Professional Documents
Culture Documents
الهاربون من أجسادهم
الهاربون من أجسادهم
التقديم:
يندرج النص ضمن أواخر أحداث مرحلة الفعل المنحدر (مرحلة االنحدار) وهو مقطع من أواسط المنظر الثالث عندما
يعود شهريار مع بداية هذا المظهر صحبة قمر الى المدينة ويقصدان خان إبن ميسور متنكرين ويطلبان دخان
االفيون…
الموضوع:
رصد مالمح التحول الثاني لشهريار بعد انتهاء رحيله عن شهرزاد وموقف قمر من ذلك التحول.
العناصر:
من 1إلى :14موقفين متعارضين من المكان واالنسان :داللة الرحيل.
من 15إلى :19المواجهة والكشف عن تعارض موقفين من حب شهرزاد.
البقية :رحلة شهريار وأبعادها الرمزية واألسطورية.
الشرح:
العنصر االول:اإلشارات الركحية:عددها 5إشارات ركحية اثنان منها للوزير قمر.
قامت االولى على بيان االمائة او االشارة ثم بينت مالمح الشخصية -حالة الخوف -وتعلقت الثاني بحركتها على الركح
ولعلنا نستشعر من ذلك توتر شخصية قمر واضطرابها وهي تتهيأ للمواجهة والكشف.
إشارتين اختصتا بشخصية جديدة وهي شخصية أبي ميسور أضافها الحكيم الى االسطورة وجعها قرينة بتجربة الملك
شهريار وتهيء لها الفضاء لتجربة جديدة (تجربة االفيون).
اقترن حضور هذه الشخصية بمرحلة ثالثة من مراحل البناء التراجيدي -الخيانة -وهي المرحلة المؤدية الى النهاية او
الفاجعة .كما اقترن حضورها ايضا بالتحول التراجيدي الثاني الذي شهدته شخصية شهريار أي من عقالني الى متطرف
غير متعقل وذلك من خالل الالمباالة والعبث فهو يطلب الحقيقة ويكابد من أجلها إلى درجة قصوى على نفسه متناسيا
االخر والذات والمنزلة االجتماعية والحدود االنسانية مبالغا في طلب المطلب الى حدود فقدان الذات.
وظائف االشارات الركحية:
درامية :تعلقت بتأثيث الركح وبيان حركة الشخصية وأحوالها وأسهمت في تأثيث اإلطار وتهيئته لحدث درامي جديد
ينشأ أو يكتمل من خالل الحوار.
ذهنيا :كشف عن تحول في الفضاء المكان يهيء لمسار جديد في االحداث .فالمكان إطار سحري أسطوري عجيب
بامكانه ان يحتضن االنسان آالمه وقلقه واحزانه يخلص الشخصية من ادميتها الن المكان الجديد رغم ضيقه فهو منفتح
على المطلق من العوالم.
داللة االشارة المتعلقة بشهريار (وهو يجلس على الفراش) هل هو تسليم وعجز وفشل واقرار بالمحدودية أم هو تجربة
واختيار جديد لمكان عزم على الهروب منه؟
نحن إذا إزاء تردد وتمزق قاتلين يعمقان مأساة شهريار ويسهمان في دفع الصراع التراجيدي نحو الذروة والعقدة.
الحوار:
خصائصه:
مخاطباته متفاوتة يغلب عليها الطابع الحجاجي لكنها تخرج أحيانا إلى ضرب من الجدال يغلب عليها االستفهام والتعجب
مفتتحا ومنتهى تبدأ أمرا داال على االلتماس واالغراء….
يطغى على الحوار معجم ذهني ينهل من االسطورة والقران والرمز (طائر الرخ – اعجاز النخل الخاوية – الهاربون من
أجسامهم – هذه االوتاد….…).
يدفع الرمز الحوار الى االلغاز والغموض بل الى االيحاء عبر االستعارة والمجاز الى كون النهاية لن تكون مفتوحة اال
على المأساة أو على المجهول.
تتحول المخاطبات من كونها تأثيثا للحدث الدرامي واسهاما لنموه إذ كونها مخاطبات ذهنية دالة على صراع أفكار
ومواقف يجسمها اختالف االراء في الجسد المكان ثم في الرحيل.
وظائفه:
موقف أبي ميسور يهيء االطار ويسهم في اغنائه بملمح اسطوري خيالي :يجعل الفراش كائنا اسطوريا.
شهريار االستجابة واالقرار والمديح (نعمامهم الهاربون من أجسادهم)….
قمر (رفض وسخط على االنسان وهو ما بينته مخاطباته المطولة) واعتباره شبيه بأعجاز النخل الخاوية فاقد للقلب
وااليمان والحياة .إن هذا التقابل بين شهريار وقمر يهيء الحدث إلى تحول جديد يؤذن بنهاية تجربة البطل شهريار.
المقطع الثاني:
تنعدم فيه االشارات الركحية الن الحوار سيتحول الى حوار مواجهة مباشرة بين شخصيتين تباعدتا في المواقف.
الحوار:يخرج عن قرع الحجة بالحجة الى المس من سلوك الشخصية المقابلة في شكل مواجهة واستنكار سيصل الى
حد المحاسبة.ويتجلى ذلك في مخاطبات قمر « لن أتبعك هذه المرة في هذا الجنون ».شهريار ميت العاطفة في نظر قمر
فاقد لشرط االنسانية مخل بواجبه إزاء شهرزاد .يعود الى الخان بدل القصر وهو ما ينبئ عن تحول في شخصيته.
أصاب واجبه االجتماعي والسياسي في سبيل ذاته االنسانية وانتهى به ذلك الى الجنون.
يتجلى من جهة ثانية في موقف شهريار من قمر :وهو يقوم بتعرية الشخصية وفضحها أي يقوم بفضح نفسه من حيث
فضحه لقمر « انك تتحرك شوقا الى رؤيتها » « إنك ال تطيق صبرا الى الذهاب اليها توا ».
يرتبط قمر بشهرزاد ارتباطا عاطفيا ال يرى فيه شهريار الزوج عيبا يدفعه الى الغيرة واالنتقام.صار شهريار غير مبال
لما يحدث منشغال كل االنشغال بذاته االنسانية متعلقا بطموحه متناسيا الجسد والقلب.
يظهر قمر رافضا للمكان « :ال أستطيع المكوث هنا لحظة واحدة » الن المكان في نظره فضاء لفئة مهمشة من
المجتمع .وهو في الحقيقة رفض وتبرم ال يرقى الى مستوى قلق شهريار من فكرة المكان السجان.
تتعامل الشخصيتان مع المكان تعامال متقابال فهو عند شهريار دافع القلق الوجودي وعند قمر محدد للمنزلة االجتماعية
بين المركزية والتهميش.
المقطع الثلث:
االشارات الركحية :عددها 5إشارات ركحية اختصت االولى بشهريار فاظهرته يائسا رغم االبتسامة وتعلقت بقية
االشارات بقمر فأبدت حرصه على كتم اضطرابه (يرتجف ،يحاول الهدوء… ).لكنه يعجز على ذلك فيثور (ثائرا)…
الحوار:يسير به شهريار نحو المكاشفة « ما عساك تقول في نفسك؟ » تصعد أحوال قمر ومواقفه تدريجيا.
يتحول الحوار محاسبة يسترجع من خالله دوافع الرحيل ومراحله.
دوافع الرحيل :غير جلية في ذهن قمر لكنها جلية في ذهن شهريار.
يعتبر رحيل قمر معه محاولة من شهرزاد الرجاعه إليها برابط العاطفة.
قمر ظل لشهريار في رحيله وظل لشهرزاد على شهريار.
حاول شهريار التخلص منه أي من ظله لتحقيق تحرر أسلم ،يحول دون االرتباط بعالم النسبية والمادة.
مراحل الرحيل :تتجسد في التذكير باالمكنة (مصر والهند) هي رحلة في عالم الشرق القديم وحضارته االقدم (حضارة
الروح والعقل).صار شهريار برحيله باحثا عما اختزلته الحضارة االنسانية عامة من عضمة الروح وروعة القلب.
التذكير بأعالم من تلك الحضارات (إيزيس وبيدبا)….
بيدبا رمز الحكمة وايزيس رمز الروح وهما قصتان طلبهما شهريار.
رحيل شهريار هو رحيل معرفي يبحث من خالله عن أسرار عظمة الروح وروعة العقل يريد اكتسابهما بعد التحرر من
الجسد.البحث عن شبه بين شهرزاد وايزيس وبيدبا يعيد شهريار البحث عن سر شهرزاد لكن يظهر له فشله خارج
علمه النه أراد المعنى والحقيقة بعيدا عنها فأضاع ذاته وأضاعها
شهرزاد عند الحكيم رمز جامع لقيم الحضارة االنسانية واجتماعها لتحقيق توازن ممكن بعيدا عن تطرف الروح او
المادة او العقل.
التأليف:االشارات الركحية هيأت الفضاء الركحي ونزلت الشخوص في االطار ودفعت الحوار الى تصعيد عنيف ساهم في
بناء القيمة الدرامية لشخصية قمر وهي تعيش صراع درامي في كيانها بين قبول تحوالت شهريار بعد رحيله لتبدو
الشخصيات في النهاية على طرفي نقيض :شهريار متطرف في المواقف ال مبال باالخر وقمر عاطفي انفعالي…
كشف الحوار عن تحوالت شهريار الذهنية (متطرف هارب من جسده) وبيان عبث تجربة الرحيل من خالل العودة
الخائبة بالسقوط في مجال التناسي (خان ابي ميسور) والتصورات الوهمية لمفارقة المكان للجسد واختزال مراحل
الرحيل في السحر والحكاية (الهند ،مصر ،السندباد ،بيدبة ،إيزيس…).
عوض شهريار البحث في سر شهرزاد بالرحلة في االسطورة والرمز (بيدبة وايزيس).
بيان أهمية القلب في الكيان االنساني ودوره في صراع االنسان مع المكان.