You are on page 1of 16

‫‪1‬‬

‫التشريعات العمرانية وتأثيرها في تكوين بيئة العمارة المصرية‬


‫– دراسة خاصة للقانون ‪ 106‬وتعديالته ‪-‬‬
‫أ‪.‬د‪.‬م‪ .‬احمد هالل محمد ‪dra_helal@yahoo.com ‬‬

‫مقدمـة‬
‫تكمن أهمية القوانين والتشريعات في تنظيم وتلبية احتياجات المجتمع واألفراد لعوامل المنفعة‬
‫العامة في إطار من التوازن بين احتياجات األفراد والمجتمع المادية والمعنوية لذلك تعتبر القوانين المنظمة‬
‫للعمران من اآلليات األساسية التي تؤدي إلى تحقيق عمارة متوافقة ومتالئمة مع احتياجات ومتطلبات‬
‫أفراد المجتمع لكونها تنظم أعمال المباني وحق الجوار والصحة العامة واألمن واآلمان والراحة‪ ،...،‬لذلك‬
‫تعتبر هذه القوانين حجر الزاوية لتحقيق عمارة مستدامة لها هوية مميزة للمجتمع ‪.‬وفي مصر تتولى‬
‫مجالس المدن أو اإلدارات الهندسية بمجالس المدن تطبيق تلك التشريعات لتحقيق األهداف المرجوة منها‪.‬‬
‫ومن أهم التشريعات العمرانية تشريعات المباني وأهمها القانون ‪ 106‬لسنة ‪ 1976‬م والذي صدر في‬
‫شان توجيه وتنظيم أعمال البناء والئحته التنفيذية الصادرة بقرار وزير اإلسكان والتعمير رقم ‪ 237‬لسنة‬
‫‪1977‬م والتعديالت المتوالية لها حتى صدور القانون ‪ 101‬لسنة ‪1996‬م والئحته التنفيذية الصادرة‬
‫بقرار وزير اإلسكان والمرافق رقم ‪ 268‬لسنة ‪1996‬م والقرارات المتعلقة به [‪.]2[ ،]1‬‬

‫ويتضمن القانون ‪ 106‬لسنة ‪1976‬م مجموعة من الضوابط اختصت بمسطحات الوحدات‬


‫السكنية واألفنية وعناصر الحركة والبروزات والكرانيش وارتفاعات المباني والفتحات و‪ ، ....‬وعلى‬
‫الرغم من ذلك فإنه يمكن اعتبار أن هذا القانون والتعديالت التي تمت عليه بعد عامين من سريانه أدت إلى‬
‫إحداث فوضى معمارية وخاصة وأنه تضارب مع قانون التخطيط العمراني رقم ‪ 3‬لسنة ‪1982‬م‬
‫باإلضافة إلى أنه حدد بعض الضوابط وعممها على مصر كلها على الرغم من تباين متطلبات البيئة‬
‫وعادات وتقاليد السكان ‪ ،‬فانعكس هذا الوضع على العمران ومالمحه وأوجد عمارة السمة الغالبة لها هي‬
‫الفوضى والتضارب في أشكال وأنماط المباني من حيث حجم الكتل واالرتفاعات ومواد البناء ‪ ،...‬أي أن‬
‫العمارة فقدت صفة االستدامة واالستمرارية وأوجدت شعور بالعزلة وعدم التراضي بين السكان‪ .‬من هنا‬
‫كانت هذه الورقة البحثية‪.‬‬

‫أهداف البحث‪.‬‬
‫يهدف هذا البحث إلى دراسة القانون رقم ‪ 106‬لسنة ‪1976‬م وتعديالته ‪ ،‬وانعكاس هذا القانون‬
‫على بيئة العمارة المصرية وبالتحديد على العمارة السكنية من خالل استقراء الواقع المعماري في المدينة‬

‫‪‬‬
‫‪ -‬أستاذ التصميم المعماري المساعد – قسم العمارة ‪ -‬كلية الهندسة‪ -‬جامعة أسيوط‪ -‬مصر‬

‫‪1‬‬
‫‪2‬‬

‫المصرية والتعرف على هل أدى هذا القانون إلى إيجاد عمارة لها صفة االستدامة حققت احتياجات‬
‫ومتطلبات المجتمع أم ال‪.‬‬

‫منهج البحث‪.‬‬
‫اعتمد منهج البحث لتحقيق األهداف السابقة إلى صياغة عدد من المحاور الرئيسية المحددة لهذا‬
‫البحث والتي يمكن من خالل دراستها تحقيق أهداف البحث السابقة ‪ ،‬وهذه المحاور هي‪-:‬‬
‫المحـور األول‪ :‬عرض للقانون ‪ 106‬لسنة ‪1976‬م وتعديالته في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء والتي‬
‫شملت دراسة االشتراطات البنائية العامة‪ ،‬ثم دراسة نواحي القصور في القانون‪.‬‬
‫المحور الثاني‪ :‬دراسة انعكاس نواحي القصور في القانون ‪ 106‬على بيئة العمارة المصرية المعاصرة‪.‬‬
‫المحور الثالث‪ :‬استقراء الواقع المعماري النعكاس القانون على العمارة المعاصرة‪ ،‬دراسة حالة مدينة‬
‫أسوان كمثال‪.‬‬

‫‪ -1‬دراسة القانون ‪ 106‬لسنة ‪1976‬م وتعديالته‪.‬‬


‫يشمل دراسة القانون ‪ 106‬لسنة ‪1976‬م وتعديالته دراسة االشتراطات البنائية العامة ‪ ،‬ودراسة‬
‫اشتراطات اإلضاءة والتهوية واألفنية‪ ،‬ثم دراسة نواحي القصور في القانون‪.‬‬

‫‪ -1-1‬االشتراطات البنائية العامة[‪.]3‬‬


‫وتش مل على دراسة االرتفاع ات الص افية للفراغ ات‪ ،‬والس اللم ‪ ،‬ومواقف الس يارات ‪ ،‬والتع رف‬
‫على أقصى ارتفاع مسموح به للمباني ‪ ،‬والبروزات المصرح بها في واجهات المباني ‪.‬‬
‫أ‪ -‬المساحات‪ :‬نص القانون على أن مساحة الغرف السكنية ال تقل عن ‪10‬م‪ ،2‬بحث اليقل أي ضلع فيها‬
‫عن ‪2.7‬متر‪ ،‬وأن مساحة الحمام ال تقل عن ‪ 2‬م‪ 2‬وال يقل عرضه عن ‪1.2‬متر‪ ،‬ومساحة المطبخ ال‬
‫تقل عن ‪3‬م‪ 2‬وال يقل عرضه عن ‪1.5‬متر‪.‬‬
‫ب‪ -‬االرتفاعات الصافية للفراغات‪ :‬االرتفاع النهائي بين األرضية وبطنية السقف ال يقل عن ‪2.7‬متر‪،‬‬
‫وارتفاع المداخل والحمامات والطرقات ال تقل عن ‪2.3‬متر‪.‬‬
‫ج‪ -‬الساللم‪ :‬حدد القانون أنه في حالة زيادة ارتفاع أرضية المبنى عن ‪16‬متر وحتى ‪28‬متر وجب‬
‫توفير سلمين أحدهما سلم مكشوف ‪ ،‬بينما في حالة زيادة االرتفاع عن ذلك فيجب توفير سلمين تتوافر‬
‫في كالهما االشتراطات اآلتية‪:‬‬
‫*‪ -‬الساللم الرئيسية‪ :‬عرض قلبة السلم ال يقل عن ‪ 1.10‬م إذا كان عدد الوحدات ال يزيد عن ‪4‬‬
‫وحدات وال يقل عن ‪1.30‬م إذا كان عدد الوحدات السكنية اكثر ‪ .‬وعرض الدرجة ال يقل عن‬
‫‪27‬سم وارتفاع القائمة ال يزيد عن ‪17‬سم ‪ ،‬وأقصى عدد للدرج ‪ 14‬درجة يليها صدفة ال يقل‬
‫عرضها عن ‪ 4‬نوائم‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫‪3‬‬

‫*‪ -‬السلم الثانوي‪ :‬ال يقل عرضه عن ‪80‬سم‪ ،‬وباقي االشتراطات هي نفس شروط السلم الرئيسي‪.‬‬
‫د‪ -‬مواقف السيارات‪ :‬الزم القانون المالك بتوفير أماكن النتظار السيارات بحيث ال يقل العدد عن موقف‬
‫لكل وحدة سكنية ‪ ،‬وعدد ‪ 2‬موقف لكل وحدة إدارية‪.‬‬
‫هـ‪ -‬أقصى ارتفاع مسموح به للمباني‪ :‬حدد القانون أن عرض الشارع اليقل عن ‪6‬م‪ ،‬ويشترط أال يزيد‬
‫االرتفاع الكلي للبناء عن مرة ونصف عرض الشارع بحيث ال يزيد االرتفاع عن ‪36‬متر‪.‬‬
‫و‪ -‬البروزات المصرح بها في واجهات المباني وهي كما يلي‪:‬‬
‫*‪ -‬ال يتعدى أقصى بروز للبلكونات المكشوفة ‪ ، %10‬واألبراج ‪ %5‬من عرض الشارع بحد‬
‫أقصى ‪ 1.25‬م‬
‫*‪ -‬يترك مسافة ‪ 1.5‬م من حدود الجار بدون أي بروزات ( بلكونات‪ ،‬أبراج)‪.‬‬
‫*‪ -‬يشترط أال يتجاوز طول األبراج عن نصف طول الواجهة‪.‬‬
‫*‪ -‬يمكن البروز بكرانيش بمقدار ‪25‬سم زيادة عن البروز السابق اإلشارة عليه بكامل الواجهة‬

‫‪ -1-2‬اشتراطات اإلضاءة والتهوية واألفنية [‪.]3‬‬


‫‪ -1-2-1‬فتحات اإلضاءة والتهوية‪ :‬نص القانون على أنه يجب توفير فتحة أو عدة فتحات لكل‬
‫فراغ من فراغات المبنى تفتح على شارع أو فناء له شروط محددة وبحيث ال تقل مساحة هذه‬
‫الفتحات عن اآلتي‪-:‬‬
‫*‪ % 8 -‬من مساحة أرضية الغرف السكنية والمكاتب وبحد أدنى ‪1‬م‪.2‬‬
‫*‪ % 10 -‬من مساحة أرضية مرفق البناء (حمام‪ ،‬مطبخ ن مرحاض‪ ،‬سلم) وبحد أدنى ‪0.5‬م‬
‫‪.2‬‬

‫وفي حالة تعدد الفتحات تحسب الفتحة الالزمة على أساس مجموع الفتحات وبشرط أال يقل‬
‫مساحة الواحدة عن ‪0.5‬م‪ ( 2‬للسكن والمكاتب والسلم) ‪ ،‬وال تقل عن ‪1/4‬م‪ 2‬لمرافق البناء األخرى‬

‫‪ -1-2-2‬اشتراطات األفنية الالزمة لإلضاءة والتهوية‪.‬‬


‫*‪ -‬يوضح الجدول التالي شروط األفنية المطلوبة إلنارة وتهوية غرف وفراغات المبنى‪.‬‬

‫جدول رقم (‪ )1‬اشتراطات األفنية الالزمة لإلضاءة والتهوية‬


‫الحد األدنى لمسطح الفناء‬ ‫الحد األدنى البعاد الفناء‬ ‫نوع الفناء‬ ‫الفراغ المطلوب إنارته‬
‫وتهويته‬
‫‪0.25‬ع أو ‪3‬م أيهما اكبر‬ ‫خارجي‬ ‫غرف سكنية ومكاتب‬

‫‪3‬‬
‫‪4‬‬
‫مربع ‪ 3/1‬االرتفاع‬ ‫‪0.25‬ع أو ‪3‬م أيهما اكبر‬ ‫داخلي‬
‫‪2.5‬متر‬ ‫خارجي‬ ‫حمام‪ ،‬مطبخ ‪،‬مرحاض‪،‬‬
‫ان ع اقل من أو‬ ‫‪ 7.5‬م‪ 2‬إذا ك‬ ‫‪-‬‬ ‫‪2.5‬‬ ‫داخلي‬ ‫سلم‬
‫تساوي ‪10‬م‬
‫ان ع اقل من أو‬ ‫‪10.0-‬م‪ 2‬ادا ك‬
‫تساوي ‪20‬م‬
‫‪ 12.5‬م‪ 2‬ادا ك ان ع اقل من أو‬ ‫‪-‬‬
‫تساوي ‪30‬م‬
‫‪ -‬كل ‪10‬م زيادة في االرتفاع تزيد‬
‫مساحة الفناء ‪2.50‬م‪2‬‬

‫وع هو ارتفاع البناء أو ارتفاع واجهة البناء المحتوي على الفراغ المطلوب أنارته وتهويته ويقاس‬
‫من جلسة أول فتحة مطلوب أنارتها أو تهويتها‪.‬‬
‫*‪ -‬هذا وقد أتاح القانون إمكانية تهوية وإ ضاءة فراغ ال يتيسر عمل فتحة له مطلة على الفناء أو على‬
‫الشارع بعمل منور جيب بحيث ال يقل عرضه عن نصف عمقه كما أجاز القانون إمكانية عمل شرفة‬
‫بحيث يكون عمقها هو نصف عرض هذا المنور‪.‬‬
‫*‪ -‬األفنية المشتركة‪ :‬نص القانون على إمكانية عمل أفنية مشتركة لها نفس شروط األفنية السابقة –‬
‫جدول رقم(‪ – )1‬على أن تفصل بحاجز ال يمنع الضوء وال يزيد ارتفاعه عن ‪3‬م ومقام على حائط ال‬
‫يتعدى ارتفاعه عن ‪1.8‬متر‪.]3[.‬‬

‫‪ -1-3‬القصور في القانون ‪ 106‬لسنة ‪ :1976‬وتتمثل اوجه القصور في اآلتي‪:‬‬


‫‪ -1-3-1‬كثرة تعديالت القانون والئحته التنفيذية‪ ،‬حيث تم تعديل هذا القانون إحدى عشر مرة‬
‫سواء كان التعديل بإصدار قانون أو بقرار وزاري مع االحتفاظ بنفس المسمى [‪]4‬‬
‫‪ -1-3-2‬تطبيق القانون بشكل موحد على كل المدن المصرية على الرغم من اختالف الظروف‬
‫البيئية المحيطة بكل مدينة أو إقليم من أقاليم مصر ‪ ،‬حيث يالحظ االختالف في المناخ والظروف‬
‫االجتماعية من منطقة إلى أخرى‪.‬‬
‫‪ -1-3-3‬التضارب مع قانون التخطيط العمراني‪ :‬وجد أن هناك الكثير من التداخالت بين القوانين‬
‫‪ ،‬وهذا التداخل يمثل عقبة في طريق فهم وتطبيق التشريعات مما ينتج عنه سلبيات وتجاوزات‬
‫كثيرة داخل البيئة العمرانية تؤدي بدورها إلى فقدان السيطرة على العمران ويمكن توضيح‬
‫التضارب فيما يلي‪-:‬‬
‫*‪ -‬تعرض قانون التخطيط العمراني لتعريف األحياء المطلوب تجديدها ‪ ،‬أيضا نجد أن‬
‫القانون ‪ 106‬تعرض لكثير من هذه النقاط‪ .‬كما تعرض القانون العمال تقسيم األراضي‬
‫في حين هذا يخص قانون التخطيط العمراني[‪.]5‬‬

‫‪4‬‬
‫‪5‬‬

‫*‪ -‬حظر قانون التخطيط العمراني منح التراخيص إال بعد موافقة الجهة المختصة بشئون‬
‫التخطيط بينما القانون ‪ 106‬نص على أنه يجوز الموفقة على إصدار تراخيص البناء دون‬
‫الرجوع على أي جهة أخرى( مادة رقم ‪ 54‬قانون التخطيط العمراني‪ ،‬والمادة رقم ‪7‬‬
‫القانون ‪.]6[)106‬‬
‫*‪ -‬بالنسبة لعروض الشوارع‪ :‬نص قانون التخطيط العمراني على أن الحد األدنى لعروض‬
‫الشوارع ال يقل عن ‪10‬متر بينما القانون ‪ 106‬نص على أن الحد األدنى لعرض الشارع‬
‫ال يقل عن ‪6‬متر[‪.]6‬‬
‫*‪ -‬بالنسبة القصى ارتفاع مسموح به‪ :‬القانون ‪ 106‬حدد أال يزيد ارتفاع المبنى عن مرة‬
‫ونصف عرض الشارع بحد أقصى ‪36‬متر‪ ،‬بينما قانون التخطيط العمراني حدد االرتفاع‬
‫مرة وربع عرض الشارع بحد أقصى ‪30‬متر[‪.]6‬‬
‫*‪ -‬استثناءات ارتفاعات المباني‪ :‬نص القانون ‪( 106‬مادة‪ )13‬أنه يجوز "في حالة الضرورة‬
‫تحقيقا لغرض قومي أو مصلحة اقتصادية أو مراعاة لظروف العمران تقييد أو إعفاء مدينة‬
‫أو منطقة أو جزء منها أو مبنى بذاته من الحد األقصى لالرتفاع"[‪ .]3‬وهذا يؤدي إلى‬
‫مخالفة المباني لالشتراطات البنائية المقامة بها وزيادة ارتفاعها عن المباني المحيطة وهذا‬
‫يعني فتح باب االستثناءات لزيادة ارتفاعات بعض المباني عن المنصوص عليها في‬
‫القانون وبالتالي إلحاق الضرر بالمباني المجاورة ‪ .‬وفي هذا الصدد تشير دراسة إلى أن‬
‫هذا االستثناء في االرتفاعات سبب أضرار للمباني المحيطة الن الحيز المفتوح أعلى‬
‫المبنى هو حق اتفاق بمرور الهواء وأشعة الشمس إلى كل المباني المحيطة بهذا المبنى‬
‫ألنه في زيادة االرتفاع يكون المبنى ذاته هو الغير مضار بإشعال الفراغ أعاله حيث ال‬
‫يحجب عنه هواء أو أشعة الشمس ولكن الضرر كل الضرر على المباني المحيطة بحجب‬
‫الهواء وأشعة الشمس عنها[‪.]7‬‬

‫‪ -1-3-4‬قصور تطبيق القانون من النواحي اإلدارية‪ :‬ويتمثل هذا القصور في تطبيق شروط تنفيذ‬
‫أعمال المباني المرخص لها ‪ ،‬والبطء الشديد في تنفيذ إجراءات مخالفات األعمال ‪ ،‬وصعوبة‬
‫الحصول على رخصة البناء نظرا لعدم دراية مهندسين التنظيم بالقانون وتفسير بعض بنوده حسب‬
‫أهوائهم‪ . ‬إضافتا إلى صعوبة الحصول على ترخيص مباني مع زيادة تكاليف استخراجها‪.‬‬

‫‪ -1-2-5‬قصور القانون من النواحي الوظيفية‪.‬‬


‫لم يراعي القانون تحقيق متطلبات واحتياجات السكان وأهمها الخصوصية الالزمة لهم ‪ ،‬حيث‬
‫يالحظ أن القانون لم يتعرض لتنظيم أماكن الفتحات بحيث تحقق الخصوصية وإ نما تعرض فقط للحد‬

‫‪ ‬وفي هذا نسوق موقف حيث أصر مهندس التنظيم على أن جلسة الشباك البد أن يكون ارتفاعها ‪1‬م بينما القانون ال يوجد به أي مادة تشير إلى ذلك‬
‫وأشار إلى أن ارتفاع المبنى يحسب من أول جلسة للشباك المطلوب إنارته من المنور فقط‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫‪6‬‬

‫األدنى لمساحات الفتحات الالزمة ‪ ،‬ومساحات الفراغات وبروزات المباني وارتفاعها‪ .‬كذلك لم‬
‫يتعرض القانون إلى تحديد مسطحات المناور أو حتى معالجة الفتحات المطلة عليها بصورة تضمن‬
‫تحقيق الخصوصية البصرية والسمعية شكل رقم (‪.)1‬‬

‫‪ -1-2-6‬القصور في تحقيق متطلبات التصميم للوقاية من الحريق‪.‬‬


‫لم يتناول القانون متطلبات الموقع والمسافة بين المباني التي تجعل المبنى في مأمن من انتشار‬
‫النيران بينه وبين المباني المحيطة‪ ،‬إضافة إلى ذلك فإن لم يتعرض لمتطلبات التصميم للوقاية من الحريق‬
‫وهي كما يلي‪ ]9[ ،]8[ :‬شكل رقم (‪.)2‬‬
‫*‪ -‬متطلبات تصميم النوافذ والمسافة المطلوب تركها بينها لمنع انتشار الحريق إلى باقي المبنى‪.‬‬
‫*‪ -‬تجزئة المبنى إلى قطاعات حريق‪.‬‬
‫*‪ -‬متطلبات تصميم المخارج والتي يشترط أن يتوفر لكل مبنى مخرجين تؤدي على خارج المبنى‬
‫مباشرة أو إلى سلم محمي أو ممر محمي يؤدي إلى الخارج مباشرة‪.‬‬
‫*‪ -‬أماكن الساللم والمخارج‪ :‬فبينما يجب أن تحدد أماكن ومواقع المخارج في المبنى بحيث تقلل مسافة‬
‫انتقال شاغليها وتوفر طرقا بديلة ‪ .‬وفي حالة توفير سلمان في المبنى فيجب أن تكون مواقعها‬
‫بعيدة عن بعضها ما أمكن مع تجنب وجود ممرات ذات مخرج واحد‪ ،‬كما يجب أن يوصل المخرج‬
‫النهائي مستعملي المبنى في الطابق األرضي إلى الشارع أو إلى منطقة مكشوفة متصلة بشارع أي‬
‫أنها تؤدي إلى أماكن آمنة خارج المبنى ‪ .‬نجد أنم القانون يحدد فقط توفير سلمين متى زاد ارتفاع‬
‫أرضية أعلى طابق بالمبنى عن ‪ 16‬متر من منسوب الشارع‪.‬‬

‫‪ -2‬انعكاس القانون ‪ 106‬على بيئة العمارة المصرية المعاصرة‪.‬‬


‫يمكن تحديد انعكاس القانون على بيئة العمارة المصرية المعاصرة في النواحي المناخية ‪ ،‬وفقدان‬
‫الهوية والطابع المميز للعمارة وعدم المالئمة من الناحية الوظيفية ‪ ،‬وفقدان الخصوصية ‪ ،‬وعدم المالئمة‬
‫من النواحي االجتماعية واخيرا النواحي الجمالية ويمكن توضيح ذلك فيما يلي‪-:‬‬

‫‪ -2-1‬من النواحي المناخية (إضاءة تهوية تشميس)‪.‬‬


‫بدراسة القانون نجد أنه ال يوجد أي شئ عن الفراغات الخارجية المفتوحة والتي تمد السكان‬
‫بعناصر الهواء والشمس إال من خالل المناور فقط والتي هي اختيارية‪ ،‬إذ أن القانون ال يلزم في أي بند‬
‫من بنوده بترك أي نسبة من ارض البناء تحسم لصالح الفراغات التي يمكن تركها ‪ ،‬وهذا يؤدي إلى أننا لو‬
‫تخيلنا شكل البيئة العمرانية بعد إتمام البناءات نجدها عبارة عن كتل من الطوب والخرسانة تتخللها الطرق‬
‫وهي عبارة عن شقوق غائرة في الكتلة العمرانية نسبة عرض الطريق إلى االرتفاع ‪ ،]10[ 2 :1‬بينما‬
‫تصل إلى ‪ 4: 1‬في المناور السكنية ‪ ،‬ونسبة ‪ 14: 1‬في مناور الخدمات‪ .‬هذه الفراغات المتكونة –‬
‫طرق‪ ،‬مناور سكنية‪ ،‬مناور خدمة‪ -‬هي المنفذ الوحيد المسئول عن توفير اإلضاءة والتهوية ودخول‬
‫‪6‬‬
‫‪7‬‬

‫أشعة الشمس للفراغات الداخلية ولكن هذه الفراغات عميقة مظلمة رطبة محرومة من أشعة الشمس وغالبا‬
‫ما تكون جيوب للهواء الساكن الرطب المحمل بالغبار وعادم السيارات ‪ ،‬كما تؤدي تلك الفراغات إلى‬
‫انتقال األصوات نتيجة النعكاس الموجات الصوتية بين اسطح المباني المحددة لها سواء كانت أصوات‬
‫حركة السيارات ‪ ،‬أو انتقال وسريان أصوات السكان في المناور وهذا يعني تحول تلك الفراغات –‬
‫طرف‪ ،‬مناور‪ -‬إلى مصدر لبث التلوث الهوائي والسمعي لسكان الكتل الخرسانية بدال من توفير الهواء‬
‫المتجدد وأشعة الشمس [‪.]7‬‬

‫ونتيجة لتطبيق بند االرتفاع بالنسبة لعرض الشارع وأيضا البروزات أدى ذلك إلى أن الكثير من‬
‫األدوار األرضية في العديد من المباني وخاصة السكنية ال تدخلها أشعة الشمس طوال الشتاء‪ ،‬وقد أشارت‬
‫الدراسات إلى أن ألشعة الشمس أهمية عظمى في حياتنا حيث يمكن اعتبار أن المسكن المحروم من‬
‫وصول أشعة الشمس غير صالح للمعيشة اآلدمية ألن هناك مجموعة كبيرة من األمراض ترتبط بالمسكن‬
‫المحروم من أشعة الشمس ‪ ،‬كما تكون لتك المساكن رائحة منفرة ناتجة عن الرطوبة الكامنة وانتشار‬
‫الفطريات والبكتريا ‪ ،‬إضافة إلى كآبة الفراغ السكني المحروم من أشعة الشمس[‪ . ]7‬وفي زيارة ميدانية‬
‫لمشروع إسكان متميز في مدينة أسيوط وجد أن األدوار من األول وحتى السابع ال تدخلها الشمس طوال‬
‫الشتاء‪ . ‬وفي دراسة قام بها عبد المنطلب محمد على وجد أن معيار وصول أشعة الشمس إلى األدوار‬
‫األرضية شتاء في مدينة أسيوط هو أال يتجاوز ارتفاع المبنى المقابل عن مرة واحدة عرض الشارع [‬
‫‪.]11‬‬

‫وقد أشارت دراسة ميدانية أجريت لقياس مستويات اإلضاءة الطبيعية لعدد من المشاريع السكنية‬
‫المنشأة حديثا‪ -‬والتي تخضع لقوانين البناء‪ -‬أن هناك فراغات عديدة خارجية ( مطلة على الشارع) كانت‬
‫ذات مستوى إضاءة منخفض وغير كافي لممارسة األنشطة المختلفة المطلوبة‪ ،‬وأن هناك فراغات داخلية‬
‫معتمة في أوقات كثيرة من السنة [‪.]6‬‬

‫‪ -2-2‬فقدان الهوية والطابع المميز للعمارة‪.‬‬


‫انعكس القانون على بيئة العمارة وأدى إلى عدم تجانس الطابع المعماري من حيث االرتفاعات‬
‫وتنافر األلوان وفوضى اإلعالنات والالفتات‪ ،‬كما وجد أن القانون لم يتعامل مع المظهر الخارجي للمباني‬
‫أو االلتزام بطابع معين أو الصورة البصرية للعمران كأحد أهدافها المحددة الن االشتراطات التي تتحكم‬
‫في الواجهات الخارجية تمنح للسلطات المحلية بدون تحديد تفاصيل لهذه الصورة البصرية لعمران المدينة‬
‫[‪.]4‬‬

‫‪ - ‬قام الباحث بعمل زيارات ميدانية لموقع إسكان متميز‪ b‬بمدينة أسيوط خالل أيام الشتاء للتعرف على إمكانية وصول أشعة الشمس إلى فراغات‬
‫المسكن وأيضا تم سؤال بعض السكان الذين يسكنون بعض الوحدات فاجمعوا على أن الشمس ال تدخل إلى المسكن وبالتالي فهو شديد الرطوبة‬
‫طوال الشتاء‬

‫‪7‬‬
‫‪8‬‬

‫ومن خالل دراسة العمارة الرسمية التي تخضع لقانون المباني وجد أن أصحابها تعدوا على‬
‫قوانين المباني الخاصة باالرتفاعات والمناور والبروزات آلن هدف هؤالء المالك هو تحقيق اكبر عائد‬
‫الستثماراتهم بصرف النظر عن تحقيق هذه العمارة لمتطلبات المستخدم واحتياجاته فكانت النتيجة عمارة‬
‫غربية فاقدة الهوية ارتبطت بنسيج عمراني مفكك مفتوح على الخارج – نتيجة لتطبيق فانون المباني‪ -‬ال‬
‫يعبر عن العالقات اإلنسانية المتأصلة فظهرت العزلة االجتماعية وضعفت الروابط بين السكان وفقدت‬
‫الخصوصية داخل المباني وتكررت بطابع ممل ولم ترتبط بالبيئة المحيطة بها ‪ ،‬إضافة إلى ذلك فإن‬
‫تطبيق قوانين المباني ال يساعد على إيجاد عمارة تتالءم مع المتطلبات اإلنسانية لمجتمعنا بل أوجدت‬
‫عمارة متشابهة غربية المالمح ألنها ارتبطت بالمفاهيم الغربية التي نجحت في وضع سياسة عامة للعمارة‬
‫المصرية وتغيير الفكر المعماري بصورة نهائية جعلت من الصعب تغير الوضع األمر الذي أدى حتميا‬
‫إلى وجود عمارة فاقدة الهوية ال تعبر عن قيم وعادات السكان المرتبطة بالتعاليم والقيم المستمدة من‬
‫الشريعة اإلسالمية[‪ ]12‬شكل رقم (‪.)3‬‬

‫‪ -2-3‬عدم المالئمة من الناحية الوظيفية‪.‬‬


‫أشارت دراسة إلى أن عمارة المدينة المصرية المعاصرة ال يوجد مالئمة بينها وبين األغراض‬
‫الني شيدت من اجلها ألنها تتسم يسوء أسس تصميم الفراغات وعدم مراعاة االحتياجات االجتماعية – مثل‬
‫الخصوصية‪ -‬وغياب الفراغات الوظيفية العامة واالنفصال بين التصميم واالستعمال عن المجتمع‬
‫والرغبة في التوفير المادي على حساب االستعمال كما تتسم بتكرار وتشابه األعمال المعمارية توفيرا‬
‫للمال ‪ ،‬وتنافر األعمال مع البيئة المحيطة وبالتالي افتقار الراحة داخل تلك العمارة ‪ .‬كما تؤكد الدراسة‬
‫على أن عملية تصميم وتشكيل واجهات المباني في عمارة المدينة المعاصرة تعتمد على االنفعاالت‬
‫الشخصية واالحساسات الفردية ويظهر هذا بوضوح في الكرنفال الغريب الذي يالحظ في تشكيل‬
‫واجهات المباني واالعتداء عليها وتشوهها بشتى الطرق [‪.]12‬‬

‫ومن خالل دراسة المسطحات الدنيا التي حددها القانون نجد أن مساحة الغرفة ‪10‬م‪ 2‬والضلع ال‬
‫يقل عن ‪2.7‬م والحمام ‪1.5‬م‪ ،2‬والمطبخ ‪3‬م‪ ،2‬ومع الرغبة في الكسب المادي السريع قام المالك بعمل‬
‫تصاميم مبانيهم بتوفير الحد األدنى للمساحات المطلوبة والتي يسمح بها القانون فكانت النتيجة وجود‬
‫عمارة ال تناسب متطلبات السكان واحتياجاتهم المعيشية‪.‬‬

‫‪ -2-4‬فقدان الخصوصية‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫‪9‬‬

‫أدى تطبيق قوانين المباني إلى توجيه المباني على الخارج فانعدمت بذلك الخصوصية الخارجية ‪،‬‬
‫كما أن مباني العمارات السكنية المرتفعة التي تسمح بها القوانين( ‪36‬متر) تطل على الخارج فقضت على‬
‫الخصوصية الخارجية للوحدات السكنية حيث أصبحت مكشوفة من المباني المجاورة خاصة وأن هذه‬
‫المباني تكون قريبة من بعضها والفتحات متقابلة األمر الذي جعل السكان يستخدمون وسائل مختلفة‬
‫لتحقيق الخصوصية‪ .‬شكل رقم (‪ . )4‬إضافة إلى ذلك أدت قوانين البناء إلى اآلتي‪-:‬‬
‫*‪ -‬استخدام الفتحات الكبيرة مع االنفتاح على الخارج يساعد على القضاء على الخصوصية‪.‬‬
‫*‪ -‬فقدان الخصوصية الداخلية للمسكن‪.‬‬
‫*‪ -‬فقدان الخصوصية السمعية بانفتاح المباني على الخارج‬

‫ومن خالل دراسة حالة المباني وانعكاس قانون المباني عليها في مدينة أسيوط وجد أن ارتفاعات‬
‫المباني وصل إلى ‪ 36‬متر بينما المسافة المتروكة بينها تتراوح من ‪ 8-6‬متر فادى ذلك إلى القضاء على‬
‫الخصوصية بكافة أنواعها ( بصرية‪ ،‬سمعية‪ ،‬شميه)‪ .‬كما وجد أن أبعاد المناور ‪ 2.5‬متر ال تحقق‬
‫الخصوصية ‪ ،‬إضافة إلى تقابل الفتحات مما يؤدي إلى انعدام الخصوصية [‪ ، ]13‬كما أن المناور‬
‫المشتركة التي نص عليها القانون ال يتحقق من تطبيقها أي خصوصية تماما‪.‬‬

‫‪ -2-5‬الجوانب االجتماعية‪.‬‬
‫أدى قانون المباني إلى انفتاح المباني على الخارج واصبح النمط المسيطر على بيئة العمارة في‬
‫المدينة المصرية المعاصرة ‪ ،‬وهذا النمط ال يساعد على الترابط االجتماعي بين السكان بل ساعد على‬
‫تفكك العالقات االجتماعية وبذلك فقدت الصالت االجتماعية القائمة على مبدأ التكافل االجتماعي ‪ ،‬كما لم‬
‫توفر المباني الحد األدنى من العالقات االجتماعية بين األفراد وبالتالي ظهرت مظاهر العزلة االجتماعية‬
‫مما أدى إلى ضياع المفهوم اإلنساني في أن يكون اإلنسان جزء من منظومة اجتماعية متكاملة في إطار‬
‫الحي أو المدينة ومرتبط بعالقة إنسانية في إطار قيم ومبادئ تحكم المجتمع‪.‬‬

‫كما أدى تصميم المساكن نتيجة لتطبيق هذا القانون إلى عزلها اجتماعيا بعضها البعض ‪ ،‬كما‬
‫أصبحت الفراغات الخارجية – الشوارع‪ -‬مهيأة لحركة السيارات مما أدى إلى العزل االجتماعي في‬
‫األحياء الحديثة وضعف االتصال بين السكان الذي ساعد على إحداث الفرقة بين السكان وساعد على نمو‬
‫الجريمة في شوارع المدينة‪ .‬وقد أشارت الدراسات واألبحاث إلى أن الحرمان من االختالط بالناس له‬
‫عالقة مباشرة باالختالل العقلي‪ ،‬كما ثبت أيضا أن المعدالت المرتفعة من أمراض انفصام الشخصية‬
‫توجد بين مجموعات الناس التي تعيش منعزلة أو الذين يعيشون منفصلون عن المجاورة التي يسكنون‬
‫فيها‪ ،‬كما يؤدي تأقلم الناس على الحياة المنعزلة داخل مساكنهم إلى صعوبة كبيرة في العيش وممارسة‬
‫الحياة خارجها[‪.]14‬‬

‫‪9‬‬
‫‪10‬‬

‫‪ -2-6‬من النواحي الجمالية‪.‬‬


‫من خالل دراسة القانون ‪ 106‬لسنة ‪1976‬م وجد أنه تم تعديله ‪ 11‬مرة خالل ‪ 25‬عاما مما يعني‬
‫تقريبا تعديله كل عامين‪ ،‬هذا األمر الذي انعكس على العمر العمراني للشارع الواحد ألنه لو اعتبرنا أن‬
‫تعمير أي شارع يستغرق مدة زمنية حوالي ‪ 25‬عاما فإذا كان القانون تغير خالل هذه الفترة ‪ 11‬مرة‬
‫فمعنى ذلك أن الشارع سيخضع تكوينه وطابعه المعماري إلى التغيرات التي تحدث في تعديل هذه القوانين‬
‫من اشتراطات وقيود في االرتفاع والمساحة البينية والبروزات و‪ ،...‬وبناء على ذلك سيكون الشارع بعد‬
‫انتهاء تعميره استعراضا لما تم من تعديالت على قوانين البناء ‪ ،‬إضافة إلى ذلك فإن القانون قيد قدرات‬
‫المعماري وأصبحت العملية روتينية بحتة لم يبقى للمعماري إال معالجة الواجهات التي قيدتها تلك القوانين‬
‫مثال ضرورة الموازنة بين األبراج والبلكونات وأماكن الفتحات ومساحاتها وغير ذلك من المحددات التي‬
‫فرضتها تلك القوانين [‪ ]6‬األمر الذي أدى إلى تكرار واجهات المباني وأصبحت الشوارع اكثر رتابة‬
‫وممال وفوضى معمارية‪.‬‬

‫‪ -3‬استقراء الواقع المعماري النعكاس القانون ‪ 106‬وتعديالته على العمارة المعاصرة‬


‫دراسة حالة مدينة أسوان كمثال‪.‬‬
‫تم عمل دراسة ميدانية للتعرف على انعكاس القانون ‪106‬وتعديالته على تكون بيئة العمارة‬
‫المعاصرة في مدينة أسوان كمثال‪ ،‬اعتمدت هذه الدراسة على الصور التي تم التقاطها من خالل جوالت‬
‫استكشافية لرصد واستقراء الواقع المعماري بالمدينة شكل رقم (‪ )5‬وشكل رقم (‪ ،)6‬وشكل رقم (‪[ )7‬‬
‫‪ ،]15‬وقد اتضح اآلتي‪-:‬‬
‫*‪ -‬معظم المباني التي تقام تكون مخالفة لقانون المباني ويظهر بوضوح في زيادة ارتفاعات المباني‬
‫مقارنتا بعروض الشوارع‪.‬‬
‫*‪ -‬عمل أبراج بكامل الواجهة في حين ينص القانون على أال تزيد عن طول نصف الواجهة‪.‬‬
‫*‪ -‬عدم ترك مسافة بين الجار تساوي ‪ 1.5‬متر لعمل أي بروزات أو فتحات ‪.‬‬
‫*‪ -‬بروز األبراج مساويا لبروز البلكونات والقانون يشترط أال يزيد هذا البروز عن ‪ %5‬من عرض‬
‫الشارع لألبراج ‪ %10 ،‬للبلكونات بحد أقصى ‪ 1.25‬متر‪.‬‬
‫*‪ -‬مخالفة عروض مناور الجيب المطلة على الشارع والتي ينص القانون أال يقل عرضها عن‬
‫نصف عمقها‪.‬‬
‫*‪ -‬عدم االلتزام بشروط القانون في مساحات المناور الداخلية ‪ ،‬وكذلك عروض الساللم‪.‬‬

‫إضافة إلى ذلك ومن خالل دراسة الصور المعبرة عن حال العمارة المعاصرة بالمدينة يتضح لنا‬
‫القصور الشديد من الجهات المختصة في تطبيق القانون والذي أدى بالتالي على وجود عمارة فاقدة الهوية‬
‫ليس لها طابع محدد والتحقق متطلبات واحتياجات السكان االجتماعية وأهمها الخصوصية – ارتفاع‬

‫‪10‬‬
‫‪11‬‬

‫المباني ‪ 15‬متر بينما عرض الشارع ‪5‬متر – كما أن هذه العمارة غير متوافقة مع العوامل المناخية ‪ ،‬كما‬
‫يظهر بوضوح فوضى التشكيالت المعمارية واأللوان والكرنفال الغريب الذي يالحظ في تشكيل واجهات‬
‫المباني واالعتداء عليها وتشويهها بشتى الطرق األمر الذي أدى إلى فقدان الطابع العام لعمارة المدينة‪.‬‬

‫الخالصة‬
‫نخلص مما سبق إلى أن القانون ‪ 106‬وتعديالته يمثل حالة جيدة لتنظيم بيئة العمارة المصرية‬
‫المعاصرة ألنه حدد اشتراطات بنائية عامة كمساحات الفراغات الوظيفية وارتفاعاتها وشروط الساللم‬
‫وتوفير مواقف للسيارات ‪ ،‬وتحديد أقصى ارتفاع للمباني والبروزات المسموح بها في واجهات المباني ‪،‬‬
‫كما حدد اشتراطات اإلضاءة والتهوية ومساحات األفنية الالزمة لتحقيق هذا الغرض ‪ .‬إال أنه ومن خالل‬
‫دراسة القانون وجد أن هناك الكثير من القصور به تمثل في كثرة تعديالته التي بلغت إحدى عشر مرة في‬
‫حوالي ‪ 25‬عاما‪ ،‬كما أنه تضارب مع قانون التخطيط العمراني حيث لوحظ العديد من التداخالت في‬
‫بعض بنودهما األمر الذي أدى بالتالي على حدوث سلبيات وتجاوزات كبيرة داخل البيئة العمرانية أدت‬
‫بدورها إلى فقدان السيطرة على العمران‪ ،‬ثم قصور الجهات المختصة بتنفيذ القانون من النواحي اإلدارية‬
‫‪ ،‬وقصور القانون من النواحي الوظيفية حيث لم يتعرض إلى تحقيق احتياجات السكان ومتطلباتهم ومنها‬
‫الخصوصية الخارجية والداخلية ‪ ،‬ثم القصور في تحقيق متطلبات األمن والسالمة لحماية المبنى وشاغليه‬
‫من الحريق‪.‬‬

‫أيضا خلص البحث إلى أن هذا القانون انعكس على بيئة العمارة المصرية المعاصرة وأدى إلى‬
‫وجود عمارة غير مالئمة وغير متوافقة مع العوامل االجتماعية ‪،‬كما أدى إلى فقدان الهوية والطابع المميز‬
‫لها ‪ ،‬وعدم مالءمتها من النواحي الوظيفية ‪ ،‬وفقدان الخصوصية‪ ،‬أيضا عدم مالءمتها مع الجوانب‬
‫االجتماعية والذي ظهر بوضوح في تفكك العالقات االجتماعية وفقدان الصالت بين األفراد القائمة على‬
‫مبدأ التكافل االجتماعي ‪ ،‬وزيادة مظاهر العزلة االجتماعية وضعف االتصال بين السكان األمر الذي أدى‬
‫إلى إحداث فرقة بينهم وساعد على نمو الجريمة بالمدينة‪ ،‬كما أدى هذا القانون إلى فقدان النواحي الجمالية‬
‫الذي تمثل في تكرار الواجهات بالشوارع مما جعلها اكثر ممال ورتابة‪.‬‬

‫وقد خلص البحث من خالل استقراء حالة بيئة العمارة المعاصرة في مدينة أسوان والتي تعرض‬
‫لها البحث إلى أن هناك قصور شديد من الجهات المختصة في تطبيق القانون وتنفيذه وقد وضح ذلك من‬
‫خالل زيادة ارتفاعات المباني مقارنة بعرض الشوارع – مثال المبنى ارتفاعه ‪15‬متر بينما عرض‬
‫الشارع ‪ 5‬أو ‪ 4‬متر‪ . -‬وعلى الرغم من إجازة القانون للجهات اإلدارية بوضع شروط من شأنها التأكيد‬
‫على النواحي الجمالية وخصوصية كل منطقة – مثل مدينة أسوان‪ -‬إال أنه لم يتم تحديد أي ضوابط بهذا‬
‫الشأن ‪ ،‬ومن خالل دراسة مالمح العمارة بالمدينة يتضح عدم وجود أي نظام يستهدف تحقيق طابع مميز‬
‫للعمارة المعاصرة مما يعني أن السمة الغالبة والتي أمكن استقراءها هي التضارب والفوضى في األشكال‬

‫‪11‬‬
‫‪12‬‬

‫وأنماط المباني وارتفاعها وألوانها وتفاصيلها ‪.‬أي أنه يمكن القول أن هذا القانون إجماال لم يساعد على‬
‫إيجاد عمارة مستدامة تحقق احتياجات ومتطلبات المجتمع وبالتالي تحقيق استمرارية لهوية المجتمع النابعة‬
‫من تمسكه بعقيدته الدينية‪.‬‬

‫المراجـع‬
‫‪ -1‬محمود حسن نوفل‪ .‬القوانين العمرانية في جمهورية مصر العربية‪ .‬أسيوط ‪2003‬م‬
‫‪ -2‬عصام الدين محمد على‪ .‬دور التشريعات في عملية التنمية الحضرية المستدامة في مصر‪ .‬مؤتمرا‬
‫التوازن البيئي والتنمية الحضرية المستدامة‪ ،‬الهيئة العامة لتخطيط العمراني‪ ،‬القاهرة‪24-21 ،‬‬
‫فبراير ‪2000‬م‪.‬‬
‫‪ -3‬ـ ـ ـ ـ ‪ .‬القانون ‪106‬لسنة ‪1976‬م في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء المعدل بالقانون ‪ 101‬لسنة‬
‫‪1996‬م والئحته التنفيذية الصادرة بالقانون ‪ 101‬لسنة ‪1996‬م والئحته التنفيذية الصادرة بقرار‬
‫وزير اإلسكان رقم ‪268‬لسنة ‪1996‬م والقرارات المتعلقة بهما‪ .‬وزارة الصناعة والتكنولوجيا ‪ ،‬الهيئة‬
‫العامة لشئون المطابع األميرية ‪ ،‬الطبعة التاسعة ‪2003،‬م‪.‬‬
‫‪-4‬حسام الدين حسن‪ .‬دور التشريعات العمرانية في توفير الحماية البيئية للمناطق التاريخية بمصر‪.‬‬
‫المؤتمر المعماري الدولي الخامس‪ ،‬العمران والبيئة ‪ 22 – 20،‬أبريل ‪2003‬م‪ ،‬قسم العمارة‪ ،‬كلية‬
‫الهندسة‪ ،‬جامعة أسيوط‪.‬‬
‫‪-5‬ايمن محمد مصلحي‪ .‬التشريعات العمرانية ودورها في تحقيق االتزان البيئي للتجمعات ‪ .‬المؤتمر‬
‫المعماري الدولي الخامس‪ ،‬العمران والبيئة ‪ 22 – 20،‬أبريل ‪2003‬م‪ ،‬قسم العمارة‪ ،‬كلية‬
‫الهندسة‪ ،‬جامعة أسيوط‬
‫‪ -6‬عصام الدين محمد على‪ .‬قوانين البناء ومدى انعكاسها على خصائص البيئة السكنية في مصر‪.‬‬
‫مؤتمر البيئة الدولي التاسع‪ ،‬حماية البيئة ضرورة من ضروريات الحياة‪ 6-4،‬مايو ‪1999‬م‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪.‬‬
‫‪ -7‬احمد مسعد عبد المعطي‪ ،‬نجالء يحي مصطفي‪.‬تقييم بعض التشريعات العمرانية الحالية لبيئة إنسانية‬
‫صحية‪ .‬المؤتمر المعماري الدولي الخامس‪ ،‬العمران والبيئة ‪ 22 – 20،‬أبريل ‪2003‬م‪ ،‬قسم‬
‫العمارة‪ ،‬كلية الهندسة‪ ،‬جامعة أسيوط‬
‫‪ -8‬احمد هالل محمد‪ .‬متطلبات تصميم وسائل الهروب في المباني التعليمية دراسة مبنى قسم العمارة‬
‫بهندسة أسيوط كمثال‪ .‬مجلة العلوم الهندسية ‪ ، JES ،‬المجلد ‪،32‬العدد‪ 3‬جزء ب ‪ ،‬يوليو ‪،2004‬‬
‫كلية الهندسة ‪ ،‬جامعة أسيوط‪.‬‬
‫‪ -9‬احمد هالل محمد‪ .‬متطلبات التصميم في المباني لتحقيق األمن والسالمة لوقاية شاغلي المبنى من‬
‫الحريق‪ .‬ندوة البيئة المعمارية الداخلية‪ ...‬رؤى مستقبلية‪ 8-7 ،‬صفر ‪1422،‬هـ‪ ،‬الجمعية‬
‫السعودية لعلوم العمران‪ ،‬السعودية‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫‪13‬‬

‫‪ -10‬محمد راغب رضوان ‪ .‬تحليل التشريعات في ضوء المحددات المناخية للمحافظة على البيئة‪.‬‬
‫المؤتمر المعماري الدولي الخامس‪ ،‬العمران والبيئة ‪ 22 – 20،‬أبريل ‪2003‬م‪ ،‬قسم العمارة‪ ،‬كلية‬
‫الهندسة‪ ،‬جامعة أسيوط‪.‬‬
‫‪ -11‬عبد المنطلب محمد على‪ .‬تأثير المناخ على تصميم الفتحات الخارجية للمباني بصعيد مصر‪.‬‬
‫رسالة ماجستير‪ ،‬قسم العمارة ‪ ،‬كلية الهندسة ‪ ،‬جامعة أسيوط‪1989،‬م‪.‬‬
‫‪ -12‬احمد هالل محمد‪ .‬أزمة هوية العمارة المعاصرة في المدينة المصرية مع التركيز على هوية‬
‫العمارة المعاصرة في مدينة أسيوط كمثال‪.‬مجلة العلوم الهندسية ‪، JES‬المجلد ‪ ، 232‬العدد ‪، 2‬‬
‫أبريل ‪2004‬م ‪ ،‬كلية الهندسة‪ ،‬جامعة أسيوط‪.‬‬
‫‪ -13‬احمد هالل محمد‪ .‬مفهوم الخصوصية في عمارة المدن المصرية المعاصرة حالة دراسية‪ :‬مدينة‬
‫اسوط كمثال‪ .‬مجلة جمعية المهندسين المصرية‪.‬‬
‫‪ -14‬احمد هالل محمد‪ .‬نمط البناء األفقي الموجه إلى الداخل النموذج األمثل لعمارة الصحراء‪ .‬ندوة‬
‫التنمية العمرانية في المناطق الصحراوية ومشاكل البناء بها‪ 29-28 ،‬شعبان ‪1423‬هـ ‪ ،‬الموافق‬
‫‪ 4-2‬نوفمبر ‪2002‬م‪.‬‬
‫‪ -15‬دراسة ميدانية قام بها طالب الفرقة الرابعة عمارة بهندسة أسوان عن مخالفات المباني لتشريعات‬
‫البناء في مادة قوانين وتشريعات المباني بإشراف الباحث والمهندسة سمر احمد في العام الدراسي‬
‫‪2003/2004‬م‪.‬‬
‫‪ -16 -16‬صور تم تصويرها بعرفة الباحث وزميله د‪ .‬ربيع في جولة ميدانية بمدينة أسيوط ‪2004‬م‬

‫‪13‬‬
‫‪14‬‬

‫شكل رقم (‪ )1‬الخصوصية الضائعة في المباني [‪]16‬‬

‫شكل رقم (‪ )2‬كتلة ضخمة من المباني المتصلة لم يراعى فيها أي متطلبات حريق [‪]16‬‬

‫شكل رقم(‪ )3‬فقدان الهوية في العمارة [‪]16‬‬

‫‪14‬‬
‫‪15‬‬

‫شكل رقم (‪ )4‬األبراج السكنية نتيجة لتطبيق قانون المباني ويالحظ القضاء على الخصوصية [‪]16‬‬

‫ارتفاع المبنى ‪15‬متر‬ ‫ارتفاع المبنى ‪15‬متر‬ ‫ارتفاع المبنى ‪15‬متر‪،‬‬


‫والشارع عرض ‪5‬متر‬ ‫والشارع عرض ‪6‬متر‬ ‫والشارع عرض ‪7‬متر‬

‫شكل رقم(‪ )5‬مخالفات االرتفاعات بالنسبة لعروض الشوارع [‪]15‬‬

‫‪15‬‬
‫‪16‬‬

‫شكل رقم(‪ )6‬مخالفات المناور[‪]15‬‬

‫شكل رقم (‪ )7‬مخالفات البروزات واطوال األبراج [‪]15‬‬

‫‪16‬‬

You might also like