Professional Documents
Culture Documents
يف مقياس
التسيري العمومي احلديث
ملقاة على طلبة السنة األوىل ماسرت ختصص إدارة وتسيري
اجلماعات احمللية
املوسم الدراسي 2022-2021
1
1
أوال:تعريف اإلدارة
عرفها اتيلور يف كتابه " مبادئ اإلدارة " على أهنا "املعرفة الدقيقة ملا تريد من
-حيث ّ
األفراد أن يقوموا به مث التأكد إجنازه أبفضل طريقة وأبقل تكلفة"،
أبهنا " علم استخدام كافة املوارد املتاحة لتعظيم الفائدة وحتقيق قيمة تنافسية
وتعرف أيضا ّ
ّ -
ومفصلة"،
من خالل خطة زمنية ترمي لتحقيق أهداف عامة ّ
تعرف اإلدارة ":هي علم وفن إدارة وتسيري كل املوارد املتاحة واستغالهلا استغالال
-كما ّ
أمثل مبا خيدم األهداف التنظيمية من جهة وأهداف اجملتمع من جهة اثنية وفق أسلوب
علمي وعملي"،
وعرفت أيضا" االستخدام الكفء للموارد بغرض حتقيق أهداف خالل فرتة زمنية معينة
ّ -
ضمن عمليات إدارية تتسم ابلفعالية والكفاءة".
وتشمل العمليات اإلدارية وظائف التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة ،أما الكفاءة فيقصد
هبا االقتصاد يف استخدام املوارد املتاحة وحسن االستفادة منها ،وتقاس الفعالية مبدى حتقيق
أهداف املنظمة خالل فرتة زمنية معينة.
ويعترب علم اإلدارة من العلوم االجتماعية ،فهي علم وفن يف آن واحد يهتم بتصنيف وحتليل
الظواهر اإلدارية والتنبؤ هبا مع حتليل السلوك اإلنساين يف املنظمات .علم ألهنا مؤطرة
أنظر يف هذا اإلطار:نورالدين شنويف :املنامجنت العمومي ،حماضرة ملقاة على املوظفني املرتشحني لرتبة
1
متصرف.
2
مبجموعة نظرايت وتعتمد يف عملية اختاذ القرار على التخطيط ورسم االسرتاتيجيات بناء
على أحباث وجتارب وتعتمد على علوم أخرى مثل العلوم القانونية واإلدارية ( القانون العام
أساسا ) وعلوم التسيري واالقتصاد وعلم االجتماع .كما تعترب اإلدارة فن أيضا العتمادها
على عنصر املهارة واخلربة يف آداء الوظائف واملهام وتنفيذ املسؤوليات.
ومن حيث جماالت اإلدارة ،توجد اإلدارة العمومية اليت هتدف إىل توفري اخلدمات العمومية
وتسيري الربامج والنشاطات املرتبطة بتنفيذ السياسة العامة للدولة وإدارة األعمال اليت هتدف
إىل حتقيق الربح وقد تكون صناعية أو جتارية أو خدماتية.
عرفت دائرة املعارف الربيطانية البريوقراطية على أهنا " العمل املكتيب الذي يتميّز بدرجة
عالية من الرتكيز وتسيطر عليه جمموعة من القواعد واإلجراءات اإلدارية " ،وهي حسب
علماء االجتماع ظاهرة تصحب املنظمات الضخمة واملعقدة ومتس النظام اإلداري يف جممله
وما يتصف به من إجراءات جيب إتباعها للقيام ابلوظائف املختلفة.
ويعترب األملاين " ماكس فيرب" أول من نظّر للتنظيم البريوقراطي والذي حسبه يقوم على:
-حتديد املسؤوليات والعالقات فيما بني أفراد التنظيم بقواعد ولوائح تنظيمية،
-شغل الوظائف يف التنظيم اإلداري يكون على أساس التعيني وليس االنتخاب لتجنب
إعاقة العمل اإلداري،
3
-ترقية عناصر التنظيم تكون بناء على األقدمية وحسب املؤهالت،
وقد كان منوذج التنظيم البريوقراطي ملاكس فيرب يف بدايته ينطوي على صورة اجيابية ابعتباره
منط لتنظيم اهليكل اإلداري وحتديد الوظائف واملسؤوليات ضمنه والتنسيق بني عناصره
بشكل يضمن اجناز العمل دون التداخل أو التعارض فيما بينها .لكن مع حتوالت الدولة
والتطورات االقتصادية اليت عرفتها (دولة حارسة-دولة متدخلة-دولة رعاية-دولة ضابطة)
وكثرة اإلجراءات واملراحل اليت مير هبا العمل اإلداري مع اإللتزام والتقيّد احلريف ابلقوانني
والتنظيمات واللوائح واالستخدام اخلاطئ وأحياان التعسفي للتسلسل اهلرمي ،كلها عوامل
ّأدت إىل تفشي سلوك الالمباالة والتباطؤ يف أداء املهام اإلدارية وغياب ثقافة اإلتقان
وجودة اخلدمة العمومية.
يهدف التسيري العمومي احلديث إىل الرقي أبعمال احلكومة ونشاط اإلدارة جلعلها أكثر
كفاءة وفعالية تق ّدم خدمات ذات جودة من خالل إدخال املنطق االقتصادي واستنساخ
تقنيات التسيري املتبعة يف القطاع اخلاص للتخفيف من ح ّدة البريوقراطية اليت يعاين منها
القطاع العمومي.
وقد بدأت أفكار التسيري العمومي احلديث مع ظهور األزمة االقتصادية يف أورواب منتصف
السبعينات بسبب التدخل املفرط للدولة يف احلياة االقتصادية ودعوة علماء االقتصاد إىل
ضرورة انسحاب تدرجيي للدولة منه كشرط أساسي ملعاجلة االختالالت اليت مير هبا
(خاصة علماء مدرسة شيكاغو مثل ميلتون فريدمان وظهور مفهوم الدولة الضابطة) وبداية
4
إصالح اإلدارة العمومية بتبين أسلوب تسيري عمومي حديث بدأ يظهر يف دول كربيطانيا
سنة 1979مع رئيسة الوزراء مارغريت اتتشر مث يف الوالايت املتحدة األمريكية سنة
1980مع الرئيس روانلد ريغان مث يف كندا سنة 1984مع رئيس الوزراء مريه روين
وانتقادهم للنموذج اإلداري البريوقراطي الذي أصبح ال يتماشى والتطورات االقتصادية
التحول حنو اقتصاد السوق احلر
احلاصلة ودعوهتم إىل ضرورة مباشرة إصالح إداري يواكب ّ
الذي بدأ ينتشر يف العامل سنوات الثمانينات وتسارع يف بداية التسعينات بعد اهنيار االحتاد
السوفيايت وسقوط حائط برلني.
2
Ann Amar et Ludovie Berthier : Le nouveau managment public, souligne par :
عشور طارق :مقاربة التسيري العمومي اجلديد كألية لتدعيم تنافسية وكفاءة املنظمات احلكومية ،جملة آداء املؤسسات اجلزائرية ،عدد
1لسنة .211ص.112
5
3
رابعا:املقصود ابلتسيري العمومي احلديث واملبادئ اليت يقوم عليها
عرفه املعجم
تعود تسمية "التسيري العمومي احلديث" للباحث "كريستوف هود" ،وقد ّ
السويسري للسياسة االجتماعية أبنه ":اجتاه عام لتسيري املنظمات العمومية يستمد أفكاره
من العلوم االقتصادية وعلوم التسيري ومن تقنيات التسيري يف القطاع اخلاص ( يف حني
ويعول عليه معاجلة
يستمد التسيري العمومي احلديث قواعده من العلوم القانونية واإلدارية) ّ
النقائص واالختالالت اليت ميّزت التسيري العمومي التقليدي وخاصة ظاهرة البريوقراطية
إبقحام اإلدارة العمومية يف جو من املنافسة والفعالية وحتقيق النتائج.
يعرف أيضا ":مبجموعة األساليب والتقنيات الرامية على تطوير عملية قيادة القرار
كما ّ
العمومي وحتسني مستوى األداء يف املنظمات اإلدارية العمومية عن طريق تبين تقنيات
وأساليب اإلدارة يف القطاع اخلاص وابلتايل البحث عن اإلجتاه ابإلدارة العمومية حنو إدارة
األعمال القائمة على قياس النتائج واألداء بغرض الرفع من فعالية وآداء املنظمات العمومية
والرفع من جودة اخلدمة العمومية املق ّدمة للمرتفقني.
-اإلعتماد على أسلوب الالمركزية عوضا عن النظام املركزي بغرض إشراك املستوى احمللي يف
عملية القرار والتكفل بشكل أحسن ابنشغاالت املواطنني ابعتبار اهليئات احمللية أقرب إىل
املواطن والقادرة على حل مشاكله ،ذلك أن منوذج الالمركزية يسمح االنتقال من االهتمام
3
تيشان سلوى :المناجمنت العمومي الجديد،مرجع سابق ص 35وعشور طارق ،مرجع سابق ص 14وخالد حيواني :مرجع سابق ص.44
4
تيشان سلوى :المناجمنت العمومي الجديد ،مرجع سابق ص35و عشور طارق :مرجع سابق ،ص 14و خالد حيواني :مرجع سابق .44ص
6
ابإلجراءات إىل االهتمام ابألهداف ومن القرار الفردي إىل أسلوب القرار اجلماعي مع
التخلي عن النموذج الريوقراطي الذي مييّز اإلدارة املركزية.
-اعتماد عنصر املنافسة يف اإلدارة العمومية بغرض حتسني جودة اخلدمات العمومية عن
طريق إدخال آليات السوق ملنافسة القطاع اخلاص.
-تقليص النفقات العمومية وترشيدها ،يف هذا اإلطار جلأت العديد من الدول على
خوصصة املؤسسات العمومية االقتصادية وتسريح العمال واملستخدمني ( كربيطانيا وكندا)
ويف فرنسا ،كان من بني أهداف القانون العضوي املتعلق بقوانني املالية لسنة 2001هو
حتسني أداء اهليئات العمومية وختفيض نفقاهتا واإلنتقال من العمل مبنطق الوسائل إىل منطق
النتائج مع االهتمام مبسألة الشفافية يف تقدمي املعلومات املتعلقة ابمليزانية كما متّت مراجعة
السياسات العمومية سنة 2007بغرض تقليص اإلنفاق العمومي.
-حتسني جودة اخلدمات العمومية واعتبار املواطن ليس مرتفق فحسب ولكن النظر إليه
كزبون جيب إرضاؤه خبدمة عمومية راقية وإدخال التسويق العمومي الذي يسمح مبعرفة
احتياجات املواطنني وقياس مدى رضاهم عن اخلدمات املقدمة ،يف هذا اإلطار استعملت
بلجيكا أسلوب البارومرت لقياس مدى جودة اخلدمة العمومية املسداة من خالل الكشف
عن طبيعة العالقة بني اإلدارة العمومية واملستفيدين من خدماهتا وطبيعة هذه اخلدمات
وكيفية استقبال املواطنني وطريقة التعامل معهم وطريقة تقدمي اخلدمات وقياس مدى رضاهم
عن اخلدمات وفق مؤ ّشرات السرعة والدقة والكفاءة وطريقة املعاملة.
7
5
خامسا:التسيري العمومي احلديث يف منظور بعض العلماء
أ-أوسبورن وجيبالر :يصعب تسيري القطاع العمومي آبليات القطاع اخلاص الختالف
األهداف والوسائل غري أ ّن التسيري العمومي احلديث يرسم طريق للهيئات العمومية لتقدمي
خدمات ذات جودة وبنفس التكاليف بواسطة املؤسسة أو املقاولة ،ومن أهم مبادئه:
-مبدأ التنافسية :الذي يسمح بتطوير وترقية اخلدمة العمومية وكسب رضا الزبون،
-اعتماد آليات وقواعد السوق،
-الرتكيز على النتائج بدل املوارد والوسائل،
-التحفيز ،
-املشاركة يف التسيري والتخلي عن املركزية،
-النظر للمرتفق كزبون وحمور آداء اخلدمة.
5
George A.Larbi : souligne par :
عشور طارق :مرجع سابق ،ص .14وخالد حيواين ،مرجع سابق ،ص37-35
8
-المركزية تسيري الوحدات واهليئات اإلدارية وإقحامها يف املنافسة مع القطاع اخلاص
لضمان فعالية اآلداء وجودة اخلدمة.
د-دافيد جياك :يرى أبن التسيري العمومي احلديث يقوم على إدخال التنافس داخل
وتقرهبا من املرتفقني ملعرفة انشغاالهتم وطموحاهتم
املنظمات اإلدارية بني خمتلف مصاحلها ّ
كما هو احلال ابلنسبة لعمالء املنظمات اخلاصة ،كما يقوم التسيري هنا على معاجلة
املشاكل قبل حدوثها عن طريق التنبؤ هبا وحماولة تفاديها ،إضافة على تفويض السلطة عن
طريق الالمركزية وتبين آليات السوق للقضاء على املمارسات البريوقراطية ووضع مؤ ّشرات
األداء لتقييم أداء املنظمة ومستوى كفاءة التنظيم.
ه-بول ايريو:تقوم الفعالية االقتصادية للمنظمات العمومية على تبين آليات السوق واليت
تعترب أفضل أسلوب لتعظيم االنتاج وتبين فكرة الالمركزية كأسلوب حم ّفز ملوظفي القطاع
العام ( خاصة اجلماعات احمللية) وتشجيع االجتاه حنو خوصصة املؤسسات العمومية وتوجيه
ابلتحرر من قيود القوانني
ّ النشاط احلكومي على أساس النتائج ورضا الزابئن ولو
والتنظيمات واللوائح.كما تبّن فكرة الرقابة املالية مبختلف أشكاهلا لتقييم أداء املنظمة.
9
6
سادسا:مناذج التسيري العمومي احلديث
ب-منوذج الالمركزية :يهدف إىل تقليص حجم األجهزة البريوقراطية عن طريق الالمركزية يف
التسيري واهليكلة.
ج-منوذج البحث عن االمتياز :يعتمد على المركزية القرار واملسؤولية واالهتمام ابألداء
وتطويره واعتماد دورات تكوينية للمستخدمني وتنمية روح االنتماء واملسؤولية لديهم.
د-منوذج التوجه للخدمة العمومية :يقوم على استنساخ طرق التسيري املعتمدة يف القطاع
اخلاص وتطبيقها يف القطاع العمومي مع احلفاظ على خصوصية هذا األخري.
و-منوذج املرونة التنظيمية :يقوم على إبرام عقود بني الدولة واهليئات العمومية مع تفويض
السلطة هلذه األخرية يف إطار المركزية التسيري.
ه-منوذج النوعية :يهتم برأي املرتفق حول اخلدمات اإلدارية املقدمة بقياس درجة اإلشباع.
ي-النموذج التسامهي :يهدف لدور أساسي للمواطنني يف حتديد نوعية اخلدمات املقدمة.
6خالد حيواين :التسيري العمومي اجلديد كمقاربة لرتقية اخلدمة العمومية وحماربة الفساد االداري ،مذكرة ماجستري ،جامعة ابتنة،
.
،2014ص42-40
10
ك-منوذج السوق :حي ّدد السوق بشكل أساسي نوعية اخلدمة وطريقة تسيريها داخل اهليئة
العمومية .
أ-بعد اسرتاتيجي :يقوم على التخطيط واإلدارة ابألهداف وتبسيط اإلجراءات اإلدارية
معتمدا على الالمركزية يف التسيري اإلداري وأسلوب الشراكة بني القطاع العام واخلاص
والدفع حنو خوصصة املؤسسات العمومية.7
ب-بعد مايل :مبين على امليزانيات متعددة السنوات والشفافية مع تقليص العجز وختفيض
التكاليف واستخدام احملاسبة التحليلية اليت تسمح بتسيري النتائج من خالل قياس
املدخالت واملخرجات.
-بعد تسويقي :توظيف التسويق العمومي وحتفيز عناصر التنظيم ( أجور و مردودية) وتبين
أسلوب القرار اجلماعي واستخدام تكنولوجيا اإلعالم واالتصال.
وتتحمل
ّ تشمل اخلدمة العمومية مجيع أنواع اخلدمات اليت جبب أن توفر بشكل إجباري
الدولة مسؤولية توفريها والقيام هبا آداء ومراقبة على قاعدة املساواة .وتعترب خدمة عمومية
كل حاجة ضرورية حلفظ حياة االنسان وأتمني رفاهيته .ويرتبط مفهوم اخلدمة العمومية
مبفهوم املرفق العمومي يف القانون اإلداري والذي يقصد به " املشروع الذي بواسطته يتوىل
7
عاشور طارق :مرجع سابق ،ص.113
11
شخص إداري القيام بعمل لتحقيق منفعة عامة وإشباع حاجات عامة".وتقوم اخلدمة
العمومية على املعايري التالية:
• مبدأ االستمرارية :يعترب مبدأ االستمرارية من املبادئ األساسية اليت يقوم عليها
يسري ابستمرار دون انقطاع يقول
املرفق العمومي وهو يعين أن املرفق جيب أن ّ
األستاذ بومساح "إن مبدأ االستمرارية هو روح املرفق العام حيث ينبع من تصور
جيعل عمل الدولة و األجهزة التابعة هلا يقوم على الدوام و االنتظام ال على
االنقطاع و التوقف و استمرار نشاط املرفق العمومي ضروري يف حياة اجملموعة
الوطنية و توقفه تنجر عنها عواقب وخيمة يف حياة هذه اجلماعة".8
فضمان سري املرافق العمومية جيد جذوره يف الدستور ضمن واجبات السلطة التنفيذية
تنص املادة 112من التعديل الدستوري لسنة " 2020يسهر الوزير األول على حسن
سري اإلدارة العمومية واملرافق العمومية" وكانت املادة 76من دستور 1996قد نصت"
يسهر رئيس اجلمهورية على استمرارية الدولة وتوفري الشروط الالزمة للسري العادي
للمؤسسات ".
-مبدأ تكيّف املرفق العام :يعترب مبدأ تكيّف املرفق العام من املبادئ األساسية اليت يقوم
عليها املرفق العمومي و جتلت أمهيته أكثر يف ظل ثورة املعلومات و التكنولوجيا اليت أصبح
يعيشها العامل اليوم مما يفرض تطوره ابستمرار مع جتديد هياكله ووسائل عمله ليتماشى مع
متطلبات وحاجات املرتفقني يقول األستاذ بومساح " لقد أدركت اإلدارة و املواطن أن فعالية
املرافق العمومية تتحقق بتطبيق مبدأ التكيّف املستمر وهو مبدأ أصبح حيكم النظام
ص8.40 نادية ظريفي :تحوالت المرفق العمومي ،دار هومة ،الجزائر،2011 ،
12
االقتصادي و االجتماعي بكامله و أضحى من متطلّبات الدولة العصرية ألن الدولة اليت
تتميز مرافقها العمومية ابلفعالية هي اليت تكون حظوظها أكرب يف مواجهة التغريات
االجتماعية و املنافسة الدولية يف امليدان االقتصادي .
-السهر على حتسني نوعية خدمات املرافق العامة وحتسني العالقات بني اإلدارة
واملواطن.
-مبدأ املساواة :يعين هذا املبدأ استفادة اجلميع من خدمات املرفق العام وبشكل متساوي
دون متييز بني املرتفقني بغض النظر عن وضعيتهم املادية أو إمكانياهتم املالية فاملرفق العمومي
يقدم خدماته دون متييز تنص املادة 37من التعديل الدستوري لسنة " 2020كل املواطنني
سواسية أمام القانون و ال ميكن أن يتذرع أبي متييز يعود سببه إىل املولد أو العرف أو اجلنس
أو الرأي أو أي شرط أو ظرف آخر شخصي أو اجتماعي" و تضيف املادة ( )35يف هذا
13
اإلطار" تستهدف املؤسسات ضمان مساواة كل املواطنني و املواطنات يف احلقوق و
يسري
الواجبات".كما يقتضي مبدأ املساواة حياد املرفق العمومي و الذي يعين أن هذا األخري ّ
مسري املرفق العمومي منح امتيازات لبعض
طبقا ملقتضيات الصاحل العام فال يستعمل بذلك ّ
املصاحل على حساب املصاحل أخرى و ال يف استعماله كأداة للدعاية واحملسوبية تنص املادة
( )25من التعديل الدستوري لسنة " 2016عدم حتيّز اإلدارة يضمنه القانون".
ويثري هذا املبدأ مسألة جمانية املرفق العمومي و تقدميه للخدمة العمومية دون مقابل ،و
اذا كانت املرافق العمومية مصدر موارد لالدارة العمومية أم على هذه األخرية أتدية اخلدمات
األساسية و لو كانت عدمية املردودية ؟ جييب األستاذ سعيد بن عيسى أبن املرافق العمومية
وتسري حسب مبادئ املرفق العمومي الذي يبقى هدفه األصلي هو تقدمي جيب أن تنشئ ّ
.10
خدمة بشكل مرضي ومضمون حىت ولو كانت املوارد املتأتية منه ال تكفي لتغطية نفقاته
11
اتسعا :مناذج
يف بلجيكا ،استعمل أسلوب البارومرت للكشف عن طبيعة العالقة بني اإلدارة العمومية
واملستفيد من اخلدمة ابلتعرف على طبيعة هذه اخلدمة وكيفية استقباهلا للمواطنني وطريقة
التعامل معهم وقياس مدى رضا املستفيدين من اخلدمة وفق مؤشرات السرعة والدقة
والكفاءة وطريقة املعاملة.
ويف الوالايت املتحدة األمريكية صدرت العديد من الدراسات منها دراسة بعنوان مؤشر
رضا املستهلك األمريكي تقوم بقياس مدى رضا املستفيدين من اخلدمات العمومية اليت
10
Benaissa Said : l’aide de l’Etat aux collectivités locales,Monreal,1983,p146.
11انظر يف هذا اإلطار :تيشان سلوى :املنامجنت العمومي اجلديد كمدخل الصالح اإلدارة العمومية ،اجمللة اجلزائرية للتنمية االقتصادية،
،2018ص.35-34
14
تقدمها احلكومة الفدرالية ومستوى جودهتا ( من خالل إحصاء عدد الشكاوى ونوعيتها
والزمن املستغرق ملعاجلتها) بغرض الرفع من جودهتا .ويف كندا متت دراسات " املواطن أوال"
مسحت لإلدارة احلصول على صورة شاملة آلراء املواطنني عن خمتلف اخلدمات اليت تقدمها
اإلدارات العمومية .ويف الدامنارك تستعمل استمارة ردود الفعل والتشاور مع املواطنني عرب
األنرتنت لقياس مدى رضاهم عن اخلدمات املقدمة.
كما انتشرت يف اورواب بداية سنوات التسعينات " مواثيق اجلودة" .يف بريطانيا
ميثاق"املواطن أوال" وهي وثيقة هتدف للرفع من مستوى نوعية اخلدمات املقدمة للمواطنني
بعد تبين احلكومة لفكرة تعزيز قاعدة القطاع العمومي وجعله قائما على اإلدارة ابلنتائج
إلرضاء الزابئن وتقييم أداء اإلدارات العمومية .ويف فرنسا صدر "ميثاق ماراين"سنة 2005
يلزم اإلدارات العمومية ابالستقبال اجليد ملرتفقيها وتزويد املواطنني إبجاابت مقنعة عن
انشغاالهتم والتجاوب مع شكاويهم يف آجال حمددة.
ويف بريطانيا صدر تقرير عن جملس الوزراء يف 2004حتت عنوان" وضع الشعب يف قلب
اخلدمات العمومية" والذي أحلّ على أن اخلدمة العمومية تق ّدم حسب طلب الزبون ورغبته
حيث له احلرية يف اختيار أسلوب احلصول عليها .نفس الشيء ذهبت إليه الدامنارك سنة
2002ضمن برانمج " املواطن على الرأس" .كما ذهبت ايطاليا إىل إشراك املواطنني يف
ترقية اخلدمات العمومية بعد أن وافقت على األخذ بعني االعتبار يف قطاع الصحة عند
تقييمها ملديري املستشفيات املالحظات املقدمة من طرف مجعيات املواطنني.
يف اجلزائر ،كان من بني أهداف املرسوم الرائسي رقم 372-2000مؤرخ يف 22نوفمرب
2000املتعلق إبحداث جلنة إصالح هياكل الدولة ومهامها 1هو ترقية اخلدمات العمومية،
15
تنص املادة الثانية منه ":تكلف اللّجنة يف إطار مقاربة شاملة ومنسجمة بتحليل وتقييم كافة
جوانب تنظيم الدولة وسريها وابقرتاح اإلصالحات املواتية وهلذا الغرض تتوىل اللجنة:
-دراسة طبيعة جممل املؤسسات العمومية واهليئات اليت تنهض ابخلدمة العامة
ومهامها وقوانينها األساسية وصالهتا مع اإلدارات املركزية واملصاحل املتفرعة للدولة".
16