Professional Documents
Culture Documents
لقد اشتملت رواية "اللص والكالب" على رموز كثيرة متعددة ومتنوعة وعميقة ال يقتصر على
الشخصيات والمواقف فحسب وإ نما هو رمز كلي عام وشامل يجمع كل رموز الشخصيات واألحداث
والمواقف واألسماء واألماكن واللغة واألسلوب مجتمعة وبصفة عامة.
ويأتي في مقدمة رموز الشخصيات ،شخصية سعيد مهران البطل الرئيسي في الرواية اسمه سعيد وهو
غير سعيد إطالقاً ذلك أنه لم يذق طعماً للراحة واالستقرار فضالً عن الرفاهية والسعادة .فهو تعيس
عاش حياة التشرد والغبن والسجن والمطاردة من بداية حياته إلى نهايتها .وكانت الخيانة تطارده
باستمرار ،وتالحقه كظله وتشككه في كل من حوله .وقد أجهض الغدر كل أفراحه ومطامحه وأحالمه
وآماله وح ّل محلها اليأس واإلحباط واالنكسار ولم يفت ذلك كله في عضده فواجه أعداءه بصالبة
وعزيمة وثبات فهو إذن رمز للماليين "إن من يقتلني إنما يقتل الماليين واحكموا Iما شئتم".
عالي ا بل إنه رمز الغدر والخيانة واالنتهازية والتسلق "رمز الخيانة التي
رؤوف علوان فليس رؤوفًا وال ً
ينطوي تحتها عليش ونبوية وجميع الخونة في األرض"(.ص163
ويرى أحد النقاد أن شقة نور ترمز إلى حالة سعيد ونفسيته المتدهورة "يقع هذا الملجأ على حافة
المدينة ،وفي مواجهة المقابر .وهذا الموقع الذي يختاره نجيب محفوظ له ال يخلو من مغزى .إنه يقع
على حافة المدينة ،وكذلك الحال مع سعيد مهران الذي يهيم على حافة المجتمع موتوراً مطارداً .وهو
يقع في مواجهة المقابر ،وعلى بعد خطوات منها ،ومن الممكن أن يرمز ذلك إلى تقابل جديد بين الموت
والحياة ،مشيراً إلى أن المجتمع الذي لفظ سعيد مهران إلى حافته يوشك أن يلفظه إلى األبد ،هذا األبد
الماثل على قيد خطوات في المقابر رمز الفناء"(.)62
أما عنوان الرواية "اللص والكالب" فهو عنوان رمزي عميق الداللة فاللص مثالً يرمز إلى سعيد مهران
الثائر المتمرد على األوضاع االجتماعية المتعفنة ،والكالب ترمز إلى الخونة( فكر في العنوان)
الرواية في وضح النهار وانتهت عند نزول الظالم وكأنما الرواية وداللة مضمونها فـ"لقد بدأت ّ
أما رمز ّ
دامت يوماً واحداً ،زيادة على رمزيته من الوجهة الميتافيزيقية باعتبار أن هذه المدة هي اختزال للحياة
البشرية بأكملها .فتكون بدايتها الخروج إلى نور الحياة ،ونهايتها الولوج إلى ظلمات الموت .فـ سعيد
مهران قد انزوى في بيت نور ال يغادره إالّ في الظالم حيث يستطيع التنقل وتنفيذ ما يخطط دون أن
ينتبه إليه أحد .فيكون الظالم هنا رمزاً للحصار الذي يعيشه ،ولكن معناه الحقيقي يكمن في داللته
الميتافيزيقية ،فالحياة ظالم متواصل بكل ما في الظالم من وحدة وسهاد ووحشة وضيق وقلق"(
وهكذا نختم تحليلنا النقدي لهذه الرواية الممتازة التي عبرت تعبيراً صادقاً وعميقاً فنياً وفكرياً عن
مأساة اإلنسان المعاصر وعذابه بشكل عام .ورواية "اللص والكالب" لـ نجيب محفوظ تقف بال شك
الرواية العالمية المعاصرة شكالً ومضموناً.
موقف الند للند لروائع ّ