Professional Documents
Culture Documents
المبحث الثاني
أقوال العلماء المعاصارين في حكم التأمين التجاري
لم يكن التأمين معروفا ً عند فقهائنا المتقدمين ،لنه لم يرد فيه نص شارعي
ولم يكن من بين الصحابة والئمة المجتهدين من تعرض لحكمه.
وكان من أول من تكلم عن حكمه من الفقهاء الفقيه الحنفي ابن عابدين في
حاشايته على الدر المختار.
وللعلماء المعاصرين ثالثاة أقوال في حكم التأمين ،ونشير إلى هذه القوال
بشيء من اليجاز :
القول الول :المنع مطلقاً:
ومن أبرز أدلة هذا القول:
أنه عقد يقوم على المقامرة والغرر ،لنه عقد معلق على خطر -1
تارة يقع وتارة ل يقع ،فهو قمار معنى ،ولن كل ً من طرفي العقد
ل يدري عند إنشائه ما سيأخذ ول ما سيعطي ،وبقدر ربح أحد
الطرفين في العقد تكون خسارة الخر ،فالعقد دائر بين الغنم
والغرم ،وهذا حقيقة عقد الغرر.
أن فيه ربا ،لن التأمين مبادلة نقود ) وهي أقساط التأمين( بنقود -2
أخرى) وهي التعويض( بدون تقابض ول تماثال.وفي حال التأمين
على الحياة تحدد فوائد ربوية تدفع للمؤمن له مع ما دفعه من
أقساط إن بقي حيا ً حتى نهاية مدة العقد.
نوقش هذا الدليل :بعدم التسليم بأن فيه ربا لمرين:
الول :أن المعاوضة حقيقة بين نقود تدفع أقساطا ً للمؤمن
ومنفعة هي تحمله تبعة الكارثاة وضمانه رفع أضرارها ،فأحد
البدلين هو منفعة وهي ليست من الموال الربوية.
والثاني :أن ما يدفعه المؤمن للمؤمن له ليس بدل ً عن القساط
بدليل أنه قد ل يدفع شايئا ً في كثير من حالت التأمين ،ول يدفع إل
حيث يقع الخطر وذلك إنما يكون على سبيل التبعية لتحمله تبعة
الحادث ،ولو صح هذا الستدلل لمكن وصف أي مقامرة بأنها ربا.
أن فيه أكل ً للمال بالباطل ،فالمؤمن يأخذ أقساط التأمين بغير -3
مقابل إذا لم يحصل للمؤمن له أي ضرر.
القول الثاني :جواز التأمين:
ومن أبرز من ذهب إلى ذلك الشيخ مصطفى الزرقا ،والشيخ علي
الخفيف رحمهما الله،
ومن أبرز أدلتهم:
أن التأمين عقد جديد لم يتناوله نص شارعي ول يوجد في أصول -1
الشريعة ما يمنع جوازه ،فيبقى على الصل هو الحل.
القياس على ما ذكره فقهاء الحنفية في ضمان خطر الطريق، -2
وذلك فيما إذا قال شاخص لخر :اسلك هذا الطريق فإنه آمن ،فإن
أصابك شايء فأنا ضامن ،فلو سلكه وأخذ ماله فإنه يضمن .ووجه
الشبه بين هذا وبين عقد التأمين أن الضامن هنا ضمن مع أنه غير
متسبب في الضر كما أنه يضمن شايئا ً مجهول ً ومحتمل الوقوع،
وكذلك المؤمن يصح تضمينه ولو لم يكن متسببا ً إذا التزم بذلك،
ولو كان التعويض مجهولً.
ويناقش :بعدم التسليم بهذا القياس لمرين:
الول :أن تضمين الحناف له فيما لو ثابت هذا لنه هو السبب
لكونه غره حتى سلك هذا الطريق الخطر.
والثاني:ولن ما ذكره فقهاء الحناف فيما إذا ضمن بل عوض ،أما
هنا فالمؤمن يضمن بعوض.
القياس على قاعدة اللتزام والوعد الملزم عند المالكية، -3
وخلصتها :أن من وعد غيره عدة بغرض أو تحمل خسارة أو نحو
ذلك مما ليس بواجب عليه في الصل فإنه يلزمه الوفاء بوعده
لسيما إذا دخل الموعود في السبب ،كما لو قال :تزوج ،وأعطيك
المهر.
ويناقش :بأنه قياس مع الفارق لن الوعد الملزم عند المالكية
تبرع من الواعد ابتداء على غير عوض وبدون مقابل ،بخلف
التأمين.
أن التأمين يحقق مصالح متعددة فهو يمنح المان والطمئنان -4
للمستأمن ،ويساهم في تحقيق مصالح اقتصادية بفضل تأسيسه
على التعاون الذي يؤدي إلى توزيع أعباء المخاطر بين
المستأمنين ،وتحقيق التكافل فيما بينهم ،وهذا من المصالح
المرسلة التي جاءت الشريعة بحفظها.
ويناقش بأن المصلحة إذا تعارضت مع نصوص الشريعة فهي ملغاة
ول يلتفت إليها ،فضل ً عن أنه من الممكن تحقيق مصالح التأمين
بصورة التأمين التعاوني بدون الوقوع في المحاذير الشرعية.
القول الثالث:تحريم التأمين على الحياةا وجواز التأمين فيما عدا
ذلك:
كالتأمين الطبي والتأمين على الممتلكات ،وحجة هذا القول:
أن التأمين الطبي والتأمين على الممتلكات ل يراد منه الحصول على النقد
وإنما يقصد منه تحمل التبعة ،فإن كان تأمينا ً طبيا ً فبتحمل العلج ،وإن كان
على السيارات فبإصلحها وهكذا ،فليقصد منه المال لذاته.
وأما التأمين على الحياة فإن المقصود منه النقود ،فالربا فيه ظاهر لن
المؤمن له يدفع نقودا ً قليلة مقسطة مقابل الحصول على نقود كثيرة
مؤجلة.
الترجيح:
الذي يظهر – والله أعلم -أن التأمين التجاري محرم من حيث الصل ،وبهذا
صدرت قرارات عدد من المجامع والهيئات الشرعية ،ومن ذلك قرار هيئة
كبار العلماء في المملكة العربية السعودية رقم 51وتاريخ 4/4/1397هـ.
وقرار مجمع الفقه السلمي التابع لرابطة العالم السلمي في دورته الولى
شاعبان ،1398والمجمع الفقهي السلمي الدولي التابع لمنظمة المؤتمر
السلمي ،في القرار رقم (9/2)9سنة 1406هـ=1985م.ونصه":
بسم اللـه الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلة والسلم على سيدنا محمد خاتم النبيين
وعلى آله وصحبه.
قرار رقم 2
بشأن
التأمين وإعادة التأمين
أما بعد:
فإن مجمع الفقه السلمي المنبثق عن منظمة المؤتمر السلمي في دورة
انعقاد مؤتمره الثاني بجدة من 16 – 10ربيع الثاني 1406هـ28 – 22/
ديسمبر 1985م.
بعد أن تابع العروض المقدمة من العلماء والمشاركين في الدورة حول
موضوع "التأمين وإعادة التأمين".
وبعد أن ناقش الدراسات المقدمة.
وبعد تعمق البحث في سائر صوره وأنواعه ،والمبادئ التي يقوم عليها
والغايات التي يهدف إليها.
وبعد النظر فيما صدر عن المجامع الفقهية والهيئات العلمية بهذا الشأن.
قرر:
– 1أن عقد التأمين التجاري ذا القسط الثابت الذي تتعامل به شاركات
التأمين التجاري عقد فيه غرر كبير مفسد للعقد .ولذا فهو حرام شارعا.
– 2أن العقد البديل الذي يحترم أصول التعامل السلمي هو عقد التأمين
التعاوني القائم على أساس التبرع والتعاون .وكذلك الحال بالنسبة لعادة
التأمين القائم على أساس التأمين التعاوني.
– 3دعوة الدول السلمية للعمل على إقامة مؤسسات التأمين التعاوني،
وكذلك مؤسسات تعاونية لعادة التأمين ،حتى يتحرر القتصاد السلمي
من الستغلل ومن مخالفة النظام الذي يرضاه الله لهذه المة.
والله أعلم".1
وبمثل ذلك صدر قرار مجمع الفقه التابع للرابطة ،2وقرار مجلس هيئة كبار
العلماء بالمملكة العربية السعودية.
ومما ينبغي النظر فيه مأخذ التحريم،ـ وبيان ذلك كالتي:
فالتأمين على الحياة محرم لمرين ،الربا والغرر ،وقد سبق بيان -1
ذلك.
وأما ما عداه من أنواع التأمين التجاري الخرى فجريان الربا فيها -2
غير ظاهر ،ول يسلم من المناقشة،وإنما الواضح من هذه النواع
أن فيها غررا ً ،وعلى هذا فتنطبق على هذه النواع قاعدة الغرر
1مجلة المجمع 2/731
2
في الشريعة ،وتجري عليها أحكامه ،وهذا يقودنا إلى الحديثـ عن
الغرر وضوابطه في الشريعة.
المبحث الثالث
قاعدةا الغرر في الشريعة وعلقتها بعقد التأمين
وفيه ثالثاة مطالب
20أخرجه أبو داود ) (2694والنسائي ) (6/262من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ،وهو حديث حسن.
21أعلم الموقعين 2/9
ففي جميع ذلك يجوز الدخول في التأمين ،وأخذ العوض عند
استحقاقه.
وقد يرد على هذه المثلة اعتراضان:
الول:أن الغرر المغتفر هو التابع الذي ل يمكن فصله عن أصله كما
في الثمرة على النخل ،أما هنا فالتأمين يمكن فصله عن أصله فل
يعد تابعاً.
والجواب :أنه ل يلزم أن يكون التابع مرتبطا ً بأصله ل ينفك عنه ،
بدليل قوله عليه الصلة والسلم في حديث ابن عمر السابق }:من
ابتاع نخل بعد أن تؤبر ،فثمرتها للبائع ،إل أن يشترط المبتاع { إذ
الصل فصل الثمرة عن النخلة بدون شارط ،ومع ذلك جاز بيعها تبعا ً
لصلها بالشرط.وهذا يدل على أنه لو اشاترط المشتري تأمين
السلعة على البائع فهو شارط صحيح إذا كان هذا الشرط مقترنا ً
بالعقد.
والثاني:أن التأمين في المثلة المذكورة له وقع في الثمن بخلف
الحمل في البطن والثمرة في النخل ونحو ذلك مما يذكره الفقهاء
من صور الغرر المغتفر فإن التابع ليس له ثامن.
والجواب :بعدم التسليم بأن التابع في المثلة التي يذكرها الفقهاء
ليس له ثامن ،بل إن له تأثايرا ً في قيمة أصله فالناقة الحامل بل شاك
أغلى ثامنا ً من غيرها ،ولهذا كان تغليظ الدية في القتل العمد بإيجاب
أربعين خلفة –أي ناقة حاملً-على الجاني .وفي بيع النخل بثمره
للمشتري أن يشترط الثمرة أو ل يشترط ،ول شاك أن الثمن يختلف
بوجود هذا الشرط من عدمه.
والثالث :أن التأمين بذاته محرم بخلف الحمل والثمرة واللبن
ونحوها فإنها مباحة في ذاتها.
والجواب :أنه ل فرق بين التأمين وهذه الشاياء المذكورة في هذا
الجانب ،فالكل إذا أفرد بالعقد صار بيعه محرماً.
الحال الثانية :إذا كاان التأمين تقتضيه الحاجة:
ويقصد بالحاجة أن يلحق النسان حرج ومشقة إذا لم يؤمن ،ول يلزم
أن يصل إلى مرحلة الضرورة ،بل يكفي وجود الحاجة لستباحة هذا
العقد ،كماتقدم.
ويشترط لهذه الحال أن تتحقق شاروط الحاجة من حيث كونها
حقيقية ل موهومة ،وأن تقدر بقدرها ،وأل يوجد عقد آخر مباح تندفع
به الحاجة.
وتختلف الحاجة باختلف الحوال والشاخاص والمكنة والزمنة ،فما
يحتاجه صاحب المركبة العامة غير ما يحتاجه صاحب المركبة الخاصة
،والحاجة إلى تأمين المسكن في البلد التي تكثر فيها الكوارث
يختلف عن البلد التي يندر فيها ذلك.
ومن المثلة التي تدخل في هذه الحال:
التأمين الطبي في البلد التي تكون تكلفة العلج فيها باهظة، -1
ول يتحملها المقيم بدون تأمين.
تأمين المركبة إذا كان نظام البلد الذي يقيم فيه الشخص يلزم -2
بذلك ،ويجب أن يقتصر في ذلك على الحد الذي تندفع به
الحاجة ،وهو الحد الدنى الذي يلزم به نظام البلد.
تأمين المساكن والمراكز السلمية ضد الحوادث والسرقات -3
والحريق إذا كانت الحاجة تقتضي مثل ذلك.
التأمين للعطال الطارئة على الطرق العامة عن طريق -4
شاركات المساعدة كشركة ) ،( AAAلسيما أن هذه الشركة
تقدم خدمات أخرى غير التأمين كالخرائط الرشاادية وتقديم
المشورة عبر الهاتف وغيرذلك.
الحال الثالثة :إذا كاان التأمين تعاونياً:
لن الغرر الذي في العقد مغتفر لكونه من عقود التبرعات ،والتأمين
التعاوني يختلف في أهدافه وآثااره عن التأمين التجاري ،فالتعاوني
يهدف إلى تحقيق التكافل والتعاون فيما بين المستأمنين وهو بهذا
يحقق مقصدا ً من مقاصد الشريعة السلمية بخلف التامين التجاري
فإن الهدف منه السترباح والمعاوضة فلذا كان محرماً.
ومن صور التأمين التعاوني المعاصرة:
التأمين الجتماعي الذي تقدمه الحكومات والهيئات العامة -1
للمواطنين.
البرامج التقاعدية والدخارية التي تستثمر فيها الموال -2
المدخرة في وسائل استثمارية مباحة.
التأمين الطبي الذي ترعاه الدولة وتتقاضى رسوما ً ربما تكون -3
في كثير من الحيان رمزية.
الجمعيات التعاونية والتأمين المعمول به في النقابات المهنية -4
ونحوها.
المبحث الرابع
الفروق بين التأمين التجاري والتأمين التعاوني
وصايغة مقترحة لشركاة تأمين تجاري
المطلب الول :الفروق بين التأمين التجاري والتأمين
التعاوني:
ذهب عامة العلماء المعاصرين إلى تحريم التأمين التجاري وجواز
التأمين التعاوني ،وقد أخذ بهذا القول معظم هيئات الفتوى
الجماعية ،كهيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية ومجمع
الفقه السلمي التابع للرابطة ،ومجمع الفقه التابع للمنظمة ،
وغيرها ؛ وذلك لما يشتمل عليه التأمين التجاري من الغرر والمقامرة
وأكل المال بالباطل ،بخلف التأمين التعاوني فإن مبناه على
التكافل والتضامن .وإن الناظر بعين النصاف في واقع صناعة
التأمين اليوم ليدرك ما في هذا القول من التوسط والعتدال ،ومدى
موافقته لمقاصد الشريعة السلمية ،يتحقيق مصالح الناس وسد
حاجاتهم دون غبن أو ضرر .وإحصائيات التأمين أوضح شااهدٍ على
ذلك ،ففي نظام التأمين التجاري تتكدس الموال الطائلة لدى
شاركات التأمين في مقابل تعويضات تعد يسيرة مقارنة بما تحققه
من أرباح ،مما نتج عنه استئثار القلية الثرية بمزايا التأمين وخدماته
،بينما الكثرية الفقيرة محرومة منها لكونها غير قادرة على تحمل
أقساط التأمين ،وقد أوهمت تلك الشركات الناس أن ل مجال
لتفتيت المخاطر إل بهذا السلوب ،وهو أمر تكذبه تجارب التأمين
التعاوني التي طبقت في عددٍ من الدول المتقدمة فكانت أكثر نجاحا ً
وتحقيقا ً لهداف التأمين من شاركات التأمين التجاري.
ويتضح الفرق بين هذين النوعين في كون نظام التأمين التجاري
قائما ً على أساس أن تتولى إدارة التأمين شاركة مستقلة عن
المؤمن عليهم ،وتستحق هذه الشركة جميع أقساط التأمين في
مقابل التزامها بدفع مبالغ التأمين عند استحقاقها ،وما يتبقى لديها
من فائض أقساط التأمين فإنها ل تعيده للمؤمن لهم ،لنها تعتبره
عوضا ً في مقابل التزامها بالتعويضات المتفق عليها ،وإذا لم ئ
تف
القساط المحصلة لدفع كل التعويضات فل يحق لها الرجوع عليهم
بطلب زيادة أقساط التأمين .
بينما في التأمين التعاوني يجتمع عدة أشاخاص معرضين لخطار
متشابهة ،ويدفع كل منهم اشاتراكا ً معيناً ،وتخصص هذه الشاتراكات
لداء التعويض المستحق لمن يصيبه الضرر ،وإذا زادت الشاتراكات
على ما صرف من تعويض كان للعضاء حق استردادها ،وإذا نقصت
طولب العضاء باشاتراك إضافي لتغطية العجز ،أو أنقصت
التعويضات المستحقة بنسبة العجز.ول مانع من أن يتولى إدارة
التأمين التعاوني جهة مستقلة عن المؤمن لهم أنفسهم وأن تتقاضى
أجورا ً أو عمولت مقابل إدارتها للتأمين ،ول يمنع كذلك من أن تأخذ
جزءا ً من أرباح استثمارات أموال التأمين بصفتها وكيل ً عنهم في
الستثمار.
وبهذا يظهر أن شاركة التأمين في كل النوعين قد تكون شاركة
منفصلة عن المؤمن عليهم ،كما أنها في كليهما قد تكون شاركة
ربحية – أي أنها تهدف إلى الربح ، -ويظهر الفرق بين النوعين في
ثالثاة أمور رئيسة :
الفارق الول ) في قصد المؤمن عليهم( :فالقساط المقدمة من
حملة الوثاائق في التأمين التعاوني يقصد منها التعاون على تفتيت الخطار ،
تأخذ هذه القساط صفة الهبة )التبرع( .
أما التأمين التجاري فهو من عقود المعاوضات المالية الحتمالية .
الفارق الثاني ) في اللتزاما( :ففي التأمين التجاري هناك التزام
تعاقدي بين شاركة التأمين والمؤمن لهم ،إذ تلتزم الشركة تجاه المؤمن
عليهم بدفع التعويضات ،وفي مقابل ذلك تستحق كامل القساط المدفوعة
،بينما في التأمين التعاوني ل مجال لهذا اللتزام ،إذ إن التعويض يصرف
من مجموع القساط المتاحة ،فإذا لم تكن القساط كافية في الوفاء
بالتعويضات طلبـ من العضاء زيادة اشاتراكاتهم لتعويض الفرق ،وإل كان
التعويض جزئيا ً بحسب الرصدة المتاحة.
الفارق الثالث ) في محل السترباحا( :فل تهدف شاركة التأمين
التعاوني إلى السترباح من الفرق بين أقساط التأمين التي يدفعها المؤمن
لهم وتعويضات الضرار التي تقدمها الشركة لهم ،بل إذا حصلت زيادة في
القساط عن التعويضات المدفوعة لترميم الضرار ترد الزيادة إلى المؤمن
عليهم ،أو تبقى هذه الزيادة لدى الشركة كاحتياطي لعمليات التأمين اللحقة
ول تدخل في المركز المالي للشركة .
بينما الفائض في التأمين التجاري يكون من استحقاق شاركة التأمين
في مقابل التزامها بالتعويض تجاه المؤمن لهم.
الفارق الرابع) في كايفية إدارةا التأمين( :ففي شاركة التأمين
التعاوني تكون العلقة بين حملة الوثاائق) المؤمن عليهم( وشاركة التأمين
)المؤمن( على السس التالية:
يقوم المساهمون في الشركة بإدارة عمليات التأمين ،من إعداد -1
الوثاائق وجمع القساط ،ودفع التعويضات وغيرها من العمال الفنية ،في
مقابل أجرة معلومة وذلك بصفتهم القائمين بإدارة التأمين وينص على
هذه الجرة بحيث يعتبر المشترك قابل ً لها .
يقوم المساهمون باستثمار) رأس المال( المقدم منهم للحصول -2
على الترخيص بإنشاء الشركة ،وكذلك لها أن تستثمر أموال التأمين
المقدمة من حملة الوثاائق ،على أن تستحق الشركة حصة من عائد
استثمار أموال التأمين بصفتهم المضارب.
تمسك الشركة حسابين منفصلين ،أحدهما لستثمار رأس المال، -3
والخر لحسابات أموال التأمين ويكون الفائض التأميني حقا ً خالصا ً
للمشتركين ) حملة الوثاائق(.
يتحمل المساهمون ما يتحمله المضارب من المصروفات المتعلقة -4
باستثمار الموال نظير حصته من ريح المضاربة ،كما يتحملون جميع
مصاريف إدارة التأمين نظير عمولة الدارة المستحقة لهم
يقتطع الحتياطي القانوني من عوائد استثمار أموال المساهمين -5
ويكون من حقوقهم وكذلك كل ما يتوجب اقتطاعه مما يتعلق برأس
المال.(22) .
ندوة البركة الثانية عشرة للقتصاد السلمي ،قرارات وتوصياتصندوات البركة للقتصاد السلمي ص .212 ()22
بينما العلقة بين حملة الوثاائق وشاركة التأمين ،في التامين التجاري ،أن ما
يدفعه حملة الوثاائق من أموال تكون ملكا ً للشركة ويخلط مع رأس مالها
مقابل التأمين .فليس هناك حسابان منفصلان كما في التأمين التعاوني.
المطلب الثاني:مقترحات لصيغة شركاة تأمين تعاوني:
لعل من أبرز ملمح هذه الصيغة ما يأتي:
أ .أن يتولى إدارة التأمين التعاوني شاركة مساهمة ،يكون للمساهمين فيها
مركز مالي منفصل على وجه الحقيقة عن المركز المالي لعمليات التأمين.
ب .للشركة المساهمة أن تخصم جميع المصاريف الدارية والتشغيلية من
مجموع أقساط التأمين ،وأن تتقاضى أجورا ً مقابل إدارتها لعمليات التأمين
بصفتها وكيل ً بأجر ،ولها كذلك أن تستثمر أموال المؤمن لهم في استثمارات
مباحة ،وتستحق بذلك نسبة من أرباح تلك الستثمارات بصفتها شاريكا ً
مضارباً.
ت .على الشركة أن تتجنب الدخول في استثمارات محرمة كالسندات
وغيرها ،سواء أكان ذلك في الستثمارات الخاصة بالمساهمين أم
بالستثمارات الخاصة بعمليات التأمين.
ث .التزام الشركة تجاه المؤمن لهم بالتعويض على نوعين؛ جائز وممنوع.
أما الجائز فأن تلتزم الشركة بإدارة أعمال التأمين بأمانة واحتراف ،ومتى
قصرت في ذلك فإنها تتحمل تبعات ذلك التقصير والتعويض عنه .وأما
الممنوع فأن تلتزم التزاما ً مطلقا ً بالتعويض سواء أكانت الضرار من
الشركة أم من غيرها ،فهذا يتعارض مع قاعدة التأمين التعاوني .وبدل ً عن
ذلك فللشركة أن تكّون احتياطيات من فائض أقساط التأمين ،ول تدخل هذه
الحتياطيات ضمن قائمة حقوق المساهمين بل تكون خاصة بأعمال التأمين.
ج .للشركة أن ترتبط بعقود إعادة تأمين لتفتيت المخاطر ،بشرط أن تكون
هذه العقود من قبيل التأمين التعاوني.
هذا والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد