Professional Documents
Culture Documents
مواد مختارة لتطبيق الترجمة
مواد مختارة لتطبيق الترجمة
إعداد:
1
املوضوع األوّل
ً ّ
يعد العلم واألخالق معا من أهم ركائز املجتمعات وعناصر نهضة األمم والشعوب،
ّ
تحصن الفرد ويسهل لهم أمور حياتهم ،واألخالقفالعلم يبني األفراد واملجتمعاتّ ،
وتقوي املجتمعات وتحميها .فالعالقة بين العلم واألخالق عالقة تكاملية ،فال علم له
األخــالق َ
أخالق فاضلة من غير علم ينير ويرشد ،فالعلم هو العين منزلة
أخالق ،وال أثر ٌ
طيب بدون ٌ
املبصرة لألخالق ،واألخالق هي التجسيد والترجمة الحافظة والراعية للعلم.
ً ً
يرتبط العلم باألخالق ارتباطا وثيقا ،فالعلم النافع ال يقوم إال بأخالق حميدة ،وال
ينتشر إال بصفاتها النبيلة .العلم املقرون بالخلق الحسن هو أساس نمو املجتمع
ً
وتطور الفرد وتميزه ،فإذا اقترن العلم بالخلق كان صاحب املهنة ناجحا في عمله،
ّ ً ً
صادقا في تعامله ،مؤديا واجبه على أفضل وجه ،وقد حث ديننا العظيم على حسن
الخلق؛ فصاحب الخلق الجميل يبلغ به أرفع املنازل ،ويبغض اإلسالم س ّيء الخلق
وجعله في مرتبة ذميمة؛ فسوء الخلق يفسد العمل الكبير كما يفسد الخل العسل.
ولألخالق في دين اإلسالم دور عظيم ومنزلة عالية كما ثبت في كتاب هللا وسنة
ّ
رسوله ،فأوجب املسلمين على التحلي بها وتنميتها في نفوسهم ألنها من أحد األصول
التي يقوم عليها دين اإلسالم ،وهناك ارتباط وثيق بين األخالق واإليمان ،وكل عمل
ّ
والشك أنه إذا يقوم به العبد املسلم يحتاج إلى األخالق الحميدة والصفات الحسنة,
ً ّ
فق َد األخالق ،وكلما كان املؤمن أكمل أخالقا كان أكثر َ
فقد اإلنسان اإليمان فقد ِ ِ
ً
إيمانا ،كذلك كلما كان العلم راسخا كريما يثمر أخالقا نبيلة.
2
لألخالق الفاضلة منزلة رفيعة في دين هللا ولها ارتباط قوي بقوة اإليمان وحسنه،
وتدين املرء وتمسكه بالشريعة ،ولها أعظم األثر في قوة األمة ووحدة كلماتها
وصفوفها .فاألخالق الفاضلة ناتجة من اإليمان الخالص .واإلسالم دين األخالق
الحميدة ،فعلى املسلم أن يتجمل بحسن األخالق ،وأن يكون قدوته في ذلك رسول
خلقا .وبحسن الخلق يبلغ املسلم أعلى الدرجات،هللا ص .الذي كان أحسن الناس ً
إن أهداف العقيدة السليمة يرأسها دعوة العبد إلى التحلي باألخالق الحسنة
ليفوز بسعادة الدارين .فالعقيدة هي التي تقود العبد ،فإذا صحت العقيدة وكمل
اإليمان حسنت األخالق والعكس يؤدي به إلى التخلق باألخالق السيئة .السلوك
ثمرة لفكر اإلنسان ومعتقده ،وما يدين به من دين ،واالنحراف في السلوك ناتج
ً عن خلل في املعتقد ،فالعقيدة هي اإليمان ،وأكمل املؤمنين ً
إيمانا أحسنهم أخالقا؛
تبعا لذلك .فينبغي على اإلنسان الصالحفإذا صحت العقيدة؛ حسنت األخالق ً
االلتزام بمكارم األخالق ّ
ألن فيها إظهارا لعقيدته وتقوية لعلمه وتمرينا على حب
الخير والبعد عن الشر ،وبذلك تتحقق سعادة الحياة.
ً ّ
إن لتجرد العلم من األخالق الحسنة آثارا وخيمة تعود على األفراد واملجتمعات
الناس بحامل العلم؛ ملا وجدوا فيه من أخالقه على حد سواء ،منها :عدم ثقة ّ
الناس من طلب العلم والبحث عنه ،وعدم االكتراث السيئة الذميمة ،وتنفير ّ
الهمة والتنافس لطلب العلم في بحملته ،وانتشار الضرر .وكذلك قتل روح ّ
الناس من النماذج التي رأوها في طالب العلم والعلماء ،وتسمم املجتمع؛ لنفور ّ
العالقات االجتماعية .وفي املحصلة النهائية تقهقر األمم والشعوب ،نتيجة الزمة
لتراكم األخطاء من غياب سمة األخالق لديهم.
3
املوضوع الثاني
مقومات الدين ,فنظرة اإلسالم إلى العلم نظرة نظر اإلسالم إلى أن العلم من ّ
جامعة قد حاطها منهج كامل للمعرفة والفهم له مبادئه وضوابطه ،فقد دعا إلى
البرهان والحجة والتجربة ،وحث على االجتهاد وحرم التقليد .ومن أبرز مفاهيم العلم
في اإلسالم :املطابقة بين الكلمة والسلوك ،وربط العلم بالعمل ،وعدم ّرد طالبه إذا
سأل ،وإذا سئل أحد عما ال يعلم عليه أن يقول :أنا ال أعلم ،وال يستحي ،إذا لم يعلم
الش يء أن يتعلمه.
ً
عظيما ،فالعلم عبادة، العلم والعمل من العبادات التي جعل هللا تعالى أجرهما
وطلب العلم فريضة ،ويجب على كل شخص أن يسعى في طلب العلمّ ،
ألن في العلم
ً
ارتقاء لألمم ،ورفعة للشعوب ،ونبذا للجهل والظالم ،كما ّأن العلم ينشر الفكر
الناس ،ويجعلهم أكثر قدرة على التأقلم مع الحياة وأكثر قدرة على الراقي بين ّ
غير وجهالتكيف مع ظروفها ،وكلما كان الشخص عاملًا أكثرّ ،كلما استطاع أن ُي ّ ّ
ّ
إال زّين حياته .وهذا ُيبرهن على ّ حياته إلى األفضلّ ،
أن ألن العلم لم يكن في اإلنسان
العلم والعمل مثل الشمس والقمر ،أحدهما يستض يء باآلخر.
4
املوضوع الثالث
من مزايا اإلسالم أنه دين شامل لكل نواحي الحياة ،فال انفصال فيه بين العبادة
والسلوك ،وال بين العلم والعمل .ومما ال شك فيه أن من أعظم غايات العبادات التي
شرعها هو تزكية النفوس للوصول إلى مكارم األخالق .والعبادة في اإلسالم من تكريم
إلهي لِلنسان .فهو أكرمه هللا بالعبادة ،وأمره بها ليكون صالحا مصلحا .فكانت
العبادة وحدها غاية الوجود اإلنساني في هذا العالم.
إن العبادات في اإلسالم تدعو إلى الوحدة والجماعة ،وهي أساس لوحدة
التفكير ،ووحدة املفاهيم األساسية في الحياة ،بل ووحدة القيم .كما أن بها تتحدد
املعايير الخلقية ،والنظر إلى الخير والشر ،وقواعد السلوك في الحياة .تتأسس
العبادات على التوحيد ،فمنزلته من العبادات كمنزلة األساس من البناء فكما أن
البناء ال يثبت وال ينتفع به إال إذا أقيم على أساس متين فكذلك العبادات ال تؤتي
ثمارها وال ينتفع بها إال إذا بنيت على التوحيد.
والعبادة باملعنى العام تعني كل عمل يقصد به وجه هللا تعالى ،فالقيام بأداء حق
الناس استجابة لطلب هللا بإصالح األرض ومنع الفساد فيها ،يعد عبادة .وبالجملة
ّ إن العبادة مظهر ّ ّ
حس ّي للعقيدة ،وهي تهذب النفس واملشاعر اإلنسانية وترشد الى
الفضيلة ،وتؤدي إلى توثيق الروابط االجتماعية ،وتذكر املسلم بضرورة الدعوة إلى
الخير والسعادة .كما ّ
أن بها يتقرب اإلنسان من رّبه بصفوة روحيته.
5
املوضوع الرابع
إن اإليمان حقيقة وكل حقيقة لها عالمة ،وعالمة اإليمان العمل به ،وإذا دخل
واستقر فيها نبضت بالحيوية ،ودفعت النفوس إلى العمل. ّ اإليمان القلوب،
ومعيار صدق اإليمان هو العمل الصالح ،فاإليمان الصحيح يدفع صاحبه إلى
السلوك الطيب .وإن اإليمان الصادق منبع األخالق الفاضلة ،فمتى استقر في
القلب ظهرت آثاره واضحة في السلوك .ويضبط اإليمان غاية املسلم األساسية في
أخالقه وسلوكه ،وهي أن يحقق مرضاة ربه.
صحتربط اإلسالم بين العقيدة والسلوك ربطا قويا ،إ ّنه ما دامت العقيدة قد ّ
واستقامت من الالزم أن يستقيم اإلنسان في سلوكه وأخالقه ،وما دامت قد
انحرفت فال بد أن تنحرف األخالق أخيرا .اإليمان الصادق ال يعني حفظ بعض
ُّ
املتون في العقيدة على ظهر قلب أو حتى تعلمها شكليا ،وإنما يتطلب أن يبدو آثاره
ثم هو ّ
يتحول إلى واقع في أخالق املرءّ .
فالبد من تقرير اإليمان وإرساءه في القلب ّ
عملي في الحياة والتعامل بين اآلخرين من الناس.
إن قرن اإليمان بحسن الخلق ،والسلوك الرفيع أمر يلفت النظر إال أن كثيرا من
املسلمين اليوم يهملون هذا الجانب إهماال .إننا نجد البون شاسعا بين ما ّيدعونـه
من عقيدة وبين ما يفعلون في املعامالت والسلوك .يخالف سلوكهم ما قالوه من
عقيدتهم .إذا تفحصنا العالقات االجتماعية في حياتنا املعاصرة نجد أن
االضطراب في السلوك هو الظاهرة السائدة لضغف عقيدة ّ
األمة.
6
املوضوع اخلامس
قوام حياة اإلنسان على األرض ،وهو نعمة من هللا سبحانه وتعالى َ
أنعم الو ْق ُت هو ُ
َ
ُ
ِبها على اإلنسان ،فعليه استغالل وقته ِبكل ما هو نافع ُومفيد ِليصل إلى الغاية
ْ َ َّ َ َّ َ ْ
حرص على اغتنام وق ِته
النبيلة .إن للوقت أهمية عظيمة لِلنسان ،يلزم عليه أن ي ِ
ْ ُ َ َ ُ
سارع إلى استثمار أوقات فراغه ،واستغالل ِص َّحته
ِبكل ما يعود عليه ِباملنفعة ،وأن ي ِ
أن يصيبه سقم أو مرض. قبل ْ
أما عملية تنظيم الوقت فهي استخدام الفرد للوقت املتاح له في تنفيذ جميع
أعماله ،وذلك عن طريق وضع خطة وأهداف محددة لتحقيقها ،عن طريق إعداد
ً ً ً
الجداول والقوائم التي تحتوي على املهام املرجو تحقيقها يوميا ،وأسبوعيا ،وشهريا.
إن تنظيم الوقت له ّ
أهميته فى حياة اإلنسان ووسيلة إلى سعادته .ومن صور تنظيمه ّ
أن يكون لِلنسان وقت للعمل ووقت للعبادة ووقت لألكل ووقت للهواية ووقت
للراحـة .وإذا لم يفعل اإلنسان ذلك يعيش فى تعب وال تكون لحياته فائدة.
7
املوضوع السادس
ّ
العمل الصالح هو العمل املرض ي عند هللا تعالى ،ويتحقق هذا العمل إذا توفر
فيه شرطان :األول :إخالص هلل ،والثاني :موافقة لشرع هللا ،فإذا فقد العمل أحد
هذين الشرطين كان مرفوضا مردودا ال ثواب عليه عند هللا .ويتنوع العمل الصالح
يحبه هللا ويرضاه من األقوال واألفعال الظاهرة وتتسع مجاالته إلى كل ما ما ّ
والباطنة ،وحتى يشمل كل ما يقصد به القربة ّمما كان مشروعا أو مباحا ،إذا صحت
النية؛ مثل النوم واألكل بنية ّ
التقوى على عبادة هللا.
ِ
يحقق العمل الصالح ويداومه في حياته هو العبد الصالح الفائز والعبد الذي ّ
َ
بالتجارة الرابحة مع هللا ،ومن ف ِق َد ذلك هو العبد الطالح ،الخاسر في الدنيا واآلخرة،
ٌ ٌ ٌ وللعمل الصالح املعتمد على اإليمان ثمر ٌ
وأجور كبيرة في ات طيبة لصالح الحياة،
حتى ّ
يتكون الدنيا واآلخرة .وللعمل الصالح فوائد كثيرة تعود على املجتمع املسلمّ ،
ٌ
ّ
األخوة والصداقة، ابط بين أفراده ،وي ّ
هتم بمبادىء متماس ٌك ومتر
ِ مجتمع فاضل
فيتخلص هذا املجتمع من أنواع ّ
الشر والجريمة.
8
املوضوع السابع
عندما نزل اإلسالم أنشأ عالقة جديدة بين الناس تقوم على أساس الدين ،ولم
يكن العرب يعرفونها من قبل ،فقد كانت حياتهم تقوم على العصبية القبلية التي هي
أساس العالقات كلها ،وهذه العالقة الدينية هي" :رابطة ينشئها اإلسالم بين أفراده
قلبيا بمحبة الخير لهم ًً ً
ووالء بسبب إيمانهم به تقوم على أساس الوالء للمسلمين والء
ً
عمليا بتقديم الخير لهم.
من املعلوم أن لِلنسان عند اإلسالم عالقات ثالثا :عالقته بخالقه وتشمل
العبادات والعقائد ،وعالقته بنفسه وتشمل األخالق واملطعومات وامللبوسات،
وعالقته بغيره في املعامالت والعقود .وجميع هذه العالقات متشابكة متداخلة ال
يمكن فصلها عن بعضها بعضا .لذلك كانت أية محاولة من أي جهة لفصل اإلسالم
عن جزء من العالقات هي محاولة محكوم عليها بالفشل ألنها تتناقض مع طبيعة
اإلسالم املتكاملة الشاملة.
9
املوضوع الثامن
التربية اإلسالمية هي تكوين إنسان مسلم متكامل من جميع نواحيه املختلفة من
الناحية الصحية والعقلية واالعتقادية والروحية واألخالقية واإلرادية واإلبداعية فى
نموه فى ضوء املباديء والقيم التي أتى بها اإلسالم من خالل القرآن جميع مراحل ّ
الكريم والسنة النبوية واجتهادات العلماء في ضوئهما.
إن اإلسالم نظرية متكاملة للحياة ومنهج شامل لها فى جميع أبعادها وأنظمتها
السياسية واالقتصادية واالجتماعية وغيرها .وهو بالضرورة له نظريته التربوية
التي تحدد أهدافها ومناهجها ووسائلها املختلفة .ومن ث ّـم في اإلسالم نظرية تربوية
شاملة تنشأ بمقتضاها الشخصية املتكاملة .وإن التربية اإلسالمية تع ّـد اإلنسان
لتحمل الرسالة اإلسالمية وتتطلب هذه الرسالة عقيدة وغاية ودستورا وتشريعا. ّ
فمن الالزم أن تتحدد أهداف التربية فى اإلسالم ,على ضوء هذه األمور.
تظهر أهمية التربية اإلسالمية فى أنها خير وسيلة لبناء خير فرد وخير مجتمع
وخير حضارة إنسانية .والعالقة بين هذه الجوانب وثيقة من حيث إن بناء خير فرد
وسيلة لبناء خير مجتمع ،وبناء خير مجتمع وسيلة لبناء خير حضارة انسانية.
والشك ،أننا ال نستطيع تنشئة األخيار إال بالتربية اإلسالمية املتكاملة املتأسسة فى
املقدسة .أصبح من الواضح أن التربية اإلسالمية مختلف جوانبها على املبادئ ّ
تضمن بناء صالح األفراد كما تضمن صالح املجتمع واألمة على وجه عام.
10
هناك فرق واضح بين عمليتى التربية والتعليم فالتعليم ليس هو التربية بل هو
جزء منها ,وعملية التربية تشمل التعليم وليس العكس .فالتربية هي عملية تنمية
متكاملة لكافة قوى الفرد بمختلف األساليب والطرق ليكون سعيدا أو عضوا
صالحا فى مجتمعه .وهى بذلك تشمل جميع جوانب شخصيته؛ الروحية والعقلية
والخلقية واالجتماعية والوجدانية والجسمية .والتعليم هو عملية ترمى أساسا إلى
تنمية عقل الفرد وتمكينه من اكتساب املعرفة واملهارات الالزمة لحياته.
إن بناء املفاهيم التربوية اإلسالمية على أساس مفهوم متكامل للطبيعة
اإلنسانية يهدف إلى تنمية الجانب الروحي لِلنسان والجوانب األخرى؛ العقلية
والجسمية واالجتماعية والتفسية .فإذا ما نظرنا لِلنسان نظرة متكاملة على أنه
مكون من شخصية متكاملة ذات جوانب جسمية وعقلية ونفسية وروحية ّ
واجتماعية فإن ذلك يتطلب تنمية هذه الجوانب كلها .وهي تستهدف التربية فى
اإلسالم بناء إنسان على خلق عظيم وبناء مجتمع ّ
مثالي .فهى تحرص على تنشئة
إنسان يسلك فى إطار القيم التي شملها هذا الدين الحنيف.
تتم عملية التربية والتعليم فى يسر ونجاح إذاما توافرت أسس ومبادىء معينة, ّ
ّ
وقد تتعثر عملية التربية بل قد تفشل إذا لم تتوافر هذه املبادئ .وإذا درسنا املنهج
الذي اتبعه القرآن الكريم الستطعنا أن نستخلص من هذا املنهج بعض األسس
الضرورية واملبادئ ّ
املهمة لعملية التربية والتعليم التي يستخدمها القرآن الكريم
في تغييره لسلوك املؤمنين وفى تعليمهم العقائد و األخالق الفاضلة وغرس القيم
ّ
الشخصية السليمة املتكاملة. السامية حتى تنبني
11
املوضوع التاسع
الرتبية واألخالق
ّ
كلما ترقى العلم فى أمة كانت أقرب لتربيـة النفوس وأدنى من تقويم األخالق وتهذيبها,
الس ـ ــيما إذا كان العلم مقرونا بالفض ـ ــيلة .وفض ـ ــيلة العلم هي عمل اإلنس ـ ــان بما يعلم.
ّ
والعالم يدرك بالض ــرورة س ــائر املنافع واملض ــار التى تتأتى عن األعمال؛ فإذا كان علمه
الضار ،فإذا لم يكن ّ مقرونا بالفضيلة ،انتظمت سائر أعماله ،فعمل بالنافع واجتنب
هناك فضيلة فالعلم نافص.
أس العلم وأفض ـ ـ ـ ــل معـارج الترقى؛ إذ إن تفش ـ ـ ـ ـ ى لهـذا كـانـت التربيـة على الفض ـ ـ ـ ــائـل ّ
الرذائل بين أمة ،إذا لم يمنع من ترقيها فإنه علة لس ـ ـ ـ ــرعة س ـ ـ ـ ــقوطها ،ملا فيه من غلبة
الشهوات وتغالب النفوس على املنكرات .وإنما تهوى األمم إلى دركات الهوان إذا ساءت
فيها التربية ،وفقد من عندها التعلم على أساس الفضيلة.
ومن املعلوم أن التربية هي مبدأ حياة اإلنس ـ ــان ,إما س ـ ــعيدة أم ش ـ ــقية .فاإلنس ـ ــان
إذا نش ـ ــأ على ش ـ ـ يء من األفعال النفس ـ ــية ,واس ـ ــتمر على تعاطيه؛ فإذا كان ذلك الفعل
شـرّا ,كان صــاحبه شــريرا وإن كان خيرا كان صــاحبه خيرا .فعلى هذا ,مما الريب فيه ّ
أن
اإلنس ــان يتمنى لنفس ــه الحياة الس ــعيدة ,وإنما تنال هذه الس ــعادة بتهذيب النفس على
الفضـ ـ ـ ـ ــائــل وتعويــدهــا على اجتنــاب الرذائــل .وخيركم من عقــل ذلــك؛ فبــادر إلى تهــذيــب
نفس ـ ـ ـ ــه وتقويم ما اعو ّج من خلقه ,ليكون قدوة ص ـ ـ ـ ــالحة ألهله ,ومرّب ّيا رش ـ ـ ـ ــيدا لولده,
وسندا قويا لوطنـه.
فاألخالق الفاض ــلة هي منتهى الس ــعادة الدنيوية واألخروية ,وقد كلفنا هللا تعالى إلى
تحتم على أحـد الش ـ ـ ـ ـقـاء ملـا أمر بطلـب الس ـ ـ ـ ـعـادة .فينبغي عليـه أن طلبهـا بـالعمـل ,فلو ّ
ّ ّ
ويصدها عن الرذيلة جهد الطاقة. يحلي نفسه بالفضيلة,
وبالجملة ،إن التربية أمر عظيم الخطر ,كبير القيمة ,يتحقق بها غرس األخالق
والخير َ
َ َ
وحب العمل النافع. الفاضلة فى نفوس اإلنسان لتكون ثمراتها الفضيلة
12
املوضوع العاشر
إن اإلنسان في تعامله االجتماعي ونشاطه العقلي يحتاج إلى وسيلة تعاونه في
حمل املعاني املختلفة التي يرغب في إيصالها للغير ,سواء كانت هذه املعاني تسمع
عن طريق اللغة املنطوقة أم تقرأ عن طريق اللغة املكتوبة أم تفهم عن طريق الرموز
واإلشارات التي تستخدم فيها .
وللغة دور هام في حياة املجتمع فهي أداة التفاهم بين األفراد والجماعات ,وهى
سالح الفرد في مواجهة كثير من املواقف التي تتطلب الكالم أو االستماع أو الكتابة
أو القراءة .وهذه الفنون األربعة أدوات هامـة الكتساب املهارات اللغوية وتدور بالغا
فى إتمام عملية التفاهم من جميع نواحيها.
من أغراض استخدام اللغة أنها وسيلة لنشر الثقافة بين أفراد األمـة ونقلها من
السلف إلى الخلف ,ولذلك فقد كانت اللغة األداة األولى املمتازة للتعليم .فباللغة
يستفيد اإلنسان من تجارب األمـم ,وبها يستطيع أن ينقل املعرفة والعلوم من فرد
إلى آخر ومن جيل إلى جيل.
13
أهم الوسائل املستخدمة في الكشف عن سمات الفرد ومكوناته اللغة من ّ
الشخصية ,فإن اإلنسان عندما يتكلم يكشف بطريقة الإرادية عن جوانب مختلفة
فى شخصيته منها ما يتعلق بالجنس والعمر والبيئة االجتماعية والنضج العقلي وغير
ّ ّ
مما يتعلق بجوانب اإلنسان الشخصية .حيث يمثل الكالم من فرد ما يبرز من ذلك
مظاهر شخصيته.
اللغة وسيلة التصال الفرد بغيره ,وعن طريق هـذا االتصال يدرك حاجاتـه ,كما
أنها وسيلته في التعبير عن آماله وآالمه وعواطفه .وهذه الترجمة عما يخالج النفس
تع ّـد من أظهر الفوارق بين اإلنسان وغيره من األحياء .واللغة ّ
تيهئ للفرد فرصا كثيرة
لالنتفاع بأوقات الفراغ عن طريق القراءة وزيادة الفهم للمجتمع الذي يزيد انتاجه
الفكري يوما بعـد يوم.
جلية ال ُيمكن غض البصر عنها ،فهي إن أهمية اللغة في التواصل تبرز بصورة ّ َّ
مفتاح التواصل بين الشعوب ،وهي الوسيلة التي من خاللها تم الحفاظ على ثقافة
األمم والشعوب ،باإلضافة إلى تاريخها املشرق املليء بالقصص والعبر ،وهي تربط
الفرد بأمته وحضارته التي ينتمي إليها ،وبالتالي اللغة ليست مجرد حروف تنطق ،بل
إن وراء هذه الحروف فن ذو مستوى عال ُيمكن األفراد من االتصال ببعضهم َّ
البعض ،وإيصال ما يريدونه وما يستشعرونه من خاللها.
تشكل اللغة حلقة وصل بين البالد كافة ،فيستطيع اإلنسان من خاللها التعرف
على ثقافات وعادات وتقاليد مختلفة واالنخراط فيه ،حيث أنه من الصعب على
األفراد التعرف على ثقافة أو عادات مجتمع معين دون أن يكون على معرفة بلغته،
وهذا ما يجعل الشباب العربي يلح في تعلم اللغات األجنبية ً
طمعا في تحقيق األفضل
وليساعد نفسه في تحقيق ذاته وتطويرها من خالل العمل أو التعليم في الخارج.
14