفتحة‪ ،‬اإل أنيـ نياـ‪" ،‬كلـ يرد النكـ الذم ىك ضد اليقظة‪ ،‬كانما أراد أنيـ بمو ال يفطنكف‬

‫"(ُٗ)‬
‫كتنتيي ىذه الفترة ب خفاؽ‬ ‫لما ىـ فيو كالعرب تمدح بقمة النكـ كتذـ إذا ألؼ الرجؿ ذلؾ‬

‫المتنبي كالذم لـ يستطع أف يحقؽ شيئا مف أحبلمو التي راكدتو‪ ،‬فقد كاف يصارع الزمف لمكصكؿ‬

‫إلى مركز اجتماعي مرمكؽ كلكف لـ يتحقؽ لو ذلؾ بؿ النحس الزمو‪ ،‬كالزمف يعانده‪ ،‬كفي ىذا‬

‫يقكؿ‪:‬‬

‫(ِٗ)‬
‫وىمتي في سعود‬ ‫ٍ‬
‫نحوس َّ‬ ‫في‬ ‫الـبـالد ونـجمي‬
‫َ‬ ‫أبــداً أقـطع‬

‫لذا غمب عمى ىذه الفترة التي سبقت لقاء المتنبي بسيؼ الدكلة التشاؤـ مف الزمف كفي‬

‫النظر إلى الدنيا كأىميا‪ ،‬فقد عرؾ المتنبي الحياة كعركتو‪ ،‬كابتمي بيا كذاؽ منيا الشيد كالعمقـ‪،‬‬

‫كلكف عمقميا كاف أكثر مف شيدىا‪.‬‬

‫كلعؿ التكجس مف الزمف كتقمباتو كاف مبلزما لممتنبي عندما نجد قكلو كىك في مقتبؿ‬

‫العمر‪:‬‬

‫س ّد عمَييا طُ ْرقَيا ِى َممي‬


‫حتى تَ ُ‬ ‫الد ْى ِر تَتُْرُكني‬ ‫ول أظُ ّن ب ِ‬
‫نات ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫ككأف المتنبي كاف عمى يقيف مف أف الدىر لف يدعو كشأنو‪ ،‬بؿ أف العداء سيبقى مستم ار‬

‫بينو كبيف الدىر‪ ،‬بؿ أف المجيء باالستعارة المكنية في قكلو "بنات الدىر" يحمؿ داللة نفسية‬

‫عميقة حكلت ىذا الدىر إلى شخص مستقؿ بذاتو خصيب ىكليكد‪ ،‬فمف يتكقؼ العداء مع ىذا‬

‫الدىر عند مرحمة معينة بؿ ىك مستمر‪ ،‬بمعنى أف الدىر سكؼ يستمر ينجب مصائب كأحداث‬

‫(َٗ)البرقكقي‪ ،‬عبدالرحمف‪ ،‬شرح ديوان المتنبي ‪ ،‬جْ‪،‬صُّٗ‪.‬‬


‫(ُٗ)انظر‪ :‬المعرم‪ ،‬أبك العبلء أحمد بف عبد اهلل‪ ،‬الالمع العزيزي شرح ديوان المتنبي‪،‬تحقيؽ‪ :‬محمد سعيد‬
‫المكلكم‪ ،‬مركز الممؾ فيصؿ لمبحكث كالدراسات اإلسبلمية‪،ََِٖ ،‬صُِِٓ‪.‬‬
‫(ِٗ)انظر‪ :‬البرقكقي‪ ،‬شرح ديوان المتنبي‪ ،‬جِ‪،‬صْْ‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫تسد الطريؽ عمى المتنبي حتى ال يصؿ إلى ما ترنك إليو نفسو‪ .‬فالمتنبي في النص السابؽ‬

‫يرفض القيـ السائدة‪ ،‬كيرفض اآلخريف كيرفض زمانيـ‪ ،‬كعندما المو معاذ الصيدكاني عمى تيكره‪،‬‬

‫لـ يجد المتنبي مثاالن يحتذل بو كلـ يجد غير نفسو مثبل ف ف فكرة األنا تظير مف جديد‪ ،‬فيك‬

‫رجؿ شجاع يصارع الدىر كالنكبات في سبيؿ الكصكؿ إلى العمى‪ ،‬فيقكؿ في قصيدة لمعاذ‬

‫الصيدكاني كىك يعذلو‪:‬‬

‫الي ْيجا َمقامي‬ ‫يا ع ْب ِد ِ‬


‫في َع ْن َك في َ‬
‫َخ ٌّ‬ ‫اإللو ُمعا ُذ‪ :‬إ ّني‬ ‫َ َ‬
‫الج ِ‬
‫سام‬ ‫خاطر ِ‬
‫فيو بالم َي ِج ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ُن ُ‬ ‫سيم ما طَمَبي وا ّنا‬
‫ت َج َ‬
‫ذ َك ْر ُ‬
‫القاة ِ‬
‫الح ِ‬
‫مام‬ ‫جزعُ ِم ْن م ِ‬
‫َوَي َ‬ ‫بات ِم ْن ُو‬ ‫ِ‬
‫أم ْثمي تأ ُخ ُذ ال ّن َك ُ‬
‫ُ‬
‫فرِق ِو ُحسامي‬
‫شعر َم ِ‬
‫ب َ‬ ‫ضَ‬
‫لخ ّ‬
‫َ‬ ‫شخصاً‬
‫إلي َ‬
‫مان ّ‬
‫الز ُ‬
‫ولو َب َرَز ّ‬
‫س َار ْت وفي َي ِدىا ِزَمامي‬
‫ول َ‬ ‫يئتَيا المّيالي‬
‫وما َبمَ َغ ْت َمش َ‬
‫ِ (ّٗ)‬
‫الم َنام‬ ‫ِ‬ ‫الخ ْي ِل مني‬
‫فَ َوْي ٌل في التَّيقّظ و َ‬ ‫ون َ‬‫ألت ُع ُي ُ‬
‫إذا امتَ ْ‬
‫إف المتنبي كمف خبلؿ األبيات السابقة يجسد فكرة الصراع مع الزمف ‪ ،‬مع اليقيف بأف المكت ال‬

‫بد كأف يصرع المتنبي في النياية‪ ،‬إال أف المتنبي كفي صراعو مع المكت يطمب الخمكد كال يككف‬

‫ذلؾ اإل عف طريؽ البطكلة‪ ،‬كبيذا يتحقؽ الخمكد المعنكم لو باعتباره تكاصبل مع الحياة مف نكع‬

‫أخر‪ ،‬إف ىذه الفمسفة في مكاجية المكت كاالستغناء عف الخمكد المادم بالخمكد المعنكم ىي التي‬

‫جعمت المتنبي يقؼ في مكاجية الزمف كىك في أعمؽ انكساراتو المعنكية‪ ،‬فيذا الزمف ال ثبات‬

‫لحالو بؿ إنو زمف اآلخريف‪ ،‬كىك زمف دكف طمكح بؿ كاف المتنبي يبحث عف زمف آخر قكامو‬

‫االرتقاء فكؽ حركة الزماف المادية كخارج التاريخ لمبمكغ إلى الخمكد المعنكم الذم تجسده البطكلة‪،‬‬

‫إف ىذه الفمسفة في التعامؿ مع حركة الزمف قد أظيرت شيئان مف الرجاء لدل المتنبي في زمف‬

‫آخر أفضؿ‪ ،‬كىذا ما يظير مف قكلو في مدح بد بف عمار بف إسماعيؿ األسدم صاحب طبرية‪:‬‬

‫(ّٗ)‬
‫الديكاف‪ ،‬جُ‪ ،‬صُِِ‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫ش ِ‬ ‫ِأم َ‬
‫(ْٗ)‬
‫ُعيدا‬
‫حي أ َ‬
‫خص ٍّ‬ ‫ق في َ‬
‫الخ ْم ُ‬ ‫ديدا‬
‫أح ْمماً َن َرى ْأم َزماناً َج َ‬
‫ُ‬

‫حيرت النقاد أنفسيـ فمـ‬


‫بؿ إف فمسفة الزمف عند المتنبي قد حمت مكاف الطمؿ‪ ،‬فجاءت بصكرة ٌ‬

‫يصمكا فييا إلى رأس مقنع ‪ ،‬فقكؿ المتنبي في مطمع قصيدتو التي مدح بيا عمي بف إبراىيـ‬

‫التنكخي‪:‬‬

‫ط ُة بالتّ ِ‬
‫نادي‬ ‫الم ُنو َ‬
‫لُيمَتَُنا َ‬ ‫ُحاد‬
‫داس في أ َ‬
‫س ٌ‬ ‫ُحاد ْأم ُ‬
‫أ ٌ‬

‫كاف منشأ حيرة الشراح في البيت السابؽ عدـ اليقيف بأف المتنبي قد قصد ليمة بعينيا أـ أنو جمع‬

‫ليالي الدىر كميا في ليمة كاحدة حتى يكـ القيامة‪ ،‬كلكف يبلحظ القارئ لؤلبيات السابقة تطمعا‬

‫كأمبلن بالزمف اآلتي حيث سيجد مثالو الذم يبحث عنو في خمؽ جديد خاصة أ ٌف الرقـ ستة يقترف‬

‫(‪)95‬‬
‫كبحث المتنبي عف المثاؿ الذم يحتذل بو لعمو كاف الباعث كراء ذكر أزمنة‬ ‫بأياـ الخمؽ‬

‫معينة مقترن ة بأعبلـ بعينيـ " مثؿ ذا القرنيف‪ ،‬مكسى‪ ،‬عيسى عمييـ السبلـ‪ )..‬كمف ذلؾ قكلو في‬

‫مدح محمد بف زيؽ الطرسكسي ‪:‬‬

‫وسا‬ ‫ممات ِ‬
‫لما أتَى الظُّ ِ‬ ‫كان ذو القَ ْرَن ِ‬
‫ش ُم َ‬
‫ص ْر َن ُ‬ ‫ّ‬ ‫أع َم َل ر َأي ُو‬
‫ين ْ‬ ‫ْلو َ‬

‫عيسى‬ ‫عرَك ٍة ْ‬
‫ألعيا َ‬ ‫يوِم َم َ‬
‫في ْ‬ ‫سيفُ ُو‬
‫عازَر َ‬
‫أس َ‬‫فرَ‬
‫صاد َ‬
‫كان َ‬
‫لو َ‬
‫(ٔٗ)‬
‫يسا‬ ‫ِِ ِ‬ ‫مان ِب ِظمِّ ِيأ‬ ‫يا َم ْن َنمُوُذ ِم َن ّ‬
‫الز ِ‬
‫باسمو ْإبم َ‬
‫بداً وَن ْط ُرُد ْ‬

‫إف تكظيؼ أسماء األعبلـ السابقيف في سياؽ المدح ليدؿ عمى أف المتنبي كاف كاف ظاىر قكلو‬

‫التمجيد بالممدكح‪ ،‬اإل أف عبقرية مثؿ المتنبي ال يرضييا ىذا الصنيع‪ ،‬بؿ إف استعراض المتنبي‬

‫لمثؿ أكلئؾ األعبلـ كاف كسيمة لتميي بالممدكح الذم قد ال يعي كؿ تمؾ األسماء كلكنو سيطرب‬

‫(ْٗ)‬
‫الديكاف‪ ،‬جُ‪ ،‬صِٖٗ‪.‬‬
‫(ٓٗ)انظر‪ :‬ابف جني أبك الفتح عثماف‪ ،‬الفتح الوىبي عمى مشكالت المتنبي‪ ،‬تحقيؽ‪ :‬د‪ .‬محسف غياض الناشر‪:‬‬
‫مطبعة الجميكرية ‪ -‬بغداد – ُّٕٗ‪ ،‬صَٓ‬
‫(ٔٗ)‬
‫الديكاف‪ ،‬جُ‪ ،‬صُِٔ‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫(ٕٗ)‬
‫كلعؿ ما يؤكد ذلؾ قكؿ‬ ‫في النياية لبديع قكؿ المتنبي ىذا إذا لـ يأخذ الممدكح الغفكة أك النكـ‬

‫المتنبي إلبف جني" أتظف أف عنايتي بيذا الشعر مصركفة إلى مف أمدحو بو ؟! ليس األمر‬

‫(‪)98‬‬
‫كذلؾ‪ ،‬لك كاف ليـ لكفاىـ منو البيت‪ .‬قمت‪ :‬فممف ىي ؟ قاؿ‪ :‬ىي لؾ كألشباىؾ‪".‬‬

‫يشكؿ المدخؿ النفسي مدخبل أساسيا مف مداخؿ النقد األدبي‪ ،‬ذلؾ أف الشاعر عند بنائو‬

‫لمقصيدة‪ ،‬يككف متأث ار بعاممي المكاف كالزماف‪ ،‬فيما بعداف ميماف في األدب‪ ،‬باعتبارىما أساس‬

‫التجربة اإلنسانية ‪ ،‬كال يمكف الفصؿ بينيما بؿ إنو ال يمكف تصكر أحداثان دكف كجكد مساحة‬

‫مكانية كقعت عمييا ىذه األحداث‪ ،‬كفي المقابؿ ال يمكف كجكد مكاف ال أحداث فيو‪ ،‬فكبل‬

‫التصكرييف محاؿ‪ ،‬كىما في العمؿ الفني يتداخبلف في عبلقات جكىرية "فالزماف يمثؿ الخط الذم‬

‫كقعت فيو األحداث‪ ،‬بينما يمثؿ المكاف اإلطار الحاكم لتمؾ األحداث مع مبلحظة أف الزماف‬

‫(ٗٗ)‬
‫يرتبط باإلدراؾ النفسي في حيف يرتبط المكاف باإلدراؾ الحسي"‪.‬‬

‫إال أف ىناؾ إجماعا بيف النقاد أف الشاعر يجب أف ال يككف معجبا بنفسو كال مثنيان عمى‬

‫(‪)600‬‬
‫كمف النقاد مف اعتبر أنانية المتنبي قد كصمت الذركة عندما‬ ‫شعره‪ ،‬كاف كاف جيدان في ذاتو‬

‫جعؿ الدىر مف ركاة شعره بؿ أنو كاف يمدح نفسو مع الممدكح ذاتو‪ ،‬كفي ىذا السياؽ نممح أف‬

‫المتنبي في كؿ ما قالو مف الشعر يمجد نفسو كيعدىا المثاؿ في الشجاعة كالحكمة بؿ أنو جعؿ‬

‫(َُُ)‬
‫كقكلو‪:‬‬ ‫نفسو األصؿ كالغير ىك الصدل في بعض يمدح نفسو مف خبلؿ الممدكح‬

‫(ٕٗ)‬
‫ممف غمبيـ النكـ في أثناء مديح المتنبي أبك بكر الطائي الدمشقي كالمتنبي يمدحو" انظر ديكاف المتنبي‬
‫طبعة عزاـ‪ ،‬صِٓ‬
‫(ٖٗ)أبك العبلء المعرم ‪ ،‬شرح ديوان أبي الطيب ‪ ،‬تحقيؽ عبد الحميد دياب ‪ ،‬دار المعارؼ ‪ ،‬القاىرة ‪،‬طُ ‪،‬‬
‫جُ ‪.86‬ص ‪ُٖٗٔ ،‬‬
‫(ٗٗ)القاسـ‪ ،‬سيزا‪ ،‬بناء الرواية ‪ ،‬اليية العامة لمكتب المصرية‪ ،‬القاىرة‪ ،ُّٖٗ ،‬صٕٔ‪.‬‬
‫(ََُ)ابف رشيؽ‪ ،‬العمدة‪ ،‬جُ‪ ،‬صَِٓ‬
‫(َُُ)مف ذلؾ قكؿ المتنبي‪ :‬إنا الصائح المحكي كاآلخر الصدل‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫عطيو وِا ِّني ِ‬
‫ناظ ُم‬ ‫فَِإ َّن َك م ِ‬ ‫الدِّر الَّذي لِ َي لَفظُ ُو‬
‫مد في ُ‬
‫الح ُ‬
‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ل َك َ‬
‫كفي األدب يتشكؿ نكعاف مف الزماف؛ الزمف الطبيعي‪ ،‬كالزمف النفسي‪ ،‬فالزمف الطبيعي‬

‫أك المكضكعي يتسـ بحركتو المتقدمة إلى األماـ باتجاه اآلتي‪ ،‬كال يعكد إلى الكراء أبدنا" ‪.‬كبالتالي‬

‫فيك زمف ال يمكف تحديده عف طريؽ الخبرة كيحدد بكاسطة التركيب المكضكعي لمعبلقة الزمنية‬

‫في الطبيعة(ٕٓٔ)‪.‬كالزمف النفسي‪ ،‬الذم ىك الزمف الخاص المتصؿ بكعي اإلنساف ككجدانو كخبرتو‬

‫كخبرتو الذاتية كيقاس بالحالة الشعكرية لمفرد كال يمكف أف يخضع لمقياس كالزمف الطبيعي‪،‬‬

‫(ٖٓٔ)‬
‫كبالتالي ف ف لكؿ منا زمانان خاصان يتكقؼ عمى حركتو كخبرتو الذاتية‬

‫كالزمف بحد ذاتو ليس غرضا شعريان كالغزؿ كالرثاء؛ بؿ ىك ظؿ يمكف الشاعر بو جميع‬

‫أغراضو الشعرية‪ ،‬لذا كاف التعبير عف الزمف يعكس التجربة الداخمية لممتنبي‪ ،‬أم الطريقة التي‬

‫(َُْ)‬
‫يدرؾ الشاعر بيا حسيا كشعكريا جرياف الكقت في كينكنتو‬

‫لقد كانت حياة المتنبي مميئة باألحزاف كاآلالـ كبكاعث القمؽ كاألخطار المحدقة بو‪ ،‬لذا‬

‫(َُٓ)‬
‫عمى أف‬ ‫كاف أللفاظ الدىر كالزمف كاألياـ كالميالي كالمكت حضك ار في مراحؿ شعره المختمفة‬

‫بعض النقاد رأل أف إحساس المتنبي بكطأة الزمف كثقمو كصراعو مع األياـ كالميالي كتعبيرات‬

‫جدت في شعره بعد لجكئو إلى كافكر كاشتعاؿ الصراع في نفسو‬


‫المكت كالحياة إنما ىي أشياء ٌ‬
‫(َُٔ)‬
‫إال‬ ‫بيف المثؿ العميا كضركرات الكاقع كخضكعو ركيدان ركيدا لميأس كالمذلة كالشعكر بالغربة‬

‫فرانكميف ‪.‬‬ ‫الزمن في األدب‪ ،‬ترجمة ‪:‬أسعد رزكؽ‪،‬القاىرة ‪:‬مؤسسة‬ ‫(َُِ)نظر‪ :‬ىانز ميرىكؼ‪،‬‬
‫لمطباعة‪،ُِٕٗ،‬صُُ‬
‫(َُّ)انظر‪:‬حساـ الديف‪ ،‬كريـ زكي‪ ،‬الزمان الدللي ‪:‬دراسة لغوية لمفيوم الزمن وألفاظو في الثقافة العربية‪،‬‬
‫القاىرة ‪:‬الييئة المصرية العامة لمكتاب‪،ََِٖ،‬صْٕ‬
‫(َُْ)انظر‪ :‬أدكنيس‪ ،‬زمن الشاعر‪ ،‬مجمة اآلداب‪ ،‬العدد الرابع‪ ،‬السنة الخامسة عشر‪ ،ُٕٗٔ ،‬صّ‪.‬‬
‫(َُٓ)انظر‪ :‬عكض‪،‬إبراىيـ‪ ،‬لغة المتنبي‪ ،‬مطبعة الشباب الحر‪ ،‬القاىرة‪ُٖٕٗ ،‬ـ‪ ،‬صُُِ‪.‬‬
‫(َُٔ)انظر‪ :‬الدسكقي‪ ،‬محمكد‪ ،‬مأساة المتنبي‪ ،‬مجمة الثقافة‪ ،‬أغسطس‪ ،ُٕٖٗ ،‬صَٓ‬

‫‪30‬‬
‫أف المتتبع لشعر المتنبي يجد أف ذلؾ الشعر يحمؿ في طياتو الشككل المتكررة مف الزمف قبؿ‬

‫لقاء كافكر ‪ ،‬ففي القصيدة التي مطمعيا‪:‬‬

‫رير َجال ِب َبا‬


‫الح ِ‬ ‫ألالِّب ُ ِ‬ ‫حات َغو ِ‬ ‫ِ‬ ‫بأبي ُّ‬
‫سات م َن َ‬ ‫ارَبا‬ ‫الجان ُ‬ ‫موس‬
‫الش ُ‬

‫قاليا المتنبي في مدح عمي بف منصكر الحاجب سنة ِّٕق‪ ،‬نجد المتنبي يعمف أف‬

‫صراعو مع الزمف دائـ ‪:‬‬

‫في َمخالِ َبا‬


‫بن ّ‬ ‫من َب ْع ِد ما أ ْن َ‬
‫ش َ‬ ‫ْ‬ ‫تخمُّصاً‬ ‫من ال ُخ ِ‬
‫طوب َ‬ ‫جاء َ‬
‫الر ُ‬
‫يف ّ‬
‫َك َ‬
‫(َُٕ)‬ ‫مستَس ِقياً مطَر ْت عمي م ِ‬
‫صائ َبا‬ ‫الد ْنيا َفمَ ّما ِج ْئتُ َيا‬
‫ني ّ‬
‫ّ َ‬ ‫ُ ْ ْ َ َ‬ ‫أ ْظ َمتْ َ‬
‫فاألبيات السابقة تبيف كيؼ أف المتنبي فعمت بو الدنيا كالتي لـ تكتؼ بؿ أظمأتو طكيبل‬

‫ثـ كانت المكافئة مف تمؾ الدنيا أف أمطرت عميو المصائب‪ .‬كمف ذلؾ كقكلو في كداع صديقو‬

‫أبك البيي‪:‬‬

‫(َُٖ)‬
‫حم ُد‬
‫يرى في الدىر شيئاً ُي َ‬
‫ل َ‬ ‫اق فإ ّنني َمن‬
‫ص بال ّذ ّم الفر َ‬
‫َمن َخ ّ‬

‫يظير مف خبلؿ البيت السابؽ أف المتنبي استخدـ لفظ (الدىر) كاستخدـ الفعؿ (يرل)‪،‬‬

‫كلعؿ في استخداـ المتنبي لمفظ الدىر داللة عمى أف الحياة كميا ال تأتي بخير ألف أصؿ كممة‬

‫(َُٗ)‬
‫الدىر مف دىر الشيء إذا أصابو بمكركه‪ ،‬كما أف لفظ الدىر في المغة يعني مدة بقاء الدنيا‬

‫فيك بيذا المعنى يعني الزمف السرمدم المستمر‪ ،‬كنظ ار ليذه االستم اررية لمفظ الدىر فقد استخدـ‬

‫المتنبي لفظ (يرل) كىذا المفظ فيو إشارات ميمة ‪:‬‬

‫(َُٕ)‬
‫الديكاف‪ ،‬جُ‪ ،‬صُِٓ‪.‬‬
‫(َُٖ)الديكاف ‪ ،‬جِ‪،‬صُّٓ‬
‫(َُٗ) انظر‪ :‬ابف فارس‪ ،‬ابف فارس أحمد‪ ،‬معجم مقاييس المغة‪ ،‬تحقيؽ‪ :‬عبد السبلـ ىاركف‪ ،‬دار الجيؿ‪،‬‬
‫بيركت‪ ،‬طُ‪ ،ُُٗٗ ،‬ج‪ ،2‬ص ‪.305‬‬

‫‪31‬‬
‫أكال‪ :‬أف لفظ المضارع دؿ عمى االستم اررية‪ ،‬كألف الدىر مفيكما مستم ار فقد ناسب استخداـ‬

‫المضارع لمداللة عمى ىذه االستم اررية‪ ،‬فيذه االستم اررية كالتي تعكس استمرار انكسار صكرة‬

‫الدىر في حياة الشاعر ‪ ،‬كما انيا مف جانب آخر تعني استمرار المصائب كاآللـ كاألحزاف في‬

‫حياتو‪ ،‬ككأف المتنبي يريد أف يقكؿ "إف ىذا الدىر ال يأتي إال بالمصائب‪ ،‬فالمتنبي يطمب أمر‬

‫كتحكؿ الميالي بينو كبيف ما يطمب‪ ،‬لذا فقد كجو الذـ لمدىر ليس لسبب كاحد ىك الفراؽ ‪ ،‬بؿ إنو‬

‫(َُُ)‬
‫بؿ إف مف النقاد مف‬ ‫ال يرل في الدىر شيئا محمكدا فالدىر مذمكـ عنده في جميع األحكاؿ"‬

‫رأل أف صراع المتنبي مع الدىر في الفترة التي سبقت لقاؤه بسيؼ الدكلة كاف ليا أثر كاضح‬

‫عمى المتنبي حتى كىك في أحسف حاؿ‪ ،‬فالخكؼ مف تقمبات الزماف كاف حاض ار في ذىف المتنبي‬

‫كلـ يكف ليفارقو(ُُُ)‪ ،‬كلعؿ مرجع ىذا إلى أف المتنبي فقد أباه كأمو في سف مبكرة‪ ،‬كبعد ذلؾ فقد‬

‫جدتو التي قامت عمى تربيتو‪ ،‬إف ىذا الفقد الدائـ لؤلحبة جعؿ المتنبي ينظر إلى الدىر بقمؽ كال‬

‫(ُُِ)‬
‫كيجد المتنبي نفسو‬ ‫يأمف شره‪ ،‬خاصة بعد أف فقد جدتو التي ربتو صغي ار بعد مكت كالديو‬

‫عاج از عف تغيير القدر ‪ ،‬فيرثي المتنبي جدتو بأبيات ذكر فييا الزمف كبعض ألفاظو كمنيا‪:‬‬

‫(ُُّ)‬
‫مما‬ ‫ُّ ِ‬
‫شيا َجيالً ول كفيا ح َ‬
‫فَما َبط ُ‬ ‫األحداث َمدحاً ول َذ ّما‬
‫َ‬ ‫أل ل أُري‬

‫فمَ َما َد َىتْني لم تَ ِزْدني بيا ِع ْم َما‬ ‫ص َن َع ْت بنا‬


‫بل ما َ‬
‫ْت المّيالي قَ َ‬
‫عرف ُ‬
‫َ‬

‫أعمى‬ ‫ِ ِ‬ ‫لض ِ‬
‫الد ْنيا عمي ِ‬
‫انس ّد ِت ّ‬
‫ط ْرفاً ل أراك بو َ‬
‫ولكن َ‬
‫َّ‬ ‫يق َيا‬ ‫ّ‬ ‫وما َ‬

‫لَقَ ْد َولَ َد ْت مني أل ْن ِف ِيِم َر ْغ َما‬ ‫بي ْو ِم َيا‬ ‫ام ِت َ‬


‫ين َ‬
‫شِ‬ ‫لَ ِئ ْن لَ ّذ َي ْوُم ال ّ‬

‫البطَ َل القَ ْرَما‬


‫السي َد َ‬
‫ت ّ‬ ‫سُ‬
‫لّ فمَ ْ‬ ‫قاء تَ ِح ّيتيوا‬
‫وجاعمُ ُو يوم المّ ِ‬
‫َْ َ‬
‫ِ‬

‫(َُُ)العكبرم‪ ،‬شرح ديوان المتنبي‪ ،‬جِ‪ ،‬صُّٓ‬


‫(ُُُ)انظر‪ :‬عكض‪ ،‬إبراىيـ‪ ،‬لغة المتنبي‪ ،‬د‪.‬ف‪ُٖٕٗ ،‬صُِِ‪.‬‬
‫(ُُِ)انظر‪ :‬ضيؼ‪ ،‬شكقي ‪ ،‬فصول في الشعر ونقده‪ ،‬دار كمكتبة المعارؼ‪ ، ََِٖ ،‬صُْ‪.‬‬
‫(ُُّ)الديكاف‪ ،‬جُ‪ ،‬صِٓٓ‬

‫‪32‬‬
‫ويا َن ِ‬
‫فس زيدي في كرائ ِييا قُ ْد َما‬ ‫كذا أ َنا يا ُد ْنيا إذا ِش ْئ ِت فاذ َ‬
‫ْىبي‬

‫يج ٌة تقب ُل الظُّ ْم َما‬ ‫ول ِ‬ ‫ساع ٌة ل تُِع ّزني‬


‫صح َبتْني ُم َ‬
‫َ‬ ‫فال َع َب َر ْت بي َ‬

‫فألفاظ الزمف الكاردة في ىذه األبيات ىي(الميالي‪ ،‬يكـ‪ ،‬الدنيا‪ ،‬ساعة) أما األفعاؿ فتمثمت‬

‫(عرؼ‪ ،‬انسدت‪ ،‬لذة‪ ،‬عبرت) فمف خبلؿ النظر إلى األلفاظ المتعمقة بالزمف نجد أف تمؾ األلفاظ‬

‫تدؿ عمى مدة محددة كمف ثـ تنتيي تمؾ المدة؛ فالميؿ مثبل يدؿ عمى فترة محددة مف حيث الزمف‬

‫ثـ ينتيي بطمكع الفجر‪ ،‬ككذا اليكـ فيك يشير إلى فترة زمنية محددة‪،‬ك لعؿ ىذا ما يفسر لنا سبب‬

‫استخداـ صيغ الماضي ‪ ،‬حيث أف صيغة الماضي تدؿ عمى االنتياء‪ .‬إال أننا نمحظ المتنبي‬

‫استخدـ صيغة النداء بقكلو" كذا أنا يا دنيا" ككأف المتنبي "أصبح في مكاف كالدنيا في مكاف مقابؿ‬

‫فبل ىي تأتي حيث يشتيي المتنبي كال ىك قادر عمى مجاراة تمؾ الدنيا بما فييا مف نفاؽ‬

‫(ُُْ)‬
‫كمحاباة‪ ،‬لذا استخدـ أسمكب النداء ليؤكد أنو ثابت عمى مكقفو كلف يتغير أك يتبدؿ"‬

‫فاألبيات السابقة تعكس عجز المتنبي عف مكاجية الزمف كالذم أنيى حياة جدتو‪ ،‬فيعمف‬

‫أنو ال يحمد الحكادث السارة كال يذـ الضارة ف نيا‪ -‬أم الحكادث‪ -‬إذا بطشت لـ يكف ذلؾ جيبل‬

‫منيا كاذا كفت عف الضرر لـ يكف ذلؾ حمما يعني أف الفعؿ في جميع ذلؾ هلل ال ليا كانما تنسب‬

‫األفعاؿ إلييا استعارة كمجا از ‪ ،‬إال أف المتنبي ليس بالذم يستسمـ أك يعجز عف المكاجية إنو‬

‫دائما يرل نفسو أعمى مف أف يستسمـ لممصائب أك نكبات الدىر‪ ،‬فيعمف أنو كاف عالما بالميالي‬

‫كتفريقيا بيف األحبة قبؿ أف يفارؽ مف يحب فمما أصابتو تمؾ المصبية لـ تزده معرفة بالدىر‬

‫كتقمباتو بؿ جاءت مؤكدة لما كاف يعرفو عف تقمبات الدىر كأنو ال يأتي اإل بالمصائب كىذا‬

‫المعنى يفيـ مف قكلو رثاء جدتو‪:‬‬

‫(ُُْ) اليازجي‪ ،‬ناصيؼ اليازجي‪ ،‬العرف الطيب‪ :‬شرح ديوان ابي الطيب المتنبي‪‌ ،‬شركة دار األرقـ بف أبي‬
‫األرقـ‪،‬بيركت‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬صُٗٗ‬

‫‪33‬‬
‫(ُُٓ)‬
‫فمَ َما َد َىتْني لم تَ ِزْدني بيا ِع ْم َما‬ ‫ص َن َع ْت بنا‬
‫بل ما َ‬
‫ْت المّيالي قَ َ‬
‫عرف ُ‬
‫َ‬

‫لقد أكضح المتنبي سبب حربو عمى ىذه الدنيا‪ ،‬كلماذا يكرىيا كيدعك الناس إلى ىجرىا‬

‫مستسقيا لـ‬
‫ن‬ ‫ككرىيا‪ ،‬كىك يخبرنا بذلؾ عف تجربة كيقيف‪ ،‬فقد أظمأتو الدنيا‪ ،‬كعندما أقبؿ عمييا‬

‫تمطر عميو إال المصائب‪ ،‬يقكؿ في مدح عمي بف منصكر الحاجب‪:‬‬

‫(‪)116‬‬ ‫مستَس ِقياً مطَر ْت عمي م ِ‬


‫صائ َبا‬ ‫الد ْنيا َفمَ ّما ِج ْئتُيا‬
‫ني ّ‬
‫ّ َ‬ ‫ُ ْ ْ َ َ‬ ‫أ ْظ َمتْ َ‬

‫يظير أف لفظ الزمف الذم استخدمو المتنبي كاف لفظ (الدنيا) إال انو استخدمو في سياؽ‬

‫الجممة الفعمية (أظمئتني الدنيا) كىذه الصيغة خيبة آمؿ المتنبي مف الدنيا‪ ،‬فالمعنى أنو حظي‬

‫عميو المصائب (ُُٕ)‪.‬‬


‫مف الدنيا بالحرماف‪ ،‬فمما التمس عطاءىا أفرغت ن‬

‫كالمتتبع لتطكر مفيكـ الزمف عند المتنبي يجد أف كتيرة القمؽ مف الزمف كالحذر منو‬

‫كانت حاضرة في شعر المتنبي دائما‪ ،‬كىذا ما دعا بعض النقاد إلى القكؿ بأف المتنبي أكثر مف‬

‫ذكر الزمف كتعمؽ بحبالو عبر مرايا المكت كالحياة كالخمكد‪ ،‬كمف خبلؿ ىذه الثبلثة أنت المتنبي‬

‫مشركعا متكامبل لمكجكد كالعدـ ‪ ،‬كما أنو استطاع أف يصكر العبلقة بيف اإلنساف كالزمف برؤية‬

‫قكاميا أنو إذا كاف الدىر يفني اإلنساف ف ف اإلنساف مطالب بالبحث عف حيثيات الخمكد‪ ،‬بمعنى‬

‫أف اإلنساف إذا كاف عاج از عف الخمكد‪ ،‬ف ف ب مكانة أف يناؿ ىذا الخمكد مف خبلؿ األعماؿ التي‬

‫(ُُٖ)‬
‫كىذا االتجاه مف المتنبي في التعامؿ‬ ‫يقدميا كيبقى أثرىا في الناس حتى بعد مكت صاحبيا‬

‫مع الزمف جعؿ العديد مف النقاد يؤكدكف عمى أف شخصية المتنبي الحقيقية تظير مف خبلؿ‬

‫(ُُٓ)البرقكقي‪ ،‬شرح ديوان المتنبي‪ ،‬جِ‪،‬صُٗٔ‬


‫(ُُٔ)المتنبي‪ ،‬الديوان‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪124‬‬
‫(ُُٕ)البرقكقي عبد الرحمف ‪ ،‬شرح ديوان المتنبي‪ ،‬جِ‪ ،‬صُٕٕ‪.‬‬
‫(ُُٖ) انظر‪:‬سندس‪ ،‬سمطة الزمن في شعر المتنبي‪ ،‬صٕٖ‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫(ُُٗ)‬
‫عد أف سر نقمة‬
‫كمف النقاد مف ٌ‬ ‫جانبيف األكؿ؛ الغزؿ كالثاني القمؽ كالحيرة مكانا كزمانا‬

‫المتنبي عمى الدىر كاحساسو بالقمؽ الشديد منو أنو‪-‬أم المتنبي‪ -‬كلد طمكحا ميككسا بالمجد‬

‫كظؿ بعد خركجو مف السجف حتى الرابعة كالثبلثيف مف عمره فقير الحاؿ يجكب األقطار معرضا‬

‫نفسو لؤلخطار كاألىكاؿ ‪ ،‬فمـ ينؿ مف الدنيا مرامو‪ .‬كفي ىذا الطكر يكثر في شعره ذكػر‬

‫(َُِ)‬
‫كىذا ما‬ ‫المجالدة‪ ،‬كيقرف ذلؾ بذـ الزماف كأىمو كالسخط عمى أكلي األمر مف رؤساء كأمراء‬

‫يفسر البعد النفسي لممعاناة التي عاشيا المتنبي‪ ،‬فمف ذلؾ قكلو في كصؼ مصيره في البكادم‪:‬‬

‫(ُُِ)‬
‫الب ِعير‬ ‫ِ‬ ‫َر ْحميو ِ‬
‫آوَن ًة َعمى قَتَد َ‬ ‫الب ْد ِو‬ ‫ِ‬
‫أواناً في ُب ُيوت َ‬

‫َو ْحدا كأ ّني ِم ْن ُو في قَ َم ٍر ُم ِني‬ ‫ظ ِ‬


‫الم المّ ِ‬
‫يل‬ ‫وأسري في َ‬

‫الد ِ‬
‫ىور‬ ‫ش ّر ّ‬ ‫شٍّر ِم َ‬
‫نك يا َ‬ ‫عن ب َ‬ ‫يت‬
‫وز َ‬ ‫وِقمّ ِة ِ‬
‫ناص ٍر ُج ِ‬

‫يظير مف األبيات السابقة شدة الم اررة التي صحبت المتنبي كؿ أياـ حياتو ككاف منشأىا ما‬

‫حكليا إلى‬
‫تكابده نفسو مف المشاؽ فكاف شعره الكجداني الحقيقي مظي ار لما في نفسو مف كبرياء ٌ‬
‫(ُِِ)‬
‫كيبلحظ أف المتنبي استخدـ الفعؿ (أسرم) كىك مف األلفاظ الدالة عمى الزماف‪،‬‬ ‫نقمة كسكء ظف‬

‫بصيغة المضارع‪ ،‬ككأف المقصكد أف الشاعر دائـ الجد كالنشاط في السعي لتحقيؽ آمالو كطمكحاتو‪.‬‬

‫كيككف الشاعر صكرة فمسفية لمكجكد كصراع اإلنساف معو‪ ،‬إلى مشيد آخر يصكر فعؿ الزمف‬
‫ٌ‬

‫بالمتنبي فيقكؿ عند مدح أبي المنتصر شجاع األزدم‪:‬‬

‫ق‬ ‫الب ِ‬
‫ين فييا َي ْن َع ُ‬ ‫اب َ‬
‫َأبداً ُغر ُ‬ ‫از ٍل‬ ‫َأبني أ ِبي َنا َن ْح ُن ْ‬
‫أى ُل َم َن ِ‬

‫الد ْنيا َفمَ ْم َيتَفَّرقُوا‬


‫َج َم َعتْ ُي ُم ّ‬ ‫الد ْنيا َو َما ِم ْن َم ْع َ‬
‫ش ٍر‬ ‫َن ْبكي عمى ّ‬

‫(ُُٗ)انظر" الظاىر‪ ،‬عدناف‪ ،‬دموع المتنبي دراسة في غزلو‪ ،‬مجمة المثقؼ‪ ،‬العدد‪ ،َُِٖ ،َْْْ ،‬صّ‬
‫(َُِ)انظر‪ :‬نكر الديف‪،‬حسف‪ ،‬أمراء الشعر العربي في العصر العباسي‪ ،‬دار المبلييف‪ ،‬بيركت(د‪.‬ت)ص ّّٓ‬
‫(ُُِ)انظر‪ :‬الكاحدم‪ ،‬شرح ديوان المتنبي‪ ،‬صَُٔ‬
‫(ُِِ)انظر‪ :‬نكر الديف‪،‬حسف‪ ،‬أمراء الشعر العربي في العصر العباسي ‪ ،‬صّٓٓ‬

‫‪35‬‬
‫ق‬ ‫ستَِع ُّز ِب َما لَ َد ْي ِو ْ‬
‫األح َم ُ‬ ‫الم ْ‬
‫َو ُ‬ ‫س‬ ‫ِ‬
‫وس َنفائ ٌ‬
‫النفُ ُ‬
‫ت ٍ‬
‫آت َو ُّ‬ ‫الم ْو ُ‬
‫فَ َ‬
‫(ُِّ)‬
‫ق‬
‫بيب ُة أ ْن َز ُ‬
‫ش َ‬ ‫ب ْأوقَُر َوال ّ‬
‫ش ْي ُ‬
‫َوال ّ‬ ‫ش ِي ّي ٌة‬
‫الح َياةُ َ‬
‫يأم ُل َو َ‬
‫الم ْرُء ُ‬
‫َو َ‬

‫يظير مما سبؽ أف النشأة التي نشأ بيا المتنبي قد أثرت عمى رؤيتو لمزمف فكاف ينظر إلى‬

‫الزمف نظرة فييا تكجس فرغـ كؿ الذيف مدحيـ لـ ينؿ منيـ شيئا فتحكؿ صراعيـ معو إلى تحدل‬

‫كصراع‪.‬‬

‫(ُِّ)‬
‫الديكاف‪ ،‬جّ‪ ،‬صٕٓ‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫المبحث الثاني‬

‫ألفاظ الزمن في شعر المتنبي في الفترة من (‪. )ٖٗٙ-ٖٖٙ‬‬

‫تشير المصادر التاريخية المتنكعة إلى أف الذم أكصؿ المتنبي إلى سيؼ الدكلة ىك أبك‬

‫العشائر‪ ،‬ككاف أكؿ اتصاؿ لممتنبي بسيؼ الدكلة بأنطاكية سنة ّّٕق‪ ،‬حيث اشترط المتنبي‬

‫عمى سيؼ الدكلة أف ينشده الشعر كىك جالس فكافؽ سيؼ الدكلة عمى ىذا الشرط(ُِْ)‪.‬‬

‫كيبدك أف األمؿ كالطمكح بدأ يممع أماـ المتنبي بعد لقائو بسيؼ الدكلة‪ ،‬فقد كاف قبؿ‬

‫كالخمكؿ‪ ،‬ككاف يتصؿ‬ ‫سيؼ الدكلة "عند خركجو مف السجف يعاني مف التشرد كالضياع‪،‬‬

‫بالكجياء كأصحاب المكانة يمدحيـ فبل يجيزكنو عمى الشعر‪ ،‬إال أىكف الجزاء"(ُِٓ)‪.‬‬

‫يمثؿ سيؼ الدكلة كأحدان مف ابرز المحطات كأىميا في حياة المتنبي‪ ،‬ألف شعر المتنبي‬

‫انتقؿ نقمة نكعية مف مرحمة كاف اليأس كالقمؽ ىك الغالب عمى شعره إلى مرحمة لمع فييا برؽ‬

‫تحقيؽ األماني التي كاف يحمـ بيا المتنبي‪ ،‬كفي ىذا الصدد برل بعض النقاد أف ىناؾ فرقا‬

‫كبير بيف شعره األكؿ كشعره الذم قالو في حضرة سيؼ الدكلة‪ ،‬كعند البحث عف ىذه النقمة‬
‫ان‬

‫ككأف عاطفة‬
‫ٌ‬ ‫النكعية كجد النقاد أف سر شعره في ىذه المرحمة يعكد لمحب الذم بدأ يغامر قمبو‪،‬‬

‫الحب التي شعر بيا ىي التي صنعت ىذا الشاعر ككانت المادة" النسكية" ىي الباعث عمى تمؾ‬

‫(ُِٔ)‬
‫العبقرية كالنبكغ‬

‫كتتميز ىذه الفترة بعكدة األمؿ مرة أخرل لممتنبي الذم ظف أف شيئان مف أحبلمو سكؼ‬

‫يتحقؽ بعد لقائو بسيؼ الدكلة‪ ،‬يقكؿ المتنبي محفؿ مف العرب كالعجـ‪:‬‬

‫(ُِْ) انظر‪ :‬الحمكم‪ ،‬تقي الديف أبك بكر بف عمي ‪،‬خزانة األدب وغاية األرب‪،‬تحقيؽ عصاـ شقيك‪ ،‬دار كمكتبة‬
‫اليبلؿ‪ ،‬بيركت‪ ،،ََِْ،‬جِ‪ ،‬صَّٓ‬
‫(ُِٓ) انظر‪ :‬البديعي‪ ،‬الصبح المنبي‪ ،‬صٖٔ‪.‬‬
‫(ُِٔ) انظر‪ :‬مكي‪ ،‬محمكد‪ ،‬القدر والدىر في شعر المتنبي‪،‬مجمة اليبلؿ ‪ ،‬مارس ‪ ،ُٕٗٗ ،‬صٖٔ‬

‫‪37‬‬
‫ص َم ُـم‬
‫ـت كمماتـي َم ْـن بـو َ‬
‫أس َم َع ْ‬
‫و ْ‬ ‫أنا الـذي نظـََر األعمى إلى أدبــي‬

‫(ُِٕ)‬ ‫الخمـق جراىـا وي ْخ ِ‬


‫ـتص ُـم‬ ‫ويسيـر‬ ‫ارِدىـا‬
‫مـلء جفونـي َع ْـن شو ِ‬ ‫َنـام‬
‫ُ َّ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫أ ُ‬

‫كالمعنى أنا الذم ينظر إلى أدبي األعمى أفبل تنظر إليو كأنت في حكـ البصير؟‬

‫كأسمعت كمماتي األصـ كأنت سميع أفبل تفيـ ما أقكؿ(ُِٖ)‪.‬‬

‫فألفاظ الزمف في ىذه المرحمة نمحظ فييا شيء مف األمؿ كالرغبة في تحقيؽ الطمكح ‪،‬‬

‫فنجد مثبل في القصيدة التي قاليا في أنطاكية في سنة ّّٕق في مدح سيؼ الدكلة أبي الحسف‬

‫عمي بف عبد اهلل بف حمداف التغمبي‪ ،‬قاؿ المتنبي‪:‬‬

‫دات قَو ِائ ُم ْو‬


‫ير ع ْزٍم مؤي ٍ‬
‫ظ ِ َ ُ َ‬ ‫عمى َ‬ ‫الد ِ‬
‫ىر حتى لقيتُ ُو‬ ‫روف ّ‬
‫ص َ‬‫كت ُ‬
‫سمَ ُ‬

‫فالمتنبي في البيت السابؽ يصؼ نفسو أنو عانى مف صركؼ الدىر كتقمباتو حتى لقي‬

‫سيؼ الدكلة فتغيرت األمكر كخفت كطأت الدىر عنو(ُِٗ)‪.‬‬

‫ثـ نق أر البيت االتي في مدح سبؼ الدكلة‪:‬‬

‫ام‬
‫األي ُ‬
‫ـك وخا َنتْ ُو قُ ْرَب َك ّ‬
‫َ‬ ‫مان لو فيـ‬
‫الز ُ‬
‫ق ّ‬
‫ضاي َ‬
‫َن ْح ُن َمن َ‬

‫ثـ نجد األمؿ يظير أيضا في البيت السابؽ فالمتنبي يرل أنو كاف في ضيؽ مف الزماف كأىمو‬

‫ألف الزماف بخيؿ بأف يمف عمى المتنبي برجؿ كسيؼ الدكلة في السابؽ(َُّ)‪ .‬كيبقى األمؿ‬

‫مسيط ار عمى المتنبي ما داـ في حمى سيؼ الدكلة‪ ،‬فنجد قكلو ايضا‪:‬‬

‫فن ال ُخمو ُل‬ ‫نشر َّ‬


‫كل َمن َد َ‬ ‫وتُ ُ‬ ‫أتَ ْخ ِف ُر ُك َّل َم ْن َرَم ِت المّيالي‬

‫(ُِٕ) البرقكقي‪ ،‬شرح ديوان المتنبي‪ ،‬جِ‪،‬صُْ‪.‬‬


‫(ُِٖ)المعرم‪ ،‬أبك العبلء أحمد بف عبد اهلل‪ ،‬الالمع العزيزي شرح ديوان المتنبي‪،‬صُُُٔ‬
‫(ُِٗ) البرقكقي‪ ،‬شرح ديوان المتنبي‪ ،‬جِ‪،‬صْْ‪.‬‬
‫(َُّ)المعرم‪ ،‬أبك العبلء أحمد بف عبد اهلل‪ ،‬الالمع العزيزي شرح ديوان المتنبي‪،‬صُِٓٔ‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫فالمتنبي يرل أف سيؼ الدكلة يجير كؿ مف رمتو الميالي بصركفيا‪ ،‬كقصدتو بخطكبيا‪ ،‬كيرفع‬

‫مف شاف كؿ مف سقط ذكره‪ ،‬كدفنو خمكلو(ُُّ)‪.‬‬

‫كيظير مف مدح المتنبي لسيؼ الدكلة دعكتو ليككف عكنا لو عمى الدىر‪ .‬قاؿ المتنبي‪:‬‬

‫ِ ِ (ُِّ)‬ ‫عسِ‬
‫ام ُعيا إلى أَ ْكفَائو‬ ‫لم ُي ْد َ َ‬ ‫لمنو ِائ ِب َد ْعوةً‬
‫إ َّني َد َع ْوتُ َك َّ‬

‫ام ِو َو َو َرِائ ِو‬


‫صالً وأَم ِ‬
‫َ‬
‫تو‪ ،‬متَص ْم ِ‬
‫ِ‬
‫َوتَ ْح ُ َ‬ ‫مان‬ ‫ت ِم ْن فَ ْو ِ‬
‫ق َّ‬
‫الز ِ‬ ‫فأَتَ ْي َ‬

‫يظير استنجاد المتنبي بمف يعينو عمى الدىر فيقكؿ مخاطبا لسيؼ الدكلة إني دعكتؾ‬

‫لمنكائب كصركفيا‪ ،‬كلمحكادث كخطكبيا‪ ،‬دعكة لـ أدع سامعيا إلى كفؤة‪ ،‬كال استصرخت المخاطب‬

‫بيا عمى مثمو‪ ،‬كانما دعكت منؾ‪ ،‬يريد‪ :‬سيؼ الدكلة‪ ،‬الكبير لمصغير‪ ،‬كالجميؿ لميسير‪ ،‬فما كاف‬

‫مف سيؼ الدكلة إال أف أتي مف فكؽ الزماف كتحتو‪ ،‬كمف أمامو ككرائو‪ ،‬مشي ار إلى قدرة سيؼ‬

‫(ُّّ)‬
‫الدكلة إلى اإلحاطة بالزمف‪ ،‬كقسره لو‪ ،‬كاقتداره عميو‬

‫ثـ يستمر األمؿ كالطمكح في شعر المتنبي فيرل أف الدىر ذاتو مف قصائد المتنبي‪:‬‬

‫(ُّْ)‬ ‫الدىر م ِ‬
‫نش َدا‬ ‫إذا ُق ُ ِ‬ ‫اة قَ ِ‬
‫الد ْىر إلّ ِم ْن رو ِ‬
‫أص َب َح ّ ُ ُ‬
‫مت شع ارً ْ‬ ‫صائدي‬ ‫ُ‬ ‫َو َما ّ ُ‬

‫فقد بمغ بو الشمكخ كاألمؿ أنو أصبح ينظر إلى غيره مف الشعراء عمى أنيـ أصداء لقكلو‪،‬‬

‫فيك األصؿ كىـ الصدل‪.‬‬

‫كلكف األمكر تبدأ بالتغير بعد كفاة ( خكلة) أخت سيؼ الدكلة أم بعد ذلؾ بسنكات ‪،‬‬

‫ككاف أبك الطيب يكمئذ بالككفة ‪ ،‬ككرد عميو خبرىا ‪ ،‬فكتب إلى سيؼ الدكلة قصيدة فييا ذكر‬

‫(ُُّ) العكبرم‪ ،‬شرح ديوان المتنبي‪ ،‬صٖ‪.‬‬


‫(ُِّ)البرقكقكم‪ ،‬شرح الديوان‪ ،‬ج‪ ،2‬صّٗ‪.‬‬
‫المتَنبي ‪ -‬السفر األول ‪ ،‬دراسة كتحقيؽ‪:‬الدكتكر‬ ‫ِ‬
‫ش ْرح ش ْعر ُ‬
‫(ُّّ)الزىرم‪ ،‬إبراىيـ بف محمد بف زكريا ‪َ ،‬‬
‫صطفى عميَّاف مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيركت – لبناف‪ ،ُِٗٗ ،‬جِ‪ ،‬صُِٖ‬ ‫يم ٍ‬
‫(ُّْ)انظر‪ :‬الكاحدم‪ ،‬أبك الحسف عمي بف أحمد بف محمد ‪ ،‬شرح ديوان المتنبي‪،‬دار الرائد العربي‪1999 ،‬‬
‫صُِِ‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫الدنيا كنكدىا فجاءت ألفاظ الزمف كميا تعبر عف السخط عمى الذم يعانيو المتنبي(ُّٓ)‪ ،‬كمف ذلؾ‬

‫قكلو‪:‬‬

‫(ُّٔ)‬
‫تيان في َحمَ ِب‬
‫الف ِ‬‫يف لَي ُل فتى ِ‬
‫ف َك َ‬ ‫يل المّْي ِل ُمذ ُن ِع َي ْت‬ ‫اق ِ‬
‫طو َ‬ ‫العر َ‬
‫َأرى َ‬

‫ين لم تَِغ ِب‬


‫س ِ‬‫ش ْم َ‬
‫يت ِ‬
‫غائ َب َة ال ّ‬ ‫َولَ َ‬ ‫س َغ ِائ َب ٌة‬ ‫ت طالِ َع َة ال ّ‬
‫ش ْم َ‬ ‫َفمَ ْي َ‬

‫الو ْرِد َوالقَ َر ِب‬


‫ين ِ‬‫ْت َب َ‬
‫الوق ُ‬
‫كأ ّن ُو َ‬ ‫كان َب ْي َن ُي َما‬
‫أقصر َوقتاً َ‬
‫َ‬ ‫كان‬
‫َما َ‬

‫الن ْب َع بال َغ َر ِب‬


‫س ْر َن َّ‬
‫بن َك َ‬
‫ض َر َ‬
‫إذا َ‬ ‫إن ْأي ِد َي َيا‬
‫فَال تََن ْم َك المّيالي‪ّ ،‬‬

‫كمف الباحثيف مف اعتبر أف العشؽ كالغراـ كالحب لـ يكف ىك الباعث عمى إبداع المتنبي‬

‫كعبقريتو‪ ،‬كأف المتنبي لـ يعرؼ عنو أنو كاف مصابا بسياـ (كيكبيذ) كانو كاف مف المعاميد‬

‫المتيافتيف عمى محراب (فينكس) آلية الحب كالجماؿ‪ ،‬بؿ أف عبقريتو الفذة كابداعو الشعرم كاف‬

‫قبؿ أف يقع في الغراـ ‪ ،‬كلك كاف األمر ما خفى عمى الجيابذة مف النقاد كالشراح الذيف عاصركا‬

‫المتنبي أك جاءكا بعده كىك مشغكؿ عنيا بالمجد‪ .‬كانتبو الثعالبي إلى حقيقة ميمة كىي أف‬

‫المتنبي كاف يستعمؿ ألفاظ الغزؿ – كىي مف لكازـ المرأة – في مجاؿ ىدفو المجدم في قصائد‬

‫(ُّٕ)‬
‫الحرب كالمدح‬

‫عد أف فكرة الزمف في شعر المتنبي كانت تتطكر باستمرار تبعا‬


‫اإل أف بعض النقاد مف ٌ‬

‫لمراحؿ حياتو المختمفة‪ ،‬فحديث المتنبي عف الدىر قبؿ اتصالو بسيؼ الدكلة لـ يكف يعني القدر‬

‫بؿ كاف يعني بو المجتمع كأىؿ الزماف الذم عاصرىـ‪ ،‬كذمو لمدىر كاف بطريقة المجاز حيث‬

‫(ُّٓ)انظر‪ :‬شاكر‪ ،‬محمد محمكد‪ ،‬المتنبي رسالة في الطريق إلى ثقافتنا‪ ،‬المؤسسة السعكدية مطبعة المدني‪،‬‬
‫القاىرة ‪،‬مصر‪ُٖٕٗ،‬ـ‪،‬ص‪.337‬‬
‫(ُّٔ)انظر‪ :‬الكاحدم‪ ،‬أبك الحسف عمي بف أحمد بف محمد ‪ ،‬شرح ديوان المتنبي‪،‬دار الرائد العربي‪1999 ،‬‬
‫صّٖٓ‬
‫(ُّٕ)انظر‪ :‬جكف‪ ،‬محمد تقي‪ ،‬ىل أحب المتنبي خولة‪ .‬أم راعى العرف العربي ‪ ، ،‬صحيفة المثقؼ‪،‬‬
‫العددُِِٓ ‪ ،‬األربعاء ‪.ََِٗ/ُُ/ُُ-‬‬

‫‪40‬‬
‫ذكر لفظ الدىر كأراد بو الشخكص كليس ذات الدىر‪ ،‬أما بعد اتصاؿ المتنبي بسيؼ الدكلة‬

‫فيبلحظ أف المتنبي بدأ يشعر بالرضا كالطمأنينة كزالت رنة األسى مف قصائده ألنو كاف يرل في‬

‫سيؼ الدكلة تحقيقا لما كاف يطمح إليو(ُّٖ)‪ .‬كاستدؿ النقاد عمى الرأم السابؽ بأف قضية حب‬

‫أبي الطيب (خكلو) أخت سيؼ الدكلة ظيرت في ثنايا رثائو األخت الصغرل لسيؼ الدكلة ككانت‬

‫خبلصة ذلؾ الرثاء تشير بكضكح إلى تعمؽ أبي الطيب بخكلة األخت الكبرل‪ ،‬حتى إذا ماتت‬

‫خكلو بعد أختيا بسنكات ثماف جاء رثاؤه ليا كىك بالككفة كاشفا كؿ مخبكء كفاضحا كؿ‬

‫مستتر(ُّٗ)‪.‬‬

‫إال أف المكائد التي تعرض ليا المتنبي في ىذه المرحمة جعمتو عمى يقيف بأنو لف يصؿ‬

‫إلى ما يصبك إليو‪ ،‬كلكف المبلحظ عمى ىذه الفترة أف المتنبي ظؿ يمدح نفسو كيعتز بيا كيعمي‬

‫مف شأنيا‪ ،‬بؿ إف في افتخار المتنبي بشعره في ىذه الفترة فيو كشاية بعيدة بسيؼ الدكلة‪ ،‬فيبدأ‬

‫المتنبي بعد ذلؾ الشككل مف الزمف أما قكلو ‪:‬‬

‫طِ‬‫ارُدني عن َك ْوِن ِو وأُ َ‬


‫طِ‬ ‫ٍ‬
‫بشيء والميالي َكأ ََّنيا‬
‫(َُْ)‬
‫ارُد‬ ‫تُ َ‬ ‫َى ٌّمُ‬
‫أُ‬

‫إِذا عظُم المطموب َق َّل الم ِ‬


‫ساع ُد‬ ‫مد ٍة‬
‫حيد ِم َن ال ُخ ّال ِن في ُك ِّل َب َ‬
‫َو ٌ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ‬
‫فالمفظ المستخدـ لمداللة عمى الزماف ىك (الميالي) كالجممة التي كرد فييا ىي جممة أسمية‬

‫كىي تدؿ عمى االستم اررية‪ ،‬الشاعر أحس ككاف بينو كبينيا عداكة مستمرة ال تنتيي‪ ،‬فيك ييـ‬

‫(ُّٖ) انظر‪ :‬شاكر‪ ،‬محمكد محمد‪ ،‬المتنبي رسالة في الطريق إلى ثقافتنا‪ ،‬المؤسسة السعكدية مطبعة المدني‪،‬‬
‫القاىرة ‪،‬مصر‪ُٖٕٗ،‬ـّّٓ‬
‫(ُّٗ)انظر‪ :‬الطناجي‪ ،‬محمكد‪ ،‬في المغة واألدب دراسات وبحوث‪،‬طُ‪ ،‬دار الغرب اإلسبلمي ‪ ،‬بيركت‪،‬‬
‫لبناف‪ ََِِ،‬ـ ‪:‬صِِِ‬
‫(َُْ)انظر‪ :‬اليازجي‪ ،‬ناصؼ‪ ،‬العرؼ الطيب‪ :‬شرح ديوان أبي الطيب المتنبي‪ ،‬شركة دار األرقـ بف أبي األرقـ‬
‫‪ ،‬بيركت‪ ،‬د‪.‬ت ‪ ،‬صّْٖ‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫جاىدا مف أجمو‪ ،‬كىي تطارده كتحكؿ بينو كبيف تحقيؽ ذلؾ‪ ،‬كمما يزيد في ألمو‬
‫ن‬ ‫بشيء كيسعى‬

‫أنو في ىذه الدنيا كحيد‪.‬‬

‫ثـ يزداد البعد النفسي مأساكية حيث نجد المتنبي يطارد تمؾ األياـ كيصارعيا كحيدا‪ .‬عمى أف‬

‫الحس المأساكم لمطاردة الزمف لممتنبي يظير في قصائد الرثاء؛ إذ تعكس تمؾ القصائد رؤية‬
‫ٌ‬

‫المتنب ي لمزمف كتحكالتو المفاجأة‪ ،‬ثـ يككف مشيد المكت ىك المشيد األكثر تجسيدا ليذه‬

‫التحكالت‪ ،‬مثاؿ ذلؾ في شعر المتنبي قكلو يرثي كالدة سيؼ الدكلة كقد خبرىا إلى انطاكية سنة‬

‫ّّٕق‪:‬‬

‫ون ِبال ِق ِ‬
‫تال‬ ‫المنُ ُ‬ ‫ِ‬
‫وتَ ْقتُمُنا َ‬ ‫العوالي‬
‫في َة و َ‬
‫شر ّ‬
‫الم َ‬
‫ُنع ّد َ‬

‫خب ِب المّيالي‬ ‫وما ي ْن َ ِ‬ ‫ق مقر ٍ‬


‫جين م ْن َ‬ ‫ُ‬ ‫بات‬ ‫السوا ِب َ ُ َ‬
‫وَن ْرتَِبطُ ّ‬

‫الو ِ‬
‫صال‬ ‫بيل إلى ِ‬
‫س َ‬ ‫ِ‬ ‫شِ‬
‫ولك ْن ل َ‬ ‫الدنيا قَديماً‬
‫ق ّ‬ ‫وم ْن لم َيع َ‬
‫َ‬
‫خي ِ‬
‫ال‬ ‫ِ‬ ‫َنصيب َك في ح ِ‬
‫يات َك من َح ٍ‬
‫صيب َك في َمنام َك من َ‬
‫َن ُ‬ ‫بيب‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِ (ُُْ)‬
‫شاء ِم ْن ِنبال‬
‫فُؤادي في ِغ ٍ‬ ‫الدىر باألرز ِ‬
‫اء حتى‬ ‫َرماني ّ ُ‬

‫فاألبيات السابقة تكشؼ عف نبرة اليأس في مكاجية الزمف ‪ ،‬إذ ال فائدة مف إعداد الخميؿ‬

‫كالسيكؼ لممكاجية‪ ،‬فكؿ ذلؾ ال ينفع مع الزمف كال يحمي اإلنساف مف المكت‪.‬‬

‫كيبدك أف المتنبي لـ يعد مقتنعان بأف أحبلمو سكؼ تتحقؽ عند سيؼ الدكلة‪ ،‬لذا نجد ألفاظ الزمف‬

‫عنده تتخذ طابع الذـ كالصراع أثناء سعيو لتحقيؽ آمالو‪ ،‬نجد قكلو مثبلي‪:‬‬

‫(ُِْ)‬
‫فرِق ِو ُحسامي‬
‫عر َم ِ‬
‫شَ‬ ‫َّب َ‬
‫لَ َخض َ‬ ‫مان إِلَ َّي َ‬
‫شخصاً‬ ‫الز ُ‬
‫َولَو َب َرَز َ‬

‫(ُُْ)‬
‫الديكاف‪ ،‬جُ‪ ،‬صَُْ‪.‬‬
‫(ُِْ)المصدر السابؽ‪ ،‬ج‪ ،2‬صِّْ‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫كقكلو ‪:‬‬

‫بر‬
‫الص ُ‬
‫ومعي ّ‬
‫َوحيداً وما قَ ْولي كذا َ‬ ‫ار ِسيا ّ‬
‫الد ْىر‬ ‫ُطاع ُن َخ ْيالً ِم ْن فَو ِ‬
‫أ ِ‬

‫فاألبيات السابقة قاليا المتنبي كىك في حمب‪ ،‬كلك كاف لقائو بسيؼ الدكلة كافيا إلشاعة‬

‫الطمأنينة كالرضا لظير ذلؾ كاضحا في شعره ‪ ،‬إال أف الشككل كالقمؽ ظمت تخيـ عمى شعر‬

‫المتنبي كىك في كنؼ سيؼ الدكلة‪ ،‬بؿ أف الحسد كالخصكمة قد ازدادت بعد تقريب المتنبي مف‬

‫سيؼ الدكلة إضافة إلى المنافسات كاألحقاد التي شيدىا الببلط الحمداني بيف المتنبي‬

‫يطاع يف ىخ ٍيبلن ًم ٍف فىك ًارًسيا ٌ‬


‫فصيغة (أ ً‬ ‫(ُّْ)‬
‫الد ٍىر ) فالصيغة األكلى ىي صيغة مضارع‬ ‫كخصكمو‬

‫كىي ىي تدؿ عمى استمرار عداء الدىر لممتنبي كأما الصيغة الثانية فيي صيغة مفاعمو(أطاعف)‬

‫كىي تدؿ أيضا عمى حدة الصراع كاشتدادا ضركراتو‪.‬‬

‫كألف المتنبي ال ينسى خصكمو مف الذـ البلذع فقد أكضح صكرة رسـ صكرة لمزمف‬

‫مشبيا إياه بأنيا غانية‪ ،‬كشيـ الغانيات معركفة‪ ،‬كلعؿ ىذا ىك الذم دعاىـ لتأنيث اسميا‪ ،‬كمف‬

‫أبدا تسترد منا باليميف ما كىبتو‬


‫عيدا‪ ،‬كال تتمـ كصبلن‪ ،‬كىي ن‬
‫ن‬ ‫شيميا الغدر فيي ال تحفظ‬

‫بالشماؿ ‪:‬‬

‫ِّد ِف ْعال‬ ‫ِر ُ‬


‫ب قَ ْولً َول ُي َجد ُ‬ ‫مان ِع ْمماً فَ َما ُي ْغـ‬
‫الز َ‬
‫ت ّ‬
‫َوقَتَ ْم َ‬

‫َوِبفَ ِّك َ‬
‫الي َد ِ‬
‫ين َعنيا تُ َخمّى‬ ‫مع َيسي ُل ِمنيا َعمَييا‬
‫ُك ِّل َد ٍ‬

‫(‪)144‬‬
‫الناس أم ل‬ ‫اس َميا‬ ‫ري لذا َّأن َ‬ ‫ِ‬ ‫ِش َي ُم‬
‫ُ‬ ‫ث ْ‬ ‫الغانيات فييا فما ْأد‬

‫(ُّْ)انظر‪ :‬عكض‪ ،‬إبراىيـ‪ ،‬لغة المتنبي‪ ،‬صُِٔ‪.‬‬


‫(ُْْ)الديكاف‪ ،‬جّ‪ ،‬صُُّ‬

‫‪43‬‬
‫إ نذا فقد أعمف الشاعر الحرب عمى الدنيا‪ ،‬كما أعمنت ىي قبمو عميو الحرب‪ ،‬كبدأ يصيح‬

‫محذر الناس منيا‪ ،‬فيي ال تستحؽ الحياة‪ ،‬كال تستحؽ أف نشتاؽ إلى النسؿ لنسبب لو الشقاء كما‬
‫نا‬

‫تسبب غيرنا لنا بو(ُْٓ)‪.‬‬

‫(ُْٔ)‬
‫ق‬
‫بيب ُة أ ْن َز ُ‬
‫ش َ‬ ‫ب ْأوقَُر َوال ّ‬
‫ش ْي ُ‬
‫َوال ّ‬ ‫ش ِي ّي ٌة‬
‫الح َياةُ َ‬
‫يأم ُل َو َ‬
‫الم ْرُء ُ‬
‫َو َ‬

‫كازاء ىذا نجد المتنبي يتحسر عمى أياـ الشباب فيقكؿ‪:‬‬

‫ِ‬ ‫فع ُل ِف َ‬ ‫ِ‬


‫ق‬ ‫عل البا ِبم ِّي ُ‬
‫الم َعتَّ ِ‬ ‫َوَي َ‬ ‫س ُّرىا‬
‫ام الصبا ما َي ُ‬
‫سقى المَ ُو أ َّي َ‬
‫َ‬
‫(‪)147‬‬
‫مبوس لَم َيتَ َخ َّر ِ‬
‫ق‬ ‫الم ُ‬‫قت َو َ‬
‫تَ َخ َّر َ‬ ‫مت ًعا ِب ِو‬
‫الدىر مستَ ِ‬
‫ست َ َ ُ‬‫إِذا ما لَ ِب َ‬

‫كتنتيي ىذه المرحمة مرة أخرل بتكسر أمؿ المتنبي كعدـ تحقيقيو لشيء مف أمالو‬

‫كطمكحاتو‪ ،‬فيترؾ سيؼ الدكلة متكجيا إلى مصر ليبدأ فصبلن جديدا مف فصكؿ صراعو مع‬

‫الزمف أثناء أقامتو في مصر‪.‬‬

‫(ُْٓ)انظر‪ :‬عفيؼ‪ ،‬ىل كان المتنبي متشائما‪ ،‬صُُّ‬


‫(ُْٔ)‬
‫الديكاف‪ ،‬جّ‪ ،‬صٕٓ‪.‬‬
‫(ُْٕ)‬
‫الديكاف‪ ،‬جّ‪ ،‬صُٓ‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫المبحث الثالث‬

‫ألفاظ الزمن في شعر المتنبي في الفترة من (‪ ٖ٘ٗ-ٖٗٙ‬ه) والطموح‬

‫بعد أف اشتد الخبلؼ بيف المتنبي كخصكمو في مجمس سيؼ الدكلة‪ ،‬حتى أف أبا فراس‬

‫المتشدؽ كثير اإلدالؿ‬


‫ٌ‬ ‫إف ىذا‬
‫الحمداني كاف مف بيف أبرز خصكـ المتنبي قاؿ لسيؼ الدكلة " ٌ‬

‫عميؾ‪ ،‬ك أنت تعطيو كؿ سنة ثبلثة آالؼ دينار عف ثبلث قصائد ‪ ،‬ك يمكف أف تفرؽ مائتي‬

‫دينار عمى عشريف شاع انر يأتكف بما ىك خير مف شعره فتأثر سيؼ الدكلة مف ىذا الكبلـ كعمؿ‬

‫فيو"(ُْٖ)‪.‬‬

‫خرج المتنبي مف ببلط سيؼ الدكلة الحمداني متكجيا إلى مصر عاـ ّْٔق‪ ،‬كىناؾ استقبمو‬

‫كافكر‪ ،‬الذم أكرمو كأفرد لو دا ار ‪ ،‬كخصو بالخػدـ‪ ،‬لكف يبدك أف المتنبي كاف يطمب أكثر مف‬

‫ذلؾ فيك يطمح ألف يصبح كاليان لذا مدحو المتنبي في غير مكضع‪ .‬تمثؿ ىذه المرحمة اليأس‬

‫كالغبف مف الزمف الذم خدـ كافكر ك كأعطاه ما ال يستحقو فنظرة االزدراء لكافكر الذم جعؿ منو‬

‫(ُْٗ)‬
‫كالكسيمة كليس لغاية‬ ‫الزمف قائدان‪ ،‬كالمأساة تتعمؽ بأف يصبح كافكر كاسطة الكصكؿ‬

‫لمكصكؿ لمراده في الحصكؿ عمى كالية كليس ماالن ألنو اكتفى بما أعطاه إياه سيؼ الدكلة فيقكؿ‬

‫(َُٓ)‬ ‫و‬
‫قصيدة‬ ‫في‬

‫اب‬ ‫تاب كطى ى ً‬ ‫لىىنا ًع ٍن ىد ىذا ٌ‬


‫الد ٍى ًر ىح ٌّ‬
‫اؿ عتى ي‬ ‫إع ه ى‬‫ىكقى ٍد ىق ٌؿ ٍ‬ ‫ؽ ىيميطٌوي‬

‫(ُْٖ)البديعي‪ ،‬الصبح المنبي‪ ،‬جُ‪ ،‬صٔٔ‬


‫كف لي أف البياض خضاب صُْٓ‬
‫منى ٌ‬
‫(ُْٗ)انظر‪ ،‬العركد‪ ،‬احمد جدلية الكف كالزمف في قصيدة المتنبي‪ ،‬ن‬
‫‪ُٕٓ -‬‬
‫(َُٓ)الكاحد‪ ،‬ديكاف المتنبي‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬ص ّٗ تحقيؽ عمر الصالح دار االرقـ د‪.‬ف‬

‫‪45‬‬
‫فيذا البيت "يمثؿ مأساة الذات كقضيتيا األكلى كىي الزمف كما ش ٌكمة ىذا الزمف لذات مف عقد‬

‫(ُُٓ)‬
‫كمحبطات عمى المستكل الباطف كالظاىر"‬

‫لعؿ االخفاؽ الذم الزـ المتنبي في ىذه الفترة كاف أشد كقعان عمى المتنبي فقد ظيرت ركح‬

‫الشككل في شعر المتنبي مف سيؼ الدكلة‪ ،‬ألنو المتنبي كاف يعمؽ آماال كبيره عمى سيؼ الدكلة‬

‫كلكف االخفاؽ الذم عاف منو بعد لقائو بسيؼ الدكلة ترؾ آثا انر كبيرة في نفسة‪ ،‬اذ كاف المتنبي‬

‫يمكـ نفسة عمى حب سيؼ الدكلة فقاؿ‪:‬‬

‫أنت َو ِاف َيا‬


‫كان َغ ّدا ارً ف ُك ْن َ‬
‫َوقد َ‬ ‫بل ُح ّب َك من نأى‬
‫َح َب ْبتُ َك َق ْمبي قَ َ‬

‫فالبيت السابؽ يصكر صراع المتنبي مع قمبو الذم تعمؽ بسيؼ الدكلة‪ ،‬فكأنو قاؿ لقمبو‪ :‬أحببتؾ‬

‫(ُِٓ)‬
‫قبؿ حبؾ مف نأل عنؾ كقد غدر بي‪ ،‬فكف كافيان لي ألف محبتي لؾ قبؿ محبتي لو‬

‫عر المتنبي بأف آمالػو لػف تتحقؽ بعد أف مكث في مصر ثبلث سنيف ‪ ،‬كأف كافك ار‬
‫ف ىش ى‬

‫يماطؿ كيناكر ‪ ،‬كأنو يراقبو كيرصد تحركاتو ‪ ،‬فأخذ يعد العدة لمرحيؿ‪ .‬كىنا نممس تحكال في‬

‫الزمف كالصراع معو فتأتي مناسبة عيد األضحى في عاـ َّٓق فيقكؿ المتنبي قصيدتو عيد بأم‬

‫حاؿ عدت يا عيد‪ ،‬ف يقرر المتنبي حقيقة كىي أف مكاسـ الحياة التي تعد مف أكثر األكقات بيجة‬

‫كسرك ار ‪ ،‬ال تحمؿ ىذا السركر في الحقيقية بؿ أنيا تذكر دائما بقسكة الحياة كثقؿ الزمف‪ ،‬ككأف‬

‫السعادة التي يحمميا اإلنساف ىي في الحقيقة كىـ ففي قصيدة العيد مثبل نجد ‪:‬‬

‫ديد‬
‫تج ُ‬ ‫بأم ٍر َ‬
‫فيك ْ‬ ‫بأي ِة ٍ‬
‫ضى ْأم ْ‬
‫بما َم َ‬
‫َ‬ ‫عيد‬
‫دت يا ُ‬
‫حال ُع َ‬ ‫عيد ّ‬
‫ٌ‬

‫دود‬
‫داء قَ ْي ُ‬
‫ف َول َج ْر ُ‬
‫اء َح ْر ٌ‬
‫َو ْج َن ُ‬ ‫بيا‬
‫أجوب َ‬
‫ُ‬ ‫تج ْب بي ما‬
‫العمى لم ُ‬
‫لَ ْول ُ‬

‫ين َول ِج ُ‬
‫يد‬ ‫ش ْيئاً تُتَّي ُم ُو َع ٌ‬
‫َ‬ ‫الد ْى ُر ِم ْن َقمبي َول كبدي‬
‫ترِك ّ‬
‫لم َي ُ‬

‫(ُُٓ)العركد‪ ،‬احمد‪ ،‬جدلية المكف كالزمف مف قصيدة المتنبي‪ ،‬ص ُٔٓ‬

‫(ُِٓ)المعرم‪ ،‬أبك العبلء أحمد بف عبد اهلل‪ ،‬الالمع العزيزي شرح ديوان المتنبي‪،‬صُّْٔ‬

‫‪46‬‬
‫ود‬
‫س ُ‬ ‫ٍ ِ‬
‫بما أ َنا شاك م ْن ُو َم ْح ُ‬
‫أني َ‬ ‫أع َج ُب ُو‬
‫الد ْن َيا َو ْ‬
‫من ّ‬‫قيت َ‬
‫ماذا لَ ُ‬
‫(‪)153‬‬
‫ود‬ ‫ي ِسيء بي ِ‬
‫فيو َع ْب ٌد َو ْى َو َم ْح ُم ُ‬ ‫أح َيا إلى َزَم ٍن‬
‫س ُبني ْ‬
‫ُ ُ‬ ‫أح َ‬
‫نت ْ‬
‫ما ُك ُ‬

‫فالعيد في القصيدة السابقة جاء بصيغة االستفياـ‪ ،‬ككأف المتنبي ال يرل في ىذا العيد أم معنى‬

‫لمفرح كالسركر‪ ،‬فاألحبة تفرقكا ثـ أف المتنبي يظير أسى كحزنا مف ىذا الزماف الذم يسيئ بو إلى‬

‫المتنبي مف ىك دكنو‪.‬‬

‫كفي الفترة التي تمت خركجو مف مصر يظير في تمؾ الفترة االنتكاسات التي تعرض ليا المتنبي‬

‫بكضكح طيمة المراحؿ الثبلثة السابقة‪ ،‬فقد كاف يطمح المتنبي في أف يجد بغية مف تحقيؽ ما‬

‫يصبك إليو‪ ،‬اال أف الصدمة كانت ذات كقع مؤثر‪ ،‬لذا ف ف خيبة األمؿ التي أصابت المتنبي‬

‫كانت السر كراء ىجاء المتنبي لكافكر ىجاء شديدان ‪ ،‬فقد بقيت نظرتو لمدنيا كالزمف كالدىر نظرة‬

‫(ُْٓ)‬
‫كبعد تمؾ االنتكاسات كميا أعمف المتنبي أف اآلماؿ‬ ‫مقت ككراىية كانتكاسو كتشاؤـ‬

‫كالطمكحات ال تتحقؽ اإل بالقكة حيث يقكؿ‪:‬‬

‫ِ (ُٓٓ)‬
‫المج ُد لم َقمَم‬ ‫ِ‬ ‫ت َوأقْالمي قَ َو ِائ ُل لي‬
‫يس َ‬‫لمسيف لَ َ‬
‫ألم ْج ُد ّ‬
‫َ‬ ‫حتى َر َج ْع ُ‬

‫فالمتنبي يعمف في نياية المطاؼ أنو عاد إلى كطنو كقد عممتو الحياة أف المجد يدرؾ بالسيؼ ال‬

‫بالقمـ ألف العالـ غير معظـ كال مييب ىيبة صاحب السيؼ كال يدرؾ مف أمكر المجد كالشرؼ ما‬

‫يدركو كليذا قيؿ ال مجد أسرع مف مجد السيؼ‪ .‬كفي ىذا المبحث سكؼ يتـ تناكؿ المطمبيف‬

‫اآلتييف‪:‬‬

‫أف الزمف بعد خبلفو مع كافكر اتخذ نمطان‬


‫كلعؿ مف المفارقات الميمة في شعر المتنبي ٌ‬

‫جديدا مختمفا عف سابقة‪ ،‬فمئف كاف قبؿ كافكر يرل في الزمف انو العدك المقاكـ آلمالو كطمكحاتو‪،‬‬

‫(ُّٓ)‬
‫البرقكقي‪ ،‬شرح الديكاف‪ ،‬جِ صّّ‪.‬‬
‫(ُْٓ) صبيح‪ ،‬صادؽ‪ ،‬أثر اإلخفاق في شعر المتنبي‪ ،‬مجمة أفكار‪ ،ُٕٕٗ ،‬عدد ىاص بالمتنبي‪ ،‬صُُّ‪.‬‬
‫(ُٓٓ)البرقكقي‪ ،‬شرح ديوان المتنبي‪ ،‬جْ‪،‬صُِٗ‬

‫‪47‬‬
‫أيضا‪ ،‬لقد ىجا‬
‫كافكر كانما ىجا غيره ن‬
‫نا‬ ‫ف نو بعد كافكر يرل في الزمف أساسا لمتشاؤـ فمـ يي ي‬

‫الشاعر الزمف‪ ،‬كىجا الجنس البشرم كمو‪ ،‬لقد ىجاىـ ألنيـ لـ يككنكا يستحقكف الحياة التي كصمكا‬

‫إلييا بينما ىك محركـ منيا‪ .‬يقكؿ في ىجاء الزماف كأىمو‪:‬‬

‫يم َو ْغ ُد‬‫أحزُم ْ‬
‫فأعمَ ُم ُي ْم فَ ْد ٌم و َ‬
‫ْ‬ ‫ُى ْيمَ ُو‬ ‫الز ِ‬
‫مان أ َ‬ ‫أ ُذ ّم إلى ىذا ّ‬
‫ِ (‪)156‬‬ ‫وأكرميم َك ْمب وأبصرُىم ٍ‬
‫أشج ُعيم ق ْرُد‬
‫يد و َ‬ ‫أسي ُد ُى ْم فَ ٌ‬
‫و َ‬ ‫عم‬ ‫ُ ْ‬ ‫َ ُ ُْ ٌ‬

‫كىك حينما يذـ الزماف فذلؾ ألنو ال يحسف اختيار ضحاياه‪ ،‬فيك يميت الكريـ كيبقي‬

‫المئيـ ‪:‬‬

‫قبحا لكجيؾ يا زماف ف نو كجو لو مف كؿ لكـ برقع‬


‫ن‬
‫(‪)157‬‬
‫‪.‬‬ ‫الخصي األكتعُ‬
‫ُّ‬ ‫حاسده‬
‫ُ‬ ‫ويعيش‬
‫ُ‬ ‫شجاع فات ٌك‬
‫ٍ‬ ‫أيموت مث ُل أبي‬
‫ُ‬

‫كيقترف المئيـ الذم ال يرضى عنو الشاعر بالحسد دائما‪ ،‬كليذه المفظة مدلكليا في قامكس‬

‫ألفاظ المتنبي الشعرية‪ ،‬كليا جذكرىا النفسية‪ ،‬فيك لـ يي إالٌ ألنو يعتقد أنو محسكد‪.‬‬

‫كلـ يكف الشاعر يتكقع كىك في ذركة غركره كطمكحو أنو سيساء إليو‪ ،‬كلـ يكف يظف أف‬

‫الناس قد فقدكا حتى يسكدىـ عبيدىـ ‪:‬‬

‫محمود‬
‫ُ‬ ‫كمب وىو‬
‫يسيء لي فيو ٌ‬
‫ُ‬ ‫ت أحسبني أبقى إلى ٍ‬
‫زمن‬ ‫ما ك ْن ُ‬

‫جود‬ ‫أن ِم ْث َل أبي الب ْي ِ‬


‫ضاء َم ْو ُ‬ ‫َو ّ‬ ‫اس قَ ْد فُ ِقدوا‬
‫َ‬ ‫أن ال ّن َ‬
‫ت ّ‬‫ول تََو ّى ْم ُ‬

‫كيقكدنا ىذا إلى الشكؿ الثاني مف أشكاؿ اليجاء عنده‪ ،‬كىك اليجاء السياسي‪ ،‬كىك ذلؾ‬

‫الذم قاده إلى التشاؤـ حينما رأل سافؿ الناس يعمك‪ ،‬كعالييـ يسفؿ‪ ،‬كنرل الشاعر يسخر سخرية‬

‫(ُٔٓ)المتنبي‪ ،‬الديكاف‪ ،‬جُ‪ّْٕ ،‬‬


‫(ُٕٓ)المتنبي‪ ،‬الديكاف‪ ،‬جِ‪ِٕٓ ،‬‬

‫‪48‬‬
‫عمنا بالقضاء عميو كعمى أمثالو حتى‬
‫مريرة مف تمؾ األمة التي يسكسيا كافكر كأمثالو‪ ،‬كينادم ن‬

‫تعكد األمكر إلى سيرىا الطبيعي كتزكؿ الشككؾ كالتيـ(ُٖٓ)‪.‬‬

‫فسرىـ كال‬
‫ثـ ىيعد زمانو الذم عاصره خريؼ الدىر‪ ،‬بينما الناس قبمو عاصركا شبابو ٌ‬

‫يعني ذلؾ إال أف ىذا العصر‪ ،‬عصر تسمط أكلئؾ الذيف جعمكا الحياة ال طعـ ليا ‪:‬‬

‫غير أُ ّم ِت ِو من سالف األُ ِمم‬


‫في ِ‬ ‫ليت مدتَو‬
‫وعمٌر َ‬
‫وقت يضيعُ ْ‬
‫ٌ‬
‫(‪)659‬‬
‫الي َرِم‬
‫س ّرُى ْم وأتَي َناهُ َعمى َ‬
‫فَ َ‬ ‫يب ِت ِو‬
‫شب َ‬
‫ان َب ُنوهُ فيَ َ‬
‫الزَم َ‬
‫أَتَى ّ‬

‫شافيا مما يعاني اإلنساف‪ ،‬كميرنبا مما يبلقيو مف ظمـ بني‬


‫أحيانا ن‬
‫ن‬ ‫كالمتنبي يرل المكت‬

‫اإلنساف‪ ،‬كيصبح المكت عنده أمنية عزيزة‪ ،‬كما أكثر تمؾ المحظات في حياة المتنبي‪ ،‬كبخاصة‬

‫في فترة إقامتو بمصر ‪:‬‬

‫نيا‬ ‫ِ‬
‫أن ي ُكن أما َ‬
‫الم َنايا ّ‬
‫ب َ‬ ‫وحس ُ‬
‫ْ‬ ‫شافيا‬
‫ً‬ ‫ت‬
‫المو َ‬
‫ى ْ‬ ‫أن تََر َ‬
‫داء ْ‬
‫بك ً‬
‫َكفَ َى َ‬

‫عد ّوا م َد ِ‬ ‫لما تَ َم َّن َ‬


‫تَ َمنَّيتَيا ّ‬
‫(‪)660‬‬
‫اج ًيا‬ ‫فَأَعيا أو ُ ُ‬ ‫أن تََرى صديقًاً‬
‫يت ْ‬

‫أف الممفت لمنظر أف المتنبي كعمى الرغـ مف مناداة الشاعر بالمكت طريقنا لمخبلص‬
‫إال ٌ‬

‫(ُٖٓ)عبدالرحمف‪ ،‬عفيؼ‪،‬ىؿ كاف المتنبي متشائما‪ ،‬صُُّ‬


‫(ُٗٓ)الديكاف‪ ،‬جْ‪ ،‬صُِٖ‪.‬‬
‫(َُٔ)الديكاف‪ ،‬جْ‪ ،‬صُِٔ‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫أيضا‪ ،‬كلكف‬
‫بغيضا‪ ،‬كما أف الحياة بغيضة ن‬
‫ن‬ ‫في لحظاتو الحرجة‪ ،‬إال أنو يرل المكت‬

‫بغضا ‪:‬‬
‫أشد ن‬
‫الحياة ٌ‬
‫(ٔ‪)ٔٙ‬‬
‫صيبا‬
‫َأرى لَ ُي ُم َمعي فييا َن َ‬ ‫ض ِم ْن َحياة‬
‫بأب َغ َ‬
‫ت ْ‬ ‫وما َم ْو ٌ‬

‫كاذا قدر لممتنبي أف يختار كسيمة المكت ف نو يختار المكت في ساحة الكغى ‪:‬‬

‫العيش في ِ‬
‫أرب ال ّنفُ ِ‬ ‫فَ َم ْوِتي في َ‬
‫(‪)661‬‬
‫وس‬ ‫َ‬ ‫أيت‬
‫ر ُ‬ ‫الو َغى أََرْبى أل ّني‬

‫كثير في شعره‪ ،‬كظؿ ىذا المطمب يمح عميو‪ ،‬حتى تحقؽ لو ما أراد‬
‫كلقد كرر ىذا المعنى نا‬

‫كمات كىك يقاتؿ‪ ،‬كاف المكت في ساحة الكغى مطمب شريؼ‪ ،‬كمف عبلمات المجد كالكرـ‬

‫(‪)663‬‬
‫كالسؤدد‪ .‬كتمؾ ميزة خمفتيا في نفسو األفكار القرمطية‬

‫كالخبلصة أف ألفاظ الزمف عند المتنبي حسب الترتيب الزمني ليا كانت كاآلتي‪:‬‬

‫أكال‪ :‬أخذ الزمف عند المتنبي في فترة ما قبؿ سيؼ الدكلة‪ ،‬لكنا مف ألكاف األلـ كالشككل كالصراع‪،‬‬

‫اال انو كبعد االنتقاؿ إلى ببلط سيؼ الدكلة‪ ،‬بدأ األمؿ يمكح أماـ المتنبي في تحقيؽ ما تصبك إليو‬

‫نفسو‪ ،‬فبل نجده يخشى الزمف كال نجده يخافو بؿ أنو ينعـ باألمف كاالستقرار ما داـ في ىذا الزمف‬

‫مثؿ سيؼ الدكلة ‪ ،‬كلكف بعد الخبلؼ مع سيؼ الدكلة كانتقالو إلى مصر بدأ يكاجو صرعا مع‬

‫الزمف مرة أخرل‪ ،‬لتنتيي تجربة المتنبي بذـ الزمف كأىمو‪.‬‬

‫ثانيان‪ :‬الزمف السرمدم كيستخدـ لو لفظاف (الدىر) فالدىر ىك لفظ الزمف المييمف عمى شعر‬

‫المتنبي‪ ،‬كألف الدىر يعني الزمف الذم ال ينقضي‪ ،‬ف ف ىذا يدؿ عمى أف صراع المتنبي مع‬

‫الدىر صراع متأصؿ كال يمكف اف ينتيي‪ ،‬لذا يغمب عمى األلفاظ التي يستخدميا المتنبي‬

‫االستم اررية أك الديمكمة‪ ،‬كىذا ما يفسر لنا سر استخداـ الفعؿ المضارع أك الجممة االسمية‪.‬‬

‫(ُُٔ)الديكاف‪ ،‬جُ‪ ،‬صَُْ‪.‬‬


‫(ُِٔ)البرقكقي‪ ،‬شرح الديكاف‪ ،‬جُ‪ ،‬صُِٔ‬
‫(ُّٔ) انظر‪ :‬عبدالرحمف‪ ،‬عفيؼ‪ ،‬ىؿ كاف المتنبي متشائما‪ ،‬صُُّ‬

‫‪50‬‬
‫ثالثا‪ :‬لفظ الدنيا كالمكت ىما لفظاف متقاببلف في شعر المتنبي؛ فالدنيا تعني الحياة بخيرىا‬

‫كشرىا‪ ،‬كأف ىذه الحياة تنتيي بالمكت‪ ،‬كالحديث عف الدنيا اك المكت اتخذ طابع الحكمة اك‬

‫النصيحة في شعر المتنبي فغمب استخداـ الفعؿ المضارع ‪ ،‬أك صيغ التفضيؿ كقكلو"‬

‫(‪)664‬‬
‫نصيبا‬
‫ً‬ ‫أرى ليم معي فييا‬ ‫وما موت بأبغض من حياة‬

‫رابعا‪:‬الكقت القصير أك الكقت المحدد بفترة زمنية معينة كيستخدـ لو ألفاظ (ساعة‪ ،‬الشباب‪،‬‬

‫الشيب)‪ ،‬كتكثر فيو ألفاظ الماضي ألف تمؾ األزمنة تنتيي كال تدكـ فناسبيا استخداـ صيغة‬

‫الماضي‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬يغمب عمى أسمكب المتنبي استخداـ الفعؿ المضارع أك الجممة االسمية في سياؽ حديثة‬

‫عف الدىر لمداللة عمى استم اررية فعؿ الدىر باإلنساف‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬أحيانا يستخدـ المتنبي الفعؿ الماضي في الحديث عف الزمف ليؤكد حقيقة مفادىا أف ما‬

‫نعانيو مف الزمف قد عانى منو السابقكف‪ ،‬فيككف استخدـ الفعؿ الماضي لمداللة عمى أف مصائب‬

‫الزمف ليست حديثة أك مستجدة بؿ ىي قديمة قدـ الزمف نفسو‪.‬‬

‫سادسا‪:‬إ ف حركة المفظ عند المتنبي فييا مف البراعة كالدقة ما يجعؿ مف القصيدة لكحة فنية‬

‫متكاممة كذلؾ مف خبلؿ االنسجاـ بيف الفعؿ كلفظ الزمف‪ ،‬بؿ ال نبالغ إذا قمنا بأف المتنبي يأتي‬

‫أحيانا بمفظ الزمف في سياؽ غير مألكؼ ليدؿ عمى شدة الصراع مع ىذا الزمف‪ ،‬ففي قكلو مثبل ‪:‬‬

‫الح‬
‫الس ِ‬ ‫ي ِ‬
‫قاتمُني َعمَ ْي َك المّْي ُل ِج ّداً‬
‫أمضى ّ‬
‫نص َرفي لَ ُو َ‬
‫وم َ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬

‫فالفعؿ يقاتؿ يدؿ عمى التشارؾ بيف اثنيف‪ ،‬األ أف الممفت لمنظر في ىذا البيت أف الميؿ أصبل‬

‫ليس كقت القتاؿ‪ ،‬فقد جرت العادة أف القتاؿ يككف في النيار‪ ،‬اإل أف المتنبي أرد أف يصكر حجة‬

‫(ُْٔ)الديكاف‪ ،‬جُ‪ ،‬صَُْ‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫الصراع مع الزمف‪ ،‬كأف ىذا الصراع ال ينتيي بؿ أنو مستمر حتى في الميؿ مع انو ليس كقت‬

‫قتاؿ‪.‬‬

‫يغمب عمى شعر المتنبي استخداـ ألفاظ نممس فييا شيء مف القكة كالحدة(ابغض‪ ،‬أطاعف‪،‬‬

‫يقاتؿ‪،‬أذـ) كىي صيغ مضارعة لمداللة عمى استمرار الصراع مع الدىر كأكقاتو المختمفة‪ ،‬ألف"‬

‫(‪)665‬‬
‫األلفاظ تدؿ عمى قكة الحركة كصخبيا"‬

‫(ُٓٔ)االلكسي‪ ،‬إسبلـ‪ ،‬الزمن في شعر الرواد‪ ،‬دار المدينة الفاضمة لمنشر كالتكزيع‪ ،َُِِ،‬صُّٗ‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫المبحث الرابع‬

‫استراتيجيات المواجية مع الزمن‬

‫لعؿ العبلقة التي تحكـ المتنبي بالزمف كانت عبلقة قكاميا التكتر كالقمؽ‪ ،‬كألف المتنبي كاف يشعر‬

‫دائما بعمك األنا في مقابؿ اآلخر‪ ،‬ف نو حاكؿ مف خبلؿ قصائده أف يطكر أسمكبا جديدان في‬

‫التعامؿ مع الزمف مف خبلؿ كعيو بأمريف‪:‬‬

‫األكؿ‪ :‬أنو ال مناص مف المكت‪.‬‬

‫كالثاني‪ :‬أف الخمكد الحقيقي ال يمكف أف يتحقؽ اإل باألعماؿ الخالدة التي يقكـ بيا اإلنساف‪.‬‬

‫كاذا كاف األمر كذلؾ ف ف اإلنساف كفي سياؽ سعيو الدؤب لتحقيؽ طمكحاتو كأحبلمو‬

‫البد كأف يطكر أساليب متنكعة في مكاجية الزمف‪ ،‬كىنا يبدأ المتنبي حديثو عف الزمف في صكرة‬

‫حكمة يقدميا لآلخريف في سياؽ صراعيـ مع الزمف‪.‬‬

‫تبدأ أكلى ىذه الحكـ بضركرة رفع الذات كاإلعبلء مف شأنيا في الحياة كالمكت‪ ،‬حيث‬

‫يقكؿ المتنبي‪:‬‬

‫الب ُنوِد‬
‫ق ُ‬ ‫ط ْع ِن القَ َنا َو َخ ْف ِ‬ ‫أنت َك ِري ٌم َب َ‬
‫ين َ‬ ‫ِع ْ‬
‫ش عزي ازً ْأو ُم ْت َو َ‬
‫ِ (‪)666‬‬ ‫يت َغير ح ٍ‬
‫ت ُم َّ‬
‫ت َغ ْي َر فَقيد‬ ‫واذا ُم َّ‬ ‫ميد‬ ‫ل َكما قد َح ِي َ َ َ‬
‫فالمتنبي في األبيات السابقة ال يجد سبيبلن لمكاجية الدىر‪ ،‬إال بشعكر اإلنساف ذاتو بعزتو‬

‫ككرمة‪ ،‬ذلؾ أف العزة كاإلباء تخمد اإلنساف أكثر مما تخمد الضعيؼ كالجباف‪ ،‬لذا كانت األبيات‬

‫السابقة تمثؿ حكمة تتناقميا األلسف كيستشيد بيا في رفض الذؿ كالخكؼ كالخنكع‪.‬‬

‫أما الحكمة الثانية التي قدميا المتنبي في سياؽ مكاجية الزمف فتتمثؿ بامتبلؾ القكة التي‬

‫تجعؿ اإلنساف يكاجو الزمف‪ ،‬كليس المقصكد بالقكة ىنا القكة المادية‪ ،‬بؿ ىي شعكر قكامو الثقة‬

‫(ُٔٔ)البرقكقي‪ ،‬شرح الديكاف‪ ،‬جِ‪ ،‬صّّ‬

‫‪53‬‬
‫بالنفس كتعزيز األنا داخؿ ذات اإلنساف ‪ ،‬كقد كاف المتنبي يسعى دائما ألف تككف شخصيتو‬

‫مكضكعان عاما‪ ،‬ما يعني أنو لـ يستطع أف يعيش منفردان عمى الرغـ مما يتٌصؼ بػو مف نزكع‬

‫فنو(‪ )667‬كىذا السعي إلى القكة جعمو بعض النقاد السبب الرئيس في‬ ‫و‬
‫متعاؿ كبارز في ٌ‬ ‫فردم‬

‫تبني المتنبي لفكر القرامطة(‪ )668‬كالذيف اعتبركا القكة ىي األساس في تحقيؽ اآلماؿ‬

‫(ُٗٔ)‬
‫كالطمكحات‬

‫يبرز المتنبي " األنا في شعره ٍّ‬


‫تحد لزمف اذ اف المتنبي غالبان في شعره ما يقرف األنا في‬

‫(َُٕ)‬
‫تبدل في أبيات المتنبي‪:‬‬
‫كىذا ما ٌ‬ ‫الزمف‪ ،‬حتى إف الزمف يكاد يخضع لو كيممي عمية ما يريد"‬

‫مكىب و‬
‫جزؿ‬ ‫و‬ ‫الدنيا كال‬
‫مف ٌ‬ ‫نبكي لمكتانا عمى غير ر و‬
‫تفكت ٍ‬
‫ي‬ ‫غبة‬

‫(ُُٕ)‬
‫كال تحسف األياـ تكتب ما أممي‬ ‫كما تسع األزماف عممي بأمرىا‬

‫لقد ترؾ لنا المتنبي خبلصة تجربتو مع الناس‪ ،‬كخبلصة آرائو في الحياة كالطمكح الذم‬

‫لـ يكف لو حد‪ ،‬كالتشاؤـ المطمؽ‪ ،‬ترؾ ذلؾ كمو عمى صكرة حكـ يتناقميا الناس جيبلن بعد جيؿ‪.‬‬

‫كنستطيع تقسيـ ىذه الحكـ إلى قسميف‪ :‬قسـ قالو في شبابو‪ ،‬كقسـ قالو بعد أف خاض غمار‬

‫الحياة كذاؽ حمكىا كمرىا‪ ،‬كتقدمت بو السف كىدأت ثكرتو كاستحالت فمسفة مستقرة‪ .‬لقد احتؾ‬

‫المتنبي بالقرامطة فأخذ عنيـ حب الثكرة كالميؿ إلى انتفاضة العنفكاف‪ ،‬كما احتؾ بذكم األمر‬

‫كالسمطاف فذاؽ م اررة الخيبة‪ ،‬كسعى كراء العظمة كالطمكح‪ ،‬كحسده الناس فعذكه كآلمكه‪ ،‬فكاف‬

‫(ُٕٔ)شرتح ‪ ،‬عصاـ‪ ،‬جدلية الزماف كالمكاف في شعر المتنبي كأبي فراس الحمداني ص ُُٔ‪.‬‬
‫(ُٖٔ)انظر‪ :‬حسيف‪ ،‬طو‪ ،‬مع المتنبي‪ ،‬صْْ‬
‫(ُٗٔ)مف النقاد مف نفي ذلؾ عف المتنبي منيـ عمى سبيؿ المثاؿ عزاـ‪ ،‬عبد الكىاب‪ ،‬ذكرل المتنبي بعد ألؼ‬
‫عاـ‪،‬مؤسسة ىنداكم‪ ،‬مصر‪ ،َُِِ ،‬صٕٕ‪.‬‬
‫(َُٕ)انظر‪ :‬عبدالرحمف‪ ،‬عفيؼ ىؿ كمف المتنبي مشائما‪ ،‬ص ُُّ‬

‫(ُُٕ) لبرقكقي‪ ،‬ديكاف المتنبي‪ ،‬صَِ‬

‫‪54‬‬
‫شعر فكاف شعره ترجماف قمبو الطمكح كقمبو الساخط‪ ،‬كقد‬
‫حمما كنيرنانا‪ ،‬كقاؿ نا‬
‫بركانا ينفث ن‬
‫ن‬ ‫صدره‬

‫جمع الصاحب ابف عباد حكـ المتنبي (ُِٕ)‪.‬‬

‫كتتمخص فمسفة المتنبي في حكمو بأنيا فمسفة عظَّمت القكة كقدستيا‪ ،‬ألف نفسيتو كانت‬

‫مفطكرة عمى القكة كاالعتداد كالطمكح‪ ،‬كلكف طمكحو ىذا لـ يصادؼ سكل اإلخفاؽ‪ ،‬فكاف نتيجة‬

‫ىذا كمو اإلغراؽ في التشاؤـ‪ ،‬كأما حكـ المتنبي في صباه فكانت فمسفة األمؿ الطامح المؤمف‬

‫بالقكة‪ ،‬كتميزت بالثكرة كالحقد عمى األحياء‪ ،‬كلكنيا حكـ كاف ينقصيا االتزاف كعمؽ التجربة‪ ،‬كما‬

‫متيكر في حب الثكرة كالدمار كطمب اآلماؿ الخيالية‪.‬‬


‫نا‬ ‫كاف‬

‫كفي ىذا السياؽ يقكؿ المتنبي معت از بقكتو التي يفتخر بيا‪:‬‬

‫ظما‬
‫الع َ‬
‫حم و َ‬
‫تسكن المّ َ‬
‫َ‬ ‫ف أن‬
‫أ َن ٌ‬ ‫وس ُي ْم بيا‬ ‫وا ّني لَ ِم ْن قَ ْوٍم ّ‬
‫كأن ُنفُ َ‬

‫َن ِ‬
‫فس زيدي في كرائ ِييا قُ ْد َما‬ ‫كذا أ َنا يا ُد ْنيا إذا ِش ْئ ِت فاذ َ‬
‫ْىبي ويا‬

‫(ُّٕ)‬
‫يج ٌة تقب ُل الظُّ ْم َما‬ ‫ول ِ‬ ‫ساع ٌة ل تُِع ّزني‬
‫صح َبتْني ُم َ‬
‫َ‬ ‫فال َع َب َر ْت بي َ‬

‫كتبمغ بالمتنبي العزة كاألنفة في إبراز دكر القكة في مكاجية الدىر حيث يجعؿ مف القكة أساسا‬

‫(ُْٕ)‬
‫يقكؿ المتنبي‪:‬‬ ‫لمكاجية الزمف ‪ ،‬فالقكة الذاتية تجعؿ الكائف الضعيؼ يكاجو أعتى الخصكـ‬

‫بر‬
‫الص ُ‬
‫ومعي ّ‬
‫َوحيداً وما قَ ْولي كذا َ‬ ‫ار ِسيا ّ‬
‫الد ْى ُر‬ ‫ُطاع ُن َخ ْيالً ِم ْن فَو ِ‬
‫أ ِ‬

‫ِ‬
‫أم ُر‬
‫يوما ثََبتَ ْت إلّ وفي َن ْفسيا ْ‬ ‫المتي‬
‫س َ‬ ‫يوٍم َ‬ ‫ش َجعُ مني َّ‬
‫كل ْ‬ ‫وأ ْ‬

‫شر‬ ‫الم ْرِء أ ْن ُممُ ُو َ‬


‫الع ُ‬ ‫س ْم َع َ‬
‫داو َل َ‬
‫تَ َ‬ ‫الد ْنيا َد ِوّياً كأ ّنما‬
‫وترُك َك في ّ‬
‫ْ‬
‫(ُٕٓ)‬
‫عمى أُف ِْق ِو من َب ْرِق ِو ُحمَ ٌل ُح ْم ُر‬ ‫ص ْمناهُ بمَ ْي ٍل كأنّ َما‬
‫وي ْوٍم َو َ‬
‫َ‬

‫(ُِٕ)انظر‪ :‬عبدالرحمف‪ ،‬عفيؼ‪ ،‬ىؿ كاف المتنبي متشائما‪ ،‬صُُّ‪.‬‬


‫(ُّٕ)الديكاف‪ ،‬جْ‪ ،‬صِّٓ‪.‬‬
‫(ُْٕ)انظر‪ :‬اليكسفي‪ ،‬محمد لطفي‪ ،‬قوة المتخيل‪ ،‬المؤسسة العربية لمدراسات كالنشر‪ ،َُِِ ،‬جُ‪ ،‬صّٕٔ‪.‬‬
‫(ُٕٓ)الديكاف‪ ،‬جّ صُِْ‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫يصكر المتنبي في األبيات السابقة الصراع مع الدىر كمقارعتو كالتصدم لو بيذه القكة كاألنفة‪،‬‬

‫ككأنو يذكرنا بالشاعر الجاىمي الذم كاف يجؿ القكة كيقدرىا كيراىا قيمة ال تنافسيا قيمة(ُٕٔ)‪.‬‬

‫كيخمص المتنبي مف تجربتو مع الدىر كالصراع معو إلى لفت أنظار المتمقي إلى ما‬

‫يمكف أف يجعمو قاد ار عمى الخمكد بمعناه المعنكم ال المادم‪ ،‬كفي ىذا السياؽ ينصح المتنبي بأف‬

‫يتحمى اإلنساف بقيمة الشجاعة كقيمة الكرـ باعتبارىما األساس في بقاء ذكر اإلنساف بعد مكتو‪،‬‬

‫حيث يقكؿ‪:‬‬

‫اإلقدام قَتّا ُل‬ ‫؛ألج ُ ِ‬ ‫اس ُكمُّ ُي ُم‬


‫ود ُي ْفق ُر َو ُ‬ ‫ُ‬ ‫اد ال ّن ُ‬
‫سَ‬ ‫شقّ ُة َ‬
‫الم َ‬
‫لَ ْول َ‬

‫بالر ْح ِل ِش ْمال ُل‬ ‫ِ ٍ‬


‫َما ُك ّل ماش َية ّ‬ ‫سان طَاقَتَ ُو‬
‫َوا ّن َما َي ْبمُغُ اإل ْن ُ‬

‫سان َوا ْجما ُل‬


‫إح ٌ‬ ‫أكثر ال ّن ِ‬
‫اس ْ‬ ‫من ِ‬ ‫بيح ِ‬
‫بو‬ ‫إ ّنا لَفي َزَم ٍن تَْر ُك القَ ِ‬
‫(ُٕٕ)‬
‫الع ِ‬
‫يش أش َغا ُل‬ ‫ِ‬
‫ضو ُل َ‬
‫َما قَاتَ ُو َوفُ ُ‬ ‫حاجتُ ُو‬
‫ذ ْك ُر الفتى ُع ْم ُرهُ الثّاني َو َ‬

‫صب بيا‪ ،‬كما أكرد الجباف‬


‫ٌ‬ ‫كيؤكد المتنبي أف اإلنساف حريص عمى حب الحياة‪ ،‬كىك‬

‫الحذر إال حبو لمحياة‪ ،‬كاف الشجاع ليخكض الحركب ليحقؽ لنفسو ما تشتيي كتتمنى‪ ،‬ككمنا نبغي‬

‫(ُٖٕ)‬
‫‪:‬‬ ‫الحياة‪ ،‬كنحرص عمييا كنييـ بيا‬

‫مستياما بيا صبا‬


‫ً‬ ‫حريصا عمييا‬
‫ً‬ ‫أرى كمنا يبغي الحياة لنفسو‬

‫(ُٕٗ)‬
‫وحب الشجاع النفس أورده الحربا‬ ‫فحب الجبان النفس أورده التقى‬

‫(ُٕٔ)انظر‪ :‬ركمية‪ ،‬كىب‪ ،‬شعرنا القديـ كالنقد الجديد‪ ،‬سمسمة عالـ المعرفة‪ ،‬العدد َِٕ‪ ،ُٗٗٔ ،‬صِْٖ‬
‫(ُٕٕ)الديكاف‪ ،‬جّ‪ ،‬صَْٓ‪.‬‬
‫(ُٖٕ)انظر‪ :‬عبدالرحمف‪ ،‬عفيؼ‪،‬ىؿ كاف المتنبي متشائما‪ ،‬صُُُ‬
‫(ُٕٗ)الديكاف‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.65‬‬

‫‪56‬‬
‫كيذىب المتنبي إلى أبعد مف ذلؾ حيف يقرر أف المكت باعتباره النياية الحتمية لئلنساف‪ ،‬ف نو‬

‫يجعؿ المكت حاض ار حتى في سياؽ الغزؿ أك الحب‪ ،‬ككأنو يريد مف سامعيو أف ال ينسكا تمؾ‬

‫الحقيقية المحزنة إال كىي كالمكت‪ ،‬يقكؿ المتنبي‪:‬‬

‫الوجوِه َحا ٌل ُ‬
‫تحو ُل‬ ‫سن ُ‬‫دام فَ ُح ُ‬
‫ما َ‬ ‫سن َو ْج ِي ِك‬
‫َزِّودي َنا من ُح ِ‬

‫(‪)180‬‬
‫ام فييا َقمي ُل‬
‫المقَ َ‬
‫فإن ُ‬
‫نــيا ّ‬
‫الد َ‬‫ّ‬ ‫ص ْم ِك في َى ِذ ِه‬
‫صمِي َنا َن ِ‬
‫وِ‬
‫َ‬

‫لقد كاف المتنبي السباؽ الى ربط العبلقة بيف ثنائية الحياة كالمكت‪ ،‬متجاك انز بذلؾ نقاد عصره كمف‬
‫(ُُٖ)‬
‫بعيدا عف الصحب‪ ،‬نحس منو نغمة‬
‫كتنتيي تجربة الشاعر مع الدنيا برأم يككنو ن‬ ‫جاء بعدىـ‬

‫اليائس الحزيف‪ ،‬نغمة الفشؿ كالنقمة كالحرماف‪ ،‬كلعؿ أركع قصيدة تصكر لنا ذلؾ نكنيتو التي‬

‫قاليا في مصر‪ ،‬فيي تدؿ عمى حصاد تجربة طكيمة مريرة‪ ،‬كمعاناة شديدة مع ىذه الحياة ‪:‬‬

‫وعناىم من شأنو ما عنانا‬ ‫صحب الناس قبمنا ذا الزمانا‬

‫(ُِٖ)‬
‫ولكن تكدر اإلحسانا‬ ‫ربما تحسن الصنيع لياليو‬

‫كالخبلصة كاف الزمف ىك العدك األساسي كالباعث عمى الصراع في قصائد المتنبي‪،‬‬

‫حيث تحكؿ الزمف إلى عدك ال يقاكـ ‪ ،‬كيحمؿ في طياتو المصائب كالككارث كيقمص األعمار‬

‫يكمان بعد يكـ ‪،‬كيحكؿ السعادة إلى كىـ كأحزاف ال تنتيي‪ ،‬لذا كاف تصكير المتنبي لمزمف كتقمبات‬

‫الحياة كصركؼ الدىر يأتي عبر لمحات مكثفة مختصرة كشذرات قميمة متفرقة في قصائده بالرغـ‬

‫مف شغفو بالخكاطر الفمسفية كالتأمبلت العقمية كالحكـ التي تمخص تجارب كاممة مستمدة مف‬

‫(ُّٖ)‬
‫الدىر‪ ،‬كمحاربة الزمف‪ ،‬حيث‬
‫بذـ ٌ‬
‫أحداث زمنية معينة ‪ .‬فقد أسرؼ المتنبي في سائر شعره ٌ‬

‫يقكؿ‪:‬‬

‫(َُٖ)‬
‫البرقكقي‪ ،‬شرح الديكاف‪ ،‬جِ صُّٖ‪.‬‬
‫(ُُٖ)‬
‫انظر‪ :‬عباس‪ ،‬إحساف‪ ،‬اتجاىات الشعر العربي المعاصر‪ُّٓ ،‬‬
‫(ُِٖ)‬
‫الديكاف‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪.343‬‬
‫(ُّٖ)عباس‪ ،‬سندس‪ ،‬سمطة الزمف فس شعر المتنبي‪ ،‬ص ٕٖ‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫(‪)184‬‬
‫هن ال يزي في الذّهز شيئًب يُحوذُ‬ ‫ص ببلذّم الفزاق فإنّني‬
‫هن خ ّ‬

‫شيئا‬
‫كالمتنبي حينما يعمف الثكرة عمى الدىر كاألياـ كالدنيا‪ ،‬ككميا ال تعني في نظره إال ن‬

‫احدا ىك الناس كالمجتمع‪ ،‬فيـ الذيف يحكلكف بينو كبيف تحقيؽ آمالو‪ ،‬كىـ الذيف سببكا لو كؿ‬
‫ك ن‬

‫ىذه اآلالـ‪ .‬فما الدنيا كالدىر كاألياـ إال كممات يخفي تحتيا ثكرتو عمى الناس‪ ،‬كرمكز يخفي‬

‫تحتيا ما يضمر مف حقد كثكرة عمييـ‪ ،‬كفمسفة الشؾ في كؿ البشر ألنيـ بشر حتى الذيف‬

‫يصطفييـ يشؾ فييـ ألنيـ بعض األناـ‪ .‬كلعؿ ىذه النقمة جسميا لو بعض ما عمؽ بذىنو مف‬

‫أفكار القرامطة الذيف لـ تعجبيـ الحياة كال قكانيف المجتمع فثاركا عمييا ثكرة حمراء عصفت‬

‫بالمجتمع فترة مف الزمف‪ .‬كلكف شاعرنا في نياية الرحمة ىدأت نفسو‪ ،‬كصب ىذه النقمة عمى‬

‫الدنيا في قكالب مف الحكـ التي خمدت كعاشت كما زلنا نتناقميا حتى يكمنا ىذا(ُٖٓ)‪.‬‬

‫لقد أظير المتنبي " قدرتو عمى مشاكسة الزمف‪ ،‬فقد تعمٌؽ بحبالو عبر مرايا المكت‬

‫كالحياه كالخمكد كغير ىذه الثبلثية انجز مشركعا رؤيكيان خالدان لشعرية الكجكد كالعدـ‪ ،‬فقد استطاع‬

‫أف يصكر ما ال يصكر مف حركة الزمف كأثرىا عمى االنسانية كعمى الكائنات كالظكاىر الككنية "‬

‫(ُٖٔ)‬

‫تجمٌى ىذا كمة مف خبلؿ مراحؿ حياتو كتنقبلتو مف مكاف آلخر كمف حاكـ آلخر مف‬

‫معجب لكاره فبعد اف كاف الزمف بمثابة العدك كالعائؽ لطمكحاتو في بداية حياتو تحكؿ في زمف‬

‫سيؼ الدكلة لمطكاع لو يحاكؿ مف خبللو تحقيؽ آمالو كاحبلمو كلكف الكاشيف كاحبلـ كرؤل‬

‫المتنبي البل متناىية كالمتشعبة خذلتو مع الزمف فتكجو لي كافكر حيث سيطرة التشاؤمية كالنكسار‬

‫كسخرية عمى الفاض الزمف في شعر المتنبي‬

‫(ُْٖ)المتنبي‪ ،‬أحمد بف حسيف الجعفي ‪ ،‬ديوان المتنبي‪ ،‬دار بيركت لمطباعة كالنشر‪ ،ُّٖٗ ،‬ج ُ ص‪337‬‬
‫(ُٖٓ)انظر عبدالرحمف‪ ،‬عفيؼ‪ ،‬ىؿ كاف المتنبي متشائما‪ ،‬صُُّ‬
‫(ُٖٔ)مف النقاد مف نفي ذلؾ عف المتنبي منيـ عمى سبيؿ المثاؿ عزاـ‪ ،‬عبد الكىاب‪ ،‬ذكرل المتنبي بعد ألؼ‬
‫عاـ‪،‬مؤسسة ىنداكم‪ ،‬مصر‪ ،َُِِ ،‬صٕٕ‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫إذا لـ يحصؿ المتنبي عمى شيء مما طمح إليو‪ ،‬فيحكؿ الزمف عنده إلى مجرد كعكد كاذبة‪ ،‬فيي‬

‫كؿ ما نالو مف الدنيا‪ .‬كمما زاد في ألمو أف الناس يحسدكنو عمى ما يبكي عميو‪ ،‬يحسدكنو عمى‬

‫الفشؿ‪ ،‬كيحسدكنو عمى ال شيء‪ ،‬كيتساءؿ بعد ذلؾ عما لقيو مف الدنيا حتى يحسده الحاسدكف‬

‫فيقكؿ ‪:‬‬

‫أنى بما أنا باك منو محسود ‪.‬‬ ‫ماذا لقيت من الدنيا وأعجبيا‬

‫(‪)ٔٛٚ‬‬
‫الغني وأموالي المواعيد‬ ‫ويدا أنا‬
‫ً‬ ‫أمسيت أروح ُم ٍ‬
‫ثر خازًنا‬
‫ّ‬

‫يبلحظ أف الشاعر استخدـ لفظ (أمسيت) كىك مف األلفاظ الدالة عمى الزمف؛ فعندما يئس الشاعر‬

‫مف تبدؿ أكضاعو كتحسنيا‪ ،‬كحينما يئس مف عقد ىدنة بينو كبيف مصائب الدنيا التي لـ تكف‬

‫تنقطع‪ ،‬صب نقمتو عمييا‪ ،‬كنعتيا بأقذع الصفات‪ ،‬فيي خادعة‪ ،‬قد انخدع الناس بيا فتفانكا عمى‬

‫الرغـ مف فشميـ في الحصكؿ عمى شيء‪.‬‬

‫(ُٕٖ)الديكاف‪ ،‬جِ‪ ،‬صُْ‬

‫‪59‬‬
‫الفصل الثاني‬

‫الزمن في الصورة الفنية في شعر المتنبي‬

‫المقدمة‪:‬‬

‫تعد الصكرة الفنية كاحدة مف أبرز األدكات التي يستخدميا الشعراء في بناء قصائدىـ‬

‫كتجسيد أحاسيسيـ كمشاعرىـ ‪،‬كالتعبير عف أفكارىـ كتصكراتيـ لئلنساف كالككف كالحياة‪.‬‬

‫فالزمف يكتسب "أىمية كبرل في منظكمتو عناصر تشكيؿ صكرة الشاعر لككنو كاف ىاجسو‬

‫الفكرم كالرؤيكم فضبلن عف ككنو عنص انر تصكي انر يعمؿ عمى تأطير صكره كتحديث خمفيتيا‪،‬‬

‫كالزمف عادة قد يأخذ شكؿ منظر ليمي أنيارم في الصكرة كىك حيف ذلؾ يدرؾ بكاسطة حاسة‬

‫النظر كىناؾ زمف خفي بممح مف األفعاؿ كبذلؾ ال يدؾ بالنظر كخير دليؿ عمى ذلؾ قكؿ‬

‫المتنبي‪:‬‬

‫أعجب‬ ‫ص ُل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ُ‬ ‫الو ْ‬
‫اليجر َو َ‬ ‫أعجب من ذا‬
‫َو ُ‬ ‫ب‬
‫ق أغمَ ُ‬
‫الشو ُ‬
‫ق َو ْ‬
‫ش ْو َ‬
‫فيك ال ّ‬
‫ب َ‬ ‫أُغال ُ‬

‫فالفعؿ "أغالب" يدؿ عمى التفاعؿ كالمشاركة كذلؾ ألنو يستدعي زمانان‪ ،‬كىك ما يعرؼ بالزمف‬

‫الخفي فيذه الداللة الزمنية الباعثة عمى اإلبداع الفني في صكرة التبلعب باأللفاظ مف أجؿ خمؽ‬

‫(‪)ٔٛٛ‬‬
‫صكرة جميمة فرشاتيا المغة"‬

‫كالمتتبع لحركة النقد في العصر الحديث يجد أف مصطمح الصكرة مف أعقد القضايا التي تكاجو‬

‫الباحث كالشاعر عمى السكاء‪ ،‬فيي مقياس إبداع الشاعر كعبقرتيو‪ ،‬كالطريقة التي يسمكيا الشاعر‬

‫لتصكير تجربتو‪ ،‬ككسيمتو إلى إيصاؿ ىذه التجربة إلى المتمقيف‪ ،‬لذا كانت الصكرة الفنية ىي‬

‫الكسيمة التي يمكف مف خبلليا فيـ تجربة الشاعر؛ألنيا الكعاء الذم تنصير فييا تجربة الشاعر‪،‬‬

‫ثـ يككف التعبير عف ىذه التجربة مف خبلؿ المغة‪ ،‬ألف الصكرة تنمك في داخؿ الشاعر مع النص‬

‫(ُٖٖ)عباس‪ ،‬سندس‪ ،‬سمطة الزمف في سعر المتنبي‪ ،‬مجمة العمكـ اإلنسانية صٖٖ‪.ٖٗ-‬‬

‫‪60‬‬
‫(ُٖٗ)‬
‫تتمثؿ " في اإليحاء عف طريؽ الصكر‬
‫الشعرم ذاتو‪ ،‬كليست شكبلن منفصبلن ؛ فقكة الشعر ٌ‬

‫الشعرية الفي التصريح باألفكار مجردة كال المبالغة في كصفيا‪ ،‬تمؾ التي تجعؿ المشاعر‬

‫كاألحاسيس أقرب إلى التعميـ كالتجريد منيا إلى التصكير كالتخصيص‪ ،‬كمف ثـ كانت لمصكرة‬

‫(َُٗ)‬
‫أىمية خاصة في النقد قديمو كحديثو"‬

‫كتكاد تجمع المصادر األدبية المختمفة عمى أنو ال يكجد تعريؼ محدد لمفيكـ الصكرة‪،‬‬

‫فقد اختمؼ النقاد في تحديد مفيكميا إلى درجة يصعب معيا كضع تعريؼ محدد ليا كىذا يعكد‬

‫أف بعض النقاد اعتبر مصطمح الصكرة مف المصطمحات الكافدة‪ ،‬التي ليس ليا جذكر في‬
‫إلى ٌ‬

‫الٌنقد العربي(ُُٗ) كمف جية أخرل ف ف تعدد االتجاىات النقدية جعؿ مف الصعكبة بمكاف إيجاد‬

‫تعريؼ يككف محؿ اتفاؽ النقاد‪ ،‬بؿ تعددت االتجاىات كالزكايا التي تـ تناكؿ الصكرة مف خبلليا‬

‫معنى مختمفنا كأنيا‬ ‫و‬


‫إنساف‬ ‫إلى حد يمكف أف يقاؿ معو " إف الصكرة الشعرية أصبحت تحمؿ لكؿ‬
‫ن‬
‫تعني كؿ شيء"(ُِٗ)‪.‬‬

‫(ُّٗ)‬
‫كالصكرة في جكىرىا اقتراف الشعر بالتصكير فبل يككف الشعر شع ار إالٌ بالصكرة‬

‫(ُْٗ)‬
‫لذا كانت الصكرة‬ ‫فالصكرة ىي البنية المركزية لمشعر ككسيمتو كركحو كجكىره الثابت كجسده‬

‫األقصى‪،‬‬ ‫مكتبة‬ ‫‪.‬طِ‪،‬‬ ‫الجاىمي‬ ‫الشعر‬ ‫في‬ ‫عبدالرحمف‪،‬الصورةالفنية‬ ‫نصرت‪،‬‬ ‫انظر‪:‬‬ ‫(ُٖٗ)‬
‫عمافُِٖٗ‪،‬صُِ‪.‬‬
‫(َُٗ)ىبلؿ‪ ،‬محمد غنيمي‪ ،‬دراسات ونماذج في مذاىب الشعر ونقده‪ .‬نيضة مصر لمطباعة كالنشر‪،ُٗٔٔ ،‬‬
‫صٔ‪.‬‬
‫(ُُٗ)انظر‪ :‬ربابعة‪ ،‬محمد حسف ‪ ،‬الصورة الفنية في شعر البحتري‪ ،‬رسالة دكتكراه‪ ،‬الجامعة األردنية‪،ُْٗٗ ،‬‬
‫صَُ‬
‫(ُِٗ)عكض‪،‬ريتا‪،‬بنية القصيدة الجاىمية‪ :‬الصورة الشعرية لدى امرئ القيس‪ ،‬طِـ دار اآلداب‪. ُِٗٗ .‬ص‬
‫ّٗ‬
‫(ُّٗ)انظر‪ :‬ىبلؿ‪ ،‬محمد غنيمي‪ ،‬دراسات ونماذج في مذاىب الشعر ونقده‪ ،‬صّٕ‬
‫(ُْٗ)انظر‪:‬رينيو كيمؾ ك أكستف كاريف‪ ،‬نظرية األدب‪ ،‬ترجمة د‪ .‬عادؿ سبلمة‪ ،‬دار المريخ‪،‬‬
‫الرياض‪ُُِْ،‬ىػ‪ُِٗٗ/‬ـ‪ ،‬صِّٗ‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫"أكبر عكف عمى تقدير الكحدة الشعرية‪ ،‬أك عمى كشؼ المعاني العميقة التي ترمز إلييا‬

‫تتجسد بيا أفكار الشاعر‬


‫ٌ‬ ‫القصيدة"(ُٓٗ)‪ .‬كبالتالي اعتبرت الصكرة الكسيمة الفنية الكحيدة التي‬

‫(ُٔٗ)‬
‫كما أف قكة الصكرة تكمف في قدرتيا عمى التعبير عف المعنى الكاحد بأكثر مف‬ ‫كعكاطفو‪.‬‬

‫أسمكب(ُٕٗ)‪.‬‬

‫كبما أٌٌنو ال يمكف تصكر فكرة في العقؿ بغير كممة تدؿ عمييا‪ ،‬كال تكجد المعاني في العقؿ‬

‫بد أف ترتبط الصكرة الفنية بقدرة الشاعر المغكية‪ ،‬كبمعجمو المفظي‪ ،‬كمقدرتو عمى‬
‫إال بالمغة‪ ،‬فبل ٌ‬

‫التبلعب باأللفاظ كصياغتيا‪ ،‬لتأدية معاف جديدة مبتكرة‪ ،‬ترتبط بخياؿ الشاعر الخصب‪،‬ألف‬

‫الشعر الذم ال خياؿ فيو الجدكل منو؛ فالخياؿ أىـ عناصر العممية الشعرية؛ ألنو –أم الخياؿ‪-‬‬

‫"نشاط عقمي ركحي يعمؿ عمى جمع أشتات مف الصكرة المستدعاه لغاية المشابية أك المنافرة‬

‫لكنيا تنتظـ بتأثير قكتو كقكة االنفعاؿ داخؿ نسؽ متحد منسجـ"(ُٖٗ)‪ ،‬كبناء عمى ذلؾ ف ف الصكرة‬

‫ىي النتاج الخالص لخياؿ مطمؽ‪ ،‬ألف الخياؿ يضـ كافة الكظائؼ النفسية لئلنساف‪ ،‬فبل تعتبر‬

‫الصكرة صالحة بحد ذاتيا بؿ بشبكة المعاني التي تدشنيا أك تنشرىا (ُٗٗ)‪.‬‬

‫كألىمية مكضكع الصكرة ؛ فقد تطكرت الحركة النقدية حكلو تطك ار ممحكظا فبينما كانت‬

‫الصكرة عند النقاد القدماء تنحصر بأشكاؿ عدة تتمثؿ في التشبيو كاالستعارة كالكناية كالمجاز‬

‫(ََِ) ‪ ،‬ف ف الحركة النقدية الحديثة قد تجاكزت ىذا الشكؿ التقميدم لمصكرة فاعتبرت الصكرة‬

‫(ُٓٗ)انظر‪ :‬عباس‪ ،‬إحساف ‪،‬فن الشعر‪ ،‬دار الثقافة لمطباعة كالنشر كالتكزيع‪ ،ُّٗٗ ،‬صَِّ‬
‫(ُٔٗ)انظر‪ :‬سمكـ‪ ،‬داكد ‪ ،‬النقد األدبي‪ ،‬مطبعة اإلرشاد‪ ،‬بغداد‪ ،ُٗٔٔ ،‬صُ‪.ُٔٓ/‬‬
‫(ُٕٗ)انظر‪ :‬الشايب‪ ،‬احمد‪ ،‬األسموب دراسة بالغية تحميمية ألصول األساليب األدبية‪،‬طٖ‪ ،‬مكتبة النيضة‬
‫المصرية‪ ،ُُٗٗ ،‬صَٔ‪.‬‬
‫(ُٖٗ)الرباعي‪،‬عبدالقادر‪ ،‬الصورةالفنية في النقد الشعري دراسة في النظرية والتطبيق‪ ،‬دار جرير‪ ،‬عماف‪،‬‬
‫ََِٗ‪ ،‬صَٖ‬
‫(ُٗٗ)انظر‪ :‬مدخل إلى مناىج النقد األدبي‪ ،‬ترجمة‪ ،‬رضكاف ظاظا‪ ،‬سمسمة عالـ المعرفة‪ ،َُٗٗ ،‬صُُٔ‬
‫(ََِ)انظر‪ :‬بدكم ‪،‬أحمد ‪ ،‬أسس النقد األدبي عند العرب‪ ،‬مكتبة‌نيضخ‌‪‌،‬ه ش‪6996‌‌،‬م ص ُّٓ‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫مصطمحان أعمؽ مف تمؾ المصطمحات الببلغية باعتبارىا الكحدة التي تندغـ فييا أطراؼ التجربة‬

‫المككنة مف الفكر كاالنفعاؿ كالتأمبلت كالمفظ كالمعنى كاإليقاع المكسيقي(َُِ)‪ .‬أما الخياؿ "فيك‬
‫ٌ‬

‫القدرة التي بيا تمتزج ىذه العناصر المتباعدة في أصميا‪ ،‬كالمختمفة كؿ االختبلؼ‪ ،‬كي تصير‬

‫مجمكعان متعلفان منسجمان"(َِِ)‪ .‬كيتناكؿ ىذا الفصؿ المباحث اآلتية‪:‬‬

‫المبحث األكؿ‪ :‬مفيكـ الصكرة الفنية في النقد‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬كسائؿ الصكرة الفنية في شعر المتنبي‬

‫المبحث الثالث‪ :‬البناء الفني في قصيدة المتنبي‪.‬‬

‫(َُِ)انظر‪:‬السحرتي‪,‬مصطفى عبد المطيف; النقد األدبي من خالل تجاربي‪ ،‬مطبعة لجنة البياف العربي‪،‬‬
‫القاىرة‪ ،‬ص ْٗ‪.‬‬
‫(َِِ)دياب‪ ،‬عبد الحي ‪،‬عباس العقاد ناقداً‪ ،‬مطبعة الشعب‪ ،‬القاىره‪ ،َُٕٗ ،‬ص ُِْ‬

‫‪63‬‬
‫المبحث األول‬

‫مفيوم الصورة الفنية في النقد‬

‫حظػػي مصػػطمح الصػػكرة باىتمػػاـ الببلغيػػيف كالنقػػاد عمػػى حػػد س ػكاء؛ ككػػاف مثػػار الخػػبلؼ‬

‫بيػػنيـ فػػي الفصػػؿ بػػيف المفػػظ كالمعنػػى‪ ،‬فػػالمفظ ىػػك الصػػياغة الشػػكمية كالييكػػؿ التركيبػػي فػػي العمػػؿ‬

‫األدبي ‪ ،‬كالمعنى ىك الفكرة المجردة التي تفي بالغرض‪.‬‬

‫أف "ثػكرة‬
‫فقد تـ استخداـ مصػطمح الصػكرة‪ ،‬منػذ أرسػطك إلػى اليػكـ‪ ،‬بصػكر متعػددة‪ ، ،‬إال ٌ‬
‫المسانيات كانت السبب في دفع ىذا المصطمح إلى اليامش‪ ،‬لصالح مفاىيـ كمصطمحات الببلغػة‬

‫المكركثة‪ ،‬مثػؿ التشػبيو كاالسػتعارة كالمجػاز المرسػؿ‪ ،‬كمػع أف الببلغيػيف الجػدد كثيػ انر مػا دفعػكا إلػى‬

‫الكقكؼ عمى الرابطة التي تجمع بيف االستعارة كالتشبيو‪ ،‬فقد كجدكا‪ ،‬في مصطمح الصػكرة‪ ،‬أحسػف‬

‫جامع بينيما(َِّ)‪.‬‬

‫كلما كاف العمؿ الشعرم ميدانان خصػبا يجمػع بػيف جمػاؿ المغػة مػف جيػة كالفكػرة االساسػية‬

‫مػػف ذلػػؾ العمػػؿ مػػف جيػػة أخػػرل كػػاف ال ب ػد مػػف مكائمػػة المغػػة كتناغميػػا مػػع الفك ػرة ب طػػار مكحػػد‬

‫يكسػب الػنص جمػاالن‪ ،‬كيمفػػت االنتبػاه إلػى طبيعػػة المعنػى فػي عرضػو كأسػػمكبو منسػجمان مػع سمسػػمة‬

‫األلفاظ المشيرة إلى المعاني‪ ،‬غير منفصؿ عنيا في حاؿ مف األحكاؿ ‪ ،‬كىذا ما يدفع المتمقي إلى‬

‫البحث عف مككنػات الصػكرة فػي محاكلػة الكتشػاؼ العبلقػات القائمػة بػيف المغػة كالفكػرة ‪ ،‬أك المفػظ‬

‫كالمعنػػى ‪ .‬أك الشػػكؿ كالمضػػمكف ‪ ،‬كيكػػكف طري ػؽ كشػػؼ ىػػذه العبلقػػات ىػػك التنقػػؿ فػػي اسػػتنباط‬

‫المعاني مف سبؿ صياغتيا في التشبيو كاالستعارة كالتمثيؿ كالمجاز‪ ،‬كىذه ىي مجمكعػة العبلقػات‬

‫في التناسب كالمحمة التي تبنى عمييا أصكؿ الصكرة الفنية‪ .‬كيتناكؿ ىذا المبحث المطالب اآلتية‪:‬‬

‫المطمب األكؿ‪ :‬مفيكـ الصكرة الفنية في النقد القديـ‬

‫المطمب الثاني‪ :‬مفيكـ الصكرة في التراث النقد الحديث‬

‫(َِّ)انظر‪ :‬الكالي محمد‪ ،‬الصورة الشعرية في الخطاب البالغي والنقدي‪ ،‬المركز الثقافي العربي‪ ،‬بيركت‪،‬‬
‫الطبعة األكلى‪ ،َُٗٗ ،‬صُٓ‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫المطمب األول‪:‬‬

‫مفيوم الصورة الفنية في النقد القديم‬

‫مصطمح الصكرة ليس مف المصطمحات المعاصرة‪ ،‬بؿ ىك مصطمح قديـ لو جذكره‬

‫التاريخية في التراث النقدم‪ ،‬ثـ شاع ىذا المصطمح عند النقاد في العصر الحديث حتى أصبح‬

‫المدخؿ الذم عمى أساسو يتـ نقد العمؿ الشعرم‪.‬‬

‫فالناظر في التراث النقدم كالببلغػي ال يجػد مصػطمح الصػكرة الشػعرية ‪ ،‬كا َّف كػاف الشػعر‬

‫القديـ ال يخمػك مػف ضػركب التصػكير ‪ ،‬كمػرد ذلػؾ إف التصػكيركاف ينحصػر فػي مجػاالت الببلغػة‬

‫المختمفة كالمجاز ك التشبيو ك االستعارة‪.‬‬

‫كلعؿ خمك التراث النقدم كالببلغي مف مصطمح الصكرة الشعرية كاف ىك السبب الذم‬

‫دفع بالعديد مف النقاد العرب إلى القكؿ بأف الشعر العربي القديـ لـ يعرؼ ىذا المصطمح‪ ،‬كانما‬

‫(َِْ)‬
‫تسرب مصطمح الصكرة إلى النقد العربي القديـ مف فمسفة أرسطك‬

‫كلكف نظرة متأنية إلى التراث الببلغي القديـ تيظير بكضكح أف النقاد القدامى كانكا عمى‬

‫دراية بمصطمح الصكرة‪ ،‬فالجاحظ(ِٓٓق) يحكـ عمى الشعر مف خبلؿ الصياغة كالتصكير‬

‫حيث إف " المعاني مطركحة في الطريؽ‪ ،‬يعرفيا العجمى كالعربي‪ ،‬كالبدكم كالقركم‪ ،‬كانما الشأف‬

‫في إقامة الكزف‪ ،‬كتخير المفظ‪ ،‬كسيكلة المخرج ككثرة الماء‪ ،‬كفي صحة الطبع‪ ،‬كجكدة السبؾ‪،‬‬

‫ف نما الشعر صياغة‪ ،‬كضرب مف التصكير"(َِٓ)‪ ،‬كيضيؼ الجاحظ عمى ما سبؽ بقكلو "كمف‬

‫الدليؿ عمى أف مدار الببلغة عمى تحسيف المفظ‪ ،‬أف الخطب الرائعة‪ ،‬كاألشعار الرائقة‪ ،‬ما عممت‬

‫(َِْ)مثؿ ىذا االتجاه الدكتكر عمي البطؿ‪ ،‬في كتابو الصكرة في الشعر العربي حتى آخر القرف الثاني اليجرم‪.‬‬
‫(َِٓ)الجاحظ‪ ،‬أبك عثماف عمرك‪،‬البيان والتبيين‪ ،‬تحقيؽ عبد السبلـ ىاركف‪ ،‬مكتبة الخانجي‪ .‬القاىرة‪ .‬الطبعة‬
‫السابعة‪،‬جػ ّ صَْ‬

‫‪65‬‬
‫إلفياـ المعاني فقط ألف الردمء‪ ،‬مف المفظ‪ ،‬يقكـ مقاـ الجيد منيا في اإلفياـ"(َِٔ)‪ .‬كيفيـ مف‬

‫كبلـ الجاحظ أنو يتعامؿ مع الصكرة كفؽ ثبلثة مبادئ نقدية ىي(َِٕ)‪:‬‬

‫ُ‪ -‬لمشعر أسمكبو الخاص في صياغة المعاني كاألفكار‪ ،‬كىك يتميز ب ثارة انفعاؿ المتمقي كحممو‬

‫عمى اتخاذ مكقؼ معيف‪.‬‬

‫ِ‪ -‬صياغة الشعر تقكـ غالبان عمى أساس تقديـ المعنى بطريقة حسية‪.‬‬

‫ّ‪ -‬التقديـ الحسي لمشعر يجعمو قريبا لمرسـ‪ ،‬كمشابيا لو بطريقة التقديـ كالصياغة‪.‬‬

‫أما قدامة بف جعفر ( ت ّّٕ ىػ ) فقد استعمميا نصان ‪ ،‬كاعتبرىا الييكؿ كالشكؿ في مقابؿ‬

‫المادة كالمضمكف‪ ،‬فقاؿ متحدثان عف الشعر"معاني بمنزلة المادة المكضكعة‪ ،‬كالشعر فييا كالصكرة‬

‫بد فييا مف شيء مكضكع يقبؿ تأثير الصكر(َِٖ)‪.‬‬


‫‪ ،‬كما يكجد في كؿ صناعة مف أنو ال ٌ‬

‫كيبلحظ أف ابف قدامة قد تقدـ خطكة جديدة عف التصكير عما كاف عند الجاحظ‪ ،‬فقد‬

‫ذكر الصكرة نصا‪ ،‬كجعؿ لمشعر مادة تتمثؿ في المعاني كىي مبذكلة لمشاعر يمنح منيا كيؼ‬

‫(َِٗ)‬
‫يشاء‪ ،‬كصكرة كىي الصياغة المفظية عمى أف تككف الصناعة في غاية اإلتقاف كالجكدة‪.‬‬

‫ككاف أبك ىبلؿ العسكرم (ّٓٗق) قد أشار إلى الصكرة في مكضكع اإلبانة عف حد‬

‫الببلغة بقكلو " كالببلغة كؿ ما تبمغ بو المعنى قمب السامع فتمكنو في نفسو لتمكنو في نفسؾ مع‬

‫(َِٔ)الجاحظ‪ ،‬أبك عثماف عمرك‪،‬البيان والتبيين ‪،‬ص ِّٓ ‪.‬‬


‫(َِٕ) انظر‪ :‬عصفكر‪ ،‬جابر‪،‬الصورة الفنية في التراث النقدي والبالغي عند العرب‪،‬المركز الثقافي العربي‪, ،‬‬
‫‪ ،1992 -‬صِٕٓ‪.‬‬
‫(َِٖ) انظر‪ :‬قدامة‪ ،‬جعفر‪ ،‬نقد الشعر‪،‬تحقيؽ ‪ :‬محمد عبد المنعـ خفاجي دار الكتب العممية بيركت‪ ،‬د‪.‬ت‪،‬‬
‫صْ‪.‬‬
‫(َِٗ)انظر‪ :‬إبراىيـ‪ ،‬طو أمجد ‪ ،‬تاريخ النقد الدبي عند العرب في العصر الجاىمي‪ ،‬دار الحكمة‪ ،‬بيركت‪ ،‬ص‬
‫ُُّ‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫صكرة مقبكلة كمعرض حسف‪ ،‬كانما جعمنا المعرض كقبكؿ الصكرة شرطان في الببلغة ألف الكبلـ‬

‫إذا كانت عبارتو رثة كمعرضو خمقان لـ يسـ بميغان كاف كاف مفيكـ المعنى مكشكؼ المغزل"(َُِ)‪.‬‬

‫كفي معرض حديثة عف االستعارة المقيدة تحدث عبدالقاىر الجرجاني(ُْٕق) عف‬

‫أىمية الصكرة بقكلو" كمف الفضيمة الجامعة فييا أٌنيا تبرز ىذا البياف في صكرة مستجدة تزيد قدره‬

‫(ُُِ)‬
‫نببلن‪ ،‬كتكجب لو بعد الفضؿ فضبلن "‬

‫ربط الجرجاني الصكرة بدكافع نفسية عبلكة عمى الخصائص الذكقية كالحسية‪ ،‬حيث‬

‫تجتمع ىذه الخصائص جميعا عمى شكؿ كشائ كعالقات حية‪ ،‬لتعطى الصكرة أشكاال كعمقا‬

‫مؤثريف‪ ،‬ففي معرض حديثة عف االستعارة المقيدة تحدث عبدالقاىر الجرجاني عف أىمية الصكرة‬

‫بقكلو" كمف الفضيمة الجامعة فييا إنيا تبرز ىذا البياف في صكرة مستجدة تزيد قدره نببلن‪ ،‬كتكجب‬

‫لو بعد الفضؿ فضبلن "(ُِِ) كعمؿ ذلؾ بالقكؿ "إ ٌف التمثيؿ إذا جاء في أعقاب المعاني‪ ،‬أك برزت‬

‫ىي باختصار في معرضو ‪ ،‬كنقمت عف صكرىا األصمية إلى صكرتو‪ ،‬كساىا ٌأبية‪ ،‬ككسبيا‬

‫النفكس ليا‪ ،‬كدعا القمكب‬


‫شب مف نارىا‪ ،‬كضاعؼ قكاىا في تحريؾ ٌ‬
‫منقبة‪ ،‬كرفع مف أقدارىا‪ ،‬ك ٌ‬

‫محبة‬
‫إلييا‪ ،‬كاستثار ليا مف أقاصي األفئدة صبابة ككمفا‪ ،‬كقسر الطٌباع عمى أف تعطييا ٌ‬
‫(ُِّ)‬
‫كشغفا"‬

‫أم ا عناصر الصكرة عند الجرجاني فيي متعددة‪ ،‬فقد تعتمد عمى األنكاع البيانية كالتشبيو‬
‫ٌ‬

‫كاالستعارة كالكناية‪ ،‬كقد تعتمد عمى أنكاع أخرل كالتقديـ كالتأخير أك الخبر كاإلنشاء كما يمٌح‬

‫عمى عدـ الفصؿ بيف الصكرة كمادتيا‪ ،‬ألف بينيما عبلقة تفاعؿ كانصيار‪ ،‬فميس ىناؾ انفصاؿ‬

‫(َُِ)العسكرم‪،‬ابك ىبلؿ‪ ،‬الصناعتين‪ :‬الكتابة والشعر‪ ،‬تحقيؽ عمي محمد البجاكم‪ ،‬محمد ابك الفضؿ ابراىيـ‬
‫‪ -‬مطبعة عيسى البابي الحمبي كشركائو ‪ -‬د‪.‬ت‪ ،‬صُٗ‪.‬‬
‫(ُُِ)الجرجاني‪ ،‬عبدالقاىر‪ ،‬أسرار البالغة‪ ،‬تحقيؽ محمكد شاكر‪ ،‬طُ‪ ،‬مكتبة الخانجي‪ ،ُُٗٗ ،‬صُْ‪.‬‬
‫(ُِِ)المصدر السابؽ‪ ،‬صِْ‪.‬‬
‫(ُِّ)المصدر السابؽ‪،‬ف فس الصفحة‬

‫‪67‬‬
‫لما جيمكا شأف الصكرة‬
‫رد الجرجاني عمى معاصريو بأنيـ " ٌ‬
‫بنيف المفظ كالمعنى كفي ىذا الصدد ٌ‬
‫(ُِْ)‬
‫كضعكا ألنفسيـ أساسا كبنكا عمى قاعدة فقالكا ‪ :‬إنو ليس إال المعنى كالمفظ كال ثالث"‬

‫أما حازـ القرطاجي( ‪684‬ىػ) فقد فيـ الصكرة باعتبارىا في مكامف المحاكاة‬

‫كالتخيؿ(ُِٓ)‪ ،‬كسر اىتمامو بالمحاكاة أنيا مف دكاعي اإلعجاب بالشعر كتذكقو كفيمو فيما‬

‫تعرؼ بو الصكرة الشعرية‬


‫صحيحا ‪ ،‬لذا كاف فيـ حازـ القرطاجي لمصكرة مف أنض ما يمكف أف ٌ‬

‫فقد كاف " الناقد العربي الكحيد الذم استطاع أف يدرؾ الطبيعة الحسية لمشعر ‪ ،‬كقدرة صكره عمى‬

‫التقديـ الحسي ضمف تصكر متماسؾ لطبيعة الشعر أك أىميتو في نفس الكقت كال يظير أف‬

‫(ُِٔ)‬
‫المعاصريف استطاعكا أف يضيفكا إليو شيئان ذا أىمية "‬

‫(ُِْ)الجرجاني‪ ،‬دالئؿ اإلعجاز‪ ،‬مكتبة الخانجي‪ ،‬القاىرة‪ ،‬د‪.‬ف‪ ،‬صُْٖ‪.‬‬


‫(ُِٓ)انظر‪ :‬الدخيؿ‪ ،‬محمد‪ ،‬مفيكـ الصكرة الفنية في ضكء المكركث النقدم العربي القديـ‪ :‬نظرية المحاكاة عند‬
‫أدبية‪ ،‬العدد الثاني‪ ،‬صَٕ‪.‬‬
‫حازـ القرطاجني أنمكذجا‪ ،‬مجمة دراسات ٌ‬
‫(ُِٔ)جابر عصفكر‪ ،‬الصكرة الفنية في التراث النقدم كالببلغي‪ ،‬المركز الثقافي العربي‪ ،ُٗٓٓ ،‬صُْْ‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫المطمب الثاني‪:‬‬

‫مفيوم الصورة في النقد الحديث‬

‫اتٌجو النقاد في العصر الحديث لدراسة الصكرة بشكؿ الفت لمنظر‪ ،‬كبات اىتماميـ‬

‫بمعالجة قضاياىا أكثر مف ذم قبؿ‪ ،‬كال أد ٌؿ عمى ذلؾ مف ىذا الكـ اليائؿ مف الدراسات التي‬

‫اتخذت مف الصكرة عنكانا ليا‪ ،‬كسر ذلؾ أف الصكرة كسيمة الشاعر في محاكلتو إخراج ما بقمبو‬

‫كعقمو كايصالو إلى غيره‪ ،‬فما بداخمو مف مشاعر كأفكار يتحكؿ بالصكرة إلى أشكاؿ‪.‬‬

‫كقبؿ الحديث عف مكقؼ النقاد المعاصريف مف الصكرة ال بد مف إلقاء الضكء عمى‬

‫الصكرة في النقد الغربي باعتبارىا مصدر اإللياـ لمعديد مف النقاد العرب‪.‬‬

‫حصر النقاد الغربيكف الصكرة في ثبلث دالالت ىي‪:‬‬

‫ُ‪ -‬الصكرة بكصفيا نتاجا لعمؿ الذىف اإلنساني أك(الصكرة الذىنية) إبداع ذىني صرؼ‬

‫‪ ،‬كىي ال يمكف أف تنبثؽ مف المقارنة ك إنما تنبثؽ مف الجمع بيف حقيقتيف كاقعيتيف تتفاكتاف في‬

‫البعد قمة ككثرة ؛ كال يمكف إحداث صكرة المقارنة بيف حقيقتيف كاقعيتيف بعيدتيف إذ لـ ىي ٍد ًر ي‬
‫ؾ ما‬

‫(ُِٕ)‬
‫بينيما مف عبلقات سكل العقؿ‬

‫يجسد رؤية رمزية ‪ :‬كالرمز في ذاتو كسيمة إيحائية مف أبرز‬


‫ِ‪ -‬الصكرة بكصفيا نمطا ٌ‬

‫كسائؿ التصكير كبخاصة في الشعر أك في النثر كىي قديمة كلكف الشاعر المعاصر غمبيا في‬

‫تجاربو الشعرية لبلنتقاؿ الحداثي مف ببلغة الكضكح إلى ببلغة الغمكض في سعيو الدائـ كراء‬

‫اكتشاؼ كسائؿ تعبير لغكية يثرم بيا لغتو الشعرية‪ ،‬فيك مرتبط كؿ االرتبػاط بالتجربػة الشعرية‬

‫(ُِٕ) انظر‪:‬كىبة‪ ،‬مجدم‪ ،‬معجـ مصطمحات األدب –مكتبة لبناف‪ -‬بيركت –ُْٕٗ‪ -‬صِّٕ‬

‫‪69‬‬
‫التي يعانييا في كاقعو الراىف(ُِٖ)‪ .‬ككفقا (لكارؿ يكنغ) ف ف الكممة أك الصكرة التي يختارىا‬

‫حيا تكحي بشيء أكبر مػف معناه الكاضح المباشر‪ ،‬كبذلؾ يككف ليا جانب أك‬
‫الشاعر تككف رم از ٌ‬
‫ُِٗ‬
‫مظير ال شعكرم يصعب تحديده أك تفسػيره بدقػة‬

‫ّ‪ -‬الصكرة بكصفيا مجا از أك (الصكرة المجازية) ‪:‬‬

‫كفي النقد العربي حظيت الصكرة الشعرية في النقد العربي الحديث باىتماـ عدد مف النقاد الذيف‬

‫قامكا باستعراض تمؾ الجيكد كتقكيميا‪ ،‬فتعددت مذاىبيـ في نقد الصكرة ‪ ،‬ككانت االتجاىات‬

‫الحديثة تنحصر باالتي‪:‬‬

‫ُ‪-‬االتجاه األكؿ‪ :‬انجاه يمثمو مف يميمكف لمنقاد ألكركبييف في عمميـ ‪ ،‬كينفكف عف‬

‫العرب معرفتيـ لمصكرة الفنية إذ التفت بعضيـ إلى النقد الغربي‪ ،‬كرفض أصحاب ىذا االتجاه‬

‫الدراسات الببلغية القديمة ألنيا في رأم الدكتكر عمي البطؿ تسعى إلى التقنيف النظرم لمصكرة‬

‫(َِِ)‬
‫حيث تبنكا المني‬ ‫مف كجية نظر الببلغة القديمة كما رفضكا تعريؼ الببلغييف لمصكرة‬

‫األسطكرم‪ ،‬كطبقكه عمى الشعر العربي منذ الجاىمية كحتى آخر القرف الثاني اليجرم‪ ،‬معمنيف أف‬

‫بحثيـ محاكلة لمكشؼ عف كجو لمشعر العربي كاف محتجبان طيمة ىذه الفترة الطكيمة مف عمره‪،‬‬

‫عف كجو ارتباطو الكثيؽ بالحياة الدينية كاألساطير القديمة" رافضيف أف ترتكز الصكرة عمى‬

‫الببلغة‪ ،‬فقاؿ‪" :‬لقد رفضت بعض الدراسات التي أينجزت حديثان عف الصكرة ألنيا تسعى نحك‬

‫التقنيف النظرم لمصكرة مف كجية النظر الببلغية القديمة"‪ .‬كمف ركاد ىذا االتجاه عبدالرحمف‬

‫نصرت عبدالرحمف كالذم أعمف أف " مصطمح الصكرة مف المصطمحات النقدية الكافدة التي ليس‬

‫(ُِٖ) انظر‪:‬‬
‫السحمدم‪ ،‬بركاتي ‪ ،‬الرمز التاريخي ودللتو في شعر عز الدين مييوب‪ ،‬رسالة ماجستير غير‬
‫منشكرة‪ ،‬الجزائر ‪ ،ََِٖ ،‬صٖ‪.‬‬
‫(ُِٗ)‬
‫أنظر‪ :‬أبك زيد‪ ،‬احمد‪ ،‬الرمز و األسطورة في البناء الجتماعي ‪،‬مجمة عالـ الفكر‪،‬العددُٖٓٗ‪،َّ،‬صْ‪.‬‬
‫(َِِ)انظر‪ :‬البطؿ‪ ،‬عمي ‪ ،‬الصورة في الشعر العربي حتى آخر القرن الثاني اليجري‪ ،‬صٗ‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫(ُِِ)‪.‬‬
‫كفي دراستو لمصكرة الفنية في الشعر الجاىمي مف كجية نظر‬ ‫ليا جذكر في النقد العربي "‬

‫النقد الحديث‪ ،‬بيف أف الصكرة " تحمؿ في خباياىا حقائؽ شعرية تنأل بيا عف الزخرؼ الشعرم‪،‬‬

‫كعف صندكؽ األصباغ‪ ،‬كعف الببلغة"(ِِِ) كلمصكرة عنده أنكاع أربعة ىي(ِِّ)‪:‬‬

‫الصكرة التقريرية‪ ،‬كىي التي ال تحكم تشبييان أك مجا انز‬

‫الصكرة التشبييية‪ ،‬كىي الصكرة التي يتجسـ فييا المعنى عمى ىيئة عبلقة بيف حديف‪.‬‬

‫الرمز األيقكني‪ ،‬كىي الصكرة التي تدؿ عمى صكرة مادية بينيما عبلقة تشابو‬

‫‪ -‬االستعارة‪ ،‬كيبدك أنيا كاكبت البشر مف االعتقاد إلى المجاز‪.‬‬

‫نصرت عبدالرحمف النقدم لمصكرة لـ يسمـ مف النقد أيضا ككانت أبرز‬ ‫عمى أف مني‬
‫المبلحظات النقدية عمى منيجو أنو لـ ً‬
‫يأت بتعريؼ محدد لمصكرة كانما نقد الشعر العربي في‬

‫ضكء النظريات الغربية‪.‬‬

‫كمف ركاد ىذا االتجاه أيضا نعيـ اليافي كالذم يرل أ ٌف "ثمة عبلقة بيف الصكرة كاألشكاؿ‬

‫الببلغية القديمة التي تعرضنا ليا في الفصؿ الثالث‪ ،‬ككانت كجية نظرنا أنيا – أم األشكاؿ‬

‫الببلغية القديمة – أبنية متيدمة استنفدت طاقاتيا‪ ،‬كخمقت جدتيا‪ ،‬كطاؿ عمييا الزمف‪ ،‬كقد‬
‫(ِِْ)‬
‫رفضنا طبيعتيا ككظائفيا"‬

‫االتجػػاه الثػػاني‪ :‬فػػي نقػػد الصػػكرة كقػػد مثمػػو الػػدكتكر عػػز الػػديف إسػػماعيؿ حيػػث أضػػاؼ مفػػاىيـ‬

‫فركيديػػة دكف اإلشػػارة إلػػى مصػػدرىا كمػػا فعػػؿ مػػع مفػػاىيـ التكثيػػؼ كاإل ازحػػة كالرمػػز‪ ،‬كربمػػا يعػػزل‬

‫(ُ) نصػػرت عبػػد الػػرحمف‪ :‬الصــورة الفنيــة فــي الشــعر الجــاىمي فــي ضــوء النقــد الحــديث‪ ،‬دار الفكػػر‪ ،‬بيػػركت‪،‬‬
‫ُٖٓٗ‪ ،‬صٖ‬
‫( ِ) انظر‪ :‬المرجع السابؽ‪ ،‬صَُ‪.‬‬
‫(ّ)انظر‪ :‬المرجع السابؽ‪ ،‬صُّ‪.‬‬
‫(ْ) اليافي نعيـ حسف ‪ ،‬مقدمة لدراسة الصورة الفنية‪ ،‬منشكرات ك ازرة الثقافة كاإلرشاد القكمي‪ ،‬دمشؽ‪،ُِٖٗ ،‬‬
‫ص ٖ‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫صمتو عف مصادر ىذه المفاىيـ لرغبتو في تقكيـ ىذه المفاىيـ كاستخداميا كفؽ ىكاه طمبان لمحرية‬

‫في األخذ مف مصادر شتى(ِِٓ)‪.‬‬

‫كممػػا سػػبؽ يظيػػر أف النقػػاد القػػدامى قػػد حػػددكا جممػػة مػػف المعػػايير التػػي يمكػػف مػػف خبلليػػا الحكػػـ‬

‫عمػػى جػػكدة الشػػعر‪ ،‬مػػع مبلحظػػة أف الخػػبلؼ بػػيف النقػػاد القػػدامى كالمعاص ػريف كػػاف فػػي طبيعػػة‬

‫األلفاظ المستخدمة في النقد‪ ،‬فمصطمح الصكرة الفنية كاف لـ يتداكلو النقاد القدامى بيذا المفظ؛ اإل‬

‫أف ذلػػؾ ال يعنػػي أنيػػـ لػػـ يككن ػكا عمػػى د اريػػة بتمػػؾ المعػػايير‪ .‬كعميػػو ف نػػو ال عب ػرة باسػػتخداـ نفػػس‬

‫االلفاظ أك المصطمحات مػا دامػت عمميػة النقػد تػتـ عمػى أسػس ثابتػو كتمػؾ التػي حػددىا الجرجػاني‬

‫أك القرطاجي‪ ،‬أما في النقد الحديث فقد كاف بعض النقاد عمى نحك ما ذكرنا يميمكف إلػى اسػتخداـ‬

‫نفػػس المصػػطمح الػػذم تػػـ تداكلػػو فػػي النقػػد الغربػػي كاعتبػػركا أف خمػػك النقػػد األدبػػي القػػديـ مػػف ىػػذا‬

‫المصػطمح إنمػا ىػػك لعػدـ معػرفتيـ بػػو‪ .‬لػذا فػ نني أميػؿ إلػى الػرأم بػأف الخػبلؼ بػػيف النقػاد القػػدامى‬

‫كالمحدثيف إنما يرجع إلى األلفاظ أكثر منو إلى حقيقة نقد الشعر ذاتو‪.‬‬

‫(ِِٓ(انظر‪ :‬ربابعة‪ ،‬حسف‪ ،‬الصورة الفنية في شعر البحتري‪ ،‬رسالة دكتكراه غير منشكرة‪ ،‬جامعة اليرمكؾ‪،‬‬
‫ُْٗٗ ‪ ،‬ص‪َُ.‬‬

‫‪72‬‬
‫المطمب الثالث‬

‫وسائل الصورة الفنية في شعر المتنبي‬

‫الصكرة الفنية في أساسيا أبنية لمخياؿ‪ ،‬لذا يجتمع فييا أربعة عناصر؛ العنصر الظاىر أك‬
‫العنصر الحسي كيتمثؿ في العالـ المحسكس؛ ألف الصكرة ىي كؿ شيء تعيف عمى رؤيتو أك‬
‫سماعو أك لمسو أك تذكقو(ِِٔ) أما العنصر الثاني فيك الجانب الباطف في الصكرة كيمثمو أفكار‬
‫(ِِٕ)‬
‫فالشعر في أساسو‬ ‫الشاعر كنفسيتو التي ىزتيا تجربة عميقة "فكؿ منظر فني حالة نفسية"‬
‫(ِِٖ)‬
‫ألف العاطفة ىي‬ ‫تكافؤ بيف العاطفة داخؿ الشاعر كبيف الصكر التي تخرج بيا ىذه العاطفة‬
‫بد أف تككف الصكرة محاطة ب حساسات حادة‪ ،‬ممتزجة‬ ‫التي تحدث أث ار في نفس المتمقي " فبل ٌ‬
‫بعكاطؼ أخبلقية"(ِِٗ)‪ .‬كالعنصر الثالث في الصكرة ىك االنفعاؿ باعتبار أف التجربة الشعرية‬
‫(َِّ)‬
‫كالعنصر الرابع في الصكرة ىك‬ ‫تنت عف التأمؿ الكجداني في الصفات كاإلشكاؿ المحسكسة‬
‫القيمة فالقيمة التي تخمفيا الصكرة ىي التي تنظـ التجربة اإلنسانية عامة كتحقؽ كحدة الكجكد أك‬
‫إدراؾ لحظة التجانس الككني العاـ كىي بذلؾ تكشؼ عف المعنى األعمؽ لمحياة كتقكد إلى بعث‬
‫(ُِّ)‬
‫كتتعدد كسائؿ الصكرة الفنية‪ ،‬كيأتي ىذا المبحث إللقاء‬ ‫الخير كالحياة فييا بصكرة أعمؽ‬
‫الضكء عمى أبرز كسائؿ الصكرة الفنية مف خبلؿ المطالب اآلتية‪:‬‬
‫‪ -‬التشبيو‬
‫‪ -‬االستعارة‬
‫‪-‬التشخيص‬

‫‪-‬التشبيو‪:‬‬

‫يعد التشبيو مف أبرز كسائؿ بناء الصكرة الفنية لما لو مف دكر كبير في تقريب المعني‬

‫عرفو ابف رشيؽ بقكلو "التشبيو‪ :‬صفة الشيء بما قاربو كشاكمو مف جية‬
‫الخفي إلى المتمقي‪ ،‬فقد ٌ‬

‫(ِِٔ)انظر‪ :‬جكيك‪ ،‬مسائل فمسفة الفن المعاصر‪ ،‬ترجمة سامي الدركبي‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬القاىرة‪ ،ُْٖٗ،‬صّٕ‬
‫(ِِٕ)انظر‪ :‬الرباعي‪ ،‬عبدالقادر‪،‬الصورة الفنية في النقد الشعري‪ ،‬صٕٖ‬
‫(ِِٖ)انظر‪ :‬كرتشو‪ ،‬المجمل في فمسفة الفن ترجمة سامي الدروبي‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬القاىرة‪ ،ُْٕٗ،‬صٔ‬
‫(ِِٗ)انظر‪ :‬جكيك‪ ،‬مسائل فمسفة الفن المعاصر‪.ٖٗ ،‬‬
‫(َِّ)رينيو كيمؾ ك أكستف كاريف‪ ،‬نظرية األدب‪،‬صِْٔ‪.‬‬
‫(ُِّ) تشارلسمكرجاف‪ ،‬الكاتب وعالمو‪ ،‬ترجمة شكرم محمد عياد‪ ،‬الييئة المصرية العامة لمكتب‪،‬‬
‫القاىرة‪،‬صِٓ‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫(ِِّ)‬
‫أما عبد‬ ‫كاحدة أك جيات كثيرة‪ ،‬ال مف جميع جياتو‪ ،‬ألنو لك ناسبو مناسبة كمية لكاف إياه"‬

‫شبو أحدىما باآلخر كاف ذلؾ عمى ضربيف أحدىما‪:‬‬


‫القاىر الجرجاني فقاؿ "كاعمـ أف الشيئيف إذا ٌ‬

‫محصبل بضرب‬
‫ٌ‬ ‫أف يككف مف جية أمر ٌبيف ال يحتاج فيو إلى تأكيؿ‪ ،‬كاآلخر‪ :‬أف يككف الشبو‬

‫(ِّّ)‬
‫أك ىك " عقد مماثمة بيف أمريف‪ ،‬أك أكثر‪ ،‬قصد اشتراكيما في صفة‪ :‬أك‪ :‬أكثر‪،‬‬ ‫مف التأكيؿ"‬

‫بأداة‪ :‬لغرض يقصد المتكمـ لمعمـ"(ِّْ)‪.‬‬

‫فالتشبيو إذان ىك عبلقة مقارنة بيف طرفيف الشتراكيما في صفة أك حالة‪ ،‬أك مجمكعة صفات‬

‫أك أحكاؿ‪ ،‬كىذه العبلقة قد تستند إلى مشابية حسية‪ ،‬أك قد تستند إلى مشابية في الحكـ أك‬

‫المقتضى الذىني‪ ،‬الذم يربط بيف الطرفيف المقارنيف‪ ،‬دكف أف يككف مف الضركرم أف يشترؾ‬

‫الطرفاف في الييئة المادية‪ ،‬أك في أكثر الصفات المحسكسة(ِّٓ)‪.‬‬

‫يقكؿ الجاحظ‪" :‬كقد يشبو الشعراء كالعمماء كالبمغاء اإلنساف بالقمر كالشمس‪ ،‬كالغيث كالبحر‪،‬‬

‫(‪)ٕٖٙ‬‬
‫كباألسد كالسيؼ‪ ،‬كبالحية كالنجـ‪ ،‬كال يخرجكف بيذه إلى حد اإلنساف"‪.‬‬

‫كلكنو قد يختار‬
‫قاؿ ابف قتيبة ‪":‬كليس ك ٌؿ الشعر يختار (كيحفظ) عمى جكدة المفظ كالمعنى‪ٌ ،‬‬

‫كيحفظ عمى أسباب منيا اإلصابة فى التشبيو"‪ )ٕٖٚ( ،‬كىك مف األساليب الشائعة في كبلـ العرب‬

‫بيدؼ إضفاء جماالن كركنقان عمى الكبلـ ليقع في نفس المتمقي مكقعان حسنان‪ ،‬قاؿ المبرد ‪":‬كالتشبيو‬

‫(ِِّ)ابف رشيؽ‪ ،‬أبك عمى الحسف بف رشيؽ‪ ،‬العمدة في محاسف الشعر كآدابو‪ ،‬تحقيؽ‪ ،‬محمد محيي الديف عبد‬
‫الحميد ‪ ،‬دار الجيؿ‪ ،‬بيركت‪ ،ُُٖٗ ،‬ج ُ ‪،‬ص ِٔٓ‪.‬‬
‫(ِّّ)الجرجاني‪ ،‬عبد القاىر‪ ،‬إسرار الببلغة في عمـ البياف‪ ،‬عبد الحميد ىنداكم‪ ،‬دار الكتب العممية‪،‬‬
‫بيركت‪.َٕ،‬‬
‫(ِّْ)الياشمي‪ ،‬أحمد ‪،‬جكاىر الببلغة في المعاني كالبياف كالبديع‪،‬المكتبة العصرية‪ ،‬بيركت‪( ،‬د‪.‬ف) صُِٗ‪.‬‬
‫(ِّٓ) انظر‪ :‬لمرماني‪ ،‬عمي بف عيسى‪ ،‬النكت في إعجاز القرآف‪ ،‬تحقيؽ محمد خمؼ اهلل‪ ،‬د‪ .‬محمد زغمكؿ‬
‫سبلـ‪،‬دار المعارؼ ‪ ،‬مصر‪ ،ُٕٗٔ ،‬صَٕ‪.‬‬
‫(ِّٔ) الجاحظ‪ ،‬أبك عثماف عمرك بف بحر‪ ،‬الحيكاف‪ ،‬تحقيؽ‪ :‬عبدالسبلـ ىاركف‪ ،‬المجمع العربي اإلسبلمي‪،‬‬
‫بيركت‪ ،‬لبناف‪ ،‬طّ‪ُٗٔٗ ،‬ـ‪،‬جُ‪ ،‬صُُِ‪.‬‬
‫(ِّٕ)ابف قتيبة‪ ،‬أبك محمد عبد اهلل بف مسمـ‪ ،‬الشعر كالشعراء‪ ،‬دار الحديث‪ ،‬القاىرة‪ُِِْ ،‬ق‪ ،‬صٖٓ‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫(‪)ٕٖٛ‬‬
‫جار كثي انر في كبلـ العرب‪ ،‬حتى لك قاؿ قائؿ‪ :‬ىك أكثر كبلميـ‪ ،‬لـ يبعد"‪.‬‬

‫أف التشبيو يقكـ إمكانية المماثمة بيف قطبي المشبو كالمشبو بو‪ ،‬بحيث يحؿ‬
‫كيؤكد الباقبلني ٌ‬

‫أحدىما مكاف اآلخر‪ ،‬سكاء مف حيث الصكرة الحسية التي نحسيا بحكاسنا‪ ،‬أك مف حيث الصكرة‬

‫الذىنية التي ترسميا مخيمتنا(‪.)ٕٖٜ‬‬

‫و‬
‫جممة مف‬ ‫كينظر النقاد إلى التشبيو باعتباره محاكلةن يسعى الشاعر مف خبلليا إلى تطكير‬

‫األلفاظ بيدؼ تقريب المعنى إلى الذىف مف خبلؿ تجسيد الكصؼ المراد تجسيدانحسيان مما يكصؿ‬

‫و‬
‫إلى صكروة جمالية تستقر في ذىف المتمقي مف خبلؿ رابطة الشبو بيف المشبو كالمشبو بو‪ ،‬إذ ٌ‬
‫إف‬

‫األكؿ يككف عقميان كالثاني يككف حسيان كبالتالي تككف عبلقة المشابية مف خبلؿ تقريب المشبو مف‬

‫المشبو بو‪.)ٕٗٓ( .‬‬

‫كتكمف أىمية التشبيو في أنو أسمكب مف أساليب التعبير عف المعاني كنقؿ األفكار كاألخيمة‬

‫إلى األذىاف كالسمك الفكرم مف أرض الكاقع إلى فضاء الخياؿ ككمما كاف التشبيو بميغان كاف‬

‫التصكير أبعد أث انر لدل المتمقي كأقكل ترسيخان في النفكس‪.)ٕٗٔ( .‬‬

‫صفة أك و‬
‫حالة أك اكثر؛ ألف‬ ‫و‬ ‫كصفكة القكؿ في التشبيو ىك أنو ربط بيف شيئيف‪ ،‬أك أكثر في‬

‫نة بيف طرفي التشبيو (المشبو كالمشبو بو) بجامع عبلقة أك ر و‬


‫ابطة‬ ‫التشبيو قائـ عمى عبلقة مقار و‬

‫تجمع بينيما مع األخذ بعيف االعتبار اختبلؼ المشبو عف المشبو بو ألف كياف المشبو ال يتحد‬

‫مع كياف المشبو بو كانما ىناؾ رابطه بيف الكيانيف عبر أداة تككف حاج انز منطقيان كفي حاؿ حذفيا‬

‫(ِّٖ) أبك العباس‪ ،‬محمد بف يزيد المبرد‪ ،‬الكامل في المغة واألدب‪ ،‬المحقؽ‪:‬محمد أبك الفضؿ إبراىيـ‪ ،‬دار‬
‫الفكر العربي – القاىرة‪ ،‬طّ‪ُٕٗٗ ،‬ـ‪ ،‬جّ‪،‬صَٕ‪.‬‬
‫(ِّٗ) الباقبلني‪ ،‬محمد بف الطيب‪ ،‬إعجاز القرآن‪ ،‬تحقيؽ‪ :‬أحمد صقر‪ ،‬دار المعارؼ بمصر‪ ،‬القاىرةف طِ‪،‬‬
‫صِّٔ‪.‬‬
‫(َِْ) انظر‪ :‬الصغير‪ ،‬محمد‪ ،‬الصكرة الفنية في المثؿ القرآني‪ ،‬دار الرشيد‪ ،‬بغداد‪ُُٖٗ .‬ـ‪ ،‬صُٕٔ‪.‬‬
‫(ُِْ) يمكت‪ ،‬غازم‪ ،‬لم أساليب البيان‪ ،‬دار األصالة‪ ،‬بيركت‪ُّٖٗ ،‬ـ‪ ،‬صُّٖ‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫فالتشبيو حين وئذ يتشكؿ في الذىف عمى نية تقديرىا(ِِْ)‪.‬‬

‫كلمتشبيو كظيفةه يسعى الشاعر إلى إيصاليا مف خبلؿ عقد المقارنة بيف شيئيف يشتركاف في‬

‫شبو‪ ،‬كأحسف منو‬ ‫و‬


‫كجو مف كجكه الشبيف كأحسف الشعر كما يقكؿ المبرد‪":‬ما قارب فيو القائؿ إذا ٌ‬

‫كنبو فيو بفطنتو عمى ما يخفى عمى غيره"(ٖٕٗ)‪.‬‬


‫ما أصاب بو الحقيقة‪ٌ ،‬‬

‫أما ابف سناف الخفاجي ف نو يصؼ الكظيفة التي ييممييا التشبيو عمى النص الشعرم بقكلو‬

‫الخفي الذم ال يعتاد بالظاىر المحسكس المعتاد‪،‬‬


‫َّ‬ ‫الغائب‬
‫ى‬ ‫أف يمثؿ‬
‫‪":‬كاألصؿ في حسف التشبيو ٌ‬

‫فيككف حسف ىذا ألجؿ إيضاح المعنى كبياف المراد‪ ،‬أك يمثؿ الشيء بما ىك أعظـ كأحسف كأبمغ‬

‫منو‪ ،‬فيككف حسف ذلؾ ألجؿ الغمك كالمبالغة"(ٕٗٗ)‪.‬‬

‫فالتشبيو أساس االستعارة‪ ،‬كككف التشبيو يفيد الغيرية كال يفيد العينية‪ ،‬ف ف الببلغييف ينطمقكف‬

‫إف االستعارة تعني تناسي التشبيو كحذؼ‬


‫مف ىذا األساس لمتفريؽ بيف التشبيو كاالستعارة‪ ،‬إذ ٌ‬

‫أف المستعار لو قد أصبح عيف المستعار‬


‫أف المشبو عيف المشبو بو‪ ،‬أم ٌ‬
‫المشبو كاألداة‪ ،‬ك ٌادعاء ٌ‬

‫منو(ِْٓ)‪ ،‬يقكؿ ابف رشيؽ ‪":‬التمثيؿ كاالستعارة مف التشبيو‪ ،‬إال أنيما بغير أداتو كعمى غير‬

‫أسمكبو‪ ...‬كسبيؿ التشبيو –إذا كانت فائدتو إنما ىي تقريب المشبو مف فيـ السامع‪ ،‬كايضاحو‬

‫باألدكف إذا أردت ذمو"(ِْٔ)‪.‬‬


‫ى‬ ‫األدكف باألعمى إذا أردت مدحو‪ ،‬كتشبو األعمى‬
‫لو‪ -‬أف تشبيو ى‬

‫فالتشبيو الجيد عند الجرجاني ىك التشبيو الذم يثير المتمقي كيحدث نكعان مف الدىشة‬

‫(ِِْ) انظر‪ :‬عصفكر‪ ،‬جابر‪ ،‬الصورة الفنية في التراث النقدي والبالغي عند العرب‪ ،‬صُِٕ‪.‬‬
‫(ِّْ)المبرد‪ ،‬الكامل في المغة واألدب‪ ،‬جّ‪،‬صّٕ‪.‬‬
‫(ِْْ) ابف سناف الخفاجي‪ ،‬عبد اهلل بف محمد بف سعيد‪ ،‬سر الفصاحة‪ ،‬دار الكتب العممية‪ُِٖٗ ،‬ـ‪،‬‬
‫صِّٕ‪.‬‬
‫(ِْٓ) انظر‪ :‬عصفكر‪ ،‬الصورة الفنية في التراث النقدي والبالغي عند العرب‪ ،‬صُِٕ‪.‬‬
‫(ِْٔ) ابف رشيؽ‪ ،‬أبك عمي الحسف القيركاني‪ ،‬العمدة في محاسن الشعر وآدابو‪ ،‬تحقيؽ‪ :‬محمد محيي الديف‬
‫عبد الحميد‪ ، ،‬دار الجيؿ‪ ،ُُٖٗ ،‬جُ‪ ،‬صَِٖ‪..‬‬

‫‪76‬‬
‫أف الشيء إذا ظير مف مكاف لـ يعيد ظيكره منو‪ ،‬كخرج مف مكضع ليس بمعدف‬
‫كالغرابة "عمى ٌ‬

‫لو‪ ،‬كانت صبابة النفكس بو أكثر‪ ،‬ككاف بالشغؼ منيا أجدر‪ ،‬فسكاء في إثارة التعجب‪ ،‬كاخراجؾ‬

‫إلى ركعة المستغرب‪ ،‬كجكدؾ الشيء مف مكاف ليس مف أمكنتو‪ ،‬ككجكد شيء لـ يكجد كلـ يعرؼ‬

‫مف أصمو في ذاتو كصفتو‪ ،‬كلك أف شبو البنفس ببعض النبات‪ ،‬أك صادؼ لو شبيان في شيء‬

‫مف المتمكنات‪ ،‬لـ تجد لو ىذه الغرابة‪ ،‬كلـ ينؿ مف الحسف ىذا الحظ"(ِْٕ)‪.‬‬

‫أقسام التشبيو‪:‬‬

‫قاـ الببلغيكف بتقسيـ التشبيو إلى عدة تقسيمات‪ ،‬كذلؾ مف حيث أدكات التشبيو أك مف كجو‬

‫بياف لذلؾ‪:‬‬
‫الشبو أك مف حيث الطرفيف‪ ،‬كفيما يمي ه‬

‫ُ‪ -‬التشبيو باعتبار أركانو‪:‬‬

‫قسـ الببلغيكف التشبيو إلى أربعة أركاف كىي‪ :‬المشبو كالمشبو بو ككجو الشبو كأداة‬

‫التشبيو‪ ،‬أما بالنسبة ألقساـ التشبيو فيي‪ :‬مرسؿ مفصؿ‪ ،‬مرسؿ مجمؿ‪ ،‬كمؤكد مفصؿ‪،‬‬

‫كبميغ‪.‬‬

‫أ‪‌ -‬مرس هؿ مفصؿ‪ :‬كىك ما ذكرت فيو أركاف التشبيو األربعة كمف ذلؾ قكؿ المتنبي‪:‬‬

‫فَتًى بأس ُو ِمثْ ُل الع ِ‬


‫طاء َجزي ُل‬ ‫س ْيفَو‬ ‫فأورَد ُىم ص ْدر ِ‬
‫الح ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫صان َو َ‬ ‫َْ ْ َ َ‬

‫فالمشبو بو ىك العطاء كالمشبو ىك البأس ككجو الشبو الجزيؿ كالمعنى أف الممدكح ببأسو كشدتو‬

‫في الحرب كالكريـ الذم يجزؿ العطاء‪ ،‬ككأف المعنى العقمي الذم أراد الشاعر إيصالو إلى الذىف‬

‫أف كثرة القتؿ في األعداء بفعؿ سيؼ الممدكح تشبو اليد التي تجزؿ العطاء لمسائؿ‪.‬‬

‫ب‪ ‌-‬مرسؿ مجمؿ‪ :‬كىك التشبيو الذم تـ حذؼ كجو الشبو منيف كمف ذلؾ قكؿ المتنبي‪:‬‬

‫(ِْٕ) عبدالقاىر الجرجاني‪ ،‬اسرار الببلغة‪ ،‬صُُّ‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫(‪)ٕٗٛ‬‬
‫ماح َم َر ِ‬
‫اود‬ ‫الر ِ‬ ‫مفَ ِ‬ ‫تَثَنّى َعمى قَ ْد ِر الطّ ِ‬
‫ت ّ‬
‫اصمُ َيا تَ ْح َ‬ ‫َ‬ ‫عان َكأ ّن َما‬

‫فالشاعر يشبو مفاصؿ الخيؿ (مفاصميا) بشيء محسكس كىك مسمار المركد ألنو ييدرؾ بحاسة‬

‫البصر كلـ يذكر سيكلة حركة الخيؿ‪ ،‬مما يجعؿ ىذه الصكرة راسخة في الذىف‪.‬‬

‫ج‪ -‬تشبيو مؤكد مفصؿ‪ :‬كىك ما ذكر فيو كجو الشبو كحذفت منو اداة التشبيو‪،‬‬

‫كاليدؼ منو إعماؿ الفكر لمكصكؿ إلى أفضؿ صكروة ببلغية متصكرة‪.‬‬

‫د‪ -‬التشبيو المؤكد المجمؿ (البميغ)‪ :‬كىك ما خبل مف االداة ككجو الشبو‪ ،‬كمف ذلؾ‬

‫قكؿ المتنبي‪:‬‬

‫أَِبا ل َغمر ِ‬
‫جوميا َو ِى َي ُ‬ ‫ات ِ‬
‫(‪)ٕٜٗ‬‬
‫روج‬
‫الب ُ‬ ‫حن ُن ُ‬
‫وَن ُ‬ ‫توع ُدنا ال َنصارى‬ ‫َ‬

‫التشبيو التمثيمي‪:‬‬

‫يكرد الجرجاني أف التشبيو التمثيمي "ىك ما انتزع كجو الشبو فيو مف عدة أمكر‪،‬يجمع بعضيا‬

‫إلى بعض‪،‬ثـ يستخرج مف مجمكعيا الشبو(كجو الشبو) فيككف سبيمو سبيؿ الشيئيف يمزج أحدىما‬

‫باآلخر حتى تحدث ليما صكرة غير ما كاف ليما في حاؿ اإلفراد ال سبيؿ الشيئيف يجمع بينيما‬

‫(ٕٓ٘)‬
‫كتحفظ صكرتيما كما في المتعدد"‬

‫كليذا كاف لمتشبيو منزلةه خاصةه في النقد باعتباره الكسيمة التي يتـ االعتماد عمييا لتمييز‬

‫شي و‬
‫ؽ‬ ‫و‬
‫بأسمكب ٌ‬ ‫ردمء الشعر مف جيده كما أنو كسيمة الشاعر في نقؿ المعاني إلى ذىف المتمقي‬

‫يترؾ أث انر ككقعان حسنان في النفس‪ ،‬كالتشبيو شائع في شعر المتنبي كىك معركؼ لدل دارسي‬

‫الببلغة‪ ،‬كقكلو مثبلن‪:‬‬

‫(ِْٖ)الديكاف‪ ،‬جُ‪ ،‬صَُِ‪.‬‬


‫(ِْٗ)الديكاف‪ ،‬جُ‪ ،‬صِِٓ‪.‬‬
‫(َِٓ) الجرجاني‪ ،‬اسرار الببلغة‪ ،‬صَُُ‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫الس َو ِاقيا‬
‫(ٕٔ٘)‬
‫حر استَ َق ّل ّ‬
‫الب َ‬
‫ص َد َ‬
‫َو َم ْن قَ َ‬ ‫يرِه‬
‫ار َك َغ ِ‬
‫ور تََو ِ‬ ‫قَو ِ‬
‫اص َد َكافُ ٍ‬ ‫َ‬

‫إال أف بعض دارسي شعر المتنبي أشاركا إلى نمط خاص مف التشبيو في شعر المتنبي كىك‬

‫ما أيطمؽ عميو بالتشبيو الخاص‪ ،‬كىذا النكع مف التشبيو يظير في األبيات الشعرية التي تناكؿ‬

‫المتن بي فييا الزمف‪ ،‬حيث يستخدـ المتنبي ىذا النكع مف التشبيو مف أجؿ عقد المقاربة كالمفاضمة‬

‫مف خبلؿ استعماؿ أداة التفضيؿ )أفعؿ( لمربط بيف التعبير الذم يمثؿ المشبو كالتعبير الذم يمثؿ‬

‫المشبو بو حيث تككف الصمة بيف المشبو كالمشبو " قائمة ال عمى أساس التشابو كانما أفضمية‬

‫(ِِٓ)‬
‫كمف ذلؾ قكؿ المتنبي‪:‬‬ ‫المشبو عمى المشبو بو‪ ،‬بما يقكم المبالغة في الصكرة التشبييية "‬

‫يخمُو ِم َن اليم أخالىم من ِ‬


‫الفطَ ِن‬ ‫الزَم ِن‬
‫اض لَدى ّ‬
‫اس أغر ٌ‬ ‫ِ‬
‫أفاض ُل ال ّن ِ‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫فالمتنبي يعمف حنقو كغيظو مف زمانو كأىمو‪ ،‬اذ ما يزاؿ ىذا الزمف الجائر يتصيد أفاضؿ‬

‫الناس ‪ ،‬فيما ينعـ بو أراذلو كالجيمة‪ ،‬كال يكاد يستثني مف جيمو أحدان ‪ ،‬فكميـ أشد ش انر عمى الحر‬

‫مف السقـ عمى البدف ‪ ،‬كىكذا جاءت صكرتو التشبييية غير صريحة حيف جعؿ أىؿ زمانو كالداء‬

‫في الجسـ‪ ،‬فكانت مقايسة عبر التشبيو الخاص القائـ عمى فعؿ التفضيؿ) شر( أم) أشر) فخمؽ‬

‫مفاضمة بيف المشبو) أىؿ زمانو( كالمشبو بو) السقـ ( لينتيي إلى نتيجة يريدىا ىي أف ضرر‬

‫(ِّٓ)‬
‫كنظير ذلؾ قكلو أيضا "‬ ‫ىؤالء أشد عمى أخيارىـ مف المرض عمى أبدانيـ‬

‫بع ُد ْو‬
‫أبع ُد من ُك ُم ل تَ ُ‬
‫يش َ‬‫الع ُ‬
‫َو َ‬ ‫ب ِم ْخمَباً من َب ْي ِن ُكم‬
‫أقر ُ‬
‫ت َ‬ ‫ألم ْو ُ‬
‫َ‬
‫كمف أساليب التشبيو الخاصة عند المتنبي أسمكب التجريد كىك أسمكب يقصد بو" كالتجريد‬

‫إخبلص الخطاب لغيرؾ كأنت تريد بو نفسؾ ال المخاطب نفسو‪ .‬كفائدتو طمب التكسع في الكبلـ‬

‫مخاطبا‬
‫ن‬ ‫كتمكف المخاطب مف إجراء األكصاؼ المقصكدة مف مدح أك غيره عمى نفسو إذ يككف‬

‫(ُِٓ) الديكاف‪ ،‬جُ‪ ،‬صِْْ‪.‬‬


‫(ِِٓ)نيشاف‪ ،‬عبد اليادم‪ ،‬التشبيو الخاص في شعر المتنبي ‪ ،‬مجمة البحكث كالدراسات المغكية كالتربكية‪ ،‬كمية‬
‫البنات‪ ،‬جامعة بغداد‪ ،‬العدد (ّْ) َُِٓ‪ ،‬صِْْ‬
‫(ِّٓ)انظر‪ :‬نيشاف‪ ،‬عبد اليادم‪ ،‬التشبيو الخاص في شعر المتنبي صْٓ‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫بيا غيره ليككف أعذر كأب أر مف العيدة فيما يقكلو غير محجكر عميو‪ .‬فالتجريد قسماف محض‪، ،‬‬

‫(ِْٓ)‬
‫كمف ذلؾ قكؿ المتنبي"‬ ‫كالثاني غير المحض"‬

‫ض ّحى َو َع ّي َدا‬
‫س ّمى َو َ‬
‫لم ْن َ‬ ‫َو ِع ٌ‬
‫يد َ‬ ‫عيدهُ‬
‫أنت ُ‬
‫العيد الذي َ‬
‫لك ُ‬ ‫َىنيئاً َ‬

‫ط َم َع ال َفجر‬
‫شمساً وما َ‬
‫ف ُق ْم َن َنرى َ‬ ‫أىوى ب َم ٍ‬
‫يل َعواذلي‬ ‫وجو َم ْن َ‬
‫أت َ‬‫َر ْ‬

‫كمف تشبييات المتنبي الخاصة؛ أسمكب التساؤؿ‪ ،‬كيقكـ ىذا التشبيو عمى أسمكب االستفياـ‬

‫القائـ عمى عدـ التثبت أك اليقيف بيف شيئيف أك أمريف احدىما يمثؿ المشبو كاآلخر يمثؿ المشبو‬

‫(ِٓٓ)‬
‫بو‪ ،‬كالغاية الحقيقية مف كراء ىذا التساؤؿ أك التشكيؾ ىك عقد المشابية بيف ىذيف األمريف‪،‬‬

‫كمف ذلؾ قكؿ المتنبي‬

‫ُعيدا‬
‫حي أ َ‬ ‫ش ِ‬
‫خص ٍّ‬ ‫ق في َ‬ ‫ِأم َ‬
‫الخ ْم ُ‬ ‫ديدا‬
‫أح ْمماً َن َرى ْأم َزماناً َج َ‬
‫ُ‬

‫كمف أساليب التشبيو الشائعة عند المتنبي التشبيو الضمني‪ ،‬باعتباره نمط محدد مف التشبيو‬

‫يقصد بو الشاعر ايصاؿ معنى معيف لممتمقي مف خبلؿ ربط المعني المراد بمعنى شائع أك‬

‫مألكؼ لدل المتمقي‪ ،‬كيقكؿ عبد القاىر الجرجاني عف التشبييات كمف ضمنيا الضمني ‪":‬إف‬

‫ني‪ ،‬كأف تنقميا‬


‫جمي كيأتييا بصريح بعد ىم ٍك ٌ‬
‫أنس النفكس مكقكؼ عمى أف تخرجيا مف خفي إلى ٌ‬
‫(ِٔٓ)‬
‫أف ليذ‬
‫مف العقؿ إلى اإلحساس‪ .‬كقد قيؿ ليس الخبر كالمعاينة كال الظف كاليقيف" ‪ ،‬عمى ٌ‬

‫النكع مف التشبييات أسرار ببلغية تتمثؿ باآلتي‪:‬‬

‫ُ‪ -‬ينقؿ السامع مف اإلدراؾ بالعقؿ إلى التأكد بالعياف كالحس كرؤية البصر‪.‬‬

‫(ِْٓ)القزكيني‪ ،‬محمد بف عبد الرحمف بف عمر‪،‬اإليضاح في عمكـ الببلغة‪ ،‬تحقيؽ محمد عبد المنعـ خفاجي‪،‬‬
‫دار الجيؿ ‪ ،‬بيركت‪ ،‬جِ‪ ،‬صُٗ‪.‬‬
‫(ِٓٓ)انظر‪ :‬نيشاف‪ ،‬عبد اليادم‪ ،‬التشبيو الخاص في شعر المتنبي صْٖ‪.‬‬
‫(ِٔٓ) الجرجاني‪ ،‬أسرار الببلغة‪ ،‬صَُٖ‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫ِ‪ -‬زكاؿ الشؾ كالريب‪ :‬كنحف إذا انتقمنا بالمدرؾ العقمي إلى المشاىد الحسي ازؿ عنا الشؾ‬

‫بيذا المدرؾ‪ ،‬كأفضينا إلى حالة مف اليقيف بصدؽ الحب‪.‬‬

‫ّ‪ -‬اإلحساس باألنس‪ :‬كاذا زاؿ الشؾ كالريب في األمر المنقكؿ مف اإلدراؾ الفكرم إلى‬

‫المشيكد كالمحقؽ ب حدل الحكاس الخمس حصؿ األنس كاالستئناس بيذا األمر‪ ،‬كىك‬

‫غاية المبدع فيما يبرىف عميو مف أقكالو‪.‬‬

‫طيعة إلثبات ما نريد أف نتحدث‬


‫ْ‪ -‬أداة عقمية‪ :‬كيمكف أف نرل في التشبيو الضمني أداة ٌ‬

‫عنو مف معاف دقيقة في الشعر(ِٕٓ)‪.‬‬

‫كمثاؿ ذلؾ في شعر المتنبي‪:‬‬

‫ش َرِف ّي ُة َوال ّن َي ُار‬


‫الم ْ‬ ‫وا ْن ِج ْنح الظّ ِ‬
‫اء َ‬‫أض َ‬
‫َ‬ ‫نيم‬
‫انجاب َع ُ‬
‫َ‬ ‫الم‬ ‫ُ‬ ‫َ‬

‫يظير جماؿ الصكرة التشبييية في البيت السابؽ مف خبلؿ تصكير الشاعر لممعركة أم‬

‫أنيـ في ليميف مظمميف مف الميؿ كالغبار‪ ،‬كفي نياريف مف ضكء السيكؼ كالنيار‪.‬‬

‫َربعا‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ش ِ‬‫الث َذو ِائ ٍب ِمن َ‬


‫عرىا في لَيمَة فَأ ََرت لَيال َي أ َ‬ ‫شفَت ثَ َ‬
‫َك َ‬

‫(ِٕٓ) الجرجاني‪ ،‬أسرار الببلغة‪ ،‬صُُُ‪.ُُِ-‬‬

‫‪81‬‬
‫‪-‬الستعارة‬

‫تيعد االستعارة مف كسائؿ بناء الصكرة الفنية‪ ،‬كىي باألساس صكرة مف صكر التشبيو‪ ،‬كلكنيا‬

‫عمى درجة عالية مف النض كاف كاف التشبيو أساسيا‪ .‬قاؿ ابف رشيؽ "االستعارة أفضؿ المجاز‪،‬‬

‫مي الشعر أعجب منيا‪ ،‬كىي مف محاسف الكبلـ إذا كقعت‬


‫كأكؿ أبكاب البديع‪ ،‬كليس في يح ٌ‬
‫(ِٖٓ)‬
‫كقاؿ الجرجاني في معنى االستعارة" اعمـ أف االستعارة في‬ ‫مكقعيا‪ ،‬كنزلت مكضعيا‬

‫اختص بو حيف‬
‫ٌ‬ ‫الجممة أف يككف لمٌفظ أصؿ في الكضع المغكم معركؼ تد ٌؿ الشكاىد عمى أنو‬

‫كضع‪ ،‬ثـ يستعممو الشاعر أك غير الشاعر في غير ذلؾ األصؿ‪ ،‬كينقمو إليو نقبل غير الزـ‪،‬‬

‫فيككف ىناؾ كالعارية"(ِٗٓ)‪.‬‬

‫كفي معرض تعميقو عمى معنى االستعارة أشار أبك اليبلؿ العسكرم إلييا بقكلو" االستعارة‪:‬‬

‫نقؿ العبارة عف مكضع استعماليا في أصؿ المغة إلى غيره لغرض‪ ،‬كذلؾ الغرض إما أف يككف‬

‫شرح المعنى كفضؿ اإلبانة عنو‪ ،‬أك تأكيده كالمبالغة فيو‪ ،‬أك اإلشارة إليو بالقميؿ مف المفظ‪ ،‬أك‬

‫أف‬
‫تحسيف المعرض الذم يبرز فيو؛ كىذه األكصاؼ مكجكدة في االستعارة المصيبة؛ كلكال ٌ‬

‫تتضمف ما ال تتضمنو الحقيقة؛ مف زيادة فائدة لكانت الحقيقة أكلى منيا‬


‫ٌ‬ ‫االستعارة المصيبة‬

‫(َِٔ)‬
‫استعماال"‪.‬‬

‫كتتعدد صكر االستعارة عند المتنبي‪ ،‬كاف كاف يغمب عمى شعر المتنبي الخاص بالزمف‬

‫استخداـ ألفاظ الميؿ كالظممة لمتعبير عف شدة صراعو مع الدىر بؿ جعؿ الميؿ في صكرة مف‬

‫يعرؼ المتنبي معرفة كثيقة؛ ألف الميؿ ألؼ المتنبي كعرفو حؽ المعرفة‪ ،‬فقاؿ‪:‬‬

‫(ِٖٓ)ابف رشيؽ‪ ،‬أبك عمى الحسف بف رشيؽ‪ ،‬العمدة ص ِٖٔ‪.‬‬


‫(ِٗٓ)الجرجاني‪ ،‬عبد القاىر‪ ،‬إسرار الببلغة في عمـ البياف‪،‬صُّ‪.‬‬
‫(َِٔ)العسكرم‪ ،‬أبك ىبلؿ لحسف بف عبد اهلل‪ ،‬الصناعتيف‪ ،‬تحقيؽ‪ :‬عمي محمد البجاكم كمحمد أبك الفضؿ‬
‫إبراىيـ المكتبة العنصرية ‪ ،‬بيركت ‪1419 ،‬ىػ‪ ،‬صِٖٔ‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫(ُِٔ)‬
‫س وَال َقلَـنُ‪.‬‬
‫ف وَالزّهحُ والقزْطب ُ‬
‫وَالسّي ُ‬ ‫ألخَيْـلُ وَاللّيْـ ُل وَالبَيْـذا ُء تَع ِزفُنـي‬

‫وقىله ‪:‬‬
‫تُطبرِدُني عَنْ كَىْنِ ِه َوأُطبرِدُ‬ ‫شيْءٍ واللّيَبلي كأنّهَب‬
‫أهُ ّن ب َ‬
‫فالمتنبي يصكر الميالي بصكرة العدك الذم يطارده حتى ال يتحقؽ لو مراده كما يحمـ بو مف‬

‫تحقيؽ أحبلمو كطمكحاتو‪.‬‬

‫كلئف كاف استخداـ المطر يدؿ عمى الخصب كالخير‪ ،‬فقد جاء عند المتنبي بصكرة مغايرة‬

‫لما ألفو الشعر‪ ،‬فالمتنبي يصكر صراعو مع الدنيا كالتي تعمؿ جاىدة عمى الحيمكلة دكف تحقيؽ‬

‫األحبلـ كاآلماؿ‪ ،‬حتى المطر الذم ينزؿ عمى ىذه الدنيا ف نو يأتي عمى المتنبي بشكؿ مصائب‪،‬‬

‫فيقكؿ‪:‬‬

‫ي هَصبئِبَب‬
‫ت عل ّ‬
‫ط َز ْ‬
‫هُسْتَسْقِي ًب َه َ‬ ‫أظْوَتْنيَ الذّنْيب َفلَوّب جِئْتُهَب‬
‫فالمتنبي مف شدة صراعو مع الحياة عبر في ىذا البيت عف كثرة اليمكـ كشدة الببلء ‪ ،‬حتى‬

‫أصبحت اليمكـ مبلزمة لو كلـ تزاؿ الدنيا ترميو بمصائبيا كتثقمو بالنكبات حتى صارت الببليا‬

‫تنزؿ عميو كما ينزؿ المطر‪.‬‬

‫كفي بعض األحياف يستخدـ المتنبي االستعارة لمداللة عمى عظـ المصائب كشدة المعاناة‪،‬‬

‫كلكنو في نفس الكقت يمتدح قكة شكيمتو كشدة صبره عمى الببلء‪ ،‬حيث يقكؿ‪:‬‬

‫ص ْدري بيا َ ِ‬ ‫ِش َي ُم المّيالي ْ‬


‫أن تُ ِّ‬
‫(ِِٔ)‬
‫يداء‬
‫الب ُ‬‫أفضى أم َ‬ ‫َ‬ ‫شك َك ناقَتي‬

‫فالمتنبي يرل أف ناقتو تشككيا الميالي في تحديد المكاف الذم يقصده‪ ،‬كقد بمغ الشؾ بيذه‬

‫(ُِٔ)الديكاف‪ ،‬جّ‪ ،‬صّٗٔ‪.‬‬

‫(ِِٔ)الديكاف‪ ،‬جِ‪ ،‬صُِٓ‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫الناقة مبمغا بحيث أصبحت ال تدرم أييما أشد أتساعا صدر المتنبي أـ الصحراء‪.‬‬

‫و‬
‫كحش مفترس يطارد الشاعر أينما حؿ كارتحؿ‪ ،‬حيث يقكؿ‪:‬‬ ‫كيتخذ الزمف عند المتنبي صكرة‬

‫بع ُدوا‬
‫أبع ُد من ُك ُم ل تَ ُ‬
‫يش َ‬‫الع ُ‬
‫َو َ‬ ‫ب ِم ْخمَباً من َب ْي ِن ُك ْم‬
‫أقر ُ‬
‫ت َ‬ ‫ألم ْو ُ‬
‫َ‬
‫(ِّٔ)‬
‫َّد‬
‫وىو ُمقَي ُ‬
‫ىر َ‬‫الد ُ‬
‫َعمَييا ّ‬ ‫شى‬
‫وم َ‬
‫ْأبمَ ْت َم َوّدتَيا المّيالي َب ْع َد َنا َ‬

‫فاالبيات السابقة تعكس بكضكح خكؼ المتنبي مف فعؿ الزمف بو فيظؿ قريبان مف الممدكح‬

‫بأنو في حاؿ ابتعد عنو أصبح فريسة سيمة لممكت‪ ،‬فاالستعارة ىنا كانت عف طريؽ تشبيو المكت‬

‫بحيك و‬
‫اف مفترس‪ ،‬لو مخالب تنتظر خركج المتنبي ليفتؾ بو‪.‬‬

‫كلبياف جماؿ الصكرة التشبييية عمى مستكل القصيدة كاممةن نجد في قصيدة كصؼ الحمى‬

‫براعة الكصؼ كدقة التصكير الفني‪ ،‬قاؿ المتنبي‪:‬‬

‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ٌ‬ ‫وزِائ َرتي َّ‬


‫كأن ِبيا حياء َفميس تَزور إلّ في الظَ ِ‬
‫الم‬

‫ف والحشايا فعافَتيا وباتَت في ِعظامي‬ ‫الم ِ‬


‫طار َ‬ ‫ذلت ليا َ‬
‫َب ُ‬

‫ِ‬
‫السقام‬ ‫اع‬ ‫ِ‬
‫فتوس ُع ُو بأنو ِ‬ ‫الجمد عن نفسي وعنيا‬
‫ُ‬ ‫ضيق‬
‫َي ُ‬

‫َربعة ِس ِ‬
‫جام‬ ‫دامعيا بأ ٍ‬
‫ِ‬
‫طرُدىا فَتجري َم ُ‬
‫بح َي ُ‬
‫الص َ‬
‫كأن ُ‬
‫َّ‬

‫ِ‬
‫ستيام‬‫الم‬
‫ق ُ‬‫المشو ِ‬ ‫شو ٍ‬
‫ق ُم ارقَ َب َة َ‬ ‫اقب وقتَيا ِمن َغ ِ‬
‫ير َ‬ ‫أر ُ‬
‫ِ (ِْٔ)‬ ‫ألقاك في ال ُكر ِب ِ‬
‫العظام‬ ‫َ‬ ‫شٌر إذا‬
‫الصدق َ‬
‫ُ‬ ‫عدىا و‬
‫صدق َو ُ‬
‫وي ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬

‫رسػـ الػشاعر صػكرة الحمػى التػي ألمػت بػو عمػى أسػمكب الػشعراء الغػزليف الػذيف قػضكا كقتػا‬

‫م جم و‬
‫ػيؿ‬ ‫مػع الحبيبػة‪ ،‬كبغيػة تحقيػؽ ىػذا المرمػى الػداللي رأينػا الػشاعر اسػتعاف بتػشكيؿ اسػتعار ٍّ‬

‫عمػى اسػتحياء‪ ،‬كاسػتطاع الػشاعر فػي مكنػي‪ ،‬فػأتى بػصفات الفتػاة المتػسممة الػى مػف تحػب لػيبل‬

‫(ِّٔ)المتنبي‪ ،‬الديوان‪ ،‬صَٗ‬


‫(ِْٔ)الديكاف‪ ،‬جُ‪ ،‬صّٗٗ‪.‬‬

‫‪84‬‬
‫أف يكجد نكعا مف الػشبو بػيف‬
‫"الحمػى " كىػي ال ازئػرة الحقيقيػة كبػيف المػستعار منػو الصكرة السابقة ٌ‬

‫المػشبو كالمشبو بو كىػي الفتػاة الناعمػة‪ ،‬ككػأف آثػار حمػى المػرض تقتػرب مػف آثػار حمػى الحػب‬

‫كانتظػار المحبػكب عمػى نػار الػشكؽ‪ ،‬كمػا يػسببو الحػب مػف أعػراض ال يػدرؾ كنييػا إال مػف قاسػى‬

‫(ِٓٔ)‬
‫مػ اررة الحب كمعاناتو‪.‬‬

‫‪-‬التشخيص‬

‫مف كسائؿ بناء الصكرة التشخيص‪ ،‬بمعنى إضفاء الحياة عمى األشياء التي ال حياة فييا‪،‬‬

‫كالتشخيص معرؼ في النقد العربي القديـ كقد استخدمو الشعراء عمى مر العصكر‪ ،‬فالشاعر يكمـ‬

‫األشياء الجامدة مف حكلو كيتفاعؿ معيا ككأنيا شخكص تفيـ مقصده كمراده‪.‬‬

‫ككاف الجاحظ قد أشار إلى ىذه الظاىرة في معرض حديثو عف أقساـ البياف فذكر أف مف‬

‫أساليب العرب بقكلو "الحاؿ الناطقة بغير المفظ كالمشيرة بغير اليد‪ .‬كذلؾ ظاىر في خمؽ‬

‫السماكات كاألرض‪ ،‬كفي كؿ صامت كناطؽ كجامد كناـ كمقيـ كظاعف كزائد كناقص‪ .‬فالداللة‬

‫التي في المكات الجامد كالداللة التي في الحيكاف الناطؽ‪ ،‬فالصامت ناطؽ مف جية الداللة‪،‬‬

‫(ِٔٔ)‬
‫كالعجماء معربة مف جية البرىاف"‬

‫كيخرجو‬
‫أف ابف طباطبا خالؼ الجاحظ في فكرة التشخيص كعد ذلؾ مما يضعؼ الشعر ي‬
‫إال ٌ‬

‫عف مقصده األصمي فيقكؿ" كينبغي لمشاعر أف يجتنب اإلشارات البعيدة‪ ،‬كالحكايات الغمقة‪،‬‬

‫كاإليماء المشكؿ‪ ،‬كيتعمد ما خالؼ ذلؾ‪ ،‬كيستعمؿ مف المجاز ما يقارب الحقيقة‪ ،‬كال يبعد عنيا‪،‬‬

‫(ِٓٔ) محمد‪ ،‬أحمد‪ ،‬أثر األنا في أسموبية قصيدة المتنبي‪ ،‬مجمة مركز بابؿ لمدراسات اإلنسانيو‪ ،‬مجمد ‪ِ/‬‬
‫العدد‪ ُ/‬حزيراف َُِِ‪ ،‬صُِٗ‪.‬‬
‫(ِٔٔ) الجاحظ‪ ،‬أبك عثماف عمرك بف بحر‪ ،‬البياف كالتبييف‪ ،‬دار كمكتبة اليبلؿ‪ ،‬بيركت‪1423 ،‬ىػ‪ ،‬جُ‪،‬‬
‫صُِ‬

‫‪85‬‬
‫(ِٕٔ)‬
‫كمف االستعارات ما يميؽ بالمعاني التي يأتي بيا"‬

‫كيستشيد ابف طباطبا عمى رأيو السابؽ فيما يتعمؽ بالحكايات الغمقة كاإلشارات البعيدة بقكؿ‬

‫المثقب في كصؼ ناقتو‪:‬‬

‫أىذا دينُ ُو أبداً وديني‬ ‫أت ليا وضيني‬


‫تقو ُل وقد در ُ‬

‫مي ول يقيني‬
‫أما ُي ْبقي َع َّ‬ ‫الدىر ٌّ‬
‫حل وارتحا ٌل‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬
‫أكل‬

‫"فيذه الحكاية كميا عف ناقتو مف المجاز المباعد لمحقيقة‪ ،‬كانما أراد الشاعر أف الناقة لك‬

‫(ِٖٔ)‬
‫تكممت ألعربت عف شككاىا بمثؿ ىذا القكؿ"‬

‫(‪)170‬‬ ‫(‪)169‬‬
‫تنبيا إلى ظاىرة التشخيص كاعتب ارىا مف‬ ‫ككذلؾ الجرجاني‬ ‫كلكف قدامو بف جعفر‬

‫الكسائؿ التي تضفي عمى الشعر جماالن إضافيا ككنيا دليؿ عمى قكة مخيمة الشاعر‪ ،‬مع مبلحظة‬

‫أف الجرجاني اعتبر التشخيص جزء مف االستعارة‪ ،‬أما شاعرنا فقد أكثر مف الصكر التشخيصية‬

‫أف ىناؾ الكثير منيا المتعمقة بالزمف في شعره كمف ذلؾ قكلو‪:‬‬
‫ف ذا ما ذىبنا اليو نجد ٌ‬
‫(ُِٕ)‬
‫بح ُيغري بي‬
‫الص ِ‬
‫اض ّ‬
‫َوأنثَني َوَب َي ُ‬ ‫اد المّْي ِل َيشفَعُ لي‬
‫س َو ُ‬
‫ورُى ْم َو َ‬
‫ُأز ُ‬

‫فقد جعؿ المتنبي مف الميؿ كالنيار شخصيف أحدىما يشفع لو‪ ،‬كاآلخر يكشي بو‪ ،‬قاؿ‬

‫البرقكقي في شرحو ليذا البيت" جمع ىذا البيت بيف خمس مطابقات " الزيارة كاالنثناء كالسكاد‬

‫كالبياض‪ ،‬كالميؿ كالصبح كالشفاعة كاإلغراء كلي كبي"(ِِٕ)‪.‬‬

‫(ِٕٔ) ابف طباطبا‪ ،‬محمد بف أحمد‪،‬عيار الشعر‪ ،‬تحقيؽ عبد العزيز بف ناصر المانع‪ ،‬مكتبة الخانجي‪،‬‬
‫القاىرة‪ ،‬صُٗٗ‪.‬‬
‫(ِٖٔ) ابف طباطبا‪ ،‬عيار الشعر‪ ،‬صََِ‪.‬‬
‫(ِٗٔ) بف جعفر‪ ،‬قدامة‪ ،‬نقد الشعر‪ ،‬مطبعة الجكائب ‪ ،‬قسطنطينية‪َُِّ ،‬ق‪ ،‬صُٕٔ‬
‫(َِٕ) الجرجاني‪ ،‬عبد القاىر‪ ،‬دلئل اإلعجاز في عمم المعاني‪ ،‬تحقيؽ محمكد محمد شاكر‪،‬مطبعة المدني‬
‫بالقاىرة‪،‬ص‪1992ّّٓ.‬ـ‬
‫(ُِٕ) الديوان‪ ،‬صْْٖ‪.‬‬
‫(ِِٕ) شرح البرقوقي عمى ديوان المتنبي‪ ،‬جُ‪ ،‬صَِْ‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫كقكلو أيضا‪:‬‬

‫(ِّٕ)‬ ‫ان عمى اإلم ِ‬


‫ساك َع ّذا ُل‬ ‫الزَم َ‬
‫إن ّ‬‫ْي َم ُو ّ‬
‫ْ‬ ‫مان لَ ُو قَ ْولً فَأف َ‬
‫الز ُ‬
‫قال ّ‬
‫َ‬

‫فقد جعؿ المتنبي الزماف بمنزلة إنساف يتكمـ كبلما ييفيـ بو المخاطب‪ ،‬بمعنى أف المتنبي‬

‫شخص الزماف فجعمو بمنزلة مف يتكمـ‪ ،‬كالمعني أف الزماف أخبر الممدكح أف الماؿ ال يبقي ففيـ‬
‫ٌ‬
‫الممدكح كبلـ الزماف فسخر مالو ليناؿ المجد كالشرؼ‪.‬‬

‫كقكلو أيضان‪:‬‬
‫(ِْٕ)‬
‫فرِق ِو ُحسامي‬
‫شعر َم ِ‬
‫ب َ‬ ‫ضَ‬
‫لخ ّ‬
‫َ‬ ‫شخصاً‬
‫إلي َ‬
‫مان ّ‬
‫الز ُ‬
‫ولو َب َرَز ّ‬
‫فالتشخيص في البيت السابؽ يكمف في تشبيو الزماف بشخص يتمنى المتنبي لك قتمو‬

‫كخضب مفرؽ رأسو بسيفو‪ ،‬كفي ىذا التشخيص يريد الشاعر أف يبمغ لممتمقي صكرةن مفادىا شدة‬

‫الصراع بيف المتنبي كالزمف الذم يسعى لمحيمكلة دكف تحقيؽ المتنبي لمراده‪ ،‬لذا تمنى المتنبي لك‬

‫ظفر بو كن ٌكؿ بو مف خبلؿ قتمو لو‪.‬‬

‫كتبدأ صكرة التشخيص عند المتنبي تأخذ نمطان جديدان مف التعامؿ مع الزمف‪ ،‬فبعد أف‬

‫كاف الزماف كصركفو قد تكالبت عميو كشكمت لو ىاجسان كنكعان مف الخكؼ‪ ،‬نمحظ تطك انر في‬

‫الصكرة التشخيصية لمزمف‪ ،‬حيث يممع االمؿ عند المتنبي باالنتصار عمى الزمف بعد لقاءه بسيؼ‬

‫الدكلة‪ ،‬كذلؾ مف خبلؿ قكلو ‪:‬‬

‫ام‬
‫األي ُ‬
‫ـك وخا َنتْ ُو قُْرَب َك ّ‬
‫َ‬ ‫مان لو فيـ‬
‫الز ُ‬
‫ق ّ‬
‫ضاي َ‬
‫َن ْح ُن َمن َ‬

‫أف المتنبي قبؿ لقائو بسيؼ الدكلة كاف يتعرض لمضيؽ كالكرب مف الزماف‪،‬‬
‫كالمعنى ٌ‬

‫كلكف بعد أف حصؿ المقاء أصبحت كطأة الزماف أخؼ‪ ،‬ألف سيؼ الدكلة أصبح عكنان لممتنبي‬

‫عمى الزمف بعد أف كاف الزمف حريصان عمى حرماف المتنبي مف لقائو كيسعى جاىدان لمحيمكلة بيف‬

‫(ِّٕ) الديوان‪ ،‬صَْٓ‪.‬‬


‫(ِْٕ)‬
‫الديكاف‪ ،‬جُ‪ ،‬صُِِ‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫المتنبي كسيؼ الدكلة ألف الزماف يحب سيؼ الدكلة كيعشقو كيغار عمى قرب المتنبي منو كيريد‬

‫الزمف أف ينفرد بسيؼ الدكلة دكف الناس‪.‬‬

‫ثـ تستمر الصكرة التشخيصية بالتصاعد حيف يصكر المتنبي سيؼ الدكلة بطبلن يتغمب‬

‫عمى الزمف‪ ،‬كذلؾ كاضح مف خبلؿ قكلو‪:‬‬

‫ِ ِ (ِٕٓ)‬ ‫عسِ‬
‫ام ُعيا إلى أَ ْكفَائو‬ ‫لم ُي ْد َ َ‬ ‫لمنو ِائ ِب َد ْعوةً‬
‫إ َّني َد َع ْوتُ َك َّ‬

‫ام ِو َو َو َرِائ ِو‬


‫صالً وأَم ِ‬
‫َ‬
‫تو‪ ،‬متَص ْم ِ‬
‫ِ‬
‫َوتَ ْح ُ َ‬ ‫مان‬ ‫ت ِم ْن فَ ْو ِ‬
‫ق َّ‬
‫الز ِ‬ ‫فأَتَ ْي َ‬

‫فالمتنبي يشخص الزمف بمقاتؿ‪ ،‬كيبيف أنو عندما لجأ لسيؼ الدكلة محتميان مف صركؼ‬

‫الزمف كنكائبو‪ ،‬قاـ سيؼ الدكلة بأسمحتو ذات الصمصمة بدفع نكب الزماف عنو فأحاط بو دكنو‬

‫كحاؿ بينو كبيف الكصكؿ إليو كحماه بذلؾ منو‪.‬‬

‫كال يقؼ المتنبي عند ىذا الحد مف تغمبو عمى الزمف‪ ،‬بؿ يصؿ فيو األمر أف يجعؿ‬

‫الزمف أحد مستمعيو كالمردديف خمفو بما يبدعو مف قصائد‪،‬‬

‫فالمتنبي يرل في نفسو اإلنساف الكامؿ كلديو قناعةه تامةه بأنو يمتمؾ كافة المقكمات ألجؿ‬

‫أف الزمف كذلؾ‬


‫ىذا الغرض‪ ،‬كأنو كحيد عصره كزمانو‪ ،‬المتمكف مف زماـ الكممة العربية‪ ،‬حتى ٌ‬

‫كأىمو ىـ مرددكف لما يقكؿ كينت مف قصائد‪ ،‬كأصكاتيـ عبارةه عف صدل لصكتو‪ ،‬كذلؾ مف‬

‫خبلؿ قكلو‪:‬‬

‫الدىر م ِ‬
‫نش َدا‬ ‫إذا ُق ُ ِ‬ ‫اة قَ ِ‬
‫الد ْىر إلّ ِم ْن رو ِ‬
‫أص َب َح ّ ُ ُ‬
‫مت شع ارً ْ‬ ‫صائدي‬ ‫ُ‬ ‫َو َما ّ ُ‬

‫و‬
‫بشخص ينشد الشعر خمفو كيردد أقكاؿ المتنبي كقصائده كذلؾ لشدة‬ ‫فالشاعر شبو الدىر‬

‫و‬
‫إنساف يتكمـ‪.‬‬ ‫تأثر الدىر بيذا الشعر الجميؿ‪ ،‬فالمتنبي يشخص الدىر بصكرة‬

‫ثـ يستمر طمكح المتنبي في الصعكد كيشعر بنشكة االنتصار حتى أف الدىر أصبح يأف‬

‫(ِٕٓ)البرقكقكم‪ ،‬شرح الديوان‪ ،‬ج‪ ،2‬صّٗ‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫مف شمكخ المتنبي ككبريائو‪ ،‬ف ذا كاف الناس عادةن يتظممكف مف الدىر‪ ،‬أما المتنبي فالدىر خميؽ‬

‫بأف يتظمـ منو‪ ،‬كذلؾ في قكلو‪:‬‬

‫(‪)276‬‬
‫بأن تَقُو َل َما َل ُو َو َما لي‬
‫ْ‬ ‫ام َوالمّ َيالي‬
‫األي َ‬
‫أج َد َر ّ‬
‫َما ْ‬
‫كما أف المتنبي يصب جاـ غضبو عمى الزمف‪ ،‬كيطمب مف الزمف ما ال طاقة بو‪ ،‬كيزيده‬

‫رىقان إلى رىقو‪ ،‬فيك يظمـ الدىر ألنو يكمفو ما ليس في كسعو‪ ،‬يطمب منو أم انر مستحيبلن‪ ،‬لـ‬

‫يستطع ىك أف يبمغو ‪:‬‬

‫فس ِو ّ‬
‫ما لَيس ْيبمُ ُغوُ من َن ِ‬ ‫ُريد ِم ْن َزَمني ذا ْ‬
‫(‪)277‬‬
‫الزَمن‬ ‫َ َ‬ ‫أن يَُبمّ َغني‬ ‫أ ُ‬
‫فالمتنبي يشخص الزمف بالشخص العاجز الذم ال حيمة لو كال يستطيع أف يمبي‬

‫طمكحات المتنبي كآمالو كالتي أصبحت تفكؽ قدرات الزمف مستجمعة عمى بمكغ تمؾ الطمكحات‪.‬‬

‫ثـ تكشؼ لنا بعض ألفاظ المتنبي سر انتصاره عمى الزمف الذم كاف فيما مضى عدكان لو‬

‫يطارده كيتربص بو الدكائر‪ ،‬حتى ظير سيؼ الدكلة فكاف سر انتصار المتنبي عمى ىذا الزمف‬

‫البغيض‪ ،‬قاؿ المتنبي‪:‬‬

‫ب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫فميحد ْث بساحتيا َخ ْط َ‬
‫ش ّك ُ‬
‫فإن َ‬
‫ْ‬ ‫يبو‬
‫فييا َوَر َ‬
‫الد ْى َر َ‬
‫َوأ ّن َك ُر ْع َت ّ‬
‫فالمتنبي يشخص الدىر بصكرة انساف مرتعب حيف ظير لو سيؼ الدكلة بما يحممو مف‬

‫رباطة جأش كقكة شكيمة‪.‬‬

‫كبعد العرض السابؽ لمصكرة التشخيصية يظير بكضكح أف تطكر التشخيص عند‬

‫المتنبي كاف مرتبطان برؤيتو لمزمف‪ ،‬فحيف كاف الزماف عدكان لممتنبي كسببان مف أسباب تشاؤمو كاف‬

‫الصراع بيف المتنبي كذلؾ الزمف بأيامو كلياليو‪ ،‬كلكف حيف التقى المتنبي‬
‫التشخيص يأخذ صكرةى ٌ‬

‫بسيؼ الدكلة كراكده األمؿ في تحقيؽ مراده كما يصبك إليو أخذت الصكرة التشخيصية تأخذ نمطان‬

‫(ِٕٔ) الديوان‪ ،‬ج‪ ،3‬ص‪.111‬‬

‫(ِٕٕ) الديكاف‪ ،‬جْ‪.ِّْ ،‬‬

‫‪89‬‬
‫و‬
‫بشخص أصبح عاج انز ال حكؿ لو كال قكة في مجابية طمكحات‬ ‫جديدان حيف صكر المتنبي الدىر‬

‫المتنبي كآمالو الكبيرة‪ ،‬بؿ أزيد مف ذلؾ أف المتنبي قد جعؿ مف الزمف تبيعان لو كباقي الشعراء‬

‫الذيف ينيمكف مف بحر المتنبي الشعرم‪ ،‬كيرددكف قصائده في كافة األرجاء‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫المبحث الثاني‪:‬‬

‫البناء الفني في قصيدة المتنبي‪.‬‬

‫إف القصيدة مف حيث البناء الفني‬


‫يتناكؿ ىذا المبحث البناء الفني في قصائد المتنبي‪ ،‬إذ ٌ‬

‫تنقسـ إلى حسف االبتداء كحسف التخمص ‪ ،‬ككانت نقطة االرتكاز في النقد العربي القديـ تقكـ‬

‫عمى أساس الكحدة العضكية في القصيدة‪ ،‬بمعنى أف تككف القصيدة أجزاء مترابطة مع بعضيا‬

‫البعض‪ ،‬بحيث تصبح القصيدة عمبلن فنيا متكامبل لو مكضكع يعالجو‪ ،‬كلو ىدؼ يسعى إلى‬

‫تحقيقو كىذا ما أشار إليو الجاحظ بقكلو" كأجكد الشعر ما رأيتو متبلحـ األجزاء‪ ،‬سيؿ المخارج‪،‬‬

‫فتعمـ بذلؾ أنو قد أفرغ كاحدا‪ ،‬كسبؾ سبكا كاحدا‪ ،‬فيك يجرم عمى المساف كما يجرم‬

‫الدىاف‪،‬ككذلؾ حركؼ الكبلـ كأجزاء البيت مف الشعر‪ ،‬تراىا متفقة كلينة المعاطؼ سيمة‪ ،‬كتراىا‬

‫مختمفة متباينة‪ ،‬كمتنافرة مستكرىة‪ ،‬تشؽ عمى المساف كتكده‪ ،‬كاألخرل تراىا سيمة لينة‪ ،‬كرطبة‬

‫مكاتية‪ ،‬سمسة النظاـ‪ ،‬خفيفة عمى المساف‪ ،‬حتى كأف البيت بأسره كممة كاحدة‪ ،‬كحتى كأف الكممة‬

‫(ِٖٕ)‬
‫بأسرىا حرؼ كاحد"‬

‫كسكؼ يتناكؿ ىذا المبحث المطالب اآلتية‪:‬‬

‫المطمب األكؿ‪ :‬مطمع القصيدة‬

‫المطمب الثاني‪ :‬خاتمة القصيدة‬

‫(ِٖٕ) الجاحظ‪ ،‬البياف كالتبييف‪ ،‬ػ‪ ،‬جُ‪ ،‬صٕٓ‬

‫‪91‬‬
‫المطمب األول‪:‬‬

‫مطمع القصيدة‬

‫أشار ابف قتيبة إلى أف الشعراء قد دأبكا عمى ابتداء قصائدىـ كفؽ مقدمات محددة‪ ،‬فبيف‬

‫أف قائؿ القصيدة "إنما ابتدأ فييا بذكر الديار كالدمف كاآلثار فبكى كشكا‪ .‬كخاطب الربع كاستكقؼ‬

‫سببا لذكر أىميا الظاعنيف عنيا‪ ،‬ثـ كصؿ ذلؾ بالنسيب‪ ،‬فشكا شدة الكجد‪،‬‬
‫الرفيؽ ليجعؿ ذلؾ ن‬

‫كأ لـ الفراؽ كفرط الصبابة كالشكؽ ليميؿ نحكه القمكب‪ .‬كيصرؼ إليو الكجكه‪ .‬كليستدعي بو أصفاء‬

‫األسماع إليو؛ ألف النسيب قريب مف النفكس ‪ ،‬ف ذا عمـ أنو قد استكثؽ مف اإلصغاء إليو‬

‫كحر‬
‫كاالستمتاع لو عقب ب يجاب الحقكؽ‪ .‬فرحؿ في شعره‪ .‬كشكا النصب كالسير كسرل الميؿ‪َّ .‬‬

‫اليجير كالراحمة كالبعير‪ .‬ف ذا عمـ أنو قد أكجب عمى صاحبو حؽ الرجاء كذمامة التأميؿ‪ .‬كقرر‬

‫كىزه لمسماح‪ .‬كفضمو عمى‬


‫عنده ما نالو مف المكاره في السير بدأ في المديح‪ :‬فبعثو عمى المكافأة ٌ‬
‫(ِٕٗ)‬
‫األشياء‪ ،‬كصغر في قدره الجزيؿ"‬

‫كمف المجمع عميو بيف النقاد أف حسف المطمع الذم يبدأ بو الشاعر" ككنو أكؿ ما يقع‬

‫(َِٖ)‬
‫كبالتالي فبل يككف في عبارتو –أم مطمع القصيدة‪ -‬ما قد يثير في ذىف‬ ‫عمى السمع"‬

‫(ُِٖ)‬
‫السامع ما ال يريد الشاعر أف يتجو إليو الذىف‬

‫كتتعدد صكر مطمع القصيدة في الشعر العربي‪ ،‬كلكف الذم يعنينا في ىذا المبحث مطمع‬

‫القصائد التي تناكؿ المتنبي فييا ألفاظ الزماف‪ ،‬كذلؾ عمى النحك اآلتي‪:‬‬

‫ُ‪ -‬المقدمة الغزلية‪ :‬كانت عبلقة المتنبي بالزمف كالدىر كاألياـ عبلقة عداء ظاىرة لكؿ‬

‫م ف ق أر شعر المتنبي‪ ،‬كحتى في قصائده التي بدأىا بالغزؿ كاف يشكك األياـ كفعميا‬

‫(ِٕٗ) ابف قتيبة‪ ،‬الشعر والشعراء‪ ،‬صَِ‪.‬‬


‫(َِٖ) بدكم‪ ،‬أحمد‪ ،‬أسس النقد األدبي عند العرب‪ ،‬مكتبة نيضة مصر‪1996 ،‬ـ‪ ،‬صََّ‪.‬‬
‫(ُِٖ) المصدر السابؽ‪ ،‬صَُّ‪.‬‬

‫‪92‬‬
‫فيو ‪ ،‬ككقفكىا أماـ ٍّ‬
‫كؿ ما يطمح كيصبك إليو‪ ،‬ف ذا كاف المتنبي ال ينسي فعؿ الدىر‬

‫كعدائو حتى في الغزؿ كاف ذلؾ دليبلن كاضحان عمى عبلقتو بزمانو‪ ،‬يقكؿ المتنبي‪:‬‬

‫ِ‬
‫ييا َب ْي َن َنا َو ْى َي ُج ْن ُدهُ‬
‫َوأش ُكو إلَ َ‬ ‫األي ِام َما ل تََودُّهُ‬
‫َأوُّد م َن ّ‬

‫صدُّهُ‬ ‫ب َي ْجتَ ِم َ‬
‫عن َو َ‬
‫يف ِ‬
‫بح ٍّ‬ ‫ف َك َ‬ ‫صمُ ُو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُيباع ْد َن ح ّباً َي ْجتَم ْع َن َو َو ْ‬
‫ِ‬
‫الد ْن َيا َح ِبيباً تُ ُ‬
‫(ِِٖ)‬
‫نيا َحبيباً تَُرّدهُ‬
‫طمَبي م َ‬
‫فَ َما َ‬ ‫ديم ُو‬ ‫ق ّ‬ ‫َأبى ُخمُ ُ‬

‫أف األياـ تجمعو بمف يحب‪ ،‬كيشكك إلييا ما يجده مف فراؽ الحبية‪ ،‬كلكف األياـ‬
‫فالمتنبي يكد لك ٌ‬

‫ال تجيبو إلى ذلؾ ‪ ،‬كاذا كانت األياـ ىي سبب بعده عمف يحب‪ ،‬فكيؼ ينتظر مف تمؾ األياـ أف‬

‫تجمعو بمف كاف غائبا عنو‪ .‬ثـ ينتقؿ المتنبي بعد ذلؾ إلى كصؼ النكؽ التي رحمت بالحبيبة فمـ‬

‫يبؽ إال الذكرل الجممية التي تجمعو بيا‪ ،‬حيث يقكؿ ‪:‬‬
‫ى‬

‫ِ‬ ‫َر َعى اهلل ِعيساً فَ َارقَتْ َنا َوفَ ْوقَ َيا‬
‫بج ْف َن ْيو َخدُّهُ‬
‫َمياً ُكميا ُيولَى َ‬

‫يد تََناثََر ِع ُ‬
‫َوقَ ْد َر َحمُوا ِج ٌ‬ ‫بو ٍاد ِب ِو ما بال ُقمُ ِ‬
‫(ِّٖ)‬
‫قدهُ‬ ‫وب َكأ ّن ُو‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫كمف أمثمة حسف المطمع قصيدة المتنبي في بكاء الشيب حيث يقكؿ‪:‬‬

‫اب‬ ‫فيخفَى بتَ ِ‬


‫بييض القُ ِ‬ ‫أن الب َ ِ‬
‫ش َب ُ‬
‫رون َ‬ ‫َ‬ ‫ضاب‬
‫ياض خ ُ‬ ‫ُم ًنى ُك ّن لي ّ َ‬

‫عاب‬
‫عندي ُ‬
‫َ‬ ‫ذاك الفَ ْخ ُر‬
‫َوفَ ْخٌر َو َ‬ ‫داي ِفتْ َن ٌة‬ ‫عند ال ِب ِ‬
‫يض فَ ْو َ‬ ‫الي َ‬
‫لَ َي َ‬

‫َو ْأد ُعو ِب َما أ ْ‬


‫(ِْٖ)‬
‫اب‬
‫ُج ُ‬
‫حين أ َ‬
‫ش ُكوهُ َ‬ ‫كنت أشتَيي‬
‫الي ْوَم ما ُ‬
‫ف أ ُذ ُّم َ‬
‫ف َك ْي َ‬

‫فالمتنبي في األبيات السابقة يشير إلى أف الشيب كاف أمنية منذ كاف شابا لو فكيؼ‬

‫يضيؽ اليكـ بو ذرعا‪ ،‬كلكنو كاف شاب رأسو ف ف نفسو ال زالت تفكر بالشباب‪.‬‬

‫كمف أمثمة حسف المطمع أيضا عند أبي الطيب المتنبي‪ ،‬ما ذكره في شعر الحكمة حيث يقكؿ‪:‬‬

‫(ِِٖ) الديكاف‪ ،‬صّْٓ‪.‬‬


‫(ِّٖ) الديكاف‪ ،‬صّْٓ‪.‬‬
‫(ِْٖ) الديكاف‪ ،‬صْٖٕ‪.‬‬

‫‪93‬‬
‫شأن ِو َما َع َنا َنا‬
‫اىم ِمن ِ‬
‫َو َع َن ُ ْ‬ ‫الزَما َنا‬
‫اس قَبمَنا ذا ّ‬
‫ب ال ّن ُ‬
‫ِ‬
‫صح َ‬‫َ‬

‫أح َيا َنا‬


‫ض ُي ْم ْ‬
‫س ّر َب ْع َ‬
‫َوا ْن َ‬ ‫ص ٍة ُكمّ ُي ْم ِم ْن ُ‬
‫ــو‬ ‫َوتََولّ ْوا ِب ُغ ّ‬

‫سا َنا‬ ‫َولَ ِك ْن تُ َك ّد ُر ْ‬


‫اإلح َ‬
‫حس ُن الصنيع لَيالِ ِ‬
‫يــو‬ ‫ّ َ َ‬
‫ربما تُ ِ‬
‫َُّ‬

‫اة ِس َنا َنا‬


‫رّكب المرء في القَ َن ِ‬
‫َ َ َْ ُ‬ ‫ان قَ َناةً‬
‫الزَم ُ‬
‫ت ّ‬ ‫ُكمّ َما أ ْن َب َ‬
‫(ِٖٓ)‬
‫الي َوا َنا‬ ‫ِ ٍ‬
‫كال َحات َول ُيالقي َ‬ ‫الم َن َايا‬
‫أن الفَتى ُيالقي َ‬
‫ير ّ‬
‫َغ َ‬

‫فاألبيات السابقة تكشؼ عف حكمة المتنبي كىي الحكمة التي اكتسبيا مف تجاربو في الحياة‪،‬‬

‫فجاءت مقدمة القصيدة متسقة مع باقي األجزاء‪.‬‬

‫(ِٖٓ) الديكاف‪ ،‬صْْٕ‪.‬‬

‫‪94‬‬
‫المطمب الثاني‬

‫خاتمة القصيدة‬

‫مف بيف المعايير التي يتـ مف خبلليا الحكـ عمى جكدة الشعر الخاتمة اك حسف التخمص‪ ،‬فقد‬

‫اىتـ بو النقاد القدامي‪ ،‬فابف رشيؽ ذكر مانصو "كأما االنتياء فيك قاعدة القصيدة‪ ،‬كآخر ما يبقى‬

‫منيا في األسماع‪ ،‬كسبيمو أف يككف محكمان‪ :‬ال تمكف الزيادة عميو‪ ،‬كال يأتي بعده أحسف منو‪ ،‬كاذا‬

‫كاف أكؿ الشعر مفتاحان لو كجب أف يككف اآلخر قفبلن عميو" (ِٖٔ)‪.‬‬

‫كىذا ما أكده حازـ القرطاجي بقكلو " فأما االختتاـ فينبغي أف يككف بمعاف سارة فيما قصد بو‬

‫التياني كالمديح‪ ،‬كبمعاف مؤسية فيما قصد بو التعازم كالرثاء‪ .‬ككذلؾ يككف االختتاـ في كؿ‬

‫غرض بما يناسبو‪ .‬كينبغي أف يككف المفظ فيو مستعذبا كالتأليؼ جزال متناسبا‪ ،‬ف ف النفس عند‬

‫منقطع الكبلـ تككف متفرغة لتفقد ما كقع فيو غير مشتغمة باستئناؼ شيء آخر" (ِٕٖ)‪.‬‬

‫أف المتنبي كاف مف أفضؿ الشعراء في ىذا المجاؿ فقاؿ " كقد أربى أبك الطيب‬
‫كيؤكد ابف رشيؽ ٌ‬

‫عمى كؿ شاعر في جكدة فصكؿ ىذا الباب الثبلثة‪ ،‬إال أنو ربما عقد أكائؿ األشعار ثقة بنفسو‪،‬‬

‫(ِٖٖ)‬
‫كاعرابان عف الناس"‬

‫كمف أمثمة ذلؾ عند المتنبي قكلو‪:‬‬

‫بر‬
‫الص ُ‬
‫ومعي ّ‬
‫َوحيداً وما قَ ْولي كذا َ‬ ‫ار ِسيا ّ‬
‫الد ْى ُر‬ ‫ُطاع ُن َخ ْيالً ِم ْن فَو ِ‬
‫أ ِ‬

‫ِ‬
‫يوٍم َ‬ ‫ش َجعُ مني َّ‬
‫(ِٖٗ)‬
‫أم ُر‬
‫وما ثََبتَ ْت إلّ وفي َن ْفسيا ْ‬ ‫المتي‬
‫س َ‬ ‫كل ْ‬ ‫أْ‬

‫نجد أف المتنبي بدأ القصيدة في صراعو مع الدىر‪ ،‬ثـ يمدح المتنبي نفسو بصبرىا عمى‬

‫(ِٖٔ) ابف رشيؽ‪ ،‬العندة في محاسف الشعر كآدابو‪ ،‬جُ‪ ،‬صِّٗ‪.‬‬


‫(ِٕٖ) القرطاجي‪ ،‬حازـ ‪،‬منياج البمغاء كسراج األدباء‪ ،‬دار الكتب الشرقية‪ ،‬القاعرة‪ ،ُٗٔٔ ،‬صَِٖ‪.‬‬
‫(ِٖٖ) ابف رشيؽ‪ ،‬العندة في محاسف الشعر كآدابو‪ ،‬جُ‪ ،‬صَِْ‪.‬‬
‫(ِٖٗ) الديكاف‪ ،‬صَِّ‪.‬‬

‫‪95‬‬
‫المصائب كجمدىا في صراع الدىر ‪ ،‬ثـ يختـ قصيدتو بقكلو"‬

‫يوجب القَ ْد ُر‬


‫ُ‬ ‫بأ ّن َك ما ِن َ‬
‫مت الذي‬ ‫ت السماء لَ ِ‬
‫عال ٌم‬ ‫ِ‬
‫ولو ن ْم َ ّ َ‬
‫وا ّني ْ‬
‫(َِٗ)‬
‫ليا ُعذ ُْر‬
‫أنت َ‬
‫بو َ‬
‫ليا َذ ْن ٌ‬
‫َب ُنوىا َ‬ ‫ام َعتْبي كأ ّن َما‬
‫األي ُ‬
‫بك ّ‬‫ازلَ ْت َ‬

‫كالمعني أنني لك كصمت إلى الغاية القصكل في تحقيؽ األماني لكاف ذلؾ أقؿ مف الذم قدمو‬

‫الممدكح لممتنبي ألنو بمقائو لذلؾ الممدكح قد زالت عنو مصائب الدنيا كخفت كطأتيا عميو‪.‬‬

‫فالخاتمة ىنا جاءت لمتأكيد عمى أف لقاء المتنبي بممدكحو كاف السبب في تخفيؼ حدة‬

‫المصائب‪.‬‬

‫كفي القصيدة التي رثى بيا أبا شجاع نجد قكؿ المتنبي‪:‬‬

‫بح ُب ْرقُعُ‬
‫جو لَ ُو من ُك ّل قُ ٍ‬
‫َو ٌ‬ ‫قُ ْبحاً َلوج ِي َك يا َزَم ُ‬
‫ان فإ ّن ُو‬

‫(ُِٗ)‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فات ٍك َوَي َ‬


‫اع ِ‬ ‫وت ِمثْ ُل أبي ُ‬
‫عيش حاس ُده الخص ُّي األو َكعُ‬ ‫ش َج ٍ‬ ‫َأي ُم ُ‬

‫فبعد أف رثى المتنبي أبا شجاع‪ ،‬كعاب عمى الزمف قبحو ألنو أخذ ابا شجاع ‪ ،‬كترؾ‬

‫أمثاؿ كافكر‪ ،‬ختـ المتنبي قصيده بالقكؿ‬

‫أس َرعُ‬ ‫فرساً ولَ ِك ّن ِ‬ ‫ط ْع َن ٍة‬ ‫فار ٍ‬


‫ع ِ‬
‫المن ّي َة ْ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫س في َ‬ ‫أسر َ‬
‫كان َ‬
‫قد َ‬
‫(ِِٗ)‬
‫ُرمحاً َول َح َممَ ْت َج َواداً ْأرَبعُ‬ ‫ار ِ‬
‫س َب ْع َدهُ‬ ‫ل َقمّ َب ْت أيدي الفَ َو ِ‬

‫فالخاتمة ىنا جاءت متسقة المعنى الذم قصده المتنبي في رثاء أبي شجاع‪ ،‬حيث جاءت عمى‬

‫شكؿ حكمة تتمثؿ في أف الشجاعة ميما بمغت في الرجؿ‪ ،‬تبقى المنية أسرع في اغتياؿ الرجاؿ‬

‫ميما بمغت شجاعتيـ‪.‬‬

‫كإللقاء الضكء عمى حسف المطمع كحسف الخاتمة مما لو عبلقة بالصكرة الزمنية عند المتنبي‬

‫(َِٗ) الديكاف‪ ،‬صَِِ‬


‫(ُِٗ) الديكاف‪ ،‬صُُّ‬
‫(ِِٗ) الديكاف‪..ُِّ ،‬‬

‫‪96‬‬
‫نتناكؿ بالبحث كالتحميؿ قصيدة "العيد" كىي القصيدة التي كشفت عف خيبة أمؿ المتنبي مف‬

‫تحقيؽ شيء مف آمالو ككأف الزمف اتخذ عند المتنبي اتجاىان انتكاسيان بدأ بخيبة األمؿ كانتيى‬

‫بيا‪ ،‬ذلؾ أف الطمكح الذم راكد المتنبي أثناء إقامتو عند سيؼ الدكلة انتيى بالفشؿ الذريع‪ ،‬ليعقبو‬

‫لقاء المتنبي بكافكر كالذم انتيى بالفشؿ أيضان‪ ،‬فنظـ المتنبي قصيدةن في العيد كالذم ىك مظي اهر‬

‫مف مظاىر الفرح كالسركر في الزمف مف حيث األصؿ‪ ،‬كلكف الصكرة الزمنية جاءت مشكبةن‬

‫بالحسرة كخيبة االمؿ لتتضمف القصيدة في ثناياىا نقدان لؤلكضاع االجتماعية كالسياسية كنقدان‬

‫لبعض القيـ التي طغت عمى ذلؾ الزمف‪ ،‬قاؿ المتنبي‪:‬‬

‫‪-‬حسن المطمع‪ :‬سبؽ بياف أف الشاعر الماىر يمتمؾ القدرة عمى ابتداء القصيدة بما يمفت نظر‬

‫المتمقي كسمعو‪ ،‬بحيث يشكؿ المطمع مدخبلن لمكشؼ عف الحالة النفسية التي تجكب في خمد‬

‫الشاعر‪ ،‬ككاف ىذه المقدمة تمييدان لما يريد الشاعر إيصالو‪ ،‬كتقريره في ذات المحظة‪ ،‬يقكؿ‬

‫المتنبي‪:‬‬

‫جديد‬
‫فيك تَ ُ‬ ‫عيد بما َمضى أَم ِبأ ٍ‬
‫َمر َ‬ ‫دت يا ُ‬
‫حال ُع َ‬ ‫عيد ِبأَي ِ‬
‫َّة ٍ‬ ‫ٌ‬

‫إف أصؿ لفظ العيد مف العكد كالرجكع‪ ،‬فسمي العيد عيدان لتكرار عكده في كؿ عاـ‪ ،‬كىنا‬
‫ٌ‬

‫يتساءؿ المتنبي مخاطبان العيد ىؿ جئت و‬


‫بأمر جديد ىذا العاـ أـ أنؾ كسالؼ األعياد السابقة ال‬

‫جديد فيؾ غير ما عيده المتنبي مف الشر كخيبة األمؿ؟‬

‫العيد مظير فروح كسركر ف ف االستفياـ في قكلو "بأية و‬


‫حاؿ" سكؼ يتكرر ككأف‬ ‫كاذا كاف ي‬
‫ى‬

‫أف مطمع‬
‫المتنبي يحاكؿ االستفسار عف سر ىذا الزماف كأىمو كما صنعو بو‪ ،‬كىنا يمكف القكؿ ٌ‬

‫و‬
‫كبؤس‬ ‫أف ىذا الزمف زمف و‬
‫شر‬ ‫أف يريد المتنبي إثباتو مف ٌ‬
‫القصيدة يييء ذىف المتمقي لما يمكف ٌ‬

‫أف مكاسـ األفراح تخمك مف مظاىر الفرح‪.‬‬


‫حتى ٌ‬

‫ثـ يأتي البيت الثاني مف القصيدة ليعمؿ لنا كيفيمنا سبب استفياـ المتنبي كتعجبو مف‬

‫‪97‬‬
‫إف األصحاب كالرفاؽ كاألحبة بعيدكف تفرقيـ‬
‫عكدة العيد بيذه الييئة التي ال جديد فييا‪ ،‬حيث ٌ‬

‫الصحارل كتباعدت بينيـ الببلد تمامان مثؿ آماؿ المتنبي كطمكحاتو التي تباعدت بفعؿ الزمف‪،‬‬

‫فقد جمع المتنبي بيف بعد األحبة كالرفاؽ كبعد تحقيؽ اآلماؿ بر و‬
‫ابط مشترؾ ىك صعكبة الكصكؿ‬

‫ظاىر في البيت الذم يقكؿ فيو‪:‬‬


‫ه‬ ‫إلييـ‪ ،‬كىذا‬

‫بيد‬
‫يت دوَن َك بيداً دوَنيا ُ‬
‫َفمَ َ‬ ‫يداء دوَن ُي ُم‬ ‫ِ‬
‫الب ُ‬‫َما األَح َّب ُة فَ َ‬
‫أّ‬

‫ثـ يكاصؿ المتنبي إبداء يس ٍخ ًطو عمى الزمف كالحاؿ التي كصؿ ليا‪ ،‬حتى بمغ بو األمر‬

‫جممف الكجكد مف حكلو‪،‬‬


‫أف الجميبلت مف النساء لك حشرف لو ما شفيف األلـ الذم يخالجو كما ٌ‬

‫فقد أنيؾ الزماف قمبو ككبده حتى أرىقو كما عاد ىناؾ لجماؿ النساء مكانان في قمبو‪ ،‬كال سبيؿ‬

‫لمحساف أف يزلف عنو سكء الحاؿ الذم يعاني منو‪ ،‬كىذا ما يؤكده البيت الذم يقكؿ فيو‪:‬‬

‫جيد‬
‫ين َول ُ‬
‫يء تُتَِّي ُم ُو َع ٌ‬
‫ش ً‬‫َ‬ ‫ىر ِمن َقمبي َول َك ِبدي‬ ‫ترِك َ‬
‫الد ُ‬ ‫لَم َي ُ‬
‫كماذا لقي المتنبي بعد ىذا الصراع الطكيؿ غير الخيبة كالم اررة؟ كأعجب ما يعجػب منو‪،‬‬

‫ىك أف يحسده الناس عمى ما يشكك منو‪ ،‬يحسدكنو عمى عبلقتو بكافكر‪ ،‬ىػذه العبلقػة التي لـ‬

‫يحصد منيا غير الكعكد الكاذبة‪ ،‬حيث يقكؿ‪:‬‬

‫حسود‬
‫ُ‬ ‫باك ِم ُ‬
‫نو َم‬ ‫الدنيا وأَعجب ُو أَّني ِبما أَنا ٍ‬ ‫ماذا لَ ُ ِ‬
‫قيت م َن ُ َ َ ُ‬
‫اعيد‬
‫المو ُ‬ ‫ِ‬ ‫ثر ِ‬‫َرو َح ُم ٍ‬
‫أَنا ال َغن ُّي َوأَموالي َ‬ ‫خازناً َوَيداً‬ ‫يت أ َ‬
‫َمس ُ‬
‫أ َ‬
‫حدود‬
‫رحال َم ُ‬ ‫ضيفُيم ع ِن ِ‬
‫القرى َو َع ِن التَ ِ‬ ‫إِ ّني َن َز ُ‬
‫لت ِب َك ّذ َ‬
‫ابين َ ُ ُ‬
‫كلعؿ المتنبي في األبيات الباقية يشرح سر انتقاـ الزمف منو‪ ،‬حيث جعؿ الزمف أمثاؿ‬

‫كافكر العبد األسكد الخصي يحكـ مصر في حيف أف رجبلن مثؿ المتنبي لـ يأخذ حظو في ىذا‬

‫و‬
‫حركة مضطربة لممتنبي ال يمكف أف تككف محؿ‬ ‫تعبير عف‬
‫الزماف‪ ،‬لذا جاءت ألفاظ الزماف كميا ه‬
‫و‬
‫حسد اآلخريف لو‪ ،‬لذا كاف ىذا الكضع الذم آؿ إليو حاؿ المتنبي أم انر مستبعدان مف عقؿ المتنبي‬

‫كخيالو‪ ،‬كيعبر عف ذلؾ في البيت الذم يقكؿ فيو‪:‬‬

‫‪98‬‬
‫حمود‬
‫ىو َم ُ‬ ‫ِ‬ ‫َحس ُبني أَحيا إِلى َزَم ٍن‬
‫مب َو َ‬
‫سيء بي فيو َك ٌ‬
‫ُي ُ‬ ‫نت أ َ‬
‫ما ُك ُ‬

‫كـ التي‬ ‫ً‬ ‫و‬ ‫و‬


‫كألف مف عادة المتنبي إطبلؽ الحكـ التي تنـ عف تجربة عميقة حتى أف الح ى‬

‫أطمقيا أصبحت امثاالن سائرةن‪ ،‬فيذه الحكـ إنما اكتسبيا مما خبره مف الزمف كتقمباتو كصركفو‪،‬‬

‫كقكلو ‪:‬‬

‫ناكيد‬
‫َنجاس َم ُ‬
‫بيد َأل ٌ‬ ‫إِ َّن َ‬
‫الع َ‬ ‫بد إِّل َو َ‬
‫العصا َم َع ُو‬ ‫ل تَشتَ ِر َ‬
‫الع َ‬

‫إف أىؿ الكرـ كالفضؿ كذكم‬


‫ثـ يعمف المتنبي يأسو مف الزماف كمف أىمو قاطبةن حيث ٌ‬

‫الرياسة كالسيادة مف أمثاؿ سيؼ الدكلة لـ يحققكا لو شيئان مف آمالو فكيؼ بالعبيد الذيف يجبًمكا‬

‫الخس ًة كالنذالة‪ ،‬حيث يقكؿ‪:‬‬


‫ٌ‬ ‫عمى‬

‫ميل فَ َك َ ِ‬
‫الج ِ‬ ‫البيض ِ‬
‫السود‬
‫ُ‬ ‫صي ُة‬
‫يف الخ َ‬ ‫َع ِن َ‬ ‫عاج َزةٌ‬ ‫َ‬ ‫حول‬
‫َن الفُ َ‬
‫ذاك أ َّ‬
‫َو َ‬

‫كىنا يظير حسف الخاتمة كعبلقتيا بالمقدمة‪ ،‬فالعيد مظير الفرح ال جديد فيو‪ ،‬كما أف‬

‫الكراـ كأىؿ الشيامة كالندل ال يرجى منيـ في ىذا الزماف خير‪ ،‬فأصبحكا ال يختمفكف عمف ىـ‬

‫دكنيـ تمامان كما أف يكـ العيد ال يختمؼ عف سائر األياـ‪.‬‬

‫‪99‬‬
‫الخاتمة‬

‫احد مف أعظـ‬
‫أف المتنبي ك ه‬
‫مف خبلؿ تناكؿ ألفاظ الزمف في أشعار المتنبي كتحميميا تبيف ٌ‬

‫شعراء العربية باتفاؽ النقاد‪ ،‬فرغـ كؿ ما أثير حكلة مف نقد إال ٌأنو يبقى في صدارة شعراء‬

‫العصر العباسي كمف جاء بعدة‪ ،‬فقد مثمت حياة المتنبي جانبا كبي ار مف الغمكض الذم لـ يي ىمط‬

‫الٌمثاـ عنة حتى ىذه الٌمحظة سكاء مف ناحية النسب أك مف ناحية اليدؼ الذم كاف يسعى المتنبي‬

‫لتحقيقو ‪.‬‬

‫ابتداء مف الشؾ كانتياء‬


‫ن‬ ‫عاش المتنبي إحدل كخمسيف سنةن أثير حكلة الكثير مف اآلراء‬

‫بتتكيجو شاعر العربية األكؿ‪ ،‬تركو كراءه ثركة شعرية ليا خصكصيتيا كحضكرىا الفني‪ ،‬فقامت‬

‫السنيف‬
‫أف ٌ‬‫حكلة حركة نقدية ش ٌكمت جزءان ىامان في النقد العربي قديمة كحديثة‪ .‬كعمى الرغـ مف ٌ‬

‫جس ىده‬
‫أف التجارب التي عاشيا ش ٌكمت زمنان نفسيان مكثفان ٌ‬
‫التي عاشيا المتنبي ليست كثيرة إال ٌ‬

‫الزمنية في شعرًه‪ ،‬فقد كاف الزمف ىك الياجس‬


‫عبر عف عمؽ الصكرة ٌ‬
‫التعبير الشعرم الذم ٌ‬

‫يميز زمف المتنبي ليس الحديث عف الزمف الذم تحدث عنة كافة الشعراء‪ ،‬كلكف‬
‫األكبر لو‪ ،‬كما ٌ‬

‫ما يميزه حركة الزمف التي كانت تؤرؽ المتنبي كتضعو في سباؽ مع طمكحو مف أجؿ الكصكؿ‬

‫لمبتغاه ‪-:‬‬

‫قرؽ‬
‫كع ٍبرةه تتر ي‬
‫يد ى‬
‫كجكل يز ي‬
‫ن‬ ‫يأرؽ‬ ‫أرؽ عمى أر و‬
‫ؽ كمثمي ي‬ ‫ه‬

‫لقد قضى الشاعر حياتو في المغامرات كالمنازعات فكانت حياتو سمسمة شدائد ألنو لـ يي ٍخمؽ‬

‫العز كالجاه فخابت مساعيو في الحصكؿ عمى ما يريد‬


‫لمحياة اليادئة الذليمة كانما خمؽ الحياه ٌ‬

‫كتكفؿ الزمف بذلؾ‪ ،‬كليس أدؿ عمى ذلؾ مف قكلو‪-:‬‬

‫صاب كال ىع ً‬
‫سؿ‬ ‫و‬ ‫حصمت عمى‬
‫ي‬ ‫فما‬ ‫قد ذقت شدة أيامي كل ٌذتيا‬

‫‪100‬‬
‫لقد كاف بيف الزمف كالمتنبي عبلقةه جدليةه كمكاجيةه صنعت حكمة المتنبي الذم يصارع الزمف‬

‫كيصارعو‪-:‬‬

‫القناة ًسنانا‬
‫ً‬ ‫ب المريء في‬
‫ىرٌك ى‬ ‫كمما انبت الزماف قناةن‬

‫تأخره عف حصكؿ ما يريده فقد‬


‫لقد صكر الشاعر أحاسيسو طالبان كمحاكمان الزمف عف سبب ٌ‬

‫ضاؽ بالزمف الذم أعطى مف ال يستحؽ ما يريد(كافكر) كيحرـ ىم ٍف يستحؽ فقد أعياه الزمف‪.‬‬

‫صكره الفنية‬
‫كقد استطاع المتنبي أف يحقؽ دالالت تصكيرية لمفيكـ الزمف مف خبلؿ ي‬

‫كالتشبييات كاالستعارات كالتشخيص‪-:‬‬

‫أنزؽ‬
‫أكقر كالشبيبةي ي‬
‫الشيب ي‬
‫ك ي‬ ‫شييةن‬
‫كالمريء يأم يؿ كالحياةى ٌ‬

‫كقد ظير تأثٌر المتنبي بالمحيط االجتماعي الذم عاصرهي مما انعكس عمى شعرًه‪ ،‬أذ ٌ‬
‫عبر مف‬

‫خبلؿ شعره عف صكره كاقعية لما كاف في تمؾ الفترة الزمنية‪ ،‬كبدا ذلؾ مف خبلؿ الكقكؼ عمى‬

‫الصكرة ال ٌشعرية كمصادرىا عند المتنبي‪.‬‬


‫كظائؼ ٌ‬

‫عدكان بار انز لممتنبي في شعره منذ مطمع حياتو كحتى لقائو‬
‫كما ظير أيضان اف الزمف ىمثٌ ىؿ ٌ‬

‫أف سيؼ الدكلة يجسد ىذه‬


‫بسيؼ الدكلة كربما مرد ذلؾ إلى أف المتنبي كاف يعتز بعركبتو كما ٌ‬

‫العركبة كيدافع غنيا ‪ ،‬حيث اختمفت رؤية المتنبي لمزمف فبعد أف كاف الزمف يش ٌكؿ عائقان أماـ‬

‫طمكحات المتنبي أصبح ذلؾ الزمف بفضؿ سيؼ الدكلة منقادان لممتنبي حيث بكادر األمؿ في‬

‫أف لقاء المتنبي بكافكر كاف‬


‫تحقيؽ األحبلـ كاآلماؿ التي سعى إلييا المتنبي قبؿ المقاء‪ .‬عمى ٌ‬

‫نياية الطمكح بالنسبة لممتنبي حيث سيطرت عاطفة التشاؤـ مف الزمف كأىمة عمى ألفاظ الزمف‬

‫أف كافك ار كاف بعيدان عف العركبة مما انعكس عمى‬


‫الكاردة في شعر المتنبي في ىذه الفترة؛ إذ ٌ‬

‫شعر المتنبي بشكؿ عاـ كعمى الزمف بشكؿ خاص لذا تجسدت تمؾ الرؤية المتشائمة لمزمف‪.‬‬

‫‪101‬‬
‫أما فيما يتعمؽ بالصكرة البيانية فقد قاـ المتنبي مف خبلؿ إيراد األلفاظ المتصمة بالزمف في‬

‫أغمب أشعاره بتشبييو بعدة تشبييات تكحي لممتمقي بعبلقة تبادلية بينيما‪ ،‬كما قاـ المتنبي‬

‫بتشخيص الزمف في أغمب أشعاره بالشخص الناقـ حينان كالمتصالح حينان آخر معو‪.‬‬

‫لقد غمب عمى قصائد المتنبي حالة مف االنكسار مف الرفاؽ كاالصدقاء كالزمف‪ ،‬كبدا ذلؾ‬

‫كاضحان في كثير مف المكاقؼ التي بدا فييا المتنبي غريبان في الزمف الذم كجد فيو‪.‬‬

‫كأخي انر كأف شخصية المتنبي التي نعرفيا في شيره ىي شخصيتو التي نعرفيا مف تاريخو‬

‫كتاريخ عصرة فيي شخصية كاضحة ال تعقيد فسيا كال تنافر بيف القكؿ كالحقيقة‪ ،‬فيك متشائـ‬

‫ألنو صاحب رجاء خاب في الناس‪ ،‬فيك حيث قمبت في شيره كتنقمت بيف قصائده مف ر و‬
‫ثاء‬

‫أممو الساخط عمى ً‬


‫زمنو‬ ‫المعتد بفضمو الفاشؿ في ً‬
‫ٌ‬ ‫كفخر كغزؿ كحكمة تجده ىك ىك المغامر‬

‫الذم ال ينسى شأنو حتى حيف يعزم المحزكف في مصابو‪ ،‬كما ظنؾ برجؿ يعزم محزكنان في‬

‫و‬
‫فقيد فيقكؿ لو‪:‬‬

‫و‬
‫بنصيب‬ ‫ً‬
‫حاالتو‬ ‫آلخ هذ مف‬ ‫ال يحزف اهلل األمير فأنني‬

‫بؿ ما ضنؾ برجؿ ينطؽ حصانو كما قاؿ‪:‬‬

‫سار إلى الطٌ ً‬


‫عاف‬ ‫و‬
‫بشعب بك و‬
‫ىع ٍف ىذا يي ي‬
‫أى‬ ‫اف حصاني‬ ‫يقكؿ‬

‫الج ً‬
‫ناف‬ ‫مكـ يمفىارقة ٌ‬
‫كعمٌ ي‬ ‫سف المعاصي‬
‫أبككـ آدـ ٌ‬

‫لكأنما كاف حصاف المتنبي حصانان متنبيان يخاطب ابناء آدـ يمدالٌن بالحيكانية ناض انر إلييـ نظرة‬

‫الحكيـ إلى الحمقى كالعميـ إلى الجيبلء؛ فيؿ بعد ىذا يستطيعي ىذا الرجؿ أف ينسى نفسوي أك‬

‫يخفي شخصيتوي اك يككف غير ما كاف اك يقكؿ غير ما قاؿ‪.‬‬

‫‪102‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‪:‬‬

‫‪ -‬إبراىيـ‪ ،‬زكريا‪ ،‬مشكالت الحياة‪ ،‬مكتبة مصر‪ ،‬القاىرة‪.ُٕٗٗ ،‬‬

‫‪ -‬إبراىيـ‪ ،‬طو أمجد ‪ ،‬تاريخ النقد الدبي عند العرب في العصر الجاىمي‪ ،‬دار الحكمة‪،‬‬

‫بيركت‪.‬‬

‫‪ -‬ابف جني‪ ،‬أبك الفتح عثماف بف جني المكصمي‪ ،‬الفتح الوىبي عمى مشكالت المتنبي‪،‬‬

‫تحقيؽ‪ :‬د‪.‬محسف غياض الناشر‪:‬مطبعة الجميكرية ‪ -‬بغداد – ُّٕٗ‪.‬‬

‫‪ -‬ابف جني‪ ،‬ابك الفتح عثماف بف جني المكصمي‪ ،‬شرح ديكاف ابي الطيب المتنبي‪ ،‬حققو‬

‫صفاء خمكصي‪ ،‬ك ازرة الثقافة‪ ،‬بغداد ُٕٕٗ‪.‬‬

‫‪ -‬ابف حجر العسقبلني‪ ،‬أحمد بف عمي بف محمد‪ ،‬لسان الميزان‪ ،‬تحقيؽ دائرة المعرؼ‬

‫مؤسسة األعممي لممطبكعات بيركت – لبناف‪ ،‬الطبعة‪ :‬الثانية‪،‬‬ ‫النظامية – اليند‪،‬‬

‫ُُٕٗ‪.‬‬

‫‪ -‬ابف خمكاف‪ ،‬أبك العباس شمس الديف أحمد بف محمد بف أبي بكر‪ ،‬وفيات األعيان وأنباء‬

‫أبناء الزمان‪ ،‬تحقيؽ إحساف عباس‪ ،‬دار صادر – بيركت‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬

‫‪ -‬ابف خمكاف‪ ،‬وفيات األعيان‪ ،‬تحقيؽ إحساف عباس‪ ،‬دار الثقافة ‪ ،‬بيركت‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬

‫‪ -‬ابف رشيؽ‪ ،‬أبك عمى الحسف‪ ،‬العمدة في محاسن الشعر وآدابو‪ ،‬تحقيؽ‪ :‬محمد محيي‬

‫الديف عبد الحميد‪ ،‬دار الجيؿ‪ ،‬طٓ‪ ُُٖٗ ،‬ـ‪.‬‬

‫‪ -‬ابف سناف الخفاجي‪ ،‬عبد اهلل بف محمد بف سعيد‪ ،‬سر الفصاحة‪ ،‬دار الكتب العممية‪،‬‬

‫ُِٖٗـ‪.‬‬

‫‪ -‬ابف سيده‪ ،‬عمي ابف ابراىيـ‪ ،‬شرح المشكؿ مف شعر المتنبي‪ ،‬تحقيؽ مصطفى السقا‪،‬‬

‫مكتبة المصطفى‪ ،‬القاىرة‪.ُٕٗٔ ،‬‬

‫‪103‬‬
‫‪ -‬ابف طباطبا‪ ،‬محمد بف أحمد‪ ،‬عيار الشعر‪ ،‬تحقيؽ عبد العزيز بف ناصر المانع‪ ،‬مكتبة‬

‫الخانجي‪ ،‬القاىرة‪.‬‬

‫‪ -‬ابف فارس‪ ،‬ابف فارس أحمد‪ ،‬معجم مقاييس المغة‪ ،‬تحقيؽ‪ :‬عبد السبلـ ىاركف‪ ،‬دار‬

‫الجيؿ‪ ،‬بيركت‪ ،‬طُ‪.ُُٗٗ ،‬‬

‫‪ -‬ابف فارس‪ ،‬أحمد بف فارس بف زكريا‪ ،‬معجم مقاييس المغة‪ ،‬تحقيؽ‪ :‬عبد السبلـ محمد‬

‫ىاركف‪ ،‬دار الفكر بيركت‪ُٕٗٗ ،‬ـ‪.‬‬

‫‪ -‬ابف قتيبة‪ ،‬أبك محمد عبد اهلل بف مسمـ‪ ،‬الشعر والشعراء‪ ،‬تحقيؽ‪ :‬احمد محمد شاكر‪،‬‬

‫دار الحديث‪ ،‬القاىرة‪ُِِْ ،‬ق‪.‬‬

‫‪ -‬ابف كثير‪ ،‬إسماعيؿ بف عمر بف كثير‪ ،‬البداية والنياية‪ ،‬مكتبة المعارؼ بيركت‪،‬‬

‫َُٗٗ‪.‬‬

‫‪ -‬ابف منظكر‪ ،‬محمد بف مكرـ بف عمى‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيركت‪.ُٖٗٓ ،‬‬

‫‪ -‬ابف ككيع‪ ،‬ابك محمد الحسف‪ ،‬المنصؼ لمسارؽ كالمسركؽ في اظيار سرقات المتنبي‪،‬‬

‫تحقيؽ‪ :‬عمر خميفة ادريس‪ ،‬منشكرات قاريكنس‪ ،‬ليبيا‪ ،‬الطبعة األكلى‪.ُْٗٗ ،‬‬

‫‪ -‬أبك العباس‪ ،‬محمد بف يزيد المبرد‪ ،‬الكامل في المغة واألدب‪ ،‬المحقؽ‪:‬محمد أبك الفضؿ‬

‫إبراىيـ‪ ،‬دار الفكر العربي – القاىرة‪ ،‬طّ‪ُٕٗٗ ،‬ـ‪.‬‬

‫‪ -‬المعرم ‪ ،‬أبك العبلء أحمد بف عبد اهلل ‪ ،‬شرح ديوان أبي الطيب ‪ ،‬تحقيؽ عبد الحميد‬

‫دياب ‪ ،‬دار المعارؼ ‪ ،‬القاىرة ‪،‬طُ‪.ُٖٗٔ ،‬‬

‫‪ -‬ابف جعفر‪ ،‬قدامة‪ ،‬نقد الشعر‪ ،‬مطبعة الجكائب ‪ ،‬قسطنطينية‪َُِّ ،‬ق‪.‬‬

‫‪ -‬أبك حميداف‪ ،‬يكسؼ‪ ،‬تعديل السموك النظرية والتطبيق‪ ،‬عماف‪ ،‬دار المدل لمنشر‬

‫كالتكزيع‪ََِّ ،‬ـ‪.‬‬

‫‪104‬‬
‫‪ -‬أبك زيد‪ ،‬احمد‪ ،‬الرمز واألسطورة في البناء الجتماعي‪ ،‬مجمة عالـ الفكر‪ ،‬العدد َّ‪،‬‬

‫ُٖٓٗ‪.‬‬

‫‪ -‬ابكىبلؿ العكسرم‪ ،‬الحسف بف عبد اهلل بف سيؿ‪ ،‬معجم الفروق المغوية‪ ،‬تحقيؽ محمد‬

‫إبراىيـ سميـ‪ ،‬دار العمـ كالثقافة لمنشر كالتكزيع‪. 2014،‬‬

‫‪ -‬أدكنيس‪ ،‬زمن الشاعر‪ ،‬مجمة اآلداب‪ ،‬العدد الرابع‪ ،‬السنة الخامسة عشر‪.ُٕٗٔ ،‬‬

‫‪ -‬إسماعيؿ‪ ،‬عز الديف‪ ،‬نوابغ العرب أبو الطيب المتنبي‪( ،‬د‪ ،‬ط)‪ ،‬بيركت‪ :‬دار العكدة‪،‬‬

‫ُْٕٗ‪ ،‬طُ‪.‬‬

‫‪ -‬األفغاني‪ ،‬سعيد‪ ،‬ديف المتنبي‪ ،‬مجمة الرسالة‪ ،ُّٗٔ،‬أغسطس‪ ،‬العدد ُُٔ‪.‬‬

‫‪ -‬االلكسي‪ ،‬إسبلـ‪ ،‬الزمن في شعر الرواد‪ ،‬دار المدينة الفاضمة لمنشر كالتكزيع‪.َُِِ،‬‬

‫‪ -‬األلكسي‪ ،‬حساـ‪ ،‬الزمان في الفكر الديني والفمسفي القديم‪ ،‬المؤسسة العربية لمدراسات‬

‫كالنشر بيركت‪ ،‬الطبعة األكلى َُٖٗ‪.‬‬

‫‪ -‬الباقبلني‪ ،‬محمد بف الطيب‪ ،‬إعجاز القرآن‪ ،‬تحقيؽ‪ :‬أحمد صقر‪ ،‬دار المعارؼ بمصر‪،‬‬

‫القاىرة طِ‪.‬‬

‫‪ -‬االصفياني‪ ،‬ابك القاسـ‪ ،‬الكاضح في مشكبلت شعر المتنبي‪ ،‬تحقيؽ‪ :‬محمد الطاىر‪ ،‬ابف‬

‫عاشكر‪ ،‬دار السبلـ‪ ،‬القاىرة ََِٗ‪.‬‬

‫‪ -‬االطرش‪ ،‬رابح‪ ،‬مفيوم الزمن في الفكر واألدب‪ ،‬مجمة العمكـ االنسانية‪ ،‬مارس‪.ََِٔ ،‬‬

‫‪ -‬بدكم ‪،‬أحمد ‪ ،‬أسس النقد األدبي عند العرب‪ ،‬مكتبة نيضة ‪ ،‬مصر‪ُٗٗٔ ،‬ـ‪.‬‬

‫‪ -‬برديائؼ‪ ،‬نيكقكال‪ ،‬العزلة كالمجتمع‪ ،‬ترجمة فؤاد كامؿ‪ ،‬مراجعة عمي أدىـ‪ ،‬دار الشؤكف‬

‫الثقافية‪ ،‬بغداد‪ ،‬الطبعة الثانية‪.ُٖٗٔ ،‬‬

‫‪ -‬البرقكقي‪ ،‬عبدالرحمف‪ ،‬شرح ديوان المتنبي‪ ،‬دار الكتاب العربي بيركت ‪.ُٖٗٔ،‬‬

‫‪105‬‬
‫‪ -‬البغدادم‪ ،‬أبك بكر أحمد بف عمي بف ثابت‪ ،‬تاريخ بغداد‪ ،‬تحقيؽ‪ ،‬مصطفى عبد القادر‬

‫عطا‪ ،‬دار الكتب العممية‪ ،‬بيركت‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬

‫‪ -‬ببلشير‪ ،‬ريجس‪ ،‬أبو الطيب المتنبي دراسة في التاريخ األدبي‪ ،‬ترجمة إبراىيـ الكيبلني‪،‬‬

‫منشكرات اتحاد الكتاب العرب‪ ،‬دمشؽ‪.ََُِ ،‬‬

‫‪ -‬التبريزم‪ ،‬ابك زكريا يحيى بف عمي بف الحسف‪ ،‬المكضح في شعر أبي الطيب المتنبي‪،‬‬

‫دار الشؤكف الثقافية‪ ،‬بغداد‪.َََِ ،‬‬

‫‪ -‬تشارلس‪ ،‬مكرجاف‪ ،‬الكاتب وعالمو‪ ،‬ترجمة شكرم محمد عياد‪ ،‬الييئة المصرية العامة‬

‫لمكتب‪ ،‬القاىرة‪.‬‬

‫‪ -‬الثعالبي‪ ،‬أبك منصكر عبد الممؾ بف محمد بف إسماعيؿ‪ ،‬أبو الطيب المتنبي وما لو‬

‫وما عميو‪ ،‬تحقيؽ محمد محيي الديف عبد الحميد‪ ،‬كتبة الحسيف التجارية‪ ،‬القاىرة‪،‬‬

‫َُُِػ‪.‬‬

‫دار كمكتبة اليبلؿ‪،‬‬ ‫البيان والتبيين‪،‬‬ ‫‪ -‬الجاحظ‪ ،‬أبك عثماف عمرك بف بحر‪،‬‬

‫بيركت‪1423 ،‬ىػ‪.‬‬

‫‪ -‬الجاحظ‪ ،‬أبك عثماف عمرك بف بحر‪ ،‬الحيوان‪ ،‬تحقيؽ‪ :‬عبدالسبلـ ىاركف‪ ،‬المجمع‬

‫العربي اإلسبلمي‪ ،‬بيركت‪ ،‬لبناف‪ ،‬طّ‪ُٗٔٗ ،‬ـ‪.‬‬

‫‪ -‬الجرجاني‪ ،‬عبد القاىر‪ ،‬إسرار البالغة في عمم البيان‪ ،‬عبد الحميد ىنداكم‪ ،‬دار الكتب‬

‫العممية‪ ،‬بيركت‪.‬‬

‫‪ -‬الجرجاني‪ ،‬عبد القاىر‪ ،‬التعريفات‪ ،‬تحقيؽ إبراىيـ األبيارم مكتبة لبناف بيركت‪ ،‬الطبعة‬

‫الثالثة ُٖٓٗ‪.‬‬

‫‪106‬‬
‫‪ -‬ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ‪ ،‬دلئل اإلعجاز في عمم المعاني‪ ،‬تحقيؽ محمكد محمد شاكر‪،‬مطبعة‬

‫المدني بالقاىرة‪1992،‬ـ‪.‬‬

‫‪ -‬ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ‪ ،‬دلئل اإلعجاز‪ ،‬مكتبة الخانجي‪ ،‬القاىرة‪ ،‬د‪.‬ف‪.‬‬

‫‪ -‬الجرجاني‪ ،‬محمد أبك الفضؿ إبراىيـ عمي‪ ،‬الوساطة بين المتنبي وخصومو ‪ ،‬المكتبة‬

‫العصرية‪ ،‬صيدا ‪ -‬بيركت‪ ،‬طُ‪ ،‬سنة ََِٔ‪.‬‬

‫‪ -‬جمعة‪ ،‬حسيف‪ ،‬صورة القوة واإلرادة في شعر المتنبي‪،‬مجمة التراث العربي‪ ،‬العدد ُّ‪.‬‬

‫‪ -‬جكف‪ ،‬محمد تقي‪ ،‬ىل أحب المتنبي خولة‪ .‬أم راعى العرف العربي ‪ ،‬صحيفة المثقؼ‪،‬‬

‫العددُِِٓ‪ ،‬األربعاء ‪.ََِٗ/ُُ/ُُ-‬‬

‫‪ -‬جكيك‪ ،‬مسائل فمسفة الفن المعاصر‪ ،‬ترجمة سامي الدركبي‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬القاىرة‪.ُْٖٗ،‬‬

‫‪ -‬الحاتمي‪ ،‬محمد بف حسف المظفر‪ ،‬الرسالة المكضحة في ذكر سرقات المتنبي كساقط‬

‫شعره‪ ،‬تحقيؽ‪ :‬محمد يكسؼ نجـ‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيركت ُٖٓٔ‪.‬‬

‫‪ -‬حجازم‪ ،‬سمير‪ ،‬مدخل إلى مناىج النقد األدبي‪ ،‬ترجمة‪ ،‬رضكاف ظاظا‪ ،‬سمسمة عالـ‬

‫المعرفة‪.َُٗٗ ،‬‬

‫‪ -‬الحجية‪ ،‬فالح‪ ،‬األدب كالفف ‪.alnoor.se/extra/4/16pdf2008‬‬

‫‪ -‬حساـ الديف‪ ،‬كريـ زكي‪ ،‬الزمان الدللي ‪:‬دراسة لغوية لمفيوم الزمن وألفاظو في ‪.‬‬

‫الثقافة العربية‪ ،‬القاىرة ‪:‬الييئة المصرية العامة لمكتاب‪.ََِٖ،‬‬

‫‪ -‬حسيف‪ ،‬طو‪ ،‬مع المتنبي‪ ،‬ك ازرة الثقافة‪ ،‬عماف‪.َُِْ ،‬‬

‫‪ -‬الحمكم‪ ،‬تقي الديف أبك بكر بف عمي‪ ،‬خزانة األدب وغاية األرب‪،‬تحقيؽ عصاـ شقيك‪،‬‬

‫دار كمكتبة اليبلؿ‪ ،‬بيركت‪.ََِْ،‬‬

‫‪107‬‬
‫‪ -‬الحناشي‪ ،‬يكسؼ‪ ،‬الرفض ومعانية في شعر المتنبي‪،‬الدار العربية لمكتاب‪ ،‬تكنس‪،‬‬

‫ُْٖٗ‪.‬‬

‫الخطيب البغدادم‪ ،‬أبك بكر أحمد بف عمي بف ثابت‪ ،‬تاريخ بغداد وذيولو‪ ،‬تحقيؽ‬ ‫‪-‬‬

‫مصطفى عبد القادر عطا‪،‬دار الكتب العممية – بيركت‪،‬األكلى‪ ُُْٕ ،‬ىػ‪.‬‬

‫‪ -‬خكجمي‪ ،‬ىشاـ‪ ،‬عمم نفس النمو الخمفيات العممية رؤية جديدة‪ ،‬جدة‪ ،‬السعكدية‪ ،‬الدار‬

‫السعكدية‪ ،‬طُ‪ََُِ ،‬ـ‪.‬‬

‫‪ -‬الخياط‪ ،‬جبلؿ‪ ،‬الشعر والزمن‪ ،‬منشكرات ك ازرة اإلعبلـ‪ ،‬بغداد‪.ُٕٗٓ ،‬‬

‫‪ -‬الخياط‪ ،‬جبلؿ‪ ،‬حكـ المتنبي ككحدة المكضكع في القصيدة العربية‪ ،‬مجمة الجامعة‬

‫المستنصرية‪ ،‬بغدد ُُٕٗ‪ ،‬العددِ‪.‬‬

‫‪ -‬الدخيؿ‪ ،‬محمد‪ ،‬مفيوم الصورة الفنية في ضوء الموروث النقدي العربي القديم‪ :‬نظرية‬

‫أدبية‪ ،‬العدد الثاني‪.‬‬


‫المحاكاة عند حازم القرطاجني أنموذجا‪ ،‬مجمة دراسات ٌ‬

‫‪ -‬الدسكقي‪ ،‬محمكد‪ ،‬مأساة المتنبي‪ ،‬مجمة الثقافة‪ ،‬أغسطس‪.ُٕٖٗ ،‬‬

‫‪ -‬الدمشقي‪ ،‬يكسؼ البديعي ‪،‬الصبح المنبي عن حيثية المتنبي (مطبكع بيامش شرح‬

‫العكبرم) طُ‪ ،‬العامرة الشرفية‪َُّٗ ،‬ىػ‪.‬‬

‫‪ -‬دىنية‪ ،‬ابتساـ‪ ،‬بنية النص الشعري في ديوان عمقمة الفحل‪ ،‬رسالة ماجستير غير‬

‫منشكرة‪ ،‬الجزائر‪.‬‬

‫‪ -‬دياب‪ ،‬عبد الحي‪ ،‬عباس العقاد ناقداً‪ ،‬مطبعة الشعب‪ ،‬القاىره‪.َُٕٗ ،‬‬

‫‪ -‬الذىبي‪ ،‬شمس الديف أبك عبد اهلل محمد بف أحمد‪ ،‬سير أعالم النبالء دار الحديث‪-‬‬

‫القاىرة‪.ََِٔ ،‬‬

‫‪108‬‬
‫‪ -‬ربابعة‪ ،‬حسف‪ ،‬الصورة الفنية في شعر البحتري‪ ،‬رسالة دكتكراه غير منشكرة‪ ،‬جامعة‬

‫اليرمكؾ‪.ُْٗٗ ،‬‬

‫‪ -‬الرباعي‪،‬عبدالقادر‪ ،‬الصورةالفنية في النقد الشعري دراسة في النظرية والتطبيق‪ ،‬دار‬

‫جرير‪ ،‬عماف‪.ََِٗ ،‬‬

‫‪ -‬رشيد‪ ،‬كماؿ‪ ،‬الزمن النحوي في المغة العربية‪،‬عالـ الثقافة لمنشر‪ ،‬ىعماف ََِٖ ‪.‬‬

‫‪ -‬ركمية‪ ،‬كىب‪ ،‬شعرنا القديم والنقد الجديد‪ ،‬سمسمة عالـ المعرفة‪ ،‬العدد َِٕ‪.ُٗٗٔ ،‬‬

‫‪ -‬رينيو كيمؾ كأكستف كاريف‪ ،‬نظرية األدب‪ ،‬ترجمة د‪ .‬عادؿ سبلمة‪ ،‬دار المريخ‪،‬‬

‫الرياض‪ُُِْ،‬ىػ‪ُِٗٗ/‬ـ‪.‬‬

‫‪ -‬الزكمي‪ ،‬خير الديف بف محمكد بف محمد بف عمي بف فارس‪ .‬األعالم‪ ،‬دار العمـ لممبلييف‪،‬‬

‫بيركت‪.ََُِ،‬‬

‫المتَنبي ‪ -‬السفر األول‪ ،‬دراسة‬ ‫ِ‬


‫ش ْرح ش ْعر ُ‬
‫‪ -‬الزىرم‪ ،‬إبراىيـ بف محمد بف زكريا‪َ ،‬‬

‫صطفى عميَّاف مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيركت – لبناف‪.ُِٗٗ ،‬‬


‫كتحقيؽ‪:‬الدكتكر يم ٍ‬

‫‪ -‬زيف الديف‪ ،‬ثائر‪ ،‬ابك الطيب المتنبي في الشعر العربي المعاصر‪ ،‬اتحاد الكتاب العرب‪،‬‬

‫دمشؽ ُٗٗٗ‪.‬‬

‫‪ -‬سبتي‪ ،‬مصطفى‪ ،‬شرح ديكاف أبك الطيب المتنبي‪ ،‬دار الكتب العممية‪ ،‬بيركت‪ ،‬طُ‪،‬‬

‫ُٖٔٗ‪.‬‬

‫‪ -‬السحرتي‪ ،‬مصطفى عبد المطيؼ‪ ،‬النقد األدبي من خالل تجاربي‪ ،‬مطبعة لجنة البياف‬

‫العربي‪ ،‬القاىرة‪.‬‬

‫‪ -‬السحمدم‪ ،‬بركاتي‪ ،‬الرمز التاريخي ودللتو في شعر عز الدين مييوب‪ ،‬رسالة‬

‫ماجستير غير منشكرة‪ ،‬الجزائر‪.ََِٖ ،‬‬

‫‪109‬‬
‫‪ -‬سمكـ‪ ،‬داك ‪ ،‬النقد األدبي‪ ،‬مطبعة اإلرشاد‪ ،‬بغداد‪.ُٗٔٔ ،‬‬

‫‪ -‬سيبكيو‪ ،‬أبك بشر عمرك بف عثماف بف قنبر الحارثي‪ ،‬الكتاب‪ ،‬تحقيؽ عبدالسبلـ ىاركف‬

‫طّ‪ ،ُٖٖٗ ،‬مكتبة الخانجي‪ ،‬القاىرة‪.‬‬

‫‪ -‬شاكر‪ ،‬محمد محمكد‪ ،‬المتنبي رسالة في الطريق إلى ثقافتنا‪ ،‬المؤسسة السعكدية مطبعة‬

‫المدني‪ ،‬القاىرة ‪،‬مصر‪ُٖٕٗ،‬ـ‪.‬‬

‫‪ -‬الشايب‪ ،‬احمد‪ ،‬األسموب دراسة بالغية تحميمية ألصول األساليب األدبية‪،‬طٖ‪ ،‬مكتبة‬

‫النيضة المصرية‪.ُُٗٗ ،‬‬

‫‪ -‬شرتح‪ ،‬عصاـ‪ ،‬جدلية الزماف كالمكاف في شعر المتنبي كأبي فراس الحمداني‪ ،‬مجمة‬

‫المعرفة‪ ،‬العدد ُِٓ‪ ،‬آيار ك ازرة الثقافة العربية السكرية‪ ،‬سكريا‪.‬‬

‫‪ -‬شمبي‪ ،‬سعد إسماعيؿ‪ :‬مقدمة القصيدة عند أبي تمام والمتنبي‪( ،‬د‪ ،‬ط)‪ ،‬القاىرة‪ :‬دار‬

‫غريب لمطباعة‪( ،‬د‪ ،‬ت)‪.‬‬

‫‪ -‬شكقي ضيؼ‪ ،‬أحمد‪ ،‬الفن ومذاىبو في الشعر العربي‪ ،‬طُِ‪ ،‬دار المعارؼ بمصر‪.‬‬

‫‪ -‬الشيباني‪ ،‬أبك عمر‪ ،‬شرح المعمقات التسع‪ ،‬تحقيؽ‪ :‬عبد المجيد ىمك‪ ،‬مؤسسة األعممي‬

‫لممطبكعات‪ ،‬بيركت – لبناف‪.ََُِ ،‬‬

‫‪ -‬صبيح‪ ،‬صادؽ‪ ،‬أثر اإلخفاق في شعر المتنبي‪ ،‬مجمة أفكار‪.ُٕٕٗ ،‬‬

‫‪ -‬الصغير‪ ،‬محمد‪ ،‬الصورة الفنية في المثل القرآني‪ ،‬دار الرشيد‪ ،‬بغداد‪ُُٖٗ .‬ـ‪.‬‬

‫‪ -‬ضيؼ‪ ،‬شكقي‪ ،‬الفف كمذاىبو في الشعر العربي‪ ،‬الطبعة َُ‪ ،‬دار المعارؼ‪ ،‬مصر‪،‬‬

‫ُٖٕٗ‪.‬‬

‫‪ -‬ضيؼ‪ ،‬شكقي‪ ،‬فصول في الشعر ونقده‪ ،‬دار كمكتبة المعارؼ‪. ََِٖ ،‬‬

‫‪110‬‬
‫‪ -‬الطبرم‪ ،‬محمد بف جرير‪ :‬تاريخ الطبري‪ ،‬دار الكتب العممية بيركت‪ ،‬الطبعة األكلى‪،‬‬

‫َُْٕىػ‪.‬‬

‫‪ -‬الطناجي‪ ،‬محمكد‪ ،‬في المغة واألدب دراسات وبحوث‪،‬طُ‪ ،‬دار الغرب اإلسبلمي‪،‬‬

‫بيركت‪ ،‬لبناف‪ََِِ،‬ـ ‪.‬‬

‫‪ -‬الظاىر‪ ،‬عدناف‪ ،‬دموع المتنبي دراسة في غزلو‪ ،‬مجمة المثقؼ‪ ،‬العدد‪.َُِٖ ،َْْْ ،‬‬

‫‪ -‬العاتي‪ ،‬إبراىيـ‪ ،‬الزمان في الفكر السالمي‪ ،‬دار المنتخب العربي لمدراسات كالنشر‬

‫كالتكزيع‪ ،‬بيركت – لبناف‪ُُّْ ،‬ىػ‪ُّٗٗ-‬ـ‪.‬‬

‫‪ -‬عباس‪ ،‬إحساف‪ ،‬فن الشعر‪ ،‬دار الثقافة لمطباعة كالنشر كالتكزيع‪.ُّٗٗ ،‬‬

‫‪ -‬عباس‪ ،‬سندس‪ ،‬سمطة الزمن في شعر المتنبي‪ ،‬مجمة العمكـ اإلنسانية المجمد األكؿ‪،‬‬

‫العدد الرابع‪ ،‬جامعة بابؿ العراؽ‪.ََُِ ،‬‬

‫‪ -‬عبدالرحمف‪ ،‬عفيؼ‪ ،‬ىل كان المتنبي متشائما‪ ،‬مجمة المكرد‪ ،‬المجمد السادس‪ ،‬العدد‬

‫الثالث‪.ُٕٕٗ ،‬‬

‫أف البياض خضاب)‬


‫كف لي ٌ‬
‫(منئ ٌ‬
‫ن‬ ‫‪ -‬العركد‪ ،‬أحمد‪ ،‬جدلية المكف كالزمف في قصيدة المتنبي‬

‫مجمة المقاؿ‪ ،‬المجمد ِ‪ ،‬العددْ‪ ،‬جامعة سكيكدة‪ ،‬الجزائر‪.َُِٔ ،‬‬

‫‪ -‬عبدالرحمف‪ ،‬محمد‪ ،‬المتنبي بين ناقديو في القديم والحديث‪،‬دار المعارؼ‪ ،‬مصر‪،‬‬

‫ُْٔٗ‪.‬‬

‫‪ -‬عز الديف‪ ،‬حسف البنا‪ ،‬الكممات واألشياء‪ ،‬بحث في التقاليد الفنية لمقصيدة الجاىمية ‪.‬‬

‫دار الفكر العربي‪. ُٖٗٗ.،‬‬

‫‪ -‬عزاـ‪ ،‬عبد الكىاب‪ ،‬ذكرى أبي الطيب بعد ألف عام‪ ،‬مؤسسة ىنداكم لمتعميـ كالثقافة‪،‬‬

‫مصر‪.َُِِ ،‬‬

‫‪111‬‬
‫‪ -‬العسكرم‪ ،‬أبك ىبلؿ لحسف بف عبد اهلل‪ ،‬الصناعتين‪ ،‬تحقيؽ‪ :‬عمي محمد البجاكم‬

‫كمحمد أبك الفضؿ إبراىيـ المكتبة العنصرية ‪ ،‬بيركت ‪1419 ،‬ق‪.‬‬

‫عصفكر‪ ،‬جابر‪،‬الصورة الفنية في التراث النقدي والبالغي عند العرب‪،‬المركز‬ ‫‪-‬‬

‫الثقافي العربي‪., 1992،‬‬

‫المسمى التبياف في شرح‬


‫ٌ‬ ‫‪ -‬العكبرم‪ ،‬عبد اهلل بف الحسيف‪ ،‬ديكاف أبي الطيب المتنبي‬

‫السقا‪ ،‬دار المعرفة ‪ ،‬بيركتُٕٖٗ‬


‫الديكاف‪ ،‬صححو مصطفى ٌ‬

‫العكرم‪ ،‬عبد الحي بف أحمد‪ ،‬شذرات الذىب في أخبار من ذىب‪ ،‬تحقيؽ محمكد‬
‫‪ -‬ى‬

‫األرناءكط‪،‬الناشر‪ ،‬دار ابف كثير‪ ،‬دمشؽ‪ ،‬طُ‪ ،‬األكلى‪ ُٖٗٔ ،‬ـ‪.‬‬

‫‪ -‬عكض‪ ،‬إبراىيـ ‪ ،‬المتنبي دراسة جديدة لحياتو وشخصيتو‪ ،‬دار الحقكؽ ُٕٖٗ ‪.‬‬

‫‪ -‬ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ‪ ،‬لغة المتنبي‪ ،‬مطبعة الشباب الحر‪ ،‬القاىرة‪ُٖٕٗ ،‬ـ‪.‬‬

‫‪ -‬عكض‪ ،‬ريتا‪ ،‬بنية القصيدة الجاىمية‪ :‬الصورة الشعرية لدى امرئ القيس‪ ،‬طِـ دار‬

‫اآلداب‪.ُِٗٗ .‬‬

‫سيز‪ ،‬بناء الرواية‪ ،‬اليية العامة لمكتب المصرية‪ ،‬القاىرة‪.ُّٖٗ ،‬‬


‫‪ -‬القاسـ‪ ،‬ا‬

‫‪ -‬قدامة‪ ،‬جعفر‪ ،‬نقد الشعر‪ ،‬تحقيؽ ‪ :‬محمد عبد المنعـ خفاجي دار الكتب العممية بيركت‪،‬‬

‫د‪.‬ت‪.‬‬

‫‪ -‬القرطاجي‪ ،‬حازـ‪ ،‬منياج البمغاء وسراج األدباء‪ ،‬دار الكتب الشرقية‪ ،‬القاعرة‪.ُٗٔٔ ،‬‬

‫‪ -‬القزكيني‪ ،‬محمد بف عبد الرحمف بف عمر‪ ،‬اإليضاح في عموم البالغة‪ ،‬تحقيؽ محمد‬

‫عبد المنعـ خفاجي‪ ،‬دار الجيؿ‪ ،‬بيركت‪.‬‬

‫‪ -‬كرتشو‪ ،‬المجمل في فمسفة الفن ترجمة سامي الدروبي‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬القاىرة‪.ُْٕٗ،‬‬

‫‪112‬‬
‫‪ -‬الكركي‪ ،‬خالد ‪ ،‬الصائح المحكي صكرة المتنبي في الشعر الحديث‪ ،‬المؤسسة العربية‬

‫لمدراسات كالنشرُٗٗٗ‪.‬‬

‫‪ -‬كماؿ‪ ،‬صفكت‪ ،‬مفيوم الزمن بين الساطير والمأثورات الشعبية‪ ،‬مجمة عالـ الفكر‪،‬‬

‫الككيت‪.ُٕٗٗ ،‬‬

‫‪ -‬الرماني‪ ،‬عمي بف عيسى‪ ،‬النكت في إعجاز القرآن‪ ،‬تحقيؽ محمد خمؼ اهلل‪ ،‬د‪ .‬محمد‬

‫زغمكؿ سبلـ‪،‬دار المعارؼ ‪ ،‬مصر‪.ُٕٗٔ ،‬‬

‫‪ -‬المتنبي‪ ،‬أحمد بف حسيف الجعفي ‪ ،‬ديوان المتنبي‪ ،‬دار بيركت لمطباعة كالنشر‪،‬‬

‫ُّٖٗ‪.‬‬

‫‪ -‬محمد‪ ،‬أحمد‪ ،‬أثر األنا في أسموبية قصيدة المتنبي‪ ،‬مجمة مركز بابؿ لمدراسات‬

‫اإلنسانيو‪ ،‬مجمد ‪ ِ/‬العدد‪ ُ/‬حزيراف َُِِ‪.‬‬

‫‪ -‬مدككر‪ ،‬إبراىيـ‪ ،‬المعجم الفمسفي‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بيركت‪.ُٖٕٗ ،‬‬

‫المعرم‪ ،‬أبك العبلء أحمد بف عبد اهلل‪ ،‬الالمع العزيزي شرح ديوان المتنبي‪،‬تحقيؽ‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫محمد سعيد المكلكم‪ ،‬مركز الممؾ فيصؿ لمبحكث كالدراسات اإلسبلمية‪.ََِٖ ،‬‬

‫‪ -‬المقدسي‪ ،‬أنيس‪ ،‬أمراء الشعر العربي في العصر العباسي‪ ،‬طَُ‪ ،‬بيركت‪ :‬دار العمـ‬

‫لممبلييف‪.ُٕٗٓ ،‬‬

‫‪ -‬مكي‪ ،‬محمكد‪ ،‬القدر والدىر في شعر المتنبي‪،‬مجمة اليبلؿ ‪ ،‬مارس ‪.ُٕٗٗ ،‬‬

‫‪ -‬المبلح‪ ،‬عبدالغني‪ ،‬المتنبي يسترد أباه‪ ،‬المؤسسة العربية لمدراسات كالنشر‪.ُٖٗٗ ،,‬‬

‫‪ -‬الميمبي‪ ،‬أحمد بف عمي أبك العباس‪ ،‬المعخذ عمى شراح ديكاف أبي الطيب المتنبي‪ ،‬مركز‬

‫الممؾ فيصؿ لمبحكث كالدراسات الرياضََُِ‪.‬‬

‫‪ -‬مندكال‪ ،‬الزمن والرواية‪ ،‬ترجمة إحساف عباس ‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيركت‪ ،‬طُ ‪.ُٕٗٗ ،‬‬

‫‪113‬‬
‫‪ -‬ميرىكؼ‪،‬ىانز‪ ،‬الزمن في األدب‪ ،‬ترجمة أسعﺩ ﺭﺯًﻕ ‪ ،‬مﺅسسة سجؿ ﺍلعﺭﺏ‪ ،‬ﺍلقاىﺭﺓ‪.‬‬

‫‪.ُِٕٗ ،‬‬

‫‪ -‬ناصؼ‪ ،‬مصطفى‪ .‬قراءة ثانية لشعرنا القديم‪ ،‬دار لبناف لمطباعة كالنشر‪ ،‬د‪.‬ت ‪.‬‬

‫‪ -‬نصرت‪ ،‬عبد الرحمف‪ ،‬الصورة الفنية في الشعر الجاىمي في ضوء النقد الحديث‪ ،‬دار‬

‫الفكر‪ ،‬بيركت‪.ُٖٗٓ ،‬‬

‫‪ -‬نكر الديف‪،‬حسف‪ ،‬أمراء الشعر العربي في العصر العباسي‪ ،‬دار المبلييف‪،‬‬

‫بيركت(د‪.‬ت)‪.‬‬

‫‪ -‬نيشاف‪ ،‬عبد اليادم‪ ،‬التشبيو الخاص في شعر المتنبي ‪ ،‬مجمة البحكث كالدراسات‬

‫المغكية كالتربكية‪ ،‬كمية البنات‪ ،‬جامعة بغداد‪ ،‬العدد (ّْ) َُِٓ‪.‬‬

‫‪ -‬الياشمي‪ ،‬أحمد ‪،‬جواىر البالغة في المعاني والبيان والبديع‪،‬المكتبة العصرية‪ ،‬بيركت‪،‬‬

‫(د‪.‬ف)‪.‬‬

‫‪ -‬ىانز ميرىكؼ‪ ،‬الزمن في األدب‪ ،‬ترجمة ‪:‬أسعد رزكؽ‪،‬القاىرة ‪:‬مؤسسة فرانكميف ‪.‬‬

‫لمطباعة‪.ُِٕٗ،‬‬

‫‪ -‬ىبلؿ‪ ،‬محمد غنيمي‪ ،‬دراسات ونماذج في مذاىب الشعر ونقده‪ .‬نيضة مصر لمطباعة‬

‫كالنشر‪.ُٗٔٔ ،‬‬

‫‪ -‬الكاحدم‪ ،‬أبك الحسف عمي بف أحمد بف محمد ‪ ،‬شرح ديوان المتنبي‪ ،‬دار الرائد العربي‪،‬‬

‫‪.1999‬‬

‫‪ -‬الكالي محمد‪ ،‬الصورة الشعرية في الخطاب البالغي والنقدي‪ ،‬المركز الثقافي العربي‪،‬‬

‫بيركت‪ ،‬الطبعة األكلى‪.َُٗٗ ،‬‬

‫‪ -‬كىبة‪ ،‬مجدم‪ ،‬معجم مصطمحات األدب –مكتبة لبناف‪ -‬بيركت –ُْٕٗ‪.‬‬

‫‪114‬‬
‫‪ -‬اليازجي‪ ،‬ناصيؼ‪ ،‬العرف الطيب‪ :‬شرح ديوان ابي الطيب المتنبي‪ ،‬شركة دار األرقـ بف‬

‫أبي األرقـ‪ ،‬بيركت‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬

‫‪ -‬اليافي‪ ،‬نعيـ حسف‪ ،‬مقدمة لدراسة الصورة الفنية‪ ،‬منشكرات ك ازرة الثقافة كاإلرشاد‬

‫القكمي‪ ،‬دمشؽ‪.ُِٖٗ ،‬‬

‫‪ -‬يمكت‪ ،‬غازم‪ ،‬لم أساليب البيان‪ ،‬دار األصالة‪ ،‬بيركت‪ُّٖٗ ،‬ـ‪.‬‬

‫‪ -‬اليكسفي‪ ،‬محمد لطفي‪ ،‬قوة المتخيل‪ ،‬المؤسسة العربية لمدراسات كالنشر‪.َُِِ ،‬‬

‫‪115‬‬
‫الترتيب الزمني لمقصائد وألفاظ الزمن الواردة فييا‬
‫ألفاظ الزمف‬ ‫مناسبة القصيدة كزمنيا‬ ‫اسـ القصيدة‬

‫الزماف‪ ،‬الدىر‬ ‫كشادف ركح مف ييكاه في يده سيؼ قاليا في صباه في العراؽ سنة ُّٓق‪.‬‬
‫الصدكد عمى أعمى مقمٌده‬

‫النيار‪ ،‬الميؿ‬ ‫ً‬


‫لكمؾ أىٍلكما ىـ أقاـ عمى قاليا في صباه في العراؽ سنةُّٕق‬ ‫يكفي أراني ً‬
‫كيؾ‬
‫يمدح أبا الفضؿ كىك أحد المفكريف‪.‬‬ ‫فؤاد انجما‬

‫الميالي‬ ‫أبعد ما باف عنؾ قاليا في صباه في العراؽ سنة ُّٖق‬


‫أغيدىا ي‬ ‫أىبل ً‬
‫بدار ىسباؾ ي‬
‫يمدح محمد بف عبيد اهلل العمكم الم ٌشطب‪.‬‬ ‫َّدىا‪.‬‬
‫يخري‬

‫الدىر‬ ‫ً‬
‫األنس لما غدكت قاليا في مدح عبيد اهلل بف خمكاف في‬ ‫أظبية الكحش لكال ظبيةي‬
‫طرابمس سنةُِّق‪.‬‬ ‫بجد في اليكل تى ًع ىس‪.‬‬

‫الصبا‬ ‫ً‬
‫شييد ببياض الطمى ك قاليا في صباه سنةُِّق يذكر مقامو‬ ‫قتمت‬
‫كـ قتيؿ كما ي‬
‫بأرض نخمة (بعمبؾ)‪.‬‬ ‫كرد الخدكد‪.‬‬

‫الشيب‪ ،‬الدىر‬ ‫أحيا ك أيسر ما قاسيت ما قتبل كالبيف جار قاليا في صباه في منب سنة ُِّق في‬
‫مدح سعيد بف عبداهلل بف الحسف ال ٍكبلبي‬ ‫عمى ضعفي كما عدال‪.‬‬
‫المنبجي‪.‬‬

‫الصباح‪ ،‬الزماف‬ ‫جمبت ًحمامي قاليا في رأس العيف سنة ُِّق في مدح‬
‫ٍ‬ ‫الصبا كمرات ًع اآلراـ‬
‫ٌ‬ ‫ًذكر‬
‫سيؼ الدكلة‪.‬‬ ‫قبؿ كقت ًحمامي‪.‬‬

‫اليكـ‪ ،‬الميؿ‪ ،‬الدىر‪،‬‬ ‫عيدكـ فأيف المكعد ىييات ليس ليكـ قاليا في مدح شجاع بف محمد الطائي‬
‫ي‬ ‫اليكـ‬
‫الزماف‬ ‫المنبجي في منب سنة ِِّق‪.‬‬ ‫غد‪.‬‬
‫عيد يكـ ي‬

‫الصباح‬ ‫كغيض قاليا في صباه في جعفر بف ككيع سنة‬


‫ٌ‬ ‫حاشى الرقيب فخانتو ضمائره‬
‫ِِّق كلـ ينشد إياىا‪ ،‬ككاف ابف ككيع‬ ‫الدمع فانيمٌت بكادرهي‪.‬‬
‫في حمص‪.‬‬

‫الميؿ ‪ ،‬النيار‬ ‫كدعكا فمـ ً‬


‫أدر فمـ قاليا في مدح عمي بف أحمد الطائي‬ ‫حشاشة نفس كدعت يكـ ٌ‬
‫سنةِِّق‬ ‫يشيعي‪.‬‬
‫أم الظاعنيف أ ٌ‬ ‫ً‬
‫أدر ٌ‬

‫‪،‬‬ ‫الشيب‬ ‫يد ك قاليا في مدح ابي شجاع محمد بف معف المكت‪،‬‬
‫كجكل يز ي‬
‫يأرؽ ٌ‬
‫ي‬ ‫أرؽ عمى أر و‬
‫ؽ كمثمي‬ ‫ه‬
‫الشباب‬ ‫بف الرضى األزدم سنةِِّق‪.‬‬ ‫ىع ٍبرةه تترقرؽ‪.‬‬

‫‪116‬‬
‫الميؿ‬ ‫قفا تريا كدقي فياتا المخاي يؿ كال تخشيا قائؿ في صباه سنة ِِّق‪.‬‬
‫يخ ٍمفان لما أنا قائؿ‪.‬‬

‫الميؿ‬ ‫قاليا في مدح شجاع بف محمد الطائي‬ ‫أسى مف داؤه الحدؽ‬


‫عزيز َّ‬
‫المنبجي في منب سنةِِّق‪.‬‬
‫عياء بو مات المحبكف مف قب يؿ‪.‬‬
‫النجؿ ه‬
‫ي‬

‫الشيب‪ ،‬الدىر‪ ،‬الميالي‬ ‫غير يمحتشـ كالسيؼ قاليا في صباه سنة ِِّق‪.‬‬
‫ضيؼ ألـ براسي ي‬
‫أحسف فعبل منو بالمٌمـ‪.‬‬

‫الزماف‬ ‫ادخرت قاليا في صباه عمى لساف بعض‬


‫قضاعة تعمـ أني الفتى الذم ٌ‬
‫التنكخييف كقد سألو ذلؾ سنة ِِّق‪.‬‬ ‫لصركؼ الزماف‪.‬‬

‫المكت‬ ‫خدد اهلل كرد الخدكًد ًّ‬


‫كقد قدكد الحساف قاليا في الكالي كىك في السجف في‬ ‫أيا ٌ‬
‫حمص سنةِّْق‪.‬‬ ‫القدكًد‪.‬‬

‫الدىر‬ ‫ألم صركؼ الدىر فيؾ نعاتب كأم رزاياه قاليا في البلذقية سنةِّٓق يرثي محمد‬
‫بف إسحاؽ التنكخي‪.‬‬ ‫بكتر نطالب‪.‬‬

‫الزماف‬ ‫الر ىشأ قاليا في مدح مساكر بف محمد الركمي‬


‫أغذاء ذا ٌ‬
‫ي‬ ‫يح‬
‫جمبلن كما بي ف ٍميؾ التبر ي‬
‫سنةِّٓق في حمب‪.‬‬ ‫األغف الشيح‪.‬‬
‫ٌ‬

‫‪-‬‬ ‫ما الشكؽ مقتنعان مني بذا الكمد حتى أككف قاليا في منب سنةِّٓق في مدح أبي‬
‫عبادة بف يحيى البحترم‪.‬‬ ‫ببل قمب كال كبد‪.‬‬

‫‪-‬‬ ‫أمساكر أـ قرف شمس ىذا أـ ليث غاب قاليا في مدح مساكر الركمي سنةِّٓق‬
‫ه‬
‫في حمب‪.‬‬ ‫يقدـ األستاذا‪.‬‬

‫بفي بركد قاليا في منب سنة ِّٓق في مدح أبي‬


‫ماء الغمامة أـ يخ ٍم ير َّ‬ ‫ً‬
‫ليؿ‪ ،‬فجر ‪ ،‬الدىر‬ ‫أىريقيؾ أـ ي‬
‫عبادة بف يحيى البحترم‪.‬‬ ‫كىك كبدم ىج ٍم ير‪.‬‬

‫‪-‬‬ ‫قاليا في البلذقية سنةِّٓق يرثي محمد‬ ‫أف الحياة كاف‬


‫إني ألعمـ كالمبيب خبير ٌ‬
‫بف إسحاؽ التنكخي‪.‬‬ ‫حرصت غركر‪.‬‬

‫المكت‬ ‫كخبت مكايده قاليا في البلذقية سنةِّٓق يرثي محمد‬


‫ٍ‬ ‫كىف بحكر‬
‫غاضت اناممو ٌ‬

‫‪117‬‬
‫بف إسحاؽ التنكخي‪.‬‬ ‫كىف سعير‪.‬‬

‫‪-‬‬ ‫ً‬
‫انثنيت قاليا في طرطكس سنة ِّٓق يمدح‬ ‫ً‬
‫فيجت رسيسا ثـ‬ ‫ً‬
‫برزت لنا‬ ‫ىذم‬
‫محمد بف زريؽ الطرسكسي ككاف عمى‬ ‫كما شفيت نسيسا‪.‬‬
‫الثغكر يحارب الركـ‪.‬‬

‫الميالي‬ ‫ائؽ ك يا قمب قاليا في البلذقية سنةِّٓق يمدح‬


‫تأنى الحز ي‬
‫ىك البيف حتى ٌ‬
‫الحسيف بف اسحؽ التنكخي‪.‬‬ ‫حتى أنت ممف أفارؽ‪.‬‬

‫الصباح‪ ،‬الزماف‬ ‫كجدت بي قاليا في منب سنة ِّٓق في مدح أبي‬


‫ي‬ ‫كدت أبكيكا‬
‫بكيت يا ربع حتى ي‬
‫أحمد عبيد بف يحيى البحترم المنبجي‪.‬‬ ‫كبدمعي في مغانيكا‪.‬‬

‫‪-‬‬ ‫مبلمي النكل في ظمميا غاية الظمـ لع ٌؿ قاليا في البلذقية سنةِّٓق في مدح‬
‫الحسيف بف اسحاؽ التنكخي‪.‬‬ ‫السقـ‪.‬‬
‫بيا مثؿ الذم بي مف ٌ‬

‫الصبح‪ ،‬الميؿ‬ ‫أتنكر يا ابف اسحؽ إخائي كتحسب ماء قاليا في البلذقية سنةِّٓق يمدح‬
‫الحسيف بف إلسحاؽ التنكخي‪ ،‬ككاف قكـ‬ ‫غيرم مف إنائي‪.‬‬
‫قد ىجكه كعزكا اليجاء إلى أبي الطيب‪.‬‬

‫الميؿ ‪ ،‬الشيب‪ ،‬الشباب‬ ‫قاليا في البلذقية سنةِّٔق في مدح‬ ‫ً‬


‫بالتناد‪.‬‬ ‫أيحاد اـ سداس أ ً‬
‫هحاد ليمتنا المنكطة‬ ‫ه‬
‫عمي بف إبراىيـ التنكخي‪.‬‬

‫الشيب‬ ‫يممً ه‬
‫ث القطر أعطشيا ربكعا كاال فاسقيا قميا في البلذقية سنة ِّٔق في مدح‬
‫عمي بف إبراىيـ التنكخي‪.‬‬ ‫سـ النقيعا‪.‬‬
‫الي ٌ‬

‫النيار‪ ،‬الدىر‬ ‫اليمـ أحدث شيء عيداي قاليا في البلذقية سنةِّٔق في مدح‬
‫ي‬ ‫أحؽ عاؼ بدمعؾ‬
‫عمي بف إبراىيـ التنكخي‪.‬‬ ‫بيا القدـ‪.‬‬

‫الزماف‬ ‫بأبي الشمكس الجانحات غكاربا البلبسات قاليا في مدح عمي بف منصكر الحاجب‬
‫سنة ِّٕق‪.‬‬ ‫مف الحرير جبلببا‪.‬‬

‫‪-‬‬ ‫دمع جرل فقضى في الربع ما كجبا ألىمو قاليا في أنطاكية سنة ِّٕق في مدح‬
‫المغيث بف عمي بف بشر العجمي‪.‬‬ ‫كشفى ٌأنى كال كربا‪.‬‬

‫الشيب‬ ‫لجن و‬
‫ية أـ غادة رفع السجؼ لكح ٌشية ال ما قاليا في مدح أبي الفرج أحمد بف الحسف‬ ‫ٌ‬
‫القاضي سنة ِّٕق‪.‬‬ ‫ؼ‪.‬‬
‫شن ي‬ ‫و‬
‫لكحشية ٍ‬

‫الدىر‪ ،‬الزماف‬ ‫داـ كعمر مثؿ ما تيب قاليا في أنطاكية سنةِّٕق في مدح‬
‫فؤاد ما تسميو الي ي‬

‫‪118‬‬
‫المغيث بف عمي بف بشر العجمي‪.‬‬ ‫المئاـ‪.‬‬

‫الميؿ ‪ ،‬الصبح‬ ‫نرل ًعظما بالبيف كالصد أعظـ كنتٌيـ قاليا في مدح عمر بف سميماف الشرابي‬
‫سنةِّٕق‪.‬‬ ‫منيـ‪.‬‬
‫ي‬ ‫الكاشيف كالدمع‬

‫زماف‬ ‫أحممان نرل أـ زمانان جديدا أـ الخمؽ في قاليا في طبرية في مدح بدر بف عمار‬
‫األسدم الطبرستاني سنة ِّٖ ق‬ ‫حي أعيدا‬
‫شخص ٌ‬

‫الزماف‬ ‫إف األدمعا ً‬


‫تطس الخدكد قاليا في مدح عبد الكاحد بف العباس بف‬ ‫أركائب األحباب ٌ‬
‫أبي اإلصبع الكاتب ِّٖق‬ ‫اليرًمعا‪.‬‬
‫تطسف ٍ‬
‫كما ٍ‬

‫‪-‬‬ ‫كمنزؿ ليس لنا بمنزؿ كال لغير الغاديات قاليا بالقرب مف طبرية في مدح بدر بف‬
‫عمار األسدم الطبرستاني سنةِّٖق ‪.‬‬ ‫ط ًؿ‪.‬‬
‫اليي ٌ‬

‫الزماف‪ ،‬الشباب‬ ‫صمة اليجر لي كىجر الكصاؿ نكساني قاليا في مدح عبد الرحمف بف المبارؾ‬
‫سنة ِّٖق‪.‬‬ ‫في السقـ نكس اليبلؿ‪.‬‬

‫‪-‬‬ ‫كمنزؿ ليس لنا بمنزؿ كال لغير الغاديات قاليا بالقرب مف طبرية في مدح بدر بف‬
‫عمار األسدم الطبرستاني سنةِّٖق ‪.‬‬ ‫الييطٌ ًؿ‪.‬‬

‫الميؿ‪ ،‬الزماف‬ ‫الرقباء إذ حيث قاليا بالقرب في مدح أبي عمي ىاركف بف‬
‫ي‬ ‫أمف ازديارؾ في الدجى‬
‫عبد العزيز األكراجي الكاتب سنة ِّٖق‪.‬‬ ‫ضياء‪.‬‬
‫ي‬ ‫أنت مف الظبلـ‬

‫‪-‬‬ ‫الب ىخ يؿ في البعد ما ال قاليا في طبرية في مدح بدر بف عمار‬


‫أبعد نأم المميحة ى‬
‫سنةِّٗق‪.‬‬ ‫تيكمؼ اإلبؿ‪.‬‬

‫‪-‬‬ ‫بقائي شاء ليس يىـ ارتحاال كحسف الصبر قاليا في طبرية في مدح بدر بف عمار‬
‫سنة ِّٗ ق‬ ‫زمكا ال الجماال‬
‫ٌ‬

‫‪-‬‬ ‫سحاب ىط هؿ فيو ثكاب قاليا في طبرية في مدح بدر بف‬


‫ي‬ ‫إنما بدر بف عمار‬
‫عمارَّّق‪.‬‬ ‫كعقاب‪.‬‬

‫الزماف‬ ‫في الخد اف عزـ الخميط رحيبل مطر تزيد قاليا في طبرية في مدح بدر بف‬
‫عمارُّّق‪.‬‬ ‫بو الخدكد محكال‪.‬‬

‫‪-‬‬ ‫الحب ما منع الكبلـ األلسنا كألذ ككل قاليا في طبرية في مدح بدر بف‬
‫عمارِّّق‪.‬‬ ‫عاشؽ ما أعمنا‪.‬‬

‫الميؿ‬ ‫قاليا سنةّّّق يصؼ مسيرة بالبكادم‪.‬‬ ‫عذيرم مف عذارل مف أيمكر س ٌكف جكانحي‬

‫‪119‬‬
‫بد ىؿ الخدكر‪.‬‬

‫و‬
‫مدرؾ أك محارب قاليا في جبؿ جرش يمدح أبا الحسيف بف‬ ‫ضاـ‬
‫الدىر‬ ‫ال افتخار إالٌ لمف يي ي‬
‫أحمد المرم الخرساني سنةّّّق‪.‬‬ ‫ال يناـ‪.‬‬

‫الشباب‬ ‫لؾ يا منازؿ في القمكب منازؿ أقفرت أنت قاليا في مدح القاضي أبي الفضؿ أحمد‬
‫بف عبداهلل األنطاكي سنةّّْق‪.‬‬ ‫كىف منؾ أكاىؿ‪.‬‬
‫ٌ‬

‫الميالي‪ ،‬المنايا‪ ،‬ساعة‬ ‫ذما فما قاليا في رثاء جدتو بعد أف أرسؿ إلييا‬
‫أال ال أيرم األحداث حمدان كال ٌ‬
‫كتابا يسأليا المسير إليو في بغداد سنة‬ ‫بطشيا جيبلن كال كفٌيا ًحمما‪.‬‬
‫ّّْق‪.‬‬

‫ساعة‪ ،‬الزماف‬ ‫البيف منا البيف أجفانا تدمى كألٌؼ قاليا يمدح أبا سيؿ سعيد بف عبداهلل بف‬
‫قد عمٌـ ي‬
‫األنطاكي‬ ‫الحسف‬ ‫بف‬ ‫اهلل‬ ‫عبيد‬ ‫في ذا القمب أحزانا‪.‬‬
‫سنةّّْق‪.‬‬

‫الزمف‬ ‫ً‬
‫الزمف يخمك مف قاليا في أنطاكية يمدح أبا عبيد اهلل محمد‬ ‫أفاضؿ الناس أغراض لذا‬
‫بف عبداهلل بف محمد الخطيب الخصيبي‬ ‫طف‪.‬‬ ‫اليـ أخبلىـ مف ً‬
‫الف ً‬
‫سنةّّْق‪.‬‬

‫الميؿ‪ ،‬الصبح الزماف‬ ‫ضركب الناس عشاؽ ضركبا فأعذرىـ قاليا في مدح عمي بف محمد بف سيار بف‬
‫مكرـ التميمي سنةّّٓق‪.‬‬ ‫اشفيـ حبيبا‪.‬‬
‫ي‬
‫الزماف‬ ‫الجد فيو نمت قاليا في مدح عمي بف محمد بف سيار بف‬
‫ٌ‬ ‫كذا‬ ‫مجد‬ ‫ه‬
‫ر‬ ‫أكث‬ ‫و‬
‫ٍى‬‫م‬‫ب‬ ‫فعالي‬ ‫أقؿ‬
‫مكرـ التميمي سنةّّٓق‪.‬‬ ‫جد‪.‬‬
‫أـ لـ أنؿ ٌ‬
‫‪-‬‬ ‫بعد فياليتني بعد قاليا في أنطاكية سنة ّّٓق في مدح‬
‫لقد حازني كجد بمف حازه ي‬
‫الحسيف بف عمي اليمداني‪.‬‬ ‫كجد‪.‬‬
‫كيا ليتو ي‬
‫المكت‬ ‫سرب محاسنو حرمت ذكاتيا داني الصفات قاليا في مدح أبي أيكب أحمد األنطاكي‬
‫سنة ّّٓق‪.‬‬ ‫بعيد مكصكفاتيا‪.‬‬
‫الدىر‪ ،‬المنايا‪ ،‬الميؿ‬ ‫الدىر كحيدان كما قاليا في مدح عمي بف أحمد بف عامر‬
‫ي‬ ‫أيطاعف خيبلن مف فكارسيا‬
‫األنطاكي سنةّّٓق‪.‬‬ ‫قكلي كذا كمعي الصبر‪.‬‬
‫الدىر‬ ‫ً‬
‫العيف عدة قاليا بدمشؽ في مدح أبي بكر عمي بف‬ ‫كفرندم فرند سيفي الجرًاز لذة‬
‫صالح الركذبارم الكاتب سنة ّّٓق‪.‬‬ ‫لمبراز‪.‬‬
‫الصباح ‪ ،‬الميؿ‪،‬‬ ‫أعيدكا صباحي فيك عند الككاعب ك ردكا قاليا بالرممة سنة ّّٔق في مدح أبي‬
‫الدىر‬ ‫القاس طاىر بف الحسيف العمكم‪.‬‬ ‫رقادم فيك لحظ الحبائب‪.‬‬

‫المكت‬ ‫أنا الئمي إف كنت كقت المكائـ عممت بما قاليا في الرممة سنةّّٔق في مدح‬

‫‪120‬‬
‫األمير أبي محمد الحسف بف عبيد اهلل بف‬ ‫بي بيف تمؾ المعالـ‪.‬‬
‫طغ ‪.‬‬
‫‪-‬‬ ‫كشامخ مف الجباؿ أقكد فرود كيافكخ البعير قاليا بالرممة سنة ّّٔق في األمير أبي‬
‫محمد بف طغ ‪.‬‬ ‫ً‬
‫األصيد‪.‬‬
‫الميؿ‪ ،‬الظبلـ‬ ‫دمشؽ عمى فر ً‬
‫اش حشاهي لي قاليا بأنطاكية سنة ّّٔق في مدح ابي‬ ‫ى‬ ‫مبيتي مف‬
‫العشائر‪.‬‬ ‫ً‬
‫حاش‪.‬‬ ‫بحر حشام‬
‫ٌ‬

‫الميالي‪ ،‬الدىر‬ ‫أتراىا لكثرة الع ٌشا ً‬


‫ؽ تحسب الدمع خمقة في قاليا بأنطاكية سنة ّّٔق في مدح ابي‬
‫العشائر الحسيف بف عمي بف الحسيف بف‬ ‫المعقي‪.‬‬
‫حمداف العدكم‪.‬‬

‫المكت‬ ‫قالك لنا مات إسحاؽ فقمت ليـ ىذا الدكاء قاليا بطريقة أنطاكية سنة ّّٔق في‬
‫ىجاء ابف كيغمغ‪.‬‬ ‫الذم يشفي مف الحمؽ‪.‬‬

‫‪-‬‬ ‫ما لممركج الخضر كالحدائ ً‬


‫ؽ يشكك خبلىا قاليا بأنطاكية سنةّّٔق كقد تعذر‬
‫المرعي ف الثم عمى ميرة الطخركر‪.‬‬ ‫كثرة العكائ ً‬
‫ؽ‪.‬‬
‫‪-‬‬ ‫ليكل النفكس سريرة ال تيعمـ عرضان نظرت قاليا بطرابمس سنة ّّٔق في ىجاء‬
‫اسحاؽ بف إبراىيـ األعكر بف كيغمغ‪.‬‬ ‫كخمت أني أسمـ‪.‬‬
‫المكت‬ ‫ت‬
‫إذا غامرت في شرؼ مركـ فبل تقنع بما قاليا بأنطاكية سنة ّّٔق كقد يك ىس ٍ‬
‫أمو‪.‬‬ ‫ً‬
‫فىقيتؿ ميره الطخركر ك ٌ‬ ‫دكف النجكـ‪.‬‬
‫‪-‬‬ ‫ال تحسبكا ربعكـ كال طىمىمىو أكؿ حي فراقكـ قاليا بأنطاكية سنة ّّٔق في مدح أبي‬
‫العشائر‪.‬‬ ‫قتمو‪.‬‬

‫الدىر‬ ‫الناس ما لـ يركؾ أشباه كالدىر لفظ كأنت قاليا بأنطاكية سنة ّّٔق في ابي‬
‫العشائر‪.‬‬ ‫معناه‪.‬‬

‫الدىر‬ ‫ٍسر ح ٌؿ حيث شئت تى يحموي النك يار كأراد فيؾ قاليا بحمب سنةّّٕق في مدح سيؼ‬
‫الدكلة‪.‬‬ ‫مرادؾ المقدار‪.‬‬

‫الشباب‬ ‫كفاؤكما كالربع أشجاه طاسمو بأف تسعدا قاليا في أنطاكية في سنة ّّٕق في‬
‫مدح سيؼ الدكلة أبي الحسف عمي بف‬ ‫كالدمع أشفاه ساجمو‪.‬‬
‫عبد اهلل بف حمداف التغمبي‪.‬‬

‫الزماف‬ ‫أيف أزمعت أييذا اليماـ نحف نبت الربى قاليا بأنطاكية ستة(ّّٕ)ق في مدح‬
‫سيؼ الدكلة الحمداني كقد عزـ عمى‬ ‫كأنت الغماـ‪.‬‬
‫الرحيؿ عف انطاكية‪.‬‬

‫‪121‬‬
‫الميالي‪ ،‬الدىر‬ ‫ينعد المشرفية كالعكالي كتقتمنا المنكف ببل قاليا بحمب في جمادل اآلخرىة سنة‬
‫ّّٕق في رثاء كالدة سيؼ الدكلة‪.‬‬ ‫قتاؿ‪.‬‬

‫الدىر‬ ‫أعمى الممالؾ ما يي ٍبنى عمى األسؿ كالطعف قاليا بحمب سنةّّٕق في مدح سيؼ‬
‫الدكلة‪.‬‬ ‫ً‬
‫كالقبؿ‪.‬‬ ‫عند محبييف‬

‫‪-‬‬ ‫إالـ طماعية العاذؿ كال رأم في الحب قاليا بحمب سنةّّٕق في مدح سيؼ‬
‫الدكلة‪.‬‬ ‫لمعاقؿ‪.‬‬

‫المكت‬ ‫كع ٌده مما قاليا بأنطاكية سنةّّٕق في مدح كالدة‬ ‫ركيدؾ أييا الممؾ الجميؿ َّ‬
‫تاف ي‬
‫سيؼ الدكلة‪.‬‬ ‫تني يؿ‪.‬‬

‫الزماف‪ ،‬الميؿ‬ ‫سدكت عمة بمكركد أكرـ مف تغمب بف قاليا بحمب سنة ّّٖق يرثي ابف عـ‬
‫ٍ‬ ‫ما‬
‫سيؼ الدكلة تغمب بف داكد‪.‬‬ ‫داكد‪.‬‬

‫الميؿ‬ ‫أيدرم الربع أم دك أراقا كأم قمكب ىذا قاليا بحمب سنةّّٖق في مدح سيؼ‬
‫الدكلة‪.‬‬ ‫الربع شاقا‪.‬‬

‫المكت‪ ،‬الزماف‬ ‫بنا منؾ فكؽ الرمؿ مابؾ بالرمؿ كىذا الذم قاليا بحمب في صفر سنة سنةّّٖق في‬
‫رثاء عبد اهلل بف سيؼ الدكلة‪.‬‬ ‫يضني كذاؾ الذم ييبمى‪.‬‬

‫‪-‬‬ ‫ال الحمـ جاد بو كال بمثالو لكال ادكار قاليا بحمب سنةّّٖق في مدح سيؼ‬
‫الدكلة‪.‬‬ ‫كداعو كز ً‬
‫يالو‬

‫‪-‬‬ ‫الع َّذ يؿ كتشمؿ مف دىرىا قاليا سنة ّّٖق في مدح سيؼ الدكلة‪.‬‬
‫أيقدح في الخيمة ي‬
‫يشمؿ‪.‬‬

‫الميؿ‬ ‫إذا كاف مدح فالنسيب المقدـ أكؿ فصيح قاليا بحمب سنة ّّٖق في مدح سيؼ‬
‫الدكلة‪.‬‬ ‫متيـ‪.‬‬
‫قاؿ شع انر ٌ‬

‫ليذا اليكـ بعد غد أري ي كنار العدك ليا قاليا بالسنبكس سنة ّّٗق في مدح ‪-‬‬
‫سيؼ الدكلة‪.‬‬ ‫أجي ي ‪.‬‬

‫المكت‬ ‫غيرم بأكثر ىذا الناس ينخدعي إف قاتمكا قاليا بحمب في جمادل األكلى سنة‬
‫ّّٗق في مدح سيؼ الدكلة كيذكر‬ ‫جبنكا أك حدثكا شجعكا‪.‬‬
‫الكاقعة التي ىزـ فييا المسممكف‪.‬‬

‫‪122‬‬
‫‪-‬‬ ‫ال تحزف اهلل األمير ف نني سعخذ مف قاليا بحمب سنة َّْق يعزم سيؼ‬
‫الدكلة بعبده يماؾ التركي‪.‬‬ ‫حاالتو بنصيب‪.‬‬

‫الميالي‪ ،‬الزماف‬ ‫قاليا بحمب سنة َّْق في سيؼ الدكلة‪.‬‬ ‫في حكاسد كاف ضجي‬
‫عكاذؿ ذات الخاؿ َّ‬
‫لماجد‪.‬‬
‫ي‬ ‫الخكًد مني‬

‫المكت‬ ‫نزكر ديا انر ما نحب ليا مغنى كنسأؿ فييا قاليا سنة َّْق بحمب بحضرة جيش‬
‫سيؼ الدكلة‪.‬‬ ‫غير ساكنيا اإلذنا‪.‬‬

‫الميؿ‬ ‫فديناؾ مف ربع كاف زتنا كربا ف نؾ كنت قاليا بحمب سنةُّْق في مدح سيؼ‬
‫الدكلة‪.‬‬ ‫الشرؽ لمشمس كالغربا‪.‬‬

‫الزماف‪ ،‬الدىر‬ ‫أجاب دمعي كما الداعي سكل ً‬


‫طمؿ دعا قاليا بحمب سنةُّْ ق في سيؼ الدكلة‪.‬‬
‫فمباه قبؿ الركب كاإلبؿ‪.‬‬

‫الميؿ‪ ،‬السير‬ ‫احر قمباه ممف قمبو شبـ كمف بجسمي قاليا بحمب سنةُّْ ق يعاتب سيؼ‬
‫ك ٌ‬
‫الدكلة‪.‬‬ ‫كحالي عنده سقـ‪.‬‬

‫الدىر‬ ‫لعينؾ ما يمقى الفؤاد كما لقي كلمحب ما لـ قاليا بحمب سنةُّْ ق في سيؼ الدكلة‪.‬‬
‫يبؽ مني كما بقي‪.‬‬

‫الزماف‬ ‫أيدرم ما أرابؾ مف ييريب كىؿ ترقى إلى قاليا بحمب سنةِّْ ق في سيؼ الدكلة‪.‬‬
‫الفمؾ الخطكب‪.‬‬

‫الدىر‪ ،‬ساعة‪ ،‬الحياة‪،‬‬ ‫لكؿ امرلء مف دىره ما تعكدا كعادات قاليا بحمب سنةِّْ ق في سيؼ الدكلة‪.‬‬
‫األياـ‪ ،‬العيد‬ ‫سيؼ الدكلة الطعف في العدا‪.‬‬

‫الدىر‬ ‫سرم فما قاليا بحمب سنةِّْ ق في سيؼ الدكلة‪.‬‬


‫كسرؾ ٌ‬
‫رضاؾ رضام الذم أكثر ٌ‬
‫أيظير‪.‬‬

‫الزماف‪ ،‬الظبلـ‬ ‫أرل ذلؾ القرب صار ازك ار ار كصار طكيؿ قاليا بحمب سنةِّْ ق في سيؼ الدكلة‪.‬‬
‫السبلـ اختصارا‪.‬‬

‫الميؿ‬ ‫ليالي بعد الظاعنيف شككؿ طكاؿ كليؿ قاليا بحمب سنةِّْ ق في سيؼ الدكلة‪.‬‬
‫ٌ‬
‫العاشقيف طكي يؿ‪.‬‬

‫الزماف‬ ‫القمب أعمـ يا عذكؿ بدائو كاحؽ منؾ قاليا بحمب سنةِّْ ق في سيؼ الدكلة‪.‬‬
‫بجفنو كبمائو‪.‬‬

‫‪123‬‬
‫‪-‬‬ ‫ثياب كريـ ما يصكف حسانيا إذا نشرت قاليا بحمب سنةِّْ ق في سيؼ الدكلة‪.‬‬
‫كاف اليبات صكنيا‪.‬‬

‫‪-‬‬ ‫المجد عكافي إذ عكفيت كالكرـ كزاؿ عنؾ قاليا بحمب سنةِّْ ق في سيؼ الدكلة‪.‬‬
‫إلى أعدائؾ األليـ‪.‬‬

‫‪-‬‬ ‫حجب ذا البحر بحار دكنو يذميا الناس قاليا بحمب سنةِّْ ق في سيؼ الدكلة‪.‬‬
‫كيحمدكنو‪.‬‬

‫ليؿ‪ ،‬نيار‬ ‫بغيرؾ راعيان عبث الذئاب كغيرؾ صارمان قاليا بحمب سنةّّْ ق في سيؼ الدكلة‪.‬‬
‫ثمـ الضراب‪.‬‬

‫اليكـ‪ ،‬األكقات‬ ‫ظمـ لذا اليكـ كصؼ قبؿ رؤيتو ال يصدؽ قاليا بحمب سنةّّْ ق في سيؼ الدكلة‪.‬‬
‫النظر‪.‬‬
‫ي‬ ‫الكصؼ حتى يصدؽ‬

‫المكت‬ ‫يرد بيا عف قاليا بحمب سنةّّْ ق في سيؼ الدكلة‪.‬‬


‫دركع لممؾ اركـ ىذه الرسائؿ ٌ‬
‫نفسو كيشاغؿ‪.‬‬

‫الميالي‪ ،‬الدنيا‬ ‫عمى قدر اىؿ العزـ تأتي العزائـ كتأتي قاليا بحمب سنةّّْ ق في سيؼ الدكلة‪.‬‬
‫عمى قدر الكراـ المكارـ‪.‬‬

‫الميؿ‪ ،‬ساعة‬ ‫مجر عكالينا قاليا بحمب سنةّْْ ق في سيؼ الدكلة‪.‬‬


‫تذكرت ما بيف العذيب كبارؽ ٌ‬
‫كمجرل السكابؽ‪.‬‬

‫الزماف‪ ،‬النيار‪ ،‬الظبلـ‬ ‫طكاؿ قنا تطاعنيا قصار كقطرؾ في ندل قاليا بحمب سنةّْْ ق في سيؼ الدكلة‪.‬‬
‫ككغى بحار‪.‬‬

‫الدنيا‪ ،‬األزماف‬ ‫كسح لو رسؿ قاليا بحمب سنةّْْ ق في سيؼ الدكلة‪.‬‬


‫ٌ‬ ‫أراع كذا كؿ الممكؾ ىماـ‬
‫غماـ‪.‬‬
‫ي‬ ‫الممكؾ‬

‫إف يكف صبر ذم الرزية فضبل تكف قاليا بحمب سنةّْٓ ق يعزم سيؼ الزماف‪ ،‬المكت‬
‫الدكلة بأختو الصغرل‪.‬‬ ‫األفضؿ األعز األجبلٌ‬

‫الدىر‪ ،‬الزماف‬ ‫ذم المعالي فميعمكف مف تعالى ىكذا ىكذا قاليا بحمب سنة ّْٓ ق في سيؼ الدكلة‬
‫كاال فبل ال‬

‫المكت‬ ‫عقبى اليميف عمى عقبى الكغى ندـ ماذا قاليا بحمب سنةّْٓ ق في سيؼ الدكلة‪.‬‬
‫يزيدؾ في إقدامؾ القسـ‪.‬‬

‫‪124‬‬
‫الرأم قبؿ شجاعة الشجعاف ىك أكؿ كىي قاليا في آمد سنةّْٓ ق في سيؼ ‪-‬‬
‫الدكلة‪.‬‬ ‫المحؿ الثاني‪.‬‬

‫مف الجعذر في زم األعاريب حمر الحمى قاليا بالفسطاط سنة ّْٔق في مدح الميؿ‪ ،‬الصبح‬
‫كافكر اإلخشيدم‪.‬‬ ‫كالمطايا كالجبلبيب‪.‬‬

‫يدني مف قاليا بالفسطاط سنة ّْٔق يينىء كافك انر ‪-‬‬


‫إنما التينئات لؤلكفاء كلمف ٌ‬
‫اإلخشيدم‪.‬‬ ‫العداء‬

‫أكد األياـ ما ال تكده كأشكك إلييا بيننا كىي قاليا بالفسطاط سنة ّْٔق في مدح الميؿ‪ ،‬الدنيا‪ ،‬الدىر‬
‫ٌ‬
‫كافكر اإلخشيدم‪.‬‬ ‫جندهي‪.‬‬
‫ي‬

‫كفى بؾ داء أف ترل المكت شافيا كحسب قاليا بالفسطاط (مصر) سنة ّْٔق في المكت‪ ،‬الصباح‪ ،‬اليكـ‬
‫مدح كافكر اإلخشيدم‪.‬‬ ‫المنايا أف يكف أمانيا‪.‬‬

‫اغمب زاعجب قاليا بالفسطاط سنة ّْٕق في مدح األياـ‪ ،‬الدىر‬


‫ي‬ ‫أيغالب فيؾ الشكؽ كالشكؽ‬
‫كافكر ‪.‬‬ ‫مف ذا اليجر كالكصؿ أعجب‪.‬‬

‫حسـ الصمح ما اشتيتو األعادم كاذاعتو قاليا بالفسطاط سنة ّْٕق في مدح الدىر‬
‫كافكر اإلخشيدم‪.‬‬ ‫ألسف الحساد‪.‬‬
‫ي‬

‫مذمـ كأـ كمف ٌيمت قاليا بالفسطاط سنة ّْٕق في مدح الميؿ‪ ،‬الدىر‬
‫فراؽ كمف فارقت غير ٌ‬
‫كافكر اإلخشيدم‪.‬‬ ‫ميمـ ‪.‬‬
‫خير ٌ‬

‫األكقات‪،‬‬ ‫ال خيؿ عندؾ تيدييا كال ماؿ فميسعد قاليا بمصر في ٗ جمادل اآلخرة سنة الزماف‪،‬‬
‫ّْٖق في مدح أبي شجاع فاتؾ الساعات‬ ‫النطؽ إف لـ تسعد الحاؿ‪.‬‬
‫الركمي‪.‬‬

‫الزمف‪ ،‬الدنيا‪ ،‬الدىر‬ ‫بـ التعمؿ ال أىؿ كال كطف كال نديـ كال قاليا بالفسطاط سنة ّْٖق ‪.‬‬
‫كأس كال سكف‪.‬‬

‫صحب الناس قبمنا ذا الزمانا كعناىـ مف قاليا بالفسطاط سنة ّْٖق كلـ ينشدىا الزماف‪ ،‬الميالي‪ ،‬المكت‬
‫كافك انر‪.‬‬ ‫شانو ما عنانا‪.‬‬

‫الزماف‬ ‫عدكؾ مذمكـ في كؿ مكاف كلك كاف مف قاليا بالفسطاط سنة ّْٖق في كافكر‬
‫اإلخشيدم‪.‬‬ ‫أعدائؾ القمراف‪.‬‬

‫المساء‬ ‫ممكمكما يجؿ عف المبلـ ككقع فعالو فكؽ قاليا بمصر سنة ّْٖق كقد أصابتو‬

‫‪125‬‬
‫حمى‪.‬‬ ‫الكبلـ‪.‬‬

‫الميؿ‪ ،‬الدىر‬ ‫خضاب فيخفى قاليا بمصر سنة ّْٗق في مدح كافكر‪.‬‬
‫ي‬ ‫كف لي أف البياض‬
‫يمنى ٌ‬
‫بتبيض القركف شباب‪.‬‬

‫الدىر‬ ‫مف أية الطرؽ يأتي مثمؾ الكرـ أيف قاليا بمصر سنة ّْٗ ق في ىجاء‬
‫كافكر‬ ‫المحاجـ يا كافكر كالجمـ‬

‫الدنيا‬ ‫أما في ىذه الدنيا كريـ تزكؿ بو عف القمب قاليا بمصر سنة ّْٗ ق في ىجاء‬
‫كافكر‬ ‫اليمكـ‬

‫الصباح‬ ‫أيريؾ الرضا لك أخفت النفس خافيا كما أنا قاليا بمصر سنة ّْٗ ق في ىجاء‬
‫كافكر‬ ‫عف نفسي كال عنؾ راضيا‬

‫عيد بأية حاؿ عدت يا عيد بما مضى أـ قاليا بمصر يكـ عرفة سنة َّٓ ق م العيد‪ ،‬الدىر‪ ،‬الزمف‪،‬‬
‫المكت‬ ‫ىجاء كافكر‬ ‫بأمر فيؾ تجديد‬

‫أنكؾ مف عبد كمف عرسو مف ح ٌكـ العبد قاليا بمصر سنة َّٓ ق في ىجاء‬
‫كافكر‬ ‫عمى نفسو‬

‫الميؿ‪ ،‬الزمف‬ ‫الحزف يقمؽ كالتجمؿ يردع كالدمع بينيما قاليا في الككفة سنة ُّٓ ق في رثاء‬
‫فاتؾ الركمي‬ ‫عصي طيٍّعي‬
‫ٍّ‬

‫أعددت لمغادريف أسيافا أجدع منيـ بيف قاليا بعد خركجو مف مصر في أكائؿ سنة ‪-‬‬
‫ُّٓ ق في أحد عبيده‬ ‫آنافا‬

‫‪-‬‬ ‫حممو كشيء مف الند فيو قاليا بالككفة سنة ُّٓ ق في رثاء فاتؾ‬
‫ييذكرني فاتكان ي‬
‫اسمو‬

‫أال كؿ ماشية الخيزلى فدا كؿ ماشية قاليا عند كركده إلى الككفة في ربيع المساء‪ ،‬الصباح‪ ،‬الميؿ‬
‫الثاني سنة ُّٓ ق يصؼ فييا ما لقيو‬ ‫الييذبى‬
‫في الطريؽ كييجك كافك ار‬

‫الميؿ‪ ،‬النيار‬ ‫يا أخت خير أخ يا بنت خير أب كناية قاليا بالككفة سنة ِّٓ ق في رثاء خكلة‬
‫أخت سيؼ الدكلة‬ ‫بيميا عف أشرؼ النسب‬

‫‪-‬‬ ‫ما لنا كمنا ىج وك يا رسكؿ انا أىكل كقمبؾ قاليا بالككفة سنة ِّٓ ق في مدح سيؼ‬
‫الدكلة الحمداني‬ ‫المتبكؿ‬

‫‪126‬‬
‫الظبلـ‪ ،‬الدىر‪ ،‬الزمف‬ ‫حتٌاـ نحف نسارم النجـ في الظمىـ كما سراه قاليا بالككفة سنة ِّٓ ق في رثاء فاتؾ‬
‫عمى يخ و‬
‫ؼ كال قدـ‬

‫‪-‬‬ ‫أبر الكتب فسمعان ألمر أمير قاليا بالككفة سنة ّّٓ ق في سيؼ‬
‫فيمت الكتاب ٌ‬
‫الدكلة الحمداني‬ ‫العرب‬

‫المكت‬ ‫كدعكاؾ كؿ يدعي صحة العقؿ كمف ذا قاليا بالككفة سنية ّّٓ ق في مدح دلير‬
‫بف لشكركز‬ ‫الذم يدرم بما فيو مف جيؿ‬

‫الزماف‬ ‫و‬
‫باد ىكاؾ صبرت أـ لـ تصب ار كبكاؾ إف لـ قاليا بأرجاف في فارس في صفر سنة‬
‫ّْٓ ق في مدح ابف العميد‬ ‫يجر دمعؾ أك جرل‬

‫األياـ‪ ،‬الميالي‬ ‫ٍّ‬


‫الصد كال خف انر قاليا بارجاف سنة ّْٓ ق يكدع فييا ابف‬ ‫نسيت كما أنسى عتاب نا عمى‬
‫العميد‬ ‫زادت بو حمزة الخد‬

‫‪-‬‬ ‫أزائر يا خياؿ أـ عائد أـ عند مكالؾ أنني قاليا بشيراز سنة ّْٓ ق في مدح عضد‬
‫الدكلة‬ ‫اقد‬
‫رٍ‬

‫‪-‬‬ ‫ًفدان لؾ مف يقصر عف مداكا فبل ممؾ إذان قاليا بشيراز في شعباف ّْٓ ق يمدح‬
‫عضد الدكلة كيكدعو‬ ‫إال فداكا‬

‫‪-‬‬ ‫جاء نيركزنا كأنت مراده ككرت بالذم أراد قاليا بأرجاف سنة ّْٓ في مدح أبي‬
‫الفضؿ محمد بف الحسيف بف العميد‬ ‫زناده‬

‫‪-‬‬ ‫إثمث ف نا أييا الطمؿ نبكي كترزـ تحتنا قاليا بشيراز سنة ّْٓ ق في مدح عضد‬
‫الدكلة‬ ‫اإلبؿ‬

‫الزماف‬ ‫مغاني الشعب طيبان في المغاني بمنزلة قاليا بشيراز سنة ّْٓ ق في مدح عضد‬
‫الدكلة‬ ‫الربيع مف الزماف‬

‫‪-‬‬ ‫أكه بديؿ مف قكلتي كاىا لمف نأت كالبديؿ قاليا بشيراز في جمادل األكلى سنة ّْٓ‬
‫ق في مدح عضد الدكلة أبي شجاع ٌفنا‬ ‫ذكراىا‬
‫خسرك‬

‫الدىر‪ ،‬األياـ‪ ،‬المكت‬ ‫آخر ما الممؾ معزل بو ىذا الذم أثر في قاليا بشيراز سنة ّْٓ ق في رثاء عمة‬
‫عضد الدكلة‬ ‫قمبو‬

‫‪127‬‬
‫األياـ‪ ،‬الميالي‬ ‫ما أجدر األياـ كالميالي بأف تقكؿ ما لو قاليا بشيراز في رجب سنة ّْٓ ق في‬
‫كصؼ رحمة صيد قاـ بيا عضد الدكلة‬ ‫كمالي‬

‫‪128‬‬
Abstract

This study dealt with the time in Al-Mutanabbi poetry through a


new vision represented in the follow-up of the words of time in his poetry
according to the various stages of time experienced by Mutanabi.
Therefore, the objective of the study was to identify the evolution of
the concept of time in the poetry of Mutanabi Mutanabi and its
relationship to the nature of life experienced by Mutanabi and events that
passed.
The first chapter presents the development of the words of time and
their significance in the poetry of Al-Mutanabi by dividing the life of
Mutanabi into three stages of time. In this context, Before the meeting of
Saif al-Dawla (336-315), the period during which al-Mutanabbi met with
the state sword (346-336), and the Kafur and beyond (354-346). The
second chapter dealt with the concept of artistic image in the ancient and
modern criticism and the means of artistic image in the poetry of al-
Mutanabbi.
The study concluded that al-Mutanabbi's relationship with time was a
relationship of hostility and conflict in most cases. It formed the main
enemy time that stands in the face of al-Mutanabbi and prevents his
pursuit of his ambition, but it is remarkable that the time after al-
Mutanabi met with the sword of the state took a new pattern of optimism
in achieving dreams and ambitions , And then turn that ambition into a
new disappointment after the end of the relationship Mutanabbi sword
state and the transition to Cavour and provided the study at the end of a
table of the poems of al-Mutanabbi, which mentioned the time in
chronological order Ascending.

129

You might also like