You are on page 1of 11

‫الكلية المتعددة التخصصات بالرشيدية‬

‫شعبة القانون‬
‫مسار القانون الخاص‬

‫المحاضرة الثالثة‬
‫إعــداد اﻷستــاذ‪ :‬لعـــديري عبد العالي‬

‫الموسم الجامعي‬
‫‪2021/2020‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬عقد التأمين‪.‬‬

‫المبحث اﻷول‪ :‬مفهوم عقد التأمين‬


‫وخصائصه‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬صور عقد التأمين‪.‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬أطراف عقد وعناصره‬


‫وكيفية ابرامه ‪.‬‬

‫المبحث الرابع ‪ :‬انتهاء عقد التأمين‬


‫وتقادمه‬
‫المبحث اﻷول‪ :‬مفهوم عقد التأمين وخصائصه‪.‬‬
‫المطلب اﻷول ‪ :‬تعريف عقد التأمين ‪.‬‬
‫يمكن القول بأن التأمين في مفهومه البسيط إعطاء اﻷمان من أجل مواجهة‬
‫الخطر المحتمل وقوعه في المستقبل‪ ،‬و ذلك حتى يعطي الثقة الﻼزمة للمستثمر‬
‫من أجل اختراق عالمه المجهول وهي بيئة اﻻستثمار‪.‬‬
‫التأمين لغة هو أ ّمن‪ ،‬أي اطمأن و زال خوفه‪ ،‬و هو بمعنى سكن قلبه‪ ،‬و‬
‫كذلك تستعمل كلمة‬
‫اﻷمن عند الخوف‪ ،‬و من ذلك قوله تعالى في سورة قريش اﻵية الرابعة‪:‬‬
‫ف" و‬ ‫وعٍ َو َءا َمنَ ُهم ِ ّم ْن خ َْو ٍ‬ ‫ط َع َم ُهم ِّمن ُج ۢ‬ ‫ِى أ َ ْ‬‫بعد بسم ﷲ الرحمن الرحيم " ٱلﱠذ ٓ‬
‫ْت َمثَابَةً ِللنﱠ ِ‬
‫اس‬ ‫كذلك قوله تعالى في اﻵية ‪ 125‬من سورة البقرة ‪َ " :‬و ِإ ْذ َج َع ْلنَا ْالبَي َ‬
‫يم َو ِإ ْس َما ِعي َل أ َ ْن َ‬
‫ط ِ ّه َرا‬ ‫صلى َو َع ِه ْدنَا ِإلَ ٰى ِإب َْرا ِه َ‬ ‫َوأ َ ْمنًا َوات ﱠ ِخذُوا ِم ْن َمقَ ِام ِإب َْرا ِه َ‬
‫يم ُم َ‬
‫س ُجودِ‪" .‬‬ ‫لطا ِئ ِفينَ َو ْال َعا ِك ِفينَ َو ﱡ‬
‫الر ﱠكعِ ال ﱡ‬ ‫ي ِل ﱠ‬ ‫َب ْي ِت َ‬
‫لقد لجأ اﻹنسان إلى عدة وسائل لتغطية اﻷضرار الناتجة عن المخاطر التي‬
‫تصيبه في حياته منها اﻻدخار‪ ،‬التضامن‪ ،‬لكن تبين مع مرور الزمن أنها غير‬
‫كافية لمواجهة ما يتعرض له فاهتدى إلى فكرة جديدة تقوم على أساس تضامن‬
‫الجماعة و هدفها اﻷساسي التعاون على تغطية الضرر التي قد يصيب أحد أفراد‬
‫الجماعة‪ ،‬فتضمن له اﻷمن و اﻷمان‪ ،‬ومن هنا اشتقت كلمة التأمين ‪.‬‬
‫أما بالنسبة للمفهوم القانوني وبالنظر إلى مدونة التأمينات القانون رقم‬
‫‪ ، 17.99‬نجد المشرع وعلى خﻼف نهجه في عدم إعطاء تعريفات قانونية لعدة‬
‫مفاهيم قانونية تارك المجال للفقه والقضاء‪ ،‬أورد تعريف لعقد التأمين في المادة‬
‫اﻻولى من القانون السالف الذكر بالقول ‪:‬‬
‫" عقد التأمين‪ :‬اتفاق بين المؤمن والمكتتب من أجل تغطية خطر ما ‪.‬ويحدد‬
‫هذا اﻻتفاق التزاماتهما المتبادل‪".‬‬
‫هذا فيما يخص المشرع المغربي اما عن التشريعات المقارنة فقد كانت‬
‫التعاريف متقاربة بحيث نجد المشرع المصري في المادة ‪ 747‬من القانون‬
‫المدني بأنه‪ " :‬عقد يلتزم به المؤمن بمقتضاه أن يؤدي إلى المؤمن له أو المستفيد‬
‫الذي اشترط التأمين لصالحه مبلغا من المال أو ايرادا مرتبا أو أي عوض مالي‬
‫آخر في حالة وقوع الحادث أو تحقق الخطر المبين في العقد وذلك في نظير قسط‬
‫أو أية دفع مالية آخرى يؤديها المؤمن له للمؤمن‪".‬‬
‫و لقد عرف المشرع الجزائري في المادة ‪ 619‬من القانون المدني الجزائري‬
‫‪ ":‬التأمين عقد يلتزم المؤمن بمقتضاه أن يؤدي إلى المؤمن له أو إلى المستفيد‬
‫الذي اشترط التأمين لصالحه مبلغ من المال‪ ،‬في حالة وقوع الحادث أو تحقيق‬
‫الخطر المبين في العقد و ذلك مقابل قسط أو أية دفعة مالية أخرى يؤدي بها‬
‫المؤّ من له للمؤمن"‬
‫أما المشرع اللبناني فيعرفه في المادة ‪ 950‬من قانون الموجبات والعقود‬
‫بأنه‪ " :‬الضمان هو عقد بمقتضاه يلتزم شخص يقال له الضامن ببعض الموجبات‬
‫عند نزول بعض الطوارئ بشخص المضمون أو بأمواله مقابل دفع بدل يسمى‬
‫القسط أو الفريضة‪".‬‬
‫هذه التعريفات المقدمة لعقد التأمين‪ ،‬كانت محل انتقاد من طرف الفقه لعدة‬
‫اسباب أهمها‪ ،‬أنها حصرت عقد التأمين في عقد بين طرفين مؤمن ومؤمن له‬
‫ينشئ التزامات وحقوق في ذمة اﻻطراف دون اﻻشارة الى ما يرتبه من تعاون‬
‫بين المؤمن لهم لمواجهة اﻷخطار‪ ،‬هذا يعني عدم النص الصريح على اﻷساس‬
‫الفني للتأمين المتجسدة في التكافل بين المؤمن لهم‪.‬‬
‫وقد أورد الفقه عدة تعريفات أهمها التعاريف التالية‪:‬‬
‫بحسب الفقيه جيرار‪ " :‬التأمين عملية تستند إلى عقد احتمالي من عقود الضرر‬
‫ملزم للجانبين يتضمن لشخص معين مهدد بوقوع خطر معين المقابل الكامل‬
‫للضرر الفعلي الذي يسبب هذا الخطر له‪".‬‬
‫وحسب " ‪ Besson :‬التأمين هو عملية بمقتضاها يتعهد طرف يسمى المؤّ من تجاه‬
‫طرف آخر يسمى الم ّؤمن له مقابل قسط يدفعه هذا اﻷخير له بأن يعوضه عن‬
‫الخسارة التي ألحقت به في حالة تحقيق الخطر"‪.‬‬
‫كما عرفه الفقيه القانوني الفرنسي )بﻼنيول( بأنه " عقد يتعهد بمقتضاه‬
‫شخص يسمى المؤمن أن يعوض شخصا آخر يسمى المؤمن له عن خسارة‬
‫احتمالية يتعرض لها هذا اﻷخير مقابل مبلغ مالي يقوم المؤمن له بدفعه للمؤمن‪".‬‬
‫يعاب على هذا اﻻتجاه انه يركز على تأمين اﻻضرار دون اﻷشخاص‪.‬‬
‫وهناك تعريف لدى أحد الخبراء اﻻقتصاديين "فريدمان" بأن‪ " :‬الفرد الذي‬
‫يقوم بشراء تأمينات من الحريق على منزله‪ ،‬يفضل تحمل خسارة مالية صغيرة‬
‫مؤكدة‪ ،‬بدﻻ من أن يبقى متحمﻼ احتمال خسارة مالية كبيرة"‪ .‬ايضا عيب على‬
‫هذا التعريف اقتصاره على الجانب اﻻقتصادي فقط دون غيره‪.‬‬
‫هكذا يتبين‪ ،‬أن هناك تعدد للتعريفات التشريعية والفقهية لعقد التأمين‪ ،‬وفي‬
‫اعتقادي أجد أن التعريف اﻻقرب للصواب له هو عبارة عن عقد بين الم ّؤمن و‬
‫الم ّؤمن له‪ ،‬يلتزم اﻷول بدفع القسط‪ ،‬و الثاني بدفع مبلغ التأمين محددا أو ايراد‬
‫مرتبا أو أي تعويض آخر متفق عليه في حالة وقوع الخطر للمؤمن له أو ﻷي‬
‫شخص يعينه المكتتب لهذا العقد ويسمى المستفيد‪ ،‬و يعتبر هذا الضمان جوهر‬
‫العملية التأمينية و تحقيقه يبقى محتمﻼ غير مؤكد و غير مستبعد في آن واحد‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬خصائص عقد التأمين‪.‬‬
‫يعتبر عقد التأمين‪ ،‬أداة قانونية تنظم العﻼقة بين المؤمن بعمﻼئه المؤمن لهم‬
‫‪ ،‬وهو منظم بموجب القانون رقم ‪ 17.99‬أعاد فيه المشرع المغربي النص على‬
‫جل مقتضيات القرار الوزيري ‪ 28‬نوفمبر ‪ 1934‬المتعلق بالتأمين البري‪ ،‬مع‬
‫إعادة النظر في صياغة وإدخال تعديﻼت جديدة‪.‬‬
‫و بما أن عقد التأمين من العقود المدنية فهو يخضع ﻷحكام العقد العامة‬
‫المنصوص عليها في قانون اﻻلتزامات والعقود‪ .‬باﻹضافة لخضوعه ﻷحكام‬
‫الخاصة الواردة في مدونة التأمينات‪.‬‬
‫بهذا فعقد التأمين يتميز بمجموعة من الخصائص يمكن تقسيمها إلى عامة‬
‫وآخري خاصة‪.‬‬
‫الفقرة اﻷولى‪ :‬الخصائص العامة لعقد التأمين‪.‬‬
‫هناك مجموعة من الخصائص العامة لعقد التأمين منها‪:‬‬
‫‪ -1‬الرضائية‪:‬‬
‫أي أن عقد التأمين هو عقد رضائي يكفي ﻻنعقاده توافر إيجاب وقبول‬
‫طرفيه‪ ،‬وهذه الرضائية مفترضة وموجودة حتى في التأمين اﻹجباري كما في‬
‫التأمين اﻹلزامي الناشئة عن حوادث السيارات ومستلزمات اﻷمن المهني أو‬
‫الصناعي‪ .‬والكتابة في هذا العقد‪ ،‬هي شرط لﻸثبات وليس لﻼنعقاد‪ ،‬بالرغم من‬
‫النص على شرط الكتابة في المادة ‪ 11‬من مدونة التأمينات بالقول‪:‬‬
‫" يجب أن يحرر عقد التأمين كتابة بحروف بارزة‪ "...‬فالكتابة هي لﻸثبات‬
‫والدليل على دلك هو أن هذه المادة جاءت في الباب الثاني المتعلق بإثبات عقد‬
‫التأمين وأشكال العقود وطرق انتقالها‪ ،‬ويجوز اﻻتفاق لجعل الكتابة شرط‬
‫لﻼنعقاد‪.‬‬
‫‪ -2‬عقد التأمين عقد تبادلي‪:‬‬
‫يقصد بذلك أنه عقد يرتب التزامات متبادلة بين الطرفين‪ ،‬عند التعاقد وأثناء‬
‫العقد وبعد تحقق الخطر فهو عقد ملزم للجانبين‪.‬‬
‫فهو إذا ً يبرز صفات والتزامات تبادلية فيتعهد المؤمن بتحمل الخطر المؤمن‬
‫ضده في مقابل التزام المؤمن له بدفع اﻷقساط‪.‬‬
‫‪3‬ـ عقد التأمين عقد معاوضة‪:‬‬
‫أي أن كل طرف فيه يعطي مقابﻼً لما يأخذ‪ ،‬فيدفع المؤمن له اﻷقساط‬
‫ويتحمل المؤمن تبعة الخطر فيدفع للمؤمن له مبلغ التأمين عند تحقق الخطر‬
‫المؤمن منه‪ ،‬وذلك ﻷن الخطر ذو صفة احتمالية‪ ،‬وهذه اﻻحتمالية هي أيضا ً صفة‬
‫ﻻزمة في عقود المعاوضة‪.‬‬
‫‪ 4‬ــ عقد التأمين عقد زمني‪:‬‬
‫فهو عقد محدد المدة‪ ،‬ومعنى ذلك أن عقد التأمين عقد زمني يعقد لزمن معين‬
‫يرتبط به وضمن زمنه طرفا العقد‪ ،‬فيلزم المؤمن لمدة معينة يتحمل فيها تبعة‬
‫الخطر المؤمن منه بدءا ً من تاريخ معين وإلى نهاية تاريخ معين‪ ،‬وأيضا ً بالمقابل‬
‫يلتزم المؤمن له في ذات المدة بأداء أقساط طوال هذه المدة‪ .‬وعليه فإن عقد‬
‫التأمين يترتب عليه كونه عقد زمني أنه إذا أفسخ هذا العقد أو انفسخ فإن انحﻼله‬
‫يكون من وقت الفسخ ﻻ من وقت نشؤه فيكون ما نفذ منه حتى ذلك التاريخ ساريا ً‬
‫وقائما‪ .‬بمعنى انحصار آثار الفسخ على المرحلة المستقبلية وﻻ يسري بأثر‬
‫رجعي‪.‬‬
‫‪ 5‬ــ عقد التأمين مدني تارة وعمﻼً تجاريا ً تارة أخرى‪:‬‬
‫يوصف عقد التأمين بأنه عمل مدني تارة وتارة أخرى عمﻼً تجارياً‪ ،‬وذلك‬
‫بحسب صفة كل من طرفيه‪ ،‬وذلك ما لم ينص القانون على خﻼف ذلك‪ ،‬أو تبعا ً‬
‫لطبيعة ونوعية التأمين ﻷحد فريقيه‪ ،‬كما أنه من الجائز أن يكون عقد التأمين‬
‫عمﻼً مختلطاً‪ ،‬تجاري لجهة ومدني لجهة ثانية‪ ،‬ولتحديد الصفة المدنية أو‬
‫التجارية أهمية خاصة في تحديد جهة اﻻختصاص القضائي عند قيام نزاع ناشئ‬
‫عن عقد التأمين‪.‬‬
‫بالنسبة للمؤمن يعد دائما‪ ،‬عمﻼ تجاريا‪ .‬إﻻ في ما يتعلق بالتأمين باﻻكتتاب‪،‬‬
‫إذ أن الهيئة التي تباشره ليست من قبيل الشركة‪ ،‬وهنا نميز بين حالتين‪:‬‬
‫‪-‬الحالة اﻻولى التي تهدف شركة التأمين للربح من وراء عملها‪،‬‬
‫كشركة المساهمة فالعقد يعد بالنسبة لها عمﻼ تجاريا‪.‬‬
‫‪-‬الحالة الثانية في التأمين التعاوني أو التبادلي الهيئة المشرفة على‬
‫التأمين ﻻ تهدف للربح وبالتالي أعمالها ليست تجارية ﻻنتفاء صفة‬
‫المضاربة وتحقيق الربح‪.‬‬
‫وبالتالي فالتأمين التعاوني عمل مدني حتى بالنسبة للمؤمن له‪.‬‬
‫أما بالنسبة للمؤمن له‪ ،‬فنميز بين التأمين المتعلق بأعمال المؤمن له )من‬
‫بضائع محﻼت لبيع السيارات وغيرها( فهو عمل تجاري‪ ،‬أما إذا ارتبط التأمين‬
‫على ذات اﻻنسان مثﻼ فهو مدني بالنسبة له‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪:‬الخصائص الخاصة لعقد التأمين‪.‬‬


‫يتميز عقد التأمين أيضا بخصائص خاصة له تميزه عن غيره وهي‪:‬‬
‫‪ 1‬ــ التأمين عقد احتمالي‪:‬‬
‫بالرغم من تشبث بعض الفقه‪ ،‬بأن عقد التأمين في الوقت الحالي غير‬
‫احتمالي وسندهم في ذلك‪ ،‬أنه يقوم على أسس علمية من اﻻستعانة باﻹحصائيات‬
‫لتحديد المركز اﻻقتصادي و بالتالي تنجب الخسارة في أغلب اﻻحيان‪ .‬لكن رغم‬
‫ذلك فهو عقد احتمالي من حيث الربح والخسارة فﻼ يمكن تحديد اﻻرباح بدقة‬
‫متناهية لهذا فصفة اﻻحتمالية تبقى واردة‪ ،‬وهو قائم على اﻻحتمالية كالمقامرة‬
‫والرهن واﻹيراد المرتب مدى الحياة‪ .‬وهذه اﻻحتمالية تقوم في العﻼقة بين‬
‫المؤمن والمؤمن له من الناحية القانونية‪ ،‬إذ أن مقدار ما يعطيه كل منهما أو ما‬
‫يأخذه ﻻ يعرف عند إبرام العقد ﻷن هذا متوقف على تحقق الخطر المؤمن منه أو‬
‫عدم تحققه ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ عقد التأمين من عقود حسن النية‪:‬‬
‫إن مبدأ وجوب مراعاة حسن النية من المبادئ التي تسري على العقود‪ ،‬وهذا‬
‫وفق ما يقرره القانون‪ ،‬ويجب أن يتم تنفيذه طبقا ً لما يشتمل عليه وبطريقة تتفق‬
‫مع ما يوجبه حسن النية‪ ،‬بهذا يتوجب على الطرفين اﻻلتزام بحسن النية بعدم‬
‫إخفاء أي بيانات مهمة من شأنها إفادة الطرف اﻵخر ‪ ،‬فالمؤمن له ملزم بحسن‬
‫النية و إيضاح حجم الخطر وكل المعلومات التي يسأل عنها المؤمن لمساعدته في‬
‫تقدير حجم الخطر المؤمن منه‪ ،‬أيضا المؤمن ملزم بتقديم النصيحة وشرح‬
‫النصوص القانونية المتعلقة بالتعاقد للمؤمن له‪.‬‬
‫‪3‬ـ التأمين عقد إذعان‪:‬‬
‫يعرف عقد اﻻذعان بأنه‪ ،‬عقد يتحدد مضمونه التعاقدي كليا أو جزئي‪ ،‬يتحدد‬
‫مضمونه التعاقدي كليا أو جزئي‪ ،‬بشكل مجرد وعام قبل المرحلة التعاقدية‪ ،‬فهو‬
‫ينعقد بدون مفاوضات سابقة مما يجعل مضمونه‪ ،‬يتحدد بشكل أحادي وفردي‪.‬‬
‫ويمكن القول بأن خصائص عقد اﻻذعان كما حددها الفقه تتجلى في‬
‫خاصيتين أساسيتين هما‪:‬‬
‫‪ -1‬وضع شروط التعاقد مسبقا من أحد اﻷطراف وعرضها على‬
‫الجمهور في شكل واحد‪.‬‬
‫‪ -2‬تسليم الطرف اﻵخر بكل الشروط الموجودة في العقد دون‬
‫إمكانية تعديلها أو مناقشتها‪.‬‬
‫وهذا يعني أن أحد طرفي العقد أقوى من الطرف اﻵخر‪ ،‬فيذعن الطرف‬
‫الضعيف للطرف القوي وهذا اﻷخير يفرض إرادته وشروطه‪ .‬وفي عقد التأمين‬
‫المؤمن هو الجانب القوي وليس على المؤمن له إﻻ القبول بشروط المؤمن‪ ،‬التي‬
‫يحدد مضمونها سلفا‪ .‬وهذه الشروط أغلبها مطبوع وتعلن للناس كافة‪ .‬و ﻻ يملك‬
‫المؤمن له أي حق في التعديل أو تغيير بنود العقد نظرا للقوة اﻻقتصادية والفنية‬
‫التي يتمتع بها الطرف القوي في هذه العﻼقة والذي هو المؤمن‪ .‬اﻷمر الذي يجعل‬
‫المؤمن له و المؤمن لهم في وضعية غير متكافئة مع شركات التأمين ﻻن لهذه‬
‫اﻻخيرة الدراية الكافية بمجال التأمين والخبرة بموضوع التأمين لتوفرها على‬
‫الخبراء القانونيين واﻻقتصاديين الذين يمكنونها من معرفة مخاطر التعاقد‪،‬‬
‫وبالتالي يتم تحديد على ضوئها أقساط التأمين ومبلغ التأمين‪ ،‬في حين نجد المؤمن‬
‫له في غالب اﻻحيان يجهل كل اﻷمور التقنية والقانونية التي تدخل في تأسيس‬
‫العقد‪ .‬لهذا حاول المشرع إسوة بباقي التشريعات المقارنة التدخل في هذه العﻼقة‬
‫للحد من سلطات الطرف القوي )المؤمن( لحماية الطرف الضعيف في العقد‬
‫)المؤمن له(‪ ،‬حيث نجد مدونة التأمينات ) القانون ‪ (17.99‬وقبلها القرار‬
‫الوزاري المؤرخ في ‪ 28‬نونبر ‪ 1934‬لحماية الطرف الضعيف ) المستهلك في‬
‫خدمات التأمين( الحد من إدراج المؤمن للشروط التعسفية في عقود التأمين و‬
‫التي منها‪:‬‬
‫‪ -1‬شرط دفع المؤمن له مبلغ التأمين يفوق مبلغ قسط التأمين‬
‫السنوي المؤمن له حيث نجد الفقرة اﻻخيرة من المادة ‪ 28‬من القانون‬
‫‪ 17.99‬تنص على ما يلي‪:‬‬
‫" يعد باطﻼ كل شرط ينص على دفع مبلغ يفوق مبلغ قسط التأمين السنوي‬
‫لفائدة المؤمن على سبيل التعويض في حالة وفاة المؤمن له أو تفويت الشيء‬
‫المؤمن عليه إذا فضل الوارث أو المتملك فسخ العقد‪".‬‬
‫‪ -2‬أيضا جاءت المادة ‪ 35‬من القانون ‪ 17.99‬للتقرير بطﻼن‬
‫مجموعة من الشروط التي اعتبرت تعسفية‪ ،‬حيث نصت المادة السالفة‬
‫الذكر على ما يلي‪:‬‬
‫" يقع باطﻼ ما يرد في عقد التأمين‪:‬‬
‫كل شرط من الشروط التي تنص على سقوط حق‬ ‫‪-1‬‬
‫المؤمن له في حالة خرقه‬
‫للنصوص التشريعية أو التنظيمية ما لم يشكل هذا الخرق جناية أو جنحة‬
‫مرتكبة عمدا؛‬
‫‪ -2.‬كل شرط ينص على سقوط حق المؤمن له لمجرد تأخر في التصريح‬
‫بالحادث‬
‫للسلطات أو في اﻹدﻻء بوثائق‪ ،‬دون المساس بحق المؤمن في المطالبة‬
‫بتعويض يتناسب مع الضرر الذي يكون قد لحقه من هذا التأخير أو اﻹدﻻء‬
‫بالوثائق؛‬
‫‪. -3‬كل شرط تحكيم لم يوافق عليه المؤمن له صراحة عند‬
‫اكتتاب العقد‪".‬‬
‫أيضا حاول المشرع والقضاء التخفيف من هيمنة شركات التأمين على عقود‬
‫التأمين بحيث فرض المشرع رقابة صارمة عليها فأصبح المؤمن له حر في‬
‫اختيار بين شركات التأمين التي تعرض نفس الخدمة‪ ،‬كما أنه ) التدخل‬
‫التشريعي( فرض رقابة على شركات التأمين من حيث تحرير بنود العقد وكيفية‬
‫التحرير مرورا بالمراقبة البعدية لهذا العقد من مراقبة أسعار اﻻقساط وغير ذلك‪.‬‬
‫وتكمن أهمية الجانب القضائي في تكريس مبدأ المراقبة في حالة المنازعة‬
‫القضائية‪ ،‬و اﻻضطﻼع على مدى احترام المؤمن للقانون وعدم إدراج شروط‬
‫غير متفق عليها في العقد ومخالفة للقانون‪.‬‬

‫نهاية الحصة الثالثة‬

You might also like