You are on page 1of 38

‫مجلة جامعة البعث المجلد ‪ 44‬العدد ‪ 2‬عام ‪ 2022‬نسرين الطحان الشهير بالعدس جودت الهندي‬

‫اآلثار المترتبة على االلتزام باإلعالن عن الخطر‬


‫طالـــب الدراســات العميــا‪ :‬نسرين الطحان الشهير بالعدس‬

‫قسم القانون الخاص كميـــة الحقــــــــوق ‪ -‬جـــامعــــــة دمشــق‬

‫الدكتور المشرف‪ :‬جودت الهندي‬

‫الممخص‬

‫إن االلتزام باإلعالن عن بيانات الخطر سواء عند إبرام العقد أو أثناء تنفيذه‪ ،‬يعد األساس‬
‫في رفض الضمان أو قبولو وتحديد شروط العقد عمى أساس المعمومات المعمن عنيا‪ ،‬وىو‬
‫التغير الذي يصيب الخطر أثناء سريان العقد‪.‬‬
‫أيضاً األساس في تعديل الشروط بعد ّ‬

‫من أجل ذلك ناد ى الفقو القانوني والقضاء‪ ،‬بتقرير االلتزام باإلعالن عن بيانات الخطر‬
‫عمى عاتق طالب التأمين قبل إبرام العقد؛ إليجاد رضا سميم بكافة بيانات الخطر‪ ،‬وال يقتصر‬
‫ىذا اإلعالن عمى مرحمة إبرام العقد بل يبقى قائماً أثناء تنفيذه‪ ،‬وبطريقة تتفق مع ما يمميو‬
‫مبدأ حسن النية في العقود‪.‬‬

‫الكممات المفتاحية‪ :‬اإلعالن‪ ،‬الخطر‪ ،‬الفسخ‪ ،‬الضمان‬

‫‪11‬‬
Consequences of the obligation to
declare the danger

DAMACUS UNIVERSITY

FACULTY OF LAW

DEPARTMENT OF PRIVATE LAW

Abstract:

The obligation to announce risk data, whether at the conclusion of the


contract or during its implementation, is the basis for refusing or
accepting the guarantee and determining the terms of the contract on
the basis of the announced information. It is also the basis for
amending the conditions after the change that affects the risk during
the validity of the contract.

For this reason, jurisprudence and the judiciary called for deciding
the obligation to announce the risk data on the insurance applicant
before concluding the contract; To find sound satisfaction with all risk
data, and this announcement is not limited to the stage of concluding
the contract, but remains valid during its implementation, and in a
manner consistent with the dictates of the principle of good faith in
contracts.

Keywords: danger، Advertising، annulment، Security.

11
‫مجلة جامعة البعث المجلد ‪ 44‬العدد ‪ 2‬عام ‪ 2022‬نسرين الطحان الشهير بالعدس جودت الهندي‬

‫مقدمة‪:‬‬

‫إن التأمين يوفر الحماية والطمأنينة لمفرد ويمكنو من مواجية المخاطر التي‬
‫يتعرض ليا‪ ،‬فيو يقوم عمى فكرة تجميع المخاطر عمى مستوى مجموع المؤمن ليم‪،‬‬
‫وىذا ىو عمل المؤمن الذي يعمل عمى تقميل المخاطر التي يواجييا كل فرد من‬
‫المجموعة المؤمن ليا‪ ،‬فالتأمين ال ييدف إلى التعويض عن الضرر فقط‪ ،‬بل يعمل‬
‫عمى التقميل من المخاطر‪ ،‬وىنا تظير مصمحة المؤمن في تحقيق الربح‪ ،‬من خالل‬
‫تقميل الحوادث وتفادي وقوع الخسائر؛ لكي تزيد أرباحو بتقميل ما يدفعو من تعويض‪.‬‬

‫ف عند إبرام عقد التأمين‪ ،‬يقوم طالب التأمين باإلعالن المبدئي عن بيانات الخطر‪،‬‬
‫وعمى ضوء ىذا اإلعالن يقرر المؤمن إما قبول الضمان أو رفضو‪ .‬فتنفيذ االلتزام‬
‫باإلعالن المبدئي عن بيانات الخطر‪ ،‬تتحقق آثاره بمجرد وضع شروط العقد والتوقيع‬
‫عميو‪ ،‬أو رفض إبرام العقد‪.‬‬

‫ومسألة رفض الضمان ال يترتب عمييا أي آثار في مجال التامين‪ ،‬ويمكننا تكييف‬
‫ىذا التصرف‪ ،‬عمى أن طالب التأمين قد قدم عرضاً لممؤمن‪ ،‬يطمب فيو تقديم التغطية‬
‫التأمينية ضد مخاطر محددة‪ ،‬ولممؤمن الحق برفض العرض‪ ،‬ويترتب عمى ذلك أثر‬
‫(‪)1‬‬
‫فجميع اآلثار تنشأ بعد التوقيع عمى العقد‬ ‫وحيد ىو انقضاء ىذا العرض بالرفض‪.‬‬
‫من قبل األطراف‪ ،‬ولو كان نفاذه متأخ اًر عن وقت إبرامو‪.‬‬

‫وفي حال استجدت ظروف مؤثرة في الخطر‪ ،‬فبمجرد اإلعالن عنيا يكون المؤمن‬
‫لو قد أوفى بالتزامو‪ ،‬فإذا كانت ىذه الظروف تؤدي إلى تفاقم الخطر‪ ،‬فإن ىذا يؤدي‬

‫)‪ (1‬تجدر اإلشارة إلى أن ىذا الحكم ال ينطبق في حالة التأمين اإللزامي‪ ،‬فإرادة األطراف ليس ليا أي دور في‬
‫إبرام العقد‪ ،‬وانما إرادة المشرع ىي حجر األساس في ىذا النوع من التأمين‪ ،‬فبمجرد تحقق الشروط التي نص‬
‫عمييا المشرع فالعقد يكون واجب االنعقاد والنفاذ‪ ،‬وال يممك أي من المتعاقدين االمتناع عن التعاقد‪ ،‬واال تعرض‬
‫لمجزاءات المقررة قانوناً‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫إلى زيادة العبء عمى عاتق المؤمن‪ ،‬وىنا يكون القرار لو في مواجية المستجدات‬
‫الطارئة عمى العقد‪ .‬أما إذا أدت الظروف المستجدة إلى االنتقاص من الخطر‪ ،‬فيذه‬
‫أيضاً تؤدي إلى خمل في االلتزامات المترتبة عمى عقد التأمين‪ ،‬ولكن في ىذه الحالة‬
‫تكون عمى حساب المؤمن لو‪ ،‬وىنا يكون القرار لو لمواجية ما ط أر من ظروف‪.‬‬

‫إشكالية البحث ‪:‬‬

‫ال يعد عقد التأمين من العقود الحديثة‪ ،‬وىو من أىم العقود في التعامل؛ وكان من‬
‫نتائج ذلك كثرة المؤلفات التي تناولتو بالدراسة والبحث‪ ،‬إال أن االلتزام باإلعالن عن‬
‫الخطر في عقد التأمين ال يزال يثير عدة إشكاليات‪ ،‬يمكننا تمخيص أىميا من خالل‬
‫طرح عدة تساؤالت‪:‬‬

‫‪ -1‬ما ىو آثر االلتزام باإلعالن عن الخطر في عقد التأمين في حال تفاقم الخطر‬
‫المؤمن عميو؟‬
‫‪ -2‬وما ىو أثره عمى عقد التأمين في حال تناقص الخطر المؤمن عميو؟‬

‫أهمية البحث‪:‬‬

‫لقد ظيرت في العصر الحديث باإلضافة إلى اإلرادة المعيبة بأحد عيوبيا‪ ،‬مسألة‬
‫عدم التكافؤ في المعمومات؛ وذلك بسبب الجيل ببعض األمور أو عدم الخبرة فييا‪،‬‬
‫ومن ىنا فيجب عمى طالب التأمين اإلفصاح عن جميع المعمومات المؤثرة بالخطر؛‬
‫كي تبنى االلتزامات في العقد عمى أساس تكافؤ المعمومات‪ ،‬فضالً عما يفرضو مبدأ‬
‫حسن النية وواجب الشرف واالستقامة عمى كل من يممك معمومات‪ ،‬باإلفصاح عنيا‬
‫لمطرف اآلخر الذي ليس لو سبيل آخر لموصول إلى ىذه المعمومات‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫مجلة جامعة البعث المجلد ‪ 44‬العدد ‪ 2‬عام ‪ 2022‬نسرين الطحان الشهير بالعدس جودت الهندي‬

‫منهج البحث‪:‬‬

‫اتبعنا في ىذا البحث المنيج االستقرائي‪ ،‬من خالل البحث في الجزئيات المتعمقة‬
‫ب تنفيذ االلتزام باإلعالن عن تفاقم الخطر وما يترتب عميو من آثار‪ ،‬ومن ثم تنفيذ‬
‫االلتزام باإلعالن عن تناقص الخطر وما يترتب عميو من آثار‪ ،‬إضافة إلى المنيج‬
‫المقارن بين عدة أنظمة قانونية (السوري‪ ،‬الفرنسي)‪ ،‬مقسمين البحث إلى مبحثين وفق‬
‫خطة البحث اآلتية‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬تنفيذ االلتزام باإلعالن عن تفاقم الخطر‬

‫المطمب األول‪ :‬التغطية المؤقتة لمخطر‬

‫المطمب الثاني‪ :‬قرار المؤمن بشأن تفاقم الخطر‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الوسائل القانونية المتخذة في حال اإلعالن عن تناقص الخطر‬

‫المطمب األول‪ :‬تخفيض قسط التأمين‬

‫المطمب الثاني‪ :‬فسخ العقد‬

‫‪11‬‬
‫المبحث األول‬
‫تٌفيذ االلتزام باإلعالى عي تفاقن الخطز‬
‫بمجرد قيام المؤمن لو بإخطار المؤمن بتفاقم الخطر‪ ،‬يكون قد أوفى بالتزامو‪،‬‬
‫وبعد ىذا اإلخطار يتوقف مصير عقد التأمين عمى قرار المؤمن؛ ذلك ألن الخطر بعد‬
‫تفاقمو ىو غير الخطر الذي قبل المؤمن ضمانو‪ ،‬فيو خطر جديد إما من حيث‬
‫(‪)2‬‬
‫الجسامة‪ ،‬أو من حيث الطبيعة‪.‬‬

‫وبعد اإلخطار يكون لممؤمن حسب ما تقتضي مصمحتو‪ ،‬إما االستمرار بالعقد مع‬
‫زيادة القسط أو بدونيا ‪ ،‬أما إذا كان االستمرار في العقد يحقق لو خسارة مالية‪ ،‬فيكون‬
‫(‪)3‬‬
‫لو الحق بفسخو‪ ،‬وىذا ما سنبحثو في (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫ولكن المؤمن ال يتخذ ق ارره بشكل اعتباطي‪ ،‬بل بعد دراسة تستغرق مدة زمنية‪ ،‬إال‬
‫أن المؤمن لو ال يكون خالل ىذه المدة خارج نطاق الحماية التي يمنحيا لو عقد‬
‫التأمين؛ ألنو أوفى بالتزامو تجاه المؤمن بمجرد اإلخطار‪ ،‬فال يجب تحميمو عبء وقوع‬
‫(‪)4‬‬
‫فالمؤمن لو يكون بحاجة إلى حماية وقتية‪ ،‬ريثما يتخذ المؤمن ق ارره‪ ،‬وىذه‬ ‫الخطر‪.‬‬
‫الحماية الوقتية‪ ،‬تدعى بالتغطية المؤقتة لمخطر‪ ،‬وىذا ما سنبحثو في (الفرع األول)‪.‬‬

‫)‪ (2‬توفيق حسن فرج‪ ،‬أحكام الضمان في القانون المبناني‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬الدار الجامعية لمطباعة والنشر‪،‬‬
‫بيروت‪ ،1985 ،‬ص‪.96‬‬
‫)‪ (3‬نوري خاطر‪ ،‬وعدنان سرحان‪ ،‬األساس القانوني اللتزام المؤمن لو بتقديم المعمومات‪ ،‬مجمة الحقوق‬
‫الكويتية‪ ،‬المجمد ‪ ،31‬العدد األول‪ ،2007 ،‬ص‪.275‬‬
‫)‪ (4‬عثمان شكري الصغير‪ ،‬االلتزام باإلعالن عن تفاقم الخطر في عقد التأمين‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬جامعة آل‬
‫البيت‪ ،‬كمية القانون‪ ،‬ص ‪.31‬‬

‫‪11‬‬
‫مجلة جامعة البعث المجلد ‪ 44‬العدد ‪ 2‬عام ‪ 2022‬نسرين الطحان الشهير بالعدس جودت الهندي‬

‫المطمب األول‬

‫التغطية الوؤقتة للخطز‬


‫المقصود بالتغطية المؤقتة لمخطر‪ ،‬بقاء المؤمن ضامن لمخطر المؤمن ضده‪،‬‬
‫ريثما يتخذ ق ارره الذي بمقتضاه سيحدد مصير عقد التأمين‪ .‬فمن غير المنطقي حرمان‬
‫المؤمن لو من التغطية‪ ،‬خالل ىذه المدة؛ فالمؤمن لو قد أوفى بالتزامو‪ ،‬بمجرد إخطار‬
‫المؤمن فور عممو بالظروف المستجدة – إن لم يكن ىو المتسبب بوجودىا‪ -‬أو قبل‬
‫قيامو بيا‪ ،‬إن كان ىو من استحدثيا بفعمو‪ ،‬عدا الحالة التي يشترط فييا الحصول عمى‬
‫(‪)5‬‬
‫موافقة مسبقة من المؤمن‪.‬‬

‫ففي الفترة الالحقة عمى اإلعالن عن التفاقم والسابقة عمى اتخاذ المؤمن ق ارره‪،‬‬
‫الذي يحدد فيو مصير العقد‪ ،‬يبقى الخطر مغطى‪ ،‬أي يبقى المؤمن ضامن لو‪ ،‬ويكون‬
‫(‪)6‬‬
‫ىذا الضمان بنفس الشروط المتفق عمييا في العقد‪.‬‬

‫فإذا تحقق الخطر المؤمن منو‪ ،‬خالل فترة التغطية المؤقتة‪ ،‬يكون المؤمن ضامن‬
‫ليذا الخطر‪ ،‬ولو كان تحققو بسبب الظروف المستجدة؛ باعتبار أن المؤمن لو قد قام‬
‫بإخطاره في فترة معقولة‪ ،‬فيستفيد من الضمان ولو كان ذلك عمى حساب المؤمن؛ ألنو‬
‫سيضمن خط اًر أشد من الذي قبمو عند إبرام العقد‪ ،‬ويمكن تبرير ذلك أن المؤمن لو‬
‫عندما نفذ التزامو باإلخطار يكون قد أب أر ذمتو‪ ،‬السيما إن كان التفاقم ناتج عن فعل‬

‫)‪ )5‬فتحي عبد اهلل‪ ،‬التأمين‪( ،‬قواعده‪ ،‬أسسو الفنية‪ ،‬المبادئ العامة لعقد التأمين)‪ ،‬منشأة المعارف‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪ ،2002 ،‬ص‪.285‬‬
‫)‪(6‬سيير منتصر‪ ،‬االلتزام باإلدالء ببيانات الخطر وتفاقمو في عقد التأمين‪ ،‬دون طبعة‪ ،‬دار النيضة العربية‪،‬‬
‫القاىرة‪ ،1990،‬ص‪.162‬‬

‫‪11‬‬
‫الغير‪ ،‬فينتقل عبء تحمل نتائج الخطر ويصبح عمى عاتق المؤمن‪ ،‬فيستمر عقد‬
‫(‪)7‬‬
‫التأمين بنفس الشروط األصمية المتفق عمييا‪ ،‬وخاصة فيما يتعمق بالقسط‪.‬‬

‫ويمكن أن يعاد التوازن إلى العقد بعد الخمل الذي أصابو عن طريق الزيادة في‬
‫القسط‪ ،‬وتكون ىذه الزيادة بأثر رجعي من تاريخ قيام الظروف المستجدة‪ ،‬أو عمى‬
‫(‪)8‬‬
‫األقل من تاريخ اإلعالن عنيا‪.‬‬

‫وفي حال وقع الخطر المؤمن منو‪ ،‬وكان المؤمن لو غير عالم بيذا الخطر‪ ،‬أو‬
‫كان عالم بو ولكن خالل المدة الممزم خالليا بالتصريح عن الظروف‪ ،‬أو بعد إخطار‬
‫المؤمن‪ ،‬يمزم ىذا األخير بدفع مبمغ التأمين كامالً‪ ،‬ولو الحق باقتطاع مبمغ يعادل‬
‫الزيادة في قيمة القسط وبأثر رجعي من مبمغ التأمين‪ ،‬أي من تاريخ استجداد الظروف‪،‬‬
‫(‪)9‬‬
‫وحتى تاريخ وقوع الخطر‪.‬‬

‫واذا كان تفاقم الخطر بسبب فعل المؤمن لو‪ ،‬كما لو غير حمولة السيارة المؤمن‬
‫عمييا من الماء إلى المحروقات‪ ،‬وقام المؤمن لو بإخطار المؤمن قبل مباشرتو الفعل‬
‫الذي كان سبباً في تفاقم الخطر‪ ،‬فيكون قد نفذ التزامو كامالً‪ ،‬فإذا وقع الخطر نتيجة‬
‫ىذا الفعل‪ ،‬كان المؤمن ضامناً لجميع ما يترتب عنو من أضرار‪ .‬أما إذا وجد في وثيقة‬
‫التأمين شرط يقضي‪ ،‬بحصول المؤمن لو عمى الموافقة المسبقة من المؤمن عمى قيامو‬

‫)‪ )7‬محمد أبو زيد‪ ،‬عقد التأمين في القانون الكويتي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار الكتب لمطباعة والنشر‪ ،‬الكويت‪،‬‬
‫‪ ،1996‬ص‪.185‬‬
‫)‪ (8‬جاسم مجبل الماضي القعود‪ ،‬أثر مبدأ حسن النية عمى أحكام عقد التأمين‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬جامعة‬
‫عمان العربية‪ ،‬كمية القانون‪ ،2011 ،‬ص‪.107‬‬
‫)‪ )9‬مسعود سعيد خويرة‪ ،‬اآلثار المترتبة عمى عقد التأمين من المسؤولية المدنية‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬جامعة‬
‫النجاح الوطنية‪ ،‬نابمس‪ ،2008 ،‬ص‪.48‬‬

‫‪11‬‬
‫مجلة جامعة البعث المجلد ‪ 44‬العدد ‪ 2‬عام ‪ 2022‬نسرين الطحان الشهير بالعدس جودت الهندي‬

‫بيذا الفعل‪ ،‬إال أن المؤمن لو‪ ،‬قام بو دون الحصول عمى اإلذن‪ ،‬فينا يجب حرمانو من‬
‫(‪)10‬‬
‫التغطية المؤقتة لمخطر‪ ،‬ومن ثم التعويض؛ بسبب تقصيره في االلتزام‪.‬‬

‫ونرى‪ ،‬أنو ال يستحق التعويض عن كامل الخطر الواقع بعد التفاقم‪ ،‬ومن غير‬
‫المنطقي حرمانو من كامل التعويض‪ ،‬فيستحق التعويض عن الخطر األصمي بشروطو‬
‫ومواصفاتو‪ ،‬فالعدالة تقضي بأن يؤخذ بعين االعتبار‪ ،‬مدى تأثير فعمو عمى تحقق‬
‫الخطر األصمي ويحسم من قيمة التعويض‪ ،‬جزاء إخاللو بشروط العقد‪.‬‬

‫ونالحظ أن الحماية التي تقدميا التغطية المؤقتة لممؤمن لو‪ ،‬تكون عمى حساب‬
‫المؤمن؛ ألنو يكون ضامن لخطر أكبر من الذي قبل بو في وثيقة التأمين‪.‬‬

‫ومن ذلك نخمص إلى أن‪ ،‬الغاية من التغطية المؤقتة لمخطر حماية المؤمن لو‪،‬‬
‫الذي نفذ التزامو باإلعالن‪ ،‬فال يوجد ما يبرر حرمانو من الحماية‪ ،‬التي تقدميا ىذه‬
‫التغطية خالل المدة السابقة التخاذ المؤمن ق ارره بشأن استم ارره في التأمين‪ ،‬أو وضع‬
‫شروط جديدة‪ .‬وفي ىذه المزية‪ ،‬تحفيز لممؤمن عمى عدم المماطمة‪ ،‬في الوقت الذي‬
‫يكون فيو المؤمن لو في موقف حرج؛ بسبب ما استجد من ظروف‪ .‬فيو ضامن من‬
‫الوقت الذي يعمم فيو بالظروف المستجدة‪ ،‬ولكن يستفيد بأنو يستطيع أن يقتطع فرق‬
‫األقساط من يوم استجداد الظروف وحتى وقوع الخطر‪ .‬وتنتيي ىذه المدة باتخاذ‬
‫المؤمن ق ارره‪ ،‬واعالم المؤمن لو بيذا الق ارر‪ ،‬فيو إما أن يستمر بضمان الخطر بنفس‬
‫القسط المتفق عميو أو مع زيادة فيو‪ ،‬أو يقوم بإنياء العقد في حال وجد أنو ال يحقق لو‬
‫مصمحة أو يسبب لو خسارة‪ ،‬وىذا ما سنبحثو في (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫)‪ (10‬عقيل كاظم الحمادي‪ ،‬الجزاءات في عقد التأمين‪ ،‬مجمة رسالة الحقوق‪ ،‬جامعة كربالء‪ ،‬السنة الثالثة‪،‬‬
‫العدد الثالث‪ ،2011 ،‬ص‪.132‬‬

‫‪11‬‬
‫المطمب الثاني‬

‫قزار الوؤهي بشأى تفاقن الخطز‬


‫إن الظروف المستجدة التي أدت إلى تفاقم الخطر‪ ،‬تؤدي إلى تغيير األسس‬
‫والمعطيات التي أخذت بعين االعتبار‪ ،‬عند إبرام عقد التأمين‪ .‬فعمى أساس ىذه‬
‫البيانات والمعطيات‪ ،‬تم تحديد التزامات أطراف العقد‪ ،‬وخاصة فيما يتعمق بالخطر‬
‫المضمون‪ ،‬ومقدار القسط‪ ،‬ومبمغ التأمين النيائي‪ .‬وبمجرد تحقق ىذه الظروف‪ ،‬يكون‬
‫التوازن العقدي قد اختل‪ ،‬فالمؤمن يتحمل أعباء إضافية تزيد عما ارتضاه عند التعاقد‪،‬‬
‫وقد يصبح العقد بمجممو يمثل عبئاً مالياً عميو‪ ،‬ولو أنو كان عمى عمم بما سيؤول إليو‬
‫الخطر لما ارتضى إبرام العقد‪.‬‬

‫وبمجرد تقديم المؤمن لو التصريح إلى المؤمن‪ ،‬الذي يشرح فيو الظروف‬
‫المستجدة‪ ،‬التي تؤدي إلى تفاقم الخطر‪ .‬فينا يجب عمى المؤمن اتخاذ القرار؛ لمواجو‬
‫المستجدات ويحدد فيو مصير عقد التأمين بما يتناسب مع مصالحو‪ ،‬فيو إما أن‬
‫يستمر بضمان الخطر‪ ،‬أو يقرر إنياء العقد‪.‬‬

‫الفزع األول– استوزار الوؤهي بضواى الخطز‪:‬‬


‫إذا قرر المؤمن إبقاء عقد التأمين‪ ،‬عمى الرغم من الظروف المستجدة التي طرأت‬
‫عمى الخطر‪ ،‬وذلك عندما يكون وجود ىذه الظروف أثناء إبرام العقد‪ ،‬ال يجعمو يحجم‬
‫عن إبرامو‪ ،‬بل أثرىا يقتصر عمى الزيادة في قسط التأمين‪ ،‬أو وضع شرط إضافي في‬
‫العقد‪ .‬فالمؤمن في ىذه الحالة إما أن يقرر االستمرار في العقد مع الحفاظ عمى‬
‫شروطو األصمية بما فييا قسط التأمين‪ ،‬أو يقرر االستمرار فيو مع زيادة في مقدار‬
‫القسط‪.‬‬

‫أوالً‪ :‬االستوزار في التأهيي دوى تعذيل في شزوط العقذ‪:‬‬


‫من الممكن أن يتوصل المؤمن إلى قرار االستمرار بضمان الخطر المؤمن ضده‪،‬‬
‫دون زيادة في قسط التأمين‪ ،‬أو دون تعديل في شروط العقد‪ .‬وفي ق ارره ىذا يدخل عدة‬

‫‪12‬‬
‫مجلة جامعة البعث المجلد ‪ 44‬العدد ‪ 2‬عام ‪ 2022‬نسرين الطحان الشهير بالعدس جودت الهندي‬

‫اعتبارات‪ ،‬كأن تكون الظروف المؤثرة قميمة األىمية‪ ،‬بحيث أنيا لو وجدت وقت إبرام‬
‫العقد ما كانت لتؤثر عمى قراره في قبول أو رفض التأمين‪ ،‬أو تكون المدة الباقية حتى‬
‫نياية العقد قصيرة‪ ،‬وبالتالي الزيادة التي سيحصل عمييا ضئيمة نتيجة زيادة القسط‪ ،‬أو‬
‫تكون الظروف المستجدة غير مؤثرة في الخطر؛ ألن المؤمن قد توقعيا وأخذىا‬
‫(‪)11‬‬
‫بالحسبان عند إبرام العقد‪.‬‬

‫ومن الممكن أن يقبل المؤمن االستمرار في الضمان دون زيادة في القسط‪ ،‬عندما‬
‫يكون العميل المؤمن لو ذو أىمية‪ ،‬وقد أبرم معو عدة عقود تأمين ذات قيمة مالية‬
‫كبيرة‪ ،‬فمن الممكن إذا قام بزيادة قسط التأمين‪ ،‬فإن ىذه الزيادة ستؤثر عمى عالقتو‬
‫بيذا العميل‪ ،‬فيو بإبقائو عمى العقد بنفس الشروط المتفق عمييا‪ ،‬يكون قد قدم تشجيعاً‬
‫لو عمى االستمرار في باقي العقود‪ ،‬وتجديدىا بعد انتياء مدتيا‪ ،‬وابرام عقود تأمين‬
‫أخرى معو‪ ،‬فالضرر الذي سيتحممو المؤمن نتيجة فسخ العقد‪ ،‬أو زيادة القسط‪ ،‬أكبر‬
‫(‪)12‬‬
‫بكثير من الضرر الذي سيمحق بو‪ ،‬إذا استمر بالعقد دون تعديل‪.‬‬

‫واالستمرار بضمان الخطر رغم تفاقمو دون زيادة في القسط أو تعديل في شروط‬
‫العقد‪ ،‬ال يمكن أن يتم بشكل تمقائي بعد اإلعالن‪ ،‬بل يحتاج إلى قبول من المؤمن‪،‬‬
‫وىذا القبول قد يكون صريحاً وقد يكون ضمنياً‪ .‬وال يكفي حتى يعد المؤمن قابالً مجرد‬
‫إعالمو من قبل المؤمن لو وسكوتو‪ ،‬دون أن يتخذ موقفاً يعبر فيو عن إرادتو؛ ألن‬
‫ثم يتخذ موقفاً‬
‫الغاية من اإلعالن ىو إعطاء المؤمن فرصة ليعيد حساباتو‪ ،‬ومن ّ‬
‫يتناسب مع مصالحو‪.‬‬

‫)‪ (11‬جاسم مجبل الماضي القعود‪ ،‬أثر مبدأ حسن النية عمى أحكام عقد التأمين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.110‬‬
‫)‪ (12‬مسعود سعيد خويرة‪ ،‬اآلثار المترتبة عمى عقد التأمين من المسؤولية المدنية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.49‬‬

‫‪11‬‬
‫فقبول االستمرار بالضمان يكون إما صريحاً أو ضمنياً‪ .‬فعندما يقوم المؤمن‬
‫بإرسال وثيقة إلى المؤمن لو‪ ،‬يعممو فييا برغبتو في االستمرار بالعقد‪ ،‬أو عندما يحضر‬
‫المؤمن لو إلى مقر المؤمن‪ ،‬ويسممو ىذا البيان‪ ،‬يكون المؤمن قد قبل صراحة‪.‬‬

‫أما القبول الضمني يكون‪ ،‬عندما يتخذ المؤمن موقفاً يستدل منو عمى نيتو باإلبقاء‬
‫عمى العقد دون تغيير‪ ،‬كأن يقوم المؤمن لو بإخطاره بتفاقم الخطر‪ ،‬وعن رغبتو‬
‫باالستمرار في العقد دون تعديل في شروطو‪ ،‬فيمتزم السكوت وال يبدي أي اعتراض‪،‬‬
‫ثم يستمر بقبض األقساط في مواعيدىا‪ ،‬أو قيامو بإنذار المؤمن لو بدفع األقساط‬
‫ومن ّ‬
‫التي تأخر في سدادىا بعد ىذا اإلخطار‪ ،‬وتكون قيمة ىذه األقساط مساوية لمقيمة‬
‫المتفق عمييا عند التعاقد‪ .‬وأيضاً يستدل عمى القبول الضمني‪ ،‬إذا طالب المؤمن لو‬
‫بالزيادة في القسط فرفض ىذا األخير‪ ،‬وبعد الرفض إذا لم يطمب إنياء العقد‪ ،‬فيكون قد‬
‫(‪)13‬‬
‫قبل االستمرار بو ضمناً‪.‬‬

‫وأيضاً يمكن أن يستدل عمى القبول الضمني‪ ،‬إذا كان المؤمن عمى عمم بحقيقة‬
‫الظروف المستجدة‪ ،‬وعمى الرغم من ذلك لم يطالب بزيادة القسط‪ ،‬واستمر بتقاضيو‬
‫بقيمتو األصمية المحددة في وثيقة التأمين‪ ،‬أو قيامو بدفع مبمغ التأمين بعد تحقق‬
‫الخطر الذي وقع بعد استجداد الظروف‪ ،‬دون مطالبة بإسقاط القيمة التي تعادل ىذه‬
‫الظروف من مبمغ التأمين النيائي‪ ،‬أو قيام المؤمن لو بإرسال إخطار إلى المؤمن يعممو‬
‫فيو بتفاقم الخطر‪ ،‬وعن رغبتو في االستمرار بالعقد دون زيادة في القسط‪ ،‬فيعد المؤمن‬
‫قابالً بيذا العرض إذا لم يقدم خالل مدة معينة جواباً يعبر فيو عن إرادتو‪ ،‬إال أنو‬

‫)‪ (13‬وسام يوسف عبيد‪ ،‬التزامات المؤمن لو في عقد التأمين‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬معيد البحوث‪ ،‬جامعة‬
‫القاىرة‪ ،2002 ،‬ص‪.66‬‬

‫‪11‬‬
‫مجلة جامعة البعث المجلد ‪ 44‬العدد ‪ 2‬عام ‪ 2022‬نسرين الطحان الشهير بالعدس جودت الهندي‬

‫يشترط في ىذا اإلخطار أن يكون دقيق و صريح‪ .‬فيذه وقائع يستدل منيا عمى قبولو‬
‫(‪)14‬‬
‫الضمني وال يستطيع بعد ذلك طمب زيادة في القسط بعد ىذا القبول‪.‬‬

‫وقد عالجت بعض التشريعات القبول الضمني لالستمرار بضمان الخطر دون‬
‫زيادة في القسط أو تعديل في شورط العقد‪ ،‬فنصت المادة ‪ 2/783‬من القانون المدني‬
‫القطري ‪ -‬تقابل المادة ‪ 1/972‬من القانون المدني الكويتي‪ -‬عمى أنو‪ " :‬ومع ذلك ال‬
‫يجوز لممؤمن أن يتذرع بتفاقم المخاطر إذا كان بعد أن عمم بأي وجو‪ ،‬قد أظير رغبتو‬
‫في استبقاء العقد‪ ،‬أو بوجو خاص إذا استمر في استيفاء األقساط‪ ،‬أو إذا أدى‬
‫التعويض بعد تحقق الخطر المؤمن منو‪".‬‬

‫ويتضح لنا‪ ،‬حتى يعد المؤمن قابالً االستمرار بضمان الخطر دون زيادة في‬
‫القسط‪ ،‬يجب أال تثور حول ىذا القبول أية شبية‪ ،‬فإما أن يقوم بإعالم المؤمن لو‬
‫بطريقة صريحة عن طريق كتاب خطي‪ ،‬أو أن يتخذ موقفاً صريح الداللة عمى رغبتو‬
‫باالستمرار‪ ،‬ومجرد السكوت دون وجود ظروف تدعمو‪ ،‬ال يعد قبوالً منو‪ .‬وحاالت‬
‫القبول الضمني ال يمكن أن تحصر‪ ،‬وىذه الحاالت وردت في التشريعات التي نصت‬
‫عمييا عمى سبيل المثال ال الحصر‪.‬‬

‫ثاًياً‪ :‬االستوزار في التأهيي هع تعذيل في شزوط العقذ‪:‬‬


‫لم يعالج المشرع السوري ىذه الحالة أيضاً‪ ،‬وترك األمر إلرادة أطراف عقد‬
‫التأمين‪ ،‬وعمى األخص إرادة المؤمن‪ ،‬وبخالف ذلك نظمت العديد من التشريعات ىذه‬
‫الجزئية بنصوص خاصة‪ ،‬فجاء في المادة (‪ )1/783‬من القانون المدني القطري‪،‬‬
‫تقابل المادة (‪ )1/792‬من القانون المدني الكويتي‪ ،‬عمى أنو‪ ..." :‬إذا زادت المخاطر‬
‫المؤمن منيا‪ ،‬جاز لممؤمن أن يخطر المؤمن لو بالطريقة الموضحة سابقاً‪ ،‬باعتبار‬

‫)‪ )14‬محمد حسام لطفي‪ ،‬األحكام العامة لعقد التأمين‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪،1990 ،‬‬
‫ص‪.201‬‬

‫‪11‬‬
‫العقد مفسوخاً‪ ،‬إال إذا قبل المؤمن لو خالل األجل الذي يحدده المؤمن‪ ،‬زيادة في مقابل‬
‫التأمين تتناسب مع الزيادة الطارئة في الخطر‪ .‬وتطبيقاً لممادة ‪ 2/782‬من ذات القانون‬
‫فإن العقد يعد منفسخاً ومنتيياً بمرور عشرة أيام من تاريخ إخطار المؤمن لو بكتاب‬
‫موصى مع عمم بالوصول‪.‬‬

‫فعمى الرغم من استجداد ظروف تؤدي إلى تفاقم الخطر محل التأمين‪ ،‬إال أن‬
‫المؤمن قد يفضل اإلبقاء عمى العقد‪ ،‬إذا كان ليس من شأن ىذه الظروف إذا وجدت‬
‫في مرحمة التعاقد التأثير عمى ق ارره في قبول أو رفض التأمين‪ ،‬بل أثرىا يقتصر عمى‬
‫زيادة قسط التأمين‪ ،‬أو وضع شروط إضافية ليس ليا أىمية مالية كبيرة بالنسبة لو‪.‬‬
‫فقرار المؤمن في ىذه الحالة يقتصر عمى زيادة القسط‪ ،‬واالستمرار في العقد‪ ،‬وىذه‬
‫الزيادة تعادل القيمة المالية لما يتحممو من تفاقم في الخطر‪ ،‬ويتم ذلك عن طريق‬
‫(‪)15‬‬
‫إخطار يرسمو إلى المؤمن لو‪ ،‬يعممو فيو برغبتو بزيادة قسط التأمين‪.‬‬

‫وزيادة القسط ىي تعديل في شروط العقد‪ ،‬فال يستطيع المؤمن فرضو بإرادتو‬
‫المنفردة‪ ،‬فيجب أن يأخذ موافقة المؤمن لو عمى ىذه الزيادة؛ ذلك بأن تصريح المؤمن‬
‫ما ىو إال إيجاب موجو إلى المؤمن لو‪ ،‬وىذا األخير يممك الحق في قبول اإليجاب أو‬
‫رفضو‪ ،‬وقرار المؤمن لو يجب أن يكون صريحاً حتى يعتد بو‪ ،‬بل لممؤمن لو الحق في‬
‫(‪)16‬‬
‫عدم الرد عمى طمب الزيادة في القسط أيضاً‪.‬‬

‫إال أن سكوت المؤمن لو‪ ،‬بعد إخطاره بزيادة القسط‪ ،‬ال يظير إرادتو الحقيقية‪ ،‬فقد‬
‫درج العرف التأميني‪ ،‬عمى أن يرسل المؤمن اإلخطار ويضمنو بيان يقضي‪ ،‬بمجرد‬
‫الوصول وعدم االعتراض عميو خالل مدة معينة‪ ،‬فالعقد يعد منفسخاً‪ .‬وليذا الشرط‬

‫)‪ )15‬نوري خاطر‪ ،‬وعدنان سرحان‪ ،‬األساس القانوني اللتزام المؤمن لو بتقديم المعمومات‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫ص‪.275‬‬
‫)‪ )16‬عبد الودود يحيى‪ ،‬الموجز في عقد التأمين‪ ، ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مكتبة القاىرة الحديثة‪ ،‬القاىرة‪،1964 ،‬‬
‫ص‪.165‬‬

‫‪11‬‬
‫مجلة جامعة البعث المجلد ‪ 44‬العدد ‪ 2‬عام ‪ 2022‬نسرين الطحان الشهير بالعدس جودت الهندي‬

‫أىمية من الناحية العممية‪ ،‬ففي حال لم يقم المؤمن لو باإلجابة عمى اقتراح المؤمن‪،‬‬
‫يجنبو عناء إرسال إخطار بالفسخ‪ ،‬ومن جية أخرى‪ ،‬إذا تأخر المؤمن بإرسال إخطار‬
‫الفسخ‪ ،‬فال يعتقد المؤمن لو خطأً‪ ،‬أن المؤمن قبل االستمرار بالضمان دون زيادة‬
‫(‪)17‬‬
‫القسط‪.‬‬

‫وعند استالم المؤمن لو لإلخطار‪ ،‬فيو إما أن يقبل باقتراح المؤمن أو يرفضو‪.‬‬
‫فإذا قبل االقتراح‪ ،‬فيذا القبول يعد تعديل لعقد التأمين؛ ألنو ينصب عمى شرط فيو‪،‬‬
‫وىو مقدار القسط؛ لذلك يجب أن يتم ىذا االتفاق عمى التعديل في وثيقة تمحق بالعقد‬
‫األصمي‪ ،‬وفييا يضمن المؤمن الخطر بعد تفاقمو‪ ،‬ويمتزم بالمقابل المؤمن لو بمبمغ‬
‫(‪)18‬‬
‫القسط بعد الزيادة المتفق عمييا‪.‬‬

‫واتفاق الطرفين ىو الذي يحدد تاريخ احتساب الزيادة‪ ،‬فقد تكون من تاريخ تفاقم‬
‫الخطر إذا كان من فعل المؤمن لو‪ ،‬أو من تاريخ عممو‪ ،‬إذا كان من فعل الغير أو‬
‫الطبيعة‪ .‬وتحتسب الزيادة بأثر رجعي سابق عمى تاريخ اإلعالن‪ ،‬تطبيقاً لقاعدة النسبية‬
‫بين القسط والخطر؛ ألن اإلعالن عن تفاقم الخطر ما ىو إال كشف عن خطر قائم‬
‫(‪)19‬‬
‫ومتحقق‪ ،‬فيمزم إعادة التوازن عن الفترة السابقة عمى اإلعالن‪.‬‬

‫واذا رفض المؤمن لو الزيادة المقترحة‪ ،‬ىذا ال يعني أن العقد قد انتيى؛ ألن ىذا‬
‫الفسخ السريع يضر بمصمحة المؤمن لو فيجعمو دون تغطية تأمينية في الفترة الالحقة‬

‫)‪ )17‬عبد الرزاق السنيوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني (عقود الغرر)‪ ،‬الجزء السابع‪ ،‬المجمد الثاني‪ ،‬دار‬
‫إحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت‪ ،1964 ،‬ص‪.1266‬‬
‫)‪ (18‬بياء بييج شكري‪ ،‬التأمين في التطبيق والقانون والقضاء المقارنين‪ ،‬دار الثقافة لمنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪،‬‬
‫‪ ،2007‬ص‪.634‬‬
‫)‪ )19‬عثمان شكري الصغير‪ ،‬االلتزام باإلعالن عن تفاقم الخطر في عقد التأمين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.37‬‬

‫‪11‬‬
‫(‪)20‬‬
‫ولممؤمن الرجوع‬ ‫عمى الفسخ‪ ،‬فيجب أن يعطى مدة كافية لمبحث عن مؤمن آخر‪.‬‬
‫عن ىذه الزيادة بإخطار آخر يعممو فيو عن رجوعو‪ ،‬أو بمجرد سكوتو واستم ارره في‬
‫العقد يعد أنو قبل بتغطية الخطر المتفاقم دون زيادة في القسط‪ .‬ولممؤمن وحده بعد‬
‫(‪)21‬‬
‫رفض المؤمن لو الحق في تقرير إنياء العقد‪.‬‬

‫فإذا كان تفاقم الخطر بفعل المؤمن لو‪ ،‬ورفض الزيادة في القسط‪ ،‬وكانت ىذه‬
‫ثم قرر المؤمن إنياء‬
‫األخيرة متناسبة مع استفحال الخطر ومع ذلك رفضيا‪ ،‬ومن ّ‬
‫العقد‪ .‬فالمؤمن في ىذه الحالة يستحق التعويض عما لحقو من ضرر‪ ،‬بسبب التفاقم‬
‫الحاصل بفعل المؤمن لو‪ ،‬ويكون ذلك عن المدة بين تفاقم الخطر وحتى إنياء العقد‪،‬‬
‫إضافة لما لحقو من ضرر بسبب فقدانو األقساط الالحقة لمفسخ‪ .‬أما إذا كان التفاقم‬
‫بسبب فعل الغير أو الطبيعة‪ ،‬فميس لو المطالبة بالتعويض‪ ،‬إال عن الفترة التي يكون‬
‫(‪)22‬‬
‫اء لسوء نيتو‪ ،‬أو إلىمالو‪.‬‬
‫المؤمن لو مقص اًر في التزامو باإلخطار‪ ،‬وذلك جز ً‬
‫وكما لممؤمن الحق بطمب زيادة القسط مقابل ضمان الخطر المتفاقم‪ ،‬فيذا الحق‬
‫مقرر أيضاً لممؤمن لو‪ .‬فميذا األخير الحق بإخطار المؤمن بتفاقم الخطر‪ ،‬وبرغبتو في‬
‫االستمرار بالعقد مع زيادة القسط‪ ،‬وىنا يكون المؤمن أمام خيارين‪ ،‬فإذا كان وجود‬
‫الخطر‪ ،‬وقت التعاقد ال يؤثر عمى ق ارره في قبول الضمان‪ ،‬فمو أن يقبل ىذا العرض‪،‬‬
‫أما إذا كان يؤثر في ق ارره فمو رفض العرض وتقرير فسخ العقد‪ .‬إال أن المؤمن لو في‬

‫)‪ (20‬نوري خاطر‪ ،‬وعدنان سرحان‪ ،‬األساس القانوني اللتزام المؤمن لو بتقديم المعمومات ‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫ص‪.270‬‬
‫‪21‬‬
‫‪( ) M. Fabr-Magnon. OP.cit. P. 239.‬‬
‫)‪ )22‬جالل إبراىيم‪ ،‬التأمين وفقاً لمقانون الكويتي‪( ،‬دراسة مقارنة مع القانونين المصري والفرنسي)‪ ،‬دون‬
‫طبعة‪ ،‬مطبوعات جامعة الكويت‪ ،‬الكويت‪ ،1989 ،‬ص‪.597‬‬

‫‪11‬‬
‫مجلة جامعة البعث المجلد ‪ 44‬العدد ‪ 2‬عام ‪ 2022‬نسرين الطحان الشهير بالعدس جودت الهندي‬

‫الفترة التي يتخذ المؤمن ق ارره فييا‪ ،‬ال يكون دون حماية‪ ،‬فيو يستفيد من التغطية‬
‫(‪)23‬‬
‫المؤقتة لمخطر‪ ،‬إلى أن يقرر المؤمن مصير العقد‪.‬‬

‫ويبدو لنا‪ ،‬أنو بعد إظيار المؤمن لو رغبتو في االستمرار بالعقد‪ ،‬مع زيادة في‬
‫القسط‪ ،‬سيكون االستمرار مفروض عمى المؤمن؛ وذلك نتيجة منطقية لمحماية التي‬
‫تقدميا التغطية المؤقتة‪ ،‬وفي حال وقع الخطر المؤمن منو‪ ،‬فيمتزم المؤمن بدفع‬
‫التعويض عن كامل الخطر الواقع‪ ،‬ولو اقتطاع مبمغ يعادل الفرق بين األقساط‪ ،‬فينا‬
‫القبول مفترض من قبل المؤمن‪ ،‬وىذه مزية يستفيد منيا المؤمن لو؛ حتى يتجنب‬
‫مماطمة المؤمن في اإلجابة إما بالقبول أو الرفض وفسخ العقد‪ ،‬وىذا الحل يخرج عقد‬
‫التأمين عن الجمود‪ ،‬ويعطيو ديناميكية تتناسب مع واقع التأمين وضروراتو‪.‬‬

‫الفزع الثاًي‪ -‬فسخ العقذ‪:‬‬


‫تقضي القواعد العامة‪ ،‬أنو في العقود الممزمة لمجانبين‪ ،‬إذا قصر المدين بتنفيذ‬
‫التزامو‪ ،‬كان لمطرف اآلخر طمب التنفيذ العيني‪ ،‬أو فسخ العقد‪ ،‬مع التعويض في‬
‫(‪)24‬‬
‫الحالتين إن كان لو مقتضى‪.‬‬

‫إال أن ىذا الحل ال ينطبق عمى عقد التأمين؛ حيث أن التنفيذ العيني لمعقد حسب‬
‫القواعد العامة غير متصور‪ ،‬فال يمكن منع المؤمن لو من مزاولة نشاطو‪ ،‬لعمة أن ىذا‬
‫النشاط يؤدي إلى تفاقم الخطر؛ ألن في ىذا تقييد لحريتو الشخصية‪ ،‬والمقصود من‬
‫عقد التأمين ىو ضمان الخطر وليس تقييد الحرية‪ ،‬فمو كان األمر كذلك لما أقدم أي‬
‫(‪)25‬‬
‫شخص عمى إبرام عقد تأمين‪.‬‬

‫)‪ )23‬عبد الرزاق السنيوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني (عقود الغرر)‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.1267‬‬
‫)‪ )24‬مدني سوري ‪ ،158‬تقابل المادة (‪ )246‬أردني‪.‬‬
‫)‪ )25‬عبد الرزاق السنيوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني (عقود الغرر)‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.1265‬‬

‫‪11‬‬
‫كما أن التنفيذ العيني غير متصور؛ ألنو يقضي بأن يعيد المؤمن لو الحال إلى‬
‫ما كانت عميو قبل حدوث التفاقم‪ .‬ويترتب عمى إغالق باب التنفيذ العيني أمام المؤمن‪،‬‬
‫(‪)26‬‬
‫أنو لم يبقى لو سوى طمب الفسخ إذا لم يرتضي اإلبقاء عمى العقد‪.‬‬

‫وخروجاً عن القواعد العامة في العقود‪ ،‬فعند إعالم المؤمن بتفاقم الخطر يكون‬
‫أمام حمول ثالثة‪ ،‬فإما أن يستمر في العقد دون تعديل لشروطو‪ ،‬أو أن يستمر فيو مع‬
‫تعديل متناسب مع ما استجد من ظروف‪ ،‬وفي حال لم يوافق المؤمن لو عمى‬
‫االستمرار في الضمان مع الزيادة‪ ،‬فال يكون أمام المؤمن سوى فسخ العقد؛ حتى يتحمل‬
‫(‪)27‬‬
‫من التزاماتو‪.‬‬

‫فالفسخ حق مطمق لممؤمن‪ ،‬ولكن في حال تعسفو باستعمال ىذا الحق‪ ،‬يمزم‬
‫بالتعويض لممؤمن لو؛ لذلك يجب توافر عدة شروط لمفسخ‪ ،‬وبعد توافرىا واتخاذ القرار‬
‫بفسخ عقد التأمين‪ ،‬تترتب آثار عمى العقد المنفسخ‪.‬‬

‫أوالً‪ :‬شزوط الفسخ‪:‬‬


‫البد من توافر عدة شروط قبل أن يتخذ المؤمن ق ارره بفسخ عقد التأمين وىي‪:‬‬
‫أ‪ -‬يجب أال يكون المؤمن قد نزل عن حقو بالفسخ صراحةً أو ضمناً‪.‬‬
‫يكون النزول عن الحق بفسخ العقد صريحاً‪ ،‬كما لو أرسل المؤمن إخطار برغبتو‬
‫في االستمرار بالضمان دون زيادة في القسط‪ ،‬أو كما لو ا ْشتُرط في وثيقة التأمين‬
‫حرمانو من ىذا الحق‪ .‬ويكون النزول ضمنياً‪ ،‬إذا استمر في تقاضي األقساط دون‬
‫زيادة عمى الرغم من إخطاره بالظروف المستجدة‪ ،‬أو دفعو لمبمغ التأمين المقترن بعممو‬

‫)‪ (26‬عثمان شكري الصغير‪ ،‬االلتزام باإلعالن عن تفاقم الخطر في عقد التأمين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.34‬‬
‫)‪ (27‬نوري خاطر‪ ،‬وعدنان سرحان‪ ،‬األساس القانوني اللتزام المؤمن لو بتقديم المعمومات‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫ص‪.275‬‬

‫‪11‬‬
‫مجلة جامعة البعث المجلد ‪ 44‬العدد ‪ 2‬عام ‪ 2022‬نسرين الطحان الشهير بالعدس جودت الهندي‬

‫الفعمي بالظروف‪ .‬في ىذه الحاالت ال يممك المؤمن التمسك بحق الفسخ؛ لصدور‬
‫(‪)28‬‬
‫تصرفات قانونية من قبمو‪ ،‬تفيد تنازلو عن ىذا الحق‪.‬‬

‫ب‪ -‬يجب إخطار المؤمن لو بقرار الفسخ برسالة مسجمة‪.‬‬


‫ويكون ذلك بكتاب مع إشعار بالوصول يرسل إلى المؤمن لو‪ ،‬وتعد ىذه الطريقة‬
‫ىي األفضل لجية إثبات اتجاه إرادة المؤمن لفسخ العقد‪ ،‬وتجنيبو المسؤولية المترتبة‬
‫عمى الفسخ التعسفي بإرادة منفردة‪ .‬كذلك لإلخطار فائدة تتعمق بالوقت الذي ينتج‬
‫(‪)29‬‬
‫الفسخ فيو آثاره‪.‬‬

‫ج‪ -‬يجب أن يتم اإلخطار خالل مدة معقولة‪.‬‬


‫لم تنص أغمب التشريعات ومنيا القانون المدني السوري‪ ،‬عمى مدة محددة يتم‬
‫خالليا إعالم المؤمن لو برغبة المؤمن بالفسخ‪ .‬وعمى العكس من ذلك قام المشرع‬
‫الفرنسي‪ ،‬بتحديد مدة عشرة أيام إلبالغ المؤمن لو بقرار المؤمن بالفسح؛ وذلك حتى ال‬
‫يجد المؤمن لو نفسو دون أي تغطية تأمينية‪ ،‬وفي ذلك حماية لو؛ ألنو عندما يعمم‬
‫بقرار المؤمن المتضمن إنياء عقد التأمين‪ ،‬سيسارع إلى إبرام عقد تأمين جديد مع‬
‫(‪)30‬‬
‫مؤمن آخر‪.‬‬

‫ثاًياً‪:‬آثار الفسخ‪:‬‬
‫بعد إرسال اإلخطار المسجل خالل مدة معقولة‪ ،‬مع عدم نزول المؤمن عن حقو‬
‫بالفسخ‪ ،‬يكون عقد الضمان قد انفسخ‪ ،‬ويترتب عمى ذلك عدة آثار‪.‬‬

‫أ‪ -‬انتياء عقد التأمين بالنسبة لألطراف‪.‬‬

‫)‪ (28‬فتحي عبد اهلل‪ ،‬التأمين (قواعده‪ ،‬أسسو الفنية‪ ،‬المبادئ العامة لعقد التأمين)‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.215‬‬
‫)‪ )29‬جمال الدين مكناس‪ ،‬التأمين – عقد التأمين‪ ،‬منشورات جامعة دمشق‪ ،‬كمية الحقوق‪ ،‬الطبعة الثالثة‪،‬‬
‫‪ ،2007‬ص ‪.153‬‬
‫)‪ )30‬عثمان شكري الصغير‪ ،‬االلتزام باإلعالن عن تفاقم الخطر في عقد التأمين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.35‬‬

‫‪11‬‬
‫وىو األثر الرئيسي بالنسبة لمفسخ‪ ،‬ويعني زوال العقد من الوجود‪ ،‬فيسقط التزام‬
‫المؤمن بضمان الخطر‪ ،‬وبالمقابل يستتبع ىذا سقوط التزام المؤمن لو بدفع القسط؛ ألن‬
‫ىذا االلتزام أصبح من دون سبب يبرر القيام بو‪ .‬إال أن الغالب قيام المؤمن بقبض‬
‫البدل مسبقاً عن مدة معينة‪ ،‬فبعد الفسخ يتوجب عميو إعادة القيمة المتبقية من البدل‬
‫(‪)31‬‬
‫عن الفترة الالحقة لمفسخ‪ ،‬واال يكون قابضاً لغير المستحق‪.‬‬

‫ىذا وقد اختمف الفقو بشأن وقت انتياء عقد التأمين‪ ،‬فالبعض رأى‪ ،‬أن العقد‬
‫ينتيي بمجرد‪ ،‬إرسال المؤمن قرار الفسخ إلى المؤمن لو‪ ،‬أو بانتياء المدة المعقولة بعد‬
‫اإلخطار بتفاقم الخطر؛ ألن القرار بالفسخ ال يحتاج إلى قبول المؤمن لو في حال‬
‫إرسالو إليو‪ ،‬وفي حال انقضاء المدة المعقولة‪ ،‬يكون المؤمن لو قد عمم بمجرد انتياء‬
‫(‪)32‬‬
‫المدة برغبة المؤمن بإنياء العقد‪.‬‬

‫بينما يرى البعض اآلخر‪ ،‬أن العقد ال ينتيي إال باستالم المؤمن لو‪ ،‬قرار المؤمن‬
‫بالفسخ‪ ،‬أي ال ينتيي بمجرد اإلرسال‪ ،‬بل البد من وصول ىذا الخطاب إلى المؤمن‬
‫(‪)33‬‬
‫لو‪ ،‬حتى يكون عمى عمم بمركزه القانوني‪.‬‬

‫واذا كان لمفسخ أثر رجعي فإنو ال يسري إال عمى العقود الفورية‪ ،‬أما عمى عقد‬
‫التأمين باعتباره من العقود الزمنية‪ ،‬فيكون أثره عمى المستقبل دون الماضي‪ ،‬ألنو ال‬
‫يمكن العودة بااللتزامات التي تم تنفيذىا في الماضي‪ .‬وبالتالي إذا كان المؤمن لو قد‬

‫)‪ )31‬حسام الدين األىواني‪ ،‬المبادئ العامة لمتأمين‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪،2008 ،‬‬
‫ص‪.167‬‬
‫)‪ )32‬أحمد شرف الدين‪ ،‬أحكام التأمين في القانون والقضاء‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪،‬‬
‫‪ ،1991‬ص‪.331‬‬
‫)‪ (33‬عثمان شكري الصغير‪ ،‬االلتزام باإلعالن عن تفاقم الخطر في عقد التأمين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.35‬‬

‫‪12‬‬
‫مجلة جامعة البعث المجلد ‪ 44‬العدد ‪ 2‬عام ‪ 2022‬نسرين الطحان الشهير بالعدس جودت الهندي‬

‫دفع األقساط مقدماً‪ ،‬فمو استرداد ما دفعو عن الفترة التالية لمفسخ‪ ،‬أما السابقة فتكون‬
‫(‪)34‬‬
‫من حق المؤمن؛ باعتباره كان ضامناً لمخطر حتى تاريخ الفسخ‪.‬‬

‫ونرى‪ ،‬أن أفضل صيغة لمفسخ‪ ،‬تكون بإرسال المؤمن ق ارره بزيادة القسط‪ ،‬وفي‬
‫حال عدم قبول المؤمن لو خالل مدة معقولة‪ ،‬يكون العقد منفسخاً دون الحاجة إلى‬
‫إخطار بالفسخ‪ ،‬ويكون ذلك برسالة مسجمة مع إشعار بالوصول‪ .‬وىذه الطريقة تسيل‬
‫عممية اإلثبات لجية فسخ العقد‪ ،‬وأيضاً يكون أمام المؤمن لو فرصة كافية لمبحث عن‬
‫مؤمن آخر‪ ،‬أضف إلى ذلك‪ ،‬توفر ىذه الطريقة العناء عمى المؤمن؛ فيو بوثيقة واحدة‬
‫يرسميا إلى المؤمن لو‪ ،‬يحدد مصير العقد وال يتكمف عناء أي إجراء آخر‪.‬‬

‫ب‪ -‬إذا كان التأمين ضد خطر واحد‪ ،‬فالفسخ يصيب كامل الوثيقة‪.‬‬
‫أما إذا كانت الوثيقة تتضمن عدة مخاطر‪ ،‬وكان من الممكن الفصل بينيا‪،‬‬
‫فإذا تفاقم أحد ىذه المخاطر‪ ،‬فأثر الفسخ يقتصر عمى ىذا الخطر‪ ،‬ويبقى عقد‬
‫(‪)35‬‬
‫التأمين سارياً بالنسبة لباقي المخاطر‪.‬‬
‫كما لو أمن شخص عمى سيارتين ممموكتين لو بعقد تأمين واحد‪ ،‬وكان‬
‫يستعمميا استعماال خاصاً بو‪ ،‬وبعد فترة أصبح يستخدم إحدى السيارتين في نقل‬
‫الركاب‪ ،‬فينا يمكن فسخ العقد بالنسبة لمسيارة الثانية وابقاؤه بالنسبة لمسيارة األولى‪.‬‬
‫أما إذا كانت الوثيقة متضمنة لعدة مخاطر‪ ،‬وغير قابمة لالنفصال عن بعضيا‬
‫فينا الفسخ ينصب عمى كامل الوثيقة‪ ،‬كما لو أمن شخص عمى بناء ممموك لو ضد‬
‫الحريق‪ ،‬مقابل قسط تأمين عن كامل البناء‪ ،‬واستجدت ظروف أدت إلى تفاقم ىذا‬
‫الخطر بالنسبة إلحدى الشقق‪ ،‬فينا ينفسخ العقد كامالً‪ .‬وأيضاً ينفسخ العقد دون‬

‫)‪ )34‬عبد المنعم البدراوي‪ ،‬التأمين (فن التأمين‪ ،‬عقد التأمين‪ ،‬تأمين األشخاص)‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬القاىرة‪،‬‬
‫‪ ، 1981‬ص‪.180‬‬
‫)‪ (35‬عبد الرزاق السنيوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني (عقود الغرر)‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.1269‬‬

‫‪11‬‬
‫تجزئتو‪ ،‬إذا كان سبب عدم التجزئة عائد إلرادة أطراف العقد‪ ،‬كما لو اتفق األطراف‪،‬‬
‫عمى عدم قابمية العقد لمتجزئة‪ ،‬سواء لجية األشياء المؤمن عمييا‪ ،‬أو لجية القسط‪.‬‬

‫ج‪ -‬ال يستحق المؤمن أي تعويض عن الفسخ‪.‬‬


‫ىذه ىي القاعدة العامة في عقد التأمين؛ ألن المؤمن ىو من اختار الفسخ‬
‫والعدول عن العقد‪ ،‬فالمؤمن ال يستحق التعويض إذا قام المؤمن لو بإخطاره بالتفاقم في‬
‫الوقت المناسب‪ ،‬وكان ىذا التفاقم غير ناتج عن فعمو‪ ،‬أو كان نتيجة سموكو المألوف‪،‬‬
‫فالمؤمن لو في ىذه الحالة لم يرتكب أي خطأ‪ ،‬وسقطت عنو المسؤولية بمجرد إخطار‬
‫المؤمن‪ .‬أضف إلى ذلك‪ ،‬ال يستحق المؤمن أي تعويض‪ ،‬إذا قرر االستمرار في‬
‫ثم اتخذ القرار بفسخ العقد‪ ،‬بعد رفض المؤمن لو‬
‫الضمان مع زيادة في القسط‪ ،‬ومن ّ‬
‫(‪)36‬‬
‫ىذه الزيادة‪.‬‬

‫ويبدو لنا‪ ،‬أن المؤمن ال يستحق التعويض إذا قرر مباشرة فسخ عقد التأمين‬
‫بمجرد عممو بما استجد من ظروف‪ ،‬دون أن يطمب زيادة في القسط‪ ،‬ولكن إذا كانت‬
‫الظروف عادية‪ ،‬وال تؤثر عمى ق ارره في قبول التأمين أو رفضو وقرر الفسخ‪ ،‬فينا‬
‫لممؤمن لو الحق بالتعويض‪ ،‬عن ىذا الفسخ التعسفي من جانب المؤمن‪ .‬ىذا بخالف‬
‫إذا قرر الفسخ مباشرة؛ بسبب استجداد ظروف تبمغ من الجسامة لو عمم بيا عند‬
‫التعاقد لما أبرم العقد أساساً‪ ،‬كما في البيانات الشخصية المتعمقة بالخطر‪.‬‬

‫إال أن ىذه القاعدة غير مطمقة‪ ،‬فمممؤمن المطالبة بحقو في التعويض إضافة‬
‫لمفسخ‪ ،‬إذا كان المؤمن لو ىو المسؤول عن تفاقم الخطر‪ ،‬ورفض اقتراح المؤمن‬
‫باالستمرار في الضمان لقاء زيادة في بدل التأمين‪ ،‬فينا يقوم المؤمن باحتباس ما‬

‫)‪ )36‬جمال الدين مكناس‪ ،‬التأمين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.154‬‬

‫‪11‬‬
‫مجلة جامعة البعث المجلد ‪ 44‬العدد ‪ 2‬عام ‪ 2022‬نسرين الطحان الشهير بالعدس جودت الهندي‬

‫عجمو المؤمن لو من أقساط‪ ،‬عن مدد الحقة عمى سبيل التعويض‪ ،‬إضافة لحقو‬
‫(‪)37‬‬
‫بالمطالبة بالتعويض أمام القضاء‪.‬‬

‫وىن اك حاالت ال يستحق المؤمن أي تعويض عمى الرغم من أن تفاقم الخطر ولو‬
‫كان بفعل المؤمن لو‪ ،‬عندما يكون قصد ىذا األخير حماية مصمحة عامة‪ ،‬أو حماية‬
‫لمصالح تفوق مصمحتو‪ ،‬كأن يقوم بإتالف بعض ممتمكاتو في الحريق‪ ،‬حتى ال يمتد‬
‫الحريق إلى الجوار‪ ،‬أو إلى باقي المنزل‪ ،‬أو يقوم بقتل طائره النادر الذي أصيب‬
‫(‪)38‬‬
‫فمن غير المنطقي حرمان المؤمن لو من‬ ‫بأنفمون از الطيور؛ خشية انتشار المرض‪.‬‬
‫حقو في التعويض‪ ،‬ألنو لم يرتكب أي خطأ‪ ،‬بل كان شديد الحرص‪ ،‬وغايتو ىي‬
‫الحفاظ عمى مصمحة عامة‪ ،‬أو التقميل من جسامة الخطر وآثاره‪.‬‬

‫بعد دراسة الوسائل القانونية التي تعالج الظروف المستجدة أثناء سريان عقد‬
‫التأمين وتؤدي إلى تفاقم الخطر‪ ،‬البد من اإلشارة إلى أنو قد تستجد ظروف أثناء‬
‫سريان العقد ويكون من شأنيا أن تقمل فرص تحقق الخطر‪ ،‬أو تقمل من جسامتو‪،‬‬
‫فيترتب عمييا آثار‪ ،‬من شأنيا التعديل في عقد التأمين أو إنياءه‪.‬‬

‫)‪ )37‬عبد الرزاق السنيوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني (عقود الغرر)‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.1266‬‬
‫)‪ )38‬عز الدين فالح‪ ،‬التأمين ( مبادئو وأنواعو)‪ ،‬دار أسامة لمنشر‪ ،‬عمان‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2008 ،‬ص‬
‫‪.59‬‬

‫‪11‬‬
‫المبحث الثاني‬

‫الوسائل القانونية المتخذة في حال اإلعالن عن تناقص الخطر‬


‫لم يعالج المشرع السوري حالة تناقص الخطر بنص خاص‪ ،‬وكذلك كان األمر في‬
‫أغمب التشريعات المقارنة‪ ،‬وعمى خالف االلتزام باإلعالن األولي عن الخطر أو‬
‫اإلعالن عن تفاقمو‪ ،‬فال يمزم المؤمن لو باإلعالن عن تناقص الخطر المؤمن منو‪.‬‬

‫وتطبيقاً لقاعدة النسبية‪ ،‬فكمما اسجدت ظروف من شأنيا اإلنقاص من الخطر‪،‬‬


‫توجب عمى المؤمن لو‪ ،‬إعالم المؤمن بيذه الظروف؛ ليتم إعادة التوازن إلى العقد بعد‬
‫الخمل الذي أصابو عمى حساب المؤمن لو‪ .‬فكما يجب زيادة القسط كمما ازداد الخطر‪،‬‬
‫(‪)39‬‬
‫أما إذا لم‬ ‫يجب إنقاصو كمما تناقص الخطر‪ ،‬وىذا ما سنبحثو في (الفرع األول)‪.‬‬
‫يتم االتفاق عمى التخفيض فيكون لممؤمن لو الحق بإنياء العقد؛ ألنو بات يشكل عبئاً‬
‫عميو؛ لعدم التناسب بين القسط والخطر‪ ،‬أو في حال وجد أن الظروف المستجدة أدت‬
‫إلى التقميل من الخطر إلى حد ال يخشى من النتائج المترتبة عمى وقوعو‪ ،‬وىذا ما‬
‫سنبحثو في (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫)‪ )39‬البشير زىرة‪ ،‬التأمين البري‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار بو سالمة لمطباعة والنشر‪ ،‬تونس‪ ، 1975 ،‬ص‬
‫‪.159‬‬

‫‪11‬‬
‫مجلة جامعة البعث المجلد ‪ 44‬العدد ‪ 2‬عام ‪ 2022‬نسرين الطحان الشهير بالعدس جودت الهندي‬

‫المطمب األول‬

‫تخفيض قسط التأمين‬


‫في ظل القصور التشريعي لجية تنظيم حالة تناقص الخطر المؤمن منو أو زوالو‪،‬‬
‫وأثرىا عمى التزامات أطراف عقد التأمين‪ ،‬فقد قام البعض بالقياس عمى التأمين عمى‬
‫الحياة‪ ،‬ومن ذلك تطبيق حكم المادة(‪ )1/112‬من القانون المدني السوري‪ ،‬حيث جاء‬
‫فييا " ‪ -1‬أما إذا كان القسط المتفق عمى دفعو أكبر مما كان يجب دفعو عمى أساس‬
‫السن الحقيقية لممؤمن عمى حياتو‪ ،‬وجب عمى المؤمن أن يرد دون فائدة‪ ،‬الزيادة التي‬
‫حصل عمييا‪ ،‬وأن يخفض األقساط التالية إلى الحد الذي يتناسب مع السن الحقيقية‬
‫لممؤمن عميو "‪ .‬ولكن ىذا النص ورد في معرض الحديث عن التأمين عمى الحياة‪ .‬ولو‬
‫أراد المشرع تطبيق ىذا الحكم عمى أنواع التأمين‪ ،‬لما تردد في إدراج ىكذا نص في‬
‫(‪)40‬‬
‫القواعد العامة الناظمة لمختمف عقود التأمين‪.‬‬

‫في حين نجد أن المشرع الفرنسي اتخذ موقفاً واضحاً في حالة التناقص‪ ،‬حيث‬
‫نص في المادة (‪ )4-113‬من قانون التأمين الفرنسي عمى أنو‪ ،‬إذا أخطر المؤمن لو‬
‫المؤمن بتناقص األخطار‪ ،‬وجب عمى ىذا األخير رد القسط إلى الحد الذي يتناسب مع‬
‫(‪)41‬‬
‫الخطر‪.‬‬

‫)‪ (40‬غازي أبو عرابي‪ ،‬أحكام التأمين‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار وائل‪ ،‬عمان‪ ،2011 ،‬ص‪ .309‬وفتحي عبد اهلل‪،‬‬
‫التأمين (قواعده‪ ،‬أسسو الفنية‪ ،‬المبادئ العامة لعقد التأمين)‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.290‬‬
‫)‪ (41‬تنص المادة (‪ )4-113‬من قانون التأمين الفرنسي عمى أنو " لممؤمن لو في حال تناقص الخطر الحق‬
‫بتخفيض مقدار القسط‪ .‬إذا لم يوافق المؤمن عمى ذلك‪ ،‬لممؤمن لو أن يفسخ عقد التأمين ‪ ...‬يجب عمى‬
‫ٍ‬
‫عندئذ أن يرد لممؤمن لو نسبة من القسط تتناسب مع المدة التي لن يتحمل خالليا الخطر"‪.‬‬ ‫المؤمن‬
‫‪Art. 113/4 du code d'assurances :‬‬
‫‪L'assuré à droit en cas de diminution du risque en cours de contrat à une diminution‬‬
‫‪du montant de la prime. Si l'assureur n'y consent pas, l'assuré peut= =dénoncer le‬‬
‫‪contrat. …. L'assureur doit alors rembourser à l'assuré la portion de prime ou‬‬
‫‪cotisation afférente à la période pendant laquelle le risque n'a pas couru.‬‬

‫‪11‬‬
‫وتناقص الخطر في عقد التأمين‪ ،‬إما أو يكون بفعل المؤمن لو‪ ،‬كأن يقوم بوضع‬
‫قضبان حديدية عمى نوافذ منزلو المؤمن عميو ضد السرقة‪ ،‬أو وضع أجيزة إطفاء‬
‫الحريق‪ ،‬أو يقوم بتغيير استخدام سيارتو المؤمن عمييا ضد األضرار من االستخدام‬
‫العام إلى االستخدام الخاص‪ .‬وقد يكون التناقص بفعل الغير كأن يقوم صاحب المخبز‬
‫المجاور لممؤمن لو ضد الحريق بإغالقو‪ ،‬أو أن يقوم جاره الذي يتاجر بالمواد القابمة‬
‫لالشتعال بالتوقف عن ىذه التجارة‪.‬‬

‫فإذا تم تحديد شروط العقد بما فييا القسط‪ ،‬عمى أساس مخاطر موجودة وقت‬
‫تكوينو‪ ،‬وأثناء سريان العقد زالت ىذه الظروف‪ ،‬أو تناقصت‪ ،‬توجب إعادة النظر في‬
‫شروط العقد؛ ألن الزوال أو النقص الطارئ أدى إلى خمل في توازن العالقة بين‬
‫أطراف عقد التأمين‪ ،‬ومن غير العادل اإلبقاء عمى ىذا الخمل‪.‬‬

‫وأيضاً إذا أبرم عقد التأمين في ظل ظروف معينة‪ ،‬وأثناء سريان العقد طرأت‬
‫ظروف جديدة أدت إلى تفاقم الخطر‪ ،‬واستتبع ذلك زيادة في قسط التأمين وتعديل في‬
‫شروط العقد‪ ،‬وبعد مضي فترة عمى ىذه الزيادة‪ ،‬زالت الظروف الجديدة وعاد الخطر‬
‫إلى وضعو األصمي عند التعاقد‪ .‬فيذا أيضاً يوجب إنقاص القسط إلى ما كان عميو‬
‫(‪)42‬‬
‫قبل الزيادة‪.‬‬

‫وبناء ذلك يمكننا القول بأن تناقص الخطر يكون في حالتين‪:‬‬


‫ً‬

‫الحالة األولى‪ :‬أن يتم إبرام عقد التأمين في ظل ظروف معينة‪ ،‬تؤثر في احتمال‬
‫تحقق الخطر‪ ،‬أوفي جسامتو‪ ،‬وأثناء سريان العقد تتناقص ىذه الظروف‪ ،‬فيحق لممؤمن‬
‫لو المطالبة بإنقاص القسط‪.‬‬

‫)‪ )42‬غازي أبو عرابي‪ ،‬أحكام التأمين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.308‬‬

‫‪11‬‬
‫مجلة جامعة البعث المجلد ‪ 44‬العدد ‪ 2‬عام ‪ 2022‬نسرين الطحان الشهير بالعدس جودت الهندي‬

‫الحالة الثانية‪ :‬أن يتم زيادة القسط أثناء سريان العقد‪ ،‬نتيجة ظروف مستجدة‬
‫تؤدي إلي تفاقم الخطر‪ ،‬وبعد مدة من ىذه الزيادة تتناقص ىذه الظروف أو تزول كمياً‪،‬‬
‫فيكون أيضاً من حق المؤمن لو طمب إعادة القسط إلى المعدل المتناسب مع الخطر‪.‬‬

‫وبمجرد تحقق إحدى الحالتين نكون بصدد تناقص في الخطر‪ ،‬ويترتب عمى ىذا‬
‫التناقص حق لممؤمن لو قبل المؤمن‪ ،‬ولكن لقيام ىذا الحق يجب توافر شرطين‬
‫أساسيين ىما‪:‬‬

‫الشرط األول‪ :‬أن يكون قد روعي في تحديد القسط اعتبارات‪ ،‬من شأنيا أن تؤثر‬
‫في الخطر المؤمن ضده أثناء سريان العقد‪ ،‬فال تقتصر ىذه االعتبارات‪ ،‬عمى حالة‬
‫الخطر وقت التعاقد‪ ،‬بل تمتد إلى ما يمكن أن يصل إليو من تفاقم أثناء سريان العقد‪،‬‬
‫(‪)43‬‬
‫ثم يتم زيادة القسط‪.‬‬
‫ومن ّ‬
‫الشرط الثاني‪ :‬أن تزول االعتبارات والظروف المرافقة‪ ،‬إلبرام العقد والتي تم تحديد‬
‫ثم زاد القسط‬
‫القسط عمى أساسيا‪ ،‬أو تزول الظروف التي أدت إلى تفاقم الخطر‪ ،‬ومن ّ‬
‫كنتيجة لتفاقم الخطر‪ .‬وال يشترط الزوال الكمي ليذه الظروف‪ ،‬بل يكفي أن تتناقص عن‬
‫(‪)44‬‬
‫الحد الذي كانت عميو وقت تحديد القسط‪.‬‬

‫فإذا تحققت إحدى حالتي تناقص الخطر‪ ،‬مع تحقق كال الشرطين‪ ،‬ترتب لممؤمن‬
‫لو حق المطالبة بإنقاص القسط بما يتناسب مع الخطر المؤمن منو بحالتو المستجدة‪،‬‬
‫بقدر التناقص الذي أصابو‪.‬‬

‫)‪ )43‬أشرف إسماعيل العدوان‪ ،‬مدى توفق المشرع األردني في نظيم التزام المؤمن لو في تقديم بيانات الخطر‪،‬‬
‫المجمة األردنية في القانون والعموم السياسية‪ ،‬المجمد السادس‪ ،‬العدد الثاني‪ ،2014 ،‬ص ‪.162‬‬
‫)‪ )44‬أشرف إسماعيل العدوان‪ ،‬مدى توفق المشرع األردني في نظيم التزام المؤمن لو في تقديم بيانات الخطر‪،‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.162‬‬

‫‪11‬‬
‫ومن حيث المبدأ ال يمزم المؤمن لو باإلعالن عن تناقص الخطر؛ لعدم تعمق ىذه‬
‫الواقعة بحقوق المؤمن‪ ،‬فالتناقص في الخطر يرتب حقوق‪ ،‬ولو مطمق الحرية في طمب‬
‫(‪)45‬‬
‫ففي حالة تفاقم الخطر‪ ،‬تقضي‬ ‫الحصول عمى ىذه الحقوق‪ ،‬أو في التنازل عنيا‪.‬‬
‫قاعدة النسبية بين الخطر والقسط بأن القسط يجب أن يكون متناسباً مع الخطر‪ ،‬فكمما‬
‫زاد الخطر يتوجب زيادة القسط؛ إلعادة التوازن إلى العقد بعد الحوادث المستجدة‪،‬‬
‫فيجب تطبيقاً لذات القاعدة‪ ،‬ولنفس العمّة‪ ،‬إنقاص القسط كمما نقص الخطر المؤمن‬
‫منو‪ ،‬كأن يكون الشخص قد أمن عمى منزلو المجاور لمحطة محروقات ضد خطر‬
‫الحريق‪ ،‬وأثناء سريان العقد تم إغالق ىذه المحطة‪ ،‬ففرص تحقق خطر الحريق قد‬
‫تناقصت‪ ،‬وىذا يوجب إنقاص القسط فيما لو طمب المؤمن لو ذلك؛ بسبب التغير في‬
‫(‪)46‬‬
‫الخطر‪.‬‬

‫إذاً‪ ،‬وطبقاً لقاعدة النسبية بين القسط والخطر‪ ،‬يجب أن يكون اإلنقاص في قيمة‬
‫القسط بشكل متناسب مع ما نقص من الخطر‪ .‬وكما أن المؤمن عند تفاقم الخطر يقوم‬
‫باتخاذ القرار بزيادة القسط تناسباً مع ما استجد من ظروف‪ ،‬إال أنو ال يستطيع فرض‬
‫ىذه الزيادة عمى المؤمن لو‪ ،‬فيذا األخير يممك رفض الزيادة‪ ،‬ومن ثم يرجع األمر إلى‬
‫المؤمن فإما أن يستبقي العقد دون تعديل‪ ،‬أو يقوم بفسخو‪ .‬وأيضاً في حال تناقص‬
‫الخطر ال يستطيع المؤمن لو فرض إنقاص مقدار القسط عمى المؤمن تبعاً لتناقص‬
‫الخطر‪ ،‬فإذا رفض المؤمن فيكون لممؤمن لو إما استبقاء العقد كما ىو‪ ،‬أو طمب‬
‫(‪)47‬‬
‫فسخو‪ ،‬في حال وجد أن الفسخ يحقق لو مصمحة أكبر‪.‬‬

‫)‪ (45‬وىو نفس الحكم المطبق في حال تفاقم الخطر‪ ،‬فمممؤمن وحده مطمق الحرية في المطالبة بالحقوق‬
‫المترتبة عمى التفاقم‪ ،‬أو التنازل عنيا‪.‬‬
‫)‪ (46‬جالل إبراىيم‪ ،‬التأمين وفقاً لمقانون الكويتي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.615‬‬
‫)‪ )47‬جمال الحكيم‪ ،‬عقود التأمين‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار المعارف بمصر‪ ،‬القاىرة‪، 1965 ،‬‬
‫ص‪.49‬‬

‫‪11‬‬
‫مجلة جامعة البعث المجلد ‪ 44‬العدد ‪ 2‬عام ‪ 2022‬نسرين الطحان الشهير بالعدس جودت الهندي‬

‫وقبول المؤمن طمب تخفيض القسط إما أن يكون صريحاً‪ ،‬كأن يرسل إلى المؤمن‬
‫لو كتاباً يعممو فيو بموافقتو عمى االقتراح‪ ،‬أو كأن يحضر المؤمن لو إلى موطن‬
‫المؤمن ويتم االتفاق عمى ذلك بوثيقة تمحق بعقد التأمين‪ ،‬أو يكون القبول ضمنياً‪ ،‬كما‬
‫لو سكت المؤمن عمى اقراح المؤمن لو‪ ،‬وقام بقبض القسط الذي اقرحو المؤمن لو دون‬
‫أي تعقيب عمى ذلك‪.‬‬

‫ومن حيث الطريقة الواجب اتباعيا في إخطار المؤمن بتخفيض القسط‪ ،‬فال توجد‬
‫طريقة معينة أو شكل معين لإلخطار‪ ،‬بل يكفي أن يكون واضحاً يعبر فيو عن‬
‫التناقص الذي أصاب الخطر‪ ،‬وعن رغبتو في إنقاص التزامو بدفع القسط‪ .‬فيصح‬
‫إعالم المؤمن شفيياً‪ ،‬أو إعالم المندوب المفوض بذلك‪ ،‬أو إرسال كتاب خطي يعممو‬
‫ويضمن ىذا الكتاب اقتراحو بتخفيض القسط‪ .‬إال أنو يجب أن‬ ‫فيو بتناقص الخطر‪ُ ،‬‬
‫يراعي في ذلك قواعد اإلثبات‪ ،‬فيرسل ذلك الكتاب عن طريق البريد برسالة مسجمة مع‬
‫(‪)48‬‬
‫إشعار بالوصول‪ ،‬أو عن طريق الكاتب بالعدل‪.‬‬

‫أما من حيث المدة‪ ،‬فال يوجد مدة محددة يتوجب عمى المؤمن لو إرسال اإلخطار‬
‫ضمنيا‪ ،‬إال أن المؤمن لو ال يستفيد من المدة السابقة عمى اإلخطار فأثر اإلخطار ال‬
‫يكون بأثر رجعي‪ ،‬إال إذا اتفق الطرفان عمى خالف ذلك‪ ،‬فقد يكون سريان القسط‬
‫المخفض من تاريخ التناقص في الخطر‪ ،‬وقد يكون من تاريخ اإلخطار‪ ،‬وقد يكون من‬
‫تاريخ قبول المؤمن بتخفيض القسط‪ .‬وأيضاً ال يوجد إلزام لممؤمن بالرد عمى اإلخطار‬
‫خالل مدة معينة بعد تسممو اإلخطار بتناقص الخطر‪ ،‬وبرغبة المؤمن لو بتخفيض‬
‫القسط‪ ،‬وفي حال عدم رده واستم ارره في تقاضي األقساط المخفضة يعد قابالً ضمناً‬
‫بيذا التعديل‪.‬‬

‫)‪ )48‬جالل إبراىيم‪ ،‬التأمين وفقاً لمقانون الكويتي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.624‬‬

‫‪11‬‬
‫بالمقابل فبعض التشريعات التي عالجت مسألة تناقص الخطر‪ ،‬منحت المؤمن‬
‫عد‬
‫مدة معينة لمرد عمى اقتراح المؤمن لو بتخفيض القسط‪ ،‬فقانون التأمين الفرنسي ّ‬
‫سكوت المؤمن أكثر من عشرة أيام عمى اقتراح المؤمن لو بتخفيض القسط بمثابة قبول‬
‫عد سكوت المؤمن أكثر من عشرين يوماً عمى‬
‫ضمني‪ ،‬وأيضاً القانون المدني الكويتي ّ‬
‫اقراح المؤمن لو بالتخفيض يعد بمثابة قبول ضمني‪.‬‬

‫ونرى وجوب القياس عمى حالة تفاقم الخطر‪ ،‬فمممؤمن لو تضمين اإلخطار مدة‬
‫معينة لقبول عرضو‪ ،‬وفي حال عدم إجابة المؤمن عمى العرض خالل ىذه المدة يعد‬
‫رفضاً لمعرض‪ ،‬ويؤدي إلى فسخ العقد‪.‬‬

‫ويكون تخفيض القسط وفقاً لمتعرفة المعمول بيا وقت العقد‪ ،‬إذا روعي أثناء‬
‫تكوين العقد اعتبارات متعمقة بالخطر كانت قائمة وقت إبرامو وبعد ذلك زالت ىذه‬
‫االعتبارات أو تناقصت‪ .‬فنصت المادة (‪ )794‬من القانون المدني األردني عمى أنو‬
‫"إذا كان تحديد مقابل التأمين ممحوظاً فيو اعتبارات من شأنيا زيادة الخطر المؤمن‬
‫منو‪ ،‬ثم زالت ىذه االعتبارات أو قمت أىميتيا في أثناء سريان العقد‪ ،‬كان لممؤمن لو‬
‫عمى الرغم من كل اتفاق مغاير أن يطمب إنياء العقد‪ ،‬دون المطالبة بتعويض ما‪ .‬أو‬
‫أ ن يطمب تخفيض مقابل التأمين المتفق عميو عن المدة الالحقة‪ ،‬بما يتناسب مع زوال‬
‫(‪)49‬‬
‫ىذه االعتبارات‪ ،‬وفقاً لتعريفة التأمين المعمول بيا وقت إبرام العقد"‪.‬‬

‫وفي حال تم إبرام العقد في ظروف خطر معينة‪ ،‬ثم استجدت ظروف أدت إلى‬
‫ثم زالت ىذه الظروف أو تناقصت‪،‬‬ ‫تفاقم الخطر‪ ،‬واستتبع ذلك زيادة القسط‪ ،‬ومن ّ‬
‫فيكون تخفيض القسط وفقاً لمتعرفة المطبقة وقت التفاقم‪ ،‬ووفقاً ليا تم زيادة القسط‪.‬‬

‫)‪ )49‬جالل إبراىيم‪ ،‬التأمين وفقاً لمقانون الكويتي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.617‬‬

‫‪12‬‬
‫مجلة جامعة البعث المجلد ‪ 44‬العدد ‪ 2‬عام ‪ 2022‬نسرين الطحان الشهير بالعدس جودت الهندي‬

‫إال أن أسعار التأمين تختمف باختالف الزمن‪ ،‬فسعر التأمين قبل عشر سنوات‬
‫أقل من سعره اليوم‪ ،‬فيجب عمى شركات التأمين عند حساب التخفيض في القسط‪،‬‬
‫األخذ بقيمة التعرفة الحالية وليس السابقة؛ ألنو عند التفاقم يطبق ىذا المعيار‪ ،‬ويكون‬
‫لممؤمن لو إما القبول أو الرفض‪ ،‬ومن ثم ينتيي العقد‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن المؤمن قد يقوم باستيفاء أقساط عن مدد الحقة إلبرام‬
‫العقد‪ ،‬فعند تناقص الخطر‪ ،‬وبعد موافقتو عمى تخفيض القسط يمتزم بإعادة الفارق بين‬
‫القسط األصمي والقسط المخفض‪ ،‬أما في حال عدم موافقتو عمى التخفيض فيمتزم‬
‫بإعادة األقساط كاممة عن المدد الغير مغطاة بالتأمين‪.‬‬

‫وبعد عرض المؤمن لو طمب تخفيض القسط عمى المؤمن‪ ،‬فيذا األخير إما أن‬
‫يقبل العرض فتطبق األحكام السابقة‪ ،‬أو يرفضو؛ ألن تخفيض القسط ىو تعديل لمعقد‬
‫والتعديل ال يتم بإرادة منفرد‪ ،‬فالبد من توافق إرادة األطراف عمى التعديل‪ .‬فإذا تم‬
‫االتفاق يكون ذلك عن طريق وثيقة تمحق بالعقد األساسي‪ ،‬وتعد ىذه الوثيقة جزءاً منو‪.‬‬
‫أما في حال رفض المؤمن التعديل فال يكون أمام المؤمن لو‪ ،‬إذا لم يكن لديو رغبة في‬
‫االستمرار بالعقد مع بقاء قسط التأمين عمى حالو‪ ،‬سوى طمب فسخ العقد‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫المطمب الثاني‬

‫فسخ العقد‬
‫بعد تناقص الخطر واعالم المؤمن برغبة المؤمن لو بتخفيض القسط‪ ،‬فمممؤمن‬
‫مطمق الحرية في قبول ىذا العرض أو رفضو‪ ،‬وال يمكن فرضو عميو‪ ،‬فإذا رفض‬
‫العرض‪ ،‬كان لممؤمن لو الحق بفسخ عقد التأمين‪.‬‬

‫وكما في حالة تفاقم الخطر فالمؤمن ىو الوحيد الذي يممك الفسخ؛ ألنو ىو‬
‫المتضرر من تفاقم الخطر إذا لم يقبل المؤمن لو زيادة القسط‪ ،‬فينا لممؤمن لو وحده‬
‫الحق بفسخ العقد إذا لم يقبل المؤمن تخفيض القسط؛ بسبب تناقص الخطر المؤمن‬
‫(‪)50‬‬
‫منو‪ ،‬ولو أيضاً اإلبقاء عمى العقد بنفس شروطو األصمية دون تعديل‪.‬‬

‫والمؤمن لو ىو الطرف الضعيف في عقد التأمين‪ ،‬لذلك منحتو التشريعات التي‬


‫نظمت ىذه الحالة رعاية خاصة؛ حماية لحقوقو من تعسف المؤمن عند إبرام العقد‪.‬‬
‫فعدت كل اتفاق من شأنو حرمان المؤمن لو من حقو بفسخ العقد عند تناقص الخطر‪،‬‬
‫ّ‬
‫ورفض المؤمن تخفيض القسط‪ ،‬اتفاق باطل ومخالف لمنظام العام‪ ،‬وال يترتب عمى‬
‫(‪)51‬‬
‫الفسخ أي تعويض لممؤمن؛ ألن المؤمن لو مارس حقو في حدود القانون‪.‬‬

‫وبالنسبة لممدة الفسخ لم تفرض ىذه التشريعات عمى المؤمن لو االلتزام بأية مدة‪،‬‬
‫يتوجب عميو فسخ العقد خالليا‪ ،‬بعد إخطار المؤمن بالتناقص ورفضو تخفيض القسط‪،‬‬
‫فمو متى شاء فسخ العقد‪ ،‬ولكن ليس في صالحة المماطمة واطالة المدة حتى يتخذ‬
‫ق ارره؛ ألن المؤمن حتى تاريخ الفسخ سيتقاضى األقساط األصمية دون تخفيض‪.‬‬

‫)‪ )50‬محمد حسين منصور‪ ،‬أحكام التأمين‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪،1990 ،‬‬
‫ص‪.193‬‬
‫)‪ )51‬جالل إبراىيم‪ ،‬التأمين وفقاً لمقانون الكويتي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.626‬‬

‫‪11‬‬
‫مجلة جامعة البعث المجلد ‪ 44‬العدد ‪ 2‬عام ‪ 2022‬نسرين الطحان الشهير بالعدس جودت الهندي‬

‫أما بالنسبة لشكل الفسخ فال يمزم المؤمن لو بشكل معين يعبر من خاللو عن‬
‫ق ارره‪ ،‬فقد يضمن اإلخطار‪ ،‬فقرة يعطي المؤمن مدة حتى يقبل‪ ،‬وان سكوتو بعد ىذه‬
‫المدة يعد رفض لعرضو‪ ،‬وأن العقد بعد ىذه المدة منفسخ‪ .‬فمممؤمن لو أن يعبر عن‬
‫إرادتو بالطريقة التي يراىا مناسبة لو‪ ،‬ولكن يجب أن يراعي في ذلك قواعد إثبات‬
‫التصرفات القانونية‪ ،‬لذلك فأفضل طريقة يتم بيا الفسخ ىي كتاب مسجل مع إشعار‬
‫(‪)52‬‬
‫بالوصول‪.‬‬

‫فإذا أرسل المؤمن لو ق ارره بالفسخ‪ ،‬فينتج آثاره بمجرد وصول القرار إلى المؤمن؛‬
‫ألنو ليس لممؤمن االعتراض عمى ىذا القرار‪ ،‬بعد أن رفض تخفيض القسط‪ .‬أما إذا‬
‫أعطى المؤمن لو ميمة لممؤمن حتى يتخذ قرار التخفيض خالليا‪ ،‬واال اعتبر العقد‬
‫منفسخاً بنياية ىذه المدة‪ ،‬فالفسخ ينتج آثاره بنياية المدة المحددة‪.‬‬

‫ويترتب عمى الفسخ زوال عقد التأمين من الوجود‪ ،‬وينقضي تبعاً لذلك التزام‬
‫المؤمن لو بدفع األقساط‪ ،‬وأيضاً ينقضي التزام المؤمن بضمان الخطر‪ ،‬ويمتزم المؤمن‬
‫(‪)53‬‬
‫أيضاً بدفع األقساط التي قبضيا من المؤمن لو عن مدد الحقة لمفسخ‪.‬‬

‫نستخمص من ذلك‪ ،‬أن قاعدة النسبية بين الخطر والقسط تسيطر عمى عقد‬
‫التأمين منذ إبرامو وطوال فترة سريانو‪ ،‬فتطبق ىذه القاعدة في حالة تفاقم الخطر وفي‬
‫حالة تناقصو‪ ،‬عمى السواء‪ ،‬إلعادة التوازن بالنسبة اللتزامات أطراف عقد التأمين بعد‬
‫الخمل الذي أصابيا‪ ،‬نتيجة استجداد ظروف أثرت في الخطر إما بالزيادة أو النقصان‪.‬‬
‫وحتى تكون ىذه القاعدة مفعمة‪ ،‬يمتزم المؤمن لو باإلعالن عن الخطر في بداية العقد‪،‬‬
‫وما يط أر عميو من تغير أثناء سريانو سواء بالزيادة أو النقصان‪.‬‬

‫)‪ )52‬جمال الحكيم‪ ،‬عقود التأمين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.57‬‬


‫)‪ )53‬جالل إبراىيم‪ ،‬التأمين وفقاً لمقانون الكويتي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.626‬‬

‫‪11‬‬
‫الخاتمة‪:‬‬

‫لقد جاءت ىذه الدراسة نتيجة جيد متواضع‪ ،‬لمبحث بشكل متخصص في التزام‬
‫واحد من التزامات المؤمن لو في عقد التأمين‪ ،‬وىو اإلعالن عن بيانات الخطر األولية‬
‫عند إبرام عقد التأمين‪ ،‬واإلعالن عن التغيرات التي تصيب الخطر أثناء سريان العقد‪،‬‬
‫نتيجة الظروف المستجدة والتي تؤدي إلى تفاقمو أو االنتقاص منو‪ ،‬ومن ثمّ البحث في‬
‫ثم االنتقال إلى البحث‬
‫أحكام ىذا االلتزام‪ ،‬عن طريق البحث في وسائل تنفيذه‪ ،‬ومن ّ‬
‫في الجزاءات المترتبة عمى اإلخالل بو‪ ،‬فعمى أساس ىذا اإلعالن‪ ،‬سيتم رفض‬
‫الضمان أو قبولو وتحديد شروط العقد‪ ،‬والتي يكون ليا األثر الكبير عمى حقوق كل‬
‫من المؤمن والمؤمن لو‪.‬‬

‫وعمى الرغم من تنظيم أغمب التشريعات لاللتزام باإلعالن عن الخطر بنصوص‬


‫خاصة‪ ،‬إال أن ىذه النصوص ما تزال بحاجة إلى إعادة النظر في كثير من أحكاميا‪.‬‬

‫ولقد توصمنا في نهاية هذا البحث لعدد من النتائج‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫‪ -‬بعد اإلعالن عن الظروف المستجدة يكون مصير العقد متوقفاً عمى إرادة المؤمن‪،‬‬
‫فإذا اختار الفسخ‪ ،‬البد أن يعطي لممؤمن لو فرصة إليجاد مؤمن آخر يقبل تغطية‬
‫الخطر‪ ،‬وىذا ما يسمى بالتغطية المؤقتة‪ ،‬وخمصنا إلى أن ىذه التغطية ىي حماية‬
‫لممؤمن لو تكون عمى حساب المؤمن‪ ،‬ومفروضة عميو قانوناً ولو لم يرد عمييا‬
‫نص في القانون‪.‬‬
‫‪ -‬وجدنا أن بعض الظروف المستجدة قد تؤدي إلى تناقص الخطر‪ ،‬وىنا يجب أال‬
‫يحرم المؤمن لو من حقو في التخفيض من التزاماتو‪ ،‬تطبيقاً لقاعدة النسبية بين‬
‫القسط والخطر‪ ،‬ويتم ذلك كمو بطريقة مطابقة لإلعالن عن تفاقم الخطر؛ التحاد‬
‫العمة في الحالتين‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫مجلة جامعة البعث المجلد ‪ 44‬العدد ‪ 2‬عام ‪ 2022‬نسرين الطحان الشهير بالعدس جودت الهندي‬

‫‪ -‬لم تفرق أغمب التشريعات في وجوب فرض الجزاء في حالتي اإلعالن األولي عن‬
‫بيانات الخطر وبين اإلعالن عن تفاقم الخطر‪ ،‬بينما وجدنا أن التفرقة تمت عمى‬
‫أساس حسن أو سوء نية المؤمن لو‪ ،‬وأن الجزاء في الحالتين يختمف بين إذا كان‬
‫اكتشاف الحقيقة قبل أو بعد وقوع الخطر‪ .‬وأيضاً وجدنا أن لممؤمن لو حسن النية‬
‫رعاية خاصة حتى ولو أخل بالتزامو‪ ،‬وذلك عن طريق التعويض النسبي‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫قائمة المراجع‪:‬‬
‫‪ -1‬أحمد شرف الدين‪ ،‬أحكام التأمين في القانون والقضاء (دراسة مقارنة)‪ ،‬الطبعة‬
‫الثالثة‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪.1991 ،‬‬
‫‪ -2‬أشرف إسماعيل العدوان‪ ،‬مدى توفق المشرع األردني في تنظيم التزام المؤمن لو‬
‫في تقديم بيانات الخطر‪ ،‬المجمة األردنية في القانون والعموم السياسية‪ ،‬المجمد‬
‫السادس‪ ،‬العدد الثاني‪.2014 ،‬‬
‫‪ -3‬البشير زىرة‪ ،‬التأمين البري‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار بو سالمة لمطباعة والنشر‪،‬‬
‫تونس‪.1975 ،‬‬
‫‪ -4‬بياء بييج شكري‪ ،‬التأمين في التطبيق والقانون والقضاء المقارنين‪ ،‬دار الثقافة‬
‫لمنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪.2007 ،‬‬
‫‪ -5‬ت وفيق حسن فرج‪ ،‬أحكام الضمان في القانون المبناني‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬الدار‬
‫الجامعية لمطباعة والنشر‪ ،‬بيروت‪.1985 ،‬‬
‫‪ -6‬جاسم مجبل الماضي القعود‪ ،‬أثر مبدأ حسن النية عمى أحكام عقد التأمين‪ ،‬رسالة‬
‫ماجستير‪ ،‬جامعة عمان العربية‪ ،‬كمية القانون‪.2011 ،‬‬
‫‪ -7‬جالل إبراىيم‪ ،‬التأمين وفقاً لمقانون الكويتي (دراسة مقارنة مع القانونين المصري‬
‫والفرنسي)‪ ،‬دون طبعة‪ ،‬مطبوعات جامعة الكويت‪ ،‬الكويت‪.1989 ،‬‬
‫‪ -8‬جمال الدين مكناس‪ ،‬التأمين – عقد التأمين‪ ،‬منشورات جامعة دمشق‪ ،‬كمية‬
‫الحقوق‪ ،‬الطبعة الثالثة‪.2007 ،‬‬
‫‪ -9‬جمال الحكيم‪ ،‬عقود التأمين (من الناحيتين التأمينية والقانونية)‪ ،‬الجزء األول‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪ ،‬دار المعارف بمصر‪ ،‬القاىرة‪.1965 ،‬‬
‫حسام الدين األىواني‪ ،‬المبادئ العامة لمتأمين‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار النيضة‬ ‫‪-10‬‬
‫العربية‪ ،‬القاىرة‪.2008 ،‬‬

‫‪11‬‬
‫مجلة جامعة البعث المجلد ‪ 44‬العدد ‪ 2‬عام ‪ 2022‬نسرين الطحان الشهير بالعدس جودت الهندي‬

‫‪ -11‬سيير منتصر‪ ،‬االلتزام باإلدالء ببيانات الخطر وتفاقمو في عقد التأمين‪ ،‬دون‬
‫طبعة‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪.1990،‬‬
‫شكري الصغير‪ ،‬االلتزام باإلعالن عن تفاقم الخطر في عقد التأمين‪ ،‬رسالة‬ ‫‪-12‬‬
‫ماجستير‪ ،‬جامعة آل البيت‪ ،‬كمية القانون‪.‬‬
‫‪ -13‬عقيل كاظم الحمادي‪ ،‬الجزاءات في عقد التأمين‪ ،‬مجمة رسالة الحقوق‪ ،‬جامعة‬
‫كربالء‪ ،‬السنة الثالثة‪ ،‬العدد الثالث‪.2011 ،‬‬
‫عبد الودود يحيى‪ ،‬التأمين عمى الحياة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مكتبة القاىرة الحديثة‪،‬‬ ‫‪-14‬‬
‫القاىرة‪.1964 ،‬‬
‫عبد الرزاق السنيوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني (عقود الغرر)‪ ،‬الجزء‬ ‫‪-15‬‬
‫السابع‪ ،‬المجمد الثاني‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت‪.1964 ،‬‬
‫عبد المنعم البدراوي‪ ،‬التأمين (فن التأمين‪ ،‬عقد التأمين‪ ،‬تأمين األشخاص)‪،‬‬ ‫‪-16‬‬
‫الطبعة األولى‪ ،‬القاىرة‪.1981 ،‬‬
‫عز الدين فالح‪ ،‬التأمين ( مبادئو وأنواعو)‪ ،‬دار أسامة لمنشر‪ ،‬عمان‪ ،‬الطبعة‬ ‫‪-17‬‬
‫األولى‪.2008 ،‬‬
‫غازي أبو عرابي‪ ،‬أحكام التأمين‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار وائل‪ ،‬عمان‪.2011 ،‬‬ ‫‪-18‬‬
‫فتحي عبد اهلل‪ ،‬التأمين (قواعده‪ ،‬أسسو الفنية‪ ،‬المبادئ العامة لعقد التأمين)‪،‬‬ ‫‪-19‬‬
‫منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪.2002 ،‬‬
‫محمد أبو زيد‪ ،‬عقد التأمين في القانون الكويتي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار الكتب‬ ‫‪-20‬‬
‫لمطباعة والنشر‪ ،‬الكويت‪.1996 ،‬‬
‫مسعود سعيد خويرة‪ ،‬اآلثار المترتبة عمى عقد التأمين من المسؤولية المدنية‪،‬‬ ‫‪-21‬‬
‫رسالة ماجستير‪ ،‬جامعة النجاح الوطنية‪ ،‬نابمس‪.2008 ،‬‬

‫‪11‬‬
‫محمد حسام لطفي‪ ،‬األحكام العامة لعقد التأمين‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار النيضة‬ ‫‪-22‬‬
‫العربية‪ ،‬القاىرة‪.1990 ،‬‬
‫‪ -23‬محمد حسين منصور‪ ،‬أحكام التأمين‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪.1990 ،‬‬
‫نوري خاطر‪ ،‬وعدنان سرحان‪ ،‬األساس القانوني اللتزام المؤمن لو بتقديم‬ ‫‪-24‬‬
‫المعمومات‪ ،‬مجمة الحقوق الكويتية‪ ،‬المجمد ‪ ،31‬العدد األول‪.2007 ،‬‬
‫وسام يوسف عبيد‪ ،‬التزامات المؤمن لو في عقد التأمين‪ ،‬رسالة ماجستير‪،‬‬ ‫‪-25‬‬
‫معيد البحوث‪ ،‬جامعة القاىرة‪.2002 ،‬‬

‫‪11‬‬

You might also like