You are on page 1of 16

‫ملخص حماضرة‬

‫يف مقياس‬
‫التسيري العمومي احلديث‬
‫ملقاة على طلبة السنة األوىل ماسرت ختصص إدارة وتسيري‬
‫اجلماعات احمللية‬
‫املوسم الدراسي ‪2022-2021‬‬

‫األستاذ‪:‬علي بوخالفة ابديس‬

‫‪1‬‬
‫‪1‬‬
‫أوال‪:‬تعريف اإلدارة‬

‫تباينت تعاريف اإلدارة حسب تطور الفكر اإلداري‪:‬‬

‫عرفها اتيلور يف كتابه " مبادئ اإلدارة " على أهنا "املعرفة الدقيقة ملا تريد من‬
‫‪ -‬حيث ّ‬
‫األفراد أن يقوموا به مث التأكد إجنازه أبفضل طريقة وأبقل تكلفة"‪،‬‬

‫أبهنا " علم استخدام كافة املوارد املتاحة لتعظيم الفائدة وحتقيق قيمة تنافسية‬
‫وتعرف أيضا ّ‬
‫‪ّ -‬‬
‫ومفصلة"‪،‬‬
‫من خالل خطة زمنية ترمي لتحقيق أهداف عامة ّ‬
‫تعرف اإلدارة‪ ":‬هي علم وفن إدارة وتسيري كل املوارد املتاحة واستغالهلا استغالال‬
‫‪-‬كما ّ‬
‫أمثل مبا خيدم األهداف التنظيمية من جهة وأهداف اجملتمع من جهة اثنية وفق أسلوب‬
‫علمي وعملي"‪،‬‬

‫وعرفت أيضا" االستخدام الكفء للموارد بغرض حتقيق أهداف خالل فرتة زمنية معينة‬
‫‪ّ -‬‬
‫ضمن عمليات إدارية تتسم ابلفعالية والكفاءة"‪.‬‬

‫وتشمل العمليات اإلدارية وظائف التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة‪ ،‬أما الكفاءة فيقصد‬
‫هبا االقتصاد يف استخدام املوارد املتاحة وحسن االستفادة منها‪ ،‬وتقاس الفعالية مبدى حتقيق‬
‫أهداف املنظمة خالل فرتة زمنية معينة‪.‬‬

‫ويعترب علم اإلدارة من العلوم االجتماعية‪ ،‬فهي علم وفن يف آن واحد يهتم بتصنيف وحتليل‬
‫الظواهر اإلدارية والتنبؤ هبا مع حتليل السلوك اإلنساين يف املنظمات‪ .‬علم ألهنا مؤطرة‬

‫أنظر يف هذا اإلطار‪:‬نورالدين شنويف‪ :‬املنامجنت العمومي‪ ،‬حماضرة ملقاة على املوظفني املرتشحني لرتبة‬
‫‪1‬‬
‫متصرف‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫مبجموعة نظرايت وتعتمد يف عملية اختاذ القرار على التخطيط ورسم االسرتاتيجيات بناء‬
‫على أحباث وجتارب وتعتمد على علوم أخرى مثل العلوم القانونية واإلدارية ( القانون العام‬
‫أساسا ) وعلوم التسيري واالقتصاد وعلم االجتماع‪ .‬كما تعترب اإلدارة فن أيضا العتمادها‬
‫على عنصر املهارة واخلربة يف آداء الوظائف واملهام وتنفيذ املسؤوليات‪.‬‬

‫ومن حيث جماالت اإلدارة‪ ،‬توجد اإلدارة العمومية اليت هتدف إىل توفري اخلدمات العمومية‬
‫وتسيري الربامج والنشاطات املرتبطة بتنفيذ السياسة العامة للدولة وإدارة األعمال اليت هتدف‬
‫إىل حتقيق الربح وقد تكون صناعية أو جتارية أو خدماتية‪.‬‬

‫اثنيا‪:‬قصور النموذج البريوقراطي ملاكس فيب‬

‫عرفت دائرة املعارف الربيطانية البريوقراطية على أهنا " العمل املكتيب الذي يتميّز بدرجة‬
‫عالية من الرتكيز وتسيطر عليه جمموعة من القواعد واإلجراءات اإلدارية "‪ ،‬وهي حسب‬
‫علماء االجتماع ظاهرة تصحب املنظمات الضخمة واملعقدة ومتس النظام اإلداري يف جممله‬
‫وما يتصف به من إجراءات جيب إتباعها للقيام ابلوظائف املختلفة‪.‬‬

‫ويعترب األملاين " ماكس فيرب" أول من نظّر للتنظيم البريوقراطي والذي حسبه يقوم على‪:‬‬

‫‪-‬تقسيم العمل بني األفراد حسب التخصص واملؤهالت‪،‬‬

‫‪-‬التدرج اإلداري السلمي وفق منطق الرقابة واملسؤولية‪،‬‬

‫‪-‬حتديد املسؤوليات والعالقات فيما بني أفراد التنظيم بقواعد ولوائح تنظيمية‪،‬‬

‫‪-‬شغل الوظائف يف التنظيم اإلداري يكون على أساس التعيني وليس االنتخاب لتجنب‬
‫إعاقة العمل اإلداري‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-‬ترقية عناصر التنظيم تكون بناء على األقدمية وحسب املؤهالت‪،‬‬

‫‪-‬حتديد املرتّب يكون حسب أمهية الوظيفة يف السلم اإلداري‪.‬‬

‫وقد كان منوذج التنظيم البريوقراطي ملاكس فيرب يف بدايته ينطوي على صورة اجيابية ابعتباره‬
‫منط لتنظيم اهليكل اإلداري وحتديد الوظائف واملسؤوليات ضمنه والتنسيق بني عناصره‬
‫بشكل يضمن اجناز العمل دون التداخل أو التعارض فيما بينها‪ .‬لكن مع حتوالت الدولة‬
‫والتطورات االقتصادية اليت عرفتها (دولة حارسة‪-‬دولة متدخلة‪-‬دولة رعاية‪-‬دولة ضابطة)‬
‫وكثرة اإلجراءات واملراحل اليت مير هبا العمل اإلداري مع اإللتزام والتقيّد احلريف ابلقوانني‬
‫والتنظيمات واللوائح واالستخدام اخلاطئ وأحياان التعسفي للتسلسل اهلرمي‪ ،‬كلها عوامل‬
‫ّأدت إىل تفشي سلوك الالمباالة والتباطؤ يف أداء املهام اإلدارية وغياب ثقافة اإلتقان‬
‫وجودة اخلدمة العمومية‪.‬‬

‫اثلثا‪:‬ظهور التسيري العمومي احلديث كأسلوب لرتقية اخلدمة العمومية‬

‫يهدف التسيري العمومي احلديث إىل الرقي أبعمال احلكومة ونشاط اإلدارة جلعلها أكثر‬
‫كفاءة وفعالية تق ّدم خدمات ذات جودة من خالل إدخال املنطق االقتصادي واستنساخ‬
‫تقنيات التسيري املتبعة يف القطاع اخلاص للتخفيف من ح ّدة البريوقراطية اليت يعاين منها‬
‫القطاع العمومي‪.‬‬

‫وقد بدأت أفكار التسيري العمومي احلديث مع ظهور األزمة االقتصادية يف أورواب منتصف‬
‫السبعينات بسبب التدخل املفرط للدولة يف احلياة االقتصادية ودعوة علماء االقتصاد إىل‬
‫ضرورة انسحاب تدرجيي للدولة منه كشرط أساسي ملعاجلة االختالالت اليت مير هبا‬
‫(خاصة علماء مدرسة شيكاغو مثل ميلتون فريدمان وظهور مفهوم الدولة الضابطة) وبداية‬
‫‪4‬‬
‫إصالح اإلدارة العمومية بتبين أسلوب تسيري عمومي حديث بدأ يظهر يف دول كربيطانيا‬
‫سنة ‪ 1979‬مع رئيسة الوزراء مارغريت اتتشر مث يف الوالايت املتحدة األمريكية سنة‬
‫‪ 1980‬مع الرئيس روانلد ريغان مث يف كندا سنة ‪ 1984‬مع رئيس الوزراء مريه روين‬
‫وانتقادهم للنموذج اإلداري البريوقراطي الذي أصبح ال يتماشى والتطورات االقتصادية‬
‫التحول حنو اقتصاد السوق احلر‬
‫احلاصلة ودعوهتم إىل ضرورة مباشرة إصالح إداري يواكب ّ‬
‫الذي بدأ ينتشر يف العامل سنوات الثمانينات وتسارع يف بداية التسعينات بعد اهنيار االحتاد‬
‫السوفيايت وسقوط حائط برلني‪.‬‬

‫اجلدول التايل يقارن بني اإلدارة التقليدية والتسيري العمومي احلديث‪:2‬‬

‫التسيري العمومي احلديث‬ ‫اإلدارة التقليدية‬


‫حتقيق النتائج ورضا املرتفق‬ ‫ضرورة احرتام القواعد واالجراءات‬ ‫األهداف‬
‫الالمركزية‬ ‫املركزية‬ ‫التنظيم‬
‫واضح‬ ‫غامض‬ ‫تقاسم املسؤولية‬
‫الكفاءة واالستقاللية‬ ‫تقسيم وجتزئة‬ ‫تنفيذ املهام‬
‫التعاقد‬ ‫املسابقات‬ ‫التوظيف‬
‫الكفاءة واالداء‬ ‫األقدمية‬ ‫الرتقية‬
‫اآلداء‬ ‫املتابعة والتقومي‬ ‫الرقابة‬
‫ترتكز على األهداف‬ ‫ترتكز على الوسائل‬ ‫امليزانية‬

‫‪2‬‬
‫‪Ann Amar et Ludovie Berthier : Le nouveau managment public, souligne par :‬‬
‫عشور طارق‪ :‬مقاربة التسيري العمومي اجلديد كألية لتدعيم تنافسية وكفاءة املنظمات احلكومية‪ ،‬جملة آداء املؤسسات اجلزائرية‪ ،‬عدد‬
‫‪ 1‬لسنة ‪ .211‬ص‪.112‬‬
‫‪5‬‬
‫‪3‬‬
‫رابعا‪:‬املقصود ابلتسيري العمومي احلديث واملبادئ اليت يقوم عليها‬

‫عرفه املعجم‬
‫تعود تسمية "التسيري العمومي احلديث" للباحث "كريستوف هود"‪ ،‬وقد ّ‬
‫السويسري للسياسة االجتماعية أبنه‪ ":‬اجتاه عام لتسيري املنظمات العمومية يستمد أفكاره‬
‫من العلوم االقتصادية وعلوم التسيري ومن تقنيات التسيري يف القطاع اخلاص ( يف حني‬
‫ويعول عليه معاجلة‬
‫يستمد التسيري العمومي احلديث قواعده من العلوم القانونية واإلدارية) ّ‬
‫النقائص واالختالالت اليت ميّزت التسيري العمومي التقليدي وخاصة ظاهرة البريوقراطية‬
‫إبقحام اإلدارة العمومية يف جو من املنافسة والفعالية وحتقيق النتائج‪.‬‬

‫يعرف أيضا‪ ":‬مبجموعة األساليب والتقنيات الرامية على تطوير عملية قيادة القرار‬
‫كما ّ‬
‫العمومي وحتسني مستوى األداء يف املنظمات اإلدارية العمومية عن طريق تبين تقنيات‬
‫وأساليب اإلدارة يف القطاع اخلاص وابلتايل البحث عن اإلجتاه ابإلدارة العمومية حنو إدارة‬
‫األعمال القائمة على قياس النتائج واألداء بغرض الرفع من فعالية وآداء املنظمات العمومية‬
‫والرفع من جودة اخلدمة العمومية املق ّدمة للمرتفقني‪.‬‬

‫ويقوم التسيري العمومي احلديث على جمموعة من املبادئ منها‪:4‬‬

‫‪-‬اإلعتماد على أسلوب الالمركزية عوضا عن النظام املركزي بغرض إشراك املستوى احمللي يف‬
‫عملية القرار والتكفل بشكل أحسن ابنشغاالت املواطنني ابعتبار اهليئات احمللية أقرب إىل‬
‫املواطن والقادرة على حل مشاكله‪ ،‬ذلك أن منوذج الالمركزية يسمح االنتقال من االهتمام‬

‫‪3‬‬
‫تيشان سلوى‪ :‬المناجمنت العمومي الجديد‪،‬مرجع سابق ص ‪ 35‬وعشور طارق‪ ،‬مرجع سابق ص‪ 14‬وخالد حيواني‪ :‬مرجع سابق ص‪.44‬‬
‫‪4‬‬
‫تيشان سلوى‪ :‬المناجمنت العمومي الجديد‪ ،‬مرجع سابق ص‪35‬و عشور طارق‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪14‬و خالد حيواني‪ :‬مرجع سابق ‪.44‬ص‬

‫‪6‬‬
‫ابإلجراءات إىل االهتمام ابألهداف ومن القرار الفردي إىل أسلوب القرار اجلماعي مع‬
‫التخلي عن النموذج الريوقراطي الذي مييّز اإلدارة املركزية‪.‬‬

‫‪-‬اعتماد عنصر املنافسة يف اإلدارة العمومية بغرض حتسني جودة اخلدمات العمومية عن‬
‫طريق إدخال آليات السوق ملنافسة القطاع اخلاص‪.‬‬

‫‪-‬تقليص النفقات العمومية وترشيدها‪ ،‬يف هذا اإلطار جلأت العديد من الدول على‬
‫خوصصة املؤسسات العمومية االقتصادية وتسريح العمال واملستخدمني ( كربيطانيا وكندا)‬
‫ويف فرنسا‪ ،‬كان من بني أهداف القانون العضوي املتعلق بقوانني املالية لسنة ‪ 2001‬هو‬
‫حتسني أداء اهليئات العمومية وختفيض نفقاهتا واإلنتقال من العمل مبنطق الوسائل إىل منطق‬
‫النتائج مع االهتمام مبسألة الشفافية يف تقدمي املعلومات املتعلقة ابمليزانية كما متّت مراجعة‬
‫السياسات العمومية سنة ‪ 2007‬بغرض تقليص اإلنفاق العمومي‪.‬‬

‫‪ -‬حتسني جودة اخلدمات العمومية واعتبار املواطن ليس مرتفق فحسب ولكن النظر إليه‬
‫كزبون جيب إرضاؤه خبدمة عمومية راقية وإدخال التسويق العمومي الذي يسمح مبعرفة‬
‫احتياجات املواطنني وقياس مدى رضاهم عن اخلدمات املقدمة‪ ،‬يف هذا اإلطار استعملت‬
‫بلجيكا أسلوب البارومرت لقياس مدى جودة اخلدمة العمومية املسداة من خالل الكشف‬
‫عن طبيعة العالقة بني اإلدارة العمومية واملستفيدين من خدماهتا وطبيعة هذه اخلدمات‬
‫وكيفية استقبال املواطنني وطريقة التعامل معهم وطريقة تقدمي اخلدمات وقياس مدى رضاهم‬
‫عن اخلدمات وفق مؤ ّشرات السرعة والدقة والكفاءة وطريقة املعاملة‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫‪5‬‬
‫خامسا‪:‬التسيري العمومي احلديث يف منظور بعض العلماء‬

‫أ‪-‬أوسبورن وجيبالر ‪ :‬يصعب تسيري القطاع العمومي آبليات القطاع اخلاص الختالف‬
‫األهداف والوسائل غري أ ّن التسيري العمومي احلديث يرسم طريق للهيئات العمومية لتقدمي‬
‫خدمات ذات جودة وبنفس التكاليف بواسطة املؤسسة أو املقاولة‪ ،‬ومن أهم مبادئه‪:‬‬
‫‪-‬مبدأ التنافسية‪ :‬الذي يسمح بتطوير وترقية اخلدمة العمومية وكسب رضا الزبون‪،‬‬
‫‪-‬اعتماد آليات وقواعد السوق‪،‬‬
‫‪-‬الرتكيز على النتائج بدل املوارد والوسائل‪،‬‬
‫‪-‬التحفيز ‪،‬‬
‫‪-‬املشاركة يف التسيري والتخلي عن املركزية‪،‬‬
‫‪ -‬النظر للمرتفق كزبون وحمور آداء اخلدمة‪.‬‬

‫ب‪-‬بوليت‪ :‬يقوم التسيري العمومي احلديث على‪:‬‬


‫‪-‬ختفيض تكاليف النفقات مع بلوغ احلد األقصى من النتائج واألهداف ( أقل تكلفة مع‬
‫اكرب هدف)‪،‬‬
‫‪-‬المركزية النشاط العمومي وإشراك القطاع اخلاص يف التسيري( اسلوب الشراكة عام‪-‬‬
‫خاص)‪،‬‬
‫‪-‬خلق تنافسية داخل املنظمات العامة عن طريق وضع مؤشرات مثل معايري الكفاءة وحتفيز‬
‫املستخدمني لبلوغها‪،‬‬
‫‪-‬تبين أسلوب التوظيف التعاقدي عوض التوظيف الدائم‪،‬‬

‫‪5‬‬
‫‪George A.Larbi : souligne par :‬‬
‫عشور طارق‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.14‬وخالد حيواين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪37-35‬‬
‫‪8‬‬
‫‪-‬المركزية تسيري الوحدات واهليئات اإلدارية وإقحامها يف املنافسة مع القطاع اخلاص‬
‫لضمان فعالية اآلداء وجودة اخلدمة‪.‬‬

‫حتول املواطن من مرتفق إىل زبون كما هو‬


‫ج‪-‬فينج‪:‬يقوم التسيري العمومي احلديث على ّ‬
‫الوضع يف القطاع اخلاص وابلتايل تلبية حاجاته من اخلدمات العمومية بطريقة راقية‪ ،‬وال‬
‫يتسّن ذلك إالّ مبنح المركزية أكرب يف معاجلة مشاكله وانشغاالته دون العودة إىل اهليئات‬
‫ّ‬
‫املركزية‪.‬‬

‫د‪-‬دافيد جياك‪ :‬يرى أبن التسيري العمومي احلديث يقوم على إدخال التنافس داخل‬
‫وتقرهبا من املرتفقني ملعرفة انشغاالهتم وطموحاهتم‬
‫املنظمات اإلدارية بني خمتلف مصاحلها ّ‬
‫كما هو احلال ابلنسبة لعمالء املنظمات اخلاصة‪ ،‬كما يقوم التسيري هنا على معاجلة‬
‫املشاكل قبل حدوثها عن طريق التنبؤ هبا وحماولة تفاديها‪ ،‬إضافة على تفويض السلطة عن‬
‫طريق الالمركزية وتبين آليات السوق للقضاء على املمارسات البريوقراطية ووضع مؤ ّشرات‬
‫األداء لتقييم أداء املنظمة ومستوى كفاءة التنظيم‪.‬‬

‫ه‪-‬بول ايريو‪:‬تقوم الفعالية االقتصادية للمنظمات العمومية على تبين آليات السوق واليت‬
‫تعترب أفضل أسلوب لتعظيم االنتاج وتبين فكرة الالمركزية كأسلوب حم ّفز ملوظفي القطاع‬
‫العام ( خاصة اجلماعات احمللية) وتشجيع االجتاه حنو خوصصة املؤسسات العمومية وتوجيه‬
‫ابلتحرر من قيود القوانني‬
‫ّ‬ ‫النشاط احلكومي على أساس النتائج ورضا الزابئن ولو‬
‫والتنظيمات واللوائح‪.‬كما تبّن فكرة الرقابة املالية مبختلف أشكاهلا لتقييم أداء املنظمة‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫‪6‬‬
‫سادسا‪:‬مناذج التسيري العمومي احلديث‬

‫أ‪-‬منوذج الكفاءة‪ :‬يهدف إلصالح املرافق العمومية االقتصادية والرفع من كفاءهتا‬


‫ابستخدام أدوات القطاع اخلاص كي تستطيع املنافسة معه‪ ،‬وميكن للدولة واهليئات العمومية‬
‫إبرام عقود تقدمي اخلدمات ( عقد االمتياز مثال) على أساس خمطط يرسم أهداف وحيدد‬
‫نتائج يصبو لبلوغها ما يسمح بقياس آداء هذه اهليئات‪ ،‬وقد ظهرت مفاهيم مل تكن‬
‫موجودة من قبل ( اإلنتاجية‪ ،‬املنافسة‪ ،‬الكفاءة‪.)...‬‬

‫ب‪-‬منوذج الالمركزية‪ :‬يهدف إىل تقليص حجم األجهزة البريوقراطية عن طريق الالمركزية يف‬
‫التسيري واهليكلة‪.‬‬

‫ج‪-‬منوذج البحث عن االمتياز‪ :‬يعتمد على المركزية القرار واملسؤولية واالهتمام ابألداء‬
‫وتطويره واعتماد دورات تكوينية للمستخدمني وتنمية روح االنتماء واملسؤولية لديهم‪.‬‬

‫د‪-‬منوذج التوجه للخدمة العمومية‪ :‬يقوم على استنساخ طرق التسيري املعتمدة يف القطاع‬
‫اخلاص وتطبيقها يف القطاع العمومي مع احلفاظ على خصوصية هذا األخري‪.‬‬

‫و‪-‬منوذج املرونة التنظيمية‪ :‬يقوم على إبرام عقود بني الدولة واهليئات العمومية مع تفويض‬
‫السلطة هلذه األخرية يف إطار المركزية التسيري‪.‬‬

‫ه‪-‬منوذج النوعية‪ :‬يهتم برأي املرتفق حول اخلدمات اإلدارية املقدمة بقياس درجة اإلشباع‪.‬‬

‫ي‪-‬النموذج التسامهي‪ :‬يهدف لدور أساسي للمواطنني يف حتديد نوعية اخلدمات املقدمة‪.‬‬

‫‪ 6‬خالد حيواين‪ :‬التسيري العمومي اجلديد كمقاربة لرتقية اخلدمة العمومية وحماربة الفساد االداري‪ ،‬مذكرة ماجستري‪ ،‬جامعة ابتنة‪،‬‬
‫‪.‬‬
‫‪ ،2014‬ص‪42-40‬‬
‫‪10‬‬
‫ك‪-‬منوذج السوق‪ :‬حي ّدد السوق بشكل أساسي نوعية اخلدمة وطريقة تسيريها داخل اهليئة‬
‫العمومية ‪.‬‬

‫سابعا‪ :‬أبعاد التسيري العمومي احلديث‬

‫أ‪-‬بعد اسرتاتيجي‪ :‬يقوم على التخطيط واإلدارة ابألهداف وتبسيط اإلجراءات اإلدارية‬
‫معتمدا على الالمركزية يف التسيري اإلداري وأسلوب الشراكة بني القطاع العام واخلاص‬
‫والدفع حنو خوصصة املؤسسات العمومية‪.7‬‬

‫ب‪-‬بعد مايل‪ :‬مبين على امليزانيات متعددة السنوات والشفافية مع تقليص العجز وختفيض‬
‫التكاليف واستخدام احملاسبة التحليلية اليت تسمح بتسيري النتائج من خالل قياس‬
‫املدخالت واملخرجات‪.‬‬

‫‪-‬بعد تسويقي‪ :‬توظيف التسويق العمومي وحتفيز عناصر التنظيم ( أجور و مردودية) وتبين‬
‫أسلوب القرار اجلماعي واستخدام تكنولوجيا اإلعالم واالتصال‪.‬‬

‫‪-‬بعد خيص املوارد البشرية‪ :‬تقليص املستخدمني والتحفيز واملكافآت‪.‬‬

‫اثمنا‪:‬تطوير اخلدمة العمومية كهدف أساسي للتسيري العمومي احلديث‬

‫وتتحمل‬
‫ّ‬ ‫تشمل اخلدمة العمومية مجيع أنواع اخلدمات اليت جبب أن توفر بشكل إجباري‬
‫الدولة مسؤولية توفريها والقيام هبا آداء ومراقبة على قاعدة املساواة‪ .‬وتعترب خدمة عمومية‬
‫كل حاجة ضرورية حلفظ حياة االنسان وأتمني رفاهيته‪ .‬ويرتبط مفهوم اخلدمة العمومية‬
‫مبفهوم املرفق العمومي يف القانون اإلداري والذي يقصد به " املشروع الذي بواسطته يتوىل‬

‫‪7‬‬
‫عاشور طارق‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.113‬‬
‫‪11‬‬
‫شخص إداري القيام بعمل لتحقيق منفعة عامة وإشباع حاجات عامة"‪.‬وتقوم اخلدمة‬
‫العمومية على املعايري التالية‪:‬‬

‫• مبدأ االستمرارية ‪ :‬يعترب مبدأ االستمرارية من املبادئ األساسية اليت يقوم عليها‬
‫يسري ابستمرار دون انقطاع يقول‬
‫املرفق العمومي وهو يعين أن املرفق جيب أن ّ‬
‫األستاذ بومساح "إن مبدأ االستمرارية هو روح املرفق العام حيث ينبع من تصور‬
‫جيعل عمل الدولة و األجهزة التابعة هلا يقوم على الدوام و االنتظام ال على‬
‫االنقطاع و التوقف و استمرار نشاط املرفق العمومي ضروري يف حياة اجملموعة‬
‫الوطنية و توقفه تنجر عنها عواقب وخيمة يف حياة هذه اجلماعة"‪.8‬‬

‫فضمان سري املرافق العمومية جيد جذوره يف الدستور ضمن واجبات السلطة التنفيذية‬
‫تنص املادة ‪ 112‬من التعديل الدستوري لسنة ‪ " 2020‬يسهر الوزير األول على حسن‬
‫سري اإلدارة العمومية واملرافق العمومية" وكانت املادة ‪ 76‬من دستور ‪ 1996‬قد نصت"‬
‫يسهر رئيس اجلمهورية على استمرارية الدولة وتوفري الشروط الالزمة للسري العادي‬
‫للمؤسسات "‪.‬‬

‫‪-‬مبدأ تكيّف املرفق العام‪ :‬يعترب مبدأ تكيّف املرفق العام من املبادئ األساسية اليت يقوم‬
‫عليها املرفق العمومي و جتلت أمهيته أكثر يف ظل ثورة املعلومات و التكنولوجيا اليت أصبح‬
‫يعيشها العامل اليوم مما يفرض تطوره ابستمرار مع جتديد هياكله ووسائل عمله ليتماشى مع‬
‫متطلبات وحاجات املرتفقني يقول األستاذ بومساح " لقد أدركت اإلدارة و املواطن أن فعالية‬
‫املرافق العمومية تتحقق بتطبيق مبدأ التكيّف املستمر وهو مبدأ أصبح حيكم النظام‬

‫ص‪8.40‬‬ ‫نادية ظريفي‪ :‬تحوالت المرفق العمومي‪ ،‬دار هومة‪ ،‬الجزائر‪،2011 ،‬‬
‫‪12‬‬
‫االقتصادي و االجتماعي بكامله و أضحى من متطلّبات الدولة العصرية ألن الدولة اليت‬
‫تتميز مرافقها العمومية ابلفعالية هي اليت تكون حظوظها أكرب يف مواجهة التغريات‬
‫االجتماعية و املنافسة الدولية يف امليدان االقتصادي ‪.‬‬

‫تنص املادة (‪ )06‬من املرسوم ‪ 131-88‬املؤرخ يف ‪ 04‬جويلية ‪ 1988‬الذي ينظّم‬


‫العالقات بني اإلدارة واملواطن‪ " 9‬تسهر اإلدارة دوما على تكييف مهامها وهياكلها مع‬
‫احتياجات املواطنني وجيب أن تضع حتت تصرف املواطن خدمة جيدة" لتضيف املادة (‪)21‬‬
‫منه " جيب على اإلدارة حرصا منها على حتسني نوعية خدمتها ابستمرار و حتسني صورهتا‬
‫العامة ابعتبارها تعبريا عن السلطة العمومية وجيب عليها زايدة على ذلك أن تطور أي اجراء‬
‫ضروري لتتالءم دوما مع التقنيات احلديثة يف التنظيم و التسيري"‪ ،‬كما تنص املادة ‪08/02‬‬
‫من املرسوم التنفيذي ‪ 188-90‬املؤرخ يف ‪ 23‬جوان ‪ 1990‬والذي حي ّدد هياكل اإلدارة‬
‫املركزية و أجهزهتا يف الوزارة على اخلصوص مبايلي‪:‬‬

‫‪ -‬السهر على حتسني نوعية خدمات املرافق العامة وحتسني العالقات بني اإلدارة‬
‫واملواطن‪.‬‬

‫‪-‬مبدأ املساواة‪ :‬يعين هذا املبدأ استفادة اجلميع من خدمات املرفق العام وبشكل متساوي‬
‫دون متييز بني املرتفقني بغض النظر عن وضعيتهم املادية أو إمكانياهتم املالية فاملرفق العمومي‬
‫يقدم خدماته دون متييز تنص املادة ‪ 37‬من التعديل الدستوري لسنة ‪ " 2020‬كل املواطنني‬
‫سواسية أمام القانون و ال ميكن أن يتذرع أبي متييز يعود سببه إىل املولد أو العرف أو اجلنس‬
‫أو الرأي أو أي شرط أو ظرف آخر شخصي أو اجتماعي" و تضيف املادة (‪ )35‬يف هذا‬

‫جريدة رمسية رقم ‪ 27‬لسنة ‪.1988‬‬


‫‪9‬‬

‫‪13‬‬
‫اإلطار" تستهدف املؤسسات ضمان مساواة كل املواطنني و املواطنات يف احلقوق و‬
‫يسري‬
‫الواجبات"‪.‬كما يقتضي مبدأ املساواة حياد املرفق العمومي و الذي يعين أن هذا األخري ّ‬
‫مسري املرفق العمومي منح امتيازات لبعض‬
‫طبقا ملقتضيات الصاحل العام فال يستعمل بذلك ّ‬
‫املصاحل على حساب املصاحل أخرى و ال يف استعماله كأداة للدعاية واحملسوبية تنص املادة‬
‫(‪ )25‬من التعديل الدستوري لسنة ‪ " 2016‬عدم حتيّز اإلدارة يضمنه القانون"‪.‬‬

‫ويثري هذا املبدأ مسألة جمانية املرفق العمومي و تقدميه للخدمة العمومية دون مقابل‪ ،‬و‬
‫اذا كانت املرافق العمومية مصدر موارد لالدارة العمومية أم على هذه األخرية أتدية اخلدمات‬
‫األساسية و لو كانت عدمية املردودية ؟ جييب األستاذ سعيد بن عيسى أبن املرافق العمومية‬
‫وتسري حسب مبادئ املرفق العمومي الذي يبقى هدفه األصلي هو تقدمي‬ ‫جيب أن تنشئ ّ‬
‫‪.10‬‬
‫خدمة بشكل مرضي ومضمون حىت ولو كانت املوارد املتأتية منه ال تكفي لتغطية نفقاته‬
‫‪11‬‬
‫اتسعا‪ :‬مناذج‬

‫يف بلجيكا‪ ،‬استعمل أسلوب البارومرت للكشف عن طبيعة العالقة بني اإلدارة العمومية‬
‫واملستفيد من اخلدمة ابلتعرف على طبيعة هذه اخلدمة وكيفية استقباهلا للمواطنني وطريقة‬
‫التعامل معهم وقياس مدى رضا املستفيدين من اخلدمة وفق مؤشرات السرعة والدقة‬
‫والكفاءة وطريقة املعاملة‪.‬‬

‫ويف الوالايت املتحدة األمريكية صدرت العديد من الدراسات منها دراسة بعنوان مؤشر‬
‫رضا املستهلك األمريكي تقوم بقياس مدى رضا املستفيدين من اخلدمات العمومية اليت‬

‫‪10‬‬
‫‪Benaissa Said : l’aide de l’Etat aux collectivités locales,Monreal,1983,p146.‬‬
‫‪ 11‬انظر يف هذا اإلطار‪ :‬تيشان سلوى‪ :‬املنامجنت العمومي اجلديد كمدخل الصالح اإلدارة العمومية‪ ،‬اجمللة اجلزائرية للتنمية االقتصادية‪،‬‬
‫‪،2018‬ص‪.35-34‬‬

‫‪14‬‬
‫تقدمها احلكومة الفدرالية ومستوى جودهتا ( من خالل إحصاء عدد الشكاوى ونوعيتها‬
‫والزمن املستغرق ملعاجلتها) بغرض الرفع من جودهتا‪ .‬ويف كندا متت دراسات " املواطن أوال"‬
‫مسحت لإلدارة احلصول على صورة شاملة آلراء املواطنني عن خمتلف اخلدمات اليت تقدمها‬
‫اإلدارات العمومية‪ .‬ويف الدامنارك تستعمل استمارة ردود الفعل والتشاور مع املواطنني عرب‬
‫األنرتنت لقياس مدى رضاهم عن اخلدمات املقدمة‪.‬‬

‫كما انتشرت يف اورواب بداية سنوات التسعينات " مواثيق اجلودة" ‪ .‬يف بريطانيا‬
‫ميثاق"املواطن أوال" وهي وثيقة هتدف للرفع من مستوى نوعية اخلدمات املقدمة للمواطنني‬
‫بعد تبين احلكومة لفكرة تعزيز قاعدة القطاع العمومي وجعله قائما على اإلدارة ابلنتائج‬
‫إلرضاء الزابئن وتقييم أداء اإلدارات العمومية‪ .‬ويف فرنسا صدر "ميثاق ماراين"سنة ‪2005‬‬
‫يلزم اإلدارات العمومية ابالستقبال اجليد ملرتفقيها وتزويد املواطنني إبجاابت مقنعة عن‬
‫انشغاالهتم والتجاوب مع شكاويهم يف آجال حمددة‪.‬‬

‫ويف بريطانيا صدر تقرير عن جملس الوزراء يف ‪ 2004‬حتت عنوان" وضع الشعب يف قلب‬
‫اخلدمات العمومية" والذي أحلّ على أن اخلدمة العمومية تق ّدم حسب طلب الزبون ورغبته‬
‫حيث له احلرية يف اختيار أسلوب احلصول عليها‪ .‬نفس الشيء ذهبت إليه الدامنارك سنة‬
‫‪ 2002‬ضمن برانمج " املواطن على الرأس"‪ .‬كما ذهبت ايطاليا إىل إشراك املواطنني يف‬
‫ترقية اخلدمات العمومية بعد أن وافقت على األخذ بعني االعتبار يف قطاع الصحة عند‬
‫تقييمها ملديري املستشفيات املالحظات املقدمة من طرف مجعيات املواطنني‪.‬‬

‫يف اجلزائر‪ ،‬كان من بني أهداف املرسوم الرائسي رقم ‪ 372-2000‬مؤرخ يف ‪ 22‬نوفمرب‬
‫‪ 2000‬املتعلق إبحداث جلنة إصالح هياكل الدولة ومهامها‪ 1‬هو ترقية اخلدمات العمومية‪،‬‬

‫‪15‬‬
‫تنص املادة الثانية منه‪ ":‬تكلف اللّجنة يف إطار مقاربة شاملة ومنسجمة بتحليل وتقييم كافة‬
‫جوانب تنظيم الدولة وسريها وابقرتاح اإلصالحات املواتية وهلذا الغرض تتوىل اللجنة‪:‬‬

‫‪-‬دراسة طبيعة جممل املؤسسات العمومية واهليئات اليت تنهض ابخلدمة العامة‬
‫ومهامها وقوانينها األساسية وصالهتا مع اإلدارات املركزية واملصاحل املتفرعة للدولة"‪.‬‬

‫جريدة رمسية رقم ‪ 71‬لسنة ‪.2000‬‬


‫‪1‬‬

‫‪16‬‬

You might also like