Professional Documents
Culture Documents
دراســــــة مقـارنـــــة
دكتــور
479
مقدمة عامة
الذكاء االصطناعي أعطت البرمجة المتطورة لبعض اآلالت التي تعمل بالذكاء
االصطناعي قدرات تصل خطورتها إلى بناء خبرة ذاتية تُمكنها من اتخاذ ق اررات
منفردة في اية مواقف تواجهها مثل اإلنسان البشري حيث كان هدف الكثير من
هذا وقد تميز القرن العشرون وبدايات القرن الحالي عن غيره من القرون
بتطورات لم يكن لها مثيل قبل ذلك؛ نظ اًر لظهور التقنيات الحديثة المتطورة ،ومن
بينها صناعة الروبوت والذي أصبح في الوقت الحالي من أهم الصناعات التي
واالجتماعية والعسكرية ومجاالت الفضاء ومكافحة الجرائم ،إلى غير ذلك من
د /سيد طنطاوي محمد – الجوانب القانونية للذكاء االصطناعي والروبوت – بحث منشور 1
د /حسن عبد الحكم – المسئولية الجنائية عن الجرائم التي ترتكب بواسطة الجسمال دراسة 2
مقارنة بين القانون الجنائي والفقه اإلسالمي – رسالة ماچستير – كلية الشريعة والقانون – طنطا
– 2019صـ3
480
وبعد دخول الروبوت في كثير من المجاالت المتنوعة وتطوره تقنياً وذاتياً
وقيامة بأعمال يعجز عنها البشر ،تم استخدامه في ارتكاب جرائم كالقتل والسرقة
والضرب والسب والقذف وغيرها من الجرائم التي تقع بواسطته ،األمر الذي أدى إلى
هل تقع على الشركة المنتجة أم على المالك ،أم حرية اإلرادة واتخاذ القرار المتوفر
للذكاء االصطناعي تجعله مسئوالً بصورة منفردة عن أفعالة ،واذا توافرت هذه الحالة
ومن الجدير بالذكر أن األمر ال يتوقف عند هذا الحد فقط ،بل قد يصل
إلى حدوث تطوير ذاتي داخل هذا الذكاء االصطناعي – بسبب القدرات البرمجية
المصنع على
فيخرج عن السيطرة ،ولذلك من الضروري تحديد قواعد قانونية تجبر ُ
وضع حد للصالحيات الممنوحة للذكاء االصطناعي ،حتى يظل تحت السيطرة .1
1
F. Patrick Hubbard, “Do Androids Dreams?”: Personhood and
Intelligent Artifacts, 83 Temp. L. Rev., 2011, P.421.
481
حيث يمكن أن تقع الجرائم بواسطة الذكاء االصطناعي على حرمة الحياة
الخاصة وتتبع عورات الناس ،أو التعرض للمرافق العامة والمصالح العامة بالضرر
حتى تقوم جريمة القتل ،وقد يكون السلوك إيجابياً كإطالق رصاصة من بندقية
يحملها روبوت على شخص ما ،وقد يكون السلوك سلبياً كما هو الحال في تعطيل
الروبوت في القيام بااللتزامات الملقاة على عاتقه والتي تتسبب في قيام جريمة ما،
كما هو الحال في برمجة جهاز الروبوت على توصيل شخص أعمى إلى مكان
معين ولكن أدت البرمجة إلى ترك الروبوت للشخص األعمى في منتصف الطريق
د /يحيى إبراهيم دهشان – المسئولية الجنائية عن جرائم الذكاء االصطناعي – بحث منشور 1
د /حسن عبد الحكم – المسئولية الجنائية عن الجرائم التي ترتكب بواسطة الجسمال – مرجع 2
482
ومن الجدير بالذكر إنه إذا كان قد تم استخدام جهاز الروبوت بطريقة
خاطئة وفي أفعال مجرمة فإنه يمكن استخدامه في أفعال إيجابية دفاعاً عن النفس
أهمية البحث
ترتكب بواسطة الذكاء االصطناعي حيث يستلزم األمر تحديد المسئولية؛ ومعاقبة
الجاني عن هذه الجرائم طبقاً لمبدأي :شخصية المسئولية ،وشخصية العقوبة ،فال
يكون محالً للمسئولية الجنائية إال من ارتكب الفعل اإلجرامي كما نص عليه القانون
-بتاريخ الثامن من يوليو 2016قامت الشرطة األمريكية في والية داالس باستخدام روبوت 1
يحمل عبوة ناسفة لقتل أحد مطلقي النار أثناء حداث العنف المروع الذي وقع ليلة الجمعة ]الثامن
من يوليو [2016بوالية تكساس ،ما يعتبره العديد من خبراء إنفاذ القانون وغيرهم أول استخدام
لمثل هذه التقنية من تقنيات الروبوت من قبل شرطة الواليات المتحدة .وقُتل خمسة من رجال
الشرطة وأصيب سبعة آخرون باإلضافة إلى اثنين من المدنيين خالل مظاهرة احتجاج على مقتل
رجلين من أصل أفريقي على أيدي الشرطة في مدن أخرى .وقُتل ميكاه چونسون – الرجل
المشتبه بإطالقه النار على الضباط – بمتفجرات تم تفجيرها عن بعد بواسطة روبوت ،على إثر
مواجهة وفضل للمفاوضات مع الشرطة .أنظر في ذلك كارل سميث – مقالة بعنوان هل سنظل
نعتبر الروبوتات مجرد أدوات بينما يتم استخدامها للقتل – تم نشرها بتاريخ 9سبتمبر 2016
صـ 2وما بعدها.
- Frank Douma: Serah Ave Palodichuk, Criminal Liability Issues Created
By Autonomous Vechicles, 52 Santa Clars Rev. Eric 1157.
483
ومن ستقع عليه المسئولية الجنائية التي ترتكب عن طريق جرائم الذكاء
االصطناعي ،باإلضافة إلى وجود اختالف بين البشر والروبوت ،فعقاب البشر
معروف وال يثير مشكلة ،أما الروبوت األلي كيف يمكن معاقبته إذا ارتكب جريمة،
حيث من غير المتصور تقديم كيانات غير البشر للمحاكمة الجنائية حتى ولو
484
أسباب اختيار موضوع البحث
التي ترتكب بواسطة الذكاء االصطناعي على أساس قانوني سليم حيث إنه في
كيانات الذكاء االصطناعي ،قد يكون االستخدام شخصياً أو طبياً أو عسكرياً أو
تجارياً أو صناعياً.
مسألة المسئولية الجنائية تنشاً عندما تكون السيارة بدون سائق متورطة في
ثانياً :ضرورة البدء في تقنين أوضاع جرائم الذكاء االصطناعي حتى ينشأ
لدينا نص قانوني نستطيع من خالله معاقبة مرتكبي الجرائم ،حيث أن مبدأ الشرعية
الجن ائية وهو األساس في القانون الجنائي ،وينص على "ال جريمة وال عقوبة إال
بنص قانوني".
ويقصد بشرعية العقوبة أن تكون العقوبة التي ينطق بها القاضي محددة
ومقررة من قبل المشرع ،وأن تكون خاضعة لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات ،الذي
يقضي بأنه "ال جريمة وال عقوبة إال بنا ًء على قانون" ويعني ذلك أن تكون مصادر
485
التجريم والعقاب في القانون محددة ،فتحديد األفعال التي تعد جرائم ،وتحديد
العقوبات المقررة لها ،سواء من حيث نوعها ،أو مقدارها من اختصاص السلطة
التشريعية ،بحيث يقتصر دور القاضي على مجرد تطبيق العقوبة التي ينص عليها
ومعرفة كل فرد من أفراد المجتمع سلفاً لألفعال التي تدخل في نطاق التجريم
وعقوباتها حتى ال يفاجأ بإدانته والحكم عليه ،وهذا يؤدي إلى استقرار وتحقيق األمن
مشكلة البحث
الذكاء االصطناعي ،حيث أن ظهوره جلب معه تداعيات بالنسبة للقانون الجنائي،
حيث أنه توجد قاعدة قانونية سائدة في كل المجتمعات البشرية منذ األزل تقول إنه
إذا قتل شخص شخصاً آخر أو تسبب في إصابته ،فإنه يكون مسئوالً عن جريمته
أمام القانون .بيد أن ظهور ما يعرف باسم الذكاء االصطناعي يثير مشكالت
جديدة عند التعامل مع مثل هذه الجرائم ،لم تكن في الحسبان بالنسبة للسلطات
القضائية ،فمثالً ما هو التصرف حيال قيام روبوت بالتسبب في حادث خطير أو
د /محمد عبد المنعم عبد الخالق – المفهوم المعاصر للعقوبة – بدون دار نشر – طبعة 1
486
قاتل؟ في هذا الحالة لن يكون بوسع القاضي أن يأمر الروبوت بدفع تعويض أو
المالبسات القانونية التي تحيط بتطورات الذكاء االصطناعي ،كما تثار مخاوف
حول هذه المالبسات في الدوائر الصناعية وأيضاً تناقش مشكالت تتعلق بعمل
شركات التأمين ،ويتفق الخبراء على إنه في غضون بضعة عقود ستصبح استخدام
اآلالت التي تعمل بشكل مستقل عن اإلنسان ،شائعة وواسعة االنتشار مثلما هو
ولذا يثار تساؤالً هاماً وملحاً ،هل يمكن منح الشخصية االعتبارية والمعنوية
الجرائم المرتكبة بواسطة الذكاء االصطناعي وتحديد أطراف المسئولية الجنائية من
487
منهج البحث
لمالئمتهما لطبيعة الدراسة ،حيث أقوم بجمع المعلومات وتحليلها وبيان أقوال فقهاء
القانون فيها؛ للترجيح بين األقوال ،ومن ثم استخالص أهم النتائج ،مقارناً ذلك كله
بين الفقه الجنائي الوضعي والشريعة اإلسالمية ،من أجل تحليل ظاهرة جرائم الذكاء
االصطناعي للتعامل مع الظاهرة قيد الدراسة لتحديد عالقاتها ومناقشة ما إذا كان
من المناسب أخالقياً ،أو حتى إلزامياً ،االعتماد على الروبوتات عندما تكون أكثر
خطة البحث
والتوصيات وفهارس؛ ففيما يتعلق بالمقدمة فتحتوي على أهمية البحث وأسباب
اختيار موضوع البحث ومشكلة البحث ومنهج البحث؛ وتم تقسيم البحث إلى مطلب
488
ثانياً :الفرق بين الذكاء الطبيعي والذكاء االصطناعي. o
االصطناعي.
المصنع.
الفرع األول :المسئولية الجنائية للمبرمج ُ o
489
الفرع الثاني :المسئولية الجنائية لكيان الذكاء االصطناعي نفسه. o
المبحث الثالث :أساس المسئولية الجنائية عن الجرائم التي تُرتكب بواسطة -
المطلب األول :أساس المسئولية الجنائية عن الجرائم التي تُرتكب بواسطة
المطلب الثاني :أساس المسئولية الجنائية عن الجرائم التي تُرتكب بواسطة
المبحث الرابع :التكييف القانوني للجرائم التي تُرتكب بواسطة كيان الذكاء -
المطلب األول :التكييف القانوني للجرائم التي تُرتكب بواسطة كيان الذكاء
490
المطلب الثاني :التكييف القانوني للجرائم التي تُرتكب بواسطة كيانات
المبحث الخامس :العقوبات المقررة للجرائم التي تُرتكب بواسطة كيانات -
الذكاء االصطناعي.
االصطناعي.
المطلب الثالث :عقوبات تُوقع على مالك كيان الذكاء االصطناعي.
491
مطلب تمهيدي
أوليات الذكاء االصطناعي
تمهيد وتقسيم
من جهة ،وصفات العاطفة اإلنسانية من جهة أخرى؛ فكل شخص يختلف عن
اآلخر بردات الفعل الطباع وقابلية التعلم ،أما اآلالت فمبرمجة وفق تعليمات محددة
ال تخرج عنها ،نستطيع توقع تحركاتها وخطواتها ونتائجها وكل شيء سيصدر
عنها .وهذا الفرق بين اإلنسان والكمبيوتر بدأ يتالشى بسبب ثورة تقنية جديدة
تجعلها تحاكي القدرات الذهنية البشرية وأنماط عملها .ومن أهم هذه الخاصيات
القدرة على التعلم واالستنتاج ورد الفعل على أوضاع لم تبرمج في اآللة؛ إال أن هذا
1
Luger, George; Stubblefield, William 2004), Artificial Intelligence:
Structures and Strategies for 5th, The Benjamin/Cummings Publishing
)Company, Inc., 0-8053-4780-1 ISBN
2
Brain Sudlow, Post digital Science and Education, Springer
International Publishing, 2019, P.236.
492
وتعتبر تقنيات الذكاء االصطناعي من أهم ضروريات العصر والتي يجب
دمجها داخل المجتمع ،حيث تُسهل الكثير من األمور المتعلقة بالحياة البشرية
اليومية ،وتساعد في إنجاز العديد من المهام التي يصعب على اإلنسان القيام بها
– وبكفاءة أعلى من الكفاءة البشرية – كما أنها التكنولوچيا األكثر تطو اًر في السوق
اآلن ،1فالذكاء االصطناعي ال يقتصر فقط على الكمبيوتر ،بل يتم استخدامه في
1
Patil M., Rao M., Studying the Contribution of Machine Learning and
Artificial Intelligence in the Interface Design of E-commerce Site. In:
Satapathy S., Bhateja V., Das S., eds) Smart Intelligent Computing and
Applications. Smart Innovation, System and Technologies, Vol 105.
Springer, Singapore, 2019, P. 197.
د /يحيى دهشان – المسئولية الجنائية عن جرائم الذكاء االصطناعي – مرجع سابق صـ.12 2
493
الفرع األول
ماهية الذكاء االصطناعي
تمهيد وتقسيم
لم يتفق علماء التكنولوچيا على تعريف جامع مانع للذكاء االصطناعي
حيث اختلفوا فيما بينهم منذ اختراع اآللة حتى يومنا هذا؛ كما توجد آراء فقهية
وذكاء من
ً قررت أن الذكاء االصطناعي في القرن الواحد والعشرون أكثر تطو اًر
العقول البشرية.
لذا سنتناول في هذا الفرع تعريف الذكاء االصطناعي ثم نوضح الفرق بين
لم يتفق علماء التكنولوچيا على تعريف محدد للذكاء االصطناعي ،حيث
يعتبره البعض أنه أحد فروع علوم الكمبيوتر وأحد الركائز الرئيسية التي تستند إليها
االصطناعي – الذي يشار إليه باختصار – 1AIبأنه قدرة اآلالت الرقمية وأجهزة
يشار إلى مصطلح الذكاء االصطناعي AIرسمياً باسم األنظمة التي تعرض الذكاء السلوك 1
من خالل تحليل بيئتهم واتخاذ اإلجراءات – إلى حد ما من االستقاللية – لتحقيق أهداف محددة،
مثل البحث والتطوير التكنولوچي ،إنترنت األشياء.
494
الكمبيوتر على أداء مهام معينة تحاكيها وتماثلها تلك التي تقوم بها كائنات ذكية،
مثل القدرة على التفكير أو التعلم من التجارب السابقة أو غيرها من العمليات التي
تتطلب عمليات عقلية ،والذكاء االصطناعي يهدف إلى الوصول إلى األنظمة التي
استمتع بالذكاء وتتصرف بالطريقة التي يتصرف بها البشر فيما يتعلق بالتعلم وعدم
الفهم ،بحيث توفر هذه األنظمة لمستخدميها خدمات مختلفة مثل التعليم واإلرشاد
والتفاعل .1
الرسالة واردة من المفوضية إلى البرلمان األوروبي والمجلس األوروبي والمجلس االقتصادي
واالجتماعي األوروبي ولجنة المناطق ،الذكاء االصطناعي ألوروبا ،بروكسل ،قاموس كامبردچ،
2018/4/25
د /سيد طنطاوي محمد – الجوانب القانونية للذكاء االصطناعي – مرجع سابق صـ.4 1
-www.americanlawyer.com/id=1202664266769/Emerging-
Technologhy-Shapes-Future-of-Law Accessed 9 Sep. 2014.
495
هناك العديد من التعريفات المرتبطة بالذكاء االصطناعي ،ولكننا نورد
1
األب الروحي للذكاء االصطناعي ،فقد عرفه بأنه "وسيلة تعريف "چون مكارثي"
لصنع جهاز كمبيوتر ،أو روبوت يتم التحكم فيه عن طريق الكمبيوتر ،أو برنامج
يفكر بذكاء بالطريقة نفسها التي يفكر بها البشر األذكياء؛ ويتم تحقيق الذكاء
االصطناعي من خالل دراسة كيف يفكر الدماغ البشري ،وكيف يتعلم البشر
ويقررون ويعملون أثناء محاولة حل مشكلة ما ،ثم استخدام نتائج هذه الدراسة
الحوسبة يتم من خالله تصنيع كمبيوترات ذات صفات شبيهة باإلنسان؛ فتكون
قادرة على التفكير ،والتعلم ،وادراك البيئة المحيطة ،والتنفيذ ،وحل المشاكل من تلقاء
نفسها ،بالطبع يعتبر جعل اآللة ذات قدرة اإلدراك والتفكير أم اًر في غاية التعقيد،
لكن له مستقبالً مشرقاً ،لذلك تضع الدول المتقدمة أمواالً طائلة للبحث والتطوير في
چون مكارثي هو األب الروحي للذكاء االصطناعي ،وهو عالم أمريكي يرجع له الفضل في 1
اختيار لفظ الذكاء االصطناعي واطالقه على هذا العلم ،راجع الملف التعريفي:
496
فالذكاء االصطناعي فرع من علم الحاسوب ،تٌعرف الكثير من المؤلفات
الذكاء االصطناعي على إنه "دراسة وتصميم العمالء األذكياء" ،والعميل الذكي هو
نظام يستوعب بيئته ويتخذ المواقف التي تزيد من فرصته في النجاح في تحقيق
الكهربي ،وهي تعمل وفقاً للتأثير الكهرومغناطيسي ،والتي تم اكتشافها عام 1831م
هي المحركات الكهربائية إال أن هنالك آليين يعملون بالكهرباء وبالمواد الكيماوية
د /أسامة حسنين عبيد ،المراقبة الجنائية اإللكترونية – دراسة مقارنة ،ط :دار النهضة العربية، 1
497
الفنون التعبير والسلوك والتوجيه. )4
فالحركة شرط أساسي في اإلنسان اآللي ،وكذلك الحساسات وبعض أنواع الذكاء؛
الدماغ. )1
الحساسات. )3
العقلية ،فمثالً جهاز ديب بلو من شركة IBMفي عام 1999م قام بالتغلب على
"چاسباروف" بطل الشطرنج في مباراة شهيرة أعلن من خاللها بتفوق الكمبيوتر على
البشر؛ وفي عام 2015م قامت شركة Deep Mindبالتغلب على بطل لعبة جو
وهي لعبة أصعب من الشطرنج؛ هذه األلعاب العقلية معقدة إال أنها محدودة حيث
498
ال يمكن استخدام ذلك البرنامج في حل معضلة رياضية بسيطة يستطيع طالب في
على عمل جزء بسيط ويتم محاولة تقليل الخطأ كمعدل قياس واحد فقط .فمثالً
عميل نريده أن يتعرف على الصور سنقوم بإعطائه صور كثيرة فتكون مهمته هي
أن يقلل الخطأ في التعرف على الصور ويكون المقياس هو كم عدد الصور التي
أصاب في تصنيفها 2؛ ذلك مختلف تماماً عن ربط مفهومين رياضيين بسيطين
مثل ربط مفهوم الضرب بالجمع مثالً .ذلك الربط يصعب تعلمه بطريقة الذكاء
ديفيد كوك ،صناعة اإلنسان اآللي الروبوت) للمبتدئين ،ترجمة مركز التعريب والترجمة ،ط: 1
-د /عمرو محمد فرج ،الترجمة اآللية مفهومها – مناهجها – نماذج تطبيقية في اللغة 2
العربية) ،بحث منشور بمجلة كلية دار العلوم بالفيوم ،العدد ،26الجزء الثاني ،ديسمبر ،2011
صـ.894
-د /حسن عبد الحكيم ،المسئولية الجنائية عن جرائم الجسمال ،مرجع سابق ،صـ 15وما
بعدها.
499
هناك مجال في الذكاء االصطناعي يهدف لتعلم ربط المفاهيم لكن لم يحدث تطور
بيد أن اإلنسان يملك قد ارت خاصة تحتاج لبرمجيات معقدة حتى تتمتع
بمثلها اآللة وليس لدينا علم هل وصلوا إليها أم ال؛ حيث يستطيع اإلنسان إكمال
الشيء الناقص أو المشوه بسبب القدرة اإللهية التي أعطاها اهلل له ،لكن اآللة لم
تستطيع الوصول إلى هذا الحد ،وأخي اًر مهما كان الحد الذي وصل إليه الذكاء
االصطناعي فهو مازال يفقد الجانب اإلنساني واإلحساس ،ورغم تمكن بعض
العلماء من صناعة أدمغة إلكترونية مشابهة للعقل البشري ولكن لم ينجحوا في زرع
2
والدليل على ذلك أن السير على القدمين تعد من األمور البديهية اإلنسانية بها
االتجاهات ،بينما حتى اآلن فإنه يصعب تدريب عميل على حركة روبوت داخل
أ /عبد اهلل حمدي ،مقالة بعنوان أربعة أفكار خاطئة عن الذكاء االصطناعي المستقبلي، 1
500
السبب األول :ألن المتغيرات في البيت كثيرة ويجب أن تكون الحركة
دقيقة ،بعكس حركة الشاحنات في الطريق مثالً حيث تعد القيادة الذاتية أسهل
لوجود طرق محددة وحجم السيارات أكبر ويمكن توقع السير بشكل أسهل.
يحتوي على آالف العضالت والمفاصل البديعة خصوصاً في القدم ومع التآزر
العصبي العضلي ينتج حركة سلسله كما أنه يصعب جداً صناعة مفاصل صناعية
وآليات حركة مشابهة لها ،وجعلها تتحرك بتآزر مع بقية الجسم يعد مجال أبحاث
وظهرت الصورة جلية في العديد من الدول العربية ومنها مصر ،فقد تنامى
دور الذكاء االصطناعي في مجاالت كثيرة ،فعلى سبيل المثال قيام البنك األهلي
المصري مؤخ اًر بتطوير خدماته وأفتتح أول فرع إلكتروني في مصر يقدم خدمات
أ /عبد اهلل حمدي ،مقالة بعنوان أربعة أفكار خاطئة عن الذكاء االصطناعي ،منشور بتاريخ 1
11أغسطس .2018
501
الذكاء االصطناعي المتمثلة في الحواسب وماكينات الصرف في التفاعل مع
الذكاء االصطناعي بيد إنه ال يمكن لأللة بأن تتحكم بالبشر حيث يوجد لدينا يقين
ثابت بأننا كبشر لنا اليد العليا دائماً على الحواسيب ،فالعلم والمعرفة والذكاء تتيح
أقفاص ،ليس ألنهم أقوى من النمور جسدياً ولكن ألنهم أذكى من النمور؛ فبالتالي
متى ما وصل ذكاء اآللة لقدرة بشرية أو خارقة في الذكاء والمعرفة ،فإن احتمالية
أفالم مثل Terminatorتروج لفكرة أن يكون هناك صراع بين البشر واآللة؛ في
الحقيقة لم يكن هناك صراع بين البشر والنمور مثالً! فالبشر قتلوا النمور مباشرة
ودمروا غاباتهم وتقريباً تسببوا في انقراضها؛ النتيجة أقرب لذلك بين البشر واأللة إذا
أحمد عقرب ،للمرة األولى في مصر البنك األهلي يفتتح أول فروعة للخدمة اإللكترونية ،مقال 1
أ /عبد اهلل حمدي ،مقالة بعنوان سبعة مبادئ أساسية للذكاء االصطناعي ،منشور بتاريخ 11 2
إبريل ،2019صـ.3
502
503
الفرع الثاني
نشأة الذكاء االصطناعي وتطوره
تمهيد وتقسيم
في منتصف القرن العشرين بدأ عدد قليل من العلماء استكشاف نهج جديد
الحاسوب الرقمي تم اختراع آلة يمكنها محاكاة عملية التفكير الحسابي اإلنسانية.
االصطناعي لعدة عقود وخاصة "چون مكارثي" و"مارفن مينسكاي" و"ألين نويل"
للتكنولوچيا وجامعة كارنيجي ميلون وستانفورد .هم وتالميذهم كتبوا برامج أدهشت
معظم الناس ،وكان الحاسب اآللي يحل مسائل في الجبر ويثبت النظريات المنطقية
504
ويتحدث اإلنجليزية .1وبحلول منتصف الستينات أصبحت تلك البحوث تمول
عام ،1967مارفن مينسكي :في غضون جيل واحد سوف يتم حل مشكلة
لمعظم العالم ،وتسعى الحكومات في البلدان متقدمة النمو والبلدان النامية إلى
الحصول على التزامات طويلة األجل بالموارد الالزمة لتمويل برامج البحوث المكثفة
في الذكاء االصطناعي وتعاونت الحكومات والمنظمات الخاصة بشكل روتيني في
1
- Minsky, Marvin 2006), The Emotion Machine, New York, NY: Simon
& Schusterl, ISBN 7663-9
مارغريت بودن ،العقل كآلة ،دار نشر جامعة أكسفورد ،2006 ،صـ.43 2
505
برامج التنمية في مجاالت الروبوتات والبرمجيات ومختلف منتجات الحاسوب .وكان
الدافع وراء هذه المشاريع هو إدراك أنه أصبح من الممكن تطوير نظم يمكن أن
تُظهر قدرات بشرية مثل الكالم والمشاهد المرئية وتعلم المعرفة وتنقيحها واتخاذ
الوصول إليها متاحاً بسهولة يجب تخزين هذه المعرفة في نموذج يمكن استرجاعه
ويتم عرضة تلقائياً بواسطة واجهات النظم البشرية أو األخرى .وأصبحت أنظمة
الخبراء أدوات ناجحة توسعت على مر السنين مع استخدام أدوات جديدة معرفة
التكنولوچيات الجديدة إلى أنظمة الخبراء بعد وقت قصير من توافرها .1
د /سيد طنطاوي ،الجوانب القانونية للذكاء االصطناعي ،مرجع سابق ،صـ 11وما بعدها. 1
- Nilsson, Nils 1983), “Articial Intelligence Prepares for 2001” PDF), AI
Magazine, Essays/AlMag04-04-002.pdf, Accessed 3 Apr. 2018خطاب
رئاسي لرابطة تقدم الذكاء االصطناعي
- Searle, John 1980), “Minds, Brains and Programs”, Behavioral and
Brain Sciences, P. 457-471.
506
في أوائل الثمانينيات من القرن الماضي شهدت أبحاث الذكاء االصطناعي
صحوة جديدة من خالل النجاح التجاري للنظم الخبيرة وهي أحد برامج الذكاء
إلى أكثر من مليار دوالر وبدأت الحكومات التمويل من جديد ،وبعد سنوات قليلة
بدءاً من انهيار سوق آلة الـ Lisp Machineوهي إحدى لغات البرمجة ،في عام
.1
1987شهدت أبحاث الذكاء االصطناعي انتكاسة أخرى ولكن أطول
وفي عام 1974ورداً على انتقادات السير "چيمس اليت هيل" اإلنجليزي
الذكاء االصطناعي كانت تلك أول انتكاسة تشهدها أبحاث الذكاء االصطناعي.
- Saerle, John 1999), Mind, Language and society, New York, NY:
Basic Books, 231867665 43689264, ISBN 0465045219, OCLC
د /حجازي عبد الفتاح بيومي ،النظام القانوني لحماية الحكومة اإللكترونية ،الكتاب األول ،ط: 1
الفكر الجامعي ،الطبعة األولى ،2003 ،صـ ـ277؛ د /حسنين بوادي ،إرهاب اإلنترنت الخطر
القادم ،ط :دار الفكر الجامعي ،الطبعة األولى ،2006 ،صـ79؛ ديفيد كوك ،صناعة اإلنسان
اآللي الروبوت) للمبتدئين ،مرجع سابق ،صـ .9-8
507
وفي التسعينيات بأوائل القرن الواحد والعشرين حقق الذكاء االصطناعي
نجاحات أكبر وا ن كان ذلك إلى حد ما وراء الكواليس؛ يستخدم الذكاء االصطناعي
في جميع أنحاء صناعة التكنولوچيا ويرجع ذلك النجاح إلى عدة عوامل هي :القوة
الكبيرة للحواسيب اليوم أنظر لقانون مور وزيادة التركيز على حل مشاكل فرعية
محددة وخلق عالقات جديدة بين مجال الذكاء االصطناعي وغيرها من مجاالت
العمل في مشاكل مماثلة وفوق كل ذلك بدأ الباحثون االلتزام بمناهج رياضية قوية
درجة عالية من التخصص والتقنية؛ وانقسمت إلى مجاالت فرعية مستقلة بشكل
عميق لدرجة أنها أصبحت قليلة ببعضها البعض .نمت أقسام المجال حول
نشأت منذ زمن طويل حول الطريقة التي ينبغي أن يعمل وفقاً لها الذكاء
1
- Nilsson, Nils 1998), Artificail Intelligence: A New Synthesis, Morgan
Kaufmann Publishers, 978-1-55860-467-4 ISBN.
508
ثانياً -تطور الذكاء االصطناعي:
الماضي وهو يتميز بالمرونة والتطور ،فمنذ اختراعه وهو متطور متجدد فلم يعد
برمجته وطاقته وجسمه ومظاهرة الخارجية وحساساته وأخي اًر لغته حيث كانت لغة
وبعدها طُورت هذه اللغة بجامعة ستانفورد في بداية عام 1970م؛ بحيث اعتمدت
على لغتي برمجة هما Pascalو AlGolومن ثم ظهرت لغة البرمجة VALو
VAL IIفي عام 1984م والتي طورتها شركة يونيميشن المحدودة؛ كما ظهرت لغة
"ماكدونيل دوجالس" في نهاية عام 1982م والتي كانت تدعم مجموعة كبيرة من
تطبيقات الروبوت التي قد تطور خالل هذه الفترة؛ أما بالنسبة للغة V+فكانت
تعتبر من لغات برمجة الروبوتات لتنفيذ حركات متعددة ومتتالية ،ولغة التخاطب
509
بين اإلنسان واآللة تتكون من العديد من األوامر لتنفيذ مهمة معينة فما هي إال
عملية بسيطة تقوم فيها بكتابة بعض الكلمات للكمبيوتر ليقوم بتنفيذها .1
والطاقة الكهربائية كان يتم بناء روبوت باستخدام محركات تعمل على
اإللكترونية والتي تضم وحدة التغذية الكهربائية ،مصدر طاقة كهربائية ودائرة تنظيم
لمصدر الطاقة وقاطع لتشغيل وايقاف مصدر الطاقة ،ويمكن أن تستخدم البطاريات
د /سعيد عبد اللطيف حسن ،إثبات جرائم الكمبيوتر والجرائم المرتكبة عبر اإلنترنت ،ط :دار 1
د /حسن عبد الحكم ،المسئولية الجنائية عن الجرائم التي ترتكب بواسطة الجسمال ،مرجع 2
510
وفي يوليو 2016قام مجموعة من المهندسين الحيويين من جامعة هارفارد
بإنشاء روبوت ناعم يلتف حول قلب إنسان ويساعد على العمل ،في معهد البحث
االصطناعي ،وقد توصل علماء آخرون بالفعل إلى نمو الشعر الحساس من األذن
الداخلية ،وخلق الشبكية االصطناعية للعين البشرية في أكسفورد وتم رفع الخاليا
الجذعية البشرية ألول مره في مستشفى بوسطن لألطفال وتم إنشاء جلد الكتروني
C-LEGبنجاح الستبدال الساقين وتم في جامعة مينيسوتا ،تم استخدام نظام
وقد بدأت بعض الشركات الكبرى باستخدام تقنيات الذكاء االصطناعي في
عمليات اإلنتاج ،وكان لها مردود إيجابي ٍ
عال مثل شركة سيمنز األلمانية ،التي
استطاعت الحد من االنبعاثات الضارة من توربينات الغاز بنسبة تتراوح بين 10و
،%50حيث تحتوي على أكثر من 500جهاز استشعار تعمل باستم ارر للكشف
نظرية لهذه المخاطر ،أما في حالة الذكاء االصطناعي فال يوجد حتى حلول نظرية للمشاكل
المتوقعة.
https://www.almrsal.com/post/778621.
https://www.robot50.wordpress.com/%D9%84%D8%BA%D8%A7%D8%
AA%D8%A8%D8%B1%D9%85%D8%AC%D8%A9-
%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%88%D8%A8%D9%88%D8%
511
عن درجة الح اررة والضغط والجهد المتولد ،وغير ذلك من المتغيرات ،بما يعمل
على ضبط صمامات الوقود باستمرار لتهيئة الظروف المثلى لالحتراق .1
واالبتكارات التي تعتمد على الذكاء االصطناعي .ويشير تقرير شركة إكسنشر عن
تأثير الذكاء االصطناعي في 12من االقتصاديات النامية إلى أنه قادر على
مضاعفة النمو االقتصادي السنوي بحلول 2035م من خالل تغيير طبيعة العمل
وخلق عالقات جديدة بين اإلنسان واآللة .هذا التأثير متوقع أن يزيد من اإلنتاجية
في العمل بنسبة ،%40ويمكن اإلنسان من استغالل وقته بكفاءة؛ ويشير التقرير
إلى أن الموجه األساسي لتأثير الذكاء االصطناعي على نمو أي دوله هو مدى
قدرتها على االستفادة من هذه التقنيات المتطورة ومدى جاهزيتها إلدخالها في
اقتصاداتها.
-شادي عبد الوهاب ،إبراهيم الغيطاني ،سارة يحيى :فرص وتهديدات الذكاء االصطناعي في 1
السنوات العشر القادمة ،تقرير المستقبل ،ملحق يصدر مع دورية اتجاهات األحداث ،العدد ،27
مركز المستقبل لألبحاث والدراسات المتدقمة ،أبو ظبي ،2018 ،صـ.8
https://techcrunch.com/2015/08/22/artificial-intelligence-
legalresponsibility.
512
وعلى صعيد آخر ،توسعت شركة " جنرال إلكتريك" في ربط مصانعها بنظم
التشغيل بها على غرار زيادة إنتاج الكهرباء بمحطة توليد الكهرباء عبر الرياح بـ
%5في فيتنام.
كموضوع للعالقات القانونية وموضوع الجريمة ،لذلك يجب أن يحدث تطور للقانون
القانونية وموضوع المسؤولية ،وقد تم بالفعل اتخاذ الخطوة األولى بهذه الطريقة
بموجب قرار البرلمان األوروبي المؤرخ 16فبراير 2017مع توصيات إلى لجنة
وفي هذا الصدد ،يمكن إجراء أكثر موازاة ملفتة للنظر مع الوضع القانوني
للشركة الشركة كشخص اعتباري ،والتي هي في الواقع أيضا كيان افتراضي شيء
ذو وجود مميز ومستقل ،وال يشك أحد في إمكانية أن تمتلك الشركة حقوقاً تحمل
مورافيك ،نيك بوستروم ،ميشيو كاكو وغيرهم وهو نشاط فلسفي دولي يدعو إلي
تحويل الحالة البشرية من خالل تطوير وتنمية تتوفر تقنيات متطورة متاحة على
نطاق واسع لتعزيز الفكر البشري وعلم وظائف األعضاء بشكل كبير ،ويركز إلى
ما بعد اإلنسانية بشكل خاص على تطبيقات التقنيات لتحسين األجسام البشرية
513
على المستوى الفردي ،ويسعى المنظرون عبر البشر إلى تطبيق العقل والعلم
قرار البرلمان األوروبي المؤرخ في 16فبراير 2017مع توصيات إلى لجنة قواعد القانون 1
https://www.europarl.europa.eu/sides/getDoc.do
514
المبحث األول
مجاالت الذكاء االصطناعي ووظيفته
تمهيد وتقسيم
وغيرها كما أنه يقوم بعده مهام ووظائف عديدة كالخدمات العسكرية واجراء جراحات
عن بعد ...إلخ؛ وعلى ذلك ينقسم ذلك المبحث إلى مطلبين األول مجاالت الذكاء
االصطناعي والثاني مهام ووظائف الذكاء االصطناعي وذلك على النحو التالي:
515
المطلب األول
مجاالت الذكاء االصطناعي
االصطناعي لفهم العالقة بين الحوادث واالصابات المصاحبة لها وفي تحليل
الصور والفيديوهات.
إن انتقال الجرائم التقليدية إلى طابعها العلمي المستحدث الذي يسخر
والقضاء على آثار الجريمة ،ال يشكل معضلة قانونية حقيقية من حيث التجريم
والعقاب أو من حيث تصنيف األنماط وتحديد العناصر واألركان كما يعتقد البعض
فحسب ،بل تكمن المعضلة الحقيقية التي تفرزها ظاهرة الجرائم المستحدثة في
د /محمد األمين البشري ،األساليب الحديثة للتعامل مع الجرائم المستحدثة من طرف أجهزة 1
العدالة الجنائي ،جامعة نايف العربية للعلوم األمنية ،الرياض ،2011 ،صـ.5
516
وتقوم بعض الجهات الشرطية الرائدة حالياً باستخدام الذكاء االصطناعي
وتقنياته المختلفة في محاربة الجريمة .وأفضل مثال على ذلك ما قامت به شرطة
مدينة نيويورك في إنشاء مركز إدارة الجريمة والذي يستخدم تقنيات تحليل البيانات
والتنبؤ التحليلي ،حيث يحتوي المركز على مستودع معلومات الجرائم التي تحدث
في المدينة ،ويقوم النظام بتحليل كمية كبيرة من بيانات الجرائم االتصال،
وقوع الجرائم واالستعداد لها وتحسين زمن االستجابة من خالل تكثيف وتوزيع
تستخدم من قبل مواقع التواصل االجتماعي لمواجهة الظواهر السلبية ،سواء تمثلت
في مكافحة المحتوى المتطرف على اإلنترنت أو محاولة منع االنتحار عبر
موقعها.1
د /حيدر شاكر البرزنجي ،د /محمود حسن الهواسي ،تكنولوچيا وأنظمة المعلومات في 1
المنظمات المعاصرة ،مؤسسة محمود حسن جمعة للنشر ،القاهرة ،2014 ،صـ.19
517
الكتشاف احتمالية وقوع أعمال الشغب والمظاهرات في منطقة ما؛ حيث تتجه
المؤكد أن العالم مقبل على أكثر وأخطر مما نشهده اليوم بفضل تطور البيئة
اإلنسان المعاصر .فالحاسب اآللي كمحور لهذه البيئة لم يعد استخدامه قاص اًر على
الميادين العلمية والحسابية البحتة ،بل أصبح الحاسب اآللي وتقنياته الحديثة
عنص اًر أساساً في كافة المعامالت واألنشطة التي يقوم بها اإلنسان .1
518
ثالثاً :توظيف تقنيات الذكاء االصطناعي لفهم العالقة بين الحوادث واالصابات
المصاحبة لها:
وفي استخدام لنظام واطسن الذي طورته شركة ،IBMتم تغذيته ببيانات
شرطة مدينة نيويورك بين عام 2013م إلى عام 2015م لفهم العالقة بين الحوادث
بالمهام الروتينية التي يقوم بها البشر في المصانع والمكاتب ،بل ونجحت في القيام
المحيطات .2
د /محمد فهمي طلبة ،الحاسب اآللي والذكاء االصطناعي ،مطابع المكتب المصري الحديث، 1
أ /نور بكري ،دهاء شبكات التواصل االجتماعي وخبايا الذكاء االصطناعي ،شركه المطبوعات
للتوزيع والنشر ،طبعة ،2019صـ 2وما بعدها.
شادي عبد الوهاب ،إبراهيم الغيطاني ،سارة يحيى :فرص وتهديدات الذكاء االصطناعي في 2
السنوات العشر القادمة ،تقرير المستقبل ،ملحق يصدر مع دورية اتجاهات األحداث ،العدد ،27
مركز المستقبل لألبحاث والدراسات المتدقمة ،أبو ظبي ،2018 ،صـ.3
519
وفي مجال التعرف على السلوك ،تطورت برامج الذكاء االصطناعي إلى
درجة أنها تتعلم اليوم كيفية التنبؤ بالتفاعالت مع البشر ،إذ صمم مختبر الذكاء
من 600ساعة من مقاطع الفيديو في موقع يوتيوب بهدف دراسة السلوك البشري،
وأصبحت الخوارزمية بعدها قادرة على التنبؤ الصحيح بأفعال البشر بنسبة %43
من عينات االختبار ،أي أقل قدرة من قدرة البشر بنسبة %28فقط .1
الكميات الهائلة من المعلومات الشخصية والمهنية التي يمكن تحليلها للوقوف على
التطورات التي تط أر على أنماط سلوك اإلنسان وتفاعالته ،وهذه البيانات معقدة
وقد تشمل هذه التقنيات استخدام كاميرات المراقبة الذكية التي لديها القدرة على
غير الطبيعية وتنبيه مركز التحكم المباشر ،واستخدام تقتتيه تعلم اآللة في مجال
520
األمن اإللكتروني ،Cyber Securityواستخدام الطائرات الذكية بدون طيار
سمارت درونز للمراقبة الجوية ،وكذلك تطبيقات " التنبؤ الشرطي" .1
ونذكر ان شرطة دبي كان لديها السبق في استخدام تقنية الدرونز في
.2
كما يتم استخدام الذكاء االصطناعي في مراقبة أنماط حركة المرور للتنبؤ
بدقة كبيرة جداً باالصطدامات وتفاديها وذلك الستخدام هذه التقنيات في السيارات
د /نايف عبد الرحمن عبد اهلل العجالن ،نظام آلي للتعرف على الوجه باستخدام طرق الذكاء 1
االصطناعي ،جامعة الملك سعود ،كلية الهندسة ،قسم الهندسة الكهربائية ،الرياض،2002 ،
صـ.101
د /نبيل محمد عبد الرحمن الحيدر ،التحكم في معايرة منحدرات الخطوط السريعة باستخدام 2
الذكاء االصطناعي مع تطبيقات على مدينة الرياض ،جامعة الملك سعود ،كلية الهندسة ،قسم
الهندسة الكهربائية ،الرياض ،2000 ،صـ.47
521
ذاتية القيادة .ويتم استخدام تقنيات تعلم اآللة والذكاء االصطناعي في مكافحة
-الويبو :االتجاهات لتكنولوچية الويبو "الذكاء االصطناعي" ،الويبو ،2019 ،صـ.2 1
-د /نايف عبد الرحمن عبد اهلل العجالن ،نظام آلى للتعرف على الوجه باستخدام طرق
الذكاء االصطناعي ،جامعة الملك سعود ،كلية الهندسة ،قسم الهندسية الكهربائية ،الرياض،
،2002صـ.101
522
المطلب الثاني
وظيفة ومهام الذكاء االصطناعي
تمهيد وتقسيم
العديد من مناحي الحياة حيث يتم تطويعه في صناعة السيارات وفي المجاالت
تحتاج إلى مجهود كبير ال يمكن ألي إنسان أن يقوم بنفس المهام التي يقوم بها
الروبوت سواء من حيث الكفاءة والجودة ،أو من حيث السرعة ،باإلضافة إلى قلة
التكلفة التي يوفرها؛ حيث أن السيارات ذاتية القيادة تعمل عن طريق برنامج الذكاء
االصطناعي الذي يصدر أوامر الحركة واإليقاف في السيارة بعد تلقيه بيانات ناتجة
عن أجهزة الرادار والليزر والمستشعرات الموجودة بالسيارة والتي تجمع بيانات عن
األجسام حول السيارة مثل المشاة واتساع الطريق والسيارات المجاورة وأي كائنات
تكون حول السيارة ،وتمت برمجة برنامج الذكاء االصطناعي الذي يتحكم في
523
السيارة على إصدار أوامر بعد تحليل تلك المعطيات 1؛ وهو يعمل بنظام تشغيل
الكمبيوتر كالويندوز؛ وغالباً ما يتم ربطة بنظام سحابي لتخزين البيانات وهذا يكون
أشبه بالصندوق األسود الموجود بالطائرات والمسجل فيه جميع بيانات وأوامر
الطائرة ،ويمكننا من خالله بعد ذلك مراجعة جميع أوامر السيارة والوصول إلى
من المتفجرات ومحاصرة األماكن للعثور على األجهزة التفجيرية يدوية الصنع
واأللغام وابطال مفعولها ،ويمكنها توجيه األجسام التي لم تنفجر للفحص ،والتفجير
في الوقت المناسب كما أن الجيش يستخدم الطائرات بدون طيار في رصد تحركات
1
F. Patrick Hubbard,”Sophisticated Robots”: Balancing Liability,
Regulation and Innovation Florida Law Review, 2014, P.1803.
2
Aarian Marshall and Alex Davies, Uber’s Self-driving Car Saw the
Woman It Killed, Report Says.
Https://wired.com/story/uber-self-driving-crash-arizona-ntsb-report
Accessed 4 Apr. 2019
524
العدو والعثور على المتفجرات المخبئة ،والتصدي للعدو عن طريق القتال المباشر،
إنه يمكن استخدام الذكاء االصطناعي في محاربة القرصنة والتهريب في )1
البحار:
ولهذا تسعى الدول لحماية مصالحها في هذا المكان الواسع؛ ونظ اًر لوجود
العديد من عمليات القرصنة التي تتعرض مع مصالح الدول التجارية فقد سخر
للتأكد من خلوها من أي مواد محظورة أو أنها ال تتخذ المسار الذي يجب أن تسير
اختراقات من طرف أناس يريدون اإلضرار بالدولة؛ لذا تعمل تطبيقات الذكاء
شادي عبد الوهاب وابراهيم الغيطاني وسارة يحيى ،فرص وتهديدات الذكاء االصطناعي في 1
السنوات العشر القادمة تقرير المستقبل ،ملحق يصدر مع دورية "اتجاهات األحداث" ،العدد ،27
مركز المستقبل لألبحاث والدراسات المتدقمة ،أبو ظبي ،2018 ،صـ.10
525
االصطناعي في زيادة الحماية واألمان إلى حدود الدولة وذلك بتوفير أقصى تقنيات
المراقبة الدورية واتخاذ الق اررات الالزمة في حال تعرض الحدود ألي عملية اختراق
البرامج القادرة على تمييز الوجوه وادراكها فضالً عن تلك البرامج القادرة على
دراسة وتحليل الفروق االجتماعية؛ فهذه الفروق ظاهرة طبيعية في إطار أي تجمع
بشري ولكن اإلشكالية فيما يقف وراء هذه الفروق من صور غياب العدالة والمساواة
ساحلي مبروك ،مناهج وتقنيات الدراسات المستقبلية وتطبيقاتها في التخطيط ،جامعة أم 1
د /أحمد حبيب بالل ،د /عبد اهلل موسى ،الذكاء االصطناعي ،مرجع سابق ،صـ.39 2
526
:ثالثاً – في المجال الطبي
برزت،مؤخ اًر وانتشاره السريع حول العالم وتأثيره على الصحة واالقتصاد19
لذا سنستعرض كيف يمكن،1 للمساعدة على مواجهة فيروس كورونا المستجد
1
- Coronavirus is the first big test for futuristic tech that can prevent
pandemics, www.vox.com Accessed 11 Aug. 2020.
527
استخدام الذكاء االصطناعي لمواجهة فيروس كورونا عن طريق التجهيزات1
:التقنية
ِ أجهزة االستشعار
:باألشعة تحت الحمراء )2
- China’s QR health code system brings relief for some and new
problems, www.scmp.com
528
طرحت شركة التكنولوچيا الصينية Baiduنظام مسح الجبهة باستخدام
ِ
األشعة تحت الحمراء حيث يمكنه إجراء المسح لحوالي 200شخص في الدقيقة
الكتشاف الح اررة ضمن نطاق 0.5م °ويعطي إنذار للمراقبين عن أي شخص
الروبوتات: )3
إجراءات احت ارزية كالتباعد وعدم االتصال المباشر مع المصابين ،ولذلك لجأت
المشافي ومراكز الرعاية الصحية الستخدام روبوت يقوم مقام مقدم الرعاية لعدد من
الخدمات كإيصال األدوية للمرضى وأخذ المؤشرات الحيوية إضافة إلى تعقيم
الغرف والممرات ِ
باألشعة فوق البنفسجية مما يؤدي إلى قتل األحياء الدقيقة
الممرضة ومنها فيروس كورونا ،إضافة إلى استخدام المركبات ذاتية القيادة
529
الخوذات الذكية: )4
أهمية ،ففي الصين قامت الشرطة الصينية بتجهيز خوذات مزودة بكاميرات تعمل
ِ
باألشعة تحت الحمراء لرصد المصابين بالحمى على بعد ،وتعمل تلك الخوذات
على مسافة 16قدم تقريباً وتعطي إنذار في حال وجود شخص مصاب ،ومن ثم
وبتقنية التعرف على الوجه يتم عرض المعلومات الشخصية على الشاشة
530
الطائرات بدون طيار: )5
وهي نوع من الروبوتات أيضاً وتقوم هذه الطائرات برش الرذاذ المطهر
والتصوير الحراري ومراقبة التزام المارة بالقواعد الصحية كارتداء الكمامات وااللتزام
والتطبيقات:
المستجد بشكل مبكر ،أي حتى قبل التحذيرات الرسمية الصادرة عن مراكز السيطرة
على األمراض والوقاية منها وأيضاً منظمة الصحة العالمية ،إذ تستخدم الشركة
تقنية معالجة اللغات طبيعية وتقنيات التعلم اآللي وذلك للبحث في مجموعة متنوعة
وضخمة من مصادر المعلومات واستشفاف حوالي مائة ألف خير يومي بحوالي
65لغة مختلفة ،أي من بلدان كثيرة حيث تتم مقارنة البيانات بسجالت الرحالت
مما يساعد في التنبؤ بأنماط تفشي الفيروس بمجرد االنتهاء من تصفية البيانات
فيقوم علماء األوبئة بالتحقق من منطقية النتائج ومن ثم إرسالها للعمالء من جهات
باألمراض بشكل عام وسرعة انتشارها يمثل عامالً أساسياً في مواجهة المرض على
531
خالف علم األوبئة التقليدي الذي يهتم بمكان وتوقيت اإلصابة وأي الفئات األكثر
1
- Coronavirus is the first big test for futuristic tech that can prevent
pandemics, www.vox.com Accessed 11 Aug. 2020.
- China’s QR health code system brings relief for some and new
problems, www.scmp.com Accessed 11 Aug. 2020.
532
وفي شهر مارس لعام 2020تم االستعانة بجهاز للتصوير اإلشعاعي لرئات
للحمض النووي الريبوزي للفيروس من 55دقيقة إلى 27ثانية فقط وذلك باستخدام
باالعتماد على رموز لونية إلى تطبيقاتها على الهواتف الذكية لتكون بمثابة هوية
عبور للماليين من العائدين إلى عملهم ويتم التصنيف حسب ألوان الرمز كاآلتي:
- Predicting the coronavirus outbreak how AI connects the dots to
warn about disease threats, www.gcn.com Accessed 11 Aug. 2020.
حيث مثلت الحاجة للتصوير الشعاعي لرئات المرضى في المستشفيات تحدياً كبي اًر للنظام 1
533
من يحصل على اللون األحمر فعليه التزام الحجر الصحي في المنزل لمدة -
.من يحصل على اللون األخضر فهم يتمتعون بحرية التحرك والحركة -
وتلعب ثالثة عوامل أساسية دو اًر في تحديد لون الرمز الذي سيحصل عليه
تاريخ السفر وفترة اإلقامة في منطقة تفشي المرض والعالقة مع:الشخص وهم
1
- Coronavirus is the first big test for futuristic tech that can prevent
pandemics, www.vox.com Accessed 11 Aug. 2020.
534
:رابعاً – في مجال الصحافة واإلعالم
أصبحت تلعب دو اًر مهم ًا في حياة اإلنسان بعد االنتقال للعالم الرقمي واألخبار
عن طريق استخدام تقنيات الذكاء االصطناعي معرفة ميول واتجاهات األفراد من
خالل قياس اإلقبال الذي يحدث بالنسبة لنوع معين من األخبار وبالتالي يستطيعون
فوصل الحد إلى،حقن أخبار معينة لتقوية هذا االتجاه لدى األفراد أو العكس
- China’s QR health code system brings relief for some and new
problems, www.scmp.com
535
التأثير على الحياة اليومية لألفراد والتأثير على ق ارراتهم ،وقريباً يمكن التحكم من
خالل تلك التقنيات في اتخاذ قرار االنتخابات الرئاسية ،كما وصل األمر بتقنيات
الذكاء االصطناعي إلى تجميع األخبار واعادة صياغتها بدقة لغوية وتقديم محتوى
1
Visvam Devadoss, A., Thirulokachander, V. & Visvam Devadoss,
Efficient daily news platform generation using natural language
processing, Springer Singapore, 2018, P1.
536
المبحث الثاني
ماهية المسؤولية الجنائية وأط ارفها
تمهيد وتقسيم:
عليه من الموضوعات المهمة التي اعتنى بها الفكر الجنائي في جميع مراحله التي
مر بها ،السيما في مفهومها الفلسفي ،أو الديني ،أو المفهوم األخالقي ،أو
االجتماعي.
دراستها وبيانها حيث تتنوع تلك االطراف من مالك الى مصنع الذكاء االصطناعي
537
المطلب األول
ماهية المسؤولية الجنائية
تمهيد وتقسيم:
538
الفرع األول
تعريف المسؤولية الجنائية
تقع عليه تبعته ،ومن ذلك قولهم :انا برئ من مسؤولية هذا العمل .1
االول صالحية الشخص الن يتحمل تبع سلوكه ،وهنا نجد المسؤولية صفة في
الشخص او حالة تالزمه سواء وقع منه ما يقتضي المساءلة او لم يقع منه شيء.
ويراد بالمفهوم الثاني الواقعي تحميل الشخص تبعه سلوك صدر منه حقيقة ،وهنا
المسؤولية ليست مجرد صفة او حالة قائمة بالشخص بل هي جزاء ايضا ،وهذا
المفهوم يحتوي على المفهوم االول ألنه ال يتصور تحميل شخص تبعه عملة
مجمع اللغة العربية بالقاهرة ،المعجم الوسيط ،ط :دار الدعوة ،بدون سنة نشر ،صـ.411 1
د /محمود نجيب حسني ،قانون العقوبات القسم العام ،دار النهضة العربية طبعة ،2018 2
صـ ، 487د /فتوح عبد اهلل الشاذلي ،قانون العقوبات القسم العام ،دار المطبوعات الجامعية،
ط ،2017:صـ378؛ د /عبد العزيز محمد محسن ،اإلكراه وأثره في المسئولية الجنائية في الفقه
اإلسالمي والقانون الوضعي دراسة مقارنة) ،ط :دار النهضة العربية ،2004 ،صـ23؛ د /عبد
الرؤوف مهدي ،المسئولية الجنائية عن الجرائم االقتصادية ،ط :المدني ،1976 ،صـ.16
539
ويقصد به في الفقه االسالمي :تحمل االنسان نتائج االفعال واالقوال المجرمة التي
يأتيها مختا اًر وهو مدرك لمعانيها ونتائجها ،فمن اتى فعال محرما وهوال يريده.
في الشريعة اإلسالمية ،إال انها أكمل وأفضل في الشريعة االسالمية من حيث
مصدرها ألنها من عند اهلل تعالى ،فالناس يدركون اال سلطة للقوانين الوضيعة اال
إذا وقع المرء تحت طائلة القانون ،وضبط متلبسا بجريمته؛ اذ ال عالقة لها بالحياة
االخرة ،فيكون المجال فسيحاً للخروج عن القانون والتحايل عليه بشتى السبل ،اما
الشريعة االسالمية فتنبثق من فكرة الحالل والحرام ،وااليمان باهلل والدار االخرة .1
المترتبة على قيام فعل يعتبر جريمة من وجهه نظر القانون ونتيجة مخالفة هذا
االلتزام هي العقوبة او التدبير االحترازي الذي يفرضه القانون على فاعل الجريمة
او المسؤول عنها ،وبناء على ذلك لم تعد المسؤولية الجزائية مسؤولية مادية بحتة
د /حسن عبد الحكيم ،المسئولية الجنائية عن جرائم الجسمال ،مرجع سابق ،صـ.10 1
الحنابلة فعرفوها بأنها كل فعل عدوان على النفس أو المال؛ لكنها في العرف مخصوصة بما
يحصل فيه التعدي على األبدان ،وسموا الجنايات على األموال غصباً ونهباً وسرقة وخيانة
واتالفاً .عبد الرحمن بن قدامه المقدسي الحنبلي ،الشرح الكبير على مت المقنع ،ط :دار الكتاب
العربي للنشر والتوزيع ،بدون سنه نشر ،اإلكراه وأثره في المسئولية الجنائية في الفقه اإلسالمي
والقانون الوضعي دراسة مقارنة ،ط :دار النهضة العربية ،2004 ،صـ23؛ د /عبد الرؤوف
مهدي ،المسئولية الجنائية عن الجرائم االقتصادية ،ط :المدني ،1976 ،صـ.16
540
كما كانت في التشريعات الجنائية القديمة ،بل تقوم في الوقت الحاضر على اساس
اذن فالمسؤولية الجزائية تعني سؤال مرتكب الجريمة عما ارتكبه من سلوك
السلوك بإعطائه مظهره محسوسا في شكل عقوبة او تدبير احتزازي ينزله القانون
المسؤول عن الجريمة.
وبالتالي لم يعد كافياً لقيام المسؤولية الجزائية ان يرتكب الجاني فعالً مادياً
تترتب عليه نتيجة ضارة ،وانما البد من تحقق جريمة بالشروط التي يفرضها الفقه
الجنائي المعاصر على انها نشاط مادي ونفسي مخالف ألهداف الجماعة ،وتكسب
صفتها غير المشروعة من تناقضها مع قاعدة قانونية مجرمة تجرم هذا النشاط،
وبناء على ذلك يستلزم لقيام الجريمة توافر ركنين أحدهما مادي والثاني معنوي،
ً
وال يمكن ان تقوم الجريمة إال بقيام هذين الشرطين معاً .1
د /أحمد مصطفى علي ،مسئولية الصيدالني الجزائية عن أخطائه المهنية ،رسالة ماچستير، 1
541
الفرع الثاني
مدى المسؤولية الجنائية عن جرائم الذكاء االصطناعي
من المسلم به انه وفقاً لمعظم التشريعات العربية واالجنبية انه ال تقوم
المسؤولية الجنائية للشخص الطبيعي إال إذا كان مدركاً قاد اًر على فهم ماهية الفعل
وال يكفى أن يكون اإلنسان قادر ومميز ،وانما يجب أن تكون هذه المقدرة
على اختيار للوجهة التي يمكن ان تتخذها ارادته ،ولذلك يفترض لوجودها أن يكون
الفاعل ح اًر في تصرفاته غير مرغم عليها في وضع جسدي ونفسي وعقلي يساعده
علي اتخاذ الق اررات التي يريدها ،إال أن قدرة اإلنسان على توجيه ارادته التي
يختارها ليست مطلقة وانما هي مقيدة ،اذ ترد عليها مجموعة من العوامل ال يملك
الجاني السيطرة عليها فتؤثر في حرية اختياره ،1وهناك مجال يتمتع الشخص
https://researchgate.net/publication/241643522_AP_Simester_and_Andr
eas_von_Hirsch_Crimes_Harms_an_Wrongs_On_the_principles_of_crimi
nalization.com
د /أحمد فتحي سرور ،الوسيط في شرح قانون العقوبات القسم العام ،دار النهضة العربية، 1
542
بداخله بحرية التصرف وتحدد هذا المجال قواعد القانون والقواعد المستمدة من
الخبرة اإلنسانية العامة التي تحدد مقدار تحكم االنسان في تصرفاته ،فإذا انتفى او
ضاق هذا المجال وانساق الجاني تحت تأثير العوامل التي ال يملك السيطرة عليها
للجماد او الحيوان إال في حاالت قليلة ،ومن األمثلة على ذلك في بعض قبائل
اوغندا كانت الفيلة تعاقب اذا تسببت في قتل االدميين ،او اتالف ممتلكاتهم ويحكم
عليها باإلعدام ،كما يحكم بقطع الشجرة التي تسببت في موت احد االشخاص اذا
سقط من اعالها ،ويقوم اهل المجني عليه وقبيلته بتقطيع الشجرة الى اجزاء
ويحرقونها ثم يذروها في الرياح ،وبعض القبائل تحرص اذا قتل احد افرادها بسالح
معين ان تجلب هذا السالح وتحرقه ،بينما تحتفظ بما تحصل عليه من اسلحة
اخرى حال قتالها مع قبيلة الجاني كما هو الحال في بعض عشائر استراليا .1
د /محمد علي سويلم ،المسئولية الجنائية في ضوء السياسة الجنائية دراسة مقارنة بين التشريع
والفقه والقضاء ،الطبعة األولى ،دار المطبوعات الجامعية باإلسكندرية ،2014 ،صـ 9وما بعدها.
د /محمود أحمد طه ،شرح قانون العقوبات القسم العام ،الجزء الثاني النظرية العامة للمسئولية 1
543
اما التشريع الروماني كان يقرر مسؤولية االنسان والحيوان والطفل
والمجنون والبريء فكل هؤالء كانوا مسئولين في مراحل محدودة وتشريعات معينة
فمثال عقوبة اإلعدام توقع على الثور وصاحبه اللذين يتسببان في اثناء عملية
الحرث في نقل الحد الفاصل بين الحقل المحروث والحقل المجاور له وهو نص
يسلم بأهلية الحيوان للمسئولية وما يترتب عليها من جزاء ،اما مسئولية المجنون
عن أفعاله عند الرومان فيؤكده االمر الذي اصدره االمبراطور الروماني مارك اولاير
في اواخر القرن الثاني بعد الميالد حيث قرر حظر عقاب من تحقق جنونه في
صورة قاطعة وعلل ذلك؛ بان الجنون في ذاته عقوبة يصاب بها االنسان فال يصح
ان تضاف اليه عقوبة اخرى وهذا إن دل فإنما يدل على أن محاكم روما كانت
تحاكم المجانين في بعض الجرائم على األقل ،وكانوا يفرقون بين المواطن والعبد
فاألول ال يقع تحت وطأة التعذيب وله كافة حقوقه المدنية والجنائية اما الثاني
فمسلوب من كل حقوقه فهو ليس اال مجرد شيء مملوك لسيده .1
اما التشريع اليوناني فلم يميز بين االنسان والحيوان تميي از جوهريا بان
االنسان له حرية وارادة عكس الحيوانات امام القضاء ،وفي حالة ثبوت الجريمة
على الحيوان يجب قتله قصاصا والقاء جثته خارج حدود البالد ،ويستثنى من ذلك
د /عمر الفاروق الحسيني ،تعذيب المتهم لحمله على االعتراف ،المطبعة العربية الحديثة، 1
،2001صـ 11وما بعدها؛ مشار إليه لدى د /حسن عبد الحكيم ،المسئولية الجنائية للجسمال،
مرجع سابق ،صـ 74وما بعدها
544
حالة القتل الناشئ عن مبارزة االنسان والحيوان في مسرح االلعاب العمومية فان
هذا ال يترتب عليه أي اجراء قضائي ،واذا سقط جماد على انسان فقتله سواء كان
الس قوط ناشئا عن عامل طبيعي او عن عمل انساني حكم على الجماد بالنبذ خارج
الحدو ،ويستثني من ذلك النيازك والصواعق وما اليها هذا االشياء في قتل انسان ال
أما فيما يتعلق بالمسئولية الجنائية للذكاء االصطناعي حال ارتكابه جريمة
من الج ارئم المعاقب عليها في القانون كالقتل أو الضرب أو الجرح فنقول بالفعل قد
سلبية وايجابية ففي العام 1981قُتل موظف ياباني في مصنع للدراجات النارية
يبلغ من العمر 37عام على يد روبوت ذكاء اصطناعي يعمل بالقرب منه وحدد
الروبوت بشكل خاطئ الموظف على أنه تهديد لمهمته وحسب أن الطريقة األكثر
فاعلية للقضاء على هذا التهديد هي دفعه إلى آلة تشغيل مجاورة باستخدام ذراعة
الهيدروليكي القوي للغاية وحطم الروبوت العامل المفاجئ في آلة التشغيل وقتله
على الفور ثم استأنف مهامه دون أن يتدخل أحد في مهمته؛ لسوء الحظ هذا ليس
1
Ashworth A, Principles of Criminal Law 4th edn, OUP 2003) and
Mireille Hildebrandt, Liability and “Smart” Environments in the thesis of
545
إذا ارتكبت آلة الحكم الذاتي المتقدمة جريمة من تلقاء نفسها ،فكيف سيتم
التعامل معها في القانون؟ وكيف يمكن إظهار العقل المذنب لغير البشر؟ وكيف
مبادئ المسئولية الجنائية وبالتالي يمكن محاسبتها وذلك عن طريق التخلص منها
ماكينة SAPIENSآلة تفكير أو آلة تفكير لعدة سنوات ،كان هناك جدل
كبير حول جوهر هذا الكيان ،فأعلن علماء المستقبل والدة نوع جديد،
.MACHINA SAPIENS
546
المسؤولية الجنائية ،أي إذا ما كان الكيان المحدد اإلنسان او الشركة يتحمل
المسؤولية الجنائية عن جريمة معينة ارتكبت في نقطة زمنية محددة ومن اجل
فرض المسؤولية الجنائية على شخص ما ،يجب ان يكون هناك عنصران رئيسيان.
الفعل االجرامي؛ بينما اآلخر :هو العنصر الداخلي او العقلي أي او المعرفة او
القصد العام تجاه عنصر السلوك االجرامي إذا كان عنص اًر واحداً مفقوداً ،فال يمكن
أي فرض مسؤولية جنائية فيتم التعبير عن شرط الفعل بشكل اساسي عن طريق
االفعال او السهو في بعض االحيان ،ويبدو انه من المتفق عليه بشكل عام على
المستوى االوروبي تغطى القواعد الحالية للمسؤولية الحاالت التي يمكن فيها ارجاع
سبب فعل الروبوت او إغفاله الى وكيل بشري معين مثل الشركة المصنعة او
المالك او المستخدم وان يمكن لهذا الوكيل ان يتنبأ ويتجنب السلوك الضار
للروبوت .1
1
Rights and Obligations are used in a general fashion in order to
accommodate the scope of this paper. For a more nuanced
understanding of rights and obligations, As well as a starting point to
consider more accurate descriptions of legal categories that might better
fit AI agents, See Wesley N. Hohfeld, Some Fundamental Legal
Conceptions as Applied in Judicial Reasoning, 23 Yale L.J. 16 16-59.
547
ومن بين الجوانب المهمة االخرى ،يدعو الخبراء المفوضية االوروبية ،عند
اجراء تقييم تأثير صكها التشريعي المستقبلي ،الستكشاف االثار المترتبة على
.1انشاء وضع قانوني محدد للروبوتات ،بحيث يمكن اثبات على االقل ان
الروبوتات المستقلة االكثر تعقيدا لها وضع االشخاص االلكترونيين ذوي الحقوق
والواجبات.
تطبيق الشخصية اإللكترونية على الحاالت التي تتخذ فيها الروبوتات ق اررات ذاتية
وذلك كله إذا تم ارتكاب الجريمة دون قصد من المبرمج او المستخدم لكيان
الذكاء االصطناعي اما إذا كان الشخص الطبيعي علي علم واتجهت ارادته الي
على ارتكاب مثل هذه االنواع من الجرائم؛ يسال جنائيا عن افعاله االجرامية دون
النظر الي الغرض التي تهدف اليه الجريمة ولو كان قد ارتكب هذه االفعال بغرض
التجربة او اللهو.
548
والمسؤولية هنا تكون مسؤولية عن االفعال الشخصية يتحملها الشخص
الطبيعي الذي ارتكب الجريمة وتطبق عليه العقوبات المقررة في القانون لهذه
الجريمة .1
االرادة القصد الجنائي العلم واإلرادة هي اساس الركن المعنوي و هو امر باطني ال
يطلع عليه احد لكن يعرف عن طريق اداة القتل ووسيلته ،وهنا يختلف الفقهاء و
ينتج عن هذا الخالف تقسيم القتل الي عمد وشبة عمد ،فاإلمام ابو حنيفة يري إن
اداة القتل ما تكون معدة للقتل وهي السالح او ما يجري مجراه مما يقطع اللحم
وينشز العظم فهو عمد ،واال فهو شبة عمد حتي وان كانت تقتل غالبا كالمثقل من
أما الشافعية والحنابلة :فيرون أن آلة القتل ما تقتل غالباً ،لذا كان القتل
بالمثقل من الحجر الكبير والعصا الغليظة قتل عمد عندهم ،أما شبة العمد ما ال
549
يقتل غالبا كالعصا الصغيرة ،خالفاً للمالكية الذين يرون مجرد قصد العدوان كاف
فالقتل شبة العمد في الفقه االسالمي عند ابي حنيفة و الشافعية والحنابلة
يماثل الضرب المفضي الى الموت في القوانين الوضعية ،و لكن تعبير الشريعة
بالقتل الشبة العمد ادق واصح من تعبير القوانين الوضعية ذلك ان القتل شبة العمد
والخنق وكل يندرج تحته الموت الناشئ عن الضرب والجرح والتغريق والتحريق
ما يدخل تحت القتل العمد اذا انعدمت نية القتل عند الجاني وتوفر قصد االعتداء،
ولفظ القتل يدخل تحته كل ما يؤدي للموت ،لكن اذا اتجهت النية للقتل وتوفر قصد
االعتداء في الصور السابقة فهو عمد عند الجمهور خالفا لإلمام ابي حنيفة،
فاختيار فقهاء الشريعة لهذا اللفظ للداللة علي هذه األنواع المختلفة من االعتداء
وااليذاء هو اختيار موفق؛ ألنها تنتهي جميعا بالموت ،اما لفظ الضرب الذي
عبرت به القوانين الوضعية فإذا دخل تحته الضرب باليد او باداه اخرى فإنه ال
يمكن ان يندرج تحته غير ذلك من أنواع اإليذاء أو االعتداء المختلفة كالتغريق
والتحريق والخنق.
أبو محمد محمود بن أحمد الحنفي بدر الدين العيني ،البناية شرح الهداية ،ط :دار الكتب 1
العلمية ،بيروت ،الطبعة األولى ،2000 ،صـ63/13؛ زين الدين بن إبراهيم بن محمد ،المعروف
بابن نجيم المصري ،البحر الرائق شرح كنز الدقائق ،ط :دار الكتاب اإلسالمي ،الطبعة الثانية،
بدون تاريخ ،صـ.328/8
550
اما إذا اتجهت اإلرادة الي الفعل فقط دون قصد النتيجة فهو الخطأ فالجاني
ال يتعمد إتيان الفعل الذي يسبب الموت وال يقصد موت المجني عليه ،كمن حفر
بئ اًر فسقط فيها اخر فمات ،وكمن ترك حائطه دون اصالح فسقط على بعض المارة
ان لِ ُمؤۡ ِم ٍن أَن َيقۡتُ َل ُمؤۡ ِمًنا إِ اال َخطَۡاۡ َو َمن قَتَ َل ُمؤۡ ِمًنا َخطَۡا
{ َو َما َك َ
ص ادقُواۡ فَِإن َك َ
ان ى أَهۡلِ ِهۦ ٰٓٓ ِإ آٰ
ال أَن َي ا فَتَحۡ ِر ُير َرقََبةۡ ُّمؤۡ ِم َنةۡ َوِد َيةۡ ُّم َسلا َمةٌ إِلَ ٰٓ
ام َشهۡ َريۡ ِن ُمتَتَابِ َعيۡ ِن تَوۡ َبةۡ ِّم َن ٱللا ِهۡ ِ ِ ا ِ
ُّمؤۡم َنةۡۡ فَ َمن لمۡ َيجدۡ فَص َي ُ
يما َح ِكيمۡا } .1ا ِ
ان ٱللهُ َعل ً
َو َك َ
وان اإلنسان الحي وحده هو محل المسئولية الجنائية ،والجسمال ما هو إال آلة
مسخرة في يد الجاني.
551
ويترتب على ذلك :إن المسخر لهذه الوسيلة هو المسئول عن الجرائم المرتكبة ،فاذا
تعمد قتل انسان عن طريق الجسمال؛ فهو يسأل عن جريمة عمدية ،اما إذا وقعت
محمد بن أحمد بن أبي أحمد ،أبو بكر عالء الدين السمرقندي ،تحفة الفقهاء ،ط :دار الكتب 1
العلمية ،بيروت ،الطبعة الثانية ،1994 ،ص104-103/3؛ مشار إليه لدى د /حسن عبد
الحكيم ،المسئولية الجنائية عن جرائم الجسمال ،مرجع سابق ،صـ 45وما بعدها.
552
المطلب الثاني
تحديد أطراف المسئولية الجنائية عن جرائم الذكاء االصطناعي
الشيء ،فهنالك أربعة أطراف ترتبط غالباً بهم المسئولية الجنائية في هذا النوع من
553
الفرع األول
المصنع
المسئولية الجنائية للمبرمج ُ
عند قيام الذكاء االصطناعي بارتكاب جريمة قتل فهنا يتم البحث عن
لمصنع
المصنع حيث تعد المسئولية الجنائية ُ
الجاني وهنا يتم بداهة البحث عن ُ
الذكاء االصطناعي أهم ما ُيثار عند ارتكاب هذا األخير ألي سلوك يشكل جريمة
الجرائم المرتكبة من خالل هذا الكيان الذي يعمل بالذكاء االصطناعي ،وتُخلى
الحالة األولى :هي عندما كان المبرمجون مهملين أثناء برمجة كيان AIولكن لم
د /محمد العوضي ،مسئولية المنتج عن منتوجات الصناعية ،مجلة القانون المدني ،العدد ،1 1
554
الحالة الثانية :وهي عندما يقوم المبرمجون ببرمجة أو استخدام كيان الذكاء
االصطناعي عن علم وعن قصد من أجل ارتكاب جريمة واحدة عبر كيان الذكاء
االصطناعي.
فعلى سبيل المثال أثناء تنفيذ المهام اليومية قد يقوم الذكاء االصطناعي
بارتكاب جريمة لم يكن المبرمجون أو المستخدمون على علم بالجريمة إال بعد
ارتكاب تلك الجريمة المحددة؛ وفي مثل هذه الحاالت قد يخلق النموذج الثاني
استجابة قانونية مناسبة يعتمد هذا النموذج على قدرة المبرمجين أو المستخدمين
على توقع ارتكاب المخالفات المحتملة وفقاً لهذا النموذج يمكن مساءلة أي شخص
عن جريمة إذا كانت الجريمة نتيجة طبيعية ومحتملة لسلوك هذا الشخص.
555
ولذلك يجب وجود ضوابط تحدد مواصفات وشروط المنتج الذي يستخدم تلك
التقنيات ألن فتح الباب على مصراعيه بدون ضوابط يحول تلك التكنولوچيا من
د /محمد العوضي ،مسئولية المنتج عن منتوجات الصناعية ،مرج سابق ،صـ 28وما بعدها. 1
556
الفرع الثاني
المسئولية الجنائية لكيان الذكاء االصطناعي نفسه
نظ اًر للتطور الهائل الذي يحدث كل يوم للذكاء االصطناعي فهل ُيعد
في الواقع هناك نتيجتان محتملتان إذا تصرف كيان الذكاء االصطناعي
كعامل برئ دون معرفة أي شيء عن الحظر اإلجرامي ،فإنه ال ُيحاسب جنائياً
االصطناعي يجب إثبات وجود هذه العناصر في الكيان المحدد ،عندما ثبت أن
شخصاً ارتكب الجريمة المعنية مع العلم أو القصد فإن هذا الشخص يتحمل
د /أحمد إبراهيم محمد ،المسئولية الجنائية الناتجة عن أخطاء الذكاء االصطناعي في التشريع 1
اإلماراتي دراسة مقارنة ،رسالة دكتوراه ،كلية الحقوق ،جامعة عين شمس ،2020 ،صـ 87وما
بعدها.
557
إذا كانت كيانات الذكاء االصطناعي هي :كيف يمكن لهذه الكيانات الوفاء
في هذا السياق؟ إذا كان كيان الذكاء االصطناعي قاد اًر على تلبية متطلبات كل
من العنصر الخارجي والعنصر الداخلي ،وفي الواقع فهي تفي بها في الواقع وليس
هناك ما يمنع من فرض المسئولية الجنائية على كيان الذكاء االصطناعي هذا إذا
فلكي يكون الذكاء االصطناعي مسئول جنائياً يجب معاملة كيانات الذكاء
القانون ،بالطبع كان المنطق األولى وراء منح الشخصية االعتبارية للشركات هو
الترويج للنشاط التجاري وازالة مسئولية الشركات من المسئولية الفردية؛ ومن نفس
المنطلق ينبغي منح الذكاء االصطناعي الحريات الدستورية األساسية بما يتماشى
مع تلك الممنوحة للشركات؛ والهدف األساسي وراء ذلك هو إنه مع تطور الذكاء
1
- Gonenc Gurkaynak, Ilay Yilmaz, Gunes Haksever, N.2, 36 IBID 37
IBID 38 Gabriel Hallevy, N.8 P.177.
558
االصطناعي وبدء التفكير فإن المسئولية المدنية والجنائية الناشئة عن أفعالهم لن
على سبيل المثال قضية الطيار اآللي على أساس تقنية الذكاء
االصطناعي ،ماذا لو قام مطور طائرة حربية بعمل برنامج طيار آلي يقوم بإزالة
أي عقبات في مهمته وفي إحدى المهام يقوم طيار الطائرة بإبطال المهمة بسبب
سوء األحوال الجوية ولكن الطيار اآللي يعترف بالطيار باعتباره عقبة ويخرج
الطيار خارج المقصورة التي تقتل الطيار؛ اآلن لم يكن لدى الطيار أي نية لقتل
الطيار ولكن القوانين الحالية تعتبرهم مسئولين ،سيكون الخيار الصحيح هو فرض
المسئولية الجنائية على الطيار اآللي وتصحيح خوارزميات برامجه؛ وهذا ال ينقذ
لم يقصدوها أبداً ولكنه يحظر معنويات المطورين من جلب المزيد من االبتكارات.
ومع ذلك يمكن لمرتكب الجريمة أن يلجأ بسهولة إلى كائنات الذكاء
محمد شالل العاني ،المسئولية الجنائية للشخص االعتباري دراسة مقارنة ،مجلة القانون 1
المغربي ،العدد ،35دار السالم للطباعة والنشر ،2017 ،صـ 99وما بعدها.
559
ال يتصور تطبيق القانون الجنائي على غير البشر وبالتالي ال نستطيع
طبقاً للقوانين الحالية توقيع جزاء جنائي على كيانات الذكاء االصطناعي وما قد
يحدث عملياً هو أن يأمر القاضي بمصادرة هذه األلة التي تعمل بالذكاء
مشاركة طرف أخر للذكاء االصطناعي في ارتكاب الجريمة وبالتالي يعد )1
شريكاً في الجريمة مع الذكاء االصطناعي رغم إنه حالياً سوف يتحمل المسئولية
الجنائية كاملة عن ارتكاب الجريمة ولكن مستقبالً بعد إقرار مسئولية الذكاء
االصطناعي سوف تكون المسئولية مشتركة ومثال ذلك قيام شخص بإلغاء الحدود
بالمصنع ويعطيه
المصنع للذكاء االصطناعي مما يجعله غير متصل ُ
التي وضعها ُ
الحرية الكاملة في تصرفاته بدون القيود التي وضعت في نظامه تمنعه من ارتكاب
الجرائم وكمثال واقعي حالياً على ذلك قيام مستخدمي الهواتف الذكية بعمل Root
1
- Dr. Adrien Bonnet, La Responsabilité dufait de l’intelligence Master
de Droit privé general divigé paryves lequtte Université: PANTHÉON-
ASSAS, P.37, 2015.
- Gonenc Gurkaynak, Ilay Yilmaz, Gunes Haksever, N.2, 36 IBID 37
IBID 38 Gabriel Hallevy, N.8 P.177.
560
1
مما يفتح المجال لبعض التطبيقات بالتحكم في الهاتف واعطائه أوامر قد للهاتف
ارتكاب الجريمة من قبل الذكاء االصطناعي بنفسه بدون خطأ برمجي من )2
بالقانون رقم 95لسنه 2003لم يوقع أي عقوبة جنائية إال على األشخاص
الطبيعيين سواء كانت العقوبة اإلعدام أو السجن أو الحبس سواء كانت الجرائم
ولقد تقرر أن اإلنسان فقط هو محور المسئولية ومحلها وال تقوم المسئولية
إال من شخص طبيعي وليس هناك مجاالً لمساءلة الجمادات أو الحيوانات فاإلنسان
الحي هو وحدة محل المسئولية الجنائية كما أنه هو المقصود األول بحماية
عملية برمجي ة تتم في نظام األندرويد لفتح المجال لبعض التطبيقات التي تحتاج إلى صالحية 1
الروت للوصول إلى جذر نظام التشغيل المبني على نواة لينكس بشكل أعمق لتستطيع التغيير أو
التعديل.
561
النصوص العقابية 1؛ حتى تلك التي تستهدف حياة الصالح العام ألنها تحمي في
الجنائية الحديثة أن اإلنسان ال يسأل بصفته فاعالً أو شريكاً إال عما يكون لنشاطه
دخل في وقوعه من األعمال التي نص القانون على تجريمها سواء كان بالفعل أو
المحيط به وعليه يكفي أن تثبت صفة الشخص الطبيعي أو صفة اإلنسان لكي
يدخل في نطاق القاعدة الجنائية فأصبح اإلنسان الحي وحده هو محل المسئولية
الجنائية وأصبحت العقوبة شخصية ال تصيب إال من أجرم وال تتعداه إلى غيره
في القوانين أن ال جريمة وال عقوبة إال بنص وأن ال عقوبة إال على األفعال
الالحقة لصدور القوانين؛ وقيدت حرية القضاة في اختيار العقوبة وتقديرها .2
د /علي عبد القادر القهوجي ،د /فتوح عبد اهلل الشاذلي ،قانون العقوبات القسم العام، 1
د /سعيد عبد اللطيف حسن ،الحماية الجنائية للسرية المصرفية دراسة مقارنة). 2
562
1
بخصوص وهذا ما قضت به محكمة النقض المصرية في أحد أحكامها
الشخص الطبيعي حيث نصت على ال يسأل جنائياً الشخص الذي يعاني وقت
مسئوالً جنائياً الشخص الذي يعاني وقت ارتكاب الجريمة من اضطراب نفسي أو
عقلي أدى إلى إنقاص إدراكه أو اختياره؛ وتأخذ المحكمة في اعتبارها هذا الظرف
عند تحديد مدة العقوبة؛ وبتطبيق ذلك على كيانات الذكاء االصطناعي نجد أننا في
حاجة إلى تحديد مدى توافر العلم واإلدراك لدى تلك الكيانات لما يترتب على ذلك
رأي الباحث
من وجهة نظري المتواضعة أرى إنه يتعين سن تشريع فوري يتناسب مع
المتغيرات الحالية والمستجدات اإلقليمية والعالمية حيث إنه بحلول عام 2030
https://www.cc.gov.eg/coutrs/cassation_court/all/cassatio_court_all_case
s.aspx
563
ستصبح كيانات الذكاء االصطناعي ال غنى عن وجودها وستصبح موجودة في كل
مناحي الحياة في الدولة؛ كما أن قانون العقوبات المصري يتعين عليه مسايرة
األفعال المجرمة ويمكن توقيع الجزاءات عليه وذلك بنبذه خارج البالد بعد تحطيمه
صاحب األلة دون تحديد عقوبة معينة أو مقدار معين حتى وان لم يكن أحد قد
عوقب بمثل هذه العقوبة من قبل؛ بل أن صاحب كيانات الذكاء االصطناعي قد
ُيسأل عن الجريمة مع اآللة وان لم يكن يعلم بوقوع الجريمة من قبل الذكاء
االصطناعي كأن يكون مبرمجاً بأوامر معينة وتنفيذ مهام محددة ثم على إثره
يرتكب جريمة معينة دون علم صاحبها فكانت الصلة بين الجناية والجاني مادية
بحته دون النظر إلى أهلية الجاني وغيرة من المتصلين به من أهله وذويه أو بين
الجناية وبين الجاني إذا كان المتسبب فيها من شخص أخر كما هو الحال في
كيانات الذكاء االصطناعي ويكون للمجني عليه الحق في إقامة دعوى على الذكاء
االصطناعي وصاحبة أمام القضاء وفي حالة ثبوت الجريمة عليه يجب تحطيمه
قصاصاً منه والقاء رفاته خارج البالد شريطة أن تتمتع كيانات الذكاء االصطناعي
564
الفرع الثالث
المسئولية الجنائية للمالك
االصطناعي ولذلك من المتوقع أن يقوم بإساءة استخدام ذلك البرنامج مما يترتب
عليه حدوث جريمة معينة يعاقب عليها القانون؛ هنا أمام احتماالت وهي:
1تنص المادة 40على ُ"يعد شريكاً في الجريمة :أوالً كل من حرض على ارتكاب الفعل المكون
بناء على هذا؛ ثانياً من اتفق مع غيرة على ارتكاب الجريمة
للجريمة إذا كان هذا الفعل قد وقع ً
بناء على هذا االتفاق؛ ثالثاً من أعطى للفاعل أو الفاعلين سالحاً أو آلة أو أي شيء
فوقعت ً
أخر استعمل في ارتكاب الجريمة مع علمه بها أو ساعدهم بأي طريقة أخرى في األعمال
المجهزة أو المسهلة أو المتممة الرتكاب الجريمة"
565
إن المادة 40من قانون العقوبات والتي تجعل التحريض هو أحد وسائل
كان الشخص الذي سيقوم بالتنفيذ غير أهل للمسئولية كالصغير أو المجنون أو
كان القصد الجنائي لديه منتفي لحسن نيته أو آلة مسخرة ككيانات الذكاء
االصطناعي ال إرادة فيها وال اختيار ألن كالً منهم ال يدرك ماهية الفعل الذي
سيقدم عليه وعلى ذلك فال يمكن أن يعد من دفعهم الرتكاب هذه الجرائم محرضاً
وفقاً للمادة 40ويعد بذلك شريكاً وانما هو فاعل أصلي وما هؤالء األشخاص إال
أداة مسخرة في يده لتنفيذ مبتغاه 1؛ وهذا ما أكدته المحكمة الفيدرالية العليا األلمانية
د /فتوح عبد اهلل الشاذلي ،قانون العقوبات القسم العام ،مرجع سابق ،صـ 387وما بعدها؛ د/ 1
أحمد فتحي سرور ،الوسيط في قانون العقوبات القسم العام ،مرجع سابق ،صـ.681
2حيث قررت محكمة العدل الفيدرالية إنه في حاله إرتكاب الروبوتات أي ُجرم فإنها تُعد شخص
غير مسئول جنائياً عن أفعالها ومثلها مثل الصغير أو المجنون وبالتالي فإن المسئولية تقع على
الممثل القانوني لها على الرغم من تمتعها بالقدرة العالية للذكاء؛ أنظر في ذلك:
- Sabine Cless, Emily Silverman, Thomas Weigend: New Criminal Low
Review. Robots, Self-driving Cars, Criminal Responsibility Negligence,
2016, P.123.
566
ثانياً :حدوث الجريمة نتيجة سلوك المالك أو المستخدم وحده؛ فلوال السلوك
الذي ارتكبه ما حدثت الجريمة ،فتقع هناك المسئولية الجنائية كاملة عليه؛ مثال
ذلك تعطيل المالك أو المستخدم التحكم اآللي في السيارات ذاتية القيادة واإلبقاء
على التوجيهات الصوتية التي تصدر من برنامج الذكاء االصطناعي وبالتالي يكون
هو وحدة المتحكم في السيارة فإذا صدر له تنبيه من البرنامج بأمر معين لتجنب
حادثة ولم ينفذ هذا األمر فتقع المسئولية الجنائية عليه وحده ويكون أيضاً مسئوالً
وبناء عليه فإن المالك وحده هو الذي يحاسب عن جميع أفعالة اإلجرامية
ً
وذلك اتوافر جميع أركان المسئولية الجنائية في حقة.
بالجريمة إلى شخص معين فردي أو قانوني؛ لذلك البد أن يكون هناك عناصر
معينة تقوم عليها كوجود نص قانوني يصور الجريمة أو ارتكاب فعل أو عدة أفعال
مادية والحالة العقلية بأن تقع من شخص مكلف وقيام الركن المعنوي الالزم
1
Thomas Leemans, La Responsabilité Extracontractuelle de
l’intelligence Artificielle, P.64, 2017.
د /يحيى دهشان ،المسئولية الجنائية عن جرائم الذكاء االصطناعي ،مرجع سابق ،صـ.37
د /أحمد إبراهيم محمد ،المسئولية الجنائية الناتجة عن أخطاء الذكاء االصطناعي ،مرجع
سابق ،صـ 64وما بعدها.
567
الرتكاب جريمة والعقاب عليها في الغالبية العظمة من األنظمة اإلجرامية ويعد من
أهم عناصر الجريمة العنصر الذهني الذي يدفع الشخص الرتكاب الجريمة.
كما يعلم جميع الممارسين للقانون فإن هذا العقل المذنب للجاني يتكون من
القصد بفئاته الفرعية :النية المباشرة – عندما يتنبأ الشخص بنتيجة أفعالة )1
ويتابع تلك النتيجة ،القصد المائل – عندما يتنبأ الشخص بنتيجة أفعالة بينما ال
الذنب بفئاته الفرعية :التهور – عندما يتوقع الشخص نتيجة معينة قد )2
تحدث وأفعال أخرى دون مراعاة ما إذا كانت تلك النتيجة تحدث أم ال ،اإلهمال
اإلجرامي – عندما ال يتوقع الشخص نتيجة أفعالة بينما كان بإمكانه أو يجب أن
األخالقية تورط الشخص الذي يرتكب جريمة هي عملية ذاتية تتكون من عاملين
هما الوعي واإلرادة؛ ففيما يتعلق بالوعي نجد أن الجاني لديه تمثيل أفعاله والظروف
التي يتصرف فيها والعالقة السببية بين عمل الجاني التقاعس والنتيجة وفي ذهنه
1
- V. Dobrinoiu and Colab, Universid Juridic, 2016, P.134.
568
وبناء على ذلك فإن المالك يكون مسئوالً مسئولية مطلقة وفيها يتم تحمل
ً
الجاني المسئولية الجنائية دون حاجة إلثبات وجود أخطاء من قبل الجناة؛
فعلى سبيل المثال ووفقاً لهذا المبدأ إذا تصرف وكيل أو عامل في الشركة ضمن
نطاق عمله وبقصد الحصول على فائدة غير قانونية للشركة فهو يعد مرتكب
لجريمة ،كما يمكن أن تتحمل الشركة مسئوليته الجنائية ألن الشركة مسئولة باإلنابة
عن أفعال موظفيها أو وكالئها في الحاالت العادية للمسئولية باإلنابة ،وال يهم ما
إذا كانت الشركة تحقق مكاسب فعلية أو ال أو ما إذا كانت الشركة قد حظرت
النشاط أو ال ،من الصعب للغاية التأكد مما إذا كان يمكن تطبيق المسئولية باإلنابة
في كل حالة.
569
األس باب التي تدعم المسئولية باإلنابة هي في الغالب أمرها ليس باليسير فال تتم إال
بعد اجتياز جميع المشاكل التي لها عالقة بالمذاهب األخرى مثل العثور على
أما فقه القانون العام فقد انقسم على نفسه حول هذه النظرية بين مؤيد ومعارض؛ والمؤيد بين 1
موسع ومضيق ومحدد لنطاق تطبيقها ،ينظر في ذلك عبد الباسط محمود الجليلي ،نظرية
المخاطر في القانون اإلداري ،مجلة القسطاس ،العدد ،9الجزائر ،1999 .صـ.83
570
الفرع الرابع
المسئولية الجنائية للطرف الخارجي
المصنع أو حتى
قد يكون المسئول الجنائي شخص أخر غير المالك أو ُ
كيان الذكاء االصطناعي وتحدث هذه الحالة عند قيام طرف خارجي بالدخول على
نظام الذكاء االصطناعي عن طريق االختراق أو بأية طريقة كانت والسيطرة عليه
واستغالله في ارتكاب الجريمة وفي هذه الحالة نعرض افتراضين قد يحدثان وهما:
التي يتم تخزين وارسال األمور من خاللها لتقنية الذكاء االصطناعي وقيامة
بإصدار أوامر للذكاء االصطناعي على ارتكاب جريمة معينة كإعطاء أمر برمجي
-د /يحيى دهشان ،المسئولية الجنائية عن جرائم الذكاء االصطناعي ،مرجع سابق ،صـ.41 1
571
فتكون المسئولية الجنائية هنا مشتركة بين الطرف الخارجي وهذا الشخص الذي
وقع منه اإلهمال المتسبب في استغالل هذه الثغرة ،مثال ذلك إعطاء الذكاء
االصطناعي أكواد الدخول على نظام التحكم في تقنية الذكاء االصطناعي لهذا
الطرف الخارجي مما سهل عليه إصدار أوامر للذكاء االصطناعي .1
د /يحيى دهشان ،المسئولية الجنائية عن جرائم الذكاء االصطناعي ،مرجع سابق ،صـ.42 1
572
المبحث الثالث
أساس المسئولية الجنائية عن الجرائم التي ترتكب بواسطة الذكاء
االصطناعي في القوانين الجنائية والشريعة اإلسالمية
تمهيد وتقسيم
التي ترتكب بواسطة كيانات الذكاء االصطناعي حيث اختلف فقهاء القانون وفقهاء
الشريعة اإلسالمية أيضاً ،فانقسمت اآلراء لمذهبين المذهب األول وهو المذهب
التقليدي ومبدأه حرية االختيار والمذهب الثاني وهو الوضعي ومبدأه الجبرية؛
المطلب األول :أساس المسئولية الجنائية عن الجرائم التي تُرتكب بواسطة كيانات
المطلب الثاني :أساس المسئولية عن الجرائم التي ترتكب بواسطة كيانات الذكاء
573
المطلب األول
أساس المسئولية الجنائية عن الجرائم التي تُرتكب بواسطة كيانات
الذكاء االصطناعي في القوانين الجنائية
تمهيد وتقسيم
اختلف الفقه القانوني وتفرعوا إلى قسمين؛ األول وهو المذهب التقليدي
ومبدأه يقوم على أساس حرية االختيار أما الثاني وهو يقوم على أساس اإلجبار،
574
الفرع األول
مذهب حرية االختيار
ُيطلق على هذا المذهب أيضاً المذهب التقليدي وقد اختلف الفقه في تحديد
أساس المسئولية الجنائية بحسب المدارس العقابية المتبعة فعند اتباع المدرسة
التقليدية فإن المسئولية الجنائية تقوم على وجود اإلرادة المعتبرة قانوناً ،والتي ال
تكون كذلك إال إذا صدرت عن إنسان يتمتع باإلدراك والتمييز ،وغير مكره على
إتيان الفعل أو الترك ويترتب على ذلك أساس المسئولية الجنائية عندهم هو الخطأ
والمسئولية حينئذ تكون أخالقية وأدبية على اعتبار أن اإلنسان ما دام قادر على
االختيار بين الخير والشر فإن هو اختار الطريق األخير طريق الجريمة وهو حر
مميز مدرك فقد أخطأ وقامت بالتالي مسئوليته األخالقية وبالتبعية الجنائية.
وأن يكون حر االختيار إلى المدى الذي ال ينفيه سوى اإلكراه أو
االضطرار فاإلنسان مخير وليس مسير ولذا فأمامه طريقان أما طريق الخير أو
طريق الشر فلو انزلق ناحية الشر وجب مساءلته وتوقيع الجزاء عليه ألنه لجأ إلى
هذا الطريق مختا اًر وال يصح أن ُيسأل جنائياً إال من يتمتع باإلدراك واالختيار،
واإلنسان وحده هو الذي تتوفر فيه هاتان الصفتان وهو الذي بعد سن معينه
يستطيع أن يميز بين الخير والشر ويختار بينهما فتوجه األوامر والنواهي وهذا
يدفعه ألن يختار الطريق القويم بعيداً عن االعوجاج ويشجعه على التغلب على
575
الشر الكامن بداخله 1؛ ألن القول بغير ذلك سيجعله ينساق خلف شهواته وملذاته
بدافع أنه مجبر على األفعال ال مختار وانتفاء االختيار سيترتب عليه انتفاء
المسئولية .2
ولما كان إيمان الناس بحرية االختيار حقيقة واقعية ال يمكن إغفالها
تبلورت هذه الحقيقة لتصبح اجتماعية قانونية ،وان لم تكن ظاهرة علمية ،وهذا يكفي
يجلس أو أن يسير حيث يشاء وأن يقول ما يشاء ،بل إن أنصار مذهب الجبرية
يعترفون يأن اإلنسان لدية إرادة ولكنه مجبر وهذا من التناقض الواضح؛ فكيف
نثبت أن لإلنسان إرادة ثم نجزم بأنه غير مريد ألفعاله ،فالعقل يقول بأن التسليم
د /محمود نجيب حسن ،قانون العقوبات القسم العام ،دار النهضة العربية ،ط،2016: 1
د /عوض محمد عوض ،قانون العقوبات القسم العام ،مرجع سابق ،صـ 420وما بعدها.
د /علي عبد القادر القهوجي ،د /فتوح عبد اهلل الشاذلي ،شرح قانون العقوبات القسم العام 2
د /محمد السعيد عبد الفتاح ،أثر اإلكراه على اإلرادة في المواد الجنائية ،ط :دار النهضة
العربية ،2002 ،صـ.33
576
بوجود إرادة للفرد يستلزم التسليم بحرية هذه اإلرادة؛ ألن الحرية من لوازم اإلرادة
ومن الشواهد التي تؤكد ذلك أنه عندما يخطئ الشخص يشعر بتأنيب
داخلي الضمير وهذا دليل قوي على أنه أدرك بفطرته أنه سلك طريق االعوجاج
واالنحراف ،وما كان ينبغي له أن يسلك هذا الطريق بل إنه كان قاد اًر على أن
يسلك طريقاً أفضل وأقوم فضالً عن ذلك فإن إنكار حرية االختيار تجعل الفرد غير
مخاطب بأي أحكام أو أي قوانين ألن كل القوانين تأمر وتنهى وال يستقيم بأن يكون
الفرد مجب اًر على أفعاله ونحمله عواقب مخالفة هذه القوانين .1
وبناء على ما تقدم ووفقاً للمدرسة التقليدية فإن كيان الذكاء االصطناعي
ً
إذا ارتكب جريمة فإن تلك المدرسة تذهب إلى تقرير المسئولية الجنائية وحصرها
في األشخاص الطبيعيين دون غيرهم من الحيوانات والجمادات وأن اإلنسان الحي
وحده ه و محل المسئولية الجنائية ،وأصبحت العقوبة شخصية ال تصيب إال من
أجرم وال تتعداه إلى غيره ،إذن ال مجال لمساءلة كيان الذكاء االصطناعي؛ حيث
إنه من الجمادات التي ال تعقل وال تميز فهو عبارة عن آلة مبرمجة وفق تعليمات
معينة تقوم بأداء مهام محددة دون أي إدراك أو تمييز ،فليس هناك هدف أو غرض
د /محمود نجيب حسن ،قانون العقوبات القسم العام ،دار النهضة العربية ،ط،2016: 1
د /عوض محمد عوض ،قانون العقوبات القسم العام ،مرجع سابق ،صـ 420وما بعدها.
577
من معاقبة كيان الذكاء االصطناعي حيث إن العقوبة عبارة عن جزاء جنائي
والجزاء الجنائي متمثل في إيالم من تقع عليه العقوبة عن طريق المساس بحق من
حقوقه كحقة في الحياة أو حقة في الحرية فيمكن أن توقع عقوبة اإلعدام والتي
تحرم الشخص من الحياة أو عقوبة السجن أو الحبس والتي تحرم الشخص من
حريته أو تمس أمواله كالغرامة أو حرمانه من تولي بعض المناصب كحق الترشح
في المجالس النيابية وان كان األلم ليس مقصوداً لذاته بقدر تحقيق الغرض
االجتماعي وكل هذا ال يتناسب مع كيان الذكاء االصطناعي؛ حيث إنه من
الجمادات وعقابه ال يحقق أغراض العقوبة فما الفائدة من تحطيمه وتهشيمه ونفيه
خارج البالد كما كانت الجمادات قديماً يتم عقابها بهذه الكيفية فال يتحقق ردع عام
أو خاص وهما من أبرز وأهم أغراض العقوبة في الفقه الجنائي الحديث.1
د /علي عبد القادر القهوجي ،د /فتوح عبد اهلل الشاذلي ،شرح قانون العقوبات القسم العام 1
578
الفرع الثاني
مذهب الجبرية
مذهب الجبرية أو ما يطلق عليه المذهب الوضعي؛ فقد أنكروا دور اإلرادة
في قيام الجريمة ،واعتبروا الجريمة مسلمة من مسلماتهم ،فقد صرحت نظريتهم على
أن الشخص مساق إلى الجريمة سوقاً بسبب عوامل أو ظروف إما أن تكون عائدة
إليه عوامل خلقية أو أن المجتمع هو الذي فرضها عليه فرضاً ظروف بيئية.
وتنكروا لمبدأ الحرية واعتبروه مجرد وهم وشطحات فلسفية ،فالسلوك اإلجرامي
محتوم والجريمة قدر ،وأن المجرم ال يأتي الجريمة مختا اًر ،وانما يحكم سلوكه قواعد
السببية التي تحيط بجميع الظاهر الكونية ،1فكل حدث خارجي يرتبط دائماً بعوامل
سابقة عليه ،فكل الظواهر الموجودة في الكون لها أسبابها الالزمة التي تحكمها،
والتي بدونها ال تتحقق هذه الظاهرة ،وكذلك الفرد ال يأتي الجريمة ح اًر مختا اًر وانما
يأتيها مدفوعاً إليها بعوامل ال قبل له بها ترجع إلى التكوين النفسي والعضوي للفرد
والبيئة والتعليم.
د /علي عبد القادر القهوجي ،د /فتوح عبد اهلل الشاذلي ،قانون العقوبات القسم العام ،مرجع 1
579
واذا كان الجاني ال خيار له في ارتكاب الجريمة فقد امتنع عقابه طبقاً
عما يكمن بداخله من خطورة إجرامية تنذر بوقوع جرائم أخرى في المستقبل ،هذه
الخطورة تفرض على المجتمع أن يواجهها ويد أر بها عن نفسه بأن يتخذ قبل الجاني
وعلى أساس هذا المذهب يعاقب اإلنسان سواء كان مختا اًر أم غير مختار،
مدركاً أم غير مدرك ،عاقالً أم مجنون؛ ألن المسئولية لم تعد قائمة على الحرية
واالختيار وانما أصبحت قائمة على الخطورة اإلجرامية ،فالعقوبة التي تصيب كل
والقائلون بمذهب الحرية إنما جهلوا األسباب الحقيقية للجريمة ،ولم يجدوا
مخرجاً من هذه المشكلة إال أن ينسبوها إلى حرية االختيار ،وما قدمه أنصار هذا
المذهب من حجج ال قيمة لها وليس لها تفسير علمي صحيح ،فكل ظاهرة في
الكون لها تفسير واإلنسان خاضع لهذا التفسير وهذه القوانين وعدم إخضاعها
د /محمود نجيب حسني ،قانون العقوبات القسم العام ،مرجع سابق ،صـ 524وما بعدها. 1
د /أحمد صفوت ،المرجع السابق ،صـ ،157-156د /عوض محمد عوض ،المرجع السابق، 2
صـ ،419-418د /علي عبد القادر القهوجي – د /فتوح عبد اهلل الشاذلي ،مرجع سابق ،صـ-18
.20
580
للتفسير العلمي الصحيح دليل على التحكم بال سبب واضح ،والقول بالجبرية يكفل
للبحث العلمي البحث عن أسباب الجريمة ووضع الحلول المناسبة لها أما نسبتها
وعلى ذلك فإنه وفقاً للمذهب الوضعي فإذا ارتكب الكيان االصطناعي
جريمة فإنه يتم العقاب عليها سواء كانت قتل أو سرقة أو ضرب أو عاهة وغيرها،
حيث إ نه ال فرق بينهم بين المدرك وغير المدرك اإلنسان أو اآللة حيث أن مناط
المسئولية عندهم قائمة على الخطورة اإلجرامية؛ أما المبدأ في القوانين الجنائية
المقارنة هو إقامته المسئولية الجنائية على أساس أخالقي أي على الخطأ ،بحيث
نجدها تشترط للمسائلة الجنائية أن يكون اإلنسان ممي اًز ومدركاً لألفعال والترك التي
يقوم بها وأن يكون كذلك كامل اإلرادة أي مختا ًار لها غير مكره أو مجبر على
إتيانها ،أما إذا فقد اإلنسان إدراكه أو كان غير مميز أو انتفت إرادته امتنعت
مساءلته الجنائية كليه أما إذا نقص عنده اإلدراك أو التمييز فإن مسئوليته الجنائية
ال تنتفي كلياً وانما تخفف بنسبة النقص الحاصل له في إدراكه أو تمييزه أو إرادته.
حرية اإلرادة ومناط هذه الحرية اإلدراك واالختيار فإذا توفر هذان الشرطان لدى
اإلنسان يكون مسئوالً جنائياً عن األفعال التي يقترفها وتعين عقابه عما يقع من
أفعال ُمجرمة ،أما إذا ارتكب كيان الذكاء االصطناعي نفسه جريمة من الجرائم
581
المعاقب عليها في قانون العقوبات فإنه ال يسأل عنها حيث أن قانون العقوبات
رأي الباحث
ومن وجهة نظري أرى أن مذهب حرية االختيار أو حرية اإلرادة هي
األولى بالقبول واألقرب إلى المنطق؛ ألن خير أساس تُبنى عليه المسئولية الجنائية
للفرد هو حرية االختيار فكيف لإلنسان أن يأتي بفعل وهو مجبر عليه ثم نطالب
بتوقيع الجزاء عليه ،وبعيداً عن فلسفة العقوبة التي نادى بها أنصار مذهب الجبرية
والتي قامت على الخطورة اإلجرامية فحرية الفرد ال يصادم الواقع العملي ويتفق مع
المفاهيم االجتماعية السائدة وهي من أقوى األسباب التي تحكم المشرع عندما يضع
قاعدة وكذلك المفسر عندما يقوم بتفسيرها؛ ولكنني اختلف معهم في شيء أال وهو
بالنسبة للكيان االصطناعي وارتكابه ألحدى الجرائم المعاقب ليها في القانون ،فإنه
يمكن محاسبته عما اقترف من جريمة وذلك إذا ما تم منحة الشخصية المعنوية أو
د /علي عبد القادر القهوجي ،د /فتوح عبد اهلل الشاذلي ،شرح قانون العقوبات القسم العام 1
د /محمود نجيب حسني ،قانون العقوبات القسم العام ،مرجع سابق ،صـ 524وما بعدها.
د /أحمد صفوت ،المرجع السابق ،صـ ،157-156د /عوض محمد عوض ،المرجع السابق،
صـ419-418
د /علي عبد القادر القهوجي – د /فتوح عبد اهلل الشاذلي ،مرجع سابق ،صـ.20-18
582
االعتبارية مثل الدولة والشركات واألوقاف وغيرها حتى نستطيع محاسبته ومحاسبه
مالكة.
ومن المعلوم أنه ستكون هناك جرائم مرتكبة من غير وجود أي مساءلة
لإلنسان ،ويهدف القانون الجنائي إلى منع حدوث الضرر ،وهو جزء ال يتج أز من
إيصال الجرم واللوم األخالقي للسلوك الذي تحظره الجرائم ،فالتوجيهات األخالقية
التي يمنحها القانون الجنائي للبشر تتطلب أن ُيعزى الجاني المحتمل أخالقياً وأن
يردعه التهديد من خالل العمل على فرض عقوبات جزائية عند تحميل شخص
المسئولية عن جريمة عندما يتصرف الذكاء االصطناعي بشكل مستقل ،حيث إن
سيطرة اإلنسان المحدودة على الذكاء االصطناعي تبدو إشكالية بالفعل خاصة عند
فحص الفعل المذنب للجريمة ،وسوف تتصادم خصائص الذكاء االصطناعي مع
متطلبات إثبات المسئولية كما أنه من الواضح ونظ اًر لغياب التوجيه بشأن المسئولية
ومبادئه سيكونان القيد األقصى الذي يحد من توسيع نطاق المسئولية البشرية على
االصطناعي .1
1
Faulkner, 1876) 13 Cox C.C. 550, 556, United States V. Greer, 467
F.2d 1064, 1069 7th Cir. 1972), People V. Cooper.
583
هل أسباب اإلباحة وموانع المسئولية لجرائم الذكاء االصطناعي متوفرة من
1
عدمه؟
ثار تساؤل من جانب البعض حول مدى إمكانية توافر أسباب االباحة
ومن أشهر الجرائم الجنائية التي ارتُكبت عن طريق السيارات ذاتية القيادة
كانت في مارس ،2018حيث قامت سيارة ذاتية القيادة تابعة لشركة Uber
ونطرح هنا سؤاالً قد يكون خيالياً للبعض ولكنه مهم بالنسبة للبعض اآلخر
وهو :هل تتوفر أسباب اإلباحة وموانع المسئولية للذكاء االصطناعي ،مثل
الشخص الطبيعي؟
إذا انعكست الصورة التي ذكرناها باألعلى اعتداء سيارة ذاتية القيادة على
اإلنسان وكان االعتداء واقع على األلة التي تستخدم الذكاء االصطناعي مثل
الروبوتات كقيام أحد األفراد اآلدميين باالصطدام بسيارته بإنسان آلي أو قيامه
باالعتداء على هذا األخير بأية أداة من أجل تدميره ،هل يتوافر هنا حق الدفاع
د /مدحت محمد عبد العزيز ،قانون العقوبات القسم العام ،صـ 208وما بعدها. 1
584
أم هي مجرد،الشرعي للروبوت اآللي؟ وهل تقوم المسئولية الجنائية بالنسبة للجاني
2
إال عن طبقاً لقانون العقوبات المصري الحالي ال يجوز الدفاع الشرعي
كلية،)العقوبة- مبادئ القسم العام في قانون العقوبات الجريمة، نجاتي سيد أحمد سند/ د- 1
، كلية الحقوق، دروس في قانون العقوبات القسم العام، عبد التواب معوض الشوربجي/ د-
.246 صـ،2017 ،جامعة الزقازيق
.2003 لسنه
- The fact that robots, especially self-driving cars, have become part of
our daily lives raises novel issues in criminal law. Robots can
malfunction and cause serious harm. But as things stand today, they are
not suitable recipients of criminal punishment, mainly because they
cannot conceive of themselves as morally responsible agents and
because they cannot understand the concept of retributive punishment.
Humans who produce, program, market and employ robots are subject
to criminal liability for intentional crime if they knowingly use a robot to
cause harm to others. A person who allows a self-teaching robot to
interact with humans can foresee that the robot might get out of control
and cause harm. This fact alone may give rise to negligence liability. In
light of the overall social benefits associated with the use of many of
585
مهما كانت قدراته وتطوره ،حيث نص قانون العقوبات المصري رقم 58لسنه
1937في المادة 245على أنه ال عقوبة مطلقاً على من قتل غيره أو أصابه
النفس يبيح للشخص إال في األحوال االستثنائية المبينة بعد استعمال القوة الالزمة
لدفع كل فعل يعتبر جريمة على النفس منصوصاً عليها في هذا القانون ....
39و 40من المجلة الجزائرية التونسية على أنه ال جريمة على من دفع صائالً
عرض حياته أو حياة أحد أقاربه لخطر حتمي 1والمادة 40من قانون العقوبات
الجزائري على أنه يدخل ضمن حاالت الضرورة حالة الدفاع الشرعي الفعل الذي
- Sabine Cless, Emily Silverman, Thomas Weigend: New Criminal Low
Review. Robots, Self-driving Cars, Criminal Responsibility Negligence,
2016, P.127.
المجلة الجزائرية التونسية ،الفصلين 39و 40الصائل هو الجور والقهر والظلم 1
586
1
يرتكب لدفاع عن النفس أو الغير ضد مرتكب السرقات أو النهب بالقوة ؛ وأيضاً
يتفق المشرع االماراتي في المادة 56و 57من قانون العقوبات االماراتي رقم 3
وبناء على ما تقدم إذا قام أحد األفراد بالتوجه إلى كيان ذكاء اصطناعي
ً
لتهشيمه أو تحطيمه فإنه ال يجوز لألخير الدفاع عن نفسه حيث إنه ال دفاع
شرعي إال على األشخاص الطبيعيين كما إنه إذا توجد شخص على نفس الفريضة
األولى لتحطيم أو تهشيم إنسان آلي فتوجه شخص أو كان اإلنسان اآللي ُمبرمج
للدفاع عن نفسه فإنه ال يعد ذلك دفاعاً شرعياً عن النفس أو المال ألنه وفقاً
للقوانين الجنائية ال يجوز الدفاع الشرعي إال عن ِ
األشخاص الطبيعيين سواء للنفس
أو الغير.
ويثار هنا سؤال مهم وهو هل يجوز لشخص برمجة روبوت باستخدام
نرى أنه يمكن ذلك إذا كانت برمجة هذا الروبوت متطورة إلى حد استطاع
الموازنة بين فعل االعتداء على صاحبة وبين سلوكه المتمثل في الدفاع الشرعي
عن صاحبة ،أما إذا لم تصل برمجة الروبوت إلى هذا التطور فال يحق لإلنسان
المادة 56و 57من قانون العقوبات لدولة األمارات العربية المتحدة لسنه .1987 2
587
البشري برمجة روبوت للدفاع عنه عند تعرضه لالعتداء دون مراعاة لحد التناسب
صحاب هذا الروبوت باعتبار أن الروبوت أداة جريمة مثل باقي األدوات التي
يمكن استخدامها في ارتكاب الجريمة ،ولم يتوافر حد التناسب بين فعل االعتداء
د /نجاتي سيد أحمد ،مبادئ القسم العام في قانون العقوبات ،مرجع سابق ،صـ 565وما 1
بعدها.
588
المطلب الثاني
أساس المسئولية الجنائية عن الجرائم التي ترتكب بواسطة الذكاء
االصطناعي
في الشريعة اإلسالمية
اختلفت اآلراء في هذه القضية ونتج عنها خالف كبير وجدال واسع ،بسبب
اختالف المفاهيم وتوجيه األدلة وفهمها ،ولقد اهتم علماء اإلسالم بهذه القضية
خاصة في العصر العباسي وتلك القضية التي لم تكن مثارة وال معروفة في زمن
الصحابة الكرام األطهار رضي اهلل عنهم أجمعين؛ نظ اًر ألنهم آمنوا بكل ما ورد في
القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة على صاحبها ،وقد تنوعت اآلراء إلى خمسة
مذاهب.
فالماتريدية وجمهور الحنفية منهم موافقون ألهل السنة في أن اهلل سبحانه وتعالى
خالق أفعال العباد ،ولكن تعلق العباد بأفعالهم لهم فيه رأي خاص اشتهروا به وهو
أنهم يثبتون للعباد إرادة جزئية وهي غير مخلوقة وأمرها بأيديهم فهم جعلوا كسب
العباد عبارة عن إرادتهم الجزئية وربما عبروا عنها بالقصد وصرف اإل اردة الكلية
نحو الفعل ،قالوا إن هذه اإلرادة الجزئية صادرة من العباد وهي ال موجودة وال
589
معدومة واما من قبيل الحال متوسط بينهما أو من األمور االعتبارية فال يتضمن
صدورها منهم معنى الخلق إذ الخلق يتعلق بالموجود ،فالعبد عند الماتريدية له قدرة
يخلقها اهلل تعالى فيه عند قصده الفعل طاعة كان أو معصية ،وان لم تؤثر قدرته
في وجود الفعل لمانع هو تعلق قدره اهلل التي ال يقاومها شيء في إيجاد ذلك .1
وعلى ذلك فإنهم يرون أن اهلل جل سبحانه وتعالى خالق أفعال العباد وال
خالق إال هو ،واستدالوا على ذلك من القرآن الكريمَ { :واد َكثِيرۡ ِّمنۡ أَهۡ ِل
وكذلك يقال في األنجاس واألقذار والحيات والعقارب ونحوها إنه ال يجوز أن
تضاف إلى اهلل تعالى فيقال يا خالق األنجاس والحيات والعقارب وان كان ذلك كله
أبو الحسن يحيى بن أبي الخير بن سالم العمراني اليمني الشافعي ،االنتصار في الرد على 1
المعتزلة القدرية األشرار ،ط :أضواء السلف ،الطبعة األولى ،1999 ،صـ214؛ وتقى الدين
محمد بن تيمية ،مناهج السنه النبوية في نقض كالم الشيعة القدرية ،ط :جامعة اإلمام محمد بن
سعود اإلسالمية ،الطبعة األولى ،1986 ،صـ 87وما بعدها.
590
وخالصة القول عند الماتردية أن أساس المسئولية الجنائية عندهم حال
أهل الجبر هم أتباع جهم بن صفوان الذين يقولون بأن اإلنسان مجبور
على أفعالة وليس له إرادة وال قدرة ،وهذا مذهب الجهمية ومن وافقهم وأن ما يحدث
في العالم من المعاصي والفضائح والخبائث والقبائح فاهلل خالقه ومبتدعه تعالى اهلل
وقالوا بأن العبد مثل الريشة في مهب الريح وأن أفعالة كلها اضط اررية
وليس فيها شيء اختياري وأن العبد إذا فعل ما فعل إنما يفعله عن جبر وليس عن
اختيار ،وصار لهذا الرأي قبول عند المتأخرين من غالة الصوفية ونحوهم ممن
يعتقدون أن العبد مجبور على فعل نفسه وأنه ليس له اختيار فيما يفعله ولهذا
يعتقدون أن األفعال التي يفعلها العبد أفعال صالحة ألن اهلل يحبها – هكذا يظنون
– فلما جاءت معها عقيدة وحدة الوجود وهي عقيدة فاسدة وكلها دخيلة على
اإلسالم والتي يعتقدون فيها بأن اهلل جل وعال يحل ويتحد بالمخلوقات – تعالى اهلل
أبو الحسن يحيى بن أبي الخير بن سالم العمراني اليمني الشافعي ،االنتصار في الرد على 1
المعتزلة القدرية األشرار ،ط :أضواء السلف ،الطبعة األولى ،1999 ،صـ.209
591
عما يقولون علواً كبي اًر – أصبح فعل العبد هو نفسه فعل اهلل عندهم ويقولون بأن
العبد مجبر ليس له دخل في األفعال فهي محض خلق اهلل عز وجل فصالته التي
وبناء على ذلك فأن أساس المسئولية عند مذهب الجبرية تقوم على الجبر
ً
وااللتزام ،أي أن الشخص غير مسئول عن أفعالة وأقواله ،وما ينطبق على
األشخاص ينطبق على الجمادات واآلالت وانه في حاله اقتراف أي جريمة فإنه ال
يسأل عنها حيث أن ارتكاب الجريمة من عند اهلل وهو مجبر على ارتكابها سواء
من قام بارتكاب الجريمة بنفسه أو بمساعدة أخرين أو قام بارتكابها باستخدام أي
آلة من اآلالت التي تستخدم في القتل كالحربة أو السيف أو السهم وغيرها؛ واستدلوا
السلف الصالح والتابعين هم هؤالء الذين يثبتون القدر ،وأن اهلل خالق كل
شيء ويقولون أيضاً أن اإلنسان له إرادة ومشيئة ولكناه خاضعة لمشيئة الرب جل
وعال ،كما أن لإلنسان قدرة يفعل لها فعله لكنه هو وأفعاله مخلوق هلل تعالى.
592
ون إِ االٰٓ أَن َي َشآٰ َء ٱللاهُۡ إِ ان
واستدلوا على ذلك من كتاب اهلل بقوله تعالى { َو َما تَ َشآٰ ُء َ
يما َح ِكيمۡا} 1؛ فأثبت اهلل جل وعال له مشيئة وللعبد مشيئة وجعل ِ
ان َعل ً
ا
ٱللهَ َك َ
ِ ِ ِ
مشيئة العبد تحت مشيئته ،قال تعالى {ل َمن َشآٰ َء من ُكمۡ أَن َيسۡتَق َ
يم} 2؛ ومعنى
وبناء على ذلك يرى مذهب السلف الصالح إنه حال اقدام شخص على
ً
ارتكاب جريمة معاقب عليها في الشريعة اإلسالمية فإنه يتعين مساءلته لما له من
حرية االختيار حيث أن االختيار يقتضي المسئولية عن أفعال ومن ثم العقاب .4
وهؤالء يقولون إن اهلل سبحانه وتعالى خالق أفعال العباد وبهذا األصل
خالفوا المعتزلة القائلين بأن اهلل ال يخلق أفعال العباد بل هم الخالقون لها ،وبتميز
هذا الجانب عند األشاعرة والماتريدية صار مذهبهم مشهو اًر بأنه مذهب أهل السنة
د /محمد سليم ،الحريات العامة في اإلسالم مع المقارنة بالمبادئ الدستورية الغربية 4
593
ولكن عند عرض مذهبهم في الجانب الثاني من قضية خلق أفعال العباد وهو
جانب تعلق أفعال العباد بهم ،وهل هم الفاعلون لها؟ أم هي كسب لهم ،ومدى تعلق
وعلى ذلك فهم يروا أن أساس المسئولية الجنائية تقوم على أساس قدره اهلل
وتأثيره في العياد وعلى ذلك يكون العبد تحت امر اهلل عز وجل وتحت قدرته ،بيد
أن أي فعل يقوم العبد أو غيره فإنه يخضع للعقاب؛ فللعبد مشيئة ولكنها داخلة
تحت مشيئة اهلل وأن العبد ال يستطيع المشيئة إال بمشيئة اهلل ،وعلم اهلل سبحانه بما
سيقع ،ووقوعه حسب هذا العلم ال تأثير له في إرادة العبد فإن العلم صفة انكشاف
ال صفة تأثير؛ فمثالً علم اإلنسان بأن ابنه ذكي مقبل على دروسه ومستوعب لها
فأفعال العباد كلها مخلوقة هلل تعالى ،وهي كسب للعباد وعلى ذلك يترتب
الثواب والعقاب وال تأثير لقدرة العبد في الفعل؛ وهذا قول جمهور األشاعرة وهو
ال قول الذي سنع بسببه المعتزلة على األشاعرة ألنهم لما لم يثبتوا للعبد قدرة مؤثرة لم
عبد الرحمن بن صالح بن صالح المحمود ،المرجع السابق ،صـ 1434وما بعدها. 1
594
خامساً – مذهب المعتزلة:
يرى أصحاب مذهب المعتزلة بأن اإلنسان حر في إرادته وأنه مستقل في
أفعالة عن خالقه وان اإلنسان له إرادة مستقلة عن إرادة اهلل ،يتصرف فيها كما يشاء
وهو الذي يخلق أفعالة بنفسه ،ويمثل هذا المذهب المعتزلة القدرية ومن وافقهم .1
وبناء على آراء ذلك المذهب فأن أساس المسئولية الجنائية هي حرية
ً
اإلرادة واالختيار وأن اهلل عز وجل ال يتدخل في هذه اإلرادة أو االختيار للعبد فإذا
كان العبد صالح من نفسه أو العكس وعلى ذلك فإذا ارتكب أحد األشخاص أي
جريمة فإنه يكون مسئوالً مسئولية كاملة عن هذا الفعل وهذا العمل.
وخالصة القول وبعد عرض جميع آراء المذاهب المختلفة حول أساس
المسئولية الجنائية نجد أن الشخص الطبيعي هو الذي تتوافر فيه الحرية واإلدراك
والشريعة اإلسالمية تشترط أن يكون الفاعل مدركاً مختا اًر واإلنسان فقط هو محل
المسئولية الجنائية ألنه هو المدرك المختار أما الحيوان أو الجماد فال يمكن أن
يكون الميت محالً للمسئولية الجنائية حيث ينعدم بالموت إدراكه واختياره وألن
595
ينطبق على الحيوانات والجماد واآلالت وبالتالي فال يوجد أي حساب لديهم النعدام
596
المبحث الرابع
التكييف القانوني للجرائم التي ترتكب بواسطة كيان الذكاء االصطناعي
في القوانين الجنائية والشريعة اإلسالمية
تمهيد وتقسيم
ثار خالف فقهي حول التكييف القانوني إذا ما قام شخص بتحريض
شخص أخر غير أهل للمسئولية الجنائية أو برمجة آلة الستخدامها في القتل وما
هو موقف الفقه اإلسالمي في ذلك ،لذا سنتناول في هذا المبحث التكييف القانوني
عن الجرائم التي ترتكب بواسطة كيان الذكاء االصطناعي في القانون الجنائي
597
المطلب األول
التكييف القانوني للجرائم التي ترتكب بواسطة كيان الذكاء االصطناعي
في القانون الجنائي
يمكن استخدام شخص غير مسئول جنائياً أو آلة لمساءلة شخص جنائياً
سواء كان المبرمج أو المستخدم النهائي الذي يستخدم الذكاء االصطناعي كعامل
أو أداة الرتكاب جريمة ،1على حد تعبير القانون الجنائي ،يمكن القول إن هؤالء
لآلخرين الرتكاب الجريمة ،وهنا يجعله القانون مسئوالً ليس فقط عن تقديم المشورة
القانون المصري في فكرة الفاعل المعنوي الفاعل بالواسطة ويقصد بالفاعل المعنوي
أو الفاعل بالواسطة إنه ذلك الشخص الذي يستخدم شخصاً آخر غير أهل
للمسئولية الجنائية أو حسن النية في تنفيذ جريمة ما سعى إلى وقوعها ،كمن يسخر
د /سعيد عبد اللطيف حسن ،جرائم غسيل األموال بين التفسير العلمي والتنظيم القانوني تفسير 1
ظاهرة غسيل األموال – الرقابة والتجريم – استراتيچية المكافحة) ،ط :دار النهضة العربية،
الطبعة األولى ،1997 ،صـ21؛ د /أمير فرج يوسف ،اإلثبات الجنائي للجريمة اإللكترونية
واالختصاص القضائي بها دراسة مقارنة للتشريعات العربية واألجنبية ،ط :دار الوفاء القانونية،
الطبعة األولى ،2016 ،صـ.11
598
طفالً غير مميز أو مجنون في االعتداء على شخص آخر أو سرقته أو سبه وقذفه
أو أن يلقي النار على ممتلكاته فيحرقها ،أو من يعطي شخصاً حسن النية مادة
سامة ليقدمها لشخص أخر على أنها دواء فيتناولها المجني عليه فتودي بحياته،
ففي األمثلة السابقة نجد أن الشخص الذي اقترف الركن المادي المكون للجريمة
كان شخصاً غير أهل للمسئولية أو كان شخص حسن النية ،فهل يعد الشخص
الذي دفعهم إلى ارتكاب هذه الجرائم أو سخرهم في ارتكابها فاعالً معنوياً أو إنه
ضغط الضرورات العملية لتفادي النقص الذي شاب القانون األلماني في موضعين؛
األول هو الفكرة الضيقة للفاعل األصلي في القانون األلماني والتي كانت تقتصر
على من باشر بنفسه تنفيذ الجريمة؛ أما الموضع اآلخر فهو مبدأ التبعية المطلقة
للشريك والذي يأخذ به القانون األلماني ووفقاً لهذا المبدأ يرتبط حظ الشريط بحظ
الفاعل فال يعاقب الشريك إال إذا كان الفاعل األصلي مسئوالً عن الجريمة .فمثالً
إذا ارتكب الجريمة فاعل غير مسئول جنائياً لعدم أهليته الجنائية كالمضطرب عقلياً
أو لعدم توافر القصد الجنائي لديه كان الشريك غير مسئول جنائياً ال بوصفه فاعالً
599
ألنه لم ين فذ الجريمة وال بوصفه شريك ألن مسئوليته تتوقف على مسئولية الفاعل
ولعالج النتائج غير المنطقية التي يؤدي إليها هذا الوضع كان البد من
االلتجاء إلى أحد حلين أحدهما هو التوسع في فكرة الفاعل األصلي واعتبار كل
من سخر شخصاً غير مسئول جنائياً فاعالً أصلياً للجريمة وبهذا الحل أخذ الفقه
العدول عن مبدأ التبعية المطلقة للشريك إلى مبدأ التبعية المقيدة الذي ال
يشترط سوى أن يكون الفعل في ذاته غير مشروع بغض النظر عن مدى مسئولية
الفاعل عنه ،وهو ما يؤدي إلى مساءلة الشريك ولو كان الفاعل المنفذ للجريمة غير
مسئول جنائياً؛ وبهذا الحل أخذ الفقه والقضاء الفرنسي وعدد بسيط من الفقهاء في
ألمانيا.
1
Paul Piotei, La Théorie de I’auteur médiat et le probléme I’ instrument
humin internationelle, Berne, 1954, P.12.
وأنظر أيضاً د /أمير فرج يوسف ،اإلثبات الجنائي للجريمة اإللكترونية واالختصاص القضائي
بها دراسة مقارنة للتشريعات العربية واألجنبية مرجع سابق ،صـ 12وما بعدها
600
المقصود الفاعل بالواسطة:
الجريمة ،وتفترض الجريمة في هذا الحالة وجود فاعلين أثنين ،أحدهما فاعل مادي
ينفذ الجريمة دون أن تتوافر لديه المسئولية الجنائية ،واآلخر فاعل معنوي سخر
األول نحو هذا التنفيذ واستعمله أداة لتحقيق غرضه .ويتحقق هذا التسخير إما
وقد عرض الفقه األلماني لعدة صور للفاعل المعنوي ،وتتضمن هذه
انتفاء األهلية الجنائية لدى المنفذ :كالمجنون والصغير الذي لم يبلغ من )1
التمييز ما يجعله فاعالً معنوياً؛ على سبيل المثال من يعطي مجنوناً قنبلة إللقائها
601
على المجني عليه ،ومن يطلب من صغير لم يبلغ سن السابعة أن يسرق له مال
الغير.
انتفاء القصد الجنائي لدى المنفذ :قد ال تتوافر المسئولية الجنائية للمنفذ )2
للجريمة العمدية بسبب انتفاء القصد الجنائي لديه ،ثم يثبت أن هذا القصد كان
متواف اًر لدى من حرضه على الفعل الذي وقعت به الجريمة أو ساعده عليه .1
وتأخذ بعض التشريعات بنظرية التبعية المطلقة بين الفاعل المادي والفاعل
المعنوي .2
د /عبد الوهاب البطراوي ،شرح قانون الجنائي المقارن الليبي والمصري واألردني والعراقي) 1
القسم الخاص ،ط :دار الفكر العربي ،الطبعة األولى ،1997 ،صـ.346
أنظر في ذلك الفصل 32من المجلة الجزائرية التونسية؛ كما أكدت محكمة القانون في ق اررات 2
عديده منها القرار التعقيبي الجزائري عدد 1565المؤرخ في 7مايو 1986إن مجرد التحريض
ال تتكون منه المشاركة السابقة ...
وراجع الفصل 45من قانون العقوبات الجزائري الصادر بموجب األمر رقم .156-66
والمادة 111من قانون العقوبات اإليطالي ،والفصل 131من قانون العقوبات المغربي والتي
تنص على إنه "من حمل شخصاً غير ُمعاقب ،بسبب ظروفه أو صفته الشخصية على ارتكاب
جريمة فإنه ُيعاقب بعقوبة الجريمة التي ارتكبها هذا الشخص ،”...والمادة 75من قانون
العقوبات األردني رقم 16لسنه 1960؛ أنظر في ذلك د /عبد الواحد العلمي ،شرح القانون
الجنائي المغربي .د /محمد يوسف عبد ربه ،الفاعل المعنوي للجريمة ،جامعة القدس ،الجامعة
ط ،2015:صـ 27وما بعدها.
602
مثال ذلك مدير المسرح الذي يسلم الممثل مسدساً به رصاص حقيقي
الستعماله في أثناء التمثيل موهماً إياه بأن به طلقات صوت ،مما يؤدي إلى قتل
بطلة المسرحية به .وكذلك من يسلم شخصاً زجاجة بها سم لكي يقدمها إلى المجني
عليه موهما إياه بأنها تحتوي على دواء .في هذين المثالين كان الفاعل المادي
ومن قبيل ذلك أيضاً أن يصدر الرئيس أم اًر إلى مرؤوسه ألداء عمل يعد
جريمة موهماً إياه بمشروعيته فينفذه المرؤوس حسن النية معتقداً بمشروعية بناء
على أسباب معقولة .في هذا المثال توافر غلط اإلباحة لدى المرؤوس أدى إلى
انتفاء المسئولية الجنائية عليه ولكن الرئيس يعد فاعل معنوي لهذه الجريمة ألنه هو
الذي احتفظ وحده بالركن المعنوي للجريمة؛ وكذلك قيام ُمبرمج باستخدام اآللة
فيما يتعلق بالعمل يجب أن ينصب علم الجاني على جميع العناصر
إذا أخذنا بمنطق الرأي الذي يرى أن للجريمة ركناً شرعياً يفيد عدم مشروعية الفعل؛
فإنه يجب علينا القول بضرورة علم المجرم بهذا الركن حتى يتوافر القصد الجنائي
لديه ،وهذا يعني ضرورة انصراف علم الجاني إلى أن السلوك الذي يرتكبه غير
مشروع جنائياً أي إنه يعتبر جريمة في قانون العقوبات؛ ولكن من المسلم به
افتراض العلم بقانون العقوبات استناداً إلى مبدأ عدم جواز االعتذار بجهل القانون
603
1؛ وبعبارة أخرى فإن الجهل أو الغلط المتعلق بقانون العقوبات ال يؤثر على قيام
القصد وال يؤثر بالتالي على قيام الجريمة .وواضح مدى التعارض الذي يقع فيه
أنصار هذا الرأي فهم يسلمون مع الفقه بأن الجهل أو الغلط في قانون العقوبات ال
يحتج به ،ولكنهم من جهة ثانية يتطلبون انصراف علم الجاني إلى جميع أركان
تعتبر اإلرادة العنصر الثاني للقصد الجنائي وهي عبارة عن قوة نفسية أو
نشاط نفسي يوجه كل أعضاء الجسم أو بعضها نحو تحقيق غرض غير مشروع
أي نحو المساس بحق أو مصلحة يحميها القانون الجنائي .وبعبارة أخرى فإن
اإلرادة هي المحرك نحو اتخاذ السلوك اإلجرامي سلبياً كان هذا السلوك أو إيجابياً
بالنسبة للجرائم ذات السلوك المجرد أو المحض ،وهي المحرك نحو تحقيق النتيجة
باإلضافة إلى السلوك اإلجرامي بالنسبة للجرائم ذات النتيجة؛ فاإلرادة كأحد
د /علي عبد القادر القهوجي ،د /فتوح عبد اهلل الشاذلي ،قانون العقوبات القسم العام ،صـ361 1
وما بعدها.
د /أحمد فتحي سرور ،الوسيط في قانون العقوبات ،مرجع سابق ،صـ 768وما بعدها.
د /حسن عز الدين الدياب ،الفاعل المعنوي ،مجلة الدراسات القانونية والسياسية الج ازئرية،
صـ 21وما بعدها؛ وراجع قانون العقوبات الجزائري الصادر بموجب األمر رقم 156-66بتاريخ
8يونيو 1966؛ وقانون العقوبات السوري رقم 148لسنه 1949الصادر بالمرسوم التشريعي
رقم 148المؤرخ 22يونيو 1949؛ وقانون العقوبات األردني رقم 16لسنه 1960؛ وأنظر
د /محمد يوسف عبد ربه ،الفاعل المعنوي للجريمة ،مرجع سابق ،صـ 18وما بعدها. أيضاً
604
عنصري القصد الجنائي يجب إذن أن تنصرف إلى كل من السلوك اإلجرامي
1
بالنسبة للجرائم ذات النتيجة أو إلى السلوك اإلجرامي فقط والنتيجة اإلجرامية
فيلزم أن تتجه إرادة الجاني في جريمة السرقة إلى فعل األخذ أو االختالس
أي تتجه إرادته إلى أنهاء حيازة الغير وانشاء حيازة جديدة له على المال المسروق،
ويلزم أن تتجه إرادة الجاني في جريمة القتل إلى السلوك اإلجرامي الذي يتحقق به
إزهاق روح المجني عليه حتى يمكن القول بتوافر القصد الجنائي.
قامت نظرية الفاعل بالواسطة أساساً لتبرير اعتبار الشريك الذي دفع
شخصاً غير مسئول جنائياً إلى ارتكاب الجريمة ،فاعالً أصلياً فيها ومن أهم الحجج
أ /نسرين عبد الحميد ،المحرض الصوري ،مطبعة دار الجامعة الجديد ،2018 ،صـ.35-34 1
2
Piotet, L’auteur, Médiat, op. Cit., P.26 ets, 47 S.
-د /أحمد فتحي سرور ،الوسيط في قانون العقوبات ،مرجع سابق ،صـ 738وما بعدها.
605
معالجة التضييق من فكرة الفاعل األصلي والتي ترى أنه هو الذي يرتكب أ-
معالجة العيب الذي شاب نظرية التبعية المطلقة للشريك ،والتي كانت ب-
تشترط لمساءلة الشريك عن فعل الفاعل أن يكون هذا األخير مسئوالً جنائياً.
وقد كان القانون األلماني يأخذ بهذه النظرية مما دفع الفقه األلماني للمناداة بنظرية
الفاعل بالواسطة ،ثم عدل المشرع عن نظرية التبعية المطلقة في مايو للعام
1942م وأخذ بنظرية التبعية النسبية ،ومقتضاها أن ُيسأل الشريك عن الجريمة ولو
ثانياً :أن القانون ينظر بعين المساواة بوجه عام إلى الوسائل التي تقع بها
الجريمة؛ فهي جميعاً سواء في نظره ،وقد يكون من هذه الوسائل استخدام إنسان
غير مسئول جنائياً لحمله على تنفيذ الجريمة ،ويعد اإلنسان في هذه الحالة مجرد
1942وتبعته تشريعات أوروبية أخرى منها قانون العقوبات البلچيكي في فصله 66؛ وقانون
العقوبات السويسري في فصله 24؛ وقانون العقوبات الدنماركي في فصله ،23أنظر في ذلك د/
محمد يوسف عبد ربه ،الفاعل المعنوي للجريمة ،جامعة القدس ،2015 ،صـ 13وما بعدها.
-د /عبد الحميد أحمد شهاب ،نظرية الفاعل المعنوي ،دراسة مقارنة ،1015 ،صـ.37
606
ثالثاً :ال يجوز اعتبار الفاعل بالواسطة محرضاً على الجريمة ،ألنه إذا
كان الفاعل المادي غير مسئول جنائياً ،فإن هذا التحريض لن يفلح في خلق
التصميم اإلجرامي لديه وبث الفكرة اإلجرامية بين وجدانه ألنه ال يمكن أن يدرك ما
يطلب منه.
الركن المادي للجريمة وال يباشرها ،وانما يقف فعاه عند حد التحريض ،هذا
التحريض الذي يعتبر هو أحد وسائل االشتراك في الجريمة فالفاعل المعنوي يدخل
في نطاق المادة 20عقوبات التي جعلت التحريض على الجريمة هو أحد وسائل
االشتراك فيها.1
وقد ذهب بعض الفقهاء من أنصار االخذ بنظرية الفاعل المعنوي في
التشريع المصري الي القول ،بان الفاعل المعنوي يقتصر على الحالة التي يكون
فيها من قام بارتكاب الركن المادي للجريمة المنفذ غير اهل للمسؤولية الجنائية
كالصغير غير المميز والمجنون ،في حين انتفائها في حالة ما إذا كان مرتكب
د /علي عبد القادر القهوجي ،د /فتوح عبد اهلل الشاذلي ،قانون العقوبات القسم العام، 1
607
الجريمة اهل للمسؤولية ،ولكن امتنع عقابه النتقاء القصد الجنائي لديه مثله مثل
الشخص حسن النية ،حيث يعد الشخص الذي حرض حسن النية على ارتكاب
وبناء على ما سبق :من يقوم ببرمجة آلة الرتكاب جرائم مثل السرقة والقتل
ً
وغيرها فانه يكون مسئوال عنها بوصفه فاعل أصلي في الجريمة ،لكن قد يتفق أ مع
ب ليبرمج له االخير آلة الرتكاب الجرائم ويقوم أ بتوجيهها كما يشاء فما هي
اولهما :مذهب وحده الجريمة :اي بالرغم من تعدد المساهمين في الجريمة اال انه ال
توجد سوى جريمة واحدة ،بحيث يسال كل المساهمين في الجريمة كما لو كان هو
-د /عبد الحميد أحمد شهاب ،نظرية الفاعل المعنوي ،مرجع سابق ،صـ 38وما بعدها. 1
-د /حسن عز الدين الدياب ،الفاعل المعنوي ،مرجع سابق ،صـ 22وما بعدها.
-د /محمد يوسف عبد ربه ،الفاعل المعنوي للجريمة ،مرجع سابق ،صـ.14
608
ثانيهما :مذهب تعدد الجرائم بتعدد المساهمين :اي ان الفعل المرتكب ال يكون
جريمة واحدة وانما يكون مجموعة من الجرائم بتعدد المساهمين ،ويسأل كل منهم
عن جريمة مستقلة عن االخر ،وذلك تبعاً للركن المادي والقصد الجنائي المتوافر
ويعاب على هذا الراي وجود أكثر من جريمة وبالتالي يعاقب كل شخص
على حسب مساهمته في الجريمة كشريك في الجريمة او فاعال اهليا لها وذلك تبعا
وهنا يثور تساؤالً هاماً وملحاً وهو كيف يمكن التمييز بين الفاعل االصلي
والشريك؟
د /حسن عبد الحكم – المسئولية الجنائية عن الجرائم التي ترتكب بواسطة الجسمال – مرجع 1
-د /علي عبد القادر القهوجي ،د /فتوح عبد اهلل الشاذلي ،قانون العقوبات القسم العام ،مرجع 2
-د /عبد الحميد أحمد شهاب ،نظرية الفاعل المعنوي ،مرجع سابق ،صـ 38وما بعدها.
-د /حسن عز الدين الدياب ،الفاعل المعنوي ،مرجع سابق ،صـ 22وما بعدها.
-د /محمد يوسف عبد ربه ،الفاعل المعنوي للجريمة ،مرجع سابق ،صـ.14
609
األولى النظرية الموضوعية :تميز بين المساهم االصلي والشريك بناء على
الركن المادي للجريمة ومدى خطورته على المصلحة التي يحميها القانون ،فالعمل
االكثر خطورة على المصلحة التي يحميها القانون يكون مقترفه فاعالً أصلياً والعمل
االقل خطورة يكون مقترفه شريكا ،واختلفوا في شان تحديد معيار التفرقة بين
وذهب البعض االخر :ان التمييز بين الفاعل االصلي والشريك يرجع إلى
عالقة السببية فكل من يقترف فعال يعد سببا للنتيجة يعد فاعالً أصلياً ،ومن يرتكب
التمييز بين الفاعل االصلي على اساس الحالة النفسية للمساهم ،فالمساهم االصلي
من يكون لديه نية الفاعل بينما الشريك تتوافر في حقه نية الشريك ،وانقسموا ببيان
الرتكاب الجريمة من اجل مصلحته الخاصة بينما الشريك يسعى لتحقيق مصلحة
غيره.
الفريق الثاني :يقول بفكره االرادة فالفاعل االصلي اتجهت ارادته الكتساب
610
وبناء على هذه النظرية :إذا كان ب اتجهت ارادته الى كونه شريك او اراد
ً
مصلحة أ فيكون شريكا ،بينما أ يكون فاعال أصلياً.
المقبولة واالكثر واقعية ومنطقية هي النظرية الشخصية اما الموضوعية فتفتقر الى
برمجته للقيام بمهام معينه ثم يعاد برمجته عن طريق الحساسات للقيام بمهام
اخرى ،فاذا برمجها شخص للقيام بمهام مباحة كالعمل في المصانع والشركات
وغيرها ،ثم اعاد مالكها برمجتها الرتكاب جرائم معينة فالمسؤولية هنا تقع على
عاتق مالكها وتنتفي المسؤولية على من برمجها ألغراض مباحة ،ولذا تقول محكمة
النقض" :ان االشتراك بالمساعدة ال يتحقق اال إذا ثبت ان الشريك قصد االشتراك
611
الجرائم الخاصة :عرف الفقه االلماني والسويسري الجرائم الخاصة بانها تلك التي
جرائم خاصة من الناحية الموضوعية :وهي التي تشترط في فاعلها صفة .1
خاصة أي ال تقع الجريمة بدونها .ويقال عندئذ بان مواد قانون العقوبات التي
تعاقب على هذه الجرائم ال تخاطب اال اصحاب هذه الصفة ،وهم وحدهم الذين
يمكن اعتبارهم مخالفين لهذا القانون .مثال ذلك ،جريمة الرشوة التي ال تقع إال من
.2جرائم خاصة من الناحية الشخصية :وهي التي تشترط في فاعلها قصدا جنائيا
خاصا ،أي ال تقع الجريمة بدونه .مثال ذلك جريمة التزوير ،اذ يتطلب فيها قصدا
خاصا ،هي نية استعمال المحرر المزور فيما زور من اجله وجريمة البالغ
الكاذب ،اذ يتطلب القانون فيها قصدا خاصا االضرار بالمبلغ ضده.
مزدوجاً:
أ كعنصر في نموذج الجريمة :تعد الصفة شرطاً مفترضاً في بعض الجرائم مثل
صفة الموظف في جريمة الرشوة وصفة الزوج في جريمة قتل الزوجة وعشيقها عند
تلبسهما بالزنا .كما يعد القصد الخاص عنص ار في الركن المعنوي في بعض الجرائم
612
ب كظرف في الجريمة :وقد يكون الظرف مشددا مثل صفة الخادم في السرقة ،او
القصد في بعض جنايات االعتداء على امن الدولة من جهة الخارج .1
رأي الباحث
اذا كان المشرع تطلب في بعض الجرائم صفات خاصة يتعين توافرها في
الجاني وال تقع الجريمة بدونها كاشتراط صفة الموظف العام في جريمة الرشوة ،او
صفة الخادم في جريمة السرقة حتى يعد الظرف مشددا في جريمة السرقة كذلك
فانه يتعين على المشرع المصري وفقا للتطور التكنولوجي السريع ووجود حاليا
الروبوت واالنسان االلي واستخدامه في جميع مناحي الحياة فانه البد من قيام
المشرع المصري واالجنبي بإصدار تشريع فوري وعاجل بإصدار تشريع عقابي على
مستخدم او مبرمج او على المالك وذلك في حالة استخدامه الذكاء االصطناعي في
اعمال قتل وسرقة او ضرب او اتالف ممتلكات وغيرها وتشديد العقاب على
وكذلك كما هو متبع في بعض الدول العربية كدولة االمارات العربية المتحدة
وتعتبر دوله االمارات العربية المتحدة من اول الدول العربية والعالمية التي تعطي
-د /أحمد فتحي سرور ،الوسيط في قانون العقوبات القسم العام ،مرجع سابق ،صـ 768وما 1
بعدها.
613
اهتماما خاصا بالذكاء االصطناعي حيث استحدثت و ازرة جديدة باسم الذكاء
في جميع المجاالت بالدولة حيث يتم استخدام كيانات الذكاء االصطناعي في
جميع مناحي الحياة من زراعة وصناعة وتجارة ودور مسرح وسينما .1
السعودية بإعطائها الجنسية السعودية ومنحها جواز سفر ايضا ،حيث كانت حدثاً
تاريخياً ألنها اول إنسان آلي يحصل على جنسية دولة وايضا جواز سفر .3
موقع البرنامج الوطني للذكاء االصطناعي بدولة اإلمارات العربية المتحدة: 1
https://ai.gov.ar/ar/about-us-ar/
2
https://www.hansonrobotics.com/sophia/
3
https://www.dw.com/en/saudi-arabia-grants-citizenship-to-robot-
sophia/a-41150856 Accessed 28 Mar. 2019.
اق أر أكثر عن الروبوت صوفيا من خالل هذا الموقع؛ تمت زيارته بتاريخ 19إبريل .2019
614
المطلب الثاني
التكييف القانوني للجرائم التي ترتكب بواسطة كيانات الذكاء
االصطناعي في الشريعة االسالمية
اإلسالمية اي قبل بعثة الرسول عليه الصالة والسالم ولكن بمسميات مختلفة فعلى
سبيل المثال يعد القتل باإلكراه احدى صور كيانات الذكاء االصطناعي الموجودة
في وقتنا الحالي فقيام شخص بإكراه شخص اخر على إكراه بتقديم الطعام مسموم
لشخص آخر وقتله او تسبب في تسمية فذلك يعد قتل بالتسبب يأخذ حكم جرائم
الذكاء االصطناعي بالتسبب :كمن حفر بئ ار في طريق عام دون اذن من السلطات
وتغطيتها بحيث يسقط المار فيها ويموت ،وشهادة زور على برئ بالقتل ،فالملكية
يرون وجوب القصاص بالسبب ،اذا قصد المتسبب احداث الضرر ،وهلك المقصود
المعين بالسبب المتخذ ،كما في حالة الحفر ورجوع الشهود عن شهادتهم ،واالك اره،
فال يسأل القاتل باعتباره قاتال عمدا إال إذا قصد شخصاً معيناً بفعله وهلك هذا
المعين ،فإن قصد غير فال يسأل باعتباره قاتالً متعمداً ،وانما ُيسأل عن القتل
615
الركن المادي لجرائم كيانات الذكاء االصطناعي :اي المظهر الخارجي او
الكيان المادي للجريمة كما حدده القانون ،فعندما يغادر الفعل منطقة النوايا إلى
السببية ما بين السلوك والنتيجة ،ونتناول هذه العناصر بشيء من التفصيل على
النحور االتي:
السلوك االجرامي :وهذا العنصر من عناصر الركن المادي للجريمة يعد )1
من اهم العناصر؛ حيث انه يمثل العامل المشترك بين كل الجرائم سواء كانت التي
تتعلق بالجريمة التي يكفي لتحققها السلوك فقط كجريمة حمل السالح بدون ترخيص
لروبوت مبرمج على القتل ،او الجريمة التي تتطلب لقيامها ضرورة تحقق نتيجة.
وقد تقع الجرائم بواسطة كيانات الذكاء االصطناعي على علم النفس ،وهي
محمد صدقي بن أحمد بن محمد آل بورنو أبو الحارث الغزي ،موسوعة القواعد الفقهية ،ط: 1
مؤسسة الرسالة ،بيروت ،الطبعة األولى ،2003 ،صـ239/2/1؛ األستاذ /عبد القادر عودة،
المرجع السابق ،صـ.12/2
616
ه بِِإحۡ َسنۡۡ َذِل َك تَخۡ ِفيفۡ ِّمن ارِّب ُكمۡ
وف وأ ََدآٰء إِلَيۡ ِ
َ ٌ
بِٱلۡمعۡر ِ
َ ُ
اب أَلِيمۡ} .1
َوَرحۡ َمةۡۡ فَ َم ِن ٱعۡتَ َدى َبعۡ َد َذلِ َك َفلَ ۥهُ َع َذ ٌ
النتيجة االجرامية :وهي عبارة عن التغيير الذي يط أر على العالم الخارجي )2
كاثر للسلوك االجرامي ،فالنتيجة حقيقة مادية ملموسة لها كيانها الخارجي وهذا هو
االتجاه المادي في مفهوم النتيجة ،فالنتيجة وفقاً لهذا االتجاه ال تكون عنص ار في
جميع الجرائم ،ولكن لها كيانها الملموس المحسوس كما هو الحال في جرائم القتل
والسرقة فيتطلب المشرع وفقا لهذا االتجاه ازهاق الروح بالنسبة للقتل ،وانتقال الحيازة
بالنسبة للسرقة.
ونجد هذا المفهوم في الفقه االسالمي :ففي جريمة القتل يشترط حتى تكون
الجريمة قائمة ان تزهق روح المجني عليه ،وان يكون القتل نتيجة لفعل الجاني،
وان يكون من شان هذا الفعل احداث الموت ،فان كان القتل نتيجة لفعل ال يمكن
نسبته الى الجاني او لم يكن فعل الجاني ما يحدث الموت فال يمكن اعتبار الجاني
قاتالً .2
د /عبد الوهاب البطراوي ،شرح قانون الجنائي المقارن الليبي والمصري والعراقي واألردني) 2
617
عالقة السببية وهي عبارة عن الرابطة بين السلوك اإلجرامي والنتيجة؛ أي )3
أن ارتكاب هذا السلوك هو الذي أدى إلى حدوث تلك النتيجة ،وعالقة السببية كأحد
عناصر الركن المادي تقتصر على فئة محددة من الجرائم والتي يتطلب القانون
وقوع نتيجة إجرامية معينة أي تغيير في العالم الخارجي كجريمتي القتل والسرقة،
أما الجرائم المتعلقة بالسلوك المجرد فال يدخل في ركنها المادي ضرورة توافر نتيجة
معينة فيكفي وجود السلوك فقط كجريمة حمل السالح بدون ترخيص .1
وفي الفقه اإلسالمي نجد هذا المعنى وهذه الرابطة فإذا أطلق شخص
الرصاص على آخر فقتله فعالقة السببية هنا هو السلوك المتمثل في إطالق
الرصاص والذي أدى إلى نتيجة إزهاق روح المجني عليه ،واذا شق شخص بطن
إنسان ميت أو فصل رأسه من جسده بقصد قتله وهو ال يعلم أنه ميت فإنه ال يعد
قاتالً ألن الموت لم ينشأ عن فعله وألن الفعل كان بعد أن فارق الميت الحياة
وتطبيقاً لذلك إذا تعمد صاحب اليد جناية الحيوان كما لو أرسل حيوانه
العقور إلى أحد ليقتله أو ألقى عليه أفعى أو نحوها مما يفضي إلى القتل غالباً
د /علي القهوجي ،د /فتوح عبد اهلل الشاذلي ،شرح قانون العقوبات القسم العام النظرية العامة 1
للجريمة المسئولية والجزاء الجنائي) ،مطبعة دار المطبوعات الجامعية باإلسكندرية،2008 ،
صـ 266وما بعدها.
د /محمد صدقي بن أحمد ،موسوعة القواعد الفقهية ،مرجع سابق ،صـ 241وما بعدها. 2
618
المقدم إن علم أنه مسموم 1؛ بل
وتقديم مسموم لغير عالم فتناوله ومات فيقتص من ُ
لو حصل القتل بوسيلة معنوية يكون الضمان على المتسبب ،كمن شهر سيفاً في
وجه إنسان فمات رعباً ومن تغفل إنسان وصاح به قاصداً قتله فمات مذعو اًر أو
سقط لفزعه من مرتفع ومات من سقطته ومن ألقى على إنسان حية فمات رعباً
وكذلك من دلى إنساناً من شاهق فمات من روعته قبل أن يضربه بسيف أو يتركه
ليسقط على األرض ،فالقتل في هذه األحوال عمد عند المالكية مادام الجاني قد
تعمد الفعل على وجه العدوان ،ولم يقصد منه اللعب أو المزاح ،فإن قصد اللعب أو
الركن المعنوي لجرائم الذكاء االصطناعي القصد الجنائي :وهو عبارة عن
والعلم عناصر الركن المعنوي ،فإذا وجدت اإلرادة وجد الركن المعنوي واذا انعدمت
بهرام بن عبد اهلل بن عبد العزيز بن عمر بن عوض الدميري الدمياطي المالكي ،الشامل في 1
فقه اإلمام مالك ،ط :مركز نجيبويه للمخطوطات وخدمه التراث ،الطبعة األولى ،2008 ،صـ
880وما بعدها.
أبو عمر يوسف بن عبد اهلل بن محمد بن عبد البر عاصم النمري القرطبي ،الكافي في فقه 2
أهل المدينة ،ط :مكتبة الرياض الحديثة ،الرياض ،الطبعة الثانية ،1980 ،صـ 1124وما بعدها.
619
اإلرادة انعدم الركن المعنوي ،1ويختلف دور اإلرادة بالنسبة لماديات الجريمة أو
األفعال التي يأيتها الشخص فمن وجه إرادته نحو ارتكاب فعل معين وأراد النتيجة
فهذا هو العمد القصد الجنائي وان أراد الفعل دون النتيجة فهو الخطأ غير العمدي،
وقد تتجه اإلرادة نحو ارتكاب فعل معين لتحقيق نتيجة معينة ولكن تتخلف النتيجة
ويترتب على هذا الفعل نتيجة أخرى ،كمن يقصد ضرب شخص ولكن يفضي
الضرب إلى الوفاة ،ويطلق على الركن المعنوي في هذه الحالة القصد المتجاوز أو
الشرعي والمادي الركن المعنوي وهو القصد الجنائي حتى تدخل في نطاق التأثيم
وتخضع للعقاب ،والقصد الجنائي في جرائم الذكاء االصطناعي يكون متواف اًر بتوافر
علم الجاني بأن ما يبرمجه هو إنسان آلي بدافع القتل أو السرقة ،أو أي غرض من
أغراض اإلجرام الممنوعة والمعاقب عليها قانوناً ،فإذا دفع المتهم بأنه ال يعلم بأن
ما يصنعه ويبرمجه بغرض اإلجرام فينتفي القصد الجنائي في هذه الحالة.
د /أحمد إبراهيم مصطفى ،اإلرهاب والجريمة المنظمة ،التجريم وسبل المواجهة ،ط :دار 1
د /محمود العدلي ،الموسوعة الشاملة في شرح قانون العقوبات في ضوء أحكام الفقه وأحكام 2
620
رأي الباحث
اإلسالمية سواء كان القتل بالوسائل المادية أو بالوسائل المعنوية ،حيث إنه طبقاً
االصطناعي حيث أنها وسيلة استخدام ،فكيانات الذكاء االصطناعي أداة في يد
الجاني إذا قام باستخدام ذلك الكيان فأصابه وقتله فإنه ُيسأل عن جريمة قتل عمدية
الشخص المستخدم األلة وليست اآللة؛ أما إذا استخدم اآللة فأصابه خطأ فإنه ُيسأل
621
المبحث الخامس
العقوبات المقررة للجرائم التي ترتكب بواسطة كيانات الذكاء
االصطناعي
تمهيد وتقسيم
وال عقوبة إال بنص قانوني حيث ال نستطيع تجريم سلوك وال نستطيع معاقبة
شخص على فعل ارتكبه إال إذا كان ُمجرماً في القانون ،ولذلك فإن مواكبة كافة
حتى الئحة تصدر من قبل السلطة التنفيذية؛ وبمعنى أخر لم يعد التجريم والعقاب
حك اًر على المشرع إذ من المتصور أن يجرم رئيس الدولة أو السلطة التنفيذية وقائع
د /محمود أحمد طه ،شخصية العقوبة ،طبعة ،1992صـ 227وما بعدها. 1
د /محمود أحمد طه ،شرح قانون العقوبات القسم العام ،الجزء األول الالمشروعية الجنائية، 2
بدون تاريخ نشر ،مطبعة دار النيل للطباعة بالمنصورة ،صـ 105وما بعدها.
622
لم يعد اإلنسان وحده محالً للمساءلة الجنائية ،بل شاركه في تحمل
المسئولية كيان آخر مستقل عنه – وان كان اإلنسان جزءاً منه – الذي عده البعض
افتراضاً فيما عده البعض اآلخر حقيقة واقعية أال وهو كيانات الذكاء االصطناعي؛
لمن تحدثه نفسه باقتراف الجرائم ،وتختلف الجرائم المرتكبة بواسطة كيان الذكاء
االصطناعي حيث نوع الجريمة والشخص مسخر كيان الذكاء االصطناعي؛ لذا
تختلف أنواع العقوبة المقررة لكل جريمة ،وفي هذا المبحث سنتناول العقوبات التي
توقع على مالك تقنيات الذكاء االصطناعي ،وعلى كيان الذكاء االصطناعي نفسه،
وعلى مستخدم تقنيات الذكاء االصطناعي ،وذلك في ثالثة مطالب على النحو
التالي.
623
المطلب األول
المبرمج لكيان الذكاء االصطناعي
المصنع أو ُ
عقوبات توقع على ُ
مما ال شك فيه إن ُمصنع تقنيات الذكاء االصطناعي هو الذي ينتج تلك
التقنيات وبالتالي هو المتحكم الوحيد في وضع أنظمة تشغيلها والتي يجب توافر
ضوابط معينه بها ،فيجب توافر نوع من أنواع التحكم والتي قد نحتاجها من أجل
السالمة واألمان في حالة خروج تلك التقنية عن السيطرة ،حيث أن تقنيات الذكاء
االصطناعي تقوم على التعلم الذاتي وقريباً ستصل لمرحلة التفكير الذاتي واتخاذ
الق اررات ،وكما أن هناك الصالح والمجرم من البشر فمن المتوقع وجود نفس
الصفات في اآلالت ،ولذلك يجب عدم إطالق الحرية الكاملة لتلك التقنيات بدون
ضوابط .1
أن تكون قاد اًر على العيش إلى ما بعد موتك الطبيعي تعتبر من الموضوعات التي
يتم إنجازها عن طريق الذكاء االصطناعي ،فعن طريق إدخال تلك التقنيات إلى
جسد إنسان ميت يستطيعون التحكم في الجسد واستبدال األعضاء وجعل اإلنسان
1
Dr. Adrien Bonnet, La Responsabilité dufait de l’intelligence Master de
Droit privé general divigé paryves lequtte Université: PANTHÉON-
ASSAS, 2015, P.113.
624
يعيش مرة أخرى بعد وفاته ،ولذلك يجب بحث تلك الموضوعات ومعرفة إلى أي
مدى وصل العلم فيها ،لمعرفة مدى توافق ذلك مع ديننا ومع قيمنا المجتمعية ،حتى
ومن الجرائم التي تقع بواسطة كيان الذكاء االصطناعي ويعاقب عليها
ذلك إلى موته ،يعاقب بالسجن المشدد أو السجن من ثالث سنوات إلى سبع سنوات
وذلك طبقاً لنصا المادة 236من قانون العقوبات المصري؛ إما إذا كانت الجريمة
الواقعة بواسطة كيان الذكاء االصطناعي قد أفضت إلى عاهة مستديمة فالعقوبة
تختلف فكل ما أحدث بغيرة جرحاً أو ضرباً نشأ عنه قطع أو انفصال عضو أو فقد
منفعته أو نشأ عنه كف البصر أو فقد إحدى العينين أو نشأ عنه عاهة مستديمة
يستحيل برؤها فقد قررت المادة 240من قانون العقوبات المصري على العقاب
بالسجن من ثالث سنوات إلى خمس سنوات؛ إما إذا كان الضرب أو الجرح صاد اًر
مع سبق إصرار أو ترصد أو تربص فيحكم بالسجن المشدد من ثالث سنوات إلى
عشر سنوات.
1
Maggi Savin-Baden, David Burden, Post digital Science and
Education, Springer International Publishing, 2019, P.88.
625
العقوبات األصلية :هي التي يحكم بها بصفة أساسية وال يكون الحكم بها
معلقاً على الحكم بعقوبة أخرى ،وهي في التشريع العقابي المصري قد تكون سالبة
للحياة كاإلعدام؛ أو سالبة للحرية كالسجن المؤبد والمشدد والسجن والحبس 1؛ أو
العمل بالنسبة لمعتادي اإلجرام طبقاً لما نص عليه المشرع في المادتين 52و53
عقوبات.
على األجهزة التفجيرية يدوية الصنع واأللغام وابطال مفعولها ،2ويمكنها توجيه
األجسام التي لم تنفجر للفحص والتفجير في الوقت المناسب كما تستخدم الطائرات
ألغى المقنن المصري عقوبة األشغال الشاقة المؤبدة والمؤقتة ،واستعاض عنها بالسجن المؤبد 1
إذا كانت العقوب ة مؤبدة ،وبالسجن المشدد إذا كانت العقوبة مؤقتة ،وذلك بموجب القانون رقم 95
لسنه 2003بشأن إلغاء القانون رقم 105لسنه ،1985أنظر في ذلك د /علي عبد القادر
القهوجي ،د /فتوح عبد اهلل الشاذلي ،شرح قانون العقوبات القسم العام ،مرجع سابق ،صـ 387وما
بعدها.
2
Maggi Savin-Baden, David Burden, Post digital Science and
Education, Springer International Publishing, 2019, P.88.
626
بدون طيار في رصد تحركات العدو والعثور على المتفجرات المخبئة وغيرها من
المهام ،فإذا الحق مصري مثل هذه األنواع من كيان الذكاء االصطناعي للقوات
المسلحة المعادية لمصر في حالة الحرب فإنه يحكم عليه باإلعدام ،وكذلك
الجنايات المضرة بأمن الدولة من جهة الداخل كتكوين عصابات مكونة من أجسم
على شكل إنسان آلي أو غيره تهاجم السكان أو تقاوم بالسالح رجال السلطة
المادة 230عقوبات ،والقتل العمد بالسم مادة 233عقوبات ،والقتل العمد المقترن
الحريق العمد الذي ينشأ عنه موت شخص في المكان المحترق ،فكل هذه الصور
السابقة التي ذكرناها إذا اُرتكبت ُيحكم على فاعلها باإلعدام ،ولكن من هو الفاعل
مواقع التواصل االجتماعي هي مواقع موجوده على الشبكة العنكبوتية وتتيح لمستخدميها 1
التعرف على بعضهم البعض وتكوين صداقات وتبادل المعرفة والمنفعة من خاللها ،ومن أشهر
تلك المواقعFacebook, Twitter, Instagram :
627
فالفيس بوك يستخدم مثل باقي المواقع اإللكترونية من أجل تحقيق أهداف معينة
معرفتها من خالل ملفات تعريف االرتباط ،1وال يستطيع الحصول على تلك
الملفات إال بموافقة المستخدم ،كما أن استغاللها مقتصر عليه فقط وال يجوز له
مشاركتها.
وما يؤكد حديثنا السابق بشأن قيام الفيس بوك باستغالل بيانات
المستخدمين ومشاركتها مع شركات أخرى ،مؤخ اًر اكتشف الباحثون أن الفيس بوك
يعمل على جمع سجالت بيانات المكالمات والرسائل النصية الموجودة بهواتف
المستخدمين ،وقامت الشركة بنفي هذا األمر حيث ذكرت أن تسجيل المكالمات
2
ومتاح فقط على هواتف نظام عبارة عن ميزة متاحة لمستخدمي Messenger
باإلنجليزية Cookiesوتعرف أيضاً باسم سجل التتبع أو سجل المتصفح ،وهو قطعة نصيه 1
صغيرة مخزنة على متصفح النظام تحتوي على ما قام به صاحب النظام من بحث وتفضيالت
وتسوق وغيرها الكثير.
تطبيق Messengerهو برنامج داخلي إلجراء مكالمات صوتية ومحادثات كتابية تابع 2
للفيس بوك.
628
ال توجد خدمة بدون مقابل ،فإذا كانت الخدمة مجانية فأعلم أنك أنت
المقابل ،وهذا ما يفعله الفيس بوك حيث لم يقتصر األمر على ملفات تعريف
االرتباط التي يأخذها من متصفح المستخدم ،بل وصل األمر إلى قيامه بفلتره
المكالمات الصوتية والمحادثات الكتابية التي يقوم بها المستخدم للعثور على
محتوى يتوافق مع اهتماماته؛ فكثير من األفراد الحظ أنه بمجرد الحديث مع
اآلخرين عن اسم عالمة تجاريه معينة أو رغبته في تناول نوع معين من الحلويات
تظهر له إعالنات تلك العالمة التجارية التي ذكرها علي الفيس بوك؛ فكل هذا يعد
تجاوزات يقوم بها الفيس بوك تنتهك خصوصية المستخدم وتشكل جرماً جنائياً .1
كله؛ حيث أن العقوبات التي توقع على ُمصنع أو مبرمج تقنيات الذكاء
االصطناعي يمكن أن تندرج جسامتها طبقاً لجسامة الجريمة المرتكبة من قبل تلك
المادة الثانية من القانون 175لسنه 2018في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات. 1
629
المشدد أو السجن أو الحبس أو الغرامة ،تبعاً لدرجة خطورة وجسامة الجريمة
لمصنع الذكاء
بجرائم الذكاء االصطناعي لكي ينص على العقاب بالنسبة ُ
االصطناعي عند انتهاكه لمعايير الجودة؛ وتختلف المسئولية تبعاً لنوع المسئولية
أوالً :في حال تسريب بيانات المستخدمين عن طريق اختراق أمني تعرض
له الموقع تكون المسئولية الواقعة على عاتق مبرمج الفيس بوك وتكون مسئولية
جزئية غير كاملة حيث أن االختراق تم بدون قصده عن طريق استغالل ثغرات
أمنية وبالتالي المسئولية هنا تقع على من قام باالختراق والحصول على تلك
البيانات .1
ال تزال فضيحة الفيس بوك تستحوذ على اهتمام الناس خاصة مع الكشف عن المزيد من 1
األخبار المقلقة لمستخدمي الموقع والتي كان أخرها تصريحات لبعض المؤثرين في مجال صناعة
التكنولوچيا تعليقاً على تسريب بيانات مستخدمي موقع فيس بوك لصالح شركة كامبريدچ أناليتيكا
وهي شركة استشارية عملت في حملة دونالد ترامب االنتخابية لعام 2016حيث طالب كل من
الرئيس التنفيذي لشركة آبل والمديرة التنفيذية ألي بي أم بمزيد من اإلجراءات لحماية البيانات
الشخصية للمستخدمين؛ كوك علق على فضيحة فيس بوك قائالً إن الموقف كارثي ومخيف
للغاية واصفاً الحدث بالجلل كما شدد على ضرورة وضع لوائح وتنظيمات أكثر صرامة لحماية
المستخدمين؛ راجع:
630
ونجد في الفقه اإلسالمي إذا تعمد شخص قتل آخر بوسيلة كالجسمال يعد
القصاص في حالة القتل العمد ،فاإلمام أبو حنيفة يشترط أن تكون أداة القتل ما
يقتل غالباً وآللة المعدة للقتل عنده هي كل آلة جارحة أو طاعنة ذات حد لها مور
في الجسم سواء كانت من الحديد أو النحاس أو الخشب أو غير ذلك كالسيف
واذا تعمد الجاني قطع الطريق بوسيلة كالجسمال وتخويف الناس وسرقة
أموالهم وقتلهم فإنه يكون محارباً ويطبق عليه حد الحرابة لقوله تعالى:
ون ٱللاهَ وَر ُسولَ ۥهُ وَيسۡ َعوۡ َن ِفي ٱلۡأَرۡ ِ ٰٓ اِ
ادا أَن
ض فَ َس ً َ َ {إِان َما َج َزُؤا ٱلذ َ
ين ُي َح ِارُب َ
يقَتالُٰٓوا أَوۡ يصلابٰٓوا أَوۡ تُقَطاع أَيِۡدي ِهمۡ وأَرۡجلُهم ِّمنۡ ِخلَ ٍ
ف أَوۡ ُينفَوۡا ِم َن ُ ُ َ َ ُ َُ ُ
- https://telegraph.co.uk/technologhy/2019/04/03/millions-facebook-
user-reccords-exposed-data-breach Accessed 4 Apr. 2019.
- https://www.nytimes.com/2018/04/04/us/politics/cambride-analytica-
scandal-fallout.html Accessed 4 Apr. 2019.
631
ٱلدنۡ َياۡ َولَهُمۡ ِفي ٱلۡأٰٓ ِخ َرِة َع َذ ٌ
اب ضۡ َذلِ َك لَهُمۡ ِخزۡيۡ ِفي ُّ
ٱلۡأَرۡ ِ
وقد تصل عقوبة التعزيز إلى القتل كأن يحكم على الشخص الخائن الذي
يرسل معلومات وبيانات تتعلق بأمن الدولة إلى دول أخرى عن طريق الجسمال
مثالً.
كذلك عدم استخدام شخص أنظمة حماية كافية لحفظ بيانات مستخدميه،
حيث يقع على عاتق من يحصل على بيانات متعلقة بخصوصية شخص يحافظ
عليها وال يتركها تقع في يد شخص أخر غير مصرح له بالحصول على تلك
د /محمود جمال محمد محمود عبد المقصود ،الجسمال وما يتعلق بها من أحكام فقهيه ،بحث 2
منشور بمجلة كلية الشريعة والقانون بطنطا ،العدد الثاني والثالثون ملحق للجزء األول،2017 ،
صـ.72
632
ثانياً :في حال تسريب بيانات المستخدمين بموافقة الفيس بوك :كأن يقوم
مبرمج الفيس بوك ببيع بيانات المستخدمين لشركات أخرى ،فيكون هنا مسئول
مسئولية كاملة ومرتكباً لجريمة انتهاك الخصوصية والتي نص عليها القانون .1
كذلك إذا قام مبرمج الذكاء االصطناعي على القيادة مما تسبب ذلك في
القتل؛ مثال ذلك إذا تم برمجة كيان الذكاء االصطناعي على القيادة فتسبب في قتل
أحد األشخاص عن طريق مخالفته للوائح والقوانين ،فقد نص المشرع على تجريم
تسبب خطأ في موت شخص أخر بأن كان ذلك ناشئاً عن إهماله أو رعونته أو
عدم احت ارزه أو عدم مراعاته للقوانين والق اررات واللوائح واألنظمة يعاقب بالحبس مدة
ال تقل عنه سته أشهر وبغرامة ال تتجاوز مائتي جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين .2
يمكن االطالع على سياسة االستخدام المتعلقة بالفيس بوك من خالل الرابط 1
https://www.facebook.com/policies
د /علي عبد القادر القهوجي ،د /فتوح عبد اهلل الشاذلي ،شرح قانون العقوبات القسم العام، 2
633
المطلب الثاني
عقوبات توقع على كيانات الذكاء االصطناعي
بدرجة أعلى من النمو والتي ستتجاوز خصائصه المعرفية القدرات المقابلة لإلنسان
ال سيما إدراك المعلومات والتعرف على األشياء وتصنيفها وابداعها وتوليد معارف
جديدة وتقييم الوضع واختيار االستراتيچية المثلى وتكتيكات العمل واصدار بيانات
القيمة واستقاللية صنع القرار والذاكرة كحفظ كامل لجميع المعلومات الواردة أو
إشارات ...إلخ.
وبالتالي سيحدث تطور للقانون الجنائي أيضاً يعزي إلى الوعي الكامل
الذاتي والتحسين الذاتي وفي نهاية المطاف سيتم إنشاء حالة من الغياب ألسباب
المصنعة أو
واقعية وقضائية لمسئولية مطور الذكاء االصطناعي ،ASIالشركة ُ
مستخدم أو الذكاء االصطناعي نفسه .1
نيك بوستروم ،كم من الوقت قبل الذكاء الفائق؟ جامعة أكسفورد ،دراسات المستقبل ،المجلد 1
.1998 ،2
https://nickbostrom.com/superintelligence.html
634
وبتلك القدرات العالية للذكاء االصطناعي نجد أنه وان لم يكن متصور في
الوقت الحالي فمن المتصور مستقبالً ارتكاب جرائم بإرادة حرة منفردة دون تدخل
من مالك تلك التقنيات ودون خطأ أو تقصير من ُمصنعها ،وبحكم أن المسئولية
ونتيجة للتطور المذهل لكيان الذكاء االصطناعي فقد يرتكب جريمة من
الجرائم التي يعاقب عليها القانون؛ ويثور التساؤل عن مدى خضوع الكيانات التي
قضت محكمة النقض المصرية في الطعن رقم 5572لسنه 4جلسة 2013/12/18م بأن 1
من المبادئ األساسية في العلم الجنائي أال تزر وازرة وزر أخرى ،فالجرائم ال يؤخذ بجريرتها غير
جناتها والعقوبة شخصية محضة ال تنفذ إال في نفس من أوضع القضاء عليه؛ كما قضت في
الطعن رقم 21981لسنه 60جلسة 1992/7/26س 43ع 1صـ 684ق 102بأن العقوبة
بناء على قانون.
شخصية وال جريمة وال عقوبة إال ً
وهو ما نص عليه الدستور وبذلك يحظى هذا المبدأ بقوة دستورية األمر الذي ينجم عنه عدم
بناء على قانون .وهذا يعني أن يكون مصدر التجريم جواز تجريم سلوك أو تحديد أي عقوبة إال ً
والعقاب قاعدة جنائية سنها المشرع البرلمان غالباً)؛ وناد اًر ما يسنها رئيس الجمهورية في صورة
قرار جمهوري بقوة القانون مادة 122و 123من الدستور) أو السلطة التنفيذية في صورة الئحة
مادة 140و 144من الدستور) غير أنه في هذه األحوال النادرة تستند إلى تفويض دستوري أو
تشريعي بذلك.
أنظر في ذلك د /محمود أحمد طه ،شرح قانون العقوبات القسم العام ،مرجع سابق ،صـ 54وما
بعدها.
635
تكتسب الشخصية القانونية أو لم تكتسبها بعد للمسئولية الجنائية وأمثلتها شركة
تحت اإلنشاء.
للمسئولية متى لم يرد النص على ذلك في قانون مكتوب ،فقط ُيسأل الشخص
الطبيعي الذي أرتكب الجريمة حتى ولو ارتكبها لصالح الكيان الذي ال يتمتع
حين أن المشرع الفرنسي ال يخضعها للمسئولية الجنائية والتي يخضع لها هو
الشخص الطبيعي ،1وهذا المستفاد من قانون قمع التدليس والغش المصري والذي
جاءت عبارته كل شخص كل شخص معنوي ،وحول األشخاص المعنوية العامة ال
جريمة واردة بهذا القانون .في حين أن القانون الفرنسي يستثني الدولة مطلقاً ويبرر
الفقه ذلك في أن الدولة هي القائمة على حماية مصالح المجتمع وهي صاحبة
1
Dr. Adrien Bonnet, La Responsabilité dufait de l’intelligence Master de
Droit privé general divigé paryves lequtte Université: PANTHÉON-
ASSAS, P.107, 2015.
636
الحق في العقاب ،وتخضع الوحدات اإلقليمية والتجمعات كالمحافظات والمدن
للمسئولية الجنائية شريطة أن تكون الجريمة ناتجة عن نشاط يكمن للوحدة اإلقليمية
وبالنظر للقوانين الحالية نجد أنها ال تعترف جميعها بتلك المسئولية وال تقر
ولذلك يجب تعديل تلك القوانين واقرار ذلك حتى ال نجد أنفسنا أمام ج ارئم
ترتكب بدون عقاب عليها؛ أما فيما يتعلق بالشريعة اإلسالمية ومدى توقيع الجزاء
على كيانات الذكاء االصطناعي حاله ارتكابه ألحد الجرائم المعاقب عليها باإلعدام
أو السجن المؤبد أو السجن المؤقت أو الحبس أو العقوبات التبعية كالمصادرة أو
االصطناعي نفسه وانما توقع العقوبة على من قام ببرمجته أو مالكه أو مستخدمه
د /أحمد إبراهيم محمد ،المسئولية الجنائية الناتجة عن أخطاء الذكاء االصطناعي ،مرجع 1
سابق ،صـ.234
- Sabine Cless, Emily Silverman, Thomas Weigend: New Criminal Low
Review. Robots, Self-driving Cars, Criminal Responsibility Negligence,
2016, P.127.
637
المطلب الثالث
عقوبات توقع على مالك تقنيات كيان الذكاء االصطناعي
الكيان فإنه يصبح مسئوالً عما تقترفه تلك اآللة من تجاوزات؛ لذا فإنه يتعين التفرقة
بين المسئولية العمدية والغير عمدية والتي يقترفها ملك كيان الذكاء االصطناعي.
إذا تم تنشيط ذكاء اصطناعي من قبل مالك الروبوت الرتكاب جريمة كأن
يجعل الروبوت يقتل ،فإن الفعل يكون قد حقق عنصر Reus Actusألن
الروبوت قد ارتكب فعالً إجرامياً بقتل شخص آخر ومالك الذكاء االصطناعي الذي
كان ينوي المسئولية الجنائية؛ وهناك مبدأ قانوني معترف به دولياً وهو الفعل الغير
واقعي وهو ما يعني أن الفعل ال يذنب إال إذا كان العقل مذنباً؛ ويمكن أن نستنبط
ذلك من خالل نماذج المسئولية الجنائية لـ Hallevyوهي نماذج قانونية ُيمكن من
خاللها وضع الجرائم التي ترتكبها أنظمة الذكاء االصطناعي في االعتبار .1
وبناء على ذلك فإنه إذا ثبتت الجريمة على مالك الذكاء االصطناعي وأدى
ً
ذلك إلى موت شخص أخر فإنه يحكم عليه باإلعدام.
638
وعقوبة اإلعدام هي إنهاء حياة الجاني وذلك بإزهاق روحه شنقاً؛ وعقوبة
العقابي المصري وهي من أشد العقوبات جسامة؛ ألنها تسلب المحكوم عليه حقه
في الحياة وهو أغلى ما يمتلكه اإلنسان ،ونظ اًر لخطورتها فقد قصرها المقنن العقابي
على أخطر أنواع الجرائم وهي الجنايات المضرة بأمن الدولة من جهة الخارج
كبرمجة الروبوت على التجسس وارسال معلومات تتعلق بأمن الدولة إلى دولة
أجنبية.
وكذلك إذا استخدم مالك الروبوت أشخاصاً غير مسئولة جنائياً وبالتالي
فإذا تم تنفيذ األعمال اإلجرامية من خالل أنظمة ال تمتلك هذا الذكاء مثل األطفال
أو الحيوانات ،فيعتبر الجاني بريئاً في هذه الحالة ألنها تفتقر إلى القدرة العقلية على
ارتكاب جريمة صراحة ،ومع ذلك فإذا تلقى األبرياء أم اًر من شخص أخر إذا أمره
مالك الكلب بمهاجمة شخص ما فإن المالك عرضه للعقاب بموجب نظام القانون
الجنائي ومن الممكن أن يحدث هذا التشبيه ألن الذكاء االصطناعي ليس لدية رد
فعل إيجابي ليصبح موضوعاً قانونياً ،ولكن يمكن استخدامه كتشابه مثل الحالة
639
السابق ،ثم يمكن للمبرمج أو مستخدم الذكاء االصطناعي أن يخضع للمسئولية
الجنائية إذا كان الذكاء ما هو إال مجرد آلة استخدام فقط .1
جسيمة منها ما يمس بأمن الدولة من جهة الخارج م77ع ومن جهة الداخل م89ع
ومنها أيضاً القتل العمد مع سبق اإلصرار أو الترصد م230ع والقتل بالسم
م222ع والقتل المقترن بجناية والمرتبط بجنحة م 2/334إلى غير ذلك من الجرائم
الجسيمة .2
ثانياً :الجرائم التي تحدث من تقنيات الذكاء االصطناعي نتيجة تدخل أو إهمال من
تعد هذه الجرائم هي الصورة الواقعية األن ،فغالباً ما تحدث جرائم تقنيات
الذكاء االصطناعي نتيجة تدخل خاطئ من مالك تلك التقنيات ،وبسبب عدم
معرفته لطريقة التعامل مع تلك التقنيات وتشغيلها فقد يعطي لها أم ًار أو يعطل عنها
وظيفة أمان موجودة بها لينتج عن سلوكه هذا جريمة جنائية ،ففي هذه الحالة يجب
د /مدحت محمد عبد العزيز ،حقوق اإلنسان في مرحلة التنفيذ العقابي ،الطبيعة الثانية ،دار 1
د /أحمد إبراهيم محمد ،المسئولية الجنائية الناتجة عن أخطاء الذكاء االصطناعي ،مرجع 2
سابق ،صـ.294
640
أن توقع العقوبة على مالك هذه التقنية ألن سلوكه هو الذي أحدث تلك النتيجة
اإلجرامية وتوافرت السببية بين السلوك والنتيجة وهذه العناصر الثالثة تشكل الركن
المادي للجريمة ،بجانب الركن المعنوي والذي يتم بحثة لكل حالة منفصلة فيختلف
الحكم إذا ارتكب المالك ذلك السلوك عن قصد جنائي أو عن خطا غير عمدي،
وقد تحدث جرائم تقنيات الذكاء االصطناعي بسبب إهمال من مالك تلك
التقنيات وعدم مراعاة إرشادات األمان المرفقة بتلك التقنية مما ينتج عن سلوكه
وعدم احت ارزه قيام تلك التقنيات بارتكاب جريمة جنائية وبالتالي ينطبق نفس الحكم
في الحالة السابقة وهو المسئولية الجنائية الكاملة لمالك تلك التقنيات؛ ويمكن فرض
عقوبات على مالك تلك التقنيات تتمثل في فرض غرامة مالية كبيرة حسب الجزاء
أما في الشريعة اإلسالمية فإذا قام مالك كيان الذكاء االصطناعي أو ما
يطلق عليه أيضاً الجسمال باستخدامه الرتكاب جريمة قتل فإنه وينطبق هذا
الوصف على الجسمال الذي أعد للقتل فإنه يكون مصنوعاً من آلة تقتل غالباً على
1
Sabine Cless, Emily Silverman, Thomas Weigend: New Criminal Low
Review. Robots, Self-driving Cars, Criminal Responsibility Negligence,
2016, P.127.
د /يحيى دهشان – المسئولية الجنائية عن جرائم الذكاء االصطناعي – مرجع سابق صـ.46 2
641
وصف اإلمام أبي حنيفة؛ واإلمام مالك ال يشترط شروطاً خاصة في الفعل القاتل
أو أداة القتل ،فعنده أن كل ما تعمده اإلنسان من ضربه ببلطة أو ببندقية أو بحجر
مثقالً ال يجرح وأيضاً يلحق بقولهما الجسمال حيث إنه يعد خصيصاً لجرائم معينة
ولقد بين الشارع الحكيم الحكمة من تشريع القصاص في جريمة القتل العمد
العدوان في عبارة وجيزة ولكنها في غاية اإلعجاز فقال الحقَ { :ولَ ُكمۡ ِفي
ا ٰٓ ِ
ون} ،2والقصاص ليس تشريع اص َح َيوةۡ َيأُولِي ٱلۡأَلۡ َب ِب لَ َعل ُكمۡ تَتاقُ َ
ص ِٱلۡق َ
خاص بهذه األمة فحسب ولكنه أتت به بعض الشرائع السماوية.
بعدها.
شمس الدين ،محمد بن أحمد الخطيب الشافعي ،اإلقناع في حل ألفاظ أبي شجاع ،ط :دار
المبدع في شرح المقنع ،مرجع سابق ،ص
الفكر ،بيروت ،بدون سنه نشر ،ص ُ ،495/2
.191/7
د /محمد الحسيني مصيلحي ،حقوق اإلنسان بين الشريعة اإلسالمية والقانون الدولي ،ط :دار
النهضة العربية ،1988 ،صـ325؛ والمشار إليه لدى د /حسن عبد الحكيم ،المسئولية الجنائية
عن الجرائم التي تُرتكب بواسطة الجسمال ،مرجع سابق ،صـ 153وما بعدها.
642
643
الخاتمة
كما أن هذا الكيان في تطور مستمر وفائق وهذا التطور للذكاء االصطناعي أدى
المصنع أو
إلى ظهور العديد من الجرائم سواء كان هو المسئول عنها أو غيره ُ
المستخدم أو المالك كما تم منحه الجنسية في بعض الدول كالمملكة العربية
السعودية الروبوت صوفيا أو إعطاء الشخصية المعنوية االعتبارية كما حدث في
دولة اإلمارات العربية المتحدة ،بيد أنه على الرغم من التطور المذهل فإنه إذا
فإذا ارتكب الذكاء شيئاً ينتج عنه فعالً إجرامياً أو حتى إذا فشل في اتخاذ
إجراء عندما يكون هناك واجب في التصرف بسبب خطأ ما أو بإرادته ،فعندئذ
يرتكب جريمة فالفعل الجرمي لهذا النوع من االنتهاكات يكون قد تحقق ومن ناحية
أخرى فإن تعيين الجريمة في بعض األحوال أمر صعب للغاية ،حيث أنه ال توجد
نية الرتكاب جريمة ،وقد يكون من المعقول بالفعل عقد برامج خاصة بالذكاء
االصطناعي وهي تلك التي ُيمكن فرضها ومقاضاتها بموجب نظام القانون
الجنائي.
ومن الجدير بالذكر أنه في األنظمه العربية والغربية أيضاً أنه في النظام
الجنائي ال يمكن إعدام الذكاء االصطناعي بموجب العقوبة الجنائية ،فال يزال
644
بحاجة إلى شخص طبيعي أو شخص اعتباري لقيام المسئولية في حالة حدوث
جرائم جنائية قبله ،إال إنه في المستقبل إذا كان الذكاء االصطناعي أكثر تعقيداً
وأقرب إلى أن يكون إنساناً ،فيجب تنظيم الذكاء االصطناعي مثل التنظيمات
القانونية التي تتم للبشر مثالً بمثل ،وهذ ما ينبغي أن يطرح ويكون قضية للنقاش،
فبطريقة أو بأخرى سوف يقف الذكاء االصطناعي ويوجد ويقول اختراع البشرية
األخير الذي ربما بعد عدة سنوات يمكن أن يخلق ذكاء اصطناعي فائق والذي
يمكن أن يفعل ما يريده ويتفاعل بشكل مستقل مثل اإلنسان فيجب منع هذا الوضع
يجوز إعدام أوتهشيم آلة عندما يستخدمها القاتل في جريمة القتل حيث الشريعة
اآلالت على ما يقترفوه من جرائم ،أما فيما يتعلق بجرائم الحبس فموقف الشريعة
من عقوبة الحبس يختلف اختالفاً بيناً عن مواقف القوانين الوضعية؛ ذلك أن عقوبة
الحبس في القوانين الوضعية هي العقوبة األساسية التي ُيعاقب بها في كل الج ارئم
تقريباً سواء كانت الجرائم خطيرة أو بسيطة أما في الشريعة اإلسالمية فعقوبة
الحبس عقوبة ثانوية ال ُيعاقب بها إال على الجرائم البسيطة وهي عقوبة اختيارية
للقاضي أن يعاقب بها أو يتركها ،وليس له أن يعاقب بها إال إذا غلب على ظنه
645
النتائج والتوصيات
أوالً – النتائج:
من خالل معطيات الدراسة استطاع الباحث التوصل إلى العديد من النتائج
تتجه التشريعات الجنائية الحديثة نحو المسئولية الجنائية حيث تقرر أن )1
اإلنسان فقط هو محور المسئولية ومحلها والتقوم المسئولية إال من شخص طبيعي
وليس هناك مجاالً لمساءلة الجمادات أو الحيوانات وأن الشخص الطبيعي الذي
سخر كيان الذكاء االصطناعي وبرمجه على ارتكاب مثل هذه األنواع من الجرائم
ُيسأل جنائياً عن أفعالة اإلجرامية دون النظر إلى الغرض التي تهدف إليه الجريمة
ولو كان قد ارتكب هذه األفعال بغرض اللهو أو التجربة أو غير ذلك.
توغل تقنيات الذكاء االصطناعي في شتى جوانب الحياة اليومية وفي )2
جميع التخصصات.
سرعة انتشار تقنيات الذكاء االصطناعي والتي ترتب عليها ظهور الكثير )3
إن التكييف القانوني لمستخدم الذكاء االصطناعي في ارتكاب الجرائم في )4
646
إن التكييف الفقهي لمستخدم الذكاء االصطناعي في ارتكاب الجرائم في )5
الفقه اإلسالمي يوجد صداها في باب الضمان كمن حفر بئر فوقع فيه غيره فإنه
أساس المسئولية الجنائية في القانون المصري تقوم على حرية اإلرادة )6
الجنائية على هذا النحو يتفق مع االتجاه اإلسالمي الذي يقيم مسئولية اإلنسان عن
أفعالة على أساس قدرته على اختيار ما يأتيه من أفعال بحرية كاملة.
ثانياً – التوصيات:
الرقابة على جميع أنواع كيانات الذكاء االصطناعي الذي يتم استيرادها من )1
الخارج أو تصنيعها داخل مصر عن طريق خبراء لفحص تلك الكيانات قبل
من إساءة استخدام المعلومات التي يمكن أن تحصل عليها األنظمة الذكية
المتطورة ،ويمكن رؤية الخطوة األولى في التطور الحالي من خالل ما قام به
االتحاد األوروبي ،فقد تم إصدار الئحة تحمي حقوق اإلنسان األساسية وهي
647
األِشخاص الطبعيين فيما يتعلق بمعالجة البيانات الشخصية ،ويهدف إلى ضمان
احترام الحقوق والحريات األساسية وال سيما حماية البيانات الشخصية في تكنولوجيا
بصورة ال تقبل اللبس حتى نستطيع تحديد المسئول جنائياً وتوقيع العقاب عليه.
ضرورة القيام بمؤتمرات أو ورش لبحث جرائم الذكاء االصطناعي الحالية )5
648
قائمة المراجع:
د /أحمد عوض بالل ،مبادئ قانون العقوبات المصري القسم العام ،ط:
د /أحمد فتحي سرور ،القانون الجنائي الدستوري ،الطبعة الثانية ،دار
د /أشرف توفيق شمس الدين ،شرح قانون اإلجراءات الجنائية الجزء األول
د /عبد التواب معوض الشوربجي ،دروس في علم العقاب ،كلية الحقوق،
د /عبد الوهاب البطراوي ،شرح قانون العقوبات المقارن الليبي والمصري
واألردني والعراقي القسم الخاص ،ط :دار الفكر العربي ،الطبعة األولى.1997 ،
د /علي عبد القادر القهوجي ،د /فتوح عبد اهلل الشاذلي ،شرح قانون
649
د /عماد إبراهيم الفقي ،شرح قانون العقوبات القسم العام ،ط :دار النهضة
د /عوض محمد عوض ،قانون العقوبات القسم العام ،ط :دار المطبوعات
د /فتوح عبد اهلل الشاذلي ،شرح قانون العقوبات القسم العام المسئولية
د /محمود أحمد طه ،شرح قانون العقوبات القسم العام الجزء األول
الالمشروعية الجنائية ،مطبعة دار النيل للطباعة بالمنصورة ،بدون سنه نشر.
د /محمود نجيب حسني ،شرح قانون العقوبات القسم العام ،النظرية العامة
للجريمة والنظرية العامة للعقوبة والتدبير االحترازي ،دار النهضة العربية ،طبعة
منقحة .2016
د /مدحت محمد عبد العزيز ،قانون العقوبات القسم العام النظرية العامة
650
ثانياً – المراجع المتخصصة:
د /أحمد إبراهيم محمد ،المسئولية الجنائية الناتجة عن أخطاء الذكاء
د /أحمد حبيب بالل ود /عبد اهلل موسى ،الذكاء االصطناعي.2010 ،
د /أحمد مصطفى علي ،مسئولية الصيدلي عن أخطائه المهنية ،رسالة
د /أسامه حسنين عبيد ،المراقبة الجنائية اإللكترونية دراسة مقارنة ،ط :دار
د /أمير فرج يوسف ،اإلثبات الجنائي للجريمة اإللكترونية واالختصاص
القضائي بها دراسة مقارنة للتشريعات العربية واألجنبية ،ط :دار الوفاء القانونية،
د /حجازي عبد الفتاح بيومي ،النظام القانوني لحماية الحكومة اإللكترونية
د /حسنين بوادي ،إرهاب اإلنترنت الخطر القادم ،مطبعة دار الفكر
651
د /حيدر شاكر البرزنجي ود /محمود حسن الهواسي ،تكنولوچيا وأنظمة
د /خالد عبد العظيم أحمد ،تعدد العقوبات وأثرها في تحقيق الردع العام
دراسة مقارنة بين الفقه اإلسالمي والقانون الجنائي ،ط :دار الفكر الجامعي ،الطبعة
األولى.2006 ،
د /سعيد عبد اللطيف حسن ،إثبات جرائم الكمبيوتر والجرائم المرتكبة عبر
د /سعيد عبد اللطيف حسن ،إثبات جرائم الكمبيوتر والجرائم المرتكبة عبر
د /سعيد عبد اللطيف حسن ،جرائم غسيل األموال بيت التفسير العلمي
د /شادي عبد الوهاب ود /إبراهيم الغيطاني ود /سارة يحيى ،فرص
652
د /شيماء عبد الغني محمد عطا اهلل ،السياسة الجنائية المعاصرة في
مواجهة الحبس قصير المدة دراسة مقارنة ،مجلة البحوث القانونية واالقتصادية،
د /شيماء عبد الغني محمد عطا اهلل ،السياسة الجنائية المعاصرة في
مواجهة الحبس قصير المدة دراسة مقارنة ،مجلة البحوث القانونية واالقتصادية،
د /عادل يحيى قرني ،النظرية العامة لألهلية الجنائية دراسة مقارنة،
د /عبد الحميد أحمد شهاب ،نظرية الفاعل المعنوي ،دراسة مقارنة،
.2015
د /عبد العزيز محمد محسن ،اإلكراه وأثره في المسئولية الجنائية في الفقه
اإلسالمي والقانون الوضعي دراسة مقارنة ،ط :دار النهضة العربية.2004 ،
د /عمر الفاروق الحسيني ،تعذيب المتهم لحمله على االعتراف ،ط:
د /فاطمة بحري ،الحماية الجنائية الموضوعية لألطفال المستخدمين ،ط:
653
د /محمد السعيد عبد الفتاح ،أثر اإلكراه على اإلرادة في المواد الجنائية،
د /محمد العوضي ،مسئولية المنتج عن منتوجات الصناعية ،مجلة القانون
.2014
د /محمد عبد المنعم عبد الخالق ،المفهوم المعاصر للعقوبة ،بدون سنة
د /محمد عبد المنعم عبد الخالق ،جرائم اإلنترنت ،ط :دار النهضة
العربية.2001 ،
د /محمد عبد الوهاب الخولي ،المسئولية الجنائية لألطباء عن استخدام
د /محمد علي سويلم ،المسئولية الجنائية في ضوء السياسة الجنائية دراسة
مقارنة بين التشريع والفقه والقضاء ،الطبعة األولى ،دار المطبوعات الجامعية،
اإلسكندرية.2014 ،
د /محمد فهمي طلبة ،الحاسب اآللي والذكاء االصطناعي ،مطابع المكتب
654
د /محمد فهمي طلبة ،دائرة معارف الحاسب اآللي اإللكتروني ،مطابع
د /محمد محمد عنب ،استخدام التكنولوچيا الحديثة في اإلثبات الجنائي،
د /محمد يوسف عبد ربه ،الفاعل المعنوي للجريمة ،جامعة القدس،
.2015
د /مدحت محمد عبد العزيز حقوق اإلنسان في مرحلة التنفيذ العقابي،
د /مصطفى شكيب ،أسرار الذاكرة والذكاء ،مركز كتب عربية للنشر
د /نايف عبد الرحمن عبد اهلل العجالن ،نظام آلي للتعرف على الوجه
باستخدام طرق الذكاء االصطناعي ،جامعة الملك سعود ،كلية الهندسة.2016 ،
د /نبيل محمد عبد الرحمن الحيدر ،التحكم في معايرة منحدرات الخطوط
655
د /هاللي عبد الاله أحمد ،الجريمة ذات الظروف دراسة مقارنة بالفكر
656
مقاالت وأبحاث
د /حسن عبد الحكيم ،المسؤولية الجنائية عن الجرائم التي ترتكب بواسطة
الجسمال دراسة مقارنة بين القانون الجنائي والفقه االسالمي ،رسالة ماچستير ،كلية
د /حسن عز الدين الدياب ،الفاعل المعنوي ،مجلة الدراسات القانونية
د /سيد طنطاوي محمد ،الجوانب القانونية للذكاء االصطناعي والروبوت،
د /عبد اهلل حمدي ،مقالة بعنوان اربعة افكار خاطئة عن الذكاء
د /عمرو محمد فرج الترجمة االلية مفهومها – مناهجها – نماذج تطبيقية
في اللغة العربية ،بحث منشور بمجلة كلية دار العلوم بالفيوم ،العدد السادس
د /كارل سميث ،مقالة بعنوان هل سنظل نعتبر الروبوتات مجرد ادوات
657
د /محمد شالل العاني ،المسئولية الجنائية للشخص االعتباري دراسة
مقارنة ،مجلة القانون المغربي ،ع ،35دار السالك للطباعة والنشر.2017 ،
د /محمود جمال محمد محمود عبد المقصود ،الجسمال وما يتعلق بها من
احكام فقهية ،بحث منشور بمجلة كلية الشريعة والقانون بطنطا ،العدد الثاني
د /نور بكري ،دهاء شبكات التواصل االجتماعي وخبايا الذكاء
االصطناعي ،بحث منشور بمجلة الشريعة والقانون ،كلية القانون جامعة األمارات،
طبعة .2019
المراجع الشرعية
ابن تيمية :منهاج السنة النبوية في نقض كالم الشيعة القدرية ،ط :جامعة
ابو بكر الجصاص :شرح مختصر الطحاوي ،ط :دار البشائر اإلسالمية،
658
ابو عمر القرطبي :االستذكار ،ط :دار الكتب العلمية ،بيروت ،الطبعة
االولى.2000 ،
البيجوري :حاشية البيجوري على شرح ابن القاسم ،ط :دار الكتب العلمية،
الزمخشري :اساس البالغة ،دار الكتب العلمية ،بيروت ،الطبعة األولى،
.1998
اإلمام النووي :منهاج الطالبين وعمدة المفتين في الفقه ،ط :دار الفكر،
د /محمود جمال عبد المقصود ،الجسمال وما يتعلق بها من أحكام فقهيه،
بحث منشور ،العدد الثاني والثالثون ،ملحق للجزء األول ،مجلة كلية الشريعة
عالء الدين السمرقندي :تحفة الفقهاء ،ط :دار الكتب العلمية ،بيروت،
659
دار الكتب: ط، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع:عالء الدين الكاساني
.2003 ،االولى
2006.
660
Application in the Management of Contemporary Organization:
2014.
661
Gauri Jain, Manisha Sharma, Basant Agarwal,
Singapore, 2019.
2018.
662
Intelligence for Democratic Innovation, Melbourne, Australia,
19 Aug. 2017.
Singapore, 2019.
663
Sabine Cless, Emily Silverman, Thomas Weigend: New
https://ai.gov.ae/ar/about-us-ar.
664
https://ar.wikipedia.org.
https://ara.tv
https://en.wikipedia.org.
https://nndb.com/people/006/000030913/
https://www.ahram.org.eg
https://www.almrsal.com/post/778621.
https://www.dw.com
https://www.facebook.com
https://www.formal-stanford.edu/jmc/
https://www.hansonrobotics.com/sophia/
https://www.mawdoo3.com
https://www.messenger.com
https://www.nytimes.com
665
https://www.regulationslab.gov.ae/
https://www.robot50.wordpress.com/%D9%84%D8%BA
%D8%A7%D8%AA-
%D8%A8%D8%B1%D9%85%D8%AC%D8%A9-
%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%88%D8%A8%D9%88%D8
https://www.sasapost.com
https://www.telegraph.co.uk
https://www.uaecabinet.ae/ar/details/news/president-
issues-federal-law-launching-reglab/
https://www.wired.com
https://www.youm7.com
666