Professional Documents
Culture Documents
دروس يف مادة:
علم اللهجات
الفوجان7 - 6 :
1
أوال :حمـاور مـادة "علم اللهجات" :
المبتكرة
َ -5قانون انتشار الظواهر اللغوية
2
اثنيـا :مـراجع يف املـادة :
في اللهجات العربية :إبراهيم أنيس .
اللغة :ج فندريس ،ترجمة :عبد الحميد الدواخلي و محمد القصاص .
أسس علم اللغة :ماريو باي ،ترجمة وتعليق أحمد مختار عمر .
اتجاهات البحث اللساني :ملكا إفيتش ،ترجمة سعد عبد العزيز مصلوح و وفاء كامل فايد .
في البالغة العربية واألسلوبيات اللسانية آفاق جديدة :سعد عبد العزيز مصلوح .
القاموس الموسسوعي الجديد لعلوم اللسان(طبعة منقحة) :أوزوالد ديكرو و جان ماري سشايفر.
المدخل إلى علم اللغة ومناهج البحث اللغوي :رمضان عبد التواب (الفصل 5منه :علم اللغة والجغرافيا اللغوية األطلس اللغوي ،وهو
نفس مقاله :الجغرافية اللغوية وأطلس برجشتراسر ،مجلة مجمع القاهرة ع 37عام . )1976
عن مناهج العمل في األطالس اللغوية :سعد مصلوح ،حوليات كلية دار العلوم ،جامعة القاهرة ،ع . 1976 ، 5
مميزات لغات العرب وتخريج ما يمكن من اللغات العامية عليها وفائدة علم التاريخ من ذلك :حفني ناصف (بحث قدمه إلى جمعية
العلوم المشرقية المنعقدة في فيانا 1886م ) .
الضَبيب.
دراسات في لهجات شرقي الجزيرة العربية :ت م جونستون ،ترجمه وقدم له وعلق عليه :أحمد محمد ُ
اللهجات العربية القديمة في غرب الجزيرة العربية :تشيم رابين ،ترجمه وقدم له وعلق عليه :عبد الكريم مجاهد .
3
ثـاثـا :الـدروس
وقد كانت دالالت الكلمتين اليونانيتين ،اللتين ترجمتا إلى "لغة" ) (languageو "لهجة" )(dialect
باإلنجليزية ،مختلفتين تماما عن دالالتهما في اإلنجليزية اآلن .ولعل االستعمال الفرنسي للكلمتين ) (langueو
) (dialecteأقرب إلى األصلين اليونانيين1؛ ألن الكلمة الفرنسية ) (dialecteتُستخدم لتدل فقط على نوعية إقليمية
-من النظام اللغوي -مكتوبة ،بعكس نوعيات إقليمية غير مكتوبة ،يطَلق عليها مصطلح » .«patois
أما في اللغة العربية ،فَلم يختلف الباحثون في العصر الحديث في ترجمة ) (dialectبـ "لهجة" ،وهي مشتقة
الفصيل بأُمه :إذا اعتاد رضاعها
ُ ُمه :إذا تناول ضرع الناقة يمتصه ،و َل َه َج
الفصيل َيْل َه ُج أ َّ
ُ من ( ل هـ ج ) َ :ل َه َج
فهو فصيل الهج .كما قيلَ :لهج باألمر لهجاً ،وَلهوج وأَْلهج :أولع به واعتاده أو أُغري به فثابر عليه .و َّ
الل ْه ُج َْ َ َ َ ََ ٌ
بالشيء :الولوع به.
فصيح ف اللسان .ويقالَ :ج ْر ُس الكالم ،ويقال: وقد جاء في "العين" للخليل بن أحمد الفراهيديَّ :
ُ ط َر ُ
الل ْه َج ُة َ
اللهجة .وقد نقل األزهري في "تهذيب اللغة" عن العينَّ :
الل ْه َجةُ هي لغته التي ُجبل عليها فاعتادها ،ونشأ َّ َّ
الل ْه َجة و َ َ
عليها.
وقد درج كثير من الباحثين على تعريف اللهجة اصطالحا من خالل عالقتها باللغة ،ومن أمثلة ذلك قول
رمزي منير بعلبكي في "معجم المصطلحات اللغوية" " :نظام لغوي يمتاز-من خالل ُّ
الل ْك َنة والكلمات والتراكيب
مؤلفه "في اللهجات العربية" " :مجموعة من خاصة -عن اللغة التي يتفرع عنها" .وكذلك قول إبراهيم أنيس في َّ
الصفات اللغوية تنتمي إلى بيئة خاصة ،ويشترك في هذه الصفات جميع أفراد هذه البيئة .وبيئة اللهجة هي جزء من
بيئة أوسع وأشمل تضم عدة لهجات .لكل منها خصائصها ،ولكنها تشترك جميعا في مجموعة من الظواهر اللغوية
...وتلك البيئة الشاملة التي تتألف من عدة لهجات ،هي التي اصطلح على تسميتها باللغة".
ومن خالل هاذين التعريفين االصطالحيين للهجة ،يتضح أن عالقة اللهجة باللغة هي عالقة الجزء بالكل
أوعالقة الخاص بالعام.
-1في بالد اإلغريق كانت لهجة الملحمة غير لهجة القصيدة الغنائية؛ وفي الدرامة كانت تستعمل لهجتان مختلفتان ،واحدة للحوار
واألخرى للغناء الجماعي .فأساس هذه اللهجات من حيث األصل لغة َ أحد األقاليم اإلغريقية.
4
وقد اجتهد بعض الباحثين في وضع معيار علمي للتمييز بين اللغة واللهجة ،وقد أسفر عملهم في ذلك إلى
اقتراح ثالثة معايير :معيار الحجم ومعيار الفهم المتبادل ومعيار المكانة (أي المكانة المرموقة).
معيار الحجم :ذلك أن ما يعد "لغة" أكبر حجما من "اللهجة"؛ وذلك يعني أن النوعية التي تتضمن العدد األكبر من
الوحدات اللغوية هي "اللغة" ،بينما النوعية األصغر "هي "اللهجة".
معيار الفهم المتبادل :فإذا استطاع متحدثان بنوعيتين مختلفتين أن يفهم كل منهما اآلخر ،فإن النوعيتين المعنيتين
تُ َعدان "لهجتين" من لغة واحدة ،ودون هذا الفهم المتبادل تعد كل من النوعيتين "لغة" مستقلة.
معيار المكانة (أي المكانة المرموقة) :وبالطبع ما يعد "لغة" ذو مكانة اجتماعية يفتقدها ما يعد "لهجة" ،وكثي ار ما تعد
النوعية التي ُيكتب بها ألغراض عديدة (إبداع ،تعليم ،مراسيم حكومية " )...لغة" ،على عكس النوعيات التي ال
ُيكتب بها حيث تعد "لهجات" فحسب .وتكتسب نوعية ما هذه المكانة بعملية َّ
الن ْم َذ َجة أو المواضعة؛ أين يعمد أبناء
ٍ
بتدخل مباشر ومقصود يفضي إلى ما يطَلق عليه "لغة متواضعا عليها" المجتمع إلى تطوير نوعية لغوية معينة
(أومعيارية) ،لم تكن من قبل سوى نوعية من نوعيات لغوية منتشرة في بيئة ما.
مقترحي الحجم والفهم المتبادل أنهما ال يصلحان كمقياسينَ وواضح من المآخذ التي قدمها الباحثون على
عرف بهما "اللغة" من "اللهجة" ، 1وقد ال يبقى إال معيار المكانة االجتماعية مقياسا نعتمده في التمييز بين ما هو
تُ َ
"لغة" أو"لهجة" ،يقول هدسون " :ليس هناك أي أساس حقيقي للتمييز بين "اللغة" و"اللهجة" باستثناء "المكانة" التي
تتمتع بها لغة بعينها حيث َي ْح ُس ُن استخدام لفظة "لغة متواضع عليها" بدال من مجرد استخدام لفظة "لغة" فحسب".2
وفي هذا السياق يقول محمود فهمي حجازي" :إن أي نظام لغوي يتكون من أصوات تكون كلمات تؤلف جمالً ألداء
معنى ،ومن هذا الجانب نجد أية لغة وأية لهجة داخلة في هذا اإلطار .والشيء األساسي الذي يجعل نظاما لغويا
ما ُي َّ
صنف باعتباره لهجة أو لغة فصيحة هو موقف أبناء الجماعة اللغوية منه ،ومعنى هذا أنه ليس في بنية اللهجة
أواللغة ما يحتم تصنيفها –بالضرورة -هذا التصنيف ،ولكن مجاالت االستخدام عند أبناء الجماعة اللغوية هي التي
تفرض هذا التصنيف .فالنظام اللغوي ال ذي يستخدم في مجاالت الثقافة والعلم واألدب الرفيع هو ما يصنف
اجتماعيا بأنه فصيح ،والنظام اللغوي الذي يقتصر استخدامه على مجاالت الحياة اليومية هو بالضرورة ما يصنف
اجتماعيا بأنه لهجة أو بأنه "عامية" ". 3
- 1ينظر :علم اللغة االجتماعي :د .هدسون ،ترجمة :محمود عياد ،عالم الكتب ،القاهرة ،ط ،1990 ، 2ص. 62-52 :
- 3مدخل إلى علم اللغة ،دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع ،القاهرة( ،د ت) ،ص ص . 14-13
5
//2الدراسة العلمية للهجات يف العصر احلديث
يعــرف بعــض اللســانيين المحــدثين مصــطلح " اللهجــة " ( )Dialectبأنهــا » مجموعــة مــن الصــفات اللغويــة
تنتمــي إلــى بيئــة خاصــة ،ويشــترك فــي هــذه الصــفات جميــع أفـراد هــذه البيئــة .وبيئــة اللهجــة هــي جــزء مــن بيئــة
أوسع وأشمل تضم عدة لهجات .لكل منها خصائصها ،ولكنها تشترك جميعا في مجموعة من الظواهر اللغوية
...وتلك البيئة الشاملة التي تتألف من عدة لهجات ،هي التي اصطلح على تسميتها باللغة « . 1
هو على مـا قـرره مجمـع اللغـة العربيـة بالقـاهرة » علـم يـدرس الظـواهر والعوامـل المختلفـة المتعلقـة بحـدوث
صور من الكالم في لغة من اللغات .أو علم يدرس اللهجات باعتبارهـا أنظمـة لغويـة تنشـأ وتتفـرع عـن لغـة أو
باللهجـات ،أواللهجـات الخاصـة، لغات « . 2ويعرفه اللساني جورج مونان بقولـه » :إنـه الد ارسـة التـي تخـت
؛ هـي الد ارسـة المقارنـة لمجموعـة مـن اللهجـات التـي تغطـي فضـاءا لسـانيا ،هـذا الحقـل لكـن علـى وجـه أخـ
يسمى اللسانيات الجغرافية«. 3
فعلم اللهجات في العصر الحديث فرع مـن فـروع اللسـانيات ،يهـتم بالد ارسـة العلميـة للهجـات فـي لغـة مـن
اللغات ،ويبحـث فـي االختالفـات اللهجيـة ومـا يـرتبط بهـا مـن سـمات علـى أسـاس التوزيـع الجغ ارفـي؛ لـذلك نجـد
من اللسانيين -كجورج مونان -من يصـنفونه ضـمن فـرع "اللسـانيات الجغرافيـة ( ،")Geolinguisticsكمـا نجـد
آخرين يعتبرونه هو اللسانايت الجغرافية ذاتها . 4
1
-إبراهيم أنيس :في اللهجات العربية ،مكتبة األنجلو المصرية ،ط ،2003ص ( 15وراجع التعريف الوارد في ص . )3
-2مجموعة المصطلحات العلمية والفنية . 221 /15 ،93 / 4نقال عن :عبد الغفار حامد هالل :اللهجات العربية نشأة وتطورا،مكتبة وهبة ،القاهرة،
ط ،1993 ،2ص( 388الهامش) .
- 3نقال عن :ليلى زيان (أستاذة مكلفة بالدروس بجامعة بشار-الجزائر) :علم اللهجات ،منتديات تخاطب 6 ( www.ta5atub.comيونيو – 2010
.) 3:02
DUBOIS Jean ]et autres[, Dictionnaire de Linguistique et des Sciences du Langage, Larousse-
Bordas/HER, Paris 1999.
6
و االختالفــات الكائنــة فــي اللغــة الواحــدة فــي منــاطق مختلفــة و فــي التجمعــات المتباينــة التــي تتكلمهــا ،و كــذا
االختالفات الحاصلة في لهجتين من اللهجات المحلية ذات األصل المشترك .وهم يتعـاملون عـادة مـع سـكان
يعيش ــون ف ــي من ــاطقهم لع ــدة أجي ــال دون أن يرتحلـ ـوا ،و أيض ـاً م ــع جماع ــات المه ــاجرين الحامل ــة للغاته ــا إل ــى
مواطن جديدة .1
كما يتناول علم اللهجات جوانب من اللسانيات االجتماعية كانقسام لغة ما إلى عدة لهجات مرتبطـة بهـا،
واألســباب التــي تــؤدي إلــى ذلــك ،والصــلة بــين اللغــة األم وبــين مــا تفــرع عنهــا مــن لهجــات ،ومــا يعــرض لهــذه
اللهجــات فــي ص ـراعها وتفاعلهــا مــن قــوة أو ضــعف ،وانــزواء أو انتشــار ،ومــوت وحيــاة ،ومــا يكــون مــن ســيادة
إحداها على سائرها ،كما حدث للهجة قريش مثال ،وبيان أسباب تلك السيادة ،وقد تتحـول إحـدى اللهجـات إلـى
لغة ،عندئذ يتناول علم اللهجات أسباب ذلك ،كمـا يـدرس آثـار كـل لهجـة فـي صـاحبتها ،ومـدى تأثرهـا بهـا ،ثـم
استنباط القوانين التي سارت عليها اللغة في ذلك كله.
يعود الفضل في ذلك إلى "مدرسة النحاة الشبان" في السبعينيات من القرن التاسع عشر ،في ألمانيا،
ومعلوم لدينا أن هذه الفترة من تاريخ الدراسات اللغوية في أوربا تعرف بعصر الدراسات التاريخية والمقارنة.
والحقيقة أن دراسة اللهجات حتى تلك الفترة لم تكن تحظى بأي قدر من األهمية؛ » فقد كان اللسانيون ال
يعترفون إال باللسان الفصيح ،ويرون في أي تنوع لهجي من تنوعاته انحرافا عن سوائه ينبغي التجافي عنه
والبراءة منه « .2وقد اقتنع اللسانيون بعد حوالي قرنين من الزمان ببطالن هذا المبدأ ،بعد أن تأكد للنحاة
الشبان ،عندما جهدوا في دراسة ما يعتري اللغات من تغير عبر الزمان ،إلثبات أن التغير – خاصة في
مجال األصوات -خاضع لقوانين صارمة ومطردة ،أن اعتمادهم على المقارنة بين اللغات المعيارية أو
الفصيحة دون اللهجات هو السبب الذي أدى بهم إلى التوصل إلى نتائج مضطربة ال تخدم فرضيتهم .كما
انتبهوا إلى أن اللغات الفصيحة عرضة للتأثر بالغزو اللغوي الخارجي نتيجة انفتاحها على التأثير والتأثر،
فاتجهوا »إلى اللهجات إلثبات اطراد القوانين الصوتية وبراءتها من الشذوذ «. 3
- 2سعد عبد العزيز مصلوح :في البالغة العربية واألسلوبيات اللسانية آفاق جديدة ،جامعة الكويت-الكويت ،ط ، 2003 -1ص . 157ومثل هذا
أيضا في :أسس علم اللغة ،ترجمة وتعليق :أحمد مختار عمر ،عالم الكتب،القاهرة ،ط ، 1998 / 8ص . 235 -234
- 3سعد عبد العزيز مصلوح :في البالغة العربية واألسلوبيات اللسانية آفاق جديدة ،ص . 159وينظر أيضا :أحمد مومن :اللسانيات النشأة والتطور،
ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر ،ط ،2008 ،4ص . 95-94
7
ومن هنا كانت بداية ما عرف باللسانيات الجغرافية ،لما انطلق اللسانيون إلى القرى والجهات النائية
وحصر صور التنوع اللهجي ،وتوزيعها على خرائط ميدان البحث بحسب
ْ يجمعون لهجاتها ،الستقصاء
انتمائها إلى مناطقه المختلفة .وتوضح على هذه الخرائط اللغوية حدود اللهجات المختلفة ،ومعالم كل لهجة،
وتجمع الخرائط في نهاية األمر في أطلس لغوي عام .ويشيد ماريو باي بقيمة هذا اإلنجاز للدرس اللساني
الحديث ،إذ على الرغم من أنه » قد بدأ أساسا على يد اللغويين التاريخيين ،ألغراض تاريخية في معظمها،
فإنه قد وضع األساس لنموذج الدراسة الوصفية العملية في مجال البحث اللغوي« . 1
ويعد عام 1876م تاريخا ممي از في علم اللهجات أو اللسانيات الجغرافية ،إذ فيه بدأ اللساني األلماني
جورج فنكر ( )G. Venkerاستقراء صور التنوعات اللهجية في ألمانيا ،لينجز أول أطلس لغوي في العالم،
ثم ظهر بعده بين عامي 1912-1902األطلس اللغوي لفرنسا بإشراف اللساني الفرنسي جـييرون
( ،)Gilliéronوأخذت فكرة األطالس اللغوية تتسع لتظهر وبتطويرات ملحوظة نماذج منها في بالد كثيرة في
مصور من كتاب سعد مصلوح المذكور آنفا ،معنون بـ" ركائز الجغرافية اللغوية" (ص) 166 - 160 : وفيما يأتي ملحق
- 1أسس علم اللغة ،ترجمة وتعليق :أحمد مختار عمر ،عالم الكتب،القاهرة ،ط ، 1998 / 8ص .131
-خليل عساكر :األطلس اللغوي ،مجلة مجمع اللغة العربية بالقاهرة ،ع ،7مطبعة وزارة المعرف العمومية ،1953 ،ص384 – 379 :؛
-رمضان عبد التواب :الجغرافية اللغوية وأطلس برجشتراسر ،مجلة مجمع اللغة العربية بالقاهرة ،ع ،37الهيئة العامة لشئون المطابع
األميرية، 1978 -ص 124 -119؛ أو كتابه :المدخل إلى علم اللغة ومناهج البحث اللغوي ،مكتبة الخانجي ،القاهرة ،ط ،1997 / 3
الفصل الخامس؛
-عن مناهج العمل في األطالس اللغوية :سعد مصلوح ،حوليات كلية دار العلوم ،جامعة القاهرة ،ع . 1976 ، 5
8
9
[ ] ...ونعين ابألطلس جمموع اخلرائط
10
]...[
11
//3دراسة اللهجات العربية قدميا وحديثا
-1قديـما:
لم يصلنا عن علمائنا القدامى مؤلف مستقل في اللهجات العربية القديمة ،و ليس معنى ذلك أنهم
أهملوها بالكلية ،فقد سجلوا قد ار كبي ار من ظواهرها ،وكان ذلك ضمن دراستهم للغة الفصحى .وألف عدد منهم
كتبا أطلقوا عليها اسم «اللغات» أو«كتاب اللغات» ،من هؤالء :يونس بن حبيب (ت 182ه) ،وأبو زكريا
ً
أبوعبيدة َم ْعمر بن المثنى (ت 210ه) ،واألصمعي (ت 216ه) ،وأبو زيد األنصاري
الفراء (ت 207ه) ،و ُ
(ت 214هـ ،وإليه ُينسب أيضا كتاب في لغات القرآن ) .كما أن منهم من ألفوا في لغات القرآن ،من ذلك
عمرو بن حسنون (ت419هـ) يصل إسنادها إلى عبد
«كتاب اللغات في القرآن الكريم» برواية إسماعيل بن ْ
عبيد القاسم بن سالم
هللا بن عباس -رضي هللا عنهما ،-وكتاب« :ما ورد في القرآن من لغات القبائل» ألبي ْ
(ت 224هـ) .ولم يصلنا من هذه الكتب إال األخيرْين فقط.
وقد وردت إشارات كثيرة في كتب التراث على اختالف اهتماماتها ،إلى اللهجات العربية القديمة ،كما
» البن جني (ت وردت موضوعات خاصة باللهجات في بعض كتب األقدمين ،كما في «الخصائ
392ه)« :باب في الفصيح يجتمع في كالمه لغتان فصاعدا» ،و«باب في تركيب اللغات» ،و«باب اختالف
اللغات وكلها حجة» ،و«باب في العربي يسمع لغة غيره أيراعيها ويعتمدها ،أم يلغيها ويطرح حكمها».
وفي «الصاحبي» البن فارس (ت 395ه) نجد« :باب القول في اختالف لغات العرب» ،و«باب اللغات
المذمومة» ،و«باب انتهاء الخالف في اللغات» .و أما السيوطي (ت 911هـ) في «المزهر في علوم اللغة
النوع العاشر لمعرفة الضعيف والمنكر والمتروك من اللغات ،والنوع الحادي عشر لمعرفة وأنواعها» فخص
الرديء المذموم من اللغات ،والسادس عشر لمعرفة مختلف اللغة ،والسابع عشر لمعرفة تداخل اللغة.
اللسان» لعبد الرحمن بن الجوزي (ت597هـ) .كما أُلفت كتب أخرى انتصرت للعامة َ
وصَّوَبت بعض
12
استعماالتها وتحاول أن تثبت الوشائج بين ما استعملته العامة وما استعمله العرب القدماء ،مثل كتاب « بحر
الع َوام» لرضي الدين بن الحنبلي (ت 971هـ) ،و « القول المقتضب فيما وافق لغة
العَّوام فيما أصاب فيه َ
َ
أهل مصر من لغات العرب» البن أبي السرور البكري (ت1087هـ).
-2حديـثا:
كانت بداية دراسة اللهجات العربية في العصر الحـديث علـى أيـدي المستشـرقين ،فـي منـاطق مختلفـة مـن
العــالم العربــي ،خاصــة دول الشــمال اإلفريقــي وســوريا وفلســطين والع ـراق ،ومــن تلــك األعمــال :أطلــس لهجــات
س ــوريا وفلس ــطين ( :)1915لأللم ــاني برجشت ارس ــر ) (Bergstrasser؛ اللهج ــة العربي ــة ف ــي ت ــدمر (،)1934
اللهجـات العربيـة فـي حـواران ( :)1946للفرنسـي جـان كـانتينو ) (J. Cantineau؛ عـدة مقـاالت عـن لهجـات
َع َدن وحضرموت ( : )1937لإليطالي روسي ). (Rossi
ثم نمت في العصر الحديث دراسة اللهجات العربية وازدهرت ،وقد كانت أول دراسة لها ،الرسالة التي
ألفها المرحوم 'حفني ناصف' بعنوان «مميزات لغات العرب ،تخريج ما يمكن من اللغات العامية عليها ،وفائدة
علم التاريخ من ذلك» ،والتي قدمها في مؤتمر ٍٍ لجمعية العلوم المشرقية ،في فيينا سنة 1886م ،ثم جاء
بعدها الدراسة القيمة للمرحوم إبراهيم أنيس« :في اللهجات العربية» ،وقد نشرت أول مرة عام 1946م ،وتعد
مجمع اللغة مصدر مهما لكل من كتب عن اللهجات العربية في العصر الحديث .وقد ن
ًا هذه الدراسة
العربية بالقاهرة منذ السنة األولى من تأسيسه ( )1932على إنشاء لجنة خاصة تنظم دراسة علمية للهجات
كبير من المتخصصين والخبراء في هذا الشأن عرباً وأجانب ،كما خصصت
عددا ًا
العربية الحديثة ،تضم ً
بعض الكليات في الجامعات العربية في السنوات األخيرة حي از في مناهجها لدراسة اللهجات.
ومن أوائل الباحثين العرب الذين بحثوا في هذا الميدان في إطار رسائل للدكتوراه أو للماجستير في
الجامعات األوربية أو األمريكية ،المبتَ َعـثون المصريون الرواد في الدراسات اللسانية :إبراهيم أنيس (لهجة
القاهرة )1941؛ تمام حسان (لهجة عدن العربية في جنوب اليمن )1952؛ كمال بشر (دراسة نحوية للهجة
منطقة عالي في لبنان ،)1956ثم غيرهم من الباحثين العرب .وجاء من بعدهم من واصل البحث في هذا
الباب في داخل الوطن العربي ،في دراسات مستقلة أو في شكل رسائل جامعية ومن أبرزها أطروحة الدكتوراه
التي تقدم بها أحمد علم الدين الجندي سنة 1965م والموسومة ":اللهجات العربية كما تصورها كتب النحو
واللغة " ،وقد طبعت في جزأين بعد ذلك بعنوان« :اللهجات العربية في التراث».
13
وكان المرحوم إبراهيم أنيس يرى أن الدراسة العلمية للهجات العربية الحديثة » يجب أن تبدأ وصفية،
نشرحها ونسجلها ونحلل أصواتها وكلماتها ،دون التعرض في البدء إلى أي نوع من المقارنات ،أو الحكم على
أي صلة بلهجة قديمة ،فإذا فرغنا من الدراسة الوصفية التحليلية لكل لهجة من اللهجات الحديثة نكون قد
خدمنا أغراضا جليلة :منها تسجيل لهجاتنا التي تكون مرحلة تاريخية من حياتنا االجتماعية ،ومنها إشباع
رغبة العلماء منا في الدراسات األكاديمية البحتة للهجات الحديثة ،ثم بعد هذا وفوق هذا تصبح تلك الدراسة
نواة أو مادة نستغلها في دراسة اللهجات العربية القديمة« [يف اللهجات العربية ،ص .]12
ومن جهة أخرى يؤد الدكتور رمضان عبد التواب أن الدراسة الجغرافية للهجات العربية المختلفة ،في
14
//4عوامل انقسام اللغة إىل هلجات (أو أسباب تكون اللهجات)
• العوامل الجغرافية :حيث تعمل حواجز طبيعية بين مجتمعين يستعمالن نظاما لغويا واحدا على قلة
االتصال بين المجتمعين ،مما يؤدي إلى انعزال مجتمع عن آخر ،يقود بعد مرور الزمن إلى
اختالفات لغوية بينهما.
• العوامل االجتماعية :حيث تقوم بعض الحواجز االجتماعية بين أفراد المجتمع الواحد على أن يقسم
المجتمع نفسه إلى طبقات حسب المستوى المعيشي ،أوحسب الوظائف والحرف ،أو بحسب األعمار،
مما يؤدي تدريجيا إلى انقسام لغة هذا المجتمع إلى لهجات خاصة بهذه الفئات.
• احتكاك اللغات :الذي قد يكون نتيجة غزو خارجي سياسي أوعسكري أوديني ،أوفكري ،لمجتمعات
تستخدم لغة واحدة ،مما ينتج عنه تؤثر هذه المجتمعات بلغات هؤالء الغزاة ،حتى تصبح هذه
المجتمعات مع الزمن متباينة اللغات بعد أن كانت لغتها واحدة ،خاصة إذا تعاضد أكثر من غزو
على هذه المجتمعات عبر العصور.
والمدقق في الجانب المشترك بين كل هذه العوامل يجد أنه "الزمن"؛ فال يمكن لكل عامل منها أن يقسم
اللغة الواحدة إلى نوعيات عديدة بين الليلة والغداة ،بل البد له من زمن طويل يكون فيه االنتقال من الوحدة
اللغوية إلى التنوع في كل مستويات اللغة (الصوتي والصرفي والنظمي والداللي) ،وبوتيرات مختلفة حتى تبدو
مشتركة ال تجعلها بعيدة عن بعضها بعض في انتمائها إلى للمتأمل أنها متباينة ،مع ما بينها من خصائ
األصل اللغوي الواحد.
وانطالقا من فكرة انتماء أنواع من اللغات إلى لغة أم (أو لغة أصل أو لغة أولى) ،فقد تساءل اللسانيون
منذ زمن عن أسباب هذا التنوع الحادث لهذه اللغة األم ،وربما كانت اإلجابة البسيطة عنه هي اختالف
المكان (العامل الجغرافي) .أما فرديناند دي سوسير فقد بين أن العامل الرئيس في نشوء اللهجات هو"الزمن"،
ويؤكد أن المرء عندما يعتقد أن "المكان" هو الذي تسبب في هذه الفروق أوأنشأها ،يكون واهماً؛ ألن الناس
يغفلون عن عامل الزمان ألن إدراك الحس للمكان أسهل من إدراكه للزمان .ومن هنا توصل إلى أن تباعد
األمكنة وحده ال ينشئ االختالفات اللغوية بل البد أن يتبعه تعاقب األزمان:
15
//5قانون انتشار الظواهر اللغوية املبت َكرة
يخضع انتشار الظواهر اللغوية الجديدة في المجتمعات إلى نفس القوانين التي تخضع لها أية عادة
بشرية كالموضة مثال .ويوجد في كل مجموعة بشرية قوتان تعمالن في آن على الدوام وفي اتجاهين
مختلفين :إحداهما قوة نزعة الخصوصية واالنغالق ،واألخرى قوة نزعة االنفتاح والتبادل .وهذه القوة الثانية
هي التي توجد أسباب التواصل بين البشر.
و نزعة الخصوصية واالنغالق هي التي تجعل مجموعة بشرية ما وفية لما ينشأ فيها من تقاليد لغوية،
وتلك العادات والتقاليد هي أول ما يتبناه كل إنسان في صباه ،وهذا ما يفسر سبب قوتها ودوامها .ولو كانت
تلك التقاليد تعمل عملها بمفردها ألنشأت في الكالم من الخصوصيات اللغوية ما ال عد له وال حصر ،ولكن
توجد قوة مضادة لها تعمل على التعديل من تأثيرها ،وهي نزعة االنفتاح والتبادل؛ حيث تجبر البشر على
التواصل فيما بينهم بطرق وأشكال مختلفة .فإذا كانت قوة الخصوصية واالنغالق تعمل على التفريق بين بني
البشر في مجموعات لكل منها خصائصها اللغوية ،تعمل قوة نزعة االنفتاح والتبادل على التوحيد اللغوي
بينهم بطريقتين :فأحيانا تقضي على ابتكار لغوي عندما يظهر في مكان معين ،وأحيانا تساعد على انتشاره
هذا االبتكار فتجعل الناس يتبنونه .وفي كلتا الحالين تتحقق الوحدة اللغوية.
ويطلق دي سوسير على الصورة الثانية من صورتَي االنفتاح والتبادل مصطلح "الموجة اللغوية" ليقصد
بها الحدود الجغرافية التي تَ ُحـد ظاهرة لهجية ما؛ ذلك أن خط التماثل اللغوي )– (isoglosseأو كما ترجمه
سعد مصلوح :خط التوزيع اللغوي -يمثل الحد األقصى من مجال قد تمتد موجاته وقد تنحسر.
منطقة (أ) *
منطقة (ب) *
16
ويدهش المرء أحيانا عندما يالحظ أن لهجتين تابعتين للغة واحدة ،تشتركان في خاصية لغوية واحدة
على ما بينهما من بعد جغرافي .وتفسير ذلك أن االبتكار اللغوي الذي ظهر في البداية في نقطة ترابية معينة
أي عائق يمنع انتشاره ،مما جعله يبلغ أماكن بعيدة عن منطلقه ،وهذا حادث طبعا بفعل
أمامه َّ
لم يصادف َ
قوة االنفتاح والتبادل ،في نطاق مجموعة بشرية ليس يوجد فيها سوى مجاالت انتقالية ال يكاد المرء يشعر
بها ،ويتطلب ذلك بالتأكيد فترة من الزمن .فكل صفة تشترك فيها لهجة محلية مع لهجة أخرى ،مرجعه إلى
نزعة االنفتاح والتبادل ،وكل صفة تـنفرد بها لهجة هذه النقطة الترابية إنما سببه نزعة الخصوصية واالنغالق.
وهذا يعني أنه ال يمكن لظاهرة لغوية في نقطة ترابية معلومة أن تتعلق إال بواحدة فقط من القوتين السابقتين.
إذا كانت "اللغة" هي الصورَة اللغوي َة المثالي َة التي تفرض نفسها على جميع أفراد المجموعة الواحدة ،فإن
"تنوع اللغات" يرجع إلى تعقد الروابط االجتماعية؛ فلما كان من النادر أن يعيش فرد محصو ار في مجموعة
تنفذ إلى مجموعات مختلفة ،إذ يحملاجتماعية واحدة ،كان من النادر أيضا أن تبقى إحدى اللغات دون أن ُ
كل فرد معه لغة مجموعته ويؤثر بها على لغة المجموعة المجاورة التي يدخل فيها .وهذا مثال:
لنتخيل أخوين يعيشان معا ولكنهما ال يمارسان مهنة واحدة .فكل منهما يحتك في مصنعه بمجموعات ((
مختلفة ويأخذ عنهم اللغة بالضرورة مع عادات التفكير واألعمال وآالت المهنة .وبذلك ينشأ في كل يوم بين
اآلخر زمنا طويال -إلى التحقق من أنهما يتكلمان
َ األخوين اختالف لغوي يؤدي بهما –إذا لم يريا ُ
أحدهما
لغتين مختلفتين ،ولكن هذا االختالف يزول كل مساء بفضل عودة الصلة بينهما من جديد .وعلى هذا النحو
بضع
ُ أحدهما عن اآلخر إال
يجدان نفسيهما خاضعين لتيارين متعارضين يتبادالن التأثير عليهما وال يفصل َ
ساعات ،ويجدان أن اللغة التي يتفاهمان بها في حاجة دائمة إلى التطهير من عناصر التفرقة التي تفد
عليهما من الخارج )).
فاألخوان في حالة افتراقهما يخضعان لعوامل التفريق اللغوي ،وهما في حالة اجتماعهما يخضعان
َ
تطور اللغات جميعا في قانون يشتمل على قوتين متعاكستين في
ُ يفسر
لعوامل التوحيد اللغوي .وبهذا النحو َّ
االتجاه (أي في التأثير) توجهان اللغة في طريقين متباينين؛ فإحدى القوتين توجه اللغة نحو التفريق ،فتطور
اللغ َة بانفصاالت تزداد تعددا مع الزمن ،وتكون النتيجة تفتت اللغة تفتتا يزداد بازدياد استعمالها من
المجموعات التي ينعزل بعضها عن بعض .أما القوة الثانية فتعمل على مناهضة التفريق حتى ال يصل إلى
تمامه ،ولوال ذلك لما أمكن تواصل الناس بعضهم ببعض ،فتعمل هذه القوة على التوحيد الذي يعيد التوازن.
ومن صراع هاتين القوتين تَنتج أنواع اللغات المختلفة من لهجات ولغات خاصة ولغات مشتركة.
17
انطالقا من المخطط السابق (في ص )16هل يمكن استنتاج أن للهجات حدودا جغرافية ؟
بمقابلتها بلغات من فصيلة (أو فصائل) مختلفة؛ فالعربية فييمكن من الجانب المكاني تحديد لغة ما ُ
العراق منتشرة إلى الحد الذي تبدأ فيه في الشمال األعلى لغة األكراد ،كما أن العربية في سوريا منتشرة إلى
الحدود التي تبدأ عندها في الشمال اللغة التركية .فإذا كان هذا التحديد الجغرافي لأللسنة المختلفة ممكنا،
فهل هو ممكن كذلك بالنسبة للهجات؟
من السهل مثال أن نقول إن اللهجة العربية (العامية) المستعملة في "تبسـة" مختلفة عن اللهجة العربية
المستعملة في "سوق اهراس" ،وكل متكلم بإحدى هاتين اللهجتين يحس أن لسانه مختلف عن لسان اآلخر،
لكن الحقيقة أن الصعوبة كبيرة في ما إذا حاولنا رسم حدود لهجية على غرار الحدود اللغوية؛ والسبب في
ذلك أن اللهجات تختلف فيما بينها ببعض الصفات الصوتية ،أوبعض المفردات الشائعة ،أوالتراكيب الخاصة،
َّ
المتوقع دائما أن تتوافق الحدود التي تقف عندها خاصية لهجية معينة مع الحدود التي تقف عندها وليس من
خاصية أخرى (صوتية كانت أو صرفية أو تركيبية) ،وكل ما يمكن فعله هو رسم الحدود لخاصية لهجية
بعضها مع بعض من حيث
معينة على خريطة ذلك اإلقليم ،فمن المقرر أن الخصائ اللهجية ال ينسجم ُ
التوزيع؛ أي إن الخطوط التي تفصل بين خاصية وأخرى ،ليست هي نفس الخطوط التي تفصل بين
خاصيات أخرى.
وفيما يأتي مثال واقعي يوضح أربع كيفيات لنطق الكلمة ) (jougفي مقاطعة واحدة ،نتج عنها أربع
مناطق غير متساوية تماما وموزعة على هذا النحو(المثال من :فندريس ،اللغة ،ص :)311
jiw
yiw
ju
yu
........................................................................................ ...............................................................................................
انتهى
18