You are on page 1of 132

‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫‪1‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫{ربنا ال تؤاخذنا إن‬


‫نسينا أو أخطانا}‬
‫سورة البقرة اآلية ‪286‬‬

‫‪2‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫أهدي ثمرة هذا البحث إلي أبي وأمي أطال هللا عمرهما‪ ،‬إذ هما‬
‫اللذان غرسا في نفسي حب العلم والتعلم‪،‬لهما علي فضل ال‬
‫يماثله فضل أحد بعد فضل هللا الذي خلقني‪.‬‬

‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬


‫"وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا"‬
‫إلى إخواتي وأخواتي‬
‫إلى أحبائي وكل أصدقائي‬
‫إلي كل أستاذ ساهم في تكويني منذ الطور االبتدائي إلى يومنا‬
‫هذا‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫صرت يدك عن المكافأة ‪ ،‬فليطُل لسانك بالشكر "‪.‬‬


‫يقول أحد الصالحين " إذا ق ُ‬

‫أتقدم بالشكر الجزيل ألتسااي الدتاو " الحسين بلوو " الذي تذال لذ‬
‫ولزمالئ ذ ذ ماتسذذار القذذانول ال ذذدن أبذذا وأتسذذاايا ا ولذذي يتذذن ي ذذا باو ي ات ذ‬
‫ونصذذائح القي ذذلا ولذذي يذذيفر ذذدا ذ تربيذذل وتكذذوين مذذن ذذد ي أب ذذا ذذل أل‬
‫يكونوا ط ا ‪ ،‬ب ا ي ي تاتب ي السطو ‪ ،‬و ى حسن تو ي ات وإ شذااات لذ‬
‫طي ل مراحل إ داا يا ال حث جزا هللا تل فيرا‬
‫ت ذذا أشذذكر أتسذذاايت ومذذدطرت الذذدتاو " حليمووب بوون حفووو " إلشذذرا ا‬
‫ذذى ذذيا ال حذذث ا وتا ذذ بكذذل ايذذل و ا ا ذذام طي ذذل مذذد إنجذذا بالاو يذذ و‬
‫الاصويب والاقذويي والاسذديد‪ ،‬ذا م ذ تذل ال ذوا و اإلحاذرام‪ ،‬جزا ذا هللا م ذ‬
‫فير زاءا‬
‫ت ذذا ي يتذذوت أل أتو ذ بالشذذكر والاقذذدير إلذذى أتسذذااي التاضذذل الذذدتاو‬
‫ذي‬ ‫"محموود البواووواري"ال ذي تا ذيت ذذى يدي ذ م ذي أل وطئذذق ذذدما أ‬
‫الك يذذل ال ا تذذل‪ ،‬قذذد اتسذذاتدت مذذن ذ وأفال ذ ا ذذاأ أتسذذنل أل ي ظذذي لذ األ ذذر‬
‫والثوابا‬
‫ت ا أتو بالشكر تيلك لألتسااي التاضل الدتاو " عبد اللطيف كرازي"‬
‫ى حسن تو ي ات وإ شااات الحكي ل ل ا طي ل صول الاكوين ب ذيا ال اتسذار او‬
‫لاكرم ب ا شل ي الرتسالل ا‬
‫وأشكر أيتا الدتاو "ابوراهيم قضوا" الذي تتتذل بقذراء يذط أتسذطر‬
‫ي الرتسالل وتتتل ب ح شرف م ا شا اا‬
‫ت ذذا أتقذذدم ب ذذذالت ذذا ات الشذذذكر و اإلما ذذال ألتسذذذاتي ال اتسذذار وحذذذد‬
‫"القانون المدني" ى ما دمو ل ا من نصح و إ شاا طذوال السذ وات ال ظريذل‬
‫الا مرت ي اا‬
‫ي و زا ي ا أ ظي و أو ر الجزاءا‬ ‫ر ي و أاام ل ا‬ ‫أطال هللا‬

‫‪4‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫فك الرموز‬

‫قانون االلتزامات والعقود‬ ‫‪ ‬ق‪.‬ل‪.‬ع‬

‫قانون المسطرة الجنائية‬ ‫‪ ‬ق‪.‬م‪.‬ج‬

‫قانون المسطرة المدنية‬ ‫‪ ‬ق‪.‬م‪.‬م‬

‫القانون الجنائي‬ ‫‪ ‬ق‪.‬ج‬

‫الصفحة‬ ‫‪ ‬ص‬

‫مرجع سابق‬ ‫‪ ‬م‪.‬س‬

‫عدد الطبعة غير مذكور‬ ‫‪ ‬ع‪.‬ط‪.‬غ‪.‬م‬

‫مطبعة غير مذكورة‬ ‫‪ ‬م‪.‬غ‪.‬م‬

‫‪5‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫تعتبر مهنة التوثيق في مختلف الدول من بين المرافق المهمة المساعدة بشكل أساسي‬
‫على تنظيم المعامالت المدنية و التجارية‪ ،‬كما أنها من بين المرافق المساهمة في الحفاظ على‬
‫استقرار المعامالت لما لها من دور في ضمان الثقة بين مختلف المتعاقدين‪.‬‬
‫وبالنظر للحركية والتطور الذي يعرفها المغرب في كل الميادين‪ ،‬فإن مهنة التوثيق ال‬
‫تشذ عن هذه القاعدة‪ ،‬فقد أظهرت التجربة العملية أهمية هذا المرفق كمساهم في التنمية في‬
‫جميع المجاالت وكمنظم للعالقات بين مختلف أفراد المجتمع‪ ،‬التجربة ذاتها أظهرت دوره كمهنة‬
‫تستطيع الدولة بواسطتها تحصيل مختلف الحقوق الجبائية المترتبة لفائدتها‪.1‬‬
‫التوثيق في اللغة له معنيان‪ :‬أحدهما اإلحكام بمعنى أحكم األمر والوثيق الشيء‬
‫المحكم‪ ،‬يقال جمل وثيق‪ ،‬وناقة موثقة الخلق أي محكمته‪ ،2‬الثاني الشد والربط من الوثاق‪ ،‬وهو‬
‫ما يشد به من حبل وقيد ونحوهما‪ ،‬وجمعه وثق كربط ورباط‪ ،‬ويقال وثقته بمعنى ربطته وشددته‬
‫حتى ال ينفلت‪ ،‬أوثقته إذا جعلته في الوثاق‪ ،‬ومنه قوله تعالى " فشدوا الوثاق"‪ 3‬ومنه الميثاق‬
‫والعهد قال تعالى " الذين ينقضون عهد اهلل من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر اهلل به أن يوصل‬
‫ويفسدون في األرض"‪ .4‬ويفسر اإلمام القرطبي كلمة الميثاق بأنه العهد المؤكد باليمين‪ ،‬وقوله‬
‫تعالى حكاية نبيه يعقوب" قال لن أرسله معكم حتى توتون موثقا من اهلل لتاتنني به إال أن‬
‫يحاط بكم فلما أتوه موثقهم قال اهلل على ما نقول وكيل"‪ ،5‬يقول اإلمام القرطبي عن األول بأن‬
‫معناها عقد يوثق به‪ ،‬والثاني حفيظ للعهد قائم بالتدبير والعدل‪.‬‬

‫‪ -‬محمد األمين‪ ،‬المسؤولية الجنائية للموثق‪ ،‬مجلة القبس المغربية للدراسات القانونية والقضائية‪ ،‬العدد ‪ 5‬يوليوز ‪ ،2013‬ص ‪.30‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬دار الجيل‪ ،‬بيروت‪ ،‬الجزء السادس‪ ،‬ص‪.879‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬سورة محمد‪ ،‬اآلية‪.4،‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ -‬سورة البقرة‪ ،‬اآلية ‪.25‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪ -‬سورة يوسف‪ ،‬اآلية ‪.66‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪6‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫أما في المعنى االصطالحي‪ ،‬فقد عرف بعدة تعاريف لكنها لم تخرج في مجملها عن‬
‫المعاني اللغوية‪ ،‬وهكذا عرفه الفقه اإلسالمي بأنه ‪ ":‬صناعة جليلة وشريفة وبضاعة عالية‬
‫منيفة‪ ،‬تحتوي على ضبط أمور الناس على القوانين الشرعية وحفظ دماء المسلمين وأموالهم‪،‬‬
‫واإلطالع على أسرارهم وأحوالهم‪ ،‬وبغير هذه الصناعة ال ينال ذلك‪ ،‬وال سلك هذه المسالك"‪.1‬‬
‫كما عرفه أيضا‪ " :‬بأنه من أجل العلوم قد ار وأعالها إنابة وخطرا‪ ،‬إذ بها تثبت الحقوق‬
‫ويتميز الحر من المرفوق‪ ،‬ويوثق بها ولذا سميت معانيها وثاقا"‪.2‬‬
‫واذا كان نظام التوثيق قد عرف قبل ظهور اإلسالم عند البابليين والفراعنة‪ ،‬وفارس‬
‫واليونان وعند الرومان‪ ...‬وما تالهم من الحضارات اإلنسانية الكبرى‪ ،‬فإن اإلسالم قد خصه‬
‫بعناية فائقة‪ ،‬يتضح ذلك من خالل اآلية القرآنية التي وردت في مسألة الدين‪ ،‬والتي يمكن‬
‫اعتبارها وبامتياز نظام التوثيق في اإلسالم‪ ،‬فمن خالل هذه اآلية يأمر اهلل عز وجل عباده‬
‫‪3‬‬
‫بتوثيق الديون عن طريق الكتابة‪.‬‬
‫أما في أوربا فإن مفهوم التوثيق قد عرف بدوره تطو ار منذ ظهوره في سنة ‪1270‬م‬
‫بفرنسا وكذا صدور قرار اإلمبراطور األلماني ماكسيمليان األول سنة ‪ 1512‬م والذي كان له‬
‫دور كبير في تطور نظام التوثيق إلى حين صدور قانون "فانتوز" سنة ‪ ،1803‬الذي اعتبر‬
‫كقانون أساسي في فرنسا ‪.‬‬

‫‪ -‬أبو عبد اهلل محمد ابن فرح ون‪ ،‬تبصرة الحكام في أصول األقضية ومناهج األحكام دار الكتب العلمية‪ ،‬الطبعة األولى‪ 1416 ،‬هـ‪/‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،1995‬الجزء األول‪ ،‬ص‪.200‬‬


‫‪ -‬أبو العباس أحمد بن يحيى بن عبد الواحد الونشريسي‪ ،‬المنهج الفائق والمنهل الرائق والمعنى الالئق بآداب الموثق وأحكام الوثائق‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫دراسة وتحقيق لطيفة الحسن‪ ،‬طبعة و ازرة األوقاف‪ ،‬السنة ‪ 1418‬هـ‪1997 /‬م ‪،‬الرباط‪،‬ص‪.209‬‬
‫ْب َكاتِ ٌ‬ ‫ب َب ْيَن ُك ْم َكاتِ ٌ‬ ‫َِّ‬
‫َن‬‫ب أْ‬ ‫ب بِا ْل َع ْد ِل َوَال َيأ َ‬ ‫َج ٍل ُم َس ًّمى فَا ْكتُُبوهُ َوْلَي ْكتُ ْ‬ ‫َمُنوا إِ َذا تَ َد َاي ْنتُ ْم بِ َد ْي ٍن إِلَى أ َ‬
‫ين آ َ‬ ‫‪ -‬يقول اهلل سبحانه وتعالى‪َ " :‬يا أَيُّهَا الذ َ‬
‫‪3‬‬

‫ض ِعيفًا أ َْو َال‬ ‫ق اللَّه ربَّه وَال ي ْب َخس ِم ْنه َش ْيًئا فَِإ ْن َكان الَِّذي علَْي ِه ا ْلح ُّ ِ‬ ‫ب وْلُي ْملِ ِل الَِّذي َعلَْي ِه ا ْل َح ُّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ق َسفيهًا أ َْو َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ق َوْلَيتَّ ِ َ َ ُ َ َ ْ‬ ‫ب َك َما َعل َمهُ اللهُ َف ْلَي ْكتُ ْ َ‬ ‫َي ْكتُ َ‬
‫الشه َد ِ‬‫ضو َن ِم َن ُّ‬ ‫ونا رجلَْي ِن فَرج ٌل وام أرَتَ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َن ي ِم َّل ُهو َف ْليملِ ْل ولِيُّه بِالْع ْد ِل واستَ ْش ِه ُدوا َش ِه َ ِ‬ ‫ِ‬
‫َن‬‫اء أ ْ‬ ‫َ‬ ‫ان م َّم ْن تَْر َ ْ‬ ‫َ ُ َ َْ‬ ‫يد ْي ِن م ْن ِر َجال ُك ْم فَِإ ْن لَ ْم َي ُك َ َ ُ‬ ‫َ ُْ َ ُ َ َ ْ‬ ‫َي ْستَطيعُ أ ْ ُ‬
‫َجلِ ِه َذلِ ُك ْم أَ ْق َسطُ ِع ْن َد اللَّ ِه َوأَ ْق َوُم‬
‫ير إِلَى أ َ‬ ‫ير أ َْو َكبِ ًا‬ ‫ص ِغ ًا‬
‫َن تَ ْكتُُبوهُ َ‬ ‫َموا أ ْ‬ ‫اء إ َذا َما ُد ُعوا َوَال تَ ْسأ ُ‬
‫ْب ُّ‬
‫الشهَ َد ُ ِ‬ ‫ُخ َرى َوَال َيأ َ‬
‫اه َما ْاأل ْ‬ ‫تَ ِ‬
‫ض َّل إِ ْح َد ُ‬
‫اه َما فَتُ َذ ِّك َر إِ ْح َد ُ‬
‫ب َوَال‬ ‫ض َّار َكاتِ ٌ‬ ‫وها َوأَ ْش ِه ُدوا إِ َذا تََب َاي ْعتُ ْم َوَال ُي َ‬‫اح أ ََّال تَ ْكتُُب َ‬‫ونهَا َب ْيَن ُك ْم َفلَْي َس َعلَْي ُك ْم ُجَن ٌ‬ ‫اض َرةً تُِد ُير َ‬‫َن تَ ُكون تِجارةً ح ِ‬
‫َ ََ َ‬ ‫اد ِة َوأ َْدَنى أ ََّال تَْرتَ ُابوا إِ َّال أ ْ‬ ‫لِ َّ‬
‫لشهَ َ‬
‫ٍ ِ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ َّ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬
‫يم"‪ ،‬سورة البقرة ‪.282‬‬ ‫وق بِ ُك ْم َواتَّقُوا اللهَ َوُي َعل ُم ُك ُم اللهُ َواللهُ بِ ُكل َش ْيء َعل ٌ‬ ‫يد َوِا ْن تَ ْف َعلُوا فَِإَّنهُ فُ ُس ٌ‬ ‫َش ِه ٌ‬

‫‪7‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫ويعتبر شارلمان من أهم مؤسسي التوثيق المرتبط بالقضاء في فرنسا واضفاء الرسمية‬
‫على محررات الموثقين وهو ما سمح بتطور مؤسسة التوثيق في فرنسا حيث بلغ عدد الموثقين‬
‫في عهد لويس الرابع عشر ‪ 112‬موثقا في باريس وبتطور الحياة االقتصادية واالجتماعية‬
‫للمجتمع الفرنسي وتزايد متطلباته ارتفع عددهم إلى نحو ثالثة عشرة ألف موثقا وبحلول سنة‬
‫‪ 1912‬أنشئت نقابة للموثقين وتأسست جمعيتهم ومع مطلع سنة ‪ 1941‬تشكل المجلس األعلى‬
‫للتوثيق بفرنسا‪ ،‬وهكذا اعتبر نظام التوثيق مؤسسة فرنسية أخذت منها عدة دول مثل بلجيكا‬
‫‪1‬‬
‫وهولندا والنمسا وغيرها من الدول‪.‬‬
‫أما في المغرب والى وقت قريب لم يكن يتصور وجود قوانين وضعية تحكم العالقات‬
‫القانونية بين أفراد المجتمع المغربي‪ ،‬ذلك أن المغرب منذ أن من اهلل عليه بدين اإلسالم‪ ،‬وهو‬
‫يطبقه شريعة وعقيدة‪ ،‬فلم يكن في حاجة القتباس القوانين والنظم الغربية عن جسم األمة‬
‫اإلسالمية جمعاء‪.‬‬
‫إال أنه والعتبارات تاريخية معينة خضعت على إثرها معظم دول العالم اإلسالمي‬
‫لالحتالل‪ ،‬حيث كان المغرب من جهته عرضة لهذه الحملة اإلمبريالية حيث خضع لالستعمار‬
‫السياسي واالقتصادي واالجتماعي والقانوني بموجب معاهدة الحماية بتاريخ ‪ 30‬مارس ‪.1912‬‬
‫ويمكن اعتبار مرحلة االستعمار الفرنسي واإلسباني معلم التحول في تاريخ المغرب‪،‬‬
‫حيث تعرضت أحكام الشريعة اإلسالمية لالجتثاث‪ ،‬في محاولة يائسة لتجريد المغاربة من‬
‫هويتهم ومقومات شخصيتهم وذلك من خالل إصدار العديد من القوانين الوضعية اعتمادا على‬
‫مضمون المادة األولى لمعاهدة الحماية‪ 2‬وفي هذا الصدد جاء الظهير المنظم لمهنة التوثيق‬
‫العصري في ‪ 4‬ماي ‪ 1925‬رغبة من الفرنسيين في نقل التوثيق من بالدهم ليطبق عليهم في‬

‫‪ -‬بوشعيب بوطربوش‪ ،‬المسؤولية الجنائية للموثق‪ ،‬مجلة محكمة االستئناف بالدار البيضاء‪ ،‬العدد الثاني سنة ‪ ،2012‬ص‪.32-31‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬نصت المادة األولى من معاهدة الحماية على ‪ " :‬أن جاللة السلطان ودولة الجمهورية الفرنسية قد اتفقا على تأسيس نظام جديد في‬ ‫‪2‬‬

‫المغرب مشتمل على االصالحات اإلدارية والتعليمية واالقتصادية والمالية والعسكرية‪"...‬‬

‫‪8‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫المغرب ‪ ،1‬حيث راح يزاحم نظام التوثيق العدلي الذي ما فتئ يبرهن عن قابليته للتطور خاصة‬
‫بعد أن صار للعدول قانون منظم لمهنتهم‪.‬‬
‫والواقع أن فصول ومضامين ظهير ‪ 4‬ماي ‪ 1925‬لم تعد تساير الواقع االجتماعي‬
‫واالقتصادي والقانوني المغربي بعد أن تقادمت نصوصه‪ ،‬وصارت تتعارض مع النظام العام‬
‫لبالدنا سواء كان دستو ار أو قانون وظيفة عمومية‪ ،‬أو قانون التوحيد والتعريب والمغربة‪ ،‬أو غير‬
‫ذلك‪ ، 2‬حيث ظل هذا القانون مطبقا لما يزيد عن ثمانية عقود‪ .‬األمر الذي أدى بالمشرع‬
‫المغربي إلى التدخل واصدار قانون يتماشى مع التطور الحاصل في المنظومة التوثيقية ببالدنا‬
‫ومحاولة سد تلك الثغرات والعيوب التي كانت تشوب ظهير ‪ 4‬ماي ‪ 1925‬إذ ثم تغيره بالقانون‬
‫رقم ‪ 32.09‬المنظم لمهنة التوثيق العصري‪ ،‬هذا القانون في نظر الكثيرين سيشكل لبنة أساسية‬
‫في مسار تحديث النصوص المنظمة للمهن القانونية والقضائية في المغرب‪ ،‬حتى تستجيب‬
‫لتطلعات أسرة التوثيق وكافة المتدخلين في المجال القانوني‪ ،‬والدينامية التي يشهدها المغرب‬
‫خاصة في المجال االقتصادي وانسجاما مع ما يفرضه منطق العولمة واالنخراط في نظام‬
‫اقتصاد السوق‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن المشرع المغربي عرف التوثيق كمهنة حرة‪ ،‬من خالل المادة‬
‫األولى من القانون رقم ‪ 32.09‬حيث جاء فيها أنه "مهنة حرة تمارس وفق الشروط وحسب‬
‫االختصاصات المقررة في القانون المذكور وفي النصوص الخاصة"‪.‬‬
‫وبناء عليه فالموثق يمارس مهامه بصفة مستقلة في إطار مهنة حرة خول له القانون‬
‫الصالحيات الالزمة لتلقي العقود‪ ،‬واعطائها الطابع الرسمي بعد استكمال الشكليات المتطلبة‬

‫‪ -‬رشيد بن يحيى‪ ،‬بيع العقار بين الموثق والعدول‪ ،‬بحث لنيل شهادة الماستر المتخصص في االستشارة القانونية‪ ،‬جامعة محمد‬ ‫‪1‬‬

‫الخامس السويسي‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالجتماعية سال‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2011-2010‬ص‪.8‬‬
‫‪ -‬عبد المجيد بوكير‪ ،‬التوثيق العصري المغربي‪ ،‬دراسة في ضوء القانون ‪00‬ا‪ ،18‬القانون ‪00‬ا‪ 44‬القانون ‪00‬ا‪ 51‬وظهير ‪ 4‬ماي‬ ‫‪2‬‬

‫‪ 1925‬ومشروع ‪09‬ا‪ 32‬والقانون ‪05‬ا‪ 53‬وباقي القوانين ذات الصلة‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،2010 ،‬طبع و نشر مكتبة دار السالم الرباط‪،‬‬
‫ص‪.6‬‬

‫‪9‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫قانونا وفق مقتضيات هذا القانون‪ ،‬فهو مكلف بتوثيق العقود كلما اقتضت الحاجة لذلك‪ ،‬كما‬
‫حدد هذا القانون حقوق وواجبات الموثق ‪ ،‬وان كانت هذه األخيرة ال تجد مصدرها في القانون‬
‫فقط‪ ،‬وانما كذلك في األعراف والتقاليد المهنية‪.‬‬
‫فالموثق يعد الضامن األساسي لسالمة المعامالت التي تتم بين يديه‪ ،‬والتي تقتضي‬
‫منه اتخاذ كافة االحتياطات والقيام بكل اإلجراءات القانونية التي تجعل العقود الموثقة لهذه‬
‫المعامالت نافذة‪ ،‬سواء بي ن المتعاقدين أنفسهم‪ ،‬أو في مواجهة الغير‪ ،‬وكل إهمال من جانبه‬
‫يشكل من الناحية القانونية إخالال بواجبات مهنية‪ ،‬يترتب عليها قيام مسؤولية الموثق عند تحقق‬
‫موجباتها‪.‬‬
‫ومسؤولية الموثق إما أن تكون تأديبية‪ 1‬أو جنائية‪ 2‬أو مدنية‪ ،‬وقد آثرنا التركيز على‬
‫الجانب المدني من هذه المسؤولية‪ ،‬ألن ما يهمنا ويهم المتعاملين مع الموثق‪ ،‬ليس هو إدانته‬
‫والزج به في السجن‪ ،‬وانما حماية مصالح وحقوق المتعاقدين بجبر األضرار التي خلفتها أخطاؤه‬
‫المهنية من خالل تعويضهم عنها‪.‬‬
‫فالمسؤولية المدنية للموثق تقوم إذن عند إخالل هذا األخير بواجباته المهنية اتجاه‬
‫المتعاقدين‪ ،‬فيصيبهم ضرر جراء ذلك‪ ،‬حيث يصبحون محقين في المطالبة بجبر هذا الضرر‬

‫‪ -‬المسؤولية التأديبية للموثق العصري‪ :‬تقوم بمجرد ارتكابه مخالفة للنصوص التشريعية أو التنظيمية المتعلقة بمهنة التوثيق العصري‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫أو اإلخالل بواجباته المهنية‪ ،‬أو بخصال المروءة والشرف والنزاهة‪ ،‬مما يستوجب معه توقيع العقوبة التأديبية المناسبة‪.‬‬
‫والمخالفة التأديبية ال يمكن تصورها إال إذا كان الشخص منتميا لهيئة ووقع إخالله بالواجبات التي تفرضها قوانين هذه الوظيفة‬
‫أو المهنة‪ ،‬كما أن توقيع الجزاء التأديبي ال يكون إال من قبل السلطة التأديبية المختصة بتنفيذه‪.‬‬
‫‪ -‬أما المسؤولية الجنائية‪ :‬ذلك األثر القانوني المترتب عن الجريمة كواقعة قانونية – أي يعتد بها القانون – وتقوم على أساس تحمل‬ ‫‪2‬‬

‫الفاعل للجزاء الذي تفترضه القواعد القانونية الجنائية بسبب خرقه لألحكام التي تقررها هذه القواعد‪ .‬فالمسؤولية الجنائية يكون فيها‬
‫الشخص مسؤوال شخصيا عن الجرائم التي يرتكبها أو يشارك فيها بالفعل أو الترك‪ ،‬أو يرتكبها من هم تحت عهدته أو مسؤوليته فيتسبب‬
‫ذلك في إلحاق ضرر مادي أو معنوي بآخرين أو بالحق العام أو المجتمع وتطبق على المسؤولية الجنائية للموثق العصري نفس قواعد‬
‫ومبادئ المسؤولية المقررة في القانون الجنائي‪ ،‬وتبعا لذلك ال يجوز إدانة موثق جنائيا عن أي نشاط إال إذا قرر المشرع في نص جنائي‬
‫صريح تجريم إتيانه أو تركه والعقاب عنه وهو ما يعرف بمبدأ " ال جريمة وال عقوبة إال بنص"‪ .‬وللمزيد من المعلومات حول المسؤلية‬
‫الجنائية بصفة عامة يمكن الرجوع الى عبد الواحد العلمي‪ ،‬شرح القانون الجنائي القسم العام‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء‪ ،‬طبعة‬
‫‪ ،2002‬ص‪.291‬‬

‫‪10‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫من خالل تعويضهم عما لحقهم من خسارة وما فاتهم من كسب‪ ،‬وأحكام المسؤولية المدنية هاته‬
‫تخضع من حيث تطبيقاتها للقواعد العامة للمسؤولية المدنية طبقا للقانون المدني مع تقييدها‬
‫بالقواعد الخاصة المنصوص عليها بقانون التوثيق العصري‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن المركز القانوني للشخص يجب أن يتحدد ال بالنظر إليه‬
‫كشخص مجرد وانما بالنظر إليه كممارس لمهنة‪ ،‬أي بالنظر إلى المهنة التي يزاولها فهذه‬
‫الصفة تحدد مدى حقوقه وواجباته‪ ،‬إذ ليس من المعقول أن تقاس مساءلة الموثق عن أخطائه‬
‫المهنية بنفس المعيار الذي تقاس به مسؤولية الشخص العادي‪ ،‬ألن ما ينتظر من الموثق من‬
‫حرص هو أكثر مما ينتظر من الشخص العادي‪.‬‬

‫‪ ‬أوال‪ :‬أهمية الموضوع‬


‫‪ -‬األهمية القانونية ‪ :‬تبرز األهمية القانونية لموضوع المسؤولية المدنية للموثق في التشريع‬
‫المغربي في كون القانون رقم ‪ 32.09‬من بين المستجدات القانونية التي تحتاج إلى سبر‬
‫أغوارها‪ ،‬أضف إلى ذلك أن التوثيق الرسمي يساهم إلى جانب المهن القانونية األخرى‬
‫في تحقيق األمن و اإلستقرار القانوني لمختلف المعامالت و السيما المالية منها‪ ،‬و في‬
‫ذ لك حماية لألوضاع القانونية القائمة و المستقبلية من خالل تالفي المنازعات التي قد‬
‫تثار بشأنها‪.‬‬
‫‪ -‬األهمية االقتصادية ‪ :‬تعتبر مؤسسة التوثيق ركيزة هامة من ركائز االقتصاد الوطني‪،‬‬
‫حيث تعمل على تقديم خدمات لجميع المتدخلين والفاعلين االقتصاديين من مؤسسات‬
‫بنكية وشركات ورؤوس أموال‪ ،‬وتحديد اإلطار التعاقدي لهؤالء تشجيعا لجلب االستثمارات‬
‫الوطنية واألجنبية‪ ،‬تحقيقا الستقرار المعامالت وتأمينا لعالقات تعاقدية تضمن الموازنة‬
‫بين المصالح‪ ،‬تحقيقا لمبدأ العدالة‪.‬‬
‫‪ -‬األهمية االجتماعية ‪ :‬تتمثل أهمية الموضوع من الناحية االجتماعية في تزايد إقبال‬
‫المواطن المغربي بصورة ملفة للنظر على مؤسسة التوثيق‪ ،‬مما يستدعي التعرف على‬

‫‪11‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫نطاق وحدود التزامات الموثق‪ ،‬إزاء أطراف العقد واألغيار‪ .‬وبالتالي فإن المواطنين‬
‫سيؤمنون على أموالهم ومكتسباتهم‪ ،‬وبالتالي سيعم الرخاء واإلزدهار في البالد‪ ،‬وفي حالة‬
‫العكس فإن الثقة ستفقد في مؤسسة التوثيق وسيؤدي ذلك لضياع الحقوق‪.‬‬

‫‪ ‬ثانيا‪ :‬دوافع اختيار الموضوع‬


‫اختيارنا لهذ ا الموضوع جاء كنتيجة لتنامي األخطاء المهنية للموثقين‪ ،‬و التي صدرت‬
‫بشأنها أحكام و ق اررات قضائية مهمة على الرغم من قلتها‪ ،‬و ما شجعنا أكثر على البحث في‬
‫هذ ا الموضوع هو عدم وجود أبحاث و دراسات متخصصة فيه‪ ،‬عالوة على ذلك فإن مجال‬
‫التوثيق و بالتحديد مجال المسؤولية المدنية للموثق تعتريه العديد من اإلشكاالت تستدعي‬
‫التوقف عندها و دراستها دراسة متأنية‪ .‬لكل هذه اإلعتبارات كان اختيارنا للمسؤولية المدنية‬
‫للموثق موضوعا لهذه الدراسة‪.‬‬

‫‪ ‬ثالثا‪ :‬إشكالية الموضوع‬


‫إن موضوع المسؤولية المدنية للموثق يطرح على مستوى الواقع العملي إشكاال رئيسيا‬
‫وعدة إشكاليات فرعية‪ ،‬فأما اإلشكال الرئيسي يتمثل في‪ :‬إن حماية حقوق األطراف المتعاقدة‬
‫يقتضي الحرص على توثيقها بكيفية صحيحة شكال و مضمونا من طرف الموثق‪ .‬و إال اعتبر‬
‫مسؤوال من الناحية المدنية عن كل إخالل من جانبه بالقانون المنظم لمهنة التوثيق العصري‪،‬‬
‫فما هي حدود هذ ه المسؤولية ؟ و هل النصوص المنظمة لها كفيلة بجبر الضرر الذي يحدثه‬
‫الموثق بالمتعاقدين أو باألطراف؟‬
‫أما اإلشكاالت الفرعية فنذكر من بينها ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬ما هي طبيعة المسؤولية المدنية للموثق و التزاماته المهنية ؟‬
‫‪ -‬ما هي الضمانات الممنوحة لألطراف المتعاقدة في مواجهة الموثق في إطار المسؤولية‬
‫المدنية في ضوء قانون ‪ 32.09‬والقواعد العامة؟‬

‫‪12‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫وهو ما سنحاول اإلجابة عليه إن شاء اهلل من خالل هذه الدراسة‪.‬‬

‫‪ ‬رابعا‪ :‬منهجية البحث‬


‫إن تناول موضوع المسؤولية المدنية للموثق دفعنا إلى اتباع منهج وصفي و تحليل‬
‫المقتضيات القانونية المؤطرة لهذه المسؤولية‪ ،‬و تجدر اإلشارة إلى أننا سنعتمد على القانون رقم‬
‫‪ 32.09‬باإلضافة إلى المقتضيات العامة ذات الصلة دون أن ننسى اإلجتهادات القضائية‪ ،‬و‬
‫باإلضافة إلى هذين المنهجين سنتبنى كذلك المنهج المقارن‪ ،‬ألننا لم نشأ أن تقتصر دراستنا‬
‫للمسؤولية المدنية للموثق على نظام قانوني واحد هو التشريع المغربي‪ ،‬بل سنحاول أن نلقي‬
‫الضوء على نظم تشريعية أخرى مثل التشريع الفرنسي الذي يعتبر مصدر التشريع المغربي‪.‬‬

‫‪ ‬خطة البحث‬
‫سنعمل من خالل هذا البحث على مقاربة أهم اإلشكاالت التي يطرحها موضوع‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي وفق تصميم ينبني على التقسيم الثنائي‪ ،‬حيث‬
‫ارتأينا تقسيم الموضوع إلى فصلين على الشكل التالي‪:‬‬

‫‪ ‬الفصل األول‪ :‬ال لتزامات المهنية للموثق في التشريع المغربي وطبيعة‬


‫مسؤوليته المدنية‬
‫‪ ‬الفصل الثاني‪ :‬أركان المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي وآثارها‬

‫‪13‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫‪14‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫الفصل األول‪ :‬ال لتزامات المهنية للموثق في التشريع المغربي‬


‫وطبيعة مسؤوليته المدنية‬
‫يعد التكييف‪ 1‬القانوني ألي وضع مسألة دقيقة وصعبة شغلت بال رجال القانون كافة‪،‬‬
‫فقهاء وقضاة وموثقين – لزمن طويل – ألنه يعني بيان طبيعته لتوضيح مفهومه وتحديد‬
‫أساسه لرسم صورته‪ ،‬وعلى هدي هذا التكييف يتوقف تحديد األحكام التي تطبق على‬
‫األوضاع القانونية المعروضة – وتنجم الصعوبة هنا عن وجود روابط تدق التفرقة بينها‪،‬‬
‫ألن العمل الواحد قد يكون خليطا من تصرفات مادية وقانونية معا‪ ،‬وألن األشخاص غالبا‬
‫ما يسبغون على روابطهم صفة مغايرة لحقيقتها ولطبيعة التصرف لتفادي بعض اآلثار‬
‫المترتبة عليها‪.‬‬
‫ولبيان التكييف القانوني للمسؤولية المدنية للموثق‪ ،‬البد من دراسة طبيعتها التي لم‬
‫تخل من تضارب واختالف على مستوى الفقه والقضاء‪.‬‬
‫ولدراسة هذا الفصل سنقسمه إلى مبحثين كاآلتي‪:‬‬
‫‪ ‬المبحث األول‪ :‬ال لتزامات المهنية للموثق في التشريع المغربي‬
‫‪ ‬المبحث الثاني‪ :‬طبيعة المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫‪ -‬انظر عبد الرزاق أيوب‪ ،‬التكييف القانوني األسس النظرية و الجوانب العلمية‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص‪ ،‬جامعة‬ ‫‪1‬‬

‫الحسن الثاني الدار البيضاء‪ ،‬يونيو ‪.2004‬‬

‫‪15‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫المبحث األول‪ :‬االلتزامات المهنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫يعرف االلتزام بأنه " حالة قانونية يرتبط بمقتضاها شخص معين بنقل حق عيني أو‬
‫القيام بعمل أو االمتناع عن عمل"‪ ،1‬وبما أن الموثق يضطلع بمهام عديدة‪ ،‬حسب ما أكدته‬
‫المادة األولى من القانون رقم ‪ 32.09‬المنظم لمهنة التوثيق‪ ،‬حيث جاء في هذه المادة‪" :‬التوثيق‬
‫مهنة حرة تمارس وفق الشروط وحسب االختصاصات المقررة في هذا القانون وفي النصوص‬
‫الخاصة‪".‬‬
‫ومن أجل بعث الثقة لدى األفراد والجماعات وجعلهم يقبلون على التوثيق الرسمي‪ ،‬فقد‬
‫فرض المشرع على الموثق التقيد بمجموعة من االلتزامات القانونية اتجاه المتعاقدين لديه وهي‬
‫التزامات ذات طابع نظامي هدفها حماية المتعاملين باألوراق الرسمية‪.‬‬
‫فمهنة التوثيق وكغيرها من المهن تفرض على القائم بها التزاما عاما يتمثل في ضرورة‬
‫اإللمام بالقواعد المنظمة لها وأصولها وأعرافها‪ ،‬باإلضافة إلى هذا االلتزام األساسي يلتزم الموثق‬
‫بتحرير العقد واضفاء الطابع الرسمي عليه وذلك وفق الضوابط القانونية المحددة قانونا‪ ،‬ولتنفيذ‬
‫هذا االلتزام يتعي ن على الموثق أن يضع جهده وخبرته رهن إشارة المتعاقدين لديه من خالل‬
‫نصحهم وارشادهم بمختلف اإلجراءات المتبعة لتوثيق العقد وأهميته وآثاره‪.‬‬
‫وبالرجوع للقانون المنظم لهذه المهنة نجده يحدد مجموعة من االلتزامات سنتناولها على‬
‫الشكل التالي‪:‬‬
‫‪ ‬المطلب األول‪ :‬التزامات الموثق اتجاه الزبناء واضفاء الرسمية‬
‫‪ ‬المطلب الثاني‪ :‬التزامات الموثق بالقيام ببعض الجراءات الشكلية‬

‫عبد الرزاق أحمد السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني‪ ،‬نظرية االلتزام بوجه عام‪ ،‬مصادر االلتزام‪ ،1952،‬دار النشر‬ ‫‪-‬‬ ‫‪1‬‬

‫للجامعات المصرية‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬ص‪.114‬‬

‫‪16‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫المطلب األول‪ :‬التزامات الموثق اتجاه الزبناء واضفاء الرسمية‬


‫دون الحديث عن الطبيعة القانونية التي تربط الموثق بزبنائه‪ ،1‬فإن الموثق يرتبط اتجاه‬
‫أصحاب العالقة بالتزام بنتيجة وبتحقيق الغاية التي أبرم من أجلها العقد أو حرر في شأنها‬
‫المحرر‪ ، 2‬ويأتي اإللزام واإلجبار بهذه القواعد من خالل القسم المهني الذي يؤديه الموثق قبل‬
‫ولوج المهنة‪.‬‬
‫هذا ويتضمن القانون رقم ‪ 32.09‬السالف التزامات يتعين عل الموثق مراعاتها أثناء‬
‫القيام بمهامه‪ ،‬وعموما فالموثق يبقى متحمال بالتزامات اتجاه الزبناء (الفقرة األولى) كما يلتزم‬
‫بإضفاء الرسمية على العقود (الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬التزامات الموثق اتجاه الزبناء‬
‫سنتناول في هذه الفقرة أهم االلتزامات التي تقع على عاتق الموثق‪ ،‬وهي كاآلتي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬االلتزام بتقديم النصح لألطراف‬
‫ورد النص على اإللتزام بتقديم النصح لألطراف في الفقرة الثانية من المادة ‪ 37‬من‬
‫القانون رقم ‪ 32.09‬التي جاء فيها " يجب على الموثق إسداء النصح لألطراف‪ ،‬كما يجب‬
‫عليه أن يبين لهم ما يعلمه بخصوص موضوع عقودهم‪ ،‬وأن يوضح لهم األبعاد واآلثار التي قد‬
‫تترتب عن العقود التي يتلقاها"‪.‬‬
‫ويعد هذا االلتزام في مقدمة اإللتزامات القانونية للموثق والتي تخص طرفي العالقة‪،‬‬
‫ألن النصيحة تدخل في إطار مساعدة األطراف على تفادي الوقوع في المحضور‪ ،‬باإلضافة‬
‫إلى أن عدم اإلرشاد يسبب ضر ار يرتب مسؤولية الموثق خصوصا وأن التزام الموثق كما سبق‬

‫إن الرابطة القانونية بين الموثق والزبون‪ ،‬ال تجعل من الموثق أجي ار تابعا ألطراف العقد أو ألحدهما‪ ،‬فهو يعمل باستقالل تام عن‬ ‫‪-‬‬ ‫‪1‬‬

‫زبنائه‪.‬‬
‫‪ -‬قرار صادر عن المجلس األعلى‪ ،‬قرار عدد ‪ 2144‬الصادر بتاريخ ‪ 20‬يوليوز ‪ 2005‬من الملف المدني عدد ‪" :2004/1/423‬نية‬ ‫‪2‬‬

‫المتعاقدين في اللجوء إلى الموثف تنصرف إلى تحرير عقد تام صحيح وقابل للتنفيذ والتزامه إزاءهم بهذا العمل هو التزام بتحقيق غاية‬
‫تستوجب اتخاذ الحيطة في تنفيذه"‪.‬‬
‫منشور بقضاء المجلس األعلى عدد ‪ 66‬ص ‪ 96‬وبمجلة المعيار عدد ‪ 35‬ص ‪ 149‬ومجلة المحامي عدد ‪ 51‬ص‪.160‬‬

‫‪17‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫القول هو التزام بتحقيق نتيجة‪ ،‬مما يجعل الموثق يلتزم بضمان فعالية العقد مما يجعله بالتبعية‬
‫ملزما بالنصح لعدم اإلقدام على تحرير عقد ال جدوى منه وال فعالية له‪.1‬‬
‫والمقصود بالتزام الموثق بنصح األطراف المتعاقدة هو قيامه أثناء عملية التعاقد‬
‫بإطالعهم على مضمون العقد وآثاره‪ ،‬وأن يبين لهم بوضوح نطاق التزاماتهم وحقوقهم‪.2‬‬
‫بمعنى أن الموثق ملزم قبل الشروع في عملية التوقيع على العقد بإطالع األطراف‬
‫على كل ما يعلمه بخصوص موضوع عقدهم‪ ،‬وأن يوضح لهم األبعاد واآلثار التي قد تترتب‬
‫عن تعاقدهم ‪ ،‬فهو ملزم بمدهم بكافة المعلومات عن هذا العقد الذي يحقق لهم أحسن النتائج‪،‬‬
‫ويساعد على التقليل من المنازعات‪ .3‬كما يقتضي هذا االلتزام الحرص على تنبيه الطرفان إلى‬
‫العواقب القانونية لمختلف الشروط المدرجة بالعقد لفائدة أحد األطراف كالشروط الواقفة أو‬
‫الفاسخة أو المتعلقة بالتعويض المتفق عليه كجزاء لعدم تنفيذه ‪.4‬‬
‫وقد قضت المحكمة اإلبتدائية بمراكش بمؤاخدة موثق متابع من أجل مخالفة عدم تقديم‬
‫النصح للمتعاقدين وارشادهم لما يجب القيام به والمس بالثقة المفروضة بعثها في النفوس‬
‫والحكم عليه بالتوقف عن ممارسة مهنة التوثيق لمدة شهر واحد‪.5‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أنه في فرنسا وعلى الرغم من عدم وجود نصوص قانونية صريحة‬
‫تلزم الموثق بتوجي ه النصح للزبناء‪ ،‬إال أن المستقر عليه فقها وقضاء أن الموثق الفرنسي ملزم‬

‫‪ -‬عبد اهلل درميش ‪ " :‬أخالقيات مهنة التوثيق وسلطة التنظيم"‪ ،‬مجلة رحاب في المحاكم‪ ،‬العدد الثالث‪ ،2009 ،‬ص‪.20‬‬ ‫‪1‬‬

‫محمد الربيعي‪ ،‬األحكام الخاصة بالموثقين والعقود الصادرة عنهم‪ ،‬دراسة على ضوء التوثيق العدلي والتوثيق العصري‪ ،‬الطبعة‬ ‫‪-‬‬ ‫‪2‬‬

‫األولى‪ ، 2008 ،‬المطبعة والوراقة الوطنية مراكش‪ ،‬ص ‪.20‬‬


‫‪ -‬محمد الربيعي‪ ،‬التزام الموثق بإرشاد الزبون ونصحه‪ ،‬مجلة اإلشعاع العدد ‪ ،2008 ،32‬ص‪.71‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ -‬لبنى الوزاني‪ ،‬التزامات الموثق من خالل عقد الوعد ببيع عقار محفظ على ضوء االجتهاد القضائي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬أكتوبر ‪،2010‬‬ ‫‪4‬‬

‫طبع ونشر مكتبة دار السالم‪ ،‬الرباط‪ ،‬ص‪.23‬‬


‫‪_ 5‬حكم صادر عن المحكمة اإلبتدائية بمراكش تحت رقم ‪ 16‬بتاريخ ‪ 2010/04/08‬في الملف عدد ‪،2010/01/446‬منشور لدى لبنى‬
‫الوزاني‪،‬م‪.‬س‪،‬ص‪.20‬‬

‫‪18‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫بأداء النصح لهم ولو شفويا‪ ،1‬فهو التزام ابتدعه واصطنعه القضاء الفرنسي لحماية مصالح‬
‫األفراد التي قد تتعرض للضياع بسبب أخطاء الموثقين‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫أما بخصوص المشرع المغربي فقد حسم في هذا األمر حينما ألزم الموثق اقانونيا‬
‫بتقديم النصح لألطراف المتعاقدة دون إلزام هؤالء بطلب النصح‪ ،‬حيث تم التنصيص عليه‬
‫بصفة صريحة في المادة ‪ 37‬من القانون رقم ‪ 32.09‬والتي نصت على أنه‪..." :‬يجب على‬
‫الموثق إسداء النصح لألطراف‪ ،‬كما يجب عليه أن يبين لهم ما يعلمه بخصوص موضوع‬
‫عقدهم‪ ،‬وأن يوضح لهم األبعاد واآلثار التي قد تترتب عن العقود التي يتلقاها"‪.‬‬
‫كما أن القضاء المغربي أكد بدوره على ضرورة االلتزام بواجب النصح واإلخبار اتجاه‬
‫األطراف وقضى بمسؤولية موثقة عن تقصيرها بعدم التزامها بهذا الواجب‪ ،‬ويتعلق األمر بتفويت‬
‫أسهم إحدى الشركات المجهولة االسم مع أن هذه األسهم كانت مرهونة لفائدة البنك الوطني‬
‫لإلنماء االقتصادي‪ ،‬إال أن الموثقة التي تمت لديها المعاملة لم تخبر أطراف العقد بالرهن على‬
‫‪3‬‬
‫األسهم المبيعة ولم تبصرهم بمدى نتائج التعاقد بالشكل الذي عليه األسهم‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Fabien Ferran, Le notaire et le règlement de la succession, éditions du juris-classeur, P194.‬‬
‫أوسعيد إبراهيم‪ ،‬االلتزام بالنصح وأثره على المسؤولية المدنية للموثق‪ ،‬دراسة في التشريع المغربي والفرنسي‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم‬ ‫‪-‬‬ ‫‪2‬‬

‫الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص‪ ،‬جامعة القاضي عياض‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية مراكش‪-1999 ،‬‬
‫‪ ،2000‬ص‪.64‬‬
‫فقد جاء في حيثيات هذا القرار ما يلي‪ " :‬لكن حيث أن المحكمة المصدرة للقرار المطعون فيه وفي إطار سلطتها لتقييم الوثائق‬ ‫‪-‬‬ ‫‪3‬‬

‫والحجج وبإطالعها على عقد تفويت األسهم تبين لها بأن هذه األسهم إسمية ومقيدة في سجالت الشركة المعنية‪ ،‬وكانت مرهونة للبنك‬
‫الوطني لإلنماء واالقتصادي حسن شكايته الموجهة للسيد وكيل الملك بسال بتاريخ ‪ 4‬ماي ‪ 1997‬قبل إبرام عقد التفويت وهو ما أقره البائع‬
‫نفسه في تصريحه أمام الشرطة القضائية بتاريخ ‪ 1‬يونيو ‪ ،1997‬واستخلصت وعلى صواب تقصي الطالبة في أداء مهامها وذلك حينما‬
‫قضى بأنه‪:‬‬
‫"حيث إنه مادام الثابت من العقد اإلخبار الذي قامت به كان يعني القرض الذي على الشركة فقط المضمون كذلك برهن على األصل‬
‫التجاري وعلى المعدات بصفة مستقلة على رأسمال الشركة ولم يكن يعني الرهن المنصب على أألسهم كما هو واضح من عبارات العقد‪،‬‬
‫فإن المشتكي بها تكون قد أخلت بااللتزام المفروض عليها بنص الفصل ‪ 01‬من الظهير لما لم تخبر أطراف العقد بالرهن على ألسهم‬
‫المبيعة ولم تبصرهم بمدى نتائج التعاقد بالشكل الذي عليه ألسهم‪ ،‬وكذا بنص الفقرة ‪ 12‬من الفصل ‪ 30‬من الظهير التي تفرض عليها إال‬
‫تحرر العقد إال بعد فك ا لرهن على األسهم أي القيام بما يلزم إلنجاز البيع بصفة قانوني مما يشك تقصي ار في أداء الواجب" تكون قد‬
‫عللت قرارها تعليال كافيا وبنته على أساس قانوني ويبقى ما بالوسيلة على غير أساس"‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن بعض الموثقين يحاولون التنصل من واجب إسداء النصح‬
‫لألطراف وذلك بتضمين عقودهم ببنود تعفيهم من المسؤولية‪ ،‬غير مدركين أن مصيرها البطالن‬
‫ألنها تخالف قاعدة آمرة‪.1‬‬
‫ثانيا‪ :‬االلتزام بكتمان السر المهني‬
‫إن ضبط مفهوم السر المهني يقتضي منا بداية تحديد المقصود بالسر عموما ‪ ،‬فالسر‬
‫لغة ما يكتم كالسريرة‪ ،‬أو هو كل فعل صائر إلى أن يظل مخفيا ‪.2‬‬
‫وقد اهتم اإلسالم بالحفاظ على أسرار األفراد‪ ،‬إذ أمر الرسول عليه الصالة والسالم‬
‫بكتمان أسرار الغير بقوله‪ " :‬ال يست ر عبد عبدا في الدنيا إال ستره اهلل يوم القيامة"‪ .‬كما ورد عن‬
‫عمر بن عبد العزيز أنه قال‪ " :‬القلوب أوعية والشفاه أقفالها‪ ،‬فليحفظ كل إنسان مفتاح سره‪."3‬‬
‫والمحافظة على سر المهنة بدأ واجبا أخالقيا‪ ،‬فقد اعتادت الطوائف والمهن منذ القدم‬
‫على العمل بمقتضى قواعد يرتبط بها أفراد الطائفة‪ ،‬أو المهنة في مباشرة حرفتهم‪ ،‬ومعظم هذه‬
‫القواعد ذات طبيعة أخالقية‪ .‬وعلى هذا األساس ارتبط كل نشاط مهني بما يسمى بالقانون‬
‫األخالقي للمهنة الذي يحكم السلوك المهني لألفراد المرتبطين بمهنة ما وقد فرض الواجب‬
‫األخالقي المحافظة على سر المهنة واعتبرها من أهم االلتزامات المهنية المفروضة على بعض‬
‫الطوائف التي تطلع نتيجة ممارسة أعمالها على األسرار‪ ،‬ومن تم وجوب االئتمان عليها‪،‬‬
‫وكانت مهنة التوثيق في مقدمة هذه المهن‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫يعتبر االلتزام بكتمان السر المهني من أبرز االلتزامات التي يتعين على المهنيين‬
‫بصفة عامة والموثق بصفة خاصة التقيد به‪ ،‬بحيث يجب عليه التكتم على األسرار التي أطلعه‬

‫= قرار المجلس أألعلى عدد ‪ 785‬الصادر بغرفتين بتاريخ ‪ 23‬فبراير ‪ 2005‬في الملف المدني عدد ‪،2002/7/01/2482‬‬ ‫‪-‬‬
‫منشور بمجلة ق اررات المجلس األعلى العدد ‪ ،2006 ،66‬ص‪.92-85‬‬
‫‪ -‬محمد الربيعي‪ ،‬األحكام الخاصة بالموثقين والعقود الصادرة عنهم‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.77‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬نائلة حديدو‪ ،‬المسؤولية التأديبية والمدنية للعدول في التشريع المغربي‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون المدني‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫جامعة القاضي عياض كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية مراكش‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2000-1999‬ص‪.133‬‬
‫‪ -‬نائلة حديدو‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.133‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪20‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫عليها األطراف أو تلك التي توصل إليها بحكم وظيفته‪ ،‬باستثناء الحاالت التي يسمح فيها‬
‫القانون بإفشائها‪ ،‬وقد عرفه الفقه بأنه كل ما يتوصل إليه المؤتمن من األسرار سواء كان ذلك‬
‫بواسطة صاحب السر أو من خالل مزاولة هذا المؤتمن نشاطه المهني‪ ،2‬وهو التزام يتعلق‬
‫بالنظام العام ألنه من مقومات العدالة الوقائية أو العدالة الرسمية التي ال تحقق إال بإشاعة الثقة‬
‫والطمأنينة‪.3‬‬
‫وبالرجوع للمادة ‪ 24‬من القانون رقم ‪ 32.09‬المتعلق بمهنة التوثيق نجدها تنص على‬
‫ما يلي‪" :‬يلزم الموثق بالمحافظة على السر المهني ما عدا إذا نص القانون على خالف‬
‫ذلك‪،‬ويقع نفس اإللزام على المتمرنين لديه و أجرائه‪".‬‬
‫وعموما فااللتزام بكتمان السر المهني يقتضي من الموثق االمتناع عن إفشاء أي سر‬
‫من األس رار المهنية أو األسرار الشخصية التي اطلع عليها بحكم المهنة‪ ،‬فهو مدين بالكتمان‬
‫المطلق لسر زبونه وال يمكنه أن يفشيه إال في حاالت استثنائية جد ضيقة غالبا ما ينص عليه‬
‫القانون حصريا‪ ،‬أو كما جاء في المبادئ التي وضعها االتحاد الدولي للتوثيق الالثيني " يقع‬
‫على عا تق الموثق التزام السرية المهنية ومع ذلك فال وجود لهذا االلتزام إذا تعلق األمر بواجب‬
‫اتجاه السلطة العمومية أو بأمر من سلطة قضائية أو إدارية وخاصة المسؤولية عن ضمان‬
‫الشفافية في المعامالت االقتصادية"‪.4‬‬

‫تنص المادة ‪ 12‬من القانون رقم ‪08‬ا‪ 28‬المنظم لمهمته المحاماة على أنه‪ " :‬ال يجوز للمحامي أن يفشي أي سر يمس بالسر‬ ‫‪-‬‬ ‫‪1‬‬

‫المهني‪.‬‬
‫يتعين عليه بصفة خاصة أن يحترم سرية التحقيق في القضايا الزجرية وأن ال يبلغ أي معلومات مستخرجة من الملفات أو ينشر أي‬
‫مستندات أو وثائق أو مراسالت لها عالقة ببحث مازال جاريا"‪.‬‬
‫وتنص المادة الثانية من القانون ‪03‬ا‪ 16‬المنظم لخطة العدالة على أنه‪ " :‬يتعين على كل عدل التحلي باألمانة والوقار والحفاظ على شرف‬
‫المهنة وأسرار المتعاقدين"‪.‬‬
‫‪ -‬محمد الربيعي‪ ،‬حماية السر المهني في مجال التوثيق‪ ،‬مجلة اإلشعاع العدد ‪ 33‬يونيو ‪ ،208‬ص‪.94‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬عبد اهلل درميش‪ ،‬أخالقيات مهنة التوثيق وسلطة التنظيم‪ ،‬مجلة رحاب المحاكم العدد الثالث‪ ،‬دجنبر ‪ ،2009‬ص ‪.23‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ -‬عبد اهلل درميش‪ ،‬أخالقيات مهنة التوثيق وسلطة التنظيم‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.22‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪21‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫ونالحظ بهذا الصدد أن السر المهني في كل المهن القانونية المنظمة أخذ يفقد‬
‫إطالقيته تحت ذريعة محاربة اإلرهاب ومقاومة تبييض األموال‪ ،‬إذ صدرت اتفاقيات دولية‬
‫وقوانين وطنية في هذا الشأن‪.1‬‬
‫ويمتد السر المهني للموثق إلى ما بعد انتهاء نشاطه المهني إذ يبقى لصيقا به ال‬
‫يتملص منه بانتهاء العالقة‪ ،‬كما وأنه ينسحب إلى كل الوثائق والمراسالت التي تمت بجميع‬
‫وسائل االتصال كالمكالمات الهاتفية أو الرسائل اإللكترونية أو عن طريق الفاكس أو بواسطة‬
‫االتصاالت السلكية والالسلكية وأيضا إلى كل توابع مكتبه كمحفظته وجهازه اإلعالمي المحمول‬
‫وهاتفه النقال‪.‬‬
‫كما تنصرف المحافظة على السر المهني إلى الموثقين المتمرنين والى األجراء الذين‬
‫يشتغلون لدى الموثق‪.‬‬
‫ويترتب على االلتزام بكتمان السر المهني أنه يمنع على الموثق منعا كليا أثناء أو‬
‫بمناسبة إنجاز عملية تهم عدة أشخاص أن يتصل بالبعض في غفلة من البعض اآلخر‪ ،‬بحيث‬
‫إن كل اتصاالته يجب أن تطبع بالشفافية درءا ألي تأويل‪ ،‬كما أنه إذا شارك في مفاوضات ثم‬
‫أجهضت وأخفق األطراف والموثق في إبرام العقد‪ ،‬فإن الموثق يظل مكبال بسرية تلك‬
‫المفاوضات وما تعرف عليه من خاللها من معلومات‪ ،‬بمعنى أن التزام الموثق بالسر المهني‬
‫التزام واسع النطاق تصعب مراقبته من خالل القواعد القانونية‪ ،‬إذ تبقى المراقبة األخيرة للضمير‬
‫المهني وللوازع األخالقي‪.2‬‬

‫قانون اإلرهاب ظهير ‪140‬ا‪03‬ا‪ 1‬صادر بتاريخ ‪ 26‬ربيع األول ‪ 1424‬الموافق ل ‪ 28‬ماي ‪ ،2003‬بتنفيذ القانون رقم ‪03‬ا‪03‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪1‬‬

‫المتعلق بمكافحة اإلرهاب‪.‬‬


‫‪ -‬اتفاقية دولية لقمع اإلرهاب موقعة بنيويورك بتاريخ ‪ 1‬يناير ‪ 2002‬نشرت بمقتضى ظهير ‪131‬ا‪02‬ا‪ 01‬بتاريخ ‪ 7‬شوال ‪ 1423‬الموافق‬
‫ل ‪ 22‬دجنبر ‪ ،2002‬جريدة رسمية عدد ‪ 5140‬بتاريخ فاتح ماي ‪.2003‬‬
‫‪ -‬قانون غسل األموال‪ ،‬ظهير ‪79‬ا‪07‬ا‪ 1‬بتاريخ ‪ 28‬ربيع األول ‪ 1428‬الموافق ل ‪ 17‬أبريل ‪ 2007‬بتنفيذ القانون ‪05‬ا‪ 43‬المتعلق‬
‫بمكافحة غسل األموال‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 5522‬بتاريخ ‪ 3‬ماي ‪ ،2007‬ص ‪.1359‬‬
‫‪ -‬عبد اهلل درميش‪ ،‬أخالقيات مهنة التوثيق وسلطة التنظيم‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.23‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪22‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫ونظ ار ألهمية األسرار في حياة األفراد‪ ،‬والعواقب الوخيمة التي تترتب عن إفشائها‪ ،‬فقد‬
‫جعل منها الفصل ‪ 446‬من القانون الجنائي‪ 1‬جريمة يعاقب عليها القانون‪ ،‬بيد أن هذا الفصل‬
‫وان لم يجعل صراحة الموثق من بين األشخاص المذكورين به‪ ،‬فإنه يعتبر من األمناء على‬
‫األسرار بحكم وظيفته‪ ،‬وبالتالي فهو ملزم بكتمان السر المهني‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى قانون ‪ 32.09‬فإن الموثق قبل البدء في مزاولة مهامه يتعين عليه أن‬
‫يؤدي اليمين القانونية‪ 2‬إذ هناك إشارة واضحة في هذا اليمين إلى كتمان السر المهني‪.‬‬
‫إذا كانت طبيعة عمل الموثق تفرض عليه كتمان األسرار التي يطلعه عليها األطراف‬
‫أو التي يتوصل إليها بفعل وظيفته‪ ،‬فإن هناك حاالت معينة يعفى فيها الموثق من هذا االلتزام‪،‬‬
‫فكما سبقت اإلشارة فإن الفصل ‪ 446‬من القانون الجنائي ألزم الموثق باعتباره من األمناء على‬
‫األسرار بعدم إفشائها‪ ،‬وذلك في غير األحوال التي يجيز فيها القانون ويوجب عليه التبليغ‬
‫عنها‪.‬‬
‫ومن بين الحاالت التي أعفى فيها القانون‪ ،‬وألزم الموثق بعدم التكتم على األسرار‬
‫المهنية ما تضمنه الفصل ‪ 378‬من القانون الجنائي‪ ،‬فقد ألزم هذا الفصل كل من يتوفر على‬
‫دليل لبراءة متهم محبوس احتياطيا أو مقدم للمحاكمة من أجل جناية أو جنحة أن يدلي فو ار‬
‫بشهادته عنه إلى السلطات القضائية أو الشرطة تحت طائلة العقوبات المقررة به‪.3‬‬

‫‪ -‬ينص الفصل ‪ 446‬من القانون الجنائي على أنه‪ " :‬األطباء والجراحون ومالحظو الصحة‪ ،‬وكذلك الصيادلة والمولدات وكل شخص‬ ‫‪1‬‬

‫يعتبر من األمناء على أألسرار بحكم مهنته أو وظيفته الدائمة أو المؤقتة إذا أفشى س ار أودع لديه وذلك في غير األحوال التي يجيز له‬
‫فيها القانون أو يوجب عليه فيها التبليغ‪ ،‬عنه يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر وغرامة من ألف ومائتين إلى عشرين ألف درهم"‪.‬‬
‫تنص المادة ‪ 13‬من القانون رقم ‪09‬ا‪ 32‬على أنه‪ " :‬يؤدي الموثق بعد تعيينه‪ ،‬وقبل الشروع في مهامه اليمين التالية‪:‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪2‬‬

‫" أقسم باهلل العظيم أن أؤدي بأمانة واخالص المهام المنوطة بي‪ ،‬وأن أحافظ على السر المهني‪ ،‬وأحترم كل الواجبات التي تتطلبها‬
‫المهنة""‪.‬‬
‫‪ -‬وهذه العقوبات هي‪_ :‬الحبس من سنتين إلى خمس سنوات والغرامة من مائتين وخمسين إلى ألف درهم إذا كان األمر يتعلق بجناية‬ ‫‪3‬‬

‫_الحبس من شهر واحد إلى سنتين والغرامة من مائتين إلى خمسة آالف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط إذا كان األمر متعلقا بجنحة‬
‫تأديبية أو ضبطية‪".‬‬

‫‪23‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫وعليه فإذا ما أفشى أحد أطراف العقد لموثقه بأحد األسرار المتعلقة بالعملية التعاقدية‬
‫أو غيرها‪ ،‬وكانت هذه األسرار دليال على براءة أحد أطراف العقد أو األغيار‪ ،‬فإنه يجب على‬
‫الموثق أال يتكتم عليها بدعوى المحافظة على األسرار المهنية‪ ،‬بل يجب عليه اإلدالء بشهادته‬
‫سواء أمام المحكمة أو أثناء مرحلة البحث التمهيدي أو التحقيق اإلعدادي‪ ،‬وهو ما أكدته المادة‬
‫‪ 334‬من قانون المسطرة الجنائية‪.1‬‬
‫ومن بين الحاالت األخرى التي يعفى فيها الموثق من واجب المحافظة على السر‬
‫المهني‪ ،‬حالة الدفاع عن النفس أمام القضاء فقد تنشب بعض الخالفات بين الموثق وزبونه‪،‬‬
‫يرفع على إثرها هذا األخير دعوى عليه قد تكون مدنية أو جنائية‪ ،‬ولكي يرد الموثق إدعاء‬
‫زبونه‪ ،‬يكون من حقه إفشاء المعلومات والوقائع التي تثبت براءته أو تخلي ذمته ولو كانت‬
‫مودعة لديه كأسرار مهنية‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬التزام الموثق بحفظ أصول العقود‬
‫إن مختلف العقود والمحررات التي يتلقاها الموثقون طبقا للقوانين الجاري بها العمل‪،‬‬
‫تعتبر أوراقا رسمية بمفهوم الفصل ‪ 418‬من قانون االلتزامات والعقود‪ ،‬والتي تعتبر حجة قاطعة‬
‫بخصوص الوقائع المضمنة بها سواء بين أطراف العقد أنفسهم أو في مواجهة الغير‪ ،2‬وبالتالي‬
‫تعتبر أهم وسيلة من وسائل اإلثبات التي قررها القانون‪.3‬‬
‫لذلك فقد كان المشرع حريصا على المحافظة عليها من الضياع أو السرقة أو التلف‪،‬‬
‫فأناط الموثق بهذه المهمة اعتبا ار منه أنه الشخص الوحيد المؤهل لذلك‪ ،‬فقد تضمنت المادة ‪50‬‬

‫تنص المادة ‪ 334‬من ق‪.‬م‪.‬ج على أنه‪ ... " :‬يمكن االستماع إلى األشخاص المقيدين بالسر المهني وفق الشروط وفي نطاق‬ ‫‪-‬‬ ‫‪1‬‬

‫الحدود المقررة في القانون"‪.‬‬


‫‪ -‬ينص الفصل ‪ 419‬من ق‪.‬ل‪.‬على أن‪ " :‬الورقة الرسمية حجة قاطعة على الغير في الوقائع واالتفاقات التي يشهد الموظف العمومي‬ ‫‪2‬‬

‫الذي حررها بحصولها في محضره وذلك إلى أن يطعن فيها بالزور"‪.‬‬


‫‪ -‬نظم المشرع المغربي اإلثبات بالكتابة بمقتضى الفصول من ‪ 416‬من ق‪.‬ل‪.‬ع إلى الفصل ‪ 442‬منه وذلك إلى جانب وسائل اإلثبات‬ ‫‪3‬‬

‫األخرى المنصوص عليه بالفصل ‪ 404‬من نفس القانون هذه الوسائل ضمن قواعد اإلثبات‪ ،‬اليمين‪ ،‬والنكول عنها‪ ،‬وسائل اإلثبات التي‬
‫تضمنها قانون اإللتزامات و العقود‪ ،‬تضاف إليها وسائل اإلثبات التي تضمنها قانون المسطرة المدنية‪ ،‬وذلك بمقتضى الفصل من ‪ 55‬إلى‬
‫‪ 102‬منه‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫من القانون رقم ‪ 32.09‬إشارة واضحة اللتزام الموثق بحفظ أصول العقود والوثائق الملحقة بها‬
‫وصور الوثائق التي تثبت هوية األطراف‪ ،1‬علما بأن هذا االلتزام غير مقيد بأجل بحيث يجب‬
‫حفظ هذه العقود طوال المدة التي يمارس فيها الموثق نشاطه وحتى إذا ما عاقه عائق عن‬
‫مزاولة نشاطه‪ ،‬فإنه ملزم بتسليم كل الوثائق للموثق الذي يخلفه حيث يلتزم هذا األخير بدوره‬
‫بالمحافظة عليها‪ ،‬مع اإلشارة إلى أنه ال يمكن للموثق أن ينقل الوثائق إلى مكان آخر يوجد‬
‫خارج الدائرة القضائية التي يزاول بها نشاطه‪ ،‬في حالة انتقاله إلى دائرة قضائية أخرى ‪ ،‬وذلك‬
‫حتى ال يضطر األفراد المودعة عقودهم لديه إلى االنتقال إليه من أجل الحصول على نسخ من‬
‫هذه العقود‪.‬‬
‫باإلضافة إلى أصول العقود‪ ،‬فإن الموثق ملزم أيضا بحفظ كل الوثائق والمستندات‬
‫التي قدمها المتعاقدان من أجل توثيق العقد‪ ،‬على اعتبار أن الموثق ال يمكنه مباشرة إجراءات‬
‫التوثيق قبل الحصول على مختلف الوثائق والمستندات الالزمة لذلك‪ ،‬وهذه الوثائق متعددة‬
‫وتختلف باختالف المعاملة المراد توثيقها‪ ،‬وعلى سبيل المثال مختلف الوثائق التي تثبت الملكية‬
‫للبائع كاإلراثات والوصايا كما تشمل مختلف الوثائق الصادرة عن اإلدارات العمومية كرخص‬
‫البناء والتجزئة وشهادة اإلبراء من الضرائب وكذا التصاميم الهندسية‪ ،‬فكل هذه الوثائق تعد‬
‫الزمة لمباشرة إجراءات التعاقد‪ ،‬وغالبا ما تظل هذه الوثائق بحوزة الموثق حتى بعد انتهاء‬
‫إجراءات التعاقد‪ ،‬لذلك يتعين عليه أن يعمل على حفظها إلى جانب أصول العقود‪.‬‬
‫لذا فإن الموثق يعد مسؤوال عن ضياع أو تلف أصول العقود الموثقة‪ ،‬وكذا مختلف‬
‫الوثائق والمستندات المرفقة بها‪ ،‬واذا ما أخل بهذا االلتزام‪ ،‬فإنه يمكن لمن أصابه ضرر من‬
‫جراء ذلك‪ ،‬أن يطالبه بالتعويض عن ذلك‪ ،‬طبقا لقواعد المسؤولية التقصيرية‪ ،‬إضافة إلى ما قد‬
‫يتعرض له من العقوبات التأديبية‪ ،‬بل وحتى الجنائية إذا ما توافرت أركانها‪.‬‬

‫تنص المادة ‪ 50‬من القانون رقم ‪09‬ا‪ 32‬على أنه ‪ ":‬يجب على الموثق أن يحفظ تحت مسؤوليته أصول العقود و الوثائق الملحقة‬ ‫‪-‬‬ ‫‪1‬‬

‫بها و صور الوثائق التي تثبت هوية األطراف"‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫والتزام الموثق بحفظ أصول العقود والمرفقات هو التزام بتحقيق نتيجة‪ ،‬بحيث تقوم‬
‫مسؤولية الموثق بمجرد ضياع أو تلف هذه الوثائق‪ ،‬دونما حاجة إلثبات خطأ الموثق من جانب‬
‫المتضرر‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬تسليم نسخ من أصول العقود الموثقة‬
‫بمجرد ما يقوم الموثق بتقييد العقد بالرسم العقاري باعتباره آخر مرحلة من مراحل‬
‫توثيق العقد‪ ،‬يجب عليه تسليم نسخة منه لذوي الشأن وهم طرفا العالقة التعاقدية‪ ،‬إال أن قيام‬
‫الموثق باإلجراءات الالزمة لتوثيق العقود وتسليم نسخ منها وحفظها وفق الشكل المتطلب قانونا‪،‬‬
‫ال يعني أن مهمته قد انتهت‪ ،‬وأن هذه العقود أصبحت طي النسيان‪ ،‬بل إن بعضها ال تظهر‬
‫أهميته إال بعد مرور سنوات طويلة كما هو الشأن بالنسبة للوصايا‪ ،‬لذلك فالحاجة إلى هذه‬
‫العقود والوثائق تبقى قائمة مهما مر الزمن‪ ،‬كما تظهر أهمية هذه العقود بالخصوص عند وقوع‬
‫نزاع قضائي متعلق بها‪ ،‬بحيث يصبح لزاما أخذ نسخ منها من أجل إثبات حق متنازع فيه أو‬
‫استخراج دليل منها‪ ،‬كما أنه و في غير هذه الحاالت قد يحتاج ذووا الشأن إلى نسخ من هذه‬
‫العقود‪ ،‬لذلك يجب على الموثق أن يلبي طلبهم بهذا الخصوص وتسليمهم نسخا منها‪.‬‬
‫وهذه النسخ يجب أن تتضمن نفس البيانات المضمنة باألصول حتى تكون لها نفس‬
‫القوة التبوثية‪ 1‬التي تتمتع بها هذه األخيرة‪ ،‬أي تصبح ورقة رسمية بمفهوم الفصل ‪ 418‬من‬
‫قانون االلتزامات والعقود‪.‬‬
‫وقد أخضع المشرع تسليم النسخ ألحكام مشددة حدد بمقتضاها األشخاص الذين لهم‬
‫الحق فيها وعددها وذلك حفاظا على حقوق المتعاقدين وتفاديا لكل إضرار بمصالحهم‪ ،‬واألصل‬

‫ينص الفصل ‪ 440‬من ق‪.‬ل‪.‬ع على أنه ‪ " :‬النسخ المأخوذة من أصل الوثائق الرسمية والوثائق العرفية لها نفس قوة اإلثبات التي‬ ‫‪-‬‬ ‫‪1‬‬

‫ألصولها‪ ،‬إذا شهد بمطابقتها لها الموظفون الرسميون المختصون بذلك في البالد التي أخذت فيها النسخ‪ ،‬ويسري نفس الحكم على النسخ‬
‫المأخوذة عن األصول بالتصوير الفوتوغرافي"‪.‬‬
‫ويضيف الفصل ‪ 441‬من نفس القانون على أنه‪ " :‬النسخ المأخوذة وفقا للقواعد المعمول لها عن المحررات الخاصة أو الهامة المودعة‬
‫في خزائن المستندات (األرشيف) بواسطة أمين هذه الخزائن تكون لها نفس قوة اإلثبات التي ألصولها ويسري نفس الحكم على نسخ الوثائق‬
‫المضمنة في سجالت القضاة إذا شهد هؤالء القضاة بمطابقتها ألصولها"‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫أن تسليم نسخ من هذه العقود يقتصر فقط على من كان طرفا فيها‪ ،‬فهم وحدهم من لهم‬
‫الصفة في طلبها والحصول على نسخ منها‪ ،‬وبطبيعة الحال فهذا الحق يمتد ليشمل أيضا‬
‫ورثتهم ووكالئهم‪ ،‬لكن قد يحدث أن يكون لغير هؤالء مصلحة في الحصول على نسخ من هذه‬
‫العقود يقتصر فقط على من كان طرفا فيها‪ ،‬فهم وحدهم من لهم الصفة في طلبها والحصول‬
‫على نسخ منها‪ ،‬وبطبيعة الحال فهذا الحق يمتد ليشمل أيضا ورثتهم ووكالئهم‪ ،‬لكن قد يحدث‬
‫أن يكون لغير هؤالء مصلحة في الحصول على نسخ من هذه العقود‪ ،‬لكن الموثق يمنع عليه‬
‫القيام بذلك لغير ذوي الشأن‪ ، 1‬ويبقى الحل الوحيد أمامهم هو تقديم طلب إلى رئيس المحكمة‬
‫االبتدائية التي يعمل الموثق بدائرتها في إطار الفصل ‪ 2148‬من قانون المسطرة المدنية‪،‬‬
‫والحصول على إذن بذلك‪ ،‬وعليه فإذا ما أراد أحد األغيار أن يطعن بالزور في الورقة المحررة‬
‫أو يثبت صوريتها‪ ،‬فعليه أن يطلب صورة من المحرر بعد حصوله على إذن بذلك‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬التزام الموثق بتأمين المبالغ المودعة‬


‫يستمد هذا االلتزام أساسه من الدور األساسي للموثق الذي يتمثل في حماية حقوق‬
‫األطراف واألغيار‪ ،‬بمن فيهم حقوق الدولة‪ ،‬حيث اعتبره القانون من بين الجهات الموكول لها‬
‫قانونا االحتفاظ بالودائع‪ ،‬بغية تأمين العمليات التي ينجزها‪ ،‬وباعتبار هذا الدور الخطير المنوط‬
‫بالم وثق كان لزاما تدخل المشرع ألجل تأمين هذا اإليداع‪ ،‬وذلك لمنع الموثقين من التصرف في‬
‫أموال الزبائن بدون وجه حق حماية لحقوق هؤالء من الضياع‪ ،‬وتنص المادة ‪ 33‬من القانون‬
‫رقم ‪ 32.09‬على ما يلي‪ " :‬يمنع على كل موثق‪:‬‬

‫‪ -‬تنص المادة ‪ 55‬من قانون ‪09‬ا‪ 32‬على أنه‪ " :‬يجب على الموثق أن يسلم نسخة لكل واحد من األطراف‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫يحق لألطراف وورثهم ولوكالئهم أن يطلعوا على أصول العقود وملحقاتها وأن يسلموا نسخا ونظائر منها‬
‫ال يحق للغير أن يطلع على أصول العقود وملحقاتها أو يتسلم نسخا ونظائر منها إال بمقتضى مقرر قضائي‪.‬‬
‫يقصد بنظائر أصول الوثائق الملحقة في مفهوم هذا القانون النسخ التي يشهد الموثق بمطابقتها ألصولها"‬
‫‪ -‬راجع الفصل ‪ 148‬من ق‪.‬م‪.‬م‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪27‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫‪ -‬أن يتسلم أمواال أو يحتفظ بها مقابل فوائد؛‬


‫‪ -‬أن يستعمل ولو مؤقتا مبالغ أو قيما توجد في عهدته بأي صفة كانت‪ ،‬فيما لم تخصص له‪.‬‬
‫‪ -‬أن يحتفظ بالمبالغ التي في عهدته لحساب الغير بأي صفة كانت ويجب عليه وضعها فور‬
‫تسلمها بصندوق اإليداع والتدبير‪.‬‬
‫تحدد طريقة تنظيم وتسيير الحساب المفتوح باسم الموثق بصندوق اإليداع والتدبير بنص‬
‫تنظيمي‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬االلتزام بإضفاء الرسمية على العقود‬
‫إن إضفاء الصبغة الرسمية على العقد يلزم الموثق بمراعاة مجموعة من القواعد التي‬
‫يتعين عليه احترامها منها ما يتعلق باالختصاص النوعي والترابي (أوال) ومنها ما يتعلق‬
‫بالتنصيص على مجموعة من البيانات (ثانيا) يفترض توافرها في جميع العقود بصفة عامة وفي‬
‫التوثيقية بصفة خاصة‪.‬‬

‫أوال‪ :‬االختصاص النوعي والترابي‬


‫‪ -1‬االختصاص النوعي‬
‫تنص المادة ‪ 35‬من القانون رقم ‪ " 32.09‬يتلقى الموثق – ما لم ينص قانون على‬
‫خالف ذلك – العقود التي يفرض القانون إعطائها الصبغة الرسمية المرتبطة بأعمال السلطة‬
‫العمومية أو التي يرغب األطراف في إضفاء هذا الطابع عليها ويقوم بإثبات تاريخها وضمان‬
‫حفظ أصولها وبتسليم نظائرها ونسخ منها"‪.‬‬
‫وبناء على هذه المادة فإن الموثق يختص بتلقي أو تحرير جميع التصرفات العقارية‬
‫التي يشترط فيها القانون عقدا رسميا‪ ،‬وبكيفية شمولية ال يخرج من اختصاص الموثق إال‬
‫الوقف‪ ،‬ومدونة األسرة التي يكون التلقي أو التحرير فيها من اختصاص السادة العدول‬

‫‪28‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫واالختصاص الموضوعي للموثقين المتعلق بالعقار هو أصل واستثناء‪ ،‬فاألصل أن يكون العقار‬
‫محفظا أو مطلب تحفيظ واالستثناء أن يكون العقار غير محفظ‪.‬‬
‫وبقراءة مقارنة مع نص المادة ‪ 35‬من القانون رقم ‪ 32.09‬والفصل الخامس من‬
‫ظهير ‪ 1925‬الذي تم نسخه‪ ،‬فإن صياغة المادة حصرت مجال العقود في تلك التي يفرض‬
‫القانون إعطائها الصبغة الرسمية‪ ،‬أما ظهير ‪ 1925‬فقد نص بالتفصيل على نوعية العقود في‬
‫الفصل الخامس منه والتي البد لنا ونحن بصدد مقارنة القانونين اإلشارة إليها‪.‬‬
‫‪ ‬تحرير جميع الرسوم المشتملة على االعتراف بالملك العقاري؛‬
‫‪ ‬تحرير جميع الرسوم المشتملة على تفويت عقار؛‬
‫‪ ‬تحرير جميع الرسوم المشتملة على حقوق عقارية؛‬
‫‪ ‬تحرير جميع الرسوم المثبتة لاللتزامات والمضمونة بأمالك عقارية أو المغيرة أو المزيلة‬
‫لتلك االلتزامات‪ ،‬بشرط أن يكون العقار الذي عليه مدار الرسوم والموجود بالمغرب‪،‬‬
‫مقيدا في كناش المحافظة العقارية‪ ،‬أو يكون العقار في طور التحفيظ؛‬
‫‪ ‬كما يمكن للموثقين أن يتلقوا رسوم الصداق والهبة التي يتضمنها عقد النكاح وجميع‬
‫الوصايا المتعلقة بالعقارات الكائنة بالمغرب وحتى ولو لم تكن مقيدة في كناش المحافظة‬
‫العقارية‪ ،‬ولم يطلب تقييدها في الكناش المذكور مع مراعاة الفصل ‪ 24‬من الباب الثالث‬
‫من الظهير واتباع ما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬أن يبينوا في الرسم موقع العقار ونوعه ومساحته وحدوده؛‬
‫‪ ‬واذا كانوا يجهلون هذا يشهد أمامهم بصحة ما ذكر شاهدان قاطنان بدائرة المحكمة‬
‫االبتدائية التي يوجد بتراب نفوذها العقار؛‬
‫‪ ‬أن يبينوا أيضا في الرسم أصل الملكية وذلك بذكر الرسوم المدلى لهم بها باللغة العربية‬
‫أو غيرها ويقومون بتخليصها‪ ،‬واذا لم يدلى لهم بأي رسم فيذكرون ذلك كما يصرحون‬

‫‪29‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫بأن أصل الملكية ال يستنتج إال من تصريح للمتعاقدين‪ ،‬وهذه الموجبات المذكورة أعاله‬
‫فهي ليست واجبة إذا كان األمر يتعلق برسم وصية؛‬
‫‪ ‬كما يمكن لهم أيضا أن يحرروا جميع القائمات والتصفيات والقسمات الراجعة للعقارات‬
‫المذكورة؛‬
‫‪ ‬ويمكن لهم أيضا أن يتلقوا أو يحرروا جميع رسوم األكرية‪.1‬‬
‫وهناك من الفقه من يرى بأن الموثق يختص بتوثيق المعامالت التي لها عالقة ب‪:‬‬
‫‪ ‬عقود القانون الدولي الخاص؛‬
‫‪ ‬عقود التأسيس والتسيير القانوني للشركات وتعديل نظامها األساسي؛‬
‫‪ ‬العقود التجارية و البنكية؛‬
‫‪ ‬العقود المتعلقة بالعقار سواء كان محفظا أو غير محفظ أو في طور التحفيظ‪.2‬‬
‫هذا هو االختصاص الموضوعي بكيفية موجزة للموثقين‪ ،‬فما هو االختصاص المكاني لهم؟‬
‫اإلجابة تتضمنها النقطة التالية‪.‬‬
‫‪ .2‬االختصاص المكاني أو القليمي للموثق‬
‫إن تعيين الموثق‪ 3‬وتحديد مقر عمله يتمان بقرار من رئيس الحكومة باقتراح من وزير‬
‫العدل والحريات‪ ،‬بعد إبداء اللجنة المنصوص عليها في المادة ‪ 11‬من القانون رقم ‪32.09‬‬
‫رأيها في الموضوع‪.‬‬

‫إبراهيم فكري " تمام البيع وما يترتب عنه من حقوق وأشياء في ق‪.‬ل‪.‬ع والتوثيق العصري والتوثيق العدلي في نظر قضاء األصل‬ ‫‪-‬‬ ‫‪1‬‬

‫– واالجتهاد القضائي وآراء الفقه الحديث" مقال منشور ضمن اشغال ندوة نظمها مركز الدراسات القانونية المدنية والعقارية بكلية الحقوق‬
‫مراكش‪ ،‬ص‪.208 ،207‬‬
‫‪ -‬عبد المجيد بوكير‪ ،‬التوثيق العصري المغربي‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.88-87‬‬ ‫‪2‬‬

‫من ضمن المستجدات التي جاء بها القانون رقم ‪09‬ا‪ 32‬فيما يتعلق بتعيين الموثق كونه أصبح يعين بمقتضى مقرر إداري بحيث‬ ‫‪-‬‬ ‫‪3‬‬

‫يتم تعيينه وتحديد مقر عمله بقرار لرئيس الحكومة باقتراح من وزير العدل بعد إبداء اللجنة المنصوص عليها في المادة ‪ 11‬من القانون‬
‫رأيها في الموضوع (المادة ‪ 1‬من قانون ‪09‬ا‪.)32‬‬

‫‪30‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫واستنادا إلى المادة ‪ 12‬من القانون ‪ 32.09‬رقم فإن الموثق يمارس مهامه بمجموعة‬
‫التراب الوطني‪ ،‬غير أنه يمنع عليه تلقي العقود وتوقيع األطراف خارج مقر مكتبه‪ ،‬ويمكن‬
‫للموثق ألسباب استثنائية تلقي تصريحات أطراف العقد والتوقيع على العقود خارج مكتبه وذلك‬
‫بإذن من رئيس المجلس الجهوي واخبار الوكيل العام للملك لدى المحكمة المعين بدائرتها‪.‬‬
‫وبمقتضى هذه المادة فالمشرع ترك كامل الحرية لألطراف في اللجوء إلى أي موثق‬
‫يختارونه‪ ،‬دون التقيد بضرورة اللجوء إلى الموثق الموجود بمكان إقامتهم‪ ،‬و بالتالي فإنه ال‬
‫يوجد أي تأثير على صحة العقود والمعامالت التي قد يبرمها األطراف خارج مقر إقامتهم‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫‪1‬‬
‫ثانيا‪ :‬البيانات المضمنة بالعقد التوثيقي‬
‫تتحدد هذه البيانات فيما يلي ‪:‬‬
‫‪ .1‬البيانات الخاصة باألطراف المتعاقدة‬
‫بالرجوع إلى نص المادة ‪ 36‬من القانون رقم ‪ 32.09‬فإن العقود التي يتلقاها الموثق‬
‫ينبغي أن تتضمن على الخصوص البيانات اآلتية‪:‬‬
‫‪ ‬األسماء الكاملة لألطراف بما فيها‪ :‬اسم األب واألم وباقي الموقعين على العقد‬
‫‪ ‬موطن وتاريخ ومكان والدة األطراف؛‬
‫‪ ‬جنسية األطراف؛‬
‫‪ ‬مهنة األطراف؛‬
‫‪ ‬نوع الوثيقة التي ثبتت هويتهم؛‬
‫‪ ‬الحالة العائلية مع ذكر النظام المالي للزواج عند االقتضاء؛‬
‫‪ ‬بيان أركان وشروط العقد؛‬

‫‪ -‬هناك مجموعة من القواعد الشكلية ينبغي على الموثق احترامها أثناء تحريره للعقد سوف نتطرق لها على سبيل التوضيح واإلفادة‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫أسلوب العقد‪ :‬يجب أن تصاغ العقود بأسلوب سليم ‪ ،‬يفرغ إرادة المتعاقدين بدقة في صلب عقد رسمي‪ ،‬وينقل المعنى عنهم في متن العقد‬
‫للحيلولة دون الوقوع في نزاعات بسبب غموض الذي يستوجب إعمال التفسير وفقا لقواعد قانون اإللتزامات و العقود ‪ ،‬وفي هذا اإلطار‬
‫ينص الفصل ‪ 461‬من ق‪.‬ل‪.‬ع على ما يلي " كانت ألفاظ العقد صريحة‪ ،‬امتنع البحث عن قصد صاحبها"‪.‬‬
‫لغة العقد‪ :‬من بين المستجدات التي جاء بها المشرع في المادة ‪ 42‬من قانون ‪09‬ا‪ 32‬إلزام الموثق بتحرير العقود باللغة العربية كقاعدة‬
‫عامة إال إذا اختار األطراف تحريرها بلغة أخرى‪ ،‬وبذلك تماشت المادة مع ظهير التوحيد والتعريب والمغربة‪.‬‬
‫أحكام اإلحاالت والملحقات‪ :‬ويقصد باإلحالة العالمة التي يضعها الموثق في المكان الذي حصل فيه نقص أو تعبير غامض للرجوع إلى‬
‫العالمة المشابهة لها الموجودة في الهامش أو أسفل المحرر‪ ،‬وقد تطرق المشرع ألحكام اإلحاالت والملحقات في المادة ‪ 41‬من قانون‬
‫‪09‬ا‪ " 32‬يحرر العقد تحت مسؤولية الموثق دون انقطاع أن بشر أو إصالح في صلبه أو إقحام أو كتابة بين السطور أو إلحاق أو‬
‫تشطيب أو ترك بياض باستثناء ما يفصل بين الفقرات والبنود‪ ،‬وفي هذه الحالة وضع خط على البياض ترقم جميع الصفحات ويشار إلى‬
‫عددها في آخر العقد‪.‬‬
‫يجب تصحيح األخطاء واإلغفاالت بواسطة إحاالت تدون إما في الهامش أو في أسفل الصفحة‪.‬‬
‫يجب التنصيص في الصفحة األخيرة على الكلمات واألرقام الملغاة وعدد اإلحاالت واإلشارة إلى الحيز الفارغ من الكتابة مع بيان عدد‬
‫الخطوط التي وضعت عليه‪ ،‬ويذيل الموثق هذه البيانات بتوقيعه وخاتمه مع توقيع باقي األطراف بعد إطالعهم على مضمون التصحيح‬
‫تكون ملغاة كل الكلمات أو األرقام التي وقع فيها بثر أو تشطيب أو ألحقت أو كتبت بين السطور‪ ،‬في حالة عدم احترام المقتضيات‬
‫المنصوص عليها في الفقرة السابقة"‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫‪ ‬كتابة المبالغ المالية بالحروف واألرقام؛‬


‫وما تجدر اإلشارة إليه بهذا الصدد أن تلقي المحرر يتم بمكان تحرير العقد من قبل الموثق‪،‬‬
‫وهو ما يستدعي حضور األطراف المتعاقدة لديه‪ ،‬بحيث يبقى الموثق ملزما بالتحقق من هوية‬
‫األطراف وأهليتهم للتعاقد تطبيقا لنص المادة ‪ 37‬من القانون رقم ‪ ،32.09‬والمقصود بهذا‬
‫االلتزام هو تأكده من صفة المالك وعلى حقيقته في اإلرث إذا تعلق األمر بإراثة وحظوظه في‬
‫اإلرث‪ ،‬فإذا كان أحد العاقدين ناقص األهلية فيجب التحقق من كون نائبه يتوفر على إذن‬
‫بذلك‪.1‬‬
‫‪ .2‬البيانات المتعلقة بالوثائق المدلى بها‬
‫يبقى الموثق ملزما كذلك بالتثبت والتأكد من الوثائق المدلى بها إليه‪ ،‬و نخص بالذكر‬
‫هنا‪:‬‬
‫‪ ‬العقود و المحررات الرسمية منها أو العرفية أو ما يسمى بأصول الملكية؛‬

‫تنص المادة ‪ 271‬من مدونة األسرة على ما يلي‪ " :‬ال يقوم الوصي أو المقدم بالتصرفات اآلتية إال بعد الحصول على اإلذن من‬ ‫‪-‬‬ ‫‪1‬‬

‫القاضي المكلف بشؤون القاصرين‪:‬‬


‫‪ -‬بيع عقار أو منقول للمحجور تتجاوز قيمته ‪000‬ا‪ 10‬درهم أو ترتيب حق عيني عليه‪،‬‬
‫‪ -‬المساهمة بجزء من مال المحجور في شركة مدنية أو تجارية أو استثماره في تجارة أة مضاربة‬
‫‪ -‬عقود الكراء التي يمكن أن يمتد مفعولها إلى ما بعد انتهاء الحجر‪،‬‬
‫‪ -‬قبول أو رفض التبرعات المثقلة بحقوق أو شروط‬
‫‪ -‬أداء ديون لم يصدر بها حكم قابل للتنفيذ‬
‫قرار القاضي بأحد هذه التصرفات يجب أن يكون معلال‪،‬‬
‫المادة ‪ 38‬من القانون الجنائي تنص على ما يلي‪=:‬‬ ‫‪‬‬
‫=الحجر القانوني يحرم المحكوم عليه من مباشرة حقوقه المالية طوال مدة تنفيذ العقوبة األصلية‪،‬‬
‫وله في جميع األحوال أن يختار وكيال ينوب عنه في مباشرة تلك الحقوق تحت إشراف الوصي القضائي المعين في أحكام الفصل التالي"‬
‫الفصل ‪ 894‬من ق‪.‬ل‪.‬ع ينص على ما يلي‪ " :‬ال يجوز للوكيل أيا ما كان مدى صالحياته بغير إذن صريح من الموكل‬ ‫‪‬‬
‫توجيه اليمين الحاسمة وال إجراء اإلقرار القضائي وال الدفاع أمام القضاء في جوهر الدعوى وال قبول التحكيم أو إجراء الصلح‬
‫وال اإلجراء من الدين وال تفويت عقار أو حق عقاري وال إنشاء الرهن رسميا كان أم حيازيا وال شطب الرهن أو التنازل عن‬
‫الضمان ما لم يكن في ذلك مقابل الوفاء بالدين وال إجراء التبرعات وال شراء أو تفويت ألصل تجاري أو تصفيته وال التعاقد على‬
‫إنشاء شركة أو شياع و كل ذلك ما عدا الحاالت التي يستثنيها القانون صراحة"‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫‪ ‬الوثائق اإلدارية بما فيها الشواهد والرخص والتصاميم‪ 1‬وفي هذا اإلطار يتوجب على‬
‫الموثق التثبت من تذييل الوثيقة بإمضاء المسؤول وطابعه الخاص مع طابع اإلدارة‬
‫المصدرة للوثيقة‪ ،‬وكون خاتم الجماعة التي قامت بتصحيح اإلمضاء واضحا ومقروءا‬
‫مع التنصيص على اسم الموقع باسم الجماعة‪.‬‬
‫كما يلتزم بعدم تضمين العقد أي شطب أو إضافة أو إقحام في البيانات األساسية في‬
‫الوثيقة المدلى بها إليه‪.‬‬
‫أما العقود والوثائق المبرمة بالخارج‪ ،‬فيتعين على الموثق أن يتأكد من أنها مصححة‬
‫اإلمضاء من طرف القنصلية أو سفارة المغرب بالخارج‪ ،‬وأنه قد خضع للمصادقة من طرف‬
‫و ازرة الخارجية بالمغرب‪.2‬‬

‫تضمنت المادة ‪ 139‬من المدونة العامة للضرائب حض ار على العدول والموثقين والمحافظين على األمالك العقارية‪ ،‬وكذا المفتشين‬ ‫‪-‬‬ ‫‪1‬‬

‫المكلفين بالتسجيل‪ ،‬باستالم أو تحرير أو تسجيل العقود اآلتية ما لم تكن مرفقة بالوثائق أو الرخص اإلدارية المطلوبة وهي‪:‬‬
‫العقود المثبتة للعمليات المشار إليها في الظهير المؤرخ في ‪ 1963/9/26‬والمتعلق بمراقبة العمليات العقارية التي يقوم بإنجازها بعض‬
‫األشخاص والواقعة على األمالك الفالحية القروية‪ ،‬أو المنصوص عليها في المادة ‪ 10‬من الظهير الصادر في نفس التاريخ والمتعلق‬
‫بتحديد الشروط التي تسترجع الدولة بموجبها أراضي االستعمار وذلك ما لم تكن تلك العقود مشفوعة برخصة إدارة مسلمة من طرف‬
‫السلطات المختصة‪.‬‬
‫‪ -‬العقود المتعلقة بعمليات البيع أو اإليجار أو القسمة المشار إليها في المادتين ‪ 1‬و‪ 58‬من القانون رقم ‪90‬ا‪ 25‬المتعلق بالتجزئات‬
‫العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات‪ ،‬حيث أن تسجيل هذه العقود مشروط بتقديم نسخ بمطابقتها لألصل إما من محضر التسليم‬
‫المؤقت أو بيان اإلذن الصادر بالتقسيم المشار إليهما بالمادتين ‪ 35‬و‪ 61‬من القانون رقم ‪90‬ا‪ ،25‬واما من شهادة إدارية مسلمة من طرف‬
‫رئيس المجلس البلدي الجماعي يشهد فيها بأن التصرف غير مشمول بمقتضيات القانون السالف الذكر‪.‬‬
‫‪ -‬العقود المتعلقة بعملية مخالفة لمقتضيات القانون رقم ‪ 34/94‬الرامي إلى الحد من تقسيم األراضي الفالحية الواقعة داخل المناطق‬
‫السقوية أو تنمية األراضي غير المسقية‪.‬‬
‫فتسجيل هذا النوع من التصرفات‪ ،‬يستلزم اإلدالء من طرف من له مصلحة بشهادة إدارية مسلمة من لدن وزير الفالحة يشهد فيها بأن‬
‫التصرف المراد تسجيل‪ ،‬ال يعتبر مخالفا لمقتضيات القانون رقم ‪.34/94‬‬
‫انظر في هذا الصدد‪ :‬إبراهيم أحطاب‪ " ،‬التزامات العدول والموثقين في قانون التسجيل الجديد"‪ ،‬مداخلة في إطار ندوة توثيق التصرفات‬
‫العقارية التي نظمها مركز الدراسات القانونية المدنية والعقارية بكلية الحقوق بمراكش يومي ‪ 11‬و‪ 12‬فبراير ‪ ،2005‬ص‪.358-375‬‬
‫بناء على الفصل ‪ 432‬من ق‪.‬م‪.‬م والذي ينص على أنه " تكون العقود المبرمة بالخارج أمام الضابط والموظفين العموميين‬ ‫‪-‬‬ ‫‪2‬‬

‫المختصين أيضا قابلة للتنفيذ بالمغرب بعد إعطائها الصيغة التنفيذية ضمن الشروط المقررة في الفصول السابقة"‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫ونشير في السياق ذاته أنه لكي يتسنى للموثق تكوين تصوره المبدئي لشكل العقد‬
‫الذي سيعتمده وكذا طبيعة البيانات الواجب تضمينها فيه‪ ،‬يحرص هذا األخير على أن‬
‫يحصل على جميع المعلومات الشخصية المتعلقة باألطراف‪.‬‬
‫وهكذا فإنه إذا تعلق العقد بالبيع فإنه يحصل على المعلومات المتعلقة بالبائع‪ ،‬وعلى‬
‫المعلومات المتصلة بالعقار من الناحية القانونية‪ ،‬والطبوغرافية والجبائية‪ ،‬إذ أن أول ما يقوم‬
‫به الموثق قبل تحرير عقد متعلق بالمجال العقاري هو التأكد من وضعيته القانونية وهل هو‬
‫عقار محفظ أو غير محفظ أو في طور التحفيظ؟‬
‫و حتى يتأتى له الحصول على هذه المعلومات إذا ما تعلق األمر بعقار محفظ‪ ،‬فإن‬
‫األمر يست وجب اللجوء إلى المحافظة على األمالك العقارية قصد الحصول على المعلومات‬
‫الشخصية للمالك‪ ،‬والمعلومات المتعلقة بالملك المراد تفويته‪ ،‬ويقوم بطلب شهادة الملكية من‬
‫المحافظة العقارية التي يوجد بدائرة نفوذها العقار‪ ،‬والتي تبين إما خلو العقار من التكاليف‬
‫والرهون المت علقة بهذا العقار أو أنه مثقل بالرهون والتحمالت‪ ،‬وهذا ما يجعل الموثق على‬
‫دراية تامة بوضعية العقار‪ ،‬ويتعين على الموثق االبتعاد عن استقاء هذه المعلومات بطريقة‬
‫شفوية من أعوان المحافظة والتي قد ال تماثل الحالة الطبوغرافية للعقار‪.1‬‬
‫‪ .3‬تاريخ ومكان إبرام العقد الرسمي‬
‫من العناصر التي ال ينبغي إغفالها تاريخ العقد وجوبا باعتباره شرطا جوهريا من‬
‫شروط صحة العقد الرسمي‪ ،‬لما له من أهمية في حماية الحق الذي شهد به ويمكن للعقد‬
‫أن يتضمن عدة تواريخ بحسب تعدد األطراف وتوقيعاتهم‪ ،‬وينبغي ذكر التاريخ مفصال‬

‫رشيد خير‪ ،‬مسؤولية الموثق في التشريع المغربي‪ ،‬رسالة لنيل ماستر الدراسات العقارية والتعمير وحدة العقار والتعمير‪ ،‬جامعة‬ ‫‪-‬‬ ‫‪1‬‬

‫الحسن األول‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية سطات‪.2011-2010 ،‬‬

‫‪35‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫بالسنة واليوم والساعة‪ 1‬حسب ما نصت عليه المادة ‪ 43‬من القانون رقم ‪ 32.09‬وجزاء‬
‫تخلف هذا الشرط هو بطالن العقد كوثيقة رسمية مع احتفاظها بالحجية العرفية‪.2‬‬
‫هذا فيما يخص تاريخ العقد‪ ،‬أما بخصوص مكانه فإن المشرع ألزم الموثق بذكر مكان‬
‫إنشاء العقد لما في ذلك من أهمية في التأكيد على توقيع العقد بديوانه وبالتالي احترامه‬
‫الختصاصه المكاني‪ ،‬وفيما يخص جزاء تخلف هذا البيان‪ ،‬فالمشرع لم يرتب ذات الجزاء‬
‫الخاص بتخلف شرط التاريخ‪.3‬‬
‫‪ .4‬توقيع األطراف وتوقيع الموثق للمحرر‬
‫يتعين على الموثق بعد القيام بقراءة بنود العقد سواء بنسفه أو بواسطة ترجمان أو‬
‫الشخص الذي أوكل إليه القيام بهذه المهمة‪ ،‬تذييل المحرر طائلة البطالن باألسماء الكاملة‬
‫لألطراف والترجمان والشهود إن وجدوا‪ ،‬والذين يضعون توقيعاته الخطية والبصمة إن‬
‫اقتضى القانون ذلك على كل صفحة ويضع توقيعه مع خاتمه في آخر العقد‪ ،‬بحيث إن‬
‫آخر من يضع توقيعه على العقد هو الموثق‪ ،4‬واال كنا أمام تزوير معنوي من طرفه ألنه‬
‫سيشهد على توقيعات لم تتم بعد‪ ،‬وتوقيع الموثق على العقد يضفي الصفة الرسمية عليه‪ ،‬إن‬
‫تم بطريقة قانونية أو استوفى كافة البيانات والشروط واحترمت فيه جميع اإلجراءات‪.5‬‬
‫وبعد إضفاء الصبغة الرسمية على العقد‪ ،‬فإن الموثق يبقى ملزما بالقيام بمجموعة من‬
‫اإلجراءات الشكلية التي تتدخل فيها إدارة التسجيل والتمبر‪ ،‬مديرية الضرائب وكذلك الوكالة‬

‫‪ -‬ذكر الساعة يعتبر من المستجدات التي جاء بها القانون رقم ‪09‬ا‪.32‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ - 2‬للمزيد من المعلومات بخصوص الوثيقة الرسمية و الوثيقة العرفية يمكن الرجوع إلى‪ :‬حليمة بن حفو‪ ،‬الرهن الرسمي بين الرسمية و‬
‫العرفية في التشريع المغربي‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة وحدة البحث والتكوين في القانون المدني نوقشت بكلية الحقوق‬
‫جامعة القاضي عياض مراكش‪ ،‬السنة الجامعية ‪2001/2000‬ا‬
‫‪ -‬رشيد خير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.26-25‬‬ ‫‪3‬‬

‫جاءت المادة ‪ 45‬من القانون رقم ‪09‬ا‪ 32‬باستثناء قد يرد على هذا االلتزام " إذا توفي الموثق قبل أن يوقع على العقد الذي تلقاه‬ ‫‪-‬‬ ‫‪4‬‬

‫وبعد توقيع األطراف والترجمان والشهود إن وجدوا‪ ،‬أمكن لرئيس المحكمة االبتدائية الواقع بدائرتها مقر عمل الموثق أن يأمر بناء على‬
‫طلب المتعاقدين بتذييل العقد بتوقيع موثق آخر بحضورهم وموافقتهم على مضمونه بعد قراءته عليهم من جديد"‪.‬‬
‫‪ -‬رشيد خير‪ ،‬مرجع سابق ص‪.37-36‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪36‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫الوطنية للمحافظة العقارية والخرائطية والمسح العقاري التي يوجد بدائرتها العقار وهذا ما‬
‫سنحاول اإلحاطة بمختلف جوانبه في(المطلب الثاني )‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫المطلب الثاني‪ :‬التزام الموثق بالقيام ببعض الجراءات الشكلية‬


‫هناك مجموعة من اإلجراءات الشكلية الضرورية إلتمام التصرفات القانونية المبرمة‬
‫بين األطراف من طرف الموثق‪ ،‬والتي تتمم الصفة الرسمية لهذه العقود‪ ،‬وتتمثل أساسا في‬
‫التزامه بإخضاع جميع العقود التي يتلقاها لمسطرة التسجيل (الفقرة األولى)‪ ،‬كما أنه ملزم‬
‫بتطهير العقارات من جميع الضرائب المستحقة للخزينة (الفقرة الثانية)‪ ،‬ويبقى التزام الموثق‬
‫بتقييد العقد الرسمي بالمحافظة العقارية (الفقرة الثالثة) من أهم اإلجراءات الشكلية الضامنة‬
‫لشهر العقد ونقل الملكية للمشتري‪ ،‬وسوف نتناول فيما يلي خطوات هاته اإلجراءات‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬تسجيل العقد لدى إدارة التسجيل والتمبر‬
‫تعرف ضريبة التسجيل بأنها إجراء قانوني يتم بموجبه قيد العقود والتفويتات و النسخ‬
‫الحرفي ألهم بنوده بسجل عمومي يمسكه قابض التسجيل‪ ،‬يترتب عنه تحصيل ضريبة لفائدة‬
‫خزينة الدولة تسمى واجب التسجيل‪.2‬‬
‫وتتجلى وظيفة التسجيل إضافة إلى طابعها التوثيقي في تأمين وتحقيق مداخيل لخزينة‬
‫الدولة‪ ،‬وكذا حفظ العقود‪.‬‬
‫واألصل أن جميع العقود والتفويتات يجب تقديمها للتسجيل‪ ،3‬غير أن ثمة استثناءات‬
‫تخرج من مبدأ إجبارية التسجيل ويتوقف إخضاعها من عدمه على إرادة األطراف‪.‬‬
‫وعليه فالمحررات المكتوبة المثبتة لوجود أو حدوث تصرف قانوني تخضع إلجراء‬
‫التسجيل‪ ،‬عرفية كانت أم رسمية‪ ،‬قضائية أو إدارية مع مراعاة التعداد الحصري واإلعفاءات‬
‫القانونية‪ 1‬المنصوص عليها بهذا الخصوص‪.‬‬

‫‪ -‬تسجيل العقود الرسمية بمكتب التسجيل الواقع في دائرة المحكمة التابع لها ديوان الموثق‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫إبراهيم أحطاب‪ ،‬جبائية العقود بين مقتضيات قانون التسجيل وأحكام القانون الخاص‪ ،‬مداخلة في إطار ندوة األنظمة العقارية في‬ ‫‪-‬‬ ‫‪2‬‬

‫المغرب‪ ،‬نظمها مركز الدراسات القانونية المدنية والعقارية بكلية الحقوق بمراكش يومي ‪ 5‬و ‪ 6‬أبريل ‪ 2002‬الطبعة األولى ‪ 2003‬ص‬
‫‪.171‬‬
‫لإلطالع على تعريفة واجبات التسجيل‪ ،‬انظر المادة ‪( 133‬الواجبات النسبية)‪ ،‬المادة ‪( 135‬الواجبات الثابتة من المدونة) العامة‬ ‫‪-‬‬ ‫‪3‬‬

‫للضرائب‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫وتدخل العقود المحررة من طرف الموثقين ضمن خانة العقود الرسمية التي ينبغي‬
‫تسجيلها بشكل إجباري‪.‬‬
‫وبناء عليه فإن الموثق يبقى ملزما بتقديم سجالت التحصين‪ 2‬إلى المفتش قصد‬
‫التأشير عليها واستيفاء إجراء تسجيل العقد وأداء الواجبات في األجل المحدد قانونا‪ ،3‬على أنه‬
‫يبقى األطراف ملزمين لوحدهم بأداء الواجبات التكميلية مع الزيادات المطالب بها على إثر‬
‫سلوك مسطرة مراجعة التصريحات التي تبين أنها ال تطابق القيمة التجارية الحقيقية في تاريخ‬
‫التفويت‪ ،‬كما يجب على الموثق الذي يحرر عقودا رسمية مؤسسة على عقود عرفية غير‬

‫‪ -‬هن اك مجموعة من العقود معفاة من التسجيل يكون موضوعها مثال تنظيم وتدبير مصالح وحاجيات ذات نفع عام أو التي تنجز في‬ ‫‪1‬‬

‫إطار اإلجراءات أو المساطر اإلدارية المختلفة‪ ،‬قرر المشرع إعفائها كليا من ضريبة التسجيل‪ ،‬انظر المادة ‪ 129‬من المدونة العامة‬
‫للضرائب المعدلة والمتممة بقانون المالية لسنة ‪.2014‬‬
‫تنص المادة ‪ 51‬من القانون رقم ‪09‬ا‪ 32‬رقم على ما يلي " يمسك الموثق سجال للتحصين يحدد شكله بقرار لوزير العدل‪ ،‬ويؤشر‬ ‫‪-‬‬ ‫‪2‬‬

‫على كل صفحاته رئيس المحكمة االبتدائية الواقع بدائرتها مقر عمل الموثق أو نائبه بابع المحكمة وتوقيعه‪ .‬يضمن الموثق في هذا السجل‬
‫البيانات الموجزة للعقود التي يتلقاها‪ ،‬حسب األرقام التسلسلية‪ ،‬يوما فيوما بدون ترك بياض وال مسافة بين السطور‪.‬‬
‫يجب أن يتضمن كل فصل خاص بالعقد‪:‬‬
‫رقم العقد الترتيبي؛‬ ‫‪-‬‬
‫تاريخه؛‬ ‫‪-‬‬
‫موضوعه؛‬ ‫‪-‬‬
‫األسماء الكاملة لألطراف وجنسيتهم وموطنهم؛‬ ‫‪-‬‬
‫بيان األموال وتحديد موقعها وثمنها إذا كان األمر يتعلق بحق ملكية أو انتفاع أو استغالل؛‬ ‫‪-‬‬
‫مراجع التسجيل‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫يتعين على الموثق أن يقدم هذا السجل إلى مفنش الضرائب المكلف بالتسجيل المختص وذلك خالل عشرة أيام التي تلي نهاية كل شهر‬
‫قصد التأشير عليه وحصر عدد العقود المقيدة فيه‬
‫يمسك الموثق أيضا سجال للوصايا يحدد شكله ومضمونه بقرار لوزير العدل"‬
‫ويقع على عاتق الموثق بهذا الخصوص االلتزام باإلشعار وتقديم النصح للملزمين إذ يتوجب عليه إطالع اإلطراف على بنود العقد‬ ‫‪-‬‬ ‫‪3‬‬

‫المبرم مع تذكيرهم بمقتضيات المواد ‪ (186‬باء ‪)2-‬و ‪ 187‬و ‪208‬و‪ 217‬من المدونة العامة للضرائب المتعلقة على التوالي بما يلي‪:‬‬
‫أ‪ -‬حق المراقبة المخول لإلدارة لمراجعة األثمان والتصريحات التقديرية المعبر عنها في العقود واالتفاقات متى تبين أنها ال تطابق القيمة‬
‫التجارية الحقيقية لألمالك المفوتة في تاريخ التفويت‪.‬‬
‫ب‪ -‬الجزاءات التي يمكن فرضها عند ثبوت مخالفة نقصان الثمن إما عن طريق دراسة معدل األثمان باالرتكاز على مقارنة واما باالستناد‬
‫إلى إجمالي الدخول الناتجة عن استغالل العقار المفوت‪.‬‬
‫راجع‪ :‬إبراهيم أحطاب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.359-358‬‬

‫‪39‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫مسج لة أو مستخلصة منها‪ ،‬إيداعها هي األخرى موازاة مع إيداع العقود الرسمية قصد األداء‬
‫عنها بمكتب التسجيل‪ ،‬تطبيقا لنص المادة ‪ 137‬من المدونة العامة للضرائب‪.1‬‬
‫واجراءات التسجيل تشكل وحدة كاملة ال يمكن تجزئتها‪ ،‬بحيث يتم تسجيل العقود‬
‫والتصريحات يوما بيوم وبالتتابع بمجرد تقديمها للتسجيل حسب ما نصت عليه المادة ‪ 138‬من‬
‫المدونة العامة للضرائب والتي جاء فيها ما يلي‪ ":‬يجب أن تسجل العقود والتصريحات يوما بيوم‬
‫وبالتتابع بمجرد تقديمها للتسجيل‪"...‬‬
‫وينبغي على الموثق احترام آجال التسجيل المنصوص عليها بمقتضى المادة ‪ 128‬من‬
‫المدونة العامة للضرائب‪ ،‬والتي تتحدد في ‪ 30‬يوما تخضع لها كل العقود واالتفاقات الواردة في‬
‫المادة ‪ 127‬والتي تبدأ من تاريخ إنشائها كقاعدة عامة‪.2‬‬

‫‪ -‬تنص المادة ‪ 137‬من المدونة العامة للضرائب على ما يلي‪" :‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ .1‬التزامات الموثقين‪:‬‬
‫يجب على الموثقين أن يضمنوا العقود والبيانات والتصاريح التقديرية الالزمة لتصفية واجبات التسجيل‪.‬‬
‫يلزم الموثقون العبريون بترجمة عقودهم شفاهيا لمفتش الضرائب المكلف بالتسجيل وتزويده بالبيانات الالزمة لتصفية واجبات التسجيل‪.‬‬
‫يجب على الموثقين أن يقدموا سجالت التحصين إلى المفتش قصد التأشير عليها استيفاء إجراء تسجيل العقود وأداء الواجبات في األجل‬
‫المحدد على ضوء النسخ الرسمية التي يحررونها لهذا الغرض‪.‬‬
‫‪...‬غير أنه يجب على الموثق أن يودع لدى مكتب التسجيل المختص نسخة من العقد العرفي الذي قام بتحريره تحت طا\لة تطبيق قواعد‬
‫التضامن المنصوص عليه بالمادة ‪ 183‬الفقرة الثانية أدناه‪.‬‬
‫يجب على الموثقين والمواطنين المزاولين مهام التوثيق الذين يحررون عقودا رسمية مؤسسة على عقود عرفية غير مسجلة أو مستخلصة‬
‫منها أو يقومون بتسليمها من أجل إيداعها بمحفوظاتهم‪ ،‬أن يلحقوا العقود العرفية اآلنفة الذكر بالعقد الذي يحيل عليها وأن يقدمواها إلجراء‬
‫التسجيل مع أداء الواجبات المستحقة وكذا الذعيرة والزيادات المترتبة على العقود العرفية المذكورة"‪.‬‬
‫تعتبر هذه اآلجال كاملة ال يحتسب فيها اليوم األول واألخير حسب ما نصت عليه المادة ‪ 245‬من مدونة التسجيل والتنمبر‪:‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪2‬‬

‫"اآلجال المتعلقة بالمساطر المنصوص عليها في هذه المدونة آجال كاملة بحيث ال يعتبر في الحساب اليوم أألول من اآلجل ويوم حلول‬
‫اآلجل‪.‬‬
‫إذا صادفت اآلجال المحددة والمشار إليها أعاله يوم عيد أو عطلة قانونى تم إرجاء حلول األجل إلى اليوم األول من أيام العمل التالية"‬

‫‪40‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬تطهير العقار من الضرائب‬


‫تعتبر الضريبة من االلتزامات الملقاة على عاتق البائع ألنه ملزم بتسليم المبيع مطهرا‪،‬‬
‫من كل ديون أو ضرائب‪ ،‬وهكذا فعندما يتم إبرام عقد البيع يتوجب أداء ضريبة على الدخول‬
‫العقارية‪ ،1‬ومدة أدائها حسب قانون المالية لسنة ‪ 2012‬هو ‪ 30‬يوما‪ ،‬ويترتب عن عدم أداء‬
‫هذه الضريبة ذعيرة التأخير واألداء‪ ،‬والتي تحتسب بزيادة قدرها ‪ %30‬إضافة إلى زيادة قدرتها‬
‫‪ %0.5‬عن كل شهر تأخير تحتسب على أساس المبلغ الواجب أدائه‪.‬‬
‫وبعد تأكد الموثق من أن البائع أدى جميع واجباته يقوم بتحويل الملف إلى القباضة‬
‫التابع لها العقار قصد الحصول على شهادة األداء الضريبي والتي هي بمثابة إبراء ضريبي‬
‫متعلق بالعقار المبيع‪ ،2‬إذ أن من الت ازمات الموثق عدم تسليم الثمن للبائع إال بعد تطهير العقار‬
‫من جميع التكاليف‪ ، 3‬إذ في حالة تفويت العقار يتعين على الموثق مطالبة البائع باإلطالع على‬
‫الوصالت أو شهادة من مصالح التحصيل تثبت أداء الضرائب والرسوم المثقل بها هذا العقار‬
‫برسم سنة التفويت والسنوات السابقة‪.4‬‬
‫إذا كان الموثق يبقى ملزما بتطهير العقار من كافة الضرائب المستحقة للخزينة العامة‬
‫للدولة‪ ،‬فإنه يبقى كذلك ملزما بالتثبت من وضعية هذا العقار من الناحية القانونية‪ ،‬بحيث يقوم‬

‫‪ -‬تنص المادة ‪ 63‬من المدونة العامة للضرائب لسنة ‪ 2014‬والتي جاء فيها‪ " :‬تعفى من الضريبة‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫أ‪ -‬الربح المحصل عليه من لدن كل شخص يقوم خالل السنة المدنية بتفويت عقارات ال يتجاوز مجموع قيمتها مائة و أربعون أف درهم‬
‫(‪.)140000‬‬
‫ب –الرح المحصل عليه من تفويت عقار أو جزء من عقار يشغله على وجه سكنى رئيسية منذ ستة سنوات على األقل في تاريخ التفويت‬
‫المذكور مالكه أو أعضاء الشركات ذات الغرض العقاري المعتبرة ضريبيا‪"...‬‬
‫رشيد خير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪55-54‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪2‬‬

‫يمكن األمر أن يتعلق بالضرائب التالية‪ :‬الضرائب الحضرية‪ ،‬الضريبة على األرباح العقارية‪ ،‬الضريبة العامة على الدخول‬ ‫‪-‬‬ ‫‪3‬‬

‫العقارية‪....‬‬
‫تنص المادة ‪ 139‬من المدونة العامة للضرائب على ما يلي‪" :‬يحظر على العدول و الموثقين و غيرهم ممن يزاولون مهام التوثيق‪,‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪4‬‬

‫أن يحرروا أي عق د يتعلق بتفويت أو تخل عن عقار‪ ,‬ما لم تسلم إليهم شهادة من مصلحة تحصيل الضرائب و الرسوم المستحقة على‬
‫العقار المذكور و المتعلقة بالسنة التي حصل فيها التفويت أو التخلي و بالسنوات السالفة"‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫بتصفية كل الديون المترتبة على العقار من رهون في حالة وجودها حتى يتسنى له تقييد العقد‬
‫بالرسم العقاري‪ ،‬وهذا ما ستناوله في الفقرة الموالية من خالل عرضنا للضوابط التي ينبغي‬
‫للموثق التقيد بها من أجل القيام بعملية الشهر بالرسوم العقارية لدى المحافظة العقارية‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬تقييد العقد الرسمي بالمحافظة العقارية‬


‫وفقا للمادة الرابعة من القانون رقم ‪ 139.08‬المتعلقة بمدونة الحقوق العينية فإن‬
‫الموثق يعد من ذوي االختصاص للموثق في توثيق جميع العقود المتعلقة بالعقارات المحفظة‬
‫وغير المحفظة وفي طور التحفيظ‪.2‬‬
‫ويعتبر إجراء تقييد العقد الرسمي في الرسم العقاري المودع بالمحافظة على األمالك‬
‫العقارية وسيلة لنقل الملكية واثبات الحق‪ ،‬فإن لم يتم تقييده يبقى مجردا من أي مزية قانونية‪،‬‬
‫تطبيقا لنص الفصل ‪ 65‬من قانون التحفيظ العقاري‪ 3‬رقم ‪ 14-07‬الذي جاء فيه‪ " :‬يجب أن‬
‫تشهر بواسطة تقييد في الرسم العقاري جميع الوقائع والتصرفات واالتفاقات الناشئة بين األحياء‬
‫مجانية كانت أو بعوض‪"...‬‬

‫تنص المادة ‪ 4‬من القانون رقم ‪08‬ا‪ 39‬المتعلق بمدونة الحقوق العينية على ما يلي‪ " :‬يجب أن تحرر – تحت طائلة البطالن –‬ ‫‪-‬‬ ‫‪1‬‬

‫جميع التصرفات المتعلقة بنقل الملكية أو بإنشاء الحقوق العينية األخرى أو نقلها أو تعديلها أو إسقاطها بموجب محرر رسمي أو بمحرر‬
‫ثابت التاريخ يتم تحريره من طرف محام مقبول للترافع أمام محكمة النقض ما لم ينص قانون خاص على خالف ذلك‪.‬‬
‫يجب أن يتم توقيع العقد المحرر من طرف المحامي والتأشير على جميع صفحاته من أألطراف ومن الجهة التي حررته‪ .‬تصحح‬
‫إمضاءات األطراف من لدن السلطات المحلية المختصة ويتم التعريف بإمضاء المحامي المحرر للعقد من لدن رئيس كتاب الضبط‬
‫بالمحكمة االبتدائية التي يمارس بدائرتها‪".‬‬
‫هناك بعض القوانين الخاصة التي منحت هي األخرى االختصاص للموثق إلى جانب بعض المهنيين لتحرير بعض العقود ونخص‬ ‫‪-‬‬ ‫‪2‬‬

‫بالذكر هنا‪:‬‬
‫‪ -‬قانون ‪51‬ا‪ 00‬المعلق باإليجار المنفضي إلى تملك عقار؛‬
‫‪ -‬قانون ‪01‬ا‪ 00‬المتعلق بالملكية المشتركة للعقارات المبنية؛‬
‫‪ -‬قانون ‪44‬ا‪ 00‬المتعلق ببيع العقار في طور اإلنجاز‪.‬‬
‫‪ - 3‬الظهير الشريف رقم ‪177‬ا‪11‬ا‪ ، 1‬الصادر بتاريخ ‪ 22‬نونبر ‪ 2011‬بتنفيذ القانون رقم ‪07‬ا‪ 14‬المتعلق بالتحفيظ العقاري‪ ،‬المنشور‬
‫بالجريدة الرسمية عدد ‪.5998‬‬

‫‪42‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫وحتى يقوم المحافظ على األمالك العقارية بتقييد العقد التوثيقي‪ ،‬فإن الموثق ينبغي له‬
‫تضمينه جميع البيانات وارفاقه بجميع الوثائق التي يجب أن تكون صحيحة سليمة‪ ،‬ويقوم‬
‫بتصفية كل الديون المترتبة على العقار من رهون في حالة وجودها حتى يتسنى له تقييد العقد‬
‫بالرسم العقاري واال عرض نفسه للمساءلة‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن تفويت العقار المرهون ممكن‪ ،‬إال أن التفويت معلق على شرط‬
‫وفاء الدين المضمون سواء من طرف المدين الراهن أو من طرف المفوت إليه حسب مقتضيات‬
‫الفصل ‪ 1177‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‪ .1‬فالموثقون حينما يبرمون عقد تفويت عقار مرهون عليهم أن‬
‫يحرصوا على حماية حقوق المدين الراهن المقيد رهنه بالرسم العقاري وعلى حماية المشتري‬
‫الذي يرغب في شراء العقار خاليا من كل رهن أو تكليف‪ ،‬وحماية هؤالء األشخاص يجب أن‬
‫يوفرها لهم الموثق من خالل إطالعه على معطيات ملف القضية بالمحافظة العقارية‪2‬وتنبيه‬
‫المتعاملين إلى ذلك‪.‬‬
‫وبناء عليه يبقى الموثق ملزما بإرفاق العقد بما يفيد تصفية الرهن أو الحجز أو غير‬
‫ذلك من التحمالت‪ ، 3‬دون أن ننسى أنه يتعين عليه التقيد باآلجال المنصوص عليها في الفصل‬
‫‪ 65‬من قانون ‪ ،407.14‬وذلك لكون المحافظ لن يقوم بإجراء التقييد إال بعد تأكده من صحة‬
‫كافة الوثائق واال رفض تقييد العقد في الرسم العقاري لعدم توفره على الشروط الضرورية‪.‬‬

‫ينص الفصل ‪ 1177‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‪ .‬على ما يلي‪ ":‬من رهن شيئا ال يفقد الحق في تفويته‪،‬إال أن كل تفويت يجريه المدين أو الغير‬ ‫‪-‬‬ ‫‪1‬‬

‫مالك الشيء المرهون يتوقف نفاذه على شرط وفاء الدين المضمون من أصل وتوابع‪ ،‬ما لم يرتض الدائن إقرار التفويت"‪.‬‬
‫وسيلة اإلطالع على الرسم العقاري بالمحافظة العقارية تكون دائما قبل تحرير العقد‪ ،‬من خاللها يتمكن الموثق من الوقوف على‬ ‫‪-‬‬ ‫‪2‬‬

‫الوضعية القانونية للعقار موضوع العقد‪ ،‬أو يقوم بطلب شهادة الملكية من المحافظة تثبت هاته الوضعية‪.‬‬
‫‪ -‬المقصود هنا شواهد رفع اليد عن الرهن أو الحجز أو اإلبراء من الدين‪...‬إلخ‬ ‫‪3‬‬

‫‪ -‬ينص الفصل ‪ 65‬من القانون رقم ‪07‬ا‪ 14‬على أنه‪ ":‬يحدد أجل إنجاز التقييد المنصوص عليه في الفصل ‪ 65‬في ثالثة أشهر ويسري‬ ‫‪4‬‬

‫هذا األجل بالنسبة‪:‬‬

‫‪ -1‬للق اررات القضائية ابتداء من تاريخ حيازتها لقوة الشيء المقضي به؛‬

‫‪ -2‬للعقود الرسمية ابتداء من تاريخ تحريرها؛‬

‫‪ -3‬للعقود العرفية ابتداء من تاريخ آخر تصحيح إمضاء عليها‪=.‬‬

‫‪43‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫وال يجوز للمحافظ على األمالك العقارية والرهون أن يستلم قصد القيام بإجراء التقييد‬
‫في السجالت العقارية عقدا خاضعا إجباريا للتسجيل يتعلق بإحدى التصرفات المشار إليها في‬
‫الفقرة األولى من المادة ‪ 127‬من المدونة العامة للضرائب‪ 1‬لم يتم تسجيله مسبقا‪.‬‬
‫يستفاد من ذلك أن على المحافظ التحري عن مراجع تسجيل العقد والتأكد من سبقية‬
‫األداء والتأشير عليه‪ ،‬فإذا ظهر أن العقد لم يخضع بصفة أولية للتسجيل‪ ،‬امتنع عليه اعتماده‬
‫لمباشرة إجراء إحدى التقييدات الرامية إلى إنشاء أو نقل أو إنهاء حق عيني‪.2‬‬

‫= غير أن هذا األجل ال يسري على العقود المشار إليها في البندين ‪ 2‬و‪ 3‬أعاله إذا‪:‬‬

‫‪ -‬كانت موضوع تقييد احتياطي طبقا للفصل ‪85‬؛‬

‫‪ -‬تعلقت باألكرية أو اإلبراء أو الحوالة المنصوص عليها في الفصل ‪ 65‬من هذا القانون‪.‬‬

‫إذا لم يطلب التقييد بالرسم العقاري ولم تؤد رسوم المحافظة العقارية داخل األجل المقرر أعاله‪ ،‬فإن طالب التقييد يلزم بأداء غرامة تساوي‬
‫خمسة في المائة من مبلغ الرسوم المستحقة‪ ،‬وذلك عن الشهر األول الذي يلي تاريخ انقضاء األجل المذكور و‪ 0,5‬في المائة عن كل شهر‬
‫أو جزء من الشهر الموالي له‪.‬‬
‫يمكن لمدير الوكالة الوطنية للمحاف ظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية‪ ،‬في حالة القوة القاهرة‪ ،‬أن يمنح اإلعفاء من الغرامة المنصوص‬
‫عليها أعاله بعد اإلدالء بأي وثيقة تفيد ذلك"‪.‬‬
‫‪ - 1‬تنص المادة ‪ 127‬من المدونة العامة للضرائب على أنه ‪ ":‬تخضع وجوبا إلجراء و واجبات التسجيل‪ ،‬و لو كانت بسبب ما يشوبها من‬
‫عيب شكلي‪ ،‬عديمة القيمة ‪:‬‬
‫‪ -‬جميع اإلتفاقات‪ ،‬المكتوبة أو الشفوية وكيفما كان شكل المحرر المثبت لها‪ ،‬عرفيا أو رسميا ( توثيقي أو عدلي أو عبري ‪،‬قضائي أو‬
‫غير قضائي) والمتعلقة بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬التفويتات بين األحياء‪ ،‬بعوض أو بغير عوض‪ ،‬مثل البيع أوالهبة أو المعاوضة فيما يخص‪:‬‬
‫أ‪ -‬العقارات‪ ،‬المحفظة او غير المحفظة‪ ،‬او الحقوق العينية الواقعة على العقارات المذكورة‪،‬‬
‫ب‪ -‬الملكية أو حق الرقبة او حق اإلنتفاع الواقعة على األصل التجاري أو الزبائن‪"...‬‬
‫رشيد خير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.53-52‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪44‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫المبحث الثاني‪ :‬طبيعة المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫عرف تكييف العالقة الرابطة بين الموثق وزبونه اختالفا بين الفقهاء‪ ،‬حيث يرى جانب‬
‫من الفقه أن عالقة الموثقين بزبنائهم هي عالقة تعاقدية على اعتبار أن المشرع نفسه كيف‬
‫العالقة بين أرباب المهن الحرة والزبائن على أساس العقد‪ ،‬إضافة إلى أن الزبون لما يتوجه‬
‫لمكتب الموثق ‪ ،‬يعتبر قابال لإليجاب الموجه من طرف هذا الموثق للجمهور‪ ،‬وبانعقاد هذا‬
‫القبول يتم العقد كامل الشروط واألركان (المطلب األول)‪ ،‬ويرى جانب آخر أن عالقة الموثق‬
‫بزبونه يجب أن تبتعد تماما عن العقد وأن تخضع لقواعد المسؤولية التقصيرية‪ ،‬على اعتبار أن‬
‫التزامات الموثق تجد أساسها في القانون من خالل قانون ‪ 32.09‬وال دخل لألطراف في‬
‫تقريرها(المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬المسؤولية العقدية للموثق في التشريع المغربي‬


‫إن طبيعة االلتزامات التي تربط بين الموثق وزبونه تبين أنهما مرتبطين بعقد‪ ،‬فالموثق‬
‫يكون التزامه في الغالب التزام بتحقيق نتيجة والمتمثلة في صحة المحرر الرسمي من الناحية‬
‫الشكلية‪ ،‬وفي هذا الصدد قضى المجلس األعلى – محكمة النقض حاليا – في قرار له‪ 1‬بما‬
‫يلي‪ " :‬لما كان الباعث على اإلشهاد بواسطة الموثق هو ضمان تحقيق نتيجة من المعاملة‬
‫المشهود بها‪ ،‬وذلك بحفظ الحقوق القانونية وكل ما يترتب على ذلك من نتائج‪ ،‬وهو باعث‬
‫مشروع لحماية حقوقه‪ ،‬يوجب اتخاذ الموثق جميع اإلجراءات الضامنة لنقل الملكية‪ ،‬وأن نية‬
‫المتعاقدين في اللجوء إلى الموثق تنصرف إلى تحرير عقد تام صحيح وقابل للتنفيذ‪ ،‬والتزامه‬

‫‪ -1‬قرار صادر عن المجلس األعلى بتاريخ ‪ 20‬يوليوز ‪ 2006‬تحت عدد ‪ ،21114‬منشور بمجلة محكمة اإلستئناف بالدار البيضاء‪ ،‬العدد‬
‫الثاني‪ ،‬السنة ‪.2012‬‬

‫‪45‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫إزاءهم بهذا العمل هو التزام بتحقيق غاية يستوجب اتخاذ الحيطة في تنفيذه‪ ،‬حيث تبلغ مقدار‬
‫العناية المطلوبة في ذلك الدرجة القصوى‪ ،‬إذ يطلب منه دائما تحقيق هذه الغاية من عمله"‪.1‬‬
‫إال أنه ملزم ببذل العناية بخصوص إرشاد زبنائه ونصحهم فيما يخص البيانات‬
‫الموضوعية‪ ،‬بل أنه ملزم بإبراز مزايا المحررات الرسمية للزبناء قبل أن يقدم على تحرير‬
‫المحررات لهم‪ ،‬كما يبقى ملزما بالقيام باإلجراءات الشكلية الواجبة إلتمام العقد سواء تعلق األمر‬
‫بالتسجيل لدى إدارة التسجيل والتمبر أو تطهير العقار من الضرائب‪ 2‬أو تقييد‪ 3‬العقد لدى‬
‫مصالح المحافظة العقارية‪ ،‬والتي سنتطرق إليها في المبحث الثاني بالتفصيل وفي هذا الصدد‪،‬‬
‫قضى المجلس األعلى – محكمة النقض حاليا – في قرار عدد ‪ 823‬صادر بتاريخ ‪ 23‬فبراير‬
‫‪ 2010‬حيث جاء فيه " تكون المحكمة قد بنت قرارها على أساس ما ثبت لها أن الموثق الذي‬
‫أنجز عقد بيع العقار لم يقم بتسجيله بالمحافظة العقارية لكونه كان مثقال بحجز تحفظي لدى‬
‫الغير وقضت في مواجهته شخصيا وكذلك البائع بالتعويض عن الضرر الالحق بالمشتري‪،‬‬
‫المتمثل في حرمانه من الحيازة القانونية للعقار مدة سنة‪ ،‬أدى خاللها أقساط قرض وفوائد بنكية‬

‫‪ -‬قرار ذكرته لطيفة أمهضون‪ ،‬العمل القضائي المرتبط بمسؤولية الموثقين والعدول ومحرري العقود‪ ،‬مجلة محكمة االستئناف بالدار‬ ‫‪1‬‬

‫البيضاء‪ ،‬العدد الثاني‪ ،‬السنة ‪ ،2012‬ص ‪.52‬‬


‫‪ -‬جاء في قرار المجلس األعلى عدد ‪ 239‬الصادر بتاريخ ‪ 2009/01/21‬في الملف عدد ‪ " 2007/1/2251‬أن المحكمة اعتمدت‬ ‫‪2‬‬

‫للحكم على الطاعن بأداء المبلغ موضوع الدعوى على علة أن الموثق أخل بالتزام قانوني نصت عليه المادة ‪ 95‬من مدونة تحصيل الديون‬
‫العمومية التي بمقتضاها يتعين على العدول والموثقين‪ ،‬أوكل شخص آخر مارس مهامه توثيقية أن يطالب في حالة انتقال ملكية عقار أو‬
‫تفويته‪ ،‬وكذا السنوات السابقة تحت طائلة إلزامهم بأدائها على وجه التضامن‪ ،‬وأنه كان عليه أن يجبر البائع على مده بشهادة تثبت أداء‬
‫حصص الضرائب والرسوم المثقل بها العقار‪ ،‬ولعدم مراعاته مقتضيات الفصل المذكور يكون مسؤوال عن الضرر الحاصل للمدعية‬
‫مسؤولية تضامينة‪ ،‬في حين أن الفصل ‪ 95‬من مدونة التحصيل‪ ،‬وما يلزم به الموثق من المطالبة باإلدالء بشهادة مصالح التحصيل تثبت‬
‫أداء حصص الضرائب المثقل بها العقار‪ ،‬تحت طائلة إلزامه بأدائها على وجه التضامن مع الملزم‪ ،‬هو مقرر لفائدة الدولة وليس لفائدة‬
‫المطلوب‪ ،‬وال يمكن اعتماد الفصل المذكور للحكم على الموثق بأدائه للمطلوبة باعتبارها مشترية للعقار المبيع مبلغ الضريبة الملقى على‬
‫عاتق البائعة بمقتضى عقد البيع‪ ،‬خاصة وأن الموثق أدى للقابض جميع ما تبقى لديه من ثمن البيع بعد رفعه للرهن‪ ،‬والقرار أساء تطبيق‬
‫الفصل ‪ 95‬المذكور مما يعرضه للنقض"‪ .‬منشور بمجلة األمالك العدد التاسع سنة ‪ ، 2011‬ص ‪.213‬‬
‫‪ -‬ينبغي هنا التمييز بين مفهوم التسجيل لدى مصلحة التسجيل التابعة لو ازرة المالية والمكلفة باستيفاء الرسوم عن كل المعامالت‬ ‫‪3‬‬

‫العقارية والتي يتم إبرامها بين األفراد‪ ،‬وبين مفهوم التقييد لدى المحافظة العقارية والذي يترتب عليه تسجيل الدقة بصفة قانونية لدى إدارة‬
‫التسجيل ‪ l’enregistrement‬والتقييد لدى المحافظة العقارية ‪.l’inscription‬‬

‫‪46‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫وتعرض ل خسائر مادية‪ ،‬معتبرة بما لها من سلطة تقديرية أن الحيازة الفعلية للعقار من طرف‬
‫المشتري بتسليم مفاتيحه من البائع فور إبرام العقد التوثيقي غير كافية وحدها للقول بعدم وجود‬
‫الضرر‪ ،‬إذ أن تعذر الحيازة القانونية للعقار بسبب الحجز يحرم المشتري من التصرف فيه‬
‫بالبيع"‪.1‬‬
‫ويرى بعض الفقه‪ 2‬والقضاء المغربي‪ 3‬والفرنسي‪ 4‬على اعتبار أن مسؤولية الموثق‬
‫المدنية عن أخطائه المهنية مسؤولية عقدية أساسها اإلخالل بالتزام عقدي‪ ،‬بالرغم من أن‬
‫التزامات الموثق تجد أساسها في القانون رقم ‪ 32.09‬المنظم لمهنة التوثيق وال دخل لألطراف‬
‫في تقريرها‪.‬‬
‫بحيث تتم مساءلته وفق مقتضيات الفصل ‪ 230‬من قانون االلتزامات والعقود‪ ،5‬سواء‬
‫عن أخطائه المهنية من جهة أو عن أخطاء غيره من مستخدميه والمتمرنين لديه من جهة ثانية‬
‫إال أنهم اختلفوا حول أساس المسؤولية‪ ،‬حيث توزعت اآلراء إلى نظريتين‪ :‬نظرية العقد المسمى‬
‫(الفقرة األولى) ونظرية العقد الغير المسمى‪( 6‬الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫‪ -‬قرار عدد ‪ 832‬صادر بتاريخ ‪ 23‬فبراير ‪ 2010‬في الملف المدني عدد ‪ ،2008/5/1/3987‬مجلة قضاء المجلس األعلى عدد ‪،73‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،2011‬ص‪.100‬‬
‫‪ -‬عبد المجيد بوكير‪ ،‬التوثيق العصري المغربي‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.202-201‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬حكم صادر عن المحكمة االبتدائية بالرباط رقم ‪ 360‬ملف عدد ‪ 99/44/1‬بتاريخ ‪ 4‬ماي ‪ 2000‬منشور بكتاب لبنى الوزاني‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫المسؤولية التأديبية للموثق على ضوء العمل القضائي‪ ،‬دار السالم للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2011‬ص ‪7‬و‪.8‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- La jurisprudence choisit donc en apparence, une solution concrète au problème posé par le fondement‬‬
‫‪de la responsabilité notariale. Celle-ci a une double nature, tantôt délictuelle ou quasi délictuelle, tantôt‬‬
‫‪contractuelle ou quai contractuelle : tout dépend des circonstances et du rôle assumé par l’officier public‬‬
‫‪(V.Mazeaud et Tunc, Traité théorique et pratique de la responsabilité civile, E.1,6, emme éd,‬‬
‫‪Montchrestien, no 514, p.600.‬‬
‫‪ - 5‬راجع الفصل ‪ 230‬ق ل ع‬
‫‪ -‬العقود المسماة هي العقود التي خصها القانون بالنص على أحكامها لكثرة تداولها بين الناس وأمثالها عقد البيع واإليجار والوكالة‬ ‫‪6‬‬

‫والمقاولة‪ ،‬وأعطاها المشرع أهمية بالنص على أحكامها لضرورات اجتماعية واقتصادية‪.‬‬
‫أما العقود غير المسماة فهي غير المعروفة باسم خاص ولم يخصها المشرع بأحكام خاصة وأنها تنطبق عليها القواعد العامة للعقود‪ ،‬والى‬
‫هذا التمييز بين العقود وما تسري عليها من أحكام أشارت المادة ‪ 1107‬من القانون المدني الفرنسي بقولها‪:‬‬
‫‪"Les contrats, soit qu'ils aient une dénomination propre, soit qu'ils n'en aient pas, sont soumis à des règles‬‬
‫‪générales, qui sont l'objet du présent titre. Les règles particulières à certains contrats sont établies sous les titres‬‬
‫‪relatifs à chacun d'eux ; et les règles particulières aux transactions commerciales sont établies par les lois‬‬
‫"‪relatives au commerce.‬‬

‫‪47‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫الفقرة األولى‪ :‬نظرية العقد المسمى‬


‫تقوم هذه النظرية على العالقة القائمة بين المدعي المتمثل في الزبون‪ ،‬والطرف‬
‫المدعى عليه والمتمثل في الموثق‪ ،‬وهذه النظرية بدورها تستند على نظريات تترواح ما بين‬
‫نظرية الوكالة‪ ،‬ونظرية عقد وديعة‪ ،‬ونظرية إجارة الصنعة‪.‬‬
‫أوال‪ :‬نظرية الوكالة‬
‫نظم المشرع المغربي أحكام عقد الوكالة بمقتضى الفصول من ‪ 879‬إلى ‪ 942‬من‬
‫قانون االلتزامات والعقود‪ ،‬وهكذا عرف الوكالة بمقتضى الفصل ‪ 879‬بما يلي‪ " :‬الوكالة عقد‬
‫بمقتضاه يكلف شخص شخصا آخر بإجراء عمل مشروع لحسابه"‪.‬‬
‫انطالقا من التعريف الذي أورده المشرع لعقد الوكالة‪ ،‬فإن لهذه األخيرة طرفان وكيل‬
‫وموكل‪ ،‬فالزبون الذي يطلب من الموثق تحرير عقد بيع مثال واضفاء الصبغة الرسمية عليه‬
‫والقيام بكل اإلجراءات الالزمة لذلك يعتبر موكال‪ ،‬والموثق الذي يقوم بذلك يعتبر وكيال‪ ،‬إال أن‬
‫الطرف الموكل في العالقة بين الموثق والزبون ليس من الضروري أن يكون شخصا واحدا‬
‫فقد يكون العقار موضوع عقد البيع مثال مملوكا على الشياع من طرف مجموعة من‬
‫األشخاص‪ ،‬فالطرف البائع هنا يتكون من عدة أشخاص‪ ،‬وهنا نكون أمام عدة موكلين ال‬
‫موكل واحد‪ ،‬ونفس القول يصدق في حالة تعدد الطرف المشتري‪ ،‬أما الطرف الوكيل فهو دائما‬
‫شخص واحد وهو الموثق‪.‬‬
‫كما أن الوصول إلى توثيق عقد سليم من الناحية القانونية تجعل الموثق يقوم‬
‫بمجموعة من اإلجراءات القانونية الالزمة لذلك‪ ،‬وهذه اإلجراءات قد تهم أحد األطراف (البائع أو‬

‫للمزيد من اإليضاح انظر‪:‬‬


‫محمد بونبات‪ :‬الوجيز في العقود المسماة‪ ،‬دراسة مقارنة للعقود باعتبار جدواها‪ ( ،‬ع‪.‬ط‪.‬غ‪.‬م)‪،2001 ،‬المطبعة والوراقة الوطنية‬ ‫‪-‬‬
‫مراكش ‪ ،‬ص ‪.5‬‬
‫المختار بن أحمد العطار‪ ،‬قانون االلتزامات والعقود‪ ،‬مصادر االلتزام‪ ،‬الطبعة الثانية ‪( ،1994‬م‪.‬غ‪.‬م)‪،‬ص‪ 41‬وما بعدها‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪48‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫المشتري مثال) وقد تهم الطرفان معا‪ ،‬ففي هذه الحالة األخيرة يكون الموثق وكيال عن كال‬
‫الطرفين‪.‬‬
‫والقول باعتبار العالقة بين الموثق وزبونه تجد أساسها في عقد الوكالة الذي يجمع‬
‫بينهما يقتضي إبداء المالحظات التالية‪:‬‬
‫إن الوكالة كغيرها من العقود تقتضي وجود طرفين وكيل وموكل‪ ،‬وهنا يتعلق األمر‬
‫بالموثق والزبون‪ ،‬وهذه العالقة التعاقدية التي مصدرها عقد الوكالة تفرض على الموثق االلتزام‬
‫بتنفيذ الوكالة في الحدود المرسومة لها‪ ،‬أي أن يقوم بالعمل واألعمال القانونية التي وكل فيها‪،‬‬
‫وما يتبع ذلك من أعمال مادية ملحقة دون نقص أو زيادة‪ ،1‬والمهمة المنوطة بالموثق هنا تتمثل‬
‫في القيام بكل اإلجراءات الالزمة لتوثيق العقد واضفاء الصبغة الرسمية عليه‪ ،‬كما تفرض عليه‬
‫تقديم حساب للزبون عن مختلف المصاريف التي أنفقها من أجل ذلك‪ ،‬وذلك باإلدالء بكل‬
‫الوصوالت المثبتة لها‪ ،‬كما يلتزم الزبون باعتباره الموكل بدفع األجر إلى الموثق الوكيل‪ ،‬وكذا‬
‫مختلف المصاريف التي اضطر لصرفها إلتمام عملية التعاقد‪ ،‬والسيما الرسوم المستحقة‬
‫لإلدارات العمومية ومصارف التنقل‪.‬‬
‫يعتبر عقد الوكالة من العقود الرضائية التي ال تتطلب شكال معينا إال إذا وردت على‬
‫تصرف يتطلب المشرع إبرامه في شكل معين‪ ،‬بحيث يجب أن تتخذ شكل التصرف المتعلق‬
‫به‪ ،2‬وبالنسبة للعالقة بين الموثق وزب ونه‪ ،‬فإنها ال تخضع لشكل معين‪ ،‬وال تتطلب وجود عقد‬
‫مكتوب بينهما يبين حقوقهما والتزاماتهما‪.‬‬

‫‪ -‬عبد السالم أحمد فيغو‪ ،‬العقود المدنية الخاصة في القانون المغربي‪ ،‬الوديعة‪ ،‬العارية‪ ،‬القرض‪ ،‬الوكالة‪ ،‬عقود الغرر‪ ،‬الصلح‪ ،‬الكفالة‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫الرهن الحيازي‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2008‬مطبعة دار األمان بالرباط‪ ،‬نشر وتوزيع دار اآلفاق المغربية للنشر و التوزيع الدار البيضاء‪ ،‬ص‬
‫‪.200‬‬
‫‪ -‬ينص الفصل ‪ 887‬من ق‪.‬ل‪.‬ع على أنه‪ " :‬يجوز إعطاء الوكالة في شكل يخالف الشكل المتطلب إلجراء التصرف الذي يكون محال‬ ‫‪2‬‬

‫لها"‪.‬‬
‫فإذا اشترط المشرع أن يكون العقد في محرر رسمي فإن الوكالة يجوز أن تكون في محرر عرفي‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫أما محل عقد الوكالة فإنه يكون دائما تصرفا قانونيا ولو ترتب عن هذا التصرف القيام‬
‫بأعمال مادية تعتبر ملحقة به وتابعة له‪ ،‬وهذا ما يميز عقد الوكالة عن غيرها من العقود كعقد‬
‫‪1‬‬
‫الشغل مثال‪ ،‬فاألعمال التي يؤديها الوكيل لحساب الموكل تعد أعماال قانونية وليست مادية‪.‬‬
‫تتميز الوكالة أيضا بتغليب االعتبار الشخصي‪ ،‬فالموكل أدخل في اعتباره شخصية‬
‫الوكيل وهذا األخير أدخل في اعتباره شخصية الموكل‪ ،2‬إال أنه إذا كانت شخصية الموثق محل‬
‫اعتبار بال نسبة للزبون فإن شخصية هذا األخير ليست كذلك بالنسبة للموثق ‪ ،‬مادام هذا األخير‬
‫ملزم بتقديم خدماته لعامة الناس دون تفرقة بينهم‪.‬‬
‫يضاف إلى ذلك أن وكالة الموثق وكالة من نوع خاص‪ ،‬حيث تخول للموثق تمثيل‬
‫الزبون أمام اإلدارات العمومية والخاصة والقيام باإلجراءات الالزمة لذلك‪ ،‬وهذا الرأي الذي تبناه‬
‫بعض الفقه والقضاء حيث يعتبر أن العقد الذي يربط الموثق بزبونه هو عقد وكالة‪ ،‬إال أنه‬
‫وبخصوص هذه الفرضية تبدوا في نظرنا غير صائبة وذلك لعدم انسجام أحكام عقد الوكالة مع‬
‫الدور الذي يضطلع به الموثق في المجتمع وذلك ألسباب نذكر من بينها‪:‬‬
‫‪ ‬فبينما ال يشترط في الوكيل إال أن يكون ممي از ومتمتعا بقواه العقلية‪ ،3‬يفرض القانون‬
‫على الموثق أن يكون بالغا من العمر ‪ 23‬سنة حين ترشحه للمباراة (المادة ‪ 3‬من قانون‬
‫‪.)32.09‬‬
‫‪ ‬كما أن التزام الوكيل هو التزام ببذل عناية‪ ،‬سواء كانت عناية الشخص المعتاد إذا‬
‫كانت الوكالة بأجر‪ 4‬أو العناية التي يبذلها الوكيل في تنفيذ أعماله الخاصة إذا كانت بدون‬

‫‪ -‬عبد السالم أحمد فيغو‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.133‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬عبد الرزاق أحمد السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني الجديد‪ ،‬الجزء السابع‪ ،‬المجلد األول‪ ،‬العقود الواردة على العمل‪ ،‬الطبعة‬ ‫‪2‬‬

‫األصلية الجديدة ‪ ،1998‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت لبنان‪ ،‬ص‪.374‬‬


‫‪ -‬ينص الفصل ‪ 880‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‪ " :‬يلزم لصحة الوكالة‪ ،‬أن يكون الموكل أهال ألن يجري بنفسه التصرف الذي يكون محال لها وال تلزم‬ ‫‪3‬‬

‫نفس األهلية في الوكيل‪ ،‬حيث يكفي فيه أن يكون متمتعا بالتمييز وبقواه العقلية‪ ،‬ولو يجري باسم الغير ما ال يستطيع أن يجريه باألصالة‬
‫عن نفسه"‪.‬‬
‫‪ -‬ينص الفصل ‪ 303‬من ق‪.‬ل‪.‬ع على أنه " ‪ ...‬االلتزامات المذكورة في الفصل السابق يجب أن نراعي على شكل أكثر صرامة‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫أوال‪ :‬عندما تكون الوكالة بأجر ثانيا‪ :‬عندما تباشر الوكالة في مصلحة قاصر أو ناقص أهلية أو شخص معنوي"‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫أجر‪ .1‬أما التزام الموثق فهو التزام بتحقيق نتيجة معينة وهي تحرير العقود واضفاء الرسمية‬
‫عليها وفق الشروط واإلجراءات المسطرة في القانون رقم ‪.32.09‬‬
‫‪ ‬أما من حيث االنقضاء‪ ،‬فإن الوكالة تنقضي بموت الموكل أو الوكيل‪ ،2‬في حين ال‬
‫يتصور أن ينقضي التزام الموثق بموت الزبون‪ ،‬فالموثق يبقى ملتزما بتتبع اإلجراءات الخاصة‬
‫بتحرير العقد واضفاء الرسمية عليه إلى حين تمامه‪.‬‬
‫كما أن المادة ‪ 347‬من قانون ‪ 32.09‬خولت للموثق تمثيل زبونه أمام إدارة التسجيل‬
‫والمحافظة العقارية وقيامه بإجراءاتها دون لزوم توكيل كتابي‪ ،‬إذ تعتبر نيابة قانونية ووجوبية‪.‬‬
‫إال أنه تجدر اإلشارة أنه في الجانب العملي درج الموثقون على تضمين عقودهم بندا‬
‫يتضمن تفويضا لهم والذي غالبا ما يكون على الشكل التالي‪ :‬يفوض الطرفان لألستاذ‬
‫الموثق‪...‬الموقع أسفله السلطات الكاملة لتنفيذ العقد وأداء كافة الرسوم والمستحقات والضرائب‬
‫‪4‬‬
‫وطلب جميع الوثائق والرخص اإلدارية‪.‬‬

‫‪ -‬ينص الفصل ‪ 903‬من ق‪.‬ل‪.‬ع على أنه‪ " :‬على الوكيل أن يبذل في أدائه المهمة التي كلف بها‪ ،‬عناية الرجل المتبصر حي‬ ‫‪1‬‬

‫الضمير‪ ،‬وهو مسؤول عن الضرر الذي يلحق الموكل نتيجة انتفاء هذه العناية‪.‬‬
‫‪ -‬ينص الفصل ‪ 929‬من ق‪.‬ل‪.‬ع على أنه " تنتهي الوكالة‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫أوال‪ :‬بتنفيذ العملية التي أعطيت من أجلها‪،‬‬


‫ثانيا‪ :‬بوقوع الشرط الفاسخ الذي علقت عليه‪ ،‬أو بفوات األجل الذي منحت لغايته‬
‫ثالثا‪ :‬بعزل الوكيل‬
‫رابعا‪ :‬بتنازل الوكيل عن الوكالة‬
‫خامسا‪ :‬بموت الموكل أو الموكل‬
‫سادسا‪ :‬بحدوث تغيير في حالة الموكل أو الوكيل من شأنه أن يفقد أهلية مباشرة حقوقه‪ ،‬كما هي الحالة من الحجر واإلفالس‬
‫وذلك ما لم ترد الوكالة على أمور ويمكن للوكيل تنفيذها برغم حدوث هذا التغيير في الحالة‪.‬‬
‫سابعا‪ :‬باستحالة تنفيذ الوكالة لسبب خارج عن إرادة المتعاقدين"‪.‬‬
‫‪ -‬تنص المادة ‪ 47‬من القانون رقم ‪09‬ا‪ 32‬على أنه ‪ " :‬يجب على الموثق أن يقدم نسخا من المحررات والعقود بعد اإلشهاد بمطابقتها‬ ‫‪3‬‬

‫لألصل من طرفه‪ ،‬لمكتب التسجيل المختص الستيفاء إجراء التسجيل وأداء الواجب في األجل المحدد قانونا وانجاز اإلجراءات الضرورية‬
‫للتقييد في السجالت العقارية وغيرها لضمان فعاليتها‪ ،‬ويقوم بإجراءات التنبر والتبليغ عند االقتضاء"‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- Les parties donnent par les présentes, tous pouvoirs nécessaires au porteur d’une copie, d’une‬‬
‫‪expédition ou d’un extrait du présent acte à l’effet d’accomplir toute les formalités un intérêt actes‬‬
‫‪présentes, signer tous avenants et réquisitions, demander toutes autorisation administrations ou actes‬‬
‫‪destinés à assurer l’exécution des présentes.‬‬

‫‪51‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫وبالرغم من كل االنتقادات الموجهة إلى هذا التكييف إال أن بعض تطبيقات القضاء‬
‫الفرنسي اعتبرت العقد الذي ينظم العالقة بين الموثق وزبونه عقد وكالة‪.1‬‬

‫ثانيا‪ :‬نظرية عقد وديعة‬


‫نظم المشرع المغربي عقد الوديعة بمقتضى الفصول من ‪ 781‬إلى ‪ 828‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‬
‫وقد عرفه الفصل ‪ 781‬منه بأنه"عقد بمقتضاه يسلم شخص شيئا منقوال إلى شخص آخر يلتزم‬
‫بحفظه بعينه"‪،‬ويتضح من تعريف المشرع أنه اعتبره عقدا عينيا ال رضائيا‪ ،‬كما حصر األشياء‬
‫التي تقع عليها الوديعة في المنقول مستبعدا العقار من هذا النطاق‪ ،‬كما اعتبره عقدا ملزما‬
‫للجانبين‪ ،‬واألصل فيه أنه من عقود التبرع‪ ،2‬وهو من العقود دات األهمية في الحياة العملية من‬
‫فهناك في البنوك طرق متعددة إليداع األموال منها حسابات الودائع‬ ‫حيث انتشاره‪،‬‬
‫النقدية‪،‬وايداع األوراق المالية‪ ،‬إال أن حفظ األموال و الوثائق والسندات ال يقتصر القيام بها‬
‫على البنوك وانما –انطالقا من التعريف أعاله‪-‬حتى لألشخاص الداتيين القيام بدلك‪ ،‬فهل يمكن‬
‫اعتبار تسلم الموثق للمبالغ المالية المتعلقة بأثمنة البيع وكدا الوثائق والرسوم دليل على وجود‬
‫عقد وديعة بين الموثق وزبونه‪.‬‬
‫يتجلى عقد الوديعة في عالقة الموثق بزبونه في نقطتين أساسيتين‪:‬‬
‫‪ -‬النقطة األولى تتجلى في تسلم الموثق للمبالغ المالية المتعلقة بثمن البيع من طرف‬
‫المشتري‪،‬وحفظها إلى حين استكمال إجراءات التوثيق وتسليمها للطرف البائع‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Un arrêt de la cour d’appel d’Aix-en-Provence de 26 Mai 1952, 1953 ; somm, 32 n’hésite pas à‬‬
‫‪affirmer que le notaire chargé de régler une succession est « le mandataire commun de tous les gérer leur‬‬
‫‪affaire jusqu’à ce qu’il lui soient rechercher. Or, comment peut-on être le mandataire de personnes encore‬‬
‫‪inconnues ? …Comment peut-on surtout personnes puisque le contrat de mandat est exclusif de la gestion‬‬
‫‪d’affaires).‬‬
‫‪Marty et Raynaud, les obligations, E.1, les sources 2ème éd 1985.‬‬
‫‪2‬‬
‫د السالم أح د يغو‪،‬ماس‪،‬ص‪13‬ا‬

‫‪52‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫‪ -‬النقطة الثانية تتعلق بحفظ أصول الوثائق وكدا مختلف الوثائق و الرسوم التي يدلي بها‬
‫الطرفان للموثق بمناسبة إبرام العقد‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى إن طبيعة العمل الدي يؤديه الموثق يجعل منه وسيطا بين‬
‫األطراف المتعاقدة‪ ،‬حيث يقوم بالتقريب بين وجهات نظرهم‪ ،‬ويقدم النصح و اإلرشاد‪،‬كما يعمل‬
‫على بعث الثقة والطمأنينة بينهم‪.‬‬
‫وللوصول إلى هذا المعطى األخير يتحثم على الموثق القيام بدور أكثر إيجابية‬
‫بخصوص المعاملة التي تتم بين يديه‪ ،‬ولعل تسلم الموثق للمبالغ المالية المتعلقة بالمعامالت‬
‫المراد توثيقها خير دليل ذلك‪ ،‬فالبائع ال يمكنه التوقيع على العقد إال بعد تسلم الثمن‪ ،‬كما أن‬
‫المشتري ال يمكنه تسليم الثمن للبائع إال بعد القيام باإلجراءات التي تجعل العقد نافذا‪،‬ولذلك‬
‫يثفق األطراف على إيداع الثمن لدي الموثق إلى حين إتمام العقد‪ ،‬فهل يمكن تكييف العالقة‬
‫بين الموثق وزبونه على أنها عقد وديعة وبالتالي مساءلته عقديا في حالة اإلخالل باإللتزامات‬
‫التي يفرضها هذا العقد‪.‬‬
‫تجدر اإلشارة أوال إلى أن إخالل الموثق بالمحافظة على المبالغ المالية والرسوم‬
‫المودعة لديه يترتب عنها مساءلته جنائيا‪ ،‬على إعتبار أن فعله هذا يشكل جريمة خيانة األمانة‬
‫التي عاقب عليه المشرع بمقتضى الفصل ‪ 547‬من القانون الجنائي‪ .1‬بحيث يمكن للمتضرر‬
‫االنتصاب كطرف مدني أمام القضاء الزجري في إطار الدعوى المدنية التابعة للمطالبة‬
‫بالتعويض طبقا لقواعد المسؤولية التقصيرية ال العقدية‪ ،‬علما أن القول بوجود عقد وديعة بين‬
‫الموثق وزبونه يعتبر ظرف تشديد بالنسبة لجريمة خيانة األمانة‪ ،‬بحيث تضاعف العقوبة المقررة‬
‫في الفصل ‪.547‬‬
‫وبالرجوع إلى تعريف عقد الوديعة بكونه تسليم شخص شيئا منقوال إلى شخص آخر‬
‫يلتزم بحفظه وبرده بعينه‪ ،‬نجده ال ينطبق على العالقة بين الموثق وزبونه‪ ،‬على اعتبار أن تسلم‬

‫‪ - 1‬ا ط التصل ‪ 547‬من قاجا‬

‫‪53‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫الموثق المبالغ المالية وحفظها إلى حين تسليمها للطرف البائع‪ ،‬وكذا الحفاظ على أصول العقود‬
‫ومختلف الوثائق والرسوم يعتبر من طبيعة مهنة التوثيق ومن صميم عمل الموثق‪ ،‬بل إنها‬
‫التزامات مفروضة على الموثق بحكم القانون‪.‬‬
‫وما يقال عن حفظ المبالغ المالية يصدق أيضا على حفظ أصول العقود المحررة‪،‬‬
‫حيث جعل المشرع من ذلك أحد أهم الواجبان القانونية المفروضة على الموثقين‪ ،‬وذلك رغبة‬
‫منه في المحافظة على هذه العقود من الضياع‪ ،‬إذ ال يمكنهم تسليمها لألطراف المتعاقدة‪ ،‬وانما‬
‫يبقى من حق هؤالء الحصول فقط على نسخ تنفيذية منها‪ ،‬وعليه ال يمكن افتراض وجود عقد‬
‫وديعة في عالقة الموثق بزبونه مادام أنه من الخصائص المميزة لهذا العقد أنه غير الزم‬
‫للمودع‪،1‬إذ يمكن للزبون لهذا األخير استرجاع موضوع الوديعة متى شاء‪ ،2‬لكن ال يمكن للزبون‬
‫استرجاع الغقود التي بين يدي الموثق‪ ،‬وانما من حقه فقط الحصول على نسخ منها تحمل‬
‫تأشيرة الموثق‪،‬كما ال يمكن استرجاع المبالغ المالية‪ ،‬ألنه بإيداعها بين يدي الموثق تنتقل‬
‫للطرف البائع‪ ،‬واذ ا مل أراد استرجاعها فإنه يجب عليه أن يطلب أوال فسخ العقد أو إيقاف‬
‫إجراءاته إن ال يزال في مراحله األولية‪.‬‬
‫إضافة إلى أن المودع تكون له النية المستقبلية في استرجاع الشيء المودع بين يدي‬
‫المودع لديه‪ ،‬لكن المشتري الذ ي أودع ثمن البيع بين يدي الموثق‪ ،‬فإن نيته ال تتجه نحو‬
‫استرجاعها‪ ،‬وانما تكون نيته من ذلك هو انتقال ملكية الشيء المبيع إليه‪.‬‬
‫وانطالقا من كل ما سبق يتبين أنه يصعب تطبيق المقتضيات الخاصة بعقد الوديعة‬
‫على العالقة بين الموثق وزبونه فيما يخص إيداع المبالغ والرسوم والوثائق لدى الموثق مادام‬
‫األمر يتعلق بالتزامات قانونية يجب عليه القيام بها‪،‬ال بنود عقدية مستمدة من المقتضيات‬
‫المتعلقة بعقد الوديعة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫شرح القانول ال دن الجديد الجزء السابط‪،‬ماس‪،‬ص‪678‬ا‬ ‫د الر اق أح د الس و ‪،‬الوتسيط‬
‫‪2‬‬
‫ا ط التصل ‪ 794‬من قالاعا‬

‫‪54‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫ثالثا‪ :‬نظرية عقد إجارة الصنعة‬

‫عرف المشرع المغربي عقد إجارة الصنعة بمقتضى الفقرة الثانية من الفصل ‪ 723‬من‬
‫قانون االلتزامات والعقود بأنه " عقد بمقتضاه يلتزم أحد الطرفين بصنع شيء معين في مقابل‬
‫أجر يلتزم الطرف اآلخر بدفعه له"‪.‬‬
‫كما يعتبر بمثابة عقد إجارة الصنعة العقد الذي يلتزم بمقتضاه األشخاص الذين‬
‫يباشرون المهن والفنون الحرة بتقديم خدماتهم لزبنائهم‪ ،‬وكذلك الشأن بالنسبة إلى األساتذة‬
‫وأرباب العلوم والفنون والحرف‪ ،‬و ذلك وفقا للفصل ‪ 724‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‪.1‬‬
‫ومن تم فإن عقد إجارة الصنعة أو تقديم الخدمة يقتضي إذن أن يقوم أجير الصنع أو‬
‫مقدم الخدمات بتقديم هذه األخيرة بما لديه من أدوات وآليات شخصية لفائدة مؤجر الصنع أو‬
‫الخدمة الذي يلتزم بأداء أجر عن ذلك‪.‬‬
‫و هكذا فمن الناحية الواقعية ال شك أن عالقة الموثق بزبونه تخضع لنفس‬
‫المقتضيات‪ ،‬فالموثق يسخر طاقاته وكفاءاته المهنية والعملية من أجل القيام بالمهمة الموكولة‬
‫إليه من طرف زبونه والمتمثلة في تحرير عقد رسمي وتوثيقه وفق الضوابط القانونية الجاري بها‬
‫العمل‪.‬‬
‫فالفصل ‪ 724‬من قانون االلتزامات والعقود أعطى إشارة واضحة على أن العقد الذي‬
‫يلتزم بمقتضاه األشخاص الذين يباشرون المهن والفنون الحرة بتقديم خدماتهم لزبنائهم‪ ،‬وكذلك‬
‫الشأن بالنسبة لألساتذة وأرباب العلوم والفنون والحرف يعتبر عقد إجارة الصنعة‪.‬‬
‫ويرى أصحاب هذا الرأي أن أحكام ذلك العقد تكاد تنطبق على العقد الذي يربط بين‬
‫الموثق وزبونه فهو وعد بإسداء خدمة مقابل أجر‪.‬‬

‫‪_ 1‬ينص الفصل ‪ 724‬من ق‪.‬ل‪.‬ع على أنه‪":‬يعتبر القانون بمثابة إجارة الصنعة ‪،‬العقد الذي يلتزم بمقتضاه األشخاص الذي يباشرون‬
‫المهن و الفنون الحرة بتقديم خدماتهم لزبنائهم‪،‬وكذلك الشأن بالنسبة إلى األساتذة وأرباب العلوم والفنون والحرفا"‬

‫‪55‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن هناك العديد من المقتضيات القانونية المنظمة لعقد إجارة‬
‫الصنعة بمقتضى قانون االلتزامات والعقود التي تجد تطبيقها في العالقة بين الموثق وزبونه‪،‬‬
‫ومن ذلك االتفاق على تحديد األتعاب المستحقة للموثق بمناسبة تقديمه للخدمات‪ ،1‬وكذا قيامه‬
‫بهذه األخيرة بصفة شخصية‪ 2‬وال يمكنه أن يعهد بها إلى موثق آخر مادام أن شخصيته تكون‬
‫محل اعتبار بالنسبة للزبون‪ ،‬مع العلم أن الموثق عندما يعهد بالقيام باإلجراءات الشكلية الالزمة‬
‫إلتمام العقد لمساعديه ومعاونيه بالمكتب من موثقين متدربين وأجراء‪ ،‬فإن ذلك ال يعد تنازال منه‬
‫عن القيام بمهامه بصفة شخصية مادام يسأل عنهم بصفة شخصية ‪ ،‬فكل هذه المقتضيات‬
‫تتماشى مبدئيا مع أحكام عقد إجارة الصنعة‪.‬‬
‫كما سبق القول فإن عقد إجارة الصنعة يعتبر أقرب العقود محل الدراسة تمظه ار وتجليا‬
‫في عالقة الموثق بزبونه‪ ،‬لكننا نعود لنؤكد على أن العالقة بين الموثق وزبونه هي عالقة‬
‫نظامية تحكمها نصوص قانونية ال بنود تعاقدية‪ ،‬ومن تم فإنه ال يمكن إخضاع العالقة بين‬
‫الموثق وزبونه للمقتضيات القانونية المتعلقة بعقد إجارة الصنعة وذلك لألسباب التالية‪:‬‬
‫بالرجوع إلى الفصل ‪ 724‬من قانون االلتزامات والعقود‪ ،‬نجده يقرر قاعدة جوهرية‬
‫مفادها أن عقد إجارة الخدمة ينشأ بالتزام أحد األطراف بأداء هذه الخدمة في مقابل أجر يلتزم‬
‫الطرف اآلخر بدفعه له‪ ،‬بمعنى أن التزام مقدم الخدمة إنما ينشأ بناء على تكليف من طالب‬
‫الخدمة‪ ،‬لكن التزام الموثق بتوثيق العقد واضفاء الصبغة الرسمية عليه ال ينشأ بناء على تكليف‬
‫من الزبون وانما بناء على تكليف من المشرع‪ ،‬فهي التزامات قانونية مفروضة على الموثق‬
‫ويتعين عليه التقيد بها‪ ،‬ومن تم فإن الزبون يطلب فقط من الموثق توثيق العقد وال يكلفه بذلك‪،‬‬
‫فالقانون هو الذي يفرض عليه ذلك‪.‬‬

‫‪ -‬ينص الفصل ‪ 730‬من ق‪.‬ل‪.‬ع على أنه ‪ " :‬يلزم أن يكون األجر محددا أو قابال للتحديد‪ ،‬ويسوغ أن يكون األجر حصة محددة من‬ ‫‪1‬‬

‫المكاسب أو الحاصالت كما يسوغ له أن يكون بمقدار نسبي على األعمال التي يجريها المؤجر على يد األجير"‪.‬‬
‫‪ -‬ينص الفصل ‪ 736‬من ق‪.‬ل‪.‬ع على أن ‪ " :‬ال يجوز ألجير الخدمة أو الصنعة أن يعهد بتنفيذ مهمته إلى شخص آخر‪ ،‬إذا ظهر من‬ ‫‪2‬‬

‫طبيعة الخدمة أو الصنع أو من اتفاق الطرفين أن لرب العمل مصلحة في أن يؤدي األجير بنفسه التزامه"‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫إن االلتزام بتقديم الخدمات مقابل أجر ال يعني بالضرورة وجود عقد إجارة الصنعة بين‬
‫الطرفان‪ ،‬فالمحامي باعتباره من أصحاب المهن الحرة ملزم أيضا بتقديم خدماته لألفراد مقابل‬
‫أتعاب إال أن العقد الذي يجمعهما ال يعتبر عقد إجارة الصنعة‪ ،‬وانما عقد وكالة‪.‬‬
‫عندما يلتزم أجير الصنع بالقيام بعمل معين فإنما يقوم بذلك بناء على توجيهات مؤجر‬
‫الصنع الذي يحدد المعايير والمواصفات التي يرغب بتوفرها في الشيء محل الخدمة التي‬
‫طلبها‪ ،‬لكن الموثق ال يلتزم بناء على توجيهات زبونه‪ ،‬وانما بناء على ما يفرضه القانون من‬
‫مقتضيات يجب عليه التقيد بها عند توثيق العقد‪.‬‬
‫كما أن عقد إجارة الصنعة يقتضي أن يكون محدد األجل تحت طائلة البطالن‪ ،‬لكن‬
‫التزامات الموثق غير مقيدة بأجل‪ ،‬فااللتزام بكتمان السر المهني والمحافظة على أصول العقود‬
‫المحفوظة لديه يبقى ساري المفعول في كل وقت وحين‪ ،‬بل إنه ينتقل إلى خلفه الذي يحل محله‬
‫في إدارة شؤون مكتبه‪.‬‬
‫وحسب الفصل ‪ 745‬من قانون االلتزامات والعقود فإن عقد إجارة الصنعة ينقضي‬
‫بموت مؤجر الخدمة ‪ ،‬لكن بالنسبة لعملية التوثيق فإن الزبون الذي يكون قد أمضى العقد ثم‬
‫توفي فإن إجراءات التعاقد ال تتوقف وانما تستمر باسم الورثة‪.‬‬
‫كما أن أجير الصنع عندما يقوم بتنفيذ ما كلف به فإنه يقوم بذلك من أجل الحصول‬
‫على أجر يوازي ويعادل الجهد الذي يبذله‪ ،‬على اعتبار أن وجود وصحة أي عقد تستوجب‬
‫تكافؤ التزامات الطرفين المتبادلة‪ ،‬ومن المتعذر القول بتوافر ذلك في عالقة الموثق بزبونه‪ ،‬فإذا‬
‫كان هذا األخير يدفع مقابال عن الخدمات المقدمة له من طرف الموثق إال أن االلتزامات التي‬
‫تقع على عاتق هذا األخير ال يجوز أن تكون محال للتعاقد‪ ،‬فبعضها ال يمكن تقويمه بمال‪ ،‬فهو‬
‫يكرس عمله القانوني ووقته وقدراته لمصلحة زبنائه‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬نظرية العقد الغير المسمى‬


‫إذا كانت النظريات التي سبق وأن أشرنا إليها‪ ،‬تكيف عالقة الموثق بزبونه تنشأ عن‬
‫عقود مسماة‪ ،‬فإن هناك جانب آخر يرى بأن رابطة الموثق بزبونه ال تعدو أن تكون عقدا غير‬
‫مسمى‪ .‬حيث إن عقد إتفاق الموثق و زبونه ال يعتبر عقدا بالمعنى المعروف في القانون‪ ،‬إال‬
‫أنه عقد معترف بصحته قانونا وتنشأ عنه التزامات تعاقدية صراحة وضمنا‪ ،‬كما تنشأ عنه‬
‫اآلثار التي يقرها العرف أو العدالة‪.‬‬
‫و تعتبر هذه النظرية أن العالقة الرابطة بين الموثق والزبون عالقة خاصة‪ ،‬فهو ليس‬
‫أجير عنده‪ ،‬بل إن العالقة تخضع لعقد خاص غير مسمى‪ ،‬انطالقا من طبيعة‬
‫ا‬ ‫مقاوال لديه وال‬
‫مهنة التوثيق الخاصة‪ ،‬فالموثق يتمتع باستقاللية مطلقة عن مصالح أطراف العقد الذاتية‪.1‬‬
‫وتقييما لهذه النظريات‪ ،‬فإن جانبا من الفقه يرى أن العالقة بين الموثق وزبونه يجب‬
‫أن تبتعد عن العقد وأن تخضع لقواعد المسؤولية التقصيرية‪ ،‬استنادا إلى أن األعمال التي يقوم‬
‫بها الموثق ال تنشأ عن العقد‪.2‬‬
‫ونحن نتفق مع ما ذهب إليه هذا الفقه مستندين في هذا على كون االلتزامات الملقاة‬
‫على عاتق الموثق سواء في تحرير العقود واضفاء الرسمية عليها‪ ،‬وتقديم النصح لألطراف‬
‫والقيام بجميع اإلجراءات المتعلقة بها حماية للحقوق وحفاظا على مصالح األطراف التي تجد‬
‫أساسها القانوني ضمن مقتضيات القانون رقم ‪ 32.09‬المنظم لمهنة التوثيق‪.‬‬
‫وبعد التطرق للمسؤولية العقدية للموثق‪ ،‬سوف نتناول في المطلب الثاني المسؤولية‬
‫التقصيرية للموثق في التشريع المغربي‪.‬‬

‫‪ -‬انظر المواد ‪ 34-33-32-31-30‬من قانون ‪09‬ا‪.32‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬محمد خيري‪ ،‬مهنة تحرير العقود بين التنظيم واإلطالق‪ ،‬ندوة المهن القانونية الحرة التي نظمتها كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬ ‫‪2‬‬

‫واالجتماعية جامعة الحسن الثاني الدار البيضاء بتاريخ ‪ 24-23‬نونبر ‪ ،1990‬منشور بالمجلة المغربي لقانون واقتصاد التنمية‪ ،‬عدد ‪25‬‬
‫سنة ‪ ،1991‬ص ‪.91‬‬

‫‪58‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫المطلب الثاني‪ :‬المسؤولية التقصيرية للموثق في التشريع المغربي‬


‫الشك أن مسؤولية الموثق تنشأ عند مخالفته للقانون وذلك بقيامه بعمل غير مشروع‬
‫اتجاه الغير‪ ،‬إال أنه في مواجهة الزبناء فتختلف مسؤوليته بين العمل غير المشروع واخالله‬
‫بالتزاماته‪ ،‬وعلى ذلك فإن الموثق يمكن أن يسأل اتجاه زبنائه خارج العمل التعاقدي‪ ،‬ففي هذه‬
‫الحالة تقتضي مصلحة الزبون تكييف مسؤولية الموثق على أساس تقصيري‪.‬‬
‫إال أن مسؤولية الموثق التقصيرية ال تنتج عن فعله الشخصي فقط‪ ،‬وانما تمتد كذلك‬
‫إلى فعل معاونيه وذلك طبقا للفصل ‪ 85‬من قانون االلتزامات والعقود التي تنص على أن‬
‫الشخص ال يكون مسؤوال عن الضرر الذي يحدثه بفعله فحسب (الفقرة األولى) ‪ ،‬لكن يكون‬
‫كذلك مسؤوال عن الضرر الذي يحدثه األشخاص الذين في عهدته (الفقرة الثانية) وهذا ما أكدته‬
‫‪1‬‬
‫المادة ‪ 26‬من قانون ‪.32.09‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬مسؤولية الموثق عن فعله الشخصي‬


‫يرى جانب من الفقه‪ 2‬أن مسؤولية الموثق هي مسؤولية تقصيرية مستدلين في قولهم‬
‫هذا على انتفاء العالقة التعاقدية للموثق بزبونه‪ ،‬وهو نفس االتجاه الذي تبناه القضاء الفرنسي‪.3‬‬

‫‪ -‬تنص المادة ‪ 26‬من القانون رقم ‪09‬ا‪ 32‬على أنه‪ " :‬يتحمل الموثق مسؤولية األضرار المترتبة عن أخطائه المهنية‪ ،‬واألخطاء المهنية‬ ‫‪1‬‬

‫للمتمرنين لديه‪ ،‬وأجرائه وفق قواعد المسؤولية المدنية‪"...‬‬


‫‪ -‬محمد خيري‪ ،‬مهنه تحرير العقود بين التنظيم واإلطالق‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.91‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪3‬‬
‫‪- Un arrêt rendu par la cour de cassation le 10 Juillet 1970 (cass.3e civ, Bull. civ.III, no 484.‬‬
‫‪Professionnellement d’éclairer les parties sur les conséquences de leurs attendu qu’en vertu de leur statut,‬‬
‫‪les notaires tenus actes, ne peuvent décliner le principe de leur responsabilité.‬‬
‫‪En se Bornant à donner le forme authentique aux déclarations reçus ». Pour les tribunaux, le fondement‬‬
‫‪du devoir de conseil réside donc bien dans la mission de servir public de notaire. Saméconnaissance‬‬
‫‪entraîne, là encore , l’application d’une responsabilité délictuelle ou quasi délictuelle, en vertu des articles‬‬
‫=‪1382 et 1383 du code civil tout manquement à ce obligations légales entraîne l’intervention d’une‬‬
‫‪=responsabilité délictuelle ou quasi du code civil.‬‬ ‫أورده رشيد خير‪ ،‬مسؤولية الموثق في التشريع المغربي‪ ،‬رسالة لنيل‬

‫‪59‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫فمسؤولية الموثق تؤسس على إخالل هذا األخير بواجب قانوني‪ 1‬وليس على اإلخالل‬
‫بالتزام تعاقدي‪ ،‬وبناء عليه تتأسس مسؤولية الموثق التقصيرية على الخطأ التقصيري وفقا‬
‫لمقتضيات الفصل ‪ 77‬من قانون االلتزامات والعقود‪.2‬‬
‫ويقصد بالخطأ في المسؤولية التقصيرية إخالل الشخص بالتزام قانوني مع إدراكه لهذا‬
‫اإلخالل‪ .‬وبالرجوع إلى الفقرة الثالثة من الفصل ‪ 78‬من قانون االلتزامات والعقود فإن "الخطأ‬
‫هو ترك ما كان يجب فعله أو فعل ما كان يجب اإلمساك عنه وذلك من غير قصد إلحداث‬
‫الضرر"‪.‬‬
‫إذن يمكن لكل شخص من الغير أن يقاضي الموثق على أساس مبادئ المسؤولية‬
‫التقصيرية (الفصالن ‪77‬و‪ 78‬من ق‪.‬ل‪.‬ع)‪ ،‬ويقصد بالغير الشخص األجنبي تماما عن العملية‬
‫التوثيقية والذي لحقه ضرر من جرائها‪.3‬‬
‫والمالحظ أن التزام الموثق هو التزام بتحقيق نتيجة‪ ،‬بحيث إن الزبون هو الذي يشتكي‬
‫من عدم قيام الموثق بتنفيذ اإللتزامات الملقاة على عاتقه على الوجه المتفق عليه‪ ،‬ومادام أن‬
‫هذا االلتزام يعتبر التزاما بتحقيق نتيجة‪ ،‬فإن المسؤولية المترتبة عن اإلخالل بواجب قانوني‬
‫تكيف دون شك بأنها مسؤولية تقصيرية مادام الزبون مكلفا بإثبات عدم تحقيق النتيجة الواجبة‬
‫من قبل الموثق ‪ ،‬فالتقصير يعني عدم تنفيذ الموثق اللتزاماته المهنية‪.‬‬
‫وعموما يمكن القول بأن المسؤولية تقوم على وجود خطأ ينبغي إثباته من طرف‬
‫المتضرر‪ ،‬وهذا ما يعجز عنه األغلبية نظ ار النتشار األمية‪ ،‬إضافة إلى أن الموثقين قد يعمدون‬

‫ماستر الدراسات العقارية والتعمير وحدة العقار والتعمير‪ ،‬جامعة الحسن األول‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية سطات‪،‬‬
‫‪.2011-2010‬‬
‫‪ -‬تنص المادة ‪ 28‬من القانون رقم ‪09‬ا‪ 32‬على أنه‪ " :‬يسأل المواثق مدنيا إذا قضت المحكمة ببطالن عقد أنجزه بسبب خطئه المهني‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫ونتج عن هذا البطالن ضرر ألحد األطراف"‪.‬‬


‫‪ -‬ينص الفصل ‪ 77‬من ق‪.‬ل‪.‬ع على أنه‪ " :‬كل فعل ارتكبه اإلنسان عن بينة واختيار ومن غير أن يسمح به القانون فأحدث ضر ار‬ ‫‪2‬‬

‫ماديا كان أو معنويا للغير‪ ،‬ألزم مرتكبه بتعويض هذا الضرر إذا ثبت أن ذلك الفعل هو السبب المباشر في حصول الضرر وكل شرط‬
‫مخالف لذلك يكون عديم اآلثر"‪.‬‬
‫‪ -‬نائلة حديدو‪،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.97‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪60‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫إلى تحرير العقود باللغة العربية مما يؤدي إلى تحمل المضرور الضرر وعدم رفع دعوى‬
‫المسؤولية ضد الموثق المقصر ألنه على بينة من مدى صعوبة المواجهة مع موثق متمرس‬
‫وذو د اري ة قانونية واسعة بمجال توثيق العقود‪ ،‬ناهيك على أن الموثق يشير في العقد ذاته على‬
‫كونه مجرد شاهد على العقد وهذا ما كرسه القضاء المغربي‪.1‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬مسؤولية الموثق عن فعل الغير‬


‫إن مسؤولية الموثق التقصيرية ال تنتج عن فعله الشخصي فقط‪ ،‬وانما تمتد كذلك إلى‬
‫فعل معاونيه وذلك طبقا للفصل ‪ 85‬من قانون االلتزامات والعقود‪ 2‬الذي يفيد أن الشخص ال‬
‫يكون مسؤوال عن الضرر الذي يحدثه بفعله فحسب‪ ،‬وانما يكون مسؤوال عن الضرر الذي‬
‫يحدثه األشخاص الذين هم في عهدته‪ ،‬وهذا ما كرسته المادة ‪ 26‬من القانون رقم ‪32.09‬‬
‫المنظم لمهنة التوثيق بوضوح‪.‬‬
‫وقد اتجه فريق من الفقه والقضاء إلى القول بمسؤولية الموثق عن فعل الغير‪ ،‬وتطبيق‬
‫قواعد مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع‪.‬‬
‫ولإللم ام بهذا الموضوع يستوجب تناول أساس مسؤولية الموثق عن فعل الغير (أوال) ‪،‬‬
‫ثم شروط هذه المسؤولية (ثانيا)‪.‬‬

‫‪ -‬قرار المجلس األعلى عدد ‪ 3532‬الصادر بتاريخ ‪ 23‬غشت ملف مدني عدد ‪ 2010/7/1/1175‬الذي جاء فيه‪ " :‬الموثق مجرد‬ ‫‪1‬‬

‫شاهد على توافق إرادتي البائع والمشتري في إحداث األثر القانوني لما تعاقدا عليه وال يمتد التزامه إلى تنفيذ االلتزامات العقدية الملقاة على‬
‫أحد طرفي عقد البيع‪ ،‬مجلة الملف العدد ‪ ،2012 ،19‬ص‪.259‬‬
‫‪ -‬ينص الفصل ‪ 85‬من ق‪.‬ل‪.‬ع على أنه‪ " :‬ال يكون الشخص مسؤوال عن الضرر الذي يحدثه بفعله فحسب‪ ،‬لكن يكون مسؤوال عن‬ ‫‪2‬‬

‫الضرر الذي يحدثه األشخاص الذين هم في عهدته‪"...‬‬

‫‪61‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫أوال‪ :‬أساس مسؤولية الموثق التقصيرية عن فعل الغير‬


‫مسؤولية الموثق التقصيرية عن فعل الغير هي في حد ذاتها مسؤولية المتبوع عن‬
‫أعمال التابع‪ ،‬ولذلك فإن أساسها هو نفس أساس مسؤولية المتبوع‪ ،‬ولقد طرحت عدة نظريات‬
‫في تحديد هذا األساس‪ ،‬وسنتعرض إلى كل واحدة بإيجاز‪ ،‬ومن أبرز هذه النظريات ما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬نظرية الخطأ المفترض‬
‫يعتبر هذا الرأي من أقدم اآلراء‪ ،‬ويتلخص في أن المتبوع يقوم في جانبه خطأ‬
‫مفترض‪ ،‬خطأ في الرقابة وخطأ في التوجه أو خطأ في االختيار أو خطـأ فيهم جميعا‪ ،‬وهذا‬
‫الخطأ مفترض افتراضا ال يقبل إثبات العكس‪ .1‬وقد قال بهذه النظرية مجموعة من الفقهاء في‬
‫‪2‬‬
‫فرنسا‪.‬‬
‫وقد تعرضت هذه النظرية للعديد من االنتقادات‪ ،‬حيث هاجمها البعض بالقول بأنه‬
‫يستحيل على المتبوع عند اختيار تابعه أن يتوقع أخطائه المستقبلية مما يقتضي استبعاد فكرة‬
‫سوء االختيار‪ ،‬وأن رقاب ة المتبوع مهما كانت دقيقة فإنه يعجز عن منعه من اإلضرار بالغير‬
‫منعا تاما لما يتمتع به التابع من حرية في أداء عمله‪.3‬‬

‫‪ -2‬نظرية تحمل التبعة‬


‫نظرية تحمل التبعة‪ ،‬هي نظرية مفادها أن مسؤولية المتبوع تقوم على فكرة الغرم‬
‫بالغنم وليس على أساس الخطأ‪ ،‬وهي نظرية تعتد بالضرورة وعالقة السببية بينه وبين الفعل‬
‫الضار مستبعدة الخطأ من أركان المسؤولية‪.‬‬

‫‪ -‬عبد الرزاق أحمد السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني الجديد‪ ،‬نظرية االلتزام بوجه عام‪ ،‬مصادر االلتزام‪ ،‬الطبعة األصلية‬ ‫‪1‬‬

‫الجديدة‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،1998،‬بيروت ‪ ،‬ص‪.883‬‬


‫‪ -‬عبد القادر العرعاري‪ ،‬مصادر االلتزامات‪ ،‬الكتاب الثاني‪ ،‬المسؤولية المدنيةالطبعة الثانية ‪ ،2005‬مطبعة دار األمان الرباط‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫ص‪.152‬‬
‫‪ -‬عبد الحي حجازي‪ ،‬مصادر االلتزام‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬السنة ‪ ،1954‬مطبعة نهضة مصر‪ ،‬ص‪.532‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪62‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫ويرى أنصار هذه النظرية أن المتبوع سيستفيد من نشاط تابعه‪ ،‬فعليه أن يتحمل تبعة‬
‫هذا النشاط إذ الغرم بالغنم‪ .1‬وهذه النظرية تعرضت لنقد شديد‪ ،‬مفاده أن نشاط التابع قد ال‬
‫يكون مصدر غنم للمتبوع‪ ،2‬كما أن األخذ بها يحول دون رجوع المتبوع على التابع‪ ،‬وهو نفس‬
‫االتجاه الذي ذهب إليه المشرع في القانون رقم ‪ 32.09‬المنظم لمهنة التوثيق في المادة ‪ 26‬من‬
‫هذا القانون‪.‬‬
‫‪ -3‬نظرية النيابة‬
‫نظرية النيابة‪ ،‬هي نظرية بمقتضاها يعتبر التابع نائبا عن المتبوع‪ ،‬ولذلك ينبغي أن‬
‫يتحمل المتبوع تبعة األضرار التي يسببها تابعه‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن هذه النظرية تعتبر المتمرن أو المستخدم نائبا عن المتبوع‪،‬‬
‫ولكن لم يكن واضحا عن طبيعة األعمال التي يقومون بها هؤالء بمناسبة تلك النيابة هل هي‬
‫مادية أو قانونية‪ ،‬وباالستناد إلى الجانب العملي فإن التصرفات التي يقوم بها المتمرنون‬
‫والمستخدمون التابعون للموثق ‪ ،‬ال يمكن تكييف أعماله إال على أساس أن هذه األخيرة أعمال‬
‫إجرائية وليس أعمال قانونية‪.‬‬

‫‪ -4‬نظرية الضمان‬
‫يقيم بع ض الفقهاء أساس مسؤولية المتبوع عن فعل التابع على نظرية الضمان‪،‬‬
‫فالمتبوع يعد بمثابة ضامن لنتائج األ ضرار التي يتسبب فيها أتباعه خصوصا في حالة إعسار‬
‫هؤالء األتباع أو امتناعهم عن أداء ما بذمتهم‪ ،‬فالضمان يحمل في معناه الكفالة‪ ،‬أي أن‬

‫مأمون الكزبري‪ ،‬نظرية االلتزامات في ضوء قانون االلتزامات والعقود المغربي‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬مصادر االلتزامات‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪1‬‬

‫(م‪ .‬غ‪.‬م)‪ ،‬ص ‪.454‬‬


‫الطيب الفصايلي‪ ،‬النظرية العامة لاللتزام‪ ،‬مصادر االلتزام‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ،1997‬مطبعة النجاح الجديدة الدار‬ ‫‪-‬‬ ‫‪2‬‬

‫البيضاء‪ ،‬نشر البديع مراكش‪ ،‬ص‪.252‬‬

‫‪63‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫المتبوع يعد بمثابة كفيل لنشاط التابع‪ ،‬ويحل محله في األداء‪ .1‬وتجدر اإلشارة إلى أن الكفالة‬
‫تكون تضامنية في نطاق المسؤولية التقصيرية عند تعدد المسؤولين ‪.2‬‬
‫ولكن ما يعاب على هذه النظرية افتقادها لنظام موحد ينطبق على جميع المتدخلين في‬
‫قطاع التوثيق العصري من موثقين ومتمرنين ومستخدمين وغيرهم‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬شروط مسؤولية الموثق عن فعل الغير‬
‫لقيام مسؤولية الموثق المتبوع عن أفعال تابعه البد من توافر الشروط التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬قيام عالقة تبعية‬
‫يلزم لقيام مسؤولية المتبوع عن فعل التابع وجود عالقة تبعية‪ ،‬ما بين التابع والمتبوع‬
‫أي بين الموثق ومن هم تحت إشرافه واستخدامه والذين سواء كانوا في تبعية اقتصادية أو‬
‫قانونية إال أنهم يتمتعون بحيز من الحرية أثناء مباشرتهم لعملهم وتنفيذه‪ ،‬إال أن الموثق الذي‬
‫ينوب عن زميله في عملية ما‪ ،‬فإنه له الحرية في اتخاذ الق اررات بالصورة والكيفية التي يراها‬
‫صالحة طبعا دون الخروج الكامل عما أسند إليه من صالحيات قانونية‪.‬‬
‫‪ -2‬خطأ التابع‬
‫ال يكفي أن تقوم عالقة التبعية لتقرير مسؤولية التابع‪ ،‬بل البد من ارتكاب التابع عمال‬
‫ضرر للغير‪ ،‬ذلك أن مسؤولية المتبوع مسؤولية تبعية‪ ،‬فهي‬
‫ا‬ ‫غير مشروع أو اقتراف خطأ أحدث‬
‫ال تقوم إال إذا تحققت مسؤولية التابع‪ ،‬لذلك يشترط لقيام مسؤولية المتبوع أن يقع من التابع‬
‫خطأ يسبب ضر ار للغير‪ ،3‬والمالحظ في هذا الخصوص أن المشرع المغربي نص في قانون‬
‫االلتزامات والعقود أنه يسأل على الخطأ الذي يرتكبه التابع حال تأدية وظيفته تحت مراقبة‬

‫‪ -‬عبد القادر لعرعاري‪ ،‬مصادر االلتزامات‪،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.154‬‬ ‫‪1‬‬

‫تنسجم هذه النظرية إلى حد ما مع يتضمنه الفصل ‪ 1117‬من ق‪.‬ل‪.‬ع الذي ينص في تعريفه للكفالة على أنها‪ " :‬عقد يلتزم‬ ‫‪-‬‬ ‫‪2‬‬

‫بمقتضاه شخص للدائن بأداء التزام المدين‪ ،‬إذا لم يؤده هذا األخير نفسه"‪ ،‬كما أن المشرع المغربي نظم بوجه عام أحكام الكفالة في القسم‬
‫العاشر الباب األول‪ ،‬الفصول ‪ 1117‬إلى ‪ 1169‬ق‪.‬ل‪.‬ع‪.‬‬
‫‪ -‬مأمون الكزبري‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.459‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪64‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫ من قانون‬85 ‫ طبقا لما هو منصوص عليه في الفصل‬،‫الموثق وال يكفي أن تكون بمناسبتها‬
.‫االلتزامات والعقود‬
‫ أن يصدر خطأ التابع أثناء تأديته لوظيفته أو بسببها‬-3
‫ال يكفي لقيام مسؤولية المتبوع عن فعل التابع أن تكون هناك عالقة تبعية بينه وبين‬
‫ بل يستلزم أن يقع الخطأ الضار‬،‫ضرر للغير‬
‫ا‬ ‫ وأن يصدر من التابع خطأ أوقع‬،‫هذا األخير‬
‫ فالمتبوع ال يسأل عن الضرر الذي يرتكبه أثناء تأديته لوظيفته‬.‫أثناء تأديته لوظيفته أو بسببها‬
‫ ألن سلطة المتبوع في التوجيه ومراقبته ال تكون إال أثناء تأديته لوظيفته أو له‬،‫أو بسببها‬
.1‫ وبالتالي ال يسأل المتبوع‬،‫ وفي حالة انتفاء هذا الشرط تنتفي عالقة التبعية‬،‫اتصال بها‬
‫ وجود نص تشريعي‬-4
‫إن توافر الشروط السابقة غير كافية لقيام المسؤولية ما لم ينص المشرع على إقرار‬
‫ وقد نص عليها المشرع‬،‫ ألنها مسؤولية استثنائية ال تقوم إال بنص قانوني‬،‫هذه المسؤولية‬
... " :‫ الفقرة الثالثة من قانون االلتزامات والعقود والذي جاء فيه‬85 ‫المغربي بالفصل‬
‫المخدومون ومن يكلفون غيرهم برعاية مصالحهم يسألون عن الضرر الذي يحدثه خدامهم‬
‫ كما خصها المشرع الفرنسي في المادة‬."‫ومأموروهم في أداء الوظائف التي شغلوهم فيها‬
‫ " يكون المتبوع مسؤوال عن‬:‫ فقرة أولى بقوله‬174 ‫ والمشرع المصري تناولها في المادة‬.21384

‫ رسالة ماجستير في‬،‫ مسؤولية المتبوع عن فعل تابعه في مشروع القانون المدني الفلسطيني دراسة مقارنة‬،‫ربيع ناجح أبو حسن‬ - 1

.149 ‫ ص‬،2008 ‫ السنة الجامعية‬،‫ فلسطين‬،‫ جامعة النجاح الوطنية نابلس‬،‫القانون الخاص‬
2
- D’après l’article 1384 du code civil français : “On est responsable non seulement du dommage que l'on
cause par son propre fait, mais encore de celui qui est causé par le fait des personnes dont on doit répondre, ou des
choses que l'on a sous sa garde. Toutefois, celui qui détient, à un titre quelconque, tout ou partie de l'immeuble ou
des biens mobiliers dans lesquels un incendie a pris naissance ne sera responsable, vis-à-vis des tiers, des
dommages causés par cet incendie que s'il est prouvé qu'il doit être attribué à sa faute ou à la faute des personnes
dont il est responsable. Cette disposition ne s'applique pas aux rapports entre propriétaires et locataires, qui
demeurent régis par les articles 1733 et 1734 du code civil. Le père et la mère, en tant qu'ils exercent l'autorité
parentale, sont solidairement responsables du dommage causé par leurs enfants mineurs habitant avec eux. Les
maîtres et les commettants, du dommage causé par leurs domestiques et préposés dans les fonctions auxquelles ils
les ont employés ; Les instituteurs et les artisans, du dommage causé par leurs élèves et apprentis pendant le temps
qu'ils sont sous leur surveillance. La responsabilité ci-dessus a lieu, à moins que les père et mère et les artisans ne
prouvent qu'ils n'ont pu empêcher le fait qui donne lieu à cette responsabilité. En ce qui concerne les instituteurs, les
fautes, imprudences ou négligences invoquées contre eux comme ayant causé le fait dommageable, devront être
prouvées, conformément au droit commun, par le demandeur, à l'instance."

65
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع متى كان واقعا منه في حال تأدية وظيفته أو‬
‫بسببها"‪.‬‬
‫ويتضح مما تقدم أن المسؤولية التقصيرية عن فعل الغير والمتمثلة في مسؤولية‬
‫المتبوع عن عمل التابع تتميز بما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬أنها مسؤولية استثنائية‬
‫‪ ‬أنها مسؤولية تهدف إلى ضمان مصلحة المضرور بتيسير حصوله على التعويض‪.‬‬
‫‪ ‬أن تقريرها ال يمنع من مساءلة التابع إذا ثبت خطئه وال يحول دون رجوع المتبوع عليه‬
‫فيما دفعه‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬المسؤولية التضامنية للموثق‬

‫تتطلب العمليات التعاقدية المبرمة بواسطة الموثق‪،‬القيام بمجموعة من اإلجراءات‬


‫القانونية التي تهدف باألساس إلى حماية المصالح المالية لكل المتدخلين في هذه العمليات‪،‬‬
‫ولعل من أهم المصالح الجديرة بالحماية تلك المتعلقة بمختلف الرسوم والضرائب المستحقة‬
‫للدولة بمناسبة إبرام العقود وتوثيقها ‪،‬فقد أناط المشرع بالموثق مهمة إستخالص حقوقها الناتجة‬
‫عن ذلك بتقديم هذه العقود ألداء رسوم التسجيل وكدا أداء مختلف الضرائب المترثبة عنها‪.‬‬
‫ومادامت اإلمكانيات المتاحة للدولة ال تسمح لها بمراقبة مختلف التصرفات ‪،‬ال سيما‬
‫تلك المتعلقة بالعقارات وبالتالي استخالص حقوقها فقد وضع المشرع آلية قانونية لضمان‬
‫استحقاق حقوقها المالية وتتجلى هذه اآللية في المسؤولية التضامنية للموثق مع الملزمين بأداء‬
‫هذه الواجبات عن أداء هذه المبالغ‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫فقد نصت الفقرة السادسة من المادة ‪ 183‬من المدونة العامة للضرائب على أنه "يلزم‬
‫العدول و الموثقين وغيرهم ممن ي ازولون مهام التوثيق على وجه التضامن مع الخاضع للضريبة‬
‫بأداء الضرائب والرسوم في حالة اإلخالل باإللتزامت المقررة في المادة ‪ 7-139‬أعاله" كما‬
‫نصت المادة ‪ 171‬من القانون رقم ‪ 47-06‬المتعلق بجبايات الجماعات المحلية على أنه "في‬
‫حالة تفويت عقار للغير أو انتقال ملكيته وجب على العدول و الموثقين وعلى كل شخص آخر‬
‫يمارس مهنة تحرير العقود طلب شهادة من المصالح المكلفة بالتحصيل تثبت أداء مبالغ‬
‫الرسوم المتعلقة بسنة التفويت أو انتقال الملكية والسنوات السالفة‪ ،‬واال أصبحوا مسؤولين على‬
‫وجه التضامن مع الملزم بأداء الرسوم المستحقة على العقار موضوع التفويت"‪ ،‬وهذه اآللية التي‬
‫وضعها المشرع تعتبر آلية ناجعة للمحافظة على الحقوق المالية للدولة‪ ،‬ولذلك يجب على‬
‫الموثقين أال يسلموا المبالغ المالية للبائع إال بعد أداء جميع الضرائب المستحقة عليه كما يجب‬
‫عليه أن يقدم مختلف العقود التي يقوم بتوثيقها لدى إدارة التسجيل من أجل استخالص الرسوم‬
‫المستحقة على ذلك وفي حالة إخالله بذلك فإنه يصبح مسؤوال على وجه التضامن مع الملزم‬
‫بأداء هذه المستحقات‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫‪68‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫الفصل الثاني ‪ :‬أركان المسؤولية المدنية للموثق في التشريع‬


‫المغربي وآثارها‪.‬‬

‫كانت وما تزال وستبقى المسؤولية المدنية على قمة المسائل والموضوعات القانونية‬
‫الجديرة بالبحث والدراسة‪ ،‬وال غرابة في ذلك ألن موضوعاتها ترجمة لواقع الحياة من منازعات‬
‫وخصومات يومية بين األفراد‪ ،‬وتتناول المسؤولية المدنية العديد من الموضوعات الهامة‪،‬‬
‫تنصب كلها حول هدف واحد هو مدى أحقية األفراد المتضررين في الحصول على تعويض‬
‫األضرار التي تلحق بهم نتيجة فعل أو خطأ الغير‪ .‬فإذا كان لمن أصيب بضرر الحق في‬
‫الحصول على تعويض أو جبر هذا الضرر‪ ،‬فإن هذا الحق في التعويض ليس حقا مطلقا يتقرر‬
‫للمضرور في جميع الحاالت بل يخضع لبعض القيود و الشروط‪.‬‬
‫والمسؤولية المدنية للموثق باعتبارها موضوعا من موضوعات المسؤولية المدنية ال تقوم‬
‫بدورها وال تنتج آثارها إال بتحقيق مجموعة من الشروط‪ ،‬وذلك ما سوف نحاول دراسته في هذا‬
‫الفصل من خالل تقسيمه إلى مبحثين كالتالي ‪:‬‬

‫المبحث األول ‪ :‬أركان المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬آثار المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫‪69‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫المبحث األول ‪ :‬أركان المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫عمل القانون رقم ‪ 32.09‬المنظم لمهنة التوثيق على إبراز المسؤولية المدنية للموثق‬
‫على خالف ما كان سائ ار في ظهير ‪ 04‬ماي ‪.1925‬‬
‫فالموثق يتحمل المسؤولية المدنية حسب المادة ‪ 28‬من القانون رقم ‪ 32.09‬بارتكابه‬
‫لخطأ يحدث ضر ار للغير‪ ،‬و بناء عليه فإن شروط المسؤولية المدنية‪ ،‬ال تخرج عن األركان‬
‫المألوفة للمسؤوليتين العقدية و التقصيرية‪ ،‬وما دامت هاتان المسؤوليتان تتحددان في المبدأ‬
‫القاضي بإلزام كل من ارتكب خطأ سبب للغير ضر ار بالتعويض‪ ،‬وتقومان على نفس األركان‬
‫المتمثلة في الخطأ والضرر والعالقة السببية بينهما‪ ،‬فإن ذلك يقتضي دراسة شروط قيام‬
‫مسؤولية الموثق المدنية بدون تمييز بين نوعيها‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أنه باإلضافة إلى شروط المسؤولية المدنية بصفة عامة‪ ،‬فإن القانون‬
‫رقم ‪ 32.09‬المنظم لمهنة التوثيق أضاف لهذه األركان شرطا جديدا أال وهو شرط البطالن‪.‬‬
‫ولإللمام بهذا الموضوع سنتناوله كالتالي ‪:‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬الخطأ و الضرر‬


‫المطلب الثاني ‪ :‬العالقة السببية و البطالن‬

‫‪70‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫المطلب األول ‪ :‬الخطأ و الضرر‬

‫سوف نتناول في هذا المطلب كالً من الخطأ والضرر‪ ،‬حيث سنخصص الفقرة األولى‬
‫للحديث عن الخطأ‪ ،‬على أن نخصص الفقرة الثانية للحديث عن الضرر‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬الخطأ‬


‫عرفت بعض التشريعات الخطأ مثل التشريع المغربي في الفصل ‪ 78‬من ق‪.‬ل‪.‬ع بأنه‪:‬‬
‫" الخطأ هو ترك ما كان يجب فعله‪ ،‬أو فعل ما كان يجب اإلمساك عنه‪ ،‬وذلك من غير قصد‬
‫إلحداث الضرر"‪.‬‬
‫كما عرفه المشرع التونسي في مجلة اإللتزامات والعقود في الفقرة الثانية من الفصل ‪83‬‬
‫على أنه ‪ " :‬الخطأ هو ترك ما وجب فعله أو فعل ما وجب تركه بغير قصد الضرر‪".‬‬
‫كما حاول الفقه وضع تعريف للخطأ‪ 1‬باعتباره أحد أركان المسؤولية العقدية أو‬
‫التقصيرية‪ ،‬وفي هذا الصدد تعددت المفاهيم التي أعطاها الفقه للخطأ وتنوعت‪ ،2‬ومن أشهر‬
‫التعاريف التي وردت تعريف األستاذ بالنيول‪ 3‬في المجال التقصيري الذي عرف الخطأ بأنه‬
‫‪":‬إخالل بالتزام سابق‪ ،"4‬ويتمثل ذلك اإللتزام السابق باإللتزام القانوني العام الذي يقع على عاتق‬
‫الكافة بعدم اإلضرار بالغير‪ ، 5‬كما عرفه جوسران بأنه "اإلضرار بحق دون أن يكون في وسع‬
‫المعتدي أن يعارضه بحق أقوى منه أو مماثل"‪. 6‬‬

‫‪ -1‬ي ب التقي الترنس " ي ير" إلى أن ي يو د أ ت ريف مق ول ل طن‪ ،‬وي ي كن ال حث ن ت ريف شامل‪ ،‬إي أل من يلك يجب أل ي‬
‫يث ي ا ن ي ال لا‬
‫‪ -2‬د الر اق أح د الس و ‪ ،‬الوتسيط شرح القانول ال دن ‪ ،‬م س ‪ ،‬ص ‪643‬ا‬
‫‪3‬‬
‫‪- palaniol : la faute est un manquement a une obligation préexistante : traite de doit civil tome 2 note‬‬
‫‪page 863.‬‬
‫‪ -4‬د القاا ال ر ا ‪ ،‬ال ظريل ال امل لإللازامات القانول ال دن ال غرب ‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬مصاا اإللازامات‪ ،‬الكااب الثان ‪،‬‬
‫ال سدوليل الاقصيريل ن الت ل التا ‪ ،‬الط ل اإلولى‪ ، 1988 ،‬اا األمال الرباط ‪ ،‬ص ‪ 28‬و ‪29‬ا‬
‫‪ -5‬د الر اق أح د ال و ‪ ،‬الوتسيط شرح القانول ال دن الجديد‪ ،‬م‪ ،‬س‪ ،‬ص ‪ 879‬وما ب د اا‬
‫‪6‬‬
‫‪- Josserand : Cours de Droit Possitif Francais Tome 2 : 2 NOT ; Page 422.‬‬

‫‪71‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫والتعريف الذي أعطاه بالنيول للخطأ تعرض لمجموعة من اإلنتقادات‪ .‬و هكذا أخذ‬
‫مازو عل بالنيول عدم تحدد مضمون اإللتزام الذي تمت مخالفته‪ ،‬و الخطأ حسب الفقيه مازو "‬
‫هو اإلنحراف في السلوك على نحو ال يرتكبه الشخص اليقظ لو أنه وجد في ذات الظروف‬
‫الخارجية التي وجد فيها مرتكب الفعل‪ ،1‬فإذا انحرف عن السلوك الواجب اعتبر مخطئا‬
‫واستوجب مسؤوليته‪ .2‬كما أنه لم يتضمن المعيار الذي يت م على أساسه تحديد ما يعتبر إخالال‬
‫من عدمه كما لم يتضمن عنصر التمييز الذي يجب أن يتوافر في الخطأ‪.‬‬
‫والراجح فقها في تعريف الخطأ و الذي يدخل في معناه تعريف بالنيول هو أنه‬
‫"اإلنحراف عن السلوك المألوف للشخص العادي"‪ ،3‬و يالحظ على ذلك التعريف أنه لم يتضمن‬
‫عنصر التمييز الذي يجب أن يتوافر في الخطأ كركن من أركان المسؤولية التقصيرية‪ ،‬لذلك‬
‫تنبه البعض‪ 4‬إلى ذلك القصور وعرف الخطأ بأنه " اإلخالل بإلتزام قانوني سابق يصدر عن‬
‫تمييز و إدراك"‪ ،‬إال أن ذلك الفريق من الشراح لم يدخلوا في تعريف الخطأ معيار اإلنحراف‬
‫وهو معيار الشخص العادي‪.‬‬
‫ومن كل هذه التعاريف‪ ،‬يبدو أن التعريف األكثر شموال هو الذي يعرف الخطأ بإعتبار‬
‫أركانه‪ ،‬وهو أن الخطأ تعد و انحراف عن السلوك المألوف للشخص العادي‪ ،‬مع إدراك لهذا‬
‫اإلنحراف‪.5‬‬
‫وبناء عليه فإن الخطأ يتألف من ركنيين‪ ،‬ركن مادي‪ ،‬و ركن معنوي‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬أركان الخطأ‬
‫سبق أن عرفنا الخطأ بأنه انحراف عن السلوك على نحو ال يرتكبه الشخص اليقظ لو‬
‫أنه وجد في نفس الظروف الخارجية لمرتكب الفعل‪.‬‬

‫‪ -1‬د القاا ال ر ا ‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪31‬ا‬


‫‪ -2‬مح د ص ر الس د ‪ ،‬شرح القانول ال دن الجزائر ‪ ،‬مصاا اإللازام‪ ،‬الوا ل القانونيل – ال ل غير ال شروع – ش ال قوا –‬
‫والقانول‪ ،‬الجزء الثان ‪ ،‬الط ل الثانيل‪ ،2004 ،‬اا ال دى ين م ي ل‪ ،‬الجزائر ‪ ،‬ص ‪28‬ا‬
‫‪ -3‬مح وا ال الدين ت ‪ ،‬الو يز ال ظريل ال امل لإللازامات القانول ال دن ال صر ‪ ،‬الط ل الثانيل‪ ،‬مط ل ام ل القا ر ‪،‬‬
‫تس ل ‪ ،1978‬ص ‪476‬ا‬
‫‪ - 4‬مح د ال وشوا ‪ ،‬ال سدوليل ال دنيل‪ ،‬الط ل الثانيل‪ ،‬الس ل ‪ ،2008‬مط ل أشرف تسيال أتااير‪ ،‬ص ‪27‬ا‬
‫‪ -5‬مح د ال وشوا ‪ ،‬ال سدوليل ماس‪ ،‬ص ‪28‬ا‬

‫‪72‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫ومن هذا التعريف يتبين لنا بأن اإلنسان يجب أن يكون يقظا متبص ار في سلوكه‪ ،‬فإذا‬
‫انحرف عن السلوك الواجب مع امتالكه للتمييز الكافي ليدرك أنه انحرف‪ ،‬اعتبر انحرافه خطأ‬
‫يوجب المسؤولية التقصيرية‪ ،‬وهذا يعني أنه لقيام الخطأ ال بد من توفر ركنيين‪ :‬ركن مادي هو‬
‫انحراف السلوك ويعبر عنه بالتعدي‪ ،‬وركن معنوي هو إدراك الشخص إلنحراف سلوكه‪ ،‬ويعبر‬
‫‪1‬‬
‫عنه بالتمييز و اإلدراك‬

‫‪ /1‬الركن المادي ‪ :‬التعدي أو النحراف‬


‫التعدي هو اإلنحراف عن السلوك العادي‪ ،‬أو بتعبير آخر هو الخروج عن الدائرة التي‬
‫اعترف القانون بالعمل فيها‪ ،‬والتعدي إما أن يكون عمديا أو غير عمدي‪.2‬‬
‫الركن المادي للخطأ هو إخالل بإلتزام قانوني‪ ،‬وهذا اإللتزام إما أن ينص عليه في‬
‫القانون‪ ،‬واما أن يكون من قبيل اإللتزامات العامة التي تفرض على اإلنسان احترام حقوق الغير‬
‫و اإلمتناع عن المساس بها‪.‬‬
‫فالموثق يعتبر مرتكبا للخطأ إذا لم يسد النصح للزبناء بخصوص المعامالت التي تدخل‬
‫في اختصاصاته‪ ،‬ولم يقم بواجبه الممثل في ضمان حجية العقد الذي عقده وضمان فعاليته‪،‬‬
‫وكذلك باإلمتناع عن إضفاء الرسمية عن العقود التي تدخل في المهام التي أنيط بها من طرف‬
‫المشرع‪.‬‬
‫أما بخصوص الفصل ‪ 83‬من ق ل ع‪ ،‬فقد جاء عاما مما يعني أن الموثق باعتباره‬
‫شخصا مهنيا يتحمل المسؤولية إذا خالف مقتضيات هذا الفصل‪.3‬‬

‫‪ -1‬مر وق أيق الحاج‪ ،‬ال سدوليل ال دنيل ا اتسل تح ي يل ى ضوء التق والقتاء‪ ،‬الط ل الثانيل‪(،2005 ،‬ماغام)‪،‬ط جل‪ ،‬ص ‪99‬ا‬
‫‪ -2‬مر وق أيق الحاج‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪99‬ا‬

‫الحايت الااليل ‪:‬‬


‫‪ -3‬ي ت التصل ‪ 83‬من ق ل ع ى أن " مجرا ال صيحل أو الاوصيل ي تارتب ي ا مسدوليل صاح ا إي‬
‫‪ -1‬إيا أ طى ال صيحل صد فداع الطرف األفرا‬
‫ال ام ل بحكي وظيتا ‪ ،‬د ا تكب فطن سيي أ ما تال ي غ أل يرتك ش صا مرتز وناج ن يا ال طن‬ ‫‪ -2‬إيا تال تس ب تدف‬
‫ضر ل طرف األفرا‬
‫‪ -3‬إيا ض ن نايجل ال ام ل "ا‬

‫‪73‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫‪ /2‬الركن المعنوي ‪ :‬التمييز أو الدراك‬


‫يجب لقيام الخطأ أن يكون من ارتكب التعدي مدركا لهذا التعدي وقاد ار على التمييز بين‬
‫ضرر بالغير‪.‬‬
‫ا‬ ‫الخير و الشر و النفع والضرر‪ ،‬فيدرك أن تعديه يلحق‬
‫فإذا حاولنا تطبيق هذه القاعدة على الموثق فإنه باإلمكان أن ينتابه عارض يؤدي به‬
‫إلى الجنون أو العته‪ ،‬وبالتالي تسقط عنه المسؤولية وينتج عنها عدم متابعته ولو ثبت خطأه‪.‬‬
‫هذا عن مفهوم الخطأ بوجه عام‪ ،‬أما عن الخطأ المهني فهذا ما سنتناوله في ما يلي ‪:‬‬

‫ثانيا ‪ :‬الخطأ المهني للموثق‬


‫الخطأ المهني بوجه عام هو ذلك الخطأ الذي يرتكبه أصحاب المهن الحرة أثناء‬
‫ممارستهم لمهنتهم بخروجهم عن السلوك المألوف طبقا للقواعد و األصول المستقر عليها‪.‬‬
‫وبناء عليه‪ ،‬فإن الموثق يعد مرتكبا لخطأ مهني إذا لم يراع أثناء مهامه‪ ،‬السلوك المعتاد‬
‫في ممارسته لهذه المهنة الذي توجبه أخالقياتها و طبيعتها‪.‬‬
‫فالخطأ المهني للموثق يقع نتيجة إهمال فادح لبعض البنوذ أو القواعد المنظمة لمهنة‬
‫التوثيق‪ ،‬أي عدم اتخاد كل إجراءات اليقظة و الحذر لتحقيق العمل بكل طمأنينة‪.1‬‬
‫والمشرع المغربي لم يقم بحصر األخطاء المهنية للموثق من خالل القانون رقم ‪32.09‬‬
‫المنظم للمهنة‪ ،‬و إنما لجأ إلى وضع صياغة عامة تدخل ضمنها كل المخالفات التي تمس‬
‫اإللتزامات الملقاة على عاتقه‪.‬‬
‫و يتمثل الخطأ المهني للموثق في اإلهمال الفادح‪ ،‬لبعض البنوذ وقواعد القانون المنظم‬
‫لمهنة التوثيق‪ ،‬كإفشاء السر المهني حسب ما هو منصوص عليه في المادة ‪ 24‬من القانون‬
‫رقم ‪ 32.09‬أو التأخير في تسجيل عقد القسمة وهذا ما ذهب إليه قرار محكمة النقض حيث‬
‫جاء فيه ‪:‬‬

‫القانول الجزائر ‪ ،‬ت ظيي وم ام ومسدوليات‪ ،‬اا الجام ل الجديد اإلتسك د يل‪ ،‬الس ل ‪ ،2013‬ص‬ ‫ا ‪ ،‬م ل الاوثيق‬ ‫بن‬ ‫‪ -1‬مق‬
‫‪137‬ا‬

‫‪74‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫" يعتبر خطأ عدم عرض الموثق العقد الذي يحرره بالتسجيل و اإليداع في إبانه طالما أن‬
‫كل شخص مسؤول عن الضرر الذي يحدثه ال بفعله فقط ولكن بخطئه أيضا‪.‬‬
‫يترتب عن عدم العرض و اإليداع لعقد القسمة‪ ،‬المحرر من طرف الموثق ذعائر مالية‪،‬‬
‫إضطر الطالب ألدائها بسبب التأخير وهو ضرر ناتج عن إهمال الموثق لتقديم عرض القسمة‬
‫الذي حررته اإلدارة المالية وايداعه لدى المحافظة للتسجيل في إبانه مما يشكل خطأ‪."1...‬‬
‫وقد جاء في قرار آخر صادر عن المجلس األعلى – محكمة النقض حاليا – حول‬
‫المسؤولية المدنية للموثق الذي تأخر في نقل حيازة القانونية للعقار المبيع حيث جاء في حيثيات‬
‫القرار ‪:‬‬
‫" تكون المح كمة قد بنت قرارها على أساس لما تبت لها أن الموثق الذي أنجز عقد بيع‬
‫العقار لم يقم بتسجيله بالمحافظة العقارية لكونه كان مثقال بحجز تحفظي لفائدة الغير وقضت‬
‫في مواجهته شخصيا ‪.2"...‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أنه إذا أخل الموثق باإللتزامات الملقاة على عاتقه‪ ،‬وخالف النصوص‬
‫القانونية و التنظيمية وقواعد المهنة من شأن هذا أن يثير مسؤولية الموثق‪ ،‬وهذا ما نصت عليه‬
‫الفقرة األولى من المادة ‪ 26‬من القانون ‪ 32.09‬رقم التي جاء فيها ‪" :‬يتحمل الموثق مسؤولية‬
‫األضرار المترتبة عن أخطائه المهنية‪ ،‬واألخطاء المهنية للمتمرنين لديه‪ ،‬وأجرائه‪ ،‬وفق قواعد‬
‫المسؤولية المدنية "‪.‬‬
‫و بناء عليه فالموثق يتحمل مسؤولية خطئه وتكون مسؤوليته مسؤولية تقصيرية تخضع‬
‫ألحكام الفصل ‪ 77‬وما بعده من قانون اإللتزامات و العقود وفق ما نصت عليه المادة السالفة‬
‫الذكر‪.‬‬

‫دا ‪ ،2007/3/1/657‬مج ل تاء ال ج س األ ى مج ل ت ات‬ ‫‪ -1‬را دا ‪ 2163‬الصاا باا يخ ‪ 04‬يونيو ‪ ،2008‬ال ف ال دن‬
‫ب شر را ات ال ج س األ ى‪ ،‬دا ‪ 73‬تس ل ‪ ،2011‬ص ‪95‬ا‬
‫دا ‪ ،2008/5/1/3987‬مج ل تاء ال ج س األ ى دا ‪ 73‬تس ل‬ ‫‪ -2‬را دا ‪ 823‬الصاا باا يخ ‪ 23‬راير ‪ ،2010‬ال ف ال دن‬
‫‪2011‬ا‬

‫‪75‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫وقد نصت المادة ‪ 28‬من نفس القانون على أن الموثق يسأل مدنيا إذا قضت المحكمة‬
‫ببطالن عقد أنجزه بسبب خطئه المهني‪ ،‬ونتج عن هذا البطالن ضرر ألحد األطراف‪.‬‬
‫ففي هذه الحالة يكفي الزبون المتضرر اإلدالء بالعقد الباطل الذي يعود سبب بطالنه‬
‫إلى خطأ الموثق ليثبت خطأ هذا األخير‪ ،‬و تعتبر مسؤولية الموثق هنا مسؤولية عقدية‪.‬‬
‫ببطالن العقد لقيام مسؤولية‬ ‫وبخالف حالة المادة ‪ 28‬المذكورة‪ ،‬التي تشترط الحكم‬
‫الموثق المدنية عن خطئه المهني‪ ،‬فإن المادة ‪ 29‬من نفس القانون‪ 1‬لم تشترط بطالن العقد‬
‫لقيام مسؤولية الموثق عندما يمتنع عن القيام بواجبه بدون سبب مشروع‪ ،‬واكتفت بإشتراط‬
‫حصول الضرر فقط‪.‬‬
‫وبخصوص هذه الحالة فإن المشروع أوردها دون أن يحدد معنى اإلمتناع عن الواجب‪،2‬‬
‫هل يقصد بذلك اإلمتناع عن اإلستجابة لتحرير العقد منذ البداية‪ ،‬أم اإلمتناع عن اإلستمرار في‬
‫إجراءات تحريره؟‬
‫ضرر ألحد‬
‫ا‬ ‫أ عتقد أنه في كلتا الحالتين إذا كان اإلمتناع بدون أي سبب مشروع وأحدث‬
‫المتعاقدين فإن مسؤولية الموثق المدنية تكون قائمة‪.‬‬
‫والحديث عن الخطأ المهني للموثق يجرنا للحديث عن طبيعة هذا الخطأ‪ ،‬هل هو خطأ‬
‫تقني أم خطأ عملي؟ وهل يغلب الطابع العملي على الطابع التقني لعمل الموثق؟‬
‫بخصوص هذا األمر فإنه ال يمكن تغليب جانب على آخر ففهم النصوص القانونية و‬
‫أصول علم التوثيق من الضرورة بمكان بالنسبة لعمل الموثق وفي نفس الوقت فإن جانب‬
‫المهارة التقنية له أهميه كذلك‪ ،‬خاصة في طريقة صياغة وتحرير العقود‪ .‬إذ أن الموثق ملزم‬

‫بدول تس ب مشروع تح ل مسدوليل التر‬ ‫ي ‪09‬ا‪ 32‬ى أن " إيا اما ط ال وثق ن القيام بوا‬ ‫‪ -1‬ت ت ال اا ‪ 29‬من القانول‬
‫ال ارتب ن يا اإلما اعا"‬
‫فدمل ال واطن‪ ،‬ي تسي ا وأل ال شرع أو ب ب ض الاصر ات أل‬ ‫‪-2‬اإلما اع بدول تس ب مشروع و أل ال وثق يجب أل يكول‬
‫تكول بواتسطل قد توثيق ‪ ،‬يا اإلناياب و الاتويض ال طى ل من الدولل إل طاء الص غل الرتس يل ل امالت يجب أل ي ا تس ‪ ،‬و ى‬
‫يل نشر‬ ‫القانول ‪09‬ا‪ 32‬ال ظي ل ل الاوثيق‪،‬م شو ات‬ ‫ال وثق أل يكول ن إشا ال واطن‪ ،‬مح د ليديد ‪ ،‬م ل الاوثيق راء‬
‫ال ومل القانونيل والقتائيل‪ ،2012 ،‬مط ل إليق الرباط ‪ ،‬ص ‪54‬ا‬

‫‪76‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫ببيان أركان وشروط العقد بكل وضوح و دقة وملزم كذلك بتضمين نية المتعاقدين ضمن بنوذ‬
‫العقد وبيانها بشكل ال يدع أي مجال للشك أو التأويل الخاطئ‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن الخطأ المهني للموثق هو خطأ مفترض‪ ،‬بحيث أن الموثق هو‬
‫الذي يقع عليه إثبات عدم إرتكاب الخطأ‪ ،‬وال يمكنه دفع مسؤوليته عن الخطأ باإلدعاء بأنه بذل‬
‫كل ما بوسعه لتفادي الخطأ‪ .‬كما ال يمكنه اإلحتجاج بعدم المعرفة أو الجهل ببعض أصول علم‬
‫التوثيق لتفادي تحمل تبعات أخطائه‪ .‬فالمشرع حمله مسؤولية كل ما يضمنه في العقود و‬
‫المحررات من تصريحات و بيانات يعلم مخالفتها للحقيقة أو كان بإمكانه معرفتها أو العلم بها‪.‬‬
‫وهذا ما نصت عليه المادة ‪ 27‬من القانون رقم ‪.132.09‬‬
‫وكما يسأل الموثق عن فعله الشخصي يسأل أيضا عن أخطاء تابعه من العاملين‬
‫بديوانه‪ ،‬ألن العقد الذي يربطه بالزبون يحتم في بعض األحيان أن يعقد أحد نوابه التزامه مع‬
‫الزبون‪ ،‬وهذا ما أكدته المادة ‪ 26‬من القانون رقم ‪ ،32.09‬على أن الموثق يتحمل مسؤولية‬
‫األضرار المترتبة عن أخطائه المهنية وأخطاء المتمرنين لديه‪ ،‬وأجرائه وفق قواعد المسؤولية‬
‫المدنية ‪ ،‬أي في إطار مسؤولية المتبوع عن أفعال تابعيه‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬الضرر‬

‫الضرر شرط الزم لتحقق المسؤولية إذ ال يكفي توفر الخطأ في جانب الشخص الذي‬
‫يمكن أن يرجع عليه بالتعويض‪ ،‬وانما يتعين أن يتحقق ضرر من جراء هذا الخطأ‪.‬‬

‫ال و ب ل ا‪ ،‬مداف ل إطا ال قاء الوط األول بين محك ل‬ ‫‪ 1‬مح د بن حي‪ ،‬مت وم ال ِسدوليل ال دنيل ل وثق و مت وم ال طن ال‬
‫ال قض و الغر ل الوط يل ل اوثيق ال صر بال غرب تحق ش ا ‪ :‬آ اق م ل الاوثيق ى ضوء انول ‪09‬ا‪ 32‬و ال ل القتائ ‪ ،‬يوم‬
‫‪2‬و‪ 3‬نون ر ‪ 2012‬بقصر ال دت رات ب راتش ص ‪195-194‬ا‬

‫‪77‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫أوال ‪ :‬تعريف الضرر‬

‫ال يكفي لقيام مسؤولية الموثق المدنية ثبوت خطئه‪ ،‬بل يجب أن ينجم عن هذا الخطأ‬
‫ضرر يصيب أحد المتعاقدين أو الغير في حق من حقوقه أو مصلحة مشروعة له‪ ،‬سواء كانت‬
‫هذه المصالح مادية أو كانت معنوية‪ ،‬و إال انتفت مصلحة المضرور في ممارسة دعوى‬
‫المسؤولية‪.‬‬
‫ولتحديد معنى الضرر وضع الفقهاء عدة تعاريف منها أنه‪ " :‬األذى الذي يصيب‬
‫المضرور في جسمه أو ماله أو شرفه أو عواطفه "‪ .1‬كما عرفه البعض األخر بأنه ‪ " :‬األذى‬
‫الذي يصيب الشخص في حق من حقوقه أو مصلحة مشروعة له‪ ،‬سواء كانت هذه المصالح‬
‫مادية أو كانت معنوية "‪.2‬‬
‫وقد عرف المشرع المغربي الضرر في الفقرة األولى من الفصل ‪ 264‬من قانون اإللتزامات‬
‫و العقود بقوله ‪ " :‬الضرر هو ما لحق الدائن من خسارة حقيقية‪ ،‬وما فاته من كسب متى كانا‬
‫ناتجين مباشرة على عدم الوفاء باإللتزام‪ .‬وتقدير الظروف الخاصة بكل حالة موكول لفطنة‬
‫المحكمة‪ ،‬التي يجب عليها أن تقدر التعويضات بكيفية مختلفة حسب خطأ المدين أو تدليسه"‪.‬‬
‫وهو ركن لقيام مسؤولية الموثق‪ ،‬فال يكفي مجرد وقوع الخطأ‪ ،‬وال يكون هناك محل‬
‫لتعويض الزبون ما لم يتبت أن هذا الخطأ قد ألحق به ضرر ما‪.‬‬
‫وهذا األخير يتفرع إلى عدة أنواع (ثانيا) كما ينبغي أن يستجمع الضرر مجموعة من‬
‫الشروط حتى يكون مستحقا (ثالثا)‪.‬‬

‫التق اإلتسالم ‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬الط ل الثانيل ‪ ،‬الس ل ‪ ،1998‬م شو ات الح‬ ‫‪ -1‬د الر اق أح د الس و ‪ ،‬مصاا الحق‬
‫الحقو يل‪ ،‬بيروت ل ال ‪ ،‬ص ‪680‬ا‬
‫‪ -2‬إا يس ال و ال ديو ‪ ،‬شرح القانول ال دن ‪ ،‬ال ظريل ال امل لإللازام‪ ،‬الط ل األولى ‪ ،2000‬مط ل ال جاح الجديد ‪ ،‬الدا ال يتاء‪،‬‬
‫ص ‪111‬ا‬

‫‪78‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫ثانيا ‪ :‬أنواع الضرر‬


‫الضرر الذي يصيب أحد األطراف المتعاقدة أو الغير من جراء خطأ الموثق‪ ،‬قد يكون‬
‫ماديا أو معنويا‪.‬‬

‫‪ /1‬الضرر المادي‬
‫الضرر المادي يتجلي بالخصوص في مجال التوثيق في الخسارة التي تصيب الذمة‬
‫المالية للمتضرر‪ ،‬فقد يضطر هذا األخير إلى دفع مبالغ إضافية كالغرامات الناتجة عن التأخير‬
‫في تقديم العقد التوثيقي إلدارة التسجيل الستخالص الرسوم المستحقة عن ذلك داخل اآلجال‬
‫القانونية‪.‬‬

‫‪ /2‬الضرر المعنوي‬
‫الضرر المعنوي أو األدبي فيتجلى في األثر النفسي الذي يخلفه الفعل الضار الصادر‬
‫من الموثق‪ ،‬كحرمان الطرف المشتري من المسكن الذي كان يود اإلستقرار به نتيجة خطأ‬
‫الموثق في القيام باإلجراءات الالزمة لحصوله على قرض عقاري‪.‬‬
‫وبناء على كل ما سبق‪ ،‬فكل ما تسبب في ضرر لغيره سواء كان هذا الضرر ماديا أو‬
‫معنويا فهو مسؤول بخطئه إذا أثبت أنه هو السبب الموجب للضرر مباشرة و بالتالي استحق‬
‫التعويض طبقا لمقتضيات الفصل ‪ 77‬من قانون اإللتزامات و العقود‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬شروط الضرر‬


‫يشترط في الضرر‪ 1‬الذي يترتب عنه تحمل الموثق للمسؤولية المدنية عن خطئه أن‬
‫يكون مباشرا‪ ،‬أي نتيجة مباشرة للفعل الصادر عنه‪ ،‬فالبائع الذي يضظر إلى دفع مبالغ إضافية‬

‫‪ -1‬ل زيد من اإليتاح انظر ‪ -:‬مر وق ايق الحاج‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 121‬وما ب د ا‬

‫‪79‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫نتيجة إخالل الموثق بواجب النصيحة و إعالمه مثال بمقتضيات المادة ‪ 1143‬من المدونة‬
‫العامة للضرائب التي تقرر للدولة حق الشفعة ومراجعة ثمن البيع في حالة إدراج ثمن يقل عن‬
‫الثمن الحقيقي للعقار بالعقد يشكل ضر ار مباش ار لخطأ الموثق لكن تضرر الزبون من فشل‬
‫مشروعه ال يعتبر ضر ار مباش ار لخطأ الموثق بعدم تقديم النصيحة له بذلك ما دام هذا األمر ال‬
‫يدخل ضمن نطاق اختصاصه‪ ،‬كما يشترط أن يكون الضرر محققا و حاال أي أن يكون‬
‫الضرر قد وقع فعال‪ ،‬أو أنه سيقع ال محالة‪ ،‬أما الضرر المحتمل الذي قد يحدث أوال يحدث‪،‬‬
‫فإنه ال يمكن مطالبة الموثق بالتعويض عنه قبل حدوثه‪.‬‬
‫كما يشترط في الضرر أن يكون شخصيا‪ ،‬فالذي يحق له المطالبة بالتعويض من جراء‬
‫الفعل الصادر عن الموثق يجب أن يكون قد تضرر بصفة شخصية من ذلك‪.‬‬
‫ومطالبة الموثق بالتعويض ال يقتصر على أطراف العقد‪ ،‬بل يمتد ليشمل كل من لحقه‬
‫ضرر من أعمال الموثق وفق الشروط أعاله‪ ،‬كالورثة و الموصى لهم و الدائنين‪ ،‬بل حتى‬
‫الموثقين اآل خرين الذين تضرروا من أعمال زميلهم‪ ،‬كعدم احترامه لقواعد اإلختصاص المكاني‪،‬‬
‫حيث إن الموثق الذي يتجاوز حدود اختصاصه يصيب الموثق المختص أصال بضرر يتمثل‬
‫في حرمانه من توثيق عقود األفراد المقيمين في دائرة اختصاصه وما يترتب عن ذلك من‬
‫ضياع حقه في الحصول على أجر منهم‪.‬‬

‫ال اا ‪ 217‬أانا ‪،‬‬ ‫‪ -1‬ت ت ال اا ‪ 143‬من ال دونل ال امل ل ترائب ى أن ‪ " :‬بصرف ال ظر ن حق ال را ل ال صوص ي‬
‫يجو ل و ير ال ك ف بال اليل أو الش ت الي يتو إلي يلك أل ت ا س‪ ،‬لتائد الدولل‪ ،‬حق الشت ل ى ال قا ات و الحقوق ال ي يل‬
‫ال قا يل الا تكول محل نقل م كيل ضائ بين األحياء‪ ،‬ب و أو بغير و ‪ ،‬بإتساث اء ال ات بين األصول و التروع‪ ،‬إيا بدا أل ث ن‬
‫ال يط ال صرح ب أو الاصريح الاقدير ي ي اتسب القي ل الاجا يل ل قا ات و ق الاتويق‪ ،‬وأل أااء الوا ات ال تروضل ب اء ى تقدير‬
‫اإلاا لي يانت الحصول ي بال راضا ا‬
‫ي ا س حق الشت ل ال شا إلي أ ال و ق اإل راءات و الشروط ال صوص ي ا ال اا ‪ 218‬أانا ا"‬

‫‪80‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬العالقة االسببية و شرط البطالن‬


‫ال يكفي لقيام المسؤولية المدنية بنوعيها العقدية و التقصيرية توافر ركن الخطأ والضرر‪،‬‬
‫بل يجب أن تربط بينهما عالقة سببية (الفقرة األولى)‪ ،‬كما أنه باإلضافة إلى هذه األركان‬
‫العامة‪ ،‬فإن القانون رقم ‪ 32.09‬المنظم لمهنة التوثيق أضاف إلى هذه األركان شرطا جديدا أال‬
‫وهو شرط البطالن (الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬العالقة السببية‬
‫ال يكفي لقيام المسؤولية المدنية للموثق حصول ضرر لزبونه‪ ،‬و وقوع خطأ منه بل البد‬
‫أن يكون هذا الخطأ هو السبب المباشر في حدوث الضرر و إال انعدمت المسؤولية‪ .1‬فالضرر‬
‫حتى يمكن اعتباره ركنا ثانيا لقيام مسؤولية الموثق ال يكفي فيه أن يكون محققا في وجوده بل‬
‫البد أن يكون هذا الضرر المحقق هو النتيجة المباشرة لخطأ الموثق وهو ما يطلق عليه الفقه‬
‫الضرر المباشر‪ ،‬وهو ما يكون نتيجة طبيعة لعدم الوفاء باإللتزام أو التأخير في الوفاء به‪.‬‬
‫وبذلك ال تقوم المسؤولية عن الضرر غير المباشر‪ ،‬وهذا على ما يبدو ما أخد به المشرع‬
‫المغربي في الفصل ‪ 264‬من قانون اإللتزامات و العقود عند تعريفه للضرر بقوله ‪ " :‬الضرر‬
‫هو ما لحق الدائن من خسارة حقيقية وما فاته من كسب متى كانا ناتجين مباشرة عن عدم‬
‫الوفاء باإللتزام ‪.2"...‬‬
‫و لذلك حتى يسأل الموثق عن الضرر الالحق بزبونه‪ ،‬ويعوض هذا األخير عنه كامال‬
‫يجب أن يكون نتيجة مباشرة للخطأ المرتكب من طرف الموثق‪.‬‬
‫و لإللمام بهذا الموضوع سوف نتناوله وفق الشكل التالي ‪:‬‬
‫اوال ‪ :‬قيام العالقة السببية‬
‫ثانيا ‪ :‬انتفاء العالقة السببية‬

‫‪ -1‬امح د األمران نطا ‪ ،‬تشطير الا ويض بين ال سدوليل ال طيئل وال سدوليل ال تارضل‪ ،‬الط ل األولى الس ل ‪ ،1999‬ال ط ل و‬
‫الو ا ل الوط يل مراتش ‪ ،1999‬ص ‪ 121‬وما ب د اا‬
‫‪ -2‬منمول الكزبر ‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 410‬وما ب د اا‬

‫‪81‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫اوال ‪ :‬قيام العالقة السببية‬

‫يشترط لقيام المسؤولية المدنية التي تستوجب التعويض‪ ،‬باإلضافة إلى ركني الخطأ و‬
‫الضرر‪ ،‬قيام عالقة سببية بينهما‪ ،‬بمعنى إثبات أن الخطأ هو السبب المباشر في حدوث‬
‫الضرر‪ ،1‬وبالتالي تعتبر العالقة السببية تلك الرابطة التي تجمع بين الخطأ الذي يرتكبه‬
‫الموثق‪ ،‬والضرر الناتج عنه أي أن يكون خطأ الموثق هو الذي سبب الضرر للزبون‬
‫المضرور‪ ،‬فيتوجب لقيام مسؤولية الموثق أن تكون مقرونة بصدور خطأ عنه‪ ،‬وحدوث ضرر و‬
‫أن يكون الضرر ناشئا مباشرة عن هذا الخطأ‪.2‬‬
‫وقد أسفر البحث في العالقة السببية عن ظهور العديد من النظريات حاولت كل منها‬
‫تقديم تحليل لتفسير هذه العالقة‪ ،‬ومن أبرزها نظرية تعادل أو تكافؤ األسباب‪ ،3‬ونظرية السبب‬
‫المنتج ‪ ،4‬واذا ما سلمنا أن لكل من هذه النظريات تحليلها المنطقي الذي تعتمده كأساس‬
‫لتبريرها‪ ،‬وجدنا أنها جميعا تصب في فلك واحد هو إيجاد رابطة بين الخطأ و الضرر تصلح‬
‫لجعل الثاني نتيجة لألول‪.‬‬
‫و انطالقا مما سبق‪ ،‬نستطيع القول أن المتضرر ال يمكن أن يسأل الموثق إال إذا أثبت‬
‫إلى جانب الخطأ و الضرر الذي أصابه العالقة السببية التي تجعل من هذا الخطأ سببا مباش ار‬

‫‪ -1‬مح د ال وشوا م س‪ ،‬ص ‪41‬ا‬


‫‪ -2‬تسيد مح د ت ال مشيش ‪ ،‬اإللازامات ال يل ل وثق ال صر و ال سدوليات ال اتجل حالل اإلفالل ب ا‪ ،‬تسالل ل يل اب وم ال اتسار‬
‫القانول ال اص‪ ،‬ام ل القاض يا ت يل ال وم القانونيل و اإل اصاايل و اإل ا ا يل‪ ،‬مراتش‪ ،‬الس ل ‪ ،2012 – 2011‬ص ‪102‬ا‬
‫‪ -3‬نظريل ت اال األتس اب ‪ :‬يرى أصحاب ي ال ظريل "تسايوا ت ميل و ول و " أل التر يحدث نايجل ل ج و ل من األتس اب‬
‫وبدون ا ما تال ليحدث‪ ،‬و ليس نايجل لس ب واحد‪ ،‬و إن ا ل ج و ل من األتس اب‪ ،‬و أن إيا ألغي ا إحدا ا إل التر ي يقط م ا ي اج‬
‫إلزم محدث التر با ويض التر ت ويتا تامال‪ ،‬حسب أنصا ي ال ظريل ي ي كن أل تقوم باتر ل بين األتس اب بحسب أ يا ا أو‬
‫ال حظل الا ي ات ي ا أفد ي األتس اب ي يقط التر ‪،‬‬ ‫ما االل‪ ،‬ومن ي الزويل إن‬ ‫فطو ت ا إحداث التر ‪ ،‬كل األتس اب‬
‫ألل تل تس ب ي ط ل س ب األفر القد الس يل و ى يا إل تل امل و أمر يبد م لحدوث التر وبدون تكول األتس اب األفرى‬
‫دي ل التا يلا‬
‫‪ -4‬نظريل الس ب ال اج ‪ :‬ظ رت ي ال ظريل أل انيا‪ ،‬وي ا ر ول با ائد ا‪ ،‬وتقوم ي ال ظريل ى أتساس الا ييز بين أتس اب‬
‫تط‬ ‫التر بحيث ي ت اا م ا إي األتس اب الصالحل ألحداث التر ‪ ،‬أو الا ي ك ا أل تج من ال احيل ال وضو يل م ك ا‬
‫ل ال ج واات الا بدل ا انصا ي ال ظريل من أ ل تق ي ا اول‬ ‫ل قاض حريل ش مط قل اإلفايا األتس اب ال اجل‪ ،‬األمر الي‬
‫دوى‪ ،‬غي أل الاق ين ي ا ر ال يز األتساتسيل لكل نظريلا‬
‫تااب ‪ :‬امح د األمران نطا ‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 135‬وما ب د اا‬ ‫ي ال ظريات وا ا‬
‫ول زيد من اإلطالع انظر ‪ :‬د الر اق أح د الس و ‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 904‬وما ب د اا‬

‫‪82‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫في حصول الضرر‪ ،‬فال يمكنه بالتالي أن يطالب الموثق بتعويض أي ضرر إال إذا كان هذا‬
‫األ خير ناجما مباشرة عن إغفال حقيقي أو مفترض ألي من واجباته المهنية‪ ،‬لهذا ال يمكن أن‬
‫نسأل الموثق أذا لم يكن الضرر ناتجا عن خطئه و خصوصا في الحالة التي يتأكد فيها وقوع‬
‫الضرر حتى ولو لم يرتكب أي خطأ أي أن خطئه لم يكن هو السبب المباشر في إحداث‬
‫الضرر‪ ،‬حيث جاء في قرار للمجلس األعلى – محكمة النقض حاليا ‪ " : -‬ال مجال للحكم‬
‫بالتعويض إذا كان الفعل المنسوب للشخص ليس سببا مباش ار لوقوع الضرر"‪.1‬‬
‫والمهم في السببية هو اعتماد السبب المباشر للضرر‪ ،‬وليس ذلك متواف ار في حالة‬
‫اشتراك المتضرر مع الموثق في الخطأ حيث أن المسؤولية في هذه الحالة تتوزع بينهما‪ ،‬وهو‬
‫ما يشكل إعفاء جزئيا للموثق من المسؤولية‪.‬‬
‫وقد يكون إعفاء الموثق عندم ا يكون الضرر ناتجا عن خطأ الزبون نفسه‪ .‬كما في حالة‬
‫ما إذا سارع المشتري إلى تسليم الثمن إلى البائع و توقيع العقد بدعوى أنه قام بالتحريات‬
‫بنفسه‪.2‬‬
‫ثانيا ‪ :‬انتفاء عالقة السببية‬

‫إن نفي العالقة السببية يتم بإثبات ان الضرر الذي أصاب الزبون نشأ عن سبب أجنبي‬
‫ال يد للموثق فيه‪ ،‬ويقصد بالسبب األجنبي كل أمر ال يجد فيه للموثق ويكون هو السبب في‬
‫إحداث الضرر و يترتب عليه انتقاء مسؤوليته كلها أو بعضها‪.‬‬
‫فاألصل أن مدعي التعويض يجب عليه أن يثبت أركان المسؤولية جميعها بما فيها‬
‫رابطة السببية‪ ،‬غير أن هذا ال يمنع المدعي عليه من أن يدفع المسؤولية عن طريق إثبات‬
‫انعدام السببية بين خطئه والضرر الذي لحق الدائن‪ ،‬ويجوز له أن ينفي السببية بطريقة مباشرة‪،‬‬
‫أي بإقامة الدليل على أن الضرر نتيجة لسبب آخر أجنبي عنه‪.‬‬

‫‪ -1‬را صاا ن ال ج س األ ى ي ‪ 1104‬باا يخ ‪ 11‬ابريل ‪ ،1962‬م شو ب ج ل القتاء و القانول دا ‪ ،53 – 52‬ص ‪89‬ا‬
‫‪ -‬مق بن ا ‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪145‬ا‬
‫‪2‬‬

‫‪83‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫وقد نص المشرع المغربي في الفصل ‪ 95‬من قانون اإللتزامات و العقود على أنه ‪ " :‬ال‬
‫محل للمسؤولية المدنية في حالة الدفاع الشرعي أو اذا كان الضرر قد نتج عن حادث فجائي‬
‫أو قوة قاهرة لم يسبقها أو يصطحبها فعل يؤاخد به المدعى عليه ‪"...‬‬
‫كما نص في الفصل ‪ 268‬من قانون اإللتزامات و العقود على أنه ‪" :‬ال محل ألي‬
‫تعويض إذا أثبت المدين أن عدم الوفاء باإللتزام أو التأخير فيه ناشئ عن سبب ال يمكن أن‬
‫يعزى إليه كالقوة القاهرة أو الحادث الفجائي أو مطل الدائن‪".‬‬
‫وهكذا فإن الرابطة السببية تنتفي بوجود خطأ الضحية أو إثبات السبب األجنبي المتمثل‬
‫في القوة القاهرة أو الحادث الفجائي و خطأ الغير‪.‬‬
‫‪ /1‬القوة القاهرة أوالحادث الفجائي‬
‫عرف المشرع المغربي القوة القاهرة في الفصل ‪ 269‬من قانون اإللتزامات و العقود‬
‫بقوله ‪ " :‬القوة القاهرة هي كل ما ال يستطيع اإلنسان أن يتوقعه‪ ،‬كالظواهر الطبيعية‬
‫(الفيضانات و الجفاف‪ ،‬والعواصف‪ ،‬والحرائق‪ ،‬والجرد‪ ،‬وغارات العدو‪ ،‬وفعل السلطة) ويكون‬
‫من شأنه أن يجعل تنفيذ اإللتزام مستحيال‪.‬‬
‫وال يعتبر من قبيل القوة القاهرة األمر الذي كان من الممكن دفعه‪ ،‬ما لم يقوم المدين‬
‫الدليل على أنه بدل كل العناية لدرئه عن نفسه‬
‫وكذلك يعتبر من قبيل القوة القاهرة السبب الذي ينتج عن خطأ سابق للمدين"‪.‬‬
‫و نستشف من خالل قرائتنا لهذا الفصل أن القوة القاهرة هي ذلك الحادث أو الواقعة‬
‫التي ال يمكن أن يتوقعها اإلنسان عادة‪ ،‬ويستحيل مقاومتها أو دفعها و ال يكون للمدين يد في‬
‫تحقيقها عالوة على أن المشرع أعطى أمثلة على القوة القاهرة وجاء بها على سبيل المثال ال‬
‫الحصر الشيء الذي يدل على أن القوة القاهرة واقعة وليست قانون يمكن إثباتها بجميع وسائل‬
‫اإلثبات‪.‬‬

‫‪84‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫ومن جهة أخرى القوة القاهرة أو الحادث الفجائي شيء واحد بالرغم من أن بعض الفقهاء‬
‫قد اعتبرهما مختلفان فقالوا ‪ " :‬ان القوة القاهرة هي الفعل الذي يستحيل دفعه‪ ".‬بينما الحادث‬
‫الفجائي هو " الحال الذي ال يمكن توقعه"‪ .1‬وفسروا بالقول أن القوة القاهرة حدث مصدره من‬
‫الخارج و ال يتصل بنشاط المدعي (الزبون)‪ ،‬بينما الحادث الفجائي يأتي من الداخل ويكون‬
‫متصال بنشاطه‪،‬إال أن بعض الفقه‪ 2‬ينفي وجود أي فرق بين القوة القاهرة و الحادث‬
‫الفجائي‪،‬ويبرر موقفه بأنهما تعبيران مختلفان يدالن على معنى واحد يقصد به أمر غير متوقع‬
‫حصوله و غير ممكن‪ ،‬يجبر الشخص على اإلخالل بإلتزام‪.‬‬
‫وقد عرفتهما محكمة النقض الفرنسية بأنهما ‪ " :‬كل حادث خارجي يحدث فجأة فال‬
‫يستطيع الشخص توقعه و ال درؤه‪.3‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أنه ال يكفي لحدوث واقعة للقول بأنها تشكل قوة قاهرة‪ ،‬بل ال بد من‬
‫وجود مجموعة من الشروط لتحقق القوة القاهرة‪ ،‬والتي نسوقها كاآلتي ‪:‬‬
‫‪ ‬أن يكون غير متوقع ‪:‬‬
‫يقصد به أن يكون الحادث قادما من خارج دائرة نشاط المتحمل بالمسؤولية وخارج عن‬
‫دائرة مشروعة‪ ،‬وهذا الشرط نص عليه الفصل السابق الذكر‪..." :‬القوة القاهرة هي كل أمر ال‬
‫يستطيع اإلنسان أن يتوقعه"‪ ،‬والحادث إذا كان غير ممكن التوقع وقت إبرام العقد يعتبر قوة‬
‫قاهرة ولو كان باإلمكان توقعه بعد إبرام العقد أو تنفيذه‪.‬‬
‫‪ ‬شرط عدم الدفع‪:‬‬
‫تفيد هذه الفكرة معنيين األول يتمثل في عدم قدرة الشخص على منع نشوء الواقعة‬
‫المكونة للقوة القاهرة والثاني يتمثل في عدم تمكنه من التصدي لآلثار المترتبة عنها‪.‬‬

‫و أوصا و انقتا ‪ ،‬و ال ظريل ال امل لإلث ات‪،‬‬ ‫اإللازامات مصاا اإللازام أثا‬ ‫شرح القانول ال دن ‪ ،‬الجزء الثان‬ ‫‪ -1‬تس ي ال مر س‪ ،‬الوا‬
‫( ماغام)‪ ،1964 ،‬ال ط ل ال ال يل‪ ،‬القا ر ‪ ،‬ص ‪482‬ا‬
‫‪ - 2‬تس ي ال مر س‪ ،‬ال سدوليل ال دنيل تق ي ات ال الا ال ربيل‪ ،‬القسي األول‪ ،‬األحكام ال امل أ تال ال سدوليل التر و ال طن والس يل‪ ،‬م د ال حوث و‬
‫الد اتسات ال ربيل‪ (،‬ماغام)‪ ،1971 ،‬ام ل الدول ال ربيل‪ ،‬ص ‪ 491‬و ‪492‬ا‬
‫‪Cass . civ 1ere ch , 29 oct 1985. Pouvoir n : 95 – 11205 : « la force majeure ou le cas fortuit suppose -3‬‬
‫‪necessairement un événement exterieur a l’activite du debitteur de l’obligation ».‬‬

‫‪85‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫وسواء كانت اإلستحالة مادية أو معنوية فيجب أن تكون مطلقة‪.‬‬


‫‪ ‬انعدام خطأ المدين‪:‬‬
‫انطالقا من مقتضيات الفقرة األخيرة من الفصل ‪ 269‬من قانون اإللتزامات والعقود ‪:‬‬
‫"‪ ...‬وكذلك ال يعتبر من قبيل القوة القاهرة السبب الذي ينتج عن خطأ سابق للمدين‪".‬‬
‫وكذا مقتضيات الفصل ‪ 95‬من نفس القانون الذي ينص على أنه‪ " :‬ال محل للمسؤولية‬
‫المدنية‪...‬عن حادث فجائي أو قوة قاهرة لم يسبقها أو يصطحبها فعل يؤاخذ به المدعى عليه‪".‬‬
‫وعليه فإن الواقعة التي يتسبب في وقوعها المدين بفعله أو بخطئه‪ ،‬ال تكيف بأنها حالة‬
‫القوة القاهرة تعفيه من المسؤولية المدنية‪ ،‬ألن قواعد العدالة تقضي بأن ال حق للشخص في‬
‫اإلستفادة من خطئه‪.‬‬
‫‪ /2‬خطأ الغير‬
‫يعتبر خطأ الغير بدوره سببا أجنبيا إذا توفرت فيه مجموعة من الشروط و هي عدم‬
‫التوقع و استحالة الدفع و انعدام الخطأ من طرف المدين‪.‬‬
‫و هكذا يمكن للمدعى عليه أن يدفع عنه المسؤولية عن طريق خطأ الغير‪ ،‬كأن يثبت‬
‫أن الضرر الذي أصاب المضرور كان بسبب خطأ شخص أجنبي عنه‪ ،‬يستغرق خطأه فينفي‬
‫عالقة السببية بين خ طئه و الضرر‪ ،‬ويعفى من المسؤولية و التي يتحملها الغير وقتئد‪ .‬أما إذا‬
‫اشترك الغير مع خطأ المدعى عليه في إحداث الضرر و ثبتت عالقة السببية بين الخطأين و‬
‫الضرر‪ ،‬أصبح للضرر سببان ويكون كل من الشخص األجنبي و المدين مسؤوال أمام الدائن و‬
‫توزع المسؤولية بينهما كل واحد حسب نسبة خطئه و إن أمكن تحديد جسامة الخطأ‪ .‬و إال‬
‫شطرت المسؤولية بينهما‪ .‬ويبقى على محكمة الموضوع أن تبين توافر عالقة السببية و إال كان‬

‫‪86‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫حكمها معرضا للنقض ألن ا رتباط الفعل أو الترك بالضرر الناشئ ارتباط السبب بالمسبب‪ ،‬من‬
‫المسائل القانونية التي يخضع فيها قاضي الموضوع لرقابة محكمة النقض‪.1‬‬
‫‪ /3‬خطأ المضرور‬
‫يعد خطأ المضرور من أسباب اإلعفاء من المسؤولية المدنية‪ ،‬فإذا أثبت المدعى عليه‬
‫(الموثق) أن المدعي (الزبون) هو الذي تسبب بخطئه فيها أصابه من ضرر‪ ،‬فإن العالقة‬
‫السببية بين الخطأ و الضرر تنتفي و بالتالي يعفى المدعى عليه من المسؤولية‪ ،2‬ذلك أن‬
‫العالقة السببية إذا كانت تستفاد ضمنا من قرائن الحال على وجه الترجيح‪ ،‬إال أن السببية‬
‫المفترضة بين خطأ المدعى عليه و الضرر تزول أمام السببية الثابتة بين المضرور و الضرر‪،‬‬
‫وعليه فإن المضرور ينبغي ان يتحمل الضرر الناتج عن خطئه وحده و ال حق له في المطالبة‬
‫بالتعويض‪.3‬‬
‫فإذا ارتكب المتضرر سواء كان زبونا أو من الغير وحده فعال خاطئا‪ ،‬كأن تهاون الزبون‬
‫مثال في إحضار المستندات التي يتوقف عليها تحرير عقد معين‪ ،‬مما دفع بالموثق إلى عدم‬
‫تحريره في الوقت المناسب‪ ،‬فال يكون جدي ار بالتعويض‪ ،‬وعليه أن يتحمل تبعات أفعاله‪.4‬‬
‫ويقع بطبيعة الحال على الموثق – إذا اقيمت ضده دعوى مدنية – إثبات خطأ‬
‫المضرور لدرء المسؤولية عنه‪.‬‬
‫أما إذا ساهم كل من خطأ المضرور وخطأ المدعى عليه في إحداث الضرر فإن‬
‫المسؤولية توزع بينهما حسب النسبة التي ساهم بها خطأ كل منهما في إحداث الضرر‪.5‬‬

‫ابل ال ج س األ ى ى محاتي ال وضوع‬ ‫‪ - 1‬لإلطالع ى ابل محك ل ى محاتي ال وضوع ي كن الر وع إلى مح د الكش و ‪،‬‬
‫ال واا ال دنيل‪ ،‬الط ل األولى ‪ ،2001‬مط ل ال جاح الجديد الدا ال يتاءا‬
‫شرح القانول ال دن ‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪386‬ا‬ ‫‪ -2‬تس ي ال مر س‪ ،‬الوا‬
‫شرح القانول ال دن ‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪386‬ا‬ ‫‪ -3‬تس ي ال مر س‪ ،‬الوا‬

‫‪ -4‬نائ ل حديدو‪ ،‬ماس ‪ ،‬ص ‪182‬ا‬


‫‪ -5‬نائ ل حديدو‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪182‬ا‬

‫‪87‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬شرط البطالن‬


‫كما هو معلوم فالمسؤولية المدنية للموثق ال تخرج عن القواعد المنظمة للمسؤولية‬
‫المدنية بشكل عام‪ ،‬وهي الخطأ و الضرر و العالقة السببية بينهما‪ ،‬إال أنه طبقا لقانون‬
‫‪ 32.09‬المنظم لمهنة التوثيق يتبين أن المشرع أضاف لهذه األركان شرطا جديدا يتجلى في أن‬
‫يكون هذا البطالن أحدث ضر ار ألحد األطراف العقد‪ ،‬وليس الغير‪.‬‬
‫وقد نصت المادة ‪ 28‬من القانون رقم ‪ 32.09‬على أن ‪ " :‬الموثق يسأل مدنيا إذا‬
‫قضت المحكمة ببطالن عقد أنجزه بسبب خطئه المهني‪ ،‬ونتج عن هذا البطالن ضرر ألحد‬
‫األطراف‪".‬‬
‫فمن خالل هذا النص يظهر الفرق بين المسؤولية المدنية الخاضعة ألحكام القواعد‬
‫العامة‪ ،‬وبين مسؤولية الموثق المدنية اتجاه أطراف العقد‪ .‬ففي األولى يكون الضرر ناتجا‬
‫مباشرة عن الخطأ‪ ،‬بينما في الثانية يكون الضرر ناتجا عن بطالن العقد‪.‬‬
‫والبطالن قد يكون جزئيا أو كليا‪ ،‬إذ أن الخطأ قد يؤدي إلى بطالن العقد كليا أو أن‬
‫يؤدي فقط إلى بطالن جزء منه‪ ،‬فالبطالن الكلي ينتج عن األخطاء المنصوص عليها بالمادة‬
‫‪ 49‬من القانون رقم ‪ ،132.09‬أما البطالن الجزئي فهو البطالن الذي تحدث عنه المشرع‬
‫بالفقرة األخيرة من المادة ‪ 43‬من القانون رقم ‪ 32.09‬والذي يلحق بعض صفحات العقد فقط‪،‬‬
‫و تنص هذه الفقرة على أنه ‪ " :‬في حالة وجود صفحات غير مؤشر عليها من طرف الموثق أو‬
‫غير موقعة من األطراف على العقد فإن البطالن ال يلحق إال هذه الصفحات‪ " .‬و المحكمة هنا‬

‫‪ -1‬ت ت ال اا ‪ 49‬من القانول ي ‪09‬ا‪ 32‬ى أن ‪ " :‬يكول باطال تل قد تي ت قي و قا ل شكل الرتس ‪ ،‬و أنجز فال ا ألحكام ال واا ‪30‬‬
‫و ‪ 31‬و ‪ 32‬و ‪ 37‬و ‪ 39‬و ‪ 40‬من القانول إيا تال غير مييل باو يط تا ل األطراف‪ ،‬وإيا تال يح ل تو يط تل األطراف تكول ل قط ي ل‬
‫ال قد ال ر مط الحق مطال ل ال وثق بالا ويض الحالاين و إمكانيل تط يق ال قوبات الاناي يل و الز ريل حق ا‬
‫تسر نتس ال قاتيات إي ت قى موثق قدا فا ج مكا فال ا ل قاتيات ال اا ‪ 12‬أ ال أو إيا ت قا موثق مو ف أو م زولا‬
‫تصرح ال حك ل بال طالل ب اء ى ط ب تل من ل مص حل أو ال يابل ال امل‬
‫و ر القتيل من طرف أ م ‪،‬‬ ‫ي كن إثا بطالل ال قوا الا لي تراع ي ا أحكام ال ااتين ‪ 38‬و ‪ 46‬من يا القانول ل أ ا اع‬
‫مط الحق الا ويض و إمكانيل تط يق ال قوبات الاناي يل و الز ريل ى ال وثقا"‬

‫‪88‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫هي التي لها سلطة تقدير مدى تأثير هذا البطالن الجزئي على العقد ومدى الضرر الذي‬
‫أصاب المتعاقد من جراء ذلك‪.1‬‬
‫مع اإلشارة إلى أن البطالن الجزئي أو بطالن الصفحات يتحول إلى بطالن كلي عندما‬
‫يكون له مساس بأحد أركان العقد‪.‬‬

‫‪ - 1‬مح د بن حي‪ ،‬ماس‪ ،‬ص ‪197،196‬ا‬

‫‪89‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫المبحث الثاني‪ :‬آثار المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬


‫إذا تحققت شروط المسؤولية المدنية للموثق على النحو السابق‪ ،‬رتبت آثارها والمتمثلة‬
‫في استحقاق الزبون تعويضا عن الضرر الذي أصابه‪ ،‬والذي تحكم به المحكمة على الموثق‬
‫جب ار لهذا األخير‪ .‬وتحكم المحكمة بهذا التعويض في دعوى تقام من أجله‪ ،‬يتجلى أطرافها في‬
‫الزبون مدعيا والموثق مدعى عليه‪ ،‬وتخضع للقواعد واإلجراءات المسطرية المنصوص عليها‬
‫في قانون المسطرة المدنية المغربي مع مراعاة بعض الخصوصيات التي تفرضها طبيعة‬
‫العالقة‪.‬‬
‫والمحكمة في تقديرها للتعويض تستعين بالظروف المحيطة بالواقعة‪ ،‬كما تتأثر أيضا‬
‫بدرجة الخطأ المرتكب من طرف الموثق‪ ،‬وبمقدار الضرر الواقع كذلك‪،‬بحيث يجب أن يتكافأ‬
‫معه‪ ،‬ولهذا ال يعتبر التعويض عقوبة توقع على الموثق بما تحويه من معنى الردع والزجر‬
‫لغيره‪ ،‬فالتعويض هو وسيلة القضاء لمحو الضرر الواقع والتخفيف من وطأته‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة كذلك إلى أن المشرع ألزم الموثقين بالتأمين على مسؤوليتهم المدنية على‬
‫أخطائهم المهنية‪ ،‬حماية لهم من تحمل الخسارات والتعويضات المالية التي يمكن الحكم بها‬
‫عليهم وضمانا لحصول زبنائهم المتضررين على تعويضاتهم ‪.‬‬
‫ولإللمام بهذا الموضوع سنقسمه إلى مطلبين كالتالي‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬دعوى المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬


‫المطلب الثاني‪ :‬تعديل أحكام المسؤولية المدنية للموثق في التشريع‬
‫المغربي والتأمين عنها‬

‫‪90‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫المطلب األول ‪ :‬دعوى المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬


‫إن معالجة دعوى المسؤولية المدنية للموثق يستلزم أمو ار كثيرة ومتشعبة بعضها يتعلق‬
‫بشروطها وسببها وموضوعها ويتعلق البعض األخر بأطرافها والطلبات واإلثبات‪ ،‬وبما أن أكثر‬
‫هذه الموضوعات يدخل في دراسة قانون اإلجراءات‪ ،‬فإنني سأقتصر على بحث أطراف دعوى‬
‫المسؤولية وكيفية تقدير التعويض والتقادم‪.‬‬
‫فبالنسبة للدعوى تعددت األراء في تعريفها و المالحظ أن المشرع لم يقدم تعريفا محددا‬
‫لها‪ ،‬تاركا ذلك للفقه والقضاء‪.‬‬
‫و هكذا عرفها البعض بأنها حق اإلنسان في اإللتجاء إلى القضاء لتقرير حق له أو‬
‫تمكينه من اإلنتفاع به أو تعويضه عن الحرمان من اإلنتفاع‪ ،‬وهناك من يرى بأنها المطالبة‬
‫القضائية‪ ،‬ويذهب رأي ثالث إلى تعريفها بأنها الحق أو سلطة قانونية معينة‪.1‬‬
‫إن البحث في دعوى المسؤولية‪،‬وهي الدعوى التي يحق للزبون رفعها ضد الموثق بسبب‬
‫الضرر الذي أصابه لعدم تنفيذ الموثق اللتزاماته‪ ،‬أو لسوء تنفيذه أو التأخير فيه‪ ،‬ويقتضي هنا‬
‫األمر تقسيم هذا المطلب إلى فقرتين كالتالي‪:‬‬

‫الفقرة األولى‪:‬أطراف الدعوى‬


‫الفقرة الثانية‪:‬إجراءات الدعوى‬

‫‪ - 1‬ل و ذذوف ذذى ذذي اآل اء ي كذذن الر ذذوع إلذذى ذذد الكذذريي الطالب‪،‬الشذذرح ال ذذ لقذذانول ال سذذطر ال دنيل‪،‬الط ذذل األولذذى‪ ،‬يوليذذو‬
‫‪،2001‬ال ط ل والو ا ل الوط يل مراتش‪،‬ص ‪ 128‬وما ب د اا‬

‫‪91‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫الفقرة األولى‪:‬أطراف الدعوى‬

‫إن طرفي دعوى المسؤولية المدنية للموثق هما المدعي وهو الزبون الذي أصابه ضرر‬
‫من جراء خطأ الموثق أو من ينوب عنه و المتمثل في عدم تنفيذ التزامه أو التأخير في تنفيذه‪،‬‬
‫والمدعى عليه وهو الموثق‪.‬‬
‫ولإللمام بهذا الموضوع سوف نتناوله على الشكل اآلتي ‪:‬‬
‫أوال ‪:‬المدعي‬
‫ثانيا‪:‬المدعى عليه‬

‫أوال‪ :‬المدعــــــــــي‬
‫األصل أن الشخص الذي لحقه ضرر هو الذي يكون مدعيا‪،‬فيقوم برفع الدعوى‬
‫للمطالبة بالتعويض جب ار للضرر الذي أصابه‪،‬حيث إن المدعي العادي في دعوى المسؤولية هو‬
‫المتضرر أو خلفه وكل من حل محله في حقوقه بمقتضى عقد أو نص قانوني‪.‬‬
‫وانطالقا مما سبق يمكن القول إن الحق في اإلدعاء بالتعويض هو حق ثابت للمضرور‬
‫شخصيا متى كان كامل األهلية‪ ،1‬واذا توفي انتقل لورثته فكل من هؤالء حق مستقل بالمطالبة‬
‫بالتعويض عن الضرر الذي لحقه شخصيا أصالة عن نفسه‪ ،‬كما يمكنه أن يطالب بالتعويض‬
‫عن الضرر الذ ي لحق من هو في عهدته‪ ،‬نيابة عنه إذا كان المضرور فاقد األهلية أو‬
‫ناقصها‪ ،‬وتقام الدعوى في هذه الحالة من قبل نائبه الشرعي‪ ،‬أي من قبل الولي أو الوصي او‬
‫المقدم حسب االحوال طبقا لقانون المسطرة المدنية‪.‬‬
‫وفي حالة وفاة المضرور ينتقل حقه في التعويض‪ ،‬خصوصا عندما يكون المضرور قد‬
‫رفع الدعوى قبل وفاته‪ ،‬إذ يمكن للورثة مواصلة الدعوى‪ ،‬و ذلك وفقا للفصل ‪ 115‬من قانون‬

‫شرح القانول ال دن الجزء األول‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪372‬ا‬ ‫‪ ،‬الوتسيط‬ ‫‪ -1‬د الر اق اح د الس و‬

‫‪92‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫المسطرة المدنية‪ ،‬وهكذا تدخل تلك الدعوى ضمن عناصر التركة‪،‬أما إذا لم يسبق له أن رفع تلك‬
‫الدعوى‪ ،‬فإنه يقع التمييز بين التعويض عن الضرر المادي والتعويض عن الضرر األدبي ‪.1‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أنه في حالة تعدد المتضررين من فعل الموثق ‪ ،‬فإنه يحق لكل واحد‬
‫من هؤالء ممارسة دعوى مستقلة للمطالبة بالتعويض عن الضرر الحاصل له بعد إثباته‪،‬وذلك‬
‫برفع دعوى شخصية بإسمه‪ ،‬والتضامن بين المتضررين‪ ،‬حيث إن القاضي يقدر تعويض كل‬
‫واحد منهم على حدة‪.2‬‬
‫ويشترط في دعوى المدعي لقبولها عدة شروط منها ما هو موضوعي ومنها ما هو‬
‫شكلي‪ ،3‬ومن الشروط الموضوعية‪ ،‬الصفة واالهلية والمصلحة كما نص على ذلك صراحة‬
‫الفصل األول من قانون المسطرة المدنية بقوله‪ " :‬اليصح التقاضي إال ممن له الصفة واألهلية‬
‫والمصلحة إلثبات حقوقه‪ ،‬يث ير القاضي تلقائيا انعدام الصفة أو األهلية‪ ،‬او المصلحة أو اإلذن‬
‫بالتقاضي إن كان ضروريا وينذر الطرف بتصحيح المسطرة داخل أجل يحدده "‪.‬‬
‫ويعتبر شرط المصلحة من أهم شروط الدعوى‪ ،‬فالمدعي عندما يقيم دعواه يجب أن‬
‫تكون له مصلحة في رفعها مستندة إلى حق يدعيه ألن المصلحة مناط الدعوى وال دعوى بغير‬
‫مصلحة‪.‬‬
‫أما الشروط الشكلية فهي اإلجراءات الواجب اتباعها لقبول الدعوى وهي المنصوص‬
‫‪4‬‬
‫عليها في قانون المسطرة المدنية و خاصة الفصل ‪ 31‬و الفصل ‪ 32‬من هذا القانون‪.‬‬

‫يما ال اليل‪ ،‬إل الحق الا ويض ثابق ل اتر وبيلك ي اقل إلى و ثا ‪ ،‬حيث‬ ‫‪ -1‬اي تال الا ويض ن التر ال اا الي أصاب ال او‬
‫ى يد الحيا ا أما إيا تال الا ويض نا ا ن ضر أاب أصاب‬ ‫يص ح من حق الو ثل ال طال ل بالا ويض الي تال مو ث تسيطالب ب لو بق‬
‫ش و أو ا طتا أو شر ‪ ،‬إن يي اقل إلى و ثل ال اتر ‪ ،‬إي إيا تحدا ب قاتى اتتاق بين ال اتر وال سدول أو طالب ب ال اتر‬ ‫ال اتر‬
‫أمام القتاءا‬
‫ل زيد من اإليتاح أنظر‪:‬‬
‫د الر اق أح د الس و م س‪ ،‬ص ‪1041‬ا‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -‬منمول الكزبر ‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪422/421‬ا‬
‫‪ - 2‬ال اا بن أح د ال طا ‪ ،‬م س ‪ ،‬ص ‪291‬‬
‫‪ - 3‬د الكريي الطالب‪ ،‬ماس‪ ،‬ص ‪ 143‬وما ب د اا‬
‫‪ -4‬ي ت التصل ‪ 31‬من ق م م ى أن ‪ ":‬تر ط الد وى إلى ال حك ل ايبادائيل ب قال مكاوب مو ط ي من طرف ال د أو وتي أو باصريح يدل‬
‫ال حتر إلى أن ي ي كن ل الاو يطاتقيد‬ ‫ب ال د ش صيا ويحر ب أحد أ وال تاابل الت ط ال ح تين محترا يو ط من طرف ال د أو يشا‬
‫القتايا تسجل م د ليلك حسب الارتيب الاس س لا قي ا وتا ي ا مط بيال أتس اء األطراف وتيا تا يخ ايتساد اءا ب جرا تقييد ال قال ي ين ئيس‬
‫ال حك ل حسب األحوال اضيا مقر ا أو اضيا مك تا بالقتيل"ا‬
‫‪ -‬ي ت التصل ‪ 32‬من ق م م ى أن ‪ ":‬يجب أل يات ن ال قال أو ال حتر األتس اء ال ائ يل والش صيل وصتل أو م ل وموطن أو محل إ امل ال د ى‬
‫ي وال د وتيا د اي اتاء أتس اء وصتل وموطن وتيل ال د ‪ ،‬وإيا تال أحد األطراف شرتل و ب أل يات ن ال قال أو ال حتراتس ا ونو ا‬

‫‪93‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫ثانيا‪ :‬المدعى عليه‬


‫إن المدعى عليه في دعوى المسؤولية المدنية للموثق هو الموثق المسؤول عن تعويض‬
‫الضرر الذي أصاب المدعي وهو الزبون‪،‬واذا كان الضرر قد حدث بفعله أو بفعل أشخاص‬
‫يسأل الموثق عن أفعالهم كأن يكونوا تابعين له حسب مفهوم التبعية‪،‬أو لم يكونوا كذلك وانما‬
‫يستعين بهم في القيام بمهامه كالمتمرنين لديه‪،‬وأجرائه‪،‬فإن الدعوى ترفع عليه وحده وليس على‬
‫مرتكب الفعل الضار من أعوانه‪.‬‬
‫وقد يقوم مقام الموثق المسؤول نائبه فيكون هو المدعي عليه‪.‬وقد يحل محله خلفه‬
‫كالوارث‪،‬والتركة هي التي ستكون محل تعويض الضرر الذي أحدثه الموثق قبل وفاته‪.‬طبقا‬
‫لقاعدة "ال تركة إال بعد سداد الديون" وترفع الدعوى على الخلف العام وهو الوارث هنا باعتباره‬
‫ممثال للتركة أما بالنسبة للخلف الخاص‪،‬فال يجوز الرجوع عليه بالتعويض بسبب خطأ الموثق‬
‫المتوفي إال في حالة تحقق أركان المسؤولية في جانبه بسبب المال الذي تلقاه‪ .‬كما إذا انتقل‬
‫إليه دين التعويض عن طريق الحوالة‪ ،1‬وحوالة الدين جائزة في القانون المدني‪.2‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أنه إذا تعدد المسؤولون فال يمكن أن يكونوا متضامنين في نطاق‬
‫المسؤولية العقدية إال إذا التزموا معا بأداء التعويض‪ .‬وبذلك نص الفصل ‪ 164‬من قانون‬
‫اإللتزامات والعقود على أن ‪":‬التضامن بين المدنيين ال يفترض‪،‬ويلزم أن ينتج صراحة عن السند‬
‫المنشئ لإللتزام أو من القانون‪ ،‬أو أن يكون النتيجة الحتمية لطبيعة المعاملة"‪.‬‬

‫ال قايت وال حاضر الو ى يلك موضوع الد وى والو ائط والوتسائل ال ثا وتر ق بالط ب ال سا دات الا‬ ‫=ومرتز اا يجب أل ي ين بإيجا‬
‫ي و ال د اتسا ال ا د اي اتاء مقابل وصل يس تاتب الت ط ل د يث ق ي دا ال سا دات ال ر قل ونو ااإيا دم الط ب ب قال مكاوب‬
‫ضد د مد ى ي ي و ب ى ال د أل ير ق ال قال ب دا من ال سخ مساو ل دا ال صومايط ب القاض ال قر أو القاض ال ك ف بالقتيل د‬
‫اي اتاء تحديد ال يانات غير الاامل أو الا تي إغتال ا‪ ،‬ت ا يط ب اإلايء ب سخ ال قال الكا يل ويلك اافل أ ل يحدا ‪ ،‬تحق طائ ل الحكي ب دم ول‬
‫الط ب"ا‬
‫‪ - 1‬د الر اق أح د الس و ‪،‬الوتسيط شرح القانول ال دن ‪،‬الجزء األول‪،‬ماس‪ ،‬ص ‪1046‬ا‬
‫ترتل ي يت ن إي تون وا ثااوي تصح ي الحوالل إي إيا تال الطر ال ي ر ال ي ل‬ ‫‪ -2‬ي ت التصل ‪ 209‬من ق ل ع ى أن "من أحال حق‬
‫الارتلا‬
‫وب قاتى ي الحوالل‪،‬ت اقل بحكي القانول الحقوق وإيلازمات ال ا قل بالارتل إلى ال حال ل "ا‬
‫يط الحايت الا ترا ي ا الحوالل ى األصل الاجا أو الارتل أو اليمل يجو لدائ الشيئ‬ ‫ت ا ي ت التصل ‪ 210‬من ق ل ع ى أن "‬
‫ال حال‪،‬أل ي اشروا من و ق حصول الحوالل ا اوي ي ‪ ،‬ى نحو ما يقر ل ي القانول‪،‬ضد ال دين السابق وضد ال حال ل م ا‪،‬ويلك ما يرتتوا الحوالل‬
‫صراحلا‬
‫ومط يلك‪،‬ي يكول ال حال مسدوي إي حدوا ما ل يمل الا أحي ق ل من حقوق ى نحو ما يظ ر من حصر الارتل او ي ال سدوليل الوا ل ى‬
‫ب قاتى اتتا ات م رمل بي وبين ال دين السابق"ا‬ ‫اتق ال حال ل ي ي كن تقييد ا أو اتسقاط ا‬

‫‪94‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫أما في نطاق المسؤولية التقصيرية للموثق‪،‬فإنه إذا تعدد المسؤولون الذين نسب إليهم‬
‫الفعل الضار الذي ألحق بزبونهم‪ ،‬جاز لهذا األخير أن يقيم الدعوى عليهم جميعا‪ ،‬أو على أي‬
‫واحد منهم للمطالبة بكل التعويض ألنهم يكونون مسؤولين بالتضامن‪ ،‬ويحق لمن دفع التعويض‬
‫أن يرجع على الباقين بحسب نصيب كل واحد منهم والذي تحدده المحكمة بناء على جسامة‬
‫التعدي الذي وقع من كل منهم‪،‬واذا تعذر تحديد النسبة التي ساهم بها كل واحد منهم في‬
‫الضرر فإن المسؤولية تقع عليهم جميعا بالتساوي ودون تمييز بينهم‪ 1.‬وهذا ما نص عليه‬
‫صراحة الفصل ‪ 99‬من قانون اإللتزامات والعقود الذي جاء فيه‪":‬إذا وقع الضرر من أشخاص‬
‫متعددين عملوا متواطئين‪،‬كان كل منهم مسؤوال بالتضامن عن النتائج‪،‬دون تمييز بين من كان‬
‫منهم محرضا أو شريكا أو فاعال أصليا‪." 2‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬إجراءات دعوى المسؤولية‬
‫ال تختلف القواعد المتبعة في تحريك دعوى المسؤولية المدنية للموثق عن تلك المسطرة‬
‫في قانون المسطرة المدنية‪،‬ونظ ار لكون اإلجراءات الواجب اتباعها في دعوى المسؤولية هي‬
‫نفسها الواجبة بشأن تقديم الدعاوى‪ ،‬فإننا سنقتصر في هذه الدراسة على تبيان ما يلي‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬الختصاص‬
‫اإلختصاص هو سلطة المحكمة للحكم في قضية معينة‪ ،‬وتحديد اختصاص محكمة‬
‫معينة يكون بتمييز القضايا التي لها سلطة نظرها وفقا للقواعد التي ينص عليها القانون‪.‬‬
‫وبتطبيق قواعد اإلختصاص على الدعوى المقامة على الموثق‪ ،‬نجد أن هذه األخيرة‬
‫ترفع في مواجهته لدى المحكمة اإلبتدائية بوصفها مرجعا عاديا‪ ،‬بما أنها تختص بالحكم في‬
‫جميع الدعاوى التي لم يعط نص تشريعي خاص النظر فيها إلى محكمة أخرى‪،‬وما دام المشرع‬

‫‪ 1‬د الر اق أح د الس و ‪،‬الوتسيط شرح القانول ال دن ‪،‬الجزء األول‪،‬م اس‪،‬ص ‪ 1047‬وما ب د اا‬
‫من بي ي‪،‬أو‬ ‫األص‬ ‫التصل ‪ 99‬إيا ت دا ال سدولول ن التر وت ي تحديد ا‬ ‫‪ 2‬ي ت التصل ‪ 100‬من ق ل ع ى أن ‪":‬يط ق الحكي ال قر‬
‫ت ي تحديد ال س ل الا تسا وا ب ا التر ا"‬

‫‪95‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫المغربي لم يخص قواعد المسؤولية المدنية للموثق بأي مقتضى خاص‪ ،‬تبقى القواعد العامة‬
‫هي الواجبة التطبيق في هذا الصدد‪.‬‬
‫ويقع الحكم في هذه الدعوى من قبل المحكمة اإلبتدائية إما ابتدائيا وانتهائيا إذا لم‬
‫تتجاوز قيمة طلب التعويض ‪ 5000‬درهم‪ ،‬واما قابال لإلستئناف إذا تعدى المبلغ المطالب به‬
‫هذه القيمة‪.1‬‬
‫أما بالنسبة لإلختصاص المحلي‪ 2‬فقد وضع المشرع في الفصل ‪3 27‬من قانون المسطرة‬
‫المدنية القاعدة العامة في هذا المجال والتي تقتضي بأن هذا اإلختصاص ينعقد لمحكمة‬
‫الموطن الحقيقي أو المختار للمدعى عليه(الموثق) ثم عمد في الفصل ‪ 28‬من نفس القانون‬
‫إلى تقليص حدود مبدأ اختصاص محكمة موطن المدعى عليه ونص على استثناءات عديدة‬
‫لهذا المبدأ من بينها تلك الواجب تطبيقها على الدعوى المقامة على الموثق‪ ،‬فقد جاء في الفقرة‬
‫السابعة من الفصل ‪ 28‬من قانون المسطرة المدنية على أنه‪":‬في دعاوي التجهيز واألشغال‬
‫والكراء واجارة الخدمة أو العمل أمام المحكمة محل التعاقد أو تنفيذ العقد إذا كان هو موطن‬
‫أحد األطراف واال فأمام محكمة موطن المدعى عليه"‪.‬‬
‫هذا في الحالة التي يكون فيها الخطأ المرتكب من قبل الموثق خطأ عقديا‪ ،‬أو بصيغة‬
‫أخرى حين يكون المضرور هو الزبون‪،‬أما في الحالة التي يكون فيها الخطأ تقصيريا‪،‬أو أن‬
‫المضرور شخص من الغير ال تربطه أية عالقة تعاقدية مع الموثق فإن اإلختصاص ينعقد‬
‫وطبقا للفقرة السادسة من الفصل ‪ 28‬من القانون المسطرة المدنية‪ ،‬لمحكمة المحل الذي وقع‬
‫فيه الفعل المسبب للضرر أو أمام محكمة موطن المدعى عليه باختيار المدعي‪ ،‬ويمكن أن‬

‫‪ -1‬ت ت ال اا ‪ 19‬من مشروع قامام الجديد ى أن " ت ات ال حاتي اإلبادائيل مط مرا ا ال قاتيات ال اصل‪ ،‬بال ظر‪ :‬ابادائيا وانا ائيا إلى غايل‬
‫يط الط ات الا تاجاو ف سل ايف ا ي ااا"ا‬ ‫ف سل ايف ا ي‪ ،‬وابادائيا مط حتظ حق اإلتسائ اف‬
‫‪ -2‬يقصد باإلفاصاص ال ح أل تل مح ك ل تكول م اصل بال ق ال ا ات الرا ل ل ا‪،‬لكن حدوا الدائر الجغرا يل الااب ل ل اا‬
‫أو ات الش يو نو غزيل‪،‬ال كونات ال يويل ل ا ظيي القتائ ال غرب ‪،‬ا اتسل تح ي يل من اويل ال قومات الجو ريل ل حكامل الجيد ‪ ،‬الط ل األولى‬
‫‪ ،2008‬مط ل الو وا‪ ،‬انزتال‪ ،‬ص ‪2‬ا‬
‫‪ - 3‬ي ت التصل ‪ 27‬من قامام ى أن ‪":‬يكول اإلفاصاص ال ح ل حك ل ال وطن الحقيق أو اال اا ل د ى ي إيا لي يكن ل يا األفير موطن‬
‫ال غرب ولكن ياو ر ى محل إ امل تال اإلفاصاص ل حك ل يا ال حلاإيا لي يكن ل د ى ي ي موطن وي محل إ امل بال غرب ي كن تقديي‬
‫الد وى ضد أمام محك ل موطن أو إ امل ال د أو واحد م ي د ت دا ي"ا‬

‫‪96‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫نقول إذا ما طبقت هذه المقتضيات أن اإلختصاص سينعقد في غالب األحيان لمحكمة موطن‬
‫المدعى عليه وهو الموثق‪.‬‬
‫هذا فيما يخص اإلختصاص المحلي‪،‬أما بالنسبة لإلختصاص النوعي فإنه يتجلى في‪:‬‬
‫‪ -‬إما أن يخل الموثق بإحدى اإللتزامات المفروضة عليه قانونيا والتي تلحق ضر ار‬
‫بالمدعي‪ ،‬ودون أن يقترن ذلك بفعل جرمي في هذه الحالة فإن اإلختصاص ينعقد للغرفة‬
‫المدنية بالمحكمة اإلبتدائية‪.‬‬
‫‪ -‬إما أن يرتكب الموثق أحد االفعال المجرمة قانونا‪،‬وفي هذه الحالة إما أن يتعلق األمر‬
‫بجنحة فينعقد اإلختصاص للغرفة الجنحية بالمحكمة اإلبتدائية‪ ،‬واما أن يشكل الفعل‬
‫المرتكب جناية وفي هذه الحالة ينعقد اإلختصاص لغرفة الجنايات بمحكمة‬
‫اإلستئناف‪،‬وفي الحالتين معاً‪ ،‬فإنه يبقى من حق المتضرر اإلنتصاب كطرف مدني‬
‫للمطالبة بالتعويض في إطار الدعوى المدنية التابعة‪.1‬‬

‫ولكي يتأتى لألطراف المتعاقدة مطالبة الموثق بالتعويض في إطار الدعوى المدنية‬
‫التابعة‪ 2‬وبصفته تلك يجب أن تكون تلك األفعال الجرمية المرتكبة من طرف الموثق متعلقة‬
‫بالمعاملة التوثيقية التي قامت بشـأنها الدعوى العمومية ‪ ،‬كالتزوير في العقد المبرم بواستطه أو‬
‫خيانة األمانة أو النصب أو إفشاء سر مهني‪،...‬أما إذا كانت األفعال الجرمية المرتكبة من‬
‫طرفه ال عالقة لها بموضوع المعاملة‪ ،‬فإنه ال يمكن مساءلته بصفته موثق وانما كشخص‬
‫عادي‪.‬‬

‫حل أو م التل لكل من ت ر‬ ‫‪ - 1‬ت ت ال اا ‪ 7‬من قاماج ى أن ‪ ":‬ير ط الحق إ امل الد وى ال دنيل ل ا ويض ن التر ال اتج ن‬
‫ايل أو‬
‫ش صيا لتر س ان أو ماا أو م و تس ق ي الجري ل م اشر ااا"‬
‫‪- 2‬الد وى ال دنيل الااب ل يقصد ب ا الط ب الي يقدم ال اتر أمام ال حك ل الج ائيل و ت ظر الد وى ال وميل ب دف الحصول ى ت ويض‬
‫ن التر الي لحق من الجري ل ال روضل ي ا وال رتك ل حق ا‬

‫‪97‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫ثانيا ‪ :‬تقدير التعويض‬


‫التعويض هو جزاء مدني له وظيفة جبر الضرر نتيجة فعل الشخص‪ ،‬سواء في نطاق‬
‫المسؤولية العقدية أو المسؤولية التقصيرية‪ ،‬كنتيجة لإلخالل بهاتين المسؤوليتين‪ ،‬إذ يتم جبر‬
‫ذلك الضرر عن طريق التعويض‪.‬‬
‫و المالحظ أن المشرع المغربي لم يعرف التعويض بل ترك أمر تعريفه للفقه والقضاء‪.‬‬
‫و هكذا عرف الفقه التعويض بأنه المقابل الذي يلتزم شخص بدفعه إلى المصاب جب ار‬
‫للضرر الحاصل له نتيجة اإلخالل بالتزام ما‪.1‬‬
‫والتعويض إما أن يكون عن رضا أي يتفق الطرفان عليه أو أن يكون قضائيا‪.‬‬
‫و يختلف أساس التعويض ما بين المسؤولية العقدية والتقصيرية‪ ،‬فحسب ما جاء في‬
‫الفصل ‪ 263‬من ق ل ع‪ ،2‬فإن أساس التعويض في المسؤولية العقدية يترتب عن عدم تنفيذ‬
‫اإللتزام التعاقدي على الوجه المتفق عليه أو بسبب التأخر في الوفاء به‪ ،‬وذلك غير مرهون‬
‫بحسن أو سوء نية من جانب المدين فالتعويض يستحق في الحالتين معاً ‪.‬‬
‫أما فيما يخص اساس التعويض في المسؤولية التقصيرية‪ ،‬فإنه بالرجوع إلى الفصل ‪77‬‬
‫من ق ل ع‪ ،3‬يتضح أن المسؤولية التقصيرية تترتب على مجرد اإلخالل بالواجبات القانونية‬
‫سواء كان منصوصا عليها في بنود تشريعية أو كانت نابعة من نظام التعايش اإلجتماعي‪،‬‬
‫حيث إن كل من تسبب في وقوع الضرر فإنه ملزم بأداء التعويض للطرف المتضرر‪.4‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن التعويض في المسؤولية التقصيرية أبعد مدى وأوسع نطاقاً منه‬
‫في المسؤولية العقدية‪ ،‬ففي األولى يلتزم المدين بتعويض الضرر المباشر سواء كان متوقعا أو‬

‫القانول ال اص‪ ،‬ام ل مح د‬ ‫الاشريط ال غرب ‪،‬أطروحل ل يل اتاو ا الدولل‬ ‫‪ -1‬تس يد الدغي ر‪،‬ت تيي ايلازام ب قابل أو بطريق الا ويض تائيا‬
‫ال امس الرباط‪،1982-1981 ،‬ص‪221‬ا‬
‫‪ - 2‬ي ت التصل ‪ 263‬من ق ل ع ى أن ‪":‬يساحق الا ويض إما بس ب دم الو اء باإللازام‪،‬وإما بس ب الانفر الو اء ب ويلك ولو لي يكن اك أ‬
‫تسوء نيل من انب ال دين"ا‬
‫‪ - 3‬ي ت التصل ‪ 77‬من ق ل ع ى أن ‪":‬تل ل ا تك اإلنسال ن بي ل وافايا ‪،‬ومن غير أل يس ح ب القانول‪ ،‬نحدث ضر ا ماايا أو م ويا‬
‫ل غير‪،‬ي زم مرتك با ويض يا التر ‪ ،‬إيا ث ق أل يلك الت ل و الس ب ال اشر حصول التر ا‬
‫‪ -4‬د القاا ال ر ا ‪،‬م اسا ص‪11‬ا‬

‫‪98‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫غير متوقعا‪،‬بينهما ال يشمل التعويض في المسؤولية العقدية سوى الضرر المتوقع عادة وقت‬
‫إبرام العقد‪.‬‬
‫إن أغلب األخطاء المرتكبة من طرف الموثقين ترجع باألساس إما لعدم تنفيذ اإللتزامات‬
‫الملقاة على عاتقهم‪،‬أو التأخير في تنفيذها‪ ،‬وفي كال الحالتين فإن أغلب األضرار التي تلحق‬
‫الزبناء أو األغيار تتعلق بدمتهم المالية‪ ،‬ومن ثم فإن التعويض المستحق لهم يكون حسب‬
‫طبيعته إما تعويض عيني أو تعويض بمقابل‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫فالتعويض العيني هو الذي يضمن إزالة ضرر بعينه وذلك بالقضاء على سبب الضرر‬
‫ويسمى أيضا بالتنفيذ العيني وأساسه الوفاء باإللتزام عينا‪2،‬وفي نظرنا فإن التعويض العيني أو‬
‫التنفيذ العيني في إطار دعوى المسؤولية التقصيرية للموثق يمكن تصوره في حالتين‪:‬‬
‫الحالة األولى‪:‬وهي الحالة التي يرتكب فيها الموثق أحد األفعال المجرمة قانونا كالنصب‬
‫أو التزوير ويؤدي ذلك إلى فقدان الطرف المتضرر من هذا الفعل عقاره أو أصله التجاري أو‬
‫أي حق آخر ففي مثل هذه الحاالت ليس هناك ما يمنع هذا األخير من المطالبة بتعويض‬
‫عيني يكون على شكل عقار أو أصل تجاري بنفس المواصفات وتبقى هذه الحالة نادرة الوقوع‪.‬‬
‫الحالة الثانية‪ :‬وهي الحالة التي يتأخر فيها الموثق في القيام ببعض اإلجراءات القانونية‬
‫الالزمة إلتمام إجراءات التعاقد عن آجالها القانونية‪،‬بحيث يصبح المعني باألمر ملزما بأداء‬
‫مبالغ إضافية عبارة عن غرامات عن التأخير في تنفيذ هذه اإللتزامات‪،‬ففي هذه الحالة فإذا كان‬
‫الموثق هو المتسبب في حدوث هذه الزيادات‪،‬فإنه يتعين عليه أداء هذه الغرامات لفائدة‬
‫المصالح المعني ة‪،‬وعليه فإن هذا التعويض يكون عبارة عن تعويض عيني ما دام الموثق قد قام‬
‫بإزالة الضرر بعينه‪ ،‬وذلك بالقضاء على سببه وهو أداء الغرامات اإلضافية‪.‬‬
‫أما التعويض النقدي فهو الذي يغلب الحكم به في دعاوى المسؤولية التقصيرية ففي‬
‫جميع األحوال التي يتعذر فيها التنفيذ العيني‪،‬وال يرى القاضي فيها سبيال إلى تعويض غير‬

‫‪ - 1‬مر وق ايق الحاج‪،‬م‪،‬س‪،‬ص ‪141‬ا‬


‫‪ -2‬د الر اق أح د الس و ‪،‬ماس‪،‬ص‪1092‬ا‬

‫‪99‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫نقدي يحكم بتعويض نقدي‪،‬فالتعويض النقدي إذن هو األصل‪ 1‬ويكون عبارة عن مبلغ من النقود‬
‫يدفعه المسؤول للمتضرر إلصالح الضرر الذي أصابه‪.‬‬
‫فالتعويض النقدي يعتبر أهم اآلثار المترتبة عن قيام مسؤولية الموثق المدنية‪،‬وهو يشمل‬
‫باإلضافة إلى المصروفات التي اضطر المتضرر إلى إنفاقها بسبب خطأ الموثق ‪ -‬إذا لم يكن‬
‫قد طالبه بأدائها مباشرة بحيث تدخل في هذه الحالة ضمن التعويض العيني – الخسارة التي‬
‫لحقت ه من هذا الخطأ‪ ،‬فالزبون الذي يحرم من الحصول على سكن بسبب خطأ الموثق في القيام‬
‫باإلجراءات الالزمة للحصول على قرض عقاري ال شك أنه سيتضرر من هذا الخطأ بحيث‬
‫يتطلب منه ذلك اإلنتظار لمدة قد تطول من أجل معاودة نفس اإلجراءات‪،‬وبالتالي يكون محقا‬
‫في الحصول على تعويض عما لحقه من ضرر‪.‬‬
‫وأيا كان التعويض المحكوم به لفائدة المتضرر‪ ،‬المهم أن يكون كفيال بجبر األضرار‬
‫التي تعرض لها من طرف شخص كان بالنسبة له موضع ثقة‪ ،‬وذلك لحماية هذه الثقة من جهة‬
‫وحماية المصالح المالية للناس‪.‬‬
‫ويخضع التعويض في صورته العادية للسلطة التقديرية للقضاء تبعا لظروف ومالبسات‬
‫كل قضية‪ ،‬والذي قد يشدد أو يقلل منه‪.‬‬
‫ومن أهم المعايير المعتمدة في تقدير التعويض حجم الخسارة التي لحقت المتضرر‪،‬‬
‫وأهمية الكسب الذي فاته كما ينص على ذلك الفصل ‪ 95‬من قانون اإللتزامات‬
‫والعقود‪، 2‬فالقاضي عند تحديده للتعويض يجب أن يراعي هذين العنصرين‪،‬كما يجب عليه‬
‫مراعاة الظروف الشخصية للمتضرر والسيما من الناحية العلمية‪ ،‬فالتعويض الذي يتعين منحه‬
‫للشخص البسيط الذي ال دراية له بمجال التوثيق أو القانون بصفة عامة ليس هو نفسه‬
‫التعويض الممنوح للشخص من المفروض فيه أن يكون على دراية باإلجراءات القانونية للتعاقد‬

‫‪ - 1‬د الر اق أح د الس و ‪،‬م‪،‬س‪،‬ص‪1094‬ا‬


‫‪ -2‬ي ت التصل ‪ 95‬من ق ل ع ى أن ‪ ":‬ي محل ل سدوليل ال دنيل حالل الد اع الشر ‪ ،‬أو إيا تال التر د ناج ن حااث جائ أو و‬
‫ا ر لي يس ق ا أو يصطح ا ل يدافي ب ال د ى ي ا‬
‫وحالل الد اع الشر ‪ ،‬ت ك الا يج ر ي ا الش ت ى ال ل لد ط ا اداء حال غير مشروع مو ل تس أو ل ال أو ل تس الغير أو مال "ا‬

‫‪100‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫كالمحامي والموثق ‪،‬كذلك يتأثر التعويض بمدى مساهمة المتضرر في الخطأ المنسوب للموثق‬
‫العصري‪،‬فالزبون الذي يتأخر في اإلدالء بوثائق الملكية أو أداء الثمن يكون قد ساهم بخطئه‬
‫هذا في حدوث التأخير من جانب الموثق في القيام بتوثيق العقد‪.‬‬
‫لكن في غير هذه الحاالت قد ال تكون للسلطة التقديرية للقاضي دور كبير‪،‬ففي حالة‬
‫مطالبة المتضرر بمختلف المصاريف التي اضطر إلى إنفاقها بسبب عدم تنفيذ الموثق‬
‫إللتزاماته أو التأخير في تنفيذها‪ ،‬وأدلى بمختلف الفواتير التي تثبت أداء هذه المصاريف‪،‬فإن‬
‫التعويض الممنوح له يجب أال يقل عن هذه المبالغ وال يزيد عنها‪،‬ما دام أن المتضرر قد طلب‬
‫فقط الحصول على هذه المصروفات‪ ،‬ومن ثمة يجب على القاضي أن يحكم بهذه المبالغ ال‬
‫أقل وال أكثر‪.‬‬
‫ومن بين أسباب انقضاء التعويض التقادم والذي يخضع في تقدير وجوده ألحكام قانون‬
‫اإللتزامات و العقود‪ ،‬سواء بالنسبة للمسؤولية التعاقدية أو المسؤولية التقصيرية ‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬التقادم‬
‫تختلف مدة التقادم حسبما إذا كان األمر يتعلق بمسؤولية عقدية أو تقصيرية‪.‬‬
‫فبخصوص المسؤولية التقصيرية فإنه عندما تنشأ في إطارها مسؤولية الموثق فإن التقادم‬
‫يخضع لمقتضيات الفصل ‪ 106‬من قانون اإللتزامات والعقود‪.1‬‬
‫فد عوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع تتقادم في قانون اإللتزامات العقود‬
‫بانقضاء خمس سنوات من اليوم الذي علم فيه المضرور بوقوع الضرر وبالشخص المسؤول‬
‫عنه‪ ،‬بحيث ال يبدأ حساب مدة خمس سنوات‪ ،‬إال من تاريخ العلم بهذين الشرطين‪ ،‬وتسقط‬
‫الدعوى بالتقادم في جميع األحوال بانقضاء ‪ 20‬سنة وتحسب من وقت وقوع الضرر‪ ،‬ال من‬
‫وقت ارتكاب الفعل الضار ألنه يمكن أن يحصل العمل الغير المشروع ولكن آثاره ال تظهر إال‬

‫‪ -1‬ي ت التصل ‪ 106‬من ق ل ع ى أن ‪ ":‬إل ا وى الا ويض من راء ري ل أو ش ري ل تاقاام ب ت ف س تس وات ت ادأ من الو ق الي ب غ‬
‫يط األحوال ب ت شرين تس ل ت ادأ من و ق حدوث التر "ا‬ ‫وتاقاام‬ ‫ي ي التريق ال اتر التر ومن و ال سدول‬

‫‪101‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫في وقت الحق‪.1‬وهو نفس األمر الذي نجده في الفصل ‪ 2270_1‬من القانون المدني الفرنسي‬
‫الذي ينص على أن التقادم يبدأ في السريان من وقت وقوع الضرر أو من تاريخ علم المتضرر‬
‫به‪.2‬‬
‫أما بخصوص المسؤولية العقدية فإنه عندما تنشأ مسؤولية الموثق في إطارها فإن التقادم‬
‫يخضع لمقتضيات الفصل ‪ 371‬وما بعدها من قانون اإللتزامات والعقود‪،‬حيث إنه نميز في هذا‬
‫الصدد بين دعوى المسؤولية أو البطالن وبين دعوى الضمان‪،‬فدعوى المسؤولية أو البطالن‬
‫تتقادم بمضي ‪ 15‬سنة من تاريخ اكتساب العقد صبغة الرسمية بتوقيع الموثق عليه‪ ،‬أما دعوى‬
‫التعويض فهي كذالك تتقادم بمضي ‪ 15‬سنة لكن ابتداءا من تاريخ الحكم النهائي ببطالن‬
‫العقد‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أنه بالنسبة لدعوى الضمان التي ترفع ضد صندوق ضمان الموثقين‬
‫المنصوص عليها في المادة ‪ 94‬من قانون ‪ 32.09‬فهي تتقادم بمرور خمس سنوات على يوم‬
‫التصريح بثبوت مسؤولية الموثق أو نائبه بحكم نهائي‪ ،‬وهذا ما نصت عليه المادة ‪ 95‬من نفس‬
‫القانون‪ .3‬وهذه المادة جاءت بشيء ايجابي لفائدة المتضررين‪ ،‬إذ تراعي مصالحهم أكثر مما‬
‫جاء في مقتضيات الفصول الواردة في قانون اإللتزامات والعقود والتي أخدت في بعض الحاالت‬
‫بفكرة التقادم انطالقا من تاريخ العلم بالمسؤول عن الضرر‪. 4‬‬

‫‪ - 1‬ال اا بن أح د ال طا ‪،‬م‪،‬س‪،‬ص‪310‬ا‬
‫‪2‬‬
‫‪Saad lharichi ,la responsabilité du notaire en droit francais et en droit marocain,impression et maarif al‬‬
‫‪jadida,2008,p 45.‬‬
‫ي ‪09‬ا‪ 32‬ى أن ‪ ":‬تاقاام ا وى الت ال ب رو ف س تس وات ى الاصريح بث وت مسدوليل ال وثق‬ ‫‪ -3‬ت ت ال اا ‪ 95‬من القانول‬
‫أو نائ بحكي ن ائ "ا‬
‫‪ - 4‬مح د ليديد ‪،‬ماس‪ ،‬ص ‪143‬ا‬

‫‪102‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تعديل أحكام المسؤولية المدنية للموثق في التشريع‬


‫المغربي والتأمين عنها‬

‫إذا تحققت المسؤولية المدنية للموثق‪ ،‬فإن اإلتفاق على تعديل أحكامها إعفاءا أو تخفيفا‬
‫أو تشديدا جائز إطالقا‪،‬وهو بمثابة صلح‪ ،‬والصلح جائز إذا كان محله ال يخالف النظام العام‪.1‬‬
‫تختلف المسؤولية العقدية في هذا عن المسؤولية التقصيرية‪ ،‬فهذه األخيرة مقررة بحكم‬
‫القانون لذلك ال يجوز اإلتفاق على تعديل أحكامها وقواعدها إال بعد تحققها إذ أن اإلتفاقات‬
‫التي تبرم قبل قيامها تكون ممنوعة قانونا‪ ،2‬لتعلق قواعدها بالنظام العام‪ .‬وذلك على خالف‬
‫المسؤولية العقدية يمكن اإلتفاق على تعديل أحكامها سواء قبل تحققها أو بعده‪.‬‬
‫ويبرز دور إرادة األطراف في نقطتين أولهما‪،‬تعديل أحكام المسؤولية المدنية‪ ،‬وثانيهما‬
‫في التأمين عن المسؤولية المدنية‪.‬‬
‫ولإللمام بهذا الموضوع سنتناوله كالتالي‪:‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬تعديل أحكام المسؤولية المدنية للموثق‬


‫الفقرة الثانية‪ :‬التأمين عن المسؤولية المدنية للموثق‬

‫‪ - 1‬د الر اق أح د الس و ‪،‬ماس‪،‬ص‪1105‬ا‬


‫‪ -2‬منمول الكزبر ‪،‬ماس‪،‬ص ‪432‬ا‬

‫‪103‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫الفقرة األولى‪:‬تعديل أحكام المسؤولية المدنية للموثق‬


‫تختلف المسؤولية العقدية في هذا عن المسؤولية التقصيرية‪،‬فهذه األخيرة ال يجوز‬
‫اإلتفاق على تعديل أثارها قبل تحققها‪،‬إذ أن اإلتفاقات التي تبرم قبل تحققها تعتبر عديمة‬
‫األثر‪،‬على خالف اإلتفاقات التي تبرم بعد تحققها والتي تكون صحيحة‪(1‬أوال)‪ ،‬أما المسؤولية‬
‫العقدية فإنه يجوز اإلتفاق على تعديل أحكامها إعفاءا أو تخفيفا أو تشديدا سواء قبل تحققها أو‬
‫بعده (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تعديل أحكام المسؤولية التقصيرية للموثق‬

‫ففي المسؤولية التقصيرية يقع اإلتفاق على اإلعفاء البعدي من المسؤولية باطال أيا‬
‫كانت درجة الخطأ والذي يعزى للموثق العصري‪ ،‬أي حتى لو كان الخطأ يسي ار والسبب أن هذه‬
‫المسؤولية تثبت عند إخالل الموثق بالتزام يفرضه عليه القانون بصفة مباشرة‪ ،‬بهدف استتباب‬
‫األمن وضمان اإلستقرار وهو عدم اإلنحراف في سلوكه‪ ،‬عن السلوك الذي يتبعه الرجل اليقظ‬
‫المتبصر الحريص‪ ،‬ويستوي في هذا األمر مسؤولية الشخص عن أفعاله أوعن أفعال تابعه‪.2‬‬
‫فهذه المسؤولية ليست كأحكام المسؤولية العقدية التي هي من صنع المتعاقدين‪ ،‬حيث ال‬
‫يجوز إذن اإلتفاق على اإلعفاء من المسؤولية التقصيرية أو على التخفيف منها قبل حدوث‬
‫الضرر سواء من حيث التعويض أو من حيث مدة الدعوى‪.3‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن المشرع المغربي لم يترك مجاال لإلجتهاد أو المناقشة عندما نص‬
‫في الفصلين ‪ 77‬و‪ 78‬من ق ل ع على بطالن كل شرط يعفي المتسبب في الضرر من‬

‫د الس و ‪،‬ماس‪،‬ص‪1105‬ا‬ ‫‪ - 1‬د الر اق أح‬


‫ال ديو ‪،‬م‪،‬س‪ ،‬ص ‪647‬ا‬ ‫‪ - 2‬اا يس ال و‬
‫ام‪،‬الجزء الثان ‪ ،‬الط ل األولى ‪ ،‬مط ل‬ ‫شرح انول اإللازامات وال قوا ال غرب ‪،‬الكااب األول اإللازامات بو‬ ‫ول‪،‬الشا‬ ‫‪ - 3‬د الكريي ش‬
‫ال يتاء ‪ ،‬ص ‪162 -161‬ا‬ ‫ال جاح الجديد الدا‬

‫‪104‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫المسؤولية‪،‬حيث إن الصيغة التي ورد بها الفصالن تؤكد بطالن كل اتفاق سابق بين المسؤول‬
‫وبين الضحية المحتمل دون تميز بين الضرر الالحق باألشخاص والضرر الالحق‬
‫باألموال‪،‬وسواء كان خطأ المسؤول متعمدا أو جسيما أو يسيرا‪ ،‬كما أنه ال فرق بين أن يكون‬
‫اإلتفاق يقضي باإلعفاء نهائيا من المسؤولية أو بالتخفيف منها فقط وفي أية صورة كان هذا‬
‫التخفيف‪.1‬‬
‫وبخصوص اإلتفاقات التالية لحدوث الضرر والرامية إلى تعديل أحكام المسؤولية‬
‫التقصيرية فال جدال في جوازها‪ ،‬ألنه بعد تحقق الضرر يصبح التعويض مجرد حق مالي يمكن‬
‫لصاحبه التصرف فيه بحرية ولو بالتنازل عنه نهائيا وهذا ما يستشف من الفصل ‪ 1100‬من‬
‫ق ل ع‪.2‬‬

‫ثانيا‪ :‬تعديل أحكام المسؤولية العقدية للموثق‬


‫إذا كان المشرع الفرنسي لم ينظم مسألة االتفاق على اإلعفاء من المسؤولية العقدية‬
‫بنص عام فإن المشرع المغربي على خالف ذلك نص صراحة في الفصل ‪ 232‬من قانون‬
‫االلتزامات والعقود على أنه‪" :‬ال يجوز أن يشترط مقدما عدم مسؤولية الشخص عن خطئه‬
‫الجسيم وتدليسه" ‪.‬ويتضح من خالل مقتضيات هذا الفصل أنه إذا كان المشرع ال يجيز اشتراط‬
‫اإلعفاء من المسؤولية الناتجة عن الخطأ الجسيم‪ ،‬فإنه يجيز للمدين أن يشترط إعفاءه عن‬
‫الخطأ اليسير الذي ال تصل درجته إلى حد الخطأ العمد وبذلك يكون المشرع المغربي قد ساير‬
‫اتجاه الفقه والقضاء الفرنسيين‪.3‬‬

‫يش ‪ ,‬ال سدوليل ال دنيل لألبوين ن أب ائ ا القاصرين‪،‬الط ل األولى ‪ ،1982‬مط ل ال جاح الجديد الدا ال يتاء ‪ ،‬ص‬ ‫‪ - 1‬أح د ال‬
‫‪398‬ا‬
‫‪ - 2‬ي ت التصل ‪ 1100‬من ق ل ع ى أن ‪":‬ااا يسوغ الص ح ى ال ا ط ال اليل الا تارتب ى مسنلل تا ق بالحالل الش صيل أو‬
‫ى ال ا ط الا ت شن من الجري ل"ا‬
‫‪ - 3‬تس يد الدغي ر‪ ،‬ماس‪ ،‬ص‪397‬ا‬

‫‪105‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫نستنتج مما سبق أن شرط اإلعفاء من المسؤولية العقدية بخالف المسؤولية التقصيرية‬
‫يقع في األصل صحيح وال يستثنى من األصل اإلحالة الغش أو الخطأ الجسيم الواقع من‬
‫المدين في تنفيذ التزامه‪.‬‬
‫وانطالقا مما سبق‪ ،‬يجوز وفقا للقواعد العامة على تعديل أحكام المسؤولية العقدية‬
‫بالتشديد أو التخفيف منها‪،‬وهكذا يجوز اإلتفاق على تحميل المدين تبعة القوة القاهرة والحادث‬
‫الفجائي كما يجوز إعفاؤه من أية مسؤولية تترتب على تنفيذ التزامه التعاقدي إال ما ينشأ عن‬
‫الغش والخطأ الجسيم كما رأينا سابقا‪،‬فإن كان العقد يجد مصدره في إرادة طرفيه فإن هذه اإلرادة‬
‫المشتركة تملك أيضا تعديل أحكام المسؤولية التي تترتب عن اإلخالل بهذا العقد‪.1‬‬
‫لكن السؤال الذي يثور في هذا الصدد هو هل نستطيع أن نطبق هذه المقتضيات على‬
‫اإللتزام العقدي الرابط بين الموثق والزبون؟‬
‫إن التزام الموثق اتجاه الزبون هو التزام بتحقيق نتيجة وهي تحرير العقود واإلشهاد عليها‬
‫والحرص على التزام األمانة في ضبط الصيغة التي ارتضاها أطراف العقد أو اإلشهاد‪،‬‬
‫فالتخفيف من هذه المسؤولية يعني اإلنتقال من التزام بتحقيق نتيجة إلى مجرد بذل عناية األمر‬
‫الذي ال يمكن تصوره خصوصا في مجال تحرير العقود‪ ،‬ألن هذا اإللتزام ال يرجع إلى إرادة‬
‫الموثق والزبون المشتركة فقط بل إلى القانون نفسه حيث وضع المشرع كيفية تحرير العقود‬
‫وأجبر الموثق على اإللتزام بمقتضيات القانون رقم ‪ 32.09‬في تنفيذ التزامه‪ .‬أما اإلتفاق على‬
‫التشديد أو اإلعفاء من المسؤولية فيبقى ممكنا من الناحية النظرية ما دام ال يخل باإللتزامات‬
‫األساسية التي ترتكز عليها الرابطة العقدية‪.‬‬

‫الاشريط ال غرب ‪ ،‬الط ل األولى‪ ،1994 ،‬مط ل ال جاح الجديد الدا ال يتاء‪ ،‬ص ‪171‬ا‬ ‫‪ -1‬موحى الح زاو ‪،‬مسدوليل ال حام‬

‫‪106‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬التامين عن المسؤولية المدنية للموثق‬


‫تزداد أهمية الدور الذي تلعبه المهن الحرة عموما في المجتمع‪ ،‬ومدى تأثيره على‬
‫عالقات أطرافه‪ ،‬وتزداد مع هذه األهمية خطورة النتائج التي تترتب عن الممارسة وبقدر هذه‬
‫الخطورة تتسع وتعظم أهمية تأمين وحماية المتعاملين مع أصحاب المهن الحرة‪،‬واذا كان المهني‬
‫يطمح إلى توفير أكبر قدر له من الحماية في أدائه لعمله على حساب زبونه حتى يستطيع أداء‬
‫مهامه دون خوف من شبح المسؤولية‪ ،‬فإن الزبناء بدورهم ينبغي أن توفر لهم الطمأنينة في‬
‫تعاملهم مع صاحب المهنة الحرة‪ .‬ويكون ذلك من خالل البحث عن وسائل و أساليب فعالة‬
‫تؤمنهم ضد األخطار التي يمكن أن تنتج عن أخطاء المهني أثناء ممارسة المهنة‪،‬وتكمن هذه‬
‫الوسائل في تأمين الموثق لمسؤوليته حماية زبونه من ضياع حقوقه‪،‬وحماية له بدوره من أداء‬
‫تعويضات غالبا ما تكون في غير استطاعته‪.‬‬
‫ولإللمام بهذا الموضوع سنتناوله على الشكل التالي ‪:‬‬

‫أوال‪ :‬مفهوم عقد التأمين من المسؤولية‬


‫ثانيا‪ :‬التأمين الجباري عن المسؤولية المدنية للموثق‬

‫‪107‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫أوال ‪ :‬مفهوم التأمين من المسؤولية‬


‫عرف المشرع المغربي عقد التأمين في المادة األولى من مدونة التأمينات بأنه" عقد‬
‫التأمين اتفاق بين المؤمن والمكتتب من أجل تغطية خطر ما‪ .‬ويحدد هذا اإلتفاق التزاماتهما‬
‫المتبادلة "‪.‬في حين عرفه بعض الفقه الفرنسي بأنه عقد يتعهد بمقتضاه شخص يسمى المؤمن‬
‫بأن يعوض شخص يسمى المؤمن له الخسارة احتمالية يتعرض لها هذا األخير‪،‬مقابل مبلغ من‬
‫النقود وهو القسط الذي يقوم المؤمن له بدفعه إلى المؤمن‪.1‬‬
‫ويعتبر تعريف عقد التأمين من المسؤولية الذي أعطاه الدكتور عبد الرزاق أحمد‬
‫السنهوري من بين أهم التعاريف التي يأخذ بها الفقه بعد التعريف الذي أعطاه جوزيف هيمار‬
‫الفرنسي لعقد التأمين بصفة عامة‪ ،2‬حيث عرف الفقيه السنهوري هذا العقد بأنه"عقد بموجبه‬
‫يؤمن المؤمن له من اإلضرار التي تلحقه من جراء رجوع الغير عليه بالمسؤولية‪ 3‬ويستطرد هذا‬
‫اإلتجاه قائال "إن التأمين من المسؤولية ال يغطي فحسب األضرار التي تلحق المؤمن له من‬
‫جراء تحقق مسؤوليته نحو الغير بل هو أيضا يغطي االضرار التي تلحق مطالبة الغير له ولو‬
‫كانت هذه المطالبة خالية من األساس"‪.‬‬
‫وهناك من يعرفه‪ 4‬على أنه" عقد بين شخص يسمى المؤمن وشخص المؤمن له‬
‫بمقتضاه يتحمل المؤمن العبء المالي المترتب على الخطر الضار غير المقصود والمحدد في‬
‫العقد بسبب رجوع الغير إلى المؤمن له بالمسؤولية لقاء ما يدفعه هذا األخير من أقساط"‪.‬‬

‫‪ - 1‬الحسين ب وش‪،‬األحكام ال امل ل قد الانمين‪،‬الط ل األولى‪ ،2011،‬م غ م ‪،‬ص ‪34‬ا‬


‫‪ -2‬الانمين يل يحصل ب قاتا أحد و و ال دمن ل ‪ ،‬تطير ا ط سط‪ ،‬ى ت د لصالح أو لصالح الغير‪،‬من الطرف األفر و و ال دمن‪،‬ت د يد ط‬
‫ب قاتا يا األفير أااء م ي ا د تحقق فطر م ين‪،‬ويلك بنل ينفي ى اتق م ل تج يط مج و ل من ال اطر وبإ راء ال قاصل بين د م اطر‬
‫و قا لقوا د اإلحصاءا‬
‫‪ - 3‬د الر اق أح د الس و ‪ ،‬الوتسيط شرح القانول ال دن ‪،‬الجزء السابط‪،‬ال ج د الثان ‪،‬اا ال تل ال ربيل‪،‬الط ل الثانيل (ت‪،‬ط‪،‬غ‪،‬م) ص‬
‫‪1641‬ا‬
‫‪ -4‬ال ي ات مرتسى‪ ،‬ال ظريل ال امل ل انمين ‪،‬الط ل األولى‪،‬اإلصدا األول‪، 2006،‬اا الثقا ل ال ‪،‬ص ‪35‬ا‬

‫‪108‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫فالتأمين من المسؤولية عقد يبرم بين المؤمن والمؤمن له‪،‬يلتزم المؤمن بمقتضاه تعويض‬
‫المضار عما ألحقه المؤمن له به من ضرر نظير ما يدفعه األخير له من أقساط بشكل دوري‪.‬‬
‫ومن خالل هذه التعاريف تظهر خصائص عقد التأمين في أنه عقد احتمالي‪،‬وأنه من‬
‫عقود اإلذعان‪،‬وأنه عقد معاوضة وأنه عقد ملزم للجانبين وأنه عقد من عقود المدة وعقد من‬
‫عقود حسن النية‪. 1‬واذا كانت هذه الخصائص هي أهم خصائص عقد التأمين بصفة عامة‪،‬فإن‬
‫عقد التأمين هي من المسؤولية المدنية المهنية يمتاز بخصائص أخرى منها أنه عقد إلزامي وأنه‬
‫اشتراط لمصلحة الغير وأنه عقد تأمين مهني‪،‬وأنه عقد تعويض‪،‬وأنه ال يستفيد من الضمان إال‬
‫الغير المضرور‪.‬‬
‫‪ ‬عقد إلزامي‬
‫يسير الوضع في فرنسا وفي العديد من الدول األخرى ومن بينها المغرب على إلزامية‬
‫التامين من المسؤولية المهنية‪،‬بحيث يلزم الممارس للمهنة بإبرام عقد تأمين لدى شركة أو‬
‫شخص طبيعي يضمن الن تائج المالية لألخطاء التي تقع منه أثناء الممارسة‪،‬فنجد طبقا للمادة‬
‫‪ 26‬من القانون رقم ‪ 32.09‬على أنه "‪....‬يبرم الموثق عقد التأمين قبل الشروع في ممارسة‬
‫مهامه‪،‬ويلزم باإلدالء كل سنة بما يفيد استمرار اكتتابه فيه تحت طائلة المتابعة التأديبية‪.‬يحدد‬
‫بنص تنظيمي الحد األدنى للتأمين"‪.‬‬
‫‪ ‬التأمين اشتراط لمصلحة الغير‬

‫يعرف اإلشتراط لمصلحة الغير بأنه‪":‬عقد يشترط بمقتضاه أحد طرفيه على الطرف‬
‫اآلخر أن يؤدي إلى شخص ثالث حقا معينا"‪.2‬‬
‫يتضح من هذا التعريف خصائص اإلشتراط لمصلحة الغير وهي‪:‬‬

‫‪ -1‬ل زيد من اإليتاح ا ط‪:‬‬


‫‪ -‬الحسين ب وش‪ ،‬األحكام ال امل ل قد الانمين‪،‬م‪،‬س‪،‬ص ‪ 37‬وما ب د اا‬
‫مح د أوغريس‪،‬الانمين اإل ا من ال سدوليل الاشريط ال غرب ‪ ،‬ا اتسل مقا نل ‪،‬الط ل األولى الس ل‪(،1992‬م ‪،‬غ‪،‬م) ‪،‬ص‪ 14‬وما ب د اا‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -‬الحسين ب وش‪ ،‬شرح مدونل الانمي ات‪،‬الط ل األولى ‪ 2013‬ص ‪ 31‬وما ب د اا‬
‫‪ -‬ت اول ال شرع ال غرب اإلشاراط ل ص حل الغير التص ين ‪ 34‬و‪ 35‬من ق ل عا‬
‫‪2‬‬

‫‪109‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫‪ -‬أنه عقد قائم بين المشترط والمتعهد؛‬


‫‪ -‬أن المتعهد أو المستفيد وان كان يتلقى منفعة فهو ليس طرفا في العقد؛‬
‫‪ -‬أن المنتفع من اإلشتراط يحصل على حق مباشر له‪.‬‬

‫ويظهر من خالل ما سبق أن هناك تشابه بين التأمين اإللزامي عن المسؤولية واإلشتراط‬
‫لمصلحة الغير‪،‬ففي التأمين يستفيد المضرور من عقد لم يكن طرفا فيه‪،‬فيمكنه تقديم دعواه‬
‫بالتعويض ضد المؤمن ويحصل منه على التعويض‪.‬وفي اإلشتراط لمصلحة الغير يستفيد‬
‫األخير من عقد أيضا لم يكن فيه ويحصل على مزاياه‪.‬‬
‫‪ ‬عقد تأمين مهني‬

‫يغطي عقد التأمين من المسؤولية المدنية المهنية األخطار التي تنتج عن أخطاء المهني‬
‫أثناء ممارسته لمهنته‪،‬فمحل هذا العقد هو األخطاء المرتبطة بممارسة المهنة‪،‬وبذلك يختلف هذا‬
‫التأمين عن الذي يبرمه المهني باعتباره شخصا عاديا لصالحه أو لصالح أسرته بعيدا عن‬
‫مجال المهنة‪.‬وهذا اإلختالف يظهر أثره فيما يتعلق بالخطأ المنشئ للمسؤولية أو المرتب لحق‬
‫الغير في المطالبة بالتعويض‪،‬فإعمال التأمين من المسؤولية المهنية يتطلب وجود خطأ ثابت‬
‫يلزم إقامة الدليل على وجوده حتى يثبت الحق في المطالبة بالتعويض‪.‬‬
‫‪ ‬التأمين المهني عقد تأمين تعويضي‬

‫الهدف األساسي للعقد هو تعويض المهني عن الخسارة التي قد تلحقه نتيجة الحكم عليه‬
‫بمبلغ التعويض المستحق للزبون المتضرر‪،‬فعقد التأمين من المسؤولية المدنية المهنية‪،‬عقد‬
‫بمقتضاه يتم تأمين الذمة المالية للمهني ضد المطالبات التي يتقدم بها المضرورون ويحمي‬
‫بالتالي حقوق هؤالء من عسر االول‪.‬‬

‫‪110‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫‪ ‬ال يستفيد من الضمان إال الغير المضرور‬

‫عقد التأمين من المسؤولية المدنية للمهني‪،‬يشمل الغير الذي تضرر من جراء فعل‬
‫المهني‪،‬وهذا ما تحرص عليه شركات التأمين في ملحق وثيقة التأمين‪،1‬بالنص على أن الشركة‬
‫ال تضمن إال النتائج الضارة التي تلحق الغير‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬التأمين الجباري عن المسؤولية المدنية للموثق‬


‫إذا كان التأمين من المسؤولية يتشابه واإلتفاق على اإلعفاء منها‪،‬فإن كل نظام منها‬
‫يختلف عن اآل خر في الغاية التي يهدف إليها‪،‬فإذا كان اإلتفاق على اإلعفاء من المسؤولية‬
‫يهدف إلى تحلل المدين منها‪،‬وبالتالي إسقاط حق الدائن في المطالبة بالتعويض رغم عدم تنفيذ‬
‫المدين اللتزامه أو التأخير في التنفيذ‪،‬فإن نظام التأمين من المسؤولية يستهدف اإلبقاء على‬
‫مسؤولية المدين وبقاء حق الدائن في الحصول على تعويض الضرر الذي أصابه‪،‬مع إحالل‬
‫المؤمن محل المدين في أداء هذا التعويض مقابل أقساط يدفعها المدين للمؤمن‪.2‬‬
‫ويتضح بذلك أن شرط اإلعفاء يضر بالدائن في حالة وقوعه صحيحا على خالف‬
‫التأمين الذي يستفيد منه الدائن‪،‬والذي يعتبر زيادة لضمان الحصول على التعويض‪.‬‬
‫والتأمين جائز في المسؤولية المدنية بشقيها التعاقدي والتقصيري‪،‬باستثناء األخطاء‬
‫العمدية التي يرتكبها المدين‪،‬إذ يجوز التأمين عن الخطأ العقدي أو التقصيري كيفما كان ثابتا‬
‫أو مفترضا‪،‬يسي ار أو جسيما‪.‬إال أنه ال يجوز التأمين عن الخطأ العمدي‪،‬إذ ال يجوز ألحد أن‬
‫ييسر لنفسه الطريق إلى الغش‪.3‬‬

‫بين ال دمن وال دمن ل يا ي أو ي دل قد الانمين ويص ح زءا ي ياجزأ‬‫‪ - 1‬ر ا ال اا األولى من مدونل الانمي ات بنن ‪":‬إتتاق إضا‬
‫من وليصل الانمين"ا‬
‫‪ - 2‬مح د أوغريس‪ ،‬الانمين اإل ا من ال سدوليل الاشريط ال غرب ‪،‬ماس‪،‬ص ‪ 31‬وما ب د اا‬
‫‪ - 3‬د الر اق أح د الس و ‪،‬الوتسيط شرح القانول ال دن ‪،‬الجزء األول ‪،‬م‪،‬س‪،‬ص ‪1110‬ا‬

‫‪111‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫والحقيقة أن التأمين نظام سليم يزيد من ضمانات المتضرر في الحصول على‬


‫التعويض‪،‬ويعمل على تحقيق التوازن اإلقتصادي في المجتمع‪.‬‬
‫والموثق كأي ممارس لمهنة قانونية حرة قد يصدر عنه خطأ مهني أثناء ممارسته لمهنته‬
‫ينتج عنه ضرر للزبون أو الغير يصعب عليه أن يواجه آثاره‪،‬ومن أجل ذلك فقد ألزم القانون‬
‫رقم ‪ 32.09‬الموثقين بإبرام عقود تأمين‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن التأمين من المسؤولية المدنية للموثق يعد أم ار إجباريا بالنسبة‬
‫للموثق العصري إذ يتعين على الموثق قبل البدء في ممارسة مهنته تقديم ما يثبت إبرامه لعقد‬
‫تأمين عن مسؤوليته المدنية حسب مقتضيات المادة ‪ 26‬من القانون رقم ‪ 32.09‬التي جاء فيها‬
‫"‪. ...‬يبرم الموثق عقد التأمين قبل الشروع في ممارسة مهامه‪،‬ويلزم باإلدالء كل سنة بما يفيد‬
‫استمرار اكتتابه فيه تحت طائلة المتابعة التأديبية‪.‬يحدد بنص تنظيمي الحد األدنى للتأمين"‪.‬‬
‫ولقد ألزم المشرع بمقتضى قاعدة آمرة إبرام عقد التأمين من المسؤولية الناجمة عن‬
‫أخطاء الموثق المهنية قبل أي شروع من جانبه في ممارسة مهامه التوثيقية‪ .1‬بل واإلدالء كل‬
‫سنة بما يثبت خضوعه للتأمين تحت طائلة متابعته تأديبيا‪.‬‬
‫غير أن المادة أعاله ما لبثت أن قررت أن الموثق ال يتحمل مسؤولية أخطائه‪،‬بل حتى‬
‫األخطاء المرتكبة من المتمرنين لديه وأجرائه تطبيقا لقواعد مسؤولية المتبوع عن عمل التابع‬
‫الوارد النص عليها في الفصل ‪ 85‬من قانون اإللتزامات والعقود‪.‬‬
‫وبناء عليه‪،‬فالموثق ملزم بالتأمين من مسؤولية األخطاء الصادرة ممن هم تحت عهدته‬
‫من متمرنين وأجراء‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أنه ورغم سكوت القانون رقم ‪ 32.09‬عن تحديد نطاق التأمين عن‬
‫األخطاء التي يلزم الموثق بالتأمين عليها‪،‬فإن بعض الفقه القانوني المغربي‪ ،2‬تولى سد هذا‬

‫‪Saad lahrichi :la responsabilité du notaire en droit français et en droit marocain,impression el maarif al 1‬‬
‫‪jadida, 2008,p 66.‬‬
‫‪ --2‬د ال جيد بوتير‪،‬م‪،‬س‪،‬ص ‪217‬ا‬

‫‪112‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫الفراغ حين ميز بين الخطأ المهني‪ .1‬الذي جعله ضمن نطاق التأمين‪ ،‬وبين الخطأ غير المهني‬
‫أو العادي‪ 2‬والدي يخرج بطبيعة الحال عن مجال هذا التأمين‪.‬‬
‫وعليه فالموثق الذي يشتم زبونه يعد مرتكبا لخطأ عادي العالقة له بأصول مهنته‬
‫وبالتالي ال يضمن نطاق التأمين عن المسؤولية‪ ،‬خالفا للموثق الذي ال يقوم باإلجراءات الكفيلة‬
‫بنقل ملكية المبيع للمشتري يعد مرتكبا لخطأ مهني من صميم أصول مهنته يدخل ضمن مجال‬
‫التأمين عن المسؤولية المدنية للموثق‪.‬‬
‫وهكذا جاء في قرار للمجلس األعلى‪-‬محكمة النقض حاليا‪ -‬صادر بتاريخ ‪ 23‬فبراير‬
‫‪ 2010‬أنه "تكون المحكمة قد بنت ق ارراتها على أساس لما ثبت أن الموثق الذي أنجز عقد بيع‬
‫العقار لم يقم بتسجيله ب المحافظة العقارية لكونه كان مثقال بحجز تحفظي لفائدة الغير وقضت‬
‫في مواجهته شخصيا‪."3...‬‬
‫والجدير بالذكر أن المشرع نفسه تولى إخراج بعض األخطاء من نطاق التأمين ومن‬
‫ذلك األخطاء المهنية المشوبة بالتدليس والغش‪ ،‬حيث إن الموثق الذي يدلس خدمة لمصالح‬
‫أحد زبائنه على حساب آخر يفقد حقه في اإلستفادة من التأمين من المسؤولية‪.‬‬

‫إي آاا تال سي ا حاى ي يتقد ب ال وف من‬ ‫و ال طن يا ق باألصول الت يل ل ل وي يسنل صاحب ال ل‬ ‫‪ -1‬ال طن ال‬
‫و تتايا الش صيل ي غ ل من الحريل‬ ‫ال سدوليل ن أل يزاول م ل ب ا ي غ ل من الحريل ال ل ومن الت ا ني ل و ألتق‬
‫و تتايا الش صيلا‬ ‫ال ل ومن الط نني ل والثقل‬
‫أو ال اا و ما يرتك صاحب ال ل د مزاولا م ا حول أل يكول ل دا ال طن ال ل باألصول التق يل ل د‬ ‫‪ -2‬ال طن الغير ال‬
‫ال ل وم يا ال طن ال اا و اينحراف ن الس وك ال نلوف ل ر ل ال اا ا‬
‫‪ -3‬را دا ‪ 823‬صاا باا يخ ال ف ال دن دا ‪3987‬ا‪1‬ا‪5‬ا‪،2008‬م شو ب ج ل تاء ال ج س األ ى‪ ،‬دا‪،73‬ص‪100‬ا‬

‫‪113‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن تقرير المشرع للتأمين من المسؤولية المدنية للموثق لم يكن‬
‫مقتضى كافي لحماية وضمان حقوق األطراف المتعاملة مع قطاع التوثيق‪،‬األمر الذي دفعه إلى‬
‫إحداث صندوق احتياطي للتدخل عند ثبوت عسر الموثق لتغطية المبالغ المالية المحكوم بها‬
‫لفائدة المتضررين‪،‬فهذا الصندوق يطلق عليه بصندوق ضمان الموثقين‪.1‬‬

‫‪ -1‬ت ت ال اا ‪ 94‬من انول ‪09‬ا‪ 32‬ى أن ‪":‬يط ق ى ص دوق الت ال ال حدث ب و ب التصل ‪ 39‬من الظ ير الشريف الصاا‬
‫‪ 10‬شوال ‪ 4( 1343‬ما ‪ )1925‬ال ا ق با ظيي م ل الاوثيق اتسي"ص دوق ض ال ال وثقين " و و ي تط من األل صا دا لألحكام‬
‫الوا ا ب د ا‬
‫يا اط الص دوق بالش صيل ال ويل ويدير مج س ويسير ص دوق اإليداع والادبيرا‬
‫يانلف مج س اإلاا من م ث ين ن اإلاا ياي ت يي ي ب ت ت ظي ومن ئيس ال ج س الوط و ئيس مج سين ويين ي ي ي ئيس‬
‫ال ج س الوط ل وثقين ومن م ثل ن ص دوق اإليداع والادبيرا‬
‫ي ا ب ال ج س ئيس من أ تائ ا‬
‫حالل سر ال وثق أو نائ و دم تتايل ال غ ال داى‬ ‫ي دف الص دوق إلى ض ال أااء ال الغ ال حكوم ب ا لتائد األطراف ال اتر‬
‫من طرف شرتل الاامين ل ا ويض ن التر أو د ان دام الانمينا‬
‫ا‬ ‫ي تط ص دوق ض ال ال وثقين تل تس ل لاد يق فا‬
‫تاكول موا ا الص دوق م ا ي ‪:‬‬
‫*م غ التوائد ال انتيل من الحسابات ال اصل ال تاوحل من ل ال وثقين بص دوق اإليداع والادبير؛‬
‫*مسا ل مد و ل من ل تل ال وثق د تل قد تس ويحدا م غ ا من ل ال ج س الوط ل يئل ال وثقين‪،‬وتصااق ي ا ال ج ل‬
‫ال شا إلي ا ال اا ‪ 11‬أ ال ا‬
‫تاكول تكاليف الص دوق م ا ي ‪:‬‬
‫*ال صا يف ال اتجل ن ت تيي ال قر ات القتائيل القاب ل ل ا تيي ال ر و ل ضد الص دوقا‬
‫*ال صا يف ال رت ل ن إ امل الد اوىا‬
‫تحداتيتيل تط يق ي ال اا ‪،‬ب ت ت ظي "ا‬

‫‪114‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫حاولنــا مــن خــالل هــذا البحــث تســليط الضــوء علــى المســؤولية المدنيــة للموثــق فــي التش ـريع‬
‫المغربـ ــي و ذلـ ــك بتخصـ ــيص الفصـ ــل األول لمعالجـ ــة اإللت ازمـ ــات المهنيـ ــة للموثـ ــق فـ ــي التش ـ ـريع‬
‫المغرب ــي وطبيع ــة مس ــؤوليته المدني ــة ‪ ،‬حي ــث قس ــمناه إل ــى مبحث ــين تناولن ــا ف ــي األول اإللت ازم ــات‬
‫المهني ــة للموث ــق‪ ،‬وتناولن ــا ف ــي المبح ــث الث ــاني م ــن ذات الفص ــل طبيع ــة مس ــؤوليته المدني ــة‪ .‬أم ــا‬
‫الفصــل الثــاني فقــد تناولنــا فيــه أركــان المســؤولية المدنيــة للموثــق و آثارهــا‪ ،‬و تطرقنــا فــي المبحــث‬
‫األول مـن هـذا الفصـل ألركــان المسـؤولية المدنيــة للموثــق‪ ،‬و تناولنـا فــي المبحـث الثــاني مــن ذات‬
‫الفصل آثار المسؤولية المدنية للموثق‪.‬‬
‫و توصــلنا مــن خــالل ه ـذا البحــث إلــى مجموعــة مــن اإلســتنتاجات و اإلقت ارحــات و قبــل أن‬
‫نعرضها ندلي ببعض المالحظات‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬المالحظات‬
‫‪ ‬تقع على عاتق الموثق مجموعة من االلتزامات تختلـف بـاختالف الم ارحـل التـي يمـر منهـا‬
‫تحري ــر العق ــد وتوقيع ــه‪ ،‬والت ــي يمك ــن تحدي ــدها ف ــي مجموع ــة م ــن الخطـ ـوات واإلجـ ـراءات‬
‫القبلية لتحرير وتوقيع العقد والتي تضفي عليه الصفة الرسمية‪ ،‬والتـي يتعـين علـى الموثـق‬
‫القيام بها قبل وأثناء تحرير العقد‪.‬‬
‫‪ ‬إن أول م ــا يق ــوم ب ــه الموث ــق قب ــل تحري ــر عق ــد متعل ــق بالمج ــال العق ــاري ه ــو التأك ــد م ــن‬
‫وض ــعيته القانوني ــة‪ ،‬وه ــل ه ــو عق ــار غي ــر محف ــظ أو عق ــار ف ــي ط ــور التحف ــيظ أو عق ــار‬
‫محف ــظ‪ ،‬وه ــل ي ــدخل ض ــمن االلت ازم ــات المهني ــة للموث ــق‪ ،‬اتج ــاه الزب ــائن وذل ــك بتبصـ ـيرهم‬
‫بالوضعية القانونية لموضوع العقد‪.‬‬

‫‪115‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫‪ ‬إن االلتزام بتقديم النصـح لألطـراف المتعاقـدة لـيس فقـط عنـدما يقـوم الموثـق بـإبرام العقـد‪،‬‬
‫وانما قبل إبرام العقد وبعده‪ ،‬لذا يجب عليه أن يقوم بنصح المتعاقدين حتى وان لـم يطلبـوا‬
‫النصــيحة بأنفســهم وخاصــة فــي حالــة وجــود مخالفــات قانونيــة قــد تهــدد مصــالحهم الماديــة‬
‫كوجود رهن أو حجز عقاري أو شرط منع التفويت مثال‪.‬‬
‫‪ ‬االخــتالف الفقهــي والقضــائي حــول طبيعيــة المســؤولية المدنيــة للموثــق‪ ،‬فمــنهم مــن يــرى‬
‫بأنهــا مســؤولية عقديــة‪ ،‬ومــنهم مــن يــرى أنهــا مســؤولية تقصــيرية وكــل جانــب لــه حججــه‬
‫ومبرراته ‪.‬‬
‫‪ ‬الموث ــق يع ــد مرتكب ــا لخط ــأ مهن ــي إذا ل ــم يـ ـراع أثن ــاء أدائ ــه مهام ــه الس ــلوك المعت ــاد ف ــي‬
‫ممارسته لهذه المهن الذي توجبه أخالقياتها وطبيعتها والقانون المنظم لها‪.‬‬
‫‪ ‬إن اإلخالل بـأي التـزام تفرضـه المهنـة أو يتصـل بممارسـتها ولـه عالقـة بهـا يعتبـر خطـأ‪،‬‬
‫وعـ ــدم االكتفـ ــاء بارتكـ ــاب الخطـ ــأ أثنـ ــاء تأديـ ــة الوظيفـ ــة واال اعتبـ ــر الموثـ ــق مسـ ــؤوال عـ ــن‬
‫األخطاء التي يرتكبها تابعه وخاصة تلك التي لها عالقة بالمهنة‪.‬‬
‫‪ ‬إن واجــب الموثــق ذو طبيعــة خاصــة فهــو يلتــزم بتكـريس خدمتــه ومعارفــه المهنيــة لتحريــر‬
‫عقــد فاعــل مــع تقــديم النصــح واإلرشــاد لألطـراف‪ ،‬بمعنــى أن الت ازمــه التـزام بتحقيــق نتيجــة‪،‬‬
‫ألنه في الغالب يشتكي الزبون من عدم التنفيذ أو التنفيذ المعيب اللتزام الموثق‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬االستنتاجات‬
‫‪ ‬لــم يتطــرق القــانون رقــم ‪ 32.09‬المــنظم لمهنــة التوثيــق بشــكل ص ـريح لطبيعــة مســؤولية‬
‫الموثق‪ ،‬حيث تختلف اآلراء بهذا الخصوص‪ ،‬فمنهم من يرى بأنها مسؤولية عقدية ومـنهم‬
‫مــن يــرى بأنهــا مســؤولية تقصــيرية‪ ،‬واذا أخــذنا بعــين االعتبــار خصوصــيات المهنــة التــي‬
‫تجعل من الموثق أن يؤدي خدمة عمومية في إطار مهنة حرة ذات خصوصـيات متميـزة‪،‬‬
‫فه ــو مس ــاعد فع ــال لترس ــيخ العدال ــة االجتماعي ــة واس ــتتباب االس ــتقرار واألم ــن ف ــي مج ــال‬
‫الن ازع ــات‪ ،‬ف ــالموثق يتوق ــع الن ازع ــات ويض ــع ح ــدا وحلـ ـوال قب ــل وقوعه ــا‪ ،‬ويوج ــه األطـ ـراف‬

‫‪116‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫وينصحهم ويساعد القضاء في وضع بعض الحلـول‪ ،‬إال أن المهـام التـي يقـوم بهـا الموثـق‬
‫كمهني يمارسها في حرية نسبية تجعل مهنته حرة‪.‬‬
‫‪ ‬إن تحرير العقد وتوقيعه من طرف األطراف مسألة مهمة‪ ،‬لكن توقيعـه مـن طـرف الموثـق‬
‫ض ــرورة حتمي ــة‪ ،‬إلض ــفاء الرس ــمية عل ــى العق ــد واخض ــاعه لمختل ــف اإلجـ ـراءات القانوني ــة‬
‫ألجل تقييده في الرسم العقاري‪.‬‬
‫‪ ‬الموثق طرف فعال في الحياة االقتصـادية للـبالد يسـاهم بقد ارتـه وخب ارتـه فـي تنـوير األفـراد‬
‫ونشر الثقافة القانونية بينهم حتى تكون معامالتهم منسجمة مع القانون‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬االقتراحات‬
‫‪ ‬توس ــيع مج ــال ت ــدخل الموث ــق‪ ،‬فط ــالبوا خ ــدمات التوثي ــق العص ــري ف ــي اس ــتمرار مت ازي ــد‪،‬‬
‫ويرجع السبب إلى اتجـاه المشـرع نحـو اإلعتمـاد علـى الرسـمية فـي العقـار‪ ،‬نظـ ار لمـا يـوفره‬
‫العقد الموثق من ضمانات قانونية‪.‬‬
‫‪ ‬تطوير المهنة من خالل اسـتعمال التقنيـات االلكترونيـة الحديثـة واسـتثمار التقـدم العلمـي‬
‫في هذا المجال‪.‬‬
‫‪ ‬ندعو إلى تدخل المشرع المغربي لوضع حد للجدل المفتعل الذي يثار في مناسـبات كثيـرة‬
‫حول طبيعة مهنة التوثيق ‪ ،‬وتحديد هل هـي وظيفـة عموميـة‪ ،‬أم مهنـة حـرة كسـائر المهـن‬
‫األخرى؟ أم تعد مهنة متميزة لها خصوصيتها وذاتيتها يجب أخذها بعين االعتبار؟‬

‫‪117‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫الملحق‬

‫‪118‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫‪ -‬أوال المراجع باللغة العربية‬


‫‪/1‬الكتب‬
‫ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬دار الجيل‪ ،‬بيروت‪ ،‬الجزء السادس‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫أبو العباس أحمد بن يحيى بن عبد الواحد الونشريسي‪ ،‬المنهج الفائق والمنهل الرائق‬ ‫‪‬‬
‫والمعنى الالئق بآداب الموثق وأحكام الوثائق‪ ،‬دراسة وتحقيق لطيفة الحسن‪ ،‬طبعة و ازرة‬
‫األوقاف‪ ،‬السنة ‪ 1418‬هـ‪1997 /‬م‪ ،‬الرباط‪.‬‬
‫أبو عبد اهلل محمد ابن فرحون‪ ،‬تبصرة األحكام في أصول األقضية ومناهج األحكام‬ ‫‪‬‬
‫دار الكتب العلمية‪ ،‬الجزء األول‪ ,‬الطبعة األولى‪ 1416 ،‬هـ‪،1995 /‬‬
‫أحمد الخمليشي‪ ،‬المسؤولية المدنية لألبوين عن أبنائهما القاصرين‪ ،‬الطبعة‬ ‫‪‬‬
‫األولى‪ 1982،‬مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء‪.‬‬
‫أمحمد األمراني زنطار‪ ،‬تشطير التعويض بين المسؤولية الخطئية والمسؤولية‬ ‫‪‬‬
‫المفترضة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ، 1999 ،‬المطبعة الوطنية مراكش‪.‬‬
‫إدريس العلوي العبدالوي‪ ،‬شرح القانون المدني‪ ،‬النظرية العامة لاللتزام‪ ،‬الطبعة األولى‬ ‫‪‬‬
‫‪ ،2000 ،‬مطبعة الجديدة الدار البيضاء‪.‬‬
‫الحسين بلوش‪ ،‬شرح مدونة التأمينات‪ ،‬الطبعة األولى‪.2013 ،‬‬ ‫‪‬‬
‫الحسين بلوش‪ ،‬األحكام العامة لعقد التأمين ‪،‬الطبعة األولى ‪(،2011‬م‪.‬غ‪.‬م)‪.‬‬
‫الشنوي نورة غزالن‪ ،‬المكونات البنوية للتنظيم القضائي المغربي‪ ،‬دراسة تحليلية من‬ ‫‪‬‬
‫زاوية المقومات الجوهرية للحكامة الجيدة‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2008‬مطبعة الورود إنزكان‪.‬‬

‫‪119‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫الطيب الفصايلي‪ ،‬النظرية العامة لاللتزام‪ ،‬مصادر االلتزام‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬الطبعة‬ ‫‪‬‬
‫الثانية‪ ،1997 ،‬مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء‪ ،‬نشر البديع مراكش‪.‬‬
‫المختار بن أحمد العطار‪ ،‬قانون االلتزامات والعقود‪ ،‬مصادر االلتزام‪( ،‬م‪،‬غ‪،‬م) الطبعة‬ ‫‪‬‬
‫الثانية‪.1994 ،‬‬
‫‪ ‬النعيمات مرسي‪ ،‬النظرية العامة لتأمين‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬اإلصدار األول‪ ،2006،‬دار‬
‫الثقافة عمان‪.‬‬
‫سليمان مرقس‪ ،‬المسؤولية المدنية في تقنيات البالد العربية‪ ،‬القسم األول‪ ،‬األحكام‬ ‫‪‬‬
‫العامة أركان المسؤولية الضرر والخطأ والسببية‪ ،‬معهد البحوث والدراسات العربية‪ ،‬جامعة‬
‫الدول العربية‪ ،1971،‬القاهرة‪.‬‬
‫سليمان مرقس‪ ،‬الوافي في شرح القانون المدني ‪ ،‬الجزء الثاني في االلتزامات‪ ،‬مصادر‬ ‫‪‬‬
‫االلتزام آثاره وأوصافه وانقضاؤه‪ ،‬والنظرية العامة لإلثبات‪ ،1964 ،‬المطبعة العالمية القاهرة‪.‬‬
‫عبد الحي حجازي‪ ،‬مصادر االلتزام‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬السنة ‪ ،1954‬مطبعة نهضة‬ ‫‪‬‬
‫مصر‪.‬‬
‫عبد الرزاق أحمد السنهوري‪ ،‬مصادر الحق في الفقه اإلسالمي‪ ،‬الجزء األول لبنان‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫الطبعة الثانية‪ ،1998 ،‬بيروت‪.‬‬
‫عبد الرزاق أحمد السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني‪ ،‬الجزء السابع‪ ،‬المجلد‬ ‫‪‬‬
‫األول‪ ،‬العقود الواردة على العمل‪ ،‬المقاولة والوكالة والوديعة والحراسة الطبعة الثانية‪ ،‬السنة‬
‫‪ ،1989‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫عبد الرزاق أحمد السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني الجديد‪ ،‬نظرية االلتزام‬ ‫‪‬‬
‫بوجه عام‪ ،‬مصادر االلتزام‪ ،‬الطبعة األصلية الجديدة‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪،1998 ،‬‬
‫بيروت‪.‬‬

‫‪120‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫عبد الرزاق أحمد السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني‪ ،‬نظرية االلتزام بوجه‬ ‫‪‬‬
‫عام‪ ،‬مصادر االلتزام‪ ،‬دار النشر للجامعات المصرية‪ ،1952،‬القاهرة‪.‬‬
‫عبد القادر العرعاري‪ ،‬النظرية العامة لاللتزامات في القانون المغربي‪ ،‬الجزء األول‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫مصادر االلتزامات‪ ،‬الكتاب الثاني‪ ،‬المسؤولية التقصيرية عن فعل الضار‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫‪ ،1988‬دار األمان الرباط‪.‬‬
‫‪ ‬عبد القادر العرعاري‪ ،‬مصادر االلتزامات‪ ،‬الكتاب الثاني‪ ،‬المسؤولية المدنية‪ ،‬الطبعة‬
‫الثانية ‪ ،2005‬مطبعة دار األمان الرباط‪.‬‬
‫‪ ‬عبد السالم أحمد فيغو‪ ،‬العقود المدنية الخاصة في القانون المغربي‪ ،‬الوديعة‪ ،‬العارية‪،‬‬
‫القرض‪ ،‬الوكالة‪ ،‬عقود الغرر‪ ،‬الصلح‪ ،‬الكفالة‪ ،‬الرهن الحيازي‪ ،‬الطبعة األولى ‪،2008‬‬
‫مطبعة دار األمان بالرباط‪ ،‬نشر وتوزيع دار اآلفاق المغربية للنشر التوزيع الدار‬
‫البيضاء‪.‬‬
‫‪ ‬عبد الكريم الطالب‪ ،‬الشرح العلمي لقانون المسطرة المدنية‪ ،‬الطبعة األولى‪،2001 ،‬‬
‫المطبعة والوراقة الوطنية مراكش‪.‬‬
‫‪ ‬عبد الكريم شهبون‪ ،‬الشافي في شرح قانون االلتزامات والعقود المغربي‪ ،‬الكتاب األول‪،‬‬
‫االلتزامات بوجه عام‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة الدار‬
‫البيضاء‪.‬‬
‫‪ ‬عبد الواحد العلمي‪ ،‬شرح القانون الجنائي القسم العام طبعة ‪ ،2002‬مطبعة النجاح‬
‫الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪.‬‬
‫‪ ‬عبد المجيد بوكير‪ ،‬التوثيق العصري المغربي‪ ،‬دراسة في ضوء القانون ‪،18.00‬‬
‫القانون ‪ 44.00‬القانون ‪ 51.00‬وظهير ‪ 4‬ماي ‪ 1925‬ومشروع ‪ 32.09‬والقانون‬
‫‪ 53.05‬وباقي القوانين ذات الصلة‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،2010،‬مطبعة دار السالم الرباط‪.‬‬

‫‪121‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫‪ ‬لبنى الوزاني‪ ،‬المسؤولية التأديبية للموثق على ضوء العمل القضائي‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫‪ ،2011‬دار السالم للطباعة والنشر والتوزيع الرباط‪.‬‬
‫‪ ‬لبنى الوزاني‪ ،‬التزامات الموثق من خالل عقد الوعد ببيع عقار محفظ على ضوء‬
‫االجتهاد القضائي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2010 ،‬طبع ونشر مكتبة دار السالم‪ ،‬الرباط‪.‬‬
‫‪ ‬مأمون الكزبري‪ ،‬نظرية االلتزامات في ضوء قانون االلتزامات والعقود المغربي‪ ،‬الجزء‬
‫مطبعة النجاح الجديدة الدار‬ ‫األول‪ ،‬مصادر االلتزامات الطبعة الثانية‪،1972 ،‬‬
‫البيضاء‪.‬‬
‫‪ ‬مأمون الكزبري‪ ،‬نظرية االلتزامات في ضوء قانون االلتزامات والعقود المغربي‪ ،‬الجزء‬
‫األول‪ ،‬مصادر االلتزامات‪( ،‬م‪.‬ط‪.‬غ‪.‬م)‪ ،‬الطبعة األولى‪.‬‬
‫‪ ‬محمد الربيعي‪ ،‬األحكام الخاصة بالموثقين والعقود الصادرة عنهم‪ ،‬دراسة على ضوء‬
‫التوثيق العدلي والتوثيق العصري‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2008 ،‬المطبعة والوراقة الوطنية‬
‫مراكش‪.‬‬
‫‪ ‬محمد ليديدي‪ ،‬مهنة التوثيق‪ ،‬قراءة في القانون ‪ 32.09‬المنظم لمهنة التوثيق‪ ،‬منشورات‬
‫جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية‪ ،2012 ،‬مطبعة إليت الرباط‪.‬‬
‫‪ ‬محمد أوغريس‪ ،‬التأمين اإلجباري من المسؤولية في التشريع المغربي‪ ،‬دراسة مقارنة‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪( 1992 ،‬م‪.‬غ‪.‬م)‪.‬‬
‫‪ ‬محمد بونبات‪ :‬الوجيز في العقود المسماة‪ ،‬دراسة مقارنة للعقود باعتبار جدواها‪ ،‬الطبعة‬
‫‪ ،2002/2001‬المطبعة والوراقة الوطنية مراكش‪.‬‬
‫‪ ‬محمد البوشوراي‪ ،‬المسؤولية المدنية‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،2008 ،‬مطبعة أشرف تسيال‬
‫أكادير‪.‬‬

‫‪122‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫‪ ‬محمد صبري السعيدي‪ ،‬شرح القانون المدني الجزائري‪ ،‬مصادر االلتزام‪ ،‬الواقعة‬
‫القانونية‪ ،‬العمل غير المشروع‪ ،‬شبه العقود‪ ،‬والقانون‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬الطبعة الثانية‪،‬‬
‫‪ ،2004‬دار الهدى عين مليلة الجزائر‪.‬‬
‫‪ ‬محمود جمال الدين زكي‪ ،‬الوجيز في النظرية العامة لاللتزامات في القانون المدني‬
‫المصري‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،1978،‬مطبعة جامعة القاهرة‪.‬‬
‫‪ ‬مفتي بن عمار‪ ،‬مهنة التوثيق في القانون الجزائري‪ ،‬تنظيم ومها ومسؤوليات‪،2013 ،‬‬
‫دار الجامعة الجديدة اإلسكندرية‪.‬‬
‫‪ ‬مرزوق آيت الحاج‪ ،‬المسؤولية المدنية دراسة تحليلية على ضوء الفقه والقضاء‪ ،‬الطبعة‬
‫الثانية‪ ،2005 ،‬طنجة‪.‬‬
‫‪ ‬موحى الحمزاوي‪ ،‬مسؤولية المحامي في التشريع المغربي‪ ،‬الطبعة األولى ‪،1994‬‬
‫مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء‪.‬‬
‫‪ ‬محمد الكشبور‪ ،‬رقابة المجلس األعلى على محاكم الموضوع في المواد المدنية‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى ‪ ،2001‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪.‬‬

‫‪ -2‬األطروحات والرسائل‬
‫‪ ‬سعيد الدغمير‪ ،‬تنفيذ االلتزام بمقابل أو بطريق التعويض قضائيا في التشريع المغربي‪،‬‬
‫أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد الخامس الرباط‪،‬‬
‫‪.1982-1981‬‬
‫‪ ‬عبد الرزاق أيوب‪ ،‬التكييف القانوني األسس النظرية و الجوانب العلمية‪ ،‬أطروحة لنيل‬
‫الدكتوراه في القانون الخاص‪ ،‬جامعة الحسن الثاني الدار البيضاء‪ ،‬يونيو ‪.2004‬‬
‫أوسعيد إبراهيم‪ ،‬االلتزام بالنصح وأثره على المسؤولية المدنية للموثق‪ ،‬دراسة في‬ ‫‪‬‬
‫التشريع المغربي والفرنسي‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون‬

‫‪123‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫الخاص‪ ،‬جامعة القاضي عياض‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‬


‫مراكش‪.2000-1999 ،‬‬
‫‪ ‬الحسني عبد المطلب‪ ,‬المسؤولية المهنية للموثق العصري‪ ,‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في‬
‫القانون الخاص ‪ ,‬الماستر المتخصص المستشار القانوني للمقاوالت‪ ,‬جامعة القاضي‬
‫عياض كلبة العلو القانونية و اإلقتصادية و اإلجتماعية مراكش‪ ,‬السنة الجامعية‬
‫‪.2011/2010‬‬
‫حليمة بن حفو‪ ،‬الرهن الرسمي بين الرسمية و العرفية في التشريع المغربي‪ ،‬رسالة لنيل‬ ‫‪‬‬
‫ديبلوم الدراسات العليا المعمقة وحدة القانون المدني‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2001/2000‬‬
‫‪ ‬ربيع ناجح أبو حسن‪ ،‬مسؤولية المتبوع عن فعل تابعه في مشروع القانون المدني‬
‫الفلسطيني دراسة مقارنة‪ ،‬رسالة ماجستير في القانون الخاص‪ ،‬جامعة النجاح الوطنية‬
‫نابلس‪ ،‬فلسطين‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2008‬‬
‫‪ ‬رشيد بن يحيى‪ ،‬بيع العقار بين الموثق والعدول‪ ،‬بحث لنيل شهادة الماستر المتخصص‬
‫في االستشارة القانونية‪ ،‬جامعة محمد الخامس السويسي‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واالجتماعية سال‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2011-2010‬‬
‫‪ ‬رشيد خير‪ ،‬مسؤولية الموثق في التشريع المغربي‪ ،‬رسالة لنيل ماستر الدراسات العقارية‬
‫والتعمير وحدة العقار والتعمير‪ ،‬جامعة الحسن األول‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية سطات‪.2011-2010 ،‬‬
‫‪ ‬سيدي محمد كمال مشيشي‪ ،‬االلتزامات المهنية للموثق العصري والمسؤوليات الناتجة‬
‫في حالة اإلخالل بها‪ ،‬رسالة لينل دبلوم الماستر في القانون الخاص‪ ،‬جامعة القاضي‬
‫عياض‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية مراكش‪ ،‬السنة الجامعية‬
‫‪.2012-2011‬‬

‫‪124‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫‪ ‬نائلة حديدو‪ ،‬المسؤولية التأديبية والمدنية للعدول في التشريع المغربي‪ ،‬رسالة لنيل‬
‫دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون المدني‪ ،‬جامعة القاضي عياض كلية العلوم‬
‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية مراكش‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2000-1999‬‬

‫‪ /3‬المقاالت‪:‬‬
‫‪ ‬إبراهيم أحطاب‪ ،‬التزامات العدول والموثقين في قانون التسجيل الجديد‪ ،‬مداخلة في إطار‬
‫ندوة توثيق التصرفات العقارية التي نظمها مركز الدراسات القانونية المدنية والعقارية‬
‫بكلية الحقوق بمراكش يومي ‪11‬و‪ 12‬فبراير‪.2005‬‬
‫إبراهيم أحطاب‪ ،‬جبائية العقود بين مقتضيات قانون التسجيل وأحكام القانون الخاص‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫مداخلة في إطار ندوة األنظمة العقارية في المغرب‪ ،‬نظمها مركز الدراسات القانونية‬
‫المدنية والعقارية بكلية الحقوق بمراكش يومي ‪ 5‬و ‪ 6‬أبريل ‪. 2002‬‬
‫‪ ‬إبراهيم فكري " تمام البيع وما يترتب عنه من حقوق وأشياء في ق‪.‬ل‪.‬ع والتوثيق‬
‫العصري والتوثيق العدلي في نظر قضاء األصل – واالجتهاد القضائي وآراء الفقه‬
‫الحديث" ندوة نظمها مركز الدراسات القانونية المدنية والعقارية بكلية الحقوق بمراكش‪.‬‬
‫‪ ‬بوشعيب بوطربوش‪ ،‬المسؤولية الجنائية للموثق‪ ،‬مجلة محكمة االستئناف بالدار‬
‫البيضاء‪ ،‬العدد الثاني سنة ‪.2012‬‬
‫‪ ‬عبد اهلل درميش‪ ،‬أخالقيات مهنة التوثيق وسلطة التنظيم‪ ،‬مجلة رحاب المحاكم العدد‬
‫الثالث‪ ،‬دجنبر ‪.2009‬‬
‫‪ ‬لطيفة أمهضون‪ ،‬العمل القضائي المرتبط بمسؤولية الموثقين والعدول ومحرري العقود‪،‬‬
‫مجلة محكمة االستئناف بالدار البيضاء‪ ،‬العدد الثاني‪ ،‬السنة ‪.2012‬‬
‫‪ ‬محمد بن حم‪ ،‬مفهوم ِ‬
‫المسؤولية المدنية للموثق و مفهوم الخطأ المهني الموجب لها‪،‬‬
‫مداخلة في إطار اللقاء الوطني األول بين محكمة النقض و الغرفة الوطنية للتوثيق‬

‫‪125‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫العصري بالمغرب تحت شعار‪ :‬آفاق مهنة التوثيق على ضوء قانون ‪ 32.09‬و العمل‬
‫القضائي‪ ،‬يومي ‪2‬و‪ 3‬نونبر ‪ 2012‬بقصر المؤتمرات بمراكش‪.‬‬
‫‪ ‬محمد األمين‪ ،‬المسؤولية الجنائية للموثق‪ ،‬مجلة القبس المغربية للدراسات القانونية‬
‫والقضائية‪ ،‬العدد الخامس ‪.2013‬‬
‫‪ ‬محمد الربيعي‪ ،‬حماية السر المهني في مجال التوثيق‪ ،‬مجلة اإلشعاع العدد ‪ 33‬يونيو‬
‫‪.2008‬‬
‫‪ ‬محمد ا لربيعي‪ ،‬التزام الموثق بإرشاد الزبون ونصحه‪ ،‬مجلة اإلشعاع‪ ،‬العدد ‪،32‬‬
‫‪.2007‬‬
‫‪ ‬محمد خيري‪ ،‬مهنة تحرير العقود بين التنظيم واإلطالق‪ ،‬المجلة المغربية للقانون‬
‫واقتصاد التنمية‪ ،‬العدد ‪.1991 ،25‬‬

‫‪ /4‬المجالت ‪:‬‬
‫‪ ‬مجلة قضاء المجلس األعلى‪ ،‬عدد ‪.2006 ،60‬‬
‫‪ ‬مجلة قضاء المجلس األعلى‪ ،‬عدد‪.2011 ،73‬‬
‫‪ ‬مجلة الملف‪ ،‬العدد ‪.2012 ،19‬‬
‫‪ ‬مجلة األمالك‪ ،‬العدد التاسع‪.2011 ،‬‬

‫‪ /5‬النصوص القانونية ‪:‬‬


‫‪ ‬ظهير اإللتزامات و العقود‬
‫‪ ‬قانون المسطرة المدنية الصادر با تيي الظ ير الشريف رقم ‪ 1.174.447‬بتاريخ ‪11‬‬
‫رمضان ‪ 1394‬الموافق ل ‪ 28‬شتنبر ‪ 1974‬؛ ال شو بالجريد الرتس يل دا ‪5975‬ا‬
‫‪ ‬ظهير شريف بتاريخ ‪ 10‬شوال ‪ 1343‬الموافق ل ‪ 4‬ماي ‪ 1925‬المنظم للتوثيق‬
‫العصري‪ ،‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 661‬بتاريخ ‪ 23‬يويبو ‪.1925‬‬

‫‪126‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫‪ ‬القانون رقم ‪ 32.09‬المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق الصادر با تيي الظهير الشريف رقم‬
‫‪ 1.11.179‬صادر بتاريخ ‪ 25‬من يي الحجة ‪ 1432‬الموافق ل ‪ 22‬نونبر ‪2011‬‬
‫والمنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5998‬بتاريخ ‪ 27‬ذي الحجة ‪ 1432‬الموافق ‪24‬‬
‫نوفمبر ‪.2011‬‬
‫‪ ‬القانون المدني الفرنسي الصادر بتاريخ ‪.1803‬‬
‫‪ ‬القانون رقم ‪ 14.07‬المتعلق بالتحفيظ العقاري الصادر با تيي الظهير الشريف رقم‬
‫الحجل ‪ 1432‬ال وا ق ل ‪ 22‬نو ر ‪ 2011‬ال شو‬ ‫‪ 1.11.117‬بتاريخ ‪ 25‬ي‬
‫بالجريد الرتس يل دا ‪5998‬ا‬
‫‪ ‬المدونة العامة للضرائب الصادرة بتاريخ ‪.2014‬‬
‫‪ ‬القانون رقم ‪ 39.08‬المتعلق بمدونة الحقوق العينية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم‬
‫‪ 1.11.178‬صادر بتاريخ ‪ 25‬من ذي الحجة ‪ 1432‬الموافق ل ‪ 22‬نونبر ‪.2011‬‬

‫ثانيا‪ :‬المراجع باللغة الفرنسية‬


‫‪ Fabien Ferran, Le notaire et le règlement de la succession, éditions du juris-‬‬
‫‪classeur‬‬
‫‪ Josserand, cours de droit positif Français ,Tome II 2 Not, 1979.‬‬
‫‪ Marty et Raynaud, les obligations, T.1, les sources 2ème éd, 1986.‬‬
‫‪ Palaniol, la faute est un manquement a une obligation préexistante, traité‬‬
‫‪des droit civil Tome 2 note, 1984.‬‬
‫‪ Saad Lahrichi, la responsabilité du notaire en droit français et en droit‬‬
‫‪Marocain, impression El Maarif al Jadida, 2008.‬‬

‫‪127‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫مقدمة ‪06 .............................................................................‬‬


‫الفصل األول‪ :‬االلتزامات المهنيب للموثق في التشريع المغربي وطبيعب مسؤوليته المدنيب‪14..‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬االلتزامات المهنية للموثق في التشريع المغربي‪16........ ...............‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مسؤولية الموثق تجاه الزبناء واضفاء الرسمية‪17 ........................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬التزامات الموثق اتجاه الزبناء ‪17 ......................................‬‬
‫أوال‪ :‬االلتزام بتقديم النصح لألطراف‪17 ...........................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬االلتزام بكتمان السر المهني ‪20 ............................................‬‬
‫ثالثا‪ :‬التزام الموثق بحفظ أصول العقود ‪24 .......................................‬‬
‫رابعا‪ :‬تسليم نسخ من أصول العقود الموثقة ‪26 ...................................‬‬
‫خامسا‪ :‬التزام الموثق ا بتأمين المبالغ المودعة ‪27 ................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬االلتزام بإضفاء الرسمية على العقود‪28 ...................................‬‬
‫أوال‪ :‬االختصاص النوعي والترابي‪28 .............................................‬‬
‫‪ -1‬االختصاص النوعي ‪28 ..................................................‬‬
‫‪ .2‬االختصاص المكاني أو اإلقليمي للموثق ‪30 ...............................‬‬
‫ثانيا‪ :‬البيانات المضمنة بالعقد التوثيقي‪32 ........................................‬‬
‫‪.1‬ال يانات ال اصل باألطراف ال ا ا د ااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا ‪32‬‬
‫‪ .2‬البيانات المتعلقة بالوثائق المدلى بها ‪33 ...................................‬‬
‫‪ .3‬تاريخ ومكان إبرام العقد الرسمي‪35 ........................................‬‬
‫‪ .4‬توقيع األطراف وتوقيع الموثق للمحرر‪36 .................................:‬‬

‫‪128‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫المطلب الثاني‪ :‬التزام الموثق بالقيام ببعض اإلجراءات الشكلية ‪38 ......................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬تسجيل العقد لدى إدارة التسجيل والتمبر‪38 ............................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬تطهير العقار من الضرائب ‪41 ........................................‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬تقييد العقد الرسمي بالمحافظة العقارية‪42 ..............................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬طبيعة المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي ‪45 ...................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬المسؤولية العقدية للموثق في التشريع المغربي ‪45 .......................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬نظرية العقد المسمى ‪48 .................................................‬‬
‫أوال‪ :‬نظرية الوكالة ‪48 ...........................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬نظرية عقد وديعة‪52 .......................................................‬‬
‫ثالثا‪ :‬نظرية عقد إجازة الصنعة ‪55 ...............................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬نظرية العقد الغير المسمى ‪58 .........................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬المسؤولية التقصيرية للموثق في التشريع المغربي‪59 ....................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬مسؤولية الموثق عن فعله الشخصي ‪59 ...............................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬مسؤولية الموثق عن فعل الغير ‪61 ....................................‬‬
‫أوال‪ :‬أساس مسؤولية الموثق التقصيري عن فعل الغير ‪62 .........................‬‬
‫‪ -1‬نظرية الخطأ المفترض‪62 ................................................‬‬
‫‪ -2‬نظريل تح ل الا ل ااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا ‪62‬‬
‫‪ -3‬نظريل ال يابل ااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا ‪63‬‬
‫‪ -4‬نظريل الت ال اااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا ‪63‬‬
‫ثانيا‪ :‬شروط مسؤولية الموثق عن فعل الغير ‪64 ..................................‬‬
‫‪ -1‬قيام عالقة التبعية‪64 .....................................................‬‬
‫‪ -2‬خطأ التابع ‪64 ...........................................................‬‬
‫‪ -3‬أن يصدر خطأ التابع أثناء تأديته لوظيفته أو بسببها ‪65 ...................‬‬
‫اااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا ‪65‬‬ ‫‪ -4‬و وا نت تشري‬
‫‪129‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬المسؤولية التضامنية للموثق‪66......................................‬‬


‫الفصل الثاني ‪ :‬أركان المسؤوليب المدنيب للموثق في التشريع المغربي وأثارها‪69 .‬‬

‫المبحث األول أركان المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‪70 ..................‬‬


‫المطلب األول ‪ :‬الخطأ و الضرر‪71 ................................................. .‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬الخطأ‪71 .......................................................... .‬‬
‫أوال ‪ :‬أركان الخطأ‪72 .......................................................... .‬‬
‫‪ /1‬الركن المادي ‪ :‬التعدي أو اإلنحراف‪73 .................................. .‬‬
‫‪ /2‬الركن المعنوي ‪ :‬التمييز أو اإلدراك‪74 ................................... .‬‬
‫ثانيا ‪ :‬الخطأ المهني للموثق‪74 ..................................................‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬الضرر‪77 ...........................................................‬‬
‫أوال ‪ :‬تعريف الضرر‪78 .........................................................‬‬
‫ثانيا ‪ :‬أنواع الضرر‪79 ..........................................................‬‬
‫‪ /1‬الضرر المادي ‪77 ........................................................‬‬
‫‪ /2‬الضرر المعنوي‪79 ...................................................... .‬‬
‫ثالثا ‪ :‬شروط الضرر‪79 .........................................................‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬العالقة السببية و شرط البطالن ‪81 ...................................‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬العالقة السببية‪81 ...................................................‬‬
‫أوال ‪ :‬قيام العالقة السببية‪82 ................................................... .‬‬
‫ثانيا ‪ :‬انتفاء عالقة السببية‪83 ...................................................‬‬
‫‪ /1‬القوة القاهرة والحادث الفجائي ‪84 ..........................................‬‬
‫‪ /2‬خطأ الغير‪86 ........................................................... .‬‬
‫‪ /3‬خطأ المضرور‪87 ....................................................... .‬‬

‫‪130‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬شرط البطالن‪88 ................................................... .‬‬


‫المبحث الثاني‪ :‬آثار المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي ‪90 ...............‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬دعوى المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي ‪91 ...............‬‬
‫الفقرة األولى‪:‬أطراف الدعوى‪92 .....................................................‬‬
‫أوال‪ :‬المدع ــي ‪92 ................................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬المدعى عليه‪94 ...........................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬إجراءات دعوى المسؤولية‪95 ..........................................‬‬
‫أوال ‪ :‬اإلختصاص ‪95 ...........................................................‬‬
‫ثانيا ‪ :‬تقدير التعويض ‪98 ......................................................‬‬
‫ثالثا‪ :‬التقادم ‪101 ................................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬تعديل أحكام المسؤولية المدنية للموثق والتأمين عنها ‪103 ...............‬‬
‫الفقرة األولى‪:‬تعديل أحكام المسؤولية المدنية للموثق ‪104 .............................‬‬
‫أوال‪ :‬تعديل أحكام المسؤولية التقصيرية للموثق ‪104 ...............................‬‬
‫ثانيا‪ :‬تعديل أحكام المسؤولية العقدية للموثق ‪105 .................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬التامين عن المسؤولية المدنية للموثق‪107 ..............................‬‬
‫أوال‪ :‬مفهوم عقد التأمين من المسؤولية ‪108 ......................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬التأمين اإلجباري عن المسؤولية المدنية للموثق ‪111 .........................‬‬
‫خاتمة ‪115 ...........................................................................‬‬
‫المالحق ‪118....................................................................... .‬‬
‫الئحة المراجع ‪119 ....................................................................‬‬
‫الفهرس‪128 ..........................................................................‬‬

‫‪131‬‬
‫المسؤولية المدنية للموثق في التشريع المغربي‬

‫‪132‬‬

You might also like