Professional Documents
Culture Documents
Conference
Conference
الملخص:
تع ّد ثورة المعلومات ال!تي يش!هدها الع!الم في ال!وقت الح!الي ،إح!دى أه ّم مراح!ل التط! ّور في
تاريخ اإلنس!!انيّة ،ومن أه ّم نتائجه!!ا التغ!!يرّات الك!!برى ال!!تي ح!!دثت في الص!!ناعة الموس!!يقيّة،
ونماذجها في اإلبداع واإلنتاج والتوزيع ،والتّشارك في مضامينها ومحتوياته!!ا .فق!!د أص!!بحت
الموسيقى تتب ّوأ مكان ة ها ّم ة ض من فن ون التعب ير ال رقم ّي على مختل ف الوس ائط الحديث ة،
خاص .وتجد مختلف الفعالياّت والمهن الموس يقيّة ض الّتها في ّ وعلى شبكة اليوتيوب بشكل
اإلمكانات الهائلة الّتي تتيحها التكنولوجيا الرقميّة في شتّى المراحل والعمليّات التي يم ّر بها
العم ل الموس يق ّي ،ب دءا من الفك رة ،وص وال إلى اإلنت اج واإلش هار والتّس ويق .ولم تع د
الطرائق التقليديّة مجدية لالشتغال في هذا المجال ،كما في باقي مجاالت اإلبداع األخرى ،بل
أصبحت التحواّل ت الرقميّة تف رض على الع املين في المج ال الموس يق ّي الحاج ة إلى تأهي ل
الحقل الموسيق ّي برمته من أجل مواكبتها.
الكلم ات المفتاحيّ ة :العلم ،الموس يقى ،الث!!!ورة التكنولوجيّ!!!ة ،اإللكتروني!!!ات ،ال!!!ذكاء
االصطناع ّي.
:Abstract
-1المق ّدمة:
ال يمكن للم!!رء الي!!وم أن يتح ! ّدث عن الموس!!يقى دون استحض!!ار التقني!!ة واألس!!س النظريّ!!ة
المصاحبة لها .ولدراسة تط ّور الموسيقى المعاصرة ،الب ّد من استحضار اتجاهيْن ضرورييْن!:
التط! ّور التكنول!وج ّي والتط! ّور النظ!ريّ .وتكمن أهمي!!ة اس!!تخدام التقني!ات الجدي!دة في كونه!ا
ّ
ووس!عت مفه!!وم اآلل!!ة الموس!!يقيّة. خلقت أدوات موسيقيّة جديدة على حساب األدوات التقليديّة
ي القط!!ع م!!ع المقارب!!ات التقليديّ!!ة للموس!!يقى في زمن وبالموازاة مع ذلك أراد االتّج!!اه النظ!!ر ّ
العولمة الخاص بعصرنا الّذي يتميّز بالتداخل بين التأثيرات الثقافيّة وانتش!!ار أنم!!اط وأس!!اليب
إبداعيّة متع ّددة وطرق مختلفة للعمل الموسيق ّي على نطاق عالم ّي.
فقد منحت التقنيات التسجيليّة مفاهيم ونظريات جديدة في أسلوبيّة الم!!ادة الموس!!يقية وطرحه!!ا
ودمجها وتركيبه!!ا ،ومنحت ك!!ذلك للمتلقّي إمكان!!ات عدي!!دة تتعلّ!!ق بكيفيّ!!ة تع!!اطي الموس!!يقى.
وهكذا فتاريخ الموسيقى في القرن العشرين يتميّز بعمق مساهمة اإللكترونيّ!!ات ،كم!!ا أف!!رزت
الثورة الرقميّة أشكااًل جديدة في التعبير الموسيقي بطرق غير معهودة لبلوغ جماهير متن ّوع!!ة
وبمواصفات متع ّددة ،وق َّدمت إمكانات غير معتادة في تفاعل المتلقي مع المضامين اإلبداعيّة،
ال بل إن المتلقّي قد بات في ظلّها ،يقوم بأدوار جعلته في قلب منظوم!!ة إنت!!اج القيم!!ة ،تجميعًا
وصياغةً ،وتخزينًا وتوزيعًا على نطاق يتجاوز بكثير ما عهدناه من قبل.
تش ّكلت في عصرنا الحالي متغيّرات كثيرة في ظ ّل الثورة التكنولوجيّة وثورة االتّصاالت ،فقد
أصبحت الموسيقى تحت ّل مكانة مهاّة ضمن فنون التّعبير ال!!رقم ّي بمختل!!ف الوس!!ائط الحديث!!ة،
للتوس!ل بالوس!!ائط الرقميّ!!ة وبرمجياته!!ا
ّ وأصبح التأليف الموسيق ّي يحت!!اج إلى كف!!اءات عالي!!ة
الفعاّلة والمتط ّورة باستمرار ،والتي من شأنها أن تيسّر عمليّات الت!!أليف والتوزي!!ع والتس!!جيل
والمعالجة الرقميّة ،فضال عن إمكانيات هائلة لتوظيف المؤثرات.
وتع ّد ثورة المعلومات الّتي يشهدها العالم في ال!!وقت الح!!الي ،إح!!دى أه ّم مراح!!ل التط ! ّور في
تاريخ اإلنس!!انيّة ،ومن أه ّم نتائجه!!ا التغ!!يرّات الك!!برى ال!!تي ح!!دثت في الص!!ناعة الموس!!يقيّة،
ونماذجها في اإلبداع واإلنتاج والتوزيع ،والتش!!ارك في مض!!امينها ومحتوياته!!ا .وتعت!!بر ه!!ذه
المرحلة انقالبا ً على النموذج التقليدي فق!د أص!بحت ت!راعي الض!رورة! التفاعليّ!ة ،والمش!ترك
ي الزم!!ن ّي والمك!!اني ،فانتش!!رت ش!!بكة اإلن!!ترنت في كاف!!ة أرج!!اء الجماع ّي في بعده االنتشار ّ
المعم!!ورة ،وربطت أج!!زاء ه!!ذا الع!!الم المترامي!!ة بفض!!ائها الواس!!ع ،وتع!!زز ذل!!ك ب!!المواقع
االجتماعيّة على تنوعها ،وانتشر هذا المحتوى المتع ّدد الوس!!ائط بش!!كل هائ!!ل خالل الس!!نوات
الماضية ويتميز بالتفاعل وما بعد التفاعل.
أن التكنولوجيا قد أضافت سمات جديدة للموسيقى ،إال أنّها في الوقت نفسه تك!!اد وال مراء في ّ
تس!!لب المب!!دع مه ّمت!!ه األساس!يّة .وهي رب!ط المتلقي ب!!الواقع والتّفاع!ل مع!ه ورص!د تفاص!يل
أحداثه ومتابعة متغيرّاته واستشراف توقّعاته ،فنجدها تتميّز بخصائص عديدة تؤهّلها إلرس!!اء
عالقة وطيدة مع الموسيقى .ولكن -ومما ال شك فيه – أنّه!!ا ق!!د أص!!بحت تمثّ!!ل تهدي!!داً حقيقي!ا ً
للمب!!دع س!!واء من جه!!ة إنتاجه!!ا كم!!ا ًّ وكيف!اً ،أو من جه!!ة طبيع!!ة عمل!!ه وأس!!لوبه الشخص!!ي،
فالتكنولوجيا قادرة على نس!!خ إب!!داعاتها وإع!!ادة اس!!تخدامها وتوظيفه!!ا ،وم!!ازالت تتط! ّور في
قفزات مذهلة يعجز المتخصصون أنفسهم عن متابعتها في غضون بضعة عقود.
أن التكنولوجيا الحديثة قد أثّرت بشكل واضح في حياة اإلنسان ،سواء بالس!!لب ومن المسلّم به ّ
أو باإليج!!اب ،وظه!!ر ه!!ذا في مج!!ال الموس!!يقي بش!!كل ع!!ا ّم س!!واء في الغن!!اء أو التس!!جيالت
الصوتيّة أو التدوين الموس!!يقي ،إذ أص!!بح من الممكن إخ!!راج أص!!وات موس!!يقية آليّ!!ة تق!!ترب
كثيرا من نوعيّة األصوات الحيّة أو خلق أخرى جديدة ذات طبيعة اصطناعيّة .والسؤال الذي
يفرض نفسه هو :ما الذي يجعل الموسيقى والتكنولوجيا اليوم متالزمين؟
ويمكن القول ،في س ياق للح ديث عن التكنولوجي ا وعالقته ا بالمك ان االفتراض ي
الذي تخلقه المؤثرات ،إنّ التكنولوجيا ألغت البُعد المكاني وذلك بإيجاد رابط ق ويّ
بين أجهزة التشغيل الخاصة وبين المكان .هذه األجهزة التي تخلق تجربة خاص ة
تجع ل المتلقي ه و المس تمع الوحي د للموس يقى المس جّ لة ال تي تع د محاول ة لنق ل
الموسيقى الحية .وبذلك يصير جه از التش غيل والس مّاعات ه و الع رض والقاع ة
دخل ص وت المك ان المحي ط بص وتيّاته االفتراض ية في ال وقت نفس ه ،دون أن يت ّ
وتفاصيله وشوائبه الذي ُتسمع في ه الموس يقى ،فالس مّاعات تع زل ص وت المك ان
المحي ط ليبقى فق ط ص وت الموس يقى المس جلة ال ذي ُتس مع من خالل
السماعات .بذلك يمكننا القول إنّ جهازا مثل “اآلي بود” قد نجح ً
كلية في إلغاء بعد
المك ان الحقيقي .وتلعب الغرف ة المعزول ة ال دور نفس ه ،ولك ّنه ا في النهاي ة مقي دة
بمساحة ما وبأشخاص آخرين .لكن جهاز “اآلي البود” يكسر تل ك المس احة تما ًم ا
ّ
المتمثل ة في ليتحوّ ل إلى مكان وقاعة متنقلة ،فيستغني المستمع عن القاعة الحقيقيّة
األوبرا أو المسرح أو بيته ويلغي عنصر المكان.
وخالصة القول أنّ الس يرورة اإلبداع ّي ة للموس يقي ترتب ط بعوام ل ع دة ب دءًا من
تجربة الف ّنان الشخصيّة ،وتفاعله مع األحداث االجتماع ّي ة واالقتص اديّة المحيط ة،
وصواًل إلى عوامل مثل التكنولوجيا والمكان ،وقد يكون ذلك الت أثر بش كل واع أو
غير واع .في الماضي كانت المرحلة اإلبداعيّة تبدأ بفكرة أو مجموعة من األفكار
لدى الموسيقي ال ذي يق وم بانتق اء بعض ها م ع أخ ذه بعين االعتب ار المك ان ال ذي
س ُتعرض في ه تل ك المقطوع ة .إذ ح تى زمنن ا ه ذا ،م ازال المك ان ،الحقيقي أو
االفتراضيّ ،
مؤثرا في السيرورة اإلبداعيّة وتلقينا لها[.]3
-3تعريف الموسيقى اإللكترونية:
[
تض ّم الموسيقى اإللكترونيّة مجموعة متن ّوعة من االتّجاهات التاريخيّة والممارس!!ات الجمالية
،]4تم تجريبها بش!كل منتظم ودقي!ق من قب!ل الطليعيّين في الموس!يقيّة الغربي!ة من الثالثينيّ!ات
إلى الخمسينيّات ،وق!!د تط!!ورت من نهاي!!ة األربعينيّ!!ات إلى بداي!!ة الخمس!!ينيات داخ!!ل مراك!!ز
البحث واالس!!توديوهات المؤسس!!ية والممول!!ة من قب!!ل اإلذاع!!ات العا ّم!!ة أو الجامع!!ات .ثم
أص!!بحت تخ!!ترق ت!!دريجيّا ً ع!!الم الموس!!يقى الش!!عبية مث!!ل الب!!وب وال!!روك والج!!از وال!!ريغي
والفان!!ك ،ثم الديس!!كو والهيب ه!!وب ،بفض!!ل اخ!!تراع اآلالت اإللكتروني!!ة ،وإض!!فاء الط!!ابع
الديمقراطي عليه .ومنذ نهاي!!ة الثمانيني!!ات ،ش!!هدت الموس!!يقى اإللكترونيّ!!ة توس!عًا جدي!دًا م!!ع
ظه!!ور “اله!!اوس والتكن!!و”” ،”la house et la technoوتم!!تزج ه!!ذه الموس!!يقى م!!ع
اإليقاعات الشعبيّة ،أ ّما روادها فَهُ ْم موسيقيّون “أمريكيين سود”.
أ ّدى نجاح ه!!ذيْن الن!!وعيْن الش!!ائعيْن من موس!!يقى ال!!رقص في التس!!عينيات إلى تط!!ور س!!ريع
للمشهد الموسيقي األوروبي واألنجلو ساكسوني ،وذل!!ك ألن “اله!!اوس والتكن!!و””la house
”et la technoيتألّف من العديد من األنواع الفرعيّة الموسيقيّة تهم جمه!!ورا واس!!عا ،ب!!د ًءا
من عا ّمة الناس إلى األكثر تجريبيّة .وخالل عام ،2000انتشرت هذه االتّجاهات اإللكترونية
المختلفة في القارات جديدة :أمريكا الجنوبيّ!!ة وآس!!يا وأفريقي!!ا وذل!!ك بفض!!ل دمقرط!!ة برن!!امج
ضا من خالل التنزيل والقرصنة .ويعبّ!!ر ه!!ذا عن ( MAOالموسيقى بمساعدة الكمبيوتر) وأي ً
الطبيع!!ة المعقّ!!دة والمتع ! ّددة للموس!!يقى اإللكترونيّ!!ة ،إنّه!!ا في ال!!وقت نفس!!ه موس!!يقى متعلّم!!ة
وموسيقى طليعيّة وتجريبيّة ،ولكنها أيضًا موسيقى شعبيّة وراقصة وعفويّة ،تس!!تم ّد جوهره!!ا
من ديناميكيّة موسيقى “السود” وابتكاراتها في الواليات المتّحدة وجامايك!!ا ،وك!!ذلك من روح
البحث الشكالني للموسيقى الغربيّة.
وسنحاول اإلجابة عن مجموعة من اإلشكاليّات ذات صلة بما تق ّدم بيانه ،منها :ما مدى ت!!ورّط
الموسيقييّن في التغير ال!!ذي ط!!رأ على دور اآلالت اإللكترونيّ!!ة؟ وكي!!ف ي!!ؤثّر إدخ!!ال اآلالت
اإللكترونيّة وإعادة تكوين مج!!ال الممارس!!ات الموس!!يقيّة والس!!معيّة؟ ث ّم كي!!ف يخفي مص!!طلح
الموسيقى اإللكترونيّة تن ّوع هذه المراحل الفنيّة وكنهها؟ مع علمنا ّ
أن الموسيقية تش!!مل أنواع!!ا
مختلفة من األشكال ،وتالمس جمهورًا متنوعًا ،وتمتد ألكثر من نصف قرن من الت!!اريخ .فم!!ا
الذي نسميه بالضبط “موسيقى إلكترونية”؟
إذا كان هذا المصطلح يفرض نفسه اليوم على أنّه واض ٌح وكلّ َي الوجود ،فه!!و بعي!!د ك!!ل البع!!د
عن كونه مصطلحا دائما ،إذ هناك اختالفات حول المفهوم بالرغم من القواس!!م المش!!تركة بين
األساليب المعنيّة وأنواع الموسيقى التي تجمع تحت هذا االسم ،إال أنّها تختلف من وجهة نظر
ّ
خاص !ة به!!ا وال تق!!وم على نفس اجتماعيّ!!ة أو جماليّ!!ة أو وظيفيّ!!ة وذل!!ك ألن ل!!ديها اس!!تقاللية
المشاريع والرّهانات.
فاإللكترونيّات هي فرع من فروع الفيزياء التطبيقيّة ،تتعامل مع تشكيل اإلش!ارات الكهربائيّ!ة
لنقل المعلومات ،لذلك تح!!دد الموس!!يقى اإللكتروني!!ة أ ّوالً على أنّه!!ا مجموع!!ة من الممارس!!ات
الموس!!يقيّة القائم!!ة على اس!!تخدام اآلالت ،أو اآلالت ال!!تي تولّ!!د ت!!ر ّددات ص!!وتيّة من تش!!كيل
اإلش!!ارات الكهربائيّ!!ة .ه!!ذا ه!!و التعري!!ف ال!!ذي أعطان!!ا إي!!اه “هرب!!رت إيم!!رت””Herbert
،”Eimertفي أص!!!ل ه!!!ذه الموس!!!يقى :على عكس الموس!!!يقى الملموس!!!ة ،ال!!!تي تس!!!تخدم
التسجيالت باستخدام الميكروفونات ،وبها يت ّم إنتاج الصوت بواسطة مولد الص!!وت وتس!!جيله
على شريط مغناطيسي .عندها فقط يبدأ تطويرها بالتالعب باألشرطة المعقدة والمتباينة[.]5
وم!!ع ذل!!ك ،يبقى ه!!ذا التعري!!ف التق!!ني ع!!اجزا عن البحت وعن إعط!!اء رؤي!!ة دقيق!!ة له!!ذه
الممارسة الموسيقيّة .ويع ّرف “غيوم كوسميكي”” ،”Guillaume Kosmickiمؤلّف كتاب
“الموسيقى اإللكترونيّة” الموسيقى اإللكترونية بأنّه!!ا “مجموع!!ة من الموس!!يقيّات تعتم!!د على
األصوات أو توليفها ومعالجتها ،ثم تس!!جيلها ،بع!!د ذل!!ك ،كإش!!ارات تماثليّ!!ة analogiqueأو
رقميّة تهدف إلى تضخيمها ثم إعادة إرسالها عبر مكبّرات الصوت” .هذا التعريف له قدر من
الص!!واب! والوض!!وح وال!!تركيب ،وم!!ع ذل!!ك ،فإنّ!!ه يحت!!وي على عيب في تحدي!!د العدي!!د من
الممارسات الموسيقية الحاليّة ،التي ،في الوقت الذي تستفيد في!!ه الموس!!يقى بش!!كل متزاي!!د من
التكنولوجيا اإللكترونيّة وتستعير ببعض النم!!اذج التركيبي!!ة المتميّ!!زة للموس!!يقى اإللكتروني!!ة،
فإنّها ال تدعي صراحة جمالياتها”[.]6
لذلك يجب معالجة السؤال بشكل مختلف ،يقدم “طوم هولميس ،“ Thom Holmesمؤل!!ف
كتاب“ :الموسيقى اإللكترونية والتجريبية” تعريفًا قريبًا إلى ح!!د ما[ ،]7ولكن أك!!ثر ديناميكيّ!!ة،
بن!!ا ًء على ممارس!!تيّن ت!!اريخيتيْن متوازي!!تيْن .يتعلّ!!ق األم!!ر بالموس!!يقى اإللكترونيّ!!ة البحت
والموسيقى الكهربائيّة الصوتيّة .ينشُأ النوع األو ّل من الموج!!ات الص!!وتيّة المتولّ!!دة كهربائيًا،
من خالل استخدام أجهزة الكمبيوتر أو المزج بينها ،وتتك ّون هذه الموس!!يقى دون اس!!تخدام أ ّ
ي
ي صوت موجود في بيئتنا ،بينما يستخدم النوع الثاني التكنولوجيا اإللكترونيّ!!ة آلة صوتيّة أو أ ّ
لنسخ األصوات وتع!!ديلها ومعالجته!!ا انطالق!!ا من بيئتن!!ا الخارج!!ة من خالل اس!!تخدام تقني!!ات
االستنساخ مثل الميكروفون! أو مس!!جل األش!!رطة أو جه!!از أخ!!ذ العين!!ات الرقمي!!ة .ويمكن أن
تكون األصوات المستخدمة من أي نوع :اآلالت الصوتيّة واألصوات الطبيعيّ!!ة أو األص!!وات
الحضريّة .هذان المحوران يمكنهم!!ا أن ين!!دمجا في ممارس!!ة الموس!!يقى نفس!!ها ،ويجعالن من
الممكن وصف تجارب رواد الخمسينيات ،وكذلك إنتاج ثقافة الرقص والموسيقى الشعبية.
توس !ع التكنولوجي!!ا اإللكتروني!!ة للمؤل!!ف الموس!!يقي في اكتش!!اف أبع!!اد ص!!وتيّة تكمن أهمي!!ة ّ
ونفسيّة جديدة تت ّم عبر تقديم طرق فنيّة جدي!!دة لتط!!وير الم!!واد الص!!وتيّة .وه!!ذا م!!ا ع!!ب ّر عن!!ه
“إن العالقة البنية/المادة هي التي تحّد المعاملة بالمث!!ل “بييربوليز ” Boulez Pierreبقولهّ :
بين إيماءات الملحن و …تكنولوجيا اإلنجاز…” .في الواق!ع ،ليس!ت األداة هي ال!تي تم!ارس
[]8
ت!!!أثيرًا إب!!!داعيًا على المفه!!!وم الموس!!!يقي للملحّن ،ولكن ،كم!!!ا يق!!!ول “ليجي!!!تي”LIGETI
”,Gyôrgyالفكر الذي يحيط به!ذه التقني!ة ،فك!ر مب!ني على مس!تويات مختلف!ة من التجري!د،
تفكير بالعالمات”[ .]9وهو ما يسمح للملحّن بتطوير طريقة عم!ل تق!وم على تحلي!ل األص!وات
وجعل القوى الداخليّة لألص!!وات واح!!دة من نق!!اط االنطالق لعمل!!ه التأسيس!!ي وال!!تي يمكن أن
[
“تخصب الفكر والخيال الفني ،وبالتالي يكون لها ت!أثير مثم!ر على تط!وير موس!يقى جدي!دة”
.]10
من الواضح جدًا ّ
أن الكم!!بيوتر أص!!بح الي!!وم نقط!!ة محوري!!ة في أ ّ
ي أس!!توديو إلك!!تروني حيث
يأتي كل موسيقي لرسم أصواته مع معرفة المواد الصوتية التي يحتاجه!!ا ،ولئن ك!!انت أدوات
البرمجيّات الجديدة توفر مزايا ال تضاهى من جهة المرونة والحفظ ،فإنّها تتطلب أيضًا يقظ!!ة
شخصية كبيرة .وأخ!!يرًا ،ال تختل!!ف الموس!!يقى اإللكترونيّ!!ة في ه!!ذه النقط!!ة عن تل!!ك ال!!تي ت ّم
تأليفه!!ا لألوركس!!ترا ،وعلى المؤل!!ف دائمًا أن يخت!!ار الخي!!ارات ويتخ!!ذ الق!!رارات ويتوالّه!!ا
بحريته.
ال يمكن للموسيقيّ أن يكون مس ايرا ل روح العص ر ،م ا لم يكن قريب ا من ص ورة
التح وّ الت الرقم ّي ة الجاري ة في ع الم الي وم .وه ذا راج ع إلى ارتب اط الموس يقى
تصوّ را وإبداعا ،وإنتاجا وتلقيا بوسائط رقم ّي ة غاي ة في التعقي د والد ّق ة والفعال ّي ة،
خاصّة ما يتعلّ ق منه ا بالحواس يب وش بكة ال ويب .ول ذلك ال يمكن تص ور أبس ط
مواكبة لهذا الواقع الجدي د دون مواكب ة معرف ّي ة تنهض على امتالك ح ّد أدنى من
المعرف ة المعلومات ّي ة .ل ذلك يحت اج الت أليف الموس يقي إلى كف اءة عالي ة للتوس ل
بالوسائط الرقميّة وبرمجياتها الفعالة والمتطورة باستمرار.
وقد أصبح بإمكان ك ّل موسيقي محترف أو هاو اليوم أن ينش ئ اس تديوها مص ّغرا
في مكتبه ،بفضل توافر الحواسيب ومختلف األجهزة الص وتيّة والمرئ ّي ة… وه و
ما من شأنه أن ييسّر له عمليات التأليف والتوزي ع والتس جيل والمعالج ة الرقمي ة،
فض ال عن إمكان ّي ات هائل ة لتوظي ف الم ؤثرات .ويس تفيد الموس يقي من ك ّل ه ذا
بفضل العديد من البرمجيّات لكتاب ة األلح ان وت أليف االنس جامات وق راءة النوت ة
وترجمة الجمل الموسيقيّة الواردة إلى الحاسوب من آل ة موس يقيّة رقمي ة ،كالبي ان
الرقمي الذي يعرف أجياال جديدة ،من بينه ا تل ك ال تي ت دعم الس يكاه واإليقاع ات
الشرقية… عالوة على ما تتيحه شبكة ال ويب من مس احات غ ير مح دودة لتقاس م
الملفاّت وتنسيق العمل بين الموسيقيين عن بعد ،والقيام بالدعاية واإلعالن للمنتوج
الموسيقي وتسويقه[.]11
-4اإللكترونيّة في الموسيقى:
كثيرًا ما نتح ّدث عن الموسيقى اإللكترونيّة دون أن نعرف حقيقة إن كانت هذه التّسمية تحيلن!!ا
على نمط موسيقي جديد ،أو تعني ببساطة االستخدام المتزايد لآلالت اإللكترونيّة التي تح ّولت
إلى آالت موسيقيّة ،فأصبحت تعرف بالموسيقى المعاصرة .حسب المنظور الث!!اني ،ال وج!!ود
للموسيقى اإللكترونيّة ،فتسمية “موسيقى إلكترونيّة” تعمل كحجّة تجاريّة حديث!!ة ال كممارس!!ة
موس!!يقيّة متف!!رّدة .ل!!ذلك ّ
ف!!إن تحليلن!!ا لن يهت ّم بالموس!!يقى اإللكترونيّ!!ة ب!!ل باإللكترونيّ!!ة في
الموس!!يقى كنم!!ط موس!!يقي الب!!د من أن ت!!وفّر في!!ه مجموع!!ة من الط!!رق ال!!تي يوظّ!!ف فيه!!ا
[
اإللك!ترون ّي في الموسيقى !:تمش واض!ح وتموضعات فنيّة تنب!ني في عالقته!ا باآللة اإللكترونيّة
.]12
يُقصد عادة بالتاريخ اإللكترونيّة في الموس!يقى[“ ،]13الموس!يقى اإللكترونيّ!ة” ،وتع!ني أص!ول
تقنية تخصّ البحث واالكتشاف اإللكترون ّي ،فيقع إهمال األصل الفني وتجاهله .وه!!ذا م!!ا ينتج
مجموعة من القراءات المش ّوهة والمقتضبة لتاريخ الممارس!!ة الفنيّ!!ة الموس!!يقيّة والس!!معيّة في
القرن العشرين .هذه القراءة المش! ّوهة ق!!د ال تك!!ون نتيج!!ة خط!!إ في الق!!راءة ،ب!!ل هي الحاج!!ة
[
(غير الواعية في أغلب األحيان) إلى تبرير الهيمنة اإلعالميّ!ة لخط!اب ف!ن ّي ح!ول الموس!يقى
.]14
من نافل!ة الق!ول الت!ذكير ب!أن الخط!اب الت!اريخ ّي ،بوص!فه عمليّ!ة بن!اء للماض!ي انطالقًا من
الحاضر ،إنما هو ضرب من إع!ادة لألم!وات إلى ذاكرتن!ا في ص!!ورة تختل!ف ،حس!!ب ك!اتب
التاريخ ،سواء كان األمر يتعلّق بإرساء وجهة نظر مهيمنة ،أو اإليهام بوجود ممارس!!ة تعت!!بر
أقليّ!!ة .من الم!!دهش أن ن!!رى ع!!دد المق!!االت أو الكتب المخصّص!!ة الي!!وم لت!!اريخ الموس!!يقى
ي إلى االس!!تخدام
اإللكترونيّة ،والتي تعيد رسم هذه المغامرة منذ االكتش!!اف العلم ّي لإللك!!ترون ّ!
المخص!ص إلنت!اج الموس!يقى من ط!رف ملح!نين كب!ار ،ك!ارلهينز ستوكهوسن ،بي!ار ّ الح!ال ّي
شافر ،جون كايج وصواًل إلى القطيعة في السبعينيات عندما فتحت تجارة اآلالت اإللكترونيّ!!ة
الطريق أمام ممارسات موسيقيّة جديدة أكثر شعبيّة (تكنو ،هيب هوب ،هاوس ،دي-جي[.]15
أن الممارسة الفنيّة هي باألساس سياسيّة ،إذ أنّها تنخرط في حق!!ل عالق!!ات ومن البداهة القول ّ
الق!!!وى االقتص!!!اديّة ،اإليديولوجيّ!!!ة والرمزيّ!!!ة ،مثلم!!!ا أنّه!!!ا تنخ!!!رط في مقاوم!!!ة التالعب
اإلي!!ديولوجي من خالل عمليّ!!ات انحي!!از رمزيّ!!ة ،وهي ،من حيث هي حرك!!ة فرديّ!!ة ،تعطي
معنى للع!!الم ال!!ذي نعيش في!!ه .وتظ!لّ ،م!!ع ذل!!ك ،متوقف!!ة على م!!ا تحقق!!ه من ممارس!!ة معيّن!!ة
لإللكترونية في الموس!!يقى .ألن!!ه ال وج!!ود لموس!!يقى إلكترونيّ!!ة بص!!فة عا ّم!!ة كنم!!ط موس!!يق ّي
مرتبط بتقنية معيّنة ،بل هي عبارة عن مجموعة من المراحل الفنيّة الستعادة التقنية من جديد.
ومص!!در الموس!!يقى ال!!تي تس!!مى “إلكترونيّ!!ة” ليس والدة اإللكتروني!!ة كتقني!!ة ب!!ل في تع ! ّدد
الوسائل التي تستعيد اآلالت اإللكترونيّة من خالل حركة انحياز رمزيّة.
ي فيما يتعلّق بتعريف معنى الممارسة الفنيّة وجوهرها :مسألة العالقة هنا يُطرح سؤا ٌل محور ّ
بين الفن والتقنية .ما الذي يميّز ّ
الفن عن التقنية؟ يعت!!بر الفن في الم!!وروث الغ!!رب ّي ،المرتب!!ط
ب!الفكر اليون!اني ،ض!ربا من التقني!ة ،من ه!ذا المنظ!ور ،ال يختل!ف ّ
الفن عن التقني!ة ولكن في
ي في ج!!زء عالقته معها .هذه العالقة التي سنحاول ضبطها انطالقًا من مثال ت!!اريخ ّي مح!!ور ّ
كبير من التاريخ الموسيقي المعاصر !:المستقبليون اإليطاليون.
إن الغاية من هذا المثال وعالقته بمسألة اإللكترونيّة في الموسيقى سيظهران أثناء التحلي!!ل .فـ ّ
“لويجيروس!!ولو“ ،)1947-1885( ،وه!!و أه ّم الملح!!نين في الحرك!!ة الفنيّ!!ة المس!!تقبليّة ،لم
يستعمل آالت إلكترونيّة في إنتاجه الموسيقي الجديد .وهذا المثال ال يع ّد أقل أهميّ!!ة من مس!!ألة
استعمال اآلالت اإللكترونيّة التي ال تأخذ معنى حقيقيّا إال في نسق ت!!اريخي للث!!ورة الص!!ناعيّة
أي بظهور تقنية ستغيّر عالقتنا بالعالم (الكهرباء ،اآلالت …) .هذا التغيير لم يحصل إالّ على
ي (في الرفاهيّة التي يمكن أن تجلبها هذه االكتشافات) .بعبارة أخرى ،هذا التغيير مستوى ماد ّ
يب ّدل نظرتنا للعالم ،ويعيد تقطي!!ع وتش!!كيل المخطّط!!ات التمثيليّ!!ة ال!!تي تنظّم عالقاتن!!ا بالع!!الم:
السرعة ،النجاعة ،ال!!ترفيع في اإلنتاجيّ!!ة وبالت!!الي ال!!ترفيع في االس!!تهالك ،ارتف!!اع إمكاني!!ات
الت!!دمير ،تط!! ّور وس!!ائل االتص!!ال ،تغيّ!!ر محيطن!!ا الس!!معي والم!!رئي … وتكمن أهميّ!!ة
الفن في الق!رن العش!رين ،في ق!درتهم على إظه!ار المحت!وى الرم!زي المستقبليين ،في تاريخ ّ
له!!!ذا التغيّ!!!ر وإب!!!رازه !.في الس!!!ياق ال!!!ذي ت ّم االس!!!تعداد في!!!ه للح!!!رب العالميّ!!!ة األولى،
قام“ لويجيروسولو” بكتابة بيان!ه ّ
“فن الض!جيج” ( .)1913وابتك!ر أوركس!ترا ب!آالت تص!در
ضجي ًجا .فما الذي سعى روسولو إلبرازه؟
فإن “روسولو” قد خلق مجموع!!ة من ل ّما كانت اآلالت تُصنع عادة ،لغاية براغماتيّة (نفعيّة)ّ ،
اآلالت التي تُصدر ضجيجًا بهدف إنت!!اج الموس!!يقى ،وق!!ام بتغي!!ير وظيف!!ة اآلل!!ة لتنتج تمثّالت
رمزيّة .وعمليّة االنحياز الرمزيّة هذه ،هي المعنى الحقيق ّي للفعل الف!!ن ّي ،وه!!و م!!ا يميّ!!زه عن
التقنية كوسيط مع عالم مح ّدد و ُم َم ْكنَن (ال َم ْكنَنَة) .من الممكن أن يكون ه!!ذا العم!!ل االنحي!!ازي
الف!!ني مطابقًا لعم!!ل المخ!!ترع أو الب!!احث ال!!ذي يمهّ!!د من خالل اختراع!!ه لتقني!!ة م!!ا لظه!!ور
حساسيّة جديدة .وكيفيّة عمل التقنية يأتي بعد عمليّة االختراع ،فهي نتاج سلطة تقديريّة توجّ!!ه
ك ّ
أن عمليّ!!ة االنحي!!از االختراع باالرتكاز على ع ّدة عوامل مثل النجاعة والمردوديّ!!ة .وال ش ! ّ
الفن والتقني!!ة ،ولكن في طبيع!!ة الرم!!زي س!!تتبع آليًا االخ!!تراع ،فالتض!!ارب ال يوج!!د إ ًذا بين ّ
العالقة مع التقنية وكيفيّة اشتغالها.
ي هذه ثنائيّة :فهي تنحاز بالوسائل التقنية ال!!تي تح! ّدد ماهي!!ة عالقتن!!ا ّ
إن عمليّة االنحياز الرمز ّ
ي لما يك ّون محيطنا من خالل جهاز ذي مع!!نى يقط!!ع بالعالم ،وتعمل على إعادة اكتساب رمز ّ
مع ك! ّل م!!ا س!!بقه .هك!!ذا ك!!انت أولى اآلالت الموس!!يقيّة مج!رّد أدوات مطبخ بس!!يطة ت ّم تغي!!ير
طريقة استعمالها .وعمليّة التغيير هذه حصلت في ج ّل اإلنتاجات الفنيّة ،ولكن وقع حجبه!!ا من
أن الث!!ورة صصة في إنتاج الموسيقى والفن .والمالحظ ّ طرف مؤسّسة اآلالت والتقنيات المتخ ّ
التقنية المفتوحة في العصر الصناعي تشجّع على تكرار هذه العمليّة بطريقة علنيّة وواضحة.
إن االنحياز بآالت إلكترونيّة إلنتاج الموسيقى ليس إالّ إمكانيّة ضمن اإلمكانيّات المفتوح!!ة من ّ
خالل إعادة التملّ!!ك الرّم!!زي آلث!!ار الث!!ورة التقني!!ة واحتماالته!!ا .وه!!ذا المص!!طلح الفض!!فاض
“موسيقى إلكترونيّة” ال يأخذ بعين االعتبار أنواع المس!!ارات التقني!!ة ال!!تي تعي!!د تش!!كيل حق!!ل
[
الممارسة الموسيقيّة والمعاصرة .وتُعرّف الموسيقى التّجريبيّ!ة كمس!ار ف!ن ّي ع!بر ثالث نق!اط
.]16
–أن انفجار مجال األصوات المح ّددة بموروث الموسيقى النّخبويّ!!ة من خالل إقح!!ام مجموع!!ة ّ
من األصوات التي تش ّكل محيطنا .الموسيقى لم تعد تمتلك مكانًا خاصًا بها ،ولكنّها تتط ! ّور في
قلب الممارسات اليوميّة .وعمليّة التّش!!كيل (إنت!!اج مقطوع!!ة ص!!وتيّة) لم يع!د مص!!احبًا لعمليّ!ة
التشيؤ (إدخال سلسلة من األصوات في نظام مغلق يح ّدد الموسيقيّة) ولم يعد ُمؤ ّسسًا على لغ!!ة
أحاديّ!!!ة مص!!!طنعة (نظ!!!ام الدرج!!!ة الموس!!!يقيّة مثاًل ) في مقاب!!!ل لغ!!!ة جماعيّ!!!ة لالكتش!!!اف
اليومي للموسيقى الذي يم ّر عبر األداء الصوتي ،وتتمثّل عمليّة التشكيل في ك ّل عمل يقوم ب!!ه
الفنان لخلق نظامه الخاصّ الذي ينظّم بواسطته األصوات مع مراعاة عامل الزمن.
–أن الموسيقى التجريبيّة ال تقصي الممارسة عن طريق التش!!يؤ ال!!ذي يق! ّدم النتيج!!ة الجماليّ!!ة. ّ
وهي تضع في نفس المستوى الممارسة والنتيجة .وهكذا تزيح الحدود التي وضعها الموروث
ّ
والفن الص!!وتي ه!!و ي بين “الموسيقى” واإلنتاج الصوتي في عالقت!!ه ب! ّ
!الفن التش!!كيلي. النخبو ّ
تعبير فن ّي ناتج عن ه!!ذا التش!!ويش .ألنّه!!ا ال تت!!و ّخى المس!!ار ال!!ذي يه!!دف إلى التش!!يؤ (ع!!زل
الصوت في مكان /فضاء نخبويّ).
لق!!د قلبت الموس!!يقى التّجريبيّ!!ة وض!!عيّة الفن!!ان /الملحّن بوص!!فه شخص!!ا مع!!زوال أم!!ام عمل!!ه
(متموضع في فضاء نخبوي) .وتتح ّدد ممارس!!ة الفن!!ان الص!!وتي في إط!!ار التقالي!!د الموس!!يقيّة
“النخبويّة” (ألنّها تتبّع مسارا يهدف إلى التّشكيل) واالكتشاف الص!!وتي المتواص !ل! (ألنّه!!ا ال
المفض!ل ليسّ ف!إن مك!!ان ت!!د ّخلها
تتح! ّدد في فض!اء يس!!تبق مج!ال الممارس!!ة) ،به!!ذا المع!نىّ ،
المسرح ،ولكن الفضاء االجتماعي.
–أن تد ّخلها في الفضاء االجتماع ّي يتح! ّدد ،في مس!!توى مختل!!ف عن الممارس!!ة اليوميّ!!ة ،فهي ّ
تنحت وتجع!!ل الي!!ومي ظ!!اهرًا من خالل أعم!!ال انحيازيّ!!ة رمزيّ!!ة ،على ّ
أن الممارس!!ة الفنيّ!!ة
ي أو جم!!اع ّي. التجريبيّة لفنان ما ليست بالضرورة أحاديّ!!ة ،فهي يمكن أن تتك! ّون بش!!كل ف!!رد ّ
ي من خالل إنتاجه وتحقيقه للفضاء باعتباره الغط!!اء ال!!ذي ت!!دور ويتف ّوق الجماع ّي على الفرد ّ
في!ه عمليّ!ة االنحي!از الرّم!زيّ ،وه!و فض!اء اجتم!اع ّي رم!زي تختل!ط في!ه وتنقلب وض!عيات
الممثلين والمش!!اهدين وأدوارهم .أ ّم!!ا الممارس!!ة الفرديّ!!ة فال يمكن أن تنتج فض!!اء ،إذ يظ!! ّل
تد ّخلها في إطار التكتيك في مساحة ُم َحاطة بعوائ!!ق رمزيّ!!ة يمكن أن يبرزه!!ا ،وال يق!!در على
تحويلها.
تعتبر الممارسة الفنيّة التي نط ّورها في جمعيّة ّ
الفن الص!!وتي !،اس!!تئنافا له!!ذه الحرك!!ة ال!!تي ت ّم
أن الموس!!يقى الفن التش!!كيلي .ذل!!ك ّ
تجاهله!!ا الي!!وم من ت!!اريخ الموس!!يقى ،وك!!ذلك في ت!!اريخ ّ
التجريبيّة ال تسعى أن تكون كالموسيقى “النخبويّ!!ة” ب!!ل تس!!تعمل وس!!ائل “غ!!ير نخبويّ!!ة” أو
“شعبيّة” وهو ما يعني فرض نمط موسيق ّي جديد (مخالف للموسيقى الكالسيكيّة) .فالموس!!يقى
التّجريبيّ!!ة تح!!اول ،على العكس ،إحب!!اط الهياك!!ل واألش!!كال المنظّم!!ة لإلنت!!اج والتّق!!ديم الف!!ن ّي
للصوت في مجتمعنا ،بدءا بمفهوم “النّمط الموسيقي”[.]17
فإن مصطلح موسيقى إلكترونيّة يب!!دو رجعيًا وفقا لـ “صوفي غوسالن” و”جوليان أوتافي”ّ ،
ألنّه يحاول اختزال مسار فنّي في نمط موس!!يق ّي ،ه!!و مج!رّد نم!!ط بين مجموع!!ة من األنم!!اط
األخرى ،وإن كان جدي!!دا ،ش!!يء جدي!!د لالس!!تهالك ،مص!!در جدي!!د لل!!ربح الم!!اديّ ،وإن ك!!ان
المصطلح! ق!د ع!اد بق! ّوة الي!!وم ،ف!!ذلك عائ!د ألس!!باب أيديولوجيّ!ة متعلّق!!ة بالس!لطة .ولكن ه!!ذه
السلطة لم تعد تلك التي تهدف إلى ترميم موروث في خطر ،بل سلطة الشركات العالميّة ال!!تي
تسعى إليهامنا بأنّنا ،وحتى نكون مواكبين للموضة الموس!!يقيّة ،أي نك!!ون متج! ّددين ،الب! ّد من
شراء آالت إلكترونيّة مصنوعة على المقاس .هكذا ،يقع توظيف الموسيقى الشعبيّة والتالعب
بها إعالميًا وتحويلها إلى موسيقى تجاريّة تتح ّول إلى موضة.
أن وس!!ائل اإلعالم تض!!ع إن الذين اعتقدوا أنّهم اس!!تقطبوا ،هم في الحقيق!!ة مس!!تقطبون .ذل!!ك ّ
ّ
صورة ما تنسيهم جوهر ممارستهم ،أي الهدف من اس!!تخدام آالت إلكترونيّ!!ة .ه!!ذه الص!!ورة!،
التي تنتجها الشركات العالميّة ،تجد مساندة من أشباه المثقّفين الذين يبرّرون الهيمن!!ة التجاريّ!!ة
لكن عص!!ر ه!!ذه الحرك!!ات ق!!دمن خالل خلق تيّارات وحركات طليعيّة بطريق!!ة اص!!طناعيّةّ .
ولّى ،ولع ّل خير دليل على ذلك هو انتظ!!ار المؤسس!!ات لحرك!!ة طليعيّ!!ة تض!!في ش!!رعيّة على
وجودها[.]18
-5الموسيقى والذكاء االصطناعي:
أن اآلل!!ة تف ّك!!ر بالفع!!ل ،فه!!و يه!!دف إلى فهم طبيع!!ة ال!!ذكاء
ينطل!!ق ال!!ذكاء االص!!طناعي من ّ
اإلنسان ّي عن طريق عمل برامج للحاسوب اآلل ّي القادر على محاكاة السلوك اإلنسان ّي المتّس!!م
بالذكاء .وهذا يعني ق!!درة برن!!امج معيّن في حاس!!وب على ح! ّل مس!!ألة م!!ا أو اتّخ!!اذ ق!!رار في
!أن البرن!!امج نفس!!ه ق!!ادر على أن يج!!دموقف ما ،بناء على وصف لهذا الموق!!ف ،واالعتق!!اد ب! ّ
أن تتّب!ع لح! ّل المس!ألة أو للتوص!ل إلى الق!رار المناس!ب ب!الرجوع إلى الطريقة[ ]19ال!تي يجب ّ
العديد من العمليّات االستدالليّة المتن ّوعة التي تغذي بها البرنامج.
ويعتبر هذا نقطة تحول ها ّمة يتجاوز ما هو معروف باسم “تقني!!ة المعلوم!!ات” ال!!تي تت ّم فيه!!ا
العمليّة االستدالليّة عن طريق اإلنسان ،وتنحصر أه ّم أسباب اس!!تخدام الحاس!!وب في س!!رعته
الفائق!!ة ،رغم أنّن!!ا ال نس!!تطيع أن نع!!رف ال!!ذكاء اإلنس!!ان ّي بش!!كل ع!!ا ّم ،في أنّ!!ه يمكن أن نلقي
الضوء على عدد من المع!!ايير ال!!تي يمكن الحكم علي!!ه من خالله!!ا .منه!!ا الق!!درة على التعميم
والتجريد ،والتعرف على أوجه الشبه بين المواقف اﻟﻤﺨتلفة والتكيّ!!ف م!!ع المواق!!ف المس!!تج ّدة
واكتشاف أخطاء الذكاء االصطناعي وتصحيحها لتحسين األداء في المستقبل.
وكث!!يرا م!!ا ق!!ورن ال!!ذكاء االص!!طناع ّي خط!!أ بالس!!برانية Cybernétiqueال!!تي تختصّ
بالخصائص الرياضيّة ألنظمة التغذية الراجعة ،وتنظ!!ر إلى اإلنس!!ان كم!!ا ل!!و أن!!ه جه!از آل ّي،
بينم!!ا يهت ّم علم ال!!ذكاء االص!!طناع ّي بالعمليّ!!ات المعرفيّ!!ة ال!!تي يس!!تخدمها اإلنس!!ان في تأدي!!ة
األعمال التي نع ّدها ذكيّة .وتختلف هذه األعمال اختالفا بيّنا في طبيعتها .ويبدأ الباحث في علم
الذكاء االصطناعي عمل!!ه أوال باختي!!ار إح!!دى األنش!!طة المتُّفَ!!ق على أنّه!!ا “ذكيّ!!ة” ،ثم يض!!ع
بعض الفروض ع ّما يستخدمه اإلنسان لدى قيامه بهذا النش!!اط من معلوم!!ات واس!!تدالالت ،ثم
يدخل هذه في برن!!امج للحاس!وب اآلل ّي ،ثم يق!!وم بمالحظ!!ة س!لوك ه!ذا البرن!!امج .وق!د ت!!ؤ ّدي
مالحظة البرنامج إلى اكتشاف أوجه القصور فيه مما يُفضي إلى إدخال تعديالت وتط!!وير في
أسسه النظريّة ،وبالتالي في البرنامج نفسه ،ويؤدي ه!!ذا ب!!دوره إلى س!!لوك مختل!!ف للبرن!!امج
وما يستتبعه من مالحظة وتطوير.
أن هناك خوارزما algorithmeللتوصّل إلى ح! ّل لقض!يّة يهدف عالم الرياضيّات إلى إثبات ّ
م!!ا في ع!دد من الخط!وات ال يزي!د مثال عن س!!بع خط!!وات ،بينم!!ا يس!!تخدم المش!!تغل بال!!ذكاء
االصطناع ّي ك ّل مهاراته لوضع’ برن!!امج لح! ّل مب!!ن ّي على ط!!رق اس!!تدالل س!!ليمة ،أم!!ا ع!!دد
الخطوات التي يتطلبها الحل فليس لها الدرجة األولى من األهميّة ،فاالتّج!!اه الس!!ائد في ال!!ذكاء
أن مبادئ التنظيم الجيّ!!دة أه ّم من س!!رعة الحس!!اب ،وي!!برز دور الرياض!!يات االصطناعي هو ّ
أن أكثر فروع المنطق وض!!وحا في أذه!!ان الب!!احث على المستوى المنطقي .وعلى الرغم من ّ
هو المنطق االستنباطي ،La logiquedéductiveفمن المؤكد أنّ!!ه أق! ّل أهميّ!!ة من المنط!!ق
االس!!تقرائي أو االس!!تداللي la logique inductive inferentielleفي معظم أنش!!طتنا
المتعلقة بالذكاء[.]20
ع ّرف “مكارثي” و “هايس” ،الذكاء االصطناعي تعريفا مقتضبا ،ولكنه يحمل حاليًا مذاهب
مص ّممي الروبوتات البحثيّة في كاليفورنيا ،فقال“ :سنقول إن الكي!!ان ال!!ذك ّي ه!!و ال!!ذي يمتل!!ك
نموذجا مالئما للعالم الرياضي (بما في ذل!ك الع!الم الفك!!ري وال!ذي يجب أن يض!!اف إلي!ه فهم
للغايات الخاصة به والقدرة على أداء العمليات العقلي!!ة األخ!!رى) ،إذا ك!!ان ه!!ذا الكي!!ان ق!!ادرا
على اإلجاب!!ة ،وفقًا له!!ذا النم!!وذج ،على مجموع!!ة واس!!عة من األس!!ئلة و ق!!ادرا أيض!!ا على
الحصول على معلومات إضافيّة من العالم الخ!!ارج ّي ،ك! ّل م!رّة إذا ك!!ان ذل!!ك ض!!روريّا وفي
ي مه ّم!ة تتطلبه!ا أه!دافها وال!تي تس!مح به!ا قدرات!ه الفيزيقي!ة”[.]21 السياق المحيط ب!ه ،وأداء أ ّ
ولسائل أن يسأل :هل يمكن لمفاهيم الذكاء االصطناع ّي أن تنطبق على البحث الموسيقي؟ وما
كيفيّة اس!تخدام األس!اليب االجتهاديّ!ة والتع!رّف على األش!كال في مج!ال الظ!واهر الص!وتية؟
أن ه!!ذه التطبيق!!ات مجدي!!ة ،م!!ا هي األه!!داف أخ!!يرًا ،على مس!!توى أك!!ثر عموميّ!!ة ،إذا ثبت ّ
(اإلنسانيّة والجماليّة) التي س!!تخدمها؟ وم!!ا ه!!و الوج!!ه اإليج!!ابي في النهاي!!ة لخل!!ط الموس!!يقى
وأجهزة الكمبيوتر؟
أن المعلوميّات قد ت ّم إدخالها بالفعل على نطاق واسع في العدي!!د من األس!!اليب على الرّغم من ّ
ألن ذلك يتطلّب جه!!ودًا كب!!يرة
أن استعماالتها تبقى غالبا موضع تساؤل ّ ،
]22 [
“الموسيقية” ،إال ّ
أن العمل الموس!يقي ه!و عب!ارة عن تك!وين من ومتزامنة للعديد من التخصّصات ،إضافة إلى ّ
أن ك! ّل ك!!ائن ص!!وتي (الج!!رس، عناصر صوتيّة تتش ّكل في بني!!ة ،وت!!أتي أهميّت!!ه وقيمت!!ه من ّ
ص!وت إلك!تروني) ،وكيفم!ا ت ّم دمج ه!ذه العناص!ر المختلف!ة ،يش!كل هيكال ش!امال .ويب!دو ّ
أن
“المشكلة” العظيمة للموسيقى المعاصرة هي عدم وجود لغة مناسبة لتمثيل األش!!ياء الص!!وتيّة
األوليّة وكذلك لوصف البنيات الموسيقيّة (التأليف) التي يتم دمجها ،من ه!!ذا المنظ!!ور يمكنن!!ا
أن نتص ّور المساهمة الممكنة ألساليب الذكاء االصطناعي[.]23
إن الجهاز المناس!!ب ،ال!!ذي يجع!!ل من الممكن تقلي!!ل أبع!!اد المش!!كلة يتمثّ!!ل في إنك!!ار الحاج!!ةّ
!زتين ،واح!!دة تص!!ف األش!!ياء ،واألخ!!رى تبنيه!!ا وتص ! ّور مج!!االت المس!!بقة إلى لغ!!تيْن متميّ! ْ
الصوت والموسيقى على أنّهما ك ّل واح!د ،م!ع ع!دم وج!ود انتق!االت كب!يرة عن!دما نعتق!د أنّن!ا
نتحرّك من واحد إلى آخر .بمع!!نى آخ!!ر ،يت!!ألّف الجه!!از من تجاه!!ل أي مس!!توى وس!!يط بين
المادة الصوتيّة الخام والتشكيل المنظّم للعمل الموسيقي .ال تتحدى ه!!ذه الفرض !يّة وج!!ود ه!!ذه
المستويات المتوسّطة ،ال بالنسبة إلى مؤل!!ف وال إلى مس!!تمع ،ألن الت!!اريخ الكام!!ل للموس!!يقى
يظهر ذلك أيضًا .ومن الواض!!ح أن األص!!وات! المنظم!!ة بال!!درجات؛ (ال!!تي تؤك!!د ببس!!اطة أن
التحليل “الميكانيكي” ،أو على األق ّل غير المجسم لظاهرة الموسيقيّة) ال تنطوي على مراع!!اة
جميع المستويات التقليدية لمعنى الرسالة الموسيقية[.]24
ّ
المتوس!طة بين الم!واد الص!وتيّة الخ!ام ومعناه!ا ي يحت!اج إلى ه!ذه المراح!ل ّ
إن الذكاء البش!ر ّ
الموس!!يقي ،ه!!ذا من ناحي!!ة ،ومن ناحي!!ة أخ!!رى ،س!!يكون ال!!ذكاء االص!!طناعي أك!!ثر مالءم!!ة
للمسار المباشر .ولن ينك!!ر أح!!د أن مالحظ!ة وج!!ود مس!ار غ!ير مباش!!ر بين العم!!ل الص!!وت ّي
والموسيق ّي هي حجّة منطقيّة لصالح وجود طريق مباش!!ر ،فتس ! ّمى “الموس!!يقى” “أي سلس!!لة
متصلة من التص ّورات! الصوتيّة التي نحن على استعداد لربط السّمات الموس!!يقية به!!ا ،تتمث!!ل
أولى سماتها في الحقيقة البسيطة المتمثّلة في تسمية “الموس!!يقى” بم!!ا نس!!تمع إلي!!ه .وبص!!رف
النظر عن هذه الس!!مة األساس!يّة الموس!يقيّة ،يمكنن!ا العث!!ور على جمي!!ع الس!مات األخ!!رى في
مجموع األفكار التي كانت ل!!دينا دائمًا في الموس!!يقى ،من الص!!فات ال!!تي ال تع! ّد وال تحص!!ى
المس!!تخدمة لوص!!ف ال!!درجات الزمنيّ!!ة إلى أك!!ثر المف!!اهيم تعقي !دًا المس!!تخدمة لتحدي!!د مع!!نى
األعم!!ال الموس!!يقية ،وتق!!دم جمي!!ع أن!!واع الموس!!يقى ه!!ذه الثنائي!!ة بين األص!!وات (القطب
الملم!!وس)! والمف!!اهيم (القطب المج!!رد) .أم!!ا بالنس!!بة إلى الروب!!وت الموس!!يقي ،فليس هن!!اك
ي شكل من األشكال ،مع األسباب التي تجعل البش!!ر يربط!!ون بالطبع أي مشكلة في تقديمه ،بأ ّ
ّ
هذه الصفات الموسيقيّة أو تلك بمثل هذه الظواهر الصوتيّة أو تلك.
هذا ،ويُنصح “بتزويده بالبيانات التي يستوعبها تمامًا :نع!!ني من ناحي!!ة أولى ،وص!!ف كام!!ل
لسلسلة الصوت التي نرغب في تعيين سمة موس!!يقيّة له!!ا ،ومن ناحي!!ة أخ!!رى ،وص!!ف دقي!!ق
للصّفات المعيّنة .وإذا أخذنا ،على سبيل المثال ،سلسلة من عشرات العالمات الموس!!يقيّة ال!!تي
ي أن نش!!ير إلى نعرّفه!!ا على اعتباره!!ا “لحن!!ا عس!!كريا بع!!زف على البي!!انو” ،فمن الض!!رور ّ
الروبوت !:لماذا تدرك فئة معينة من المستمعين ه!!ذه الظ!!اهرة الص!!وتيّة على ه!!ذا النح!!و؟ من
الممكن تما ًما إعطاء الروبوت الموس!!يقي وص!فًا ك!!امالً له!!ذا التواص!!ل الص!!وتي ،م!!ع تس!!مية
تتك ّون من كلمات رئيسية“ :اللّحن العسكري ،اثنتا عشرة نوت!!ة ،بي!!انو .والمقص!!ود بـالوصف
الشامل لهذه السلسلة الصوتيّة ه!!و ببس!اطة مجموع!!ة من عين!!ات الض!!غط المجه!!ري الالزم!!ة
لتحقيق هذه الظاهرة الصوتية”[.]25
-أن التقدير الموسيق ّي هو فقط نتيج!!ة تجرب!!ة موس!!يقيّة بحت، وهذا يعني -على المستوى العام ّ
وأن األفكار التي يمتلكها المرء للموسيقى تعتم!!د على المعرف!!ة بالموس!!يقى فحس!!ب ،وه!!و م!!ا ّ
أن مجال التقدير الموسيقي مغلق في ح ّد ذاته .تتمثّل المهمة األساسيّة للروبوت يعني افتراض ّ
الموسيقي في تحديد الموسيقى الشائعة التي تُطبق عليها “ملصقات” مماثلة بشكل عا ّم .وغني
فإن “الحدس” ألولئك ال!!ذين س!!يكتبون ب!!رامج الكم!!بيوتر عن القول أنّه في البداية على األقلّّ ،
الروبوت في نهاية المطاف مجرد مجموعة كبيرة من البرامج سوف تعكس إلى ح ّد ما مع!!نى
أن الكمبيوتر! قادر ،من عينات مجهريّة تمثّل بشكل مث!!الي أي التسميات .فهل يمكننا أن نتخيّل ّ
ظاهرة صوتيّة ،التعرّف على األشكال ال!تي س!تكون في أس!اس المف!اهيم الموس!يقية؟ لإلجاب!ة
على ه!!ذا الس!!ؤال األساس!!ي ،يق!!ترح “س!!كيفاغتون”” ”Skyvington Williamفرض!!يّة
بعبارات عا ّمة للغاية ،إذ يمكن صياغتها على النحو التالي :أي ظاهرة صوتيّة يمكن تفس!!يرها
على أنها رسالة موسيقيّة من قبل مستمع بالفعل في ح ّد ذات!!ه ،ويت!!وفّر على جمي!!ع المعلوم!!ات
أن الروبوت الموسيقي الذي يعم!!ل على الالّزمة لتمييز معنى الرسالة الموسيقيّة .من الواضح! ّ
هذه القواعد لن ينجح أبدًا في تعلّم كيف يتج ّمع المستمعون تحت تس!!مية “موس!!يقى بيته!!وفن”.
وبعبارة أخرى ،س!!يتعين على الروب!!وت الموس!!يقي أن يتعلّم ب!!المعنى ال!!دقيق للكلم!!ة المف!!اهيم
الحقيقية التي تنبثق فقط من المعلومات الموجودة في الظواهر الصوتيّة.
إن العيّنات الرقميّة الناتجة عن التحويل التّماثلي ال!!رقم ّي لظ!!اهرة الص!!وت! س!!تتح ّول بال ش! ّ
ك ّ
بواسطة الكمبيوتر وفقًا للعمليّات الرياضيّة التي تحاكي تشغيل “معالج!!ة المعلوم!!ات” ب!!األذن
البشرية .أي سيت ّم البحث عن نماذج من الرسومات الناتجة عن التح ّوالت الرياضيّة .وبعب!!ارة
أخرى ،نعتبر عمل األذن كعمليّة رياضيّة وعمل الدماغ كعمليّ!!ة تص!!ويريّة (أو بص!!رية) .من
طرف إلى آخر في تطوير برامج الروبوت ،سوف نستغل نهجًا اجتهادي!!ا ب!!المعنى التجري!!بي:
س!!يت ّم التحق!!ق من ك!!ل اق!!تراح /نم!!وذج يقدم!!ه الروب!!وت عن طري!!ق الرج!!وع المنتظم إلى
أن الروب!!وت! “يفهم” في الواق!!ع مع!!نى مفه!!وماختبارات المواد الصوتيّة الجديدة؛ نستنتج فقط ّ
موسيقي معيّن حتى ينجح في تصنيف أمثلة جديدة للموسيقى على أساس هذا الشكل .وبالتالي،
لن يفهم الروبوت حقًا “الجمي!!ل” في الموس!!يقى ح!!تى يتّف!!ق م!!ع مس!!تمع بش!!ري للعث!!ور على
موسيقى جديدة ،هل هي جميلة أم ال .ربما يجب أن ننتظر حتى نكون هناك لتطوير موض!!وع
الغايات التي يمكن أن تخدم هذا الروبوت .ستعتمد فائ!!دتها ،على أ ّ
ي ح!!ال ،على ج!!ودة بيئته!!ا
الموسيقية .هذا هو التحدي أمام مستخدميها الفنانين[.]26
إذا ك!!انت التكنولوجي!!ا الرقميّ!!ة تحت!!وي على موس!!يقى غ!!ير ماديّ!!ة ،فه!!ل س!!يزيل ال!!ذكاء
ق أن االصطناع ّي الفنان نفسه؟ وهل الذكاء االص!!طناعي ق!!ادر على خل!!ق الفن؟ س!!ؤال يس!!تح ّ
ألن هذا السيناريو يميل إلى أن يصبح حتميّا ،ما علينا سوى إلق!!اء نظ!!رة على الت!!أثير يطرحّ ،
الذي أحدثه إنشاء برنامج “الموسيقى بمساعدة الكم!!بيوتر”(! ! )MAOعلى موس!!يقى ال!!راب،
الذي يمنح الفرد فرصة للتأليف دون أن يكون موس!يقيًا “محترفًا” .الطريق!ة ال!تي انتش!ر به!ا
!ذي مباش!!رة التط!!ورات الموس!!يقيّة أن التقدم التكنول!!وجي ال!!رقمي يغ! ّ
الراب تؤكد بوضوح تا ّم ّ
إن العالق!!ة بين الرقمي!!ة والهيب ه!!وب عالق!!ة والص!!ناعيّة واالقتص!!اديّة المرتبط!!ة ب!!الرابّ .
توأميّ!!ة ،وكالهم!!ا بمثاب!!ة ث!ورات في الت!اريخ ،األولى ص!ناعيّة وتكنولوجيّ!ة ،والثاني!ة ثقافيّ!ة
وموسيقيّة.
أن الذكاء االصطناعي قادر على خلق ّ
فن موسيق ّى؟ فهل ّ
ليس مما يدخل في الذكاء االصطناع ّي أن تُترك مساحة كب!!يرة للفن!!انين ال!!ذين يخت!!ارون ع ! ّدة
أغان إلدخالها في قاعدة البيانات ،ثم يقوم المبدع والحاسوب بتحرير جمي!!ع األعم!!ال النهائيّ!!ة
قبل الضغط عليها على القرص .وإن كان جوهر الذكاء االصطناعي والتكنولوجيا بش!!كل أع ّم
هو مساعدة وتحس!!ين وتبس!!يط الحي!!اة اليوميّ!!ة لإلنس!!ان .إذ الموس!!يقى ليس!!ت س!!وى حس!!ابات
رياضيّة .وك ّل األشياء يمكن تحسينها من خالل اآللة.
حولت نظرية االستبدال الروبوتيّة الكبيرة األوهام العا ّمة إلى حقيق!!ة واقعي!!ة .وفعال ففي ع!!ام
،2016طور باحثون في جامعة تورونتو نظام ذكاء اصطناعي قادر على إنش!!اء أغني!!ة عي!!د
الميالد وغنائها وع!!رض “غوغ!!ل” Googleعلى س!!بيل المث!!ال ،في الع!!ام نفس!!ه أ ّول عم!!ل
لبرنامج “ ،”Magentaبهدف ت!!دريب آل!!ة على ت!!أليف الموس!!يقى بمفرده!!ا .وأنش!!أت س!!وني
Sonyنظام الذكاء االصطناعي “ ”Flow Machineالذي يهدف إلى إع!!ادة إنت!!اج العمليّ!!ة
اإلبداعيّة للفنّان :التركيب ،الترتيب ،المزج .ويعد مفهوم التعلم اآللي أمرًا ض!!روريًا ،واألم!!ر
يرجع إلى البرنامج القتراح جميع العناصر التي تدخل في مفهوم األغني!!ة :األدوات واألنم!!اط
والمقاييس واإليقاعات ،من خالل قاعدة بيانات كبيرة.
وإذا كان هدف الفنان هو استخدام األدوات الجدي!!دة ال!!تي ط ّورته!!ا التكنولوجي!!ا إليج!!اد ط!!رق
فإن الذكاء االصطناع ّي قادر على التعلّم والتفكير والتصميم وحده ،ويمكن!!ه جديدة لخلق الفنّ ،
إن السؤال المفترض :هل يستطيع أن يجعل وضع الفنّان غير مستق ّر .في النهاية ،يمكن القول ّ
الفن؟ قد اتّخذ صيغة أخ!!رى مفاده!!ا :ه!!ل يمكن اعتب!!ار اإلب!!داع الذكاء االصطناعي أن يصنع ّ
المولود من الذكاء االصطناعي عمالً فنيّ!اً؟ الس!!ؤال فلس!!في بال ش!!ك ،ويجب أن تق! ّدم اإلجاب!!ة
عليه في المستقبل ،وذلك من أجل تجنب تعقيد العالقات المتوتّرة! بالفع!!ل بين العلم والفن ،لكن
ليس هذا هو الخط!ر ال!ذي يمكن أن تتوقّع!ه ،ب!ل الخط!ر يكمن في اآلتي :كي!ف يمكن ض!مان
حقوق الملكيّة لفنانين ينتمون إلى الشركة المعنية ،إذا قام ال!!ذكاء االص!!طناعي الف!!ني بإض!!فاء
الطابع الديمقراطي على عالم الموسيقى؟
انتشرت آفة قرصنة األعمال الموسيقية مع انتشار التكنولوجيا الحديثة ،خاصّة مع
ظهور الفيديو واألقراص المرنة .وبقدر ما أتاحت اإلنترنيت للموسيقيين التواص ل
والتقاسم والترويج ألعمالهم ،سهلت تف ّشي هذه الظاهرة الخطيرة ،وهو ما يع رض
وتمثل ظ اهرة القرص نة الرقم ّي ة تح ديا خط يرا يه ّدد المب دعين ّ حقوقهم للضياع،
وقطاع اإلنت اج الموس يقي برمت ه .فق د أص بح من الس هل نش ر ك ل م ا يق دم على
الخش بة بص فحات ال ويب وبس رعة مذهل ة بالص ور المتحرك ة الح ّي ة ،نظ را إلى
االنتشار الواسع ألجهزة التصوير والتس جيل الرقمي ة الذكي ة من هوات ف محمول ة
متطوّ رة وكاميرات صغيرة الحجم وفائقة الدق ة ،وب رامج مذهل ة لمعالج ة تحس ين
الجودة ،فضال عن انتشار الحاسبات اللّوحيّة والمحمول ة المتع ّددة الوظ ائف .كم ا
توفر التكنولوجيا الرقمية إمكانات لنسخ األعمال مقابل أثمان بخسة.
ستستمرّ التحوّ الت الرقميّة ،بال شك ،في ف رض رهان ات جدي دة على الموس يقيّين
في عالم الي وم ،نظ را إلى الس رعة المذهل ة في تق ّدم الث ورة العلمي ة في مج االت
المعلوماتي ة .وس تواجه دائم ا ه ذه الرهان ات تح ديات ال تق ّل خط ورة عن آف ة
القرص نة ،ب ل إنّ التح دي األك بر للموس يقى الرقم ّي ة يكمن في تحقي ق الج ودة
الموسيقيّة .وسيبقى سؤال الجودة هذا مطروحا ليض ع في الم يزان الك ّم الهائ ل من
المنتوج ات الموس يقية المتش ابهة والمك رّ رة والس طحيّة ال تي تس تجيب للحاج ات
المس تعجلة والملح اح للفض ائيّات والمواق ع الرقمي ة… ف الكثير من األعم ال تنتج
يوميّا .والكثير منها أيضا يأفل نجمه في كل لحظة .وال تصمد في وجه زوابع هذه
التحوّ الت إال األعمال القوية والعميقة[.]27
تتلخص حياتهم اليوميّة في المطالب ة بحق وقهم .ويمكنن ا سيكون هناك حتما ً فنانون ّ
أن نتوق ع بالفع ل أنّ السياس ات المتعلق ة بحق وق الموس يقى والقرص نة وحق وق
التأليف والنشر ستزداد صرامة .باإلضافة إلى ذلك ،من الواضح أ ّنه إذا كان التعلّم
منص ات البث س تكون له ا الي دّ اآللي سينتشر بشكل كبير في عالم الموسيقى ،فإنّ
العليا ،ذل ك أنّ نق اط الق وة الرئيس ية لـ Spotifyو Deezerو-Apple Music
على سبيل المثال ال الحصر -هي قائمة التشغيل الخاصة بهم .لذا ،إذا كان بإمك ان
الذكاء االصطناعي أن يؤلف وينشئ تلقائيًا موسيقى الراب ،والكهربائية ،والبوب،
وأجواء التلقي ،وما إلى ذلك فأيّ مكان سيبقى للفنان؟
الفن بأعين المف ّكر الجمالي وجدنا أنفسنا إزاء مشكالت عدة مثل :ما ه!!و الفن؟
وإذا نظرنا إلى ّ
يحاكي الطبيعة؟ وإذا كان األم!!ر ك!!ذلك ،م!!ا هي أوج!!ه الطبيع!!ة
َ وما هو هدفه؟ وهل ينبغي أن
!في على الطبيع!!ة ص!!فة مثاليّ!!ة؟ أم أن من
التي يجب أن يحاكيَها؟ وهل يجب على الفن أن يض! َ
إن الفن تعبير عن استجاباتنا للطبيعة. الواجب أن نتخلى عن نظرية المحاكاة برمتها ،ونقول ّ
ويظ! ّل الس!ؤال مطروح!ا ح!ول العالق!ة بين الفلس!فة والعلم والفن ،على اعتب!ار أن الموس!يقي
بوصفها فنّا قد ش ّكلت -كما أبرزنا – أحد أه ّم اهتمامات الفلسفة والعلم ،إال أنها ظلت ومازالت
أيضا موضوع اهتمام الجماليات واألنطولوجيا والميتافيزيقا.
أن “إليزابيث غروس” “ ”Grosz Elizabethقد ختمت مقاله!!ا ونشير في هذا السياق ،إلى ّ
إن”الفلسفة ليست هي التأ ّمل أو التفك!!ير في ه!!ذا البن!!اء الخال!دحول برغسون ودولوز بالقولّ :
يك!!ف عن التغي!!ير ،ب!!ل هي إطالق ،وفضفض!!ة وتحري!!ر لتل!!ك القي!!ود المفاهيميّ!!ة ّ الّ!!ذي ال
والتداوليّة التي تعمل على تثبيت األشكال العلمية للمعرفة وتصليبها ،وتلك التي سخرت ،على
الرغم من كبحها في إطار ،أي في الحدود المطلوب!!ة للعم!!ل الف!!ني ،إذ الفلس!!فة هي تعبئ!!ة ق! ّوة
االختالف حين يهيمن الجمود والس!!كون على الفك!!ر؛ وهي تحري!!ر للص!!يرورة من ك! ّل اتّج!!اه
مح ! ّدد ،واالس!!تحواذ على الص!!يرورات! المؤقت!!ة من فوض!!ى الوج!!ود .هي الص!!يرورة الفنيّ!!ة
للمعرف!!ة العلميّ!!ة والص!!يرورة! العلميّ!!ة لإلب!!داع الف!!ن ّي ،وخل!!ق ش!!يء جدي!!د ،ليس من خالل
اإلحساس أو العاطفة ،ولكن من خالل المفاهيم التي تنهل من المصدر نفسه ،االختالف الذاتي
الديمومي )والذي يدركه دولوز ككالنية) ،مما يجعل العلوم والفن!!ون ممكن!!ة ،ولكن يح! ّدد ك!!ل
منهما اآلخ!!ر في مكان!!ه المالئم .والفلس!!فة ،ك!!ذلك ،هي تراج!!ع عن ع!!دم تص!!يير ه!!ذا المك!!ان
المناسب ،وتحرير المكان والفضاء نفسه ،والعودة إلى تدفّقات الصيرورة! التي تش!!كل الواق!!ع.
وهكذا ،تتم استعادة الفلسفة ،ليس كحاكم مف!!اهيمي لمواق!!ع ،ولكن!!ه جي!!د ال!!تراجع عن /وإع!!ادة
الفعل ،الصيرورة الالّصيرورة !،التي تق!!ارب الواق!!ع م!!ع تعقي!!د متزاي!!د ،جيّ!!د تص!!ميم مف!!اهيم
تناسب الواقع بكفاي!!ة أك!!بر .الفلس!!فة ،هي متع!!ة المف!!اهيم كم!!ا يق!!ول دول!!وز ،وتك!!ثيف الت!!أثير
والعاطفة والحسّ ،وتضخيم وتحويل ما يعرفه العلم ،وما يصنعه الفن”[.]29
انخرطت المجتمعات العربية منذ تسعينيات القرن الماضي في خضم «تحول» كبير في شروط تَ َمثُّل،
ممارسة ،إنتاج واستهالك اإلبداعات الموسيقية ،اقترن باستدماج الشباب للمقومات الثقافية والفنية لـ«الحركات
الموسيقية الجديدة» ضمن سيرورة اإلبداع المحلي .ترافق هذا التحول مع تطور سيرورة َم ْهنَنَ ِة قطاع اإلنتاج
الموسيقي في اتجاه تأسيس «اقتصاد للموسيقا» ،قادر على تجاوز تراجع قطاع التسجيالت الموسيقية المادية،
والرهان على الشباب واألشكال الموسيقية الجديدة لقيادة المرحلة وتشكيل الذوق الموسيقي العام .مع ذلك ،لم
ينجح كثير من المحاوالت الرامية إلى تطوير القطاع في اتجاه قطري وإقليمي (المغرب ،تونس ،مصر…)
بفعل ضعف اإلقبال الجماهيري على األنماط الموسيقية الشبابية الجديدة من جهة ،وهيمنة شبح القرصنة من
جهة ثانية ،وغياب المدخل الموسيق ّي ضمن السجاالت الفكرية حول المشروعات التنموية والثقافية المحلية من
ناحية ثالثة.
س ة الفعلي ة لقط اع في الواقع ،كان علينا انتظار بدايات األلفي ة الجدي دة من أج ل الح ديث عن إمكاني ة ال َمْأ َ
س َ
الموسيقا العربية ،وبخاصة الشبابية منها ،التي تربط اإلبداع الفني المحلي بالكوني وتعيد االعتب ار لوض يعة
صنّاع الموسيقا في التم ُّثالت واألذهان .يمكن أن نحدد ثالثة أسباب رئيسة كان له ا دور حاس م في
الفنانين و ُ
قيادة الموسيقا الشبابية (وبخاصة موسيقا البوب والهيب هوب) للتحوالت الفنية العربية وتطوير القطاع في
أفق كوني.
أواًل – تأثير تحوالت قطاع صناعة الموسيقا العالمية ،والنمو الكبير لرقم مع!!امالت اقتص!!اد الموس!!يقا (الش!!بابية
أساسًا) في الدول الغربية ،في التوجهات واإلستراتيجيات العامة لصناع الموسيقا في العالم العربي.
ثانيًا – تركيز الشباب على هموم المواطن العربي ويومياته من أجل استمالة قاع!!دة جماهيري!!ة أوس!!ع ،وإعط!!اء
شرعية اجتماعية لإلبداع الموسيقي المحلي.
ثالثًا– بدايات عصر اإلنفوسفير الرقمي ،وظهور مواقع التواصل االجتماعي ،والم!!دونات والمنص!!ات الش!بابية
وإسهامها الكبير في الترويج لإلبداعات الموسيقية الشبابية على نط!!اق قط!!ري وإقليمي أوس!!ع .بطبيع!!ة الح!!ال،
نلمس جهودًا حقيقية لِ َم ْهنَنَة القط!!اع والبحث عن الش!!رعية االجتماعي!!ة والثقافي!!ة لإلب!!داع الموس!!يقي ،واس!!تمالة
صنّاع القرار نحو َمْأ َس َسة الش!روط الموض!وعية إلنت!اج «اقتص!اد الموس!يقا» بالمنطق!ة العربي!ة ،إال أن األم!ر ُ
ارتبط من جديد بجهود فردي!!ة وجماع!!ات مح!!دودة اإلمكاني!!ات المادي!!ة واللوجس!!تية ،س!!رعان م!!ا انس!!حبت من
الساحة بعد سنوات قليلة من ظهورها.
لقد تركزت جهود صناع المحتوى الموسيقي العربي في هذه المرحلة على إقناع الجمهور بمنتوجهم اإلبداعي
صنّاع للذوق الفني العام ،في تعارُض أو اختالف مع جيل
الجديد وتَ ْبيَِئتِ ِه في مجال تدا ُول ّي ال يعترف بالشباب ك ُ
الرواد ومؤسسي كالسيكيات الموسيقا العربية .كما ال ننسى أن القرصنة ظلَّت إلى وقت قصير العد ّو األول
صناع الموسيقا في ظل ضعف حماية الملكية الفنية والموسيقية .لهذا ،ستمر سنوات يعيش واألخير للفنانين و ُ
فيها القطاع سباتًا نسبيًّا (وبخاصة خالل أواخر العشرية األولى من القرن الحالي) فيما يتعلق برقم المعامالت
االقتصادية ،مهننة «حرف الموسيقا» وتطوير تقاليد وأنماط موسيقية تتماشى مع الخصوصيات العربية…
وسيقتصر تنشيط الساحة الفنية على «كبار» الفنانين والمخضرمين ممن استثمروا في صناعة أسمائهم
الرمزية بالمنطقة.
أ!ن!م!ا!ط! م!و!س!ي!ق!ي!ة! ج!د!ي!د!ة!
تزامن تطور الموسيقا الشبابية في العالم العربي مع ظه!ور أنم!!اط موس!!يقية جدي!دة بمنطق!ة الك!اريبي وأميرك!ا
الالتيني!!ة ،س!!يكون ل!!ه دور كب!!ير في قلب م!!وازين المركزي!!ات الموس!!يقية العالمي!!ة ،وتكس!!ير هيمن!!ة أنم!!وذج
المركزية الغربية في مجال الصناعات الموسيقية خالل السنوات الثالث األخيرة .تعود جذور حرك!!ة الموس!!يقا
الحضرية إلى منتصف العشرية األولى من القرن الح!!الي… ص!!حيح أن اإلب!!داعات الش!!بابية العربي!!ة أض!!حت
اليوم أكثر انفتا ًحا على هذه التجارب الرائ!دة ،إال أنه!ا ظلت متش!بثة بره!ان الكوني!ة ع!بر التم!اهي م!ع اللغ!ات
والثقافات األجنبية أكثر من ربط الثقافة والهوية العربية باالقتصاد العالمي للموسيقا.
يمكن القول :إن اللحظة الحاسمة ضمن مسار تطور صناعة الموسيقا العربية قد اق!!ترنت ب!!االنخراط في خض!!م
االقتصاد الرقمي للموسيقا .شكلت منصات يوتيوب والستريمنغ الموسيقي (دايزر ،وسبوتيفاي…) فرصة أم!!ام
الشباب لتحقيق النج!!اح خ!!ارج ال!!دوائر الفني!!ة التقليدي!!ة (دور اإلنت!!اج والص!!ناعات الموس!!يقية) واالس!!تثمار في
النجاح الفردي مدخاًل نحو صناعة النجومية اإلقليمية والدولية .أمام هيمنة القرصنة ،وغياب الحماي!!ة القانوني!!ة
لإلنتاجات الفنية وضعف عائدات اإلنتاج الموسيقي التقليدي ،سي ُْل َجأ إلى المنصات الرقمية من أجل تحقيق عائد
م!!ادي ال ب!!أس ب!ه ،وص!!ناعة نجومي!!ة محلي!!ة تق!!اس بع!دد المش!!اهدات ،واإلعج!!اب والتعليق!!ات؛ إلى درج!!ة أن
شركات اإلنتاج الموسيقي المحلية أضحت تنفتح على نجوم الموس!!يقا الش!!بابية بمنص!!ات يوتي!!وب وس!!بوتيفاي!،
وتشترط القاعدة الجماهيرية ونسب المشاهدات لتوقيع عقود عمل أكثر مهنية واحترافية.
في الواقع ،وحينما نربط َم ْهنَنَة قطاع اإلنتاج الموسيقي العربي بتط!!ور إمكاني!!ات االقتص!!اد ال!!رقمي للموس!!يقا،
تطرح مجموعة من األسئلة المقترنة بالعالقة بين اإلبداع الفني وقوانين السوق ووضع التهميش ال!!ذي ال ي!!زال
يعيشه الفنان ،كما الكاتب العربي ،في ظل مسلسل تسليع وتسويق المنتج اإلبداعي .فرض االنتقال من الحرفي!!ة
إلى ال َم ْهنَنة واالنخراط في سيرورات صناعة النجومية الفنية وما يرافق ذل!!ك من تنمي!!ط لإلب!!داعات الموس!!يقية
وربطها بالتوجهات العامة للسوق الفنية الكونية .لهذا ،يمكن ع ّد هذا االنتقال َم ْهنَنة للقطاع ولش!!روط الممارس!!ة
الفنية على حساب الفعاليات اإلبداعية والفنية للمنت!وج الموس!يقي من جه!ة ،وتح!واًل انعكس إيجابًا على وض!ع
المنتجين على حساب الفنانين والمبدعين من جهة أخرى.
ْدين اثنين:
تأخذ مهننة صناعة الموسيقا اليوم في المنطقة العربية بُع ِ
أواًل – الصناعة الفردية للموس!!يقا .ينفتح ه!!ذا األنم!!وذج على منص!!ات الس!!تريمنغ الموس!!يقي ومواق!!ع التواص!!ل
االجتماعي؛ لتحقيق نجاح جزئي وضمان عائد مادي ال يتجاوز مئ!!ات إلى آالف ال!!دوالرات… يلج!!أ كث!!ير من
الش!!باب إلى ه!!ذه اإلس!!تراتيجية من أج!!ل «التغلب» على ش!!بح القرص!!نة و«اله!!روب» من «قبض!!ة» بعض
المنتجين وصناع الموسيقا الذين يحتكرون العائدات المادية لأللبومات والعروض الموسيقية ،ويهمشون صغار
الفنانين ،تحت ذريعة الدعاية والترويج وصناعة االسم التجاري .م!!ع ذل!!ك ،ي!!راهن الجمي!!ع على ه!!ذه الطريق!!ة
كجزء من « َم ْهنَنة ُمقَنَّعة» لإلبداع الموسيقي تروم تحسين شروط ممارسة الحرفة ،وته!!دف إلى البن!!اء الف!!ردي
لالسم الفني من أجل استمالة كبريات شركات اإلنتاج بالمنطقة.
ثانيًا – اإلنتاج المؤسساتي للموسيقا .تقدم شركات التسجيل واإلنتاج الموسيقي المحلي!!ة نس!!ب أرب!!اح تُ! ِ
!راوح بين
%8و %11من حجم مبيع!!ات األلبوم!!ات واألغ!!اني المنف!!ردة ،المادي!!ة منه!!ا والرقمي!!ة ،للفن!!انين والمغ!!نين .ال
يحصل سوى كبار الفنانين على عقود خاصة بنسب أرباح تص!!ل إلى %20أو ،%30وق!!د ال يحص!!ل ص!!غار
َغاض!ى عن األم!!ر في إط!!ار
الفنانين والمبتدئين على أي تعويض أو ضمان لحقوق الملكي!!ة الفني!!ة الفردي!!ة ،ويُت َ
رهان صناعة االسم والنجومية المؤسساتية .أما الشباب ،فليجأ إلى ص!!غار المنتجين وص!!ناع الموس!!يقا الش!!باب
[الخواص والمتعاقدين]؛ من أجل تقليل التكاليف ،وضمان التحكم الكامل في العائ!!دات واألرب!!اح ،وفي األغلب
ينخرطون في عقود عمل قصيرة وذات عائدات مادية ضعيفة.
ا!ق!ت!ص!ا!د! و!ث!ق!ا!ف!ة! م!و!س!ي!ق!ي!ة! ب!ط!ي!ئ!ة! ا!ل!ن!م!و!
وفيما يتعلق بمنطق التعاون الفني ،س!!واء المحلي واإلقليمي ،فم!!ا زال ض!!عيفًا وال يس!!تثمر في!!ه بالش!!كل الك!!افي
لبناء القاعدة الجماهيرية والتعريف بالمنتوج الموسيقي على المستوى اإلقليمي والدولي ،وتحقيق العائد المادي؛
نظ ًر ا للشروط المادية التي يثيرها االستثمار في هذه األنماط الفنية في ظل اقتصاد وثقافة موسيقية بطيئ!ة النم!و
بالمنطقة العربية .ينطبق األمر نفسه على مجال اإلشهار ،والمنتجات االستهالكية وبي!!ع حق!!وق الملكي!!ة الفني!!ة،
التي تنحصر ضمن فئة خاصة من الفنانين الكبار والمخضرمين .مع ذلك ،تعد العروض والج!!والت الموس!!يقية
والمهرجانات الفنية نقطة الضوء الوحيدة ضمن سيرورة تطور اقتص!!اد الموس!يقا في المنطق!ة ال!تي تص!بّ في
مصلحة الفنان وتنمي شرط ال َم ْهنَنة…
إذا ما استثنينا عائدات الجوالت الفنية ،يمكن المجازفة بتأكي ِد تَشابُ ِه الش رط األنطول وجي لممارس ة الحرف ة،
فيما يتعلق بالتهميش والخضوع لقوانين السوق ،بين الفن ان والك اتب الع ربي .يك افح ه ذا األخ ير للح د من
س ْل َعنة وتسويق اإلنتاجات األدبية واإلبداعية ،كما يصارع األول شركات اإلنتاج من أجل الحف اظ على الط ابع
َ
ُش َر إجم الي
ي ال يتج اوز ع ْ
اإلنس اني لإلب داع الف ني المف رغ من الرهان ات االقتص ادية؛ من أج ل عائ د م اد ّ
المبيعات في أحسن األحوال.
ُور النش!!ر وض!!عف إقب!!ال الجمه!!ور على اإلنت!!اج واإلب!!داع الف!!ردي ،ال يس!!تطيع آالف
بين ض!!غط المنتجين ود ِ
الفنانين والكتاب العرب «العيش» بالكتابة أو جعلها مهنةً قا ّرة ،وهو األمر الذي يجعل من مقوالت ال َم ْهنَنة آليةً
لتحقيق التفاوتات المختلفة بين شروط الممارسة الفنية بدول الشمال والجنوب من ناحية ،وبين صناع الموس!!يقا
وال ِكتاب والفنانين وال ُك تاب من ناحية أخرى .يفسر هذا الوضع انتقال بعض الفنانين من مجال الكتاب!!ة واإلب!!داع
نحو عالم النشر واإلنتاج الموسيقي!
أخي ًر ا ،يظل الهدف الرئيس لهذا التقرير إثارة االنتباه إلى طبيعة الشروط الذاتية والموضوعية
المتحكمة في إنتاج قطاع اإلنتاج الموسيقي في العالم العربي ،وإسهام االقتران الحاصل بين صناعة
الموسيقا وقوانين السوق ،خالل العصر الرقمي ،في تهميش الفنانين وكبح إمكانيات االنتقال! نحو
ال َم ْهنَنة الشاملة؛ مثلما أ ّدى تسليع الكتاب من جانب دُور النشر إلى تهميش الشرط األنطولوجي للكتّاب
وابتعاد القراء نحو إغراءات عالم اإلنفوسفير .لهذا ،ما من حل لربط تطور قطاع اإلنتاج الموسيقي،
الشبابي أساسًا ،بتحقيق التنمية الشاملة -كما هو عليه الحال في دول الكاريبي وأميركا الشمالية -سوى
إعادة التفكير في العالقة بين االقتصادي والفني من جهة ،واالستثمار في الخصوصيات! المحلية أفقًا
للكونية من جهة ثانية ،واالهتمام باإلبداع الشبابي في تعدديته من ناحية ثالثة ،وربط الموسيقا
بالمجتمع من جهة رابعة .فكما يمكن للموسيقا أن تُه ِّذب األذواق ،يمكنها كذلك أن تنجح في تحقيق
التنمية الشاملة التي عجز عنها السياسي واالقتصادي في العصر الرقمي.
Xمن نحن
Xمحتويات هذا الشهر
Xلالتصال
أيار 2022 ,07
مقاالت
Print
Email
:المعرفة المعلوماتية1.
ال يمكن للموسيقي أن يكون مسايرا لروح العصر ،ما لم يكن قريبا من صورة التحوالت الرقمية الجارية في
عالم اليوم.وهذا راجع إلى ارتباط الموسيقى ،تصورا وإبداعا وإنتاجا وتلقيا بوسائط رقمية غاية في التعقيد
والدقة والفعالية ،خاصة ما يتعلق منها بالحواسيب وشبكة الويب.ولذلك ال يمكن تصور أبسط مواكبة لهذا
.الواقع الجديد من دون مواكبة معرفية تنهض على امتالك حد أدنى من المعرفة المعلوماتية
يحتاج التأليف الموسيقي إلى كفايات عالية للتوسل بالوسائط الرقمية وبرمجياتها الفعالة والمتطورة
باستمرار.وقد أصبح بإمكان كل موسيقي محترف أو هاو اليوم أن ينشئ استديوها مصغرا في مكتبه ،بفضل
توافر الحواسيب ومختلف األجهزة الصوتية والمرئية ...من شأنه أن ييسر له عمليات التأليف والتوزيع
والتسجيل والمعالجة الرقمية ،فضال عن إمكانيات هائلة لتوظيف المؤثرات.ويستفيد الموسيقي من كل هذا
بفضل العديد من البرمجيات لكتابة األلحان وتأليف االنسجامات وقراءة النوتة وترجمة الجمل الموسيقية
الواردة إلى الحاسوب من آلة موسيقية رقمية ،كالبيان الرقمي الذي يعرف أجياال جديدة ،من بينها تلك التي
تدعم السيكاه واإليقاعات! الشرقية ...عالوة على ما تتيحه شبكة الويب من مساحات غير محدودة لتقاسم
.الملفات وتنسيق العمل بين الموسيقيين عن بعد ،والقيام بالدعاية واإلعالن للمنتوج الموسيقي! وتسويقه
االبتكار والتجديد2.
تغير إيقاع الحياة في العصر الرقمي ،ولم يعد أمام الموسيقي الطموح خيار غير العزف على وتيرة هذا
اإليقاع.فقد اشتدت هيمنة الوسائط الرقمية على الحياة اليومية ،وازدادت انتشارا ،وتزايدت الحاجة إلى
المعلومة والمادة الفنية .تتنامى هذه الحاجة كي تستجيب للطلبات المتجددة للجماهير المتلقية المتفاعلة
والعريضة عبر العالم.وتتسع في غمرة المنافسة الشرسة بين الفضائيات وبين المواقع اإللكترونية التي ال
حصر لها والمتكاثرة بكثافة وسرعة.وتهدف هذه المنافسة إلى تقديم كم هائل من األعمال الموسيقية الجديدة في
أزمنة قياسية ،إلحراز أحسن وصول إلى أوسع جمهور ،ومن ثم تحقيق أكبر انتشار من خالل أعلى نسب
للمشاهدة في القنوات ،وبلوغ ذروة األرقام في عدادات مواقع الويب والوصول! –بالتالي – إلى أعلى مستويات
للربح المادي .ويفرض هذا الواقع على المبدعين الموسيقيين.كما على غيرهم من المبدعين أيضاً .السعي
الدؤوب إلى خلق الجديد على المستويين الكمي والنوعي ،كما يضعهم أمام تحد صعب ،يتمثل في تحقيق التميز
عن اآلخرين كشرط لالستمرار .ويبرز هذا التحدي أمام الموسيقي ليخلق لديه الحاجة إلى مقاومة عوامل
النسيان واألفول التي تفرضها قوانين التطور الرقمي السريع .من بينها التقليد والتكرار واالجترار والتشابه مع
اآلخرين ...وتزدحم الفضائيات العربية بالفرق الموسيقية واألصوات الجديدة المتشابهة ،لكن القليل منها هو
الذي يبقى.ويكمن سر االستمرار في فرادة موسيقية يتمتع بها العمل الموسيقي وأداء الموسيقي العازف
والمغني ،عالوة على تضافر عوامل النجاح المستمر األخرى المرتبطة باإلنتاج والتسويق والدعاية وإدارة
...األعمال الفنية
آفة القرصنة6.
انتشرت آفة قرصنة المصنف الموسيقي مع انتشار التكنولوجيا الحديثة ،خاصة مع الفيديو واألقراص المرنة.
وبقدر ما أتاحت اإلنترنيت للموسيقيين التواصل والتقاسم والترويج ألعمالهم ،سهلت تفشي هذه الظاهرة
الخطيرة ،مما يعرض حقوقهم للضياع .وتمثل ظاهرة القرصنة الرقمية تحديا خطيرا يهدد المبدعين وقطاع
اإلنتاج الموسيقي برمته .فقد أصبح من السهل نشر كل ما يقدم على الخشبة بصفحات الويب وبسرعة مذهلة
بالصور المتحركة الحية ،نظرا لالنتشار الواسع ألجهزة التصوير والتسجيل الرقمية الذكية من هواتف
محمولة متطورة وكاميرات صغيرة الحجم وفائقة الدقة ،وبرامج مذهلة لمعالجة تحسين الجودة ،فضال عن
انتشار الحاسبات اللوحية والمحمولة المتعددة الوظائف.كما توفر التكنولوجيا الرقمية إمكانات لنسخ األعمال
.مقابل أثمان بخسة
ستستمر التحوالت الرقمية في فرض رهانات جديدة على الموسيقيين في عالم اليوم ،نظرا للسرعة المذهلة في
تقدم الثورة العلمية في مجاالت المعلوماتية .وستواكب دائما هذه الرهانات تحديات ال تقل خطورة عن آفة
القرصنة.إن التحدي األكبر للموسيقى الرقمية يكمن في تحقيق الجودة الموسيقية.وسيبقى سؤال الجودة هذا
مطروحا ليضع في الميزان كل الكم الهائل من المنتوجات الموسيقية المتشابهة والمكررة والسطحية التي
تستجيب للحاجات المستعجلة والملحاحة للفضائيات والمواقع الرقمية ...فالكثير من األعمال تنتج يوميا والكثير
.منها أيضا يأفل نجمه في كل لحظة .وال يصمد في وجه زوابع هذه التحوالت إال األعمال القوية والعميقة
المصدر :جريدة الفنون
Share
1
2
3
4
5
()votes 0
Last modified onالثالثاء 13 ,تشرين /1أكتوير 13:42 2020
https://www.arabmusicacademy.org
back to top
أحدث المقاالت
Haut du formulaire
Bas du formulaire
هل تساعد الموسيقى على التركيز في دراسة طلبة الجامعات وتالمذة المدارس؟
نعم
ال
نوعا ما
أألحدث
.2
.3
.4
.5
.6
.7
.8
.9
.10
.11
.12