You are on page 1of 13

‫التأمين‬

‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬


‫الحمد هلل والصالة والسالم على رسول اهلل‬
‫المبحث األول‬
‫التعريف بعقد التأمين‪ ،‬وأنواعه‪ ،‬وخصائصه‬
‫وفيه ثالثة مطالب‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تعريف عقد التأمين‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬تعريف التأمين في اللغة‪:‬‬
‫التأمني مأخوذ من األمن ‪ ،‬واملادة الثالثية (أم ن) هي مادة واحدة‪ ،‬وإن تعددت صور االشتقاق؛ فاألمن‪ :‬ضد‬
‫ٍ‬
‫اخلوف ونقيضه‪ .‬ويف التنزيل‪َ " :‬و َآمَن ُهم ِّم ْن َخ ْوف" ‪ " ،‬أ ُْولَـئِ َ‬
‫ك هَلُ ُم األ َْم ُن"‪.‬‬
‫واألمانة؛ ضد اخليانة‪.‬‬
‫واإلميان ضد الكفر‪ ،‬وهو مبعىن التصديق‪ :‬ضد التكذيب‪.‬‬
‫ثانياً‪:‬تعريف‪ 7‬التأمين في االصطالح‪:‬‬
‫يعرف التأمني بأنه‪ :‬عقد بني طرفني أحدمها يسمى املؤمن والثاين املؤمن له (أو املستأمن) يلتزم فيه املؤمن بأن يؤدي‬
‫إيل املؤمن ملصلحته مبلغا من املال أو إيرادا مرتبا أو أي عوض مايل آخر يف حالة وقوع حادث أو حتقق خطر مبني‬
‫يف العقد‪ ،‬وذلك يف مقابل قسط أو أية دفعة مالية أخرى يؤديها املؤمن له إيل املؤمن‪.‬‬
‫ويف العصر احلاضر ال يقوم بالتأمني فرد حنو فرد بل تقوم به شركات مسامهة كبرية يتعامل معها عدد ضخم من‬
‫املستأمنني ‪ ،‬فيجتمع هلا مبالغ كبرية من أقساط التأمني‪ ،‬وتؤدي من هذه األقساط اجملتمعة ما يستحق عليها من‬
‫تعويضات عند وقوع احلوادث املؤمن منها‪ ،‬ويبقى رأس ماهلا سندا احتياطيا‪ ،‬ويتكون رحبها من الفرق بني ما‬
‫جتمعه من أقساط وما تدفعه من تعويضات‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬نشأته‪:‬‬
‫التأمني مبعناه احلقيقي املتعارف عليه عقد حديث النشأة يف العامل فهو مل يظهر إال يف القرن الرابع عشر امليالدي يف‬
‫إيطاليا حيث وجد بعض األشخاص الذين يتعهدون بتحمل مجيع األخطار البحرية اليت تتعرض هلا السفن أو‬
‫محولتها نظري مبلغ معني (التأمني البحري)‪ ،‬مث ظهر بعده التأمني من احلريق مث التأمني على احلياة‪ ،‬مث انتشر بعد ذلك‬
‫التأمني وتنوع حىت مشل مجيع نواحى احلياة فأضحت شركات التأمني تؤمن األفراد من كل خطر يتعرضون له يف‬
‫أشخاصهم وأمواهلم ومسؤولياهتم بل أضحت بعض احلكومات جترب رعاياها على بعض أنواع التأمني‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪:‬أنواع التأمين‪:‬‬
‫(أ) ينقسم التأمين من حيث شكله إلي تأمين تعاوني وتأمين تجاري ‪:‬‬
‫‪ -1‬التأمين التعاوني (أو التبادلي) (أو باالكتتاب)‪:‬‬
‫يف هذا النوع من التأمني جيتمع عدة أشخاص معرضني ألخطار متشاهبة فيدفع كل منهم اشرتاكا معينا‪ ،‬وختصص‬
‫هذه االشرتاكات ألداء التعويض املستحق ملن يصيبه الضرر‪ ،‬وإذا زادت االشرتاكات على ما صرف من تعويض‬
‫كان لألعضاء حق اسرتدادها‪ ،‬وإذا نقصت طولب األعضاء باشرتاك إضايف لتغطية العجز‪ ،‬أو أنقصت التعويضات‬
‫املستحقة بنسبة العجز‪ ،‬وأعضاء شركة التأمني التعاوين ال يسعون? إيل حتقيق ربح‪ ،‬بل إيل ختفيف اخلسائر اليت تلحق‬
‫بعض األعضاء‪ ،‬فهم يتعاقدون ليتعاونوا على حتمل مصيبة قد حتل ببعضهم‪ ،‬وتدار الشركة بوساطة أعضائها‪ ،‬فكل‬
‫واحد منهم يكون مؤمنا ومؤمنا له‪.‬‬
‫‪ -2‬التأمين التجاري ذي القسط الثابت‪:‬‬
‫يف هذا النوع من التأمني‪ :‬وهو النوع السائد اآلن الذي تنصرف إليه كلمة التأمني لدى إطالقها‪ ،‬يلتزم املؤمن له‬
‫بدفع قسط حمدد إيل املؤمن‪ ،‬وهو الشركة اليت يتكون أفرادها من مسامهني آخرين غري املؤمن هلم‪ ،‬وهؤالء املسامهون‬
‫هم املستفيدون? بأرباح الشركة‪ ،‬ففي التأمني بقسط ثابت يكون املؤمن له غري املؤمن الذي يسعى دائما إيل الربح‪،‬‬
‫خبالف التأمني التعاوين الذي ال يسعي إيل الربح أبدا‪ ،‬وإمنا غاية أفراده التعاون على حتمل املخاطر‪ ،‬وهذا اهلدف‬
‫اإلنساين النبيل ال يوجد إال يف التأمني التعاوين وال يوجد البتة يف التأمني بقسط ثابت ‪ ،‬فالفكرة االسرتباحية البحتة‬
‫هي األساس هنا والفكرة التعاونية غالف براق هلا فقط‪.‬‬
‫(ب) وينقسم التأمين من حيث موضوعه‪ 7‬إلي قسمين رئيسيين‪:‬‬
‫‪ -1‬تأمين األضرار‪:‬‬
‫وهو يتناول املخاطر اليت تؤثر يف ذمة املؤمن له‪ ،‬والغرض منه تعويض اخلسارة اليت تلحق املؤمن له بسبب احلادث‬
‫وهو ينقسم إيل قسمني‪:‬‬
‫‪ -‬التأمني على األشياء؛ ويراد به تعويض املؤمن له من اخلسارة اليت تلحقه يف ماله كالتأمني من احلريق والسرقة‪.‬‬
‫‪ -‬والتأمني من املسؤولية؛ ويراد به ضمان املؤمن له ضد الرجوع الذي قد يتعرض له من جانب الغري بسبب ما‬
‫أصاهبم من ضرر يسأل عن التعويض عنه‪ ،‬وأهم صوره تأمني املسؤولية الناشئة من حوادث السيارات أو من‬
‫حوادث العمل ‪.‬‬
‫ويف تأمني األضرار يلتزم املؤمن بتعويض املؤمن له عند حدوث الكارثة يف حدود مبلغ التأمني‪ ،‬أي أن املؤمن يدفع‬
‫للمؤمن له أقل املبلغني؛ املبلغ املؤمن به‪ ،‬واملبلغ الذي يغطي الضرر الناشئ عن احلادثة‪ ،‬وليس للمؤمن له أن جيمع‬
‫بني مبلغ التأمني ودعوى التعويض ضد اآلخرين املسؤولني عن احلادث‪ ،‬وإمنا حيل املؤمن حمل املؤمن له يف الدعاوى‬
‫الكائنة له ضد من تسبب يف الضرر‪.‬‬
‫‪ -2‬تأمين األشخاص‪:‬‬
‫وهو يتناول كل أنواع التأمني املتعلقة? بشخص املؤمن له‪ ،‬ويقصد? به دفع مبلغ معني لإلنسان يف وجوده أو سالمته‪،‬‬
‫حيدده املؤمن باتفاق بينهما‪ ،‬وال يتأثر بالضرر الذي يصيب املؤمن له‪ ،‬وللمؤمن له اجلمع بني مبلغ التأمني من املؤمن‬
‫والتعويض ممن تسبب يف الضرر‪ ،‬فاملؤمن هنا ال حيل حمل املؤمن له‪.‬‬
‫ويشمل تأمني األشخاص نوعني أساسيني‪:‬‬
‫‪ .1‬التأمين على الحياة‪ ،‬وله صورة متعددة أهمها‪:‬‬
‫(أ) التأمني حلالة الوفاة وقد يكون عمريا وقد يكون مؤقتا وقد يكون تأمني البقيا حسب االشرتاط‪.‬‬
‫(ب) التأمني حلال البقاء أو حلال احلياة؛ ومن أمثلته التأمني املضاد‪.‬‬
‫(ج) التأمني املختلط البسيط‪ :‬وهو أن يلتزم فيه املؤمن بأداء املبلغ املؤمن إما يف تاريخ معني للمؤمن? له نفسه إذا‬
‫ظل حيا يف هذا التاريخ‪ ،‬وإما إيل املستفيد املعني أو إيل ورثة املؤمن له إذا مات قبل التاريخ‪ ،‬ويكون القسط يف هذا‬
‫النوع اكرب من النوعني السابقني‪ ،‬وهذا النوع هو أكثر شيوعا يف التأمني على احلياة‪.‬‬
‫‪ .2‬التأمين من الحوادث الجسمانية‪ :‬وهو النوع الثاين من نوعي التأمني على األشخاص‪ ،‬ويلتزم فيه املؤمن‬
‫بدفع مبلغ من املال إيل املؤمن يف حالة ما إذا أصابه يف أثناء املدة املؤمن فيها حادث جسماين‪ ،‬أو إيل‬
‫املستفيد املعني إذا مات املؤمن له‪.‬‬

‫(ج) التقسيم الثالث‪ :‬تأمين خاص وتأمين اجتماعي‪:‬‬


‫‪ -1‬فالتأمني اخلاص هو ما يعقده املؤمن على نفسه من خطر معني‪ ،‬ويكون الدافع إليه هو الصاحل الشخصي‪.‬‬
‫‪ -2‬والتأمني االجتماعي هو ما كان الغرض منه تأمني األفراد الذين يعتمدون? يف معاشهم على كسب عملهم من‬
‫بعض األخطار اليت يتعرضون هلا فتعجزهم عن العمل كاملرض والشيخوخة والبطالة والعجز‪ .‬وهو يقوم على‬
‫فكرة (التضامن االجتماعي) ويشرتك يف دفع القسط مع املستفيد أصحاب العمل والدولة اليت تتحمل هنا العبء‬
‫األكرب‪.‬‬
‫(د) التقسيم الرابع‪ :‬تأمين إجباري وتأمين اختياري‪:‬‬
‫‪ -1‬فاألول ما ألزمت به الدولة يف قطر رعاياها كالتأمني االجتماعي والتأمني على السيارات‪.‬‬
‫‪ -2‬الثاين ما كان خالف ذلك‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪:‬خصائص عقد التأمين ‪:‬‬


‫‪-1‬أنه عقد من عقود التراضي‪ ،‬باعتبار أن اإلجياب والقبول ضروريان فيه فينعقد مبجرد توافق اإلجياب‬
‫والقبول ‪ ،‬لكنه ال يثبت عادة إال بوثيقة تأمني (بوليصة) يوقع عليها املؤمن‪.‬‬
‫‪ -2‬وهو عقد ملزم للجانبني؛ حيث إنه ينشئ التزامات متقابلة يف ذمة كل طرف من طرفيه قبل اآلخر؛ وتنشأ هذه‬
‫االلتزامات من اللحظة اليت يتم فيها العقد بركنيه اإلجياب والقبول‪.‬‬
‫‪ -3‬وهو عقد احتمالي؛ ألن خسارة أو ربح كل من طريف العقد غري معروف وقت العقد ‪.‬‬
‫‪ -4‬وهو عقد زمني (أي مستمر) حيث ال يتم الوفاء بااللتزام املرتتب عليه بصفة فورية‪ ،‬وإمنا يستغرق الوفاء هبذا‬
‫االلتزام مدة من الزمن هي مدة نفاذ العقد‪.‬‬
‫‪ -5‬وهو عقد إذعان‪ :‬حيث يتوىل أحد طريف العقد وضع الشروط اليت يريدها ويوضعها على الطرف اآلخر فإن‬
‫قبلها دون مناقشة أو تعديل أبرم العقد وإال فال‪.‬‬
‫‪ -6‬وهو عقد معاوضة‪ 7‬من حيث أن كل واحد من طرفيه يأخذ مقابال ملا يعطي‪.‬‬
‫‪ -7‬وهو عقد مسمى‪ :‬والعقود املسماة هي اليت ختضع لألحكام العامة من حيث انعقادها وآثارها‪.‬‬
‫المبحث الثاني‬
‫أقوال العلماء المعاصرين في حكم التأمين التجاري‬
‫مل يكن التأمني معروفاً عند فقهائنا املتقدمني‪ ?،‬ألنه مل يرد فيه نص شرعي ومل يكن من بني الصحابة واألئمة‬
‫اجملتهدين من تعرض حلكمه‪.‬‬
‫وكان من أول من تكلم عن حكمه من الفقهاء الفقيه احلنفي ابن عابدين يف حاشيته على الدر املختار‪.‬‬
‫وللعلماء? املعاصرين ثالثة أقوال يف حكم التأمني‪ ،‬ونشري إىل هذه األقوال بشيء من اإلجياز ‪:‬‬
‫القول األول‪ :‬المنع مطلقاً‪:‬‬
‫ومن أبرز أدلة هذا القول‪:‬‬
‫أنه عقد يقوم على املقامرة والغرر‪ ،‬ألنه عقد معلق على خطر تارة يقع وتارة ال يقع‪ ،‬فهو قمار‬ ‫‪-1‬‬
‫معىن‪ ،‬وألن كالً من طريف العقد ال يدري عند إنشائه ما سيأخذ وال ما سيعطي‪ ،‬وبقدر? ربح أحد‬
‫الطرفني يف العقد تكون خسارة اآلخر‪ ،‬فالعقد دائر بني الغنم والغرم‪ ،‬وهذا حقيقة عقد الغرر‪.‬‬
‫أن فيه ربا‪ ،‬ألن التأمني مبادلة نقود ( وهي أقساط التأمني) بنقود أخرى( وهي التعويض) بدون‬ ‫‪-2‬‬
‫تقابض وال متاثل‪.‬ويف حال التأمني على احلياة حتدد فوائد ربوية تدفع للمؤمن له مع ما دفعه من‬
‫أقساط إن بقي حياً حىت هناية مدة العقد‪.‬‬
‫نوقش هذا الدليل‪ :‬بعدم التسليم بأن فيه ربا ألمرين‪:‬‬
‫األول‪ :‬أن املعاوضة حقيقة بني نقود تدفع أقساطاً للمؤمن? ومنفعة هي حتمله تبعة الكارثة وضمانه‬
‫رفع أضرارها‪ ،‬فأحد البدلني هو منفعة وهي ليست من األموال الربوية‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬أن ما يدفعه املؤمن للمؤمن له ليس بدالً عن األقساط بدليل أنه قد ال يدفع شيئاً يف كثري‬
‫من حاالت التأمني‪ ،‬وال يدفع إال حيث يقع اخلطر وذلك إمنا يكون على سبيل التبعية لتحمله تبعة‬
‫احلادث‪ ،‬ولو صح هذا االستدالل ألمكن وصف أي مقامرة بأهنا ربا‪.‬‬
‫أن فيه أكالً للمال بالباطل‪ ،‬فاملؤمن يأخذ أقساط التأمني بغري مقابل إذا مل حيصل للمؤمن له أي‬ ‫‪-3‬‬
‫ضرر‪.‬‬
‫القول الثاني‪ :‬جواز التأمين‪:‬‬
‫ومن أبرز من ذهب إىل ذلك الشيخ مصطفى? الزرقا‪ ،‬والشيخ علي اخلفيف رمحهما اهلل‪،‬‬
‫ومن أبرز أدلتهم‪:‬‬
‫أن التأمني عقد جديد مل يتناوله نص شرعي وال يوجد يف أصول الشريعة ما مينع جوازه‪ ،‬فيبقى على‬ ‫‪-1‬‬
‫األصل هو احلل‪.‬‬
‫القياس على ما ذكره فقهاء احلنفية يف ضمان خطر الطريق‪ ،‬وذلك فيما إذا قال شخص آلخر‪ :‬اسلك‬ ‫‪-2‬‬
‫هذا الطريق فإنه آمن‪ ،‬فإن أصابك شيء فأنا ضامن‪ ،‬فلو سلكه وأخذ ماله فإنه يضمن‪ .‬ووجه الشبه‬
‫بني هذا وبني عقد التأمني أن الضامن هنا ضمن مع أنه غري متسبب يف الضر كما أنه يضمن شيئاً‬
‫جمهوالً وحمتمل الوقوع‪ ،‬وكذلك املؤمن يصح تضمينه ولو مل يكن متسبباً إذا التزم بذلك‪ ،‬ولو كان‬
‫التعويض جمهوالً‪.‬‬
‫ويناقش‪ :‬بعدم التسليم هبذا القياس ألمرين‪:‬‬
‫األول‪ :‬أن تضمني األحناف له فيما لو ثبت هذا ألنه هو السبب لكونه غره حىت سلك هذا الطريق‬
‫اخلطر‪.‬‬
‫والثاين‪:‬وألن ما ذكره فقهاء األحناف فيما إذا ضمن بال عوض ‪ ،‬أما هنا فاملؤمن يضمن بعوض‪.‬‬
‫القياس على قاعدة االلتزام والوعد امللزم عند املالكية‪ ،‬وخالصتها‪ :‬أن من وعد غريه عدة بغرض أو‬ ‫‪-3‬‬
‫حتمل خسارة أو حنو ذلك مما ليس بواجب عليه يف األصل فإنه يلزمه الوفاء بوعده السيما إذا دخل‬
‫املوعود يف السبب‪ ،‬كما لو قال ‪ :‬تزوج‪ ،‬وأعطيك املهر‪.‬‬
‫ويناقش‪ :‬بأنه قياس مع الفارق ألن الوعد امللزم عند املالكية تربع من الواعد ابتداء على غري عوض‬
‫وبدون مقابل‪ ،‬خبالف التأمني‪.‬‬
‫أن التأمني حيقق مصاحل متعددة فهو مينح األمان واالطمئنان للمستأمن‪ ،‬ويساهم يف حتقيق مصاحل‬ ‫‪-4‬‬
‫اقتصادية بفضل تأسيسه على التعاون الذي يؤدي إىل توزيع أعباء املخاطر بني املستأمنني‪ ،‬وحتقيق‬
‫التكافل فيما بينهم‪ ،‬وهذا من املصاحل املرسلة اليت جاءت الشريعة حبفظها‪.‬‬
‫ويناقش بأن املصلحة إذا تعارضت مع نصوص الشريعة فهي ملغاة وال يلتفت إليها ‪ ،‬فضالً عن أنه من‬
‫املمكن حتقيق مصاحل التأمني بصورة التأمني التعاوين بدون الوقوع يف احملاذير الشرعية‪.‬‬
‫القول الثالث‪:‬تحريم التأمين على الحياة وجواز التأمين فيما عدا ذلك‪:‬‬
‫كالتأمني الطيب والتأمني على املمتلكات ‪ ،‬وحجة هذا القول‪:‬‬
‫أن التأمني الطيب والتأمني على املمتلكات ال يراد منه احلصول على النقد وإمنا يقصد منه حتمل التبعة‪ ،‬فإن كان تأميناً‬
‫طبياً فبتحمل العالج‪ ،‬وإن كان على السيارات فبإصالحها وهكذا‪ ،‬فاليقصد منه املال لذاته‪.‬‬
‫وأما التأمني على احلياة فإن املقصود منه النقود‪ ،‬فالربا فيه ظاهر ألن املؤمن له يدفع نقوداً قليلة مقسطة مقابل‬
‫احلصول على نقود كثرية مؤجلة‪.‬‬
‫الترجيح‪:‬‬
‫الذي يظهر – واهلل أعلم‪ -‬أن التأمني التجاري حمرم من حيث األصل‪ ،‬وهبذا صدرت قرارات عدد من اجملامع‬
‫واهليئات الشرعية‪ ،‬ومن ذلك قرار هيئة كبار العلماء يف اململكة العربية السعودية رقم ‪ 51‬وتاريخ ‪4/4/1397‬هـ‪.‬‬
‫وقرار جممع الفقه اإلسالمي التابع لرابطة العامل اإلسالمي يف دورته األوىل شعبان ‪ ،1398‬واجملمع الفقهي اإلسالمي‬
‫الدويل التابع ملنظمة املؤمتر اإلسالمي‪ ،‬يف القرار رقم ‪ )9/2(9‬سنة ‪1406‬هـ=‪1985‬م‪.‬ونصه‪":‬‬
‫بسم اللـه الرمحن الرحيم‬
‫احلمد هلل رب العاملني والصالة والسالم على سيدنا حممد خامت النبيني وعلى آله وصحبه‪.‬‬
‫قرار رقم ‪2‬‬
‫بشأن‬
‫التأمني وإعادة التأمني‬
‫أما بعد‪:‬‬
‫فإن جممع الفقه اإلسالمي املنبثق عن منظمة املؤمتر اإلسالمي يف دورة انعقاد مؤمتره الثاين جبدة من ‪16 – 10‬‬
‫ربيع الثاين ‪ 1406‬هـ‪ 28 – 22/‬ديسمرب ‪1985‬م‪.‬‬
‫بعد أن تابع العروض املقدمة? من العلماء واملشاركني يف الدورة حول موضوع "التأمني وإعادة التأمني"‪.‬‬
‫وبعد أن ناقش الدراسات املقدمة‪.‬‬
‫وبعد تعمق البحث يف سائر صوره وأنواعه‪ ،‬واملبادئ اليت يقوم عليها والغايات اليت يهدف إليها‪.‬‬
‫وبعد النظر فيما صدر عن اجملامع الفقهية واهليئات العلمية هبذا الشأن‪.‬‬
‫قرر‪:‬‬
‫‪ – 1‬أن عقد التأمني التجاري ذا القسط الثابت الذي تتعامل به شركات التأمني التجاري عقد فيه غرر كبري‬
‫مفسد للعقد‪ .‬ولذا فهو حرام شرعا‪.‬‬
‫‪ – 2‬أن العقد البديل الذي حيرتم أصول التعامل اإلسالمي هو عقد التأمني التعاوين القائم على أساس التربع‬
‫والتعاون‪ .‬وكذلك احلال بالنسبة إلعادة التأمني القائم على أساس التأمني التعاوين‪.‬‬
‫‪ – 3‬دعوة الدول اإلسالمية للعمل على إقامة مؤسسات التأمني التعاوين‪ ،‬وكذلك مؤسسات تعاونية إلعادة‬
‫التأمني‪ ،‬حىت يتحرر االقتصاد اإلسالمي من االستغالل ومن خمالفة النظام الذي يرضاه اهلل هلذه األمة‪.‬‬
‫واهلل أعلم"‪.1‬‬
‫ومبثل ذلك صدر قرار جممع الفقه التابع للرابطة‪ ،2‬وقرار جملس هيئة كبار العلماء باململكة العربية السعودية‪.‬‬
‫ومما ينبغي النظر فيه مأخذ التحرمي‪ ،‬وبيان ذلك كاآليت‪:‬‬
‫فالتأمني على احلياة حمرم ألمرين‪ ،‬الربا والغرر‪ ،‬وقد سبق بيان ذلك‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫وأما ما عداه من أنواع التأمني التجاري األخرى فجريان الربا فيها غري ظاهر‪ ،‬وال يسلم من‬ ‫‪-2‬‬
‫املناقشة‪،‬وإمنا الواضح من هذه األنواع أن فيها غرراً ‪ ،‬وعلى هذا فتنطبق على هذه األنواع قاعدة‬
‫الغرر يف الشريعة‪ ،‬وجتري عليها أحكامه‪ ،‬وهذا يقودنا إىل احلديث عن الغرر وضوابطه يف الشريعة‪.‬‬

‫المبحث الثالث‬
‫قاعدة الغرر في الشريعة وعالقتها بعقد التأمين‬
‫وفيه ثالثة مطالب‬

‫‪ 1‬مجلة المجمع ‪2/731‬‬


‫‪2‬‬
‫المطلب األول‪ :‬في حقيقة الغرر‪:‬‬
‫الغرر يف اللغة اسم مصدر من التغرير ‪ ،‬وهو اخلطر ‪ ،‬واخلدعة ‪ ،‬وتعريض املرء نفسه أو ماله للهلكة‪ .3‬وتعددت‬
‫تعريفات أهل العلم للغرر‪:‬‬
‫فعرفه السرخسي بأنه‪ :‬مايكون مستور العاقبة‪.4‬‬
‫وعرفه القرايف بأنه‪ :‬هو الذي اليدرى هل حيصل أم ال‪.5‬‬
‫وعرفه السبكي بأنه‪ :‬ما انطوى عليه أمره وخفي عليه عاقبته‪.6‬‬
‫وعرفه شيخ اإلسالم ابن تيميةبأنه‪ :‬اجملهول العاقبة‪.7‬‬
‫وهذه التعريفات متقاربة فالغرر أن يدخل اإلنسان يف املعاملة وهو جيهل عاقبتها‪،‬والعقد يف هذه احلالة يكون دائرا بني‬
‫الغنم والغرم فإذا غنم أحد العاقدين غرم اآلخر‪ .‬والفرق بني امليسر والغرر أن امليسر يكون يف اللعب واملغالبات بينما‬
‫الغرر يكون يف المبايعات‪ ،‬يقال‪ :‬باع غرراً‪ ،‬ولعب قماراً‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬شروط كون الغرر مؤثراً‪:‬‬


‫األصل يف بيع الغرر هو التحرمي‪ .‬يدل على ذلك حديث أيب هريرة رضي اهلل عنه أن النيب صلى اهلل عليه وسلم‬
‫{ هنى عن بيع احلصاة ‪ ،‬وعن بيع الغرر } ‪.‬رواه مسلم?‪.8‬‬
‫قال النووي ‪ :‬النهي عن بيع الغرر أصل عظيم من أصول كتاب البيوع ‪ ،‬يدل فيه مسائل كثرية غري منحصرة ‪،‬‬
‫وقال ‪ :‬وبيع ما فيه غرر ظاهر ميكن االحرتاز عنه وال تدعو إليه احلاجة باطل ‪.9‬‬
‫وينقسم الغرر من حيث تأثريه على العقد إىل ‪ :‬غرر مؤثر يف العقدة وغرر غري مؤثر ‪ .‬قال ابن رشد احلفيد ‪ :‬اتفقوا‬
‫على أن الغرر ينقسم إىل مؤثر يف البيوع وغري مؤثر‪. 10‬‬
‫ويشرتط يف الغرر حىت يكون مؤثرا الشروط اآلتية ‪:‬‬
‫الشرط األول‪ :‬أن يكون الغرر كثيراً ‪:‬‬
‫قال ابن القيم‪ " :‬والغرر إذا كان يسرياً أو ال ميكن االحرتاز منه مل يكن مانعاً من صحة العقد‪ ،‬خبالف الكثري الذي‬
‫ميكن االحرتاز منه‪ ،‬وهو املذكور يف األنواع اليت هنى رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم عنهاوما كان مساوياً هلا ال‬
‫فرق بينها وبينه‪ ،‬فهذا هو املانع من صحة العقد"‪.11‬‬
‫وقال القرايف ‪" :‬الغرر واجلهالة ‪ -‬أي يف البيع ‪ -‬ثالثة أقسام ‪ :‬كثري ممتنع إمجاعا ‪ ،‬كالطري يف اهلواء ‪ ،‬وقليل جائز‬
‫إمجاعا ‪ ،‬كأساس الدار وقطن اجلبة ‪ ،‬ومتوسط اختلف فيه ‪ ،‬هل يلحق باألول أم بالثاين ؟"‪.12‬‬
‫وقال الباجي‪ -‬مبيناً ضابط الغرر الكثري‪ ":-‬الغرر الكثري هو ما غلب على العقد حىت أصبح العقد يوصف به"‪.13‬‬

‫‪ 3‬المصباح المنيرص‪324‬‬
‫‪ 4‬المبسوط ‪13/68‬‬
‫‪ 5‬الفروق‪3/265‬‬
‫‪ 6‬تكملة المجموع ‪9/257‬‬
‫‪ 7‬القواعد النورانية ص‪138‬‬
‫‪ 8‬أخرجه مسلم (‪ )2/3‬وأبوداود(‪.)3376‬‬
‫‪ 9‬صحيح مسلم بشرح النووي ‪11/156‬‬
‫‪ 10‬بداية المجتهد‪187(2‬‬
‫‪ 11‬زاد المعاد ‪5/820‬‬
‫‪ 12‬الفروق ‪3/265‬‬
‫‪ 13‬المنتقى ‪5/41‬‬
‫الشرط الثاني‪ :‬أن يكون الغرر في المعقود عليه أصالة ‪:‬‬
‫فيشرتط يف الغرر حىت يكون مؤثرا يف صحة العقد أن يكون يف املعقود عليه أصالة ‪ .‬أما إذا كان الغرر فيما يكون‬
‫تابعا للمقصود? بالعقد? فإنه ‪ .‬ال يؤثر يف العقد ‪ .‬ومن القواعد الفقهية املقررة ‪ :‬أنه يغتفر يف التوابع ما ال يغتفر يف‬
‫غريها ‪ ،‬ولذا جاز بيع احلمل يف البطن تبعاً ألمه‪ ،‬وجاز بيع اللنب يف الضرع مع احليوان‪ ،‬ومن ذلك أيضاً أنه ال جيوز‬
‫أن تباع الثمرة اليت مل يبد صالحها مفردة ‪ ،‬لنهي النيب صلى اهلل عليه وسلم عن بيع الثمار حىت يبدو صالحها ‪،‬‬
‫ولكن لو بيعت مع أصلها جاز ‪ ،‬لقول النيب صلى اهلل عليه وسلم ‪ { :‬من ابتاع خنال بعد أن تؤبر ‪ ،‬فثمرهتا للبائع ‪،‬‬
‫إال أن يشرتط املبتاع }‪ 14‬وقد نقل ابن قدامة اإلمجاع على جواز هذا البيع ‪ ،‬وقال ‪ :‬وألنه إذا باعها مع األصل‬
‫حصلت تبعا يف البيع ‪ ،‬فلم يضر احتمال الغرر فيها‪.15‬‬
‫الشرط الثالث‪:‬أال تدعو للعقد حاجة ‪:‬‬
‫فإن كان للناس حاجة مل يؤثر الغرر يف العقد ‪ ،‬وكان العقد صحيحا ‪.‬‬
‫قال ابن تيمية‪ " :‬ومفسدة? الغرر أقل من الربا فلذلك رخص فيما تدعو احلاجة إليه منه‪ ،‬فإن حترميه أشد ضرراً من‬
‫ضرر كونه غرراً‪ ،‬مثل بيع العقار مجلة وإن مل يعلم دواخل احليطان واألساس"‪ 16.‬وقال الكمال عن عقد السلم ‪:‬‬
‫وال خيفى أن جوازه على خالف القياس ‪ .‬إذ هو بيع املعدوم ‪ ،‬وجب املصري إليه بالنص واإلمجاع للحاجة من كل‬
‫من البائع واملشرتي‪. 17‬‬
‫وقال النووي ‪ :‬مدار البطالن بسبب الغرر والصحة مع وجوده أنه إذا دعت احلاجة إىل ارتكاب الغرر وال ميكن‬
‫االحرتاز عنه إال مبشقة أو كان الغرر حقرياً جاز البيع‪ ،‬وإال فال"‪.18‬‬
‫والدليل على هذا الشرط جواز بيع املغيبات يف األرض كاجلزر والبصل وحنوها‪ ،‬وبيع ما مأكوله يف جوفه كالبطيخ‬
‫والبيض وحنو ذلك مع ما فيه من الغرر‪ ،‬وإمنا جاز للحاجة املقتضية لشراء هذه األشياء دون فتحها أو إخراجها من‬
‫األرض‪.‬‬
‫الشرط الرابع‪ :‬أن يكون الغرر في عقد من عقود المعاوضات‪ 7‬المالية ‪:‬‬
‫وقد اشرتط هذا الشرط املالكية فقط ‪ ،‬حيث يرون أن الغرر املؤثر هو ما كان يف عقود املعاوضات ‪ ،‬وأما عقود‬
‫التربعات فال يؤثر فيها الغرر ‪ .‬واختار هذا القول ابن تيمية وابن القيم‪ ،‬وغريمها‪.19‬‬

‫‪ 14‬أخرجه البخاري (فتح الباري‪ )368-4‬ومسلم (شرح النووي ‪ )3/1158‬من حديث أبي هريرة رضي هللا عنه‪.‬‬
‫‪ 15‬المغني ‪4/231‬‬
‫‪ 16‬القواعد النورانية ص‪140‬‬
‫‪ 17‬فتح القدير‪6/206‬‬
‫‪ 18‬المجموع‪9/258 M‬‬
‫‪19‬بداية المجتهد ‪ 2/402‬مجموع فتاوى ابن تيمية ‪ 31/270‬أعالم الموقعين ‪2/9‬‬
‫والدليل يؤيد ما ذهب إليه املالكية فإن النيب صلى اهلل عليه وسلم هنى عن بيع الغرر فيختص النهي يف‬
‫املبايعات ويبقى ماعداها على أصل احلل‪ .‬ويدل على ذلك ما ورد عنه عليه الصالة والسالم ملا جاءه رجل‬
‫من األنصار بكبة من خيوط شعر أخذها من املغنم‪ ،‬فقال له‪ ":‬أما ما كان يل فهو لك"‪ 20.‬ووجه الداللة‬
‫ان النيب صلى اهلل عليه وسلم وهبه نصيبه من الكبة مع عدم العلم بقدر املوهوب‪.21‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬تطبيق الضوابط السابقة على عقد التأمين‪:‬‬


‫تبني مما سبق أن التأمني التجاري حمرم ملا فيه من الغرر‪ ،‬وذلك فيما عدا التأمني على احلياة‪ ،‬وعلى ذلك‬
‫فمىت اختل شرط من شروط الغرر املؤثر فإن التأمني يكون جائزاً‪ ،‬ذلك أن الناظر يف عقود الغرر اليت‬
‫جاءت الشريعة بإبطاهلا كحبل احلبلة وبيع احلصاة وبيع املالمسة واملنابذة وحنوها يدرك أن الغرر احملرم ما‬
‫كان على سبيل اللعب واملقامرة حيث ال يثمر عائداً للبلد وال حيقق مصلحة للفرد وال للمجتمع‪ ،‬وليس‬
‫مثة حاجة تدعو إليه‪ ،‬خبالف العقود اليت البد للناس منها وقد تنطوي على شيء من الغرر فليس من‬
‫مبادئ الشريعة حترمي مثل ذلك‪.‬‬
‫وعلى ذلك فيمكن القول‪ :‬إن األصل يف التأمني هو التحرمي‪ ،‬وال جيوز إلزام االناس بنظام تأميين قائم على‬
‫املعاوضة الرحبية بني املؤمن واملؤمن له‪ ،‬وأما الدخول يف عقد التأمني بالنسبة لألفراد فيجوز يف احلاالت‬
‫اآلتية‪:‬‬
‫الحال األولى‪ :‬إذا كان التأمين تابعاً في العقد غير مقصود أصالة فيه‪:‬‬
‫فإذا وقع العقد على شيء وجاء التأمني تبعاً لذلك فيغتفر وجوده يف ذلك العقد‪ ،‬وال حرج على املسلم من‬
‫الدخول فيه ‪ ،‬وهلذه احلال أمثلة متعددة‪ ،‬فمن ذلك‪:‬‬
‫التأمني الذي تقدمه الشركات ملوظفيها على أنه مزية من املزايا اليت تعطيها للموظفني‪ .‬فهذا‬ ‫‪-1‬‬
‫التأمني جزء من مستحقات متعددة للموظف ومل يقع عقد اإلجارة ( الوظيفة) عليه أصالة‪.‬‬
‫التأمني على السلع عند شرائها –كالسيارات واألجهزة الكهربائية‪ ، -‬سواء أفرد مببلغ مستقل عن‬ ‫‪-2‬‬
‫قيمة السلعة أو مل يفرد‪ ،‬بشرط أن يكون التأمني يف صفقة واحدة مع شرائه للجهاز‪.‬‬
‫التأمني على السيارة املستأجرة إذا أمن املستأجر على السيارة يف عقد اإلجارة نفسه‪ ،‬ولو زادة‬ ‫‪-3‬‬
‫قيمة األجرة بسبب التأمني‪.‬‬
‫التأمني على البضائع عند شحنها إذا كانت الشركة الناقلة تقدم خدمة التأمني مع عقد الشحن‬ ‫‪-4‬‬
‫نفسه‪.‬‬
‫ففي مجيع ذلك جيوز الدخول يف التأمني‪ ،‬وأخذ العوض عند استحقاقه‪.‬‬
‫وقد يرد على هذه األمثلة اعرتاضان‪:‬‬
‫األول‪:‬أن الغرر املغتفر هو التابع الذي ال ميكن فصله عن أصله كما يف الثمرة على النخل‪ ،‬أما هنا‬
‫فالتأمني ميكن فصله عن أصله فال يعد تابعاً‪.‬‬

‫‪ 20‬أخرجه أبو داود (‪ )2694‬والنسائي (‪ )6/262‬من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده‪ ،‬وهو حديث حسن‪.‬‬
‫‪ 21‬أعالم الموقعين ‪2/9‬‬
‫والجواب‪ :‬أنه ال يلزم أن يكون التابع مرتبطاً بأصله ال ينفك عنه ‪ ،‬بدليل قوله عليه الصالة والسالم يف‬
‫حديث ابن عمر السابق ‪ {:‬من ابتاع خنال بعد أن تؤبر ‪ ،‬فثمرهتا للبائع ‪ ،‬إال أن يشرتط املبتاع } إذ‬
‫األصل فصل الثمرة عن النخلة بدون شرط‪ ،‬ومع ذلك جاز بيعها تبعاً ألصلها بالشرط‪.‬وهذا يدل على أنه‬
‫لو اشرتط املشرتي تأمني السلعة على البائع فهو شرط صحيح إذا كان هذا الشرط مقرتناً بالعقد‪.‬‬
‫والثاني‪:‬أن التأمني يف األمثلة املذكورة له وقع يف الثمن خبالف احلمل يف البطن والثمرة يف النخل وحنو ذلك‬
‫مما يذكره الفقهاء من صور الغرر املغتفر فإن التابع ليس له مثن‪.‬‬
‫والجواب‪ :‬بعدم التسليم بأن التابع يف األمثلة اليت يذكرها الفقهاء ليس له مثن‪ ،‬بل إن له تأثرياً يف قيمة‬
‫أصله فالناقة احلامل بال شك أغلى مثناً من غريها‪ ،‬وهلذا كان تغليظ الدية يف القتل العمد بإجياب أربعني‬
‫خلفة –أي ناقة حامالً‪-‬على اجلاين‪ .‬ويف بيع النخل بثمره للمشرتي أن يشرتط الثمرة أو ال يشرتط‪ ،‬وال‬
‫شك أن الثمن خيتلف بوجود هذا الشرط من عدمه‪.‬‬
‫والثالث‪ :‬أن التأمني بذاته حمرم خبالف احلمل والثمرة واللنب وحنوها فإهنا مباحة يف ذاهتا‪.‬‬
‫والجواب‪ :‬أنه ال فرق بني التأمني وهذه األشياء املذكورة يف هذا اجلانب‪ ،‬فالكل إذا أفرد بالعقد صار بيعه‬
‫حمرماً‪.‬‬
‫الحال الثانية‪ :‬إذا كان التأمين تقتضيه الحاجة‪:‬‬
‫ويقصد باحلاجة أن يلحق اإلنسان حرج ومشقة إذا مل يؤمن‪ ،‬وال يلزم أن يصل إىل مرحلة الضرورة‪ ،‬بل‬
‫يكفي وجود احلاجة الستباحة هذا العقد ‪ ،‬كماتقدم‪.‬‬
‫ويشرتط هلذه احلال أن تتحقق شروط احلاجة من حيث كوهنا حقيقية ال موهومة ‪ ،‬وأن تقدر بقدرها‪ ،‬وأال‬
‫يوجد عقد آخر مباح تندفع به احلاجة‪.‬‬
‫وختتلف احلاجة باختالف األحوال واألشخاص واألمكنة واألزمنة‪ ،‬فما حيتاجه صاحب املركبة العامة غري ما‬
‫حيتاجه صاحب املركبة اخلاصة ‪ ،‬واحلاجة إىل تأمني املسكن يف البالد اليت تكثر فيها الكوارث خيتلف عن‬
‫البالد اليت يندر فيها ذلك‪.‬‬
‫ومن األمثلة اليت تدخل يف هذه احلال‪:‬‬
‫التأمني الطيب يف البالد اليت تكون تكلفة العالج فيها باهظة‪ ،‬وال يتحملها املقيم بدون تأمني‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫تأمني املركبة إذا كان نظام البلد الذي يقيم فيه الشخص يلزم بذلك‪ ،‬وجيب أن يقتصر يف ذلك‬ ‫‪-2‬‬
‫على احلد الذي تندفع به احلاجة‪ ،‬وهو احلد األدىن الذي يلزم به نظام البلد‪.‬‬
‫تأمني املساكن واملراكز اإلسالمية ضد احلوادث والسرقات واحلريق إذا كانت احلاجة تقتضي مثل‬ ‫‪-3‬‬
‫ذلك‪.‬‬
‫التأمني لألعطال الطارئة على الطرق العامة عن طريق شركات املساعدة كشركة (‪،) AAA‬‬ ‫‪-4‬‬
‫السيما أن هذه الشركة تقدم خدمات أخرى غري التأمني كاخلرائط اإلرشادية وتقدمي املشورة عرب‬
‫اهلاتف وغريذلك‪.‬‬
‫الحال الثالثة‪ :‬إذا كان التأمين تعاونياً‪:‬‬
‫ألن الغرر الذي يف العقد مغتفر لكونه من عقود التربعات‪ ،‬والتأمني التعاوين خيتلف يف أهدافه وآثاره عن‬
‫التأمني التجاري‪ ،‬فالتعاوين يهدف إىل حتقيق التكافل والتعاون فيما بني املستأمنني وهو هبذا حيقق مقصداً‬
‫من مقاصد الشريعة اإلسالمية خبالف التامني التجاري فإن اهلدف منه االسرتباح واملعاوضة فلذا كان‬
‫حمرماً‪.‬‬
‫ومن صور التأمني التعاوين املعاصرة‪:‬‬
‫التأمني االجتماعي الذي تقدمه احلكومات واهليئات العامة للمواطنني‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫الربامج التقاعدية واالدخارية اليت تستثمر فيها األموال املدخرة يف وسائل استثمارية مباحة‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫التأمني الطيب الذي ترعاه الدولة وتتقاضى رسوماً رمبا تكون يف كثري من األحيان رمزية‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫اجلمعيات التعاونية والتأمني املعمول به يف النقابات املهنية وحنوها‪.‬‬ ‫‪-4‬‬

‫المبحث الرابع‬
‫الفروق بين التأمين التجاري والتأمين التعاوني‬
‫وصيغة مقترحة لشركة تأمين تجاري‬
‫المطلب األول‪ :‬الفروق بين التأمين التجاري والتأمين التعاوني‪:‬‬
‫ذهب عامة العلماء املعاصرين إىل حترمي التأمني التجاري وجواز التأمني التعاوين‪ ،‬وقد أخذ هبذا القول معظم‬
‫هيئات الفتوى اجلماعية‪ ،‬كهيئة كبار العلماء باململكة العربية السعودية وجممع الفقه اإلسالمي التابع‬
‫للرابطة ‪ ،‬وجممع الفقه التابع للمنظمة ‪ ،‬وغريها ؛ وذلك ملا يشتمل عليه التأمني التجاري من الغرر واملقامرة‬
‫وأكل املال بالباطل ‪ ،‬خبالف التأمني التعاوين فإن مبناه على التكافل والتضامن ‪ .‬وإن الناظر بعني‬
‫اإلنصاف يف واقع صناعة التأمني اليوم ليدرك ما يف هذا القول من التوسط واالعتدال ‪ ،‬ومدى موافقته‬
‫ملقاصد الشريعة اإلسالمية ‪ ،‬يتحقيق مصاحل الناس وسد حاجاهتم دون غنب أو ضرر ‪ .‬وإحصائيات التأمني‬
‫شاهد على ذلك ‪ ،‬ففي نظام التأمني التجاري تتكدس األموال الطائلة لدى شركات التأمني يف‬ ‫ٍ‬ ‫أوضح‬
‫مقابل تعويضات تعد يسرية مقارنة مبا حتققه من أرباح ‪ ،‬مما نتج عنه استئثار األقلية الثرية مبزايا التأمني‬
‫وخدماته ‪ ،‬بينما األكثرية الفقرية حمرومة منها لكوهنا غري قادرة على حتمل أقساط التأمني ‪ ،‬وقد أومهت‬
‫تلك الشركات الناس أن ال جمال لتفتيت املخاطر إال هبذا األسلوب‪ ،‬وهو أمر تكذبه جتارب التأمني‬
‫عدد من الدول املتقدمة فكانت أكثر جناحاً وحتقيقاً ألهداف التأمني من شركات‬ ‫التعاوين اليت طبقت يف ٍ‬
‫التأمني التجاري‪.‬‬
‫ويتضح الفرق بني هذين النوعني يف كون نظام التأمني التجاري قائماً على أساس أن تتوىل إدارة التأمني‬
‫شركة مستقلة عن املؤمن عليهم ‪ ،‬وتستحق هذه الشركة مجيع أقساط التأمني يف مقابل التزامها بدفع مبالغ‬
‫التأمني عند استحقاقها ‪ ،‬وما يتبقى لديها من فائض أقساط التأمني فإهنا ال تعيده للمؤمن هلم ‪ ،‬ألهنا‬
‫تف األقساط احملصلة لدفع كل‬ ‫تعتربه عوضاً يف مقابل التزامها بالتعويضات املتفق عليها ‪ ،‬وإذا مل ِ‬
‫التعويضات فال حيق هلا الرجوع عليهم بطلب زيادة أقساط التأمني ‪.‬‬
‫بينما يف التأمني التعاوين جيتمع عدة أشخاص معرضني ألخطار متشاهبة‪ ،‬ويدفع كل منهم اشرتاكاً معيناً‪،‬‬
‫وختصص هذه االشرتاكات ألداء التعويض املستحق ملن يصيبه الضرر‪ ،‬وإذا زادت االشرتاكات على ما‬
‫صرف من تعويض كان لألعضاء حق اسرتدادها‪ ،‬وإذا نقصت طولب األعضاء باشرتاك إضايف لتغطية‬
‫العجز‪ ،‬أو أنقصت التعويضات املستحقة بنسبة العجز‪.‬وال مانع من أن يتوىل إدارة التأمني التعاوين جهة‬
‫مستقلة عن املؤمن هلم أنفسهم وأن تتقاضى أجوراً أو عموالت مقابل إدارهتا للتأمني ‪ ،‬وال مينع كذلك من‬
‫أن تأخذ جزءاً من أرباح استثمارات أموال التأمني بصفتها وكيالً عنهم يف االستثمار‪.‬‬
‫وهبذا يظهر أن شركة التأمني يف كال النوعني قد تكون شركة منفصلة عن املؤمن عليهم ‪ ،‬كما أهنا يف‬
‫كليهما قد تكون شركة رحبية – أي أهنا هتدف إىل الربح‪ ، -‬ويظهر الفرق بني النوعني يف ثالثة أمور‬
‫رئيسة ‪:‬‬
‫الفارق األول ( في قصد المؤمن عليهم)‪ :‬فاألقساط املقدمة من محلة الوثائق يف التأمني التعاوين يقصد منها‬
‫التعاون على تفتيت األخطار ‪ ،‬تأخذ هذه األقساط صفة اهلبة (التربع) ‪.‬‬
‫أما التأمني التجاري فهو من عقود املعاوضات املالية االحتمالية ‪.‬‬
‫الفارق الثاني ( في االلتزام)‪ :‬ففيالتأمني التجاري هناك التزام تعاقدي بني شركة التأمني واملؤمن هلم ‪ ،‬إذ تلتزم‬
‫الشركة جتاه املؤمن عليهم بدفع التعويضات ‪ ،‬ويف مقابل ذلك تستحق كامل األقساط املدفوعة ‪ ،‬بينما يف التأمني‬
‫التعاوين ال جمال هلذا االلتزام ‪ ،‬إذ إن التعويض يصرف من جمموع األقساط املتاحة ‪ ،‬فإذا مل تكن األقساط كافية يف‬
‫الوفاء بالتعويضات طلب? من األعضاء زيادة اشرتاكاهتم لتعويض الفرق ‪ ،‬وإال كان التعويض جزئياً حبسب األرصدة‬
‫املتاحة‪.‬‬
‫الفارق الثالث ( في محل االسترباح)‪ :‬فال هتدف شركة التأمني التعاوين إىل االسرتباح من الفرق بني أقساط‬
‫التأمني اليت يدفعها املؤمن هلم وتعويضات األضرار اليت تقدمها الشركة هلم ‪ ،‬بل إذا حصلت زيادة يف األقساط عن‬
‫التعويضات املدفوعة لرتميم األضرار ترد الزيادة إىل املؤمن عليهم‪ ،‬أو تبقى هذه الزيادة لدى الشركة كاحتياطي‬
‫لعمليات التأمني الالحقة وال تدخل يف املركز املايل للشركة ‪.‬‬
‫بينما الفائض يف التأمني التجاري يكون من استحقاق شركة التأمني يف مقابل التزامها بالتعويض جتاه املؤمن‬
‫هلم‪.‬‬
‫الفارق الرابع( في كيفية إدارة التأمين)‪ :‬ففي شركة التأمني التعاوين تكون العالقة بني محلة الوثائق( املؤمن عليهم)‬
‫وشركة التأمني (املؤمن) على األسس التالية‪:‬‬
‫يقوم املسامهون يف الشركة بإدارة عمليات التأمني‪ ،‬من إعداد الوثائق ومجع األقساط‪ ،‬ودفع‬ ‫‪-1‬‬
‫التعويضات وغريها من األعمال الفنية‪ ،‬يف مقابل أجرة معلومة? وذلك بصفتهم القائمني بإدارة التأمني وينص‬
‫على هذه األجرة حبيث يعترب املشرتك قابالً هلا ‪.‬‬
‫يقوم املسامهون باستثمار( رأس املال) املقدم منهم للحصول? على الرتخيص بإنشاء الشركة‪ ،‬وكذلك‬ ‫‪-2‬‬
‫هلا أن تستثمر أموال التأمني املقدمة من محلة الوثائق‪ ،‬على أن تستحق الشركة حصة من عائد استثمار أموال‬
‫التأمني بصفتهم املضارب‪.‬‬
‫متسك الشركة حسابني منفصلني‪ ?،‬أحدمها الستثمار رأس املال‪ ،‬واآلخر حلسابات أموال التأمني ويكون‬ ‫‪-3‬‬
‫الفائض التأميين حقاً خالصاً للمشرتكني ( محلة الوثائق)‪.‬‬
‫يتحمل املسامهون ما يتحمله املضارب من املصروفات املتعلقة باستثمار األموال نظري حصته من ريح‬ ‫‪-4‬‬
‫املضاربة‪ ،‬كما يتحملون مجيع مصاريف? إدارة التأمني نظري عمولة اإلدارة املستحقة هلم‬
‫يقتطع االحتياطي القانوين من عوائد استثمار أموال املسامهني ويكون من حقوقهم وكذلك كل ما‬ ‫‪-5‬‬
‫يتوجب اقتطاعه مما يتعلق برأس املال‪.)22( .‬‬
‫بينما العالقة بني محلة الوثائق وشركة التأمني‪ ،‬يف التامني التجاري‪ ،‬أن ما يدفعه محلة الوثائق من أموال تكون ملكاً‬
‫للشركة وخيلط مع رأس ماهلا مقابل التأمني‪ .‬فليس هناك حسابان منفصل?ان كما يف التأمني التعاوين‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪:‬مقترحات‪ 7‬لصيغة شركة تأمين تعاوني‪:‬‬
‫لعل من أبرز مالمح هذه الصيغة ما يأيت‪:‬‬
‫أ‪ .‬أن يتوىل إدارة التأمني التعاوين شركة مسامهة‪ ،‬يكون للمسامهني فيها مركز مايل منفصل على وجه احلقيقة عن‬
‫املركز املايل لعمليات التأمني‪.‬‬
‫ب‪ .‬للشركة املسامهة أن ختصم مجيع املصاريف اإلدارية والتشغيلية من جمموع أقساط التأمني‪ ،‬وأن تتقاضى أجوراً‬
‫مقابل إدارهتا لعمليات التأمني بصفتها وكيالً بأجر‪ ،‬وهلا كذلك أن تستثمر أموال املؤمن هلم يف استثمارات مباحة‪،‬‬
‫وتستحق بذلك نسبة من أرباح تلك االستثمارات بصفتها شريكاً مضارباً‪.‬‬
‫ت‪ .‬على الشركة أن تتجنب الدخول يف استثمارات حمرمة كالسندات وغريها‪ ،‬سواء أكان ذلك يف االستثمارات‬
‫اخلاصة باملسامهني أم باالستثمارات اخلاصة بعمليات التأمني‪.‬‬
‫ث‪ .‬التزام الشركة جتاه املؤمن هلم بالتعويض على نوعني؛ جائز وممنوع‪ .‬أما اجلائز فأن تلتزم الشركة بإدارة أعمال‬
‫التأمني بأمانة واحرتاف‪ ،‬ومىت قصرت يف ذلك فإهنا تتحمل تبعات ذلك التقصري والتعويض عنه‪ .‬وأما املمنوع فأن‬
‫تلتزم التزاماً مطلقاً بالتعويض سواء أكانت األضرار من الشركة أم من غريها‪ ،‬فهذا يتعارض مع قاعدة التأمني‬
‫التعاوين‪ .‬وبدالً عن ذلك فللشركة أن ت ّكون احتياطيات من فائض أقساط التأمني‪ ،‬وال تدخل هذه االحتياطيات‬
‫ضمن قائمة حقوق املسامهني بل تكون خاصة بأعمال التأمني‪.‬‬
‫ج‪ .‬للشركة أن ترتبط بعقود إعادة تأمني لتفتيت املخاطر‪ ،‬بشرط أن تكون هذه العقود من قبيل التأمني التعاوين‪.‬‬
‫هذا واهلل أعلم وصلى اهلل وسلم على نبينا حممد‬

‫د‪ .‬يوسف بن عبد اهلل الشبيلي‬

‫‪)(22‬‬
‫ندوة البركة الثانية عشرة لالقتصاد اإلسالمي‪ ،‬قرارات وتوصيات ندوات البركة لالقتصاد اإلسالمي ص‪.212‬‬

You might also like