You are on page 1of 10

‫املحاضرة السابعة في التـأمين‬

‫سنتطرق في هذه املحاضرة إلى خصائص عقد التأمين من حيث مضمونه‬

‫ومن حيث تنفيذه وتكوينه‪.‬‬

‫يتميز عقد التأمين من حيث مفهومه أي من حيث االلتزامات التي تترتب عليه‪،‬‬
‫بكونه ملزم للجانبين‪ ،‬وكونه عقد معاوضة‪ ،‬وعقد احتمالي‪.‬‬

‫عقد التأمين عقد ملزم للجانبين‬

‫تستخلص هذه الخاصية من تعريف مدونة التأمينات لعقد التأمين كما جاء‬
‫في املادة األولى‪ ":‬اتفاق بين املؤمن واملكتتب من أجل تغطية خطر ما‪ .‬ويحدد هذا‬
‫االتفاق التزاماتهما املتبادلة‪.‬‬

‫ويجد كل طرف من عقد التأمين سبب التزاماته في التزام الطرف اآلخر‪ ،‬فيلتزم‬
‫املؤمن له بأداء قسط التأمين‪ ،‬ويلتزم املؤمن بالضمان‪ ،‬وتكون بذلك العالقة بين‬
‫طرفي عقد التأمين عالقة تبادلية‪.‬‬

‫وال تنتفي على عقد التأمين هذه الخاصية واقعة عدم تحقيق الخطر خالل‬
‫فترة العقد‪ ،‬وعدم أداء أي ش يء‪ ،‬ألن العبرة في اعتبار العقد ملزم للجانبين هو تقابل‬
‫االلتزامات وقت إبرام العقد وليس وقت تنفيذه‪.‬‬
‫‪-‬عقد التأمين عقد معاوضة‬

‫يأخذ كل من طرفي عقد التأمين مقابال ملا يعطيه‪ ،‬املؤمن يحصل على أقساط‬
‫التأمين في مقابل تغطية الخطر التي يوفرها للمؤمن له‪ ،‬وهذا األخير يحصل على‬
‫ضمان الخطر الذي يهدده مقابل القسط الذي يدفعه‪ ،‬فهناك إذن تبادل املنافع بين‬
‫طرفيه‪.‬‬

‫‪-‬عقد التأمين عقد احتمالي‬

‫يعتبر عقد التأمين من العقود التي ال يعرف فيها املتعاقدان أو أحدهما وقت‬
‫التعاقد مقدار ما سيعطي ومقدار ما سيأخذ من العقد‪ ،‬ألن ذلك يتحدد في‬
‫املستقبل وفقا ألمر غير محقق الوقوع‪ ،‬أو غير معروف وقت وقوعه‪.‬‬
‫ً‬
‫ويعد عقد التأمين عقدا احتماليا من الناحية القانونية ومن الناحية الفنية‪،‬‬
‫ً‬
‫منظم على أسس تجعله بالنسبة للمؤمن بمنأى عن كل احتمال‪ ،‬فهو يجمع عددا‬
‫ً‬
‫كبيرا من األخطار وتجري املقاصة بينهما وفقا لقوانين اإلحصاء‪ ،‬بشكل يمكنه من‬
‫معرفة مقدار ما سيدفعه من تعويضات ومقدار ما يجب جمعه من أقساط‪.‬‬

‫‪-‬خصائص تنفيذ عقد التأمين‬

‫لعقد التامين من ناحية تنفيذه خاصية كونه من العقود الزمنية ومن عقود‬
‫حسن النية‪.‬‬
‫‪-‬عقد التأمين عقد زمني‬

‫عقد التأمين من العقود الزمنية أو املدة يكون تنفيذه يستمر في إنتاج آثاره‬
‫ً‬
‫ملدة معينة‪ ،‬وينظم قانون التأمين مدته وشروط صحته‪ ،‬ويعتبر الزمن عنصرا‬
‫أساسيا في التأمين‪ ،‬وله دور جوهري في تكوينه‪ ،‬وفي االلتزامات املترتبة عنه بالنسبة‬
‫للمؤمن أو املؤمن له على حد سواء‪.‬‬

‫ويلزم املؤمن بتحمل الخطر املؤمن منه طوال مدة التأمين‪ ،‬وال يستطيع أن‬
‫يفي بالتزامه في مدة أقل من املدة املتفق عليها‪.‬‬

‫فاملؤمن له بالرغم من أنه يلتزم بأداء القسط دفعة واحدة عن كل مدة‬


‫التأمين‪ ،‬فإنه يظل ملتزما باملحافظة على الخطر بالحالة التي كان عليها وقت إبرام‬
‫العقد‪ ،‬أي أنه يمتنع عن كل ما من شأنه أن يؤدي تشديد الخطر‪.‬‬

‫ويترتب عن اعتبار عقد التأمين من عقود املدة أنه‪ ،‬في حالة فسخ العقد‬
‫بسبب عدم أداء القسط‪ ،‬فإن ذلك ال يكون بأثر رجعي ر كما هو حال العقود امللزمة‬
‫للجانبين‪ ،‬إنما ينتهي بالنسبة للمستقبل‪ ،‬وال يحق للمؤمن له استرداد ما أداه من‬
‫أقساط دون املدة السابقة عن الفسخ ألنها كانت مقابل خطر تحمله املؤمن فعال‪.‬‬

‫وينتج عن ذلك أن عقد التأمين ينتهي بقوة القانون إذا استحال تنفيذه أحد‬
‫طرفيه اللتزاماته التعاقدية كهالك الش يء املؤمن له مثال‪.‬‬
‫كما أن عقد التأمين من عقود حسن النية‬

‫تتطلب كافة العقود حسن النية من تنفيذها‪ ،‬غير أن عقد التأمين يتميز بأن‬
‫حسن النية يلعب دورا في انعقاده وفي تنفيذه أكثر من الدور الذي يلعبه في أي عقد‬
‫آخر‪.‬‬

‫فيجب عند انعقاده أن يتحلى املؤمن له بحسن النية في تصريحاته املتعلقة‬


‫بالخطر املزمع التأمين عنها‪ ،‬ألن قبول املؤمن للتأمين عليه يتوقف على البيانات التي‬
‫يدلى بها املؤمن له‪ ،‬فوجب إذن أن تكون تلك البيانات متسمة بالصدق والنزاهة‪.‬‬

‫وعند تنفيذ العقد‪ ،‬على املؤمن له أن يمتنع عن كل ما من شأنه زيادة الخطر‬


‫املؤمن منه‪ ،‬عليه أن يخبر املؤمن بكل ظرف يؤدي إلى زيادة درجة احتمال حدوثه أو‬
‫زيادة درجة جسامته‪ ،‬كما أن على املؤمن بدوره أن يتحلى بحسن النية في تنفيذ‬
‫التزامه بالتعويض من حالة تحقق الخطر‪ ،‬وقد رتب املشرع على هذا االلتزام بشقيه‬
‫جزاءات صارمة قد تصل إلى سقوط الحق في التأمين‪.‬‬
‫تكوين عقد التامين‬
‫ينعقد عقد التأمين من الناحية القانونية بتوفر سائر أركانه مثله مثل كافة‬
‫العقود‪ .‬إال أن إبرامه من الناحية العملية يقتض ي املرور بمجموعة من املراحل علينا‬
‫اإلملام بها‪ .‬لذلك فإننا سندرس في فرع أول كيفية إبرام عقد التأمين من الناحية‬
‫القانونية على أن ندرس في فرع ثاني كيفية إبرامه من الناحية العملية‪.‬‬

‫‪-‬إبرام عقد التأمين من الناحية القانونية‬

‫يشترط إلبرام عقد التأمين من الناحية القانونية توافر سائر أركان االنعقاد‬
‫التي هي الرضاء واألهلية واملحل والسبب‪.‬‬

‫غير أنه ملا كان يتعدد املتدخلون في العملية التأمينية‪ ،‬فإنه علينا أن نحدد أوال‬
‫من يعتبر منهم طرفا في عقد التأمين قبل أن ندرس أركان عقد التأمين‪.‬‬

‫طرفا عقد التأمين‬

‫طرفا عقد التأمين هما املؤمن واملؤمن له‪.‬‬

‫‪-‬املؤمن‬

‫املؤمن هو مقاوالت التأمين املسموح لها بمباشرة عمليات التأمين‪ ،‬وغالبا ما‬
‫تتخذ شكل شركة مساهمة‪ ،‬غير أنها قد تتخذ شكل شركة تعاضدية‪ .‬وال تثير هذه‬
‫األخيرة صعوبة خاصة‪ ،‬إذ أن كل عضو فيها يعتبر مؤمنا ومؤمنا له‪.‬‬

‫وممارسة التأمين في املغرب يتوقف على الحصول على رخصة من وزير املالية‬
‫بناء على طلب يقدم في هذا الشأن إلى مديرية التأمين‪.‬‬
‫ولقد حصر املشرع تأمين األخطار املوجودة في املغرب واألشخاص املقيمين به‬
‫وكذلك املسؤوليات املرتبطة بتلك األخطار واألشخاص بواسطة عقود تكتبها وتديرها‬
‫مقاوالت التأمين املعتمدة باملغرب‪.‬‬

‫وتقوم مقاوالت التأمين بعرض عمليات التأمين على العموم إما مباشرة أو‬
‫بواسطة وسطاء أو سعاة للتأمين‪.‬‬

‫‪-‬عرض عمليات التأمين مباشرة من قبل شركة التأمين‬

‫على خالق النص القديم الذي لم يكن يجيز لشركة التأمين عرض عمليات‬
‫التأمين مباشرة على الجمهور إال في حاالت ضيقة حددها مرسوم ‪ 12‬ديسمبر ‪2711‬‬
‫فإن املدونة الجديدة سمحت بذلك العرض وقيدته فقط بوجوب الحصول على إذن‬
‫مسبق من اإلدارة ‪.‬‬

‫‪ -‬عرض عمليات التأمين من قبل وسطاء التأمين‬

‫يتألف وسطاء التأمين من شركات السمسرة ومن وكالء التأمين‪.‬‬

‫‪-‬شركات السمسرة في التأمين‬

‫على خالف النص القديم الذي يفتح باب السمسرة في التأمين أمام كل شخص‬
‫ذاتي أو اعتباري فإن مدونة التأمينات الجديدة حصرت ذلك في شركات السمسرة في‬
‫التأمين املعتمدة من قبل اإلدارة على أن تتخذ شكل شركة مساهمة أو شركة ذات‬
‫مسؤولية محدودة‪ .‬وهذا تدبير قصد منه املشرع تطهير قطاع السمسرة في التأمين‬
‫الذي عرف تجاوزات كثيرة دفعت السلطات املختصة إلى تعليق منح التراخيص فيه‬
‫منذ سنوات عديدة‪.‬‬
‫فتقوم بالبحث على العمالء وتعرض عليهم التأمين الذي يناسبهم وفق‬
‫الشروط التي تكون قد حددتها شركة التأمين التي انصبت للوساطة لديها مقابل‬
‫عمولة‪ ،‬والعمالء هم الذين يتعاقدون مباشرة مع شركة التأمين‪.‬‬

‫غير أنه قد تتمتع شركة السمسرة في التأمين ببعض الصالحيات تتعلق بتنفيذ‬
‫العقد مثل تسليم وثيقة التأمين إلى املؤمن له بعد الحصول عليها من شركة التأمين‪،‬‬
‫وكذلك تسلم البيانات من املؤمن لهم أثناء سريان العقد من أجل تسليمها إلى شركة‬
‫التأمين‪ ،‬وتسلم التصريحات بحصول الخطر‪ .‬لكن متى كان لها سلطة قبض القسط‬
‫لفائدة هذه األخيرة فإنها تعتبر حينئذ ممثلة لها كذلك‪.‬‬

‫أما بشأن تسلم شركات السمسرة لتعويضات الحوادث من شركة التأمين‬


‫ألجل دفعها إلى أصحابها املؤمن لهم فقد استوجب فيه املشرع الحصول على توكيل‬
‫خاص من شركة التأمين‪ .‬والواضح أن هدف املشرع فيما سبق هو الحد من‬
‫التجاوزات في هذا املجال حيث كان العديد منهم يتسلم التعويضات ويماطل في دفعها‬
‫إلى أصح ابها‪ .‬من هنا فاملشرع إذ اشترط التوكيل الخاص فقد قصد بذلك تحميل‬
‫شركات التأمين املسؤولية عن تلك التعويضات تجاه املستفيدين‪.‬‬

‫‪-‬وكالء التأمين‬

‫وكالء التأمين هم أشخاص ذاتيين أو معنويون يتوفرون على توكيل خاص من‬
‫شركة التأمين‪ ،‬ليعرضوا على العموم‪ ،‬مقابل عمولة‪ ،‬عمليات التأمين لحساب هذه‬
‫األخيرة ‪.‬‬
‫وعندما يكون وكيل التأمين شخصا معنويا‪ ،‬فإن عليه أن يتخذ شكل شركة‬
‫مساهمة أو شركة ذات مسؤولية محدودة‪.‬‬

‫ويمكن التمييز بين نوعين من أعوان التأمين انطالقا من السلطات التي يخولها‬
‫لهم عقد التوكيل‪ :‬فهناك الوكيل املفوض‪ ،‬وهناك املندوب ذو التوكيل العام‪.‬‬

‫‪ -‬فالوكيل املفوض‪ :‬هو الذي يخوله عقد توكيله سلطة التفاوض مع الزبائن‪،‬‬
‫ويعطي له صالحية تعديل شروط عقد التأمين ومد مدته وإنهائه‪.‬‬

‫أما املندوب ذو التوكيل العام‪ :‬فهو الذي ال يخوله عقد توكيله سلطة التعاقد‬
‫مع الزبائن إال وفق الشروط العامة املحددة من قبل الشركة‪.‬‬

‫‪-‬عرض عمليات التأمين من قبل سعاة التأمين‬

‫"سعاة التأمين" هم األشخاص الذاتيين املأجورون الذين تنتدبهم شركات‬


‫التأمين أو وسطاء التأمين للسعي إلبرام عقود التأمين‪ ،‬فيقومون بزيارات اعتيادية‬
‫ألماكن السكنى أو العمل أو لألماكن العمومية للدعاية لالكتتاب في عقود التأمين‪،‬‬
‫وهم ال يتوفرون على صفة وسيط التأمين‪..‬‬

‫ويالحظ أن مزاولة مهنة ساعي التأمين تتوقف على الحصول على بطاقة مهنية‬
‫من شركة أو وسيط التأمين ملدة سنة قابلة للتجديد‪.‬‬

‫املؤمن له‬
‫املؤمن له هو الطرف الثاني في عقد التأمين‪ .‬وهو في الغالب‪ ،‬وخاصة في التأمين‬
‫على األضرار يجمع بين صفات ثالثة‪:‬‬
‫‪-‬صفة املكتتب أو املتعاقد‪ :‬وهو الذي يبرم عقد التأمين سواء لحسابه أو‬
‫لحساب الغير فيلتزم من تم بتنفيذ االلتزامات الناشئة عنه‪ ،‬وخاصة تسديد‬
‫القسط‪ ،‬واملقابلة اللتزامات املؤمن‪.‬‬

‫‪-‬صفة املؤمن له‪ :‬وهو الشخص الذي يتهدده الخطر املؤمن منه سواء في أماله‬
‫أو في شخصه‪.‬‬

‫‪-‬صفة املستفيد‪ :‬وهو الشخص الذي يعينه مكتتب التأمين ليستحق له مبلغ‬
‫التأمين عند تحقق الخطر املؤمن منه‪.‬‬

‫غير أنه قد تتفرق هذه الصفات بين أشخاص متعددين‪ .‬وغالبا ما يكون ذلك‬
‫في التأمين على األشخاص‪ .‬ويتحقق ذلك في أحد الصور التالية‪:‬‬

‫‪ -‬عندما يكون املكتتب واملستفيد شخصا واحدا واملؤمن له شخصا آخر‪،‬‬


‫وذلك كأن يؤمن شخص لصالحه على حياة مدينه‪ ،‬بحيث يكون الدائن هو في نفس‬
‫الوقت املكتتب واملستفيد من مبلغ التأمين عند وفاة مدينه ويكون هذا األخير هو‬
‫املؤمن له‪.‬‬

‫‪ -‬عندما يكون املكتتب هو املؤمن له ويكون املستفيد شخصا آخر‪ ،‬وذلك كما‬
‫في التأمين على الحياة الذي يعقده شخص لفائدة أوالده‪.‬‬

‫‪ -‬عندما يكون املكتتب شخص واملؤمن له واملستفيد شخصا آخر‪ ،‬كما في‬
‫التأمين على البضاعة الذي يعقده البائع ملصلحة املشتري‪ ،‬حيث يكون البائع هو‬
‫املكتتب واملشتري الذي أصبحت البضاعة في ملكه هو املؤمن له واملستفيد في نفس‬
‫الوقت‪.‬‬
‫‪ -‬عندما تتفرق الصفات الثالثة على أشخاص مختلفين‪ ،‬كما في تأمين الشخص على‬

‫حياة أبيه ملصلحة أوالده‪ ،‬حيث يكون هو املكتتب‪ ،‬وأبوه هو املؤمن له‪ ،‬وأبناؤه هم‬

‫املستفيدون‬

You might also like